وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أُنَيْسٍ: كأَنه الرِّئْبالُ الهَصُورُ
أَي الأَسد الشَّدِيدُ الَّذِي يَفْتَرِسُ ويَكْسِرُ، وَيُجْمَعُ عَلَى هَواصِرَ؛ وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ:
ودارَتْ رَحاها باللُّيُوثِ الهواصِرِ
وَفِي حَدِيثِ سَطِيح:
فربما ... أَضْحَوْا بِمنْزِلَةٍ ... تَهابُ صَوْلَهُمُ الأُسْدُ الهَواصِيرُ
كذا بياض بالأصل. جَمْعُ مِهْصارٍ، وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنْهُ. والهَصْرُ: شِدَّةُ الغَمْزِ، وَرَجُلٌ هَصِرٌ وهُصَرٌ. وهَصَرَ قرْنَه يَهْصِرُه هَصْراً: غَمَزَهُ. والهَصْرُ: أَن تأْخذ برأْس شَيْءٍ ثُمَّ تَكْسِرُهُ إِليك مِنْ غَيْرِ بَيْنُونَةٍ؛ وأَنشد لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
وَلَمَّا تَنازَعْنا الحَدِيثَ وأَسْمَحَتْ ... هَصَرْتُ بغُصْنٍ ذِي شَمارِيخ مَيَّالِ
قَوْلُهُ: تَنَازَعْنَا الْحَدِيثَ أَي حَدّثَتْنِي وحَدَّثْتُها. وأَسْمَحَتْ: انْقَادَتْ وتَسَهَّلَتْ بَعْدَ صُعُوبَتِهَا. وهَصَرْتُ: جَذَبْتُ؛ وأَراد بِالْغُصْنِ جِسْمَها وقَدَّها فِي تَثَنِّيهِ وَلِينِهِ كَتَثَنِّي الْغُصْنِ، وَشَبَّهَ شَعْرَهَا بِشَمَارِيخِ النَّخْلِ فِي كَثْرَتِهِ وَالْتِفَافِهِ. والمُهاصِريُّ: ضَرْبٌ مِنَ البُرُود، وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ. والهَصْرَةُ والهَصَرَةُ: خَرَزَة يُؤَخَّذُ بِهَا الرِّجَالُ. وهاصِرٌ وهَصَّارٌ ومُهاصِر: أَسماء.
هطر: هَطَرَ الكلبَ يَهْطِرُه هَطْراً: قَتَلَهُ بِالْخَشَبِ. قَالَ اللَّيْثُ: هَطَرَه يَهْطِرُه هَطْراً كَمَا يُهَيِّجُ الكلبَ بِالْخَشَبَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الهَطْرَةُ تَذَلُّلُ الْفَقِيرِ لِلْغَنِيِّ إِذا سأَله.
هعر: الهَيْعَرَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي لَا تَسْتَقِرُّ مِنْ غَيْرِ عِفَّةٍ كالعَيْهَرَة، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: هَيْعَرَتِ المرأَةُ وتَهَيْعَرَت إِذا كَانَتْ لَا تَسْتَقِرُّ فِي مَكَانٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه عِنْدَهُ مَقْلُوبٌ مِنَ العَيْهَرَةِ لأَنه جَعَلَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا. وَتَرْجَمَ الأَزهري بَعْدَ هَذِهِ تَرْجَمَةً أُخرى وأَعاد هَذِهِ التَّرْجَمَةَ وَقَالَ: قَالَ بَعْضُهُمُ الهَيْعَرُونُ الدَّاهِيَةُ. وَيُقَالُ لِلْعَجُوزِ المُسِنَّة: هَيْعَرُونٌ، سُمِّيَتْ بِالدَّاهِيَةِ. قَالَ: وَلَا أَحُقُّ الهَيْعَرُونَ وَلَا أُثْبِتُه وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ.
هقر: الهَقَوَّرُ: الطَّوِيلُ الضَّخْمُ الأَحمقُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الطَّوِيلِ الْعَظِيمِ الْجِسْمِ: هِرطالٌ وهِرْدَبَّةٌ وهَقَوَّر وقَنَوَّرٌ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِنجادٍ الخَيْبَرِيِّ:
لَيْسَ بِجِلْحابٍ وَلَا هَقَوَّرِ ... لَكِنَّهُ البُهْتُرُ وابْنُ البُهْتُرِ
عِضٌّ لَئِيمُ المُنْتَمى والعُنْصُرِ
الجلحات: الْكَثِيرُ الْهَمِّ. والبُهْتُرِ: الْقَصِيرُ، لُغَةٌ فِي البُحْتُر. والعِضُّ: العَسِرُ. يُقَالُ: غَلَقٌ عِضٌّ إِذا كَانَ لَا يَكَادُ يَنْفَتِحُ. والهُقَيْرَةُ: تَصْغِيرُ الهَقْرَةِ، وَهُوَ وَجَعٌ مِنْ أَوجاع الغنم.
هكر: الهَكْرُ: العَجَبُ، وَقِيلَ: الهَكْرُ أَشدُّ العجبِ. هَكِرَ يَهْكَرُ هَكَراً وهِكْراً، فَهُوَ هَكِرٌ: اشتدَّ عَجَبُه، مِثَالُ عَشِقَ يَعشَقُ عِشْقاً وعَشَقاً؛ قَالَ أَبو كَبِير الْهُذَلِيُّ:
أَزُهَيْرُ، وَيْحَكِ لِلشَّبابِ المُدْبِرِ ... والشَّيْبُ يَغْشَى الرأْسَ غَيْرَ المُقْصِرِ
فَقَدَ الشَّبابَ أَبوكِ إِلا ذِكْرَه ... فاعْجَبْ لِذَلِكَ، رَيْبَ دَهْرٍ، واهْكَرِ(5/265)
بدأَ بِخِطَابِ ابْنَتِهِ زُهَيْرَةَ ثُمَّ رَجَعَ فَخَاطَبَ نَفْسَهُ فَقَالَ: اعْجَبْ لِذَلِكَ واهْكَر أَي تَعَجَّبَ أَشَدَّ الْعَجَبِ. والهَكِرُ: المُتَعَجِّبُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وَالْعَجُوزِ: أَقبلت مِنْ هَكْرانَ وكَوكَبٍ
؛ هُمَا جَبَلَانِ مَعْرُوفَانِ بِبِلَادِ الْعَرَبِ. وَفِيهِ مَهْكَرَة أَي عُجْبٌ. والهَكُرُ والهَكِرُ: الناعِسُ. وَقَدْ هَكِرْتُ أَي نَعِسْتُ. وهَكِرَ الرجلُ هَكَراً: سَكِرَ مِنَ النَّوْمِ، وَقِيلَ: اشْتَدَّ نَوْمُهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَعْتَرِيَهُ نُعاس فَتَسْتَرْخِيَ عِظَامُهُ وَمَفَاصِلُهُ. وتَهَكَّرَ: تَحَيَّرَ. وهَكْرٌ وهَكِرٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَدَى جُؤْذُرَيْن أَو كَبَعْضِ دُمى هَكِرْ
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد دُمى هَكْرِ فَنَقَلَ الْحَرَكَةَ لِلْوَقْفِ كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: هَذَا البَكُرْ وَمِنَ البَكِرْ. قَالَ الأَزهري: هَكِرٌ مَوْضِعٌ أَو دَيْرٌ، قَالَ: أُراه رُومِيًّا، وأَنشد بَيْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ.
همر: الهَمْرُ: الصَّبُّ قوله [الهمر الصب] بابه ضرب ونصر كما في القاموس.. غَيْرُهُ: الهَمْرُ صَبُّ الدَّمْعِ وَالْمَاءِ وَالْمَطَرِ. هَمَرَ الماءُ والدَّمْعُ يَهْمِرُ هَمْراً: صَبَّ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
وجاءَ خَلِيلاه إِليها، كِلاهما ... يَفِيضُ دُموعاً، لَا يَرِيثُ هُمُورُها
وانْهَمَرَ كَهَمَر، فَهُوَ هامِرٌ ومُنْهَمِرٌ: سَالَ. وهَمَرَ الماءَ والدمعَ وَغَيْرَهُ يَهْمِرُه هَمْراً: صَبَّه. والهَمْرَة: الدُّفْعَةُ مِنَ الْمَطَرِ. والهَمَّارُ: السَّحَابُ السَّيَّال؛ قَالَ:
أَناخَتْ بهَمَّارِ الغَمامِ مُصَرِّحٍ ... يَجُودُ بمطلُوقٍ مِنَ الماءِ أَصْحَمَا
وهَمَرَ الْكَلَامَ يَهْمِرُه هَمْراً: أَكثر فِيهِ. وَرَجُلٌ مِهْمارٌ: كَثِيرُ الْكَلَامِ. والهَمْرُ: شِدَّةُ العَدْوِ. وهَمَرَ الفرسُ الأَرضَ يَهْمِرُها هَمْراً واهْتَمَرها: وَهُوَ شِدَّةُ ضَرْبِهِ إِياها بِحَوَافِرِهِ؛ وأَنشد:
عَزَازَة ويَنْهَمِرنَ مَا انْهَمَرْ
وهَمَرَ مَا فِي الضَّرْع أَي حلَبَه كُلَّهُ. وهَمَرَ لَهُ مِنْ مَالِهِ أَي أَعطاه. وَرَجُلٌ هَمَّارٌ ومِهْمارٌ ومِهْمَر أَي مِهْذارٌ يَنْهَمِرُ بِالْكَلَامِ؛ وَقَالَ يَمْدَحُ رَجُلًا بالخَطابَةِ:
تَرِيغُ إِليه هَوادي الْكَلَامِ ... إِذا خَطِلَ النَّثِرُ المِهْمَرُ
الأَزهري: الهَمَّارُ النَّمَّامُ. قَالَ الأَزهري: صَوَابُهُ الهَمَّاز، بِالزَّايِ، فأَما الهَمَّارُ فالمِكْثارُ. والمِهْمارُ: الَّذِي يَهْمِرُ عَلَيْكَ الكلامَ هَمْراً أَي يُكْثِرُ. واهْتَمَر الفرسُ إِذا جَرَى. والهَمَرَى: الصَّخَّابة من النساء. والهَمْرَةُ: والدَّمْدَمَةُ، وَقِيلَ: الدَّمْدَمَةُ بِغَضَبٍ. وهَمَرَ الغُزْرُ الناقةَ يَهْمِرُها هَمْراً: جَهَدَها، وَحَكَى بَعْضُهُمْ هَمَزَها، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. والهَمِرُ واليَهْمُورُ: مِنْ أَسماء الرِّمَالِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنَ الرِّمالِ هَمِرٌ يَهْمُورُ
وَقَالَ الشَّاعِرٌ:
يُهامِرُ السَّيْلَ ويُولي الأَخْشَبَا
والهَمْرَةُ: خَرَزَة الحُبِّ يُستعطف بِهَا الرجالُ؛ يُقَالُ: يَا هَمْرَةُ اهْمِرِيه، وَيَا غَمْرَةُ اغْمُرِيِه، إِن أَقبل فَسُرِّيه، وإِن أَدبر فَضُرِّيه. وَرَجُلٌ هَمِر: غَلِيظٌ سَمِينٌ. وَبَنُو هَمْرة: بَطْنٌ. وَبَنُو هُمَيْر: بَطْنٌ منهم.(5/266)
هنر: الهَنْرَةُ: وَقْبَةُ الأُذُنِ الْمَلِيحَةِ، لَمْ يَحْكِهَا غَيْرُ صَاحِبِ الْعَيْنِ. وَقَالَ الأَزهري: يُقَالُ هَنَرْتُ الثوبَ بِمَعْنَى أَنَرْتُه أَهَنِيرُه وَهُوَ أَن تُعَلِّمَه؛ قاله اللحياني.
هنبر: الهِنْبِرَةُ: الأَتان، وَهِيَ أُم الهِنْبِرِ. وأُم الهِنْبِرِ: الضَّبُعُ فِي لُغَةِ بَنِي فَزارة؛ قَالَ الشَّاعِرُ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ وَاسْمُهُ عُبَيْدُ بْنُ المُضرِّجي:
يَا قاتَلَ اللهُ صِبْيَانًا، تَجيءُ بِهِمْ ... أُمُّ الهُنَيْبِرِ مِنْ زَنْدٍ لَهَا وَاري
مِنْ كُلِّ أَعْلَمَ مَشْقُوقٍ وَتِيرَتُهُ ... لَمْ يُوفِ خَمْسَةَ أَشْبارٍ بشَبَّار
وَيُرْوَى: يَا قَبَّحَ اللَّهُ ضِبْعَانًا. وَفِي شِعْرِهِ: مِنْ زَنْدٍ لَهَا حَارِي، وَالْحَارِي: النَّاقِصُ، وَالَوَارِي: السَّمِينُ، والأَعلم: الْمَشْقُوقُ الشَّفَةِ الْعُلْيَا، وَالْوَتِيرَةُ: إِطار الشَّفَةِ. وأَبو الهِنْبِر: الضِّبْعانُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
ملقينَ لَا يَرْمُونَ أُمَّ الهِنْبِرِ
الأَصمعي: هِيَ الضَّبُعُ؛ وَغَيْرُهُ: هِيَ الحِمَارَةُ الأَهلية. الأَصمعي: الهِنْبِرُ، مِثْلُ الخِنْصِرِ، وَلَدُ الضَّبُعِ، والهِنْبِرُ الْجَحْشُ، وَمِنْهُ قِيلَ للأَتان أُم الهِنْبِرِ. ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ الهِنْبِرُ، والهِنَّبْرُ الثَّوْرُ وَالْفَرَسُ؛ وَهُوَ أَيضاً الأَديم الرَّدِيءُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَا فَتًى مَا قَتَلْتُمُ غَيْرَ دُعْبُوبٍ ... وَلَا مِنْ قُوارَةِ الهِنَّبْرِ
قَالَ: الهِنَّبر هَاهُنَا الأَديم. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ فَقَالَ: فِيهَا هَنابِيرُ مِسْكٍ يَبْعَثُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا رِيحًا تُسَمَّى المُثيرَةَ، فَتُثِير ذَلِكَ المسكَ عَلَى وُجُوهِهِمْ.
وَقَالُوا: الهَنابِيرُ والنَّهابيرُ رِمَالٌ مُشْرِفَةٌ، وَاحِدَتُهَا نُهْبورة وهُنْبُورة، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ فِيهَا هَنَابِيرُ مِسْكٍ، وَقِيلَ: أَراد أَنابير جَمْعَ أَنبار، قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ هَاءً، وَهِيَ كُثْبانٌ مُشْرِفَة، أُخذ مِنَ انْتِبار الشَّيْءِ وَهُوَ ارْتِفَاعُهُ، والأَنْبار مِنَ الطَّعَامِ مأْخوذ منه.
هنزمر: الهِنْزَمْرُ والهِنْزَمْنُ والهِيزَمْنُ، كُلُّهَا: عِيدٌ مِنْ أَعياد النَّصَارَى أَو سَائِرِ الْعَجَمِ، وَهِيَ أَعجمية؛ قَالَ الأَعشى:
إِذا كَانَ هِنْزَمْنٌ ورُحْتُ مُخَشَّما
هور: هارَه بالأَمرِ هَوْراً: أَزَنَّه. وهُرْتُ الرجلَ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ خَيْرٍ إِذا أَزْنَنْتَه، أَهُورُه هَوْراً؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: لَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْخَبَرِ. وهارَه بِكَذَا أَي ظَنَّهُ بِهِ؛ قَالَ أَبو مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَة يَصِفُ فَرَسَهُ:
رَأَى أَنَّني لَا بِالْكَثِيرِ أَهُورُه ... وَلَا هُوَ عَنِّي فِي المُواساةِ ظاهرُ
أَهُورُه أَي أَظن القليلَ يَكْفِيهِ. يُقَالُ: هُوَ يُهارُ بِكَذَا أَي يُظَنُّ بِكَذَا؛ وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ إِبلًا:
قَدْ عَلِمَتْ جِلَّتُها وخُورُها ... أَني، بِشِرْبِ السُّوءِ، لَا أَهُورُها
أَي لَا أَظن أَن الْقَلِيلَ يَكْفِيهَا وَلَكِنْ لَهَا الْكَثِيرُ. وَيُقَالُ: هُرْتُ الرجلَ هَوْراً إِذا غَشَشْتَه. وهُرْتُه بِالشَّيْءِ: اتَّهَمْتُه بِهِ، وَالِاسْمُ الهُورَةُ. وهارَ الشيءَ: حَزَرَه. وَقِيلَ للفَزارِيِّ: مَا الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: حُزْمَةٌ يَهُورُها أَي قِطْعَةٌ يَحْزُرها. وهُرْتُه: حَمَلْتُهُ عَلَى الشَّيْءِ وأَردته بِهِ. وضَرَبَه فَهارَه وهَوَّره إِذا صَرَعَهُ. وهارَ البناءَ هَوْراً: هَدَمَه. وَهَارَ البناءُ والجُرْفُ يَهُورُ هَوْراً وهُؤُوراً، فَهُوَ هائِرٌ وهارٍ، عَلَى الْقَلْبِ.(5/267)
وتَهَوَّر وتَهَيَّر، الأَخيرة عَلَى الْمُعَاقَبَةِ، وَقَدْ يَكُونُ تَفَيْعَل، كُلُّه: تَهَدَّمَ، وَقِيلَ: انْصَدَعَ مِنْ خَلْفه وَهُوَ ثَابِتٌ بَعْدُ فِي مَكَانِهِ، فإِذا سَقَطَ فَقَدِ انْهار وتَهَوَّر. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الضَّبْعَاءِ: فَتَهَوَّرَ القَلِيبُ بِمَنْ عَلَيْهِ.
يُقَالُ: هارَ البناءُ يَهُورُ وتَهَوَّر إِذا سَقَطَ، وَقَوْلُ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
بكُلِّ قَرارَةٍ مِنْ حيثُ حارَتْ ... رَكِيَّةُ سُنْبُكٍ فِيهَا انْهِيارُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الِانْهِيَارُ مَوْضِعُ لِينٍ يَنْهار، سَمَّاهُ بِالْمَصْدَرِ وَهَكَذَا عَبَّرَ عَنْهُ، وَكُلُّ مَا سَقَطَ مِنْ أَعلى جُرُفٍ أَو شَفِيرِ رَكِيَّةٍ فِي أَسفلها، فَقَدْ تَهَوَّرَ وتَدَهْوَرَ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: تَرَكَتِ المُخَّ رَارًا والمَطِيَّ هَارًا
، الهارُ السَّاقِطُ الضَّعِيفُ. يُقَالُ: هُوَ هارٌ وهارٍ وهائِرٌ، فأَما هائِرٌ فَهُوَ الأَصل مَنْ هارَ يَهُورُ، وأَما هارٌ بِالرَّفْعِ فَعَلَى حَذْفِ الْهَمْزَةِ، وأَما هارٍ بِالْجَرِّ فَعَلَى نَقْلِ الْهَمْزَةِ إِلى بَعْدِ الرَّاءِ، كَمَا قَالُوا فِي شائِك السِّلَاحِ: شَاكِ السِّلَاحِ ثُمَّ عُمِلَ بِهِ مَا عُمِلَ بِالْمَنْقُوصِ نَحْوَ قَاضٍ وَدَاعٍ، وَيُرْوَى هَارًّا، بِالتَّشْدِيدِ. وتَهَوَّر الشتاءُ: ذَهَبَ أَشده وأَكثره وَانْكَسَرَ بَرْدُه. وتَهَوَّر الليلُ: ذَهَبَ، وَقِيلَ: تَهَوَّر اللَّيْلُ وَلَّى أَكثره وَانْكَسَرَ ظَلَامُهُ. وَيُقَالُ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ: تَوَهَّر اللَّيْلُ وَالشِّتَاءُ، وتَوَهَّر اللَّيْلُ إِذا تَهَوَّر. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى تَهَوَّرَ اللَّيْلُ
أَي ذَهَبَ أَكثره. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ جُرُفٌ هارٍ، خَفَضُوهُ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ وأَرادوا هَائِرٌ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنَ الثُّلَاثِيِّ «2» إِلى الرُّبَاعِيِّ كَمَا قَلَبُوا شَائِكَ السِّلَاحِ إِلى شَاكِ السِّلَاحِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ جُرُفٌ هَارٍ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ وأَصله هَائِرٌ وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنَ الثُّلَاثِيِّ إِلى الرُّبَاعِيِّ، قَالَ: هَذِهِ الْعِبَارَةُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ لأَن الْمَقْلُوبَ مِنْ هَائِرٍ وَغَيْرَ الْمَقْلُوبِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ مِنْ هَوَرَ، أَلا تَرَى أَنّ هائِراً وهارِياً عَلَى وَزْنِ فَاعِلٍ؟ وإِنما أَراد الْجَوْهَرِيُّ أَن قَوْلَهُمْ هارٍ هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرف وَهَائِرٌ عَلَى أَربعة أَحرف وَلَيْسَ الأَمر عَلَى ذَلِكَ أَيضا بَلْ هَارٍ عَلَى أَربعة أَحرف وإِنما حُذِفَتِ الْيَاءُ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ التَّنْوِينِ، وَمَا حُذِفَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْجُودِ، أَلا تَرَى أَنك إِذا نَصَبْتَهُ ثَبَتَتِ الْيَاءُ لِتَحَرُّكِهَا فَتَقُولُ: رأَيت جُرفاً هَارِيًا؟ فَهُوَ عَلَى فَاعِلٍ، كَمَا أَن قَوْلَكَ رأَيت جُرُفًا هَائِرًا هُوَ أَيضا عَلَى فَاعِلٍ فَقَدْ ثَبَتَ أَن كَلًّا مِنْهُمَا عَلَى أَربعة أَحرف. وهَوَّرْتُه فَتَهَوَّرَ وانْهارَ أَي انْهَدَمَ. والتَّهَوُّر: الْوُقُوعُ فِي الشَّيْءِ بِقِلَّةِ مُبَالَاةٍ. يُقَالُ: فُلَانٌ مُتَهَوِّرٌ. واهْتَوَرَ الشيءُ: هَلَكَ. ابْنُ الأَعرابي: الْهَائِرُ السَّاقِطُ والرَّاهي الْمُسْتَقِيمُ والهَوْرَةُ الهَلَكَةُ. أَبو عَمْرٍو: الهَوَرْوَرَةُ المرأَة الْهَالِكَةُ. وَرَجُلٌ هارٌ وهارٍ، الأَخيرة عَلَى الْقَلْبِ: ضعيفٌ. الأَزهري: رَجُلٌ هارٍ إِذا كَانَ ضَعِيفًا فِي أَمره، وأَنشد:
مَاضِي العَزِيمَةِ لَا هارٍ وَلَا خَزِلُ
وخَرْقٌ هَوْرٌ أَي وَاسِعٌ بَعِيدٌ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
هَيْماءُ يَهْماءُ وخَرْقٌ أَهْيَمُ ... هَوْرٌ، عَلَيْهِ هَبَواتٌ جُثَّمُ،
لِلرِّيحِ وَشْيٌ فَوْقَهُ مُنَمْنَمُ
وهَوَّرْنا عَنَّا القَيْظَ وجَرَمْناه وجَرَّمْناه وكَبَبْناه بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: هُرْتُ الْقَوْمَ أَهُورُهُمْ هَوْراً إِذا قَتَلْتَهُمْ وكَبَبْتَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ كَمَا يَنْهار الجُرُفُ، قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فاسْتَدْبَروُهُمْ فَهارُوهُمْ، كأَنَّهُمُ ... أَفْنادُ كَبكَبَ ذاتِ الشَّتِّ والخَزَمِ «3»
__________
(2) . 1 قوله «وهو مقلوب من الثلائي إلخ» كذا بالأصل ومثله في نسخ الصحاح ولعل الأولى العكس.
(3) . 1 قوله «أفناد كبكب» جمع فند كحمل وأحمال، وهو الشمراخ من شماريخ الجبل. وكبكب: جبل لهذيل مشرف على موقف عرفة كما في ياقوت.(5/268)
واهْتَوَرَ إِذا هَلَكَ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ أَطاع رَبَّهُ فَلَا هَوارَةَ عَلَيْهِ
أَي لَا هُلْكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اتَّقَى اللَّه وُقِيَ الهَوْراتِ
يَعْنِي الْمَهَالِكَ، وَاحِدَتُهَا هَوْرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَنه خَطَبَ فَقَالَ: مَنْ يَتَّقِي اللَّه لَا هَوارَةَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَدْرُوا مَا قَالَ، فَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ: أَي لَا ضَيْعَةَ عَلَيْهِ.
والهَوْرُ: بُحَيْرَةٌ تغِيضُ فِيهَا مِياهُ غِياضٍ وآجامٍ فَتَتَّسِعُ وَيَكْثُرُ ماؤُها، وَالْجَمْعُ أَهْوارٌ. والتَّهْيُور: مَا انْهارَ مِنَ الرَّمْلِ، وَقِيلَ: التَّهْيُور مَا اطمأَنَّ مِنَ الرَّمْلِ. وتِيهٌ تَيْهُور: شَدِيدٌ، يَاؤُهُ عَلَى هَذَا مُعاقِبةٌ بَعْدَ القَلْبِ.
