وَقَدْ تَغَطْرَسَ، فَهُوَ مُتَغَطْرِس. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: لَوْلَا التَّغَطْرُس مَا غَسَلْت يَدي.
التَّغَطْرُس: الكِبر. المُؤَرِّج: تَغَطْرس فِي مِشْيَتِه إِذا تَبَخْتَر، وتَغَطْرَس إِذا تَعسَّف الطَّرِيقَ. وَرَجُلٌ مُتَغَطْرِس: بَخِيلٌ؛ فِي كَلَامِ هذيل.
غلس: الغَلَسُ: ظَلَامُ آخِرِ اللَّيْلِ؛ قَالَ الأَخطل:
كَذَبَتْكَ عُيْنُك أَمْ رأَيتَ بِوَاسِطٍ، ... غَلَسَ الظَّلام، مِنَ الرَّباب خَيالا؟
وغَلَّسْنا: سِرنا بِغَلَسٍ، وَهُوَ التَّغلِيسُ. وَفِي حَدِيثِ الإِفاضة:
كنَّا نُغَلِّسُ مِنْ جَمْعٍ إِلى مِنًى
أَي نَسِير إِليها ذَلِكَ الوقتَ، وغَلَّسَ يُغَلِّس تَغلِيساً. وغَلَّسْنا الْمَاءَ: أَتيناه بغَلَس، وَكَذَلِكَ القَطا والحُمُر وَكُلُّ شَيْءٍ ورَدَ الْمَاءَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يُحرِّك رَأْساً كالكَباثَةِ، واثِقاً ... بِوِرْدِ قَطاةٍ غَنَّسَتْ وِرْدَ مَنْهَلِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الغَلَس أَول الصُّبح حَتَّى يَنْتَشِر فِي الْآفَاقِ، وَكَذَلِكَ الغَبَس، وَهُمَا سَوَادٌ مُخْتَلِطٌ بِبَيَاضٍ وحُمْرَة مِثْلُ الصُّبْحِ سَوَاءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُصَلِّي الصبحَ بغَلَسٍ
؛ الغلَس: ظُلْمَةُ آخِرِ اللَّيْلِ إِذا اخْتَلَطَتْ بِضَوءِ الصَّباح. والتَغْلِيسُ: وِرْدُ الْمَاءِ أَوّل مَا يَنْفَجِرُ الصُّبْحُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
إِنَّ مِنْ وِرْدِيَ تَغْلِيسَ النَّهَلْ
وَوَقْعَ فِي وَادِي تُغَلِّسَ، وتُغَلِّسَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ مِثْلُ تُخُيِّب «2» وَهُوَ الْبَاطِلُ وَالدَّاهِيَةُ. أَبو زَيْدٍ: وَقَعَ فلانٌ فِي أُغْوِيَّةٍ وَفِي وامِئَةٍ وَفِي تُغُلِّسَ، غَيْرُ مَصْرُوفٍ، وَهِيَ جَمِيعًا الدَّاهِيَة وَالْبَاطِلُ. وحَرَّة غَلَّاس: مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ الحِرارُ «3» فِي بِلَادِ الْعَرَبِ. والمُغَلِّس: اسْمٌ.
غمس: الغَمْسُ: إِرْسابُ الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ السَّيَّال أَو النَّدَى أَو فِي مَاءٍ أَو صِبْغ حَتَّى اللُّقْمَةِ فِي الخَلِّ، غَمَسَه يَغْمِسُه غَمْساً أَي مَقَلَه فِيهِ، وَقَدِ انْغَمَسَ فِيهِ واغْتَمَس. والمُغَامَسَة: المُمَاقَلَة، وَكَذَلِكَ إِذا رمَى الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي سِطَة الْحَرْبِ أَو الْخَطْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَامِرٍ قَالَ: يكتحِل الصَّائِمُ ويَرْتَمِسُ وَلَا يَغْتَمِس.
قَالَ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ: الاغْتِماس أَن يُطِيل اللُّبثَ فِيهِ، والارْتماس أَن لَا يُطِيلُ الْمُكْثَ فِيهِ. واخْتَضَبَتِ المرأَة غَمْساً: غَمَسَتْ يدَيها خِضاباً مُسْتَوِياً مِنْ غَيْرِ تَصْوِير. والغمَّاسَة: طَائِرٌ يَغْتَمِس فِي الْمَاءِ كَثِيرًا. التَّهْذِيبُ: الغَمَّاسَة مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ غَطَّاط يَنْغَمِسُ كَثِيرًا. والطَّعْنَة النَّجْلاء: الواسِعَة، والغَمُوس مثلُها. ابْنُ سِيدَهْ: الطَّعْنَةُ الغَمُوس الَّتِي انْغَمَسَتْ فِي اللَّحم، وَقَدْ عُبِّر عَنْهَا بِالْوَاسِعَةِ النَّافِذَةِ؛ قال أَبو زيد:
ثُمَّ أَنقَضْتُه، ونَفَّسْتُ عَنْهُ ... بغَمُوسٍ أَو طعنةٍ أُخْدُودِ
والأَمر الغَمُوس: الشَّدِيدُ. وَفِي حَدِيثِ المَوْلود:
يَكُونُ غَمِيساً أَربعين لَيْلَةً
أَي مَغْمُوساً فِي الرَّحمِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فانْغَمَسَ فِي العَدُوِّ فَقَتَلُوهُ
أَي دَخَلَ فِيهِمْ وغاصَ. واليمينُ الغَموس: الَّتِي تَغْمِس صاحبَها فِي الإِثم ثُمَّ فِي النَّارِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا اسْتِثْنَاءَ فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ الَّتِي تُقْتَطع بِهَا الحُقوق، وسُمِّيت غَمُوسًا لِغَمْسِهَا صَاحِبَهَا فِي الإِثم ثُمَّ فِي النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:
أعظمُ الْكَبَائِرِ الْيَمِينُ الغَمُوس
،
__________
(2) . قوله [مثل تخيب] عبارة القاموس: وَوَقَعَ فِي وَادِي تُخُيِّبَ، بضم التاء والخاء وفتحها وكسر الياء غير مصروف.
(3) . قوله [وهي الحرار إلخ] عبارة شرح القاموس: إحدى حرار العرب.(6/156)
وَهُوَ أَن يَحلِف الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنه كَاذِبٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ أَخيه. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْيَمِينُ الغَمُوسُ تَذَرُ الدِّيار بَلاقِعَ
؛ هِيَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ الْفَاجِرَةُ، وفَعُول لِلْمُبَالَغَةِ. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
وَقَدْ غَمَس حِلْفاً فِي آلِ العاصِ
أَي أَخذَ نَصِيبًا مِنْ عَقْدهم وَحِلْفِهِمْ يأْمن بِهِ، وَكَانَتْ عادتُهم أَن يُحْضِروا فِي جَفْنَةٍ طِيباً أَو دَماً أَو رَماداً فيُدخِلُون فِيهِ أَيديَهم عند التَّحالف لِيَتِمَّ عقدُهم عَلَيْهِ بِاشْتِرَاكِهِمْ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ. وَنَاقَةٌ غَمُوس: فِي بطنِها ولَدٌ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا تَشُول وَلَا يُسْتَبان حملُها حَتَّى تُقْرِب. ابْنُ شُمَيْلٍ: الغَمُوس، وَجَمْعُهَا غُمُس: الغَدَويّ، وَهِيَ الَّتِي فِي صُلْب الْفَحْلِ مِنَ الْغَنَمِ كَانُوا يَتَبَايَعُونَ بِهَا. الأَثرم عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ: المَجْرُ مَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، وَالثَّانِي حَبَل الحَبَلَة، وَالثَّالِثُ الغَمِيسُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الثَّالِثُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ القُباقب، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ، وَقِيلَ: الغَمُوس النَّاقَةُ الَّتِي يُشَك فِي مُخِّها أَرِيرٌ أَمْ قَصِيدٌ؛ وأَنشد:
مُخْلِصٌ بِي لَيْسَ بالمَغْمُوسِ «1»
وَرَجُلٌ غَمُوسٌ: لَا يُعَرِّس لَيْلًا حَتَّى يُصبح؛ قَالَ الأَخطل:
غَمُوسُ الدُّجَى يَنْشَقُّ عَنْ مُتَضَرِّمٍ، ... طَلُوبُ الأَعادي لَا سؤومٌ وَلَا وَجْبُ
والمُغَامَسة: الْمُدَاخَلَةُ فِي الْقِتَالِ، وَقَدْ غَامَسَهُمْ. والغَمُوس: الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ الشُّجَاعُ، وَكَذَلِكَ المُغامِس. يُقَالُ: أَسد مُغامس، وَرَجُلٌ مُغامِسٌ، وَقَدْ غامَس فِي الْقِتَالِ وَغَامَزَ فِيهِ. قَالَ: ومُغَامَسة الأَمر دُخُولُكَ فِيهِ؛ وأَنشد:
أَخُو الحرْبِ، أَما صَادِرًا فَوَشِيقُهُ ... حَمِيلٌ، وأَمَّا وارِداً فَمُغامِسُ
وَالشَّيْءُ الغَمِيس: الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ لِلنَّاسِ وَلَمْ يُعرف بَعْدُ. يُقَالُ: قَصِيدة غَمِيس وَاللَّيْلُ غَميس والأَجمة وكلُّ مُلْتَفّ يُغْتَمَس فِيهِ أَي يُسْتَخْفَى غَمِيس؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْد يَصِفُ أَسداً:
رَأَى بالمُسْتَوِي سَفْراً وعَيْراً ... أُصَيلالًا، وجُنَّته الغَمِيسُ
وَقِيلَ: الغَمِيس اللَّيْلُ. وَيُقَالُ: غامِسْ فِي أَمرك أَي اعْجَلْ. والمُغامِس: العَجْلان؛ وَقَالَ قُعْنُبٌ:
إِذا مُغَمَّسة قِيلتْ تَلَقَّفَها ... ضَبٌّ، ومِنْ دُون منْ يَرْمِي بِهَا عَدَنُ
والتَغْمِيس: أَن يَسْقِيَ الرَّجُلُ إِبلَه ثُمَّ يَذْهب؛ عَنْ كُرَاعٍ. والغَمِيس مِنَ النَّبات: الغَمِير تَحْتَ اليَبِيس. والغَمِيس والغَمِيسَة: الأَجمة، وَخَصَّ بِهَا بَعْضُهُمْ أَجمة القَصَب؛ قَالَ:
أَتانا بِهِمْ مِنْ كلِّ فَجٍّ أَخافُهُ ... مِسَحٌّ، كسِرْحان الغَمِيسة، ضامِرُ
والغَمِيس: مَسِيل مَاءٍ، وَقِيلَ: مَسِيل صَغِيرٌ يَجْمَع الشَّجَرَ والبَقْل. والغُمَيْس: مَوْضِعٌ. والمُغَمَّس [المُغَمِّس] : موضع من مكة.
غملس: اللَّيْثُ: الغَمَلَّسُ الخَبِيث الجَريء؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ العَمَلَّس، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ يوصف بها الذئب.
غوس: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي يَوْمٌ غَواسٌ فِيهِ هَزِيمَةٌ وتَشْلِيح، قَالَ: وَيُقَالُ أَشاؤُنا مُغَوَّس أَمْ مُشَنَّخٌ «2» ؛ وتَشْنِيخُه وتَغْويسُه: تَشْذيب سُلَّائِه عَنْهُ.
__________
(1) . قوله [وأَنشد مخلص بي إلخ] انظر المستشهد عليه.
(2) . قوله [مغوس أم مشنخ] عبارة القاموس وشرحه: أشاؤنا مغوَّس ومشنخ إلى آخره. والإشاء صغار النخل، فالهمزة من بنية الكلمة.(6/157)
غيس: الغَيْساء مِنَ النِّساء: النَاعِمَة، والمذكَّر أَغْيَس. ولِمَّة غَيْساء: وَافِيَةُ الشَّعر كَثِيرَتُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
رَأَيْنَ سُوداً ورَأَيْنَ غِيسا، ... فِي شائعٍ يَكْسُو اللِّمام الغِيسا «1»
والغَيْسانُ: حِدَّة الشَّبَابِ، وَهُوَ فَعْلان. الأَزهري: أَبو عَمْرٍو فُلَانٌ يتقلَّبُ فِي غَيْساتِ شَبابِه أَي نَعْمَة شَبابِه، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي غَيْسان شَبابِه؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
بَيْنا الْفَتَى يَخْبِطُ فِي غَيْساتِهِ، ... تَقَلُّبَ الحَيَّةِ فِي قِلاتِه،
إِذ أَصْعَدَ الدَّهْرُ إِلى عِفْراتِهِ، ... فاجْتاحَها بِشَفْرَتيْ مِبْراتِه
قَالَ الأَزهري: وَالنُّونُ وَالتَّاءُ فِيهِمَا لَيْستا مِنْ أَصل الْحَرْفِ، مَنْ قَالَ غَيْسات فَهِيَ تَاءُ فَعْلات، وَمَنْ قَالَ غَيْسان فَهُوَ نون فعلان.
فصل الفاء
فأس: الفَأْسُ: آلَةٌ مِنْ آلَاتِ الْحَدِيدِ يُحْفَرُ بِهَا ويُقطَع، أُنثى، وَالْجَمْعُ أَفْؤُس وفؤُوس، وقيل، تجمع فُؤُوساً عَلَى فُعْلٍ. وفأَسَه يَفأَسُه فَأْساً: قطعَه بالفَأْس. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: فأَسَ الشَّجَرَةَ يَفأَسُها فأْساً ضَرَبَهَا بالفأْس، وفأَسَ الخشبةَ: شَقَّها بالفأْس. التهذيب: الفأْس الذي يُفْلَق بِهِ الحطَب، يُقَالُ: فأَسَه يفأَسُه أَي يَفْلِقُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَلَقَدْ رأَيت الفُؤُوس فِي أُصُولها وإِنَّها لَنَخْلٌ عُمٌ
؛ هِيَ جَمْعُ الفَأْس، وَهُوَ مَهْمُوزٌ، وَقَدْ يُخَفَّف. وفَأْس اللِّجام: الحَديدَةُ القائمةُ فِي الحَنَك، وَقِيلَ: هِيَ الْحَدِيدَةُ الْمُعْتَرِضَةُ فِيهِ؛ قَالَ طُفَيل:
يُرادى عَلَى فَأْسِ اللِّجامِ، كأَنَّما ... تُرادى بِه مَرْقَاةُ جِذْعٍ مُشَذَّبِ
وفَأَسْته: أَصبت فأْس رأْسِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَعَل إِحْدى يَدَيه فِي فأْس رأْسه
؛ هُوَ طرَف مُؤْخِرِه المُشْرِفُ عَلَى القَفا. وجمعُه أَفْؤُس ثم فُؤُوس. التَّهْذِيبُ: وفأْس اللِّجام الَّذِي فِي وسَط الشَكِيمَة بَيْنَ المِسْحَلَيْن. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الفَأْسُ الْحَدِيدَةُ الْقَائِمَةُ فِي الشَّكِيمة. وفَأْس الرأْس: حَرْف القَمَحْدُوَة المُشْرِف عَلَى القَفا، وَقِيلَ: فَأْس القَفا مؤَخَّر القَمَحْدُوَة. وفَأْسُ الفَمِ: طرَفه الَّذِي فِيهِ الأَسنان؛ وَقَوْلُهُ:
يَا صاحِ أَرْحِلْ ضامِرات العِيسِ، ... وابْكِ عَلَى لَطْم ابن خَيرِ الفُؤُوسِ
قَالَ: لَا أَدري أَهو لجمع فَأْسٍ كقولهم رُؤُوس فِي جَمْعِ رأْس أَم هِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ مِنْ تَرْكِيبِ ف وس.
فجس: اللَّيْثُ: الفَجْسُ والتَفَجُّس عَظَمة وتَكَبّر وتطاوُل؛ وأَنشد:
عَسْراء حِينَ تَرَدَّى مِنْ تَفَجُّسِها، ... وَفِي كِوارَتِها مِنْ بَغْيِها مَيَلُ
وفَجَسَ يَفْجُسُ، بِالضَّمِّ، فَجْساً وتَفَجَّس: تَكَبَّرَ وَتَعَظَّمَ وفَخَر؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إِذا أَراد خُلُقاً عَفَنْقَسا، ... أَقَرَّه الناسُ، وإِن تَفَجَّسا
ابْنُ الأَعرابي: أَفجَسَ الرجُل إِذا افْتَخَر بالباطل.
__________
(1) . قوله [في شائع] هكذا في الأَصل. وأَنشده شارح القاموس: في سابغ.(6/158)
وتَفَجَّس السَّحاب بالمطَر: تفتَّح؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَحَابًا:
مُتَسَنِّم سَنَماتِها مُتَفَجِّسٌ، ... بالهَدْرِ يَمْلأُ أَنْفُساً وعُيُونا
فحس: الفَحْس: أَخذُك الشيءَ مِنْ يَدِكَ بلسانِك وفَمِك مِنَ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ. وأَفْحَسَ الرجلُ إِذا سَحَجَ شَيْئًا بعد شيء.
فدس: ابْنُ الأَعرابي: أَفْدَسَ الرجُلُ إِذا صَارَ فِي بَابِهِ الفِدَسَة، وَهِيَ العَناكِب. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الفُدْس العَنْكَبُوت وَهِيَ الهَبُورُ والثُّطْأَة. قَالَ الأَزهري: ورأَيت بالخَلْصاء دَحْلًا يُعرف بالفِدَسِيّ. قَالَ: وَلَا أَدري إِلى أَي شَيْءٍ نُسب.
فدكس: الفَدَوْكَسُ: الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: الغلِيظ الْجَافِي. والفَدَوْكَسُ: الأَسد مِثْلُ الدَّوْكس. وفَدَوْكَس: حَيّ مِنْ تَغْلِب؛ التَّمْثِيلُ لِسِيبَوَيْهِ وَالتَّفْسِيرُ لِلسِّيرَافِيِّ. الصِّحَاحُ: فَدَوْكَس رَهْط الأَخطل الشَّاعِرِ، وَهُمْ مِنْ بَنِي جُشَم بْنِ بكر.
فرس: الفَرَس: وَاحِدُ الْخَيْلِ، وَالْجَمْعُ أَفراس، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَلَا يُقَالُ للأُنثى فِيهِ فَرَسة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَصله التأْنيث فَلِذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَتَقُولُ ثَلَاثَةُ أَفراس إِذا أَردت الْمُذَكَّرَ، أَلزموه التأْنيث وَصَارَ فِي كَلَامِهِمْ لِلْمُؤَنَّثِ أَكثر مِنْهُ لِلْمُذَكَّرِ حَتَّى صَارَ بِمَنْزِلَةِ القدَم؛ قَالَ: وَتَصْغِيرُهَا فُرَيْس نادِر، وَحَكَى ابْنُ جِني فَرَسَة. الصِّحَاحُ: وإِن أَردت تَصْغِيرَ الفَرس الأُنثى خَاصَّةً لَمْ تقُل إِلا فُرَيسَة، بِالْهَاءِ؛ عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ السَّرَّاجِ، وَالْجَمْعُ أَفراس، وَرَاكِبُهُ فَارِسٌ مِثْلُ لَابِنٍ وتامِر. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى حافرٍ، بِرْذَوْناً كَانَ أَو فرَساً أَو بغْلًا أَو حِمَارًا، قُلْتَ: مرَّ بِنَا فَارِسٌ عَلَى بَغْلٍ وَمَرَّ بِنَا فَارِسٌ عَلَى حِمَارٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وإِني امرؤٌ للخَيل عِنْدِي مَزيَّة، ... عَلَى فارِس البِرْذَوْنِ أَو فَارِسِ البَغْلِ
وَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ عَقِيلِ بْنِ بِلَالِ بْنِ جَرِيرٍ، لَا أَقول لِصَاحِبِ الْبَغْلِ فَارِسٌ وَلَكِنِّي أَقول بغَّال، وَلَا أَقول لِصَاحِبِ الْحِمَارِ فَارِسٌ وَلَكِنِّي أَقول حَمّار. والفرَس: نَجْمٌ مَعْرُوفٌ لمُشاكلته الْفَرَسَ فِي صُورته. وَالْفَارِسُ: صَاحِبُ الفرَس عَلَى إِرادة النسَب، وَالْجَمْعُ فُرْسان وفَوارس، وَهُوَ أَحَدُ مَا شذَّ مِنْ هَذَا النَّوع فَجَاءَ فِي الْمُذَكَّرِ عَلَى فَواعِل؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِهِ عَلَى فَوارس: هُوَ شَاذٌّ لَا يُقاس عَلَيْهِ لأَن فَوَاعِلَ إِنما هُوَ جَمْعُ فَاعِلَةٍ مِثْلُ ضَارِبَةٍ وضَوارِب، وَجَمْعُ فَاعِلٍ إِذا كَانَ صِفَةً للمؤنث مِثْلَ حَائِضٍ وحَوائض، أَو مَا كَانَ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّينَ مِثْلَ جَمَلٍ بَازِلٍ وَجِمَالٍ بَوازِل وَجَمَلٍ عاضِه وَجِمَالٍ عَواضِه وحائِط وحوائِط، فأَما مُذَكَّرُ مَا يَعقِل فَلَمْ يُجمع عَلَيْهِ إِلا فَوارِس وهَوالك ونَواكِس، فأَما فوارِس فلأَنه شَيْءٌ لَا يَكُونُ فِي الْمُؤَنَّثِ فَلَمْ يُخَفْ فِيهِ اللّبْس، وأَما هَوَالِكُ فإِنما جَاءَ فِي الْمَثَلِ هالِك فِي الهَوالِك فَجَرى عَلَى الأَصل لأَنه قَدْ يَجِيءُ فِي الأَمثال مَا لَا يَجِيءُ فِي غَيْرِهَا، وأَما نواكِس فَقَدْ جَاءَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْر. والفُرسان: الْفَوَارِسُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ نَسمَع امرأَة فارِسة، وَالْمَصْدَرُ الفَراسة والفُرُوسة، وَلَا فِعْل لَهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ وَحْدَهُ: فَرَس وفَرُس إِذا صَارَ فَارِسًا، وَهَذَا شَاذٌّ. وَقَدْ فارَسه مُفارَسة وفِراسا والفَراسة بِالْفَتْحِ، مَصْدَرُ قَوْلِكَ رَجُلٌ فارِس عَلَى الْخَيْلِ. الأَصمعي: يُقَالُ فارِس بَيِّنُ الفُرُوسة والفَراسة والفُرُوسِيّة، وإِذا كَانَ فَارِسًا بِعَيْنِه ونَظَرِه فَهُوَ بَيِّنُ الفِراسة، بِكَسْرِ الْفَاءِ، وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لَفَارِسٌ بِذَلِكَ الأَمر إِذا كَانَ عَالِمًا(6/159)
بِهِ. وَيُقَالُ:
اتَّقُوا فِراسة الْمُؤْمِنِ فإِنه يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّه.
وَقَدْ فرُس فُلَانٌ، بِالضَّمِّ، يَفْرُس فُرُوسة وفَراسة إِذا حَذِقَ أَمر الْخَيْلِ. قَالَ: وَهُوَ يَتَفَرَّس إِذا كَانَ يُري الناسَ أَنه فَارِسٌ عَلَى الْخَيْلِ. وَيُقَالُ: هُوَ يَتَفَرَّس إِذا كَانَ يَتَثَبَّتُ وينظرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَرض يَوْمًا الخيلَ وَعِنْدَهُ عُيَيْنة بْنُ حِصن الفَزاري فَقَالَ له: أَنا أَعلم بِالْخَيْلِ مِنْكَ، فَقَالَ عُيينة: وأَنا أَعلم بِالرِّجَالِ مِنْكَ، فَقَالَ: خِيَارُ الرِّجال الَّذِينَ يَضَعُون أَسيافهم عَلَى عَواتِقِهم ويَعْرِضُون [يَعْرُضُون] رِماحهم عَلَى مَنَاكِبِ خَيْلِهِمْ مِنْ أَهل نَجْدٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ: كذبتَ؛ خِيارُ الرِّجَالِ أَهل الْيَمَنِ، الإِيمان يَمانٍ وأَنا يَمانٍ
، وَفِي رِوَايَةٍ
أَنه قَالَ: أَنا أَفرَسُ بِالرِّجَالِ
؛ يُرِيدُ أَبْصَرُ وأَعرَفُ. يُقَالُ: رَجُلٌ فَارِسٌ بيِّن الفُروسة والفَراسة فِي الْخَيْلِ، وَهُوَ الثَّبات عَلَيْهَا والحِذْقُ بأَمرها. وَرَجُلٌ فَارِسٌ بالأَمر أَي عَالِمٌ بِهِ بَصِيرٌ. والفِراسة، بِكَسْرِ الْفَاءِ: فِي النَّظَر والتَّثَبُّت والتأَمل لِلشَّيْءِ والبصَر بِهِ، يُقَالُ إِنه لَفَارِسٌ بِهَذَا الأَمر إِذا كَانَ عَالِمًا بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلِّمُوا أَولادكم العَوْم والفَراسة
؛ الفَراسَة، بِالْفَتْحِ: العِلم بِرُكُوبِ الْخَيْلِ وركْضِها، مِنَ الفُرُوسيَّة، قَالَ: وَالْفَارِسُ الْحَاذِقُ بِمَا يُمارس مِنَ الأَشياء كُلِّهَا، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ فَارِسًا. ابْنُ الأَعرابي: فارِس فِي النَّاسِ بيِّن الفِراسة والفَراسة، وَعَلَى الدَّابَّةِ بيِّن الفُرُوسِيَّة، والفُروسةُ لُغَةٌ فِيهِ، والفِراسة، بِالْكَسْرِ: الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ تفرَّسْت فِيهِ خَيْرًا. وتفرَّس فِيهِ الشيءَ: توسَّمَه. وَالِاسْمُ الفِراسَة، بِالْكَسْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا فِراسَة الْمُؤْمِنِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ بمعنيَين: أَحدهما مَا دَلَّ ظاهرُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا يُوقِعُه اللَّه تَعَالَى فِي قُلُوبِ أَوليائه فيَعلمون أَحوال بَعْضِ النَّاسِ بنَوْع مِنَ الكَرامات وإِصابة الظَّنِّ والحَدْس، وَالثَّانِي نَوْع يُتَعَلَّم بِالدَّلَائِلِ والتَّجارب والخَلْق والأَخْلاق فتُعرَف بِهِ أَحوال النَّاسِ، وَلِلنَّاسِ فِيهِ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ قَدِيمَةٌ وَحَدِيثَةٌ، وَاسْتَعْمَلَ الزَّجَّاجُ مِنْهُ أَفعل فَقَالَ: أَفْرَس النَّاسِ أَي أَجودهم وأَصدقهم فِراسة ثلاثةٌ: امرأَةُ الْعَزِيزِ فِي يُوسُفَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وابنةُ شُعَيْب فِي مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وأَبو بَكْرٍ فِي تَوْلِيَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَهو عَلَى الْفِعْلِ أَمْ هُوَ مِنْ بَابِ أَحْنَكُ الشَّاتَيْنِ، وَهُوَ يَتَفَرَّس أَي يَتثَبَّت وَيَنْظُرُ؛ تَقُولُ مِنْهُ: رَجُلٌ فارِس النَّظَر. وَفِي حَدِيثِ
الضَّحَّاكِ فِي رَجُلٍ آلَى مِنِ امرأَته ثُمَّ طَلَّقَهَا قَالَ: هُمَا كَفَرَسَيْ رِهانٍ أَيُّهما سبَق أُخِذ بِهِ
؛ تَفْسِيُرُهُ أَن العِدَّة، وَهِيَ ثَلَاثُ حِيَض أَو ثَلَاثَةُ أَطهار، إِنِ انْقَضَت قَبلَ انْقِضَاءِ إِيلائه وَهُوَ أَربعة أَشهر فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ المرأَة بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنَ الإِيلاء لأَن الأَربعة أَشهر تَنْقَضِي وَلَيْسَتْ لَهُ بِزَوْجٍ، وإِن مَضَتِ الأَربعة أَشهر وَهِيَ فِي العِدّة بَانَتْ مِنْهُ بالإِيلاء مَعَ تِلْكَ التَّطْلِيقَةِ فَكَانَتِ اثْنَتَيْنِ، فجَعَلَهما كَفَرَسَيْ رِهان يَتَسَابَقَانِ إِلى غَايَةٍ. وفَرَسَ الذَبيحَة يَفْرِسُها فَرْساً: قطع نِخاعَها [نُخاعَها] ، وفَرَسَها فَرْساً: فصَل عُنُقها وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا ذَبَحَ فنَخَع: قَدْ فَرَس، وَقَدْ كُرِه الفَرْس فِي الذّبيحَة؛ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ بإِسناده عَنْ عُمَرَ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الفَرْس هُوَ النَّخْعُ، يُقَالُ: فَرَسْت الشَّاةَ ونَخَعْتُها وَذَلِكَ أَن تَنتَهي بالذبح إِلى النِخاع [النُخاع] ، وَهُوَ الخَيْطُ الَّذِي فِي فَقار الصُّلْب مُتَّصِل بِالْفَقَارِ، فَنَهَى(6/160)
أَن يُنْتهى بِالذَّبْحِ إِلى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَمَّا النَّخْع فَعَلَى مَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ، وأَما الفَرْس فَقَدْ خُولف فِيهِ فَقِيلَ: هُوَ الْكَسْرُ كأَنه نَهَى أَن يُكْسَرَ عظمُ رَقَبَةِ الذَّبِيحَةِ قَبْلَ أَن تَبْرُدَ، وَبِهِ سُمِّيت فَريسة الأَسد لِلْكسر. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الفَرْس، بِالسِّينِ، الْكَسْرُ، وَبِالصَّادِ، الشَّقُّ. ابْنُ الأَعرابي: الْفَرَسُ أَن تُدَقّ الرقبَة قَبْلَ أَن تُذْبَح الشَّاةُ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَمَرَ مُنادِيَه فنادَى: لَا تَنْخَعُوا وَلَا تَفْرِسوا.
وفَرَسَ الشيءَ فَرْساً: دَّقَه وكَسَرَهُ؛ وفَرَسَ السَّبُعُ الشيءَ يفرِسُه فَرْساً. وافْتَرَسَ الدَّابة: أَخذه فدَقَّ عُنُقَه؛ وفَرَّسَ الغَنم: أَكثر فِيهَا مِنْ ذَلِكَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: ظَلَّ يُفَرِّسُها ويُؤَكِّلُها أَي يُكثِر ذَلِكَ فِيهَا. وسَبُعٌ فَرَّاس: كَثِيرُ الِافْتِرَاسِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
يَا مَيّ لَا يُعْجِز الأَيامَ ذُو حِيَدٍ، ... فِي حَوْمَةِ المَوْتِ، رَوَّامٌ وفَرَّاسُ «2»
. والأَصل فِي الفَرْس دَقُّ العُنُق، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى جُعِل كُلُّ قَتْلٍ فَرْساً؛ يُقَالُ: ثَوْر فَرِيس وَبَقَرَةٌ فَريس. وَفِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج:
إِن اللَّه يُرْسِل النَّغَف عَلَيْهِمْ فيُصْبِحُون فَرْسَى
أَي قَتْلَى، الْوَاحِدُ فَرِيسٌ، مِنْ فَرَسَ الذِّئْبَ الشَّاةَ وَافْتَرَسَهَا إِذا قَتَلَهَا، وَمِنْهُ فَرِيسة الأَسد. وفَرْسَى: جَمْعُ فَرِيسٍ مِثْلُ قَتْلى وقَتِيل. قَالَ ابْنُ السِّكِّيت: وفَرَسَ الذئبُ الشَّاةَ فَرْساً، وَقَالَ النَّضْرُ بنُ شُمَيل: يُقَالُ أَكل الذِّئْبُ الشَّاةَ وَلَا يُقَالُ افْتَرَسها. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وأَفْرَسَ الرَّاعِي أَي فَرَسَ الذِّئْبُ شَاةً مِنْ غَنَمه. قَالَ: وأَفْرَسَ الرجلُ الأَسدَ حِمارَه إِذا تَرَكَهُ لَهُ لِيَفْتَرِسَه ويَنْجُوَ هُوَ. وفَرَّسه الشيءَ: عَرَّضَه لَهُ يَفْترِسه؛ وَاسْتَعْمَلَ الْعَجَّاجُ ذَلِكَ فِي النُّعَرِ فَقَالَ:
ضَرْباً إِذا صَابَ اليآفِيخَ احْتَفَرْ، ... فِي الهامِ دُخْلاناً يُفَرِّسْنَ النُّعَرْ
أَي أَنّ هَذِهِ الْجِرَاحَاتِ وَاسِعَةٌ، فَهِيَ تمكِّن النُّعَر مِمَّا تُرِيده مِنْهَا؛ وَاسْتَعْمَلَهُ بَعْضُ الشُّعراء فِي الإِنسان فَقَالَ، أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قَدْ أَرْسَلُوني فِي الكَواعِبِ رَاعياً ... فَقَدْ، وأَبي، رَاعِي الكَواعِبِ، أَفْرِسُ «3»
أَتَتْهُ ذِئابٌ لَا يُبالِين رَاعِياً، ... وكُنَّ ذِئاباً تَشْتَهِي أَن تُفَرَّسا
أَي كَانَتْ هَذِهِ النِّسَاءُ مُشْتَهِيات للتَّفْرِيس فجعلهُنَّ كالسَّوامِ إِلا أَنهنَّ خالَفْن السَّوام لأَنَّ السَّوام لَا تَشْتَهِي أَن تُفَرَّسَ، إِذ فِي ذَلِكَ حَتْفُها، وَالنِّسَاءُ يَشْتَهِين ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ لذَّتهنّ، إِذْ فَرْس الرِّجَالِ النِّسَاءَ هَاهُنَا إِنما هُوَ مُواصَلَتُهُنَّ؛ وأَفْرِسُ مِنْ قَوْلِهِ:
فَقَدْ، وأَبي راعِي الكَواعِبِ، أَفْرِسُ
مَوْضُوعٌ مَوْضِعَ فَرَسْت كأَنه قَالَ: فَقَدْ فَرَسْتُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَدْ يَضَعون أَفْعَلُ مَوْضِعَ فَعَلْت وَلَا يَضَعُون فَعَلْتُ فِي مَوْضِعِ أَفْعَل إِلا فِي مُجازاة نَحْوَ إِن فَعَلْتَ فَعَلْتُ. وَقَوْلُهُ: وأَبي خَفْضٌ بِوَاوِ القَسَم، وَقَوْلُهُ: رَاعِي الكواعِب يَكُونَ حَالًا مِنَ التَّاء المقدَّرة، كأَنه قَالَ: فَرَسْت رَاعِياً لِلْكَوَاعِبِ أَي وأَنا إِذ ذَاكَ كَذَلِكَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ وَأَبي مُضافاً إِلى راعِي الكواعِب وَهُوَ يُرِيدُ بِرَاعي الكَواعِب ذاتَهُ:
أَتَتْهُ ذِئابٌ لَا يُبالين رَاعِياً
__________
(2) . قوله [يا مي إلخ] تقدم في عرس:
يَا مَيُّ لَا يُعْجِزُ الأَيام مُجْتَرِئٌ ... فِي حَوْمَةِ الموت رزام وفرَّاس
(3) . قوله [أفرس مع قوله في البيت بعده أن تفرسا] كذا بالأَصل، فإن صحت الرواية ففيه عيب الإصراف(6/161)
أَي رجالُ سُوء فُجَّارٌ لَا يُبالُون مَنْ رَعَى هَؤُلَاءِ النِّسَاءَ فَنَالُوا مِنْهُنَّ إِرادَتَهُم وهواهُمْ ونِلْنَ مِنْهُمْ مثلَ ذَلِكَ، وإِنما كَنَى بالذِّئاب عَنِ الرِّجَالِ لأَن الزُّناة خُبَثاء كَمَا أَن الذِّئَابَ خَبيثة، وَقَالَ تَشْتَهِي عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وَلَوْ لَمْ يُرِد المُبالَغة لَقَالَ تُرِيدُ أَن تُفَرَّس مَكَانَ تَشْتَهِي، عَلَى أَن الشَّهْوَةَ أَبلغ مِنَ الإِرادة، وَالْعُقَلَاءُ مُجْمعُون عَلَى أَن الشَّهوة غَيْرُ مَحْمُودَةٍ البَتَّة. فأَما الْمُرَادُ فمِنْه مَحْمُودٌ وَمِنْهُ غَيْرُ مَحْمُودٍ. والفَريسَة والفَرِيسُ: مَا يَفْرِسُه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
خافُوه خَوْفَ الليثِ ذِي الفَرِيس
وأَفرسه إِياه: أَلقاه لَهُ يَفْرِسُه. وفَرَسَه فَرْسَةً قَبيحة: ضَرَبه فَدَخَلَ مَا بَيْنَ وِرْكَيْه وخرجَتْ سُرَّته. والمَفْرُوسُ: المكسُور الظَّهْرِ. والمَفْروس وَالْمَفْزُورُ والفَريسُ: الأَحْدَب. والفِرْسَة: الحَدْبَة، بِكَسْرِ الْفَاءِ. والفِرْسَة: الرِّيح الَّتِي تُحْدِب، وَحَكَاهَا أَبو عُبَيد بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَقِيلَ: الفِرْسَة قَرْحة تَكُونُ فِي الحَدَب، وَفِي النَّوبة أَعلى «1» ، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الصَّادِ أَيضاً. والفَرْصَة: رِيحُ الحَدَب، والفَرْس: رِيحُ الحَدَب. الأَصمعي: أَصابته فَرْسَة إِذا زَالَتْ فَقْرة مِنْ فَقار ظَهْرِهِ، قَالَ: وأَمّا الرِّيح الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا الحَدَب فَهِيَ الفَرْصَة، بِالصَّادِ. أَبو زَيْدٍ: الفِرسَة قَرْحَة تَكُونُ فِي العُنُق فَتَفْرِسها أَي تَدُقُّهَا؛ وَمِنْهُ فَرَسْتُ عُنُقه. الصِّحَاحُ: الفَرْسَة رِيحٌ تأْخذُ فِي العُنُق فَتَفْرِسُها. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَة: وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا أَحْدَبَها الفِرْسَة
أَي رِيحُ الحدَب فيَصير صَاحِبُهَا أَحْدَب. وأَصاب فُرْسَتَه أَي نُهْزَته، وَالصَّادُ فِيهَا أَعرف. وأَبو فِراسٍ: مِنْ كُناهُم، وَقَدْ سَمَّت العرَب فِراساً وفَراساً. والفَرِيسُ: حَلْقَة مِنْ خَشب مَعْطُوفَةٌ تُشَدُّ فِي رأْس حَبْل؛ وأَنشد:
فَلَوْ كانَ الرِّشا مِئَتَيْنِ بَاعًا، ... لَكان مَمرُّ ذَلِكَ فِي الفَرِيسِ
الْجَوْهَرِيُّ: الفَريس حَلْقَة مِنْ خَشب يُقَالُ لَهَا بالفارسيَّة جَنْبر. والفِرْناس، مِثْلُ الفِرْصاد: مِنْ أَسماء الأَسد مأْخوذ مِنَ الفَرْسِ، وَهُوَ دَقُّ العُنُق، نُونُهُ زَائِدَةٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. وَفِي الصِّحَاحِ: وَهُوَ الْغَلِيظُ الرَّقبة. وفِرْنَوْس: مِنْ أَسمائه؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي وَهُوَ بِنَاءٌ لَمْ يَحْكِهِ سِيبَوَيْهِ. وأَسد فُرانِس كفِرْناس: فُعانِل مِنَ الفَرْس، وَهُوَ مِمَّا شذَّ مِنْ أَبنية الْكِتَابِ. وأَبو فِراس: كُنية الأَسد. والفِرس، بِالْكَسْرِ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبات، واختَلَف الأَعراب فِيهِ فَقَالَ أَبو المكارِم: هُوَ القَصْقاص، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الحَبَنٌ، وقال غيره: هو الشَّرْشَرُ [الشِّرْشِرُ] ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ البَرْوَقُ. ابْنُ الأَعرابي: الفَراس تَمْرٌ أَسود وَلَيْسَ بالشَّهْرِيزِ؛ وأَنشد:
إِذا أَكلُوا الفَراسَ رأَيت شَامًا ... عَلَى الأَنْثال منهمْ والغُيُوبِ
قَالَ: والأَنْثال التِّلال. وفارِسُ: الفُرْسُ، وَفِي الْحَدِيثِ:
وخَدَمَتْهم فارِسُ والرُّوم
؛ وبِلادُ الفُرْس أَيضاً؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنْتُ شاكِياً بِفَارِسَ فكنتُ أُصلي قَاعِدًا فسأَلت
__________
(1) . قوله [وفي النوبة أَعلى] هكذا في الأَصل، ولعل فيه سقطاً. وعبارة القاموس وشرحه في مادة فرص: والفرصة، بالضم، النوبة والشرب، نقله الجوهري، والسين لغة، يقال: جَاءَتْ فُرْصَتُكَ مِنَ الْبِئْرِ أَي نوبتك.(6/162)
عَنْ ذَلِكَ عَائِشَةَ
؛ يُرِيدُ بلادَ فارِس، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالنُّونِ وَالْقَافِ جَمْعُ نِقْرِس، وَهُوَ الأَلم المعرُوف فِي الأَقدام، والأَول الصَّحِيحُ. وفارِس: بلدٌ ذُو جِيل، وَالنَّسَبُ إِليه فَارِسِيٌّ، وَالْجَمْعُ فُرْس؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِل:
طافَت بِهِ الفُرْسُ حَتَّى بَدَّ ناهِضُها
وفَرْسٌ: بَلَدٌ؛ قَالَ أَبو بُثَيْنَةَ:
فأَعْلُوهم بِنَصْلِ السَّيف ضرْباً، ... وقلتُ: لعلَّهم أَصحابُ فَرْسِ
ابْنُ الأَعرابي: الفَرسن التَّفْسِيرُ «1» ، وَهُوَ بيانُ وتفصيلُ الْكِتَابِ. وذُو الفَوارِس: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة:
أَمْسى بِوَهْبِينَ مُجْتَازاً لِطِيَّتِهِ، ... مِنْ ذِي الفَوارِس، تَدْعُوا أَنفَه الرِّبَبُ
وَقَوْلُهُ هُوَ:
إِلى ظُعْنٍ يَقْرِضْنَ أَجْوازَ مُشْرِفٍ، ... شِمالًا، وَعَنْ أَيْمانِهِنَّ الفَوارِسُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد ذُو الفَوارِس. وتَلُّ الفَوارس: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ، وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُصَنَّفِ، قَالَ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي النُّسَخِ كُلِّهَا. وبالدَّهْناء جِبال مِنَ الرَّمْل تسمَّى الفَوارِس؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيتها. والفِرْسِنُ، بِالنُّونِ، لِلْبَعِيرِ: كالحافِر لِلدَّابَّةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الفِرْسِن طَرف خُفّ الْبَعِيرِ، أُنثى، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي الثُّلَاثِيِّ، قَالَ: وَالْجَمْعُ فَراسِن، وَلَا يُقَالُ فِرْسِنات كَمَا قَالُوا خَناصِر وَلَمْ يَقُولُوا خِنْصِرات. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ فِرْسِن شَاةٍ.
الفِرْسِن: عَظْم قَلِيلُ اللَّحْمِ، وَهُوَ خُفّ الْبَعِيرِ كَالْحَافِرِ لِلدَّابَّةِ، وَقَدْ يُسْتَعَارُ للشَّاة فَيُقَالُ فِرْسِن شَاةٍ، وَالَّذِي لِلشَّاةِ هُوَ الظِّلْف، وَهُوَ فِعْلِن وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ أَصلية لأَنها مِنْ فَرَسْت. وفَرَسان، بِالْفَتْحِ: لقَب قَبِيلَةٍ. وفِراس بْنُ غَنْم: قَبِيلَةٌ، وفِراس بْنُ عَامِرٍ كذلك.
فردس: الفِرْدَوْسُ: البُستان؛ قَالَ الفرَّاء: هُوَ عرَبيّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الفِرْدَوْس الْوَادِي الخَصِيب عِنْدَ الْعَرَبِ كالبُستان، وَهُوَ بِلِسان الرُّوم البُسْتان. والفِرْدَوْس: الرَّوْضة؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والفِرْدَوْس: خُضْرة الأَعْناب. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَحَقِيقَتُهُ أَنه الْبُسْتَانُ الَّذِي يَجْمَعُ مَا يَكُونُ فِي البَساتين، وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ أَهل كُلِّ لُغَةٍ. والفِرْدَوْسُ: حَديقة فِي الْجَنَّةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى وتقدَّسَ: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ:
رُوي أَن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لِكُلِّ امرئٍ فِي الْجَنَّةِ بَيْتًا وَفِي النَّارِ بَيْتاً، فَمَنْ عَمِلَ عَمَل أَهل النَّارِ وَرِثَ بيتَه، وَمَنْ عَمِلَ عَمَل أَهل الْجَنَّةِ وَرِث بَيْتَهُ
؛ والفِرْدَوْس أَصله رُوميّ عُرِّبَ، وَهُوَ البُستان، كَذَلِكَ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ. والعرَب تُسمِّي الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ كَرْم: فِرْدَوْساً. وَقَالَ أَهل اللُّغَةِ: الفِرْدَوْس مُذَكَّرٌ وإِنما أُنث فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هُمْ فِيها، لأَنه عَنى بِهِ الْجَنَّةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نسأَلك الفِرْدَوْس الأَعلى.
وأَهل الشأْم يَقُولُونَ للْبَساتين والكُروم: الفَراديس؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: كَرْم مُفَرْدَس أَي مُعَرَّش؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وكَلْكَلًا ومَنْكِباً مُفَرْدَسا
قَالَ أَبو عَمْرٍو: مُفَرْدَساً أَي مَحْشُوّاً مُكْتَنِزاً. وَيُقَالُ لِلْجُلَّة إِذا حُشِيَتْ: فُردست، وَقَدْ قِيلَ: الفِرْدَوْس تَعرِفُه الْعَرَبُ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: مِمَّا يَدُلُّ
__________
(1) . قوله [الفرسن التفسير] هكذا في الأَصل.(6/163)
أَن الفِرْدَوس بِالْعَرَبِيَّةِ قَوْلُ حَسَّانَ:
وإِن ثَوابَ اللَّه كلَّ مُوَحِّدٍ ... جِنانٌ مِن الفِرْدَوْس، فِيهَا يُخَلَّدُ
وفِرْدَوْس: اسْمُ رَوْضة دُونَ اليَمامة. والفَراديسُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ؛ وَقَوْلُهُ:
تَحِنُّ إِلى الفِرْدَوْس، والبِشْرُ دُونها، ... وأَيْهاتَ مِنْ أَوْطانِها حَوْثُ حَلَّتِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَوْضِعًا وأَن يَعْنِيَ بِهِ الْوَادِيَ المُخْصِب. والمُفَرْدَس: المعرَّش مِنَ الكُرُوم. والمُفَرْدَس: العَريض الصَّدْر. والفَرْدَسة: السَّعَة. وفَرْدَسَه: صرَعه. والفَرْدَسَة أَيضاً: الصَّرْع الْقَبِيحُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَيُقَالُ: أَخذه فَفَرْدَسَه إِذا ضرَب بِهِ الأَرض.
فرطس: الفُرْطُوس: قَضِيب الخِنْزير والفيلِ. والفَرْطَسة: مَدُّهما إِياه. وفِنِطيسَة الخِنزير: خَطْمُه، وَهِيَ الفِرْطِيسَة. والفَرْطَسَة: فِعْلُه إِذا مدَّ خُرْطُومَه؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: فِنْطِيسَته وفِرْطِيسَته أَنفه. الْجَوْهَرِيُّ: فُرطُوسَة الْخِنْزِيرِ أَنفه. والفِرْطِيسَة: الفَيْشَلة. وأَنف فِرْطاس: عَرِيضٌ. الأَصمعي: إِنه لَمَنِيع الفِنْطِيسة والفِرْطِيسة والأَرنبة أَي هُوَ مَنِيعُ الحَوْزة حَمِيّ الأَنف.
فرقس: فِرْقِس وفُرْقُوسْ: دعاءُ الْكَلْبِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ قرقس.
فرنس: التَّهْذِيبُ: الفِرْناس مِثْلُ الفِرْصاد الأَسد الضَّارِي، وَقِيلَ: الْغَلِيظُ الرَّقَبة، وَكَذَلِكَ الفُرانِس مِثْلُ الفُرانق، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، وَقَالَ اللَّيْثُ: الفَرْنَسَة حُسْن تَدْبِيرِ المرأَة لِبَيْتِهَا. وَيُقَالُ: إِنها امرأَةُ مُفَرْنِسة.
فسس: الفَسِيس: الرَّجُلُ الضَّعِيفُ العَقْل. وفِسْفَسَ الرَّجُلُ إِذا حَمُق حَماقةً مُحكَمَة. الْفَرَّاءُ وأَبو عَمْرٍو: الفَسْفاس الأَحمق. النِّهَايَةُ أَبو عَمْرٍو: الفُسُس الضَّعْفى فِي أَبدانهم. وفَسَّى: بَلدٌ «1» ، قَالَ:
مِنْ أَهل فَسَّى وَدَارابَجِرْدِ
النَّسب إِليه فِي الرَّجُلِ فَسَوِيّ، وَفِي الثَّوْبِ فَساسَاوِيّ «2» . والفُسَيْساء والفُسَيْفِساءُ: أَلوانٌ تؤلَّف مِنَ الخَرَز فتُوضع فِي الْحِيطَانِ يؤلَّف بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وتركَّب فِي حِيطان الْبُيُوتِ مِنْ داخِل كأَنه نَقْشٌ مُصَوَّر. والفِسْفِسُ: الْبَيْتُ المُصوَّر بالفُسَيْفِساء؛ قَالَ:
كصَوْتِ اليَراعَة فِي الفِسْفِس
يَعْنِي بَيْتًا مُصَوَّراً بالفُسَيْفِساء. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَيْسَ الفُسَيْفِساء عربيَّة. والفِسْفِسة: لُغَةٌ فِي الفِصْفِصة، وَهِيَ الرَّطْبَة، وَالصَّادُ أَعرب، وَهُمَا مُعَرَّبَانِ والأَصل فيهما إِسْبَسْت.
فطس: الفَطَس: عِرَضُ قَصَبَة الأَنف وطُمَأْنِينَتُها، وَقِيلَ: الفَطَس، بِالتَّحْرِيكِ، انخِفاضُ قَصَبَة الأَنف وتَطامُنها وانتِشارُها، وَالِاسْمُ الفَطَسَة لأَنها كَالْعَاهَةِ، وَقَدْ فَطِسَ فَطَساً، وَهُوَ أَفطَس، والأُنثى فَطْسَاءُ. والفَطَسة: مَوْضِعُ الفَطَس مِنَ الأَنف. وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
تُقاتِلون قَوْماً فُطْس الأُنوف
؛ الفَطَس: انخِفاض قَصَبَة الأَنف وانفِراشُها. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ تَمْرَةِ العَجُوزِ:
فُطْسٌ خُنْسٌ
أَي صِغَارُ الْحَبِّ لَاطِئَةُ الأَقْماع. وفُطْس: جمع
__________
(1) . قوله [وفسى بلد] قال شارح القاموس بالتشديد هكذا نقله صاحب اللسان، وهو مشهور بالتخفيف وإِنما شدّده الشاعر ضرورة، فمحل ذكره المعتل وإنما ذكرته هنا لأَجل التنبيه عليه.
(2) . قوله [وفي الثوب فساساوي] هكذا في الأَصل بالواو، وعبارة القاموس في مادة فسا: وفسا: بالتخفيف، بلد فارس، ومنه الثياب الفساسارية، بالراء.(6/164)
فَطْساء. والفِطِّيسة والفِنْطِيسَة: خَطْم الْخِنْزِيرِ. وَيُقَالُ لِخَطْم الْخِنْزِيرِ: فَطَسَة؛ وَرُوِيَ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى قَالَ: هِيَ الشَّفَةُ مِنَ الإِنسان، وَمِنْ ذَاتِ الْخُفِّ المِشْفَر، وَمِنَ السِّبَاعِ الخَطْم والخُرْطُوم، وَمِنَ الْخِنْزِيرِ الفِنْطِيسة؛ كَذَا رَوَاهُ عَلَى فِنْعِيلة، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ: الْجَوْهَرِيُّ: فِطِّيسة الْخِنْزِيرِ أَنفه، وَكَذَلِكَ الفِنْطِيسة. والفِطِّيس، مِثَالُ الفِسِّيق: المِطْرَقَة الْعَظِيمَةُ والفَأْس الْعَظِيمَةُ. والفَطْسُ: حبُّ الْآسِ، وَاحِدَتُهُ فَطْسة. والفَطْس: شِدَّةُ الْوَطْءِ. وفَطَس يَفْطِس فُطُوساً إِذا مَاتَ؛ وَقِيلَ: مَاتَ مِنْ غَيْرِ دَاءٍ ظَاهِرٍ. وطَفَسَ أَيضاً: مَاتَ، فَهُوَ طافِس وفاطِس؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَتْرُكُ يَرْبُوعَ الفَلاةِ فاطِسا
والفَطْسَة، بِالتَّسْكِينِ: خَرَزَة يؤخَّذ بِهَا؛ يَقُولُونَ «3» :
أَخَّذْتُه بالفَطْسَةِ ... بالثُّؤَبَا والعَطْسَةِ
قَالَ الشَّاعِرُ:
جَمَّعْنَ مِنْ قَبَلٍ لَهُنَّ وفَطْسةٍ ... والدَّرْدَبِيسِ، مُقابَلًا فِي المَنْظَمِ
فعس: الفاعُوسة: نَارٌ أَو جَمْرٌ لَا دُخان لَهُ. والفاعُوس: الأَفْعَى؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وأَنشد:
بالمَوْتِ مَا عَيَّرْت يَا لَمِيسُ، ... قَدْ يُهْلَك الأَرْقَمُ والفاعُوسُ،
والأَسَدُ المُذَرَّعُ النَّهُوسُ، ... والبَطَلُ المُسْتَلْئِمُ الحَووسُ،
واللَّعْلَعُ المُهْتَبِلُ العَسُوسُ، ... والفِيلُ لَا يَبقَى، وَلَا الهِرْمِيسُ
وَيُقَالُ لِلدَّاهِيَةِ مِنَ الرِّجَالِ: فاعُوس. وَدَاهِيَةٌ فاعُوس: شَدِيدَةٌ؛ قَالَ رِياح الجَدِيسِي:
جِئْتُكَ مِنْ جَدِيسِ، ... بالمُؤْيِدِ الفاعُوسِ،
إِحْدَى بَناتِ الحُوسِ
فقس: فَقَس الرجلُ وغيرُه يَفْقِس فُقُوساً: مَاتَ، وَقِيلَ: مَاتَ فَجْأَة. وفَقَسَ الطَّائِرُ بيضَه فَقْساً: أَفسَدَها. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
وفَقَص الْبَيْضَةَ
أَي كَسَرَهَا، وَبِالسِّينِ أَيضاً. وفَقَسَ فلانٌ فُلَانًا يَفْقِسه فَقْساً: جَذَبه بشعَره سُفْلًا. وتَفاقَسا بشعُورهما ورؤوسهما: تَجَاذَبَا [كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والفُقاس: دَاءٌ شَبيه بالتَّشَنُّج. وفَقَسَ الْبَيْضَةَ يَفْقِسها إَذا فضَخَها، لُغَةٌ فِي فَقَصَها، وَالصَّادُ أَعلى. وفَقَس: وَثَبَ. والمِفْقاسُ: عُودان يُشَدُّ طَرَفاهما فِي الفَخّ وَتُوضَعُ الشَّرَكة فَوْقَهُمَا فإِذا أَصابهما شَيْءٌ فقَسَت. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ للعُود المُنْحَنِي فِي الفَخّ الَّذِي ينقلِب عَلَى الطَّيْرِ فَيَفْسخ عُنُقَه ويَعْتَفِرُه: المِفْقاس. يُقَالُ: فَقَسَه الفَخّ. وفَقَس الشيءَ يَفْقِسُه فَقْساً: أَخذه أَخذ انتزاعٍ وغَصْب.
فقعس: فَقْعَس: حَيٌّ مِنْ بَنِي أَسد أَبوهم فَقْعَس بْنِ طَرِيف بْنِ عَمْرِو بن الحرث بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودان بْنِ أَسد؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري مَا أَصله في العربية.
فلس: الفَلْس: مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ فِي الْقِلَّةِ أَفْلُس، وفُلُوس فِي الْكَثِيرِ، وبائعُه فَلَّاس. وأَفْلَس الرَّجُلُ: صَارَ ذَا فُلُوس بَعْدَ أَن كَانَ ذَا دراهِم، يُفْلس إِفلاساً: صَارَ مُفْلِساً كأَنما صَارَتْ دراهِمه فُلُوساً
__________
(3) . قوله [يقولون أَخذته إلخ] عبارة القاموس وشرحه: يَقُولُونَ:
أَخذته بِالْفَطْسَةِ بِالثُّؤَبَا والعطسة
بقصر الثؤباء مراعاة لوزن المنهوك.(6/165)
وزُيوفاً، كَمَا يُقَالُ: أَخْبَثَ الرجلُ إِذا صَارَ أَصحابُه خُبثَاء، وأَقْطَفَ صَارَتْ دَابَّتُهُ قَطُوفاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَدرك مالَه عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَس فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ
؛ أَفْلَس الرَّجُلُ إِذا لَمْ يَبْقَ لَهُ مالٌ، يُراد بِهِ أَنه صَارَ إِلى حَالٍ يُقَالُ فِيهَا لَيْسَ مَعَهُ فَلْس، كَمَا يُقَالُ أَقْهَر الرجلُ صَارَ إِلى حَالٍ يُقْهَر عَلَيْهَا، وأَذَلَّ الرجلُ صَارَ إِلى حَالٍ يَذِل فِيهَا. وَقَدْ فَلَّسه الْحَاكِمُ تَفْلِيساً: نَادَى عَلَيْهِ أَنه أَفْلَس. وَشَيْءٌ مُفَلَّس اللّوْن إِذا كَانَ عَلَى جِلْده لُمَعٌ كالفُلُوس. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَفْلَسْت الرَّجُلَ إِذا طلبتَه فأَخطأْت مَوْضِعَهُ، وَذَلِكَ الفَلَس والإِفْلاس؛ وأَنشد للمُعَطَّل الْهُذَلِيِّ «1» :
يَا حِبُّ، مَا حُبُّ القَبُول، وحُبُّها ... فَلَسٌ، فَلَا يُنْصِبْكَ حُبُّ مُفلس
قَالَ أَبو عَمْرٍو فِي قَوْلِهِ وحُبُّها فَلَس أَي لَا نَيْلَ معه.
فلحس: الفَلْحَس: الرَّجُلُ الحَريص، والأُنثى فَلْحَسة. وَيُقَالُ لِلْكَلْبِ أَيضاً: فَلْحَس. والفَلْحَس: المرأَة الرَّسْحاء الصَّغيرة العَجُز. وَرَجُلٌ فَلَنْحَس: أَكُول؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ كُرَاعٌ وأُراه فَلْحَساً. والفَلْحَس: السَّائِلُ المُلِحُّ. وفَلْحَس: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي شَيْبان، وَفِيهِ الْمَثَلُ: أَسأَلُ مَنْ فَلْحَس؛ زَعَمُوا أَنه كَانَ يَسْأَل سَهْماً فِي الْجَيْشِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فيُعْطى لعِزّه وسُودَدِه، فإِذا أُعطيَه سأَل لامرأَتِه، فَإِذَا أُعطيَه سأَل لبَعِيره. والفَلْحَس: الدُّبُّ المُسِنُّ.
فلطس: الفِلْطاس والفِلْطَوْسُ: الكَمَرَة الْعَرِيضَةُ، وَقِيلَ: رأْس الكَمَرة إِذا كَانَ عَريضاً: وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِلرَّاجِزِ يَذْكُرُ إِبِلًا:
يَخْبِطْنَ بالأَيْدي مَكاناً ذَا غُدَرْ، ... خَبْطَ المُغِيبات فَلاطِيسُ الكَمَرْ
وَيُقَالُ لرأْس الكَمَرة إِذا كَانَ عَرِيضًا: فِلْطَوْس وفِلْطاس. والفِلْطِيسة: رَوْثَة أَنف الْخِنْزِيرِ. وتَفَلْطَس أَنفه: اتَّسَع.
فلقس: الفَلْقَسُ والفَلَنْقَس: الْبَخِيلُ اللَّئِيمُ. والفَلَنْقَس: الهَجِين مِنْ قِبَل أَبَوَيْه الَّذِي أَبُوه مَوْلًى وأُمّه مَوْلاة، والهَجِين: الَّذِي أَبوه عتِيق وأُمَّه مَوْلاة، والمُقْرِف: الَّذِي أَبوه مَوْلًى وأُمّه لَيْسَتْ كَذَلِكَ. ابْنُ السِّكِّيت: العَبَنْقَس الَّذِي جَدَّتاه مِنْ قِبَل أَبيه وأُمّه عجميَّتان وامرأَته عَجَمِيَّةٌ، والفَلَنْقَس الَّذِي هُوَ عَرَبِيٌّ لِعَرَبِيَّيْنِ، وجدَّتاه مِنْ قِبَلِ أَبَوَيْه أَمَتان أَو أُمّه عَرَبِيَّةٌ. قَالَ ثَعْلَبٌ: الحُرُّ ابنُ عَربيَّين والفَلَنْقَس ابْنُ عَرَبِيَّيْنِ لأَمتَيْن، وَقَالَ شَمِرٌ: الفَلَنْقَس الَّذِي أَبوه مَوْلًى وأُمّه عَرَبِيَّةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
العَبْدُ والهَجِينُ والفَلَنْقَسُ ... ثلاثةٌ، فأَيّهُمْ تَلَمَّسُ؟
وأَنكر أَبو الْهَيْثَمِ مَا قَالَهُ شَمِرٌ وَقَالَ: الفَلَنْقَس الَّذِي أَبواه عَرَبِيَّانِ، وَجَدَّتَاهُ مِنْ قِبَل أَبيه وأُمّه أَمَتان؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ أَبي زَيْدٍ، قَالَ: هُوَ ابْنُ عَرَبيّين لأَمَتين؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الَّذِي أُمّه عربيَّة وأَبوه ليس بعربيّ.
فنس: ابْنُ الأَعرابي: الفَنَس الفَقْر المُدْقِع؛ قَالَ الأَزهري: الأَصل فِيهِ الفَلَس اسْمٌ مِنَ الإِفْلاس، فأُبدلت اللَّامُ نُوناً كما ترى.
فنجلس: الفَنْجَلِيس: الكَمَرة الْعَظِيمَةُ.
فندس: فَنْدَس الرَّجُلُ إِذا عَدا.
__________
(1) . قوله [وأَنشد للمعطل الهذلي] في هامش الأَصل ما نصه: قلت الشعر لأَبي قلابة الطابخي الهذلي.(6/166)
فنطس: فِنْطِيسَة الخِنزير: خَطْمُه، وَهِيَ الفِرْطِيسة. وأَنف فِنْطاس: عَريض. ورُوي عَنِ الأَصمعي: إِنه لَمَنِيعُ الفِنْطِيسَة والفِرْطِيسة والأَرْنَبة أَي هُوَ مَنِيعُ الحَوْزَة حَمِيُّ الأَنف. أَبو سَعِيدٍ: فِنْطِيسته وفِرْطِيسته أَنفه. والفِنْطِيس: مِنْ أَسماء الذَّكَر. وفِنْطاس السَّفِينة: حَوْضُها الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ نُشافة الْمَاءِ، والجمع الفَناطِيس.
فنطلس: الفَنْطَلِيس: الكَمَرة الْعَظِيمَةُ، وَقِيلَ: هُوَ ذكَر الرَّجُلِ عَامَّةً. يُقَالُ: كَمَرة فَنْطَلِيس وفَنْجَلِيس أَي ضَخْمَةٌ. قَالَ الأَزهري: وسمعتُ جَارِيَةً فَصِيحَةً نُمَيْريَّة تُنْشِدُ وَهِيَ تَنْظُرُ إِلى كَوكبة الصُّبْحِ طَالِعَةً:
قَدْ طَلَعَتْ حمراءُ فَنْطَلِيسُ، ... لَيْسَ لِرَكْبٍ بَعْدَهَا تَعْريسُ
والفَنْطَلِيس: حَجَر لأَهل الشأْم يُطَرَّق به النُّحاس.
فهرس: اللَّيْثُ: الفِهْرِس الْكِتَابُ الَّذِي تُجْمع فِيهِ الكتُب؛ قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ محض، ولكنه معرّب.
فصل القاف
قبس: القَبَس: النَّارُ. والقَبَس: الشُّعْلة مِنَ النَّارِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: القَبَس شُعلة مِنْ نَارٍ تَقْتَبِسها مِنْ مُعْظَم، واقْتِباسها الأَخذ مِنْهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بِشِهابٍ قَبَسٍ
: القَبَس: الجَذْوَة، وَهِيَ النَّارُ الَّتِي تأْخذها فِي طَرَف عُود. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضوان اللَّه عَلَيْهِ: حَتَّى أَوْرى قَبَساً لِقابِس
أَي أَظهر نُوراً مِنَ الْحَقِّ لِطَالِبِهِ. والقابِس: طالِب النَّارَ، وَهُوَ فاعِل مِنْ قَبَس، وَالْجَمْعُ أَقْباسٌ، لَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ المِقْباس. وَيُقَالُ: قَبَسْت مِنْهُ نَارًا أَقْبِس قَبْساً فأَقْبَسَني أَي أَعطاني مِنْهُ قَبَساً، وَكَذَلِكَ اقْتَبَسْت مِنْهُ نَارًا، واقْتَبَسْت مِنْهُ عِلْماً أَيضاً أَي اسْتَفَدْتُهُ. قَالَ الكِسائيّ: واقْتَبَسْت مِنْهُ عِلماً وَنَارًا سَوَاءٌ، قَالَ: وقَبَسْت أَيضاً فيها. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اقْتَبَس عِلْماً مِنَ النُّجُومِ اقْتَبَس شُعْبةً مِنَ السِّحْر.
وَفِي حَدِيثِ
العِرْباض: أَتيناك زَائِرِينَ ومُقْتَبِسين
أَي طَالِبِي الْعِلْمِ، وَقَدْ قَبَس النارَ يَقْبِسها قَبْساً واقتَبَسَها. وقَبَسه النَّارَ يَقْبِسُه: جَاءَهُ بِهَا: واقْتَبَسه وقَبَسْتُكَه واقْتَبَسْتُكَه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَبَسْتُك نَارًا وَعِلْمًا، بِغَيْرِ أَلف وَقِيلَ: أَقْبَسْتُه عِلْمًا وقَبَستُه نَارًا أَو خَيْرًا إِذا جِئْتَه بِهِ، فإِن كَانَ طَلَبَها لَهُ قَالَ: أَقْبَسْتُه، بالأَلف. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: أَقْبَسْتُه نَارًا أَو عِلْمًا سَوَاءٌ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ طَرْح الأَلف مِنْهُمَا. ابْنُ الأَعرابي: قَبَسَني نَارًا وَمَالًا وأَقْبَسَني عِلْمًا، وَقَدْ يُقَالُ بِغَيْرِ الأَلف. وَفِي حَدِيثِ
عُقْبَة بْنِ عامِر: فإِذا رَاحَ أَقْبَسْناه مَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَي أَعلَمْناه إِياه. والقَوابِسُ: الَّذِينَ يَقْبِسُون النَّاسَ الْخَيْرَ يَعْنِي يعلِّمون. وأَتانا فُلَانٌ يَقتبس الْعِلْمَ فأَقْبَسنَاه أَي علَّمناه. وأَقْبَسْنا فُلَانًا فأَبى أَن يُقْبِسَنا أَي يُعْطِيَنَا نَارًا. وَقَدِ اقْتَبَسَني إِذا قَالَ: أَعْطِني نَارًا. وقَبَسْت العِلْم وأَقْبَسْته فُلَانًا. والمِقْبَس والمِقْباس: مَا قُبِسَتْ بِهِ النَّارُ. وَفَحْلٌ قَبَس وقَبِسٌ وقَبِيس: سَرِيعُ الإِلْقاح، لَا تَرْجِعُ عَنْهُ أُنثى، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُلقِح لأَوّل قَرْعَة، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُنْجِب مِنْ ضَربة وَاحِدَةٍ، وَقَدْ قَبِس الْفَحْلُ، بِالْكَسْرِ، قَبَساً وقَبُسَ قَباسة وأَقْبَسَها: أَلْقَحَها سَرِيعًا. وَفِي الْمَثَلِ: لَقْوَةٌ صادَفَتْ قَبِيساً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:(6/167)
حَمَلْتِ ثَلَاثَةً فَوَضَعْتِ تِمّاً، ... فأُمٌّ لَقْوَةٌ، وأَبٌ قَبِيسُ
واللَّقْوة: السَّريعَة الْحَمْلِ. يُقَالُ: امرأَة لَقْوَة سريعَة اللَّقَح؛ وفَحْلٌ قَبِيس: مِثْلُهُ إِذا كَانَ سَرِيعَ الإِلْقاح إِذا ضَرَب النَّاقَةَ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ تَقُولُ أَنا مِقْباس؛ أَرادت أَنها تَحْمِل سَرِيعًا إِذا أَلمَّ بِهَا الرَّجُلُ، وَكَانَتْ تَسْتَوْصِفُنِي دَواء إِذا شربتْه لَمْ تحمِل مَعَهُ. وقابُوسُ: اسمٌ عَجَمِيٌّ معرَّب. وأَبو قُبَيْس: جَبَلٌ مُشرِف عَلَى مَكة، وَفِي التَّهْذِيبِ: جَبَلٌ مُشْرِفٌ عَلَى مَسْجِدِ مَكَّةَ، وَفِي الصِّحَاحِ: جَبَلٌ بِمَكَّةَ. والقابُوس: الْجَمِيلُ الْوَجْهِ الحَسَن اللَّوْن، وَكَانَ النُّعْمان بْنُ المنذِر يُكنَى أَبا قابُوس. وقابِس وقُبَيْس: اسْمَانِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَيَا ابْنَيْ قُبَيْس وَلَمْ يُكْلَما، ... إِلى أَن يُضِيءَ عَمُودُ السَّحَرْ
وأَبو قابُوس: كُنْيَةُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرُ بْنُ امْرِئِ القَيس بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدِيّ اللَّخَمِي مَلِك العرَب، وَجَعَلَهُ النَّابِغَةُ أَبا قُبَيْس للضَّرورة فصغَّره تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ فَقَالَ يُخَاطِبُ يَزِيدَ بْنَ الصَّعِق:
فإِن يَقْدِرْ عَلَيْكَ أَبُو قُبَيْس، ... يَحُطَّ بِكَ المَعِيشَة فِي هَوانِ
وإِنما صَّغره وَهُوَ يُرِيدُ تَعْظِيمَهُ كَمَا قَالَ حُباب بْنُ الْمُنْذِرِ: أَنا جُذَيلُها المُحكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب، وَقَابُوسُ لَا يَنْصَرِفُ لِلْعُجْمَةِ وَالتَّعْرِيفِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
نبِّئْتُ أَنَّ أَبا قابُوس أَوْعَدَني، ... وَلَا قَرارَ عَلَى زَأْرٍ مِنَ الأَسَدِ
قبرس: قُبْرُس: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسَبه عَرَبِيًّا. التَّهْذِيبِ: وَفِي ثُغُورِ الشَّامِ مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ قُبْرُس. والقُبْرُسِيُّ مِنَ النُّحاس: أَجوده. قَالَ: وأُراه مَنْسُوبًا إِلى قُبْرُسَ هَذِهِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: القُبْرُس مِنَ النُّحاس أَجوده.
قدس: التَّقْدِيسُ: تَنْزِيهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وَفِي التَّهْذِيبِ: القُدْسُ تَنْزِيهُ اللَّه تَعَالَى، وَهُوَ المتَقَدِّس القُدُّوس المُقَدَّس. وَيُقَالُ: القَدُّوس فَعُّول مِنَ القُدْس، وَهُوَ الطَّهَارَةُ، وَكَانَ سِيبَوَيْهِ يَقُولُ: سَبُّوح وقَدُّوس، بِفَتْحِ أَوائلهما؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ فِي سُبُّوح وقُدُّوس الضَّمُّ، قَالَ: وإِن فَتَحْتَهُ جَازَ، قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّ اسْمٍ عَلَى فَعُّول، فَهُوَ مَفْتُوحُ الأَول مِثْلَ سَفُّود وكَلُّوب وسَمُّور وتَنُّور إِلا السُّبُّوح والقُدُّوس، فإِن الضَّمَّ فِيهِمَا الأَكثر، وَقَدْ يُفْتَحَانِ، وَكَذَلِكَ الذُّرُّوح، بِالضَّمِّ، وَقَدْ يُفْتَحُ. قَالَ الأَزهري: لَمْ يَجِئْ فِي صِفَاتِ اللَّه تَعَالَى غَيْرُ القُدُّوس، وَهُوَ الطَاهِرُ المُنَزَّه عَنِ العُيوب والنَّقائص، وفُعُّول بِالضَّمِّ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ، وَقَدْ تُفْتَحُ الْقَافُ وَلَيْسَ بِالْكَثِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
بِلَالِ بْنِ الْحَرْثِ: أَنه أَقْطَعَه حَيث يَصْلُح لِلزَّرْعِ مِنْ قُدْس وَلَمْ يُعْطِه حَقَّ مُسْلِمٍ
؛ هُوَ، بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ، جَبَلٌ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ الَّذِي يَصْلُحُ للزِّراعة. وَفِي كِتَابِ الأَمكنة أَنه قَرِيس؛ قِيلَ: قَريس وقَرْس جَبَلان قُرْب الْمَدِينَةِ والمشهورُ المَرْوِيّ فِي الْحَدِيثِ الأَوّل، وأَما قَدَس، بِفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ، فَمَوْضِعٌ بِالشَّامِ مِنْ فُتُوحِ شُرَحْبيل بْنِ حَسَنة. والقُدُس والقُدْس، بِضَمِّ الدَّالِ وَسُكُونِهَا، اسْمٌ وَمَصْدَرٌ، وَمِنْهُ قِيلَ للجنَّة: حَضِيرة القُدْس. والتَقْدِيس: التَّطْهِير والتَّبْريك. وتَقَدَّس أَي تطهَّر. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ
؛ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى نُقَدِّسُ لَكَ
أَي نُطهِّر أَنفسنا(6/168)
لَكَ، وَكَذَلِكَ نَفْعَلُ بِمَنْ أَطاعك نُقَدِّسه أَي نطهِّره. ومن هذا قِيلَ للسَّطْل القَدَس لأَنه يُتَقدَّس مِنْهُ أَي يُتَطَّهر. والقَدَس، بِالتَّحْرِيكَ: السَّطْل بِلُغَةِ أَهل الْحِجَازِ لأَنه يُتَطَهَّرُ فِيهِ. قَالَ: وَمِنْ هَذَا بَيْتُ المَقْدِس أَي الْبَيْتُ المُطَهَّر أَي الْمَكَانُ الَّذِي يُتطهَّر بِهِ مِنَ الذُّنُوبِ. ابْنُ الْكَلْبِيِّ: القُدُّوس الطَاهِرُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ*
الطَّاهِر فِي صِفَةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَقِيلَ قَدُّوس، بِفَتْحِ الْقَافِ، قَالَ: وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه الْمُبَارَكُ. والقُدُّوس: هُوَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. والقُدْسُ: الْبَرَكَةُ. والأَرض المُقَدَّسة: الشَّامُ، مِنْهُ، وَبَيْتُ المَقْدِس مِنْ ذَلِكَ أَيضاً، فإِمّا أَن يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ، وإِمّا أَن يَكُونَ اسْمًا لَيْسَ عَلَى الفِعْل كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي المَنْكِب، وَهُوَ يُخفَّف ويُثقَّل، وَالنِّسْبَةُ إِليه مَقْدِسِيّ مِثَالُ مَجْلِسِيّ ومُقَدَّسِيٌّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فأَدْرَكْنَه يأْخُذْنَ بالسَّاق والنَّسا، ... كَمَا شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثَوْبَ المُقَدَّسِي
وَالْهَاءُ فِي أَدْرَكْنَه ضميرُ الثَّور الوَحْشِيّ، وَالنُّونُ فِي أَدركنه ضَمِيرُ الْكِلَابِ، أَي أَدركتِ الْكِلَابُ الثورَ فأَخذن بِسَاقِهِ ونَساه وشَبْرَقَتْ جِلْدَهُ كَمَا شَبْرَقَ وِلْدان النَّصارى ثوبَ الرَّاهب المُقَدَّسِي، وَهُوَ الَّذِي جَاءَ مِنْ بَيْتِ المَقْدِس فقطَّعوا ثِيَابَهُ تبرُّكاً بِهَا؛ والشَّبْرَقة: تقطيعُ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَعْنِي بِهَذَا الْبَيْتِ يَهُودِيًّا. وَيُقَالُ لِلرَّاهِبِ مُقَدِّسٌ، وأَراد فِي هَذَا الْبَيْتِ بالمُقَدَّسِي الرَّاهِبَ، وصبيانُ النَّصَارَى يتبرَّكون بِهِ وبِمَسْحِ مِسْحِه الَّذِي هُوَ لابِسُه، وأَخذ خُيُوطِه مِنْهُ حَتَّى يَتَمَزَّقَ عَنْهُ ثَوْبُهُ. والمُقَدِّس: الحَبْر؛ وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَا قَدَّسه اللَّه أَي لَا بَارَكَ عَلَيْهِ. قَالَ: والمُقَدَّس المُبارَك. والأَرض المُقَدَّسة: المطهَّرة. وَقَالَ الفرَّاء: الأَرض المقدَّسة الطَاهِرَةُ، وَهِيَ دِمَشْق وفِلَسْطين وَبَعْضُ الأُرْدُنِّ. وَيُقَالُ: أَرض مقدَّسة أَي مُبَارَكَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، وإِليه ذَهَبَ ابْنُ الأَعرابي؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
قَدْ عَلِمَ القُدُّوس، مَوْلى القُدْسِ، ... أَنَّ أَبا العَبَّاس أَوْلى نَفْسِ
بِمَعْدن المُلْك القَديم الكِرْسِ
أَراد أَنه أَحقُّ نفسٍ بالخِلافة. ورُوحُ القُدُس: جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن رُوحَ القُدُس نَفَث فِي رُوعِي
، يَعْنِي جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لأَنه خُلِق مِنْ طَهَارَةٍ. وَقَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي صِفَةِ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ*
؛ هُوَ جِبْرِيلُ مَعْنَاهُ رُوحُ الطَّهَارَةِ أَي خُلِق مِنْ طَهَارَةٍ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَا نَومَ حَتَّى تَهْبِطِي أَرضَ العُدُسْ، ... وتَشْرَبي مِنْ خَيْرِ ماءٍ بِقُدُسْ
أَراد الأَرض المقدَّسة. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا قُدِّستْ أُمَّة لَا يُؤْخَذ لضَعِيفها مِنْ قَوِيِّها
أَي لَا طُهِّرت. والقادِسُ والقَدَّاس: حَصَاةٌ تُوضَعُ فِي الْمَاءِ قَدْراً لِرِيِّ الإِبل، وَهِيَ نَحْوُ المُقْلَة للإِنسان، وَقِيلَ: هِيَ حَصاة يُقْسَمُ بِهَا الْمَاءُ فِي الْمَفَاوِزِ اسْمٌ كالحَبَّان. غَيْرُهُ: القُدَاس الْحَجَرُ الَّذِي يُنْصَبُ عَلَى مَصَبِّ الْمَاءِ فِي الحَوْض وَغَيْرِهِ. والقَدَّاس: الْحَجَرُ يُنْصَب فِي وسَط الْحَوْضِ إِذا غَمَره الْمَاءُ رَوِيَتِ الإِبل؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
لَا رِيَّ حَتَّى يَتَوارى قَدَّاسْ، ... ذَاكَ الحُجَيْرُ بالإِزاء الخنَّاسْ
وَقَالَ:
نَئِفَتْ بِهِ، ولقَدْ أَرى قَدّاسَه ... مَا إِنْ يُوارى ثُمَّ جَاءَ الهَيْثَمُ(6/169)
نَئِفَ إِذا ارْتَوى. والقُداس، بِالضَّمِّ: شَيْءٌ يُعْمَلُ كالجُمان مِنْ فِضَّة؛ قَالَ يَصِفُ الدُّمُوع:
تَحَدَّرَ دمعُ العَيْنِ مِنْهَا، فَخِلْتُه ... كَنَظْمِ قُداسٍ، سِلْكُه. مُتَقَطِّعُ
شبَّه تَحَدُّرَ دَمْعِهِ بِنَظْمِ القُداس إِذا انْقَطَعَ سِلْكُه. والقَديسُ: الدُّرُّ؛ يَمَانِيَّةٌ. والقادِس: السَّفِينَةُ، وَقِيلَ: السَّفِينَةُ الْعَظِيمَةُ، وَقِيلَ: هُوَ صِنْف مِنَ الْمَرَاكِبِ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: لَوْحٌ مِنْ أَلواحها؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
وتَهْفُو بِهادٍ لَها مَيْلَعٍ، ... كَمَا أَقْحَم القادِسَ الأَرْدَمونا
وَفِي الْمُحْكَمِ:
كَمَا حَرَّك القادِسَ الأَرْدَمُونا
يَعْنِي المَلَّاحين. وتَهْفُو: تَمِيل يَعْنِي الناقةَ. والمَيْلَعُ: الَّذِي يَتَحَرَّكُ هَكَذَا وَهَكَذَا. والأَرْدَمُ: المَلَّاح الحاذِق. والقَوادِس: السُّفُن الكِبار. وَالْقَادِسُ: البيتُ الْحَرَامُ. وقادِسُ: بَلْدَةٌ بخُراسان، أَعجمي. والقادِسيَّة: مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ؛ قِيلَ إِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها نَزَلَ بِهَا قَوْمٌ مِنْ أَهل قَادِسَ مِنْ أَهل خُراسان، وَيُقَالُ: إِن القادسيَّة دَعا لَهَا إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، بالقُدْسِ وأَن تَكُونَ مَحَلَّة الحاجِّ، وَقِيلَ: القادسيَّة قَرْيَةٌ بَيْنَ الْكُوفَةِ وعُذَيب. وقُدْس، بِالتَّسْكِينِ: جَبَلٌ، وَقِيلَ: جَبَلٌ عَظِيمٌ فِي نَجْدٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فإَنك حَقًّا أَيَّ نَظْرة عاشِقٍ ... نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دُونَهَا وَوَقيرُ
وقُدْسُ أُوارَة: جَبَلٌ أَيضا. غَيْرُهُ: قُدْس وآرةُ جبَلان فِي بِلَادِ مُزَيْنة مَعْرُوفَانِ بِحِذاء سُقْيا مزينة.
قدحس: القُداحِس: الشُّجَاعُ الجَريء، وقيل: السَّيِءُ الخلُق. أَبو عَمْرٍو: الحُمارِس والرُّماحِس وَالْقُدَاحِسُ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ نَعْتِ الجَريء الشُّجَاعِ، قَالَ: وَهِيَ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ.
قدمس: القُدْمُوس والقُدْمُوسة: الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ابْنا نِزارٍ أَحلَّاني بِمنزلةٍ، ... فِي رَأْسِ أَرْعَنَ عادِيِّ القَداميسِ
وَجَيْشٌ قُدْمُوس: عَظِيمٌ. والقُدْمُوس: الْمَلِكُ الضخْم، وَقِيلَ: هُوَ السَّيِّدُ. والقُدْمُوس: القَديم؛ قَالَ عُبَيْدُ بْنُ الأَبرص:
وَلَنَا دارٌ ورِثْناها عن الْأَقْدمِ ... القُدْمُوس، مِنْ عَمٍّ وَخَالِ
وعِزٌّ قُدْمُوس وقِدْماسٌ: قَدِيمٌ. يُقَالُ: حَسَب قُدْمُوس أَي قَدِيمٌ. والقُدْمُوس: المتقدِّم. وقُدْموسُ العسكَر: مُقَدَّمُه؛ قَالَ:
بِذِي قَدامِيسَ لُهامٍ لَوْ دَسَرْ
والقُدْموس والقُدامِس: الشديد.
قرس: القَرْسُ والقِرْسُ: أَبْرَدُ الصَّقيع وأَكثره وأَشدُّ البَرْدِ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَر:
أَجاعِلَةً أُمَّ الحُصَيْنِ خَزايَةً ... عَلَيَّ فِرارِي أَن عَرَفْتُ بني عَبْس
ورَهْطَ أَبي شَهْمٍ وعَمْرَو بنَ عامِرٍ ... وبَكْراً فجاشَتْ مِنْ لقائِهمُ نَفْسي
مَطاعِينُ فِي الهَيْجا، مَطاعيمُ للْقِرَى، ... إِذا اصْفَرَّ آفاقُ السَّمَاءِ مِنَ القَرْسِ
المَطاعين: جَمْعُ مِطْعانٍ لِلْكَثِيرِ الطَعْن، ومَطاعيمُ: جَمْعُ مِطْعام لِلْكَثِيرِ الإِطعام. والقِرَى: الضِّيَافَةُ.(6/170)
وَالْآفَاقُ: النَّوَاحِي، وَاحِدُهَا أُفُق. وأُفُقُ السَّمَاءِ: نَاحِيَتُهَا الْمُتَّصِلَةُ بالأَرض؛ قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ المُكَرَّم: قَوْلُهُ الْمُتَّصِلَةُ بالأَرض كَلَامٌ لَا يَصِحُّ فإِنه لَا شَيْءَ مِنَ السَّمَاءِ مُتَّصل بالأَرض، وَفِي هَذَا كَلَامٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ. وقَرَسَ الماءَ يَقْرِسُ قَرْساً، فَهُوَ قَرِيسٌ: جَمَدَ. وقَرَّسْناه وأَقْرَسْناه: بَرَّدْناه. وَيُقَالُ: قَرَّسْت الْمَاءَ فِي الشَّنِّ إِذا بَرَّدْته، وأَصبح الْمَاءُ الْيَوْمَ قَرِيساً وَقَارِسًا أَي جَامِدًا؛ وَمِنْهُ قِيلَ: سَمَكٌ قَرِيسٌ وَهُوَ أَن يُطْبخ ثُمَّ يُتَّخذ لَهُ صِباغ فَيُتْرَك فِيهِ حَتَّى يَجْمُد. وَيَوْمٌ قارسٌ: بَارِدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن قَوْمًا مَرُّوا بشَجَرَة فأَكلوا مِنْهَا فكأَنما مرَّت بِهمْ رِيح فأَخْمَدَتْهم فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَرِّسُوا الماءَ فِي الشِّنانِ وصُبُّوه عَلَيْهِمْ فِيمَا بَيْنَ الأَذَانَيْنِ
؛ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي بَرّدُوه فِي الأَسْقِيَة، وَفِيهِ لُغَتَانِ: القَرْس والقَرْش، قَالَ: وَهَذَا بِالسِّينِ. وأَما حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
أَنَّ امْرَأَة سأَلتْه عَنْ دَمِ المَحيض فَقَالَ: قَرِّصِيه بِالْمَاءِ
، فإِنه بِالصَّادِّ، يَقُولُ: قَطِّعِيه، وَكُلُّ مُقَطَّع مُقَرَّص. وَمِنْهُ تَقْرِيصُ الْعَجِينِ إِذا شُنِّقَ لِيُبْسَطَ. وقَرَس الرَّجُلُ قَرْساً: بَرَدَ، وأَقْرَسَه البَرْدُ وقَرَّسَه تَقْريساً. والبَرْدُ اليَوْمَ قارِس وقَرِيس، وَلَا تَقُلْ قارصٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
تَقْذِفُنا بالقَرْسِ بعدَ القَرْسِ، ... دُونَ ظِهارِ اللِّبْسِ بَعْدَ اللِّبْسِ
قَالَ: وَقَدْ قَرَسَ المَقْرُور إِذا لَمْ يَسْتَطِعْ عَمَلًا بِيَدِهِ مِنْ شِدَّةِ الخَصَر. وإِنَّ لَيْلَتَنا لقارِسَةٌ، وإِنَّ يَوْمَنا لقارسٌ. ابْنُ السِّكِّيت: هُوَ القِرْقِس الَّذِي تَقُولُهُ العامَّة الجِرْجِس. وَلَيْلَةٌ ذَاتُ قَرْسٍ أَي بَرْد. وقَرَسَ البَرْدُ يَقْرِس قَرْساً: اشْتَدَّ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى قَرِسَ قَرَساً؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ الطَّائِيُّ:
وَقَدْ تَصلَّيْتُ حَرَّ حَرْبهِم، ... كَمَا تَصلَّى المَقْرُورُ مِنْ قَرَسِ
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: القَرَسُ الجامِد وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو الْغَيْثِ «2» . ابْنُ الأَعرابي: القَرَسُ الجامِد مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والقِرْسُ: هُوَ القِرقِس. والقَرِيس مِنَ الطَّعَامِ: مُشْتَقٌّ مِنَ القَرَس الجامِد، قَالَ؛ وإِنما سُمِّيَ الْقَرِيسُ قَرِيسًا لأَنه يجمُد فَيَصِيرُ لَيْسَ بالجامِس وَلَا الذَّائِبِ، يُقَالُ قَرَسْنا قَرِيساً وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى أَقْرَسَه البَرْد. وَيُقَالُ: أَقْرَسَ العُود إِذا جَمَس مَاؤُهُ فِيهِ. وَفِي الْمُحْكَمِ: أَقْرَس العُود حُبِس فِيهِ مَاؤُهُ. وقَراسٌ: هَضِبات شَدِيدَةُ البَرْد فِي بِلَادِ أَزْد السَّراة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ عَسَلًا:
يَمانِيةٍ، أَحْيا لَهَا مَظَّ مائِدٍ ... وآلِ قَرَاسٍ صَوْبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ
وَرَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ قُرَاس، بِضَمِّ الْقَافِ، وَيُرْوَى: صَوْبُ أَسقِية كُحْلِ، وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: مَائِدٌ وقَرَاس جبَلان بِالْيَمَنِ؛ وَيَمَانِيَةٌ خَفْضٌ عَلَى قَوْلِهِ:
فجاءَ بِمَزْجٍ لَمْ يرَ الناسُ مِثْلَه «3»
والمَظُّ: الرُّمَّان البَرِّي. الأَصمعي: آلُ قُرَاس هَضَبات بِنَاحِيَةِ السَّراة كأَنهن سُمِّين آلَ قُراس لبَرْدِها. قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ أَبو حَاتِمٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ. قَالَ: وَيُقَالُ أَصبح الْمَاءُ قَريساً أَي جَامِدًا، وَمِنْهُ سُمِّي قَرِيس السَّمك. قَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: آلُ قُراس أَجْبُل بارِدة. والقُرَاس
__________
(2) . قوله [وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبُو الْغَيْثِ] هكذا في الأَصل وشرح القاموس بالياء، والذي في الصحاح: وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو الْغَوْثِ، بالواو.
(3) . قوله [فجاء بمزج إلخ] تمام البيت كما في الصحاح وشرح القاموس: هُوَ الضَّحْكُ إِلَّا أَنه عمل النحل.(6/171)
والقُراسِيَة: الضَّخْم الشَّدِيدُ مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا، الذَّكَرُ والأُنثى، بِضَمِّ الْقَافِ، فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ كَمَا زِيدَتْ فِي رَباعِية وَثُمَانِيَةٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَمَّا تَضَمَّنْتُ الحَوَارِياتِ، ... قَرَّبْتُ أَجْمالًا قُرَاسِيَاتِ
وَهِيَ فِي الْفُحُولِ أَعمُّ، وَلَيْسَتِ القُراسِية نِسْبة إِنما هُوَ بِنَاءٌ عَلَى فُعاليَة وَهَذِهِ يَاءَاتٌ تُزاد؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَلِي بَنِي سعْدٍ، إِذا مَا حاربُوا، ... عِزُّ قُراسِيَة وجَدٌّ مِدْفَعُ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وفَجّ، أَبَى أَن يَسْلُك الغُفْرُ بَيْنَهُ، ... سَلَكْتُ قُرَانَى مِنْ قُرَاسِية سُمْرِ
وَقَالَ العجَّاج:
مِنْ مُضَرَ القُراسِيات الشُّمِ
يَعْنِي بالقُراسِيات الضِّخَامِ الهامِ مِنَ الإِبل، ضرَبها مَثَلًا لِلرِّجَالِ، وَمَلِكٌ قُراسِية: جَلِيلٌ. والقَرْس: شَجَرٌ. وقُرَيسات: اسْمٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَتَقُولُ هَذِهِ قُرَيْسات كَمَا تَرَاهَا، شبَّهُوها بِهَاءِ التأْنيث لأَنَّ هَذِهِ الْهَاءَ تَجِيءُ للتأْنيث وَلَا تُلْحَقُ بَنَاتُ الثَّلَاثَةِ بالأَربعة وَلَا الأَربعة بالخمسة.
قربس: القَرَبُوس: حِنْوُ السَّرْج، والقُرْبُوس لُغَةٌ فِيهِ حَكَاهَا أَبو زَيْدٍ، وَجَمْعُهُ قَرَابيس. والقَرَبُوت: القَرَبُوس. قَالَ الأَزهري: بَعْضُ أَهل الشَّامِ يَقُولُ قَرَّبُوس، مُثَقَّلُ الرَّاءِ، قَالَ: وَهُوَ خطأٌ، ثُمَّ يَجْمَعُونَهُ عَلَى قَرْبابيس، وَهُوَ أَشد خَطَأً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: القَرَبوس للسَّرْج وَلَا يخفَّف إِلا فِي الشِّعْرِ مِثْلُ طرَسُوس، لأَن فَعْلُول لَيْسَ مِنْ أَبْنِيَتِهم. قَالَ الأَزهري: وَلِلسَّرْجِ قَرَبُوسان، فأَما القَرَبُوس المُقَدَّم فَفِيهِ العَضُدان، وَهُمَا رِجلا السَّرْج، وَيُقَالُ لَهُمَا حِنْواه، وَمَا قُدَّام القَرَبُوسَيْنِ مِنْ فَضْلَةِ دَفَّة السَّرْج يُقَالُ لَهُ الدَّرْواسَنْج، وَمَا تَحْتَ قُدَّام القَرَبُوس مِنَ الدَّفَّة يُقَالُ لَهُ الْإِبْرَازُ «1» ، والقَرَبوس الْآخَرُ فِيهِ رِجْلا المؤخِرة، وَهُمَا حِنْواه. والقَيْقب: سَيْرٌ يَدُورُ عَلَى القَرَبُوسَيْن كِلَيْهِمَا.
قردس: القَرْدَسَة: الشِّدَّة والصَّلابة. وقُرْدُوس: أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ، وهو منه.
قرطس: القِرْطاس: مَعْرُوفٌ يُتَّخذ مِنْ بَرْدِيّ يَكُونُ بِمِصْرَ. والقِرْطاس: ضَرْب مِنْ برُود مِصْرَ. والقِرْطاس: أَديم يُنْصَب للنِّضال، ويسمَّى الغَرَض قِرْطاساً. وَكُلُّ أَديم ينصَب للنِّضال، فاسمُه قِرطاس، فإِذا أَصابه الرَّامي قِيلَ: قَرْطَس أَي أَصاب الْقِرْطَاسَ، والرَّمْيَةُ الَّتِي تُصيب مُقَرْطِسة. والقِرْطاس والقُرطاس والقَرْطَس [القِرْطس] والقَرْطاس، كُلُّهُ: الصَّحِيفَةُ الثَّابِتَةُ الَّتِي يُكْتَبُ فِيهَا؛ الأَخيرتان عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِمِخَشٍّ الْعُقَيْلِيِّ يَصِفُ رُسُومَ الدَّارِ وَآثَارَهَا كأَنها خَطّ زَبُور كُتِبَ فِي قِرْطاس:
كأَنَّ، بحيثُ اسْتَوْدَع الدارَ أَهلُها، ... مَخَطّ زَبُور مِنْ دَواة وقَرْطَسِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ
؛ أَي فِي صَحِيفَةٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ
؛ أَي صُحُفاً؛ قَالَ:
عَفَتِ الْمَنَازِلُ غَيْرَ مِثْل الأَنفس، ... بَعْدَ الزَّمَانِ عَرَفْتُهُ بالقَرْطَس
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا كَانَتْ فَتِيَّة شابَّة: هِيَ القِرْطاس وَالدِّيبَاجُ والذِّعْلِبَة والدِّعْبِل والعَيْطَموس. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للجارِية البيضاء
__________
(1) . قوله [الابراز] كذا بالأَصل.(6/172)
المَدِيدة الْقَامَةِ قِرْطاس. وَدَابَّةٌ قِرْطاسِيّ إِذا كَانَ أَبيض لَا يُخَالِطُ لَونه شِيَة، فإِذا ضرَب بياضُه إِلى الصُّفرة فهو نَرْجِسِيّ.
قرطبس: القَرْطَبُوس: الدَّاهِيَةُ، بِفَتْحِ الْقَافِ، والقِرْطَبُوس، بِكَسْرِهَا: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ الشَّدِيدَةُ؛ مثَّل بِهِمَا سيبويه وفسرهما السِّيرافي.
قرعس: كَبْشٌ قَرْعَس إِذا كَانَ عَظِيمًا. الأَزهري: القِرْعَوْس والقِرْعَوْش الْجَمَلُ الَّذِي لَهُ سَنامان.
قرقس: القِرْقِسُ: البَعُوض، وَقِيلَ: البَقُّ، والقِرْقِسُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الجِرْجِس شَبْه البَقّ؛ قَالَ:
فلَيْت الأَفاعِيَّ يَعْضُضْنَنا، ... مَكَانَ البَراغيث والقِرْقِس
والقِرْقِس: طِينٌ يُخْتَمُ بِهِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، يُقَالُ لَهُ الْجَرْجَشْبُ «1» . وقِرْقِس وقُرْقُوس: دُعَاءُ الْكَلْبِ. وقَرْقَس الجَرْوَ [الجِرْوَ] والكلبَ وقَرْقَس بِهِ: دَعَاهُ بقُرْقُوس. أَبو زَيْدٍ: أَشْلَيْت الكلبَ وقَرْقَسْت بِالْكَلْبِ إِذا دعَوْت بِهِ. وقاعٌ قَرَقُوس مِثَالُ قَرَبُوس، أَي واسعٌ أَملس مُسْتَوٍ لَا نَبْت فِيهِ. والقَرَقُوس: القُفُّ الصُّلْب؛ وأَرض قَرَقُوس. ابْنُ شُمَيْلٍ: القَرَقُوس الْقَاعُ الأَمْلَس الْغَلِيظُ الأَجْرَد الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَرُبَّمَا نَبَعَ فِيهِ مَاءٌ وَلَكِنَّهُ مُحْتَرِق خَبيث، إِنما هُوَ مثْل قِطعة مِنَ النَّارِ وَيَكُونُ مُرْتَفعاً ومُطْمَئِنّاً، وَهِيَ أَرض مَسْحُورة خَبيثة وَمِنْ سِحْرِها أَيْبَسَ اللَّه نَبْتها ومَنعَه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وادٍ قَرَقٌ [قَرِقٌ] وقَرْقَر وقَرَقُوس أَي أَملس. والقَرَق الْمَصْدَرُ: وأَنشد:
تَرَبَّعَتْ مِنْ صُلْبِ رَهْبَى أَنَقا، ... ظَواهِراً مَرًّا، ومَرًّا غَدَقا
وَمِنْ قَياقي الصُوَّتَيْنِ قيَقا، ... صُهْباً، وَقُرْبَانًا تُناصي قَرَقا
قَالَ أَبو نَصْرٍ: القَرَقُ شَبِيهٌ بِالْمَصْدَرِ، وَيُرْوَى عَلَى وَجْهَيْنِ: قَرِق، وقَرَق.
قرنس: قَرْنَس الْبَازِي: كُرِّزَ أَي سَقَطَ رِيشُهُ. اللَّيْثُ: قَرْنَس الْبَازِي فعلُه لَازِمٌ إِذا كُرِّزَ وخِيطَتْ عَيْناه أَولَ مَا يُصاد، رَوَاهُ بِالسِّينِ عَلَى فَعْلَل، وَغَيْرُهُ يَقُولُ قَرْنَص البازِي. وقَرْنَس الدِّيك وقَرْنَصَ إِذا فَرّ مِنْ دِيكٍ آخَرَ. والقُرْناس والقِرْناس، بِكَسْرِ الْقَافِ، وَفِي الصِّحَاحِ بِالضَّمِّ: شَبِيهُ الأَنف يتقَدَّم فِي الْجَبَلِ؛ وأَنشد لِمَالِكِ بْنِ خَالِدٍ الْهُذَلِيِّ، وَفِي الصِّحَاحِ مَالِكُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْخَنَاعِيُّ، يَصِفُ الْوَعْلَ:
تاللَّه يَبْقى عَلَى الأَيام ذُو حِيَدٍ، ... بمُشْمَخِرٍّ بِهِ الظَّيَّانُ والآسُ
فِي رأْس شاهقَة أُنْبوبُها خَضِرٌ، ... دُونَ السَّمَاءِ لَهُ فِي الجَوِّ قُرْناسُ
والقِرناس [القُرناس] : عِرْناسُ المغْزَل، قال الأَزهري: هُوَ صِنَّارَته، وَيُقَالُ لأَنف الجبلِ عِرْناس أَيضاً. والقُرْنُوس: الخرَزَة فِي أَعلى الخُفِّ. والقُرْناس: شَيْءٌ يُلَفُّ عَلَيْهِ الصُّوف وَالْقُطْنُ ثُمَّ يغزَل.
قسس: ابْنُ الأَعرابي: القُسُسُ العُقَلاء، والقُسُسُ السَّاقة الحُذّاق، و [القِسُ] القُسُّ النَّميمة، والقَسّاس النَّمَّام. وقَسَّ يَقُسُّ قَسّاً: مِنَ النَّمِيمَةِ وذِكرِ النَّاسِ بالغِيبَة. والقِسُّ [القُسُ] : تَتَبُّع الشَّيْءِ وطَلَبه. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ للنمَّام قَسَّاس وقَتَّات وهَمَّاز
__________
(1) . قوله [الجرجشب] كذا بالأَصل، وفي شرح القاموس: الجرجشت.(6/173)
وغَمَّاز ودَرَّاج. والقَس [القِس] فِي اللُّغَةِ: النَّمِيمَةُ ونشْرُ الْحَدِيثِ؛ يُقَالُ: قَسَّ الْحَدِيثَ يقُسُّه قَسّاً. ابْنُ سِيدَهْ: قَسَّ الشَّيْءَ يقُسُّه قَسّاً وقَسَساً تتبَّعه وَتَطَلَّبَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ نِسَاءً عَفِيفَاتٍ لَا يَتَتَبَّعْنَ النَّمائم:
يُمْسِينَ مِنْ قَسِّ الأَذى غَوافِلا، ... لَا جَعْبَريّات وَلَا طَهامِلا
الجَعْبَرِيّات: القِصار، وَاحِدَتُهَا جَعْبَرة، والطَّهامِل الضِّخام القِباح الْخِلْقَةِ، وَاحِدَتُهَا طَهْمَلة. وقَسَّ الشيءَ قَسّاً: تَتَلَّاهُ وتَبَغَّاه. واقْتَسَّ الأَسدُ: طَلب مَا يأْكل. وَيُقَالُ: تَقَسَّسْت أَصواتَ النَّاسِ بِاللَّيْلِ تَقَسُّساً أَي تسمَّعتها. والقَسْقَسَة: السُّؤَالُ عَنْ أَمْرِ النَّاسِ. وَرَجُلٌ قَسْقاسٌ: يسأَل عَنْ أُمور النَّاسِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَحْفِزها ليلٌ وحادٍ قَسْقاسُ، ... كأَنهنَّ مَنُ سَراءٍ أَقْواسْ
والقَسْقاس أَيضاً: الْخَفِيفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وقَسْقَس الْعَظْمَ: أَكل مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ وتَمَخَّخَه؛ يمانيَة. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَسَسْت مَا عَلَى الْعَظْمِ أَقُسُّه قَسّاً إِذا أَكلتَ مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ وامْتَخَخْتَه. وقَسْقَسَ مَا عَلَى الْمَائِدَةِ: أَكَلَه. وقَسَّ الإِبل يَقُسُّها قَسّاً وقَسْقَسَها: ساقَها، وَقِيلَ: هُما شدَّة السَّوْق. والقَسُوس مِنَ الإِبل: الَّتِي تَرْعى وحدَها، مِثْلَ العَسُوس، وَجَمْعُهَا قُسُسٌ، قَسَّتْ تَقُسُّ قَسّاً أَي رَعَتْ وَحْدَهَا، واقْتَسَّتْ، وقَسَّها: أَفرَدَها مِنَ القَطيع، وَقَدْ عَسَّتْ عِنْدَ الغَضَب تَعُسّ وقَسَّتْ تَقُسُّ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ناقَة عَسُوسٌ وقَسُوس وضَرُوس إِذا ضجِرت وَسَاءَ خُلُقها عِنْدَ الغَضَب. والقَسُوس: الَّتِي لَا تَدِرّ حَتَّى تَنْتَبذ. وَفُلَانٌ قَسُّ إِبل أَي عَالِمٌ بِهَا؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ الَّذِي يَلِي الإِبل لَا يفارقُها. أَبو عُبَيْدٍ: القَسُّ صَاحِبُ الإِبل الَّذِي لَا يفارقُها؛ وأَنشد:
يتبعُها تَرْعِيَّةٌ قَسٌّ ورَعْ، ... تَرى برجْلَيْه شُقُوقاً فِي كَلَعْ،
لَمْ تَرْتمِ الوَحْشُ إِلى أَيدي الذَّرَعْ
جَمْعُ الذَّريعَة وَهِيَ الدَّريئَة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ ظَلَّ يَقُسُّ دَّابَّتَه قَسّاً أَي يَسُوقُها. والقَسُّ: رَئيس مِنْ رُؤساء النَّصَارَى فِي الدِّين والعِلْم، وَقِيلَ: هُوَ الكَيِّس الْعَالِمُ؛ قَالَ:
لَوْ عَرَضَتْ لأَيْبُلِيٍّ قَسِّ، ... أَشْعَثَ فِي هَيْكَلِه مُنْدَسِّ،
حَنَّ إِليها كَحَنِينِ الطَّسِ
والقِسِّيسُ: كالقَسِّ، وَالْجَمْعُ قَساقِسة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وقِسِّيسُون. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً
؛ وَالِاسْمُ القُسُوسَة والقِسِّيسِيَّة؛ قَالَ الفرَّاء: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيمَنْ أَسلم مِنَ النَّصَارَى، وَيُقَالُ: هُوَ النَّجَّاشِيُّ وأَصحابه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ: يُجمع القِسِّيس قِسِّيسين كَمَا قَالَ تَعَالَى، وَلَوْ جَمَعَهُ قُسُوساً كَانَ صَوَابًا لأَنهما فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، يَعْنِي القَسَّ والقِسِّيس، قَالَ: وَيُجْمَعُ القِسِّيس قَساقِسة «2» جَمَعُوهُ عَلَى مِثَالِ مَهالِبة فَكَثُرَتِ السِّينَاتُ فأَبدلوا إِحداهن وَاوًا وَرُبَّمَا شُدِّدَ الْجَمْعُ «3» وَلَمْ يُشَدَّدْ واحده، وقد
__________
(2) . قوله [ويجمع القسيس قساقسة إلخ] هكذا في الأَصل هنا وفيما مر. وعبارة القاموس: قساوسة، وبها يظهر قوله بعد فأبدلوا إحداهن واواً. ويؤخذ من شرح القاموس أن فيه الجمعين حيث نقل رواية البيت بالوجهين.
(3) . قوله [وربما شدد الجمع إلخ] الظاهر في العبارة العكس بدليل ما قبله وما بعده.(6/174)
جَمَعَتِ الْعَرَبُ الأَتُّون أَتاتين؛ وأَنشد لأُمية:
لَوْ كَانَ مُنْفَلتٌ كَانَتْ قَساقِسَةٌ، ... يُحْييهمُ اللَّه فِي أَيديهم الزُّبُرُ
والقَسَّة: القِرْبَة الصَّغِيرَةُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُئِلَ المُهاصِر بْنُ الْمُحَلِّ عَنْ لَيْلَةِ الأَقْساسِ مِنْ قَوْلِهِ:
عَدَدْتُ ذُنُوبِي كُلَّها فوجدتُها، ... سِوَى ليلةِ الأَقْساسِ، حِمْلَ بَعير
فَقِيلَ: مَا لَيْلَةُ الأَقْساس؟ قَالَ: لَيْلَةٌ زَنَيْتُ فِيهَا وَشَرِبْتُ الْخَمْرَ وَسَرَقْتُ. وَقَالَ لَنَا أَبو المحيَّا الأَعرابي يَحْكيه عَنْ أَعرابي حِجَازِيٍّ فَصِيحٍ إِن القُساس غُثاء السَّيْل؛ وأَنشدنا عَنْهُ:
وأَنت نَفِيٌّ مِنْ صَناديد عامِرٍ، ... كَمَا قَدْ نَفى السيلُ القُساسَ المُطَرَّحا
وقَسٌّ والقَسُّ: موضع، والثياب القَسِّيَّة [القِسِّيَّة] مَنْسُوبَةٌ إِليه، وَهِيَ ثِيَابٌ فِيهَا حَرِيرٌ تُجْلَبُ مِنْ نَحْوِ مِصْرَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، نَهَى عَنْ لُبْسِ القَسِّيّ
؛ هِيَ ثِيَابٌ من كتان مخلو بِحَرِيرٍ يؤْتى بِهَا مِنْ مِصْرَ، نُسِبَتْ إِلى قَرْيَةٍ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ قَرِيبًا مِنْ تِنِّيس، يُقَالُ لَهَا القَسُّ، بِفَتْحِ الْقَافِ، وأَصحاب الْحَدِيثِ يَقُولُونَهُ بِكَسْرِ الْقَافِ، وأَهل مِصْرَ بِالْفَتْحِ، يُنْسَبُ إِلى بِلَادِ القَسِّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى بِلَادٍ يُقَالُ لَهَا القَسّ، قَالَ: وَقَدْ رأَيتها وَلَمْ يَعْرِفْهَا الأَصمعي، وَقِيلَ: أَصل القَسِّيّ القَزِّيّ، بِالزَّايِ، مَنْسُوبٌ إِلى القَزّ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الإِبريسم، أُبدل مِنَ الزَّايِ سِينٌ؛ وأَنشد لِرَبِيعَةَ بْنِ مَقْرُوم:
جَعَلْنَ عَتِيقَ أَنْماطٍ خُدُوراً، ... وأَظْهَرْنَ الكَرادي والعُهُونا «1»
عَلَى الأَحْداجِ، واسْتَشْعَرْن رَيْطاً ... عِراقِيّاً، وقَسِّيّاً مَصُونا
وَقِيلَ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى القَسِّ، وَهُوَ الصَقيعُ لبَياضه. الأَصمعي: مِنْ أَسماء السُّيوف القُساسِيّ. ابْنُ سِيدَهْ: القُساسيُّ ضرْب مِنَ السُّيُوفِ، قَالَ الأَصمعي: لَا أَدْرِي إِلى أَي شَيْءٍ نُسِبَ. وقُساس، بِالضَّمِّ: جَبَلٌ فِيهِ مَعْدِنٌ حَدِيدٌ بأَرْمِينِيَّة، إِليه تُنْسَبُ هَذِهِ السُّيُوفُ القُساسيَّة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِن القُساسِيَّ الَّذِي يُعْصى بِهِ، ... يَخْتَصِمُ الدَّارِعَ فِي أَثوابه
وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ: القُساسُ مُعَرَّفٌ. وقُساس، بِالضَّمِّ: جَبَلٌ لِبَنِي أَسد. وقَساس: اسم. وقُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الإِياديُّ: أَحد حُكَمَاءِ الْعَرَبِ، وَهُوَ أُسْقُفُّ نَجْران. وقُسُّ النَّاطف: مَوْضِعٌ. والقَسْقَس والقَسْقاس: الدَّلِيلُ الْهَادِي المُتفقِّد الَّذِي لَا يَغْفُل إِنما هُوَ تَلَفُّتاً وتنَظُّراً. وخِمْسٌ قَسْقاس أَي سَرِيعٌ لَا فُتور فِيهِ. وقَرَبٌ قَسْقاس: سَرِيعٌ شَدِيدٌ لَيْسَ فِيهِ فُتور وَلَا وَتِيرَة، وَقِيلَ: صَعْبٌ بَعِيدٌ. أَبو عَمْرٍو: القَرَب القَسِّيّ الْبَعِيدُ، وَهُوَ الشَّدِيدُ أَيضاً؛ قَالَ الأَزهري: أَحسبه الْقِسْيَنَّ «2» لأَنه قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ الْقِسْيَنُّ. والقِسْيَبُّ: الصُّلْب الطَّوِيلُ الشَّدِيدُ الدُّلجة كأَنه يَعْنِي القَرَب، واللَّه أَعلم. الأَصمعي: يُقَالُ خِمْس قَسْقاس وحَصْحاص
__________
(1) . قوله [وأَظهرن الكرادي] هكذا في الأَصل وشرح القاموس. وفي معجم البلدان لياقوت: الكراري، بالراء بدل الدال.
(2) . قوله [القسين] هكذا في الأَصل.(6/175)
وبَصْباص وصَبْصاب، كُلُّ هَذَا: السَّيْرِ الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ وَتيرة، وَهِيَ الِاضْطِرَابُ والفُتور. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: قَرَبٌ قِسْقِيس. وَقَدْ قَسْقَس لَيْلَهُ أَجمع إِذا لَمْ يَنَمْ؛ وأَنشد:
إِذا حداهُنَّ النَّجاء القِسْقِيس
وَرَجُلٌ قَسْقاس: يَسُوقُ الإِبل. وَقَدْ قَسَّ السَّيْرَ قَسّاً: أَسرع فِيهِ. والقَسْقَسَة: دَلْجُ اللَّيْلِ الدَّائب. يُقَالُ: سَيْرٌ قِسْقِيس أَي دَائِبٌ. وَلَيْلَةٌ قَسْقاسَة: شَدِيدَةُ الظُّلْمَةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كَمْ جُبْنَ مَنْ بِيدٍ ولَيْلٍ قَسْقاسْ
قَالَ الأَزهري: لَيْلَةٌ قَسْقاسة إِذا اشْتَدَّ السَّيْرُ فِيهَا إِلى الْمَاءِ، وَلَيْسَتْ مِنْ معنى الظلمة فِي شَيْءٍ. وقَسْقَسْت بِالْكَلْبِ: دَعَوْتُ. وسيفٌ قَسْقاسٌ: كَهامٌ. والقَسقاس: بَقْلَةٌ تُشْبِهُ الكَرَفْسَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وكُنْتَ مِنْ دَائِكٍ ذَا أَقْلاسِ، ... فاسْتَسقِيَنْ بِثَمَرِ القَسْقاسِ
يُقَالُ: اسْتقاء واسْتَقى إِذا تَقَيَّأَ. وقَسْقَس الْعَصَا: حَرَّكها. والقَسْقاسُ: الْعَصَا. وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حِينَ خَطَبَهَا أَبو جَهْم ومعاوية:
أَمَّا أَبو جَهْم فأَخاف عَلَيْكِ قَسْقَاسَته
؛ القَسْقاسة: الْعَصَا؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه أَراد قَسْقَسَتَه أَي تَحْرِيكَهُ إِياها لِضَرْبِكِ فأَشبع الْفَتْحَةَ فَجَاءَتْ أَلفاً، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ أَراد بِقسقاسَته عَصَاهُ، فَالْعَصَا عَلَى الْقَوْلِ الأَول «1» مَفْعُولٌ بِهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بَدَلٌ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْعَصَا هِيَ القَسْقاسة؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي أَنه يَضْرِبُهَا بِالْعَصَا، مِنَ القَسْقَسة، وَهِيَ الْحَرَكَةُ والإِسراع فِي المَشْي، وَقِيلَ: أَراد كَثْرَةَ الأَسفار. يُقَالُ: رَفَعَ عَصَاهُ عَلَى عَاتِقِهِ إِذا سَافَرَ، وأَلْقَى عَصَاهُ إِذا أَقام، أَي لَا حظَّ لَكَ فِي صُحْبَتِهِ لأَنه كَثِيرُ السَّفر قَلِيلُ المُقام؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
إِني أَخاف عَلَيْكَ قَسْقاسَتَه الْعَصَا
، فَذَكَرَ الْعَصَا تَفْسِيرًا للْقَسْقاسة، وَقِيلَ: أَراد بِقَسْقَسَةِ الْعَصَا تَحْرِيكَهُ إِياها فَزَادَ الأَلف ليفْصل بَيْنَ تَوَالِي الْحَرَكَاتِ. وَعَنِ الأَعراب القُدمِ: القَسْقاس نَبْتٌ أَخضر خَبِيثُ الرِّيحِ يَنْبُتُ فِي مَسيل الْمَاءِ لَهُ زَهْرَةٌ بَيْضَاءُ. والقَسْقاس: شدَّة الْجُوعِ والبَرْد؛ وينشَد لأَبي جُهَيْمَةَ الذُّهْلِيِّ:
أَتانا بِهِ القَسْقاسُ لَيْلًا، وَدُونَهُ ... جَراثِيمُ رَمْلٍ، بينهنَّ قِفافُ
وأَورده بَعْضُهُمْ: بينهنَّ كِفاف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ قِفافُ، وَبَعْدَهُ:
فأَطْعَمْتُه حَتَّى غَدا وكأَنه ... أَسِيرٌّ يُداني مَنْكِبَيْه كِتافُ
وصفَ طَارِقًا أَتاه بِهِ الْبَرْدُ والجُوع بَعْدَ أَن قَطَعَ قَبْلَ وُصوله إِليه جَرَاثِيمَ رَمْلٍ، وَهِيَ القِطَع الْعِظَامُ، الْوَاحِدَةُ جُرْثُومة، فأَطعمه وأَشبعه حَتَّى إِنه إِذا مَشَى تَظُنُّ أَن فِي منكِبَيْه كِتَافًا، وَهُوَ حَبْل تشدُّ بِهِ يد الرجل إِلى خلقه. وقَسْقَسْت بِالْكَلْبِ إِذا صِحْتَ بِهِ وَقُلْتَ لَهُ: قُوسْ قُوسْ.
قسطس: قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَا: وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ*
؛ القِسْطاس والقُسطاس: أَعدل الموازين وأَقومُها، وقيل: هو شاهينٌ. الزَّجَّاجُ: قِيلَ القِسطاس القَرَسْطون وَقِيلَ هُوَ القَبَّان. والقِسْطاس: هُوَ مِيزَانُ الْعَدْلِ أَيَّ مِيزَانٌ كَانَ مِنْ مَوَازِينِ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا؛ وَقَوْلُ عَدِيٍّ:
فِي حَديد القسطاسِ يَرْقُبُني الحَارِث، ... والمَرءُ كلَّ شَيْءٍ يُلاقِي
__________
(1) . قوله [العصا على القول الأَول إلخ] هذا إِنما يناسب الرواية الآتية.(6/176)
قَالَ اللَّيْثُ: أُراه حَدِيدَ القَبَّان.
قسطنس: القُسْطَناسُ والقُسْنَطاسُ: صَلَايَةُ الطِّيب، وَقَالَ مَرَّةً أُخرى: صَلَايَةُ العَطَّار. قَالَ سِيبَوَيْهِ: قُسْطَناس أَصله قُسْطَنَس يُمَدُّ بأَلف كَمَا مَدُّوا عَضْرَفُوطَ بِالْوَاوِ والأَصل عَضْرَفُط. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: الْخَلِيلُ قُسْطَناس اسْمُ حَجَر وَهُوَ مِنَ الخُماسي الْمُتَرَادِفِ أَصله قُسْطَنَس؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رُدِّي عَليَّ كُمَيْتَ اللَّوْنِ صافِيَةً، ... كالقُسْطَناس عَلاها الوَرْسُ والجَسَدُ
قسنطس: القُسْنَطاس: صلايَة الطِّيب؛ روميَّة، وَقَالَ: ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ القُسْطَناس.
قطربس: التَّهْذِيبُ فِي الخُماسي: أَنشد أَبو زَيْدٍ:
فَقَرَّبوا لِي قَطْرَبُوساً ضارِباً، ... عَقْرَبَةً تُناهِزُ العَقارِبا
قَالَ: والقَطْرَبُوس مِنَ الْعَقَارِبِ الشَّدِيدُ اللَّسْع؛ وَقَالَ الْمَازِنِيُّ: القَطْرَبُوس النَّاقَةُ السريعة.
قعس: القَعَس: نَقِيضُ الحَدَب، وَهُوَ خُرُوجُ الصَّدْرِ وَدُخُولِ الظَّهْرِ؛ قَعِسَ قَعَساً، فَهُوَ أَقْعَسُ ومُتَقاعِس وقَعِسٌ كَقَوْلِهِمْ أَنكَد ونَكِد وأَجرب وجَرِب، وَهَذَا الضرْب يَعْتَقِبُ عَلَيْهِ هَذَانِ المِثالان كَثِيرًا، والمرأَة قَعْساء وَالْجَمْعُ قُعْس. وَفِي حَدِيثِ
الزِّبْرِقان: أَبغضُ صِبيانِنا إِلينا الأُقَيْعِسُ الذَّكَرُ
، وَهُوَ تَصْغِيرُ الأَقْعَس. والقَعَسُ فِي القَوْس: نُتُوُّ بَاطِنِهَا مِنْ وسَطها ودخولُ ظَاهِرِهَا، وَهِيَ قَوْس قَعْساء؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ وَوَصَفَ صَائِدًا:
وَفِي اليدِ اليُسرى عَلَى مَيْسورِها ... نَبْعِيَّةٌ قَدْ شُدَّ مِنْ تَوْتِيرِها،
كَبْداءُ قَعْساءُ عَلَى تَأْطِيرِها
ونملةٌ قَعْساء: رَافِعَةٌ صَدْرَهَا وذَنبها، وَالْجَمْعُ قُعْس وقَعْساوات عَلَى غَلَبَةِ الصِّفَةِ. والأَقْعَسُ: الَّذِي فِي صَدْرِهِ انْكِبَابٌ إِلى ظَهْرِهِ. والقُعاس: التِواء يأْخذ فِي العُنُق مِنْ رِيحٍ كأَنها تَهصِرُه إِلى مَا وَرَاءَهُ. والقَعَسُ: الثَّبَاتُ. وعِزَّةٌ قَعْساء: ثَابِتَةٌ؛ قَالَ:
والعِزَّة القَعْساء لِلأَعَزّ
وَرَجُلٌ أَقْعَس: ثَابِتٌ عزيزٌ مَنِيع. وتَقَاعس العِزّ أَي ثَبَتَ وَامْتَنَعَ وَلَمْ يُطَأْطِئْ رأْسه فاقْعَنْسَسَ أَي فَثَبَتَ مَعَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
تَقاعَس العِزُّ بِنا فاقْعَنْسَسا، ... فَبَخَسَ الناسَ وأَعْيا البُخَّسَا
أَي بَخَسَهم العِزُّ أَي ظَلَمَهُمْ حقوقَهم. وتَقَعَّسَتِ الدَّابَّةُ: ثَبَتَتْ فَلَمْ تَبْرَحْ مَكَانَهَا. وتَقَعْوَس الرَّجُلُ عَنِ الأَمر أَي تأَخَّر وَلَمْ يتَقدَّم فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
كَمَا يَتَقاعَسِ الفَرَسُ الجَرُورُ
وَفِي حَدِيثِ الأُخْدُود:
فَتَقاعَسَتْ أَن تَقَعَ فِيهَا
؛ وَقَوْلُهُ:
صَدِيق لِرَسْمِ الأَشجَعِيِّين، بَعْدَ ما ... كَسَتْني السِّنُونَ القُعْسُ شَيبَ المفارِقِ
إِنما أَراد السِّنين الثَّابِتَةَ، وَمَعْنَى ثَبَاتِهَا طُولها. وقَعَسَ وتَقاعَس واقْعَنْسَسَ: تأَخر وَرَجَعَ إِلى خَلْفٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَدَّ يَده إِلى حُذَيْفَةَ فتَقاعَسَ عَنْهُ أَو تَقَعَّسَ
أَي تأَخر؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بِئْسَ مُقامُ الشَّيْخ أَمْرِسْ أَمْرِسْ، ... إِمَّا عَلَى قَعْوٍ، وإِمَّا اقْعَنْسِسْ
وإِنما لَمْ يُدْغَمْ هَذَا لأَنه مُلْحَقٌ باحْرَنْجَم؛ يَقُولُ: إِن استقَى بِبَكْرَةٍ وَقَعَ حَبْلُهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيُقَالُ لَهُ أَمْرِسْ، وإِن استقَى بِغَيْرِ بَكْرَةٍ ومَتَح أَوجعه(6/177)
ظَهْرُهُ فَيُقَالُ لَهُ اقْعَنْسِسْ وَاجْذِبِ الدَّلْوَ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: نُونَ افْعَنْلَلَ بَابُهَا إِذا وَقَعَتْ فِي ذَوَاتِ الأَربعة أَن تَكُونَ بَيْنَ أَصلين نَحْوَ اخْرَنْطَمَ واحْرَنجَمَ، واقْعَنْسَسَ مُلْحَقٌ بِذَلِكَ فَيَجِبُ أَن يُحْتَذَى بِهِ طَرِيقُ مَا أُلحق بِمِثَالِهِ، فَلْتَكُنِ السِّينُ الأُولى أَصلًا كَمَا أَن الطَّاءَ الْمُقَابِلَةَ لَهَا مِنِ اخْرَنْطَمَ أَصل، وإِذا كَانَتِ السِّينُ الأُولى مِنِ اقْعَنْسَسَ أَصلًا كَانَتِ الثَّانِيَةُ الزَّائِدَةُ بِلَا ارْتِيَابٍ وَلَا شُبْهَةٍ. واقْعَنْسَسَ الْبَعِيرُ وَغَيْرُهُ: امْتَنَعَ فَلَمْ يَتْبَعْ، وَكُلُّ مُمْتَنِعٍ مُقْعَنْسِس. والمُقْعَنسِسُ: الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: المتأَخر. وَجَمَلٌ مُقْعَنْسِسٌ: يَمْتَنِعُ أَن يُقاد. قَالَ الْمُبَرِّدُ: وَكَانَ سِيبَوَيْهِ يَقُولُ فِي تَصْغِيرِ مُقْعَنْسِس مُقَيْعِس ومُقَيْعِيس، قَالَ: وَلَيْسَ الْقِيَاسُ مَا قَالَ لأَن السِّينَ مُلْحَقَةٌ فَالْقِيَاسُ قُعَيْسِس وقُعَيْسِيس، حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ حُرَيْجِم وحُرَيْجِيم فِي تَحْقِيرِ مُحْرَنْجِم. وعِزٌّ مُقْعَنْسِس: عَزَّ أَن يُضام. وَكُلُّ مُدخلٍ رأْسَه فِي عُنُقِهِ كَالْمُمْتَنِعِ مِنَ الشَّيْءِ: مُقْعَنْسِس. ومَقاعِس، بِفَتْحِ الْمِيمِ: جَمْعُ المُقْعَنْسِس بَعْدَ حَذْفِ الزِّيَادَاتِ وَالنُّونِ وَالسِّينِ الأَخيرة، وإِنما لَمْ تُحْذَفِ الْمِيمُ، وإِن كَانَتْ زَائِدَةً، لأَنها دَخَلَتْ لِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ، وأَنت فِي التَّعْوِيضِ بِالْخِيَارِ، والتعويضُ أَن تُدْخِلَ يَاءً سَاكِنَةً بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ اللَّذَيْنِ بَعْدَ الأَلف، تَقُولُ: مَقاعِس وإِن شِئْتَ مَقاعِيس، وإِنما يَكُونُ التَّعْوِيضُ لَازِمًا إِذا كَانَتِ الزِّيَادَةُ رَابِعَةً نَحْوَ قِنديل وقَناديل، فقِسْ عَلَيْهِ. والإِقْعاسُ: الْغِنَى والإِكثار. وَفَرَسٌ أَقْعَسُ إِذا اطمأَنَّ صُلبه مِنْ صَهْوَتِه وَارْتَفَعَتْ قَطاتُه، وَمِنَ الإِبل الَّتِي مَالَ رأْسها وَعُنُقُهَا نَحْوَ ظَهْرِهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: ابنُ خَمْسٍ عَشاء خَلِفاتٍ قُعْس أَي مكثُ الْهِلَالُ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ من الشعر إِلى أَن يَغِيبَ مُكْثُ هَذِهِ الْحَوَامِلِ فِي عَشائها. والقِنْعاسُ: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ الطَّوِيلَةُ السَّنَمة، وَقِيلَ: الْجَمَلُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وابنُ اللَّبُون، إِذا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ، ... لَمْ يستطِع صَوْلَة البُزْلِ القَناعِيسِ
وليلٌ أَقْعَس: طَوِيلٌ كأَنه لَا يَبْرَحُ. والقَعْسُ: التُّرَابُ المُنْتِن. وقَعَسَ الشيءَ قَعْساً: عَطَفَهُ كقَعَشَه. والقَوْعَسُ: الْغَلِيظُ العنُق الشَّدِيدُ الظَّهْرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وتَقَعْوَسَ الشَّيْخُ: كَبِرَ كَتَقَعْوشَ. والقَعْوَسُ: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ. وتَقَعْوَسَ الْبَيْتُ: انْهَدَمَ. والقَعْوَسُ: الْخَفِيفُ. وَقَوْلُهُمْ: هُوَ أَهون مِنْ قُعَيْسٍ عَلَى عَمَّتِه؛ قِيلَ كَانَ غُلَامًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وإِنَّ عَمَّتَه اسْتَعَارَتْ عَنْزاً مِنَ امرأَة فَرَهَنَتْهَا قُعَيْساً ثُمَّ نَحَرَتِ الْعَنْزَ وهَربت، فَضُرِبَ بِهِ الْمَثَلُ فِي الْهَوَانِ. وبعيرٌ أَقْعَسُ: فِي رِجْلَيْهِ قِصَر وَفِي حارِكِه انْصِباب؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الأَقْعَسُ الَّذِي قَدْ خَرَجَتْ عَجِيزَتُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ المنكبُّ عَلَى صَدْرِهِ، قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَالْقَوْلُ قَوْلُ صاحبنا؛ وأَنشد:
أَقْعَسُ أَبْدى، فِي اسْتِه اسْتِيخارُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تأْتي فَتَيات قُعْساً
؛ القَعَس: نُتُوُّ الصَّدْرِ خِلْقَةً، وَالرَّجُلُ أَقْعَس، وَالْمَرْأَةُ قَعْساء، وَالْجَمْعُ قُعْس. وقَعْسان: مَوْضِعٌ، والأَقْعسُ: جبَل. وقُعَيسِسٌ وقُعَيْسٌ: اسْمَانِ. ومُقاعِس: قَبِيلَةٌ. وَبَنُو مُقاعِس: بَطْن مِنْ بَنِي سَعْدِ، سُمِّيَ مُقاعسِاً لأَنه تَقاعَس عَنْ حِلْف كَانَ بَيْنَ قَوْمِهِ، وَاسْمُهُ الْحَرَثُ،(6/178)
وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ مُقاعِساً يَوْمَ الكُلاب لأَنهم لَمَّا التَقَوْا همْ وَبَنُو الْحَرَثِ بْنِ كَعْبٍ تَنَادَى أُولئك: يَا لَلْحرث وَتَنَادَى هَؤُلَاءِ: يَا لَلْحرث فَاشْتَبَهَ الشِّعاران فَقَالُوا: يَا لَمُقاعِس قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ومُقاعِس أَبو حَيٍّ مِنْ تَمِيمٍ، وَهُوَ لَقَبٌ، واسمه الحرث بْنُ عَمْرِو بْنُ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ. وَعَمْرُو بْنُ قِعاس: مِنْ شُعَرَائِهِمْ. أَبو عُبَيْدٍةَ: الأَقْعَسان هُمَا أَقْعَسُ ومُقاعِس ابْنَا ضَمْرَة بْنِ ضَمْرة مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ، والأَقْعَسان: الأَقْعَسُ وهُبَيْرة ابنا ضَمْضَم.
قعمس: القُعْمُوس: الجُعْمُوس. وقَعْمَس الرَّجُلُ: أَبْدى بمرَّة وَوَضَعَ بمرَّة.
قعنس: الأَصمعي: المُقْعَنْسِسُ الشَّدِيدُ، وَهُوَ المتأَخر أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: رَجُلٌ مُقْعَنْسِسٌ إِذا امْتَنَعَ أَن يُضام. أَبو عَمْرٍو: القَعْنَسة أَن يَرْفَعَ الرَّجُلُ رأْسه وَصَدْرَهُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
إِذا جاءَ ذُو خُرْجَين مِنْهُمْ مُقَعْنِساً، ... مِنَ الشَّامِ، فَاعْلَمْ أَنَّه شَرُّ قافِل
اللِّحْيَانِيُّ: القَعانِيسُ الشدائد من الأُمور.
قفس: قَفَس الشيءَ يَقْفِسُه قَفْساً: أَخذه أَخذ انْتِزَاعٍ وَغَضَبٍ. اللِّحْيَانِيُّ: قَفَس فُلَانٌ فُلَانًا يَقْفِسُه قَفْساً إِذا جَذَبه بِشَعْرِهِ سُفْلًا. وَيُقَالُ: تَرَكْتُهُمَا يَتَقافَسان بشعُورهما. والقَفْساء: المَعِدَة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَلْقَيت فِي قَفْسائه مَا شَغَلَهْ
قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَطعَمَه حَتَّى شبِع. والقَفْساء: الأَمَة اللَّئيمة الرَّديئة، وَلَا تُنْعَتُ الحُرَّة بِهَا. ابْنُ شُمَيْلٍ: امرأَة قَفْساء وقَفاسِ وعبدٌ أَقْفَس إِذا كَانَا لئِيمَيْن. والأَقْفَس مِنَ الرجال: المُقْرِف ابن الأَمَة. وقَفَسَ الرَّجُلُ قُفُوساً: مَاتَ، وَكَذَلِكَ فَقَس، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَكَذَلِكَ طَفَس وفَطَسَ إِذا مَاتَ. والقُفْسُ: جِيل يَكُونُ بِكِرْمان فِي جِبالها كالأَكْراد؛ وأَنشد:
وَكَمْ قَطَعْنا مِنْ عَدُوّ شُرْسِ، ... زُطٍّ وأَكْرادٍ وقُفْسٍ قُفْسِ
وَهُوَ بِالصَّادِ أَيضاً، وَهِيَ مُضَارَعَةٌ.
ققس: جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فِي مصنَّف
ابْنِ أَبي شَيْبَةَ أَن جَابِرَ بْنَ سَمُرة قَالَ: رأَيت رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي جِنَازَةِ أَبي الدَّحْداحَة وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى فَرَسٍ وَهُوَ يَتَقَوْقَس بِهِ وَنَحْنُ حَوْلَه
؛ فسَّره أَصحاب الْحَدِيثِ أَنه ضرْب مِنْ عَدْو الخيل. والمُقَوْقِس: صاح الإِسكندرية الَّذِي راسَل النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَهْدى إِليه، وفُتِحت مصرُ عَلَيْهِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَهُوَ مِنْهُ؛ قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْ أَحد مِنْ أَهل اللُّغَةِ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِيمَا انْتَهَى إِلينا، واللَّه أَعلم.
قلس: القَلْسُ: أَن يَبْلُغَ الطَّعَامُ إِلى الحَلْق ملْءَ الْحَلْقِ أَو دُونَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلى الْجَوْفِ، وَقِيلَ: هُوَ القَيء، وَقِيلَ: هُوَ الْقَذْفُ بِالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَخْرُجُ إِلى الْفَمِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَالْجَمْعُ أَقلاس؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِن كُنْت مِنْ دائِك ذَا أَقْلاسِ، ... فاسْتَسْقِيَنْ بِثَمر القَسْقاسِ
اللَّيْثُ: القَلْس مَا خَرَجَ مِنَ الْحَلْقِ مِلْءَ الْفَمِ أَو دُونَهُ، وَلَيْسَ بِقيء، فإِذا غلَب فَهُوَ القَيْءُ. وَيُقَالُ:(6/179)
قَلَسَ الرَّجُلُ يَقْلِسُ قَلْساً، وَهُوَ خُرُوجُ القَلْس مِنْ حَلْقِهِ. أَبو زَيْدٍ: قَلَس الرَّجُلُ قَلْساً، وَهُوَ مَا خَرَجَ مِنَ الْبَطْنِ مِنَ الطَّعَامِ أَو الشَّرَابِ إِلى الْفَمِ أَعاده صاحبُه أَو أَلقاه، وَهُوَ قَالِس. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قَاءَ أَو قَلَس فليتوضأْ
؛ القَلَس، بِالتَّحْرِيكِ، وَقِيلَ بِالسُّكُونِ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ قَلَس يَقْلِسُ قَلْساً وقَلَساناً، فَهُوَ قَالِسٌ. وقَلَسَت الكأْس إِذا قَذَفَتْ بِالشَّرَابِ لشدَّة الِامْتِلَاءِ؛ قَالَ أَبو الْجَرَّاحِ فِي أَبي الْحَسَنِ الْكِسَائِيِّ:
أَبا حَسَنٍ، مَا زُرْتُكم منذُ سَنْبَةٍ ... مِنَ الدَّهْرِ، إِلا والزُّجاجةُ تَقْلِسُ
كَرِيم إِلى جَنْبِ الخِوانِ، وزَوْرُه ... يُحَيَّا بأَهلًا مَرْحباً، ثُمَّ يَجْلِسُ
وقَلَسَ الإِناءُ يَقْلِسُ إِذا فاضَ؛ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ لجإٍ:
وامْتَلأَ الصَّمَّان مَاءً قَلْسا، ... يَمْعَسْن بِالْمَاءِ الجِواءَ مَعْسَا
وقَلَسَ السَّحابُ قَلْساً، وَهُوَ مِثْلُ القَلْسِ الأَول. والسَّحابة تَقْلِسُ النَّدَى إِذا رَمَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ شَدِيدٍ؛ وأَنشد:
نَدَى الرَّمْلِ مَجَّتْة العِهادُ القَوالِسُ
ابْنُ الأَعرابي: القَلْسُ الشُّرْبُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّبِيذِ؛ والقَلْس الغِناء الجيِّد، والقَلْسُ الرَّقْصُ فِي غِنَاءٍ. وقَلَسَتِ النحلُ العسلَ تَقْلِسُه قَلْساً: مجَّتْه. والقَليس: الْعَسَلُ، والقَليس أَيضاً: النَّحْلُ؛ قَالَ الأَفوه:
مِنْ دُونها الطَّير، وَمِنْ فَوْقِها ... هَفاهِفُ الرِّيح كَجُثِّ القَليس
والقَلْس والتَّقْلِيس: الضَّرْبُ بالدُّفِّ والغِناءُ. والمُقَلِّس: الَّذِي يَلْعَبُ بَيْنَ يَدَيِ الأَمير إِذا قَدِمَ الْمِصْرَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ دُبّاً أَو ثَوْرَ وَحْشٍ:
فَرْدٌ تُغَنِّيه ذِبَّانُ الرِّياضِ، كَمَا ... غَنَّى المُقَلِّسُ بِطريقاً بأُسْوارِ
أَراد مَعَ أُسْوار. وَقَالَ أَبو الجَرَّاح: التَّقْلِيسُ اسْتِقْبَالُ الوُلاة عِنْدَ قُدُومِهِمْ بأَصناف اللَّهْو؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ ثَوْرًا طعَن فِي الْكِلَابِ فَتَبِعَهُ الذُّباب لِمَا فِي قَرنِه مِنَ الدَّمِ:
ثُمَّ اسْتَمَرَّ تُغَنِّيه الذُّباب، كَمَا ... غَنَّى المُقَلِّسُ بِطْرِيقاً بِمزْمارِ «2»
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
ضَرْب المُقَلِّس جَنْبَ الدُّفِّ للعَجَم
وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، لَمَّا قَدِمَ الشأْم: لَقِيَهُ المُقَلِّسون بِالسُّيُوفِ والرَّيْحان.
والقَلْس: حَبْل ضَخْمٌ مِنْ لِيفٍ أَو خُوص، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري مَا صِحَّتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ حَبْلٌ غَلِيظٌ مِنْ حِبَالِ السفُن. والتَّقْليس: ضَرْب الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ خُضُوعًا. والتَّقْليس: السُّجُودُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا رَأَوْهُ قَلَّسُوا لَهُ
؛ التَّقْليس: التَّكْفير وَهُوَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ والانحناءُ خُضُوعًا وَاسْتِكَانَةً. أَحمد بْنُ الْحَرِيشِ: التَّقْليس هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ والقِراءة وَالْغِنَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذكْر قالِسٍ، بِكَسْرِ اللَّامِ: مَوْضِعٌ أَقْطعه النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَهُ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ عَمرو بْنِ حَزْمٍ. والقُلَّيْسُ، بِالتَّشْدِيدِ، مِثَالُ القُبَّيْطِ: بِيعَة للحَبَش كَانَتْ بصَنْعاء بَنَاهَا أَبْرَهة وَهَدَمَتْهَا حِمير. وَفِي التَّهْذِيبِ: القُلَّيسة بِيعة كَانَتْ بصَنْعاء للحَبَشة. اللَّيْثُ: التَّقْليس وضع اليدين على الصدر خضوعاً كما
__________
(2) . رواية بيت الكميت هنا تختلف عن روايته السابقة في الحقل نفسه.(6/180)
تفعل النصارى قَبْل أَن تَكْفُر أَي قَبْلَ أَن تسجُد. قَالَ: وَجَاءَ فِي خَبَرِ
لمَّا رأَوه قَلَّسوا ثم كَفَرُوا
أَي سَجَدُوا. والقَلْسُوَة والقَلْساة والقَلَنْسُوة والقُلَنْسِيَة والقَلَنْسَاة والقلْنِيسَةُ: من ملابس الرُّؤوس مَعْرُوفٌ، وَالْوَاوُ فِي قلَنْسُوة لِلزِّيَادَةِ غَيْرِ الإِلحاق وَغَيْرِ الْمَعْنَى، أَما الإِلحاق فَلَيْسَ فِي الأَسماء مِثْلُ فَعَلُّلَة، وأَما الْمَعْنَى فَلَيْسَ فِي قَلَنْسُوَةٍ أَكثر مِمَّا فِي قَلْساة، وَجَمْعُ القَلَنْسُوة والقُلَنْسِيَة والقَلَنْساة قَلانِسُ وقَلاسٍ وقَلَنْسٍ؛ قَالَ:
لَا مَهلَ حَتَّى تَلْحَقِي بعَنْسِ، ... أَهل الرِّياطِ البِيضِ والقَلَنْسِي
وقَلَنْسَى؛ وَكَذَلِكَ رَوَى ثَعْلَبٌ هَذَا الْبَيْتَ لِلْعُجَيْرِ السَّلُولِيِّ:
إِذا مَا القَلَنْسَى وَالْعَمَائِمُ أُجْلِهَتْ، ... ففِيهنَّ عَنْ صُلْعِ الرِّجَالِ حُسُورُ
قَالَ: وَكِلَاهُمَا مِنْ بَابِ طَلْحة وطَلْح وسَرحة وسَرْحٍ. قَوْلُهُ أُجْلِهَتْ نُزِعَت عَنِ الجَلْهَة. والجَلْهَةُ: الَّذِي انْحَسَرَ الشِّعْرُ مِنْهُ عَنِ الرأْس «1» ، وَهُوَ أَكثر مِنَ الجَلَح، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فيهنَّ يَعُودُ عَلَى نِسَاءٍ؛ يَقُولُ: إِن القَلاسِي وَالْعَمَائِمَ إِذا نُزِعَت عن رؤوس الرِّجَالِ فَبَدَا صَلَعُهُمْ فَفِي النِّسَاءِ عَنْهُمْ حُسُور أَي فُتور. وَقَدْ قَلْسَيْتُه فَتَقَلْسَى وتَقَلْنَسَ وتَقَلَّسَ أَي أَلبسته القَلَنْسوة فلَبِسها، قَالَ: وَقَدْ حُدَّ فَقِيلَ: إِذا فَتَحْتَ الْقَافَ ضَمَمْتَ السِّينَ، وإِن ضَمَمْتَ الْقَافَ كَسَرْتَ السِّينَ وَقَلَبْتَ الْوَاوَ يَاءً، فإِذا جَمَعْتَ أَو صغَّرت فأَنت بِالْخِيَارِ لأَن فِيهِ زِيَادَتَيْنِ الْوَاوَ وَالنُّونَ، فإِن شِئْتَ حَذَفْتَ الْوَاوَ فَقُلْتَ قَلَانِسُ، وإِن شِئْتَ حَذَفْتَ النُّونَ فَقُلْتَ قلاسٍ، وإِنما حُذِفَتِ الْوَاوُ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، وإِن شِئْتَ عوَّضت فِيهِمَا وَقُلْتَ قَلانيس وقَلاسِيُّ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَقُولُ فِي التَّصْغِيرِ قُلَيْنسة، وإِن شِئْتَ قُلَيْسَة، وَلَكَ أَن تعوِّض فِيهِمَا فَتَقُولَ قُلَيْنِيسة وقُلَيسِيَّة، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الأَخيرة، وإِن جَمعت القَلَنْسُوَة بِحَذْفِ الْهَاءِ قُلْتَ قَلَنْس، وأَصله قَلَنْسُوٌ إِلا أَنك رَفَضْتَ الْوَاوَ لأَنه لَيْسَ فِي الأَسماء اسْمٌ آخِرُهُ حَرْفُ عِلَّةِ وَقَبْلَهَا ضَمَّة، فإِذا أَدّى إِلى ذَلِكَ قِيَاسٌ وَجَبَ أَن يُرفض ويُبدل مِنَ الضَّمَّةِ كَسْرَةً فَيَصِيرُ آخِرُ الِاسْمِ يَاءً مَكْسُورًا مَا قَبْلَهَا، وَذَلِكَ يُوجِبُ كَوْنَهُ بِمَنْزِلَةِ قاضٍ وغازٍ فِي التَّنْوِينِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي أَحْقٍ وأَدْلٍ جَمْعُ حِقْوٍ ودَلْوٍ، وأَشباه ذَلِكَ فقِس عَلَيْهِ، وَقَدْ قَلْسَيْتُه فتَقَلْسَى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما جَمْعُ القُلَنْسِيَة فَقَلاسٍ، قَالَ: وَعِنْدِي أَن القُلَنْسِيَة لَيْسَتْ بِلُغَةٍ كَمَا اعتدَّها أَبو عُبَيْدٍ إِنما هِيَ تَصْغِيرُ أَحد هَذِهِ الأَشياء، وَجَمْعُ القَلْساة قَلاسٍ لَا غَيْرُ، قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْ فِيهَا قَلْسَى كَعَلْقَى؛ والقَلَّاس: صانِعها، وَقَدْ تَقَلْنَسَ وتَقَلْسَى، أَقَرُّوا النُّونَ وإِن كَانَتْ زَائِدَةً، وأَقرُّوا أَيضاً الْوَاوَ حَتَّى قَلبوها يَاءً. وقَلْسَى الرجلَ: أَلبسه إِياها؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والتقليسُ: لُبْسُ القَلَنْسُوَة «2» . وبحرٌ قَلَّاسٌ أَي يَقْذِفُ بالزَّبَدِ.
قلحس: القِلْحاس: الْقَبِيحُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: القِلْحَاس مِنَ الرِّجَالِ السَّمْج القبيح.
قلمس: القَلَمَّسُ: البحرُ؛ وأَنشد:
فَصَبَّحَتْ قَلَمَّساً هَمُوما
وَبَحْرٌ قَلَمَّسٌ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَي زاخر، قال:
__________
(1) . قوله [انْحَسَرَ الشِّعْرُ مِنْهُ عَنِ الرأس] لعله انحسر الشعر عنه من مقدم الرأس.
(2) . قوله [والتقليس لبس القلنسوة] هكذا بالأَصل ولعل الظاهر والتقلس لبس إلخ أَو والتقليس إِلباس القلنسوة.(6/181)
وَاللَّامُ زَائِدَةٌ. والقَلَمَّسُ أَيضاً: السَّيِّدُ الْعَظِيمُ. والقَلَمَّسُ: الْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ مِنَ الرَّكايا كالقَلَنْبَس. يُقَالُ: إِنها لقَلَمَّسَة الْمَاءِ أَي كَثِيرَةُ الْمَاءِ لَا تَنزَح. وَرَجُلٌ قَلَمَّسٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ الْخَيْرِ والعطيَّة. وَرَجُلٌ قَلَمَّسٌ: وَاسِعُ الْخُلُقِ «1» . والقَلَمَّسُ: الدَّاهِيَةُ مِنَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: القَلَمَّسُ الرَّجُلُ الدَّاهِيَةُ المنكَرُ البعيدُ الغَوْرِ. والقَلَمَّسُ الكِنانيُّ: أَحدُ نَسَأَةِ الشُّهُورِ عَلَى الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فأَبطل اللَّه النَّسيءَ بِقَوْلِهِ: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ.
قلنس: قَلْنَسَ الشيءَ: غَطَّاه وسَتَرَه. والقَلْنَسَة: أَن يَجْمَعَ الرجلُ يَدَيْهِ فِي صَدْرِهِ ويَقوم كالمُتَذَلِّل. والقُلَنْسِيَة: جَمْعُهَا قَلاسِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا فِي قَلَسَ مُسْتَوْفًى.
قلنبس: بئر قَلَنْبَسٌ: كثير الماء؛ عن كراع.
قلهبس: القَلَهْبَسُ: المُسِنُّ مِنَ الحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ. الأَزهري: القَلَهْبَسَة مِنْ حُمُر الْوَحْشِ المُسِنَّة.
قلهمس: القَلَهْمَس: القصير.
قمس: قَمَسَ فِي الْمَاءِ يَقْمُسُ [يَقْمِسُ] قُمُوساً: انغطَّ ثُمَّ ارْتَفَعَ؛ وقَمَسَه هُوَ فَانْقَمَسَ أَي غَمَسَه فِيهِ فَانْغَمَسَ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وكلُّ شَيْءٍ ينْغَطّ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يَرْتَفِعُ، فَقَدْ قَمَسَ؛ وَكَذَلِكَ القِنان والإِكام إِذا اضْطَرَبَ السَّراب حَوْلَهَا قَمَسَت أَي بدَتْ بعد ما تخفَى، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: أَقْمَسْته فِي الْمَاءِ، بالأَلف. وقَمَسَت الإِكامُ فِي السَّراب إِذا ارْتَفَعَتْ فرَأَيْتَها كأَنها تَطْفُو؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
حَتَّى اسْتَتَبْت الهُدَى، وَالْبَيْدُ هاجِمةٌ، ... يَقْمُسنَ فِي الآلِ غُلْفاً أَو يُصَلِّينا
والولدُ إِذا اضْطَرَبَ فِي سُخْد السَّلَى قِيلَ: قَمَسَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وقامِسٍ فِي آلهِ مُكَفَّنِ، ... يَنْزُونَ نَزْو اللاعبينَ الزُّفَّنِ
وَقَالَ شَمِر: قَمَسَ الرَّجُلُ فِي الْمَاءِ إِذا غَابَ فِيهِ، وقَمَسَت الدَّلْوُ فِي الْمَاءِ إِذا غَابَتْ فِيهِ، وانْقَمَسَ فِي الرَّكِيَّة إِذا وثَبَ فِيهَا، وقَمَسْتُ بِهِ فِي الْبِئْرِ أَي رَمَيْت. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رجَمَ رَجُلًا ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ، وَقَالَ: إِنه الْآنَ لَيَنْقَمِسُ فِي رِياضِ الْجَنَّةِ
، وَرُوِيَ:
فِي أَنهار الْجَنَّةِ
، مِنْ قَمَسَه فِي الْمَاءِ فانقمَسَ، وَيُرْوَى، بِالصَّادِ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. وَفِي حَدِيثِ وفْد مَذْحِج:
فِي مَفازة تُضْحِي أَعلامُها قامِساً ويُمْسي سَرابُها طَامِسًا
أَي تَبْدو جبالُها لِلْعَيْنِ ثُمَّ تَغِيبُ، وأَراد كلَّ عَلَم مِنْ أَعلامها فَلِذَلِكَ أَفرد الْوَصْفَ وَلَمْ يجمعْه. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ أَن أَفعالًا يَكُونُ لِلْوَاحِدِ وأَن بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ هُوَ الأَنْعام، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ، وَعَلَيْهِ جاء: تُضْحِي أَعلامُها قامِساً، وَهُوَ هَاهُنَا فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وفلانٌ يُقَامِسُ فِي سِرّه «2» إِذا كَانَ يَحْنَق مَرَّةً وَيَظْهَرُ مَرَّةً. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا ناظَر أَو خَاصَمَ قِرْناً: إِنما يُقامِس حُوتاً؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيُّ:
ولكنَّما حُوتاً بِدُجْنَى أُقامِسُ
دُجْنَى: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ إِنما يُقَالُ ذَلِكَ إِذا ناظَر مَن هُوَ أَعلم مِنْهُ، وقامَسْتُه فَقَمَسْته. وقَمَسَ الولدُ فِي بَطْنِ أُمِّه: اضْطَرَبَ. والقامِس: الغَوَّاص؛ قَالَ
__________
(1) . قوله [واسع الخلق] في شرح القاموس واسع الحلق.
(2) . قوله [وَفُلَانٌ يُقَامِسُ فِي سِرِّهِ إلخ] عبارة شرح القاموس: وفلان يقمس في سربه إذا كان يختفي مرة ويظهر مرة.(6/182)
أَبو ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ ابنةَ السَهْمِيِّ دَرَّة [دُرَّة] قامسٍ، ... لَهَا بَعْدَ تَقْطِيعِ النُّبُوح وهِيجُ «1»
وَكَذَلِكَ القَمَّاس. والقَمْس: الغَوْص. والتقميسُ: أَن يُرْوِي الرَّجُلُ إِبلَه؛ والتَغْمِيسُ، بِالْغَيْنِ: أَن يسقِيها دُونَ الرِّيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وأَقْمَس الكوكبُ وَانْقَمَسَ: انحطَّ فِي الْمَغْرِبِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ مَطراً عِنْدَ سُقُوطِ الثُّرَيَّا.
أَصابَ الأَرضَ مُنْقَمَسُ الثُّرَيَّا، ... بِساحِيةٍ، وأَتْبَعَها طِلالا
وإِنما خَّص الثُّرَيَّا لأَنه زَعَمَ أَن الْعَرَبَ تَقُولُ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الأَنْواء أَغْزَر مِنْ نَوْء الثُّرَيَّا، أَراد أَن الْمَطَرَ كَانَ عِنْدَ نَوء الثُّرَيَّا، وَهُوَ مُنْقَمَسها، لغَزَارة ذَلِكَ الْمَطَرِ. وَالْقَامُوسُ والقَومَس: قَعْرُ الْبَحْرِ، وَقِيلَ: وسَطه ومُعظمه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وسُئل عَنِ المَدّ والجَزْر قَالَ: مَلَك موكَّل بِقَامُوسِ الْبَحْرِ كُلَّمَا وضَع رجلَه فِيهِ فاضَ وإِذا رَفَعَهَا غاضَ
أَي زاد ونقَص، وَهُوَ فاعُولٌ مِنَ القَمْس. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
قَالَ قَوْلًا بَلَغَ بِهِ قَامُوسَ الْبَحْرِ
أَي قَعْرَه الأَقصى، وَقِيلَ: وسَطه ومُعظمه؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْقَامُوسُ أَبعد مَوْضِعٍ غَوْراً فِي الْبَحْرِ، قال: وأَصل القَمْس الغَوْس. والقَوْمَسُ: الملِك الشَّرِيفُ. والقَوْمَسُ: السَّيِّدُ، وَهُوَ القُمّسُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وعَلِمْتُ أَني قَدْ مُنِيتُ بِنَيْطَلٍ، ... إِذ قِيلَ: كَانَ مِنْ آلِ دَوْفَنَ قُمَّسُ
وَالْجَمْعُ قَمامِس وقَمامِسَة، أَدخلوا الْهَاءَ لتأْنيث الْجَمْعِ، وقُومِس: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَحد الْخَوَارِجِ:
مَا زَالَتِ الأَقدارُ حَتَّى قَذَفْنَني ... بقُومِسَ بَيْنَ الفَرَّجان وصُول «2»
وقامِس: لُغَةٌ فِي قاسِم.
قملس: القَمَلَّس: الدَّاهِيَةُ كالقَلَمَّس.
قنس: القَنْسُ والقِنْس: الأَصل؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وحاصِنٍ مِنْ حَاصِنَاتٍ مُلْسِ، ... مِنَ الأَذَى ومِن قِرافِ الوَقْسِ،
فِي قَنْسِ مَجْدٍ فَاتَ كُلَّ قَنْسِ
وَرُوِيَ: فَوْق كلِّ قَنْسِ. وحاصِن: بِمَعْنَى حَصان، أَي هِيَ مِنْ نِسَاءٍ عفِيفات مُلْسٍ مِنَ الْعَيْبِ أَي لَيْسَ فيهنَّ عَيْبٌ. والقِراف: المُداناة. والوقْس هُنَا: الْفُجُورُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا أَحد مَا صَحَّفَهُ أَبو عُبَيْدٍ فَقَالَ القَبْس، بِالْبَاءِ. وَيُقَالُ؛ إِنه لَكَرِيمُ القَنْس [القِنْس] . اللَّيْثُ: القَنْس تُسميه الفُرْس الراسَن. وجيءَ بِهِ مِنْ قِنْسِك أَي مِنْ حَيْثُ كَانَ. وقَوْنَسُ الفَرَس: مَا بَيْنَ أُذُنَيْه، وَقِيلَ: عَظْمٌ نَاتِئٌ بَيْنَ أُذنيه، وَقِيلَ: مُقَدَّمُ رأْسه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
اضْرِبَ عَنْكَ الهُمومَ طارِقَها، ... ضَرْبَك بالسَّوْط قَوْنَس الفَرس
أَراد: اضْرِبَنْ فَحَذَفَ النُّونَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِطَرَفَةَ. وَيُقَالُ: إِنه مصنوعٌ عَلَيْهِ وأَراد اضْرِبَنْ، بِنُونِ التأْكيد الْخَفِيفَةِ، فَحَذَفَهَا لِلضَّرُورَةِ؛ وَهَذَا مِنَ الشَّاذِّ لأَن نُونَ التأْكيد الْخَفِيفَةَ لَا تُحْذَفُ إِلا إِذا لَقِيَهَا سَاكِنٌ كَقَوْلِ الْآخَرِ:
__________
(1) . قوله [بعد تقطيع النبوح] هكذا في الأَصل المعوّل عليه هنا وفيه في مادة وهج بعد تقطيع الثبوج.
(2) . قوله [بين الفرجان] هكذا في الأَصل، مشدد الراء وعليه يستقيم وزن البيت، ولكن اسم الموضع بإسكان الراء كما في معجم ياقوت والقاموس وكذا للمؤلف في مادة فرج.(6/183)
لَا تُهينَ الْفَقِيرَ عَلَّك أَنْ ... تَخْضَع يَوْمًا، والدهرُ قَدْ رَفَعهْ
أَراد: لَا تُهينَنْ، وحذفُها هَاهُنَا قِيَاسٌ لَيْسَ فِيهِ شُذُوذٌ؛ وَفِي شِعْرِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ مِنْ ذَلِكَ:
واضْرِبَ مِنَّا بِالسُّيُوفِ القَوانِسا
وقَوْنَسُ المرأَة: مقدَّم رأْسها. وقَوْنَسُ البَيْضة مِنَ السِّلَاحِ: مقدَّمها، وَقِيلَ أَعلاها؛ قَالَ حُسَيل بْنُ سُحَيح الضَّبي «1» :
وأَرْهَبْت أُولى القومِ حَتَّى تَنَهْنَهُوا، ... كَمَا ذُدْت يومَ الوِرْدِ هِيماً خَوامسا
بِمُطَّرِدٍ لَدْنٍ صِحاحٍ كُعوبُه، ... وَذِي رَوْنَقٍ عَضْبِ يَقُدُّ القَوانسا
أَرْهَبت: خَوَّفت. وأُولى الْقَوْمِ: جَمَاعَتُهُمُ المتقدِّمة، وتَنَهْنَهوا: ازْدَجَرُوا وَرَجَعُوا. وَقَوْلُهُ: كَمَا ذُدْت يَوْمَ الوِرد أَي رَدَدْناهم عَنْ قِتالنا أَشدَّ الرَّدِّ كَمَا تُذادُ الإِبل الخَوامِس عَنِ الْمَاءِ لأَنها تتَقَحَّم عَلَى الْمَاءِ لِشِدَّةِ عَطَشِهَا فتضْرَب، يُرِيدُ بِذَلِكَ غَرَائِبَ الإِبل. والهِيمُ: العِطاش، الْوَاحِدُ أَهْيَم وهَيْماء. والعَضْب: الْقَاطِعُ. والقَوْنَس: أَعلى الْبَيْضَةِ مِنَ الْحَدِيدِ. الأَصمعي: القَوْنَس مُقَدَّمُ الْبَيْضَةِ، قَالَ: وإِنما قَالُوا قَونَس الفَرَس لِمُقَدَّمِ رأْسه. النَّضْرُ: القَوْنَس فِي الْبَيْضَةِ سُنْبُكُها الَّذِي فَوْقَ جُمْجُمَتها، وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الطَّوِيلَةُ فِي أَعلاها، وَالْجُمْجُمَةُ ظَهْرُ الْبَيْضَةِ، وَالْبَيْضَةُ الَّتِي لَا جُمْجُمَةَ لَهَا يُقَالُ لَهَا المُوَأَّمَة. ابْنُ الأَعرابي: القَنَسُ الطُّلَعاء، وَهِيَ القيءُ الْقَلِيلُ؛ فأَما قَوْلُ الأَفوه «2» :
أَبْلِغْ بَني أَوْدٍ، فَقَدْ أَحسَنوا ... أَمْسِ بِضَرْبِ الهامِ، تحت القُنُوسْ
قنبس: قَنْبَسُ: اسمٌ.
قندس: ابْنُ الأَعرابي: قَنْدَسَ الرجلُ إِذا تَابَ بَعْدَ مَعصية، وَقِيلَ: قَنْدَسَ إِذا تَعَمَّد مَعْصِيَةً. أَبو عُمَرَ: قَنْدَس فُلَانٌ فِي الأَرض قَنْدَسَة إِذا ذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ سَارِيًا فِي الأَرض؛ وأَنشد:
وقَنْدَسْتَ فِي الأَرض العَريضة تَبْتَغِي ... بِهَا مَلَسى، فكنت شَرَّ مُقَنْدِسِ
قنرس: القِنْراسُ: الطُّفَيْليّ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقَدْ نَفَى سِيبَوَيْهِ أَن يَكُونَ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ قِنْرٍ وعَنْل.
قنطرس: القَنْطَريسُ: النَّاقَةُ الضَّخْمَةُ الشديدة.
قنعس: نَاقَةٌ قِنْعاسٌ: طَوِيلَةٌ عَظِيمَةٌ سَنِمَةٌ، وَكَذَلِكَ الْجَمَلُ؛ وَقِيلَ: القِنْعاس الْجَمَلُ الضَّخْمُ الْعَظِيمُ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الذُّكور عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ. وَرَجُلٌ قِنْعاس: شَدِيدٌ مَنيع؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وابنُ اللَّبون إِذا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ، ... لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَناعِيس
وَرَجُلٌ قُناعِس، بالضمِّ، أَي عَظِيمُ الخلْق، والجمع القَناعِس، بالفتح.
قهس: القَهْوَسة: مشْيَة فِيهَا سُرْعة. وَجَاءَ يَتَقَهْوَسُ إِذا جَاءَ مُنْحَنِياً يَضطرب. وقَهْوَسٌ: اسْمٌ. وَرَجُلٌ قَهْوَس: طَوِيلٌ ضَخْمٌ، مِثْلُ السَّهْوَق والسَّوْهَق. قَالَ شَمِر: الأَلفاظ الثَّلَاثَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الطُّول والضِّخَم، وَالْكَلِمَةُ وَاحِدَةٌ إِلا أَنها قُدِّمَتْ وأُخِّرت، كَمَا قَالُوا عُقاب عَبَنْقاةٌ وعَقَنْباة وبَعَنْقاة.
قهبس: القَهْبَسة: الأَتان الْغَلِيظَةُ، وليس بثبَت.
__________
(1) . قوله [ابن سحيح] كذا بالأَصل.
(2) . قوله [فأَما قول الأَفوه إلخ] هكذا في الأَصل وسقط منه جواب أَما.(6/184)
قهبلس: القَهْبَلِس: الضَّخْمَةُ مِنَ النِّسَاءِ. والقَهْبَلِس: الكَمَرَة؛ وَقَدْ تُوصَفُ بِهِ، قَالَ:
فَيْشَلَة قَهْبَلِس كُباس
والقَهْبَلِس، مِثَالُ الجَحْمَرِش: الذَّكَر. والقَهْبَلِس: الْقَمْلَةُ الصَّغِيرَةُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْقَمْلَةِ الصَّغِيرَةِ الهُنْبُغ والهُنْبوغ والقَهْبَلِس. والقَهْبَلِس: الأَبيض الَّذِي تعلوه كُدْرة.
قوس: القَوْس: مَعْرُوفَةٌ، عَجَمِيَّةٌ وَعَرَبِيَّةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: القَوْس يذكَّر ويؤنَّث، فَمَنْ أَنَّث قَالَ فِي تَصْغِيرِهَا قُوَيْسَة، وَمَنْ ذكَّر قال قُوَيْس. وقي الْمَثَلِ: هُوَ مِنْ خَيْرِ قُوَيْس سَهْماً. ابْنُ سِيدَهْ: القَوْس الَّتِي يُرْمى عَنْهَا، أُنثى، وَتَصْغِيرُهَا قُوَيْس، بِغَيْرِ هَاءٍ، شذَّت عَنِ الْقِيَاسِ وَلَهَا نَظَائِرُ قَدْ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ، وَالْجَمْعُ أَقْوُسٌ وأَقْواس وأَقْياس عَلَى المُعاقبة، حَكَاهَا يَعْقُوبُ، وقِياس، وقِسِيٌّ وقُسِيٌّ، كِلَاهُمَا عَلَى القلْب عَنْ قُوُوس، وإِن كَانَ قُوُوس لَمْ يُسْتَعْمَلْ استغنَوْا بقِسِيٍّ عَنْهُ فَلَمْ يأْتِ إِلا مَقْلُوبًا. وقِسْي، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَفِيهِ صَنعة «1» . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: جَمْعُ القَوْس قِيَاسٌ؛ قَالَ القُلاخُ بْنُ حَزْن:
ووَتَّرَ الأَساوِرُ القِياسا، ... صُغْدِيَّةً تَنتزِعُ الأَنْفاسا
الأَساوِرُ: جَمْعُ أَسوار، وَهُوَ المقدَّم مِنْ أَساوِرة الفُرْس. والصُّغْد: جِيل مِنَ الْعَجَمِ، وَيُقَالُ: إِنه اسْمُ بَلَدٍ. وَقَوْلُهُمْ فِي جَمْعِ القَوْس قِياس أَقْيَس مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ قُسيّ لأَن أَصلها قَوْس، فالواوُ مِنْهَا قَبْلَ السِّينِ، وإِنما حوِّلت الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، فإِذا قُلْتَ فِي جَمْعِ القَوْس قِسِيّ أَخرت الْوَاوَ بَعْدَ السِّينِ، قَالَ: فالقِياس جَمْعَ القَوْس أَحسن مِنَ القِسِيّ، وَقَالَ الأَصمعي: مِنَ القِياس الفَجَّاء. الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ أَصل قِسيّ قُووس لأَنه فُعُول، إِلا أَنهم قدَّموا اللَّامَ وصيَّروه قُسُوٌّ عَلَى فُلُوع، ثُمَّ قَلَبُوا الْوَاوَ يَاءً وَكَسَرُوا الْقَافَ كَمَا كَسَروا عَيْنَ عِصِيّ، فَصَارَتْ قِسِيّ عَلَى فِليعٍ، كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الثَّلَاثَةِ فَصَارَتْ مِنْ ذَوَاتِ الأَربعة، وإِذا نَسَبْتَ إِليها قُلْتَ قُسَوِيّ لأَنها فُلُوع مُغَيَّرٌ مِنْ فُعُول فَتَرُدُّهَا إِلى الأَصل، وَرُبَّمَا سمُّوا الذِّرَاعَ قَوساً. وَرَجُلٌ مُتَقَوِّسٌ قَوْسَه أَي مَعَهُ قَوْس. والمِقْوَسُ، بِالْكَسْرِ: وِعَاءُ القَوْس. ابْنُ سِيدَهْ: وقاوسَني فَقُسته؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: وأُراه أَراد حاسَنَني بقَوْسِه فَكُنْتُ أَحسن قَوْسًا مِنْهُ كَمَا تَقُولُ: كارَمَني فَكَرَمْتُه وشاعَرَني فشعَرْتُه وفاخَرَني فَفَخَرْتُه، إِلا أَن مِثْلَ هَذَا إِنما هُوَ فِي الأَعراض نَحْوَ الكَرَم والفَخْر، وَهُوَ فِي الْجَوَاهِرِ كالقَوْس وَنَحْوِهَا قَلِيلٌ، قَالَ: وَقَدْ عَمِلَ سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا بَابًا فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا مِنَ الْجَوَاهِرِ. وقَوْس قُزَحَ: الْخَطُّ المُنْعطف فِي السَّمَاءِ عَلَى شَكْلِ القَوْس، وَلَا يُفْصَلُ مِنَ الإِضافة، وَقِيلَ: إِنما هُوَ قَوْسُ اللَّه لأَن قُزَح اسْمُ شَيْطَانٍ. وقَوْس الرَّجُلِ: مَا انْحَنَى مِنْ ظَهْرِهِ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: أُراه عَلَى التَّشْبِيهِ. وتَقَوَّس قَوْسَه احْتَمَلَهَا. وتَقَوَّس الشيءُ واسْتَقْوَس: انْعَطَفَ. وَرَجُلٌ أَقْوَسُ ومُتَقَوِّس ومُقَوِّس: منعطِف؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مُقَوِّساً قَدْ ذَرِئَتْ مَجالِيهْ
وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُ الرجَّاز لِلْيَوْمِ فَقَالَ:
إِني إِذا وجْه الشَّريب نَكَّسَا، ... وآضَ يومُ الوِرْد أَجْناً أَقْوَسا،
__________
(1) . قوله [وفيه صنعة] هذا لقظ الأَصل.(6/185)
أُوصِي بأُولى إِبلي أَن تُحْبَسا
وشيخٌ أَقْوَس: مُنْحَني الظَّهْرِ. وَقَدْ قَوَّسَ الشيخُ تَقْويساً أَي انْحَنَى، واسْتَقْوَس مِثْلُهُ، وتَقَوَّس ظَهْرُهُ؛ قَالَ إمرُؤ الْقَيْسِ:
أَراهُنَّ لَا يُحْبِبْنَ مَنْ قَلَّ مالُه، ... وَلَا مَنْ رأَيْنَ الشَّيْبَ فِيهِ وقَوَّسا
وَحَاجِبٌ مُقَوِّس: عَلَى التَّشْبِيهِ بالقَوْس. وَحَاجِبٌ مُسْتَقْوِس ونُؤْيٌ مُسْتَقْوِس إِذا صَارَ مِثْلَ القَوْس، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَنْعَطِفُ انْعِطَافَ القَوْس؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُسْتَقْوِس قَدْ ثَلَّمَ السَّيْلُ جُدْرَهُ، ... شَبيه بأَعضادِ الخَبيطِ المُهَدَّمِ
وَرَجُلٌ قَوَّاس وقَيَّاس: لِلَّذِي يَبْري القِياس؛ قَالَ: وَهَذَا عَلَى المُعاقبة. والقَوْسُ: الْقَلِيلُ مِنَ التَّمْرِ يَبْقَى فِي أَسفل الجُلَّةِ، مُؤَنَّثٌ أَيضاً، وَقِيلَ: الكُتْلة مِنَ التَّمْرِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، يُقَالُ: مَا بَقِيَ إِلا قَوْس فِي أَسفلها. وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ أَنه قَالَ:
تضيَّفْت خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
تضيَّفْت بَنِي فُلَانٍ فأَتَوْني بثَوْر وقَوْس وكَعْب
؛ فَالْقَوْسُ الشَّيْءُ مِنَ التَّمْرِ يَبْقَى فِي أَسفل الجُلَّة، والكعْب الشَّيْءُ الْمَجْمُوعُ مِنَ السَّمْنِ يَبْقَى فِي النِّحْيِ، وَالثَّوْرُ الْقِطْعَةُ مِنَ الأَقِط. وَفِي حَدِيثِ وفْد عَبْدِ القَيْس:
قَالُوا لرجُل مِنْهُمْ أَطعِمْنا مِنْ بَقِيَّةِ القَوْس الَّذِي فِي نَوْطِك.
وقَوْسى: اسْمُ مَوْضِعٍ. والقُوسُ، بِضَمِّ الْقَافِ: رأْس الصَّوْمعة، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعُ الرَّاهِبِ، وَقِيلَ: صَوْمَعة الراهبْ، وَقِيلَ: هُوَ الرَّاهِبُ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ وَذَكَرَ امرأَة:
لَا وَصْلَ، إِذ صرفتْ هندٌ، وَلَوْ وقَفَتْ ... لاسْتَفْتَنَتْني وَذَا المِسْحَيْن فِي القُوسِ
قَدْ كنتِ تِرْباً لَنَا يَا هندُ، فاعْتبِري، ... مَاذَا يَريبُك مِنْ شَيْبي وتَقْويسي؟
أَي قَدْ كنتِ تِرْباً مِنْ أَتْرابي وشبتِ كَمَا شِبْتُ فَمَا بالُك يَريبُك شَيْبِي وَلَا يَريبُني شَيْبُكِ؟ ابْنُ الأَعرابي: القُوس بَيْتُ الصَّائِدِ. والقُوسُ أَيضاً: زَجر الْكَلْبِ إِذا خَسَأْته قُلْتَ لَهُ: قُوسْ قُوسْ قَالَ: فإِذا دَعَوْتَهُ قُلْتَ لَهُ: قُسْ قُسْ وقَوْقَسَ إِذا أَشلى الْكَلْبَ. والقَوِسُ: الزَّمَانُ الصَّعْبُ؛ يُقَالُ: زَمَانٌ أَقْوَس وقَوِس وقُوسِيّ إِذا كَانَ صَعْبًا، والأَقْوَسُ مِنَ الرَّمْلِ: المشْرِفُ كالإِطارِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَثْنى ثِناءً مِنْ بَعيد المَحْدِسِ، ... مشهُورة تَجْتاز جَوْزَ الأَقْوَسِ
أَي تَقْطَعُ وَسَطَ الرَّمْلِ. وجَوْزُ كُلِّ شَيْءٍ: وسَطه والقَوْسُ: بُرْجٌ فِي السَّمَاءِ. وقِسْتُ الشَّيْءَ بِغَيْرِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ أَقِيسُ قَيْساً وقِياساً فَانْقَاسَ إِذا قدَّرته عَلَى مِثَالِهِ؛ وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرى: قُسْتُه أَقُوسُه قَوْساً وقِياساً وَلَا تَقُلْ أَقَسْته، والمِقْدار مِقْياس. ابْنُ سِيدَهْ: قُسْتُ الشيءَ قِسْتُه، وأَهل الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: لَا يَجُوزُ هذا قي القَوْس، يُرِيدُونَ الْقِيَاسَ. وقايَسْت بَيْنَ الأَمرين مُقايَسة وَقِيَاسًا. وَيُقَالُ: قايَسْت فُلَانًا إِذا جارَيْتَه فِي القِياس. وَهُوَ يَقْتاسُ الشَّيْءَ بِغَيْرِهِ أَي يَقِيسُه بِهِ، ويَقْتاس بأَبيه اقْتِياساً أَي يسْلك سَبِيلَهُ ويَقتدي بِهِ. والمِقْوَس: الحَبْل الَّذِي تُصَفُّ عَلَيْهِ الْخَيْلُ عِنْدَ السِّباق، وَجَمْعُهُ مَقاوِس، ويقال المِقْبَصُ أَيضاً؛(6/186)
قَالَ أَبو الْعِيَالِ الْهُذَلِيُّ:
إِنَّ البلاءَ لَدى المَقاوِس مُخْرِجٌ ... مَا كَانَ مِنْ غَيْبٍ، ورَجْمِ ظُنُون
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الفرَس يَجْري بِعتْقِه وعِرْقه، فإِذا وُضع فِي المِقْوَس جَرَى بِجِدِّ صَاحِبِهِ. اللَّيْثُ: قَامَ فُلَانٌ عَلَى مِقْوَس أَي عَلَى حِفاظ. ولَيْل أَقْوَس: شَدِيدُ الظُّلْمَةِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَكُونُ مِنْ لَيْلي ولَيْلِ كَهْمَسِ، ... ولَيْلِ سَلْمان الغَسِيّ الأَقْوَسِ،
واللَّامِعات بالنُّشُوعِ النُّوَّسِ
وقَوَّسَت السَّحَابَةُ: تَفَجَّرت؛ عَنْهُ أَيضاً؛ وأَنشد:
سَلَبْتُ حُمَيَّاها فعادَتْ لنَجْرِها، ... وآلَتْ كَمُزْنٍ قَوَّسَتْ بعُيونِ
أَي تفجَّرت بِعُيُونٍ مِنَ المطَر. وَرَوَى الْمُنْذِرُ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: يُقَالُ إِن الأَرنب قَالَتْ: لَا يَدَّريني إِلا الأَجْنى الأَقْوَسُ الَّذِي يَبْدُرُني وَلَا ييأَس؛ قَوْلُهُ لَا يَدَّريني أَي لَا يَخْتِلُني. والأَجْنى الأَقْوَس: المُمارس الدَّاهِيَةُ مِنَ الرِّجَالِ. يُقَالُ: إِنه لأَجْنى أَقْوَس إِذا كَانَ كَذَلِكَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَحْوى أَقْوَس؛ يُرِيدُونَ بالأَحْوى الأَلْوَى، وحَوَيْتُ ولَوَيْتُ وَاحِدٌ؛ وأَنشد:
وَلَا يَزَالُ، وَهُوَ أَجْنى أَقْوَسُ، ... يأْكل، أَو يَحْسو دَماً ويَلْحَسُ
قيس: قاسَ الشَّيْءَ يَقيسُه قَيْساً وَقِيَاسًا واقْتاسه وقَيَّسه إِذا قدَّره عَلَى مِثَالِهِ، قَالَ:
فهنَّ بالأَيْدي مُقَيِّساته، ... مُقَدِّرات ومُخَيّطاته
والمِقياس: المِقْدار. وقاسَ الشَّيْءَ يَقوسُه قَوْساً: لُغَةٌ فِي قاسَه يَقِيسه. وَيُقَالُ: قِسْته وقُسْته أَقُوسُه قَوْساً وقِياساً، وَلَا يُقَالُ أَقَسْته، بالأَلف. والمِقْياس: مَا قِيسَ به. والقِيسُ القاسُ: القَدْر، يُقَالُ: قِيسُ رُمحٍ وقاسُه. اللَّيْثُ: المُقايَسة مُفاعَلَة مِنَ الْقِيَاسِ. وَيُقَالُ: هَذِهِ خَشَبةٌ قِيسُ أُصبع أَي قَدْرُ أُصبع. وَيُقَالُ: قَايَسْت بَيْنَ شَيْئَيْنِ إِذا قادَرْت بَيْنَهُمَا، وَقَاسَ الطبيبُ قَعْرَ الْجِرَاحَةِ قَيساً، وأَنشد:
إِذا قاسَها الآسِي النِّطاسِيُّ أَدْبَرَتْ ... غَثِيثَتُها، وَازْدَادَ وَهْياً هُزُومُها
وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ:
أَنه قَضى بِشَهَادَةِ الْقَائِسِ مَعَ يَمِينِ المَشْجُوج
أَي الَّذِي يَقيس الشَّجَّة ويتعرَّف غَوْرَها بالمِيل الَّذِي يُدخله فِيهَا ليعتبرَها. وَبَيْنَهُمَا قِيس رُمْح وقاسُ رُمْحٍ أَي قَدْرُ رُمح. وَفِي الْحَدِيثِ: لَيْسَ مَا بَيْنَ فرعَوْن مِنَ الْفَرَاعِنَةِ وَفِرْعَوْنَ هَذِهِ الأُمة قِيسُ شِبرٍ أَي قدرُ شِبرٍ، القِيسُ والقِيدُ سَوَاءٌ. وَتَقَايَسَ الْقَوْمُ: ذَكَرُوَا مآرِبَهُم، وقايَسَهُم إِليه: «1» قَايَسَهُمْ بِهِ، قَالَ:
إِذا نَحْنُ قايَسْنا المُلُوك إِلى العُلى، ... وإِن كَرُمُوا، لَمْ يَسْتَطِعْنا المُقايسُ
وَمِنْ كَلَامِهِمْ: إِن اللَّيْلَ لَطَويل وَلَا أُقَيَّس بِهِ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي لَا أَكون قِيَاسًا لِبَلَائِهِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ الدُّعَاءُ. والقَيْسُ: الشِّدَّة، وَمِنْهُ إمرُؤُ القَيْس أَيْ رَجُلُ الشِّدَّةِ. والقَيْس: الذَّكَرُ، عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه كَذَلِكَ، وأَنشد:
__________
(1) . 1 قوله" وقايسهم إليه إلخ" عبارة الأساس: وقايسه إلى كذا سابقه.(6/187)
دَعَاكَ اللَّهُ مِنْ قَيْسٍ بأَفْعَى، ... إِذا نامَ العيونُ سَرَتْ عَلَيْكَا
التَّهْذِيبُ: والمُقايسة تجْري مَجْرَى المُقاساة الَّتِي هِيَ مُعالجة الأَمر الشَّدِيدِ ومُكابَدَتُهُ وَهُوَ مَقْلُوبٌ حِينَئِذٍ. وَيُقَالُ: هُوَ يَخْطُو قِيساً أَي يَجْعَلُ هَذِهِ الخُطْوَة بِمِيزَانِ هَذِهِ. وَيُقَالُ: قَصِّرْ مِقْياسك عَنْ مقياسِي أَي مِثالكَ عَنْ مِثالي. وَرُوِيَ عَنْ
أَبي الدَّرْداء أَنه قَالَ: خيرُ نِسَائِكُمُ الَّتِي تَدْخُلُ قَيْساً وَتَخْرُجُ مَيْساً
أَي تدبِّرُ فِي صَلَاحِ بَيْتِهَا لَا تَخْرُق فِي مِهْنَتها، قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرِيدُ أَنها إِذا مَشَتْ قَاسَتْ بَعْضَ خُطاها بِبَعْضٍ فَلَمْ تَعْجَلْ، فعلَ الخَرْقاء، وَلَمْ تُبْطِئ، وَلَكِنَّهَا تَمْشِي مَشياً وسَطاً مُعْتَدِلًا فكأَن خُطَاهَا مُتَسَاوِيَةٌ. وقَيْس: اسْمٌ، وَالْجَمْعُ أَقياس، أَنشد سِيبَوَيْهِ:
أَلا أَبْلِغِ الأَقْياسَ: قَيْسَ بْنَ نَوْفَلٍ، ... وقَيْسَ بْنَ أَهْبانٍ، وقَيْسَ بْنَ خالِدِ
وَكَذَلِكَ مِقْيَسٌ، «2» قَالَ:
للَّه عَيْنَا مَنْ رَأَى مِثلَ مِقْيَسِ، ... إِذا النُّفَساء أَصْبَحَتْ لَمْ تُخَرَّسِ
وقَيْسٌ: قَبِيلٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: تَقَيَّسَ الرَّجُلُ انْتَسَبَ إِليها. وأُمُّ قَيْس: الرَّخَمَة. وقَيْس: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ مُضَرَ، وَهُوَ قَيْس عَيْلان وَاسْمُهُ الناسُ «3» بْنُ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ وقَيْس لَقَبُه. يُقَالُ: تَقَيَّس فُلَانٌ إِذا تَشَبَّهَ بِهِمْ أَو تمسَّك مِنْهُمْ بسَببٍ إِما بحِلْف أَو جِوارٍ أَو وَلاء، قَالَ رُؤْبَةُ:
وقَيْسُ عَيْلان ومَنْ تَقَيَّسا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لِلْعَجَّاجِ وليس لرؤبة، وَصَوَابُ إِنشاده: وقَيْسَ، بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَهُ:
وإِنْ دعَوْتَ مِنْ تَميمٍ أَرْؤُسا
وجوابُ إِنْ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ:
تَقَاعَسَ العِزُّ بِنا فاقْعَنْسَسَا
وَمَعْنَى تَقَاعَسَ: ثَبَتَ وَانْتَصَبَ، وَكَذَلِكَ اقْعَنْسَس. وَالْقَيْسَانُ مِنْ طيء: «4» قَيْسُ بْنُ عَنَّاب بْنِ أَبي حَارِثَةَ. وعبدُ القَيْس: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ أَسد، وَهُوَ عبدُ الْقَيْسِ بْنِ أَفصَى بْنِ دُعْمِيّ بْنِ جَديلَة بْنِ أَسد بْنِ رَبِيعَةَ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم عَبْقَسِيّ، وإِن شِئْتَ عَبْديّ، وَقَدْ تعَبْقَس الرَّجُلُ كَمَا يُقَالُ تَعَبْشَم وتَقَيَّس.
فصل الكاف
كأس: ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ الكَأْس والفَأْس والرَّأْس مَهْموزات، وَهُوَ رابطُ الجَأْش. والكأْس مُؤَنَّثَةٌ، قَالَ اللَّه تَعَالَى: بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضاءَ
؛ وأَنشد الأَصمعي لأُمية بْنِ أَبي الصَّلْتِ:
مَا رَغْبَةُ النفسِ فِي الْحَيَاةِ، وإِن ... تَحْيا قَلِيلًا، فالموتُ لاحِقُها
يُوشك مَن فَرّ مِنْ مَنِيَّته، ... فِي بعضِ غِرّاته يُوافِقُها
مَن لَمْ يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هَرَمًا، ... لِلْمَوْتِ كأْس، والمرءُ ذائقُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عَبْطَة أَي شَابًّا فِي طَراءته وَانْتَصَبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَي مَوْت عَبْطَة وَمَوْتُ هَرَم فَحَذَفَ
__________
(2) . 1 قوله" وكذلك مِقْيَسٌ إلخ" عبارة القاموس وشرحه: ومِقْيَسٌ هو ابن حبابة قتله نميلة بْنِ عَبْدِ اللَّه مِنَ قومه، فقالت أخته في قتله:
لعمري لقد أخزى نميلة رهطه ... وفجع أضياف الشتاء بمِقْيَس
فَلِلَّهِ عَيْنَا مَنْ رَأَى إلخ.
(3) . 2 قوله" واسمه الناس" ضبط في الأصل ومتن القاموس بتخفيف السين، وزاد في شرح القاموس تشديدها نقلًا عن الوزير المغربي.
(4) . 1 قوله" والقيسان من طيء إلخ" لم يبين الثاني منهما. وعبارة القاموس: والقيسان من طيء قَيْس بن عناب، بالنون، وقَيْس بن هزمة، أي بالتحريك، بن عناب.(6/188)
الْمُضَافَ، قَالَ: وإِن شِئْتَ نَصَبْتَهُمَا عَلَى الْحَالِ أَي ذَا عَبْطَة وَذَا هَرَم فَحَذَفَ الْمُضَافَ أَيضاً وأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقامَه. والكأْس: الزُّجاجة مَا دَامَ فِيهَا شَرَابٌ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: الكأْسُ الشَّرَابُ بعَيْنه وَهُوَ قَوْلُ الأَصمعي، وَكَذَلِكَ كَانَ الأَصمعي يُنْكِرُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى بَيْتَ أُمَيَّة للمَوْتِ كأْس، وَكَانَ يَرْويه: المَوْت كأْس، وَيَقْطَعُ أَلف الْوَصْلِ لأَنها فِي أَول النِّصْفِ الثَّانِي مِنَ الْبَيْتِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ؛ وَكَانَ أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ يَقُولُ: هَذَا الَّذِي أَنكره الأَصمعي غَيْرُ مُنْكَرٍ، وَاسْتَشْهَدَ عَلَى إِضافة الكأْس إِلى الْمَوْتِ بِبَيْتِ مُهَلْهِل، وَهُوَ:
مَا أُرَجِّي بالعَيْش بَعْدَ نَدامى، ... قَدْ أَراهُمْ سُقُوا بكأْس حَلاقِ
وحَلاقِ: اسْمٌ للمنِيَّة وَقَدْ أَضاف الكأْس إِليها؛ ومثلُ هَذَا الْبَيْتَ الَّذِي اسْتَشْهَدَ بِهِ أَبو عَلِيٍّ. قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
فهاجَها، بعد ما رِيعَتْ، أَخُو قَنَصٍ، ... عارِي الأَشاجِعِ مِنْ نَبْهان أَو ثُعَلا
بأَكْلُبٍ كقِداحِ النَّبْعِ يُوسِدُها ... طِمْلٌ، أَخُو قَفْرَة غَرْثان قَدْ نَحَلا
فَلَمْ تَدَعْ وَاحِدًا منهنَّ ذَا رَمَقٍ، ... حَتَّى سَقَتْه بكأْسِ الْمَوْتِ فانْجَدَلا
يَصِفُ صَائِدًا أَرسل كِلَابَهُ عَلَى بقرةِ وَحْشٍ؛ وَمِثْلُهُ لِلْخَنْسَاءِ:
ويُسْقِي حِينَ تَشْتَجِرُ العَوالي ... بكأْس الْمَوْتِ، ساعةَ مُصْطَلاها
وَقَالَ جَرِيرٌ فِي مِثْلِ ذَلِكَ:
أَلا رُبَّ جَبَّار، عَلَيْهِ مَهابَةٌ، ... سَقَيْناه كأْس الْمَوْتِ حَتَّى تَضَلَّعَا
وَمِثْلُهُ لأَبي دُواد الإِيادِي:
تعْتادُه زفَرَاتٌ حِينَ يذكُرُها، ... سَقَيْنَه بكُؤُوس الْمَوْتِ أَفْوَاقَا
ابْنُ سِيدَهْ: الكأْس الْخَمْرُ نَفْسُهَا اسْمٌ لَهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ للأَعشى:
وكأْسٍ كعَينِ الدِّيكِ باكَرْتُ نَحْوَها ... بفِتْيانِ صِدْقٍ، والنَّواقِيسُ تُضْرَبُ
وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ أَيضاً لِعَلْقَمَةَ:
كأْسٌ عزيزٌ مِنَ الأَعْناب عَتَّقَها، ... لبعضِ أَربابها، حَانِيَّةٌ حُومُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا أَنشده أَبو حَنِيفَةَ، كأْسٌ عزيزٌ، يَعْنِي أَنها خَمْرٌ تَعِزُّ فَيُنْفَسُ بِهَا إِلا عَلَى المُلُوك والأَرباب؛ وكأْسٌ عزيزٌ، عَلَى الصِّفَةِ، والمتعارَف: كأْسُ عزيزٍ، بالإِضافة؛ وكذلك أَنَشده سِيبَوَيْهِ، أَي كأْسُ مالِكٍ عَزيزٍ أَو مستحِقٍّ عزيزٍ. والكأْس أَيضاً: الإِناء إِذا كَانَ فِيهِ خَمْرٌ، قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الزُّجاجة مَا دَامَ فِيهَا خَمْرٌ، فإِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا خَمْرٌ، فَهِيَ قَدَحٌ، كُلُّ هَذَا مُؤَنَّثٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَا تسمَّى الكأْس كأْساً إِلا وَفِيهَا الشَّراب، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لَهَا عَلَى الِانْفِرَادِ وَالِاجْتِمَاعِ، وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الكأْس فِي الْحَدِيثِ، وَاللَّفْظَةُ مَهْمُوزَةٌ وَقَدْ يُتْرَكُ الْهَمْزُ تَخْفِيفًا، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَكْؤُسٌ وكُؤُوسٌ وكِئاسٌ؛ قَالَ الأَخطل:
خَضِلُ الكِئاسِ، إَذا تَثَنَّى لَمْ تكنْ ... خُلْفاً مَواعِدُه كَبَرْقِ الخُلَّبِ
وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ: كِياس، بِغَيْرِ هَمْزٍ، فإِن صَحَّ ذَلِكَ، فَهُوَ عَلَى البَدَل، قلَبَ الْهَمْزَةِ فِي كأْس أَلفاً(6/189)
فِي نِيَّةِ الْوَاوِ فَقَالَ كاسٌ كنارٍ، ثُمَّ جَمَعَ كَأْسًا عَلَى كِياسٍ، والأَصل كِواس، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ الَّتِي قَبْلَهَا؛ وتَقَعُ الكأْس لِكُلِّ إِناءٍ مَعَ شَرَابِهِ، وَيُسْتَعَارُ الكأْس فِي جَمِيعِ ضُرُوب الْمَكَارِهِ، كَقَوْلِهِمْ: سَقَاهُ كأْساً مِنَ الذلِّ، وكأْساً مِنَ الحُبِّ والفُرْقة وَالْمَوْتِ، قَالَ أُمَيَّة بْنُ أَبي الصَّلْت، وَقِيلَ هُوَ لِبَعْضِ الْحَرُورِيَّةِ:
مَن لَمْ يَمُت عَبْطَةً يَمُت هَرَماً، ... المَوْتُ كأْس، والمرءُ ذائقُه «1»
قطَع أَلف الْوَصْلِ وَهَذَا يُفْعَلُ فِي الأَنْصاف كَثِيرًا لأَنه مَوْضِعُ ابْتِدَاءٍ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَلَا يُبادِرُ فِي الشِّتاء وَلِيدُنا، ... أَلْقِدْرَ يُنزِلها بغيرِ جِعَال
ابْنُ بُزُرج: كاصَ فُلَانٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِذا أَكثر مِنْهُ. وَتَقُولُ: وجَدْت فُلَانًا كأْصاً بِزِنَةٍ كَعْصاً أَي صَبُورًا بَاقِيًا عَلَى شُربه وأَكله. قَالَ الأَزهري: وأَحْسب الكأْس مأْخوذاً مِنْهُ لأَن الصَّادَ وَالسِّينَ يَتَعاقبان فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهما.
كبس: الكَبْسُ: طَمُّك حُفرة بِتُرَابٍ. وكبَسْت النهرَ وَالْبِئْرَ كَبْساً: طَمَمْتها بِالتُّرَابِ. وَقَدْ كَبَسَ الْحُفْرَةَ يَكْبِسُها كَبْساً: طَواها بِالتُّرَابِ «2» وَغَيْرِهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ التُّرَابُ الكِبْس، بِالْكَسْرِ. يُقَالُ الهَواء والكِبْس، فالكِبْس مَا كَانَ نَحْوَ الأَرض مِمَّا يَسُدُّ مِنَ الْهَوَاءِ مَسَدّاً. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكَبْس أَن يُوضَعَ الْجِلْدُ فِي حَفِيرَةٍ وَيُدْفَنَ فِيهَا حَتَّى يسترخِي شعَره أَو صُوفه. والكبيسُ: حَلْيٌ يُصاغُ مجَوَّفاً ثُمَّ يُحْشى بِطِيب ثُمَّ يُكْبَس؛ قَالَ عَلقمة:
مَحَالٌ كأَجْوازِ الجَراد، ولُؤْلُؤٌ ... مِنَ القَلَقِيِّ والكَبِيس المُلَوَّبِ
وَالْجِبَالُ الكُبَّس والكُبْس: الصِّلاب الشِّدَادُ. وكَبَسَ الرجلُ يَكْبِسُ كُبُوساً وتَكَبَّس أَدْخَلَ رأْسه فِي ثَوْبِهِ، وَقِيلَ: تقنَّع بِهِ ثُمَّ تغطَّى بِطَائِفَتِهِ، والكُباس مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَرَجُلٌ كُباسٌ: وَهُوَ الَّذِي إِذا سأَلته حَاجَةً كَبَس برأْسه فِي جَيْب قَمِيصِهِ. يُقَالُ: إِنه لكُباس غَيْرُ خُباس؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ رَجُلًا:
هُوَ الرُّزْءُ المُبيّنُ، لَا كُباسٌ ... ثَقيل الرَّأْسِ، يَنْعِق بالضَّئين
ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ كُباس عَظِيمُ الرأْس؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
فَذَاكَ الرُّزْءُ عَمْرُك، لَا كُباسٌ ... عَظِيمُ الرأْس، يَحْلُم بالنَّعِيق
وَيُقَالُ: الكُباس الَّذِي يَكْبِس رأْسه فِي ثِيَابِهِ وَيَنَامُ. والكابِس مِنَ الرِّجَالِ: الْكَابِسُ فِي ثَوْبِهِ المُغَطِّي بِهِ جَسَدَهُ الدَّاخِلُ فِيهِ. والكِبْس: الْبَيْتُ الصَّغِيرُ، قَالَ: أُراه سمِّي بِذَلِكَ لأَن الرَّجُلَ يَكْبِس فِيهِ رأْسه؛ قَالَ شِمْرٌ: وَيَجُوزُ أَن يُجْعَلَ الْبَيْتُ كِبْساً لِمَا يُكْبَسُ فِيهِ أَي يُدْخل كَمَا يَكْبس الرَّجُلُ رأْسه فِي ثَوْبِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَقيل بْنِ أَبي طَالِبٍ أَن قُرَيْشًا أَتت أَبا طَالِبٍ فَقَالُوا لَهُ: إِن ابْنَ أَخيك قَدْ آذَانَا فانْهَهُ عنَّا، فَقَالَ: يَا عَقيل انْطَلِقْ فأْتني بِمُحَمَّدٍ، فَانْطَلَقْتُ إِلى رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ كِبْس
، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ شِمْرٌ: مِنْ كِبْس أَي مِنْ بَيْتٍ صَغِيرٍ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ مِنَ الكِناس، وَهُوَ بَيْتُ الظَّبْي، والأَكباس: بُيُوتٌ مِنْ طِينٍ، وَاحِدُهَا كِبْس. قال شمر: والكِبس
__________
(1) . روي هذا البيت في الصفحة 188: والمرء ذائقها: ويظهر أَنه أَرجع هنا الضمير إلى الموت لا إلى الكأس.
(2) . قوله [طواها بالتراب] هكذا في الأَصل ولعله طمها بالتراب.(6/190)
اسْمٌ لِمَا كُبِس مِنَ الأَبنية، يقال: كِبْس الجار وكِبْس البَيت. وَكُلُّ بُنيان كُبِس، فَلَهُ كِبْس؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وإِن رأَوْا بُنْيانَه ذَا كِبْسِ، ... تَطارَحُوا أَركانَه بالرَّدْسِ
والأَرْنَبَة الكابِسَة: المُقبلَة عَلَى الشَّفَةِ الْعُلْيَا. والناصيَة الكابِسَة: المُقبلَة عَلَى الجَبْهة. يُقَالُ: جَبْهَةٌ كَبَسَتها النَّاصِيَةُ، وَقَدْ كَبَسَتِ الناصِيَةُ الجَبْهَة. والكُباس، بِالضَّمِّ: الْعَظِيمُ الرأْس، وَكَذَلِكَ الأَكبس. وَرَجُلٌ أَكْبس بَيِّن الكَبَس إِذا كَانَ ضَخْمَ الرأْس؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الَّذِي أَقبلت هامَتُه وأَدبرت جَبْهَته. وَيُقَالُ: رأْس أَكْبَس إِذا كَانَ مُسْتَدِيرًا ضَخْمًا. وهامَةٌ كَبْساء وكُباس: ضَخْمَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ، وَكَذَلِكَ كَمَرَة كَبْساء وكُباس. ابْنُ الأَعرابي: الكِبْسُ الكَنْزُ والكِبْس الرأْس الْكَبِيرُ. شِمْرٌ: الكُباس الذكَر؛ وأَنشد قَوْلَ الطِّرِمَّاحِ:
وَلَوْ كُنْت حُرّاً لَمْ تَنَمْ لَيْلَةَ النَّقا، ... وجِعْثِنُ تُهْبى بالكُباس وبالعَرْد
تُهْبى: يُثار مِنْهَا الْغُبَارُ لِشِدَّةِ العَمَل بِهَا، ناقة كَبْساء وكُباس، وَالِاسْمُ الكَبَس؛ وَقِيلَ: الأَكْبَس. وهامةٌ كَبْساء وكُباس: ضَخْمَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ، وَكَذَلِكَ كَمَرة كَبْساء وَكُباس. والكُباس. الْمُمْتَلِئُ اللَّحْمِ. وقدَم كَبْساء: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ غَلِيظَةٌ مُحْدَوْدِبة. والتَّكْبيس والتَّكَبُّس: الِاقْتِحَامُ عَلَى الشَّيْءِ، وَقَدْ تَكَبَّسوا عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: كَبَسوا عَلَيْهِمْ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: جَاءَ فُلَانٌ مُكَبِّساً وَكَابِسًا إِذا جَاءَ شَادًّا، وَكَذَلِكَ جَاءَ مُكَلِّساً أَي حَامِلًا. يُقَالُ: شدَّ إِذا حَمَل، وَرُبَّمَا قَالُوا كَبَس رأْسَه أَي أَدخله فِي ثِيَابِهِ وأَخفاه. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
فوجَدوا رِجَالًا قَدْ أَكلتهم النَّارُ إِلا صُورَةَ أَحدهم يعرَف بِهَا فاكْتَبَسوا فأُلْقوا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ
أَي أَدخلوا رؤُوسَهم فِي ثِيَابِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ مَقْتَل حَمْزَةَ:
قَالَ وَحْشِيّ فكَمَنت لَهُ إِلى صَخْرَةٍ وَهُوَ مُكَبّسٌ لَهُ كَتِيت
أَي يَقْتَحِمُ النَّاسَ فيَكْبِسهم، وَالْكَتِيتُ الهَدير والغَطِيط. وقِفافٌ كُبْسٌ إِذا كَانَتْ ضِعافاً؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وُعْثاً وُعُوراً وقِفافاً كُبْسا
وَنَخْلَةٌ كَبُوس: حَمَلَهَا فِي سَعَفِها. والكِباسة، بِالْكَسْرِ: العِذْق التَّام بشَماريخه وبُسْرِه، وَهُوَ مِنَ التَّمْرِ بِمَنْزِلَةِ العُنْقود مِنَ العِنب؛ وَاسْتَعَارَ أَبو حَنِيفَةَ الكَبائس لِشَجَرِ الفَوْفَل فَقَالَ: تَحْمِلُ كَبَائِسَ فِيهَا الفَوْفَل مِثْلُ التَّمْرِ. غَيْرُهُ: والكَبيسُ ضرْب مِنَ التَّمْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا جَاءَ بكَبائس مِنْ هَذِهِ النَّخْلِ
؛ هِيَ جَمْعُ كِباسة، وَهُوَ العِذْق التامُّ بِشَمَارِيخِهِ ورُطبه؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: كَبائس اللؤْلؤ الرطْب.
والكَبيس: ثَمَرُ النَّخْلَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا أُمُّ جِرْذان، وإِنما يُقَالُ لَهُ الْكَبِيسُ إِذا جفَّ، فإِذا كَانَ رَطْبًا فَهُوَ أُمُّ جِرْذان. وعامُ الكَبِيس فِي حِسَابِ أَهل الشَّامِ عَنْ أَهل الرُّومِ: فِي كُلِّ أَربع سِنِينَ يَزِيدُونَ فِي شَهْرِ شُبَاطَ يَوْمًا فَيَجْعَلُونَهُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَفِي ثَلَاثِ سِنِينَ يَعُدُّونَهُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، يُقِيمُونَ بِذَلِكَ كُسُورَ حِسَابِ السَّنَةِ وَيُسَمُّونَ الْعَامَ الَّذِي يَزِيدُونَ فِيهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَامَ الكَبِيس. الْجَوْهَرِيُّ: وَالسَّنَةُ الكَبِيسة الَّتِي يُسْتَرق لَهَا يَوْمٌ وَذَلِكَ فِي كُلِّ أَربع سِنِينَ. وكَبَسُوا دَارَ فُلَانٍ؛ وَكَابُوسُ: كَلِمَةٌ يكنَى بِهَا عَنِ البُضْع. يُقَالُ: كبَسها إِذا فَعَلَ بِهَا مَرَّةً.(6/191)
وكَبَس المرأَة: نَكَحَهَا مَرَّةً. وكابُوس: اسْمٌ يكنُون بِهِ عَنِ النِّكَاحِ. والكابُوس: مَا يَقَعُ عَلَى النَّائِمِ بِاللَّيْلِ، وَيُقَالُ: هُوَ مقدَمة الصَّرَع؛ قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ: وَلَا أَحسبه عَرَبِيًّا إِنما هُوَ النِّيدِلان، وَهُوَ الْبَارُوكُ والجاثُوم. وعابسٌ كابسٌ: إِتباع. وكابسٌ وكَبْس وكُبَيْسٌ: أَسماء وكُبَيْس: مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
جَعَلْنَ حُبَيّاً بِالْيَمِينِ، ونكَّبَت ... كُبَيْساً لوِرْدٍ مِنْ ضَئيدة باكِرِ
كدس: الكُدْس والكَدْس: العَرَمَة مِنَ الطَّعَامِ وَالتَّمْرِ وَالدَّرَاهِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أَكداس، وَهُوَ الكدِّيس، يَمَانِيَّةٌ؛ قَالَ:
لَمْ تَدْر بُصْرى بِمَا آلَيْت مِنْ قَسَم، ... وَلَا دِمَشْقُ إِذا دِيسَ الكَداديسُ
وَقَدْ كَدَسَه. والكُدْس: جَمَاعَةُ طَعَامٍ، وَكَذَلِكَ مَا يُجْمَعُ مِنْ دَرَاهِمَ وَنَحْوِهِ. يُقَالُ: كَدَسَ يَكْدِس. النَّضْرُ: أَكْداس الرَّمْلِ وَاحِدُهَا كُدْس، وَهُوَ الْمُتَرَاكِبُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يُزايل بَعْضُهُ بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: كَانَ أَصحاب الأَيْكة أَصحاب شَجَرٍ مُتكادِس
أَي مُلْتَفٍّ مُجْتَمِعٍ مَنْ تكدَّست الْخَيْلُ إِذا ازْدَحَمَتْ وَرَكِبَ بَعْضُهَا بَعْضًا. والكَدْس: الْجَمْعُ؛ وَمِنْهُ كُدْس الطَّعَامِ. وكَدَسَتِ الإِبل والدَّوابّ تَكْدِس كَدْساً وتكدَّسَت: أَسرعت وَرَكِبَ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي سَيْرِهَا. الْفَرَّاءُ: الكَدس إِسراع الإِبل فِي سيْرها، والكَدْس: إِثقال المُسْرِع «1» فِي السَّيْرِ، وَقَدْ كَدَسَت الْخَيْلُ. وتَكَدَّس الْفَرْسُ إِذا مَشَى كأَنه مُثْقَلٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّا إِذا الخَيْل عَدَت أَكْداسا، ... مِثل الْكِلَابِ، تَتَّقِي الهَراسا
والتَكَدُّس: أَن يحرِّك مَنْكِبَيْه وينصَبَّ إِلى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِذا مَشَى وكأَنه يَرْكَبُ رأْسه، وَكَذَلِكَ الوُعُول إِذا مَشَت. وَفِي حَدِيثِ السِّراط:
وَمِنْهُمْ مَكْدُوس فِي النَّارِ
أَي مَدْفُوع. وتكدَّس الإِنسان إِذا دُفع مِنْ وَرَائِهِ فَسَقَطَ، وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، مِنَ الكَدْش وَهُوَ السَّوْق الشَّدِيدُ. والكَدْسُ: الطَّرْدُ والجَرْح أَيضاً. والتَكَدُّس: مِشيَة مِنْ مِشى القِصار الغِلاظ. ابْنُ الأَعرابي: كَدْس الْخَيْلِ رُكُوبُ بَعْضِهَا بَعْضًا، والتَكَدُّس: السُّرْعَةُ فِي الْمَشْيِ أَيضاً؛ قَالَ عُبَيْدٌ أَو مُهَلْهِلٌ:
وخَيْل تَكَدَّسُ بالدَّارعِين، ... كمَشْيِ الوُعُول عَلَى الظاهِرَهْ
يُقَالُ مِنْهُ: جَاءَ فُلَانٌ يَتَكَدَّسُ؛ وَقَالَ المُتَلَمِّس:
هَلُمُّوا إِليه، قَدْ أُبيثَتْ زُرُوعُه، ... وعادَتْ عَلَيْهِ المَنْجَنُونُ تَكَدَّسُ
والكُداس: عُطاس الْبَهَائِمِ، وكَدَسَت أَي عَطَست؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
الطَّير شَفْعٌ والمَطايا تَكْدِسُ، ... إِني بأَنْ تَنْصُرَني لأُحسِسُ
يَقُولُ: هَذِهِ الإِبل تَعْطِسُ بِنَصْرِكَ إِياي، والطيرُ تمرُّ شَفْعاً، لأَنه يُتَطَيَّرُ بالوِتْرِ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ أُحْسِسُ، أَي أُحسُّ، فأَظْهر التَّضْعِيفَ لِلضَّرُورَةِ كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
تَشْكو الوَجى مِنْ أَظْلَلٍ وأَظْلَلِ
وكَدَسَ يَكْدِس كَدْساً: عَطَس، وَقِيلَ: الكُداس للضّأْن مِثْلُ العُطاس للإِنسان. وفي الحديث:
__________
(1) . قوله [الكدس إثقال المسرع إلخ] عبارة القاموس والصحاح: الكدس إسراع المثقل في السير.(6/192)
إِذا بصَق أَحدكم فِي الصَّلَاةِ فليبصُق عَنْ يَساره أَو تَحْتَ رجْله، فإِن غَلَبَتْه كَدْسَة أَو سَعْلَةٌ فَفِي ثَوْبِهِ
؛ الكَدْسة: العَطْسة. والكَوادِس: مَا يُتَطَيَّر مِنْهُ مثلُ الفأْل والعُطاس وَنَحْوِهِ، والكادِس كَذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للظَّبي وَغَيْرِهِ إِذا نَزَلَ مِنَ الجَبَل: كادِس، يُتَشاءَم بِهِ كَمَا يُتَشاءَمُ بالبارِح. والكادِسُ: القَعيدُ مِنَ الظِّباء وَهُوَ الَّذِي يَجيئُك مِنْ وَرَائِكَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَلَوْ أَنَّني كنتُ السَّلِيم لَعُدْتَني ... سَريعاً، وَلَمْ تَحْبِسْكَ عَنِّي الكَوادِسُ
واحدُها كادِس. وكَدَسَ يَكْدِسُ كَدْساً: تطيَّر؛ وَيُقَالُ: أَخذه فكَدَس بِهِ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لَا يُؤتَى بأَحَدٍ إِلَّا كَدَسَ بِهِ الأَرض
أَي صَرعه وأَلصَقَه بها.
كرس: تَكَرَّسَ الشيءُ وتَكارَس: تَراكَمَ وتَلازَبَ. وتَكَرَّس أُسُّ البِناء: صَلُبَ واشتدَّ. والكِرْسُ: الصَّارُوجُ. والكِرْس، بِالْكَسْرِ: أَبوال الإِبل والغَنَم وأَبعارُها يتلبَّد بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الدَّارِ، والدِّمْنُ مَا سَوَّدُوا مِنْ آثَارِ البَعَر وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: أَكْرَسَتِ الدَّارُ. والكِرْس: كِرْس البِناء، وكِرْس الحَوض: حَيْثُ تَقِف النَّعَم فيتلبَّد، وَكَذَلِكَ كِرْس الدِّمْنة إِذا تَلَبَّدَت فَلزِقَت بالأَرض. وَرَسْمٌ مُكْرَس، بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، ومُكْرِس: كَرِسٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَا صاحِ، هَلْ تعرِف رَسْماً مُكْرَسَا؟ ... قَالَ: نَعَمْ أَعْرِفه، وأَبْلَسَا،
وانْحَلَبَتْ عَيْناه مِنْ فَرْط الأَسَى
قَالَ: والمَكْرس الَّذِي قَدْ بَعَرَت فِيهِ الإِبل وبوّلتْ فركِب بَعْضُهُ بَعْضًا؛ وَمِنْهُ سُمِّيت الكُرَّاسة. وأَكْرَس الْمَكَانُ: صَارَ فِيهِ كِرْس؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْحَذْلَمِيُّ:
فِي عَطَنٍ أَكْرَسَ مِنْ أَصْرَامِها
أَبو عَمْرٍو: الأَكارِيسُ الأَصْرام مِنَ النَّاسِ، وَاحِدُهَا كِرْس، وأَكْراس ثُمَّ أَكارِيس. والكِرْس: الطِّين المتلبِّد، وَالْجَمْعُ أَكْراس. أَبو بَكْرٍ: لُمْعَة كَرْساء لِلْقِطْعَةِ مِنَ الأَرض فِيهَا شَجَرٌ تَدانَتْ أُصُولها والتفَّت فُرُوعها. والكِرْس: الْقَلَائِدُ «2» الْمَضْمُومُ بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ الوُشُح وَنَحْوِهَا، وَالْجَمْعُ أَكراس. وَيُقَالُ: قِلَادَةٌ ذاتُ كِرْسَين وَذَاتُ أَكْراس ثَلَاثَةٍ إِذا ضَمَمْتَ بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ؛ وأَنشد:
أَرِقْتُ لِطَيْف زَارَنِي فِي المَجَاسِدِ، ... وأَكْراس دُرٍّ فُصِّلَتْ بالفَرائدِ
وقِلادة ذَاتُ كِرْسَيْن أَي ذَاتُ نَظْمين. وَنَظْمٌ مُكَرَّس ومُتَكَرِّس: بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ. وكلُّ مَا جُعِل بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ. وكلُّ مَا جُعِل بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، فَقَدْ كُرِّس وتَكَرَّس هُوَ. ابْنُ الأَعرابي: كَرِس الرَّجُلُ إِذا ازدحَمَ عِلْمه عَلَى قَلْبِهِ؛ والكُرَّاسة مِنَ الْكُتُبِ سُمِّيت بِذَلِكَ لتَكَرُّسِها. الْجَوْهَرِيُّ: الكُرَّاسة وَاحِدَةُ الكُرَّاس «3» والكرارِيس؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
حَتَّى كأَن عِراصَ الدَّارِ أَرْدِيةٌ ... مِنَ التَّجاويز، أَو كُرَّاسُ أَسفار
جَمْعُ سِفْر. وَفِي حَدِيثِ الصِّراط:
وَمِنْهُمْ مَكْروسٌ
__________
(2) . قوله [والكرس القلائد] عبارة القاموس والكرس واحد أَكراس القلائد والوشح ونحوها.
(3) . قوله [الكراسة واحدة الكراس] إن أراد أنثاه فظاهر، وإن أَراد أَنها واحدة والكراس جمع أَو اسم جنس جمعي فليس كذلك، وقد حققته في شرح الاقتراح وغيره انتهى من هامش القاموس.(6/193)
فِي النَّارِ
، بَدَل مُكَرْدَس وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. والتَكرِيس: ضَمُّ الشَّيْءُ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ كِرْس الدِّمْنة حَيْثُ تَقِف الدوابُّ. والكِرْس: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: الْجَمَاعَةُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَالْجَمْعُ أَكْراس، وأَكارِيسُ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ فأَما قَوْلُ رَبِيعَةَ بْنِ الْجَحْدَرِ:
أَلا إِن خَيْرَ النَّاسِ رِسْلًا ونَجْدَةً، ... بِعَجْلان، قَدْ خَفَّت لَدَيْهِ الأَكارِسُ
فإِنه أَراد الأَكارِيس فَحَذَفَ لِلضَّرُورَةِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. وكِرس كُلِّ شَيْءٍ: أَصله. يُقَالُ: إِنه لَكَرِيمُ الكِرْس وكَريم القِنْس وَهُمَا الأَصل؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَمْدَحُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ:
أَنْتَ أَبا العَبَّاس، أَولى نَفْسِ ... بِمعْدِنِ الملْك القدِيم الكِرْسِ
الكِرْس: الأَصل. والكُرْسِيّ: مَعْرُوفٌ وَاحِدُ الكَرَاسِي، وَرُبَّمَا قَالُوا كِرْسِيّ؛ بِكَسْرِ الْكَافِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ
؛ فِي بَعْضِ التَّفاسير: الكُرْسِيّ العِلم وَفِيهِ عدَّة أَقوال. قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: كُرْسِيُّه عِلْمُه
، وَرُوِيَ عَنْ
عَطَاءٍ أَنه قَالَ: مَا السموات والأَرض فِي الكُرْسِيّ إِلا كحَلْقة فِي أَرض فَلاة
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا الْقَوْلُ بَيِّنٌ لأَن الَّذِي نعرِفه مِنَ الكُرْسي فِي اللُّغَةِ الشَّيْءُ الَّذِي يُعْتَمَد عَلَيْهِ ويُجْلَس عَلَيْهِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الْكُرْسِيَّ عَظِيمٌ دونه السموات والأَرض، والكُرْسِيّ فِي اللُّغَةِ والكُرَّاسة إِنما هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي قَدْ ثَبَت ولزِم بعضُه بَعْضًا. قَالَ: وَقَالَ قَوْمٌ كُرْسيّه قُدْرَتُه الَّتِي بها يمسك السموات والأَرض. قَالُوا: وَهَذَا كَقَوْلِكَ اجْعَلْ لِهَذَا الْحَائِطِ كُرْسِيّاً أَي اجْعَلْ لَهُ مَا يَعْمِدُه ويُمْسِكه، قَالَ: وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لأَن عِلْمَهُ الَّذِي وسع السموات والأَرض لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا، واللَّه أَعلم بِحَقِيقَةِ الْكُرْسِيِّ إِلا أَن جُمْلَتَهُ أَمرٌ عَظِيمٌ مِنْ أَمر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ؛ وَرَوَى أَبو عَمْرٍو عَنْ ثَعْلَبٍ أَنه قَالَ: الْكُرْسِيُّ مَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَرَاسِيِّ المُلوك، وَيُقَالُ كِرْسي أَيضاً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والصحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْكُرْسِيِّ مَا رَوَاهُ
عَمَّار الذهبي عَنْ مُسْلِمٍ البَطِين عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ القَدَمين، وأَما الْعَرْشُ فإِنه لَا يُقدر قَدْرُهُ
، قَالَ: وَهَذِهِ رِوَايَةٌ اتَّفَقَ أَهل الْعِلْمِ عَلَى صِحَّتِهَا، قَالَ: وَمَنْ رَوَى عَنْهُ فِي الْكُرْسِيِّ أَنه العِلم فَقَدْ أَبْطل. والانْكِراس: الانْكِباب. وَقَدِ انْكَرَس فِي الشَّيْءِ إِذا دَخَلَ فِيهِ مُنْكَبّاً. والكَرَوَّس، بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ: الضَّخْمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ العَظِيم الرأْس والكاهِلِ مَعَ صَلابة، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظِيمُ الرأْس فَقَطْ، وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ. التَّهْذِيبُ: والكَرَوَّس الرَّجُلُ الشَّدِيدُ الرأْس وَالْكَاهِلُ فِي جِسْم؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فِينا وجَدْت الرَّجُلَ الكَرَوّسا
ابْنُ شُمَيْلٍ: الكَرَوَّس الشَّدِيدُ، رجلٌ كَرَوَّس. والكَرَوَّس: الهُجَيْمِي مِنْ شُعَرائهم. والكِرْياس: الكَنِيف، وَقِيلَ: هُوَ الكنِيف الَّذِي يَكُونُ مُشْرفاً عَلَى سَطْح بِقَناةٍ إِلى الأَرض؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي أَيوب أَنه قَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَصْنَع بِهَذِهِ الكَرَاييِس، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن تُسْتَقْبَل القِبلة بغائطٍ أَو بَوْل
يَعْنِي الكُنُف. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الكَرَايِيسُ واحدُها كِرْياس، وَهُوَ الكَنِيف الَّذِي يَكُونُ مُشْرِفاً عَلَى سَطْحٍ بِقَناةٍ إِلى الأَرض، فإِذا كَانَ أَسفل فَلَيْسَ بكِرْياس. قَالَ الأَزهري: سُمِّي كِرْياساً لِمَا(6/194)
يَعْلَق بِهِ مِنَ الأَقذار فَيَرْكب بَعْضُهُ بَعْضًا ويتكرَّس مِثْلَ كِرْس الدِّمْنِ والوَأْلَةِ، وَهُوَ فِعْيال مِنَ الكَرْس مِثْلَ جِرْيال؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ الكِرْناس، بالنون.
كربس: الكِرْباس والكِرْباسة: ثَوْبٌ، فَارِسِيَّةٌ، وبيَّاعُه كَرَابِيسِيّ. التَّهْذِيبُ: الكِرْباس، بِكَسْرِ الْكَافِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ يُنْسَبُ إِليه بيَّاعه فَيُقَالُ كَرابيسيّ، والكِرباسة أَخص مِنْهُ وَالْجَمْعُ الكَرابيس. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: وَعَلَيْهِ قَمِيص مِنْ كَرابيسَ
؛ هِيَ جَمْعُ كِرْباس، وَهُوَ القُطْن. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: فأَصبح وَقَدِ اعْتَمَّ بعِمامة كَرابيس سَوْدَاءَ.
والكِرْباسُ: راوُوق الْخَمْرِ.
كردس: الكُرْدُوس: الْخَيْلُ الْعَظِيمَةُ، وَقِيلَ: القِطْعة مِنَ الْخَيْلِ العظيمةُ، والكَرادِيسُ: الفِرَق مِنْهُمْ. وَيُقَالُ: كَرْدَسَ الْقَائِدُ خَيْله أَي جَعَلَهَا كَتِيبة كَتِيبة. والكُرْدُوس: قِطْعَةٌ مِنَ الخيْل. والكُرْدوس: فِقْرة مِنْ فِقَر الكاهِل. وكلُّ عَظْمٍ تَامٍّ ضخْم، فَهُوَ كُرْدوس؛ وكلُّ عظمْ كَثِير اللَّحْمِ عظُمَت نَحْضَتُه كُرْدُوس؛ وَمِنْهُ قَوْلِ
عَلِيٍّ، كرَّم اللَّه وَجْهَهُ، فِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ضَخْم الكَرادِيس.
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ: الكَرادِيس رُؤُوس العِظام، واحدُها كُرْدوس، وَكُلُّ عَظْمَيْنِ الْتَقَيَا فِي مَفْصِل فَهُوَ كُرْدُوس نَحْوَ المَنْكِبَين والرُّكْبَتين والوَرِكَين؛ أَراد أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَخْم الأَعضاء. والكَراديس: كَتَائِبُ الْخَيْلِ، وَاحِدُهَا كُردوس، شُبِّهَتْ برؤوس الْعِظَامِ الْكَثِيرَةِ. والكرادِيس: عِظام مَحال البَعِير. والكُرْدُوسان: كَسْرَا [كِسْرَا] الفَخِذين، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الكُرْدُوس الكَسْر [الكِسْر] الأَعلى لعِظَمِه، وَقِيلَ: الكَرادِيس رُؤوس الأَنقاء، وَهِيَ القَصَب ذَوَاتُ المُخِّ. وكَرادِيس الفَرَس: مَفاصِله. والكُردُوسان: بَطْنان مِنَ العرَب. والكَرْدَسَة: الوِثاق. يُقَالُ: كَرْدَسَه ولَبَجَ بِهِ الأَرض. ابْنُ الْكَلْبِيِّ: الكُرْدُوسان قَيسٌ ومُعاوية ابْنا مَالِكِ بْنِ حَنْظلة بْنِ مَالِكِ بْنِ زيج مَناة بْنِ تَمِيمٍ، وَهُمَا فِي بَنِي فُقَيْم بْنِ جَرير بْنِ دارِم. وَرَجُلٌ مُكَرْدَس: شدَّت يَدَاهُ ورِجْلاه وصُرِع. التَّهْذِيبُ: وَرَجُلٌ مُكَرْدَس جُمِعت يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ فشدَّت؛ وأَنشد:
وحاجِب كَرْدَسَه فِي الحَبْلِ ... مِنَّا غُلام، كَانَ غَيْرَ وَغْلِ،
حَتَّى افْتَدى مِنَّا بمالٍ جِبْلِ
وكُرْدِس الرَّجُلُ: جُمِعت يَدَاهُ ورِجْلاه، وَحُكِيَ عَنِ الْمُفَضَّلِ يُقَالُ: فَرْدَسَه وكَرْدَسَه إِذا أَوثقه؛ وأَنشد لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
فبَات عَلَى خَدٍّ أَحَمَّ ومَنْكِبٍ، ... وضِجْعَتُه مثلُ الأَسِير المُكَرْدَسِ
أَراد مِثْلَ ضِجْعة الأَسِير وَقَدْ تَكَرْدَس
. وتَكَرْدَس الوَحْشَيّ فِي وِجاره: تَجَمَّع وتَقَبَّض. والتَّكَرْدُس: التجمُّع والتقبُّض؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَبات مُنتَصّاً وَمَا تَكَرْدَسا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: التَّكَرْدُس أَن يَجمع بَيْنَ كَراديسه مِنْ بَرْد أَو جُوع. وكَرْدَسَه إِذا أَوْثقه وَجَمَعَ كَراديسَه. وكَرْدَسَه إِذا صَرَعَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ الْخَدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي صِفَةِ الْقِيَامَةِ وجَوازِ النَّاسِ عَلَى الصِّراط: فَمِنْهُمْ مُسَلَّم ومَخْدُوش، وَمِنْهُمْ مُكَرْدَس فِي(6/195)
نَارِ جَهَنَّمَ
؛ أَراد بالمُكَرْدَس المُوثَق المُلْقى فِيهَا، وَهُوَ الَّذِي جُمِعَت يَداه وَرِجْلَاهُ وأُلقي إِلى مَوْضِعٍ، وَرَجُلٌ مُكَرْدَس: مُلَزَّزُ الخلْق؛ وأَنشد لِهِمْيَانَ بْنِ قُحَافَةَ السَّعْدِيِّ:
دِحْوَنَّةٌ مُكَرْدَسٌ بَلَنْدحُ
والتَّكَرْدُس: الِانْقِبَاضُ وَاجْتِمَاعُ بَعْضِهِ إِلى بَعْضٍ. والكَرْدَسَة: مَشْيُ المُقَيَّد. والدِحْوَنَّة: الْقَصِيرُ السَّمِينُ، وَكَذَلِكَ البَلَنْدَح. النَّضْرُ: الكَرادِيس دأَيات الظَّهْرِ. الأَزهري: يُقَالُ أَخذه فَعَرْدَسَه ثُمَّ كَرْدَسَه، فأَما عَرْدَسَه فصَرَعه، وأَما كَرْدَسَه فأَوْثقه. والكَرْدَسَة: الصَّرْع القَبيح.
كرفس: الكَرَفْس: بَقْلَة مِنْ أَحرار البُقول معروفٌ، قِيلَ هُوَ دَخِيلٌ. والكَرْفَسَة: مَشْيُ المُقَيَّد. وتَكَرْفَس الرَّجُلُ إِذا دَخَلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. قَالَ: والكُرْسُفُ القُطْن وَهُوَ الكُرْفُسُ.
كركس: الكَرْكَسَة: تَرْدِيدُ الشَّيْءِ. والمُكَركَس: الَّذِي ولَدته الإِماء؛ وَقِيلَ: إِذا وَلَدَتْهُ أَمَتان أَو ثلاثٌ فَهُوَ المُكَرْكَس. أَبو الْهَيْثَمِ: المُكَرْكَسُ الَّذِي أُمُّ أُمّه وأُم أَبيه وأُم أُم أُمه وأُم أُم أَبيه إِماءٌ، كأَنه المردَّد فِي الهُجَناء. والمُكَرْكَس: المقيَّد؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
فَهَلْ يأْكلنْ مَالِي بَنُو نَخَعِيَّةٍ، ... لَهَا نِسَبٌ فِي حَضْرَمَوْت مُكَرْكَسُ؟
والكَرْكَسَة: التردُّد. والكَرْكَسَة: مِشْيَة المقيَّد. والكَرْكَسَة: تدحرُج الإِنسان مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْل، وقد تَكَرْكَسَ.
كسس: الكسَسُ: أَن يقصُر الحنَك الأَعْلى عَنِ الأَسفل. والكَسَسُ أَيضاً: قِصَرُ الأَسنان وصِغَرُها، وَقِيلَ: هُوَ خُرُوجُ الأَسنان السُّفلى مَعَ الحنَك الأَسفل وتَقاعُس الحنَك الأَعلى. كَسَّ يَكَسُّ كَسساً، وَهُوَ أَكَسُّ، وامرأَة كَسَّاء؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا مَا حالَ كُسُّ الْقَوْمِ رُوقا
حَالَ بِمَعْنَى تَحَوَّلَ. وَقِيلَ: الكَسَسُ أَن يَكُونَ الحنَك الأَعلى أَقصر مِنَ الأَسفل فَتَكُونَ الثَّنِيتان العُلْيَيان وَرَاءَ السُّفْلَيَيْن مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ، وَقَالَ: لَيْسَ مِنْ قِصَرِ الأَسنان. والتَّكَسُّس: تَكَلُّفُ الكَسَسِ مِنْ غَيْرِ خِلْقة، واليَلَلُ أَشد مِنَ الكَسَس، وَقَدْ يَكُونُ الكَسَسُ فِي الْحَوَافِرِ. وكَسَّ الشَّيْءَ يَكُسُّه كَسّاً: دَقَّه دَقّاً شَدِيدًا. والكَسِيس: لَحْم يُجَفَّف عَلَى الْحِجَارَةِ ثُمَّ يُدَقُّ كالسَّوِيق يُتَزوَّد فِي الأَسفار. وَخُبْزٌ كَسِيسٌ ومَكْسُوس ومُكَسْكَسٌ: مكْسُور. والكَسيس: مِنْ أَسماء الْخَمْرِ. قَالَ: وَهِيَ القِنْديد، وَقِيلَ: الكَسِيسُ نَبيذ التَّمْرِ. والكَسِيسُ: السُّكَّرُ؛ قَالَ أَبو الْهِنْدِيِّ:
فإِنْ تُسْقَ مِنْ أَعْناب وَجٍّ، فإِنَّنا ... لَنا العَيْن تَجْري مِنْ كَسِيسٍ وَمِنْ خَمْرِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكَسِيس شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنَ الذُّرَة وَالشَّعِيرِ. والكَسْكاسُ: الرَّجُلُ الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ؛ وأَنشد:
حَيْثُ تَرى الحَفَيْتَأَ الكَسْكاسا، ... يَلْتَبِسُ المَوْت بِهِ الْتِباسا
وكَسْكَسَة هوازِن: هُوَ أَن يَزيدُوا بَعْدَ كَافِ الْمُؤَنَّثِ سِينًا فَيَقُولُوا: أَعْطَيْتُكِسُ ومِنْكِس، وَهَذَا فِي الْوَقْفِ دُونَ الْوَصْلِ. الأَزهري: الكَسْكَسَة لُغَةٌ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ تقارِب الكَشْكَشَة. وَفِي(6/196)
حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: تَياسَروا عَنْ كَسْكَسَة بَكْرٍ
، يَعْنِي إِبدالهم السِّينَ مِنْ كَافِ الْخِطَابِ، تَقُولُ: أَبُوسَ وأُمُّسَ أَي أَبوكَ وأُمُّك، وَقِيلَ: هُوَ خاصٌّ بِمُخَاطَبَةِ الْمُؤَنَّثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَعُ الْكَافَ بِحَالِهَا وَيَزِيدُ بَعْدَهَا سِينًا فِي الْوَقْفِ فَيَقُولُ: مَرَرْتُ بِكِسْ أَي بكِ، واللَّه أَعلم.