هير: هارَ الجُرْفُ والبِناءُ وتَهَيَّرَ: انْهَدَمَ، وَقِيلَ: إِذا انْصَدَعَ الْجُرْفُ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ ثَابِتٌ بَعْدُ فِي مَكَانِهِ فَقَدْ هارَ، فإِذا سَقَطَ فَقَدِ انْهارَ وتَهَيَّر. وهَيَّرْتُ الجُرْفَ فَتَهَيَّر: لُغَةٌ فِي هَوَّرْتُه. وَرَجُلٌ هَيارٌ: يَنْهار كَمَا يَنْهار الرَّمْلُ؛ قَالَ كثيِّر:
فَمَا وَجَدُوا منكَ الضَّريبَةَ هَدَّةً ... هَيَاراً، وَلَا سَقْطَ الأَلِيَّةِ أَخْرَما
والهَيْرَةُ: الأَرضُ السَّهْلَةُ. وهِيرٌ وهَيْرٌ وهَيِّرٌ: مِنْ أَسماء الصَّبا، وَكَذَلِكَ إِيْرٌ وأَيْرٌ وأَيِّرٌ، وَقِيلَ: هِيْرٌ وإِيْرٌ مِنْ أَسماء الشَّمال. وَالْهَائِرُ: السَّاقِطُ، وَالرَّاهِي الْمُسْتَقِيمُ، والهَوْرَةُ الهَلَكَةُ. يُقَالُ: اسْتَيْهِرْ بإِبلك واقْتَيِلْ وارْتَجِعْ أَي اسْتَبْدِلْ بِهَا إِبلًا غَيْرَهَا، وَاقَتِيلْ هُوَ افْتَعِلْ مِنَ المُقايَلَةِ فِي الْبَيْعِ الْمُبَادَلَةِ. وَمَضَى هِيْرٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي أَقل مِنْ نِصْفِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَحُكِيَ فِيهِ هِتْرٌ وَقَدْ ذُكِرَ. وهِيْرُورٌ: ضَرْبٌ «1» مِنَ التَّمْرِ، وَالَّذِي حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ هِيْرُونُ، بِضَمِّ النُّونِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ فِعْلُوناً وفِعْلُولًا. واليَهْيَرُّ: الْحَجَرُ الصُّلْبُ الأَحمر. الحجرُ اليَهْيَرُّ: الصُّلْبُ، وَمِنْهُ سُمِّي صَمْغُ الطلْح يَهْيَرّاً، وَقِيلَ: هِيَ حِجَارَةٌ أَمثال الأَكف، وَقِيلَ: هُوَ حَجَرٌ صَغِيرٌ، قَالَ: وَرُبَّمَا زَادُوا فِيهِ الأَلف فَقَالُوا: يَهْيَرَّى، قَالُوا: وَهُوَ مِنْ أَسماءِ الْبَاطِلِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: قِيلَ لأَبي أَسلم: مَا الثَّرَّةُ اليَهْيَرَّةُ الأَخلاف فَقَالَ: الثَّرَّةُ السَّاهِرَة العِرْقِ تَسْمَعُ زَمِيرَ شَخْبِها وأَنت مِنْ سَاعَةٍ، قَالَ: واليَهْيَرَّةُ الَّتِي يَسِيلُ لَبَنُهَا مِنْ كَثْرَتِهِ، وَنَاقَةٌ سَاهِرَةُ الْعُرُوقِ، كَثِيرَةُ اللَّبَنِ: وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اليَهْيَرُّ، مُشَدَّدٌ: الصَّمْغة الْكَبِيرَةُ؛ وأَنشد:
قَدْ مَلَؤُوا بُطونَهُمْ يَهْيَرَّا
واليَهْيَرُّ واليَهْيَرَّى: الماءُ الْكَثِيرُ. وَذَهَبَ مَالُهُ فِي اليَهْيَرَّى أَي الْبَاطِلِ. أَبو الْهَيْثَمِ: ذَهَبَ صَاحِبُكَ فِي اليَهْيَرَّى أَي فِي الْبَاطِلِ. شَمِرٌ: ذَهَبَ فِي اليَهْيَرِّ أَي فِي الرِّيحِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا سأَلته عَنْ شَيْءٍ فأَخطأَ: ذهبتَ فِي اليَهْيَرَّى، وأَين تذهبْ تذهبْ فِي اليَهْيَرَّى؛ وأَنشد:
لَمَّا رأَتْ شَيْخًا لَهَا دَوْدَرَّى ... فِي مثلِ خَيْطِ العِهِنِ المُعَرَّى
طَلَّتْ كأَنَّ وجْهَها يَحْمَرَّا ... تَرْبُدُ فِي الباطلِ واليَهْيَرَّى
والدَّوْدَرَّى مِنْ قَوْلِكَ فَرَسٌ دَرِيرٌ أَي جَوَادٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي مِثْلِ خَيْطِ الْعِهِنِ الْمُعَرَّى؛ يريد الخُدْرُوفَ. وَزَعَمَ أَبو عُبَيْدَةَ أَن اليَهْيَرَّى الْحِجَارَةُ. واليَهْيَرُّ: الْكَذِبُ. وَقَوْلُهُمْ أَكذبُ مِنَ اليَهْيَرِّ، هُوَ السَّرَابُ. اللَّيْثُ: اليَهْيَرُّ اللَّجَاجَةُ والتَّمادِي فِي الأَمر، تقول استيهر، وأَنشد:
__________
(1) . قوله [وهيرور ضرب إلخ] بكسر الهاء بضبط الأصل وضبط في القاموس بفتحها وتكلم الشارح عليهما وعزا الأَول لأَئمة اللغة(5/269)
وقَلْبُكَ فِي اللَّهْو مُستَيْهِرُ «1»
الْفَرَّاءُ: يُقَالُ قَدِ اسْتَيْهَرْتُ أَنكم قَدِ اصْطَلَحْتُمْ، مِثْلُ اسْتَيْقَنْتُ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الْجَعْفَرِيِّينَ أَنا مُسْتَوْهِرٌ بالأَمر مستيقن؛ السلميّ: مُسْتَيهِرٌ. واليَهْيَرُّ: دُوَيْبَّة أَعظم مِنَ الجُرَذِ تَكُونُ فِي الصَّحَارِي، وَاحِدَتُهُ يَهْيَرَّة؛ وأَنشد:
فَلاةٌ بِهَا اليَهْيَرُّ شُقْراً كأَنها ... خُصَى الخَيْلِ، قَدْ شُدَّتْ عَلَيْهَا المَسامِرُ
وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِهَا فَقَالُوا: يَفْعَلّةٌ، وَقَالُوا: فَيْعَلَّةٌ، وَقَالُوا: فَعْلَلَّةٌ. ابْنُ هَانِئٍ: اليَهْيَرُّ شَجَرَةٌ، واليَهْيَرُ، بِالتَّخْفِيفِ، الْحَنْظَلُ، وَهُوَ أَيضاً السَّمُّ. واليَهْيَرُ: صَمْغُ الطَّلْحِ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما يَهْيَرُّ، مُشَدَّدٌ، فَالزِّيَادَةُ فِيهِ أَولى لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْيَلُّ، وَقَدْ نَقَلَ مَا أَوَّله زِيَادَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ يَهْيَرُّ مُخَفَّفَةُ الْيَاءِ كَانَتِ الأُولى هِيَ الزَّائِدَةُ أَيضاً، لأَن الْيَاءَ إِذا كَانَتْ أَوَّلًا بِمَنْزِلَةِ الْهَمْزَةِ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو فِي اليَهْيَرِّ صَمْغِ الطَّلْحِ:
أَطْعَمْتُ رَاعِيَّ مِنَ اليَهْيَرِّ ... فَظَلَّ يَعْوِي حَبَطاً بِشَرِّ
خَلْفَ اسْتِهِ، مثلَ نَقِيق الهِرِّ
وَهُوَ يَفْعَلُّ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْيَلٌّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَسقط الْجَوْهَرِيُّ ذِكْرَ تَيْهُور لِلرَّمْلِ الَّذِي يَنْهار لأَنه يَحْتَاجُ فِيهِ إِلى فَضْلِ صَنْعَةٍ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ؛ وشاهدُ تَيْهورٍ لِلرَّمْلِ المُنْهارِ قَوْلُ الْعَجَّاجِ: إِلى أَراطٍ ونَقاً تَيْهُورِ وَزْنُهُ تَفْعُول، والأَصل فيه تَهْيُور، فقدِّمت الْيَاءِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ إِلى مَوْضِعِ الْفَاءِ، فَصَارَ تَيْهُوراً، فَهَذَا إِن جعلت تَيهُوراً من تَيَهَّرَ الجُرُفُ، وإِن جَعَلْتَهُ مِنْ تَهَوَّر كَانَ وَزْنُهُ فَيْعُولًا لَا تَفْعُولًا، وَيَكُونُ مَقْلُوبَ الْعَيْنِ أَيضاً إِلى مَوْضِعِ الْفَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ فِيهِ بَعْدَ الْقَلْبِ وَيْهُور، ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً كَمَا قُلِبَتْ فِي تَيْقُور، وأَصله وَيْقُور مِنَ الوَقار كَقَوْلِ الْعَجَّاجِ:
فإِن يَكُنْ أَمْسى البِلَى تَيْقورِي
أَي وَقاري قَالَ: وَكَثِيرًا مَا تُبْدَلُ التَّاءُ مِنَ الْوَاوِ فِي نَحْوِ تُراثٍ وتُجاهٍ وتُخَمَة وتُقًى وتُقاةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا نَحْنُ التَّيْهُورَ فِي فَصْلِ التَّاءِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ.
فصل الواو
وأر: وَأَرَ الرجلَ يَئِرُه وأْراً: فَزَّعَهُ وذَعَرَه؛ قَالَ لَبِيَدٍ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
تَسْلُبُ الكانِسَ لَمْ يُوأَرْ بِهَا ... شُعْبَةُ السَّاقِ، إِذا الظِّلُّ عَقَل
وَمَنْ رَوَاهُ لَمْ يُؤْرَ بِهَا جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِهِمْ: الدابةُ تَأْري الدَّابَّةِ إِذا انْضَمَّتْ إِليها وأَلفت مَعَهَا مَعْلَفاً وَاحِدًا. وآرَيْتُها أَنا، وَهُوَ مِنَ الآرِيِّ. ووَأَرَ الرجلَ: أَلقاه عَلَى شَرٍّ. واسْتَوْأَرَتِ الإِبلُ: تَتَابَعَتْ عَلَى نِفارٍ، وَقِيلَ: هُوَ نِفارُها فِي السَّهْلِ، وَكَذَلِكَ الْغَنَمُ وَالْوَحْشُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا نَفَرَتِ الإِبل فَصَعَّدَتِ الجَبَلَ فإِذا كَانَ نِفارُها فِي السَّهْلِ قِيلَ: اسْتَأْوَرَت؛ قَالَ: هَذَا كَلَامُ بَنِي عَقِيلٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ضَمَمْنا عَلَيْهِمْ حُجْرَتَيْهِمْ بِصادِقٍ ... مِنَ الطَّعْنِ، حَتَّى استأْوَرُوا وتَبَدَّدُوا
ابْنُ الأَعرابي: الوَائرُ الفَزِعُ. والإِرَةُ: مَوْقِدُ النَّارَ، وَقِيلَ: هِيَ النَّارُ نَفْسُهَا، وَالْجَمْعُ إِراتٌ وإِرُون عَلَى مَا يَطَّرِدُ فِي هَذَا النحو ولا يُكَسَّرُ.
__________
(1) . قوله [وقلبك إلخ] صدره كما في شرح القاموس عن الصاغاني [صحا العاشقون وما تقصر] .(5/270)
ووَأَرَها ووَأَرَ لَهَا وَأْراً وإِرةً: عَمِلَ لَهَا إِرَةً. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوُؤْرةُ فِي وَزْنِ الوُعْرَةِ حُفْرَة المَلَّةِ، وَالْجَمْعُ وُأَرٌ مِثْلُ وُعَرٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أُوَرٌ مِثْلُ عُوَرٍ، صَيَّرُوا الْوَاوَ لَمَّا انْضَمَّتْ هَمْزَةً وَصَيَّرُوا الْهَمْزَةَ الَّتِي بَعْدَهَا وَاوًا. والإِرَةُ: شَحْمَةُ السَّنام. والإِرَةُ أَيضاً: لَحْمٌ يُطْبَخُ فِي كَرِشٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: أُهْدِيَ لَهُمْ إِرَةٌ أَي لَحْمٌ فِي كَرِشٍ. ابْنُ الأَعرابي: الإِرَةُ النَّارُ، والإِرَةُ الحُفْرة لِلنَّارِ، والإِرَةُ اسْتِعارُ النَّارِ وشدَّتها، والإِرَةُ الخَلْعُ، وَهُوَ أَن يُغْلَى اللَّحْمُ وَالْخَلُّ إِغلاءً ثُمَّ يُحْمَلُ فِي الأَسفار، والإِرَةُ القَدِيدُ؛ وَمِنْهُ خَبَرُ
بِلَالٍ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمعكم شيءٌ مِنَ الإِرَةِ
؟ أَي الْقَدِيدِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ الإِرَةُ والقَدِيدُ والمُشَنَّقُ والمُشَرَّقُ والمُتَمَّرُ وَالْمُوَحَّرُ وَالْمُفَرْنَدُ «2» والوَشِيقُ. وَيُقَالُ: ائْتِنا بِإِرَةٍ أَي بنارٍ. والإِرَةُ: الْعَدَاوَةُ أَيضاً؛ وأَنشد:
لِمُعالِجِ الشَّحْناءِ ذِي إِرَةٍ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِرَةُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ الخُبْزَةُ، قَالَ: وَهِيَ المَلَّةُ. قَالَ: وَالْخُبْزَةُ هِيَ المَلِيلُ. وأَرض وَئِرَةٌ، مِثْلُ فَعِلَةٍ، وَهِيَ شَدِيدَةُ الأُوارِ، وَهُوَ الحَرُّ، قَالَ: وَهِيَ مَقْلُوبَةٌ. اللَّيْثُ: يُقَالُ مِنَ الإِرَةِ: وأَرْتُ إِرَة، وهي إِرَةٌ مَوْؤُورَةٌ، قَالَ: وَهِيَ مُسْتَوْقَدُ النَّارِ تَحْتَ الحَمَّامِ وَتَحْتَ أَتُّونِ الجِرارِ والجَصَّاصَةِ، إِذا حَفَرْتَ حُفْرَة لإِيقاد النَّارِ. يُقَالُ: وأَرْتُها أَئِرُها وأْراً وإِرَةً. التهذيب: الوِئارُ الممدّدة وَهِيَ مَخاضُ الطِّينِ «3» الَّذِي يُلاطُ بِهِ الحِياض؛ قَالَ:
بِذِي وَدَعٍ يَحُلُّ بكُلّ وَهْدٍ ... رَوايا الْمَاءِ يَظَّلِمُ الوِئارا
وَبَرَ: الوَبَرُ: صُوفُ الإِبل والأَرانب وَنَحْوِهَا، وَالْجَمْعُ أَوْبارٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَذَلِكَ وَبَرُ السَّمُّور وَالثَّعَالِبِ والفَنَكِ، الْوَاحِدَةُ وَبَرَةٌ. وَقَدْ وَبِرَ الْبَعِيرُ، بِالْكَسْرِ؛ وَحَاجَى بِهِ ثعلبةُ بْنُ عُبَيْدٍ فَاسْتَعْمَلَهُ لِلنَّحْلِ فَقَالَ:
شَتَتْ كَثَّةَ الأَوْبارِ لَا القُرَّ تَتَّقي ... وَلَا الذِّئْبَ تَخْشى، وَهْيَ بالبَلَدِ المُفْضي
يُقَالُ: جَمَلٌ وَبِرٌ وأَوْبَرُ إِذا كَانَ كَثِيرَ الوَبَرِ، وَنَاقَةٌ وَبِرَةٌ ووَبْراءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَحَبُّ إِليّ مِنْ أَهل الوَبَرِ والمَدَرِ
أَي أَهل الْبَوَادِي والمُدْنِ والقُرى، وَهُوَ مِنْ وَبَرِ الإِبل لأَن بُيُوتَهُمْ يَتَّخِذُونَهَا مِنْهُ، والمَدَرُ جَمْعُ مَدَرَة، وَهِيَ البِنْيَةُ. وبناتُ أَوْبَرَ: ضَرْبٌ مِنَ الكمأَة مُزْغِبٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: بناتُ أَوبَرَ كَمْأَةٌ كأَمثال الْحَصَى صِغارٌ، يَكنَّ فِي النَّقْصِ مِنْ وَاحِدَةٍ إِلى عَشْرٍ، وَهِيَ رَدِيئَةُ الطَّعْمِ، وَهِيَ أَول الكمأَة؛ وَقَالَ مَرَّةً: هِيَ مِثْلُ الكمأَة وَلَيْسَتْ بكمأَة وَهِيَ صِغَارٌ. الأَصمعي: يُقَالُ للمُزْغِبَةِ مِنَ الكمأَة بناتُ أَوْبَرَ، وَاحِدُهَا ابْنُ أَوبر، وَهِيَ الصِّغَارُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: بناتُ الأَوْبَرِ كمأَةٌ صِغَارٌ مُزْغِبَةٌ عَلَى لَوْنِ التُّرَابِ؛ وأَنشد الأَحمر:
وَلَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَساقِلًا ... وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَناتِ الأَوْبَرِ
أَي جَنَيْتُ لَكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ؛ قَالَ الأَصمعي: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَنَاتِ الأَوبر
__________
(2) . قوله [والموحر والمفرند] كذا بالأَصل
(3) . قوله [وهي مخاض الطين] عبارة القاموس محافر الطين(5/271)
فإِنه زَادَ الأَلف وَاللَّامَ لِلضَّرُورَةِ كَقَوْلِ الرَّاجِزِ:
باعَدَ أُمَّ العَمْرِ مِنْ أَسِيرِها
وَقَوْلِ الْآخَرِ:
يَا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صَاحِبِي
يُرِيدُ أَنه عَمْرٌو فِيمَنْ رَوَاهُ هَكَذَا، وإِلا فالأَعرف: يَا لَيْتَ أُم الغَمْرِ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَوْبَرُ نَكِرَةً فَعَرَّفَهُ بِاللَّامِ كَمَا حَكَى سِيبَوَيْهِ أَن عُرْساً مِنَ ابْنِ عُرْسٍ قَدْ نَكَّرَهُ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ: هَذَا ابْنُ عُرْسٍ مقبلٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُقَالُ إِن بَنِي فُلَانٍ مِثْلُ بَناتِ أَوْبَر يَظُنُّ أَن فِيهِمْ خَيْرًا. ووَبَّرَتِ الأَرنبُ وَالثَّعْلَبُ تَوْبِيراً إِذا مَشَى فِي الحُزُونَةِ لِيَخْفَى أَثره فَلَا يَتَبَيَّنُ. وَفِي حَدِيثِ الشُّورى رَوَاهُ
الرِّياشِيُّ: أَن السِّتَّةَ لَمَّا اجْتَمَعُوا تَكَلَّمُوا فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ فِي خُطْبَتِهِ: لَا تُوَبِّرُوا آثارَكم فَتُولِتُوا ديْنَكُمْ.
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَوْمَ الشُّورى: لَا تَغْمِدوا السُّيُوفَ عَنْ أَعدائكم فَتُوَبِّرُوا آثارَكم
؛ التَّوْبِيرُ التَّعْفِيَةُ ومَحْوُ الأَثر؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ مِنَ تَوْبِير الأَرنب مَشْيِها عَلَى وَبَرِ قَوَائِمِهَا لِئَلَّا يُقْتَصَّ أَثَرُها، كأَنه نَهَاهُمْ عَنِ الأَخذ فِي الأَمر بالهُوَيْنا، قَالَ: وَيُرْوَى بِالتَّاءِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، رَوَاهُ
شَمِرٌ: لَا تُوَتِّرُوا آثَارَكُمْ
، ذَهَبَ بِهِ إِلى الوَتْرِ والثَّأْرِ، وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ الرِّيَاشِيُّ، أَلا تَرَى أَنه يُقَالُ وَتَرْتُ فُلَانًا أَتِرُه من الوَتْرِ وَلَا يُقَالُ أَوْتَرْتُ؟ التَّهْذِيبُ: إِنما يُوَبِّرُ مِنَ الدَّوَابِّ التُّفَهُ وعَناقُ الأَرض والأَرنبُ. وَيُقَالُ: وَبَّرَتِ الأَرنب فِي عَدْوها إِذا جَمَعَتْ بَراثِنَها لِتُعَفِّيَ أَثَرَها. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والتَّوْبِيرُ أَن تَتْبَعَ المكانَ الَّذِي لَا يَسْتَبِين فِيهِ أَثَرُها، وَذَلِكَ أَنها إِذا طُلِبَتْ نَظَرَتْ إِلى صَلابة مِنَ الأَرض وحَزْنٍ فَوَثَبَتْ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَسْتَبِينَ أَثرها لِصَلَابَتِهِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِنما يُوَبِّرُ مِنَ الدَّوَابِّ الأَرنبُ وشيءٌ آخرُ لم نحفظه. وَوَبَّرَ الرجلُ فِي مَنْزِلِهِ إِذا أَقام حِينًا فَلَمْ يَبْرَحْ. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ أَبر: أَبَّرْتُ النخلَ أَصلحته، وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: يُقَالُ نَخْلٌ قَدْ أُبِّرَتْ ووُبِرتْ وأُبِرَتْ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ، فَمَنْ قَالَ أُبِّرَتْ فَهِيَ مؤَبَّرَةٌ، وَمَنْ قَالَ وُبِرَتْ فَهِيَ مَوْبُورَةٌ، وَمَنْ قَالَ أُبِرَتْ فَهِيَ مأْبُورَةٌ أَي مُلَقَّحَةٌ. والوَبْرُ، بِالتَّسْكِينِ: دُوَيْبَّة عَلَى قَدْرِ السِّنَّوْرِ غَبْرَاءُ أَو بَيْضَاءُ مِنْ دَوَابِّ الصَّحْرَاءِ حَسَنَةُ الْعَيْنَيْنِ شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ تَكُونُ بالغَوْرِ، والأُنثى وَبْرَةٌ، بِالتَّسْكِينِ، وَالْجَمْعُ وَبْرٌ ووُبُورٌ ووِبارٌ ووِبارَةٌ وإِبارةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ طَحْلاء اللَّوْنِ لَا ذَنَبَ لَهَا تَدْجُنُ فِي الْبُيُوتِ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ وَبْرَةَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: وَبْرٌ تَحَدَّرَ مِنْ قُدُومِ ضأْنٍ
«1» ؛ الوَبْرُ، بِسُكُونِ الْبَاءِ: دُوَيْبَّةٌ كَمَا حَلَّيْنَاهَا حِجَازِيَّةٌ وإِنما شَبَّهَهُ بالوَبْرِ تَحْقِيرًا لَهُ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْبَاءِ مِنْ وَبَرِ الإِبلِ تَحْقِيرًا لَهُ أَيضاً، قَالَ: وَالصَّحِيحُ الأَول. وَفِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ: فِي الوَبْرِ شاةٌ، يَعْنِي إِذا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ لأَن لَهَا كَرِشاً وَهِيَ تَجْتَرُّ. ابْنُ الأَعرابي: فُلَانٌ أَسْمَجُ مِنْ مُخَّةِ الوَبْرِ. قَالَ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قَالَتِ الأَرنبُ للوَبْرِ: وَبْر وَبْر، عَجُزٌ وصَدْر، وَسَائِرُكِ حَقْرٌ نَقْر فَقَالَ لَهَا الوَبْرُ: أَرانِ أَرانْ، عَجُزٌ وكَتِفانْ، وسائركِ أُكْلَتانْ ووَبَّرَ الرجلُ: تَشَرَّدَ فَصَارَ مَعَ الوَبْرِ فِي التَّوَحُّشِ؛ قال جرير:
__________
(1) . قوله [من قدوم ضأن] كذا ضبط بالأَصل بضم القاف، وضبط في النهاية بفتحها، ونبه ياقوت في المعجم على أنهما روايتان(5/272)
فَمَا فارقْتُ كِنْدَةَ عَنْ تَراضٍ ... وَمَا وَبَّرْتُ فِي شِعْبِي ارْتِعابا
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ وَبَّرَ فلانٌ عَلَى فلانٍ الأَمرَ أَي عَمَّاه عَلَيْهِ؛ وأَنشد أَبو مَالِكٍ بَيْتَ جَرِيرٍ أَيضاً:
وَمَا وَبَّرْتُ في شُعَبَى ارتعابا
ويُروى: ارتغاباً كما في ديوان جرير. قَالَ: يَقُولُ مَا أَخفيت أَمرك ارْتِعَابًا أَي اضْطِرَابًا. وأُمُّ الوَبْرِ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ الرَّاعِي:
بأَعلامِ مَرْكُوزٍ فَعَنْزٍ فَغُرَّبٍ ... مَغاني أُمِّ الوَبْرِ إِذ هِيَ مَا هِيَا
وَمَا بِالدَّارِ وابِرٌ أَي مَا بِهَا أَحد؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
فَأُبْتُ إِلى الْحَيِّ الَّذِينَ وراءَهمْ ... جَرِيضاً، وَلَمْ يُفْلِتْ مِنَ الجيشِ وابِرُ
والوَبْراءُ: نَبَاتٌ. ووَبارِ مِثْلُ قَطام: أَرض كَانَتْ لِعَادٍ غَلَبَتْ عَلَيْهَا الْجِنُّ، فَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُجْرِيهَا مَجْرَى نَزالِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُجْرِيهَا مَجْرَى سُعادَ، وَقَدْ أُعرب فِي الشِّعْرِ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ للأَعشى:
ومَرَّ دَهرٌ عَلَى وَبارِ ... فَهَلَكَتْ جَهْرَةً وبارُ
قَالَ: وَالْقَوَافِي مَرْفُوعَةٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَبارِ أَرضٌ كَانَتْ مِنْ مَحالِّ عادٍ بَيْنَ الْيَمَنِ وَرِمَالِ يَبْرِينَ، فَلَمَّا هَلَكَتْ عَادٌ أَورث اللَّهُ دِيَارَهُمُ الجنَّ فَلَا يَتَقَارَبُهَا أَحد مِنَ النَّاسِ؛ وأَنشد:
مِثْل مَا كَانَ بَدْءُ أَهلِ وَبارِ
وَقَالَ محمد بن إِسحق بْنِ يَسَارٍ: وبَارِ بَلْدَةٌ يَسْكُنُهَا النَّسْنَاسُ. والوَبْرُ: يَوْمٌ مِنْ أَيام الْعَجُوزِ السَّبْعَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي آخِرِ الشِّتَاءِ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ وَبْر بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ. تَقُولُ الْعَرَبُ: صِنٌّ وصِنَّبْر وأُخَيُّهما وَبْر، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونُوا قَالُوا ذَلِكَ لِلسَّجْعِ لأَنهم قَدْ يَتْرُكُونَ لِلسَّجْعِ أَشياء يُوجِبُهَا الْقِيَاسُ. وَفِي حَدِيثِ
أُهبانَ الأَسْلَمِيّ: بَيَنَا هُوَ يَرْعَى بِحرَّةِ الوَبْرَةِ
، هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْبَاءِ، نَاحِيَةٌ مِنْ أَعراض الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: هِيَ قَرْيَةٌ ذَاتُ نَخِيلٍ. ووَبَرٌ ووَبَرَةُ: اسْمَانِ، ووَبْرَةُ: لصٌّ مَعْرُوفٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
وتر: الوِتْرُ والوَتْرُ: الفَرْدُ أَو مَا لَمْ يَتَشَفَّعْ مِنَ العَدَدِ. وأَوْتَرَهُ أَي أَفَذَّهُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَ الفَرْدَ الوَتْرَ، وأَهل نَجْدٍ يَكْسِرُونَ الْوَاوَ، وَهِيَ صَلَاةُ الوِتْرِ، والوَتْرِ لأَهل الحجاز، ويقرؤُون: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ
، وَالْكَسْرُ لِتَمِيمٍ، وأَهل نجد يقرؤُون: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ
، وأَوْتَرَ: صَلَّى الْوِتْرَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَوتر فِي الصَّلَاةِ فَعَدَّاهُ بِفِي. وقرأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ:
والوِتر
، بِالْكَسْرِ. وقرأَ عَاصِمٌ وَنَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ: وَالْوَتْرِ
، بِالْفَتْحِ، وَهُمَا لُغَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنه قَالَ: الْوَتْرُ آدَمُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، والشَّفْع شُفِعَ بِزَوْجَتِهِ
، وَقِيلَ: الشَّفْعُ يَوْمُ النَّحْرِ وَالْوَتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَقِيلَ: الأَعداد كُلَّهَا شَفْعٌ وَوِتْرٌ، كَثُرَتْ أَو قَلَّتْ، وَقِيلَ: الْوَتْرُ اللَّهُ الْوَاحِدُ وَالشَّفْعُ جَمِيعُ الْخَلْقِ خُلِقُوا أَزواجاً، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ؛ كَانَ الْقَوْمُ وِتْرًا فَشَفَعْتهم وَكَانُوا شَفْعاً فَوَتَرْتهم. ابْنُ سِيدَهْ: وتَرَهُمْ وتْراً وأَوْتَرَهُمْ جَعَلَ شَفْعَهُمْ وَتْرًا. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: إِذا اسْتَجْمَرْتَ فأَوْتِرْ
أَي اجْعَلِ الْحِجَارَةَ الَّتِي تَسْتَنْجِي بِهَا فَرْدًا، مَعْنَاهُ اسْتَنْجِ بِثَلَاثَةِ أَحجار أَو خَمْسَةٍ أَو(5/273)
سَبْعَةٍ، وَلَا تَسْتَنْجِ بِالشَّفْعِ، وَكَذَلِكَ يُوتِرُ الإِنسانُ صلاةَ اللَّيْلِ فَيُصَلِّي مَثْنَى مَثْنَى يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ثم يصلي في آخرها رَكْعَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى؛ وأَوْتَر صَلَاتَهُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ فأَوْتِرُوا يَا أَهل الْقُرْآنِ.
وَقَدْ قَالَ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ. وَالْوِتْرُ: الْفَرْدُ، تُكْسَرُ وَاوُهُ وَتُفْتَحُ، وَقَوْلُهُ: أَوتروا، أَمر بِصَلَاةِ الْوِتْرِ، وَهُوَ أَن يُصَلِّيَ مَثْنَى مَثْنَى ثم يصلي في آخرها رَكْعَةً مُفْرَدَةً وَيُضِيفَهَا إِلى مَا قَبْلَهَا مِنَ الرَّكَعَاتِ. والوَتْرُ والوِتْرُ والتِّرَةُ والوَتِيرَةُ: الظُّلْمُ فِي الذَّحْل، وَقِيلَ: هُوَ الذَّحْلُ عَامَّةً. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَهل الْحِجَازِ يَفْتَحُونَ فَيَقُولُونَ وَتْرٌ، وَتَمِيمٌ وأَهل نَجْدٍ يَكْسِرُونَ فَيَقُولُونَ وِتْرٌ، وَقَدْ وَتَرْتُه وَتْراً وتِرَةً. وكلُّ مَنْ أَدركته بِمَكْرُوهٍ، فَقَدَ وَتَرْتَه. والمَوْتُورُ: الَّذِي قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَلَمْ يُدْرِكْ بِدَمِهِ؛ تَقُولُ مِنْهُ: وَتَرَهُ يَتِرُه وَتْراً وتِرَةً. وَفِي حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ: أَنا المَوْتُور الثَّائِرُ
أَي صَاحِبُ الوَتْرِ الطالبُ بالثأْر، وَالْمَوْتُورُ الْمَفْعُولُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَ يُونُسُ أَهل الْعَالِيَةِ يَقُولُونَ: الوِتْرُ فِي الْعَدَدِ والوَتْرُ فِي الذَّحْلِ، قَالَ: وَتَمِيمٌ تَقُولُ وِتر، بِالْكَسْرِ، فِي الْعَدَدِ وَالذَّحْلِ سَوَاءٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الْوِتْرُ، بِالْكَسْرِ، الْفَرْدُ، وَالْوَتْرُ، بِالْفَتْحِ: الذَّحْلُ، هَذِهِ لُغَةُ أَهل الْعَالِيَةِ، فأَما لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ فَبِالضِّدِّ مِنْهُمْ، وأَما تَمِيمٌ فَبِالْكَسْرِ فِيهِمَا. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي الشُّورَى: لَا تَغْمِدُوا السيوفَ عَنْ أَعدائكم فَتُوتِرُوا ثأْركم.
قَالَ الأَزهري: هُوَ مِنْ الوَتْرِ؛ يُقَالُ: وَتَرْتُ فُلَانًا إِذا أَصبته بِوَتْرٍ، وأَوْتَرْتُه أَوجدته ذَلِكَ، قَالَ: والثَّأْرُ هَاهُنَا العَدُوُّ لأَنه مَوْضِعُ الثأْر؛ الْمَعْنَى لَا تُوجِدوا عدوَّكم الوَتْرَ فِي أَنفسكم. ووَتَرْتُ الرجلَ: أَفزعتُه؛ عَنِ الْفَرَّاءِ. ووَتَرَهُ حَقَّه وَمَالَهُ: نَقَصَه إِياه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ
. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فكأَنما وَتَرَ أَهله وَمَالَهُ
؛ أَي نَقَصَ أَهله وَمَالَهُ وَبَقِيَ فَرْدًا؛ يُقَالُ: وتَرْتُه إِذا نَقَصْتَه فكأَنك جَعَلْتَهُ وَتْرًا بَعْدَ أَن كَانَ كَثِيرًا، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الوَتْرِ الْجِنَايَةُ الَّتِي يَجْنِيهَا الرَّجُلُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ قَتْلٍ أَو نَهْبٍ أَو سَبْيٍ، فَشَبَّهَ مَا يَلْحَقُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ بِمَنْ قُتِلَ حَمِيمُهُ أَو سُلِبَ أَهله وَمَالُهُ؛ وَيُرْوَى بِنَصْبِ الأَهل وَرَفْعِهِ، فَمَنْ نَصَبَ جَعَلَهُ مَفْعُولًا ثَانِيًا لوُتِرَ وأَضمر فِيهَا مَفْعُولًا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ عَائِدًا إِلى الَّذِي فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ، وَمَنْ رَفَعَ لَمْ يُضْمِرْ وأَقام الأَهل مُقَامَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لأَنهم الْمُصَابُونَ المأْخوذون، فَمَنْ ردَّ النَّقْصَ إِلى الرَّجُلِ نَصَبَهُمَا، وَمَنْ رَدَّهُ إِلى الأَهل وَالْمَالِ رَفَعَهُمَا وَذَهَبَ إِلى قَوْلِهِ: وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ
، يَقُولُ: لَنْ يَنْقُصَكُمْ مِنْ ثَوَابِكُمْ شَيْئًا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي لَنْ يَنْتَقِصَكم فِي أَعمالكم، كَمَا تَقُولُ: دَخَلْتُ الْبَيْتَ، وأَنت تُرِيدُ فِي الْبَيْتِ، وَتَقُولُ: قَدْ وَتَرْتُه حَقَّه إِذا نَقَصْتَه، وأَحد الْقَوْلَيْنِ قَرِيبٌ مِنَ الْآخَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبَحْرِ فإِن اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا
أَي لَنْ يَنْقُصَك. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً
أَي نَقْصًا، وَالْهَاءُ فِيهِ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ الْمَحْذُوفَةِ مِثْلُ وَعَدْتُه عِدَةً، وَيَجُوزُ نَصْبُهَا وَرَفْعُهَا عَلَى اسْمِ كَانَ وَخَبَرِهَا، وقيل: أَراد بالتِّرَةِ هاهنا التَّبِعَةَ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ وَتَرْتُ الرَّجُلَ إِذا قَتَلْتَ لَهُ قَتِيلًا وأَخذت لَهُ مَالًا، وَيُقَالُ: وَتَرَه فِي الذَّحْلِ يَتِرُه وَتْراً، وَالْفِعْلُ مِنَ الوَتْرِ الذَّحْلِ وَتَرَ يَتِرُ، وَمِنَ الوِتْرِ الفَرْد أَوْتَرَ يُوتِرُ، بالأَلف. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: قَلِّدوا الْخَيْلَ وَلَا تُقَلِّدوها الأَوْتارَ
؛ هِيَ(5/274)
جَمْعُ وِتر، بِالْكَسْرِ، وَهِيَ الْجِنَايَةُ؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: مَعْنَاهُ لَا تَطْلُبوا عَلَيْهَا الأَوْتارَ والذُّحُولَ الَّتِي وُتِرْتُمْ عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ يَصِفُ أَبا بَكْرٍ: فأَدْرَكْتَ أَوْتارَ مَا طَلَبُوا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنها لَخَيْلٌ لَوْ كَانُوا يَضْرِبُونَهَا عَلَى الأَوْتارِ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ:
وَلَا تُقلدوها الأَوتار
، قَالَ: غَيْرُ هَذَا الْوَجْهِ أَشبه عِنْدِي بِالصَّوَابِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَقُولُ: مَعْنَى الأَوتار هَاهُنَا أَوتار القِسِيِّ، وَكَانُوا يُقَلِّدُونَهَا أَوتار القِسِيِّ فَتَخْتَنِقُ، فَقَالَ: لَا تُقَلِّدُوهَا. وَرُوِيَ: عَنْ
جَابِرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمر بِقَطْعِ الأَوْتارِ مِنْ أَعناق الْخَيْلِ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَبَلَغَنِي أَن
مَالِكِ بْنِ أَنس قَالَ: كَانُوا يُقَلِّدُونها أَوتار القِسِيِّ لِئَلَّا تُصِيبَهَا الْعَيْنُ فأَمرهم بِقَطْعِهَا يُعلمهم أَن الأَوْتارَ لَا تَرُدُّ مِنْ أَمر اللَّهِ شَيْئًا
؛ قَالَ: وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا كَرِهَ مِنَ التَّمَائِمِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَو تَقَلَّدَ وَتَراً
، كَانُوا يَزْعُمُونَ أَن التَّقَلُّدَ بالأَوْتارِ يَرُدُّ العَيْنَ وَيَدْفَعُ عَنْهُمُ الْمَكَارِهَ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ. والتَّواتُرُ: التتابُعُ، وَقِيلَ: هُوَ تتابع الأَشياء وبينها فَجَواتٌ وفَتَراتٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تواتَرَت الإِبل والقَطا وكلُّ شَيْءٍ إِذا جَاءَ بَعْضَهُ فِي إِثر بَعْضٍ وَلَمْ تَجِئْ مُصْطَفَّةً؛ وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
قَرِينَةُ سَبْعٍ، إِن تواتَرْنَ مَرَّةً ... ضُرِبْنَ وصَفَّتْ أَرْؤُسٌ وجُنُوبُ
وَلَيْسَتِ المُتَواتِرَةُ كالمُتَدارِكَةِ والمُتَتابِعة. وَقَالَ مَرَّةً: المُتَواتِرُ الشَّيْءُ يَكُونُ هُنَيْهَةً ثُمَّ يَجِيءُ الْآخَرُ، فإِذا تتابعت فليست مُتَواتِرَةً، وإِنما هِيَ مُتَدارِكة وَمُتَتَابِعَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. ابْنُ الأَعرابي: تَرى يَتْري إِذا تَراخى فِي الْعَمَلِ فَعَمِلَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. الأَصمعي: واتَرْتُ الخَبَرَ أَتْبَعْتُ وَبَيْنَ الْخَبَرَيْنِ هُنَيْهَةٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: المُواتَرَةُ المُتابَعَةُ، وأَصل هَذَا كُلِّهِ مِنْ الوَتْر الوِتْر، وَهُوَ الفَرْدُ، وَهُوَ أَني جَعَلْتُ كُلَّ وَاحِدٍ بَعْدَ صَاحِبِهِ فَرْداً فَرْداً. والمُتَواتِرُ: كُلُّ قَافِيَةٍ فِيهَا حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ بَيْنَ حَرْفَيْنِ سَاكِنَيْنِ نَحْوَ مَفَاعِيلُنْ وَفَاعِلَاتُنْ وَفَعِلَاتُنْ وَمَفْعُولُنْ وفَعْلُنْ وفَلْ إِذا اعْتَمَدَ عَلَى حَرْفٍ سَاكِنٍ نَحْوَ فَعُولُنْ فَلْ؛ وإِياه عَنَى أَبو الأَسود بِقَوْلِهِ:
وقافيةٍ حَذَّاءَ سَهْلٍ رَوِيُّها ... كَسَرْدِ الصَّنَاعِ، لَيْسَ فِيهَا تواتُرُ
أَي لَيْسَ فِيهَا تَوَقُّفٌ وَلَا فُتُورٌ. وأَوْتَرَ بَيْنَ أَخباره وكُتُبه وواتَرَها مُواتَرَةً ووِتاراً: تابَعَ وَبَيْنَ كُلِّ كِتَابَيْنِ فَتْرَةٌ قَلِيلَةٌ. والخَبَرُ المُتَواتِرُ: أَن يحدِّثه وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ خَبَرُ الْوَاحِدِ مِثْلُ المُتواتِرِ. والمُواتَرَةُ: الْمُتَابَعَةُ، وَلَا تَكُونُ المُواتَرَةُ بَيْنَ الأَشياء إِلا إِذا وَقَعَتْ بَيْنَهَا فَتْرَةٌ، وإِلا فَهِيَ مُدارَكَة ومُواصَلة. ومُواتَرَةُ الصَّوْمِ: أَن يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوُمًا أَو يَوْمَيْنِ، ويأْتي بِهِ وِتْراً؛ قَالَ: وَلَا يُرَادُ بِهِ الْمُوَاصَلَةُ لأَن أَصله مِنَ الوِتْرِ، وَكَذَلِكَ واتَرْتُ الكُتُبَ فَتَواتَرَت أَي جَاءَتْ بعضُها فِي إِثر بَعْضٍ وِتْراً وِتْراً مِنْ غَيْرِ أَن تَنْقَطِعَ. وَنَاقَةٌ مُواتِرَةٌ: تَضَعُ إِحدى رُكْبَتَيْهَا أَوّلًا فِي البُرُوكِ ثُمَّ تَضَعُ الأُخرى وَلَا تَضَعُهُمَا مَعًا فَتَشُقَّ عَلَى الرَّاكِبِ. الأَصمعي: المُواتِرَةُ مِنَ النُّوقِ هِيَ الَّتِي لَا تَرْفَعُ يَدًا حَتَّى تَسْتَمْكِنَ مِنَ الأُخرى، وإِذا بَرَكَتْ وَضَعَتْ إِحدى يَدَيْهَا، فإِذا اطمأَنت وَضَعَتِ الأُخرى فإِذا اطمأَنت وَضَعَتْهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ تَضَعُ وَرِكَيْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا؛ وَالَّتِي لَا تُواتِرُ تَزُجُّ بِنَفْسِهَا زَجّاً فَتَشُقَّ عَلَى رَاكِبِهَا عِنْدَ الْبُرُوكِ. وَفِي كِتَابِ هِشَامٍ إِلى عَامِلِهِ: أَن أَصِبْ لِي نَاقَةً مُواتِرَةً؛ هِيَ الَّتِي تَضَعُ قَوَائِمَهَا بالأَرض وِتْراً وِتْراً عِنْدَ البُروك وَلَا تَزُجُّ نَفْسَهَا(5/275)
زَجّاً فَتَشُقَّ على راكبها، وَكَانَ بِهِشَامٍ فَتْقٌ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
أَلِّفْ جَمْعَهُم وواتِرْ بَيْنَ مِيَرِهم
أَي لَا تَقْطَعِ المِيْرَةَ عَنْهُمْ واجْعَلْها تَصِلُ إِليهم مَرَّةً بعد مرة. وجاؤوا تَتْرى وتَتْراً أَي مُتَواتِرِين، التَّاءَ مُبْدَلَةُ مِنَ الْوَاوِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا الْبَدَلُ قِيَاسًا إِنما هُوَ فِي أَشياء مَعْلُومَةٍ، أَلا تَرَى أَنك لَا تقول في وَزِير تَزِيرٌ؟ إِنما تَقِيسُ عَلَى إِبدال التَّاءِ مِنَ الْوَاوِ في افْتَعَل وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهَا، إِذا كَانَتْ فَاؤُهُ وَاوًا فإِن فَاءَهُ تُقْلَبُ تَاءً وَتُدْغَمُ فِي تَاءِ افْتَعَلَ الَّتِي بَعْدَهَا، وَذَلِكَ نَحْوُ اتَّزَنَ؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا
؛ مِنْ تُتَابِعِ الأَشياء وَبَيْنَهَا فَجَواتٌ وفَتَراتٌ لأَن بَيْنَ كُلِّ رَسُولَيْنِ فَتْرَةً، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُنَوِّنُهَا فَيَجْعَلُ أَلفها للإِلحاق بِمَنْزِلَةِ أَرْطى ومِعْزى، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَصْرِفُ، يَجْعَلُ أَلفها للتأْنيث بِمَنْزِلَةِ أَلف سَكْرى وغَضْبى؛ الأَزهري: قرأَ أَبو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ: تَتْرًى مُنَوَّنَةً وَوَقَفَا بالأَلف، وقرأَ سَائِرُ الْقُرَّاءِ: تَتْرى غَيْرَ مُنَوَّنَةٍ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وأَكثر الْعَرَبِ عَلَى تَرْكِ تَنْوِينِ تَتْرَى لأَنها بِمَنْزِلَةِ تَقْوى، وَمِنْهُمْ مَنْ نَوَّنَ فِيهَا وَجَعَلَهَا أَلفاً كأَلف الإِعراب؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَنْ قرأَ تَتْرى فَهُوَ مِثْلُ شَكَوْتُ شَكْوى، غَيْرَ مُنَوَّنَةٍ لأَن فِعْلى وفَعْلى لَا يُنَوَّنُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ؛ قَالَ: وَمَنْ قرأَها بِالتَّنْوِينِ فَمَعْنَاهُ وَتْراً، فأَبدل التَّاءَ مِنَ الْوَاوِ، كَمَا قَالُوا تَوْلَج مِنْ وَلَجَ وأَصله وَوْلَجٌ كَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ:
فإِن يَكُنْ أَمْسى البِلى تَيْقُورِي
أَرادَ وَيْقُورِي، وَهُوَ فَيْعُول مِنَ الوَقار، وَمَنْ قرأَ تَتْرى فَهُوَ أَلف التأْنيث، قَالَ: وتَتْرى مِنَ الْمُوَاتَرَةِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ: سأَلت يُونُسَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا
، قَالَ: مُتَقَطِّعَةً مُتَفاوِتَةً. وَجَاءَتِ الْخَيْلُ تَتْرى إِذا جَاءَتْ مُتَقَطِّعَةً؛ وَكَذَلِكَ الأَنبياء: بَيْنَ كُلِّ نَبِيَّيْنِ دَهْرٌ طَوِيلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: تَتْرى فِيهَا لُغَتَانِ: تُنَوَّنُ وَلَا تُنَوَّنُ مِثْلَ عَلْقى، فَمَنْ تَرَكَ صَرْفَهَا فِي الْمَعْرِفَةِ جَعَلَ أَلفها أَلف تأْنيث، وَهُوَ أَجود، وأَصلها وَتْرى مِنَ الوِتْرِ وَهُوَ الْفَرْدُ، وتَتْرى أَي وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَمَنْ نَوَّنَهَا جَعَلَهَا مُلْحَقَةً. وَقَالَ
أَبو هُرَيْرَةَ: لَا بأْس بِقَضَاءِ رَمَضَانَ تَتْرى
أَي مُتَقَطِّعًا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَا بأْس أَن يُواتِرَ قضاءَ رَمَضَانَ
أَي يُفَرِّقَهُ فيصومَ يَوْمًا ويُفْطِرَ يَوْمًا وَلَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فِيهِ فَيَقْضِيهِ وِتْراً وِتْراً. وَالْوَتِيرَةُ: الطَّرِيقَةُ، قَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ مِنَ التَّواتُرِ أَي التَّتَابُعِ، وَمَا زَالَ عَلَى وَتِيرةٍ وَاحِدَةٍ أَي عَلَى صِفَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِي جَارًا فَكَانَ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ، فَلَمَّا وَلِيَ قُلْتُ: لأَنظرنّ الْيَوْمَ إِلى عَمَلِهِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى مَاتَ
أَي عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ مُطَّرِدَةٍ يَدُومُ عَلَيْهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الوَتِيرَةُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ التَّواتُرِ والتتابُع. والوَتِيرَةُ فِي غَيْرِ هَذَا: الفَتْرَةُ عَنِ الشَّيْءِ وَالْعَمَلِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ بَقَرَةً فِي سَيْرِهَا:
نَجَأٌ مُجِدٌّ لَيْسَ فِيهِ وَتِيرَةٌ ... ويَذُبُّها عَنْهَا بأَسْحَمَ مِذْوَدِ
يَعْنِي القَرْنَ. وَيُقَالُ: مَا فِي عَمَلِهِ وَتِيرَةٌ، وسَيْرٌ لَيْسَتْ فِيهِ وَتِيرَةٌ أَي فُتُورٌ. والوَتِيرَةُ: الفَتْرَةُ فِي الأَمر والغَمِيزَةُ وَالتَّوَانِي. والوَتِيرَةُ: الحَبْسُ والإِبطاء. ووَتَرَةُ الفخِذِ: عَصَبَةٌ بَيْنَ أَسفل الْفَخِذِ وَبَيْنِ الصَّفنِ. والوَتِيرَةُ والوَتَرَةُ فِي الأَنف: صِلَةُ مَا بَيْنَ الْمُنْخُرَيْنِ، وَقِيلَ: الوَتَرَةُ حَرْفُ الْمَنْخَرِ، وَقِيلَ: الوَتِيرَةُ الْحَاجِزُ(5/276)
بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ مِنْ مُقَدَّمِ الأَنف دُونَ الغُرْضُوف. وَيُقَالُ لِلْحَاجِزِ الَّذِي بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ: غُرْضُوفٌ، وَالْمَنْخَرَانِ: خَرْقَا الأَنف، ووَتَرَةُ الأَنف: حِجابُ مَا بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ، وَكَذَلِكَ الوَتِيرَة. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدٍ: فِي الوَتَرَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ
؛ هِيَ وتَرَةُ الأَنف الْحَاجِزَةُ بَيْنَ الْمَنْخَرَيْنِ. اللِّحْيَانِيُّ: الوَتَرَةُ مَا بَيْنَ الأَرْنَبَةِ والسَّبَلَةِ. وَقَالَ الأَصمعي: خِتارُ كُلِّ شَيْءٍ وَتَرُه. ابْنُ سِيدَهْ: والوَتَرَةُ والوَتِيرَةُ غُرَيضيفٌ فِي أَعلى الأُذن يأْخُذُ مِنْ أَعلى الصِّماخ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الْوَتِيرَةُ غُرَيْضِيفٌ فِي جَوْفِ الأُذن يأْخذ مِنْ أَعلى الصِّمَاخِ قَبْلَ الفَرْع. والوَتَرَةُ مِنَ الفَرَسِ: مَا بَيْنَ الأَرْنَبَةِ وأَعلى الجَحْفَلةِ. والوَتَرَتان: هَنَتانِ كأَنهما حَلْقَتَانِ فِي أُذني الْفَرَسِ، وَقِيلَ: الوَتَرَتانِ العَصَبتان بين رؤوس العُرْقُوبين إِلى المَأْبِضَيْنِ، وَيُقَالُ: تَوَتَّرَ عَصَبُ فَرَسِهِ. والوَتَرَة مِنَ الذَّكر: العِرْقُ الَّذِي فِي بَاطِنِ الحَشَفَة، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الَّذِي بَيْنَ الذَّكَرِ والأُنثيين. وَالْوَتَرَتَانِ: عَصْبَتَانِ بين المأْبضين وبين رؤوس العُرقوبين. والوَتَرَةُ أَيضاً: العَصَبَةُ الَّتِي تَضُمُّ مَخْرَجَ رَوْثِ الْفَرَسِ. الْجَوْهَرِيُّ: والوَتَرَةُ الْعِرْقُ الَّذِي فِي بَاطِنِ الكَمَرَة، وَهُوَ جُلَيْدَةٌ. ووَتَرَةُ كُلِّ شَيْءٍ: حِتارُه، وَهُوَ مَا اسْتَدَارَ مِنَ حُرُوفِهِ كَحِتارِ الظُّفْرِ والمُنْخُلِ والدُّبُر وَمَا أَشبهه. والوَتَرَةُ: عَقَبَة المَتْنِ، وَجَمْعُهَا وَتَرٌ. ووَتَرَةُ الْيَدِ ووَتِيرَتُها: مَا بَيْنَ الأَصابع، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا بَيْنَ كُلِّ إِصبعين وَتَرَةٌ، فَلَمْ يَخُصَّ الْيَدَ دُونَ الرِّجْلِ. والوَتَرَةُ والوَتِيرَةُ: جُلَيْدَة بَيْنَ السَّبَّابَةِ والإِبهام. والوَتَرَةُ: عَصَبَةٌ تَحْتَ اللِّسَانِ. والوتِيرَةُ: حَلْقَةٌ يُتَعَلَّمُ عَلَيْهَا الطَّعْنُ، وَقِيلَ: هِيَ حَلْقَةٌ تُحَلِّقُ عَلَى طَرَفِ قَناةٍ يُتَعَلَّمُ عَلَيْهَا الرَّمْيُ تَكُونُ مِنْ وَتَرٍ وَمِنْ خَيْطٍ؛ فأَما قَوْلُ أُم سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
حَامِي الحقيقةِ ماجِدٌ ... يَسْمُو إِلى طَلَبِ الوَتِيرَهْ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: فَسَّرَ الوَتِرة هُنَا بأَنها الحَلْقَةُ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ، إِنما الْوَتِيرَةُ هُنَا الذَحْلُ أَو الظُّلْمُ فِي الذحلِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الوَتِيرة الَّتِي يُتَعَلَّمُ الطَّعْنُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَخُصَّ الحَلْقَةَ. والوَتِيرة: قِطْعَةٌ تَسْتَكِنُّ وتَغْلُظ وَتَنْقَادُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ:
لَقَدْ حَبَّبَتْ نُعْمٌ إِلينا بِوَجْهِهَا ... مَنازِلَ مَا بَيْنَ الوَتائِرِ والنَّقْعِ
وَرُبَّمَا شُبِّهَتِ الْقُبُورُ بِهَا؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ ضَبُعاً نَبَشَتْ قَبْرًا:
فَذاحَتْ بالوَتائِر ثُمَّ بَدَّتْ ... يَدَيْهَا عِنْدَ جَانِبِهَا، تَهِيلُ
ذَاحَتْ: يَعْنِي ضَبُعاً نَبَشَتْ عَنْ قَبْرِ قَتِيلٍ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ذَاحَتْ مَشَتْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذاحَتْ مَرَّتْ مَرّاً سَرِيعًا؛ قَالَ: والوَتائِرُ جَمْعُ وَتِيرَةٍ الطَّرِيقَةُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ: وَهَذَا تَفْسِيرُ الأَصمعي؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبانيُّ: الْوَتَائِرُ هَاهُنَا مَا بَيْنَ أَصابع الضَّبُعِ، يُرِيدُ أَنها فَرَّجَتْ بَيْنَ أَصابعها، وَمَعْنَى بَدَّتْ يَدَيْهَا أَي فَرَّقَتْ بَيْنَ أَصابع يَدَيْهَا فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وتَهِيل: تَحْثُو الترابَ. الأَصمعي: الوَتِيرَةُ مِنَ الأَرض، وَلَمْ يَحُدَّها. الْجَوْهَرِيُّ: الوَتِيرَةُ مِنَ الأَرض الطَّرِيقَةُ. والوَتِيرَةُ: الأَرض الْبَيْضَاءُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَتِيرُ نَوْرُ الوردِ، وَاحِدَتُهُ وَتِيرَةٌ. والوَتِيرَةُ: الوَرْدَةُ الْبَيْضَاءُ. والوتِيرَةُ: الغُرّة الصَّغِيرَةُ. ابْنُ سِيدَهْ: الوَتِيرَة غُرَّةُ الْفَرَسِ إِذا كَانَتْ مُسْتَدِيرَةً، فإِذا طَالَتْ فَهِيَ الشَّادِخَة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: شُبِّهَتْ غُرَّةُ الْفَرَسِ إِذا كَانَتْ مُسْتَدِيرَةً بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يُتَعَلَّمُ عَلَيْهَا الطَّعْنُ(5/277)
يُقَالُ لَهَا الْوَتِيرَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْوَتِيرَةُ حَلْقَةٌ مِنْ عَقَبٍ يُتَعَلَّمُ فِيهَا الطَّعْنُ، وَهِيَ الدَّرِيئَةُ أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:
تُبارِي قُرْحَةً مثل الْوَتِيرَةِ ... لَمْ تَكُنْ مَغْدَا
المَغْدُ: النَّتْفُ، أَي مَمْغُودَةً، وُضِعَ الْمَصْدَرُ مَوْضِعَ الصِّفَةِ؛ يَقُولُ: هَذِهِ الْقُرْحَةُ خِلْقَةٌ لَمْ تُنْتَفْ فتبيضَّ. وَالْوَتَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: وَاحِدُ أَوتار الْقَوْسِ. ابْنُ سِيدَهْ: الوَتَرُ شِرْعَةُ الْقَوْسِ ومُعَلَّقُها، وَالْجَمْعُ أَوتارٌ. وأَوْتَرَ القوسَ: جَعَلَ لَهَا وَتَراً. وَوتَرَها وَوتَّرها: شدَّ وتَرَها. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَتَّرَها وأَوْتَرَها شَدَّ وَتَرَها. وَفِي الْمَثَلِ: إِنْباضٌ بِغَيْرِ تَوْتِير. ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ أَمثالهم: لَا تَعْجَلْ بالإِنْباضِ قَبْلَ التَّوتِيرِ؛ وَهَذَا مَثَلٌ فِي اسْتِعْجَالِ الأَمر قَبْلَ بُلُوغِ إِناه. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَتَرَها، خَفِيفَةً، عَلَّق عَلَيْهَا وَتَرَهَا. والوَتَرَةُ: مَجْرَى السَّهْمِ مِنَ الْقَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ عَنْهَا يَزِلُّ السَّهْمُ إِذا أَراد الرَّامِي أَن يَرْمِيَ. وتَوَتَّرَ عَصَبُه: اشْتَدَّ فَصَارَ مِثْلَ الوَتَر. وتَوَتَّرَتْ عُرُوقُهُ: كَذَلِكَ. كلُّ وَتَرَة فِي هَذَا الْبَابِ، فَجَمْعُهَا وتَرٌ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
فِيمَ نِساءُ الحَيِّ مِنْ وَتَرِيَّةٍ ... سَفَنَّجَةٍ، كأَنَّها قَوْسُ تَأْلَبِ؟
قِيلَ: هَجَا امرأَة نَسَبَهَا إِلى الْوَتَائِرِ، وَهِيَ مَسَاكِنُ الَّذِينَ هَجَا، وَقِيلَ: وَتَرِيَّة صُلْبَة كالوَتَرِ. والوَتِيرُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
وَلَمْ يَدَعُوا، بَيْنَ عَرْضِ الوَتِير ... وَبَيْنَ المناقِب، إِلا الذِّئابا
وثر: وثَرَ الشيءَ وثْراً ووَثَّرَهُ: وَطَّأَه. وَقَدْ وَثُر، بِالضَّمِّ، وثارَة أَي وَطُؤَ، فَهُوَ وَثِيرٌ، والأُنثى وَثِيرَةٌ. الوَثيرُ: الفِراشُ الوَطِيءُ، وَكَذَلِكَ الوِثْرُ، بِالْكَسْرِ. وَكُلُّ شَيْءٍ جَلَسْتَ عَلَيْهِ أَو نِمْتَ عَلَيْهِ فَوَجَدْتَهُ وَطِيئًا، فَهُوَ وَثِير. يُقَالُ: مَا تَحْتَهُ وِثْرٌ ووِثارٌ، وَشَيْءٌ وَثْرٌ ووَثِرٌ ووَثير، وَالِاسْمُ الوِثارُ والوَثارُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لِعُمَرَ: لَوِ اتَّخَذَتْ فِراشاً أَوْثَرَ مِنْهُ
أَي أَوْطَأَ وأَلْيَنَ. وامرأَة وثِيرَةُ العَجِيزَة: وطِيئَتُها، وَالْجَمْعُ وَثائِرُ ووِثارٌ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الوَثيرَة مِنَ النِّسَاءِ الْكَثِيرَةُ اللَّحْمِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَيُقَالُ للمرأَة السَّمِينَةِ الْمُوَافِقَةِ لِلْمُضَاجَعَةِ: إِنها لوَثِيرَةٌ، فإِذا كَانَتْ ضَخْمَةَ العَجُزِ فَهِيَ وَثِيرَةُ العَجُزِ. أَبو زَيْدٍ: الوَثارَةُ كَثْرَةُ الشَّحْمِ، والوَثاجَةُ كَثْرَةُ اللَّحْمِ؛ قَالَ القَطَاميُّ:
وكأَنَّما اشْتَمَلَ الضَّجِيعُ بِرَيْطَةٍ ... لَا بَلْ تَزِيدُ وَثارَةً ولَيانا
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ وعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ: مَا أَخَذْتَها بَيْضَاءَ غَريرَةً وَلَا نَصَفاً وثِيرَةً.