كعس: الكَعْسُ: عَظْمُ السُّلامَى، وَالْجَمْعُ كِعاس، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ الشَّاءِ وَغَيْرِهِا، وَقِيلَ: هِيَ عِظام البَراجِم مِنَ الأَصابع.
كعبس: الكَعْبَسَة: مِشْيَة فِي سُرْعَةٍ وتقارُب، وَقِيلَ: هِيَ العَدْوُ الْبَطِيءُ، وَقَدْ كَعْبَسَ.
كفس: الكَفَسُ: الحَنَفُ فِي بَعْضِ اللُّغات. كَفِس كَفَساً، وهو أَكْفَسُ.
كلس: الكِلْسُ: مِثْلُ الصَّارُوج يُبْنَى بِهِ، وَقِيلَ: الكِلْسُ الصَّارُوجُ، وَقِيلَ: الكِلْسُ مَا طُليَ بِهِ حَائِطٌ أَو بَاطِنُ قصْر شِبْهُ الجِصِّ مِنْ غَيْرِ آجُرٍّ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ العَبَّادِي:
أَين كِسْرَى، كِسْرَى المُلُوك، أَبو ساسَانَ ... أَم أَين قَبْلَه سابُورُ؟
وبَنُو الأَصْفَرِ الكِرامُ، مُلُوكُ الرُّوم ... لَمْ يَبْقَ منهمُ مَذْكُورُ
وأَخُو الحَضْرِ إِذْ بَناهُ، وإِذْ دَجلة ... تُجْبَى إِليه، والخَابُورُ
شادَهُ مَرْمَراً، وجَلَّلَهُ كِلْساً، ... فلِلطَّيْرِ فِي ذُرَاهُ وُكُورُ
الحَضْرُ: مَدِينَةٌ بَيْنَ دَجْلَة والفُرات، وَصَاحِبُ الحَضْرِ هُوَ السَّاطِرُونُ؛ وأَما قَوْلُ الْمُتَلَمِّسِ:
تُشادُ بآجُرٍّ لَهَا وبِكِلِّس
فَإِنَّ ابْنَ جِنِّي زَعَمَ أَنه شدَّد لِلضَّرُورَةِ، قَالَ: وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ وتُكَلَّسُ، عَلَى الإِقْواء، وَقَدْ كَلَّس الْحَائِطَ. والتَّكلِيسُ: التَّمْلِيسُ، فإِذا طُليَ ثَخِيناً، فَهُوَ المُقَرْمَدُ. الأَصمعي: وكَلَّس عَلَى الْقَوْمِ وكَلَّلَ وصَمَّمَ إِذا حَمَلَ. أَبو الْهَيْثَمِ: كَلَّسَ فُلَانٌ عَلَى قِرْنِه وهَلَّلَ إِذا جَبُنَ وفَرَّ عَنْهُ. والكُلْسَةُ فِي اللَّوْن، يُقَالُ ذئب أَكْلَسُ.
كلمس: الكَلْمَسَةُ: الذَّهاب. تَقُولُ: كَلْمَسَ الرَّجُلُ وكَلْسَمَ إِذا ذَهَبَ.
كمس: كامِسٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
فلَقَدْ أَرانا يَا سُمَيُّ بِحائِلٍ، ... نَرْعَى القَرِيَّ فَكَامِسًا فالأَصْفَرَا
وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ فِي تَمْجِيدِ اللَّه تَعَالَى: لَيْسَ لَهُ كَيْفِيَّةٌ وَلَا كَيْمُوسِيَّة
؛ الكَيْمُوسِيَّةُ: عِبَارَةٌ عَنِ الْحَاجَةِ إِلَى الطَّعَامِ وَالْغِذَاءِ. والكَيْمُوس فِي عِبَارَةِ الأَطِبَّاء: هُوَ الطَّعَامُ إِذا انْهَضَمَ فِي المَعِدَة قَبْلَ أَن يَنْصَرِفَ عَنْهَا وَيَصِيرَ دَماً، ويسمُّونه أَيضاً الكَيْلُوس. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَجد فِيهِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ الْمَحْضِ شَيْئًا صَحِيحًا، قَالَ؛ وأَما قَوْلُ الأَطباء فِي الكَيْمُوساتِ وَهِيَ الطَّبَائِعُ الأَربع فكأَنها مِنْ لُغَاتِ اليُونانِيِّين.
كنس: الكَنْسُ: كَسْحُ القُمام عَنْ وَجْهِ الأَرض. كَنَسَ الْمَوْضِعَ يَكْنُسُه، بِالضَّمِّ، كَنْساً: كَسَح القُمامَة عَنْهُ. والمِكْنَسَة: مَا كُنِس بِهِ، وَالْجَمْعُ مَكانِس. والكُناسَة: مَا كُنِسَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كُناسَة الْبَيْتِ مَا كُسِحَ مِنْهُ مِنَ التُّرَابِ فأُلقي بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. والكُناسة أَيضا: مُلْقَى القُمَامِ. وفَرَسٌ مَكْنوسَة: جَرْداء.(6/197)
والمَكْنِسُ «4» : مَوْلِجُ الوَحْشِ مِنَ الظِّباء والبَقر تَسْتَكِنُّ فِيهِ مِنَ الحرِّ، وَهُوَ الكِناسُ، وَالْجَمْعُ أَكْنِسَة وكُنْسٌ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنها تَكْنُسُ الرَّمْلَ حَتَّى تَصِلَ إِلى الثَّرَى، وكُنُسَات جَمْعٌ كطُرُقاتٍ وجُزُرات؛ قَالَ:
إِذا ظُبَيُّ الكُنُساتِ انْغَلَّا، ... تَحْت الإِرانِ، سَلَبَتْه الطَّلَّا «5»
وكَنَسَتِ الظِّباء وَالْبَقَرُ تَكْنِسُ، بِالْكَسْرِ، وتَكَنَّسَتْ واكْتَنَسَتْ: دَخَلَتْ فِي الكِناس؛ قَالَ لَبِيدٍ:
شاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيِّ يَوْمَ تَحَمَّلُوا، ... فَتَكَنَّسُوا قُطْناً تَصِرُّ خِيامُها
أَي دخَلوا هَوادِجَ جُلِّلَتْ بِثِيَابِ قُطْن. والكَانِسُ: الظَّبْيُ يَدْخُلُ فِي كِناسِهِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ فِي الشَّجَرِ يَكْتَنُّ فِيهِ وَيَسْتَتِرُ؛ وظِباء كُنَّسٌ وكُنُوس؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وإِلا نَعاماً بِهَا خِلْفَةً، ... وإِلَّا ظِباءً كُنُوساً وذِيبَا
وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
دارٌ لِلَيْلَى خَلَقٌ لَبِيسُ، ... لَيْسَ بِهَا مِنْ أَهلِها أَنِيسُ
إِلا اليَعافِيرُ وإِلَّا العِيسُ، ... وبَقَرٌ مُلَمَّعٌ كُنُوسُ
وكَنَسَتِ النُّجُومُ تَكْنِسُ كُنُوساً: استمرَّت فِي مَجاريها ثُمَّ انْصَرَفَتْ رَاجِعَةً. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الكُنَّسُ النُّجُومُ تَطْلُعَ جَارِيَةً، وكُنُوسُها أَن تَغِيبَ فِي مَغَارِبِهَا الَّتِي تغِيب فِيهَا، وَقِيلَ: الكُنَّسُ الظِّباء. وَالْبَقَرُ تَكْنِس أَي تَدْخُلُ فِي كُنُسِها إِذا اشتدَّ الحرُّ، قَالَ: والكُنَّسُ جَمْعُ كانِس وكانِسَة. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي الخُنَّسِ والكُنَّسِ: هِيَ النُّجُومُ الْخَمْسَةُ تَخْنِسُ [تَخْنُسُ] فِي مَجْراها وترجِع، وتَكْنِسُ تَسْتَتِر كَمَا تَكْنِسُ الظِّباء فِي المَغار، وَهُوَ الكِناسُ، وَالنُّجُومُ الْخَمْسَةُ: بَهْرام وزُحَلُ وعُطارِدٌ والزُّهَرَةُ والمُشْتَرِي، وَقَالَ اللَّيْثُ: هِيَ النُّجُومُ الَّتِي تَسْتَسِرُّ فِي مَجَارِيهَا فَتَجْرِي وتَكْنِسُ فِي مَحاوِيها فَيَتَحَوَّى لِكُلِّ نَجْمٍ حَوِيّ يَقِف فِيهِ ويستدِيرُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ رَاجِعًا، فكُنُوسُه مُقامُه فِي حَويِّه، وخُنُوسُه أَن يَخْنِسَ بِالنَّهَارِ فَلَا يُرى. الصِّحَاحُ: الكُنَّسُ الكواكِب لأَنها تَكْنِسُ فِي المَغيب أَي تَسْتَسِرُّ، وَقِيلَ: هِيَ الخُنَّسُ السَّيَّارة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ بالجَوارِي الكُنَّسِ
؛ الجَوارِي الْكَوَاكِبِ، والكُنَّسُ جَمْعُ كانِس، وَهِيَ الَّتِي تَغِيبُ، مِنْ كَنَسَ الظَّبْيُ إِذا تغيَّب وَاسْتَتَرَ فِي كِناسِه، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَأْوِي إِليه. وَفِي حَدِيثِ
زِيَادٍ: ثُمَّ أَطْرَقُوا وَراءكم فِي مَكانِسِ الرِّيَبِ
؛ المَكانِسُ: جَمْعُ مَكْنَس مَفْعَل مِنَ الكِناس، وَالْمَعْنَى اسْتَترُوا فِي مَوْضِعِ الرِّيبَة. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: أَول مَنْ لَبسَ القَباءَ سُلَيْمَانَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لأَنه كَانَ إِذا أَدخل رأْسه لِلُبْسِ الثِّياب كَنَسَتْ الشَّيَاطِينُ اسْتِهْزَاءً.
يُقَالُ: كَنَسَ أَنفه إِذا حَرَّكه مستهزٍئاً؛ وَيُرْوَى:
كنَّصت
، بِالصَّادِ. يُقَالُ: كنَّصَ فِي وَجْهِ فُلَانٍ إِذا استهزأَ بِهِ. وَيُقَالُ: فِرْسِنٌ مَكْنُوسَة وَهِيَ المَلْساء الجَرْداء من
__________
(4) . قوله [والمكنس] هكذا في الأَصل مضبوطاً بكسر النون، وهو مقتضى قوله بعد البيت وَكَنَسَتِ الظِّبَاءُ وَالْبَقَرُ تَكْنِسُ بالكسر، ولكن مقتضى قوله قبل الْبَيْتِ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنها تكنس الرمل أَن تكون النون مفتوحة وكذا هو مقتضى قوله جمع مكنس مفعل الآتي في شرح حديث زياد حيث ضبطه بفتح العين.
(5) . قوله [سلبته الطلا] هكذا في الأَصل، وفي شرح القاموس: سلبته الظلا.(6/198)
الشعَر. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الفِرْسِنُ المَكْنُوسَة المَلْساء الْبَاطِنِ تُشَبِّهُها الْعَرَبُ بالمَرايا لِمَلاسَتِها. وكَنِيسَةُ الْيَهُودِ وَجَمْعُهَا كَنائِس، وَهِيَ معرَّبة أَصلها كُنِشْتُ. الْجَوْهَرِيُّ: والكنِيسَة لِلنَّصَارَى. ورَمْلُ الكِناس: رَمْلٌ فِي بِلَادِ عَبْدِ اللَّه بْنِ كِلَابٍ، وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً الكِناس؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
رَمَتْني، وسِتْرُ اللَّه بَيْني وبَيْنها، ... عَشِيَّة أَحْجار الكِناس، رَمِيمُ «1»
قَالَ: أَراد عَشِيَّةَ رَمْل الكِناس فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الْوَزْنُ فَوَضَعَ الأَحجار مَوْضِعَ الرَّمْلِ. والكُناسَةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْكُوفَةِ. والكُناسَة والكانِسيَّة: مَوْضِعَانِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
دارٌ لِمَرْوَةَ إِذْ أَهْلي وأَهْلُهُمُ، ... بالكانِسِيَّة تَرْعى اللَّهْوَ والغَزَلا
كندس: الكُنْدُسُ: العَقْعَقُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
مُنِيتُ بِزِمَّرْدَةٍ كالعَصا، ... أَلَصَّ وأَخْبَثَ مِنْ كُنْدُسِ «2»
الزِّمَّرْدة: الَّتِي بَيْنَ الرجل والمرأَة، فارسية.
كهمس: الكَهْمَسُ: الْقَصِيرُ، وَقِيلَ: الْقَصِيرُ مِنَ الرِّجَالِ. والكَهْمَسُ: الأَسد. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الذِّئْبُ. وكَهْمَس: مِنْ أَسماء الأَسد. وَنَاقَةٌ كَهْمَس: عَظِيمَةُ السَّنَامِ. وكَهْمَس: اسْمٌ، وَهُوَ أَبو حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ لمَوْدُودٍ الْعَنْبَرِيِّ، وَقِيلَ هُوَ لأَبي حُزابة الْوَلِيدُ بْنُ حَنِيفة:
فلِلّه عَيْنا مَنْ رَأَى مِنْ فَوارِسٍ، ... أَكَرَّ عَلَى المَكْرُوه مِنْهُمْ وأَصْبَرا
فَمَا بَرِحُوا حَتَّى أَعَضُّوا سُيُوفَهُمْ ... ذُرى الهامِ مِنْهُم، والحديدَ المُسَمَّرا
وكُنَّا حَسِبناهم فَوارِسَ كَهْمَسٍ، ... حَيُوا بَعْدَ ما مَاتُوا مِنَ الدَّهْرِ أَعْصُرا
وكَهْمَسٌ هَذَا: هُوَ كَهْمَسُ بْنُ طَلْق الصَّريمي، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الخوارِج مَعَ بِلال بْنِ مِرْداس، وَكَانَتِ الْخَوَارِجُ وَقَعَتْ بأَسلم بْنِ زُرْعَةَ الْكِلَابِيِّ، وَهُمْ فِي أَربعين رَجُلًا، وَهُوَ فِي أَلْفَي رَجُلٍ، فَقَتَلَتْ قِطْعَةً مِنْ أَصحابه وَانْهَزَمَ إِلى البَصرة فَقَالَ مَوْدُود هَذَا الشِّعْرَ فِي قَوْمٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فِيهِمْ شِدَّةٌ، وَكَانَتْ لَهُمْ وَقْعَةٌ بِسِجِسْتان، فَشَبَّهَهُم فِي شدَّتهم بالخَوارج الَّذِينَ كَانَ فِيهِمْ كَهْمَسُ بْنُ طَلْق، وحَيُوا يَعْنِي الْخَوَارِجَ أَصحاب كَهْمَس، أَي كأَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ أَصحاب كَهْمَس فِي قُوَّتهم وَشِدَّتِهِمْ ونُصْرتهم.
كوس: الكَوْسُ: المَشي عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ، وَمِنْ ذَوَاتِ الأَربع عَلَى ثَلَاثِ قَوائم، وَقِيلَ: الكَوْسُ أَن يَرْفع إِحدى قَوَائِمِهِ ويَنْزُوَ عَلَى مَا بَقِيَ، وَقَدْ كاسَتْ تَكُوسُ كَوْساً؛ قَالَ الأَعور النَّبْهانيُّ:
وَلَوْ عِنْدَ غَسَّان السَّلِيطيِّ عَرَّسَتْ، ... رَغا فَرِقٌ مِنْهَا، وكاسَ عَقِيرُ
وَقَالَ حَاتِمٌ الطَّائِيُّ:
وإِبْلِيَ رَهْنٌ أَن يَكُوسَ كَريمُها ... عَقِيراً، أَمامَ الْبَيْتِ، حِينَ أُثِيرُها
أَي تَعْقِرُ إِحدى قَوَائِمِ الْبَعِيرِ فيَكُوس عَلَى ثَلَاثٍ؛ وَقَالَتْ عَمْرَةُ أُخت الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْداس وأُمُّها الخَنْساء تَرْثي أَخاها وَتَذْكُرُ أَنه كَانَ يُعَرْقِبُ الإِبل:
فَظَلَّتْ تَكُوسُ عَلَى أَكْرُعٍ ... ثَلاثٍ، وغادَرَتُ أخْرى خَضِيبا
__________
(1) . قوله [رميم] هو اسم امرأة كما في شرح القاموس.
(2) . قوله [منيت إلخ] سيأتي في مادة كندش فانظره.(6/199)
تَعْنِي الْقَائِمَةَ الَّتِي عَرْقَبَها فَهِيَ مُخَضَّبَة بِالدَّمِ. وَكَاسَ الْبَعِيرُ إِذا مَشَى عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ وَهُوَ مُعَرْقَبٌ. والتَّكاوُس: التَّراكُمُ وَالتَّزَاحُمُ. وتَكاوَسَ النَّخْلُ وَالشَّجَرُ والعُشْب: كَثُرَ والتفَّ؛ قَالَ عُطارِد بنُ قُرَّان:
ودُونيَ مِنْ نَجْران رُكْنٌ عَمَرَّدٌ، ... ومُعْتَلِجٌ مِنْ نَخْلِهِ مُتَكاوِسُ
وتَكاوَسَ النَّبْتُ: التفَّ وَسَقَطَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَهُوَ مُتَكاوِس. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ ذَكَرَ أَصحاب الأَيْكة فَقَالَ: كَانُوا أَصحاب شَجَرٍ مُتَكاوِس
أَي مُلْتَف مُتَرَاكِبٍ، وَيُرْوَى
مُتَكادِس
، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. وَفِي النَّوَادِرِ: اكْتاسَني فُلَانٌ عَنْ حَاجَتِي وارْتَكَسَني أَي حَبَسَنِي. والكُوسُ، بِالضَّمِّ: الطَّبْل، وَيُقَالُ: هُوَ معرَّب. ومَكْوَسٌ عَلَى مَفْعَل: اسْمُ حِمَارٍ «1» . ولُمْعَةٌ كَوْساء: مُتَرَاكِمَةٌ ملتفَّة. والمُتَكاوِسُ فِي الْقَوَافِي: نَوْعٌ مِنْهَا وَهُوَ مَا تَوَالَى فِيهِ أَربع مُتَحَرِّكَاتٍ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ، شُبِّهَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْحَرَكَاتِ فِيهِ كأَنها التفَّت. وكاسَ الرجُلُ كَوْساً وكَوَّسَهُ: أَخذَ برأْسه فَنَصاه إِلى الأَرض، وَقِيلَ: كَبَّه عَلَى رأْسه. وكاسَ هُوَ يَكُوسُ: انْقَلَبَ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ عِنْدَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ نَدَمي أَن لَا أَكون قَتَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّه: أَما واللَّه لَوْ فعلتَ ذَلِكَ لَكَوَّسَك اللَّه فِي النَّارِ أَعلاك أَسفلك
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ لَكَوَّسَك اللَّه يَعْنِي لَكَبَّك اللَّه فِيهَا وَجَعَلَ أَعلاك أَسْفَلك، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: كلَّمته فاهُ إِلى فيَّ، فِي وُقُوعِهِ مَوْقِعَ الْحَالِ. وَيُقَالُ كَوَّسْتُهُ عَلَى رأْسه تَكْويساً، وَقَدْ كاسَ يَكوسُ إِذا فَعَلَ ذَلِكَ. والكُوس: خَشَبة مُثلَّثة تَكُونُ مَعَ النَّجَّار يَقِيس بِهَا تَرْبيعَ الخشَب، وَهِيَ كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ، والكَوْسُ أَيضاً كأَنها أَعجمية وَالْعَرَبُ تكلَّمت بِهَا، وَذَلِكَ إِذا أَصاب النَّاسَ خَبٌّ فِي الْبَحْرِ فَخَافُوا الغَرَق، قِيلَ: خَافُوا الكَوْسَ. ابْنُ سِيدَهْ: والكَوْسُ هَيْجُ الْبَحْرِ وخَبُّه ومُقارَبة الْغَرَقِ فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ الغرَق، وَهُوَ دَخِيل. والكُوسِيُّ مِنَ الْخَيْلِ: الْقَصِيرُ الدَّوارِج فَلَا تَرَاهُ إِلا مُنَكَّساً إِذا جَرَى، والأُنثى كُوسِيَّة، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الْقَصِيرُ اليدَيْنِ. وكاسَتِ الحيَّة إِذا تَحَوَّتْ فِي مَكاسِها، وَفِي نُسْخَةٍ فِي مَساكِها. وكَوْساءُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
إِذا ذَكَرتْ قَتْلي بِكَوْساء، أَشْعَلَتْ ... كوَاهِيَةِ الأَخْراتِ رَثّ صُنُوعُها
كيس: الكَيْسُ: الخفَّة والتوقُّد، كَاسَ كَيْساً، وَهُوَ كَيْسٌ وكَيِّسٌ، وَالْجَمْعُ أَكْياس؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
واللَّه مَا مَعْشَرٌ لامُوا امْرأً جُنُباً، ... فِي آلِ لأْيِ بنِ شَمَّاسٍ، بأَكْياسِ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَسَّروا كَيِّساً عَلَى أَفعال تَشْبِيهًا بِفَاعِلٍ، ويدلُّك عَلَى أَنه فَيْعِل أَنهم قَدْ سلَّموا فَلَوْ كَانَ فَعْلًا لَمْ يسلِّموه «2» ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
فكُنْ أَكْيَسَ الكَيْسَى إِذا كنتَ فيهمُ، ... وإِنْ كنتَ فِي الحَمْقى، فكُنْ أَنتَ أَحْمَقا
__________
(1) . قوله [وَمَكْوَسٌ عَلَى مَفْعَلٌ اسْمُ حمار] مثله في الصحاح، وعبارة القاموس وشرحه: ومكوّس كمعظم: حمار، ووهم الجوهري فضبطه بقلمه على مفعل، وإِذا كان لغة كما نقله بعضهم فلا يكون وهماً.
(2) . قوله [كَسَّرُوا كَيِّسًا عَلَى أَفْعَالِ إلى قوله لم يسلموه] هكذا في الأَصل ومثله في شرح القاموس.(6/200)
إِنما كسَّره هُنَا عَلَى كَيْسى لِمَكَانِ الحَمْقى، أَجرى الضدَّ مُجْرى ضدِّه، والأُنثى كَيِّسَة وكَيْسَة. والكُوسى والكِيسى: جَمَاعَةُ الكَيِّسَة؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها تأْنيث الأَكْيَس، وَقَالَ مَرَّةً: لَا يُوجَدُ عَلَى مِثَالِهَا إِلا ضِيقى وضُوقى جَمْعُ ضَيِّقَة، وطُوبى جَمْعُ طَيِّبة وَلَمْ يَقُولُوا طِيبى، قَالَ: وَعِنْدِي أَن ذَلِكَ تأْنيث الأَفْعَل. اللَّيْثُ: جَمْعُ الكَيِّس كَيَسَة. وَيُقَالُ: هَذَا الأَكْيَسُ وَهِيَ الكُوسى وهُنَّ الكُوسُ. والكُوسِيَّات: النِّسَاءُ خاصَّة؛ وَقَوْلُهُ:
فَمَا أَدْري أَجُبْناً كَانَ دَهْري ... أَمِ الكُوسَى، إِذا جَدَّ الغَرِيمُ؟
أَراد الكَيْسَ بَنَاهُ عَلَى فُعْلى فَصَارَتِ الْيَاءُ وَاوًا كَمَا قَالُوا طُوبى مِنَ الطِّيب. وَفِي اغْتِسَالِ المرأَة مَعَ الرَّجُلِ: إِذا كَانَتْ كَيِّسَة؛ أَراد بِهِ حُسْنَ الأَدب فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَعَ الرَّجُلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَكَانَ كَيْسَ الْفِعْلِ
أَيْ حَسَنَه، والكَيْسُ فِي الأُمور يُجْرِي مَجْرى الرِّفق فِيهَا. والكُوسى: الكَيْسُ؛ عَنِ السِّيرافي، أَدخلوا الْوَاوَ عَلَى الْيَاءِ كَمَا أَدخلوا الْيَاءَ كَثِيرًا عَلَى الْوَاوِ، وإِن كَانَ إِدخال الْيَاءِ عَلَى الْوَاوِ أَكثر لِخِفَّةِ الْيَاءِ. وَرَجُلٌ مُكَيَّس: كَيْسٌ؛ قَالَ رَافِعُ بْنُ هُرَيْمٍ:
فهَلَّا غَيْرَ عَمِّكُمُ ظَلَمْتُمْ، ... إِذا مَا كنتُمُ مُتَظَلِّمِينا؟
عَفاريتاً عليَّ وأَكل مالي، ... وجُبْناً عن رِجالٍ آخَرينا
فَلَوْ كُنْتُمْ لمُكْيِسَةٍ أَكاسَتْ، ... وكَيْسُ الأُم يُعْرَف فِي البَنِينا
وَلَكِنْ أُمُّكُمْ حَمُقَتْ فَجِئتُمْ ... غِثاثاً، مَا نَرَى فِيكُمْ سَمِينا
أَي أَوْجَب لأَن يَكُونُ البَنُون أَكْياساً. وامرأَة مكْياسٌ: تَلِدَ الأَكْياسَ. وأَكْيَسَ الرَّجُلُ وأَكاسَ إِذا وُلِدَ لَهُ أَولاد أَكياسٌ. والتَّكَيُّسُ: التظرُّف. وتَكَيَّسَ الرَّجُلُ: أَظهر الكَيْسَ. والكِيسى: نَعْتُ المرأَة الكَيِّسَة، وَهُوَ تأْنيث الأَكْيَسِ، وَكَذَلِكَ الْكُوسَى، وَقَدْ كَاسَ الْوَلَدُ يَكِيسُ كَيْساً وكِياسَةً. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفسَه وعَمِل لِمَا بَعْدَ الموْت
أَي الْعَاقِلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ
أَي أَعقل. أَبو الْعَبَّاسِ: الكَيِّسُ الْعَاقِلُ، والكَيْسُ خِلَافُ الْحُمْقِ، والكَيس الْعَقْلُ، يُقَالُ: كاسَ يَكِيسُ كَيْساً. وزيدُ بْنُ الكَيِّس النَّمَريّ: النَّسَّابة. والكَيِّسُ: اسْمُ رَجُلٍ، وَكَذَلِكَ كَيْسان. وكَيْسان أَيضاً: اسمٌ للغَدْرِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِضَمْرَةَ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ جَابِرِ بْنِ قَطن:
إِذا كُنْتَ فِي سَعْدٍ، وأُمُّك منهمُ، ... غَريباً فَلَا يَغْرُرْك خالُك مِنْ سَعْدِ
إِذا مَا دَعَوْا كَيسان، كَانَتْ كُهولُهم ... إِلى الغَدْرِ أَسْعَى مِنْ شَبابهمِ المُرْدِ
وَذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَن هَذَا للنَّمِر بْنِ تَوْلَب فِي بَنِي سَعْدٍ وَهُمْ أَخوالُه. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الغَدْرُ يُكَنَّى أَبا كَيْسان، وَقَالَ كُرَاعٌ: هِيَ طَائِيَّةٌ، قَالَ: وَكُلُّ هَذَا مِنَ الكَيْس. وَالرَّجُلُ كَيِّس مُكَيَّس أَي ظَرِيفٌ؛ قَالَ:
أَما تَراني كَيِّساً مُكَيَّسا، ... بَنَيْتُ بَعْدَ نافِع مُخَيَّسا؟(6/201)
المُكَيَّس: الْمَعْرُوفُ بالكَيْس. والكَيْس: الجِماع. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فإِذا قَدِمْتم عَلَى أَهاليكم فالكَيْسَ الكَيْسَ
أَي جامعوهنَّ طَلباً لِلْوَلَدِ، أَراد الجِماع فَجُعِلَ طَلَبُ الْوَلَدِ عَقْلًا. والكَيْسُ: طَلَبُ الْوَلَدِ. ابْنُ بُزُرج: أَكاسَ الرجلُ الرجلَ إِذا أَخذ بناصِيَته، وأَكاسَتِ المرأَة إِذا جاءتْ بِوَلَدٍ كَيِّس، فَهِيَ مُكِيسَة. وَيُقَالُ: كايَستُ فُلَانًا فكِسْتُه أَكِيسُه كَيْساً أَي غَلَبْتُهُ بالكَيْس وكنتُ أَكْيَس مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: أَتراني إِنما كِسْتُك لآخُذَ جَمَلك
أَي غَلَبْتُكَ بالكَيْس. وَهُوَ يُكايسُه فِي الْبَيْعِ. والكِيس مِنَ الأَوعية: وِعاءٌ مَعْرُوفٌ يَكُونُ لِلدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ والدُّرِّ والياقُوتِ؛ قَالَ:
إِنما الذَّلْفاءُ ياقُوتَةٌ ... أُخْرجَتْ مِنْ كِيس دُهْقانِ
وَالْجَمْعُ كِيَسَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَذَا مِنْ كِيس أَبي هُرَيْرَةَ
أَي مِمَّا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ الْمُقْتَنَى فِي قَلْبِهِ كَمَا يُقْتَنى الْمَالُ فِي الكِيس، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْكَافِ، أَي مِنْ فِقْهِه وفِطْنته لَا مِنْ رِوَايَتِهِ. والكَيْسانِيَّة: جُلود حُمْرٌ لَيْسَتْ بقرظِيَّة. والكَيْسانِيَّة: صِنْف مِنَ الرَّوافِض أَصحاب المُختار بْنِ أَبي عُبيد يُقَالُ لَقَبُه كَانَ كَيْسان. وَيُقَالُ لِمَا يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ: المَشِيمَة والكِيسُ؛ شُبِّه بِالْكِيسِ الَّذِي تُحْرَزُ فِيهِ النَّفَقَةُ.
فصل اللام
لأس: اللَّؤُس: وَسَخُ الأَظفار. وَقَالُوا: لَوْ سأَلتُه لَؤُساً مَا أَعْطاني وَهُوَ لَا شَيْءَ؛ عَنْ كُرَاعٍ. اللَّيْثُ: اللَّوْس أَن تَتَّبع الحَلاواتِ «3» وَغَيْرِهَا فتأْكلها. يُقَالُ لاسَ يَلُوس لَوْساً، وَهُوَ لائِسٌ ولَؤُوسٌ.
لبس: اللُّبْسُ، بِالضَّمِّ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ لَبِسْتُ الثوبَ أَلْبَس، واللَّبْس، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ لَبَسْت عَلَيْهِ الأَمر أَلْبِسُ خَلَطْت. واللِّباسُ: مَا يُلْبَس، وَكَذَلِكَ المَلْبَس واللِّبْسُ، بِالْكَسْرِ، مثلُه. ابْنُ سِيدَهْ: لَبِسَ الثَّوْبَ يَلْبَسُه لُبْساً وأَلْبَسَه إِياه، وأَلْبَس عَلَيْكَ ثوبَك. وَثَوْبٌ لَبِيس إِذا كَثُرَ لُبْسُه، وَقِيلَ: قَدْ لُبِسَ فأَخْلَق، وَكَذَلِكَ مِلْحَفَة لَبِيسٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْجَمْعُ لُبُسٌ؛ وَكَذَلِكَ الْمَزَادَةُ وَجَمْعُهَا لَبائِس؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ الثَّوْرَ وَالْكِلَابَ:
تَعَهّدَها بالطَّعْنِ، حَتَّى كأَنما ... يَشُقُّ بِرَوْقَيْهِ المَزادَ اللَّبائِسا
يَعْنِي الَّتِي قَدِ اسْتُعْمِلَتْ حَتَّى أَخْلَقَتْ، فَهُوَ أَطوَعُ للشَّقِّ والخَرْق. ودارٌ لَبِيسٌ: عَلَى التَّشْبِيهِ بالثوْب الْمَلْبُوسِ الخَلَق؛ قَالَ:
دارٌ لِلَيْلى خَلَقٌ لَبِيسُ، ... لَيْسَ بِهَا مِنْ أَهلها أَنيسُ
وحَبْل لَبيسٌ: مستعمَل؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَرَجُلٌ لَبِيسٌ: ذُو لِبَاسٍ، عَلَى التَّشبيه؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. ولَبُوسٌ: كَثِيرُ اللِّباس. واللَّبُوس: مَا يُلبس؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِبَيْهَس الْفَزَارِيِّ، وَكَانَ بَيْهس هَذَا قُتِلَ لَهُ سِتَّةُ إِخوة هُوَ سابعُهم لَمَّا أَغارَتْ عَلَيْهِمْ أَشْجَع، وإِنما تَرَكُوا بَيْهَساً لأَنه كَانَ يحمُق فَتَرَكُوهُ احْتِقاراً لَهُ، ثُمَّ إِنه مرَّ يَوْمًا عَلَى نِسْوَة مِنْ قَوْمِهِ، وهنَّ يُصلِحْن امرأَة يُرِدْنَ أَن يُهْدِينَها لِبَعْضِ مَنْ قَتَل إِخَوتَه. فَكَشَفَ ثَوْبَهُ عَنِ اسْتِه وغطَّى رأَسه
__________
(3) . قوله [الليث اللوس إلى آخر المادة] محله في مادة لوس لا هنا فلذا ذكره هناك.(6/202)
فقلْنَ لَهُ: وَيْلَك أَيَّ شَيْءٍ تصنَع؟ فَقَالَ:
الْبَسْ لِكُلِّ حَالَة لَبُوسَها: ... إِمَّا نَعِيمَها وإِمَّا بُوسَهَا
واللَّبُوس: الثِّيَابُ والسِّلاح. مُذكَّر، فإِن ذَهَبْتَ بِهِ إِلى الدِّرْع أَنَّثْتَ. وَقَالَ اللَّه تَعَالَى: وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ
؛ قالوا: هو الدِّرْعُ تُلبَس فِي الْحُرُوبِ. ولِبْسُ الهَوْدج: مَا عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ. يُقَالُ: كشَفْت عَنِ الهَوْدج لِبْسَه، وَكَذَلِكَ لِبْس الْكَعْبَةِ، وَهُوَ مَا علينا مِنَ اللِّباسِ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ فرَساً خَدَمَتْهُ جَواري الحيِّ:
فَلَما كَشَفْنَ اللِّبْسَ عَنْهُ مَسَحْنَهُ ... بأَطْرافِ طَفْلٍ، زانَ غَيْلًا مُوَشَّما
وإِنه لحسَنُ اللَّبْسَة واللِّباس. واللِّبْسَةُ: حَالَةٌ مِنْ حَالَاتِ اللُّبْس؛ ولَبِستُ الثَّوْبَ لَبْسَةً وَاحِدَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ لِبْسَتَيْن
، هِيَ بِكَسْرِ اللَّامِ، الْهَيْئَةُ وَالْحَالَةُ، وَرُوِيَ بِالضَّمِّ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَوّل الْوَجْهُ. ولِباسُ النَّوْرِ: أَكِمَّتُهُ. ولِباسُ كُلِّ شَيْءٍ: غِشاؤُه. ولِباس الرَّجُلِ: امرأَتُه، وزوجُها لِباسُها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي النِّسَاءِ: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ
؛ أَي مِثْلُ اللِّباسِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَدْ قِيلَ فِيهِ غيرُ مَا قوْلٍ قِيلَ: الْمَعْنَى تُعانِقونهنَّ ويُعانِقْنَكم، وَقِيلَ: كلُّ فَرِيقٍ مِنْكُمْ يَسْكُنُ إِلى صَاحِبِهِ ويُلابِسُه كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها. وَالْعَرَبُ تسَمِّي المرأَة لِباساً وإِزاراً؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ امرأَة:
إِذا مَا الضَّجِيعُ ثَنَى عِطْفَها، ... تَثَنَّتْ، فَكَانَتْ عَلَيْهِ لِباسا
وَيُقَالُ: لَبِسْت امرأَة أَي تمتَّعت بِهَا زَمَانًا، ولَبِست قَوْماً أَي تملَّيْت بِهِمْ دَهْرًا؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
لَبِسْت أُناساً فأَفْنَيْتُهُمْ، ... وأَفْنَيْتُ بَعْدَ أُناسٍ أُناسا
وَيُقَالُ: لَبِسْت فُلَانَةً عُمْرِي أَي كَانَتْ مَعِي شَبابي كلَّه. وتَلَبَّسَ حُبُّ فُلَانَةٍ بَدَمِي ولَحْمِي أَي اخْتَلَطَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً
أَي تَسْكُنُون فِيهِ، وَهُوَ مشتملٌ عَلَيْكُمْ. وَقَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ
، جاعُوا حَتَّى أَكلوا الوَبَرَ بالدَّمِ وَبَلَغَ مِنْهُمُ الجُوعُ الحالَ الَّتِي لَا غَايَةَ بَعْدَهَا، فضُرِبَ اللِّباسُ لِمَا نَالَهُمْ مَثَلًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى لابِسِه. ولِباسُ التَّقْوَى: الحياءُ؛ هَكَذَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ، وَيُقَالُ: الْغَلِيظُ الخشِنُ الْقَصِيرُ. وأُلْبِسَتِ الأَرض: غطَّاها النَّبْتُ. وأَلبَسْت الشَّيْءَ، بالأَلف، إِذا غَطَّيْته. يُقَالُ: أَلْبَس السماءَ السحابُ إِذا غَطَّاها. وَيُقَالُ: الحَرَّةُ الأَرض الَّتِي لَبِسَتها حِجَارَةٌ سُودٌ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذا غَطَّاه كلَّه أَلبَسَه وَلَا يَكُونُ لَبِسَه كَقَوْلِهِمْ أَلبَسَنا اللَّيْلُ، وأَلْبَسَ السماءَ السحابُ وَلَا يَكُونُ لَبِسَنا اللَّيْلُ وَلَا لَبِس السماءَ السحابُ. وَيُقَالُ: هَذِهِ أَرض أَلْبَسَتْها حِجَارَةٌ سُودٌ أَي غطَّتْها. والدَّجْنُ: أَن يُلْبِسَ الغيمُ السَّمَاءَ. والمَلْبَسُ: كاللِّباسِ. وَفِي فُلَانٍ مَلْبَسٌ أَي مُسْتَمْتَعٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ إِن فِي فُلَانٍ لمَلْبَساً أَي لَيْسَ بِهِ كِبْرٌ، وَيُقَالُ: كِبَرٌ، وَيُقَالُ: لَيْسَ لِفُلَانٍ لَبِيسٌ أَي لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: هُوَ مِنَ المُلابَسَة وَهِيَ المُخالَطة. وَجَاءَ لابِساً أُذُنَيْه أَي مُتغافلًا، وَقَدْ لَبِس لَهُ أُذُنَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:(6/203)
لَبِسْتُ لِغالِبٍ أُذُنَيَّ، حتَّى ... أَراد لقَوْمِه أَنْ يأْكُلُوني
يَقُولُ: تغافَلْت لَهُ حَتَّى أَطمَعَ قومَه فيَّ. واللَّبْسُ واللَّبَسُ: اخْتِلَاطُ الأَمر. لبَسَ عَلَيْهِ الأَمرَ يَلْبِسُه لَبْساً فالْتَبَسَ إِذا خَلَطَه عَلَيْهِ حَتَّى لَا يعرِف جِهَتَه. وَفِي المَوْلَدِ والمَبْعَثِ: فَجَاءَ المَلَكُ فشقَّ عَنْ قَلْبِهِ، قَالَ: فَخِفْتُ أَن يَكُونَ قَدِ الْتُبِسَ بِي أَي خُولِطْت فِي عَقْلي، مِنْ قَوْلِكَ فِي رَأْيهِ لَبْسٌ أَي اختلاطٌ، وَيُقَالُ لِلْمَجْنُونِ: مُخالَط. والْتَبَسَ عَلَيْهِ الأَمر أَي اختلَطَ واشْتَبَه. والتَّلْبيسُ: كالتَّدْليس والتَّخليط، شُدِّد لِلْمُبَالَغَةِ، وَرَجُلٌ لَبَّاسٌ وَلَا تَقُلْ مُلَبِّس. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً
؛ اللَّبْس: الخلْط.
يُقَالُ: لَبَسْت الأَمر، بِالْفَتْحِ، أَلْبِسُه إِذا خَلَطت بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، أَي يَجْعَلكم فِرَقاً مُخْتَلِفِينَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَلَبَسَ عَلَيْهِ صَلاتَه.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
مَنْ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ لَبْساً
، كلُّه بِالتَّخْفِيفِ؛ قَالَ: وَرُبَّمَا شُدَّدَ لِلتَّكْثِيرِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ صَيَّادٍ: فَلَبَسَني
أَي جَعَلني أَلْتَبِسُ فِي أَمره، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
لَبَسَ عَلَيْهِ.
وتَلَبَّس بيَ الأَمرُ: اختلط وتعلق؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
تَلَبَّسَ حُبُّها بَدَمي ولَحْمِي، ... تَلَبُّسَ عِطْفَةٍ بفُرُوعِ ضالِ
وتَلَبَّسَ بالأَمر وبالثَّوْب. ولابَسْتُ الأَمرَ: خالَطْتُه. وَفِيهِ لُبْسٌ ولُبْسَةٌ أَي التِباسٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ
؛ يُقَالُ: لَبَسْت الأَمر عَلَى الْقَوْمِ أَلْبِسُه لَبْساً إِذا شَبَّهْتَه عَلَيْهِمْ وجَعَلتَه مُشْكِلًا، وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكُفَّارِ يَلْبِسُون عَلَى ضَعَفَتهم فِي أَمر النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: هَلَّا أُنزل إِلينا مَلَك؟ قَالَ اللَّه تَعَالَى: وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً فرأَوْه، يَعْنِي المَلَك، رجُلًا لَكَانَ يَلْحَقهم فِيهِ مِنَ اللَّبْس مِثْلُ مَا لَحِقَ ضَعَفَتَهُم مِنْهُ. وَمِنْ أَمثالهم: أَعْرَضَ ثَوْبُ المُلْتَبِس إِذا سأَلتَه عَنْ أَمر فَلَمْ يُبَيِّنْهُ لَكَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَعْرَضَ ثَوْبُ المُلْبِسِ؛ يُضرَب هَذَا المَثَل لِمَن اتَّسَعت فِرْقَتُه أَي كَثُرَ مَنْ يَتَّهِمُه فِيمَا سَرَقه. والمِلْبَس: الَّذِي يلبسُك ويُجلِّلك. والمِلْبَسُ: اللَّيْلُ بعَيْنه كَمَا تَقُولُ إِزارٌ ومِئْزَرٌ ولِحافٌ ومِلْحَفٌ؛ وَمَنْ قَالَ المَلْبَس أَراد ثَوْب اللُّبْس كَمَا قَالَ:
وبَعْدَ المَشِيبِ طُول عُمْرٍ ومَلْبَسَا
وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْمَثَلِ قَالَ: وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ، يُقَالُ لَهُ: مِمَّنْ أَنت؟ فَيَقُولُ: مِنْ مُضَر أَو مِنْ رَبيعَة أَو مِنَ اليَمَن أَي عَمَمْت وَلَمْ تخصَّ. واللَّبْسُ: اختِلاطُ الظَّلَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لُبْسَةٌ
، بِالضَّمِّ، أَي شُبْهَةٌ لَيْسَ بِوَاضِحٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فيَأْكلُ فَمَا يَتَلَبَّسُ بِيَدِه طَعام
أَي لَا يَلْزَق بِهِ لِنَظَافَةِ أَكله؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ذَهَبَ وَلَمْ يَتَلَبَّسْ مِنْهَا بِشَيْءٍ
يَعْنِي مِنَ الدُّنْيَا. وَفِي كَلَامِهِ لَبُوسة ولُبُوسَة أَي أَنه مُلْتَبِس؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، ولَبَّسَ الشيءُ: الْتَبَسَ، وَهُوَ مِنْ بَابِ:
قَدْ بَيَّنَ الصبحُ لِذِي عَينَيْن
ولابَسَ الرجلُ الأَمر: خالطَه. ولابَسْتَ فُلَانًا: عَرَفت باطنَه. وَمَا فِي فُلَانٍ مَلبَس أَي مُسْتَمْتَع. ورجل البِيسُ: أَحمق «1» .
__________
(1) . قوله [البيس أَحمق] كذا في الأَصل. وفي شرح القاموس: ورجل لبيس، بكسر اللام: أَحمق.(6/204)
اللَّيْثُ: اللَّبَسَة بَقْلة؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف اللَّبَسَة فِي البُقُول وَلَمْ أَسمع بها لغير الليث.
لحس: اللَّحْسُ بِاللِّسَانِ، يُقَالُ: لَحِس القَصْعَة، بِالْكَسْرِ. واللَّحْسَة: اللَّعْقَة. وَالْكَلْبُ يَلْحَس الإِناء لَحْساً: كَذَلِكَ، وَفِي المَثل: أَسْرَع مِنْ لَحْسِ الْكَلْبِ أَنفه. ولحِسْت الإِناء لَحْسَة ولُحْسَة ولَحَسَه لَحْساً: لَعِقَه. وَفِي حَدِيثِ غَسْل اليَدِ مِنَ الطَّعَامِ:
إِن الشَّيْطَانَ حَسَّاسٌ لَحَّاسٌ
أَي كَثِيرُ اللَّحْسِ لِمَا يَصِل إِليه. تَقُولُ: لَحِسْت الشَّيْءَ أَلْحَسه إِذا أَخذتَه بِلِسَانِكَ، ولَحَّاسٌ لِلْمُبَالَغَةِ. والحَسَّاس: الشَّدِيدُ الحِسّ والإِدْراك. وَقَوْلُهُمْ: تَرَكْتُ فُلَانًا بمَلاحِسِ البَقَرِ أَولادَها، هُوَ مِثل قَوْلِهِمْ بِمَباحِث الْبَقَرِ أَي بِالْمَكَانِ القَفْر بِحَيْثُ لَا يُدْرَى أَين هُوَ، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَي بِفَلاةٍ مِنَ الأَرض. قَالَ: وَمَعْنَاهُ عِنْدِي بِحَيْثُ تَلْعَق البَقَرُ مَا عَلَى أَولادِها مِنَ السَّابِياءِ والأَغْراسِ، وَذَلِكَ لأَن البَقَر الوَحْشِيَّة لَا تلِد بالمَفاوز؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَرَبَّعْنَ، منْ وَهْبِين أَو بِسُوَيْقةٍ، ... مَشَقَّ السَّوابي عَنْ رُؤوس الجَآذِر
قَالَ: وَعِنْدِي أَنه بِمَلاحِسِ البقَر فَقَطْ أَو بِمَلْحَس البقَر أَولادها لأَن المَفْعَل إِذا كَانَ مَصْدَرًا لَمْ يُجْمع؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَا تَخْلُو مَلاحِس هَاهُنَا مِنْ أَن تَكُونَ جَمْعَ مَلْحَس الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ أَو الَّذِي هُوَ الْمَكَانُ، فَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَاهُنَا مَكَانًا لأَنه قَدْ عَمِلَ فِي الأَولاد فنصبَها، وَالْمَكَانَ لَا يَعْمَلُ فِي الْمَفْعُولِ بِهِ كَمَا أَن الَّزمان لَا يَعْمَلُ فِيهِ، وإِذا كَانَ الأَمر عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ كَانَ الْمُضَافُ هُنَا مَحْذُوفًا مقدَّراً كأَنه قَالَ: تَرَكْتُه بِمَلاحِسِ «1» البقَر أَولادَها، كَمَا أَن قَوْلَهُ:
وَمَا هِيَ إِلا فِي إِزارٍ وعِلْقَةٍ، ... مُغارَ ابْنِ هَمَّام عَلَى حَيِّ خَثْعَما
محذوفُ الْمُضَافِ، أَي وقتَ إِغارَة ابْنِ هَمَّامٍ عَلَى حَيِّ خَثْعَم، أَلا تَرَاهُ قَدْ عَدَّاه إِلى قَوْلِهِ عَلَى حَيِّ خَثْعَما؟ ومَلاحِس البقَرِ إِذاً مصدرٌ مَجْمُوعٌ مُعْمَل فِي الْمَفْعُولِ بِهِ كَمَا أَن قَوْلَهُ:
مَواعِيدَ عُرْقُوب أَخاه بِيَثْرِب
كَذَلِكَ وَهُوَ غَرِيبُ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَكَانَ أَبو عَلِيٍّ، رَحِمَهُ اللَّه، يورِد مَواعِيدَ عُرْقُوب أَخاه مَوْرِدَ الطَّريف المتعجَّب مِنْهُ. واللَّحْسُ: أَكل الجَراد الخَضِرَ والشجرَ، وَكَذَلِكَ أَكلُ الدُّودَةِ الصُّوف. واللَّاحُوس: الْحَرِيصُ، وَقِيلَ: المَشؤوم يَلْحَس قومَه، عَلَى المَثَل، وَكَذَلِكَ الحاسُوس واللَّحُوس مِنَ النَّاسِ الَّذِي يَتَّبعُ الحَلاوَة كالذُّباب. والمِلْحَسُ: الشُّجَاعُ كأَنه يأْكل كلَّ شَيْءٍ يَرْتَفِعُ لَهُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَلَدُّ مِلْحَسٌ أَحْوَس أَهْيَس. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الأَسْوَد: عَلَيْكُمْ فُلَانًا فإِنه أَهْيَس أَلْيَس أَلَدُّ مِلْحَس
، هُوَ الَّذِي لَا يَظْهَرُ لَهُ شَيْءٌ إِلا أَخذه، مِفْعَل مِنَ اللَّحْس. وَيُقَالُ: الْتَحَسْت مِنْهُ حَقِّي أَي أَخذتُه، وأَصابتهم لَواحِس أَي سِنُون شِداد تَلْحَس كلَّ شَيْءٍ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وأَنتَ رَبِيعُ النَّاسِ وابْنُ رَبيعِهِمْ، ... إِذا لُقِّبَتْ فِيهَا السِّنُونُ اللَّواحِسَا
وأَلْحَسَت الأَرض: أَنْبَتَتْ أَوّل العُشْب، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَخْرُج رُؤُوسُ الْبَقْلِ فَيَرَاهُ الْمَالُ فيطمَع فِيهِ فيَلْحَسَه إِذا لَمْ يقدِر أَن يأْكل منه شيئاً،
__________
(1) . قوله [كأَنه تركته بملاحس إلخ] هكذا في الأَصل، ولعل فيه سقطاً والأَصل تركته بمكان ملاحس إلخ.(6/205)
واللَّحْس: مَا يَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ. وغَنَم لاحِسة: ترعَى اللَّحْس. وَرَجُلٌ مِلْحَس: حريصٌ، وَقِيلَ: المِلْحَس والمُلْحِس الَّذِي يأْخذُ كلَّ شَيْءٍ يقدِر عليه.
لدس: لَدَسَه بيدِه لَدْساً: ضَرَبَه بِهَا، ولَدَسَه بِالْحَجَرِ: ضَرَبه أَو رَماه، وَبِهِ سُمِّي الرجل مُلادِساً. وبنو مُلادِس: حَيّ. وَنَاقَةُ لَدِيسٌ: رُمِيت بِاللَّحْمِ، وَقِيلَ: اللَّدِيسُ الْكَثِيرُ اللَّحْمِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. الصِّحَاحُ: اللَّدِيسُ النَّاقَةُ الْكَثِيرَةُ اللَّحْمِ مِثْلُ اللَّكِيك والدَّخِيس. وأَلْدَسَت الأَرض إِلدَاساً: أَطْلَعَت شَيْئًا مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه مَقْلُوبًا عَنْ أَدْلَسَت. وَنَاقَةٌ لدِيس رَدِيس إِذا رُمِيَتْ بِاللَّحْمِ رَمْيًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَدِيسٌ لَدِيسٌ عَيْطَمُوسٌ شِمِلَّةٌ، ... تُبارُ إِليها المُحْصَنات النَّجائِبُ
المُحْصَنات النَّجائبُ: اللَّوَاتِي أَحْصَنَها صاحِبُها أَن لَا يَضْرِبَها إِلّا فَحْل كَرِيم، وَقَوْلُهُ تُبارُ أَي يُنْظرُ إِليهنّ وإِلى سَيْرِهنَّ بسَيْر هَذِهِ النَّاقَةِ يُختَبَرْن بسَيرها. وَيُقَالُ: لَدَّسْتُ الخُفَّ تَلدِيساً إِذا ثَقَّلْتَه ورَقَعْتَه. يُقَالُ: خُفٌّ مُلَدَّسٌ كَمَا يُقَالُ ثَوْب مُلَدَّم ومُرَدَّم. ولَدَّسْت فِرْسِنَ الْبَعِيرِ تَلْديساً إِذا أَنْعَلْتَه؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
حَرْف عَلاة ذَاتُ خُفٍّ مِرْدَسِ، ... دامِي الأَظَلِّ مُنْعَلٍ مُلَدَّسِ
والمِلْدَس: لُغَةٌ فِي المِلْطَس، وَهُوَ حَجَرٌ ضَخْمٌ يُدَقُّ بِهِ النَّوَى، وَرُبَّمَا شُبِّهَ بِهِ الْفَحْلُ الشَّدِيدُ الْوَطْءِ، والجمع المَلادِس.
لسس: اللَّسُّ: الأَكل. أَبو عُبَيْدٍ: لَسَّ يَلُسُّ لَسّاً إِذا أَكل؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ وَحْشاً:
ثلاثٌ كأَقْواسِ السَّرَاءِ وناشِطٌ، ... قَدِ اخْضَرَّ مِنْ لَسِّ الغَمِير جَحَافِلُه «1»
ولَسَّت الدابةُ الْحَشِيشَ تَلُسُّه لَسّاً: تَناوَلَتْه ونَتَفتْه بِجَحْفَلَتِها. وأَلَسَّت الأَرضُ: طَلَع أَوّل نباتِها، واسمُ ذَلِكَ النَّبَاتِ اللُّساس، بِالضَّمِّ، لأَن الْمَالَ يَلُسُّه واللُّساس: أَوّل البَقْل. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اللُّسَاس الْبَقْلُ مَا دَامَ صَغِيرًا لَا تَسْتَمْكِن مِنْهُ الرَّاعِيَةُ وَذَلِكَ لأَنها تَلُسُّه بأَلسِنتها لَسّاً؛ قَالَ:
يُوشِك أَن تُوجِسَ فِي الإِيجاس «2» ، ... فِي باقِلِ الرِّمْثِ وَفِي اللُّساس،
مِنْهَا هَدِيمُ ضَبَعٍ هَوَّاس
وأَلَسَّ الغَمِيرُ: أَمكن أَن يُلَسَّ. قَالَ بَعْضُ العَرب: وجَدْنا أَرضاً مَمْطوراً مَا حَوْلها قَدْ أَلَسَّ غَمِيرُها؛ وَقِيلَ: أَلَسَّ خَرَجَ زَهْرُه. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اللَّسُّ أَوَّل الرَّعْي، لَسَّتْ تَلُسُّ لَسّاً. وَثَوْبٌ مُتَلَسْلِس ومُلَسْلَس: كمُسَلْسَل، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنه مَقْلُوبٌ. وماءٌ لَسْلَس ولَسْلاس ولُسالِس: كسَلْسَل؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْغُلَامِ الْخَفِيفِ الرُّوحِ النَّشيط لُسْلُس وسُلْسُل. واللُّسُسُ: الحَمَّالون الحُذَّاق؛ قَالَ الأَزهري: والأَصل النُّسُس، والنَّسُّ السَّوْق، فَقُلِبَتِ النُّونُ لَامًا. ابْنُ الأَعرابي: سَلْسَلَ إِذا أَكل السَّلْسَلَة؛ وَهِيَ الْقِطْعَةُ الطَّوِيلَةُ مِنَ السَّنَامِ، وَقَالَ أَبو عُمَرَ: وَهِيَ اللِّسْلِسةُ، وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ السَّلْسَلَة، وَيُقَالُ سِلْسِلَة.
__________
(1) . قوله ناشط: في قصيدة زهير: مِسْحَل.
(2) . قوله [يوشك أَن توجس] هكذا في الأَصل وشارح القاموس هنا وأَعاد المؤلف هذه الأَبيات في مادة هوس بلفظ آخر.(6/206)
واللَّسْلاسُ: السَّنام المقطَّع؛ قَالَ الأَصمعي: اللِّسْلِسَة يَعْنِي السَّنَامَ المقطَّع.
لطس: اللَّطْس: الضَّرْب لِلشَّيْءِ بِالشَّيْءِ العَريض؛ لَطَسه يَلْطُسُه لَطْساً. وحجرٌ لَطَّاس: تُكْسَر بِهِ الْحِجَارَةُ. والمِلْطَسُ والمِلْطاس: حَجَرٌ ضخْم يُدَقُّ بِهِ النَّوى مِثْلُ المِلْدَم والمِلْدام، وَالْجَمْعُ المَلاطِس. والمِلْطاس: مِعْوَل يكسَر بِهِ الصَّخْرُ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المَلاطِيس المَناقِير مِنْ حَدِيدٍ يُنْقَر بِهَا الْحِجَارَةُ، الْوَاحِدَةُ مِلْطاس. والمِلْطاس ذُو الخَلْفَين: الطَّوِيلُ الَّذِي لَهُ عَنَزَة، وعَنَزَتُه حدُّه الطويلُ؛ قَالَ أَبو خَيْرَةَ: المِلْطَس مَا نَقَرْتَ بِهِ الأَرحاء؛ قَالَ إمرؤْ الْقَيْسِ:
وتَرْدي عَلَى صُمٍّ صِلاب مَلاطِس، ... شَديدات عَقْد، لَيِّنات مِتان
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: ضَرَبَهُ بِمِلْطاس، وَهِيَ الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ، لَطَسَ بِهَا أَي ضرَب بِهَا ابْنُ الأَعرابي: اللَّطْسُ اللَّطْمُ؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ فَجَعَلَ أَخفاف الإِبل مَلاطِس:
تَهْوي عَلَى شَراجِعٍ عَلِيَّاتْ، ... مَلاطِسِ الأَخْفافِ أَفْتَلِيَّاتْ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراد أَنها تضرِب بأَخْفافِها تَلْطُسُ الأَرض أَي تَدُقُّها بِهَا. واللَّطْس: الدَّقُّ والوَطءُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ حَاتِمٌ:
وسُقِيتُ بالماءِ النَّميرِ، وَلَمْ ... أُترَكْ أُلاطِسُ حَمْأَة الحَفْرِ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مَعْنَى أُلاطِسُ أَتَلَطَّخ بِهَا. ولَطَسه البعيرُ بخفِّه: ضرَبه أَو وَطِئَه. والمِلْطَس والمِلْطاس: الخُفُّ أَو الْحَافِرُ الشَّدِيدُ الْوَطْءِ. التَّهْذِيبُ: وَرُبَّمَا سُمِّيَ خُفُّ الْبَعِيرِ مِلْطاساً. والمِلْطاس: الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ، والمِدَقُّ المِلْطاس، والمِلْطاس: حَجَرٌ عَريض فيه طُول.
لعس: اللَّعَسُ: سَوادُ اللِّثَة والشَّفة، وَقِيلَ: اللَّعَس واللُّعْسَة سَواد يَعْلُو شَفَة المرأَة الْبَيْضَاءِ؛ وَقِيلَ: هُوَ سَوَادٌ فِي حُمْرَةً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَمْياءُ فِي شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ، ... وَفِي اللِّثاتِ، وَفِي أَنْيابها شَنَبُ
أَبْدَلَ اللَّعَسَ مِنَ الحُوَّة. لَعِسَ لَعَساً، فَهُوَ أَلْعَسُ، والأُنثى لَعْساء؛ وَجَعَلَ الْعَجَّاجُ اللُّعْسَة فِي الْجَسَدِ كُلِّهُ فَقَالَ:
وبَشَراً مَعَ البَياض أَلْعَسا
فَجَعَلَ الْبَشَرَ أَلْعَسَ وَجَعَلَهُ مَعَ الْبَيَاضِ لِمَا فِيهِ مِنْ شُرْبة الْحُمْرَةِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اللَّعْسُ لَونُ الشَّفَةِ إِذا كَانَتْ تَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ قَلِيلًا، وَذَلِكَ يُسْتَمْلَح. يُقَالُ: شَفَةٌ لَعْساء وفِتْيَة وَنِسْوَةٌ لُعْس، وَرُبَّمَا قَالُوا: نَبات أَلْعَس، وَذَلِكَ إِذا كَثُرَ وكَثُف لأَنه حِينَئِذٍ يَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ. وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ:
أَنه رأَى فِتْيَة لُعْساً فسأَل عَنْهُمْ فَقِيلَ: أُمُّهم مَولاة لِلْحُرَقَة وأَبُوهم مَمْلُوكٌ. فَاشْتَرَى أَباهم وأَعتقه فجرَّ ولاءَهم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: اللُّعْسُ جَمْعُ أَلْعَس، وَهُوَ الَّذِي فِي شَفَتَيْهِ سَواد. قَالَ الأَصمعي: اللُّعْس الَّذِينَ فِي شِفاهِهمْ سَوادٌ، وَهُوَ مِمَّا يُستحسَن، وَلَقَدْ لَعِسَ لَعَساً. قَالَ الأَزهري: لَمْ يُرِدْ بِهِ سَوادَ الشَّفَةِ خَاصَّةً إِنما أَراد لَعَسَ أَلْوانِهم أَي سَوادَها، وَالْعَرَبُ تَقُولُ جَارِيَةٌ لَعْساء إِذا كَانَ فِي لَوْنِها أَدنى سَوَادٍ فِيهِ شُرْبَة حُمْرَةٍ لَيْسَتْ بالناصعَة، فإِذا قِيلَ لَعْساء الشَّفة فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ الأَصمعي.(6/207)
والمُتَلَعِّس: الشَّدِيدُ الأَكل. واللَّعْوَس: الأَكُول الحَريص، وَقِيلَ: اللَّغْوَس، بَالِغَيْنِ مُعْجَمَةُ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الذِّئْبِ. واللَّعْوس، بِتَسْكِينِ الْعَيْنِ: الْخَفِيفُ فِي الأَكل وَغَيْرِهِ كأَنه الشَّرِه؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلذِّئْبِ: لَعْوَس ولَغْوَس؛ وأَنشد لِذِي الرُّمة:
وماءٍ هَتَكْتُ اللَّيْلَ عَنْهُ، وَلَمْ يَرِدْ ... رَوايا الفِراخِ والذِّئابُ اللَّعاوِسُ
وَيُرْوَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. وَمَا ذُقْتُ لَعُوساً أَي شَيْئًا، وَمَا ذُقْتُ لَعُوقاً مِثْلَهُ. وَقِيلَ: اللَّعْس العَضُّ، يُقَالُ: لَعَسَني لَعْساً أَي عَضَّني؛ وَبِهِ سُمِّيَ الذِّئْبُ لَعْوَساً. وأَلْعَسُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
فَلَا تُنْكِرُوني، إِنَّني أَنا ذَلِكُمْ، ... عَشِيَّةَ حَلَّ الحَيُّ غَوْلًا فأَلْعَسا «3»
وَيُرْوَى: لَياليَ حَلَّ.
لغس: اللَّغْوَسَة: سُرْعة الأَكل وَنَحْوِهِ. واللَّغْوَس: السَّرِيعُ الأَكل. واللَّغْوَس: الذِّئْبُ الشَّرِه الْحَرِيصُ، وَالْعَيْنُ فِيهِ لُغَةٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وماءٍ هَتَكْتُ السِّتْرَ عَنْهُ، وَلَمْ يَرِدْ ... رَوايا الفِراخِ والذِّئابُ اللَّغاوِسُ
وَيُرْوَى بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ. وَذِئْبٌ لَغْوَس ولِصٌّ لَغْوَس: خَتُول خَبِيثٌ. واللَّغْوَس: عُشْبة مِنَ المَرْعى؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: واللَّغْوَس أَيضاً الرَّقيق الْخَفِيفُ مِنَ النَّبات؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ ثَوْرًا:
فَبَدرْتُه عَيْناً، ولَجَّ بِطَرْفِه ... عَنِّي لُعَاعَةُ لَغْوَس مُتَزَيِّدِ «4»
مَعْنَاهُ أَني نظرتُ إِليه وشغَلَتْه عَنِّي لُعاعَةُ لَغْوس، وَهُوَ نَبْتٌ ناعِم رَيَّان، وَقِيلَ: اللَغْوَس عُشْب ليِّن رَطْب يُؤْكَلُ سَرِيعًا. وَلَحْمٌ مُلَغْوَس ومَلْغُوس: أَحمر لَمْ يَنْضَج. ابْنُ السِّكِّيتِ: طَعَامٌ مُلَهْوَج ومُلَغْوس وَهُوَ الَّذِي لم يَنْضَج.
لقس: اللَّقِسُ: الشَّرِه النفْس الحَريص عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. يُقَالُ: لَقِسَت نفسُه إِلى الشَّيْءِ إِذا نازَعَتْه إِليه وحَرَصَت عَلَيْهِ؛ قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا يَقُولَنَّ أَحدُكم خَبُثتْ نَفْسِي وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَت نَفْسِي
أَي غَثَتْ. واللَّقَسُ: الغَثَيان، وإِنما كَرِه خَبُثَتْ هَرَباً مِنْ لَفْظِ الخُبْث وَالْخَبِيثِ. ولَقِسَت نفسُه مِنَ الشَّيْءِ تَلْقَسُ لَقَساً، فَهِيَ لَقِسَة، وتمَقَّسَت نفسُه تَمَقُّساً: غَثَتْ غَثَياناً وخَبُثَت، وَقِيلَ: نَازَعَتْهُ إِلى الشرِّ، وَقِيلَ: بَخِلَت وضاقَتْ؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ اللَّيْثُ اللَّقَس الحِرْص والشَّرَه، وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ الغَثَيَان وخُبْث النَّفْس، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ. أَبو عَمْرٍو: اللَّقِس الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى وجْه. ابْنُ شُمَيْلٍ: رجل لَقِس سَيّء الخلُق خَبيثُ النَّفس فَحَّاشٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمر وَذُكِرَ الزُّبَيْرِ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، فَقَالَ: وَعِقَةٌ [وَعْقَةٌ] لَقِسٌ
؛ اللَّقِس: السَّيّء الْخُلُقِ، وَقِيلَ: الشَّحِيح. ولَقِسَت نفسُه إِلى الشَّيْءِ إِذا حَرَصَتْ عَلَيْهِ ونازعتْه إِليه. واللَّقِس: العَيَّاب لِلنَّاسِ المُلَقِّب الساخِر يلقِّب النَّاسُ ويسخَر مِنْهُمْ وَيُفْسِدُ بَيْنَهُمْ. واللَّاقِس: العَيَّاب. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَقِس أَي شَكِس عَسِر، ولَقَسَه يَلْقِسُهُ لَقْساً. وتَلاقَسُوا: تَشاتَمُوا. أَبو زَيْدٍ: لَقِسْت النَّاسَ أَلقَسُهم ونَقِسْتُهم أَنقَسُهم، وَهُوَ الإِفساد بَيْنَهُمْ وأَن تسخَر مِنْهُمْ وتلقِّبهم الأَلقاب. ولاقِس: اسم.
__________
(3) . قوله [أَنا ذلكم] في شرح القاموس بدله: أَنا جاركم.
(4) . قوله [متزيد] ويروى مترئد، كما في شرح القاموس.(6/208)
لكس: إِنه لَشَكِسٌ لَكِسٌ أَي عَسِرٌ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ مَعَ أَشياء إِتباعِيَّة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَلَكِسٌ إِتباع أَم هِيَ لَفْظَةٌ عَلَى حِدَتها كشَكِس.
لمس: اللَّمْس: الجَسُّ، وَقِيلَ: اللَّمْسُ المَسُّ بِالْيَدِ، لمَسَه يَلْمِسُهُ ويَلْمُسُه لَمْساً ولامَسَه. وَنَاقَةٌ لَمُوس: شُك فِي سَنامِها أَبِها طِرْقٌ أَم لَا فَلُمِسَ، وَالْجَمْعُ لُمْسٌ. واللَّمْس: كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ، لَمَسَها يَلْمِسُها ولامَسَها، وَكَذَلِكَ المُلامَسَة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
أَو لَمَسْتُمُ النِّساء
، وقُرِئ: أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ*
، وَرُوِيَ عَنْ
عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَر وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنهما قَالَا: القُبْلَة مِنَ اللَّمْس وَفِيهَا الوُضوء.
وَكَانَ
ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: اللَّمْسُ واللِّماسُ والمُلامَسَة كِناية عَنِ الْجِمَاعِ
؛ وَمِمَّا يُسْتَدلّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ قَوْلُ الْعَرَبِ فِي المرأَة تُزَنُّ بِالْفُجُورِ: هِيَ لَا تَرُدُّ يَدَ لامِسٍ،
وَجَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: إِن امرأَتي لَا تَرُدُّ يَدَ لامِس، فأَمرَه بِتَطْلِيقِهَا
؛ أَراد أَنها لَا تردُّ عَنْ نَفْسِهَا كلَّ مَنْ أَراد مُراوَدَتها عَنْ نَفْسِهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَوْلُهُ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ
فاسْتَمْتِعْ بِهَا
أَي لَا تُمْسِكْها إِلا بقدْر مَا تَقْضِي مُتْعَةَ النَّفْس مِنْهَا وَمِنْ وَطَرِها، وَخَافَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عليه وسلم، إِن أَوْجَبَ عَلَيْهِ طَلاقَها أَن تتُوق نفسُه إِليها فيَقَع فِي الحَرام، وَقِيلَ: مَعْنَى لَا تردُّ يدَ لامِس أَنها تُعطِي مِنْ مَالِهِ مَنْ يطلُب مِنْهَا، قَالَ: وَهَذَا أَشبه، قَالَ أَحمد: لَمْ يَكُنْ ليأْمُرَه بإِمْساكِها وَهِيَ تَفْجُر. قَالَ
عليٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: إِذا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فظُنُّوا أَنه الَّذِي هُوَ أَهْدى وأَتْقَى.
أَبو عَمْرٍو: اللَّمْس الْجِمَاعُ. واللَّمِيس: المرأَة اللَّيِّنة المَلْمَس. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَمَسْتُه لَمْساً ولامَسْتُه مُلامَسَة، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَيُقَالُ: اللَّمْسُ قَدْ يَكُونُ مَسَّ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ وَيَكُونُ مَعْرِفَة الشَّيْءِ وإِن لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَسٌّ لجَوْهَرٍ عَلَى جَوْهَرٍ، والمُلامَسَة أَكثر مَا جَاءَتْ مِنَ اثْنَيْنِ. والالْتِماسُ: الطَّلَب. والتَلَمُّسُ: التَّطَلُّب مرَّة بَعْدَ أُخرى. وَفِي الْحَدِيثِ:
اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ والأَبْتَرَ فإِنهما يَلْمِسان البَصَر
، وَفِي رِوَايَةٍ:
يَلْتَمِسان
أَي يَخْطِفان ويَطْمِسان، وَقِيلَ: لَمَسَ عَيْنَه وسَمَل بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ: أَراد أَنهما يَقْصِدان البَصَر باللَّسْع، فِي الحيَّات نَوْعٌ يُسَمَّى الناظِر مَتَى وقَع نَظَرُه عَلَى عَيْن إِنسان مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ، ونوعٌ آخَرُ إِذا سَمِع إِنسانٌ صَوْتَهُ مَاتَ؛ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ
الخُدْريِّ عَنِ الشَّابِّ الأَنصاريِّ الَّذِي طَعَنَ الحَيَّة بِرُمْحِه فَمَاتَتْ وَمَاتَ الشَّابُّ مِنْ سَاعَتِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلماً
أَي يَطلبُه، فَاسْتَعَارَ لَهُ اللَّمْس. وَحَدِيثُ
عَائِشَةَ: فالْتَمَسْتُ عِقْدِي.
والْتَمَسَ الشيءَ وتَلَمَّسَه: طَلَبَه. اللَّيْثُ: اللَّمْس بِالْيَدِ أَن تَطْلُبَ شَيْئًا هَاهُنَا وَهَاهُنَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
يَلْمِسُ الأَحْلاسَ فِي مَنزِلهِ ... بِيَدَيْهِ، كاليَهُوديِّ المُصَلْ «1»
والمُتَلَمِّسَةُ: مِنَ السِّمات؛ يُقَالُ: كَوَاهُ المُتَلَمِّسَةَ والمثلومةَ «2» وكَوَاه لَماسَ إِذا أَصاب مَكَانَ دَائِهِ بالتَّلَمُّسِ فَوَقَعَ عَلَى دَاءِ الرجُل أَو عَلَى مَا كَانَ يَكْتُمُ.
__________
(1) . قوله [كاليهودي المصل] هو بهذا الضبط في الأَصل.
(2) . قوله [والمثلومة] هكذا في الأَصل بالمثلثة، وفي شرح القاموس: المتلومة، بالمثناة الفوقية.(6/209)
والمُتَلَمِّس: اسْمُ شَاعِرٍ، سُمِّيَ بِهِ لِقَوْلِهِ:
فَهَذَا أَوانُ العِرْضِ جُنَّ ذُبابُهُ، ... زَنابِيرُه والأَزْرَقُ المُتَلَمِّسُ
يَعْنِي الذُّباب الأَخْضَر. وإِكافٌ مَلْمُوسُ الأَحْناء إِذا لُمِسَت بالأَيدي حَتَّى تَسْتَوي، وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ الَّذِي قَدْ أُمِرَّ عَلَيْهِ اليَدُ ونُحِت مَا كَانَ فِيهِ مِنْ ارْتفاع وأَوَدٍ. وبَيْعُ المُلامَسَةِ: أَن تَشْترِيَ المَتاع بأَن تَلمِسَه وَلَا تنظرَ إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ
النَّهْيُ عَنْ المُلامَسَة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُلامَسَة أَن يَقُولَ: إِن لَمَسْتَ ثَوْبِي أَو لمَسْتُ ثوبَك أَو إِذا لَمَسْت الْمَبِيعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ بَيْنَنَا بِكَذَا وَكَذَا؛ وَيُقَالُ: هُوَ أَن يَلْمِسَ المَتاع مِنْ وَرَاءِ الثوْب وَلَا يَنْظُرَ إِليه ثُمَّ يُوقِع الْبَيْعَ عَلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ غَرَرٌ وَقَدْ نُهِي عَنْهُ ولأَنه تعليقٌ أَو عُدولٌ عَنِ الصِّيغَة الشَرْعِيَّة، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن يَجْعَلَ اللَّمْس بِالْيَدِ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إِلى تَعْلِيقِ اللُّزُوم وَهُوَ غَيْرُ نافِذٍ. واللَّماسَة واللُّماسَة: الْحَاجَةُ الْمُقَارَبَةُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَسْنا كأَقْوامٍ إِذا أَزِمَتْ، ... فَرِحَ اللَّمُوسُ بِثَابِتِ الفَقْر
اللَّمُوس: الدَّعِيُّ؛ يَقُولُ: نَحْنُ وإِن أَزِمَتْ السَّنَةُ أَي عَضَّت فَلَا يَطْمَعُ الدَّعِيُّ فِينَا أَن نُزوِّجَه، وإِن كَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ. ولَمِيسُ: اسْمُ امرأَة. ولُمَيْسٌ ولَمَّاس: اسمان.
لهس: لهَسَ الصَّبِيُّ ثَدْيَ أُمِّه لَهْساً: لَطَعَه بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَمْصَصْهُ. والمُلاهِسُ: المُزاحِم عَلَى الطَّعَامِ مِنَ الحِرْص؛ قَالَ:
مَلاهِسُ القَوْم عَلَى الطَّعامِ، ... وجائِزٌ فِي قَرْقَفِ المُدَامِ،
شُرْبَ الهِجانِ الوُلُهِ الهِيامِ
الْجَائِزُ: العابُّ فِي الشَّرَابِ. وَفُلَانٌ يُلاهِسُ بَنِي فُلَانٍ إِذا كَانَ يَغْشَى طعامَهم. واللَّهْس: لُغَةٌ فِي اللَّحْس أَو هَهَّةٌ، يُقَالُ: مَا لَكَ عِنْدِي لُهْسَة، بِالضَّمِّ، مِثْلُ لُحْسَة أَي شيء.
لوس: اللَّوْسُ: الذَّوْق. رَجُلٌ لَؤُوس، عَلَى فَعول؛ لاسَ يَلُوس لَوْساً وَهُوَ أَلْوَسُ: تَتَبَّع الْحَلَاوَاتِ فأَكلها. واللَّوْسُ: الأَكل الْقَلِيلُ. وَمَا ذَاقَ عِنْدَهُ لَوْساً وَلَا لَواساً، بِالْفَتْحِ، أَي ذَواقاً. وَلَا يَلُوسُ كَذَا أَي لَا يَنالُه، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبو صَاعِدٍ الْكِلَابِيُّ: مَا ذاق عَلُوساً ولا لَؤُوساً، وَمَا لُسْنا عِنْدَهُمْ لَواساً. واللُّواسَة، بِالضَّمِّ: أَقلّ مِنَ اللُّقمة. واللُّوس: الأَشِدَّاء «1» ، واحِدُهم أَلْيَس.
ليس: اللَّيَسُ: اللُّزُوم، والأَلْيَسُ: الَّذِي لَا يَبْرَح بيتَه واللَّيَسُ أَيضاً: الشِّدَّةُ، وَقَدْ تَلَيَّس. وإِبِلٌ لِيسٌ عَلَى الحَوْض إِذا أَقامت عَلَيْهِ فَلَمْ تَبْرَحْهُ. وإِبِلٌ لِيسٌ: ثِقال لَا تبرَح؛ قَالَ عَبْدة بْنُ الطَّبِيب:
إِذا مَا حامَ راعِيها اسْتَحَنَّتْ ... لِعَبْدَة، مُنْتَهى الأَهْواء لِيسُ
لِيسٌ لَا تُفَارِقُهُ مُنْتَهى أَهوائها، وأَراد لِعَطَنِ عَبدَة أَي أَنها تَنْزع إِليه إِذا حَامَ رَاعِيهَا. وَرَجُلٌ أَلْيَس أَي شُجَاعٌ بَيِّنُ اللَّيَس مِنْ قَوْمٍ لِيسٍ. وَيُقَالُ لِلشُّجَاعِ: هُوَ أَهْيَسُ أَلْيَسُ، وَكَانَ فِي الأَصل
__________
(1) . قوله [واللوس الأَشداء إلخ] قال في شرح القاموس: هنا ذكره صاحب اللسان ومحل ذكره الياء.(6/210)
أَهْوَسَ أَلْيَس، فَلَمَّا ازْدَوَجَ الْكَلَامُ قَلَبوا الْوَاوَ يَاءً فَقَالُوا: أَهْيَس. والأَهْوَس: الَّذِي يَدُقُّ كُلَّ شَيْءٍ ويأْكله، والأَلْيَسُ: الَّذِي يُبازجُ قِرْنَهُ وَرُبَّمَا ذَمُّوه بِقَوْلِهِمْ أَهْيَس أَلْيَس، فإِذا أَرادوا الذَّمَّ عُني بالأَهْيَس الأَهْوَس، وَهُوَ الْكَثِيرُ الأَكل، وبالأَلْيَس الَّذِي لَا يَبْرَح بَيْتَه، وَهَذَا ذمٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي الأَسْوَد الدُّؤَلي: فإِنه أَهْيَسُ أَلْيَس
؛ الأَلْيَسُ: الَّذِي لَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ. والأَلْيَسُ: الْبَعِيرُ يَحْمِلُ كلَّ مَا حُمِّلَ. بعضُ الأَعراب: الأَلْيَسُ: الدَّيُّوث الَّذِي لَا يَغار ويُتَهَزَّأُ بِهِ، فَيُقَالُ: هُوَ أَلْيَسُ بُورك فِيهِ فاللَّيَسُ يَدْخُلُ فِي المَعْنَيَينِ فِي المدْح وَالذَّمِّ، وكلٌّ لَا يَخْفَى عَلَى المُتَفَوِّه بِهِ. وَيُقَالُ: تَلايَسَ الرجلُ إِذا كَانَ حَمُولًا حَسَنَ الخلُق. وتَلايَسْتُ عَنْ كَذَا وَكَذَا أَي غَمَّضْتُ عَنْهُ. وَفُلَانٌ أَلْيَس: دَهْثَم حسَن الخلُق. اللَّيْثُ: اللَّيَس مَصْدَرُ الأَلْيَس، وَهُوَ الشُّجَاعُ الَّذِي لَا يُبالي الحرْبَ وَلَا يَرُوعُه؛ وأَنشد:
أَلْيَسُ عَنْ حَوْبائِه سخِيّ
يَقُولُهُ الْعَجَّاجُ وَجَمْعُهُ لِيَسٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَخال نَدِيَّهُمْ مَرْضى حَياءً، ... وتَلْقاهمْ غَداةَ الرَّوْعِ لِيسا
وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَ والظُّفْرَ
؛ مَعْنَاهُ إِلا السِّنَّ والظُّفْر. وَلَيْسَ: مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ كإِلَّا، وَالْعَرَبُ تَسْتَثْنِي بِلِيسَ فَتَقُولُ: قَامَ الْقَوْمُ لَيْسَ أَخاك وَلَيْسَ أَخَوَيْك، وَقَامَ النِّسْوَة لَيْسَ هِنْدًا، وَقَامَ الْقَوْمُ لَيْسي ولَيْسَني وليس إِيَّاي؛ وأَنشد:
قَدْ ذَهَبَ القوْمُ الكِرام لَيْسِي
وَقَالَ آخَرُ:
وأَصْبح مَا فِي الأَرض مِني تَقِيَّةً ... لِناظِرِه، لَيْسَ العِظامَ العَوالِيا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ولَيْس مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ تَقُولُ: أَتى الْقَوْمُ لَيْسَ زَيْدًا أَي لَيْسَ الْآتِي، لَا يَكُونُ إِلا مُضْمَرًا فِيهَا. قَالَ اللَّيْثُ: لَيْس كَلِمَةُ جُحُود. قَالَ الْخَلِيلُ: وأَصله لَا أَيْسَ فطُرِحَتِ الْهَمْزَةُ وأُلْزِقَت اللَّامُ بِالْيَاءِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: لَيس يَكُونُ جَحْداً وَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً ينصَب بِهِ كَقَوْلِكَ ذَهَبَ الْقَوْمُ لَيْس زَيْدًا يَعْنِي مَا عَدا زَيْدًا، وَلَا يَكُونُ أَبداً «2» وَيَكُونُ بِمَعْنَى إِلا زَيْدًا؛ وَرُبَّمَا جَاءَتْ لَيْسَ بِمَعْنَى لَا الَّتِي يُنسَقُ بِهَا كَقَوْلِ لَبِيدٍ:
إِنما يَجْزي الفَتى لَيْس الجَمَلْ
إِذا أُعرِب لَيْس الجَمَلُ لأَن ليْس هَاهُنَا بِمَعْنَى لَا النَّسَقِيَّة. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَراد لَيْسَ يَجْزي الجَمَل وَلَيْسَ الجَمَل يَجْزي، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَتْ لَيْسَ بِمَعْنَى لَا التَّبْرِئَة. قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: ليْس مِنْ حُرُوفِ جَحْدٍ وَتَقَعُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ كَانَ تَرْفَعُ الِاسْمَ وَتَنْصِبُ الْخَبَرَ، تَقُولُ لَيْسَ زَيْدٌ قَائِمًا وَلَيْسَ قَائِمًا زَيْدٌ، وَلَا يَجُوزُ أَن يقدَّم خَبَرُهَا عَلَيْهَا لأَنها لَا تُصرف، وَتَكُونُ لَيْسَ اسْتِثْنَاءً فَتَنْصِبُ الِاسْمَ بَعْدَهَا كَمَا تَنْصِبُهُ بَعْدَ إِلا، تَقُولُ جَاءَنِي الْقَوْمُ لَيْسَ زَيْدًا وَفِيهَا مُضْمَر لَا يَظْهَرُ، وَتَكُونُ نَسَقًا بِمَنْزِلَةِ لَا، تَقُولُ جَاءَنِي عَمْرٌو لَيْس زَيْدٌ؛ قَالَ لَبِيدٍ:
إِنما يَجْزي الْفَتَى لَيْسَ الجَمَل
قَالَ الأَزهري: وَقَدْ صَرَّفوا لَيْس تَصْرِيفَ الْفِعْلِ الْمَاضِي فَثَنَّوْا وَجَمَعُوا وأَنَّثُوا فَقَالُوا لَيْس ولَيْسا ولَيْسُوا ولَيْسَتِ المرأَة ولَيْسَتا ولَسْنَ وَلَمْ يُصرِّفُوها فِي المستقبَل. وَقَالُوا: لَسْت أَفعل
__________
(2) . قوله: ولا يكون أَبداً هكذا في الأَصل، ولم يذكر خبراً لكان يدرك معه المعنى المُراد.(6/211)
ولَسْنا نَفْعَل. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: مِنِ اسْمَحْ أَنا لَيْسَ مِثْلَكَ وَالصَّوَابُ لَسْتُ مِثْلك لأَنَّ لَيْسَ فِعْلٌ واجبٌ فإِنما يُجَاءُ بِهِ لِلْغَائِبِ الْمُتَرَاخِي، تَقُولُ: عَبْدُ اللَّه «1» لَيْسَ مِثْلَكَ، وَتَقُولُ: جَاءَنِي الْقَوْمُ لَيْسَ أَباك وَلَيْسَكَ أَي غيرَ أَبيك وَغَيْرَكَ، وجاءَك الْقَوْمُ لَيْسَ أَباك ولَيْسَني، بِالنُّونِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. التَّهْذِيبُ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لَيْسَني بِمَعْنَى غَيْرِي. ابْنُ سِيدَهْ: ولَيْسَ كَلِمَةُ نَفْيٍ وَهِيَ فِعْلٌ مَاضٍ، قَالَ: وأَصلها لَيِس بِكَسْرِ الْيَاءِ فَسَكَنَتِ اسْتِثْقَالًا، وَلَمْ تُقْلَبْ أَلفاً لأَنها لَا تتصرَّف مِنْ حَيْثُ اسْتُعْمِلَتْ بِلَفْظِ الْمَاضِي لِلْحَالِ، وَالَّذِي يدلُّ عَلَى أَنها فِعْلٌ وإِن لَمْ تتصرَّف تصرُّف الأَفعال قَوْلُهُمْ لَسْت ولَسْتما ولَسْتُم كَقَوْلِهِمْ ضَرَبْتُ وَضَرَبْتُمَا وَضَرَبْتُمْ، وجُعِلت مِنْ عَوامِل الأَفعال نَحْوِ كَانَ وأَخواتها الَّتِي تَرْفَعُ الأَسماء وَتَنْصِبُ الأَخبار، إِلَّا أَن الْبَاءَ تَدْخُلُ فِي خَبَرِهَا وَحْدَهَا دُونَ أَخواتها، تَقُولُ لَيْسَ زَيْدٌ بمنطلقٍ، فَالْبَاءُ لِتعدِيَة الْفِعْلِ وتأْكيد النَّفْيِ، وَلَكَ أَن لَا تُدْخِلَهَا لأَن المؤكِّد يُسْتَغْنَى عَنْهُ، ولأَن مِنَ الأَفعال مَا يَتَعَدَّى مَرَّةً بِحَرْفِ جَرٍّ وَمَرَّةً بِغَيْرِ حَرْفٍ نَحْوَ اشْتَقْتُك وَاشْتَقْتُ إِليك، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ خَبَرِهَا عَلَيْهَا كَمَا جَازَ فِي أَخواتها، لَا تَقُولُ محسِناً لَيْسَ زَيْدٌ، قَالَ: وَقَدْ يُستثنى بِهَا، تَقُولُ: جاءَني الْقَوْمُ لَيْسَ زَيْدًا كَمَا تَقُولُ إِلا زَيْدًا، تضمِر اسمَها فِيهَا وَتَنْصِبُ خَبَرَهَا بِهَا كأَنك قُلْتَ لَيْسَ الْجَائِي زَيْدًا، وَتَقْدِيرُهُ جَاءَنِي الْقَوْمُ لَيْسَ بَعْضُهُمْ زَيْدًا؛ وَلَكَ أَن تَقُولَ جَاءَنِي الْقَوْمُ لَيْسك إِلا أَن الْمُضْمَرَ الْمُنْفَصِلَ هَاهُنَا أَحسن كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
لَيْتَ هَذَا الليلَ شَهْرٌ، ... لَا نَرى فِيهِ غَريبا،
ليس إِيّايَ وإِيّاكَ، ... وَلَا نَخْشى رَقِيبا
وَلَمْ يَقُلْ: لَيْسَني ولَيْسَك، وَهُوَ جَائِزٌ إِلا أَن الْمُنْفَصِلَ أَجْوَد. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِزَيْدِ الخَيل: مَا وُصِف لِي أَحد فِي الْجَاهِلِيَّةِ فرأَيته فِي الإِسلام إِلا رأَيته دُونَ الصِّفة لَيْسَك
أَي إِلا أَنت؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي لَيْسَك غَرابة فإِن أَخبار كَانَ وأَخواتها إِذا كَانَتْ ضَمَائِرَ فإِنما يُسْتَعْمَلُ فِيهَا كَثِيرًا الْمُنْفَصِلُ دُونَ الْمُتَّصِلِ، تَقُولُ لَيْسَ إِياي وإِياك؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَيْسَ كَلِمَةٌ يُنْفَى بِهَا مَا فِي الْحَالِ فكأَنها مُسَكَّنَةٌ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ صدَّ «2» كَمَا قَالُوا عَلْم ذَلِكَ فِي عَلِمَ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَمْ يَجْعَلُوا اعتلالَها إِلَّا لزُوم الإِسكان إِذ كَثُرَت فِي كَلَامِهِمْ وَلَمْ يغيِّروا حَرَكَةَ الْفَاءِ، وإِنما ذَلِكَ لأَنه لَا مُسْتَقْبَلَ مِنْهَا وَلَا اسْمُ فَاعِلٍ وَلَا مَصْدَرَ وَلَا اشْتِقَاقَ، فَلَمَّا لَمْ تُصَرَّف تصرُّف أَخواتها جُعِلَتْ بِمَنْزِلَةِ مَا لَيْس مِنَ الْفِعْلِ نَحْوَ لَيْتَ؛ وأَما قَوْلُ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ:
يَا خَيْرَ مَنْ زانَ سُرُوجَ المَيْسِ، ... قَدْ رُسَّتِ الحاجاتُ عِنْدَ قَيْسِ،
إِذ لَا يَزالُ مُولَعاً بِلَيْسِ
فإِنه جَعَلَهَا اسْمًا وأَعْرَبها. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَصل لَيْسَ لَا أَيْسَ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ ائتِنِي بِهِ مِنْ حَيْثُ أَيْسَ ولَيْس، وجِئْ بِهِ مِنْ أَيْسَ ولَيْسَ أَي مِنْ حَيْثُ هُوَ ولَيْسَ هُوَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا لَسْتُ كَمَا قَالُوا مَسْتُ وَلَمْ يَقُولُوا لِسْتُ كَمَا قَالُوا خِفْتُ لأَنه لَمْ يتمكَّن تَمَكُّنَ الأَفعال، وَحَكَى أَبو عَلِيٍّ أَنهم يقولون: جِئْ بِهِ مِنْ حَيْثُ ولَيْسا «3» ؛ يُرِيدُونَ ولَيْسَ فَيُشْبِعُونَ فَتْحَةَ السين،
__________
(1) . قوله [وقال أَبو حاتم إلى قوله تقول عبد اللَّه] هكذا بالأَصل.
(2) . قوله [فكأَنها مُسَكَّنَةٌ مِنْ نَحْوِ قوله صدّ] هكذا في الأَصل ولعلها محرفة عن صيد بسكون الياء لغة في صيد كفرح.
(3) . قوله [من حيث وليسا] كذا بالأَصل وشرح القاموس.(6/212)
إِما لِبَيَانِ الْحَرَكَةِ فِي الْوَقْفِ، وإِما كَمَا لَحِقَتْ بَيْنا فِي الْوَصْلِ. وإِلْياسُ وأَلْياس: اسْمٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه عِبْرَانِيًّا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه إِدريس، وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: وإِن إِدريسَ
، مكانَ: وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ
، وَمَنْ قرأَ: عَلى إِلْ ياسِينَ
، فَعَلَى أَنه جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَولاده أَو أَعمامه إِلْياساً فَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَن يقرأَ عَلَى الإِلْياسِين، وَرُوِيَتْ:
سَلَامٌ عَلَى إِدْراسِين
، وَهَذِهِ الْمَادَّةُ أَولى بِهِ مِنْ بَابِ أَلس؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ نَقَلْتُهُ عَنْهُ اطِّرَادًا لِمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ أَن الْهَمْزَةَ إِذا كَانَتْ أُولى أَربعة حُكِمَ بِزِيَادَتِهَا حَتَّى يَثْبُتَ كونها أَصلًا.
فصل الميم
مأس: المأْس: الَّذِي لَا يَلْتَفِتُ إِلى مَوْعِظَةِ أَحد وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ ماسٌ بِوَزْنِ مَالٍ أَي خَفِيفٌ طَيَّاشٌ، وَسَنَذْكُرُهُ أَيضاً فِي موس، وَقَدْ مَسَأَ ومَأَسَ بَيْنَهُمْ يَمْأَسُ مَأْساً ومَأَساً: أَفسد؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَسَوْتُ دِماءً حاوَلَ القَوْمُ سَفْكَها، ... وَلَا يَعْدَم الآسُونَ فِي الغَيِّ مائِسا
أَبو زَيْدٍ: مَأَسْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ وأَرَشْتُ وأَرَثْتُ بِمَعْنًى واحد. ورجل مائِسٌ ومَؤُوسٌ ومِمْآسٌ ومِمْأَسٌ: نَمَّامٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَسْعَى بَيْنَ النَّاسِ بِالْفَسَادِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ومَأَّسٌ، مِثْلُ فَعَّال بِتَشْدِيدِ الْهَمْزَةِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ
مُطَرِّفٍ: جَاءَ الهُدْهُد بالمَاس فأَلقاه عَلَى الزُّجَاجَةِ فَفَلَقَها
؛ المَاسُ: حَجَرٌ مَعْرُوفٌ يُثْقَبُ بِهِ الْجَوْهَرُ وَيُقْطَعُ وَيُنْقَشُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَظن الْهَمْزَةَ وَاللَّامَ فِيهِ أَصليتين مِثْلَهُمَا فِي إِلْياس، قَالَ: وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ، فإِن كَانَ كَذَلِكَ فَبَابُهُ الْهَمْزُ لِقَوْلِهِمْ فِيهِ الأَلْماسُ، قَالَ؛ وإِن كَانَتَا لِلتَّعْرِيفِ فهذا موضعه.
متس: المَتْسُ: لُغَةٌ فِي المَطْس. مَتَس العذِرة مَتْساً: لُغَةٌ فِي مَطَسَ. ومَتَسَهُ يَمْتِسُهُ مَتْساً: أَراغَهُ ليَنْتَزِعه.
مجس: المَجُوسِيَّة: نِحْلَةٌ، والمَجُوسِيُّ مَنْسُوبٌ إِليها، وَالْجَمْعُ المَجُوسُ. قَالَ أَبو عَلِيٍّ النَّحْوِيُّ: المَجُوس وَالْيَهُودُ إِنما عُرِّفَ عَلَى حَدِّ يهوديٍّ ويهودٍ ومجوسيٍّ ومجوسٍ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ دُخُولُ الأَلف وَاللَّامِ عَلَيْهِمَا لأَنهما مَعْرِفَتَانِ مُؤَنَّثَانِ فَجَرَيَا فِي كَلَامِهِمْ مَجْرَى الْقَبِيلَتَيْنِ وَلَمْ يُجْعَلَا كَالْحَيَّيْنِ فِي بَابِ الصَّرْفِ؛ وأَنشد:
أَحارِ أُرِيكَ بَرْقاً هَبَّ وهْناً، ... كَنَارِ مَجُوسَ تَسْتَعِرُ اسْتِعارا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَدْرُ الْبَيْتِ لِامْرِئِ الْقَيْسِ وَعَجُزُهُ للتوأَم الْيَشْكُرِيِّ؛ قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: كَانَ امْرُؤُ الْقَيْسِ مِعَنّاً عِرِّيضاً يُنَازِعُ كُلَّ مَنْ قَالَ إِنه شَاعِرٌ، فَنَازَعَ التوأَم الْيَشْكُرِيَّ «1» فَقَالَ لَهُ: إِن كُنْتَ شَاعِرًا فَمَلِّطْ أَنصاف مَا أَقول وأَجِزْها، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَصاح أُريك بَرْقًا هَبَّ وَهْنًا
فَقَالَ التوأَم:
كَنَارِ مَجُوسَ تَسْتَعِرُ استعارا
__________
(1) . قوله [فنازع التوأم اليشكري] عبارة ياقوت: أَتى إمرؤ القيس قتادة بن التوأم اليشكري وأخويه الحرث وأبا شريح، فقال إمرؤ القيس يا حار أَجز:
أَحار تَرَى بُرَيْقًا هَبَّ وَهْنًا
إلى آخر ما قال، وأَورد الأَبيات بوجه آخر فراجعه إن شئت وعليه يظهر قول المؤلف الآتي قريباً، وَبَرِيقًا تَصْغِيرُهُ تَصْغِيرُ التَّعْظِيمِ.(6/213)
فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَرِقْتُ لَهُ ونامَ أَبو شُرَيحٍ
فَقَالَ التوأَم:
إِذا مَا قلْتُ قَدْ هَدَأَ اسْتَطارا
فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَنَّ هَزيزَهُ بِوَراءِ غَيْبٍ
فَقَالَ التوأَم:
عِشارٌ وُلَّهٌ لاقَتْ عِشارا
فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَلَمَّا أَنْ عَلا كَنَفَي أُضاخٍ
فَقَالَ التوأَم:
وَهَتْ أَعْجازُ رَيِّقِهِ فَحارا
فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَلَمْ يَتْرُكْ بِذاتِ السِّرِّ ظَبْياً
فَقَالَ التوأَم:
وَلَمْ يَتْرُكْ بجَلْهَتِها حِمَارَا
وَمِثْلُ مَا فَعَلَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بالتوأَم فَعَلَ عَبيدُ بْنُ الأَبْرص بِامْرِئِ الْقَيْسِ، فَقَالَ لَهُ عَبِيدٌ: كَيْفَ مَعْرِفَتُكَ بالأَوابد؟ فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: أَلقِ مَا أَحببت، فَقَالَ عَبِيدٌ:
مَا حَيَّةٌ مَيْتَةٌ أَحْيَتْ بِمَيِّتِها ... دَرْداءَ، مَا أَنْبَتَتْ نَابًا وأَضْراسا؟
قال امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تِلْكَ الشَّعِيرَةُ تُسْقى فِي سَنابِلِها، ... فَأَخْرَجَتْ بَعْدَ طُولِ المُكْثِ أَكداسا
فَقَالَ عَبِيدٌ:
مَا السُّودُ والبِيضُ والأَسْماءُ واحِدَةٌ، ... لَا يَسْتَطِيعُ لَهُنَّ النَّاسُ تَمْساسا؟
فَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تِلْكَ السَّحابُ إِذا الرَّحْمَنُ أَنشأَها، ... رَوَّى بِها مِنْ مَحُولِ الأَرْضِ أَنْفاسا
ثُمَّ لَمْ يَزَالَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَمَّلَا سِتَّةَ عَشَرَ بَيْتًا. تَفْسِيرُ الأَبيات الرَّائِيَّةِ: قَوْلُهُ هَبَّ وَهْنًا، الْوَهْنُ: بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَبَرِيقًا: تَصْغِيرُهُ تَصْغِيرُ التَّعْظِيمِ كَقَوْلِهِمْ دُوَيْهِيَةٌ يُرِيدُ أَنه عَظِيمٌ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ:
كَنَارِ مَجُوسَ تَسْتَعِرُ اسْتِعَارَا
وَخَصَّ نَارَ المجوس لأَنهم يعيدونها. وَقَوْلُهُ: أَرقت لَهُ أَي سَهِرْتُ مِنْ أَجله مُرْتَقِبًا لَهُ لأَعلم أَين مصابُّ مائِه. وَاسْتَطَارَ: انْتَشَرَ. وَهَزِيزُهُ: صَوْتُ رَعْدِهِ. وَقَوْلُهُ: بوَرَاءِ غَيْبٍ أَي بِحَيْثُ أَسمعه وَلَا أَراه. وَقَوْلُهُ: عِشار وُلَّهٌ أَي فَاقِدَةٌ أَولادها فَهِيَ تُكْثِرُ الْحَنِينَ وَلَا سِيَّمَا إِذا رأَت عِشاراً مِثْلَهَا فإِنه يزدادُ حَنينُها، شَبَّه صَوْتَ الرَّعْدِ بأَصْوات هَذِهِ العِشارِ مِنَ النُّوقِ. وأُضاخ: اسم موضع، وكَفاه: جَانِبَاهُ. وَقَوْلُهُ: وَهَتْ أَعْجاز رَيِّقه أَي اسْتَرْخَتْ أَعجاز هَذَا السَّحَابِ، وَهِيَ مَآخِيرُهُ، كَمَا تَسِيلُ الْقِرْبَةُ الخَلَقُ إِذا اسْتَرْخَتْ. وريِّق الْمَطَرِ: أَوّله. وذاتُ السِّر: مَوْضِعٌ كَثِيرُ الظِّبَاءِ والحُمُر، فَلَمْ يُبْق هَذَا المطرُ ظَبْيًا بِهِ وَلَا حِمَارًا إِلَّا وَهُوَ هَارِبٌ أَو غَريق. والجَلْهَةُ: مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْ الْوَادِي إِذا وَافَيْتَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: المَجُوسُ جِيلٌ مَعْرُوفٌ جمعٌ، وَاحِدُهُمْ مَجُوسِيٌّ؛ غَيْرُهُ: وَهُوَ معرَّب أَصلُه مِنْج كُوشْ، وَكَانَ رَجُلًا صَغير الأُذُنَيْن كَانَ أَوّل مَنْ دانَ بِدين المَجُوس وَدَعَا النَّاسَ إِليه، فعرَّبته الْعَرَبُ فَقَالَتْ: مَجُوسَ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِهِ، وَالْعَرَبُ رُبما تَرَكَتْ صَرْفَ مَجُوسٍ إِذا شُبِّه بِقَبِيلَةٍ مِنَ الْقَبَائِلِ، وَذَلِكَ أَنه اجْتَمَعَ فِيهِ الْعُجْمَةُ والتأْنيت؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:(6/214)
كَنارِ مَجُوس تَسْتَعِرُ اسْتِعارَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ مَوْلودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَة حَتَّى يَكُونَ أَبواه يُمَجِّسانِهِ
أَي يُعلِّمانِهِ دِينَ المَجُوسِيَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ
، قِيلَ: إِنما جَعَلهم مَجُوسًا لِمُضاهاة مذهبِهِم مذهبَ الْمَجُوسِ فِي قَوْلِهِمْ بالأَصْلَيْن: وَهُمَا النُّورُ وَالظُّلْمَةُ، يَزْعُمُونَ أَن الْخَيْرَ مِنْ فِعْل النُّور، وأَن الشَّر مَنْ فِعْلِ الظُّلْمَةِ؛ وَكَذَا القَدَرِيّة يُضِيفُون الخيرَ إِلى اللَّه وَالشَّرَّ إِلى الإِنسان وَالشَّيْطَانِ، واللَّه تَعَالَى خالقُهما مَعًا لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهُمَا إِلا بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى وتَقَدَّسَ، فهُما مُضَافَانِ إِليه خَلْقاً وإِيجاداً، وإِلى الفاعِلين لَهُمَا عَمَلًا وَاكْتِسَابًا. ابْنُ سِيدَهْ: ومَجُوس اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ؛ وأَنشد أَيضاً:
كَنَارِ مجوسَ تَسْتَعِرُ اسْتِعَارَا
قَالَ: وإِنما قَالُوا الْمَجُوسُ عَلَى إِرادة المَجُوسِيِّين، وَقَدْ تَمَجَّسَ الرجلُ وتَمَجَّسُوا: صَارُوا مَجُوساً. ومَجَّسُوا أَولادَهم: صَيَّرُوهُم كَذَلِكَ، ومَجَّسَه غَيْرُهُ.
محس: ابْنُ الأَعرابي: الأَمْحَسُ الدَّبَّاغُ الحاذِقُ. قَالَ الأَزهري: المَحْسُ والمَعْسُ دَلْك الجِلْدِ ودِباغُه، أُبْدِلَت العينُ حَاءً.
مدس: مَدَسَ الأَدِيمَ يَمْدُسُه مَدْساً: دَلَكَه.
مدقس: المِدَقْسُ: لُغَةٌ فِي الدّمَقْس، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
مرس: المَرَسُ والمِراسُ: المُمارَسَةُ وَشِدَّةُ العِلاج. مَرِسَ مَرَساً، فَهُوَ مَرِسٌ، ومارَسَ مُمَارَسَةً ومِرَاساً. وَيُقَالُ: إِنه لمَرِسٌ بَيِّنُ المَرَسِ إِذا كَانَ شديدَ المِرَاسِ. وَيُقَالُ: هُمْ عَلَى مَرِسٍ وَاحِدٍ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَذَلِكَ إِذا استَوَتْ أَخْلاقُهُم. وَرَجُلٌ مَرِسٌ: شَدِيدُ الْعِلَاجِ بَيِّنُ المَرَسِ. وَفِي حَدِيثِ
خَيْفانَ: أَما بَنُو فُلَانٍ فَحَسَكٌ أَمْراسٌ
؛ جَمعُ مَرِسٍ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهُوَ الشَّدِيدُ الَّذِي مارَسَ الأُمورَ وجَرَّبها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
وَحْشِيٍّ فِي مَقْتَل حَمْزَةَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: فَطَلَعَ عَليَّ رَجُلٌ حَذِرٌ مَرِسٌ
أَي شَدِيدٌ مجرِّب لِلْحُرُوبِ. والمَرْسُ فِي غَيْرِ هَذَا: الدَّلْكُ. والتَّمَرُّسُ: شِدَّةُ الالْتِواء والعُلُوقِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ مِنَ اقْتِراب السَّاعة أَن يَتَمَرَّسَ الرَّجُلُ بِدِينِه كَمَا يَتَمَرَّسُ البَعِيرُ بِالشَّجَرَةِ
؛ الْقُتَيْبِيُّ: يَتَمَرَّسُ بِدينه أَي يَتَلَعَّبُ بِهِ ويَعْبَثُ بِهِ كَمَا يَعْبَثُ الْبَعِيرُ بِالشَّجَرَةِ ويَتَحَكَّكُ بِهَا، وَقِيلَ: تَمَرُّسُ الْبَعِيرِ بِالشَّجَرَةِ تَحَكُّكُهُ بِهَا مِنْ جَرَبٍ وأُكالٍ، وتَمَرُّسُ الرَّجُلِ «1» بِدِينِهِ أَن يُمَارِسَ الفِتَنَ ويُشادَّها ويَخْرُجَ عَلَى إِمامه فيضرَّ بِدِينِهِ وَلَا يَنْفَعُهُ غُلُوُّه فِيهِ كَمَا أَن الأَجرب مِنَ الإِبل إِذا تَحَكَّكَ بِالشَّجَرَةِ أَدْمَتْه وَلَمْ تُبْرِئْهُ مِنْ جَرَبِهِ. وَيُقَالُ: مَا بِفُلانٍ مُتْمَرّسٌ إِذا نُعِتَ بالجلَد وَالشِّدَّةِ حَتَّى لَا يُقَاوِمَهُ مَنْ مارَسَه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ اللَّئِيمِ لَا يَنْظُرُ إِلى صَاحِبِهِ وَلَا يُعْطِي خَيْرًا: إِنما يَنْظُرُ إِلى وَجْهٍ أَمْرَسَ أَملس لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا يَتَمرَّس بِهِ أَحد لأَنه صُلْبٌ لَا يُسْتَغَلُّ مِنْهُ شَيْءٌ. وتمَرَّسَ بِالشَّيْءِ: ضَرَبه؛ قَالَ:
تَمَرَّسَ بِي مِنْ جَهْلِهِ وأَنا الرَّقِم
وامْتَرَسَ الشُّجعان فِي الْقِتَالِ وامْتَرَسَ بِهِ أَي احْتَكَّ بِهِ وتَمَرَّس بِهِ. وامْتَرَسَ الخُطَباءُ وامْتَرَسَت الأَلسُن فِي الْخُصُومَةِ: تَلاجَّتْ وأَخذ بَعْضُهَا بَعْضًا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ صَائِدًا وأَن حُمُر الْوَحْشِ قَرُبَتْ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَحْتَكُّ بِالشَّيْءِ فقال:
__________
(1) . قوله [وتمرس الرجل إلخ] عبارة النهاية: وقيل أَراد أَن يمارس الفتن إلخ.(6/215)
فَنَكِرْنَهُ فَنَفَرْنَ، وامْتَرَسَتْ بِهِ ... هَوْجاءُ هادِيَةٌ، وهادٍ جُرْشُعُ
وفَحْلٌ مَرَّاسٌ: شَدِيدُ المِراس. والمَرَسَةُ: الْحَبْلُ لِتَمَرُّسِ الأَيدي بِهِ، وَالْجَمْعُ مَرَسٌ، وأَمْراسٌ جَمْعُ الجمعِ، وَقَدْ يَكُونُ المَرَسُ لِلْوَاحِدِ. والمَرَسَةُ أَيضاً: حَبْلُ الْكَلْبِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَوْ كُنْتَ كَلْب قَنِيصٍ كُنْت ذَا جدَدٍ، ... تكونُ أُرْبَتُه فِي آخِرِ المَرَسِ
وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ:
يُوَدِّعُ بالأَمْراسِ كلَّ عَمَلَّسٍ، ... مِنَ المُطْعِماتٍ اللَّحْمِ غَيرِ الشَّواحِنِ
والمَرْسُ: مَصْدَرُ مَرَسَ الحَبْلُ يَمْرُسُ مَرْساً، وَهُوَ أَن يَقَعَ فِي أَحد جَانِبَيِ البَكْرَةِ بَيْنَ الخُطَّافِ وَالْبَكْرَةِ. وأَمرسه: أَعاده إِلى مَجْرَاهُ. يُقَالُ: أَمْرِسْ حَبْلَكَ أَي أَعِدْهُ إِلى مَجْرَاهُ؛ قَالَ:
بِئْسَ مَقامُ الشَّيْخِ أَمْرِسْ أَمْرِسِ، ... إِمَّا عَلَى قَعْوٍ وإِمَّا اقْعَنْسِسِ
أَراد مَقامٌ يُقَالُ فِيهِ أَمْرِسْ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وَقَدْ جَعَلَتْ بَينَ التَّصَرُّفِ قامَتِي ... وحُسْن الْقِرَى مِمَّا تقُولُ تَمَرَّسُ
لَمْ يُفَسِّرْ مَعْنَاهُ، قَالَ غَيْرُهُ: ضَرَب هَذَا مَثَلًا، أَي قَدْ زَلَّت بَكْرَتي عَنِ القَوام، فَهِيَ تَمْرَسُ بَيْنَ القَعْو والدَّلْو. والمَرَسُ أَيضاً: مَصْدَرُ قَوْلِكَ مَرِسَت البَكْرَةُ تَمْرَسُ مَرَساً. وَبَكْرَةٌ مَرُوسٌ إِذا كَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَن يَمْرُسَ حبلُها أَي يَنْشَب بَيْنَهَا وَبَيْنَ القَعْو؛ وأَنشد:
دُرْنا ودَارَتْ بَكْرَةٌ نَخِيسُ، ... لَا ضَيْقةُ المَجْرى وَلَا مَرُوسُ
وَقَدْ يَكُونُ الإِمْراسُ إِزالَةَ الرِّشاءِ عَنْ مَجْراه فَيَكُونُ بِمَعْنَيَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِذا أَنْشَبْتَ الحَبْلَ بَيْنَ البَكْرَة والقَعْو قلتَ: أَمْرَسْتُه، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
سَتَأْتِيكم، بُمُتْرَعَةٍ ذُعاقاً، ... حِبالُكُمُ الَّتِي لَا تُمْرِسُونا
أَي لَا تُنْشِبُونَها إِلى البَكْرة والقَعْو. ومَرَسَ الدَّواءَ والخبزَ فِي الْمَاءِ يَمْرُسُه مَرْساً: أَنْقَعَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: المَرْسُ مَصْدَرُ مَرَسَ التَّمر يَمْرُسُه ومَرَثَهُ يَمْرُثُهُ إِذا دَلَكَه فِي الْمَاءِ حَتَّى يَنْماثَ فيه. ويقال للتريد: المَرِيسُ لأَن الخبزَ يُماتُ. ومَرَسْتُ التَّمر وغيرَه فِي الْمَاءِ إِذا أَنْقَعْتَه ومرثْتَه بِيَدِكَ. ومَرَس الصَّبيُّ إِصبعَه يَمْرُسُه: لُغَةٌ فِي مَرَثَه أَو لُثْغَةٌ. ومَرَسْتُ يَدَيْ بِالْمِنْدِيلِ أَي مَسَحَتْ، وتَمَرَّسَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: كُنْتُ أَمْرُسُه بِالْمَاءِ
أَي أَدْلُكُه وأَدِيفُه، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمُلَاعَبَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: زَعَمَ أَني كُنْتُ أُعافِسُ وامارِسُ
أَي أُلاعب النِّسَاءَ. والمَرْسُ: السَّيْرُ الدَّائِمُ. وَبَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَ مكانِ كَذَا ليلَةٌ مَرَّاسَةٌ: لَا وتِيرَة فِيهَا، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الدَّائِبَةُ البَعيدة. وَقَالُوا: أَخْرسُ أَمْرَسُ «2» ، فبالغُوا بِهِ كَمَا يَقُولُونَ: شَحِيحٌ بَحِيحٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي. ومَرِيسٌ: مِنْ بُلْدانِ الصَّعِيدِ. والمَرِيسِيَّةُ، الرِّيحُ الجَنُوبُ الَّتِي تأْتي مِنْ قِبَلِ مَرِيسٍ. قال أَبو
__________
(2) . قوله [أَخرس أَمرس] هكذا بالأَصل. وفي شرح القاموس في مادة خرس: وفيه هنا أَمرس أَملس.(6/216)
حَنِيفَةَ: ومَرِيسٌ أَدنى بِلَادِ النُّوبِ الَّتِي تَلِي أَرض أُسْوانَ؛ هَكَذَا حَكَاهُ مَصْرُوفًا. والمَرْمَرِيس: الأَمْلَسُ؛ ذَكَرُهُ أَبو عُبَيْدَةَ فِي بَابِ فَعْلَليل؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي صِفَةِ فَرَسٍ: والكَفَل المَرمَرِيس؛ قَالَ الأَزهري: أَخذَ المَرْمَريس مِنَ المَرْمَرِ وَهُوَ الرُّخام الأَملس وَكَسَعَهُ بِالسِّينِ تأْكيداً. والمَرْمَريسُ: الأَرض الَّتِي لَا تُنْبِت. والمَرمَرِيس: الدَّاهِيَةُ والدَّرْدَبِيسُ، قَالَ: وَهُوَ فَعْفَعِيل، بِتَكْرِيرِ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ، فَيُقَالُ: دَاهِيَةٌ مَرْمَرِيسٌ أَي شَدِيدَةٌ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيِّ: هِيَ مِنَ المَراسَةِ. والمَرْمَرِيسُ الدَّاهِي مِنَ الرِّجَالِ، وَتَحْقِيرُهُ مُرَيْرِيسٌ إِشعاراً بِالثُّلَاثِيَّةِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: كأَنهم حقَّروا مَرَّاساً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَالَ مَرْمَرِيتٌ فَلَا أَدْري لُغَة أَم لُثْغَة. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ لَيْسَ مِنَ الْبَعِيدِ أَن تَكُونَ التَّاءُ بَدَلًا مِنَ السِّينِ كَمَا أُبدلت مِنْهَا فِي سِتٍّ؛ وَفِيمَا أَنشد أَبو زَيْدٍ مَنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
يَا قاتَلَ اللَّهُ بَني السَّعْلاتِ: ... عَمْرَو بْنَ يَرْبُوعٍ شِرار النَّاتِ،
غَيْرَ أَعِفَّاءَ وَلَا أَكْياتِ
فأَبدل السِّينَ تَاءً، فإِن قُلْتَ فإِنا نَجِدُ لِمَرْمَرِيتٍ أَصلًا نَخْتَارُهُ إِليه، وَهُوَ المَرْتُ، قِيلَ: هَذَا هُوَ الَّذِي دَعَانَا إِلى أَنه يَجُوزُ أَن تَكُونَ التَّاءُ فِي مَرْمَرِيتٍ بَدَلًا مِنَ السِّينِ فِي مَرْمَرِيسٍ، وَلَوْلَا أَن مَعَنَا أَمْراتاً لَقُلْنَا إِن التَّاءَ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ السِّينِ أَلْبَتَّةَ كَمَا قُلْنَا ذَلِكَ فِي سِتٍّ والنَّاتِ وأَكْياتٍ. والمِراسُ: دَاءٌ يأْخذ الإِبل وَهُوَ أَهون أَدوائها وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ. وَبَنُو مُرَيْسٍ وَبَنُو مُمَارِس: بَطْنان. الْجَوْهَرِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ: الْمَارَسْتَانُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، دَارُ المَرْضَى، وَهُوَ معرّب.
مرجس: ابْنُ الفَرَج: المِرْجاس «1» حَجَرٌ يُرْمَى بِهِ فِي الْبِئْرِ ليُطَيِّبَ ماءَها ويَفتَحَ عُيُونُهَا؛ وأَنشد:
إِذا رَأَوْا كريهَةً يَرْمُونَ بِي، ... رَمْيَكَ بالمِرجاسِ فِي قَعْرِ الطَّوِي
قَالَ: وَوَجَدَتْ هَذَا فِي أَشعار الأَزدي:
بالبِرْجاسِ فِي قَعْرِ الطَّوِي
وَالشِّعْرُ لِسَعْدِ بْنِ الْمُنْتَخِرِ الْبَارِقِيِّ رَوَاهُ المؤرج.
مسس: مَسِسْتُه، بِالْكَسْرِ، أَمَسُّه مَسّاً ومَسيساً: لَمَسْتُه، هَذِهِ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، ومَسَسْتُه، بِالْفَتْحِ، أَمُسُّه، بِالضَّمِّ، لُغَةٌ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا مِسْتُ، حَذَفُوا فأَلقَوا الْحَرَكَةَ عَلَى الْفَاءِ كَمَا قَالُوا خِفْتُ، وَهَذَا النَّحْوُ شَاذٌّ، قَالَ: والأَصل فِي هَذَا عَرَبِيٌّ كَثِيرٌ، قَالَ: وأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا مَسْتُ فَشَبَّهُوهَا بِلَسْتُ، الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا قَالُوا مِسْتُ الشَّيْءَ، يَحْذِفُونَ مِنْهُ السِّينَ الأُولى وَيُحَوِّلُونَ كَسْرَتَهَا إِلى الْمِيمِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَوْ رأَيْتُ الوُعُولَ تَجْرُشُ مَا بَيْنَ لابَتَيْها مَا مِسْتُها
؛ هَكَذَا رُوِيَ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي مَسْتُها؛ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُحَوِّلُ كَسْرَةَ السِّينِ إِلى الْمِيمِ بَلْ يَتْرُكُ الْمِيمَ عَلَى حَالِهَا مَفْتُوحَةً، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ، يَكْسِرُ وَيَفْتَحُ، وأَصله ظَلِلْتُم وَهُوَ مِنْ شَوَاذِّ التَّخْفِيفِ؛ وأَنشد الأَخفش لِابْنِ مَغْرَاءَ:
مِسْنا السَّماء فَنِلْناها وَطَاءَ لَهُمْ، ... حَتَّى رَأَوْا أُحُداً يَهْوِي وثَهْلانَا
وأَمْسَسْتُه الشَّيْءَ فَمَسَّه. والمَسِيسُ: المَسُّ،
__________
(1) . قوله [المرجاس] هو بالكسر قاله شارح القاموس، وعبارته مع المتن في برجس: والبرجاس، بالضم، والعامة تكسره.(6/217)
وَكَذَلِكَ المِسِّيسَى مِثْلَ الخِصِّيصَى. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ولم نجد مَسّاً مِنَ النَّصَب
؛ هُوَ أَول مَا يُحَسُّ بِهِ مِنَ التَّعب. والمَسُّ؛ مَسُّك الشيءَ بِيَدِكَ. قَالَ اللَّه تَعَالَى: وإِن طلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَن تُمَاسُّوهُنَّ، وَقُرِئَ: مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ*
، قَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: اخْتَارَ بَعْضُهُمْ
مَا لَمْ تَمَسُّوهُنّ
، وَقَالَ: لأَنَّا وجَدنا هَذَا الْحَرْفَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْكِتَابِ بِغَيْرِ أَلف: يَمْسَسْنِي بَشَرٌ*
، فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، فَهُوَ فِعْلُ الرَّجُلِ فِي بَابِ الْغَشَيَانِ. وَفِي حَدِيثِ فَتْحِ خَيْبَرَ:
فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ
أَي عاقَبَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادَةَ والمِيضَأَة: فأَتيته بِهَا فَقَالَ: مَسُّوا مِنْهَا
أَي خُذُوا مِنْهَا الْمَاءَ وتوضَّؤُوا. وَيُقَالُ: مَسِسْتُ الشيءَ أَمَسُّه مَسّاً لَمَسْتَه بِيَدِكَ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ للأَخذ وَالضَّرْبِ لأَنهما بِالْيَدِ، وَاسْتُعِيرَ لِلْجِمَاعِ لأَنه لَمْسٌ، وللجُنون كأَن الْجِنَّ مَسَّتْه؛ يُقَالُ: بِهِ مَسٌّ مِنْ جُنُونٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ*
أَي لَمْ يَمْسَسْني عَلَى جِهَةِ تزوُّجٍ، وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا أَي وَلَا قُرِبْتُ عَلَى غَيْرِ حَدِّ التزوُّج. وماسَّ الشيءُ الشيءَ مُمَاسَّةً ومِساساً: لَقِيَه بِذَاتِهِ. وتَمَاسَّ الجِرْمانِ: مَسَّ أَحدُهما الْآخَرَ. وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: أَمَسَّهُ إِياه فعدَّاه إِلى مَفْعُولَيْنِ كَمَا تَرَى، وَخَصَّ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: فَرَسٌ مُمَسٌّ بِتَحْجيل؛ أَراد مُمَسٌّ تَحْجيلًا وَاعْتَقَدَ زِيَادَةَ الْبَاءِ كَزِيَادَتِهَا فِي قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ:
يُذْهِبُ بالأَبصار
ويُنبِت بالدُّهن
، مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. ورَحِمٌ ماسَّةٌ ومَسَّاسَةٌ أَي قَرَابَة قَرِيبة. وحاجةٌ ماسَّة أَي مُهِمَّة، وَقَدْ مَسَّتْ إِليه الْحَاجَةُ. ووجَدَ مَسَّ الحُمَّى أَي رَسَّها وبَدْأَها قَبْلَ أَن تأْخذه وَتَظْهَرَ، وَقَدْ مَسَّتْه مَوَاسُّ الخَبَلِ. والمَسُّ: الجُنون. وَرَجُلٌ مَمْسُوسٌ: بِهِ مَسٌّ مِنَ الجُنون. ومُسْمِسَ الرجلُ إِذا تُخُبِّطَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ
؛ المَسُّ: الْجُنُونُ، قَالَ أَبو عَمْرٍو: الماسُوسُ «1» والمَمْسُوس والمُدَلَّسُ كُلُّهُ الْمَجْنُونُ. وماءٌ مَسُوسٌ: تَناولته الأَيدي، فَهُوَ عَلَى هَذَا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ كأَنه مُسَّ حِينَ تُنُووِل بِالْيَدِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي إِذا مَسَّ الغُلَّة ذَهَبَ بِهَا؛ قَالَ ذُو الإِصْبَع العَدْواني:
لوْ كُنْتَ مَاءً، كُنْتَ لَا ... عَذْبَ المَذاقِ وَلَا مَسُوسا،
مِلْحاً بعِيدَ القَعْرِ قَدْ ... فَلَّتْ حِجارَتُهُ الفُؤُوسا
فَهُوَ عَلَى هَذَا فَعُولٌ فِي مَعْنَى فَاعِلٍ. قَالَ شَمِرٌ: سُئِلَ أَعرابي عَنْ رَكِيَّةٍ فَقَالَ: مَاؤُهَا الشِّفاء المَسُوسُ الَّذِي يَمسُّ الغُلَّة فيَشْفِيها. والمَسُوس: الْمَاءُ الْعَذْبُ الصَّافِي. ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ مَا شَفَى الغَلِيلَ، فَهُوَ مَسُوسٌ، لأَنه يَمُسُّ الغُلَّةَ. الْجَوْهَرِيُّ: المَسُوس مِنَ الْمَاءِ الَّذِي بَيْنَ العذْبِ والمِلح. وَرِيقَةٌ مَسُوسٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: تَذْهَبُ بِالْعَطَشِ؛ وأَنشد:
يَا حَبَّذا رِيقَتُكِ المَسُوسُ، ... إِذْ أَنْتِ خَوْدٌ بادِنٌ شَمُوسُ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كَلَأ مسوسٌ نامٍ فِي الرَّاعِيَةِ ناجعٌ فِيهَا. والمَسُوسُ: التِّرْياقُ؛ قَالَ كثيِّر:
فقَدْ أَصْبَحَ الرَّاضُونَ، إِذ أَنْتُمُ بِهَا ... مَسُوسُ البِلادِ، يَشْتَكُونَ وبالَها
__________
(1) . قوله [الماسوس] هكذا في الأَصل، وفي شرح القاموس بالهمز. وقوله المدلس هكذا بالأصل، وفي شرح القاموس والمالوس.(6/218)
وَمَاءٌ مَسُوسٌ: زُعاقٌ يُحْرِق كُلَّ شَيْءٍ بمُلوحته، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ. ومَسَّ المرأَة وماسَّها: أَتاها.
وَلَا مَساسَ
أَي لَا تَمَسَّني. وَلَا مِساسَ
أَي لَا مُماسَّة، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا. وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ: إِنه لَحَسَنُ المَسّ. والمَسِيس: جِمَاعُ الرجلِ المرأَةَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِساسَ
؛ قُرِئَ لَا مَساسَ، بِفَتْحِ السِّينِ، مَنْصُوبًا عَلَى التَّبْرِئَة، قَالَ: وَيَجُوزُ لَا مَساسِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ، وَهِيَ نَفْيُ قَوْلِكَ مَساسِ فَهُوَ نَفْيُ ذَلِكَ، وَبُنِيَتْ مَساسِ «1» عَلَى الْكَسْرِ وأَصلها الْفَتْحُ، لِمَكَانِ الأَلف فَاخْتِيرَ الْكَسْرُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَما قَوْلُ الْعَرَبِ لَا مَساسِ مِثْلَ قَطامِ فإِنما بُنِيَ عَلَى الْكَسْرِ لأَنه مَعْدُولٌ عَنِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ المَسُّ، وَقَوْلُهُ
لَا مَساس
لَا تُخَالِطُ أَحداً، حَرَّمَ مُخَالَطَةَ السَّامِرِيِّ عُقُوبَةً لَهُ، وَمَعْنَاهُ أَي لَا أَمَسّ وَلَا أُمَسّ، وَيُكَنَّى بِالْمِسَاسِ عَنِ الْجِمَاعِ. والمُماسَّةُ: كِنَايَةٌ عَنِ المباضَعَة، وَكَذَلِكَ التَّمَاس؛ قَالَ تَعَالَى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا*
. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَصَبْت مِنْهَا مَا دُونَ أَن أَمَسَّها
؛ يُرِيدُ أَنه لَمْ يُجَامِعْهَا. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: زَوْجِي المَسُّ مَسُّ أَرْنَب
؛ وصفَتْه بِلِينِ الْجَانِبِ وَحُسْنِ الخَلْقِ. قَالَ اللَّيْثُ: لَا مِساس لَا مُماسَّة أَي لَا يَمَسُّ بعضُنا بَعْضًا. وأَمَسَّه شَكْوى أَي شَكَا إِليه. أَبو عَمْرٍو: الأَسْنُ لُعْبة لَهُمْ يُسَمُّونَهَا المَسَّة والضَّبَطَة. غَيْرُهُ: والطَّريدةُ لُعْبَةٌ تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ المَسَّة والضَّبَطَة، فإِذا وَقَعَتْ يَدُ اللَّاعِبِ مِنَ الرَّجُلِ عَلَى بَدَنِهِ رأْسه أَو كَتِفه فَهِيَ المَسَّة، فإِذا وَقَعَتْ عَلَى رِجْلِهِ فَهِيَ الأَسْنُ. والمِسُّ: النُّحاس؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري أَعربي هُوَ أَمْ لَا. والمَسْمَسَة والمَسْماسُ: اخْتِلَاطُ الأَمر وَاشْتِبَاهُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِن كُنْتَ مِنْ أَمْرِكَ فِي مَسْماس، ... فاسْطُ عَلَى أُمِّكَ سَطْوَ المَاسِ
خَفَّفَ سِينَ المَاسِ كَمَا يُخَفِّفُونَهَا فِي قَوْلِهِمْ مَسْتُ الشيءَ أَي مَسَسْتُه قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ، الماسِي هُوَ الَّذِي يُدْخل يَدَهُ فِي حَياء الأُنثى لِاسْتِخْرَاجِ الْجَنِينِ إِذا نَشِب؛ يُقَالُ: مَسَيْتُها أَمْسِيها مَسْياً؛ رَوَى ذَلِكَ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي، وَلَيْسَ المَسْيُ مِنَ المَسِّ فِي شَيْءٍ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَحَسْنَ بِهِ فَهُنَّ إِلَيْه شُوسُ
أَراد أَحْسَسْنَ، فَحَذَفَ إِحدى السِّينَيْنِ، فافهم.
مطس: مَطَسَ العَذِرَة يَمْطِسُها مَطْساً: رَمَاهَا بِمَرَّةٍ. والمَطْسُ: الضَّرْبُ بِالْيَدِ كاللَّطْم. ومَطَسَه بِيَدِهِ يَمْطِسُه مَطْساً: ضَرَبَهُ.
معس: مَعَس فِي الْحَرْبِ: حَمَلَ. وَرَجُلٌ مَعَّاسٌ ومُتَمَعّسٌ: مِقْدام. ومَعَسَ الأَدِيمَ: ليَّنَه فِي الدِّبَاغِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ عَلَى أَسماء بِنْتِ عُمَيْسٍ وَهِيَ تَمْعَسُ إِهاباً لَهَا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَنِيئَةً لَهَا
، أَي تَدْبُغُ. وأَصل المَعْس: المَعْك والدَّلْكُ للجِلْد بَعْدَ إِدخاله فِي الدِّباغ. ومَعَسَه مَعْساً: دلَكَه دَلْكاً شَدِيدًا؛ قَالَ فِي وَصْفِ السَّيْلِ وَالْمَطَرِ:
حَتَّى إِذا مَا الغَيثُ قالَ رَجْسا، ... يَمْعَسُ بِالْمَاءِ الجِواءَ مَعْسا،
وغَرَّقَ الصَّمَّانَ مَاءً قَلْسا
أَراد بِقَوْلِهِ: قَالَ رَجْساً أَي يُصَوِّت بشدة وقْعِه.
__________
(1) . قوله [وبنيت مساس إلخ] كذا بالأَصل.(6/219)
وَقَالَتِ السماءُ إِذا أَمطرت مَطَرًا يُسمع صَوْتَهُ، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ صَوْتَ الرَّعْدِ الَّذِي فِي سَحَابِ هَذَا الْمَطَرِ. والصَّمَّان: مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ. والقَلْسُ: الَّذِي ملأَ الْمَوْضِعَ حتى فاض. والجواء: مِثْلُ السَّحْبَلِ، وَهُوَ الْوَادِي الْوَاسِعُ. قَالَ الأَصمعي: بعَثَت امرأَة مِنَ الْعَرَبِ بِنْتًا لَهَا إِلى جَارَتِهَا أَن ابعَثي إِليَّ بَنَفْسٍ أَو نَفْسَيْنِ مِنَ الدِّباغ أَمْعَسُ بِهِ مَنِيئَتي فإِني أَفِدَةٌ؛ والمَنِيئَة: المَدْبَغَة، والنَفْسُ: قَدْرُ مَا يُدْبَغُ بِهِ مِنْ وَرَقِ القَرَظ والأَرْطَى، ومَنِيئَةٌ مَعُوسٌ إِذا حُرِّكَتْ فِي الدِّباغ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
يُخْرِجُ، بَيْنَ النَّابِ والضُّرُوسِ، ... حَمْراءَ كالمَنِيئَةِ المَعُوسِ
يَعْنِي بِالْحَمْرَاءِ الشِّقْشِقَةَ شبَّهها بالمَنِيئَة الْمُحَرَّكَةِ فِي الدِّبَاغِ. والمَعْسُ: الْحَرَكَةُ. وامْتَعَس: تَحَرَّكَ؛ قَالَ:
وصاحِب يَمْتَعِسُ امْتِعاسا
ومَعَسَ المرأَةَ مَعْساً: نَكَحَهَا. وامْتَعَس العَرْفَجُ إِذا امتلأَت أَجوافه مِنْ حُجَنِه حَتَّى تسود «1» .
مغس: المَغْسُ: لُغَةٌ فِي المَغْص، وَهُوَ وَجَعٌ وَتَقْطِيعٌ يأْخذ فِي الْبَطْنِ، وَقَدْ مَغَسَني بطْني. ومغَسَه بالرُّمح مَغْساً: طعَنه. وامَّغَس رأْسه بنصْفَين مِنْ بَيَاضٍ وَسَوَادٍ: اخْتَلَط، وبطن مغُوس.
مقس: مَقِسَتْ نفسُه، بِالْكَسْرِ، مقَساً وتمقَّست: غَثَت، وَقِيلَ: تَقَزَّزَت وكَرِهَت، وَهُوَ نَحْوُ ذَلِكَ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: صادَ أَعرابيٌّ هامَةً فأَكلها فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: سُمانى، ففَثَتْ نفسُه فَقَالَ:
نَفْسي تَمَقَّسُ مِنْ سُمانى الأَقْبُرِ
أَبو عَمْرٍو: مَقِسَتْ نَفْسِي مِنْ أَمر كَذَا تَمْقَس، فَهِيَ ماقِسَة إِذا أَنِفَت، وَقَالَ مَرَّةً: خَبُثَتْ وَهِيَ بِمَعْنَى لَقِسَتْ. والمَقْس: الجَوْب والخَرْق. ومَقَس فِي الأَرض مَقْساً: ذَهَبَ فِيهَا. أَبو سَعِيدٍ: مَقَسْتُه فِي الْمَاءِ مَقْساً وَقَمَسْتُه قَمْساً إِذا غَطَطْتَه فِيهِ غَطّاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ يَتَماقَسان فِي الْبَحْرِ
أَي يَتَغاوَصان. يُقَالُ: مَقَسْتُه وقَمَسْتُه عَلَى الْقَلْبِ إِذا غَطَطْته في الماء. امرأَة مَقَّاسَة: طَوَّافة. ومَقَّاس والمَقَّاس، كلاهما: اسم رجل.
مكس: المَكْسُ: الْجِبَايَةُ، مَكَسَه يَمْكِسه مَكْساً ومكَسْتُه أَمْكِسه مَكْساً. والمَكْسُ: دَرَاهِمُ كَانَتْ تُؤْخَذُ مِنْ بَائِعِ السِّلَع فِي الأَسواق فِي الْجَاهِلِيَّةِ. والماكِسُ: العَشَّار. وَيُقَالُ للعَشَّار: صَاحِبُ مَكْسٍ. والمَكْسُ: مَا يأْخذه العَشّار. يُقَالُ: مَكَسَ، فَهُوَ ماكِسٌ، إِذا أَخذ. ابْنُ الأَعرابي: المَكْسُ دِرْهم كَانَ يأْخذه المُصَدِّقُ بَعْدَ فَرَاغِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَدْخُلُ صَاحِبُ مَكْسٍ الجنةَ
؛ المَكْسُ: الضَّرِيبَةُ الَّتِي يأْخذها الماكِسُ وأَصله الْجِبَايَةُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ قَالَ لأَنس: تَسْتَعْمِلُنِي أَي عَلَى عُشُور النَّاسِ فأُماكِسُهم ويُماكِسوني
، قِيلَ: مَعْنَاهُ تَسْتَعْمِلُنِي عَلَى مَا يَنقص دِيني لِمَا يَخَافُ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي الأَخذ وَالتَّرْكِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ قَالَ لَهُ: أَترى إِنما ماكَسْتُك لِآخُذَ جملَكَ
؛ الْمُمَاكَسَةُ فِي الْبَيْعِ: انْتِقَاصُ الثَّمَنِ واسْتِحطاطُهُ وَالْمُنَابَذَةُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: لَا بأْس بالمُماكَسَة فِي الْبَيْعِ.
والمَكْس: النَّقْصُ. والمَكْس: انْتِقَاصُ الثَّمَنِ فِي الْبِيَاعَةِ؛ وَمِنْهُ أُخِذَ المَكَّاس لأَنه يَسْتَنْقِصُه؛ قَالَ جابر بن حُنَيٍ
__________
(1) . قوله [حتى تسود] هكذا بالأَصل وفي شرح القاموس حتى لا تسود.(6/220)
الثَّعْلَبِيُّ:
أَفي كلِّ أَسْواقِ العِراقِ إِتاوَةٌ، ... وَفِي كلِّ مَا باعَ امْرُؤٌ مَكْسُ دِرْهَمِ؟
أَلا يَنْتَهِي عَنّا مُلوك، وتَتَّقي ... مَحارمَنا، لَا يَبُؤِ الدَّمُ بالدّمِ؟
تَعاطَى المُلُوكُ السِّلْم، مَا قَصَدوا بِنَا، ... وَلَيْسَ عَلَيْنَا قَتْلُهُم بمُحَرَّمِ
الإِتاوَةُ: الخرَاجُ. والمَكْسُ: مَا يأْخذه العَشَّار؛ يَقُولُ: كلُّ مَنْ بَاعَ شَيْئًا أُخِذَ مِنْهُ الخَراجُ أَو العُشر وَهَذَا مِمَّا آنَفُ مِنْهُ، يَقُولُ: أَلا يَنْتَهِي عَنَّا مُلُوكٌ أَي لينتهِ عَنَّا مُلُوكٌ فإِنهم إِذا انتَهَوْا لَمْ يَبُؤْ دَمٌ بِدَمٍ وَلَمْ يُقْتَلْ وَاحِدٌ بِآخَرَ، فَيَبُؤْ مَجْزُومٌ عَلَى جَوَابِ قَوْلِهِ أَلا يَنْتَهِي لأَنه فِي مَعْنَى الأَمر، والبَوء: القَوَد. وَقَوْلُهُ مَا قَصَدُوا بِنَا أَي مَا رَكِبُوا بِنَا قَصْداً. وَقَدْ قِيلَ فِي الإِتاوة: إِنها الرَّشْوة، وَقِيلَ: كُلُّ مَا أُخذ بِكُرْه أَو قسِم عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْجِبَايَةِ وَغَيْرِهَا إِتاوة؛ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الرَّشْوَة عَلَى الْمَاءِ، وَجَمْعُهَا أُتًى نَادِرٌ كأَنه جَمْعُ أُتْوَةٍ. وَفِي قَوْلِهِ مَكْسُ دِرْهَمٍ أَي نُقْصَانُ دِرْهَمٍ بَعْدَ وُجُوبِهِ. ومَكَسَ فِي الْبَيْعِ يَمْكِسُ، بِالْكَسْرِ، مَكْساً ومَكَسَ الشيءُ: نَقَصَ. ومُكِس الرَّجُلُ: نُقِص فِي بَيْعٍ وَنَحْوِهِ. وَتَمَاكَسَ البيِّعان: تَشَاحَّا. وماكَسَ الرجلَ مُماكسة ومِكاساً: شاكَسه. وَمِنْ دُونِ ذَلِكَ مِكاسٌ وعِكاسٌ: وَهُوَ أَن تأْخذ بِنَاصِيَتِهِ ويأْخذ بِنَاصِيَتِكَ. وماكِسِين وماكِسون: مَوْضِعٌ، وَهِيَ قَرْيَةٌ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، وَفِي النَّصْبِ وَالْخَفْضِ ماكسين.
ملس: الملَس والمَلاسَة والمُلُوسة: ضِدُّ الخُشونة. والمُلُوسة: مَصْدَرُ الأَمْلَس. مَلُسَ مَلاسَة وامْلاسَّ الشيءُ امْلِيساساً، وَهُوَ أَمْلَس ومَلِيس؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:
صَدْقٍ مِنَ الهِنْدِيِّ أُلْبِسَ جُنَّة، ... لَحِقَتْ بِكَعْبٍ كالنَّواة مَلِيس
وَيُقَالُ لِلْخَمْرِ: مَلْساء إِذا كَانَتْ سَلِسَة فِي الحَلْق؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
بالقَهْوة المَلْساء مِنْ جِرْيالِها
ومَلَّسَه غيْرُه تَمْلِيساً فَتَمَلَّسَ وامّلَس، وَهُوَ انْفَعَلَ فأُدغم، وانْمَلَسَ مِنَ الأَمر إِذا أُفْلِتَ مِنْهُ؛ وملَّسْته أَنا. وَقَوْسٌ مَلْسَاءُ: لَا شَقّ فِيهَا لأَنها إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَقٌّ فَهِيَ مَلْسَاءُ. وَفِي الْمَثَلِ: هَانَ عَلَى الأَمْلَسِ مَا لَاقَى الدَّبِرْ؛ والأَمْلَسُ: الصَّحِيحُ الظَّهر هَاهنا. والدَّبِرُ: الَّذِي قَدْ دَبِرَ ظَهْرُهُ. ورجُل مَلَسى: لَا يَثْبُتُ عَلَى العَهْد كَمَا لَا يَثْبُتُ الأَملس. وَفِي الْمَثَلِ: المَلَسى لَا عُهْدَةَ لَهُ؛ يُضْرب مَثَلًا لِلَّذِي لَا يُوثق بِوَفائه وأَمانته؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْنَى، واللَّه أَعلم، ذُو المَلَسى لَا عُهْدَةَ لَهُ. وَيُقَالُ فِي الْبَيْعِ: مَلَسى لَا عُهْدَة أَي قَدِ انْمَلَسَ مِنَ الأَمر لَا لَه وَلَا عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: أَبِيعُك المَلَسى لَا عُهْدة أَي تَتَمَلَّس وتَتَفَلَّتُ فَلَا تَرْجع إِليَّ، وَقِيلَ: المَلَسى أَن يَبِيعَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ وَلَا يَضْمَنَ عُهْدَته؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَمَّا رأَيت العامَ عَامًا أَعْبَسا، ... وَمَا رُبَيْعُ مالِنا بالمَلَسى
وذُو المَلَسى: مِثْلُ السّلَّال والخارِب يَسْرِق الْمَتَاعَ فَيَبِيعُهُ بِدُونِ ثَمَنِهِ، ويملِّس مِنْ فَوْرِه فيستخْفي، فإِن جَاءَ الْمُسْتَحِقُّ ووَجَدَ مالَه فِي يدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَخذه وَبَطَلَ الثَّمَنُ الَّذِي فَازَ بِهِ اللِّصُّ وَلَا يتهيأُ لَهُ أَن يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ. وَقَالَ الأَحمر مِنْ أَمثالهم فِي كَرَاهَةِ الْمَعَايِبِ: المَلَسَى لَا عُهْدَةَ لَهُ أَي أَنه خَرَجَ مِنَ الأَمر(6/221)
سَالِمًا وَانْقَضَى عَنْهُ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، والأَصل فِي الْمَلَسَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ شَمِرٌ: والأَمالِيْسُ الأَرض الَّتِي لَيْسَ بِهَا شَجَرٌ وَلَا يَبِيس وَلَا كَلَأٌ وَلَا نَبَاتٌ وَلَا يَكُونُ فِيهَا وَحْش، وَالْوَاحِدُ إِمْلِيسٌ، وكأَنه إِفْعِيْلٌ مِنَّ المَلاسَة أَي أَنّ الأَرض مَلْسَاءُ لَا شَيْءَ بِهَا؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ فَسَمَّاهَا مَلِيساً:
فإيَّاكم وَهَذَا العِرْقَ واسْمُوا ... لِمَوْماة، مآخِذُها مَلِيْس
والمَلَس: الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي، وَالْجَمْعُ أَملاس، وأَمالِيْسُ جَمع الْجَمْعِ؛ قَالَ الحُطَيْئَة:
وإِنْ لَمْ يَكنْ إِلا الأَماليسُ، أَصْبَحَتْ ... لَهَا حُلَّق، ضَرَّاتها شَكِراتُ
وَالْكَثِيرُ مُلُوس. وأَرض ملَسٌ ومَلَسى ومَلْساءُ وإِمْلِيسٌ: لَا تُنْبِت. وَسَنَةٌ ملساءُ وَجَمْعُهَا أَمالِس وأَمالِيْسُ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ: جَدْبَة. وَيُقَالُ: مَلَّسْت الأَرض تَمْلِيسًا إِذا أَجريت عَلَيْهَا المِمْلَقَة بَعْدَ إِثارتها. والملَّاسة، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: الَّتِي تُسَوَّى بِهَا الأَرض. ورُمّان إِمْليسٌ وإِمْلِيسِيّ: حُلْو طَيِّبٌ لَا عَجَم لَهُ كأَنه مَنْسُوبٌ إِليه. وضَرَبَه عَلَى مَلْساء مَتْنِهِ ومُلَيْسائه أَي حَيْثُ اسْتَوَى وَتَزَلَّقَ. والمُلَيْساء: نِصْفُ النَّهَارِ. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ لرجُل: أَكره أَن تَزُورَنِي فِي الْمُلَيْسَاءِ، قَالَ: لمَ؟ قَالَ: لأَنه يَفُوت الْغَدَاءُ وَلَمْ يُهَيّإِ العَشاء. والحُجَيْلاءُ: مَوْضِعٌ، والغُمَيْصاءُ: نَجْمٌ «2» . أَبو عَمْرٍو: المُلَيْساء شَهْرُ صَفَرَ. وَقَالَ الأَصمعي: المُلَيْساء شَهْرٌ بَيْنَ الصَّفَرِيّة وَالشِّتَاءِ، وَهُوَ وَقْتٌ تَنْقَطِعُ فِيهِ المِيرة. ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمُلَيْسَاءُ الشَّهْرُ الَّذِي تَنْقَطِعُ فِيهِ المِيرة؛ قَالَ:
أَفِينا تَسُوم السّاهِرِيّةَ، بَعدَ مَا ... بَدا لكَ مِنْ شَهْرِ المُلَيْساء كوْكب؟
يَقُولُ: أَتَعْرِض عَلَيْنَا الطِّيبَ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَا مِيرَةَ؟ والمَلْسُ: سَلّ الخُصْيَتَيْن. ومَلَسَ الخُصْيَة يملُسها مَلْساً: استلَّها بِعُرُوقِهَا. قَالَ اللَّيْثُ: خُصْيٌ مَمْلَوس. ومَلَسْتُ الكبْشَ أَمْلُسه إِذا سَلَلْت خُصْييه بِعُرُوقِهِمَا. وَيُقَالُ: صَبِيٌّ مَمْلُوسٌ. ومَلَسَت النَّاقَةُ تملُس مَلْساً: أَسرعت، وَقِيلَ: الملْس السَّيْرُ السَّهل وَالشَّدِيدُ، فَهُوَ مِنَ الأَضداد. والمَلْس: السَّوق الشَّدِيدُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
عَهْدِي بأَظْعانِ الكَتُومِ تُمْلَس
وَيُقَالُ: مَلَسْت بالإِبل أَملُس بِهَا مَلْساً إِذا سُقتها سَوْقًا فِي خُفْية؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَلْساً بِذَوْدِ الحَلَسِيِّ مَلْسا
ابْنُ الأَعرابي: الملْس ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ الرَّقِيقِ. والمَلْس: اللَّيّن مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ: وَالْمُلَامَسَةُ لِينُ المَلْمُوس. أَبو زَيْدٍ: الْمَلْمُوسُ مِنَ الإِبل المِعْناق الَّتِي تَرَاهَا أَول الإِبل فِي الْمَرْعَى والمَوْرد وَكُلِّ مَسِير. وَيُقَالُ: خِمْس أَمْلَسُ إِذا كَانَ مُتْعباً شَدِيدًا؛ وَقَالَ الْمَرَّارُ:
يَسِيرُ فِيهَا الْقَوْمُ خِمْساً أَملَسَا
ومَلَسَ الرجلُ يملُس مُلْسًا إِذا ذَهَبَ ذَهَابًا سَرِيعًا؛ وأَنشد:
تملسُ فيه الريح كلّ مَمْلَس
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بعَث رجُلًا إِلى الْجِنِّ فَقَالَ لَهُ: سِرْ ثَلَاثًا مَلْساً
أَي سِرْ سَيراً سَريعاً. والمَلْس:
__________
(2) . هذه الأَلفاظ الأَربعة حشوٌ لا رابطة بينها وبين الكلام.(6/222)
الخِفَّة والإِسراع والسَّوق الشَّدِيدُ. وَقَدِ امّلَسَ فِي سَيْرِه إِذا أَسْرَعَ؛ وحَقِيقَةُ الْحَدِيثِ: سِرْ ثَلاثَ ليالٍ ذَاتَ مَلْسٍ أَو سِرْ ثَلَاثًا سَيْرًا مَلْساً، أَو أَنه ضربٌ مِنَ السَّير فَنَصَبَه عَلَى المَصْدَر. وتملَّس مِنَ الأَمر: تَخَلَّصَ. ومَلَسَ الشيءُ يملُس ملْساً وَامَّلَسَ: انْخَنَسَ سَرِيعًا. وامْتُلِس بَصَرُه: اخْتُطِفَ. وَنَاقَةٌ مَلُوسٌ ومَلَسَى، مِثَالُ سَمَجى وجَفَلى: سَرِيعَةٌ تَمُرُّ مَرًّا سَرِيعًا؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
مَلَسى يَمَانِيَة وشَيْخٌ هِمَّة، ... مُتَقَطّع دُون اليَماني المُصْعِد
أَي تَملُس وتَمْضي لَا يَعْلَق بِهَا شَيْءٌ مِنْ سُرْعَتِهَا. ومَلْسُ الظلامِ: اختِلاطُه، وَقِيلَ: هُوَ بَعْدَ المَلْث. وأَتيته مَلْسَ الظَّلَامِ ومَلْثَ الظَّلَامِ، وَذَلِكَ حِينَ يَخْتَلط اللَّيْلُ بالأَرض وَيَخْتَلِطُ الظَّلَّامُ، يُسْتَعْمَلُ ظَرفاً وَغَيْرَ ظَرْفٍ. وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: اخْتَلَطَ المَلْسُ بالمَلْثِ؛ والمَلْث أَوّل سَوَادِ الْمَغْرِبِ فإِذا اشْتَدَّ حَتَّى يأْتي وقت العشاء الأَخيرة، فهو المَلْس بِالْمَلْثِ، وَلَا يَتَمَيز هَذَا مِنْ هَذَا لأَنه قَدْ دَخَلَ الْمَلْثُ فِي الْمَلْسِ. والمِلْس: حَجْرٌ يُجْعَلُ عَلَى بَابِ الرَّداحَة، وَهُوَ بَيْتٌ يُبنى للأَسد تُجْعَلُ لُحْمَتُه فِي مُؤَخَّرِه، فإِذا دَخَلَ فأَخذها وَقَعَ هَذَا الْحَجَرُ فَسَدَّ الْبَابَ. وتمَلَّس مِنَ الشَّراب: صَحَا؛ عَنْ أَبي حنيفة.
ملبس: المَلَنْبَس: الْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ كالقَلَنْبَس والقَلَمَّس؛ عُكْلِيَّة حكاها كراع.
ممس: مامُوسَة: مِنْ أَسماء النَّارِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
تَطايَحَ الطلُّ عَنْ أَردانها صُعُداً، ... كَمَا تَطايَح عَنْ مامُوسَةَ الشَّرَر
قِيلَ: أَراد بماموسةَ النَّارَ، وَقِيلَ: هِيَ النَّارُ بِالرُّومِيَّةِ، وَجَعَلَهَا مَعْرِفَةً غَيْرَ مُنْصَرِفَةٍ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: عَنْ مَانُوسَةَ الشَّرَرُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْمَانُوسَةُ النَّارُ.
منس: ابْنُ الأَعرابي: المَنَس النَّشاط. والمَنْسة: المُسِنَّة مِنْ كل شيء.
موس: رَجُلٌ ماسٌ مِثْلُ مالٍ: خَفِيفٌ طيَّاش لَا يَلْتَفِتُ إِلى مَوْعِظَةِ أَحد وَلَا يَقْبَلُ قولَه؛ كَذَلِكَ حَكَى أَبو عُبَيْدٍ، قَالَ: وَمَا أَمْساه، قَالَ: وَهَذَا لَا يُوَافِقُ مَاسًا لأَن حَرْفَ الْعِلَّةِ فِي قَوْلِهِمْ ماسٌ عَيْنٌ، وَفِي قَوْلِهِمْ: مَا أَمساه لامٌ، وَالصَّحِيحُ أَنه ماسٍ عَلَى مِثَالِ ماشٍ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ مَا أَمساه. والمَوْس: لُغَةٌ فِي المَسْيِ، وَهُوَ أَن يُدْخِلَ الرَّاعِي يَدَهُ فِي رَحِم النَّاقَةِ أَو الرَّمَكَةِ يمسُط ماءَ الْفَحْلِ مِنْ رَحِمِهَا اسِتْلآماً للفَحْل كراهِية أَن تحمِل لَهُ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع المَوْس بِمَعْنَى المَسْيِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، ومَيْسون فَيْعُول مِنْ مسَنَ أَو فَعْلُون مِنْ مَاسَ. والمُوسَى: مِنْ آلَةِ الْحَدِيدِ فِيمَنْ جَعَلَهَا فُعْلَى، وَمَنْ جَعَلَهَا مِنْ أَوْسَيْتُ أَي حَلَقْت، فَهُوَ مِنْ بَابِ وَسَى؛ قَالَ اللَّيْثُ: المَوْس تأْسيس اسْمِ المُوسَى الَّذِي يُحْلَقُ بِهِ، قَالَ الأَزهري: جَعَلَ اللَّيْثُ مُوسَى فُعْلى مِنَ المَوْس، وَجَعَلَ الْمِيمَ أَصلية وَلَا يَجُوزُ تَنْوِينُهُ عَلَى قِيَاسِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَقُولُ هَذِهِ مُوسَى جَيِّدة، وَهِيَ فُعْلى؛ عَنِ الْكِسَائِيِّ؛ قَالَ: وَقَالَ الأُموي: هُوَ مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ، هَذَا مُوسَى كَمَا تَرَى، وَهُوَ مُفْعَلٌ مِنْ أَوْسَيْتُ رأْسه إِذا حَلَقْتَهُ بالمُوسَى؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وأَنشد الْفَرَّاءُ فِي تأْنيث الموسَى:
فإِن تَكُنِ المُوسَى جَرَتْ فَوْقَ بَطْنِها، ... فَمَا وُضِعَتْ إِلا وَمَصّانُ قاعِد
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كَتَبَ أَن يَقْتُلوا مَنْ جَرَت عليه المَواسِي
أَي من نبتَتْ عَانَتُهُ لأَن(6/223)
الْمُوَاسِيَ إِنما تَجْرِي عَلَى مَنْ أَنْبَت، أَراد مَنْ بَلَغ الحُلُم مِنَ الكُفَّار. وَمُوسَى اسْمُ النَّبِيِّ، صَلَوَاتُ اللَّه عَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عربيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ مُو أَي مَاءٌ، وَسَا أَي شَجَرٌ لأَن التابوت الذي فِيهِ وُجِدَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ فَسُمِّيَ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مُوسَى، وَمَعْنَاهُ الجذب لأَنه جذب من الْمَاءَ؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْمَاءِ وَالسَّاجِ، فالمُو ماءٌ وسَا شَجَرٌ «1» لِحَالِ التَّابُوتِ فِي الْمَاءِ، قَالَ أَبو عَمْرٍو: سأَل مَبْرَمان أَبا الْعَبَّاسِ عَنْ مُوسَى وصَرْفِه، فَقَالَ: إِن جَعَلْتَهُ فُعْلى لَمْ تَصْرفه، وإِن جَعَلْتَهُ مُفْعَلًا مِنْ أَوْسَيْتَه صرفته.
ميس: المَيْس: التَبَخْتُر، ماسَ يَمِيسُ مَيْسًا ومَيَساناً: تَبَخْتَر واخْتالَ. وَغُصْنٌ ميَّاسٌ: مائِلٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المَيْسُ ضَرْب مِنَ المَيَسانِ فِي تَبَخْتُرٍ وتَهادٍ كَمَا تَمِيس العَروس والجمَل، وَرُبَّمَا مَاسَ بهَوْدَجِه فِي مَشْيِه، فَهُوَ يَمِيسُ مَيَسَاناً، وتَمَيَّسَ مِثْلُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وإِني لَمِن قُنْعانِها حِينَ أَعْتَزِي، ... وأَمْشي بِهَا نحْوَ الوَغَى أَتَمَيَّسُ
ورجلٌ مَيَّاسٌ وجارِية مَيَّاسَة إِذا كَانَا يَتَبختران فِي مِشْيَتِهِما. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: تَدْخل قَيْساً وتَخْرج مَيْساً
؛ ماسَ يَمِيسُ مَيْساً إِذا تَبَخْتَرَ فِي مَشْيِه وتَثَنَّى. وامرأَة مُومِس ومُومِسَة: فاجِرَةٌ جِهاراً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما اخْتَرْتُ وَضْعَهُ فِي مَيَسَ بِالْيَاءِ، وَخَالَفْتُ تَرْتِيبَ اللُّغَوِيِّينَ فِي ذَلِكَ لأَنها صِيغَةُ فاعِل، قَالَ: وَلَمْ أَجد لَهَا فِعْلًا البَتَّة يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا الِاسْمُ عَلَيْهِ إِلا أَن يَكُونَ مِنَ قَوْلِهِمْ أَمَاسَتْ جِلْدها، كَمَا قَالُوا: فِيهَا خَريعٌ، مِنَ التَخرُّع، وَهُوَ التَّثَنِّي، قَالَ: فَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا مُمِيسٌ ومُمِيسَة لَكِنَّهُمْ قَلَبُوا مَوْضِعَ الْعَيْنِ إِلى الْفَاءِ فكأَنه أَيْمَسَتْ، ثُمَّ صِيغ اسْمُ الْفَاعِلِ عَلَى هَذَا، وَقَدْ يَكُونُ مُفْعِلًا مِنْ قَوْلِهِمْ أَوْمَسَ العنبُ إِذا لانَ، قَالَ: وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْوَاوِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَرُبَّمَا سمَّوا الإِمَاءَ اللَّواتي لِلْخِدْمَةِ مومِسات. والمَيْسُونُ: الميَّاسة مِنَ النِّسَاءِ، وَهِيَ المُخْتالة، قَالَ: وَهَذَا الْبِنَاءُ عَلَى هَذَا الِاشْتِقَاقِ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَهُوَ مِنَ الْمِثْلِ الَّذِي لَمْ يَحْكِهِ سِيبَوَيْهِ كَزَيْتُونٍ، وَحَكَاهُ كُرَاعٌ فِي بَابِ فَيْعُول وَاشْتَقَّهُ مِنَ المَيْس، قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ لأَنه لَا يَنْبَغِي كَوْنُهُ فَيْعُولًا وَكَوْنُهُ مُشْتَقًّا مِنَ المَيْسِ. ومَيْسُونُ: اسْمُ امرأَة، مِنْهُ؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزَة:
إِذْ أَحَلَّ العَلاةَ قُبَّةَ مَيْسُونَ، ... فأَدْنى دِيارِها العَوصاءُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةٍ مَسَنَ، فَهُوَ عَلَى هَذَا فَيْعُولٌ صَحِيحٌ، قَالَ: وَبَابُ مَيَسَ أَولى بِهِ لِمَا جَاءَ مِنْ قَوْلِهِمْ مَيْسُونُ تَمِيسُ فِي مِشيتها. ابْنُ الأَعرابي: مَيسانُ كَوْكَبٌ يَكُونُ بَيْنَ المَعَرَّةِ والمَجَرَّةِ. أَبو عَمْرٍو: المَياسِينُ النُّجُومُ الزَّاهِرَةُ. قَالَ: والمَيْسُونُ مِنَ الْغِلْمَانِ الحسَنُ الوجْهِ وَالْحَسَنُ القدِّ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَما مَيْسانُ اسْمُ الْكَوْكَبِ، فَهُوَ فَعْلانُ، مِنْ ماسَ يَمِيسُ إِذا تَبَخْتَرَ. والمَيْس: شَجَرٌ تُعمل مِنْهُ الرَّحَالُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وشُعْبَتَا مَيسٍ بَراها إِسْكاف
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المَيْسُ شَجَرٌ عِظَامٌ شَبِيهٌ فِي نَبَاتِهِ وَوَرَقِهِ بالغَرَبِ، وإِذا كَانَ شَابًّا فَهُوَ أَبيض الجَوْف، فإِذا تَقَادَمَ اسْوَدَّ فَصَارَ كالآبِنُوس ويَغْلُظُ حَتَّى
__________
(1) . قوله [وسا شجر] مثله في القاموس، ونقل شارحه عن ابن الجواليقي أَنه بالشين المعجمة.(6/224)
تُتَّخذ مِنْهُ الْمَوَائِدُ الْوَاسِعَةُ وَتُتَّخَذَ مِنْهُ الرَّحَالُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ وَوَصَفَ المَطايا:
يَنْتُقْنَ بالقَوْمِ، مِنَ التَّزَعُّلِ، ... مَيْسَ عُمانَ ورِحالَ الإِسْحِلِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَخبرني أَعرابي أَنه رَآهُ بِالطَّائِفِ، قَالَ: وإِليه يُنْسَبُ الزَّبِيبُ الَّذِي يُسَمَّى المَيْسَ. والمَيْسُ أَيضا: ضَرْبٌ مِنَ الكَرْمِ يَنْهَضُ عَلَى سَاقِ بَعْضِ النُّهُوضِ لَمْ يَتَفَرَّع كلُّه؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: بأَكْوارِ المَيْسِ
، هُوَ شَجَرٌ صُلْب تُعْمَلُ مِنْهُ أَكوار الإِبل وَرِحَالُهَا. والمَيْسُ أَيضاً: الْخَشَبَةُ الطَّوِيلَةُ الَّتِي بَيْنَ الثَّوْرَيْنِ؛ قَالَ: هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ومَيَّاسٌ: فَرَسُ شَقِيقِ بنِ جَزْءٍ. ومَيْسانُ: لَيْلَةُ أَرْبَعَ عَشرَةَ. ومَيْسانُ: بَلَدٌ مِنْ كُوَرِ دَجْلَةَ أَو كُورَةٌ بسَواد الْعِرَاقِ، النَّسَبُ إِليه مَيْسانيٌّ، ومَيْسَنانيٌّ، الأَخيرة نادرة؛ وقال الْعَجَّاجُ:
خَوْدٌ تخالُ رَيْطَها المُدَقْمَسا، ... ومَيْسَنانيّاً لَهَا مُمَيَّسَا
يَعْنِي ثِيَابًا تُنسج بِمَيْسانَ. مُمَيَّسٌ: مُذَيَّل لَهُ ذَيْل؛ وَقَوْلُ الْعَبْدِ:
ومَا قَرْيَةٌ، مِنْ قُرَى مَيْسَنانَ، ... مُعْجِبَةٌ نَظَراً واتِّصافَا
إِنما أَراد مَيْسانَ فَاضْطَرَّ فَزَادَ النُّونَ. النَّضِرُ: يُسَمَّى الْوِشْبُ المَيْس، شَجَرَةٌ مُدَوَّرَةٌ تَكُونُ عِنْدَنَا بِبَلْخَ فِيهَا الْبَعُوضُ، وَقِيلَ: المَيْسُ شَجَرَةٌ وَهُوَ مِنْ أَجود الشَّجَرِ وأَصْلبِه وأَصْلحِه لِصَنْعَةِ الرَّحَالِ وَمِنْهَا تُتَّخَذُ رَحَالُ الشأْم، فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ قَالَتِ الْعَرَبُ: المَيْسُ الرَّحْلُ. وَفِي النَّوَادِرِ: ماسَ اللَّه فِيهِمُ الْمَرَضَ يَمِيسُه وأَمَاسَه، فَهُوَ يُمِيسُه، وبَسَّه وثَنَّه أَي كثَّره فِيهِمَا.
فصل النون
نأمس: النأْمُوسُ، يُهْمز وَلَا يهمز: قُتْرةُ الصائد.
نبس: نَبَسَ يَنْبِسُ نَبْساً: هو أَقل الْكَلَامِ. وَمَا نَبَس أَي مَا تحركَتْ شَفَتَاهُ بِشَيْءٍ. وَمَا نَبَسَ بِكَلِمَةٍ أَي مَا تَكَلَّمَ، وَمَا نَبَّس أَيضاً، بِالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِن كُنْت غيرَ صائدِي فَنبِّس
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ فِي صِفَةِ أَهل النَّارِ: فما يَنبِسيون عِنْدَ ذَلِكَ مَا هُوَ إِلا الزَّفِيرُ والشَّهِيقُ
أَي مَا يَنْطِقُونَ. وأَصل النَّبْسِ: الْحَرَكَةُ وَلَمْ يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ. وَرَجُلٌ أَنْبَسُ الوجْه: عابِسُه. ابْنُ الأَعرابي: النُّبُسُ المُسْرِعُون فِي حَوَائِجِهِمْ، والنُّبُسُ النَّاطقون. يُقَالُ: مَا نَبَس وَلَا رَتَمَ. وَقَالَ ابْنُ أَبي حَفْصَةَ: فَلَمْ يَنْبِسُ رَوبَةً حِينَ اشْتَدَّتِ السُّرَى؛ ابْنُ عَبْدِ اللَّه: أَي لَمْ يَنْطِقِ. ابْنُ الأَعرابي: السِّنْبِسُ السَّرِيعُ. وسَنْبَسَ إِذا أَسرع يُسَنْبِسُ شَنْبَسَةً؛ قَالَ: ورأَت أُم سِنْبِسٍ فِي النَّوْمِ قَبْلَ أَن تَلِدَهُ قَائِلًا يَقُولُ لَهَا:
إِذا وَلَدْتِ سِنْبِساً فأَنْبِسِي
أَنْبِسِي أَي أَسْرعي. قَالَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ: السِّينُ فِي أَوّل سنْبس زَائِدَةٌ. يُقَالُ: نَبَسَ إِذا أَسرع، قَالَ: وَالسِّينُ مِنْ زَوَائِدِ الْكَلَامِ، قَالَ: ونَبَسَ الرَّجُلُ إِذا تَكَلَّمَ فأَسرع، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَنْبَسَ إِذا سكت ذلًا.
نبرس: النِّبْراسُ: المِصْباح والسِّراج، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنه ثُلَاثِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنَ البِرْسِ الَّذِي هُوَ الْقُطْنُ. والنِّبْراس:(6/225)
السِّنان الْعَرِيضُ. وَابْنُ نِبْراس: رَجُلٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
اللَّهُ يَعْلَمُ لَوْلَا أَنَّني فَرِقٌ ... مِن الأَميرِ، لعَاتَبْتُ ابنَ نِبْراس
نَتَسَ: نَتَسَه يَنْتِسُهُ نَتْساً: نَتَفَه.
نجس: النَّجْسُ والنِّجْسُ والنَّجَسُ: القَذِرُ مِنَ النَّاسِ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ قَذِرْتَه. ونَجِسَ الشيءُ، بِالْكَسْرِ، يَنْجَسُ نَجَساً، فَهُوَ نَجِسٌ ونَجَسٌ، وَرَجُلٌ نَجِسٌ ونَجَسٌ، وَالْجَمْعُ أَنْجاسٌ، وَقِيلَ: النَّجَسُ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، رَجُلٌ نَجَسٌ وَرَجُلَانِ نَجَسٌ وَقَوْمٌ نَجَسٌ. قَالَ اللَّه تَعَالَى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
؛ فإِذا كَسَرُوا ثَنَّوْا وجَمَعوا وأَنَّثوا فَقَالُوا أَنْجاسٌ ونِجْسَةٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: نَجَسٌ لَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّثُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ
؛ أَي أَنْجاسٌ أَخباث. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ النِّجْسِ الرِّجْس الخَبيثِ المُخْبِث.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: زَعَمَ الفرّاء أَنهم إِذا بدؤوا بِالنَّجِسِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الرِّجْسَ فَتَحُوا النُّونَ وَالْجِيمَ، وإِذا بدؤوا بِالرِّجْسِ ثُمَّ أَتبعوه بِالنَّجِسِ كَسَروا النُّونَ، فَهُمْ إِذا قَالُوهُ مَعَ الرِّجْسِ أَتبعوه إِياه وَقَالُوا: رِجْسٌ نِجْسٌ، كَسُرُوا لِمَكان رِجْسٍ وثَنَّوا وَجَمَعُوا كَمَا قَالُوا: جَاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ، فإِذا أَفردوا قَالُوا بالطَّم فَفَتَحُوا، وأَنْجَسَه غيرُه ونَجَّسه بِمَعْنًى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ يَعْكِسُونَ فَيَقُولُونَ نِجْس رِجْسٌ فَيَقُولُونَهَا بِالْكَسْرِ لِمَكَانِ رِجْسٍ الَّذِي بَعْدَهُ، فإِذا أَفردوه قَالُوا نَجَسٌ، وأَما رِجْسٌ مُفْرَدًا فَمَكْسُورٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْفَرَّاءِ؛ وَهِيَ النَّجاسة، وَقَدْ أَنْجَسه. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ زَنَى بامرأَة تَزَوَّجَهَا فَقَالَ: هُوَ أَنْجَسَها وَهُوَ أَحق بِهَا
والنَّجِسُ: الدَّنِس. وَدَاءٌ نجِسٌ وناجِسٌ ونَجِيسٌ وعَقامٌ: لَا يبرأُ مِنْهُ، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ صَاحِبُ الدَّاءِ. والنَّجْس: اتِّخَاذُ عُوذَةٍ لِلصَّبِيِّ، وَقَدْ نَجَّس لَهُ ونَجَّسَه: عَوّذَه؛ قَالَ:
وجارِيَةٍ مَلْبونَةٍ، ومُنَجِّسٍ، ... وطارِقَةٍ فِي طَرْقِها لَمْ تُسَدِّد «2»
يَصِفُ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ أَنهم كَانُوا بَيْنَ متَكَهِّنٍ وحَدَّاس وراقٍ ومنَجِّس ومتَنَجِّم حَتَّى جَاءَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والنِّجاس: التَّعْوِيذُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: كأَنه الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ الأَعرابي: مِنَ المَعاذات التَّمِيمة والجُلْبَة والمنَجِّسة. وَيُقَالُ للمُعَوَّذِ: مُنَجَّس؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: قُلْتُ لَهُ: المُعَوَّذ لِمَ قِيلَ لَهُ منَجَّس وَهُوَ مأْخوذ مِنَ النَّجَاسَةِ؟ فَقَالَ: إِن لِلْعَرَبِ أَفعالًا تُخَالِفُ مَعَانِيهَا أَلفاظها، يُقَالُ: فُلَانٌ يَتَنَجَّسُ إِذا فَعَلَ فِعْلًا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ كَمَا قِيلَ يَتَأَثَّم ويَتَحَرَّجُ ويَتَحَنَّثُ إِذا فَعَلَ فِعْلًا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الإِثْمِ والحَرَج والحِنْث. الْجَوْهَرِيُّ: والتَّنْجِيسُ شَيْءٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ كَالْعُوذَةِ تُدْفَعُ بِهَا الْعَيْنُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وعَلَّقَ أنْجاساً عليَّ المُنَجِّس «3»
اللَّيْثُ: المُنَجَّسُ الَّذِي يعلَّق عَلَيْهِ عِظَامٌ أَو خِرَقٌ. وَيُقَالُ للمُعَوِّذ: منَجِّس، وَكَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يعلِّقون عَلَى الصَّبِيِّ وَمَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ عُيُونَ الجن
__________
(2) . هذا البيت ورد في أَساس البلاغة على هذه الصورة:
وحازيةٍ ملبوسةٍ، ومنجّسٍ، ... وطارقةٍ فِي طرقِها لم تُشدّدِ.
(3) . قوله [وعلق إلخ] صدره كما في شرح القاموس:
وكان لدي كاهنان وحارث(6/226)
الأَقْذارَ مِنْ خِرَقِ المَحِيض وَيَقُولُونَ: الْجِنُّ لَا تَقْرَبُهَا. ابْنُ الأَعرابي: النُّجُسُ المعَوِّذون، والجُنُس الْمِيَاهُ الْجَامِدَةُ. والمَنْجَسُ: جَلِيدَةٌ تُوضَعُ عَلَى حَزِّ الوَتَر.
نحس: النَّحْسُ: الْجُهْدُ والضُّر. والنَّحْسُ: خِلَافُ السَّعْدِ مِنَ النُّجُومِ وَغَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ أَنْحُسٌ ونُحوسٌ. وَيَوْمٌ ناحِسٌ ونَحْسٌ ونَحِسٌ ونَحِيسٌ مِنْ أَيام نَواحِس ونَحْساتٍ ونَحِساتٍ، مَنْ جَعَلَهُ نَعْتًا ثَقَّلَهُ، وَمَنْ أَضاف الْيَوْمَ إِلى النَّحْسِ فَبِالتَّخْفِيفِ لَا غَيْرَ. وَيَوْمٌ نَحْسٌ وأَيام نَحْسٌ. وقرأَ أَبو عَمْرٍو:
فأَرسلنا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيام نَحْساتٍ
؛ قَالَ الأَزهري: هِيَ جَمْعُ أَيام نَحْسَة ثُمَّ نَحْسات جَمْعُ الْجَمْعِ، وَقُرِئَتْ: فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ
، وَهِيَ المشؤومات عَلَيْهِمْ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الرِّيحَ الْبَارِدَةَ إِذا دَبِرَتْ نَحْساً، وَقُرِئَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
فِي يومٍ نَحْسٍ
، عَلَى الصِّفَةِ والإِضافةُ أَكثرُ وأَجودُ. وَقَدْ نَحِسَ الشيءُ، فَهُوَ نَحِسٌ أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبْلِغْ جُذاماً ولَخْماً أَنَّ إِخْوَتَهُمْ ... طَيّاً وبَهْراءَ قَوْمٌ، نَصْرُهُمْ نَحِسُ
وَمِنْهُ قِيلَ: أَيام نَحِسات. والنَّحْسُ: الغُبار. يُقَالُ: هَاجَ النَّحْسُ أَي الْغُبَارُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا هاجَ نَحْسٌ ذُو عَثانِينَ، والتَقَتْ ... سَباريتُ أَغْفالٍ بِهَا الآلُ يَمْضَحُ
وَقِيلَ: النَّحْسُ الرِّيح ذَاتُ الغُبار، وَقِيلَ: الرِّيح أَيّاً كَانَتْ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَفِي شَمُولٍ عُرِّضتْ للنَّحْسِ
والنَّحْسُ: شِدَّةُ البَرْد؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ؛ وأَنشد لِابْنِ أَحمر:
كأَنَّ مُدامَةً عُرِضَتْ لِنَحْسٍ، ... يُحِيلُ شَفِيفُها الماءَ الزُّلالا
وَفَسَّرَهُ الأَصمعي فَقَالَ: لِنَحْسٍ أَي وُضِعت فِي رِيحٍ فَبَرَدَت. وشَفِيفُها: بَرْدها. وَمَعْنَى يُحِيل: يَصُب؛ يَقُولُ: بَرَدَهَا يَصُبُّ الْمَاءَ فِي الْحَلْقِ وَلَوْلَا بَرْدُهَا لَمْ يُشْرَبِ الْمَاءُ. والنِّحاسُ والنُّحاس: الطَّبيعة والأَصل والخَلِيقَة. ونِحاسُ الرَّجُلِ ونُحاسه: سَجِيَّته وطَبيعته. يُقَالُ: فُلَانٌ كَرِيمُ النِّحاس والنُّحاس أَيضاً، بِالضَّمِّ، أَي كِرِيمِ النِّجار؛ قَالَ لَبِيدٌ:
يَا أُيُّها السَّائلُ عَنْ نِحاسِي
قَالَ النَّحَّاسُ «1» :
وكَمْ فِينا، إِذا مَا المَحْلُ أَبْدى ... نِحاسَ القَوْمِ، مِنْ سَمْحٍ هَضُومِ
والنِّحاسُ: ضَرْبٌ مِنَ الصُّفْر وَالْآنِيَةِ شديدُ الْحُمْرَةِ. والنُّحاس، بِضَمِّ النُّونِ: الدُّخانُ الَّذِي لَا لَهَبَ فِيهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقُرِئَ
ونِحاسٍ
، قَالَ: النُّحاسُ الدُّخان؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
يُضِيءُ كَضَوْء سِراجٍ السَّلِيطِ ... لَمْ يَجْعَل اللَّهُ فِيهِ نُحاسا
قَالَ الأَزهري: وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النُّحاس الدُّخان الَّذِي يَعْلُو وتَضْعُف حَرَارَتُهُ وَيَخْلُصُ مِنَ اللَّهَبِ. ابْنُ بُزُرج: يَقُولُونَ النُّحاس، بِالضَّمِّ، الصُّفْر نَفْسُهُ، والنِّحاس، مَكْسُورٌ، دُخَّانُهُ. وَغَيْرُهُ يَقُولُ للدُّخان نُحاسٌ. ونَحَّسَ الأَخْبار وتَنَحَّسَها واسْتَنْحَسَها: تَنَدَّسَها وتَجَسَّسَها، واسْتَنْحَسَ عنها: طلبها وتَتَبَّعَها
__________
(1) . هكذا بالأَصل.(6/227)
بِالِاسْتِخْبَارِ، يَكُونُ ذَلِكَ سِرًّا وَعَلَانِيَةً. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
فَجَعَلَ يَتَنَحَّس الأَخبار
أَي يَتَتَبَّع. وتَنَحَّس النَّصَارَى: تَرَكُوا أَكل الْحَيَوَانِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ وَلَا أَدري مَا أَصله.
نخس: نَخَسَ الدَّابَّةَ وَغَيْرَهَا يَنْخُسُها ويَنْخَسُها ويَنْخِسُها؛ الأَخيرتان عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، نَخْساً: غَرَزَ جَنْبَهَا أَو مُؤَخَّرَهَا بِعُودٍ أَو نَحْوِهِ، وَهُوَ النَّخْسُ. والنَّخَّاسُ: بَائِعُ الدَّوَابِّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لنَخْسِه إِياها حَتَّى تَنْشَط، وحِرْفته النِّخاسة والنَّخاسة، وَقَدْ يُسَمَّى بائعُ الرَّقِيقِ نَخَّاساً، والأَول هُوَ الأَصل. والنَّاخِسُ مِنَ الْوُعُولِ: الَّذِي نَخَسَ قَرْناه استَه مِنْ طُولِهِمَا، نَخَسَ يَنْخُسُ نَخْساً، وَلَا سِنّ فَوْقَ النَّاخِس. التَّهْذِيبُ: النَّخوسُ مِنَ الوُعول الَّذِي يَطُولُ قَرْنَاهُ حَتَّى يَبلغا ذَنبه، وإِنما يَكُونُ ذَلِكَ فِي الذُّكُورِ؛ وأَنشد:
يَا رُبَّ شَاةٍ فارِدٍ نَخُوسِ
ووَعْلٌ ناخِسٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وَحَرْب ضَرُوس بِهَا ناخِسٌ، ... مَرَيْتُ بِرُمْحِي فَكَانَ اعْتِساسَا
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَنه نَخَسَ بَعِيرَهُ بِمِحْجَنٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا نَخَسَه الشَّيْطَانُ حِينَ يُولدُ إِلا مَرْيم وَابْنَهَا.
والنَّاخِسُ: جَرَبٌ يَكُونُ عِنْدَ ذَنب الْبَعِيرِ، بعِير مَنْخُوسٌ؛ واسْتَعار ساعدةُ ذَلِكَ للمرأَة فَقَالَ:
إِذا جَلَسَتْ فِي الدَّار، حَكَّتْ عِجَانَها ... بِعُرْقُوبِها مِنْ ناخِسٍ مُتَقَوّب
والنَّاخِسُ: الدَّائرة الَّتِي تَكُونُ عَلَى جاعِرتَي الْفَرَسِ إِلى الفَائلَتَينِ وتُكره. وَفَرَسٌ مَنْخُوسٌ، وَهُوَ يُتَطَيَّر بِهِ. الصِّحَاحُ: دَائِرَةُ النَّاخِسِ هِيَ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ جاعِرَتَي الْفَرَسِ. التَّهْذِيبُ: النِّخاس دَائِرَتَانِ تَكُونَانِ فِي دَائِرَةِ الفَخِذَين كَدَائِرِ كتِف الإِنسان، وَالدَّابَّةُ مَنْخُوسَةً يُتَطَيَّر مِنْهَا. والنَّاخِسُ: ضاغِطٌ يُصِيبُ الْبَعِيرَ فِي إِبطه. ونِخاسَا الْبَيْتِ: عَمُوداه وَهُمَا في الرُّوَاق من جانبي الأَعْمِدَة، وَالْجَمْعُ نُخُسٌ. والنِّخاسة والنِّخاس: شَيْءٌ يُلْقَمُه خَرْقُ البَكْرة إِذا اتَّسَعَتْ وقَلِقَ مِحْوَرها، وَقَدْ نَخَسَها يَنْخَسُها ويَنْخُسُها نَخْساً، فَهِيَ مَنْخُوسة ونَخِيس. وَبَكَرَةٌ نَخِيسٌ: اتَّسَعَ ثُقْب مِحْورها فَنُخِسَتْ بِنِخاس؛ قَالَ:
دُرْنا ودارتْ بَكْرَةٌ نَخِيسُ، ... لَا ضَيْقَةُ المَجْرى وَلَا مَرُوسُ
وَسُئِلَ أَعرابي بنَجْد مِنْ بَنِي تَمِيمٍ وَهُوَ يَسْتَقِي وبَكْرتُه نَخِيسٌ، قَالَ السَّائِلُ: فَوَضَعْتُ إِصبعي عَلَى النِّخاسِ وَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ وأَردت أَن أَتَعرَّف مِنْهُ الْحَاءَ وَالْخَاءَ، فَقَالَ: نِخاسٌ، بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ، فَقُلْتُ: أَليس قَالَ الشَّاعِرُ:
وبَكْرة نِحاسُها نُحَاسُ
فَقَالَ: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَولين. أَبو زَيْدٍ: إِذا اتَّسَعَتِ البَكْرة وَاتَّسَعَ خَرْقُهَا عَنْهَا «1» قِيلَ أَخَقَّتْ إِخْقَاقاً فَانْخَسُوها وانْخِسوها نَخْساً، وَهُوَ أَن يُسَدَّ مَا اتَّسَعَ مِنْهَا بِخَشَبَةٍ أَو حَجَرٍ أَو غَيْرِهِ. اللَّيْثُ: النِّخاسَةُ هِيَ الرُّقْعَةُ تَدْخُلُ فِي ثُقْب المِحْوَرِ إِذا اتَّسَعَ. الْجَوْهَرِيُّ: النَّخِيس البَكْرة يَتَّسِعُ ثقبها الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْمِحْوَرُ مِمَّا يأْكله الْمِحْوَرُ فيَعْمِدُونَ إِلى خَشَبَةٍ فيَثْقُبُونَ وَسَطَهَا ثُمَّ يُلْقمونها ذَلِكَ الثُّقْبَ الْمُتَّسِعَ، وَيُقَالُ لِتِلْكَ الْخَشَبَةِ: النِّخاس، بِكَسْرِ النُّونِ،
__________
(1) . قوله [عنها] عبارة القاموس: عن المحور.(6/228)
وَالْبَكَرَةِ نَخِيسٌ. أَبو سَعِيدٍ: رأَيت غُدْراناً تناخَسُ، وَهُوَ أَن يُفْرِغَ بعضُها فِي بَعْضٍ كَتَنَاخُسِ الْغَنَمِ إِذا أَصابها الْبَرْدُ فاستدفأَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن قَادِمًا قَدِمَ عَلَيْهِ فسأَله عَنْ خِصْبِ الْبِلَادِ فحدَّثه أَن سَحَابَةً وَقَعَتْ فاخْضَرَّ لَهَا الأَرضُ وَفِيهَا غُدُرٌ تناخَسُ
أَي يَصُبُّ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ. وأَصل النَّخْسِ الدَّفْعُ وَالْحَرَكَةُ، وَابْنُ نَخْسَةٍ، ابْنُ الزَّانِيَةِ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ «1» لِابْنِ زَنية ابْنُ نَخْسَةٍ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
أَنا الجِحاشِيُّ شَمَّاخٌ، وَلَيْسَ أَبي ... لِنَخْسَةٍ لدَعِيٍّ غَيْرٍ مَوْجُودِ «2»
أَي مَتْرُوكٍ وَحْدَهُ، وَلَا يُقَالُ من هذا وحده. ونَخَسَ بِالرَّجُلِ: هَيَّجه وأَزعجه، وَكَذَلِكَ إِذا نَخَسُوا دابَّته وَطَرَدُوهُ؛ وأَنشد:
النَّاخِسينَ بِمَرْوانَ بِذِي خَشبٍ، ... والمُقْحِمينَ بعُثمانَ عَلَى الدَّارِ
أَي نَخَسُوا بِهِ مِنْ خَلْفِهِ حَتَّى سَيَّروه مِنَ الْبِلَادِ مَطْرُوحًا. والنَّخِيسة: لَبن المَعَز والضَّأْن يُخْلَطُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَيضاً لَبَنُ النَّاقَةِ يُخْلَطُ بِلَبَنِ الشَّاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا صُبَّ لَبَنُ الضأْن عَلَى لَبَنِ الْمَاعِزِ فَهُوَ النَّخِيسة.
والنَخِيسَة: الزبدة.
ندس: النَّدْسُ: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. وَرَجُلٌ نَدْسٌ ونَدُسٌ ونَدِسٌ أَي فَهِمٌ سَرِيعُ السَّمْعِ فَطِن. وَقَدْ نَدِسَ، بِالْكَسْرِ، يَنْدَسُ نَدَساً؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ الْعَالِمُ بالأُمور والأَخبار. اللَّيْثُ: النَّدْس السَّرِيعُ الِاسْتِمَاعِ لِلصَّوْتِ الْخَفِيِّ. قَالَ السِّيرَافِيُّ: والنَّدُسُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَخِفُّ عَلَيْهِمْ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْجَمْعُ نَدُسون، وَلَا يُكسَّر لِقِلَّةِ هَذَا الْبِنَاءِ فِي الأَسماء ولأَنه لَمْ يَتَمَكَّنْ فِيهَا لِلتَّكْسِيرِ كَفَعِلٍ، فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ وَسُهِّلَتْ فِيهِ الْوَاوُ وَالنُّونُ، تَرَكُوا التَّكْسِيرَ وَجَمَعُوهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ. ابْنُ الأَعرابي: تَنَدَّسْتُ الْخَبَرَ وتَجَسَّسْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وتَنَدَّسَ عَنِ الأَخبار «3» : بَحَثَ عَنْهَا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ بِهِ مِثْلَ تحدَّست وتنطَّست. والندَس: الفِطْنة والكَيْس. الأَصمعي: الندْس الطعْن؛ قَالَ جَرِيرٌ:
نَدَسْنا أَبا مَنْدُوسَةَ الْقَيْنَ بِالقَنَا، ... ومَارَ دَمٌ مِنْ جارِ بَيْبَةَ ناقِعُ
والمُنادَسَةُ: المُطاعَنَةُ. ونَدَسَه نَدْساً: طَعَنَهُ طَعْنًا خَفِيفًا، ورِماحٌ نَوادِسُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ونَحْنُ صَبَحْنا آلَ نَجْرانَ غارَةً، ... تَمِيمَ بْنَ مُرٍّ والرِّماحَ النَّوادِسا
ونَجْرانُ: مَدِينَةٌ بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ؛ يُرِيدُ أَنهم أَغاروا عَلَيْهِمْ عِنْدَ الصَّبَاحِ، وَتَمِيمُ بْنُ مُرٍّ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ لِقَوْلِهِ نحن صبحنا؛ كقول آخر:
نَحْنُ بَنِي ضَبَّةَ أَصْحابُ الجَمَل
وَكَقَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
نَحْنُ مَعاشِرَ الأَنْبِياء لَا نَرِثُ وَلَا نُورَثُ
، وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَمِيمٌ بَدَلًا مِنْ آلِ نَجْرَانَ لأَن تَمِيمًا هِيَ الَّتِي غَزَتْ آلَ نَجْرَانَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ يَنْدُسُ الأَرضَ بِرِجْلِهِ
أَي يَضْرِبُ بِهَا. ونَدَسَه بِكَلِمَة. أَصابه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ مَثَلٌ بِقَوْلِهِمْ نَدَسَهُ بِالرُّمْحِ. وتَنَدَّسَ ماءُ البئر:
__________
(1) . قوله [ويقال إلخ] عبارة القاموس وشرحه: وابن نخسة، بالكسر، أَي ابن زنية. وفي التكملة مضبوط بالفتح.
(2) . قوله [لنخسة] كذا بالأَصل وأَنشده شارح القاموس والأَساس بنخسة.
(3) . قوله [وتندس عن الأَخبار إلخ] عبارة الجوهري نقلًا عن أَبي زيد: تندست الأَخبار وعن الأَخبار إِذا تخبرت عنها من حيث إلخ.(6/229)
فَاضَ مِنْ جَوَانِبِهَا. والمِنْداسُ: المرأَة الْخَفِيفَةُ. وَمِنْ أَسماء الْخُنْفُسَاءِ: المَنْدُوسَة والفاسِياء.
نرس: النِّرْسِيانُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ يَكُونُ أَجوده، وَفِي التَّهْذِيبِ: نِرْسِيان وَاحِدَتُهُ نِرْسِيانَة، وَجَعَلَهُ ابْنُ قُتَيبة صِفَةً أَو بَدَلًا، فَقَالَ: تَمْرَةٌ نِرْسيانة، بِكَسْرِ النُّونِ. ونَرْسٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبه عَرَبِيًّا. الأَزهري: فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا نَرْسٌ تُحْمَلُ مِنْهَا الثِّيَابُ النَّرْسِيَّة، قَالَ: وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا عَرَبِيًّا، قَالَ: وأَهل الْعِرَاقِ يَضْرِبُونَ الزُّبْدَ بالنِّرْسِيان مَثَلًا لِمَا يُسْتطاب.
نرجس: النَّرْجِسُ، بِالْكَسْرِ، مِنَ الرَّيَاحِينِ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ دَخِيلٌ. ونِرْجِس أَحْسَن إِذا أُعْرِبَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي الرُّبَاعِيِّ بِالْكَسْرِ، وَذَكَرَهُ فِي الثُّلَاثِيِّ بِالْفَتْحِ فِي تَرْجَمَةِ رجس.
نسس: النَّسُّ: المَضاءُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ السُّرْعَةَ فِي الوِرْدِ؛ قَالَ
سَوْقي حُدائي وصَفيري النَّسُ
اللَّيْثُ: النَّسُّ لُزُومُ المَضاء فِي كُلِّ أَمر وَهُوَ سُرْعَةُ الذَّهَابِ لوِرْدِ الْمَاءِ خَاصَّةً:
وبَلَد تُمْسي قَطاهُ نُسَّا
قَالَ الأَزهري: وَهِمَ اللَّيْثُ فِيمَا فَسَّر وَفِيمَا احْتَجَّ بِهِ، أَما النَّسُّ «4» فإِن شَمِرًا قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: النَّس السَّوْقُ الشَّدِيدُ، والتَّنْساس السَّيْرُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
وقَدْ نَظَرْتُكمُ إِيناءَ صادِرَةٍ ... لِلْخِمْسِ، طَالَ بِهَا حَوْزي وتَنْساسي
لَمّا بَدا ليَ مِنْكُم عَيْبُ أَنْفُسِكُمْ، ... وَلَمْ يَكُنْ لِجِراحي عِنْدَكُمْ آسِي،
أَزْمَعْتُ أَمْراً مُرْيِحاً مِنْ نَوالِكُمُ ... ولَنْ تَرى طارِداً لِلْمَرْءِ كالْياسِ «5»
يَقُولُ: انْتَظَرْتُكُمْ كَمَا تَنْتظر الإِبلُ الصَّادِرَةُ الَّتِي تَرِدُ الخِمْس ثُمَّ تُسْقى لتَصْدُر. والإِيناءُ: الِانْتِظَارُ. وَالصَّادِرَةُ، الرَّاجِعَةُ عَنِ الْمَاءِ؛ يَقُولُ: انْتَظَرْتُكُمْ كَمَا تَنْتظرُ هَذِهِ الإِبلُ الصادرةُ الإِبل الخوامسَ لِتَشْرَبَ مَعَهَا. والحَوْز: السَّوْقُ قَلِيلًا قَلِيلًا. والتَّنْساس: السَّوْقُ الشَّدِيدُ، وَهُوَ أَكثر مِنَ الحَوْز. ونَسْنَس الطَّائِرُ إِذا أَسرع فِي طَيَرانِه. ونَسَّ الإِبل يَنُسُّها نَسّاً ونَسْنَسَها: سَاقَهَا؛ والمِنَسَّةُ مِنْهُ، وَهِيَ الْعَصَا الَّتِي تَنُسُّها بِهَا، عَلَى مِفْعَلةٍ بِالْكَسْرِ، فإِن هُمِزَتْ كَانَ مِنْ نَسَأْتُها، فأَما المِنْسَأَة «6» الَّتِي هِيَ الْعَصَا فَمِنْ نَسَأْتُ أَي سُقْتُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: نَسَّ الإِبلَ أَطلقها وحَلَّها. الْكِسَائِيُّ: نَسَسْتُ الناقةَ وَالشَّاةَ أَنُسُّها نَسّاً إِذا زَجَرْتَهَا فَقُلْتَ لَهَا: إِسْ إِسْ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَسَسْتُ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: نَسَّسْتُ الصَّبِيَّ تَنْسِيساً، وَهُوَ أَن تَقُولَ لَهُ: إِسْ إِسْ ليبولَ أَو يَخْرَأَ. اللَّيْثُ: النَّسِيسَةُ فِي سُرْعَةِ الطَيران. يُقَالُ: نَسْنَسَ ونَصْنَصَ. والنَّسُّ: اليُبْس، ونَسَّ اللحمُ والخبزُ يَنُسُّ ويَنِسُّ نُسُوساً ونَسِيساً: يَبِسَ؛ قَالَ:
وبَلَد تُمْسِي قَطاهُ نُسَّا
أَي يَابِسَةً مِنَ الْعَطَشِ. والنَّسُّ هَاهُنَا لَيْسَ مِنَ النَّسِّ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى السَّوْقِ وَلَكِنَّهَا الْقَطَا الَّتِي عطشت
__________
(4) . قوله [أَما النس إلخ] لم يأت بمقابل أَما، وهو بيان الوهم فيما احتج به وسيأتي بيانه عقب إِعادة الشطر المتقدم.
(5) . لهذه الأَبيات رواية أُخرى تختلف عن هذه الرواية.
(6) . قوله [فإن همزت إلخ، وقوله فأَما المنسأة إلخ] كذا بالأَصل.(6/230)
فكأَنها يَبِست مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ. وَيُقَالُ: جَاءَنَا بِخُبْزٍ ناسٍّ وناسَّةٍ «1» وَقَدْ نَسَّ الشيءُ يَنُسُّ ويَنِسُّ نَسّاً. وأَنْسَسْتُ الدَّابَّةَ: أَعطشتها. وناسَّةُ والنَّاسَّة؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ: مِنْ أَسماء مَكَّةَ لِقِلَّةِ مَائِهَا، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي مَكَّةَ النَّاسَّة لأَن مَنْ بَغَى فِيهَا أَو أَحدث فِيهَا حَدَثًا أُخرج عَنْهَا فكأَنها سَاقَتْهُ وَدَفَعَتْهُ عَنْهَا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ:
حَصْبَ الغُواةِ العَوْمَجَ المَنْسُوسا
قَالَ: المَنْسُوسُ الْمَطْرُودُ والعَوْمَجُ الْحَيَّةُ. والنَّسِيسُ: المَسوق؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه كَانَ يَنُسُّ أَصحابه
أَي يَمْشِي خَلْفَهُمْ. وَفِي النِّهَايَةِ: وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
كَانَ يَنُسُّ أَصحابه
أَي يَسُوقُهُمْ يقدِّمهم وَيَمْشِي خَلْفَهُمْ. والنَّسُّ: السَّوْقُ الرَّفِيقُ. وَقَالَ شَمِرٌ: نَسْنَسَ ونَسَّ مِثْلَ نَشَّ ونَشْنَشَ، وَذَلِكَ إِذا سَاقَ وَطَرَدَ، وَحَدِيثُ
عُمَرَ: كَانَ يَنُسُّ النَّاسَ بَعْدَ الْعَشَاءِ بالدِّرَّة وَيَقُولُ: انْصَرِفُوا إِلى بُيُوتِكُمْ
؛ وَيُرْوَى بِالشِّينِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. ونَسَّ الحطبُ يَنِسُّ نُسُوساً: أَخرجت النَّارُ زَبَدَه عَلَى رأْسه، ونَسِيسه: زَبَدُه وَمَا نَسَّ مِنْهُ. والنَّسِيسُ والنَّسِيسَة: بَقِيَّةُ النَّفْسِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ فِي سِواه؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لأَبي زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ يَصِفُ أَسداً:
إِذا عَلِقَتْ مَخالِبُه بِقِرْنٍ، ... فَقَدْ أَوْدى، إِذا بَلَغَ النَّسِيس
كأَنَّ، بِنَحْرِهِ وَبِمَنْكِبَيْهِ، ... عَبِيراً باتَ تَعْبَؤُهُ عَرُوس
وَقَالَ: أَراد بَقِيَّةَ النَّفْسِ بَقِيَّةَ الرُّوحِ الَّذِي بِهِ الْحَيَاةُ، سُمِّيَ نَسيساً لأَنه يُسَاقُ سُوقًا، وَفُلَانٌ فِي السِّياق وَقَدْ سَاقَ يَسُوق إِذا حَضَرَ رُوحَه الموتُ. وَيُقَالُ: بَلَغَ مِنَ الرَّجُلِ نَسِيسُه إِذا كَانَ يَمُوتُ، وَقَدْ أَشرف عَلَى ذَهَابِ نَكِيثَتِه وَقَدْ طُعِنَ فِي حَوْصِه مِثْلَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ شَنَقْتُها بِجَبُوبَة حَتَّى سَكَنَ نَسِيسُها
أَي مَاتَتْ. والنَّسِيسُ: بَقِيَّةُ النَّفْسِ. ونَسِيس الإِنسانِ وَغَيْرِهِ ونَسْناسه، جَمِيعًا: مَجْهُودُهُ، وَقِيلَ: جُهْدُهُ وَصَبْرُهُ؛ قَالَ:
ولَيْلَةٍ ذاتِ جَهامٍ أَطْباقْ، ... قَطَعْتُها بِذاتِ نَسناسٍ باقْ
النَّسْناسُ: صَبْرُهَا وَجَهْدُهَا؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الْغَنَوِيَّ يَقُولُ: نَاقَةٌ ذَاتُ نَسْناسٍ أَي ذَاتُ سَيْرِ باقٍ، وَقِيلَ: النَّسِيسُ الْجُهْدُ وأَقصى كُلِّ شَيْءٍ. اللَّيْثُ: النَّسِيسُ غَايَةُ جُهْدِ الإِنسان؛ وأَنشد:
بَاقِي النَّسِيسِ مُشْرِفٌ كاللَّدْنِ
ونَسَّت الجُمَّةُ: شَعِثَتْ. والنَّسْنَسَةُ: الضَّعْفُ. والنِّسْناس والنَّسْناس: خَلْقٌ فِي صُورَةِ النَّاسِ مُشْتَقٌّ مِنْهُ لِضَعْفِ خَلْقِهِمْ. قَالَ كُرَاعٌ: النِّسْناسُ والنَّسناس فِيمَا يُقَالُ دَابَّةٌ فِي عِدادِ الْوَحْشِ تُصَادُ وَتُؤْكَلُ وَهِيَ عَلَى شَكْلِ الإِنسان بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ وَرِجْلٍ وَيَدٍ تَتَكَلَّمُ مِثْلَ الإِنسان. الصِّحَاحُ: النِّسْناس والنَّسْناس جِنْسٌ مِنَ الْخَلْقِ يَثبُ أَحَدُهم عَلَى رِجْلٍ واحدةٍ. التَّهْذِيبُ: النِّسْناسُ والنَّسْناس خَلْق عَلَى صُورَةِ بَنِي آدَمَ أَشبهوهم فِي شَيْءٍ وَخَالَفُوهُمْ فِي شَيْءٍ وَلَيْسُوا مِنْ بَنِي آدَمَ، وَقِيلَ: هُمْ مِنْ بَنِي آدَمَ. وَجَاءَ فِي حديثٍ:
أَنَّ حَيّاً مِنْ قَوْمِ عَادٍ عَصَوْا رَسُولَهُمْ فَمَسْخَهُمُ اللَّه نَسْناساً، لِكُلِّ إِنسان مِنْهُمْ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ شِقٍّ وَاحِدٍ، يَنْقُزُون كَمَا يَنْقُزُ الطَّائِرُ ويَرْعَوْن كما ترعى البهائم
،
__________
(1) . قوله [ناس وناسة] كذا بالأَصل.(6/231)
وَنُونُهَا مَكْسُورَةٌ وَقَدْ تُفْتَحُ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: ذَهَبَ النَّاسُ وَبَقِيَ النِّسْناسُ، قِيلَ: مَنِ النِّسْناسُ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَتَشَبَّهُونَ بِالنَّاسِ وَلَيْسُوا مِنَ النَّاسِ
، وَقِيلَ: هُمُ يأْجوج ومأْجوج. ابْنُ الأَعرابي: النُّسُسُ الأُصول الرديّئَة. وَفِي النَّوَادِرِ: رِيحٌ نَسْناسَةٌ وسَنْسَانَةٌ بارِدَةٌ، وَقَدْ نَسْنَسَتْ وسَنْسَنَتْ إِذا هَبَّتْ هُبُوبًا بَارِدًا. وَيُقَالُ: نَسْناسٌ مِن دُخان وسَنْسانٌ يُرِيدُ دُخَّانَ نَارٍ. والنَّسِيسُ: الْجُوعُ الشَّدِيدُ. والنِّسْناسُ، بِكَسْرِ النُّونِ: الْجُوعُ الشَّدِيدُ؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ، وأَما ابْنُ الأَعرابي فَجَعَلَهُ وَصْفًا وَقَالَ: جُوعٌ نِسْناسٌ، قَالَ: وَنَعْنِي به الشديد؛ وأَنشد:
أَخْرَجَها النِّسْناسُ مِنْ بَيْت أَهْلِها
وأَنشد كُرَاعٌ:
أَضَرَّ بِهَا النِّسْناسُ حَتَّى أَحَلَّها ... بِدارِ عَقِيلٍ، وابْنُها طاعِمٌ جَلْدُ
أَبو عَمْرٍو: جُوعٌ مُلَعْلِعٌ ومُضَوِّرٌ ونِسْناسٌ ومُقَحِّزٌ ومُمَشْمِش بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والنَّسِيسَةُ: السَّعْيُ بَيْنَ النَّاسِ. الْكِلَابِيُّ: النَّسِيسة الإِيكالُ بَيْنَ النَّاسِ. والنَّسائسُ: النَّمائم. يُقَالُ: آكَلَ بَيْنَ النَّاسِ إِذا سَعَى بَيْنَهُمْ بالنَّمائم، وَهِيَ النَّسائِسُ جَمْعُ نَسِيسة. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: مِنْ أَهل الرَّسِّ والنَّسِ
، يُقَالُ: نَسَّ فُلَانٌ لِفُلَانٍ إِذا تَخَبَّر. والنَّسِيسَة: السِّعاية.
نسطس: فِي حَدِيثِ
قَسٍّ: كحذْوِ النِّسْطاس
؛ قِيلَ: إِنه رِيشُ السَّهْمِ وَلَا تَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ:
كحدِّ النِّسْطاس.
نشس: النَّشْسُ: لُغَةٌ فِي النَّشْزِ وَهِيَ الرُّبْوَةُ مِنَ الأَرض. وامرأَة ناشِس: نَاشِزٌ، وهي قليلة.
نطس: رَجُلٌ نَطْس ونَطُسٌ ونَطِسٌ ونَطِيس ونِطاسِيٌّ: عَالِمٌ بالأُمور حَاذِقٌ بِالطِّبِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ بِالرُّومِيَّةِ النِّسْطاسُ، يُقَالُ: مَا أَنْطَسَه؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
فهَلْ لَكُمُ فِيهَا إِليَّ فَإِنَّني ... طَبِيبٌ بِمَا أَعْيا النِّطاسِيَّ حِذْيَما
أَراد ابْنَ حَذْيَمٍ كَمَا قَالَ:
يَحْمِلْنَ عَبَّاس بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبْ
يَعْنِي عبدَ اللَّه بنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا. والنُّطُسُ: الأَطباء الحُذَّاق. وَرَجُلٌ نَطِس ونَطُس: لِلْمُبَالِغِ فِي الشَّيْءِ. وتَنَطَّسَ عَنِ الأَخبار: بَحَثَ. وَكُلُّ مُبالغ فِي شَيْءٍ مُتَنَطِّس. وتَنَطَّسْتُ الأَخبار: تَجَسَّسْتُها. والنَّاطِسُ: الْجَاسُوسُ. وتَنَطَّس: تَقَزَّزَ وتَقَذَّرَ. والتَنَطُّسُ: الْمُبَالَغَةُ فِي التَّطَهُّرِ. والتَنَطُّس: التَقَذُّرُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه خَرَجَ مِنَ الخَلاء فَدَعَا بِطَعَامٍ فَقِيلَ لَهُ: أَلا تَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: لَوْلَا التَّنَطُّس مَا بَالَيْتُ أَن لا أَغْسِل يَدِي
؛ قَالَ الأَصمعي: وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي الطُّهُور والتَّأَنُّق فِيهِ. وَكُلُّ مَنْ تَأَنَّق فِي الأُمور وَدَقَّقَ النَّظَرَ فِيهَا، فَهُوَ نَطِس ومُتَنَطِّس؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ أَدَقّ النَّظَرَ فِي الأُمور واسْتَقصى عَلَيْهَا، فَهُوَ مُتَنَطِّس، وَقَدْ نَطِس، بِالْكَسْرِ، نَطَساً؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلطَّبِيبِ: نِطاسِيٌّ ونِطِّيس مِثْلُ فِسِّيقٍ، وَذَلِكَ لِدِقَّةِ نَظَرِهِ فِي الطِّبِّ؛ وَقَالَ الْبُعَيْثُ بْنُ بِشْرٍ يَصِفُ شَجَّة أَو جِرَاحَةً:
إِذا قاسَها الآسِي النِّطاسِيُّ أَدْبَرَتْ ... غَثِيثَتُها، وازْدادَ وَهْياً هُزُومُها
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَرَوَى النِّطاسِي، بِفَتْحِ النُّونِ؛(6/232)
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
وقَدْ أَكُونُ مَرَّةً نِطِّيسا، ... طَبّاً بأَدْواء الصِّبا نِقْرِيسا
قَالَ: النِّقْريس قَرِيبُ الْمَعْنَى مِنَ النِّطِّيس وَهُوَ الفَطِنُ للأُمور الْعَالِمُ بِهَا. أَبو عَمْرٍو: امرأَة نَطِسَة عَلَى فَعِلَةٍ إِذَا كَانَتْ تَنَطَّس مِنَ الفُحْشِ أَي تَقَزَّزُ. وإِنه لَشَدِيدُ التَّنَطُّس أَي التَّقَزُّز. ابْنُ الأَعرابي: المُتَنَطِّس والمُتَطَرِّسُ المتَنَوِّقُ المُخْتار. وَقَالَ: النَّطَس الْمُبَالَغَةُ فِي الطَّهَارَةِ، والنَّدَس الفِطْنة والكَيْس.
نعس: قَالَ اللَّه تَعَالَى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ
؛ النُّعاسُ: النَّوْمُ، وَقِيلَ: هُوَ مُقَارَبَتُهُ، وَقِيلَ: ثَقْلَتُه. نَعَسَ «1» يَنْعُس نُعاساً، وَهُوَ ناعِس ونَعْسانُ. وَقِيلَ: لَا يُقَالُ نَعْسانُ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَا أَشتهيها، وَقَالَ اللَّيْثُ: رَجُلٌ نَعْسانُ وامرأَة نَعْسى، حَمَلُوا ذَلِكَ عَلَى وسْنان ووَسْنى، وَرُبَّمَا حَمَلُوا الشيءَ عَلَى نَظَائِرِهِ وأَحسن مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ. والنُّعاس: الوَسَنُ؛ قَالَ الأَزهري: وَحَقِيقَةُ النُّعاس السِّنَةُ مِنْ غَيْرِ نَوْمٍ كَمَا قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرَّقَّاعِ:
وَسْنانُ أَقْصَدَهُ النُّعاسُ فَرَنَّقَتْ ... فِي عَيْنِه سِنَةٌ، ولَيْس بنائِمِ
ونَعَسْنا نَعْسَة وَاحِدَةً وامرأَة ناعِسَة ونَعَّاسَةٌ ونَعْسى ونَعُوسٌ. وَنَاقَةٌ نَعُوسٌ: غَزِيرَةٌ تَنْعُس إِذا حُلبت؛ وَقَالَ الأَزهري: تُغَمِّضُ عَيْنَهَا عِنْدَ الْحَلْبِ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ نَاقَةً بالسَّماحة بالدَّرِّ وأَنها إِذا دَرَّتْ نَعَسَت:
نَعُوسٌ إِذا دَرَّتْ، جَرُوزٌ إِذا غَدَتْ، ... بُوَيْزِلُ عامٍ أَو سَديسٌ كَبازِلِ
الجَرُوزُ: الشَّدِيدَةُ الأَكل، وَذَلِكَ أَكثَرُ لِلَبَنِها. وبُوَيْزِلُ عامٍ أَي بَزَلَتْ حَدِيثًا، وَالْبَازِلُ مِنَ الإِبل: الَّذِي لَهُ تِسْعُ سِنِينَ، وَقَوْلُهُ أَو سديد كَبَازِلِ، السَّدِيسُ دُونَ الْبَازِلِ بِسَنَةٍ، يَقُولُ: هِيَ سَدِيسٌ، وَفِي الْمَنْظَرِ كَالْبَازِلِ. والنَّعْسَةُ: الخَفْقَةُ. وَالْكَلْبُ يُوصَفُ بِكَثْرَةِ النُّعاس؛ وَفِي الْمَثَلِ: مَطْلٌ كنُعاس الكَلْبِ أَيْ مُتَّصِلٌ دَائِمٌ. ابْنُ الأَعرابي: النَّعْس لِينُ الرأْي وَالْجِسْمِ وضَعْفُهُما. أَبو عَمْرٍو: أَنْعَسَ الرَّجُل إِذا جَاءَ بِبَنِينَ كُسالى. ونَعَسَت السُّوقُ إِذا كَسَدَتْ، وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن كَلِمَاتِهِ بَلغَتْ نَاعُوسَ البَحْر
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو مُوسَى كَذَا وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَفِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ
قاموسَ الْبَحْرِ
، وَهُوَ وَسَطُهُ ولُجَّته، وَلَعَلَّهُ لَمْ يجوِّد كَتْبتَه فصحَّفه بَعْضُهُمْ، قَالَ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَصلًا في مسند إِسحق الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أَنه قَرنَه بأَبي مُوسَى وَرِوَايَتِهِ، فَلَعَلَّهَا فِيهَا قَالَ: وإِنما أُورِدُ نحوَ هَذِهِ الأَلفاظ لأَن الإِنسان إِذا طَلَبَهُ لَمْ يَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ فَيَتَحَيَّرُ فإِذا نَظَرَ فِي كِتَابِنَا عَرَفَ أَصله ومعناه.
نفس: النَّفْس: الرُّوحُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ لَيْسَ مِنْ غَرَضِ هَذَا الكتاب، قال أَبو إِسحق: النَّفْس فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَجْرِي عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما قَوْلُكَ خَرَجَتْ نَفْس فُلَانٍ أَي رُوحُه، وَفِي نَفْس فُلَانٍ أَن يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا أَي فِي رُوعِه، والضَّرْب الْآخَرُ مَعْنى النَّفْس فِيهِ مَعْنى جُمْلَةِ الشَّيْءِ وَحَقِيقَتِهِ، تَقُولُ: قتَل فلانٌ نَفْسَه وأَهلك نَفْسَه أَي أَوْقَعَ الإِهْلاك بِذَاتِهِ كلِّها وحقيقتِه، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ
__________
(1) . قوله [نَعَسَ] من باب قَتَلَ كما في المصباح والبصائر لصاحب القاموس، ومن باب مَنَعَ كما في القاموس.(6/233)
أَنْفُس ونُفُوس؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ فِي مَعْنَى النَّفْس الرُّوحِ:
نَجَا سالِمٌ والنَّفْس مِنْه بِشِدقِهِ، ... وَلَمْ يَنْجُ إِلا جَفْنَ سَيفٍ ومِئْزَرَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِحُذَيْفَةَ بْنِ أَنس الْهُذَلِيِّ وَلَيْسَ لأَبي خِرَاشٍ كَمَا زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ، وَقَوْلُهُ نَجَا سَالِمٌ وَلَمْ يَنْجُ كَقَوْلِهِمْ أَفْلَتَ فلانٌ وَلَمْ يُفْلِتْ إِذا لَمْ تُعَدَّ سلامتُه سَلَامَةً، وَالْمَعْنَى فِيهِ لَمْ يَنْجُ سالِمٌ إِلا بِجَفْنِ سيفِه ومئزرِه وَانْتِصَابُ الْجَفْنِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ أَي لَمْ يَنْجُ سَالِمٌ إِلا جَفْنَ سَيْفٍ، وَجَفْنُ السَّيْفِ مُنْقَطِعٌ مِنْهُ، وَالنَّفْسُ هَاهُنَا الرُّوحُ كَمَا ذُكِرَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فَاظَتْ نَفْسُه؛ وَقَالَ الشَّاعِرِ:
كادَت النَّفْس أَنْ تَفِيظَ عَلَيْهِ، ... إِذْ ثَوَى حَشْوَ رَيْطَةٍ وبُرُودِ
قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: النَّفْس الرُّوحُ، والنَّفْس مَا يَكُونُ بِهِ التَّمْيِيزُ، والنَّفْس الدَّمُ، والنَّفْس الأَخ، والنَّفْس بِمَعْنَى عِنْد، والنَّفْس قَدْرُ دَبْغة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَما النَّفْس الرُّوحُ والنَّفْسُ مَا يَكُونُ بِهِ التَّمْيِيزُ فَشاهِدُهُما قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها
، فالنَّفْس الأُولى هِيَ الَّتِي تَزُولُ بِزَوَالِ الْحَيَاةِ، والنَّفْس الثَّانِيَةُ الَّتِي تَزُولُ بِزَوَالِ الْعَقْلِ؛ وأَما النَّفْس الدَّمُ فَشَاهِدُهُ قَوْلُ السموأَل:
تَسِيلُ عَلَى حَدِّ الظُّبَاتِ نُفُوسُنَا، ... ولَيْسَتْ عَلى غَيْرِ الظُّبَاتِ تَسِيلُ
وإِنما سُمِّيَ الدَّمُ نَفْساً لأَن النَّفْس تَخْرُجُ بِخُرُوجِهِ، وأَما النَّفْس بِمَعْنَى الأَخ فَشَاهِدُهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ
، وأَما الَّتِي بِمَعْنَى عِنْد فَشَاهِدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ
؛ أَي تَعْلَمُ مَا عِنْدِي وَلَا أَعلم مَا عِنْدَكَ، والأَجود فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الأَنباري: إِن النَّفْس هُنَا الغَيْبُ، أَي تَعْلَمُ غَيْبِي لأَن النَّفْس لَمَّا كَانَتْ غَائِبَةً أُوقِعَتْ عَلَى الغَيْبِ، وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْآيَةِ قَوْلُهُ: إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، كأَنه قَالَ: تَعْلَمُ غَيْبي يَا عَلَّام الغُيُوبِ. وَالْعَرَبُ قَدْ تَجْعَلُ النَّفْس الَّتِي يَكُونُ بِهَا التَّمْيِيزُ نَفْسَيْن، وَذَلِكَ أَن النَّفْس قَدْ تأْمره بِالشَّيْءِ وَتَنْهَى عَنْهُ، وَذَلِكَ عِنْدَ الإِقدام عَلَى أَمر مَكْرُوهٍ، فَجَعَلُوا الَّتِي تأْمره نَفْساً وَجَعَلُوا الَّتِي تَنْهَاهُ كأَنها نَفْسٌ أُخرى؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يؤَامِرُ نَفْسَيْهِ، وَفِي العَيْشِ فُسْحَةٌ، ... أَيَسْتَرْجِعُ الذُّؤْبَانَ أَمْ لَا يَطُورُها؟
وأَنشد الطَّوْسِيُّ:
لمْ تَدْرِ مَا لَا؛ ولَسْتَ قائِلَها، ... عُمْرَك مَا عِشْتَ آخِرَ الأَبَدِ
وَلمْ تُؤَامِرْ نَفْسَيْكَ مُمْتَرياً ... فِيهَا وَفِي أُخْتِها، وَلَمْ تَكَدِ
وَقَالَ آخَرُ:
فَنَفْسَايَ نَفسٌ قَالَتِ: ائْتِ ابنَ بَحْدَلٍ، ... تَجِدْ فَرَجاً مِنْ كلِّ غُمَّى تَهابُها
ونَفْسٌ تَقُولُ: اجْهَدْ نَجَاءَكَ، لا تَكُنْ ... كَخَاضِبَةٍ لَمْ يُغْنِ عَنْها خِضَابُهَا
والنَّفْسُ يعبَّر بِهَا عَنِ الإِنسان جَمِيعِهِ كَقَوْلِهِمْ: عِنْدِي ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ. وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ
؛ أَي تَعْلَمُ مَا أُضْمِرُ وَلَا أَعلم مَا فِي نَفْسِكَ أَي لَا أَعلم مَا حقِيقَتُك وَلَا مَا عِنْدَكَ عِلمُه، فالتأَويل تعلَمُ مَا أَعلَمُ وَلَا أَعلَمُ مَا تعلَمُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:(6/234)
وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ*
؛ أَي يُحَذِّرُكُمْ إِياه، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها
؛ رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: لِكُلِّ إِنْسَانٍ نَفْسان: إِحداهما نَفْس العَقْل الَّذِي يَكُونُ بِهِ التَّمْيِيزُ، والأُخرى نَفْس الرُّوح الَّذِي بِهِ الْحَيَاةُ.
وَقَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنباري: مِنَ اللُّغَوِيِّينَ مَنْ سَوَّى النَّفْس والرُّوح وَقَالَ هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ إِلا أَن النَّفْس مُؤَنَّثَةٌ والرُّوح مُذَكَّرٌ، قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ الرُّوحُ هُوَ الَّذِي بِهِ الْحَيَاةُ، والنَّفْس هِيَ الَّتِي بِهَا الْعَقْلُ، فإِذا نَامَ النَّائِمُ قَبَضَ اللَّه نَفْسه وَلَمْ يَقْبِضْ رُوحه، وَلَا يَقْبِضُ الرُّوحَ إِلا عِنْدَ الْمَوْتِ، قَالَ: وَسُمِّيَتِ النَّفْسُ نَفْساً لِتَوَلُّدِ النَّفَسِ مِنْهَا وَاتِّصَالِهِ بِهَا، كَمَا سَّموا الرُّوح رُوحاً لأَن الرَّوْحَ مَوْجُودٌ بِهِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لِكُلِّ إِنسان نَفْسان: إِحداهما نَفْس التَّمْيِيزِ وَهِيَ الَّتِي تُفَارِقُهُ إِذا نَامَ فَلَا يَعْقِلُ بِهَا يَتَوَفَّاهَا اللَّه كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى، والأُخرى نَفْسُ الْحَيَاةِ وإِذا زَالَتْ زَالَ مَعَهَا النَّفَسُ، وَالنَّائِمُ يَتَنَفَّسُ، قَالَ: وَهَذَا الْفَرْقُ بَيْنَ تَوَفِّي نَفْس النَّائِمِ فِي النَّوْمِ وتَوفِّي نَفْس الْحَيِّ؛ قَالَ: وَنَفْسُ الْحَيَاةِ هِيَ الرُّوح وَحَرَكَةُ الإِنسان ونُمُوُّه يَكُونُ بِهِ، والنَّفْس الدمُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا لَيْسَ لَهُ نَفْس سَائِلَةٌ فإِنه لَا يُنَجِّس الْمَاءَ إِذا مَاتَ فِيهِ
، وَرُوِيَ عَنِ
النَّخَعِيِّ أَنه قَالَ: كلُّ شَيْءٍ لَهُ نَفْس سَائِلَةٌ فَمَاتَ فِي الإِناء فإِنه يُنَجِّسه
، أَراد كُلَّ شَيْءٍ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ، وَفِي النِّهَايَةِ عَنْهُ:
كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَتْ لَهُ نَفْس سَائِلَةٌ فإِنه لَا يُنَجِّس الْمَاءَ إِذا سَقَطَ فِيهِ
أَي دَمٍ سَائِلٍ. والنَّفْس: الجَسَد؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ يُحَرِّض عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ عَلَى بَنِي حَنِيفَةَ وَهُمْ قتَلَة أَبيه الْمُنْذِرُ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ يَوْمَ عَيْنِ أَباغٍ وَيَزْعُمُ أَن عَمْرو بْنَ شِمْرٍ «2» الْحَنَفِيَّ قَتَلَهُ:
نُبِّئْتُ أَن بَنِي سُحَيْمٍ أَدْخَلوا ... أَبْياتَهُمْ تامُورَ نَفْس المُنْذِر
فَلَبئسَ مَا كَسَبَ ابنُ عَمرو رَهطَهُ ... شمرٌ وَكَانَ بِمَسْمَعٍ وبِمَنْظَرِ
والتامُورُ: الدَّمُ، أَي حَمَلُوا دَمَهُ إِلى أَبياتهم وَيُرْوَى بَدَلَ رَهْطِهِ قَوْمَهُ وَنَفْسَهُ. اللِّحْيَانِيُّ: الْعَرَبُ تَقُولُ رأَيت نَفْساً وَاحِدَةً فَتُؤَنِّثُ وَكَذَلِكَ رأَيت نَفْسَين فإِذا قَالُوا رأَيت ثَلَاثَةَ أَنفُس وأَربعة أَنْفُس ذَكَّرُوا، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْعَدَدِ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ التذكير في الواحد وَالِاثْنَيْنِ والتأْنيث فِي الْجَمْعِ، قَالَ: حُكِيَ جَمِيعُ ذَلِكَ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا ثَلَاثَةُ أَنْفُس يُذكِّرونه لأَن النَّفْس عِنْدَهُمْ إِنْسَانٌ فَهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ الإِنسان، أَلا تَرَى أَنهم يَقُولُونَ نَفْس وَاحِدٌ فَلَا يُدْخِلُونَ الْهَاءَ؟ قَالَ: وَزَعَمَ يُونُسُ عَنْ رُؤْبَةَ أَنه قَالَ ثَلَاثُ أَنْفُس عَلَى تأْنيث النَّفْس كَمَا تَقُولُ ثَلَاثُ أَعْيُنٍ لِلْعَيْنِ مِنَ النَّاسِ، وَكَمَا قَالُوا ثَلَاثُ أَشْخُصٍ فِي النِّسَاءِ؛ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
ثلاثَةُ أَنْفُسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ، ... لَقَدْ جَارَ الزَّمانُ عَلَى عِيالي
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ*
؛ يعي آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وزوجَها يَعْنِي حَوَّاءَ. وَيُقَالُ: مَا رأَيت ثمَّ نَفْساً أَي مَا رأَيت أَحداً. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
بُعِثْتُ فِي نَفَس السَّاعَةِ
أَي بُعِثْتُ وَقَدْ حَانَ قيامُها وقَرُبَ إِلا أَن اللَّه أَخرها قَلِيلًا فَبَعَثَنِي فِي ذَلِكَ النَّفَس، وأَطلق النَّفَس عَلَى الْقُرْبِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه جَعَلَ لِلسَّاعَةِ نَفَساً كَنَفَس الإِنسان، أَراد: إِني بُعِثْتُ فِي وَقْتٍ قَرِيبٍ مِنْهَا، أَحُس فِيهِ بنَفَسِها كَمَا يَحُس بنَفَس الإِنسان إِذا قَرُبَ مِنْهُ، يَعْنِي بُعِثْتُ فِي وقتٍ بانَتْ أَشراطُها فِيهِ وَظَهَرَتْ عَلَامَاتُهَا؛ وَيُرْوَى:
__________
(2) . قوله [عمرو بن شمر] كذا بالأَصل وانظره مع البيت الثاني فإنه يقتضي العكس.(6/235)
فِي نَسَمِ السَّاعَةِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ والمُتَنَفِّس: ذُو النَّفَس. ونَفْس الشَّيْءِ: ذَاتُهُ؛ وَمِنْهُ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ نَزَلْتُ بنَفْس الْجَبَلِ، ونَفْسُ الْجَبَلِ مُقابِلي، ونَفْس الشَّيْءِ عَيْنه يُؤَكَّدُ بِهِ. يُقَالُ: رأَيت فُلَانًا نَفْسه، وجائني بَنَفْسِه، وَرَجُلٌ ذُو نَفس أَي خُلُق وجَلَدٍ، وَثَوْبٌ ذُو نَفس أَي أَكْلٍ وقوَّة. والنَّفْس: العَيْن. والنَّافِس: الْعَائِنُ. والمَنْفوس: المَعْيون. والنَّفُوس: العَيُون الحَسُود الْمُتَعَيِّنُ لأَموال النَّاسِ ليُصيبَها، وَمَا أَنْفَسه أَي مَا أَشدَّ عَيْنَهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: أَصابت فُلَانًا نَفْس، ونَفَسْتُك بنَفْس إِذا أَصَبْتَه بِعَيْنٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ الرُّقْيَة إِلا فِي النَّمْلة والحُمَة والنَّفْس
؛ النَّفْس: الْعَيْنُ، هُوَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، عَنْ أَنس. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه مَسَحَ بطنَ رَافِعٍ فأَلقى شَحْمَةً خَضْراء فَقَالَ: إِنه كَانَ فِيهَا أَنْفُس سَبْعَة
، يُرِيدُ عُيُونَهُمْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: الكِلابُ مِنَ الجِنِّ فإِن غَشِيَتْكُم عِنْدَ طَعَامِكُمْ فأَلقوا لَهُنَّ فإِن لَهُنَّ أَنْفُساً
أَي أَعْيناً. ويقالُ: نَفِس عَلَيْكَ فلانٌ يَنْفَسُ نَفَساً ونَفاسَةً أَي حَسَدك. ابْنُ الأَعرابي: النَّفْس العَظَمَةُ والكِبر والنَّفْس العِزَّة والنَّفْس الهِمَّة والنَّفْس عَيْنُ الشَّيْءِ وكُنْهُه وجَوْهَره، والنَّفْس الأَنَفَة والنَّفْس الْعَيْنُ الَّتِي تُصِيبُ المَعِين. والنَّفَس: الفَرَج مِنَ الْكَرْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تسبُّوا الرِّيحَ فإِنها مِنْ نَفَس الرَّحْمَنِ
، يُرِيدُ أَنه بِهَا يُفرِّج الكربَ ويُنشِئ السحابَ ويَنشر الْغَيْثَ ويُذْهب الجدبَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَي مِمَّا يُوَسِّعُ بِهَا عَلَى النَّاسِ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَجد نَفَس رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَجد نَفَس الرَّحْمَنِ
؛ يُقَالُ إِنه عَنَى بِذَلِكَ الأَنصار لأَن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَفَّس الكربَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ بِهِمْ، وَهُمْ يَمانُونَ لأَنهم مِنَ الأَزد، ونَصَرهم بِهِمْ وأَيدهم بِرِجَالِهِمْ، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنْ نَفَس الْهَوَاءِ الَّذِي يَرُده التَّنَفُّس إِلى الْجَوْفِ فَيُبَرِّدُ مِنْ حَرَارَتِهِ ويُعَدِّلُها، أَو مِنْ نَفَس الرِّيحِ الَّذِي يَتَنَسَّمُه فيَسْتَرْوِح إِليه، أَو مِنْ نَفَس الرَّوْضَةِ وَهُوَ طِيب رَوَائِحِهَا فَيَنْفَرِجُ بِهِ عَنْهُ، وَقِيلَ: النَّفَس فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرَ الْحَقِيقِيِّ مِنَ نَفّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً، كَمَا يُقَالُ فَرَّجَ يُفَرِّجُ تَفْريجاً وفَرَجاً، كأَنه قَالَ: أَجِدُ تَنْفِيسَ ربِّكم مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ، وإِن الرِّيحَ مِنْ تَنْفيس الرَّحْمَنِ بِهَا عَنِ الْمَكْرُوبِينَ، والتَّفْريج مَصْدَرٌ حَقِيقِيٌّ، والفَرَج اسْمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: الرِّيحُ مِنْ نَفَس الرَّحْمَنِ أَي مِنْ تَنْفِيسِ اللَّه بِهَا عَنِ الْمَكْرُوبِينَ وَتَفْرِيجِهِ عَنِ الْمَلْهُوفِينَ. قَالَ الْعُتْبِيُّ: هَجَمْتُ عَلَى وَادٍ خَصِيبٍ وأَهله مُصْفرَّة أَلوانهم فسأَلتهم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ شَيْخٌ مِنْهُمْ: لَيْسَ لَنَا رِيحٌ. والنَّفَس: خُرُوجُ الرِّيحِ مِنَ الأَنف وَالْفَمِ، وَالْجَمْعُ أَنْفاس. وَكُلُّ تَرَوُّح بَيْنَ شَرْبَتَيْنِ نَفَس. والتَنَفُّس: اسْتِمْدَادُ النَفَس، وَقَدْ تَنَفَّس الرجلُ وتَنَفَّس الصُّعَداء، وَكُلُّ ذِي رِئَةٍ مُتَنَفِّسٌ، وَدَوَابُّ الْمَاءِ لَا رِئاتَ لَهَا. والنَّفَس أَيضاً: الجُرْعَة؛ يُقَالُ: اكْرَع فِي الإِناء نَفَساً أَو نَفَسَين أَي جُرْعة أَو جُرْعَتين وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ أَنْفاس مِثْلُ سَبَبٍ وأَسباب؛ قال جرجر:
تُعَلِّلُ، وَهْيَ ساغِبَةٌ، بَنِيها ... بأَنْفاسٍ من الشَّدِمِ القَراحِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ التَّنَفُّسِ فِي الإِناء.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَنه كَانَ يَتَنفّسُ فِي الإِناء ثَلَاثًا
يَعْنِي فِي(6/236)
الشُّرْبِ؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمْ الْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ. والتَنَفُّس لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحدهما أَن يَشْرَبَ وَهُوَ يَتَنَفَّسُ فِي الإِناء مِنْ غَيْرِ أَن يُبِينَه عَنْ فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، والنَّفَس الْآخَرُ أَن يَشْرَبَ الْمَاءَ وَغَيْرَهُ مِنَ الإِناء بِثَلَاثَةِ أَنْفاسٍ يُبينُ فَاهُ عَنِ الإِناء فِي كُلِّ نَفَسٍ. وَيُقَالُ: شَرَابٌ غَيْرُ ذِي نَفَسٍ إِذا كَانَ كَرِيه الطَّعْمِ آجِناً إِذا ذَاقَهُ ذَائِقٌ لَمْ يَتَنَفَّس فِيهِ، وإِنما هِيَ الشَّرْبَةُ الأُولى قَدْرِ مَا يُمْسِكُ رَمَقَه ثُمَّ لَا يَعُودُ لَهُ؛ وَقَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
وشَرْبَة مِنْ شَرابٍ غَيْرِ ذي نَفَسٍ، ... فِي صَرَّةٍ مِنْ نُجُوم القَيْظِ وهَّاجِ
ابْنُ الأَعرابي: شَرَابٌ ذُو نَفَسٍ أَي فِيهِ سَعَةٌ وريٌّ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: قَوْلُهُ النَّفَس الجُرْعة، واكْرَعْ فِي الإِناء نَفَساً أَو نَفَسين أَي جُرْعة أَو جُرْعتين وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَن النّفَس الْوَاحِدَ يَجْرع الإِنسانُ فِيهِ عِدَّة جُرَع، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ عَلَى مِقْدَارِ طُولِ نَفَس الشَّارِبِ وَقِصَرِهِ حَتَّى إِنا نَرَى الإِنسان يَشْرَبُ الإِناء الْكَبِيرَ فِي نَفَس وَاحِدٍ عَلَى عِدَّةِ جُرَع. وَيُقَالُ: فُلَانٌ شَرِبَ الإِناء كُلَّهُ عَلَى نَفَس وَاحِدٍ، واللَّه أَعلم. وَيُقَالُ: اللَّهُمَّ نَفِّس عَنِّي أَي فَرِّج عَنِّي ووسِّع عليَّ، ونَفَّسْتُ عَنْهُ تَنْفِيساً أَي رَفَّهْتُ. يُقَالُ: نَفَّس اللَّه عَنْهُ كُرْبته أَي فرَّجها. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبة نَفَّسَ اللَّه عَنْهُ كرْبة مِنْ كُرَب الْآخِرَةِ
، مَعْنَاهُ مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُربة فِي الدُّنْيَا فَرَّجَ اللَّه عَنْهُ كُرْبة مِنْ كُرَب يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَيُقَالُ: أَنت فِي نَفَس مِنْ أَمرك أَي سَعَة، وَاعْمَلْ وأَنت فِي نَفَس مِنْ أَمرك أَي فُسحة وسَعة قَبْلَ الهَرَم والأَمراض وَالْحَوَادِثِ وَالْآفَاتِ. والنَّفَس: مِثْلُ النَّسيم، وَالْجَمْعُ أَنْفاس. ودارُك أَنْفَسُ مِنْ دَارِي أَي أَوسع. وَهَذَا الثَّوْبُ أَنْفَسُ مِنْ هَذَا أَي أَعرض وأَطول وأَمثل. وَهَذَا الْمَكَانُ أَنْفَسُ مِنْ هَذَا أَي أَبعد وأَوسع. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثُمَّ يَمْشِي أَنْفَسَ مِنْهُ
أَي أَفسح وأَبعد قَلِيلًا. وَيُقَالُ: هَذَا الْمَنْزِلُ أَنْفَس الْمَنْزِلَيْنِ أَي أَبعدهما، وَهَذَا الثَّوْبُ أَنْفَس الثَّوْبَيْنِ أَي أَطولهما أَو أَعرضهما أَو أَمثلهما. ونَفَّس اللَّه عنك أَي فرَّج وَوَسَّعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ نَفَّس عَنْ غَرِيمِهِ
أَي أَخَّر مُطَالَبَتَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَمَّارٍ: لَقَدْ أَبْلَغْتَ وأَوجَزْتَ فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ
أَي أَطلتَ؛ وأَصله أَن الْمُتَكَلِّمَ إِذا تَنَفَّسَ استأْنف الْقَوْلَ وَسَهُلَتْ عَلَيْهِ الإِطالة. وتَنَفَّسَتْ دَجْلَةُ [دِجْلَةُ] إِذا زَادَ مَاؤُهَا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِن فِي الْمَاءِ نَفَساً لِي وَلَكَ أَي مُتَّسَعاً وَفَضْلًا، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَي رِيّاً؛ وأَنشد:
وشَربة مِنْ شَرابٍ غيرِ ذِي نَفَسٍ، ... فِي كَوْكَبٍ مِنْ نُجُومِ القَيْظِ وضَّاحِ
أَي فِي وَقْتِ كَوْكَبٍ. وَزِدْنِي نَفَساً فِي أَجلي أَي طولَ الأَجل؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ نَفَس أَي مُتَّسع. وَيُقَالُ: لَكَ فِي هَذَا الأَمر نُفْسَةٌ أَي مُهْلَةٌ. وتَنَفَّسَ الصبحُ أَي تَبَلَّج وامتدَّ حَتَّى يَصِيرَ نَهَارًا بَيِّنًا. وتَنَفَّس النَّهَارُ وَغَيْرُهُ: امتدَّ وَطَالَ. وَيُقَالُ لِلنَّهَارِ إِذا زَادَ: تَنَفَّسَ، وَكَذَلِكَ الْمَوْجُ إِذا نَضحَ الماءَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تَنَفَّس النَّهَارُ انْتَصَفَ، وتنَفَّس أَيضاً بَعُدَ، وتنَفَّس العُمْرُ مِنْهُ إِما تَرَاخَى وَتَبَاعَدَ وإِما اتَّسَعَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
ومُحْسِبة قَدْ أَخْطأَ الحَقُّ غيرَها، ... تَنَفَّسَ عَنْهَا جَنْبُها فَهِيَ كالشِّوا(6/237)
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ
، قَالَ: إِذا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى يَصِيرَ نَهَارًا بَيِّنًا فَهُوَ تَنَفُّسُ الصُّبْحِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذا تَنَفَّسَ
إِذا طَلَعَ، وَقَالَ الأَخفش: إِذا أَضاء، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِذا تَنَفَّسَ
إِذا انْشَقَّ الْفَجْرُ وانْفَلق حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ. وَيُقَالُ: كَتَبْتُ كِتَابًا نَفَساً أَي طَوِيلًا؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَيْنَيَّ جُودا عَبْرَةً أَنْفاسا
أَي سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ. ونَفَسُ السَّاعَةِ: آخِرُ الزَّمَانِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَشَيْءٌ نَفِيسٌ أَي يُتَنافَس فِيهِ ويُرْغب. ونَفُسَ الشَّيْءُ، بِالضَّمِّ، نَفاسَةً، فَهُوَ نَفِيسٌ ونافِسٌ: رَفُعَ وَصَارَ مَرْغُوبًا فِيهِ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ نافِسٌ ونَفِيسٌ، وَالْجَمْعُ نِفاسٌ. وأَنْفَسَ الشيءُ: صَارَ نَفيساً. وَهَذَا أَنْفَسُ مَالِي أَي أَحَبُّه وأَكرمه عِنْدِي. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: النَّفِيسُ والمُنْفِسُ الْمَالُ الَّذِي لَهُ قَدْرٌ وخَطَر، ثُمَّ عَمَّ فَقَالَ: كُلُّ شَيْءٍ لَهُ خَطَرٌ وَقَدْرٌ فَهُوَ نَفِيسٌ ومُنْفِس؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
لَا تَجْزَعي إِنْ مُنْفِساً أَهْلَكْتُه، ... فإِذا هَلَكْتُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فاجْزَعي
وَقَدْ أَنْفَسَ المالُ إِنْفاساً ونَفُس نُفُوساً ونَفاسَةً. وَيُقَالُ: إِن الَّذِي ذكَرْتَ لمَنْفُوس فِيهِ أَي مَرْغُوبٌ فِيهِ. وأَنْفَسَني فِيهِ ونَفَّسَني: رغَّبني فِيهِ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
بأَحْسَنَ مِنْهُ يومَ أَصْبَحَ غادِياً، ... ونَفَّسَني فِيهِ الحِمامُ المُعَجَّلُ
أَي رغَّبني فِيهِ. وأَمر مَنْفُوس فِيهِ: مَرْغُوبٌ. ونَفِسْتُ عَلَيْهِ الشيءَ أَنْفَسُه نَفاسَةً إِذا ضَنِنْتَ بِهِ وَلَمْ تُحِبَّ أَن يَصِلَ إِليه. ونَفِسَ عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ نَفَساً، بِتَحْرِيكِ الْفَاءِ، ونَفاسَةً ونَفاسِيَةً، الأَخيرة نَادِرَةٌ: ضَنَّ. وَمَالٌ نَفِيس: مَضْنون بِهِ. ونَفِسَ عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ، بِالْكَسْرِ: ضَنَّ بِهِ وَلَمْ يَرَهُ يَسْتأْهله؛ وَكَذَلِكَ نَفِسَه عَلَيْهِ ونافَسَه فِيهِ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلكٌ مَنْ أَطاعَها، ... تُنافِسُ دُنْيا قَدْ أَحَمَّ انْصِرامُها
فإِما أَن يَكُونَ أَراد تُنافِسُ فِي دُنْيا، وإِما أَن يُرِيدَ تُنافِسُ أَهلَ دُنْيا. ونَفِسْتَ عليَّ بخيرٍ قَلِيلٍ أَي حَسَدْتَ. وتَنافَسْنا ذَلِكَ الأَمر وتَنافَسْنا فِيهِ: تَحَاسَدْنَا وَتَسَابَقْنَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ
أَي وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَراغَب المتَراغبون. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: سَقِيم النِّفاسِ
أَي أَسْقَمَتْه المُنافَسة وَالْمُغَالَبَةُ عَلَى الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ
إِسمعيل، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه تَعَلَّم العربيةَ وأَنْفَسَهُمْ
أَي أَعجبهم وَصَارَ عِنْدَهُمْ نَفِيساً. ونافَسْتُ فِي الشَّيْءِ مُنافَسَة ونِفاساً إِذا رَغِبْتَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَارَاةِ فِي الْكَرَمِ. وتَنافَسُوا فِيهِ أَي رَغِبُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَخشى أَن تُبْسط الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فتَنافَسوها كَمَا تَنافَسُوها
؛ هُوَ مِنَ المُنافَسَة الرَّغْبَةِ في الشيء والانفرادية، وَهُوَ مِنَ الشَّيْءِ النَّفِيسِ الْجَيِّدِ فِي نَوْعِهِ. ونَفِسْتُ بِالشَّيْءِ، بِالْكَسْرِ، أَي بَخِلْتُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا نَفِسْناه عَلَيْكَ.