والمِيثَرَة: الثوبُ الَّذِي تُجَلَّلُ بِهِ الثِّيَابُ فَيَعْلُوهَا. والمِيْثَرَة: هنَةٌ كَهَيْئَةِ المِرْفَقَةِ تُتَّخَذُ للسَّرْج كالصُّفَّة، وَهِيَ المَواثِرُ والمَياثِرُ، الأَخيرة عَلَى المعاقَبَةِ، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: لَزِمَ البَدَلُ فِيهِ كَمَا لَزِمَ فِي عِيدٍ وأَعْيادٍ. التَّهْذِيبُ: والمِيثَرَةُ مِيْثَرَةُ السَّرْجِ والرَّحْلِ يُوَطَّآن بِهَا، ومِيثَرَةُ الفَرَسِ: لِبْدَتُه، غَيْرُ مَهْمُوزٍ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَما المَياثِرُ الحُمْرُ الَّتِي جَاءَ فِيهَا النَّهْيُ فإِنها كَانَتْ مِنْ مَرَاكِبِ الأَعاجم مِنْ دِيبَاجٍ أَو حَرِيرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ مِيثَرَة الأُرْجُوان
؛ هِيَ وِطاءٌ مَحْشُوٌّ يُترَكُ عَلَى رَحْلِ الْبَعِيرِ تَحْتَ الرَّاكِبِ. والمِيثَرَةُ، بِالْكَسْرِ، مِفْعَلَةٌ مِنَ الوثَارَةِ، وأَصلها مِوْثَرَةٌ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ الْمِيمِ، والأُرْجُوانُ صِبْغ أَحمر يُتَّخَذُ كالفِراشِ(5/278)
، الصَّغِيرِ وَيُحْشَى بِقُطْنٍ أَو صُوفٍ يَجْعَلُهَا الرَّاكِبُ تَحْتَهُ عَلَى الرِّحَالِ فَوْقَ الْجِمَالِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَدْخُلُ فِيهِ مَياثِرُ السُّروج لأَن النَّهْيَ يَشْتَمِلُ عَلَى كُلِّ مِيْثَرَةٍ حمراءَ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى رَحْلٍ أَو سَرْجٍ. والوَاثِرُ: الَّذِي يَأْثُرُ أَسفلَ خُفِّ الْبَعِيرِ، وأَرى الْوَاوَ فِيهِ بَدَلًا مِنَ الْهَمْزَةِ فِي الآثِرِ. والوَثْرُ، بِالْفَتْحِ: مَاءُ الْفَحْلِ يَجْتَمِعُ فِي رَحِمِ النَّاقَةِ ثُمَّ لَا تَلْقحُ؛ ووَثَرَها الفحلُ يَثِرُها وَثْراً: أَكثر ضِرابَها فَلَمْ تَلْقَحْ. أَبو زَيْدٍ: المَسْطُ أَن يُدْخِلَ الرجلُ اليدَ فِي الرَّحِمِ رحمِ النَّاقَةِ بَعْدَ ضِرابِ الْفَحْلِ إِياها فَيَسْتَخْرِجُ وَثْرَها، وَهُوَ مَاءُ الْفَحْلِ يَجْتَمِعُ فِي رَحِمِهَا ثُمَّ لَا تَلْقَحُ مِنْهُ؛ وَقَالَ النضرُ: الوَثْرُ أَن يَضْرِبَهَا عَلَى غَيْرِ ضَبْعَةٍ. قَالَ: والمَوْثُورَةُ تُضْرَبُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مِرَارًا فَلَا تَلْقَحُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: أَعْجَبُ النِّكَاحِ وَثْرٌ عَلَى وِثْرٍ أَي نكاحٌ عَلَى فِراشٍ وَثِير. واسْتوْثَرْتُ مِنَ الشَّيْءِ أَي اسْتَكْثَرْتُ مِنْهُ، مِثْلُ اسْتَوْثَنْتُ واسْتَوْثَجْتُ. ابْنُ الأَعرابي: التَّواثِيرُ الشُّرَطُ، وَهُمُ العَتَلَةُ والفَرَعَةُ والأَمَلَةُ، وَاحِدُهُمْ آمِلٌ مِثْلُ كَافِرٍ وكَفَرَةٍ. ابْنُ سِيدَهْ: والوَثْرُ جِلْدٌ يُقَدُّ سُيُوراً عَرْضُ السَّيْرِ مِنْهَا أَربع أَصابع أَو شِبْرٌ تلبَسُه الْجَارِيَةُ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ أَن تُدْرِكَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
عَلِقْتُها وَهِيَ عَلَيْهَا وَثِرْ ... حَتَّى إِذا مَا جُعِلَتْ فِي الخِدِرْ
وأَتْلَعَتْ بمثلِ جِيدِ الوَبِرْ
وَقَالَ مَرَّةً: وَتَلْبَسُهُ أَيضاً وَهِيَ حَائِضٌ، وَقِيلَ: الوَثْرُ النُّقْبَةُ الَّتِي تُلْبَسُ، والمعنيان متقاربان، قال: وهو الرَّيْطُ أَيضاً.
وجر: الوَجْرُ: أَن توجِرَ مَاءً أَو دَوَاءً فِي وَسَطِ حَلْقِ صَبِيٍّ. الْجَوْهَرِيُّ: الوَجُورُ الدَّوَاءُ يُوجَرُ فِي وَسَطِ الْفَمِ. ابْنُ سِيدَهْ: الوَجُورُ مِنَ الدَّوَاءِ فِي أَيِّ الفَمِ كَانَ، وَجَرَه وَجْراً وأَوْجَرَه وأَوْجَرَه إِياه وأَوْجَرَه الرُّمْحَ لَا غَيْرَ: طَعَنَهُ بِهِ فِي فِيهِ، وأَصله مِنْ ذَلِكَ. اللَّيْثُ: أَوْجَرْتُ فُلَانًا بِالرُّمْحِ إِذا طَعَنْتَهُ فِي صَدْرِهِ؛ وأَنشد:
أَوْجَرْتُه الرُّمْحَ شَذْراً ثُمَّ قلتُ لَهُ ... هَذِي المُرُوءَةُ لَا لِعْبُ الزَّحالِيقِ
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فوَجَرْته بِالسَّيْفِ وَجْراً
أَي طَعَنْتُهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: مِنْ الْمَعْرُوفِ فِي الطَّعْنِ أَوْجَرْتُه الرُّمْحَ، قَالَ: وَلَعَلَّهُ لُغَةٌ فِيهِ. وتَوَجَّرَ الدواءَ: بَلَعَهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. أَبو خَيْرَةَ: الرَّجُلُ إِذا شَرِبَ الْمَاءَ كَارِهًا فَهُوَ التَّوَجُّرُ والتَّكارُه. والمِيجَرُ والمِيجَرَةُ: شِبْهُ المُسْعُطِ يُوجَرُ بِهِ الدواءُ، وَاسْمُ ذَلِكَ الدَّوَاءِ الوَجُورُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الوَجُورُ فِي أَيِّ الْفَمِ كَانَ واللَّدُودُ فِي أَحد شِقَّيْهِ، وَقَدْ وَجَرْتُه الوَجُورَ وأَوْجَرْتُه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَوْجَرْتُه الْمَاءَ وَالرُّمْحَ وَالْغَيْظَ أَفْعَلْتُ فِي هَذَا كُلِّهِ. أَبو زَيْدٍ: وَجَرْتُه الدَّوَاءَ وَجْراً جَعَلْتُهُ فِي فِيهِ. واتَّجَرَ أَي تداوَى بالوَجُور، وأَصله اوْتَجَرَ. والوَجْرُ: الْخَوْفُ. وَجِرْتُ مِنْهُ، بِالْكَسْرِ، أَي خِفْتُ، وإِني مِنْهُ لأَوْجَرُ: مِثْلُ لأَوْجَلُ. ووَجِرَ مِنَ الأَمر وَجَراً: أَشفَقَ، وَهُوَ أَوْجَرُ ووَجِرٌ، والأُنثى وَجِرَةٌ، وَلَمْ يَقُولُوا وَجْراءُ فِي الْمُؤَنَّثِ. والوَجْرُ: مِثْلُ الْكَهْفِ يَكُونُ فِي الْجَبَلِ؛ قَالَ تأَبط شَرًّا:
إِذا وَجْرٌ عظيمٌ، فِيهِ شيخٌ ... مِنَ السُّودَانِ يُدْعَى الشَّرَّتَيْنِ «2»
__________
(2) . قوله [يدعى الشرتين] كذا بالأصل.(5/279)
والوَجارُ والوِجارُ: سَرَبُ الضَّبُعِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: جُحْرُ الضَّبُعِ والأَسد وَالذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أَوْجِرَةٌ ووُجُرٌ، وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ لِمَوْضِعِ الْكَلْبِ؛ قَالَ:
كِلابُ وِجارٍ يَعْتَلِجْنَ بغائِطٍ ... دُمُوسَ اللَّيالي، لَا رُواءٌ وَلَا لُبُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَبْعَدَ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ ضِباعُ وِجارٍ، عَلَى أَنه قَدْ يَجُوزُ أَن تُسَمَّى الضِّبَاعُ كِلَابًا مِنْ حَيْثُ سَمَّوْا أَولادها جِراءً؛ أَلا تَرَى أَن أَبا عُبَيْدٍ لَمَّا فَسَّرَ قَوْلَ الْكُمَيْتِ:
حَتَّى غَالَ أَوسٌ عِيالَها
قَالَ: يَعْنِي أَكل جِراءَها؟ التَّهْذِيبُ: الوِجارُ سَرَبُ الضَّبُعِ وَنَحْوُهُ إِذا حَفَرَ فأَمْعَنَ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: لَوْ كُنْتَ فِي وِجار الضَّبِ
، ذَكَرَهُ لِلْمُبَالَغَةِ لأَنه إِذا حَفَرَ أَمعن؛ وَقَالَ الْعَجَاجُ:
تَعَرَّضَتْ ذَا حَدَبٍ جَرْجارَا ... أَمْلَسَ إِلا الضِّفْدَعَ النَّقَّارَا
يَرْكُضُ فِي عَرْمَضِه الطَّرَّارا ... تَخالُ فِيهِ الكوكبَ الزَّهَّارَا
لُؤْلُؤَةً فِي الماءِ أَو مِسْمارَا ... وخافَت الرامِينَ والأَوْجارَا
قَالَ: الأَوجار حَفْرٌ يُجْعَلُ لِلْوُحُوشِ فِيهَا مَنَاجِلُ فإِذا مَرَّتْ بِهَا عَرْقَبَتْهَا، الْوَاحِدَةُ وَجْرَةٌ ووَجَرَةٌ:
حَتَّى إِذا مَا بَلَّتِ الأَغْمارَا ... رِيًّا، ولَمَّا تَقْصَعِ الإِصْرارَا
يَعْنِي جَمْعَ غِمْرٍ، وَهُوَ حَرٌّ يَجِدْنَهُ فِي صُدُورِهِنَّ. وأَراد بالأِصرارِ إِصْرارَ الْعَطَشِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وانْجَحر انْجِحارَ الضَّبَّةِ فِي جُحْرِها والضَّبُعِ فِي وِجارِها
؛ هُوَ جُحْرُها الَّذِي تأْوي إِليه. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: جِئْتُكَ فِي مِثْلِ وِجارِ الضَّبُعِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ خطأٌ وإِنما هُوَ فِي مِثْلِ جارِ الضَّبُعِ. يُقَالُ: غَيْثٌ جارُ الضَّبُعِ أَي يَدْخُلُ عَلَيْهَا فِي وِجارِها حَتَّى يُخْرِجَهَا مِنْهُ، قَالَ: وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنه جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخرى
وَجِئْتُكَ فِي ماءٍ يَجُرُّ الضَّبُعَ ويستخرجُها مِنْ وِجارِها.
أَبو حَنِيفَةَ: الوِجارانِ الجُرْفانِ اللَّذَانِ حَفَرَهُمَا السَّيْلُ مِنَ الْوَادِي. ووَجْرَةُ: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ، قَالَ الأَصمعي: هِيَ أَربعون مِيلًا لَيْسَ فِيهَا مَنْزِلٌ فَهِيَ مَرْتٌ للوَحْشِ، وَقَدْ أَكثرت الشُّعَرَاءُ ذِكْرَهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَصُدُّ وتُبْدي عَنْ أَسِيلٍ وتَتَّقي ... بناظِرَةٍ، مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ، مُطْفِلِ
وحر: الوَحَرَةُ: وزَغَة تَكُونُ فِي الصَّحاري أَصغرُ مِنَ العِظاءَةِ، وَهِيَ عَلَى شَكْلِ سامِّ أَبْرَصَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهِيَ إِلْفُ سَوَامِّ أَبرص خِلْقَةً، وَجَمْعُهَا وَحَرٌ. غَيْرُهُ: والوَحَرَة ضَرْبٌ مِنَ العظاءِ، وَهِيَ صَغِيرَةٌ حَمْرَاءُ تَعْدُو فِي الجَبابِينِ لَهَا ذَنَبٌ دَقِيقٌ تَمْصَعُ بِهِ إِذا عَدَتْ، وَهِيَ أَخبث الْعِظَاءِ لَا تطأُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا إِلا شَمَّتْهُ، وَلَا يأْكله أَحد إِلَّا دَقِيَ بطنُه وأَخذه قَيْءٌ وَرُبَّمَا هَلَكَ آكِلُهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت الوَحَرَةَ فِي الْبَادِيَةِ وخِلقتها خِلْقَةُ الوَزَغ إِلا أَنها بَيْضَاءُ مُنَقَّطَةٌ بِحُمْرَةٍ، وَهِيَ قَذِرَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ لَا تأْكلها. الْجَوْهَرِيُّ: الْوَحَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ، دُوَيْبَّةٌ حَمْرَاءُ تَلْتَزِقُ بالأَرض كَالْعِظَاءِ. وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ:
إِن جاءَت بِهِ أَحمر قَصِيرًا مِثْلَ الوَحَرَةِ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ مَا ذَكَرْنَاهُ. ووَحِرَ الرجلُ وَحَراً: أَكل مَا دَبَّتْ عَلَيْهِ الوَحَرَةُ أَو شَرِبَهُ فأَثر فِيهِ سَمُّها. ولَبَنٌ وَحِرٌ: وَقَعَتْ فِيهِ(5/280)
الوَحَرَةُ. وَلَحْمٌ وَحِرٌ: دَبَّ عَلَيْهِ الوَحَرُ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الوَحَرَةُ إِذا دَبَّتْ عَلَى اللَّحْمِ أَوْحَرَتْه، وإِيحارها إِياه أَن يأْخذَ آكلَه القيءُ والمَشِيُّ. وَقَالَ أَعرابي: مَنْ أَكل الوَحَرَة، فأُمّه مُنْتَحِرَةٌ، بِغَائِطِ ذِي جِحَرَةٍ. وامرأَة وَحَرةٌ: سَوْدَاءُ دَميمة، وَقِيلَ حَمْرَاءُ. والوَحَرَةُ مِنَ الإِبل: الْقَصِيرَةُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الوَحَرُ أَشدّ الغضْب. يُقَالُ: إِنه لوَحِرٌ عَليَّ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
هَلْ فِي صُدُورهمُ مِنْ ظُلْمنا وَحَرُ؟
الوَحَرُ: الْغَيْظُ والحِقْدُ وبَلابِلُ الصَّدْرِ وَوَسَاوِسُهُ، والوَحَرُ فِي الصَّدْرِ مِثْلُ الغِلّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الصومُ يَذْهَبُ بوَحَرِ الصُّدور
، وَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ: غِشُّه وَوَسَاوِسُهُ، وَقِيلَ: الْحِقْدُ وَالْغَيْظُ، وَقِيلَ: الْعَدَاوَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَرَّه أَن يَذْهَبَ كثيرٌ مِنْ وَحَرِ صدرِه فَلْيَصُمْ شهرَ الصَّبْر وثلاثةَ أَيام مِنْ كُلِّ شَهْرٍ
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ والأَصمعي فِي قَوْلِهِ وَحِرَ صدرُه: الوَحَرُ غِشُّ الصَّدْرِ وَبَلَابِلُهُ. وَيُقَالُ: إِن أَصل هَذَا مِنَ الدُّوَيْبَّة الَّتِي يُقَالُ لَهَا الوَحَرَةُ، شُبِّهَتِ الْعَدَاوَةُ وَالْغِلُّ ها، شَبَّهُوا الْعَدَاوَةَ وَلُزُوقَهَا بِالصَّدْرِ بِالْتِزَاقِ الوَحَرَةِ بالأَرض. وَفِي صَدْرِهِ وَحَرٌ ووَحْرٌ أَي وَغْرٌ مِنْ غَيْظٍ وَحِقْدٍ. وَقَدْ وَحِرَ صَدْرُهُ عَلَيَّ يَحِرُ وَحَراً، ويَوْحَرُ أَعلى، أَي وَغِرَ، فَهُوَ وَحِرٌ. وَفِي صَدْرِهِ وَحْرٌ، بِالتَّسْكِينِ، أَي وَغْرٌ، وَهُوَ اسْمٌ والمصدر بالتحريك.
ودر: وَدَّر الرجلَ تَوْدِيراً: أَوقعه فِي مَهْلَكَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُغْرِيَهُ حَتَّى يَتَكَلَّفَ مَا يَقَعُ مِنْهُ فِي هَلكَةٍ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ إِيرادك صَاحِبَكَ الهَلَكَةَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: تَقُولُ وَدَّرْتُ رَسُولِي قِبَلَ بَلْخٍ إِذا بَعَثْتَهُ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذا تَجَهَّم لَهُ وَرَدَّهُ رَدًّا قَبِيحًا: ودِّرْ وَجْهَكَ عَنِّي أَي نَحِّه وبَعِّدْه. ابْنُ الأَعرابي: تَهَوَّل فِي الأَمر وتَورَّطَ وتَوَدَّرَ بمعنى مال.
وذر: الوَذْرَةُ، بِالتَّسْكِينِ، مِنَ اللَّحْمِ: الْقِطْعَةُ الصَّغِيرَةُ مِثْلُ الفِدْرَةِ، وَقِيلَ: هِيَ البَضْعَةُ لَا عَظْمَ فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ مَا قُطِعَ مِنَ اللَّحْمِ مُجْتَمِعًا عَرْضاً بِغَيْرِ طُولٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَتينا بِثَرِيدَةٍ كَثِيرَةِ الوَذْرِ
أَي كَثِيرَةِ قِطَعِ اللَّحْمِ، وَالْجَمْعُ وَذْرٌ ووَذَرٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن كَانَ ذَلِكَ فوَذْرٌ اسْمُ جَمْعٍ لَا جَمْعٌ. ووَذَرَه وَذْراً: قَطَعَه. والوَذْرُ: بَضْعُ اللَّحْمِ. وَقَدْ وَذَرْتُ الوَذْرَةَ أَذِرُها وَذْراً إِذا بَضَعْتَها بَضْعاً. ووَذَّرْتُ اللَّحْمَ تَوْذِيراً: قِطْعَتُهُ، وَكَذَلِكَ الجُرْح إِذا شَرَطْتَهُ. والوَذْرَتانِ: الشَّفَتانِ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَقَدْ غَلِطَ إِنما الوَذْرَتان الْقِطْعَتَانِ مِنَ اللَّحْمِ فَشُبِّهَتِ الشَّفَتَانِ بِهِمَا. وعَضُدٌ وذِرَة: كَثِيرَةُ الوَذْرِ، وامرأَة وَذِرَةٌ: رَائِحَتُهَا رَائِحَةُ الوَذْرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْغَلِيظَةُ الشَّفَةِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: يَا ابنَ شَامَّة الوَذْرِ وَهُوَ سَبٌّ يُكَنَّى بِهِ عَنِ الْقَذْفِ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه رُفِعَ إِليه رجلٌ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ شامَّة الوَذْرِ، فحَدَّه
، وَهُوَ مِنْ سِبابِ العَرَبِ وذَمِّهم، وإِنما أَراد يَا ابْنَ شامَّة المَذاكير يَعْنُونَ الزِّنَا كأَنها كَانَتْ تَشُمُّ كَمَراً مُخْتَلِفَةً فَكُنِّيَ عَنْهُ، وَالذَّكَرُ: قِطْعَةٌ مِنْ بَدَنِ صَاحِبِهِ، وَقِيلَ: أَرادوا بِهَا القُلَفَ جَمْعُ قُلْفَةِ الذَّكَرِ، لأَنها تُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ ذَاتِ الرَّايَاتِ، وَيَا ابْنَ مُلْقى أَرحُل الرُّكْبانِ وَنَحْوُهَا، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ فِي قَوْلِهِمْ: يَا ابْنَ شَامَّةِ الوَذْرِ أَراد بِهَا القُلَفَ، وَهِيَ كَلِمَةُ قَذْفٍ. ابن الأَعرابي: الوَدَفَةُ والوَذَرَةُ بُظارةُ المرأَة. وَفِي(5/281)
الْحَدِيثِ:
شَرُّ النِّسَاءِ الوَذِرَةُ المَذِرَةُ
وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَحِي عِنْدَ الْجِمَاعِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ ذَرْ ذَا، ودَعْ ذَا، وَلَا يُقَالُ وَذَرْتُه وَلَا وَدَعْتُه، وأَما فِي الْغَابِرِ فَيُقَالُ يَذَرُه ويَدَعُه وأَصله وَذِرَهُ يَذَرُه مِثَالُ وَسِعَه يَسَعُه، وَلَا يُقَالُ واذِرٌ وَلَا وَادِعٌ، وَلَكِنْ تَرَكْتُهُ فأَنا تَارِكٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْعَرَبُ قَدْ أَماتت الْمَصْدَرَ مِنْ يَذَرُ والفعلَ الْمَاضِيَ، فَلَا يُقَالُ وَذِرَهُ وَلَا وَاذِرٌ، وَلَكِنْ تَرَكَهُ وَهُوَ تَارِكٌ، قَالَ: وَاسْتَعْمَلَهُ فِي الْغَابِرِ والأَمر فإِذا أَرادوا الْمَصْدَرَ قَالُوا ذَرْهُ تَرْكاً، وَيُقَالُ هُوَ يَذَرُه تَرْكًا. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: إِني أَخاف أَن لَا أَذَرَه
أَي أَخاف أَن لَا أَترك صِفَتَهُ وَلَا أَقطعها مِنْ طُولِهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَخاف أَن لَا أَقدر عَلَى تَرْكِهِ وَفِرَاقِهِ لأَن أَولادي مِنْهُ والأَسباب الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَهُ؛ وَحُكْمُ يَذَرُ فِي التَّصْرِيفِ حُكْمُ يَدَعُ. ابْنُ سِيدَهْ: قَالُوا هُوَ يَذَرُه تَرْكاً وأَماتوا مَصْدَرَهُ وَمَاضِيَهُ، وَلِذَلِكَ جَاءَ عَلَى لَفْظِ يَفْعَلُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَاضٍ لَجَاءَ عَلَى يَفْعُلُ أَو يَفْعِلُ، قَالَ: وَهَذَا كُلُّه أَو جُلُّه قِيلُ سِيبَوَيْهِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ
؛ مَعْنَاهُ كِلْه إِليّ وَلَا تَشْغَلْ قَلْبَكَ بِهِ فإِني أُجازيه. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ: لَمْ أَذِرْ وَرائي شَيْئًا، وَهُوَ شَاذٌّ، وَاللَّهُ أَعلم.
ورر: الوَرَّةُ: الحَفِيرَةُ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: أَرَّة فِي وَرَّةٍ. وَوَرْوَرَ نَظَرَه. أَحَدَّه. وَمَا كلامُه إِلا وَرْوَرَةً إِذا كَانَ يُسْرِعُ فِي كَلَامِهِ. الْفَرَّاءُ: الوَرْوَرِيُّ الضَّعِيفُ الْبَصَرِ. والوَرُّ: الوَرِكُ، وَقِيلَ: الوَرَّةُ، بالهاء، والوَرِكُ.
وزر: الوَزَرُ: المَلْجَأُ، وأَصل الوَزَرِ الْجَبَلُ الْمَنِيعُ، وكلُّ مَعْقِلٍ وَزَرٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كَلَّا لَا وَزَرَ
؛ قال أَبو إِسحق: الوَزَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْجَبَلُ الَّذِي يُلْتَجَأُ إِليه، هَذَا أَصله. وَكُلُّ مَا الْتَجَأْتَ إِليه وَتَحَصَّنْتَ بِهِ، فَهُوَ وَزَرٌ. وَمَعْنَى الْآيَةِ لَا شَيْءَ يُعْتَصَمُ فِيهِ مِنْ أَمر اللَّهِ. والوِزْرُ: الحِمْلُ الثَّقِيلُ. والوِزْرُ: الذَّنْبُ لِثِقَلهِ، وَجَمْعُهُمَا أَوْزارٌ. وأَوْزارُ الْحَرْبِ وَغَيْرُهَا: الأَثْقالُ وَالْآلَاتُ، وَاحِدُهَا وِزرٌ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، وَقِيلَ: لَا وَاحِدَ لَهَا. والأَوْزارُ: السِّلَاحُ؛ قَالَ الأَعشى:
وأَعْدَدْت للحربِ أَوْزارَها ... رِماحاً طِوالًا وخَيْلًا ذُكُورَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده فأَعددتَ، وَفَتَحَ التَّاءَ لأَنه يُخَاطِبُ هَوْذةَ بْنَ عَلِيٍّ الْحَنَفِيَّ؛ وَقَبْلَهُ:
وَلَمَّا لُقِيتَ مَعَ المُخْطِرِين ... وَجَدْتَ الإِلهَ عَلَيْهِمْ قَدِيرَا
الْمُخْطِرُونَ: الَّذِينَ جَعَلُوا أَهلهم خَطَراً وأَنفسهم، إِما أَن يَظْفَرُوا أَو يُظْفَرَ بِهِمْ، وَوَضَعَتِ الحربُ أَوْزارَها أَي أَثقالها مِنْ آلَةِ حَرْبٍ وَسِلَاحٍ وَغَيْرِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها
؛ وَقِيلَ: يَعْنِي أَثقال الشُّهَدَاءِ لأَنه عَزَّ وَجَلَّ يُمَحِّصُهم مِنَ الذُّنُوبِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَوزارها آثَامُهَا وشِرْكها حَتَّى لَا يَبْقَى إِلا مُسْلم أَو مُسالم، قَالَ: وَالْهَاءُ فِي أَوزارها لِلْحَرْبِ، وأَتت بِمَعْنَى أَوزار أَهلها. الْجَوْهَرِيُّ: الوَزَرُ الإِثم والثِّقْلُ والكارَةُ والسلاحُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَكثر مَا يُطْلَقُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الذَّنْبِ والإِثم. يُقَالُ: وَزَرَ يَزِرُ إِذا حَمَلَ مَا يُثْقِلُ ظهرَه مِنَ الأَشياء المُثْقِلَةِ وَمِنَ الذنوب. ووَزَرَ وِزْراً: حَمَلَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى *
؛ أَي لَا يُؤْخَذُ أَحد(5/282)
بِذَنْبِ غَيْرِهِ وَلَا تحملُ نفسٌ آثمةٌ وِزْرَ نَفْسٍ أُخرى، وَلَكِنْ كلٌّ مَجْزِيٌّ بِعَمَلِهِ. وَالْآثَامُ تُسَمَّى أَوْزاراً لأَنها أَحمال تُثْقِلُه، وَاحِدُهَا وِزْرٌ، وَقَالَ الأَخفش: لَا تأْثَمُ آثِمَةٌ بإِثم أُخرى. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدْ وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوزارها
أَي انْقَضَى أَمرها وَخَفَّتْ أَثقالها فَلَمْ يبق قتال. ووَزَرَ وَزْراً ووِزْراً ووِزْرَةً: أَثم؛ عَنِ الزَّجَّاجِ. وَوُزِرَ الرجلُ: رُمِيَ بِوِزْرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ارْجِعْنَ مأْزُورات غَيْرَ مأْجورات
؛ أَصله موْزورات وَلَكِنَّهُ أَتبع مأْجورات، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى بَدَلَ الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ فِي أُزِرَ، وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ، لأَن الْعِلَّةَ الَّتِي مِنْ أَجلها هُمِزَتِ الْوَاوُ فِي وُزِرَ لَيْسَتْ فِي مأْزورات. اللَّيْثُ: رَجُلٌ مَوْزُورٌ غَيْرُ مأْجور، وَقَدْ وُزِرَ يُوزَرُ، وَقَدْ قِيلَ: مأْزور غَيْرُ مأْجور، لَمَّا قَابَلُوا الْمَوْزُورَ بالمأْجور قَلَبُوا الْوَاوَ هَمْزَةً ليأْتلف اللَّفْظَانِ ويَزْدَوِجا، وَقَالَ غَيْرُهُ: كأَن مأْزوراً فِي الأَصل مَوْزُورٌ فَبَنَوْه عَلَى لَفْظِ مأْجور. واتَّزَرَ الرجلُ: رَكِبَ الوِزْرَ، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنْهُ، تَقُولُ مِنْهُ: وَزِرَ يَوْزرُ ووَزَرَ يَزِرُ ووُزِرَ يُوزَرُ، فَهُوَ موزورٌ، وإِنما قَالَ فِي الْحَدِيثِ مأْزورات لِمَكَانِ مأْجورات أَي غَيْرَ آثِمَاتٍ، وَلَوْ أَفرد لَقَالَ مَوْزُورَاتٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وإِنما قَالَ مأْزورات لِلِازْدِوَاجِ. والوَزِيرُ: حَبَأُ المَلِكِ الَّذِي يَحْمِلُ ثِقْلَه وَيُعِينُهُ برأْيه، وَقَدِ اسْتَوْزَرَه، وحالَتُه الوَزارَةُ والوِزارَةُ، وَالْكَسْرُ أَعلى. ووَازَرَه عَلَى الأَمر: أَعانه وَقَوَّاهُ، والأَصل آزَرَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ هاهنا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى أَن الْوَاوَ فِي وَزِيرٍ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: لَيْسَ بِقِيَاسٍ لأَنه إِذا قَلَّ بَدَلَ الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْحَرَكَاتِ فَبَدَلُ الْوَاوِ مِنَ الْهَمْزَةِ أَبعد. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي
؛ قَالَ: الْوَزِيرُ فِي اللُّغَةِ اشْتِقَاقُهُ مِنَ الوَزَرِ، والوَزَرُ الجبلُ الَّذِي يُعْتَصَمُ بِهِ ليُنْجى مِنَ الْهَلَاكِ، وَكَذَلِكَ وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ مَعْنَاهُ الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَى رأْيه فِي أُموره وَيَلْتَجِئُ إِليه، وَقِيلَ: قِيلَ لِوَزِيرِ السُّلْطَانِ وَزِيرٌ لأَنه يَزِرُ عَنِ السُّلْطَانِ أَثْقال مَا أُسند إِليه مِنْ تَدْبِيرِ الْمَمْلَكَةِ أَي يَحْمِلُ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: الوَزِيرُ المُوازِرُ كالأَكِيلِ المُواكِلِ لأَنه يَحْمِلُ عَنْهُ وِزْرَه أَي ثِقْلِهِ. وَقَدِ اسْتُوزِرَ فُلَانٌ، فَهُوَ يُوازِرُ الأَمير ويَتَوَزَّرُ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفة:
نَحْنُ الأُمراء وأَنتم الْوُزَرَاءُ
، جَمْعُ وَزِيرٍ وَهُوَ الَّذِي يُوازِرُه فَيَحْمِلُ عَنْهُ مَا حُمِّلَه مِنَ الأَثقال وَالَّذِي يَلْتَجِئُ الأَمير إِلى رأْيه وَتَدْبِيرِهِ، فَهُوَ ملجأٌ لَهُ ومَفْزَعٌ. ووَزَرْتُ الشيءَ أَزِرُه وزْراً أَي حَمْلَتُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى *
. أَبو عَمْرٍو: أَوْزَرْتُ الشَّيْءَ أَحرزته، ووَزَرْتُ فُلَانًا أَي غَلَبْتُهُ؛ وَقَالَ:
قَدْ وَزَرَتْ جِلَّتَها أَمْهارُها
التَّهْذِيبُ: وَمِنْ بَابِ وَزَرَ قَالَ ابْنُ بُزُرج يَقُولُ الرَّجُلُ مِنَّا لِصَاحِبِهِ فِي الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا: إِنك لَا تَوَزَّرُ حُظُوظَةَ الْقَوْمِ. وَيُقَالُ: قَدْ أَوْزَرَ الشيءَ ذَهَبَ بِهِ واعْتَبَأَه. وَيُقَالُ: قَدِ اسْتَوْزَرَه. قَالَ: وأَما الاتِّزارُ فَهُوَ مِنَ الوِزْر، وَيُقَالُ: اتَّزَرْتُ وَمَا اتَّجَرْتُ، ووَزَرْتُ أَيضاً. وَيُقَالُ: وازَرَني فُلَانٌ عَلَى الأَمر وآزَرَني، والأَوّل أَفصح. وَقَالَ: أَوْزَرْتُ الرَّجُلَ فَهُوَ مُوزَرٌ جَعَلْتُ لَهُ وَزَراً يأْوي إِليه، وأَوْزَرْتُ الرَّجُلَ مِنَ الوِزْرِ، وآزَرْتُ مِنَ المُوازَرَةِ وفعلتُ مِنْهَا أَزَرْتُ أَزْراً وتَأَزَّرْتُ.(5/283)
وشر: وَشَرَ الخَشَبَةَ وشْراً بالمِيشار، غَيْرَ مَهْمُوزٍ: نَشَرَها، لُغَةٌ فِي أَشَرها. وَالْمِئْشَارُ: مَا وُشِرَتْ بِهِ. والوَشْرُ: لُغَةٌ فِي الأَشْرِ. الْجَوْهَرِيُّ: والوَشْرُ أَن تُحَدِّدَ المرأَةُ أَسنانها وتُرَقِّقَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَنَ اللَّهُ الواشرةَ والمُوتَشِرَةَ
؛ الْوَاشِرَةُ: المرأَة الَّتِي تُحَدِّدُ أَسنانها وَتُرَقِّقُ أَطرافها، تَفْعَلُهُ المرأَة الْكَبِيرَةُ تَتَشَبَّهُ بِالشَّوَابِّ، وَالْمُوتَشِرَةُ: الَّتِي تأْمر مَنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ؛ قَالَ: وكأَنه مِنْ وشَرْتُ الْخَشَبَةَ بالمِيْشار، غَيْرَ مَهْمُوزٍ، لُغَةٌ في أَشَرْتُ.
وصر: الوِصْرُ: السِّجِلُّ؛ وَجَمْعُهُ أَوْصارٌ. والوَصِيرَةُ: الصَّكُ، كِلْتَاهُمَا فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ. اللَّيْثُ: الوَصَرَّةُ مُعَرَّبَةٌ وَهِيَ الصَّكُّ وَهُوَ الأَوْصَرُ؛ وأَنشد:
وَمَا اتَّخَذْتُ صَدَاماً لِلمُكُوثِ بِهَا ... وَمَا انْتَقَيْتُكَ إِلا لِلوَصَرَّاتِ
وَرُوِيَ عَنْ
شُرَيْحٍ فِي الْحَدِيثِ: أَن رَجُلَيْنِ احْتَكَمَا إِليه فَقَالَ أَحدهما: إِن هَذَا اشْتَرَى مِنِّي دَارًا وَقَبَضَ مِنِّي وِصْرَها فَلَا هُوَ يُعْطِينِي الثَّمَنَ وَلَا هُوَ يَرُدُّ إِلي الوِصْرَ
؛ الوِصْرُ، بِالْكَسْرِ: كِتَابُ الشِّرَاءِ، والأَصل إِصْرٌ، سُمِّيَ إِصْراً لأَن الإِصْرَ الْعَهْدُ، وَسُمِّي كِتَابُ الشُّرُوطِ كِتَابَ الْعَهْدِ وَالْوَثَائِقِ، قُلِبَتِ الْهَمْزَةُ وَاوًا، وَجَمْعُ الوِصْر أَوْصارٌ؛ وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
فأَيُّكُمْ لَمْ يَنَلْه عُرْفُ نائِلِه ... دَثْراً سَواماً، وَفِي الأَرْيافِ أَوصارَا
أَي أَقطعكم وَكَتَبَ لَكُمُ السِّجِلَّاتِ فِي الأَرياف. الْجَوْهَرِيُّ: الوِصْرُ لُغَةٌ فِي الإِصْرِ، وَهُوَ الْعَهْدُ، كَمَا قَالُوا إِرث ووِرْثٌ وإِسادَةٌ ووِسادَةٌ، والوِصْرُ: الصَّكُ وَكِتَابُ الْعَهْدِ، وَاللَّهُ أَعلم.
وضر: الوَضَرُ: الدَّرَنُ والدَّسَمُ. ابْنُ سِيدَهْ: الوَضَرُ وسَخُ الدسمِ وَاللَّبَنِ وغُسالَةُ السِّقاء وَالْقَصْعَةِ وَنَحْوِهِمَا؛ وأَنشد:
إِن تَرْحضُوها تَزدْ أَعْراضُكم طَبَعاً ... أَو تَتْرُكوها فَسُودٌ ذاتُ أَوْضارِ
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للفُنْدُورَةِ وَضْرَى وَقَدْ وَضِرَت القصعةُ تَوْضَرُ وَضَراً أَي دَسِمَتْ؛ قَالَ أَبو الْهِنْدِيِّ وَاسْمُهُ عَبْدُ المؤْمن بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ:
سَيُغْنِي أَبا الهِنْدِيِّ عَنْ وَطْبِ سالمٍ ... أَبارِيقُ، لَمْ يَعْلَقْ بِهَا وَضَرُ الزُّبْدِ
مُفَدَّمَةٌ قَزّاً، كأَنَّ رِقابَها ... رِقابُ بناتِ الماءِ تَفْزَعُ للرَّعْدِ
الوَطْبُ: زِقُّ اللَّبَنِ، وَهُوَ فِي الْبَيْتِ زِقُّ الْخَمْرِ. والمُفَدَّم: الإِبريق الَّذِي عَلَى فَمِهِ فِدَامٌ، وَهُوَ خِرْقَةٌ مِنْ قَزٍّ أَو غَيْرِهِ. وَشَبَّهَ رِقَابَهَا فِي الإِشراف وَالطُّولِ بِرِقَابِ بَنَاتِ الْمَاءِ، وَهِيَ الغَرانِيقُ، لأَنها إِذا فَزِعَت نَصَبَتْ أَعناقها. وَوَضِرَ الإِناءُ يَوْضَرُ وَضَراً إِذا اتَّسَخَ، فَهُوَ وَضِرٌ، وَيَكُونُ الوَضَرُ مِنَ الصُّفْرَة والحُمرة والطِّيب. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: رأَى النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهِ وَضَراً مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ لَهُ: مَهْيَمْ
؛ الْمَعْنَى أَنه رأَى بِهِ لَطْخاً مِنْ خَلُوق أَو طِيبٍ لَهُ لَوْنٌ فسأَل عَنْهُ فَأَخبره أَنه تزوَّج، وَذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْعَرُوسِ إِذا دَخَلَ عَلَى زَوْجَتِهِ. والوَضَرُ: الأَثر مِنْ غَيْرِ الطِّيبِ. قَالَ: والوَضَرُ مَا يَشُمُّهُ الإِنسان مِنْ رِيحٍ يَجِدُهُ مِنْ طَعَامٍ فَاسِدٍ. أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ لِبَقِيَّةِ الهِناءِ وَغَيْرِهِ الوَضَرُ. وَفِي الْحَدِيثِ
فَجَعَلَ يأْكل وَيَتَتَبَّعُ بِاللُّقْمَةِ وَضَرَ الصَّحْفَةِ
أَي دَسَمَها وأَثَرَ الطعامِ فِيهَا. وَفِي(5/284)
حَدِيثِ
أُمّ هَانِئٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَسَكَبْتُ لَهُ فِي صَحْفَة إِني لأَرَى فِيهَا وَضَرَ الْعَجِينِ
؛ وامرأَة وَضِرَةٌ ووَضْرَى؛ قَالَ:
إِذا مَلا بَطْنَه أَلْبانُها حَلَباً ... باتَتْ تُغَنِّيهِ وَضْرَى ذاتُ أَجْراسِ
أَراد ملأَ فأَبدل لِلضَّرُورَةِ، قَالَ: وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ.
وطر: اللَّيْثُ: الوَطَرُ كلُّ حاجةٍ كَانَ لِصَاحِبِهَا فِيهَا هِمَّةٌ، فَهِيَ وَطَرُه، قَالَ: وَلَمْ أَسمع لَهَا فِعْلًا أَكثر مِنْ قَوْلِهِمْ قَضَيْتُ مِنْ أَمر كَذَا وَطَرِي أَي حَاجَتِي، وَجَمْعُ الوَطَرِ أَوْطارٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الوَطَرُ فِي اللُّغَةِ والأَرَبُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْخَلِيلُ الوَطَرُ كُلُّ حَاجَةٍ يَكُونُ لَكَ فِيهَا هِمَّةٌ، فإِذا بَلَغَهَا الْبَالِغُ قِيلَ: قَضَى وَطَرَه وأَرَبَهُ، وَلَا يُبْنَى مِنْهُ فِعْلٌ.
وعر: الوَعْرُ: المكانُ الحَزْنُ ذُو الوُعُورَةِ ضِدُّ السَّهْل؛ طريقٌ وَعْرٌ ووَعِرٌ ووَعِيرٌ وأَوْعَرُ، وَجَمْعُ الوَعِرِ أَوْعُرٌ؛ قَالَ يَصِفُ بَحْرًا:
وتارَةً يُسْنَدُ فِي أَوْعُرِ
وَالْكَثِيرُ وعُورٌ وَجَمْعُ الوَعِرِ والوَعِيرِ أَوْعارٌ، وَقَدْ وَعُرَ يَوْعُرُ ووَعَرَ يَعِرُ وَعْراً ووُعُورَةً ووَعارَةً ووُعُوراً ووَعِرَ وَعَراً ووُعُورَةً ووَعارَةً. وَيُقَالُ: رَمْلٌ وَعِرٌ وَمَكَانٌ وَعِرٌ وَقَدْ تَوَعَّر، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: وَعِرَ يَعِرُ كَوَثِقَ يَثِقُ. وأَوْعَرَ بِهِ الطريقُ: وَعُرَ عَلَيْهِ أَو أَفْضَى بِهِ إِلى وَعْرٍ مِنَ الأَرض، وَجَبَلٌ وَعْرٌ، بِالتَّسْكِينِ، ووَاعِرٌ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. قَالَ الأَصمعي: لَا تَقُلْ وَعِرٌ. وأَوْعَرَ القومُ: وَقَعُوا فِي الوَعْرِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثّ عَلَى جبلٍ وَعْرٍ لَا سَهْلٌ فيُرْتَقَى وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَى
أَي غَلِيظٌ حَزْنٌ يصعُب الصُّعُودُ إِليه؛ شَبَّهَتْهُ بِلَحْمٍ هَزِيلٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَهُوَ مَعَ هَذَا صَعْبُ الْوُصُولِ والمَنالِ. قَالَ الأَزهري: والوُعُورَة تَكُونُ غِلَظاً فِي الْجَبَلِ وَتَكُونُ وُعُوثَة فِي الرَّمْلِ. والوَعْرُ: المكانُ الصُّلْبُ. والوَعْرُ: الموضعُ المُخِيفُ الوَحْشُ. واسْتَوْعَرُوا طرِيقَهم: رأَوْه وَعْراً. وتَوَعَّرَ عليَّ: تَعَسَّر أَي صَارَ وَعْراً، ووَعَّرْتُه أَنا تَوْعِيراً. والوُعُورَةُ: القِلَّةُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَفَتْ ثمَّ أَدَّتْ لَا قَلِيلًا وَلَا وَعْرَا
يَصِفُ أُم تَمِيمٍ لأَنها وَلَدَتْ فأَنْجَبَتْ وأَكْثَرَتْ. ووَعُرَ الشيءُ وعارَةً ووُعُورَةً: قَلَّ. وأَوْعَرَه: قَلَّلَه. وأَوْعَرَ الرجلُ: قَلَّ مالُه. وَوَعِرَ صدرُه عليَّ: لُغَةٌ فِي وَغرَ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنها بَدَلٌ، قَالَ: لأَن الْغَيْنَ قَدْ تُبْدَلَ مِنَ الْعَيْنِ، وَقَالَ الأَزهري: هُمَا لُغَتَانِ بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ. والوَعْرُ: الْمَكَانُ الصُّلب. ووَعَرَ الرجلَ ووَعَّرَه: حَبَسَهُ عَنْ حَاجَتِهِ ووجْهَتِه. وَفُلَانٌ وَعْرُ الْمَعْرُوفِ أَي قَلِيلُهُ. وأَوْعَرَه: قَلَّلَه، وَمَطْلَبٌ وَعْرٌ. يُقَالُ: قَلِيلٌ وَعْرٌ ووَتْحٌ، وَعْرٌ إِتباع لَهُ. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ قَلِيلٌ شَقْنٌ ووَتْحٌ ووَعْرٌ، وَهِيَ الشُّقُونَة والوُتُوحَةُ والوُعُورَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ الأَصمعي: شَعَرٌ مَعِرٌ وَعِرٌ زَمِرٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ووُعَيْرَةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
فأَمْسَى يَسُحُّ الماءَ فوقَ وُعَيْرَةٍ ... لَهُ باللِّوَى والوَادِيَيْنِ حَوائِرُ
والأَوْعارُ: مَوْضِعٌ بالسَّماوَةِ سَماوَةِ كَلْبٍ؛ قَالَ الأَخطل:
فِي عانَةٍ رَعَتِ الأَوْعارَ، صَيْفَتَها ... حَتَّى إِذا زَهِمَ الأَكْفالُ والسُّرَرُ(5/285)
وغر: الوَغْرَةُ: شدَّةُ تَوَقُّدِ الحَرِّ. والوَغْرُ: احْتِرَاقُ الْغَيْظِ، وَمِنْهُ قِيلَ: فِي صَدْرِهِ عليَّ وَغْرٌ، بِالتَّسْكِينِ، أَي ضِغْنٌ وَعَدَاوَةٌ وتَوَقُّدٌ مِنَ الْغَيْظِ، وَالْمَصْدَرُ بِالتَّحْرِيكِ. وَيُقَالُ: وَغِرَ صدرُه عَلَيْهِ يَوْغَرُ وَغَراً ووَغَر يَغِرُ إِذا امتلأَ غَيْظًا وَحِقْدًا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَحْتَرِقَ مِنْ شِدَّةِ الْغَيْظِ. وَيُقَالُ: ذَهَبَ وَغَرُ صَدْرِهِ ووَغَم صَدْرِهِ أَي ذَهَبَ مَا فِيهِ مِنَ الغِلِّ وَالْعَدَاوَةِ، وَلَقِيتُهُ فِي وَغْرَةِ الْهَاجِرَةِ: وَهُوَ حِينَ تَتَوَسَّطُ الشَّمْسُ السَّمَاءَ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثُ الإِفك:
فأَتينا الجيشَ مُوغِرِين فِي نَحْرِ الظَّهيرة
أَي فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ وَقْتَ تَوَسُّطِ الشَّمْسِ السَّمَاءَ. يُقَالُ: وَغَرَتِ الهاجرة وَغْراً أَي رَمِضَتْ وَاشْتَدَّ حَرُّهَا، وَيُقَالُ: نَزَّلْنَا فِي وَغْرَةِ القَيْظِ عَلَى مَاءِ كَذَا. وأَوغَرَ الرجلُ: دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، كَمَا يُقَالُ: أَظهر إِذا دَخَلَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ. وَيُرْوَى فِي الْحَدِيثِ:
فأَتينا الجيشَ مُغَوِّرِينَ.
وأَوغَرَ القومُ: دَخَلُوا فِي الوَغْرَةِ. والوَغْرُ والوَغَرُ: الحِقْدُ والذَّحْلُ، وأَصله مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ وَغِرَ صَدْرُهُ يَوْغَرُ وَغَراً ووَغَرَ يَغِرُ وَغْراً فِيهِمَا، قَالَ: ويَوْغَرُ أَكثر، وأَوْغَرَه وَهُوَ واغِرُ الصَّدْرِ عَلَيَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الهَدِيَّةُ تُذْهِبُ وَغَرَ الصَّدْرِ
؛ هُوَ بِالتَّحْرِيكِ الغِلُّ وَالْحَرَارَةُ، وأَصله مِنَ الوَغْرَة وَشِدَّةُ الْحَرِّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مَازِنٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا فِي الْقُلُوبِ عليكُمْ، فاعْلَموا، وَغَرُ
وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: واغِرَةُ الضَّمِيرِ
، وَقِيلَ: الوَغَرُ تَجَرُّع الْغَيْظِ وَالْحِقْدِ. والتَّوْغِيرُ: الإِغراء بالحقد؛ وأَنشد سيبويه للفرزدق:
دَسَّتْ رَسُولًا بأَنَّ القومَ، إِنْ قَدَروا ... عليكَ، يَشْفُوا صُدُوراً ذاتَ تَوغِيرِ
وأَوغَرْتُ صدرَه عَلَى فُلَانٍ أَي أَحْمَيْتُه مِنَ الْغَيْظِ. والوَغِيرُ: لَحْمٌ يُشْوَى عَلَى الرَّمْضاءِ. والوَغِيرُ: اللَّبَنُ تُرْمى فِيهِ الحجارَةُ المُحْماةُ ثُمَّ يُشْرَبُ؛ والمستوغِرُ بْنُ ربيعةَ الشاعرُ الْمَعْرُوفُ مِنْهُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ يَصِفُ فَرَسًا عَرِقَتْ:
يَنِشُّ الماءُ فِي الرَّبَلاتِ مِنْهَا ... نَشِيشَ الرَّضْفِ فِي اللبنِ الوَغِيرِ
والرَّبَلات: جَمْعُ رَبْلَةٍ ورَبَلَة، وَهِيَ بَاطِنُ الْفَخِذِ. والرَّضْف: حِجَارَةٌ تُحْمَى وَتُطْرَحُ فِي اللَّبَنِ ليَجْمُد، وَقِيلَ: الوغِيرُ اللَّبَنُ يُغْلى ويُطْبَخُ. الْجَوْهَرِيُّ: الوَغِيرَةُ اللَّبَنُ يُسَخَّنُ بِالْحِجَارَةِ الْمُحْمَاةِ، وَكَذَلِكَ الْوَغِيرُ. ابْنُ سِيدَهْ: والوَغِيرَةُ اللَّبَنُ وَحْدَهُ مَحْضاً يُسَخَّنُ حَتَّى يَنْضَجَ، وَرُبَّمَا جُعِلَ فِيهِ السَّمْنُ، وَقَدْ أَوغَرَه، وَكَذَلِكَ التوغِيرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَسائِلْ مُراداً عَنْ ثلاثةِ فِتْيَةٍ ... وَعَنْ أُثْر مَا أَبْقى الصَّرِيحُ المُوَغَّرُ
والإِيغارُ: أَن تُسخن الْحِجَارَةَ وتُحْرِقَها ثُمَّ تُلْقِيَهَا فِي الْمَاءِ لِتُسَخِّنَهُ. وَقَدْ أَوغَرَ الماءَ إِيغاراً إِذا أَحرقه حَتَّى غَلَى؛ وَمِنْهُ الْمَثَلُ: كَرِهَتِ الخنازِيرُ الحَمِيمَ المُوغَرَ، وَذَلِكَ لأَن قَوْمًا مِنَ النَّصَارَى كَانُوا يَسْمُطون الْخِنْزِيرَ حَيًّا ثُمَّ يَشْوُونه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَقَدْ رأَيتُ مكانَهم فكرِهْتُهمْ ... كَكَراهَةِ الخِنزيرِ للإِيغار
وَوَغْرُ الجيشِ: صَوْتُهُمْ وجَلَبَتُهُمْ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فِي ظَهْرِ مَرْتٍ عَساقِيلُ السَّرابِ بِهِ ... كأَنَّ وَغْرَ قَطاهُ وَغْرُ حَادِينَا
المَرْتُ: القَفْر الَّذِي لَا نَبَاتَ لَهُ. وَعَسَاقِيلُ السَّرَابِ: قِطَعُه، وَاحِدُهَا عُسْقُول؛ شَبَّهَ أَصوات الْقَطَا فِيهِ(5/286)
بأَصوات رِجَالٍ حَادِينَ، والأَلف فِي آخِرِهِ للإِطلاق؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنما زُهاؤُه لمَنْ جَهَرْ ... ليلٌ، ورِزُّ وَغْرِه إِذا وَغَرْ
الوَغْرُ: الصَّوْتُ. ووَغَرُهُمْ: كَوَغْرِهم؛ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ الأَعرابي فِي وَغْرِ الْجَيْشِ إِلا الإِسكانَ فَقَطْ، وَصَرَّحَ بأَن الْفَتْحَ لَا يَجُوزُ. والإِيغارُ: الْمُسْتَعْمَلُ فِي بَابِ الْخَرَاجِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبه عَرَبِيًّا صَحِيحًا. غَيْرُهُ: يُقَالُ أَوْغَرَ العاملُ الخراجَ أَي اسْتَوْفَاهُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَغَرَ. وَيُقَالُ: الإِيغار أَن يُوغِرَ المَلِكُ لرجلٍ الأَرضَ يَجْعَلُهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ. قَالَ: وَقَدْ يُسَمَّى ضمانُ الْخَرَاجِ إِيغاراً، وَهِيَ لَفْظَةٌ مولَّدة، وَقِيلَ: الإِيغار أَن يُسْقِطَ الخراجَ عَنْ صَاحِبِهِ فِي بَلَدٍ ويُحَوِّلَ مثلَه إِلى بَلَدٍ آخَرَ فَيَكُونُ سَاقِطًا عَنِ الأَوّل وَرَاجِعًا إِلى بَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ الإِيغارَ لأَنه يُوغِرُ صُدُورَ الَّذِينَ يُزَادُ عَلَيْهِمْ خَراجٌ لَا يَلْزَمُهُمْ. وأَوْغرْتُ صدرَه أَي أَوقدته مِنَ الْغَيْظِ وأَحميته. أَبو سَعِيدٍ: أَوغَرْتُ فُلَانًا إِلى كَذَا أَي أَلجأْته؛ وأَنشد:
وتَطاوَلَتْ بِكَ هِمَّةٌ محطوطَةٌ ... قَدْ أَوْغَرَتْكَ إِلى صِباً ومُجُونِ
أَي أَلجأَتك إِلى الصِّبَا. قَالَ: وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ إِيغار الْخَرَاجِ وَهُوَ أَن يُؤَدِّيَ الرَّجُلُ خَرَاجَهُ إِلى السُّلْطَانِ الأَكبر فِرَارًا مِنَ الْعُمَّالِ. يُقَالُ: أَوْغَرَ الرجلُ خَراجَه إِذا فَعَلَ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ بِالْوَاوِ لِوُجُودِ أَوْغَرَ وَعَدَمِ أَيْغَر، وَاللَّهُ تعالى أَعلم.