وَحَدِيثِ السَّقِيفَةِ:
لَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ
أَي لَمْ نَبْخَلْ. والنِّفاسُ: وِلَادَةُ المرأَة إِذا وضَعَتْ، فَهِيَ نُفَساءُ. والنَّفْسُ: الدَّمُ. ونُفِسَت المرأَة ونَفِسَتْ، بِالْكَسْرِ، نَفَساً ونَفاسَةً ونِفاساً وَهِيَ نُفَساءُ(6/238)
ونَفْساءُ ونَفَساءُ: وَلَدَتْ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: النُّفَساءُ الْوَالِدَةُ وَالْحَامِلُ وَالْحَائِضُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ نُفَساوات ونِفاس ونُفاس ونُفَّس؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، ونُفُس ونُفَّاس؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعَلاءُ يُجْمَعُ عَلَى فعالٍ غَيْرُ نُفَسَاء وعُشَراءَ، وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى نُفَساوات وعُشَراوات؛ وامرأَتان نُفساوان، أَبدلوا مِنْ هَمْزَةِ التأْنيث وَاوًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَسماء بِنْتَ عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبي بَكْرٍ
أَي وضَعَت؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفاسها
أَي خَرَجَتْ مِنْ أَيام وِلَادَتِهَا. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: نُفِسَتْ وَلَدًا عَلَى فِعْلِ الْمَفْعُولِ. وورِثَ فُلَانٌ هَذَا المالَ فِي بَطْنِ أُمه قَبْلَ أَن يُنْفَس أَي يُولَدَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ وَرِثَ فُلَانٌ هَذَا الْمَالَ قَبْلَ أَن يُنْفَسَ فُلَانٌ أَي قَبْلَ أَن يُولَدَ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ يَصِفُ مُحَارَبَةَ قَوْمِهِ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ:
وإِنَّا وإِخْواننا عامِراً ... عَلَى مِثلِ مَا بَيْنَنا نَأْتَمِرْ
لَنا صَرْخَةٌ ثُمَّ إِسْكاتَةٌ، ... كَمَا طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ
أَي بِوَلَدٍ. وَقَوْلُهُ لَنَا صَرْخَةٌ أَي اهْتِيَاجَةٌ يَتْبَعُهَا سُكُونٌ كَمَا يَكُونُ للنُّفَساء إِذا طَرَّقَتْ بِوَلَدِهَا، والتَطْريقُ أَن يَعْسُرَ خُرُوجُ الْوَلَدِ فَتَصْرُخ لِذَلِكَ، ثُمَّ تَسْكُنَ حَرَكَةُ الْمَوْلُودِ فَتَسْكُنَ هِيَ أَيضاً، وَخَصَّ تَطْرِيقَ البِكر لأَن وِلَادَةَ الْبِكْرِ أَشد مِنْ وِلَادَةِ الثَّيِّبِ. وَقَوْلُهُ عَلَى مِثْلِ مَا بَيْنَنَا نأْتمر أَي نَمْتَثِلُ مَا تأْمرنا بِهِ أَنْفسنا مِنَ الإِيقاع بِهِمْ وَالْفَتْكِ فِيهِمْ عَلَى مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِنْ قَرَابَةٍ؛ وقولُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
ويَعْدُو عَلَى المَرْء مَا يَأْتَمِرْ
أَي قَدْ يَعْدُو عَلَيْهِ امْتِثَالُهُ مَا أَمرته بِهِ نَفْسُهُ وَرُبَّمَا كَانَ داعيَه لِلْهَلَاكِ. والمَنْفُوس: الْمَوْلُودُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلا وَقَدْ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
إِلا: كُتِبَ رزقُها وأَجلها
؛ مَنْفُوسَةٍ أَي مَوْلُودَةٍ. قَالَ: يُقَالُ نَفِسَتْ ونُفِسَتْ، فأَما الْحَيْضُ فَلَا يُقَالُ فِيهِ إِلا نَفِسَتْ، بِالْفَتْحِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه أَجْبَرَ بَنِي عَمٍّ عَلَى مَنْفُوسٍ
أَي أَلزمهم إِرضاعَه وتربيتَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه صَلَّى عَلَى مَنْفُوسٍ
أَي طِفْلٍ حِينَ وُلِدَ، وَالْمُرَادُ أَنه صَلَّى عَلَيْهِ وَلَمْ يَعمل ذَنْبًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ: لَا يرثُ المَنْفُوس حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا
أَي حَتَّى يسمَع لَهُ صَوْتٌ. وَقَالَتْ
أُم سَلَمَةَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْفِرَاشِ فَحِضْتُ فخَرَجْتُ وَشَدَدْتُ عليَّ ثِيَابِي ثُمَّ رَجَعْتُ، فَقَالَ: أَنَفِسْتِ؟
أَراد: أَحضتِ؟ يُقَالُ: نَفِسَت المرأَة تَنْفَسُ، بِالْفَتْحِ، إِذا حَاضَتْ. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ أَي مَالٌ كَثِيرٌ. يُقَالُ: مَا سرَّني بِهَذَا الأَمر مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عنه: كُنَّا عِنْدَهُ فَتَنَفَّسَ رجلٌ
أَي خَرَجَ مِنْ تَحْتِهِ رِيحٌ؛ شَبَّهَ خُرُوجَ الرِّيحِ مِنَ الدُّبُرِ بِخُرُوجِ النَّفَسِ مِنَ الْفَمِ. وتَنَفَّسَت الْقَوْسُ: تصدَّعت، ونَفَّسَها هُوَ: صدَّعها؛ عَنِ كُرَاعٍ، وإِنما يَتَنَفَّس مِنْهَا العِيدانُ الَّتِي لَمْ تُفْلَقْ وَهُوَ خَيْرُ القِسِيِّ، وأَما الفِلْقَة فَلَا تَنَفَّسُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ نَفَّسَ فُلَانٌ قَوْسَهُ إِذا حَطَّ وَتَرَهَا، وتَنَفَّس القِدْح وَالْقَوْسُ كَذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى اللِّحْيَانِيَّ قَالَ: إِن النَّفْس الشِّقُّ فِي الْقَوْسِ والقِدح وما أَشْبهها، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. والنَّفْسُ مِنَ الدِّبَاغِ: قدرُ دَبْغَةٍ أَو دَبْغتين مِمَّا يُدْبَغُ بِهِ الأَديم(6/239)
مِنَ الْقَرَظِ وَغَيْرِهِ. يُقَالُ: هَبْ لِي نَفْساً مِنْ دِبَاغٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَتَجْعَلُ النَّفْسَ الَّتِي تُدِيرُ ... فِي جِلْدِ شاةٍ ثُمَّ لَا تَسِيرُ؟
قَالَ الأَصمعي: بَعَثَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ بُنَيَّةً لَهَا إِلى جَارَتِهَا فَقَالَتْ: تَقُولُ لكِ أُمي أَعطيني نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ بِهَا مَنِيئَتي فإِني أَفِدَةٌ أَي مُسْتَعْجِلَةٌ لَا أَتفرغ لِاتِّخَاذِ الدِّبَاغِ مِنَ السُّرْعَةِ، أَرادت قَدْرَ دَبْغَةٍ أَو دَبْغَتَيْنِ مِنَ القَرَظ الَّذِي يُدْبَغُ بِهِ. المَنِيئَةُ: المَدْبَغة وَهِيَ الْجُلُودُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الدِّباغ، وَقِيلَ: النَّفْس مِنَ الدِّبَاغِ مِلءُ الكفِّ، وَالْجَمْعُ أَنْفُسٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وذِي أَنْفُسٍ شَتَّى ثَلاثٍ رَمَتْ بِهِ، ... عَلَى الْمَاءِ، إِحْدَى اليَعْمُلاتِ العَرَامِس
يَعْنِي الوَطْبَ مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي دُبِغَ بِهَذَا القَدْر مِنَ الدِّبَاغِ. والنَّافِسُ: الْخَامِسُ مِنْ قِداح المَيْسِر؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَفِيهِ خَمْسَةُ فُرُوضٍ وَلَهُ غُنْمُ خَمْسَةِ أَنْصباءَ إِن فَازَ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ خَمْسَةِ أَنْصِباءَ إِن لَمْ يَفُزْ، ويقال هو الرابع.
نقس: النِّقْسُ: الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ، بِالْكَسْرِ. ابْنُ سِيدَهْ: النِّقْسُ المِداد، وَالْجَمْعُ أَنْقاسٌ وأَنْقُس؛ قَالَ الْمِرَارُ:
عَفَتِ المنازِلُ غيرَ مِثْلِ الأَنْقُسِ، ... بعْدَ الزَّمانِ عَرَفْتَه بالقِرْطِسِ
أَي فِي القِرْطاسِ، تَقُولُ مِنْهُ: نَقَّسَ دَوَاتَهُ تَنقِيساً. وَرَجُلٌ نَقِسٌ: يَعِيبُ النَّاسَ ويُلَقِّبُهم، وَقَدْ نَقِسَهم يَنْقَسُهم نَقْساً وناقَسَهم، وَهِيَ النِّقاسَة. الْفَرَّاءُ: اللَّقْسُ والنَّقْسُ والنَّقْز كُلُّهُ الْعَيْبُ، وَكَذَلِكَ القَذْل، وَهُوَ أَن يَعِيبَ القومَ ويَسْخَرَ مِنْهُمْ. والنَّاقُوس: مِضْراب النَّصَارَى الَّذِي يَضْرِبُونَهُ لأَوقات الصَّلَاةِ؛ قَالَ جَرِيرٍ:
لمَّا تَذَكَّرْتُ بالدَّيْرَيْنِ، أَرَّقَني ... صَوْتُ الدَّجاجِ، وقرعٌ بالنَّواقِيسِ
وَذَلِكَ أَنه كَانَ مُزْمِعاً سَفَرًا صَبَاحًا، قَالَ: وَيُرْوَى وَنَقْسٌ بِالنَّوَاقِيسِ؛ والنَّقْسُ: الضَّرْبُ بِالنَّاقُوسِ. وَفِي حَدِيثِ بَدْءِ الأَذان:
حَتَّى نَقَسُوا أَو كَادُوا يَنْقُسُون حَتَّى رأَى عَبْدِ اللَّه بْنِ زَيْدٍ الأَذان.
والنَّقْسُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّوَاقِيسِ وَهِيَ الْخَشَبَةُ الطَّوِيلَةُ والوَبيلَةُ والوَبِيلُ الْخَشَبَةُ الْقَصِيرَةُ؛ وَقَوْلُ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ:
وَقَدْ سَبَأْتُ لِفِتْيانٍ ذَوِي كَرَمٍ، ... قبلَ الصَّباحِ، ولمَّا تُقْرَعِ النُّقُسُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ ناقُوسٍ عَلَى تَوَهُّمِ حَذْفِ الأَلف، وأَن يَكُونَ جَمْعَ نَقْس الَّذِي هُوَ ضَرْبٌ مِنْهَا كَرهْن ورُهُن وسَقْف وسُقُف، وَقَدْ نَقَسَ الناقُوس بالوَبِيل نَقْساً. وَشَرَابٌ ناقِس إِذا حَمُضَ. ونَقَس الشرابُ يَنْقُس نُقُوساً: حَمُضَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
جَوْنٌ كجَوْنِ الخَمَّار جَرَّدَهُ الْخَرَّاسُ، ... لَا ناقِسٌ وَلَا هَزِمُ
وَرَوَاهُ قَوْمٌ: لَا نافِسٌ، بِالْفَاءِ؛ حَكَى ذَلِكَ أَبو حَنِيفَةَ وَقَالَ لَا أَعرفه إِنما الْمَعْرُوفُ ناقِسٌ بِالْقَافِ. الأَصمعي: النَّقْس والوَقْسُ الجَرَب.
نقرس: النِّقْرِسُ: دَاءٌ مَعْرُوفٌ يأْخذ فِي الرجْل، وَفِي التَّهْذِيبِ: يأْخذ فِي الْمَفَاصِلِ. والنِّقْرِس: شَيْءٌ يُتَّخَذُ عَلَى صِيغَةِ الوَرْدِ وتَغْرِسُه النِّسَاءُ فِي رُؤُوسِهِنَّ.(6/240)
والنِّقْرِس والنِّقْريس: الدَّاهِيَةُ الفَطِن. وَطَبِيبٌ نِقْرس ونِقْريس أَي حَاذِقٌ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وَقَدْ أَكونُ مَرَّةً نِطِّيسا، ... طَبّاً بأَدْواء الصِّبا نِقْريسا،
يَحْسَبُ يومَ الْجُمُعَةِ الخَميسا
مَعْنَاهُ أَنه لَا يَلْتَفِتُ إِلى الأَيام، قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ. والنِّقْرِس: الْحَاذِقُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: النِّقْرِس الدَّاهِيَةُ مِنَ الأَدِلَّاء. يُقَالُ: دَلِيلٌ نِقْرِسٌ ونِقْرِيسٌ أَي دَاهِيَةٌ؛ وَقَالَ الْمُتَلَمِّسِ يُخَاطِبُ طَرَفَةَ:
يُخْشى عَلَيْكَ مِنَ الحِباء النِّقْرِسُ
يَقُولُ: إِنه يَخْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْحِبَاءِ، الَّذِي كَتَبَ لَهُ بِهِ، النِّقْرِسُ، وَهُوَ الْهَلَاكُ وَالدَّاهِيَةُ الْعَظِيمَةُ. وَرَجُلٌ نِقْرِسٌ: دَاهِيَةٌ. اللَّيْثُ: النَّقاريسُ أَشياء تَتَّخِذُهَا المرأَة عَلَى صِيغَةِ الوَرْد يغرِزْنَه فِي رُؤُوسِهِنَّ؛ وأَنشد:
فَحُلِّيتِ مِنْ خَزٍّ وبَزٍّ وقِرْمِزٍ، ... وَمِنْ صَنْعَةٍ الدُّنْيا عَلَيْكِ النَّقارِيس «3»
وَاحِدُهَا نِقْريس. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَعَلَيْهِ نَقارس الزَّبَرْجَد والحَليِ
؛ قَالَ: والنَّقارِس مِنْ زِينَةِ النِّسَاءِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَثير عَنْ أَبي موسى.
نكس: النَّكْسُ: قَلْبُ الشَّيْءِ عَلَى رأَسه، نَكَسَه يَنْكُسُه نَكْساً فانْتَكَسَ. ونَكَسَ رأَسَه: أَماله، ونَكَّسْتُه تَنْكِيساً. وَفِي التنزيل: ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
والناكِسُ: المُطأْطئ رأْسَه. ونَكَسَ رأْسَه إِذا طأْطأَه مِنْ ذُلٍّ وَجُمِعَ فِي الشِّعْرِ عَلَى نواكِس وَهُوَ شَاذٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي فَوارس؛ وأَنشد الْفَرَزْدَقُ:
وإِذا الرِّجالُ رَأَوْا يَزيدَ، رأَيْتَهُم ... خُضْعَ الرِّقابِ، نَواكِسَ الأَبْصار
قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذا كَانَ الفِعْل لِغَيْرِ الْآدَمِيِّينَ جُمِعَ عَلَى فَواعِل لأَنه لَا يَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِي الْآدَمِيِّينَ مِنَ الْوَاوِ وَالنُّونِ فِي الِاسْمِ وَالْفِعْلِ فَضَارَعَ الْمُؤَنَّثَ، يُقَالُ: جِمال بَوازلُ وعَواضِهُ؛ وَقَدِ اضطرَّ الْفَرَزْدَقُ فَقَالَ:
خُضُعَ الرِّقَابِ نَوَاكِسَ الأَبصار
لأَنك تَقُولُ هِيَ الرِّجَالُ فَشَبَّهَ بِالْجِمَالِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَرَوَى أَحمد بْنُ يَحْيَى هَذَا الْبَيْتَ نَواكِسي الأَبصار، وَقَالَ: أَدخل الْيَاءَ لأَن رَدَّ النَّوَاكِسِ «4» إِلى الرِّجَالِ، إِنما كَانَ: وإِذا الرِّجَالُ رأَيتهم نَوَاكِسَ أَبصارُهم، فَكَانَ النواكسُ للأَبصار فَنُقِلَتْ إِلى الرِّجَالِ، فَلِذَلِكَ دَخَلَتِ الْيَاءُ، وإِن كَانَ جَمْعُ جَمْعٍ كَمَا تَقُولُ مَرَرْتُ بِقَوْمٍ حَسَني الْوُجُوهِ وحِسانٍ وجوهُهم، لَمَّا جَعَلْتَهُمْ لِلرِّجَالِ جِئْتَ بِالْيَاءِ، وإِن شِئْتَ لَمْ تأْتِ بِهَا، قَالَ: وأَما الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ فإِنهما رَوَيَا الْبَيْتَ نواكسَ الأَبصار، بِالْفَتْحِ، أَقرَّا نَوَاكِسَ عَلَى لَفْظِ الأَبصار، قَالَ: وَالتَّذْكِيرُ نَاكِسِي الأَبصارِ. وَقَالَ الأَخفش: يَجُوزُ نَواكِسِ الأَبصارِ، بِالْجَرِّ لَا بِالْيَاءِ كَمَا قَالُوا جُحْرُ ضبٍّ خَرِبٍ. شَمِرٌ: النَكْس فِي الأَشياء مَعْنًى يَرْجِعُ إِلى قَلْبِ الشَّيْءِ وَرَدِّهِ وَجَعْلِ أَعلاه أَسفله وَمُقَدَّمَهُ مُؤَخَّرَهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ
، يَقُولُ: رَجعوا عَمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحُجَّةِ لإِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالتَّسْلِيمُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: تَعِسَ عبدُ الدِّينار وانْتَكَس
أَي انْقَلَبَ عَلَى رأْسه وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْخَيْبَةِ لأَن مَنِ انْتَكَس فِي أَمره فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: قَالَ فِي السَّقْطِ إِذا نُكِسَ فِي الخَلْقِ الرَّابِعِ
__________
(3) . قوله [وبز] أَنشده شارح القاموس هنا وفي مادة قرمز وقز بدل وبز.
(4) . قوله [لأن رد النواكس إلخ] هكذا بالأَصل ولعل الأَحسن لأَنه رَدَّ النَّوَاكِسِ إِلى الرِّجَالِ وإِنما كان إلخ.(6/241)
وَكَانَ مُخَلَّقًا
أَي تَبَيَّنَ خَلْقُهُ عَتَقَت بِهِ الأَمَة وَانْقَضَتْ بِهِ عِدَّةُ الحُرَّة، أَي إِذا قُلِبَ ورُدَّ فِي الْخَلْقِ الرَّابِعِ، وَهُوَ المُضغة، لأَنه أَوّلًا تُرابٌ ثُمَّ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ
؛ قال أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ مَنْ أَطلنا عُمْرَهُ نَكَّسنا خَلْقَهُ فَصَارَ بَدَلَ الْقُوَّةِ ضَعْفًا وَبَدَلَ الشَّبَابِ هَرَمًا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:
قرأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ: نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ
، وقرأَ
أَهل الْمَدِينَةِ: نَنْكُسه فِي الْخَلْقِ
، بِالتَّخْفِيفِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الهَرَم، وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ نُكِسَ الرَّجُلُ إِذا ضَعُفَ وَعَجَزَ؛ قَالَ: وأَنشدني ابْنُ الأَعرابي فِي الِانْتِكَاسِ:
وَلَمْ يَنْتَكِسْ يَوْماً فيُظْلِمَ وَجْهُه، ... لِيَمْرَضَ عَجْزاً، أَو يُضارِعَ مَأْتَما
أَي لَمْ يُنَكِّس رأْسه لأَمر يأْنَف مِنْهُ. والنَّكْس: السَّهْمُ الَّذِي يُنَكَّسُ أَو يَنْكَسِرُ فُوقُه فَيُجْعَلُ أَعلاه أَسفله، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُجْعَلُ سِنْخُه نَصْلًا ونَصْلُه سِنْخاً فَلَا يَرْجِعُ كَمَا كَانَ وَلَا يَكُونُ فِيهِ خَيْرٌ، وَالْجَمْعُ أَنْكاس؛ قَالَ الأَزهري: أَنشدني الْمُنْذِرِيُّ لِلْحُطَيْئَةِ، قَالَ: وأَنشده أَبو الْهَيْثَمِ:
قَدْ ناضَلُونا، فَسَلُّوا مِنْ كِنانَتِهم ... مَجْداً تلِيداً، وعِزّاً غيرَ أَنْكاس
قَالَ: الأَنْكاس جَمْعُ النَّكْس مِنَ السِّهَامِ وَهُوَ أَضعفها، قَالَ: وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَن الْعَرَبَ كَانُوا إِذا أَسروا أَسيراً خَيَّرُوهُ بَيْنَ التَّخْلِية وجَزِّ النَّاصِيَةِ والأَسر، فإِن اخْتَارَ جَزَّ النَّاصِيَةِ جَزُّوها وَخَلَّوْا سَبِيلَهُ ثُمَّ جَعَلُوا ذَلِكَ الشَّعْرَ فِي كِنَانَتِهِمْ، فإِذا افْتَخَرُوا أَخرجوه وأَرَوْهُم مَفَاخِرَهُمْ. ابْنُ الأَعرابي: الكُنُس والنُّكُسُ مآرِينُ بقرِ الْوَحْشِ وَهِيَ مأْواها والنُّكُس: المُدْرَهِمُّون مِنَ الشُّيُوخِ بَعْدَ الهَرَم. والمُنَكِّسُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي لَا يَسمو برأْسه، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النِّكْس الْقَصِيرُ، والنِّكْسُ مِنَ الرِّجَالِ الْمُقَصِّرُ عَنْ غَايَةِ النَّجْدَة وَالْكَرَمِ، وَالْجَمْعُ الأَنْكاس. والنِّكْسُ أَيضاً: الرَّجُلُ الضَّعِيفُ؛ وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ:
زالُوا فَمَا زالَ أَنْكاسٌ وَلَا كُشُف
الأَنكاس: جَمْعُ نِكْس، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الرَّجُلُ الضَّعِيفُ. والمُنَكِّس مِنَ الْخَيْلِ: المتأَخر الَّذِي لَا يَلْحَقُ بِهَا، وَقَدْ نَكَّس إِذا لَمْ يَلْحَقْهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا نَكَسَ الكاذِبُ المِحْمَرُ
وأَصل ذَلِكَ كُلِّهِ النِّكْسُ مِنَ السِّهَامِ. والوِلادُ المَنْكوس: أَن تَخْرُجَ رِجْلَا الْمَوْلُودِ قَبْل رأْسه، وَهُوَ اليَتْن، وَالْوَلَدُ المَنْكوس كَذَلِكَ. والنِّكْس: اليَتْنُ. وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مَنْكوساً: أَن يبدأَ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ ثُمَّ يَرْتَفِعَ إِلى الْبَقَرَةِ، والسنَّة خِلَافُ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: إِن فُلَانًا يقرأُ الْقُرْآنَ مَنْكوساً، قَالَ: ذَلِكَ مَنْكوسُ القلبِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يتأَوّله كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنه أَن يبدأَ الرَّجُلُ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ فيقرأَها إِلى أَوَّلها؛ قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ مَا أَحسب أَحداً يُطِيقُهُ وَلَا كَانَ هَذَا فِي زَمَنِ عَبْدِ اللَّه، قَالَ: وَلَا أَعرفه، قَالَ: وَلَكِنَّ وَجْهَهُ عِنْدِي أَن يبدأَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ثُمَّ يَرْتَفِعَ إِلى الْبَقَرَةِ كَنَحْوِ مَا يَتَعَلَّمُ الصِّبْيَانُ فِي الْكُتَّابِ لأَن السُّنَّة خِلَافُ هَذَا، يُعلم ذَلِكَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي يُحَدِّثُهُ
عُثْمَانُ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ إِذا أُنزلت عَلَيْهِ السُّورَةُ أَو الْآيَةُ قَالَ: ضَعُوها فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَذْكر كَذَا وَكَذَا
، أَلا تَرَى أَن التأْليف الْآنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ(6/242)
وَسَلَّمَ، ثُمَّ كُتِبَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: وإِنما جَاءَتِ الرُّخْصة فِي تَعَلُّمِ الصَّبِيِّ وَالْعَجَمِيِّ المُفَصَّلَ لِصُعُوبَةِ السُّوَرِ الطِّوَالِ عَلَيْهِمْ، فأَما مَنْ قرأَ الْقُرْآنَ وَحَفِظَهُ ثُمَّ تَعَمَّدَ أَن يقرأَه مِنْ آخِرِهِ إِلَى أَوله فَهَذَا النَّكْسُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وإِذا كَرِهْنا هَذَا فَنَحْنُ للنَّكْس مِنْ آخِرِ السُّورَةِ إِلى أَولها أَشد كَرَاهَةً إِن كَانَ ذَلِكَ يَكُونُ. والنُّكْسُ والنَّكْسُ، والنُّكاسُ كُلُّهُ: العَوْد فِي الْمَرَضِ، وَقِيلَ: عَوْد الْمَرِيضِ فِي مَرَضِهِ بَعْدَ مَثَالته؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عائذ الهذلي:
خَيالٌ لزَينبَ قَدْ هَاجَ لِي ... نُكاساً مِنَ الحُبِّ، بَعد انْدمال
وَقَدْ نُكِسَ فِي مَرَضِه نُكْساً. ونُكِس الْمَرِيضُ: مَعْنَاهُ قَدْ عاوَدَتْه الْعِلَّةُ بَعْدَ النَّقَه. يُقَالُ: تَعْساً لَهُ ونُكْساً وَقَدْ يُفْتَحُ هَاهُنَا للازْدِواج أَو لأَنه لُغَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَقَوْلُهُ:
إِني إِذا وَجْهُ الشَّرِيبِ نَكَّسَا
قَالَ: لَمْ يُفَسِّرْهُ ثَعْلَبٌ وأَرى نَكَّسَ بَسَرَ وعَبَس. ونَكَسْتُ الخِضابَ إِذا أَعَدْتَ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ؛ وأَنشد:
كالوشْمِ رَجَّعَ فِي اليَدِ الْمَنْكُوسِ
ابْنُ شُمَيْلٍ: نَكَسْت فُلَانًا فِي ذَلِكَ الأَمر أَي رَدَدْته فيه بعد ما خرج منه.
نمس: النَّمَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: فَسَادُ السَّمْن والغَالِية وكلِّ طِيبٍ ودُهْن إِذا تَغَيَّرَ وَفَسَدَ فَسَادًا لَزِجاً. ونَمِسَ الدُّهْنُ، بِالْكَسْرِ، يَنْمَسُ نَمَساً، فَهُوَ نَمِسٌ: تَغَيَّرَ وَفَسَدَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ طيِّب تَغَيَّرَ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:
وبِزُيَيْتٍ نَمِسٍ مُرَيْرِ
ونَمَّسَ الشعرُ: أَصابه دُهْنٌ فَتَوَسَّخَ. والنَّمَسُ: رِيحُ اللبَنِ والدَّسَم كالنَّسَم. وَيُقَالُ: نَمِسَ الوَدَكُ ونَسِمَ إِذا أَنْتَن، ونَمَّسَ الأَقِطُ، فَهُوَ مُنَمِّسٌ إِذا أَنتن؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مُنَمِّسُ ثِيرانِ الكَريصِ الضَّوائِن
وَالْكَرِيصُ: الأَقِطُ. والنِّمْسُ: سَبُعٌ مِنْ أَخبث السُّبُع «5» . وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: النِّمْسُ دُوَيْبَّةٌ تَقْتُلُ الثُّعْبان يَتَّخِذُهَا النَّاظِرُ إِذا اشْتَدَّ خَوْفُهُ مِنَ الثَّعَابِينِ، لأَن هَذِهِ الدَّابَّةَ تَتَعَرَّضُ لِلثُّعْبَانِ وتَتَضاءَلُ وتَسْتَدِقُّ حَتَّى كأَنها قِطْعَةُ حَبْلٍ، فإِذا انْطَوَى عَلَيْهَا الثُّعْبان زَفَرَتْ وأَخذت بنَفَسِها فَانْتَفَخَ جوْفها فَيَتَقَطَّعُ الثُّعْبَانُ، وَقَدْ يَنْطَوِي عَلَيْهَا «6» النِّمْسُ فَظَعاً مِنْ شِدَّةِ الزَّفْرَة؛ غَيْرُهُ: النِّمْس، بِالْكَسْرِ، دوَيْبَّة عَرِيضَةٌ كأَنها قِطْعَةُ قَدِيدٍ تَكُونُ بأَرض مِصْرَ تَقْتُلُ الثُّعْبَانَ. والنَّامُوس: مَا يُنَمِّسُ بِهِ الرَّجُلُ مِنَ الاحْتِيالِ. والنامُوسُ: المَكْرُ والخِداع. والتَّنْمِيسُ: التَّلْبيس. والنامِسُ والنامُوس: دوَيْبَّة أَغْبَرُ كَهَيْئَةِ الذَّرَّة تَلْكُعُ النَّاسَ. والنامُوسُ: قُتْرة الصَّائِدِ الَّتِي يَكْمُن فِيهَا لِلصَّيْدِ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
فَلاقَى عَلَيْهَا مِنْ صُباحٍ مُدَمِّراً ... لِنامُوسِه مِنَ الصَّفِيح سَقائِفُ
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يُهْمَزُ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا وَجْهُ ذَلِكَ. والنامُوسُ: بَيْتُ الرَّاهِبِ. وَيُقَالُ للشَّرَكِ نامُوس لأَنه يُوارَى تَحْتَ الأَرض؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ الرُّكَّابَ يَعْنِي الإِبل:
__________
(5) . قوله [سبع] هكذا بالأَصل مضبوطاً ولم نجده مجموعاً إلا على سباع وأَسبع كرجال وأَفلس.
(6) . قوله [ينطوي عليها] كذا بالأَصل. ولعل الضمير للثعبان وَهُوَ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى.(6/243)
يَخْرُجْنَ مِنْ مُلْتَبِسٍ مُلَبَّسِ، ... تَنْمِيسَ نامُوسِ القَطا المُنَمَّسِ
يَقُولُ: يَخْرُجْنَ مِنْ بَلَدٍ مُشْتَبِهِ الأَعلام يَشْتَبِهُ عَلَى مَنْ يَسْلُكُهُ كَمَا يَشْتَبِهُ عَلَى الْقَطَا أَمر الشَّرَكِ الَّذِي يُنْصَبُ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ:
أَسَدٌ فِي نامُوسِه
؛ الناموسُ: مَكْمَن الصَّيَّادِ فَشُبِّهَ بِهِ مَوْضِعُ الأَسد. والنَّامُوس: وِعاء العِلْم. والنَّاموس: جِبْرِيلَ، صَلَّى اللَّه عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَهل الْكِتَابِ يُسَمُّونَ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: النَّامُوس. وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث:
أَن خَدِيجَةَ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهَا، وَصَفَتْ أَمر النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِوَرَقَة بْنِ نَوْفَل وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا قَدْ قرأَ الْكُتُبَ، فَقَالَ: إِن كَانَ مَا تَقُولِينَ حَقًّا فإِنه ليَأْتِيه النَّامُوس الَّذِي كَانَ يأْتي مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
إِنه ليأْتيه النَّاموس الأَكبر.
أَبو عُبَيْدٍ: النَّامُوس صَاحِبُ سِرِّ الملِك أَو الرَّجُلِ الَّذِي يُطْلِعُهُ عَلَى سِرِّه وَبَاطِنِ أَمره وَيَخُصُّهُ بِمَا يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: نَامُوسُ الرَّجُلِ صاحبُ سِرِّه، وَقَدْ نَمَسَ يَنْمِسُ نَمْساً ونَامَسَ صاحبَه مُنامَسَةً ونِمَاساً: سارَّه. وَقِيلَ: النامُوسُ السِّرُّ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. ونَمَسْتُ الرجلَ ونَامَسْتُه إِذا سارَرْته؛ وَقَالَ الْكُمَيْتِ:
فأَبْلِغْ يَزِيد، إِنْ عَرَضْتَ، ومُنْذراً ... وعَمَّيْهِما، والمُسْتَسِرَّ المُنَامِسا
ونَمَسْتُ السِّرَّ أَنْمِسُه نَمْساً: كَتَمْتُه. والمُنَامِسُ: الدَّاخِلُ فِي النَّامُوسِ، وَقِيلَ: النامُوس صَاحِبُ سِرّ الْخَيْرِ، والجاسُوسُ صَاحِبُ سِرّ الشَّرِّ، وأَراد بِهِ وَرَقَةُ جبريلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لأَن اللَّه تَعَالَى خَصَّهُ بِالْوَحْيِ وَالْغَيْبِ اللَّذَيْنِ لَا يطَّلع عَلَيْهِمَا غَيْرُهُ. والنَّامُوسُ: الكذَّاب. والنَّاموس: النمَّام وَهُوَ النمَّاس أَيضاً. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: نَمَسَ بَيْنَهُمْ وأَنْمَسَ أَرَّشَ بَيْنَهُمْ وَآكَلَ بَيْنَهُمْ؛ وأَنشد:
وَمَا كنتُ ذَا نَيْرَبٍ فيهمُ، ... وَلَا مُنْمِساً بَيْنَهُمْ أُنْمِلُ
أُؤَرِّشُ بينهمُ دَائِبًا، ... أَدِبُّ وَذُو النُّمْلَةِ المُدْغِلُ
ولكِنَّني رائبٌ صَدْعَهُمْ، ... رَقُوءٌ لِما بينَهُمْ مُسْمِلُ
رَقُوءٌ: مُصْلِحٌ. رَقأْتُ بَيْنَهُمْ، أَصلحت. وانَّمَسَ فِي الشَّيْءِ: دَخَلَ فِيهِ. وانَّمَسَ فُلَانٌ انِّمَاساً: انْغَلَّ فِي سُتْرةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: انَّمَسَ الرجلُ، بِتَشْدِيدِ النُّونِ، أَي اسْتَتَرَ، وَهُوَ انْفَعَلَ.
نهس: النَّهْسُ: الْقَبْضُ عَلَى اللَّحْمِ ونَتْره. ونَهَسَ الطعامَ: تَنَاوَلَ مِنْهُ. ونَهَسَتْه الحيةُ: عضتْه، وَالشِّينُ لُغَةٌ، وَنَاقَةٌ نَهُوسٌ: عَضُوض؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعرابي فِي وَصْفِ النَّاقَةِ: إِنها لَعَسُوسٌ ضَروسٌ شَمُوسٌ نَهُوسٌ. ونَهَسَ اللَّحْمَ يَنْهَسُه نَهْساً ونَهَسا: انْتَزَعَهُ بِالثَّنَايَا للأَكل. ونَهَسْتُ العِرْقَ وانْتَهَسْتُه إِذا تَعَرَّقْتَهُ بمقدَّم أَسنانك. الْجَوْهَرِيُّ: نَهْس اللَّحْمِ أَخْذُه بمقدَّم الأَسنان، وَالنَّهْشُ الأَخذ بِجَمِيعِهَا؛ نَهَسْتُه وانْتَهَسْتُه بِمَعْنًى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَخَذَ عَظماً فَنَهَسَ مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ
أَي أَخذه بِفِيهِ. ونَسْرٌ مِنْهَسٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مُضَبرَّ اللَّحْيَيْنِ نَسْراً مِنْهَسا
وَرَجُلٌ مَنْهوسٌ ونَهِيسٌ: قَلِيلُ اللَّحْمِ خَفِيفٌ؛ قَالَ الأَفوه الأَوْدِي يَصِفُ فَرَسًا:
يَغْشى الجَلامِيدَ بأَمْثالِها ... مُرَكَّبات فِي وَظيف نَهِيس(6/244)
وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كَانَ مَنْهُوسَ الْكَعْبَيْنِ
أَي لَحْمُهُمَا قَلِيلٌ، وَيُرْوَى:
مَنْهُوسَ الْقَدَمَيْنِ
، وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيضاً. والنُّهَسُ: ضَرْبٌ مِنَ الصُّرَدِ، وَقِيلَ: هُوَ طَائِرٌ يَصْطَادُ العَصافير ويأْوي إِلى الْمَقَابِرِ ويُدِيم تَحْرِيكَ رأْسه وذَنَبِه، وَالْجَمْعُ نِهْسَان؛ وَقِيلَ: النُّهَسُ ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: رأَى شُرَحْبِيلَ وَقَدْ صَادَ نُهَساً بالأَسْوافِ فأَخذه زيدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْهُ وأَرسله
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النُّهَسُ طَائِرٌ، والأَسْوافُ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ، وإِنما فَعَلَ ذَلِكَ زيدٌ لأَنه كَرِهَ صَيْد الْمَدِينَةِ لأَنها حَرَمُ سيدنا رسول اللَّه، صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ونَهْسُ الحَيَّة: نَهْشُه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وَذَاتُ قَرْنَين طَحون الضِّرْسِ، ... تَنْهَسُ لَوْ تَمكَّنَتْ مِنْ نَهْسِ،
تُدِيرُ عَيْناً كَشِهابِ القَبْسِ
وَالِاخْتِلَافُ فِي تَفْسِيرِ نَهَسَ وَنَهَشَ يأْتي فِي حرف الشين.
نوس: الناسُ: قَدْ يَكُونُ مِنَ الإِنس وَمِنِ الجِنِّ، وأَصله أَناس فَخُفِّفَ وَلَمْ يَجْعَلُوا الأَلف وَاللَّامَ فِيهِ عِوَضًا مِنَ الْهَمْزَةِ الْمَحْذُوفَةِ، لأَنه لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا اجْتَمَعَ مَعَ المعوَّض مِنْهُ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِنَّ المَنايا يَطَّلِعْنَ ... عَلَى الأُناسِ الآمِنينا
والنَّوْس: تَذَبْذُبُ الشَّيْءِ. ناسَ الشيءُ يَنوسُ نَوْساً ونَوَساناً: تَحَرَّكَ وتَذَبْذَبَ متَدَلِّياً. وَقِيلَ لِبَعْضِ مُلُوكِ حِمْيَر: ذُو نُواس لضَفِيرَتَيْن كَانَتَا تَنوسان عَلَى عاتِقَيْه. وَذُو نُواس: مَلِكٌ مِنْ أَذْواء الْيَمَنِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لذُؤَابَتَين كَانَتَا تَنُوسَان عَلَى ظَهْرِهِ. ونَاسَ نَوْسا: تَدَلَّى وَاضْطَرَبَ وأَنَاسَهُ هُوَ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْعٍ ووصْفِها زَوْجَها: مَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وأَنَاس مِنْ حُلِيٍّ أُذُنيَ
؛ أَرادت أَنه حَلَّى أُذنيها قِرَطَةً وشُنوفاً تَنوس بأُذنيها. وَيُقَالُ للغُصْن الدَّقِيقِ إِذا هَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ فهزَّته: فَهُوَ يَنوس ويَنوع، وَقَدْ تَنَوَّسَ وتَنَوَّع وَكَثُرَ نَوَسانُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عنه: مَرَّ عَلَيْهِ رجلٌ وَعَلَيْهِ إِزارٌ يَجُرُّه فقَطع مَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ فكأَني أَنظر إِلى الْخُيُوطِ نائِسَةً عَلَى كَعْبَيْهِ
أَي متدلِّية مُتَحَرِّكَةً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْعَبَّاسِ: وضَفِيرَتاه تَنوسان عَلَى رأْسه.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: دخلتُ على حَفْصَةَ ونَوَساتُها تَنْطُف
أَي ذوائِبها تَقْطُر مَاءً، فسمَّى الذَّوائِبَ نَوَسات لأَنها تَتَحَرَّكُ كَثِيرًا، ونُسْتُ الإِبلَ أَنُوسُها نَوْساً: سُقْتُها. وَرَجُلٌ نَوَّاسٌ، بِالتَّشْدِيدِ، إِذا اضْطرب وَاسْتَرْخَى، وناسَ لُعابُه سالَ فَاضْطَرَبَ. والنُّواس: مَا تَعَلَّقَ مِنَ السَّقْفِ. ونُواس العَنْكبوت: نَسْجه لِاضْطِرَابِهِ. والنُّواسِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ العِنَب أَبيض مُدَوَّرُ الْحَبِّ مُتَشَلْشِلُ الْعَنَاقِيدِ طَوِيلُهَا مُضْطَرِبُهَا، قَالَ: وَلَا أَدري إِلى أَي شَيْءٍ نُسِبَ إِلا أَن يَكُونَ مِمَّا نُسِبَ إِلى نَفْسِهِ كدَوَّارِ ودَوَّاريٍّ، وإِن لَمْ يُسْمَعِ النُّواس هَاهُنَا، ونَوَّسَ بِالْمَكَانِ: أَقام. والنَّاوُوسُ: مَقَابِرُ النَّصَارَى، إِن كَانَ عَرَبِيًّا فَهُوَ فاعُولٌ مِنْهُ. والنَّوَّاسُ: اسْمٌ. والناسُ: اسْمُ قَيْسِ بْنِ عَيْلان، وَاسْمُهُ النَّاسُ «1» بْنُ مُضَر بْنِ نِزار، وأَخوه إِلْياس بن مضر، بالياء.
__________
(1) . قوله [واسمه الناس] يروى بالوصل وبالقطع كما في حاشية الصحاح انتهى شارح القاموس.(6/245)
فصل الهاء
هجس: الهَجْسُ: مَا وَقَعَ فِي خَلَدِك. تَقُولُ: هَجَسَ فِي قَلْبِي هَمٌّ وأَمْرٌ؛ وأَنشد:
وطَأْطَأَتِ النَّعامَةُ مِنْ بَعيدٍ، ... وَقَدْ وقَّرْتُ هَاجِسَها وهَجْسِي
النَّعَامَةُ: فَرَسه. وَفِي حَدِيثِ
قَباثٍ: وَمَا هُوَ إِلا شَيْءٌ هَجَسَ فِي نَفْسي.
ابْنُ سِيدَهْ: هَجَسَ الأَمرُ فِي نَفْسي يَهْجِسُ هَجْساً وَقَعَ فِي خَلَدي. والهَاجِس: الْخَاطِرُ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ غَلَبَةَ الأَسماء. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَمَا يَهْجِسُ فِي الضَّمَائِرِ
أَي وَمَا يَخْطُرُ بِهَا وَيَدُورُ فِيهَا مِنَ الأَحاديث والأَفكار. وهَجَسَ فِي صَدْرِي شَيْءٌ يَهْجِسُ أَي حَدس. وَفِي النَّوَادِرِ: هَجَسَني عَنْ كَذَا فانْهَجَسْتُ أَي رَدَّني فارتَدَدْت. والهَجْس: النَّبْأَةُ تَسْمَعُهَا وَلَا تَفْهَمُهَا. وَوَقَعُوا فِي مَهْجُوسَةٍ مِنْ أَمرهم أَي اخْتِلَاطٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقِيلَ: الْمَعْرُوفُ فِي مَرْجُوسَةٍ. أَبو عُبَيْدَةَ: الهُجَيْسِيُّ ابنُ زادِ الرَّكْب وَهُوَ اسْمُ فَرَسٍ مَعْرُوفٍ «1» . والهَجِيسَةُ: الغَريضُ مِنَ اللبَن فِي السِّقاء، قَالَ: والخامِطُ والسامِطُ مِثْلُهُ وَهُوَ أَول تَغَيُّرِه؛ قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي عَرَفْتُهُ الهَجِيمةُ، قَالَ: وأَظن الهَجِيسَةَ تَصْحِيفًا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَن السَّائِبَ بْنَ الأَقرع قَالَ: حضرتُ طَعَامَهُ فَدَعَا بلَحْمٍ عَبِيطٍ وخُبْزٍ مُتَهَجِّسٍ
؛ قَالَ: المُتَهَجِّس الْخُبْزُ الفَطِير الَّذِي لَمْ يَخْتَمِرْ عَجِينُهُ، أَصله مِنَ الهَجِيسَةِ، وَهُوَ الغَريضُ مِنَ اللَّحْمِ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ مُتَهَجِّش، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ غَلَطٌ.
هجبس: التَّهْذِيبُ: الهَيْجَبُوسُ الرَّجُلُ الأَهْوَجُ الْجَافِي؛ وأَنشد:
أَحَقٌّ مَا يُبَلّغُني ابنُ تُرْنَى ... مِنَ الأَقْوامِ أَهْوَجُ هَيْجَبُوسُ؟
هجرس: الهِجْرِسُ، بِالْكَسْرِ: وَلَدُ الثَّعْلَبِ، وعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ نَوْعَ الثَّعَالِبِ: وَاسْتَعَارَهُ الْحُطَيْئَةُ لِلْفَرَزْدَقِ فَقَالَ:
أَبْلِغ بَني عَبْسٍ، فإِنَّ نِجارَهُمْ ... لُؤْمٌ، وإِنَّ أَباهُمُ كالهِجْرِسِ
وَرُوِيَ عَنِ الْمُفَضَّلِ أَنه قَالَ: الهقالِس والهَجارِسُ الثَّعَالِبُ، وأَنشد:
وتَرَى المَكَاكِيَ بالهَجِيرِ نحيبُها، ... كُدْرٌ بَواكِرُ، والهَجارِس تَنْحَبُ
وَقِيلَ: الهَجارِسُ جَمِيعُ مَا تَعَسَّسَ مِنَ السِّباع مَا دُونُ الثَّعْلَبِ وَفَوْقَ اليَرْبوع؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
بعَيْنَيْ قَطامِيٍّ نَما فوْقَ مَرْقَبٍ، ... غَدَا شَبِماً يَنْقَضُّ بَيْنَ الهَجارِسِ
اللِّيْثُ: الهِجْرِسُ مِنْ أَولاد الثَّعَالِبِ، قَالَ: وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ اللَّئِيمُ؛ وأَنشد:
وهِجْرِس مَسْكَنُه الفَدافِدُ
وَقَالَ: رَمَتْني الأَيام عَنْ هَجارِسِها أَي شَدَائِدِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُيَيْنَة بْنَ حِصْنٍ مدَّ رِجْلَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ فُلَانٌ: يَا عَيْنَ الهِجْرِسِ، أَتَمُدُّ رِجْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
الهِجْرِس: وَلَدُ الثَّعْلَبِ. والهِجْرِس أَيضاً: القِرْد. أَبو مالك:
__________
(1) . قوله [وَهُوَ اسْمُ فَرَسٍ مَعْرُوفٍ] في شرح القاموس، وزاد الركب: فرس الأَزد الذي دفعه إليهم سُلَيْمَانَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عليه وسلم.(6/246)
أَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ الهِجْرِس القرْد، وَبَنُو تَمِيمٍ يَجْعَلُونَهُ الثعلب. والهِجْرسُ: اسم:
هدس: هَدَسَه يَهْدسُه هَدْساً: طَرَدَهُ وَزَجَرَهُ؛ يَمَانِيَةٌ مُمَاتة. والهَدَسُ: شَجَرٌ وَهُوَ عِنْدَ أَهل الْيَمَنِ الآسُ.
هدبس: الهَدَبَّسُ: وَلَدُ البَبْرِ؛ وأَنشد الْمُبَرِّدُ:
وَلَقَدْ رأَيتُ هَدَبَّساً وفَزارة، ... والفِزْرُ يَتْبَعُ فِزْرهُ كالضَّيْوَنِ
هرس: الهَرْسُ: الدَّق، وَمِنْهُ الهَرِيسَة. وهَرَسَ الشَّيْءَ يَهْرُسُه هَرْساً: دقَّه وَكَسْرَهُ، وَقِيلَ: الهَرْس دَقُّكَ الشَّيْءَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرض وِقَايَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ دقُّك إِياه بِالشَّيْءِ الْعَرِيضِ كَمَا تُهْرَسُ الهَرِيسَةُ بالمِهْراس. والمِهْراس: الْآلَةُ المَهْرُوس بِهَا. والهَرِيسُ: مَا هُرِسَ، وَقِيلَ: الهَرِيس الْحَبُّ المهْروس قَبْلَ أَن يُطْبَخ، فإِذا طُبِخَ فَهُوَ الهَريسة، وَسُمِّيَتِ الهَريسَةُ هَرِيسَةً لأَن البُرَّ الذي هي مِنْهُ يُدَقُّ ثُمَّ يُطْبَخُ، وَيُسَمَّى صانعُه هَرَّاساً. وأَسد هَرَّاسٌ: يَهْرُس كُلَّ شَيْءٍ. والهِرْماسُ: مِنْ أَسماء الأَسد، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ مِنَ السِّبَاعِ، فِعْمالٌ مِنَ الهَرْس عَلَى مَذْهَبِ الْخَلِيلِ، وغيرُه يَجْعَلُهُ فِعْلالًا. وهَرِسَ يَهْرَسُ هَرَساً: أَخفى أَكلَه، وَقِيلَ: بَالَغَ فِيهِ فكأَنه ضِدٌّ. ابْنُ الأَعرابي: هَرِسَ الرجُل إِذا كَثُرَ أَكله؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وكَلْكَلًا ذَا حامِياتٍ أَهْرَسَا
وَيُرْوَى: مِهْرَسا، أَراد بالأَهْرَس الشديدَ الثَّقِيلَ. يُقَالُ: هُوَ هَرِسٌ أَهْرَسُ لِلَّذِي يَدُقُّ كُلَّ شَيْءٍ، وَالْفَحْلُ يَهْرُس القِرْن بكَلْكَلِه. وإِبل مَهارِيس: شَدِيدَةُ الأَكل؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المَهَارِيس مِنَ الإِبل الَّتِي تَقْضَمُ العِيدان إِذا قلَّ الْكَلَأُ وأَجدبت الْبِلَادُ فتَتَبَلَّغ بِهَا كأَنها تَهْرُسُها بأَفواهِها هَرْساً أَي تدقُّها؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ يَصِفُ إِبِلَه:
مَهَارِيسُ يُرْوِي رِسْلُها ضَيْفَ أَهْلِها، ... إِذا النَّارُ أَبْدَتْ أَوجُهَ الخَفِراتِ
وَقِيلَ: المَهَارِيس مِنَ الإِبل الشِّداد، وَقِيلَ: الْجِسَامُ الثِّقالُ، قَالَ: وَمِنْ شِدَّةِ وَطْئِهَا سُمِّيَتْ مَهارِيسَ. والهَرِسُ والأَهْرَسُ: الشَّدِيدُ المَرَّاس مِنَ الأُسْدِ. وأَسد هَرِسٌ أَي شَدِيدٌ وَهُوَ مِنَ الدَّقِّ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
شَدِيدَ السَّاعِدَيْنِ أَخا وِثابٍ، ... شَدِيداً أَسْرُه هَرِساً هَمُوسَا
والهَرِسُ: الثَّوْبُ الخَلَق؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
صِفْرِ المَبَاءَةِ ذِي هِرْسَيْنِ مُنْعَجِفٍ، ... إِذا نَظَرْتَ إِليه قلْتَ: قَدْ فَرَجَا
والهَراسُ، بِالْفَتْحِ: شَجَرٌ كَبِيرُ الشَّوْكِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فَبتُّ كأَنَّ العائِذاتِ فَرَشْنَنِي ... هَرَاساً، بِهِ يُعْلى فِراشِي ويُقْشَبُ
وَقِيلَ: الهَراس شَوْكٌ كأَنه حَسَك، الْوَاحِدَةُ هَراسَة؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلنَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ:
وخَيْل يُطابِقْنَ بالدَّارِعِين، ... طِباقَ الكِلابِ، يَطَأْنَ الهَراسا
وَيُرْوَى: وشُعْث، وَالْمُطَابَقَةُ: أَن تَضَع أَرجُلَها مَوَاضِعَ أَيديها وتقدِّم أَيديها حَتَّى تُبْصِر مواقعَها، يُرِيدُ أَنها لَا تُرِيدُ الْهَرَبَ، فَهِيَ تَتَثَبَّت فِي مَشْيِهَا كَمَا تَمْشِي الْكِلَابُ فِي الهَراسِ مُتَّقِيَةً لَهُ؛ وَمِثْلُهُ(6/247)
قَوْلُ قُعَيْنٍ:
إِنَّا إِذا الخَيْل عَدَتْ أَكْداسا، ... مِثْل الكِلابِ تَتَّقي الهَراسا
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الهَراس مِنْ أَحْرار الْبُقُولِ، وَاحِدَتُهُ هَراسَة، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. وأَرض هَرِيسَة: يَنْبُتُ فِيهَا الهَراس. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: كأَنّ فِي جَوْفي شَوْكَةَ الهَراس
؛ قَالَ: هُوَ شَجَرٌ أَو بَقْل ذُو شَوْكٍ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ. والمِهْراس: حَجَر مُسْتَطِيلٌ مَنْقُورٌ يُتَوضأُ مِنْهُ وَيُدَقُّ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَبا هُرَيْرَةَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ سَلَّمَ، أَنه قَالَ: إِذا أَراد أَحدكم الوضوءَ فليُفْرِغْ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إِنائهِ ثَلَاثًا، فَقَالَ لَهُ قَيْنٌ الأَشجعي: فإِذا جِئنا إِلى مِهْراسِكم هَذَا كَيْفَ نَصْنَع؟
أَراد بالمِهْراس هَذَا الحَجَر المَنْقور الضَّخْمَ الَّذِي لَا يُقِلُّه الرِّجَالُ وَلَا يحرِّكونه لِثِقَلِهِ يَسَعُ مَاءً كَثِيرًا وَيَتَطَهَّرُ النَّاسُ مِنْهُ. وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ بِمِهْراس وَجَمَاعَةٌ مِنَ الرِّجَالِ يَتَحاذَوْنَه
أَي يَحْمِلُونَهُ وَيَرْفَعُونَهُ، وَهُوَ حَجَرٌ مَنْقُورٌ، سُمِّيَ مِهْرَاساً لأَنه يُهْرَسُ بِهِ الحبُّ وَغَيْرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: فَقُمْتُ إِلى مِهْراس لَنَا فَضَرَبْتُهَا بأَسفله حَتَّى تَكَسَّرَتْ «2» .
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه عَطِشَ يَوْمَ أُحُدٍ فَجَاءَهُ عَلِيٍّ، كرَم اللَّه وَجْهَهُ، بِماءٍ مِنَ المِهْراس فَعَافَهُ وَغَسَلَ بِهِ الدمَ عَنْ وَجْهِهِ
؛ قَالَ: المِهْراس صَخْرَةٌ مَنْقُورَةٌ تَسَعُ كَثِيرًا مِنَ الْمَاءِ وَقَدْ يُعْمل مِنْهُ حِيَاضٌ لِلْمَاءِ، وَقِيلَ: المِهْراس فِي هَذَا الْحَدِيثِ اسْمُ مَاءٍ بأُحُد؛ قَالَ:
وقَتِيلًا بِجانِبِ المِهْراسِ
والمِهْراسُ: مَوْضِعٌ. وَيُقَالُ مِهْراس أَيضاً؛ قَالَ الأَعْشى:
فَرُكْنُ مِهْراسٍ إِلى مارِدٍ، ... فقاعُ مَنْفُوحَةَ ذي الحائِرِ
هرجس: الهِرْجاسُ: الجَسِيمُ.
هرمس: الهِرْماس: مِنْ أَسماء الأَسد، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ مِنَ السِّبَاعِ وَاشْتَقَّهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الهَرْس الَّذِي هُوَ الدَّقُّ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ ثُلَاثِيٌّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. الْكِسَائِيُّ: أَسد هِرْماسٌ وهُرامِس وَهُوَ الْجَرِيءُ الشَّدِيدُ؛ وَقِيلَ: الهِرْماس الأَسد الْعَادِيُّ عَلَى النَّاسِ. ابْنُ الأَعرابي: الهِرْماس وَلَدُ النَّمِر؛ وأَنشد اللِّيْثُ فِي الأَسد:
يَعْدُو بأَشْبالٍ أَبوها الهِرْماس
والهِرْمِيسُ: الكَرْكَدَّنُ، قَالَ: وَهُوَ أَكبر مِنَ الْفِيلِ لَهُ قَرْن وَهُوَ يَكُونُ فِي الْبَحْرِ أَو عَلَى شَاطِئِهِ؛ قَالَ:
والفيلُ لَا يَبْقى وَلَا الهِرْمِيسُ
وهِرْماس: مَوْضِعٌ أَو نَهْرٌ. وهِرْمِس: اسْمُ عَلَمٍ سُرْياني. والهِرْمَوْس: الصُّلْب الرأْي المُجَرَّب.
هسس: هَسَّ يَهِسُّ هَسّاً: حدَّث نَفْسَه. وهَسَّ الكلامَ: أَخفاه. وهَسُّوا الحديثَ هَسِيساً وهَسْهَسُوه: أَخْفَوْه. والهَسِيسُ والهَسْهاس: الْكَلَامِ الَّذِي لَا يُفْهم. وَسَمِعْتُ مِنَ الْقَوْمِ هَساهِسَ مِنْ نَجِيٍّ لَمْ أَفهمها وَكَذَلِكَ وَساوِسَ مِنْ قَوْلٍ. والهَساهِسُ: الوَساوِسُ. والهَساهِسُ: النَّفْس ووَسْوَسَتُها؛ قَالَ الأَخطل:
وطَوَيْتَ ثَوْبَ بَشاشَةٍ أُلْبِسْتَهُ، ... فَلَهُنَّ مِنْكَ هَساهِسُ وهُمُومُ
والهَساهِسُ: الْكَلَامُ الْخَفِيُّ المُجَمْجَمُ. وسمعت
__________
(2) . روي في النهاية: فضربتُه بأَسفله.(6/248)
هَسِيساً، وَهُوَ الهَمْسُ، وَقِيلَ: الهَسْهَسَةُ عامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ صَوْتٌ خَفِيٌّ كهَساهِسِ الإِبل فِي سِيرِهَا، وصوتُ الحَلْي؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَبِسْنَ مِنْ حُرِّ الثِّيابِ مَلْبَسا، ... ومُذْهَبِ الحَلْي إِذا تَهَسْهَسا
وَيُقَالُ فِي هَساهِس أَخفاف الإِبل:
إِذا عَلَوْنَ الظَّهْرَ ذَا الضَّماضِمِ ... هَساهِساً، كالْهَدِّ بالْجَماجِم
الْجَوْهَرِيُّ: الهَسْهَسَة صَوْتُ حَرَكَةِ الدِّرع والحَلْي وَحَرَكَةِ الرَّجُلِ بِاللَّيْلِ وَنَحْوِهِ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
وللَّهِ فرْسانٌ وخَيْلٌ مُغِيرَةٌ، ... لَهُنَّ بِشُبّاكِ الحَديدِ هَساهِسُ
والتَّهَسْهُسُ مِثْلُهُ. وهَسِيسُ الجِنِّ وهَساسُها: عَزيفُها فِي القَفْرِ. والهَسِيسُ والهَسْهَسَة: ضَرْبٌ مِنَ الْمَشْيِ؛ قَالَ:
إِنْ هَسْهَسَتْ لَيْلَ التَّمامِ هَسْهَسا
وهَسْهَسَ ليلتَه كلَّها وقَسْقَسَ إِذا أَدأَبَ السَّيْرَ. وَفِي النَّوَادِرِ: الهَساهِس الْمَشْيُ، بِتْنا نُهَسْهِسُ حَتَّى أَصبحنا. وراعٍ هَسْهاس إِذا رَعَى الْغَنَمَ لَيْلَهُ كُلَّهُ. والهَسُّ: زجْر الْغَنَمِ. وهُسْ وهِسْ: زَجْرٌ لِلشَّاةِ. والهَسِيسُ: الْمَدْقُوقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
هطس: هَطَس الشيءَ يَهْطسُه هَطْساً: كَسَرَهُ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ: وليس بثبت.
هطلس: الْهَطْلَسَةُ: الأَخْذ. والهَطْلَسُ والهَطَلَّس: الْعَسْكَرُ الْكَبِيرُ. ابْنُ الأَعرابي: تَهَطْلَسَ مِنْ مَرَضِهِ إِذا أَفاق.
هقلس: الهِقْلِسُ: السَّيِّءُ الخُلُق. والهَقالس والهَجارس: الثَّعَالِبُ. والهَقَلَّس: الذِّئْبُ فِي ضُرٍّ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وتسمَعُ أَصْواتَ الفَراعِل حَوْلَه، ... يُعاوينَ أَولادَ الذِّئابِ الهَقالِسا
يَعْنِي حَوْلَ الْمَاءِ الذي ورَدَهُ.
هكلس: أَبو عَمْرٍو: الهَكَلَّسُ الشديد.
هلس: الهَلْس والهُلاسُ: شِبْهُ السُّلال، وَفِي التَّهْذِيبِ: شِدَّةُ السُّلال مِنَ الهُزال. وَرَجُلٌ مَهْلُوسٌ، وهَلَسَه الدَّاءُ يَهْلِسُه هَلْساً: خامَره؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
يُعالِجْنَ أَدْواءَ السُّلالِ الهَوالِسا
والمَهْلُوس مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَأْكل وَلَا يُرى أَثرُ ذَلِكَ فِي جِسْمِهِ. ورَكَبٌ مَهْلوسٌ: قَلِيلُ اللَّحْمِ لَازِقٌ عَلَى الْعَظْمِ يَابِسٌ، وَقَدْ هُلِسَ هَلْساً. وامرأَة مَهْلوسَةٌ: ذَاتُ رَكَبٍ مَهْلوس كأَنما جَفَلَ لَحْمُهُ جَفْلًا. الْجَوْهَرِيُّ: الهُلاس السِّلُّ. وَرَجُلٌ مَهْلوس الْعَقْلِ أَي مَسْلُوبُهُ. وَرَجُلٌ مُهْتَلَسُ الْعَقْلُ ذَاهِبُهُ. وَيُقَالُ: السُّلاس فِي الْعَقْلِ والهُلاس فِي الْبَدَنِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فِي الصَّدَقَةِ: وَلَا يَنْهَلِس
؛ الهُلاس: السِّلُّ، وَقَدْ هَلَسَه المرضُ. وَفِي حَدِيثِهِ أَيضاً:
نَوازِعُ تَقْرَع الْعَظْمَ وتَهْلِسُ اللَّحْمَ.
والإِهْلاسُ: ضَحِكٌ فِيهِ فُتُورٌ. وأَهْلَسَ فِي الضَّحِكِ: أَخفاه؛ قَالَ:
تَضْحَكُ مِنِّي ضَحِكاً إِهْلاسا
أَراد: ذَا إِهْلاسٍ، وإِن شئتَ جَعَلْتَهُ بَدَلًا مِنْ ضَحِكَ؛ وأَما قَوْلُ الْمَرَّارِ:
طَرَقَ الخَيالُ فهاجَ لِي، مِنْ مَضْجَعِي، ... رَجْعُ التَّحِيَّةِ فِي الظَّلامِ المُهْلِسِ
أَراد بالمُهْلِس الضعيفَ مِنَ الظَّلَامِ. ابْنُ الأَعرابي:(6/249)
الهُلُسُ النُّقَّة مِنَ الرِّجَالِ، والهُلُسُ الضُّعَفَاءُ وإِن لَمْ يَكُونُوا نُقَّهاً. وأَهْلَسَ إِليه أَي أَسرَّ إِليه حَدِيثًا. وهالَسَ الرجلَ: سارَّه؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
مُهالَسَة، والسِّتْرُ بَيْني وبَيْنَه، ... بِداراً كَتَكْحِيلِ القَطا جازَ بالضَّحْل
هلبس: الهَلْبَسِيسُ «1» : الشَّيْءُ الْيَسِيرُ. وَلَيْسَ بِهَا هَلْبَسِيسٌ أَي أَحد يستأْنس بِهِ. وَجَاءَتْ وَمَا عَلَيْهَا هَلْبَسِيسَة وَلَا خَرْبَصِيصَة أَي شَيْءٌ مِنَ الحَلْي. وَمَا عِنْدَهُ هَلْبَسِيسَةٌ إِذا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ. وَمَا فِي السَّمَاءِ هَلْبَسِيسَةٌ أَي شَيْءٌ مِنْ سَحَابٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: لَا يُتكلم بِهِ إِلا في النفي.
هلطس: شَمِرٌ: الهِلْطَوْسُ الْخَفِيُّ الشَّخْصِ مِنَ الذِّئَابِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ تَرَكَ الذئْب شَدِيد العَوْلَةِ، ... أَطْلَسَ هِلْطَوْسا كثِيرَ العَسَّةِ
ولصٌّ «2» هَطْلَسٌ وهَطَلَّس: قطَّاع كُلِّ مَا وجده.
هلقس: الهِلَّقْسُ، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: الشَّدِيدُ مِنَ النَّاسِ والإِبل، وعمَّ بِهِ بَعْضَهُمْ، وَهُوَ مُلْحَقٌ بِجِرْدَحْل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنْصَب الأُذْنَيْنِ فِي حَدِّ القَفَا، ... مائِل الضَّبْعَيْنِ هِلَّقْس حَنِق
أَبو عَمْرٍو: جُوعٌ هُنْبُغٌ وهِنْباغٌ وهِلَّقْسٌ وهِلَّقْتٌ أَي شَدِيدٌ.
هلكس: الهِلَّكْسُ: الدَّنِيءُ الأَخلاق. وَبَعِيرٌ هِلّقْس وهِلَّكْسٌ: شَدِيدٌ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
والبازلَ الهِلَّكْسَا
همس: الهَمْس: الْخَفِيُّ مِنَ الصَّوْتِ وَالْوَطْءِ والأَكل، وَقَدْ هَمَسُوا الْكَلَامَ هَمْساً. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً
؛ فِي التَّهْذِيبِ: يَعْنِي بِهِ، واللَّه أَعلم، خَفْقَ الأَقدام عَلَى الأَرض، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ إِنه نَقْل الأَقْدام إِلى الْمَحْشَرِ، وَيُقَالُ: إِنه الصَّوْتُ الْخَفِيُّ؛ وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه تَمَثَّل فأَنشد:
وهُنَّ يَمشِين بِنا هَمِيسَا
قَالَ: وَهُوَ صَوْتُ نَقْل أَخفاف الإِبل، وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: وَيُقَالُ اهمِسْ وصَهْ أَي امْشِ خَفِيّاً وَاسْكُتْ. وَيُقَالُ: هَمْساً وصَهْ وهَسّاً وصَهْ، قَالَ: وَهَذَا سَارِقٌ قَالَ لِصَاحِبِهِ: امْشِ خَفِيًّا وَاسْكُتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَعَلَ بعضُنا يَهْمِس إِلى بعضٍ
؛ الهَمْس: الْكَلَامُ الْخَفِيُّ لَا يَكَادُ يُفْهَمُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ إِذا صَلَّى العَصر هَمَسَ.
الْجَوْهَرِيُّ: هَمْسُ الأَقدام أَخفى مَا يَكُونُ مِنَ صَوْتِ الْوَطْءِ. والأَسد الهَمُوس: الْخَفِيُّ الْوَطْءِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ نَفْسَهُ بِالشِّدَّةِ:
لَيْثٌ يدُقّ الأَسَدَ الهَمُوسا، ... والأَقْهَبَيْنِ الفِيلَ والجاموسَا
وَالشَّيْطَانُ يُوَسْوِس فيَهْمِس بِوَسْوَاسِهِ فِي صَدْرِ ابْنِ آدَمَ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبي، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَنه كَانَ يَتَعَوَّذُ باللَّه مِنْ هَمْزِ الشَّيْطَانِ ولَمْزِه وهَمْسه
؛ هُوَ مَا يُوَسْوِسُه فِي الصَّدْرِ. وَالْهَمْزُ: كَلَامٌ مِنْ وَرَاءِ القَفَا كَالِاسْتِهْزَاءِ، وَاللَّمْزُ: مُواجَهَة. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: إِذا أَسرَّ الْكَلَامَ وأَخفاه فَذَلِكَ الهَمْس مِنَ الْكَلَامِ. قَالَ شَمِرٌ: الهَمْسُ مِنَ الصَّوْتِ والكلامِ مَا لَا غَوْر لَهُ فِي الصَّدْرِ، وَهُوَ مَا هُمِس فِي الْفَمِ. والهَمُوس والهَمِيس، جَمِيعًا: كالهَمْس فِي جميع هذه
__________
(1) . قوله [الهلبسيس] هو بهذا الضبط في القاموس ونقل شارحه عن الصاغاني أَنه بكسر الهاء والباء.
(2) . قوله [ولص إلخ] المناسب ذكره في هطلس لا هنا.(6/250)
الأَشياء، وَقِيلَ: الهَمِيسُ المضْغُ الَّذِي لَا يُفْغَر بِهِ الْفَمُ، وَكَذَلِكَ المشْي الْخَفِيُّ الحِسِّ، وإِذا مضَغ الرَّجُلُ مِنَ الطَّعَامِ وفُوه منضمٌّ، قِيلَ: هَمَسَ يَهْمِسُ هَمْساً؛ وأَنشد:
يأْكُلن مَا فِي رَحْلِهنَّ هَمْسا
والهَمْس: أَكل الْعَجُوزِ الدَّرْداء. والهَمْسُ والهَمِيسُ: حِسّ الصَّوْتِ فِي الْفَمِ مِمَّا لَا إِشْرابَ لَهُ مِنْ صَوْتِ الصَّدْرِ وَلَا جهارَة فِي الْمَنْطِقِ وَلَكِنَّهُ كَلَامٌ مَهْمُوس فِي الْفَمِ كالسِّرِّ. وتَهَامَسَ القومُ: تسارُّوا؛ قَالَ:
فَتَهامَسُوا سِرّاً وَقَالُوا: عَرِّسُوا ... فِي غَير تَمْئِنَةٍ بِغَيْرِ مُعَرَّسِ
وَالْحُرُوفُ المَهْموسة عَشَرَةُ أَحرف يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ [حَثَّه شَخْصٌ فَسَكَت] وَفِي الْمُحْكَمِ: يَجْمَعُهَا فِي اللَّفْظِ قَوْلُكَ [سَتَشْحَثُك خَصَفَه] وَهِيَ الْهَاءُ وَالْحَاءُ وَالْخَاءُ وَالْكَافُ وَالشِّينُ وَالصَّادُ وَالتَّاءُ وَالسِّينُ وَالثَّاءُ وَالْفَاءُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وأَما المَهْمُوس فَحَرْفٌ ضَعُف الاعتمادُ مِنْ مَوْضِعِهِ حَتَّى جَرَى مَعَهُ النَّفَس؛ قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: وأَنت تَعْتَبِرُ ذَلِكَ بأَنه قَدْ يُمْكِنُكَ تَكْرِيرُ الْحَرْفِ مَعَ جَرْي الصوت نحو [سسس كَكَكَكَ هَهَهَهَ] وَلَوْ تَكَلَّفْتَ ذَلِكَ فِي الْمَجْهُورِ لَمَا أَمكنك. قَالَ ابْنُ جِنِّي: فأَما حُرُوفُ الهَمْس فإِن الصَّوْتَ الَّذِي يَخْرُجُ مَعَهَا نَفَس وَلَيْسَ مِنْ صَوْتِ الصَّدْرِ، إِنما يَخْرُجُ مُنْسلًا وَلَيْسَ كَنَفْحِ الزَّايِ وَالظَّاءِ والذالِ والصادِ والراءُ شَبِيهَةٌ بِالضَّادِ. الأَزهري: وأَخذته أَخذاً هَمْساً أَي شَدِيدًا، وَيُقَالُ: عَصْراً. وهَمَسَه إِذا عَصره؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ فَجَعَلَ النَّاقَةَ هَمُوساً:
غُرَيْرِيَّة الأَنْسَابِ أَو شَدْقَمِيَّة، ... هَمُوساً تُبارِي اليَعْمَلاتِ الهَوامِسا
وَفِي رَجَزِ مُسَيْلِمَةَ: والذئبُ الهامِس وَاللَّيْلُ الدَّامس؛ الهامِس: الشَّدِيدُ. وأَسد هَمُوس وهَمَّاس: شَدِيدُ الغَمْز بِضِرْسِهِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
يَحْمِي الصَّرِيمَةَ، أُحْدانُ الرجالِ لَهُ ... صَيْدٌ، ومُجْتَرِئٌ باللَّيْل هَمَّاس
والهَمُوس: مِنْ أَسماء الأَسد لأَنه يَهْمِسُ فِي الظُّلْمَةِ ثُمَّ جُعل ذَلِكَ اسْمًا يُعْرَفُ بِهِ؛ يُقَالُ: أَسد هَمُوس؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
بَصِيرٌ بالدُّجَى هادٍ هَمُوس
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: سُمِّيَ الأَسد هَمُوساً لأَنه يَهْمِس هَمْساً أَي يَمْشِي مَشْيًا بخُفْيَة فَلَا يُسْمَع صوتُ وَطْئِهِ. وأَسد هَمُوس: يَمْشِي قَلِيلًا قَلِيلًا. يُقَالُ: هَمَسَ لَيْلَه أَجمع.
هملس: رَجُلٌ هَمَلَّس: قَوِيُّ السَّاقَيْنِ شَدِيدُ الْمَشْيِ، وَلَمْ يُلْف إِلا فِي كِتَابِ الْعَيْنِ، وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمُصَنَّفِ وَغَيْرِهِ: العَمَلَّس، وَلَعَلَّ الْهَاءَ بَدَلٌ مِنَ الْعَيْنِ لَا تَصِحُّ إِلا عَلَى ذَلِكَ.
هنبس: الهَنْبَسَة: التَّحَسُّسُ عَنِ الأَخبار، وقد تَهَنْبَسَ.
هنجبس: الهَنْجَبُوس: الخسيس.
هندس: الهِنْدِس: مِنْ أَسماء الأَسد: وأَسد هِنْدِس أَي جَرِيء؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
يأْكل أَو يَحْسُو دَماً، ويَلْحَسُ ... شِدْقَيْه هَوَّاسٌ هِزَبْرٌ هِنْدِس
والمُهَنْدِس: الْمُقَدِّرُ لِمَجاري الْمِيَاهِ والقُنِيّ(6/251)
واحتِفارِها حَيْثُ تُحْفَرُ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الهِنْدازِ، وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ أَصلها آوْ أَنْدازْ «1» فَصُيِّرَتِ الزَّايُ سِينًا لأَنه لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ زَايٌ بَعْدَ الدَّالِ، وَالِاسْمِ الهَنْدَسة. وَيُقَالُ: فُلَانٌ هُنْدُوس هَذَا الأَمر وَهُمْ هَنادِسَة هَذَا الأَمر أَي الْعُلَمَاءُ بِهِ. وَرَجُلٌ هُنْدُوس إِذا كَانَ جَيِّدَ النظر مُجرَّباً.
هوس: الهَوْس: الطَّوَفان بِاللَّيْلِ وَالطَّلَبُ بِجُرْأَة. هاسَ يَهُوس هَوْساً: طَافَ بِاللَّيْلِ فِي جرْأَة. وأَسد هَوَّاس وَكَذَلِكَ النَّمِر؛ قَالَ:
وَفِي يَدِي مِثْلُ مَاءِ الثَّغْبِ ذُو شُطَبٍ، ... أَنَّى نَحَيْتُ يَهُوسُ اللَّيْثُ والنَّمِرُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراد الثَّغَب فَسَكَّنَ لِلضَّرُورَةِ، وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ: الثَّغْب، بِسُكُونِ الْغَيْنِ، الغَدير. وَرَجُلٌ هَوَّاس وهَوَّاسَةٌ: شُجَاعٌ مجرَّب. والهَوْس: الإِفساد، هاسَ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ هَوْساً. والهَوْس: الدَّقُّ، هاسَه يَهُوسُه وهَوَّسه. الأَصمعي: هُسْتُه هَوْساً وهِسْتُه هِيسًا وَهُوَ الْكَسْرُ والدقُّ؛ وأَنشد:
إِنَّ لنَا هَوَّاسَةً عَرِيضَا
والتَّهَوُّس: الْمَشْيُ الثَّقِيلُ فِي الأَرض الليِّنَة. وهَوِسَ النَّاسُ هَوَساً: وَقَعُوا فِي اخْتِلَاطٍ وَفَسَادٍ. وهَوِسَت النَّاقَةُ هَوَساً، فَهِيَ هَوِسَةٌ: اشْتَدَّتْ ضَبَعَتُها، وَقِيلَ: تَرَدَّدَتْ فِيهَا الضَّبَعَة. وضَبَعٌ هَوَّاس: شَدِيدٌ؛ قَالَ:
يُوشِك أَن يُؤْنَسَ فِي الإِينَاسِ، ... فِي مَنْبِتِ البَقْل وَفِي اللُّسَاسِ،
مِنْهَا هَدِيمُ ضَبَعٍ هَوَّاسِ
والهَوِيس: النَّظَرُ وَالْفِكْرُ. والهَوْس: الأَكل الشَّدِيدُ. والهَوْس: شِدَّةُ الأَكل. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: النَّاسُ هَوْسَى وَالزَّمَانُ أَهْوَس؛ قَالَ: النَّاسُ يأْكلون طَيِّبَاتِ الزَّمَانِ، والزمانُ يأْكلهم بِالْمَوْتِ. والهَوَّاس: الأَسد؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
هُوَ الأَضْبَطُ الهَوَّاسُ فِينَا شَجَاعَةً، ... وفيمَنْ يُعادِيهِ الهِجَفُّ المُثَّقَّل
والهَوْس: المَشي الَّذِي يَعْتَمِدُ فِيهِ صَاحِبُهُ عَلَى الأَرض اعْتِمَادًا شَدِيدًا، وَمِنْهُ سُمِّيَ الأَسد الهَوَّاس. والهَوْس: السَّوْقُ اللَّيِّنُ. يُقَالُ: هُسْت الإِبل فَهَاست أَي تَرْعَى وَتَسِيرُ، وإِنما شُبِّهَ هَوَسان النَّاقَةِ بهَوَسان الأَسد لأَنها تَمْشِي خَطْوة خَطْوَةً وَهِيَ تَرْعَى. والهَوَس، بِالتَّحْرِيكِ: طَرف مِنَ الْجُنُونِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الأَسود: فإِنه أَهْيَسُ أَلْيَسُ
، يُذْكَرُ فِي تَرْجَمَةِ هيس، واللَّه أَعلم.
هيس: الهَيْس مِنَ الْكَيْلِ: الجِزَاف، وَقَدْ هَاسَ. وهاسَ مِنَ الشَّيْءِ هَيْساً: أَخذ مِنْهُ بِكَثْرَةٍ. والهَيْس: السَّير أَيَّ ضَرْبٍ كَانَ. وهاسَ يَهِيسُ هَيْساً سَارَ أَيَّ سَيْرٍ كَانَ؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ؛ قَالَ:
إِحْدَى لَيَالِيك فَهِيسِي هِيسِي، ... لَا تَنْعَمِي اللَّيْلَةَ بالتَّعْرِيسِ
وهَيْسِ: كَلِمَةٌ تُقَالُ فِي الغارَة إِذا اسْتُبِيحَتْ قَرْيَةٌ أَو قَبِيلَةٌ فَاسْتُؤْصِلَتْ أَي لَا بَقي مِنْهُمْ أَحد فَيَقُولُونَ: هَيْسِ هَيْسِ وَقَدْ هِيسَ القومُ هَيْساً. وَيُقَالُ: حَمَلَ فُلَانٌ عَلَى الْعَسْكَرِ فَهَاسَهم أَي داسَهم مِثْلُ حَاسَهُمْ. وَيُقَالُ: مَا زِلْنَا ليلَتنا نَهِيس أَي نَسْري. وهَيْسِ، مَكْسُورٌ: كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلرَّجُلِ عِنْدَ إِمكان
__________
(1) . قوله [آو] كذا بالأَصل وفي القاموس آب، وهما بمعنى.(6/252)
الأَمر وإِغْرائه بِهِ. والأَهْيَس: الشُّجَاعُ مِثْلُ الأَحْوَس. والهَيْس: اسْمُ أَدَاةِ الفَدَّان؛ عُمَانِيَّةُ «1» . والهَيْسَة، بِفَتْحِ الْهَاءِ: أُم حُبَين؛ عَنْ كُرَاعٍ. والأَهْيَسُ: الَّذِي يَدُقُّ كُلِّ شَيْءٍ. أَبو عَمْرٍو: سَاهَاه غافَله وهَاسَاه إِذا سَخِر مِنْهُ فَقَالَ: هَيْسِ هَيْسِ ابْنُ الأَعرابي: إِن لُقْمَانَ بْنِ عَادِ قَالَ فِي صِفَةِ النَّمْلِ: أَقبلَتْ مَيْسَا وأَدْبَرَتْ هَيْسَا. قَالَ: تَهِيسُ الأَرضَ تدُقُّها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الأَسود: لَا تُعَرِّفُوا عَلَيْكُمْ فُلَانًا فإِنه ضَعِيفٌ مَا عَلِمْتُه، وعرِّفوا عَلَيْكُمْ فُلَانًا فإِنه أَهْيَسُ أَلْيَسُ
: الأَهْيَسُ: الَّذِي يَهُوس أَي يَدُورُ يَعْنِي أَنه يَدُورُ فِي طَلَبِ مَا يأْكله، فإِذا حصَّله جَلَسَ فَلَمْ يَبْرَحْ، والأَصل فِيهِ الْوَاوُ وإِنما قِيلَ بِالْيَاءِ ليُزاوج أَلْيَس.
فصل الواو
وجس: أَوْجَسَ القلبُ فَزَعاً: أَحَسَّ بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً
؛ قال أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ فأَضْمَر مِنْهُمْ خَوْفاً، وَكَذَلِكَ التوَجُّس، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: مَعْنَى أَوْجَسَ*
وَقَعَ فِي نَفْسِهِ الخوفُ. اللَّيْثُ: الوَجْس فَزْعة الْقَلْبِ. والوَجْس: الفَزَع يَقَعُ فِي الْقَلْبِ أَو فِي السَّمْعِ مِنْ صَوْتٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ. والتوَجُّس: التَّسَمُّع إِلى الصَّوْتُ الْخَفِيُّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ صَائِدًا:
إِذا تَوَجَّس رِكزاً مِنْ سَنابِكِها، ... أَو كَانَ صاحِبَ أرْضٍ أَوْ بِهِ المُومُ
وأَوْجَسَت الأُذنُ وتَوجَّسَت: سَمِعَتْ حِسًّا؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
حتَّى أُتِيح لهُ، يَوْماً بِمُحْدَلَةٍ، ... ذُو مِرَّةٍ بِدِوارِ الصَّيْد وَجَّاسُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ عِنْدِي أَنه عَلَى النَّسَبِ إِذ لَا نَعْرِفُ لَهُ فِعلًا. والوَجْسُ: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه نَهَى عَنِ الوَجْس؛ هُوَ أَن يُجَامِعَ الرَّجُلُ امرأَته أَو جَارِيَتَهُ والأُخرى تَسْمَعُ حِسَّهُمَا.
وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ المرأَة والأُخرى تَسْمَعُ، فَقَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الوَجْس
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِي جَانِبِهَا وَجْساً، فَقِيلَ: هَذَا بِلَالٌ؛ الوَجْس الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. وتَوَجَّسَ بِالشَّيْءِ: أَحَسَّ بِهِ فَتَسَمَّع لَهُ. وتوَجَّسْت الشيءَ والصوتَ إِذا سَمِعْتَهُ وأَنت خَائِفٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فَغَدَا صَبِيحَةَ صَوْتِها مُتَوَجّسَا
والواجِسُ: الهَاجِسُ، والأَوْجَس والأَوْجُس: الدَّهْرُ، وَفَتْحُ الْجِيمِ هُوَ الأَفصح. يُقَالُ: لَا أَفعل ذَلِكَ سَجِيسَ الأَوْجَس والأَوْجُس، وسَجِيسَ عُجَيس الأَوْجس؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ، أَي لَا أَفعله طُولَ الدَّهْرِ. وَمَا ذُقْتُ عِنْدَهُ أَوْجَسَ أَي طَعَامًا، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ. وَيُقَالُ: تَوَجَّسْت الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ إِذا تَذَوَّقته قَلِيلًا، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الأَوْجس.
ودس: الوادِسُ مِنَ النَّبَاتِ: مَا قَدِ غَطَّى وَجْهَ الأَرض. ودَسَت الأَرض وَدْساً وَوَدَّسَتْ وتَوَدَّسَتْ: تَغَطَّتْ بِالنَّبَاتِ وَكَثُرَ نَبَاتُهَا، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ فِي أَول إِنباتها. أَبو عُبَيْدٍ: تَوَدَّسَت الأَرض وأَوْدَسَتْ بِمَعْنًى أَي أَنبتت مَا غَطَّى وَجْهَهَا، وَمَا أَحسن وَدَسَها «2» إِذا خَرَجَ نَبَاتُهَا. وأَرض وَدِسَة: مُتَودِّسة لَيْسَ عَلَى الْفِعْلِ وَلَكِنْ عَلَى النَّسَبِ، والوَدَس والوَدِيس والوِداسُ: مَا غَطَّاهَا مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ
__________
(1) . قوله [عمانية] وفي العباب يمانية انتهى. شارح القاموس.
(2) . قوله [ودسها] كذا هو مضبوط في الأَصل بالتحريك وضبط بالقلم في الصحاح بالتسكين.(6/253)
وَذَكَرَ السَّنَةَ فَقَالَ: وأَيبست الْوَدِيسُ
؛ هُوَ مَا أَخرجت الأَرض مِنَ النَّبَاتِ، والوَدس: أَول نَبَاتِ الأَرض، وَدُخَانٌ موَدِّس. والتَّوْدِيس: رَعْيُ الوادِس مِنَ النَّبَاتِ، والتَّوَدُّس: رَعْيُ الوِدَاس. وودَّسَ إِليه بِكَلِمَةٍ: طَرَحَهَا. وَمَا أَدري أَين وَدَسَ مِنْ بِلَادِ اللَّه ووَدَّسَ أَي أَين ذَهَبَ. ووَدَسَ عليَّ الشيءُ وَدْساً أَي خَفِيَ. وأَين وَدَسْت بِهِ أَي أَين خَبَأْته. والوَدِيس: الرَّقِيقُ مِنَ الْعَسَلِ. والوَدَس: العَيْب؛ يُقَالُ: إِنما يأْخذ السُّلْطَانُ مَنْ بِهِ وَدَس أَي عيب.
ورس: الوَرْس: شَيْءٌ أَصفر مِثْلُ اللَّطْخِ يَخْرُجُ عَلَى الرِّمْثِ بَيْنَ آخِرِ الصَّيْفِ وأَوَّل الشِّتَاءِ إِذا أَصاب الثوبَ لَوَّنَه. التَّهْذِيبُ: الوَرْس صِبْغ، والتَّوْرِيس مِثْلُهُ. وَقَدْ أَوْرَس الرِّمْثُ، فَهُوَ مُورِسٌ، وأَوْرَس المكانُ، فَهُوَ وارِسٌ، وَالْقِيَاسُ مُورِسٌ. وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ أَحْنَطَ الرِّمْثُ، فَهُوَ حانِطٌ ومُحْنِطٌ: ابْيَضّ. الصِّحَاحُ: الوَرْس نَبْتٌ أَصفر يَكُونُ بِالْيَمَنِ تُتَّخَذُ مِنْهُ الغُمْرة لِلْوَجْهِ، تَقُولُ مِنْهُ: أَوْرَسَ الْمَكَانُ وأَوْرَسَ الرِّمْثُ أَي اصفَرَّ وَرَقُهُ بَعْدَ الإِدراك فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلُ المُلاء الصُّفْرِ، فَهُوَ وَارِس، وَلَا يُقَالُ مُورِس، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ، ووَرَّست الثَّوْبَ تَوْرِيساً: صَبَغْتُهُ بالوَرْس، ومِلْحفة وَرْسِيَّة: صُبِغَتْ بالوَرْس. وَفِي الْحَدِيثِ: وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ وَرْسِيَّة؛ والوَرْسِية الْمَصْبُوغَةُ. وَفِي حَدِيثِ الْحُسَيْنُ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه اسْتَسْقى فأُخرج إِليه قَدَح وَرْسِيّ مُفَضَّض؛ هُوَ الْمَعْمُولُ مِنَ الْخَشَبِ النُّضار الأَصفر فَشُبِّهَ بِهِ لِصُفْرَتِهِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَرْس لَيْسَ بِبَرِّي يُزْرَعُ سَنَةً فَيَجْلِسُ عَشْرَ سِنِينَ أَي يُقِيمُ فِي الأَرض وَلَا يَتَعَطَّلُ، قَالَ: وَنَبَاتُهُ مِثْلُ نَبَاتِ السِّمْسِمِ فإِذا جَفَّ عِنْدَ إِدراكه تَفَتَّقَتْ خَرَائِطُهُ فيُنْفض، فيَنْتفض مِنْهُ الوَرْس، قَالَ: وَزَعَمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ الثِّقَاتِ أَنه يُقَالُ مُورِس؛ وَقَدْ جَاءَ فِي شِعْرِ ابْنِ هَرْمَة قَالَ:
وكأَنَّما خُضِبَتْ بحَمْضٍ مُورِس، ... آباطُها مِنْ ذِي قُرُونِ أَيايِلِ
وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي عَمْرٍو: وَرَسَ النَّبْتُ وُرُوساً اخْضَرَّ؛ وأَنشد:
فِي وارِسٍ مِنَ النَّخِيل قَدْ ذَفِر
ذَفِرَ، كَثر. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ أَسمعه إِلا هَاهُنَا، قَالَ: وَلَا فَسَّرَهُ غَيْرُ أَبي حَنِيفَةَ. وَثَوْبٌ وَرِسٌ ووارِس ومُوَرِّسٌ ووَرِيس: مَصْبُوغٌ بالوَرْس، وأَصْفَر وارِسٌ أَي شَدِيدُ الصُّفْرَةِ، بَالَغُوا فِيهِ كَمَا قَالُوا أَصْفَر فاقِع، والوَرْسِيُّ مِنَ الأَقداح النُّضار: مِنْ أَجودها، وَمِنَ الْحَمَامِ مَا كَانَ أَحمر إِلى الصُّفْرَةِ. ووَرِسَت الصخرةٌ إِذا رَكِبَهَا الطُّحْلب حَتَّى تخضَرَّ وتَمْلاسَّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ويَخْطُو عَلَى صُمّ صِلابٍ، كأَنها ... حِجَارَةُ غِيلٍ وارِساتٌ بطُحْلُب
وسس: الوَسْوَسَة والوَسْواس: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ مِنْ رِيحٍ. والوَسْواس: صَوْتُ الحَلْي، وَقَدْ وَسْوَسَ وَسْوَسَة ووِسْوَاساً، بِالْكَسْرِ. والوَسْوَسَة والوِسْوَاس: حَدِيثُ النَّفْسِ. يُقَالُ: وَسْوَسَتْ إِليه نَفْسُهُ وَسْوَسَةً ووِسْوَاساً، بِكَسْرِ الْوَاوِ، والوَسْواسُ، بِالْفَتْحِ، الِاسْمُ مِثْلُ الزِّلْزال والزَّلْزال، والوِسْواس، بِالْكَسْرِ، الْمَصْدَرُ. والوَسْواس، بِالْفَتْحِ: هُوَ الشَّيْطَانُ. وكلُّ مَا حدَّثك ووَسْوَسَ إِليك، فَهُوَ اسْمٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَوَسْوَسَ(6/254)
لَهُمَا الشَّيْطانُ؛ يُرِيدُ إِليهما وَلَكِنَّ الْعَرَبَ تُوصِلُ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ كُلِّهَا الْفِعْلَ. وَيُقَالُ لِهَمْس الصَّائِدِ وَالْكِلَابِ وأَصواتِ الْحَلْيِ: وَسْوَاس؛ وَقَالَ الأَعشى:
تَسْمَع للحَلْي وَسْواساً، إِذا انْصَرفت، ... كَمَا اسْتَعان بِريح عِشْرِقٌ زَجل
والهَمْس: الصَّوْتُ الْخَفِيُّ يَهُزُّ قَصَباً أَو سِبّاً، وَبِهِ سُمِّيَ صَوْتُ الْحَلْيِ وَسْواساً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَباتَ يُشْئِزُه ثَأْدٌ، ويُسْهِرهُ ... تَذَوُّبُ الرِّيح، والوَسْوَاسُ والهِضَبُ
يَعْنِي بالوَسْواس هَمْسَ الصَّيَّادِ وَكَلَامَهُ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ خَلِيفَةَ يَقُولُ الوَسْوَسَة الْكَلَامُ الْخَفِيُّ فِي اخْتِلَاطٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْده إِلى الوَسْوَسَة
؛ هِيَ حَدِيثُ النَّفْسِ والأَفكار. وَرَجُلٌ مُوَسْوِس إِذا غَلَبَتْ عَلَيْهِ الوَسْوسة. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: لَمَّا قُبِض رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وُسْوِسَ ناسٌ وكنت فيمن وُسْوِسَ
؛ يُرِيدُ أَنه اخْتَلَطَ كَلَامُهُ ودُهش بِمَوْتِهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والوَسْواس: الشَّيْطَانُ، وَقَدْ وَسْوَس فِي صَدْرِهِ ووَسْوَس إِليه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ
؛ أَراد ذِي الوَسْواس وَهُوَ الشَّيْطَانُ الَّذِي يُوَسوس فِي صُدُورِ النَّاسِ، وَقِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: إِن لَهُ رأْساً كرأْس الْحَيَّةِ يَجْثِمُ عَلَى الْقَلْبِ، فإِذا ذَكَرَ العبدُ اللَّه خَنس، وإِذا تَرَكَ ذِكْرَ اللَّه رَجَعَ إِلى الْقَلْبِ يُوَسوس. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الوِسْواس، بِالْكَسْرِ، الْمَصْدَرُ. وَكُلُّ مَا حَدَّثَ لَكَ أَو وَسْوَسَ، فَهُوَ اسْمٌ. وَفُلَانٌ المُوَسْوِس، بِالْكَسْرِ: الَّذِي تَعْتَرِيهِ الوَساوِس. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ مُوَسْوِس وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ مُوَسْوَس. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِنما قِيلَ مُوَسْوِس لِتَحْدِيثِهِ نَفْسَهُ بالوَسْوسة؛ قَالَ اللَّه تَعَالَى: وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ
؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الصَّيَّادَ:
وَسْوَسَ يَدْعُو مُخْلِصاً ربَّ الفَلَقْ
يَقُولُ: لَمَّا أَحَسَّ بِالصَّيْدِ وأَراد رَمْيَهُ وَسْوَسَ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ حَذَرَ الْخَيْبَةِ. وَقَدْ وَسْوَسَتْ إِليه نَفْسُهُ وَسْوَسة ووِسْواساً، بِالْكَسْرِ، ووَسْوس الرجلَ: كلَّمه كَلَامًا خَفِيًّا. ووَسْوس إِذا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لم يبينه.
وطس: وَطَسَ الشيءَ وَطْساً: كَسَرَهُ ودقَّه. والوَطِيس: المَعْركة لأَن الْخَيْلَ تَطِسُها بِحَوَافِرِهَا. والوَطِيس: التَّنُّورُ. والوَطِيس: حُفَيْرَةٌ تُحْتَفَرُ وَيُخْتَبَزُ فِيهَا وَيُشْوَى، وَقِيلَ: الوَطِيس شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِثْلَ التَّنُّور يُخْتَبَزُ فِيهِ، وَقِيلَ: هِيَ تنُّور مِنْ حَدِيدٍ، وَبِهِ شُبِّه حَرّ الحَرْب.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حُنَيْن: الْآنَ حَمِيَ الوَطِيسُ
، وَهِيَ كَلِمَةٌ لَمْ تُسمع إِلا مِنْهُ، وَهُوَ مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ عَبَّرَ بِهِ عَنِ اشتِباك الحَرْب وَقِيَامِهَا عَلَى سَاقٍ. الأَصمعي: الوَطِيس حِجَارَةٌ مُدَوَّرَةٌ فإِذا حَمِيَتْ لَمْ يُمْكِنْ أَحداً الْوَطْءُ عَلَيْهَا، يُضْرب مَثَلًا للأَمر إِذا اشْتَدَّ: قَدْ حَمِي الوَطِيسُ. وَيُقَالُ: طِسِ الشيءَ أَي أَحْمِ الْحِجَارَةَ وضَعْها عَلَيْهِ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الوَطِيس الضِّراب فِي الْحَرْبِ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ: الْآنَ حِينَ حَمِيَ الوَطِيس
أَي حَمِيَ الضِّراب وجَدَّت الحربُ وَاشْتَدَّتْ، قَالَ: وَقَوْلُ النَّاسِ الوَطِيس التَّنُّورُ بَاطِلٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِمْ حَمِيَ الوَطِيس: هُوَ الْوَطْءُ الَّذِي يَطِسُ النَّاسَ أَي يَدُقُّهُمْ وَيَقْتُلُهُمْ، وأَصل الوَطْس الْوَطْءُ مِنَ الْخَيْلِ والإِبل. وَيُرْوَى
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رُفعت لَهُ «1» يَوْمَ مُؤْتَةَ فرأَى معتَرَك القوم
__________
(1) . هكذا في الأَصل، ولعله أَراد: رفعت له ساحة الحرب، أَو رفعت له المعركة أَي أَبصرها عن بُعد.(6/255)
فَقَالَ: حَمِيَ الْوَطِيسُ.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ كُثْوة: الوَطِيسُ يُحْتَفَرُ فِي الأَرض ويُصَغَّر رأْسه ويُخْرق فِيهِ خَرْق لِلدُّخَانِ ثُمَّ يُوقَدُ فِيهِ حَتَّى يَحْمى ثُمَّ يُوضَعُ فِيهِ اللَّحْمُ ويُسَدّ، ثُمَّ يُؤْتَى مِنَ الْغَدِ وَاللَّحْمُ عاتٍ لَمْ يَحْتَرِقْ، وَرُوِيَ عَنِ الأَخفش نَحْوُهُ. ابْنُ الأَعرابي: الوَطِيس الْبَلَاءُ الَّذِي يَطِسُ النَّاسَ أَي يَدُقُّهُمْ وَيَقْتُلُهُمْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَوِيٍّ وَجَمْعُهُ كُلُّهُ أَوْطِسَة ووُطُسٌ. والوَطِيس: وَطْءُ الْخَيْلِ؛ هَذَا هُوَ الأَصل ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الإِبل؛ قَالَ عَنْتَرَةُ بْنُ شدَّاد الْعَبْسِيُّ:
خَطَّارَة غِبَّ السُّرَى مَوَّارة، ... تَطِسُ الإِكام بذاتِ خُفٍّ مِيْثَم «1»
الوطْس: الضَّرْبُ الشَّدِيدُ بِالْخُفِّ وَغَيْرِهِ. وخَطَّارة: تُحَرِّك ذَنَبَهَا فِي مَشْيِهَا لِنَشَاطِهَا. وغِبّ السُّرى: بَعْدَه. وَمَوَّارَةٌ: سريعةُ دورانِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. والإِكامُ: جَمْعُ أَكَمَة لِلْمُرْتَفِعِ مِنَ الأَرض. وَقَوْلُهُ: ذَاتُ خُفٍّ مِيْثَم أَي تُكَسِّرِ مَا تطؤُه. يُقَالُ: وَثَمَه يَثِمُه إِذا كسره. وأَوْطاس: موضع.
وعس: الوَعْساء والأَوْعَسُ والوَعْس والوَعْسة، كلُّه: السَّهْلُ اللَّيِّنُ مِنَ الرَّمْلِ، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض اللَّيِّنَةُ ذَاتُ الرَّمْلِ، وَقِيلَ: هِيَ الرَّمْلُ تَغِيبُ فِيهِ الأَرجل؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَلْقَتْ طَلًا بوَعْسَةِ الحَوْمانِ
وَالْجَمْعُ أَوْعُسٌ ووُعْس وأَواعِس، الأَخيرة جَمْعُ الْجَمْعِ. وَالسَّهْلُ أَوْعَسُ، والمِيعاس مِثْلُهُ. ووَعْساءُ الرَّمْلِ وأَوْعَسُه: مَا انْدَكَّ مِنْهُ وسهُل. والمَوْعِس كالوَعْس؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَا تَرْتَعِي المَوْعِس مِنْ عَدابِها، ... وَلَا تُبالي الجَدْبَ مِنْ جَنابِها
وَالْمِيعَاسُ كالوَعْس؛ قَالَ اللَّيْثُ: الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ الرَّمْلُ مِنَ الوَعْس وَهُوَ الرَّمْلُ الَّذِي تَسُوخُ فِيهِ الْقَوَائِمُ. وَرَمْلٌ أَوْعَس، وَهُوَ أَعظم مِنَ الوَعْساء؛ وأَنشد:
ألْبسْنَ دِعْصاً بَيْنَ ظَهْرَيْ أَوْعَسا
وَقَالَ جَرِيرٌ:
حَيِّ الهِدَمْلَة مِنْ ذَاتِ المَواعِيسِ «2»
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَلقت طلا بوعسة الحومان
وأَوْعَسَ القومُ: رَكِبُوا الوَعْس مِنَ الرَّمْلِ. والمِيعاسُ: الطَّرِيقُ؛ وأَنشد:
واعَسْنَ مِيعاساً وجُمْهُورات، ... مِنَ الكَثِيبِ، مُتَعَرِّضات
والميعاسُ: الأَرض الَّتِي لَمْ توطأْ. ووَعَسَه الدهرُ: حَنَّكَه وأَحْكَمَه. والمُواعَسَة والإِيعاسُ: ضَرْب مِنْ سَيْرِ الإِبل فِي مَدِّ أَعناق وسَعة خُطى فِي سُرْعَةٍ؛ قَالَ:
كَمِ اجْتَبْنَ مِنْ لَيْل إِلَيْكَ، وأَوْعَسَتْ ... بِنَا البِيدَ أَعْناقُ المَهاري الشَّعاشِع
البِيدَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ أَو عَلَى السَّعة. وأَوْعَسْنَ بالأَعْناق إِذا مَدَدْنَ الأَعناق فِي سَعة الخَطْو. والمُواعَسَة: المُباراة فِي السَّيْرِ، وهي المُواضَخَة، وَلَا تَكُونُ المُواعسة إِلا بِاللَّيْلِ. وأَوْعَسْنا: أَدْلجنا والوَعْس: شِدَّةُ الْوَطْءِ عَلَى الأَرض. والمَوْعُوس: كالمَدْعُوس. والوَعْسُ: شَجَرٌ تُعْمل مِنْهُ الْعِيدَانُ الَّتِي يُضرب بِهَا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
__________
(1) . وَفِي معلقة عنترة: بوَخْدِ بدل بذات.
(2) . قوله [حيّ الهدملة إلخ] عبارة القاموس وشرحه: وذات المواعيس موضع.(6/256)
رَهاوِيَّةٌ مُنْزعٌ دَفُّها، ... تُرَجّع فِي عُودِ وَعْسٍ مَرَنْ
وَقَسَ: اللَّيْثُ: الوَقْسُ الْفَاحِشَةُ وذِكْرُها؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وحاصِن مِنْ حاصِناتٍ مُلْسِ ... عَن الأَذى، وعَنْ قِرافِ الوَقْسِ
ضَرَبَ الجَرَبَ مَثَلًا لِلْفَاحِشَةِ قَالَ: والوَقْسُ الصَّوْتُ، قَالَ الأَزهري: أَخطأَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ الوَقْس فَجَعَلَهُ فَاحِشَةً وأَخطأَ فِي لَفْظِ الوَقْس بِمَعْنَى الصَّوْتِ، وَصَوَابُهُ الوَقْشُ. الْجَوْهَرِيُّ: وقَسَه وقْساً أَي قَرَفه. وإِنَّ بِالْبَعِيرِ لوَقْساً إِذا قارَفه شَيْءٌ مِنَ الجَرَب، وَهُوَ بَعِيرٌ مَوْقُوس. والوَقْس: الْجَرَبُ، وَقِيلَ: هُوَ أَول الجَرَب قَبْلَ انْتِشَارِهِ فِي الْبَدَنِ؛ قَالَ:
الوَقْسُ يُعْدي فتَعَدَّ الوَقْسا
الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابية مِنْ بَنِي نُمَيْر كَانَتِ اسْتُرْعِيت إِبلًا جُرْباً، فَلَمَّا أَراحَتْها سأَلتْ صاحبَ النِّعم فَقَالَتْ: أَين آوِي هَذِهِ المُوَقَّسَة؟ أَرادت بالمُوَقَّسَةِ الجُرْب؛ وَمِنْ أَمثالهم:
الوَقْسُ يُعْدي فتَعَدَّ الوَقْسا، ... مَنْ يَدْنُ لِلْوَقْسِ يُلاقِ تَعْسا
الوَقْس: الجَرَب. والتَّعْس: الْهَلَاكُ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لتَجَّنُّب مَنْ تَكْرَهُ صُحْبَتَهُ. وَيُقَالُ: إِن بِهِ لوَقْساً إِذا قارَفه شَيْءٌ مِنَ الجَرَب؛ وأَنشد الأَصمعي لِلْعَجَّاجِ:
يَصْفَرُّ لِلْيُبْسِ اصْفِرارَ الوَرْسِ، ... مِنْ عَرَقِ النَّضْحِ عَصِيمَ الدَّرْسِ،
مِنَ الأَذى وَمِنْ قِراف الوَقْسِ
وَقَوْمٌ أَوْقاسٌ: نَطِفُون مُتَّهَمُون يُشَبَّهون بالجَرْباء. تَقُولُ الْعَرَبُ: لَا مِساسَ لَا مِساس، لَا خَيْرَ فِي الأَوْقاس. ورأَيت أَوْقاساً مِنَ النَّاسِ أَي أَخْلاطاً، وَلَا وَاحِدَ لَهَا. والوَقْس: السِّقَاطُ والعبيد؛ عن كراع.
وَكَسَ: الوَكْسُ: النَّقْصُ. وَقَدْ وَكَسَ الشيءُ: نَكَس. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: لَهَا مَهْر مِثْلِهَا لَا وَكْس وَلَا شطَط
أَي لَا نُقْصَانَ وَلَا زِيَادَةَ؛ الوَكْس: النَّقْصُ، والشَّطَطُ: الْجَوْرُ. ووَكَسْتُ فُلَانًا: نَقَصْته. والوَكْسُ: اتِّضاع الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ؛ قَالَ:
بِثَمَنٍ مِنْ ذَاكَ غَيْرِ وَكْسِ، ... دُونَ الغَلاءِ، وفُوَيْقَ الرُّخْصِ
أَي بثمنٍ مِنْ ذَاكَ غيرِ ذِي وَكْس، وَجُمِعَ بَيْنَ السِّينِ وَالصَّادِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُسَمَّى الإِكْفاءَ، وَيُقَالُ: لَا تَكِسْ يَا فلانُ الثمنَ، وإِنه ليُوضَع ويُوكَس، وَقَدْ وُضِع ووُكِسَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: مَنْ بَاعَ بَيْعَتين فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهما أَو الرِّبا
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعلم أَحداً قَالَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وصحَّحَ البيعَ بأَوْكَس الثَّمَنَين إِلا مَا يُحْكَى عَنِ الأَوْزاعي، وَذَلِكَ لِمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنَ الغَرَر وَالْجَهَالَةِ، قَالَ: فإِن كَانَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا فَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ ذَلِكَ حُكُومَةً فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كأَن أَسلفه دِينَارًا فِي قَفِيز بُرٍّ إِلى أَجَل، فَلَمَّا حلَّ طَالِبُهُ، فَجَعَلَهُ قَفِيزَيْنِ إِلى أَمَدٍ آخَرَ، فَهَذَا بَيْعٌ ثَانٍ دَخَلَ عَلَى الْبَيْعِ الأَول، فيُرَدَّانِ إِلى أَوْكَسِهما أَي أَنقصهما وَهُوَ الأَول، فإِن تبايَعا الْبَيْعَ الثَّانِي قَبْلَ أَن يَتَقَابَضَا كَانَا مُرْبِيَيْن؛ وَقَدْ وُكِسَ فِي السِّلْعَةِ وَكْساً. وأُوكِس الرَّجُلُ إِذا ذَهَبَ مالُه. والوَكْس: دُخُولُ الْقَمَرِ فِي نجمٍ غَدْوَةً؛ قَالَ:
هَيَّجها قَبْل لَيَالِي الوَكْس(6/257)
أَبو عَمْرٍو: الوَكْس مَنْزِلُ الْقَمَرِ الَّذِي يُكْسف فِيهِ. وبَرأَت الشجَّة عَلَى وَكْسٍ إِذا بَقِيَ فِي جَوْفِهَا شَيْءٌ. وَيُقَالُ: وُكِسَ فلانٌ فِي تِجَارَتِهِ وأُوكِسَ أَيضاً، عَلَى مَا لَمْ يسمِّ فَاعِلَهُ فِيهِمَا، أَي خَسِرَ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَن مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلى الْحُسَيْنُ بْنِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، إِني لَمْ أَكِسْك وَلَمْ أَخِسْك؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَمْ أَكِسْك لَمْ أَنْقِمْك وَلَمْ أَخِسْك أَي لَمْ أُباعِدْك مِمَّا تُحب، والأَوّل مِنْ وَكَس يَكِسُ، وَالثَّانِي مِنْ خاسَ يَخِيس بِهِ، أَي لَمْ أَنْقُصْك حَقَّكَ ولم أَنقُض عهدك.
وَلَسَ: الوَلْس: الْخِيَانَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: لَا يُوالِس وَلَا يُدالس. وَمَا لِي فِي هَذَا الأَمر وَلْسٌ وَلَا دَلْسٌ أَي مَا لِي فِيهِ خَديعَة وَلَا خِيَانَةً. والمُوَالَسَة: الخِداع. يُقَالُ: قَدْ تَوالَسُوا عَلَيْهِ وتَرَاقدوا عَلَيْهِ أَي تَنَاصَرُوا عَلَيْهِ فِي خِبٍّ وخَديعة. وَوَالَسَه: خادَعه. والمُوالَسَة: شِبْهُ المُداهَنَة فِي الأَمر. وَيُقَالُ لِلذِّئْبِ ولَّاسٌ. والوَلْسُ: السُّرْعَةُ. وَوَلَسَت النَّاقَةُ تَلِس وَلَساناً فَهِيَ وَلُوسٌ: أَسرعت، وَقِيلَ: أَعْنَقَتْ فِي سَيْرِهَا، وَقِيلَ: الوَلَسان سِيَرٌ فَوْقَ العَنَق والإِبل يُوالِسُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي السَّيْرِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ العَنَق. التَّهْذِيبُ: الوَلُوس النَّاقَةُ الَّتِي تَلِس فِي سَيْرِهَا وَلَساناً، والوَلُوس: السَّرِيعَةُ مِنَ الإِبل.
وَمَسَ: الوَمْس: احْتِكاك الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ حَتَّى يَنْجَرد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَدْ جَرّد الأَكْتافَ وَمْسُ الحَوارِكِ
قَالَ: وَلَمْ أَسمع الوَمْس لِغَيْرِهِ، وَالرِّوَايَةُ مَوْر المَوارِكِ. وأَوْمَسَ العِنَب: لانَ للنُّضْجِ. وامرأَةٌ مُومِسٌ ومُومِسَةٌ: فَاجِرَةٌ زَانِيَةٌ تَمِيلُ لمُرِيدِها كَمَا سُمِّيَتْ خَرِيعاً مِنَ التَخَرُّع وَهُوَ اللِّينُ وَالضَّعْفُ، وَرُبَّمَا سُمِّيَتْ إِماءُ الخِدْمَة مُومِسات، والمُومِسات: الْفَوَاجِرُ مُجَاهَرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
جُرَيْجٍ: حَتَّى يَنْظُرَ فِي وُجُوهِ المُومِسات
، وَيُجْمَعُ عَلَى مَيامِس أَيضاً ومَوامِيس، وأَصحاب الْحَدِيثِ يَقُولُونَ: ميامِيس وَلَا يَصِحُّ إِلا عَلَى إِشباع الْكَسْرَةِ لِيَصِيرَ يَاءً كمُطْفِل ومَطافِل ومَطافِيل. وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَائِلٍ: أَكْثر أَتْباع الدَّجَّال أَولاد المَيامِس
، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَولاد المَوامِس
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي أَصل هَذِهِ اللَّفْظَةِ فَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ مِنَ الْهَمْزَةِ وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ مِنَ الْوَاوِ، وكلٌّ مِنْهُمَا تكلَّف لَهُ اشْتِقَاقًا فِيهِ بُعْدٌ، وَذَكَرَهَا هُوَ فِي حَرْفِ الْمِيمِ لِظَاهِرِ لَفْظِهَا وَلِاخْتِلَافِهِمْ فِي لَفْظِهَا.
وَهَسَ: الوَهْس: شِدَّةُ الغَمْز. والوَهْس: الْكَسْرُ عَامَّةً، وَقِيلَ: هُوَ كَسْرُكَ الشَّيْءَ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرض وِقَايَةٌ لِئَلَّا تُبَاشِرَ بِهِ الأَرض. والوَهْس: الدَّقّ، وَهَسَه وَهْساً وَهُوَ مَوْهُوسٌ ووَهِيسٌ. والوَهْس: الْوَطْءُ. ووَهَسَه وَهْساً: وطِئَه وَطأً شَدِيدًا. ومَرَّ يَتَوَهَّس أَي يغْمز الأَرض غَمْزاً شَدِيدًا، وَكَذَلِكَ يَتَوهَّز. وَرَجُلٌ وَهْسٌ: مَوْطُوءٌ ذَلِيلٌ. والوَهْس أَيضاً: السَّيْرُ، وَقِيلَ: شِدَّةُ السَّيْرِ، وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: سَيْرٌ وَهْس، وَقَدْ تَواهَسَ القومُ. والوَهْس أَيضاً: فِي شِدَّةِ البَضْع والأَكل؛ وأَنشد:
كأَنه لَيْث عَرِين دِرْباسْ ... بالعَثَّرَيْنِ، ضَيْغَمِيٌّ وهَّاسْ
ووَهَسَ وَهْساً ووَهِيساً: اشْتَدَّ أَكله وبَضْعه. والوَهِيسَة: أَن يُطْبَخَ الجَرَاد ثم يجفَّف ويدقَّق فيُقْمَخ وَيُؤْكَلُ بدَسَم، وَقِيلَ: يُبْكَلُ بسَمْن، ويُبْكَل أَي يُخْلَط، وَقِيلَ: يُخْلَطُ بدَسَم.(6/258)
الْجَوْهَرِيُّ: التَّوهُّس مَشْيُ الْمُثْقَلِ فِي الأَرض. والوَهْس: الشَّر والنَّمِيمَة؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
بِتنَقُّص الأَعْراضِ والوَهْسِ
والمُواهَسة: المُشارَّة «3» .
وَيَسَ: وَيْسُ: كَلِمَةٌ فِي مَوْضِعِ رأْفة واسْتِمْلاحٍ كَقَوْلِكَ لِلصَّبِيِّ: وَيْسَه مَا أَمْلَحَه والوَيْح والوَيْس: بِمَنْزِلَةِ الوَيْل فِي الْمَعْنَى. وَوَيْسٌ لَهُ أَي وَيْلٌ، وَقِيلَ: وَيْسٌ تَصْغِيرٌ وَتَحْقِيرٌ، امْتَنَعُوا مِنَ اسْتِعْمَالِ الْفِعْلِ مِنَ الوَيْس لأَن الْقِيَاسَ نَفَاهُ وَمَنَعَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنه لَوْ صُرِّف مِنْهُ فِعْلٌ لَوَجَبَ اعْتِلَالُ فَائِهِ وَعَدَمِ عَيْنِهِ كَباعَ، فَتَحامَوا اسْتِعْمَالَهُ لِمَا كان يُعْقِب من اجتماع إِعلالين؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ جِنِّي، وأَدخل الأَلف وَاللَّامَ عَلَى الوَيْس، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَسَمِع ذَلِكَ أَم هُوَ مِنْهُ تبسُّط وإِدْلال. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي كِتَابِهِ: أَما وَيْسَك فإِنه لَا يُقَالُ إِلا لِلصِّبْيَانِ، وأَما وَيْلَك فَكَلَامٌ فِيهِ غِلَظ وشَتْم، قَالَ اللَّه تَعَالَى لِلْكُفَّارِ، وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً؛ وأَما وَيْح فَكَلَامٌ ليِّن حَسَنٌ، قَالَ: وَيُرْوَى أَن وَيْح لأَهل الْجَنَّةِ ووَيْل لأَهل النَّارَ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ، قَالَ لعَمَّار: ويْح ابْنِ سُمَيَّة تَقْتُلُهُ الفِئَة الْبَاغِيَةُ
وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير قَالَ فِي الْحَدِيثِ
قَالَ لِعَمَّارٍ: وَيْسَ ابْنُ سُمَيَّة
، قَالَ: وَيْس كَلِمَةٌ تُقَالُ لمَنْ يُرْحَم ويُرْفَق بِهِ مِثْلَ وَيْح، وحكمُها حكمُها.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، أَنها لَيْلَةٌ تَبِعت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ حُجْرتها لَيْلًا فَنَظَرَ إِلى سَوَادِهَا فَلحِقها وَهُوَ فِي جَوْفِ حُجْرتها فَوَجَدَ لَهَا نَفَساً عَالِيًا، فَقَالَ: وَيْسها مَاذَا لَقِيت «4» اللَّيْلَةَ؟
وَلَقِيَ فُلَانٌ وَيْساً أَي مَا يُرِيدُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
عَصَتْ سَجَاحِ شَبَثاً وقَيْسَا، ... ولَقِيَتْ مِنَ النِّكاحِ وَيْسَا
قَالَ: مَعْنَاهُ أَنها لَقِيَتْ مِنْهُ مَا شَاءَتْ، فالوَيْس عَلَى هَذَا هُوَ الْكَثِيرُ. وَقَالَ مرَّة: لَقِي فلانٌ وَيْساً أَي مَا لَا يُرِيدُ، وَفَسَّرَ بِهِ هَذَا الْبَيْتَ أَيضاً. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ أَبا السّمَيْدَع يَقُولُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إِنها بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي الأَلفاظ إِن صحَّ لَهُ: يُقَالُ وَيْسٌ لَهُ فَقْرٌ لَهُ. والوَيْسُ: الْفَقْرُ. يُقَالُ: أُسْه أَوساً أَي شُدَّ فَقْره.
فصل الياء
يَأَسَ: اليَأْس: القُنوط، وَقِيلَ: اليَأْس نَقِيضُ الرَّجَاءِ، يَئِسَ مِنَ الشَّيْءِ يَيْأَس ويَيْئِس؛ نَادِرٌ عَنْ سِيبَوَيْهِ، ويَئِسَ ويَؤُس عَنْهُ أَيضاً، وَهُوَ شَاذٌّ، قَالَ: وإِنما حَذَفُوا كَرَاهِيَةَ الْكَسْرَةِ مَعَ الْيَاءِ وَهُوَ قَلِيلٌ، وَالْمَصْدَرُ اليَأْسُ واليَآسَة واليَأَس، وَقَدِ استَيْأَسَ وأَيْأَسْته وإِنه لَيَائِسٌ ويَئِس ويَؤُوس ويَؤُس، والجمع يُؤُوس. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ: وأَما يَئِسَ وأَيِسَ فالأَخيرة مَقْلُوبَةٌ عَنِ الأَوْسِ لأَنه لَا مصدرَ لأَيِسَ، وَلَا يَحْتَجُّ بإِياس اسْمِ رَجُل فإِنه فِعالٌ مِنَ الأَوْس وَهُوَ الْعَطَاءُ، كَمَا يُسَمى الرَّجُلُ عَطِيَّةَ اللَّه وهِبَة اللَّه والفَضْلَ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: عَلْيَاءُ مُضَرَ تَقُولُ يَحْسِبُ ويَنْعِم ويَيْئِس، وَسَفَّلَاهَا بِالْفَتْحِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهَذَا عِنْدَ أَصحابنا إِنما يَجِيءُ عَلَى لُغَتَيْنِ يَعْنِي يَئِسَ يَيْأَس ويأَس يَيْئِس لُغَتَانِ ثُمَّ يُرَكَبُ مِنْهُمَا لُغَةٌ، وأَما ومِقَ يَمِق ووَفِقَ يَفِقُ ووَرِمَ يَرِمُ ووَلي يَلي ووَثِقَ يَثِق ووَرِثَ يَرِث فَلَا يجوز فيهن إِلا
__________
(3) . جاء في مرح: التواهس التسارر.
(4) . قوله [ماذا لقيت] الذي في النهاية ما لقيت.(6/259)
الْكَسْرُ لُغَةٌ وَاحِدَةٌ. وآيَسَه فُلَانٌ مِنْ كَذَا فاسْتَيْأَس مِنْهُ بِمَعْنَى أَيِسَ واتَّأَسَ أَيضاً، وَهُوَ افتَعَل فأُدغم مِثْلَ اتَّعَدَ. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ: لَا يَأْسَ مِنْ طُولٍ
أَي أَنه لَا يُؤْيَسُ مِنْ طُولِهِ لأَنه كَانَ إِلى الطُّولِ أَقرب مِنْهُ إِلى الْقِصَرِ. واليَأْسُ: ضِدُّ الرَّجاء، وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ اسْمٌ نَكِرَةٌ مَفْتُوحٌ بِلَا النَّافِيَةِ وَرَوَاهُ ابْنُ الأَنباري فِي كِتَابِهِ: لَا يائِس مِنْ طُولٍ، فَقَالَ: مَعْنَاهُ لَا يُؤْيَس مِنْ أَجل طُولِهِ أَي لَا يَأْيَسُ مُطاوِلُه مِنْهُ لإِفراط طُولِهِ، فَيائِس بِمَعْنَى مَيْؤُوس كَمَاءٍ دافِق بِمَعْنَى مَدْفُوق. واليَأْسُ مِنَ السِّلُ لأَن صاحبه مَيْؤُوسٌ مِنْهُ. ويَئِسَ يَيْئِسُ ويَيْأَس: عَلِمَ مِثْلَ حَسِب يَحْسِبُ ويَحْسَب: قَالَ سُحَيْم بْنُ وَثِيلٍ اليَرْبُوعي، وَذَكَرَ بَعْضُ العلَماء أَنه لِوَلَدِهِ جَابِرِ بْنِ سُحَيْم بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيهِ: أَني ابنُ فَارِسِ زَهْدَم، وَزَهْدَمٌ فَرَسُ سُحَيْمٍ:
أَقُولُ لَهُمْ بالشِّعْبِ إِذ يَيْسِرُونَني: ... أَلم تَيْأَسُوا أَني ابْنُ فارِسِ زَهْدَم؟
يَقُولُ: أَلم تعْلموا، وَقَوْلُهُ يَيْسرونني مِنْ أَيسار الجَزُور أَي يَجْتَزِرُونني ويَقْتَسمونني، وَيُرْوَى يَأْسِرونني مِنَ الأَسْر، وأَما قَوْلُهُ إِذ يَيْسِرونني فإِنما ذَكَرَ ذَلِكَ لأَنه كَانَ وَقَعَ عَلَيْهِ سِباءٌ فَضَرَبُوا عَلَيْهِ بالمَيْسِر يَتَحَاسَبُونَ عَلَى قِسْمَةِ فِدائه، وَزَهْدَمٌ اسْمُ فَرَسٍ، وَرُوِيَ: أَني ابْنُ قَاتِلِ زَهْدَمٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ عَبْسٍ، فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ أَن يَكُونَ الشِّعْرُ لِسُحَيْمٍ؛ وَرَوِيَ هَذَا الْبَيْتَ أَيضاً فِي قَصِيدَةٍ أُخرى عَلَى هَذَا الرويِّ وَهُوَ:
أَقول لأَهل الشَّعب إِذ يَيْسِرُونَنِي: ... أَلم تيأَسوا أَني ابْنُ فَارِسِ لازِمِ؟
وصاحِب أَصْحابِ الكَنِيفِ، كأَنَّما ... سَقاهم بِكَفَّيْهِ سِمامَ الأَراقِمِ
وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيضاً يَكُونُ الشِّعْرُ لَهُ دُونَ وَلَدِهِ لِعَدَمِ ذِكْرِ زَهْدَم فِي الْبَيْتِ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مَعْن: يَئِسْتُ بِمَعْنَى عَلِمْت لُغَةَ هَوازِن، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هِيَ لغةُ وَهْبِيل حَيٌّ مِنَ النَّخَع وَهُمْ رَهْطُ شَريكٍ، وَفِي الصِّحَاحِ فِي لُغَةِ النَّخَع. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً
؛ أَي أَفَلم يَعْلَم، وَقَالَ أَهل اللُّغَةِ: مَعْنَاهُ أَفلم يَعْلَمِ الَّذِينَ آمَنُوا عِلْمًا يَئِسوا مَعَهُ أَن يَكُونَ غَيْرَ مَا عَلِمُوهُ؟ وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَفلم يَيْأَس الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ إِيمان هؤُلاء الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بأَنهم لَا يُؤْمِنُونَ؟ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ:
كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يقرأُ: أَفلم يَتَبَيَّنِ الَّذِينَ آمَنُوا أَن لَوْ يَشَاءُ اللَّه لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا
؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبَ الْكَاتِبُ أَفلم يَيْأَس الَّذِينَ آمَنُوا، وَهُوَ نَاعِسٌ، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ فِي الْمَعْنَى عَلَى تَفْسِيرِهِمْ إِلا أَن اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَوقع إِلى الْمُؤْمِنِينَ أَنه لَوْ شَاءَ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا، فَقَالَ: أَفلم ييأَسوا عِلْمًا، يَقُولُ يُؤْيِسهم الْعِلْمُ فَكَانَ فِيهِ الْعِلْمُ مُضْمَرًا كَمَا تَقُولُ فِي الْكَلَامِ: قَدْ يَئِسْتُ مِنْكَ أَن لَا تُفْلح، كأَنك قُلْتَ: قَدْ عَلَمْتُهُ عَلَمًا. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: يَيْأَسُ*
بِمَعْنَى عَلِم لُغَةً للنَّخَع
، قَالَ: وَلَمْ نَجِدْهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ إِلا عَلَى مَا فَسَّرْتُ، وَقَالَ أَبو إِسحق: الْقَوْلُ عِنْدِي فِي قَوْلِهِ: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْ إِيمان هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّه بأَنهم لَا يؤْمنون لأَنه قَالَ: لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً، وَلُغَةٌ أُخرى: أَيِسَ يَأْيَسُ وآيَسْتُه أَي أَيْأَسْتُه، وَهُوَ اليَأْسُ والإِياسُ، وَكَانَ فِي الأَصل الإِيياسُ بِوَزْنِ الإِيعاس. وَيُقَالُ: اسْتَيْأَس بِمَعْنَى يَئِسَ، وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِلُغَةِ مَنْ قرأَ يَئِسَ، وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنه قرأَ
فَلَا تَايَسُوا
، بِلَا هَمْزٍ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: سَمِعْتُ غَيْرَ قَبِيلَةٍ يَقُولُونَ أَيِس يايَسُ، بِغَيْرِ همز. وإِلْياس: اسم.(6/260)
يَبِسَ: اليُبْس، بِالضَّمِّ: نَقِيضُ الرُّطُوبَةِ، وَهُوَ مَصْدَرُ قَوْلِكَ يَبِسَ الشيءُ يَيْبِسُ ويَيْبَس، الأَول بِالْكَسْرِ نَادِرٌ، يَبْساً ويُبْساً وَهُوَ يابِسٌ، وَالْجَمْعُ يُبَّس؛ قَالَ:
أَوْرَدَها سَعْدٌ عَلَيَّ مُخْمِسا، ... بِئْراً عَضُوضاً وشِناناً يُبَّسا
واليَبْسُ، بِالْفَتْحِ: اليابِسُ. يُقَالُ: حَطَبٌ يَبْس؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: كأَنه خِلْقة؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
تُخَشْخِشُ أَبْدانُ الحَديدِ عَلَيهمُ، ... كَمَا خَشْخَشَتْ يَبْسَ الحَصادِ جَنُوبُ
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ جَمْعُ يابِس مِثْلَ راكِب ورَكْب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: واليَبْس واليَبَس اسْمَانِ لِلْجَمِيعِ. وتَيْبيسُ الشَّيْءِ: تَجْفِيفُهُ، وَقَدْ يَبَّسْتُه فاتَّبَس، وَهُوَ افْتَعَل فأُدغم، وَهُوَ مُتَّبِس؛ عَنِ ابْنِ السَّرَّاجِ. وَشَيْءٌ يَبُوسٌ: كَيابسٍ؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:
أَمَّا إِذا اسْتَقْبَلْتَها، فكأَنَّها ... ذَبُلَتْ منَ الهِنْديِّ غَيْر يَبُوسِ
أَراد عَصاً ذَبُلَتْ أَو قَناة ذَبُلَتْ فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ. واتَّبَس يَتَّبِس، أَبدلوا التَّاءَ مِنَ الْيَاءِ، ويَأْتَبِس كُلُّهُ كيَبِس، وأَيْبَسْتُه. وَمَكَانٌ يَبْسٌ ويَبيس: يابِسٌ كَذَلِكَ. وأَرض يَبْس ويَبَسٌ، وَقِيلَ: أَرض يَبْسٌ قَدْ يَبِس ماؤُها وَكَلَؤُهَا، ويَبَسَ: صُلبة شَدِيدَةٌ. واليَبَس، بِالتَّحْرِيكِ: الْمَكَانُ يَكُونُ رَطْبًا ثُمَّ يَيْبَس؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً
. وَيُقَالُ أَيضاً: امرأَة يَبَسٌ لَا تُنيلُ خَيراً؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِلى عَجُوزٍ شَنَّةِ الْوَجْهِ يَبَس
وَيُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ كَانَتِ النُّدُوَّة والرُّطُوبة فِيهِ خِلْقة: فَهُوَ يَيْبَس فِيهِ يُبْساً «1» ، وَمَا كَانَ فِيهِ عَرَضاً قُلْتُ: جَفّ. وَطَرِيقٌ يَبَسٌ: لَا نُدُوَّة فِيهِ وَلَا بَلَلَ. واليَبَسُ مِنَ الكَلإِ: الْكَثِيرُ اليَابِسُ، وَقَدْ أَيْبَسَت الخُضْر وأَرض مُوبِسَة. الأَصمعي: يُقَالُ لِمَا يَبِسَ مِنْ أَحرار الْبُقُولُ وَذُكُورِهَا اليَبِيسُ والجَفِيفُ والقَفِيفُ، وأَما يَبِيسُ البُهْمَى، فَهُوَ الْعُرْقُوبُ «2» والصُّفارُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَا يُقَالُ لِمَا يَبِس مِنَ الحَلِيِّ والصِّلِّيَان والحَلَمَة يَبيسٌ، وإِنما اليَبِيسُ مَا يَبِس مِنَ العُشْب والبُقول الَّتِي تَتَنَاثَرُ إِذا يَبِسَت، وَهُوَ اليُبْس واليَبيسُ أَيضاً «3» ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
ولمْ يَبْقَ بالخَلْصاءِ ممَّا عَنَتْ بِهِ ... مِنَ الرُّطْبِ، إِلا يُبْسُها وهَجِيرُها
وَيُرْوَى يَبْسها، بِالْفَتْحِ، وَهُمَا لُغَتَانِ. واليَبِيس مِنَ النَّبَاتِ: مَا يَبِس مِنْهُ. يُقَالُ: يَبِس، فَهُوَ يَبِيس، مِثْلَ سَلِمَ، فَهُوَ سَلِيمٌ. وأَيْبَسَت الأَرض: يَبِس بَقْلُهَا، وأَيْبَسَ القومُ أَيضاً كَمَا يُقَالُ أَجْرَزُوا مِنَ الأَرض الجُرْزِ. وَيُقَالُ لِلْحَطَبِ: يَبْسٌ، وللأَرض إِذا يَبِسَت: يَبْسٌ. ابْنُ الأَعرابي: يَبَاسِ، هِيَ السَّوْأَة والفُندُورة. والشَّعَرُ اليابِس: أَرْدَؤُه وَلَا يَرَى فِيهِ سَحْجٌ وَلَا دُهْن وَوَجْهٌ يابِسٌ: قَلِيلُ الْخَيْرِ. وَشَاةٌ يَبَسٌ ويَبْس: انْقَطَعَ لِبَنُهَا فيَبِسَ ضَرْعها وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا لَبَنٌ. وأَتان يَبْسة ويَبَسَة، يَابِسَةٌ ضَامِرَةٌ؛ السُّكُونُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْفَتْحُ عَنْ ثَعْلَبٍ، وكلأَ يَابِسٌ، وَقَدِ اسْتُعْمِلَ فِي الْحَيَوَانِ. حَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَن نِسَاءَ العرب
__________
(1) . قوله [فَهُوَ يَيْبَسُ فِيهِ يُبْسًا] كذا بالأَصل مضبوطاً.
(2) . قوله [العرقوب] كذا بالأَصل.
(3) . قوله [واليبيس أَيضاً] كذا بالأَصل ولعله واليَبْس بفتح الياء وسكون الباء.(6/261)
يَقُلْن فِي الأُخَذ: أَخَّذْتُه بالدَّرْدَبيس تَدِر العِرق اليَبِيس. قَالَ: تَعْنِي الذَّكر. ويَبِسَت الأَرض: ذَهَبَ ماؤُها ونَدَاها. وأَيْبَسَت: كَثُرَ يَبيسُها. والأَيْبَسانِ: عَظْمَا الوَظِيفَيْن مِنَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَقِيلَ: مَا ظَهَرَ مِنْهُمَا وَذَلِكَ لِيُبْسِهما. والأَيابِسُ: مَا كَانَ مِثْلَ عُرْقوب وساقٍ. والأَيْبَسان: مَا لَا لَحْمَ عَلَيْهِ مِنَ الساقَيْن. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فِي سَاقِ الْفَرَسِ أَيْبَسان وَهُمَا مَا يَبِس عَلَيْهِ اللَّحْمُ مِنَ السَّاقَين؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
فَقُلْتُ لَهُ: أَلْصِقْ بأَيْبَس سَاقِها، ... فإِن تَجْبُر العُرْقُوبَ لَا تَجْبُر النَّسَا
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الأَيْبَس هُوَ الْعَظَمُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الظُّنْبُوب الَّذِي إِذا غَمَزْته فِي وَسَطِ سَاقِكَ آلمَك، وإِذا كُسِر فَقَدْ ذَهَبَتِ السَّاقُ، قَالَ: وَهُوَ اسْمٌ لَيْسَ بِنَعْتٍ، وَالْجَمْعُ الأَيابِس. ويَبِيسُ الْمَاءِ: العَرَق، وَقِيلَ: العَرَق إِذا جَفَّ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ يَصِفُ خَيْلًا:
تَراها مِنْ يَبِيسِ الْمَاءِ شُهْباً، ... مُخالِطُ دِرَّةٍ مِنْهَا غِرارُ
الغِرار: انْقِطَاعُ الدِّرَّة؛ يَقُولُ: تُعْطِي أَحياناً وَتَمْنَعُ أَحياناً، وإِنما قَالَ شَهْباً لأَن العَرَق يَجِفُّ عَلَيْهَا فتَبْيَضُّ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِيبَسْ يَا رَجُلُ أَي اسكتْ. وسَكْرانُ يابِس: لَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شدَّة السُّكْرِ كأَن الْخَمْرَ أَسكتته بِحَرَارَتِهَا. وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ: رَجُلٌ يابِس مِنَ السُّكْر، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه سَكِر جِدًّا حَتَّى كأَنه مات فَجفّ.
يُوسِ: الْيَاس: السِّل. وإِلْيَاس بْنُ مُضَر: مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُ أَبي العاصِيَة السُّلَمي:
فلَوْ أَنَّ داءَ اليَاسِ بِي، فأَعانَني ... طَبِيب بأَرْواح العَقِيقِ، شَفانِيَا
قَالَ ثَعْلَبٌ: داءُ الْيَاس يَعْنِي إِلْيَاس بْنَ مُضَر، كَانَ أَصابه السِّل فَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي السِّل داءَ اليَاس.(6/262)
ش
حرف الشين المعجمة
ش: الشين مِنَ الْحُرُوفِ المَهْموسة، والمهْموس حَرْفٌ لانَ فِي مَخْرَجه دُونَ المَجْهور وَجَرَى مَعَ النَّفَس، فَكَانَ دُونَ الْمَجْهُورِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ، وَهُوَ مِنَ الْحُرُوفِ الشَّجْريَّة أَيضاً.
فصل الألف
أبش: الأَبْشُ: الجمْع. وَقَدْ أَبشه وأَبَشَ لأَهله يَأْبشُ أَبْشاً: كَسَب. وَرَجُلٌ أَبَّاش: مكتسِب. وَيُقَالُ: تَأَبَّش الْقَوْمُ وتَهَبَّشوا إِذا تجيَّشوا وتجمَّعوا.
أرش: أَرَّش بَيْنَهُمْ: حَمَل بعضَهم عَلَى بَعْضٍ وحَرَّش. والتَّأْرِيش: التَّحْرِيشُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَصْبَحْت مِنْ حِرْصٍ عَلَى التَّأْرِيش
وأَرَّشْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ تَأْرِيشاً: أَفسدت. وتَأْرِيش الحرْب والنار: تَأْرِيثُهما. والأَرْش مِنَ الْجِرَاحَاتِ: مَا لَيْسَ لَهُ قَدْرٌ مَعْلُومٌ، وَقِيلَ: هُوَ دِيَةُ الْجِرَاحَاتِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الأَرْشِ الْمَشْرُوعِ فِي الحُكومات، وَهُوَ الَّذِي يأْخذه الْمُشْتَرِي مِنَ الْبَائِعِ إِذا اطَّلَع عَلَى عَيْبٍ فِي المَبيع، وأُرُوش الْجِنَايَاتِ وَالْجِرَاحَاتِ جَائِزَةٌ لَهَا عَمَّا حَصَلَ فِيهَا مِنَ النَّقْص، وسُمِّي أَرْشاً لأَنه مِنْ أَسباب النِّزَاعِ. يُقَالُ: أَرَّشْت بَيْنَ الْقَوْمِ إِذا أَوقعت بَيْنَهُمْ؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
أَصْبِحْ، فَمَا مِنْ بَشَرٍ مَأْرُوشِ
يَقُولُ: إِن عِرضي صَحِيحٌ لَا عَيْبَ فِيهِ. والمَأْرُوش: المَخْدوش؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يَقُولُ انْتَظِرْ حَتَّى تَعْقِل فَلَيْسَ لَكَ عِنْدَنَا أَرْش إِلا الأَسِنَّة، يَقُولُ: لَا نَقْتل إِنساناً فَنَدِيه أَبداً. قَالَ: والأَرْش الدِّيَةُ. شَمِرٌ عَنْ أَبي نَهْشلٍ وصاحبِه: الأَرْشُ الرشْوَة، وَلَمْ يَعْرِفَاهُ فِي أَرْش الْجِرَاحَاتِ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا: الأَرْش مِنَ الْجِرَاحَاتِ كالشَّجَّة ونحوِها. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: ائْتَرِشْ مِنْ فُلَانٍ خُماشَتَك يَا فلانُ أَي خُذ أَرْشَها. وَقَدِ ائْتَرَشَ للخُماشة واسْتَسْلم للقِصاص. وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَصل الأَرْش الخَدْش، ثُمَّ قِيلَ لِمَا يُؤْخَذُ دِيَةً لَهَا: أَرْش، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَهُ النَّذْر، وَكَذَلِكَ عُقْر المرأَة مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْوَاطِئِ ثَمَنًا لبُضْعها، وأَصله مِنَ العَقْر كأَنه عَقَرها حِينَ وَطِئَهَا وَهِيَ بكر(6/263)
فاقْتَضَّها، فَقِيلَ لِمَا يُؤْخَذُ بِسَبَبِ العَقْر: عُقْر. وقال القتيبي: يُقَالُ لِمَا يُدْفَعُ بَيْنَ السَّلَامَةِ وَالْعَيْبِ فِي السِّلْعة أَرْش، لأَن المُبْتاع لِلثَّوْبِ عَلَى أَنه صَحِيحٌ إِذا وَقَفَ فِيهِ عَلَى خَرْق أَو عَيْبٍ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ أَرْش أَي خُصُومَةٌ وَاخْتِلَافٌ، مِنْ قَوْلِكَ أَرَّشْت بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ إِذا أَغْرَيت أَحدهما بِالْآخَرِ وأَوقعت بَيْنَهُمَا الشَّرَّ، فَسُمِّيَ مَا نَقَص العيبُ الثوبَ أَرْشاً إِذا كان سبباً للأَرْش.
أشش: الأَشُّ والأَشاش والهَشَاشُ: النَّشَاطُ والارْتِياح، وَقِيلَ: هُوَ الإِقبال عَلَى الشَّيْءِ بِنَشَاطٍ، أَشَّه يَؤُشُّه أَشّاً؛ وأَنشد:
كَيْف يُؤَاتِيهِ وَلَا يَؤُشُّهُ
والأَشَّاش: الهَشَّاش. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَلْقَمَةَ بْنَ قَيْسٍ كَانَ إِذا رأَى مِنْ أَصحابه بَعْضَ الأَشاش وعَظهم
، أَي إِقْبالًا بِنَشَاطٍ. والأَشاش والهَشَاش: الطَّلاقة والبَشاشة. وأَشَّ القومُ يَؤُشُّون أَشّاً: قام بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ وَتَحَرَّكُوا؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسبهم قَالُوا أَشَّ عَلَى غَنَمه يَؤُشُّ أَشّاً مِثْلُ هَشَّ هَشّاً، قَالَ: وَلَا أَقف عَلَى حَقِيقَتِهِ. ابْنُ الأَعرابي: الأَشُّ الْخُبْزُ الْيَابِسُ الهَشّ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
رُبَّ فَتَاةٍ مِنْ بَني العِنازِ، ... حَيَّاكةٍ ذَاتِ هَنٍ كِنَازِ
ذِي عَضُدَيْنِ مُكْلَئِزٍّ نازِي، ... تَأَشُّ لِلْقُبْلَةِ والمَحازِ
شَمِرٌ عَنْ بَعْضِ الْكِلَابِيِّينَ: أَشَّت الشَّحْمة ونَشَّت، قَالَ: أَشَّت إِذا أَخذَت تَحَلَّبُ، ونَشَّت إِذا قَطَرت.
أقش: بَنُوا أُقَيْشٍ: حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ إِليهم تُنْسَبُ الإِبل الأُقَيْشِيَّة؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
كأَنَّكَ مِنْ جِمَال بَني أُقَيْشٍ، ... يُقَعْقعُ بَيْنَ رِجْلَيْه بِشَنّ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُمْ قَوْمٌ مِنَ العرب.
فصل الباء
برش: البَرَش والبُرْشَةُ: لَوْنٌ مُخْتَلِفٌ، نُقْطَةٌ حَمْرَاءُ وأُخرى سَوْدَاءُ أَو غَبْراء أَو نَحْوُ ذَلِكَ. والبَرَش: مِنْ لُمَعِ بياضٍ فِي لَوْنِ الْفَرَسِ وَغَيْرِهِ أَيّ لَوْنٍ كَانَ إِلا الشُّهْبَة، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ البِرْذَوْنَ، وَقَدْ بَرِشَ وابْرَشَّ وَهُوَ أَبْرَشُ؛ الأَبْرَشُ: الَّذِي فِيهِ أَلوان وخِلْط، والبُرْشُ الْجَمْعُ. والبَرَش فِي شَعْرِ الْفَرَسِ: نُكَتٌ صِغار تَخَالِفُ سَائِرَ لَوْنِهِ، وَالْفَرَسُ أَبْرَش وَقَدِ ابْرشَّ الْفَرَسُ ابْرِشاشاً، وَشَاةٌ بَرْشاءُ: فِي لَوْنِهَا نُقَط مُخْتَلِفَةٌ. وحَيَّة بَرْشاءُ: بِمَنْزِلَةِ الرَّقْشاءِ، والبَرِيش مِثْلُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وتَرَكَتْ صاحِبَتي تَفْرِيشي، ... وأَسْقَطَتْ مِنْ مُبْرَمٍ بَرِيشِ
أَي فِيهِ أَلوان. والأَبرشُ: لَقَبُ جَذِيمَةَ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ بِهِ بَرَص فكنَوْا بِهِ عَنْهُ، وَقِيلَ: سُمِّيَ الأَبرَش لأَنه أَصابه حَرْق فَبَقِيَ فِيهِ مِنْ أَثر الحرْق نُقَط سُود أَو حُمْر، وَقِيلَ: لأَنه أَصابه بَرَص فَهَابَتِ الْعَرَبُ أَن تَقُولَ أَبْرَص فَقَالَتْ أَبْرَش. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَكَانَ جَذِيمَةُ الملِكُ أَبْرَصَ فلقَّبته الْعَرَبُ الأَبرَش؛ الأَبرَش: الأَرْقَط والأَنْمَر الَّذِي تَكُونُ فِيهِ بُقْعَةٌ بَيْضَاءُ وأُخرى أَيّ لَوْنٍ كَانَ، والأَشْيَم: الَّذِي يَكُونُ بِهِ شَامٌ في جسده، والمُدَثَّر: الَّذِي يَكُونُ بِهِ نُكَت فَوْقَ البَرَش. وَفِي حَدِيثِ
الطرماح: رأَيت جَذِيمَةَ الأَبرَشَ قَصِيرًا أُبَيْرِش
؛ هُوَ تَصْغِيرُ أَبرَش. والبُرْشة: هُوَ لَوْنٌ مُخْتَلِطٌ حُمْرَةً وَبَيَاضًا أَو غَيْرَهُمَا(6/264)
مِنَ الأَلوان. وبِرْذَوْنٌ أَرْبَشُ: ذُو بَرَش. وَسَنَةٌ رَبْشاء ورَمْشاء وبَرْشاء: كَثِيرَةُ العُشْب. وَقَوْلُهُمْ: دَخَلْنَا فِي البَرْشاءِ أَي فِي جَمَاعَةِ النَّاسِ. ابْنُ سِيدَهْ: وبَرْشاءُ الناسِ جماعتُهم الأَسود والأَحمر، وَمَا أَدري أَيُّ البَرْشاءِ هُوَ أَي أَيُّ النَّاسِ هُوَ. وأَرض بَرْشاءُ ورَبْشاءُ: كَثِيرَةُ النَّبْتِ مُخْتَلِفٌ أَلوانها، وَمَكَانٌ أَبْرَش كَذَلِكَ. وَبَنُو البَرْشاءِ: قَبِيلَةٌ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِبَرَشٍ أَصاب أُمهم؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
ورَبُّ بَني البَرْشاءِ ذُهْلٍ وقَيْسِها ... وشَيْبَانَ، حَيْثُ اسْتَنْهَلتْها المَناهِلُ
وبُرْشان: اسْمٌ. والأَبْرَشِيَّةُ: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
نَظَرْتُ بِقَصْرِ الأَبْرَشِيَّةِ نَظْرَةً، ... وطَرْفِي وَراءَ النَّاظِرِين قَصِيرُ
برغش: ابْرَغَشَّ: قَامَ مِنْ مَرَضِهِ. التَّهْذِيبُ: اطْرَغَشَّ مِنْ مَرَضِهِ وابْرَغَشَّ أَي أَفاق بمعنى واحد.
برقش: بَرْقَشَ الرجلُ بَرْقَشَةً: وَلَّى هَارِبًا. والبَرْقَشَة: شِبْهُ تَنْقيش بأَلوان شَتَّى وإِذا اخْتَلَفَ لَوْنُ الأَرْقَشِ سُمي بَرْقَشَةً. وبَرْقَشه: نقَشَه بأَلوان شَتى. وتَبَرْقَش الرجلُ: تَزَيَّن بأَلوان شَتَّى مُخْتَلِفَةٍ، وَكَذَلِكَ النَّبْتُ إِذا الْوَنَّ. وتَبَرْقَشت الْبِلَادُ: تَزَيَّنت وَتَلَوَّنَتْ، وأَصله مِنْ أَبي بَراقِشَ. وتركْتُ الْبِلَادَ بَراقِشَ أَي مُمْتَلِئَةً زَهْراً مُخْتَلِفَةً مِنْ كُلِّ لَوْنٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِلْخَنْسَاءِ:
تَطِيرُ حَواليَّ البِلادُ بَرَاقِشاً، ... بأَرْوَعَ طَلَّابِ التِّرَاتِ مُطَلَّبِ
وَقِيلَ: بِلَادٌ بَراقشُ مُجْدِبة خَلاءٌ كبَلاقِع سَوَاءً، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الأَضداد. والبَرْقَشَة: التَّفَرُّقُ؛ عَنْهُ أَيضاً. والمُبْرَنْقشُ: الفَرِح الْمَسْرُورُ. وابْرَنْقَشَت العِضَاهُ: حَسُنَتْ. وابْرَنْقَشَت الأَرض: اخْضَرَّت. وابْرَنْقَشَ الْمَكَانُ: انْقَطَعَ مِنْ غَيْرِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِلى مِعَى الخَلْصَاء حَيْثُ ابْرَنْقَشا
والبِرْقِشُ، بِالْكَسْرِ: طُوَيْئِرٌ مِنَ الحُمَّرِ مُتَلَوِّنٌ صَغِيرٌ مِثْلُ الْعُصْفُورِ يُسَمِّيهِ أَهل الْحِجَازِ الشُّرْسُور؛ قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ صِبْيَانَ الأَعراب يُسَمُّونَهُ أَبا بَراقِش، وَقِيلَ: أَبو بَراقِش طَائِرٌ يَتَلوَّن أَلواناً شَبِيهٌ بالقُنْفُذ أَعلى رِيشِهِ أَغبر وأَوسطه أَحمر وأَسفله أَسود فإِذا انْتَفَش تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَلواناً شَتَّى؛ قَالَ الأَسدي:
إِنْ يَبْخَلُوا أَو يَجْبُنُوا، ... أَو يَغْدِرُوا لَا يَحْفِلُوا
يَغْدُوا عَلَيْكَ مُرَجّلينَ، ... كَأَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا
كَأَبي بَراقِشَ، كُلّ لَوْنٍ ... لَوْنُهُ يَتَخَيَّلُ
وَصَفَ قَوْمًا مَشْهُورِينَ بِالْمَقَابِحِ لَا يَسْتَحُونَ وَلَا يحْتَفِلون بِمَنْ رَآهُمْ على ذلك، ويَغْدوا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَحْفِلوا لأَن غُدُوَّهم مُرَجّلين دَلِيلٌ عَلَى أَنهم لَمْ يحْفِلوا. والتَّرْجِيل: مَشْط الشَّعْرِ وإِرساله. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: أَبو بَرَاقِشَ طَائِرٌ يَكُونُ فِي العِضَاهِ وَلَوْنُهُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، وَلَهُ سِتُّ قَوَائِمَ ثَلَاثٌ مِنْ جَانِبٍ وَثَلَاثٌ مِنْ جَانِبٍ، وَهُوَ ثَقِيلُ العَجْز تَسْمع لَهُ حَفِيفاً إِذا طَارَ، وَهُوَ يَتَلوَّن أَلواناً. وبَرَاقِشُ: اسْمُ كَلْبَةٍ لَهَا حَدِيثٌ؛ وَفِي الْمَثَلِ: عَلَى أَهْلها دَلَّتْ بَرَاقِشُ، قَالَ ابْنُ هَانِئٍ: زَعَمَ يُونُسُ عَنْ أَبي عَمْرٍو أَنه قَالَ هَذَا الْمَثَلَ: على أَهلها تَجْنِي بَرَاقِشُ، فَصَارَتْ مَثَلًا؛ حَكَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ قَالَ: بَرَاقِشُ اسْمُ كَلْبَةٍ نَبَحَتْ عَلَى جَيْشٍ مَرّوا وَلَمْ(6/265)
يشعُروا بِالْحَيِّ الَّذِي فِيهِ الْكَلْبَةُ، فَلَمَّا سَمِعُوا نُبَاحَهَا عَلِمُوا أَن أَهلها هُنَاكَ فَعَطَفُوا عَلَيْهِمْ فَاسْتَبَاحُوهُمْ، فَذَهَبَتْ مَثَلًا، وَيُرْوَى هَذَا الْمَثَلُ: على أَهلها تجني بَرَاقِشُ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ حَمْزَةَ بْنِ بِيضٍ:
لمْ تَكُنْ عَنْ جِنايَة لَحِقَتْني، ... لَا يَسارِي وَلَا يَميني جنَتْني
بَلْ جَناها أَخٌ عَلَيَّ كَرِيمٌ، ... وعَلى أَهْلِها بَرَاقِشُ تَجْني
قَالَ: وبَرَاقِشُ اسْمُ كَلْبَةٍ لِقَوْمٍ مِنَ الْعَرَبِ أُغِيرَ عَلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الأَيام فَهرَبوا وتَبِعَتْهم بَرَاقِشُ، فَرَجَعَ الَّذِينَ أَغاروا خَائِبِينَ وأَخذوا فِي طَلَبِهِمْ، فَسمِعَتْ بَرَاقِشُ وَقْعَ حوافرِ الْخَيْلِ فنَبَحَتْ فَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَوْضِعِ نباحِها فاستَباحُوهم. وَقَالَ الشَّرْقي بْنُ القَطامي: بَرَاقِش امرأَة لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ، وَكَانَ بَنُو أَبيه لَا يأْكلون لُحُومَ الإِبل، فأَصاب مِنْ بَرَاقِشَ غُلَامًا فَنَزَلَ لقمانُ عَلَى بَنِي أَبيها فأَوْلَمُوا وَنَحَرُوا جَزُوراً إِكراماً لَهُ، فَرَاحَتْ بَرَاقِشُ بِعَرْقٍ مِنَ الْجَزُورِ فدفَعَتْه لِزَوْجِهَا لقمانَ فأَكله، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ مَا تَعَرّقْتُ مثلَه قَطُّ طَيِّبًا فَقَالَتْ بَرَاقِشُ: هَذَا مِنْ لَحْمِ جَزُورٍ، قَالَ: أَوَلُحُومُ الإِبلِ كُلّها هَكَذَا فِي الطِّيب؟ قَالَتْ: نَعَم، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: جَمِّلْنا واجْتَمِل، فأَقبل لُقْمَانُ عَلَى إِبلِها وإِبلِ أَهلها فأَشرع فِيهَا وَفَعَلَ ذَلِكَ بَنُو أَبيه، فَقِيلَ: عَلَى أَهلها تَجْنِي بَرَاقِشُ، فَصَارَتْ مَثَلًا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ بَرَاقِشُ اسْمُ امرأَة وَهِيَ ابْنَةُ مَلِك قَدِيمٍ خَرَجَ إِلى بَعْضِ مَغازِيه واسْتَخْلَفَها عَلَى مُلْكه فأَشار عَلَيْهَا بعضُ وُزَرائها أَن تَبْنيَ بِنَاءً تُذْكَرُ بِهِ، فبَنَتْ مَوْضِعَيْنِ يُقَالُ لَهُمَا بَرَاقِشُ ومَعِينٌ، فَلَمَّا قَدِمَ أَبوها قَالَ لَهَا: أَردتِ أَن يَكُونَ الذِّكْرُ لكِ دُوني، فأَمر الصُّنَّاع الذين بَنَوْهما بأَن يهدِموها، فَقَالَتِ الْعَرَبُ: عَلَى أَهلها تَجْنِي بَرَاقِشُ وَحَكَى أَبو حَاتِمٍ عَنِ الأَصمعي عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَن بَرَاقِشَ ومعينَ مَدِينَتَانِ بُنِيَتا فِي سَبْعِينَ أَو ثَمَانِينَ سَنَةً؛ قَالَ: وَقَدْ فَسَّرَ الأَصمعي بَرَاقِشَ وَمَعِينَ فِي شِعْرِ عَمْرِو بْنِ معديكرب وأَنهما مَوْضِعَانِ وَهُوَ:
دَعَانَا مِنْ بَرَاقِشَ أَو مَعِينٍ، ... فأَسْرَعَ واتْلأَبَّ بِنَا مَلِيع
وَفَسَّرَ اتلأَبّ باسْتقَام، والمَلِيعَ بِالْمُسْتَوِي مِنَ الأَرض، وبَرَاقِشُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
تَسْتَنُّ بالضِّروِ مِنْ بَرَاقِشَ أَو ... هَيْلانَ، أَو ناضِرٍ مِنَ العُتُم
برنش: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو زَيْدٍ وَالْكِسَائِيُّ: مَا أَدري أَيُّ البَرَنْشاء هُوَ وأَيُّ البَرَنْساء هُوَ، مَمْدُودَانِ.
بشش: البَشّ: اللُّطْفُ فِي المسأَلة والإِقبالُ عَلَى الرجُل، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَضْحَكَ لَهُ وَيَلْقَاهُ لِقَاءً جَمِيلًا، وَالْمَعْنَيَانِ مُقْتَرِبان. والبَشاشة: طَلَاقَةُ الْوَجْهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ: إِذا اجْتَمَعَ الْمُسْلِمَانِ فتَذاكَرا غَفَرَ اللَّهُ لأَبَشِّهِما بِصاحِبه.
وَفِي حَدِيثِ
قَيْصَر: وَكَذَلِكَ الإِيمانُ إِذا خالطَ بشاشةَ الْقُلُوبِ
؛ بشاشةُ اللِّقَاءِ: الْفَرَحُ بِالْمَرْءِ وَالِانْبِسَاطُ إِليه والأُنس بِهِ. وَرَجُلٌ هَشٌّ بَشٌّ وَبَشَّاشٌ: طَلْق الْوَجْهِ طَيّب. وَقَدْ بَشِشْتُ بِهِ، بِالْكَسْرِ، أَبَشُّ بَشّاً وبَشاشَةً؛ قَالَ:
لَا يَعْدَم السائلُ مِنْهُ وِقْرا، ... وقَبْلَهُ بَشاشَةً وبِشْرا
ورُوِي بيتُ ذِي الرُّمَّةِ:(6/266)
أَلم تَعْلَما أَنَّا نَبِشُّ إِذا دَنَتْ ... بأَهْلِك مِنَّا طِيّة وحُلُول؟
بِكَسْرِ الْبَاءِ، فإِما أَن تَكُونَ بَشَشْت مَقُولَةً، وإِما أَن يَكُونَ مِمَّا جَاءَ عَلَى فَعِلَ يَفْعِل. والبَشِيشُ: الوَجْهُ. يُقَالُ: فُلَانٌ مُضِيءُ البَشِيش، والبَشِيشُ كالبَشاشَة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تَكَرُّمًا، والهَشّ للتَّهْشِيشِ، ... وارِي الزنادِ مُسْفِر البَشِيشِ
يَعْقُوبُ: يُقَالُ لَقِيتُه فَتَبَشْبَشَ بِي، وأَصله تَبَشّشَ فأَبدلوا مِنَ الشِّينِ الْوُسْطَى بَاءً كَمَا قَالُوا تَجَفَّفَ. وتَبَشّش بِهِ وتَبَشْبَشَ مَفْكُوكٌ مِنْ تَبَشَّشَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يُوطِنُ الرجُلُ المساجدَ لِلصَّلَاةِ والذِّكر إِلا تَبَشْبَشَ اللَّهُ بِهِ كَمَا يتَبَشْبَشُ أَهل الْبَيْتِ بِغَائِبِهِمْ إِذا قَدِم عَلَيْهِمْ
؛ وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ لتَلَقّيه جَلَّ وَعَزَّ إيَّاه بِبِرِّه وَكَرَامَاتِهِ وَتَقْرِيبِهِ إِياه. ابْنُ الأَعرابي: الْبَشُّ فرحُ الصَّدِيق بالصدِيق واللطفُ فِي المسأَلة والإِقبالُ عَلَيْهِ. والتَّبَشْبُشُ فِي الأَصل: التَّبَشُّش فَاسْتُثْقِلَ الْجَمْعُ بَيْنَ ثلاث شينات فلقلب إِحداهن بَاءً. وَبَنُو بَشَّة: بطن من بَلْعَنْبَر.
بطش: البَطْش: التَّنَاوُلُ بِشِدَّةٍ عِنْدَ الصَّوْلة والأَخذُ الشديدُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بطشٌ؛ بَطَشَ يَبْطُشُ ويَبْطِشُ بَطْشاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِذا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ
أَي مُتَعَلِّقٌ بِهِ بقوَّة. والبَطْشُ: الأَخذ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ
؛ قَالَ الْكَلْبِيُّ: مَعْنَاهُ تَقْتُلون عِنْدَ الْغَضَبِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تَقْتُلون بِالسَّوْطِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن بَطْشَهُم كَانَ بالسَّوط والسَّيْف، وإِنما أَنكر اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ لأَنه كَانَ ظُلماً، فأَما فِي الْحَقِّ فالبَطْش بِالسَّيْفِ وَالسَّوْطِ جَائِزٌ، والبَطْشة: السَّطْوة والأَخذُ بالعُنْف؛ وبَاطَشَهُ مُبَاطَشَةً وبَاطَشَ كبَطَشَ؛ قَالَ:
حُوتاً إِذا مَا زادُنا جِئْنَا بِهِ، ... وقَمْلَةً إِن نحنُ بَاطَشْنَا بِهِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ليْسَتْ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ بَاطَشْنا بِهِ كَبِهِ مَنْ سَطَوْنا بِه إِذا أَردت بِسَطَوْنا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ، وإِنما هِيَ مثلُ بِه مِنْ قَوْلِكَ استَعَنَّا بِهِ وتَعاونَّا بِهِ، فَافْهَمْ. وبَطَشَ بِهِ يَبْطش بَطْشاً: سَطا عَلَيْهِ فِي سُرْعة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما
. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: يُقَالُ بَطَشَ فلانٌ مِنَ الحُمّى إِذا أَفاق مِنْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ. وبِطَاشٌ ومُباطِشٌ: اسمان.
بغش: البَغْشُ والبَغْشَة: المَطَرُ الضَّعِيفُ الصغِيرُ القَطْر، وَقِيلَ: هُمَا السَّحَابَةُ الَّتِي تَدْفع مطَرها دُفْعة، بَغَشَتْهم السَّمَاءُ تَبْغَشُهم بَغْشاً، وَقِيلَ الْبَغْشَةُ المطَرَة الضَّعِيفَةُ وَهِيَ فَوْقَ الطَّشَّة؛ ومَطَرٌ باغِشٌ، وبُغِشَت الأَرضُ، فَهِيَ مَبْغوشة. وَيُقَالُ: أَصابتهم بَغْشَة مِنَ الْمَطَرِ أَي قَلِيلٌ مِنَ الْمَطَرِ. الأَصمعي: أَخَفُّ الْمَطَرِ وأَضعفُه الطَّلُّ ثُمَّ الرَّذاذُ ثُمَّ البَغْشُ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبيه قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونَحْن فِي سَفَر فأَصابنا بَغْشٌ مِنْ مَطَرٍ، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عليه وسلم: أَن مَنْ شَاءَ أَن يُصَلِّيَ فِي رَحْله فَلْيَفْعَلْ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
فأَصابنا بُغَيْش
، تصْغير بَغْش وَهُوَ الْمَطَرُ الْقَلِيلُ، أَوّلُه الطَّلُّ ثُمَّ الرّذَاذُ ثُمَّ البَغْش، وَقَدْ بَغَشَت السماء تبْغَش بَغْشاً.
بنش: بَنِّشْ أَي اقْعُدْ؛ عَنْ كَرَاعٍ، كَذَلِكَ حَكَاهُ بالأَمْر، وَالسِّينُ لُغَةٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ:(6/267)
وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
إِن كُنتَ غَير صائِدي فبَنِّش
قَالَ: وَيُرْوَى فبَنِّس أَي اقْعُدْ.
بهش: بَهَشَ إِليه يَبْهَش بَهْشاً وبَهَشَه بِهَا: تناولَتْه، نالَتْهُ أَوْ قَصُرت عَنْهُ. وبَهَشَ القومُ بعضُهم إِلى بَعْضٍ يَبْهَشُون بَهْشاً، وَهُوَ مِنْ أَدْنى القِتال. والبَهْشُ: المسارَعةُ إِلى أَخذِ الشَّيْءِ. وَرَجُلٌ باهِشٌ وبَهُوش. وبَهْشُ الصقْرِ الصَّيدَ: تَفَلُّتُه عَلَيْهِ. وبهشَ الرجُلَ كأَنَّه يَتَناوَلُه ليَنْصُوَه. وَقَدْ تبَاهَشَا إِذا تَناصَيا بِرُؤُوسهما، وإِن تَناوَلَه وَلَمْ يأْخُذْه أَيضاً، فَقَدْ بَهَش إِليه. ونَصَوْت الرجُلَ نَصْوًا إِذا أَخذت برأَسه. وَلِفُلَانٍ رأْس طَوِيلٌ أَي شَعَر طَوِيل، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا سأَل ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ حَيَّةٍ قتَلَها وَهُوَ مُحْرِم، فَقَالَ: هَلْ بَهَشَتْ إِليكَ؟
أَراد: هَلْ أَقبَلَتْ إِليك تُريدُك؟ وَمِنْهُ فِي الْحَدِيثِ:
مَا بَهَشْتُ إِليهم بقَصَبة
أَي مَا أَقبلت وأَسرعت إِليهم أَدفَعُهم عَنِّي بِقَصَبَةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُدْلِعُ لسانَه للحسنِ بْنِ عَلِيٍّ فإِذا رأَى حُمْرة لِسَانِهِ بَهَشَ إِليه
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ للإِنسان إِذا نَظَرَ إِلى شيءٍ فأَعْجَبَه وَاشْتَهَاهُ فتَناوَلَه وأَسْرَع نحوَه وَفَرِحَ بِهِ: بَهَشَ إِليه؛ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بن جنبا التَّمِيمِيُّ:
سَبَقْت الرجالَ الباهِشِينَ إِلى النَّدى، ... فِعَالًا ومَجْداً، والفِعَالُ سِبَاق
ابْنُ الأَعرابي: البَهْش الإِسراع إِلى الْمَعْرُوفِ بالفَرح. وَفِي حَدِيثِ أَهل الْجَنَّةِ:
وإِن أَزواجَه ليَبْتَهِشْنَ عِنْدَ ذَلِكَ ابْتِهاشاً.
وبَهَشْتُ إِلى الرجُل وبَهَشَ إِليَّ: تَهيَّأْتُ لِلْبُكَاءِ وتهيأَ لَهُ. وبَهَشَ إِليه. فَهُوَ بَاهِشٌ وبَهِشٌ: حَنَّ. وبَهَشَ بِهِ: فرِح؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. اللَّيْثُ: رجُل بَهْش بَشّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وبَهَشْتُ إِلى فُلَانٍ بِمَعْنَى حَنَنت إِليه. وبَهَشَ إِليه يَبْهَشُ بَهْشاً إِذا ارْتَاحَ لَهُ وخَفّ إِليه. وَيُقَالُ: بَهَشُوا وبَحَشُوا أَي اجْتَمَعُوا، قَالَ: وَلَا أَعرف بَحْشٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. والبَهْش: ردِيءُ المُقْل، وَقِيلَ: مَا قَدْ أُكِلَ قِرْفه، وَقِيلَ: البَهْش الرَّطْب مِنَ المُقْل، فإِذا يَبس فَهُوَ خَشْل، وَالسِّينُ فِيهِ لُغَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَمِنْ أَهلِ البَهْش أَنت؟
يَعْنِي أَمِنْ أَهل الحِجازِ أَنت لأَن البَهَش هُنَاك يكونُ، وَهُوَ رَطْب المُقْل، ويابسُه الخَشْل. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَقَدْ بَلَغَهُ أَن أَبا مُوسَى يقرأُ حَرْفًا بلُغته قَالَ: إِنَّ أَبا مُوسَى لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهل البَهْش
؛ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ أَهل الْحِجَازِ لأَن الْمُقْلَ إِنما يَنْبُتُ بِالْحِجَازِ؛ قَالَ الأَزهري: أَي لَمْ يَكُنْ حِجَازِيًّا، وأَراد مِنْ أَهل البَهْش أَي مِنْ أَهل الْبِلَادِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا البَهْش. أَبو زَيْدٍ: الخَشْل الْمُقْلُ الْيَابِسُ والبَهْش رَطْبه والمُلْجُ نَوَاهُ والحَتِيُّ سَويقُه. وَقَالَ اللَّيْثُ: البَهْش رَديءُ الْمُقْلِ، وَيُقَالُ: مَا قَدْ أَكل قِرْفُه: وأَنشد:
كَمَا يَحْتَفي البَهْشَ الدقيقَ الثَّعالبُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ أَبو زَيْدٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: لَمَّا سَمِعَ بِخُرُوجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخَذ شَيْئًا مِنْ بَهْشٍ فَتَزَوَّدَهُ حَتَّى قَدِم عَلَيْهِ.
وبُهَيْشة: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ نَفْرٌ جَدُّ الطرمَّاح:
أَلا قالَتْ بُهَيْشَةُ: مَا لِنَفْرٍ ... أَراهُ غَيَّرتْ مِنْه الدُّهور؟
وَيُرْوَى بِهَيْسَةُ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا كَانُوا سُودَ الوجوهِ قِباحاً: وجوهُ البَهْش. وَفِي حَدِيثِ العُرَنيِّينَ:
اجْتَوَيْنا المدينةَ وانْبَهَشَتْ لحومُنا
، هو من ذلك.(6/268)
بوش: البَوْش: الجماعةُ الكثيرةُ. ابْنُ سِيدَهْ: البَوْش والبُوش جماعةُ القومِ لَا يَكُونُونَ إِلا مِنْ قبائِلَ شَتَّى، وَقِيلَ: هُمَا الجماعةُ والعيَال، وَقِيلَ: هُمَا الكَثْرة مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ المُختَلِطِين. يُقَالُ: بَوْش بائِشٌ، والأَوْباش جمعٌ مَقْلُوبٌ مِنْهُ. والبَوْشِي: الرجُل الْفَقِيرُ الكثيرُ العيالِ. وَرَجُلٌ بَوْشِيٌّ: كَثِيرُ البَوْشِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وأَشْعَث بَوْشيّ شَفَيْنا أُحاحَهُ، ... غَداتَئِذٍ ذِي جَرْدَةٍ مُتَماحل
وَجَاءَ مِنَ النَّاسِ الهَوْش والبَوْش أَي الْكَثْرَةُ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وبَوَّشَ القومُ: كثرُوا واختَلطوا. وَتَرَكَهُمْ هَوْشاً بَوْشاً أَي مُخْتَلِطِينَ. الْفَرَّاءُ: شابَ خانَ، وبَاشَ خَلَط، وباشَ يَبُوش بَوْشاً إِذا صَحِب البَوْشَ، وَهُمُ الغَوْغاء. وَرَجُلٌ بَوْشِيّ وبُوشِيّ: مِنْ خُمّان النَّاسِ ودَهْمائِهم؛ وَرُوِيَ بَيْتُ أَبي ذُؤَيْبٍ: وأَشعث بُوشِيّ، بِالضَّمِّ، وَقَدْ ذكرناه آنفاً.
بيش: أَبو زَيْدٍ: بَيَّشَ اللَّه وجهَه وسرَّجَه، بِالْجِيمِ، أَي حسَّنه؛ وأَنشد:
لَمَّا رأَيت الأَزرقَيْنِ أَرَّشا، ... لَا حَسَنَ الوجْه وَلَا مُبَيَّشَا
قَالَ: أَزْرقين، ثُمَّ قَالَ: لَا حَسَنَ. والبِيْشُ، بِكَسْرِ الْبَاءِ: نَبْتٌ بِبِلَادِ الْهِنْدِ وَهُوَ سَمٌّ. وبِيْش وبِيشَة: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَقَى جَدَثاً أَعْراضُ غَمْرةَ دونَه، ... وبِيْشة وَسْمِيُّ الربِيعِ ووَابِلُه «4»
فأَما قَوْلُهُ:
قَالُوا: أَبانُ فبَطْنُ بِيْشَةَ غِيم، ... فَلَبِيْشُ، قَلْبُك مِنْ هَوَاهُ سَقِيم
فأَراد: لَبيشَةُ فَرخَّم فِي غَيْرِ النِّدَاءِ اضْطِرَارًا. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ عُمَرَ «5» : بِئْشَة وزِئْنَة مَهْمُوزَانِ، وَهُمَا أَرضان.
فصل التاء المثناة فوقها
ترش: التَّهْذِيبُ: ابْنُ دُرَيْدٍ التَّرَش خِفَّة ونَزَقٌ. تَرِشَ يَتْرَش تَرَشاً فَهُوَ تَرِش، وتارِش؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا مُنْكر.
تمش: التَّهْذِيبُ: تَمَشْت الشيءَ تَمْشاً إِذا جَمَعْتَهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا مُنْكَرٌ جدّاً.
فصل الثاء المثلثة
ثبش: ثُبَاش: اسْمُ رَجُلٍ وكأَنه مَقْلُوبٌ مِنْ شُبَاث.
فصل الجيم
جأش: الجَأْش، النفْس وَقِيلَ القَلْب، وَقِيلَ رِباطُه وشدّتُه عِنْدَ الشَّيْءِ تَسْمَعُهُ لَا تَدْرِي مَا هُوَ. وَفُلَانٌ قَوِيّ الجأْشِ أَي القَلْب. والجَأْش: جأْش القلبِ وَهُوَ رُوَاعُه. اللَّيْثُ: جَأْش النَّفْسِ رُواع الْقَلْبِ إِذا اضْطَرَبَ عِنْدَ الفزَع. يُقَالُ: إِنه لَواهِي الجَأْشِ؛ فإِذا ثَبَتَ قِيلَ. إِنه لرابِطُ الجَأْشِ. وَرَجُلٌ رابِطُ الجأْشِ: يربِطُ نفسَه عَنِ الفِرار يَكُفّها لِجُرْأَتِه وشَجاعته، وَقِيلَ: يَرْبِطُ نفسَه عَنِ الفِرار لشَناعَتِه. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، هِيَ الَّتِي أَيقنت أَن اللَّه ربُّها وضَرَبَت لِذَلِكَ جَأْشاً. قَالَ الأَزهري: معناه
__________
(4) . قوله [سقى جدثاً إلخ] كذا في الأَصل والصحاح، وفي ياقوت: أعراف بدل أعراض، وببيشة بباءين بدل وبيشة.
(5) . قوله [القاسم بن عمر] الذي في الصحاح ابن معن.(6/269)
قَرّتْ يَقِيناً واطمأَنَّت كَمَا يَضْرِب البَعِيرُ بصَدْره الأَرضَ إِذا بَرَكَ وسَكَنَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: ربَطْت لِذَلِكَ الأَمرِ جأْشاً لَا غَيْرُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للنفْس: الجائِشَةُ والطَّموع والخَوَّانة. والجُؤْشُوش: الصدْر. ومَضَى مِنَ اللَّيْلِ جؤشوش أَي صدر، وقيل: قطعة منه. وجأْش: مَوْضِعٌ؛ قَالَ السُّلَيْك بْنُ السُّلَكَة:
أَمُعْتَقِلي رَيْبُ المنُونِ، وَلَمْ أَرُعْ ... عَصافِيرَ وادٍ، بيْنَ جَأْشٍ ومأْرِب؟
جبش: الْمُفَضَّلُ: الجَبِيشُ والجَمِيشُ الرَّكَبُ المَحْلُوق.
جحش: الجَحْشُ: ولدُ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ والأَهليّ، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ قبْل أَن يُفْطم. الأَزهري: الجَحْش مِنْ أَولاد الحِمار كالمُهْر مِنَ الْخَيْلِ. الأَصمعي: الجَحْش مِنْ أَولاد الحَمِيرِ حِينَ تَضَعُه أُمُّه إِلى أَن يُفْطم مِنَ الرِّضَاع، فإِذا اسْتَكْمَلَ الحولَ فَهُوَ تَوْلَب، وَالْجَمْعُ جِحَاشٌ وجِحَشَةٌ وجِحْشانٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ جحْشَة. وَفِي الْمَثَلِ: الجَحْشَ لَمَّا بذَّكَ الأَعْيار أَي سَبَقَكَ الأَعْيار فَعَلَيْك بِالْجَحْشِ؛ يُضْرَب هَذَا لِمَنْ يَطْلُب الأَمرَ الكبِيرَ فيَفُوتُه فَيُقَالُ لَهُ: اطلُب دُونَ ذَلِكَ، وَرُبَّمَا سُمِّيَ المُهْر جَحْشاً تَشْبِيهًا بِوَلَدِ الْحِمَارِ. وَيُقَالُ في العَييِّ الرأْي المنْفَرِد بِهِ: جُحَيْشُ وحْدِه كَمَا قَالُوا: هُوَ عُيَيْرُ وَحْدِه يشَبّهونه فِي ذَلِكَ بالجَحْش والعَيْرِ، وَهُوَ ذمٌّ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ يَسْتَبِدُّ برأْيه. والجَحْش: ولدُ الظبْية، هُذَليّة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّيْرِ أُفْرِدَ جَحْشُها، ... فَقَدْ وَلِهَتْ يَوْمَيْنِ، فَهْيَ خَلُوج
والجَحْش أَيضاً: الصَّبيُّ بِلُغَتِهِم. والجَحْوَشُ: الغُلام السَّمِينُ، وَقِيلَ: هُوَ فَوْقَ الجَفْرِ، والجفرُ فَوْقَ الْفَطِيمِ. الْجَوْهَرِيُّ: الجَحْوَشُ الصَّبِيُّ قَبْلَ أَن يَشْتَدَّ؛ وأَنشد:
قَتَلْنا مَخْلَداً وابْنَيْ حراقٍ، ... وآخَرَ جَحْوشاً فَوْقَ الفَطِيم
واجْحَنْشَشَ الغلامُ: عَظُم بطْنُه، وَقِيلَ: قارَبَ الاحْتِلامَ، وَقِيلَ: احْتَلَم، وَقِيلَ: إِذا شُكَّ فِيهِ. وَالْجَحْشُ: سحْجُ الجِلْدِ. يُقَالُ: أَصابه شيءٌ فجَحَشَ وجْهَه وَبِهِ جَحْشٌ، وَقَدْ قِيلَ: لَا يَكُونُ الجَحْشُ فِي الْوَجْهِ وَلَا فِي البَدَنِ، وَسَنَذْكُرُهُ هُنَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: جَحَشَه يَجْحَشُه جَحْشاً خَدَشَه، وَقِيلَ: هُوَ أَن يصيبَه شَيْءٌ يَتَسَحَّجُ مِنْهُ كالخَدْش أَو أَكْبر مِنْهُ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه سَقَطَ مِنْ فَرَسٍ فجُحِشَ شقُّه
أَي انْخَدش جلدُه؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ فِي جُحِشَ: هُوَ أَن يُصيبَه شَيْءٌ فينسَحِجَ مِنْهُ جلدُه، وَهُوَ كَالْخَدْشِ أَو أَكبر مِنْ ذَلِكَ. يُقَالُ: جُحِشَ يُجْحَش، فَهُوَ مَجْحُوشٌ. وجَحَشَ عَنِ الْقَوْمِ: تَنَحّى، وَمِنْهُ قَوْلُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير: فبَيْنا أَسِيرُ فِي بلادِ عُذْرَة إِذا بِبَيْتِ حَرِيدٍ جاحِشٍ عَنِ الْحَيِّ، والجَحِيش: المُتَنَحّي عَنِ النَّاسِ؛ قَالَ:
كَمْ ساقَ مِنْ دَارِ امْرِئ جَحِيش
وَقَالَ الأَعشى يَصِفُ رجُلًا غَيُوراً عَلَى امرأَته:
إِذا نَزَلَ الحَيُّ حَلَّ الجَحِيش، ... سَقِيّاً مُبِيناً غَوِيًا غَيُورا
لَها مالِكٌ كانَ يَخْشَى القِرَاف، ... إِذا خالَطَ الظنُّ منْهُ الضَّمِيرا
ابْنُ بَرِّيٍّ: مالكُها زوجُها. والقِرَافُ: أَن يُقارِف(6/270)
شَرّاً، وَذَلِكَ إِذا دَنا مِنْها مَن يُفْسِدها عَلَيْهِ فَهُوَ يَبْعُد بِهَا عَنِ النَّاسِ. والحَرِيدُ فِي قَوْلِ النُّعمان بْنِ بَشِير: الَّذِي تَنَحّى عَنْ قَومِه وَانْفَرَدَ؛ مَعْنَاهُ انْفَرَدَ عَنِ النَّاسِ لِكَوْنِهِ غَوِيًّا بامرأَته غَيُوراً عَلَيْهَا، يَقُولُ: هُوَ يَغَارُ فيَتَنَحَّى بِحُرْمَتِه عَنِ الحُلَّال، وَمَنْ رَوَاهُ الجَحيشُ رفَعَه بِحَلَّ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَإٍ مُضْمر مِنْ بَابِ مَرَرْتُ بِهِ المِسْكينُ أَي هُو المسكينُ أَو المسكينُ هُو، وَمَنْ رَوَاهُ الجَحِيشَ نصبَه عَلَى الظَّرْفِ كأَنه قَالَ ناحِيَةً مُنْفَرِدة، أَو جَعَلَه حَالًا عَلَى زِيَادَةِ اللَّامِ مِنْ بَابِ جاؤوا الجَمَّاءَ الغَفِيرَ، وجَعَلَ اللامَ زَائِدَةً البتَّةَ دخولُها كسُقوطِها؛ كَمَا أَنشد الأَصمعي مِنْ قَوْلِهِ:
وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَناتِ الأَوبَرِ
أَراد بناتِ أَوْبَر فَزَادَ اللَّامَ زِيَادَةً سَاذَجَةً؛ وَرَوَى الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ:
إِذا نَزَلَ الْحَيُّ حَلَّ الْجَحِيشَ، ... حَرِيدَ المَحَلِّ غَوِيّاً غَيُورَا
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْجَحِيشُ الفَرِيد الَّذِي لَا يَزْحَمُه فِي دارِه مُزاحِمٌ. يُقَالُ: نَزَلَ فُلانٌ جَحِيشاً إِذا نَزَلَ حرِيداً فَرِيدًا. والجَحِيشُ: الشِّقّ والناحِية. وَيُقَالُ: نَزَلَ فُلَانٌ الْجَحِيشَ؛ وأَنشد بَيْتَ الأَعشى:
إِذا نَزَلَ الْحَيُّ حَلَّ الْجَحِيشَ، ... سَقِيّاً مُبِيناً غَوِيّاً غَيورا
قَالَ: وَيَكُونُ الرَّجُلُ مَجْحوشاً إِذا أُصِيبَ شقُّه مُشْتَقًّا مِنْ هَذَا، قَالَ: وَلَا يَكُونُ الجَحْشُ فِي الوَجْه وَلَا فِي البَدَنِ؛ وأَنشد:
لِجارَتِنا الجَنْبُ الجَحِيشُ، وَلَا يُرَى ... لِجارَتِنا مِنَّا أَخٌ وَصَدِيق
وَقَالَ الْآخَرُ:
إِذا الضَّيفُ أَلْقَى نَعْلَه عَنْ شِمالِه ... جَحِيشاً، وصَلّى النارَ حَقًّا مُلَثَّما
قَالَ: جَحِيشاً أَي جَانِبًا بَعِيدًا. والجِحاشُ والمُجاحَشَة: المزاولَة فِي الأَمْر. وجاحَشَ القومَ جِحَاشًا: زحَمَهم. وجاحَشَ عَنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهَا جِحاشاً: دَافَعَ. اللَّيْثُ: الجِحاش مدافعةُ الإِنسان الشيءَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ، وَقَالَ غيرُه: هُوَ الجِحاش والجِحاس، وَقَدْ جاحَشَه وجاحَسَه مُجاحَشَة ومُجاحَسَة: دافَعَه وقاتَلَه. وَفِي حَدِيثِ شَهَادَةِ الأَعضاء يَوْمَ الْقِيَامَةِ:
بُعْداً لكُنّ وسُحْقاً فعَنْكُنّ كُنْتُ أُجاحِشُ
أَي أُحامِي وأُدافعُ. والجِحاش أَيضاً: الْقِتَالُ. ابْنُ الأَعرابي: الجَحْشُ الْجِهَادُ، قَالَ: وتُحَوّلُ الشينُ سِيناً: وأَنشد:
يَوْماً تَرانا فِي عِرَاكِ الجَحْشِ، ... نَنْبُو بأَجْلال الأُمُورِ الرُّبْشِ
أَي الدَّواهِي العِظام. والجَحْشة: حَلقة مِنْ صُوفٍ أَو وبَر يجعلُها الرجُل فِي ذِراعه ويَغْزِلها. وَقَدْ سمَّوا جَحْشاً ومُجاحِشاً وجُحَيشاً. وَبَنُو جِحاش: بطنٌ، مِنْهُمُ الشَّمَّاخُ بْنُ ضِرار. الْجَوْهَرِيُّ: جِحاشٌ أَبو حَيٍّ مِنْ غَطَفان، وَهُوَ جِحَاشُ بْنُ ثَعْلَبة بْنِ ذُبْيان بْنِ بَغِيض بْنِ رَيْث بْنِ غَطَفان. قَالَ: وهُم قَوْمُ الشَّمَّاخِ بْنِ ضِرار؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَجَاءَتِ جِحاشٌ قَضُّها بقَضِيضِها، ... وجَمعُ عُوالٍ، مَا أَدَقَّ وأَلأَما
جحرش: الجَحْشَر والجُحاشِر والجَحْرَش: الحادِرُ الخَلْق العَظِيمُ الجِسْم العَبِل الْمَفَاصِلِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي تَرْجَمَةِ جحشر.(6/271)
جحمش: الجَحْمَش: الصُّلب الشَّدِيدُ. وامرأَة جَحْمَش وجُحْموش: عَجُوز كبيرة.
جحمرش: الجَحْمَرِش مِنَ النِّسَاءِ: الثقيلةُ السمِجَة، والجَحْمَرِش أَيضاً: الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ، وَقِيلَ: الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ الْغَلِيظَةُ، وَمِنَ الإِبل: الكبيرةُ السِّنِّ، وَالْجَمْعُ جَحامِرُ، وَالتَّصْغِيرُ جُحَيْمِر يُحْذَفُ مِنْهُ آخِرُ الْحَرْفِ، وَكَذَلِكَ إِذا أَردت جَمْعَ اسْمٍ عَلَى خَمْسَةِ أَحرف كلُّها مِنَ الأَصل وَلَيْسَ فِيهَا زَائِدٌ، فأَما إِذا كَانَ فِيهَا زَائِدٌ فَالزَّائِدُ أَولى بِالْحَذْفِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: إِنِّي امرأَة جُحَيمِر
؛ هُوَ تَصْغِيرُ جَحْمَرِش بإِسقاط الْحَرْفِ الْخَامِسِ وَهِيَ الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ. وأَفْعى جَحْمَرِش: خَشْناءُ غَلِيظَةٌ. والجَحْمَرِش: الأَرْنَب الضَّخْمَةُ، وَهِيَ أَيضاً الأَرنَب المُرْضِع، وَلَا نَظِيرَ لَهَا إِلا امرأَة صَهْصَلِقٌ، وَهِيَ الشديدة الصوت.
جحنش: جَحْنَشٌ: صُلْب شَدِيدٌ.
جرش: الجَرْش: حَكّ الشَّيْءِ الخَشِنِ بِمِثْلِهِ ودلْكُه كَمَا تَجْرِشُ [تَجْرُشُ] الأَفعى أَنيابها إِذا احْتَكَّت أَطْواؤها تَسْمَع لِذَلِكَ صَوتاً وجَرْشاً. وَقِيلَ: هُوَ قَشْرُه؛ جَرَشَه يَجْرُشُه ويَجْرِشُهُ جَرْشاً، فَهُوَ مَجْرُوشٌ وجَرِيشٌ. والجُرَاشَةُ: مَا سقَط مِنَ الشيءِ تَجْرُشُه [تَجْرِشُهُ] . التَّهْذِيبُ: جُرَاشَة الشَّيْءِ مَا سَقَطَ مِنْهُ جَرِيشاً إِذا أُخذ مَا دَقَّ منه. والأَفعى تَجْرِشُ وتَجْرُشُ أَنيابها: تحُكّها. وجَرْشُ الأَفعى: صوْتٌ تُخْرِجُهُ مِنْ جلْدها إِذا حَكّت بعضَها بِبَعْضٍ. والمِلْح الجَرِيشُ: المَجروش كأَنه قَدْ حَكّ بعضُه بَعْضاً فَتَفَتَّتَ. والجَرِيشُ: دَقيقٌ فِيهِ غِلَظٌ يَصْلح لِلْخَبِيص المُرَمَّل. والجُراشة مِثْل المُشاطَة والنُّحاتَة. وجَرَشَ رأْسه بالمُشْط وجَرَّشَه إِذا حَكَّه حَتَّى تَسْتَبِينَ هِبْرِيَتُه. وجُراشة الرأْس: مَا سَقَطَ مِنْهُ إِذا جُرِش بِمُشْطٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَوْ رأَيتُ الوُعُول تَجْرُش مَا بَينَ لابَتَيْها مَا هِجْتُها
، يَعْنِي الْمَدِينَةَ؛ الجَرْش: صوتٌ يَحْصِلُ مِنْ أَكل الشَّيْءِ الخَشِن، أَراد لَوْ رأَيتُها تَرْعى مَا تعرَّضْتُ لَهَا لأَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَرَّم صيدَها، وَقِيلَ هُوَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَاهُ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والتَّجْرِيشُ: الجُوع والهُزال؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرَجُلٌ جَرِيش: نافِذ. والجِرِشَّى، عَلَى مِثَالِ فِعِلَّى كالزِّمِكّى: النفْس؛ قَالَ:
بَكى جَزَعاً مِنْ أَن يَمُوتَ، وأَجْهَشَت ... إِليه الجِرِشَّى، وارْمَعَنَّ حَنِينُها
الْحَنِينُ: الْبُكَاءُ. وَمَضَى جَرْشٌ «6» مِنَ اللَّيْلِ، وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: جَرَش، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ. وجَوْشٌ وجُؤْشُوشٌ: وَهُوَ مَا بَيْنَ أَوله إِلى ثُلُثه، وَقِيلَ: هُوَ سَاعَةٌ مِنْهُ؛ وَالْجَمْعُ أَجْراش وجُروش، والسينُ الْمُهْمَلَةُ فِي جَرْشٍ لُغَةٌ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ. وأَتاه بِجَرْشٍ مِنَ اللَّيْلِ أَي بآخِرٍ مِنْهُ. وَمَضَى جَرْش مِنَ اللَّيْلِ أَي هَوِيٌّ مِنَ اللَّيْلِ. والجَرْش: الإِصابة، وَمَا جَرَش مِنْهُ شَيْئًا وَمَا اجْتَرَشَ أَي مَا أَصابَ. وجُرَش: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، وَمِنْهُ أَدِيم جُرَشِيٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ جُرَش، بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، مِخْلافٌ مِنْ مَخَالِيفِ الْيَمَنِ، وَهُوَ بِفَتْحِهِمَا بَلَدٌ بالشأْم، وَلَهُمَا ذِكْرٌ فِي الْحَدِيثِ. وجُرَشيَّة: بِئْرٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
تَحَدُّرَ ماءِ البئرِ عَنْ جُرَشِيَّة، ... عَلَى جِرْبَةٍ، تَعْلو الدِّبارَ غُرُوبُها
__________
(6) . قوله [ومضى جرش] هو بالتثليث وبالتحريك وكصرد.(6/272)
وَقِيلَ: هِيَ هُنَا دَلْوٌ مَنْسُوبَةٌ إِلى جُرَش. الْجَوْهَرِيُّ: يَقُولُ دُمُوعِي تَحدّرُ كتَحَدُّرِ مَاءِ الْبِئْرِ عَنْ دَلْوٍ تَسْتَقي بِهَا نَاقَةٌ جُرَشِية لأَن أَهل جُرَش يَسْتَقُون عَلَى الإِبل. وجَرَشْت الشيءَ إِذا لَمْ تُنعِّم دَقَّهُ، فَهُوَ جَرِيشٌ. وَمِلْحٌ جَرِيش: لَمْ يَتَطَيَّب. وَنَاقَةٌ جُرَشِيَّة: حَمْرَاءُ. والجُرَشِيُّ: ضرْب مِنَ الْعِنَبِ أَبيض إِلى الْخُضْرَةِ رَقِيقٌ صَغِيرُ الْحَبَّةِ وَهُوَ أَسرعُ الْعِنَبِ إِدراكاً، وَزَعَمَ أَبو حَنِيفَةَ أَن عَنَاقِيدَهُ طِوال وَحَبَّهُ مُتَفرق، قَالَ: وَزَعَمُوا أَن الْعُنْقُودَ مِنْهُ يَكُونُ ذِرَاعًا، وَفِي العُنُوق حمراءُ جُرَشِية، وَمِنَ الأَعناب عِنَبٌ جُرَشِيٌّ بالغٌ جَيِّدٌ يُنْسَبُ إِلى جُرَش. والجَرْش: الأَكل. قَالَ الأَزهري: الصَّوَابُ بِالسِّينِ. والجُرَشِيَّة: ضَرْبٌ مِنَ الشَّعِيرِ أَو الْبُرِّ. ورجُل مُجْرَئِشُّ الجنبِ: مُنْتَفِخُهُ؛ قَالَ:
إِنك يَا جَهْضَم مَاهِي القَلْب، ... جافٍ عَريضٌ مُجْرَئِشُّ الجَنْب
والمُجْرَئِشُّ أَيضاً: المُجْتَمِع الْجَنْبِ، وَقِيلَ: المُجْرَئِشّ الغليظُ الْجَنْبِ الْجَافِي، وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الْمُنْتَفِخُ الْوَسَطِ مِنْ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: فَرَسٌ مُجْفَر الجَنبين ومُجْرَئِشُّ الْجَنْبَيْنِ وحَوْشَب، كُلُّ ذَلِكَ انْتِفَاخُ الْجَنْبَيْنِ. أَبو الْهُذَيْلِ: اجْرَأَشّ إِذا ثابَ جِسْمُه بَعْدَ هُزال، وَقَالَ أَبو الدُّقَيش: هُوَ الَّذِي هُزِل وَظَهَرَتْ عِظَامُهُ؛ وَقَوْلُ لَبِيدٌ:
بَكَرَتْ بِهِ جُرَشِيَّة مقْطُورة
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ حجر: أَراد بِقَوْلِهِ جُرَشِيَّة نَاقَةً مَنْسُوبَةً إِلى جُرَش. وجُرَش: إِن جَعَلْتَهُ اسْمَ بُقْعة لَمْ تَصْرِفْهُ للتأْنيث وَالتَّعْرِيفِ، وإِن جَعَلْتَهُ اسْمَ مَوْضِعٍ فَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مَعْدُولًا فَيَمْتَنِعُ أَيضاً مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَدْلِ والتعريف، ويحتمل أَن لا يَكُونَ مَعْدُولًا فَيَنْصَرِفَ لِامْتِنَاعِ وُجُودِ الْعِلَّتَيْنِ. قَالَ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ تركُ الصَّرْفِ أَسلمُ مِنَ الصَّرْفِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ. ومقْطُورة: مطْلِيّة بالقَطِران. وَفِي الْبَيْتِ عُلكُوم، وعُلْكُومٌ ضَخْمَةٌ، وَالْهَاءُ فِي بِهِ تَعُودُ عَلَى غَرْب تقدم ذكرها.
جَرَنْفَشُ: الجَرَنْفَش: الْعَظِيمُ الجَنْبَين مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والأُنثى جَرَنْفَشة، وَالسِّينُ الْمُهْمَلَةُ لُغَةٌ. التَّهْذِيبُ فِي الْخُمَاسِيِّ عَنْ أَبي عَمْرٍو: الجَرَنْفش الْعَظِيمُ مِنَ الرِّجَالِ. الْجَوْهَرِيُّ: الجَرَنْفَش الْعَظِيمُ الْجَنْبَيْنِ، والجُرافِشُ، بِضَمِّ الْجِيمِ، مِثْلُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَانِ الْحَرْفَانِ ذَكَرَهُمَا سِيبَوَيْهِ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ السيرافي: هما لغتان.
جَشَشَ: جَشَّ الحَبَّ يَجُشُّهُ جَشّاً وأَجَشَّهُ: دَقَّهُ، وَقِيلَ: طَحَنه طَحْناً غَلِيظًا جرِيشاً، وَهُوَ جَشِيش ومَجْشوش. أَبو زَيْدٍ: أَجْشَشْتُ الحَب إِجْشَاشاً. والجَشِيش والجَشِيشة: مَا جُشَّ مِنَ الْحَبِّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَا يَتَّقي بالذُّرَقِ المَجْروش، ... مِنَ الزُّوان، مَطْحَن الجَشِيش
وَقِيلَ: الجَشِيشُ الْحَبُّ حِينَ يُدق قَبْلَ أَن يُطْبخ، فإِذا طُبِخ فَهُوَ جَشِيشَة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا فَرْقٌ لَيْسَ بِقَويّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَولَم عَلَى بَعْضِ أَزواجه بِجَشيشة
؛ قَالَ شِمْرٌ: الجَشِيشُ أَن تُطْحَن الحِنْطةُ طَحْناً جَلِيلًا ثُمَّ تُنْصَب بِهِ القِدْر ويُلْقى عَلَيْهَا لَحْم أَو تَمْر فيُطْبخ، فَهَذَا الْجَشِيشُ، وَيُقَالُ لَهَا دَشِيشة،(6/273)
بِالدَّالِ، وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَعَمَدْت إِلى شَعِيرٍ فَجَشَشْتُهُ
أَي طَحَنته. وَقَدْ جَشَشْت الحِنْطة، والجَرِيش مِثْلُهُ، وجَشَشْتُ الشَّيْءَ أَجُشُّهُ جَشّاً: دَقَقْته وكَسّرته، وَالسَّوِيقُ جَشِيش. اللَّيْثُ: الجَشّ طَحْن السَّوِيقِ والبُرّ إِذا لَمْ يُجْعل دَقِيقاً. قَالَ الْفَارِسِيُّ: الجَشِيشة وَاحِدَةُ الجَشِيش كَالسَّوِيقَةِ وَاحِدَةُ السَّوِيقِ، والمِجَشّة: الرَّحَى، وَقِيلَ: المِجَشَّة رَحًى صَغِيرَةٌ يُجَش بِهَا الجشيشةُ مِنَ الْبُرِّ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُقَالُ للسَّوِيق جَشِيشَةٌ وَلَكِنْ يُقَالُ جَذيذة. الْجَوْهَرِيُّ: الْمِجَشُّ الرَّحَى الَّتِي يُطحن بِهَا الْجَشِيشُ. والجَشَشُ والجُشَّةُ: صَوْتٌ غَلِيظٌ فِيهِ بُحّة يَخْرج مِنَ الخَياشِيم، وَهُوَ أَحد الأَصوات الَّتِي تُصاغ عَلَيْهَا الأَلْحان، وكانَ الْخَلِيلُ يَقُولُ: الأَصوات الَّتِي تُصَاغ بِهَا الأَلْحانُ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا الأَجَشّ، وَهُوَ صَوْتٌ مِنَ الرأْس يَخْرج مِنَ الْخَيَاشِيمِ فِيهِ غِلَظ وبُحَّة، فَيُتْبَعُ بِخَدِرٍ مَوْضُوعٍ عَلَى ذَلِكَ الصَّوْتِ بِعَيْنِهِ ثُمَّ يُتْبِعُ بِوَشْيٍ مِثْلَ الأَوّل فَهِيَ صِيَاغَتُهُ، فَهَذَا الصَّوْتُ الأَجَشّ، وَقِيلَ: الجَشَشُ والجُشَّةُ شِدَّةُ الصَّوْتِ. ورَعْد أَجَشُّ: شديدُ الصَّوْتِ؛ قَالَ صخْر الغَيّ:
أَجَشَّ رِبَحْلًا، لَهُ هَيْدَب، ... يُكَشِّف لِلْحال رَيْطاً كَثِيفا
الأَصمعي: مِنَ السَّحَابِ الأَجَشّ الشديدُ الصوتِ صَوْتُ الرعْد. وفرسٌ أَجَشّ الصّوتِ: فِي صَهِيله جَشَش؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بأَجَشِّ الصوتِ يَعْبُوبٍ، إِذا ... طَرَق الحَيُّ مِنَ الغَزوِ، صَهَل
والأَجَشّ: الغليظُ الصَّوْتِ. وسحابٌ أَجَشُّ الرعْدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سَمِعَ تَكْبيرة رجُلٍ أَجَشِّ الصوتِ
أَي فِي صَوته جُشّة، وَهِيَ شِدّة وغِلَظ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
قُسّ: أَشْدَق أَجَشّ الصَّوْتِ
، وقيل: فرس أَجَشُّ، هو الغليظُ الصهِيل وهو ما يُحْمد فِي الْخَيْلِ؛ قَالَ النَّجَاشِيُّ:
ونجَّى ابنَ حَرْبٍ سابِحٌ ذُو عُلالة، ... أَجَشُّ هَزِيمٌ، والرِّماحُ دَوَاني
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْجَشَّاءُ مِنَ القِسيّ الَّتِي فِي صَوْتِهَا جُشّة عِنْدَ الرمْي؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
ونَمِيمة مِنْ قائِصٍ مُتَلَبِّب، ... فِي كَفِّهِ جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطَع
قَالَ: أَجَشّ فذكَّر وإِن كَانَ صِفَةً لِلْجَشْءِ، وَهُوَ مُؤَنَّثٌ، لأَنه أَراد العُود. والجَشَّة والجُشَّة، لُغَتَانِ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ يُقبِلون مَعًا فِي نَهْضة. وجَشَّ القومُ: نفَروا وَاجْتَمَعُوا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
بِجَشّة جَشّوا بِهَا مِمَّنْ نَفَر
أَبو مَالِكٍ: الجَشَّة النَّهْضة. يُقَالُ: شَهِدْت جَشَّتَهم أَي نَهْضَتَهم، ودخَلَتْ جشَّة مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَةٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: جَشَّهُ بالعَصا وجَثَّه جَشًّا وَجَثًّا إِذا ضَرَبه بِهَا. الأَصمعي: أَجَشَّت الأَرضُ وأَبَشَّت إِذا التفَّ نَبْتُها. وجَشَّ البئرَ يَجُشّها جَشّاً؛ وجَشْجَشَها: نَقَّاها وَقِيلَ: جَشَّها كَنَسَها؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ القبْر:
يَقُولُونَ لمَّا جُشَّتِ البِئرُ: أَورِدُوا، ... وَلَيْسَ بِها أَدْنى ذِفافٍ لِوارِد
قَالَ: يَعْنِي بِهِ الْقَبْرَ. وَجَاءَ بَعْدَ جُشٍّ مِنَ اللَّيْلِ أَي قِطْعة. والجُشُّ أَيضاً: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض وَلَمْ يَبْلُغ أَن يَكُونَ جَبَلًا. والجُشّ: النَّجَفَة فِيهِ غِلَظ وَارْتِفَاعٌ. والجَشَّاء: أَرضٌ سهْلة ذاتُ حَصًى تُسْتَصْلح لغَرْس النَّخْلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:(6/274)
مِنْ ماءِ مَحْنِيَة جاشَتْ بِجُمَّتِها ... جَشَّاء، خالَطَتِ البَطْحاءَ والجَبَلا
وجُشُّ أَعْيارٍ: موضِعٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ «1» :
مَا اضْطرَّكَ الحِرْزُ مِنْ لَيْلى إِلى بَرَدٍ، ... تَخْتارُه مَعْقِلًا عَنْ جُشّ أَعيار
والجُشّ: الموضِع الخَشِنُ الحِجارَة. ابْنُ الأَثير فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: كَانَ يَنْهَى عَنْ أَكْل الجِرِّيّ والجِرِّيتِ
والجَشّاء؛ قِيلَ: هُو الطِّحَالُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا آكُلُ الجَشَّاءَ مِنْ شَهْوتها، وَلَكِنْ ليَعْلَم أَهلُ بيتي أَنها حَلال.
جَعَشَ: الجُعْشُوش: الطَّويلُ، وَقِيلَ: الطَّوِيلُ الدَّقِيق، وَقِيلَ: الدَّمِيم القَصِيرُ الذَّريءُ القَمِيءُ مَنْسُوبٌ إِلى قَمْأَةٍ وصِغَرٍ وقلَّةٍ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: وَالسِّينُ لُغَةٌ، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: الشين بدل من السين لأَنَّ السِّينَ أَعمُّ تصرُّفاً، وَذَلِكَ لِدُخُولِهَا فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ جَمِيعًا، فضيقُ الشِّينِ مَعَ سَعَةِ السِّينِ يُؤْذِنُ بأَنَّ الشِّينَ بدلٌ مِنَ السِّينِ، وَقِيلَ: اللَّئِيم، وَقِيلَ: هُوَ النَّحِيف الضَّامِرُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا رُبَّ قَرْمٍ سَرِسٍ عَنَطْنَط، ... لَيس بِجُعْشُوش وَلَا بأَذْوَط
وَقَالَ ابْنُ حِلِّزَةَ:
بنو لُخَيم وجَعَاشيش مُضَر
كُلُّ ذَلِكَ يُقَالُ بِالشِّينِ وَبِالسِّينِ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: ويَبِس الجِعْش
؛ قِيلَ: هُوَ أَصل النَّبَاتِ، وقيل: أَصل الصلِّيان خاصة وهو نبت معروف.
جَفَشَ: جَفَش الشيءَ يَجْفِشُه جَفْشاً: جَمَعَه؛ يمانية.
جمش: الجَمْش: الصَّوتُ. أَبو عُبَيْدَةَ: لَا يُسْمِعُ فلانٌ أُذُناً جَمْشاً يَعْنِي أَدنى صوتٍ؛ يُقَالُ لِلَّذي لَا يَقْبَل نُصْحاً وَلَا رُشْداً، وَيُقَالُ للمُتَغابي المُتَصامِّ عَنْكَ وعمَّا يَلْزَمُهُ. قَالَ: وَقَالَ الْكِلَابِيُّ لَا تَسْمَعُ أُذُنٌ جَمْشاً أَي هُمْ فِي شَيْءٍ يُصِمّهم يَشتغلون عَنِ الِاسْتِمَاعِ إِليك، هَذَا مِنَ الجَمْش وَهُوَ الصَّوْتُ الْخَفِيُّ. والجَمْش: ضربٌ مِنَ الحَلْب لجَمْشها بأَطراف الأَصابع. والجَمْش: المُغَازَلة ضرْبٌ بقَرْص ولعِب، وَقَدْ جَمَّشَه وَهُوَ يُجَمِّشها أَي يُقَرِّصُها ويُلاعِبُها. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: قِيلَ للمُغازَلة تَجْميش مِنَ الجَمْش، وَهُوَ الْكَلَامُ الخفيُّ، وَهُوَ أَن يَقُولَ لِهَواه: هَيْ هَيْ. والجَمْش: حَلْق النُّورة؛ وأَنشد:
حَلْقاً كحَلْق الجَمِيش
وجَمَش شَعره يَجْمِشُه ويَجْمُشه: حَلَقه. وجَمَشَت النُّورةُ الشعَرَ جَمْشاً: حَلَقَتْه، وجَمَشَتْ جِسْمَه: أَحْرَقَتْه. ونُورة جَمُوش وجَمِيش ورَكَبٌ جَمِيش: مَحْلوقٌ، وَقَدْ جَمَشه جَمْشاً؛ قَالَ:
قَدْ عَلِمَت ذاتُ جَمِيش، أَبْرَدُهْ ... أَحْمَى مِنَ التنُّور، أَحْمَى مُوقِدُهْ
قَالَ أَبو النَّجْمِ:
إِذا مَا أَقْبَلَتْ أَحْوى جَمِيشاً، ... أَتَيْتُ عَلَى حِيالِك فانْثَنَيْنا
أَبو عَمْرٍو: الدِّرْدَانُ المَحْلوق «2» . ابْنُ الأَعرابي: قِيلَ للرجُل جَمَّاش لأَنه يَطلب الرَّكَب الجَمِيش. والجَمِيش: المكانُ لَا نَبْتَ فِيهِ: وَفِيِ الْحَدِيثِ:
بخَبْت الْجَمِيشِ
، والخَبْتُ المَفازَة، وإِنما قيل له
__________
(1) . قوله [قال النابغة] كذا بالأَصل، وفي ياقوت: قال بدر بن حزان يخاطب النابغة.
(2) . قوله [الدردان المحلوق] كذا بالأَصل.(6/275)
جَمِيش لأَنه لَا نَبَاتَ فِيهِ كأَنه حَلِيق. وَسَنَةٌ جَمُوش: تُحْرِقُ النَّبَاتَ. غيرُه: سنةٌ جَمُوشٌ إِذا احْتَلَقَت النَّبْتَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَو كاحْتِلاقِ النُّورَةِ الجَمُوشِ
أَبو عَمْرٍو: الجِماشُ مَا يُجْعَل تَحْتَ الطَّيِّ وَالْجَالِ فِي القَلِيب إِذا طُوِيت بِالْحِجَارَةِ، وَقَدْ جَمَشَ يَجْمُشُ ويَجْمِشُ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَحِلُّ لأَحدكم مِنْ مالِ أَخيه شيءٌ إِلا بِطِيبة نَفْسِه، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ يَثْرِبِيٍّ: يَا رَسُولَ اللَّه، إِن لقيتُ غَنم ابن أَخي أَأَجْتَزِرُ مِنْهَا شَاةً؟ فَقَالَ: إِن لقيتَها نَعْجَةً تَحْمِل شَفرةً وَزِنَادًا بِخَبْت الجَمِيش فَلَا تَهِجْها
؛ يُقَالُ: إِنَّ خَبْتَ الجَمِيش صحراءُ واسعةٌ لَا نَبَاتَ لَهَا فَيَكُونُ الإِنسانُ بِهَا أَشدَّ حَاجَةً إِلى مَا يُؤكل، فَقَالَ: إِنْ لقِيتَها فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ فَلَا تَهِجْها، وإِنما خَصَّ خَبْتَ الجَمِيش بالذِّكْر لأَنَّ الإِنسانَ إِذا سَلَكَهُ طالَ عَلَيْهِ وفَني زادُه وَاحْتَاجَ إِلى مَالِ أَخيه الْمُسْلِمِ، وَمَعْنَاهُ إِن عَرَضَت لَكَ هَذِهِ الْحَالَةُ فَلَا تَعَرَّضْ إِلى نَعَمِ أَخيك بوجْه وَلَا سبَب، وإِن كَانَ ذَلِكَ سَهْلًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَحْمِلُ شَفْرَةً وَزِنَادًا أَي مَعَهَا آلَةُ الذَّبْحِ وَآلَةُ الشيِّ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: حَتْفَها تَحْمِل ضَأْنٌ بأَظلافِها، وَقِيلَ: خَبْتُ الجَمِيش كأَنه جُمِش أَي حُلِق.
جنش: جَنَشَتْ نَفْسي: ارتفَعَت مِنَ الْخَوْفِ؛ قَالَ:
إِذا النُّفُوسُ جَنَشَت عِنْد اللِّحَا
ابْنُ الأَعرابي: الجَنْش نزْحُ الْبِئْرِ. أَبو الْفَرَجِ السُّلَمي: جَنَش القومُ القومَ وجمَشُوا لَهُمْ أَي أَقبَلوا إِليهم؛ وأَنشد:
أَقول لِعَبَّاسٍ، وَقَدْ جَنَشَت لَنَا ... حُيَيٌّ، وأَفْلَتْنا فُوَيتَ الأَظافر
أَي فاتَ عَنْ أَظفارنا. وَفِي النَّوَادِرِ: الجَنْش الغِلظ؛ وَقَالَ:
يَوْماً مُؤَامَرات يَوْمًا للجَنَش
قَالَ الأَزهري: وَهُوَ عِيدٌ لَهُمْ، قَالَ: وَيُقَالُ جَنَش فلانٌ إِليّ وجأَش وتَحَوَّرَ وهاشَ وأَرَزَ بمعنى واحد.
جهش: جَهِش «1» وجَهَش للبُكاء يجهَش جَهْشاً وأَجْهَش، كِلَاهُمَا، استعدَّ لَهُ واسْتَعْبَرَ، والمُجْهِش الْبَاكِي نفْسُه. وجهَشت إِليه نفسُه جُهوشاً وأَجْهَشتْ، كِلَاهُمَا: نَهَضت وفاظَت. وجَهَشت نَفْسِي وأَجْهَشت إِذا نَهَضت إِليك وهَمَّت بالبُكاء. والجَهْش: أَن يَفْزَع الإِنسان إِلى غَيْرِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ كأَنه يُرِيدُ الْبُكَاءَ كَالصَّبِيِّ يَفْزَع إِلى أُمه وأَبيه وَقَدْ تهيّأَ لِلْبُكَاءِ؛ يُقَالُ: جَهَشَ إِليه يَجْهَشُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ بالحُدَيْبِية فأَصاب أَصحابَه عَطش، قَالُوا: فجَهَشنا إِلى رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ وَكَذَلِكَ الإِجْهَاش. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: أَجْهَشْتُ إِجْهَاشاً؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ لَبِيدٍ:
باتَتْ تشكَّى إِليَّ النفْسُ مُجْهِشة، ... وَقَدْ حَملْتك سبْعاً بَعْدَ سَبْعِينا
وَقَالَ الأُموي: أَجهَش إِذا تهيَّأَ للبُكاء. وَفِي حَدِيثِ الْمَوْلِدِ قَالَ:
فَسابَّني فأَجْهَشْت بالبُكاء
؛ أَراد فخَنَقَني فتَهيأْت لِلْبُكَاءِ. وجَهَشَ للشَّوق والحُزْن: تَهيَّأَ. وجَهَشَ إِلى الْقَوْمِ جَهْشاً: أَتاهم. والجَهْش: الصَّوْتُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَالَّذِي رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ الجَمْش.
جوش: الجَوش: الصَّدْر مِثْلُ الجُؤْشوش، وَقِيلَ: الْجَوْشُ الصدرُ مِنَ الإِنسان والليلِ، وَمَضَى جَوْش مِنَ اللَّيْلِ أَي صدْر مِنْهُ مِثْلُ جَرْش؛ قال رَبيعة بن
__________
(1) . قوله [جهش] هو كسمع ومنع كما في القاموس.(6/276)
مَقْرُوم الضَّبِّيُّ:
وَفَتَيَانُ صِدْقٍ قَدْ صَبَحْتُ سُلافَةً، ... إِذا الدِّيكُ فِي جَوْشٍ مِنَ اللَّيْلِ طَرَّبا
وَجَوْشُ اللَّيْلِ: جَوزُه ووَسَطُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَلَوَّم هَاهُ هَا وَقَدْ مَضَى ... مِنَ اللَّيْلِ جَوْش واسْبَطَرّتْ كواكبُه «2»
التَّهْذِيبُ: جَوْشُ الليلِ مِنْ لَدُن رُبْعِه إِلى ثُلثه، وَقَالَ ابْنُ أَحمر: مَضَى جَوْش مِنَ اللَّيْلِ. ابْنُ الأَعرابي: جَاشَ يَجُوش جَوْشاً إِذا سَارَ الليلَ كلَّه؛ وَقَالَ مُرَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّه:
تَرَكْنا كُلَّ جِلْفٍ جَوْشَنِيٍّ، ... عَظِيمِ الجَوْش مُنْتَفِخِ الصِّفاق
قَالَ: الجَوْش الوسَط. والجوشَنِيّ: العظيمُ الْجَنْبَيْنِ والبطنِ. والصِّفاقُ: الَّذِي يَلِي الجَوْف مِنْ جِلْد البَطن. والجلْف: الْجَافِي الخَلْق الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ، شُبِّه بالدَّنِّ الْفَارِغِ، والدَّنُّ الفارغُ يُقَالُ لَهُ جلْف. وجَوْش: قَبِيلَةٌ أَو مَوْضِعٌ. الْجَوْهَرِيُّ: جَوْش مَوْضِعٌ؛ وأَنشد لأَبي الطَّمَحان الْقَيْنِيِّ:
تَرُضُّ حَصَى مَعْزاءِ جَوْشٍ وأُكْمَهُ ... بأَخْفافِها، رَضَّ النَّوى بالمَراضِخ
جيش: جاشَت النفسُ تَجِيش جَيْشاً وجُيوشاً وجَيَشاناً: فاظَتْ. وجاشَتْ نفسِي جَيْشاً وجَيشاناً: غَثَتْ أَو دارَتْ لِلْغَّثَيان، فإِن أَردْتَ أَنها ارتفعَت مِنْ حُزن أَو فزَع قُلت: جَشَأَت. وَفِي الْحَدِيثِ:
جاؤوا بِلَحْم فتَجَيَّشَتْ أَنفُسُ أَصحابِه
أَي غَثَتْ، وَهُوَ مِنَ الِارْتِفَاعِ كأَنَّ مَا فِي بُطُونِهِمُ ارْتَفَعَ إِلى حُلوقهم فحَصل الغَثْيُ. وَجَاشَتِ القِدْر تجِيش جَيْشاً وجَيَشاناً: غَلَت، وَكَذَلِكَ الصدْرُ إِذا لَمْ يَقْدر صَاحِبُهُ عَلَى حَبْس مَا فِيهِ. التَّهْذِيبُ: والجَيشان جَيَشان القِدْر. وَكُلُّ شَيْءٍ يَغْلي، فَهُوَ يَجِيش، حَتَّى الهَمّ والغُصَّة فِي الصدْر؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ غَيْرُ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّ الصَّحِيحَ جَاشَتِ القِدْر إِذا بَدَأَتْ أَن تَغْلي وَلَمْ تَغْلِ بعْدُ؛ قَالَ: وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ هَذَا قَوْلُ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ:
تَجيشُ عَلَيْنَا قِدْرهم فنُدِيمُها، ... ونَفْثَؤُها غَنَّا إِذا حَمْيُها غَلَى
أَي نُسكِّنُ قِدْرَهم، وَهِيَ كِنَايَةٌ عَنِ الْحَرْبِ، إِذا بدأَت أَن تَغْلِي، وَتَسْكِينُهَا يَكُونُ إِما بإِخراج الْحَطَبِ مِنْ تَحْتِ القدرِ أَو بِالْمَاءِ الْبَارِدِ يُصَبُّ فِيهَا، وَمَعْنَى نُدِيمُهَا نُسَكّنها؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا يَبُولَنَّ أَحدكم فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ
أَي السَّاكِنِ، ثُمَّ قَالَ:
ونَفْثَؤُها عنَّا إِذا غَلَتْ وَفَارَتْ وَذَلِكَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ.
وَفِي حَدِيثِ الاسْتِسقاء:
وَمَا يَنزِل حَتَّى يَجِيشَ كلُّ مِيزابٍ
أَي يتدَفَّق وَيَجْرِيَ بِالْمَاءِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ستكُون فِتْنة لَا يَهْدأُ مِنْهَا جانبٌ إِلا جاشَ مِنْهَا جَانِبٌ
أَي فارَ وَارْتَفَعَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ. رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ، فِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دامِغ جَيْشاتِ الأَباطِيل
؛ هِيَ جَمْعُ جَيْشة وَهِيَ المرَّة مِنْ جاشَ إِذا ارْتَفَعَ. وجاشَ الْوَادِي يَجِيش جَيشاً: زَخَر وامتدَّ جِدًّا. وجاشَ الْبَحْرُ جَيشاً: هاجَ فَلَمْ يُسْتَطع رُكوبُه. وجاشَ الهمُّ فِي صدْره جيْشاً: مُثِّلَ بِذَلِكَ. وجاشَ صدْرُه يَجِيش إِذا غَلى غَيْظاً ودَرَداً. وجاشتْ نفْس الْجَبَانِ وجَأَشت إِذا همَّت بِالْفِرَارِ. وَفِي حَدِيثِ
الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ: وكأَنَّ نفْسي جاشَت
أَي ارْتَاعَتْ وَخَافَتْ. وجأْش النَّفْسِ: رُوَاعُ القَلب إِذا اضْطَرَبَ، مَذْكُورٌ فِي جأَش. والجَيْش: وَاحِدُ الجُيُوش. والجَيش: الجُنْد،
__________
(2) . قوله [تلوم هاه ها إلخ] هو كذلك في الأَصل.(6/277)
وَقِيلَ: جَمَاعَةُ النَّاسِ فِي الحَرْب، وَالْجَمْعُ جُيُوش. التَّهْذِيبُ: الجَيْش جُنْد يَسِيرُونَ لِحَرْبٍ أَو غَيْرِهَا. يُقَالُ: جَيَّش فُلَانٌ أَي جَمَعَ الجُيُوش، واسْتَجاشَه أَي طَلب مِنْهُ جَيْشًا. وَفِي حَدِيثِ
عَامِرِ بْنِ فُهَيرة: فاسْتَجاشَ عَلَيْهِمْ عامرُ بْنُ الطفَيل
أَي طَلب لَهُمُ الجيشَ وجمَعَه عَلَيْهِمْ. والجِيشُ: نباتٌ لَهُ قُضْبان طِوالٌ خُضْرٌ وَلَهُ سَنِفَةٌ كَثِيرَةٌ طِوال ممْلوءة حَبّاً صِغاراً، وَالْجَمْعُ جُيُوش. وجَيْشان: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قَامَتْ تَبَدَّى لَكَ فِي جَيْشانِها
لَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَراد فِي جَيَشانها أَي قُوَّتِها وشبابِها فسكَّن لِلضَّرُورَةِ، وسيأْتي تَفْسِيرُ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ عَيْشٌ وَجَيْشٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَذَاتُ الجَيْش: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
لِلَيْلى بِذات البَيْن دارٌ عَرفتُها، ... وأُخْرَى بِذَاتِ الجَيْش آياتُها سَفْر
فصل الحاء المهمة
حبش: الحَبَش: جِنْس مِنَ السُّودان، وَهُمُ الأَحْبُش والحُبْشان مِثْلُ حمَل وحُمْلان والحَبِيش، وَقَدْ قَالُوا الحَبَشة عَلَى بِنَاءِ سَفَرة، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي الْقِيَاسِ لأَنه لَا واحدَ لَهُ عَلَى مِثَالِ فاعِل، فَيَكُونُ مُكَسَّرًا عَلَى فَعَلة؛ قَالَ الأَزهري: الحَبَشة خطأٌ فِي الْقِيَاسِ لأَنك لَا تَقُولُ لِلْوَاحِدِ حابِش مِثْلُ فَاسِقٍ وَفَسَقَةٍ، وَلَكِنْ لَمَّا تُكُلِّم بِهِ سَارَ فِي اللُّغَاتِ، وَهُوَ فِي اضْطِرَارِ الشِّعْرِ جَائِزٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُوصيكم بِتَقْوَى اللَّه والسمعِ والطاعةِ وإِنْ عَبْداً حَبَشِيّاً
أَي أَطيعوا صاحبَ الأَمْر وإِن كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَحَذَفَ كَانَ وَهِيَ مُرَادَةٌ. والأُحبوش: جَمَاعَةُ الْحَبَشِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنَّ صِيرانَ المَهَا الأَخْلاط ... بِالرَّمْلِ أُحْبُوشٌ مِنَ الأَنْباط
وَقِيلَ: هُمُ الْجَمَاعَةُ أَيًّا كَانُوا لأَنهم إِذا تجمَّعوا اسْودُّوا. وَفِي حَدِيثِ خَاتَمِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُحْتَمَلُ أَنه أَراد مِنَ الجِزْع أَو العَقِيق لأَنَّ معدِنَهما اليَمَنُ والحَبَشة أَو نَوْعًا آخَرَ يُنْسَبُ إِليها. والأَحابِيشُ: أَحْياءٌ مِنَ القارَة انضمُّوا إِلى بَنِي لَيث فِي الْحَرْبِ الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ قَبْلَ الإِسلام، فَقَالَ إِبْليس لِقُرَيْشٍ: إِني جارٌ لَكُمْ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فواقَعُوا دَماً؛ سُمُّوا بِذَلِكَ لاسْوِدادهم؛ قَالَ:
لَيْث ودِيل وكَعْب وَالَّذِي ظأَرَتْ ... جَمْعُ الأَحابِيش، لَمَّا احْمَرَّت الحَدَق
فَلَمَّا سُمّيت تِلْكَ الأَحياءُ بالأَحابيش مِنْ قِبَل تجمُّعِها صَارَ التَّحْبيش فِي الْكَلَامِ كَالتَّجْمِيعِ. وحُبْشِيّ: جبَل بأَسفل مَكَّةَ يُقَالُ مِنْهُ سُمِّيَ أَحابيشُ قُرَيْشٍ، وَذَلِكَ أَن بَني المُصطلق وَبَنِي الهَوْن بْنِ خُزيمة اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ فَحَالَفُوا قُرَيْشًا، وَتَحَالَفُوا باللَّه إِنَّا لَيَدٌ عَلَى غيرِنا مَا سَجا لَيْلٌ ووَضَحَ نَهَارٌ وَمَا أَرْسَى حُبْشيٌّ مَكانَه، فسُمّوا أَحابيش قُريش بَاسِمِ الْجَبَلِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي بَكْرٍ: أَنه مَاتَ بالحُبْشيّ
؛ هُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ وَالتَّشْدِيدِ، مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ، وَقِيلَ: جَبَلٌ بأَسفل مَكَّةَ. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيبية:
أَن قُرَيْشًا جمَعوا ذَلِكَ جمعَ الأَحابيش
؛ قَالَ: هُمْ أَحياء مِنَ الْقَارَةِ. وأَحْبَشَت المرأَةُ بوَلدها إِذا جَاءَتْ بِهِ حَبَشِيَّ اللَّون. وَنَاقَةٌ حَبَشِيَّة: شَدِيدَةُ السَّوَادِ. والحُبْشِيَّة: ضَرْب مِنَ النَّمْلِ سُودٌ عِظامٌ لمَّا جُعِل ذَلِكَ اسْمًا لَهَا غَيَّروا اللَّفْظَ لِيَكُونَ فَرْقًا بَيْنَ النِّسْبَةِ وَالِاسْمِ، فَالِاسْمُ حُبْشِيَّة(6/278)
وَالنَّسَبُ حَبَشِية. وَرَوْضَةٌ حَبَشِية: خَضْرَاءُ تَضْرِب إِلى السَّواد؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ويَاْكُلْن بُهْمَى جَعْدَةً حَبَشِيَّة، ... ويَشْرَبْن بَرْدَ الماءِ فِي السَّبَرات
والحُبْشانُ: الْجَرَادُ الَّذِي صَارَ كأَنه النَّمْلُ سَواداً، الواحدةُ حَبَشِيَّة؛ هَذَا قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ، وإِنما قِيَاسُهُ أَن تَكُونَ واحدتَه حُبْشانَةٌ أَو حَبْشٌ أَو غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَصْلُحُ أَن يَكُونَ فُعْلان جَمْعَه. والتحَبُّش: التجمُّع. وحَبَش الشيءَ يَحْبشُه حَبْشاً وحَبَّشَه وتحَبَّشَه واحْتَبَشه: جَمَعَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أُولاك حَبَّشْتُ لَهُمْ تَحْبِيشِي
وَالِاسْمُ الحُباشة. وحَبَشْت لَهُ حُباشة إِذا جَمَعْت لَهُ شَيْئًا، والتَّحْبيش مِثْلُهُ. وحُباشات العَيْر: مَا جُمِعَ مِنْهُ، واحدتُها حُباشة. واحْتَبش لأَهلِه حُباشَةً: جَمَعها لَهُمْ. وحَبَشْت لِعِيَالِي وهَبَشْت أَي كسبْتُ وجمعْتُ، وَهِيَ الحُباشة والهُباشة؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
لَوْلَا حُباشاتٌ مِنَ التَّحْبِيش ... لِصِبْية كأَفْرُخ العُشُوش
وَفِي الْمَجْلِسِ حُباشات وهُباشات مِنَ النَّاسِ أَي ناسٌ ليسُوا مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُمُ الحُباشة الْجَمَاعَةُ، وَكَذَلِكَ الأُحْبوش والأَحابيش، وتحبَّشوا عَلَيْهِ: اجْتَمَعُوا، وَكَذَلِكَ تَهبَّشوا. وحَبَّش قومَه تَحْبِيشًا أَي جَمَعَهُمْ. والأَحْبَش: الَّذِي يأْكل طَعَامَ الرجُل وَيَجْلِسُ عَلَى مَائِدَتِهِ ويُزَيّنه. والحَبَشِيّ: ضرْب مِنَ العِنَب. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَمْ يُنْعت لَنَا. والحَبَشِيّ: ضرْب مِنَ الشَّعِيرِ سُنْبُله حَرْفَانِ وَهُوَ حَرِش لَا يُؤْكَلُ لِخُشُونَتِهِ وَلَكِنَّهُ يَصْلُحُ لِلْعَلَفِ. وَمِنْ أَسماء العُقاب: الحُباشيَّة والنُّسارِيَّة تُشَبَّه بِالنَّسْرِ. وحَبَشِية: اسْمُ امرأَة كَانَ يزيدُ بن الطثَرِيّة يَتَحَدَّثُ إِليها. وحُبَيْش: طَائِرٌ مَعْرُوفٌ جَاءَ مصغَّراً مِثْلَ الكُمَيت والكُعَيت. وَحَبِيشٌ «1» : اسم.
حتش: الأَزهري خَاصَّةً: قَالَ اللَّيْثُ فِي كِتَابِهِ حَتَش يَنْظُر فِيهِ، قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ حَتَش إِذا أَدام النَّظَرَ، وَقِيلَ: حَتَش القومُ وتَحَتْرشوا إِذا حَشَدوا.
حترش: الحِتْرِشُ والحُتْرُوش: الصَّغِيرُ الْجِسْمِ النَّزِق مَعَ صَلَابَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْغُلَامِ الخفيفِ النشِيطِ حُتْروش. الْجَوْهَرِيُّ: الحُتْروش الْقَصِيرُ. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَحسَنَ حَتَارِشَ الصَّبِيِّ أَي حركاتِه. وَسَمِعْتُ لِلْجَرَادِ حَتْرَشَة إِذا سَمِعْتَ صَوْتَ أَكْله. وتَحَتْرَشَ القومُ: حَشَدوا. يُقَالُ: حَشَد القومُ وحَشَكُوا وتَحَتْرَشُوا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: سَعَى فُلَانٌ بَيْنَ الْقَوْمِ فتَحَتْرَشُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يُدْرِكُوهُ أَي سَعَوا وعَدَوْا عَلَيْهِ. وحِتْرِش: مِنْ أَسماء الرِّجَالِ. وَبَنُو حِتْرِش. بطْنٌ مِنْ بَنِي مُضَرّس وَهُمْ مِنْ بَنِي عقيل.
حرش: الحَرْش والتَحْرِيش: إِغراؤُك الإِنسانَ والأَسد لِيَقَعَ بقِرْنِه. وحَرَّش بَيْنَهُمْ: أَفْسد وأَغْرى بعضَهم ببَعض. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّحْرِيشُ الإِغراء بَيْنَ الْقَوْمِ وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْكِلَابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن التحْريش بَيْنَ الْبَهَائِمِ
، هُوَ الإِغراء وَتَهْيِيجُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ كَمَا يُفْعل بَيْنَ الْجِمَالِ والكِباش والدُّيُوك وَغَيْرِهَا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِس أَنْ يُعْبَد في
__________
(1) . قوله [وحبيش] هو كأَمير وزبير.(6/279)
جَزِيرَةِ العَرَب وَلَكِنْ فِي التَّحريش بَيْنَهُمْ
أَي فِي حَمْلهم عَلَى الفِتَنِ والحُروب. وأَما الَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ، فِي الْحَجِّ: فذهبْتُ إِلى رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُحَرِّشاً عَلَى فاطمةَ
، فإِن التَّحْرِيشَ هَاهُنَا ذكرُ مَا يُوجِب عتابَه لَهَا. وحَرَشَ الضبَّ يَحْرِشُه حَرْشاً واحْتَرَشَه وتَحَرَّشَه وتحرَّش بِهِ: أَتى قَفا جُحْرِه فَقَعْقَعَ بِعصاه عَلَيْهِ وأَتْلَج طَرَفها فِي جُحْره، فإِذا سَمِعَ الصوتَ حَسِبَه دَابَّةً تُرِيدُ أَن تَدْخُلَ عَلَيْهِ، فَجَاءَ يَزْحَل عَلَى رِجْليه وعجُزِه مُقاتلًا وَيَضْرِبُ بذنَبه، فناهَزَه الرجُلُ أَي بَادَرَهُ فأَخَذ بذنَبه فضَبَّ عَلَيْهِ أَي شَدَّ القَبْض فَلَمْ يَقْدِرْ أَن يَفِيصَهُ أَي يُفْلِتَ مِنْهُ؛ وَقِيلَ: حَرْشُ الضَّبِّ صَيْدُه وَهُوَ أَن يُحَكَّ الجُحْر الَّذِي هُوَ فِيهِ يُتَحرَّشُ بِهِ، فإِذا أَحسَّه الضَّبُّ حَسِبَه ثُعْباناً، فأَخْرَج إِليه ذنبَه فيُصاد حِينَئِذٍ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لُهوَ أَخْبَثُ مِنْ ضبٍّ حَرَشْته، وَذَلِكَ أَن الضبَّ رُبَّمَا اسْتَرْوَحَ فَخَدَع فَلَمْ يُقْدر عَلَيْهِ، وَهَذَا عِنْدَ الِاحْتِرَاشِ، الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَمِنْ أَمثالهم فِي مُخَاطَبَةِ الْعَالِمِ بِالشَّيْءِ مَنْ يُرِيدُ تَعْلِيمَهُ: أَتُعْلِمُني بضبٍّ أَنا حَرَشْتُه؟ ونَحْوٌ مِنْهُ قَوْلُهُمْ: كمُعَلِّمةٍ أُمَّها البِضَاع. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ أَمثالهم: هَذَا أَجَلُّ مِنَ الحَرْش؛ وأَصل ذَلِكَ أَنّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ: قَالَ الضَّبُّ لِابْنِهِ يَا بُنَيّ احذَر الحَرْش، فَسَمِعَ يَوْمًا وقْعَ مِحْفارٍ عَلَى فَمِ الجُحر، فَقَالَ: بابَهْ «1» أَهذا الحَرْشُ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيّ هَذَا أَجلّ مِنَ الحَرْش؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ قَوْلَ كُثَيّر:
ومُحْتَرِش ضَبَّ العَدَاوَة مِنْهمُ، ... بِحُلْو الخَلى، حَرْشَ الضِّباب الخَوادِع
يُقَالُ: إِنه لَحُلْو الخَلى أَي حُلْو الْكَلَامِ؛ ووَضَع الحَرْشَ موضعَ الِاحْتِرَاشِ لأَنَّه إِذا احْتَرَشَه فَقَدْ حَرَشَه؛ وَقِيلَ: الحَرْش أَنْ تُهَيِّج الضبَّ فِي جُحْره، فإِذا خَرَجَ قَرِيبًا مِنْكَ هَدَمْتَ عَلَيْهِ بَقِيَّة الْجُحْرِ، تَقُولُ مِنْهُ: أَحْرَشْت الضَّبَّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَرَشَ الضبَّ يَحْرِشه حَرْشاً صادَه، فَهُوَ حَارِشٌ للضِّباب، وَهُوَ أَن يُحَرّك يَدَهُ عَلَى جُحْرِهِ ليظُنَّه حَيَّة فيُخْرِج ذَنَبَه ليضْرِبَها فيأْخُذه. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن رَجُلًا أَتاه بِضباب احْتَرَشها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالِاحْتِرَاشُ فِي الأَصل الجَمْع والكسْب والخِداع. وَفِي حَدِيثِ
أَبي حَثْمة فِي صِفَةِ التّمْر: وتُحْتَرَشُ بِهِ الضِّبابُ
أَي تُصطاد. يُقَالُ: إِن الضبَّ يُعْجَب بِالتَّمْرِ فيُحِبّه. وَفِي حَدِيثِ
الْمِسْوَرِ: مَا رأَيت رجُلًا ينفِر مِنَ الحَرْش مثلَه
، يَعْنِي مُعَاوِيَةَ، يُرِيدُ بالحَرْش الخديعةَ. وحارَشَ الضبُّ الأَفعى إِذا أَرادت أَن تَدْخل عَلَيْهِ فَقاتَلَها. والحَرْش: الأَثَر، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الأَثَر فِي الظَّهْر، وَجَمْعُهُ حِرَاش؛ وَمِنْهُ رِبْعِيّ بنُ حِراش وَلَا تَقُلْ خِراش، وَقِيلَ: الحِرَاش أَثَر الضرْب فِي البَعِير يبْرأُ فَلَا يَنْبُت لَهُ شَعر وَلَا وَبر. وحَرَش البعِيرَ بِالْعَصَا: حَكَّ فِي غارِبِه ليَمْشِيَ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الأَعراب يَقُولُ لِلْبَعِيرِ الَّذِي أَجْلَب دبَرُه فِي ظَهره: هَذَا بَعِيرٌ أَحْرَش وَبِهِ حَرَش؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَطَار بِكَفِّي ذُو حِرَاش مُشَمِّرٌ، ... أَحَذُّ ذلاذِيل العَسِيب قصِير
أَراد بِذِي حِرَاش جَمَلًا بِهِ آثَارُ الدَّبر. وَيُقَالُ: حَرَشْت جَرَبَ الْبَعِيرِ أَحْرِشُهُ حَرْشاً وخَرَشته خَرْشاً إِذا حكَكْتَه حَتَّى تقشَّر الْجِلْدُ الأَعلى فيَدْمى
__________
(1) . قوله [بابه] هكذا بالأَصل، وفي القاموس: يا أَبت إلخ.(6/280)
ثُمَّ يُطْلى حِينَئِذٍ بالهِناء، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الحَرْشَاء مِنَ الجُرْب الَّتِي لَمْ تُطْل؛ قَالَ الأَزهري: سُمِّيَتْ حَرْشاءَ لِخُشُونَةِ جِلْدِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وحَتى كأَنِّي يَتَّقي بيْ مُعبَّد، ... بِه نُقْبة حرشاءُ لَمْ تَلْق طَالِيَا
ونُقْبة حَرْشَاءُ: وَهِيَ الباثِرة الَّتِي لَمْ تُطْل. والحارِش: بُثُور تَخْرُجُ فِي أَلسِنَة النَّاسِ والإِبلِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وحَرَشَه، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ جَمِيعًا، حَرْشاً أَي خَدَشَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنَّ أَصواتَ كِلابٍ تهْتَرشْ، ... هاجَتْ بوَلْوَالٍ ولَجَّت فِي حَرَشْ
فحرَّكه ضَرُورَةً. والحَرْشُ: ضَرْب مِنَ البَضْع وَهِيَ مُسْتَلْقِية. وحَرَشَ المرأَة حَرْشاً: جَامَعَهَا مُسْتَلْقِيَةً عَلَى قفَاها. واحْتَرَشَ القَومُ: حَشَدُوا واحْتَرَشَ الشيءَ: جَمَعه وكَسَبَه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لوْ كُنْتَ ذَا لُبٍّ تَعِيشُ بِهِ، ... لَفَعَلْتَ فْعلَ المَرْء ذِي اللُّبّ
لَجَعَلْتَ صالِحَ مَا احْتَرَشْتَ، وَمَا ... جَمَّعْتَ مِنْ نَهْبٍ، إِلى نَهْب
والأَحْرَشُ مِنَ الدنانِير: مَا فِيهِ خُشُونة لِجدَّتِه؛ قَالَ:
دَنانِيرُ حُرْشٌ كلُّها ضَرْبُ واحِد
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رجُلًا أَخَذ مِنْ رجُل آخَرَ دَنانيرَ حُرْشاً
؛ جَمْعُ أَحْرش وَهُوَ كُلُّ شيءٍ خَشِنٍ، أَراد أَنها كَانَتْ جَديدة فَعَليْها خُشونة النَّقْش. ودَراهِمُ حُرْشٌ: جِيادٌ خُشْنٌ حَديثة العَهد بالسِّكَّة. والضبُّ أَحْرَشُ، وضبٌّ أَحْرش: خَشِنُ الجِلْدِ كأَنَّه مُحَزَّز. وَقِيلَ: كلُّ شَيْءٍ خشِنٍ أَحْرشُ وحَرِشٌ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وأُراها عَلَى النَّسَبِ لأَنّي لَمْ أَسمع لَهُ فِعْلًا. وأَفْعى حَرْشاءُ: خشِنة الجِلْدة، وَهِيَ الحَريِش والحِرْبيش؛ الأَزهري أَنشد هَذَا الْبَيْتَ:
تَضْحَكُ مِني أَنْ رَأَتْني أَحْتَرِشْ، ... ولَوْ حَرَشْتِ لكَشَفْتُ عَنْ حِرِش
قَالَ: أَراد عَنْ حِرِكْ، يَقْلبون كَافَ الْمُخَاطَبَةِ للتأْنيث شِيناً. وحيَّة حَرْشاء بَيِّنَةُ الحَرَشِ إِذا كَانَتْ خَشِنَةَ الْجِلْدِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِحَرْشاء مِطْحانٍ كأَنَّ فَحِيحَها، ... إِذا فَزِعَتْ، ماءٌ أُرِيقَ عَلَى جَمْر
والحَرِيشُ: نَوْعٌ مِنَ الْحَيَّاتِ أَرْقَط. والحَرْشاء: ضَرْبٌ مِنَ السُّطَّاح أَخضرُ يَنْبُتُ مُتِسَطِّحاً عَلَى وَجْهِ الأَرض وَفِيهِ خُشْنَة؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
والخَضِر السُّطّاح مِنْ حَرْشائِه
وَقِيلَ: الحَرْشاء مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ وَهِيَ تَنْبُتُ فِي الدِّيَارِ لازِقة بالأَرض وَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَلَوْ لَحِسَ الإِنسان مِنْهَا وَرَقَةً لزِقت بِلِسَانِهِ، وَلَيْسَ لَهَا صَيُّور؛ وَقِيلَ: الحَرْشاء نَبْتة مُتَسَطِّحة لَا أَفنان لَهَا يَلْزَمُ ورقُها الأَرضَ وَلَا يمتدُّ حِبالًا غَيْرَ أَنه يَرْتَفِعُ لَهَا مِنْ وسَطِها قَصَبَةٌ طَوِيلَةٌ فِي رأْسها حَبَّتها. قَالَ الأَزهري: مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ الحَرْشاءُ والصَّفْراء والغَبْراء، وَهِيَ أَعشاب مَعْرُوفَةٌ تَسْتَطِيبُها الرَّاعِيَةُ. والحَرْشاء: خَرْدَل البَرِّ. والحَرْشاء: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وانْحَتَّ مِنْ حَرْشاء فَلْجٍ خَرْدَلُهْ، ... وأَقْبَلَ النَّمْلُ قِطاراً تَنْقُلُهْ(6/281)
والحَرِيش: دَابَّةٌ لَهَا مَخَالِبُ كَمَخَالِبِ الأَسد وقَرْنٌ وَاحِدٌ فِي وسَطِ هامَتِها، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: يُسَمِّيهَا النَّاسُ الكَرْكَدّن؛ وأَنشد:
بِهَا الحَرِيشُ وضِغْزٌ مائِل ضَبِرٌ، ... يَلْوي إِلى رَشَحٍ مِنْهَا وتَقْلِيص «2»
قَالَ الأَزهري: لَا أَدري مَا هَذَا الْبَيْتُ وَلَا أَعرف قَائِلَهُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ:
وَذُو قَرْنٍ يُقَالُ لَهُ حَرِيش
وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَشياخه قَالَ: الهِرْميس الكَرْكَدّن شَيْءٌ أَعظمُ مِنَ الْفِيلِ لَهُ قَرْن، يَكُونُ فِي الْبَحْرِ أَو عَلَى شَاطِئِهِ، قَالَ الأَزهري: وكأَن الحَرِيش والهِرْميس شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ: الحَرِيش دُوَيْبَّة أَكبرُ مِنَ الدُّودة عَلَى قَدْرِ الإِصبع لَهَا قَوَائِمُ كَثِيرَةٌ وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى دَخّالَةَ الأُذُن. وحَرِيش: قَبِيلة مِنْ بَنِي عَامِرٍ، وَقَدْ سمَّت حَرِيشاً ومُحَرِّشاً وحِراشاً.
حربش: أَفْعى حِرْبِشٌ وحِرْبيشٌ: كَثِيرَةُ السُّمِّ خَشِنة الْمَسِّ شَدِيدَةُ صوتِ الجسدِ إِذا حَكَّت بَعْضَهَا بِبَعْضٍ مُتَحَرِّشة. والحِرْبِيش: حَيَّةٌ كالأَفعى ذاتُ قَرْنَين؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
غَضْبى كأَفعى الرِّمْثة الحِرْبِيش
ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الخَشْناء فِي صوتِ مَشْيِهَا. الأَزهري: الحِرْبِش والحِرْبِشة الأَفعى، وَرُبَّمَا شدَّدُوا فَقَالُوا: حِرِبِّش وحِرِبِّشة. أَبو خيرة: من الأَفاعي الحِرْفش والحَرافش وَقَدْ يَقُولُ بعضُ الْعَرَبِ الحِرْبِش؛ قَالَ وَمِنْ ثم قالوا:
هل بلد الحِرْبِشِ إِلَّا حِرْبِشا؟
حرفش: احْرَنْفش الدِّيكُ: تَهَيَّأَ لِلْقِتَالِ وأَقام ريشَ عُنُقِه، وَكَذَلِكَ الرجُل إِذا تهيَّأَ لِلْقِتَالِ وَالْغَضَبِ وَالشَّرِّ، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. وَقَالَ هَرَمُ بْنُ زَيْدٍ الْكَلْبِيُّ: إِذا أَحيا النَّاسُ فَأَخْصَبُوا قُلْنَا قَدْ أَكْلأَت الأَرضُ وأَخْصَبَ الناسُ واحْرَنْفَشَت العَنْزُ لأُخْتها ولَحِسَ الكلبُ الوَضَرَ، قَالَ: واحْرِنْفاشُ العنْزِ ازبِيرارُها وتَنَصُّبُ شَعرِها وزيفَانُها فِي أَحد شِقَّيْها لتَنْطَحَ صاحبتَها، وإِنما ذَلِكَ مِنَ الأَشَرِ حِينَ ازْدَهَت وأَعْجَبَتْها نفسُها، وتَلَحُّسُ الْكَلْبِ الوَضَر لِمَا يُفْضِلُون مِنْهُ ويَدعُون مِنْ خِلاصِ السَّمْن فَلَا يأْكلونه مِنَ الخِصْبِ والسَّنَقِ، واحْرَنْفَشَ الكلبُ والهرُّ تهيَّأَ لِمِثْلِ ذَلِكَ، واحْرَنْفَشَتِ الرِّجَالُ إِذا صَرَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والمُحْرَنْفِشُ: المُتَقَبِّضُ الْغَضْبَانُ. واحْرَنْفَش لِلشَّرِّ: تهيّأَ لَهُ. أَبو خَيْرَةَ: من الأَفاعي الحِرْفش والحرافش.
حشش: الحَشِيش: يابِسُ الكَلإِ، زَادَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ وَهُوَ رَطْبٌ حَشِيش، وَاحِدَتُهُ حَشِيشة، والطَّاقة مِنْهُ حَشِيشة، والفِعْل الاحْتِشاش. وأَحَشَّ الكلأُ: أَمْكَنَ أَن يُجْمع وَلَا يُقَالَ أَجَزَّ. وأَحَشَّت الأَرضُ: كَثُرَ حَشِيشُها أَو صَارَ فِيهَا حَشِيش. والعُشْبُ: جِنْس لِلْخَلى والحشِيش، فالخَلى رَطْبُه، والحشِيشُ يابِسُه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهل اللُّغَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحشِيش أَخْضَرُ الكلإِ ويابسُه؛ قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لأَن موضوعَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي اللُّغَةِ اليُبْس والتقَبُّض. الأَزهري: الْعَرَبُ إِذا أَطْلَقوا اسْمَ الحشِيش عَنَوْا بِهِ الخَلى خاصَّة، وَهُوَ أَجْوَدُ عَلَفٍ يَصْلُح الخَيْلُ عَلَيْهِ، وَهِيَ مِنْ خَيْر مراعِي النَّعَم، وَهُوَ عُرْوَةٌ فِي الجَدْب وعُقْدة فِي الأَزَمات، إِلا أَنه إِذا حَالَتْ
__________
(2) . قوله [يلوي إلى رشح] هكذا أَنشده هنا وأَنشده في مادة ضغز يأْوي إِلى رشف.(6/282)
عَلَيْهِ السَّنَةُ تغَيَّر لونُه واسْودَّ بَعْدَ صُفرتِه، واحْتَوَتْه النَّعَم والخَيل إِلا أَن تُمْحِلَ السَّنَةُ وَلَا تُنْبِتَ البقلَ، وإِذا بَدَا القومُ فِي آخِرِ الخَريف قَبْلَ وُقُوعِ رَبِيعٍ بالأَرض فَظَعَنُوا مُنْتجِعين لَمْ يَنْزِلُوا بَلَدًا إِلا مَا فِيهِ خَلًى، فإِذا وَقَعَ رَبِيعٌ بالأَرض وأَبْقَلَت الرّياضُ أَغْنَتْهم عَنِ الْخَلَى والصِّلّيان. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: البقْلُ أَجْمَع رَطْباً وَيَابِسًا حشيشٌ وعلَفٌ وخَلًى. وَيُقَالُ: هَذِهِ لُمْعَة قَدْ أَحَشَّت أَي أَمكنت لأَنْ تُحَشَّ، وَذَلِكَ إِذا يَبِست، واللُّمْعة مِنَ الخَلى، وَهُوَ المَوْضع الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ الْخَلَى، وَلَا يُقَالُ لَهُ لُمْعة حَتَّى يصفَرَّ أَو يَبْيَضَّ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا كَلَامٌ كُلُّهُ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ. والمَحَشّ والمَحَشَّة: الأَرض الْكَثِيرَةُ الحَشِيش. وَهَذَا مَحَشُّ صِدْقٍ: لِلْبَلَد الَّذِي يَكثُر فِيهِ الْحَشِيشُ. وَفُلَانٌ بمَحَشِّ صِدْقٍ أَي بِمَوْضِعٍ كَثِيرِ الْحَشِيشِ، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ أَصاب أَيَّ خَيرٍ كَانَ مَثَلًا بِهِ؛ يُقَالُ: إِنَّك بمَحَشّ صِدْق فَلَا تبْرحْه أَي بِمَوْضِعٍ كَثِيرِ الْخَيْرِ. وحَشّ الحَشِيشَ يَحُشُّه حَشًّا واحْتَشَّه، كِلاهما: جَمَعَه. وحَشَشْت الْحَشِيشَ: قطعْتُه، واحْتَشَشْتُه طلَبْتُه وجَمَعْته. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رجُلًا مِنْ أَسْلَمَ كَانَ فِي غُنَيْمة لَهُ يَحُشُّ عَلَيها
، وَقَالُوا: إِنما هُوَ يَهُشُّ، بِالْهَاءِ، أَي يَضْرب أَغْصانَ الشجَر حَتَّى يَنْتَثِرَ ورَقُها مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي، وَقِيلَ: إِنَّ يَحُشُّ ويَهُشّ بِمَعْنًى، وَهُوَ مَحْمول عَلَى ظَاهِرِهِ مِنَ الحَشِّ قَطْعِ الحَشِيش. يُقَالُ: حَشَّهُ واحْتَشَّه وحَشَّ عَلَى دابَتِه إِذَا قَطَع لَهَا الْحَشِيشَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَر، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه رَأَى رجُلًا يَحْتَشّ فِي الحَرَم فَزَبَرَهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي يأْخُذ الْحَشِيشَ وَهُوَ الْيَابِسُ مِنَ الكَلإِ. والحُشّاش: الَّذِينَ يَحْتَشُّون. والمِحَشّ والمَحَشّ: مِنجل ساذَجٌ يُحَشُّ بِهِ الْحَشِيشُ، وَالْفَتْحُ أَجود، وهُما أَيضاً الشَّيْءُ الَّذِي يُجْعل فِيهِ الْحَشِيشُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المِحَشّ مَا حُشّ بِهِ، والمَحَشّ الَّذِي يُجْعل فِيهِ الْحَشِيشُ، وَقَدْ تُكْسر ميمُه أَيضاً. والحِشَاش خَاصَّةً: مَا يُوضَعُ فِيهِ الْحَشِيشُ، وجمْعُه أَحِشَّة. وَفِي حَدِيثِ
أَبي السَّلِيل: قَالَ جَاءَتِ ابْنةُ أَبي ذَرّ عَلَيْهَا مِحَشّ صُوفٍ أَي كساءٌ خَشن خَلَقٌ
، وَهُوَ مِنَ المِحَشّ والمَحَشّ، بالفتح والكسر، والكِساء الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الحَشِيش. وحَشَشْت فَرَسي: أَلْقَيْتُ لَهُ حَشِيشاً. وحَشّ الدَّابَّةَ يحُشّها حَشًّا: علَفَها الحشيشَ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلرَّجُلِ: حُشَّ فَرَسَك. وَفِي الْمَثَلِ «1» : أَحُشُّكَ وتَرُوثُني، يَعْني فرسَه، يُضْرَبُ مثَلًا لِكُلِّ مَنِ اصطُنِع عِنْدَهُ معروفُ فكافَأَه بضِدِّه أَوْ لَمْ يَشْكُرْه وَلَا نَفَعه. وَقَالَ الأَزهري: يُضْرب مثَلًا لِمَنْ يُسِيء إِليك وأَنت تُحْسن إِليه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ولَوْ قِيلَ بِالسِّينِ لَمْ يَبْعُدْ، وَمَعْنَى أَحُشّك أَفَأَحُشّ لَكَ، وَيَكُونُ أَحُشُّك أَعْلِفُك الْحَشِيشَ، وأَحَشَّه: أَعانَه عَلَى جَمْع الْحَشِيشِ. وحَشَّت اليَدُ وأَحَشَّت وَهِيَ مُحِشّ: يَبِسَت، وأَكثر ذَلِكَ فِي الشَّلَلِ. وحُكِي عَنْ يُونُسَ: حُشَّت، عَلَى صِيغة مَا لَمْ يُسمَّ فاعلُه، وأَحَشَّها اللَّه. الأَزهري: حَشَّت يدُه تَحِشُّ إِذا دقَّت وصغُرت، واسْتَحَشَّتْ مِثْلُهُ. وحَشَّ الولَدُ فِي بطْن أُمِّه
__________
(1) . قوله [وفي المثل إلخ] في شرح القاموس: ثم إِن لفظ المثل هكذا هو في الصحاح والتهذيب والأَساس والمحكم، ورأيت في هامش الصحاح ما نصه: والذي قرأته بخط عبد السلام البصري في كتاب الأَمثال لأَبي زيد: أَحشّك وتروثين، وقد صحح عليه.(6/283)
يَحِشُّ حَشّاً وأَحَشَّ واستحَشَّ: جُووِزَ بِهِ وقْت الوِلادة فيَبِسَ فِي البَطْن، وَبَعْضُهُمْ يقول: حُشَّ، بضمِّ الْحَاءِ. وأَحَشَّت المرأَة وَالنَّاقَةُ وَهِيَ مُحِشّ: حَشَّ ولدُها فِي رحِمِها أَي يَبِسَ وأَلْقَتْه حَشًّا ومَحْشُوشاً وأُحْشُوشاً أَي يَابِسًا، زَادَ الأَزهري: وحَشِيشاً إِذا يَبِسَ فِي بَطْنِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رجُلًا أَراد الْخُرُوجَ إِلى تَبُوكَ فَقَالَتْ لَهُ أُمُّه أَو امرأَته: كَيْفَ بالوَدِيِّ؟ فَقَالَ: الغَزْوُ أَنْمى لِلْوَدِيّ، فَمَا مَاتَتْ مِنْهُ وَدِيّةٌ وَلَا حَشَّت
أَي يَبِسَت. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَن امرأَة مَاتَ زوجُها فَاعْتَدَّتْ أَربعةَ أَشهر وعشْراً ثُمَّ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ أَربعة أَشهر وَنِصْفًا ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا، فَدَعَا عمرُ نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فسأَلهن عَنْ ذَلِكَ، فَقُلْنَ: هَذِهِ امرأَة كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زَوْجِهَا الأَوّل، فَلَمَّا مَاتَ حَشَّ ولدُها فِي بَطْنِهَا، فَلَمَّا مَسَّهَا الزَّوْجُ الْآخَرُ تحرَّك ولدُها، قَالَ: فَأَلْحَقَ عُمَرُ الولدَ بالأَول.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: حَشَّ ولدُها فِي بَطْنِهَا أَي يَبِس. والحُشّ: الْوَلَدُ الْهَالِكُ فِي بَطْنِ الْحَامِلَةِ. وإِن فِي بَطْنِهَا لَحُشَّا، وَهُوَ الْوَلَدُ الْهَالِكُ تَنْطَوِي عَلَيْهِ وتُهْراق دَماً عَلَيْهِ تَنْطَوِي عَلَيْهِ أَي يَبْقَى فَلَمْ يَخْرُجْ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَلَقَدْ غَدَوْتُ عَلَى التِّجارِ بِجَسْرة ... قَلِقٍ حشُوش جَنِينها أَو حائِل
قَالَ: وإِذا أَلقت وَلَدَهَا يَابِسًا فَهُوَ الْحَشِيشُ، قَالَ: وَلَا يَخْرُجُ الْحَشِيشُ مِنْ بَطْنِهَا حَتَّى يُسْطى عَلَيْهَا، وأَما اللَّحْمُ فإِنه يَتَقَطَّعُ فيَبُول حَفْزاً فِي بَوْلِهَا، والعِظام لَا تَخْرُجُ إِلا بَعْدَ السَّطْوِ عَلَيْهَا، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: حَشّ ولدُ النَّاقَةِ يَحِشُّ حُشُوشاً وأَحَشَّته أُمّه. والحُشاشَة: رُوح الْقَلْبِ ورَمَقُ حَيَاةِ النفْس؛ قَالَ:
وَمَا المَرْءُ، مَا دامَتْ حُشاشةُ نَفْسِه، ... بمُدْرِكِ أَطْرافِ الخُطُوبِ، وَلَا آلِ
وَكُلُّ بَقِيَّةٍ حُشاشة. والحُشاش والحُشَاشة: بَقِيَّةُ الرُّوحِ فِي الْمَرِيضِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
زَمْزَمَ: فانْفَلَتَت الْبَقَرَةُ مِنْ جازِرِها بحُشاشَةِ نفْسِها
أَي بِرَمَقِ بَقِيَّةِ الْحَيَاةِ وَالرُّوحِ. وحُشاشاكَ أَن تَفْعَلَ ذَلِكَ أَي مَبْلَغُ جُهْدِكَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كأَنه مُشْتَقٌّ مِنَ الْحُشَاشَةِ. الأَزهري: حُشاشاكَ أَن تَفْعَلَ ذَاكَ وغُناماك وحُماداك بمعنَى وَاحِدٍ. الأَزهري: الحُشاشة رَمَق بَقِيَّةٍ مِنْ حَيَاةٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا سَمِعَتْ وطْءَ الرِّكابِ تنَفَّسَتْ ... حُشاشَتُها، فِي غيرِ لَحْمٍ وَلَا دَم
وأَحَشّ الشحمُ العظمَ فاستَحَشّ: أَدَقّه فَاسْتَدَقَّ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
سَمِنَتْ فاسْتَحَشَّ أَكْرُعُها، ... لَا النِّيُّ نِيٌّ، وَلَا السَّنامُ سَنام
وَقِيلَ: لَيْسَ ذَلِكَ لأَن العِظام تَدِقّ بِالشَّحْمِ وَلَكِنْ إِذا سَمِنَتْ دَقَّتْ عِنْدَ ذَلِكَ فِيمَا يُرى. الأَزهري: والمُسْتَحِشَّة مِنَ النُّوقِ الَّتِي دقَّت أَوظِفَتُها مِنْ عِظَمِها وكثرةِ لَحْمِهَا وحَمِشَت سَفِلَتُها فِي رأْي الْعَيْنِ. يُقَالُ: استحشَّها الشَّحْمُ وأَحَشَّها الشَّحْمُ. وَقَامَ فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ فاستَحَشَّه أَي صَغُرَ مَعَهُ. وحَشَّ النارَ يَحُشُّها حَشّاً: جَمَعَ إِليها مَا تَفَرَّقَ مِنَ الْحَطَبِ، وَقِيلَ: أَوقدها، وَقَالَ الأَزهري: حَشَشْتُ النارَ بِالْحَطَبِ، فَزَادَ بِالْحَطَبِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تاللَّه لَوْلَا أَنْ تَحُشَّ الطُّبَّخُ ... بِيَ الجَحِيمَ، حِينَ لَا مُسْتَصْرَخُ
يَعْنِي بالطُّبّخ الملائكةَ الموكَّلين بِالْعَذَابِ. وحَشَ(6/284)
الْحَرْبَ يَحُشُّها حَشّاً كَذَلِكَ عَلَى المَثَل إِذا أَسعرها وَهَيَّجَهَا تَشْبِيهًا بإِسْعار النَّارِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
يَحُشُّونَها بالمَشْرَفِيَّة والقنَا، ... وفِتْيانِ صِدْقٍ لَا ضِعافٍ وَلَا نُكْل
والمِحَشُّ: مَا تُحَرّكُ بِهِ النَّارُ مِنْ حَدِيدٍ، وَكَذَلِكَ المِحَشَّة؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ: نِعْم مِحَشُّ الكَتِيبة. وَفِي حَدِيثِ
زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَنِي بِمِحَشِّة
أَي قَضِيبٍ، جعلَتْه كَالْعُودِ الَّذِي تُحَشُّ بِهِ النَّارُ أَي تُحَرَّكَ بِهِ كأَنه حَرَّكَهَا بِهِ لتَفْهَم مَا يَقُولُ لَهَا. وَفُلَانٌ مِحَشُّ حَرْب: مُوقِد نَارِهَا ومُؤَرّثُها طَبِنٌ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا:
وإِذا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّها أَي يُوقِدُها
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَصيرٍ: ويْلُ أُمِّه مِحَشُّ حَرْب لَوْ كَانَ مَعَهُ رِجَالٌ
وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: وأَطْفَأَ مَا حَشَّتْ يَهُودُ
أَي مَا أَوقَدَت مِنْ نِيرَانِ الْفِتْنَةِ وَالْحَرْبِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كَمَا أَزالوكُمْ حَشّاً بالنِّصالِ
أَي إِسْعاراً وَتَهْيِيجًا بالرمْي. وحَشَّ النَّابِلُ سهمَه يَحُشُّه حَشّاً إِذا راشَه، وأَلْزَقَ بِهِ القُذَذَ مِنْ نَوَاحِيهِ أَو ركَّبها عَلَيْهِ؛ قَالَ:
أَو كمِرِّيخٍ عَلَى شَرْيانَةٍ، ... حَشَّه الرامِي بِظُهْرانٍ حُشُرْ «1»
وحُشّ الفرسُ بِجِنْبَيْنِ عَظِيمَيْنِ إِذا كَانَ مُجْفَراً. الأَزهري: الْبَعِيرُ وَالْفَرَسُ إِذا كَانَ مُجْفَرَ الْجَنْبَيْنِ يُقَالُ: حُشَّ ظَهْرُهُ بِجَنْبَيْنِ واسِعَين، فَهُوَ مَحْشُوش؛ وَقَالَ أَبو دُوَادَ الإِيادي يَصِفُ فَرَسًا:
منَ الحارِكِ مَحْشُوش، ... بِجَنْبٍ جُرْشُعٍ رَحْبِ
وحَشَّ الدَّابَّةَ يَحُشُّها حَشّاً: حَمَلَهَا فِي السَّيْرِ؛ قَالَ:
قَدْ حَشَّها اللَّيْلُ بعُصْلُبِيِّ، ... مُهاجِرٍ، لَيْسَ بأَعْرابيِّ «2»
قَالَ الأَزهري: قَدْ حَشَّهَا أَي قَدْ ضمَّها. ويَحُشُّ الرجلُ الحطبَ ويَحُشُّ النَّارَ إِذا ضَمَّ الْحَطَبَ عَلَيْهَا وأَوقَدَها، وَكُلُّ مَا قُوِّيَ بِشَيْءٍ أَو أُعِينَ بِهِ، فَقَدْ حُشَّ بِهِ كَالْحَادِي للإِبل والسلاحِ لِلْحَرْبِ وَالْحَطَبِ لِلنَّارِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
هُوَ الطِّرْفُ لَمْ تُحْشَشْ مَطِيٌّ بِمِثْلِه، ... وَلَا أَنَسٌ مُسْتَوْبِدُ الدارِ خائِفُ
أَي لَمْ تُرْمَ مَطِيٌّ بِمِثْلِهِ وَلَا أَعينَ بِمِثْلِهِ قَوْمٌ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إِلى الْمَعُونَةِ. وَيُقَالُ: حَشَشْتُ فُلَانًا أَحُشُّه إِذا أَصْلَحْت مِنْ حالِه، وحَشَشْت مالَه بمالِ فُلَانٍ أَي كَثَّرْت بِهِ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
فِي المُزَنيِّ الَّذِي حَشَشْت لَهُ ... مالَ ضَرِيكٍ، تِلادُه نُكْد
قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: يُقَالُ أُلْحِق الحِسَّ بالإِسّ، قَالَ: وَسَمِعَتْ بَعْضَ بَنِي أَسد أَلحِق الحِشَّ بالإِشّ، قَالَ: كأَنه يَقُولُ أَلحق الشيءَ بِالشَّيْءِ إِذا جَاءَكَ شَيْءٌ مِنْ نَاحِيَةٍ فَافْعَلْ بِهِ؛ جَاءَ بِهِ أَبو تُرَابٍ فِي بَابِ الشِّينِ وَالسِّينِ وتعاقُبِهما. اللَّيْثُ: وَيُقَالُ حُشَّ عَلَيَّ الصيدَ؛ قَالَ الأَزهري: كَلَامُ الْعَرَبِ الصحيحُ حُشْ عليَّ الصيدَ بِالتَّخْفِيفِ مَنْ حاشَ يَحُوش، وَمَنْ قَالَ حَشَشْت الصيدَ بِمَعْنَى حُشْته فإِني لَمْ أَسمعه لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَلَسْتُ أُبْعِده مَعَ ذَلِكَ مِنَ الجَواز، وَمَعْنَاهُ ضُمَّ الصَّيْدَ مِنْ جَانِبَيْهِ كَمَا يُقَالُ حُشَّ البعيرُ بجَنْبَين وَاسِعَيْنِ أَي ضُمّ، غَيْرَ أَن الْمَعْرُوفَ فِي الصَّيْدِ الحَوْش. وحَشَّ الفرَسُ يَحُشُّ حَشّاً إِذا أَسْرَعَ، وَمِثْلُهُ أَلْهَبَ كأَنه يتوقد
__________
(1) . قوله [حشر] كذا ضبط في الأَصل.
(2) . وفي رواية أخرى: لفها الليل.(6/285)
فِي عَدْوِه؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ الإِيادي يَصِفُ فَرَسًا:
مُلْهِب حَشُّه كحشِّ حَرِيقٍ، ... وَسْكَ غابٍ، وذاكَ مِنْه حِضَار
والحَشّ والحُشّ: جَمَاعَةُ النَّخْلِ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُمَا النَّخْلُ الْمُجْتَمِعُ. والحشُّ أَيضاً: الْبُسْتَانُ «3» . وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ:
أَنه دُفِنَ فِي حَشِّ كَوْكَبٍ
وَهُوَ بُسْتان بِظَاهِرِ الْمَدِينَةِ خَارِجَ البَقِيع. والحشُّ: المُتَوَضَّأُ، سُمِّيَ بِهِ لأَنهم كَانُوا يَذْهبون عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ إِلى البَساتين، وَقِيلَ إِلى النخْل الْمُجْتَمِعِ يَتَغَوَّطُون فِيهَا عَلَى نَحْوِ تَسْمِيَتِهِمُ الْفِنَاءَ عَذِرةً، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حِشَّان وحُشَّان وحَشَاشين؛ الأَخيرة جمعُ الْجَمْعِ، كلُّه عَنْ سِيبَوَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رسولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتَخْلى فِي حُشَّان.
والمِحَشّ والمَحَشّ جَمِيعًا: الحَشّ كأَنه مُجْتَمَع العَذِرة. والمَحَشَّة، بِالْفَتْحِ: الدبرُ وَذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ حَشَن، قَالَ: فِي الْحَدِيثِ ذكرُ حُشَّان، وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ، أُطُمٌ مِنْ آطامِ الْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ قُبور الشُّهَداءِ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْ إِتْيان النِّسَاءِ فِي مَحاشِّهِنّ
، وَقَدْ رُوِيَ بِالسِّينِ، وَفِي رِوَايَةٍ:
فِي حُشُوشهن أَي أَدْبارهن.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: مَحاشُّ النِّسَاءِ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ.
قَالَ الأَزهري: كَنَّى عَنِ الأَدبار بالمَحاشّ كَمَا يُكْنى بالحُشُوش عَنْ مَوَاضِعِ الغائطِ. والحَشّ والحُشّ: المَخْرَج لأَنهم كَانُوا يقضُون حوائجَهم فِي الْبَسَاتِينِ، وَالْجَمْعُ حُشُوش. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَه أَنه قَالَ: أَدْخَلوني الحَشّ وقَرَّبوا اللُّجَّ فوضَعُوه عَلَى قَفَيّ فبايعْت وأَنا مُكْرَه.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ هَذِهِ الحُشُوش مُحْتَضَرة
، يَعْنِي الكُنُفَ ومواضعَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. والحِشاشُ الجُوالِق؛ قَالَ:
أَعْيَا فنُطْناهُ مَنَاطَ الجَرِّ، ... بَيْنَ حِشَاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ
والحَشْحَشة: الحَرَكة ودُخُولُ بعضِ الْقَوْمِ فِي بَعْضٍ. وحَشْحَشَتْه النَّارُ: أَحْرَقَتْه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ: دخَل عَلينا رسولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْنَا قَطِيفة فَلَمَّا رأَيْناه تَحَشْحَشْنا؛ فَقَالَ: مَكانَكُما
التَحَشْحُش: التحرُّك لِلنُّهُوضِ. وَسَمِعَتْ لَهُ حَشْحَشَة وخَشْخَشَة أَي حركَةً.
حفش: حَفَشَت السماءُ تَحْفِش حَفْشاً: جَاءَتْ بمَطَرٍ شدِيدٍ سَاعَةً ثُمَّ أَقْلَعت. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ حَفَشَت السماءُ تحفِشُ حَفْشاً وحشَكَت تَحْشِكُ حَشْكاً وأَغْبت تُغْبي إِغباءً فهي مُغْبِية، وهي الغَبْية والحَفْشة والحشْكة مِنَ الْمَطَرِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وحفَشَ السَّيلُ الْوَادِيَ يَحْفِشُه حَفْشاً: مَلأَهُ. والحافِشة: المَسيل، صِفَةٌ غالِبة وأُنّثَ عَلَى إِرادة الَّتلْعة أَو الشُّعْبة. والحافِشة: أَرضٌ مُسْتَوية لَها كَهيْئَة البَطْن يُسْتَجْمَع ماؤُها فيَسِيل إِلى الْوَادِي. وحفَشَت الأَرضُ بِالْمَاءِ مِنْ كلِّ جانبٍ: أَسالَتْه قِبَلَ الْجَانِبِ. وحفَش السيلُ الأَكمةَ: أَسالَها. والحَفْش: مصدرُ قَوْلِكَ حَفَشَ السيلَ حَفْشاً إِذا جَمعَ الماءَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ إِلى مُسْتَنْقع وَاحِدٍ، فَتِلْكَ المَسايِل الَّتِي تَنْصَبُّ إِلى المَسيل الأَعْظم هِيَ الحَوَافِش، وَاحِدَتُهَا حَافِشَةٌ؛ وأَنشد:
عَشِيَّة رُحْنا ورَاحوا إِلَيْنا، ... كَمَا مَلأَ الحَافِشاتُ المَسِيلا
وحفَشَت الأَوْدِية: سالَتْ كلُّها. وحَفْشُ الإِداوة: سيَلانها. وحَفَشَ الشيءَ يحفِشُه: أَخْرَجَه. وحفَش
__________
(3) . قوله [والحشُّ البستان] هو مثلث.(6/286)
الحُزْنُ العَينَ: أَخرَج كلَّ مَا فِيهَا مِنْ الدمْع؛ أَنشد ابْنُ دُريد:
يَا مَنْ لِعَينٍ ثَرَّةِ المَدامِع، ... يَحْفِشُها الوَجْدُ بماءٍ هامِع
ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: يحفِشها يَسْتخرج كلَّ مَا فِيهَا. وحفَشَ لَكَ الوُدَّ: أَخرَجَ لَكَ كُلَّ مَا عِنْدَهُ. وحَفَشَ المطرُ الأَرْضَ: أَظْهر نَباتَها. والحَفُوش: المُتَحَفِّي، وَقِيلَ: المُبالِغ فِي التحَفِّي والوُدِّ، وخصَّ بعضُهم بِهِ النِّساءَ إِذا بالَغْنَ فِي وُدِّ البُعُولَةِ وَالتَّحَفِّي بِهِمْ؛ قَالَ:
بَعْدَ احْتِضانِ الحَفْوةِ الحَفُوشِ
وَيُقَالُ: حَفَشَت المرأَة لزَوْجِها الوُدَّ إِذا اجْتَهَدت فِيهِ. وتَحَفَّشَت المرأَةُ عَلَى زَوْجِها إِذا أَقامت عَلَيْهِ ولَزِمَتْه وأَكَبَّت عَلَيْهِ. والفرسُ يَحْفِشُ أَي يأْتي بِجَرْيٍ بَعْدَ جَرْيٍ. وحَفَشَ الفَرَسُ الجَرْيَ يَحْفِشُه: أَعْقَبَ جَرْياً بَعْدَ جَرْيٍ فَلَمْ يَزْدَدْ إِلَّا جَوْدة؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ غَيْثًا:
بِكُلِّ مُلِثٍّ يَحْفِشُ الأُكْمَ وَدْقُه، ... كأَنَّ التِّجارَ استَبْضَعَتْه الطيالِسا
ويَحفِش: يَسِيل، ويُقال: يَقْشِر؛ يَقُولُ: اخْضَرَّ ونَضَرَ فشبَّهَه بالطَّيالِسة. والحَفْش: الضُّرُّ. والحِفْش: الشَّيْءُ الْبَالِي. ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَفَشُ أَن تأْخُذَ الدَّبَرة فِي مُقَدَّم السَّنام فتأْكُلَه حَتَّى يَذْهَبَ مُقَدَّمُه مِنْ أَسْفلِه إِلى أَعلاه فيَبْقى مُؤَخَّرُه مِمَا يَلي عَجُزَه صَحيحاً قَائِمًا، وَيَذْهَبُ مُقَدَّمُه مِمَّا يَلي غارِبَه. يُقَالُ: قَدْ حَفِشَ سَنامُ الْبَعِيرِ، وبَعيرٌ حَفِشُ السَّنام وَجَمَلٌ أَحْفَش وَنَاقَةٌ حَفْشاء وحَفِشة. والحِفْشُ: الدُّرْج يَكُونُ فِيهِ البَخُور، وَهُوَ أَيضاً الصغِيرُ مِنْ بُيُوت الأَعْراب، وَقِيلَ: الحِفْش والحَفْش والحَفَش الْبَيْتُ الذَّلِيل القريبُ السَّمْكِ مِنَ الأَرْض، سُمِّيَ بِهِ لضِيقه، وَجَمْعُهُ أَحْفاش وحِفَاش. والتحَفُّشُ: الِانْضِمَامُ وَالِاجْتِمَاعُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المعتدَّة:
دخَلَتْ حِفْشاً ولَبِسَت شَرَّ ثِيابها.
وحَفَّشَ الرجُلُ: أَقام فِي الحِفْش؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وكُنْتُ لَا أُوبَنُ بالتَّحْفِيش
وتَحَفَّشت المرأَة عَلَى زَوْجها أَو ولَدِها: أَقامت، وَفِي بَيْتها إِذا لَزِمَتْه فَلَم تَبْرَحْه. والحِفْش: وِعَاءٌ المَغازِل. اللَّيْثُ: الحِفْش مَا كَانَ مِنْ أَسْقاطِ الأَواني الَّتي تكُون أَوعِيَةً فِي البَيْت للطِّيب وَنَحْوِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعَث رجُلًا مِنْ أَصحابه سَاعِيًّا فقَدِم بِمَالٍ وَقَالَ: أَمَّا كَذَا وَكَذَا فَهُوَ من الصدَقات، وأَما كَذَا وَكَذَا فإِنه مِمَّا أُهْدِي لِي، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ: هلَّا جَلَس فِي حِفْش أُمّه فيَنْظر هَلْ يُهْدَى لَهُ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: شبَّه بَيت أُمِّه فِي صِغَرِه بالدُّرْج، وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير أَن الَّذِي وجّهَه سَاعِيًا عَلَى الزَّكَاةِ هُوَ ابْنُ اللُّتْبِيَّة. والحِفْش: هُوَ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ. وَيُقَالُ: مَعْنَى قَوْلِهِ
هلَّا قَعد فِي حِفْش أُمه
أَي عِنْدَ حِفْش أُمه. وحَفَشُوا عَلَيْكَ يَحْفِشُون حَفْشاً: اجْتَمَعُوا. وَقَالَ شُجَاعٌ الأَعرابي: حَفَزُوا عَلَيْنَا الخيلَ والركابَ وحَفَشُوها إِذا صَبُّوها عَلَيْهِمْ. وَيُقَالُ: هُمْ يَحْفِشُون عَلَيْكَ أَي يَجْتَمِعُونَ ويتأَلفون. والحِفْش: الهَنُ.
حكش: ابْنُ سِيدَهْ: الحَكْشُ الظُّلْم. وَرَجُلٌ حاكِشٌ: ظَالِمٌ، أُراه عَلَى النَّسَبِ. وحَوْكَشٌ: اسْمٌ. الأَزهري: رَجُلٌ حَكِشٌ مِثْلُ قَوْلِهِمْ حَكَر، وَهُوَ اللَّجُوج. والحَكِشُ والعَكِش: الَّذِي فِيهِ الْتِوَاءٌ عَلَى خَصْمه.(6/287)
حكنش: حَكْنَش: اسم.
حمش: حَمَشَ الشيءَ: جَمَعَه. والحَمْش والحُمُوشة والحَماشة: الدِّقَّة. ولِثَةٌ حَمْشَة: دَقِيقَةٌ حَسَنة. وَهُوَ حَمْشُ الساقَيْن والذّراعَيْن، بالتسكين، وحَمِيشُهما وأَحْمَشُهما: دقيقُهما؛ وَذِرَاعٌ حَمْشَة وحَمِيشة وحَمْشاء وَكَذَلِكَ السَّاقُ وَالْقَوَائِمُ. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
إِن جَاءَتْ بِهِ حَمْشَ السَّاقَيْنَ فَهُوَ لِشَريك
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ فِي هَدْمِ الْكَعْبَةِ: كأَني بِرَجُلٍ أَصْعَلَ أَصْمَعَ حَمْش السَّاقَيْنِ قاعدٌ عَلَيْهَا وَهِيَ تُهْدم
؛ وَفِي حَدِيثِ
صَفِيَّةَ: فِي ساقَيه حُمُوشة
؛ قَالَ يَصِفُ بَرَاغِيثَ:
وحُمْش القَوائِم حُدْب الظُّهور، ... طَرَقْنَ بِلَيْلٍ فأَرَّقْنَني
وحَمَشت قَوَائِمُهُ وحَمُشَت: دَقَّت؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ قَالَ:
كأَنَّ الذُّبابَ الأَزْرَقَ الحَمْشَ وَسْطَها، ... إِذا مَا تَغَنَّى بالعَشِيَّات شَارِبُ
اللَّيْثُ: ساقٌ حَمْشة، جَزْمٌ، وَالْجَمْعُ حُمْش وحِماش، وَقَدْ حَمُشَت ساقُه تَحْمُش حُمُوشة إِذا دَقَّتْ؛ وَكَانَ عَبْدُ اللَّه بْنُ مَسْعُودٍ حَمْشَ السَّاقَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ حَدِّ الزِّنَا:
فإِذا رَجُلٌ حَمْش الخَلْق
، اسْتَعَارَهُ مِنَ السَّاقِ لِلْبَدَنِ كُلِّهِ أَي دَقِيقُ الخِلْقة. وَفِي حَدِيثِ
هِنْدٍ قَالَتْ لأَبي سُفْيَانَ: اقْتُلوا الحَمِيت الأَحْمَش
؛ قَالَتْهُ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ. ووترٌ حَمْشٌ وحَمِشٌ ومُسْتَحْمِش: دَقيق، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ حِماش وحُمْش، والاستِحْماش فِي الوَتَر أَحسنُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّما ضُرِبَتْ قُدَّام أَعْيُنِها، ... قُطْنٌ بمُسْتَحْمِش الأَوْتارِ مَحْلوج
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: رَوَاهُ الْفَرَّاءُ:
كأَنَّما ضَرَبَتْ قُدَّامَ أَعْيُنِها ... قُطْنًا بمُسْتَحْمِش الأَوْتار مَحْلوج
وحَمِش الشرُّ: اشتدَّ، وأَحْمَشْتُه أَنا. واحْتَمَشَ القِرْنان: اقْتَتَلَا، وَالسِّينُ لُغَةٌ. وحَمَش الرجلَ حَمْشاً وأَحْمَشَه فاستَحْمَش: أَغْضَبَه فَغَضِبَ، وَالِاسْمُ الحَمْشة والحُمْشة. اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا اشْتَدَّ غضبُه قَدِ استَحْمَش غَضَبًا؛ وأَنشد شَمِرٌ:
إِنِّي إِذا حَمَّشَني تَحْمِيشي
واحْتَمَش واستَحْمَش إِذا التَهَب غَضَبًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: رأَيت عَلِيًّا يَوْمَ صِفِّين وَهُوَ يُحْمِشُ أَصحابَه
أَي يُحرِّضُهم عَلَى القتالِ ويُغْضِبُهم. وأَحْمَشْتُ النارَ: أَلْهَبْتُها؛ وَمِنْهُ حديثُ
أَبي دُجانَة: رأَيتُ إِنساناً يُحْمِشُ الناسَ أَي يَسُوقُهم بِغَضَبٍ
، وأَحْمَشَ القِدْرَ وأَحْمَشَ بِهَا: أَشْبَعَ وَقُودَها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كساهُنّ لَوْنَ الجَوْنِ، بَعْدَ تَعَيُّسٍ ... لِوَهْبِينَ، إِحْماشُ الوَلِيدة بالقِدْرِ «1»
أَبو عُبَيْدٍ: حَشَشْت النارَ وأَحْمَشْتُها؛ وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ أَيضاً: ... إِحماش الْوَلِيدَةِ بِالْقِدْرِ. وأَحْمَشْت الرجلَ: أَغضَبْتُه، وَكَذَلِكَ التَّحْمِيشُ، والاسمُ الحِمْشَةُ مثْل الحِشْمةِ مقْلُوب مِنْهُ. واحْتَمَشَ الدِّيكانِ: اقْتَتَلا. والحَمِيشُ: الشحْمُ المُذابُ. وأَحْمَشَ الشحْمَ وحمَّشَه: أَذابَهُ بالنارِ حَتَّى كَادَ يُحْرِقُه؛ قَالَ:
كأَنَّه حِينَ وهَى سِقاؤُه، ... وانْحَلَّ مِنْ كلِّ سماءٍ ماؤُه،
حَمٌّ إِذا أَحْمَشَه قَلّاؤُه
__________
(1) . قوله [بعد تعيس] في الشارح تغبس بالمعجمة والموحدة.(6/288)
كَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي، ويروى حَمَّشَه.
حنش: الحَنَشُ: الحيَّةُ، وَقِيلَ: الأَفْعى، وَبِهَا سُمِّي الرجلُ حنَشاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى يُدْخِل الوليدُ يدَه فِي فَمِ الحَنَشِ
أَي الأَفعى، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنَ الحديث. في حَدِيثِ
سَطيح: أَحْلِفُ مَا بَيْنَ الحَرَّتَيْنِ «1» مِنْ حَنَشٍ
؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَكَمْ حَنَشٍ ذَعْفِ اللُّعاب كأَنَّه، ... عَلَى الشَّرَكِ الْعَادِيِّ، نِضْوُ عِصامِ
والذَّعْفُ: القاتلُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: مَوْتٌ ذُعافٌ؛ وأَنشد شَمِرٌ فِي الحَنَش:
فاقْدُرْ له، في بَعْضِ أَعْراض اللِّمَمْ، ... لَمِيمةً مِنْ حَنَشٍ أَعْمى أَصَمّ
فالحَنَشُ هَاهُنَا: الحيّةُ، وَقِيلَ: هُوَ حيّةٌ أَبْيضُ غَلِيظٌ مثلُ الثُّعْبانِ أَو أَعْظَمُ، وَقِيلَ: هُوَ الأَسْودُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ مِنْهَا مَا أَشْبَهَتْ رؤُوسُه رؤُوسَ الحَرابِيّ وسوامِّ أَبْرَصَ ونَحْوِ ذَلِكَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَنَشُ ما أَشْبَهتْ رُؤُوسُه رؤُوسَ الحيّاتِ مِنَ الحَرابي وسَوامِّ أَبْرَصَ ونحوِها؛ وأَنشد:
تَرى قِطَعاً مِنَ الأَحْناشِ فِيهِ، ... جَماجِمُهُنَّ كالخَشَلِ النَّزِيعِ
قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ للضِّبابِ واليَرابِيع قَدْ أَحْنَشَتْ فِي الظَّلَمِ أَي اطَّرَدَتْ وذهَبَتْ بِهِ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
فَلَا تَرْأَمُ الحِيتانُ أَحْناشَ قَفْرَةٍ، ... وَلَا تَحْسَب النِّيبُ الجِحاشَ فِصالَها
فجَعَلَ الحَنَشَ دَوابَّ الأَرضِ مِنَ الحَيّاتِ وغيرِها؛ وَقَالَ كُراعٌ: هُوَ كلُّ شيءٍ مِنَ الدَّوَابِّ والطيرِ. والحَنَشُ، بِالتَّحْرِيكِ أَيضاً: كلُّ شَيْءٍ يُصادُ مِنَ الطيرِ والهوامِّ، والجمْعُ مِنْ كلِّ ذَلِكَ أَحْناشٌ. وحنَشَ الشيءَ يَحْنِشُه وأَحْنَشَه: صادَه. وحَنَشْت الصَّيدَ: صِدْته. والمَحْنوشُ: الَّذِي لَسَعَتْه الحَنَشُ، وَهُوَ الحيّةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فقُلْ لذاكَ المُزْعَجِ المَحْنُوشِ
أَي فقُلْ لِذَلِكَ الَّذِي أَقْلَقَه الحسَدُ وأَزْعَجه وَبِهِ مِثْلُ مَا باللَّسِيعِ. والمَحْنوشُ: المَسُوقُ جِئْتَ بِهِ تَحْنِشُه أَي تَسُوقُه مُكْرَهاً. يُقَالُ: حَنَشَه وعَنَشَه إِذا ساقَه وطرَدَه. ورجلٌ مَحْنوشٌ: مَغْموزُ الحَسَبِ، وَقَدْ حُنِشَ. وحنَشَه عَنِ الأَمْرِ يَحْنِشُه: عطَفَه وَهُوَ بِمَعْنَى طَرَدَه، وَقِيلَ: «2» ... عنَجَه فأُبدلت الْعَيْنُ حَاءً وَالْجِيمُ شِينًا. وحَنَشَه: نَحَّاه مِنْ مكانٍ إِلى آخَرَ. وحَنَشَه حَنْشاً: أَغضبَه كعَنَشَه، وَسَنَذْكُرُهُ. وأَبو حَنَشٍ: كُنْيَةُ رَجُلٍ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أَبو حَنَشٍ يُنَعِّمُنا وطَلْقٌ ... وعَمَّارٌ وآوِنةً أُثالا
وبنو حَنَشٍ: بطن.
حنبش: حَنْبَشٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ونحْنُ أَتَيْنا حَنْبَشاً بابنِ عمِّه ... أَبي الحصْن، إِذْ عافَ الشَّرابَ وأَقْسَما
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا نَزا ورَقَصَ وزَفَنَ حَنْبَشَ. وَفِي النَّوَادِرِ: الحَنْبَشةُ لَعِبُ الْجَوَارِي بِالْبَادِيَةِ، وَقِيلَ: الحَنْبَشَةُ الْمَشْيُ والتصفيقُ والرقصُ.
__________
(1) . قوله [ما بين الحرتين إلخ] في النهاية بما بين إلخ.
(2) . هنا بياض بالأَصل.(6/289)
حنفش: الحِنْفِيشُ: الحيةُ العظيمةُ، وعَمَّ كراعٌ بِهِ الحيةَ. الأَزهري: الحِنْفِشُ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ ضخْمة الرأْس رَقْشاءُ كَدْراءُ إِذا حرَّبْتها انْتَفَخَ وريدُها؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ الحُفَّاثُ نفسُه. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: الحِنْفِيشُ الأَفعى، والجماعةُ حَنافِيشُ.
حوش: الحُوشُ: بلادُ الْجِنِّ مِنْ وراءِ رَمْلِ يَبْرين لَا يَمُرُّ بِهَا أَحد مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: هُمُ حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
إِليك سارَتْ مِنْ بِلادِ الحُوشِ
والحُوشُ والحُوشِيّةُ: إِبلُ الْجِنِّ، وَقِيلَ: هِيَ الإِبلُ المُتَوحِّشةُ. أَبو الْهَيْثَمِ: الإِبلُ الحُوشِيّةُ هِيَ الوَحْشِيّةُ؛ وَيُقَالُ: إِن فَحْلًا مِنْ فحولِها ضَرَبَ فِي إِبل لمَهْرةَ بْنِ حَيْدانَ فنُتِجَت النجائبُ المَهْريَّةُ مِنْ تِلْكَ الْفُحُولِ الحُوشِيّةِ فَهِيَ لَا تَكَادُ يدركُها التَّعَبُ. قَالَ: وَذَكَرَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ أَنه رأَى أَربع فِقَرٍ مِنْ مَهْرِيّةٍ عظْماً وَاحِدًا، وَقِيلَ: إِبل حُوشِيّةٌ محرَّماتٌ بِعِزَّةِ نفوسِها. وَيُقَالُ: الإِبلُ الحُوشِيّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلى الحُوشِ، وَهِيَ فُحولُ جنٍّ تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنها ضَرَبَتْ فِي نَعَمِ بَعْضِهِمْ فنُسِبَتْ إِليها. وَرَجُلٌ حُوشِيٌّ: لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يأْلفهم، وَفِيهِ حُوشِيّةٌ. والحُوشِيُّ: الوَحْشِيُّ. وحُوشِيُّ الكلامِ: وَحْشِيُّه وَغَرِيبُهُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتَتَبّعُ حُوشِيَّ الْكَلَامِ ووحْشِيَّ الْكَلَامِ وعُقْميَّ الْكَلَامِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ
عمرو: لَمْ يَتَتَبَّعْ حُوشيَّ الْكَلَامِ
أَي وحْشِيَّه وعَقِدَه وَالْغَرِيبَ المُشْكِلَ مِنْهُ. وَلَيْلٌ حُوشِيٌّ: مُظْلِمٌ هائلٌ. وَرَجُلٌ حُوشُ الْفُؤَادِ: حديدُه؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
فأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤَادِ مُبَطِّناً ... سُهُداً، إِذا مَا نامَ لَيْلُ الهَوْجَل
وحُشْنا الصيدَ حَوْشاً وحِياشاً وأَحَشْناه وأَحْوَشْناه: أَخذناه مِنْ حَوالَيْه لنَصْرِفَه إِلى الحِبالةِ وَضَمَمْنَاهُ. وحُشْتُ عَلَيْهِ الصيدَ والطيرَ حَوْشاً وحِياشاً وأَحَشْتُه عَلَيْهِ وأَحْوَشْتُه عَلَيْهِ وأَحْوَشْتُه إِياه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ: أَعَنْته عَلَى صَيْدِهِمَا. واحْتَوَشَ القومُ الصيدَ إِذا نَفَّرَه بَعْضُهُمْ عَلَى بعضِهم، وإِنما ظَهَرَتْ فِيهِ الْوَاوُ كَمَا ظَهَرَتْ فِي اجْتَورُوا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنّ رَجُلَيْنِ أَصابا صَيْدًا فَتَلَّهُ أَحدهما وأَحاشَهُ الآخرُ عَلَيْهِ
يَعْنِي فِي الإِحرامِ. يُقَالُ: حُشْتُ عَلَيْهِ الصيدَ وأَحَشْتُهُ إِذا نَفَّرْتَه نحْوَه وسُقْته إِليه وجَمَعْته عَلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ
سَمُرة: فإِذا عِنْدَهُ وِلْدانٌ وَهُوَ يَحُوشُهم «1»
أَي يَجْمَعُهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه دَخَلَ أَرضاً لَهُ فرأَى كَلْبًا فَقَالَ: أَحِيشُوه عَلَيَّ.
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: قَلَّ انْحِياشُه
أَي حركتُه وتصَرُّفُه فِي الأُمور. وحُشْتُ الإِبلَ: جَمعْتُها وسُقْتُها. الأَزهري: حَوّشَ إِذا جَمَّع، وشَوّحَ إِذا أَنْكَرَ، وحاشَ الذئبُ الْغَنَمَ كَذَلِكَ؛ قَالَ:
يَحُوشُها الأَعْرَجُ حَوْشَ الجِلَّةِ، ... مِنْ كُلِّ حَمْراءَ كلَوْنِ الكِلّةِ
قَالَ: الأَعرج هَاهُنَا ذِئْبٌ معروفٌ. والتَحْوِيشُ: التَّحْوِيلُ. وتحوَّشَ القومُ عنِّي: تَنَحَّوْا. وانْحاشَ عَنْهُ أَي نَفَرَ. والحُواشةُ: مَا يُسْتَحْيا مِنْهُ. واحْتَوَشَ القومُ فُلَانًا وتَحاوَشُوه بَيْنَهُمْ: جَعَلُوهُ وسَطَهُم. واحْتَوَشَ القومُ عَلَى فلان: جعلوه
__________
(1) . قوله [وهو يحوشهم] في النهاية فهو.(6/290)
وَسَطَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
علقمةَ: فَعَرَفْتُ فِيهِ تَحَوُّشَ القومِ وهيئَتهم
أَي تأَهُّبَهُم وتَشَجُّعَهم. ابْنُ الأَعرابي: والحُواشةُ الاستحياءُ، والحُواسةُ، بِالسِّينِ، الأَكل الشَّدِيدُ. وَيُقَالُ: الحُواشةُ مِنَ الأَمر مَا فِيهِ فَظِيعةٌ؛ يُقَالُ: لَا تَغْش الحُواشةَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
غَشِيتَ حُواشةً وجَهِلْتَ حَقّاً، ... وآثَرْتَ الغِوايةَ غيَرَ راضِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو فِي نَوَادِرِهِ: التَحَوّشُ الاستحياءُ. والحَوْشُ: أَن تأْكل مِنْ جَوَانِبِ الطَّعَامِ. والحائشُ: جماعةُ النخلِ والطرْفاءِ، وَهُوَ فِي النخلِ أَشهرُ، لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ؛ قَالَ الأَخطل:
وكأَنّ ظُعْنَ الحَيّ حائِشُ قَرْيةٍ، ... دَانِي الجَنَاةِ، وطَيِّبُ الأَثْمارِ
شَمِرٌ: الحائشُ جماعةُ كُلِّ شَجَرٍ مِنَ الطَّرْفَاءِ والنخلِ وَغَيْرِهِمَا؛ وأَنشد:
فوُجِدَ الحائِشُ فِيمَا أَحْدَقا ... قَفْراً مِنَ الرامِينَ، إِذْ تَوَدّقَا
قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنما جُعل حَائِشًا لأَنه لَا مَنْفَذَ لَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحائشُ جَمَاعَةُ النَّخْلِ لَا وَاحِدَ لَهَا كَمَا يُقَالُ لجماعةِ البقرِ رَبْرَبٌ، وأَصل الحائشِ الْمُجْتَمِعُ مِنَ الشَّجَرِ، نَخْلًا كَانَ أَو غيرَه. يُقَالُ: حائِشٌ لِلطَّرْفَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَخَلَ حائِشَ نخلٍ فَقَضَى فِيهِ حاجَتَه
؛ هُوَ النخلُ الملتفُّ المجتمِعُ كأَنه لالْتِفافِه يَحُوش بعْضَه إِلى بَعْضٍ، قَالَ: وأَصله الْوَاوُ، وَذَكَرَهُ ابنُ الأَثير فِي حَيَشَ واعْتَذَر أَنه ذَكَرَهُ هُنَاكَ لأَجل لفظِه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه كَانَ أَحبَّ مَا استتَر بِهِ إِليه حائِشُ نخلٍ أَو حَائِطٌ.
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: الحائشُ اسْمٌ لَا صفةٌ وَلَا هُوَ جارٍ عَلَى فِعْلٍ فأَعَلّوا عَيْنَهُ، وَهِيَ فِي الأَصل وَاوٌ مِنَ الْحَوْشِ، قَالَ: فإِن قُلْتَ فَلَعَلَّهُ جارٍ عَلَى حَاشٍ جريانَ قائمٍ عَلَى قَامَ، قِيلَ: لَمْ نَرَهم أَجْرَوْه صِفَةً وَلَا أَعْملُوه عَمَلَ الفِعْلِ، وإِنما الحائِشُ البستانُ بِمَنْزِلَةِ الصَّوْرِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النخلِ، وَبِمَنْزِلَةِ الْحَدِيقَةِ، فإِن قُلْتَ: فإِنّ فِيهِ مَعْنَى الفعْلِ لأَنه يَحُوشُ مَا فِيهِ مِنَ النخلِ وغيرِه وَهَذَا يُؤَكِّدُ كَوْنَهُ فِي الأَصل صِفَةً وإِن كَانَ قَدِ اسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الأَسماء كصاحبٍ ووارِدٍ، قِيلَ: مَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الفِعْلِيَّةِ لَا يُوجِبُ كونَه صِفَةً، أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهِمْ الْكَاهِلُ وَالْغَارِبُ وَهُمَا وإِن كَانَ فِيهِمَا مَعْنَى الاكتهالِ والغروبِ فإِنهما اسْمَانِ؟ وَكَذَلِكَ الحائِشُ لَا يُسْتَنْكَرُ أَن يَجِيءَ مَهْمُوزًا وإِن لَمْ يَكُنِ اسمَ فاعلٍ لَا لشَيْءٍ غَيْرَ مَجِيئِهِ عَلَى مَا يَلزم إِعْلالُ عينِه نَحْوَ قائِمٍ وبائعٍ وصائمٍ. والحائِشُ: شقٌّ عِنْدَ مُنْقَطَعِ صَدْرِ الْقَدَمِ مِمَّا يَلي الأَخْمَصَ. وَلِي فِي بَنِي فُلَانٍ حُواشة أَي مَنْ يَنْصُرُنِي مِنْ قَرابةٍ أَو ذِي مودَّة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَمَا يَنْحاشُ لِشَيْءٍ أَي مَا يَكْتَرِثُ لَهُ. وَفُلَانٌ مَا يَنْحاشُ مِنْ فُلَانٍ أَي مَا يَكْتَرِثُ لَهُ. وَيُقَالُ: حاشَ للَّه، تَنْزِيهًا لَهُ، وَلَا يُقَالُ حاشَ لَكَ قِيَاسًا عَلَيْهِ، وإِنما يُقَالُ حَاشَاكَ وحاشَى لَكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتي فَقَتَلَ بَرّها «2» وفاجِرَها وَلَا يَنْحاشُ لِمُؤْمِنِهِمْ
أَي لَا يَفْزَعُ لِذَلِكَ وَلَا يَكْتَرِثُ لَهُ وَلَا ينْفِرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرٍو: وإِذا ببَياض يَنْحاشُ مِنِّي وأَنْحاشُ مِنْهُ
أَي يَنْفرُ مِنِّي وأَنفر مِنْهُ، وَهُوَ مُطَاوِعُ الحَوْشِ النّفارِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْيَاءِ وإِنما هُوَ مِنَ الْوَاوِ. وزَجَرَ
__________
(2) . قوله [فقتل برها] في النهاية: يقتل، وقوله [ولا ينحاش] فيها: ولا يتحاشى.(6/291)
الذئبَ وغيرَه فَمَا انْحاشَ لزَجْرِه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ بَيْضَةَ نَعَامَةٍ:
وبَيْضاء لَا تَنْحاشُ مِنَّا وأُمُّها، ... إِذا مَا رَأَتْنا، زِيلَ مِنْهَا زَوِيلُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحُكْمُنَا عَلَى انْحاشَ أَنَّهَا مِنَ الْوَاوِ لِمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ وَاوًا أَكثرُ مِنْهَا يَاءً، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الِاسْمُ وَالْفِعْلُ. الأَزهري فِي حشَا: قَالَ اللَّيْثُ المَحَاشُ كأَنه مَفْعَلٌ مِنَ الحَوْشِ وَهُمْ قَوْمٌ لَفِيفٌ أُشَابَةٌ؛ وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ:
جَمِّعْ مَحَاشَكَ يَا يزيدُ، فَإِنَّني ... أَعْدَدْتُ يَرْبُوعاً لَكُمْ وتَمِيما
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي المَحاشِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما فتحُه الميمَ وجَعْلُه إِيّاه مَفْعَلًا مِنَ الحَوْشِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَا قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ، وَالصَّوَابُ المِحَاشُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدةَ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبو عُبَيْدٍ وَابْنُ الأَعرابي: إِنما هُوَ جَمِّعْ مِحَاشَك، بِكَسْرِ الْمِيمِ، جَعَلُوهُ مِنْ مَحَشته أَي أَحْرَقته لا مِنَ الحَوْشِ، وَقَدْ فُسِّرَ فِي الثُّلَاثِيِّ الصَّحِيحِ أَنهم يَتَحَالَفُونَ عِنْدَ النَّارِ؛ وأَما المَحَاشُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، فَهُوَ أَثاث الْبَيْتِ، وأَصله مِنَ الحَوْشِ وَهُوَ جَمْعُ الشَّيْءِ وَضَمُّهُ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلَفِيفِ النَّاسِ مَحَاشٌ، واللَّه أَعلم.
حيش: الحَيْشُ: الفَزَعُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
ذَلِكَ بَزِّي، وسَلِيهِمْ إِذا ... مَا كفَّتِ الحَيْش عَنِ الأَرْجُلِ
ابْنُ الأَعرابي: حَاشَ يَحِيشُ حَيْشاً إِذا فَزعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن قَوْمًا أَسلموا فقَدِمُوا الْمَدِينَةَ بِلَحْمٍ فتَحَيَّشَتْ أَنفسُ أَصحابه مِنْهُ.
تَحَيَّشَتْ: نَفَرَتْ وفَزِعَتْ، وَقَدْ رُوِيَ بِالْجِيمِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ قَالَ لأَخيه زَيْدٍ حِينَ نُدب لِقِتَالِ أَهل الردَةِ فَتَثَاقَلَ: مَا هَذَا الحَيشُ والقِلُ
أَي مَا هَذَا الفزَعُ والرِّعْدةُ والنفورُ. والحَيْشانُ: الْكَثِيرُ الْفَزَعِ. والحَيْشانةُ: المرأَة الذَّعُورُ من الرِّيبَةِ.
فصل الخاء المعجمة
خبش: خَبّش الشيءَ: جَمَعَهُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا. وخُباشاتُ العَيْشِ «1» : مَا يُتَناوَلُ مِنْ طَعامٍ أَو نحوِه، تُخَبَّشُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا. والخَبْشُ، مِثْلُ الهَبْشِ سَوَاءٌ: وَهُوَ جَمْعُ الشَّيْءِ. وَرَجُلٌ خَبَّاشٌ: مكتَسِبٌ. اللِّحْيَانِيُّ: إِن المَجْلِسَ ليَجمعُ خُباشاتٍ مِنَ النَّاسِ وهُباشاتٍ إِذا كَانُوا مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى. وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ يَحْبِشُ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، ويَهْبِشُ، وَهِيَ الحُباشات والهُباشاتُ. وخَنْبَشٌ: اسْمُ رَجُلٍ مُشْتَقٌّ مِنَ أَحد هَذِهِ الأَسماء، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت غُلَامًا أَسودَ فِي الْبَادِيَةِ كَانَ يُسَمَّى خَنْبشاً؛ وهو فَنْعَلٌ من الخبش.
خدش: خَدَشَ جِلْدَهُ ووجهَه يَخْدِشُه خَدْشاً: مَزَّقَهُ. والخَدْشُ: مزْقُ الْجِلْدِ، قَلَّ أَو كَثُرَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سأَلَ وَهُوَ غَنِيٌّ جَاءَتْ مسأَلته يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُدُوشاً أَو خُمُوشاً فِي وَجْهِهِ.
والخُدُوش: الْآثَارُ والكُدوحُ وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الخَدْشُ والخَمْشُ بالأَظافرِ. يُقَالُ: خدَشَت المرأَة وَجْهَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وخَمَشَتْ إِذا ظفَّرَتْ فِي أَعالي حُرِّ وَجْهِهَا، فأَدْمته أَو لَمْ تُدْمه. وخدْشُ الْجِلْدَ: قَشَرَهُ بِعُودٍ أَو نَحْوِهِ، والخُدُوشُ
__________
(1) . قوله [وخباشات العيش] ضبط في الأَصل بضم الخاء. وعبارة القاموس وشرحه: وخباشات العيش، بالضم كما ضبطه الصاغاني، وظاهر سياقه أَنه بالفتح.(6/292)
جَمْعُهُ لأَنه سُمِّيَ بِهِ الأَثر، وإِن كَانَ مَصْدَرًا. وخَدَّشَه: شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ أَو لِلْكَثْرَةِ. وخادَشْتُ الرَّجُلَ إِذا خدَشْتَ وَجْهَهُ وخدَشَ هُوَ وجهَك، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ خِداشاً، والهرُّ يُسَمَّى مُخادِشاً. والمِخْدَشُ: كاهلُ الْبَعِيرِ «1» ؛ قَالَ الأَزهري: كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَ كاهلَ الْبَعِيرِ مُخَدِّشاً لأَنه يَخْدِشُ الْفَمَ إِذا أُكِل بقلَّة لَحْمِهِ. وَيُقَالُ: شَدَّ فلانٌ الرَّحْلَ عَلَى مِخْدَشِ بَعِيرِهِ. وابْنا مُخَدِّشٍ: طَرَفا الْكَتِفَيْنِ كَذَلِكَ أَيضا. والمُخدِّشُ: مَقْطَعُ العُنُق مِنَ الإِنسان وَالْخُفِّ والظِّلْفِ والحافِر. والخادِشَةُ: مِنْ مَسَايِلِ الْمِيَاهِ اسْمٌ كالعافيةِ والعاقبةِ. وخَادِشَةُ السَّفا: أَطرافُه مِنْ سُنْبُلِ البُرِّ أَو الشَّعِيرِ أَو البُهْمى وَهُوَ شَوْكُهُ وَكُلُّهُ مِنَ الخَدْشِ. وخِداشٌ ومُخادشٌ: اسْمَانِ. خِداش بْنُ زُهَيْرٍ «2» . ابْنُ الأَعرابي: الخَدُوشُ الذُّبَابُ، والخَدُوش البُرْغُوث، والخَمُوشُ الْبَقُّ.
خرش: الخَرْشُ: الخَدْشُ فِي الْجَسَدِ كلِّه، وَقَالَ اللَّيْثُ: الخَرْشُ بالأَظفار فِي الْجَسَدِ كلِّه، خَرَشَه يَخْرِشُه خَرْشاً واخْتَرَشَه وخَرَّشَه وخارَشَه مُخارَشَةً وخِراشاً. وجَرْوٌ نَخْوَرِشٌ: قَدْ تحرَّك وخَدَشَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ نَفْوَعِلٌ غَيْرَهُ. واخْتَرَشَ الجَرْوُ: تحرَّكَ وخَدَشَ. وتخارَشَتِ الْكِلَابُ وَالسَّنَانِيرُ: تخادَشَت وَمَزَّقَ بَعْضُهَا بَعْضًا. وكلبُ خِراشٍ أَي هِراشٍ. والخِراشُ: سِمةٌ مُسْتَطِيلَةٌ كَاللَّذْعَةِ الْخَفِيَّةِ تَكُونُ فِي جَوْفِ الْبَعِيرِ، وَالْجَمْعُ أَخْرِشةٌ، وَبَعِيرٌ مَخْروشٌ. والمِخْرَشُ والمِخْراشُ: خشبةٌ يَخُطُّ بِهَا الإِسكافُ. والمِخْرَشةُ والمِخْرَشُ: خَشَبَةٌ يُخُطُّ بِهَا الخَرَّازُ أَي يَنْقُشُ الْجِلْدَ وَيُسَمَّى المِخَطَّ. والمِخْرَشُ والمِخْراشُ أَيضاً: عَصاً مُعْوَجَّةُ الرأْس كالصَّوْلجَانِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ضَرَبَ رأْسَه بِمِخْرَشٍ.
وخَرَشَ الغصنَ وخَرَّشَه: ضَرَبَهُ بالمِحْجَن يَجْتَذِبُهُ إِليه. فِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه أَفاض وَهُوَ يَخْرِش بعيرَهُ بمِحْجَنِه.
قَالَ الأَصمعي: الخَرْشُ أَن يَضْرِبَهُ بمِحْجَنه ثُمَّ يجتذبُه إِليه يُرِيدُ بِذَلِكَ تَحْرِيكَهُ للإِسراع، وَهُوَ شَبِيهٌ بالخدْشِ والنخسِ؛ وأَنشد:
إِنَّ الجِراءَ تَخْتَرِشْ ... فِي بطْنِ أُمِّ الهَمَّرِشْ
وخرَشَ البعيرَ بالمِحْجَن: ضَرَبَهُ بِطَرَفِهِ فِي عَرْض رَقَبَتِهِ أَو فِي جلدِه حَتَّى يُحتّ عَنْهُ وبَرُه. وخَرَشْت الْبَعِيرَ إِذا اجْتَذَبْتَهُ إِليك بالمخْراش، وَهُوَ المحْجَنُ، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالْحَاءِ. وخَرَشَه الذُّبَابُ وحَرَشَه إِذا عضَّه. والخَرَشَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: ذُبَابَةٌ. والخَرَشَةُ: الذُّبَابُ، وَبِهَا سُمِّيَ الرجلُ. وَمَا بِهِ خَرَشَة أَي قَلَبَةٌ، وَمَا خَرَشَ شَيْئًا أَي مَا أَخذ. والخَرْشُ: الْكَسْبُ، وَجَمْعُهُ خُرُوشٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَرْضي وَمَا جَمَّعْتُ مِنْ خُروشي
وخرَشَ لأَهله يخْرِشُ خَرْشاً واخْتَرَش: جَمَعَ وَكَسَبَ وَاحْتَالَ. وَهُوَ يَخرِش لِعِيَالِهِ ويخْتَرِشُ أَي يَكْتَسِبُ لَهُمْ وَيَجْمَعُ، وَكَذَلِكَ يقْتَرِشُ ويقْرِشُ يَطْلُبُ الرِّزْقَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَوْ رأَيتُ
__________
(1) . قوله [والمخدش كاهل إلخ] هو كمنبر ومحدّث ومعظم؛ الأَخيرة للزمخشري.
(2) . قوله [خداش بن زهير] عبارة القاموس وككتاب ابن سلامة أَو أَبو سلامة صحابي وابن زهير وابن حميد وابن بشر شعراء.(6/293)
العَيْرَ يَخْرِشُ مَا بَيْنَ لابَتَيْها
يَعْنِي الْمَدِينَةَ؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ مِنِ اخْتَرَشْت الشَّيْءَ إِذا أَخذته وَحَصَّلْتُهُ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ وَالشِّينِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الجَرْشِ الأَكلِ. وخَرَشَ مِنَ الشَّيْءِ: أَخذ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ صَيْفِيٍّ: كَانَ أَبو مُوسَى يَسْمعُنا وَنَحْنُ نُخارِشُهم فَلَا يَنْهَانَا
، يَعْنِي أَهل السَّوَادِ. والمُخارَشةُ: الأَخذ عَلَى كُرْهٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَصْدَرَها، عَنْ طَثْرةِ الدِّئاثِ، ... صاحِبُ ليلٍ خَرِشُ التَّبْعاثِ
الخَرِشُ: الَّذِي يُهَيِّجُهَا وَيُحَرِّكُهَا. والخَرِشُ والخَرْشُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَا يَنَامُ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ شمرٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَظنه مَعَ الْجُوعِ. والخِرْشاءُ: قِشْرَةُ الْبَيْضَةِ الْعُلْيَا اليابِسةُ، وإِنما يُقَالُ لَهَا خِرْشاءُ بعد ما تُنْقَف فيُخْرَجُ مَا فِيهَا مِنَ الْبَلَلِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الخِرْشاءُ جلدةُ الْبَيْضَةِ الدَّاخِلَةُ، وجمعه خَراشِيّ وهو الغِرْقِئُ. والخِرْشاءُ: قِشْرَةُ الْبَيْضَةِ الْعُلْيَا بَعْدَ أَن تُكْسَرَ ويخرجَ مَا فِيهَا. وخِرْشاءُ الصَّدْرِ: مَا يُرْمَى بِهِ مِنَ لزِج النُّخَامَةِ، قَالَ: وَقَدْ يُسَمَّى الْبَلْغَمُ خِرْشاءَ. وَيُقَالُ: أَلقى فُلَانٌ خَراشِيّ صَدْرِهِ، أَراد النخامةَ. وخِرْشاءُ الْحَيَّةِ: سَلخُها وَجَلْدُهَا. أَبو زَيْدٍ: الخِرْشاءُ مِثْلُ الحِرْباء جِلْدُ الحية وقشرُه، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ انْتِفَاخٌ وتَفَتُّقٌ. وخِرْشاءُ اللَّبَنِ: رغْوتُه، وَقِيلَ: جُلَيْدةٌ تَعْلُوهُ؛ قَالَ مُزَرِّدٌ:
إِذا مَسَّ خِرْشاءَ الثُّمالَةِ أَنْفُه، ... ثَنى مِشْفَرَيه للصَّرِيحِ فأَقْنَعا
يَعْنِي الرغوةَ فِيهَا انْتِفَاخٌ وتَفَتُّقٌ وخُرُوقٌ. وخِرْشاءُ الثُّمالةِ: الْجِلْدَةُ الَّتِي تَعْلُو اللَّبَنَ، فإِذا أَراد الشَّارِبُ شُرْبَهُ ثَنَى مِشفريه حَتَّى يَخْلُص لَهُ اللبنُ. وخِرْشاءُ الْعَسَلِ: شَمَعُهُ وَمَا فِيهِ مِنْ مَيِّتِ نَحْلِهِ. وكلُّ شَيْءٍ أَجوف فِيهِ انتفاخٌ وخروقُ وتفتّقٌ خِرْشاءُ. وَطَلَعَتِ الشمسُ فِي خِرْشاءَ أَي فِي غَبَرَةٍ، وَاسْتَعَارَ أَبو حَنِيفَةَ الخراشِيَّ للحَشَرات كُلِّهَا. وخَرَشَةُ وخُراشةُ وخِراشٌ ومُخارِشٌ، كلُّها: أَسماء وسِماك بنُ خَرَشةَ الأَنصاري وأَبو خِراشٍ الهُذلي، بِكَسْرِ الْخَاءِ؛ وأَبو خُراشةَ، بِالضَّمِّ، فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَبا خُراشةَ أَمَّا كُنتَ ذَا نَفَرٍ، ... فإِنَّ قوميَ لَمْ تأْكلْهمُ الضَّبُع
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِعَبَّاسِ بْنِ مرْداسٍ السُّلَمي، وأَبو خُراشةَ كُنْيةُ خُفَاف بنِ نُدْبَةَ، وندبةُ أُمه، فَقَالَ يُخاطِبُه: إِن كُنْتَ ذَا نَفرٍ وعددٍ قليلٍ فإِنَّ قَوْمِي عددٌ كَثِيرٌ لَمْ تأْكلهم الضبُع، وَهِيَ السَّنةُ المُجْدِبةُ؛ ورَوَى هَذَا البيتَ سِيبَوَيْهِ: أَمَّا أَنتَ ذَا نَفَرٍ، فَجَعَل أَنت اسمَ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ وأَمَّا عوضٌ مِنْهَا وَذَا نَفَرٍ خبرُها وأَن مَصْدَرِيَّةٌ «1» ، وَكَذَلِكَ تَقُولُ فِي قَوْلِهِمْ أَمّا أَنت مُنْطَلِقًا انطلقتُ مَعَكَ بِفَتْحِ أَن فَتَقْدِيرُهُ عِنْدَهُ لأَن كنتَ مُنْطَلِقًا انطلقتُ مَعَكَ، فأُسْقِطَت لَامُ الْجَرِّ كَمَا أُسقطت فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ، والعاملُ فِي هَذِهِ اللَّامِ مَا بعدها وهو قول فَاتَّقُونِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي قَوْلِكَ لأَن كُنْتَ مُنْطَلِقًا، الْعَامِلُ فِي هَذِهِ اللَّامِ مَا بَعْدَهَا وَهُوَ انطلقْتُ معَك؛ وَبَعْدَ الْبَيْتِ:
وكلُّ قَوْمِك يُخْشى مِنْهُ بائِقَةٌ، ... فارْعُدْ قَليلًا، وأَبْصِرْها بمَنْ تَقَعُ
إِن تكُ جُلْمودَ بِصْرٍ لَا أُؤَبِّسُه، ... أُوقِدْ عَلَيْهِ فأُحْمِيه فَيَنْصَدِع
__________
(1) . أَمّا: هي أَن وما، فأن مصدرية وما زائدة.(6/294)
قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ رَافِعًا يَقُولُ لِي عِنْدَهُ خُراشةٌ وخُماشَةٌ أَي حُقٌّ صغِيرٌ. وخُرُوشُ البيتِ: سُعُوفُه مِنْ جُوالِقٍ خَلَقٍ أَو ثوبٍ خلَقٍ، الْوَاحِدُ سَعْفٌ وخَرْشٌ.
خربش: وقَعَ القومُ فِي خَرْبَشٍ وخِرْباشٍ أَي اخْتِلاطٍ وصخَبٍ. والخَرْبَشةُ: إِفساد الْعَمَلِ وَالْكِتَابِ وَنَحْوِهِ. وَمِنْهُ يُقَالُ: كَتَبَ كِتَابًا مُخَرْبَشاً. وكتابٌ مُخَرْبَشُ: مُفسَدٌ؛ عَنِ اللَّيْثِ. وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ عَنْ
زَيْدِ بْنِ أَخْزم الطَّائِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ دُوادٍ يَقُولُ كَانَ كتابُ سُفْيانَ مُخَرْبَشاً
أَي فَاسِدًا. والخَرْبَشةُ والخَرْمَشةُ: الإِفساد وَالتَّشْوِيشُ. والخُرُنْباشُ: مِنْ رَيَاحِينِ البَرِّ وَهُوَ شَبِيهُ المَرْوِ الدِّقاقِ الورَقِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، ووردُه أَبيض وَهُوَ طَيِّبُ الرِّيحِ يُوضَعُ فِي أَضعاف الثِّيَابِ لِطِيبِ رِيحِهِ. وخَرْبَشٌ: اسْمٌ.
خرفش: خِرْفاشٌ: موضع.
خرمش: الخَرْمَشةُ: إِفسَادُ الْكِتَابِ وَالْعَمَلِ، وَقَدْ خَرْمَشهُ. والخَرْبَشةُ والخَرْمَشة: الإِفساد والتشويش.
خشش: خَشَّه يَخُشُّه خَشًّا: طَعَنَهُ. وخَشَّ فِي الشَّيْءِ يخُشُّ خَشًّا وانْخَشَّ وخَشْخَشَ: دَخَلَ. وخَشَّ الرَّجُلُ: مَضَى وَنَفَذَ. وَرَجُلٌ مِخَشٌّ: مَاضٍ جَرِيءٌ عَلَى هَوَى اللَّيْلِ، ومِخْشفٌ، وَاشْتَقَّهُ ابنُ دُرَيْدٍ مِنَ قَوْلِكَ: خَشَّ فِي الشَّيْءِ دَخَلَ فِيهِ، وخَشٌّ: اسْمُ رَجُلٍ، مُشْتَقٌّ مِنْهُ الأَصمعي: خَشَشْتُ فِي الشَّيْءِ دَخَلْتُ فِيهِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
فخَشَّ بِهَا خِلالَ الفَدْفَدِ
أَي دَخَلَ بِهَا. وانْخَشَّ الرَّجُلُ فِي الْقَوْمِ انْخِشاشاً إِذا دَخَلَ فِيهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّه بن أُنيس: فَخَرَجَ رَجُلٌ يَمْشِي حَتَّى خَشَّ فِيهِمْ
أَي دَخَلَ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ لِمَا يُدخَلُ في أَنف البعير خِشَاشٌ لأَنه يُخَشُّ فِيهِ أَي يَدْخُلُ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وخَشْخَشْت بالعِيسِ فِي قَفْرةٍ، ... مَقِيلِ ظِباء الصَّرِيمِ الحُرُنْ
أَي دَخَلَتْ. والخِشَاشُ، بِالْكَسْرِ «2» : الرَّجُلُ الْخَفِيفُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ ووصَفَتْ أَباها، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، فَقَالَتْ: خَشَاشُ المَرْآة والمَخْبَر
؛ تُرِيدُ أَنه لَطِيفُ الْجِسْمِ وَالْمَعْنَى. يُقَالُ: رَجُلٌ خِشَاشٌ وخَشَاشٌ إِذا كَانَ حادَّ الرأْس لَطِيفًا مَاضِيًا لَطِيفَ الْمَدْخَلِ. وَرَجُلٌ خَشَاشٌ، بِالْفَتْحِ: وَهُوَ الْمَاضِي مِنَ الرِّجَالِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ خِشاشٌ وخَشاشٌ لَطِيفُ الرأْس ضَرْبُ الْجِسْمِ خَفِيفٌ وقَّادٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَنا الرجلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونه، ... خَشَاشٌ [خِشَاشٌ] كرأْسِ الحيَّةِ المُتَوَقِّدِ
وَقَدْ يَضُمُّ. ابْنُ الأَعرابي: الخِشَاشُ والخَشَاشُ الْخَفِيفُ الرُّوحِ الذكيُّ. والخِشَاشُ: الثُّعْبَانُ «3» الْعَظِيمُ المنكَر، وَقِيلَ: هِيَ حَيَّةٌ مِثْلُ الأَرقم أَصْغَرُ مِنْهُ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْحَيَّاتِ الْخَفِيفَةِ الصَّغِيرَةِ الرأْس، وَقِيلَ: الْحَيَّةُ، وَلَمْ يُقَيِّدْ، وَهِيَ بِالْكَسْرِ. الفَقْعَسيّ: الخِشَاشُ حَيَّةُ الْجَبَلِ لَا تُطْني، قَالَ: والأَفعى حَيَّةُ السَّهْلِ؛ وأَنشد:
قَدْ سالَمَ الأَفعى مَعَ الخِشاشِ
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الخِشَاشُ حَيَّةٌ صَغِيرَةٌ سَمْرَاءُ أَصغر مِنَ الأَرقم. وَقَالَ أَبو خِيرَةَ: الخِشَاشُ حَيَّةٌ بيضاء
__________
(2) . قوله [والخشاش بالكسر إلخ] هو مثلث كما في القاموس.
(3) . قوله [والخشاش الثعبان] هو مثلث كبقية الحشرات.(6/295)
قَلَّمَا تُؤْذِي، وَهِيَ بَيْنَ الحُفَّاثِ والأَرقم، وَالْجَمْعُ الخِشَّاءُ. وَيُقَالُ لِلْحَيَّةِ خَشْخاشٌ أَيضاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَسْمر مِثْلُ الحيةِ الخَشْخَاشِ
والخِشْاشُ: الشِّرارُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ شِرارَ الطَّيْرِ وَمَا لَا يَصِيدُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الطَّيْرِ وَمِنْ جَمِيعِ دَوَابِّ الأَرض مَا لَا دِماغَ لَهُ كَالنَّعَامَةِ وَالْحُبَارَى والكَرْوانِ ومُلاعِبِ ظِلِّه. قَالَ الأَصمعي: الخَشَاشُ شِرارُ الطَّيْرِ، هَذَا وَحْدَهُ بِالْفَتْحِ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي الرَّجُلُ الْخَفِيفُ خَشَاشٌ أَيضاً، رَوَاهُ شَمِرٌ عَنْهُ قَالَ: وإِنما سُمِّيَ بِهِ خَشاشُ الرأْسِ مِنَ الْعِظَامِ وَهُوَ مَا رقَّ مِنْهُ. وكلُّ شَيْءٍ رقَّ ولطُفَ، فَهُوَ خَشاشٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: رَجُلٌ خَشَاشُ الرأْسِ، فإِذا لَمْ تَذْكُرِ الرأْس فَقُلْ: رَجُلٌ خِشَاشٌ، بِالْكَسْرِ. والخِشَاشُ، بِالْكَسْرِ: الحشراتُ، وَقَدْ يُفْتَحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة رَبَطَتْ هِرَّةً فَلَمْ تُطْعِمْها وَلَمْ تَدَعْها تأْكلُ مِنْ خَشَاش الأَرض
: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي مِنْ هوامِّ الأَرض وَحَشَرَاتِهَا ودوابِّها وَمَا أَشبهها، وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ خَشِيشِها
، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ يَابِسُ النَّبَاتِ وَهُوَ وهَم، وَقِيلَ: إِنما هُوَ خُشَيْشٌ، بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، تَصْغِيرُ خَشَاشٍ عَلَى الْحَذْفِ أَو خُشَيِّشٌ مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ. والخِشاشُ مِنْ دَوَابِّ الأَرض وَالطَّيْرِ: مَا لَا دِمَاغَ لَهُ، قَالَ: وَالْحَيَّةُ لَا دِمَاغَ لها وَالنَّعَامَةُ لَا دِمَاغَ لَهَا والكَرْوانُ لَا دِمَاغَ لَهُ، قَالَ: كَروانٌ خِشَاشٌ وَحُبَارَى خَشاشٌ سَوَاءٌ. أَبو مُسْلِمٍ: الخَشاشُ والخِشاشُ مِنَ الدَّوَابِّ الصغيرُ الرأْس اللَّطِيفُ، قَالَ: والحِدَأُ ومُلاعِبُ ظِلِّه خِشاشٌ. وَفِي حَدِيثِ العُصفورِ:
لَمْ يَنْتَفعْ بِي وَلَمْ يَدَعْني أَخْتشُّ مِنَ الأَرض
أَي آكُلُ مِنْ خَشاشِها. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمُعَاوِيَةَ: هُوَ أَقلُّ فِي أَعْيُنِنا «1» مِنْ خَشاشةٍ.
ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي هُوَ الخِشاشُ، بِالْكَسْرِ، فَخَالَفَ جماعةَ اللُّغوِيِّين، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ بِهِ لانْخِشاشِه فِي الأَرض واسْتِتارِه بِهَا، قَالَ: وَلَيْسَ بقَوِيّ. والخِشاشُ والخِشاشةُ: العودُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي أَنف الْبَعِيرِ؛ قَالَ:
يَتُوقُ إِلى النَّجاءِ بفضْلِ غَرْبٍ، ... وتَقْدَعُه الخِشاشةُ والفِقارُ
وَجَمْعُهُ أَخِشَّةٌ. والخَشُّ: جعْلُك الخِشاشَ فِي أَنف الْبَعِيرِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخِشاشُ مَا وُضِعَ فِي عظْم الأَنف، وأَما مَا وُضِعَ فِي اللَّحْمِ فَهِيَ البُرَةُ، خَشَّه يَخُشُّه خَشًّا وأَخَشَّه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الأَصمعي: الخِشاشُ مَا كَانَ فِي العَظم إِذا كَانَ عُوداً، والعِرانُ مَا كَانَ فِي اللَّحْمِ فَوْقَ الأَنف. وخَشَشْت البعيرَ، فَهُوَ مَخْشوش. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَانْقَادَتْ مَعَهُ الشجرةُ كَالْبَعِيرِ المَخْشُوش
؛ هُوَ الَّذِي يُجعل فِي أَنفه الخِشاشُ. والخِشاش مُشْتَقٌّ مَنْ خَشَّ فِي الشَّيْءِ إِذا دَخل فِيهِ لأَنه يُدْخَل فِي أَنف الْبَعِيرِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
خُشُّوا بَيْنَ كَلَامِكُمْ لَا إِله إِلا اللَّه
أَي أَدْخِلوا. وخَشَشْتُ الْبَعِيرَ أَخُشُّه خَشّاً إِذا جَعَلْتُ فِي أَنفه الخِشاشَ. الْجَوْهَرِيُّ. الخِشاشُ، بِالْكَسْرِ، الَّذِي يُدخل فِي عَظْمِ أَنف الْبَعِيرِ وَهُوَ مِنْ خَشب، والبُرةُ مِنْ صُفْرٍ، والخِزامةُ مِنْ شَعر. وَفِي حَدِيثِ الحُديبية:
أَنه أَهْدى فِي عُمرتِها جَمَلًا كَانَ لأَبي جَهْلٍ فِي أَنفه خِشاشٌ مِنْ ذَهَبٍ
، قَالَ: الخِشاشُ عُوَيدٌ يُجْعَلُ فِي أَنف الْبَعِيرِ يُشدّ بِهِ الزِّمامُ لِيَكُونَ أَسرعَ لِانْقِيَادِهِ. والخُشّاءُ والخُشُشاءُ: العظْمُ الدَّقيق الْعَارِي مِنَ الشَّعْرِ الناتئُ خَلْفَ الأُذن؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
__________
(1) . قوله [في أَعيننا] في النهاية في أَنفسنا.(6/296)
فِي خُشَشاوَيْ حُرَّةِ التَحْريرِ
وَهُمَا خُشَشاوانِ. ونظيرُها مِنَ الْكَلَامِ القُوْباءُ وأَصلُه القُوَباءُ، بِالتَّحْرِيكِ، فسكَنت اسْتِثْقَالًا لِلْحَرَكَةِ عَلَى الْوَاوِ ولأَنّ فُعْلاءَ، بِالتَّسْكِينِ، لَيْسَ مِنْ أَبْنِيَتِهم، قَالَ: وَهُوَ وزنٌ قليلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَن قَبيصةَ بْنَ جَابِرٍ قَالَ لعُمر: إِني رَمَيْتُ ظَبْياً وأَنا مُحْرِمٌ فأَصَبْتُ خُشَشاءَه فأَسِن فَمَاتَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخُشَشاءُ هُوَ العظْمُ الناشِزُ خَلْفَ الأُذن وهمْزتُه مُنْقَلِبَةٌ عَنْ أَلف التأَنيث. اللَّيْثُ: الخُشَشاوان عظْمان نَاتِئَانِ خَلْفَ الأُذنين، وأَصل الخُشَشاء «1» عَلَى فُعَلاءَ. والخَشَّاءُ، بِالْفَتْحِ: الأَرض الَّتِي فِيهَا رَمْلٌ، وَقِيلَ: طِينٌ. والخَشَّاءُ أَيضاً: أَرض فِيهَا طِينٌ وَحَصًى؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ الأَرض الخَشِنةُ الصُّلْبَةُ، وَجَمْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ خَشَّاواتٌ وخَشاشِيّ. وَيُقَالُ: أَنْبَطَ فِي خَشَّاءَ. وَقِيلَ: الخَشُّ أَرض غَلِيظَةٌ فِيهَا طِينٌ وحَصْباءُ. والخَشُّ: القليلُ مِنَ الْمَطَرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يُسَائِلُنِي بالمُنْحَنى عَنْ بِلادِه، ... فَقُلْتُ: أَصابَ النَّاسُ خَشٌّ مِنَ القَطْرِ
والخَشْخَشَةُ: صَوتُ السِّلَاحِ واليَنْبُوتِ، وَفِي لُغَةٍ ضَعِيفَةٍ شَخْشَخَةٌ. وكلُّ شَيْءٍ يابسٍ يحُكُّ بَعْضُهُ بَعْضًا: خَشْخاشٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِبِلَالٍ: مَا دخلتُ الْجَنَّةَ إِلا وسمِعتُ خَشْخَشَةً، فقلتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: بلالٌ
؛ الخَشْخَشَةُ: حَرَكَةٌ لَهَا صَوْتٌ كَصَوْتِ السِّلَاحِ. وَيُقَالُ للرجَّالة: الخَشُّ والحَشُّ وَالصَّفُّ وَالْبَتُّ «2» ، قَالَ: وَوَاحِدُ الخَشّ خاشٌّ. ابْنُ الأَعرابي: الخِشاشُ الْغَضَبُ. يُقَالُ: قَدْ حَرَّكَ خِشاشَه إِذا أَغضبه والخُشاشُ: الشُّجَاعُ، بِضَمِّ الْخَاءِ. قَالَ: والخُشَيشُ الْغَزَالُ الصَّغِيرُ. والخُشَيشُ: تَصْغِيرُ خُشٍّ وَهُوَ التلُّ. والخِشاشُ: الجوالقُ؛ وأَنشد:
بينَ خِشاشِ بازِلٍ جِوَرِّ
وَرَوَاهُ أَبو مَالِكٍ: بَيْنَ خِشاشَيْ بازلٍ. قَالَ: وَخِشَاشَا كُلِّ شَيْءٍ جَنْباه؛ وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلُ جَرِيرٍ:
مِنْ كُلِّ شَوْشاءَ لمَّا خُشَّ ناظرُها، ... أَدْنَتْ مُذَمَّرَها مِنْ وَاسِطِ الكُورِ
قَالَ: والخِشاشُ يَقَعُ عَلَى عِرْق النَّاظِرِ، وعِرْقا الناظرَينِ يكْتَنِفان الأَنف، فإِذا خُشَّتْ لانَ رأَسها، فإِذا جُذِبت أَلْقت مُذَمَّرُها عَلَى الرَّحْلِ مِنْ شِدَّةِ الخِشاشِ عَلَيْهَا. والمُذَمَّرُ: العِلْباوان فِي العُنق يُشْرِفان عَلَى الأَخدَعَين. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْهِ خُشاشانِ
أَي بُرْدتان؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِن كَانَتِ الروايةُ بِالتَّخْفِيفِ فَيُرِيدُ خفَّتهما ولُطْفَهُما، وإِن كَانَتْ بِالتَّشْدِيدِ فَيُرِيدُ بِهِ حركَتهما كأَنهما كَانَتَا مصقُولتين كَالثِّيَابِ الجدُد الْمَصْقُولَةِ. والخَشْخاشُ: الجماعةُ الْكَثِيرَةُ مِنَ النَّاسِ، وَفِي المحْكم: الْجَمَاعَةُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فِي حَوْمةِ الفَيْلَقِ الجَأْواءِ، إِذْ ركِبَتْ ... قَيْسٌ، وهَيْضَلُها الخَشْخاشُ إِذ نَزَلُوا
وَفِي الصِّحَاحِ: الخَشْخاشُ الجماعةُ عليهم سلاح ودروع،
__________
(1) . قوله [وأَصل الخششاء إلخ] كذا بالأَصل ولعل فيه سقطاً وحق العبارة وأصل الخشَّاء الخششاء.
(2) . قوله [والحش والبت] كذا بالأَصل وفي الشارح بدل الثاني بث بالمثلثة.(6/297)
وَقَدْ خَشْخَشْتُه فَتَخَشْخَش؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
تَخَشْخَشَ أَبْدانُ الحَديدِ عليهمُ، ... كَمَا خَشْخَشَتْ يبسَ الحصادِ جَنُوبُ
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِصَوْتِ الثَّوْبِ الْجَدِيدِ إِذا حُرِّكَ الخَشْخَشَةُ والنَّشْنَشَةُ. والخَشُّ: الشَّيْءُ الأَسود. والخَشُّ: الشَّيْءُ الأَخْشن. والخَشْخاشُ: نبتٌ ثمرتُه حمراءُ، وَهُوَ ضَرْبَانِ: أَسود وأَبيض، وَاحِدَتُهُ خَشْخاشةٌ. والخَشَّاءُ: مَوْضِعُ النَّحْل والدَّبْر؛ قَالَ ذُو الأُصْبَع العَدْوانيُّ يَصِفُ نَبْلًا:
قَوّمَ أَفْواقَها، وتَرَّصَها ... أَنْبَلُ عَدْوان كلِّها صَنَعا
إِمَّا تَرى نَبْلَه فَخَشْرمُ خَشَّاءَ، ... إِذا مُسَّ دَبْرُه لكَعا
تَرَّصَها: أَحكمها. وأَنبلُ عَدْوَانٍ: أَحذقُهم بِعَمَلِ النبلِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ مَكَانٌ إِما تَرَى:
فنَبْلُه صِيغَةٌ كخَشْرَمِ خَشَّاءَ، ... إِذا مُشَّ دَبْرُه لكَعا
لأَن إِما لَيْسَ لَهُ جَوَابٌ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ؛ قَالَ: وإِنما ذَكَرَ الشَّاعِرُ إِما فِي بَيْتٍ يَلِي هَذَا وَهُوَ:
إِمَّا تَرى قَوسَه فنابِيَةُ الأَرْزِ ... هَتُوفٌ، بِحالها ضَلَعا
وَقَوْلُهُ فَنَابِيَةٌ، الْفَاءُ جَوَابُ إِما، وَنَابِيَةٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ أَي هِيَ مَا نَبَا مِنَ الأَرْزِ وَارْتَفَعَ. وهتوفٌ: ذَاتُ صَوْتٍ. وَقَوْلُهُ لكَعا بِمَعْنَى لَسَعَ. وخُشْ: الطيبُ، بِالْفَارِسِيَّةِ، عرَّبَتْه الْعَرَبُ. وَقَالُوا فِي المرأَة خَشَّة كأَنَّ هَذَا اسْمٌ لَهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنشدني بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ لِمُطِيعِ بْنِ إِياس يَهْجُو حَمَّادًا الرَّاوِيَةَ:
نَحِّ السَوْءةَ السَّوْآءَ ... يَا حَمَّادُ، عَنْ خُشّه «1»
عن التُّفَّاحةِ الصَّفْراءِ، ... والأُتْرُجّةِ الهَشّة
وخُشَاخِشٌ «2» : رَمْلٌ بالدَّهْناءِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَوْقَدْتَ نارَك واسْتَضَأْتَ بحزنَةٍ، ... وَمِنَ الشُّهودِ خُشَاخِشٌ والأَجْرَعُ
خفش: الخفَشُ: ضَعْفٌ فِي الْبَصَرِ وَضِيقٌ فِي الْعَيْنِ، وَقِيلَ: صغرٌ فِي الْعَيْنِ خِلْقَةً، وَقِيلَ: هُوَ فَسَادٌ فِي جَفْنِ الْعَيْنِ وَاحْمِرَارٌ تَضِيقُ لَهُ الْعُيُونُ مِنْ غَيْرِ وَجَعٍ وَلَا قُرْحٍ، خَفِش خَفَشاً، فَهُوَ خَفِشٌ وأَخْفَشُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كأَنهم مِعْزَى مَطِيرة فِي خَفْشٍ
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ؛ إِنما هُوَ الخَفَشُ مَصْدَرُ خَفِشَت عَيْنُهُ خَفَشاً إِذا قَلَّ بَصَرُهَا، وَهُوَ فَسَادٌ فِي الْعَيْنِ يَضْعُفُ مِنْهُ نورُها وتَغْمَصُ دَائِمًا مِنْ غَيْرِ وَجَعٍ، يَعْنِي أَنهم فِي عَمًى وحَيرة أَو فِي ظُلْمَةِ ليل، فضُرِبت المِعْزى مَثَلًا لأَنها مِنْ أَضعف الْغَنَمِ فِي المطرِ وَالْبَرَدِ. وَفِي حَدِيثِ وَلَدِ المُلاعَنة:
إِن جَاءَتْ بِهِ أُمه أَخْفَشَ الْعَيْنَيْنِ
؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الَّذِي يُغَمّضُ إِذا نَظَرَ؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةُ:
وكنتُ لَا أُوبَنُ بالتَّخْفِيش
يُرِيدُ بالضَّعْف فِي أَمري. يُقَالُ: خَفِشَ فِي أَمره إِذا ضَعُفَ؛ وَبِهِ سُمِّيَ الخُفاشُ لضعْف بَصَرِهِ بِالنَّهَارِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ خفِشٌ إِذا كَانَ فِي عَيْنَيْهِ غَمَصٌ
__________
(1) . قوله [عن خُشِّه] هكذا ضبط في الأَصل بضم الخاء في البيت وبالفتح فيما قبله.
(2) . قوله [وخُشَاخِشٌ] قال متن القاموس بالضم ونقل شارحه عن الصاغاني الفتح.(6/298)
أَي قَذًى، قَالَ: وأَما الرَّمَصُ فَهُوَ مثلُ العَمَش. وَفِي كِتَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلى الْحَجَّاجِ: قَاتَلَكَ اللَّه أُخَيْفِشَ العينِ هُوَ تَصْغِيرُ الأَخْفَش. الْجَوْهَرِيُّ: قَدْ يَكُونُ الخفَشُ عِلَّةً وَهُوَ الَّذِي يُبْصر الشَّيْءَ بِاللَّيْلِ وَلَا يُبْصِرُهُ بِالنَّهَارِ، وَيُبْصِرُهُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ وَلَا يُبْصِرُهُ فِي يَوْمٍ صَاحٍ. والخُفَّاشُ: طائرٌ يَطِيرُ بِاللَّيْلِ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لأَنه يَشُقُّ عَلَيْهِ ضَوْءُ النَّهَارِ. والخُفَّاشُ: واحدُ الخَفافِيش الَّتِي تَطِيرُ بِاللَّيْلِ. وَقَالَ النَّضِرُ: إِذا صغُرَ مُقدَّمُ سَنَامِ الْبَعِيرِ وانضمَّ فَلَمْ يَطُلْ فَذَلِكَ الخَفَش. بعيرٌ أَخْفَشُ، وَنَاقَةٌ خَفْشاءُ، وَقَدْ خَفِشَ خفَشاً.
خمش: الخَمْشُ: الخدْشُ فِي الْوَجْهِ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي سَائِرِ الْجَسَدَ، خَمَشَه يَخْمِشُه ويخمُشُه خَمْشاً وخُمُوشاً وخَمَّشه. والخُمُوشُ: الخُدُوشُ؛ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبي لَهَبٍ يُخَاطِبُ امرأَته:
هاشمٌ جَدُّنا، فإِن كُنتِ غَضْبَى، ... فامْلَئِي وجْهَكِ الجَمِيلَ خُدُوشاً
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لَا تَفْعل ذَلِكَ أُمُّك خَمْشَى، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَعْنَاهُ ثَكِلَتْكَ أُمُّك فَخَمَّشَت عَلَيْكَ وجْهَها، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ يُقَالُ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ أُمهاتُكم خَمْشَى. والخُماشةُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ: مَا لَيْسَ لَهُ أَرْش مَعْلُومٌ كالخدْش وَنَحْوِهِ. والخُماشةُ: الجنايةُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
رَباعٍ لَهَا، مُذْ أَوْرَقَ العُود عِنْدَهُ، ... خُمَاشاتُ ذَحْل مَا يُرادُ امتثالُها
امتثالُها: اقتصاصُها، وَالِامْتِثَالُ الِاقْتِصَاصُ، وَيُقَالُ: أَمْثِلْني مِنْهُ؛ قَالَ يَصِفُ عَيْرًا وأُتُنَه ورَمْحَهنّ إِياه إِذا أَراد سِفادَهنّ، وأَراد بِقَوْلِهِ رَباع عَيْرًا قَدْ طَلَعَت رَباعِيَتاه. ابْنُ شُمَيْلٍ: مَا دُونَ الدِّيَةِ فَهُوَ خُمَاشاتٌ مِثْلُ قَطْعِ يَدٍ أَو رِجْلٍ أَو أُذن أَو عَيْنٍ أَو ضَرْبَةٍ بِالْعَصَا أَو لَطْمَةٍ، كلُّ هَذَا خُماشةٌ. وَقَدْ أَخذت خُماشَتي مِنْ فُلَانٍ، وَقَدْ خَمَشَني فُلَانٌ أَي ضَرَبَنِي أَو لَطَمَنِي أَو قَطَعَ عُضْواً مِنِّي. وأَخذ خُمَاشَته إِذا اقْتَصَّ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: أَنه جَمَعَ بَنِيهِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ خُماشاتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَاحِدَتُهَا خُماشة
، أَي جِرَاحَاتٌ وَجِنَايَاتٌ، وَهِيَ كُلُّ مَا كَانَ دُونَ الْقَتْلِ وَالدِّيَةِ مِنْ قَطْعٍ أَو جُرْحٍ أَو ضَرْبٍ أَو نَهْبٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ أَنواع الأَذى؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد بِهَا جِنَايَاتٍ وَجِرَاحَاتٍ. اللَّيْثُ: الخامِشةُ وجمعُها الخَوامِشُ وَهِيَ صِغَارِ الْمَسَايِلِ وَالدَّوَافِعِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سُمِّيَتْ خامِشَةً لأَنها تَخْمِشُ الأَرض أَي تَخُدّ فِيهَا بِمَا تحْمِل مِنْ مَاءِ السَّيْلِ. والخَوافِشُ: مَدَافِعُ السَّيْلِ، الْوَاحِدَةُ خافِشةٌ. والخامِشةُ: مِنْ صِغَارِ مَسايلِ الْمَاءِ مِثْلُ الدَّوَافِعِ. والخَمُوشُ: البعوضُ، بِفَتْحِ الْخَاءِ، فِي لُغَةِ هُذيل، قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَن وغَى الخَمُوش، بِجانِبَيه، ... وغَى رَكْبٍ، أُمَيمَ، ذَوِي زِياط
وَاحِدَتُهُ خَمُوشة، وَقِيلَ: لَا وَاحِدَ لَهُ؛ وَهَذَا الشِّعْرُ فِي التَّهْذِيبِ:
كأَن وَغَى الْخَمُوشِ، بِجَانِبَيْهِ، ... مآتِمُ يَلْتَدِمْن عَلَى قَتيل
وَاحِدَتُهَا بقَّة، وَقِيلَ: وَاحِدَتُهَا خَمُوشة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الجوهري هذا الْبَيْتَ فِي فَصْلِ وَغَى أَيضاً وَذَكَرَ أَنه لِلْهُذَلِيِّ وَالَّذِي فِي شِعْرِ هُذَيْلٍ خِلَافُ هَذَا، وَهُوَ:
كأَن وَغَى الْخَمُوشِ، بِجَانِبَيْهِ، ... وَغَى رَكْبٍ، أُميم، أُولي هِياط(6/299)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْبَيْتُ لِلْمُتَنَخِّلِ؛ وَقَبْلَهُ:
وَمَاءٍ، قَدْ ورَدْت أُمَيمَ، طامٍ ... عَلَى أَرْجائه زَجَلُ الغَطاط
قَالَ: الهِياطُ والمِياطُ الخصومةُ والصياحُ، وَالطَّامِي الْمُرْتَفِعُ، وأَرجاؤه نَوَاحِيهِ. والغَطاطُ ضربٌ مِنَ الْقَطَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ حِينَ سُئل: هَلْ يُقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ فَقَالَ: خَمْشاً
؛ دَعَا بأَن يُخْمَشَ وَجْهُهُ أَو جلدُه كَمَا يُقَالُ جدْعاً وقطْعاً، وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ لَا يَظْهَرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سأَل وَهُوَ غنيٌّ جَاءَتْ مسأَلتُه يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُمُوشاً أَو كُدُوحاً فِي وَجْهِهِ
أَي خُدُوشاً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الخُموش مِثْلُ الخُدوش. يُقَالُ: خَمَشَت المرأَةُ وجْهَها تَخْمُشه وتَخْمِشه خَمْشاً وخُمُوشاً، والخُمُوشُ مصدرٌ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَا جَمِيعًا الْمَصْدَرَ حَيْثُ سُمِّيَ بِهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ نِسَاءً قُمْن يَنُحْنَ عَلَى عَمِّهِ أَبي بَرَاءٍ:
يَخْمِشْنَ حُرَّ أَوْجُهٍ صِحاح، ... فِي السُّلُب السُّودِ، وَفِي الأَمْساح
حَكَى ابْنُ قُهزاذ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ:
سأَلت مَطَرًا عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها، فَقَالَ: سأَلت عَنْهَا الْحَسَنَ بْنَ أَبي الْحَسَنِ فَقَالَ: هَذَا مِنَ الخُماش
؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَراد هَذَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا. والخَمْشُ: كالخَدْش الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ. وَالْحَوَامِيمُ كُلُّهَا مَكِّيَّةٌ لَيْسَ فِيهَا حُكْمٌ لأَنها كَانَتْ دارَ حَرْبٍ، قَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ: آلُ حم مِنْ تِلَادِي الأُوَل
أَي مِنْ أَول مَا تعلّمتُ بِمَكَّةَ، وَلَمْ تجْر الأَحكام بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَّةَ فِي الْقِصَاصِ. والخَمَشُ: ولدُ الوَبْر الذكرُ، وَالْجَمْعُ خُمْشان. وتَخَمَّشَ القومُ: كثُرت حَرَكَتُهُمْ. وأَبو الْخَامُوشِ: رجلُ مَعْرُوفٌ بَقَّال؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَقْحَمَني جارُ أَبي الْخَامُوشِ
والخُماشاتُ: بَقَايَا الذَحْلِ.
خنش: الخُنْشُوشُ: بقيّةٌ مِنَ الْمَالِ. وامرأَة مُخنَّشَةٌ: فِيهَا بَقِيَّةٌ مِنْ شَبابٍ. وَبَقِيَ لَهُمْ خُنْشُوشٌ مِنْ مَالٍ أَي قطعةٌ مِنَ الإِبِلِ، وَقِيلَ أَي بَقِيَّةٌ، وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ امرأَة مُخَنَّشة قَالَ: تَخْنُشُها بعْض رقَّة بَقِيَّةِ شبابِها، وَنِسَاءٌ مُخَنَّشَات. وَمَا لَه خُنْشُوشٌ أَي مَا لَه شيءٌ؛ وقول رُؤْبَةُ:
جَاؤُوا بأُخْراهُمْ عَلَى خُنْشُوش
كقولهم جاؤوا عَنْ آخِرِهِمْ. وخُنْشُوشٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ وخُنْشُوشٌ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ بَنِي دارِم يُقَالُ لَهُ خُنْشُوش مُدٍّ «3» يَقُولُ لَهُ خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الدَّارِمِيُّ:
جزَى اللَّهُ خُنْشُوشَ بْنَ مُدّ مَلامَةً، ... إِذا زَيَّنَ الفَحْشاءَ لِلنَّفْسِ مُوقُها
أَراد مؤُوقُها.
خنبش: امرأَة خَنْبشٌ: كَثِيرَةُ الْحَرَكَةِ. وخَنْبَشٌ: اسْمُ رَجُلٍ.
خوش: الخَوَشُ، صفَرُ الْبَطْنِ، وَكَذَلِكَ التَّخْوِيشُ. والمُتَخَوِّشُ والمُتَخاوِشُ: الضامرُ الْبَطْنِ المُتَخَدِّد اللَّحْمِ الْمَهْزُولُ. وتَخَوَّشَ بَدَنُ الرَّجُلِ: هُزِل بَعْدَ سِمَنٍ. وخوَّشَه حَقَّه: نقَصه؛ قَالَ رُؤْبَةُ يصف أَزْمةً
حَصَّاءُ تُقْنِي المالَ بالتَخْوِيش
ابْنُ شُمَيْلٍ: خاشَ الرجلُ جاريتَه بأَيْرِه، قَالَ والخَوْش كَالطَّعْنِ وَكَذَلِكَ جافَها يجُوفها ونشَغَها وَرَفَغَهَا. وخاوَشَ الشيءَ: رَفَعه؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ ثَوْرًا يحْفر كِناساً ويُجافي صدْرَه عَنْ عروق الأَرطى:
__________
(3) . قوله [مدّ] هو في الأَصل بهذا الضبط.(6/300)
يُخاوِشُ البَرْكَ عَنْ عِرْق أَضَرَّ بِهِ، ... تَجافِياً كتَجافي القَرْم ذِي السَّرَرِ
أَي يَرْفَعُ صدرَه عَنْ عُرُوقِ الأَرْطى. وخاوَشَ الرجلُ جنْبه عَنِ الْفِرَاشِ إِذا جَافَاهُ عَنْهُ. وخَاشَ الرَّجُلُ: دَخَلَ فِي غُمارِ النَّاسِ. وخَاشَ الشيءَ: حَشَاه فِي الْوِعَاءِ. وخَاشَ أَيضاً: رجَع؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
بَيْنَ الوخاءَيْن وخَاشَ القَهْقَرَى
فَسَّرَهُ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَن أَلفه مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ أَو يَاءٍ. وخاشَ ماشَ، مَبْنِيَّانِ عَلَى الْفَتْحِ: قُماشُ النَّاسِ، وَقِيلَ: قُماش الْبَيْتِ وسقَطُ مَتَاعِهِ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ عَنْ سَلَمَةَ عَنِ الْفَرَّاءِ: خَاشِ ماشِ، بِالْكَسْرِ أَيضاً؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
صَبَحْن أَنْمار بَنِي منْقاشِ، ... خُوصَ العُيونِ يُبَّسَ المُشاشِ،
يَحْمِلْن صبْياناً وخاشِ ماشِ
قَالَ: سَمِع فَارِسِيَّتَهُ فأَعْرَبها. والخَوْشُ: الْخَاصِرَةُ. الْفَرَّاءُ: والخَوْشان الْخَاصِرَتَانِ مِنَ الإِنسان وغيرِه؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَحْسَبها الحَوْشانِ، بِالْحَاءِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالصَّوَابُ مَا رُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ. وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَعَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبيه أَنهما قَالَا: الخَوْش الْخَاصِرَةُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا عِنْدِي مأْخوذ مِنَ التَخْوِيش وَهُوَ التَّنْقِيصُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَا عَجَباً والدهرُ ذُو تَخْوِيش
والخَوْشانُ: نَبْتُ البَقْلة الَّتِي تُسَمَّى القَطَفَ إِلا أَنه أَلْطَفُ ورَقاً وَفِيهِ حُموضة وَالنَّاسُ يأْكلونه، قَالَ: وأَنشدت لِرَجُلٍ مِنَ الْفَزَارِيِّينَ:
وَلَا تأْكلُ الخَوْشانَ خَوْدٌ كريمةٌ، ... وَلَا الضَّجْعَ إِلا مَنْ أَضَرَّ بِهِ الهَزْلُ
خيش: الخَيْش: ثِيابٌ رِقاقُ النَّسْجِ غِلاظُ الخُيُوطِ تُتَّخَذُ مِنْ مُشَاقةِ الكَتَّان وَمِنْ أَرْدَئِه، وَرُبَّمَا اتُّخِذَتْ مِنَ العَصْبِ، وَالْجَمْعُ أَخياش؛ قَالَ:
وأَبصرْتُ لَيلى بَيْنَ بُرْدَي مَراجِلٍ، ... وأَخْياشِ عَصْبٍ مِنْ مُهَلْهَلةِ اليمَن
وَفِيهِ خُيُوشةٌ أَي رِقَّةٌ. وخاشَ مَا في الوِعاء: أَخْرَجَه.
فصل الدال المهملة
دبش: دبَشَ الجرادُ فِي الأَرض يدبِشها دَبْشاً: أَكل كلأَها. وسَيْلٌ دُبَاشٌ: عظيمٌ يَجْرُف كلَّ شَيْءٍ. اللَّيْثُ: الدبْشُ القَشْر والأَكلُ. يُقَالُ: دُبِشَت الأَرضُ دبْشاً إِذا أُكِلَ مَا عَلَيْهَا مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
جَاؤُوا بأُخْراهُمْ عَلَى خُنْشُوشِ، ... مِنْ مُهْوَئِنٍّ بالدَّبى مَدْبُوشِ
المَدْبوشُ: الَّذِي أَكل الجرادُ نَبْتَه. وأَرضٌ مدبوشةٌ إِذا أَكل الْجَرَادُ نَبْتَهَا. والخُنْشوشُ: البقيَّةُ مِنَ الإِبِلِ. والمُهْوَئِنُّ: مَا اتَّسع مِنَ الأَرض.
دخش: دَخِشَ دخَشاً: امتلأَ لَحْمًا؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسب أَن دَخْشَماً اسمُ رَجُلٍ مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَالْمِيمُ زائدة.
دخبش: رَجُلٌ دَخْبَشٌ ودُخابِشٌ: عظيم البطن.
درش: الدَّارِشُ: جلدٌ أَسود.
درعش: بَعِيرٌ دِرْعَوْشٌ: شَدِيدٌ.
درغش: ادْرَغَشّ الرجلُ: برِئ من مرضه كاطْرَغَشَّ.(6/301)
دشش: الدَّشُّ: اتخاذُ الدَّشِيشةِ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الجَشِيشة، قَالَ الأَزهري: لَيْسَتْ بِلُغَةٍ وَلَكِنَّهَا لُكْنة، وَرُوِيَ عَنْ
أَبي الْوَلِيدِ بْنِ طَخْفةَ الغِفاري قَالَ: كَانَ أَبي مِنْ أَصحاب الصُّفَّة وَكَانَ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يأْمرُ الرجلَ يأْخذ بِيَدِ الرجُلين حَتَّى بقِيتُ خامسَ، خمسةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْطَلِقُوا، فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ إِلى بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالَ: يَا عائشةُ أَطعِمِينا، فَجَاءَتْ بِدَشِيشةٍ فأَكلْنا ثُمَّ جَاءَتْ بحَيْسةٍ مِثْلِ القَطا فأَكلنا ثُمَّ جَاءَتْ بعُسٍّ عَظِيمٍ فشرِبْنا ثُمَّ انْطَلَقْنَا إِلى الْمَسْجِدِ
؛ قَالَ الأَزهري: فَدَلَّ هَذَا الحديثُ أَن الدَّشِيشَةَ لغةٌ فِي الْجَشِيشَةِ.
دغش: تَداغشَ القومُ: اخْتَلَطُوا فِي حرْب أَو صخَبٍ. ودَغَش عَلَيْهِمْ: هَجَم؛ يَمَانِيَةٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ دَاغَشَ الرجلُ إِذا حَامَ حولَ الْمَاءِ مِنَ الْعَطَشِ؛ وأَنشد:
بِأَلذّ مِنْكَ مُقَبَّلًا لِمُحَلَّإٍ ... عَطشانَ، داغَشَ ثُمَّ عادَ يَلُوب
وَقَالَ غَيْرُهُ: فُلَانٌ يُداغِشُ ظُلمةَ اللَّيْلِ أَي يَخْبِطُها بِلَا فُتور؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَيْفَ تراهُنّ يُداغِشْنَ السُّرَى، ... وَقَدْ مَضَى مِنْ لَيلِهنّ مَا مَضَى؟
والدغْشُ: اسْمَ رَجُلٍ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسب أَن الْعَرَبَ سمته دَغْوَشاً.
دغمش: التَّهْذِيبُ فِي نَوَادِرِ الأَعراب: دَغْمَشْت فِي الشَّيْءِ ودَهْمَقت ودَمْشَقْت أَي أَسرعت.
دقش: الدَّقْشُ: النَّقْش. والدَّقْشَةُ: دُوَيْبَّةٌ رَقْشاءُ، وَقِيلَ رقْطاء أَصغر مِنَ العَظاءة. وأَبو الدُّقَيش: كُنْيَةٌ، قَالَ الأَزهري: أَبو الدُّقَيش كنْية وَاسْمُهُ الدقَشُ. قَالَ يُونُسُ: سأَلت أَبا الدُّقَيش: مَا الدَّقَشُ؟ فَقَالَ: لَا أَدري، قُلْتُ: مَا الدُّقَيش؟ فَقَالَ: وَلَا هَذَا، قُلْتُ: فَاكْتَنَيْتَ بِمَا لَا تَعْرِفُ مَا هُوَ؟ قَالَ: إِنما الكُنى والأَسماء عَلَامَاتٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: دَخَلْتُ عَلَى أَبي الدُّقَيش الأَعرابي وَهُوَ مَرِيضٌ فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تجدُك يَا أَبا الدُّقَيش؟ قَالَ: أَجدُ مَا لَا أَشتهي وأَشتهي مَا لَا أَجد، وأَنا فِي زَمَانِ سُوءٍ، زمانٌ مَنْ وَجَدَ لَمْ يَجُد، وَمَنْ جَادَ لَمْ يجِدْ. ودَنْقَشَ الرجلُ إِذا نَظَرَ وكسَر عَيْنَيْهِ. ودَنْقَشْت بَيْنَ الْقَوْمِ: أَفسدت، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ: حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ أَن ابْنَ دُرَيْدٍ سُئِلَ عَنِ الدقَش فَقَالَ: قَدْ سَمَّتِ الْعَرَبُ دقَشاً وَصَغَّرُوهُ فَقَالُوا دُقَيش وَصَيَّرَتْ مِن فَعَلَ فَنْعَل فَقَالُوا دَنْقَش، قَالَ: والدُّقَيش طَائِرٌ أَغبر أُرَيقِط مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ؛ قَالَ غُلَامٌ مِنَ الْعَرَبِ أَنشده يُونُسُ:
يَا أُمّتاه أَخْصِبي العَشِيَّه، ... قَدْ صِدْتُ دَقْشاً ثُمَّ سَنْدَرِيّه
دمش: التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ: الدَّمَشُ الهَيجانُ والثوَرانُ مِنْ حَرَارَةٍ أَو شُرْب دَواء ثارَ إِلى رأْسه، يُقَالُ: دَمِشَ دمَشاً، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا عِنْدِي دَخِيلٌ أُعْرِب.
دنفش: أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الْعَيْنِ: دَنْقَش الرجلُ دَنْقَشةً وطَرْفَش طَرْفَشةً إِذا نَظَرَ فكسَر عَيْنَيْهِ، وَقَالَ شَمِرٌ: إِنما هُوَ دَنْفَشَ، بِالْفَاءِ وَالشِّينِ. أَبو عَمْرٍو: طَرْفَش الرجلُ طرْفَشةً ودَنْقَشَ دَنْقَشةً إِذا نَظَرَ فَكَسَرَ عَيْنَيْهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَانَ شَمِرٌ وأَبو الْهَيْثَمِ يَقُولَانِ فِي هَذَا دنْقَس، بالقاف والسين.
دنقش: الْفَرَّاءُ: الدَّنْقَشَةُ الفسادُ، رَوَاهُ بِالشِّينِ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ بِالسِّينِ دَنْقَسَهُ؛ قَالَ الأَزهري: الصَّوَابُ بِالْقَافِ(6/302)
وَالشِّينِ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: الدَّنْقَشَةُ خفْضُ الْبَصَرِ مِثْلُ الطَّرْفَشَةِ؛ وأَنشد لأَبّاقٍ الدُّبَيرِيّ:
يُدَنْقِشُ العينَ إِذا مَا نَظَرا، ... يَحْسَبُه، وَهُوَ صحيحٌ، أَعْوَرا
يُقَالُ: دَنْقَشَ وطَرْفَشَ إِذا نَظَرَ وَكَسَرَ عَيْنَيْهِ.
دهش: الدَّهَشُ: ذهابُ الْعَقْلِ مِنَ الذَّهَلِ والوَلَهِ وَقِيلَ مِنَ الْفَزَعِ وَنَحْوِهِ، دَهِشَ دَهَشاً، فَهُوَ دَهِشٌ، ودُهِشَ، فَهُوَ مَدْهوش، وكَرِهَها بَعْضُهُمْ، وأَدْهَشَه اللَّه وأَدْهَشَه الأَمرُ. ودهِشَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، دَهَشاً: تَحَيَّرَ. وَيُقَالُ: دُهِشَ وشُدِهَ، فَهُوَ دَهِشٌ ومَشْدُوه «1» شَدْهاً. قَالَ: واللغةُ الْعَالِيَةُ دَهِشَ عَلَى فَعِلَ، وَهُوَ الدَّهَش، بِفَتْحِ الْهَاءِ. والدَّهَشُ: مثلُ الخَرَقِ والبَعَل ونحوه.
دهرش: دَهْرَشٌ: اسمٌ، وَقِيلَ: قبيلةٌ من الجِنّ.
دهفش: الأَزهري عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لَمَّا قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
لَمْ تَدَعْ للنِّساء عِنْدِي نَصِيباً ... غَيْرَ مَا قُلْتُ مازِحاً بلِساني
قَالَ ابْنُ أَبي عَتِيقٍ: رَضِيتُ لَكَ الْمَوَدَّةَ وَلِلنِّسَاءِ الدَّهْفَشةَ وَهِيَ الخدِيعةُ. والدَّهْفَشةُ: التَجْمِيشُ. ودَهْفَشَ المرأَة إِذا جَمَّشَها.
دهقش: دَهْقَشَ الرجلُ المرأَةَ: جَمَّشَها.
دَوِشَ: الدَّوَشُ: ظلمةٌ فِي الْبَصَرِ، وَقِيلَ: هُوَ ضعْفٌ فِي الْبَصَرِ وضِيقٌ فِي الْعَيْنِ، دَوِشَ دوَشاً، وَهُوَ أَدْوَشُ، وَقَدْ دَوِشَت عينُه، وَهِيَ دَوْشاء. الْفَرَّاءُ: داشَ الرجلُ إِذا أَخذَتْه الشَّبْكَرةُ.
دَيَشَ: الدِّيشُ: قَبِيلَةٌ مِنِ ابْنِي الهُونِ. اللَّيْثُ: دِيش قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي الْهَوْنِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَهُمْ مِنَ القارَةِ، وَهُمُ الدِّيشُ والعَضَلُ ابْنَا الْهَوْنِ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا قَالُوهُ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَهُوَ أَحد الْقَارَةِ، والآخَرُ عَضَلُ بْنُ الْهَوْنِ يُقَالُ لَهُمَا جَمِيعًا القارة.
فصل الراء
رأش: رَجُلٌ رُؤْشُوشٌ: كَثِيرُ شعرِ الأُذن.
ربش: الأَرْبَشُ: الْمُخْتَلِفُ اللَّوْنِ نُقْطَةٌ حَمْرَاءُ وأُخرى سَوْدَاءُ أَو غَبْرَاءُ أَو نَحْوُ ذَلِكَ. وَفَرَسٌ أَرْبَشُ: ذُو بَرَشٍ مُخْتَلِفِ اللَّوْنِ، وخصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ البرْذَون. وأَرْبَشَ الشجرُ: أَوْرَقَ، وَقِيلَ أَرْبَشَ أَخرج ثَمَرَهُ كأَنه حِمِّص، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَكَذَلِكَ حُكِيَ حِمَّص، بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ. وَمَكَانٌ أَرْبَشُ وأَبْرَشُ: كَثِيرُ النَّبْتِ مختلفُه. ابْنُ الأَعرابي: أَرْمَشَ الأَرضُ وأَرْبَشَ وأَنْقَدَ إِذا أَوْرَقَ وتفطَّر. وأَرض رَبشاءُ وبَرْشَاءُ: كَثِيرَةُ العُشب مختلفٌ أَلوانها. وسنَة رَبْشاء ورَمْشاء وبَرْشاء: كثيرةُ العُشْب.
رشش: الرشُّ لِلْمَاءِ وَالدَّمِ وَالدَّمْعِ، وَالرَّشُّ: رشُّك البيتَ بِالْمَاءِ، وَقَدْ رشَشْت المكانَ رَشًّا وتَرَشَّشَ عَلَيْهِ الماءُ، ورَشَّت العينُ وَالسَّمَاءُ تَرُشُّ رَشًّا ورَشاشاً وأَرَشَّت أَي جَاءَتْ بالرَّشّ. وأَرضٌ مَرْشُوشَةٌ: أَصابها رَشٌ. والرَشُّ: الْمَطَرُ الْقَلِيلُ، وَالْجَمْعُ رِشَاشٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرَّشُّ أَول الْمَطَرِ. وأَرَشَّتِ الطعْنةُ، ورَشاشُها دمُها. والرَّشاشُ، بِالْفَتْحِ. مَا ترشّشَ مِنَ الدَّمْعِ وَالدَّمِ، وأَرَشَّت العينُ الدمعَ، ورَشَّهُ بِالْمَاءِ يَرُشُّهُ رَشًّا: نضَحه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّون شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ
__________
(1) . قوله [فهو دهش ومشدوه] كذا بالأَصل والمناسب لما قبله وما بعده أَن يقول فهو مدهوش ومشدوه.(6/303)
أَي يَنْضَحُونَهُ بِالْمَاءِ، ورَشَاش الدَّمْعِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ يَصِفُ طَعْنَةً تُرِشُّ الدَّمْعَ إِرشاشاً:
مُسْتنّة سَنَنَ الغُلُوّ مُرِشَّة، ... تَنْفي التُّرَابَ بِقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ
وشِواءٌ مُرِشٌّ ورَشْرَاشٌ: خَضِلٌ نَدٍ يقطُرُ مَاؤُهُ، وَقِيلَ: يقْطرُ دَسَمُه. وتَرَشْرَشَ الماءُ: سالَ. وعظْمٌ رَشْرَاشٌ: رِخْوٌ. وخُبْزة رَشْرَاشَةٌ ورَشْرَشَةٌ: رخْوةٌ يابسةٌ. ورَشْرَشَ البعيرُ: بَرَك ثُمَّ فَحَصَ بصدْره فِي الأَرض لِيَتَمَكَّنَ؛ وَقَوْلُ أَبي دُوَادَ يَصِفُ فَرَسًا:
طَوَاه القَنِيصُ وتَعْداؤه، ... وإِرْشَاشُ عِطْفَيه حَتَّى شَسَبْ
أَراد تعريقَه إِياه حَتَّى ضمَر لِمَا سَالَ مِنْ عرَقه بالحِناذ وَاشْتَدَّ لَحْمُهُ بَعْدَ رهَلِه.
رعش: الرَّعَشُ، بِالتَّحْرِيكِ، والرُّعَاشُ: الرِّعْدة. رَعِشَ، بِالْكَسْرِ، يَرْعَشُ رَعَشاً وارْتَعَشَ أَي ارْتَعَدَ، وأَرْعَشَه اللَّه. وارْتَعَشت يدُه إِذا ارْتَعدت. وارْتَعَش رأْسُ الشَّيْخِ إِذا رجَف مِنَ الكِبَر. والرُّعاشُ: رِعْشةٌ تَعْتري الإِنسان مِنْ دَاءٍ يُصيبه لَا يَسْكُنُ عَنْهُ. وَرَجُلٌ رَعِشٌ: مُرتَعِش؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
ثُمَّ انْصرفْتُ، وَلَا أَبُثّك حِيْبتي، ... رَعِشَ البنانِ أَطِيشُ مَشْيَ الأَصْورِ
وَعِنْدِي أَن رَعِشاً عَلَى النسَب لأَنه لَمْ نَجِدْ لَهُ فِعْلًا، ورُعِشَ وأُرْعِشَ. وَرَجُلٌ رَعِيشٌ: مُرْتَعِشٌ. وَرَجُلٌ رِعْشيشٌ: يُرْعَشُ فِي الْحَرْبِ جُبْناً. وَرَجُلٌ رَعِشٌ أَي جَبَانٌ. وَيُقَالُ: أَخذتْ فُلَانًا رِعْشةٌ عِنْدَ الْحَرْبِ ضعْفاً وجُبْناً. وَيُقَالُ: إِنه لَرَعِشٌ إِلى القِتال وإِلى الْمَعْرُوفِ أَي سريعٌ إِليه. والرِّعْشَةُ: العَجَلةُ؛ وأَنشد:
والمُرْعَشِينَ بالقَنا المُقَوّم
كأَنما أَرْعَشُوهم أَي أَعْجَلُوهم. والرَّعْشَنُ: المُرْتَعِشُ. وَجَمَلٌ رَعْشَنٌ: سريعٌ لاهتزازِه فِي السَّيْرِ، نونُهما زائدةٌ؛ وَنَاقَةٌ رَعْشَنَةٌ ورَعْشَاء كَذَلِكَ، وَقِيلَ: الرَّعْشَاء الطَّوِيلَةُ الْعُنُقِ. والرَّعْشَاءُ مِنَ النَّعَامِ: الطويلةُ، وَقِيلَ: السَّرِيعَةُ، وظَلِيم رَعِشٌ كَذَلِكَ، وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ فَعِل بدلٌ مِنْ أَفْعَل، خالَفوا بِصِيغَةِ الْمُذَكَّرِ عَنْ صِيغَةِ الْمُؤَنَّثِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ الرَّعْشَاءُ، وَالْجَمَلُ أَرْعَشُ وَهُوَ الرَّعْشَنُ والرَّعْشَنةُ «1» ؛ وأَنشد:
مِنْ كُلِّ رَعْشاءَ وناجٍ رَعْشَنِ
وَالنُّونُ زَائِدَةٌ فِي الرَّعْشَن كَمَا زَادُوهَا فِي الصَّيْدَنِ، وَهُوَ الأَصْيَدُ مِنَ الْمُلُوكِ، وَكَمَا قَالُوا للمرأَة الخلَّابة خَلْبَنٌ؛ وَيُقَالُ: الرَّعْشَنُ بناءٌ رُبَاعِيٌّ عَلَى حِدَة. وَتُسَمَّى الدَّابَّةُ رَعْشاءَ لِانْتِفَاضِهَا مِنْ شَهامتها وَنَشَاطِهَا. وَنَاقَةٌ رَعُوشٌ، مِثْلُ رَعُوس: لِلَّتِي يَرْجُف رأَسُها مِنَ الكِبَر. والرَّعْشُ: هزُّ الرأْس فِي السَّيْرِ وَالنَّوْمِ. والمَرْعَش: جِنْسٌ مِنَ الْحَمَامِ وَهِيَ الَّتِي تُحَلِّقُ، وَبَعْضُهُمْ يَضُمُّ مِيمَه. ويَرْعِش: ملِكٌ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَر كَانَ بِهِ ارتعاشٌ فسُمي بِذَلِكَ. ورَعِشٌ: فَرَسٌ لِسَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الجُعْفيّ. ومَرْعَش: بلدٌ فِي الثُّغُورِ مِنْ كُوَرِ الْجَزِيرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ وَلَمْ يُعَيَّن؛ قَالَ:
فَلَوْ أَبْصَرَتْ أُمُّ القُدَيدِ طِعانَنا، ... بمَرْعَشَ رَهْطَ الأَرْمَنيّ، أَرنّت
__________
(1) . قوله [وهو الرعشن والرعشنة] كذا بالأَصل ولعل فيه سقطاً والأَصل وهي الرعشنة.(6/304)
رفش: رفَشَه رَفْشاً: أَكَله أَكلًا شَدِيدًا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
دَقًّا كدَقِّ الوَضَمِ المَرْفُوشِ، ... أَو كاحْتلاق النُّورةِ الجَمُوشِ
وَمِنْهُ وَقَعَ فُلَانٌ فِي الرَّفْش والقَفْش؛ الرَّفْشُ: الأَكلُ والشربُ فِي النَّعْمة والأَمْن، والقَفْش: النِّكَاحُ. وَيُقَالُ: أَرْفَشَ فُلَانٌ إِذا وَقَعَ فِي الأَهْيغَين: الأَكلِ وَالنِّكَاحِ. والرَّفْش: الدَّقّ والهَرْسُ. يُقَالُ لِلَّذِي يُجِيد أَكلَ الطَّعَامِ: إِنه ليَرْفُش الطعامَ رَفْشاً ويَهْرُشُه هَرْشاً. ورَفَّشَ فُلَانٌ لِحْيتَه تَرْفِيشاً إِذا سرّحَها فكأَنها رَفْشٌ، وَهُوَ المجْرفُ. وَيُقَالُ لِلَّذِي يُهِيلُ بمِجْرَفِه الطعامَ إِلى يَدِ الْكَيَّالِ: رفّاشٌ. ورفَش البُرَّ يَرْفُشُه رَفْشاً: جَرَفه. والرَّفْشُ والرُّفْشُ والمِرْفَشةُ: مَا رُفِشَ بِهِ. وَيُقَالُ للمِجْرَف: الرَّفْش. ومِجْراف السَّفِينَةِ يُقَالُ لَهُ: الرَّفْش. اللَّيْثُ: الرَّفْش والرُّفْش لُغَتَانِ سَوَادِيَّةٌ، وَهِيَ المِجْرفة يُرْفَش بِهَا البُرُّ رَفْشاً، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يُسَمّيها المِرْفَشةَ. وَرَجُلٌ أَرْفَشُ الأُذنين: عَريضُهما عَلَى التَّشْبِيهِ بالمِرْفَشة. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ: أَنه كَانَ أَرْفَشَ الأُذنين
أَي عريضَهما. قَالَ شَمِرٌ: الأَرْفَش الْعَرِيضُ الأُذن مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ رَفِشَ يَرْفَشُ رفَشاً، شُبِّهَ بالرفْش وَهِيَ المِجْرفة مِنَ الْخَشَبِ الَّتِي يُجرف بِهَا الطعامُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يَشْرُف بَعْدَ خُموله أَو يَعزُّ بَعْدَ الذُّلِّ: مِنَ الرَّفْشِ إِلى العرشِ أَي قعدَ عَلَى الْعَرْشِ بَعْدَ ضرْبه بالرَّفْش كَنَّاسًا أَو ملَّاحاً. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي جَلَسَ على سرير المُلْك بعد ما كَانَ يَعْمَلُ بالرَّفْشِ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَمثال الْعِرَاقِ.
رقش: الرَّقْش كالنقْش، والرَّقَشُ والرَّقَشةُ: لَوْنٌ فِيهِ كُدْرَةٌ وَسَوَادٌ وَنَحْوُهُمَا. جُنْدَب أَرْقَشُ وحَيَّة رَقْشَاء: فِيهَا نُقَطُ سَوَادٍ وَبَيَاضٍ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: قَالَتْ لِعَائِشَةَ، لَوْ ذكَّرْتُكِ قَوْلًا تَعْرِفينه نَهَشَتْنِي نَهْشَ الرَّقْشَاء المُطْرِق
: الرَقْشَاء الأَفعى، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَرْقِيشٍ فِي ظَهرها وَهِيَ خُطُوطٌ وَنُقَطٌ، وإِنما قَالَتِ الْمُطْرِقُ لأَن الْحَيَّةَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى. التَّهْذِيبُ: الأَرْقَشُ لَوْنٌ فِيهِ كُدْرَةٌ وَسَوَادٌ ونحوُهما كَلَوْنِ الأَفعى الرَّقْشَاء، وَكَلَوْنِ الجُنْدَب الأَرْقَشِ الظَّهْرِ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَذَلِكَ، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَتِ الشِّقْشِقةُ رَقْشَاءَ؛ قَالَ:
رَقْشَاءُ تَنْتاحُ اللُّغامَ المُزْبِدا، ... دَوَّمَ فِيهَا رِزُّه وأَرْعَدا
وجَدْيٌ أَرْقَشُ الأُذنين أَي أَذْرَأُ. والرَّقْشَاء مِنَ الْمَعَزِ: الَّتِي فِيهَا نُقَطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَيَاضٍ. والرقْشاء: شِقْشِقَةُ الْبَعِيرِ. الأَصمعي: رُقَيْش تَصْغِيرُ رَقَش وَهُوَ تَنْقِيطُ الْخُطُوطِ وَالْكِتَابِ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: رُقَيْشٌ تَصْغِيرُ أَرْقَش مِثْلُ أَبْلَق وبُلَيق وَيَجُوزُ أُرَيْقِش. ابْنُ الأَعرابي: الرَّقْش الْخَطُّ الحسنُ، ورَقَاشِ اسْمُ امرأَة مِنْهُ. والرَّقْشَاءُ: دُوَيْبَّة تَكُونُ فِي العُشْب دُودةٌ مَنْقُوشَةٌ مَلِيحة شَبِيهَةٌ بالحُمْطُوطِ. والرَّقْشُ والترْقِيشُ: الكتابةُ وَالتَّنْقِيطُ؛ ومُرَقِّشٌ: اسْمُ شَاعِرٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
الدارُ قَفْرُ والرُّسُوم كَمَا ... رَقَّشَ، فِي ظَهْر الأَدِيم، قَلَمْ
وَهُمَا مُرَقِّشَانِ: الأَكْبرُ والأَصْغر، فأَما الأَكبر فَهُوَ مِنْ بَنِي سَدُوسٍ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرْنَا البيتَ عَنْهُ آنِفًا؛ وَقَبْلَهُ:(6/305)
هَلْ بِالدِّيَارِ أَن تُجِيبَ صَمَمْ، ... لَوْ كَانَ رَسْمٌ نَاطِقًا بِكِلَمْ؟
والمُرَقِّشُ الأَصْغر مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ. والتَّرْقِيشُ: التَّسْطِيرُ فِي الصُّحُفِ. والتَّرْقِيشُ: المُعاتبةُ والنَّمّ والقَتّ وَالتَّحْرِيشُ وتَبْليغ النَّمِيمة. ورَقَّشَ كلامَه: زَوّرَه وزَخْرَفه، مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عاذِلَ قَدْ أُولِعْتِ بالتَّرْقِيشِ، ... إِليَّ سِرًّا فاطْرُفي ومِيشِي
وَفِي التَّهْذِيبِ: التَّرْقِيشُ التشْطِير فِي الضَّحِكِ والمُعاتبةُ، وأَنشد رَجَزَ رُؤْبَةَ، وَقِيلَ: التَّرْقِيشُ تَحْسين الْكَلَامِ وتَزْويقُه. وتَرَقَّشَتِ المرأَةُ إِذا تَزَيَّنَتْ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَلَا تحسَبي جَرْيَ الرِّهان تَرَقُّشاً ... ورَيْطاً، وإِعطاءَ الحَقِينِ مُجَلّلا
ورَقَاشِ: اسْمُ امرأَة، بِكَسْرِ الشِّينِ، فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَالنَّصْبِ؛ قَالَ:
اسْقِ رَقَاشِ إِنّها سَقَّايَه
ورَقَاشِ: حيٌّ مِنْ رَبيعةَ نُسِبوا إِلى أُمّهم يُقَالُ لَهُمْ بَنُو رَقَاشِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَفِي كلبٍ رَقاشِ، قَالَ: وأَحسَب أَن فِي كِنْدة بطْناً يُقَالُ لَهُمْ بَنُو رَقَاشِ، قَالَ: وأَهل الْحِجَازِ يَبْنون رَقَاشِ عَلَى الْكَسْرِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ كَلُّ اسْمٍ عَلَى فَعالِ بِفَتْحِ الْفَاءِ مَعْدُولٌ عَنْ فَاعِلَةٍ لَا يَدْخُلُهُ الأَلف وَاللَّامُ وَلَا يُجْمع مِثْلُ حَذامِ وقَطامِ وغَلابِ، وأَهل نَجْدٍ يُجْرونه مُجْرى مَا لَا يَنْصَرِفُ نَحْوَ عُمَرَ، يَقُولُونَ هَذِهِ رَقَاشُ بِالرَّفْعِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ لأَنه اسْمُ علَم وَلَيْسَ فِيهِ إِلا الْعَدْلُ والتأْنيث غَيْرَ أَن الأَشعار جَاءَتْ عَلَى لُغَةِ أَهل الْحِجَازِ؛ قَالَ لُجَيم بْنُ صَعْب وَالدُ حَنيفة وعِجْل وحذامِ زوجُه:
إِذا قَالَتْ حَذامِ فصدِّقوها، ... فإِن القولَ مَا قَالَتْ حذامِ
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
قَامَتْ رَقاشِ، وأَصحابي عَلَى عَجَلٍ، ... تُبْدي لَكَ النحْرَ واللّبَّاتِ والجِيدا
وقال النابغة:
أَتاركةً تَدَلُّلَها قَطامِ، ... وضِنّاً بِالتَّحِيَّةِ والكلامِ
فإِن كَانَ الدلالَ فَلَا تُلِحِّي، ... وإِن كَانَ الودَاعَ فبالسلامِ
يَقُولُ: أَتَتْرُكُ هَذِهِ المرأَةُ تدلُّلَها وضِنَّها بِالْكَلَامِ؟ ثُمَّ قَالَ: فإِن كَانَ هَذَا تَدَلُّلًا مِنْكِ فَلَا تُلِحِّي، وإِن كَانَ سَبَبًا لِلْفِرَاقِ وَالتَّوْدِيعِ ودّعِينا بِسَلَامٍ نَسْتمتع بِهِ، قَالَ: وقولُه أَتَارِكَةً منصوبٌ نَصْبَ الْمَصَادِرِ كَقَوْلِكَ أَقَائِمًا وَقَدْ قَعَدَ الناسُ؟ تَقْدِيرُهُ أقِياماً وَقَدْ قَعَدَ الناسُ. وضِنّاً معطوفٌ عَلَى قَوْلِهِ تدلُّلَها، قَالَ: إِلا أَن يَكُونَ فِي آخِرِهِ رَاءٌ مِثْلُ جَعارِ اسْمٌ للضبُع، وحَضارِ اسمٌ لِكَوْكَبٍ، وسَفارِ اسْمُ بِئْرٍ، ووَبارِ اسْمُ أَرض فَيُوَافِقُونَ أَهلَ الْحِجَازِ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْكَسْرِ.
رمش: الرَّمَشُ: تَقَتُّلٌ فِي الشُّفْر وحمرةٌ فِي الجَفْن مَعَ ماءٍ يَسيل، رَجُلٌ أَرْمَشُ وامرأَة رَمْشَاءُ وعينٌ رَمْشَاءُ، وَقَدْ أَرْمَش؛ وأَنشد ابْنُ الْفَرَجِ:
لَهُمْ نَظَرٌ نَحْوي يَكادُ يُزِيلُني، ... وأَبْصارُهم نَحْوَ العَدُوِّ مَرَامِشُ
قَالَ: مَرَامِشُ غَضِيضةٌ مِنَ الْعَدَاوَةِ. ابْنُ الأَعرابي: المِرْمَاشُ الَّذِي يُحرّك عينَه عِنْدَ النَّظَرِ(6/306)
تَحْرِيكًا كَثِيرًا وَهُوَ الرَّأْراءُ أَيضاً. ورَمَش الشيءَ يَرْمُشُه ويَرْمِشُه رَمْشاً: تَناوَله بأَطراف أَصابعه. ورَمَشَه بِالْحَجَرِ رَمْشاً: رَماه. وَمَكَانٌ أَرْمَشُ: لُغَةٌ فِي أَرْبَش. وبِرْذَونٌ أَرْمَشُ: كأَرْبَش. وَبِهِ رَمَشٌ أَي بَرَشٌ. وأَرْمَشَ الشجرُ: أَورقَ كأَرْبَشَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَرْمَشَ أَخرَج ثَمره كالحِمّص. وأَرض رَمْشَاء: كَثِيرَةُ العُشْب كرَشْماء. والرَّمْشُ: الطاقةُ مِنَ الحَماحِم الرَّيْحانِ وَنَحْوِهِ. والرَّمْشُ: أَن تَرْعى الغنمُ شَيْئًا يَسِيرًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ رَمَشَتْ شَيْئًا يَسِيرًا فاعْجَلِ
ورَمَشَت الْغَنَمُ ترْمُش وترْمِشُ رَمْشاً: رَعَتْ شَيْئًا يَسِيرًا. وسنَةٌ رَبْشاءُ ورَمشاء وبَرْشاءُ: كَثِيرَةُ العُشْب. والأَرْمَش: الحسَنُ الخلق.
رهش: الرَّواهشُ: العصَّب الَّتِي فِي ظَاهِرِ الذِّرَاعِ، واحدتُها رَاهِشةٌ ورَاهِشٌ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ قَالَ:
وأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ فَضْفاضَةً ... دِلاصاً، تَثَنَّى عَلَى الرَّاهِشِ
وَقِيلَ: الرَّوَاهِشُ عصَبٌ وعروقٌ فِي بَاطِنِ الذِّرَاعِ، وَالنَّوَاشِرُ: عروقُ ظهر الْكَفِّ، وَقِيلَ: هِيَ عروقُ ظَاهِرِ الذِّرَاعِ، والرواهِشُ: عصَبُ باطنِ يدَي الدَّابَّةِ. والارْتِهاشُ: أَن يصُكّ الدابةُ بعَرض حافرِه عَرْضَ عُجايَتِه مِنَ الْيَدِ الأُخرى فَرُبَّمَا أَدْماها وَذَلِكَ لضَعْف يدِه. والراهِشانِ: عرْقانِ فِي بَاطِنِ الذِّرَاعَيْنِ. والرَّهَشُ والارْتِهاشُ: أَن تضطَرِبَ زواهِشُ الدَّابَّةِ فيَعْقِر بعضُها بَعْضًا. اللَّيْثُ: الرَّهَشُ ارْتِهَاشٌ يَكُونُ فِي الدَّابَّةِ وَهُوَ أَن تَصْطَكّ يَدَاهُ فِي مِشْيته فيَعْقِر رَوَاهِشَه، وَهِيَ عصَبُ يَدَيْهِ، وَالْوَاحِدَةُ رَاهِشَةٌ؛ وَكَذَلِكَ فِي يَدِ الإِنسان رَوَاهِشُها: عصبُها مِنْ بَاطِنِ الذِّرَاعِ. أَبو عَمْرٍو: النواشرُ والرَّوَاهِشُ عروقُ باطنِ الذِّرَاعِ، والأَشاجِعُ: عُرُوقُ ظاهرِ الْكَفِّ. النَّضْرُ: الارْتِهاشُ وَالِارْتِعَاشُ واحدٌ. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
عُبادة وجَراثيمُ الْعَرَبِ تَرْتَهِسُ
أَي تضْطَرب فِي الفِتنة، قَالَ: وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَي تَصْطَكّ قبائلُهم فِي الفِتَن. يُقَالُ: ارْتَهَشَ الناسُ إِذا وقَعت فِيهِمُ الحربُ، قَالَ: وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى، وَيُرْوَى تَرْتَكِس، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَحَدِيثُ
العُرَنيّين: عظُمَت بُطونُنا وارْتَهَشَت أَعْضادُنا
أَي اضْطَرَبَتْ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِالسِّينِ وَالشِّينِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: ورَهِيش الثَّرى عَرْضًا
؛ الرَّهِيشُ مِنَ التُّرَابِ: المُنْثالُ الَّذِي لَا يَتَماسَك مِنَ الارْتِهاش الِاضْطِرَابِ وَالْمَعْنَى لُزُومُ الأَرض أَي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَرجلهم لِئلَّا يُحَدّثوا أَنفسهم بِالْفِرَارِ، فِعْلَ البطَلِ الشُّجَاعِ إِذا غُشِي نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَاسْتَقْبَلَ الْعَدُوَّ، وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَراد الْقَبْرَ أَي اجْعَلُوا غَايَتَكُمُ الموتَ. وَالِارْتِهَاشُ: ضربٌ مِنَ الطعْن فِي عَرْضٍ؛ قَالَ:
أَبا خالدٍ، لَوْلَا انتظارِيَ نَصْرَكم، ... أَخذْتُ سِنانِي فارْتَهَشْتُ بِهِ عَرْضا
وَارْتِهَاشُهُ: تحريكُ يَدَيْهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ فَارْتَهَشْتُ بِهِ أَي قَطعت بِهِ رَوَاهِشِي حَتَّى يَسِيلَ مِنْهَا الدَّمُ وَلَا يرقأَ فأَموت؛ يَقُولُ: لَوْلَا انْتِظَارِي نَصْرَكُمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِي آنِفًا. وَفِي حَدِيثِ
قُزْمانَ: أَنه جُرِحَ يَوْمَ أُحُدٍ فاشْتَدّت بِهِ الجراحةُ فأَخَذ سَهْمًا فقَطع بِهِ رَوَاهِشَ يَدَيْهِ فقَتَل نفسَه
؛ الرَّواهِشُ: أَعصابٌ فِي بَاطِنِ الذِّرَاعِ. والرَّهِيشُ: الدَّقيق مِنَ الأَشياء. والرَّهِيشُ: النَّصلُ الدَّقِيقُ. ونصْلٌ رَهِيشٌ: حَدِيدٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:(6/307)
بِرَهِيشٍ مِنْ كِنانَتهِ، ... كتلَظِّي الجَمْرِ فِي شَرَرِهْ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا انْشَقَّ رِصافُ السَّهْمِ فإِن بَعْضَ الرُّوَاةِ زَعَمَ أَنه يُقَالُ لَهُ سَهْمٌ رَهِيشٌ؛ وَبِهِ فُسِّرَ الرَّهِيشُ مِنْ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
برَهِيش مِنْ كِنَانَتِهِ
قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِقَوِيٍّ. والرَّهِيشُ مِنَ الإِبل: المهزولةُ، وَقِيلَ: الضعيفةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
نَتْف الحُبارَى عَنْ قَرا رَهيشِ
وَقِيلَ: هِيَ الْقَلِيلَةُ لَحْمِ الظَّهْرِ، كِلَاهُمَا عَلَى التَّشْبِيهِ، فالرَّهِيشُ الَّذِي هُوَ النَّصْل، والرَّهِيشُ مِنَ القِسِيّ الَّتِي يُصيب وترُها طائفَها، وَالطَّائِفُ مَا بَيْنَ الأَبْهَرِ والسِّيَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا دُونَ السِّيَةِ، فَيُؤَثّر فِيهَا، والسِّيَةُ مَا اعْوَجّ مِنْ رأْسها. والمُرْتَهِشةُ مِنَ القِسِيّ: الَّتِي إِذا رُمِيَ عَلَيْهَا اهْتَزَّتْ فَضَرَبَ وتَرُها أَبْهَرَها، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالصَّوَابُ طائفَها. وَقَدِ ارْتَهَشَت القوسُ، فَهِيَ مُرْتَهِشةٌ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ذَلِكَ إِذا بُريَتْ بَرْياً سخِيفاً فَجَاءَتْ ضَعِيفَةً، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَوِيٍّ. وارْتَهَشَ الجرادُ إِذا رَكِبَ بعضُه بَعْضًا حَتَّى لَا يَكَادَ يُرى الترابُ مَعَهُ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلرَّائِدِ كَيْفَ البلادُ الَّتِي ارْتَدْتَ؟ قَالَ: تركتُ الجرادَ يَرْتَهِش لَيْسَ لأَحد فِيهَا نُجْعةٌ. وامرأَة رُهْشوشةٌ: ماجِدةٌ. وَرَجُلٌ رُهْشُوشٌ: كريمٌ سَخِيٌّ كثيرُ الْحَيَاءِ، وَقِيلَ: عَطوفٌ رَحيمٌ لَا يَمْنَعُ شيئاً، وقيل: حَيِيٌّ سَخِيٌّ رَقِيقُ الْوَجْهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنت الكريمُ رِقَّةَ الرُّهشوشِ
يُرِيدُ ترِقّ رقّةَ الرُّهشوش، وَلَقَدْ تَرَهْشَشَ، وَهُوَ بَيِّنُ الرُّهْشةِ والرُّهْشوشِيّة. وَنَاقَةٌ رُهْشُوشٌ: غَزِيرةُ اللبَنِ، وَالِاسْمُ الرُّهْشة، وَقَدْ تَرَهْشَشَت، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَحُقُّها. أَبو عَمْرٍو: ناقةٌّ رَهِيشٌ أَي غَزِيرَةٌ صَفِيٌّ؛ وأَنشد:
وخَوّارة مِنْهَا رَهِيش كأَنما ... بَرَى لَحْمَ مَتْنَيها، عن الصُّلْبِ، لاحِبُ
روش: ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الرَّوْشُ الأَكلُ الْكَثِيرُ، والوَرْشُ الأَكلُ القليل.
ريش: الرِّيشُ: كِسْوةُ الطَّائِرِ، وَالْجَمْعُ أَرياش ورِياشٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
فإِذا تُسَلُّ تَخَشْخَشَتْ أَرْياشُها، ... خَشْفَ الجَنُوب بيابِسٍ مِنْ إِسْحِلِ
وَقُرِئَ:
ورِياشاً ولِباسُ التَّقْوى
؛ وَسَمَّى أَبو ذُؤَيْبٍ كسوةَ النَّحْلِ رِيشًا فَقَالَ:
تظَلُّ عَلَى الثَّمْراء مِنْهَا جَوارِسٌ ... مَراضِيعُ صُهْبُ الرِّيشِ، زُغْبٌ رِقابُها
وَاحِدَتُهُ رِيشَةٌ. وطائرٌ رَاشٌ: نَبَتَ رِيشُه. وراشَ السهمَ رَيْشاً وارْتاشَه: رَكَّبَ عَلَيْهِ الرِّيشَ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ السَّهْمَ:
وَلَئِنْ كَبِرْتُ لَقَدْ عَمَرْتُ كأَنني ... غُصْنٌ، تُقَيِّئه الرِّياحُ، رَطِيبُ
وَكَذَاكَ حَقًّا، مَن يُعَمَّرْ يُبْلِه ... كَرُّ الزمانِ عَلَيْهِ، والتقْلِيبُ
حَتَّى يَعُودَ مِنَ الْبَلَاءِ كأَنه، ... فِي الْكَفِّ، أَفْوَقُ ناصِلٌ مَعْصوبُ
مُرُطُ القِذاذِ، فَلَيْسَ فِيهِ مَصْنَعٌ، ... لَا الريشُ يَنْفعه، وَلَا التعْقِيبُ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِنَافِعِ بْنِ لَقِيطٍ الأَسدي يَصِفُ الهَرَمَ والشَّيْبَ، قَالَ: وَيُقَالُ سَهم مُرُطٌ إِذا لَمْ(6/308)
يَكُنْ عَلَيْهِ قُذَذٌ، والقِذاذ: ريشُ السَّهْمِ، الْوَاحِدَةُ قُذّة، والتعقيبُ: أَن يُشدَّ عَلَيْهِ العَقَبُ وَهِيَ الأَوتار، والأَفْوَقُ: السَّهْمُ الْمَكْسُورُ الفوقِ، وَالْفُوقُ: مَوْضِعُ الوَتَرِ مِنَ السَّهْمِ، والناصلُ: الَّذِي لَا نَصْل فِيهِ، وَالْمَعْصُوبُ: الَّذِي عُصِب بِعصابة بَعْدَ انْكِسَارِهِ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ لِابْنِ ميَّادة:
وارْتَشْنَ، حِينَ أَرَدْنَ أَن يَرْمِينَنا، ... نَبْلًا بِلَا رِيشٍ وَلَا بِقِداح
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ قَالَ لِجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه وَقَدْ جَاءَ مِنَ الْكُوفَةَ: أَخْبِرني عَنِ النَّاسِ، فَقَالَ: هُمْ كسِهامِ الجَعْبةِ مِنْهَا القائمُ الرائِشُ
أَي ذُو الرِّيش إِشارة إِلى كَمَالِهِ وَاسْتِقَامَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي جُحَيفة: أَبْرِي النَّبْلَ وأَرِيشُها
أَي أَعْمَلُ لَهَا رِيشاً، يُقَالُ مِنْهُ: رِشْتُ السَّهْمَ أَرِيشُه. وَفُلَانٌ لَا يَرِيشُ وَلَا يَبْرِي أَي لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لَا تَرِشْ عَلَيَّ يَا فلانُ أَي لَا تَعْترض لِي فِي كَلَامِي فتَقْطَعه عَلَيَّ. والرَّيْشُ، بِالْفَتْحِ: مصدرُ رَاشَ سهمَه يَرِيشُه رَيْشاً إِذا ركَّب عَلَيْهِ الرِّيشَ. ورِشْتُ السهمَ: أَلْزَقْتُ عَلَيْهِ الرِّيشَ، فهو مَرِيشٌ؛ ومنه قَوْلِهِمْ: مَا لَه أَقذُّ وَلَا مَرِيشٌ أَي لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ. والرائِشُ: الَّذِي يُسْدِي بَيْنَ الرَّاشِي والمُرْتَشي. وَالرَّاشِي: الَّذِي يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمَا فِي المُصانعةِ فَيرِيش المُرْتَشي مِنْ مَالِ الرَّاشِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَنَ اللَّه الراشِيَ والمُرْتَشِيَ والرائش
؛ والرائشُ: الَّذِي يَسْعَى بَيْنَ الرَّاشِي والمُرْتَشِي ليَقْضِيَ أَمرَهما. وبُرْدٌ مُرَيّشٌ؛ عَنِ اللحيَاني: خطوطُ وشْيِهِ عَلَى أَشكال الرِّيش. نصيرٌ: الرَّيَشُ الزبَب، وَنَاقَةٌ رَياشٌ، والزبَب: كثرةُ الشَّعْرِ فِي الأُذنين ويَعْتَري الأَزَبَّ النِّفارُ؛ وأَنشد:
أَنْشدُ مِنْ خَوّارةٍ رَياشِ، ... أَخْطَأَها فِي الرَّعْلةِ الغَواشِ،
ذُو شَمْلة تَعْثُرُ بالإِنْفاشِ
والريشُ: شعرُ الأُذن خَاصَّةً. وَرَجُلٌ أَرْيَشُ وراشٌ: كَثِيرُ شَعْرِ الأُذُن. وراشَه اللَّهُ يَرِيشُه رَيْشاً: نَعشَه. وتَرَيَّش الرجلُ وارْتاشَ: أَصابَ خَيْرًا فرُئيَ عَلَيْهِ أَثَرُ ذَلِكَ. وارْتاشَ فلانٌ إِذا حسُنَتْ حالُه. ورِشْتُ فُلَانًا إِذا قوَّيْته وأَعَنْته عَلَى مَعَاشِهِ وأَصْلَحْت حالَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ عُمَيْرُ «2» بْنُ حبَّاب:
فرِشْني بخيرٍ، طالَما قَدْ بَرَيْتَني، ... وخَيْرُ المَوالي مَنْ يَرِيشُ وَلَا يَبْري
والرِّيشُ والرِّياشُ: الخِصْبُ والمعاشُ والمالُ والأَثاثُ واللِّباسُ الحسَنُ الفاخرُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى
، وَقَدْ قُرِئَ:
رِياشاً
، عَلَى أَن ابْنَ جِنِّيٍّ قَالَ: رِياشٌ قَدْ يَكُونُ جمعَ رِيشٍ كلِهْبٍ ولِهابٍ؛ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ: سَمِعْتُ سَلَّامًا أَبا مُنْذِرٍ الْقَارِئَ يَقُولُ: الرِّيشُ الزِّينةُ والرِّياشُ كلُّ اللِّبَاسِ، قَالَ: فسأَلت يونسَ فَقَالَ: لَمْ يُقُلْ شَيْئًا، هُمَا سواءٌ، وسأَل جَمَاعَةً مِنَ الأَعراب فَقَالُوا كَمَا قَالَ؛ قَالَ أَبو الْفَضْلِ: أَراه يَعْنِي كَمَا قَالَ أَبو الْمُنْذِرِ قَالَ: وَقَالَ الحَرَّاني سَمِعْتُ ابْنَ السِّكِّيتِ قَالَ: الريشُ جمعُ رِيشَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنه اشْتَرَى قَميصاً بِثَلَاثَةِ دَراهم وَقَالَ: الحمدُ للِّه الَّذِي هَذَا مِنْ رِياشه
؛ الرِّيشُ والرِّياشُ: مَا ظهَر مِنَ اللِّبَاسِ. وَفِي حَدِيثِهِ الآخَر:
أَنه كَانَ يُفْضِلُ عَلَى امرأَةٍ مُؤْمِنَةٍ مِنْ رِياشِه
أَي مِمَّا يَسْتَفِيدُهُ، وَهَذَا مِنَ الرِّياشِ الخِصْبِ والمعاشِ وَالْمَالِ الْمُسْتَفَادِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: يَفُكّ
__________
(2) . قوله [قال الشاعر عمير إلخ] هكذا في الأَصل، وعبارة شارح القاموس: قال سويد الأَنصاري.(6/309)
عانِيَها ويَرِيشُ مُمْلِقَها
أَي يَكْسُوه ويُعِينُه، وأَصله مِنَ الرِّيشِ كأَنّ الفقِيرَ المُمْلِقَ لَا نُهُوضَ بِهِ كالمَقْصوصِ مِنَ الجَناحِ. يُقَالُ: راشَه يَرِيشُه إِذا أَحْسَنَ إِليه. وكلُّ مَنْ أَوْلَيْتَه خَيْرًا، فَقَدْ رِشْتَه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن رَجُلًا راشَه اللَّه مَالًا
أَي أَعطاه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ وَالنَّسَّابَةِ:
الرَّائِشُونَ، وَلَيْسَ يُعرف رائِشٌ، ... وَالْقَائِلُونَ: هلُمَّ للأَضيافِ
وَرَجُلٌ أَرْيشُ وراشٌ: ذُو مَالٍ وَكِسْوَةٍ. والرِّياشُ: القِشْرُ وكلُّ ذَلِكَ مِنَ الرِّيشِ. ابْنُ الأَعرابي: راشَ صدِيقَه يَرِيشُه رَيْشاً إِذا أَطعَمه وَسَقَاهُ وَكَسَاهُ. وراشَ يَرِيشُ رَيشاً إِذا جَمَع الرِّيشَ وَهُوَ الْمَالُ والأَثاث. الْقُتَيْبِيُّ: الرِّيشُ والرِّياشُ واحدٌ، وَهُمَا مَا ظَهَرَ مِنْ اللِّبَاسِ. ورِيشُ الطائرِ: مَا سَتَرَه اللَّه بِهِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَتْ بَنُو كِلَابٍ الرِّياشُ هُوَ الأَثاث مِنَ الْمَتَاعِ مَا كَانَ مِنْ لِباسٍ أَو حشْوٍ من فِرَاشٍ أَو دِثارٍ، والرِّيشُ المتاعُ والأَموالُ. وَقَدْ يَكُونُ فِي النَّبَاتِ دُونَ الْمَالِ. وإِنه لحسَنُ الرِّيش أَي الثيابِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ رَيِّشٌ ورَيْشٌ وَلَهُ رِيشٌ وَذَلِكَ إِذا كَبُر ورَفَّ، وَكَذَلِكَ راشَ الطائرُ إِذا كَانَ عَلَيْهِ زَغَبة مِنْ زِفٍّ، وَتِلْكَ الزَّغَبة يُقَالُ لَهَا النُّسال. الْفَرَّاءُ: شارَ الرجلُ إِذا حسُنَ وجْهُه، وراشَ إِذا استَغْنى. ورُمْحٌ راشٌ ورائِشٌ: خَوّارٌ ضعيفٌ. شُبِّه بالرِّيشِ لِخِفَّتِهِ. وجَمَل راشُ الظَّهر ضعيفٌ. وناقةٌ رائِشةٌ: ضعيفةٌ. وَرَجُلٌ راشٌ: ضَعِيفٌ، وأَعطاه مِائَةً بِرِيشِهَا؛ وَقِيلَ: كَانَتِ الملُوكُ إِذا حَبَتْ حِباءً جَعَلُوا فِي أَسْنِمةِ الإِبِلِ رِيشاً، وَقِيلَ: رِيشَ النعامةِ لِيُعلم أَنها مِنْ حِبَاء المَلِك، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ برِحالِها وَكِسْوَتِهَا وَذَلِكَ لأَن الرِّحَالَ لَهَا كالرِّيشِ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
أَلا تَرى أَظْعانَ ميَّ كأَنها ... ذُرى أَثْأَبٍ، راشَ الغُصونَ شَكِيرُها؟
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا: راشَ كَسَا، وَقِيلَ: طالَ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي عَمْرٍو، والأَوّل أَعْرَفُ. وذاتُ الرِّيش: ضرْبٌ مِنَ الحَمْضِ يُشْبِه القَيْصومَ وورقُها وورْدُها يَنْبُتان خِيطاناً مَنْ أَصلٍ وَاحِدٍ، وَهِيَ كثيرةُ الماءِ جَدًّا تَسِيل مِنْ أَفواه الإِبِل سيْلًا، والناسُ يأْكلونها؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ. والرائِشُ الحِمْيَريُّ: ملِكٌ كَانَ غَزَا قَوْمًا فغنِم غَنَائِمَ كَثِيرَةً وراشَ أَهلَ بيتِه. الْجَوْهَرِيُّ: وَالْحَرْثُ الرائِشُ من ملوك اليمن.
فصل الزاي
زوش: الْكِسَائِيُّ: الزَّوْشُ العبدُ اللَّئِيمُ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: زُوشٌ. أَبو عَمْرٍو: الأَزْوَشُ مِثْلُ الأَشْوَسِ: المُتَكَبِّرُ.
فصل الشين المعجمة
شغش: الشَّغُوشُ: رَديءُ الحِنْطة، فارسيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَدْ كَانَ يُغْنِيهِم عَنِ الشَغُوش، ... والخَشْل مِنْ تَساقُطِ العُروش،
شَحْمٌ ومَحْضٌ لَيْسَ بالمَغْشوش
شوش: اللَّيْثُ: الوَشْواشُ الخفيفُ مِنَ النَّعام، وناقةٌ وَشْواشةٌ وَنَاقَةٌ شَوْشاءُ، مَمْدُودٌ؛ قَالَ حُمَيْدٌ:
مِنَ العِيسِ شَوْشاءٌ مِزَاقٌ، تَرَى بِهَا ... نُدوباً مِنَ الأَنْساعِ فَذًّا وتَوْأَما «1»
__________
(1) . قوله [من العيس إلخ] نقل شارح القاموس عن الصاغاني أَن الرواية: فجاء بشوشاة إلخ.(6/310)
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَعْلاء وَقِيلَ هِيَ فَعْلال، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَسَمَاعِي مِنَ الْعَرَبِ شَوْشاة، بِالْهَاءِ وقَصْر الأَلف؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو:
واعْجَلْ لها بناضحٍ لَغُوبِ، ... شَواشئ مُخْتلِف النُّيوبِ
قَالَ أَبو عمرو: همز شواشئ لِلضَّرُورَةِ، وأَصله مِنَ الشَّوْشاةِ، وَهِيَ الناقةُ الخفيفةُ، والمرأَة تُعابُ بِذَلِكَ فَيُقَالُ: امرأَة شَوْشاةٌ. أَبو عُبَيْدٍ: الشَّوْشاةُ الناقةُ السريعةُ، والوَشْوَشةُ الخفَّةُ، وأَما التَّشْوِيشُ فَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِنه لَا أَصل لَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ، وإِنه مِنْ كَلَامِ الْمُوَلِّدِينَ، وأَصله التَّهْوِيش وَهُوَ التَخْلِيطُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ شَيَشَ: التَّشْوِيش التَّخْلِيطُ، وَقَدْ تَشَوّش عليه الأَمْرُ.
شيش: الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلتَّمْرِ الَّذِي لَا يشتَدُّ نَوَاهُ الشِّيشاءُ، وأَنشد:
يَا لَكَ مِنْ تَمْرٍ، وَمِنْ شِيشاءِ، ... يَنْشَبُ فِي المَسْعل واللَّهاءِ
الجوهري: الشِّيشُ الشِّيشاءُ لغةٌ فِي الشِّيصِ والشِّيصاءِ، ويُنْشَدُ:
يَا لَكَ مِنْ تَمْرٍ، وَمِنْ شِيشَاءِ، ... يَنْشَبُ فِي الْمَسْعَلِ واللَّهاء
وَيُرْوَى اللِّهاء، بِكَسْرِ اللَّامِ، جَمْعٌ لَهاً مِثْلُ أَضًى وإِضَاءٍ جمع أَضَاةٍ.
فصل الطاء المهملة
طبش: الطَّبْشُ: لُغَةٌ فِي الطَّمْش وَهُمُ النَّاسُ؛ يُقَالُ: مَا أَدري أَيّ الطَّبْش هو.
طخش: الطَّخْشُ: إِظلامُ الْبَصَرِ، طَخِشَ طَخْشاً وطَخَشاً.
طرش: الطَّرَشُ: الصَّمَمُ، وَقِيلَ: هُوَ أَهْوَنُ الصَّمَمِ، وَقِيلَ: هُوَ مُوَلّدٌ، الأُطْرُشُ والأُطْرُوشُ الأَصمُّ؛ الأُولى فِي بَعْضِ نُسَخِ يَعْقُوبَ مِنَ الإِصْلاح، وَقَدْ طَرِشَ طَرَشاً، وَرِجَالٌ طُرْشٌ.
طرغش: طَرْغَشَ مِنْ مَرَضِهِ واطرَغَشَّ المريضُ اطْرِغْشَاشاً: بَرئ وانْدَمَل. واطْرَغَشَّ مِنْ مَرَضِهِ: قَامَ وَتَحَرَّكَ وَمَشَى. ومُهْرٌ مُطْرَغِشٌّ: ضعيفٌ تَضْطَرِبُ قوائمهُ والمُطْرَغِشُّ: الناقِهُ مِنَ الْمَرَضِ غَيْرَ أَن كلامَه وفؤادَه ضَعِيفٌ. واطْرَغَشَّ مِنْ مَرَضِهِ وابرَغَشَّ أَي أَفاق بِمَعْنًى وَاحِدٍ. واطرَغَشَّ القومُ إِذا غِيثُوا فأَخْصَبوا بَعْدَ الهُزال والجَهْد.
طرفش: طَرْفَش الرجلُ طَرْفَشَةً: نَظَرَ وكسَر عينَه. وتَطَرْفَشَت عينُه: عَشِيَت. والطُّرَافِشُ: السيِءُ الخُلُقِ: النَّضْرُ: الظَّغْمَشَةُ والطَّرْفَشةُ ضعْفٌ البصر.
طرمش: طَرْمَشَ الليلُ وطَرْشَم: أَظلم، والسِّينُ أَعْلى.
طشش: الطَّشُّ مِنَ الْمَطَرِ: فَوْقَ الرِّكّ وَدُونَ القِطْقِط، وَقِيلَ: أَولُ الْمَطَرِ الرَّشّ ثُمَّ الطَّشّ. وَمَطَرٌ طَشٌّ وطَشِيشٌ: قَلِيلٌ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَا جَدَا نَيْلِك بالطَّشِيش «1»
أَي بالنَّيْل الْقَلِيلِ. وَقَدْ طَشَّت السماءُ طَشّاً وأَطَشَّت ورَشَّت وأَرَشّت بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والطَّشُّ والطَّشِيشُ: الْمَطَرُ الضَّعِيفُ وَهُوَ فَوْقَ الرَّذاذ. قَالَ: وأَرضٌ مَطْشُوشةٌ ومَطلولة، وَمِنَ الرَّذاذِ مَرْذُوذَةٌ. الأَصمعي: لَا يُقَالُ مُرَذَّةٌ وَلَا مَرْذُوذَةٌ وَلَكِنْ
__________
(1) . قوله [نيلك] في الصحاح، وبلك.(6/311)
يُقَالُ أَرضٌ مُرَذٌّ عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحَزَاةُ «1» يَشرَبها أَكايسُ النَّاسِ للطُّشّة
؛ قَالَ: هُوَ داءٌ يُصِيب النَّاسَ كالزُّكامِ، سُمِّيَتْ طُشّة لأَنه إِذا اسْتَنثر صاحبُها طَشَّ كَمَا يَطِشّ المطرُ وَهُوَ الضَّعِيفُ الْقَلِيلُ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مَاءً، قَالَ: طَشَّ يومَ بَدْرٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: أَنه كَانَ يَمْشِي فِي طَشّ وَمَطَرٍ.
الْمُحْكَمُ: والطُّشَّةُ داءٌ يُصِيب النَّاسَ كالزُّكام. قَالَ: وَفِي حَدِيثِ بعضهم في الخَزَاة
يَشْرَبُها أَكايس الصِّبْيانِ للطُّشَّةِ
، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى ذَلِكَ لأَنَّ أُنوفَهم تَطِشّ مِنْ هَذَا الدَّاءِ؛ قَالَ: حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ. التَّهْذِيبُ: الطُّشَاشُ داءُ مِنَ الأَدْواء، يُقَالُ: طُشَّ، فَهُوَ مَطشُوشٌ، كأَنه زُكِم، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ فيه طُشِئَ.
طغمش: النَّضْرُ: الطَّغْمَشةُ والطَّرْفَشةُ ضعْفُ البصر.
طفش: الطَّفْش: النكاحُ؛ قَالَ أَبو زُرْعة التَّمِيمِيُّ:
قَالَ لَهَا، وأُولِعَتْ بالنَّمْشِ: ... هَلْ لَكِ يَا خَلِيلَتي فِي الطَّفْشِ؟
النَّمْشُ هُنَاكَ: الكلامُ المُزَخْرف، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى السِّينَ لُغَةً؛ عَنْ كُرَاعٍ. والطَّفَاشاءُ: الْمَهْزُولَةُ مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: والطَّفَاشاةُ الْمَهْزُولَةُ مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا. وَرَجُلٌ طَفَنْشَأٌ: ضَعِيفُ الْبَدَنِ فِيمَنْ جَعَلَ النُّونَ والهمزة زائدتين.
طفنش: رَجُلٌ طَفَنَّشٌ: وَاسْعُ صدْر القدَم، وطَفَنْشَأٌ: ضَعِيفُ البدن.
طمش: الطَّمْشُ: النَّاسُ؛ يُقَالُ: مَا أَدري أَيّ الطَّمْش هُوَ، مَعْنَاهُ أَيّ النَّاسِ هُوَ، وَجَمْعُهُ طُمُوشٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ اسْتُعْمِلَ غَيْرَ مَنْفِيٍّ الأَول؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَمَا نَجا مِنْ حَشْرِها المَحْشُوشِ ... وحْشٌ، وَلَا طَمْشٌ مِنَ الطُّمُوشِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَشْرِهَا يُرِيدُ بِهِ حَشْرَ هَذِهِ السَّنَة مِنْ جَدْبها المحْشُوش الَّذِي سِيقَ وضُمَّ مِنْ نَوَاحِيهِ أَي لَمْ يَسْلم فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَحْشِيٌّ وَلَا إِنسيّ.
طنفش: طَنْفَش عينَه: صغَّرها.
طهش: الطَّهْش: أَن يَخْتَلِطَ الرجلُ فِيمَا أَخَذ فِيهِ مِنْ عملٍ بِيدِه فيُفسِده. وطَهْوَشٌ: اسم.
طوش: ابْنُ الأَعرابي: الطَّوْش خفَّة الْعَقْلِ. وطَوَّش إِذا مَطَل غريمَه.
طيش: الطَّيْش: خفَّة الْعَقْلِ، وَفِي الصِّحَاحِ: النَّزَقُ والخفَّة، وَقَدْ طاشَ يَطِيش طَيْشاً، وَطَاشَ الرجلُ بَعْدَ رَزانتِهِ. قَالَ شَمِرٌ: طَيْشُ الْعَقْلِ ذهابُه حَتَّى يَجْهَلَ صاحبُه مَا يُحاوِلُ، وطَيْشُ الحِلْم خفَّته، وطَيْشُ السَّهْمِ جَوْرُه عَنْ سَنَنِه؛ وقولُ أَبي كَبِيرٍ:
ثُمَّ انصرفتُ، وَلَا أَبثُّك حِيبَتي، ... رَعِشَ البَنانِ، أَطِيشُ مشْيَ الأَصْوَرِ
أَراد: لَا أَقْصِدُ. وَفِي حَدِيثِ السَّحَابَةِ «2» :
فطاشَتِ السِّجِلّاتُ وثَقُلَت البِطاقةُ
؛ الطَّيْشُ: الخفَّة. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ أَبي سَلَمَةَ «3» : كَانَتْ يَدِي تَطِيش فِي الصَّحْفَة
أَي تَخِفُّ وتتناوَلُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ شُبْرُمَةَ وسُئل عَنِ السُّكْر فَقَالَ: إِذا طَاشَتْ رِجْلاه واختلطَ كلامُه
؛ وَقَوْلُ أَبي سَهْمٍ الْهُذَلِيِّ:
__________
(1) . وفي النهاية: الْحَزَاةُ نَبْتٌ بِالْبَادِيَةِ يُشْبِهُ الكرفس إلا أنه أعرض ورقاً منه، ثم قال: وَفِي رِوَايَةٍ يَشْتَرِيهَا أَكايس الناس للخافية والإقلات، الخامية الْجِنُّ وَالْإِقْلَاتُ مَوْتُ الْوَلَدِ، كأَنهم كَانُوا يَرَوْنَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْجِنِّ فَإِذَا تبخرن به نفعهن في ذلك.
(2) . قوله [وفي حديث السحابة] كذا في الأَصل، والذي في النهاية: في حديث الحساب.
(3) . قوله [عَمْرِو بْنِ أَبي سَلَمَةَ] الذي في النهاية: عُمَرَ بْنَ أَبي سَلَمَةَ.(6/312)
أَخالِدُ، قَدْ طاشَتْ عَنِ الأُمّ رِجْلُه، ... فَكَيْفَ إِذا لَمْ يَهْدِ بالخُفّ مَنْسِمُ؟
عَدَّاهُ بِعْنَ لأَنه فِي مَعْنَى راغَتْ وعدَلَت، فَكَيْفَ إِذا لَمْ يَهْتَدِ بِالْخُفِّ منسِم، عدَّاه بالياء أَيضاً لأَنه فِي مَعْنًى لَمْ يُدَلّ بِهِ وَنَحْوِهِ، وَكَانَتْ رِجْلُه قَدْ قُطِعَتْ. وَرَجُلٌ طائشٌ مِنْ قَوْمٍ طاشةٍ، وطَيَّاشٌ مِنْ قَوْمٍ طيَّاشةٍ: خِفَافُ الْعُقُولِ. وطاشَ السهمُ عَنِ الهَدَف يَطيش طَيشاً إِذا عدَل عَنْهُ وَلَمْ يقصِد الرميَّة وأَطاشه الرَّامي. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: وَمِنْهَا العَصِلُ الطائشُ
أَي الزالُّ عَنِ الهدَف. والأَطْيَشُ: طائرٌ.
فصل العين المهملة
عبش: العَبْشُ «1» : الْغَبَاوَةُ، وَرَجُلٌ بِهِ عُبْشةٌ. وتَعَبَّشَني بِدَعْوَى باطلٍ: ادَّعَاهَا عَلَيَّ؛ عَنِ الأَصمعي، وَالْغَيْنُ لُغَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: العَبْش الصَّلاحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الْخِتَانُ عَبْشٌ للصَّبيّ أَي صلاحٌ، بِالْبَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ العَمْش، بِالْمِيمِ، وَذَكَرَ اللَّيْثُ أَنهما لُغَتَانِ. يُقَالُ: الخِتان صلاحٌ للولدِ فاعْمُشُوه واعْبُشُوه، وَكِلْتَا اللغتين صحيحةٌ.
عتش: عَتَشَهُ يَعْتِشُه عَتْشاً: عَطَفه، قال: وليس بثت.
عرش: العَرْش: سَرِيرُ الملِك، يدلُّك عَلَى ذَلِكَ سَرِيرُ ملِكة سَبَإٍ، سمَّاه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَرْشاً فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ
؛ وَقَدْ يُستعار لِغَيْرِهِ، وَعَرْشُ الْبَارِّي سُبْحَانَهُ وَلَا يُحدُّ، وَالْجَمْعُ أَعراشٌ وعُروشٌ وعِرَشَةٌ. وَفِي حَدِيثِ بَدْءِ الوَحْيِ:
فرفعتُ رأْسي فإِذا هُوَ قاعدٌ عَلَى عَرْش فِي الْهَوَاءِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض
، يَعْنِي جبريلَ عَلَى سَرِيرٍ. والعَرْش: البيتُ، وَجَمْعُهُ عُروشٌ. وعَرْش الْبَيْتِ: سقفُه، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنْتُ أَسمع قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَنا عَلَى عَرْشِي
، وَقِيلَ:
عَلَى عَرِيشٍ لِي
؛ العَرِيشُ والعَرْشُ: السقفُ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَو كالقِنْديلِ المعلَّق بالعْرش
، يَعْنِي بِالسَّقْفِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى
، وَفِيهِ؛ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ
؛ رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ القدَمين والعَرْش لَا يُقدَر قدرُه
، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنه قَالَ:
العَرْش مجلِس الرَّحْمَنِ
، وأَما مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
اهتزَّ العرشُ لِمَوْتِ سَعْدٍ
، فإِن العَرْش هَاهُنَا الجِنَازة، وَهُوَ سَرِيرُ الْمَيِّتِ، واهتزازُه فَرَحُه بحمْل سَعْدٍ عَلَيْهِ إِلى مَدْفنِه، وَقِيلَ: هُوَ عَرْش اللَّه تَعَالَى لأَنه قَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخرى:
اهتزَّ عرشُ الرَّحْمَنِ لموْت سَعْدٍ
، وَهُوَ كِنايةٌ عَنِ ارتياحِه بِرُوحِهِ حِينَ صُعِد بِهِ لِكَرَامَتِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ مضافٍ تَقْدِيرُهُ: اهتزَّ أَهل الْعَرْشِ لِقُدُومِهِ عَلَى اللَّه لَمَّا رأَوْا مِنْ مَنْزِلَتِهِ وَكَرَامَتِهِ عِنْدَهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى أَنها خَلَتْ وَخَرَّتْ عَلَى أَركانها، وَقِيلَ: صَارَتْ عَلَى سقُوفها، كَمَا قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها، أَراد أَن حِيطَانَهَا قَائِمَةٌ وَقَدْ تهدَمت سُقوفُها فَصَارَتْ فِي قَرارِها وانقَعَرَت الحيطانُ مِنْ قواعدِها فَتَسَاقَطَتْ عَلَى السُّقوف الْمُتَهَدِّمَةِ قَبْلها، وَمَعْنَى الخاوِية والمنقعِرة وَاحِدٌ يدلُّك عَلَى ذَلِكَ قَوْلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فِي قصَّة قَوْمِ عَادٍ: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَذْكُرُ هلاكَهم أَيضاً: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ،
__________
(1) . قوله [العبش] هو بفتح الباء وسكونها، وقوله [ورجل به عبشة] هو بفتح العين وضمها مع سكون الباء وبفتحتين، كما يؤخذ من القاموس وشرحه.(6/313)
فَمَعْنَى الْخَاوِيَةِ وَالْمُنْقَعِرِ فِي الْآيَتَيْنِ وَاحِدٌ، وَهِيَ المُنقلِعة مِنْ أُصولها حَتَّى خَوى مَنْبتُها. وَيُقَالُ: انقَعَرَتِ الشَّجَرَةُ إِذا انقلَعتْ، وانقَعَر النبتُ إِذا انقلَعَ مَنْ أَصله فَانْهَدَمَ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ فِي خَرَابِ الْمَنَازِلِ مِنْ أَبلغ مَا يُوصَفُ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ مَا دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ؛ أَي قَلَعَ أَبنيتَهم مِنْ أَساسها وَهِيَ القواعِدُ فَتَسَاقَطَتْ سُقوفُها، وَعَلَيْهَا الْقَوَاعِدُ، وحيطانُها وَهُمْ فِيهَا، وإِنما قِيلَ للمُنقَعِرِ خاوٍ أَي خالٍ، وَقَالَ بَعْضِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها*
؛ أَي خَاوِيَةٌ عَنْ عُرُوشِهَا لتهدُّمِها، جَعَلَ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ؛ أَي اكْتَالُوا عَنْهُمْ لأَنفسهم، وعُروشُها: سُقوفها، يَعْنِي قَدْ سقَط بعضُه عَلَى بَعْضٍ، وأَصل ذَلِكَ أَن تسقُط السقوفُ ثُمَّ تسقُط الحيِطان عَلَيْهَا. خَوَتْ: صَارَتْ خاوِيةً مِنَ الأَساس. والعَرْش أَيضاً: الخشَبة، وَالْجَمْعُ أَعراشٌ وعُروشٌ. وعرَش العَرْشَ يعرِشه ويعرُشه عَرْشاً: عَمِلَه. وعَرْشُ الرَّجُلِ: قِوام أَمره، مِنْهُ. والعَرْش: المُلْك. وثُلَّ عَرْشُه: هُدِم مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ قِوام أَمره، وَقِيلَ: وَهَى أَمره وذهَب عِزُّه؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
تَداركْتُما الأَحْلافَ، قَدْ ثُلَّ عَرْشُها، ... وذُبيانَ إِذ زَلَّتْ بأَحلامِها النَّعْلُ «2»
والعَرْش: الْبَيْتُ وَالْمَنْزِلُ، وَالْجَمْعُ عُرُش؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعَرْش كواكِبُ قُدَّام السِّماك الأَعْزَلِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعَرْشُ أَربعةُ كَواكِبَ صِغَارٌ أَسفل مِنَ العَوَّاء، يُقَالُ إِنها عَجُزُ الأَسَدِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
بَاتَتْ عَلَيْهِ ليلةٌ عَرْشيَّةٌ ... شَرِبَتْ، وَبَاتَ عَلَى نَقاً مُتهدِّمِ
وَفِي التَّهْذِيبِ: وعَرْشُ الثُّريَّا كواكِبُ قَرِيبَةٌ مِنْهَا. والعَرْشُ والعَرِيش: مَا يُستَظلُّ بِهِ.
وَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ بَدْرٍ: أَلا نَبْني لَكَ عَرِيشاً تتظلَّل بِهِ؟
وَقَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
كَانَ أَبو حَسَّانَ عَرْشاً خَوَى، ... ممَّا بَناه الدَّهْرُ دَانٍ ظَلِيلْ
أَي كَانَ يظلُّنا، وَجَمْعُهُ عُروش وعُرُش. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن عُروشاً جَمْعُ عَرْش، وعُرُشاً جمعُ عَرِيش وَلَيْسَ جمعَ عَرْشٍ، لأَن بَابَ فَعْل وفُعُل كرَهْن ورُهُن وسَحْل وسُحُل لَا يتَّسع. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَتْ حُمَّرةٌ جَعَلَتْ تُعَرِّشُ
؛ التَّعْرِيش: أَن تَرْتَفِعَ وتظلِّل بِجَنَاحَيْهَا عَلَى مَنْ تَحْتَهَا. والعَرْش: الأَصل يَكُونُ فِيهِ أَربعُ نَخْلات أَو خمسٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي عَمْرٍو، وإِذا نبتتْ رواكِيبُ أَربعٌ أَو خمسٌ عَلَى جِذْع النَّخْلَة فَهُوَ العَرِيشُ. وعَرْشُ الْبِئْرِ: طَيُّها بِالْخَشَبِ. وعرشْت الرَّكِيَّة أَعرُشها وأَعرِشُها عَرْشاً: طَويْتُها مِنْ أَسفلها قدرَ قامةٍ بِالْحِجَارَةِ ثُمَّ طَوَيْتُ سائرَها بِالْخَشَبِ، فَهِيَ مَعْرُوشةٌ، وَذَلِكَ الْخَشَبُ هُوَ العَرْش، فأَما الطيُّ فَبِالْحِجَارَةِ خاصَّة، وإِذا كَانَتْ كُلُّهَا بِالْحِجَارَةِ، فَهِيَ مطويَّة وَلَيْسَتْ بِمَعْرُوشَةٍ، والعَرْشُ: مَا عَرَشْتها بِهِ مِنَ الْخَشَبِ، وَالْجَمْعُ عُروشٌ. والعَرْشُ: الْبِنَاءُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى فَمِ الْبِئْرِ يَقُومُ عَلَيْهِ السَّاقِي، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَكُلَّ يومٍ عَرْشُها مَقِيلي
وَقَالَ القَطامي عُمَيْرُ بنُ شُيَيْمٍ:
وَمَا لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ، ... إِذا استُلَّ مِنْ تَحْتِ العُرُوشِ الدَّعائمُ
__________
(2) . في الديوان: بأَقدامها بدلًا من بأَحلامها.(6/314)
فَلَمْ أَرَ ذَا شَرٍّ تَماثَلَ شَرُّهُ، ... عَلَى قومِه، إِلا انْتَهَى وَهُوَ نادمُ
أَلم تَرَ لِلبنْيانِ تَبْلى بُيوتُهُ، ... وتَبْقَى مِنَ الشِّعْرِ البُيوتُ الصوارِمُ؟
يُرِيدُ أَبياتَ الهِجاء. والصوارِمُ: القواطِع. والمثابةُ: أَعلى الْبِئْرِ حَيْثُ يَقُومُ الْمُسْتَقِي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والعَرْش عَلَى مَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ بناءٌ يُبنى مِنْ خَشَبٍ عَلَى رأْس البئْر يَكُونُ ظِلالًا، فَإِذَا نُزِعت القوائمُ سقطتِ العُروشُ، ضَرَبَهُ مَثَلًا. وعَرْشُ الكَرْمِ: مَا يُدْعَمُ بِهِ مِنَ الْخَشَبِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وعَرَشَ الكَرْمَ يَعْرِشُه ويعرُشه عَرْشاً وعُرُوشاً وعَرَّشَه: عَمِل لَهُ عَرْشاً، وعَرَّشَه إِذا عَطَف العِيدان الَّتِي تُرْسَل عَلَيْهَا قُضْبان الكَرْم، وَالْوَاحِدُ عَرْش وَالْجَمْعُ عُروش، وَيُقَالُ: عَرِيش وَجَمْعُهُ عُرُشٌ. وَيُقَالُ: اعْتَرَشَ العِنَبُ العَريشَ اعْتِراشاً إِذا عَلاه عَلَى العِراش. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ
؛ المعروشاتُ: الكُرُوم. والعَرِيشُ مَا عَرَّشْتَه بِهِ، وَالْجَمْعُ عُرُشٌ. والعَرِيشُ: شِبْهُ الهَوْدَج تقْعُد فِيهِ المرأَةُ عَلَى بَعِيرٍ وَلَيْسَ بِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِمَّا تَرَيْ دَهْراً حَناني خَفْضا ... أَطْرَ الصَّناعَيْنِ العَرِيشَ القَعْضا
وبئرٌ مَعْروشةٌ وكُرُومٌ مَعْروشاتٌ. وعرَشَ يعْرِشُ ويعرُش عَرْشاً أَي بَنى بِناءً مِنْ خشبٍ. والعَرِيشُ: خَيْمةٌ مِنْ خَشَبٍ وثُمام. والعُروش والعُرُش: بُيُوتُ مَكَّةَ، وَاحِدُهَا عَرْشٌ وعَرِيشٌ، وَهُوَ مِنْهُ لأَنها كَانَتْ تَكُونُ عِيداناً تُنْصَبُ ويُظَلَّلُ عَلَيْهَا؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ: وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يَقْطع التَلْبِيةَ إِذا نَظَر إِلى عُروش مَكَّةَ
؛ يَعْنِي بيوتَ أَهل الْحَاجَةِ مِنْهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير: بُيُوتُ مَكَّةَ لأَنها كَانَتْ عِيدَانًا تُنْصَبُ ويُظَلَّل عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ قِيلَ لَهُ: إِن مُعَاوِيَةَ يَنْهانا عَنْ مُتْعة الْحَجِّ، فَقَالَ: تَمَتَّعْنا مَعَ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومعاويةُ كَافِرٌ بالعُرُشِ
؛ أَراد بُيُوتَ مَكَّةَ، يَعْنِي وَهُوَ مُقِيمٌ بعُرُش مَكَّةَ أَي بُيُوتِهَا فِي حَالِ كُفْرِه قَبْلَ إِسلامِه، وَقِيلَ أَراد بِقَوْلِهِ كَافِرٌ الاخْتِفاء وَالتَّغَطِّيَ؛ يَعْنِي أَنه كَانَ مُخْتفياً فِي بُيُوتِ مَكَّةَ، فَمَنْ قَالَ عُرُش فَوَاحِدُهَا عريشٌ مِثْلُ قَليبٍ وقُلُبٍ، وَمَنْ قَالَ عُروش فَوَاحِدُهَا عَرش مِثْلُ فَلْس وفُلوس. والعَريش والعَرْشُ: مكةُ نفسُها كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيتُ العربَ تُسَمِّي المَظالَّ الَّتِي تُسَوَّى مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ ويُطْرح فَوْقَهَا الثُّمام عُرُشاً، وَالْوَاحِدُ مِنْهَا عَريش: ثُمَّ يُجْمع عُرْشاً، ثُمَّ عُروشاً جمعَ الجمعِ. وَفِي حَدِيثِ
سَهْلِ بْنِ أَبي خَيْثَمة: إِني وَجَدْتُ سِتِّينَ عَرِيشاً فأَلقيت لَهُمْ مِنْ خَرْصِها كَذَا وَكَذَا
؛ أَراد بالعَرِيش أَهل الْبَيْتِ لأَنهم كَانُوا يأْتون النَّخيل فيَبْتَنُون فِيهِ مِنْ سَعَفِه مِثْلَ الكُوخ فيُقِيمون فِيهِ يأْكلون مُدَّةَ حَمْله الرُّطَبَ إِلى أَن يُصْرَمَ. وَيُقَالَ للحَظِيرة الَّتِي تُسَوَّى لِلْمَاشِيَةِ تكُنّها مِنَ البَرد: عَريشٌ. والإِعْراشُ: أَن تمْنَع الغنمَ أَن تَرْتَع، وَقَدْ أَعْرَشْتها إِذا مَنعْتها أَن تَرْتَعَ؛ وأَنشد:
يُمْحى بِهِ المَحْلُ وإِعْراشُ الرُّمُم
وَيُقَالُ: اعْرَوَّشْتُ الدابةَ واعنَوَّشْته «1» وتَعَرْوَشْته إِذا رَكِبْتَهُ. وَنَاقَةٌ عُرْشٌ: ضخْمة كأَنها مَعْروشة الزَّوْر؛ قَالَ عبدةُ بْنُ الطَّبِيبِ:
عُرْشٌ تُشِيرُ بقِنْوانٍ إِذا زُجِرَتْ، ... مِنْ خَصْبة، بقِيَتْ مِنْهَا شَمالِيلُ
__________
(1) . قوله [واعنوشته] هو في الأَصل بهذا الضبط.(6/315)
وبعيرٌ مَعْروشُ الجَنْبين: عظيمُهما كَمَا تُعْرَشُ الْبِئْرُ إِذا طُوِيتْ. وعَرْشُ القَدَمِ وعُرْشُها: مَا بَيْنَ عَيرِها وأَصابعها مِنْ ظاهرٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَا نَتأَ فِي ظَهْرِهَا وَفِيهِ الأَصابعُ، وَالْجَمْعُ أَعْراشٌ وعِرَشة. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: ظهرُ الْقَدَمِ العَرْش وباطنُه الأَخْمَص. والعُرْشانِ مِنَ الْفَرَسِ: آخرُ شَعرِ العُرْف. وعُرْشا العُنُق: لَحْمتان مسْتَطِيلتان بَيْنَهُمَا الفَقارُ، وَقِيلَ: هُمَا مَوْضِعَا المِحْجَمَتين؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَمْتَدّ عُرْشا عُنْقِه للُقْمَتِهْ
وَيُرْوَى: وامتدَّ عُرْشا. وللعنُقِ عُرْشان بَيْنَهُمَا الْقَفَا، وَفِيهِمَا الأَخْدَعانِ، وَهُمَا لَحْمَتَانِ مُسْتطيلتانِ عِدا العُنُق؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وعبدُ يَغُوث يَحْجِلُ [يَحْجُلُ] الطَّيْرُ حَوْلَهُ، ... قَدِ احْتَزّ عُرْشَيهِ الحُسامُ المُذَكَّرُ
لَنَا الهامةُ الأُولى الَّتِي كلُّ هامةٍ، ... وإِن عظُمَتْ، مِنْهَا أَذَلُّ وأَصْغَرُ
وَوَاحِدُهُمَا عُرْش، يَعْنِي عَبْدُ يَغُوثَ بْنُ وَقَّاصٍ المُحاربي، وَكَانَ رئيسَ مَذْحِج يومَ الكُلاب وَلَمْ يُقْتل ذَلِكَ اليومَ، وإِنما أُسِرَ وقُتِل بَعْدَ ذَلِكَ؛ وَرُوِيَ: قَدِ اهْتَذّ عُرْشَيه أَي قَطَع، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فِي هَذَا الْبَيْتِ شاهِدانِ: أَحدُهما تقديمُ مِنْ عَلَى أَفْعَل، وَالثَّانِي جَوَازُ قَوْلِهِمْ زِيدٌ أَذلُّ مِنْ عَمرٍو، وَلَيْسَ فِي عَمْرٍو ذُلٌّ؛ عَلَى حَدِّ قَوْلِ حَسَّانَ:
فَشَرُّكُما لِخيرِكُما الفِداءُ
وَفِي حَدِيثِ مَقْتَل
أَبي جَهْلٍ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: سَيْفُك كَهامٌ فخُذْ سَيفي فاحْتَزَّ بِهِ رأْسي مِنْ عُرْشِي
؛ قَالَ: العُرْشُ عِرْقٌ فِي أَصل العُنُق. وعُرْشا الفرسِ: مَنْبِت العُرْفِ فَوْقَ العِلْباوَيْنِ. وعَرَّشَ الحِمارُ بعانَتهِ تَعْريشاً: حَمَلَ عَلَيْهَا فَاتِحًا فمَه رَافِعًا صوتَه، وقيل إِذا شَحَا بَعْدَ الكَرْفِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنّ حَيْثُ عَرَّشَ القَبائلا ... مِنَ الصَّبِيّيْنِ وحِنْواً ناصِلا
والأُذُنان تُسَمَّيان: عُرْشَينِ لِمُجاوَرَتِهما العُرْشَين. أَراد فُلَانٌ أَن يُقِرّ لِي بِحَقِّي فَنَفَث فلانٌ فِي عُرْشَيهِ، وإِذا سارَّه فِي أُذُنيه فَقَدْ دَنا مِنْ عُرْشَيْهِ. وعَرَشَ بِالْمَكَانِ يَعْرِش عُرُوشاً وتَعرَّش: ثبَتَ. وعَرِشَ بغَرِيمه عرَشاً: لزِمَه. والمُتَعَرْوِشُ: المُسْتَظِلّ بِالشَّجَرَةِ. وعَرَّشَ عَنِّي الأَمرُ أَي أَبْطأَ: قَالَ الشَّمَّاخُ.
وَلَمَّا رأَيتُ الأَمرَ عَرْشَ هَوِيّةٍ، ... تسَلّيْتُ حاجاتِ الْفُؤَادِ بشَمَّرا
الهَوِيّةُ: موضعٌ يَهْوِي مَنْ عَلَيْهِ أَي يَسْقُط؛ يصِفُ فوتَ الأَمرِ وصعوبتَه بِقَوْلِهِ عَرْشَ هَوِيّة. ويقال الكلب إِذا خَرِقَ فَلَمْ يَدْنُ لِلصَّيْدِ: عَرِشَ وعَرِسَ. وعُرْشانٌ: اسمٌ. والعُرَيْشانُ: اسْمٌ؛ قَالَ القتَّال الكِلابي:
عَفَا النَّجْبُ بَعْدِي فالعُرَيْشانُ فالبُتْرُ
عشش: عُشُّ الطائرِ: الَّذِي يَجْمع مِنْ حُطامِ الْعِيدَانَ وَغَيْرِهَا فيَبيض فِيهِ، يَكُونُ فِي الجبَلِ وغيرِه، وَقِيلَ: هُوَ فِي أَفْنان الشَّجَرِ، فإِذا كَانَ فِي جبَلٍ أَو جِدار ونحوِهما فَهُوَ وَكْر ووَكْنٌ، وإِذا كَانَ فِي الأَرض فَهُوَ أُفْحُوصٌ وأُدْحِيٌّ؛ وموضعُ كَذَا مُعَشّشُ الطيورِ، وَجَمْعُهُ أَعْشاشٌ وعِشاشٌ وعُشوشٌ وعِشَشةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ فِي العُشوش:(6/316)
لَوْلَا حُباشاتُ مِنَ التَّحْبِيش ... لِصِبيَةٍ كأَفْرُخِ العُشوش
والعَشْعَش: العُشُّ إِذا تَرَاكَبَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ. واعتَشَّ الطائرُ: اتَّخَذَ عُشًّا؛ قَالَ يَصِفُ نَاقَةً:
يَتْبَعُهَا ذُو كِدْنةٍ جُرَائِضُ، ... لِخَشَبِ الطَّلْحِ هَصُورٌ هائِضُ،
بِحَيْثُ يعْتَشّ الغُرابُ البائضُ
قَالَ: الْبَائِضُ وَهُوَ ذكَرٌ لأَن لَهُ شَرِكَةً فِي البَيْض، فَهُوَ فِي مَعْنَى الْوَالِدِ. وعشَّشَ الطائرُ تَعْشيشاً: كاعْتَشَّ. وَفِي التَّهْذِيبِ: العُشُّ لِلْغُرَابِ وَغَيْرِهِ عَلَى الشَّجَرِ إِذا كَثُف وضخُم. وَفِي الْمَثَلِ فِي خُطْبَةِ
الْحَجَّاجِ: لَيْسَ هَذَا بعُشِّكِ فادْرُجِي
؛ أَراد بعُشِّ الطَّائِرِ، يُضرب مَثَلًا لِمَنْ يَرْفَعُ نفسَه فَوْقَ قدْرِه وَلِمَنْ يَتعَرَّض إِلى شَيْءٍ لَيْسَ مِنْهُ، وللمُطْمَئِنّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ فَيُؤْمَرُ بالجِدِّ والحركةِ؛ ونحوٌ مِنْهُ: تَلَمَّسْ أَعشَاشَكَ أَي تلَمَّسِ التجنِّي والعِلَلَ فِي ذَوِيك. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ زَرْعٍ: وَلَا تَمْلأُ بيْتَنا تعْشِيشاً
أَي أَنها لَا تَخُونُنا فِي طَعَامِنَا فتخبأَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الزَّاوِيَةِ وَفِي هَذِهِ الزَّاوِيَةِ كَالطُّيُورِ إِذا عَشَّشَتْ فِي مواضعَ شَتَّى، وَقِيلَ: أَرادت لَا تَمْلَأُ بيتَنا بالمَزابِل كأَنه عُشُّ طَائِرٍ، وَيُرْوَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. والعَشّةُ مِنَ الشَّجَرِ: الدقيقةُ القُضْبان، وَقِيلَ: هِيَ المفْترِقةُ الأَغصان الَّتِي لَا تُواري مَا وَرَاءَهَا. والعَشّةُ أَيضاً مِنَ النَّخْلِ: الصغيرةُ الرأْسِ الْقَلِيلَةُ السَّعَفِ، وَالْجَمْعُ عِشاشٌ. وَقَدْ عشَّشَت النخلةُ: قَلَ سعفُها وَدَقَّ أَسفلُها، وَيُقَالُ لَهَا العَشَّة، وَقِيلَ: شَجَرَةٌ عشَّةٌ دَقِيقَةُ الْقُضْبَانِ لَئِيمةُ المَنْبِت؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فَمَا شَجراتُ عِيصِك فِي قريْش ... بعَشّات الفُروعِ، وَلَا ضَواحِي
وَقِيلَ لِرَجُلٍ: مَا فَعَلَ نَخْلُ بَنِي فُلَانٍ؟ فَقَالَ: عَشَّشَ أَعلاه وصنْبَرَ أَسفلُه، وَالِاسْمُ العَشَشُ. والعَشّةُ: الأَرض الْقَلِيلَةُ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: الأَرض الْغَلِيظَةُ. وأَعْشَشْنا: وقعْنا فِي أَرض عَشَّة، وَقِيلَ: أَرض عَشَّةٌ قَلِيلَةُ الشَّجَرِ فِي جَلَدٍ عَزازٍ وَلَيْسَ بجبلٍ وَلَا رملٍ وَهِيَ لَيِّنَةٌ فِي ذَلِكَ. وَرَجُلٌ عَشٌّ: دقيقُ عِظَامِ الْيَدِ والرِّجْلِ، وَقِيلَ: هُوَ دقيقُ عِظَامِ الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ، والأُنثى عَشَّةٌ؛ قَالَ:
لَعَمْرُكَ مَا لَيْلى بورْهاءَ عِنْفِصٍ، ... وَلَا عَشَّة، خَلْخالُها يَتَقَعْقَعُ
وَقِيلَ: العَشَّةُ الطَّوِيلَةُ الْقَلِيلَةُ اللَّحْمِ، وَكَذَلِكَ الرجلُ. وأَطْلَق بَعْضُهُمُ العَشَّةَ مِنَ النِّسَاءِ فَقَالَ: هِيَ القليلةُ اللَّحْمِ. وامرأَة عَشّةٌ: ضَئِيلةُ الخَلْق، وَرَجُلٌ عَشٌّ: مَهْزُولٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَضْحكُ منِّي أَن رأَتْني عَشّا، ... لبِستُ عَصْرَى عُصُرٍ فامْتَشَّا
بَشَاشَتي وعَمَلًا ففَشَّا، ... وَقَدْ أَراها وشَواها الحُمْشا
ومِشْفراً، إِن نطقَتْ أَرَشّا، ... كمِشْفَر النَّابِ تَلُوكُ الفَرْشا
الفَرْشُ: الغَمْضُ مِنَ الأَرض فِيهِ العُرفُط والسَّلَم، وإِذا أَكلَتْه الإِبلُ أَرْخت أَفواهَها؛ وَنَاقَةٌ عَشَّةٌ بيِّنة العَشَشِ والعَشاشة والعُشُوشةٍ، وَفَرَسٌ عَشُّ الْقَوَائِمِ: دقيقٌ. وعَشَّ بدنُ الإِنسان إِذا ضَمَر ونَحَل، وأَعَشّهُ اللَّه. والعَشُّ: الْجَمْعُ وَالْكَسْبُ. وعَشَّ المعروفَ يعُشّه عَشًّا: قلَّله؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَجّاجُ مَا نَيْلُك بالمَعْشُوشِ
وَسَقَى سَجْلًا عَشّاً أَي قَلِيلًا نَزِرًا؛ وأَنشد:(6/317)
يسقينَ لَا عَشّاً وَلَا مُصَرّدا
وعَشّشَ الخبزُ: يبِسَ وتكَرَّجَ، فَهُوَ مُعَشِّشٌ. وأَعَشَّه عَنْ حَاجَتِهِ: أَعْجَله. وأَعَشّ القومَ وأَعَشَّ بِهِمْ: أَعْجَلَهم عَنْ أَمرهم، وَكَذَلِكَ إِذا نَزَلَ بِهِمْ عَلَى كُرْه حَتَّى يَتَحَوَّلُوا مِنْ أَجله، وَكَذَلِكَ أَعْشَشْت؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَصِفُ الْقَطَاةَ:
وَصَادِقَةٌ مَا خبّرَتْ قَدْ بَعَثْتُها ... طَرُوقاً، وَبَاقِي الليلِ فِي الأَرض مُسْدِف
وَلَوْ تُرِكَتْ نامتْ، ولكنْ أَعَشّها ... أَذًى مَنْ قِلاصٍ كالحَنِيِّ المُعَطَّفِ
وَيُرْوَى: كالحِنّي، بِكَسْرِ الْحَاءِ. وَيُقَالُ: أَعْشَشْت القومَ إِذا نزَلْت مَنْزِلًا قَدْ نَزَلُوهُ قَبْلَكَ فآذَيْتهم حَتَّى تَحَوَّلُوا مِنْ أَجْلِك. وجاؤوا مُعاشِّين الصُّبْحَ أَي مُبادِرين. وعشَشْت القميصَ إِذا رقَعْته فَانْعَشَّ. أَبو زَيْدٍ: جَاءَ بِالْمَالِ مِنْ عِشِّه وبِشِّه وعِسِّه وبِسِّه أَي مِنْ حَيْثُ شَاءَ. وعَشّه بِالْقَضِيبِ عَشًّا إِذا ضَرَبَهُ ضَرَبَاتٍ. قَالَ الْخَلِيلُ: المَعَشّ المَطْلب، وَقَالَ غَيْرُهُ المَعَسّ، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: الاعْتِشاشُ أَن يمتارَ القومُ مِيرَةً لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ. وأَعْشاش: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ، وَقِيلَ فِي دِيَارِ بَنِي تَمِيمٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
عَزَفْتَ بأَعْشاشٍ، وَمَا كُنْتَ تَعْزِفُ، ... وأَنْكَرْتَ مِنْ حَدْراءَ مَا كنْتَ تَعْرِفُ
وَيُرْوَى: وَمَا كِدْتَ تَعْزِفُ؛ أَراد عَزَفْتَ عَنْ أَعشاش، فأَبدل الْبَاءَ مَكَانَ عَنْ، وَيُرْوَى بإِعْشاش أَي بكُرْهٍ؛ يَقُولُ. عَزَفْتَ بكُرْهِك عَمَّنْ كنْت تُحِبّ أَي صَرَفْتَ نفسَك. والإِعشاشُ: الكِبَرُ «1» .