وفر: الوَفْرُ مِنَ الْمَالِ وَالْمَتَاعِ: الكثيرُ الواسعُ، وَقِيلَ: هُوَ العامُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ وُفُورٌ؛ وَقَدْ وَفَرَ المالُ والنباتُ والشيءُ بِنَفْسِهِ وَفْراً ووُفُوراً وَفِرَةً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَلَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً
؛ الوَفْرُ: الْمَالُ الْكَثِيرُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الْمَالُ الْكَثِيرُ الْوَافِرُ الَّذِي لَمْ يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ مَوْفُورٌ وَقَدْ وَفَرْناه فِرَةً، قَالَ: وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي التَّعَدِّي وفَّرْناه تَوْفِيراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَفِرُه المَنْعُ
أَي لَا يُكْثِرُه مِنَ الوافِر الْكَثِيرِ. يُقَالُ: وَفَرَه يَفِرُه كوَعَدَه يَعِدُه. وأَرض وَفْراءُ: فِي نَبَاتِهَا فِرَةٌ. وَهَذِهِ أَرض فِي نَبَاتِهَا وَفْرٌ ووَفْرَةٌ وفِرَةٌ أَيضاً أَي وُفُورٌ لَمْ تُرْعَ. والوَفْراءُ: الأَرضُ الَّتِي لَمْ يَنْقُصْ مِنْ نَبْتِهَا؛ قَالَ الأَعشى:
عَرَنْدَسَةٌ لَا يَنْقُصُ السَّيْرُ غَرْضَها ... كأَحْقَبَ بالوَفْراءِ جَأْبٍ مُكَدَّمِ
الْعَرَنْدَسَةُ: الشَّدِيدَةُ مِنَ النُّوقِ. والغَرْضُ للرَّحْلِ: بِمَنْزِلَةِ الْحِزَامِ لِلسَّرْجِ؛ يُرِيدُ أَنها لَا تَضْمُر فِي سَيْرِهَا وكَلالها فَيَقْلَقَ غَرْضُها. وَيُقَالُ: إِنها لِعَظْمِ جَوْفِهَا تَسْتَوْفِي الغَرْضَ. والأَحقب: الْحِمَارُ الَّذِي بِمَوْضِعِ الحَقَبِ مِنْهُ بَيَاضٌ، وإِنما تُشَبَّهُ النَّاقَةُ بِالْعَيْرِ لِصَلَابَتِهِ، وَلِهَذَا يُقَالُ فِيهَا عَيْرانة. والجأْب: الْغَلِيظُ. ومكدَّم: مُعَضَّض أَيْ كَدَّمَتْهُ الْحَمِيرُ وَهُوَ يَطْرُدُهَا عَنْ عَانَتِهِ. ووَفَّرَ عَلَيْهِ حَقَّهُ تَوْفِيراً واستوفَرَه أَي اسْتَوْفَاهُ وتَوَفَّرَ عَلَيْهِ أَيْ رَعى حُرُماتِه. وَيُقَالُ: هُمْ مُتوافِرونَ أَي هُمْ كَثِيرٌ. ووَفُرَ الشيءُ وَفْراً وفِرَةً ووفَّره: كَثَرَهُ، وَكَذَلِكَ وَفَرَه مالَه وَفْراً وفِرَةً. ووَفَّرَه: جَعَلَهُ وافِراً. ووَفَرَه عِرْضَه ووَفَّره لَهُ: لَمْ يَشْتِمْه كأَنه أَبقاه لَهُ كَثِيرًا طَيِّبًا لَمْ يَنْقُصْه بِشَتْمٍ؛ قَالَ(5/287)
:
أَلِكْنِي، وَفِرْ لابنِ الغَرِيرَةِ عِرْضَه ... إِلى خالِدٍ مِنْ آلِ سَلْمى بنِ جَنْدَلِ
ووَفُرَ عِرْضُه ووَفَرَ وُفوراً: كَرُمَ وَلَمْ يُبْتَذَلْ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الأَوّل «3» ، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: جَزاءً مَوْفُوراً
؛ هُوَ مِنْ وَفَرْتُه أَفِرُه وَفْراً وفِرَةً، وَهَذَا مُتَعَدٍّ، وَاللَّازِمُ قَوْلُكَ وَفَرَ المالُ يَفِرُ وُفوراً وَهُوَ وَافِرٌ، وسِقاءٌ أَوْفَرُ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَنْقُصُ مِنْ أَديمه شَيْءٌ، وَالْمَوْفُورُ: الشَّيْءُ التَّامُّ؛ ووَفَرْتُ الشيءَ وَفْراً. وَقَوْلُهُمْ: تُوفَرُ وتُحْمَدُ مِنْ قَوْلِكَ وَفَرْتُه عِرْضَه وَمَالَهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا عُرِضَ عَلَيْكَ الشَّيْءُ تَقُولُ تُوفَرُ وتُحْمَدُ، وَلَا تَقُلْ تُوثَر؛ يُضْرَب هَذَا الْمَثَلَ لِلرَّجُلِ تُعْطِيهِ الشَّيْءَ فيردُّه عَلَيْكَ مِنْ غَيْرِ تسخُّط؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
كأَنها مِنْ بُدُنٍ وإِيفارْ ... دَبَّتْ عَلَيْهَا ذَرِباتُ الأَنْبارْ
إِنما هُوَ مِنَ الْوُفُورِ وَالتَّمَامِ. يَقُولُ: كأَنها مِمَّا أَوْفَرَها الرَّاعِي دَبَّتْ عَلَيْهَا الأَنْبار، وَيُرْوَى: وَاسْتِيفَارْ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَيُرْوَى: وإِيغار مَنْ أَوغَرَ العاملُ الْخَرَاجَ أَي اسْتَوْفَاهُ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ مَنْ أَوقَرَه أَي أَثقله. ووَفَرَ الشيءَ: أَكمَلَهُ. ووَفَرَ الثوبَ: قَطَعُهُ وَافِرًا؛ وَكَذَلِكَ السَّقَّاءُ إِذا لَمْ يُقْطَعْ مِنْ أَديمه فَضْلٌ. ومَزادة وَفْراءُ: وافِرَةُ الْجِلْدِ تَامَّةٌ لَمْ يُنْقَصْ مِنْ أَديمها شَيْءٌ، وسِقاءٌ أَوْفَرُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ أَثْأَى خَوارِزُها ... مُشَلْشَلٌ ضَيَّعَتْهُ بَيْنَها الكُتَبُ «4»
والوفْراءُ أَيضاً: الملأَى المُوَفَّرَةُ المِلْءِ. وتَوَفّرَ فلانٌ عَلَى فُلَانٍ بِبِرّه، ووَفَّرَ اللهُ حَظَّهُ مِنْ كَذَا أَي أَسبغه. والموفورُ فِي الْعَرُوضِ: كُلُّ جُزْءٍ يَجُوزُ فِيهِ الزِّحَافُ فَيَسْلَمُ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَبي إِسحق، قَالَ: وَقَالَ مَرَّةً الْمَوْفُورُ مَا جَازَ أَن يُخْرَمَ فَلَمْ يُخْرَمْ، وَهُوَ فَعُولُنْ ومفاعلين وَمُفَاعَلَتُنْ، وإِن كَانَ فِيهَا زِحَافٌ غَيْرَ الْخَرْمِ لَمْ تخلُ مِنْ أَن تَكُونَ مَوْفُورَةً، قَالَ: وإِنما سُمِّيَتْ مَوْفُورَةً لأَن أَوتادها تَوَفَّرَتْ. وأُذُنٌ وَفْراءُ: ضَخْمَةُ الشَّحْمَةِ عَظِيمَةٌ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وابْعَثْ يَساراً إِلى وَفْرٍ مُدَمَّعَةٍ ... واجْدَحْ إِليها....
مَعْنَاهُ أَنه لَمْ يُعْطُوا مِنْهَا الدِّيَاتِ فَهِيَ موفورةٌ، يَقُولُ لَهُ: أَنت رَاعٍ، ووَفَرَه عطاءَه إِذا رَدَّه عَلَيْهِ وَهُوَ راضٍ أَو مُسْتَقِلٌّ لَهُ. والوَفْرَةُ: الشَّعَرُ الْمُجْتَمِعُ عَلَى الرأْس، وَقِيلَ: مَا سَالَ عَلَى الأُذنين مِنَ الشَّعَرِ، وَالْجَمْعُ وِفارٌ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
كأَنَّ وِفارَ القومِ تحتَ رِحالِها ... إِذا حُسِرَتْ عَنْهَا العمائمُ، عُنْصُلُ
وَقِيلَ: الوَفْرَةُ أَعظم مِنَ الجُمَّةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا غَلَطٌ إِنما هِيَ وَفْرَةٌ ثُمَّ جُمَّة ثُمَّ لِمَّة. والوَفْرَةُ: مَا جَاوَزَ شَحْمَةَ الأُذنين، واللِّمَّةُ: مَا أَلمَّ بالمَنْكِبَينِ. التَّهْذِيبُ: والوَفْرَةُ الجُمَّة مِنَ الشَّعَرِ إِذا بَلَغَتِ الأُذنين، وَقَدْ وَفَرَها صَاحِبُهَا، وَفُلَانٌ مُوَفَّرُ الشَّعَرِ؛ وَقِيلَ: الوَفْرَةُ الشعرة إِلى شمحة الأُذن ثُمَّ الجُمَّة ثُمَّ اللِّمَّةُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رِمْثَةَ: انطلقتُ مَعَ أَبي نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإِذا هو ذو
__________
(3) . قوله [وهو من الأول] لعل المراد أنه من باب ضرب أو هو محرف عن وهو من اللازم بدليل ما بعده
(4) . قوله [مشلشل] أي مقطر، نعت لسرب كما نص عليه الصحاح. والكتب جمع كتبه كغرفة وغرف: خروف الخرز. وأثأى: خرم. والخوارز: جمع خارزة.(5/288)
وَفْرَة فِيهَا رَدْعٌ مِنْ حِنَّاء
؛ الوَفْرَة: شَعر الرأْس إِذا وَصَلَ إِلى شَحْمَةِ الأُذن. والوافِرَةُ: أَلْيَةُ الْكَبْشِ إِذا عَظُمَتْ، وَقِيلَ: هِيَ كُلُّ شَحْمَةٍ مُسْتَطِيلَةٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وعَلَّمنَا الصَّبْرَ آباؤُنا ... وخُطَّ لَنَا الرَّمْيُ فِي الوافِرَه
الْوَافِرَةُ: الدُّنْيَا، وَقِيلَ: الْحَيَاةُ. والوافِرُ: ضَرْب مِنَ العَرُوض، وَهُوَ مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ فَعُولُنْ، مَرَّتَيْنِ، أَو مُفَاعَلَتُنْ مُفَاعَلَتُنْ، مَرَّتَيْنِ، سُمِّيَ هَذَا الشَّطْرُ وَافِرًا لأَن أَجزاءه موفرةٌ لَهُ وُفورَ أَجزاء الْكَامِلِ، غَيْرَ أَنه حُذِفَ مِنْ حُرُوفِهِ فلم يكمل.
وقر: الوَقْرُ: ثِقَلٌ فِي الأُذن، بِالْفَتْحِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَذْهَبَ السَّمْعُ كُلُّهُ، والثِّقَلُ أَخَفُّ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ وَقِرَتْ أُذنه، بِالْكَسْرِ، تَوْقَرُ وقْراً أَي صَمَّتْ، ووَقَرَتْ وَقْراً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قِيَاسُ مَصْدَرِهِ التَّحْرِيكُ إِلا أَنه جَاءَ بِالتَّسْكِينِ، وَهُوَ مَوْقُورٌ، ووَقَرَها اللَّهُ يَقِرُها وَقْراً؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مِنْهُ وُقِرَتْ أُذُنُه عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعله تُوقَرُ وَقْراً، بِالسُّكُونِ، فَهِيَ مَوْقُورَةٌ، وَيُقَالُ: اللَّهُمَّ قِرْ أُذُنَه. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِي آذانِنا وَقْرٌ
. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: تَسْمَعُ بِهِ بَعْدَ الوَقْرَةِ
؛ هِيَ الْمَرَّةُ مِنَ الوَقْرِ، بِفَتْحِ الْوَاوِ: ثِقَلُ السَّمْعِ. والوِقْرُ: بِالْكَسْرِ: الثِّقْلُ يُحْمَلُ عَلَى ظَهْرٍ أَو عَلَى رأْس. يُقَالُ: جَاءَ يَحْمِلُ وِقْرَه، وَقِيلَ: الوِقْرُ الحِمْل الثَّقِيلُ، وعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الثَّقِيلَ وَالْخَفِيفَ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَجَمْعُهُ أَوقارٌ. وَقَدْ أَوقَرَ بعيرَه وأَوْقَرَ الدَّابَّةَ إِيقاراً وقِرَةً شَدِيدَةً، الأَخيرة شَاذَّةٌ، ودابَّةٌ وَقْرَى: مُوقَرَةٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
كَمَا حُلَّ عَنْ وَقْرَى، وَقَدْ عَضَّ حِنْوُها ... بغارِبها حَتَّى أَرادَ ليَجْزِلا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَرى وَقْرَى مَصْدَرًا عَلَى فَعْلى كحَلْقى وعَقْرَى، وأَراد: حُلَّ عَنْ ذَاتِ وَقْرَى، فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقَامَهُ. قَالَ: وأَكثر مَا اسْتُعْمِلَ الوِقْرُ فِي حِمل الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ والوَسْقُ فِي حِمْلِ الْبَعِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وَالْمَجُوسِ: فأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ أَو بَغْلَيْنِ مِنَ الوَرِقِ
؛ الوِقْرُ، بِكَسْرِ الْوَاوِ: الحِمْلُ يُرِيدُ حِمْلَ بَغْلٍ أَو حِمْلَيْنِ أَخِلَّةً مِنَ الْفِضَّةِ كَانُوا يأْكلون بِهَا الطَّعَامَ فأَعْطَوْها ليُمَكَّنُوا مِنْ عَادَتِهِمْ فِي الزَّمْزَمَةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَعَلَّهُ أَوقَرَ رَاحِلَتَهُ ذَهَبًا
أَي حَمَّلَها وِقْراً. وَرَجُلٌ مُوقَرٌ: ذُو وِقْرٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَقَدْ جَعَلَتْ تَبْدُو شَواكِلُ مِنْكُمَا ... كأَنَّكما بِي مُوقَرانِ مِنَ الجَمْرِ
وامرأَةٌ مُوقَرَةٌ: ذاتُ وِقْرٍ. الْفَرَّاءُ: امرأَة مُوقَرَة، بِفَتْحِ الْقَافِ، إِذا حَمَلَتْ حَمْلًا ثَقِيلًا. وأَوْقَرَتِ النخلةُ أَي كَثُرَ حَمْلُها؛ وَنَخْلَةٌ مُوقِرَة ومُوقِرٌ وموقَرة ومُوقَر ومِيقار؛ قال:
مِنْ كُلِّ بَائِنَةٍ تَبِينُ عُذُوقُها ... منها، وخاصِبَةٍ لَهَا مِيقارِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: نَخْلَةٌ مُوقَرٌ عَلَى غَيْرِ الْقِيَاسِ لأَن الْفِعْلَ لَيْسَ لِلنَّخْلَةِ، وإِنما قِيلَ مُوقِر، بِكَسْرِ الْقَافِ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِكَ امرأَة حَامِلٌ لأَن حَمْلَ الشَّجَرِ مُشَبَّهٌ بِحَمْلِ النِّسَاءِ، فأَما موقَر، بِالْفَتْحِ، فَشَاذٌّ، قَدْ رُوِيَ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ يَصِفُ نَخْلًا:
عَصَبٌ كَوارِعُ فِي خَليج مُحَلِّمٍ ... حَمَلَتْ، فَمِنْهَا موقَر مَكْمُومُ(5/289)
وَالْجَمْعُ مَواقِر؛ وأَما قَوْلُ قُطْبَة بْنِ الْخَضْرَاءِ مِنْ بَنِي القَيْنِ:
لِمَنْ ظُعُنٌ تَطالَعُ مِنْ سِتارِ ... مَعَ الإِشْراقِ، كالنَّخْلِ الوِقارِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَا أَدري مَا وَاحِدَهُ، قَالَ: وَلَعَلَّهُ قَدَّرَ نَخْلَةً واقِراً أَو وَقِيراً فَجَاءَ بِهِ عَلَيْهِ. واسْتَوْقَرَ وِقْرَه طَعَامًا: أَخذه. واسْتَوْقَرَ إِذا حَمَلَ حِمْلًا ثَقِيلًا. واسْتَوْقَرَتِ الإِبلُ: سَمِنَتْ وَحَمَلَتِ الشُّحُوم؛ قَالَ:
كأَنها مِنْ بُدُنٍ واسْتِيقارْ ... دَبَّتْ عَلَيْهَا عَرِماتُ الأَنْبارْ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَالْحامِلاتِ وِقْراً
، يَعْنِي السَّحَابَ يَحْمِلُ الْمَاءُ الَّذِي أَوْقَرها. والوَقار: الْحُلْمُ والرَّزَانة؛ وَقَرَ يَقِرُ وَقاراً ووَقارَةً ووَقَرَ قِرَةً وتَوَقَّرَ واتَّقَرَ: تَرَزَّنَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ يَسْبِقْكم أَبو بَكْرٍ بِكَثْرَةِ صَوْمٍ وَلَا صَلَاةٍ وَلَكِنَّهُ بِشَيْءٍ وَقَرَ فِي الْقَلْبِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لِسِرٍّ وَقَرَ فِي صَدْرِهِ
أَي سَكَنَ فِيهِ وَثَبَتَ مِنَ الوَقارِ وَالْحُلْمِ وَالرَّزَانَةِ، وَقَدْ وَقَرَ يَقِرُ وَقاراً؛ والتَّيْقُور: فَيْعُول مِنْهُ، وَقِيلَ: لُغَةٌ فِي التَّوْقِير، قَالَ: وَالتَّيْقُورُ الوَقارُ وأَصله وَيْقُور، قُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فإِن يَكُنْ أَمْسى البِلى تَيْقُوري
أَي أَمسى وَقاري، وَيُرْوَى:
فإِن أَكن أُمْسي البِلى تَيْقُوري
وَفِي يَكُنْ عَلَى هَذَا ضَمِيرُ الشأْن وَالْحَدِيثِ، وَالتَّاءُ فِيهِ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ، قِيلَ: كَانَ فِي الأَصل وَيْقُوراً فأَبدل الْوَاوَ تَاءً حَمَلَهُ عَلَى فَيْعُول، وَيُقَالُ حَمْلُهُ عَلَى تَفَعْوُلٍ، مِثْلُ التَّذْنُوب وَنَحْوَهُ، فَكَرِهَ الْوَاوَ مَعَ الْوَاوِ، فأَبدلها تَاءً لِئَلَّا يُشْتَبَهُ بفَوْعُول فَيُخَالِفُ الْبِنَاءَ، أَلا تَرَى أَنهم أَبدلوا الْوَاوَ حِينَ أَعربوا فَقَالُوا نَيْروزٌ؟ وَرَجُلٌ وَقارٌ ووَقُورٌ ووَقَرٌ «1» ؛ قَالَ الْعَجَّاجِ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعمَر:
هَذَا أَوانُ الجِدِّ، إِذ جَدَّ عُمَرْ ... وصَرَّحَ ابنُ مَعْمَرٍ لِمَنْ ذَمَرْ
مِنْهَا:
بِكُلّ أَخلاق الشُّجاعِ قَدْ مَهَرْ ... ثَبْتٌ، إِذا مَا صِيحَ بِالْقَوْمِ وَقَرْ «2»
قَوْلُهُ ثَبْتٌ أَي هُوَ ثَبْتُ الْجِنَانِ فِي الْحَرْبِ وَمَوْضِعُ الْخَوْفِ. ووَقَرَ الرَّجُلُ مِنَ الوَقار يَقِرُ، فَهُوَ وَقُورٌ، ووَقُرَ يَوْقُرُ، ومَرَةٌ وَقُورٌ. ووَقَرَ وَقْراً: جَلَسَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ
، قِيلَ: هُوَ مِنَ الوَقارِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْجُلُوسِ، وَقَدْ قُلْنَا إِنه مِنْ بَابِ قَرَّ يَقِرُّ ويَقَرُّ، وَعَلَّلْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الْمُضَاعَفِ. الأَصمعي: يُقَالُ وَقَرَ يَقِرُ وَقاراً إِذا سَكَنَ. قَالَ الأَزهري: والأَمْرُ قِرْ، وَمِنْهُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ
. قَالَ: وَوَقُرَ يَوْقُرُ والأَمر مِنْهُ اوْقُرْ، وَقُرِئَ:
وقَرْنَ
، بِالْفَتْحِ، فَهَذَا مِنَ القَرار كأَنه يُرِيدُ اقْرَرْنَ، فَتُحْذَفُ الرَّاءُ الأُولى لِلتَّخْفِيفِ وَتُلْقَى فَتْحَتُهَا عَلَى الْقَافِ، وَيُسْتَغْنَى عَنِ الأَلف بِحَرَكَةِ مَا بَعْدَهَا، وَيُحْتَمَلُ قِرَاءَةٌ مِنْ قرأَ بِالْكَسْرِ أَيضاً أَن يَكُونَ مِنَ اقْرِرْنَ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، عَلَى هَذَا كَمَا قُرِئَ فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ، بِفَتْحِ الظَّاءِ
__________
(1) . قوله [ووقر] في القاموس أنه بضم القاف
(2) . قوله [ثَبْتٌ إِذَا مَا صِيحَ إلخ] اسْتَشْهَدَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى أن وقر فيه فعل حيث قال ووقر الرجل إذا ثبت يقر وقاراً وقرة فهو وقور، قال العجاج: [ثَبْتٌ إِذَا مَا صِيحَ بالقوم وقر] .(5/290)
وَكَسْرِهَا، وَهُوَ مِنْ شَوَاذِّ التَّخْفِيفِ. ووَقَّرَ الرجلَ: بجَّلَهُ. وتُعَزِّرُوه وتُوَقِّرُوه؛ وَالتَّوْقِيرُ: التَّعْظِيمُ والتَّرْزِينُ. التَّهْذِيبُ: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً
؛ فإِن الْفَرَّاءَ قَالَ: مَا لَكَمَ لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً. ووَقَّرْتُ الرَّجُلَ إِذا عَظَّمَتْهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ
. والوَقار: السَّكِينَةُ والوَداعَةُ. وَرَجُلٌ وَقُورٌ ووقارٌ ومُتَوَقِّر: ذُو حُلْمٍ ورَزانَة. ووَقَّر الدَّابَّةَ: سَكَّنَها؛ قَالَ:
يَكادُ يَنْسَلُّ مِنَ التَّصْدِيرِ ... عَلَى مُدَالاتِيَ والتَّوْقِيرِ
والوَقْرُ: الصَّدْعُ فِي السَّاقِ. والوقْرُ والوَقْرَةُ: كالوَكْتَةِ أَو الهَزْمَةِ تَكُونُ فِي الْحَجَرِ أَو الْعَيْنِ أَو الْحَافِرِ أَو الْعَظْمِ، والوَقْرَةُ أَعظم مِنَ الوَكْتَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: الوَقْرَةُ أَن يُصِيبَ الحافرَ حَجَرٌ أَو غَيْرُهُ فيَنْكُبَه، تَقُولُ مِنْهُ: وَقِرَت الدابةُ، بِالْكَسْرِ، وأَوْقَرَها اللَّهُ مثلَ رَهِصَتْ وأَرْهَصَها اللَّهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَأْباً حَمَتْ نُسُورُه الأَوْقارا
وَيُقَالُ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْمُصِيبَةِ: كانتْ وَقْرَةً فِي صَخْرة يَعْنِي ثَلْمَةً وهَزْمَةً أَي أَنه احْتَمَلَ الْمُصِيبَةَ وَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ إِلا مثلَ تِلْكَ الْهَزْمَةِ فِي الصَّخْرَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ وُقِرَ العظمُ وَقْراً، فَهُوَ مَوْقُورٌ ووقِير. وَرَجُلٌ وَقِير: بِهِ وَقرة فِي عَظْمِهِ أَي هَزْمَة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
حَياء لنَفْسي أَن أُرى مُتَخَشِّعاً ... لوَقْرَةِ دَهْرٍ يَسْتَكِينُ وَقِيرُها
لِوَقْرَةِ دَهْرٍ أَي لخَطْبٍ شديد أُتَيَفَّنُ فِي حَالَةٍ كالوَقْرَةِ فِي العظْمِ. الأَصمعي: يُقَالُ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَقَرَتْ فِي عَظْمِهِ أَي هَزَمَتْ، وكَلَّمته كَلِمَةً وَقَرَتْ فِي أُذنه أَي ثبتت. والوَقْرَةُ تصيب الْحَافِرِ، وَهِيَ أَن تَهْزِمَ العظمَ. والوَقْرُ فِي الْعَظْمِ: شَيْءٌ مِنَ الْكَسْرِ، وَهُوَ الهَزْمُ، وَرُبَّمَا كُسِرَتْ يَدُ الرَّجُلِ أَو رجلُه إِذا كَانَ بِهَا وَقْرٌ ثُمَّ تُجْبَرُ فَهُوَ أَصلب لَهَا، والوَقْرُ لَا يَزَالُ واهِناً أَبداً. وَوقَرْتُ الْعَظْمَ أَقِرُه وقْراً: صَدَعْتُه؛ قَالَ الأَعشى:
يَا دَهْرُ، قَدْ أَكْثَرْتَ فَجْعَتَنا ... بِسَراتِنا، ووَقَرْتَ فِي العَظْمِ
والوَقير والوَقِيرَةُ: النُّقْرَةُ الْعَظِيمَةُ فِي الصَّخْرَةِ تُمْسِكُ الْمَاءَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: النُّقْرَةُ فِي الصَّخْرَةِ الْعَظِيمَةِ تُمْسِكُ الْمَاءَ، وَفِي الصِّحَاحِ: نُقْرَةٌ فِي الْجَبَلِ عَظِيمَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
التَّعَلُّمُ فِي الصِّبا كالوَقْرَةِ فِي الْحَجَرِ
؛ الوَقْرَةُ: النُّقْرَةُ فِي الصَّخْرَةِ، أَراد أَنه يَثْبُتُ فِي الْقَلْبِ ثَبَاتُ هَذِهِ النُّقْرَةِ فِي الْحَجَرِ. ابْنُ سِيدَهْ: تَرَكَ فُلَانٌ قِرَةً أَي عِيالًا، وإِنه عَلَيْهِ لَقِرَةٌ أَي عِيَالٌ، وَمَا عَلَيَّ مِنْكَ قِرَةٌ أَي ثِقَلٌ؛ قَالَ:
لَمَّا رأَتْ حَلِيلَتي عَيْنَيَّه ... ولِمَّتي كأَنها حَلِيَّه
تقولُ: هَذَا قِرَةٌ عَلَيَّه ... يَا لَيْتَنِي بالبَحْرِ أَو بِلِيَّه
والقِرَةُ والوَقِيرُ: الصِّغَارُ مِنَ الشَّاءِ، وَقِيلَ: القِرَةُ الشَّاءُ وَالْمَالُ. والوَقِير: الْغَنَمُ، وَفِي المحكم: الضَّخْمُ مِنَ الْغَنَمِ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: زَعَمُوا أَنها خَمْسُمِائَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ الْغَنَمُ عَامَّةً؛ وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي قَوْلَ جَرِيرٌ(5/291)
:
كأَنَّ سَليطاً فِي جَواشِنِها الحَصى ... إِذا حَلَّ بَيْنَ الأَمْلَحَيْنِ وَقِيرُها
وَقِيلَ: هِيَ غَنَمُ أَهل السَّوَادِ، وَقِيلَ: إِذا كَانَ فِيهَا كِلَابُهَا ورُعاؤُها [رِعاؤُها] فَهِيَ وَقِير؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ بَقَرَةَ الْوَحْشِ:
مُوَلَّعَةً خَنْساءَ ليستْ بِنَعجَةٍ ... يُدَمِّنُ أَجوافَ المِياه وَقِيرُها
وَكَذَلِكَ القِرَةُ، وَالْهَاءُ عِوَضُ الْوَاوِ؛ وَقَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ:
مَا إِنْ رأَينا مَلِكاً أَغارا ... أَكثَرَ مِنْهُ قِرَةً وَقَارَا
قَالَ الرَّمادي: دَخَلْتُ عَلَى الأَصمعي فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقُلْتُ: يَا أَبا سَعِيدٍ مَا الوَقِير؟ فأَجابني بِضَعْفِ صَوْتٍ فَقَالَ: الوَقِيرُ الْغَنَمُ بِكَلْبِهَا وَحِمَارِهَا وَرَاعِيهَا، لَا يَكُونُ وَقِيراً إِلا كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ: ووَقِير كثيرُ الرَّسَلِ؛ الوَقِيرُ: الغَنَمُ، وَقِيلَ: أَصحابها، وَقِيلَ: الْقَطِيعُ مِنَ الضأْن خَاصَّةً، وَقِيلَ: الْغَنَمُ وَالْكِلَابُ والرُّعاءُ جَمِيعًا، أَي أَنها كَثِيرَةُ الإِرْسال فِي المَرْعى. والوَقَرِيُّ: رَاعِي الوَقِير، نَسَبٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَا وَقَرِيِّينَ فِي ثَلَّةٍ ... يُجاوِبُ فِيهَا الثُّؤَاجُ اليُعارا
وَيُرْوَى: وَلَا قَرَوِيِّينَ، نَسَبَهُ إِلى الْقَرْيَةِ الَّتِي هِيَ الْمُصِرِ. التَّهْذِيبُ: والوَقِيرُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرُهُمْ. وَرَجُلٌ مُوَقَّر أَي مُجَرَّبٌ، وَرَجُلٌ مُوَقَّر إِذا وقَّحَتْه الأُمورُ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهَا. وَقَدْ وَقَّرَتني الأَسفار أَي صَلَّبَتْني ومَرَّنَتْني عَلَيْهَا؛ قَالَ سَاعِدَةُ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ شُهْدَةً:
أُتِيحَ لها شَتْنُ البَراثِنِ مُكْزَمٌ ... أَخُو حُزَنٍ قَدْ وَقَّرَتْه كُلُومُها
لَهَا: لِلنَّخْلِ. مُكْزَمٌ قَصِيرٌ. حُزَنٌ مِنَ الأَرض: وَاحِدَتُهَا حُزْنَةٌ. وَفَقِيرٌ وَقِيرٌ: جَعَلَ آخِرَهُ عِمَادًا لأَوّله، وَيُقَالُ: يَعْنِي بِهِ ذِلَّته ومَهانته كَمَا أَن الْوَقِيرَ صِغَارُ الشَّاءِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
نَبحَ كِلاب الشاءِ عَنْ وَقِيرِها
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يُشَبَّه بِصِغَارِ الشاءِ فِي مَهانته، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ أَوْقَرَه الدَّيْنُ أَي أَثقله، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الوَقْرِ الَّذِي هُوَ الْكَسْرُ، وَقِيلَ هُوَ إِتباع. وَفِي صَدْرِهِ وَقْرٌ عَلَيْكَ، بِسُكُونِ الْقَافِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَالْمَعْرُوفُ وَغْرٌ. الأَصمعي: بَيْنَهُمْ وَقْرَةٌ ووَغْرَةٌ أَي ضِغْنٌ وَعَدَاوَةٌ. وواقِرَةُ والوَقِيرُ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فإِنك حَقًّا أَيّ نَظْرَةِ عاشِقٍ ... نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دونَها ووَقِيرُ
والمُوَقَّرُ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَشاعتْ قُرَيْشٌ للفَرَزْدَقِ خَزْيَةً ... وَتِلْكَ الوُفُودُ النازلونَ المُوَقَّرا
وَكَرَ: وَكْرُ الطَّائِرِ: عُشُّه. ابْنُ سِيدَهْ: الوَكْرُ عُشُّ الطَّائِرِ، وإِن لَمْ يَكُنْ فِيهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَوْضِعُ الطَّائِرِ الَّذِي يَبِيضُ فِيهِ ويُفَرِّخُ، وَهُوَ الخُرُوقُ فِي الْحِيطَانِ وَالشَّجَرِ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَوْكُرٌ وأَوكارٌ؛ قَالَ:
إِن فِراخاً كفراخِ الأَوْكُرِ ... تَرَكْتُهُمْ كبيرُهم كالأَصْغَرِ
وَقَالَ:
مِنْ دُونِهِ لِعتاقِ الطَّيْرِ أَوكارُ(5/292)
والكثير وُكُورٌ ووُكَرٌ، وَهِيَ الوَكْرَةُ. الأَصمعي: الوَكْرُ والوَكْنُ جَمِيعًا الْمَكَانُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الطَّائِرُ، وَقَدْ وَكَنَ يَكِنُ وكْناً. قَالَ أَبو يُوسُفَ: وَسَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو يَقُولُ: الوَكْرُ العُشُّ حَيْثُمَا كَانَ فِي جَبَلٍ أَو شَجَرٍ. ووَكَرَ الطائرُ يَكِرُ وَكْراً ووُكُوراً: أَتى الوَكْرَ وَدَخَلَ وَكْرَه. ووَكَرَ الإِناءَ والسِّقاءَ والقِرْبَةَ والمكيالَ وَكْراً ووَكَّرَه تَوْكِيرًا، كِلَاهُمَا: مَلأَه. ووَكَّرَ فلانٌ بَطَّنَهُ وأَوْكَرَه: ملأَه. وتَوَكَّر الصبيُّ: امْتَلأَ بطنُه. وتَوَكَّرَ الطَّائِرُ: امتلأَتْ حَوْصَلَتُه؛ وَقَالَ الأَحمر: وَكَرْتُه ووَرَكْتُه وَرْكاً، قَالَ الأَصمعي: شَرِبَ حَتَّى تَوَكَّرَ وَحَتَّى تَضَلَّعَ. والوَكْرَةُ والوَكَرَةُ الوَكِيرَةُ: الطعامُ يَتَّخِذُهُ الرَّجُلُ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ بُنْيَانِهِ فَيَدْعُو إِليه، وَقَدْ وَكَّرَ لَهُمْ تَوْكِيرًا. الْفَرَّاءُ قَالَ: الوَكِيرةُ تَعْمَلُها المرأَةُ فِي الجِهازِ، قَالَ: وَرُبَّمَا سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ التَّوْكِير، والتَّوْكِيرُ اتِّخَاذُ الْوَكِيرَةِ، وَهِيَ طَعَامُ البِناء. والتَّوْكِيرُ: الإِطعام. والوَكَرُ والوَكَرى: ضربٌ مِنَ العَدْوِ، وَقِيلَ: هُوَ العَدْوُ الَّذِي كأَنه يَنْزُو. أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ يَعْدُو الوَكَرى أَي يُسْرِعُ؛ وأَنشد غَيْرُهُ لِحُمَيدِ بْنِ ثَوْرٍ:
إِذا الجَمَلُ الرِّبْعِيُّ عارَضَ أُمَّه ... عَدَتْ وَكَرى حَتَّى تَحِنَّ الفَراقِدُ
والوَكَّارُ: العَدَّاءُ: وَنَاقَةٌ وَكَرى: سَرِيعَةٌ، وَقِيلَ: الوَكَرى مِنَ الإِبل الْقَصِيرَةُ اللَّحِيمَةُ الشَّدِيدَةُ الأَبْزِ، وَقَدْ وكَرَتْ فِيهِمَا؛ ووَكَرَ الظَّبْيُ وَكْراً: وَثَبَ. وَوكَرَتِ الناقةُ تَكِرُ وَكْراً إِذا عَدَتِ الوَكَرى، وَهُوَ عَدْوٌ فِيهِ نَزْوٌ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
إِنه نَهَى عَنِ المُواكَرَةِ
؛ قَالَ: هِيَ الْمُخَابَرَةُ، وأَصله الْهَمْزُ مِنَ الأُكْرَةِ، وهي الحُفْرَةُ.