عطش: العطَشُ: ضدُّ الرِّيّ؛ عطِشَ يعْطشُ عَطَشاً، وَهُوَ عاطِشٌ وعطِشٌ وعطُشٌ وعَطْشان، وَالْجَمْعُ عَطِشُون وعَطُشونَ وعِطاشٌ وعَطْشَى وعَطَاشَى وعُطَاشَى، والأُنثى عَطِشةٌ وعَطُشةٌ وعَطْشى وعَطْشانةٌ وَنِسْوَةٌ عِطاشٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ عَطْشان يُرِيد الحالَ، وَهُوَ عاطِشٌ غَدًا، وَمَا هُوَ بعاطشٍ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ. وَرَجُلٌ مِعْطاشٌ: كَثِيرُ العطَشِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وامرأَة مِعْطاشٌ. وعَطّشَ الإِبلَ: زَادَ فِي ظِمْئها أَي حبَسَها عَنِ الْمَاءِ، كَانَتْ نَوْبَتُها فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَو الرَّابِعِ فَسَقَاهَا فَوْقَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ. وأَعْطَشَها: أَمْسَكها أَقلَّ من ذلك؛ قال:
أَعْطَشَها لأَقْرَبِ الوَقْتين
والمُعَطَّشُ: المحبوسُ عَنِ الْمَاءِ عمْداً. والمَعاطِشُ: مواقِيتُ الظِّمْءِ، واحدُها مَعْطَشٌ، وَقَدْ يَكُونُ المَعْطَش مَصْدَرًا لِعَطِشَ يَعْطَشُ. وأَعْطَشَ القومُ: عطِشَت إِبِلُهم؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
ويَحْلفُ حَلْفةً لِبَنِي بَنِيه: ... لأَنتُمْ مُعْطِشون، وهُمْ رِواء
وَقَدْ أَعْطَشَ فُلَانٌ، وإِنه لمُعْطِشٌ إِذا عطِشَت إِبلُه وَهُوَ لَا يُريد ذَلِكَ. وزَرْعٌ مُعَطَّشٌ: لَمْ يُسْقَ. وَمَكَانٌ عَطِشٌ: قليلُ الْمَاءِ. والعُطاش: داءٌ يُصِيب الصَّبِيَّ فَلَا يُرْوَى، وَقِيلَ: يُصِيب الإِنْسان يَشْرَبُ الماءَ فَلَا يَروَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رَخَّص لِصَاحِبِ العُطاش، بِالضَّمِّ، واللَّهَث أَن يُفطِرا ويُطعِما.
العُطاشُ، بِالضَّمِّ: شِدَّةُ العَطَشِ، وَقَدْ يَكُونُ داءٌ يُشْرب مَعَهُ وَلَا يَرْوي صَاحِبُهُ. وعَطِشَ إِلى لِقَائِهِ أَي اشْتَاقَ. وإِني إِليك لعَطْشان، وإِني لأُجادُ إِليك، وإِني لَجَائِعٌ إِليك، وإِني لَمُلْتاحٌ
__________
(1) . قوله [الكبر] هو بهذا الضبط في الأَصل.(6/318)
إِليك، مَعْنَاهُ كُلِّهِ: مُشْتَاقٌ؛ وأَنشد:
وإِني لأُمْضِي الهَمَّ عَنْهَا تَجَمُّلًا، ... وإِني، إِلى أَسْماءَ، عَطْشانُ جائعُ
وَكَذَلِكَ إِني لأَصْوَرُ إِليه. وعَطْشان نَطْشَان: إِتباع لَهُ لَا يُفْرد. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيِّ: أَصلُ عَطْشان عَطْشاء مِثْلُ صَحْرَاءَ، وَالنُّونُ بَدَلٌ مِنْ أَلف التأْنيث، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنه يُجْمَعُ عَلَى عَطاشَى مِثْلِ صَحارَى. ومكانٌ عَطِشٌ وعطُشٌ: قَلِيلُ الْمَاءِ؛ قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كَانَ لِعَبْدِ الْمُطَلِّبِ بْنِ هَاشِمٍ سَيفٌ يُقَالُ لَهُ الْعَطْشَانُ، وَهُوَ الْقَائِلُ فِيهِ:
مَنْ خانَه سَيْفُه فِي يَوْمِ مَلْحَمةٍ، ... فإِنَّ عَطْشانَ لَمْ يَنْكُلْ وَلَمْ يَخُنِ
عفش: عَفَشَه يَعْفِشُه عَفْشاً: جَمَعَهُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: بِهِ عُفَاشةٌ مِنَ النَّاسِ ونُخاعةٌ ولُفاظةٌ، يَعْنِي مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ مِنَ الناس.
عفنجش: العَفَنْجَشُ: الجافي.
عقش: العَقْشُ: الجمعُ. والعَقْش «2» : نَبْتٌ ينبُت فِي الثُّمام والمَرْخ يتلَوّى كالعَصْبة عَلَى فَرْع الثُّمَامِ، وَلَهُ ثَمَرَةٌ خَمْريَّة إِلى الْحُمْرَةِ. والعَقْشُ: أَطرافُ قُضْبان الكرْم. والعَقْش: ثَمَرُ الأَراك، وَهُوَ الحَثَرُ والجَهَاضُ والجَهادُ والعلة «3» والكَبَاثُ.
عكش: عكَشَ عَلَيْهِ: حَمَلَ. وعَكِش النباتُ والشعرُ وتعَكَّش: كَثُرَ والتفَّ. وكلُّ شيءٍ لَزِمَ بعضُه بَعْضًا فَقَدْ تَعَكَّشَ. وشعرٌ عَكِشٌ ومُتَعَكِّشُ إِذا تلبَّد. وَشَعْرٌ عَكِشُ الأَطراف إِذا كَانَ جَعْداً. وَيُقَالُ: شَدَّ مَا عَكِش رأَسُه أَي لَزِمَ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَشَجَرَةٌ عَكِشَةٌ: كثيرةُ الْفُرُوعِ مُتَشَجِّنةٌ. والعُكَّاش: اللِّوَاء الَّذِي يتقَشَّع الشجرَ ويَلْتوي عَلَيْهِ. والعَكِشةُ: شَجَرَةٌ تَلَوَّى بِالشَّجَرِ تُؤْكَلُ، وَهِيَ طَيِّبَةٌ تُبَاعُ بِمَكَّةَ وجُدَّةَ، دَقِيقَةٌ لَا وَرَقَ لَهَا. والعَكْش: جَمْعُك الشَّيْءَ. والعَوْكشة: مِنْ أَدوات الحَرَّاثين، مَا تُدارُ بِهِ الأَكْداس المَدُوسة، وَهِيَ الحِفْراة أَيضاً. والعُكَاشة والعُكَّاشةُ: الْعَنْكَبُوتُ: وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ. وتَعَكَّشَ العنكبوتُ: قبَض قَوَائِمَهُ كأَنه يَنْسُج. والعُكَّاشُ: ذكَرُ الْعَنْكَبُوتِ. وعُكَيْشٌ وعُكَّاشةُ وعَكَّاشٌ: أَسماء. وعَكَاشُ، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعٌ. وعُكَّاش، بِالتَّشْدِيدِ، اسْمُ ماءِ لَبَنِي نُمَير. وَيُقَالُ لِبَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ: عُكَّاشةٌ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو. وعُكَّاشة بْنُ مِحْصن الأَسدي: مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ يخفف.
عكبش: عَكْبَشَه: شَدَّه وثَاقاً. والعَكْبَشةُ والكَرْبَشَةُ: أَخذُ الشَّيْءِ ورَبْطُه، يُقَالُ: كعْبَشه وكَرْبَشَه إِذا فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ. وَيُقَالُ: عَكْبَشه وعَكْشَبَه شَدَّه وَثاقاً.
عكرش: العِكْرِش نَبَاتُ شِبه الثِّيل خَشِنٌ أَشد خُشُونَةً مِنَ الثِّيلِ تأْكله الأَرانب: والعِكْرِشةُ: الأَرْنب الضَّخْمَةُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هِيَ الأَرنب الأُنثى، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تأْكل هَذِهِ البَقْلة؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ، الأَرانبُ تَسْكُنُ عَذَواتِ البِلاد النَّائِيَةِ عَنِ الرِّيفِ والماءِ وَلَا تَشْربُ الْمَاءَ، وَمَرَاعِيهَا الحَلَمة والنَّصِيُّ وقَمِيمُ الرُّطَب إِذَا هاجَ؛ والخُزَزُ الذكَر مِنَ الأَرانب، قَالَ: وسمِّيت أُنثى الأَرانب عِكْرِشةً لِكَثْرَةِ وَبرِها والْتِفافِه، شُبِّه
__________
(2) . قوله [والعفش إلى آخر المادة] فيه سكون العين وتحريكها.
(3) . قوله [والعلة] كذا بالأَصل من غير نقط، وفي شرح القاموس العثلة بالمثلثة.(6/319)
بالعِكْرِش لالْتِفافِه فِي منابِتِه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: عَنَّت لِي عِكْرِشةٌ فشَنَّقْتُها بِجَبُوبةٍ، فَقَالَ: فِيهَا جَفْرةٌ
؛ العِكْرِشةُ أُنثى الأَرانب، والجَفْرةُ: العَناقُ مِنَ الْمَعْزِ. الأَزهري: العِكْرِشُ مَنْبِتُه نُزُوزُ الأَرض الدَّقِيقَةِ وَفِي أَطرافِ ورقِه شوكٌ إِذا تَوَطَّأَه الإِنسانُ بِقَدَمَيْهِ أَدماهما؛ وأَنشد أَعرابي مَنْ بَنِي سَعْدٍ يُكْنى أَبا صَبْرَةَ:
اعْلِف حِمارَك عِكْرِشا، ... حَتَّى يَجِدَّ ويَكْمُشا
والعَكْرَشةُ: التقبُّضُ. وعِكْراشٌ رجلٌ كَانَ أَرْمَى أَهلِ زمانِه، قَالَ الأَزهري: هُوَ عِكْراشُ بْنُ ذُؤَيْب كَانَ قَدِم عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ رِوَايَةٌ إِن صحَّت. الأَزهري: عَجُوزٌ عِكْرِشةٌ، وعِجْرِمةٌ وعَضْمّزَةٌ وقَلَمّزةٌ، وَهِيَ اللَّئِيمَةُ القصيرة.
عكمش: العُكَمِشُ: القطيعُ الضَّخْمُ مِنَ الإِبل، وَالسِّينُ أَعْلَى.
علش: العِلَّوْشُ: الذِّئب؛ حِمْيريَّة، وَقِيلَ ابنُ آوَى. قَالَ الْخَلِيلُ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ شِينٌ بَعْدَ لَامٍ وَلَكِنْ كُلُّهَا قَبْلَ اللَّامِ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ وُجِد فِي كَلَامِهِمُ الشِّينُ بَعْدَ اللَّامِ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ: رَجُلٌ لَشْلاشٌ، وَسَنَذْكُرُهُ.
عمش: الأَعْمَشُ: الْفَاسِدُ الْعَيْنِ الذي [تَغْسَقُ] تَغْسِقُ عَيْنَاهُ، وَمِثْلُهُ الأَرْمَصُ. والعَمَشُ: أَن لَا تزالَ الْعَيْنُ تُسِيل الدَّمْعَ وَلَا يَكادُ الأَعْمشُ يُبْصِرُ بِهَا، وَقِيلَ: العَمَش ضَعْفُ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ مَعَ سيلانِ دَمْعِهَا فِي أَكثر أَوقاتِها. رَجُلٌ أَعْمَشُ وامرأَة عَمْشاءُ بيِّنا العَمَشِ، وَقَدْ عَمِشَ يَعْمَشُ عَمَشاً؛ وَاسْتَعْمَلَهُ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ فِي الإِبل فَقَالَ:
فأُقْسِم مَا عُمْشُ العُيونِ شَوارِفٌ ... رَوائِمُ بَوٍّ، حانِياتٌ عَلَى سَقْبِ،
والتَّعامُشُ والتَعْمِيشُ: التغافلُ عَنِ الشَّيْءِ. والعَمْشُ: مَا يَكُونُ فِيهِ صلاحُ البدنِ وزيادةٌ. والخِتانُ لِلْغُلَامِ عَمْشٌ لأَنه يُرَى فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ زيادةٌ. يُقَالُ: الخِتانُ صلاحُ الولدِ فاعْمُشُوه واعْبُشُوه أَي طَهِّرُوه، وَكِلْتَا اللُّغَتَيْنِ صَحِيحَةٌ. وَطَعَامٌ عَمْشٌ لَكَ أَي مُوافقٌ. وَيُقَالُ: عَمِشَ جسمُ الْمَرِيضِ إِذا ثَابَ إِليه؛ وَقَدْ عَمَّشَه اللَّه تَعْمِيشاً. وَفُلَانٌ لَا تَعْمَشُ فِيهِ الموعظةُ أَيْ لَا تَنْجَع. وَقَدْ عَمِشَ فِيهِ قولُك أَي نَجَع. والعُمْشوشُ: العُنْقود، يُؤْكَلُ مَا عَلَيْهِ ويُتْرك بعضُه، وَهُوَ العُمْشُوق أَيضاً. وتَعامَشْتُ أَمْرَ كَذَا وتَعَامَسْته، وتَغَامَصْته وتَغاطَشْته وتَغاطَسْته وتَغاشَيته كُلُّهُ بِمَعْنَى تغابَيْتُه.
عنش: عَنَشَ العُودَ والقضيبَ والشيءَ يَعْنِشُه عَنْشاً: عطَفَه. وعنَشَ النَّاقَةَ إِذا جذَبَها إِليه بالزِّمام كعَنَجَها. وعَنَشَ: دخَلَ. والمُعانَشةُ: المُعانَقةُ فِي الحرْب. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: عانَشْتُه وعانَقْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ صديقُ العِناشِ أَي العِناق فِي الحرْب. وعانَشَه مُعانَشَةً وعِناشاً واعْتَنَشَه: عانقَه وقاتَله؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيّة:
عِنَاش عَدُوٍّ لَا يَزَالُ مُشَمِّراً ... برَجْل، إِذا مَا الحَرْبُ شُبَّ سَعِيرُها
وأَسد عِنَاشٌ: مُعانِشٌ، وُصِف بِالْمَصْدَرِ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ يومَ القادِسِيّة: يَا مَعشرَ المسْلِمين كُونُوا أُسْداً عِنَاشاً
، وإِفرادُ الصفةِ والموصوفُ جمعٌ يُقَوِّي مَا قُلْنَا مِنْ أَنه وُصِف(6/320)
بِالْمَصْدَرِ وَالْمَعْنَى: كُونُوا أُسْداً ذاتَ عِناشٍ؛ وَالْمَصْدَرُ يُوصف بِهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ، تَقُولُ: رجلٌ ضَيْفٌ وقومٌ ضَيْفٌ. واعْتَنَشَ الناسَ: ظَلَمَهم؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسد:
وَمَا قولُ عَبْسٍ: وائِلٌ هُوَ ثَأْرُنا ... وقاتِلُنا، إِلَّا اعْتِناشٌ بباطِل
أَي ظُلْمٌ بِبَاطِلٍ. وَعَنَشَهُ عَنْشًا: أَغْضَبَه. وعُنَيْشٌ وعُنَّيْشٌ: اسْمَانِ. وَمَا لَهُ عُنْشُوشٌ أَي شَيْءٌ. وَمَا فِي إِبِلِه عُنْشُوشٌ أَي شيءٌ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ خَنَشَ: مَا لَهُ عُنْشُوشٌ أَي شَيْءٌ. والعَنَشْنَشُ: الطويلُ، وَقِيلَ: السريعُ فِي شَبابِه. وفرسٌ عَنَشْنَشَةٌ: سَرِيعَةٌ؛ قَالَ:
عَنَشْنَش تَعْدُو بِهِ عَنَشْنَشَةْ، ... للدِّرْعِ فَوْقَ ساعِدَيْه خَشْخَشَهْ
وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي قَوْلَ رُؤْبَةُ:
فَقُلْ لذاكَ المُزْعَجِ المَعْنُوشِ
وَفَسِّرْهُ فَقَالَ: المَعْنُوشُ المُسْتَفَزُّ المَسُوق. يُقَالُ: عَنَشَه يَعْنِشُه إِذا ساقَه. والمُعانَشةُ: المُفاخَرَةُ.
عنجش: العُنْجُشُ، الشيخُ المُتَقَبِّضُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وشَيْخ كَبِير يَرْقَعُ الشَّنَّ عُنْجُش
الأَزهري: العُنْجُش الشيخ الفاني.
عنفش: العِنْفِشُ: اللَّئِيمُ الْقَصِيرُ. الأَزهري: أَتانا فُلَانٌ مُعَنْفِشاً بلِحْيته ومُقَنْفِشاً. وَفُلَانٌ عِنْفاشُ اللحْيَة وعَنْفَشِيّ اللِّحْيَةِ وقِسْبار اللِّحْيَةِ إِذا كَانَ طويلَها.
عنقش: العِنْقاش: اللَّئِيمُ الوغْدُ؛ وَقَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:
لَمَّا رَماني الناسُ بابْنَيْ عَمِّي، ... بالقِرْدِ عِنْقاشٍ وبالأَصَمِّ،
قلْتُ لها: يا نَفْسي لا تَهْتَمِّي
عنكش: العَنْكَشةُ: التجمُّعُ. وعَنْكَشٌ: اسم.
عيش: العَيْشُ: الحياةُ، عاشَ يَعِيش عَيْشاً وعِيشَةً ومَعِيشاً ومَعاشاً وعَيْشُوشةً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كلُّ وَاحِدٍ مِنْ قَوْلِهِ مَعاشاً ومَعِيشاً يصْلُح أَن يَكُونَ مَصْدَرًا وأَن يَكُونَ اسْمًا مِثْلُ مَعابٍ ومَعِيبٍ ومَمالٍ ومَمِيلٍ، وأَعاشَه اللَّه عِيشةً رَاضِيَةً. قَالَ أَبو دُوَادٍ: وسأَله أَبوه مَا الَّذِي أَعاشَك بَعْدِي؟ فأَجابه:
أَعاشَني بَعْدَك وادٍ مُبْقِلُ، ... آكُلُ مِنْ حَوْذانِه وأَنْسِلُ
وعايَشَه: عاشَ مَعه كَقَوْلِهِ عاشَره؛ قَالَ قَعْنب بْنُ أُمّ صَاحِبٍ:
وَقَدْ عَلِمْتُ عَلَى أَنِّي أُعايِشُهُمْ، ... لَا نَبْرَحُ الدهرَ إِلا بَيْنَنا إِحَنُ
والعِيشةُ: ضربٌ مِنَ العَيْش. يُقَالُ: عاشَ عِيشةَ صِدْق وعِيشةَ سَوءٍ. والمَعاشُ والمَعِيشُ والمَعِيشةُ: مَا يُعاشُ بِهِ، وَجَمْعُ المَعِيشة مَعايِشُ عَلَى الْقِيَاسِ، ومَعائِشُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ*
؛ وأَكثر الْقُرَّاءُ عَلَى تَرْكِ الْهَمْزِ فِي مَعَايِشَ إِلا مَا رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ فإِنه همَزها، وَجَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ الْبَصْرِيِّينَ يزْعُمون أَن همزَها خطأٌ، وَذَكَرُوا أَن الْهَمْزَةَ إِنما تَكُونُ فِي هَذِهِ الْيَاءِ إِذا كَانَتْ زَائِدَةً مِثْلَ صَحِيفة وَصَحَائِفَ، فأَما مَعايشُ فَمِنَ العَيْش الياءُ أَصْليّةُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جمعُ المَعِيشة مَعايشُ بِلَا هَمْزٍ إِذا جَمَعْتَهَا عَلَى الأَصل، وأَصلها مَعْيِشةٌ، وَتَقْدِيرُهَا مَفْعِلة، والياءُ أَصلها مُتَحَرِّكَةً فَلَا تَنْقَلِبُ فِي الْجَمْعِ هَمْزَةً، وَكَذَلِكَ مَكايِلُ ومَبايِعُ ونحوُها، وإِن جَمَعْتَهَا عَلَى الفَرْع همزتَ وشبّهتَ مَفْعِلة(6/321)
بفَعِيلة كَمَا هَمَزْتَ المَصائب لأَن الْيَاءَ سَاكِنَةٌ؛ قَالَ الأَزهري فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مَعايش مَا يَعِيشون بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ الوُصْلةَ إِلى مَا يَعِيشون بِهِ، وأُسنِد هَذَا الْقَوْلُ إِلى أَبي إِسحق، وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: هِيَ المَعِيشة. قَالَ: والمَعُوشةُ لُغَةُ الأَزد؛ وأَنشد لحاجر بن الجَعْد «1» :
مِنَ الخَفِرات لَا يُتْمٌ غَذاها، ... وَلَا كَدُّ المَعُوشةِ والعِلاج
قَالَ أَكثر الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً
، إِن المَعِيشةَ الضَّنْكَ عذابُ الْقَبْرِ، وَقِيلَ: إِن هَذِهِ المعيشةَ الضنْك فِي نَارِ جَهَنَّمَ، والضَّنْكُ فِي اللُّغَةِ الضِّيقُ وَالشِّدَّةُ. والأَرض مَعاشُ الْخَلْقِ، والمَعاشُ مَظِنَّةُ الْمَعِيشَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً
؛ أَي مُلْتَمَساً للعَيْشِ. والتعَيُّشُ: تكلُّف أَسباب المَعِيشة. والمُتَعَيِّشُ: ذُو البُلْغة مِنَ العَيْشِ. يُقَالُ: إِنهم ليَتَعَيّشُون إِذا كَانَتْ لَهُمْ بُلْغةٌ مِنَ العَيْش. وَيُقَالُ: عَيْش بَنِي فُلَانٍ اللبَنُ إِذا كَانُوا يَعِيشون بِهِ، وعَيْشُ آلِ فُلَانٍ الخُبز والحَبّ، وعَيْشُهم التمْرُ، وَرُبَّمَا سمَّوا الْخُبْزَ عَيْشاً. والعائشُ: ذُو الْحَالَةِ الحسَنة. والعَيْش: الطَّعَامُ؛ يَمَانِيَةٌ. والعَيْش: المَطْعم والمَشْرب وَمَا تَكُونُ بِهِ الْحَيَاةُ. وَفِي مِثْلِ: أَنْتَ مرَّةً عَيْشٌ ومرَّةً جَيْشٌ أَي تَنْفع مَرَّةً وتضُرّ أُخْرى، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَنت مَرَّةً فِي عَيْشٍ رَخِيٍّ وَمَرَّةً فِي جَيشٍ غَزِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي لِرَجُلٍ: كَيْفَ فُلَانُ؟ قَالَ: عَيْشٌ وجَيْشٌ أَي مَرَّةً مَعِي وَمَرَّةً عليَّ. وعائشةُ: اسمُ امرأَة. وبَنُو عائشةَ: قَبِيلَةٌ مِنْ تَيْمِ اللَّاتِ، وَعَائِشَةُ مَهْمُوزَةٌ وَلَا تَقُلْ عَيْشة. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: تَقُولُ هِيَ عَائِشَةُ وَلَا تَقُلِ العَيْشة، وَتَقُولُ هِيَ رَيْطة وَلَا تَقُلْ رَائِطَةٌ، وَتَقُولُ هُوَ مِنْ بَنِي عيِّذ اللَّه وَلَا تَقُلْ عَائِذُ اللَّه. وَقَالَ اللَّيْثُ: فُلَانٌ العائِشِيّ وَلَا تَقُلِ العَيْشي مَنْسُوبٌ إِلى بَنِي عَائِشَةَ؛ وأَنشد:
عَبْدَ بَنِي عائشةَ الهُلابِعَا
وعَيَّاشٌ ومُعَيَّشٌ: اسمان.
عيدش: العَيْدَشُونُ: دُوَيْبّة.
فصل الغين المعجمة
غبش: الغَبَشُ: شدَّة الظُّلْمة، وَقِيلَ: هُوَ بَقِيَّةُ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: ظُلْمة آخِرِ اللَّيْلِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَغْباشَ لَيلٍ تَمَامٍ كَانَ طارَقَه ... تَطَخْطُخُ الغَيم، حَتَّى مَا لَه جُوَبُ
وَقِيلَ: هُوَ مِمَّا يَلِي الصبحَ، وَقِيلَ: هُوَ حِينَ يُصْبح؛ قَالَ:
فِي غَبَشِ الصُّبْح أَو التَّجَلِّي
وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ أَغْباش، وَالسِّينُ لُغَةٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَلَيْلٌ أَغْبَشُ وغَبِشٌ وَقَدْ غَبِشَ وأَغْبَشَ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
رَافِعٍ مَوْلَى أُم سَلَمَةَ أَنه سَأَل أَبا هُرَيْرَةَ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَقَالَ: صَلّ الفَجْرَ بِغَلَسٍ
، وَقَالَ ابْنُ بُكَير فِي حَدِيثِهِ: بغَبَش، فَقَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: قَالَ مالكٌ غَبَشٌ وغَلَسٌ وغَبَسٌ وَاحِدٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَعْنَاهَا بَقِيَّةُ الظُّلْمَةِ يُخالطها بَيَاضُ الفَجْر، فبَيَّنَ الخيطَ الأَبيض مِنَ الْخَيْطِ الأَسود، وَمِنْ هَذَا قِيلَ للأَدْلَم مِنَ الدَّوَابِّ: أَغْبَش. وقي الْحَدِيثِ:
أَنه صلَّى الْفَجْرَ بِغَبَشٍ
؛ يُقَالُ: غَبِشَ الليلُ وأَغْبَشَ إِذا أَظلم ظُلْمَةً يُخَالِطُهَا بَيَاضٌ؛ قَالَ الأَزهري: يُرِيدُ أَنه قدَّم صَلَاةَ الْفَجْرِ عِنْدَ أَوّل طُلُوعِهِ وَذَلِكَ الْوَقْتُ هُوَ الغَبَسُ، بالسين المهملة، وبَعْدَهُ
__________
(1) . قوله [لحاجر بن الجعد] كذا بالأَصل، وفي شرح القاموس: لحاجز بن الجعيد.(6/322)
الغَلَسُ، وَيَكُونُ الغَبَشُ بِالْمُعْجَمَةِ فِي أَوّل اللَّيْلِ أَيضاً؛ قَالَ: وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ فِي الموطإِ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ أَكثر. والغُبْشةُ: مِثْلُ الدُّلْمة فِي أَلوان الدَّوَابِّ. والغَبَشُ: مِثْلُ الغَبَس، والغَبَسُ بَعْدَ الغَلَس، قَالَ: وَهِيَ كُلُّهَا فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَيَكُونُ الغَبَسُ فِي أَول اللَّيْلِ. أَبو عُبَيْدَةَ: غَبِشَ اللَّيْلُ وأَغْبَشَ إِذا أَظلم. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: قَمَشَ عِلْماً غَارًّا بأَغْباش الفتْنة
أَي بظُلَمِها. وغَبَشَني يَغْبِشُني غَبْشاً: خَدعني. وغَبَشَه عَنْ حاجتِه يَغْبِشُه: خَدَعَهُ عَنْهَا. والتَغَبُّشُ: الظُّلْم؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَصْبَحْت ذَا بَغْيٍ، وَذَا تَغَبُّشِ، ... وَذَا أَضالِيلَ، وَذَا تَأَرُّشِ
وتَغَبَّشَني بِدَعْوَى باطلٍ: ادَّعَاهَا عَلَيَّ، وَقَدْ ذُكِر فِي حَرْفِ الْعَيْنِ. وَيُقَالُ: تَغَبّشَنا فلانٌ تَغَبُّشاً أَي ركِبَنا بالظُّلْم؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: مَا أَنا بغابِشِ النَّاسِ أَي مَا أَنا بغاشِمِهم. أَبو مَالِكٍ: غَبَشه وغشَمَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وغُبْشان: اسْمُ رَجُلٍ.
غرش: الغَرْشُ: حَمْل شَجَرٍ؛ يَمَانِيَّةٌ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَحُقّه.
غشش: الغِشُّ: نَقِيضُ النُّصْح وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الغَشَش المَشْرَب الكدِر؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ومَنْهَل تَرْوَى بِهِ غَيْرُ غَشَشْ
أَي غَيْرُ كَدِرٍ وَلَا قَلِيلٍ، قَالَ: وَمِنْ هَذَا الغشُّ فِي الْبِيَاعَاتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَيْسَ منَّا مَنْ غَشّنا
: قَالَ أَبو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ لَيْسَ مِنْ أَخْلاقِنا الغِش؛ وَهَذَا شَبِيهٌ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ:
المؤمِنُ يُطْبَع عَلَى كُلِّ شَيْءٍ إِلا الْخِيَانَةَ.
وَفِي رِوَايَةٍ:
مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنَّا
أَي لَيْسَ مِنْ أَخلاقنا وَلَا عَلَى سُنَّتنا. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وَلَا تَمْلأُ بَيْتَنا تَغْشِيشاً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ
وَهُوَ مِنَ الغِشِ
، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النَّمِيمَةِ، وَالرِّوَايَةُ بِالْمُهْمَلَةِ. وَقَدْ غَشَّه يَغُشُّه غِشّاً: لَمْ يَمْحَضْه النَّصيحة؛ وَشَيْءٌ مَغْشُوش. وَرَجُلٌ غُشٌّ: غاشٌّ، وَالْجَمْعُ غُشّونَ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
مُخَلّفون، ويَقْضِي الناسُ أَمْرَهُمُ، ... غُشُّو الأَمانةِ صُنْبُورٌ لِصُنْبُورِ
قَالَ: وَلَا أَعرف لَهُ جَمْعًا مُكَسَّرًا، وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ: غُسّو الأَمانةِ. واستَغَشّه واغْتَشّه: ظَنَّ بِهِ الغِشَّ، وَهُوَ خلافُ اسْتَنْصَحَه؛ قَالَ كُثيِّر عَزَّةَ:
فقُلْتُ، وأَسْرَرْتُ النَّدامَةَ: لَيْتَنِي، ... وكُنْت امرَأً أَغْتَشُّ كلَّ عَذُولِ،
سَلَكْتُ سَبيلَ الرائِحات عَشِيّةً ... مَخارِمَ نِسعٍ، أَو سَلَكْنَ سَبِيلي
واغْتَشَشْتُ فُلَانًا أَي عَدَدْته غَاشًّا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَيا رُبَّ مَنْ تَغتَشُّه لَكَ ناصحٌ، ... ومُنْتصِحٍ بالغَيْبِ غيرُ أَمِينِ «2»
وغَشَّ صدْرُه يَغِشُّ غِشّاً: غَلَّ. وَرَجُلٌ غَشٌّ: عظيمُي السُّرّة؛ قَالَ:
لَيْسَ بغَشٍّ، هَمُّه فِيمَا أَكَلْ
وَهُوَ يَجُوزُ أَن يَكُونَ فَعْلًا وأَن يَكُونَ كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي طَبٍّ وبَرٍّ مِنْ أَنهما فَعِلٌ. والغِشَاش: أَوّلُ الظُّلْمَة وآخرُها. وَلَقِيَهُ غِشَاشاً وغَشَاشاً أَي عِنْدَ الْغُرُوبِ. والغَشَاش والغِشَاش:
__________
(2) . قوله [ومنتصح] في الأَساس ومؤتمن.(6/323)
العَجَلةُ. يُقَالُ: لقيتُهُ عَلَى غِشَاشٍ وغَشَاشٍ أَي عَلَى عَجَلة؛ حَكَاهَا قُطْرُبٌ وَهِيَ كِنانيّة؛ وأَنشدتْ محمودةُ الْكِلَابِيَّةُ:
وَمَا أَنْسَى مَقالَتَها غِشَاشاً ... لَنَا، والليلُ قَدْ طرَدَ النهارَا
وصَاتَكَ بالعُهود، وَقَدْ رَأَيْنا ... غُرابَ البَيْن أَوْكَبَ، ثُمَّ طارَا
الأَزهري: يُقَالُ لقيتُه غَشاشاً وغِشاشاً، وَذَلِكَ عِنْدَ مُغَيْرِبان الشَّمْسِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا بَاطِلٌ وإِنما يُقَالُ لَقِيتُهُ غَشَاشاً وغِشَاشاً، وَعَلَى غَشَاشٍ وغِشَاشٍ إِذا لَقِيتَهُ عَلَى عَجَلَةٍ؛ وَقَالَ القَطامي.
عَلَى مكانٍ غَشَاشٍ [غِشَاشٍ] مَا يُنيحُ بِهِ ... إِلا مُغَيِّرُنا، والمُسْتَقِي العَجِل
وَقَالَ الْفَرَزْدَقِ:
فمَكَّنْتُ سَيْفِي مِنْ ذَواتِ رِماحِها ... غَشَاشاً [غِشَاشاً] ، وَلَمْ أَحْفَلْ بُكَاءَ رُعائِيا
وَرُوِيَ: مكانَ رُعَائِيَا. وشُرْبٌ غِشاشٌ ونوْمٌ غِشَاشٌ، كِلَاهُمَا: قليلٌ. قَالَ الأَزهري: شُرْبٌ غِشَاشٌ غَيْرُ مَرِيءٍ لأَن الْمَاءَ لَيْسَ بصافٍ وَلَا عَذْب وَلَا يَسْتَمْرِئُه شاربُه. والغَشَشُ: المَشْرب الكدِرُ؛ عَنِ ابْنِ الأَنباري، إِما أَن يَكُونَ مِنَ الغِشَاش الَّذِي هُوَ الْقَلِيلُ لأَن الشُّرْب يَقِلُّ مِنْهُ لكَدَرِه، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ الْغِشِّ الَّذِي هُوَ ضِدُّ النصيحة.
غطش: الغَطَشُ فِي الْعَيْنِ: شِبْهُ العَمَشِ، غَطِشَ غَطَشاً واغْطَاشَّ، وَرَجُلٌ غَطِشٌ وأَغْطَشُ وَقَدْ غَطِشَ وامرأَة غَطْشَى بَيّنا الغَطَشِ. والغَطَشُ: الضَّعْفُ فِي الْبَصَرِ كَمَا يَنْظُر بِبَعْضِ بَصَرِهِ؛ وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَا يَفْتَحُ عَيْنَيه فِي الشَّمْسِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أُرِيهُمُ بالنظَرِ التغْطِيش
والغُطَاشُ: ظلمةُ اللَّيْلِ واختلاطُه، لَيْلٌ أَغْطَشُ وَقَدْ أَغْطشَ الليلُ بِنَفْسِهِ. وأَغْطَشَه اللَّه أَي أَظْلَمه. وغَطَشَ الليلُ، فَهُوَ غاطِشٌ أَي مُظْلم. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَغْطَشَ لَيْلَها
، أَي أَظلم ليلَها. وَقَالَ الأَصمعي: الغَطْشُ السَّدَفُ. يُقَالُ: أَتيتُه غَطْشاً وَقَدْ أَغطَشَ اللَّيْلُ، وَجَعَلَ أَبو تُرَابٍ الغَطْشَ مُعاقِباً للغَبَش. ومفَازةٌ غَطْشى: غَمَّةُ المَسالكِ لَا يُهتدى فِيهَا؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي. وَفَلَاةٌ غَطْشَى: لَا يُهتدى لَهَا. والمُتَغاطِشُ: المُتعامي عَنِ الشَّيْءِ. وَفَلَاةٌ غَطْشاءُ وغَطِيشٌ: لَا يُهتدى فِيهَا لِطَرِيقٍ. وَفَلَاةٌ غَطْشى، مَقْصُورٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ: مُظْلمة حَكَاهَا مَعَ ظَمْأَى وغَرْثَى ونحوِهما مِمَّا قَدْ عُرِفَ أَنه مَقْصُورٌ؛ قَالَ الأَعشى:
ويَهْماء بِاللَّيْلِ غَطْشى الفَلاةِ، ... يُؤْنِسُني صوْتُ فيَّادِها
الأَصمعي فِي بَابِ الْفَلَوَاتِ: الأَرض اليَهْماء الَّتِي لَا يُهْتَدَى فِيهَا لطَريق، والغَطْشى مثلُه. وغَطِّشْ لِي شَيْئًا حَتَّى أَذْكُر أَي افْتَحْ لِي. اللِّحْيَانِيُّ: غَطِّشْ لِي شَيْئًا ووَطِّشْ لِي شَيْئًا أَي افْتَحْ لِي شَيْئًا ووجْهاً. وسَمَتَ لَهُمْ يسْمِتُ سَمْتاً إِذا هُوَ هيَّأَ لَهُمْ وجهَ الْعَمَلِ والرأْي وَالْكَلَامِ، وَقَدْ وَحَى لَهُمْ يَحي ووَطّشَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ مِنْ لُغَةِ أَبي ثَرْوَانَ. والمُتغاطِشُ: الْمُتَعَامِي عَنِ الشَّيْءِ. أَبو سَعِيدٍ: هُوَ يتَغاطَشُ عَنِ الأَمر ويَتَغاطَسُ أَي يَتَغافَلُ. ومِياهُ غُطَيْشٍ: مِنْ أَسماء السَّراب؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَهُوَ تَصْغِيرُ الأَغْطَش تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ وَذَلِكَ لأَن شِدَّةَ الْحَرِّ تَسْمَدِرُّ فِيهِ الأَبصارُ(6/324)
فَيَكُونُ كَالظُّلْمَةِ وَنَظِيرُهُ صَكّةُ عُمَيٍّ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي تَقْوِيَةِ ذَلِكَ:
ظَلِلْنا نخْبِطُ الظَّلْماءَ ظُهْراً ... لَدَيْه، والمَطِيُّ له أُوارُ
غطرش: غَطْرَشَ الليلُ بصَرَه: أَظلم عَلَيْهِ. التَّهْذِيبُ: غطرَش بصرُه غَطْرَشةً إِذا أَظلم.
غطمش: الغَطْمَشةُ: الأَخذ قَهْرًا. وتَغَطْمَشَ فُلَانٌ عَلَيْنَا تَغَطْمُشاً: ظلَمنا، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ غَطَمِّشاً. والغَطَمّشُ: العينُ الكَلِيلةُ النَّظَرِ. وَرَجُلٌ غَطَمّشٌ: كَلِيلُ الْبَصَرِ. وغطَمّشٌ: اسْمُ شَاعِرٍ، مِنْ ذَلِكَ؛ وَهُوَ مِنْ بَنِي شَقِرَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ ضبَّة، وَهُوَ الغَطَمَّشُ الضَّبِّيُّ؛ والغَطَمّشُ: الظَّالِمُ الجائرُ؛ قَالَ الأَخفش: وَهُوَ مِنْ بَنَاتِ الأَربعة مِثْلَ عَدَبّسٍ، وَلَوْ كَانَ مِنْ بَنَاتِ الْخَمْسَةِ وَكَانَتِ الأُولى نُونًا لأُظْهِرَتْ لِئَلَّا يلْتَبِس بمثل عَدَبّس.
غمش: الغَمَشُ: إِظلامُ الْبَصَرِ مِنْ جُوعٍ أَو عَطَشٍ، وَقَدْ غَمِشَ بصرُه غَمَشاً، فَهُوَ غَمِشٌ، وَالْعَيْنُ لُغَةٌ وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنها بَدَلٌ. والغَمَشُ: سوءُ الْبَصَرِ. والغَمَشُ: عارضٌ ثُمَّ يَذْهَبُ. وتَغَمَّشني بِدَعْوَى باطلٍ: ادَّعاها عليَّ.
غنبش: غَنْبَشٌ: اسم.
فصل الفاء
فتش: الفَتْشُ والتَّفْتيشُ: الطلبُ والبحثُ، وفتَشْت الشَّيْءَ فتْشاً وفتَّشَه تفْتيشاً مِثْلُهُ. قَالَ شَمِرٌ: فتَّشْت شِعْرَ ذِي الرُّمَّةِ أَطلُب فِيهِ بَيْتًا.
فجش: الفَجْشُ: الشَّدْخُ. فَجَشَه فَجْشاً: شَدَخَهُ؛ يَمَانِيَةٌ، وفَجَشْت الشَّيْءَ بِيَدِي. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: فَنْجَشٌ وَاسِعٌ. وفَجَشْت الشَّيْءَ: وسّعْته، قَالَ: وأَحْسَبُ اشْتِقَاقَهُ منه.
فحش: الفُحْش: مَعْرُوفٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الفُحْش والفَحْشاءُ والفاحِشةُ القبيحُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَجَمْعُهَا الفَواحِشُ. وأَفْحَشَ عَلَيْهِ فِي المَنْطِق أَي قَالَ الفُحْش. والفَحْشاءُ: اسْمُ الْفَاحِشَةِ، وَقَدْ فَحَشَ وفَحُشَ وأَفْحَشَ وفَحُشَ عَلَيْنَا وأَفْحَشَ إِفْحاشاً وفُحْشاً؛ عَنْ كُرَاعٍ وَاللِّحْيَانِيِّ، وَالصَّحِيحُ أَن الإِفْحاشَ والفُحْش الِاسْمُ. وَرَجُلٌ فاحِشٌ: ذُو فُحْش، وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّه يُبْغِضُ الفاحِشَ المُتَفَحِّشَ
، فالفاحِشُ ذُو الْفُحْشِ والخَنا مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، والمُتَفَحِّشُ الَّذِي يتكلَّفُ سَبَّ النَّاسِ ويتعمَّدُه، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الفُحْش وَالْفَاحِشَةِ وَالْفَاحِشِ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ كُلُّ مَا يَشتد قُبْحُه مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَكَثِيرًا مَا تَرِدُ الفاحشةُ بِمَعْنَى الزِّنَا وَيُسَمَّى الزِّنَا فَاحِشَةً، وَقَالَ اللَّه تَعَالَى: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ*
؛ قِيلَ: الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَن تَزْنِيَ فتُخْرَج لِلْحدّ، وَقِيلَ: الفاحشةُ خروجُها مِنْ بَيْتِهَا بِغَيْرِ إِذن زَوْجِهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَن تَبْذُوَ على أَحْمائِها بِذَرابةِ لِسَانِهَا فتُؤْذِيَهُم وتَلُوكَ ذَلِكَ. فِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَجْعل لَهَا سُكْنى وَلَا نَفَقَةً
وذَكر أَنه نَقَلها إِلى بَيْتِ ابْنِ أُم مَكتوم لبَذاءتِها وسَلاطةِ لِسانِها وَلَمْ يُبْطِلْ سُكْناها لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ.
وكلُّ خَصْلة قبيحةٍ، فَهِيَ فاحشةٌ مِنَ الأَقوال والأَفعال؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
قَالَ لِعَائِشَةَ لَا تَقُولِي ذَلِكَ فإِن اللَّه لَا يُحبُّ الفُحْشَ وَلَا التفاحُشَ
؛ أَراد بالفُحْش التَّعَدِّيَ فِي الْقَوْلِ وَالْجَوَابِ لَا الفُحْشَ الَّذِي هُوَ مِنْ قَذَعِ الْكَلَامِ وَرَدِيئِهِ، والتَّفاحُشُ تَفاعُلٌ مِنْهُ؛ وَقَدْ(6/325)
يَكُونُ الفُحْشُ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ وَالْكَثْرَةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ وَقَدْ سُئِل عَنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ فَقَالَ:
إِن لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا فَلَا بأْس.
وكلُّ شَيْءٍ جَاوَزَ قدرَه وحدَّه، فَهُوَ فاحِشٌ. وَقَدْ فَحُشَ الأَمر فُحْشاً وتفاحَشَ. وفَحَّشَ بِالشَّيْءِ: شَنَّعَ. وفَحُشَت المرأَةُ: قَبُحت وكبِرَت؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وعَلِقْتَ تُجْرِيهِمْ عَجُوزَك، بعد ما ... فَحُشَتْ محاسِنُها عَلَى الخُطَّاب
وأَفْحَشَ الرَّجُلُ إِذا قَالَ قَوْلًا فَاحِشًا، وَقَدْ فَحُشَ عَلَيْنَا فلانٌ وإِنه لَفَحّاشٌ، وتفَحّشَ فِي كَلَامِهِ، وَيَكُونُ المُتَفَحّشُ الَّذِي يأْتي بِالْفَاحِشَةِ المَنْهيّ عَنْهَا. وَرَجُلٌ فَحّاش: كَثِيرُ الفُحْش، وفَحُشَ قَوْلُهُ فُحْشاً. وكلُّ أَمر لَا يَكُونُ مُوَافِقًا للحقِّ والقَدْر، فَهُوَ فاحشةٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَالُوا فاحِشٌ وفُحَشاء كجاهلٍ وجُهلاء حَيْثُ كَانَ الفُحْشُ ضرْباً مِنْ ضُروب الْجَهْلِ ونَقِيضاً للحِلْم؛ وأَنشد الأَصمعي:
وَهَلْ عَلِمْت فُحَشاءَ جَهَلَهْ
وأَما قَوْلُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَعْنَاهُ يأْمركم بأَن لَا تَتَصَدَّقُوا، وَقِيلَ: الْفَحْشَاءُ هَاهُنَا البُخْل، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي البَخيلَ فَاحِشًا؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:
أَرى المَوْتَ يَعتامُ الكِرامَ، ويَصْطَفي ... عَقِيلةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ
يَعْنِي الَّذِي جَاوَزَ الْحَدَّ فِي الْبُخْلِ. وَقَالَ ابن بري: الفاحِشُ السَّيِء الخلُق الْمُتَشَدِّدُ الْبَخِيلُ. يَعْتامُ: يَخْتَارُ. يَصْطفي أَي يأْخذ صَفْوته وَهِيَ خِيارُه. وعَقِيلةُ الْمَالِ: أَكرمُه وأَنفَسُه؛ وتفحَّش عليهم بلسانه.
فدش: فَدَشه يَفْدِشُه فَدْشاً: دَفَعَهُ. وفَدَشَ الشيءَ فَدْشاً: شدَخَه. وامرأَة فَدْشاءُ، كمَدْشاء: لَا لَحْمَ عَلَى يَدَيْهَا. وَرَجُلٌ فَدِشٌ: أَخْرَقُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والفَدْش: أُنثى العَناكب؛ عن كراع.
فرش: فَرَشَ الشَّيْءَ يفْرِشُه ويَفْرُشُه فَرْشاً وفَرَشَه فانْفَرَش وافْتَرَشَه: بسَطَه. اللَّيْثُ: الفَرْشُ مَصْدَرُ فَرَشَ يَفْرِش ويفْرُش وَهُوَ بَسْطُ الْفِرَاشِ، وافْتَرشَ فُلَانٌ تُراباً أَو ثَوْبًا تَحْتَهُ. وأَفْرَشَت الْفَرَسُ إِذا اسْتَأْتَتْ أَي طَلَبَتْ أَن تُؤْتى. وافْتَرشَ فُلَانٌ لسانَه: تَكَلَّمَ كَيْفَ شَاءَ أَي بَسَطَهُ. وافْتَرشَ الأَسدُ وَالذِّئْبُ ذِرَاعَيْهِ: رَبَضَ عَلَيْهِمَا وَمَدَّهُمَا؛ قَالَ:
تَرى السِّرْحانَ مُفْتَرِشاً يَدَيه، ... كأَنَّ بَياضَ لَبَّتِه الصَّدِيعُ
وافتَرَشَ ذِرَاعَيْهِ: بَسَطَهُمَا عَلَى الأَرض. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهَى فِي الصَّلَاةِ عَنِ افْتِرَاشِ السَّبُعِ
، وَهُوَ أَن يَبْسُط ذِرَاعَيْهِ فِي السُّجُودِ وَلَا يُقِلَّهما ويرْفَعَهما عَنِ الأَرض إِذا سَجَد كَمَا يَفْتَرشُ الذئبُ وَالْكَلْبُ ذِرَاعَيْهِ وَيَبْسُطُهُمَا. والافْتِراشُ، افْتِعالٌ: مِنَ الفَرْش والفِراش. وافْتَرَشَه أَي وطِئَه. والفِراشُ: مَا افْتُرِش، وَالْجَمْعُ أَفْرِشةٌ وفُرُشٌ؛ سِيبَوَيْهِ؛ وإِن شِئْتَ خفَّفْت فِي لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ. وَقَدْ يُكَنَّى بالفَرْش عَنِ المرأَة. والمِفْرَشةُ: الوِطاءُ الَّذِي يُجْعل فَوْقَ الصُّفَّة. والفَرْشُ: المَفْروشُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً
؛ أَي وِطاءً لَمْ يَجْعلها حَزْنةً غَليظة لَا يُمْكِنُ الِاسْتِقْرَارُ عَلَيْهَا. وَيُقَالُ:(6/326)
لَقِيَ فُلَانٌ فُلَانًا فافْتَرَشَه إِذا صرَعَه. والأَرض فِراشُ الأَنام، والفَرْشُ الفضاءُ الْوَاسِعُ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ أَرض تَسْتوي وتَلِين وتَنْفَسِح عَنْهَا الْجِبَالُ. اللَّيْثُ: يُقَالُ فَرَّش فُلَانٌ دَارَهُ إِذا بلّطَها، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَذَلِكَ إِذا بَسَطَ فِيهَا الآجُرَّ والصَفِيحَ فَقَدْ فَرَّشَها. وتَفْرِيشُ الدَّارِ: تَبْلِيطُها. وجمَلٌ مُفْتَرِشُ الأَرض: لَا سَنام لَهُ، وأَكمةٌ مُفْتَرِشةُ الأَرض كَذَلِكَ، وكلُّه مِنَ الفَرْشِ. والفَرِيشُ: الثَوْرُ الْعَرَبِيُّ الَّذِي لَا سَنَامَ لَهُ؛ قَالَ طُرَيْحٌ:
غُبْس خَنابِس كُلُّهُنَّ مُصَدّرٌ، ... نَهْدُ الزُّبُنّة كالفَرِيشِ شَتِيمُ
وفَرَشَه فِراشاً وأَفْرَشَه: فَرَشَه لَهُ. ابْنُ الأَعرابي: فَرَشْتُ زَيْدًا بِساطاً وأَفْرَشْته وفَرَّشْته إِذا بَسَطت لَهُ بِساطاً فِي ضيافتِه، وأَفْرَشْته إِذا أَعْطَيته فَرْشاً مِنَ الإِبل. اللَّيْثُ: فَرَشْت فُلَانًا أَي فَرَشْت لَهُ، وَيُقَالُ: فَرَشْتُه أَمْري أَي بَسَطْتُهُ كلَّهُ، وفَرَشْت الشَّيْءَ أَفْرِشُه وأَفْرُشُه: بَسَطْتُهُ. وَيُقَالُ: فَرَشَه أَمْرَه إِذا أَوسَعه إِياه وبسَطه لَهُ. والمِفْرَشُ: شَيْءٌ كالشاذَكُونَة «1» . والمِفْرَشةُ: شَيْءٌ يَكُونُ عَلَى الرحْل يَقعد عَلَيْهَا الرَّجُلُ، وَهِيَ أَصغرُ مِنَ المِفْرَش، والمِفْرَش أَكبرُ مِنْهُ. والفُرُشُ والمَفارِشُ: النِّساءُ لأَنهن يُفتَرَشْن؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
مِنْهُمْ وَلَا هُلْك المَفارِش عُزَّل
أَي النِّسَاءُ، وافْتَرَشَ الرَّجُلُ المرأَة للّذَّة. والفَريشُ: الجاريةُ يَفْتَرِشُها الرجلُ. اللَّيْثُ: جَارِيَةٌ فَرِيشٌ قَدِ افْتَرَشَها الرَّجُلُ، فَعِيلٌ جَاءَ مِنِ افْتَعَل، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَمْ أَسمع جَارِيَةٌ فَرِيش لِغَيْرِهِ. أَبو عَمْرٍو: الفِراش الزَّوْجُ والفِراش المرأَة والفِراشُ مَا يَنامان عَلَيْهِ والفِراش الْبَيْتُ والفِراشُ عُشُّ الطائرِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلى فِراش عَزِيزَةٍ
والفَراشُ: مَوْقِع اللِّسَانِ فِي قَعْرِ الفمِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ
؛ قَالُوا: أَراد بالفُرُشِ نساءَ أَهل الْجَنَّةِ ذواتِ الفُرُشِ. يُقَالُ لامرأَة الرَّجُلِ: هِيَ فِراشُه وإِزارُه ولِحافُه، وَقَوْلُهُ مَرْفُوعَةٍ رُفِعْن بالجَمال عَنْ نِسَاءِ أَهلِ الدُّنْيَا، وكلُّ فاضلٍ رَفِيعٌ. وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
الولدُ للفِراشِ ولِلْعاهِر الحجَرُ
؛ مَعْنَاهُ أَنه لِمَالِكِ الفِراشِ وَهُوَ الزَّوْجُ والمَوْلى لأَنه يَفْتَرِشُها، هذا مِنْ مُخْتَصَرِ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ عز وجل: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ، يُرِيدُ أَهلَ القريةِ. والمرأَة تُسَمَّى فِراشاً لأَن الرَّجُلَ يَفْتَرِشُها. وَيُقَالُ: افْتَرَشَ القومُ الطريقَ إِذا سَلَكُوهُ. وافْتَرشَ فلانٌ كريمةَ فلانٍ فَلَمْ يُحْسنْ صُحْبَتَهَا إِذا تَزَوَّجَهَا. وَيُقَالُ: فلانٌ كريمٌ مُتَفَرِّشٌ لأَصحابه إِذا كَانَ يَفْرُشُ نفسَه لَهُمْ. وَفُلَانٌ كريمُ المَفارِشِ إِذا تَزَوَّجَ كرائمَ النِّساء. والفَرِيشُ مِنَ الْحَافِرِ: الَّتِي أَتى عَلَيْهَا مِنْ نِتاجها سبعةُ أَيام وَاسْتَحَقَّتْ أَن تُضرَبَ، أَتاناً كَانَتْ أَو فَرَساً، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ بالفَرِيشِ مِنَ النِّسَاءِ، وَالْجَمْعُ فَرائشُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
راحَتْ يُقَحِّمُها ذُو ازْملٍ وسَقَتْ ... لَهُ الفَرائِشُ والسُّلْبُ القَيادِيدُ
الأَصمعي: فرسٌ فَرِيشٌ إِذا حُمِلَ عَلَيْهَا بَعْدَ النِّتاج بِسَبْعٍ. والفَرِيشُ مِنْ ذَوَاتِ الْحَافِرِ: بِمَنْزِلَةِ النُّفَساء
__________
(1) . الشاذكونة: ثياب مُضرَّبَة تعمل باليمن [القاموس] .(6/327)
مِنَ النِّسَاءِ إِذا طهُرت وَبِمَنْزِلَةِ العُوذِ مِنَ النُّوقِ. والفَرْشُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ النَّبَاتُ. والفَرْشُ: الزَّرْعُ إِذا فَرَّشَ. وفَرَشَ النباتُ فَرْشاً: انْبَسَطَ عَلَى وَجْهِ الأَرض. والمُفَرِّشُ: الزَّرْعُ إِذا انْبَسَطَ، وَقَدْ فَرَّشَ تَفْريشاً. وفَراشُ اللِّسَانِ: اللُّحْمَةُ الَّتِي تَحْتَهُ، وَقِيلَ: هِيَ الْجِلْدَةُ الخَشْناء الَّتِي تَلِي أُصولَ الأَسْنان العُلْيا، وَقِيلَ: الفَراشُ مَوْقع اللِّسَانِ مِنْ أَسفل الحَنَك، وَقِيلَ: الفَراشَتانِ بِالْهَاءِ غُرْضُوفانِ عِنْدَ اللَّهاة. وفَراشُ الرأْس: عِظامٌ رِقاق تَلِي القِحْف. النَّضْرُ: الفَراشانِ عِرْقان أَخْضران تَحْتَ اللِّسَانِ؛ وأَنشد يَصِفُ فَرَسًا:
خَفِيف النَّعامةٍ ذُو مَيْعةٍ، ... كَثِيف الفَراشةِ نَاتِي الصُّرَد
ابْنُ شُمَيْلٍ: فَراشا اللجامِ الحَديدتانِ اللَّتَانِ يُرْبط بِهِمَا الْعِذَارَانِ، والعذَارانِ السَّيْرانِ اللَّذَانِ يُجْمعان عِنْدَ القَفا. ابْنُ الأَعرابي: الفَرْشُ الْكذِبُ، يُقَالُ: كَمْ تَفْرُش كَمْ وفَراشُ الرأْس: طرائقُ دِقاق مِنَ القِحْف، وَقِيلَ: هُوَ مَا رَقَّ مِنْ عظْم الْهَامَةِ، وَقِيلَ: كلُّ رقيقٍ مِنْ عظمٍ فَراشَةٌ، وَقِيلَ: كُلُّ عَظْمٍ ضُرب فَطَارَتْ مِنْهُ عظامٌ رِقاقٌ فَهِيَ الفَراش، وَقِيلَ: كُلُّ قُشور تَكُونُ عَلَى العظْم دُونَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هِيَ العِظامُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ رأْس الإِنسان إِذا شُجّ وكُسِر، وَقِيلَ: لَا تُسمى عِظامُ الرأْس فَراشاً حَتَّى تَتَبَيَّنَ، الْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ فَراشةٌ. والمُفَرِّشةُ والمُفْتَرِشةُ مِنَ الشِّجاجِ: الَّتِي تَبْلُغُ الفَراش. وَفِي حَدِيثِ
مَالِكٍ: فِي المُنَقِّلَةِ الَّتِي يَطيرُ فَراشُها خمسةَ عشرَ؛ المُنَقِّلَةُ مِنَ الشِّجاج الَّتِي تُنَقِّلُ الْعِظَامَ.
الأَصمعي: المُنَقِّلة مِنَ الشِّجَاجِ هِيَ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا فَراشُ الْعِظَامِ وَهِيَ قِشْرَةٌ تَكُونُ عَلَى الْعَظْمِ دُونَ اللَّحْمِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
ويَتْبَعُها منهمْ فَراشُ الحَواجِب
والفَراش: عَظْمُ الْحَاجِبِ. وَيُقَالُ: ضرَبه فأَطارَ فَراشَ رأْسه، وَذَلِكَ إِذا طَارَتِ الْعِظَامُ رِقاقاً مِنْ رأْسه. وَكُلُّ رَقِيقٍ مِنْ عَظْمٍ أَو حديدٍ، فَهُوَ فَراشةٌ؛ وبه سميت فَراشةُ القُفل لرِقَّتِها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: ضَرْبٌ يَطِير مِنْهُ فَراشُ الهامِ
؛ الفَراشُ: عِظَامٌ رِقَاقٌ تَلِي قِحْف الرأْس. الْجَوْهَرِيُّ: المُفَرِّشةُ الشَّجّةُ الَّتِي تَصْدَع الْعَظْمَ وَلَا تَهْشِم، والفَراشةُ: مَا شخَص مِنْ فُرُوعِ الْكَتِفَيْنِ فِيمَا بَيْنَ أَصْل الْعُنُقِ وَمُسْتَوَى الظَّهْرِ وَهُمَا فَراشا الْكَتِفَيْنِ. والفَراشَتان: طرَفا الْوَرِكَيْنِ فِي النُّقْرة. وفَراشُ الظَّهْر: مَشكّ أَعالي الضُّلُوع فِيهِ. وفَراشُ القُفْل: مَناشِبُه، واحدتُها فَراشة؛ حَكَاهَا أَبو عُبَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحْسبها عَرَبِيَّةً. وكلُّ حديدةٍ رَقِيقَةٍ: فَراشةٌ. وفَراشةُ القُفْل: مَا يَنْشَبُ فِيهِ. يُقَالُ: أَقْفَلَ فأَفْرَشَ. وفَراشُ النَّبِيذ: الحَبَبُ الَّذِي عَلَيْهِ. والفَرْشُ: الزَّرْع إِذا صَارَتْ لَهُ ثلاثُ ورَقاتٍ وأَرْبعٌ. وفَرْشُ الإِبِلِ وغيرِها: صِغارُها، الواحدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سواءٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: لَمْ أَسمع لَهُ بِجَمْعٍ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا سُمِّيَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَشَها اللَّهُ فَرْشاً أَي بَثَّها بَثّاً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً
؛ وفَرْشُها: كِبارُها؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
لَهُ إِبلٌ فَرْشٌ وذاتُ أَسِنَّة ... صُهابيّة، حانَتْ عَلَيْهِ حُقُوقُها
وَقِيلَ: الفَرْشُ مِنَ النَّعَم مَا لَا يَصْلح إِلا لِلذَّبْحِ.(6/328)
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الحَمُولةُ مَا أَطاقَ العملَ والحَمْلَ. والفَرْشُ: الصغارُ. وقال أَبو إِسحق: أَجْمَع أهْلُ اللُّغَةِ عَلَى أَن الفَرْشَ صِغارُ الإِبل. وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: الفَرْشُ صغارُ الإِبل، وإِن الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ مِنَ الفَرْش. قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قولُه عَزَّ وَجَلَّ: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ، فَلَمَّا جَاءَ هَذَا بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ حَمُولة وفرْشاً جَعَلَهُ لِلْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مَعَ الإِبل؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَنشدني غيرهُ مَا يُحَقّق قَوْلَ أَهل التَّفْسِيرِ:
ولنا الحامِلُ الحَمُولةُ، والفَرْشُ ... مِنَ الضَّأْن، والحُصُونُ السيُوفُ
وَفِي حَدِيثِ
أُذَينةَ: فِي الظُّفْرِ فَرْشٌ مِنَ الإِبل
؛ هُوَ صغارُ الإِبل، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مَا لَا يَصْلُحُ إِلا لِلذَّبْحِ. وأَفْرَشْتُه: أَعْطَيته فَرْشاً مِنَ الإِبل، صِغَارًا أَو كِبَارًا. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ يَذْكُرُ السَّنَة: وتركَتِ الفَرِيش مُسْحَنْكِكاً
أَي شديدَ السَّوَادِ مِنَ الِاحْتِرَاقِ. قِيلَ: الفَراش الصغارُ مِنَ الإِبل؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: هَذَا غيرُ صَحِيحٍ عِنْدِي لأَن الصِّغارَ مِنَ الإِبل لَا يُقَالُ لَهَا إِلا الفَرْش. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَكُمُ الْعَارِضُ والفَريشُ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هِيَ الَّتِي وَضَعَت حَدِيثًا كالنُّفَساء مِنَ النِّسَاءِ. والفَرْشُ: مَنَابِتُ العُرْفُط؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَشْعَث أَعْلى مَالِهِ كِففٌ لَهُ ... بفَرشِ فلاةٍ، بينَهنَّ قَصِيمُ
ابْنُ الأَعرابي: فَرْشٌ مِنْ عُرْفُط وقَصِيمَةٌ مِنْ غَضاً وأَيكةٌ مِنْ أَثْلٍ وغالٌّ مِنْ سَلَم وسَليلٌ مِنْ سَمُر. وفَرْشُ الْحَطَبِ وَالشَّجَرِ: دِقُّه وصِغارُه. وَيُقَالُ: مَا بِهَا إِلا فَرْشٌ مِنَ الشَّجَرِ. وفَرْشُ العِضاهِ: جماعتُها. والفَرْشُ: الدارةُ مِنَ الطّلْح، وَقِيلَ: الفَرْشُ الغَمْضُ مِنَ الأَرض فِيهِ العُرْفُطُ والسَّلَم والعَرْفَجُ والطَّلْح والقَتاد والسَّمُر والعَوْسجُ، وَهُوَ يَنْبُتُ فِي الأَرض مُسْتَوِيَةً مِيلًا وَفَرْسَخًا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَقَدْ أَراها وشَواها الحُبْشا ... ومِشْفَراً، إِن نطَقَتْ، أَرَشَّا
كمِشْفَرِ النابِ تَلُوكُ الفَرْشا
ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: إِن الإِبل إِذا أَكلت الْعُرْفُطَ وَالسَّلَمَ استَرْخت أَفواهُها. والفَرْشُ فِي رِجْل الْبَعِيرِ: اتساعٌ قَلِيلٌ وَهُوَ مَحْمُودٌ، وإِذا كثُر وأَفرط الرَّوَحُ حَتَّى اصطَكَّ العُرْقوبان فَهُوَ العَقَل، وَهُوَ مَذْمُومٌ. وَنَاقَةٌ مَفْرُوشةُ الرِّجْل إِذا كَانَ فِيهَا اسْطار «2» وَانْحِنَاءٌ؛ وأَنشد الْجَعْدِيُّ:
مَطْويَّةُ الزَّوْرِ طيَّ البئْرِ دَوْسَرة، ... مَفْروشة الرِّجْل فَرْشاً لَمْ يَكُنْ عَقَلا
وَيُقَالُ: الفَرْشُ فِي الرِّجْل هُوَ أَن لَا يَكُونَ فِيهَا انْتِصابٌ وَلَا إِقْعاد. وافْتَرَشَ الشيءُ أَي انْبَسَطَ. وَيُقَالُ: أَكَمَةٌ مُفْتَرِشةُ الظَّهْر إِذا كَانَتْ دكَّاءَ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفة: لَكُمُ العارِض والفَريشُ
؛ الفَريشُ مِنَ النَّبَاتِ: مَا انْبَسط عَلَى وَجْهِ الأَرض وَلَمْ يَقُم عَلَى سَاقٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الفَرْشُ مَدْح والعَقَل ذمٌّ، والفَرْشُ اتِّسَاعٌ فِي رِجْل الْبَعِيرِ، فَإِنْ كثُر فَهُوَ عَقَل. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الفَرْشةُ الطريقةُ الْمُطْمَئِنَّةُ مِنَ الأَرض شَيْئًا يقودُ اليومَ وَاللَّيْلَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، قَالَ. وَلَا يَكُونُ إِلا فِيمَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض وَاسْتَوَى وأَصْحَرَ، وَالْجَمْعُ فُرُوش. والفَراشة: حِجَارَةٌ عِظَامٌ أَمثال الأَرْحاء تُوضَعُ أَوّلًا ثُمَّ يُبْنى عَلَيْهَا الركِيبُ وَهُوَ حَائِطُ النَّخْلِ. والفَراشةُ:
__________
(2) . قوله: اسْطار؛ هكذا في الأَصل.(6/329)
الْبَقِيَّةُ تَبْقَى فِي الْحَوْضِ مِنَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ الَّذِي تُرَى أَرض الْحَوْضِ مِنْ وَرَائِهِ مِنْ صَفائه. والفَراشةُ: مَنْقَع الْمَاءِ فِي الصفاةِ، وجمعُها فَراشٌ. وفَراشُ القاعِ وَالطِّينِ: مَا يَبِسَ بَعْدَ نُضُوب الْمَاءِ مِنَ الطِّينِ عَلَى وَجْهِ الأَرض، والفَراشُ: أَقلُّ مِنَ الضَّحْضاح؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الحُمُر:
وأَبْصَرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُه ... فَراشاً، وأَنَّ البَقْلَ ذَاوٍ ويابِسُ
والفَراشُ: حَبَبُ الماءِ مِنَ العَرَقِ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَرَقِ: عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَراش المَسِيح فَوْقَه يَتَصَبَّبُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف هَذَا الْبَيْتَ إِنما الْمَعْرُوفُ بَيْتُ لَبِيدٍ:
عَلا المسْك والدِّيباج فوقَ نُحورِهم ... فَراش المسيحِ، كالجُمَان المُثَقَّب
قَالَ: وأَرى ابْنَ الأَعرابي إِنما أَراد هَذَا الْبَيْتَ فأَحالَ الروايةَ إِلا أَن يَكُونَ لَبِيدٌ قَدْ أَقْوى فَقَالَ:
فَرَاشُ الْمَسِيحِ فَوْقَهُ يَتَصَبَّبُ
قَالَ: وإِنما قُلْتُ إِنه أَقْوى لأَنّ رَوِيَّ هَذِهِ القصيدةِ مجرورٌ، وأَوّلُها:
أَرى النفسَ لَجّتْ فِي رَجاءٍ مُكَذَّبِ، ... وَقَدْ جَرّبَتْ لَوْ تَقْتَدِي بالمُجَرَّبِ
وَرَوَى الْبَيْتَ: كَالْجُمَانِ المُحَبّبِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَنْ رفعَ الفَراشَ ونَصَبَ المِسْكَ فِي الْبَيْتِ رفَعَ الدِّيباجَ عَلَى أَن الْوَاوَ لِلْحَالِ، ومَنْ نَصَبَ الفَراشَ رفعَهما. والفَرَاشُ: دوابٌّ مِثْلُ الْبَعُوضِ تَطير، واحدتُها فَراشةٌ. والفرَاشةُ: الَّتِي تَطير وتَهافَتُ فِي السِّراج، وَالْجَمْعُ فَراشٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ
، قَالَ: الفَراش مَا تَراه كصِغارِ البَقِّ يَتَهافَتُ فِي النَّارِ، شَبَّهَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الناسَ يومَ البَعْث بِالْجَرَادِ المُنْتَشر وبالفَراش الْمَبْثُوثِ لأَنهم إِذا بُعِثُوا يمُوج بعضُهم فِي بَعْضٍ كَالْجَرَادِ الَّذِي يَمُوج بعضُه فِي بَعْضٍ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ كالغَوْغاءِ مِنَ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُول يَوْمَئِذٍ بعضُهم فِي بَعْضٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ: الفَراشُ الَّذِي يَطِير؛ وأَنشد:
أَوْدى بِحِلْمِهمُ الفِياشُ، فِحلْمُهم ... حِلْمُ الفَراشِ، غَشِينَ نارَ المُصْطَلي «1»
:
أَزرَى بحِلمِكُمُ الفِياشُ، فأنتمُ ... مثلُ الفَراش غَشِين نَارَ الْمُصْطَلِي
وَفِي الْمَثَلِ: أَطْيَشُ مِنْ فَراشةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فتَتَقادَعُ بِهِمْ جَنْبةُ السِّراطِ تَقادُعَ الفَراشِ
؛ هُوَ بِالْفَتْحِ الطَّيْرُ الَّذِي يُلْقي نفسَه فِي ضَوْءِ السِّراج؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
جَعَلَ الفَراشُ وَهَذِهِ الدوابُّ تَقَعُ فِيهَا.
والفَراشُ: الخفيفُ الطَّيّاشَةُ مِنَ الرِّجَالِ. وتَفَرّش الطائرُ: رَفْرَفَ بِجَنَاحَيْهِ وبسَطَهما؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ يَصِفُ رَبِيئَةً:
فَأَتانا يَسْعَى تَفَرُّشَ أُمّ البَيْض ... شَدّاً، وَقَدْ تَعالى النهارُ
وَيُقَالُ: فَرَّشَ الطائرُ تَفْرِيشاً إِذا جَعَلَ يُرَفْرِف عَلَى الشَّيْءِ، وَهِيَ الشَّرْشَرةُ والرَفْرَفةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَتِ الحُمَّرةُ فَجَعَلَتْ تفَرّش
؛ هُوَ أَن تَقْرب مِنَ الأَرض وتَفْرُش جَناحيها وتُرَفْرِف. وضرَبَه فَمَا أَفْرَش عَنْهُ حَتَّى قَتَلَه أَي مَا أَقْلعَ عَنْهُ، وأَفْرَش عَنْهُمُ الموتُ أَي ارْتفع؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَفْرَشَ عَنْهُ أَي مَا أَقْلَع؛ قَالَ يزيد
__________
(1) . هذا البيت لجرير وهو في ديوانه على هذه الصورة(6/330)
بْنُ عَمْرِو بْنِ الصَّعِق «1» :
نحْنُ رُؤوسُ القومِ بَيْنَ جَبَلَهْ، ... يومَ أَتَتْنا أَسَدٌ وحَنْظَلَهْ،
نَعْلُوهُمُ بِقُضُبٍ مُنْتَخَلَهْ، ... لَمْ تَعْدُ أَن أَفْرَشَ عَنْهَا الصَّقَلَهْ
أَي أَنها جُدُدٌ. وَمَعْنَى مُنْتَخَلة: مُتَخَيَّرة. يُقَالُ: تَنَخَّلْت الشيءَ وانْتَخَلْته اخْتَرْته. والصَّقَلةُ: جمعُ صاقِل مِثْلُ كَاتِبٍ وكَتَبة. وَقَوْلُهُ لَمْ تَعْدُ أَن أَفْرَشَ أَي لَمْ تُجاوِزْ أَن أَقْلَع عَنْهَا الصقلةُ أَي أَنها جُدُدٌ قَرِيبةُ العهدِ بالصَّقْلِ. وَفَرَشَ عَنْهُ: أَرادَه وتهيّأَ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِلا أَن يَكُونَ مَالًا مُفْتَرَشاً
أَي مَغْصُوبًا قَدِ انْبَسطت فِيهِ الأَيْدي بِغَيْرِ حَقٍّ، مِنْ قَوْلِهِمْ: افْتَرَش عِرْضَ فلانٍ إِذا اسْتباحَه بالوَقِيعة فِيهِ، وحقيقتُه جَعَله لِنَفْسِهِ فِراشاً يطؤُه. وفَرْش الجَبَا: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كُثيّر عَزَّةَ:
أَهاجَك بَرْقٌ آخِرَ الليلِ واصِبُ، ... تضَمَّنَه فَرْشُ الجَبا فالمَسارِبُ؟
والفَرَاشةُ: أَرض؛ قَالَ الأَخطل:
وأَقْفَرت الفَراشةُ والحُبَيّا، ... وأَقْفَر، بَعْد فاطِمةَ، الشَّقِيرُ «2»
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ فَرْش، بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَسْكِينِ الرَّاءِ، وادٍ سلَكه النبي، صلى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، حِينَ سارَ إِلى بدر، واللَّه أَعلم.
فرطش: فَرْطَشَ الرجلُ: قَعَدَ ففَتح مَا بَيْنَ رِجْليه. اللَّيْثُ: فَرْشَحَت الناقةُ إِذا تَفَحّجَت للحَلْب وفَرْطَشَت للبَوْل؛ قَالَ الأَزهري: كَذَا قرأْته فِي كِتَابِ اللَّيْثِ، قَالَ: وَالصَّوَابُ فَطْرَشَت إِلا أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا.
فشش: الفَشُّ: تَتَبُّع السَّرَقِ الدونِ، فَشَّه يَفُشّه فَشّاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نحْنُ ولِيناهُ فَلَا نَفُشُّه، ... وابنُ مُفاض قائمٌ يَمُشُّه
يأْخذ مَا يُهْدَى لَهُ يَقُشُّه، ... كَيْفَ يُؤَاتِيه وَلَا يَؤُشّه؟
وانْفَشّت الرياحُ: خَرَجَتْ عَنِ الزِّق وَنَحْوِهِ. والفَشُّ: الحلْبُ، وَقِيلَ: الحلْبُ السريعُ. وفَشّ الناقةَ يَفُشُّها فَشًّا: أَسْرع حَلْبَها، وفَشّ الضرعَ فَشّاً: حلَب جميعَ مَا فِيهِ. وَنَاقَةٌ فَشُوشٌ: مُنْتَشِرةُ الشَّخْبِ أَي يتَشَعّبُ إِحْلِيلُها مِثْلُ شُعَاعِ قَرْن الشمسِ حِينَ يطْلع أَي يتفَرّقُ شَخْبُها فِي الإِناء فَلَا يُرَغّي بيّنةُ الفَشَاشِ، وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَشُعَيْبٍ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: لَيْسَ فِيهَا عَزُوزٌ وَلَا فَشُوشٌ
؛ الفَشُوش: الَّتِي يَنْفَشّ لبنُها مِنْ غَيْرِ حَلْب أَي يَجْري لسَعةِ الإِحْليل، وَمِثْلُهُ الفَتوح والثَّرُور. والفَشْفَشةُ: ضَعْفُ الرأْي. والفَشْفَشةُ: الخَرُّوبة. ابْنُ الأَعرابي: الفَشّ الطَّحْرَبةُ والفَشُّ النَّميمة والفَشُّ الأَحْمَق. والخَرُوبُ يُقَالُ لَهُ: الفَشّ. وفشَّ الرطْبَ فَشّاً: أَخْرَج زُبْدَة. وفَشَّ القِرْبةَ
__________
(1) . قوله [قال يزيد إلخ] هكذا في الأَصل، والذي في ياقوت وأَمثال الميداني:
لم أَر يوماً مثل يوم جبله ... لما أَتتنا أسد وحنظله
وغطفان والملوك أزفله ... نعلوهم بقضب منتخله
وزاد الميداني:
لَمْ تَعْدُ أَن أَفرش عنها الصقله
(2) . قوله [الشقير] كذا بالأَصل هنا وفي مادة شقر بالقاف، وفي ياقوت: الشفير بالفاء.(6/331)
يَفُشّها فَسّاً: حلَّ وِكاءَها فخرجَ رِيحُها. والفَشُوش: السقاءُ الَّذِي يَتَحَلّب. وَفِي بَعْضِ الأَمثال: لأَفُشّنَّكَ فَشَّ الوَطْبِ أَي لأُزِيلَنَّ نَفْخَك؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: مَعْنَاهُ لأَحلُبَنّك وَذَلِكَ أَن يُنْفَخ ثُمَّ يُحَلّ وِكاؤُه ويُتْرك مَفْتُوحًا ثُمَّ يُمْلأَ لبَناً، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: لأَفُشَّنَّ وَطْبَك أَي لأَذْهَبَنّ بكِبْرِك وتِيهِك؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مَعْنَاهُ لأُخْرِجَنَّ غَضَبَك مِنْ رأْسك، مِنْ فَشَّ السقاءَ إِذا أَخْرج مِنْهُ الرِّيحَ، وَهُوَ يُقَالُ للغَضْبان، وَرُبَّمَا قَالُوا: فَشّ الرجُلُ إِذا تَجَشّأَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الشيطانَ يفُشُّ بَين أَلْيَتَي أَحدِكم حَتَّى يُخَيِّلَ إِليه أَنه قَدْ أَحْدث
أَي يَنْفُخ نَفْخاً ضَعِيفًا. وَيُقَالُ: فُشّ السقاءُ إِذا خَرَجَ مِنْهُ الرِّيحُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَنْصَرِف حَتَّى يَسْمع فَشِيشَها
أَي صوتَ رِيحِهَا، قَالَ: والفَشِيشُ الصَّوْتُ، وَمِنْهُ فَشِيشُ الأَفعى، وَهُوَ صَوْتُ جِلْدِهَا إِذَا مشَتْ فِي اليَبَسِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الْمَوَالِي: فأَتت جاريةٌ فأَقبلت وأَدبرت وإنَي لأَسْمع بَيْنَ فَخْذَيْهَا مِنْ لَفَفِها مثلَ فَشِيش الحَرابِش
؛ قَالَ: هِيَ جِنْسٌ مِنَ الْحَيَّاتِ وَاحِدُهَا حِرْبِش. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: جَاءَهُ رجلُ فَقَالَ: أَتيْتُك مِنْ عِنْدِ رجلٍ يَكْتُب المصاحفَ مِنْ غَيْرِ مُصْحَف، فغَضِبَ حَتَّى ذَكرتُ الزِّقَّ وانتفاخَه قَالَ: مَنْ؟ قلتُ: ابنُ أُمِّ عَبْدٍ، فذكرتُ الزِّقَّ وانفشاشَه
، يُرِيدُ أَنه غَضِب حى انْتَفَخَ غَيْظاً ثُمَّ لَمَّا زَالَ غضبُه انْفَشَّ انتفاخُه، والانْفِشاش: انْفِعال مِنَ الفَشّ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ مَعَ ابْنِ صَيَّادٍ: فَقُلْتُ لَهُ اخْسَ «1» فَلَنْ تَعْدُو قَدْرَك فكأَنه كَانَ سِقَاءً فُشّ
أَي فُتِح فانْفَشّ مَا فِيهِ وخَرَجَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا غَضِب فَلَمْ يَقْدِر عَلَى التَّغْيِيرِ: فَشاشِ فُشِّيه مِنِ استِه إِلى فِيه. وَيُقَالُ لِلسِّقَاءِ إِذا فُتح رأْسُه وأُخْرِج مِنْهُ الريحُ: فُشَّ، وَقَدْ فُشّ السِّقَاءُ يُفَشُّ. وفَشَشْت الزِّقَّ إِذا أَخْرَجْت ريحَه. والفَشُوش: النَّاقَةُ الواسعةُ الإِحْليل. والفَشُوش والمُقَصِّعةُ والمُطَحْرِبةُ: الأَمةُ الفَشّاء. وَيُقَالُ: انْفَشَّت عِلَّةُ فلانٍ إِذا أَقبل مِنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَعطهم صدَقَتك وإِن أَتاك أَهْدَلُ الشَّفَتَيْنِ مُنْفَشُّ المَنْخِرين
أَي مُنْتفخهما مَعَ قُصُورِ المارِن وانْبِطاحه، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الزَّنْجِ والحَبَشِ فِي أُنوفِهم وشِفاهِهم، وَهُوَ تأْويل قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَطيعوا وَلَوْ أُمِّر عَلَيْكُمْ عبدٌ حبشِيٌّ مُجَدَّعٌ
، وَالضَّمِيرُ فِي أَعطهم لأُولي الأَمر. والفَشُّ: الفَسْوُ. والفَشُوشُ مِنَ النِّسَاءِ: الضَّرُوط، وَقِيلَ: هِيَ الرِّخْوةُ المَتاعِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَقْعُدُ عَلَى الجُرْدان؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وازْجُرْ بَني النجّاخةِ الفَشُوشِ
وفَشَّ المرأَةَ يَفُشُّها فَشّاً: نَكحَها، وفَشَّ القُفْلَ فَشّاً: فتَحه بِغَيْرِ مِفْتَاحٍ. والانْفِشاش: الِانْكِسَارُ عَنِ الشَّيْءِ والفَشَلُ. وانْفَشَّ الرَّجُلُ عَنِ الأَمر أَي فَتَر وكَسِل. وانْفَشَّ الجُرْح: سكَن ورَمُه؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. والفَشُّ: الأَكْل؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فبِتُّم تَفُشُّون الخَزِيرَ كأَنَّكمْ ... مُطَلَّقةٌ يَوْمًا، وَيَوْمًا تُراجَعُ
وفَشَّ القومُ يَفِشُّون فُشوشاً: أَحْيَوْا بَعْدَ هُزال. وأَفَشُّوا: انْطَلَقُوا فجَفَلوا. والفَشُّ مِنَ الأَرض: الهَجْل الَّذِي لَيْسَ بجُدٍّ عَمِيقٍ وَلَا مُتَطامِنٍ جِدّاً. والفَشّ: حَمْل اليَنْبُوت، وَاحِدَتُهُ فَشَّةٌ وجمعها
__________
(1) . قوله [اخس] كذا بالأَصل والنهاية، والذي في مسلم اخسأ بهمزة آخره.(6/332)
فِشَاشٌ. والفَشُوشُ: الخَرُّوب. والفِشّاش والفِشْفاش: كِسَاءٌ رَقِيقٌ غَلِيظُ النَّسج، وَقِيلَ: الفِشَّاشُ الْكِسَاءُ الْغَلِيظُ، والفَشُوش: الْكِسَاءُ السَّخِيف. وَفِي حَدِيثِ
شَقِيقٍ: أَنه خرَج إِلى الْمَسْجِدِ وَعَلَيْهِ فِشّاش لَهُ
؛ وَهُوَ كِسَاءٌ غَلِيظٌ. وفَشِيشةُ: بئرٌ لِحَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ لَقَبٌ لِبَنِي تَمِيمٍ؛ وأَنشد:
ذَهَبَتْ فَشِيشةُ بالأَباعِر حَوْلَنا ... سَرَقاً، فصَبَّ عَلَى فَشِيشةَ أَبْجَرُ
وفَشْفَشَ ببَوْله: نضَحه. وفَشْفَش الرجلُ: أَفرط فِي الْكَذِبِ. وَرَجُلٌ فَشْفاش: يَتَنَفّجُ بِالْكَذِبِ ويَنْتحِل مَا لِغَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: سَمَّيْتُك الفَشْفَاشَ
، يَعْنِي سَيْفَه وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُحْكَم عملُه. وفَشْفَشَ فِي الْقَوْلِ إِذا أَفرط فِي الْكَذِبِ. والفَشْفاش: عُشْبة نَحْوُ البَسْباسِ، واحدته فَشْفاشة.
فطرش: الأَزهري: اللَّيْثُ فَرْشَحَت الناقةُ إِذا تَفَحَّجت للحَلْب وفَرْطَشَت لِلْبَوْلِ؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا قرأْته فِي كِتَابِ اللَّيْثِ، وَالصَّوَابُ فَطْرَشَت إِلا أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا.
فنش: التَّهْذِيبُ: قَالَ أَبو تُرَابٍ سَمِعْتُ السُّلَمِيَّ يَقُولُ: نَبَّشَ الرجلُ فِي الأَمر وفَنَّشَ إِذا اسْترْخى فِيهِ. وَقَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ القَيْسيِّين يَقُولُونَ: فَنَّشَ الرَّجُلُ عَنِ الأَمر وفَيَّش إِذا خامَ عنه.
فنجش: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: ابْنُ دُرَيْدٍ فَنْجَشٌ واسعٌ. وفَجَشْتُ الشيءَ: وسَّعته، قَالَ: وأَحسب اشْتِقَاقَهُ منه.
فندش: الفَنْدَشةُ: الذَّهَابُ فِي الأَرض. وفَنْدَشٌ: اسْمٌ؛ قَالَ:
أَمِنْ ضَرْبةٍ بالعُودِ، لَمْ يَدْمَ كَلْمُها، ... ضَرَبْت بِمَصقُولٍ عُلاوةَ فَنْدَشِ؟
التَّهْذِيبُ: غُلَامٌ فَنْدَش إِذا كَانَ ضَابِطًا. وَقَدْ فَنْدَشَ غيرَه إِذا غلَبَه؛ وأَنشد بَعْضُ بَنِي نُمَيْرٍ:
قَدْ دَمَصَت زَهْراء بِابْنِ فَنْدَشِ، ... يُفَنْدِشُ الناسَ ولم يُفَنْدَشِ
فيش: الفَيْشةُ: أَعْلى الهامةِ. والفَيْشةُ: الكَمَرة، وَقِيلَ: الفَيْشةُ الذكَرُ الْمُنْتَفِخُ، وَالْجَمْعُ فَيْشٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وفَيْشة لَيْسَتْ كهذِي الفَيْش
يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد الْجَمْعَ وأَن يَكُونَ أَراد الْوَاحِدَةُ فَحَذَفَ الْهَاءَ. والفَيْشَلةُ: كالفَيْشةِ، اللَّامُ فِيهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ زائدةٌ كَزِيَادَتِهَا فِي عَبْدَلٍ وزَيْدَلٍ وأُولالك، وَقَدْ قِيلَ إِن اللَّامَ فِيهَا أَصل كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. اللَّيْثُ: الفَيْشُ الفَيْشَلةُ الضَّعِيفَةُ وَقَدْ تَفايَشا أَيهما أَعظمْ كمَرَةً. والفَيْشُوشةُ: الضَّعْفُ والرَّخاوةُ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
أَوْدَى بحِلمِهِمُ الفِياشُ، فحِلْمُهم ... حِلْمُ الفَرَاشِ، غَشِينَ نارَ المُصْطَلي
الْجَوْهَرِيُّ: الفَيْشُ والفَيْشةُ رأْسُ الذكَر. وَرَجُلٌ فَيُوشٌ: ضَعيفٌ جَبان؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَنْ مُسْمَهِرٍّ لَيْسَ بالفَيُوشِ
وفاشَ الرجلُ فَيْشاً وَهُوَ فَيُوشٌ: فَخَر، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَفْخَر وَلَا شَيْءَ عِنْدَهُ. وفايَشَه مُفايَشةً وفِياشاً: فاخَرَه. وَرَجُلٌ فَيَّاشٌ: مُفايِشٌ. وجاؤوا يَتَفايَشُون أَي يتفاخَرُون ويَتكاثَرُون، وَقَدْ فايَشْتم فِيَاشاً. وَيُقَالُ: فاشَ يَفِيشُ وفَشَّ يَفِشُّ بِمَعْنًى كَمَا يُقَالُ ذَامَ يَذِيمُ وذَمَّ يَذُمُّ. والفِيَاشُ: المُفاخرَةُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:(6/333)
أَيُفايِشُون، وَقَدْ رَأَوْا حُفّاثَهم ... قَدْ عَضَّه، فقَضَى عَلَيْهِ الأَشْجَعُ؟
والفَيْش: النَّفْجُ يُرِي الرجلُ أَن عِنْدَهُ شَيْئًا وَلَيْسَ عَلَى مَا يُرِي. وَفُلَانٌ صاحبُ فِيَاشٍ ومُفايَشةٍ، وَفُلَانٌ فَيّاشٌ إِذا كَانَ نَفَّاخًا بِالْبَاطِلِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ طائلٌ. والفِيَاشُ: الطَّرْمَذَةُ. وَذُو فائِشٍ: مَلِكٌ؛ قَالَ الأَعشى:
تَؤمّ سَلامةَ ذَا فائِشٍ، ... هُوَ اليومُ جَمٌّ لِميعادِها
فصل القاف
قرش: القَرْشُ: الْجَمْعُ والكسبُ وَالضَّمُّ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا يُضَمُّ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ. ابْنُ سِيدَهْ: قَرَشَ قَرْشاً جَمَعَ وضمَّ مِنْ هُنَا وَهُنَا، وقَرَشَ يَقْرِشُ ويَقْرُشُ قَرْشاً، وَبِهِ سُمِّيَتْ قُرَيش. وتَقَرَّش القومُ: تجمَّعوا. والمُقَرِّشةُ: السَنةُ المَحْل الشَّدِيدَةُ لأَن النَّاسَ عِنْدَ المَحْل يَجْتَمِعُونَ فتنْضمُّ حَوَاشِيهِمْ وقَواصِيهم؛ قَالَ:
مُقَرّشات الزمَنِ المَحْذور
وقَرَشَ يَقْرِش ويقْرُش قَرْشاً واقْتَرَشَ وتَقَرّش: جَمَعَ وَاكْتَسَبَ. والتَّقْرِيشُ: الاكتسابُ؛ قَالَ رُؤْبَةٌ:
أُولاك هَبَّشْتُ لَهُمْ تَهْبِيشي ... قَرْضي، وَمَا جَمَّعْتُ مِنْ قُرُوشي
وَقِيلَ: إِنما يُقَالُ اقْتَرَشَ وتَقَرَّشَ للأَهل. يُقَالُ: قَرَشَ لأَهله وتَقَرَّش واقْتَرَش وَهُوَ يَقْرِشُ ويقْرُشُ لِعِيَالِهِ ويَقْتَرش أَي يَكْتَسِبُ، وقَرَش فِي مَعِيشته، مُخَفَّفٌ. وتَقَرَّشَ: دَبِقَ ولَزِقَ. وقَرَشَ يَقْرِشُ ويقْرُش قَرْشاً: أَخذ شَيْئًا. وتَقَرَّشَ الشيءَ تَقَرُّشاً: أَخذه أَوّلًا فأَوّلًا؛ عَنِ اللِّحْيَانِي. وقَرَشَ مِنَ الطَّعَامِ: أَصاب مِنْهُ قَلِيلًا. والمُقْرِشةُ مِنَ الشِّجاج: الَّتِي تَصْدَعُ العَظْم وَلَا تَهْشِمه. يُقَالُ: أَقْرَشَت الشجّةُ، فَهِيَ مُقْرِشةٌ إِذا صَدَعت الْعَظْمَ وَلَمْ تُهَشِّمْ. وأَقْرَشَ بِالرَّجُلِ: أَخبَره بعُيوبه، وأَقْرَشَ بِهِ وقَرّشَ: وَشَى وحَرَّشَ؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حلِّزة:
أَيها الناطقُ المُقَرِّشُ عَنَّا ... عِنْدَ عَمْرٍو، وَهَلْ لِذَاكَ بَقاءُ؟ «2»
؟ عَدَّاه بِعَنْ لأَن فِيهِ مَعْنَى النَّاقِلِ عَنَّا. وَقِيلَ: أَقْرَشَ بِهِ إِقْراشاً أَي سَعَى بِهِ ووقَعَ فِيهِ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. وَيُقَالُ: اقْتَرَشَ فلانٌ بِفُلَانٍ إِذا سَعَى بِهِ وبغَاه سُوءاً. وَيُقَالُ: واللَّه مَا اقْتَرَشْت بِكَ أَي مَا وَشَيْتُ بِكَ. والمُقَرِّشُ: المُحَرِّشُ. والتَّقْريشُ: مِثْلُ التَحْرِيش. وتَقَرَّشَ عَنِ الشَّيْءِ: تَنَزَّهَ عَنْهُ. والقَرَشةُ «3» : صَوْتٌ نَحْوَ صَوْتِ الجَوْزِ والشَّنِّ إِذا حرّكْتَهما. واقْتَرَشَت الرماحُ وتَقَرَّشَت وتَقارشَت: تطاعَنُوا بِهَا فصَكَّ بعضُها بَعْضًا وَوَقَعَ بعضُها عَلَى بَعْضٍ فسمعْتَ لَهَا صَوْتًا، وَقِيلَ: تَقَرُّشُها وتَقارُشُها تَشاجُرُها وتداخُلُها فِي الحرْب؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
إِمّا تَقَرّشْ بِكَ السلاحُ، فَلَا ... أَبْكِيكَ إِلا للدَّلْو والمَرَسِ
وَقَالَ الْقُطَامِيُّ:
قَوارِش بالرِّماحِ، كأَنَّ فِيهَا ... شَواطِنَ يَنْتَزعْنَ بها انْتزاعا
__________
(2) . في معلقة الحرث بن حِلِّزة: المُرقّش بدل المُقَرّش.
(3) . قوله [والقرشة] كذا ضبط في الأَصل.(6/334)
وتَقارشت الرماحُ: تَداخَلَتْ فِي الحرْب. والقَرْشُ: الطعنُ. وتَقارَشَ القومُ: تَطاعَنُوا. والقِرْشُ: دَابَّةٌ تَكُونُ فِي الْبَحْرِ المِلْح؛ عَنْ كُرَاعٍ. وقُرَيشٌ: دابةٌ فِي الْبَحْرِ لَا تدَع دَابَّةً إِلا أَكلتها فَجَمِيعُ الدواب تخافُها. وقُرَيش: قبيلةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَبوهم النَّضِرُ بْنُ كِنَانَةَ بْنُ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلياس بْنِ مُضَرَ؛ فكلُّ مَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ النَّضِرِ، فَهُوَ قُرَشِيٌّ دُونَ ولدِ كِنَانَةَ ومَنْ فوقَه، قِيلَ. سُمّوا بِقُرَيْشٍ مُشْتَقٌّ مِنَ الدَّابَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا الَّتِي تَخافُها جميعُ الدَّوَابِّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذِكْرِ قُرَيْشٍ قَالَ: هِيَ دابةٌ تَسْكُنُ الْبَحْرَ تأْكل دَوَابَّهُ
؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ البَحْر، ... بِهَا سُمّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشا
وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لتَقَرُّشِها أَي تجمُّعِها إِلى مَكَّةَ مِنْ حَوَالَيْهَا بَعْدَ تفرُّقِها فِي الْبِلَادِ حِينَ غَلَبَ عَلَيْهَا قُصَيّ بْنُ كِلاب، وَبِهِ سُمِّي قصيٌّ مُجَمِّعاً، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِقُرَيْشِ بْنِ مَخْلَد بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ كَانَ صَاحِبَ عَيْرِهِمْ فَكَانُوا يَقُولُونَ: قدِمَت عيرُ قُرَيش وَخَرَجَتْ عَيْرُ قُرَيْشٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لتَجْرِها وتكسُّبها وضَرْبِها فِي الْبِلَادِ تَبْتَغي الرِّزْقَ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنهم كَانُوا أَهلَ تِجَارَةٍ وَلَمْ يَكُونُوا أَصحابَ ضَرْع وزرْع مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ يَتَقَرَّشُ المالَ أَي يَجْمَعُه؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمِمَّا غَلب عَلَى الْحَيِّ قُريشٌ؛ قَالَ: وإِن جَعَلْتَ قُرَيشاً اسمَ قَبِيلَةٍ فَعَرَبِيٌّ؛ قَالَ عَدِيّ بْنُ الرِّقَاع يَمْدَحُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ:
غَلَبَ المَسامِيحَ الوليدُ سَماحةً، ... وكَفى قُرَيشَ المُعْضِلاتِ وَسَادَهَا
وإِذا نَشَرْت لَهُ الثناءَ، وجَدْتَه ... وَرِثَ المَكارِمَ طُرْفَها وتِلادَها
المَسامِيحُ: جمعُ مِسْماحٍ، وَهُوَ الكثيرُ السَّمَاحَةِ. والمُعْضِلاتُ: الأُمورُ الشِّدادُ؛ يَقُولُ: إِذا نَزَلَ بِهِمْ مُعْضِلة وأَمْرٌ فِيهِ شدّةٌ قَامَ بِدَفْعِ مَا يَكْرَهُونَ عَنْهُمْ، وَيُرْوَى: جَمَعَ الْمَكَارِمَ. وَقَوْلُهُ: طُرْفَها أَراد طُرُفها، بِضَمِ الرَّاءِ. فأَسْكن الرَّاءَ تَخْفِيفًا وإِقامةً لِلْوَزْنِ، وَهُوَ جمعُ طَريفٍ، وَهُوَ مَا اسْتَحْدَثَه مِنَ الْمَالِ، والتلادُ مَا وَرِثَه وَهُوَ الْمَالُ الْقَدِيمُ فَاسْتَعَارَهُ للكرَمِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ المُسْتَحْسَن لَهُ فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ وَلَمْ يُسْبق إِليه فِي صِفَةِ وَلَدِ الظَّبْيَةِ:
تُزْجي أَغَنَّ، كأَنَّ إِبرةَ رَوْقِهِ ... قَلَمٌ أَصابَ مِنَ الدَّواةِ مِدادَها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ:
وَجَاءَتْ مِنْ أَباطِحِها قُرَيشٌ، ... كَسَيل أَتِيِّ بِيشةَ حينَ سَالَا
قَالَ: عِنْدِي أَنه أَراد قرَيشُ غَيْرُ مَصْرُوفٍ لأَنه عَنى الْقَبِيلَةَ، أَلا تَرَاهُ قَالَ جَاءَتْ فأَنث؟ قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد: وَجَاءَتْ مِنْ أَباطحها جَمَاعَةُ قُرَيشٍ فأَسند الْفِعْلَ إِلى الْجَمَاعَةِ، فقُريشٌ عَلَى هَذَا مذكرٌ اسمٌ لِلْحَيِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِن أَردت بقُرَيش الحيَّ صرفْتَه، وإِن أَردت بِهِ القبيلةَ لَمْ تَصْرِفْهُ، وَالنَّسَبُ إِليه قُرَشِيّ نَادِرٌ، وقُرَيْشِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ؛ قَالَ:
ولسْتُ بِشاوِيٍّ عَلَيْهِ دَمامةٌ، ... إِذا مَا غَدا يَغْدُو بِقَوْسٍ وأَسْهُمِ
ولكنَّما أَغْدُو عَلَيَّ مُفاضةٌ، ... دِلاصٌ كأَعْيانِ الجرادِ المُنَظَّم(6/335)
بِكُلِّ قُرَيْشِيٍّ، عَلَيْهِ مَهابةٌ، ... سَريعٍ إِلى دَاعِي النَّدى والتكرُّم
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَبياتُ الكتابِ، فالأَول فِيهِ شاهدٌ عَلَى قَوْلِهِمْ شَاوِيٌّ فِي النَّسَبِ إِلَى الشَّاءِ، وَالثَّانِي فِيهِ شَاهِدٌ عَلَى جَمْعِ عَيْنٍ عَلَى أَعْيانٍ، وَالثَّالِثُ فِيهِ شَاهِدٌ عَلَى قَوْلِهِمْ قُرَيْشِيّ بإِثبات الْيَاءِ فِي النَّسَبِ إِلى قُرَيش؛ مَعْنَاهُ أَني لَسْتُ بِصَاحِبِ شاءٍ يَغْدُو مَعَهَا إِلى المَرْعى مَعَهُ قوسٌ وأَسْهُمٌ يَرْمِي الذئابَ إِذا عَرَضَت لِلْغَنَمِ، وإِنما أَغْدُو في كلب الفُرْسان وعَليَّ دِرْعٌ مُفاضةٌ وَهِيَ السابِغةُ والدِّلاصُ البَرّاقةُ، وشَبَّهَ رُؤوسَ مساميرِ الدرْع بعُيون الْجَرَادِ. والمُنَظّم: الَّذِي يَتْلُو بعضُه بَعْضًا. وَفِي التَّهْذِيبُ: إِذا نسَبوا إِلى قُرَيشٍ قَالُوا: قُرَشِيّ، بِحَذْفِ الزِّيَادَةِ، قَالَ: وَلِلشَّاعِرِ إِذا اضْطَرَّ أَن يَقُولَ قُرَيْشِيّ. وَالْقُرَشِيَّةُ: حنْطةٌ صُلْبة فِي الطَّحْن خَشِنةُ الدقيقِ وسَفاها أَسْوَدُ وَسُنْبُلَتُهَا عَظِيمَةٌ. أَبو عَمْرٍو: القِرْواشُ والحَضِرُ والطُّفَيْليّ وَهُوَ الواغِلُ والشَّوْلَقِيّ. ومُقارِشٌ وقِرْواشٌ: اسْمَانِ.
قرعش: القُرْعُوشُ والقِرْعَوْشُ: الجَمَلُ الذي له سنامان.
قرمش: قَرْمَشَ الشيءَ: جمَعَه. والقَرْمَشُ والقَرَمّشُ الأَوْخاش مِنَ الناس. وفيها قَرْمَشٌ [قَرْمِشٌ] [قِرْمَشٌ] [قِرْمِشٌ] مِنَ النَّاسِ أَي أَخلاط. وَرَجُلٌ قَرَمّشٌ: أَكولٌ؛ وأَنشد:
إِني نَذِيرٌ لَكَ مِنْ عَطِيّه، ... قَرَمّشٌ لِزادِه وعِيّه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرِ الوَعِيَّة، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه مِنَ وَعَى الجُرْحُ إِذا أَمَدَّ وأَنْتن كأَنه يُبْقي زادَه حَتَّى يُنْتِنَ، فوَعِيّة عَلَى هَذَا اسْمٌ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ فَعِيلة مِنْ وَعَيْتَ أَي حفِظْت كأَنه حَافِظٌ لِزَادِهِ، وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ، فوَعِيّة حِينَئِذٍ صفة.
قشش: قَشَّ القومُ يَقُشُّون ويَقِشُّون قُشُوشاً، وَالضَّمُّ أَعْلى: أَحْيَوْا بَعْدَ هُزال. وأَقَشُّوا إِقْشاشاً وانْقَشُّوا: انْطَلَقُوا وجَفَلوا، فَجَعَلُوا الْفَاءَ لُغَةً «1» ، فَهُمْ مُقِشُّون. قَالَ: وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا لِلْجَمِيعِ فَقَطْ. والقَشُّ: مَا يُكْنَسُ مِنَ الْمَنَازِلِ أَوْ غَيْرِهَا. والقَشُّ والتقْشَيشُ والاقْتِشاشُ والتقَشّشُ: تطَلّبُ الأَكل مِنْ هُنَا وَهُنَا ولَفُّ مَا يُقْدر عَلَيْهِ. والقَشِيشُ والقُشَاشُ: مَا اقْتَشَشْته، وَرَجُلٌ قَشَّان وقَشَّاش وقَشُوش ومِقَشّ. وقَشَّ الشَّيْءَ يَقُشُّه قَشّاً: جَمَعَهُ. وقَشَّ الماءُ قَشِيشاً: صَوَّتَ. وقَشَّشَهم بِكَلَامِهِ: سَبَعَهم وآذاهم. والقِشَّةُ: دُوَيْبّة شِبْه الخُنْفساء أَو الجُعَل. والقِشَّةُ، بِالْكَسْرِ: الأُنثى مِنْ وَلَدِ القُرود، وَقِيلَ: هِيَ كُلُّ أُنثى مِنْهَا؛ يَمَانِيَةٌ، وَالذَّكَرُ رُبّاحٌ. وَفِي حَدِيثِ
جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كُونُوا قِشَشاً
؛ هِيَ جَمْعُ قِشَّة وَهِيَ الْقِرْدُ، وَقِيلَ جِرْوُه، وَقِيلَ دُوَيْبّة تُشْبِه الجُعَلَ. والقِشَّةُ: الصَّبِيّةُ الصغيرةُ الجُثّةِ القصيرةُ الجُبَّةِ الَّتِي لَا تَكَادُ تَنْبُت وَلَا تَنْمي، يُقَالُ: إِنما هِيَ قِشَّةٌ. والقَشُّ: رَدِيءُ التَّمْرِ نَحْوَ الدَّقَل، عُمانِيّة؛ قَالَ:
يَا مُقْرِضاً قَشّاً ويُقْضَى بَلْعَقا
والبَلْعَقُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَجَمْعُهُ قُشُوشٌ. وقَشَّ الرَّجُلُ مِنْ مَرَضِه يَقشُّ قُشُوشاً وتقَشْقَشَ: بَرأَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للقَرْح والجُدَرِيّ إِذا يَبِس وتَقَرَّفَ وللجَرَب فِي الإِبل إِذا قَفَل: قَدْ تَوَسَّفَ جلدُه وتقَشَّر جلْدُه وتقَشْقَشَ جلدُه. والقَشْقَشَةُ: تَهيُّؤُ البُرْء وَقَدْ تقَشْقَشَ. وتَقَشْقَشَ
__________
(1) . يريد بقوله: جعلوا الفاء لغة أَي أنهم قالوا أَفشوا، بالفاء، بمعنى أَقشوا، بالقاف.(6/336)
الجُرْحُ: تَقَرَّفَ قَرْحُه للبُرْء. والمُقَشْقِشَتان: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، لأَنهما كَانَا يُبْرَأُ بِهِمَا مِنَ النِّفَاقِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كَمَا يُقَشْقِشُ الهِنَاءُ الجرَبَ فيُبْرِئُه، وَقِيلَ: هُمَا: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ
كَانَ يُقَالُ لِسُورَتَيْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، المُقَشْقِشَتان
، سُمِّيتا مُقَشْقِشَتَين لأَنهما تُبرِئان مِنَ الشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ إِبراءَ المريضِ مِنْ علَّته. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِذا بَرَأَ الرَّجُلُ مِنْ عِلّته قِيلَ: قَدْ تَقَشْقَشَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّاتِعِ الَّذِي يلقُطُ الشَّيْءَ الحقيرَ مِنَ الطَّعَامِ فيأْكله: القَشّاشُ والرمّامُ، وَقَدْ قَشَّ يَقُشُّ قَشّاً. والقَشُّ: أَكْلُ كِسَرِ السُّؤَالِ. والقَشُّ: أَكلُ مَا عَلَى المزابِل مِمَّا يُلْقِيه الناسُ. وصُوفةُ الهِناءِ إِذا عَلِقَ بِهَا الهِناءُ ودُلِك بِهَا البعيرُ وأُلقِيَت، فَهِيَ قِشَّةٌ. والقَشْقَشةُ: حكايةُ الصَّوْتِ قَبْلَ الهَدير فِي مَخْض الشَقْشِقةِ قَبْلَ أَن يَزْغَدَ البَكْرُ بِالْهَدِيرِ. قَالَ الأَزهري: الَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ فِي القَشْقَشةِ أَنه الصَّوْتُ قَبْلَ الْهَدِيرِ فَهُوَ الكشْكَشةُ، بِالْكَافِ، وَهُوَ الكَشِيشُ، فإِذا ارْتَفَعَ قَلِيلًا فَهُوَ الكَتِيتُ. والقَشْقَشةُ: نَشِيشُ اللَّحْمِ فِي النَّارِ. والقِشْقِشةُ: ثمرةُ أُمّ غَيْلان، والجمع قِشْقِش.
قطش: ابْنُ الأَعرابي: القُطاشُ غُثاءُ السَّيْلِ؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف القُطاشَ لِغَيْرِهِ.
قعش: قَعَشَ الشيءَ قَعْشاً: عَطَفَهُ، وخصَّ بعضُهم بِهِ الغَضا مِنَ الشَّجَرِ. والقَعْشُ: مِنْ مَراكب النساءِ شِبْهُ الهَوْدَج، وَالْجَمْعُ قُعُوشٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ السنَة الجَدْبَة:
حَدْباء فَكَّتْ أُسُرَ القُعوشِ
والقَعْوَشةُ كالقَعْشِ. وتقَعْوَشَ الشيخُ: كَبِر. وتَقَعْوَشَ البيتُ والبناءُ: تَهَدَّمَ. وقَعْوَشَ البيتَ: هدَمَه أَو قَوّضَه. وانْقَعَشَ الحائطُ إِذا انْقَلَعَ. وانْقَعَشَ الْقَوْمُ إِذا انْقَطَعُوا فَذَهَبُوا. وبَعِير قَعْوَشٌ: غَلِيظٌ. والقَعْشُ كالقَعْض، وهو العطف.
قفش: القَفْشُ: النِّكَاحُ. يُقَالُ: وَقَعَ فُلَانٌ فِي القَفْش والرَّفْشِ، فالقَفْشُ كَثْرَةُ النِّكَاحِ. والرَّفْشُ أَكل الطَّعَامِ. اللَّيْثُ: القَفْشُ، مَجْزُومٌ، ضرْبٌ مِنَ الأَكل فِي شدَّة، قَالَ: والقَقْش لَا يُستعمل إِلَّا فِي افْتِعَالٍ خَاصَّةً. يُقَالُ لِلْعَنْكَبُوتِ وَنَحْوِهَا مِنْ سَائِرِ الْخَلْقِ إِذا انْجَحَرَ وَضَمَّ إِليه جَرامِيزَه وقوائمَه: قَدِ اقْتَفَشَ؛ قَالَ:
كَالْعَنْكَبُوتِ اقتَفَشَتْ فِي الجُحْرِ
وَيُرْوَى: اقْفَنْشَشَتْ وانْقَفَشَ العنكبوتُ وَنَحْوُهُ واقْفَنْشَشَ: انْجَحَرَ وضمَّ جَرامِيزَه. وقَفَشَ الشيءَ يَقْفِشُه «2» قَفْشاً: جَمَعَهُ. والقَفْشُ: الخُفُّ. وَفِي حَدِيثِ
عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه لَمْ يُخَلِّفْ إِلا قَفْشَين ومِخْذَفةً
؛ قَالَ الأَزهري: القَفْشُ بِمَعْنَى الْخُفِّ دَخِيلٌ مُعرَّب وَهُوَ الْمَقْطُوعُ الَّذِي لَمْ يُحْكم عمَلُه وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ [كَفْج] فَعُرِّبَ، وَقِيلَ: القَفْش الْخُفُّ الْقَصِيرُ، والمِخْذَفةُ المِقْلاعُ. أَبو عَمْرٍو: القَفَشُ الدَّعّارون مِنَ اللُّصُوصِ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: القَفْشُ فِي الحلْب سُرْعَةُ الْحَلْبِ وَسُرْعَةُ نقْض مَا فِي الضَّرْعِ، وَكَذَلِكَ الهَمْرُ. يُقَالُ: هَمَر مَا فِي ضرعها أَجمع.
قلش: الأَقْلَشُ: اسْمٌ أَعجمي وَهُوَ دَخِيلٌ لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ شِينٌ بَعْدَ لَامٍ فِي كَلِمَةٍ عربية محضة،
__________
(2) . قوله [يقفشه] كذا ضبط بكسر الفاء في الأَصل، وصنيع القاموس يقتضي أنه من باب قتل.(6/337)
إِنما الشيناتُ كُلُّهَا فِي كلامهم قبل اللامات.
قمش: القَمْشُ: الرّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ قُماشٌ، وَنَظِيرُهَا عَرْقٌ وعُراقٌ وأَشياء مَعْرُوفَةٌ ذَكَرَهَا يَعْقُوبُ وَغَيْرُهُ. والقُماشُ أَيضاً: كالقَمْش واحدٌ مِثْلُهُ. والقَمْش: جَمْعُ الشَّيْءِ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَكَذَلِكَ التَقْمِيش، وَذَلِكَ الشَّيْءُ قُماشٌ. وقَمَشَه يَقْمِشُه «1» قَمْشاً؛ جَمَعَهُ. اللَّيْثُ: القَمْشُ جمعُ القُماشِ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرض مِنْ فُتاتِ الأَشياء حَتَّى يُقَالَ لرُذالةِ الناسِ: قُماش. وقُماشُ كُلِّ شَيْءٍ وقُماشتُه: فُتاتُه. والقَمِيشةُ: طعامٌ لِلْعَرَبِ مِنَ اللبَن وَحَبِّ الحَنْظلِ وَنَحْوِهِ. وتقَمّشَ القُماشَ واقْتَمَشَه: أَكَلَه مِنْ هُنَا وَهُنَا. وقُماشُ الْبَيْتِ: متاعُه.
قنفرش: القَنْفَرِشُ: العجوزُ الْكَبِيرَةُ مثل الجَحْمَرِش؛ وأَنشد:
قانِية النابِ كَزُوم قَنْفَرِش
وَقَالَ شَمِرٌ: القَنْفَرِش والكَنْفَرِش الضخمةُ مِنَ الكَمَرِ؛ وأَنشد قَوْلَ رُؤْبَةَ:
عَنْ واسعٍ يذهبُ فيه القَنْفَرِشْ
قنفش: القَنْفَشةُ: التقبُّضُ. وَعَجُوزٌ قِنْفِشَةٌ: مُتَقبّضةُ. وقَنْفَشَ الشيءَ: جَمَعَهُ سَرِيعًا. والقِنْفِشَةُ: دُوَيْبّة. الأَزهري فِي رُبَاعِيِّ الْعَيْنِ: يُقَالُ أَتانا فُلَانٌ مُعَنْقِشاً لحيَته ومُقَنْفِشا، وَذُكِرَ فِي ترجمة عنقش.
قوش: رَجُلٌ قُوشٌ: قَلِيلُ اللَّحْمِ ضئِيلُ الْجِسْمِ صَغِيرُ الْجُثَّةِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ [كُوجَكْ] ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِي جِسْمِ شَخْتِ المَنْكِبَين قُوش
والقُوشُ: الصَّغِيرُ أَصله أَعجمي أَيضاً. والقُوشُ: الدُّبُر.
فصل الكاف
كبش: الكَبْشُ: وَاحِدُ الكِباشِ والأَكْبُش. ابْنُ سِيدَهْ: الكَبْشُ فَحْلُ الضأْن فِي أَي سِنّ كَانَ. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا أَثْنى الحَمَلُ فَقَدْ صَارَ كبْشاً، وَقِيلَ: إِذا أَرْبَع. وكَبْشُ القومِ: رئيسُهم وسيِّدُهم، وَقِيلَ: كَبْش القومِ حامِيتُهم والمنظورُ إِليه فِيهِمْ، أَدخل الْهَاءَ فِي حَامِيَةٍ لِلْمُبَالَغَةِ. وكَبْشُ الكتيبةِ: قائدُها. وكَبْشةُ: اسْمٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: كبْشةُ اسْمٌ مُرْتجَل لَيْسَ بِمُؤَنَّثِ الكبْش الدَّالِّ عَلَى الْجِنْسِ لأَن مُؤَنَّثَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ وَهُوَ نَعْجَةٌ. وكُبَيْشة: اسْمٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وكُبَيْشَةُ اسْمُ امرأَة وَكَانَ مُشْرِكُو مَكَّةَ يَقُولُونَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم: ابنُ أَبي كَبْشة، وأَبو كَبْشة: كُنْيَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ وهِرَقْل: لَقَدْ أُمِرَ أَمْرُ ابنِ أَبي كَبْشةَ
؛ يَعْنِي رسولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَصلُه أَنَّ أَبا كَبْشَةَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ خَالَفَ قُرَيْشًا فِي عِبَادَةِ الأَوثان وعبَدَ الشِّعْرَى العَبُورَ، فسَمّى الْمُشْرِكُونَ سَيِّدَنَا رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، ابنَ أَبي كبشةَ لِخِلَافِهِ إِياهم إِلى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، تَشْبِيهًا بِهِ، كَمَا خَالَفَهُمْ أَبو كبْشة إِلى عِبَادَةِ الشعْرى؛ مَعْنَاهُ أَنَّهُ خالَفنا كَمَا خالَفنا ابنُ أَبي كَبْشَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ: أَبو كبْشةً كُنْيَةُ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ جَدُّ سيدِنا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قِبَل أُمّه فَنُسِبَ إِليه لأَنه كَانَ نَزَع إِليه فِي الشبَه، وَقِيلَ: إِنما قِيلَ لَهُ ابن أَبي
__________
(1) . قوله [يقمشه] ضبط في الأَصل بكسر الميم وصنيع القاموس يقتضي الضم.(6/338)
كَبْشة لأَنّ أَبا كبْشة كَانَ زوْجَ المرأَة الَّتِي أَرْضَعَتْه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ بلدٌ قِفارٌ كَمَا يُقَالُ بُرْمَةٌ أَعْشارٌ وثوبٌ أَكباشٌ، وَهِيَ ضُرُوبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ، وَثَوْبٌ شَمَارِقُ وشَبَارِقُ إِذا تمزَّقَ؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا أَقرأَنيه المُنْذِريّ ثَوْبٌ أَكْباشٌ، بِالْكَافِ وَالشِّينِ، قَالَ: وَلَسْتُ أَحفظه لِغَيْرِهِ. وَقَالَ ابن بُزُرج: ثوب أَكْراشٌ وَثَوْبٌ أَكْباشٌ، وَهِيَ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ، قَالَ: وَقَدْ صح الآن أَكْباس.
كتش: كَتَشَ لأَهله كَتْشاً: اكْتسب لهم ككدَش.
كدش: الكَدْشُ: السَّوْقُ وَالِاسْتِحْثَاثُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الكَدْشُ الشَّوْقُ، وَقَدْ كدَشْت إِليه. قَالَ الأَزهري: غَيَّرَ اللَّيْثُ تفسيرَ الكَدْش فجعَلَه الشَّوْقَ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالصَّوَابُ السَّوْقُ والطردُ، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. يُقَالُ: كدَشْتُ الإِبلَ أَكْدِشُها كَدْشاً إِذا طردْتها؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
شَلًّا كشَلِّ الطَّرَدِ المَكْدُوشِ
قَالَ: وأَما الكَدْس، بِالسِّينِ، فَهُوَ إِسراعُ الإِبل فِي سَيْرِهَا، يُقَالُ: كدَسَت تَكْدِس. ابْنُ سِيدَهْ: وكدَشَ القومُ الغنيمَة كدْشاً حَثَوْها. والكَدَّاشُ: المُكَدِّي بِلُغَةِ أَهل الْعِرَاقِ. وكَدَشَ لعيالِه يَكْدِشُ كَدْشاً: كَسَب وَجَمَعَ وَاحْتَالَ، وَهُوَ يَكْدِش لِعِيَالِهِ أَي يَكْدَحُ. وَرَجُلٌ كَدَّاشٌ: كَسَّابٌ،. وَالِاسْمُ الكُداشةُ. وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ عُقْبَةَ السُلَمي: كَدَشْت مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا واكْتَدَشْت وامْتَدَشْت إِذا أَصبت مِنْهُ شَيْئًا. وَمَا كَدَشَ مِنْهُ شَيْئًا أَي مَا أَصاب وَمَا أَخَذ. وَمَا بِهِ كَدْشَةٌ أَي شَيْءٌ مِنْ دَاءٍ. والكَدْشُ: الخَدْشُ، يُقَالُ: كدَشَه إِذا خدَشَه. وَجِلْدٌ كَدْشٌ: مُخَدَّش؛ عَنِ ابْنِ جِنِّيٍّ. وَرَجُلٌ مُكدَّش: مُكَدَّح؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وكَدَشَه يَكْدِشُه كَدْشاً: دفَعه دفْعاً عَنِيفاً، وَهُوَ السَّوْق الشَّدِيدُ. والكَدْشُ: الطَّرْدُ والجَرْح أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
السِّرَاطِ: وَمِنْهُمْ مكْدوسٌ فِي النَّارِ
أَي مَدْفُوعٌ، وتكدَّسَ الإِنسانُ إِذا دُفِعَ مِنْ وَرَائِهِ فسَقَط، وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الكَدْش؛ وكُداشٌ: اسْمٌ مِنْ ذَلِكَ.
كرش: الكَرِشُ لِكُلِّ مُجْتَرٍّ: بِمَنْزِلَةِ المَعِدة للإِنسان تُؤَنِّثُهَا الْعَرَبُ، وَفِيهَا لُغَتَانِ: كِرْش وكَرِش مِثْلُ كِبْد وكَبِد، وَهِيَ تُفرّغ فِي القَطِنةِ كأَنها يَدُ جِرابٍ، تَكُونُ للأَرْنب واليَرْبوع وَتُسْتَعْمَلُ فِي الإِنسان، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
طَلْق، إِذا استكْرَشَ ذُو التَّكَرُّشِ، ... أَبْلَج صَدَّافٌ عَنِ التَّحَرُّشِ
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: فِي كُلِّ ذَاتِ كَرِش شاةٌ
أَي كُلُّ مَا لَه مِنَ الصَّيْدِ كَرِشٌ كَالظِّبَاءِ والأَرانب إِذا أَصابه المُحرِم فَفِي فِدائه شَاةٌ. وَقَوْلُ أَبي الْمُجِيبِ وَوَصَفَ أَرضاً جَدْبَةً فَقَالَ: اغْبَرّت جَادَّتُهَا وَالْتَقَى سَرْحُها ورَقَّتْ كَرِشُها أَي أَكلت الشجرَ الْخَشِنَ فضَعُفت عَنْهُ كَرِشُها ورقَّت، فَاسْتَعَارَ الكَرِش للإِبل، وَالْجَمْعُ أَكْراش وكُرُوش. واسْتَكْرَش الصبيُّ والجَدْيُ: عظُمت كَرِشُه، وَقِيلَ: المُسْتكْرِش بَعْدَ الفَطِيم، واستِكْراشُه أَن يَشْتَدَّ حَنَكُه ويَجْفُر بطنُه، وَقِيلَ: اسْتَكْرَشَ البَهْمةُ عظُمت إِنفَحتُه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ لِلصَّبِيِّ إِذا عَظُمَ بَطْنُهُ وأَخذ فِي الأَكْل: قَدِ اسْتَكْرَشَ، قَالَ: وأَنكر بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ فَقَالَ: يُقَالُ لِلصَّبِيِّ قَدِ اسْتَجْفَرَ، وإِنما يُقَالُ اسْتَكْرَشَ الجَدْيُ، وكلُّ سَخْلٍ يَسْتَكْرِش(6/339)
حِينَ يَعْظُمُ بَطْنُهُ وَيَشْتَدُّ أَكله. واسْتَكْرَشَت الإِنْفَحةُ لأَن الكَرِش يُسَمَّى إِنْفحَةً مَا لَمْ يأْكل الْجَدْيُ، فإِذا أَكل يُسَمَّى كَرِشاً، وَقَدِ اسْتَكْرشَت. وامرأَة كَرْشاءُ: عظيمةُ الْبَطْنِ واسعتُه. وأَتانٌ كَرْشاءُ: ضَخْمَةُ الْخَوَاصِرِ. وكَرّشَ اللحمَ: طَبخه فِي الكَرِش؛ قَالَ بَعْضُ الأَغْفال:
لَوْ فَجّعا جِيرَتَها، فشَلَّا ... وسِيقةً فكَرَّشا ومَلَّا
وقَدَمٌ كَرْشاءُ: كَثِيرَةُ اللَّحْمِ. ودَلْوٌ كَرْشاءُ: عَظِيمَةٌ. وَيُقَالُ للدَّلْو الْمُنْتَفِخَةِ النَّوَاحِي: كَرْشاء. وَرَجُلٌ أَكْرَشُ: عَظِيمُ الْبَطْنِ، وَقِيلَ: عَظِيمُ الْمَالِ. والكَرِشُ: وِعاءُ الطِّيبِ وَالثَّوْبِ، مُؤَنَّثٌ أَيضاً. والكِرْشُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
الأَنصارُ عَيْبَتي وكَرِشِي
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنهم جَمَاعَتِي وَصَحَابَتِي الَّذِينَ أُطلعهم عَلَى سِرِّي وأَثق بِهِمْ وأَعتمد عَلَيْهِمْ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ عَلَيْهِ كَرِشٌ مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: أَراد الأَنصارُ مَدَدي الَّذِينَ أَسْتَمِدّ بِهِمْ لأَن الخُفَّ والظِّلْف يَسْتَمِدُّ الجِرَّة مِنْ كَرِشه، وَقِيلَ: أَراد أَنهم بِطانتُه وَمَوْضِعُ سِرّه وأَمانته والذينَ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمْ فِي أُموره، وَاسْتَعَارَ الكَرِشَ والعَيْبةَ لِذَلِكَ لأَن المُجْتَرَّ يَجْمَعُ علَفَه فِي كَرِشِه، وَالرَّجُلُ يَضَعُ ثِيَابَهُ فِي عيْبتِه. وَيُقَالُ: مَا وجدتُ إِلى ذَلِكَ الأَمر فَا كَرِشٍ أَي لَمْ أَجِدْ إِليه سَبِيلًا. وَعَنِ اللِّحْيَانِيِّ: لَوْ وجدتُ إِليه فَا كَرِشٍ وبابَ كَرِشٍ وأَدنى فِي كَرِشٍ لأَتَيتُه يَعْنِي قَدَرَ ذَلِكَ مِنَ السُّبُل؛ وَمَثَلُهُ قَوْلُهُمْ: لَوْ وجدتُ إِليه فَا سَبِيلٍ؛ عَنْهُ أَيضاً. الصِّحَاحُ: وَقَوْلُ الرَّجُلِ إِذا كلَّفْته أَمراً: إِن وجدت إِلى ذلك فَا كَرِشٍ؛ أَصله أَن رَجُلًا فَصَّلَ شَاةً فأَدخلها فِي كَرِشِها ليَطْبخَها فَقِيلَ لَهُ: أَدْخِل الرأْسَ، فَقَالَ: إِن وجدتُ إِلى ذلك فَا كَرِشٍ، يَعْنِي إِن وَجَدْتُ إِليه سَبِيلًا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: لَوْ وجدتُ إِلى دمِك فَا كَرِشٍ لشرِبْتُ البطْحاءَ مِنْكَ
أَي لَوْ وجدتُ إِلى دمِك سَبِيلًا؛ قَالَ: وأَصله أَن قَوْمًا طبَخُوا شَاةً فِي كَرِشِها فَضَاقَ فمُ الكَرِش عَنْ بَعْضِ الطَّعَامِ، فَقَالُوا للطَّباخ: أَدخِلْه إِنْ وَجَدْتَ فَا كَرِشٍ. وكَرِشُ كُلِّ شَيْءٍ: مُجْتَمَعُه. وكَرِشُ الْقَوْمِ: مُعظمُهم، وَالْجَمْعُ أَكْراشٌ وكُرُوشٌ؛ قَالَ:
وأَفَأْنا السُّبِيَّ مِنْ كلِّ حَيٍّ، ... فأَقَمْنا كَراكِراً وكُرُوشا
وَقِيلَ: الكُرُوش والأَكْراشُ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ. وتَكَرَّشَ القومُ: تجمَّعوا. وكَرِشُ الرجلِ: عيالُه مِنْ صِغَارِ ولدِه. يُقَالُ: عَلَيْهِ كَرِشٌ مَنْثُورَةٌ أَي صبيانٌ صغارٌ. وَبَيْنَهُمْ رَحِمٌ كَرْشاءُ أَي بعيدةٌ. وتزوّجَ المرأَةَ فنَثرت لَهُ كَرِشَها وبطْنَها أَي كَثُرَ ولدُها لَهُ. وَتَكَرَّشَ وجهُه: تَقَبَّضَ جلدُه، وَفِي نُسْخَةٍ: تكَرّشَ جلدُ وجهِه، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي كُلِّ جِلْدٍ، وكَرّشَه هُوَ. وَيُقَالُ: كَرِشَ الجلدُ يَكْرَشُ كرَشاً إِذا مَسَّتْهُ النَّارُ فانْزَوى. قَالَ شِمْرٌ: اسْتَكْرَشَ تقبّضَ وقَطّبَ وَعَبَّسَ. ابْنُ بزرج. ثوبٌ أَكْراشٌ وثوبٌ أَكْباشٌ وَهُوَ مِنْ بُرُود الْيَمَنِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والمُكَرّشةُ منْ طَعَامِ الْبَادِيَةِ أَن يُؤْخَذ اللحمُ فيُهَرَّم تَهْرِيماً صِغَارًا، ويُجْعَل فِيهِ شحمٌ مقطَّع، ثُمَّ تُقَوّرَ قطعةُ كَرِشٍ مِنْ كَرِشِ الْبَعِيرِ ويغْسل وينَظّف وجهُه الَّذِي لَا فَرْثَ فِيهِ، ويجعلَ فِيهِ تهريمُ اللحمُ وَالشَّحْمِ وتُجْمَع أَطرافه، ويُخَلّ عليه بِخلالٍ بعد ما يُوكَأ عَلَى أَطرافه، وتُحْفَرَ لَهُ إِرَةٌ ويطرحَ فِيهَا رِضافٌ ويوقَدَ عَلَيْهَا حَتَّى تَحْمى وتَصيرَ نَارًا، ثُمَّ يُنَحّى الجمْرُ عَنْهَا وتُدْفَنَ المُكَرَّشةُ فِيهَا، وَيُجْعَلَ فَوْقَهَا(6/340)
مَلَّةٌ حَامِيَةٌ، ثُمَّ يوقَدَ فوقَها بِحَطَبٍ جَزْل، ثُمَّ تُتْرك حَتَّى تَنْضَج فتُخْرَج وقد كابَتْ وَصَارَتْ قِطْعَةً وَاحِدَةً فتُؤكل طَيّبة. يُقَالُ: كَرّشُوا لَنَا تَكْريشاً. والكَرْشاءُ: القَدَمُ الَّتِي كثُر لَحْمُهَا وَاسْتَوَى أَخْمَصُها وقصُرت أَصابعُها. والكَرِشُ: مِنْ نَبَاتِ الرِّيَاضِ والقِيعانِ مِنْ أَنْجَعِ المراتِع لِلْمَالِ تسْمَنْ عَلَيْهِ الإِبل وَالْخَيْلُ، ينبُت فِي الشِّتَاءِ وَيَهِيجُ فِي الصَّيْفِ. ابْنُ سِيدَهْ: الكَرِشُ والكَرِشةُ مِنْ عُشْب الرَّبِيعِ وَهِيَ نبْتةٌ لَاصِقَةٌ بالأَرض بُطَيْحاء الورَق مُعْرَضّة غُبَيراء، وَلَا تَكَادُ تنبُت إِلا فِي السَّهْلِ وَتَنْبُتُ فِي الدِّيَارِ وَلَا تَنْفَعُ فِي شَيْءٍ وَلَا تُعَدّ إِلا أَنه يُعْرف رَسْمها. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكَرِشُ شَجَرَةٌ مِنَ الجَنْبَة تَنْبُتُ فِي أَرُومٍ وَتَرْتَفِعُ نَحْوَ الذِّرَاعِ وَلَهَا ورَقة مُدَوَّرة حَرْشاء شَدِيدَةُ الخُضْرة وَهِيَ مَرْعَى مِنَ الخُلَّةِ. والكُرّاشُ: ضربٌ مِنَ القِرْدان، وَقِيلَ: هُوَ كالقَمْقام يلكَعُ الناسَ وَيَكُونُ فِي مَبَارَكِ الإِبل، وَاحِدَتُهُ كُرّاشة. وكُرْشانٌ: بطنٌ مِنْ مَهْرةَ بنِ حَيْدان. والكِرْشانُ: الأَزْدُ وعبدُ الْقَيْسِ. وكِرْشِمٌ: اسْمُ رَجُلٍ، مِيمُهُ زَائِدَةٌ فِي أَحد قَوْلَيْ يَعْقُوبَ. وَكَرْشَاءُ بْنُ الْمُزْدَلِفِ: عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ.
كربش: الأَزهري: العَكْبَشةُ والكَرْبَشةُ أَخْذُ الشَّيْءِ وربْطُه؛ يُقَالُ: عَكْبَشَه وكَرْبَشَه إِذا فَعَل ذَلِكَ بِهِ.
كشش: كشَّت الأَفعى تَكِشّ كَشّاً وكَشِيشاً: وَهُوَ صَوْتُ جِلْدِهَا إِذا حكَّت بعضَها بِبَعْضٍ، وَقِيلَ: الكَشيشُ للأُنثى مِنَ الأَساوِد، وَقِيلَ: الكَشِيشُ للأَفعى، وَقِيلَ: الكَشِيشُ صوتٌ تُخْرِجُهُ الأَفعى مِنْ فِيهَا؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقِيلَ: كَشِيشُ الأَفْعى صوتُها مِنْ جِلْدِهَا لَا مِنْ فَمِها فإِن ذَلِكَ فَحِيحُها، وَقَدْ كَشَّت تَكِشّ، وكَشْكَشَت مِثْلُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ حيّةٌ تَخْرج مِنَ الكَعْبة لَا يَدْنو مِنْهَا أَحدٌ إِلَّا كَشَّت وفتَحَت فَاهَا.
وتَكاشَّت الأَفاعي: كَشَّ بعضُها فِي بَعْضٍ. وَالْحَيَّاتُ كُلُّهَا تكِشّ غَيْرَ الأَسود، فإِنه يَنْبَحُ ويَصْفِر ويَصيح؛ وأَنشد:
كأَنَّ صوتَ شَخْبِها المُرْفَضِّ ... كَشِيشُ أَفْعى أَجْمَعَتْ بِعَضِّ،
فَهِيَ تَحُكُّ بعضَها بِبَعْضِ
أَبو نَصْرٍ: سَمِعْتُ فَحِيحَ الأَفعى وَهُوَ صَوْتُهَا مِنْ فَمِهَا، وَسَمِعْتُ كَشِيشَها وفَشِيشَها وَهُوَ صَوْتُ جِلْدِهَا. وَرَوَى أَبو تُرَابٍ فِي بَابِ الْكَافِ وَالْفَاءِ: الأَفعى تَكِشُّ وتَفِشُّ، وَهُوَ صَوْتُهَا مِنْ جِلْدِهَا، وَهُوَ الكَشِيشُ والفَشَيشُ، والفَحِيحُ صوتُها مِنْ فِيهَا، وَقِيلَ لِابْنَةِ الخُسّ: أَيُلْقِح الرَّبَاعْ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ برُحْب ذِراعْ، وَهُوَ أَبو الرَّبَاعْ، تكاشُّ مِنْ حِسِّه الأَفاعُ. وكَشَّ الضبُّ والوَرَلُ والضفْدعُ يَكِشُّ كَشِيشاً: صوّتَ. وكَشَّ البَكْرُ يَكِشُّ كَشّاً وكَشِيشاً: وَهُوَ دُونَ الهَدْر؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
هَدَرْتُ هَدْراً لَيْسَ بالكَشِيشِ
وَقِيلَ: هُوَ صَوْتٌ بَيْنَ الكَتِيتِ والهَدِير. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِذا بَلَغَ الذكَرُ مِنَ الإِبل الهَدِير فَأَوَّلهُ الكَشِيشُ، وإِذا ارْتَفَعَ قَلِيلًا قِيلَ: كتَّ يكِتُّ كَتِيتاً، فإِذا أَفْصح بالهَدِير قِيلَ: هَدَرَ هَدِيراً فإِذا صَفَا صوتُه ورَجَّع قِيلَ: قَرْقَر. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ: كأَني أَنْظُرُ إِليكم تكِشُّون كَشِيشَ الضِّبَاب
؛ هُوَ مِنْ هَدِيرِ الإِبل؛ وبَعِير(6/341)
مِكْشاشٌ؛ قَالَ العَنْبَريّ:
فِي العَنْبَرِيِّين ذَوِي الأَرْياشِ، ... يَهْدِرُ هَدْراً لَيْسَ بالمِكْشاشِ
وَقَالَ بعضُ قيسٍ: البَكْرُ يَكِشُّ ويَفِشُّ وَهُوَ صَوْتُهُ قَبْلَ أَن يهْدِر،. وكَشَّت البقرةُ: صاحَتْ. وكَشِيشُ الشرابِ: صوتُ غَلَيانِه. وكَشَّ الزَّنْدُ يَكِشُّ كَشّاً وكَشِيشاً: سَمِعْتُ لَهُ صَوْتًا خَوَّاراً عِنْدَ خُرُوجِ نارِه. وَكَشَّتِ الجَرَّةُ: غَلَتْ؛ قَالَ:
يَا حَشراتِ الْقَاعِ مِنْ جُلاجِلِ، ... قَدْ نَشَّ مَا كَشَّ مِنَ المَرَاجِلِ
يَقُولُ: قَدْ حانَ إِدْراكُ نَبِيذي وأَن أَتَصَيَّدَكُنَّ فآكُلَكُنَّ عَلَى مَا أَشْرب مِنْهُ. والكَشْكَشَةُ: كالكَشِيشِ. والكَشْكَشَةُ: لُغَةٌ لربِيعة، وَفِي الصِّحَاحِ: لِبَنِي أَسد، يَجْعَلُونَ الشِّينَ مَكَانَ الْكَافِ، وَذَلِكَ فِي المؤَنث خَاصَّةً، فَيَقُولُونَ عَلَيْشِ ومِنْشِ وبِشِ؛ وَيُنْشِدُونَ:
فَعَيناشِ عَيْناها، وجِيدُشِ جِيدُها، ... ولكنَّ عظمَ الساقِ مِنْشِ رَقِيقُ
وأَنشد أَيضاً:
تَضْحَكُ مِنِّي أَن رأَتني أَحْتَرِشْ، ... وَلَوْ حَرَشْتِ لكشَفْتُ عَنْ حِرِش
وَمِنْهُمْ مَنْ يَزِيدُ الشِّينَ بَعْدَ الْكَافِ فَيَقُولُ: عَلَيكِشْ وإِليكِشْ وبِكِشْ ومِنْكِشْ، وَذَلِكَ فِي الْوَقْفِ خَاصَّةً، وإِنما هَذَا لِتَبِين كسرةُ الْكَافِ فيؤَكد التأْنيث، وَذَلِكَ لأَن الْكَسْرَةَ الدَّالَّةَ عَلَى التأْنيث فِيهَا تَخْفى فِي الْوَقْفِ فَاحْتَاطُوا لِلْبَيَانِ بأَن أَبْدلُوها شِينًا، فإِذا وصَلوا حَذَفُوا لِبَيان الْحَرَكَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُجْري الْوَصْلَ مُجْرى الْوَقْفِ فَيُبْدِلُ فِيهِ أَيضاً؛ وأَنشدوا لِلْمَجْنُونِ:
فَعَيْنَاشِ عَيْنَاهَا وجِيدُشِ جِيدُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّي وقرأْت عَلَى أَبي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَحمد بْنِ يَحْيَى لِبَعْضِهِمْ:
عَلَيَّ فِيمَا أَبْتَغِي أَبْغِيشِ، ... بَيْضاء تُرْضِيني وَلَا تُرْضِيشِ
وتَطَّبِي وُدَّ بَنِي أَبِيشِ، ... إِذا دَنَوْتِ جَعَلَت تُنْئِيشِ
وإِن نَأَيْتِ جَعَلَتْ تُدْنيشِ، ... وإِن تَكَلَّمْتِ حَثَتْ فِي فِيشِ،
حَتَّى تَنِقِّي كنَقِيقِ الدِّيشِ
أَبْدَل مِنْ كَافِ المؤَنث شِيناً فِي كُلِّ ذَلِكَ وشبَّه كَافِ الدِّيكِ لكسرتِها بِكَافِ الْمُؤَنَّثِ، وَرُبَّمَا زَادُوا عَلَى الْكَافِ فِي الْوَقْفِ شِينًا حِرْصاً عَلَى الْبَيَانِ أَيضاً، قَالُوا: مَرَرْتُ بِكِشْ وأَعْطَيْتُكِشْ، فإِذا وَصَلُوا حَذَفُوا الْجَمِيعَ، وَرُبَّمَا أَلحَقُوا الشينَ فِيهِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: تَيَاسَرُوا عَنْ كَشْكَشةِ تميمٍ
أَي إِبدالِهم الشِّينَ مِنْ كَافِ الْخِطَابِ مَعَ الْمُؤَنَّثِ فَيَقُولُونَ: أَبُوشِ وأُمُّشِ، وزادُوا عَلَى الْكَافِ شِينًا فِي الْوَقْفِ فَقَالُوا: مَرَرْتُ بكِشْ، كَمَا تَفْعَلُ تَمِيمٌ. والكُشَّةُ: الناصيةُ أَو الخُصْلةُ مِنَ الشَّعْرِ. وبَحْرٌ لَا يُكَشْكِشُ أَي لَا يُنْزَحُ، والأَعْرَفُ لَا يَنْكَشُّ. والكُشُّ: مَا يُلْقح بِهِ النخلُ؛ وَفِي التَّهْذِيبُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الكُشُّ الحِرْقُ الَّذِي يُلْقَح بِهِ النخلُ.
كشمش: الكِشْمِشُ: ضربٌ مِنَ العِنَب وَهُوَ كثيرٌ بالسَّراة.(6/342)
كمش: الكَمْشُ: الرجلُ السَّرِيعُ الْمَاضِي. رَجُلٌ كَمْشٌ وكَمِيشٌ: عَزُومٌ ماضٍ سريعٌ فِي أُموره، كَمِشَ كَمَشاً وكَمُشَ، بِالضَّمِّ، يَكْمُش كَماشَةً وانْكَمَشَ فِي أَمرِه. الأَصمعي: انْكَمَشَ فِي أَمرِه وانْشَمَرَ وجَدَّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: بادَرَ مِنْ وجَلٍ وأَكْمَشَ فِي مَهَلٍ.
وَفِي كِتَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلى الْحَجَّاجِ: فاخْرُجْ إِليهما كَمِيشَ الإِزار أَي مشمِّراً جَادًّا. وكَمَّشْته تَكْمِيشاً: أَعْجَلْته فانْكَمَشَ وتَكَمَّش أَي أَسرع. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ الكَمِيشُ الشجاعُ، كَمُشَ كَماشةً كَمَا قَالُوا شَجُع شَجاعةً. وأَكْمَشَ فِي السَّيْرِ وَغَيْرِهِ. أَسْرَعَ. وفرسٌ كَمْشٌ وكَمِيشٌ: صغيرُ الجُرْدانِ قصيرُه. أَبو عُبَيْدَةَ: الكَمْشُ مِنَ الْخَيْلِ القصيرُ الجُرْدانِ، وَجَمْعُهُ كِمَاشٌ وأَكْماشٌ. قَالَ اللَّيْثُ: والكَمْشُ إِن وُصِفَ بِهِ ذَكَرٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَهُوَ القصيرُ الصغيرُ الذكَرِ، وإِن وُصِفت بِهِ الأُنثى فَهِيَ الصغيرةُ الضَّرعِ، وَهِيَ كَمْشةٌ، وَرُبَّمَا كَانَ الضَّرْعُ الكَمْشُ مَعَ كُمُوشِه دَرُوراً؛ وأَنشد:
يَعُسُّ جِحاشُهنَّ إِلى ضُروعٍ ... كِمَاشٍ، لَمْ يُقَبِّضْها التَّوادِي
الْكِسَائِيُّ: الكَمْشة مِنَ الإِبل الصغيرةُ الضَّرْع، وَقَدْ كَمُشَت كَمَاشَةً، وخُصْيةٌ كَمْشةٌ: قصيرةٌ لاصقةٌ بالصِّفاق، وَقَدْ كَمُشت كُموشةً. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَشُعَيْبٍ، سَلَامُ اللَّه عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا: لَيْسَ فِيهَا فَشُوشٌ وَلَا كَمُوشٌ
؛ الكَمُوشُ: الصغيرةُ الضَّرْعِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لانْكِماشِ ضَرعها وَهُوَ تقلّصُه. والكَمْشَةُ. الناقةُ الصغيرةُ الضرعِ. وضرعٌ كَمْشٌ بَيّن الكُمُوشةِ: قصيرُ صغيرٌ. وأَكْمَش بناقتِه: صَرَّ جَمِيعَ أَخْلافِها. وامرأَةٌ كَمْشةٌ: صغيرةُ الثدْيِ، وَقَدْ كَمُشَت كَماشةً. والأَكْمَشُ: الَّذِي لَا يَكَادُ يُبْصِر، زَادَ التَّهْذِيبُ: مِنَ الرِّجَالِ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ قَدْ تكَمَّشَ جلدُه أَي تَقَبَّضَ وَاجْتَمَعَ وانْكَمَشَ فِي الْحَاجَةِ، مَعْنَاهُ اجْتَمَعَ فِيهَا. وَرَجُلٌ كَمِيشُ الإِزارِ: مُشَمِّرُه.
كنش: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي الكَنْشُ أَن يأْخذ الرَّجُلُ المِسْواكَ فَيُلَيِّنَ رأْسَه بَعْدَ خُشونته، يُقَالُ: قَدْ كَنَشَه بَعْدَ خُشونة. والكَنْشُ: فَتْلُ الأَكْسِيَة.
كنبش: تَكَنْبَشَ القومُ: اخْتَلَطُوا.
كندش: الكُنْدُشُ: العَقْعَقُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَخبرني الْمُفَضَّلُ يُقَالُ هُوَ أَخبَثُ مِنْ كُنْدُشٍ، وَهُوَ العَقْعَق؛ وأَنشد لأَبي الغَطَمّش يَصِفُ امرأَة:
مُنِيتُ بِزَنْمَرْدَةٍ كَالْعَصَا، ... أَلَصَّ وأَخْبَث مِنْ كُنْدُشِ
تُحِبُّ النِّساء وتأْبى الرِّجَالَ، ... وَتَمْشِي مَعَ الأَخْبَثِ الأَطْيَشِ
لَهَا وجْهُ قِرْدٍ إِذَا ازَّينَتْ ... ولَوْنٌ كَبَيْضِ القَطا الأَبْرَشِ
وَمَعْنَى مُنِيتُ: بُلِيتُ. وزَنْمَرْدةٌ: امرأَةٌ يُشْبِهُ خَلْقُها خَلْقَ الرَّجُلِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَيُرْوَى: بِزِنْمِرْدة، بِكَسْرِ الزَّايِ مَعَ الْمِيمِ، وَيُرْوَى: بِزمَّرْدة، بِحَذْفِ النُّونِ، عَلَى مِثَالِ عِلَّكْدة. وَقَوْلُهُ: أَلصّ وأَخْبَث مِنْ كُنْدُش، قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الكُنْدُشُ لِصُّ الطَّيْرِ، وَهُوَ العَقْعَقُ، والرِّيبَالُ لِصُّ الأُسُودِ، والطِّمْلُ لِصّ الذِّئابِ، والزَّبابةُ لِصُّ الفِيرانِ، والفُوَيْسِقةُ سارقةُ الفَتِيلة مِنَ السِّرَاجِ، والكُنْدُشُ ضرْبٌ من الأَدْوِية.(6/343)
كنفرش: الكنفَرِشُ: الذكَرُ، وَقِيلَ حشَفةُ الذَّكَرِ. التَّهْذِيبُ الكَنْفَرِشُ والقَنْفَرِشُ الضخمُ مِنَ الكَمَرِ؛ وأَنشد:
كَنْفَرِش فِي رأْسِها انْقِلابُ
كنفش: الكَنْفَشةُ: أَن يُدِيرَ العِمامةَ عَلَى رأْسِه عِشْرِينَ كَوْراً. والكَنْفَشةُ: السِّلْعةُ تَكُونُ فِي لَحْيِ الْبَعِيرِ وَهِيَ النَّوْطةُ. ابْنُ سِيدَهْ: الكنْفَشُ ورَمٌ فِي أَصل اللَّحْيِ وَيُسَمَّى الخازِبازِ. ابْنُ الأَعرابي: الكَنْفَشةُ الرَّوَغانُ فِي الحَرْب.
كوش: الكَوْشُ: رأْسُ الفَيْشلةِ. وكاشَ جاريتَه أَو المرأَةَ يَكُوشُها كَوْشاً: نَكَحَها، وَكَذَلِكَ الْحِمَارُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: كاشَ جارِيتَه يَكُوشُها كَوْشاً إِذا مسَحَها، وكاشَ الفحلُ طَرُوقَتَه كَوْشاً طرَقَها. ابْنُ الأَعرابي: كاشَ يَكُوشُ كَوْشاً إِذا فَزِعَ فَزَعاً شديداً.
كيش: ابْنُ بُزُرْجَ: ثوبٌ أَكْياشٌ وجُبَّة أَسنادٌ وثوبُ أَفْوافٍ، قَالَ: الأَكْياشُ مِنْ بُرودِ اليمن.
فصل اللام
لشش: قَالَ الْخَلِيلُ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ شِينٌ بَعْدَ لَامٍ وَلَكِنْ كُلُّهَا قَبْلَ اللَّامِ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ وُجِد فِي كَلَامِهِمُ الشِّينُ بَعْدَ اللَّامِ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ: رَجُلٌ لَشْلاشٌ إِذا كَانَ خَفِيفًا، قَالَ اللَّيْثُ: اللَّشْلشَةُ كثرةُ التردّدِ عِنْدَ الفزَع واضطرابُ الأَحْشاءِ فِي مَوْضِعٍ بَعْد مَوْضِعٍ؛ يُقَالُ: جبَانٌ لَشْلاش. ابْنُ الأَعرابي: اللَّشُّ الطَّرْدُ؛ ذَكَرَهُ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ علش.
لمش: أَهمله اللَّيْثُ. ابْنُ الأَعرابي: اللَّمْشُ العبَثُ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا صَحِيحٌ.
مأش: اللَّيْثُ: مأَشَ المطرُ الأَرضَ إِذا سَحَاها؛ وأَنشد:
وقُلْتُ يومَ الْمَطَرِ المئِيشِ: ... أَقاتِلي جَبْلةُ أَو مُعِيشِي؟
متش: ابْنُ دُرَيْدٍ: المَتْشُ تَفْريقُك الشيءَ بأَصابعك. ومتَشَ الشيءَ يَمْتِشُه مَتْشاً: جمَعَه. ومتَشَ الناقةَ: حلَبَها بأَصابعه حلْباً ضَعِيفًا. والمَتَشُ: سوءُ البصَرِ. ومَتِشَت عينُه متَشاً: كمدِشَت، وَرَجُلٌ أَمْتَشُ وامرأَة مَتْشاء.
محش: مَحَشَ الرجلَ: خَدَشَه. ومَحَشَه الحَدّادُ يَمْحَشُه مَحْشاً: سَحَجَه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَرَّ بِي حِمْلٌ فمَحَشَني مَحْشاً، وَذَلِكَ إِذا سَحَجَ جِلْدَه من غير أَن يسْلُخه. قَالَ أَبو عَمْرٍو: يَقُولُونَ مَرَّتْ بِي غِرارةٌ فَمَحَشَتْني أَي سَحَجَتْني؛ وَقَالَ الْكِلَابِيُّ: أَقول مَرَّتْ بِي غِرارةٌ فمَشَنَتْني. والمَحْشُ: تَناوُلٌ مِنْ لَهب يُحْرِق الجِلد ويُبْدي العَظْم فيُشَيّطُ أَعالِيَه وَلَا يُنْضِجه. وامْتَحَش الخُبزُ: احْترَق. ومَحَشَته النارُ وامْتَحَشَتْه: أَحْرَقَتْه، وَكَذَلِكَ الحَرّ. وأَمْحَشَه الحَرُّ: أَحْرَقه. وخُبزٌ مُحاشٌ: مُحْرَقٌ، وَكَذَلِكَ الشِّواءُ. وسَنة مُمْحِشَةٌ ومَحُوش: مُحْرِقة بِجَدبها. وَهَذِهِ سَنة أَمْحَشَت كلَّ شَيْءٍ إِذا كَانَتْ جَدْبةً. والمُحاشُ، بِالضَّمِّ: المُحْتَرِقُ. وامْتَحَش فلانٌ غَضَباً، وامْتَحَش: احْترق. وامْتَحَشَ القَمَرُ: ذهَبَ؛ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ. والمِحَاشُ، بِالْكَسْرِ: القومُ يَجْتَمِعُونَ مِنْ قَبَائِلَ يُحالِفُون غيرَهم مِنَ الحِلْف عِنْدَ النَّارِ؛ قَالَ النَّابِغَةِ:
جَمِّعْ مِحاشَك يَا يَزِيدُ، فإِنني ... أَعْدَدْتُ يَرْبوعاً لكمْ، وتَمِيما(6/344)
وَقِيلَ: يَعْنِي صِرْمةَ وَسَهْمًا ومالِكاً بَنِي مُرَّة بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ بَغِيض وَضَبَّةَ بْنَ سَعْدٍ لأَنهم تَحَالَفُوا بِالنَّارِ، فسُمُّوا المِحاشَ. ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ جمِّع مِحاشَك: سَبَّ قبائلَ فصَيَّرهم كَالشَّيْءِ الَّذِي أَحرقته النَّارُ. يُقَالُ: مَحَشَتْه النارُ وأَمْحَشَتْه أَي أَحْرَقته. وَقَالَ أَعرابي: مِنْ حَرٍّ كادَ أَن يَمْحَشَ عِمامِتي. قَالَ: وَكَانُوا يُوقِدُون نَارًا لَدَى الحِلْف لِيَكُونَ أَوْكَدَ. وَيُقَالُ: مَا أَعطاني إِلَّا مَحْشِيَّ خِناقٍ قَمِل وإِلا مِحْشاً خناقٌ قَمِلٌ، فأَما المَحْشِيّ فَهُوَ ثَوْبٌ يُلْبس تَحْتَ الثِّيَابِ وَيُحْتَشَى بِهِ، وأَما مِحْشاً فَهُوَ الَّذِي يَمْحَش البدنَ بِكَثْرَةِ وسَخِه وإِخْلاقِه. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: يَخْرُجُ نَاسٌ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتَحَشُوا وَصَارُوا حُمَماً؛ معْناه قَدِ احْتَرَقُوا وَصَارُوا فَحْماً. والمَحْشُ: احتراقُ الْجِلْدِ وظهورُ الْعَظْمِ، وَيُرْوَى: امْتُحِشُوا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. والمَحْشُ: إِحْراقُ النَّارِ الجِلدَ. ومَحشْتُ جلدَه أَي أَحْرَقْته، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى أَمْحَشْتُه بِالنَّارِ؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. والامْتِحاشُ: الاحتراقُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَتوَضَّأُ مِنْ طعامٍ أَجِدُه «2» حَلالًا لأَنه مَحَشَتْه النارُ
، قَالَهُ مُنْكِراً عَلَى مَنْ يُوجِب الوُضوءَ مِمَّا مَسّتْه النَّارُ. ومِحاشُ الرجلِ: الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ إِليه مَنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِمْ. والمَحاشُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ: المتاعُ والأَثاث. والمِحاشُ: بَطْنَانِ مِنْ بَنِي عُذْرة مَحَشُوا بَعِيرًا عَلَى النَّارِ اشْتَوَوْه وَاجْتَمَعُوا عليه فأَكلوه.
مخش: التَّمَخّشُ: كَثْرَةُ الْحَرَكَةِ، يَمَانِيَةٌ. وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: كَانَ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِخَشّاً
؛ قَالَ: هُوَ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ ويأْكل مَعَهُمْ وَيَتَحَدَّثُ، والميم زائدة.
مدش: المَدَشُ: دِقةٌ فِي الْيَدِ واسترخاءٌ وانتشارٌ مَعَ قِلَّةِ لَحْمٍ، مَدِشَت يدُه مَدَشاً وَهُوَ أَمْدَشُ. وَفِي لحمِه مَدْشةٌ أَي قلةٌ. يُقَالُ: يدٌ مَدْشاءُ وَنَاقَةٌ مَدْشاءُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: وَإِنَّهُ لأَمْدَشُ الأَصابعِ وَهُوَ المُنْتَشرُ الأَصابِع الرِّخْوُ القَصَبةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: نَاقَةٌ مَدْشاءُ اليدينِ سريعةُ أَوْبِهما فِي حُسْن سَيْر؛ وأَنشد:
ونازِحة الجُولَيْنِ خَاشِعَةَ الصُّوَى، ... قَطَعْتُ بمَدْشاءِ الذِّراعَيْنِ سَاهِم
وَقَالَ آخَرُ:
يَتْبَعْنَ مَدْشاءَ اليَدَيْن قُلْقُلا
الصِّحَاحُ: المَدَش رَخاوةُ عَصَبِ اليدِ وقلّةُ لحمِها. وَرَجُلٌ أَمْدَشُ اليدِ، وَقَدْ مَدِشَ، وامرأَة مَدْشاءُ اليدِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمَدْشاءُ مِنَ النِّسَاءِ خَاصَّةً الَّتِي لَا لَحْمَ عَلَى يَدَيْهَا؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، وَجَمَلٌ أَمْدَشُ مِنْهُ. والمَدَشُ: قلةُ لحمِ ثَدْيِ المرأَةِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ومَدَشَ مِنَ الطَّعَامِ مَدْشاً: أَكَل مِنْهُ قَلِيلًا. ومَدَشَ لَهُ مِنَ الْعَطَاءِ يَمْدُشُ: قلّلَ. التَّهْذِيبِ: وَيُقَالُ مَا مَدَشْت بِهِ مَدْشاً ومَدُوشاً وَمَا مَدَشَني شَيْئًا وَلَا أَمْدَشَني وَمَا مَدَشْتُه شَيْئًا وَلَا مَدَّشْتُه شَيْئًا أَي مَا أَعطاني وَلَا أَعْطَيْتُه، قَالَ: وَهَذَا مِنَ النَّوَادِرِ. ومَدِشَت عينُه مَدَشاً وَهِيَ مَدْشاءُ: أَظْلَمت مِنْ جُوع أَو حرِّ شمسٍ. والمَدَشُ: تَشقّق فِي الرِّجْل. والمَدَشُ فِي الْخَيْلِ: اصْطِكاكُ بواطنِ الرُّسْغَين مِنْ شِدَّةِ الفَدَغِ وَهُوَ مِنْ عُيُوبِ الْخَيْلِ الَّتِي تكون خِلْقة، والفَدَعُ التواءُ الرُّسْغ مِنْ عُرْضِه الوَحْشِيِّ. وَرَجُلٌ مَدِشٌ: أَخْرَقُ كفَدِش؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. والمَدَشُ: الحُمْق. وَمَا بِهِ مَدْشةٌ أَي مرضٌ، واللَّه أَعلم بالصواب.
__________
(2) . قوله [أَجده] في النهاية وأَجده.(6/345)
مرش: المَرْشُ: شِبْهُ القَرْص مِنَ الجِلْد بأَطراف الأَظافير. وَيُقَالُ: قدْ أَلْطَفَ مَرْشاً وخَرْشاً، والخَرْشُ أَشدُّه. الصِّحَاحُ: المَرْشُ كالخَدْش. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَصابَه مَرْشٌ، وَهِيَ المُرُوش والخُرُوشُ والخُدُوشُ. وَفِي حَدِيثِ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ:
فعَدَلَت بِهِ ناقتُه إِلى شَجَرَاتٍ فَمَرَشْن ظهْرَه
أَي خَدَشَتْه أَغْصانُها وأَثّرت فِي ظَهْره وأَصل المَرْشِ الحكُّ بأَطراف الأَظفار. ابْنُ سِيدَهْ: المَرْش شَقُّ الْجِلْدِ بأَطراف الأَظافير، قَالَ: وَهُوَ أَضعف مِنَ الخَدْش، مَرَشَه يَمْرُشُه مَرْشاً، والمُرُوشُ: الخُدُوشُ. ومَرَشَ وجهَه إِذا خَدَشَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: إِذا حَكَّ أَحدُكم فرْجَه وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَمْرُشْه مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ.
قَالَ الْحَرَّانِيُّ: المرْش بأَطراف الأَظافير. ومَرَش الماءُ يمرُش: سَالَ. والمَرْشُ: أَرض إِذا وَقَعَ عَلَيْهَا المطرُ رأَيتَها كلَّها تَسِيل. ابْنُ سِيدَهْ: والمَرْشُ أَرضٌ يَمْرُشُ الماءُ مِنْ وَجْهِهَا فِي مَوَاضِعَ لَا يَبلغ أَن يحفِر حَفْرَ السَّيْلِ، وَالْجَمْعُ أَمْراش. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأَمْراشُ مسايلُ لَا تجْرحُ الأَرضَ وَلَا تَخُدّ فِيهَا تَجِيءُ مِنْ أَرض مُسْتَوِيَةٍ تَتْبَعُ مَا تَوَطَّأَ مِنَ الأَرض فِي غَيْرِ خَدٍّ، وَقَدْ يَجِيءُ المَرْشُ مِنْ بُعد وَيَجِيءُ مِنْ قُرْب. والأَمْراشُ: مسايلُ الْمَاءِ تَسْقِي السلْقانَ. والمَرْشُ: الأَرضُ الَّتِي مَرَشَ المطرُ وجهَها. وَيُقَالُ: انْتَهَيْنَا إِلى مَرْشٍ مِنَ الأَمْراشِ اسْمٌ للأَرض مَعَ الْمَاءِ وَبَعْدَ الْمَاءِ إِذا أَثَّر فِيهِ. النَّضْرُ: المَرْسُ والمَرْشُ أَسفل الْجَبَلِ وحَضِيضُه يَسِيل مِنْهُ الْمَاءُ فيَدِبّ دَبِيباً وَلَا يحْفِر وَجَمْعُهُ أَمْراسٌ وأَمْراشٌ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبا مِحْجن الضِّبابي يقول رأَيت مَرْشاً مِنَ السَّيْلِ وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَجْرَحُ وَجْهَ الأَرض جُرْحًا يَسِيرًا. وَيُقَالُ: عِنْدَ فُلَانٍ مُراشةٌ ومُراطةٌ أَي حَقّ صَغِيرٍ. ومَرَشَه يَمْرُشُه مَرْشاً: تناوَله بأَطراف أَصابعه شَبِيهًا بالقَرْص، وامْتَرَشَ الشيءَ: جمَعَه. والإِنسانُ يمْتَرِشُ الشيءَ بَعْدَ الشَّيْءِ مِنْ هَاهُنَا أَي يَجْمَعُهُ وَيَكْسِبُهُ. وامتَرَشْتُ الشَّيْءَ إِذا اخْتَلَسْته. ابْنُ الأَعرابي: الأَمْرَشُ الرجلُ الكثيرُ الشَّرِّ؛ يُقَالُ: مَرَشه إِذا آذَاهُ. قَالَ: والأَرْمش الحسَنُ الخلُق، والأَمْشَرُ النشيطُ، والأَرْشَمُ الشَّرِهُ. والامْتِراشُ: الانتزاعُ، يُقَالُ: امتَرَشْت الشَّيْءَ مِنْ يَدِهِ انْتَزَعْتُهُ، وَيُقَالُ: هُوَ يَمْتَرِشُ لِعِيَالِهِ أَي يَكْتَسِبُ ويقْتَرِف. وَرَجُلٌ مَرَّاشٌ: كَسَّاب.
مردقش: المَرْدَقُوش: المَرْزَنْجُوشُ. غَيْرُهُ: المَرْدَقُوشُ الزَّعْفَرانُ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ قَوْلَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يَعْلُون بالمَرْدَقُوشِ الوَرْدَ، ضاحِيَة، ... عَلَى سَعابِيبِ مَاءِ الضَّالةِ اللجِنِ
وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: المَرْدَقُوشُ مُعَرّب مَعْنَاهُ اللَّيِّن الأُذُنِ، وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: مَاءُ الضَّالَةِ اللجزِ، بِالزَّايِ، قَالَ: وَمَنْ خَفَضَ الْوَرْدَ جَعَلَهُ مِنْ نَعْتِهِ. واللجِزُ: اللزِجُ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يُنْشَدَ اللجِن، بِالنُّونِ، كَمَا ذَكَرَهُ غيره.
مرزجش: المَرْزَجُوشُ: نَبْتٌ وَزْنُهُ فَعْلَلُول بِوَزْنِ عَضْرَفُوط، والمَرْزَنْجُوش لغة فيه.
مشش: مشَشْت الناقةَ: حلَبْتُها. ومَشَّ الناقَةَ يَمُشّها مَشّاً: حلَبها وَتَرَكَ بعضَ اللبَن فِي الضَّرْعِ. والمَشُّ: الحلْب بِاسْتِقْصَاءٍ. وامْتَشّ مَا فِي الضَّرْعِ وامْتَشَعَ إِذا حلَب جميعَ مَا فِيهِ. وَمَشَّ يدَه يَمُشّها: مَسَحَها بِشَيْءٍ، وَفِي الْمُحْكَمِ: بِالشَّيْءِ الْخَشِنِ ليُذْهِبَ بِهِ غَمَرَها ويُنَظّفَها؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:(6/346)
نَمُشّ بِأَعْرافِ الجِيادِ أَكُفَّنا، ... إِذا نحنُ قُمْنا عَنْ شِوَاءِ مُضَهَّبِ
المُضَهّبُ: الَّذِي لَمْ يَكْمل نُضْجُه؛ يُرِيدُ أَنهم أَكَلوا الشَّرائِحَ الَّتِي شَوَوْها عَلَى النَّارِ قبْل نُضْجِها، وَلَمْ يدَعُوها إِلى أَن تَنْشَف فأَكلوها وَفِيهَا بَقِيَّةٌ مِنْ مَاءٍ. والمَشُوشُ: المِنْديلُ الَّذِي يَمْسَحُ يَدَهُ بِهِ. وَيُقَالُ: امْشُشْ مُخاطَك أَي امْسَحْهُ. وَيَقُولُونَ: أَعْطِني مَشُوشاً أَمُشُّ بِهِ يَدِي يُرِيدُ مِنْديلًا أَو شَيْئًا يَمْسَحُ بِهِ يدَه. والمَشُّ: مسْحُ الْيَدَيْنِ بالمَشُوش، وَهُوَ المِنْديل الخشِنُ. الأَصمعي: المَشُّ مسحُ الْيَدِ بِالشَّيْءِ الْخَشِنِ ليَقْلع الدسَمَ. ومَشَّ أُذُنَه يَمُشُّها مَشّاً: مَسَحها؛ قَالَتْ أُخت عَمْرٍو:
فإِنْ أَنْتُمُ لَمْ تثأَروا بأَخيكُم، ... فمُشّوا بِآذَانِ النعامِ المُصَلَّمِ
والمَشُّ أَن تَمْسَحَ قِدْحاً بِثَوْبِكَ لتُلَيّنه كَمَا تَمُشّ الْوَتَرَ. والمَشُّ: المسحُ. ومَشَّ القِدْحَ مَشّاً: مسَحَه ليُلَيّنه. وامْتَشّ بِيَدِهِ وَهُوَ كَالِاسْتِنْجَاءِ. والمُشاشُ: كلُّ عَظْمٍ لَا مُخّ فِيهِ يُمْكنك تتبّعُه. ومَشّه مَشّاً وامْتَشَّه وتَمَشّشَه ومَشْمَشَه: مَصَّهُ مَمْضُوغاً. اللَّيْثُ: مَشَشْت المُشاشَ أَي مصَصْتُه مَمْضوغاً. وتَمَشّشْتُ العظمَ: أَكلْتُ مُشاشَه أَو تمَكّكْته. وأَمَشّ العظْمُ نفسُه: صَارَ فِيهِ مَا يُمَشّ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهُوَ أَن يُمِخَّ حَتَّى يتَمَشّش. أَبو عبيد: المُشاشُ رؤوسُ العظامِ مِثْلَ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْمَرْفِقَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ. وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ جليلَ المُشاشِ أَي عظيمَ رؤوس الْعِظَامِ كَالْمَرْفِقَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والمُشاشةُ وَاحِدَةُ المُشاشِ، وهي رؤوس الْعِظَامِ اللَّيِّنَةُ الَّتِي يُمْكِنُ مضغُها؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مُلِئَ عَمّارٌ إِيماناً إِلى مُشاشِه.
والمُشاشةُ: مَا أَشرفَ مِنْ عظْم المنكِب. والمَشَشُ: ورمٌ يأْخذ فِي مقدَم عَظْمِ الْوَظِيفِ أَو بَاطِنِ السَّاقِ فِي إِنْسِيّهِ، وَقَدْ مَشِشَت الدابةُ، بإِظهار التَّضْعِيفِ نَادِرٌ، قَالَ الأَحمر: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: ضَبِبَ المكانُ إِذا كَثُرَ ضِبابُه، وأَلِلَ السِّقاءُ إِذا خبُثَ ريحُه. الْجَوْهَرِيُّ: ومَشِشَت الدابةُ، بِالْكَسْرِ، مشَشاً وَهُوَ شَيْءٌ يشْخَصُ فِي وَظِيفها حَتَّى يَكُونَ لَهُ حَجْمٌ وَلَيْسَ لَهُ صلابةُ العظمِ الصَّحِيحِ، قَالَ: وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ عَلَى الأَصل. وامتَشّ الثوبَ: انْتَزَعَهُ. وَمَشَّ الشيءَ يَمُشّه مَشّاً ومَشْمَشَه إِذا دافَهُ وأَنْقَعه فِي مَاءٍ حَتَّى يَذُوب؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ يَصِفُ عَليلًا: مَا زِلْتُ أَمُشُّ لَهُ الأَشْفِيةَ، أَلُدُّه تَارَةً وأُوجِرُه أُخرى، فأَتى قَضاءُ اللَّه. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ الْهَيْثَمِ: مَا زِلْتُ أَمُشّ الأَدْوِيةَ
أَي أَخْلِطها. وَفِي حَدِيثِ مَكَّةَ، شرَّفها اللَّه:
وأَمَشَّ سَلَمُها
أَي خَرَجَ ما يخرج في أَطرافها ناعِماً رَخْصاً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالرِّوَايَةُ أَمْشَرَ بِالرَّاءِ؛ وَقَوْلُ حَسَّانَ:
بضَرْبٍ كإِيزاغِ المَخاضِ مُشاشَه
أَراد بالمُشاشِ هَاهُنَا بولَ النُّوق الْحَوَامِلِ. والمَشْمَشةُ: السرعة والخفة. وفلان يَمُشّ مالَ فُلَانٍ ويَمُشّ مِنْ مَالِهِ إِذا أَخذ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَمْتَشُّ مَالَ فُلَانٍ وَيَمْتَشُّ مِنْهُ. والمُشاشةُ: أَرض رِخْوة لَا تَبْلُغُ أَن تَكُونَ حَجَرًا يَجْتَمِعُ فِيهَا مَاءُ السَّمَاءِ وَفَوْقَهَا رَمْلٌ يَحْجِزُ الشَّمْسَ عَنِ الْمَاءِ، وتَمْنع المُشاشةُ الْمَاءَ أَن يَتَشَرَّبَ فِي الأَرض فَكُلَّمَا استُقِيت مِنْهَا دَلْوٌ جَمّت أُخرى. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُشاشةُ جوفُ الأَرض وإِنما الأَرض مَسَكٌ،(6/347)
فَمَسَكةٌ كَذّابةٌ، ومسَكَةٌ حِجارةٌ غَلِيظَةٌ، ومَسَكةٌ لَينةٌ، وإِنما الأَرض طرائقُ، فَكُلُّ طَرِيقَةٍ مَسَكةٌ، والمُشاشةُ هِيَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي هِيَ حِجَارَةٌ خَوّارة وترابٌ، فَتِلْكَ المُشاشةُ، وأَما مُشاشةُ الرَّكِيَّةِ فجَبَلُها الَّذِي فِيهِ نَبَطُها وَهُوَ حَجَرٌ يَهْمي مِنْهُ الْمَاءُ أَي يرْشَح فَهِيَ كمُشاشةِ الْعِظَامِ تتَحَلّب أَبداً. يُقَالُ: إِنْ مُشاشَ جبَلِها ليَتحَلّب أَي يُرَشِّحُ مَاءً. وَقَالَ غَيْرُهُ: المُشاشةُ أَرض صُلْبة تتخذ فيها زكايا يَكُونُ مِنْ وَرَائِهَا حاجزٌ، فإِذا مُلِئَت الركيَّةُ شَرِبَتِ المشاشةُ الماءَ، فَكُلَّمَا استُقي مِنْهَا دَلْوٌ جَمَّ مَكَانَهَا دَلْوٌ أُخرى. الْجَوْهَرِيُّ: المُشاشُ أَرض لَيِّنَةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رَاسِي العُرُوق فِي المُشاشِ البَجْباجْ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَيّنُ المُشاش إِذا كَانَ طيّبَ النَّحِيزةِ عَفيفاً مِنَ الطمَعِ. الصِّحَاحُ: وَفُلَانٌ طيِّبُ المُشاشِ أَي كريمُ النفْس؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ فَرَسًا:
يَعْدُو بِهِ نَهِش المُشاشِ كأَنه ... صَدَعٌ سَلِيمٌ، رَجْعُه لا يَضْلَعُ
يَعْنِي أَنه خَفِيفُ النفْس والعِظام، أَو كَنَّى بِهِ عَنِ الْقَوَائِمِ؛ وَرَجُلٍ هَشّ المُشاشِ رخْو المَغْمَزِ، وَهُوَ ذَمٌّ. ومَشْمَشُوه: تَعْتَعُوه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ابْنُ الأَعرابي: امْتَشَّ المُتَغَوّطُ وامْتَشَعَ إِذا أَزال الأَذى عَنْ مَقْعَدَتِهِ بمَدَر أَو حَجَرٍ. والمَشّ: الخصومةُ. الْفَرَّاءُ: النَّشْنَشةُ صوتُ حَرَكَةِ الدُّرُوعِ، والمَشْمَشَةُ تَفْرِيقُ القُماش. والمِشْمِشُ: ضرْبٌ مِنَ الْفَاكِهَةِ يُؤْكَلُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَعرف مَا صِحَّتَهُ، وأَهل الْكُوفَةِ يَقُولُونَ المَشْمَش، وأَهل الْبَصْرَةِ مِشْمِش يَعْنِي الزَرْدالو، وأَهل الشَّامِ يُسَمُّونَ الإِجَّاصَ مِشْمِشاً. والمَشامِشُ: الصياقلةُ؛ عَنِ الهَجَري، وَلَمْ يَذْكر لَهُمْ وَاحِدًا؛ وأَنشد:
نَضا عنهمُ الحَوْلُ اليَماني، كَمَا نَضا ... عَنِ الهِنْدِ أَجْفانٌ، جَلَتْها المَشامِشُ
قَالَ: وَقِيلَ المَشامِشُ خِرَقٌ تُجْعَلُ فِي النُّورة ثُمَّ تُجْلى بِهَا السيوفُ. ومِشْماشٌ: اسم.
معش: ابْنُ الأَعرابي: المعْشُ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، الدَّلْكُ الرَّفِيقُ، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ المَعْسُ، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيضاً. يُقَالُ: مَعَشَ إِهابَه مَعْشاً، وكأَن المَعْش أَهْونُ مِنَ المَعْس.
ملش: مَلَشَ الشيءَ يملُشُه ويَمْلِشُه مَلْشاً: فَتّشَه بِيَدِهِ كأَنه يَطْلُبُ فِيهِ شَيْئًا.
مهش: المُمْتَهِشةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تحْلقُ وجهَها بِالْمُوسَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَعَنَ مِنَ النِّسَاءِ المُمتَهِشة.
الأَزهري: رَوَى بَعْضُهُمْ أَنه قَالَ مَحَشَته النارُ ومَهَشَتْه إِذا أَحْرَقته، وَقَدِ امْتَحَشَ وامْتَهَش. وَقَالَ القُتَيبي: لَا أَعرف المُمْتَهِشة إِلا أَن تَكُونَ الْهَاءُ مُبْدَلَةً مِنَ الْحَاءِ. يُقَالُ: مَرَّ بِي جملٌ عَلَيْهِ حِمْله فمَحَشَني إِذا سحَج جِلْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَن يسلخه.
موش: ابْنُ الأَثير: فِي الْحَدِيثِ
كَانَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دِرْعٌ تُسَمَّى ذاتَ المَواشي
؛ قَالَ: هَكَذَا أَخرجه أَبو مُوسَى فِي مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الطُّوالات وَقَالَ: لَا أَعرف صِحَّةَ لَفْظِهِ، قَالَ: وإِنما يُذْكر الْمَعْنَى بَعْدَ ثبوت اللفظ.
ميش: مَاشَ القُطنَ يَمِيشُه مَيْشاً. زبّدَه بَعْدَ الحَلْج. والمَيْشُ: أَن تَمِيشَ المرأَةُ الْقُطْنَ بِيَدِهَا إِذا زَبّدَته بَعْدَ الْحَلْجِ. والمَيْشُ: خلْط الصُّوفِ بِالشَّعْرِ؛(6/348)
قَالَ الرَّاجِزُ:
عاذِلَ، قَدْ أُولِعْتِ بالترْقِيشِ، ... إِليّ سِرّاً فاطْرُقي ومِيشِي
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَي اخْلطي مَا شئتِ مِنَ الْقَوْلِ. قَالَ: المَيْشُ خلطُ الشَّعْرِ بِالصُّوفِ؛ كَذَلِكَ فَسَّرَهُ الأَصمعي وَابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُمَا. وَيُقَالُ: ماشَ فلانٌ إِذا خَلَطَ الكذبَ بِالصِّدْقِ. الْكِسَائِيُّ: إِذا أَخبر الرَّجُلُ بِبَعْضِ الْخَبَرِ وكَتم بعضَه قِيلَ مَذَعَ وماشَ. وماشَ يَميشُ مَيْشاً إِذا خلَط اللبَن الحُلْوَ بالحامِض، وخلَط الصُّوفَ بِالْوَبَرِ، أَو خَلَطَ الجِدّ بالهزْل. وماشَ كَرْمَه يَمُوشُه مَوْشاً إِذا طَلَبَ باقيَ قُطوفِه. ومِشْتُ النَّاقَةَ أَمِيشُها، وماشَ النَّاقَةَ مَيْشاً: حلَب نصفَ مَا فِي ضَرْعِهَا، فإِذا جَاوَزَ النصف قليس بمَيْشٍ. والمَيْشُ: حلْبُ نِصْفِ مَا فِي الضَّرْعِ. والمَيْشُ: خلْطُ لَبَنِ الضأْن بِلَبَنِ الْمَاعِزِ. ومِشْت الْخَبَرَ أَي خلَطت، قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَخبرت ببعض الْخَبَرِ وَكَتَمْتَ بَعْضًا. وماشَ لِي مِنْ خَبَره مَيْشاً وَهُوَ مِثْلُ المَصْع. وماشَ الشيءَ مَيْشاً: خلَطه. والماشُ: قُمَاشُ الْبَيْتِ، وَهِيَ الأَوْقاب والأَوْغاب والثُّوَى، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَنْ هَذَا قَوْلُهُمُ المَاشُ خيرٌ مِنْ لاشَ أَي مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ مِنْ قُماشٍ لَا قِيمَةَ لَهُ خيرٌ مِنْ بَيْتٍ فَارِغٍ لَا شَيْءَ فِيهِ، فخُفّف لَاشَ لِازْدِوَاجِ مَاشَ. الْجَوْهَرِيُّ: الماشُ حبٌّ وَهُوَ مُعَرَّبٌ أَو مولَّد وخاشَ ماشَ وخاشِ ماشِ، جَمِيعًا: قُماشُ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنا بأَنَّ أَلفَ مَاشَ ياءٌ لَا واوٌ لِوُجُودِ مَ يَ شَ وَعَدَمِ مَ وش.
فصل النون
نأش: التناؤُشُ، بِالْهَمْزِ: التأَخُّرُ والتباعدُ. ابْنُ سِيدَهْ: نَأَشَ الشيءَ أَخَّرَه وانْتَأَشَ هُوَ تأَخَّرَ وتَباعدَ. والنَّئِيشُ: الحركةُ فِي إِبْطاء. وَجَاءَ نَئِيشاً أَي بَطِيئاً؛. أَنشد يَعْقُوبُ لنَهْشل بْنِ حَرِّيٍّ:
ومَوْلًى عَصانِي واستبَدَّ برَأْيِه، ... كَمَا لَمْ يُطَعْ فِيمَا أَشارَ قَصِيرُ
فَلَمَّا رَأَى مَا غَبَّ أَمْرِي وأَمْرَه، ... وناءَتْ بأَعْجازِ الأُمورِ صُدورُ،
تَمَنَّى نَئِيشاً أَن يكونَ أَطاعني، ... ويَحْدُث مِن بَعْدِ الأُمورِ أُمُورُ
قَوْلُهُ تَمَنَّى نَئِيشًا أَي تَمَنَّى فِي الأَخير وَبَعْدَ الفَوْت أَن لَوْ أَطاعني، وَقَدْ حَدَثَتْ أُمورٌ لَا يُسْتَدْرك بِهَا مَا فَاتَ، أَي أَطاعني فِي وَقْتٍ لَا تَنْفَعُهُ فِيهِ الطَّاعَةُ. وَيُقَالُ: فَعَلَه نَئِيشاً أَي أَخيراً، واتَّبَعَه نَئِيشاً إِذا تأَخر عَنْهُ ثُمَّ اتَّبَعَه عَلَى عجَلةٍ شَفَقةَ أَن يَفُوتَه. والنَّئِيشُ أَيضاً: البعيدُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والتناؤُشُ: الأَخذُ مِنْ بُعْد، مَهْمُوزٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ قَالَ: فإِن كَانَ عَنْ قُرْب فَهُوَ التَّناوُشُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ؛ قُرِئَ بِالْهَمْزِ وَغَيْرِ الْهَمْزِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ هَمَز فَعَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن يَكُونَ مِنَ النِّئِيش الَّذِي هُوَ الْحَرَكَةُ فِي إِبطاء، والآخَر أَن يَكُونَ مِنَ النَّوْش الَّذِي هُوَ التَّناوُلُ، فأَبدل مِنَ الْوَاوِ هَمْزَةً لِمَكَانِ الضَّمَّةِ. التَّهْذِيبُ: وَيَجُوزُ همزُ التَّناوُش وَهِيَ مِنْ نَشَتَ لِانْضِمَامِ الْوَاوِ مِثْلُ قَوْلِهِ: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنهم تناوَلُوا الشَّيْءَ مِنْ بُعْد وَقَدْ كَانَ تناوُلُه مِنْهُمْ قَرِيبًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فآمَنُوا حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهم لأَنه لَا يَنْفع نَفْسًا إِيمانُها فِي الْآخِرَةِ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ النَّأْشِ، وَهُوَ الطلبُ، أَي كَيْفَ يطلُبون مَا بَعُد وفاتَ بَعْدَ أَن كَانَ قَرِيبًا مُمْكِنًا؟ والأَول(6/349)
هُوَ الْوَجْهُ. وَقَدْ نَأَشْتُ الأَمرَ أَنْأَشُه نَأْشاً: أَخَّرْته فانْتَأَشَ. ونَأَشَ الشيءَ يَنْأَشُه نَأْشاً: باعَدَه. ونَأَشَه يَنْأَشُه: أَخَذَه فِي بطْش. ونَأَشَه اللَّهُ نَأْشاً كنَعَشه أَي أَحْياه وَرَفَعَهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والسابقُ إِليّ أَنه بَدَلٌ. وانْتَأَشَه اللَّه أَي انْتَزعه.
نبش: نَبَشَ الشَّيْءَ يَنْبُشُه نَبْشاً: اسْتَخْرَجَهُ بَعْدَ الدَّفْن، ونَبْشُ الْمَوْتَى: استخراجُهم، والنبَّاشُ: الفاعلُ لِذَلِكَ، وحِرْفَتُه النِّباشةُ. والنَّبْشُ: نَبْشُك عَنِ الْمَيِّتِ وَعَنْ كُلِّ دَفِين. ونَبَشْتُ البقلَ والميّتَ أَنْبُشُ، بِالضَّمِّ، نَبْشاً. والأُنْبُوشُ، بِغَيْرِ هَاءٍ: مَا نُبِشَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والأُنْبُوشُ والأُنْبُوشةُ: الشجرةُ يَقْتَلِعها بِعُرُوقِهَا وأُصولها، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ النَّبَاتِ. وأَنابِيشُ العُنْصُلِ: أُصولُه تَحْتَ الأَرض، وَاحِدَتُهَا أُنْبُوشةٌ. والأُنْبُوشُ: أَصلْ الْبَقْلِ المَنْبُوش، وَالْجَمْعُ الأَنابِيشُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَن سِباعاً فِيهِ غَرْقى غُدَيّةً ... بأَرْجائِه القُصْوى، أَنابِيشُ عُنْصُلِ
أَبو الْهَيْثَمِ: واحدُ الأَنابيش أُنْبُوش وأُنْبُوشةٌ وَهُوَ مَا نَبَشَه المطرُ، قَالَ: وإِنما شبَّه غَرْقى السِّبَاعِ بالأَنابِيش لأَن الشيءَ الْعَظِيمَ يُرَى صَغِيرًا مِنْ بَعِيدٍ، أَلا تَرَاهُ قَالَ بأَرْجائِه القُصْوى أَي البُعْدَى؟ شَبَّهَهَا بَعْد ذُبُولها ويُبْسها بِهَا. والأُنْبُوشُ أَيضاً: البُسْر الْمَطْعُونُ فِيهِ بالشَّوك حَتَّى يَنضَج. والنِّبْش: شَجَرٌ يُشْبِهُ ورقُه ورقَ الصنَوْبر وَهُوَ أَصغر مِنْ شَجَرِ الصَّنَوْبَرِ وأَشدّ اجْتِمَاعًا، لَهُ خَشَبٌ أَحمر تُعْمل مِنْهُ مَخاصِرُ النَّجائب «3» وعكاكيزُ يَا لَها مِنْ عكاكيزَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا كُلُّهُ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. التَّهْذِيبُ: قَالَ أَبو تُرَابٍ سَمِعْتُ السُّلَمي يَقُولُ: نَبَّشَ الرجلُ فِي الأَمر وفَنَّشَ إِذا اسْتَرْخَى فِيهِ؛ وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
إِن كُنْتَ غيرَ صائِدي فنَبِّشِ
قَالَ: وَيُرْوَى فبَنِّشِ أَي اقْعُدْ. ونُبْشة ونُبَاشة ونابِشٌ: أَسماء. ونُبَيْشة، عَلَى لَفْظِ التَّصْغِيرِ: أَحدُ فُرْسانِهم المذكورين.
نتش: النَّتَشُ: البياضُ الَّذِي يَظْهَرُ فِي أَصل الظُّفْرِ. والنَّتْشُ: النَّتْف لِلَّحْمِ وَنَحْوِهِ. والمِنْتَاش: المِنْقاش. اللَّيْثُ: النَّتْشُ: إِخراجُ الشَّوْكِ بالمِنْتاش وَهُوَ المِنْقاش الَّذِي يُنْتف بِهِ الشعرُ، قَالَ: والنَّتْش جذبُ اللَّحْمِ وَنَحْوُهُ قَرْصاً ونَهْشاً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ للمِنْقاش مِنْتاخٌ ومِنْتاشٌ. ونتَشْتُ الشَّيْءَ بالمِنْتاشِ أَي اسْتَخْرَجْتُهُ. وأَنْتَشَ النباتُ، وَذَلِكَ حين يخرج رؤوسه مِنَ الأَرض قَبْلَ أَن يُعْرق، ونَتَشُه: مَا يَبْدُو مِنْهُ. وأَنْتَش الحَبُّ: ابتلَّ فضَرب نَتَشَه فِي الأَرض بعد ما يَبْدُو مِنْهُ أَوّلَ مَا يَنْبُتُ مِنْ أَسفل وَفَوْقَ، وَذَلِكَ النَّبَاتُ النَّتَشُ. ونَتَشَ الجرادُ الأَرضَ يَنْتِشها نَتْشاً: أَكل نباتَها. ونَتَشَ لأَهله يَنْتِش نَتْشاً: اكْتَسَبَ لَهُمْ واحْتال؛ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ يكْدِشُ لِعِيَالِهِ ويَنْتِش ويَعْصِف ويَصْرِف. الْفَرَّاءُ: النُّتَّاشُ النُّغَّاشُ والعَيَّارُون. وَفِي حَدِيثِ
أَهل الْبَيْتِ: لَا يُحِبُّنا حامِلُ القِيْلةِ وَلَا النُّتَّاشُ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُمُ النُّغَّاشُ وَالْعَيَّارُونَ، واحدُهم ناتِشٌ، والنَّتْشُ والنَّتْف واحدٌ كأَنهم انتُتِفوا مِنْ جُمْلَةِ أَهل الْخَيْرِ. وَمَا نَتَشَ مِنْهُ شَيْئًا يَنْتِشُ نَتْشاً أَي مَا أَخذ. وَمَا
__________
(3) . قوله [النجائب] في شرح القاموس الجنائب.(6/350)
أَخذ إِلا نَتْشاً أَي قَلِيلًا. ابْنُ شُمَيْلٍ: نَتَشَ الرجلُ بِرِجْلِهِ الحجرَ أَو الشَّيْءَ إِذا دَفَعَهُ بِرِجْلِهِ فَنَحَّاهُ نَتْشاً. ونَتَشَه بِالْعَصَا نَتَشات: ضَرَبَهُ. ونُتَّاشُ النَّاسِ: رُذالُهم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَ فُلَانٌ فأَخذ خِيارَها، وَجَاءَ آخَرُ فأَخذ نُتَّاشَها
أَي شِرارَها.
نجش: نَجَشَ الحديثَ يَنْجُشُه نَجْشاً: أَذاعَه. ونَجَشَ الصيدَ وكلَّ شَيْءٍ مَسْتُورٍ يَنْجُشُه نَجْشاً: اسْتَثَارَهُ وَاسْتَخْرَجَهُ. والنَّجاشِيّ: المستخرجُ لِلشَّيْءِ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، وَقَالَ الأَخفش: هُوَ النَّجاشِيُّ والناجِشُ الَّذِي يُثِير الصيدَ ليمُرّ عَلَى الصَّيَّادِ. والناجِشُ: الَّذِي يَحُوش الصَّيْدَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ: لا تطلُع الشمسُ حَتَّى يَنْجُشَها ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ ملَكاً
أَي يَسْتَثِيرها. التَّهْذِيبُ: النَّجاشِيُّ هُوَ الناجِشُ الَّذِي يَنْجُش نَجْشاً فَيَسْتَخْرِجُهُ. شَمِرٌ: أَصلُ النَّجْشِ البحثُ وَهُوَ اسْتِخْرَاجُ الشَّيْءِ. والنَّجْشُ: اسْتِثارةُ الشَّيْءِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
والخُسْرُ قولُ الكَذِب المَنْجُوشِ
ابْنُ الأَعرابي: مَنْجُوشٌ مُفْتَعَلٌ مَكْذوب. ونَجشوا عَلَيْهِ الصَّيْدَ كَمَا تَقُولُ حَاشُوا. وَرَجُلٌ نَجُوش ونجَّاش ومِنْجَشٌ ومِنْجاشٌ، مُثِيرٌ لِلصَّيْدِ. والمِنْجَشُ والمِنْجاشُ: الوَقَّاعُ فِي النَّاسِ. والنَّجْشُ والتَّناجُشُ: الزيادةُ فِي السِّلْعة أَو المَهْرِ لِيُسْمَع بِذَلِكَ فيُزاد فِيهِ، وَقَدْ كُرِه، نَجَشَ يَنْجُشُ نَجْشاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهى رسولُ اللَّه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّجْش فِي الْبَيْعِ وَقَالَ: لَا تَناجَشُوا
، هُوَ تَفاعُل مِنَ النَّجْش؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ أَن يَزيدَ الرجلُ ثمنَ السِّلعة وَهُوَ لَا يُرِيدُ شَرَاءَهَا، وَلَكِنْ لِيَسْمَعَهُ غيرُه فيَزيد بِزِيَادَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُرْوَى فِيهِ عَنْ أَبي الأَوفى: الناجِشُ آكلُ رِباً خائنٌ. أَبو سَعِيدٍ: فِي التَّناجُش شيءٌ آخرُ مُبَاحٌ وَهِيَ المرأَة الَّتِي تزوَّجت وطُلِّقت مَرَّةً بَعْدَ أُخرى، أَو السِّلعةُ الَّتِي اشْتُرِيت مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ثُمَّ بِيعَتْ. ابْنُ شُمَيْلٍ: النَجْشُ أَن تَمْدَحَ سِلعةَ غيرِك لِيَبِيعَهَا أَو تَذُمَّها لِئَلَّا تَنْفُق عَنْهُ؛ رَوَاهُ ابْنُ أَبي الْخَطَّابِ. الْجَوْهَرِيُّ: النَّجْشُ أَن تُزايدَ فِي الْبَيْعِ لِيَقَعَ غيرُك وَلَيْسَ مِنْ حَاجَتِكِ، والأَصل فِيهِ تَنْفيرُ الْوَحْشِ مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ. والنَّجْشُ: السَّوق الشَّدِيدُ. وَرَجُلٌ نَجَّاشٌ: سَوَّاقٌ؛ قَالَ:
فَمَا لَهَا، اللَّيلةَ، مِنْ إِنْفاشِ ... غيرَ السُّرَى وسائقٍ نَّجَّاشِ
وَيُرْوَى: وَالسَّائِقِ النِّجَاشِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: النجَّاشُ الَّذِي يَسُوقُ الرِّكابَ وَالدَّوَابَّ فِي السُّوق يَسْتَخْرِجُ مَا عِنْدَهَا مِنَ السَّيْرِ. والنِّجَاشةُ: سرعةُ الْمَشْيِ، نَجَشَ يَنْجُشُ نَجْشاً. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا أَعرف النِّجاشةَ فِي الْمَشْيِ. ومَرَّ فُلَانٌ ينْجُش نَجْشاً أَي يُسْرع. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَقِيَه فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ فانْتَجَشْتُ مِنْهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ اختُلف فِي ضَبْطِهَا فرُوي بِالْجِيمِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ النَّجْش الإِسراعِ، ورُوِي فانْخَنَسْت واخْتَنَسْت، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، مِنَ الخُنُوسِ التأَخُّرِ وَالِاخْتِفَاءُ. يُقَالُ: خَنَس وانخَنَس واخْتَنَس. ونَجَشَ الإِبلَ يَنْجُشُها نجْشاً: جَمَعها بَعْدَ تَفْرقة. والمِنْجاش: الخيطُ الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ الأَدِيمَين لَيْسَ بخَرْز جَيِّدٍ. والنَّجاشيّ والنِّجاشِيّ: كلمةٌ للحبَش تُسَمي بِهَا مُلُوكَهَا: قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هُو بالنَّبَطِيَّة أَصْحَمَة أَي(6/351)
عَطِيَّة. الْجَوْهَرِيُّ: النَّجَاشيّ، بِالْفَتْحِ، اسْمُ مَلِكِ الْحَبَشَةِ وَوَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْيَاءُ مُشَدَّدَةٌ، قَالَ: وقيل الصواب تخفيفها.
نحش: الأَزهري خَاصَّةً قَالَ: أَهمله اللَّيْثُ، قَالَ: وَقَالَ شَمِرٌ فِيمَا قرأْت بِخَطِّهِ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ الشِّظْفةُ والنَّحَاشةُ الْخُبْزُ الْمُحْتَرِقُ، وَكَذَلِكَ الجِلْفة والقِرْقةُ.
نخش: نُخِشَ الرجلُ، فَهُوَ مَنْخُوشٌ إِذا هُزِل. وامرأَة مَنْخُوشةٌ: لَا لَحْمَ عَلَيْهَا. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الْجَعْفَرِيَّ يَقُولُ نُخِشَ لَحْمُ الرَّجُلِ ونُخِسَ أَي قلَّ، قال: وقال غيره نخَش، بفتح النون. وفي نوادر الْعَرَبِ: نَخَشَ فُلَانٌ فُلَانًا إِذا حَرَّكَهُ وَآذَاهُ. وَسَمِعْتُ نَخَشةَ الذئبِ أَي حِسَّه وَحَرَكَتَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي الْعَارِمِ الْكِلَابِيِّ يَذْكُرُ خَبَرَهُ مَعَ الذِّئْبِ الَّذِي رَمَاهُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ اشْتَوَاهُ فأَكلَه: فَسَمِعْتُ نَخَشَتَه وَنَظَرْتُ إِلى سَفِيفِ أُذنيه، وَلَمْ يُفسِّر سفيفَ أُذنيه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ يَوْمَ الظَّعْن إِذا ساقُوا حَمولَتَهم: أَلا وانخُشُوها نَخْشاً؛ مَعْنَاهُ حُثُّوها وسُوقوها سَوْقًا شَدِيدًا. وَيُقَالُ: نَخَشَ البعيرَ بطرَف عَصاه إِذا خَرَشه وساقَه. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهَا، أَنها قَالَتْ: كانَ لَنَا جيرانٌ مِنَ الأَنصار، ونِعْم الجيرانُ كَانُوا يَمْنَحُونَنا شَيْئًا مِنْ أَلبانهم وَشَيْئًا مِنْ شَعِيرٍ نَنْخُشُه
؛ قَالَ: قولُها نَنْخُشُه أَي نَقْشُرُه ونُنَحِّي عَنْهُ قُشورَه؛ وَمِنْهُ نُخِش الرجلُ إِذا هُزِل كأَن لحمَه أُخِذ عنه.
ندش: نَدَش عَنِ الشَّيْءِ يَنْدُشُ نَدْشاً: بحَثَ. والنَّدْشُ: التَّناولُ الْقَلِيلُ. رَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ أَبي الْوَازِعِ: نَدَفَ القُطن ونَدَشَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِي هَبَرات الكُرْسُفِ المَنْدُوشِ
نرش: نَرَشَ الشيءَ نرْشاً: تَناوَلَه بِيَدِهِ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ: وَلَا أَحُقُّه.
نشش: نَشَّ الماءُ يَنِشُّ نَشًّا ونَشِيشاً ونَشَّشَ: صَوَّتَ عِنْدَ الغلَيان أَو الصبِّ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا سُمع لَهُ كَتِيت كالنَّبِيذ وَمَا أَشبهه، وَقِيلَ: النَّشِيش أَولُ أَخْذِ الْعَصِيرِ فِي الْغَلَيَانِ، والخَمرُ تَنِشُّ إِذا أَخذَت فِي الْغَلَيَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا نَشَّ فَلَا تَشرَبْ.
ونَشَّ اللحمُ نَشًّا ونَشِيشاً: سُمع لَهُ صَوْتٌ عَلَى المِقْلى أَو فِي القِدْر. ونَشِيشُ اللحمِ: صوْتُه إِذا غَلَى. والقِدرُ تَنِشُّ إِذا أَخذت تَغْلي. ونَشَّ الماءُ إِذا صبَبْته مِنْ صاخِرةٍ طَالَ عهدُها بِالْمَاءِ. والنَّشِيشُ: صوْتُ الْمَاءِ وغيرِه إِذا غَلى. وَفِي حَدِيثِ النَّبِيذِ:
إِذا نَشَّ فَلَا تَشْرَبْ
أَي إِذا غَلَى؛ يُقَالُ: نَشَّت الخمرُ تَنِشُّ نَشِيشاً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الزُّهْرِيِّ: أَنه كرِه لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زوجُها الدُّهْنَ الَّذِي يُنَشُّ بالريْحان
أَي يُطيَّب بأَن يُغلى فِي الْقِدْرِ مَعَ الرَّيْحَانِ حَتَّى يَنِشَّ. وسَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ ونَشْناشةٌ: لَا يَجِفُّ ثَراها وَلَا يَنْبُتُ مَرْعاها، وَقَدْ نَشَّت بالنَّزِّ تَنِشُّ. وسَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ: تَنِشُّ مِنَ النَّزّ، وَقِيلَ: سَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ مِنْ مَاءِ السِّبَاخِ فيَنِشُّ فِيهَا حَتَّى يَعُودَ مِلْحاً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الأَحنف: نَزَلْنا سَبَخَةً نَشَّاشةً
، يَعْنِي البَصْرة، أَي نَزَّازةً تَنِزٌّ بِالْمَاءِ لأَن السبَخَةَ يَنِزُّ ماؤُها فيَنِشُّ وَيَعُودُ مِلْحاً، وَقِيلَ: النّشَّاشةُ الَّتِي لَا يجِفُّ تُرْبُها وَلَا ينبُت مَرْعَاهَا. بَعْضُ الكِلابيّين: أَشَّت الشَّجَّةُ ونَشَّت؛ قَالَ:(6/352)
أَشَّت إِذا أَخذت تَحَلَّبُ، ونَشَّت إِذا قطَرت، ونَشَّ الغَدِيرُ والحَوْضُ يَنِشُّ نَشّاً ونَشِيشاً: يَبِسَ ماؤُهما ونَضَبَ، وَقِيلَ: نَشَّ الماءُ عَلَى وَجْهِ الأَرض نَشِفَ وجفَّ، ونَشَّ الرُّطَبُ وذَوِيَ ذَهَبَ ماؤُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَتَّى إِذا مَعْمَعانُ الصَّيْفِ هَبَّ لَهُ ... بأَجَّةٍ، نَشَّ عَنْهَا الماءُ والرُّطَبُ
والنَّشُّ: وزنُ نَواة مِنْ ذَهَبٍ، وَقِيلَ: هُوَ وَزْنُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَقِيلَ: وَزْنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، وَقِيلَ: هُوَ رُبْعُ أُوقيَّة والأُوقية أَربعون دِرْهَمًا. ونَشُّ الشَّيْءِ: نِصْفُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يُصْدِق امرأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَكْثرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّة ونَشٍ
؛ الأُوقِيَّةُ أَربعون والنَّشُّ عِشْرُونَ فَيَكُونُ الجميعُ خَمْسَمائة دِرْهَمٍ؛ قَالَ الأَزهري: وتصديقُه مَا رُوي عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سأَلت عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: كَمْ كَانَ صَداقُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: كَانَ صَداقُه اثنتَيْ عَشْرَةَ ونَشّاً، قَالَتْ: والنَّشُّ نصفُ أُوقية.
ابْنُ الأَعرابي: النَّشُّ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وأَنشد:
مِنْ نِسوةٍ مُهورُهنَّ النَّشُ
الْجَوْهَرِيُّ: النَّشُّ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَهُوَ نِصْفُ أُوقية لأَنهم يُسَمُّون الأَربعين دِرْهَمًا أُوقيةً، وَيُسَمُّونَ الْعِشْرِينَ نَشّاً، وَيُسَمُّونَ الْخَمْسَةَ نَواةً. ونَشْنَشَ الطائرُ رِيشَه بمِنْقارِه إِذا أَهْوى لَهُ إِهْواءً خَفِيفًا فنَتَف مِنْهُ وطَيَّر بِهِ، وَقِيلَ: نتَفَه فأَلقاه؛ قَالَ:
رأَيتُ غُراباً واقِعاً فوقَ بانةٍ، ... يُنَشْنِشُ أَعلى رِيشِه ويُطايِرهْ
وَكَذَلِكَ وضعْتُ لَهُ لَحْماً فنَشْنَشَ مِنْهُ إِذا أَكل بعَجَلة وَسُرْعَةٍ؛ وَقَالَ أَبو الدَّرْدَاءِ لبَلْعَنْبر يَصِفُ حَيَّةً نشَطَتْ فِرْسِنَ بَعِير:
فنَشْنَشَ إِحدى فِرْسِنَيْها بِنَشْطةٍ، ... رَغَتْ رَغْوَةً مِنْهَا، وكادَتْ تُقَرْطِبُ
ونَشْنَشُوه: تَعْتَعُوه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه كَانَ يَنُشُّ النَّاسَ بَعْدَ العِشاء بالدِّرَّة
أَي يَسُوقُهم إِلى بُيُوتِهِمْ. والنَّشُّ: السَّوْقُ الرَّفيق، وَيُرْوَى بِالسِّينِ، وَهُوَ السَّوْق الشَّدِيدُ؛ قَالَ شَمِرٌ: صَحَّ الشِّينُ عَنْ شُعْبَةَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَمَا أَراه إِلَّا صَحِيحًا؛ وَكَانَ أَبو عُبَيْدٍ يَقُولُ: إِنما هُوَ يَنُسُّ أَو يَنُوش. وَقَالَ شَمِرٌ: نَشْنَشَ الرجلُ الرجلَ إِذا دَفَعَهُ وحَرَّكه. ونَشْنَش مَا فِي الوِعاء إِذا نَتَرَه وتناوَلَه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
الأُقْحُوَانةُ إِذ يُثْنىَ بجانِبِها ... كالشَّيخ، نَشْنَشَ عَنْهُ الفارِسُ السَّلَبا
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
فغادَرْتُها تَحْبُو عَقِيراً ونَشْنَشُوا ... حَقِيبَتها، بَيْنَ التَّوَزُّع والنَّتْرِ
والنَّشْنَشَةُ: النَّفْض والنَّتْرُ. ونَشْنَشَ الشجرَ: أَخَذَ مِنْ لِحائه. ونَشْنَشَ السَّلَب: أَخذه. ونَشَّشْت الْجِلْدَ إِذا أَسرعْت سلْخَه وقطَعْته عَنِ اللَّحْمِ؛ قَالَ مُرَّةُ بْنُ مَحْكان:
أَمْطَيْتُ جازِرَها أَعْلى سَناسِنها، ... فَخِلْتُ جازِرَنا مِنْ فوقِها قَتَبا
يُنَشْنِشُ الجِلْدَ عَنْهَا وَهْيَ بارِكةٌ، ... كَمَا يُنَشْنِشُ كفَّا قاتِلٍ سَلَبا
أَمْطَيْتُه أَي أَمْكَنْتُه مِنْ مَطاها وَهُوَ ظَهْرُها أَي عَلا عَلَيْهَا ليَنْتَزِع عَنْهَا جلْدَها لمَّا نُحِرَت. والسَّناسِنُ: رؤُوسُ الفَقارِ، الواحدُ سِنْسِنٌ.(6/353)
والقتَبُ: رَحْلُ الهَوْدج، وَيُرْوَى: كفَّا فاتِلٍ سَلَبا، فالسَّلَبُ عَلَى هَذَا ضرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ يُمَدُّ فَيَلِينُ بِذَلِكَ ثُمَّ يُفْتل مِنْهُ الحُزُم. وَرَجُلٌ نَشْنَشِيُّ الذِّراعِ: خفيفُها رَحْبُها، وَقِيلَ: خَفِيفٌ فِي عَمَلِهِ ومِرَاسِه؛ قَالَ:
فقامَ فَتًى نَشْنَشيُّ الذِّراع، ... فلَم يَتَلَبَّثْ وَلَمْ يَهْمُمِ
وَغُلَامٌ نَشْنَشٌ: خفيفٌ فِي السَّفَرِ. ابْنُ الأَعرابي: النَّشُّ السَوْق الرَّفِيقُ، والنَشُّ الخَلْط؛ وَمِنْهُ زَعْفرانٌ مَنْشُوش. ورَوَى عبدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ الفَأْرَةُ تَمُوت فِي السَّمْنِ الذائبِ أَو الدُّهْن، قَالَ: أَما الدُّهن فيُنَشُّ ويُدَّهَنُ بِهِ إِن لَمْ تَقْذَرْه نفسُك؛ قلتُ: لَيْسَ فِي نَفْسِكَ مِنْ أَن يأْثمَ إِذا نشَّ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: قلتُ فالسَّمْنُ يُنَشُّ ثُمَّ يؤْكل، قَالَ: لَيْسَ مَا يؤْكل بِهِ كَهَيْئَةِ شيءٍ فِي الرأْس يُدَّهَنُ بِهِ، وَقَوْلُهُ يُنَشُّ وَيُدَّهَنُ بِهِ إَن لَمْ تَقذَره نفسُك أَي يُخلط ويُداف. وَرَجُلٌ نَشْناشٌ: وَهُوَ الكَمِيشةُ يَداه فِي عمَله. وَيُقَالُ: نَشْنَشَه إِذا عَمِلَ عَملًا فأَسرع فِيهِ. والنَّشْنَشةُ: صَوْتُ حركةِ الدُّرُوع والقرْطاسِ والثوبِ الْجَدِيدِ، والمَشْمَشةُ: تفريقُ القُمَاش. والنِّشْنِشةُ: لغةٌ فِي الشِّنْشِنَةِ مَا كَانَتْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بَاكَ حُيَيٌّ أُمَّه بَوكَ الفَرَسْ، ... نَشْنَشَها أَرْبعةً ثُمَّ جَلَسْ
رأَيت فِي حَوَاشِي بَعْضِ الأُصول: البَوْكُ لِلْحِمَارِ والنَّيْك للإِنسان. ونَشْنَشَ المرأَةَ ومَشْمَشها إِذا نكحَها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي شيءٍ شاوَرَه فِيهِ فأَعْجَبه كلامُه فَقَالَ: نِشْنِشةٌ أَعرِفُها مِنْ أَخْشَن
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَكَذَا حدَّثَ بِهِ سُفْيَانُ وأَما أَهل الْعَرَبِيَّةِ فَيَقُولُونَ غيرَه، قَالَ الأَصمعي إِنما هُوَ:
شِنْشِنةٌ أَعْرِفُها مِنْ أَخْزَم
قَالَ: والنِّشْنِشةُ قَدْ تَكُونُ كالمُضْغة أَو كالقِطْعة تُقْطَعُ مِنَ اللَّحْمِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: شِنْشِنة ونِشْنشة، قَالَ ابْنُ الأَثير: نِشْنشةٌ مِنْ أَخْشَن أَي حجَرٌ مِنْ جَبَلٍ، وَمَعْنَاهُ أَنه شبَّهه بأَبيه الْعَبَّاسِ فِي شَهامتِه ورأْيِه وجُرْأَتِه عَلَى الْقَوْلِ، وَقِيلَ: أَراد أَن كَلِمَتَهُ مِنْهُ حجرٌ مَنْ جَبَلٍ أَي أَن مِثْلَهَا يجيءُ مِنْ مِثْلِهِ، وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: أَراد شِنشِنةٌ أَي غَريزة وَطَبِيعَةً. ونَشْنَشَ ونشَّ: ساقَ وطَرَدَ. والنَشْنَشةُ: كالخَشْخَشة؛ قَالَ:
للدِّرْع فَوْقَ مَنْكِبيه نَشْنَشَهْ
وَرَوَى الأَزهري عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: الأَدْهان دُهْنانِ: دُهْنٌ طيِّب مِثْلُ الْبانِ المَنْشُوشِ بالطِّيب، ودُهْنٌ لَيْسَ بالطَّيِّب مِثْلُ سَلِيخة الْبان غَيْرُ مَنْشُوشٍ وَمِثْلُ الشِّبْرِق. قَالَ الأَزهري: المَنْشوشُ المُرَبَّبُ بالطيْب إِذا رُبِّب بالطِّيب فَهُوَ مَنْشُوش، والسَّلِيخةُ مَا اعْتُصر مِنْ ثمَر الْبَانِ وَلَمْ يُرَبَّبْ بالطِّيب. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: النَّشّ الخَلْط. ونَشَّةُ ونَشْناشٌ: اسْمَانِ. وأَبو النَّشْناش: كُنْيَةٌ؛ قَالَ:
ونائِية الأَرْجاءِ طامِية الصُّوى، ... خَدَتْ بأَبي النَّشْناشِ فِيهَا ركائبُهْ
والنَّشْناشُ: مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
بِأَوْدِيَةِ النَّشْناشِ حَتَّى تتابَعَتْ ... رِهامُ الحَيا، واعْتَمَّ بالزهَرِ البَقْلُ
نطش: النَطْشُ: شِدَّةُ جَبْلةِ الخَلْقِ. ورجلٌ نَطِيشُ جَبْلةِ الظَّهْرِ: شديدُها. وقولُهم مَا بِهِ(6/354)
نَطِيشٌ أَي مَا بِهِ حَراكٌ وقوَّة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بَعْدَ اعتمادِ الجَرَزِ النَّطِيشِ
وَفِي النَّوَادِرِ: مَا بِهِ نَطِيشٌ وَلَا حَويلٌ وَلَا حَبِيصٌ وَلَا نَبِيصٌ أَي مَا بِهِ قُوَّةٌ. وعطْشان نَطْشان: إِتباع.
نعش: نَعَشَه اللَّهُ يَنْعَشُه نَعْشاً وأَنْعَشَه: رَفَعَه. وانْتَعَشَ: ارْتَفَعَ. والانْتِعاشُ: رَفْعُ الرأْس. والنَّعْشُ: سَريرُ الْمَيِّتِ مِنْهُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِارْتِفَاعِهِ، فإِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَيِّتٌ فَهُوَ سَرِيرٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَيِّتٌ مَحْمُولٌ فَهُوَ سَرِيرٌ. والنَّعْشُ: شَبِيهٌ بالمِحَفَّة كَانَ يُحْمَل عَلَيْهَا المَلِكُ إِذا مَرِض؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَلم تَرَ خَيْرَ الناسِ أَصْبَحَ نَعْشُه ... عَلَى فِتْيةٍ، قَدْ جاوَزَ الحَيَّ سَائِرَا؟
ونَحْنُ لَدَيْه نسأَل اللَّه خُلْدَه، ... يُرَدُّ لَنَا مَلْكاً، وللأَرض عامِرا
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنه لَيْسَ بِمَيِّتٍ، وَقِيلَ: هَذَا هُوَ الأَصل ثُمَّ كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ حَتَّى سُمِّي سريرُ الْمَيِّتَ نَعْشاً. وَمَيِّتٌ مَنْعُوشٌ: مَحْمُولٌ عَلَى النَعْش؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَمَحْمُولٌ عَلَى النَّعْشِ الهُمام؟
وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنْ قَوْلِ عَنْتَرَةَ:
يَتْبَعْن قُلَّةَ رأْسِه، وكأَنه ... حَرَجٌ عَلَى نَعْشٍ لهنَّ مُخَيِّم
فحَكى عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: النَّعامُ مَنْخُوبُ الجَوف لَا عَقل لَهُ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: إِنما وَصَفَ الرِّئالَ أَنها تَتْبَعُ النعامةَ فَتَطْمَحُ بأَبصارها قُلَّة رأْسِها، وكأَن قُلَّةَ رأْسها ميتٌ عَلَى سَرِيرٍ، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ مخيِّم، بِكَسْرِ الْيَاءِ؛ وَرَوَاهُ الباهِليّ:
وكأَنه زَوْجٌ عَلَى نَعْشٍ لَهُنَّ مخيَّم
بِفَتْحِ الْيَاءِ؛ قَالَ: وَهَذِهِ نَعَامٌ يُتْبَعْن. والمُخَيَّمُ: الَّذِي جُعِل بِمَنْزِلَةِ الخَيْمة. والزَّوْجُ: النَّمطُ. وقُلَّةُ رأْسه: أَعْلاهُ. يَتْبَعْن: يَعْنِي الرِّئالَ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَنْ رَوَاهُ حَرَجٌ عَلَى نَعْشٍ، فالحَرَجُ المَشْبَك الَّذِي يُطْبَق عَلَى المرأَة إِذا وُضِعت عَلَى سَرِيرِ المَوْتى وَتُسَمِّيهِ النَّاسُ النَّعْش، وإِنما النَّعْش السريرُ نفسُه، سُمِّيَ حَرَجاً لأَنه مُشَبَّكٌ بعِيدان كأَنها حَرَجُ الهَوْدَج. قَالَ: وَيَقُولُونَ النَّعْش الْمَيِّتُ والنَّعْش السَّرِيرُ. وبَناتُ نَعْشٍ: سبعةُ كَواكبَ: أَربعة مِنْهَا نَعْش لأَنها مُربّعة، وثلاثةٌ بَناتُ نَعْشٍ؛ الواحدُ ابنُ نَعْشٍ لأَن الْكَوْكَبَ مُذَكَّرٌ فَيُذكِّرونه عَلَى تَذْكِيرِهِ، وإِذا قَالُوا ثَلَاثٌ أَوْ أَربع ذَهَبُوا إِلى الْبَنَاتِ، وَكَذَلِكَ بَناتُ نَعْشٍ الصُّغْرى، وَاتَّفَقَ سِيبَوَيْهِ وَالْفَرَّاءُ عَلَى تَرْكِ صرْف نعْش لِلْمَعْرِفَةِ والتأْنيث، وَقِيلَ: شُبِّهَتْ بحَمَلة النَّعْشِ فِي تَرْبيعها؛ وَجَاءَ فِي الشِّعْرِ بَنُو نَعْش، أَنشد سِيبَوَيْهِ لِلنَّابِغَةِ الجَعْديّ:
وصَهْباء لَا يَخْفى القَذى وَهِيَ دُونَه، ... تُصَفَّقُ فِي رَاوُوقِها ثُمَّ تُقْطَبُ
تمَزَّزْتُها، والدِّيكُ يَدْعُو صَباحَهُ، ... إِذا مَا بَنُو نَعْشٍ دَنَوْا فتَصَوَّبُوا
الصَّهْباءُ: الخَمْرُ. وَقَوْلُهُ لَا يَخْفى القَذى وَهِيَ دُونَهُ أَي لَا تَسْترُهُ إِذا وقَعَ فِيهَا لِكَوْنِهَا صَافِيَةً فالقَذى يُرى فِيهَا إِذا وَقَعَ. وَقَوْلُهُ: وَهِيَ دُونَهُ يُرِيدُ أَن القَذى إِذا حَصَلَ فِي أَسفل الإِناء رَآهُ الرَّائِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فَوْقَه الخمرُ والخمرُ أَقْربُ إِلى الرَّائِي مِنَ الْقَذَى، يُرِيدُ أَنها يُرى مَا وَرَاءَهَا. وتُصَفَّق:(6/355)
تُدارُ مِنْ إِناء إِلى إِناء. وَقَوْلُهُ: تمزَّزْتُها أَي شَرِبْتها قَلِيلًا قَلِيلًا. وتُقْطَب: تُمْزَج بِالْمَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَلِلشَّاعِرِ إِذا اضْطَرَّ أَن يَقُولَ بَنُو نَعْش كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ، وأَنشد الْبَيْتَ، ووجْهُ الكلامِ بَناتُ نَعْشٍ كَمَا قَالُوا بَناتُ آوَى وبناتُ عُرْس، والواحدُ مِنْهَا ابنُ عُرْس وَابْنُ مِقْرَض «4» ، يُؤَنِّثُونَ جمْعَ مَا خَلَا الْآدَمِيِّينَ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَؤُمُّ النَّواعِشَ والفَرْقَدَين، ... تَنْصِبُ للقَصْد مِنْهَا الجَبينا
فإِنه يُرِيدُ بَنَاتَ نَعْش إِلا أَنه جَمَعَ الْمُضَافَ كَمَا أَنه جُمِع سامُّ أَبْرَصَ الأَبارِصَ، فإِن قُلْتَ: فَكَيْفَ كَسَّر فَعْلًا عَلَى فَواعِلَ وَلَيْسَ مِنْ بَابِهِ؟ قِيلَ: جَازَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ كَانَ نَعْشٌ فِي الأَصل مَصْدَرَ نَعَشَه نَعْشاً، والمَصْدرُ إِذا كَانَ فَعْلًا فَقَدْ يُكسَّر عَلَى مَا يكسَّر عَلَيْهِ فاعِل، وَذَلِكَ لمُشابهَةِ الْمَصْدَرِ لِاسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ حَيْثُ جازَ وقُوعُ كلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا موقعَ صَاحِبِهِ، كَقَوْلِهِ قُمْ قَائِمًا أَي قُمْ قِيَامًا، وَكَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً. ونَعَشَ الإِنسان يَنْعَشُه نَعْشاً: تَدارَكَه مِنْ هَلَكةٍ. ونَعَشَه اللَّهُ وأَنْعَشَه: سَدَّ فَقْرَه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَنْعَشَني مِنْهُ بسَيْبٍ مُقْعَثِ
وَيُقَالُ: أَقْعَثَني وَقَدِ انْتَعَشَ هُوَ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: نَعَشَه اللَّهُ أَي رَفَعَه، وَلَا يُقَالُ أَنْعَشه وَهُوَ مِنْ كَلَامِ العامَّة، وَفِي الصِّحَاحِ: لَا يُقَالُ أَنْعَشَه اللَّه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إِلا مَا تَخَوَّنَه ... داعٍ يُنادِيه، باسْمِ الماءِ، مَبْغُوم
وانْتَعَشَ العاثرُ إِذا نَهَض مِنْ عَثْرَتِه. ونَعَّشْتُ لَهُ: قَلْتَ: لَهُ نَعَشَك اللَّهُ؛ قَالَ رُؤْبَةَ:
وإِنْ هَوى العاثرُ قُلْنا: دَعْدَعا ... لَهُ، وعالَيْنا بتَنْعِيشٍ لَعَا
وَقَالَ شَمِرٌ: النَّعْشُ البقاءُ وَالِارْتِفَاعُ. يُقَالُ: نَعَشَه اللَّه أَي رَفَعَه اللَّهُ وجَبَره. قَالَ: والنَّعْشُ مِنْ هَذَا لأَنه مُرْتَفِعٌ عَلَى السَّرِيرِ. والنَّعْشُ: الرفْعُ. ونَعَشْت فُلَانًا إِذا جَبَرته بَعْدَ فَقْر أَو رَفَعْته بَعْدَ عَثْرة. قَالَ: والنَعْشُ إِذا ماتَ الرجلُ فَهُمْ يَنْعَشُونه أَي يذكُرونه ويَرْفَعون ذِكْرَه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: انْتَعِشْ نَعَشَك اللَّهُ
؛ مَعْنَاهُ ارْتَفِعْ رفَعَك اللَّه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: تَعِسَ فَلَا انْتَعَش، وشِيكَ فَلَا انْتَقَش؛ فَلَا انْتَعَش أَي لَا ارْتَفَع وَهُوَ دُعاء عَلَيْهِ. وَقَالَتْ
عَائِشَةَ فِي صِفَة أَبيها، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: فانْتاشَ الدِّينَ بنَعْشِه إِيّاه
أَي تَدارَكَه بإِقامته إِياه مِنْ مَصْرَعِه، وَيُرْوَى:
فانْتاشَ الدِّينَ فَنَعَشَه
، بِالْفَاءِ عَلَى أَنه فِعْل وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فانْطَلَقْنا بِهِ نَنْعَشُه
أَي نُنْهِضه ونُقَوّي جأْشَه. ونَعَشْت الشجرةَ إِذا كَانَتْ مَائِلَةً فأَقَمْتها. والرَّبِيعُ يَنْعَشُ الناسَ: يُعيشُهم ويُخْصِبهم؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وأَنتَ رَبِيعٌ يَنْعَشُ الناسَ سَيْبُه، ... وسَيفٌ، أُعِيرَتْه المَنِيّةُ، قاطعُ
نغش: النَغْشُ والانْتِغاشُ والنَّغَشانُ: تحرُّكُ الشَّيْءِ فِي مَكَانِهِ. تَقُولُ: دارٌ تَنْتَغِشُ صِبْياناً ورأْس تَنْتَغِشُ صِئْباناً؛ وأَنشد اللَّيْثُ لِبَعْضِهِمْ فِي صِفَةِ القُراد:
إِذا سَمِعَتْ وطْءَ الرِّكابِ تَنَغَّشَتْ ... حُشاشَتُها، فِي غَيْرِ لَحْم وَلَا دَم
__________
(4) . قوله [وَالْوَاحِدُ مِنْهَا ابْنُ عِرْسٍ وابن مقرض] هكذا في الأَصل بدون ذكر ابن آوى وبدون تقدم بنات مقرض.(6/356)
وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ:
مَنْ يَاْتِيني بخبَرِ سعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ؟ قَالَ محمدُ بْنُ سلَمةَ: فرَأَيتُه وسَطَ القَتْلى صَريعاً فنادَيْتُه فَلَمْ يُجِبْ، فقُلْت: إِن رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْسَلَني إِليك، فَتَنَغَّشَ كَمَا تَتَنَغّشُ الطيرُ
أَي تحرَّك حَرَكَةً ضَعِيفَةً. وانْتَغَشَت الدارُ بأَهلها والرأْسُ بالقَمْل وتَنَغَّشَ: ماجَ. والتَّنَغُّشُ: دخولُ الشَّيْءِ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ كتداخُلِ الدَّبَى ونحوِه. أَبو سَعِيدٍ: سُقِي فلانٌ فتَنَغَّشَ تَنَغُّشاً. ونَغَشَ إِذا تحرَّك بَعْدَ أَن كَانَ غُشِي عَلَيْهِ، وانْتَغَشَ الدُّودُ. ابْنُ الأَعرابي: النُّغَاشِيّون هُمُ القِصارُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى نُغاشِيّاً فسجَدَ شُكْراً للَّه تَعَالَى.
والنُّغَاشُ: القَصِيرُ. وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه مرَّ بِرَجُل نُغَاشٍ فَخَرّ ساجِداً ثُمَّ قَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ العافيةَ
، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
مَرَّ بِرَجُلٍ نُغاشِيٍ
؛ النُّغَاشُ والنُّغاشِيُّ: القصيرُ أَقْصَر مَا يَكُونُ، الضَّعِيفُ الْحَرَكَةِ النَّاقِصُ الخَلْق. ونغَشَ الْمَاءُ إِذا رَكِبَه البعيرُ فِي غَدِير وَنَحْوِهِ، واللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَعلم.
نفش: النَفَشُ: الصُّوفُ. والنَّفْشُ: مَدُّكَ الصُّوفَ حَتَّى يَنْتَفِشَ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ، وعِهْنٌ مَنْفُوشٌ، والتَّنْفِيشُ مثلُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن كسْب الأَمَةِ إِلَّا مَا عَمِلَت بيدَيْها نَحْوَ الخَبْزِ والغَزْل والنَفْشِ
؛ هُوَ نَدْفُ القُطْن والصُّوفِ، وإِنما نَهَى عَنْ كَسْبِ الإِماء لأَنه كَانَتْ عَلَيْهِنَّ ضَرائِبُ فَلَمْ يَأْمَن أَن يكونَ مِنْهُنَّ الفُجورُ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ:
حَتَّى يُعْلم مِنْ أَيْنَ هُو.
ونَفَشَ الصوفَ وَغَيْرَهُ يَنْفُشه نَفْشاً إِذا مَدّه حَتَّى يتجوَّف، وَقَدِ انْتَفَش. وأَرْنَبةٌ مُنْتَفِشةٌ ومُتَنَفِّشةٌ: مُنبَسطة عَلَى الْوَجْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وإِن أَتاكَ مُنْتَفِش المَنْخِرَين
أَي وَاسِعَ مَنْخِرَي الأَنفِ وَهُوَ مِنَ التَّفْرِيقِ. وتَنَفَّشَ الضِّبْعانُ والطائرُ إِذا رأَيته مُتَنَفّشَ الشعَر والرِّيشِ كأَنه يَخاف أَو يُرْعَد، وأَمَةٌ مُتَنَفِّشةُ الشعرِ كَذَلِكَ. وكلُّ شَيْءٍ تَرَاهُ مُنْتَبِراً رِخْوَ الجَوْفِ، فَهُوَ مُتَنَفِّشٌ ومُنْتَفِشٌ. وانْتَفَشَت الهِرّةُ وتَنَفَّشَت أَي ازْبَأَرّتْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه أَتى عَلَى غُلام يَبِيعُ الرَّطْبةَ فَقَالَ: انفُشْها فإِنه أَحْسنُ لَهَا
أَي فَرِّق مَا اجْتَمَعَ مِنْهَا لتَحْسُنَ فِي عَيْنِ الْمُشْتَرِي. والنَّفَشُ: المتاعُ المُتفرّق. ابْنُ السِّكِّيتِ: النَّفْشُ أَن تَنْتَشِر الإِبلُ بِاللَّيْلِ فتَرْعَى، وَقَدْ أَنْفَشْتها إِذا أَرْسَلْتها فِي اللَّيْلِ فتَرْعَى، بِلا راعٍ. وَهِيَ إِبل نُفّاشٌ. وَيُقَالُ نَفَشَت الإِبل تَنْفُش وتَنفِشُ ونَفِشَت تَنفَش إِذا تَفَرَّقَتْ فرَعَتْ بِاللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ عِلْم رَاعِيهَا، والاسمُ النفَشُ، وَلَا يَكُونُ النَّفَشُ إِلا بِاللَّيْلِ، والهَمَلُ يَكُونُ لَيْلًا وَنَهَارًا. وَيُقَالُ: بَاتَتْ غنمُه نَفَشاً، وَهُوَ أَن تَفَرّقَ فِي الْمَرْعَى مِنْ غَيْرِ عِلْمِ صَاحِبِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرٍو: الحَبّةُ فِي الجنّةِ مثلُ كَرِشِ الْبَعِيرِ يَبِيتُ نافِشاً
أَي رَاعِيًا بِاللَّيْلِ. وَيُقَالُ: نَفَشَت السائمةُ تَنْفِش وتَنْفُشُ نُفُوشاً إِذا رَعَت لَيْلًا بِلَا راعٍ، وهَمَلَتْ إِذا رَعَتْ نَهَارًا. ونَفَشَت الإِبلُ وَالْغَنَمُ تَنْفُش وتَنْفِش نَفَشاً ونُفُوشاً: انْتَشَرَتْ لَيْلًا فَرَعَتْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بِالنَّهَارِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ دخولَ الْغَنَمِ فِي الزَّرْعِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ
؛ وإبل نَفَشٌ ونُفَّشٌ ونُفّاشٌ ونَوافِشُ. وأَنْفَشَها راعِيها: أَرْسَلَها لَيْلًا تَرْعَى ونامَ عَنْهَا، وأَنْفشْتها أَنا إِذا تَرَكْتُهَا تَرْعَى بِلَا(6/357)
رَاعٍ؛ قَالَ:
اجْرِشْ لَهَا يَا ابنَ أَبي كِباشِ ... «1» ، فَمَا لَهَا اللَّيْلةَ مِنْ إِنْفاشِ،
إِلا السُّرَى وسائقٍ نَجّاشِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِلَّا بِمَعْنَى غَيْرَ السُّرى كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا؛ أَراد لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ غَيْرُ اللَّه لَفَسَدَتَا، فَسُبْحَانَ اللَّه وَقَدْ يَكُونُ النَفْش فِي جَمِيعِ الدَّوَابِّ وأَكثرُ مَا يَكُونُ فِي الْغَنَمِ، فأَما مَا يَخُصُّ الإِبل فَعَشَتْ عَشْواً، وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي طَالِبٍ أَنه قَالَ قَوْلَهُمْ: إِن لَمْ يَكُنْ شَحْمٌ فنَفَشٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ إِن لَمْ يَكُنْ فِعْلٌ فرِياءٌ.
نقش: النَّقْشُ النَّقّاشُ «2» ، نَقَشَه يَنْقُشُه نَقْشاً وانْتَقَشَه: نَمْنَمَه، فَهُوَ مَنْقُوشٌ، ونَقَّشَه تَنْقِيشاً، والنَقّاشُ صانِعُه، وحِرْفتُه النِّقَاشةُ، والمِنقاشُ الآلةُ الَّتِي يُنْقَش بها؛ أَنشد ثعلب:
فوا حَزَنَا إِنّ الفِراقَ يَرُوعُني ... بِمِثْلِ مَناقِيشِ الحُلِيّ قِصَارِ
قَالَ: يَعْنِي الغِرْبان. والنَّقْشُ: النتْفُ بالمِنْقاشِ، وَهُوَ كالنَتْشِ سَوَاءٌ. والمَنْقُوشةُ: الشجّةُ الَّتِي تُنْقَشُ مِنْهَا العظامُ أَي تُستخرج؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الغَنوِيّ يَقُولُ: المُنَقِّشةُ المُنَقِّلةُ مِنَ الشِّجَاج الَّتِي تَنَقَّل مِنْهَا العظامُ. ونَقَشَ الشوكةَ يَنْقُشُها نَقْشاً وانْتَقَشها: أَخرجها مِنْ رِجْله. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: عَثَرَ فَلَا انْتَعَش، وشِيكَ فَلَا انْتَقَش
أَي إِذا دَخَلت فِيهِ شوكةٌ لَا أَخْرَجها مِنْ مَوْضِعِهَا، وَبِهِ سُمِّي المِنْقاشُ الَّذِي يُنْقَشُ بِهِ وَقَالُوا: كأَن وجهَه نُقِشَ بقَتادةٍ أَي خُدِشَ بِهَا، وَذَلِكَ فِي الْكَرَاهَةِ والعُبُوس والغضَب. وناقَشَه الحسابَ مُناقشةً ونِقاشاً: اسْتَقْصَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ نُوقِشَ الحسابَ عُذّبَ
أَي مِنَ استُقْصِي فِي مُحاسبته وحُوقِق؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: مَنْ نُوقِشَ الحسابَ فَقَدْ هَلَك.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَجْمَع اللَّهُ الأَوّلين والآخرين لنِقاشِ الحساب
؛ وهو مَصْدَرٌ مِنْهُ. وأَصل المُناقَشة مِنْ نقَش الشَّوْكَةَ إِذا اسْتَخْرَجَهَا مِنْ جِسْمِهِ، وَقَدْ نَقَشَها وانْتَقَشها. أَبو عُبَيْدٍ: المُناقَشةُ الِاسْتِقْصَاءُ فِي الْحِسَابِ حَتَّى لَا يُتْرَك مِنْهُ شَيْءٌ. وانْتَقَش مِنْهُ جميعَ حقِّه وتَنَقَّشه: أَخذه فَلَمْ يدَع مِنْهُ شَيْئًا؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزة اليَشْكُرِيّ:
أَو نَقَشْتم، فالنَقْشُ يَجْشَمُه الناسُ، ... وَفِيهِ الصِّحاحُ والإِبْراءُ «3»
يَقُولُ: لَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ محاسبةٌ عَرَفْتُمُ الصِّحَّةَ والبَراءَة؛ قَالَ: وَلَا أَحسَب نَقْش الشوكةِ مِنَ الرِّجْل إِلا مِنْ هَذَا، وَهُوَ استخراجُها حَتَّى لَا يُترك مِنْهَا شَيْءٌ فِي الْجَسَدِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَنْقُشَنّ برِجْل غَيْرِكَ شَوكةً، ... فتَقي بِرجْلِك رِجْلَ مَنْ قَدْ شاكَها
وَالْبَاءُ أُقيمت مُقام عَنْ؛ يَقُولُ: لَا تَنْقُشَنّ عَنْ رِجْل غَيْرِكَ شَوْكًا فَتَجْعَلُهُ فِي رِجْلِكَ؛ قَالَ: وإِنما سمِّي المِنْقاشُ مِنْقاشاً لأَنه يُنْقَشُ بِهِ أَي يُسْتخرج بِهِ الشوكُ. والانْتِقاشُ: أَن تَنْتَقِشَ عَلَى فَصِّك أَي تسأَل النقّاشَ أَن يَنْقُش عَلَى فَصِّك؛ وأَنشد لِرَجُلٍ نُدِب
__________
(1) . قوله [اجرش] كذا في الأَصل بهمزة الوصل وبشين آخره وهي رواية ابن السكيت، قال في الصحاح: والرواة على خلافه، يعني أَجرس بهمزة القطع وسين آخره.
(2) . قوله [النقش النقاش] كذا ضبط في الأَصل.
(3) . في معلقة الحرث بن حلِّزة: الإِسقام بدل الصحاح.(6/358)
لعمَلٍ وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ يُقَالُ لَهُ صِدامٌ:
وَمَا اتَّخذْتُ صِداماً للمُكوثِ بِهَا، ... وَمَا انْتَقَشْتُك إِلا للوَصَرَّاتِ
قَالَ: الوَصَرّةُ القَبالةُ بالدُّرْبةِ. وَقَوْلُهُ: مَا انْتَقَشْتك أَي مَا اخْتَرْتك. وانْتَقَشَ الشيءَ: اخْتَارَهُ. وَيُقَالُ للرجُل إِذا تَخَيَّرَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا: جادَ مَا انْتَقَشَه لِنَفْسِهِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ خَادِمًا أَو غَيْرَهُ: انْتَقَشَ لِنَفْسِهِ. وَفِي الْحَدِيثُ:
اسْتَوْصُوا بالمِعْزَى خَيْرًا فإِنه مالٌ رَقِيقٌ وانْقُشُوا لَهُ عَطنَهُ
؛ وَمَعْنَى النَّقْشِ تَنْقِيةُ مَرابِضِها مِمَّا يُؤذيها مِنْ حِجَارَةٍ أَو شَوْكٍ أَو غَيْرِهِ. والنَّقْشُ: الأَثَرُ فِي الأَرض؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: كَتَبْتُ عَنْ أَعرابي يَذْهبُ الرَّمادُ حَتَّى مَا نَرَى لَهُ نَقْشاً أَي أَثراً فِي الأَرض. والمَنْقُوشُ مِنَ البُسْرِ: الَّذِي يُطْعَن فِيهِ بِالشَّوْكِ ليَنْضَج ويُرْطِبَ. أَبو عَمْرٍو: إِذا ضُرِب العِذْقُ بِشَوْكَةٍ فأَرْطَبَ فَذَلِكَ المَنْقُوشُ،. والفِعْل مِنْهُ النَّقْشُ. وَيُقَالُ: نُقِشَ الْعَذْقُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعلُه، إِذا ظَهَرَ فِيهِ نُكَتٌ مِنَ الإِرْطابِ. وَمَا نَقَشَ مِنْهُ شَيْئًا أَي مَا أَصابَ، وَالْمَعْرُوفُ مَا نَتَشَ. ابْنُ الأَعرابي: أَنقش إِذا أَدام نَقْشَ جاريتِه، وأَنْقَشَ إِذا اسْتَقْصى عَلَى غَرِيمه. وانْتَقَشَ البعيرُ إِذا ضرَب بِيَدِهِ الأَرضَ لِشَيْءٍ يَدخل فِي رِجْلِهِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: لَطَمَه لَطْمَ المُنْتَقِش؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
نَقْشاً ورَبّ الْبَيْتِ أَيّ نَقْشِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: يَعْنِي الجِماعَ.
نكش: النَّكْشُ: شِبْهُ الأَتْيِ عَلَى الشَّيْءِ وَالْفَرَاغِ مِنْهُ. ونَكَشَ الشيءَ يَنْكِشُه ويَنْكُشُه نَكْشاً: أَتى عَلَيْهِ وَفَرَغَ مِنْهُ. يَقُولُ: انتَهَوْا إِلى عُشْبٍ فنَكَشُوه، يَقُولُ: أَتَوْا عَلَيْهِ وأَفْنَوْه. وبَحر لَا يُنْكَشُ: لَا يُنْزَف، وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ. ونَكَشْتُ الْبِئْرَ أَنْكِشُها، بِالْكَسْرِ، أَي نَزفْتها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ بَحْرٌ لَا يُنْكَشُ، وَعِنْدَهُ شَجَاعَةٌ مَا تُنْكَشُ. وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: عِنْدَهُ شَجَاعَةٌ مَا تُنْكَشُ، فَاسْتَعَارَهُ فِي الشَّجَاعَةِ، أَي مَا تُسْتخرج وَلَا تُنْزف لأَنها بعيدةُ الغايةِ، يُقَالُ: هَذِهِ بِئْرٌ مَا تُنْكَش أَي مَا تُنْزح. وَتَقُولُ: حَفَرُوا بِئْراً فَمَا نَكَشُوا مِنْهَا بَعِيدًا أَي مَا فرَغُوا مِنْهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ يُجَوِّد الليثُ فِي تَفْسِيرِ النَّكش. والنّكْشُ: أَن تَسْتَقِيَ مِنَ الْبِئْرِ حَتَّى تُنْزَحَ. وَرَجُلٌ مِنْكَشٌ: نَقّابٌ عَنِ الأُمور.
نمش: النَّمَشُ: خُطوط النُّقوشِ مِنَ الوَشْي وغيرِه؛ وأَنشد:
أَذاكَ أَم نَمِشٌ بالوَشْي أَكْرُعُه، ... مُسَفَّعُ الخَدِّ عادٍ ناشِطٌ شَبَبُ؟
والنَمَشُ، بِالتَّحْرِيكِ: نُقَطٌ بِيضٌ وسُود؛ وَمِنْهُ ثَوْرٌ نَمِشٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ الَّذِي فِيهِ نُقَطٌ. والنَّمَشُ: بياضٌ فِي أُصول الأَظفار يَذْهَبُ وَيَعُودُ، والنَّمَشُ يقَعُ عَلَى الجِلْد فِي الْوَجْهِ يُخَالِفُ لونَه، وَرُبَّمَا كَانَ فِي الخَيل، وأَكثرُ مَا يَكُونُ فِي الشُّقْر، نَمِشَ نَمَشاً وَهُوَ أَنْمَشُ. ونَمَشَه يَنْمِشُه نَمْشاً: نقَشَه ودَبَّجَه. ونَمِشٌ نعتٌ للأَكْرُعِ، أَراد بالشِّعْر: أَذاك أَمْ ثَوْرٌ نَمِشٌ أَكْرُعُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فعَرَفْنا نَمَشَ أَيديهم فِي العُذوقِ.
والنَّمشُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِهَا: الأَثرُ، أَي أَثَرَ أَيديهم فِيهَا، وأَصلُ النَّمَشِ نُقطٌ بِيضٌ وَسُودٌ فِي اللَّون. وثَوْر نَمِشٌ، بِالْكَسْرِ. اللَّيْثُ: النَّمْشُ النميمةُ والسِّرارُ، والنَّمْشُ الالتِقاطُ لِلشَّيْءِ كَمَا يَعْبَثُ الإِنسان بِالشَّيْءِ(6/359)
فِي الأَرض؛ وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ أَن أَبا الْهَيْثَمِ أَنشده:
يَا مَنْ لقَوْمٍ رأْيُهمْ خُلْفٌ مَدَنْ، ... إِنْ يَسْمَعُوا عَوْراءَ أَصْغَوْا فِي أَذَنْ،
ونَمَشُوا بكَلِمٍ غَيْرِ حَسَنْ
قَالَ: نَمَشُوا خَلَطُوا. وثورٌ نَمِشُ القوائِم: فِي قَوَائِمِهِ خطوطٌ مُخْتَلِفَةٌ؛ أَرادَ: خَلَطُوا حَدِيثًا حسَناً بِقَبِيحٍ، قَالَ: ويُرْوى نَمَّشُوا أَي أَسَرُّوا وَكَذَلِكَ هَمَشُوا. وعَنْز نَمْشاءُ أَي رَقْطاء. وَيُقَالُ فِي الْكَذِبِ: نَمَشَ ومَشَنَ وفَرَشَ ودَبَشَ. وَبَعِيرٌ نَمِشٌ ونَهِشٌ إِذا كَانَ فِي خُفِّه أَثر يَتَبَيَّنُ فِي الأَرض مِنْ غَيْرِ إِثْرة. ونَمَشَ الكلامَ: كذَب فِيهِ وزوّرَه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَالَ لَهَا، وأُولِعَتْ بالنَّمْشِ: ... هَلْ لكِ يَا خَلِيلتي فِي الطَّفْشِ؟
اسْتَعْمَلَ النَّمْشَ فِي الكَذِب والتَّزْوير؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ رُؤْبَةُ:
عاذِلَ، قَدْ أُولِعْتِ بالتَّرْقُيشِ، ... إِليّ سِرّاً فاطْرُقي ومِيشِي
يَعْنِي بِالتَّرْقِيشِ التزيينَ والتزويرَ. ونَمَشَ الدَّبى الأَرضَ يَنْمُشُها نَمْشاً: أَكلَ مِنْ كَلَئِها وَتَرَكَ. والنَّمْشُ: الالتِقاطُ والنَّمِيمةُ، وَقَدْ نَمشَ بَيْنَهُمْ، بِالتَّخْفِيفِ، وأَنمَشَ. وَرَجُلٌ مُنْمِشٌ: مُفْسِد؛ قَالَ:
وَمَا كُنْت ذَا نَيْرَبٍ فيهمُ، ... وَلَا مُنْمِشٍ منهمُ مُنْمِل
جَرّ مُنْمِشاً عَلَى تَوَهُّمِ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ ذَا نَيْرَب حَتَّى كأَنه قَالَ: وَمَا كُنْتُ بِذِي نَيْرَبٍ؛ ونظيرُه مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِ زُهَيْرٍ:
بَدا لِيَ أَني لسْتُ مُدْرِكَ مَا مَضى، ... وَلَا سابقٍ شَيْئًا إِذا كان جائيَا
نهش: نَهَشَ يَنْهَش ويَنْهِشُ نَهْشاً: تناوَل الشَّيْءَ بفَمِه ليَعَضَّه فَيُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يَجْرحه، وَكَذَلِكَ نَهْشُ الحيّةِ، والفِعلُ كَالْفِعْلِ. اللَّيْثُ: النَّهْشُ دُونَ النَّهْسِ، وَهُوَ تناوُلٌ بالفَمِ، إِلا أَن النَّهْشَ تناوُلٌ مِنْ بَعِيدٍ كنَهْش الْحَيَّةِ، والنَّهْسُ الْقَبْضُ عَلَى اللَّحْمِ ونَتْفُه. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: النَهْشُ بإِطباق الأَسْنان، والنَّهْسُ بالأَسْنان والأَضْراس. ونَهشَتْه الحيةُ: لسَعَتْه الأَصمعي: نَهَشَتْه الحيةُ ونَهَسَتْه إِذا عضَّته؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ:
يَنْهَشْنَه ويَذُودُهُنّ ويَحْتَمِي
يَنْهَشْنَه: يَعْضَضْنَه؛ قَالَ: والنَّهْشُ قَرِيبٌ مِنَ النَّهْس؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
كَمْ مِنْ خَليلٍ وأَخٍ مَنْهوشِ، ... مُنْتَعِشٍ بفَضْلِكم مَنْعُوشِ
قَالَ: المَنْهُوشُ الهَزيلُ. وَيُقَالُ: إِنه لمَنْهُوشُ الْفَخِذَيْنِ، وَقَدْ نُهِشَ نَهْشاً. وسُئِل ابنُ الأَعرابي عَنْ قَوْلِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَانَ النبيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنْهوشَ القَدَمَين
فَقَالَ كَانَ مُعَرَّقَ الْقَدَمَيْنِ. وَرَجُلٌ مَنْهوشٌ أَي مَجْهودٌ مَهْزُولٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وانْتَهَشَت أَعْضادُنا
أَي هُزِلَت. والنَّهْشُ: النَّهْسُ، وَهُوَ أَخْذ اللَّحْمِ بمقدَّم الأَسنان؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وغادَرْنا، عَلَى حُجْرِ بنِ عَمْرٍو، ... قَشاعِمَ يَنْتَهِشْنَ ويَنْتَقِينا
يُرْوَى بِالشِّينِ وَالسِّينِ جَمِيعًا. ونَهْشُ السبعِ: تَناوُله الطائفةَ مِنَ الدَّابَّةِ. ونهَشَه نَهْشاً: أَخَذَه بِلِسَانِهِ. والمَنْهوشُ مِنَ الرِّجَالِ: القليلُ اللَّحْمِ وإِن سَمِنَ، وَقِيلَ: هُوَ القليلُ اللَّحْمِ الخفيفُ، وَكَذَلِكَ النَّهْشُ والنَّهِشُ والنَّهِيشُ والنَّهْشُ: قلةُ لَحْمِ الْفَخِذَيْنِ. وَفُلَانٌ نَهْشُ اليدين أَي خفيفُ الْيَدَيْنِ فِي المَرِّ، قليلُ(6/360)
اللَّحْمِ عَلَيْهِمَا. وَدَابَّةٌ نَهْشُ الْيَدَيْنِ أَي خَفِيفٌ، كأَنه أُخذ مِنْ نَهْشِ الْحَيَّةِ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ ذِئْبًا:
مُتَوَضِّحَ الأَقْرابِ، فِيهِ شُكْلَةٌ، ... نَهْشَ الْيَدَيْنِ، تَخالُه مَشْكولا
وَقَوْلُهُ تَخاله مَشْكولا أَي لَا يَسْتَقِيمُ فِي عَدْوِه كأَنه قَدْ شُكِل بِشِكالٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاد هَذَا الْبَيْتِ: نهشَ الْيَدَيْنِ، بِنَصْبِ الشِّينِ، لأَنه في صِفَةُ ذِئْبٍ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِمَا قَبْلَهُ:
وقْع الرَّبيعِ وَقَدْ تَقارَبَ خَطْوُه، ... ورَأَى بعَقْوَتِه أَزَلَّ نَسولا
وعَقْوَتُه: ساحتُه. والأَزَلُّ: الذِّئْبُ الأَرْسحُ، والأَرْسَحُ: ضدُّ الأَسْته. والنَّسُولُ: مِنَ النَّسَلانِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ العَدْوِ؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
يَعْدُو بِهِ نَهِش المُشَاشِ كأَنه ... صَدَعٌ سَلِيمٌ، رَجْعه لَا يَظْلع
ابْنُ الأَعرابي: قَدْ نَهَشَه الدهرُ فَاحْتَاجَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: نُهِشَت عضدُه أَي دَقَّتْ. والمَنْهُوشُ مِنَ الأَحْراح: القليلُ اللَّحْمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اكتَسَبَ مَالًا مِنْ نَهاوِشَ كأَنه نَهَشَ مِنْ هُنَا وَهُنَا
؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرِ نَهَشَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَكِنَّهُ عِنْدِي أَخَذَ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: كأَنه أَخَذَه مِنْ أَفواه الْحَيَّاتِ وَهُوَ أَن يكتِسِبَه مِنْ غَيْرِ حِلِّه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، بِالنُّونِ، وَهِيَ المَظالمُ مِنْ قَوْلِهِ نهَشَه إِذا جهَدَه، فَهُوَ مَنْهوش، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الهَوْشِ الخَلْطِ، قَالَ: ويُقْضى بِزِيَادَةِ النُّونِ وَيَكُونُ نظيرَ قَوْلِهِمْ تَباذِيرَ وتخارِيبَ مِنَ التَبْذِير والخَرابِ. والمُنْتَهِشةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تخْمِشُ وجهَها عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، والنَّهْشُ: لَهُ أَن تأْخذَ لحمَه بأَظفارِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لعَنَ المُنْتَهِشةَ والحالِقةَ
؛ وَمِنْ هَذَا قيل: نهَشَتْه الكِلابُ.
نوش: ناشَه بيدِه يَنُوشُه نَوْشاً: تناوَله؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ:
فَجِئْتُ إِليه، والرِّماحُ تَنُوشُه، ... كوَقْعِ الصَّياصي فِي النَّسِيج المُمَدَّدِ
والانْتِياشُ مِثْلُهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
باتتْ تَنُوشُ العَنَقَ انْتِياشا
وتَناوَشَه كَنَاشَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ
؛ أَي فَكَيْفَ لَهُمْ أَن يتناوَلوا مَا بعُد عَنْهُمْ مِنَ الإِيمان وَامْتَنَعَ بعْد أَن كَانَ مَبْذُولًا لَهُمْ مَقْبُولًا مِنْهُمْ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: التناوُش،. بِلَا هَمْزٍ، الأَخْذُ مِنْ قُرْب، والتناؤشُ، بِالْهَمْزِ، مِنْ بُعْد، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَولَ الْفَصْلِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: التناوُش بِالْوَاوِ مِنْ قُرْب. قَالَ اللَّه تَعَالَى: وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّناوُشُ بِغَيْرِ هَمْزٍ التَّناوُلُ والنَّوْشُ مِثْلُهُ، نُشْتُ أَنوشُ نَوْشاً. قَالَ الْفَرَّاءُ: وأَهل الْحِجَازِ تَرَكُوا همْزَ التَّناوُشِ وجعَلوه مِنْ نُشْتُ الشَّيْءَ إِذا تَناوَلْته. وَقَدْ تَناوشَ القومُ فِي القِتال إِذا تناوَلَ بعضُهم بَعْضًا بِالرِّمَاحِ وَلَمْ يَتدانَوْا كلَّ التَّداني. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: كُنْتُ أُناوِشُهم وأُهاوِشُهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ
أَي أُقاتِلُهم؛ وقرأَ الأَعمش وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ التَّنَاؤُشُ بالهمز، يجعلونه مِنْ نَأَشْت وَهُوَ البُطْء؛ وأَنشد:
وجِئْتَ نَئِيشاً بعْدَ ما فاتَك الخَبَرْ
أَي بَطيئاً متأَخراً، مَنْ هَمَزَ فَمَعْنَاهُ كيف لهم بالحركة فيما لَا جَدْوى لَهُ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ نأَش. قَالَ الزَّجَّاجُ: التَّناوُشُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، التناوُلُ؛ الْمَعْنَى وَكَيْفَ لَهُمْ أَن يَتَناوَلوا مَا كَانَ مَبْذُولًا لَهُمْ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُمْ فَكَيْفَ يَتَناوَلونه حِينَ بَعُدَ عَنْهُمْ، يَعْنِي الإِيمان(6/361)
باللَّه كانَ قَريباً فِي الْحَيَاةِ فضَيّعُوه، قَالَ: وَمَنْ هَمَز فَهُوَ الْحَرَكَةُ فِي إِبْطاء، وَالْمَعْنَى مِنْ أَين لَهُمْ أَن يَتَحَرَّكُوا فِيمَا لَا حِيلَة لَهُمْ فِيهِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: يَقُولُ أَنَّى لَهُمْ تَناولُ الإِيمانِ فِي الْآخِرَةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: وَلَكَ أَن تَهْمِزَ الْوَاوَ كَمَا يُقَالُ أُقِّتَتْ ووُقِّتَتْ، وَقُرِئَ بِهِمَا جَمِيعًا. ونُشْتُ مِنَ الطَّعَامِ شَيْئًا: أَصَبْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَقُولُ اللَّهُ يَا مُحَمَّدُ نَوِّش العلماءَ اليومَ فِي ضِيافَتي
؛ التَّنْوِيشُ للدَّعْوةِ: الوَعْدُ وتَقْدِمَتُه، قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَهُ أَبو مُوسَى. وناشَت الظَّبْية الأَراكَ: تناوَلَتْه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَمَا أُمُّ خَشْفٍ بالعَلايَةِ شادِنٍ ... تَنُوشُ البَرِيرَ، حَيْثُ طابَ اهتِصارُها
والناقةُ تَنُوشُ الحوضَ بفِيها كَذَلِكَ؛ قَالَ غَيْلانُ بْنُ حُرَيث:
فَهِيَ تَنُوشُ الْحَوْضَ نَوْشاً مِنْ عَلا، ... نَوْشاً بِهِ تَقْطَعُ أَجْوازَ الفَلا
الضميرُ فِي قَوْلِهِ فَهِيَ للإِبل. وتَنُوشُ الْحَوْضَ: تَتَناوَل مِلأَه. وقولُه مِنْ عَلَا أَي مِنْ فَوق، يُرِيدُ أَنها عاليةُ الأَجسام طِوالُ الأَعْناقِ، وَذَلِكَ النّوْشُ الَّذِي تَنالُه هُوَ الَّذِي يُعِينُها عَلَى قَطْع الفَلَوات، والأَجْوازُ جمعُ جَوْزٍ وَهُوَ الْوَسَطُ، أَي تَتَناوَلُ ماءَ الحوضِ مِنْ فَوْقٍ وَتَشْرَبُ شُرباً كَثِيرًا وَتَقْطَعُ بِذَلِكَ الشربِ فَلَواتٍ فَلَا تَحْتَاجُ إِلى مَاءٍ آخَرَ. وانْتاشَتْه فِيهِمَا: كناشَتْه، قَالَ: وَمِنْهُ المُناوَشةُ فِي الْقِتَالِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تناوَلَ رجُلًا ليأْخذ برأْسه ولِحْيَتِه: ناشَه يَنُوشُه نَوْشاً. وَرَجُلٌ نَوُوشٌ أَي ذُو بَطشٍ. ونُشْتُ الرجلَ نَوْشاً: أَنَلْته خَيْرًا أَو شَرًّا. وَفِي الصِّحَاحِ: نُشْتُه خَيْرًا أَي أَنَلْته. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام، وسُئِل عَنِ الوصيَّة فَقَالَ: الوَصيَّةُ نَوْشٌ بِالْمَعْرُوفِ
أَي يَتَناوَلُ المُوصي المُوصى لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ أَن يُجْحِفَ بمالِه. وَقَدْ ناشَه يَنُوشُه نَوْشاً إِذا تَناوَلَه وأَخَذَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قُتَيلةَ أُخت النَّضْر بْنِ الْحَرْثِ:
ظَلَّتْ سُيوفُ بَني أَبيه تَنُوشُه، ... لِلَّهِ أَرْحامٌ هُنَاكَ تُشَقَّقُ
أَي تَتَناوَلُه وتَأْخُذُه. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الملِك: لَمَّا أَراد الخروجَ إِلى مُصْعب بْنِ الزُّبير ناشَتْ بِهِ امرأَته وبَكَتْ فبَكَتْ جَوارِيها
، أَي تَعَلَّقَتْ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: فانتاشَ الدِّينَ بِنَعْشِه
أَي اسْتَدْرَكه واسْتَنْقَذَه وتنَاوَلَه وأَخذه مِنْ مَهْواتِه، وَقَدْ يُهْمز مِنَ النَّئِيش وَهُوَ حركةٌ فِي إِبْطاء. يُقَالُ نأَشْتُ الأَمر أَنْأَشُه وانْتأَشَ، قَالَ: والأَوّل أَوْجَهُ. ونُشْتُ الشَّيْءَ نَوْشاً: طَلَبْتُه. وانْتَشْتُ الشيءَ: استخْرَجْته؛ قَالَ:
وانْتاشَ عائنَه مِنْ أَهل ذِي قارِ
وَيُقَالُ: انْتاشَني فلانٌ مِنَ الهَلَكةِ أَي أَنْقَذَني، بِغَيْرِ هَمْزٍ، بِمَعْنَى تَناوَلَني. وناوَشَ الشيءَ: خالَطَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَبِهِ فُسِّر قَوْلُ أَبي الْعَارِمِ وذكَر غَيْثاً قال: فَمَا زِلْنا كَذَلِكَ حَتَّى ناوَشْنا الدَّوَّ أَي خالَطْناه. وَنَاقَةٌ مَنُوشةُ اللحمِ إِذا كانت رقيقةَ اللحم.
فصل الهاء
هَبَشَ: الهَبْشُ: الجمْعُ والكسْبُ. يُقَالُ: هُوَ يَهْبِشُ لِعِياله ويُهَبِّشُ هَبْشاً ويَتَهبَّشُ ويَهْتَبِشُ ويَحْرِفُ ويَحْتَرِفُ ويَخْرِشُ ويَخْتَرِشُ وَهُوَ هَبَّاشٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَعْدُو لِهَبْشِ المَغْنَمِ المَهْبُوشِ
ابْنُ سِيدَهْ: اهْتَبَشَ وتَهَبَّشَ كسَبَ وجمَعَ واحْتالَ. وَرَجُلٌ هَبَّاشٌ: مُكْتَسِب جامعٌ.(6/362)
وهَبَشَ الشيءَ يَهْبِشُه هَبْشاً واهْتَبَشَه وتَهَبَّشَه: جمَعَه. قَالَ: وأَرى أَن يَعْقُوبَ حَكَى هَبِشَ، بِالْكَسْرِ، جمَع، وَالْاسْمُ الهُباشةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الهُباشةُ مَثْلُ الحُباشةِ وَهُوَ مَا جُمِع مِنَ النَّاسِ وَالْمَالِ. وَيُقَالُ: تَأَبَّشَ القومُ وتَهَبّشُوا إِذا تَجَيَّشُوا وتَجَمَّعوا. والهُباشةُ: الجماعةُ. وإِن المَجْلِسَ ليَجْمعُ هُباشاتٍ وحُباشاتٍ مِنَ النَّاسِ أَي أُناساً ليسُوا مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ. وتَهَبَّشُوا وتحَبَّشُوا إِذا اجْتَمَعُوا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَوْلَا هُباشاتٌ مِنَ التَّهْبِيشِ ... لِصِبْيةٍ، كأَفْرُخِ العُشوشِ
أَراد بالهُباشاتِ مَا كسَبَه مِنَ الْمَالِ وجَمَعَه. والهَبْشُ: نوعٌ مِنَ الضَّرْب. ابْنُ الأَعرابي: الهَبْشُ ضَرْبُ التَّلَف. وَقَدْ هَبَشَه إِذا أَوجَعَه ضَرْباً. والهَبْشُ: الحَلْبُ بالكَفِّ كُلُّهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ الهَبْشُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي الْمُصَنَّفِ غَيْرَ أَن أَبا عُبَيْدٍ قَالَ هُوَ الحَلْبُ الرُّوَيدُ فوافَقَ ثَعْلَبًا فِي الرِّوَايَةِ وَخَالَفَهُ فِي التفْسير. وهُباشةُ وهابشٌ: اسمان.
هتش: هتَشَ الكلبَ والسبُعَ يَهْتِشه هَتْشاً فاهْتَتَشَ: حَرَّشَه فاحْتَرَشَ، يَمَانِيَةٌ. قَالَ اللِّيْثُ: هُتِشَ الكلبُ فاهْتَتَشَ إِذا حُرِّشَ فاحْتَرَشَ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ إِلا للسِّباع خَاصَّةً، قَالَ: وَفِي هَذَا الْمَعْنَى حُتِشَ الرجلُ أَي هُيِّج للنَّشاط.
هرش: رَجُلٌ هَرِشٌ: مائِقٌ جافٍ. والمُهارَشةُ فِي الْكِلَابِ وَنَحْوُهَا: كالمُحارَشةِ. يُقَالُ: هارَشَ بَيْنَ الْكِلَابِ؛ وأَنشد:
جِرْوَا رَبيضٍ هُورِشا فهَرَّا
والهِراشُ والاهْتِراشُ: تقاتُلُ الكِلاب. الْجَوْهَرِيُّ: الهِراشُ المُهارَشةُ بِالْكِلَابِ، وَهُوَ تَحْريشُ بعضِها عَلَى بعضٍ. والتَّهْرِيشُ: التَّحْريشُ، وكلبُ هِراشٍ وخِراشٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَتهارَشُون تَهارُشَ الكِلابِ
أَي يَتقَاتَلُون ويَتَواثَبُون. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: فإِذا هُمْ يَتَهارَشُون
؛ هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ وَفَسَّرَهُ بالتَّقاتُلِ، وَهُوَ فِي مُسْنَدِ أَحمد بِالْوَاوِ بَدَلُ الرَّاءِ. والتهارُشُ: الاختلاطُ. أَبو عُبَيْدَةَ: فرسٌ مُهارِشُ العِنانِ؛ وأَنشد:
مُهارِشة العِنانِ كأَنّ فِيهَا ... جَرادةَ هَبْوةٍ، فِيهَا اصْفِرارُ
وَقَالَ مِرَّة: مُهارِشةُ العِنانِ هِيَ النَشِيطةُ. قَالَ الأَصمعي: فَرَسٌ مُهارِشةُ العنانِ خَفِيفةُ اللِّجَامِ كأَنها تُهارِشُه. وَقَدْ سَمَّتْ هَرّاشاً ومُهارِشاً. وهَرْشَى: موضعٌ؛ قَالَ:
خُذا جَنْبَ هَرْشَى أَو قَفاها، فإِنه ... كِلا جانِبَيْ هَرْشَى لَهُنَّ طَريقُ
وَفِي الصِّحَاحِ:
خُذِي أَنْف هرشَى أَو قَفَاهَا
الْجَوْهَرِيُّ: هَرْشَى ثَنِيَّةٌ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ قَرِيبَةٌ مِنَ الجُحْفة يُرَى مِنْهَا البحرُ، وَلَهَا طَرِيقَانِ فكلُّ مَنْ سَلَكهما كَانَ مُصِيباً. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ ثنيَّة هَرْشَى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ ثنيَّة بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: هَرْشَى جَبَلٌ قَرِيبٌ مِنَ الْجُحْفَةِ، واللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَعلم.
هردش: التَّهْذِيبِ فِي أَثناء كَلَامِهِ عَلَى هرشف: يُقَالُ للناقة الهَرِمة: هِرْشَفَّةٌ وهِرْدِشَةٌ وهِرْهِر.
هشش: الهَشُّ والهَشِيشُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا فِيهِ رَخاوَةٌ وَلِينٌ، وشيءٌ هَشٌ وهشِيشٌ، وهَشَّ يَهِشُّ هَشاشةً، فَهُوَ هَشٌّ وهَشِيشٌ. وخُبْزة هَشَّةٌ: رِخْوة المَكْسَر، وَيُقَالُ: يَابِسَةٌ؛ وأَتْرُجَّةٌ هَشَّةٌ كَذَلِكَ.(6/363)
وهَشَّ الخبْزُ يَهِشُّ، بِالْكَسْرِ: صَارَ هَشّاً. وهَشَّ هُشُوشةً: صَارَ خَوَّاراً ضَعِيفًا. وهشَّ يَهِشُّ: تَكَسَّر وكَبِر. وَرَجُلٌ هَشٌ وهَشِيشٌ: بَشٌ مُهْتَرٌ مَسْرورٌ. وهشَّشْتُه وهَشِشْتُ بِهِ، بِالْكَسْرِ، وهشَشْت؛ الأَخيرة عَنْ أَبي العَمَيْثَل الأَعرابيِّ، هَشاشةً: بَشِشْت، وَالِاسْمُ الهَشَاشُ. والهَشَاشةُ: الارْتِياحُ والخِفَّة لِلْمَعْرُوفِ. الْجَوْهَرِيُّ: هشِشْتُ بِفُلَانٍ، بِالْكَسْرِ، أَهَشّ هَشاشةً إِذا خَفَفْت إِليه وارْتَحْت لَهُ وفَرِحْت بِهِ؛ وَرَجُلٌ هَشٌّ بَشٌّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: لَقَدْ راهَنَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ سَبْحَةُ فجاءَت سَابِقَةً فلَهَشَّ لِذَلِكَ وأَعْجَبه
أَي فَلَقَدْ هشَّ، وَاللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ الْمَحْذُوفِ أَو للتأْكيد. وهَشَشْت وهَشِشْت لِلْمَعْرُوفِ هَشّاً وهَشَاشةً واهْتَشَشْت: ارْتَحْتُ لَهُ واشْتَهَيْته؛ قَالَ مُلَيح الهُذَلي:
مُهْتَشَّة لِدَلِيجِ الليلِ صادِقَة ... وَقْع الهجيرِ، إِذا مَا شَحْشَحَ الصُّرَدُ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَنه قَالَ: هشِشْت يَوْمًا فَقَبَّلْتُ وأَنا صَائِمٌ، فسأَلتُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: هشِشت أَي فَرِحْت وَاشْتَهَيْتُ؛ قَالَ الأَعشى:
أَضْحَى ابنُ ذِي فائشٍ سَلامةً ذي التفضال ... هَشّاً، فُؤَادُه جَذِلا
قَالَ الأَصمعي: هَشًّا فُؤَادُه أَي خَفِيفًا إِلى الخَيْر. قَالَ: ورَجل هشٌّ إِذا هشَّ إِلَى إِخوانِه. قَالَ: والهَشَاشُ والأَشَاشُ واحدٌ. واسْتَهشَّنِي أَمرُ كَذَا فَهَشِشْت لَهُ أَي اسْتَخَفَّنِي فخَفَفْت لَهُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الهَشِيشُ الرجلُ الَّذِي يَفْرح إِذا سأَلته. يُقَالُ: هُوَ هاشٌّ عِنْدَ السؤَال وهَشِيشٌ ورائحٌ ومُرْتاحٌ وأَرْيَحِيٌّ؛ وأَنشد أَبو الهَيْثَم فِي صِفَةِ قِدْر:
وحاطِبانِ يهُشَّان الهَشيمَ لَهَا، ... وحاطِبُ الليلِ يلْقى دُونَها عنَنا
يَهُشَّان الهَشيمَ: يُكَسِّرانِه للقدْر. وَقَالَ عمرٌو: الخيلُ تُعْلَفُ عِنْدَ عَوَز العلَف هَشِيمَ السَمَك، والهَشِيشُ لِخُيُول أَهلِ الأَسْيافِ خَاصَّةً؛ وَقَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَب:
والخَيْلُ فِي إِطْعامِها اللحمَ ضَرَرْ، ... نُطْعِمها اللحمَ، إِذا عَزَّ الشَجَرْ
قَالَ ذَلِكَ فِي كَلِمته الَّتِي يَقُولُ فِيهَا:
اللَّهُ مِنْ آياتِه هَذَا القَمَرْ
قَالَ: وتُعْلَفُ الخيلُ اللحمَ إِذا قلَّ الشجرُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا مُدِحَ: هُوَ هَشُّ المَكْسِرِ أَي سَهْل الشأْن فِيمَا يُطْلَبُ عِنْدَهُ مِنَ الْحَوَائِجِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ هَشُّ المَكْسِرِ والمَكْسَرِ سَهْلُ الشأْن فِي طلَب الحاجةِ، يَكُونُ مَدْحاً وَذَمًّا، فإِذا أَرادوا أَن يَقُولُوا لَيْسَ هُوَ بصَلَّادِ القِدْح فَهُوَ مَدْحٌ، وإِذا أَرادوا أَن يَقُولُوا هُوَ خَوَّارُ العُودِ فَهُوَ ذمٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الفَرَسُ الهَشُّ خِلاف الصَّلُود. وَفَرَسٌ هَشٌّ: كثيرُ العَرَق. وشاةٌ هَشُوشٌ إِذا ثرَّتْ باللَّبَنِ. وقِرْبةٌ هَشَّاشةٌ: يَسِيل مَاؤُهَا لرِقَّتِها، وَهِيَ ضِدُّ الوَكِيعةِ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لطَلْق بْنِ عَدِيٍّ يَصِفُ فَرَسًا:
كأَنَّ ماءَ عِطْفِه الجَيَّاشِ ... ضَهْلُ شِنانِ الحَوَرِ الهَشَّاشِ
والحَوَرُ: الأَدِيمُ، والهَشُّ: جَذْبك الغُصْنَ مِنْ أَغصان الشجَرة إِليك، وَكَذَلِكَ إِن نَثَرْتَ ورَقَها بِعَصًا هشَّه يهُشُّه هَشّاً فِيهِمَا. وَقَدْ هشَشْتُ أَهُشُّ هَشّاً إِذا خَبَطَ الشجرَ فأَلْقاه لغَنَمِه. وهشَشْتُ(6/364)
الورَقَ أَهُشُّه هَشّاً: خبَطْتُه بِعصاً ليتَحاتَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَي أَضرِب بِهَا الشجرَ الْيَابِسَ ليَسْقُطَ ورَقُها فتَرْعاه غنَمُه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ الفراءُ والأَصمعي فِي هَشَّ الشجرَ، لَا مَا قَالَهُ اللَّيْثُ إِنه جَذْبُ الغُصْن مِنَ الشَّجَرِ إِليك. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: لَا يُخْبَطُ وَلَا يُعْضَد حِمَى رسولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ هُشُّوا هَشّاً
أَي انثُرُوه نَثْراً بلِينِ ورِفْقِ. ابْنُ الأَعرابي: هَشَّ العودُ هُشُوشاً إِذا تكَسَّرَ، وهشَّ لِلشَّيْءِ يَهِشُّ إِذا سُرَّ بِهِ وفَرِحَ. وفَرَسٌ هَشُّ العِنَان: خَفِيفُ العِنَان. قَالَ شَمِرٌ: وهاشَ بِمَعْنَى هشَّ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فكَبَّر للرُّؤْيا وهاشَ فُؤَادُه، ... وبَشَّرَ نَفْساً كَانَ قَبْلُ يَلُومُها
قَالَ: هَاشَ طَرِبَ. ابْنُ سِيدَهْ: والهَشِيشةُ الورَقَةُ أَظُنُّ ذَلِكَ. وهَشَاهِشُ القومِ: تحرُّكهم واضطرابُهم.
هلبش: هَلْبَشٌ وهُلابِشٌ: اسْمَانِ.
همش: الهَمْشةُ: الكلامُ والحركةُ، هَمَشَ وهَمِشَ القومُ فَهُمْ يَهْمَشُون ويَهْمِشُون وتَهامَشُوا. وامرأَة هَمَشى الحديثِ، بِالتَّحْرِيكِ: تُكْثِرُ الكلامَ وتُجَلِّبُ. والهَمِشُ: السريعُ العملِ بأَصابِعه. وهَمَشَ الجرادُ: تحرَّك ليَثُور. والهَمْشُ: العَضُّ، وَقِيلَ: هُوَ سُرْعَة الأَكلِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ فِي الهَمْش أَنه العَضُّ غيرُ صَحِيحٍ، وَصَوَابُهُ الهَمْس، بِالسِّينِ، فصحَّفه، قَالَ: وأَخبرني الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: إِذا مضَغَ الرجلُ الطعامَ وفُوهُ مُنْضَمٌّ قِيلَ: هَمَشَ يَهمِشُ هَمْشاً. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: يُقَالُ لِلْجَرَادِ إِذا طُبِخَ فِي المِرْجَل الهَمِيشةُ، وإِذا سُوّيَ عَلَى النَّارِ فَهُوَ المَحْسُوسُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ لامرأَة ابْنِهَا طَفَّ حَجْرُكِ وطابَ نَشْرُك وَقَالَتْ لِابْنَتِهَا: أَكَلْتِ هَمْشاً، وحَطَبْتِ قَمْشاً دعَتْ عَلَى امرأَة ابْنِهَا أَن لَا يَكُونَ لَهَا ولَد ودَعَت لابْنَتِها أَن تَلِدَ حَتَّى تُهامِشَ أَولادَها فِي الأَكْل أَي تُعاجِلَهم، وقولُها حَطَبْتِ قَمْشاً أَي حطَبَ لَكِ ولدُكِ مِنْ دِقِّ الحَطَبِ وجلِّه. وَيُقَالُ لِلنَّاسِ إِذا كَثُرُوا بِمَكَانٍ فأَقبلوا وأَدْبَرُوا وَاخْتَلَطُوا: رأَيتهم يَهْتَمِشُون وَلَهُمْ هَمْشةٌ، وَكَذَلِكَ الْجَرَادُ إِذا كَانَ فِي وِعاء فغَلى بعضُهُ فِي بَعْضٍ وسمعتَ لَهُ حَرَكَةً تَقُولُ: لَهُ هَمْشةٌ فِي الْوِعَاءِ. وَيُقَالُ: إِن الْبَرَاغِيثَ لتَهْتَمِشُ تحْت جَنْبي فتُؤْذيني باهْتِماشها. ابْنُ الأَعرابي: الهَمْشُ والهَمَشُ كثرةُ الْكَلَامِ والخَطَل فِي غَيْرِ صَوَابٍ؛ وأَنشد:
وهَمِشُوا بكَلِمٍ غَيْرِ حَسَنْ
قَالَ الأَزهري: وأَنشدَنِيه المنذريُّ وهَمَشُوا، بِفَتْحِ الْمِيمِ، ذَكَرَهُ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ. واهْتَمَشَت الدابةُ إِذا دبَّت دَبِيباً.
همرش: الهَمَّرِشُ: العجوزُ المُضْطرِبةُ الخَلْق؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: جَعَلَهَا سِيبَوَيْهِ مَرَّةً فَنْعَلِلًا وَمَرَّةً فَعْلَلِلًا، وردَّ أَبو عَلِيٍّ أَن يَكُونَ فَنْعَلِلًا وَقَالَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَظَهَرَتِ النُّونُ لأَن إِدغام النُّونِ فِي الْمِيمِ مِنْ كَلِمَةٍ لَا يَجُوزُ، أَلا تَرَى أَنهم لَمْ يُدْغموا فِي شَاةٍ زَنْماء وامرأَة قَنْواء كَرَاهِيَةَ أَن يَلْتبس بالمُضاعَف؟ وَهِيَ عِنْدَ كُرَاعٍ فَعَّلِل، قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لَهَا أَلْبَتَّةَ. اللَّيْثُ: عَجُوزٌ هَمَّرِش فِي اضْطِرَابِ خَلْقها وتشَنُّجِ جِلدِها. الْجَوْهَرِيُّ: الهَمَّرِشُ العجوزُ الْكَبِيرَةُ والناقةُ الْغَزِيرَةُ وَاسْمُ كلْبةٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِن الجِراءَ تَخْترش،(6/365)
فِي بطْنِ أُمّ الهَمَّرِشْ، ... فِيهِنَّ جِرْوٌ نَخْوَرِشْ
قَالَ الأَخفش: هُوَ مِنْ بَنَاتِ الْخَمْسَةِ، والميمُ الأُولى نونٌ، مِثَالُ جَحْمَرِش لأَنه لَمْ يَجِئْ شَيْءٌ مِنْ بَنَاتِ الأَربعة عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ، وإِنما لَمْ تُبَيَّن النونُ لأَنه لَيْسَ لَهُ مِثَالٌ يَلْتَبِسُ بِهِ فيُفْصل بَيْنَهُمَا. والهَمْرَشةُ: الحركةُ. والهَمْرَشُ: الحركةُ، وَقَدْ تَهَمْرَشَ القومُ إِذا تحرّكوا.
هوش: هاشَت الإِبلُ هَوْشاً: نفَرَت فِي الْغَارَةِ فتبدَّدَتْ وتفرَّقت. وإِبل هَوّاشةٌ: أَخَذَت مِنْ هُنَا وَهُنَا. والهَوْشَةُ: الفِتْنةُ والهَيْجُ والاضطرابُ والهَرْجُ والاختلاطُ. يُقَالُ: قَدْ هَوَّشَ الْقَوْمَ إِذا اخْتَلَطُوا؛ وَكَذَلِكَ كَلُّ شَيْءٍ خَلَطْتَه فَقَدَ هَوَّشْته؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يصِفُ الْمَنَازِلَ وأَن الرِّيَاحَ قَدْ خلَطت بعضَ آثَارِهَا بِبَعْضِ:
تَعَفَّتْ لِتَهْتانِ الشِّتاءِ، وهَوَّشَتْ ... بِهَا نائِجاتُ الصَّيْفِ شَرْقِيَّةً كُدْرا
وَفِي حَدِيثِ الإِسراء:
فإِذا بَشَرٌ كثيرٌ يَتَهاوَشُون
؛ التَّهاوُشُ: الاختلاطُ، أَي يَدْخُل بعضُهم فِي بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: كُنْتُ أُهاوِشُهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ
أَي أُخالِطُهم عَلَى وَجْهِ الإِفْساد. والهَوْشةُ: الفسادُ. وهاشَ القومُ وهَوِشُوا هَوَشاً وتَهَوّشوا: وقعُوا فِي فَسَادٍ. وتهَوَّشوا عَلَيْهِ: اجْتَمَعُوا. وهَوَّشَ بَيْنَهُمْ: أَفسَد؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
قَدْ هَوَّشَتْ بُطونُها واحْقَوْقَفَتْ
أَي اضْطَرَبَتْ مِنَ الهُزال، وَكَذَلِكَ هاشَ القومُ يَهُوشون هَوْشاً. وَيُقَالُ لِلْعَدَدِ الْكَثِيرِ: هَوْشٌ. والهُواشاتُ، بِالضَّمِّ: الجماعاتُ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الإِبل إِذا جَمَعُوهَا فَاخْتَلَطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ. قَالَ عِرَامٌ: يُقَالُ رأَيت هُوَاشةً مِنَ النَّاسِ وهَوِيشةً أَي جَمَاعَةً مُخْتَلِطَةً. قَالَ أَبو عَدْنَانَ: سَمِعْتُ التَّمِيمِيَّاتِ يقلْن الهَوْشُ والبَوْشُ كثرةُ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ؛ وَدَخَلْنَا السُّوقَ فَمَا كِدْنا نَخْرُج مِنْ هَوْشِها وبَوْشِها. وَقَالَ: اتَّقُوا هَوَشاتِ السُّوق أَي اتَّقَوُا الضَّلَالَ فِيهَا وأَن يُحْتالَ عَلَيْكُمْ فتُسْرَقُوا. وهَوَشاتُ اللَّيْلِ: حوادثُه ومكروهُه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وهَوَشاتُ السُّوقِ قَالَ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ: وأَراه اخْتِلاطَها وَمَا يُوكَسُ فِيهِ الإِنسانُ عِنْدَهَا ويُغْبَن. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِيَّاكُمْ وهَوَشاتِ الليلِ وهَوَشاتِ الأَسواق
، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:
وهَيَشاتِ
، بِالْيَاءِ، أَي فِتَنها وهَيْجَها. والهُوَاشُ، بِالضَّمِّ: مَا جُمِع مِنْ مالٍ حَرَامٍ وحلالٍ كأَنه جمعُ مَهْوَشٍ مِنَ الهَوْش الْجَمْعُ والخلْط. والمَهاوِشُ: مكاسبُ السُّوء؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَن اكتسبَ مَالًا مِنْ مَهاوِشَ أَذْهَبَهُ اللَّه فِي نَهابِرَ
؛ المَهاوِشُ: كلُّ مالٍ يُصاب مِنْ غَيْرِ حِلِّه وَلَا يُدْرَى مَا وجهُه كالغَصْب والسَّرِقة وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الهَوَشاتِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَيُرْوَى: مِنْ نَهاوِشَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ، وَهُوَ أَن يَنْهشَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: مِنْ تَهاوِشَ. ابْنُ الأَنباري؛ وَقَوْلُ الْعَامَّةِ شَوَّشَ الناسُ إِنما صَوَابُهُ هَوَّشَ وشَوَّشَ خطأٌ. اللَّيْثُ: إِذا أُغِيرَ عَلَى مالِ الحيِّ فنَفَرت الإِبلُ واخْتَلَط بعضُها بِبَعْضٍ قِيلَ: هاشَت تَهُوش، فَهِيَ هَوائِشُ. وَجَاءَ بالهَوْشِ والبَوْشِ أَي بالجَمْع الْكَثِيرِ مِنَ النَّاسِ. والهَوْشُ: الْمُجْتَمِعُونَ فِي الحرْب، والهَوْش: خلاءُ الْبَطْنِ. وأَبو المهْوَشِ: من كُناهم. وَذُو هاشٍ: موضعٌ ذَكَرَهُ زهير في شعره.(6/366)
هيش: الهَيْشةُ: الجماعةُ؛ قَالَ الطرِمّاح:
كأَن الخِيمَ هاشَ إِليه مِنْهُ ... نِعاجُ صَرائمٍ جُمّ القُرُونِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِياكم وهَيْشاتِ الليلِ وهَيْشاتِ الأَسواقِ
؛ والهَيْشاتُ: نحوٌ مَنِ الهَوْشات، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: رَجُلٌ ذُو دَغَواتٍ ودَغَياتٍ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَيْسَ فِي الهَيْشاتِ قَوَدٌ
؛ عَنى بِهِ القَتِيلَ يُقْتَل فِي الفِتْنة لَا يُدْرى مَنْ قتَله، وَيُقَالُ بِالْوَاوِ أَيضاً. وهاشَ القومُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ وتَهَيَّشُوا: وَهُوَ مِنْ أَدْنى القِتالِ؛ وتَهَيَّشَ القومُ بعضُهم إِلى بَعْضٍ تَهَيُّشاً. أَبو زَيْدٍ: هَذَا قتِيلُ هَيْشٍ إِذا قُتِل، وَقَدْ هاشَ بعضُهم إِلى بَعْضٍ، والهَيْشُ: الاختلاطُ. وهاشَ فِي الْقَوْمِ هَيْشاً: عاثَ وأَفْسَدَ. الْجَوْهَرِيُّ: الهَيْشةُ مِثْلُ الهَوْشةِ. وهاشَ القومُ يَهِيشُون هَيْشاً إِذا تَحَرَّكُوا وهاجُوا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
هِشْتُم عَلَيْنَا، وَكُنْتُمْ تَكْتَفُون بِمَا ... نُعْطِيكمُ الحَقَّ مِنَّا غيرَ مَنْقُوصِ
وهاشَ القومُ بعضُهم إِلى بَعْضٍ لِلْقِتَالِ، والمَصْدَرُ الهَيْشُ؛ أَبو زَيْدٍ: هاشَ القومُ بعضُهم إِلى بَعْضٍ هَيْشاً إِذا وَثَبَ بعضُهم إِلى بَعْضٍ لِلْقِتَالِ. والهَيْشُ: الحَلْبُ الرُّوَيْدُ، جَاءَ بِهِ فِي بَابِ حَلْب الغَنَم، قَالَ ثَعْلَبٌ: وَهُوَ بِالْكَفِّ كُلِّهَا. والهَيْشَةُ: أُمُّ حُبَيْنٍ؛ قَالَ بِشْر بْنُ الْمُعْتَمِرِ:
وهَيْشَة تأْكلها سُرْفةٌ، ... وسِمْعُ ذِئبٍ هَمُّه الحُضْرُ
وَقَالَ:
أَشْكُو إِليك زَماناً قَدْ تَعَرّقَنا، ... كَمَا تَعرَّقَ رأْسَ الهَيْشةِ الذِّيبُ
يَعْنِي أُمَّ حُبَين، واللَّه أَعلم.
فصل الواو
وَبَشَ: الوَبْشُ والوَبَشُ: البياضُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى الأَظفار، وَفِي الْمُحْكَمِ: عَلَى أَظفار الأَحْداثِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: النِّمْنِمُ الأَبيض يَكُونُ عَلَى الظُّفُرِ. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الوَبْشُ والكَدِبُ والكَدَبُ والنِّمْنِمُ، يُقَالُ: بظُفْرِه وَبْشٌ وَهُوَ مَا نُقِّط مِنَ الْبَيَاضِ فِي الأَظفار؛ ووَبِشَت أَظفارُه ووَبَّشَت: صَارَ فِيهَا ذَلِكَ الوَبْش. والأَوْباشُ مِنَ النَّاسِ: الأَخْلاطُ مِثْلُ الأَوْشابِ، وَيُقَالُ: هُوَ جَمْعٌ مَقْلُوبٌ مِنَ البَوْش. ابْنُ سِيدَهْ: أَوْباشُ الناسِ الضُّروبُ المُتفرِّقون، واحدُهم وَبْشٌ ووَبَشٌ. وَبِهَا أَوْباشٌ مِنَ الشَّجَرِ وَالنَّبَاتِ، وَهِيَ الضُّروب الْمُتَفَرِّقَةُ. وَيُقَالُ: مَا بِهَذِهِ الأَرض إِلَّا أَوْباشٌ مِنْ شَجَرٍ أَو نَبَاتٍ إِذا كَانَ قَلِيلًا مُتَفَرِّقًا. الأَصمعي: يُقَالُ بِهَا أَوْباشٌ مِنَ النَّاسِ وأَوْشابٌ مِنَ النَّاسِ وَهُمُ الضُّروب الْمُتَفَرِّقُونَ. وَفِي الحَديث:
إِن قُريْشاً وَبَّشَت لِحَرْب النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْباشاً لَهَا
؛ أَي جَمَعَتْ لَهُ جُمُوعًا مِنْ قبائلَ شَتَّى. ابْنُ شُمَيْلٍ: الوَبَش الرَّقَطُ مِنَ الجَرب يَتَفَشَّى فِي جِلْد البَعير؛ يُقَالُ: جمَلٌ وَبِشٌ وَبِهِ وَبَشٌ وَقَدْ وَبِشَ جلْدُه وبَشاً. ووَبْشُ الكلامِ: رَديئُه. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ أَنه قَالَ: أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَن رجُلًا مِنْ قُرَيشٍ أَوْبَشَ الثَّنايا يَحْجِلُ فِي الْفِتْنَةِ
؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْبَشَ الثَّنَايَا يَعْنِي ظاهرَ الثَّنَايَا، قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الْحَرِيشِ يَحْكِي عَنِ ابْنُ شُمَيْلٍ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه قَالَ: الواوُ عِنْدَهُمْ أَثْقلُ مِنَ الْيَاءِ والأَلف إِذ قَالَ أَوْبَش. وبَنُو وابِشٍ وَبَنُو وابِشِيّ: بَطْنانِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
بَني وابِشِيٍّ قَدْ هَوِينا جِمَاعَكم، ... وَمَا جَمَعَتْنا نِيّةٌ قَبْلَهَا مَعَا(6/367)
وتش: وَتْشُ الكلامِ: رَديئُه، قَالَ: كَذَلِكَ وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ الأَعرابي بِخَطِّ أَبي مُوسَى الْحَامِضِ، والمعروفُ وَبْشُ. الأَزهري: قرأْت فِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ للحارِضِ مِنَ الْقَوْمِ الضعيفِ وتَشَةٌ وأُتَيْشةٌ وهِنَّمَةٌ صوْكة وصوّكة «4» . والوَتْشُ: القليلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُ الوَتْحِ. وإِنه لَمِنْ وَتْشِهم أَي مِنْ رُذالهم.
وحش: الوَحْش: كلُّ شَيْءٌ مِنْ دَوَابِّ البَرّ مِمَّا لَا يَسْتأْنس مُؤنث، وَهُوَ وَحْشِيّ، وَالْجَمْعُ وُحُوشٌ لَا يُكسّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ حمارٌ وحْشِيٌّ وثورٌ وَحْشِيٌّ كِلَاهُمَا مَنْسُوبٌ إِلى الوَحْشِ. وَيُقَالُ: حمارُ وَحْشٍ بالإِضافة وحمارٌ وحْشِيٌّ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِلْوَاحِدِ مِنَ الوحْشِ هَذَا وحْشٌ ضَخْم وَهَذِهِ شاةٌ وَحْش، وَالْجَمَاعَةُ هِيَ الوَحْشُ والوُحُوش والوَحِيش؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
أَمْسى يَبَاباً، والنَّعامُ نَعَمُهْ، ... قَفْراً، وآجَالُ الوَحِيشِ غَنَمُهْ
وَهَذَا مِثْلُ ضائِنِ وضَئينٍ. وَكُلُّ شَيْءٍ يسْتَوْحِشُ عَنِ النَّاسِ، فَهُوَ وَحْشِيّ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَسْتَأْنس بِالنَّاسِ وَحْشِيٌّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: إِذا أَقبل الليلُ استأْنس كلُّ وَحْشِيٍّ واسْتَوْحَش كُلُّ إِنْسِيّ. والوَحْشةُ: الفَرَقُ مِنَ الخَلْوة. يُقَالُ: أَخذَتْه وَحْشةٌ. وأَرض مَوْحُوشةٌ: كَثِيرَةُ الوَحْشِ. واسْتَوْحَشَ مِنْهُ: لَمْ يَأْنَسْ بِهِ فَكَانَ كالوَحْشيّ؛ وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ:
وَلَقَدْ عَدَوْتُ وصاحِبي وَحْشِيّةٌ، ... تحتَ الرِّداء، بَصِيرةٌ بالمُشْرِف «5»
قِيلَ: عَنى بوَحْشِيّة رِيحاً تَدَخُلُ تَحْتَ ثِيَابِهِ، وَقَوْلُهُ بَصِيرة بالمُشْرف يَعْنِي الرِّيحَ أَي مَنْ أَشْرَفَ لَهَا أَصابته، والرِّداءُ السَّيفُ. وَفِي حَدِيثِ النَّجَاشِيِّ:
فنَفَخَ فِي إِحْلِيل عُمارَةَ فاسْتَوْحَشَ
أَي سُحِرَ حَتَّى جُنَّ فَصَارَ يَعْدُو مَع الوَحْشِ فِي البَرِّية حَتَّى مَاتَ، وَفِي رِوَايَةٍ:
فطارَ مَعَ الوَحْشِ.
ومكانٌ وَحْشٌ: خالٍ، وأَرض وَحْشةٌ، بِالتَّسْكِينِ، أَي قَفْرٌ. وأَوْحَشَ المكانُ مِنْ أَهله وتوَحّشَ: خَلا وذهبَ عَنْهُ الناسُ. وَيُقَالُ لِلْمَكَانِ الَّذِي ذَهَبَ عَنْهُ الناسُ: قَدْ أَوْحَشَ، وطَلَلٌ مُوحِشٌ؛ وأَنشد:
لِسَلْمى مُوحِشاً طَلَلُ، ... يَلُوح كأَنه خِلَلُ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: لِمَيّةَ مُوحِشًا؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لكُثَيّر، قَالَ وَصَوَابُ إِنشاده: لِعَزَّةَ مُوحِشًا، وأَوْحَشَ المكانَ: وجَدَه وحْشاً خَالِيًا. وتوَحَّشَت الأَرضُ: صَارَتْ وحْشةً؛ وأَنشد الأَصمعي لِعَبَّاسِ بْنِ مِرْداس:
لأَسْماءَ رَسْمٌ أَصْبَحَ اليومَ دارِسا، ... وأَوْحَشَ مِنْهَا رَحْرَحانَ فراكِسا
وَيُرْوَى:
وأَقْفَر إِلَّا رَحْرَحانَ فراكِسا
ورَحْرَحانُ وراكِس: مَوْضِعَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ وَلَوْ أَن تُؤْنِسَ الوَحْشانَ
؛ الوَحْشانُ: المُغْتَمُّ. وقومٌ وَحاشَى: وَهُوَ فَعْلانُ مِنَ الوَحْشة ضِدِّ الأُنْس. والوَحْشةُ: الخَلْوة والهَمُّ. وأَوْحَشَ المكانُ إِذا صارَ وَحْشاً، وَكَذَلِكَ توحّشَ، وَقَدْ أَوْحَشْت الرجلَ فاسْتَوْحَشَ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّه: أَنه كَانَ يَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الأَرضِ
__________
(4) . قوله [وصوكة] هكذا في الأَصل بدون نقط.
(5) . قوله [ولقد عدوت] في شرح القاموس: ولقد غدوت بالغين المعجمة.(6/368)
وَحْشاً
أَي وحْدَه لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: أَنها كَانَتْ فِي مكانٍ وحْشٍ فخِيفَ عَلَى ناحِيتها
أَي خَلاءٍ لَا ساكنَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ:
فيَجدانه وَحْشاً.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ وَسُئِلَ عَنِ المرأَة: هِيَ فِي وَحْشٍ مِنَ الأَرض.
ولَقِيَه بوَحْشِ إِصْمِتَ وإِصْمِتَةَ، وَمَعْنَاهُ كَمَعْنَى الأَول، أَي بِبَلَدٍ قَفْر. وَتَرَكْتُهُ بوَحْشِ المَتْنِ أَي بِحَيْثُ لَا يُقْدر عَلَيْهِ، ثُمَّ فَسَّرَ المَتْنَ فَقَالَ: وَهُوَ المتنُ مِنَ الأَرض وكلُّه مِنَ الخَلاء. وبلادٌ حِشُون: قَفْرةٌ خَالِيَةٌ؛ وأَنشد:
منازلُها حِشُونا
عَلَى قِيَاسِ سِنُونَ وَفِي مَوْضِعِ النَّصْبِ وَالْجَرِّ حِشِينَ مِثْلُ سِنِينَ؛ وأَنشد:
فأَمْسَتْ بَعْدَ ساكِنها حِشِينَا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: حِشُون جمعُ حِشَةٍ وَهُوَ مِنَ الأَسماء النَّاقِصَةِ، وأَصلُها وِحْشةٌ فنُقِصَ مِنْهَا الواوُ كَمَا نَقَصُوها مِنْ زِنَةٍ وصِلَةٍ وعِدَة، ثُمَّ جَمَعُوها عَلَى حِشِينَ كَمَا قَالُوا عِزِينَ وعِضِينَ مِنَ الأَسماء النَّاقِصَةِ. وباتَ وَحْشاً ووَحِشاً أَي جَائِعًا لَمْ يأْكل شَيْئًا فَخَلَا جَوفُه، وَالْجَمْعُ أَوْحاشٌ. والوَحْشُ والمُوحِشُ: الجائعُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ لخُلُوِّهِ مِنَ الطَّعَامِ. وتوَحَّشَ جوفُه: خَلا مِنَ الطَّعَامِ. وَيُقَالُ: تَوَحَّشْ للدَّواء أَي أَخْل جوفَك لَهُ مِنَ الطَّعَامِ. وتوَحَّشَ فُلَانٌ للدَّواء إِذا أَخلى مَعِدَتَه لِيَكُونَ أَسْهَلَ لِخُرُوجِ الفُضول مِنْ عُروقه. والتوَحُّشُ لِلدَّوَاءِ. الخُلُوُّ لَهُ. وَيُقَالُ لِلْجَائِعِ الْخَالِي الْبَطْنِ: قَدْ توَحَّشَ. أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ مُوحِشٌ ووحْشٌ ووحِشٌ وَهُوَ الْجَائِعُ مِنْ قَوْمٍ أَوْحاشٍ. وَيُقَالُ: بَاتَ وَحْشاً ووَحِشاً أَي جَائِعًا. وأَوْحَشَ الرجلُ: جاعَ. وبِتْنا أَوْحاشاً أَي جِياعاً. وَقَدْ أَوْحَشْنا مُذْ لَيْلَتانِ أَي نِفِدَ زادُنا؛ قَالَ حُمَيد يَصِفُ ذِئْبًا:
وإِن بَاتَ وحْشاً لَيْلةً لَمْ يَضِقْ بِهَا ... ذِراعاً، وَلَمْ يُصْبِحْ بِهَا وَهُوَ خاشِعُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقَدْ بِتْنا وَحْشِينَ مَا لَنَا طَعَامٌ.
يُقَالُ: رَجُلٌ وَحْشٌ، بِالسُّكُونِ، مِنْ قَوْمٍ أَوْحاشٍ إِذا كَانَ جَائِعًا لَا طَعَامَ لَهُ؛ وَقَدْ أَوْحَشَ إِذا جَاعَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ:
لَقَدْ بِتْنا لَيْلتَنا هَذِهِ وَحْشى
، كأَنه أَراد جماعةَ وَحْشِيٍّ؛ والوَحْشِيُّ والإِنْسِيُّ: شِقَّا كلِّ شَيْءٍ. ووَحْشِيُّ كلِّ شَيْءٍ: شِقُّه الأَيْسَرُ، وإِنْسِيُّه شِقُّه الأَيْمنُ، وَقَدْ قِيلَ بِخِلَافِ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: والوَحْشِيُّ الجانبُ الأَيْمن مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ هَذَا قَوْلُ أَبي زَيْدٍ وأَبي عَمْرٍو؛ قَالَ عَنْتَرَةَ:
وكأَنما تَنْأَى بِجَانِبِ دَفّها الوَحْشِيّ ... مِنْ هَزَجِ العَشِيّ مُؤوَّم
وإِنما تَنْأَى بِالْجَانِبِ الوَحْشِيّ لأَنَّ سوطَ الرَّاكِبِ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
فمالَتْ عَلَى شِقِّ وَحْشِيِّها، ... وقدْ رِيعَ جانِبُها الأَيْسَرُ
وَيُقَالُ: لَيْسَ مِنْ شَيْءٍ يَفْزَع إِلا مَالَ عَلَى جَانِبِهِ الأَيمن لأَن الدَّابَّةَ لَا تؤْتى مِنْ جَانِبِهَا الأَيْمَن وإِنما تُؤْتى فِي الاحْتِلاب والركُوبِ مِنْ جَانِبِهَا الأَيْسر، فإِنما خَوْفُه مِنْهُ، وَالْخَائِفُ إِنما يَفِرّ مِنْ مَوْضِعِ الْمَخَافَةِ إِلى مَوْضِعِ الأَمْن. والأَصمعي يَقُولُ: الوحْشِيُّ الجانبُ الأَيْسرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْسِيُّ القَدَمِ مَا أَقْبَلَ مِنْهَا عَلَى الْقَدَمِ الأُخرى، ووَحْشِيُّها مَا خالفَ إِنْسِيَّها. ووَحْشِيُّ القَوْسِ الأَعْجمِيّةِ: ظَهرُها، وإِنْسِيُّها: بَطنُها المُقْدِمُ(6/369)
عَلَيْكَ، وَفِي الصِّحَاحِ: وإِنْسِيُّها مَا أَقْبَل عَلَيْكَ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ وَحْشِيُّ اليدِ والرجْل وإِنْسِيُّهما، وَقِيلَ: وحْشِيُّها الجانبُ الَّذِي لَا يَقَعُ عَلَيْهِ السَّهمُ، لَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ أَعْجميّةٌ مِنْ غَيْرِهَا. ووَحْشِيُّ كلِّ دَابَّةٍ: شِقَّه الأَيمن، وإِنْسِيُّه: شقُّه الأَيسر. قَالَ الأَزهري: جوّدَ الليثُ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ فِي الوَحْشِيّ والإِنْسِيّ ووافَقَ قولُه قَوْلَ الأَئمة المُتْقِنِينَ. ورُوي عَنِ الْمُفَضَّلِ وَعَنِ الأَصمعي وَعَنْ أَبي عُبَيْدَةَ قَالُوا كلُّهم: الوَحْشِيُّ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ لَيْسَ الإِنسان، هُوَ الجانبُ الَّذِي لَا يُحْلَب مِنْهُ وَلَا يُرْكَبُ، والإِنسيُّ الجانبُ الَّذِي يَرْكَب مِنْهُ الرَّاكِبُ ويَحْلُب مِنْهُ الْحَالِبُ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِمَا مِنَ الإِنسان، فَبَعْضُهُمْ يُلْحِقه فِي الْخَيْلِ وَالدَّوَابِّ والإِبل، وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: الوَحْشِيّ مَا وَليَ الكتِفَ، والإِنْسِيُّ مَا وَليَ الإِبْطَ، قَالَ: هَذَا هُوَ الِاخْتِيَارُ لِيَكُونَ فَرْقًا بَيْنَ بَنِي آدَمَ وسائرِ الْحَيَوَانِ؛ وَقِيلَ: الوَحْشِيُّ مِنَ الدَّابَّةِ مَا يَرْكب مِنْهُ الراكبُ ويَحْتَلِبُ مِنْهُ الحالبُ، وإِنما قَالُوا: فَجالَ عَلَى وَحْشِيّه وانْصاعَ جانبُه الوَحْشِيُّ لأَنه لَا يؤْتى فِي الرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ والمُعالجة وكلِّ شَيْءٍ إِلا مِنْهُ فإِنما خوْفُه مِنْهُ، والإِنْسِيُّ الجانبُ الْآخَرُ؛ وَقِيلَ: الْوَحْشِيُّ الَّذِي لَا يُقدَر عَلَى أَخذ الدَّابَّةِ إِذا أَفْلَتت مِنْهُ وإِنما يُؤْخَذُ مِنَ الإِنْسِيّ، وَهُوَ الْجَانِبُ الَّذِي تُرْكب مِنْهُ الدَّابَّةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْجَانِبُ الوَحِيشُ كالوَحْشِيّ؛ وأَنشد:
بأَقدامِنا عَنْ جارِنا أَجنَبِيّة ... حَياء، وللمُهْدى إِليه طَريقُ
لِجارتِنا الشِّقُّ الوَحِيشُ، وَلَا يُرى ... لِجارتِنا مِنَّا أَخٌ وصديقُ
وتَوَحَّشَ الرجلُ: رَمى بِثَوْبِهِ أَو بِمَا كَانَ. ووَحَشَ بِثَوْبه وَبِسَيْفِهِ وبرُمْحه، خَفِيف: رَمى؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: والناسُ يَقُولُونَ وَحَّشَ، مُشَدَّداً، وَقَالَ مَرَّةً: وحَشَ بِثَوْبِهِ وبدِرْعه ووَحَّش، مُخَفَّفٌ ومثقَّل، خافَ أَن يُدْرَك فرَمى بِهِ ليُخَفِّفَ عَنْ دَابَّتِهِ. قَالَ الأَزهري: ورأَيت فِي كتابٍ أَن أَبا النَّجْمِ وَحَّشَ بِثِيَابِهِ وارْتَدَّ يُنْشِد أَي رَمى بِثِيَابِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كانَ بَيْنَ الأَوْس والخَزْرج قِتال فَجَاءَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُمْ نَادَى: أَيُّها الناسُ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [الْآيَاتِ] فوَحَّشُوا بأَسْلحتهم واعْتَنَق بعضُهم بَعْضًا
أَي رَمَوْها؛ قَالَتْ أُم عَمْرِو بِنْتُ وَقْدانَ:
إِن أَنتُمُ لَمْ تَطْلُبوا بأَخِيكُم، ... فذَرُوا السِّلاحَ وَوَحِّشُوا بالأَبْرَقِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه لَقي الخوارجَ فوَحَّشُوا برِماحِهم واستَلّوا السُّيُوفَ
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
كَانَ لِرَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ «6» فَوَحَّشَ بِهِ بَيْنَ ظَهْرانَيْ أَصحابهِ فَوحّشَ الناسُ بخواتيمهم
، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاه سائلٌ فأَعطاه تَمْرَةً فَوَحَّشَ بِهَا.
وَالْوَحْشِيُّ مِنَ التِّين: مَا نَبَت فِي الْجِبَالِ وشَواحِط الأَوْدية، وَيَكُونُ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ: أَسود وأَحمر وأَبيض، وَهُوَ أَصغر التِّينِ، وإِذا أُكل جَنِيّاً أَحْرق الْفَمَ، ويُزَبَّبُ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ووَحْشِيٌّ: اسْمُ رَجُلٍ، ووَحْشِيَّةُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ الوَقَّافُ أَو الْمَرَّارُ الْفَقْعَسِيُّ:
إِذا تَرَكَتْ وَحْشِيَةُ النَّجْدَ لَمْ يَكُنْ ... لِعَيْنَيك، مِمَّا تَشْكُوانِ، طَبِيبُ
__________
(6) . قوله [من حديد] الذي في النهاية من ذهب.(6/370)
والوَحْشةُ: الخَلْوةُ والهَمُّ، وَقَدْ أَوْحَشْت الرجلَ فاسْتَوْحَشَ.
وخش: الوَخْشُ: رذالةُ النَّاسِ وَصِغَارُهُمْ وَغَيْرُهُمْ، يَكُونُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: ذَلِكَ مِنْ وَخْشِ النَّاسِ أَي مِنْ رُذالِهم. وَجَاءَنِي أَوْخاشٌ مِنَ النَّاسِ أَيْ سُقاطُهم؛ وَرَجُلٌ وَخْشٌ وامرأَة وَخْش وقَوم وَخْش، وَرُبَّمَا جُمِع أَوْخاشاً، وَرُبَّمَا أُدخِل فِيهِ النُّونُ؛ وأَنشد لدَهْلَبِ بْنُ قُرَيْعٍ:
جَارِيَةٌ ليسَتْ مِنَ الوَخْشَنِّ، ... كأَن مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنِ
قُطُنَّةٌ مِنْ أَجْوَدِ القُطُنِ
أَراد الوَخْشَ فَزَادَ فِيهِ نُونًا ثَقِيلَةً. وَفِي التَّهْذِيبِ: النُّونُ صِلَةُ الرَّوِيِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا جَاءَ مُؤَنَّثُهُ بِالْهَاءِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَقَدْ لَفَّفَا خَشْناءَ، لَيستْ بِوَخْشةٍ، ... تُوارِي سَماءَ البيتِ مُشرفة القُتْر
يَعْنِي بالخَشْناء جُلَّة التَّمْرِ، وجمعُ الوَخْشةِ وِخاشٌ. ووخُشَ الشيءُ، بِالضَّمِّ، وَخاشَةً ووُخُوشةً ووُخوشاً: رَذُلَ وَصَارَ رَدِيئاً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
تَلْقَى الندَى ومَخْلَداً حَلِيفين، ... لَيْسَا مِنَ الوَكْسِ وَلَا بوخْشَين
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وإِنّ قَرْنَ الكَبْشِ مُعَلَّقٌ فِي الكَعْبة قَدْ وَخُشَ
وَفِي رِوَايَةٍ:
إِنَّ رَأْسَه مُعلَّق بقَرْنيه فِي الْكَعْبَةِ
، وَخُشَ أَي يَبِس وتَضاءَل. وأَوْخَشَ القومُ أَي رَدُّوا السِّهام فِي الرِّبابةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى كأَنهم صَارُوا إِلى الوَخاشةِ والرَّذالةِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ فِي الإِيخاشِ ليزيدَ بْنَ الطَثَرِيّة وَهِيَ أُمه وَاسْمُ أَبيه سَلَمَةُ:
أَرَى سَبْعَةً يَسْعَوْنَ للوَصْل، كُلُّهُمْ ... لَهُ عِنْدَ رَيّا دِينةٌ يَسْتَدِينُها
وأَلقَيتُ سَهمي وَسْطهم حِينَ أَوخَشوا، ... فَمَا صارَ لِي فِي القَسْمِ إِلا ثَمِينُها
قَالَ: أَوْخَشُوا خَلطُوا. وَقَوْلُهُ فَمَا صارَ لِي فِي القَسْم إِلا ثمِينُها أَي كنتُ ثامنَ ثَمَانِيَةٍ مِمَّنْ يَسْتَدِينها؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
أَبَوْا أَن يُقِيمُوا لِلرِّمَاحِ، ووَخَّشَتْ ... شَغارِ، وأَعْطَوْا مُنيةً كلَّ ذِي ذَحْل
قَالَ شَمِرٌ: وخَّشَتْ أَلقَتْ بأَيديها وأَطاعت.
ودش: ابْنُ الأَعرابي: الوَدْشُ الفساد.
ورش: الوارِشُ: الدافِعُ. والوارِشُ: الطُّفَيْلِيُّ، المُتَشَهّي لِلطَّعَامِ. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَدْخُل عَلَى قَوْمٍ يَطْعَمُون وَلَمْ يُدْع ليُصِيبَ مِنْ طعامِهم: وارِشٌ، وَلِلَّذِي يَدْخُل عَلَيْهِمْ وَهُمْ شَرْبٌ: واغِلٌ: وَقِيلَ: الوارِشُ الداخلُ عَلَى الشَّرْب كالواغِلِ، وَقِيلَ: الوارِشُ فِي الطَّعَامِ خَاصَّةً، والواغِلُ فِي الشَّراب، والدافعُ فِي أَيّ شَيْءٍ وَقَعَ فِي شَراب أَو طَعَامٍ أَو غَيْرِهِ، وَقِيلَ: الوارِشُ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَيضاً. وورَشَ وَرْشاً ووُرُوشاً، وَهُوَ مِنَ الشَّهْوَةِ إِلى الطَّعَامِ لَا يُكْرِمُ نَفْسَهُ. أَبو عَمْرٍو: الوارِشُ النشيطُ، وَقَدْ وَرِشَ وَرْشاً؛ وأَنشد:
يَتْبَعْنَ زَيّافاً إِذا زِفْنَ نَجَا، ... باتَ يُبارِي وَرِشاتٍ كالقَطا
إِذا اشتَكَينَ بُعْدَ مَمْشاهُ اجْتَزَى ... مِنْهُنّ، فاسْتَوْفى برَحْبٍ أَو عَدَا
أَي زَادَ. اجْتزى مِنْهُنَّ: مِنَ الْجَزَاءِ. قَالَ: وَرَجُلٌ وارِشٌ نشِيط. والتَّوْرِيشُ: التَّحْريشُ، يُقَالُ: ورَّشْت بَيْنَ الْقَوْمِ(6/371)
وأَرَّشْت. والوَرِشَةُ مِنَ الدَّوَابِّ: الَّتِي تَفَلَّتُ إِلى الجَرْي وصاحبُها يكُفُّها. أَبو عَمْرٍو: الوَرِشات الخِفافُ مِنَ النُّوقِ. والوَرْشُ: تناوُلُ شَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ، تَقُولُ: ورَشْتُ أَرِشُ ورْشاً إِذا تَنَاوَلْتَ مِنْهُ شَيْئًا. ووَرَشَ مِنَ الطَّعَامِ شَيْئًا: تناوَلَ، وَقِيلَ: تناوَلَ قَلِيلًا مِنَ الطَّعَامِ. ابْنِ الأَعرابي: الرَّوْشُ الأَكلُ الْكَثِيرُ، والوَرْشُ الأَكلُ الْقَلِيلِ. والوَرَشانُ: طائرٌ شِبْهُ الحمامةِ، وجمْعُه وِرْشانٌ، بِكَسْرِ الْوَاوِ وَتَسْكِينِ الرَّاءِ، مِثْلُ كِرْوان جَمْعِ كَرَوان عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، والأُنثى وَرَشانةٌ وَهُوَ ساقُ حُرٍّ. وَفِي الْمَثَلِ: بعِلّة الوَرَشان يأْكلُ رُطَبَ المُشانِ، والجمعُ الوَراشينُ. والوَرَشانُ أَيضاً: حُمْلاقُ [حِمْلاقُ] العَينِ الأَعْلى. والوَرَشانُ: الْكَبِيرُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَجَدْنَاهُ فِي شَرْحِ شِعْرِ الأَعشى بِخَطٍّ يُنْسَبُ إِلى ثعلب.
وشوش: الوَشْوَشُ والوَشْواشُ مِنَ الرِّجَالِ والإِبل: الخفيفُ السَّرِيعُ. وَرَجُلٌ وَشْواشٌ أَي خَفِيفٌ؛ عَنِ الأَصمعي؛ وأَنشد:
فِي الرَّكْبِ وَشْواشٌ وَفِي الحَيِّ رَفِلْ
وَفِي التَّهْذِيبِ: الوَشْواشُ الخفيفُ مِنَ النَّعَامِ، وَنَاقَةٌ وَشْواشةٌ كَذَلِكَ. والوَشْوَشةُ: كلامٌ فِي اخْتِلَاطٍ؛ وَفِي حَدِيثِ سُجود السَّهْوِ:
فَلَمَّا انْفَتَل تَوَشْوَشَ القومُ
؛ الوَشْوَشةُ: كلامٌ مُخْتَلِطٌ حَتَّى لَا يَكَادَ يُفْهم، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَيُرِيدُ بِهِ الكلامَ الخفيَّ. والوَشْوَشةُ: الْكَلِمَةُ الخفيّةُ وكلامٌ في اختلاط. الليث: الوَشْوَشةُ الخِفّةُ. أَبو عَمْرٍو: فِي فُلَانٍ منْ أَبيه وَشْواشةٌ أَي شبَهٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: رَجُلٌ وَشْوَشِيُّ الذِّراع ونَشْنَشِيُّ الذِّرَاعِ، وَهُوَ الرقيقُ الْيَدِ الخفيفُ فِي العمَل؛ وأَنشد:
فقامَ فَتًى وَشْوَشِيُّ الذِّرَاعِ، ... لَمْ يَتَلَبَّثْ وَلَمْ يَهْمُمِ
وطش: وطَشَ القومَ عَنِّي وَطْشاً ووَطَّشَهم: دفَعَهم. وضَربوه فَمَا وَطَّشَ إِليهم أَي لَمْ يُعطهم، وَفِي الصِّحَاحِ: فَمَا وَطَّشَ إِليهم تَوْطِيشاً أَي لَمْ يمْدُدْ بيدِه وَلَمْ يدْفع عَنْ نَفْسِهِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَي لَمْ يَدْفَعْ عَنْ نَفْسِهِ. وَيُقَالُ: سأَلته عَنْ شَيْءٍ فَمَا وَطَشَ وَمَا وَطَّشَ وَمَا دَرَّعَ أَي مَا بيَّنَ لِي شَيْئًا. وسأَلوه فَمَا وَطَّشَ إِليهم بِشَيْءٍ أَي لَمْ يُعْطهم شَيْئًا. ووطَّشَ عَنْهُ: ذَبَّ. ووَطَّشَ: أَعْطى قَلِيلًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
هَبطْنا بِلاداً ذاتَ حُمَّى وحَصْبةٍ ... ومُومٍ، وإِخوانٍ مُبِينٍ عُقُوقُها
سِوَى أَنّ أَقواماً مِنَ النَّاسِ وَطَّشُوا ... بأَشياءَ، لَمْ يَذْهَبْ ضَلالًا طَرِيقُها
أَي لَمْ يَضِعْ فعالُهم عِنْدَنَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ من يَخْفَ عَلَيْنَا أَنهم قَدْ أَحسنوا إِلينا. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ وَطِّشْ لِي شَيْئًا وغَطِّشْ لِي شَيْئًا مَعْنَاهُ افْتَحْ لِي شَيْئًا. الْجَوْهَرِيُّ: وَطِّشْ لِي شَيْئًا حَتَّى أَذكُرَه أَي افْتَحْ. والوَطْشُ: بَيانُ طرفٍ مِنَ الْحَدِيثِ. الْفَرَّاءُ: وطَّشَ لَهُ إِذا هيَّأَ لَهُ وجهَ الْكَلَامِ والعملِ وَالرَّأْيِ. وطَوَّشَ إِذا مَطَل غريمَه. ابْنُ الأَعرابي: التَوْطِيشُ الإِعطاءُ القليل.
وفش: بِهَا أَوْفاشٌ مِنَ الناسِ: وَهُمُ السُّقَاطُ، واحدُهم وَفْشٌ، وَقَدْ يُقَالُ أَوْقاسٌ، بِالْقَافِ وَالسِّينِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ.
وَقَشَ: الوَقْشُ والوَقَشُ والوَقْشَةُ والوَقَشَةُ: الصوتُ والحركةُ.(6/372)
وأُقَيْشٌ: جدُّ النَّمِر، سُمِّي بِذَلِكَ لأَنَّ أَباه نَظَرَ إِلى أُمه وَقَدْ حَبِلت بِهِ فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي يتَوَقَّش فِي بَطْنِك؟ أَي يَتَحَرَّكُ. وَيُقَالُ: سَمِعْتُ وَقْشَه أَي حِسَّه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: دخلتُ الجنَّةَ فسَمِعْتُ وَقْشاً خَلْفِي فإِذا بِلالٌ.
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ سَمِعْتُ وَقْش فُلَانٍ أَي حَرَكَتَهُ؛ وأَنشد:
لأَخْفافِها بِاللَّيْلِ وَقْشٌ كأَنه، ... عَلَى الأَرض، تَرْشافُ الظِّباء السَّوانِح
وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي حَرْفِ الشِّينِ وَالسِّينِ فَيَكُونَانِ لُغَتَيْنِ. وتوَقَّشَ أَي تحرَّك؛ قَالَ ذُو الرُّمة:
فدَعْ عَنْكَ الصِّبَا، ولَدَيْكَ هَمّاً ... توَقَّشَ فِي فُؤَادِك واحْتِيالا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: ولَدَيْك همٌّ، قَالَ وصوابُ إنشادِه: ولَدَيْك هَمّاً، عَلَى الإِغْراء؛ قَالَ: وَكَذَا أَنشده بِالنَّصْبِ فِي فَصْلِ الرَّاءِ، وَالْمَعْنَى عَلَيْهِ والإِعرابُ، أَلا تَرَاهُ عطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَاحْتِيَالًا؟ وَالْمَعْنَى دَعْ عَنْكَ الصِّبا واصْرفْ هِمَّتك واحتيالَك إِلى الْمَمْدُوحِ؛ وَلِهَذَا يَقُولُ بَعْدَهُ:
إِلى ابْنِ العامِريِّ إِلى بلالٍ، ... قطَعْتُ بأَرْضِ مَعْقُلةَ العدَالا
معْقُلة: اسْمُ أَرض. والعِدَالُ: أَن يُعادِلَ بَيْنَ أَمرين وَمَا يَعْدِل بِهِ عَنْ هَوَاهُ. ووَقَشَ مِنْهُ وَقْشاً: أَصاب مِنْهُ عَطَاءَ. والوَقْشُ: العيبُ. ووَقْشٌ: اسمُ رَجُلٍ مِنَ الأَوْس. وَبَنُو وَقْشٍ: حيٌّ مِنَ الأَنصار. ووُقَيْشٌ: حيٌّ مِنَ الْعَرَبِ. وأُقَيْشُ بْنُ ذُهْل: مِنْ شُعَرَائِهِمْ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: إِنما أَصله وُقَيْشٌ فأَبْدلوا مِنَ الْوَاوِ هَمْزَةً؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ الأَصل عِنْدِي فِيمَا أَنشدَه سِيبَوَيْهِ لِلنَّابِغَةِ:
كأَنَّك مِنْ جِمال بَنِي أُقَيْشٍ، ... يُقَعْقَعُ خَلف رِجْليه بشَنّ
إِنما أَصله الْوَاوُ فأُبدل إِذ لَا يُعْرف فِي الْكَلَامِ أَقش. الْجَوْهَرِيُّ: بَنُو أُقَيش قومٌ مِنَ الْعَرَبِ، وأَصل الأَلف فِيهِ وَاوٌ مِثْلَ أُقِّتَتْ ووقِّتَت، وأَنشَدَ الْبَيْتَ بَيْتَ النَّابِغَةِ، وَقَالَ كأَنك جَمَلٌ مِنْ جِمَالِهِمْ فَحَذَفَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ؛ أَي وَمَا مِنْ أَهل الْكِتَابِ أَحدٌ إِلَّا ليُؤْمِنَنَّ بِهِ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ مُبْتَكِرًا يَقُولُ الوَقَشُ والوَقَصُ صِغارُ الحطب الذي تُشَيَّع به النارُ.
وَمِش: ابْنُ الأَعرابي: الوَمْشةُ الخالُ الأَبيض.
وَنَشَ: الوَنْش: الرديءُ مِنَ الكلام.
وَهَشَ: الوَهْش: الكَسْر وَالدَّقُّ، واللَّه أَعلم.(6/373)
الجزء السابع
ص
حرف الصاد المهملة
ص: الصاد المهملة حَرْفٌ مِنَ الْحُرُوفِ الْعَشَرَةِ الْمَهْمُوسَةِ، والزايُ والسينُ والصادُ فِي حَيّز وَاحِدٍ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَحْرُف هِيَ الأَسَلِيَّة لأَن مَبْنَاهَا مِنْ أَسَلَة اللِّسَانِ، وَهِيَ مُسْتدَقّ طرف اللِّسَانِ، وَلَا تَأْتَلِف الصَّادُ مَعَ السِّينِ وَلَا مَعَ الزَّايِ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ.
فصل الألف
أبص: رَجُلٌ أَبِصٌ وأَبُوصٌ: نَشِيطٌ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ؛ قَالَ أَبو دُواد:
وَلَقَدْ شَهِدْتُ تَغاؤراً، ... يومَ اللِّقاءِ، عَلَى أَبُوص
وَقَدْ أَبَصَ يَأْبِصُ أَبْصاً، فَهُوَ آبِصٌ وأَبُوصٌ. الْفَرَّاءُ: أَبِصٌ يأْبَصُ وهَبِصَ يَهْبَص إِذا أَرِنَ ونَشِطَ.
أجص: الإِجّاصُ والإِنْجاصُ: مِنَ الْفَاكِهَةِ مَعْرُوفٌ، قَالَ أُميّة بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ بَقَرَةً:
يَتَرَقّبُ الخَطْبُ السَّواهِمَ كلَّها، ... بِلَواقِحٍ كَحوالِك الإِجّاص
وَيُرْوَى: الإِنْجاص. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الإِجّاصُ دَخيل لأَن الْجِيمَ وَالصَّادَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَالْوَاحِدَةُ إِجّاصة. قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا تَقُلْ إِنْجاص؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ حَكَى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَزَّازُ إِجّاصة وإِنْجاصة وقال: هما لغتان.
أصص: الأَصُّ والإِصُّ والأُصُّ: الأَصلُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للقُلاخ:
ومِثْلُ سَوَّارٍ رَدَدْناه إِلى ... إِدْرَوْنِه ولُؤْمِ أَصِّه عَلَى
الرَّغْمِ مَوْطُوءَ الحَصَى مُذَلَّلا
وَقِيلَ: الأَصّ الأَصلُ الْكَرِيمُ، قَالَ: وَالْجَمْعُ آصاصٌ؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
قِلالُ مَجْدٍ فَرَعَتْ آصَاصَا، ... وعِزَّةً قَعْساءَ لَنْ تُنَاصا
وَكَذَلِكَ العَصُّ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وبِناءٌ أَصِيصٌ:(7/3)
مُحْكَم كرَصِيص. وَنَاقَةٌ أَصُوصٌ: شديدةٌ مُوَثَّقةٌ، وَقِيلَ كَرِيمَةٌ. تَقُولُ الْعَرَبُ فِي المَثَل: نَاقَةٌ أَصُوصٌ عَلَيْهَا صُوص أَي كَرِيمَةٌ عَلَيْهَا بَخِيل، وَقِيلَ: هِيَ الحائلُ الَّتِي قَدْ حُمِل عَلَيْهَا فَلَمْ تَلْقَحْ، وجمعُها أُصُصٌ، وَقَدْ أَصَّتْ تَئِصّ؛ وَقِيلَ: الأَصُوصُ الناقةُ الحائلُ السَّمِينةُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَهَلْ تُسْلِيَنَّ الهَمَّ عَنْكَ شِمِلَّةٌ، ... مُداخَلَةٌ صَمُّ العِظامِ أَصُوصُ؟
أَرادَ صَمٌّ عِظامُها. وَقَدْ أَصّتْ تَؤُصُّ أَصَيصاً إِذا اشْتَدّ لَحْمُهَا وتَلاحَكَتْ أَلْواحُها. وَيُقَالُ: جِئْ بِهِ مِنْ إِصِّكَ مِنْ حَيْثُ كَانَ. وإِنه لأَصيصٌ كَصيصٌ أَي مُنْقبض. وَلَهُ أَصيصٌ أَي تحرُّكٌ وَالْتِوَاءٌ مِنَ الجَهد. والأَصيصُ: الرِّعْدةُ. وأَفْلَت وَلَهُ أَصيصٌ أَي رِعْدة، يُقَالُ: ذُعْرٌ وانْقِباضٌ. والأَصِيصُ: الدَّنُّ الْمَقْطُوعُ الرأْس؛ قَالَ عَبْدَةُ بْنُ الطَّبِيب:
لَنَا أَصِيصٌ كجِزمِ الحَوْضِ، هَدَّمَه ... وطْءُ الغَزال، لَدَيْه الزِّقُّ مَغْسُول
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ: الأَصِيصُ أَسْفلُ الدَّنِّ كانَ يُوضَعُ لِيُبالَ فِيهِ؛ وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
يَا ليتَ شِعْري، وأَنا ذُو غِنىً، ... مَتَى أَرَى شَرْباً حَوَالَيْ أَصِيص؟
يَعْنِي بِهِ أَصْل الدَّنّ، وَقِيلَ: أَراد بالأَصِيصِ الباطِيةَ تَشْبِيهًا بأَصْل الدَّنِّ، وَيُقَالُ: هُوَ كَهَيْئَةِ الجَرِّ لَهُ عُرْوتانِ يُحْمل فِيهِ الطينُ. وَفِي الصِّحَاحِ: الأَصِيصُ مَا تكَسّر مِنَ الْآنِيَةِ وَهُوَ نِصْفُ الجَرِّ أَو الْخَابِيَةُ تُزْرَعُ فِيهِ الرياحينُ.
أمص: الآمِصُ: الخامِيزُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الطَّعَامِ، وَهُوَ العامِصُ أَيضاً؛ فَارِسِيٌّ حَكَاهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ. التَّهْذِيبُ: الآمِصُ إِعرابُ الخامِيز، والخامِيزُ: اللحمُ يُشَرَّح رَقِيقًا وَيُؤْكَلُ نِيئاً، وَرُبَّمَا يُلْفح لَفحة النَّارِ.
أيص: جئ بِهِ مِنْ أَيصِك أَي مِنْ حَيْثُ كَانَ.
فصل الباء الموحدة
بخص: البَخْصُ: مَصْدَرُ بَخَصَ عينَه يَبْخَصُها بَخْصاً أَغارها؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ، وَالسِّينُ لُغَةٌ. والبَخَصُ: سُقوطُ باطنِ الحجَاجِ عَلَى الْعَيْنِ. والبَخَصة: شَحْمةُ العَيْنِ مِنْ أَعلى وأَسفل. التَّهْذِيبُ: والبَخَصُ فِي العَيْن لحمٌ عِنْدَ الْجَفْنِ الأَسفل كاللَّخَصِ عِنْدَ الجَفْن الأَعْلى. وَفِي حَدِيثِ
القُرَظِيِّ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ، لَوْ سُكِتَ عَنْهَا لتَبَخَّص لَهَا رجالٌ فَقَالُوا: مَا صَمَدٌ
؟ البَخَصُ، بِتَحْرِيكِ الْخَاءِ: لحمٌ تَحْتَ الْجَفْنِ الأَسفل يَظْهَرُ عِنْدَ تَحْدِيق النَّاظِرِ إِذا أَنكر شَيْئًا وتعجَّب مِنْهُ، يَعْنِي لَوْلَا أَن الْبَيَانَ اقْتَرَنَ فِي السُّورة بِهَذَا الِاسْمِ لتَحَيَّروا فِيهِ حَتَّى تَنْقَلِب أَبصارُهم. غَيْرُهُ: البَخَصُ لحمٌ ناتئٌ فَوْقَ الْعَيْنَيْنِ أَو تَحْتَهُمَا كَهَيْئَةِ النَّفْخة، تَقُولُ مِنْهُ: بَخِص الرجلُ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ أَبْخَصُ إِذا نَتَأَ ذَلِكَ مِنْهُ. وبَخَصْتُ عَيْنَه أَبْخَصُها بَخْصاً إِذا قَلَعتها مَعَ شَحْمَتِها. قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا تَقُلْ بَخَسْتُ. وَرَوَى الأَصمعي: بَخَصَ عَيْنَه وبَخَزَها وبَخَسَها، كُلُّهُ بِمَعْنَى فَقَأَها. والبَخَصُ، بِالتَّحْرِيكِ: لحمُ القَدَمِ ولحمُ فِرْسِن الْبَعِيرِ ولحمُ أُصولِ الأَصابعِ مِمَّا يَلي الراحةَ، الواحدةُ بَخَصةٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الوَجَى فِي عظْم السَّاقَيْنِ وبَخَصِ الفَراسِنِ؛ والوَجى قِيل الحَفا. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنه كَانَ مَبْخُوصَ العَقِبَيْن
أَي قليلَ لحمِهِما. قَالَ الْهَرَوِيُّ: وإِن رُوِيَ بِالنُّونِ وَالْحَاءِ وَالضَّادِ، فَهُوَ مِنَ النَّحْضِ(7/4)
اللَّحْمِ. يُقَالُ: نَحَضْتُ العظْمَ إِذا أَخذتَ عَنْهُ لحمَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: والبَخَصةُ لحمُ الكفِّ والقدمِ، وَقِيلَ: هِيَ لحمُ باطنِ الْقَدَمِ، وَقِيلَ: هِيَ مَا وَليَ الأَرضَ مِنْ تحتِ أَصابعِ الرِّجْلَيْنِ وَتَحْتِ مناسمِ الْبَعِيرِ والنَّعام، وَالْجَمْعُ بَخَصات وبَخَصٌ؛ قَالَ: وَرُبَّمَا أَصابَ الناقةَ داءٌ فِي بَخَصِها، فَهِيَ مَبْخوصة تَظْلَعُ مِنْ ذَلِكَ. والبَخَصُ: لحمُ الذِّرَاعَيْنِ. وَنَاقَةٌ مبْخُوصَة: تَشْتكِي بَخَصَتَها. وبَخَصُ اليدِ: لحمُ أُصول الأَصابع مِمَّا يَلِي الرَّاحَةَ. والبَخَصةُ: لحمُ أَسفلِ خُفِّ الْبَعِيرِ، والأَظَلُّ: مَا تحتَ الْمَنَاسِمِ. الْمُبَرِّدُ: البَخَصُ اللَّحْمُ الَّذِي يَرْكبُ الْقَدَمَ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ الأَصمعي، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ لحمٌ يُخالطُه بياضٌ مِنْ فسادٍ يَحُلّ فيه؛ قَالَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنه اللَّحْمُ خالَطَهُ الفسادُ قولُ أَبي شُراعةَ مِنْ بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
يَا قَدَمَيّ، مَا أَرى لِي مَخْلَصا ... مِمَّا أَرَاه، أَو تَعُودا بَخَصَا
بخلص: بَخْلَصٌ وبَلْخَصٌ: غليظٌ كثيرُ اللحمِ، وَقَدْ تَبَخْلصَ وتَبَلْخَصَ.
برص: البَرَصُ: داءٌ مَعْرُوفٌ، نسأَل اللَّهَ العافيةَ مِنْهُ وَمِنْ كُلِّ داءِ، وَهُوَ بَيَاضٌ يَقَعُ فِي الْجَسَدِ، برِصَ بَرَصاً، والأُنثى بَرْصاءُ؛ قَالَ:
مَنْ مُبْلغٌ فِتْيانَ مُرَّةَ أَنه ... هَجانا ابنُ بَرْصاءِ العِجانِ شَبِيبُ
وَرَجُلٌ أَبْرَصُ، وَحَيَّةٌ بَرْصاءُ: فِي جِلْدِهَا لُمَعُ بياضٍ، وَجَمْعُ الأَبْرصِ بُرْصٌ. وأَبْرَصَ الرجلُ إِذا جاءَ بوَلَدٍ أَبْرَصَ، ويُصَغَّرُ أَبْرَصُ فَيُقَالُ: بُرَيْصٌ، وَيُجْمَعُ بُرْصاناً، وأَبْرَصَه اللهُ. وسامُّ أَبْرَصَ، مُضَافٌ غَيْرُ مُرَكَّبٍ وَلَا مَصْرُوفٍ: الوَزَغةُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ كِبارِ الوزَغ، وَهُوَ مَعْرِفة إِلا أَنه تعريفُ جِنْس، وَهُمَا اسْمَانِ جُعِلا اسْمًا وَاحِدًا، إِن شِئْتَ أَعْرَبْتَ الأَول وأَضَفْتَه إِلى الثَّانِي، وإِن شِئْتَ بَنَيْت الأَولَ عَلَى الْفَتْحِ وأَعْرَبت الثَّانِي بإِعراب مَا لَا يَنْصَرِفُ، وَأَعْلَمْ أَن كلَّ اسْمَيْنِ جُعِلا وَاحِدًا فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما أَن يُبْنَيا جَمِيعًا عَلَى الْفَتْحِ نَحْوَ خمسةَ عَشَرَ، ولقيتُه كَفَّةَ كَفَّةَ، وَهُوَ جارِي بَيْت بَيْت، وَهَذَا الشيءُ بينَ بينَ أَي بَيْنَ الجيِّد والرديءِ، وهمزةٌ بينَ بينَ أَي بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَحَرْفِ اللِّينِ، وتَفَرّق القومُ أَخْوَلَ أَخْوَلَ وشغَرَ بَغَرَ وشَذَرَ مَذَرَ، والضربُ الثَّانِي أَن يُبْنى آخرُ الِاسْمِ الأَول عَلَى الْفَتْحِ وَيُعْرَبُ الثَّانِي بإِعراب مَا لَا يَنْصَرِفُ ويجعلَ الِاسْمَانِ اسْمًا وَاحِدًا لِشَيءٍ بعَيْنِه نَحْوَ حَضْرَمَوْت وبَعْلَبَكّ ورامَهُرْمُز ومارَ سَرْجِسَ وسامَّ أَبْرَصَ، وإِن شِئْتَ أَضفت الأَول إِلى الثَّانِي فَقُلْتَ: هَذَا حَضْرَمَوْتٍ، أَعْرَبْتَ حَضْراً وخفضْتَ مَوْتاً، وَفِي مَعْدِي كَرِب ثلاثُ لُغَاتٍ ذُكِرَتْ فِي حَرْفِ الْبَاءِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَالْجَمْعُ سَوامُّ أَبْرَصَ، وإِن شِئْتَ قُلْتَ هَؤُلَاءِ السوامُّ وَلَا تَذْكر أَبْرَصَ، وإِن شِئْتَ قُلْتَ هؤُلاءِ البِرَصةُ والأَبارِصةُ والأَبارِصُ وَلَا تَذْكر سامَّ، وسَوامُّ أَبْرَصَ لَا يُثَنى أَبْرَص وَلَا يُجْمَع لأَنه مُضَافٌ إِلى اسْمٍ مَعْرُوفٍ، وَكَذَلِكَ بناتُ آوَى وأُمَّهات جُبَين وأَشْباهها، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَجْمَعُ سامَّ أَبْرَص البِرَصةَ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ قَالُوا الأَبارِص عَلَى إِرادة النَّسَبِ وإِن لَمْ تَثْبُتِ الْهَاءُ كَمَا قَالُوا المَهالِب؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
واللهِ لَوْ كُنْتُ لِهذا خالِصَا، ... لَكُنْتُ عَبْداً آكُلُ الأَبارِصَا
وأَنشده ابْنُ جِنِّي: آكِلَ الأَبارِصا أَراد آكِلًا الأَبارصَ،(7/5)
فَحَذَفَ التَّنْوِينَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَقَدْ كَانَ الوَجْهُ تحريكَه لأَنه ضارَعَ حُروفَ اللِّينِ بِمَا فِيهِ مِنَ القُوّة والغُنّةِ، فَكَمَا تُحْذَف حروفُ اللِّينِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ نَحْوَ رَمى القومُ وَقَاضِي البلدِ كَذَلِكَ حُذِفَ التنوينُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ هُنَا، وَهُوَ مُرَادٌ يدُلّك عَلَى إِرادته أَنهم لَمْ يَجُرُّوا مَا بَعْده بالإِضافة إِليه. الأَصمعي: سامُّ أَبْرَصَ، بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، قَالَ: وَلَا أَدري لِمَ سُمِّيَ بِهَذَا، قَالَ: وَتَقُولُ فِي التَّثْنِيَةِ هَذَانِ سَوامّا أَبْرَصَ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وأَبو بُرَيْصٍ كنْيةُ الوزغةِ. والبُريْصةُ: دابةٌ صغيرةٌ دُونَ الوزَغةِ، إِذا عَضَّت شَيْئًا لَمْ يَبْرأْ، والبُرْصةُ. فَتْقٌ فِي الغَيم يُرى مِنْهُ أَدِيمُ السَّمَاءِ. وبَرِيصٌ: نَهْرٌ فِي دِمَشق، وَفِي الْمُحْكَمِ: والبَرِيصُ نهرٌ بِدِمَشْقَ «7» ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بِالْعَرَبِيِّ الصَّحِيحِ وَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
يَسْقُونَ مَنْ وَرَدَ البَريصَ عليهمُ ... بَرَدى يُصَفَّقُ بالرحِيقِ السَّلْسَل
وَقَالَ وَعْلةُ الجَرْمِيُّ أَيضاً:
فَمَا لحمُ الغُرابِ لَنَا بِزادٍ، ... وَلَا سَرَطان أَنْهارِ البَرِيصِ
ابْنُ شُمَيْلٍ: البُرْصةُ البُلُّوقةُ، وَجَمْعُهَا بِراصٌ، وَهِيَ أَمكنةٌ مِنَ الرَّمْل بيضٌ وَلَا تُنْبِت شَيْئًا، وَيُقَالُ: هِيَ مَنازِلُ الجِنّ. وبَنُو الأَبْرَصِ: بَنُو يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظلة.
بصص: بَصّ القومُ بَصِيصاً: صَوَّتَ. والبَصِيصُ: البَريقُ. وبَصّ الشيءُ يَبِصّ بَصّاً وبَصيصاً: بَرَقَ وتلأْلأَ ولَمَع؛ قَالَ:
يَبِصُّ مِنْهَا لِيطُها الدُّلامِصُ، ... كدُرّةِ البَحْرِ زَهاها الغائِصُ
وفي حديث
كعب: تُمْسَكُ النارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تَبِصّ كأَنها مَتْنُ إِهالةٍ
أَي تَبْرق ويَتَلأْلأُ ضَوْءُها. والبَصّاصةُ: العَينُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وبَصَّص الشجرُ: تَفَتَّحَ للإِيراقِ، يُقَالُ: أَبَصَّت الأَرضُ إِبْصاصاً وأَوْبَصَت إِيباصاً أَوّل مَا يَظْهَرُ نبتُها. وَيُقَالُ: بَصَّصَت البَراعِيمُ إَذا تفَتَّحت أَكِمّةُ الرياضِ. وبَصْبَصَ بسَيفِه: لَوَّحَ. وبَصَّ الشيءُ يَبِصّ بَصّاً وبَصِيصاً: أَضاءَ. وبَصَّصَ الجِرْوُ تَبْصِيصاً: فتَحَ عَيْنَيه، وبَصْبَصَ لغةٌ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي عَليٍّ الْقَالِيِّ قَالَ: الَّذِي يَرْوِيه الْبَصْرِيُّونَ يَصَّصَ، بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ، لأَن الْيَاءَ قَدْ تُبْدَلُ مِنْهَا الْجِيمُ لِقُرْبِهَا فِي الْمَخْرَجِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَن يَكُونَ بَصَّصَ مِنَ البَصِيصِ وَهُوَ البَريق لأَنه إِذا فَتَح عَيْنَيْهِ فَعَل ذَلِكَ. والبَصِيصُ: لَمَعانُ حَبِّ الرُّمّانة. وأَفْلَتَ وَلَهُ بَصِيصٌ: وَهِيَ الرِّعْدةُ والالتواءُ مِنَ الجَهْد. وبَصْبَصَ الكلبُ وتَبَصْبَصَ: حَرَّكَ ذنَبَه. والبَصْبَصةُ: تحريكُ الْكَلْبِ ذنَبه طَمَعًا أَو خوْفاً، والإِبِل تَفْعَلُ ذَلِكَ إِذا حُدي بِهَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الْوَحْشَ:
بَصْبَصْن بالأَذْنابِ مِنْ لَوْحٍ وَبَقْ
والتَّبَصْبُصُ: التَّمَلُّقُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي داودٍ:
وَلَقَدْ ذَعَرْتُ بَناتِ عَمِّ ... المُرْشِفاتِ لها بَصابِصْ
__________
(7) . قوله [وَالْبَرِيصُ نَهْرٌ بِدِمَشْقَ] قَالَ في ياقوت بعد ذكر ذلك والبيتين المذكورين ما نصه: وهذان الشعران يدلان على أن البريص اسم الغوطة بأجمعها، ألا تراه نسب الأَنهار إلى البريص؟ وكذلك حسان فإنه يقول: يسقون ماء بردى، وهو نهر دمشق من ورد البريص.(7/6)
وَفِي حَدِيثِ
دانِيال، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ أُلْقِيَ فِي الجُبّ: وأُلْقِي عَلَيْهِ السباعُ فجَعَلْنَ يَلْحَسْنَه ويُبَصْبِصْنَ إِليه
؛ يُقَالُ: بَصْبَصَ الكلبُ بذَنَبِه إِذا حرَّكه وإِنما يَفْعل ذَلِكَ مِنْ طَمَعٍ أَو خَوْفٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وبَصْبَصَ الكلبُ بذَنَبِه ضرَبَ بِهِ، وَقِيلَ: حَرَّكَهُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
ويَدُلّ ضَيْفي، فِي الظَّلامِ، عَلَى القِرى، ... إِشْراقُ نَارِي، وارْتِياحُ كِلابي
حَتَّى إِذا أَبْصَرْنه وعَلِمْنَه، ... حَيّيْنَه بِبَصابِصِ الأَذْنابِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ بَصْبَصةٍ كأَن كلَّ كلبٍ مِنْهَا لَهُ بَصْبَصَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ مُبَصْبِص، وَكَذَلِكَ الإِبلُ إِذا حُدِي بِهَا. والبَصْبَصةُ: تحريكُ الظِّباء أَذْنابها. الأَصمعي: مِنْ أَمثالهم فِي فِرارِ الجَبانِ وخُضوعِه: بَصْبَصْنَ إِذ حُدِينَ بالأَذْنابِ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: دَرْدَبَ لمَّا عَضّه الثِّقافُ أَي ذَلّ وخَضَع. وقَرَبٌ بَصْباصٌ: شديدٌ لَا اضطرابَ فِيهِ وَلَا فُتُورَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا كَانَ السيرُ مُتْعِباً. وَقَدْ بَصْبَصَت الإِبلُ: قَرَبَها إِذا سَارَتْ فأَسْرَعَتْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وبَصْبَصْنَ بينَ أَداني الغَضا، ... وبَيْنَ غُدانةَ شَأْواً بَطِينا
أَي سِرْنَ سَيْرًا سَرِيعًا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَرى كُلَّ ريحٍ سَوْفَ تَسْكُنُ مَرّةً، ... وكلَّ سماءٍ ذاتَ دَرٍّ ستُقْلِعُ
فإِنَّكَ، والأَضيافَ فِي بُرْدةٍ مَعًا، ... إِذا مَا تَبِصُّ الشمسُ ساعةَ تَنْزِعُ
لِحافي لحافُ الضَّيْفِ، والبَيتُ بيتُه، ... وَلَمْ يُلْهِني عَنْهُ غَزالٌ مُقَنَّعُ
«1» أُحَدِّثهُ أَن الحديثَ مِنَ القِرى، ... وتَعْلَمُ نفْسي أَنَّه سَوْفَ يَهْجَع
أَي يَشْبَع فيَنامُ. وَتَنْزِعُ أَي تَجْرِي إِلى المغرِب. وسيرٌ بَصْباصٌ كَذَلِكَ؛ وَقَوْلُ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيِّ:
إِدْلاج ليلٍ قامِسٍ بوَطيسةٍ، ... ووِصال يَوْمٍ واصِبٍ بَصْباصِ
أَراد: شديدٍ بِحرِّه ودَوَمانه. وخِمْسٌ بَصْباصٌ: بعيدٌ جادٌّ مُتْعِب لَا فُتورَ فِي سَيْرِهِ. والبَصْباصُ مِنَ الطَّريفة: الَّذِي يَبْقَى عَلَى عُودٍ كأَنه أَذْنابُ اليَرابيع. وماءٌ بَصْباصٌ أَي قليلٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
لَيْسَ يَسِيل الجَدْوَلُ البَصْباصُ
بعص: البَعْصُ والتَّبَعُّصُ: الاضطرابُ. وتَبَعْصَصَت الحيةُ: ضُرِبَتْ فَلَوَتْ ذَنَبها. والبُعْصُوصُ والبَعَصُوصُ: الضَّئِيلُ الجسمِ. والبَعْصُ: نَحافةُ البدَن ودِقّتُه، وأَصله دُودةٌ يُقَالُ لَهَا البُعْصُوصةُ: دُوَيْبّة صَغِيرَةٌ كالوزَغةِ لَهَا بَريقٌ مِنْ بَيَاضِهَا. قَالَ: وسَبُّ الْجَوَارِي: يَا بُعْصوصةُ كُفِّي وَيَا وجهَ الكُتَع. وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ الصَّغِيرِ والصبيَّة الصَّغِيرَةِ: بُعْصُوصةٌ لصِغَر خَلْقِه وضَعْفِه. والبُعْصُوص مِنَ الإِنسان: العظْمُ الصغيرُ الَّذِي بَيْنَ أَلْيتيه. قَالَ يَعْقُوبُ: يُقَالُ لِلْحَيَّةِ إِذا قُتِلَتْ فَتَلوّتْ: قَدْ تَبَعْصَصَت وَهِيَ تَبَعْصَصُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
كأَنّ تَحْتي حَيَّةً تَبَعْصَصُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للجُوَيْرية الضاوِيةِ البُعْصُوصة والعِنْفِصُ والبَطِيطة والحَطِيطةُ.
__________
(1) . هذا البيت والذي بعده رُويا لعروة بن الورد.(7/7)
بلص: البِلِّصُ والبَلَصُوصُ: طَائِرٌ، وَقِيلَ: طَائِرٌ صَغِيرٌ، وَجَمْعُهُ البَلَنْصى، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَالصَّحِيحُ أَنه اسْمٌ لِلْجَمْعِ وَرُبَّمَا سُمِّي بِهِ النحيفُ الْجِسْمِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ: النُّونُ زَائِدَةٌ لأَنك تَقُولُ الْوَاحِدُ البَلَصُوصُ. قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحمد: قُلْتُ لأَعرابي: مَا اسمُ هَذَا الطَّائِرِ؟ قَالَ: البَلَصُوصُ، قَالَ: قُلْتُ: مَا جمعُه؟ قَالَ: البَلَنْصى، قَالَ: فَقَالَ الْخَلِيلُ أَو قَالَ قَائِلٌ:
كالبَلَصُوصِ يَتْبَعُ البَلَنْصَى
التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: البِلَنْصاةُ بقْلةٌ وَيُقَالُ طائر، والجمع البَلَنْصَى.
بلأص: بَلأَصَ الرجلُ وغيرُه مِنِّي بَلأَصَةً، بِالْهَمْزِ: فَرَّ.
بلخص: بَخْلَصٌ وبَلْخَصٌ: غليظٌ كَثِيرُ اللَّحْمِ، وَقَدْ تَبَخْلَصَ وتَبَلْخَصَ.
بلهص: بَلْهَصَ كبَلأَصَ أَي فَرَّ وعَدَا مِنْ فزَعٍ وأَسرع؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَلَوْ رَأَى فاكَرِشٍ لَبَلْهَصا
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَاؤُهُ بَدَلًا مِنْ هَمْزَةِ بَلأَصَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: وَقَدْ رأَيت هَذَا الشِّعْرَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ نُسَخِ التَّهْذِيبِ:
وَلَوْ رأَى فَاكَرِشٍ لبَهْلَصا
وفاكَرِشٍ أَي مَكَانًا ضَيِّقاً يَسْتَخْفي فِيهِ. وتَبَلْهَصَ مِنْ ثيابه: خرج عنها.
بنقص: بَنْقَصٌ: اسم.
بهلص: أَبو عَمْرٍو: التَّبَهْلُصُ خروجُ الرَّجُلِ مِنْ ثِيَابِهِ. تَقُولُ: تَبَهْلَصَ وتَبَلْهَصَ مِنْ ثِيَابِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي الأَسود الْعِجْلِيِّ:
لَقِيتُ أَبا لَيْلى، فَلَمَّا أَخَذْتُه، ... تَبَهْلَصَ مِنْ أَثوابِه ثُمَّ جَبَّبا
يُقال: جَبَّبَ إِذا هَرَب.
بوص: البَوْصُ: الفَوْتُ والسَّبْق والتقدُّم. باصَه يَبُوصُه بَوْصاً فاسْتَباصَ: سَبَقَه وفاتَه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَلَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، وَلَا تَبُصْنِي، ... فإِنَّك إِنْ تَبُصْنِي أَسْتَبِيص
هَكَذَا أَنشده: فإِنك، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: فإِني إِن تَبُصْنِي، وَهُوَ أَبْيَنُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمّة:
عَلَى رَعْلَةٍ صُهْب الذَّفارَى، كأَنها ... قَطاً باصَ أَسْرابَ القَطا المُتَواتِرِ
والبَوْصُ أَيضاً: الاستعجالُ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
فَلَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، وَلَا تَبُصْنِي، ... وَلَا تَرْمي بيَ الغَرَضَ البَعِيدا
ابْنُ الأَعرابي: بَوَّصَ إِذا سبَق فِي الحَلْبةِ، وَبَوَّصَ إِذا صفَا لَوْنُهُ، وبَوَّصَ إِذا عَظُم بَوْصُه. وبُصْتُه: اسْتَعْجَلْتُهُ. قَالَ اللَّيْثُ: البَوْصُ أَن تَسْتَعْجِلَ إِنساناً فِي تَحْميلِكَه أَمراً لَا تدَعُه يتَمَهَّلُ فِيهِ؛ وأَنشد:
فَلَا تَعْجَلْ عليَّ، وَلَا تَبُصْنِي، ... ودالِكْنِي، فإِني ذُو دَلالِ
وبُصْتُه: اسْتَعْجَلْتُهُ. وسارُوا خِمْساً بائِصاً أَي مُعَجَّلًا سَرِيعًا مُلِحّاً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَسُوقُ بالأَعْلاجِ سَوْقاً بائِصا
وباصَه بَوْصاً: فاتَه. التَّهْذِيبُ: النَّوْصُ التأَخرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، والبَوْصُ التَّقَدُّمُ، والبُوصُ والبَوْصُ العَجُزُ، وَقِيلَ: لِينُ شَحْمتِه. وامرأَة بَوْصاءُ:(7/8)
عَظِيمَةُ العَجُزِ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ. الصِّحَاحُ: البُوصُ والبَوْصُ العَجِيزةُ؛ قَالَ الأَعشى:
عَرِيضة بُوصٍ إِذا أَدْبَرَتْ، ... هَضِيم الحَشَا شَخْتة المُحْتَضَنْ
والبَوْصُ والبُوصُ: اللّونُ، وَقِيلَ: حُسْنُهُ، وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً بِالْوَجْهَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَذَكَرَهُ السِّيرَافِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ لَا غَيْرَ. وأَبْواصُ الغنمِ وَغَيْرُهَا مِنَ الدَّوَابِّ: أَلوانُها، الواحدُ بُوصٌ. أَبو عُبَيْدٍ: البَوْصُ اللَّوْنُ، بِفَتْحِ الْبَاءِ. يُقَالُ: حالَ بَوْصُه أَي تغيَّر لونُه. وَقَالَ يَعْقُوبُ: مَا أَحسن بُوصَه أَي سَحْنَتَه ولونَه. والبُوصِيُّ: ضرْبٌ مِنَ السُّفُن، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ وَقَالَ:
كسُكّانِ بُوصِيٍّ بِدَجْلةَ مُصْعِد «2»
وَعَبَّرَ أَبو عُبَيْدٍ عَنْهُ بالزَّوْرَقِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ خَطَأٌ. والبُوصِيُّ: المَلَّاحُ؛ وَهُوَ أَحد الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْلِ الأَعشى:
مثلَ الفُراتِيّ، إِذا مَا طَمَا، ... يَقْذِفُ بالبُوصِيّ والماهِرِ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: البُوصِيُّ زَوْرَقٌ وَلَيْسَ بالملَّاح، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بُوزِيْ؛ وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَمِنْ ذِكْرِ لَيْلى، إِذْ نَأَتْكَ، تَنُوصُ، ... فتَقْصُر عَنْهَا خَطْوةً وتَبُوصُ؟
أَي تَحْمِل عَلَى نفْسِك المشقَّةَ فتَمْضِي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ الَّذِي فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ فتَقْصُر، بِفَتْحِ التَّاءِ. يُقَالُ: قَصَر خَطْوه إِذا قصَّر فِي مَشْيِهِ، وأَقْصَرَ كَفَّ؛ يَقُولُ: تَقْصُر عَنْهَا خَطْوةً فَلَا تُدْرِكُها وتَبُوص أَي تَسْبِقُك وتتقدَّمُك. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ جَالِسًا فِي حُجْرة قَدْ كَادَ يَنْباصُ عَنْهُ الظِّلُ
أَي يَنْتَقِصُ عَنْهُ ويسبِقُه ويفُوته. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه أَراد أَن يَسْتعْمِلَ سعيدَ بنَ العاصِ فَبَاصَ مِنْهُ
أَي هَرَبَ وَاسْتَتَرَ وفاتَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنه ضرَبَ أَزَبّ حَتَّى باصَ.
وسَفَرٌ بائِصٌ: شديدٌ. والبَوْصُ: البُعْد. والبائِصُ: البَعِيد. يُقَالُ: طَرِيقٌ بائِصٌ بِمَعْنَى بَعِيد وشاقٍّ لأَن الَّذِي يَسْبِقك ويفُوتُك شاقٌّ وُصولُك إِليه؛ قَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى وَرَدْنَ، لِتِمِّ خِمْس بائصٍ، ... جُدًّا تَعاوَرَه الرِّياحُ وَبِيلا
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مَلا بائِصاً ثُمَّ اعْتَرَتْه حَمِيّة ... عَلَى نَشْجِه مِنْ ذائدٍ غَيْرِ واهِنِ
وانْباصَ الشيءُ: انْقَبَض. وَفِي الْحَدِيثِ:
كادَ يَنْباصُ عَنْهُ الظِّلُّ.
والبَوْصاءُ: لُعْبةٌ يَلْعَبُ بِهَا الصبيانُ يأْخذون عُوداً فِي رأْسه نارٌ فيُدِيرُونه على رؤوسِهم. وبُوصان: بطنٌ مِنْ بَنِي أَسد.
بيص: يُقَالُ: وقَعُوا فِي حَيْصَ بَيْصَ وحِيصَ بِيصَ وحِيصٍ بِيصٍ وحَيْص بَيْص مَبْنِيٌّ «3» عَلَى الْكَسْرِ، أَي شِدَّةٍ، وَقِيلَ: أَي فِي اخْتِلَاطٍ مِنْ أَمر وَلَا مَخْرَجَ لَهُمْ وَلَا مَحِيص مِنْهُ. وإِنك لتَحْسَب عَليَّ الأَرض حَيْصاً بَيْصاً أَي ضَيِّقةً. ابْنُ الأَعرابي: البَيْصُ الضِّيقُ والشدّةُ. وجعلْتُمْ عَلَيْهِ الأَرضَ حَيْصَ بَيْصَ أَي ضيَّقْتم عَلَيْهِ. والبَيْصةُ: قُفٌّ «4» غليظٌ أَبْيَضُ بإِقبال العارِضِ فِي دَارِ قُشَيْرٍ لِبَني لُبَيْنى وَبَنِي قُرة مِنْ قُشَيرٍ وتلْقاءَها دارُ نُمير.
__________
(2) . هذا البيت من معلقة طرفة وصدره:
وأَتلعَ نهّاضٌ، إِذا صَعِدت به؛
يصف فيه عنق ناقته.
(3) . قوله [وحيص بيص مبني] أي بكسر الأَول منوناً والثاني بغير تنوين والعكس كما في القاموس.
(4) . قوله [والبيصة قف إلخ] في شرح القاموس بعد نقله ما هنا ما نصه: قلت والصواب أنه بالضاد المعجمة.(7/9)
فصل التاء المثناة فوقها
تخرص: التِّخْرِيص: لُغَةٌ فِي الدِّخرِيص.
ترص: التَّرِيصُ: المحكمُ، تَرُصَ الشيءُ تَراصةً، فَهُوَ مُتْرَصٌ وتَرِيص مِثْلَ مَاءٌ مُسْخَن وسَخِين وحبْل مُبْرم وبَرِيم أَي مُحْكم شَدِيدٍ؛ قَالَ:
وشُدَّ يدَيْكَ بالعَقْدِ التَّرِيصِ
وأَتْرَصَه هُوَ وتَرَصه وتَرَّصَه: أَحْكَمه وقَوَّمَه؛ قَالَ ذُو الإِصْبع العَدْوانيّ يَصِفُ نَبْلًا:
تَرَّصَ أَفْواقَها وقَوَّمَها ... أَنْبَلُ عَدْوانَ كُلِّها صَنَعا
أَنْبَلُها: أَعْمَلُها بالنَّبْل، وَقِيلَ: أَحْذَقُها؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وشاهدُ أَتْرَصَه قَوْلُ الأَعشى:
وَهَلْ تُنْكَرُ الشمسُ فِي ضَوْئِها، ... أَو القَمَرُ الباهِرُ المُتْرَصُ؟
ومِيزانٌ تَرِيصٌ أَي مُقَوَّم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ وُزِنَ رَجاءُ الْمُؤْمِنِ وخَوْفُه بميزانٍ تَرِيصٍ مَا زادَ أَحدُهما عَلَى الْآخَرِ
أَي بِمِيزَانٍ مُسْتوٍ، والتَّرِيصُ، بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ: المُحْكَم المُقَوَّمُ. وَيُقَالُ: أَتْرِصْ ميزانَك فإِنه شائلٌ أَي سَوِّه وأَحْكِمْه. وفرسٌ تارِصٌ: شَدِيدٌ وَثِيقٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
قَدْ أَغْتَدي بالأَعْوَجِيِّ التارِصِ
تعص: تَعِصَ تَعَصاً: اشْتَكَى عصَبَه مِنْ شِدَّةِ المَشْي. والتَّعَصُ: شَبِيهٌ بالمَعَصِ، قَالَ: وليس بثَبَت.
تلص: تَلَّصَ الشَّيْءَ: أَحْكَمه مِثْلُ تَرَّصَه. وَيُقَالُ: تَلَّصَه ودَلَّصَه إِذا ملَّسَه ولَيَّنَه.
فصل الجيم
جبلص: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: جَابَلَق وجابَلَص مَدينتان إِحداهما بِالْمَشْرِقِ والأُخرى بِالْمَغْرِبِ لَيْسَ وَرَاءَهُمَا شَيْءٌ، رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَدِيثٌ ذَكرَ فيه هاتين المَدِينَتَيْن.
جرص: الجُرَاصِيةُ: العظيمُ مِنَ الرِّجال؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِثْل الهَجِين الأَحمر الجُرَاصِيَهْ
جَصَصَ: الجِصُّ والجَصُّ: مَعْرُوفٌ، الَّذِي يُطْلى بِهِ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الجِصُّ وَلَمْ يُقَل الجَصّ، وَلَيْسَ الْجِصُّ بِعَرَبِيٍّ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ، ولغةُ أَهل الْحِجَازِ فِي الجَصّ: القَصّ. وَرَجُلٌ جَصَّاصٌ: صَانِعٌ للجِصّ. والجَصَّاصةُ: الموضعُ الَّذِي يُعمل بِهِ الجِصُّ. وجَصَّصَ الحائطَ وغَيره: طَلَاهُ بالجِصّ. وَمَكَانٌ جُصاجِصٌ: أَبيضُ مستوٍ. وجصّصَ الجِرْوُ وفَقَح إِذا فتحَ عَيْنَيْهِ. وجَصّصَ العُنْقودُ: هَمَّ بِالْخُرُوجِ. وجَصّصَ عَلَى الْقَوْمِ: حَمَلَ. وجَصّصَ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ: حَمَلَ أَيضاً، وَقَدْ قِيلَ بِالضَّادِ، وَسَنَذْكُرُهُ لأَن الصَّادَ وَالضَّادَ فِي هَذَا لُغَتَانِ. الْفَرَّاءُ: جَصّصَ فلانٌ إِناءَه إِذا مَلأَه.
جَلْبَصَ: أَبو عَمْرٍو: الجَلْبَصةُ الفِرارُ، وَصَوَابُهُ خَلْبَصة، بِالْخَاءِ.
جمص: الجَمْصُ: ضربٌ مِنَ النَّبْتِ، وَلَيْسَ بثَبَت.
جنص: جَنَّصَ، رُعِبَ رُعْباً شَدِيدًا. وجَنَّصَ إِذا هرَبَ مِنَ الفزَع. وجَنَّصَ بِسَلْحهِ: خَرَجَ بعضُه مِنَ الفَرَق وَلَمْ يَخْرج بعضُه. أَبو مَالِكٍ: ضرَبه حَتَّى(7/10)
جَنَّصَ بِسَلْحِه إِذا رَمَى بِهِ. وجَنَّصَ بَصرَه: حدّدَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وجَنَّصَ: فتَحَ عَيْنيه فزَعاً. وَرَجُلٌ إِجْنِيصٌ: فَدْمٌ عَييٌّ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ؛ قَالَ مُهاصر النَّهْشَلَيُّ:
باتَ عَلَى مُرْتَبإٍ شَخِيصِ، ... لَيْسَ بنَوّام الضُّحى إِجْنِيصِ
وَقِيلَ: رَجُلٌ إِجْنِيصٌ شَبْعان؛ عَنْ كُرَاعٍ. أَبو مالك واللحياني وَابْنُ الأَعرابي: جَنّصَ الرجلُ إِذا ماتَ. أَبو عَمْرٍو: الجَنِيصُ الميّتُ.
جيص: جاصَ: لُغَةٌ فِي جاضَ؛ عَنْ يَعْقُوبَ وسيأْتي ذكره.
فصل الحاء المهملة
حبص: حَبَص حَبْصاً: عَدَا عَدْواً شديداً.
حبرقص: الحَبَرْقَصةُ: المرأَةُ الصغيرةُ الخَلْقِ. والحَبَرْقَصُ: الجملُ الصَّغِيرُ وَهُوَ الحَبرْبَر أَيضاً. وجَملٌ حَبرْقَصٌ: قمِيءٌ زَرِيٌّ. والحَبَرْقَصُ: صِغارُ الإِبل؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَنَاقَةٌ حَبَرْقَصةٌ: كريمةٌ عَلَى أَهلها. والحَبَرْقِيصُ: الْقَصِيرُ الرَّدِيءُ، وَالسِّينُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ.
حرص: الحِرْصُ: شدّةُ الإِرادة والشَّرَه إِلى الْمَطْلُوبِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحِرْصُ الجَشَعُ، وَقَدْ حَرَصَ عَلَيْهِ يَحْرِصُ ويَحْرُصُ حِرْصاً وحَرْصاً وحَرِصَ حَرَصاً؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وَلَقَدْ حَرِصْت [حَرَصْت] بأَن أُدافعَ عنهمُ، ... فإِذا المَنيّةُ أَقْبَلَتْ لَا تُدْفَعُ
عدَّاه بِالْبَاءِ لأَنه فِي مَعْنَى هَمَمْتُ، وَالْمَعْرُوفُ حَرَصْتُ عَلَيْهِ. الأَزهري: قَوْلُ الْعَرَبِ حَرِيصٌ عَلَيْكَ مَعْنَاهُ حَرِيصٌ عَلَى نَفْعِك، قَالَ: وَاللُّغَةُ الْعَالِيَةُ حَرَصَ يَحْرِصُ وأَما حَرِصَ يَحْرَصُ فَلُغَةٌ رَدِيئَةٌ، قَالَ: والقُراء مُجْمِعون عَلَى: وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
؛ وَرَجُلٌ حَرِيصٌ مِنْ قَوْمٍ حُرَصاءَ وحِرَاصٍ وامرأَة حَريصةٌ مِنْ نِسْوَةٍ حِرَاصٍ وحَرائِصَ. والحَرْصُ: الشَّقُّ. وحَرَصَ الثوبَ يَحْرُصُه [يَحْرِصُه] حَرْصاً: خَرَقَه، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَدُقَّه حَتَّى يَجْعَلَ فِيهِ ثُقَباً وشُقوقاً. والحَرْصةُ مِنَ الشِّجاج: الَّتِي حَرَصَت مِنْ وَرَاءِ الجِلْد وَلَمْ تُخَرِّقه، وَقَدْ ذُكرت فِي الْحَدِيثِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وحَرْصة يُغْفِلُها المأْمُومُ
والحارِصةُ والحَرِيصةُ: أَولُ الشِّجَاجِ، وَهِيَ التي تَحْرِصُ تَحْرُصُ الْجِلْدَ أَي تشقُه قَلِيلًا؛ وَمِنْهُ قِيلَ: حَرَصَ القَصّارُ الثوبَ يَحْرُصُه [يَحْرِصُه] شقَّه وَخَرَقَهُ بالدَّقّ. وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الحَرْصةُ والشَّقْفة والرَّعْلة والسَّلْعَة الشّجَّة، والحَريصةُ والحارِصةُ السحابةُ التي تَحْرِصُ [تَحْرُصُ] وَجْهَ الأَرض بقَشْرِه وتُؤَثِّرُ فِيهِ بِمَطَرِهَا مِنْ شِدَّةِ وَقعها؛ قَالَ الحُوَيْدرة:
ظَلَمَ البِطاحَ، لَهُ انْهِلالُ حَرِيصة، ... فصَفا النِّطافُ لَهُ بَعِيدَ المُقْلَعِ
يَعْنِي مَطَرتْ فِي غَيْرِ وَقْتِ مَطَرِها فَلِذَلِكَ ظَلَم. قَالَ الأَزهري: أَصلُ الحَرْصِ القَشْرُ، وَبِهِ سُمِّيَتِ الشَّجّة حارِصةً، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ كَمَا فَسَّرْنَاهُ، وَقِيلَ للشَّرِه حَرِيصٌ لأَنه يَقْشِرُ بِحرْصِه وُجُوه النَّاسِ. والحِرْصِيَان: فِعْلِيانٌ مِنَ الحَرْصِ وَهُوَ القَشْر، وَعَلَى مِثَالِهِ حِذْرِيان وصِلِّيان. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِباطنِ جِلْد الفِيل حِرْصِيان، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ؛ هِيَ الحِرْصِيانُ والغِرْسُ(7/11)
والبَطْن، قَالَ: والحِرصِيان باطنُ جلْد البطْن، والغِرْسُ مَا يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الطِّرِمَّاح:
وَقَدْ ضُمِّرتْ حَتَّى انْطَوَى ذُو ثَلاثِها، ... إِلى أَبْهَرَيْ دَرْماءَ شَعْبِ السنَّاسِن
قَالَ: ذُو ثَلَاثِهَا أَراد الحِرْصِيانَ والغِرْس والبطْن. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الحِرْصِيانُ جلدةٌ حمراءُ بَيْنَ الْجِلْدِ الأَعْلى واللحمِ تُقْشَر بَعْدَ السَّلْخ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحِرْصِيانُ قشْرة رَقِيقَةٌ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ يَقْشِرها القَصّاب بَعْدَ السَّلْخ، وجمعُها حِرْصِياناتٌ وَلَا يُكَسَّر، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ ذُو ثَلَاثِهَا فِي بَيْتِ الطِّرِمَّاحِ عَنى بِهِ بطْنَها، والثلاثُ: الحِرْصِيانُ والرَّحِم والسابِياءُ. وأَرض مَحْروصةٌ: مَرْعِيّة مُدَعْثرة. ابْنُ سِيدَهْ. والحَرْصَةُ كالعَرْصة، زَادَ الأَزهري: إِلا أَن الحَرْصةَ مُسْتَقِرّ وسطِ كُلِّ شَيْءٍ والعَرْصةُ الدارُ؛ وَقَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع حَرْصة بِمَعْنَى العَرْصة لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وأَما الصَّرْحةُ فمعروفة.
حربص: حَرْبَصَ الأَرضَ: أَرْسلَ فِيهَا الماءَ. وَيُقَالُ: مَا عَلَيْهِ حَرْبَصِيصةٌ وَلَا خَرْبَصِيصةٌ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، أَي شَيْءٌ مِنَ الْحُلِيِّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي سَمِعْنَاهُ خَرْبَصِيصة، بِالْخَاءِ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ والأَصمعي، وَلَمْ يَعْرِفْ أَبو الْهَيْثَمِ بالحاء.
حرقص: الحُرْقُوصُ: هُنَيٌّ مِثْلُ الْحَصَاةِ صَغِيرُ أُسَيّد «1» أُرَيْقِط بِحُمْرَةٍ وَصُفْرَةٍ ولونُه الْغَالِبُ عَلَيْهِ السَّوَادُ، يَجْتَمِعُ ويَتّلج تَحْتَ الأَناسي وَفِي أَرْفاغِهم ويعَضُّهم ويُشَقِّقُ الأَسْقية. التَّهْذِيبُ: الحَراقِيصُ دُوَيْبّات صِغَارٌ تَنْقُب الأَساقيَ وتَقْرضُها وتَدْخل فِي فُروج النِّسَاءِ وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الجُعْلان إِلا أَنها أَصْغر مِنْهَا وَهِيَ سُودٌ مُنَقّطة بِبَياض؛ قَالَتْ أَعرابيّة:
مَا لَقِيَ البيضُ مِنَ الحُرْقُوصِ، ... مِنْ مارِدٍ لِصٍّ مِنَ اللُّصوصِ،
يَدْخُل تَحْتَ الغَلَقِ المَرْصُوصِ، ... بِمَهْرِ لَا غالٍ وَلَا رَخِيصِ
أَرادت بِلَا مَهْرٍ، قَالَ الأَزهري: وَلَا حُمَةَ لَهَا إِذا عَضّت وَلَكِنَّ عَضّتها تُؤْلم أَلماً لَا سُمَّ فِيهِ كَسُمِّ الزَّنابير. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَى الرَّجَزِ أَن الحُرْقُوصَ يَدْخُلُ فِي فَرْجِ الْجَارِيَةِ البِكْر، قَالَ: وَلِهَذَا يُسَمَّى عَاشِقَ الأَبكار، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهَا:
يَدْخُلُ تَحْتَ الْغَلَقِ الْمَرْصُوصِ، ... بِمَهْرٍ لَا غَالٍ وَلَا رَخِيصِ
وَقِيلَ: هِيَ دُوَيْبَّة صَغِيرَةٌ مِثْلُ القُراد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
زكْمةُ عَمّارٍ بَنُو عَمّارِ، ... مِثْل الحَراقِيص عَلَى الحِمارِ
وَقِيلَ: هُوَ النِّبْرُ، وَمِنَ الأَول قَوْلُ الشَّاعِرِ:
ويْحَكَ يَا حُرْقُوصُ مَهْلًا مَهْلا، ... أَإِبِلًا أَعْطيْتَني أَم نَخْلا؟
أَمْ أَنت شيءٌ لَا تُبالي جَهْلا؟
الصِّحَاحُ: الحُرْقُوصُ دُوَيْبّة كالبُرْغوثِ، وَرُبَّمَا نبَت لَهُ جناحانِ فطارَ. غيرُه: الحُرْقوصُ دُوَيْبَّةٌ مُجَزَّعة لَهَا حُمَةٌ كحُمَةِ الزُّنْبور تَلْدَغ تشْبِهُ أَطْراف السِّياطِ. وَيُقَالُ لِمَنْ ضُرِبَ بالسِّياط: أَخَذَتْه الحَراقِيصُ لِذَلِكَ، وَقِيلَ: الحُرْقوصُ دُوَيْبَّةٌ سَوْدَاءُ مِثْلُ الْبُرْغُوثِ أَو فَوْقَهُ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هِيَ دُوَيْبَّةٌ أَصغر مِنَ الجُعَل. وحَرَقْصى: دُوَيْبَّةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الحُرْقُصاءُ دويبة
__________
(1) . قوله أسيّد: هكذا في الأَصل وربما كانت تصغيراً لأسود كأسَيْودِ.(7/12)
لَمْ تُحَلَّ «1» . قَالَ: والحَرْقَصةُ الناقةُ الكريمة.
حصص: الحَصُّ والحُصاصُ: شِدّةُ العَدْوِ فِي سُرْعَةٍ، وَقَدْ حَصَّ يَحُصُّ حَصّاً. والحُصاصُ أَيضاً: الضُّراطُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِن الشَّيْطَانَ إِذا سَمِعَ الأَذانَ وَلَّى وَلَهُ حُصاصٌ
؛ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ عَاصِمِ بْنِ أَبي النَّجُود، قَالَ حَمَّادٌ: فَقُلْتُ لِعَاصِمٍ: مَا الحُصاصُ؟ قَالَ: أَما رأَيتَ الحِمارَ إِذا صَرَّ بأُذُنيه ومَصَعَ بذَنبِه وعَدا؟ فَذَلِكَ الحُصاصُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وحَصَّ الجَلِيدُ النَّبْتَ يَحُصُّه: أَحْرَقَه، لُغَةٌ فِي حَسّه. والحَصُّ: حَلْقُ الشَّعْرِ، حَصَّه يَحُصُّه حَصّاً فَحَصَّ حصَصاً وانْحَصَّ والحَصُّ أَيضاً: ذهابُ الشَّعْرِ سَحْجاً كَمَا تَحُصُّ البَيْضةُ رأْسَ صَاحِبِهَا، والفِعل كَالْفِعْلِ. والحاصّةُ: الداءُ الَّذِي يَتَناثَرُ مِنْهُ الشَّعْرُ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَن امرأَة أَتته فَقَالَتْ إِن ابْنتي عُريّسٌ وَقَدْ تمعّطَ شعرُها وأَمَرُوني أَن أُرَجِّلَها بالخَمْر، فَقَالَ: إِنْ فعلتِ ذَاكَ أَلْقَى اللهُ فِي رأْسها الحاصّةَ
؛ الحاصّةُ: هِيَ العِلّة الَّتِي تَحُصُّ الشَّعْرَ وتُذْهِبه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الحاصّةُ مَا تَحُصّ شَعْرَهَا تَحْلِقه كُلَّهُ فَتَذْهَبُ بِهِ، وَقَدْ حَصّت البَيْضةُ رأْسَه؛ قَالَ أَبو قَيْسِ بْنُ الأَسْلت:
قَدْ حَصَّت البيضةُ رأْسي، فَمَا ... أَذُوقُ نَوْمًا غيرَ تَهْجاع
وحصَّ شعَرُهُ وانْحَصَّ: انْجَرَدَ وتناثَرَ. وانْحَصَّ ورَقُ الشَّجَرِ وانْحَتّ إِذا تَنَاثَرَ. وَرَجُلٌ أَحَصُّ: مُنْحَصُّ الشعرِ. وذنَبٌ أَحَصُّ: لَا شَعَر عَلَيْهِ؛ أَنشد:
وذنَب أَحَصّ كالمِسْواطِ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ أَمثالهم فِي إِفْلات الْجَبَانِ مِنَ الْهَلَاكِ بَعْدَ الإِشْفاء عَلَيْهِ: أُفْلِت وانْحَصَّ الذنَب، قَالَ: ويُرْوى الْمَثَلُ عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنه كَانَ أَرسل رَسُولًا مِنْ غَسّان إِلى مَلكِ الرُّومِ وَجَعَلَ لَهُ ثَلَاثَ دِيات عَلَى أَن يُبادِرَ بالأَذانِ إِذا دَخَلَ مَجْلِسَهُ، فَفَعَلَ الغسّانِيّ ذَلِكَ وَعِنْدَ الملِك بَطارِقتُه، فوَثَبُوا لِيَقْتلوه فَنَهَاهُمُ الْمَلِكُ وَقَالَ: إِنَّما أَراد مُعَاوِيَةُ أَن أَقْتُلَ هَذَا غَدْراً، وَهُوَ رَسُولٌ، فَيَفْعَل مِثْلَ ذَلِكَ مَعَ كُلِّ مُسْتأْمَنٍ مِنّا؛ فَلَمْ يَقْتله وجَهّزه وَرَدَّهُ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ قَالَ: أُفْلِتَ وَانْحَصَّ الذَّنَبُ أَي انْقَطَعَ، فَقَالَ: كَلَّا إِنه لَبِهُلْبه أَي بشَعَره، ثُمَّ حدَّثه الْحَدِيثَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَقَدْ أَصابَ مَا أَردْتُ؛ يُضْرب مَثَلًا لِمَنْ أَشْفى عَلَى الْهَلَاكِ ثُمَّ نَجا؛ وأَنشد الكسائي:
جاؤوا مِنَ المِصْرَينِ باللُّصوصِ، ... كُلُّ يَتِيمٍ ذِي قَفاً مَحْصوصِ
وَيُقَالُ: طَائِرٌ أَحَصُّ الجناحِ؛ قَالَ تأَبّط شَرًّا:
كأَنَّما حَثْحَثُوا حُصّاً قَوادِمُه، ... أَو بِذي مِّ خَشْفٍ أُشَثٍّ وطُبّاقِ «2»
الْيَزِيدِيُّ: إِذا ذَهَبَ الشَّعْرُ كُلُّهُ قِيلَ: رَجُلٌ أَحَصُّ وامرأَةَ حصّاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَتْ سنَةٌ حَصَّتْ كلَّ شَيْءٍ
أَي أَذْهَبَتْه. والحَصُّ: إِذهابُ الشَّعْرِ عَنِ الرأْس بحَلْقٍ أَو مَرَضٍ. وسنَة حَصَّاء إِذا كَانَتْ جَدْبة قليلةَ النَّبَاتَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا نَبَاتَ فِيهَا؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
جاءَتْ بِهِ مِنْ بِلادِ الطُّورِ تَحْدُره ... حَصّاء، لَمْ تَتَّرِكْ دُونَ العَصا شَذَبا
وَهُوَ شَبِيهٌ بِذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: سَنَةٌ حَصّاء أَي جَرْداءُ لَا خيرَ فِيهَا؛ قَالَ جَرِيرٌ:
__________
(1) . قوله [لم تحل] أي لم يحل معناها ابن سيدة.
(2) . قوله: أو بذي إلخ: هكذا في الأَصل وهو مختل الوزن، وفيه تحريف.(7/13)
يَأْوِي إِليكمْ بِلَا مَنٍّ وَلَا جَحَدٍ ... مَنْ ساقَه السنةُ الحَصّاءُ والذِّيبُ
كأَنه أَراد أَن يَقُولَ: والضَّبُعُ وَهِيَ السَّنَةُ المُجْدِبة فَوَضَعَ الذِّئْبَ موضعَه لأَجل الْقَافِيَةِ. وتَحَصّصَ الحِمارُ والبعيرُ سَقَط شعرهُ، والحَصِيصُ اسْمُ ذَلِكَ الشَّعْرِ، والحَصِيصةُ مَا جُمِع مِمَّا حُلق أَو نُتِف وَهِيَ أَيضاً شعَرُ الأُذُن ووَبَرُها، كَانَ مَحْلوقاً أَو غيرَ مَحْلوق، وَقِيلَ: هُوَ الشعرُ والوبَرُ عَامَّةً، والأَوّلُ أَعْرَفُ؛ وقولُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فصَبَّحه عِنْد الشُّروقِ، غُدَيَّة، ... كلابُ ابنِ مُرٍّ أَو كلابُ ابنِ سِنْبِسِ
مغرَّثةً حُصّاً كأَنَّ عُيونَها، ... مِنَ الزجْرِ والإِيحَاء، نُوَّارُ عِضْرِسِ
حُصّاً أَي قَدِ انْحَصَّ شعرُها. وابنُ مُرٍّ وابنُ سِنْبِس: صائدانِ مَعْروفانِ. وناقةٌ حَصّاء إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا وبَرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عُلُّوا عَلَى سائفٍ صَعْبٍ مراكِبُها ... حَصَّاءَ، لَيْسَ لَهَا هُلْبٌ وَلَا وبَرُ
عُلُّوا وعُولوا: وَاحِدٌ مِنْ عَلّاه وَعَالَاهُ. وتَحَصْحَصَ الوَبَرُ والزِّئْبِرُ: انْجَرَدَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
لَمَّا رأَى العبدُ مُمَرّاً مُتْرَصا؛ ... ومَسَداً أُجْرِدَ قَدْ تَحَصْحَصا،
يَكادُ لَوْلَا سَيْرُه أَن يُملَصا، ... جَدَّ بِهِ الكَصِيصُ ثُمَّ كَصْكَصا،
وَلَوْ رَأَى فاكَرِشٍ لبَهلَصا
والحَصِيصةُ مِنَ الْفَرَسِ: مَا فَوْقَ الأَشْعَرِ مِمَّا أَطاف بالحافِرِ لِقلّة ذَاكَ الشَّعْرِ. وفرسٌ أَحَصُّ وحَصِيصٌ: قَلِيلُ شَعْرِ الثُّنَّةِ والذنَبِ، وَهُوَ عَيْبٌ، وَالِاسْمُ الحَصَصُ. والأَحَصُّ: الزمِنُ الَّذِي لَا يَطول شَعْرُهُ، وَالِاسْمُ الحَصَصُ أَيضاً. والحَصَصُ فِي اللِّحْيَةِ: أَن يَتَكَسَّرَ شعرُها ويَقْصُر، وَقَدِ انْحَصّت. وَرَجُلٌ أَحَصُّ اللِّحْية، ولِحْيةٌ حَصّاءُ: مُنْحَصّة. وَرَجُلٌ أَحَصّ بَيّنُ الحَصَصِ أَي قليلُ شعرِ الرأْس. والأَحص مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا شَعْرَ فِي صَدره. وَرَجُلٌ أَحَصُّ: قاطعٌ للرَّحم؛ وَقَدْ حَصَّ رَحِمَه يَحُصّها حَصّاً. ورحِمٌ حَصّاءُ: مَقْطُوعَةٌ؛ قَالَ: وَمِنْهُ يُقَالُ بَيْنَ بَني فُلَانٍ رَحِمٌ حَاصَّةٌ أَي قَدْ قَطَعُوهَا وحَصوها لَا يَتواصَلُون عَلَيْهَا. والأَحَصّ أَيضاً: النَّكِدُ المَشْؤُوم. وَيَوْمٌ أَحَصُّ: شَدِيدُ الْبَرْدِ لَا سَحَابَ فِيهِ؛ وَقِيلَ لِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ: أَيُّ الأَيّام أَبْرَدُ؟ فَقَالَ: الأَحَصُّ الأَزَبّ، يَعْنِي بالأَحَصِّ الَّذِي تَصْفُو شَمالُه ويَحْمَرُّ فِيهِ الأُفُق وتَطْلُع شَمسُه وَلَا يُوجِدُ لَهَا مَسٌّ مِنَ البَرْدِ، وَهُوَ الَّذِي لَا سَحَابَ فِيهِ وَلَا يَنْكسِر خَصَرُه، والأَزَبُّ يومٌ تَهُبُّه النَّكْباءُ وتَسُوق الجَهَامَ والصُّرّاد وَلَا تَطْلُعُ لَهُ شَمْسٌ وَلَا يَكُونُ فِيهِ مَطَرٌ؛ قَوْلُهُ تَهُبُّه أَي تَهُبّ فِيهِ. وَرِيحٌ حَصّاءُ: صافيةٌ لَا غُبار فِيهَا؛ قَالَ أَبو الدُّقَيش:
كأَن أَطْرافَ ولِيّاتِها ... فِي شَمْأَلٍ حَصّاءَ زَعْزاعِ
والأَحَصّانِ: العَبْدُ والعَيْرُ لأَنهما يُماشِيانِ أَثْمانَهما حَتَّى يَهْرَما فتَنْقُص أَثْمانُهما ويَمُوتا. والحِصّةُ: النَّصِيبُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ والأَرضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ الحِصَصُ. وتَحاصّ القومُ تَحاصّاً: اقتسَموا حِصَصَهم. وَحَاصَّهُ مُحاصّةً وحِصاصاً: قاسَمَه فأَخَذ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا حِصّتَه. وَيُقَالُ: حاصَصْتُه(7/14)
الشيءَ أَي قاسَمْته فحَصّني مِنْهُ كَذَا وَكَذَا يَحُصُّني إِذا صَارَ ذَلِكَ حِصّتي. وأَحَصّ القومَ: أَعطاهم حِصَصَهم. وأَحَصّه المَكانَ: أَنْزلَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْخُطَبَاءِ: وتُحِصُّ مِنْ نَظَرِه بَسْطة حَالِ الكَفالة والكفايةِ أَي تُنْزِل؛ وَفِي شِعْرِ أَبي طَالِبٍ:
بِميزانِ قِسْط لَا يَحُصُّ شَعِيرةً
أَي لَا يَنْقُص شَعِيرَةً. والحُصُّ: الوَرْسُ؛ وَجَمْعُهُ أَحْصاصٌ وحُصوصٌ، وَهُوَ يُصْبَغ بِهِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
مُشَعْشَعة كأَنَّ الحُصَّ فِيهَا، ... إِذا مَا الماءُ خالَطَها سَخِينا
قَالَ الأَزهري: الحُصُّ بِمَعْنَى الوَرْسِ مَعْرُوفٌ صَحِيحٌ، وَيُقَالُ هُوَ الزَّعْفران، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمُ الحُصُّ اللُّؤْلُؤ، قَالَ: وَلَسْتُ أَحُقُّه وَلَا أَعْرِفه؛ وَقَالَ الأَعشى:
ووَلَّى عُمَيْر وَهُوَ كأْبٌ كأَنه ... يُطَلَّى بحُصٍّ، أَو يُغَشّى بِعظْلِمِ
وَلَمْ يَذْكُرْ سِيبَوَيْهِ تَكْسِيرَ فُعْلٍ مِنَ المُضاعَف عَلَى فُعُولٍ، إِنما كَسّره عَلَى فِعالٍ كخِفافٍ وعِشَاشٍ. وَرَجُلٌ حُصْحُصٌ وحُصْحوصٌ: يَتَتَبّع دَقائِقَ الأُمور فيَعْلمها ويُحْصِيها. وَكَانَ حَصِيصُ القومِ وبَصِيصُهم كَذَا أَي عَدَدُهم. والأَحَصُّ: ماءٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
نَزَلُوا شُبَيْثاً والأَحَصَّ وأَصْبَحُوا، ... نَزَلَتْ مَنازِلَهم بَنُو ذُبْيانِ
قَالَ الأَزهري: والأَحَصُّ مَاءٌ كَانَ نَزَلَ بِهِ كُلَيب بْنُ وَائِلٍ فاسْتَأْثَر بِهِ دُونَ بَكْر بْنِ وَائِلٍ، فَقِيل لَهُ: اسقِنا؛ فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ فَضْلٍ عَنْهُ، فَلَمَّا طَعَنه جَسّاس اسْتَسْقاهم الْمَاءَ، فَقَالَ لَهُ جَسّاس: تَجاوَزْت الأَحَصَّ أَي ذهَبَ سُلْطانُك عَلَى الأَحَصِّ؛ وَفِيهِ يَقُولُ الْجَعْدِيُّ:
وَقَالَ لِجَسّاس: أَغِثْني بِشَرْبةٍ ... تَدارَكْ بِهَا طَوْلًا عَليَّ وأَنْعِمِ
فَقَالَ: تَجاوَزْتَ الأَحصَّ وماءَه، ... وبَطْنَ شُبَيثٍ، وَهُوَ ذُو مُتَرَسَّمِ
الأَصمعي: هَزِئ بِهِ فِي هَذَا. وبَنُو حَصِيصٍ: بطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ. والحَصّاءُ: فرسُ حَزْنِ بْنِ مِرْداسٍ. والحَصْحَصةُ: الذهابُ فِي الأَرض، وَقَدْ حَصْحَصَ؛ قَالَ:
لَمَّا رَآنِي بالبِرَاز حَصْحَصا
والحَصْحَصةُ: الحركةُ فِي شَيْءٍ حَتَّى يَسْتَقِرّ فِيهِ ويَسْتَمْكن مِنْهُ وَيَثْبُتُ، وَقِيلَ، تَحْرِيك الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ حَتَّى يَسْتَمْكِنَ وَيَسْتَقِرَّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ البعيرُ إِذا أَثْبَتَ رُكْبتيه للنُّهوض بالثِّقْل؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
وحَصْحَصَ فِي صُمِّ الحَصى ثَفِنَاتِه، ... ورامَ القيامَ سَاعَةً ثُمَّ صَمَّما «1»
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لأَنْ أُحَصْحِصَ فِي يَدَيّ جَمْرتَيْنِ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن أُحَصْحِصَ كَعْبَيْنِ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الحَصْحَصَةُ التَّحْرِيكُ والتقليبُ لِلشَّيْءِ والترديدُ. وَفِي حَدِيثِ
سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: أَنه أُتي
__________
(1) . قوله [وحصحص إلخ] هكذا في الأصل؛ وأنشده الصحاح هكذا: وحصحص في صم الصفا ثفناته وناء بسلمى نوأة ثم صمما.(7/15)
برجلِ عِنِّينٍ فَكَتَبَ فِيهِ إليه مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ إِليه أَن اشْتَرِ لَهُ جَارِيَةً مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وأَدْخِلْها عَلَيْهِ لَيْلَةً ثُمَّ سَلْها عَنْهُ، ففَعَل سمرةُ فَلَمَّا أَصبح قَالَ لَهُ: مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: فعلتُ حَتَّى حَصْحَصَ فِيهَا، قَالَ: فسأَل الْجَارِيَةَ فَقَالَتْ: لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، فَقَالَ الرَّجُلُ: خَلِّ سبِيلَها يَا مُحَصْحِصُ
؛ قَوْلُهُ: حَصْحَصَ فِيهَا أَي حَرّكتُه حَتَّى تَمَكَّنَ وَاسْتَقَرَّ، قَالَ الأَزهري: أَراد الرَّجُلُ أَنّ ذَكَرَه انْشَامَ فِيهَا وبالَغَ حَتَّى قَرَّ فِي مَهْبِلِها. وَيُقَالُ: حَصْحَصْتُ الترابَ وَغَيْرَهُ إِذا حَرَّكْته وفحَصْتَه يَمِينًا وَشَمَالًا. وَيُقَالُ: تَحَصْحَصَ وَتَحَزْحَزَ أَي لَزِقَ بالأَرض واسْتَوى. وحَصْحَصَ فُلَانٌ ودَهْمَجَ إِذا مَشَى مَشْيَ المُقَيَّدِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: مَا تَحَصْحَصَ فلانٌ إِلَّا حَوْلَ هَذَا الدرهمِ لِيأْخُذَهُ. قَالَ: والحَصْحَصَةُ لُزوقُه بكَ وإِتْيانُه وإِلْحاحُه عَلَيْكَ. والحَصْحَصَةُ: بَيانُ الحَقِّ بَعْدَ كِتْمانِهِ، وَقَدْ حَصْحَصَ. وَلَا يُقَالُ: حُصْحِصَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ
؛ لَمَّا دَعَا النِّسْوةَ فَبَرَّأْنَ يوسُفَ، قَالَتْ: لَمْ يَبْقَ إِلا أَن يُقْبِلْنَ عَلَيَّ بِالتَّقْرِيرِ فأَقَرّت وَذَلِكَ قولُها: الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُ
. تَقُولُ: صافَ الكذبُ وتبيَّن الحقُّ، وَهَذَا مِنْ قَوْلِ امرأَة الْعَزِيزِ؛ وَقِيلَ: حَصْحَصَ الحقُّ أَي ظَهَرَ وبرَزَ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الحَصْحَصَةُ المبالغةُ. يُقَالُ: حَصْحصَ الرجلُ إِذا بالَغ فِي أَمره، وَقِيلَ: اشتقاقُه مِنَ اللُّغَةِ مِنَ الحِصَّة أَي بَانَتْ حِصّة الحقِّ مِنْ حِصَّةِ الْبَاطِلِ. والحِصْحِصُ، بِالْكَسْرِ: الحجارةُ، وَقِيلَ: الترابُ وَهُوَ أَيضاً الحَجر. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: الحِصْحِصَ لِفُلانٍ أَي الترابَ لَهُ؛ قَالَ: نُصبَ كأَنه دُعاءٌ، يَذْهَبُ إِلى أَنهم شبَّهوه بِالْمَصْدَرِ وإِن كَانَ اسْمًا كَمَا قَالُوا الترابَ لَكَ فنصَبُوا. والحِصْحِصُ والكِثْكِثُ، كِلَاهُمَا: الْحِجَارَةُ. بِفِيهِ الحِصْحِصُ أَي الترابُ. والحَصْحَصةُ: الإِسراعُ فِي السَّيْرِ. وقَرَبٌ حَصْحاصٌ: بَعِيدٌ. وقَرَبٌ حَصْحاصٌ مِثْلُ حَثْحاث: وَهُوَ الَّذِي لَا وتِيرةَ فِيهِ، وَقِيلَ: سيرٌ حَصْحاص أَي سَرِيعٌ لَيْسَ فِيهِ فُتور. والحَصْحَاصُ: موضعٌ. وَذُو الحَصْحاص: موضعٌ؛ وأَنشد أَبو الغَمْر الْكِلَابِيُّ لِرَجُلٍ مِنْ أَهل الْحِجَازِ يَعْنِي نِسَاءً:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَغَيّر بَعْدَنا ... ظِباءٌ بِذي الحَصْحاصِ، نُجْلٌ عُيونُها؟
حفص: حَفَصَ الشيءَ يَحْفِصُه حَفْصاً: جَمَعَه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وحَفَضْتُ الشَّيْءَ، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، إِذا أَلْقَيْتَه مِنْ يَدِك. والحُفَاصةُ: اسمُ مَا حُفِصَ. وحَفَص الشيءَ: أَلْقاه، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالضَّادُ أَعْلى، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والحَفْصُ: زَبيلٌ مِنْ جُلودٍ، وَقِيلَ: هُوَ زَبِيلٌ صغيرٌ مِنْ أَدَمٍ، وجمعُه أَحْفاصٌ وحُفوصٌ، وَهِيَ المِحْفَصةُ أَيضاً. والحَفْصُ: البيتُ الصغيرُ. والحَفْصُ: الشِّبْلُ. قَالَ الأَزهري: ولَدُ الأَسد يُسمَّى حَفْصاً، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ السبعُ أَيضاً، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الأَسدُ يُكَنَّى أَبا حَفْصٍ ويُسمَّى شِبْلُه حَفْصاً، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الأَسد سَيّدُ السِّبَاعِ وَلَمْ تُعرف لَهُ كنْيةٌ غَيْرُ أَبي الحرث، واللَّبْوةُ أُم الحرث. وحَفْصةُ وأُم حَفْصةَ، جَمِيعًا: الرَّخَمةُ. والحَفْصةُ: مِنْ أَسماء الضبُعِ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهَا. وأُمُّ حَفْصةَ: الدَّجاجةُ. وحَفْصةُ: اسْمُ امرأَة. وحَفْصٌ: اسم رجل.
حقص: الأَزهري خَاصَّةً: قَالَ أَبو الْعَمَيْثَلِ: يُقَالُ حَقَص ومَحَصَ إِذا مرَّ مَرّاً سَرِيعًا، وأَقْحَصْته وقَحّصْته(7/16)
إِذا أَبْعَدْته عَنِ الشَّيْءِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ فَحَصَ برِجْلهِ وقَحَصَ إِذا رَكَضَ بِرِجْلِهِ. قَالَ ابْنُ الْفَرَجِ: سَمِعْتُ مُدْرِكاً الجعفريَّ يَقُولُ: سبَقَني فلانٌ قَبْصاً وحَقْصاً وشَدّاً بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
حكص: الأَزهري خَاصَّةً: الحَكِيصُ المَرْمِيُّ بالرِّيبة؛ وأَنشد:
فَلَنْ تَراني أَبداً حَكيصا، ... مَعَ المُرِيبِين، وَلَنْ أَلُوصا
قَالَ الأَزهري: لَا أَعرفُ الحَكِيصَ وَلَمْ أَسمعه لِغَيْرِ اللَّيْثِ.
حمص: حَمَصَ القَذاةَ: رَفَقَ بإِخراجها مسْحاً مَسْحاً. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا وقَعَت قذاةٌ فِي الْعَيْنِ فرَفَقْتَ بإِخراجها مَسْحاً رُوَيْداً قُلْتَ: حَمَصْتُها بِيَدِي. وحَمَصَ الغُلامُ حَمْصاً: تَرَجَّح مِنْ غَيْرِ أَن يُرَجَّحَ. والحَمْصُ: أَنْ يُضَمَّ الفرسُ فيُجْعَلَ إِلى الْمَكَانِ الكَنِين وتُلْقَى عَلَيْهِ الأَجِلّةُ حَتَّى يَعْرَقَ لِيَجْرِيَ. وحَمَصَ الجُرْحُ: سكَنَ وَرَمُه. وحَمَصَ الجُرْحُ يَحْمُصُ حُموصاً، وَهُوَ حَمِيصٌ، وانْحَمَصَ انْحِماصاً، كِلَاهُمَا: سَكَنَ وَرَمُهُ. وحَمَّصَه الدواءُ، وَقِيلَ: حَمَزه الدَّوَاءُ وحَمَصَه. وَفِي حَدِيثِ
ذِي الثُّديّةِ الْمَقْتُولِ بالنَّهْرَوان: أَنه كَانَتْ لَهُ ثُدَيّةٌ مِثْلَ ثَدْي المرأَة إِذا مُدَّت امْتَدَّت وإِذا تُرِكَت تحَمّصَت
؛ قَالَ الأَزهري: تحَمّصَت أَي تقَبّضَتْ واجْتَمعت؛ وَمِنْهُ قِيلَ للورَمِ إِذا انْفَشّ: قَدْ حَمَصَ، وَقَدْ حَمّصَه الدواءُ. والحِمَّصُ والحِمِّصُ: حَبُّ الْقِدْرِ «1» ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَهُوَ مِنَ القَطَانِيّ، واحدتُه حِمَّصةٌ وحِمِّصة، وَلَمْ يَعْرِفِ ابنُ الأَعرابي كَسْرَ الْمِيمِ فِي الحِمِّص وَلَا حَكَى سِيبَوَيْهِ فِيهِ إِلا الْكَسْرَ فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحِمَّصُ عَرَبِيٌّ وَمَا أَقلَّ مَا فِي الْكَلَامِ عَلَى بِنَائِهِ مِنَ الأَسماء. الْفَرَّاءُ: لَمْ يأْت عَلَى فِعَّل، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، إِلا قِنَّفٌ وقِلَّفٌ، وَهُوَ الطِّينُ الْمُتَشَقِّقُ إِذا نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ، وحِمَّصٌ وقِنَّبٌ، ورجلٌ خِنّبٌ وخِنّاب: طويلٌ؛ وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: جَاءَ عَلَى فِعِّل جِلِّقٌ وحِمِّصٌ وحِلِّز، وَهُوَ الْقَصِيرُ، قَالَ: وأَهل الْبَصْرَةِ اخْتَارُوا حِمِّصاً، وأَهل الْكُوفَةِ اخْتَارُوا حِمَّصاً، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الِاخْتِيَارُ فَتْحُ الْمِيمِ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ بِكَسْرِهَا. والحَمَصِيصُ: بَقْلةٌ دُونَ الحُمَّاضِ فِي الحُموضة طيّبةُ الطَّعْمِ تنبُت فِي رَمْل عَالِجٍ وَهِيَ مِنْ أَحْرار البُقول، وَاحِدَتُهُ حَمَصيصةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: بقْلةُ الحَمَصِيص حامضةٌ تُجْعَلُ فِي الأَقِطِ تأْكلُه الناسُ والإِبل وَالْغَنَمُ؛ وأَنشد:
فِي رَبْرَبٍ خِماصِ، ... يأْكُلْنَ مِنْ قُرَّاصِ،
وحَمَصِيصٍ واصِ
قَالَ الأَزهري: رأَيت الحَمَصِيصَ فِي جِبَالِ الدَّهْناء وَمَا يَلِيها وَهِيَ بَقْلة جَعْدة الورَق حامضةٌ، وَلَهَا ثَمَرَةٌ كَثَمَرَةِ الحُمَّاضِ وطعمُها كطعْمِه وَسَمِعْتُهُمْ يُشَدِّدون الْمِيمَ مِنَ الحَمصِيص، وكنَّا نأْكله إِذا أَجَمْنا التَّمْرَ وحلاوتَه نَتَحَمّضُ بِهِ ونَسْتَطيبُه. قَالَ الأَزهري: وقرأْت فِي كُتُبِ الأَطِبّاءِ حبٌّ مُحَمَّصٌ يُرِيدُ بِهِ المَقْلُوَّ؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه مأْخوذ مِنَ الحَمْصِ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الترجُّح. وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَمْصُ أَن يترجَّحَ الغلامُ عَلَى الأُرْجُوحةِ مِنْ غَيْرِ أَن يُرَجِّحَه أَحدٌ. يُقَالُ: حَمَصَ حَمْصاً، قَالَ: وَلَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ لِغَيْرِ اللَّيْثِ.
__________
(1) . قوله: حب القدر؛ هكذا في الأَصل.(7/17)
والأَحْمَصُ: اللِّصُّ الَّذِي يَسْرِقُ الحَمائِصَ، واحِدَتُها حَمِيصةٌ، وَهِيَ الشَّاةُ المسروقةُ وَهِيَ المَحْمُوصةُ والحَريسةُ. الْفَرَّاءُ: حَمَّص الرجلُ إِذا اصطادَ الظباءَ نِصْفَ النَّهَارِ. والمِحْماصُ مِنَ النِّسَاءِ: اللِّصَّةُ الْحَاذِقَةُ. وحَمَصَت الأُرْجُوحةُ: سكنَتْ فَوْرَتُها. وحِمْصُ: كُورةٌ مِنْ كُوَرِ الشَّامِ أَهلُها يمانُون، قَالَ سِيبَوَيْهِ: هِيَ أَعجمية، وَلِذَلِكَ لَمْ تَنْصَرِف، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حِمْص يُذَكَّرُ ويؤَنث.
حنص: هَذِهِ تَرْجَمَةٌ انْفَرَدَ بِهَا الأَزهري وَقَالَ: قَالَ اللَّيْثُ الحِنْصَأْوةُ مِنَ الرِّجَالِ الضعيفُ. يُقَالُ: رأَيت رجُلًا حِنْصَأْوةً أَي ضَعِيفًا، وَقَالَ شَمِرٌ نَحْوَهُ وأَنشد:
حَتَّى تَرَى الحِنْصَأْوةَ الفَرُوقَا ... مُتَّكِئاً يَقْتَمِحُ السَّوِيقا
حنبص: الْفَرَّاءُ: الحَنْبَصةُ الرَّوَغانُ فِي الحَرْبِ. ابْنُ الأَعرابي: أَبو الحِنْبِص كُنْيَةُ الثَّعْلَبِ وَاسْمُهُ السَّمْسَمُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ لِلثَّعْلَبِ أَبو الحِنْبِص وأَبو الهِجْرس وأَبو الحُصَين.
حنفص: الحِنْفِصُ: الصغيرُ الْجِسْمِ.
حوص: حاصَ الثوبَ يَحُوصُه حَوْصاً وحِياصةً: خاطَه. وَفِي حَدِيثِ
عَليّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: أَنه اشْتَرَى قَمِيصاً فقَطع مَا فَضَل مِنَ الكُمَّينِ عَنْ يَدِه ثُمَّ قَالَ للخيَّاط: حُصْه
أَي خِطْ كِفافه، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعَيْنِ الضَّيِّقة: حَوْصاء، كأَنما خِيطَ بِجَانِبٍ مِنْهَا؛ وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
كُلَّمَا حِيصَتْ مِنْ جَانِبٍ تهتَّكَتْ مِنْ آخَر.
وَحَاصَ عينَ صَقْره يَحُوصُها حَوْصاً وحِياصةً: خاطَها، وحاصَ شُقُوقاً فِي رِجْله كَذَلِكَ، وَقِيلَ: الحَوْصُ الخياطةُ بِغَيْرِ رُقْعة، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا فِي جِلْدٍ أَو خُفِّ بَعِيرٍ. والحَوَصُ: ضِيقٌ فِي مُؤْخر الْعَيْنِ حَتَّى كأَنها خِيطَتْ، وَقِيلَ: هُوَ ضِيق مَشَقِّها، وَقِيلَ: هُوَ ضِيقٌ فِي إِحدى الْعَيْنَيْنِ دُونَ الأُخرى. وَقَدْ حَوِصَ يَحْوَص حَوَصاً وَهُوَ أَحْوَصُ وَهِيَ حَوْصاءُ، وَقِيلَ: الحَوْصاءُ مِنَ الأَعْيُنِ الَّتِي ضاقَ مَشَقُّها، غَائِرَةً كَانَتْ أَو جاحِظةً، قَالَ الأَزهري: الحَوَصُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ ضِيقٌ فِي الْعَيْنَيْنِ مَعًا. رَجُلٌ أَحْوَصُ إِذا كَانَ فِي عَيْنَيْهِ ضِيقٌ. ابْنُ الأَعرابي: الحَوَصُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ، الصغارُ العُيون وَهُمُ الحُوصُ. قَالَ الأَزهري: مَنْ قَالَ حَوَصاً أَراد أَنهم ذَوُو حَوَصٍ، والخَوَصُ، بِالْخَاءِ: ضِيقٌ فِي مُقَدَّمِها. وَقَالَ الْوَزِيرُ: الأَحْيَصُ الَّذِي إِحْدى عَيْنَيْهِ أَصغرُ مِنَ الأُخْرى. الْجَوْهَرِيُّ: الحَوْصُ الخِياطةُ والتضييقُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الحَوْصُ الخِياطةُ الْمُتَبَاعِدَةُ. وَقَوْلُهُمْ: لأَطْعَنَنَّ فِي حَوْصِهِم أَي لأَخْرِقَنَّ مَا خاطُوا وأُفسِدَنَّ مَا أَصْلَحوا؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: لأَطْعَنَنَّ فِي حَوْصِك أَي لأَكِيدَنَّكَ ولأَجْهَدَنَّ فِي هَلاكِك. وَقَالَ النَّضْرُ: مِنْ أَمثال الْعَرَبِ: طَعَنَ فلانٌ فِي حَوْصٍ لَيْسَ مِنْهُ فِي شيءٍ إِذا مارَسَ مَا لَا يُحْسِنُه وتَكلّف مَا لَا يَعْنِيه. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَا طَعَنْتَ فِي حَوْصِهِ أَي مَا أَصَبْتَ فِي قَصْدك. وحاصَ فلانٌ سِقاءَه إِذا وَهَى وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ سِرَاد يَخْرِزُه بِهِ فأَدخل فِيهِ عُودين وشَدَّ الوَهْي بِهِمَا. والحائِصُ: الناقةُ الَّتِي لَا يَجوزُ فِيهَا قضيبُ الفَحْل كأَن بِهَا رَتَقاً؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الحائِصُ مثلُ الرَّتْقاءِ فِي النِّسَاءِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: نَاقَةٌ مُحْتاصةٌ وَهِيَ الَّتِي احْتاصَتْ رحمِهَا دُونَ الْفَحْلِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا الفحلُ،(7/18)
وَهُوَ أَن تَعْقِدَ حِلَقاً عَلَى رَحمِها فَلَا يَقْدِر الفحلُ أَن يُجِيز عَلَيْهَا. يُقَالُ: قَدِ احْتاصَت الناقةُ واحْتاصَتْ رحمَها سَوَاءٌ، وناقةٌ حائِصٌ ومُحْتاصةٌ، وَلَا يُقَالُ حاصَت الناقةُ. ابْنُ الأَعرابي: الحَوْصاءُ الضَيِّقةُ الحَيَاءِ، قَالَ. والمِحْياصُ الضَّيِّقةُ المَلاقي. وبئرٌ حَوْصاءُ: ضَيِّقةٌ. وَيُقَالُ: هُوَ يُحاوِصُ فُلَانًا أَي يَنْظُرُ إِليه بمُؤْخرِ عَيْنِهِ ويُخْفِي ذَلِكَ. والأَحْوَصان: مِنْ بَنِي جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ وَيُقَالُ لِآلِهِمُ الحُوصُ والأَحاوِصةُ والأَحاوِص. الْجَوْهَرِيُّ: الأَحْوصانِ الأَحْوصُ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ وَاسْمُهُ رَبِيعَةُ وَكَانَ صغيرَ العَيْنَيْن، وعمرُو بنُ الأَحْوَصِ وَقَدْ رَأَسَ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
أَتاني، وَعِيدُ الحُوصِ مِنْ آلِ جَعْفَرٍ، ... فَيَا عَبْدَ عَمْروٍ، لَوْ نَهَيْتَ الأَحاوِصا
يَعْنِي عبدَ بن عمرو بن شُرَيحِ بْنِ الأَحْوص، وعَنَى بالأَحاوِصِ مَن وَلَدَه الأَحْوصُ، مِنْهُمْ عوفُ بْنُ الأَحْوَصِ وعَمرو بْنُ الأَحْوَصِ وشُرَيحُ بْنُ الأَحْوَصِ وَرَبِيعَةُ بْنُ الأَحْوَصِ، وَكَانَ علقمةُ بْنُ عُلاثةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ الأَحْوَصِ نافَرَ عامِرَ بنَ الطُّفَيْلِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ، فَهَجَا الأَعشى عَلْقَمَةَ وَمَدَحَ عَامِرًا فأَوعَدُوه بالقَتْل؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مَعْنَى بَيْتِ الأَعشى: إِنه جَمَعَ عَلَى فُعْل ثُمَّ جَمَعَ عَلَى أَفاعِلَ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: الْقَوْلُ فِيهِ عِنْدِي أَنه جَعَل الأَولَ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ العباس والحرث؛ وَعَلَى هَذَا مَا أَنشده الأَصمعي:
أَحْوَى مِنَ العُوجِ وقَاح الحافِرِ
قَالَ: وَهَذَا مِمَّا يَدُلّك مِنْ مَذَاهِبِهِمْ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْخَلِيلِ في العباس والحرث إِنهم قَالُوهُ بِحَرْفِ التَّعْرِيفِ لأَنهم جَعَلُوهُ لِلشَّيْءِ بِعَيْنِه، أَلا تَرَى أَنه لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يُكَسِّرُوه تَكْسِيرَه؟ قَالَ: فأَما الآخِرُ فإِنه يَحْتَمِلُ عِنْدِي ضَرْبين، يَكُونُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ عَبَّاسٌ وَحَرْثٌ، وَيَكُونُ عَلَى النَّسَبِ مِثْلَ الأَحامِرة والمهَالِبة، كأَنه جَعَل كلَّ واحدٍ حُوصيّاً. والأَحْوَصُ: اسمُ شَاعِرٍ. والحَوْصاءُ: فرسُ تَوْبةَ ابن الحُمَيّر. وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ حَوْصاءَ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمَدِّ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ وادِي القُرى وتَبُوك نَزَلَه سيّدُنا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَيْثُ سارَ إِلى تَبُوك، وَقَالَ ابْنُ إِسحق: هو بالضاد المعجمة.
حيص: الحَيْصُ: الحَيْدُ عَنِ الشيء. حاصَ عَنْهُ يَحِيصُ حَيْصاً: رَجَعَ. وَيُقَالُ: مَا عَنْهُ مَحيصٌ أَي مَحيدٌ ومَهْرَبٌ، وَكَذَلِكَ المَحاصُ، والانحياصُ مثلُه. يُقَالُ لِلأَوْلِياء: حاصُوا عَنِ العَدُوِّ، وللأَعْداء: انْهَزَمُوا. وحاصَ الفرسُ يَحِيصُ حَيْصاً وحُيُوصاً وحَيَصاناً وحَيْصُوصةً ومَحاصاً ومَحِيصاً وحايَصه وتَحايَصَ عَنْهُ، كلُّه: عدَلَ وحادَ. وحاصَ عَنِ الشرِّ: حادَ عَنْهُ فسَلِمَ مِنْهُ، وَهُوَ يُحايصُني. وَفِي حَدِيثِ
مُطَرِّف: أَنه خرجَ مِنَ الطاعُون فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: هُوَ المَوْتُ نُحايِصُه وَلَا بدَّ مِنْهُ
، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعناه نَرُوغ عَنْهُ؛ وَمِنْهُ المُحايَصةُ، مُفاعلةٌ، مِنَ الحَيْصِ العُدُولِ والهرَبِ مِنَ الشَّيْءِ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَوْتِ مُفاعلةٌ، وإِنما الْمَعْنَى أَن الرَّجُلَ فِي فَرْطِ حِرْصِه عَلَى الفِرارِ مِنَ الْمَوْتِ كأَنه يبارِيه ويُغالِبُه فأَخْرَجَه عَلَى المُفاعلة لِكَوْنِهَا مَوْضُوعَةً لإِفادة المُبَاراةِ والمُغالَبةِ بالفِعْل، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ
، فيؤول مَعْنَى نُحايصُه إِلى قَوْلِكَ نَحْرِص عَلَى الفِرارِ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ*
. وَفِي حديثٍ يَرْوِيهِ
ابنُ عُمَرَ(7/19)
أَنه ذَكَرَ قِتالًا وأَمْراً: فَحاصَ المُسْلِمونَ حَيْصةً
، وَيُرْوَى:
فجاضَ جَيْضةً
، مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، أَي جَالُوا جولَة يَطْلبون الفِرارَ والمَحِيصَ والمَهْرَبَ والمَحِيدَ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: لَمَّا كَانَ يومُ أُحُدٍ حاصَ المُسْلِمون حَيْصةً، قَالُوا: قُتِلَ مُحَمَّدٌ.
والحِياصةُ: سَيْرٌ فِي الحِزام. التَّهْذِيبِ: والحِياصةُ سَيْرٌ طويلٌ يُشَدُّ بِهِ حِزام الدابةِ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ السِّكِّيتِ فِي الْقَلْبِ والإِبدال فِي بَابِ الصَّادِ وَالضَّادِ: حاصَ وحاضَ وجاضَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ ناصَ وناضَ. ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ حَوَصَ قَالَ الْوَزِيرُ: الأَحْيَصُ الَّذِي إِحْدى عَيْنَيْهِ أَصْغَرُ مِنَ الأُخرى. وَوَقَعَ الْقَوْمُ فِي حَيْصَ بَيْصَ وحِيصَ بِيصَ وحَيْصِ بَيْصِ وحاصِ باصِ أَي فِي ضِيق وَشِدَّةٍ، والأَصل فِيهِ بطنُ الضَّبِّ يُبْعَج فيُخْرج مَكْنُه وَمَا كانَ فِيهِ ثُمَّ يُحاصُ، وَقِيلَ: أَي فِي اخْتِلَاطٍ مِنْ أَمر لَا مَخْرَجَ لَهُمْ مِنْهُ؛ وأَنشد الأَصمعي لأُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
قَدْ كنتُ خَرَّاجاً ولُوجاً صَيْرَفاً، ... لَمْ تَلْتَحصْني حَيْصَ بَيْصَ لحَاصِ
وَنُصِبَ حَيْصَ بَيْصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وإِذا أَفْرَدُوه أَجْرَوْه وَرُبَّمَا تَرَكُوا إِجْراءَه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وحَيْصَ بَيْصَ اسْمَانِ جُعِلا وَاحِدًا وبُنِيا عَلَى الْفَتْحِ مِثْلَ جَارِي بَيْتَ بَيْتَ، وَقِيلَ: إِنهما اسْمَانِ مِنْ حَيَصَ وَبَوَصَ جُعِلا وَاحِدًا وأَخرج البَوْصَ عَلَى لفظِ الحَيْصِ ليَزْدَوِجا. والحَيْصُ: الرَّواغُ وَالتَّخَلُّفُ والبَوْصُ السَّبْق والفِرار، وَمَعْنَاهُ كُلُّ أَمر يَتَخَلَّفُ عَنْهُ وَيَفِرُّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: إِن هَذِهِ الفِتْنة حَيْصةٌ مِنْ حَيَصات الفِتَن
أَي رَوْغة مِنْهَا عدَلت إِلينا. وحَيْصَ بَيْصَ: جُحْرُ الفَأْر. وإِنك لَتَحْسَبُ عليَّ الأَرض حَيْصاً بَيْصاً أَي ضَيِّقَةً. والحائصُ مِنَ النِّسَاءِ: الضيّقةُ، وَمِنَ الإِبل: الَّتِي لَا يجوزُ فِيهَا قضيبُ الْفَحْلِ كأَن بِهَا رَتَقاً. وَحَكَى أَبو عمروٍ: إِنك لَتَحْسَبُ عَلَيَّ الأَرض حَيْصاً بَيْصاً، وَيُقَالُ: حِيْصٍ بِيْصٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
صَارَتْ عَلَيْهِ الأَرضُ حِيْصٍ بِيْصِ، ... حَتَّى يَلُفَّ عِيصَه بعِيصِي
وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وسُئِل عَنِ الْمُكَاتَبِ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَهلُه أَن لَا يَخْرُجَ مِنْ بَلَدِهِ فَقَالَ: أَثْقَلْتم ظهرَه وجعَلْتم الأَرضَ عَلَيْهِ حَيْصَ بَيْصَ
أَي ضيَّقْتم الأَرضَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا مَضْرَب لَهُ فِيهَا وَلَا مُنْصَرَف للكَسْب، قَالَ: وَفِيهَا لُغات عِدَّة لَا تَنْفَرِدُ إِحدى اللَّفْظتين عَنِ الأُخرى، وحَيْصَ مِنْ حاصَ إِذا حَادَ، وبَيْصَ مِنْ باصَ إِذا تَقَدَّمَ، وأَصلها الْوَاوُ وإِنما قُلِبَتْ يَاءً للمُزاوجة بِحَيص، وَهُمَا مَبْنِيَّتَانِ بِنَاءَ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ وَرَوَى اللَّيْثُ بَيْتَ الأَصمعي:
لَقَدْ نَالَ حَيْصاً مِنْ عُفَيْرةَ حائِصا
قَالَ: يُرْوَى بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالرُّوَاةُ رَوَوْه بِالْخَاءِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ وسيأْتي ذِكْرُهُ إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فصل الخاء المعجمة
خبص: الخَبْصُ فِعْلُك الخَبيصَ فِي الطِّنْجِير، وَقَدْ خَبَصَ خَبْصاً وخَبَّصَ تَخْبِيصاً، فَهُوَ خَبِيصٌ مُخَبَّصٌ مَخْبُوص. وَيُقَالُ: اخْتَبَصَ فُلَانٌ إِذا اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ خَبِيصاً. والخَبِيصُ: الحَلْواءُ المَخْبُوصةُ مَعْرُوفٌ، والخَبيصةُ(7/20)
أَخصُّ مِنْهُ. وخَبَصَ الْحَلْوَاءَ يَخْبِصُها خَبْصاً وخَبَّصها: خلَطها وعمِلَها. والمِخْبَصةُ: الَّتِي يُقَلَّب فِيهَا الخبيصُ، وَقِيلَ: المِخْبَصةُ كالمِلْعَقة يُعْمل بِهَا الخَبِيصُ. وخبَصَ خَبْصاً: مَاتَ. وخَبَصَ الشيءَ بالشيء: خَلَطَه.
خرص: خرَصَ يَخْرُصُ، بِالضَّمِّ، خَرْصاً وتخَرّصَ أَي كَذَب. وَرَجُلٌ خَرّاصٌ: كذّابٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْكَذَّابُونَ. وتَخَرَّصَ فلانٌ عَلَى الْبَاطِلِ واخْتَرَصَه أَي افْتَعَله، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الخَرّاصُون الَّذِينَ إِنما يَظُنّون الشيءَ وَلَا يَحُقُّونَه فَيَعْمَلُونَ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ لُعِنَ الْكَذَّابُونَ الَّذِينَ قَالُوا مُحَمَّدٌ شَاعِرٌ، وأَشباه ذَلِكَ خَرَصُوا بِمَا لَا عِلْم لَهُمْ بِهِ. وأَصل الخَرْصِ التَّظَني فِيمَا لَا تَسْتَيْقِنُه، وَمِنْهُ خَرْصُ النخلِ والكَرْم إِذا حَزَرْت التَّمْرَ لأَن الحَزْرَ إِنما هو تقديرٌ بِظَنٍّ لَا إِحاطة، وَالِاسْمُ الخِرْص، بِالْكَسْرِ، ثُمَّ قِيلَ للكَذِب خَرْصٌ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنَ الظُّنون الْكَاذِبَةِ. غَيْرُهُ: الخَرْصُ حَزْرُ مَا عَلَى النَّخْلِ مِنَ الرُّطَبِ تَمْرًا. وَقَدْ خَرَصْت النخلَ والكرْمَ أَخْرُصُه خَرْصاً إِذا حَزَرَ مَا عَلَيْهَا مِنَ الرُّطب تَمْرًا، وَمِنَ العنَب زبِيباً، وَهُوَ مِنَ الظَّنِّ لأَن الحَزْرَ إِنما هو تقديرٌ بِظَنٍّ. وخَرَصَ العدَدَ يَخْرُصُه ويَخْرِصُه خَرْصاً وخِرْصاً: حزَرَه، وَقِيلَ: الخَرْصُ المصدرُ والخِرْصُ، بِالْكَسْرِ، الاسمُ. يُقَالُ: كَمْ خِرْصُ أَرْضِك وَكَمْ خِرْصُ نَخْلِك؟ بِكَسْرِ الْخَاءِ، وفاعلُ ذَلِكَ الخارِصُ. وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يبعَث الخُرّاصَ عَلَى نخِيل خَيْبَر عِنْدَ إِدراك ثمَرِها فيَحزِرُونه رُطَباً كَذَا وتمْراً كَذَا، ثُمَّ يأْخذهم بمَكِيلة ذَلِكَ مِنَ التَّمْرِ الَّذِي يجِب لَهُ وَلِلْمَسَاكِينِ، وإِنما فَعَلَ ذَلِكَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّفْق لأَصحاب الثِّمَارِ فِيمَا يأْكلونه مِنْهُ مَعَ الِاحْتِيَاطِ لِلْفُقَرَاءِ فِي العُشْر ونِصْف العُشْر ولأَهلِ الفَيْءِ فِي نَصِيبِهِمْ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه أَمر بالخَرْص فِي النَّخْلِ والكرْم خَاصَّةً دُون الزَّرْع الْقَائِمِ
، وَذَلِكَ أَن ثِمَارَها ظاهرةٌ، والخَرْصُ يُطِيفُ بِهَا فيُرَى مَا ظَهَر مِنَ الثِّمَارِ وَذَلِكَ لَيْسَ كالحَبّ فِي أَكْمامِه. ابْنُ شُمَيْلٍ: الخِرْص، بِكَسْرِ الْخَاءِ، الحَزْر مِثْلَ عَلِمت عِلْماً؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا جَائِزٌ لأَن الِاسْمَ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ. وأَما مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِمْ:
إِنه كَانَ يأْكل العِنَبَ خَرْصاً
فَهُوَ أَن يضَعَه فِي فيهِ ويُخْرِجَ عُرْجونَه عارِياً منه؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَرْوِيُّ
خَرْطًا
، بِالطَّاءِ. والخِراصُ والخَرْصُ والخِرْصُ والخُرْصُ: سِنانُ الرُّمْح، وَقِيلَ: هُوَ مَا عَلَى الجُبَّة مِنَ السِّنان، وَقِيلَ: هُوَ الرُّمْح نَفْسُهُ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
يَعَضُّ مِنْهَا الظَّلِفُ الدَّئِيّا ... عَضَّ الثِّقافِ الخُرُصَ الخَطِّيّا
وَهُوَ مِثْلُ عُسْر وعُسُر، وَجَمْعُهُ خِرْصان. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ حُمَيْدٌ الأَرْقط، قَالَ: وَالَّذِي فِي رَجزه الدِّئِيّا وَهِيَ جَمْعُ دَأْيَةٍ؛ وشاهدُ الخِرْص بِكَسْرِ الْخَاءِ قولُ بِشْر:
وأَوْجَرْنا عُتَيْبة ذاتَ خِرْصٍ، ... كأَنَّ بِنَحْرِه مِنْهَا عَبِيرا
وَقَالَ آخَرُ:
أَوْجَرْتُ جُفْرَتَه خِرْصاً فمالَ بِهِ، ... كَمَا انْثنى خضدٌ مِنْ ناعمِ الضالِ(7/21)
وَقِيلَ: هُوَ رُمْح قَصِيرٌ يُتَّخذ مِنْ خَشَبٍ مَنْحُوتٍ وَهُوَ الخَرِيصُ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّيٍّ، وأَنشد لأَبي دُواد:
وتشاجَرَتْ أَبطالُه، ... بالمَشْرَفيّ وبالخَريص
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيتُ يُرْوى أَبطالنا وأَبطالُه وأَبطالُها، فَمَنْ رَوَى أَبْطالُها فَالْهَاءُ عَائِدَةٌ عَلَى الحَرْب وإِن لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ لِدِلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا، وَمَنْ رَوَى أَبطالُه فَالْهَاءُ عَائِدَةٌ عَلَى المَشْهد فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ:
هلَّا سَأَلْت بِمَشْهَدي ... يَوْمًا يَتِعُّ بِذِي الفَريصِ
وَمَنْ رَوَى أَبْطالُنا فَمَعْنَاهُ مَفْهُومٌ. وَقِيلَ: الخَرِيصُ السِّنانُ والخِرْصانُ أَصلُها القُضْبانُ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:
تَرى قِصَدَ [قُصَدَ] المُرّانِ تُلْقى، كأَنَّه ... تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
جَعَلَ الخِرْصَ رُمْحاً وإِنما هُوَ نِصْفُ السِّنَان الأَعْلى إِلى مَوْضِعِ الجُبّة، وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ شَاهِدًا عَلَى قَوْلِهِ الخُرْص. والخِرْص: الجريدُ مِنَ النَّخْلِ. الْبَاهِلِيُّ: الخُرْصُ الغُصْنُ والخُرْصُ القناةُ والخُرْصُ السِّنانُ، ضَمَّ الخاءَ فِي جَمِيعِهَا. والمَخارِصُ: الأَسِنّةُ؛ قَالَ بِشْرٌ:
يَنْوي مُحاوَلةَ القِيام، وَقَدْ مَضَتْ ... فِيهِ مَخارِصُ كلِّ لَدْنٍ لَهْذَم
ابْنُ سِيدَهْ: الخُرْصُ كلُّ قضيبٍ مِنْ شَجَرَةٍ. والخَرْصُ والخُرْصُ والخِرْصُ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ: كلُّ قَضِيبٍ رَطْب أَو يَابِسٍ كالخُوطِ. والخُرْصُ أَيضاً: الجَرِيدةُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَخْراصٌ وخِرْصانٌ. والخُرْصُ والخِرْصُ: العُودُ يُشارُ بِهِ العسلُ، وَالْجَمْعُ أَخْراصٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيّة الْهُذَلِيُّ يَصِفُ مُشْتار الْعَسَلِ:
مَعَهُ سِقاءٌ لَا يُفَرِّطُ حَمْلَه ... صُفْنٌ، وأَخْراصٌ يَلُحْن ومِسْأَب
والمَخارِصُ: مَشاوِرُ الْعَسَلِ. والمَخارِصُ أَيضاً: الخَناجر؛ قَالَتْ خُوَيلةُ الرِّيَاضِيَّةُ تَرْثي أَقاربَها:
طَرَقَتْهمُ أُمُّ الدُّهَيم فأَصْبَحوا ... أُكُلًا لَهَا بمَخارِصٍ وقَواضِبِ
والخُرْص والخِرْص: القُرْط بحَبّة واحدةٍ، وَقِيلَ: هِيَ الحلْقة مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، والجمعُ خِرَصةٌ، والخُرْصة لُغَةٌ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَظَ النِّساءَ وحثَّهُنَّ عَلَى الصَّدَقَةِ فَجَعَلَتِ المرأَة تُلْقي الخُرْصَ والخاتمَ.
قَالَ شَمِرٌ: الخُرْص الحلْقة الصَّغِيرَةُ مِنَ الحَلْي كَهَيْئَةِ القُرْط وَغَيْرِهَا، وَالْجَمْعُ الخُرْصان؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَلَيْهِنَّ لعسٌ مِنْ ظِباء تَبالةٍ، ... مُذَبْذَبة الخُرْصانِ بادٍ نُحُورُها
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّما امرأَةٍ جَعَلَتْ فِي أُذُنِها خُرْصاً مِنْ ذَهَبٍ جُعِل فِي أُذُنِها مِثلُه خِرْصاً [خُرْصاً] مِنَ النَّارِ
؛ الخُرص والخِرص، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: حلْقة صَغِيرَةٌ مِنَ الحَلْي وَهِيَ مِنْ حَلْي الأُذُن، قِيلَ: كَانَ هَذَا قَبْلَ النَّسْخِ فإِنه قَدْ ثَبَتَ إِباحةُ الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ، وَقِيلَ هُوَ خاصٌّ بِمَنْ لَمْ تُؤَدِّ زكاةَ حَلْيِها. والخُرْص: الدِّرْع لأَنها حِلَق مِثْلُ الخُرْص الَّذِي فِي الأُذُن. الأَزهري: وَيُقَالُ لِلدُّرُوعِ خُرْصان وخِرْصان؛(7/22)
وأَنشد:
سَمُّ الصباحِ بِخُرْصانٍ مُسَوَّمةٍ، ... والمَشْرَفِيّة نُهْدِيها بأَيْدِينا
قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد بالخُرْصان الدُّروعَ، وتَسْوِيمُها جَعْلُ حِلَق صُفرٍ فِيهَا، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: بِخُرْصان مُقَوَّمة جَعَلَهَا رِماحاً. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ مُعاذ: أَن جُرْحه قَدْ بَرأَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلا كالخُرْص
أَي فِي قِلّة أَثَرِ مَا بَقِي مِنَ الجُرْح. والخَرِيصُ: شِبْهُ حَوْضٍ وَاسِعٍ يَنْبَثِق فِيهِ الماءُ مِنَ النَّهْرِ ثُمَّ يَعُودُ إِليه والخَرِيصُ مُمْتَلِئ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
والمُشْرِفُ المَصْقُولُ يُسْقَى بِهِ ... أَخْضَرَ مَطْموثاً بِمَاءِ الخَرِيصْ
أَي مَلْمُوسًا أَو مَمْزُوجًا؛ وَهُوَ فِي شِعْرِ عَدِيّ:
وَالْمُشْرِفُ المَشْمُول يُسْقَى بِهِ
قَالَ: والمُشْرِفُ إِناء كَانُوا يَشْرَبُونَ بِهِ وَكَانَ فِيهِ كَمَاءِ الخَرِيص وَهِيَ السَّحَابُ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: كَمَاءِ الخَرِيص، قَالَ: وَهُوَ الْبَارِدُ فِي رِوَايَتِهِ، وَيُرْوَى المَشْمُول، قَالَ: والمَشْمُول الطَّيّب. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ كَرِيمًا: إِنه لمَشْمُولٌ. والمَطْموثُ: المَمْسوس. وماءٌ خَرِيصٌ مِثْلُ خَصِرٍ أَي باردٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مُدامةٌ صِرْفٌ بماءٍ خَرِيص
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: مُدَامَةً صِرْفاً، بِالنَّصْبِ، لأَن صَدْرَهُ:
وَالْمُشْرِفُ الْمَشْمُولُ يُسْقَى بِهِ ... مُدامةً صِرْفاً بماءٍ خَرِيص
والمُشْرِف: الْمَكَانُ الْعَالِي. والمَشْمولُ: الَّذِي أَصابَتْه الشَّمال، وَهِيَ الرِّيحُ الْبَارِدَةُ، وَقِيلَ: الخَرِيصُ هُوَ الْمَاءُ المُسْتَنْقَعُ فِي أُصول النَّخْلِ أَو الشَّجَرِ، وخَرِيصُ البَحْر: خلِيجٌ مِنْهُ، وَقِيلَ: خَرِيصُ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ ناحيتُهما أَو جانبُهما. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ افْتَرَق النهرُ عَلَى أَربعة وَعِشْرِينَ خَرِيصاً، يَعْنِي نَاحِيَةً مِنْهُ. والخَرِيصُ: جزيرةُ الْبَحْرِ. وَيُقَالُ: خَرِصةٌ وخَرِصاتٌ إِذا أَصابها بردٌ وَجُوعٌ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
إِذا مَا غَدَتْ مَقْرُورةً خَرِصاتِ
والخَرَصُ: جُوعٌ مَعَ بَرْد. وَرَجُلٌ خَرِصٌ: جَائِعٌ مَقْرورٌ، وَلَا يُقَالُ لِلْجُوعِ بِلَا بَرْدٍ خَرَصٌ. وَيُقَالُ لِلْبَرْدِ بِلَا جُوعٍ: خَصَرٌ. وخَرِصَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، خَرَصاً فَهُوَ خَرِصٌ وخارِصٌ أَي جَائِعٌ مَقْرُورٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلَبِيدٍ:
فأَصْبَحَ طاوِياً خَرِصاً خَميصاً، ... كنَصْلِ السَّيْف حُودِثَ بالصِّقال
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ: كنْتُ خَرِصاً
أَي فِي جُوعٍ وَبَرْدٍ. والخِرْصُ: الدَّنُّ لُغَةٌ فِي الخِرْسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. والخَرّاصُ: صاحبُ الدِّنان، وَالسِّينُ لُغَةٌ. والأَخْراص: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عائذ الهذلي:
لِمَنِ الدِّيارُ بِعَلْيَ فالأَخْراصِ، ... فالسُّودَتَين فمجْمَعِ الأَبواصِ
وَيُرْوَى الأَحراص، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ.(7/23)
والخُرْصُ والخِرْصُ: عوَيْدٌ مُحَدَّدُ الرأْس يُغْرَزُ فِي عَقْد السِّقاء؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا يَمْلِكُ فُلَانٌ خُرْصاً وَلَا خِرْصاً أَي شَيْئًا. التَّهْذِيبُ: الخُرص الْعُودُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ومِزَاجُها صَهْباء، فتَّ خِتامها ... فَرْدٌ مِنَ الخُرْصِ القِطَاطِ المُثْقب
وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
يَمْشِي بَيْنَنا حانوتُ خَمْرٍ ... مِنَ الخُرْصِ الصَّراصِرةِ القِطَاطِ
قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمُ الخُرص أَسقِية مُبرِّدة تُبرِّد الشَّرَابَ؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رأَيت مَا كَتَبْتُه فِي كِتَابِ اللَّيْثِ، فأَما قَوْلُهُ الخُرْص عُود فَلَا مَعْنَى لَهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ الخُرْص أَسْقية مُبَرِّدَةٌ، قَالَ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي فِي الْبَيْتِ الخُرْس القِطَاط، وَمِنَ الْخُرْسِ الصَّراصِرة، بِالسِّينِ، وَهُمْ خَدَمٌ عُجْم لَا يُفْصِحون فَلِذَلِكَ جَعَلَهُمْ خُرْساً، وَقَوْلُهُ يَمْشِي بَيْنَنَا حانوتُ خَمْرٍ، يُرِيدُ صاحبَ حَانُوتِ خَمْرٍ فَاخْتَصَرَ الْكَلَامَ. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ يَخْتَرِصُ أَي يَجْعل فِي الخِرْصِ مَا يُريد وَهُوَ الجِرَابُ ويَكْتَرِصُ أَي يَجْمع ويَقْلِدُ.
خربص: الخَرْبَصِيصُ: القُرْط. وَمَا عَلَيْهَا خَرْبَصِيصةٌ أَي شَيْءٌ مِنَ الحَلْي. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَحَلَّى ذَهَبًا أَو حَلَّى ولَدَه مِثْلَ خَرْبَصِيصةٍ
، قَالَ: هِيَ الهَنَة الَّتِي تُتَراءى فِي الرَّمْل لَهَا بَصيصٌ كأَنها عينُ جَرَادَةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن نَعِيم الدُّنيا أَقلُّ وأَصْغرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خَرْبَصِيصةٍ
، وَقِيلَ:
حَرْبَصِيصة
، بِالْحَاءِ. وَمَا فِي السَّمَاءِ خَرْبَصِيصة أَي شَيْءٌ مِنَ السَّحَابِ، وَكَذَلِكَ مَا فِي الْوِعَاءِ وَالسِّقَاءِ والبئرِ خَرْبَصِيصة أَي شَيْءٌ، وَمَا أَعطاه خَرْبَصِيصة، كُلُّ ذَلِكَ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ. والخَرْبَصِيصة: هَنَةٌ تَبِصُّ فِي الرَّمْل كأَنها عينُ الْجَرَادَةِ، وَقِيلَ: هِيَ نَبْتٌ لَهُ حبٌّ يُتَّخذُ مِنْهُ طعامٌ فَيُؤْكَلُ، وَجَمْعُهُ خَرْبَصِيص. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ امرأَة خَرْبَصةٌ شَابَّةٌ ذاتُ تَرَارةٍ، وَالْجَمْعُ خَرابِصُ. والخَرْبَصِيصُ: الجملُ الصَّغِيرُ الْجِسْمِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ أَقْطَعُ الخَرْقَ البَعِيد بَينُه ... بِخَرْبَصِيصٍ مَا تَنامُ عَيْنُه
وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: الخَرْبَصِيصة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، الأُنثى مِنْ بَنَاتِ وَرْدانَ. والخَرْبَصِيصةُ: خَرزة.
خرمص: المُخْرَنْمِصُ: الساكتُ؛ عَنْ كُرَاعٍ وَثَعْلَبٍ، كالمُخْرَنْمِس، وَالسِّينُ أَعلى. الْفَرَّاءُ: اخْرَمَّس واخْرَمَّص سكتَ.
خصص: خَصَّهُ بِالشَّيْءِ يخُصّه خَصّاً وخُصوصاً وخَصُوصِيّةً وخُصُوصِيّةً، وَالْفَتْحُ أَفصح، وخِصِّيصَى وخصّصَه واخْتصّه: أَفْرَدَه بِهِ دُونَ غَيْرِهِ. وَيُقَالُ: اخْتصّ فلانٌ بالأَمر وتخصّصَ لَهُ إِذا انْفَرَدَ، وخَصّ غيرَه واخْتصّه بِبِرِّهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مُخِصٌّ بِفُلَانٍ أَي خَاصٌّ بِهِ وَلَهُ بِهِ خِصِّيّة؛ فأَما قَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ:
إِنّ امْرَأً خَصّني عَمْداً مَوَدَّتَه، ... عَلَى التَّنائي، لَعِنْدِي غيرُ مَكْفُور
فإِنه أَراد خَصَّني بِمَوَدَّتِهِ فَحَذَفَ الْحَرْفَ وأَوصَل الفعلَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ خَصَّني لِمَودّته إِيّايَ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ:
وأَغْفِرُ عَوْراءَ الكريمِ ادّخارَه(7/24)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما وجّهْناه عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لأَنا لَمْ نَسْمَعْ فِي الْكَلَامِ خَصَصْته مُتَعَدِّيَةٌ إِلى مَفْعُولَيْنِ، وَالِاسْمُ الخَصُوصِيّة والخُصُوصِيّة والخِصِّيّة وَالْخَاصَّةُ والخِصِّيصَى، وَهِيَ تُمَدُّ وتُقْصر؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَلَا نَظِيرَ لَهَا إِلا المِكِّيثَى. وَيُقَالُ: خاصٌّ بَيَّنُ الخُصُوصِيّة، وَفَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ خِصِّيّةً وَخَاصَّةً وخَصُوصيّة وخُصُوصيّة. والخاصّةُ: خلافُ الْعَامَّةِ. وَالْخَاصَّةُ: مَنْ تخُصّه لِنَفْسِكَ. التَّهْذِيبُ: وَالْخَاصَّةُ الَّذِي اخْتَصَصْته لِنَفْسِكَ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: خُوَيْصّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
بادِروا بالأَعمال سِتّاً الدَّجَّالَ وَكَذَا وَكَذَا
وخُوَيصّةَ أَحدِكم، يَعْنِي حادثةَ الموتِ الَّتِي تَخُصُّ كلَّ إِنسان، وَهِيَ تَصْغِيرُ خَاصَّةٍ وصُغِّرَت لِاحْتِقَارِهَا فِي جَنْب مَا بَعْدَهَا مِنَ البَعْث والعَرْض والحِساب، أَي بادِرُوا المَوت واجتهدُوا فِي الْعَمَلِ، وَمَعْنَى المُبادرة بالأَعمال الانْكِماشُ فِي الأَعمال الصَّالِحَةِ والاهتمامُ بِهَا قَبْلَ وُقُوعِهَا، وَفِي تأْنيث السِّتِّ إِشارةٌ إِلى أَنها مَصَائِبُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سُلَيْمٍ: وخُوَيْصَّتُكَ أَنَسٌ
أَي الَّذِي يُخْتَصُّ بخِدْمتِك وَصَغَّرَتْهُ لصِغَره يَوْمَئِذٍ. وَسُمِعَ ثَعْلَبٌ يَقُولُ: إِذا ذُكر الصَّالِحُونَ فبِخاصّةٍ أَبو بَكْرٍ، وإِذا ذُكِرَ الأَشْرافُ فبِخاصّةٍ عليٌّ. والخُصَّانُ والخِصَّانُ: كالخاصَّةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: إِنما يَفْعَلُ هَذَا خُصّان النَّاسِ أَي خواصُّ مِنْهُمْ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي قِلابة الْهُذَلِيِّ:
وَالْقَوْمُ أَعْلَمُ هَلْ أَرْمِي وراءَهُم، ... إِذ لَا يُقاتِل مِنْهُمْ غيرُ خُصّانِ
والإِخْصاصُ: الإِزْراءُ. وخَصَّه بِكَذَا: أَعْطاه شَيْئًا كَثِيرًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والخَصَاصُ: شِبْهُ كَوّةٍ فِي قُبَّةٍ أَو نَحْوِهَا إِذا كَانَ وَاسِعًا قدرَ الوَجْه:
وإِنْ خَصَاصُ لَيْلِهِنّ اسْتَدّا، ... رَكِبْنَ مِنْ ظَلْمائِه مَا اشْتَدّا
شَبَّهَ القمرَ بالخَصاص الضيّقِ، أَي اسْتَتَر بِالْغَمَامِ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ الخَصَاصَ لِلْوَاسِعِ وَالضَّيِّقِ حَتَّى قَالُوا لِخُروق المِصْفاة والمُنْخُلِ خَصَاصٌ. وخَصَاصُ المُنْخُل وَالْبَابِ والبُرْقُع وغيرِه: خَلَلُه، وَاحِدَتُهُ خَصَاصة؛ وَكَذَلِكَ كلُّ خَلَلٍ وخَرْق يَكُونُ فِي السَّحَابِ، ويُجْمع خَصاصَاتٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مِنْ خَصاصاتِ مُنْخُل
وَرُبَّمَا سُمِّيَ الغيمُ نفسُه خَصاصةً. وَيُقَالُ لِلْقَمَرِ: بَدَا مِنْ خَصاصَةِ الْغَيْمِ. والخَصَاصُ: الفُرَجُ بَيْنَ الأَثافِيّ والأَصابع؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَشعري الجُعْفِيِّ:
إِلَّا رَواكِدَ بَيْنَهُنّ خَصَاصَةٌ، ... سُفْع المَناكِب، كُلُّهُنَّ قَدِ اصْطَلى
والخَصَاصُ أَيضاً: الفُرَج الَّتِي بَيْنَ قُذَذِ السَّهْمِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والخَصَاصةُ والخَصَاصاءُ والخَصَاصُ: الفقرُ وسوءُ الْحَالِ والخَلّة وَالْحَاجَةُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْكُمَيْتِ:
إِليه مَوارِدُ أَهل الخَصَاص، ... ومنْ عِنْده الصَّدَرُ المُبْجِل
وَفِي حَدِيثِ
فَضَالَةَ: كَانَ يَخِرُّ رِجالٌ مِنْ قامتِهم فِي الصَّلَاةِ مِنَ الخَصَاصة
أَي الْجُوعِ، وأَصلُها الْفَقْرُ وَالْحَاجَةُ إِلى الشَّيْءِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ
؛ وأَصل ذَلِكَ فِي الفُرْجة أَو الخَلّة لأَن الشَّيْءَ إِذا انْفرج وَهَى(7/25)
واخْتَلّ. وذَوُو الخَصَاصة: ذَوُو الخَلّة وَالْفَقْرِ. والخَصَاصةُ: الخَلَل والثَّقْبُ الصَّغِيرُ. وصدَرَت الإِبل وَبِهَا خَصاصةٌ إِذا لَمْ تَرْوَ، وصدَرت بِعَطَشِهَا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إِذا لَمْ يَشْبَع مِنَ الطَّعَامِ، وكلُّ ذَلِكَ مِنْ مَعْنَى الخَصَاصة الَّتِي هِيَ الفُرْجة والخَلَّة. والخُصَاصةُ مِنَ الكَرْم: الغُصْن إِذا لَمْ يَرْوَ وَخَرَجَ مِنْهُ الْحَبُّ مُتَفَرِّقًا ضَعِيفًا. والخُصَاصةُ: مَا يَبْقَى فِي الْكَرْمِ بَعْدَ قِطافه العُنَيْقِيدُ الصغيرُ هاهنا وآخر هاهنا، وَالْجَمْعُ الخُصَاصُ، وَهُوَ النَّبْذ الْقَلِيلُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ لَهُ مِنْ عُذوق النَّخْلِ الشِّمِلُّ والشَّمالِيلُ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ الخَصَاصة، وَالْجَمْعُ خَصَاصٌ، كِلَاهُمَا بِالْفَتْحِ. وشهرٌ خِصٌّ أَي نَاقِصٌ. والخُصُّ: بَيْتٌ مِنْ شَجَرٍ أَو قَصَبٍ، وَقِيلَ: الخُصّ الْبَيْتُ الَّذِي يُسَقَّفُ عَلَيْهِ بِخَشَبَةٍ عَلَى هَيْئَةِ الأَزَجِ، وَالْجَمْعُ أَخْصَاصٌ وخِصَاص، وَقِيلَ فِي جَمْعِهِ خُصُوص، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يُرَى مَا فِيهِ مِنْ خَصاصةٍ أَي فُرْجةٍ، وَفِي التَّهْذِيبِ: سُمِّيَ خُصّاً لِمَا فِيهِ مِنَ الخَصَاصِ، وَهِيَ التَّفارِيجُ الضَّيِّقَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَعرابيّاً أَتى بَابَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَلْقَمَ عَينَه خَصَاصةَ الْبَابَ
أَي فُرجَتَه. وحانوتُ الخَمّارِ يُسمى خُصّاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كأَنَّ التِّجَارَ أَصْعَدُوا بِسَبِيئةٍ ... مِنَ الخُصِّ، حَتَّى أَنزَلوها عَلَى يُسْرِ
الْجَوْهَرِيُّ: والخُصُّ الْبَيْتُ مِنَ الْقَصَبِ؛ قَالَ الْفَزَارِيُّ:
الخُصُّ فِيهِ تَقَرُّ أَعْيُنُنا ... خَيرٌ مِنَ الآجُرِّ والكَمَدِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ يُصْلِح خُصّاً لَهُ.
خلص: خَلَص الشَّيْءُ، بِالْفَتْحِ، يَخْلُص خُلُوصاً وخَلاصاً إِذا كَانَ قَدْ نَشِبَ ثُمَّ نَجا وسَلِم. وأَخْلَصه وخَلَّصه وأَخْلَص لِلَّهِ دِينَه: أَمْحَضَه. وأَخْلَصَ الشيءَ: اخْتَارَهُ، وَقُرِئَ: إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ* المُخْلِصين، والْمُخْلَصِينَ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يَعْنِي بالمُخْلِصين الَّذِينَ أَخْلَصوا الْعِبَادَةَ لِلَّهِ تَعَالَى، وبالمُخْلَصِين الَّذِينَ أَخْلَصهم اللهُ عَزَّ وَجَلَّ. الزَّجَّاجُ: وَقَوْلُهُ: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً
، وَقُرِئَ
مُخْلِصاً
، والمُخْلَص: الَّذِي أَخْلَصه اللهُ جَعَلَهُ مُختاراً خَالِصًا مِنَ الدَّنَسِ، والمُخْلِص: الَّذِي وَحَّدَ اللَّهَ تَعَالَى خَالِصًا وَلِذَلِكَ قِيلَ لِسُورَةِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، سُورَةُ الإِخلاص؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها خَالِصَةٌ فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، أَو لأَن اللَّافِظَ بِهَا قَدْ أَخْلَصَ التوحيدَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَلِمَةُ الإِخلاص كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ
، وَقُرِئَ
المُخْلِصين
، فالمُخْلَصُون المُخْتارون، والمُخْلِصون المُوَحِّدُون. وَالتَّخْلِيصُ: التَّنْجِيَة مِنْ كُلِّ مَنْشَبٍ، تَقُولُ: خَلَّصْته مِنْ كَذَا تَخْلِيصاً أَي نَجَّيْته تَنْجِيَة فَتَخَلَّصَ، وتَخلّصَه تخَلُّصاً كَمَا يُتخلّصُ الغَزْلُ إِذا الْتَبَس. والإِخْلاصُ فِي الطَّاعَةِ: تَرْكُ الرِّياءِ، وَقَدْ أَخْلَصْت لِلَّهِ الدِّينَ. واسْتَخْلَصَ الشَّيْءَ: كأَخْلَصَه. والخالِصةُ: الإِخْلاصُ. وخَلَص إِليه الشيءُ: وَصَلَ. وخَلَصَ الشيءُ، بِالْفَتْحِ، يَخْلُصُ خُلوصاً أَي صَارَ خالِصاً. وخَلَصَ الشَّيْءُ خَلاصاً، والخَلاصُ يَكُونُ مَصْدَرًا لِلشَّيْءِ الخالِص. وَفِي حَدِيثِ الإِسراء:
فَلَمَّا خَلَصْت بمُسْتَوىً مِنَ الأَرض
أَي وَصَلْتُ وبلَغْت. يُقَالُ: خَلَصَ فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ(7/26)
أَي وَصَلَ إِليه، وخَلَصَ إِذا سَلِم ونَجا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
هِرَقْلَ: إِني أَخْلُص إِليه.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه قَضَى فِي حُكُومَةٍ بالخَلاصِ
أَي الرجوعِ بالثَّمن عَلَى الْبَائِعِ إِذا كَانَتِ العينُ مُسْتَحِقَّةً وَقَدْ قَبَضَ ثمَنَها أَي قَضَى بِمَا يُتَخَلّص بِهِ مِنَ الْخُصُومَةِ. وخلَص فلانٌ إِلى فُلَانٍ أَي وَصَل إِليه. وَيُقَالُ: هَذَا الشَّيْءُ خالِصةٌ لَكَ أَي خالِصٌ لَكَ خَاصَّةً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقالُوا مَا فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا
؛ أَنَّثَ الخالصةَ لأَنه جَعَلَ مَعْنَى مَا التأْنيثَ لأَنها فِي مَعْنَى الْجَمَاعَةِ كأَنهم قَالُوا: جماعةُ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنعامِ خالصةٌ لِذُكُورِنَا. وَقَوْلُهُ: وَمُحَرَّمٌ، مَرْدُودٌ عَلَى لَفْظِ مَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَنَّثَه لتأْنيث الأَنْعامِ، وَالَّذِي فِي بُطُونِ الأَنعام لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ بَعْضِ الشَّيْءِ لأَن قَوْلَكَ سقَطَتْ بعضُ أَصابِعه، بَعْضُ الأَصابِع أُصبعٌ، وَهِيَ وَاحِدَةٌ مِنْهَا، وَمَا فِي بَطْنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الأَنعام هُوَ غَيْرُهَا، وَمَنْ قَالَ يَجُوزُ عَلَى أَن الْجُمْلَةَ أَنعام فكأَنه قَالَ وَقَالُوا: الأَنعامُ الَّتِي فِي بُطُونِ الأَنعام خالصةٌ لِذُكُورِنَا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والقولُ الأَول أَبْيَنُ لِقَوْلِهِ وَمُحَرَّمٌ، لأَنه دَلِيلٌ عَلَى الحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى فِي مَا، وقرأَ بَعْضُهُمْ خَالِصَةً لِذُكُورِنَا يَعْنِي مَا خلَص حَيّاً، وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ
، قُرئَ خالصةٌ وخالِصَةٌ، الْمَعْنَى أَنها حَلال لِلْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ يَشْرَكُهم فِيهَا الْكَافِرُونَ، فإِذا كَانَ يومُ الْقِيَامَةِ خَلَصت لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَشْرَكُهم فِيهَا كَافِرٌ، وأَما إِعْراب خالصةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهُوَ عَلَى أَنه خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ كَمَا تَقُولُ زيدٌ عاقلٌ لبيبٌ، الْمَعْنَى قُلْ هِيَ ثابتةٌ لِلَّذِينِ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي تأْويل الْحَالِ، كأَنك قُلْتَ قُلْ هِيَ ثَابِتَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فِي الحياة الدنيا خالصةٌ يوم الْقِيَامَةِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ
؛ يُقْرَأُ
بخالصةِ ذِكْرى الدَّارِ
عَلَى إِضافة خَالِصَةٍ إِلى ذِكْرى، فَمَنْ قرأَ بِالتَّنْوِينِ جَعَلَ ذِكْرى الدَّارِ بَدَلًا مِنْ خَالِصَةٍ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى إِنا أَخْلَصْناهم بِذِكْرَى الدار، ومعنى الدار هاهنا دارُ الْآخِرَةِ، وَمَعْنَى أَخلصناهم جَعَلْنَاهُمْ لَهَا خَالِصِينَ بأَن جَعَلْنَاهُمْ يُذَكِّرون بِدَارِ الْآخِرَةِ ويُزَهِّدون فِيهَا الدُّنْيا، وَذَلِكَ شأْن الأَنبياء، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ يُكْثِرُون ذِكْرَ الْآخِرَةِ والرُّجوعِ إِلى اللَّهِ، وأَما قَوْلُهُ خَلَصُوا نَجِيًّا
فَمَعْنَاهُ تَميّزوا عَنِ النَّاسِ يَتَناجَوْن فِيمَا أَهَمَّهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَر يومَ الخلاصِ فَقَالُوا: وَمَا يومُ الخَلاصِ؟ قَالَ: يَوْمَ يَخْرج إِلى الدَّجَّالِ مِنْ أَهل الْمَدِينَةِ كلُّ مُنافِقٍ ومُنافقة فيتميَّز الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ ويَخْلُص بعضُهم مِنْ بَعْضٍ.
وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فَلْيَخْلُصْ هُوَ وولدُه
أَي ليتميّزْ مِنَ النَّاسِ. وخالَصَهُ فِي العِشْرة أَي صَافَاهُ. وأَخْلَصَه النَّصِيحةَ والحُبَّ وأَخْلَصه لَهُ وَهُمْ يَتَخالَصُون: يُخْلِصُ بعضُهم بَعضاً. والخالصُ مِنَ الأَلوان: مَا صَفا ونَصَعَ أَيَّ لَوْنٍ كَانَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والخِلاصُ والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخُلُوصُ: رُبٌّ يُتَّخَذُ مِنْ تَمْرٍ. والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخِلاصُ: التمرُ والسويقُ يُلْقى فِي السَّمْن، وأَخْلَصَه: فَعَل بِهِ ذَلِكَ. والخِلاصُ: مَا خَلَصَ مِنَ السَّمْن إِذا طُبِخَ. والخِلاصُ والإِخْلاصُ والإِخْلاصةُ: الزُّبْدُ إِذا خَلَصَ مِنَ الثُّفْل. والخُلوصُ: الثُّفْلُ الَّذِي يَكُونُ أَسفل اللبَنِ. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لصاحبةِ السَّمْنِ: أَخْلِصي لَنَا، لَمْ يُفَسِّرْهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَعْنَاهُ الخِلاصة والخُلاصة أَو الخِلاصُ. غَيْرُهُ: وخِلاصةُ وخُلاصةُ السَّمْنِ مَا خَلَصَ مِنْهُ لأَنهم إِذا طَبَخُوا الزُّبدَ ليتَّخذوه سَمْناً طرَحُوا فِيهِ شَيْئًا(7/27)
مِنْ سويقٍ وتمرٍ أَو أَبْعارِ غِزْلانٍ، فإِذا جادَ وخلَصَ مِنَ الثُّفْل فَذَلِكَ السمنُ هُوَ الخِلاصة والخُلاصة والخِلاص أَيضاً، بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَهُوَ الإِثْر، والثُّفْلُ الَّذِي يَبْقى أَسفلَ هُوَ الخُلوصُ والقِلْدَةُ والقِشْدَةُ والكُدادةُ، وَالْمَصْدَرُ مِنْهُ الإِخْلاصُ، وَقَدْ أَخْلَصْت السَّمْنَ. أَبو زَيْدٍ: الزُّبْدُ حِينَ يُجْعَلُ فِي البُرْمةِ لِيُطبخ سَمْنًا فَهُوَ الإِذْوابُ والإِذْوابةُ، فإِذا جادَ وخَلَصَ اللبنُ مِنَ الثُّفْل فَذَلِكَ اللَّبَنُ الإِثْرُ والإِخْلاصُ، والثُّفْلُ الَّذِي يَكُونُ أَسفلَ هُوَ الخُلوصُ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِمَا يُخْلَصُ بِهِ السمنُ فِي البُرْمة مِنَ اللَّبَنِ وَالْمَاءِ والثُّفْل: الخِلاصُ، وَذَلِكَ إِذا ارْتَجَنَ واخْتَلَط اللبَنُ بالزُّبْدِ فيُؤْخذُ تمرٌ أَو دقيقٌ أَو سَوِيقٌ فيُطْرَح فِيهِ ليَخْلُصَ السمنُ مِنْ بَقيّة اللَّبَنِ الْمُخْتَلِطِ بِهِ، وَذَلِكَ الَّذِي يَخْلُص هُوَ الخِلاص، بِكَسْرِ الْخَاءِ، وأَما الخِلاصة والخُلاصة فَهُوَ مَا بَقِيَ فِي أَسفل البُرْمة مِنَ الخِلاص وغيرِه مِنْ ثُفْلٍ أَو لبَنٍ وغيرِه. أَبو الدُّقَيْشِ: الزُّبْدُ خِلاصُ اللَّبنِ أَي مِنْهُ يُسْتَخْلَصُ أَي يُسْتَخْرَج؛ حَدّث الأَصمعي قَالَ: مَرَّ الْفَرَزْدَقُ بِرَجُلٍ مِنْ بَاهِلَةَ يُقَالُ لَهُ حُمامٌ وَمَعَهُ نِحْيٌ مِنْ سَمْنٍ، فَقَالَ له الفرزدق: أَتَشْتري أَغْراضَ الناسِ قَيْسٍ مِنِّي بِهَذَا النِّحْي؟ فَقَالَ: أَللهِ عَلَيْكَ لتَفْعَلَنّ إِن فَعَلْتُ، فَقَالَ: أَللهِ لأَفْعَلَنَّ، فأَلْقى النِّحْيَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَرَجَ يَعْدُو فأَخذه الْفَرَزْدَقُ وَقَالَ:
لَعَمْرِي لَنِعْمَ النِّحْيُ كانَ لِقَوْمِه، ... عَشِيّةَ غِبّ البَيْعِ، نِحْيُ حُمامِ
مِنَ السَّمْنِ رِبْعيٌّ يَكُونُ خِلاصُه، ... بأبْعارِ آرامٍ وعُودِ بَشَامِ
فأَصْبَحْتُ عَنْ أَعْراض قَيْس كمُحرِمٍ، ... أَهَلَّ بِحَجٍّ فِي أَصَمَّ حَرامِ
الْفَرَّاءُ: أَخْلَصَ الرجلُ إِذا أَخذ الخِلاصةَ والخُلاصة، وخَلَّصَ إِذا أَعطى الخَلاص، وَهُوَ مِثْل الشَّيْءِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
شُرَيْحٍ: أَنه قَضَى فِي قَوْس كسَرَها رَجُلٌ بالخَلاصِ
أَي بِمِثْلِهَا. والخِلاص، بِالْكَسْرِ: مَا أَخْلَصَته النارُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الخِلاصة والخُلاصة؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سَلْمَانَ: أَنه كاتَبَ أَهلَه عَلَى كَذَا وَكَذَا وَعَلَى أَربعين أُوقِيَّةَ خِلاص.