وَهَرَ: تَوَهَّرَ اللَّيْلُ وَالشِّتَاءُ كَتَهَوَّرَ، وتَوَهَّرَ الرملُ كَتَهَوُّرَ أَيضاً. والوَهَرُ: تَوَهُّجُ وَقْعِ الشَّمْسِ عَلَى الأَرض حَتَّى تَرَى لَهُ اضْطِرَابًا كالبُخارِ؛ يَمَانِيَةٌ. ولَهَبٌ واهِرٌ: ساطِعٌ. وتَوَهَّرْتُ الرجلَ فِي الْكَلَامِ وتَوَعَّرْتُه إِذا اضْطَرَرْتَه إِلى مَا بَقِيَ بِهِ مُتَحَيِّرًا. وَيُقَالُ: وَهَّرَ فلانٌ «3» فُلَانًا إِذا أَوقعه فِيمَا لَا مَخْرَجَ لَهُ مِنْهُ. ووَهْرانُ: اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ أَبو بطن.
فصل الياء
يَبَرَ: يَبْرِينُ: اسْمُ مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ رَمْلُ يَبْرِينَ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: يَبْرُونَ فِي الرَّفْعِ، وَفِي الْجَرِّ وَالنَّصْبِ يَبْرِينَ، لَا يَنْصَرِفُ لِلتَّعْرِيفِ والتأْنيث فَجَرَى إِعرابه كإِعرابه؛ وَلَيْسَتْ يَبْرِينُ هَذِهِ الْعِلْمِيَّةِ مَنْقُولَةً مِنْ قَوْلِكَ: هُنَّ يَبْرِينَ لفلانٍ أَي يُعارِضْنَه كَقَوْلِ أَبي النَّجْمِ:
يَبْري لَهَا مِنْ أَيْمُنٍ وأَشْمُلِ
يَدُلُّ عَلَى أَنه لَيْسَ مَنْقُولًا مِنْهُ قَوْلُهُ فِيهِ يَبْرونَ، وَلَيْسَ لَكَ أَن تَقُولَ إِن يَبْرِينَ مِنْ بَرَيْتُ القَلَم ويَبْرونَ مِنْ بَرَوْتُه، وَيَكُونُ الْعِلْمُ مَنْقُولًا مِنْهُمَا، فَقَدْ حَكَى أَبو زَيْدٍ بَرَيْتُ الْقَلَمَ وبروته، قال: وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَقَنَيْتُ وقَنَوْتُ وكَنَيْتُ وكَنَوْتُ، فَيَكُونُ يَبْرونَ
__________
(3) . قوله [ويقال وَهَّرَ فلان إلخ [ويقال أيضاً وهره كوعده كما في القاموس(5/293)
عَلَى هَذَا كَيَكْنُونَ مِنْ قَوْلِكَ: هُنَّ يَكْنُونَ، ويَبْرِينَ كَيَكْنِينَ مِنْ قَوْلِكَ: هُنَّ يَكْنِينَ، وإِنما مَنَعَكَ أَن تَحْمِلَ يَبْرِينَ ويَبْرُونَ عَلَى بَرَيْتُ وبَرَوْتُ أَن الْعَرَبَ قَالَتْ: هَذِهِ يَبْرِينُ، فَلَوْ كَانَتْ يَبْرُونَ مِنْ بَرَوْتُ لَقَالُوا هَذِهِ يَبْرُونَ وَلَمْ يَقُلْهُ أَحد مِنَ الْعَرَبِ، أَلا تَرَى أَنك لَوْ سَمَّيْتَ رَجُلًا بِيَغْزُونَ، فِيمَنْ جَعَلَ النُّونَ عَلَامَةَ الْجَمْعِ، لَقُلْتَ هَذَا يَغْزُونَ؟ قَالَ: فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ عَلَى أَن الْيَاءَ وَالْوَاوَ فِي يَبْرِينَ ويَبْرُونَ لَيْسَتَا لَامَيْنِ، وإِنما هُمَا كَهَيْئَةِ الْجَمْعِ كفَلَسْطِينَ وفَلَسْطُونَ، وإِذا كَانَتْ وَاوَ جَمْعٍ كَانَتْ زَائِدَةً وَبَعْدَهَا النُّونُ زَائِدَةٌ أَيضاً، فَحُرُوفُ الِاسْمِ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ كأَنه يَبْرِ، ويَبْرُ، وإِذا كَانَتْ ثَلَاثَةً فَالْيَاءُ فِيهَا أَصل لَا زَائِدَةٌ لأَن الْيَاءَ إِذا طَرَحْتَهَا مِنَ الِاسْمِ فَبَقِيَ مِنْهُ أَقل مِنَ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ أَلْبَتَّةَ، عَلَى مَا أَحكمه لَكَ سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ عِلَلِ مَا تَجْعَلَهُ زَائِدًا مِنْ حُرُوفِ الزَّوَائِدِ، يَدُلُّكَ عَلَى أَن ياءَ يَبْرِين لَيْسَتْ لِلْمُضَارَعَةِ أَنهم قَالُوا أَبْرين فَلَوْ كَانَ حَرْفَ مُضَارَعَةٍ لَمْ يُبَدِّلُوا مَكَانَهُ غَيْرَهُ، وَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ أَلْبَتَّةَ، فأَما قَوْلُهُمْ أَعْصُرُ ويَعْصُرُ اسْمُ رَجُلٍ فَلَيْسَ مُسَمَّى بِالْفِعْلِ، وإِنما سُمِّيَ بأَعْصُرٍ جَمْعِ عَصْرٍ الَّذِي هُوَ الدَّهْرُ؛ وإِنما سُمِّيَ بِهِ لِقَوْلِهِ أَنشده أَبو زَيْدٍ:
أَخُلَيْدُ، إِنَّ أَباكَ غَيَّرَ رأْسَه ... مَرُّ الليالِي، واخْتلافُ الأَعْصُرِ
وَسَهَلَ ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ لأَن هَمْزَتَهُ لَيْسَتْ لِلْمُضَارَعَةِ وإِنما هِيَ لِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَاللَّهُ تعالى أَعلم.
يجر: المِيجار: الصَّوْلَجانُ.
يَرَرَ: اليَرَرُ: مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ حَجَرٌ أَيَرُّ أَي صَلْد صُلب. اللَّيْثُ: اليَرَرُ مَصْدَرُ الأَيَرِّ، يُقَالُ: صَخْرَةٌ يَرَّاءُ وحَجَرٌ أَيَرُّ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. إِنه ليُبْصِرُ أَثَرَ الذَّرّ فِي الْحَجَرِ الأَيَرِّ
؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ جَيْشًا:
فإِن أَصابَ كَدَراً مَدَّ الكَدَرْ ... سَنابِكُ الخيلِ يُصَدِّعنَ الأَيَرْ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَيَرُّ الصَّفا الشَّدِيدُ الصَّلَابَةِ؛ وَقَالَ بَعْدَهُ:
مِنَ الصَّفَا الْقَاسِي ويَدْهَسْنَ الغَدَرْ ... عَزازَةً، ويَهْتَمِرْنَ مَا انْهَمَرْ
يدهسن الغَدَرَ أَي يَدَعْنَ الجِرْفَةَ وَمَا تَعادَى مِنَ الأَرضِ دَهاساً؛ وَقَالَ بَعْدَهُ:
مِنْ سَهْلَةٍ ويَتَأَكَّرْنَ الأُكَرْ
يَعْنِي الْخَيْلَ وَضَرْبِهَا الأَرضَ العَزازَ بِحَوَافِرِهَا، وَالْجَمْعِ يُرٌّ. وحَجَرٌ يَارٌّ وأَيَرُّ عَلَى مِثَالِ الأَصَمِّ: شديدٌ صُلْبٌ، يَرَّ يَيَرُّ يَرّاً، وَصَخْرَةٌ يَرَّاءُ. وَقَالَ الأَحمر: اليَهْيَرُّ الصُّلْبُ. وحارٌّ يارٌّ: إِتباع؛ وَقَدْ يَرَّ يَرّاً ويَرَراً. واليَرَّةُ: النَّارُ. وَقَالَ أَبو الدُّقَيْش: إِنه لحارٌّ يارٌّ، عَنَى رَغيفاً أُخرج مِنَ التَّنُّورِ، وَكَذَلِكَ إِذا حَمِيَتِ الشَّمْسُ عَلَى حَجَر أَو شَيْءٍ غَيْرِهِ صُلْبٍ فَلَزِمَتْهُ حَرَارَةٌ شَدِيدَةٌ يُقَالُ: إِنه لحارٌّ يارٌّ، وَلَا يُقَالُ لماءٍ وَلَا طِينٍ إِلا لشيءٍ صُلْبٍ. قَالَ: وَالْفِعْلُ يَرَّ يَيَرُّ يَرَراً، وَتَقُولُ: الحَرُّ لَمْ يَيَر، وَلَا يُوصَفُ بِهِ عَلَى نَعْتِ أَفعل وَفَعْلَاءِ إِلا الصَّخر وَالصَّفَا. يُقَالُ: صَفَاةٌ يَرَّاءُ وصَفاً أَيَرُّ، وَلَا يُقَالُ إِلا مَلَّةٌ حارَّة يارَّة، وَكُلُّ شيءٍ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ إِذا ذَكَرُوا اليارَّ لَمْ يَذْكُرُوهُ إِلا وَقَبْلَهُ حارٌّ. وَذَكَرَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه ذَكَرَ الشُّبْرُمَ فَقَالَ: إِنه حارٌّ يارٌّ.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ(5/294)
الْكِسَائِيُّ حارٌّ يارٌّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حارٌّ جارٌّ وحَرَّانُ يَرَّانُ إِتباع، وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ.
يَسَرَ: اليَسْرُ»
: اللِّينُ وَالِانْقِيَادُ يَكُونُ ذَلِكَ للإِنسان وَالْفَرَسِ، وَقَدْ يَسَرَ يَيْسِرُ. وياسَرَه: لايَنَهُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
قَوْمٌ إِذا شُومِسُوا جَدَّ الشِّماسُ بِهِمْ ... ذاتَ العِنادِ، وإِن ياسَرْتَهُمْ يَسَرُوا
وياسَرَه أَي ساهَلَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ
؛ اليُسْرُ ضِدُّ الْعُسْرِ، أَراد أَنه سَهْلٌ سَمْح قَلِيلٌ التَّشْدِيدَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا.
وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
مَنْ أَطاع الإِمام وياسَرَ الشَّريكَ
أَي سَاهَلَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَيْفَ تركتَ الْبِلَادَ؟ فَقَالَ: تَيَسَّرَتْ
أَي أَخصبت، وَهُوَ مِنَ اليُسْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ
، وَقَدْ ذُكِرَ فِي فَصْلِ الْعَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَياسَرُوا فِي الصَّداق
أَي تَسَاهَلُوا فِيهِ وَلَا تُغالُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
اعْمَلُوا وسَدِّدوا وَقَارَبُوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ
أَي مُهَيَّأٌ مصروفٌ مُسَهَّلٌ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
وَقَدْ يُسِّرَ لَهُ طَهُورٌ
أَي هُيِّئَ ووُضِع. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
قَدْ تَيَسَّرا لِلْقِتَالِ
أَي تَهَيَّآ لَهُ واسْتَعَدّا. اللَّيْثُ: يُقَالُ إِنه ليَسْرٌ خَفِيفٌ ويَسَرٌ إِذا كَانَ لَيِّنَ الِانْقِيَادِ، يُوصَفُ بِهِ الإِنسان وَالْفَرَسُ؛ وأَنشد:
إِني، عَلَى تَحَفُّظِي ونَزْرِي ... أَعْسَرُ، إِن مارَسْتَنِي بعُسْرِ
ويَسَرٌ لِمَنْ أَراد يُسْرِي
وَيُقَالُ: إِن قَوَائِمَ هَذَا الْفَرَسِ ليَسَرَات خِفافٌ؛ يَسَرٌ إِذا كُنَّ طَوْعَه، وَالْوَاحِدَةُ يَسْرَةٌ ويَسَرَةٌ. واليَسَرُ: السَّهْلُ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
تَخْدِي عَلَى يَسَراتٍ وَهِيَ لاهِيةٌ
اليَسَراتُ: قَوَائِمُ النَّاقَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: اليَسَرات الْقَوَائِمُ الْخِفَافُ. ودابةٌ حَسَنَةُ التَّيْسُورِ أَي حَسَنَةُ نَقْلِ الْقَوَائِمِ. ويَسَّرَ الفَرَسَ: صَنَعه. وَفَرَسٌ حسنُ التَّيْسورِ أَي حَسَنُ السِّمَنِ، اسْمٌ كالتَّعْضُوضِ. أَبو الدُّقَيْش: يَسَرَ فلانٌ فرسَه، فَهُوَ مَيْسُورٌ، مصنوعٌ سَمِين؛ قَالَ المَرَّارُ يَصِفُ فَرَسًا:
قَدْ بلَوْناه عَلَى عِلَّاتِه ... وَعَلَى التَّيْسُورِ مِنْهُ والضُّمُرْ
والطَّعْنُ اليَسْرُ: حِذاءَ وجهِك. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اطْعَنُوا اليَسْرَ
؛ هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ الطَّعْنُ حذاءَ الْوَجْهِ. وَوَلَدَتِ المرأَة وَلَدًا يَسَراً أَي فِي سُهُولَةٍ، كقولك سَرَحاً، وَقَدْ أَيْسَرَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَزَعَمَ اللِّحْيَانِيُّ أَن الْعَرَبَ تَقُولُ فِي الدُّعَاءِ وأَذْكَرَتْ أَتَتْ بِذِكْرٍ، ويَسَرَتِ الناقةُ: خَرَجَ وَلَدُهَا سَرَحاً؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَلَوْ أَنها كَانَتْ لِقَاحِي كَثِيرَةً ... لَقَدْ نَهِلَتْ مِنْ ماءِ حُدٍّ وعَلَّتِ
وَلَكِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا مَياسِراً ... وحائلَ حُولٍ أَنْهَرَتْ فأَحَلَّتِ
ويَسَّرَ الرجلُ سَهُلَتْ وِلادَةُ إِبله وَغَنَمِهِ وَلَمْ يَعْطَبْ مِنْهَا شَيْءٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
بِتْنا إِليه يَتَعاوَى نَقَدُه ... مُيَسِّرَ الشاءِ كَثِيرًا عَدَدُه
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قَدْ يَسَرَتِ الغَنَمُ إِذا وَلَدَتْ وتهيأَت لِلْوِلَادَةِ. ويَسَّرَتِ الْغَنَمُ: كَثُرَتْ وَكَثُرَ لَبَنُهَا وَنَسْلُهَا، وَهُوَ مِنَ السُّهُولَةِ؛ قَالَ أَبو أُسَيْدَةَ الدُّبَيْرِيُ
__________
(1) . قوله [اليسر] بفتح فسكون وبفتحتين كما في القاموس(5/295)
:
إِنَّ لَنَا شَيْخَيْنِ لَا يَنْفَعانِنَا ... غَنِيَّيْن، لَا يُجْدِي عَلَيْنَا غِناهُما
هُمَا سَيِّدَانا يَزْعُمانِ، وإِنما ... يَسُودَانِنا أَنْ يَسَّرْتْ غَنَماهما
أَي لَيْسَ فِيهِمَا مِنَ السِّيَادَةِ إِلا كَوْنُهُمَا قَدْ يَسَّرَتْ غَنِمَاهُمَا، والسُّودَدَ يُوجِبُ البذلَ وَالْعَطَاءَ والحِراسَة وَالْحِمَايَةَ وَحُسْنَ التَّدْبِيرِ وَالْحُلْمَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ رَجُلٌ مُيَسِّرٌ، بِكَسْرِ السِّينِ، وَهُوَ خِلَافُ المُجَنِّب. ابْنُ سِيدَهْ: ويَسَّرَتِ الإِبلُ كَثُرَ لَبَنُهَا كَمَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْغَنَمِ. واليُسْرُ واليَسارُ والمَيْسَرَةُ والمَيْسُرَةُ، كُلُّهُ: السُّهولة والغِنى؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَتِ المَيْسُرَةُ عَلَى الْفِعْلِ وَلَكِنَّهَا كالمَسْرُبة والمَشْرُبَة فِي أَنهما لَيْسَتَا عَلَى الْفِعْلِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ
؛ قال ابْنُ جِنِّي: قِرَاءَةُ مُجَاهِدٍ:
فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسُرهِ
، قَالَ: هُوَ مِنْ بَابِ مَعْوُنٍ ومَكْرُمٍ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى حَذْفِ الْهَاءِ. والمَيْسَرَةُ والمَيْسُرَةُ: السَّعَة وَالْغِنَى. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وقرأَ بَعْضُهُمْ
فَنَظْرَةٌ إِلى مَيْسُرِهِ
، بالإِضافة؛ قَالَ الأَخفش: وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَفْعُلٌ، بِغَيْرِ الْهَاءِ، وأَما مَكْرُمٌ ومَعْوُن فَهُمَا جَمْعُ مَكْرُمَةٍ ومَعُونَةٍ. وأَيْسَرَ الرجلُ إِيساراً ويُسْراً؛ عَنْ كُرَاعٍ وَاللِّحْيَانِيِّ: صَارَ ذَا يَسارٍ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَن اليُسْرَ الِاسْمُ والإِيْسار الْمَصْدَرُ. ورجلٌ مُوسِرٌ، وَالْجَمْعُ مَياسِيرُ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وإِنما ذَكَرْنَا مِثْلَ هَذَا الْجَمْعِ لأَن حُكْمَ مِثْلِ هَذَا أَن يُجْمَعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فِي الْمُذَكَّرِ وبالأَلف وَالتَّاءِ فِي الْمُؤَنَّثِ. واليُسْر: ضِدُّ العُسْرِ، وَكَذَلِكَ اليُسُرُ مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ. التَّهْذِيبُ: واليَسَرُ والياسِرُ مِنَ الْغِنَى والسَّعَة، وَلَا يُقَالُ يَسارٌ. الْجَوْهَرِيُّ: اليَسار واليَسارة الغِنى. غَيْرُهُ: وَقَدْ أَيْسَر الرَّجُلُ أَي اسْتَغْنَى يُوسِرُ، صَارَتِ الْيَاءُ وَاوًا لِسُكُونِهَا وَضَمَّةِ مَا قَبْلَهَا؛ وَقَالَ:
لَيْسَ تَخْفَى يَسارَتي قَدْرَ يومٍ ... وَلَقَدْ يُخْفي شِيمَتي إِعْسارِي
وَيُقَالُ: أَنْظِرْني حَتَّى يَسارِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ لأَنه مَعْدُولٌ عَنِ الْمَصْدَرِ، وَهُوَ المَيْسَرَةُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
فقلتُ امْكُثي حَتَّى يَسارِ لَعَلَّنا ... نَحُجُّ مَعًا، قالتْ: أَعاماً وقابِلَه؟
وتَيَسَّر لِفُلَانٍ الخروجُ واسْتَيْسَرَ لَهُ بِمَعْنَى أَي تهيأَ. ابْنُ سِيدَهْ: وتَيَسَّر الشَّيْءُ واسْتَيْسَر تَسَهَّل. وَيُقَالُ: أَخذ مَا تَيَسَّر وَمَا اسْتَيْسَر، وَهُوَ ضِدُّ مَا تَعَسَّر والْتَوَى. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
ويَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِن اسْتَيْسَرتا لَهُ أَو عِشْرِينَ دِرْهَمًا
؛ اسْتَيْسَرَ اسْتَفْعَلَ مِنَ اليُسْرِ، أَي مَا تَيَسَّرَ وسَهُلَ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الشاتَيْنِ وَالدَّرَاهِمِ أَصل فِي نَفْسِهِ وَلَيْسَ بِبَدَلٍ فَجَرَى مَجْرَى تَعْدِيلِ الْقِيمَةِ لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ فِي الأَزمنة والأَمكنة، وإِنما هُوَ تَعْوِيضٌ شَرْعِيٌّ كالغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ والصَّاع فِي المُصَرَّاةِ، والسِّرُّ فِيهِ أَن الصَّدَقَةَ كَانَتْ تُؤْخَذُ فِي الْبَرَارِي وَعَلَى الْمِيَاهِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ سُوقٌ وَلَا يُرى مُقَوِّمٌ يُرْجِعُ إِليه، فَحَسُنَ فِي الشَّرْعِ أَن يُقَدَّر شَيْءٌ يَقْطَعُ النِّزَاعَ وَالتَّشَاجُرَ. أَبو زَيْدٍ: تَيَسَّر النَّهَارُ تَيَسُّراً إِذا بَرَدَ. وَيُقَالُ: أَيْسِرْ أَخاك أَي نَفِّسْ عَلَيْهِ فِي الطَّلَبِ وَلَا تُعْسِرْهُ أَي لَا تُشَدِّدْ عَلَيْهِ وَلَا تُضَيِّقْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ*
؛ قِيلَ: مَا تَيَسَّر مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ وَالشَّاءِ، وَقِيلَ: مِنْ بَعِيرٍ أَو بَقَرَةٍ أَو شَاةٍ. ويَسَّرَه هُوَ: سَهَّله، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: يَسَّرَه ووَسَّعَ عَلَيْهِ وسَهَّلَ. وَالتَّيْسِيرُ يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ(5/296)
: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى
، فَهَذَا فِي الْخَيْرِ، وَفِيهِ: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى
، فَهَذَا فِي الشَّرِّ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
أَقام وأَقْوَى ذاتَ يومٍ، وخَيْبَةٌ ... لأَوَّلِ مَنْ يَلْقَى وشَرٌّ مُيَسَّرُ
والميسورُ: ضِدُّ الْمَعْسُورِ. وَقَدْ يَسَّرَه اللَّهُ لليُسرى أَي وفَّقَه لَهَا. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى
، يَقُولُ: سَنُهَيِّئُه للعَوْد إِلى الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ قَالَ: وَقَالَ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى
، قَالَ: إِن قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ كَانَ نُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى وَهَلْ فِي العُسْرى تَيْسِيرٌ؟ قَالَ: هَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ، فالبشارَةُ فِي الأَصل الفَرَحُ فإِذا جُمِعَتْ فِي كَلَامَيْنِ أَحدهما خَيْرٌ وَالْآخِرُ شَرٌّ جَازَ التَّيْسِيرُ فِيهِمَا. والميسورُ: مَا يُسِّرَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ: هُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى لَفْظِ مَفْعُولٍ وَنَظِيرُهُ الْمَعْسُورُ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لأَنه لَا فِعْلَ لَهُ إِلا مَزِيداً، لَمْ يَقُولُوا يَسَرْتُه فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَالْمَصَادِرُ الَّتِي عَلَى مِثَالِ مَفْعُولٍ لَيْسَتْ عَلَى الْفِعْلِ الْمَلْفُوظِ بِهِ، لأَن فَعَلَ وفَعِلَ وفَعُلَ إِنما مَصَادِرُهَا الْمُطَّرِدَةُ بِالزِّيَادَةِ مَفْعَل كَالْمَضْرَبِ، وَمَا زَادَ عَلَى هَذَا فَعَلَى لَفْظِ المُفَعَّل كالمُسَرَّحِ مِنْ قَوْلِهِ:
أَلم تَعْلَمْ مُسَرَّحِيَ القَوافي
وإِنما يَجِيءُ الْمَفْعُولُ فِي الْمَصْدَرِ عَلَى تَوَهُّمِ الْفِعْلِ الثُّلَاثِيِّ وإِن لَمْ يُلْفَظْ بِهِ كَالْمَجْلُودِ مِنْ تَجَلَّد، وَلِذَلِكَ يُخَيِّلُ سِيبَوَيْهِ الْمَفْعُولَ فِي الْمَصْدَرِ إِذا وَجَدَهُ فِعْلًا ثُلَاثِيًّا عَلَى غَيْرِ لَفْظِهِ، أَلا تَرَاهُ قَالَ فِي الْمَعْقُولِ: كأَنه حَبَسَ لَهُ عَقْلَهُ؟ وَنَظِيرُهُ المعسورُ وَلَهُ نَظَائِرُ. واليَسَرَةُ: مَا بَيْنَ أَسارير الْوَجْهِ وَالرَّاحَةِ. التَّهْذِيبُ: واليَسَرَة تَكُونُ فِي الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَهُوَ خَطٌّ يَكُونُ فِي الرَّاحَةِ يَقْطَعُ الْخُطُوطَ الَّتِي فِي الرَّاحَةِ كأَنها الصَّلِيبُ. اللَّيْثُ: اليَسَرَة فُرْجَةُ مَا بَيْنَ الأَسِرَّةِ مِنْ أَسرارِ الرَّاحَةِ يُتَيَمَّنُ بِهَا، وَهِيَ مِنْ عَلَامَاتِ السَّخَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْيُسْرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ، أَسرار الْكَفِّ إِذا كَانَتْ غَيْرَ مُلْتَزِقَةٍ، وَهِيَ تُسْتَحَبُّ، قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ فِي فُلَانٍ يَسَرٌ؛ وأَنشد:
فَتَمَتَّى النَّزْعَ في يَسَرِه
قَالَ: هَكَذَا رُوِيَ عَنِ الأَصمعي، قَالَ: وَفَسَّرَهُ حِيَال وَجْهِهِ. واليَسْرُ مِنَ الفَتْلِ: خِلَافُ الشَّزْر. الأَصمعي: الشَّزْرُ مَا طَعَنْتَ عَنْ يَمِينِكَ وَشَمَالِكَ، واليَسْرُ مَا كَانَ حِذاء وَجْهِكَ؛ وَقِيلَ: الشَّزْرُ الفَتْلُ إِلى فَوْقٍ واليَسْرُ إِلى أَسفل، وَهُوَ أَن تَمُدَّ يمينكَ نحوَ جَسَدِكَ؛ وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي:
فَتُمْتَى النَّزْعَ فِي يُسَرِه