والخِلاصة والخُلاصة: كالخِلاص، قَالَ: حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. واسْتَخْلَصَ الرجلَ إِذا اخْتَصّه بدُخْلُلِه، وَهُوَ خالِصَتي وخُلْصاني. وَفُلَانٌ خِلْصي كَمَا تَقُولُ خِدْني وخُلْصاني أَي خالِصَتي إِذا خَلَصَت مَوَدّتُهما، وَهُمْ خُلْصاني، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ. وَتَقُولُ: هَؤُلَاءِ خُلْصاني وخُلَصائي، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخْلَصَ العظمُ كثُرَ مُخُّه، وأَخْلَصَ البعيرُ سَمِن، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ؛ قَالَ:
وأَرْهَقَت عِظامُه وأَخْلَصا
والخَلَصُ: شجرٌ طيّبُ الرِّيحِ لَهُ وَرْدٌ كوَرد المَرْوِ طيّبٌ زكيٌّ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني أَعرابي أَن الخَلَص شَجَرٌ يُنْبِتُ نَبَاتَ الكَرْم يَتَعَلَّقُ بِالشَّجَرِ فيعْلق، وَلَهُ وَرَقٌ أَغبر رِقاقٌ مُدَوَّرةٌ واسعةٌ، وَلَهُ وَرْدةٌ كوَرْدة المَرْوِ، وأُصولهُ مُشْرَبةٌ، وَهُوَ طيّبُ الرِّيحِ، وَلَهُ حَبٌّ كَحَبِّ عِنَبِ الثَّعْلبِ يَجْتَمِعُ الثلاثُ والأَربعُ مَعًا، وَهُوَ أَحمر كغَرز الْعَقِيقِ لَا يُؤْكَلُ وَلَكِنَّهُ يُرْعَى؛ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ:
بِخالِصةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ(7/28)
الأَصمعي: هُوَ لِباس يلبَسُه أَهل الشَّامِ وَهُوَ ثَوْبٌ مُجَمَّل أَخْضرُ المَنْكِبين وسائرُه أَبْيَضُ والأَردانُ أَكمامُه. وَيُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ أَبيضَ: خالِصٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ خالِص الْمَاءِ وَمَا قَدْ طَحْلَبا
يُرِيدُ خَلَص مِنَ الطُّحْلُب فابْيَضَّ. اللَّيْثُ: بَعِيرٌ مُخْلِصٌ إِذا كَانَ قَصِيداً سَميناً؛ وأَنشد:
مُخْلِصة الأَنْقاءِ أَو رَعُوما
والخالصُ: الأَبْيَضُ مِنَ الأَلوان. ثَوْبٌ خالصٌ: أَبْيَضُ. وماءٌ خَالِصٌ: أَبيض. وإِذا تَشَظَّى العظامُ فِي اللَّحْمِ، فَذَلِكَ الخَلَصُ. قَالَ: وَذَلِكَ فِي قَصَب الْعِظَامِ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ. يُقَالُ: خَلِصَ العظمُ يَخْلَصُ خَلَصاً إِذا بَرَأَ وَفِي خَلَلِه شيءٌ مِنَ اللَّحْمِ. والخَلْصاءُ: ماءٌ بِالْبَادِيَةِ، وَقِيلَ مَوْضِعٌ، وَقِيلَ مَوْضِعٌ فِيهِ عَيْنُ مَاءٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَر الخَلْصاءِ أَعْيُنَها، ... وهُنَّ أَحْسَنُ مِنْ صِيرانِها صِوَرَا
وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِالدَّهْنَاءِ مَعْرُوفٌ. وَذُو الخَلَصة: مَوْضِعٌ يُقَالُ إِنه بَيْتٌ لِخَثْعَم كَانَ يُدْعَى كَعْبةَ اليَمامةِ وَكَانَ فِيهِ صنمٌ يُدْعى الخَلَصةَ فَهُدِم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلْياتُ نِساءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الخَلَصة
؛ هُوَ بيتٌ كَانَ فِيهِ صَنَمٌ لدَوْسٍ وخَثْعَم وبَجِيلةَ وغيرِهم، وَقِيلَ: ذُو الخَلَصة الكعبةُ اليمانيَّةُ الَّتِي كَانَتْ بِالْيَمَنِ فأَنْفَذَ إِليها رَسُولُ اللَّهِ، صلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَرِيرَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ يُخَرِّبُها، وَقِيلَ: ذُو الخَلَصة الصَّنَمُ نَفْسِهِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِيهِ نَظَرٌ «2» لأَن ذُو لَا تُضاف إِلَّا إِلى أَسماء الأَجناس، وَالْمَعْنَى أَنهم يَرْتَدُّون ويعُودون إِلى جَاهِلِيَّتِهِمْ فِي عِبَادَةِ الأَوثان فَتَسْعَى نساءُ بَنِي دَوْسٍ طائفاتٍ حَوْلَ ذِي الخَلَصة فتَرْتَجُّ أَعجازُهن. وخالصةُ: اسْمُ امرأَة، والله أَعلم.
خلبص: الخَلْبصَةُ: الفِرارُ، وَقَدْ خَلْبَصَ الرجلُ؛ قَالَ عُبَيْدٌ المُرّي:
لَمَّا رَآنِي بالبِرازِ حَصْحَصا ... فِي الأَرض مِنِّي هرَباً، وخَلْبَصا
وكادَ يَقْضي فَرَقاً وخَبَّصا، ... وغادَرَ العَرْماءَ فِي بَيْتٍ وَصَى «3»
وَالتَّخْبِيصُ: الرُّعْب. والعَرْماءُ: الغُمَّة. رأَيت فِي نُسْخَةٍ مِنْ أَمالي ابْنِ بَرِّيٍّ مَا صورتُه كَذَا فِي أَصل ابْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: وخَبّصا، بِالتَّشْدِيدِ، والتَّخْبِيصُ عَلَى تَفْعِيلٍ، قَالَ: ورأَيت بِخَطِّ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ عَبْدِ الْخَالِقِ بْنِ زَيْدانَ: وخَبَصا، بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ، وَبَعْدَهُ والخَبَص الرُّعْب عَلَى وَزْنِ فَعَل، قَالَ: وَهَذَا الْحَرْفُ لَمْ يَذْكُرْهُ الجوهري.
خمص: الخَمْصانُ والخُمْصانُ: الجائعُ الضامرُ البطنِ، والأُنثى خَمْصانةٌ وخُمْصانةٌ، وجَمْعُها خِمَاصٌ، وَلَمْ يَجْمَعُوهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، وإِن دخلَت الهاءُ فِي مُؤَنَّثِهِ، حَمْلًا لَهُ عَلَى فَعْلان الَّذِي أُنثاه فَعْلى لأَنه مِثْلُهُ فِي العِدّة وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ؛ وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: امرأَة خَمْصى وأَنشد للأَصم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِبْعِيٍّ الدُّبَيْري:
__________
(2) . قوله [وفيه نظر] أَي في قول من زعم أنه بَيْتٌ كَانَ فِيهِ صَنَمٌ يسمى الخلصة لأَن ذُو لَا تُضَافُ إلا إلخ، كذا بهامش النهاية.
(3) . قوله [العرماء في بيت إلخ] كذا بالأَصل. وقوله وصى يقال وصى النَّبْتُ اتَّصَلَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فلعل قوله بيت محرف عن نبت بالنون. وقوله والعرماء الغمة، في القاموس: العرماء الحية الرقشاء.(7/29)
مَا لِلّذي تُصْبي عجوزٌ لَا صَبا، ... سَريعةُ السُّخْطِ بَطِيئةُ الرِّضا
مُبِينةُ الخُسْرانِ حينَ تُجْتَلى، ... كأَن فَاهَا مِيلغٌ فِيهِ خُصى،
لكنْ فَتاةٌ طفْلة خَمْصى الحَشا، ... عَزِيزةٌ تَنام نَوْماتِ الضُّحى
مثلُ المَهاةِ خَذَلَت عَنِ المَها
والخَمَصُ: خَماصةُ الْبَطْنِ، وَهُوَ دِقّةُ خِلْقتِه. وَرَجُلٌ خُمْصان وخَمِيصُ الحَشا أَي ضَامِرُ الْبَطْنِ. وَقَدْ خَمِصَ بطنُه يَخْمَصُ وخَمُصَ وخَمِصَ خَمْصاً وخَمَصاً وخَماصة. والخَميص: كالخُمْصانِ، والأُنثى خَميصة. وامرأَة خَمِيصةُ الْبَطْنِ: خُمْصانةٌ، وهُنّ خُمْصاناتٌ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: رأَيت بِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ خَمْصاً شَدِيدًا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَالطَّيْرِ تَغْدُو خِمَاصاً وتَرُوحُ بِطاناً
أَي تَغْدو بُكْرةً وَهِيَ جِيَاعٌ وَتَرُوحُ عِشاءً وَهِيَ مُمْتَلِئةُ الأَجوافِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
خِمَاصُ البُطونِ خِفاف الظُّهُورِ
أَي أَنهم أَعِفَّةٌ عَنْ أَموال النَّاسِ، فَهُمْ ضَامِرُو الْبُطُونِ مِنْ أَكلها خِفافُ الظهورِ مِنْ ثِقلِ وِزْرِها. والمِخْماصُ: كالخَمِيص؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ:
أَو مُغْزِل بالخَلِّ أَو بجُلَيَّةٍ، ... تَقْرُو السِّلام بِشادِنٍ مِخْماصِ
والخَمْصُ والخَمَصُ والمَخْمَصَة: الْجُوعُ، وَهُوَ خَلاء الْبَطْنِ مِنَ الطَّعَامِ جُوْعًا. والمَخْمَصة: المَجاعةُ، وهي مصدرٌ مثل المَغْضَبَةِ والمَعْتَبةِ، وَقَدْ خَمَصه الجوعُ خَمْصاً ومَخْمَصةً. والخَمْصةُ: الجَوْعة. يُقال: لَيْسَ البِطْنةُ خَيْرًا مِنْ خَمْصةٍ تَتْبَعُهَا. وَفُلَانٌ خَمِيصُ البطنِ عَنْ أَموال النَّاسِ أَي عَفِيفٌ عَنْهَا. ابْنُ بَرِّيٍّ: والمَخامِيصُ خُمُصُ البطونِ لأَن كثرةَ الأَكل وعِظَمَ البطنِ مَعِيبٌ. والأَخْمَصُ: باطنُ القَدَم وَمَا رَقَّ مِنْ أَسْفلها وَتَجَافَى عَنِ الأَرض، وَقِيلَ: الأَخْمَصُ خَصْرُ الْقَدَمِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْ قَوْلِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، فِي الْحَدِيثِ
كَانَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خُمْصانَ الأَخْمَصَين
، فَقَالَ: إِذا كَانَ خَمَصُ الأَخْمَصِ بِقَدْرٍ لَمْ يرتفِع جِدًّا وَلَمْ يستوِ أَسْفلُ القدمِ جِدّاً فَهُوَ أَحسنُ مَا يَكُونُ، فإِذا اسْتَوَى أَو ارْتَفَعَ جِدًّا فَهُوَ ذَمٌّ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَن أَخْمَصَه مُعْتدل الخَمَصِ. الأَزهري: الأَخْمَصُ مِنَ الْقَدَمِ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يَلْصَقُ بالأَرض مِنْهَا عِنْدَ الوطءِ. والخُمْصانُ: المبالِغُ مِنْهُ، أَي أَن ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ أَسْفلِ قدَمِه شديدُ التَّجَافِي عَنِ الأَرض. الصِّحَاحُ: الأَخْمَصُ مَا دَخَلَ مِنْ بَاطِنِ الْقَدَمِ فَلَمْ يُصِب الأَرض. والتَّخامُصُ: التَّجَافِي عَنِ الشَّيْءِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
تَخامَصُ عَنْ بَرْدِ الوِشاحِ، إِذا مَشَتْ، ... تَخامُصَ جَافِي الخيلِ فِي الأَمْعَزِ الوَجِي
وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: تَخامَصْ للرجُلِ عَنْ حَقِّه وتَجافَ لَهُ عَنْ حَقِّه أَي أَعْطِه. وتَخامَصَ الليلُ تَخامُصاً إِذا رَقَّتْ ظُلْمتُه عِنْدَ وَقْتِ السحَر؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَمَا زِلْتُ حَتَّى صعَّدَتْني حِبالُها ... إِليها، ولَيْلي قَدْ تَخامَصَ آخرُهْ
والخَمْصةُ: بَطْنٌ مِنَ الأَرض صغيرٌ لَيّنُ المَوْطِئِ. أَبو زَيْدٍ: والخَمَصُ الجُرْحُ. وخَمَصَ الجُرْحُ(7/30)
يَخْمُصُ خُموصاً وانْخَمَصَ، بِالْخَاءِ وَالْحَاءِ: ذَهَبَ ورَمُه كحَمَصَ وانْحَمَصَ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَعَدَّهُ فِي الْبَدَلِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَا تَكُونُ الْخَاءُ فِيهِ بَدَلًا مِنَ الْحَاءِ وَلَا الْحَاءُ بَدَلًا مِنَ الْخَاءِ، أَلا تَرَى أَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمِثَالَيْنِ يَتَصَرَّفُ فِي الْكَلَامِ تصرُّفَ صاحبِه فَلَيْسَتْ لأَحدهما مَزِيَّةٌ مِنَ التصرُّف؟ وَالْعُمُومُ فِي الِاسْتِعْمَالِ يَكُونُ بِهَا أَصلًا لَيْسَتْ لِصَاحِبِهِ. والخَمِيصةُ: بَرْنَكانٌ أَسْوَدُ مُعْلَم مِنَ المِرْعِزَّى والصُّوفِ وَنَحْوِهِ. والخَمِيصةُ: كِسَاءٌ أَسْودُ مُرَبَّع لَهُ عَلَمانِ فإِن لَمْ يَكُنْ مُعْلماً فَلَيْسَ بِخَمِيصَةٍ؛ قَالَ الأَعشى:
إِذا جُرِّدَتْ يَوْمًا حَسِبْتَ خَمِيصةً ... عَلَيْهَا، وجِرْيالَ النَّضِيرِ الدُّلامِصَا
أَراد شَعْرَهَا الأَسود، شَبَّهه بالخَمِيصة والخَمِيصةُ سَوْداء، وَشَبَّهَ لونَ بَشَرَتِها بِالذَّهَبِ. والنَّضِيرُ: الذَّهَبُ. والدُّلامِصُ: البَرّاق. وَفِي الْحَدِيثِ:
جئتُ إِليه وَعَلَيْهِ خَمِيصة
، تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ، وَهِيَ ثوبُ خَزٍّ أَو صُوفٍ مُعلَم، وَقِيلَ: لَا تُسَمَّى خَمِيصة إِلا أَن تَكُونَ سَوْداءَ مُعْلَمة، وَكَانَتْ مِنْ لِبَاسِ النَّاسِ قَدِيمًا، وَجَمْعُهَا الخَمائِصُ، وَقِيلَ: الْخَمَائِصُ ثيابٌ مِنْ خَزٍّ ثخانٌ سُودٌ وحُمْر وَلَهَا أَعْلامٌ ثِخانٌ أَيضاً. وخُماصة: اسم موضع «1» .
خنص: الخِنَّوْصُ: ولَدُ الخِنْزير، وَالْجَمْعُ الخَنانِيصُ؛ قَالَ الأَخطل يُخَاطِبُ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ:
أَكَلْتَ الدَّجاجَ فأَفْنَيْتَها، ... فَهَلْ فِي الخَنانِيصِ مِنْ مَغْمَزِ؟
وَيُرْوَى: أَكلت الغَطاطَ، وَهِيَ القطا.
خنبص: الخَنْبَصَةُ: اخْتِلَاطُ الأَمْر، وقد تَخَنْبَصَ أَمرُهم.
خنتص: الخُنْتُوصُ: مَا سَقَطَ بَيْنَ القَرّاعة والمَرْوَة مِنْ سَقْطِ النَّارِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الخُنْتوصُ الشَّرَرة تَخْرُجُ مِنَ القَدّاحة.
خوص: الخَوَصُ: ضِيقُ العينِ وصِغَرُها وغُؤُورُها، رَجُلٌ أَخْوَصُ بَيِّنُ الخَوَص أَي غائرُ الْعَيْنِ، وَقِيلَ: الخَوَصُ أَن تَكُونَ إِحْدى الْعَيْنَيْنِ أَصغَرَ مِنَ الأُخْرى، وَقِيلَ: هُوَ ضيقُ مَشَقّها خِلْقَةً أَو دَاءً، وَقِيلَ: هو غُؤُورُ العينِ فِي الرأْس، وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ خَوِصَ يَخْوَصُ خَوَصاً، وَهُوَ أَخْوَصُ وَهِيَ خَوْصاءُ. ورَكِيّة خَوْصاءُ: غائرةٌ. وبِئْرٌ خَوْصاءُ: بَعِيدةُ القَعْرِ لَا يُرْوِي ماؤُها المالَ؛ وأَنشد:
ومَنْهَلٍ أَخْوَصَ طامٍ خالِ
والإِنسان يُخاوِصُ ويَتخاوَصُ فِي نَظَرِهِ. وخاوَصَ الرجلُ وتَخاوَصَ: غَضَّ مِنْ بَصَرِه شَيْئًا، وَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ يُحَدِّقُ النَّظَرَ كأَنه يُقَوِّمُ سَهْماً. والتَّخاوُصُ: أَن يُغَمِّضَ بَصَرَهُ عِنْدَ نَظَرِه إِلى عَيْنِ الشَّمْسِ مُتَخاوِصاً؛ وأَنشد:
يَوْمًا تَرى حِرْباءَه مُخاوِصا
والظَّهِيرةُ الخَوْصاءُ: أَشَدُّ الظهائرِ حَرّاً لَا تَسْتَطِيع أَن تُحِدَّ طَرْفَك إِلا مُتخاوِصاً؛ وأَنشد:
حينَ لاحَ الظهيرةُ الخَوْصاءُ
__________
(1) . بهامش الأصل هنا ما نصه: حاشية لي من غير الأصول، وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، العصر بالمخمص
، هو بميم مضمومة وخاء معجمة ثم ميم مفتوحتين، وهو موضع مَعْرُوفٌ.(7/31)
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كُلُّ مَا حُكِيَ فِي الخَوَصِ صحيحٌ غيرَ ضِيقِ الْعَيْنِ فإِن الْعَرَبَ إِذا أَرادت ضِيقَها جَعَلُوهُ الحَوَص، بِالْحَاءِ. وَرَجُلٌ أَحْوَصُ وامرأَة حَوْصاءُ إِذا كَانَا ضيِّقَي العَينِ، وإِذا أَرادوا غُؤُورَ العينِ فَهُوَ الخَوَص، بِالْخَاءُ مُعْجَمَةً مِنْ فَوْقُ. وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَصحابه: خَوِصَت عينُه ودنَّقَت وقَدّحَت إِذا غَارَتْ. النَّضْرُ: الخَوْصاءُ مِنَ الرِّياح الحارّةُ يَكسِرُ الإِنسانُ عينَه مِنْ حَرِّها ويَتَخاوَصُ لَهَا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: طَلَعت الجَوْزاءُ وهَبَّت الخَوْصاءُ. وتخاوَصَت النجومُ: صَغُرَت للغُؤُور. والخَوْصاءُ مِنَ الضأْن: السوداءُ إِحدى الْعَيْنَيْنِ البيضاءُ الأُخْرى مَعَ سَائِرِ الْجَسَدِ، وَقَدْ خَوِصَت خَوَصاً واخْواصَّت اخْوِيصاصاً. وَخَوَّصَ رأْسه: وَقَعَ فِيهِ الشَّيْبُ. وخَوّصَه القَتِيرُ: وَقَعَ فِيهِ مِنْهُ شيءٌ بَعْدَ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا اسْتَوَى سوادُ الشَّعْرِ وبياضُه. والخُوصُ: ورَقُ المُقْلِ والنَّخْلِ والنَّارَجيلِ وَمَا شَاكَلَهَا، واحدتُه خُوصة. وَقَدْ أَخْوَصَتِ النخلةُ وأَخْوَصَتِ الخُوصَةُ: بَدَتْ. وأَخْوَصَت الشجرةُ وأَخوص الرِّمْثُ والعَرْفَجُ أَي تَقَطَّر بورَقٍ، وعمَّ بعضُهم بِهِ الشَّجَرَ؛ قَالَتْ غَادِيَةُ الدُّبَيْرِيّة:
وَلِيتُه فِي الشَّوْكِ قَدْ تَقَرمَصا، ... عَلَى نواحِي شَجرٍ قَدْ أَخْوَصا
وخَوّصَتِ الْفَسِيلَةُ: انْفَتَحَتْ سَعفاتُها. والخَوّاصُ: مُعالجُ الخُوص وبَيّاعُه، والخِياصةُ: عَمَلُهُ. وإِناءٌ مُخَوَّصٌ: فِيهِ عَلَى أَشْكالِ الخُوصِ. والخُوصةُ: مِنَ الجَنْبةِ وَهِيَ مِنْ نَبَاتِ الصَّيْفِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا نَبَتَ عَلَى أَرُومةٍ، وَقِيلَ: إِذا ظهرَ أَخْضَرُ العَرْفجِ عَلَى أَبيَضه فَتِلْكَ الخُوصةُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخُوصَةُ مَا نَبَتَ فِي أَصل «1» ... حينَ يُصِيبُه المطرُ، قَالَ: وَلَمْ تُسمَّ خُوصةً للشَّبَه بالخُوصِ كَمَا قَدْ ظَنَّ بعضُ الرُّوَاةِ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا قِيلَ ذَلِكَ فِي العَرْفَج؛ وَقَدْ أَخْوَصَ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخاصَ الشجرُ إِخْواصاً كَذَلِكَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا طَريفٌ أَعني أَن يَجِيءَ الفِعْلُ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ مُعْتلًّا والمصدرُ صَحِيحًا. وَكُلُّ الشَّجَرِ يُخِيصُ إِلا أَن يَكُونَ شجرَ الشَّوْكِ أَو البَقْل. أَبو عَمْرٍو: أَمْتصَخَ الثُّمامُ، خَرَجَتْ أَماصِيخُهُ، وأَحْجَنَ خَرَجَتْ حُجْنَتُهُ، وكِلاهما خُوص الثُّمامِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: إِذا مُطِرَ العَرْفَجُ ولانَ عودُه قِيلَ: نُقِبَ عُودُهُ، فإِذا اسودَّ شَيْئًا قِيلَ: قَدْ قَمِلَ، وإِذا ازْدادَ قَلِيلًا قِيلَ: قَدْ ارْقاطَّ، فإِذا زَادَ قَلِيلًا آخَرَ قِيلَ: قَدْ أَدْبى فَهُوَ حينئذٍ يَصْلُحُ أَن يُؤْكَلَ، فإِذا تَمَّتْ خُوصتُه قِيلَ: قَدْ أَخْوصَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَن أَبا عَمْرٍو قَدْ شاهَد العَرْفَجَ والثُّمامَ حِينَ تَحَوّلا مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ وَمَا يَعْرِف العربُ مِنْهُمَا إِلا مَا وصَفَه. ابْنُ عَيَّاشٍ الضَّبِّيُّ: الأَرض المُخَوِّصةُ الَّتِي بِهَا خُوصُ الأَرْطى والأَلاءِ والعَرْفجِ والسَّنْطِ؛ قَالَ: وخُوصةُ الأَلاءِ عَلَى خِلقَةِ آذَانِ الغَنَم، وخُوصةُ العرفجِ كأَنّها وَرَقُ الحِنّاءِ، وخُوصةُ السَّنْط عَلَى خِلْقة الحَلْفاءِ، وخُوصة الأَرْطى مِثْلُ هَدَبِ الأَثْل. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الخُوصةُ خُوصةُ النخلِ والمُقْلِ والعَرْفَجِ، وللثُّمام خُوصةٌ أَيضاً، وأَما البقولُ الَّتِي يتناثرُ ورقُها وَقْت الهَيْج فَلَا خُوصَةَ لَهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبان بْنِ سَعِيدٍ: تَرَكْتُ الثُّمام قَدْ خاصَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جاءَ فِي الْحَدِيثِ وإِنما هُوَ أَخْوَصَ أَي تمّتْ خُوصتُه طَالِعَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُ المرأَةِ الصَّالِحَةِ مَثَلُ التاجِ
__________
(1) . كذا بياض بالأصل.(7/32)
المُخَوَّصِ بِالذَّهَبِ، ومَثَلُ المرأَةِ السُّوءِ كالحِمْل الثَّقِيل عَلَى الشَّيْخِ الكَبير.
وتَخْويصُ التاجِ: مأْخوذٌ مِنْ خُوصِ النَّخْلِ يُجْعَلُ لَهُ صفائحُ مِنَ الذَّهَبِ عَلَى قَدْرِ عَرْضِ الخُوصِ. وَفِي حَدِيثِ
تَمِيم الدَّارِيِّ: فَفَقَدُوا جَامًا مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصاً بِذَهَبٍ
أَي عَلَيْهِ صَفَائِحُ الذَّهَبِ مِثْلُ خُوص النَّخْلِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
وَعَلَيْهِ دِيباج مُخَوَّص بِالذَّهَبِ
أَي مَنْسُوجٌ بِهِ كخُوصِ النَّخْلِ وَهُوَ وَرَقُهُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
إِن الرَّجْمَ أُنْزل فِي الأَحْزاب وَكَانَ مَكْتُوبًا فِي خُوصَةٍ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فأَكَلَتْها شاتُها.
أَبو زَيْدٍ: خَاوَصْته مُخاوَصةً وغَايَرْتُهُ مُغايَرَةً وقايَضْتُه مُقايَضةً كُلُّ هَذَا إِذا عارَضتْه بِالْبَيْعِ. وخاوَصَه البيعَ مُخاوَصةً: عارَضَه بِهِ. وخَوّصَ العطاءَ وخاصَه: قلّلَه؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَوْلُهُمْ: تَخَوَّصْ مِنْهُ أَي خُذْ مِنْهُ الشيءَ بَعْدَ الشَّيْءِ. والخَوْصُ والخَيْصُ: الشيءُ الْقَلِيلُ. وخَوِّصْ مَا أَعطاك أَي خُذْه وإِن قَلَّ. وَيُقَالُ: إِنه ليُخوِّصُ مِنْ مَالِهِ إِذا كَانَ يُعْطِي الشيءَ المُقارَبَ، وَكُلُّ هَذَا مِنْ تَخْويصِ الشَّجَرِ إِذا أَوْرَقَ قَلِيلًا قَلِيلًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي كِتَابِ أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ: والتَّخْويسُ، بِالسِّينِ، النَّقْصُ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ وعطائِه: أَنه كَانَ يَزْعَبُ لِقَوْمٍ ويُخَوِّصُ لِقَوْمٍ
أَي يُكَثِّر ويُقَلّل، وَقَوْلِ أَبي النَّجْمِ:
يَا ذائِدَيْها خَوِّصا بأَرْسالْ، ... وَلَا تَذُودَاها ذِيادَ الضُّلّالْ
أَي قَرِّبا إِبلَكما شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَلَا تَدعاها تَزْدَحِم عَلَى الحَوْض. والأَرْسالُ: جَمْعُ رَسَلٍ، وَهُوَ القَطيع مِنَ الإِبل، أَي رَسَلٍ بَعْدَ رَسَلٍ. والضُّلّال: الَّتِي تُذاد عَنِ الْمَاءِ؛ وَقَالَ زِيَادٌ الْعَنْبَرِيُّ:
أَقولُ للذائدِ: خَوِّصْ بِرَسَلْ، ... إِني أَخافُ النائباتِ بالأُوَلْ
ابْنُ الأَعرابي قَالَ: وَسَمِعْتُ أَرباب النَّعم يَقُولُونَ للرُّكْبان إِذا أَوْرَدُوا الإِبل والساقِيانِ يُجِيلانِ الدِّلاءَ فِي الْحَوْضِ: أَلا وخَوِّصُوها أَرسالًا وَلَا تُورِدوها دُفْعةً وَاحِدَةً فتَباكَّ عَلَى الْحَوْضِ وتَهْدِم أَعْضادَه، فيُرْسِلون مِنْهَا ذَوْداً بَعْدَ ذَوْدٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ أَرْوَى للنَّعَم وأَهْوَنَ عَلَى السُّقَاة. وخَيْصٌ خائِصٌ: عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
لَقَدْ نالَ خَيْصاً مِنْ عُفَيرةَ خَائِصَا
. قَالَ: خَيْصاً عَلَى المعاقبةِ وأَصله الْوَاوُ، وَلَهُ نَظَائِرُ، وَقَدْ رُوِيَ بِالْحَاءِ. وَقَدْ نِلْتُ مِنْ فُلَانٍ خَوْصاً خائِصاً وخَيْصاً خَائِصًا أَي مَنالةً يَسِيرة. وخَوَّصَ الرجلُ: انْتَقَى خِيارَ الْمَالِ فأَرسَلَه إِلى الْمَاءِ وحَبَسَ شِرارَه وجِلادَه، وَهِيَ الَّتِي مَاتَ عَنْهَا أَولادُها ساعةَ وَلَدَتْ. ابْنُ الأَعرابي: خَوَّصَ الرجلُ إِذا ابتدأَ بإِكْرام الكِرام ثُمَّ اللِّئَامِ؛ وأَنشد:
يَا صَاحِبَيَّ خَوِّصَا بِسَلِّ، ... مِنْ كلِّ ذَاتِ ذَنبٍ رِفَلِّ،
حَرَّقَها حَمْضُ بلادٍ فَلِ
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: خَوِّصا أَي ابْدَآ بخِيارها وكِرَامِها. وَقَوْلُهُ مِنْ كُلِّ ذَاتِ ذنَب رِفَلِّ، قَالَ: لَا يَكُونُ طولُ شَعْرِ الذَّنَبِ وضَفْوُه إِلا فِي خِيارها. يَقُولُ: قَدِّمْ خِيارها وجِلَّتها وكِرامها تَشْرَبُ، فإِن كَانَ هُنَالِكَ قِلَّةُ مَاءٍ كَانَ لشرَارِها، وَقَدْ شَرِبت الخيارُ عَفْوتَه(7/33)
وصَفْوتَه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الأَعرابي وَقَدْ لَطَّفت أَنا تَفْسِيرَهُ. وَمَعْنَى بِسَلّ أَن النَّاقَةَ الْكَرِيمَةَ تَنْسَلّ إِذا شَرِبَت فَتَدْخُلُ بَيْنَ نَاقَتَيْنِ. النَّضْرُ: يُقَالُ أَرض مَا تُمْسِك خُوصتُها الطائرَ أَي رَطْبُ الشَّجَرِ إِذا وَقَعَ عَلَيْهِ الطائرُ مالَ بِهِ العودُ مِنْ رُطوبتِه ونَعْمتِه. ابْنُ الأَعرابي: وَيُقَالُ خَصَّفه الشيبُ وخَوَّصَه وأَوشَم فِيهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ: خَوّصَه الشيبُ وخَوّصَ فِيهِ إِذا بَدَا فِيهِ؛ وَقَالَ الأَخطل:
زَوْجة أَشْمَطَ مَرْهوبٍ بَوادِرُه، ... قَدْ كَانَ فِي رأْسه التَّخْويصُ والنَّزَعُ
والخَوْصاءُ: مَوْضِعٌ. وقارةٌ خَوْصاءُ: مُرْتَفِعَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رُبىً بَيْنَ نِيقَيْ صَفْصَفٍ ورَتائجٍ ... بِخَوْصاءَ مِنْ زَلّاءَ ذَاتِ لُصُوبِ
خيص: الأَخْيَصُ: الَّذِي إِحْدى عَيْنَيْهِ صغيرةٌ والأُخْرى كَبيرةٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي إِحدى أُذنيه نَصْباءُ والأُخرى خَذواءُ، والأُنثى خَيصاءُ، وَقَدْ خَيِصَ خَيَصاً. ابْنُ الأَعرابي: الخَيْصاءُ مِنَ المِعْزى الَّتِي أَحد قَرْنَيها مُنْتَصِبٌ والآخرُ مُلْتَصِقٌ برأْسها. والخَيْصاءُ أَيضاً: العطِيَّةُ التافِهةُ. والخَيْصُ: القليلُ مِنَ النَّيْلِ، وَكَذَلِكَ الخائِصُ وَهُوَ اسْمٌ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى النَّسَبِ كمَوْتٍ مائِت، وَذَلِكَ لأَنه لَا فِعْلَ لَهُ فَلِذَلِكَ وجَّهْناه عَلَى ذَلِكَ. وخاصَ الشيءُ يَخِيصُ أَي قَلّ؛ قَالَ الأَصمعي: سأَلت الْمُفَضَّلَ عَنْ قَوْلِ الأَعشى:
لَعَمْري لَمَنْ أَمْسى مِنَ الْقَوْمِ شاخِصا، ... لَقَدْ نالَ خَيْصاً مِنْ عُفَيْرَةَ خائِصا
مَا مَعْنَى خَيْصاً؟ فَقَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ فلانٌ يَخُوصُ العطيّةَ فِي بَنِي فُلَانٍ أَي يُقَلِّلُها، قَالَ: فَقُلْتُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُولَ خَوْصاً، فَقَالَ: هِيَ مُعاقَبةٌ يَسْتَعْمِلُهَا أَهلُ الْحِجَازِ يُسَمُّون الصُّوَّاغَ الصُّيَّاغَ، وَيَقُولُونَ الصُّيَّامَ للصُّوَّامِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. ونِلْتُ مِنْهُ خَيْصاً خائِصاً أَي شَيئاً يسيراً.
فصل الدال المهملة
دحص: دَحَصَ يَدْحَصُ: أَسرع. الأَزهري: ودَحَصَت الذبيحةُ بِرِجْلَيْها عِنْدَ الذَّبْحِ إِذا فَحَصَتْ وارْتَكَضَتْ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ:
رَغا فَوقَهمْ سَقْبُ السماءِ فداحِصٌ ... بِشكّتِه، لَمْ يُسْتَلَبْ، وسَلِيبُ
يُقَالُ: أَصابَهم مَا أَصابَ قومَ ثَمُودَ حِينَ عَقَرُوا النَّاقَةَ فرَغَا سَقْبُها وجعَلَه سَقْبَ السَّمَاءِ لأَنه رُفِع إِلى السماءِ لَمَّا عُقِرَت أُمُّه؛ والداحِصُ: الَّذِي يَبْحَثُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَهُوَ يَجُود بِنَفْسِهِ كَالْمَذْبُوحِ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: دحَصَت الشاةُ تَدْحَصُ برِجْلِها عِنْدَ الذَّبْحِ، وَكَذَلِكَ الوَعِل وَنَحْوُهُ، وَكَذَلِكَ إِن مَاتَ مِنْ غَرَقٍ وَلَمْ يُذْبَحْ فَضَرَبَ بِرِجْلِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعرابي فِي صِفَة الْمَطَرِ وَالسَّيْلِ: وَلَمْ يَبْقَ فِي القِنَان إِلا فاحِصٌ مُجْرَنْثِمٌ أَو داحِصٌ مُتَجَرْجِمٌ. والدَّحْصُ: إِثارةُ الأَرض. وفي حديث
إِسمعيل، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَجَعل يَدْحَصُ الأَرضَ بِعَقِبَيْه
أَي يَفْحَص ويَبْحَث ويُحَرِّك التراب.
دخص: اللَّيْثُ: الدَّخُوصُ الْجَارِيَةُ التَّارَّةُ، قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: دخَصَت الجاريةُ دُخُوصاً امْتلأَتْ لَحْماً.(7/34)
دخرص: الدِّخْرِصةُ: الجماعةُ. والدِّخْرِصةُ والدِّخْرِيصُ: عُنَيِّقٌ يَخْرُجُ مِنَ الأَرض أَو الْبَحْرِ. اللَّيْثُ: الدِّخْرِيصُ مِنَ الثَّوْبِ والأَرض وَالدِّرْعِ التِّيرِيزُ، والتِّخْرِيصُ لغةٌ فِيهِ. أَبو عَمْرٍو: وَاحِدُ الدَّخاريصِ دِخرِصٌ ودِخْرِصةٌ. والدِّخْرِصةُ والدِّخْرِيصُ مِنَ الْقَمِيصِ والدِّرْع: واحدُ الدَّخارِيصِ، وَهُوَ مَا يُوصَل بِهِ البدَنُ ليُوَسِّعَه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَعشى:
كَمَا زِدْت فِي عَرْض القَمِيص الدَّخارِصَا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ يَقُولُ الدِّخْرِيص مُعَرَّبٌ، أَصله فَارِسِيٌّ، وَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ البَنِيقةُ واللِّبْنةُ والسُّبْجَةُ والسُّعَيْدَة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وأَبي عبيد.
درص: الدَّرْصُ والدِّرْصُ: ولَدُ الفأْر واليَرْبُوع والقُنْفُذ والأَرنب والهِرّة وَالْكَلْبَةُ وَالذِّئْبَةُ وَنَحْوُهَا، والجمعِ دِرَصةٌ وأَدْراصٌ ودِرْصانٌ ودُرُوصٌ؛ وأَنشد:
لَعَمْرُك، لَوْ تَغْدُو عليَّ بِدِرْصِها، ... عَشَرْتُ لَهَا مَالِي، إِذا مَا تأَلَّتِ
أَي حَلَفَتْ. الأَحمر: مِنْ أَمثالهم فِي الحُجَّة إِذا أَضَلّها العالمُ: ضَلَّ الدُّرَيْصُ نَفَقَه أَي جُحْرَه، وَهُوَ تَصْغِيرُ الدِّرْصِ وَهُوَ وَلَدُ الْيَرْبُوعِ، يُضْرَب مَثَلًا لِمَنْ يَعْيا بأَمْرِه. وأُمُّ أَدْراصٍ: اليربوعُ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
فَمَا أُمُّ أَدْراصٍ، بأَرْضٍ مَضَلّة، ... بِأَغْدَرَ مِنْ قَيْسٍ، إِذا الليلُ أَظْلَما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ ابْنُ السِّكِّيتِ أَن هَذَا الْبَيْتَ لقيس ابن زُهَيْرٍ، وَرَوَاهُ: بأَغْدَرَ مِنْ عَوْفٍ، وَذَكَرَ أَبو سَهْلٍ الْهَرَوِيُّ عَنِ الأَخفش أَنه لِشُرَيْحِ بْنِ الأَحْوص، والجَنِينُ فِي بَطْنِ الأَتان دَرْصٌ ودِرْصٌ؛ وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَذلك أَم جَأْبٌ يُطارِدُ آتُناً، ... حَمَلْنَ فأَرْبى حَمْلِهِنَّ دُروصُ
يَعْنِي أَن أَجِنَّتَها عَلَى قَدْرِ الدُّرُوص، وعَنَى بالحَمْلِ هَاهُنَا المحمولَ بِهِ. وَوَقَعَ فِي أُمّ أَدْراصٍ مُضَلِّلة؛ يُضْرَب ذَلِكَ فِي مَوْضِعِ الشِّدَّةِ وَالْبَلَاءِ، وَذَلِكَ لأَن أُم أَدْراصٍ جِحَرَةٌ مَحْثِيّة أَي مَلأَى تُراباً فَهِيَ مُلْتَبِسة. ابْنُ الأَعرابي: الدِّرْصُ الناقةُ السَّرِيعَةُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: المَرُوص والدَّروصُ النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ. وَقَالَ الأَحول: يُقَالُ للأَحْمَقِ أَبو أَدْراصٍ.
درمص: الدَّرْمَصةُ: التذلُّلُ.
دصص: اللَّيْثُ: الدَّصْدَصةُ ضَرْبُك المُنْخُلَ بكفيك.
دعص: الدِّعصُ: قُورٌ مِنَ الرَّمْلِ مُجْتَمِعٌ. وَالْجَمْعُ أَدْعاصٌ ودِعَصةٌ، وَهُوَ أَقلّ مِنَ الحِقْف، وَالطَّائِفَةُ مِنْهُ دِعْصةٌ؛ قَالَ:
خُلِقْتِ غيرَ خِلْقةِ النِّسْوانِ، ... إِن قُمْتِ فالأَعْلى قَضِيبُ بانِ
وإِن تَوَلَّيْتِ فدِعْصَتانِ، ... وكُلّ إِدٍّ تَفْعل العَيْنانِ
والدِّعْصاءُ: أَرض سَهْلَةٌ فِيهَا رَمَلَةٌ تَحْمَى عَلَيْهَا الشمسُ فَتَكُونُ رَمْضاؤُها أَشدَّ مِنْ غَيْرِهَا؛ قَالَ:(7/35)
والمُسْتجِيرُ بِعَمْرو عِنْدَ كُرْبَتِه، ... كالمُسْتَجِير مِنَ الدَّعْصاءِ بِالنَّارِ «2»
وتَدَعَّصَ اللحمُ: تَهَرَّأَ مِنْ فَسَادِهِ. والمُنْدَعِصُ: الميّتُ إِذا تفَسّخَ، شُبِّه بالدِّعْصِ لِوَرَمِه وضَعْفِه؛ قَالَ الأَعشى:
فإِنْ يَلْقَ قوْمي قَوْمَهُ، تَرَ بَيْنَهُمْ ... قتَالًا وأَقصادَ القَنَا ومَداعِصا
وأَدْعَصه الحَرُّ إِدْعاصاً: قتَلَه. وأَهرأَه البَرْدُ إِذا قَتَله. ورَماه فأَدْعَصَه كأَقْعَصَه؛ قَالَ جُؤَيَّةُ بْنُ عَائِذٍ النَّصْرِيُّ:
وفِلْقٌ هَتُوفٌ، كُلَّمَا شاءَ راعَها ... بزُرْقِ المَنايا المُدْعِصات زَجُوم
ودَعَصَه بالرُّمْح: طَعَنه بِهِ. والمَداعِصُ: الرِّماحُ. وَرَجُلٌ مِدْعَصٌ بِالرُّمْحِ: طَعَّان؛ قَالَ:
لتَجِدَنّي بالأَمِير بَرّا، ... وبالقَناةِ مِدْعَصاً مِكَرّا
المُنْدَعِصُ: الشَّيْءُ الميّتُ إِذا تَفَسَّخ، شُبِّه بالدِّعْصِ لوَرَمِه. ودَعَصَ بِرِجْلِه ودَحَص ومَحَص وقَعَصَ إِذا ارْتَكَضَ. وَيُقَالُ: أَخَذْتُه مُداعَصةً ومُداغَصةً ومُقاعَصةً ومُرافَصةً ومُحايَصةً ومُتَايَسةً أَي أَخذْتُه مُعازَّةً.
دعفص: الدِّعْفِصةُ: الضَّئِيلةُ الْقَلِيلَةُ الجسم.
دعمص: الدُّعْموصُ: دُوَيْبَّة صَغِيرَةٌ تَكُونُ فِي مُسْتَنْقَع الْمَاءِ، وَقِيلَ: هِيَ دُوَيْبَّة تغُوص فِي الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ الدَّعامِيصُ والدَّعامِصُ أَيضاً؛ قَالَ الأَعشى:
فَمَا ذَنْبُنا إِن جاشَ بحرُ ابْنُ عمِّكم، ... وبَحْرُك ساجٍ لَا يُوارِي الدَّعامِصَا؟
والدُّعْمُوصُ: أَول خَلْقِ الْفَرَسِ وَهُوَ عَلَقَةٌ فِي بَطْنِ أُمه إِلى أَربعين يَوْمًا، ثُمَّ يَسْتَبِين خَلْقُه فَيَكُونُ دُودةً إِلى أَن يُتِمَّ ثَلَاثَةَ أَشهر، ثُمَّ يَكُونُ سَليلًا؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ. والدُّعْمُوصُ: الدَّخَّالُ فِي الأُمور الزوّارُ للمُلوك. ودُعَيْمِيصُ الرَّمْلِ: اسْمُ رَجُلٍ كَانَ دَاهِيًا يُضْرَب بِهِ المثلُ؛ يُقَالُ: هُوَ دُعَيْمِيصُ هَذَا الأَمرِ أَي عَالِمٌ بِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الدُّعْموصُ دودةٌ لَهَا رأْسان تَرَاهَا فِي الْمَاءِ إِذا قَلَّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَشْرَبْنَ مَاءً طَيِّبًا قَلِيصُه، ... يَزِلُّ عَنْ مِشْفرِها دُعْموصُه
وَفِي حَدِيثِ الأَطفال:
هُمْ دَعامِيصُ الجنّةِ
؛ فُسِّرَ بالدُّوَيْبّة الَّتِي تَكُونُ فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ؛ قَالَ: والدُّعْموصُ الدَّخَّالُ فِي الأُمور أَي أَنهم سَيّاحون فِي الجَنّة دَخَّالُونَ فِي منازِلها لَا يُمنَعون مِنْ مَوْضِعٍ كَمَا أَن الصِّبيان فِي الدُّنْيَا لَا يُمْنَعون مِنَ الدُّخول عَلَى الحُرَم وَلَا يَحْتَجِب مِنْهُمْ أَحدٌ.
دغص: دَغِصَ الرجلُ دَغَصاً: امتلأَ مِنَ الطَّعَامِ، وَكَذَلِكَ دَغِصَت الإِبلُ بالصِّلِّيانِ حَتَّى مَنَعَها ذَلِكَ أَن تَجْتَرَّ، وإِبِلٌ دَغَاصَى إِذا فَعَلَتْ ذَلِكَ. والداغِصةُ: النُّكْفةُ. والداغِصةُ: عَظْمٌ مُدَوَّرٌ يَدِيصُ ويَمُوج فَوْقَ رَضْفِ الرُّكبة، وَقِيلَ: يَتَحَرَّكُ عَلَى رأْس الرُّكْبَةِ. والداغِصةُ: الشَّحْمةُ الَّتِي تَحْتَ الْجِلْدَةِ الْكَائِنَةِ فَوْقَ الرُّكْبَةِ.
__________
(2) . وروي من الرمضاءِ بدل الدعصاء.(7/36)
ودغِصَت الإِبلُ، بِالْكَسْرِ، تَدْغَص دَغَصاً إِذا امتلأَت مِنَ الكلإِ حَتَّى مَنَعَهَا ذَلِكَ أَن تَجْتَرّ وَهِيَ تَدْغَصُ بالصِّلِّيان مِنْ بَيْنِ الكلإِ. وَقَدْ دَغِصَت الإِبل أَيضاً إِذا اسْتَكْثَرَتْ مِنَ الصِّلِّيان وَالنَّوَى فِي حَيازِيمها وغَلاصِمها وغَصَّت فَلَا تَمْضِي. والداغِصةُ: العَصَبةُ، وَقِيلَ: هُوَ عَظْمٌ فِي طرَفِه عصَبتان عَلَى رأْس الوابِلَةِ. والداغِصةُ: اللحمُ المكتنِز؛ قَالَ:
عُجَيّز تَزْدَرِدُ الدَّواغِصا
كُلُّ ذَلِكَ اسْمٌ كَالْكَاهِلِ والغارِب. ودَغِصَت الدَّابَّةُ وبَدِعَت إِذا سَمِنَت غايةَ السِّمَنِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا سَمِنَ واكتنَزَ لَحْمُهُ: سَمِن كأَنه داغصةٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: أَدْغَصَه الموتُ وأَدْعَصه إِذا ناجَزَه.
دغمص: الدَّغْمَصةُ: السِّمَنُ وكثرةُ اللحم.
دفص: الدَّوْفَصُ: البَصَلُ، وَقِيلَ: الْبَصَلُ الأَملس الأَبيض؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ حَرْفٌ غَرِيبٌ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: قَالَ لِطبّاخِه أَكْثر دَوْفَصَها.
دلص: الدَّلِيصُ: البَرِيقُ. والدَّلِيصُ والدَّلِصُ والدِّلاصُ والدَّلاصُ: اللَّيِّنُ البَرّاقُ الأَملس؛ وأَنشد:
مَتْن الصَّفا المُتَزَحْلِف الدَّلّاص
والدُّلامِصُ: الْبَرَّاقُ. والدُّلَمِصُ، مَقْصُورٌ: مِنْهُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَكَذَلِكَ الدُّمالِصُ والدُّمارِصُ؛ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: أَنشدني أَعرابي بِفَيْد:
كأَن مَجْرى النِّسْع، مِنْ غِضَابِهِ، ... صَلْدُ صَفاً دُلِّصَ مِنْ هِضابِهِ
غِضَابُ الْبَعِيرِ: مَوَاضِعُ الْحِزَامِ مِمَّا يَلِي الظَّهْرَ، وَاحِدَتُهَا غَضْبة. وأَرضٌ دَلّاصٌ ودِلاصٌ: مَلْساءِ؛ قَالَ الأَغلب:
فَهِيَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ نَشاصِ، ... بِظَرِب الأَرضِ وبالدِّلاصِ
والدَّلِيصُ: البَرِيقُ. والدَّلِيصُ أَيضاً: ذهَبٌ لَهُ بَرِيقٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَنّ سَراتَه وجُدّةَ ظَهْرِه ... كَنائِنُ، يَجْري بَيْنَهُنَّ دَلِيصُ
والدِّلَّوْصُ، مِثَالُ الخِنَّوْصِ: الَّذِي يَدِيصُ؛ وأَنشد أَبو تُرَابٍ:
باتَ يَضُوزُ الصِّلِّيانَ ضَوْزاً، ... ضَوْزَ العَجُوزِ العَصَبَ الدِّلَّوْصا
فَجَاءَ بِالصَّادِ مَعَ الزَّايِ. والدِّلاصُ مِنَ الدُّروع: اللَّيِّنَةُ. ودِرعٌ دِلاصٌ: بَرَّاقَةٌ مَلْسَاءُ لَيِّنَةٌ بَيّنةُ الدَّلَصِ، وَالْجَمْعُ دُلُصٌ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
عَلَيْنَا كلُّ سابِغَةٍ دِلاصٍ ... تَرَى، فَوْقَ النِّطاق، لَهَا غُضونا
وَقَدْ يَكُونُ الدِّلاصُ جَمْعًا مكسَّراً، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ جُنُب لِقَوْلِهِمْ دِلاصان؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي هِجَان. وحَجر دِلاصٌ: شَدِيدُ المُلُوسة. وَيُقَالُ: دِرْعٌ دِلاصٌ وأَدْرُعٌ دِلاصٌ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ دَلَصَت الدِّرْعُ، بِالْفَتْحِ، تَدْلُصُ دَلاصةً ودَلَّصْتُها أَنا تَدْلِيصاً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِلى صَهْوةٍ تَتْلُو مَحالًا كأَنّه ... صَفاً دَلّصَتْه طَحْمةُ السيلِ أَخْلَقُ(7/37)
وطَحْمةُ السيلِ: شِدَّةُ دَفْعتِه. ودَلَّص الشيءَ: مَلّسَه. ودَلّص الشيءَ: فَرّقَه. والدُّلامِصُ: الْبَرَّاقُ، فُعامِلٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وفُعَالِلٌ عِنْدَ غَيْرِهِ، فإِذا كَانَ هَذَا فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، والدُّلَمِصُ مَحْذُوفٌ مِنْهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: دَلْمَصَ مَتاعَه ودَمْلَصه إِذا زيّنَه وبَرّقَه. ودَلّصَ السيلُ الحجَر: مَلّسَه. ودَلّصَت المرأَةُ جَبِينَها: نَتَفَتْ مَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّعَرِ. وانْدَلَصَ الشيءُ عَنِ الشيءِ: خَرَجَ وَسَقَطَ. اللَّيْثُ: الانْدِلاصُ الانْمِلاصُ وَهُوَ سُرْعةُ خُرُوجِ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ، وانْدَلَصَ الشَّيْءُ مِنْ يَدي أَي سَقَطَ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّدْلِيصُ النِّكاحُ خارجَ الفَرْج؛ يُقَالُ: دَلَّصَ وَلَمْ يُوعِبْ؛ وأَنشد:
واكتَشَفَتْ لناشِئٍ دَمَكْمَكِ، ... تَقُولُ: دَلِّصْ سَاعةً لَا بَلْ نِكِ
ونابٌ دَلْصاءُ ودَرْصاءُ ودَلْقَاء، وَقَدْ دَلِصَتْ ودَرِصَت ودَلِقَت.
دلفص: الدِّلَفْصُ: الدابّةُ؛ عَنْ أَبي عمرو.
دلمص: الدُّلَمِصُ والدُّلامِصُ: البَرّاقُ الَّذِي يَبْرقُ لونُه. وامرأَة دُلَمِصةٌ: بَرّاقةٌ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
قَدْ أَغْتَدي بالأَعْوَجِيِّ التَّارِصِ، ... مِثْلَ مُدُقّ البَصَلِ الدُّلامِصِ
يُرِيدُ أَنه أَشْهَبُ نَهْدٌ. ودَلْمَصَ الشيءَ: بَرّقَه. والدُّلامِصُ: البرّاقُ. والدُّلَمِصُ، مَقْصُورٌ: مِنْهُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الدُّمالِصُ والدُّمارِصُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي دُوَادَ:
ككِنانَةِ العُذْرِيّ زَيّنَها، ... من الذَّهَبِ، الدُّمالِصْ
دمص: الدَّمْصُ: الإِسْراعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وأَصله فِي الدَّجَاجَةِ، يُقَالُ: دَمَصَت بالكَيْكةِ. وَيُقَالُ للمرأَة إِذا رَمَت وَلَدَهَا بِزَحْرة وَاحِدَةٍ: قَدْ دَمَصَت بِهِ وزَكَبَت بِهِ. ودَمَصَت الناقةُ بِوَلَدِهَا تَدْمص دَمْصاً: أَزْلَقَتْه. ودَمَصَت الْكَلْبَةُ بِجرْوِها: أَلْقَتْه لِغَيْرِ تَمَامٍ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ دَمَصَت الكلْبةُ وَلَدَهَا إِذا أَسْقَطته، وَلَا يُقَالُ فِي الْكِلَابِ أَسْقَطَت. ودَمَصَت السِّبَاعُ إِذا وَلَدَتْ ووَضَعَتْ مَا فِي بُطُونِهَا. والدَّمَصُ: رِقَّةُ الحاجِبِ مِنْ أُخُرٍ وكَثافَتُه مِنْ قُدُمٍ، رَجُلٌ أَدْمَصُ؛ ودَمِصَ رأْسُه: رَقّ شعرُه. والدَّمَصُ: مَصْدَرُ الأَدْمَصِ، وَهُوَ الَّذِي رَقّ حاجبُه مِنْ أُخُرٍ وكَثُفَ مِنْ قُدُمٍ، أَو رَقّ مِنْ رأْسِه موضعٌ وقلَّ شعرُه، وَرُبَّمَا قَالُوا: أَدْمَصَ الرأْسُ إِذا رَقَّ مِنْهُ مَوْضِعٌ وَقَلَّ شعرُه. والدِّمْص، بِكَسْرِ الدَّالِ: كلُّ عِرْق مِنْ أَعراق الْحَائِطِ مَا عَدَا العِرْق الأَسفل فإِنه رِهْصٌ. والدُّمَيْصُ: شَجَرٌ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والدَّوْمَصُ: البَيْضُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد لِغَادِيَةَ الدُّبَيْريّة فِي ابْنِهَا مُرْهِب:
يَا لَيْتَهُ قَدْ كَانَ شيْخاً أَدْمَصا، ... تُشَبَّه الهامةُ مِنْهُ الدَّوْمَصا
وَيُرْوَى: الدَّوْفَصا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الدَّوْفَص. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ للبَيْضةِ الدَّوْمصةُ. الْجَوْهَرِيُّ: والدَّوْمَصُ بَيْضةُ الْحَدِيدِ.(7/38)
دمقص: الدِّمَقْصَى: ضَرْبٌ مِنَ السُّيُوفِ. أَبو عَمْرٍو: الدِّمَقْصُ القَزُّ، بالصاد.
دملص: الدُّمَلِصُ والدُّمالِصُ كالدُّلَمِصِ والدُّلامِص: الَّذِي يَبْرقُ لونُه، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ مَقْلُوبٌ مِنَ الدُّلَمِصِ والدُّلامِصِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الثُّلَاثِيِّ فِي دَلَص لأَن الدُّلامِصَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ فُعَامِل، فَكُلُّ مَا اشتقَّ مِنْ ذَلِكَ وقُلِبَ عنه ثلاثي.
دنقص: الدِّنْقِصةُ: دُوَيْبّة، وتُسمّى المرأَةُ الضَّئيلةُ الْجِسْمَ دِنْقِصةً.
دهمص: صَنْعةٌ دِهْماصٌ: مُحْكَمةٌ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ:
أَرْتاحُ فِي الصُّعَداءِ صَوْتَ المِطْحَرِ المَحْشُورِ، ... شِيفَ بِصَنْعةٍ دِهْماص
دَيَصَ: داصَتِ الغُدّةُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ تَدِيصُ دَيْصاً ودَيَصاناً: تزلَّقَتْ، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْءٍ تَحَرَّكَ تَحْتَ يَدِكَ. الصِّحَاحُ: داصَتِ السِّلْعَةُ وَهِيَ الغُدّةُ إِذا حَرَّكْتَهَا بِيَدِكَ فَجَاءَتْ وَذَهَبَتْ. وانْداصَ عَلَيْنَا فلانٌ بالشَّرِّ: انْهَجَمَ. وإِنه لَمُنْداصٌ بالشرِّ أَي مُفاجِئٌ بِهِ وَقَّاعٌ فِيهِ. وانْداصَ الشيءُ مِنْ يَدِي: انْسَلَّ. والانْدياص: الشيءُ يَنْسَلّ مِنْ يَدِك، وَفِي الصِّحَاحِ: انسلالُ الشَّيْءِ مِنَ الْيَدِ. وداصَ يَدِيصُ دَيْصاً ودَيَصاناً: زاغَ وحادَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّ الجَوادَ قَدْ رَأَى وَبِيصَها، ... فأَيْنما داصَتْ يَدِصْ مَدِيصَها
وداصَ عَنِ الطَّرِيقِ يَدِيصُ: عدَلَ. وداصَ الرجلُ يَدِيصُ دَيْصاً: فرَّ. والدَّاصَةُ: حَرَكَةُ الفِرارِ، والداصةُ مِنْهُ: الَّذِينَ يَفِرّون عَنِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ. والدَّيْصُ: نَشاطُ السائِس. وداصَ الرجلُ إِذا خَسَّ بَعْدَ رِفْعة. والدّاصةُ: السَّفِلةُ لِكَثْرَةِ حَرَكَتِهِمْ، واحدُهم دائصٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَتَّبِع الوُلاةَ: دائِصٌ، مَعْنَاهُ الَّذِي يَدُورُ حَوْلَ الشَّيْءِ ويَتَّبِعُه؛ وأَنشد لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
أَرَى الدُّنْيا مَعِيشَتَها عَناءً ... فتُخْطِئُنا، وإِيّاها نَلِيصُ
فإِن بَعُدَت بَعُدْنا فِي بُغَاها، ... وإِن قَرُبَتْ فَنَحْنُ لَهَا نَدِيصُ
والدائِصُ: اللِّصُّ، وَالْجَمْعُ الداصَةُ مِثْلُ قائدٍ وقادَةٍ وذائدٍ وذادةٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والداصَةُ أَيضاً جَمْعُ دائصٍ لِلَّذِي يَجِيءُ وَيَذْهَبُ. والدَّيّاص: الشديدُ العَضَلِ. الأَصمعي: رَجُلٌ دَيّاصٌ إِذا كُنْتَ لَا تَقْدِرُ أَن تقبِضَ عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ عَضَلَهِ. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ دَيّاصٌ إِذا كَانَ لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي النَّجْمِ:
وَلَا بِذاك العَضِلِ الدَّيّاصِ
فصل الراء
ربص: التَّرَبُّصُ: الانْتِظارُ. رَبَصَ بِالشَّيْءِ رَبْصاً وتَرَبَّصَ بِهِ: انْتَظَرَ بِهِ خَيْرًا أَو شَرًّا، وتَربّصَ بِهِ الشَّيْءُ: كَذَلِكَ. اللَّيْثُ: التَّرَبُّصُ بِالشَّيْءِ أَن تَنْتَظِرَ بِهِ يَوْمًا مَا، وَالْفِعْلُ تَرَبَّصْت بِهِ، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ
؛ أَي إِلا الظَّفَرَ وإِلّا الشَّهادةَ، وَنَحْنُ نتَربّصُ بِكُمْ أَحَدَ الشَّرَّيْنِ: عَذَابًا مِنَ اللَّهِ أَو قَتْلًا بأَيْدِينا، فَبَيْنَ مَا نَنْتَظِرُه وتَنْتَظِرونه فَرْقٌ كَبِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنما يُريدُ أَن يَتَرَبّص بِكُمُ الدَّوائِرَ
؛ التربُّصُ: المُكْثُ والانتظارُ.(7/39)
وَلِي عَلَى هَذَا الأَمر رُبْصةٌ أَي تلبّثٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَقامت المرأَة رُبْصَتَها فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي جُعِل لِزَوْجِهَا إِذا عُنِّنَ عَنْهَا، قَالَ: فإِن أَتاها وإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. والمُتَرَبِّصُ: المُحْتَكِرُ. وَلِي فِي مَتَاعِي رُبْصةٌ أَي لِي فِيهِ تَرَبّصٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَرَبَّصَ فِعْلٌ يَتَعَدَّى بإِسقاط حَرْفِ الْجَرِّ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
تَرَبَّصْ بِهَا رَيْبَ المَنُونِ لَعَلَّهَا ... تُطَلَّقُ يَوْمًا، أَو يَمُوتُ حَلِيلُها
رخص: الرَّخْصُ: الشَّيْءُ النَّاعِمُ اللَّيِّنُ، إِن وَصَفْت بِهِ المرأَة فرُخْصانُها نَعْمَةُ بَشَرتها ورِقّتُها وَكَذَلِكَ رَخاصةُ أَنامِلها لِينُها، وإِن وَصَفْت بِهِ النَّبَات فرَخاصَتُه هَشاشَتُه. وَيُقَالُ: هُوَ رَخْصُ الْجَسَدِ بَيِّن الرُّخُوصةِ والرَّخاصةِ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: رَخُصَ رَخاصةً ورُخوصةً فَهُوَ رَخْصٌ ورَخِيصٌ تنَعّم، والأُنثى رَخْصةٌ ورَخِيصةٌ، وَثَوْبٌ رَخْصٌ ورَخِيص: نَاعِمٌ كَذَلِكَ. أَبو عَمْرٍو: الرَّخِيصُ الثَّوْبُ النَّاعِمُ. والرُّخْصُ: ضِدُّ الغلاءِ، رَخُصَ السِّعْر يَرْخُص رُخْصاً، فَهُوَ رَخِيصٌ. وأَرْخَصَه: جَعَلَهُ رَخِيصاً. وارْتَخَصْت الشَّيْءَ: اشْتَرَيْتُهُ رَخِيصاً، وارْتَخَصَه أَي عَدَّه رَخِيصاً، واسْتَرْخَصَه رَآهُ رَخِيصاً، وَيَكُونُ أَرْخَصَه وجَدَه رَخِيصاً؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي أَرْخَصْته أَي جَعَلْتُهُ رَخِيصاً:
نُغالي اللَّحْمَ للأَضْيافِ نِيّاً، ... ونُرْخِصُه إِذا نَضِجَ القُدورُ
يَقُولُ: نُغْلِيه نِيّاً إِذا اشْتَرَيْناه ونُبِيحُه إِذا طَبَخْناه لأَكله، ونُغالي ونُغْلي واحدٌ. التَّهْذِيبُ: هِيَ الخُرْصة والرُّخْصة وَهِيَ الفُرْصة والرُّفْصة بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ورَخَّصَ لَهُ فِي الأَمر: أَذِنَ لَهُ فِيهِ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْهُ، وَالِاسْمُ الرُّخْصةُ. والرُّخُصةُ والرُّخْصةُ: تَرْخِيصُ اللَّهِ لِلْعَبْدِ فِي أَشياءَ خَفَّفَها عَنْهُ. والرُّخْصةُ فِي الأَمر: وَهُوَ خِلَافُ التَّشْدِيدِ، وَقَدْ رُخِّصَ لَهُ فِي كَذَا ترْخِيصاً فترَخَّصَ هُوَ فِيهِ أَي لَمْ يَسْتَقْصِ. وَتَقُولُ: رَخَّصْت فُلَانًا فِي كَذَا وَكَذَا أَي أَذِنْت لَهُ بَعْدَ نَهْيِي إِيّاه عَنْهُ. ومَوْت رَخِيصٌ: ذَرِيع. ورُخاصُ: اسْمُ امرأَة.
رصص: رَصَّ البُنْيانَ يَرُصّه رَصّاً، فَهُوَ مَرْصُوصٌ ورَصِيصٌ، ورَصّصَه ورَصْرَصَه: أَحْكَمَه وجَمَعه وضم بعضَه إِلى بَعْضٍ. وكلُّ مَا أُحْكِمَ وضُمَّ، فَقَدْ رُصَّ. ورَصَصْتُ الشَّيْءَ أَرُصّهُ رَصّاً أَي أَلْصَقْتُ بعضَه بِبَعْضٍ، وَمِنْهُ: بُنْيان مَرْصوصٌ، وَكَذَلِكَ التَّرْصِيصُ، وَفِي التَّنْزِيلِ: كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ
. وتَراصَّ القومُ: تضامُّوا وتلاصَقُوا، وتَراصُّوا: تصافُّوا فِي الْقِتَالِ وَالصَّلَاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَراصُّوا فِي الصُّفوف لَا تَتَخَلّلُكم الشياطِينُ كأَنها بَنَاتُ حَذَفٍ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
تَراصُّوا فِي الصَّلَاةِ
أَي تلاصَقُوا. قَالَ الْكِسَائِيُّ: التَّراصُّ أَن يَلْصَقَ بعضُهم ببعضٍ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ خَلَلٌ وَلَا فُرَجٌ، وأَصله تراصَصُوا مِنْ رَصّ البِناء يَرُصُّه رَصّاً إِذا أَلْصَقَ بعضَه بِبَعْضٍ فأُدْغِم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبّاً ثم لَرُصَّ عَلَيْكُمْ رَصّاً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ صَيّاد: فرَصَّه رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَي ضَمَّ بَعْضَهُ إِلى بَعْضٍ
، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ
؛ أَي أُلْصِقَ البعضُ بِالْبَعْضِ.(7/40)
وبَيْضٌ رَصِيصٌ: بعضُه فَوْقَ بَعْضٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عَلَى نِقْنِقٍ هَيْقٍ لَهُ ولِعرْسِه، ... بِمُنْخَدَعِ الوَعْساءِ، بَيْضُ رَصِيص
ورَصْرَصَ إِذا ثَبَتَ بِالْمَكَانِ. والرَّصَصُ والرِّصاص والرَّصاصُ: مَعْرُوفٌ مِنَ المَعْدِنِيّات مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لِتَداخُلِ أَجزائِه، والرَّصاصُ أَكثر مِنَ الرِّصاصِ، والعامةُ تَقُولُهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ وَشَاهِدُ الرَّصاص بِالْفَتْحِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
أَنا ابنُ عَمْروٍ ذِي السَّنا الوَبّاصِ ... وابنُ أَبيه مُسْعطُ الرَّصاصِ
وأَول مَنْ أَسْعطَ بالرَّصاصِ مِنْ مُلُوكِ الْعَرَبِ ثعلبةُ بْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ مَازِنِ بْنِ الأَزد. وَشَيْءٌ مُرَصَّصٌ: مَطْليٌّ بِهِ. والتَّرْصِيصُ: تَرْصِيصُك الكُوزَ وغيرَه بالرَّصاصِ. والرَّصَّاصةُ والرَّصْراصَةُ: حجارةٌ لَازِمَةٌ لِمَا حَوَالَيِ الْعَيْنِ الْجَارِيَةِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
حِجارة قَلْتٍ بِرَصْراصَةٍ، ... كُسِينَ غِشاءً مِنَ الطُّحْلُبِ
وَيُرْوَى: بِرَضْراضَةٍ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والرَّصَصُ فِي الأَسنان: كاللَّصَصِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ؛ رَجُلٌ أَرَصُّ وامرأَة رَصّاءُ. والرَّصّاءُ والرَّصُوصُ مِنَ النِّسَاءِ: الرَّتْقاءُ. ورَصَّصَت المرأَةُ إِذا أَدْنَت نِقابَها حَتَّى لَا يُرَى إِلا عَيْناها، أَبو زَيْدٍ: النِّقابُ عَلَى مارِنِ الأَنف. والتَّرْصِيصُ: هُوَ أَن تَنْتَقِبَ المرأَة فَلَا يُرَى إِلا عَيْنَاهَا، وَتَمِيمٌ تَقُولُ: هُوَ التَّوْصِيصُ، بِالْوَاوِ، وَقَدْ رصَّصَتْ ووَصَّصَتْ. الْفَرَّاءُ: رَصَّصَ إِذا أَلَحَّ فِي السُّؤَالِ، ورَصّصَ النِّقاب أَيضاً. أَبو عَمْرٍو: الرَّصِيصُ نِقَابُ المرأَة إِذا أَدْنَته مِنْ عَيْنَيْها، وَاللَّهُ أَعلم.
رعص: الارْتِعاصُ: الاضطرابُ؛ رعَصَه يَرْعَصُه رَعْصاً: هَزّه وَحَرَّكَهُ. قَالَ اللَّيْثُ: الرَّعْصُ بِمَنْزِلَةِ النَّفْض. وارْتَعَصَت الشجرةُ: اهْتَزَّت. ورَعَصَتْها الرِّيحُ وأَرْعَصَتْها: حَرّكتها. ورَعَصَ الثَّوْرُ الكلبَ رَعْصاً: طعنَه فاحْتَمَلَه عَلَى قَرنِه وهزَّه ونفَضه. وضرَبه حَتَّى ارْتَعَص أَي الْتَوى مِنْ شِدَّةِ الضَّرْب. وارْتَعَصَت الْحَيَّةُ: الْتَوت؛ قَالَ الْعَجَّاجِ:
إِنيَ لَا أَسْعَى إِلى داعِيّهْ، ... إِلا ارْتِعاصاً كارْتِعاصِ الحَيّهْ
وارْتَعَصَتِ الحيّةُ إِذا ضُرِبَت فلَوَتْ ذَنَبَها مِثْلُ تَبَعْصَصَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فضربَتْها بيدِها عَلَى عَجُزِها فارْتَعَصَت
أَي تَلَوَّتْ وارْتَعَدتْ. وارْتَعَصَ الجَدْيُ: طفَرَ مِنَ النَّشاطِ، وارْتَعَص الفرسُ كَذَلِكَ. وارْتَعَصَ البَرْق: اضْطَرَبَ، وارْتَعَصَ السُّوق إِذا غَلا؛ هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ لأَبي زَيْدٍ، وَالَّذِي رَوَاهُ شَمِرٌ ارْتَفَصَ، بِالْفَاءِ. قَالَ: وَقَالَ شَمِرٌ لَا أَدْري مَا ارْتَفَصَ؛ قَالَ الأَزهري: وارْتَفَصَ السُّوقُ، بِالْفَاءِ، إِذا غَلَا صَحِيحٌ. وَيُقَالُ: رَعَصَ عَلَيْهِ جلدُه يَرْعَصُ وارتَعَصَ واعْتَرَصَ إِذا اخْتَلَجَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: خَرَجَ بِفَرَسٍ لَهُ فَتَمَعَّكَ ثُمَّ نَهَضَ ثُمَّ رَعَصَ فَسَكّنَه، وَقَالَ: اسْكُنْ فَقَدْ أُجِيبَتْ دَعْوتُك
، يُرِيدُ أَنه لَمَّا قَامَ مِنْ مَراغِه انتفض وارتعد.
رفص: الرُّفْصةُ: مَقْلُوبٌ عَنِ الفُرْصة الَّتِي هِيَ النَّوْبة. وترافَصُوا عَلَى الْمَاءِ مِثْلُ تَفَارَصوا. الأُموي: هِيَ(7/41)
الفُرْصةُ والرُّفْصةُ النَّوْبةُ تَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ يَتَناوَبُونها عَلَى الْمَاءِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كأَوْبِ يدَيْ ذِي الرُّفْصةِ المُتَمَتِّحِ
الصِّحَاحُ: الرُّفْصةُ الْمَاءُ يَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ، وَهُوَ قَلْبُ الفُرْصةِ.، هم يَترافَصُون الماءَ أَي يَتَناوَبُونه. وارْتَفَصَ السعْرُ ارتِفاصاً، فَهُوَ مُرْتَفِصٌ إِذا غَلَا وَارْتَفَعَ، وَلَا تَقُلِ ارْتَقَص. قَالَ الأَزهري: كأَنه مأْخوذ مِنَ الرُّفْصةِ وَهِيَ النَّوْبة. وَقَدِ ارْتَفَصَ السُّوقُ بِالْغَلَاءِ، وَقَدْ رُوِي ارْتَعَص، بِالْعَيْنِ، وَقَدْ تقدم.
رقص: الرَّقْصُ والرَّقَصانُ: الخَبَبُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: ضَرْبٌ مِنَ الخَبَب، وَهُوَ مَصْدَرُ رَقَصَ يَرْقُص رَقْصاً؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وأَرْقَصَه. وَرَجُلٌ مِرْقَصٌ: كَثِيرُ الْخَبَبِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِغَادِيَةَ الدُّبَيْرِيَّةِ:
وَزَاغَ بالسَّوْطِ عَلَنْدىً مِرْقَصا
ورَقَصَ اللَّعَّابُ يَرْقُص رَقْصاً، فَهُوَ رقَّاصٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ يُقَالُ رَقَصَ يَرْقُص رَقَصاً، وَهُوَ أَحد الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى فَعَلَ فَعَلًا نَحْوَ طَرَدَ طَرَداً وحَلَبَ حَلَباً؛ قَالَ حَسَّانُ:
بِزُجاجةٍ رَقَصَت بِمَا فِي قَعْرِها، ... رَقَصَ القَلُوصِ بِراكبٍ مُسْتَعْجِلِ
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ عَمَّارٍ الفُرَيْعِيّ:
وأَدْبَرُوا، ولَهُمْ مِنْ فَوْقِها رَقَصٌ، ... والموتُ يَخْطُرُ، والأَرْواحُ تَبْتَدِرُ
وَقَالَ أَوس:
نَفْسي الفِداءُ لِمَنْ أَدّاكُمُ رَقَصاً، ... تَدْمَى حَراقِفُكم فِي مَشْيِكم صَكَكُ
وَقَالَ الْمُسَاوِرُ:
وإِذا دَعا الداعِي عَلَيّ رَقَصتُمُ ... رَقَصَ الخَنافِس مِنْ شِعابِ الأَخْرَم
وَقَالَ الأَخطل:
وقَيْس عَيْلانَ حَتَّى أَقْبَلُوا رَقَصاً، ... فبايَعُوك جِهاراً بَعدما كَفَرُوا
ورَقَصَ السَّرابُ والحَبابُ: اضْطَرَبَ. وَالرَّاكِبُ يُرقِصُ بَعِيرَهُ: يُنَزِّيه ويَحْمِلُه عَلَى الخَبَبِ، وَقَدْ أَرْقَصَ بَعِيرَه. وَلَا يُقَالُ يَرْقُص إِلا لِلّاعِب والإِبلِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فإِنه يُقَالُ: يَقْفِزُ ويَنْقُزُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَقَصَ البعيرُ يَرْقُصُ رَقَصاً، مُحرك الْقَافِ، إِذا أَسرع فِي سَيْرِهِ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
فَمَا أَرَدْنا بِهَا مِنْ خَلَّةٍ بدَلًا، ... وَلَا بِهَا رَقَصَ الواشِين نَسْتَمِعُ
أَراد: إِسراعهم فِي هَتِّ النَّمائم. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا رَقَصَ فِي عَدْوِه: قَدِ الْتَبَطَ وَمَا أَشدَّ لَبْطَتَه. وأَرْقَصَت المرأَة صبِيَّها ورَقَّصَته: نَزَّتْه. وارْتَقَصَ السِّعْرُ: غَلَا؛ حَكَاهَا أَبو عُبَيْدٍ. ورَقَصَ الشرابُ: أَخَذَ فِي الغَلَيَانِ. التَّهْذِيبُ: والشرابُ يَرْقُصُ، والنبِيذُ إِذا جاشَ رَقَصَ؛ قَالَ حَسَّانُ:
بِزُجاجةٍ رقَصَتْ بِمَا فِي قَعْرِها، ... رَقَصَ القَلُوصِ براكبٍ مُسْتَعْجِل
وَقَالَ لَبِيد فِي السَّرَابِ:
فبِتِلْكَ إِذ رَقَصَ اللوامِعُ بالضُّحَى(7/42)
قَالَ أَبو بَكْرٍ: والرَّقَصُ فِي اللُّغَةِ الِارْتِفَاعُ وَالِانْخِفَاضُ. وَقَدْ أَرْقَصَ القومُ فِي سَيْرِهم إِذا كَانُوا يَرْتَفِعُون ويَنْخَفِضُون؛ قَالَ الرَّاعِي:
وإِذا ترَقَّصَت المَفازةُ غادَرَتْ ... رَبِذاً يُبَغِّلُ خَلْفَها تَبْغِيلا
مَعْنَى تَرَقَّصَت ارْتَفَعَتْ وَانْخَفَضَتْ وإِنما يَرْفَعُهَا وَيَخْفِضُهَا السرابُ: والرَّبِذُ: السريعُ الْخَفِيفُ، وَاللَّهُ أَعلم.
رمص: الرَّمَصُ فِي الْعَيْنِ: كالغَمَصِ وَهُوَ قَذًى تَلْفِظ بِهِ، وَقِيلَ: الرَّمَصُ مَا سالَ، والغَمَص مَا جَمَد، وَقِيلَ: الرَّمَصُ صِغَرُها ولزُوقُها، رَمِصَ رَمَصاً وَهُوَ أَرْمَصُ، وقد أَرْمَصَه الداء، أَنشد ثَعْلَبٌ لأَبي مُحَمَّدٍ الحَذْلَمي:
مُرْمَصة مِنْ كِبَرٍ مآقِيه
الصِّحَاحُ: الرَّمَصُ، بِالتَّحْرِيكِ، وسخٌ يَجْتَمِعُ فِي المُوق، فإِن سَالَ فَهُوَ غَمَصٌ، وإِن جَمد فَهُوَ رَمَصٌ، وَقَدْ رَمِصَت عَيْنُهُ، بِالْكَسْرِ، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كانَ الصبيانُ يُصْبِحون غُمْصاً رُمْصاً ويُصْبِحُ رسولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَقِيلًا دَهِيناً
أَي فِي صِغَره. يُقَالُ: غَمِصَت العينُ ورَمِصَت مِنَ الغَمَص والرَّمَص، وَهُوَ الْبَيَاضُ الَّذِي تَقْطَعُه الْعَيْنُ وَيَجْتَمِعُ فِي زَوَايَا الأَجْفانِ، والرَّمَصُ: الرَّطْب مِنْهُ، والغَمَص: اليابِسُ، والغُمْصُ والرُّمْصُ: جمعُ أَغْمَصَ وأَرْمَصَ، وَانْتَصَبَا عَلَى الْحَالِ لَا عَلَى الْخَبَرِ لأَن أَصبح تَامَّةٌ، وَهِيَ بِمَعْنَى الدُّخُولِ فِي الصَّبَاحِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَلَمْ تَكْتَحِلْ حَتَّى كَادَتْ عَيْناها تَرْمَصانِ
، وَيُرْوَى بِالضَّادِ، مِنَ الرَّمْضاء وشدَّة الْحَرِّ. وَفِي حَدِيثِ
صَفِيَّة: اشْتَكَتْ عينَها حَتَّى كَادَتْ تَرْمَصُ
، فَإِنْ رُوِيَ بِالضَّادِ أَراد حَتَّى كَادَتْ تَحْمَى. والشِّعْرَى الرُّمَيْصاءُ: أَحدُ كَوكَبي الذِّرَاعِ، مُشْتَقٌّ مِنْ رَمَصِ الْعَيْنِ وغَمَصِها، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِصِغَرِهَا وَقِلَّةِ ضَوْئِهَا. ورَمَص اللَّهُ مُصِيبَتَه يَرْمُصُها رَمْصاً: جَبَرَها. ورَمَصَ بَيْنَ الْقَوْمِ يَرْمُص رَمْصاً: أَصلَحَ. ورَمَصَ الشيءَ: طلَبَه ولَمَسه. ورَمَصَ الرجلُ لأَهله رَمْصاً: اكْتَسَبَ. ورَمَصَت الدجاجةُ: ذَرَقَتْ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَبَّح اللَّه أُمّاً رَمَصَت بِهِ أَي وَلَدَتْه. والرَّمَصُ والرَّمِيصُ: مَوْضِعَانِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَهمل الْجَوْهَرِيُّ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ الرَّمِيصَ، وَهُوَ بَقْلٌ أَحمر، قَالَ عَدِيٌّ:
أَحْمَرَ مَطْموثاً كماءِ الرَّمِيص
رهص: الرَّهْصُ: أَن يُصِيبَ الحجرُ حَافِرًا أَو مَنْسِماً فيَذْوَى باطنُه، تَقُولُ: رَهَصه الحجرُ وَقَدْ رُهِصَت الدَّابة رَهْصاً ورَهِصَت وأَرْهَصَه اللَّهُ، وَالِاسْمُ الرَّهْصةُ. الصِّحَاحُ: والرَّهْصةُ أَن يَذْوَى باطِنُ حافِر الدَّابة مِنْ حَجَرٍ تَطؤُه مِثْلُ الوَقْرة؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
يُساقطُها تَتْرَى بِكُلِ خَمِيلة، ... كبَزْغِ البِيَطْرِ الثَّقفِ رَهْص الكَوادِنِ
والثَّقْفُ: الحاذِقُ. والكَوادِنُ: البَراذِين. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ رَهْصةٍ أَصابَتْه.
قَالَ ابْنُ الأَثير: أَصلُ الرَّهْصِ أَن يُصِيبَ باطنَ حَافِرِ الدَّابَّةِ شيءٌ يُوهِنُه أَو يُنْزِلُ فِيهِ الماءَ مِنَ الإِعْياء، وأَصل الرَّهْصِ(7/43)
شدَّةُ العَصْر؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فرَمَيْنا الصيدَ حَتَّى رَهَصْناه
أَي أَوْهَنَّاه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مَكْحُولٍ: أَنه كَانَ يَرْقِي مِنَ الرَّهْصةِ: اللَّهُمَّ أَنت الْوَاقِي وأَنت الْبَاقِي وأَنت الشَّافِي.
والرَّواهِصُ: الصخورُ المُتراصِفةُ الثَّابِتَةُ. ورَهِصَت الدابةُ، بِالْكَسْرِ، رَهْصاً وأَرْهَصَها اللهُ: مِثْلُ وَقِرَت وأَوْقَرَها اللَّهُ، وَلَمْ يَقُلْ «3» رُهِصَت، فَهِيَ مَرْهوصة ورَهِيصٌ، وَدَابَّةٌ رَهِيصٌ ورَهِيصةٌ: مَرْهوصة، وَالْجَمْعُ رَهْصَى. والرَّواهِصُ مِنَ الْحِجَارَةِ: الَّتِي تَرْهُصُ الدَّابَّةَ إِذا وطِئَتْها، وَقِيلَ: هِيَ الثَّابِتَةُ المُلْتزِقةُ المُتراصِفةُ، واحدتُها راهِصةٌ. والرَّهْصُ: شِدَّةُ الْعَصْرِ. أَبو زَيْدٍ: رَهِصَت الدابةُ ووَقِرَت مِنَ الرَّهْصة والوَقْرةِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: رَهِصَت الدَّابَّةُ أَفصح مِنْ رُهِصَت؛ وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ فِي صِفَةِ جَمَلٍ:
شَدِيد وَهْصٍ قَليل الرَّهْصِ مُعْتَدل، ... بصَفْحَتَيه مِنَ الأَنْساع أَنْدابُ
قَالَ: الوَهْصُ الوطءُ والرَّهْصُ الغَمزُ والعِثَار. ورَهَصَه فِي الأَمر رَهْصاً: لامَه: وَقِيلَ: اسْتَعْجَلَه. ورَهَصَنِي فُلَانٌ فِي أَمر فُلَانٍ أَي لامَنِي، ورَهَصَني فِي الأَمر أَي اسْتَعْجَلَنِي فِيهِ، وَقَدْ أَرْهَصَ اللَّهُ فُلَانًا للخَير أَي جَعَلَهُ مَعْدِناً لِلْخَيْرِ ومَأْتىً. وَيُقَالُ: رَهَصَنِي فلانٌ بِحَقِّه أَي أَخَذني أَخْذاً شَدِيدًا. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ رَهَصَه بِدَينِه رَهْصاً وَلَمْ يُعَتِّمْه أَي أَخذه بِهِ أَخذاً شَدِيدًا عَلَى عُسرة ويُسْرة فَذَلِكَ الرَّهْص. وَقَالَ آخَرُ: مَا زِلْتُ أُراهصُ غَريمي مذُ الْيَوْمِ أَي أَرْصدُهُ. ورَهَصْت الحائطَ بِمَا يُقيمه إِذا مالَ. قَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: لِلْفَرَسِ عرْقان فِي خَيْشومِه وَهُمَا النَّاهِقَانِ، وإِذا رَهَصَهُما مَرِضَ لَهُمَا. ورُهِصَ الحائطُ: دُعِمَ. والرِّهْص، بِالْكَسْرِ: أَسْفلُ عِرْقٍ فِي الْحَائِطِ. والرِّهْصُ: الطِّين الَّذِي يُجْعل بعضُه عَلَى بَعْضٍ فيُبْنى بِهِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري مَا صِحَّتُه غَيْرَ أَنهم قَدْ تَكَلَّمُوا بِهِ. والرِّهَّاص: الَّذِي يَعْمَلُ الرِّهْصَ. والمَرْهَصةُ، بِالْفَتْحِ: الدرجةُ وَالْمَرْتَبَةُ. والمَراهِصُ: الدَّرَجُ؛ قَالَ الأَعشى:
رَمَى بِكَ فِي أُخراهمُ تَرْكُكَ العُلى، ... وفُضِّل أَقوامٌ عَلَيْكَ مراهِصَا
وَقَالَ الأَعشى أَيضاً فِي الرَّوَاهِصِ:
فعَضَّ حَديدَ الأَرضِ، إِن كُنْتَ ساخِطاً، ... بِفِيكَ وأَحْجارَ الكُلابِ الرَّواهِصا
والإِرْهاصُ: الإِثْبات، وَاسْتَعْمَلَهُ أَبو حَنِيفَةَ فِي الْمَطَرِ فَقَالَ: وأَما الفَرْغُ المُقدّم فإِنّ نَوْءَه مِنَ الأَنواءِ الْمَشْهُورَةِ المذكورةِ الْمَحْمُودَةِ النَّافِعَةِ لأَنه إِرْهاصٌ للْوَسْمِيّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه يُرِيد أَنه مُقدِّمة لَهُ وإِيذانٌ بِهِ. والإِرْهاصُ عَلَى الذَّنب: الإِصْرارُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وإِنّ ذنْبَه لَمْ يَكُنْ عَنْ إِرْهاصٍ
أَي عَنْ إِصْرارٍ وإِرْصادٍ، وأَصله مِنَ الرَّهْصِ، وَهُوَ تأْسِيسُ البُنْيانِ. والأَسَدُ الرَّهِيصُ: مِنْ فُرْسان العرب معروف.
روص: التَّهْذِيبُ: راصَ الرجلُ إِذا عَقَلَ بَعْدَ رُعُونةٍ.
فصل الشين المعجمة
شبص: الشَّبَصُ: الخُشونةُ ودخولُ شوكِ الشجرِ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ. وَقَدْ تَشَبَّص الشجرُ؛ يمانية.
__________
(3) . قوله [ولم يقل] أي الكسائي فإن العبارة منقولة عنه كما في الصحاح.(7/44)
شبرص: التَّهْذِيبُ فِي الْخُمَاسِيِّ: الشَّبَرْبَصُ والقِرْمِلِيُّ والحَبَرْبَرُ: الْجَمَلُ الصغير.
شحص: الشَّحْصاءُ: الشاةُ الَّتِي لَا لَبَنَ لَهَا. والشَّحاصةُ والشَّحَصُ: الَّتِي لَا لَبَنَ لَهَا، وَالْوَاحِدَةُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: الْقَلِيلَةُ اللَّبَنِ، وَقَالَ شَمِرٌ: جَمْعُ شَحَصٍ أَشْحُصٌ؛ وأَنشد:
بَأَشْحُصٍ مُسْتَأْخِرٍ مسافِدُهْ
ابْنُ سِيدَهْ: والشَّحْصاءُ مِنَ الغَنَم السمينةُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا حَمْلَ لَهَا وَلَا لَبَنَ. الْكِسَائِيُّ: إِذا ذَهَبَ لبَنُ الشَّاةِ كلُّه فَهِيَ شَحْصٌ، بِالتَّسْكِينِ، الْوَاحِدَةُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ؛ حَكَاهُ عَنْهُ أَبو عُبَيْدٍ. وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ الشَّحَصُ، بِالتَّحْرِيكِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَنا أَرى أَنهما لُغَتانِ مِثْلُ نَهْرٍ ونَهَرٍ لأَجل حَرْفِ الْحَلْقِ. والشَّحْصُ: الَّتِي لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الفحلُ قَطُّ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ، والعائطُ: الَّتِي قَدْ أُنْزِيَ عَلَيْهَا فَلَمْ تَحْمِلْ. والشَّحَصُ: رَدِيءُ المالِ وخُشارتُه. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ أَشْحَصْته عَنْ كَذَا وشَحَّصْته وأَقْحَصْتُه وقَحّصْتُه وأَمْحَصْته ومَحَّصْته إِذا أَبْعَدْته؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
ظَعائِن مِنْ قيسِ بنِ عَيْلانَ أَشْحَصَتْ ... بهِنَّ النَّوى، إِن النَّوى ذاتُ مِغْوَلِ
أَشْحَصَتْ بِهِنَّ أَي باعَدَتْهنّ. ابْنُ سِيدَهْ: شَحِصَ الرجلُ شَحْصاً لَحِجَ. وظَبْيَةٌ شَحَصٌ: مَهْزُولَةٌ؛ عن ثعلب.
شخص: الشَّخْصُ: جماعةُ شَخْصِ الإِنسان وَغَيْرِهِ، مُذَكَّرٌ، وَالْجَمْعُ أَشْخاصٌ وشُخُوصٌ وشِخاص؛ وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ:
فكانَ مِجَنِّي، دُونَ مَنْ كنتُ أَتّقي، ... ثَلاثَ شُخُوصٍ: كاعِبانِ ومُعْصِرُ
فإِنه أَثبت الشَّخْصَ أَراد بِهِ المرأَة. والشَّخْصُ: سوادُ الإِنسان وَغَيْرُهُ تَرَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، تَقُولُ ثَلَاثَةُ أَشْخُصٍ. وَكُلُّ شَيْءٍ رأَيت جُسْمانَه، فَقَدْ رأَيتَ شَخْصَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ
؛ الشَّخْص: كلُّ جِسْمٍ لَهُ ارْتِفَاعٌ وَظُهُورٌ، والمرادُ بِهِ إِثباتُ الذَّاتِ فاسْتُعير لَهَا لفظُ الشَّخْصِ، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخرى:
لَا شيءَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ
، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَنْبَغِي لشَخْصٍ أَن يَكُونَ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ. والشَّخِيصُ: العظِيم الشَّخْصِ، والأُنْثى شَخِيصةٌ، والاسمُ الشَّخاصةُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَسمع لَهُ بفِعْل فأَقول إِن الشَّخاصة مَصْدَرٌ، وَقَدْ شَخُصْت شَخاصةً. أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ شَخِيصٌ إِذا كَانَ سَيِّداً، وَقِيلَ: شَخِيصٌ إِذا كَانَ ذَا شَخْصٍ وخَلْقٍ عَظِيمٍ بَيّن الشَّخاصةِ. وشَخُصَ الرجلُ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ شَخِيصٌ أَي جَسيِم. وشَخَصَ، بِالْفَتْحِ، شُخُوصاً: ارْتَفَعَ. ابْنُ سيدة: وشَخَصَ الشيءُ يَشْخَصُ شُخُوصاً انْتَبَرَ، وشخَصَ الجُرْحُ وَرِمَ. والشُّخُوصُ: ضِدُّ الهُبوطِ. وشَخَصَ السهمُ يَشْخَصُ شُخُوصاً، فَهُوَ شاخِصٌ: عَلَا الهدفَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَهَا أَسْهُمٌ لَا قاصِراتٌ عَنِ الحَشَا، ... وَلَا شاخِصاتٌ عَنْ فُؤادي طَوالِعُ
وأَشْخَصَه صاحِبُه: عَلاه الهَدَفَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: لَشَدّ مَا شَخَصَ سَهْمُك وقَحَزَ سَهْمُك إِذا طمَحَ(7/45)
فِي السَّمَاءِ، وَقَدْ أَشْخَصَه الرَّامِي إِشْخاصاً؛ وأَنشد:
وَلَا قاصِراتٌ عَنْ فُؤادِي شواخِصُ
وأَشْخَصَ الرَّامِي إِذا جازَ سَهْمُه الغَرَضَ مِنْ أَعْلاه، وَهُوَ سَهْم شاخصٌ. والشُّخُوصُ: السَّيْرُ مِنْ بَلَدٍ إِلى بلدٍ. وَقَدْ شَخَصَ يَشْخَصُ شُخُوصاً وأَشْخَصْتُه أَنا وشَخَصَ مِنْ بلدٍ إِلى بلدٍ شُخُوصاً أَي ذَهَبَ. وَقَوْلُهُمْ: نَحْنُ عَلَى سَفَرٍ قَدْ أَشْخَصْنا أَي حَانَ شُخُوصُنا. وأَشْخَصَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ وأَشْخَسَ بِهِ إِذا اغْتابَه. وشَخَصَ الرَّجُلُ بِبَصَرِه عِنْدَ الْمَوْتِ يَشْخَصُ شُخُوصاً: رَفَعَه فَلَمْ يَطْرِفْ، مُشْتَقٌّ مِنَ ذَلِكَ. شَمِرٌ: يُقَالُ شَخَصَ الرَّجُلُ بَصَرَه فَشَخَصَ البَصَرُ نَفْسُه إِذا سَما وطَمَحَ وشَصا كلُّ ذَلِكَ مثلُ الشُخُوص. وشَخَصَ بَصَرُ فلانٍ، فَهُوَ شاخصٌ إِذا فَتَحَ عَيْنَيْه وجَعَلَ لَا يَطْرِف. وَفِي حَدِيثِ ذِكْرِ المَيّت:
إِذا شَخَصَ بَصَرُه
؛ شُخُوصُ البَصَرِ ارتفاعُ الأَجفانِ إِلى فَوْقُ وتَحْديدُ النظَر وانْزِعاجُه. وفرسٌ شاخِص الطَّرْفِ: طامِحُه، وشاخِصُ العظامِ: مُشْرِفُها. وشُخِصَ بِهِ: أَتى إِليه أَمْرٌ يُقْلِقُه. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَة: إِن صاحِبَها اسْتَقْطَعَ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الدَّهْناءَ فأَقْطعَه إِيّاها، قَالَتْ: فشُخِصَ بِي.
يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَتاه مَا يُقْلِقُه: قَدْ شُخِصَ بِهِ كأَنه رُفِعَ مِنَ الأَرض لقَلَقِه وانْزِعاجِه، وَمِنْهُ شُخُوصُ المسافِرِ خُروجُه عَنْ مَنْزلهِ. وشَخَصَت الْكَلِمَةُ فِي الفَمِ تَشْخَصُ إِذا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَفْضِ صَوْتِهِ بِهَا. التَّهْذِيبُ: وشَخَصَت الكلِمةُ فِي الفَمِ نَحْوَ الحنَكِ الأَعْلى، وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الرِّجْلِ خِلْقَةً أَي يَشْخَصُ صَوْتُه لَا يَقْدِر عَلَى خَفْضه. وشَخَصَ عَنْ أَهلِه يَشْخَصُ شُخُوصاً: ذهَبَ. وشَخَصَ إِليهم: رجَعَ، وأَشْخَصَه هُوَ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: إِنما يَقْصُر الصلاةَ مَنْ كَانَ شاخِصاً أَو بِحَضْرة عَدُوٍّ
أَي مُسافِراً. والشاخِصُ: الَّذِي لَا يُغِبُّ الغَزْوَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَما تَرَيْني اليَوْم ثِلْباً شاخِصا
الثِّلْبُ: المُسِنّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب: فَلَمْ يَزَلْ شاخِصاً فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَبَنُو شَخِيصٍ: بُطَيْنٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَحْسَبُهم انْقَرَضُوا. وشَخْصانِ: موضعٌ؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزَةَ:
أَوْقَدَتْها بَيْنَ العَقِيقِ فشَخْصَيْنِ ... بِعُودٍ، كَمَا يَلُوحُ الضِّياءُ
وكلامٌ مُتَشاخِصٌ ومُتَشاخِسٌ أَي مُتَفاوِت.
شرص: الشِّرْصَتانِ: ناحِيتا الناصِية، وَهُمَا أَرَقُّها شَعَراً، وَمِنْهُمَا تَبْدُو النَّزَعةُ عِنْدَ الصُّدْغِ، وَالْجَمْعُ شِرَصةٌ وشِراصٌ؛ قَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ:
صَلْت الجَبِينِ ظَاهِرُ الشِّراصِ
وَقِيلَ: الشِّرْصَتانِ النَّزَعَتانِ اللَّتَانِ فِي جانبِيَ الرأْس عِنْدَ الصُّدْغ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُمَا الشِّرْصان. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا رأَيت أَحْسَنَ مِنْ شِرَصةِ عَليٍ
؛ هِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ الجَلَحةُ، وَهِيَ انْحِسارُ الشعَرِ عَنْ جَانِبَيِ مُقَدَّم الرأْس؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا قَالَ الْهَرَوِيُّ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَهُمَا شِرْصتانِ وَالْجَمْعُ شِراصٌ. ابْنُ دُرَيْدٍ: الشِّرْصةُ النزَعةُ، والشَّرَصُ شَرَصُ الزِّمامِ، وَهُوَ فَقْرٌ يُفْقَرُ عَلَى أَنف النَّاقَةِ، وَهُوَ حَزٌّ، فيُعْطَفُ عَلَيْهِ(7/46)
ثِنْيُ الزِّمام لِيَكُونَ أَسْرَعَ وأَطْوَعَ وأَدْوَمَ لِسَيْرِها؛ وأَنشد:
لَوْلَا أَبو عُمَرٍ حَفْصٌ، لَمَا انْتَجَعَتْ ... مَرْواً قُلُوصِي، وَلَا أَزْرى بِهَا الشَّرَصُ
الشَّرَصُ والشَّرَزُ عِنْدَ الصَّرْع وَاحِدٌ، وَهُمَا الغِلْظةُ مِنَ الأَرض.
شرنص: اللَّيْثُ: جَمَلٌ شِرْناصٌ ضَخْم طَوِيلُ الْعُنُقِ، وَجَمْعُهُ شَرانِيصُ.
شصص: الشَّصَصُ والشِّصاصُ والشَّصاصاءُ: اليُبْس والجُفُوف والغِلَظُ، شَصَّتْ مَعِيشتُهم تَشِصّ شَصّاً وشِصاصاً وشُصُوصاً، وَفِيهَا شَصَصٌ وشِصاصٌ وشَصاصاءُ أَي نَكَدٌ ويُبْسٌ وجُفوفٌ وَشِدَّةٌ. الأَصمعي: إِنهم أَصابَتْهم لأْواءُ ولَوْلاءُ وشَصاصاءُ أَي سَنَة وشِدّة. وَيُقَالُ: انْكَشَفَ عَنِ النَّاسِ شَصاصاءُ مُنْكرة. والشَّصاصاءُ: الغِلَظُ مِنَ الأَرض، وَهُوَ عَلَى شَصاصاء أَمر أَي عَلَى حَدِّ أَمْرٍ وعَجَلةٍ. وَلَقِيتُهُ عَلَى شَصاصاءَ، غَيْرَ مُضَافٍ، أَي عَلَى عَجَلَةٍ كأَنهم جَعَلُوهُ اسْمًا لَهَا، وَلَقِيتُهُ عَلَى شَصاصاءَ وَعَلَى أَوْفازٍ وأَوْفاضٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
نَحْنُ نتَجْنا ناقةَ الحَجّاج ... عَلَى شَصاصاءَ مِنَ النِّتَاجِ
ابْنُ بُزُرج: لَقِيتُهُ عَلَى شَصاصاءَ، وَهِيَ الْحَاجَةُ الَّتِي لَا تَسْتَطِيع تَرْكَها؛ وأَنشد:
عَلَى شَصَاصَاءَ وأَمْرٍ أَزْوَرِ
الْمُفَضَّلُ: الشَّصاصاءُ مَرْكَبُ السَّوْءِ. والشَّصُوصُ: الناقةُ الَّتِي لَا لبَنَ لَهَا، وَقِيلَ: القليلةُ اللَّبَنِ، وَقَدْ أَشَصَّتْ. ابْنُ سِيدَهْ: شَصَّت الناقةُ وَالشَّاةُ تَشِصُّ وتَشَصُّ شِصاصاً وشُصُوصاً وأَشَصَّتْ، وَهِيَ شَصُوصٌ، وَلَمْ يَقُولوا مُشصّ: قَلَّ لَبَنُها جَدًّا، وَقِيلَ: انْقَطَعَ البتَّة، وَالْجَمْعُ شَصائِصُ وشِصاصٌ وشُصُصٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن فُلَانًا اعْتَذَرَ إِليه مِنْ قِلّة اللَّبَنِ وَقَالَ: إِنّ ماشِيَتَنا شُصُصٌ
؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِحَضْرَمِيِّ بْنِ عَامِرٍ وَكَانَ لَهُ تِسْعَةُ إِخوة فَمَاتُوا ووَرِثهم:
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكِرامَ، وأَنْ ... أُورَثَ ذَوْداً شَصائِصاً نَبَلا
وَقَدْ شَرَحْنَا هَذَا فِي فَصْلِ جزأَ. وأَشَصَّت الناقةُ إِذا ذَهَبَ لبنُها مِنَ الكِبَر. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رأَى أَسْلَم يَحْمِل مَتاعَه عَلَى بعيرٍ مِنْ إِبِل الصَّدَقةِ قَالَ: فَهَلَّا نَاقَةً شَصُوصاً
؛ والشَّصُوصُ: الَّتِي قَلَّ لبنُها وذهَبَ. وَيُقَالُ شَاةٌ شَصُوصٌ لِلَّتِي ذَهَبَ لبنُها، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي الصِّحَاحِ يُقَالُ شاةٌ شُصُصٌ لِلَّتِي ذَهَبَ لَبَنُهَا يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ شَاةٌ شَصُوصٌ وشِياهٌ شُصُصٌ، فإِذا قِيلَ شَاةٌ شُصُصٌ فهو وصف بالجمع كحَبْل أَرْمامٌ وثوبٌ أَخْلاقٌ وَمَا أَشبهه. وشَصَّ الإِنسانُ يَشِصُّ شَصّاً: عَضَّ عَلَى نواجِذِه صَبْراً، وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا عَضَّ نوَاجِذَه عَلَى الشَّيْءِ صَبْراً. وَيُقَالُ: نَفى اللَّهُ عَنْكَ الشَّصائِصَ أَي الشدائدَ. وشَصَّت معيشتُهم شُصُوصاً، وإِنهم لَفي شَصاصاءَ أَي فِي شِدَّةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فحَبِّس الرَّكْبَ عَلَى شَصاص
وشَصّه عَنِ الشَّيْءِ وأَشَصّه: منَعَه. والشِّصُّ:(7/47)
اللِّصُّ الَّذِي لَا يَدَعُ شَيْئًا إِلا أَتى عَلَيْهِ، وجمعُه شُصُوصٌ. يُقَالُ: إِنه شِصٌ مِنَ الشُّصُوصِ. والشَّصُّ والشِّصُّ: شَيْءٌ يُصادُ بِهِ السَّمَكُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحْسَبُه عَرَبِيًّا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ فِي رَجُلٍ أَلْقى شِصَّهُ وأَخذ سَمَكةً
: الشِّصُّ الشَّصُّ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، حَدِيدَةٌ عَقْفاءُ يُصادُ بها السمك.
شقص: الشِّقْصُ والشَّقيصُ: الطَّائِفَةُ مِنَ الشَّيْءِ والقطْعةُ مِنَ الأَرض، تَقُولُ: أَعطاه شِقْصاً مِنْ مَالِهِ، وَقِيلَ: هُوَ قليلٌ مِنْ كَثِيرٍ، وَقِيلَ: هُوَ الحَظُّ. وَلَكَ شِقْصُ هَذَا وشَقِيصُه كَمَا تَقُولُ نِصْفُه ونَصِيفُه، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَشْقاصٌ وشِقاصٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي بَابِ الشُّفْعةِ: فإِن اشْتَرَى شِقْصاً مِنْ ذَلِكَ؛ أَراد بالشِّقْصِ نَصِيباً مَعْلُومًا غَيْرَ مَفْروز، قَالَ شَمِرٌ: قَالَ أَعرابي اجْعل مِنْ هَذَا الجَرّ شَقِيصاً أَي بِمَا اشْتَرَيتها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا من هُذيل أَعْتَقَ شِقْصاً مِنْ مَمْلُوكٍ فأَجازَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: ليس لله شَرِيكٌ
؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ خَالِدٌ النَّصِيبُ والشِّرك والشِّقْصُ واحدٌ؛ قَالَ شَمِرٌ: والشَّقِيصُ مِثْلُهُ وَهُوَ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. قَالَ الأَزهري: وإِذا فُرِزَ جازَ أَن يُسَمَّى شِقْصاً، وَمِنْهُ تَشْقِيصُ الجَزَرةِ وَهُوَ تَعْضِيَتُها وتفصيلُ أَعضائِها وتَعْدِيلُ سِهامِها بَيْنَ الشُّرَكاءِ. والشاةُ الَّتِي تَكُونُ لِلذَّبْحِ تُسَمَّى جَزَرةً، وأَما الإِبل فالجَزور. وَرُوِيَ عَنِ
الشَّعْبِيِّ أَنه قَالَ: مَنْ بَاعَ الخَمْرَ فلْيُشَقِّص الخنازِيرَ
أَي فلْيستَحِلَّ بيعَ الْخَنَازِيرِ أَيضاً كَمَا يَسْتَحِلّ بيعَ الخمرِ؛ يَقُولُ: كَمَا أَن تَشْقِيصَ الخنازيرِ حرامٌ كَذَلِكَ لَا يَحِلُّ بيعُ الْخَمْرِ، مَعْنَاهُ فلْيُقَطِّع الخَنازِيرَ قِطَعاً ويُعَضِّيها أَعْضاءً كَمَا يُفْعل بِالشَّاةِ إِذا بِيعَ لحمُها. يقال: شَقَّصَه يُشَقِّصُه، وَبِهِ سُمِّي القَصّابُ مُشَقِّصاً؛ الْمَعْنَى مَنِ اسْتَحَلّ بيعَ الخمرِ فلْيَسْتَحِلَّ بَيْعَ الخِنْزِيرِ فإِنهما فِي التَّحْرِيمِ سَوَاءٌ، وَهَذَا لفظٌ مَعْنَاهُ النَّهي، تقديرُه مَنْ باعَ الخمرَ فليكنْ لِلْخَنازيرِ قَصّاباً وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ كَلَامِ الشَّعْبِيِّ وَهُوَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للقَصّاب مُشَقِّصٌ. والمِشْقَصُ مِنَ النِّصَال: مَا طالَ وعَرُضَ؛ قَالَ:
سِهَامٌ مَشاقِصُها كالحِراب
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهَدُهُ أَيضاً قَوْلُ الأَعشى:
فَلَوْ كُنْتُمُ نَخْلًا لكُنْتُمْ جُرَامةً، ... وَلَوْ كنتمُ نَبْلًا لكُنْتُمْ مشاقِصَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَوَى سعدَ بْنَ مُعاذٍ فِي أَكْحلِه بمِشْقَصٍ ثم حَسَمَه
؛ المِشْقَصُ: نصلُ السهمِ إِذا كَانَ طَوِيلًا غيرَ عريضٍ، فإِذا كَانَ عَريضاً فَهُوَ المِعْبَلةُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فأَخَذَ مَشَاقِصَ فقَطَعَ بَراجِمَه
، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ مُفْرَدًا وَمَجْمُوعًا؛ المِشْقَصُ مِنَ النِّصَالِ: الطويلُ وَلَيْسَ بِالْعَرِيضِ، فأَما العَرِيضُ الطَّوِيلُ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ فِتْر فَهُوَ المِعْبَلة، والمِشْقَصُ عَلَى النِّصْفِ مِنَ النَّصْل وَلَا خَيْرَ فِيهِ يَلْعَب بِهِ الصبيانُ وَهُوَ شَرُّ النَّبْلِ وأَحْرَضُه، يُرْمى بِهِ الصَّيْدُ وَكُلُّ شَيْءٍ وَلَا يُبالى انْفِلالُه؛ قَالَ الأَزهري: والدليلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قولُ الأَعشى:
وَلَوْ كنتمُ نَبْلًا لَكُنْتُمْ مَشَاقِصًا
يَهْجُوهم ويُرَذِّلُهم. والمِشْقَصُ: سهمٌ فِيهِ نَصْل عَرِيضٌ يُرْمى بِهِ الوحشُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا(7/48)
التَّفْسِيرُ للمِشْقَص خطأٌ، وَرَوَى أَبو عُبَيْدَةَ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: المِشْقَصُ مِنَ النِّصَالِ الطويلُ، وَفِي تَرْجَمَةِ حَشَا: المِشْقَصُ السهمُ العريضُ النَّصْلِ. اللَّيْثُ: الشَّقِيص فِي نَعْتِ الْخَيْلِ فَراهةٌ وجَوْدةٌ، قَالَ: وَلَا أَعرفه. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّقِيصُ الفرسُ الجَوَادُ. وأَشاقِيصُ: اسْمُ مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ لِبَنِي سَعْدٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
يُطِعْن بِجوْنٍ ذِي عَثانِينَ لَمْ تَدَعْ ... أَشاقِيصُ فِيهِ والبَديَّان مَصْنَعا
أَراد بِهِ الْبُقْعَةَ فأَنّثه. والشَّقِيصُ: الشريكُ؛ يُقَالُ: هُوَ شَقِيصِي أَي شَرِيكي فِي شِقْصٍ مِنَ الأَرض، والشَّقِيصُ: الشيءُ الْيَسِيرُ؛ قَالَ الأَعشى:
فتِلْكَ الَّتِي حَرَمَتْكَ المتَاع، ... وأَوْدَتْ بِقَلبِكَ إِلّا شَقِيصا
شكص: رجلٌ شَكِصٌ: بِمَعْنَى شَكِسٍ، وَهِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ.
شمص: شَمَصَه ذَلِكَ يَشْمُصُه شُمُوصاً: أَقْلَقَه. وَقَدْ شَمَصَتْني حاجَتُكَ أَي أَعْجَلَتْنِي، وَقَدْ أَخذَه مِنَ الأَمر شُمَاصٌ أَي عَجَلةٌ. وشمَّصَ الإِبلَ: ساقَها وطرَدَها طرْداً عَنِيفاً، وشَمَّصَ الفرسَ: نَخَسَه أَو نَزَّقَه لِيَتَحَرَّكَ؛ قَالَ:
وإِنّ الخَيْلَ شَمَّصَها الوَلِيدُ
اللَّيْثُ: شَمَصَ فلانٌ الدوابَّ إِذا طَرَدَهَا طَرْدًا عَنِيفًا. فأَما التَّشْمِيصُ: فأَنْ تَنْخُسَه حَتَّى يَفْعل فِعْلَ الشَّمُوصِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَذَكَرَ كُرَاعٌ فِي كِتَابِ الْمُنَضَّدِ شَمَصَت الفَرَسُ وشَمَسَتْ وَاحِدٌ. والشِّمَاصُ والشِّمَاسُ، بِالسِّينِ وَالصَّادِ، سواءٌ. ودابَّةٌ شَمُوصٌ: نَفُور كشَمُوسٍ. وحادٍ شَموصٌ: هَذَّاف؛ قَالَ:
وساقَ بَعِيرَهم حَادٍ شَمُوصُ
والمَشْمُوصُ: الَّذِي قَدْ نُخِسَ وحُرِّك، فَهُوَ شاخصُ الْبَصَرِ؛ وأَنشد:
جاؤوا مِنَ المِصْرَينِ باللُّصُوصِ، ... كُلُّ يتيمٍ ذِي قَفاً مَحْصُوصِ
لَيْسَ بِذِي بَكْرٍ وَلَا قَلوصِ، ... بِنَظَرٍ كنَظَرِ المَشْمُوصِ
والإِشْمَاصُ: الذُّعْرُ؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عِجْل:
أَشْمَصَتْ لَمّا أَتانا مُقْبلا
التَّهْذِيبُ: الانْشِمَاصُ الذُّعْرُ؛ وأَنشد:
فانْشَمَصَتْ لَمَّا أَتاها مُقْبِلا، ... فهابَها فانْصاعَ ثُمَّ وَلْوَلا
وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ للأَسود العِجْلي؛ وأَنشد لِآخَرَ:
وأَنْتُمْ أُناسٌ تُشْمِصُونَ مِنَ القَنَا، ... إِذا مارَ فِي أَعْطافِكمْ وتأَطَّرَا
وَجَارِيَةٌ ذاتُ شِمَاصٍ وملاصٍ: ذَكَرَهَا فِي تَرْجَمَةِ مَلَصَ. ابْنُ الأَعرابي: شَمَصَ إِذا آذَى إِنْساناً حَتَّى يَغْضَب. والشَّمَاصَاء: الغِلَظ واليُبْس مِنَ الأَرض كالشَّصَاصاءِ.
شنص: شَنَصَ يَشْنُصُ شُنُوصاً: تَعَلَّقَ بِالشَّيْءِ. والشانِصُ: الْمُتَعَلِّقُ بِالشَّيْءِ. وَفَرَسٌ شَنَاصٌ وشَناصِيٌّ: طويلٌ نَشِيطٌ مِثْلُ دَوٍّ ودَوِّيّ(7/49)
وقَعْسَرٍ وقَعْسَرِيٍّ ودَهْر دَوَّار وَدَوَّارِيٌّ، وَقِيلَ: فَرَسٌ شَنَاصِيّ نَشِيطٌ طَوِيلُ الرأْس. أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ شَنَاصِيّ، والأُنثى شَنَاصِيّة، وَهُوَ الشَّدِيدُ؛ وأَنشد لِمَرَّارِ بْنِ مُنْقِذ:
شُنْدُفٌ أَشْدَفُ مَا وَرَّعْتُه، ... وشَنَاصِيٌّ إِذا هِيجَ طَمَرْ
وشُناص، بِالضَّمِّ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
دَفَعْناهُنّ بالحَكَمَاتِ، حَتَّى ... دُفِعْن إِلى عُلًا وإِلى شُنَاص
وعُلًا: موضع أَيضاً.
شنبص: شَنْبَص: اسم.
شوص: الشَّوْصُ: الغَسْلُ والتَّنْظِيفُ. شاصَ الشيءَ شَوْصاً: غَسَلَه. وشاصَ فَاهُ بالسِّواكِ يَشُوصُه شَوْصاً: غَسَلَه؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَقِيلَ: أَمَرَّه عَلَى أَسْنانهِ عَرْضاً، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَفْتَح فَاهُ ويُمِرَّه عَلَى أَسْنانِه مِنْ سُفْلٍ إِلى عُلْوٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَطْعَن بِهِ فِيهَا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: وهو يَشُوصُ أَي يَسْتاكُ. أَبو عُبَيْدَةَ: شُصْتُ الشيءَ نقَّيْتُه، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: شَوْصُه دلْكهُ أَسْنانَه وشِدْقَه وإِنْقاؤه. وَفِي الْحَدِيثِ:
اسْتَغْنُوا عَنِ النَّاسِ وَلَوْ بَشَوْصِ السِّواكِ
أَي بغُسَالَته، وَقِيلَ: بِمَا يَتَفَتَّتُ مِنْهُ عِنْدَ التَّسَوُّكِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَشُوصُ فَاهُ بالسِّواك.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الشَّوْصُ الغَسْل. وكلُّ شَيْءٍ غَسَلْته، فَقَدَ شُصْتَه تَشُوصُه شَوْصاً، وَهُوَ المَوْصُ. يُقَالُ: ماصَه وشاصَه إِذا غسَله. الْفَرَّاءُ: شاسَ فَمَه بالسِّواك وشاصَه، وَقَالَتِ امرأَة: الشَّوْصُ بِوَجَعٍ والشَّوْسُ أَلْيَنُ مِنْهُ. وشاصَ الشيءَ شَوْصاً: دَلَكه. أَبو زَيْدٍ: شاصَ الرجلُ سواكَه يَشُوصُه إِذا مَضَغَه واسْتَنَّ بِهِ فَهُوَ شائصٌ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّوْص الدَّلْك، والمَوْصُ الغَسْل. والشَّوْصةُ والشُّوصَةُ، والأَول أَعلى: ريحٌ تَنْعَقِدُ فِي الضُّلُوعِ يَجِدُ صاحبُها كالوَخْزِ فِيهَا، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ شاصَتْه الرِّيحُ بَيْنَ أَضْلاعه شَوْصاً وشَوَصَاناً وشُؤوصة. والشَّوْصةُ: رِيحٌ تأْخذ الإِنسان فِي لَحْمِه تَجُول مرَّة هَاهُنَا وَمَرَّةً هَاهُنَا وَمَرَّةً فِي الْجَنْبِ وَمَرَّةً فِي الظَّهْرِ وَمَرَّةً فِي الحَوَاقِن. تَقُولُ: شاصَتْنِي شَوْصَةٌ، والشَّوائِص أَسْماؤها؛ وَقَالَ جَالِينُوسُ: هُوَ وَرَمٌ فِي حِجاب الأَضلاع مِنْ دَاخِلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَبَقَ العاطِسَ بالحمْدِ أَمِنَ الشَّوْصَ واللَّوْصَ والعِلَّوْصَ
؛ الشَّوْص: وجعُ الْبَطْنِ مِنْ رِيحٍ تَنْعَقِدُ تَحْتَ الأَضلاع. وَرَجُلٌ بِهِ شَوْصةٌ؛ والشَّوْصةُ: الرَّكْزَةُ؛ بِهِ رَكْزَةٌ أَي شَوْصةٌ. وَرَجُلٌ أَشْوَصُ إِذا كَانَ يَضْرِبُ جَفْنُ عينِه إِلى السَّوَادِ. وشَوِصَت العَيْنُ شَوْصاً، وَهِيَ شَوْصاءُ: عَظُمَت فَلَمْ يَلْتَقِ عَلَيْهَا الجَفْنانِ، والشَّوَصُ فِي العَين، وَقَدْ شَوِصَ شَوْصاً وشاصَ يَشَاصُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الشَّوَسُ، بِالسِّينِ فِي الْعَيْنِ، أَكْثرُ مِنَ الشَّوَصِ. وشاصَ بِهِ المرضُ شَوْصاً وشَوَصاً: هاجَ. وشاصَ بِهِ العِرْق شَوْصاً وشَوَصاً: اضْطَرَبَ. وَشَاصَ الشيءَ شَوْصاً: زَعْزَعَه. وَقَالَ الهَوازني: شاصَ الولَدُ فِي بَطْنِ أُمِّه إِذا ارْتَكَضَ، يَشُوصُ شَوْصةً.
شيص: الشِّيصُ والشِّيصَاءُ: رَدِيء التَّمْرِ، وَقِيلَ: هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ واحدتُه شِيصةٌ وشِيصَاءَة مَمْدُودٌ، وَقَدْ أشاصَ النخلُ وأَشاصَت وشَيَّصَ النخلُ؛(7/50)
الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ؛ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلتَّمْرِ الَّذِي لَا يشتدُّ نَوَاهُ ويَقْوَى وَقَدْ لَا يَكُونُ لَهُ نَوًى أَصلًا، والشِّيشاءُ هُوَ الشِّيصُ، وإِنما يُشَيِّصُ إِذا لَمْ يُلْقَحْ؛ قَالَ الأُموي: هِيَ فِي لُغَةُ بَلْحَرْثِ بْنِ كَعْبٍ الصِّيصُ. الأَصمعي: صَأْصأَت النَّخْلَةُ إِذا صَارَتْ شِيصاً، وأَهلُ الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَ الشِّيصَ السَّخْلَ، وأَشاصَ النخلُ إِشاصةً إِذا فسَدَ وَصَارَ حملُه الشِّيصَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ تَأْبِير نَخْلهم فَصَارَتْ شِيصًا.
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: شَيَّصَ فلانٌ الناسَ إِذا عذَّبَهم بالأَذَى، قَالَ: وَبَيْنَهُمْ مُشايَصةٌ أَي مُنافرةٌ. وَيُقَالُ: أَشاصَ بِهِ إِذا رفَعَ أَمرَه إِلى السُّلْطَانِ؛ قَالَ مَقّاس الْعَائِذِيُّ:
أَشاصَتْ بِنَا كَلْب شُصُوصاً، وواجَهَت ... عَلَى رافِدينا بِالْجَزِيرَةِ تَغْلب
فصل الصاد المهملة
صعفص: الأَزهري: الصَّعْفَصةُ السِّكْباجُ. وَحُكِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ: أَهل اليَمامة يُسَمُّونَ السِّكْباجةَ صَعْفَصةً، قَالَ: وتَصْرف رَجُلًا تُسَمِّيهِ بِصَعْفَص إِذا جَعَلْتَهُ عَرَبِيًّا.
صوص: رَجُلٌ صُوصٌ: بَخِيل. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: ناقةٌ أَصُوصٌ عَلَيْهَا صُوصٌ أَي كَرِيمَةٌ عَلَيْهَا بَخِيلٌ. والصُّوصُ: المنفردُ بِطَعَامِهِ لَا يُؤاكلُ أَحداً. ابْنُ الأَعرابي: الصُّوص هُوَ الرَّجُلُ اللَّئِيمُ الَّذِي يَنْزِل وَحْدَهُ ويأْكل وَحْدَهُ، فإِذا كَانَ بِاللَّيْلِ أَكَلَ فِي ظلِّ الْقَمَرِ لِئَلَّا يَرَاهُ الضيفُ؛ وأَنشد:
صُوص الغِنَى سَدَّ غِناه فَقْرَه
يَقُولُ: يُعَفِّي عَلَى لُؤْمِه ثَرْوتُه وَغِنَاهُ، قَالَ: وَيَكُونُ الصُوصُ جمعاً؛ وأَنشد:
وأَلْفَيْتُكم صُوصاً لُصُوصاً، إِذا دجَا الظلامُ، ... وهَيَّابِينَ عِنْدَ البَوارِق
وَقِيلَ: الصُّوصُ اللئيمُ القليلُ الندَى والخير.
صيص: ابْنُ الأَعرابي: أَصَاصَت النَّخْلة إِصَاصةً وصَيَّصَت تَصْيِيصاً إِذا صَارَتْ شِيصاً، قَالَ: وَهَذَا مِنَ الصِّيصِ لَا مِنَ الصِّيصَاء، يُقَالُ: مِنَ الصِّيصَاء صَأْصَت صِيصَاءً. والصِّيصُ فِي لُغَةُ بَلْحَرْثِ بْنِ كَعْبٍ: الحَشَف مِنَ التَّمْرِ. والصِّيصُ والصِّيصَاءُ: لُغةٌ فِي الشِّيصِ والشِّيصَاء. والصِّيصَاءُ: حبُّ الْحَنْظَلِ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ لُبٌّ؛ وأَنشد أَبو نَصْرٍ لِذِي الرُّمَّةِ:
وكائنْ تَخَطّتْ ناقَتِي مِنْ مَفازةٍ ... إِليك، وَمِنْ أَحْواض ماءٍ مُسَدَّمِ
بأَرْجائه القِرْدان هَزْلى، كأَنها ... نوادِرُ صِيصَاء الهَبِيدِ المحَطَّمِ
وصفَ مَاءً بعِيد العهدِ بورُود الإِبل عَلَيْهِ فقِرْدانُه هَزْلى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى بأَعْقارِه الْقِرْدَانُ، وَهُوَ جَمْعُ عُقْرٍ، وَهُوَ مَقَامُ الشَّارِبَةِ عِنْدَ الْحَوْضِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ الدِّينَوَرِيّ: قَالَ أَبو زِيَادٍ الأَعرابي وَكَانَ ثِقَةً صدُوقاً إِنه رُبَّمَا رَحَلَ النَّاسُ عَنْ دَارِهِمْ بِالْبَادِيَةِ وَتَرَكُوهَا قِفَاراً، والقِرْدانُ مُنْتَشِرَةٌ فِي أَعطان الإِبل وأَعْقارِ الْحِيَاضِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِليها عَشْرَ سِنِينَ وَعِشْرِينَ سَنَةً ولا يَخْلُفهم فِيهَا أَحدٌ سِوَاهُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِليها فَيَجِدُونَ القِرْدانَ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ أَحياء وَقَدْ أَحَسّت بِرَوَائِحِ الإِبل قَبْلَ أَن تُوافي فَتَحَرَّكَتْ؛ وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ الْمَذْكُورَ، وصِيصاءُ الهَبيدِ مهزولُ حَبِّ الحَنْظَلِ لَيْسَ إِلا الْقِشْرُ وَهَذَا للقُرادِ أَشبهُ(7/51)
شَيْءٍ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُ قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
قِرْدانُه، فِي العَطَنِ الحَوْليّ، ... سُودٌ كَحَبِّ الحَنْظلِ المَقْلِيّ
والصِّيصيةُ: شَوْكةُ الْحَائِكِ الَّتِي يُسَوِّي بِهَا السَّدَاةَ واللُحْمة؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمة:
فجئتُ إِليه، والرِّماحُ تَنُوشُه، ... كوَقْعِ الصَّياصِي فِي النَّسِيج المُمَدَّدِ
وَمِنْهُ صِيصِيةُ الدِّيكِ الَّتِي فِي رِجْله. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَقُّ صِيصِية شَوْكَةِ الْحَائِكِ أَن تُذْكر فِي الْمُعْتَلِّ لأَن لَامَهَا ياءٌ وَلَيْسَ لامُها صَادًا. وصَياصِي البقرِ: قُرونها وَرُبَّمَا كَانَتْ تُرَكّبُ فِي الرِّماح مكانَ الأَسِنّة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَبْدِ بَنِي الحَسْحاسِ:
فأَصْبَحَت الثِّيرانُ غَرْقَى، وأَصْبَحَتْ ... نِساءُ تَميم يَلْتَقِطْن الصَّياصَيا
أَي يَلْتَقِطْنَ القرونَ لينْسِجْن بِهَا؛ يُرِيدُ لِكَثْرَةِ الْمَطَرِ غَرِقَ الوَحْشُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً تَكُونُ فِي أَقطار الأَرض كأَنها صَياصِي بقرٍ أَي قُرونُها، واحدتُها صِيصة، بِالتَّخْفِيفِ، شبَّه الْفِتْنَةَ بِهَا لِشِدَّتِهَا وَصُعُوبَةِ الأَمر فِيهَا. والصَّياصي: الحُصونُ. وكلُّ شَيْءٍ امْتُنِع بِهِ وتُحُصِّنَ بِهِ، فَهُوَ صِيصةٌ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحُصُونِ: الصَّياصِي؛ قِيلَ: شبَّه الرماحَ الَّتِي تُشْرَع فِي الْفِتْنَةِ وَمَا يُشَبِّهُهَا مِنْ سَائِرِ السِّلَاحِ بِقُرُونِ بَقَرٍ مُجْتَمِعَةٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَصحابُ الدَّجَّالِ شَوارِبُهم كالصَّياصي
، يَعْنِي أَنهم أَطالُوها وفَتَلُوها حَتَّى صَارَتْ كأَنها قرونُ بَقَرٍ. والصِّيصَة أَيضاً: الوَتِدُ الَّذِي يقْلَع بِهِ التَّمْر، والصِّنّارةُ الَّتِي يُغْزَل بها ويُنْسَج.
فصل العين المهملة
عبقص: العَبْقَصُ والعُبْقُوصُ: دُوَيْبّة.
عرص: العَرْصُ: خشبةٌ تُوضَعُ عَلَى الْبَيْتِ عَرْضاً إِذا أَرادُوا تَسْقِيفَه وتُلْقى عليه أَطرافُ الْخَشَبِ الصِّغَارِ، وَقِيلَ: هُوَ الحائطُ يُجْعَل بَيْنَ حَائِطَيِ الْبَيْتِ لَا يُبْلَغ بِهِ أَقصاه، ثُمَّ يُوضع الجائزُ مِنْ طَرَفِ الْحَائِطِ الدَّاخِلِ إِلى أَقصى الْبَيْتِ ويسقّفُ البيتُ كُلُّهُ، فَمَا كَانَ بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ فَهُوَ سَهْوةٌ، وَمَا كَانَ تَحْتَ الْجَائِزِ فَهُوَ مُخْدَع، وَالسِّينُ لُغَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: رَوَاهُ اللَّيْثُ بِالصَّادِ وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ بِالسِّينِ، وَهُمَا لُغَتَانِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: نَصَبت عَلَى بَابِ حُجْرَتي عَباءَةً مقْدَمَه مِنْ غَزاة خَيْبَر أَو تَبُوك فهَتَكَ العَرْصَ حَتَّى وقَعَ بالأَرض
؛ قَالَ الْهَرَوِيُّ: الْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ بِالصَّادِ وَالسِّينِ، وَهُوَ خَشَبَةٌ تُوضَعُ عَلَى الْبَيْتِ عَرْضاً كَمَا تَقَدَّمَ؛ يُقَالُ: عَرّصْتُ البيتَ تَعْرِيصاً، وَالْحَدِيثُ جَاءَ فِي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وشرحَه الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ، وفي غريب الحديث بالصاد الْمُهْمَلَةِ، وَقَالَ: قَالَ الرَّاوِي العَرْضَ، وَهُوَ غَلَطٌ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. وَقَالَ الأَصمعي: كُلُّ جَوْبةٍ مُنْفَتِقة لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ فَهِيَ عَرْصةٌ. قَالَ الأَزهري: وَتُجْمَعُ عِراصاً وعَرَصاتٍ. وعَرْصةُ الدارِ: وسَطُها، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَا بِنَاءَ فِيهِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لاعْتِراصِ الصِّبْيَانِ فِيهَا. والعَرْصةُ: كُلُّ بُقْعةٍ بَيْنَ الدُّورِ واسعةٍ لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْب:
تَحمَّلَ أَصحابي عِشَاءً، وغادَرُوا ... أَخا ثِقَة، فِي عَرْصةِ الدارِ، ثاوِيا(7/52)
وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: فِي عَرَصات جَثْجاث
؛ العَرَصاتُ: جَمْعُ عَرْصة، وَقِيلَ: هِيَ كُلُّ مَوْضِعٍ وَاسِعٍ لَا بِنَاءَ فِيهِ. والعَرّاصُ مِنَ السَّحَابِ: مَا اضْطرب فِيهِ البرقُ وأَظَلَّ مِنْ فوقُ فقَرُب حَتَّى صَارَ كالسَّقْف وَلَا يَكُونُ إِلا ذَا رعدٍ وبَرْقٍ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الَّذِي لَا يَسْكُنُ برقُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ظَليماً:
يَرْقَدُّ فِي ظِلّ عَرّاصٍ، ويَطْرُدُه ... حَفِيفُ نافجةٍ، عُثْنونُها حَصِبُ
يرقَدّ: يُسْرِع فِي عَدْوِه. وعُثْنونُها: أَوَّلُها. وحَصِبٌ: يأْتي بالحَصْباء. وعَرِصَ البَرْقُ عَرَصاً واعْتَرَصَ: اضْطَرَبَ. وَبَرْقٌ عَرِصٌ وعرّاصٌ: شَدِيدُ الِاضْطِرَابِ والرعدِ والبرقِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ عَرَصَت السماءُ تَعْرِصُ عَرْصاً أَي دامَ برْقُها. ورُمْحٌ عَرّاصٌ: لَدْن المَهَزّة إِذا هُزّ اضْطَرَبَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنْ كُلِّ أَسْمَرَ عَرّاصٍ مَهَزّته، ... كأَنه بِرَجا عادِيّةٍ شَطَنُ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
مِنْ كُلِّ عَرّاصٍ إِذا هُزَّ عَسَلْ
وَكَذَلِكَ السَّيْفُ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
مِنْ كُلِّ عَرّاصٍ إِذا هُزَّ اهْتَزَعْ، ... مِثْلِ قُدَامى النَّسْرِ مَا مَسَّ بَضَعْ
يُقَالُ: سَيْفٌ عَرّاصٌ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي العَرَصِ والعَرِصِ:
يُسِيلُ الرُّبى، وَاهِي الكُلى، عَرِصُ الذُّرى، ... أَهِلَّةُ نَضّاخِ النَّدَى سابِغُ القَطْرِ
والعَرَصُ والأَرَنُ: النَّشاطُ، والتَّرَصُّع مِثْلُهُ. وعَرِصَ الرجلُ يَعْرَص عَرَصاً واعْتَرَصَ: نَشِطَ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ إِذا قَفَزَ ونَزا، والمَعْنيانِ مُتَقاربانِ. وعَرِصَت الهِرَّةُ واعْتَرَصَت: نَشِطَت واسْتَنَّتْ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:
إِذا اعْتَرَصْتَ كاعْتِراصِ الهِرّهْ، ... يُوشِك أَن تَسْقُط فِي أُفُرّهْ
الأُفُرّةُ: البَلِيّةُ والشدّةُ. وبَعِيرٌ مُعَرَّصٌ: لِلَّذِي ذَلَّ ظهرُه وَلَمْ يَذِلَّ رأْسُه. وَيُقَالُ: تركتُ الصِّبْيانَ يَلْعبُون ويَمْرَحُونَ ويَعْتَرِصُونَ. وعَرِصَ القومُ عَرَصاً: لَعِبوا وأَقبلوا وأَدبروا يُحْضِرُونَ. ولَحْمٌ مُعَرَّصٌ أَي مُلْقىً فِي العَرْصة للجُفوفِ؛ قَالَ المخبَّل:
سَيَكْفِيكَ صَرْبَ القومِ لحمٌ مُعَرَّصٌ ... وماءُ قُدورٍ، فِي القِصاع، مَشِيبُ
وَيُرْوَى مُعَرَّضٌ، بِالضَّادِ، وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الأَزهري فِي التَّهْذِيبِ للمخبَّل فَقَالَ: وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ بَيْتَ المُخَبَّل، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ السُّليك بْنُ السُّلَكة السَّعْدِيُّ. وَقِيلَ: لَحْمٌ مُعَرَّصٌ أَي مُقَطَّع، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُلْقى عَلَى الجمرِ فَيَخْتَلِطُ بِالرَّمَادِ وَلَا يَجُودُ نُضْجُه، قَالَ: فإِن غَيَّبْتَه فِي الْجَمْرِ فَهُوَ مَمْلولٌ، فإِن شَوَيْتَه فَوْقَ الْجَمْرِ فَهُوَ مُفْأَدٌ وفَئِيد، فإِن شُوي عَلَى الْحِجَارَةِ المُحْماة فَهُوَ مُحْنَذٌ وحَنِيذ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يُنْعَمْ طَبْخُه وَلَا إِنْضاجُه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ عَرَّصْت اللَّحْمَ إِذا لَمْ تُنْضِجْه، مَطْبُوخًا كَانَ أَو مَشْويّاً، فَهُوَ مُعَرَّصٌ. والمُضَهَّبُ: مَا شُوِي عَلَى النارِ وَلَمْ يَنْضَجْ.(7/53)
والعَرُوصُ: الناقةُ الطيّبةُ الرَّائِحَةِ إِذا عَرِقت. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: تَعَرَّصْ وتَهَجَّسْ وتَعَرَّجْ أَي أَقِمْ. وعَرِصَ البيتَ عَرَصاً: خَبُثَت رِيحُه وأَنْتَنَ، وَمِنْهُمْ مَنْ خصَّ فَقَالَ: خبُثَت ريحُه مِنَ النَّدَى. ورَعَصَ جِلْدُهُ وارْتَعَصَ واعْتَرَصَ إِذا اخْتَلَج.
عرفص: العَرافِيصُ: لُغَةٌ فِي العَراصِيف، وَهُوَ مَا عَلَى السَّناسِن مِنَ العصَب كالعَصافير. والعِرْفاصُ: العَقَب الْمُسْتَطِيلُ كالعِرْصاف. والعِرْفاص: الخُصْلةُ مِنَ العَقَبِ الَّتِي يُشَدُّ بِهَا عَلَى قُبَّة الهَوْدَج، لُغَةٌ فِي العِرْصاف. والعِرْفاص: السَّوْطُ مِنَ العَقَبِ كالعِرْصاف أَيضاً؛ أَنشد أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ:
حَتَّى تَرَدَّى عَقَبَ العِرْفاصِ
والعِرْفاصُ: السوطُ الَّذِي يُعاقِب بِهِ السلطانُ. وعَرْفَصْت الشَّيْءَ إِذا جَذَبْته مِنْ شَيْءٍ فشَقَقْته مُسْتَطِيلًا. والعَراصِيفُ: مَا عَلَى السَّناسِن كالعَصافِير؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى العَرافِيصَ فِيهِ لغة.
عرقص: العُرْقُصُ والعُرَقِصُ والعُرْقُصاءُ والعُرَيْقِصاءُ والعُرَيْقصانُ والعَرَنْقُصانُ والعَرَقْصانُ والعَرَنْقَصُ، كُلُّهُ: نَبْتٌ، وَقِيلَ: هُوَ الحَنْدَقُوق، الْوَاحِدَةُ بِالْهَاءِ. وَقَالَ الأَزهري: العُرْقُصاءُ والعُرَيْقِصاءُ نَبَاتٌ يَكُونُ بِالْبَادِيَةِ، وَبَعْضٌ يَقُولُ عُرَيْقِصانة؛ قَالَ: وَالْجَمْعُ عُرَيْقِصان، قَالَ: وَمَنْ قَالَ عُرَيْقِصاء وعُرْقُصاء فَهُوَ فِي الْوَاحِدَةِ، وَالْجَمْعُ ممدودٌ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: العَرَقُصان والعَرَتُن مَحْذُوفَانِ، الأَصلُ عَرَنْتُن وعَرَنْقُصان فَحَذَفُوا النُّونَ وأَبْقَوْا سَائِرَ الْحَرَكَاتِ عَلَى حَالِهَا، وَهُمَا نَبْتان. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عُرَيقِصانٌ نبْتٌ، واحدتُه عُرَيْقِصانة. وَيُقَالُ: عَرَقُصان بِغَيْرِ يَاءٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعَرَقُصانُ والعَرَنْقُصانُ دَابَّةٌ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: دَابَّةٌ مِنَ الحَشَرات، وَقَالَ عَنِ الْفَرَّاءِ: العَرْقَصةُ مَشْيُ الحيّة.
عصص: العَصُّ: هُوَ الأَصلُ الْكَرِيمُ وَكَذَلِكَ الأَصُّ. وعَصَّ يَعَصُّ عَصّاً وعَصَصاً: صَلُبَ واشْتَدّ. والعُصْعُصُ والعَصْعَصُ والعُصَصُ والعُصُصُ والعُصْعُوصُ: أَصل الذَّنَبِ، لُغَاتٌ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ، وَهُوَ العُصُوص أَيضاً، وجمعُه عَصاعِصُ. وَفِي حَدِيثِ
جَبَلةَ بْنِ سُحَيم: مَا أَكلت أَطْيَبَ مِنْ قَلِيّة العَصاعص
، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَمْعُ العُصعُص وَهُوَ لَحْمٌ فِي بَاطِنِ أَلْيةِ الشَّاةِ، وَقِيلَ: هُوَ عظمُ عَجْبِ الذنَب. وَيُقَالُ: إِنه أَول مَا يُخْلَق وآخرُ مَا يَبْلى؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ بقرٍ أَو أُتُنٍ:
يَلْمَعْن إِذ وَلَّيْنَ بالعَصاعِص، ... لَمْعَ البُرُوقِ فِي ذُرى النَّشائص
وَجَعَلَ أَبو حَنِيفَةَ العَصاعِصَ للدِّنانِ فَقَالَ: والدِّنانُ لَهَا عَصاعِصُ فَلَا تقعُد إِلا أَن يُحْفَر لَهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والمَعْصُوصُ الذاهبُ اللَّحْمِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ ضيّقُ العُصْعُصِ أَي نَكِدٌ قَلِيلُ الْخَيْرِ، وَهُوَ مِنْ إِضافة الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ إِلى فَاعِلِهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، وذكَرَ ابنَ الزُّبَير: لَيْسَ مثلَ الحَصِر العُصْعُصِ
فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ:
لَيْسَ مِثْلَ الْحَصِرِ العَقِص
، وَسَنَذْكُرُهُ فِي موضعه.
عفص: العَفْصُ: مَعْرُوفٌ يَقَعُ عَلَى الشَّجَرِ وَعَلَى الثَّمَرِ. وأَعْفَصَ الحِبْرَ: جَعَلَ فِيهِ العَفْصَ. والعَفْصُ:(7/54)
الَّذِي يُتَّخذُ مِنْهُ الحِبْرُ، مولَّد وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ أَهل الْبَادِيَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: العَفْصُ لَيْسَ مِنْ نَبَاتِ أَرض الْعَرَبِ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ طَعَامٌ عَفِصٌ، وَطَعَامٌ عَفِصٌ: بَشِعٌ وَفِيهِ عُفُوصةٌ ومَرارَةٌ وتقبُّضٌ يعْسُر ابتلاعُه. والعَفْصُ: حَمْلُ شَجَرَةِ البَلُّوط تَحْمِل سنَةً بَلُّوطاً وَسَنَةً عَفْصاً. والعِفاصُ: صِمامُ الْقَارُورَةِ، وعَفَصَها عَفْصاً: جَعَلَ فِي رأْسها العِفاصَ، فإِن أَردت أَنك جعلتَ لَهَا عِفاصاً قُلْتَ: أَعْفَصْتُها. وَجَاءَ فِي حديث اللقطة:
أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، قال: احْفَظْ عِفاصَها ووِكاءَها.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: العِفاصُ هُوَ الوِعاءُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ النَّفقة، إِنْ كَانَ مِنْ جِلْدٍ أَو مِنْ خِرْقة أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ نفقةَ الرَّاعِي وَهُوَ مِنَ العَفْص مِنَ الثَّنْي والعَطْف، وَلِهَذَا سُمِّي الْجِلْدُ الَّذِي تُلْبَسُه رأْسُ القارُورة العِفاصَ، لأَنه كَالْوِعَاءِ لَهَا، وَكَذَلِكَ غِلافُها، وَلَيْسَ هَذَا بالصِّمام الَّذِي يَدْخُلُ فِي فمِ الْقَارُورَةِ لِيَكُونَ سِداداً لَهَا، قَالَ: وإِنما أَمَرَه بحِفْظِها لِيَكُونَ عَلَامَةً لِصِدْق مَنْ يَعْتَرِفها. وعِفاصُ الرَّاعِي: وعاؤُه الَّذِي تَكُونُ فِيهِ النَّفَقَةُ. وَثَوْبٌ مُعَفَّصٌ: مَصْبُوغٌ بالعَفْص كَمَا قَالُوا ثَوْبٌ مُمَسَّكٌ بالمِسْك. والمِعْفاصُ مِنَ الجَواري: الزَّبَعْبَقُ النهايةُ فِي سُوء الخُلُق. والمِعْقاصُ، بِالْقَافِ: شرٌّ مِنْهَا. وَقِيلَ لأَعرابي: إِنَّكَ لَا تُحْسِن أَكلَ الرأْس، فَقَالَ: أَما واللَّه إِني لأَعْفِصُ أُذُنَيْه وأَفُكُّ لَحْيَيْه وأَسْحى خَدّيه وأَرمي بِالْمُخِّ إِلى مَنْ هُوَ أَحوجُ مِنِّي إِليه. قَالَ الأَزهري: أَجاز ابْنُ الأَعرابي الصَّادَ وَالسِّينَ فِي هَذَا الْحَرْفِ. الْجَوْهَرِيُّ: العِنْفِصُ، بِالْكَسْرِ، المرأَةُ الْبَذِيَّةُ القليلةُ الْحَيَاءِ، قَالَ الأَعشى:
ليستْ بِسوْداءَ وَلَا عِنْفِصِ، ... تُسارِقُ الطَّرْفَ إِلى داعِرِ
عفنقص: ابْنُ دُرَيْدٍ: عَفَنْقَصة دُوَيْبَّة.
عقص: العَقَص: التواءُ القَرْن عَلَى الأُذُنين إِلى الْمُؤَخَّرِ وانعطافُه، عَقِصَ عَقَصاً. وتَيْسٌ أَعْقَص، والأُنثى عَقصاء، والعَقْصاءُ مِنَ المِعْزى: الَّتِي التَوى قَرْناها عَلَى أُذُنيها مِنْ خَلْفها، والنَّصْباء: المنتصبةُ القَرْنين، والدَّفْواءُ: الَّتِي انْتَصَبَ قَرْناها إِلى طرَفَيْ عِلْباوَيْها، والقَبْلاءُ: الَّتِي أَقبَلَ قَرْنَاهَا عَلَى وَجْهِهَا، والقَصْماءُ: المكسورةُ القَرْن الْخَارِجِ، والعَضْباءُ: الْمَكْسُورَةُ القَرْن الداخلِ، وَهُوَ المُشاشُ، وَكُلٌّ مِنْهَا مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ. والمِعْقاصُ: الشاةُ المُعْوَجَّةُ الْقَرْنِ. وَفِي حَدِيثِ مَانِعِ الزَّكَاةِ:
فتَطَؤه بأَظلافها لَيْسَ فِيهَا عَقْصاءُ وَلَا جَلْحاءُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَقْصاءُ المُلْتَوِيَةُ القَرْنَيْن. والعَقَصُ فِي زِحاف الْوَافِرِ: إِسكان الْخَامِسِ مِنْ [مفاعلتن] فيصير [مفاعلين] بِنَقْلِهِ ثُمَّ تُحْذَفُ النُّونُ مِنْهُ مَعَ الْخَرْمِ فَيَصِيرُ الْجَزْءُ مَفْعُولٌ كَقَوْلِهِ:
لَوْلا مَلِكٌ رؤوفٌ رَحِيمٌ ... تَدارَكَني برَحْمتِه، هَلَكْتُ
سُمِّي أَعْقَصَ لأَنه بِمَنْزِلَةِ التَّيْسِ الَّذِي ذهبَ أَحدُ قَرْنَيْه مَائِلًا كأَنه عُقِصَ أَي عُطِفَ عَلَى التَّشْبِيهِ بالأَوَّل. والعَقَصُ: دخولُ الثَّنَايَا فِي الْفَمِ والتِواؤُها، والفِعْل كَالْفِعْلِ. والعَقِصُ مِنَ الرَّمْلِ: كالعَقِد. والعَقَصَةُ مِنَ الرَّمْلِ: مِثْلُ السِّلْسِلة، وَعَبَّرَ عَنْهَا أَبو عَلِيٍّ فَقَالَ: العَقِصَة والعَقَصة رملٌ يَلْتَوي بَعضُه عَلَى بَعْضٍ ويَنقادُ كالعَقِدة والعَقَدة، والعَقِصُ: رمْلٌ مُتَعَقِّد لَا طَرِيقَ فِيهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:(7/55)
كَيْفَ اهْتَدَتْ، ودُونها الجَزائِرُ، ... وعَقِصٌ مِنْ عَالِجٍ تَياهِرُ
والعَقْصُ: أَن تَلْوِيَ الخُصْلة مِنَ الشِّعْرِ ثُمَّ تَعْقِدها ثُمَّ تُرْسِلَها. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن انْفَرَقَتْ عَقِيصتُه فَرَقَ وإِلا تَرَكها. قَالَ ابْنُ الأَثير: العَقِيصةُ الشعرُ المَعْقوص وَهُوَ نحوٌ مَنِ المَضْفور، وأَصل العَقْص اللّيُّ وإِدخالُ أَطراف الشَّعْرِ فِي أُصوله، قَالَ: وَهَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ عَقيقَته لأَنه لَمْ يَكُنْ يَعْقِصُ شعرَه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَعْنَى إِن انْفَرَقَت مِنْ ذَاتِ نَفْسِهَا وإِلا تَرَكَها عَلَى حَالِهَا وَلَمْ يفْرُقْها. قَالَ اللَّيْثُ: العَقْصُ أَن تأْخذ المرأَةُ كلَّ خُصْلة مِنْ شَعْرِهَا فتَلْويها ثُمَّ تَعْقِدَهَا حَتَّى يَبْقَى فِيهَا الْتِوَاءٌ ثُمَّ تُرْسلَها، فكلُّ خُصْلة عَقِيصة؛ قَالَ: والمرأَة رُبَّمَا اتَّخَذَتْ عَقِيصةً مِنْ شَعْرِ غَيْرِهَا. والعَقِيصةُ: الخُصْلةُ، وَالْجَمْعُ عَقائِصُ وعِقاصٌ، وَهِيَ العِقْصةُ، وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ عِقْصةٌ. والعَقِيصةُ: الضفيرةُ. يُقَالُ: لِفُلَانٍ عَقِيصَتان. وعَقْصُ الشَّعْرِ: ضَفْرُه ولَيُّه عَلَى الرأْس. وذُو العَقِيصَتين: رَجُلٌ مَعْرُوفٌ خَصَّلَ شعرَه عَقِيصَتين وأَرْخاهما مِنْ جَانِبَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
ضِمام: إِنْ صَدَقَ ذُو العَقِيصَتين لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ
؛ العَقِيصَتانِ: تَثْنِيَةُ العَقِيصة؛ والعِقاصُ المَدارَى فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
غَدائرُه مُسْتَشْزِراتٌ إِلى العُلى، ... تَضِلّ العِقاصُ فِي مُثَنَّىً ومُرْسَلِ
وصَفَها بِكَثْرَةِ الشَّعْرِ والْتِفافِه. والعَقْصُ والضَّفْر: ثَلاثُ قُوىً وقُوَّتانِ، وَالرَّجُلُ يَجْعَلُ شعرَه عَقِيصَتَين وضَفيرتين فيرْخِيهما مِنْ جَانِبَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ لَبَّدَ أَو عَقَصَ فَعَلَيْهِ الحَلْقُ
، يَعْنِي الْمُحْرِمِينَ بِالْحَجِّ أَو الْعُمْرَةُ، وإِنما جَعَلَ عَلَيْهِ الْحَلْقَ لأَن هَذِهِ الأَشياء تَقي الشَّعْرَ مِنَ الشَّعْث، فَلَمَّا أَرادَ حفظَ شَعْرِهِ وصونَه أَلزمه حَلْقَه بِالْكُلِّيَّةِ، مُبَالَغَةً فِي عُقُوبَتِهِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العَقْصُ ضَرْبٌ مِنَ الضَّفْر وَهُوَ أَن يُلْوَى الشَّعْرُ عَلَى الرأْس، وَلِهَذَا تَقُولُ النِّسَاءُ: لَهَا عِقْصةٌ، وَجَمْعُهَا عِقَصٌ وعِقاصٌ وعَقائِصُ، وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي تَتَّخِذ مِنْ شَعْرِهَا مثلَ الرُّمَّانةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: الَّذِي يُصَلِّي ورأْسُه مَعْقُوصٌ كَالَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مكْتُوفٌ
؛ أَراد أَنه إِذا كَانَ شعرُه مَنْشُورًا سَقَطَ عَلَى الأَرض عِنْدَ السُّجُودِ فيُعْطَى صاحبُه ثوابَ السجودِ بِهِ، وإِذا كَانَ مَعْقُوصًا صارَ فِي مَعْنَى مَا لَمْ يَسْجد، وشبَّهه بِالْمَكْتُوفِ وَهُوَ المَشْدُودُ الْيَدَيْنِ لأَنهما لَا تَقَعانِ عَلَى الأَرض فِي السُّجُودِ. وَفِي حَدِيثِ
حَاطِبٍ: فأَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْ عِقاصِها
أَي ضَفائرِها. جَمْعُ عَقِيصة أَو عِقْصة، وَقِيلَ: هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي تُعْقَصُ بِهِ أَطرافُ الذَّوَائِبِ، والأَول الْوَجْهُ. والعُقُوصُ: خُيوطٌ تُفْتَل مِنْ صُوفٍ وتُصْبَغ بِالسَّوَادِ وتَصِلُ بِهِ المرأَةُ شعرَها؛ يَمَانِيَّةٌ. وعقَصَت شعرَها تَعْقِصُه عَقْصاً: شدَّتْه فِي قَفاها. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: الخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَهُوَ مَا دُون عِقاص الرأْس
؛ يُرِيد أَن المُخْتلعة إِذا افْتَدَت نفسَها مِنْ زَوْجِهَا بِجَمِيعِ مَا تَمْلِكُ كَانَ لَهُ أَن يأْخذ مَا دُونَ شَعْرِهَا مِنْ جَمِيعِ مِلْكِها. الأَصمعي: المِعْقَصُ السهمُ يَنْكَسِرُ نَصْلُه فَيَبْقَى سِنْخُه فِي السَّهْمِ، فيُخْرَج ويُضْرَب حَتَّى يَطُولَ ويُرَدَّ إِلى مَوْضِعِهِ فَلَا يَسُدَّ مَسَدَّه لأَنه دُقِّقَ وطُوِّلَ، قَالَ: وَلَمْ يَدْرِ الناسُ مَا مَعاقِصُ فَقَالُوا مَشاقِصُ لِلنِّصَالِ الَّتِي لَيْسَتْ بِعَرِيضَةٍ؛ وأَنشد للأَعشى:(7/56)
وَلَوْ كُنْتُمُ نَخْلًا لكنتمْ جُرامةً، ... وَلَوْ كنتمُ نَبْلًا لكنتمْ مَعاقِصَا
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: مَشاقِصا. وَفِي الصِّحَاحِ: المِعْقَصُ السهمُ المُعْوَجّ؛ قَالَ الأَعشى: وَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
لَوْ كنتمُ تَمْرًا لكنتمْ حُسَافةً، ... وَلَوْ كنتمُ سَهماً لكنتمْ مَعَاقِصَا
وَهَذَانِ بَيْتَانِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فِي شِعْرِ الأَعشى. وعَقَصَ أَمرَه إِذا لَوَاهُ فلَبَّسه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَيْسَ مثلَ الحَصِر العقِصِ
يَعْنِي ابنَ الزُّبَيْرِ؛ العَقِصُ: الأَلْوَى الصعبُ الأَخْلاقِ تَشْبِيهًا بالقَرْن المُلْتَوِي. والعَقصُ والعِقِّيصُ والأَعْقَصُ والعَيْقَصُ، كُلُّهُ: الْبَخِيلُ الْكَزُّ الضَّيِّقُ، وَقَدْ عَقِصَ، بِالْكَسْرِ، عَقَصاً. والعِقاصُ: الدُّوّارةُ الَّتِي فِي بَطْنِ الشَّاةِ، قَالَ: وَهِيَ العِقاصُ والمَرْبِض والمَرْبَضُ والحَوِيّةُ والحاوِيةُ للدُّوَّارة الَّتِي فِي بَطْنِ الشَّاةِ. ابْنُ الأَعرابي: المِعقاصُ مِنَ الجَوارِي السَّيِّئةُ الخُلُقِ، قَالَ: والمِعْفاصُ، بِالْفَاءِ، هِيَ النهايةُ فِي سُوءِ الخلُق. والعَقِصُ: السيءُ الخُلُق. وَفِي النَّوَادِرِ: أَخذتُهُ معاقَصةً ومُقاعَصةً أَي مُعازّةً.
عكص: عَكَصَ الشيءَ يَعْكِصُه عَكْصاً: رَدَّه. وعَكَصَه عَنْ حاجتِه: صرَفَه. وَرَجُلٌ عَكِصٌ عَقِصٌ: شَكِصُ الْخُلُقِ سَيِّئُه. ورأَيت مِنْهُ عَكَصاً أَي عُسْراً وسُوءَ خلُقٍ. ورمْلةٌ عَكِصةٌ: شاقّةُ المَسلَك.
عكمص: العُكَمِصُ: الحادرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هو الشَّدِيدُ الغليظُ، والأُنثى بِالْهَاءِ. ومالٌ عُكَمِصٌ: كَثِيرٌ. وأَبو العُكَمِصِ: كُنْيَةُ رَجُلٍ. وَقَالَ فِي علمص: جَاءَ بالعُلَمِص أَي الشيءِ يُعْجَبُ به أَو يُعْجَبُ مِنْهُ كالعُكَمِص.
علص: العِلَّوْصُ: التُّخَمةُ والبَشَمُ، وَقِيلَ: هُوَ الوجعُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ اللَّوَى الَّذِي يَبِسَ «4» فِي الْمَعِدَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ الْعِلْصُ. قَالَ: والعِلَّوْصُ وجعُ الْبَطْنِ. مِثْلُ العِلَّوْزِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العِلَّوْصُ الوجعُ، والعِلَّوْزُ الموتُ الوَحِيُّ، وَيَكُونُ العِلَّوْزُ اللَّوَى. وَيُقَالُ: رَجُلٌ عِلَّوْصٌ بِهِ اللَّوَى، وإِنه لَعِلَّوْصٌ مُتَّخِمٌ، وإِن بِهِ لَعِلَّوْصاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَبَقَ العاطِسَ إِلى الْحَمْدِ أَمِنَ الشَّوْصَ واللَّوْصَ والعِلَّوْصَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ وجعُ الْبَطْنِ، وَقِيلَ: التُّخَمةُ، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: رَجُلٌ عِلَّوْصٌ، فَهُوَ عَلَى هَذَا اسْمٌ وَصِفَةٌ، وعَلَّصَت التُّخَمةُ فِي مَعِدَتِهِ تَعْلِيصاً. وَيُقَالُ: إِنه لمَعْلُوصٌ يَعْنِي بالتُّخَمة، وَقِيلَ: بَلْ يُرادُ بِهِ اللَّوَى الَّذِي هُوَ العِلَّوص. والعِلَّوْصُ: الذئب.
علفص: الأَزهري: قَالَ شُجاع الْكِلَابِيُّ فِيمَا رَوى عَنْهُ عَرّام وَغَيْرُهُ: العَلْهَصةُ والعَلْفَصةُ والعَرْعَرةُ فِي الرأْي والأَمرِ، وهو يُعَلْهِصُهم ويُعَنِّفُ بهم ويَقْسِرُهم.
علمص: جاء بالعُلَمِص أَي الشيءِ يُعْجَبُ به أَو يُعْجَبُ مِنْهُ كالعُكَمِص. وقَرَبٌ عِلْمِيصٌ: شَدِيدٌ مُتْعِبٌ؛ وأَنشد:
مَا إِنْ لهمْ بالدَّوِّ مِنْ مَحِيصِ، ... سِوَى نَجاءِ القَرَبِ العِلْمِيصِ
علهص: ذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَلْهَصَ بَعْدَ شَرْحِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ قَالَ: العِلْهاصُ صِمامُ القارُورة. وَفِي نَوَادِرِ
__________
(4) . قوله [يبس] كذا بالأصل بدون نقاط.(7/57)
اللِّحْيَانِيِّ: عَلْهَصَ القارورةَ، بِالصَّادِ أَيضاً، إِذا استخرجَ صِمامَها. وَقَالَ شُجَاعٌ الْكِلَابِيُّ فِيمَا رَوى عَنْهُ عَرّام وَغَيْرُهُ: العَلْهَصةُ والعَلْفَصةُ والعَرْعَرةُ فِي الرأْي والأَمر وهو يُعَلْهِصُهم ويُعَنِّفُ بهم ويَقْسِرُهم.
عمص: العَمْصُ: ضرْبٌ مِنَ الطَّعَامِ. وعَمَصَه: صنَعَه، وَهِيَ كَلِمَةٌ عَلَى أَفواه الْعَامَّةِ وَلَيْسَتْ بَدَوِيّةً يُرِيدُون بِهَا الخامِيزَ، وَبَعْضٌ يَقُولُ عامِيص. قَالَ الأَزهري: عَمَصْت العامِصَ والآمِصَ، وَهُوَ الْخَامِيزُ، وَالْخَامِيزُ: أَن يُشَرَّح اللحمُ رَقِيقًا ويؤكلَ غَيْرَ مَطْبُوخٍ وَلَا مَشْويّ؛ يَفْعَلُه السُّكَارَى. قَالَ الأَزهري: العامِصُ مُعرّب، وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: العَمِصُ المُولَعُ بأَكل العامِصِ، وهو الهُلامُ.
عنص: العُنْصُوَة والعِنْصُوَة والعَنْصُوَة والعِنْصِيةُ والعَناصِي: الخُصْلةُ مِنَ الشَّعَرِ قَدْرُ القُنْزُعةِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
إِن يُمْسِ رَأْسي أَشْمَطَ العَناصِي، ... كأَنما فَرّقَه مُناصِ،
عَنْ هامةٍ كالحَجَرِ الوَبّاصِ
والعُنْصُوة والعِنْصُوة والعَنْصُوة: الْقِطْعَةُ مِنَ الكَلإِ والبقيةُ مِنَ الْمَالِ مِنَ النِّصْفِ إِلى الثُّلُثِ أَقلّ ذَلِكَ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العَناصِي بقيّةُ كُلِّ شَيْءٍ. يُقَالُ: مَا بَقِيَ مِنَ مَالِهِ إِلا عَنَاصٍ، وَذَلِكَ إِذا ذَهَبَ مُعْظَمُه وَبَقِيَ نَبْذٌ مِنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا تَرَك المَهْرِيُّ مِنْ جُلِّ مالِنا، ... وَلَا ابْناهُ فِي الشَّهْرَيْنِ، إِلا العَناصِيَا
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَنْصُوةُ كلِّ شَيْءٍ بقيّتُه، وَقِيلَ: العَنْصُوة والعِنْصُوة والعُنْصُوة والعِنْصِيةُ قطعةٌ مِنْ إِبلٍ أَو غنمٍ. وَيُقَالُ: فِي أَرض بَنِي فُلَانٍ عَناصٍ مِنَ النَّبْتِ، وَهُوَ الْقَلِيلُ الْمُتَفَرِّقُ. والعَناصِي: الشعرُ الْمُنْتَصِبُ قَائِمًا فِي تفَرُّقٍ. وأَعْنَصَ الرَّجُلُ إِذا بقِيَت فِي رأْسه عَناصٍ مِنْ ضَفائِره، وبَقِيَ فِي رأْسه شعرٌ متفرِّق فِي نَوَاحِيهِ، الواحدةُ عُنْصُوَةٌ، وَهِيَ فُعْلُوَة، بِالضَّمِّ، وَمَا لَمْ يَكُنْ ثَانِيهِ نُونًا فإِن الْعَرَبَ لَا تَضُمُّ صَدْرَه مِثْلُ ثُنْدُوَة، فأَما عَرْقُوَةٌ وتَرْقوَةٌ وقَرنوة فَمَفْتُوحَاتٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ عَنْصُوَة وثَنْدُوَة وإِن كَانَ الْحَرْفُ الثَّانِي مِنْهُمَا نُونًا ويُلْحِقُهما بعَرْقُوةٍ وتَرْقُوةٍ وقَرْنُوة.
عنفص: العِنْفِصُ: المرأَةُ القليلةُ الْجِسْمِ، وَيُقَالُ أَيضاً: هِيَ الداعِرةُ الْخَبِيثَةُ. أَبو عَمْرٍو: العِنْفِصُ، بِالْكَسْرِ، البَذِيّةُ الْقَلِيلَةُ الْحَيَاءِ مِنَ النِّسَاءِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
لَعَمْرُك مَا لَيْلى بِوَرْهاءَ عِنْفِصٍ، ... ولا عَشّةٍ خَلْخالُها يَتَقَعْقَعُ
وخَصّ بَعْضَهُمْ به الفَتاةَ.
عنقص: الأَزهري: العَنْقَصُ والعُنْقوص دُوَيْبّة.
عوص: العَوَصُ: ضِدُّ الإِمكان واليُسْرِ؛ شيءٌ أَعْوَصُ وعَوِيصٌ وكلامٌ عَوِيصٌ؛ قَالَ:
وأَبْني مِنَ الشِّعْرِ شِعْراً عَوِيصا، ... يُنَسِّي الرُّواةَ الَّذِي قَدْ رَوَوْا
ابْنُ الأَعرابي: عَوَّصَ فلانٌ إِذا أَلقَى بيتَ شِعْر صَعْبَ الِاسْتِخْرَاجِ. والعَوِيصُ مِنَ الشِّعْر: مَا يَصْعُبُ استخراجُ مَعْنَاهُ. والكِلمةُ العَوصاءُ: الْغَرِيبَةُ. يُقَالُ: قَدْ أَعْوَصْت يَا هَذَا. وَقَدْ عَوِصَ الشيءُ، بِالْكَسْرِ، وَكَلَامٌ عَويصٌ وَكَلِمَةٌ عَويصةٌ وَعَوْصَاءُ. وَقَدِ اعْتاصَ وأَعْوَصَ فِي المَنْطِق: غَمَّضَه. وَقَدْ عاصَ يَعاصُ وعَوِصَ يَعْوَصُ واعْتاصَ عليَّ هَذَا(7/58)
الأَمرُ يَعْتاصُ، فَهُوَ مُعْتاصٌ إِذا الْتاثَ عَلَيْهِ أَمرهُ فَلَمْ يَهْتَدِ لِجِهَةِ الصَّوَابِ فِيهِ. وأَعْوَصَ فُلَانٌ بخَصمِه إِذا أَدخل عَلَيْهِ مِنَ الحُجَج مَا عَسُرَ عَلَيْهِ المَخْرجُ مِنْهُ. وأَعْوَصَ بِالْخَصْمِ: أَدْخَله فِيمَا لَا يَفْهَم؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَلَقَدْ أُعْوِصُ بالخَصْم، وَقَدْ ... أَمْلأُ الجَفْنةَ مِنْ شَحْمِ القُلَلْ
وَقِيلَ: أَعْوصَ بالخَصْم لَوى عَلَيْهِ أَمرَه. والمُعْتاصُ: كُلُّ مُتَشَدِّدٌ عَلَيْكَ فِيمَا تُرِيدُهُ مِنْهُ. واعْتاصَ عَلَيْهِ الأَمرُ: الْتَوَى. وعَوَّصَ الرجلُ إِذا لَمْ يَسْتَقِمْ فِي قَوْلٍ وَلَا فِعْلَ. ونهْرٌ فِيهِ عَوَصٌ: يَجْرِي مَرَّةً كَذَا وَمَرَّةً كَذَا. والعَوْصاءُ: الجَدْبُ. والعَوْصاءُ والعَيْصاءُ عَلَى الْمُعَاقَبَةِ جَمِيعًا: الشدّةُ والحاجةُ، وَكَذَلِكَ العَوْصُ والعَوِيصُ والعائصُ، الأَخيرة مَصْدَرٌ كالفالِجِ وَنَحْوِهِ. وَيُقَالُ: أَصابَتْهم عَوصاءُ أَي شدّةٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
غَيْرَ أَن الأَيامَ يَفْجَعْنَ بالْمَرْءِ، ... وَفِيهَا العَوْصاءُ والمَيْسورُ
وَدَاهِيَةٌ عَوصاءُ: شَدِيدَةٌ. والأَعْوَص: الغامضُ الَّذِي لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ. وَفُلَانٌ يَرْكَبُ العَوْصاء أَي يَرْكَبُ أَصْعبَ الأُمور؛ وَقَوْلُ ابْنُ أَحمر:
لَمْ تَدْرِ مَا نَسْجُ الأَرَنْدَج قَبْلَهُ، ... ودرَاسُ أَعْوَصَ دَارِسٍ مُتَخَدِّد
أَراد دِرَاس كتابٍ أَعْوَصَ عَلَيْهَا مُتَخَدِّدٍ بِغَيْرِهَا. واعْتاصَت الناقةُ: ضرَبها الفحلُ فَلَمْ تَحْمِل مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، واعْتاصَت رَحِمها كَذَلِكَ؛ وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن صادَ اعْتاصَت بدلٌ مِنْ طَاءِ اعْتاطَت، قَالَ الأَزهري: وأَكثر الْكَلَامِ اعْتَاطَتْ، بِالطَّاءِ، وَقِيلَ: اعْتاصَت لِلْفَرَسِ خَاصَّةً، واعْتاطَت لِلنَّاقَةِ. وشاةٌ عائصٌ إِذا لَمْ تَحْمِلْ أَعواماً. ابْنُ شُمَيْلٍ: العَوْصاء المَيْثاء الْمُخَالِفَةُ، وَهَذِهِ مَيْثاءُ عَوْصاءُ بَيِّنة العَوَصِ. والعَوْصاءُ: مَوْضِعٌ؛ وأَنشد ابْنُ بري للحرث:
أَدْنى دِيارِها العَوْصاءُ
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ: عَوْصٌ اسْمُ قَبِيلَةٍ مِنْ كَلْبٍ؛ وأَنشد:
مَتَى يَفْتَرِشْ يَوْمًا غُلَيْمٌ بِغارةٍ، ... تَكُونُوا كعَوْصٍ أَو أَذَلَّ وأَضْرَعا
والأَعْوصُ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وعَوِيصُ الأَنفِ مَا حَوْلَهُ؛ قَالَتِ الخِرْنِق:
همُ جَدَعُوا الأَنْفَ الأَشَمَّ عَوِيصُه، ... وجَبُّوا السِّنامَ فالْتَحَوْه وغارِبَه
عيص: العِيصُ: مَنْبِتُ خِيَارِ الشَّجَرِ، والعِيصُ: الأَصلُ، وَفِي الْمَثَلِ: عِيصُكَ مِنْكَ وإِن كَانَ أَشِباً؛ مَعْنَاهُ أَصْلُك مِنْكَ وإِن كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ. وَمَا أَكْرَمَ عِيصَه، وَهُمْ آبَاؤُهُ وأَعمامه وأَخواله وأَهلُ بَيْتِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فَمَا شَجَراتُ عِيصكَ، فِي قُرَيْشٍ، ... بِعَشّات الفُروعِ، وَلَا ضَواحِي
وعِيصُ الرَّجُلِ: مَنبِتُ أَصله. وأَعْياصُ قُريش: كرامُهم يَنْتَمُون إِلى عِيصٍ، وعِيصٌ فِي آبَائِهِمْ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ عِيصِ مَرْوانَ إِلى عِيصِ غِطَمْ
قَالَ: والمَعِيصُ كَمَا تَقُولُ المَنْبِت وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ؛(7/59)
وأَنشد:
ولأَثأَرَنّ رَبِيعةَ بْنَ مُكَدَّمٍ، ... حَتَّى أَنالَ عُصَيّة بنَ مَعِيص
قَالَ شِمْرٌ: عِيصُ الرَّجُلِ أَصله؛ وأَنشد:
ولِعَبْدِ القَيْسِ عِيصٌ أَشِبٌ، ... وقَنِيبٌ وهِجاناتٌ ذُكُرْ
والعِيصَانُ: مِنْ مَعادِن بِلاد الْعَرَبِ. والمَنْبِتُ مَعِيصٌ. والأَعياصُ مِنْ قُرَيْشٍ: أَولاد أُمَيّة بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الأَكبر، وَهُمْ أَربعة: العاصُ وأَبو الْعَاصِ والعِيصُ وأَبو العِيص. أَبو زَيْدٍ: مِنْ أَمثالهم فِي اسْتِعْطَافِ الرَّجُلِ صاحبَه عَلَى قَرِيبِهِ وإِن كَانُوا لَهُ غَيْرَ مُسْتأْهِلين قَوْلُهُمْ: منكَ عِيصُك وإِن كَانَ أَشِباً؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وإِن كَانَ أَشِباً أَي وإِن كَانَ ذَا شَوْكٍ دَاخِلًا بعضُه فِي بَعْضٍ، وَهَذَا ذمٌّ. قَالَ وأَما قَوْلُهُ:
وَلِعَبْدِ الْقَيْسِ عِيصٌ أَشب
فَهُوَ مَدْحٌ لأَنه أَراد بِهِ الْمَنْفَعَةَ وَالْكَثْرَةَ؛ وَفِي كَلَامِ الأَعشى.
وقَذَفَتْنِي بينَ عِيصٍ مُؤْتَشِبْ
العِيصُ: أُصولُ الشَّجَرِ. والعِيصُ أَيضاً: اسمُ مَوْضِعٍ قُرْب الْمَدِينَةِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لَهُ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ أَبي بَصِير. وَيُقَالُ: هُوَ فِي عِيصِ صِدْقٍ أَي فِي أَصلِ صِدْق. والعِيصُ: السِّدْرُ الْمُلْتَفُّ الأُصولِ، وَقِيلَ: الشجرُ الْمُلْتَفُّ النَّابِتُ بَعْضُهُ فِي أُصول بَعْضٍ يَكُونُ مِنَ الأَراكِ وَمِنَ السِّدْر والسَّلَم والعَوْسَج والنَّبْع، وَقِيلَ: هُوَ جَمَاعَةُ الشَّجَرِ ذِي الشَّوْكِ، وَجَمْعُ كُلِّ ذَلِكَ أَعياصٌ. قَالَ عِمَارَةُ: هُوَ مِنْ هَذِهِ الأَصناف وَمِنَ الْعِضَاهْ كُلُّهَا إِذا اجْتَمَعَ وَتَدَانَى والْتَفّ، وَالْجَمْعُ العِيصان. قَالَ: وَهُوَ مِنَ الطَّرْفاء الغَيْطلةُ وَمِنَ القَصَب الأَجَمةُ، وَقَالَ الْكِلَابِيُّ: العِيصُ مَا الْتَفّ مِنْ عاسِي الشَّجَرِ وكَثُرَ مِثْلُ السَّلَمِ والطَّلْح والسَّيَال وَالسِّدْرِ والسمُر والعُرْفُط وَالْعِضَاهِ. وعِيصٌ أَشِبٌ: مُلْتَفٌّ. وَيُقَالُ: جِئْ بِهِ مِنْ عِيصِك أَي مِنْ حَيْثُ كَانَ. وعِيصٌ ومَعِيصٌ: رَجُلَانِ مِنْ قُرَيْشٍ. وعِيصُو بنُ إِسحاق، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَبو الرُّومِ. وأَبو الْعِيصِ: كُنْيَةٌ. والعَيْصاء: الشدّةُ كالعَوْصاء، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وأَرى الياء مُعاقبةً.
فصل الغين المعجمة
غبص: غَبِصَت عينُه غَبَصاً: كَثُرَ الرَّمَصُ فِيهَا مِنْ إِدامَةِ الْبُكَاءِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَخذْتُه مُغافَصةً ومُغابَصةً ومُرافصةً أَي أَخذته مُعازّةً؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَجد فِي غَبص غيرَ قَوْلِهِمْ أَخذته مُغَابَصَةً أَي مُعَازَّةً.
غصص: الْغُصَّةُ: الشَّجَا. وَقَالَ اللَّيْثُ: الغُصّةُ شَجاً يُغَصُّ بِهِ فِي الحَرْقَدة، وغَصصْت بِاللُّقْمَةِ وَالْمَاءِ، وَالْجَمْعُ الغُصَصُ. والغَصَصُ، بِالْفَتْحِ: مصدرُ قَوْلِكَ غَصِصْت يَا رَجُلُ تَغَصُّ، فأَنت غاصٌّ بِالطَّعَامِ وغصّانُ. وغَصَصْت وغَصِصْت أَغَصُّ وأَغُصُّ بِهَا غَصّاً وغَصَصاً: شَجِيت، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْمَاءَ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ، قِيلَ:
إِنه مِنْ بَينِ الْمَشْرُوبَاتِ لَا يَغَصُّ بِهِ شارِبُه.
يُقَالُ: غَصِصْت بِالْمَاءِ أَغَصُّ غَصَصاً إِذا شَرِقْت بِهِ أَو وَقفَ فِي حَلْقِكَ فَلَمْ تكدْ تُسِيغُه. وَرَجُلٌ غَصّانُ: غاصٌّ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:(7/60)
لَوْ بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ، ... كنْتُ كالغَصّانِ بِالْمَاءِ اعْتِصارِي
وأَغْصَصْته أَنا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: غَصَصْت لُغَةُ الرِّباب. والغُصّةُ: مَا غَصِصْت بِهِ، وغُصَصُ الموتِ مِنْهُ. وغَصَّ المكانُ بأَهْله: ضاقَ. والمنزلُ غاصٌّ بِالْقَوْمِ أَي مُمْتَلِئٌ بِهِمْ. وأَغَصَّ فلانٌ الأَرضَ عَلَيْنَا أَي ضَيّقها فغَصَّت بِنَا أَي ضَاقَتْ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
أَغَصَّتْ عَلَيْكَ الأَرضَ قَحْطانُ بالقَنا، ... وبالهُنْدُوانِيّات والقُرَّحِ الجُرْدِ
وَذُو الغُصّة: لقبُ رَجُلٌ مِنْ فُرْسان الْعَرَبِ. والغَصْغَصُ: ضرْبٌ مِنَ النبات.
غفص: غافَصَ الرجلَ مُغافَصةً وغِفاصاً: أَخذه عَلَى غرّةٍ فَركِبَه بمَساءة. والغافِصةُ: مِنْ أَوازِم الدَّهْرِ؛ وأَنشد:
إِذا نَزَلَت إِحْدَى الأُمورِ الغَوافِص
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَخذْتُه مُغافَصةً ومُغابَصةً ومُرافَصةً أَي أَخذْتُه مُعازّة.
غلص: الغَلْصُ: قَطْعُ الغَلْصَمةِ.
غمص: غَمَصَه وغَمِصَه يَغْمِصُه ويَغْمَصُه غَمْصاً واغْتَمَصَه: حَقَّرَه واسْتَصْغَره وَلَمْ يَرَهُ شَيْئًا، وَقَدْ غَمِصَ فلانٌ يَغْمَصُ غَمَصاً، فَهُوَ أَغْمَصُ. وَفِي حَدِيثِ
مَالِكِ بْنِ مُرَارة الرَّهَاوِيّ: أَنه أَتى النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِني أُوتِيتُ مِنَ الجَمالِ مَا تَرى فَمَا يسُرُّني أَن أَحداً يَفْضُلني بشِرَاكي فَمَا فَوْقَهَا فَهَلْ ذَلِكَ مِنَ البَغْي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنما ذَلِكَ مَنْ سَفِهَ الحقَّ وغَمَطَ الناس
، وفي بعض الرواية:
وغَمَصَ الناسَ
أَي احْتَقَرهم وَلَمْ يَرَهم شَيْئًا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَنه قَالَ لقَبِيصة بْنِ جَابِرٍ حِينَ اسْتَفْتاه فِي قَتْلِه الصيدَ وَهُوَ مُحْرِم قَالَ: أَتَغْمِصُ الفُتْيا وتقْتُل الصيدَ وأَنتَ مُحْرم؟
أَي تَحْتَقِرُ الْفُتْيَا وتَسْتَهِينُ بِهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: غَمَصَ فُلَانٌ النَّاسَ وغَمَطهم وَهُوَ الِاحْتِقَارُ لَهُمْ والازْدِراءُ بِهِمْ، وَمِنْهُ غَمْصُ النِّعْمَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَمَّا قَتَلَ ابنُ آدمَ أَخاه غَمَصَ اللهُ الخلقَ،
أَراد نَقَصَهم مِنَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْقُوَّةِ والبَطْش فَصَغَّرَهُمْ وحقَّرهم. وغَمَصَ النِّعْمَةَ غَمْصاً: تهاوَنَ بِهَا وكفَرَها وازْدَرَى بِهَا. واغْتَمَصْت فُلَانًا اغْتِماصاً: احْتَقَرْتَهُ. وغَمَصَ عَلَيْهِ قَوْلًا قَالَهُ: عابَه عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
إِن رأَيتُ مِنْهَا أَمْراً أَغْمِصُه عَلَيْهَا
أَي أَعِيبُها بِهِ وأَطْعَنُ بِهِ عَلَيْهَا. ورجلٌ غَمِصٌ عَلَى النَّسَبِ: عَيّاب. وَرَجُلٌ مَغْموص عَلَيْهِ فِي حَسبَه أَو فِي دِينِه ومَغْموزٌ أَي مَطْعُونٌ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبٍ:
إِلَّا مَغْموصاً عَلَيْهِ بالنِّفَاق
أَي مَطْعُونًا فِي دِينه متَّهماً بِالنِّفَاقِ. والغَمَصُ فِي الْعَيْنِ: كالرَّمَص. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ الصِّبْيَانُ يُصْبِحُون غُمْصاً رُمْصاً ويُصْبِح رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَقِيلًا دَهِيناً
يَعْنِي فِي صِغَره؛ وَقِيلَ: الغَمَصُ مَا سالَ والرَّمَصُ مَا جَمَدَ، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ تَرْمِي بِهِ العينُ مِثْلُ الزَّبَدِ، وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ غَمَصة، وَقَدْ غَمِصَت عينُه، بِالْكَسْرِ، غَمَصاً. ابْنُ شُمَيْلٍ: الغَمَصُ الَّذِي يَكُونُ مِثْلَ الزَّبَدِ أَبيض يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْعَيْنِ، والرَّمَصُ الَّذِي يَكُونُ فِي أُصول الهُدْب. وَقَالَ: أَنا مُتَغَمِّصٌ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ ومتوصِّمٌ ومُمْدَئِلٌّ ومرنّحٌ ومُغَوثٌ، وَذَلِكَ إِذا كَانَ خَبَرًا يسُرّه وَيَخَافُ أَن لَا يَكُونَ حَقًّا أَو يَخَافُهُ وَيَسُرُّهُ.(7/61)
والشِّعْرَى الغَمُوص والغُمَيْصاء وَيُقَالُ الرُّمَيْصَاءُ: مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ، وَهِيَ فِي الذِّرَاعِ أَحد الْكَوْكَبَيْنِ، وأُخْتُها الشِّعْرَى العَبُور، وَهِيَ الَّتِي خَلْف الجوزاءِ، وإِنما سُمِّيَتِ الغُمَيْصاء بِهَذَا الِاسْمِ لصِغرَها وَقِلَّةِ ضَوْئِهَا مِنْ غَمَصِ الْعَيْنِ، لأَن الْعَيْنَ إِذا رَمِصَت صَغُرت. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: تَزْعُمُ الْعَرَبُ فِي أَخبارها أَن الشِّعْرَيَين أُخْتا سُهَيْلٍ وأَنها كَانَتْ مُجْتَمِعَةً، فانحدَرَ سُهَيْلٌ فَصَارَ يَمَانِيًّا، وتَبِعَتْه الشِّعْرَى الْيَمَانِيَةُ فعَبَرت البحرَ فسُمِّيت عبُوراً، وأَقامت الغُمَيصاءُ مكانَها فبَكَتْ لِفَقْدِهما حَتَّى غَمِصت عينُها، وَهِيَ تَصْغِيرُ الغَمْصاء، وَبِهِ سُمِّيَتْ أُم سَلِيمٍ الغَمْصاء، وَقِيلَ: إِن العَبُور تَرَى سُهَيلًا إِذا طلَع فكأَنّها تَسْتَعْبر، والغُمَيصاء لَا تَرَاهُ فَقَدْ بَكتْ حَتَّى غَمِصت، وَتَقُولُ الْعَرَبُ أَيضاً فِي أَحاديثها: إِن الشِّعْرَى العَبور قَطَعَتِ المَجَرَّةَ فَسُمِّيَتْ عَبُوراً، وَبَكَتِ الأُخرى عَلَى إِثْرها حَتَّى غَمِصَت فَسُمِّيَتِ الغُمَيصاء. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الغُمَيصاء:
هِيَ الشِّعْرَى الشاميّةُ وأَكبرُ كَوْكَبَيِ الذِّرَاعِ الْمَقْبُوضَةِ.
والغُمَيْصاءُ: مَوْضِعٌ بِنَاحِيَةِ الْبَحْرِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الغُمَيْصاء اسْمُ مَوْضِعٍ، وَلَمْ يُعَيّنْه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ وَلَّادٍ فِي الْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ فِي حَرْفِ الْغَيْنِ: والغُمَيْصاء مَوْضِعٌ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي أَوْقَعَ فِيهِ خالدُ بنُ الْوَلِيدِ ببَني جَذِيمةَ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ؛ قَالَتِ امرأَة مِنْهُمْ:
وكائِنْ تَرى يَوْمَ الغُمَيْصاء مِنْ فَتىً ... أُصِيبَ، وَلَمْ يَجْرَحْ، وَقَدْ كَانَ جَارِحَا
وأَنشد غَيْرُهُ فِي الغُمَيْصاء أَيضاً:
وأَصبحَ عَنِّي بالغُمَيْصاء جَالِسًا ... فَرِيقانِ: مسؤولٌ، وآخَرُ يَسْأَلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي إِعرابه إِشكال وَهُوَ أَن قَوْلَهُ فَرِيقَانِ مرفوع بالابتداء ومسؤول وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ مِنْهُ وخبرُ الْمُبْتَدَأِ قولهُ بالغُمَيْصاء وَعَنِّي مُتَعَلِّقٌ بيسأَل وَجَالِسًا حَالٌ وَالْعَامِلُ فِيهِ يسأَل أَيضاً، وَفِي أَصبح ضَمِيرُ الشأْن وَالْقِصَّةِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فَرِيقَانِ اسمَ أَصبح وَبِالْغُمَيْصَاءِ الْخَبَرَ، والأَول أَظهر. والغُمَيْصاءُ: اسم امرأَة.
غنص: أَبو مَالِكٍ عَمْرُو بْنُ كِرْكِرَة: الغَنَصُ ضِيقُ الصَّدْرِ. يُقَالُ: غَنَصَ صَدْرُه غُنوصاً.
غوص: الغَوْصُ: النُّزولُ تَحْتَ الْمَاءِ، وَقِيلَ: الغَوْصُ الدخولُ فِي الْمَاءِ، غاصَ فِي الْمَاءِ غَوْصاً، فَهُوَ غائصٌ وغَوّاصٌ، وَالْجَمْعُ غاصَة وغَوّاصُون. اللَّيْثُ: والغَوْصُ مَوْضِعٌ يُخْرَج مِنْهُ اللُّؤْلُؤُ. والغَوّاصُ: الَّذِي يَغُوصُ فِي الْبَحْرِ عَلَى اللُّؤْلُؤِ، والغاصةُ مُسْتخرجُوه، وَفِعْلُهُ الغِياصة. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ لِلَّذِي يَغُوصُ عَلَى الأَصداف فِي الْبَحْرِ فَيَسْتَخْرِجُهَا غائصٌ وغَوّاصٌ، وَقَدْ غاصَ يغُوصُ غَوْصاً، وَذَلِكَ الْمَكَانُ يُقَالُ لَهُ المَغاصُ، والغَوْصُ فِعْلُ الْغَائِصِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع الغَوْصَ بِمَعْنَى المَغاصِ إِلا لِلَّيْثِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنه نَهَى عَنْ ضَرْبةِ الْغَائِصِ
، هُوَ أَن يَقُولَ لَهُ أَغُوصُ فِي الْبَحْرِ غَوْصةً بِكَذَا، فَمَا أَخْرَجْتُه فَهُوَ لَكَ، وإِنما نَهَى عَنْهُ لأَنه غَرَرٌ. والغَوْصُ: الْهُجُومُ عَلَى الشَّيْءِ، والهاجِمُ عَلَيْهِ غائصٌ. وَالْغَائِصَةُ: الحائضُ الَّتِي لَا تُعْلِم أَنها حَائِضٌ. والمُتَغَوِّصةُ: الَّتِي لَا تَكُونُ حَائِضًا فَتُخْبِرُ زَوْجَهَا أَنها حَائِضٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لُعِنَت الغائصةُ والمُتَغَوِّصة
، وَفِي رِوَايَةٍ:
والمُغَوِّصة
، فَالْغَائِصَةُ الْحَائِضُ الَّتِي لَا تُعْلِم زَوْجَها أَنها حَائِضٌ ليجتَنِبَها فيُجامِعُها وَهِيَ حَائِضٌ، والمُغَوِّصة الَّتِي لَا تَكُونُ حَائِضًا فتكذِبُ فَتَقُولُ لزوجها إِني حائض.(7/62)
فصل الفاء
فترص: فَتْرَصَ الشيءَ: قَطَعه.
فحص: الفَحْصُ: شدةُ الطَّلَبِ خِلالَ كُلِّ شَيْءٍ؛ فَحَص عَنْهُ فَحْصاً: بَحَثَ، وَكَذَلِكَ تفَحّصَ وافْتَحَصَ. وَتَقُولُ: فَحَصْت عَنْ فُلَانٍ وفَحَصْت عَنْ أَمرِهِ لأَعْلَمَ كُنْهَ حالهِ، وَالدُّجَاجَةُ تَفْحَصُ برجْلَيها وَجَنَاحَيْهَا فِي التُّرَابِ تَتَّخِذُ لِنَفْسِهَا أُفْحُوصةً تَبِيضُ أَو تَجْثِمُ فِيهَا. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: إِنّ الدُّجاجة لتَفْحَصُ فِي الرمادِ
أَي تَبْحَثُه وتتمرّغُ فِيهِ. والأُفْحُوص: مَجْثَمُ القَطاة لأَنها تَفْحَصُه، وَكَذَلِكَ المفْحَصُ؛ يُقَالُ: لَيْسَ لَهُ مَفْحَصُ قَطَاةٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأُفْحوصُ مَبِيضُ الْقَطَا لأَنّها تَفْحَص الْمَوْضِعَ ثُمَّ تَبِيضُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ لِلدُّجَاجَةِ؛ قَالَ الممزَّق الْعَبْدِيُّ:
وَقَدْ تَخِذَتْ رِجْلي إِلى جَنْبِ غَرْزِها ... نَسِيفاً كأُفْحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ
قَالَ الأَزهري: أَفاحيصُ الْقَطَا الَّتِي تُفَرِّخ فِيهَا، وَمِنْهُ اشتقَّ قَوْلُ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فحَصُوا عن أَوْساطِ الرُّؤوس
أَي عَمِلُوها مثلَ أَفاحيص القَطا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ:
مَنْ بَنَى لله مَسْجِدًا وَلَوْ كمَفْحَص قَطاة بَنى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ
، ومَفْحَصُ الْقَطَاةِ: حَيْثُ تُفَرِّخ فِيهِ مِنَ الأَرض. قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَفْعَل مِنَ الفَحْص كالأُفْحُوصِ وَجَمْعُهُ مَفاحِصُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَوْصَى أُمَراءَ جيش مُوتةَ: وستَجِدونَ آخَرِينَ لِلشَّيْطَانِ فِي رؤوسهم مَفاحِصُ فافْلِقُوها بِالسُّيُوفِ
أَي أَن الشَّيْطَانَ قَدِ اسْتَوْطَنَ رؤوسَهم فَجَعَلَهَا لَهُ مفَاحِصَ كَمَا تَسْتَوْطِن الْقَطَا مفَاحِصَها، وَهُوَ مِنَ الِاسْتِعَارَاتِ اللَّطِيفَةِ لأَن مِنْ كَلَامِهِمْ إِذا وَصَفُوا إِنساناً بِشِدَّةِ الغَيّ وَالِانْهِمَاكِ فِي الشَّرِّ قَالُوا: قَدْ فَرَّخ الشَّيْطَانُ فِي رأْسه وعشَّشَ فِي قَلْبِهِ، فَذَهَبَ بِهَذَا الْقَوْلِ ذَلِكَ الْمَذْهَبَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وسَتَجِدُ قَوْمًا فَحصوا عَنْ أَوساط رؤُوسهم الشعَرَ فاضْرِبْ مَا فَحصوا عَنْهُ بِالسَّيْفِ
، وَفِي الصِّحَاحِ: كأَنهم حلَقُوا وَسَطَهَا وَتَرَكُوهَا مثلَ أَفاحِيص الْقَطَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ الأُفْحوص لِلنَّعَامِ. وفَحص للخُبْزَةِ يَفْحَصُ فَحْصاً: عَمِلَ لَهَا مَوْضِعًا فِي النَّارِ، وَاسْمُ الْمَوْضِعِ الأُفْحوص. وَفِي حَدِيثِ زواجِه بِزَيْنَبَ ووليمتِه:
فُحِصَتِ الأَرضُ أَفاحِيصَ
أَي حُفِرَت. وكلُّ موضعٍ فُحِصَ أُفْحُوصٌ ومَفْحَصٌ؛ فأَما قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
ومَفْحَصُها عَنْهَا الحَصَى بِجِرانِها، ... ومَثْنَى نواجٍ، لَمْ يَخُنْهُنَّ مَفْصِل
فإِنما عَنَى بالمَفْحَص هَاهُنَا الفحْصَ لَا اسْمَ الْمَوْضِعِ لأَنه قَدْ عَدَّاهُ إِلى الْحَصَى، واسمُ الْمَوْضِعِ لَا يَتَعَدَّى. وفَحَص المطرُ الترابَ يَفْحَصُه: قَلَبه ونَحَّى بعضَه عَنْ بَعْضٍ فَجَعَلَهُ كالأُفْحُوصِ. والمطرُ يَفْحَصُ الْحَصَى إِذا اشتدَّ وقْعُ غَيْثِه فقَلَبَ الحَصَى ونحَّى بعضَه عَنْ بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: وَلَا سمِعْتُ لَهُ فَحْصاً
أَي وَقْعَ قدَمٍ وصوتَ مَشْيٍ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: إِن اللَّهَ بارَكَ فِي الشأْم وخَصَّ بالتقْديس مِنْ فَحْصِ الأُرْدُنِّ إِلى رَفَحَ
؛ الأُرْدُنُّ: النَّهْرُ الْمَعْرُوفُ تَحْتَ طَبَرِيَّةَ، وفَحْصُه مَا بُسِطَ مِنْهُ وكُشِفَ مِنْ نَوَاحِيهِ، ورَفَحُ قَرْيَةٌ مَعْرُوفَةٌ هُنَاكَ. وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ:
فانطَلَقَ حَتَّى أَتى الفَحْصَ
أَي قُدَّامَ الْعَرْشِ؛ هَكَذَا فُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ وَلَعَلَّهُ مِنَ الفَحْص البَسْط والكَشْف. وفَحص الظَّبْيُ: عدَا عدْواً شَدِيدًا، والأَعْرَفُ مَحَصَ. والفَحْصُ: مَا اسْتَوَى مِنَ(7/63)
الأَرض، وَالْجَمْعُ فُحُوص. والفَحْصَةُ: النُّقْرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الذَّقَنِ والخدَّينِ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمَا فِحاصٌ أَي عَداوةٌ. وَقَدْ فاحَصَني فُلَانٌ فِحَاصاً: كأَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَفْحَصُ عَنْ عَيْبِ صَاحِبِهِ وَعَنْ سِرِّه. وَفُلَانٌ فَحِيصِي ومُفاحِصِي بِمَعْنًى واحد.
فرص: الفُرْصةُ: النُّهْزَةُ والنَّوْبةُ، وَالسِّينُ لُغَةٌ، وَقَدْ فَرَصَها فَرْصاً وافْتَرَصَها وتَفَرَّصها: أَصابَها، وَقَدِ افْتَرَصْتُ وانتَهَزْتُ. وأَفْرَصَتْكَ الفُرْصةُ: أَمْكَنَتْكَ. وأَفْرَصَتْني الفُرْصةُ أَي أَمكَنَتْني، وافْتَرَصْتُها: اغتَنَمْتُها. ابْنُ الأَعرابي: الفَرْصاءُ مِنَ النُّوقِ الَّتِي تَقُومُ نَاحِيَةً فإِذا خَلَا الحوضُ جاءَت فَشَرِبَتْ؛ قَالَ الأَزهري: أُخِذَت مِنَ الفُرْصة وَهِيَ النُّهْزَة. يُقَالُ: وَجَدَ فُلَانٌ فُرْصةً أَي نُهْزَةً. وَجَاءَتْ فُرْصَتُكَ مِنَ الْبِئْرِ أَي نَوْبَتُك. وانتَهَزَ فلانٌ الفُرْصةَ أَي اغتَنَمَها وفازَ بِهَا. والفُرْصةُ والفِرْصةُ والفَرِيصة؛ الأَخيرة عَنْ يَعْقُوبَ: النَّوْبَةُ تَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ يتناوَبُونها عَلَى الْمَاءِ. قَالَ يَعْقُوبُ: هِيَ النَّوْبَةُ تَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ يَتَناوبونها عَلَى الْمَاءِ فِي أَظمائهم مِثْلَ الخِمْس والرِّبْع والسِّدْس وَمَا زَادَ مِنْ ذَلِكَ، وَالسِّينُ لُغَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الأَصمعي: يُقَالُ: إِذا جَاءَتْ فُرْصَتُكَ مِنَ الْبِئْرِ فأَدْل، وفُرْصَتُه: ساعتُه الَّتِي يُسْتَقَى فِيهَا. وَيُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ يَتَفَارَصُون بِئْرَهُمْ أَي يَتناوَبُونها. الأُموي: هِيَ الفُرْصة والرُّفْصة لِلنَّوْبَةِ تَكُونُ بَيْنَ الْقَوْمِ يَتناوَبونها عَلَى الْمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: الفُرْصة الشِّرْبُ وَالنَّوْبَةُ. والفَرِيصُ: الَّذِي يُفارِصُك فِي الشِّرْب وَالنَّوْبَةِ. وفُرْصةُ الْفَرَسِ: سَجِيَّتُهُ وسَبْقُه وَقُوَّتُهُ؛ قَالَ:
يَكسُو الضّوَى كُلَّ وَقَاحٍ منْكبِ، ... أَسْمَرَ فِي صُمِّ العَجايا مُكْرَبِ،
باقٍ عَلَى فُرْصَتِه مُدَرَّبِ
وافْتُرِصَتِ الوَرَقةُ: أُرْعِدَت. والفَرِيصةُ: لَحْمَةٌ عِنْدَ نُغْضِ الْكَتِفِ فِي وَسَطِ الْجَنْبِ عِنْدَ مَنْبِض القَلْب، وَهُمَا فَرِيصَتان تَرْتَعِدان عِنْدَ الْفَزَعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِني لأَكْرَه أَن أَرَى الرجلَ ثَائِرًا فَرِيصُ رَقَبَتِه قَائِمًا على مُرَيَّتِه «5» يَضْرِبُها
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الفَرِيصةُ المُضْغةُ الْقَلِيلَةُ تَكُونُ فِي الْجَنْبِ تُرْعَد مِنَ الدَّابَّةِ إِذا فَزِعَت، وَجَمْعُهَا فَرِيصٌ بِغَيْرِ أَلف، وَقَالَ أَيضاً: هِيَ اللَّحْمَةُ الَّتِي بَيْنَ الجَنْب وَالْكَتِفِ الَّتِي لَا تَزَالُ تُرْعَد مِنَ الدَّابَّةِ، وَقِيلَ: جَمْعُهَا فَرِيصٌ وفَرائِصُ، قَالَ الأَزهري: وأَحْسَبُ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ غيرَ هَذَا وإِنما أَراد عَصَبَ الرَّقَبَةِ وعُروقَها لأَنها هِيَ الَّتِي تَثُور عِنْدَ الْغَضَبِ، وَقِيلَ: أَراد شعَرَ الفَرِيصة، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ ثائرُ الرأْس أَي ثائرُ شَعْرِ الرأْس، فاستعارَها لِلرَّقَبَةِ وإِن لَمْ يَكُنْ لَهَا فَرائصُ لأَن الغَضب يُثِيرُ عُروقَها. والفَرِيصةُ: اللحمُ الَّذِي بَيْنَ الْكَتِفِ وَالصَّدْرِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فجيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فرائِصُهما
أَيْ تَرْجُفُ. والفَرِيصةُ: المُضْغَةُ الَّتِي بَيْنَ الثَّدْيِ ومَرْجِع الْكَتِفِ مِنَ الرَّجُلِ وَالدَّابَّةِ، وَقِيلَ: الفَرِيصة أَصلُ مَرْجِعِ الْمِرْفَقَيْنِ. وفَرَصَه يَفْرِصُه فَرْصاً: أَصابَ فَرِيصَته، وفُرِصَ فَرَصاً وفُرِصَ فَرْصاً: شَكَا فَرِيصَتَه. التَّهْذِيبُ: وفُرُوصُ الرَّقَبَةِ وفَرِيسُها عُرُوقُهَا.
__________
(5) . قوله [مريته] تصغير المرأة استضعاف لها واستصغار ليري أن الباطش بها في ضعفها مذموم لئيم. أ. هـ. من هامش النهاية.(7/64)
الْجَوْهَرِيُّ: وفَرِيصُ العنُقِ أَوداجُها، الْوَاحِدَةُ فَرِيصة؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ؛ تَقُولُ مِنْهُ: فَرَصْته أَي أَصبت فَرِيصَته، قَالَ: وَهُوَ مقتلٌ. غَيْرُهُ: وفَرِيصُ الرَّقَبَةِ فِي الحدَبِ عروقُها. والفَرْصةُ: الرِّيحُ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا الحدَبُ، وَالسِّينُ فِيهِ لُغَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَةَ: أَن جُوَيرِية لَهَا كَانَتْ قَدْ أَخَذَتْها الفَرْصةُ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْعَامَّةُ تَقُولُ لَهَا الفَرْسةُ، بِالسِّينِ، وَالْمَسْمُوعُ مِنَ الْعَرَبِ بِالصَّادِ، وَهِيَ ريحُ الحدَبة. والفَرْسُ، بِالسِّينِ: الكسرُ. والفَرْصُ: الشّقُّ. والفَرْصُ: القطعُ. وفَرَصَ الجِلْدَ فَرْصاً: قطَعَه. والمِفْرَصُ والمِفْراصُ: الحديدةُ العريضةُ الَّتِي يُقْطَعُ بِهَا، وقيل: التي يُقعطَع بِهَا الفضةُ؛ قَالَ الأَعشى:
وأَدْفَعُ عَنْ أَعراضِكم، وأُعِيرُكمْ ... لِساناً، كمِفْراصِ الخَفاجيِّ، مِلْحَبا
وَفِي الْحَدِيثِ:
رفَعَ اللهُ الحَرَجَ إِلا مَنِ افْتَرَصَ مُسْلِماً ظُلْماً.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جاءَ بِالْفَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الفَرْصِ القَطْع أَو مِنَ الفُرْصَةِ النُّهْزَة، يُقَالُ: افْتَرَصَها انتَهَزَها؛ أَراد إِلا مَنْ تمكَّنَ مِنْ عِرْضِ مسْلمٍ ظُلْماً بالغِيبَة والوَقِيعة. وَيُقَالُ: افْرِصْ نَعْلَكَ أَي اخْرِقْ فِي أُذُنِها للشِّرَاك. اللَّيْثُ: الفَرْصُ شَقُّ الْجِلْدِ بِحَدِيدَةٍ عَرِيضَةِ الطَّرَف تَفْرِصُه بِهَا فَرْصاً كَمَا يَفْرِصُ الحَذَّاءُ أُذُنَي النَّعْلِ عِنْدَ عَقِبِهِمَا بالمِفْرَص لِيَجْعَلَ فِيهِمَا الشِّراك؛ وأَنشد:
جَوادٌ حِينَ يَفْرِصُه الفَرِيصُ
يَعْنِي حِينَ يشُقُّ جِلْدَهُ العرَقُ. وتَفْرِيصُ أَسْفل نَعْلِ القِرابِ: تَنْقِيشُه بِطَرَفِ الْحَدِيدِ. يُقَالُ: فَرَّصْت النعلَ أَي خرَقْت أُذنيها لِلشِّرَاكِ. والفِرْصةُ والفَرْصة والفُرْصَة؛ الأَخيرتان عَنْ كُرَاعٍ: القطعةُ مِنَ الصُّوفِ أَو الْقُطْنِ، وَقِيلَ: هِيَ قِطْعَةُ قُطْنٍ أَو خِرْقَةٌ تَتَمسَّح بِهَا المرأَة مِنَ الْحَيْضِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ للأَنصارية يَصِفُ لَهَا الِاغْتِسَالَ مِنَ الْمَحِيضِ: خُذِي فِرْصةً مُمَسَّكةً فتطهَّري بِهَا
أَي تتبَّعي بِهَا أَثر الدَّمِ، وَقَالَ كُرَاعٌ: هِيَ الفَرْصة، بِالْفَتْحِ، الأَصمعي: الفِرْصةُ الْقِطْعَةُ مِنَ الصُّوفِ أَو الْقُطْنِ أَو غَيْرِهِ أُخِذَ مِنْ فَرَصْت الشيءَ أَي قَطَعْتُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ:
خُذِي فِرْصةً مِنْ مِسْك
، والفِرْصة الْقِطْعَةُ مِنَ الْمِسْكِ؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ حَكَاهُ فِي البَصْرِيّات لَهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الفِرْصة، بِكَسْرِ الْفَاءِ، قِطْعَةٌ مِنْ صُوفٍ أَو قُطْنٍ أَو خِرْقَةٌ. يُقَالُ: فَرَصت الشَّيْءَ إِذا قَطَعْتَهُ، والمُمَسّكَة: المُطَيّبَة بِالْمِسْكِ يُتْبَعُ بِهَا أَثر الدَّمِ فَيَحْصُلُ مِنْهُ الطِّيبُ وَالتَّنْشِيفُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ مِنْ مِسْك، ظَاهِرُهُ أَن الفِرْصة مِنْهُ، وَعَلَيْهِ الْمَذْهَبُ وقولُ الْفُقَهَاءِ. وَحَكَى أَبو دَاوُدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ بَعْضِهِمْ: قَرْصةً، بِالْقَافِ، أَي شَيْئًا يَسِيرًا مِثْلَ القَرْصة بِطَرَفِ الأُصبعين. وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ قَرْضةً، بِالْقَافِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، أَي قِطْعَةً مِنَ القَرْض الْقَطْعُ. والفَرِيصةُ: أُمّ سُوَيد. وفِرَاصٌ: أَبو قَبِيلَةٍ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الفِراصُ هُوَ الأَحمر؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ.
وَلَا بِذَاكَ الأَحْمرِ الفِرَاصِ
فرفص: الفِرْفاصُ: الفحلُ الشديدُ الأَخذِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الخُسُّ لِبِنتِه: إِني أُريد أَن لَا أُرسِلَ فِي إِبلي إِلا فَحْلًا وَاحِدًا، قَالَتْ: لَا يُجْزِئُها إِلا رَباعٌ فِرْفاصٌ أَو بازِلٌ خُجَأَةٌ؛ الفِرْفاصُ: الَّذِي لَا يَزَالُ قَاعِيًا(7/65)
عَلَى كُلِّ نَاقَةٍ. وفُرافِصٌ وفُرَافِصة: مِنْ أَسماء الأَسد. وفُرافِصة: الأَسد، وَبِهِ سُمِّي الرَّجُلُ فُرافِصة. ابْنُ شُمَيْلٍ: الفُرَافِصةُ: الصغيرُ مِنَ الرِّجَالِ. وَرَجُلٌ فُرافِصٌ وفُرافِصةٌ: شَدِيدٌ ضَخْمٌ شُجَاعٌ. وفَرافِصةُ: اسْمُ رَجُلٍ. والفَرافِصةُ: أَبو نائلةَ امرأَةِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَيْسَ فِي الْعَرَبِ مَنْ تَسَمَّى بالفَرافِصة بالأَلف وَاللَّامِ غَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى الْقَالِي عَنِ ابْنِ الأَنباري عَنْ أَبيه عَنْ شيوخِه قَالَ: كُلُّ مَا فِي الْعَرَبِ فُرافِصةُ، بِضَمِّ الْفَاءِ، إِلا فَرَافِصةَ أَبا نَائِلَةَ امرأَة عُثْمَانَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، بِفَتْحِ الْفَاءِ لا غير.
فصص: فَصُّ الأَمرِ: أَصلُه وحقيقتُه. وفَصُّ الشيءِ: حقيقتُه وكُنْهُه، والكُنْهُ: جوهرُ الشَّيْءِ، والكُنْهُ: نِهَايَةُ الشَّيْءِ وحقيقتُه. يُقَالُ: أَنا آتيكَ بالأَمر مِنْ فَصِّه يَعْنِي مِنْ مَخْرَجِهِ الَّذِي قَدْ خَرَجَ مِنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَكَمْ مِنْ فَتًى شاخِص عَقْلُه، ... وَقَدْ تَعْجَبُ العينُ مِنْ شَخْصِه
ورُبّ امْرِئٍ تَزْدَرِيه العُيون، ... ويَأْتِيكَ بالأَمر مِنْ فَصِّه
وَيُرْوَى:
ورُبّ امرئٍ خِلْتَهُ مائِقاً
وَيُرْوَى:
وآخَرَ تحسَبه جَاهِلًا
وفصُّ الأَمرِ: مَفْصِلُه. وفَصُّ العينِ: حَدَقَتُها. وفصُّ الْمَاءِ: حَبَبُه. وفَصُّ الخمرِ: مَا يُرى مِنْهَا. والفَصُّ: المَفْصِل، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَفُصٌّ وفُصوص، وَقِيلَ: المَفاصِلُ كُلُّهَا فُصوص، وَاحِدُهَا فَصّ إِلا الأَصابع فإِن ذَلِكَ لَا يُقَالُ لِمَفَاصِلِهَا. أَبو زَيْدٍ: الفُصوصُ الْمَفَاصِلُ فِي الْعِظَامِ كُلِّهَا إِلا الأَصابع. قَالَ شَمِرٌ: خُولِفَ أَبو زَيْدٍ فِي الْفُصُوصِ فَقِيلَ إِنها البَراجِم والسُّلامَيات. ابْنُ شُمَيْلٍ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: الْفُصُوصُ مِنَ الفَرس مفاصلُ رُكْبَتَيْهِ وأَرساغه وَفِيهَا السلامَيات وَهِيَ عظامُ الرُّسْغَيْن؛ وأَنشد غَيْرُهُ فِي صِفَةِ الْفَحْلِ مِنَ الإِبل:
قَرِيعُ هِجَانٍ لَمْ تُعَذَّبْ فُصوصُه ... بقيدٍ، وَلَمْ يُرْكَبْ صَغِيرًا فيُجْدَعا
ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ مَا جَاءَ بِالْفَتْحِ: يُقَالُ فَصُّ الخاتَم، وَهُوَ يأْتيك بالأَمر مِنْ فَصِّه يُفَصِّلُه لَكَ. وَكُلُّ مُلْتَقَى عَظْمَيْنِ، فَهُوَ فَصٌّ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: إِن فُصُوصَه لَظِماء أَي لَيْسَتْ برَهِلة كَثِيرَةِ اللَّحْمِ، وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الأَحرف الْفَتْحُ. اللَّيْثُ: الفَصُّ السِّنُّ مِنْ أَسْنان الثُّوم، والفَصافِصُ واحدتُها فِصْفِصَةٌ. وفَصُّ الْخَاتَمِ وفِصُّه، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: المُرَكَّبُ فِيهِ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ فِصّ، بِالْكَسْرِ، وَجَمْعُهُ أَفُصٌّ وفُصوصٌ وفِصاصٌ والفَصُّ الْمَصْدَرُ، والفِصُّ الِاسْمُ. وفَصَّ الجُرْحُ يَفِصُّ فَصيصاً، لُغَةٌ فِي فَزَّ: سَالَ، وَقِيلَ: سالَ مِنْهُ شيءٌ وَلَيْسَ بِكَثِيرٍ. قَالَ الأَصمعي: إِذا أَصابَ الإِنسانَ جرحٌ فَجَعَلَ يَسِيل ويَنْدَى قِيلَ: فَصَّ يَفِصُّ فَصِيصاً، وفَزَّ يَفِزُّ فَزِيزاً. وفَصَّ العَرَقُ: رشَح. وفَصُّ الجندبِ وفَصِيصُه: صوتُه. والفَصِيص: الصَّوْتُ؛ وأَنشد شَمِرٌ قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
يُغالِينَ فِيهِ الجَزْءَ، لَوْلَا هَواجِرٌ ... جَنادِبُها صَرعَى، لهنَّ فَصِيصُ
يُغالِين: يُطاوِلْنَ، يُقَالُ: غَالَيْتُ فُلَانًا أَي طاوَلْته.(7/66)
وَقَوْلُهُ لَهُنَّ فَصِيص أَي صَوْتٌ ضَعِيفٌ مِثْلُ الصَّفِيرِ؛ يَقُولُ: يُطاوِلْنَ الْجَزْءَ لَوْ قَدَرْنَ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الحَرّ يُعْجِلُهن. اللَّيْثُ: فصُّ الْعَيْنِ حدقتُها؛ وأَنشد:
بمُقْلةٍ تُوقِدُ فَصّاً أَزْرقا
ابْنُ الأَعرابي: فَصْفَصَ إِذا أَتَى بالخَبرِ حَقّاً. وانفَصَّ الشيءُ مِنَ الشيءِ وانْفَصَى: انْفَصَلَ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: قَالَ حِتْرِشٌ فَصَصْت كَذَا مِنْ كَذَا وافْتَصَصْته أَي فَصَلْتُهُ وَانْتَزَعْتُهُ، وانْفَصَّ مِنْهُ أَي انْفَصَلَ مِنْهُ، وافْتَصَصْتُه افْتَرَزْته. الْفَرَّاءُ: أَفْصَصْت إِليه مِنْ حَقِّه شَيْئًا أَي أَخْرَجْت، وَمَا اسْتَفَصَّ مِنْهُ شَيْئًا أَي مَا اسْتَخْرَجَ، وأَفصَّ إِليه مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا أَعطاه، وَمَا فَصَّ فِي يَدَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ يَفِصُّ فَصّاً أَي مَا حَصَلَ. وَيُقَالُ: مَا فَصَّ فِي يَدِي شَيْءٌ أَي مَا بَرَدَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لأُمِّكَ وَيْلةٌ، وعليكَ أُخرى، ... فَلَا شاةٌ تَفِصُّ وَلَا بَعِيرُ
والفَصِيصُ: التحرُّكُ وَالِالْتِوَاءُ. والفِصْفِصُ والفِصْفِصةُ، بِالْكَسْرِ: الرَّطْبة، وَقِيلَ: هِيَ القَتُّ، وَقِيلَ: هِيَ رَطْبُ القَتِّ؛ قَالَ الأَعشى:
أَلم ترَ أَنَّ الأَرض أَصْبحَ بَطْنُها ... نَخِيلًا وزَرْعاً نَابِتًا وفَصافِصَا؟
وَقَالَ أَوس:
وقارَفَتْ، وَهِيَ لَمْ تَجْرَبْ، وباعَ لَهَا ... مِنَ الفَصافِصِ بالنُّمِّيِّ سِفْسِيرُ
وأَصلها بِالْفَارِسِيَّةِ إِسْفَسْت. والنُّمِّيّ: الفُلوس، وَنَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ لِلنَّابِغَةِ، وَقَالَ يَصِفُ فَرَسًا. وفَصْفَصَ دابتَه: أَطْعَمَها إِيّاها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ فِي الفَصافِص صدَقةٌ
، جَمْعُ فِصْفِصة، وَهِيَ الرَّطْبة مِنْ علَفِ الدَّوَابِّ، ويُسمى القَتّ، فَإِذَا جفَّ فَهُوَ قَضْبٌ، وَيُقَالُ فِسْفِسة، بِالسِّينِ.
فعص: الفَعْصُ: الانفراجُ. وانْفَعَص الشَّيْءُ: انْفَتَق. وانفَعَصْت عَنِ الْكَلَامِ: انْفَرَجْتُ، وَاللَّهُ أَعلم.
فقص: فَقَصَ البيضةَ وكلَّ شيءٍ أَجوفَ يَفْقِصُها فَقْصاً وفَقَّصَها: كَسَرَهَا، وفَقَسَها يَفْقِسُها: مَعْنَاهُ فضَخَها، وتَفَقَّصَت عَنِ الفَرْخ. والفقُّوصةُ: البِطِّيخةُ قَبْلَ أَن تَنْضَج، وانْفَقَصَت البيضةُ. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيبية:
وفَقَصَ البيضةَ
أَي كَسَرَهَا، وَبِالسِّينِ أَيضاً.
فلص: الانْفِلاصُ: التفلُّتُ مِنَ الكَفِّ وَنَحْوِهِ. وانْفَلَصَ مِنِّي الأَمرُ وانْمَلَصَ إِذا أَفْلَت، وَقَدْ فَلَّصْته وملَّصْته، وَقَدْ تَفَلَّص الرِّشاءُ مِنْ يَدِي وتَملَّصَ بمعنى واحد.
فوص: التَّفاوُصُ: الكلامُ، وَقِيلَ: إِنما أَصله التَّفايُصُ فقَلَبَتْها الضمةُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي فَيَصَ أَيضاً. وَفِي الصِّحَاحِ: المُفاوَصةُ فِي الْحَدِيثِ الْبَيَانُ. يُقَالُ: مَا أَفاصَ بِكَلِمَةٍ، قَالَ يَعْقُوبُ: أَي مَا تخَلَّصَها ولا أَبانَها.
فيص: ابْنُ الأَعرابي: الفَيْصُ بيانُ الْكَلَامِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يقولُ فِي مرضِه: الصلاةَ وَمَا ملكتْ أَيمانُكم
، فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ وَمَا يُفِيصُ بِهَا لِسانُه أَي مَا يُبِينُ. وفلانٌ ذُو إِفاصة إِذا تكلَّم أَي ذُو بَيَانٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الفَيْصُ مِنَ المُفاوَصة وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مُفَايصة. وفاصَ لِسانُه بِالْكَلَامِ يَفِيص وأَفاصَه أَبانَه. والتفاوُصُ: التكالمُ مِنْهُ انْقَلَبَتْ وَاوًا لِلضَّمَّةِ، وَهُوَ نَادِرٌ، وَقِيَاسُهُ الصِّحَّةُ.(7/67)
وأَفاصَ الضَّبُّ عَنْ يَدِهِ: انْفَرَجَتْ أَصابعُه عَنْهُ فخَلَص. اللَّيْثُ: يُقَالُ قَبَضْت عَلَى ذَنْبِ الضَّبِّ فأَفاصَ مِنْ يَدِي حَتَّى خلَص ذَنبه وَهُوَ حِينُ تَنْفَرِجُ أَصابعُك عَنْ مقْبِض ذَنْبِهِ، وَهُوَ التفاوُص. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ قَبَضْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفِصْ وَلَمْ يَنْزُ وَلَمْ يَنُصْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ: وَيُقَالُ وَاللَّهِ مَا فِصْت كَمَا يُقَالُ: وَاللَّهِ مَا بَرِحْت؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ فِي مَعْنَاهُ اسْتفاصَ؛ قَالَ الأَعشى:
وَقَدْ أَعْلَقَتْ حَلَقات الشَّباب، ... فأَنَّى لِيَ اليومَ أَن أَسْتَفِيصا؟
قَالَ الأَصمعي: قَوْلُهُمْ مَا عَنْهُ مَحِيصٌ وَلَا مَفِيصٌ أَي مَا عَنْهُ مَحِيدٌ. وَمَا اسْتَطَعْتُ أَن أَفِيصَ مِنْهُ أَي أَحِيدَ؛ وَقَوْلُ إمرئِ الْقَيْسِ:
مَنابِتُه مِثْل السَّدوسِ، ولَوْنُه ... كشَوْكِ السَّيال، فَهُوَ عَذْبٌ يَفِيص
قَالَ الأَصمعي: مَا أَدْرِي مَا يَفِيص، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ فاصَ فِي الأَرض أَي قَطَر وذَهَب. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ يَفِيصُ يَبْرُق، وَقِيلَ يَتَكَلَّمُ، يُقَالُ: فاصَ لِسانُه بِالْكَلَامِ وأَفاصَ الكلامَ أَبانَه، فَيَكُونُ يَفِيصُ عَلَى هَذَا حَالًا أَي هُوَ عَذْبٌ فِي حَالِ كَلَامِهِ. وَيُقَالُ: مَا فِصْتُ أَي مَا بَرِحْت، وَمَا فِصْتُ أَفعل أَي مَا بَرِحْت، وَمَا لكَ عَنْ ذَلِكَ مَفِيصٌ أَي مَعْدِلٌ؛ عن ابن الأَعرابي.
فصل القاف
قبص: القَبْصُ: التناوُلُ بالأَصابع بأَطْرافِها. قَبَصَ يَقْبِصُ قَبْصاً: تناوَلَ بأَطراف الأَصابع، وَهُوَ دُونَ القَبْضِ. وقرأَ الْحَسَنُ:
فقَبَصْت قُبْصةً مِنْ أَثَر الرَّسُولِ
، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ الْفِعْلِ، وقراءَة الْعَامَّةِ: فَقَبَضْتُ قَبْضَةً. الْفَرَّاءُ: القَبْضةُ بالكفِّ كُلِّهَا، والقَبْصة بأَطراف الأَصابع، والقُبْصَة والقَبْصةُ: اسْمُ مَا تَناوَلْتَه بِعَيْنِهِ، والقَبِيصةُ: مَا تناوَلْته بأَطراف أَصابعك، والقَبْصةُ مِنَ الطَّعَامِ: مَا حَمَلَتْ كَفَّاك. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَعَا بتَمْرٍ فَجَعَلَ بِلالٌ يجيءُ بِهِ قُبَصاً قُبَصاً
؛ هِيَ جَمْعُ قُبْصةٍ، وَهِيَ مَا قُبِصَ كالغُرْفةِ لِمَا غُرِفَ. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ، يَعْنِي القُبَصَ الَّتِي تُعْطَى الفُقراءَ عِنْدَ الْحَصَادِ.
ابْنُ الأَثير: هَكَذَا ذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ حديثَ بِلَالٍ وَمُجَاهِدٍ فِي الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَذَكَرَهُمَا غَيْرُهُ فِي الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، قَالَ: وَكِلَاهُمَا جَائِزَانِ وإِن اخْتَلَفَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بُرْدَةَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبي بَكْرٍ ففَتَح بَابًا فَجَعَلَ يَقْبِصُ لِي مِنْ زَبِيب الطَّائِفِ.
والقَبِيصُ والقَبِيصةُ: الترابُ الْمَجْمُوعُ. وقِبْصُ النملِ وقَبْصُه: مُجْتَمعُه. اللَّيْثُ: القِبْصُ مُجْتَمَعُ النَّمْلِ الْكَبِيرُ الْكَثِيرُ. يُقَالُ: إِنهم لَفِي قِبْصِ الْحَصَى أَي فِي كَثْرَتِهَا لَا يُسْتطاع عَدُّه مِنْ كَثْرَتِهِ. والقِبْصُ والقَبْصُ: العدَد الْكَثِيرُ، وَفِي الصِّحَاحِ: العددُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَتَخْرُجُ عَلَيْهِمْ قَوَابِص
أَي طَوَائِفُ وَجَمَاعَاتٌ، واحدَتُها قابِصةٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
لَكُمْ مَسْجِدا اللَّهِ المزُوران، وَالْحَصَى ... لَكُمْ قِبْصُه مِنْ بَيْنِ أَثْرَى وأَقْتَرا
أَي مِنْ بَيْنِ مُثْر ومُقِلٍّ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ قِبْصٌ مِنَ النَّاسِ
؛ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ، وَهُوَ فِعْلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، مِنْ القَبْص. يُقَالُ: إِنهم(7/68)
لَفِي قِبص الْحَصَى. والقَبَصُ: الخِفَّةُ وَالنَّشَاطُ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو. وَقَدْ قَبِصَ الرجلُ، فَهُوَ قَبِصٌ. والقَبْصُ والقِبِصَّى: عَدْوٌ شديدٌ، وَقِيلَ: عَدْوٌ كأَنه يَنْزُو فِيهِ، وَقَدْ قَبَصَ يَقْبِصُ؛ قَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ قَبَضَ:
وتَعْدُو القِبِضَّى قَبْلَ عَيْرٍ وَمَا جَرَى، ... وَلَمْ تَدْرِ مَا بالِي، وَلَمْ أَدْرِ مَا لَهَا
قَالَ: والقِبِضَّى والقِمِصَّى ضَرْبٌ مِنَ العَدْوِ فِيهِ نَزْوٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَبَصَ، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، يَقْبِصُ إِذا نزَا، فَهُمَا لُغَتَانِ، قَالَ: وأَحسب بَيْتَ الشَّمَّاخِ يُرْوَى: وتَعْدُو القِبِصَّى، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَبو عَمْرٍو يَرْوِيه القِبِضَّى، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، مأْخوذ مِنَ القَباضة وَهِيَ السُّرعة، وَوَجْهُ الأَول أَنه مأْخوذ مِنَ القَبَص وَهُوَ النَّشَاطُ، وَرَوَاهُ المُهَلَّبيُّ القِمِصَّى وَجَعَلَهُ مِنَ القِماصِ. وَفِي حَدِيثُ الإِسراء والبُراقِ:
فعَمِلَت بأُذُنَيها وقَبَصَت
أَي أَسرعت. وَفِي حَدِيثِ الْمُعْتَدَّةِ لِلْوَفَاةِ:
ثُمَّ تُؤْتى بدابةٍ شاةٍ أَو طيرٍ فتَقْبِصُ بِهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الأَزهري رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بِالْقَافِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، أَي تعدُو مُسْرِعَةً نحوَ مَنْزِل أَبَوَيْها لأَنها كالمُسْتَحْيِيَةِ مِنْ قُبْحِ مَنْظَرِها؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ بِالْفَاءِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. التَّهْذِيبِ: يُقَالُ قَبَصَ الفرسُ يَقْبِصُ إِذا نَزَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ رِكَابًا:
فيَقْبِصْنَ مِنْ سادٍ وعادٍ وواخدٍ، ... كَمَا انْصاعَ بالسِّيِّ النعامُ النوافرُ
والقَبُوصُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي إِذا رَكَض لَمْ يَمَسَّ الأَرض إِلا أَطرافُ سَنابِكه مِنْ قُدُم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَلِيم الرَّجْع طَهْطاه قَبُوص
وَقِيلَ: هُوَ الوَثِيقُ الخَلْق. والقَبْصُ والقَبَصُ: وجَعٌ يُصِيبُ الْكَبِدَ عَنْ أَكل التَّمْرِ عَلَى الرِّيقِ وشُرْب الْمَاءِ عَلَيْهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَرُفْقَةٌ تَشْكُو الجُحافَ والقَبَصْ، ... جلودُهم أَلْيَنُ مِنْ مَسِّ القُمُصْ
ويروى الحُجاف، تَقُولُ مِنْهُ: قَبِصَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء قَالَتْ: رأَيت رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْمَنَامِ فسأَلني: كَيْفَ بَنُوكِ؟ قلتُ: يُقْبَصُون قَبْصاً شديداً، فأَعطاني حَبّة سَوْدَاءَ كالشُّونِيز شِفاء لَهُمْ، وَقَالَ: أَما السامُ فَلَا أَشْفي مِنْهُ
، يُقْبَصُون أَي يُجْمع بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ مِنْ شِدَّةِ الحُمّى. والأَقْبَصُ مِنَ الرِّجَالِ: العظيمُ الرأْس، قَبِصَ قَبَصاً. والقَبَصُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ هامةٌ قَبْصاءُ عظيمةٌ ضَخْمَةٌ مُرْتُفِعَةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بهامةٍ قَبْصاءَ كالمِهْراسِ
والقَبَصُ فِي الرأْس: ارتفاعٌ فِيهِ وعِظَم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَبْصاء لَمْ تُفْطَحْ وَلَمْ تُكَتّل
يَعْنِي الْهَامَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنْ حينَ قَبِصَ
أَي شَبَّ وَارْتَفَعَ. والقَبَصُ: ارتفاعٌ فِي الرأْس وعِظَمٌ. والقَبْصةُ: الجرادةُ الْكَبِيرَةُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والمِقْبَصُ: المِقْوَسُ وَهُوَ الحَبْل الَّذِي يُمدّ بَيْنَ أَيدي الْخَيْلِ فِي الحَلْبة إِذا سُوبِقَ بَيْنَهَا؛ وَمِنْهُ(7/69)
قَوْلُهُمْ:
أَخَذْتُ فُلَانًا عَلَى المقْبَص
وقَبِيصةُ: اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ إِياس بْنُ قَبِيصة الطائي.
قرص: القَرْص بالأُصبعين، وَقِيلَ: القَرْص التَّجْمِيشُ والغَمْز بالأُصبع حَتَّى تُؤْلمه، قرَصَه يَقْرُصه، بِالضَّمِّ، قَرْصاً. وقَرْصُ البراغيثِ: لَسْعُها. وَيُقَالُ مَثَلًا: قَرَصَه بِلِسَانِهِ. والقارِصةُ: الكلمةُ المؤْذية؛ قال الفرزدق:
قوارِصُ تَأْتِيني وتَحْتَقِرونَها، ... وَقَدْ يَمْلأُ القَطْرُ الإِناءَ فَيُفْعَم
وَقَالَ اللَّيْثُ: القَرْصُ بِاللِّسَانِ والأُصبع. يُقَالُ: لَا يَزَالُ تَقْرُصُني مِنْهُ قارِصةٌ أَي كَلِمَةٌ مُؤْذِيَةٌ. قَالَ: والقَرْص بالأَصابع قَبْضٌ عَلَى الْجِلْدِ بأُصبعين حَتَّى يُؤلَم. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنه قَضى فِي القارِصة والقامِصَة والواقِصَة بالدِّيَة أَثلاثاً
؛ هُنَّ ثلاثُ جوارٍ كُنّ يلْعَبْن فتراكَبْنَ، فقَرَصَت السُّفْلى الوُسْطى فقَمَصَت، فسَقَطت العُلْيا فوَقَصَت عُنُقَها، فجعلَ ثُلْثَيِ الدِّيَةِ عَلَى الثِّنْثَيْن وأَسْقَطَ ثُلُثَ العُلْيا لأَنها أَعانَت عَلَى نفسِها؛ جَعَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مَرْفُوعًا وَهُوَ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ. القارِصةُ: اسمُ فَاعِلَةٍ مِنَ القَرْص بالأَصابع. وَشَرَابٌ قارِصٌ: يَحْذي اللسانَ، قَرَصَ يَقْرُص قَرْصاً. والقارِصُ: الحامِض مِنْ أَلْبان الإِبل خَاصَّةً. والقُمارِصُ: كالقارِص مِثَالُهُ فُماعِلٌ، هَذَا فِيمَنْ جَعَلَ الْمِيمَ زَائِدَةً وَقَدْ جَعَلَهَا بَعْضُهُمْ أَصلًا وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَقِيلَ: القارصُ اللَّبَنُ الَّذِي يَحْذي اللِّسَانَ فأَطلق وَلَمْ يُخَصَّصِ الإِبل. وَفِي الْمَثَلِ: عَدا القارصُ فحَزَر أَي جاوَزَ الحدَّ إِلى أَن حَمِضَ يَعْنِي تفاقَم الأَمْرُ واشتدَّ. وَقَالَ الأَصمعي وَحْدَهُ: إِذا حَذَى اللبنُ اللسانَ فَهُوَ قارِصٌ؛ وأَنشد الأَزهري لِبَعْضِ الْعَرَبِ:
يَا رُبّ شاةٍ شاصِ ... فِي رَبْرَبٍ خِماصِ،
يأْكلْن مِنْ قُرَّاصِ ... وحَمَصِيصٍ آصِ،
كفِلَق الرَّصاصِ، ... يَنْظُرن مِنْ خَصاصِ
بأَعْيُنٍ شَواصِ، ... يَنْطَحْنَ بالصَّياصي،
عارَضَها قَنَّاصُ ... «6» بأَكْلُبٍ مِلاصِ
آصِ: مُتَّصِلٌ مِثْلُ وَاصٍ. شَاصِ: مُنْتصبٍ. والمَقارِصُ: الأَوْعية الَّتِي يُقَرَّصُ فِيهَا اللَّبَنُ، الْوَاحِدَةُ مِقْرَصة؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ:
وأَنتم أُناسٌ تُعْجِبُونَ بِرأْيكمْ، ... إِذا جَعَلَتْ مَا فِي المَقارِص تَهْدِرُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَيْرٍ: لَقارِصٌ قُمارِصٌ يقطرُ مِنْهُ الْبَوْلُ
؛ القُمارص: الشَّدِيدُ القَرْص، بِزِيَادَةِ الْمِيمِ؛ أَراد اللبنَ الَّذِي يَقْرُص اللِّسَانَ مِنْ حُموضتِه، والقُمارِص تأْكيدٌ لَهُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ؛ وَمِنْهُ رِجْزُ ابْنِ الأَكوع:
لَكِنْ غَذاها اللبنُ الخَرِيفُ ... المَخْضُ والقارِصُ والصَّرِيفُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: القُمارِصُ إِتباع وإِشباع؛ أَراد لَبَنًا شديدَ الْحُمُوضَةِ يُقْطِر بَوْلَ شارِبِه لِشِدَّةِ حموضته.
__________
(6) . في هذا الشطر إقواء.(7/70)
والمُقَرَّصُ: المُقَطَّع المأْخوذ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، وَقَدْ قَرَصَه وقَرّصَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة سأَلَته عَنْ دَمِ الحيضُ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فَقَالَ: قَرِّصِيه بِالْمَاءِ
أَي قَطِّعِيه بِهِ، وَيُرْوَى:
اقْرُصِيه
بِمَاءٍ أَي اغْسِلِيهِ بأَطراف أَصابعك، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
حُتِّيه بضِلَعٍ واقْرُصيه بِمَاءٍ وَسِدْرٍ
؛ القَرْصُ: الدَّلْكُ بأَطراف الأَصابع والأَظفارِ مَعَ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى يَذْهَبَ أَثره، والتقْرِيصُ مِثْلُهُ. قَالَ: قَرَصْتُه وقَرّصْتُه وَهُوَ أَبلغ فِي غَسْل الدَّمِ مِنْ غَسْلِهِ بِجَمِيعِ الْيَدِ. والقُرْص: مِنَ الْخُبْزِ وَمَا أَشبهه. وَيُقَالُ للمرأَة: قَرِّصي الْعَجِينَ أَي سَوِّيهِ قِرَصة. وقَرَّصَ الْعَجِينَ: قَطَّعَهُ لِيَبْسُطَهُ قُرْصَةً قُرْصَة، وَالتَّشْدِيدُ لِلتَّكْثِيرِ. وَقَدْ يَقُولُونَ لِلصَّغِيرَةِ جِدًّا: قُرْصة وَاحِدَةٌ، قَالَ: وَالتَّذْكِيرُ أَكثر، قَالَ: وَكُلَّمَا أَخذت شَيْئًا بَيْنَ شَيْئَيْنِ أَو قَطَّعْتَهُ، فَقَدْ قَرَّصْته، والقُرْصةُ والقُرْصُ: الْقِطْعَةُ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَقْراصٌ وقِرَصةٌ وقِراصٌ. وقَرَصَت المرأَة العَجينَ تَقْرصُهُ قَرْصاً وقَرّصَته تَقْريصاً أَي قَطّعَتْه قُرْصَة قُرْصة. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأُتِيَ بثلاثَة قِرَصَة مِنْ شَعِير
؛ القِرصَةُ، بِوَزْنِ العِنَبة: جَمْعُ قُرْصٍ وَهُوَ الرَّغِيفُ كجُحْر وجِحَرة. وقُرْصُ الشَّمْسِ: عَيْنُها وَتُسَمَّى عينُ الشَّمْسِ قُرْصةً عِنْدَ غَيْبُوبَتِهَا. والقُرص: عَيْنُ الشَّمْسِ عَلَى التَّشْبِيهِ، وَقَدْ تُسَمَّى بِهِ عامةُ الشَّمْسِ. وأَحمرُ قُرّاصٌ أَي أَحمر غَلِيظٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والقُرّاصُ: نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي السُّهولة والقِيعان والأَوْدية والجَدَدِ وزهرهُ أَصفرُ وَهُوَ حارٌّ حَامِضٌ، يَقْرُص إِذا أُكِل مِنْهُ شَيْءٌ، واحدتُه قُرّاصةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القُرّاص يُنْبِتُ نباتَ الجِرْجِير يطُول ويَسْمُو، وَلَهُ زَهْرٌ أَصفر تَجْرُسُه النَّخْلُ، وَلَهُ حَرَارَةٌ كَحَرَارَةِ الجِرْجِير وحبٌّ صِغَارٌ أَحمر والسوامُّ تحبُّه، وَقَدْ قِيلَ: إِن القُرّاصَ البابونَج وَهُوَ نَور الأُقْحُوان إِذا يَبِس، واحدتُها قُرّاصة. والمَقارِصُ: أَرضون تُنْبِتُ القُرّاصَ. وحَلْيٌ مُقَرَّصٌ: مُرَصّعٌ بِالْجَوْهَرِ. والقَرِيصٌ: ضَرْبٌ مِنَ الأُدْم. وقُرْصٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:
ثُمَّ عُجْناهُنّ خُوصاً كالقطا القارِبات ... الْمَاءَ مِنْ أَيْنِ الكَلال
نحوَ قُرْصٍ، ثُمَّ جَالَتْ جَوْلَة الخيلِ ... قُبّاً، عَنْ يَمينٍ وشِمَال
أَضاف الأَيْنَ إِلى الكَلال وإِن تَقَارَبَ مَعْنَاهُمَا، لأَنه أَراد بالأَيْنِ الفُتور وبالكَلال الإِعْياءَ.
قرفص: القَرْفَصةُ: شَدُّ الْيَدَيْنِ تَحْتَ الرِّجْلَيْنِ، وَقَدْ قَرْفَص قَرْفَصةً وقِرْفاصاً. وقَرْفَصْتَ الرَّجُلَ إِذا شَدَدْته؛ القَرْفَصةُ: أَن تَجْمَع الإِنسان وتشُدَّ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ظَلَّتْ عَلَيْهِ عُقابُ الموتِ ساقِطةً، ... قَدْ قَرْفَصَتْ رُوحَه تِلْكَ المَخالِيبُ
والقَرافِصةُ: اللُّصوصُ المتجاهِرُون يُقَرْفِصُون النَّاسَ، سُمُّوا قَرافِصةً لِشَدِّهِمْ يدَ الأَسِير تَحْتَ رِجْلَيْهِ. وقَرْفَصَ الشيءَ: جَمَعَهُ. وَجَلَسَ القِرْفِصا والقَرْفَصَا والقُرْفُصَا: وَهُوَ أَن يَجْلِسَ عَلَى أَلْيَتَيْه ويُلزِقَ فَخِذَيْهِ بِبَطْنِهِ ويَحْتَبي بِيَدَيْهِ، وَزَادَ ابْنُ جِنِّي: القُرْفُصاء وَقَالَ هُوَ عَلَى الإِتباع. والقُرْفُصاءُ: ضرْبٌ مِنَ القعودِ يُمَدّ(7/71)
ويُقْصَر، فإِذا قُلْتَ قَعَدَ فُلَانٌ القُرْفُصاء فكأَنك قُلْتَ قَعَد قُعوداً مَخْصُوصًا، وَهُوَ أَن يَجْلِسَ عَلَى أَلْيَتَيه ويُلْصِقَ فَخِذِيهِ بِبَطْنِهِ ويَحْتَبي بِيَدَيْهِ يضعهُما عَلَى ساقَيه كَمَا يَحْتَبِي بِالثَّوْبِ، تَكُونُ يَدَاهُ مَكَانَ الثَّوْبِ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. وَقَالَ أَبو الْمَهْدِيِّ: هُوَ أَن يَجْلِسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُنْكبّاً ويُلْصِقَ بطنَه بِفَخِذَيْهِ ويتأَبط كَفّيه، وَهِيَ جلْسة الأَعراب؛ وأَنشد:
لَوِ امْتَخَطْتَ وَبَراً وضَبّا، ... وَلَمْ تَنَلْ غيرَ الجمالِ كَسْبا،
وَلَوْ نَكَحْتَ جُرْهُماً وكَلْبا، ... وقَيسَ عَيْلانَ الكِرامَ الغُلْبا،
ثُمَّ جلَسْتَ القُرفُصا مُنْكبّا، ... تَحْكي أَعارِيبَ فلاةٍ هُلْبا،
ثُمَّ اتخَذْتَ اللاتَ فِينَا رَبّا، ... مَا كنتَ إِلا نَبَطِيّاً قَلْبا
وَفِي حَدِيثِ
قَيْلة: أَنها وَفَدَتْ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فرأَته وَهُوَ جالسٌ القُرْفُصاءَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: القُرْفُصاءُ جِلْسةُ الْمُحْتَبِي إِلا أَنه لَا يَحْتبي بِثَوْبٍ وَلَكِنَّهُ يَجْعَلُ يَدَيْهِ مَكَانَ الثَّوْبِ عَلَى سَاقَيْهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَلَسَ فُلَانٌ القُرْفُصاء، مَمْدُودٌ مَضْمُومٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: القِرْفِصَا، مَكْسُورُ الأَول مَقْصُورٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَعَدَ القُرْفُصا، وَهُوَ أَن يَقْعُدَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَيَجْمَعَ رُكْبَتَيْهِ وَيَقْبِضَ يَدَيْهِ إِلى صَدْرِهِ.
قرمص: القُرْمُوص والقِرْماصُ: حُفْرَةٌ يَسْتَدْفِئُ فِيهَا الإِنسان الصَّردُ مِنَ البَرْدِ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
أَلِفَ الحَمامةُ مَدْخَلَ القِرْماصِ
وَالْجَمْعُ القرامِيص؛ قَالَ:
جاءَ الشِّتاء وَلَمَّا أَتخِذْ رَبَضاً، ... يَا ويْحَ كَفَّيّ مِنْ حَفْرِ القَرامِيص
وقَرْمَصَ وتَقَرْمَصَ: دَخَلَ فِيهَا وتَقَبَّض، وقَرْمَصَها وتقَرْمَصَها: عمِلَها؛ قَالَ:
فاعمِدْ إِلى أَهل الوَقِير، فإِنما ... يَخْشَى أَذاك مُقَرْمِصُ الزَّرْبِ «1»
والقُرْمُوص: حفرةُ الصَّائِدِ. قَالَ الأَزهري: كُنْتُ بِالْبَادِيَةِ فَهَبَّتْ رِيحٌ غَرْبِيَّةٌ فرأَيت مَنْ لَا كِنَّ لَهُمْ مِنْ خَدَمِهم يَحْتَفِرُونَ حُفَراً ويتقَبّضون فِيهَا ويُلْقُون أَهْدامَهم فَوْقَهُمْ يَرُدُّون بِذَلِكَ بَرْدَ الشَّمال عَنْهُمْ، وَيُسَمُّونَ تِلْكَ الحُفَرَ القرامِيصَ، وَقَدْ تَقَرْمَصَ الرَّجُلُ فِي قُرْموصه. والقُرْموصُ: وكْرُ الطَّائِرِ حَيْثُ يَفْحَصُ فِي الأَرض؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:
عَنْ ذِي قرامِيصَ لَهَا مُحَجّل
قَالَ: قَرامِيصُ ضَرْعُهَا بواطنُ أَفخاذِها فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ؛ قَالَ: وإِنما أَراد أَنها تُؤَثِّرُ لِعَظْمِ ضَرْعِهَا إِذا بَرَكَتْ مِثْلَ قُرْموصِ القطاة إِذا جَثَتْ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ فِي وَجْهِهِ قِرْماصٌ إِذا كَانَ قَصِيرَ الْخَدَّيْنِ. والقُرْموصُ: عُشُّ الطَّائِرِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ عُشَّ الْحَمَامِ؛ قَالَ الأَعشى:
وَذَا شُرُفاتٍ يقصرُ الطَّرْفُ دُونَهُ، ... تَرَى للحَمامِ الوُرْقِ فِيهَا قَرامِصا
حَذَفَ يَاءَ قَرَامِيصَ لِلضَّرُورَةِ وَلَمْ يَقُلْ قَرَامِيصَ، وإِن احْتَمَلَهُ الْوَزْنُ لأَن الْقِطْعَةَ مِنَ الضَّرْبِ الثَّانِي مِنَ الطَّوِيلِ، وَلَوْ أَتم لَكَانَ مِنَ الضَّرْبِ الأَول منه، قال
__________
(1) . قوله [الزرب] هكذا ضبط في الأصل.(7/72)
ابْنُ بَرِّيٍّ: والقُرْموصُ وَكْرُ الطَّيْرِ، يُقَالُ مِنْهُ: قَرْمَصَ الرجلُ وَالطَّائِرُ إِذا دَخَلَا القُرْموصَ، وأَنشد بَيْتَ الأَعشى أَيضاً. وَفِي مُنَاظَرَةِ ذِي الرمة ورؤبة: مَا تقَرْمَص سبُعٌ قُرْموصاً إِلا بِقَضَاءٍ؛ القُرْموصُ: حُفْرَةٌ يَحْتَفِرُهَا الرَّجُلُ يَكْتَنّ فِيهَا مِنَ البَرْد ويأْوي إِليها الصَّيْدُ، وَهِيَ وَاسِعَةُ الْجَوْفِ ضَيِّقَةُ الرأْس، وتَقَرْمَص السَّبُعُ إِذا دخلَها لِلِاصْطِيَادِ. وقَرامِيصُ الأَمر: سعَتُه مِنْ جَوَانِبُهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَاحِدُهَا قُرْموص؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا فَتَفَهَّمَ وَجْهَ التَّخْلِيطِ فِيهِ. ولَبَنٌ قُرامِصٌ: قارِصٌ.
قرنص: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: القَرانِيصُ خَرَزٌ فِي أَعلى الْخُفِّ، واحدُها قُرْنوصٌ. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ لِلْبَازِي إِذا كَرَّزَ: قَدْ قُرْنِصَ قَرْنَصةً وقُرْنِسَ. وبازٍ مُقَرْنَصٌ أَي مُقْتَنًى لِلِاصْطِيَادِ، وَقَدْ قَرْنَصْته أَي اقْتنيته. وَيُقَالُ: قَرْنَصْت الْبَازِي إِذا رَبَطْتَهُ لِيَسْقُطَ ريشُه، فَهُوَ مُقَرْنَص. وَحَكَى اللَّيْثُ: قَرْنَسَ الْبَازِي، بِالسِّينِ، مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ. وقَرْنَصَ الديكُ وقَرْنَسَ إِذا فَرّ مِنْ ديك آخر.
قصص: قَصَّ الشَّعْرَ وَالصُّوفَ وَالظُّفْرَ يقُصُّه قَصّاً وقَصّصَه وقَصّاه عَلَى التَّحْوِيلِ: قَطعَه. وقُصاصةُ الشَّعْرِ: مَا قُصّ مِنْهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ، وَطَائِرٌ مَقْصُوص الْجَنَاحِ. وقُصَاصُ الشَّعْرِ، بِالضَّمِّ، وقَصَاصُه وقِصاصُه، وَالضَّمُّ أَعلى: نهايةُ مَنْبَتِهِ ومُنْقَطعه عَلَى الرأْس فِي وَسَطِهِ، وَقِيلَ: قُصاصُ الشَّعْرِ حدُّ الْقَفَا، وَقِيلَ: هُوَ حَيْثُ تَنْتَهِي نبْتتُه مِنْ مُقدَّمه ومؤخَّره، وَقِيلَ: قُصاص الشَّعْرِ نهايةُ مَنْبَتِهِ مِنْ مُقدَّم الرأْس. وَيُقَالُ: هُوَ مَا اسْتَدَارَ بِهِ كُلِّهُ مِنْ خَلْفٍ وأَمام وَمَا حَوَالَيْهِ، وَيُقَالُ: قُصاصَة الشَّعْرِ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ ضربَه عَلَى قُصاصِ شَعْرِهِ ومقَصّ وَمَقَاصِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَسْجُدُ عَلَى قِصاص الشَّعْرِ
وَهُوَ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، مُنْتَهَى شَعْرِ الرأْس حَيْثُ يُؤْخَذُ بالمِقَصّ، وَقَدِ اقْتَصَّ وتَقَصّصَ وتقَصّى، وَالِاسْمُ القُصّةُ. والقُصّة مِنَ الْفَرَسِ: شَعْرُ النَّاصِيَةِ، وَقِيلَ: مَا أَقْبَلَ مِنَ النَّاصِيَةِ عَلَى الْوَجْهِ. والقُصّةُ، بِالضَّمِّ: شعرُ النَّاصِيَةِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا:
لَهُ قصّةٌ فَشَغَتْ حاجِبَيه، ... والعيْنُ تُبْصِرُ مَا فِي الظُّلَمْ
وَفِي حَدِيثِ
سَلْمان: ورأَيته مُقَصَّصاً
؛ هُوَ الَّذِي لَهُ جُمّة. وَكُلُّ خُصْلة مِنَ الشَّعْرِ قُصّة. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: وأَنتَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ وَلَكَ قَرْنانِ أَو قُصّتانِ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاوِيَةَ: تنَاوَلَ قُصّةً مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ فِي يَدِ حَرَسِيّ.
والقُصّة: تَتَّخِذُهَا المرأَة فِي مقدمِ رأْسها تقصُّ ناحيتَيْها عدا جَبِينها. والقَصُّ: أَخذ الشَّعْرِ بالمِقَصّ، وأَصل القَصِّ القَطْعُ. يُقَالُ: قصَصْت مَا بَيْنَهُمَا أَي قَطَعْتُ. والمِقَصُّ: مَا قصَصْت بِهِ أَي قَطَعْتُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: القِصاص فِي الجِراح مأْخوذ مِنْ هَذَا إِذا اقْتُصَّ لَهُ مِنْهُ بِجرحِه مثلَ جَرْحِه إِيّاه أَو قتْله بِهِ. اللَّيْثُ: القَصُّ فِعْلُ الْقَاصِّ إِذا قَصَّ القِصَصَ، وَالْقِصَّةٌ مَعْرُوفَةٌ. وَيُقَالُ: فِي رأْسه قِصّةٌ يَعْنِي الْجُمْلَةَ مِنَ الْكَلَامِ، ونحوُه قَوْلُهُ تَعَالَى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ
؛ أَي نُبَيّن لَكَ أَحسن الْبَيَانِ.(7/73)
وَالْقَاصُّ: الَّذِي يأْتي بالقِصّة مِنْ فَصِّها. وَيُقَالُ: قَصَصْت الشَّيْءَ إِذا تتبّعْت أَثره شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ
؛ أَي اتّبِعي أَثَرَه، وَيَجُوزُ بِالسِّينِ: قسَسْت قَسّاً. والقُصّةُ: الخُصْلة مِنَ الشَّعْرِ. وقُصَّة المرأَة: نَاصِيَتُهَا، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قُصَصٌ وقِصاصٌ. وقَصُّ الشَّاةِ وقَصَصُها: مَا قُصَّ مِنْ صُوفِهَا. وشعرٌ قَصِيصٌ: مقصوصٌ. وقَصَّ النسّاجُ الثوبَ: قطَع هُدْبَه، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والقُصاصَة: مَا قُصَّ مِنَ الهُدْب وَالشَّعْرِ. والمِقَصُّ: المِقْراض، وَهُمَا مِقَصَّانِ. والمِقَصَّان: مَا يَقُصّ بِهِ الشَّعْرُ وَلَا يُفْرَدُ؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مُفْرَدًا فِي بَابِ مَا يُعْتَمل بِهِ. وقصَّه يقُصُّه: قطَعَ أَطراف أُذُنيه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ: وُلدَ لِمَرْأَةٍ مِقْلاتٍ فَقِيلَ لَهَا: قُصِّيه فَهُوَ أَحْرى أَن يَعِيشَ لكِ أَي خُذي مِنْ أَطراف أُذنيه، ففعلَتْ فَعَاشَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَصَّ اللهُ بِهَا خَطَايَاهُ
أَي نقَصَ وأَخَذ. والقَصُّ والقَصَصُ والقَصْقَصُ: الصَّدْرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ وَسَطُهُ، وَقِيلَ: هُوَ عَظْمُه. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَلْزَقُ بِكَ مِنْ شَعَرَاتِ قَصِّك وقَصَصِك. والقَصُّ: رأْسُ الصَّدْرِ، يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ سَرِ سينه، يُقَالُ لِلشَّاةِ وَغَيْرِهَا. اللَّيْثُ: الْقَصُّ هُوَ المُشاشُ المغروزُ فِيهِ أَطرافُ شراسِيف الأَضلاع فِي وَسَطِ الصَّدْرِ؛ قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ فِي مَثَلٍ: هُوَ أَلْزَمُ لَكَ مِنْ شُعَيْراتِ قَصِّك، وَذَلِكَ أَنها كُلَّمَا جُزَّتْ نَبَتَتْ؛ وأَنشد هُوَ وَغَيْرُهُ:
كَمْ تمَشَّشْتَ مِنْ قَصٍّ وانْفَحَةٍ، ... جَاءَتْ إِليك بِذَاكَ الأَضْؤُنُ السُّودُ
وَفِي حَدِيثِ
صَفْوانَ بْنِ مُحْرز: أَنه كَانَ إِذا قرأَ: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، بَكى حَتَّى نَقُولَ: قَدِ انْدَقَّ قَصَصُ زَوْرِه
، وَهُوَ مَنْبَتُ شَعْرِهِ عَلَى صَدْرِهِ، وَيُقَالُ لَهُ القصَصُ والقَصُّ. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
أَتاني آتٍ فقدَّ مِنْ قَصِّي إِلى شِعْرتي
؛ القصُّ والقَصَصُ: عظْمُ الصَّدْرِ المغروزُ فِيهِ شَراسِيفُ الأَضلاع فِي وَسَطِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: كَرِه أَن تُذْبَحَ الشاةُ مِنْ قَصِّها
، وَاللَّهُ أَعلم. والقِصّة: الْخَبَرُ وَهُوَ القَصَصُ. وَقَصَّ عَلَيَّ خبَره يقُصُّه قَصّاً وقَصَصاً: أَوْرَدَه. والقَصَصُ: الخبرُ المَقْصوص، بِالْفَتْحِ، وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ حَتَّى صَارَ أَغْلَبَ عَلَيْهِ. والقِصَص، بِكَسْرِ الْقَافِ: جَمْعُ القِصّة الَّتِي تُكْتَبُ. وَفِي حَدِيثِ غَسْل دَمِ الْحَيْضِ:
فتقُصُّه بَرِيقِهَا
أَي تعَضُّ مَوْضِعَهُ مِنَ الثَّوْبِ بأَسْنانها وَرِيقِهَا لِيَذْهَبَ أَثره كأَنه مِنَ القَصّ الْقَطْعُ أَو تتبُّع الأَثر؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَجَاءَ واقْتصّ أَثَرَ الدَّمِ.
وتقَصّصَ كلامَه: حَفِظَه. وتقَصّصَ الْخَبَرَ: تَتَبَّعَهُ. والقِصّة: الأَمرُ والحديثُ. واقْتَصَصْت الْحَدِيثَ: رَوَيْته عَلَى وَجْهِهِ، وقَصَّ عَلَيْهِ الخبَرَ قَصَصًا. وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا:
لَا تقُصَّها إِلا عَلَى وادٍّ.
يُقَالُ: قَصَصْت الرُّؤْيَا عَلَى فُلَانٍ إِذا أَخبرته بِهَا، أَقُصُّها قَصّاً. والقَصُّ: الْبَيَانُ، والقَصَصُ، بِالْفَتْحِ: الِاسْمُ. والقاصُّ: الَّذِي يأْتي بالقِصّة عَلَى وَجْهِهَا كأَنه يَتَتَبّع معانيَها وأَلفاظَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يقصُّ إِلا أَميرٌ أَو مأْمورٌ أَو مُخْتال
أَي لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ إِلا لأَمير يَعظُ النَّاسَ وَيُخْبِرُهُمْ بِمَا مَضَى لِيَعْتَبِرُوا، وأَما مأْمورٌ بِذَلِكَ فَيَكُونُ حكمُه حكمَ الأَمير وَلَا يَقُصّ مُكْتَسِبًا، أَو يَكُونُ الْقَاصُّ مُخْتَالًا يَفْعَلُ ذَلِكَ تَكَبُّرًا عَلَى النَّاسِ أَو مُرائياً يُرائي النَّاسَ بِقَوْلِهِ وعملِه لَا(7/74)
يَكُونُ وعظُه وَكَلَامُهُ حَقِيقَةً، وَقِيلَ: أَراد الْخُطْبَةَ لأَن الأُمَراء كَانُوا يَلونها فِي الأَول ويَعظون النَّاسَ فِيهَا ويَقُصّون عَلَيْهِمْ أَخبار الأُمم السَّالِفَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
القاصُّ يَنْتظر المَقْتَ لِمَا يَعْرِضُ فِي قِصَصِه مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنّ بَني إِسرائيل لَمَّا قَصُّوا هَلَكوا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَمَّا هَلَكُوا قَصُّوا
أَي اتكَلوا عَلَى الْقَوْلِ وَتَرَكُوا الْعَمَلَ فَكَانَ ذَلِكَ سببَ هَلَاكِهِمْ، أَو الْعَكْسُ لَمَّا هَلَكُوا بِتَرْكِ الْعَمَلِ أَخْلَدُوا إِلى القَصَص. وقَصَّ آثارَهم يَقُصُّها قَصّاً وقَصَصاً وتَقَصّصَها: تَتَبَّعَهَا بِاللَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ تَتَبُّعُ الأَثر أَيَّ وَقْتَ كَانَ. قَالَ تَعَالَى: فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً
. وَكَذَلِكَ اقْتَصَّ أَثره وتَقَصّصَ، وَمَعْنَى فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً
أَي رَجَعا مِنَ الطَّرِيقِ الَّذِي سَلَكَاهُ يَقُصّان الأَثر أَي يَتَّبِعَانِهِ؛ وَقَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
قَالَتْ لأُخْتٍ لَهُ: قُصِّيهِ عَنْ جُنُبٍ، ... وَكَيْفَ يَقْفُو بِلَا سَهْلٍ وَلَا جَدَدِ؟
قَالَ الأَزهري: القصُّ اتِّباع الأَثر. وَيُقَالُ: خَرَجَ فُلَانٌ قَصَصاً فِي أَثر فُلَانٍ وقَصّاً، وَذَلِكَ إِذا اقْتَصَّ أَثره. وَقِيلَ: القاصُّ يَقُصُّ القَصَصَ لإِتْباعه خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ وسَوْقِه الكلامَ سَوْقًا. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: تقَصّصْت الكلامَ حَفِظته. والقَصِيصَةُ: البعيرُ أَو الدابةُ يُتَّبع بِهَا الأَثرُ. والقَصيصة: الزامِلةُ الضَّعِيفَةُ يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْمَتَاعُ وَالطَّعَامُ لِضَعْفِهَا. والقَصيصةُ: شَجَرَةٌ تَنْبُتُ فِي أَصلها الكَمأَةُ وَيُتَّخَذُ مِنْهَا الغِسْل، وَالْجَمْعُ قَصائِصُ وقَصِيصٌ؛ قَالَ الأَعشى:
فَقُلْتُ، وَلَمْ أَمْلِكْ: أَبَكْرُ بْنُ وائلٍ ... مَتَى كُنْتَ فَقْعاً نَابِتًا بقَصائِصا؟
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
تَصَيَّفَها، حَتَّى إِذا لَمْ يَسُغ لَهَا ... حَلِيّ بأَعْلى حائلٍ وقَصِيص
وأَنشد لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
يَجْنِي لَهُ الكَمْأَةَ رِبْعِيّة، ... بالخَبْءِ، تَنْدَى فِي أُصُولِ القَصِيص
وَقَالَ مُهاصِر النَّهْشَلِيُّ:
جَنَيْتُها مِنْ مُجْتَنًى عَوِيصِ، ... مِنْ مُجْتَنى الإِجْرِدِ والقَصِيصِ
وَيُرْوَى:
جَنَيْتُهَا مِنْ منبِتٍ عَوِيصِ، ... مِنْ مَنبت الإِجرد وَالْقَصِيصِ
وَقَدْ أَقَصَّت الأَرضُ أَي أَنْبَتَتْه. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنه إِنما سُمِّيَ قَصيصاً لِدَلَالَتِهِ عَلَى الكمأَة كَمَا يُقْتَصّ الأَثر، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه، يُرِيدُ أَنه لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ ثِقَةٍ. اللَّيْثُ: القَصِيص نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي أُصول الكمأَة وَقَدْ يُجْعَلُ غِسْلًا للرأْس كالخِطْمِيّ، وَقَالَ: القَصِيصة نَبْتٌ يَخْرُجُ إِلى جَانِبِ الكمأَة. وأَقَصّت الفرسُ، وَهِيَ مُقِصّ مِنْ خَيْلٍ مَقاصَّ: عظُم وَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا، وَقِيلَ: هِيَ مُقِصّ حَتَّى تَلْقَح، ثُمَّ مُعِقٌّ حَتَّى يَبْدو حَمْلُهَا، ثُمَّ نَتُوج، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي امْتَنَعَتْ ثُمَّ لَقِحت، وَقِيلَ: أَقَصّت الْفَرَسُ، فَهِيَ مُقِصٌّ إِذا حَمَلَتْ. والإِقْصاصُ مِنَ الحُمُر: فِي أَول حَمْلِهَا، والإِعْقاق آخِرُهُ. وأَقَصّت الْفَرَسُ وَالشَّاةُ، وَهِيَ مُقِصٌّ: اسْتَبَانَ ولدُها أَو حملُها، قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمعه فِي الشَّاءِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. ابْنُ الأَعرابي: لَقِحت النَّاقَةُ وَحَمَلَتِ الشَّاةُ وأَقَصّت(7/75)
الْفَرَسُ والأَتان فِي أَول حَمْلِهَا، وأَعَقَّت فِي آخِرِهِ إِذا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا. وضرَبه حَتَّى أَقَصَّ عَلَى الْمَوْتِ أَي أَشْرف. وأَقْصَصْته عَلَى الْمَوْتِ أَي أَدْنَيْته. قَالَ الْفَرَّاءُ: قَصَّه مِنَ الْمَوْتِ وأَقَصَّه بِمَعْنًى أَي دَنَا مِنْهُ، وَكَانَ يَقُولُ: ضَرَبَهُ حَتَّى أَقَصَّه الْمَوْتَ. الأَصمعي: ضَرَبَهُ ضَرْبًا أَقصَّه مِنَ الْمَوْتِ أَي أَدناه مِنَ الْمَوْتِ حَتَّى أَشرف عَلَيْهِ؛ وَقَالَ:
فإِن يَفْخَرْ عَلَيْكَ بِهَا أَميرٌ، ... فَقَدَ أَقْصَصْت أُمَّك بالهُزال
أَي أَدنيتها مِنَ الْمَوْتِ. وأَقَصَّته شَعُوبٌ إِقْصاصاً: أَشرف عَلَيْهَا ثُمَّ نَجَا. والقِصاصُ والقِصاصاءُ والقُصاصاءُ: القَوَدُ وَهُوَ الْقَتْلُ بِالْقَتْلِ أَو الْجَرْحِ بِالْجُرْحِ. والتَّقاصُّ: التناصفُ فِي القِصَاص؛ قَالَ:
فَرُمْنا القِصَاصَ، وكان التقاصُّ ... حُكماً وعَدْلًا عَلَى المُسْلِمينا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَوْلُهُ التَّقَاصُّ شَاذٌّ لأَنه جَمَعَ بَيْنَ السَّاكِنِينَ فِي الشِّعْرِ وَلِذَلِكَ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ: وَكَانَ القِصاصُ؛ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ أَنشده الأَخفش:
وَلَوْلَا خِداشٌ أَخَذْتُ دوابَّ ... سَعْدٍ، وَلَمْ أُعْطِه مَا عليها
قال أَبو إِسحاق: أَحسَب هَذَا الْبَيْتَ إِن كَانَ صَحِيحًا فَهُوَ:
وَلَوْلَا خِدَاشٌ أَخذت دوابِب ... سعدٍ، وَلَمْ أُعْطِه مَا عَلَيْهَا
لأَن إِظهار التَّضْعِيفِ جَائِزٌ فِي الشِّعْرِ، أَو: أَخذت رَوَاحِلَ سَعْدٍ. وتقاصَّ القومُ إِذا قاصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صاحبَه فِي حِسَابٍ أَو غَيْرِهِ. والاقْتِصاصُ: أَخْذُ القِصاصِ. والإِقْصاصُ: أَن يُؤْخَذ لَكَ القِصاصُ، وَقَدْ أَقَصَّه. وأَقَصَّ الأَمير فُلاناً مِنْ فُلَانٍ إِذا اقْتَصَّ لَهُ مِنْهُ فَجَرَحَهُ مِثْلَ جُرْحِهِ أَو قتَلَه قوَداً. واسْتَقَصَّه: سأَله أَن يُقِصَّه مِنْهُ. اللَّيْثُ: القِصاصُ والتَّقاصُّ فِي الْجِرَاحَاتِ شيءٌ بِشَيْءٍ، وَقَدِ اقْتَصَّ مِنْ فُلَانٍ، وَقَدْ أَقْصَصْت فُلَانًا مِنْ فُلَانٍ أَقِصّه إِقْصاصاً، وأَمْثَلْت مِنْهُ إِمْثالًا فاقتَصَّ مِنْهُ وامْتَثَل. والاسْتِقْصاص: أَن يَطْلُب أَن يُقَصَّ مِمَّنْ جَرَحَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رأَيت رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُقِصّ مِنْ نَفْسِهِ.
يُقَالُ: أَقَصَّه الْحَاكِمُ يُقِصّه إِذا مكَّنَه مِنْ أَخذ القِصاص، وَهُوَ أَن يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ مِنْ قَتْلٍ أَو قَطْعٍ أَو ضَرْبٍ أَو جَرْحٍ، والقِصَاصُ الِاسْمُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: رأَيت رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتِيَ بشَارِبٍ فَقَالَ لمُطيع بْنِ الأَسود: اضرِبْه الحَدَّ، فَرَآهُ عمرُ وَهُوَ يَضْرِبُه ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَ: قَتَلْتَ الرَّجُلَ، كَمْ ضَرَبْتَه؟ قَالَ سِتِّينَ فَقَالَ عُمر: أَقِصّ مِنْهُ بِعِشْرِين
أَي اجْعَلْ شِدَّةَ الضَّرْبِ الَّذِي ضرَبْتَه قِصاصاً بِالْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ وَعِوَضًا عَنْهَا. وَحَكَى بَعْضُهُمْ: قُوصَّ زَيْدٌ مَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه فِي مَعْنَى حوسِبَ بِمَا عَلَيْهِ إِلا أَنه عُدِّيَ بِغَيْرِ حَرْفٍ لأَن فِيهِ مَعْنَى أُغْرِمَ وَنَحْوَهُ. والقَصّةُ والقِصّة والقَصُّ: الجَصُّ، لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ، وَقِيلَ: الْحِجَارَةُ مِنَ الجَصِّ، وَقَدْ قَصّصَ دارَه أَي جَصّصَها. وَمَدِينَةٌ مُقَصَّصة: مَطْليّة بالقَصّ، وَكَذَلِكَ قَبْرٌ مُقَصَّصٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ تَقْصِيص القُبور
، وَهُوَ بِنَاؤُهَا بالقَصّة. والتَّقْصِيصُ: هُوَ التجْصِيص، وَذَلِكَ(7/76)
أَن الجَصّ يُقَالُ لَهُ القَصّة. يُقَالُ: قصّصْت البيتَ وَغَيْرَهُ أَي جَصّصْته. وَفِي حَدِيثِ
زَيْنَبَ: يَا قَصّةً عَلَى مَلْحودَةٍ
؛ شَبَّهت أَجسامَهم بِالْقُبُورِ الْمُتَّخَذَةِ مِنَ الجَصّ، وأَنفُسَهم بجِيَف الْمَوْتَى الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَيْهَا القبورُ. والقَصّة: الْقُطْنَةُ أَو الخرقةُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي تحْتَشي بِهَا المرأَة عِنْدَ الْحَيْضِ. وَفِي حَدِيثِ الْحَائِضِ:
لَا تَغْتَسِلِنَّ حَتَّى تَرَيْنَ القَصّة البَيْضاءَ
، يَعْنِي بِهَا مَا تَقَدَّمَ أَو حَتَّى تَخْرُجَ الْقُطْنَةُ أَو الْخِرْقَةُ الَّتِي تَحْتَشِي بِهَا المرأَة الْحَائِضُ، كأَنها قَصّة بَيْضَاءُ لَا يُخالِطُها صُفْرة وَلَا تَرِيّةٌ، وَقِيلَ: إِن القَصّة كَالْخَيْطِ الأَبيض تَخْرُجُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ كُلِّهِ، وأَما التَّريّة فَهُوَ الخَفِيّ، وَهُوَ أَقل مِنَ الصُّفْرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّيْءُ الْخَفِيُّ الْيَسِيرُ مِنَ الصُّفْرَةِ والكُدْرة تَرَاهَا المرأَة بَعْدَ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضِ، فأَما مَا كَانَ مِنْ أَيام الْحَيْضِ فَهُوَ حَيض وَلَيْسَ بِتَرِيّة، وَوَزْنِهَا تَفْعِلة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنه إِنما أَراد مَاءً أَبيض مِنْ مَصَالة الْحَيْضِ فِي آخِرِهِ، شبّهَه بالجَصّ وأَنّثَ لأَنه ذَهَبَ إِلى الطَّائِفَةِ كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ لبَنة وعَسَلة. والقَصّاص: لُغَةٌ فِي القَصّ اسْمٌ كالجيَّار. وَمَا يَقِصُّ فِي يَدِهِ شَيْءٌ أَي مَا يَبْرُدُ وَلَا يَثْبُتُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لأُمِّكَ وَيْلةٌ وَعَلَيْكَ أُخْرى، ... فَلَا شاةٌ تَقِصّ وَلَا بَعِيرُ
والقَصَاصُ: ضَرْبٌ مِنَ الْحَمْضِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَصاصُ شَجَرٌ بِالْيَمَنِ تَجْرُسُه النَّحْلُ فَيُقَالُ لِعَسَلِهَا عَسَلُ قَصَاصٍ، وَاحِدَتُهُ قَصَاصةٌ. وقَصْقَصَ الشَّيْءَ: كَسَره. والقُصْقُصُ والقُصْقُصة، بِالضَّمِّ، والقُصَاقِصُ مِنَ الرِّجَالِ: الغليظُ الشَّدِيدُ مَعَ قِصَر. وأَسد قُصْقُصٌ وقُصْقُصةٌ وقُصاقِصٌ: عَظِيمُ الْخَلْقِ شَدِيدٌ؛ قَالَ:
قُصْقُصة قُصاقِص مُصَدَّرُ، ... لَهُ صَلًا وعَضَلٌ مُنَقَّرُ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ مِنْ أَسمائه. الْجَوْهَرِيُّ: وأَسد قَصْقاصٌ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ نَعْتٌ لَهُ فِي صَوْتِهِ. والقَصْقاصُ: مِنْ أَسْمَاءِ الأَسد، وَقِيلَ: هُوَ نَعْتٌ لَهُ فِي صَوْتِهِ. اللَّيْثُ: القَصْقاصُ نَعْتٌ مِنْ صَوْتِ الأَسد فِي لُغَةٍ، والقَصْقاصُ أَيضاً: نَعْتُ الْحَيَّةِ الْخَبِيثَةِ؛ قَالَ: وَلَمْ يَجِئْ بِنَاءٌ عَلَى وَزْنِ فَعْلال غَيْرُهُ إِنما حَدُّ أَبْنِيةِ المُضاعَفِ عَلَى وَزْنِ فُعْلُل أَو فُعْلول أَو فِعْلِل أَو فِعْلِيل مَعَ كُلِّ مَقْصُورٍ مَمْدُودٍ مِنْهُ، قَالَ: وَجَاءَتْ خَمْسُ كَلِمَاتٍ شَوَاذٍّ وَهِيَ: ضُلَضِلة وزُلزِل وقَصْقاص وَالْقَلَنْقَلُ والزِّلزال، وَهُوَ أَعمّها لأَن مَصْدَرَ الرُّبَاعِيِّ يَحْتَمِلُ أَن يُبْنَى كُلُّهُ عَلَى فِعْلال، وَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ؛ وَكُلُّ نَعْتٍ رُباعِيٍّ فإِن الشُّعَراء يَبْنُونه عَلَى فُعالِل مِثْلَ قُصَاقِص كَقَوْلِ الْقَائِلِ فِي وَصْفِ بَيْتٍ مُصَوَّرٍ بأَنواع التَّصاوير:
فيه الغُواةُ مُصَوَّرون، ... فحاجِلٌ مِنْهُمْ وراقِصْ
والفِيلُ يرْتكبُ الرِّدَاف ... عَلَيْهِ، والأَسد القُصاقِصْ
التَّهْذِيبُ: أَما مَا قَالَهُ اللَّيْثُ فِي القُصَاقِص بِمَعْنَى صَوْتِ الأَسد وَنَعْتِ الْحَيَّةِ الْخَبِيثَةِ فإِني لَمْ أَجِدْه لِغَيْرِ اللَّيْثِ، قَالَ: وَهُوَ شاذٌ إِن صَحَّ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي مَالِكٍ: أَسد قُصاقِصٌ ومُصَامِصٌ وفُرافِصٌ شديد. ورجل قُصَاقِصٌ فُرافِصٌ: يُشَبَّه بالأَسد. وَجَمَلٌ قُصاقِصٌ أَي عظيمٌ. وحيَّة قَصْقاصٌ: خَبِيثٌ. والقَصْقاصُ: ضرْبٌ مِنَ الْحَمْضِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ ضَعِيفٌ دَقِيق(7/77)
أَصفر اللَّوْنِ. وقُصاقِصا الوَرِكَين: أَعلاهما. وقُصاقِصَةُ: مَوْضِعٌ. قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو القَصقاص أُشْنان الشَّأْم. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: خَرَجَ زمَنَ الرِّدّة إِلى ذِي القَصّةِ
؛ هِيَ، بِالْفَتْحِ، مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ بِهِ حَصًى بَعَثَ إِليه رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، محمدَ بْنَ مَسْلمة وَلَهُ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ الردة.
قعص: القَعْصُ والقَعَصُ: القَتْل المُعَجَّل، والقَعْصُ: المَوْت الوَحِيّ. يُقَالُ: مَاتَ فُلَانٌ قَعْصاً إِذا أَصابته ضَرْبَةٌ أَو رَمْيَةٌ فَمَاتَ مكانَه. والإِقْعاصُ: أَن تضربَ الشَّيْءَ أَو ترْميَه فَيَمُوتَ مكانَه. وضرَبَه فأَقْعَصَه أَي قتَله مَكَانَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ خَرَجَ مجاهِداً فِي سَبِيلِ اللَّهِ فقُتل قَعْصاً فَقَدِ اسْتَوْجَبَ المَآبَ
؛ قَالَ الأَزهري: عَنى بِذَلِكَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ*، فَاخْتَصَرَ الْكَلَامَ، وَقَالَ ابْنُ الأَثير: أَرادَ بوُجُوب الْمَآبِ حُسْنَ المَرْجع بَعْدَ الْمَوْتِ. يُقَالُ: قَعَصْته وأَقْعَصْته إِذا قَتَلْتَه قَتْلًا سَرِيعًا. أَبو عُبَيْدٍ: القَعْصُ أَن يُضْرَب الرجلُ بِالسِّلَاحِ أَو بِغَيْرِهِ فيموتَ مكانَه قَبْلَ أَن يَرِيمَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الزُّبَيْرِ: كَانَ يَقعَصُ الْخَيْلَ بالرُّمْح قَعْصاً يَوْمَ الجمَل
؛ قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ سِيرِينَ: أَقْعَصَ ابْنا عَفْراءَ أَبا جَهْلٍ.
وَقَدْ أَقْعَصَه الضاربُ إِقْعاصاً، وَكَذَلِكَ الصَّيْدُ، وأَقْعَصَ الرجلَ: أَجْهَزَ عَلَيْهِ، وَالِاسْمُ مِنْهَا القِعْصة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِابْنِ زُنَيم:
هَذَا ابنُ فاطِمةَ الَّذِي أَفْناكُمُ ... ذَبْحاً، ومِيتَةَ قِعْصَةٍ لَمْ تُذْبَح
وأَقْعَصَه بالرُّمْح وقَعَصَه: طعَنَه طَعْناً وَحِيّاً، وَقِيلَ: حَفَزَه. وَشَاةٌ قَعُوصٌ: تضرِب حالِبَها وَتَمْنَعُ الدِّرّةَ؛ قَالَ:
قَعُوصُ شَوِيٍّ دَرُّها غيرُ مُنْزَلِ
وَمَا كَانَتْ قَعُوصاً، وَلَقَدْ قَعِصَتْ وقُعِصَتْ قَعْصاً. والقُعَاصُ: داءٌ يأْخذ فِي الصَّدْر كأَنه يَكْسِر العُنُق. والقُعَاصُ: داءٌ يأْخذ الدَّوَابَّ فيَسِيل مِنْ أُنوفِها شيءٌ، وَقَدْ قُعِصَت. والقُعَاصُ: دَاءٌ يأْخذ الْغَنَمَ لَا يُلْبِثُها أَن تموتَ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي أَشراط السَّاعَةِ:
ومُوتانٌ يَكُونُ فِي النَّاسِ كقُعَاصِ الغَنَمِ
، وَقَدْ قُعِصَت، فَهِيَ مَقْعُوصَةٌ. قَالَ: وَمِنْهُ أُخِذَ الإِقعاصُ فِي الصَّيْدِ فَيُرْمَى فِيهِ فَيَمُوتُ مَكَانَهُ. ابْنُ الأَعرابي: المِقْعاصُ الشَّاةُ الَّتِي بِهَا القُعَاصُ، وَهُوَ دَاءٌ قاتلٌ. وانْقَعَصَ وانْقَعَفَ وانْغَرَفَ إِذا ماتَ. وأَخَذْتُ مِنْهُ المالَ قَعْصاً وقَعَصْته إِياه إِذا اغْتَرَرْتَه. وَفِي النَّوَادِرِ: أَخذته مُعاقَصةً ومُقاعَصةً أَي مُعازّةً. والقَعْصُ: المُفَكّكُ مِنَ الْبُيُوتِ؛ عن كراع.
قعمص: القُعْموصُ: ضَرْبٌ مِنَ الكَمْأَة، والقُعْموصُ والجُعْموصُ وَاحِدٌ. يُقَالُ: تَحَرَّكَ قُعْموصُه فِي بَطْنِهِ، وَهُوَ بِلُغَةِ الْيَمَنِ. يُقَالُ: قَعْمَص إِذا أَبْدَى بمرّة ووضع بمرّة.
قفص: القَفْصُ: الْخِفَّةُ والنشاطُ والوَثْبُ، قَفَصَ يَقْفِصُ قَفْصاً وقَفِصَ قَفَصاً، فَهُوَ قَفِصٌ، والقَبْصُ نَحْوُهُ. والقَفِصُ: النَّشِيطُ. والقُفَاصُ: الوَعِلُ لوثَبانِه. وقَفِصَ الفرسُ قَفَصاً: لَمْ يُخْرِجْ كلَّ مَا عِنْدَهُ مِنَ العَدْوِ. والقَفِصُ: المُتَقبِّض. وفرسٌ قَفِصٌ، وَهُوَ الْمُتَقَبِّضُ الَّذِي لَا يُخْرِج كلَّ مَا عِنْدَهُ، يُقَالُ: جَرَى قَفِصاً؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
جَرَى قَفِصاً، وارْتَدّ مِنْ أَسْرِ صُلْبِه ... إِلى مَوْضعٍ مِنْ سَرْجِه، غيرَ أَحْدَبِ(7/78)
أَي يَرْجِعُ بعضُه إِلى بَعْضٍ لقَفَصِه وَلَيْسَ مِنَ الحدَب. وقَفِصَ قَفَصاً، فَهُوَ قَفِصٌ: تقَبَّض وتَشَنَّجَ مِنَ الْبَرْدِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا شَنِجَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ زَيْدُ الْخَيْلِ:
كأَنّ الرِّجالَ التَّغْلَبيّين، خَلْفَها، ... قَنافذُ قَفْصَى عُلِّقَتْ بالجَنائِب
قَفْصَى جَمْعُ قَفِصٍ مِثْلُ جَرِب وجَرْبى وحَمِقٍ وحَمْقَى. والقَفَص: مَصْدَرُ قَفِصَت أَصابِعُه مِنَ الْبَرْدِ يَبِسَت. وقَفَصَ الشيءَ قَفْصاً: جمَعَه. وقَفَّصَ الظَبْيَ: شدَّ قَوَائِمَهُ وجمَعَها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي جَرِيرٍ: حَجَجْت فلَقِيَني رَجُلٌ مُقَفِّصٌ ظَبْياً فاتَّبَعْتُه فذَبَحْتُه وأَنا ناسٍ لإِحْرامي
؛ المقَفَّصُ: الَّذِي شُدَّت يَدَاهُ ورِجْلاه، مأْخوذ مِنَ القَفَصِ الَّذِي يُحْبَسُ فِيهِ الطيرُ. والقَفِصُ: المُتَقَبض بعضُه إِلى بَعْضٍ. الأَصمعي: أَصْبَحَ الجرادُ قَفِصاً إِذا أَصابَه البرْدُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَن يَطِيرَ. والقُفَاصُ: دَاءٌ يُصِيبُ الدَّوَابَّ فَتَيْبَسُ قَوَائِمُهَا. وتقافَصَ الشَّيْءُ: اشْتَبَك. والقَفَصُ: واحدُ الأَقْفاصِ الَّتِي لِلطَّيْرِ. والقَفَصُ: شَيْءٌ يُتَّخذُ مِنْ قَصَبٍ أَو خشَبٍ لِلطَّيْرِ. والقَفَصُ: خَشَبَتَانِ مَحْنُوّتان بَيْنَ أَحْنائِهما شبَكةٌ يُنْقَل بِهَا البُرُّ إِلى الكُدْسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي قُفْصٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَو قَفْصٍ مِنَ النُّورِ
، وَهُوَ المُشْتَبِك المتَداخِل. والقَفِيصة: حَدِيدة مِنْ أَداة الحَرّاث. وبَعيرٌ قَفِصٌ: مَاتَ مِنْ حَرٍّ. وقَفِصَ الرَّجُلُ قَفَصاً: أَكل التَّمْرَ وشرِبَ عَلَيْهِ النَّبيذ فوَجَد لِذَلِكَ حَرَارَةً فِي حَلْقِه وحُموضةً في معدته. قَالَ أَبو عوْن الحِرْمازِيّ: إِن الرَّجُلَ إِذا أَكل التَّمْرَ وشرِبَ عَلَيْهِ الْمَاءَ قَفِصَ، وَهُوَ أَن يُصِيبَه القَفَصُ، وَهُوَ حرارةٌ فِي حَلْقِه وحُموضةٌ في معدته. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَتِ الدُّبَيرِيّة قَفِصَ وقَبِصَ، بِالْفَاءِ وَالْبَاءِ، إِذا عَرِبَتْ مَعِدَتُهُ. والقُفْصُ: قَوْمٌ فِي جَبَل مِنْ جِبَالِ كِرْمان، وَفِي التَّهْذِيبِ: القُفْصُ جيلٌ مِنَ النَّاسِ مُتَلَصِّصُون فِي نَوَاحِي كِرْمان أَصحاب مِراسٍ فِي الحرْب. وقَفُوصٌ: بَلدٌ يُجْلَب مِنْهُ العُود؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
يَنْفَحُ مِنْ أَرْدانِها المِسْكُ والهِنْدِيُّ ... والغَلْوَى، ولُبْنى قَفُوصْ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: وأَن تَعْلوَ التُّحُوتُ الوُعُولَ، قِيلَ: وَمَا التحُوتُ؟ قَالَ: بيوتُ القافِصَةِ يُرْفَعُون فَوْقَ صَالِحِيهِمْ
؛ القافصةُ اللِّئَامُ، وَالسِّينُ فِيهِ أَكثر، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَراد بِالْقَافِصَةِ ذَوِي الْعُيُوبِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَصبح فُلَانٌ قَفِصاً إِذا فَسَدَتْ مَعِدَتُهُ وَطَبِيعَتُهُ. والقَفْصُ: القُلَة التي يُلْعَبُ بها، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهَا عَلَى ثِقَةٍ.
قلص: قَلَصَ الشيءُ يَقْلِص قُلوصاً: تَدانى وَانْضَمَّ، وَفِي الصِّحَاحِ: ارْتَفَعَ. وقَلَصَ الظلُّ يَقْلِصُ عَنِّي قُلوصاً: انْقَبَضَ وَانْضَمَّ وانْزَوَى. وقَلَص وقلَّصَ وتقلَّص كُلُّهُ بِمَعْنَى انْضَمَّ وانزَوَى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وقلَص قُلُوصًا ذَهَبَ؛ قَالَ الأَعشى:
وأَجْمَعْتُ مِنْهَا لِحَجّ قَلُوصًا
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
قَلَّصْنَ تَقْليص النَّعَامِ الوَخَّادْ
وَيُقَالُ: قَلَصَتْ شَفَتُهُ أَي انْزَوَتْ. وقَلَص ثوبُهُ يَقْلِص، وقَلَص ثوبُهُ بَعْدَ الغَسْل، وَشَفَةٌ(7/79)
قالِصَة وظلٌّ قَالِصٌ إِذا نَقَص؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وعَصَب عَنْ نَسَويْه قالِص
قَالَ: يُرِيدُ أَنه سَمِينٌ فَقَدْ بَانَ موضعُ النَّسَا وَهُوَ عِرْقٌ يَكُونُ فِي الْفَخِذِ. وقَلَصَ الماءُ يقلِصُ قُلوصاً، فَهُوَ قالِص وقَلِيص وقَلَّاص: ارْتَفَعَ فِي الْبِئْرِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فأَوْرَدَها مِنْ آخرِ اللَّيْلِ مَشْرَباً، ... بَلاثِقَ خُضْراً، ماؤُهن قَلِيص
وقال الرَّاجِزُ:
يَا رِيَّهَا مِنْ بارِدٍ قَلَّاصِ، ... قَدْ جَمَّ حَتَّى هَمَّ بانْقِياصِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
يَشْربْن مَاءً طَيّباً قَلِيصُهُ، ... كالحبَشِيِّ فوقَه قَمِيصُه
وقَلَصَةُ الْمَاءِ وقَلْصَتُه: جَمّته. وَبِئْرٌ قَلوصٌ: لَهَا قَلَصَة، وَالْجَمْعُ قَلائص، وَهُوَ قَلَصَة الْبِئْرِ، وَجَمْعُهَا قَلَصَات، وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي يَجِمُّ فِيهَا ويرْتَفع. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ ابْنُ الأَجدابي عَنْ أَهل اللُّغَةِ قَلْصَة، بالإِسكان، وَجَمْعُهَا قَلَص مِثْلُ حَلْقة وحَلَق وفَلْكَة وفَلَك. والقَلْص: كَثْرَةُ الْمَاءِ وَقِلَّتُهُ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وَقَالَ أَعرابي: أَبَنْت بَيْنُونة فَمَا وَجَدْتُ فِيهَا إِلَّا قَلْصَةً مِنَ الْمَاءِ أَي قَلِيلًا. وقَلَصَت البئرُ إِذا ارْتَفَعَتْ إِلى أَعلاها، وقَلَصَتْ إِذا نَزَحَتْ. شَمِرٌ: القالِص من الثياب المُشَمَّرُ الْقَصِيرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: فقَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً
أَي ارْتَفَعَ وَذَهَبَ. يُقَالُ: قَلَصَ الدمعُ مُخَفَّفًا، وإِذا شُدِّدَ فَلِلْمُبَالَغَةِ. وَكُلُّ شَيْءٍ ارْتَفَعَ فَذَهَبَ، فَقَدْ قَلَّص تَقْلِيصًا؛ وَقَالَ:
يَوْمًا تَرَى حِرْباءَه مُخَاوِصَا، ... يَطْلُبُ فِي الجَنْدَل ظِلًّا قالِصا
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه قَالَ للضَّرع اقْلِصْ فقَلَص
أَي اجْتَمَعَ؛ وَقَوْلُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ رِبْعٍ:
فقَلْصِي ونَزْلِي قَدْ وجَدْتُمْ حَفِيلَهُ، ... وشَرّي لَكُمْ، مَا عشتمُ، ذَوْدُ غاوِلِ
قَلْصي: انْقِبَاضِي. ونَزْلي: اسْتِرْسَالِي. يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا غَارَتْ وَارْتَفَعَ لَبَنُهَا: قَدْ أَقْلَصَت، وإِذا نَزَلَ لبنُها: قَدْ أَنْزَلَتْ. وحَفِيلُه: كَثْرَةُ لَبَنِهِ. وقَلَص القومُ قُلُوصاً إِذا اجْتَمَعُوا فَسَارُوا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وَقَدْ حَانَ مِنَّا رِحْلَةٌ فَقُلُوص
وقَلَصَت الشَّفَةُ تَقْلِص: شَمَّرَتْ ونَقَصَت. وَشَفَةٌ قالِصة وَقَمِيصٌ مُقَلَّص، وقَلَّصْتُ قَمِيصِي: شَمَّرتُه ورفَعْتُه؛ قَالَ:
سِرَاجُ الدُّجى حَلّتْ بسَهْلٍ، وأُعْطِيَتْ ... نَعِيماً وتَقْليصاً بدِرْعِ المَناطِقِ
وتَقَلَّص هُوَ: تَشَمَّر. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَنها رأَت عَلَى سَعْدٍ دِرْعًا مُقَلِّصة
أَي مُجْتَمِعَةً مُنْضَمَّةً. يُقَالُ: قَلَّصَت الدرعُ وتَقَلَّصَت، وأَكثر مَا يُقَالُ فِيمَا يَكُونُ إِلى فَوْقُ. وَفَرَسٌ مُقَلِّص، بكسْر اللَّامِ: طَوِيلُ الْقَوَائِمِ مُنْضَمُّ الْبَطْنِ، وَقِيلَ: مُشْرِف مُشَمِّر؛ قَالَ بِشْرٌ:
يُضَمَّر بالأَصَائل، فهْوَ نَهْد ... أَقَبُّ مُقَلِّصٌ، فِيهِ اقْوِرارُ(7/80)
وقَلَّصَت الإِبلُ فِي سَيْرِهَا: شَمَّرَتْ. وقلَّصَت الإِبلُ تَقْليصاً إِذا اسْتَمَرَّتْ فِي مُضِيِّهَا؛ وَقَالَ أَعرابي:
قَلِّصْنَ والْحَقْنَ بدِبْثا والأَشَلْ
يُخَاطِبُ إِبلًا يَحدُوها. وقَلَّصَت الناقةُ وأَقْلَصَت وَهِيَ مِقْلاص: سَمِنت فِي سَنَامها، وَكَذَلِكَ الْجَمَلُ؛ قَالَ:
إِذا رَآهُ فِي السَّنام أَقْلَصا
وَقِيلَ: هُوَ إِذا سَمِنَتْ فِي الصَّيْفِ. وَنَاقَةٌ مِقْلاص إِذا كَانَ ذَلِكَ السِّمَن إِنما يَكُونُ مِنْهَا فِي الصَّيْفِ، وَقِيلَ: أَقْلَص البعيرُ إِذا ظَهَرَ سَنامُه شَيْئًا وَارْتَفَعَ؛ والقَلْص والقُلُوص: أَولُ سِمَنها. الْكِسَائِيُّ: إِذا كَانَتِ النَّاقَةُ تسمَن وتُهْزَلُ فِي الشِّتَاءِ فَهِيَ مِقْلاص أَيضاً. والقَلُوص: الفَتِيَّة مِنَ الإِبل بِمَنْزِلَةِ الْجَارِيَةِ الفَتَاة مِنَ النِّسَاءِ، وَقِيلَ: هِيَ الثَّنِيَّة، وَقِيلَ: هِيَ ابْنَةُ الْمَخَاضِ، وَقِيلَ: هِيَ كُلُّ أُنثى مِنَ الإِبل حِينَ تُرْكَبُ وإِن كَانَتْ بِنْتَ لَبُونٍ أَو حِقَّةً إِلى أَن تَصِيرَ بَكْرة أَو تَبْزُل، زَادَ التَّهْذِيبُ: سُمِّيَتْ قَلُوصاً لِطُولِ قَوَائِمِهَا وَلَمْ تَجْسُم بَعْدُ، وَقَالَ الْعَدَوِيُّ: القَلُوص أَول مَا يُرْكَب مِنْ إِناث الإِبل إِلى أَن تُثْني، فإِذا أَثنت فَهِيَ نَاقَةٌ، والقَعُود أَول مَا يُرْكَبُ مِنْ ذُكُورِ الإِبل إِلى أَن يُثْني، فإِذا أَثْنى فَهُوَ جَمَلٌ، وَرُبَّمَا سَمَّوُا النَّاقَةَ الطَّوِيلَةَ الْقَوَائِمِ قَلُوصاً، قَالَ: وَقَدْ تُسَمَّى قَلُوصاً ساعَةَ توضَع، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ قَلائِص وقِلاص وقُلُص، وقُلْصانٌ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَحَالِبُهَا القَلَّاص؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَلَى قِلاصٍ تَخْتَطِي الخَطائِطا، ... يَشْدَخْنَ بِاللَّيْلِ الشجاعَ الخابِطا
وَفِي الْحَدِيثِ:
لتُتْرَكَنَّ القِلاصُ فَلَا يُسْعى عَلَيْهَا
أَي لَا يَخْرُج سَاعٍ إِلى زَكَاةٍ لِقِلَّةِ حَاجَّةِ النَّاسِ إِلى الْمَالِ وَاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْهُ، وَفِي حَدِيثِ ذِي المِشْعار:
أَتَوْكَ عَلَى قُلُصٍ نَواجٍ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَلَى قُلُص نَوَاجٍ
؛ وأَما مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ: أَنه سُئِلَ عَنِ القَلُوص أَيُتوضأُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: لَمْ يتَغَير
القَلوص نَهْرٌ، قَذِرٌ إِلا أَنه جَارٍ. وأَهل دِمَشْقَ يُسَمُّونَ النَّهْرَ الَّذِي تَنْصَبُّ إِليه الأَقذار والأَوساخ: نهرَ قَلُوط، بِالطَّاءِ. والقَلُوص مِنَ النَّعَامِ: الأُنثى الشَّابَّةُ مِنَ الرِّئَال مِثْلُ قَلُوص الإِبل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى ابْنُ خَالَوِيهْ عَنِ الأَزدي أَن القَلُوص وَلَدُ النَّعَامِ حَفَّانُها ورِئَالُها؛ وأَنشد «2» :
تَأْوي لَهُ قُلُصُ النَّعام، كَمَا أَوَت ... حِزَقٌ يَمَانِيَةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِمِ
والقَلُوص: أُنثى الحُبارى، وَقِيلَ: هِيَ الحُبارى الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: القَلُوص أَيضاً فَرْخُ الحُبارى؛ وأَنشد لِلشَّمَّاخِ:
وَقَدْ أَنْعَلَتْها الشمسُ نَعْلًا كَأنَّها ... قَلُوص حُبارَى، رِيشُها قَدْ تَمَوَّرا
وَالْعَرَبُ تَكْني عَنِ الفَتَيات بالقُلُص؛ وَكَتَبَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مِنْ مَغْزًى لَهُ فِي شأْن رَجُلٍ كَانَ يُخَالِفُ الْغُزَاةَ إِلى المُغِيبَات بِهَذِهِ الأَبيات:
أَلا أَبْلِغْ، أَبا حفصٍ رَسُولًا ... فِدًى لَكَ، مِنْ أَخي ثقةٍ، إِزارِي
قَلائِصَنَا، هَدَاكَ اللَّهُ، إِنا ... شُغِلْنا عنكُمُ زَمَنَ الحِصَار
فَمَا قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ، ... قَفَا سَلْعٍ، بمُخْتَلَفِ التِّجَارِ
__________
(2) . البيت لعنترة من معلقته.(7/81)
يُعَقِّلُهن جَعْدٌ شَيْظَمِيٌّ، ... وبئسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الظُّؤَار «1»
أَرَادَ بِالْقَلَائِصِ هَاهُنَا النِّسَاءَ وَنَصَبَهَا عَلَى الْمَفْعُولِ بإِضمار فِعْلٍ أَي تدارَكْ قَلَائِصَنَا، وَهِيَ فِي الأَصل جَمْعُ قَلُوص، وَهِيَ النَّاقَةُ الشَّابَّةُ، وَقِيلَ: لَا تَزَالُ قَلُوصًا حَتَّى تَصِيرَ بَازِلًا؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
وَلَقَدْ شَبَّت الحروبُ فَمَا عَمَّرْتَ ... فِيهَا، إِذ قَلَّصَتْ عَنْ حيالِ
أَي لَمْ تَدْعُ فِي الْحُرُوبِ عَمْرًا إِذ قَلَّصَتْ أَي لَقِحَت بَعْدَ أَن كَانَتْ حَائِلًا تَحْمِلُ وَقَدْ حَالَتْ؛ قال الحرث بْنُ عُبَادٍ:
قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامةِ مِنِّي، ... لَقِحَت حَرْبُ وائلٍ عَنْ حِيَالِ
وقَلَّصَتْ وشَالَت وَاحِدٌ أَي لَقِحَتْ. وقِلاص النَّجْمِ: هِيَ الْعِشْرُونَ نَجْمًا الَّتِي سَاقَهَا الدَبَران فِي خِطبة الثُّرَيَّا كَمَا تَزْعُمُ الْعَرَبُ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
أَمَّا ابنُ طَوْقٍ فَقَدْ أَوفى بذمَّتِهِ، ... كَمَا وَفى بقِلاصِ النَّجْمِ حَادِيهَا
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قِلاصٌ حَدَاها راكبٌ مُتَعَمِّمٌ، ... هَجَائِنُ قَدْ كادَتْ عَلَيْهِ تَفَرَّقُ
وقَلَّص بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ: خلَّص بَيْنَهُمَا فِي سِباب أَو قِتَالٍ. وقلَصَتْ نفسُه تقْلِص قَلْصاً وقَلِصَت: غَثَتْ. وقَلَص الغديرُ: ذَهَبَ مَاؤُهُ؛ وَقَوْلُ لَبِيَدٍ:
لوِرْد تَقْلِصُ الغِيطانُ عَنْهُ، ... يَبُذُّ مَفَازَة الخِمْسِ الكلالِ
يَعْنِي تَخلَّف عَنْهُ؛ بِذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي.
قمص: الْقَمِيصُ الَّذِي يُلْبَسُ مَعْرُوفٌ مُذَكَّرٌ، وَقَدْ يُعْنى بِهِ الدِّرْعُ فَيُؤَنَّثُ؛ وأَنثه جَرِيرٌ حِينَ أَراد بِهِ الدِّرْعَ فَقَالَ:
تَدْعُو هوازنَ والقميصُ مُفاضةٌ، ... تَحْتَ النّطاقِ، تُشَدُّ بالأَزرار
وَالْجَمْعُ أَقْمِصةَ وقُمُصٌ وقُمْصانٌ. وقَمَّص الثوبَ: قَطَعَ مِنْهُ قَمِيصًا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَقَمَّصَ قميصَه: لَبسه، وإِنه لَحَسن الْقِمْصة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: قَمَّصْتُهُ تَقْمِيصًا أَي أَلبستُه فتَقَمَّص أَي لَبِس. وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي عَنِ
عُثْمَانَ أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: إِن اللَّهَ سَيُقَمِّصُك قَمِيصًا وإِنك سَتُلاصُ عَلَى خَلْعِهِ فإِياك وخَلْعَه
، قَالَ: أَراد بِالْقَمِيصِ الْخِلَافَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مِنْ أَحسن الِاسْتِعَارَاتِ. وَفِي حَدِيثِ المَرْجُوم:
إِنه يَتَقَمَّص فِي أَنهار الْجَنَّةِ
أَي يَتَقَلَّب ويَنْغَمِس، وَيُرْوَى بِالسِّينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَالْقَمِيصُ: غِلاف الْقَلْبِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وقَمِيصُ الْقَلْبِ شَحْمُهُ أُراه عَلَى التَّشْبِيهِ. والقِماص: أَن لَا يَسْتَقر فِي مَوْضِعٍ تَرَاهُ يَقْمِصُ فيَثِب مِنْ مَكَانِهِ مِنْ غَيْرِ صَبْرٍ. وَيُقَالُ للقَلِقِ: قَدْ أَخذه القِماص. والقَماص والقُماص: الْوَثْبُ، قمَصَ يَقْمُص ويَقْمِص قُماصاً وقِماصاً. وَفِي الْمَثَلِ: أَفلا قِماص بِالْبَعِيرِ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ، وَهُوَ القِمِصَّى أَيضاً؛ عَنْ كُرَاعٍ. وقَمَص الفرسُ وغيرُه يقمُص ويقمِص قَمْصاً وقِماصاً أَي اسْتَنَّ وَهُوَ أَن يَرْفَعَ يَدَيْهِ وَيَطْرَحَهُمَا مَعًا ويَعْجِنَ بِرِجْلَيْهِ. يُقَالُ: هَذِهِ دَابَّةٌ فِيهَا قِماص، وَلَا تَقُلْ قُماص، وَقَدْ وَرَدَ الْمَثَلُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقِيلَ: مَا بالعَيْر مِنْ قِماص، وَهُوَ الحِمار؛ يُضْرَب لمن
__________
(1) . ورد في رواية اللسان في مادة أزر: الخيار بدلًا من الظؤار.(7/82)
ذَلّ بَعْدَ عِزٍّ. والقَمِيص: البِرْذَوْن الْكَثِيرُ القِماصِ والقُماص، وَالضَّمُّ أَفصح. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: فَقَمَص مِنْهَا قَمْصاً
أَي نَفَر وأَعرض. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنه قَضَى فِي القارِصَة والقامِصَة والواقِصَة بِالدِّيَةِ أَثلاثاً
؛ القامِصَة النافِرَة الضَّارِبَةُ بِرِجْلِهَا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي قَرَصَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الْآخَرِ:
قَمَصَت بأَرْجُلِها وَقَنَصَتْ بأَحْبُلها.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لتَقْمِصَنَّ بِكُمُ الأَرضَ قُماص البَقَر
، يَعْنِي الزَّلْزَلَةَ. وَفِي حَدِيثِ
سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ: فقَمَصَت بِهِ فصرَعَتْه
أَي وثَبَت ونَفَرَت فأَلْقَتْه. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: إِنه لقامِص العُرْقُوب، وَذَلِكَ إِذا شَنِج نَساهُ فَقَمَصَتْ رِجْلُه. وقَمَصَ البَحْرُ بِالسَّفِينَةِ إِذا حرَّكها بِالْمَوْجِ. وَيُقَالُ لِلْكَذَّابِ: إِنه لَقَموص الحَنْجَرَة؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ عَنْ كُرَاعٍ. والقَمَص: ذُبابٌ صِغار يَطير فَوْقَ الْمَاءِ، وَاحِدَتُهُ قمَصَة. والقَمَصُ: الجَراد أَوَّلَ مَا يَخْرُجُ مِنَ بيضه، واحدته قمَصَة.
قنص: قَنَص الصيْدَ يَقْنِصُه قَنْصاً وقَنَصاً واقْتَنَصَه وتَقَنَّصَه. صَادَهُ كَقَوْلِكَ صِدْت واصْطَدت. وتَقَنَّصَه: تَصَيَّده. والقَنَص والقَنِيص: مَا اقْتُنِص. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: القَنِيص الصَّائِدُ والمَصِيد أَيضاً. والقَنِيص والقانِص والقَنَّاص: الصَّائِدُ، والقُنَّاص جَمْعُ القانِص. وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي: القَنِيص جَمَاعَةُ القانِص، وَمِثْلُ فَعِيل جَمْعًا الكَلِيبُ والمَعِيزُ والحَمِيرُ. والقَنْص، بِالتَّسْكِينِ: مَصْدَرُ قَنَصَه أَي صَادَهُ. وَالْقَانِصَةُ لِلطَّائِرِ: كالْحَوْصَلة للإِنسان. التَّهْذِيبُ: والقانِصَة هَنَة كأَنها حُجَيْر فِي بَطْنِ الطَّائِرِ، وَيُقَالُ بِالسِّينِ، والصادُ أَحسنُ. والقانِصَة: وَاحِدَةُ القَوانِص وَهِيَ مِنَ الطَّيْرِ تُدْعَى الجِرِّيئَة، مَهْمُوزٌ عَلَى فِعِّيلَة، وَقِيلَ: هِيَ لِلطَّيْرِ بِمَنْزِلَةِ المَصَارين لِغَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
تُخْرِجُ النارُ عَلَيْهِمْ قَوَانِصَ
أَي قِطَعاً قانِصَة تَقْنِصُهُم وتأْخُذُهم كَمَا تَخْتَطف الجارحةُ الصَّيْدَ. والقَوانِص: جَمْعُ قانِصَة مِنَ القَنْصِ الصَّيْد، وَقِيلَ: أَراد شَرَراً كَقَوانِصِ الطَّيْر أَي حَواصِلِها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قَمَصَتْ بأَرْجُلِها وقَنَصَتْ بأَحْبُلها
أَي اصطادَتْ بحَبائلها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: وأَنْ تَعْلُوَ التُّحُوتُ الوُعُولَ، فَقِيلَ: مَا التُّحُوت؟ فَقَالَ: بُيُوتُ القانِصة
، كأَنه ضَرَبَ بُيُوتَ الصَّيَّادِينَ مَثَلًا للأَراذل والأَدْنِياء لأَنها أَرذل الْبُيُوتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قفص. وَفِي حَدِيثِ
جُبَيْر بْنِ مُطْعِم: قَالَ لَهُ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ أَنسبَ الْعَرَبِ مِمَّنْ كَانَ النُّعْمانُ بنُ المُنذر، فَقَالَ: مِنْ أَشْلاءِ قَنَصِ بْنِ مَعَدٍّ
أَي مِنْ بَقِيَّةِ أَولاده، وَقِيلَ: بَنُو قَنَصِ بنِ مَعَدّ ناسٌ دَرَجُوا فِي الدَّهْرِ الأَوَّل.
قنبص: القُنْبُص: الْقَصِيرُ، والأُنثى قُنْبُصَةٌ؛ وَيُرْوَى بَيْتُ الْفَرَزْدَقِ:
إِذا القُنْبُصاتُ السُّود طَوّفْنَ بالضُّحى، ... رَقَدْنَ عليهنَّ الحِجالُ المُسَجَّفُ
والضاد أَعرف.
قيص: قاصَ الضرسُ قَيْصاً وتَقَيَّص وانْقاصَ: انْشَقَّ طُولًا فَسَقَطَ، وَقِيلَ: هُوَ انْشِقَاقُهُ، كَانَ طُولًا أَو عَرْضًا. وقاصَت السِّنُّ تَقِيصُ إِذا تَحَرَّكَتْ. وَيُقَالُ: انْقاصَت إِذا انشقَّت طُولًا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فِراقٌ كقَيصِ السِّنِّ، فالصَّبْرَ إِنَّه، ... لِكُلِّ أُناسٍ، عَثْرَةٌ وجُبورُ(7/83)
وَقِيلَ: قَاصَ تحرَّك، وانْقاص انْشَقَّ. وقَيْصُ السنِّ: سُقوطُها مَنْ أَصلها، وأَورد بَيْتَ أَبي ذُؤَيْبٍ أَيضاً قَالَ: وَيُرْوَى بِالضَّادِ. وانْقاصَت الرَّكِيَّةُ وغيرُها: انْهارَت، وَسَيُذْكَرُ أَيضاً بِالضَّادِ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
يَا رِيَّها مِنْ بارِدٍ قَلَّاصِ، ... قَدْ جَمَّ حَتَّى هَمَّ بانْقِياصِ
والمُنْقاصُ: المُنْقَعِرُ مِنْ أَصله. والمُنْقاضُ، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ: المُنْشقّ طُولًا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وتَقَيَّصَت الحِيطان إِذا مالَت وتهدَّمت. ومِقْيَص «2» بْنُ صُبابة، بِكَسْرِ الْمِيمِ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ قَتَلَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في الفتح.
فصل الكاف
كأص: رجل كُؤْصَة وكُؤُوصَة وكُؤَصَة: صَبُورٌ عَلَى الشَّرَابِ وَغَيْرِهِ. وَفُلَانٌ كَأْصٌ أَي صَبورٌ باقٍ عَلَى الأَكل وَالشُّرْبِ. وكَأَصَه يَكْأَصُه كَأْصاً: غَلَبَهُ وَقَهَرَهُ. وكَأَصْنا عِنْدَهُ مِنَ الطَّعَامِ مَا شِئْنا: أَصَبْنا. وكأَصَ فُلَانٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إِذا أَكثر مِنْهُ. وَتَقُولُ: وَجَدْتُ فُلَانًا كَأْصاً بِوَزْنِ كَعْصٍ أَي صَبُوراً بَاقِيًا عَلَى شُرْبِهِ وأَكله. قَالَ الأَزهري: وأَحسب الكَأْسَ مأْخوذاً مِنْهُ لأَن الصَّادَ وَالسِّينَ يَتَعَاقَبَانِ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا.
كبص: الأَزهري: اللَّيْثُ الكُباصُ والكُباصةُ مِنَ الإِبل والحُمُرِ وَنَحْوِهَا القَوِيُّ الشَّدِيدُ عَلَى العمل، والله أَعلم.
كحص: ابْنُ سِيدَهْ: كَحَصَ الأَرضَ كَحْصاً أَثارَها. وكحَصَ الرجلُ يَكْحَصُ كَحْصاً: وَلَّى مُدبراً؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. والكَحْصُ: ضَرْبٌ مِنْ حَبّة النَّبَاتِ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ لَهُ حَبٌّ أَسود يشبَّه بِعُيُونِ الْجَرَادِ؛ قَالَ يَصِفُ دِرْعاً:
كأَنَّ جَنى الكَحْصِ اليَبِيس قَتِيرُها، ... إِذا نُثِلَت، سَالَتْ وَلَمْ تَتَجَمّع
الأَزهري: الكاحِصُ الضَّارِبُ برجْلِهِ، فَحَصَ بِرِجْلِهِ وكَحَصَ بِرِجْلِهِ. وكَحَصَ الأَثر كُحُوصاً إِذا دَثَرَ، وَقَدْ كَحَصَه البِلى؛ وأَنشد:
وَالدِّيَارُ الكواحِص
وكَحَصَ الظَّلِيمُ إِذا فَرَّ فِي الأَرض لَا يُرى، فَهُوَ كاحِصٌ.
كرص: كَرَص الشيءَ: دقَّه. والكَرِيصُ: الجَوْزُ بالسَّمْن يُكْرَص أَي يُدَقُّ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ وَعِلًا:
وشاخَسَ فَاهَ الدَّهْرُ، حَتَّى كأَنه ... مُنَمِّسُ ثِيرانِ الكَرِيص الضَّوائنِ
شاخَسَ: خالَف بَيْنَ نِبْتَة أَسنانه. والثِّيرانُ: جَمْعُ ثَوْر، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الأَقِط. والمُنَمِّسُ: الْقَدِيمُ. والضَّوائنُ: البِيضُ. والكَرِيصُ: الأَقِطُ الْمَجْمُوعُ الْمَدْقُوقُ، وَقِيلَ: هُوَ الأَقط قَبْلَ أَن يَسْتَحْكِمَ يُبْسُه، وَقِيلَ: هُوَ الأَقط الَّذِي يُرْفع فَيُجْعَلُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ بَقْل لِئَلَّا يفسُد: وَقِيلَ: الكَرِيصُ الأَقِط والبَقْلُ يُطْبَخان، وَقِيلَ: الْكَرِيصُ الأَقِط عَامَّةً. الْفَرَّاءُ:
__________
(2) . قوله [ومقيص] في القاموس ما نصه: ومقيص بن صبابة صوابه بالسين ووهم الجوهري أ. هـ.(7/84)
الكَرِيصُ والكَرِيز الأَقطُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الكَرِيصُ الَّذِي كُرِص أَي دُقَّ. والكرِيصُ أَيضاً: بَقْلَةٌ يُحَمَّض بِهَا الأَقِط؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جَنَيْتُها مِنْ مُجْتَنى عَوِيصِ، ... مِنْ مُجْتَنى الأَجزر والكَرِيصِ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الِاكْتِرَاصُ الجمْع، يُقَالُ: هُوَ يَكْتَرِصُ ويَقْلِدُ أَي يَجْمَعُ، وَهُوَ المِكْرَصُ والمِصْربُ. واكْتَرَصَ الشيءَ: جمَعه؛ قَالَ:
لَا تَنْكِحَنّ أَبداً هَنَّانَهْ، ... تَكْتَرِصُ الزادَ بِلَا أَمانَهْ
كصص: الكَصِيصُ: الصوتُ عَامَّةً. قَالَ أَبو نَصْرٍ: سَمِعْتُ كَصِيصَ الحَرْب أَي صَوْتَها، وَقِيلَ: هُوَ الصَّوْتُ الرَّقِيقُ الضَّعِيفُ عِنْدَ الْفَزَعِ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: هُوَ الهَرب، وَقِيلَ: الرِّعْدة. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَفْلَتَ وَلَهُ كَصِيصٌ وأَصِيصٌ وبَصِيصٌ وَهُوَ الرِّعْدَةُ وَنَحْوُهَا، وَقِيلَ: هُوَ التَّحَرُّكُ وَالِالْتِوَاءُ مِنَ الْجَهْدِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
جَنادِبُها صَرْعَى لهنَّ كَصِيصُ
أَي تحرُّك. قَالَ: والكَصِيصُ أَيضاً شِدَّةُ الْجَهْدِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تُسائل، يَا سُعَيدةُ: مَنْ أَبوها؟ ... وَمَا يُغْني، وَقَدْ بَلَغَ الكَصِيصُ؟
وَقِيلَ: الكَصِيصُ الِانْقِبَاضُ مِنَ الفَرَق، كَصَّ يَكِصُّ كَصّاً وكَصِيصاً وكَصْكَصَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
جَدَّ بِه الكَصِيصُ ثُمَّ كَصْكَصا
وَيُقَالُ: لَهُ مِنْ فَرَقِه أَصِيصٌ وكَصِيصٌ أَي انْقِبَاضٌ. والكَصِيصُ مِنَ الرِّجَالِ: القصيرُ التَّارُّ. والكَصِيصةُ: حِبالةُ الظَّبْيِ الَّتِي يُصادُ بِهَا. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ تَرَكْتُهُمْ فِي حَيْصَ بَيْصَ ككَصِيصة الظبْيِ، وكَصِيصتُه: موضِعُه الَّذِي يَكُونُ فيه وحِبالتُه.
كعص: الكَعِيصُ: صَوْتُ الفَأْرة والفَرْخِ. وكَعَصَ الطعامَ: أَكلَه؛ وَقِيلَ: عيْنه بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ كأَصَه وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. قَالَ الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمْ الكَعْصُ اللَّئِيمُ: قَالَ: وَلَا أَعرفه.
كنص: التَّهْذِيبُ: فِي حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ كَعْبٍ أَنه قَالَ:
كَنَّصَت الشياطينُ لسُلَيْمانَ
؛ قَالَ كَعْبٌ: أَولُ مَنْ لَبِسَ القَباء سُليمانُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَلِكَ أَنه كَانَ إِذا أَدخَل رأْسَه لِلُبْسِ الثِّيَابِ كَنَّصَت الشياطينُ اسْتِهْزَاءً فأُخبِر بِذَلِكَ فلبِس الْقَبَاءَ. ابْنُ الأَعرابي: كَنَّصَ إِذا حرَّك أَنفه اسْتِهْزَاءً. يُقَالُ: كَنَّص فِي وَجْهِ فُلَانٍ إِذا استهزأَ بِهِ، وَيُرْوَى بِالسِّينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
كيص: كاصَ عَنِ الأَمر يَكِيصُ كَيْصاً وكَيَصاناً وكُيوصاً: كَعَّ. وكاصَ عِنْدَهُ مِنَ الطَّعَامِ مَا شاءَ: أَكلَ. وكاصَ طعامَه كَيْصاً: أَكلَه وَحْدَهُ. ابْنُ الأَعرابي: الكَيْصُ البُخْلُ التَّامُّ. وَرَجُلٌ كِيصَى وكِيصٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي: متفردٌ بِطَعَامِهِ لَا يُؤَاكِلُ أَحداً. والكِيصُ: اللئيمُ الشَّحِيحُ، وَالْقَوْلَانِ مُتَقَارِبَانِ. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: والكِيصُ الأَشِرُ؛ وَقَوْلُ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
رأَتْ رجُلًا كِيصاً يُلَفِّفُ وَطْبَه، ... فيأْتي بِهِ البادِينَ، وَهُوَ مُزَمَّل
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَحْتَمِلُ أَن تَكُونَ أَلف كِيصا فِيهِ(7/85)
للإِلحاق، وَيَحْتَمِلُ أَن تَكُونَ الَّتِي هِيَ عِوَضٌ مِنَ التَّنْوِينِ فِي النَّصْبِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَلِيٍّ يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ رأَت رَجُلًا كَيْصًا الأَلف فِيهِ أَلف النَّصْبِ لَا أَلف الإِلحاق، وَالَّذِي ذَكَرَهُ ثَعْلَبٌ فِي أَماليه الكِيصُ اللَّئِيمُ، وأَنشد بَيْتَ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ أَيضاً، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الأَلف فِي كَيْصًا بدَلٌ مِنَ التَّنْوِينِ إِذا وقَفْتَ كَمَا ذَكَرَ أَبو عَلِيٍّ. وَرَجُلٌ كَيْصٌ، بِفَتْحِ الْكَافِ: يَنْزِلُ وَحْدَهُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. اللَّيْثُ: الكِيصُ مِنَ الرِّجَالِ القصيرُ التَّارِّ. التَّهْذِيبُ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ: رَجُلٌ كِيصًى يَا هَذَا، بِالتَّنْوِينِ، يَنْزِلُ وَحْدَهُ ويأْكل وَحْدَهُ.
فصل اللام
لبص: أُلْبِصَ الرجلُ: أُرْعِدَ عند الفزع.
لحص: اللَّحْصُ واللَّحَصُ واللَّحِيصُ: الضَّيّقُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدِ اشْتَرَوْا لِي كَفَناً رَخِيصَا، ... وبَوَّأُوني لَحَداً لَحِيصَا
ولَحَصَ لَحْصاً: نَشِبَ. والْتَحَصَه الشيءُ: نَشِبَ فِيهِ، ولَحَاصِ فَعَالِ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ أُمية ابن أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيِّ:
قَدْ كُنْتُ خَرّاجاً وَلُوجاً صَيْرفاً، ... لَمْ تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحاصِ
أَخرج لَحَاصِ مُخْرَج قَطامِ وحَذامِ، وَقَوْلُهُ لَمْ تَلْتَحِصْني أَي لَمْ تُثبّطْني؛ يُقَالُ: لَحَصْت فُلَانًا عَنْ كَذَا والْتَحَصْته إِذا حَبَسْته وثَبَّطْته. وَرُوِيَ عَنِ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ لَمْ تَلْتَحِصْنِي أَي لَمْ أَنْشَب فِيهَا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ولَحاصِ فَعَالِ مِنَ الْتَحَصَ، مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ، وَهُوَ اسمُ الشدةِ والداهيةِ لأَنها صِفَةٌ غَالِبَةٌ كحَلاق اسْمٌ لِلْمَنِيَّةِ، وَهِيَ فَاعِلَةُ تَلْتَحصني. وموضعُ حَيْصَ بَيْصَ: نصبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ؛ يَقُولُ: لَمْ تَلْتَحِصْنِي أَي تُلْجِئْني الدَّاهِيَةُ إِلى مَا لَا مُخْرَجَ لِي مِنْهُ؛ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: يُقَالُ الْتَحَصَه الشيءُ أَي نَشِبَ فِيهِ فَيَكُونُ حَيْصَ بَيْصَ نَصْبًا عَلَى الْحَالِ مِنْ لَحَاص. ولَحَاص أَيضاً: السَّنةُ الشَّدِيدَةُ. والْتَحَصَتْ عينُه ولَحِصَت: الْتَصَقَتْ، وَقِيلَ: الْتَصَقَتْ مِنَ الرَّمَصِ. والالْتِحَاصُ: الِاشْتِدَادُ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءَ: وسُئِل عَنْ نَضْح الوَضُوء فَقَالَ: اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ، كَانَ مَنْ مَضَى لَا يُفَتِّشُون عَنْ هَذَا وَلَا يُلَحِّصُون
؛ التَّلْحِيصُ: التَّشْدِيدُ وَالتَّضْيِيقُ، أَي كَانُوا لَا يُشدِّدون وَلَا يَسْتَقْصُون فِي هَذَا وأَمثاله. الأَصمعي: الالْتِحَاصُ مِثْلُ الالْتِحاج يُقَالُ الْتحَصَه إِلى ذَلِكَ الأَمر والْتَحَجَه أَي أَلْجَأَه إِليه واضطرَّه، وأَنشد بَيْتَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيَّ. والالْتِحَاصُ: الِانْسِدَادُ. والْتَحَصَت الإِبرةُ: الْتَصَقَت واسْتَدَّ سَمُّها. ولَحَّصَ لِي فلانٌ خَبَرَك وأَمْرَك: بَيَّنَه شَيْئًا شَيْئًا. ولَحّص الكتابَ: أَحْكَمه. وَقَالَ اللَّيْثُ: اللَّحْصُ والتَّلْحِيصُ اسْتِقْصَاءُ خَبَرِ الشَّيْءِ وَبَيَانُهُ. وَكَتَبَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ إِلى بَعْضِ إِخوانه كِتَابًا فِي بَعْضِ الْوَصْفِ فَقَالَ: وَقَدْ كَتَبْتُ كِتَابِي هَذَا إِليك وَقَدْ حصَّلْته ولَحَّصته وفَصّلْته ووصَّلْته، وبعضٌ يَقُولُ: لَخّصْته، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. والتَحَصَ فُلَانٌ الْبَيْضَةَ الْتِحاصاً إِذا تحسَّاها. والْتَحَصَ الذِّئْبُ عَيْنَ الشَّاةِ إِذا شَرِبَ مَا فِيهَا من المُخّ والبياضِ.
لخص: التَّلْخِيصُ: التَّبْيِينُ وَالشَّرْحُ، يُقَالُ: لَخّصْت الشَّيْءَ ولَحّصْته، بِالْخَاءِ وَالْحَاءِ، إِذا اسْتَقْصَيْتَ فِي بَيَانِهِ(7/86)
وَشَرْحِهِ وتَحْبِيره، يُقَالُ: لَخِّصْ لِي خَبَرَكَ أَي بيِّنْه لِي شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَنه قَعَدَ لِتَلْخِيص مَا الْتَبَس عَلَى غَيْرِهِ
؛ والتَّلْخِيصُ: التَّقْرِيبُ وَالِاخْتِصَارُ، يُقَالُ: لَخّصْت الْقَوْلَ أَي اقْتَصَرْتُ فِيهِ وَاخْتَصَرْتُ مِنْهُ مَا يُحْتَاج إِليه. واللَّخَصةُ: شَحْمة الْعَيْنِ مِنْ أَعلى وأَسفل. وَعَيْنٌ لَخْصاءُ إِذا كَثُرَ شَحْمُهَا. واللَّخَصُ: غِلَظُ الأَجفان وكثرةُ لَحْمِهَا خِلْقَةً، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ سُقوطُ بَاطِنِ الحِجاج عَلَى جَفْنِ الْعَيْنِ، وَالْفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ لَخِصَ لَخَصاً فَهُوَ أَلْخَصُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: اللَّخَصُ أَن يَكُونَ الجفنُ الأَعْلى لَحِيماً، وَالنَّعْتُ اللَّخِصُ. وضرْعٌ لَخِصٌ، بِكَسْرِ الْخَاءِ، بَيِّنُ اللَّخَصِ أَي كثيرُ اللَّحْمِ لَا يَكَادُ اللَّبَنُ يَخْرُجُ مِنْهُ إِلا بِشِدَّةٍ. واللَّخصتانِ مِنَ الْفَرَسِ: الشحْمتان اللَّتَانِ فِي جَوْفِ وَقْبَي عَيْنَيْهِ، وَقِيلَ: الشَّحْمَةُ الَّتِي فِي جَوْفِ الهَزْمةِ الَّتِي فَوْقَ عَيْنِهِ، وَالْجَمْعُ لِخَاصٌ. ولَخَصَ البعيرَ يَلْخَصُه لَخْصاً: شقَّ جفْنَه لِيَنْظُرَ هَلْ بِهِ شَحْمٌ أَم لَا، وَلَا يَكُونُ إِلا مَنْحُورًا، وَلَا يُقَالُ اللَّخْصُ إِلا فِي الْمَنْحُورِ، وَذَلِكَ الْمَكَانُ لَخَصةُ العينِ مِثْلُ قَصَبةٍ، وَقَدْ أُلْخِصَ البعيرُ إِذا فُعِل بِهِ هَذَا فَظَهَرَ نِقْيُه. ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ لِقَوْمِهِ فِي سَنَةٍ أَصابتهم: انْظُرُوا مَا لَخِصَ مِنْ إِبلي فانحَرُوه وَمَا لَمْ يَلْخَصْ فارْكَبُوه أَي مَا كَانَ لَهُ شَحْمٌ فِي عَيْنَيْهِ. وَيُقَالُ: آخرُ مَا يَبْقَى مِنَ النِّقْي فِي السُّلامَى والعينِ، وأَوّل مَا يَبْدو فِي اللسان والكرش.
لصص: اللِّصُّ: السارقُ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
إِن يأْتِني لِصٌّ، فإِنِّي لِصُّ، ... أَطْلَسُ مثلُ الذِّئْبِ، إِذ يَعُسُ
جَمَعَ بَيْنَ الصَّادِ وَالسِّينِ وَهَذَا هُوَ الإِكْفاء، وَمَصْدَرُهُ اللُّصُوصِيَّة والتَّلَصُّصُ، ولِصٌّ بَيِّنُ اللَّصُوصِيّة واللُّصُوصِيّة، وَهُوَ يَتلَصّصُ. واللُّصّ: كاللِّصّ، بِالضَّمِّ لُغَةٌ فِيهِ، وأَما سِيبَوَيْهِ فَلَا يَعْرِفُ إِلا لِصّاً، بِالْكَسْرِ، وَجَمْعُهُمَا جَمِيعًا لِصَاصٌ ولُصُوصٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وأَلْصَاصٌ، وَلَيْسَ لَهُ بِنَاءٍ مِنْ أَبنية أَدنى الْعَدَدِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لِصٌّ ولَصٌّ ولُصٌّ ولِصْتٌ ولَصْتٌ، وَجَمْعُ لَصٍّ لُصُوصٌ، وجمعُ لِصّ لُصُوصٌ ولِصَصةٌ مِثْلُ قُرُودٍ وقِرَدةٍ، وَجَمْعُ اللُّصّ لُصُوصٌ، مِثْلُ خُصٍّ وخُصوص. والمَلَصّة: اسمٌ لِلْجَمْعِ؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي، والأُنثى لَصَّةٌ، وَالْجَمْعُ لَصّاتٌ ولَصائِصُ، الأَخيرة نَادِرَةٌ. واللَّصْتُ: لُغَةٌ فِي اللِّصِّ، أَبدلوا مِنْ صادِه تَاءً وغَيّروا بِنَاءَ الْكَلِمَةِ لِمَا حَدَثَ فِيهَا مِنَ الْبَدَلِ، وَقِيلَ: هِيَ لُغَةٌ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَهِيَ لُغَةُ طيِّئ وَبَعْضِ الأَنصار، وَجَمْعُهُ لُصوتٌ، وَقَدْ قِيلَ فِيهِ: لِصْتٌ، فَكَسَرُوا اللَّامَ فِيهِ مَعَ الْبَدَلِ، وَالِاسْمُ اللُّصوصِيّة واللَّصُوصِيّة. الْكِسَائِيُّ: هُوَ لَصٌّ بيَّن اللَّصوصِيّة، وَفَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِ خَصُوصِيّة، وحَرُورِيّ بيِّن الحَرُورِيّة. وأَرض مَلَصّة: ذاتُ لُصوصٍ. واللصَصُ: تقارُب مَا بَيْنَ الأَضراس حَتَّى لَا تَرَى بَيْنَهَا خَلَلًا، وَرَجُلٌ أَلَصُّ وامرأَة لَصّاء، وَقَدْ لَصَّ وَفِيهِ لَصَصٌ. واللَّصَصُ: تقارُب الْقَائِمَتَيْنِ وَالْفَخْذَيْنِ. الأَصمعي: رَجُلٌ أَلَصُّ وامرأَة لصّاءُ إِذا كَانَا مُلْتَزِقَيِ الْفَخْذَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا فُرْجة. واللَّصَصُ: تَداني أَعلى الرُّكْبَتَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ اجْتِمَاعُ أَعلى الْمَنْكِبَيْنِ يَكَادَانِ يمسانِ أُذُنيه، وَهُوَ أَلَصّ، وَقِيلَ: هُوَ تُقَارُبُ الْكَتِفَيْنِ، وَيُقَالُ لِلزِّنْجِيِّ أَلَصُّ الأَلْيَتين. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: اللَّصَصُ فِي مَرْفِقَي الْفَرَسِ أَن تنْضَمّا إِلى زَوْره وتَلْصَقا بِهِ، قَالَ: وَيُسْتَحَبُّ(7/87)
اللَّصَصُ فِي مَرْفِقَيِ الْفَرَسِ. ولَصّصَ بُنيانَه: كَرَصَّصَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَصّصَ مِن بُنْيانِه المُلَصِّصُ
والتَّلْصيص فِي الْبُنْيَانِ: لُغَةٌ فِي التَّرْصِيصِ. وامرأَة لَصّاء: رَتْقاء. ولَصْلَصَ الوتِدَ وغيرَه: حَرَّكَهُ لِيَنْزِعَه، وَكَذَلِكَ السِّنَّانُ مِنَ الرُّمْحِ وَالضِّرْسِ.
لعص: اللَّعَصُ: العُسْرُ، لَعِصَ عَلَيْنَا لَعَصاً وتَلعّص: تَعَسَّرَ. واللَّعِصُ: النَّهِمُ فِي الأَكل وَالشُّرْبِ. ولَعِصَ لَعَصاً وتلَعَّصَ: نَهِمَ فِي أَكل وَشُرْبٍ.
لقص: لَقِصَ لَقَصاً، فَهُوَ لَقِصٌ: ضاقَ. واللَّقِصُ: الكثيرُ الْكَلَامِ السريعُ إِلى الشَّرِّ. ولَقَصَ الشيءُ جِلْدَه يَلْقِصُه ويَلْقَصُه لَقْصاً: أَحْرَقَه بِحرِّه.
لمص: لَمَصَ الشيءَ يَلْمِصُه لَمْصاً: لَطَعَه بإِصبعه كالعَسَلِ. واللَّمَصُ: الفالوذُ، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ يُبَاعُ كَالْفَالُوذِ وَلَا حَلَاوَةَ لَهُ يأْكله الصِّبْيَانُ بالبَصْرة بالدِّبْس، وَيُقَالُ لِلْفَالُوذِ: المُلَوّصُ والمُزَعْزَعُ والمُزَعْفَرُ واللَّمَصُ واللَّوَاصُ. واللَّمْصُ: اللَّمْزُ. واللَّمْصُ: اغْتيابُ النَّاسِ. وَرَجُلٌ لَمُوصٌ: مغتابٌ، وَقِيلَ خَدُوعٌ، وَقِيلَ مُلْتَوٍ مِنَ الْكَذِبِ وَالنَّمِيمَةِ، وَقِيلَ كَذَّابٌ خَدّاع؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
إِنك ذُو عَهْدٍ وَذُو مَصْدَقٍ، ... مُخالِفٌ عَهْدَ الكَذُوبِ اللَّمُوص
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الحكَم بنَ أَبي الْعَاصِ كَانَ خَلْف النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَلْمِصُه فالْتَفَتَ إِليه فَقَالَ: كُنْ كَذَلِكَ
؛ يَلْمِصُه أَي يَحْكِيهِ وَيُرِيدُ عَيْبَه بِذَلِكَ. وأَلْمَص الكَرْمُ: لانَ عِنَبُه. واللامِصُ: حافظُ الكَرْمِ. وتَلَمُّص: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَعشى:
هَلْ تَذْكُرُ العهدَ فِي تَلَمُّصَ، إِذْ ... تَضْرِبُ لِي قَاعِدًا بِهَا مَثلا؟
لوص: لاصَه بِعَيْنِهِ لَوْصاً ولاوَصَه: طالَعَه مِنْ خَلَلٍ أَو سِتْرٍ، وَقِيلَ: المُلاوَصةُ النَّظَرُ يَمْنةً ويَسْرةً كأَنه يَرُومُ أَمراً. والإِلاصَةُ، مِثْلُ العِلاصة: إِدارَتُك الإِنسانَ عَلَى الشَّيْءِ تَطلبُه مِنْهُ، وَمَا زِلْتُ أُلِيصُه وأُلاوِصُه عَلَى كَذَا وَكَذَا أَي أُدِيرُه عَلَيْهِ. وَقَالَ
عُمَرُ لِعُثْمَانَ فِي مَعْنَى كَلِمَةِ الإِخلاص: هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلاصَ عَلَيْهَا النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَمَّه يَعْنِي أَبا طَالِبٍ عِنْدَ الْمَوْتِ شَهَادَةُ أَن لَا إِلَه إِلا اللَّهُ
أَي أَدارَه عَلَيْهَا وراوَده فِيهَا. اللَّيْثُ: اللَّوْصُ مِنَ المُلاوَصةِ وَهُوَ النَّظَرُ كأَنه يَخْتِلُ ليَرُوم أَمراً. والإِنسان يُلاوِصُ الشَّجَرَةَ إِذا أَرادَ قَلْعَها بالفأْسِ، فَتَرَاهُ يُلاوِصُ فِي نَظَرِهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً كَيْفَ يضرِبُها وَكَيْفَ يأْتيها ليقلَعها. وَيُقَالُ: أَلاصَه عَلَى كَذَا أَي أَدارَه على الشيء الَّذِي يُرِيده. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِعُثْمَانَ: إِن اللَّهَ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، سَيُقَمِّصُك قَمِيصاً وإِنك سَتُلاصُ عَلَى خَلْعِه
أَي تُراوَد عَلَيْهِ ويُطْلَبُ مِنْكَ أَن تخْلَعه، يَعْنِي الْخِلَافَةَ. يُقَالُ: أَلَصْته عَلَى الشَّيْءِ أُلِيصُه مِثْلَ رَاودْته عَلَيْهِ وَدَاوَرْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: فأَدارُوه وأَلاصُوه فأَبى وَحَلَفَ أَن لَا يَلْحَقَهُم.
وَمَا أَلَصْت أَن آخُذَ مِنْهُ شَيْئًا أَي مَا أَرَدْت. وَيُقَالُ للفالُوذ: المُلَوَّصُ والمُزَعْزَع والمُزَعْفَر(7/88)
واللَّمْصُ واللَّواصُ. أَبو تُرَابٍ: يُقَالُ لاصَ عَنِ الأَمر وناصَ بِمَعْنَى حادَ. وأَلَصْت أَنْ آخُذَ مِنْهُ شَيْئًا أُلِيصُ إِلاصَةً وأَنَصْت أُنِيصُ إِناصةً أَي أَرَدت. ولَوَّصَ الرجلُ إِذا أَكلَ اللَّواصَ، واللَّواصُ هُوَ العسَلُ، وَقِيلَ: العسلُ الصَّافِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَبَقَ العاطسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ الشَّوْصَ واللَّوْصَ
؛ هُوَ وَجَعُ الأُذنِ، وَقِيلَ: وجَعُ النحر.
ليص: لاصَ الشيءَ لَيْصاً وأَلاصَه وأَناصَه عَلَى الْبَدَلِ إِذا حَرَّكه عَنْ مَوْضِعِهِ وأَدارَه لينتزِعَه. وأَلاصَ الإِنسانَ: أَدارَه عَنِ الشَّيْءِ يُرِيده منه.
فصل الميم
مأص: المَأَصُ: الإِبل البِيضُ، وَاحِدَتُهَا مَأَصةٌ، والإِسكان فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى أَنه المحفوظ عن يعقوب.
محص: مَحَصَ الظبيُ فِي عَدْوِه يَمْحَصُ مَحْصاً: أَسْرَعَ وعَدا عَدْواً شَدِيدًا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَعَادِيَةٍ تُلْقي الثِّيابَ كَأَنَّها ... تُيوسُ ظِباءٍ، مَحْصُها وانتِبارُها
وَكَذَلِكَ امْتَحَصَ؛ قَالَ:
وهُنَّ يَمْحَصْن امْتِحاصَ الأَظْبِ
جَاءَ بِالْمَصْدَرِ عَلَى غَيْرِ الْفِعْلِ لأَن مَحَصَ وامْتَحَصَ وَاحِدٌ. ومَحَصَ فِي الأَرض مَحْصاً: ذَهَبَ. ومحَصَ بِهَا مَحْصاً: ضَرطَ. والمَحْصُ: شِدَّةُ الْخَلْقِ. والمَمْحُوصُ والمَحْص والمَحِيصُ والمُمَحَّصُ: الشديدُ الْخَلْقِ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ مِنَ الإِبل. وَفَرَسٌ مَحْصٌ بيِّن المَحْصِ: قليلُ لحمِ الْقَوَائِمِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ حمارَ وَحْشٍ:
مَحْصُ الشَّوى، شَنِجُ النَّسا، خاظِي المَطا، ... سَحْلٌ يُرَجِّع خَلفَها التَّنْهاقا
وَيُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَرَسِ أَن تُمْحَصَ قوائمُه أَي تخلُصَ مِنَ الرَّهَل، يُقَالُ مِنْهُ: فَرَسٌ مَمْحُوصُ القوائمِ إِذا خَلَصَ مِنَ الرَّهَل. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فِي صِفَاتِ الْخَيْلِ المُمَحَّصُ والمَحْصُ، فأَما المُمَحَّصُ فَالشَّدِيدُ الْخَلْقِ، والأُنثى مُمَحَّصةٌ؛ وأَنشد:
ممَحَّصُ الخَلْق وَأًى فُرافِصَهْ ... كلٌّ شَدِيدٌ أَسْرهُ مُصامِصَهْ
قَالَ: والمُمَحَّصُ والفُرافِصةُ سواءٌ. قَالَ: والمَحْصُ بِمَنْزِلَةِ المُمَحَّصِ، وَالْجَمْعُ مِحاصٌ ومِحاصاتٌ؛ وأَنشد:
مَحْص الشَّوى مَعْصوبة قَوائِمُه
قَالَ: وَمَعْنَى مَحْص الشَّوى قَلِيلُ اللَّحْمِ إِذا قُلْتَ مَحَص كَذَا «3» ؛ وأَنشد:
مَحْصُ المُعَذَّرِ أَسْرَفت حَجَباتُه، ... يَنْضُو السوابِقَ زاهِقٌ قَرِدُ
وَقَالَ غَيْرُهُ: المَمْحُوص السنانِ المجْلوُّ؛ وَقَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
أَشْفَوْا بمَمْحوصِ القِطاعِ فُؤادَه
والقِطاعُ: النِّصالُ، يَصِفُ عَيْراً رُمِي بالنِّصال حَتَّى رَقَّ فؤادُه مِنَ الْفَزَعِ. وَحَبْلٌ مَحِصٌ ومَحِيصٌ: أَمْلَس أَجْرَدُ لَيْسَ لَهُ زِئْبِرٌ. ومَحِصَ الحبلُ يَمْحَصُ مَحَصاً إِذا ذهب
__________
(3) . قوله [إِذا قُلْتَ مَحَصَ كَذَا] هو كذلك في الأَصل.(7/89)
وبرُه حَتَّى يَمّلِص. وَحَبْلٌ مَحِصٌ ومَلِصٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ لِلزِّمَامِ الجيِّد الفَتْل: مَحِصٌ ومَحْصٌ فِي الشِّعْر؛ وأَنشد:
ومَحْص كَسَاقِ السَّوْذَقانِيّ نازَعَتْ ... بِكَفِّيَ جَشَّاء البُغامِ خَفُوق «1»
أَراد مَحِص فَخَفَّفَهُ وَهُوَ الزِّمَامُ الشَّدِيدُ الْفَتْلِ. قَالَ: وَالْخُفُوقُ الَّتِي يَخْفِق مِشْفراها إِذا عَدَت. والمَحِيصُ: الشَّدِيدُ الفَتْل؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ حِمَارًا:
وأَصْدَرَها بادِي النَّواجِذ قارِحٌ، ... أَقَبُّ ككَرِّ الأَنْدَرِيِّ مَحِيصُ
وأَورد ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتُ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى المَحِيص الْمَفْتُولِ الْجِسْمِ. أَبو مَنْصُورٍ: مَحّصْت العَقَبَ مِنَ الشَّحْمِ إِذا نَقَّيْتَه مِنْهُ لتَفْتلَه وَتَراً. ومَحَصَ بِهِ الأَرضَ مَحْصاً: ضَرَبَ. والمَحْصُ: خُلُوصُ الشَّيْءِ. ومَحَصَ الشيءَ يَمْحَصُه مَحْصاً ومَحَّصَه: خَلَّصَه، زَادَ الأَزهري: مِنْ كُلِّ عَيْبٍ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ فَرَسًا:
شدِيدُ جَلْزِ الصُّلْبِ مَمْحوصُ الشَّوى ... كالكَرِّ، لَا شَخْتٌ وَلَا فِيهِ لَوى
أَراد باللَّوى العِوَجَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ
، وَفِيهِ: وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
؛ أَي يُخَلِّصهم، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَعْنِي يُمحِّص الذنوبَ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا، قَالَ الأَزهري: لَمْ يَزِدِ الْفَرَّاءُ عَلَى هَذَا، وَقَالَ أَبو إِسحق: جَعَلَ اللَّهُ الأَيامَ دُوَلًا بَيْنَ النَّاسِ لِيُمَحِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِمْ مِنْ قَتْلٍ أَو أَلَمٍ أَو ذَهَابِ مَالٍ، قَالَ: وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ؛ أَي يَسْتأْصِلُهم. والمَحْصُ فِي اللُّغَةِ: التَّخْليصُ وَالتَّنْقِيَةُ. وَفِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ:
فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَقَدْ أَمْحَصَت الشمسُ
أَي ظَهَرَتْ مِنَ الْكُسُوفِ وانجلَت، وَيُرْوَى:
امّحصَت
، عَلَى الْمُطَاوَعَةِ وَهُوَ قَلِيلٌ فِي الرُّبَاعِيِّ، وأَصل المَحْص التخليصُ. ومَحَصْت الذهَبَ بِالنَّارِ إِذا خَلَّصْته مِمَّا يَشُوبه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: وذَكَرَ فتْنةً فَقَالَ: يُمْحَصُ الناسُ فِيهَا كَمَا يُمْحَصُ ذهبُ الْمَعْدِنِ
أَي يُخَلَّصون بعضُهم مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُخَلَّص ذهبُ الْمَعْدِنِ مِنَ التُّرَابِ، وَقِيلَ: يُخْتَبرُون كَمَا يُخْتَبر الذَّهَبُ لتُعْرَفَ جَوْدته مِنْ رَداءتِه. والمُمَحَّصُ: الَّذِي مُحِّصَت عَنْهُ ذنوبُه؛ عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ إِنما المَمَحَّصُ الذَّنْبُ. وتمحِيصُ الذُّنُوبِ: تطهيرُها أَيضاً. وتأْويل قَوْلِ النَّاسِ مَحِّصْ عَنَّا ذنوبَنا أَي أَذْهِب مَا تَعَلَّقَ بِنَا مِنَ الذُّنُوبِ. قَالَ فَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
، أَي يخَلِّصهم مِنَ الذُّنُوبِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
، أَي يَبْتَليهم، قَالَ: وَمَعْنَى التَّمْحِيص النَّقْص. يُقَالُ: مَحَّصَ اللَّهُ عَنْكَ ذنوبَك أَي نَقَصَهَا فَسَمَّى اللَّهُ مَا أَصابَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَلاءٍ تَمْحِيصاً لأَنه يَنْقُص بِهِ ذنوبَهم، وسَمّاه اللَّهُ مِنَ الْكَافِرِينَ محْقاً. والأَمْحَصُ: الَّذِي يقْبَل اعتذارَ الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ. ومُحِصَت عَنِ الرَّجُلِ يدُه أَو غيرُها إِذا كَانَ بِهَا ورَمٌ فأَخَذ فِي النُّقْصَانِ وَالذَّهَابِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ عَنْ أَبي زَيْدٍ وإِنما الْمَعْرُوفُ مِنْ هَذَا حَمَصَ الجرْحُ. والتَّمْحِيص: الِاخْتِبَارُ وَالِابْتِلَاءُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
رأَيت فُضَيْلًا كان شيئاً مُلَفَّقاً، ... فكشَّفَه التَّمْحِيصُ حَتَّى بَدا لِيَا
ومَحَص اللهُ مَا بِك ومَحَّصَه: أَذْهَبَه. الْجَوْهَرِيُّ: مَحَصَ المذبوحُ برِجْلِه مِثْلُ دَحَص.
__________
(1) . قوله [
ومحص كساق السوذقاني
البيت] هو هكذا في الأَصل.(7/90)
مرص: المَرْصُ لِلثَّدْي وَنَحْوِهِ: كالغَمْزِ للأَصابع. مَرَصَ الثدْيَ مَرْصاً: غَمَزَه بأَصابعه. والمَرْسُ: الشيءُ يُمْرَسُ فِي الْمَاءِ حَتَّى يتَمَيّثَ فِيهِ. والمَرُوصُ والدَّرُوصُ: الناقة السريعة.
مصص: مَصِصْتُ الشَّيْءَ، بِالْكَسْرِ، أَمَصُّه مَصّاً وامْتَصَصْته. والتَّمَصُّصُ: المَصُّ فِي مُهْلةٍ، وتَمَصَصْته: ترَشَّفْتُه مِنْهُ. والمُصاصُ والمُصاصَةُ: مَا تَمَصَّصْت مِنْهُ. ومَصِصْت الرُّمَّانَ أَمَصُّه ومَصِصْت مِنْ ذَلِكَ الأَمر: مِثْلُهُ، قَالَ الأَزهري: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ مَصَصْتُ الرّمانَ أَمُصُّ، والفصيح الجيدَ نَصِصْت، بِالْكَسْرِ، أَمَصُّ؛ وأَمصَصْتُه الشَّيْءَ فمَصَّه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه مَصَّ مِنْهَا
أَي نالَ الْقَلِيلَ مِنَ الدُّنْيَا. يُقَالُ: مَصِصْت، بِالْكَسْرِ، أَمَصُّ مَصّاً. والمَصُوصُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَمْتَصُّ رحِمُها الماءَ. والمَمْصُوصة: الْمَهْزُولَةُ مِنْ داءٍ يُخامِرُها كأَنها مُصَّت. والمَصّانُ: الحجّامُ لأَنه يَمَصُّ؛ قَالَ زِيَادٌ الأَعجم يَهْجُو خَالِدَ بْنَ عتاب بن وَرْقَاءَ:
فإِن تَكُنِ الموسَى جَرَتْ فَوْقَ بَظْرها، ... فَمَا خُتِنَتْ إِلا ومَصّانُ قاعِدُ
والأُنثى مَصّانةٌ. ومَصّان ومَصّانة: شتمٌ لِلرَّجُلِ يُعَيَّر برَضْعِ الْغَنَمِ مِنْ أَخْلافِها بفِيه؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ رَجُلٌ مَصّانٌ وملْجانٌ ومَكّانٌ، كُلُّ هَذَا مِنَ الْمَصِّ، يَعْنُون أَنه يَرْضَع الْغَنَمَ مِنَ اللؤْم لَا يحْتلِبُها فيُسْمع صوت الحلْب، ولهذا قِيلَ: لَئِيمٌ راضِع. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قُلِ يَا مَصّانُ وللأُنثى يَا مَصّانةُ وَلَا تَقُلْ يَا مَاصَّانِ. وَيُقَالُ: أَمَصَّ فلانٌ فُلَانًا إِذا شتَمه بالمَصّان. وَفِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ:
لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا المَصّتانِ وَلَا الرَّضْعةُ وَلَا الرَّضْعتانِ وَلَا الإِمْلاجةُ وَلَا الإِمْلاجَتانِ.
والمُصَاصُ: خالِصُ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: شَهَادَةً ممْتَحَناً إِخلاصُها مُعْتَقَداً مُصاصُها
؛ المُصَاصُ: خالِصُ كُلِّ شَيْءٍ. ومُصَاصُ الشَّيْءِ ومُصَاصَتُه ومُصَامِصُه: أَخْلَصُه؛ قال أَبو دواد:
بمُجَوَّفٍ بَلَقاً وأَعْلى ... لَوْنِه وَرْدٌ مُصامِصْ
وَفُلَانٌ مُصَاصُ قوْمِه ومُصاصتُهم أَي أَخْلَصُهم نسَباً، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أُولاك يَحْمُون المُصاصَ المَحْضا
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِحَسَّانَ:
طَويلُ النِّجادِ، رَفِيعُ العِماد، ... مُصاص النِّجَارِ مِنَ الخَزْرَجِ
ومُصَاصُ الشيءِ: سِرُّه ومَنْبِته. اللَّيْثُ: مُصَاصُ القومِ أَصل مَنْبِتِهِمْ وأَفضل سِطَتِهم. ومَصْمَصَ الإِناءَ والثوبَ: غَسَلَهما، ومَصْمَصَ فَاهُ ومضْمَضَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَن المَصْمَصَة بطرَفِ اللِّسَانِ وَهُوَ دُونَ المَضْمَضَة، والمَضْمَضَةُ بالفمِ كُلِّهِ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ القَبْصة والقَبْضة. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قِلَابَةَ: أُمِرْنا أَن نُمَصْمِصَ مِنَ اللَّبَنِ وَلَا نُمَضْمِضَ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَمَصْمَصَ إِناءه: غسَله كمَضْمَضَه؛ عَنْ يَعْقُوبَ. الأَصمعي: يُقَالُ مَصْمَص إِناءه ومَضْمَضَه إِذا جَعَلَ فِيهِ الماءَ وحرّكَهُ لِيَغْسِلَهُ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ(7/91)
قَالَ: كُنَّا نتَوَضَّأُ مِمَّا غَيَّرت النارُ ونُمَصْمِصُ مِنَ اللَّبَنِ وَلَا نُمَصْمِصُ مِنَ التَّمْرِ. وَفِي حَدِيثِ مَرْفُوعٍ:
القتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُمَصْمِصةٌ
؛ الْمَعْنَى أَن الشَّهَادَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُطهِّرة الشَّهِيدِ مِنْ ذُنُوبِهِ ماحِيةٌ خَطَايَاهُ كَمَا يُمَصْمِصُ الإِناءَ الماءُ إِذا رُقْرِقَ الماءُ فِيهِ وحُرِّك حَتَّى يُطَهَّرَ، وأَصله مِنَ المَوْص، وَهُوَ الغَسْلُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالَّذِي عِنْدِي فِي ذِكْرِ الشَّهِيدِ فَتِلْكَ مُمَصْمِصةٌ أَي مُطهِّرةٌ غاسِلةٌ، وَقَدْ تُكَرِّرُ العربُ الحرفَ وأَصله مُعْتَلٌّ، وَمِنْهُ نَخْنَخَ بَعيرَه وأَصلُه مِنَ الإِناخةِ، وتَعَظْعَظَ أَصله مِنَ الوَعْظ، وخَضْخَضْت الإِناءَ وأَصله مِنَ الخَوْض، وإِنما أَنثها والقتلُ مُذَكَّرٌ لأَنه أَراد مَعْنَى الشَّهَادَةِ أَو أَراد خَصْلَةً مُمَصْمِصة، فأَقام الصِّفَةَ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ. أَبو سَعِيدٍ: المَصْمصةُ أَن تصُبَّ الْمَاءَ فِي الإِناء ثُمَّ تُحَرِّكَه مِنْ غَيْرِ أَن تَغْسِلَهُ بِيَدِكَ خَضْخَضةً ثُمَّ تُهَرِيقَه. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِذا أَخرج لسانَه وَحَرَّكَهُ بِيَدِهِ فَقَدْ نَصْنَصَه ومَصْمَصه. وَالْمَاصَّةُ: داءٌ يأْخذ الصبيَّ وَهِيَ شَعَرَاتٌ تَنْبُت مُنْثَنِيَة عَلَى سَناسِن الْقَفَا فَلَا يَنْجَعُ فِيهِ طعامٌ وَلَا شَرَابٌ حَتَّى تُنْتَفَ مِنْ أُصولها. وَرَجُلٌ مُصَاصٌ: شَدِيدٌ، وَقِيلَ: هُوَ المُمْتَلئ الخَلْق الأَمْلَس وَلَيْسَ بِالشُّجَاعِ. والمُصَاصُ: شَجَرٌ عَلَى نبْتة الكَوْلانِ يَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ، وَاحِدَتُهُ مُصَاصة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُصَاص نَبَاتٌ يَنْبُتُ خِيطاناً دِقاقاً غَيْرَ أَنّ لَهَا لِيناً ومَتانةً رُبَّمَا خُرِز بِهَا فتؤْخذ فَتُدَقُّ عَلَى الفَرازِيم حَتَّى تَلينَ، وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ يَبِيس الثُّدّاء. الأَزهريّ: المُصَاصُ نَبْتٌ لَهُ قُشُورٌ كَثِيرَةٌ يَابِسَةٌ وَيُقَالُ لَهُ المُصَّاخ وَهُوَ الثُّدَّاء، وَهُوَ ثَقُوب جَيِّدٌ، وأَهل هَراةَ يُسَمُّونَهُ دِلِيزَادْ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: المُصَاص نَبَاتٌ، وَلَمْ يُحَلِّه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المُصَاصُ نَبْتٌ يَعْظُمُ حَتَّى تُفْتَل مِنْ لِحائِه الأَرْشِيَة، وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً الثُّدّاء؛ قَالَ الرَّاجِزِ:
أَوْدَى بلَيْلى كلُّ تَيَّازٍ شَوِلْ، ... صاحبِ عَلْقَى ومُصَاصٍ وعَبَلْ
والتَّيَّاز: الرَّجُلُ الْقَصِيرُ المُلَزَّز الْخَلْقِ. والشَّوِلُ: الْخَفِيفُ فِي الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةِ مِثْلُ الشُّلْشُلِ. والنَّشُوص: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ السَّنَامِ، والمَصُوص: القَمِئة. ابْنُ الأَعرابي: المَصُوص النَّاقَةُ القَمِئة. أَبو زَيْدٍ: المَصُوصة مِنَ النِّسَاءِ الْمَهْزُولَةُ مِنْ داءٍ قَدْ خامَرَها؛ رَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ عَنْهُ. أَبو عُبَيْدٍ: مِنَ الخَيل الوَرْدُ المُصَامِصُ وَهُوَ الَّذِي يَسْتَقْرِيِ سَرَاتَهُ جُدَّةٌ سَوْدَاءُ لَيْسَتْ بحالِكة، وَلَوْنُهَا لَوْنُ السَّوَادِ، وَهُوَ وَرْد الجَنْبَين وصَفْقَتَي الْعُنُقِ والجِرَانِ والمَراقِّ، وَيَعْلُو أَوْظِفَته سوادٌ لَيْسَ بِحَالِكٍ، والأُنثى مُصَامِصةٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: كُمَيْتٌ مُصَامِص أَي خالصُ الكُمْتة. قَالَ: والمُصامِصُ الخالصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وإِنه لمُصامِصٌ فِي قَوْمِهِ إِذا كَانَ زاكِيَ الْحَسَبِ خَالِصًا فِيهِمْ. وَفَرَسٌ وَرْدٌ مُصامِصٌ إِذا كَانَ خَالِصًا فِي ذَلِكَ. اللَّيْثُ: فَرَسٌ مُصَامِصٌ شَدِيدُ تَرْكِيبِ الْعِظَامِ وَالْمَفَاصِلِ، وَكَذَلِكَ المُصَمِص؛ وَقَوْلُ أَبي دُوَادَ:
وَلَقَدْ ذَعَرْتُ بَنَاتِ عَمِّ ... المُرْشِفَاتِ لَهَا بَصابِصْ
يَمْشي، كَمَشْي نَعَامَتين ... تَتابَعانِ أَشَقَّ شاخِصْ
بمُجَوَّفٍ بَلَقاً، وأَعْلى ... لَونِه وَرْدٌ مُصامِصْ
أَراد: ذُعِرَتِ الْبَقَرُ فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ فجعلَهَا بناتِ عَمِّ(7/92)
الظِّبَاءِ، وَهِيَ المُرْشِفات مِنَ الظِّبَاءِ الَّتِي تَمدُّ أَعناقها وَتَنْظُرُ، وَالْبَقَرُ قِصارُ الأَعناق لَا تَكُونُ مُرْشِفَاتٍ، وَالظِّبَاءُ بَنَاتُ عمِّ الْبَقْرِ غَيْرَ أَنَّ الْبَقَرَ لَا تَكُونُ مُرْشِفَاتٍ لَهَا بَصابِص أَي تُحَرِّكُ أَذنابها؛ وَمِنْهُ الْمَثَلُ:
بَصْبَصْنَ، إِذ حُدِينَ، بالأَذْناب
وَقَوْلُهُ يَمْشِي كمَشْيِ نَعَامَتَيْنِ، أَراد أَنه إِذا مَشَى اضْطَرَبَ فَارْتَفَعَتْ عجزُه مَرَّةً وعنقُه مَرَّةً، وَكَذَلِكَ النَّعَامَتَانِ إِذا تَتَابَعَتَا. والمجَوَّفُ: الَّذِي بلَغ البلَقُ بطنَه؛ وأَنشد شَمِرٌ لِابْنِ مُقْبِلٍ يَصِفُ فَرَسًا:
مُصامِص مَا ذَاقَ يَوْمًا قَتّا، ... وَلَا شَعِيراً نخِراً مُرْفَتّا،
ضَمْر الصِّفَاقَيْنِ مُمَرّاً كَفْتا
قَالَ: الكَّفْت لَيْسَ بمُثَجَّلٍ وَلَا ذِي خَواصر. والمَصُوص، بِفَتْحِ الْمِيمِ: طَعَامٌ، وَالْعَامَّةُ تَضُمُّهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: أَنه كَانَ يأْكلُ مُصُوصاً بِخَلِّ خَمْرٍ
؛ هُوَ لَحْمٌ يُنْقَعُ فِي الْخَلِّ ويطبَخُ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ فَتْحُ الْمِيمِ وَيَكُونُ فَعُولًا مِنَ المَصّ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والمُصَّان، بِضَمِّ الْمِيمِ، قَصَبُ السُّكَّر؛ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ، وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً: المُصَابُ والمَصُوب. والمَصِّيصَة: ثَغْرٌ مِنْ ثُغُورِ الرُّومِ مَعْرُوفَةٌ، بِتَشْدِيدِ الصَّادِ الأُولى. الْجَوْهَرِيُّ: ومَصِيصَة بَلَدٌ بِالشَّامِ وَلَا تَقُلْ مَصِّيصة، بِالتَّشْدِيدِ.
معص: مَعِصَ مَعَصاً، فَهُوَ مَعِصٌ، وتمَعَّصَ: وَهُوَ شِبْه الْخَجَلِ. ومَعِصَت قدمُه مَعَصاً: الْتَوَت مِنْ كَثْرَةِ الْمَشْيِ، وَقِيلَ: المَعَصُ وَجَعٌ يُصِيبُهَا كالحَفا. قَالَ أَبو عَمْرٍو: المَعَصُ، بِالتَّحْرِيكِ، التواءٌ فِي عَصَبِ الرِّجْلِ كأَنه يقصُرُ عصبُه فتتعوَّج قدمُه ثُمَّ يُسَوِّيه بِيَدِهِ، وَقَدْ مَعِصَ فُلَانٌ، بِالْكَسْرِ، يَمْعَصُ مَعَصاً. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
شَكَا عَمْرِو بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ إِلى عُمَرَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، المَعَصَ فَقَالَ: كذَبَ عَلَيْكَ العسَل
أَي عَلَيْكَ بِسُرْعَةِ الْمَشْيِ، وَهُوَ مِنْ عَسَلان الذِّئْبِ. ومَعِصَ الرَّجُلُ معَصاً: شَكَا رِجْلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ الْمَشْيِ، وَبِهِ مَعَص. والمَعَصُ: أَن يمتلِئَ الْعَصَبُ مِنْ بَاطِنٍ فَيَنْتَفِخُ مَعَ وَجَعٍ شَدِيدٍ. والمَعَصُ فِي الإِبل: خَدَرٌ فِي أَرْساغِ يَدَيْهَا وأَرجلها؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
غَمَلَّس غائر العَيْنَيْنِ، عادية ... مِنْهُ الظَّنابيبُ لَمْ يَغْمِزْ بِهَا مَعَصَا
والمَعَصُ أَيضاً: نُقْصَانٌ فِي الرُّسْغِ، والمَعَصُ والعَضَدُ والبَدَلُ وَاحِدٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المَعَصُ شِبْهُ الْخَلْجِ وَهُوَ داءٌ فِي الرِّجْل. والمَعَصُ والمأَصُ: بِيض الإِبل وكرامُها. والمَعِصُ: الَّذِي يَقْتَنِي المَعَصَ مِنَ الإِبل وَهِيَ الْبَيْضُ؛ وأَنشد:
أَنت وَهَبْتَ هَجْمةً جُرْجُورا، ... سُوداً وَبِيضًا، معَصاً خُبورا
قَالَ الأَزهري: وغيرُ ابْنِ الأَعرابي يَقُولُ هِيَ المغَصُ، بِالْغَيْنِ، لِلْبِيضِ مِنَ الإِبل. قَالَ: وَهُمَا لُغَتَانِ. وَفِي بَطْنِ الرَّجُلِ مَعَصٌ ومَغَصٌ، وَقَدْ مَعِصَ ومَغِصَ وتمَعّص بَطْنِي وتمغَّص أَي أَوجعني. وَبَنُو مَعيص: بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ. وَبَنُو ماعِصٍ: بُطَينٌ مِنَ الْعَرَبِ، وليس بثبت.
مغص: المَغْصُ: الطَّعْنُ. والمَغْصُ والمَغَصُ: تَقْطِيعٌ فِي أَسفل الْبَطْنِ والمِعَى وَوَجَعٌ فِيهِ، وَالْعَامَّةِ تَقَوَّلَهُ بِالتَّحْرِيكِ، وَقَدْ مُغِصَ فَهُوَ مَمْغُوصٌ، وَقِيلَ: المَغصُ غِلَظٌ فِي الْمِعَى. وَفِي النَّوَادِرِ: تمغَّص بَطْنِي(7/93)
وتمعَّصَ أَي أَوجعني. ابْنُ السِّكِّيتِ: فِي بَطْنِهِ مَغْسٌ ومَغْصٌ، وَلَا يُقَالُ مغَس وَلَا مغَص، وإِني لأَجِدُ فِي بَطْنِي مَغْساً ومَغْصاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ فُلَانًا وَجَدَ مغْصاً
، بِالتَّسْكِينِ. وَفِي بَطْنِ الرَّجُلِ مغَصٌ ومَعَصٌ وَقَدْ مَغِصَ ومعِص وتمعَّص بَطْنِي وتمَغَّسَ أَي أَوجعني. وَفُلَانٌ مَغِصٌ مِنَ المَغَصِ يُوصَفُ بالأَذَى. والمَغَص مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ: الْخَالِصَةُ الْبَيَاضِ، وَقِيلَ: الْبِيضُ فَقَطْ، وَهِيَ خِيَارُ الإِبل، وَاحِدَتُهُ مَغَصَة، والإِسكان لُغَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى أَنه مَحْفُوظٌ عَنْ يَعْقُوبَ، وَالْجَمْعُ أَمْغاص؛ وَقِيلَ: المَغَصُ والمَغْص خيارُ الإِبل، وَاحِدٌ لَا جَمْعَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. ابْنُ دُرَيْدٍ: إِبل أَمْغاصٌ إِذا كَانَتْ خِيَارًا لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَنتم وَهَبْتُمْ مِائَةً جُرْجورا، ... أُدْماً وحُمْراً، مَغَصاً خُبُورا «2»
التَّهْذِيبُ: وأَما المغَصُ مثقل العين فَهِيَ الْبَيْضُ مِنَ الإِبل الَّتِي قارَفَت الكَرْم، الْوَاحِدَةُ مَغَصة. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَهِيَ المَعص أَيضاً، بِالْعَيْنِ وَالْمَأَصُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَذْكُورٌ فِي موضعه.
ملص: أَمْلَصَت المرأَةُ والناقةُ، وَهِيَ مُمِلصٌ: رمَتْ وَلَدَهَا لِغَيْرِ تَمَامِ، وَالْجَمْعُ مَمالِيصُ، بِالْيَاءِ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ عَادَةً لَهَا فَهِيَ مِمْلاصٌ، وَالْوَلَدُ مُمْلَص ومَلِيص. والمَلَصُ، بِالتَّحْرِيكِ: الزَّلَقُ. وأَمْلَصت المرأَة بِوَلَدِهَا أَي أَسقطت. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سأَل عَنْ إِمْلاص المرأَة الجَنِينَ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: قَضى فِيهِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بغُرّةٍ
؛ أَراد بالمرأَة الحاملَ تُضْرَب فتُملِصُ جَنِينَها أَي تُزْلِقه قَبْلَ وَقْتِ الْوِلَادَةِ. وَكُلُّ مَا زَلِقَ مِنَ الْيَدِ أَو غَيْرِهَا، فَقَدْ مَلِصَ مَلَصاً؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ حَبْلَ الدَّلْوِ:
فَرَّ وأَعْطاني رِشاءً مَلِصا، ... كذَنَبِ الذِّئْب يُعَدّى هَبَصا
وَيُرْوَى: يُعَدّى القَبَصا، يَعْنِي رَطْباً يَزْلَقُ مِنَ الْيَدِ، فإِذا فعلتَ أَنت ذَلِكَ قُلْتَ: أَمْلَصْته إِمْلاصاً وأَمْلَصْته أَنا. ورشاءٌ مَلِصٌ إِذا كَانَتِ الْكَفُّ تَزْلَقُ عَنْهُ وَلَا تَسْتَمْكِنُ مِنَ الْقَبْضِ عَلَيْهِ. ومَلِصَ الشيءُ، بِالْكَسْرِ، مِنْ يَدِي مَلَصاً، فَهُوَ أَمْلَصُ ومَلِصٌ ومَليص، وامَّلَصَ وتملَّص: زَلّ انْسِلَالًا لمَلاستِه، وَخَصَّ اللِّحْيَانِي بِهِ الرِّشاءَ والعِنانَ وَالْحَبْلَ، قَالَ: وانْمَلَصَ الشَّيْءُ أَفْلَت، وَتُدْغَمُ النُّونُ فِي الْمِيمِ. وَسَمَكَةٌ مَلِصة: تَزِلُّ عَنِ الْيَدِ لِمَلَاسَتِهَا. وانْفَلَص مِنِّي الأَمر وامّلَصَ إِذا أَفْلت، وَقَدْ فَلَّصْته ومَلَّصْته. وتَفَلَّصَ الرِّشاءُ مِنْ يَدِي وتمَلَّصَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذا قبضْتَ عَلَى شَيْءٍ فانفَلَتَ مِنْ يَدِك قُلْتَ انْملَصَ مِنْ يَدِي انمِلاصاً وانْمَلَخ، بِالْخَاءِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كأَن، تحتَ خُفِّها الوَهَّاصِ، ... مِيظَبَ أُكْمٍ نِيطَ بالمِلاصِ
قَالَ: الوَهّاصُ، بِالْوَاوِ، الشَّدِيدُ. والمِلاصُ: الصَّفا الأَبيض. والمِيظَبُ: الظُّرَر. أَبو عَمْرٍو: المَلِصةُ وَالزَّالِخَةُ الأَطُوم مِنَ السَّمَكِ. والتملُّصُ: التخلّصُ. يُقَالُ: مَا كِدْتُ أَتَمَلَّصُ مِنْ فُلَانٍ. وسيرٌ إِمْلِيصٌ أَي سَرِيعٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فَمَا لَهُمْ بالدَّوِّ مِنْ مَحِيصِ، ... غَيْرَ نَجاءِ القَربِ الإِمْليصِ
__________
(2) . روي هذا البيت في الصفحة السابقة: هجمة بدل مائة، وسوداً بدل أدما.(7/94)
وَجَارِيَةٌ ذَاتُ شِماصٍ ومِلاصٍ. ومَلْص: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
فَمَا زَالَ يَسْقي بَطْنَ مَلْصٍ وعَرْعَرا ... وأَرضَهُما، حَتَّى اطْمَأَنّ جَسِيمُها
أَي حَتَّى انْخَفَضَ مَا كَانَ مِنْهُمَا مُرْتَفِعًا. وَبَنُو مُلَيص: بطن.
موص: المَوْصُ: الغَسلُ. ماصَه يمُوصُه مَوْصاً: غسَلَه. ومُصْتُ الشَّيْءَ: غَسَلْته؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ فِي عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مُصْتُموه كَمَا يُماصُ الثَّوْبُ ثُمَّ عَدَوْتم عَلَيْهِ فَقَتَلْتُمُوهُ
؛ تَقُولُ: خَرَجَ نَقِيًّا مِمَّا كَانَ فِيهِ يَعْنِي استِعْتابَهم إِيّاه وإِعْتابَه إِياهم فِيمَا عَتَبُوا عَلَيْهِ، والمَوْصُ: الغَسْلُ بالأَصابع؛ أَرادت أَنهم اسْتَتابُوه عَمَّا نَقِمُوا مِنْهُ فَلَمَّا أَعطاهم مَا طَلَبُوا قَتَلُوهُ. اللَّيْثُ: المَوْصُ غَسْلُ الثَّوْبِ غَسْلًا لَيِّنًا يَجْعَلُ فِي فِيهِ مَاءً ثُمَّ يصبُّه عَلَى الثَّوْبِ وَهُوَ آخِذُه بَيْنَ إِبهاميه يَغْسِله ويَمُوصُه. وَقَالَ غَيْرُهُ: هاصَه وماصَه بِمَعْنَى وَاحِدٍ. ومَوَّصَ ثوبَه إِذا غَسَلَهُ فأَنقاه. والمُواصةُ: الغُسالة، وَقِيلَ: المُواصَة غُسالة الثِّيَابِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مُواصَة الإِناء وَهُوَ مَا غُسِل بِهِ أَو منه. يقال: ما يسقيه إِلا مُواصةَ الإِناء. وماصَ فَاهُ بِالسِّوَاكِ يمُوصُه مَوْصاً: سَنَّهُ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. ابْنُ الأَعرابي: المَوْصُ التِّبْنُ. ومَوّصَ التبنَ إِذا جَعَلَ تجارتَه فِي المَوْصِ وَالتِّبْنَ.
فصل النون
نبص: نَبَصَ الغُلامُ بِالْكَلْبِ وَالطَّائِرِ يَنْبِصُ نَبِيصاً ونَبَّصَ: ضمَّ شَفَتَيْهِ ثُمَّ دَعَاهُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: نَبَصَ بِالطَّائِرِ وَالصَّيْدِ والعصفورِ يَنْبصُ بِهِ نَبِيصاً صَوّتَ بِهِ، وَكَذَلِكَ نَبَصَ الطائرُ وَالصَّيْدُ والعصفورُ يَنْبِصُ نَبِيصاً إِذا صَوَّتَ صَوْتًا ضَعِيفًا. وَمَا سَمِعْتُ لَهُ نَبْصةً أَي كَلِمَةً. وَمَا يَنْبِصُ بِحَرْفٍ أَي مَا يَتَكَلَّمُ، وَالسِّينُ أَعلى. ابْنُ الأَعرابي: النَّبْصاءُ مِنَ القِياس المُصَوِّتةُ مِنَ النَّبِيصِ، وَهُوَ صَوْتُ شَفَتَي الْغُلَامِ إِذا أَراد تَزْوِيجَ طَائِرٍ بأُنثاه.
نحص: النَّحُوص: الأَتان الوحشيةُ الْحَائِلُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
نَحُوص قَدْ تفَلّقَ فائِلاها، ... كأَنّ سراتَها سَبَدٌ دَهِينُ
وَقِيلَ: النَّحُوص الَّتِي فِي بَطْنِهَا وَلَدٌ، وَالْجَمْعُ نحُصٌ ونحائِصُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يَقْرُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجَة ... قُوْداً سَماحيجَ، فِي أَلوانها خَطَبُ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ:
وُرْقَ السَّرابيلِ، فِي أَلوانها خَطَب
وَحَكَى أَبو زَيْدٍ عَنِ الأَصمعي: النَّحُوص مِنَ الأُتُنِ الَّتِي لَا لَبَنَ لَهَا، وَقَالَ شَمِرٌ: النَّحُوص الَّتِي مَنَعَهَا السِّمَنُ مِنَ الحَمْل، وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي لَا لَبَنَ بِهَا وَلَا وَلَدَ لَهَا؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ثَعْلَبٌ:
حَتَّى دفعْنا بشَبُوبٍ وابِصِ، ... مُرْتَبِعٍ فِي أَرْبعٍ نَحائِصِ
يجوز أَن يعني بالشَّبُوب الثورَ، وبالنَّحائِصِ البقرَ اسْتِعَارَةً لَهَا، وإِنما أَصله فِي الأُتُن؛ ويدلُّك عَلَى أَنها بقرٌ قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا:
يَلْمَعْن إِذْ وَلَّينَ بالعَصاعِصِ
فاللُّمُوع إِنما هُوَ مِنْ شِدَّةِ الْبَيَاضِ، وشدّةُ الْبَيَاضِ(7/95)
إِنما تَكُونُ فِي الْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ، وَلِذَلِكَ سُمِّيت البقرةُ مَهاةً، شُبِّهت بالمَهاة الَّتِي هِيَ البِلَّوْرة لِبَيَاضِهَا، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي بالشبوب الحمارَ اسْتِعَارَةً لَهُ، وإِنما أَصله لِلثَّوْرِ، فَيَكُونُ النَّحَائِصُ حينئذٍ هِيَ الأُتُن، وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ الثورَ، وَهُوَ يَعْنِي بِالنَّحَائِصِ الأُتُنَ لأَن الثَّوْرَ لَا يُراعي الأُتُنَ وَلَا يُجاوِرُها، فإِن كَانَ فِي الإِمكان أَن يُراعِيَ الثورُ الحُمُرَ ويُجاوِرَهُنّ فالشَّبُوب هُنَا الثَّوْرُ، والنحائصُ الأُتُنُ، وَسَقَطَتِ الِاسْتِعَارَةُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ؛ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الأُتُن بَيَاضٌ فَلِذَلِكَ قَالَ:
يَلْمَعْنَ إِذ وَلَّيْنَ بِالْعَصَاعِصِ
والنُّحْصُ: أَصل الْجَبَلِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه ذَكَرَ قَتْلى أُحُد فَقَالَ: يَا لَيْتَنِي غودِرْت مَعَ أَصحاب نُحْصِ الْجَبَلِ
؛ النُّحْص، بِالضَّمِّ: أَصل الْجَبَلِ وَسَفْحُهُ، تَمَنَّى أَن يَكُونَ اسْتُشْهِد مَعَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، أَراد: يَا لَيْتَنِي غُودِرْت شَهِيدًا مَعَ شُهَدَاءِ أُحد. وأَصحابُ النُّحْص: هُمْ قَتْلَى أُحد، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَو غَيْرُهُمْ. ابْنُ الأَعرابي: المِنْحاصُ المرأَة الدقيقة الطويلة.
نخص: أَبو زَيْدٍ: نَخَص لحمُ الرَّجُلِ يَنْخُص وتخدَّد كِلَاهُمَا إِذا هُزِل. ابْنُ الأَعرابي: الناخِصُ: الَّذِي قَدْ ذهب لحمُه من الكِبَر وَغَيْرُهُ، وَقَدْ أَنْخَصَه الكبرُ والمرضُ. الْجَوْهَرِيُّ: نَخَصَ الرجلُ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، يَنْخَصُ، بِالضَّمِّ، أَي خَدَّدَ وهُزِل كِبَرًا، وانْتَخَصَ لحمُه أَي ذَهَبَ. وَعَجُوزٌ ناخِصٌ: نخَصَها الكبرُ وخدَّدها. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كَانَ مَنْخوصَ الْكَعْبَيْنِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الرِّوَايَةُ مَنْهوس، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَرُوِيَ مَنْهُوشٌ وَمَنْخُوصٌ، وَالثَّلَاثَةُ فِي مَعْنَى المَعْروق.
ندص: نَدَصَت النَّواةُ مِنَ التَّمْرَةِ نَدْصاً: خَرَجَتْ. ونَدَصَت البَثرةُ تَنْدُصُ نَدْصاً إِذا غَمَزْتَها فنزَتْ، ونَدَصْتها أَيضاً إِذا غَمَزْتها فَخَرَجَ مَا فِيهَا. وندَصَت عينُه تَنْدُصُ نَدْصاً ونُدُوصاً: جَحَظَتْ، وَقِيلَ: ندَرَتْ وَكَادَتْ تَخْرُجُ مِنْ قَلْتِها كَمَا تَنْدُصُ عينُ الخَنِيقِ. ونَدَصَ الرجلُ القومَ: نَالَهُمْ بشرِّه؛ ونَدَصَ عَلَيْهِمْ يَنْدُص: طَلَعَ عَلَيْهِمْ بِمَا يَكْرَهُ. والمِنْداصُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا يَزَالُ يَنْدُص عَلَى الْقَوْمِ أَي يَطْرَأُ عَلَيْهِمْ بِمَا يَكْرَهُونَ ويُظْهِرُ شَرًّا. والمِنْداصُ مِنَ النِّسَاءِ: الْخَفِيفَةُ الطيّاشةُ؛ قَالَ مَنْظُورٌ:
وَلَا تَجِدُ المِنْداصَ إِلا سَفِيهةً، ... وَلَا تَجِدُ المِنْداصَ نائِرةَ الشِّيَمْ
أَي مِنْ عَجَلَتِهَا لَا يبينُ كَلَامُهَا. ابْنُ الأَعرابي: المِنْداصُ مِنَ النِّسَاءِ الرَّسْحاء، والمِنْداصُ الحَمْقاء، والمِنْداصُ البذيّةُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
نشص: النَّشَاصُ، بِالْفَتْحِ: السحابُ الْمُرْتَفِعُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَرْتَفِعُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ وَلَيْسَ بِمُنْبَسِطٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي ينشأُ مِنْ قِبَل الْعَيْنِ، وَالْجَمْعُ نُشُصٌ؛ قَالَ بِشْرٌ:
فَلَمَّا رَأُوْنا بالنِّسَارِ كأَننا ... نَشاصُ الثُّرَيّا، هَيَّجَتْه جَنوبُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَرِقْتُ لِضَوْءِ بَرْقٍ فِي نَشاصِ، ... تَلأْلأَ فِي مُمَلَّأَة غصاصِ(7/96)
لَواقِحَ دُلّحٍ بِالْمَاءِ سُحْم، ... تَمُجُّ الغَيْثَ مِنْ خَلَلِ الخَصَاصِ
سَلِ الخُطَباءَ: هَلْ سَبَحُوا كَسَبْحِي ... بُحورَ القولِ، أَو غاصُوا مَغاصِي؟
فأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يَلْمَعْن إِذ ولَّيْنَ بالعَصاعِصِ، ... لَمْعَ البُروق قي ذُرَى النَّشائِصِ
فَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ كَسَّرَ نَشاصاً عَلَى نَشائِصَ كَمَا كَسَّرُوا شَمَالًا عَلَى شَمائل، وإِن اخْتَلَفَتِ الْحَرَكَتَانِ فإِن ذَلِكَ غَيْرُ مُبَالًى بِهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَوَهَّمَ وَاحِدُهَا نَشاصةً ثُمَّ كَسّره عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وإِن كُنَّا لَمْ نَسْمَعْهُ. وَقَدْ نَشَصَ يَنْشُص ويَنْشِص نُشوصاً: ارْتَفَعَ. واسْتَنْشَصَتِ الريحُ السحابَ: أَطْلَعَتْه وأَنهَضَتْه ورَفَعَتْه؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَكُلُّ مَا ارْتَفَعَ، فَقَدْ نَشَصَ. ونَشَصَت المرأَةُ عَنْ زَوْجِهَا تَنْشصُ نُشوصاً ونَشَزَت بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهِيَ ناشِصٌ وناشِزٌ: نَشَزَت عَلَيْهِ وفَرَكَتْه؛ قَالَ الأَعشى:
تَقَمَّرَها شيخٌ عِشاءً، فأَصْبَحَتْ ... قُضاعِيّةً تأْتي الكَواهِنَ ناشِصا
وفرسٌ نَشاصيٌّ: أَبِيٌّ ذُو عُرَامٍ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
ونَشاصِيّ إِذا تفْرغُه، ... لَمْ يَكَدْ يُلْجَمُ إِلا مَا قُصِرْ
ابْنُ الأَعرابي: المِنْشاصُ المرأَة الَّتِي تَمْنَعُ فِراشَها فِي فِراشِها، فالفِراشُ الأَول الزَّوْجُ، وَالثَّانِي المِضْربة. وَفِي النَّوَادِرِ: فلانٌ يَتَنَشَّصُ لِكَذَا وَكَذَا ويَتَنَشَّزُ ويتَشَوَّر ويَترَمَّزُ ويتَفَوَّزُ ويتزَمَّعُ كُلُّ هَذَا النهوضُ وَالتَّهَيُّؤُ، قَرِيبٌ أَو بَعِيدٌ. ونشَصَت ثِنيّتُه: تحرَّكت فَارْتَفَعَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا، وَقِيلَ: خَرَجَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا نُشوصاً. ونَشَصْت عَنْ بَلَدِي أَي انْزَعَجْتُ، وأَنْشَصْت غَيْرِي. أَبو عَمْرٍو: نَشَصْناهم عَنْ مَنْزِلِهِمْ أَزْعَجْناهم. وَيُقَالُ: جَاشَتْ إِليّ النفسُ ونَشَصَتْ ونَشَزَت. ونَشَصَ الوبَرُ: ارْتَفَعَ. ونَشَصَ الْوَبَرُ وَالشَّعْرُ وَالصُّوفُ يَنْشصُ: نصَلَ وَبَقِيَ مُعَلَّقاً لازِقاً بِالْجِلْدِ لَمْ يَطِرْ بَعْدُ. وأَنْشَصَه: أَخرجه مِنْ بَيْتِهِ أَو جُحْرِهِ. وَيُقَالُ: أَخْفِ شَخْصَك وأَنْشِصْ بشَظْف ضَبّك، وَهَذَا مَثَلٌ. والنَّشُوصُ: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ السَّنَامِ.
نصص: النَّصُّ: رفْعُك الشَّيْءَ. نَصَّ الْحَدِيثَ يَنُصُّه نَصًّا: رفَعَه. وَكُلُّ مَا أُظْهِرَ، فَقَدْ نُصَّ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: مَا رأَيت رَجُلًا أَنَصَّ لِلْحَدِيثِ مِنَ الزُّهْري أَي أَرْفَعَ لَهُ وأَسْنَدَ. يُقَالُ: نَصَّ الْحَدِيثَ إِلى فُلَانٍ أَي رفَعَه، وَكَذَلِكَ نصَصْتُه إِليه. ونَصَّت الظبيةُ جِيدَها: رفَعَتْه. ووُضِعَ عَلَى المِنَصَّةِ أَي عَلَى غَايَةِ الفَضِيحة وَالشُّهْرَةِ وَالظُّهُورِ. والمَنَصَّةُ: مَا تُظْهَرُ عَلَيْهِ العروسُ لتُرَى، وَقَدْ نَصَّها وانتَصَّت هِيَ، والماشِطةُ تَنُصُّ العروسَ فتُقْعِدُها عَلَى المِنَصَّة، وَهِيَ تَنْتَصُّ عَلَيْهَا لتُرَى مِنْ بَيْنِ النِّسَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ: أَنه تَزَوَّج بنتَ السَّائِبِ فَلَمَّا نُصَّت لتُهْدَى إِليه طلَّقها
، أَي أُقعِدَت عَلَى المِنَصَّة، وَهِيَ بِالْكَسْرِ، سريرُ العروسِ، وَقِيلَ: هِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ الحجَلةُ عَلَيْهَا «3» مِنْ قَوْلِهِمْ نَصَّصْت المتاعَ إِذا جَعَلْتُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. وَكُلُّ شَيْءٍ أَظْهرْته، فَقَدْ نَصَّصْته. والمِنَصّة: الثِّيَابُ المُرَفّعة والفرُشُ الموَطَّأَة. ونصَّ المتاعَ نَصًّا: جعلَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. ونَصَ
__________
(3) . قوله: عليها؛ هكذا في الأَصل، ولعله: الحَجلةُ عليها العروس.(7/97)
الدابةَ يَنُصُّها نَصًّا: رَفَعَها فِي السَّيْرِ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ دَفَع مِنْ عَرَفَاتٍ سَارَ العَنَقَ فإِذا وَجَدَ فَجْوةً نَصَ
أَي رفَع ناقتَه فِي السَّيْرِ، وَقَدْ نصَّصْت نَاقَتِي: رفَعْتها فِي السَّيْرِ، وَسَيْرٌ نصٌّ ونَصِيصٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أُم سَلَمَةَ قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا كنتِ قَائِلَةً لَوْ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عارَضَكِ بِبَعْضِ الْفَلَوَاتِ ناصَّةً قَلُوصَك مِنْ منهلٍ إِلى آخَرَ؟
أَي رَافِعَةً لَهَا فِي السَّيْرِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النَّصُّ التَّحْرِيكُ حَتَّى تَسْتَخْرِجَ مِنَ النَّاقَةِ أَقصَى سَيْرِهَا؛ وأَنشد:
وتَقْطَعُ الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِ
والنَّصُّ والنَّصِيصُ: السَّيْرُ الشَّدِيدُ والحثُّ، وَلِهَذَا قِيلَ: نَصَصْت الشَّيْءَ رَفَعْتُهُ، وَمِنْهُ مِنَصَّة الْعَرُوسِ. وأَصل النَّصّ أَقصى الشَّيْءِ وغايتُه، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ ضربٌ مِنَ السَّيْرِ سَرِيعٌ. ابْنُ الأَعرابي: النَّصُّ الإِسْنادُ إِلى الرَّئِيسِ الأَكبر، والنَّصُّ التوْقِيفُ، والنصُّ التَّعْيِينُ عَلَى شيءٍ مَا، ونصُّ الأَمرِ شدتُه؛ قَالَ أَيوب بْنُ عُبَاثَةَ:
وَلَا يَسْتَوي، عِنْدَ نَصِّ الأُمورِ، ... باذِلُ معروفِه والبَخِيل
ونَصَّ الرجلَ نَصًّا إِذا سأَله عَنْ شيءٍ حَتَّى يَسْتَقْصِيَ مَا عِنْدَهُ. ونصُّ كلِّ شيءٍ: مُنْتَهَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِذا بلَغَ النساءُ نَصَّ الحِقاقِ فالعَصَبَةُ أَوْلى
، يَعْنِي إِذا بَلَغَتْ غَايَةَ الصِّغَرِ إِلى أَن تَدْخُلَ فِي الْكِبَرِ فَالْعَصَبَةُ أَوْلى بِهَا مِنَ الأُمِّ، يُرِيدُ بِذَلِكَ الإِدراكَ وَالْغَايَةَ. قَالَ الأَزهري: النصُّ أَصلُه مُنْتَهَى الأَشياء ومَبْلغُ أَقْصاها، وَمِنْهُ قِيلَ: نصَصْتُ الرجلَ إِذا اسْتَقْصَيْتُ مسأَلته عَنِ الشَّيْءِ حَتَّى تَسْتَخْرِجَ كُلَّ مَا عِنْدَهُ، وَكَذَلِكَ النَّصُّ فِي السَّيْرِ إِنما هُوَ أَقصى مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ الدَّابَّةُ، قَالَ: فنصُّ الحِقاقِ إِنما هُوَ الإِدراكُ، وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: نصُّ الْحِقَاقِ مُنْتَهَى بُلُوغِ الْعَقْلِ، أَي إِذا بَلَغَتْ مِنْ سِنِّها المبلغَ الَّذِي يَصْلُحُ أَن تُحاقِقَ وتُخاصم عَنْ نَفْسِهَا، وَهُوَ الحِقاقُ، فعصبتُها أَولى بِهَا مِنْ أُمِّها. وَيُقَالُ: نَصْنَصْت الشيءَ حَرَّكْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ يُنَصْنِصُ لِسانَه وَيَقُولُ: هَذَا أَوْرَدَني المواردَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ بِالصَّادِ لَا غَيْرَ، قَالَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى لَيْسَتْ فِي الْحَدِيثِ نَضْنَضْت، بِالضَّادِ. وَرُوِيَ عَنْ
كَعْبٍ أَنه قَالَ: يَقُولُ الْجَبَّارُ احْذَرُوني فإِني لَا أُناصُّ عَبْدًا إِلا عذَّبْتُه
أَي لَا أَستقصي عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ وَالْحِسَابِ، وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْهُ، إِلا عذَّبته. ونَصَّصَ الرجلُ غريمَه إِذا اسْتَقْصَى عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
هِرَقْلَ: يَنُصُّهم
أَي يستخرجُ رأْيهم ويُظْهِرُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ: نَصُّ القرآنِ ونَصُّ السنَّة أَي مَا دَلَّ ظاهرُ لَفْظِهِمَا عَلَيْهِ مِنَ الأَحكام. شَمِرٌ: النَّصْنَصَة والنَّضْنَضَةُ الْحَرَكَةُ. وَكُلُّ شيءٍ قَلْقَلْتَه، فَقَدْ نَصْنَصْته. والنُّصَّة: مَا أَقبل عَلَى الْجَبْهَةِ مِنَ الشَّعَرِ، وَالْجَمْعُ نُصَصٌ ونِصاصٌ. ونَصَّ الشيءَ: حَرَّكَهُ. ونَصْنَصَ لِسَانَهُ: حَرَّكَهُ كنَضْنَضَه، غَيْرَ أَن الصَّادَ فِيهِ أَصل وَلَيْسَتْ بَدَلًا مِنْ ضَادِ نَضْنَضَه كَمَا زَعَمَ قَوْمٌ، لأَنهما ليستا أُخْتَين فتبدل إِحداهما مِنْ صَاحِبَتِهَا. والنَّصْنَصَةُ: تحرُّك الْبَعِيرِ إِذا نَهَضَ مِنَ الأَرض. ونَصْنَص البعيرُ: فَحَص بِصَدْرِهِ فِي الأَرض ليبرُك. اللَّيْثُ: النَّصْنَصَة إِثبات الْبَعِيرِ رُكْبَتَيْهِ فِي الأَرْض وتحرُّكه إِذا همَّ بِالنُّهُوضِ. ونَصْنَص البعيرُ: مِثْلُ حَصْحَصَ. ونَصْنَص الرَّجُلُ فِي مَشْيِهِ: اهْتَزَّ مُنْتَصِبًا. وانْتَصَّ الشيءُ وَانْتَصَبَ إِذا اسْتَوَى وَاسْتَقَامَ؛(7/98)
قَالَ الرَّاجِزُ:
فَبَاتَ مُنْتَصّاً وَمَا تَكَرْدَسَا
وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ بَعْضِ الأَعراب: كَانَ حَصِيصُ القومِ ونَصِيصُهم وبَصِيصُهم كَذَا وَكَذَا أَي عَدَدُهم، بِالْحَاءِ وَالنُّونِ وَالْبَاءِ.
نعص: نَعَصَ الشيءَ فانْتَعَصَ: حرَّكَه فتحرَّك. والنَّعَصُ: التمايُلُ، وَبِهِ سُمِّيَ ناعِصَةُ. قَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: نَعَصَ لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ إِلا مَا جاءَ أَسد بْنُ ناعِصَة المُشَبّبُ فِي شِعْرِهِ بِخَنْسَاءَ، وَكَانَ صَعْبَ الشِّعْرِ جِدّاً، وَقَلَّمَا يُرْوَى شِعْرُهُ لِصُعُوبَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ عَبِيداً بأَمر النُّعْمَانِ. قَالَ الأَزهري: قرأْت فِي نَوَادِرِ الأَعراب: فُلَانٌ مِنْ نُصْرَتي وناصِرَتي ونائِصَتي وناعِصَتي وَهِيَ ناصِرَتُه. وناعِصٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَالْعَيْنُ غَيْرُ مُعْجَمَةٍ. والنواعِصُ: اسْمُ مَوْضِعٍ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: النَّواعِصُ مَوَاضِعُ مَعْرُوفَةٌ؛ وأَنشد للأَعشى:
فأَحواض الرَّجَا فالنَّواعِصا
قَالَ الأَزهري: وَلَمْ يَصِحَّ لِي مِنْ بَابِ نَعَصَ شَيْءٌ أَعتمده مِنْ جِهَةِ مَنْ يُرْجع إِلى عِلْمِهِ وَرِوَايَتِهِ عن العرب.
نغص: نغِصَ نَغَصاً: لَمْ تَتِمَّ لَهُ هَناءَتُه، قَالَ اللَّيْثُ: وأَكثرُه بِالتَّشْدِيدِ نُغِّصَ تَنْغِيصاً، وَقِيلَ: النَّغَصُ كَدَرُ الْعَيْشِ، وَقَدْ نَغَّصَ عَلَيْهِ عَيْشَه تَنْغِيصاً أَي كَدَّرَه، وَقَدْ جاءَ فِي الشِّعْرِ نَغَّصَه، وأَنشد الأَخفش لِعُدَيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَقِيلَ هُوَ لسوادة بن زيد ابن عُدَيٍّ:
لَا أَرَى الموتَ يَسْبِقُ الموتُ شَيْئًا، ... نَغَّصَ الموتُ ذَا الغِنَى والفَقِيرا
قَالَ فأَظهر الْمَوْتَ فِي مَوْضِعِ الإِضمار، وَهَذَا كَقَوْلِكِ أَمّا زيدٌ فَقَدْ ذَهَبَ زَيْدٌ، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ، فَثَنَّى الِاسْمَ وأَظهره. وتنَغَّصَتْ عيشَتُه أَي تَكدَّرت. ابْنُ الأَعرابي: نَغَّصَ عَلَيْنَا أَي قَطَعَ علينا ما كنا نُحِبُّ الِاسْتِكْثَارَ مِنْهُ. وَكُلُّ مَنْ قَطَعَ شَيْئًا مِمَّا يُحَبُّ الازديادُ مِنْهُ، فَهُوَ مُنَغِّصٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
غَدَاة امْتَرَتْ ماءَ العُيونِ، ونَغَّصَتْ ... لُبَاناً مِنَ الحاجِ الخدورُ الرَّوَافِعُ
وأَنشد غَيْرُهُ:
وطالَما نُغِّصُوا بالفَجْعِ ضاحِيةً، ... وطالَ بالفَجْعِ والتَّنْغِيصِ مَا طُرِقُوا
والنَّغْصُ والنَّغَصُ: أَن يُورِدَ الرجلُ إِبلَه الْحَوْضَ فإِذا شَرِبَتْ أُخْرِجَ مِنْ كُلِّ بَعِيرَيْنِ بعيرٌ قويٌّ وأُدخل مَكَانَهُ بَعِيرٌ ضَعِيفٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فأَرْسَلَها العِرَاكَ وَلَمْ يَذُدْها ... وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى نَغَصِ الدِّخالِ
ونَغِصَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يَنْغَصُ نَغَصاً إِذا لَمْ يَتِمَّ مُرَادُهُ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ إِذا لَمْ يَتِمَّ شُرْبُه. ونَغَصَ الرجلَ نَغْصاً: منعَه نصيبَه مِنَ الْمَاءِ فَحَالَ بَيْنَ إِبله وَبَيْنَ أَن تَشْرَبَ؛ قَالَتْ غَادِيَةُ الدُّبَيْرِيَّةُ:
قَدْ كَرِهَ القِيامَ إِلا بالعَصا، ... والسَّقْيَ إِلا أَن يُعدَّ الفُرَصا،
أَوْ عَنْ يَذُودَ مالَه عَنْ يُنْغَصا
وأَنْغَصَه رَعْيَه كذلك، هذه بالأَلف.(7/99)
نفص: أَنْفَصَ الرجلُ بِبَوْلِهِ إِذا رَمَى بِهِ. وأَنْفَصَت النَّاقَةُ والشاةُ بِبَوْلِهَا، فَهِيَ مُنْفِصة، دَفَعَت بِهِ دُفَعاً دُفَعاً، وَفِي الصِّحَاحِ: أَخرجته دُفْعةً دُفْعةً مِثْلُ أَوزعت. أَبو عَمْرٍو: نافَصْت الرَّجُلَ مُنافَصةً وَهُوَ أَن تَقُولَ لَهُ: تَبُول أَنت وأَبول أَنا فَنَنْظُرُ أَيّنا أَبْعَدُ بَوْلًا، وَقَدْ نافَصَه فنَفَصَه؛ وأَنشد:
لعَمْري، لَقَدْ نافَصْتَني فنَفَصْتَني ... بِذِي مُشْفَتَرٍّ، بَوْلُه مُتَفاوِتُ
وأَخذ الغنمَ النُّفَاصُ. والنُّفَاصُ: داءٌ يأْخذ الْغَنَمَ فتَنْفِصُ بأَبْوالِها أَي تَدْفَعُها دَفْعًا حَتَّى تَمُوتَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَوْت كنُفَاصِ الْغَنَمِ
، هَكَذَا وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ:
كقُعَاصِ الْغَنَمِ.
وَفِي حَدِيثِ السُّنَنِ العَشْر:
وانْتِفَاصُ الْمَاءِ
، قَالَ: الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ بِالْقَافِ وَسَيَجِيءُ، وَقِيلَ: الصَّوَابُ بِالْفَاءِ وَالْمُرَادُ نَضْحُه عَلَى الذَّكَر مِنْ قَوْلِهِمْ لِنَضْحِ الدَّمِ الْقَلِيلِ نُفْصَة، وَجَمْعُهَا نُفَصٌ. وأَنفَصَ فِي الضَّحِك وأَنْزَق وزَهْزَقَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ: أَكْثَرَ مِنْهُ. والمنْفاصُ: الكثيرُ الضَّحِك. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَنْفَصَ بالضَّحِك إِنْفاصاً وأَنْفَصَ بشَفَتَيْه كالمُتَرَمِّزِ، وَهُوَ الَّذِي يُشِيرُ بشَفَتَيْه وَعَيْنَيْهِ. وأَنْفَصَ بِنُطْفَتِهِ: خَذَفَ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والنُّفْصَةُ: دُفْعة مِنَ الدَّمِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَرْمي الدِّماءَ عَلَى أَكتافِها نُفَصا
ابْنُ بَرِّيٍّ: النَّفِيصُ الماءُ الْعَذْبُ؛ وأَنشد لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
كشَوْكِ السَّيالِ فَهُوَ عَذْبٌ نَفِيصُ
نقص: النَّقْصُ: الخُسْران فِي الحظِّ، والنقصانُ يَكُونُ مَصْدَرًا وَيَكُونُ قَدْرَ الشَّيْءِ الذَّاهِبِ مِنَ الْمَنْقُوصِ. نَقَصَ الشيءُ يَنْقُصُ نَقْصاً ونُقْصاناً ونَقِيصةً ونَقَصَه هُوَ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ وأَنْقَصَه لُغَةٌ؛ وانْتَقَصَه وتَنَقَّصَه: أَخذ مِنْهُ قَلِيلًا قَلِيلًا عَلَى حَدِّ مَا يجيءُ عَلَيْهِ هَذَا الضَّرْبُ مِنَ الأَبنية بالأَغلب. وانْتَقَصَ الشيءُ: نَقَصَ، وانْتَقَصْتُه أَنا، لازمٌ وواقعٌ، وَقَدِ انْتَقَصَه حقَّه. أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ فَعَلَ الشيءُ وفَعَلْتُ أَنا: نَقَصَ الشيءُ ونَقَصْتُه أَنا، قَالَ: وَهَكَذَا قَالَ اللَّيْثُ، وَقَالَ: اسْتَوَى فِيهِ فَعَلَ اللازمُ والمُجاوز. واسْتَنْقَصَ المُشتري الثمنَ أَي اسْتَحَطَّ، وَتَقُولُ: نُقْصانُه كَذَا وَكَذَا هَذَا قدْرُ الذَّاهِبِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: سَمِعْتُ خُزَاعِيًّا يَقُولُ للطيِّب إِذا كَانَتْ لَهُ رَائِحَةٌ طيِّبة: إِنه لَنَقِيصٌ؛ وَرُوِيَ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كلَوْن السَّيالِ وَهْوَ عَذْبٌ نَقِيص
أَي طيِّب الرِّيحِ. اللِّحْيَانِيُّ فِي بَابِ الإِتباع: طَيِّبٌ نَقِيص. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَهْرا عِيدٍ لَا يَنْقُصان
، يَعْنِي فِي الْحُكْمِ، وإِن نَقَصا فِي الْعَدَدِ أَي أَنه لَا يَعْرِضُ فِي قُلُوبِكُمْ شكٌّ إِذا صُمتم تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، أَو إِن وقَعَ فِي يَوْمِ الْحَجِّ خطأٌ لَمْ يَكُنْ فِي نُسُكِكم نَقْصٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَشْرٌ مِنَ الفِطْرة وانْتقاص الْمَاءَ
، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ انْتِقاصُ الْبَوْلِ بِالْمَاءِ إِذا غُسِل بِهِ يَعْنِي الْمَذَاكِيرَ، وَقِيلَ: هُوَ الِانْتِضَاحُ بِالْمَاءِ، وَيُرْوَى انْتِفاص، بِالْفَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
انْتِقاص الْمَاءِ الِاسْتِنْجَاءُ
، قِيلَ: هُوَ الِانْتِضَاحُ بِالْمَاءِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: انْتقاصُ الْمَاءِ غَسْلُ الذكَر بِالْمَاءِ، وَذَلِكَ أَنه إِذا غَسَلَ الذَّكَرَ ارْتَدَّ الْبَوْلُ وَلَمْ يَنْزِلْ، وإِن لَمْ يَغْسِلْ نَزَلَ مِنْهُ الشَّيْءُ حَتَّى يُسْتَبْرأَ. والنَّقْصُ فِي الْوَافِرِ مِنَ العَروض: حذْفُ سابعِه بَعْدَ إِسكان خَامِسِهِ، نَقَصَه يَنْقُصُه نَقْصاً وانْتَقَصَه.(7/100)
وتَنَقَّصَ الرجلَ وانْتَقَصَه واسْتَنْقَصَه: نَسَبَ إِليه النُّقْصَانَ، وَالِاسْمُ النَّقِيصةُ؛ قَالَ:
فَلَوْ غَيرُ أَخوالي أَرادوا نَقِيصَتي، ... جَعَلْتُ لَهُمْ فَوْقَ العَرانِينِ مِيسَما
وَفُلَانٌ يَنْتَقِصُ فُلَانًا أَي يَقَعُ فِيهِ ويَثْلِبُه. والنَّقْصُ: ضعْفُ الْعَقْلِ. ونَقُصَ الشيءُ نَقاصَةً، فَهُوَ نَقِيصٌ: عَذُبَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
حَصَانٌ رِيقُها عَذْبٌ نَقِيص
والمَنْقَصَةُ: النَّقْصُ. والنَّقِيصةُ: الْعَيْبُ. والنقيصةُ: الوَقِيعةُ فِي النَّاسِ، والفِعْل الانْتِقاصُ، وَكَذَلِكَ انْتِقاصُ الْحَقِّ؛ وأَنشد:
وَذَا الرِّحْمِ لَا تَنْتَقِصْ حقَّه، ... فإِنَّ القَطِيعَة فِي نَقْصه
وَفِي حَدِيثِ بَيْعِ الرُّطَب بِالتَّمْرِ قَالَ:
أَيَنْقُص الرُّطَب إِذا يَبِس؟ قَالُوا: نَعَمْ
، لفظُه اسْتِفْهَامٌ وَمَعْنَاهُ تنبيهٌ وَتَقْرِيرٌ لِكُنْهِ الحُكْم وعلَّته لِيَكُونَ مُعْتَبَرًا فِي نَظَائِرِهِ، وإِلا فَلَا يَجُوزُ أَن يَخْفَى مِثْلُ هَذَا عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:
أَلَسْتُم خيرَ مَنْ رَكِبَ المَطايا
نكص: النُّكُوصُ: الإِحْجامُ والانْقِداعُ عَنِ الشَّيْءِ. تَقُولُ: أَرادَ فلانٌ أَمراً ثُمَّ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْه. ونَكَصَ عَنِ الأَمر يَنْكِصُ ويَنْكُصُ نَكْصاً ونُكوصاً: أَحْجَم. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: نَكَصَ يَنْكُصُ ويَنْكِصُ ونَكَصَ فلانٌ عَنِ الأَمر ونَكَفَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي أَحْجَم. ونَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ: رَجَعَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الرُّجُوعِ عَنِ الْخَيْرِ خَاصَّةً. ونَكَصَ الرجلُ يَنْكِصُ: رجعَ إِلى خَلْفِه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ
؛ فُسِّرَ بِذَلِكَ كُلِّهِ. وقرأَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ: تنكُصون، بِضَمِّ الْكَافِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وصِفِّين: قَدَّمَ للوَثْبة يَداً وأَخَّرَ للنُّكُوصِ رِجْلًا
؛ النُّكُوص: الرجوعُ إِلى وَرَاءٍ وَهُوَ القَهْقَرَى.
نمص: النَّمَصُ: قِصَرُ الرِّيشِ. والنَّمَص: رقَّة الشَّعَرِ ودِقَّتُه حَتَّى تَرَاهُ كالزَّغَبِ، رَجُلٌ أَنْمَصُ وَرَجُلٌ أَنْمَصُ الْحَاجِبِ وَرُبَّمَا كَانَ أَنْمَصَ الجَبِين. والنَّمْصُ: نَتْفُ الشَّعَرِ. ونَمَصَ شعرَه يَنْمِصُه نَمْصاً: نَتَفَه، والمُشْطُ يَنْمِصُ الشعرَ وَكَذَلِكَ المِحَسَّة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
كانَ رُيَيْبٌ حَلَبٌ وقارِصُ ... والقَتُّ والشعيرُ والفَصافِصُ،
ومُشُطٌ مِنَ الْحَدِيدِ نامِصُ
يَعْنِي المِحَسَّة سَمَّاهَا مُشُطًا لأَن لَهَا أَسناناً كأَسنان الْمُشْطِ. وتَنَمَّصت المرأَة: أَخذت شَعْرَ جَبِينِها بِخَيْطٍ لِتَنْتِفَهُ. ونَمَّصَت أَيضاً: شَدَّدَ لِلتَّكْثِيرِ؛ قَالَ الرَّاجِزِ:
يَا لَيْتَها قَدْ لَبِسَتْ وَصْواصا، ... ونمَّصَتْ حاجِبَها تَنماصا،
حَتَّى يَجِيئوا عُصَباً حِراصا
والنامِصةُ: المرأَة الَّتِي تُزَيِّنُ النِّسَاءَ بالنَّمْص. وَفِي الْحَدِيثِ:
لُعِنَت النامصةُ والمُتَنَمّصة
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: النامِصةُ الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعَرَ مِنَ الْوَجْهِ، وَمِنْهُ قِيلَ للمِنْقاشِ مِنْماص لأَنه يَنْتِفُهُ بِهِ، والمُتَنَمِّصةُ: هِيَ الَّتِي تَفْعَلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ المُنْتَمِصة، بِتَقْدِيمِ النُّونِ عَلَى التَّاءِ. وامرأَة(7/101)
نَمْصاء تَنْتَمِصُ أَي تأْمرُ نامِصةً فتَنْمِص شعرَ وَجْهِهَا نَمْصاً أَي تأْخذه عَنْهُ بِخَيْطٍ. والمِنْمَص والمِنْماصُ: المِنْقاشُ. ابْنُ الأَعرابي: المِنْماص المِظْفار والمِنْتاش والمِنْقاش والمِنْتاخ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والنَّمَص الْمِنْقَاشُ أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَمْ يُعَجِّلْ بقولٍ لَا كِفاءَ لَهُ، ... كَمَا يُعَجِّلُ نبتُ الخُضْرةِ النَّمَصُ
والنَّمَصُ والنَّمِيصُ: أَول مَا يَبْدُو مِنَ النَّبَاتِ فَيَنْتِفُهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا أَمْكَنك جَزُّه، وَقِيلَ: هُوَ نَمَصٌ أَول مَا يَنْبُتُ فيملأَ فَمَ الْآكِلِ. وتنَمَّصَت البُهْمُ: رَعَتْه؛ وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
ويأْكلن مِنْ قَوٍّ لَعاعاً ورِبَّةً ... تَجَبَّرَ بَعْدَ الأَكْلِ، فَهُوَ نَمِيصُ
يَصِفُ نَبَاتًا قَدْ رَعَتْهُ الْمَاشِيَةُ فَجَرَّدَتْهُ ثُمَّ نَبَتَ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ أَخْذُه أَي بِقَدْرِ مَا يُنْتَفُ ويُجَز. والنَّمِيصُ: النَّبْتُ الَّذِي قَدْ أُكل ثُمَّ نَبَتَ. والنِّمْصُ، بِالْكَسْرِ: نَبْتٌ. والنَّمَصُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَسَل لَيّنٌ تُعْمَلُ مِنْهُ الأَطْباق والغُلُف تَسْلَح عَنْهُ الإِبل؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ الأَزهري: أَقرأَني الإِيادي لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
تَرَعَّتْ بِحَبْل ابنَيْ زُهَير كِلَيْهِمَا ... نُماصَيْنِ، حتَّى ضاقَ عَنْهَا جُلُودُها
قَالَ: نُماصَينِ شَهْرَيْنِ: ونُماصٌ: شَهْرٌ. تَقُولُ: لَمْ يأْتني نُماصاً أَي شَهْرًا، وَجَمْعُهُ نُمُصٌ وأَنْمِصَة.
نهص: النَّهْصُ: الضيْمُ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي الضَّادِ وَهُوَ الصحيح.
نوص: ناصَ لِلْحَرَكَةِ نَوْصاً ومَناصاً: تهَيّأَ. وناصَ ينُوصُ نَوْصاً ومَناصاً ومَنِيصاً: تَحَرَّكَ وَذَهَبَ. وَمَا يَنُوصُ فُلَانٌ لِحَاجَتِي وَمَا يَقْدِرُ عَلَى أَن يَنُوص أَي يَتَحَرَّكُ لِشَيْءٍ. وناصَ يَنُوصُ نَوْصاً: عَدَلَ. وَمَا بِهِ نَوِيصٌ أَي قُوَّةٌ وحَراكٌ. وناوَصَ الجَرّة ثُمَّ سَالَمَهَا أَي جابَذَها ومارَسَها، وَهُوَ مَثَلٌ قَدْ ذُكِرَ عِنْدَ ذِكْرِ الجَرّة. وَيُقَالُ: نُصْت الشَّيْءَ جَذَبْتُه؛ قَالَ الْمَرَّارُ:
وإِذا يُناصُ رأَيْته كالأَشْوَس
وناصَ يَنُوصُ مَنِيصاً ومَناصاً: نَجا. أَبو سَعِيدٍ: انْتاصَت الشمسُ انْتياصاً إِذا غَابَتْ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلاتَ حِينَ مَناصٍ
؛ أَي وَقْتَ مَطْلَبٍ ومَغاثٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَي اسْتَغاثوا وَلَيْسَ ساعةَ ملْجإٍ وَلَا مَهْرب. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حيص: ناصَ وناضَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلاتَ حِينَ مَناصٍ
؛ أَي لاتَ حينَ مَهْربٍ أَي لَيْسَ وَقْتَ تأَخّرٍ وفِرارٍ. والنَّوْصُ: الفِرارُ. والمَناصُ: المَهْربُ. والمَناصُ: الملْجأُ والمَفَرُّ. وناصَ عَنْ قِرنه يَنُوص نَوْصاً ومَناصاً أَي فرَّ وراغَ. ابْنُ بَرِّيٍّ: النُّوص، بِضَمِّ النُّونِ، الْهَرَبُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
يَا نَفْسُ أَبْقي وَاتَّقِي شَتْمَ ذَوي الأَعْراضِ ... فِي غَيْرِ نُوص
والنَّوْصُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: التأَخر، والبَوْصُ: التَّقَدُّمُ، يُقَالُ: نُصْته؛ وأَنشد قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَمِن ذِكْرِ سَلْمى إِذْ نَأَتْكَ، تَنُوصُ ... فَتَقْصُر عَنْهَا خَطْوةً وتَبُوصُ؟(7/102)
فمَناص مَفْعل: مِثْلُ مَقام. وَقَالَ الأَزهري: قَوْلِهِ وَلاتَ حِينَ مَناصٍ
، لَاتَ فِي الأَصل لَاهَ، وَهَاؤُهَا هَاءُ التأْنيث، تَصير تَاءً عِنْدَ المُرورِ عَلَيْهَا مِثْلُ ثُمَّ وثُمَّت، تَقُولُ: عَمْرًا ثُمَّتَ خَالِدًا. أَبو تُرَابٍ: يُقَالُ لاصَ عَنِ الأَمر وناصَ بِمَعْنَى حادَ. وأَنَصْت أَن آخُذَ مِنْهُ شَيْئًا أُنِيصُ إِناصةً أَي أَردت. وناصَه ليُدْرِكه: حَرَّكَهُ. والنَّوْص والمَناصُ: السَّخَاءُ؛ حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ. والنائِصُ: الرافعُ رأْسه نَافِرًا، وناصَ الفرسُ عِنْدَ الكَبْحِ وَالتَّحْرِيكِ. وَقَوْلُهُمْ: مَا بِهِ نَويصٌ أَي قُوّةٌ وحَراكٌ. واسْتناصَ: شَمَخَ برأْسه، وَالْفَرَسُ يَنِيصُ ويَسْتَنِيصُ؛ وَقَالَ حَارِثَةُ بْنُ بَدْرٍ:
غَمْرُ الجِراء إِذا قَصَرْتُ عِنانَه ... بِيَدي، اسْتناص ورامَ جَرْيَ المِسْحَل
واسْتناصَ أَي تأَخّر. والنَّوْصُ: الحمارُ الْوَحْشِيُّ لَا يَزَالُ نَائِصًا رَافِعًا رأْسه يَتَرَدَّدُ كأَنه نَافِذٌ جَامِحٌ. والمُنَوَّصُ: المُلَطَّخُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وأَنَصْت الشَّيْءَ: أَدَرْته، وَزَعَمَ اللِّحْيَانِيُّ أَن نُونُهُ بَدَلٌ مِنْ لَامِ أَلَصْته. ابن لأَعرابي: الصَّاني اللازِمُ للخِدْمة وَالنَّاصِي المُعَرْبِد. ابْنُ الأَعرابي: النَّوْصة الغَسْلة بِالْمَاءِ أَو غَيْرِهِ، قَالَ الأَزهري: الأَصل مَوْصة، فقلبت الميم نوناً.
نيص: النَّيْصُ: القُنْفذُ الضَّخْمُ. ابْنُ الأَعرابي: النَّيْصُ الْحَرَكَةُ الضَّعِيفَةُ. وأَناصَ الشيءَ عَنْ مَوْضِعِهِ: حَرَّكَهُ وأَداره عَنْهُ لِيَنْتَزِعَهُ، نونُه بَدَلٌ مِنْ لَامِ أَلاصَه، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَفْعَلَه مِنْ قَوْلِكَ ناصَ يَنُوص إِذا تَحَرَّكَ، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ فَبَابُهُ الْوَاوُ، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الهاء
هبص: الهَبَصُ: مِنَ النَّشَاطِ وَالْعَجَلَةِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَا زالَ شَيْبانُ شَدِيداً هَبَصُهْ، ... حَتَّى أَتاه قِرْنُه فوقَصُهْ
وهَبِصَ وهَبَصَ هَبَصاً وهَبْصاً فَهُوَ هَبِصٌ وهابصٌ: نَشِطَ ونَزِقَ. وهَبِصَ الكلبُ يَهْبَصُ: حَرَصَ عَلَى الصَّيْدِ، وقَلق نَحْوُهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَفَز ونَزا، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ، وَالْاسْمُ الهَبَصى، يُقَالُ: هُوَ يَعْدُو الهَبَصى؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
فَرَّ وأَعْطاني رِشاءً مَلِصا، ... كذَنبِ الذِّئْبِ يُعدِّي الهَبَصى
وهَبِصَ يَهْبَصُ هَبَصاً: مَشَى عَجِلًا.
هرص: الْفَرَّاءُ: هَرَّصَ الرجلُ إِذا اشْتعَل بَدَنُه حَصَفاً، قَالَ: وَهُوَ الحَصَف والهَرَصُ والدُّودُ والدُّوادُ، وَبِهِ كُنِّيَ الرَّجُلُ أَبا دُواد. ابْنُ الأَعرابي: الهِرْنِصاصةُ دُودةٌ وَهِيَ السُّرْفةُ.
هرنص: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: الهَرْنَصةُ مَشْيُ الدُّودَةِ، وَالدُّودَةُ يقال لها الهِرْنِصاصةُ.
هرنقص: الهَرَنْقَصُ: القصير.
هصص: الهَصُّ: الصُّلْب مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والهَصّ شِدَّةُ القَبْضِ والغَمْزِ، وَقِيلَ: شِدَّةُ الْوَطْءِ لِلشَّيْءِ حَتَّى تَشْدخه، وَقِيلَ: هُوَ الكَسْر، هَصَّه يَهُصُّه هَصّاً، فَهُوَ مَهْصُوص وهَصِيصٌ. وهَصَصْت الشيءَ: غَمَزْته. ابْنُ الأَعرابي: زَخِيخُ النَّارِ بَرِيقُها، وهَصِيصُها تَلأْلُؤُها. وَحُكِيَ عَنْ أَبي ثَرْوان أَنه قَالَ: ضِفْنا فُلَانًا فَلَمَّا طَعِمْنا أَتَوْنا بالمَقاطِر فِيهَا الْجَحِيمُ يَهِصّ(7/103)
زَخيخُها فأُلْقيَ عَلَيْهَا المَنْدَليُّ؛ قَالَ: الْمَقَاطِرُ الْمَجَامِرُ، والجَحيم الجَمر، وزَخِيخُه بَريقُه، وهَصِيصُه تَلأْلُؤُه. وهصَّصَ الرجلُ إِذا بَرَّقَ عَيْنَيْهِ. وهُصَيْصٌ، مُصَغّر: اسْمُ رَجُلٍ، وَقِيلَ: أَبو بَطْنٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُوَ هُصَيصُ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ. وهَصَّان: اسْمٌ. وَبَنُو الهِصَّان، بِكَسْرِ الْهَاءِ: حَيٌّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يَكُونُ مِنْ [هـ ص ن] لأَن ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بَنُو هِصّان قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي أَبي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ. والهُصاهِصُ والقُصاقِصُ: الشَّدِيدُ مِنَ الأُسْد.
هقص: الهَقْصُ: ثَمَرُ نَبَاتٍ يؤكل.
همص: الهَمَصةُ: هَنَةٌ تَبْقَى مِنَ الدَّبَرَة فِي غَابِرِ البعير.
هنبص: هنبص: اسْمٌ. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: الهَنْبصةُ الضَّحِك الْعَالِي؛ قَالَهُ أَبو عَمْرٍو.
هندلص: الهَنْدَلِيصُ: الْكَثِيرُ الْكَلَامِ، وليس بثبت.
هيص: التَّهْذِيبُ: أَبو عَمْرٍو هَيْصُ الطَّيْرِ سَلْحُه، وَقَدْ هاصَ يَهيصُ هَيْصاً إِذا رَمَى؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
مَهايِصُ الطَّيْرِ عَلَى الصُّفِيِ
أَي مَوَاقِعُ الطَّيْرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو عَمْرٍو للأَخْيل الطَّائِيِّ:
كأَنَّ متْنَيه مِنَ النَّفِيِّ ... مَهايِصُ الطَّيْرِ عَلَى الصُّفِيِ
قَالَ: ومَهايِصُ جَمْعُ مَهْيَص. ابْنُ الأَعرابي: الهَيْصُ العُنْفُ بِالشَّيْءِ، والهَيْصُ: دَقُّ العنق.
فصل الواو
وَأَصَ: وأَصْتُ بِهِ الأَرضَ ووَأَصَ بِهِ الأَرضَ وأْصاً: ضربَهَا، ومَحَصَ بِهِ الأَرضَ مثله.
وَبَصَ: الوبِيصُ: البَرِيقُ؛ وبَصَ الشيءُ يَبِصُ وَبْصاً ووَبِيصاً وبِصَةً: بَرَقَ ولمَع، ووبَصَ البرقُ وَغَيْرِهِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
إِذا شَبّ للْمَرْوِ الصِّغارِ وَبِيصُ
وَفِي حَدِيثِ أَخْذِ الْعَهْدِ عَلَى الذُّريّة:
وأَعْجَبَ آدمَ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْ دَاوُدَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ
؛ الوبِيصُ: البَريقُ، وَرَجُلٌ وَبّاصٌ: بَرَّاقُ اللَّوْنِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
رأَيت وَبِيصَ الطيِّبِ فِي مَفارِقِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو مُحْرِمٌ
أَي بَرِيقَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
الْحَسَنِ: لَا تَلْقَى الْمُؤْمِنَ إِلا شاحِباً وَلَا تَلْقَى المُنافِقَ إِلا وَبّاصاً
أَي بَرَّاقًا. وَيُقَالُ: أَبْيَضُ وابِصٌ ووَبّاصٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
عَنْ هامةٍ كالحَجَرِ الوَبّاصِ
وَقَالَ أَبو الْعَزِيبِ النَّصْرِيُّ:
أَما تَرَيْنِي اليومَ نِضْواً خَالِصًا، ... أَسْوَدَ حُلْبوباً، وكنتُ وَابِصَا؟
أَبو حَنِيفَةَ: وبَصَتِ النارُ وَبِيصاً أَضاءتْ. والوابِصةُ: البَرْقةُ. وَعَارِضٌ وَبّاصٌ: شديدُ وَبِيصِ البَرْق. وَكُلُّ بَرّاقٍ وَبَّاصٌ ووابصٌ. وَمَا فِي النَّارِ وَبْصةٌ ووابِصةٌ أَي جَمْرَةٌ. وأَوْبَصَت نارِي: أَضاءت، زَادَ غَيْرُهُ: وَذَلِكَ أَول مَا يَظْهَرُ لَهَبُها. وأَوْبَصَت النارُ عِنْدَ القَدْح إِذا ظَهَرَتْ. ابْنُ الأَعرابي: الوَبِيصةُ والوابِصةُ النَّارُ. وأَوْبَصت الأَرضُ: أَول مَا يَظْهَرُ(7/104)
مِنْ نَبَاتِهَا. ووَبَّصَ الجِرْوُ تَوْبِيصاً إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ. وَرَجُلٌ وابِصةُ السَّمْع: يَعْتَمِدُ عَلَى مَا يُقَالُ لَهُ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الأُذُنَ، وأَنَّث عَلَى مَعْنَى الأُذُن، وَقَدْ تَكُونُ الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لوَابِصةُ سَمْعٍ إِذا كَانَ يَثِق بِكُلِّ مَا يَسْمَعُهُ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا كَانَ يَسْمَعُ كَلَامًا فَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ ويظنُّه ولمَّا يَكُنْ عَلَى ثِقَة، يُقَالُ: وابِصةُ سَمع بِفُلَانٍ ووابِصةُ سَمع بِهَذَا الأَمر؛ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ القَمَرُ «4» . والوَبَّاصُ ووَبْصانُ: شَهْرُ رَبِيعٍ الْآخَرِ «5» ؛ قَالَ:
وسِيّانِ وَبْصانٌ، إِذا مَا عَدَدْته، ... وبُرْكٌ لَعَمْري فِي الحِسَاب سَواءُ
وَجَمْعُهُ وَبْصاناتٌ. ووابِصٌ ووابِصةُ: اسمان. والوَابِصةُ: موضع.
وحص: ابْنُ الأَعرابي: الوَحْصُ البَثْرةُ تَخْرُجُ فِي وَجْهِ الْجَارِيَةِ المَلِيحة. ووَحَصَه وَحْصاً: سَحَبَه؛ يَمَانِيَةٌ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْكِلَابِيِّينَ يَقُولُ: أَصْبَحَت وَلَيْسَ بِهَا وَحْصَة أَي بَرْدٌ يَعْنِي الْبِلَادَ والأَيامَ، وَالْحَاءُ غَيْرُ مُعْجَمَةٍ. الأَزهري: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ أَصْبَحَتْ وَلَيْسَ بِهَا وَحْصَة وَلَا وَذْية، قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ ليس بها عِلَّة.
وخص: أَصْبَحَتْ وَلَيْسَ بِهَا وَخْصَةٌ أَي شَيْءٌ مِنْ بَرْدٍ، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا جَحْدًا؛ كُلُّهُ عَنْ يَعْقُوبَ.
ودص: وَدَصَ إِليه بِكَلَامٍ وَدْصاً: كلَّمه بِكَلَامٍ لَمْ يَسْتَتِمّه.
ورص: التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ وَرَضَ: ورَّضَت الدَّجاجةُ إِذا كَانَتْ مُرْخِمَةً عَلَى البَيْضِ ثُمَّ قَامَتْ فَوَضَعَتْ بِمَرَّةٍ، وَكَذَلِكَ التَّوْرِيضُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ ورَّصَت، بِالصَّادِّ. الْفَرَّاءُ: ورَّصَ الشَّيْخُ وأَوْرَصَ إِذا اسْتَرْخَى حِتارُ خَوْرانِه فأَبْدَى. وامرأَة مِيراصٌ: تُحْدِثُ إِذا أُتِيَت. ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ الوَرْصُ الدَّبُوقاءُ، وَجَمْعُهُ أَوْراصٌ. ووَرَّصَ إِذا رمَى بالعَرَبُون، وَهُوَ العَذِرة، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَبْسِهِ، وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَرْبَنَ العَرَبُون، بِفَتْحِ العين والراء.
وصص: وَصْوَصَت الْجَارِيَةُ إِذا لَمْ يُرَ مِنْ قِناعها إِلا عَيْنَاهَا. أَبو زَيْدٍ: النِّقاب عَلَى مارِنِ الأَنف والتَّرْصِيصُ لَا يُرَى إِلا عَيْنَاهَا، وَتَمِيمٌ تَقُولُ: هُوَ التَّوْصِيصُ، بِالْوَاوِ، وَقَدْ رَصَّصت ووَصَّصت تَوْصِيصاً. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا أَدنت المرأَةُ نقابَها إِلى عَيْنَيْهَا فَتِلْكَ الوَصْوَصة، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّوْصِيصُ فِي الانْتِقاب مِثْلُ التَّرْصِيص. ابْنُ الأَعرابي: الوَصُّ إِحْكام الْعَمَلِ مِنْ بِنَاءٍ وَغَيْرِهِ. والوَصْواصُ: البُرْقُعُ الصَّغِيرُ؛ قَالَ المُثَقِّب العَبْدِي:
ظَهَرْنَ بكِلَّة وسَدَلْنَ رَقْماً، ... وثَقَّبْنَ الوَصاوِصَ لِلْعُيونِ
وَرُوِيَ:
أَرَيْنَ محاسِناً وكَنَنَّ أُخْرَى
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
يَا لَيْتَهَا قَدْ لَبِسَت وَصْواصا
وبُرْقُعٌ وَصْواصٌ: ضَيّقٌ. والوَصائصُ: مضايقُ
__________
(4) . قوله: هو القمر؛ هكذا في الأَصل، ولعله أراد: الوبّاص هو القمر: هكذا في سائر المعاجم.
(5) . قوله [وبصان شهر ربيع الآخر] هو بفتح الواو وضمها مع سكون الباء فيهما.(7/105)
مَخَارِجِ عَيْنَيِ الْبُرْقُعِ. والوَصْواصُ: خَرْقٌ فِي السِّتْر وَنَحْوِهِ عَلَى قَدْرِ الْعَيْنِ يُنْظَرُ مِنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِي وَهَجَانٍ يَلِجُ الوَصْواصا
الْجَوْهَرِيُّ: الوَصْوَصُ ثُقْبٌ فِي السِّتْر، وَالْجَمْعُ الوَصاوصُ. ووَصْوَصَ الرجُل عينَه: صغَّرَها ليسْتَثبت النَّظَرَ. والوَصاوِصُ: خروقُ الْبَرَاقِعِ. الْجَوْهَرِيُّ: الوَصاوِصُ حِجَارَةُ الأَياديم وَهِيَ مُتون الأَرض؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
عَلَى جِمالٍ تَهِصُ المَواهِصَا، ... بِصُلَّباتٍ تَقِصُ الوَصاوِصَا
وفص: الوَفاصُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُمْسِكُ الماءَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الوِفاصُ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
وَقَصَ: الوَقَصُ، بِالتَّحْرِيكِ: قِصَرُ الْعُنُقِ كأَنما رُدَّ فِي جَوْفِ الصَّدْرِ، وَقِصَ يَوْقَصُ وَقَصاً، وَهُوَ أَوْقَصُ، وامرأَة وَقْصاء، وأَوْقَصه اللَّهُ؛ وَقَدْ يُوصَفُ بِذَلِكَ الْعُنُقُ فَيُقَالُ: عُنُق أَوْقَصُ وعُنُق وَقْصاء، حَكَاهَا اللِّحْيَانِيُّ. ووَقَصَ عُنُقَه يَقِصُها وَقْصاً: كسَرَها ودَقَّها، قَالَ: وَلَا يَكُونُ وقَصَت العنقُ نَفْسُهَا إِنما هُوَ وُقِصَت. خَالِدُ بْنُ جَنْبَة: وُقِصَ الْبَعِيرُ، فَهُوَ مَوْقوصٌ إِذا أَصبح دَاؤُهُ فِي ظَهْرِهِ لَا حَراك بِهِ، وَكَذَلِكَ الْعُنُقُ وَالظَّهْرُ فِي الوَقْص، وَيُقَالُ: وُقِصَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مَوْقُوصٌ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزُ:
مَا زَالَ شَيْبانُ شَدِيداً هَبَصُه، ... حَتَّى أَتاه قِرْنُه فوَقَصُهْ
قَالَ: أَراد فوَقَصَه، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى الْهَاءِ نَقَلَ حَرَكَتَهَا وَهِيَ الضَّمَّةُ إِلى الصَّادِ قَبْلَهَا فَحَرَّكَهَا بِحَرَكَتِهَا. ووَقَصَ الدَّيْنُ عُنُقَه: كَذَلِكَ عَلَى الْمَثَلِ. وَكُلُّ مَا كُسِرَ، فَقَدْ وُقِصَ. وَيُقَالُ: وَقَصْت رأْسَه إِذا غَمَزْتُهُ غَمْزًا شَدِيدًا، وَرُبَّمَا انْدَقَّتْ مِنْهُ الْعُنُقُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه قَضى فِي الوَاقِصة والقامِصَة والقَارِصة بِالدِّيَةِ أَثلاثاً
، وَهُنَّ ثلاثُ جَوارٍ رَكِبَتْ إِحداهن الأُخرى، فقَرَصت الثالثةُ المركوبَةَ فقَمَصت، فَسَقَطَتِ الراكبةُ، فَقَضَى لِلَّتِي وُقِصَت أَي انْدَقَّ عنُقها بِثُلْثَيِ الدِّيَةِ عَلَى صَاحِبَتَيْهَا. والواقصةُ بِمَعْنَى المَوْقُوصة كَمَا قَالُوا آشِرة بِمَعْنَى مَأْشورة؛ كَمَا قال:
أَناشِر لَا زَالَتْ يمينُك آشِرَه
أَي مأْشورة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا كَانَ وَاقِفًا مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ فَوَقَصَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فِي أَخاقِيقِ جِرْدْانٍ فَمَاتَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الوَقْصُ كَسْرُ الْعُنُقِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ أَوْقَصُ إِذا كَانَ مائلَ الْعُنُقِ قصيرَها، وَمِنْهُ يُقَالُ: وَقَصْت الشَّيْءَ إِذا كَسَرْته؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَذْكُرُ النَّاقَةَ:
فبَعَثْتُها تَقِصُ المَقاصِرَ، بَعْدَمَا ... كَرَبت حياةُ النَّارِ للمُتَنَوِّرِ
أَي تَدُقُّ وَتَكْسِرُ. والمَقاصِرُ: أُصول الشَّجَرِ، الْوَاحِدُ مَقْصُورٌ. ووَقصَت الدابةُ الأَكَمةَ: كَسَرَتْها؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
خَطّارة غِبَّ السُّرى مَوّارةٌ، ... تَقِصُ الإِكامَ بِذَاتِ خُفٍّ مِيثَم
وَيُرْوَى: تَطِس. والوَقَصُ: دِقاقُ العِيدانِ تُلْقَى على النار. يقال: وَقِّصْ عَلَى نَارِكَ؛ قَالَ حميد ابن ثَوْرٍ يَصِفُ امرأَة:(7/106)
لَا تَصْطَلي النارَ إِلا مُجْمَراً أَرِجاً، ... قَدْ كَسَّرَتْ مِن يَلَنْجُوجٍ لَهُ وَقَصَا
ووقَّص عَلَى نَارِهِ: كسَّرَ عَلَيْهَا العِيدَانَ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ مُبْتَكِرًا يَقُولُ: الوَقَش والوَقَص صِغَارُ الْحَطَبِ الذي تُشَيَّع به النارُ. ووَقَصَت بِهِ راحِلتُه وَهُوَ كَقَوْلِكَ: خُذِ الخِطامَ وخذْ بِالْخِطَامِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتِيَ بِفَرَسٍ فرَكِبَه فَجَعَلَ يَتَوَقَّصُ بِهِ.
الأَصمعي: إِذا نَزَّا الفرسُ فِي عَدْوِه نَزْواً ووَثَبَ وَهُوَ يُقارب الخَطْوَ فَذَلِكَ التَّوقُّصُ، وَقَدْ توَقّص. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: التوَقُّصُ أَن يُقْصِرَ عَنِ الخَبَب ويزيدَ عَلَى العَنَق وَيَنْقُلَ قَوَائِمَهُ نَقْلَ الخَبَب غَيْرَ أَنها أَقرب قَدْراً إِلى الأَرض وَهُوَ يَرْمِي نَفْسَهُ ويَخُبّ. وَفِي حَدِيثِ
أُم حَرام: رَكِبَتْ دَابَّةً فوَقَصَتْ بِهَا فسَقَطَتْ عَنْهَا فَمَاتَتْ.
وَيُقَالُ: مَرَّ فلانٌ تتوَقَّصُ بِهِ فرسُه. وَالدَّابَّةُ تذُبّ بذَنَبِها فتَقِصُ عَنْهَا الذبابَ وَقْصاً إِذا ضَرَبَتْهُ بِهِ فَقَتَلَتْهُ. وَالدَّوَابُّ إِذا سارت في رؤوس الإِكام وقَصَتْها أَي كَسَرَتْ رؤُوسَها بِقَوَائِمِهَا، والفرَسُ تَقِصُ الإِكامَ أَي تدُقّها. والوَقْصُ: إِسكان الثَّانِي مِنْ مُتَفَاعِلُنْ فَيَبْقَى متْفاعلن، وَهَذَا بِنَاءٌ غَيْرُ مَنْقُولٍ فَيُصْرَفُ عَنْهُ إِلى بِنَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ مَقُولٍ مَنْقُولٍ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ مُسْتَفْعِلُنْ، ثُمَّ تُحْذَفُ السِّينُ فَيَبْقَى مُتَفْعِلن فَيُنْقَلُ فِي التَّقْطِيعِ إِلى مَفَاعِلُنْ؛ وَبَيْتُهُ أَنشده الْخَلِيلُ:
يَذُبُّ عَنْ حَرِيمِه بِسَيْفِه، ... ورُمْحِهِ ونَبْلِه ويَحْتَمِي
سُمِّي بِذَلِكَ لأَنه بِمَنْزِلَةِ الَّذِي انْدَقّتْ عنُقه. ووَقَصَ رأْسه: غَمْزُهُ مِنْ سُفْل. وتَوَقَّصَ الفرسُ: عَدَا عَدْواً كأَنه ينزُو فِيهِ. والوَقَصُ: مَا بَيْنَ الفَرِيضتين مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ، واحدُ الأَوْقاصِ فِي الصَّدَقَةِ، وَالْجَمْعُ أَوْقاص، وَبَعْضُهُمْ يَجْعلُ الأَوْقاصَ فِي الْبَقَرِ خَاصَّةً، والأَشْناقَ فِي الإِبل خَاصَّةً، وَهُمَا جَمِيعًا مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: أَنه أُتِي بوَقَصٍ فِي الصَّدَقَةِ وَهُوَ بِالْيَمَنِ فَقَالَ: لَمْ يأْمُرْني رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيهِ بِشَيْءٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ الوَقَصُ، بِالتَّحْرِيكِ، هُوَ مَا وَجَبَتْ فِيهِ الْغَنَمُ مِنْ فَرَائِضِ الصَّدَقَةِ فِي الإِبل مَا بَيْنَ الخَمْسِ إِلى الْعِشْرِينَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَا أَرى أَبا عَمْرٍو حَفِظَ هَذَا لأَن سُنّةَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَن فِي خَمْس مِنَ الإِبل شَاةً وَفِي عَشْرٍ شَاتَيْنِ إِلى أَربع وَعِشْرِينَ فِي كُلِّ خمسٍ شَاةٌ، قَالَ: وَلَكِنِ الوَقَصُ عِنْدَنَا مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى خَمْسٍ مِنَ الإِبل إِلى تِسْعٍ، وَمَا زَادَ عَلَى عَشْرٍ إِلى أَربعَ عَشْرَةَ، وَكَذَلِكَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَوِّي قولَ أَبي عَمْرٍو وَيَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ قولُ مُعَاذٍ فِي الْحَدِيثِ
إِنه أُتِي بوقَصٍ فِي الصَّدَقَةِ
يَعْنِي بِغَنَمٍ أُخِذَت فِي صَدَقَةِ الإِبل، فَهَذَا الْخَبَرُ يَشْهَدُ بأَنه لَيْسَ الوَقَصُ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ لأَن مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ لَا شَيْءَ فِيهِ، وإِذا كَانَ لَا زَكَاةَ فِيهِ فَكَيْفَ يُسَمَّى غَنَمًا؟ الْجَوْهَرِيُّ: الوَقَص نَحْوَ أَن تَبْلُغَ الإِبلُ خَمْساً فَفِيهَا شَاةٌ، وَلَا شَيْءَ فِي الزِّيَادَةِ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا، فَمَا بَيْنَ الخَمْسِ إِلى الْعَشْرِ وَقَصٌ، وَكَذَلِكَ الشَّنَقُ، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَجْعَلُ الوَقَصَ فِي الْبَقَرِ خَاصَّةً والشَّنَقَ فِي الإِبل خَاصَّةً، قَالَ: وَهُمَا جَمِيعًا مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: وَكَانَتْ عليَّ بُرْدَةٌ فخالفتُ بَيْنَ طَرَفيها ثُمَّ تَواقَصْت عَلَيْهَا كَيْ لَا تَسْقُطَ
أَي انْحنَيْت وتَقاصَرْت لأَمْسكها بعُنُقِي.(7/107)
والأَوْقَصُ: الَّذِي قَصُرَت عنقُه خِلْقَةً. وواقِصةُ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: ماءٌ، وَقِيلَ: مَنْزِلٌ بِطَرِيقِ مكة. ووُقَيْصٌ: اسم.
وَهَصَ: الوَهْصُ: كسْرُ الشَّيْءِ الرِّخْوِ؛ وَقَدْ وَهَصَه وَهْصاً فَهُوَ مَوْهوصٌ ووَهِيص: دقَّه وكَسره، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: فدَغَه، وَهُوَ كسْرُ الرُّطَبِ، وَقَدِ اتَّهَصَ هُوَ؛ عَنْهُ أَيضاً. ووَهَصَه الدَّيْنُ: دَقَّ عُنُقَهُ. ووَهَصَه: ضَرَبَ بِهِ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ آدَمَ، صلواتُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ، حَيْثُ أُهْبِط مِنَ الْجَنَّةِ وَهَصَه اللَّهُ إِلى الأَرض
، مَعْنَاهُ كأَنما رَمى بِهِ رَمْيًا عَنِيفًا شَدِيدًا وَغَمَزَهُ إِلى الأَرض. وَفِي حَدِيثِ
عُمَر: أَنَّ الْعَبْدَ إِذا تكبَّر وعَدَا طَوْرَه وَهَصَه اللَّهُ إِلى الأَرض
، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: وَهَصَه جَذبَه إِلى الأَرض. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: مَنْ تواضَعَ رَفَع اللهُ حَكَمَتَه ومَنْ تَكَبَّرَ وعَدَا طَوْرَه وهَصَه اللهُ إِلى الأَرض
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وهَصَه يَعْنِي كسَرَه ودَقّه. يُقَالُ: وهَصْت الشيءَ وَهْصاً ووَقَصْته وَقْصاً بِمَعْنَى وَاحِدٍ. والوَهْصُ: شدَّة غمزِ وَطْءِ الْقَدَمِ عَلَى الأَرض؛ وأَنشد لأَبي الْعَزِيبِ النَّصْرِيِّ:
لَقَدْ رأَيت الظُّعُنَ الشَّواخِصَا، ... عَلَى جِمَالٍ تَهِصُ المَواهِصا،
فِي وَهَجانٍ يَلِجُ الوَصاوِصَا
المَواهِصُ: مَوَاضِعُ الوَهْصة. وَكَذَلِكَ إِذا وَضَعَ قَدَمَهُ عَلَى شَيْءٍ فشَدخه تَقُولُ وَهَصَه. ابْنُ شُمَيْلٍ: الوَهْصُ والوَهْسُ والوهْزُ واحدٌ، وَهُوَ شِدَّةُ الغَمْز، وَقِيلَ: الوَهْصُ الغَمْزُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ:
فَحيْنُكَ دلَّاك، ابنَ واهِصَةِ الخُصَى، ... لِشَتْمِيَ، لَوْلَا أَنَّ عِرْضَك حائِنُ
وَرَجُلٌ مَوْهوصُ الخَلْق: كأَنه تَدَاخَلَتْ عظامُه، ومُوَهَّصُ الْخُلُقِ، وَقِيلَ: لازَمَ عِظَامُهُ بَعْضَهُ بَعْضًا؛ وأَنشد:
مُوَهَّصٌ مَا يتَشَكَّى الْفَائِقَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده مُوَهَّصاً لأَن قَبْلَهُ:
تَعَلَّمِي أَنَّ عَلَيكِ سَائقا، ... لَا مُبْطِئاً، وَلَا عَنِيفاً زاعِقَا
ووَهَصَ الرجلُ الكَبْشَ، فَهُوَ مَوْهُوص ووَهِيص: شَدَّ خُصْيَيْه ثُمَّ شدَخَهما بَيْنَ حَجَرَيْنِ، ويُعَيَّر الرجلُ فَيُقَالُ: يَا ابنَ واهِصة الخُصَى إِذا كَانَتْ أُمه رَاعِيَةً؛ وَبِذَلِكَ هَجَا جريرٌ غسانَ:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ بنَ واهِصة الخُصَى، ... يُلَجْلج مِنِّي مُضْغةً لَا يُحِيرُها
وَرَجُلٌ مَوْهُوص ومُوَهَّصٌ: شَدِيدُ الْعِظَامِ؛ قَالَ شَمِرٌ سأَلت الكلابيِّين عَنْ قَوْلِهِ:
كأَن تَحْتَ خُفِّها الوَهَّاصِ ... مِيظَبَ أُكْمٍ نِيطَ بالمِلاصِ
فَقَالُوا: الوَهَّاصُ الشَّدِيدُ. والمِيظَبُ: الظُّرر. والمِلاصُ: الصَّفا. ابْنُ بُزُرج: بَنُو مَوْهَصَى هُمُ العَبِيد؛ وأَنشد:
لَحَا اللهُ قَوْمًا يُنْكِحُونَ بناتِهم ... بَني مَوْهَصَى حُمْر الخُصَى والحَناجِر(7/108)
فصل الياء
يَصَصَ: فِي تَرْجَمَةٍ بَصَّصَ أَبو زَيْدٍ: يصَّصَ الجِرْوُ تَيْصِيصاً إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ، لُغَةٌ فِي جَصَّصَ وبَصَّصَ أَي فقَحَ، لأَن الْعَرَبَ تَجْعَلُ الْجِيمَ يَاءً فَتَقُولُ للشجرة شيَرة وللجَثْجَاث جَثْياث، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَصَّصَ الجِرْوُ تَيْصِيصاً، بِالْيَاءِ وَالصَّادِ. قَالَ الأَزهري: وَهُمَا لُغَتَانِ وَفِيهِ لُغَاتٌ مَذْكُورَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: بَصَّصَ ويصَّصَ، بالياء، بمعناه.(7/109)
ض
فرف الضاد المعجمة
ض: الضَّادُ حَرْفٌ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ، وَهِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا، وَالْجِيمُ وَالشِّينُ وَالضَّادُ فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ، وَهَذِهِ الْحُرُوفُ الثَّلَاثَةُ هِيَ الْحُرُوفُ الشَّجْريّة.
فصل الألف
أبض: ابْنُ الأَعرابي: الأَبْضُ الشَّدُّ، والأَبْضُ التَّخْلِيةُ، والأَبْضُ السُّكُونُ، والأَبْضُ الْحَرَكَةُ؛ وأَنشد:
تَشْكُو العُرُوق الآبِضات أَبْضا
ابْنُ سِيدَهْ: والأُبْضُ، بِالضَّمِّ، الدَّهْرُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِي حِقْبةٍ عِشْنا بِذَاكَ أُبْضا، ... خِدْن اللَّواتِي يَقْتَضِبْنَ النُّعْضا
وَجَمْعُهُ آباضٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والأَبْضُ الشدُّ بالإِبَاضِ، وَهُوَ عِقَال يُنْشَب فِي رُسْغِ الْبَعِيرِ وَهُوَ قَائِمٌ فَيَرْفَعُ يَدَهُ فتُثْنَى بالعِقال إِلى عَضُدِهِ وتُشَدّ. وأَبَضْت البَعِيرَ آبُضُهُ وآبِضُهُ أَبْضاً: وَهُوَ أَن تُشَدَّ رُسْغُ يَدِهِ إِلى عَضُدِهِ حَتَّى تَرْتَفِعَ يَدُهُ عَنِ الأَرض، وَذَلِكَ الْحَبْلُ هُوَ الإِبَاضُ، بِالْكَسْرِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْفَقْعَسِيِّ:
أَكْلَفُ لَمْ يَثْنِ يَدَيهِ آبِضُ
وأَبَضَ البعيرَ يأْبِضُه ويأْبُضُه: شَدَّ رُسْغَ يَدَيْهِ إِلى ذِرَاعَيْهِ لِئَلَّا يَحْرَدَ. وأَخذ يأْبِضُه: جَعَلَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ رُكْبَتَيْهِ مِنْ خَلْفِهِ ثُمَّ احْتَمَلَهُ. والمَأْبِضُ: كُلُّ مَا يَثْبُت عَلَيْهِ فخذُك، وَقِيلَ: المأْبِضانِ مَا تَحْتَ الْفَخِذَيْنِ فِي مَثَانِي أَسافلهما، وَقِيلَ: المأْبِضان بَاطِنَا الرُّكْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ. التَّهْذِيبُ: ومأْبِضا السَّاقَيْنِ مَا بطَنَ مِنَ الرُّكْبَتَيْنِ وَهُمَا فِي يَدِيِ الْبَعِيرِ بَاطِنَا الْمِرْفَقَيْنِ. الْجَوْهَرِيُّ: المأْبِضُ باطِنُ الرُّكْبَةِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ مآبِضُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِهِمْيَانَ بْنِ قُحَافَةَ:
أَو مُلْتَقَى فائِله ومأْبِضِهْ
وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ: الْفَائِلَانِ عِرْقَانِ فِي الْفَخِذَيْنِ، والمَأْبِضُ باطنُ الْفَخِذَيْنِ إِلَى الْبَطْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:(7/110)
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالَ قَائِمًا لِعِلّةٍ بمَأْبِضَيه
؛ المَأْبِضُ: بَاطِنُ الرُّكْبَةِ هَاهُنَا، وأَصله مِنَ الإِباض، وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ رُسْغُ الْبَعِيرِ إِلى عَضُدِهِ. والمَأْبِض، مَفْعِل مِنْهُ، أَي مَوْضِعُ الإِباضِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. تَقُولُ الْعَرَبُ: إِن الْبَوْلَ قَائِمًا يَشفي مِنْ تِلْكَ الْعِلَّةِ. والتَّأَبُّضُ: انْقِبَاضُ النَّسَا وَهُوَ عِرْقٌ؛ يُقَالُ: أَبِضَ نَساه وأَبَضَ وتأَبَّضَ تقبّضَ وَشَدَّ رِجْلَيْهِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ يَهْجُو امرأَة:
إِذا جَلَسَتْ فِي الدَّارِ يَوْمًا، تأَبَّضَتْ ... تَأَبُّضَ ذِيب التَّلْعَةِ المُتَصَوِّبِ
أَراد أَنها تجلِس جِلْسةَ الذِّئْبِ إِذا أَقْعى، وإِذا تأَبَّضَ عَلَى التَّلْعة رأَيته مُنْكبّاً. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُسْتَحَبُّ مِنَ الْفَرَسِ تأَبُّضُ رِجْلَيْهِ وشَنَجُ نَساه. قَالَ: وَيُعْرَفُ شَنْجُ نَساه بِتَأَبُّضِ رِجْلَيْهِ وتَوْتِيرهما إِذا مَشَى. والإِباضُ: عِرْقٌ فِي الرِّجْل. يُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذا توتَّرَ ذَلِكَ العرقُ مِنْهُ: مُتَأَبِّضٌ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: فَرَسٌ أَبُوضُ النَّسا كأَنما يَأْبِضُ رِجْلَيْهِ مِنْ سُرْعَةِ رَفْعِهِمَا عِنْدَ وَضْعِهِمَا؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
كأَنَّ هِجانَها مُتَأَبِّضاتٍ، ... وَفِي الأَقْرانِ أَصْوِرةُ الرَّغامِ
مُتَأَبِّضات: مَعْقُولَاتٌ بالأُبُضِ، وَهِيَ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْحَالِ. والمَأْبِضُ: الرُّسْغ وَهُوَ مَوْصِل الْكَفِّ فِي الذِّرَاعِ، وَتَصْغِيرُ الإِباضِ أُبَيِّضٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَقولُ لِصاحِبي، والليلُ داجٍ: ... أُبَيِّضَك الأُسَيِّدَ لَا يَضِيعُ
يَقُولُ: احْفَظْ إِباضَك الأَسودَ لَا يَضِيعُ فَصَغَّرَهُ. وَيُقَالُ: تَأَبَّضَ البعيرُ فَهُوَ مُتَأَبِّضٌ، وتَأَبَّضَه غيرُه كَمَا يُقَالُ زَادَ الشيءُ وزِدْتُه. وَيُقَالُ لِلْغُرَابِ مُؤْتَبِض النَّسا لأَنه يَحْجِل كأَنّه مأْبُوضٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وظَلَّ غُرابُ البَيْنِ مُؤْتَبِضَ النَّسا، ... لَهُ فِي دِيارِ الجارتَين نَعِيقُ
وإِباضٌ: اسْمُ رَجُلٍ. والإِباضِيّة: قَوْمٌ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ لَهُمْ هَوًى يُنْسَبون إِليه، وَقِيلَ: الإِباضِيّة فِرْقة مِنَ الْخَوَارِجِ أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ بنِ إِباضٍ التَّمِيمِيِّ. وأُبْضَة: ماءٌ لِطَيِءٍ وَبَنِي مِلْقَط كَثِيرُ النَّخْلِ؛ قَالَ مُسَاوِرُ بْنُ هِنْدٍ:
وجَلَبْتُه مِنْ أَهل أُبْضةَ طائِعاً، ... حَتَّى تَحَكَّم فِيهِ أَهلُ أُرابِ
وأُباضُ: عِرْضٌ بِالْيَمَامَةِ كَثِيرُ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
أَلا يَا جارَتا بِأُباضَ، إِنِّي ... رَأَيْتُ الرِّيحَ خَيْراً مِنْكِ جَارَا
تُعَرِّينا إِذا هَبَّتْ عَلَيْنَا، ... وتَمْلأُ عَيْنَ ناظِركم غُبارا
وَقَدْ قِيلَ: بِهِ قُتِلَ زيد بن الخطاب.
أرض: الأَرْض: الَّتِي عَلَيْهَا النَّاسُ، أُنثى وَهِيَ اسْمُ جِنْسٍ، وَكَانَ حَقُّ الْوَاحِدَةِ مِنْهَا أَن يُقَالَ أَرْضة وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُ عَمْرِو بْنِ جُوَين الطَّائِيِّ أَنشده ابْنُ سِيبَوَيْهِ:
فَلَا مُزْنةٌ وَدَقَتْ وَدْقَها، ... وَلَا أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقالَها(7/111)
فإِنه ذَهَبَ بالأَرض إِلى الْمَوْضِعِ وَالْمَكَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هَذَا رَبِّي؛ أَي هَذَا الشَّخْصُ وَهَذَا المَرْئِيُّ وَنَحْوُهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ؛ أَي وعْظ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: كأَنه اكْتَفَى بِذِكْرِ الْمَوْعِظَةِ عَنِ التَّاءِ، وَالْجَمْعُ آراضٌ وأُرُوض وأَرَضُون، الْوَاوُ عِوَضٌ مِنَ الْهَاءِ الْمَحْذُوفَةِ الْمُقَدَّرَةِ وَفَتَحُوا الرَّاءَ فِي الْجَمْعِ لِيَدْخُلَ الكلمةَ ضَرْبٌ مِنَ التَّكْسِيرِ، استِيحاشاً مِنْ أَن يُوَفِّرُوا لَفْظَ التَّصْحِيحِ لِيُعْلِمُوا أَن أَرضاً مِمَّا كَانَ سَبِيلُهُ لَوْ جُمِعَ بِالتَّاءِ أَن تُفتح راؤُه فَيُقَالُ أَرَضات، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَزَعَمَ أَبو الْخَطَّابِ أَنهم يَقُولُونَ أَرْض وآراضٌ كَمَا قَالُوا أَهل وَآهَالٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ فِيمَا حُكِيَ عَنْ أَبي الْخَطَّابِ أَرْض وأَراضٍ وأَهل وأَهالٍ، كأَنه جَمْعُ أَرْضاة وأَهلاة كَمَا قَالُوا لَيْلَةٌ وليالٍ كأَنه جَمْعُ لَيْلاة، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ أَرَضات لأَنهم قَدْ يَجْمَعُونَ المُؤنث الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ هَاءُ التأْنيث بالأَلف وَالتَّاءِ كَقَوْلِهِمْ عُرُسات، ثُمَّ قَالُوا أَرَضُون فَجَمَعُوا بِالْوَاوِ وَالنُّونِ والمؤَنث لَا يُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ إِلا أَن يَكُونَ مَنْقُوصًا كثُبة وظُبَة، وَلَكِنَّهُمْ جَعَلُوا الْوَاوَ وَالنُّونَ عِوَضًا مِنْ حَذْفهم الأَلف وَالتَّاءَ وَتَرَكُوا فَتْحَةَ الرَّاءِ عَلَى حَالِهَا، وَرُبَّمَا سُكِّنَت، قَالَ: والأَراضي أَيضاً عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كأَنهم جَمَعُوا آرُضاً، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ جَمَعُوا أَرْضى مِثْلَ أَرْطى، وأَما آرُض فقياسُه جمعُ أَوارِض. وَكُلُّ مَا سفَل، فَهُوَ أَرْض؛ وَقَوْلُ خِدَاشِ بْنِ زُهَيْرٍ:
كذَبْتُ عَلَيْكُمْ، أَوْعِدُوني وعلِّلُوا ... بِيَ الأَرْضَ والأَقوامَ، قِرْدانَ مَوْظَبا
قال ابن سيبويه: يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ أَهل الأَرض وَيَجُوزَ أَن يُرِيدَ علِّلُوا جَمِيعَ النَّوْعِ الَّذِي يَقْبَلُ التَّعْلِيلَ؛ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِي وَبِهِجَائِي إِذا كُنْتُمْ فِي سَفَرٍ فَاقْطَعُوا الأَرض بِذِكْرِي وأَنْشِدوا الْقَوْمَ هِجائي يَا قِرْدان مَوْظَب، يَعْنِي قَوْمًا هُمْ فِي القِلّةِ والحَقارة كقِرْدان مَوْظَب، لَا يَكُونُ إِلا عَلَى ذَلِكَ لأَنه إِنما يَهْجُو الْقَوْمَ لَا القِرْدان. والأَرْضُ: سَفِلة الْبَعِيرِ وَالدَّابَّةِ وَمَا وَلِيَ الأَرض مِنْهُ، يُقَالُ: بَعِيرٌ شَدِيدُ الأَرْضِ إِذا كَانَ شَدِيدَ الْقَوَائِمِ. والأَرْضُ: أَسفلُ قَوَائِمِ الدَّابَّةِ؛ وأَنشد لِحُمَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا:
وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطارُ، ... وَلَا لِحَبْلَيْهِ بِهَا حَبارُ
يَعْنِي لَمْ يُقَلِّبْ قَوَائِمَهَا لِعِلْمِهِ بِهَا؛ وَقَالَ سُوِيدُ بْنُ كُرَاعٍ:
فرَكِبْناها عَلَى مَجْهولِها ... بصِلاب الأَرْض، فِيهنّ شَجَعْ
وَقَالَ خُفَافٌ:
إِذا مَا اسْتَحَمَّت أَرْضُه مِنْ سَمائِه ... جَرى، وَهُوَ مَوْدوعٌ وواعدُ مَصْدَقِ
وأَرْضُ الإِنسان: رُكْبتاه فَمَا بَعْدَهُمَا. وأَرْضُ النَّعْل: مَا أَصاب الأَرض مِنْهَا. وتأَرَّضَ فُلَانٌ بِالْمَكَانِ إِذا ثَبَتَ فَلَمْ يَبْرَحْ، وَقِيلَ: التَّأَرُّضُ التَّأَنِّي وَالِانْتِظَارُ؛ وأَنشد:
وصاحِبٍ نَبّهْتُه لِيَنْهَضا، ... إِذا الكَرى فِي عَيْنِهِ تَمَضْمَضا
يَمْسَحُ بِالْكَفَّيْنِ وَجْهاً أَبْيَضا، ... فَقَامَ عَجْلانَ، وَمَا تَأَرَّضَا
أَي مَا تَلَبَّثَ. والتَّأَرُّضُ: التَّثاقُلُ إِلى الأَرض؛(7/112)
وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
مُقِيم مَعَ الحيِّ المُقِيمِ، وقَلبْهُ ... مَعَ الراحِلِ الغَادي الَّذِي مَا تَأَرَّضا
وتَأَرَّضَ الرجلُ: قَامَ عَلَى الأَرض؛ وتَأَرَّضَ واسْتَأْرَضَ بِالْمَكَانِ: أَقامَ بِهِ ولَبِثَ، وَقِيلَ: تَمَكَّنَ. وتَأَرَّضَ لِي: تضَرَّعَ وتعرَّضَ. وَجَاءَ فُلَانٌ يَتَأَرَّضُ لِي أَي يتصَدَّى ويتعرَّض؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
قُبْحُ الحُطَيْئة مِنْ مُناخِ مَطِيَّةٍ ... عَوْجاءَ سائمةٍ تأَرَّضُ للقِرَى
وَيُقَالُ: أَرَّضْت الكلامَ إِذا هَيَّأْتَه وسَوَّيْتَه. وتأَرَّضَ النَّبْتُ إِذا أَمكن أَن يُجَزَّ. والأَرْضُ: الزُّكامُ، مُذَكَّرٌ، وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ مُؤَنَّثٌ؛ وأَنشد لِابْنِ أَحمر:
وَقَالُوا: أَنَتْ أَرْضٌ بِهِ وتَحَيَّلَتْ، ... فَأَمْسَى لِمَا فِي الصَّدْرِ والرأْسِ شَاكِيا
أَنَتْ أَدْرَكَتْ، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: أَتَتْ. وَقَدْ أُرِضَ أَرْضاً وآرَضَه اللَّهُ أَي أَزْكَمَه، فَهُوَ مَأْرُوضٌ. يُقَالُ: رَجُلٌ مَأْروضٌ وَقَدْ أُرِضَ فُلَانٌ وآرَضَه إِيراضاً. والأَرْضُ: دُوارٌ يأْخذ فِي الرأْس عَنِ اللبنِ فيُهَراقُ لَهُ الأَنف وَالْعَيْنَانِ، والأَرْضُ، بِسُكُونِ الرَّاءِ: الرِّعْدةُ والنَّفْضةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزُلْزِلَتِ الأَرْضُ: أَزُلْزِلَت الأَرض أَمْ بِي أَرْضٌ؟ يَعْنِي الرِّعْدَةَ، وَقِيلَ: يَعْنِي الدُّوَارَ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ صَائِدًا:
إِذا تَوَجَّسَ رِكْزاً مِن سنَابِكها، ... أَو كَانَ صاحِبَ أَرضٍ، أَو بِهِ المُومُ
وَيُقَالُ: بِي أَرْضٌ فآرِضُوني أَي دَاوُونِي. والمَأْرُوضُ: الَّذِي بِهِ خَبَلٌ مِنَ الْجِنِّ وأَهلِ الأَرْض وَهُوَ الَّذِي يُحَرِّكُ رأْسه وَجَسَدَهُ عَلَى غَيْرِ عَمْدٍ. والأَرْضُ: الَّتِي تأْكل الْخَشَبَ. وشَحْمَةُ الأَرْضِ: معروفةٌ، وشحمةُ الأَرْضِ تُسَمَّى الحُلْكة، وَهِيَ بَنات النَّقَا تَغُوصُ فِي الرَّمْلِ كَمَا يَغُوصُ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ، ويُشَبَّه بِهَا بَنان العذارَى. والأَرَضَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: دُودَةٌ بَيْضَاءُ شِبْهُ النَّمْلَةِ تَظْهَرُ فِي أَيام الرَّبِيعِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأَرَضَةُ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ صِغَارٌ مِثْلُ كبَار الذَّرِّ وَهِيَ آفَةُ الْخَشَبِ خَاصَّةً، وضربٌ مِثْلُ كِبَارِ النَّمْلِ ذَوَاتِ أَجنحة وَهِيَ آفَةُ كُلِّ شيءٍ مِنْ خَشَبٍ وَنَبَاتٍ، غَيْرَ أَنها لَا تَعْرِض لِلرُّطَبِ، وَهِيَ ذَاتُ قَوَائِمَ، وَالْجَمْعُ أَرَضٌ، والأَرَض اسْمٌ لِلْجَمْعِ. والأَرْضُ: مَصْدَرُ أُرِضَت الخشبةُ تُؤْرَضُ أَرْضاً فَهِيَ مَأْرُوضة إِذا وَقَعَتْ فِيهَا الأَرَضةُ وأَكلتها. وأُرِضَت الْخَشَبَةُ أَرْضاً وأَرِضَت أَرْضاً، كِلَاهُمَا: أَكلَتْها الأَرَضةُ. وأَرْضٌ أَرِضةٌ وأَرِيضةٌ بَيِّنة الأَراضة: زكيَّةٌ كَرِيمَةٌ مُخَيِّلةٌ لِلنَّبْتِ وَالْخَيْرِ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ الَّتِي تَرُبُّ الثَّرَى وتَمْرَحُ بِالنَّبَاتِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بِلادٌ عَرِيضة، وأَرْضٌ أَرِيضة، ... مَدافِع ماءٍ فِي فَضاءٍ عَريض
وَكَذَلِكَ مَكَانٌ أَريضٌ. وَيُقَالُ: أَرْضٌ أَرِيضةٌ بَيِّنةُ الأَراضَةِ إِذا كَانَتْ لَيِّنةً طَيِّبَةَ المَقْعَد كَرِيمَةً جيِّدة النَّبَاتِ. وَقَدْ أُرِضَت، بِالضَّمِّ، أَي زَكَتْ. وَمَكَانٌ أَرِيضٌ: خَلِيقٌ لِلْخَيْرِ؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
بَحْرٌ هِشَامُ وَهُوَ ذُو فِرَاضِ، ... بينَ فُروعِ النَّبْعةِ الغِضاضِ(7/113)