جَمَعَ يُسْرَى، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ: فِي يُسُرِه، جَمْعُ يَسارٍ. واليَسارُ: اليَدُ اليُسْرى. والمَيْسَرَةُ: نقيضُ الميمنةِ. واليَسار واليِسار: نقيضُ الْيَمِينِ؛ الْفَتْحُ عِنْدَ ابْنِ السِّكِّيتِ أَفصح وَعِنْدَ ابْنِ دُرَيْدٍ الْكَسْرُ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمُ اسْمٌ فِي أَوّله يَاءٌ مَكْسُورَةٌ إِلا فِي اليَسار يِسار، وإِنما رَفَضَ ذَلِكَ اسْتِثْقَالًا لِلْكَسْرَةِ فِي الْيَاءِ، وَالْجَمْعِ يُسْرٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، ويُسُرٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَالْيَسَارُ خِلَافُ الْيَمِينِ، وَلَا تَقُلِ «2» اليِسار بِالْكَسْرِ. واليُسْرَى خِلَافُ اليُمْنَى، والياسِرُ كاليامِن، والمَيْسَرَة كالمَيْمَنة، والياسرُ نَقِيضُ الْيَامِنِ، واليَسْرَة خلافُ اليَمْنَة. وياسَرَ بِالْقَوْمِ: أَخَذَ بِهِمْ يَسْرَةً، ويَسَر يَيْسِرُ:
__________
(2) . قوله [ولا تقل إلخ] وهمه المجد في ذلك ويؤيده قول المؤلف، وَعِنْدَ ابْنِ دُرَيْدٍ الْكَسْرُ(5/297)
أَخذ بِهِمْ ذَاتَ اليَسار؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ ياسِرْ بأَصحابك أَي خُذْ بِهِمْ يَساراً، وتياسَرْ يَا رجلُ لُغَةٌ فِي ياسِرْ، وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُهُ. أَبو حَنِيفَةَ: يَسَرَني فلانٌ يَيْسِرُني يَسْراً جَاءَ عَلَى يَسارِي. ورجلٌ أَعْسَرُ يَسَرٌ: يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، والأُنثى عَسْراءُ يَسْراءُ، والأَيْسَرُ نَقِيضُ الأَيْمَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَعْسَرَ أَيْسَرَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَكَذَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ، وأَما كَلَامُ الْعَرَبِ فَالصَّوَابُ أَنه أَعْسَرُ يَسَرٌ، وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، وَهُوَ الأَضْبَطُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ:
كَانَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَعْسَرَ يَسَراً
، وَلَا تَقُلْ أَعْسَرَ أَيْسَرَ. وَقَعَدَ فلانٌ يَسْرَةً أَي شَأْمَةً. وَيُقَالُ: ذَهَبَ فُلَانٌ يَسْرَةً مِنْ هَذَا. وَقَالَ الأَصمعي: اليَسَرُ الَّذِي يَسَارُهُ فِي الْقُوَّةِ مِثْلَ يَمِينِهِ، قَالَ: وإِذا كَانَ أَعْسَرَ وَلَيْسَ بِيَسَرٍ كَانَتْ يَمِينُهُ أَضعف مِنْ يَسَارِهِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ أَعْسَرُ يَسَرٌ وأَعْسَرُ أَيْسَرُ، قَالَ: أَحسبه مأْخوذاً مِنَ اليَسَرَةِ فِي الْيَدِ، قَالَ: وَلَيْسَ لِهَذَا أَصل؛ اللَّيْثُ: رَجُلٌ أَعْسَرُ يَسَرٌ وامرأَة عَسْراءُ يَسَرَةٌ. والمَيْسِرُ: اللَّعِبُ بالقِداح، يَسَرَ يَيْسَرُ يَسْراً. واليَسَرُ: المُيَسَّرُ المُعَدُّ، وَقِيلَ: كَلُّ مُعَدٍّ يَسَرٌ. واليَسَرُ: الْمُجْتَمِعُونَ عَلَى المَيْسِرِ، وَالْجَمْعُ أَيْسار؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وهمُ أَيْسارُ لُقْمانَ، إِذا ... أَغْلَتِ الشَّتْوَةُ أَبْداءَ الجُزُرْ
واليَسَرُ: الضَّرِيبُ. والياسِرُ: الَّذِي يَلي قِسْمَةَ الجَزُورِ، وَالْجَمْعُ أَيْسارٌ، وَقَدْ تَياسَرُوا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَدْ سَمِعْتُهُمْ يَضَعُونَ الياسِرَ مَوْضِعَ اليَسَرِ واليَسَرَ موضعَ الياسِرِ. التَّهْذِيبُ: وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ قمارٌ فَهُوَ مِنْ الْمَيْسِرِ حَتَّى لعبُ الصِّبْيَانِ بالجَوْزِ. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، أَنه قَالَ: الشِّطْرَنْج مَيْسِرُ العَجَمِ
؛ شَبَّهَ اللَّعِبَ بِهِ بِالْمَيْسِرِ، وَهُوَ الْقَدَاحُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَالَ عَطَاءٌ فِي الْمَيْسِرِ: إِنه القِمارُ بالقِداح فِي كُلِّ شَيْءٍ. ابْنُ الأَعرابي: الياسِرُ لَهُ قِدْحٌ وَهُوَ اليَسَرُ واليَسُورُ؛ وأَنشد:
بِمَا قَطَّعْنَ مِنْ قُرْبى قَرِيبٍ ... وَمَا أَتْلَفْنَ مِنْ يَسَرٍ يَسُورِ
وَقَدْ يَسَرَ يَيْسِرُ إِذا جَاءَ بِقِدْحِه للقِمار. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الياسِرُ الجَزَّار. وَقَدْ يَسَرُوا أَي نَحَرُوا. ويَسَرْتُ النَّاقَةَ: جَزَّأْتُ لَحْمَهَا. ويَسَرَ القومُ الجَزُورَ أَي اجْتَزَرُوها وَاقْتَسَمُوا أَعضاءها؛ قَالَ سُحَيْمُ بْنُ وُثَيْلٍ اليربوعي:
أَقولُ لَهُمْ بالشَّعْبِ إِذ يَيْسِرونَني ... أَلم تَعْلَمُوا أَنِّي ابْنُ فارِسِ زَهْدَم؟
كَانَ وَقَعَ عَلَيْهِ سِباءٌ فضُربَ عَلَيْهِ بِالسِّهَامِ، وَقَوْلُهُ يَيْسِرونَني هُوَ مِنَ المَيْسر أَي يُجَزِّئُونني وَيَقْتَسِمُونَنِي. وَقَالَ أَبو عُمَر الجَرْمِيُّ: يُقَالُ أَيضاً اتَّسَرُوها يَتَّسرُونها اتِّساراً، عَلَى افْتَعَلُوا، قَالَ: وَنَاسٌ يَقُولُونَ يأْتَسِرُونها ائْتِساراً، بِالْهَمْزِ، وَهُمْ مُؤْتَسِرون، كَمَا قَالُوا فِي اتَّعَدَ. والأَيْسارُ: وَاحِدُهُمْ يَسَرٌ، وَهُمُ الَّذِينَ يَتقامَرُون. والياسِرونَ: الَّذِينَ يَلُونَ قِسْمَةَ الجَزُور؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الأَعشى:
والجاعِلُو القُوتِ عَلَى الياسِرِ
يَعْنِي الجازرَ. والمَيْسِرُ: الجَزُورُ نَفْسُهُ، سُمِّيَ مَيْسِراً لأَنه يُجَزَّأُ أَجْزاء فكأَنه مَوْضِعُ التَّجْزِئَةِ. وَكُلُّ شَيْءٍ جَزَّأْته، فَقَدَ يَسَرْتَه. والياسِرُ: الجازرُ لأَنه يُجَزِّئ لَحْمَ الجَزُور، وَهَذَا الأَصل فِي الْيَاسِرِ،(5/298)
ثُمَّ يُقَالُ لِلضَّارِبِينَ بِالْقِدَاحِ والمُتَقامِرِينَ عَلَى الجَزُور: ياسِرُون، لأَنهم جَازِرُونَ إِذا كَانُوا سَبَبًا لِذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: الياسِرُ اللَّاعِبُ بالقداحِ، وَقَدْ يَسَر يَيْسِرُ، فَهُوَ ياسِرٌ ويَسَرٌ، وَالْجَمْعُ أَيْسارٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فأَعِنْهُمُ وايْسِرْ ما يَسَرُوا بِهِ ... وإِذا هُمُ نَزَلوا بضَنْكٍ فانزِلِ
قَالَ: هَذِهِ رِوَايَةُ أَبي سَعِيدٍ ولن تُحْذَفِ الْيَاءُ فِيهِ وَلَا في يَيْعِرُ ويَيْنِعُ كما حُذِفَتْ فِي يَعِد وأَخواته، لتَقَوِّي إِحدى الياءَين بالأُخرى، وَلِهَذَا قَالُوا فِي لُغَةِ بَنِي أَسد: يِيْجَلُ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ يِعْلَم لِاسْتِثْقَالِهِمُ الْكَسْرَةَ عَلَى الْيَاءِ، فإِن قَالَ: فَكَيْفَ لَمْ يَحْذِفُوهَا مَعَ التَّاءِ والأَلف وَالنُّونِ؟ قِيلَ لَهُ: هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْيَاءِ، وَالْيَاءُ هِيَ الأَصل، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَن فَعَلْتُ وفَعَلْتَ وفَعَلَتا مَبْنِيَّاتٌ عَلَى فَعَلَ. واليَسَر والياسِرُ بِمَعْنَى؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وكأَنهنَّ رِبابَةٌ، وكأَنه ... يَسَرٌ يَفِيض عَلَى القِداحِ ويَصْدَعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ وَلَمْ تُحْذَفِ الْيَاءُ فِي يَيْعِر ويَيْنع كما حذفت فِي يَعِدُ لِتُقَوِّيَ إِحدى الياءَين بالأُخرى، قَالَ: قَدْ وُهِمْ فِي ذَلِكَ لأَن الْيَاءَ لَيْسَ فِيهَا تَقْوِيَةً لِلْيَاءِ، أَلا تَرَى أَن بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ فِي يَيْئِسُ يَئِسُ مِثْلُ يَعِدُ؟ فَيَحْذِفُونَ الْيَاءَ كَمَا يَحْذِفُونَ الْوَاوَ لِثِقْلِ الْيَاءَيْنِ وَلَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مَعَ الْهَمْزَةِ وَالتَّاءِ وَالنُّونِ لأَنه لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ يَاءَانِ، وإِنما حذفت الواو من يَعِدُ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ يَاءٍ وَكَسْرَةٍ فَهِيَ غَرِيبَةٌ مِنْهُمَا، فأَما الْيَاءُ فَلَيْسَتْ غَرِيبَةً مِنَ الْيَاءِ وَلَا مِنَ الْكَسْرَةِ، ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ: فَكَيْفَ لَمْ يَحْذِفُوهَا مَعَ التَّاءِ والأَلف وَالنُّونِ؟ قِيلَ لَهُ: هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْيَاءِ، وَالْيَاءُ هِيَ الأَصل؛ قَالَ الشَّيْخُ: إِنما اعْتَرَضَ بِهَذَا لأَنه زَعَمَ أَنما صَحَّتِ الْيَاءُ فِي يَيْعِرُ لِتُقَوِّيَهَا بِالْيَاءِ الَّتِي قَبْلَهَا فَاعْتَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: إِن الْيَاءَ ثَبَتَتْ وإِن لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا يَاءً فِي مِثْلِ تَيْعِرُ ونَيْعِرُ وأَيْعِرُ، فأَجاب بأَن هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ، وَالْيَاءُ هِيَ الأَصل، قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَذْهَبْ إِليه أَحد غَيْرُهُ، أَلا تَرَى أَنه لَا يَصْحُّ أَن يُقَالَ هَمْزَةُ الْمُتَكَلِّمِ فِي نَحْوِ أَعِدُ بَدَلٌ مِنْ يَاءِ الْغَيْبَةِ فِي يَعِدُ وَكَذَلِكَ لَا يُقَالُ فِي تَاءِ الْخِطَابِ أَنت تَعِدُ إِنها بَدَلٌ مِنْ يَاءِ الْغَيْبَةِ فِي يَعِدُ، وَكَذَلِكَ التَّاءُ فِي قَوْلِهِمْ هِيَ تَعِدُ لَيْسَتْ بَدَلًا مِنَ الْيَاءِ الَّتِي هِيَ لِلْمُذَكَّرِ الْغَائِبِ فِي يَعِدُ، وَكَذَلِكَ نُونُ الْمُتَكَلِّمِ وَمَنْ مَعَهُ فِي قَوْلِهِمْ نَحْنُ نَعِدُ لَيْسَ بَدَلًا مِنَ الْيَاءِ الَّتِي لِلْوَاحِدِ الْغَائِبِ، وَلَوْ أَنه قَالَ: إِن الأَلف وَالتَّاءَ وَالنُّونَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْيَاءِ فِي بَنَاتِ الْيَاءِ فِي يَيْعِر كَمَا كَانَتْ مَحْمُولَةً عَلَى الْيَاءِ حِينَ حُذِفَتِ الْوَاوُ مَنْ يَعِدُ لَكَانَ أَشبه مِنْ هَذَا الْقَوْلِ الظَّاهِرِ الْفَسَادِ. أَبو عَمْرٍو: اليَسَرَةُ وسْمٌ فِي الْفَخِذَيْنِ، وَجَمْعُهَا أَيْسارٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
فَظِعْتَ إِذا لَمْ يَسْتَطِعْ قَسْوَةَ السُّرى ... وَلَا السَّيْرَ رَاعِي الثَّلَّةِ المُتَصَبِّحُ
عَلَى ذاتِ أَيْسارٍ، كأَنَّ ضُلُوعَها ... وأَحْناءَها العُلْيا السَّقِيفُ المُشَبَّحُ
يَعْنِي الوَسْمَ فِي الْفَخِذَيْنِ، وَيُقَالُ: أَراد قَوَائِمَ لَيِّنَةً، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي شَرْحِ الْبَيْتِ: الثُّلَّةُ الضأْن وَالْمُشَبَّحُ الْمُعَرَّضُ؛ يُقَالُ: شَبَّحْتُه إِذا عَرَّضْتَه، وَقِيلَ: يَسَراتُ الْبَعِيرِ قَوَائِمُهُ؛ وَقَالَ ابْنُ فَسْوَةَ:
لَهَا يَسَراتٌ للنَّجاءِ، كأَنها ... مَواقِعُ قَيْنٍ ذِي عَلاةٍ ومِبْرَدِ
قَالَ: شَبَّهَ قَوَائِمَهَا بِمَطَارِقِ الحدَّاد؛ وَجَعَلَ لَبِيدٌ الْجَزُورَ(5/299)
مَيْسِراً فَقَالَ:
واعْفُفْ عَنِ الجاراتِ، وامْنَحْهُنَّ ... مَيْسِرَكَ السَّمِينا
الْجَوْهَرِيُّ: المَيْسِرُ قِمارُ الْعَرَبِ بالأَزلام. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الْمُسْلِمَ مَا لَمْ يَغْشَ دَناءَةً يَخْشَعُ لَهَا إِذا ذُكِرَتْ ويَفْري بِهِ لِئامُ النَّاسِ كالياسِرِ الفالِجِ
؛ الياسِرُ مِنَ المَيْسِر وَهُوَ القِمارُ. واليُسْرُ فِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: لَا بأْس أَن يُعَلَّقَ اليُسْرُ عَلَى الدَّابَّةِ
، قَالَ: اليُسْرُ، بِالضَّمِّ، عُودٌ يُطْلِق البولَ. قَالَ الأَزهري: هُوَ عُودُ أُسْرٍ لَا يُسْرٍ، والأُسْرُ احْتِبَاسُ الْبَوْلِ. واليَسِيرُ: الْقَلِيلُ. وَشَيْءٌ يَسِيرٌ أَي هَيِّنٌ. ويُسُرٌ: دَحْلٌ لِبَنِي يَرْبُوعٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَرَّقَ العينَ خَيالٌ لَمْ يَقِرْ ... طَافَ، والركْبُ بِصَحْراءِ يُسُرْ
وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ اليُسُرَ وَقَالَ: إِنه بِالدَّهْنَاءِ، وأَنشد بَيْتَ طَرَفَةَ. يَقُولُ: أَسهر عَيْنَيْ خَيَالٌ طَافَ فِي النَّوْمِ وَلَمْ يَقِرْ، هُوَ مِنَ الوَقارِ، يُقَالُ: وَقَرَ فِي مَجْلِسِهِ، أَي خَيالُها لَا يَزَالُ يَطُوفُ ويَسْري وَلَا يَتَّدعُ. ويَسارٌ وأَيْسَرُ وياسِرٌ: أَسماء. وياسِرُ مُنْعَمٍ: مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرٍ. ومَياسِرُ ويَسارٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ السُّلَيْكُ:
دِماء ثلاثةٍ أَرْدَتْ قَناتي ... وخادِف طَعْنَةٍ بقَفا يَسارِ
أَراد بخاذِفِ طعنةٍ أَنه ضارِطٌ مِنْ أَجل الطَّعْنَةِ؛ وَقَالَ كَثِيرٌ:
إِلى ظُعُنٍ بالنَّعْفِ نَعْفِ مياسِرٍ ... حَدَتْها تَوالِيها ومارَتْ صُدورُها
وأَما قَوْلُ لَبِيدٍ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
دَرى باليَسارى جِنَّةً عبْقَرِيَّةً ... مُسَطَّعَةَ الأَعْناقِ بُلْقَ القَوادِم
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِنه لَمْ يُفَسِّرِ الْيَسَارَى، قَالَ: وأُراه مَوْضِعًا. والمَيْسَرُ: نَبْتٌ رِيفيّ يُغْرَسُ غَرْسًا وَفِيهِ قَصَفٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ يُخَاطِبُ جَرِيرًا:
وإِني لأَخْشَى، إِن خَطَبْتَ إِليهمُ، ... عَلَيْكَ الَّذِي لَاقَى يَسارُ الكَواعِبِ
هُوَ اسْمُ عَبْدٍ كَانَ يَتَعَرَّضُ لِبَنَاتِ مَوْلَاهُ فَجَبَبْنَ مذاكيره.
يَسْتَعِرَ: اليَسْتَعُور: شَجَرٌ تَصَنُّعُ مِنْهُ الْمُسَاوِيكُ، وَمَسَاوِيكُهُ أَشَدُّ الْمُسَاوِيكِ إِنْقاءً للثَّغْرِ وَتَبْيِيضًا لَهُ، ومَنابِتُه بالسَّراةِ وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَرارة مَعَ لِين؛ قَالَ عُرْوَةُ بنُ الوَرْدِ:
أَطَعْتُ الآمِرِينَ بِصَرْمِ سَلْمى ... فطارُوا فِي البلادِ اليَسْتَعُورِ
الْجَوْهَرِيُّ: اليَستعور الَّذِي فِي شِعْرِ عُرْوَةَ مَوْضِعٌ، وَيُقَالُ شَجَرٌ، وَهُوَ فَعْلَلُولٌ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْيَاءُ فِي يَسْتَعُور بِمَنْزِلَةِ عَيْنِ عَضْرَفُوط لأَن الْحُرُوفَ الزَّوَائِدَ لَا تَلْحَقُ بَنَاتِ الأَربعة أَوّلًا إِلا الْمِيمُ الَّتِي فِي الِاسْمِ الْمَبْنِيِّ الَّذِي يَكُونُ عَلَى فِعْلِهِ كَمُدَحْرَجٍ وَشِبْهِهِ، فَصَارَ كَفِعْلِ بَنَاتِ الثَّلَاثَةِ الْمَزِيدِ، ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: الْيَسْتَعُورُ: بِفَتْحِ أَوله وإِسكان ثَانِيهِ بَعْدَهُ تَاءٌ مُعْجَمَةٌ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ فَوْقِهَا مَفْتُوحَةٌ وَعَيْنٌ مُهْمَلَةٌ وَوَاوٌ وَرَاءٌ مُهْمَلَةٌ عَلَى وَزْنِ يَفْتَعُولٍ، وَلَمْ يأْت فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ غَيْرُهُ؛ قَالَ: وَهُوَ مَوْضِعٌ قَبْلَ حَرَّةِ الْمَدِينَةِ كَثِيرُ(5/300)
الْعِضَاهِ مُوحِشٌ لَا يَكَادُ يَدْخُلُهُ أَحد؛ وأَنشد بَيْتَ عُرْوَةَ:
فَطَارُوا فِي الْبِلَادِ الْيَسْتَعُورِ
قَالَ: أَي تَفَرَّقُوا حَيْثُ لَا يُعْلم وَلَا يُهْتدى لِمَوَاضِعِهِمْ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَى الْبَيْتِ أَن عُرْوَةَ كَانَ سَبَى امرأَة مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُقَالُ لَهَا سَلْمَى، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ زَمَانًا وَهُوَ لَهَا شَدِيدُ الْمَحَبَّةِ، ثُمَّ إِنَّهَا اسْتَزَارَتْهُ أَهلها فَحَمَلَهَا حَتَّى انْتَهَى بِهَا إِليهم، فَلَمَّا أَراد الرُّجُوعَ أَبت أَن تَرْجِعَ مَعَهُ، وأَراد قَوْمُهَا قَتْلَهُ فَمَنَعَتْهُمْ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنه اجْتَمَعَ بِهِ أَخوها وَابْنُ عَمِّهَا وَجَمَاعَةٌ فَشَرِبُوا خَمْرًا وَسَقَوْهُ وسأَلوه طَلَاقَهَا فَطَلَّقَهَا، فَلَمَّا صَحَا نَدِمَ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا يَقُولُ بَعْدَ الْبَيْتِ:
سَقَوْني الخَمْرَ ثُمَّ تَكَنَّفُوني ... عُداةَ اللهِ مِنْ كَذِبٍ وزُورِ
وَنَصَبَ عُدَاةَ اللَّهِ عَلَى الذَّمِّ؛ وَبَعْدَهُ:
أَلا يَا لَيْتَنِي عاصَيْتُ طَلْقاً ... وجَبَّاراً ومَنْ لِي مِنْ أَمِيرِ
طَلْق: أَخوها، وَجَبَّارٌ ابْنُ عَمِّهَا، والأَمير هُوَ الْمُسْتَشَارُ؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْيَاءُ من نفس الكلمة.
يُعِرْ: اليَعْرُ واليَعْرَةُ: الشَّاةُ أَو الجَدْيُ يُشَدُّ عِنْدَ زُبْيَةِ الذِّئْبِ أَو الأَسد؛ قَالَ البُرَيْقُ الهُذَليُّ وَكَانَ قَدْ تَوَجَّهَ قَوْمُهُ إِلى مِصْرَ فِي بَعْثٍ فَبَكَى عَلَى فَقْدِهِمْ:
فإِن أُمْسِ شَيْخًا بالرَّجِيع ووُلْدُهُ ... ويُصْبِحُ قَوْمي دُونَ أَرضِهِمُ مِصْرُ
أُسائِلُ عَنْهُمْ كُلَّمَا جاءَ راكِبٌ ... مُقِيمًا بأَمْلاحٍ، كَمَا رُبِطَ اليَعْرُ
وَالرَّجِيعُ والأَملاح: مَوْضِعَانِ. وَجَعَلَ نَفْسَهُ فِي ضَعْفِه وقِلَّةِ حِيلَتِهِ كالجَدْيِ الْمَرْبُوطِ فِي الزُّبْيَةِ، وَارْتَفَعَ قَوْلُهُ وُلْدُه بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُضْمَرِ الْفَاعِلِ فِي أُمس. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وتُرْوِيه فِيقَةُ اليَعْرَةِ
؛ هِيَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ العَناق. واليَعْرُ: الجَدْيُ، وَبِهِ فَسَّرَ أَبو عُبَيْدٍ قَوْلَ الْبُرَيْقِ. والفِيقَةُ: مَا يَجْتَمِعُ فِي الضَّرْعِ بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ. قَالَ الأَزهري: وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي، وَهُوَ الصَّوَابُ، رُبط عِنْدَ زُبْيَةِ الذِّئْبِ أَو لَمْ يُرْبَطْ. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَذلُّ مِنَ اليَعْرِ. واليُعارُ: صوتُ الْغَنَمِ، وَقِيلَ: صوتُ المِعْزى، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ مِنَ أَصوات الشَّاءِ. ويَعَرَتْ تَيْعَرُ وتَيْعِرُ، الْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ، يُعاراً؛ قَالَ:
وأَما أَشْجَعُ الخُنْثى فَوَلَّوْا ... تُيوساً، بالشَّظِيِّ، لَهَا يُعارُ
ويَعَرَتِ العَنْزُ تَيْعِرُ، بِالْكَسْرِ، يُعاراً، بِالضَّمِّ: صَاحَتْ؛ وَقَالَ:
عَرِيضٌ أَرِيضٌ باتَ يَيْعِرُ حولَه ... وباتَ يُسَقِّينا بُطونَ الثَّعالِبِ
هَذَا رَجُلٌ ضَافَ رَجُلًا وَلَهُ عَتُودٌ يَيْعِرُ حَوْلَهُ، يَقُولُ: فَلَمْ يَذْبَحْهُ لَنَا وَبَاتَ يُسْقِينا لَبَنًا مَذِيقاً كأَنه بُطُونُ الثَّعَالِبِ لأَن اللَّبَنَ إِذا أُجْهِدَ مَذْقُه اخْضَرَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَجِيءُ أَحدكم بِشَاةٍ لَهَا يُعارٌ
، وَفِي حَدِيثٍ آخر:
بشاة تَيْعَرُ [تَيْعِرُ]
أَي تَصِيحُ. وَفِي كتاب عُمَيْر ابن أَفْصى: إِن لَهُمُ الياعِرَة أَي مَا لَهُ يُعارٌ، وأَكثر مَا يُقَالُ لِصَوْتِ الْمَعْزِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَثَلُ المُنافِقِ كَالشَّاةِ الياعِرَة بَيْنَ الغَنَمَيْنِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحمد فَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنْ اليُعار الصَّوْتُ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ الْمَقْلُوبِ لأَن الرِّوَايَةَ العائِرَة، وَهِيَ الَّتِي تَذْهَبُ(5/301)
كَذَا وَكَذَا. واليَعُورَةُ واليَعُورُ: الشَّاةُ تَبُولُ عَلَى حَالِبِهَا وتَبْعَرُ فَيُفْسِدُ اللَّبَنَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا الْحَرْفُ هَكَذَا جَاءَ، قَالَ: وَقَالَ أَبو الغَوْثِ هُوَ البَعُورُ، بِالْبَاءِ، يَجْعَلُهُ مأْخوذاً مِنَ البَعَرِ والبَوْلِ. قَالَ الأَزهري: هَذَا وَهَمٌ، شَاةٌ يَعُور إِذا كَانَتْ كَثِيرَةَ اليُعارِ، وكأَن اللَّيْثُ رأَى فِي بَعْضِ الْكُتُبِ شَاةً يَعُورُ فصحَّفه وَجَعَلَهُ شَاةً بَعَوَرُ، بِالْبَاءِ. واليَعارَةُ: أَن يُعارِضَ الفحلُ الناقةَ فَيُعَارِضُهَا مُعَارَضَةً مِنْ غَيْرِ أَن يُرْسَلَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَاعْتَرَضَ الفحلُ الناقةَ يَعارَةً إِذا عَارَضَهَا فَتَنَوَّخَها، وَقِيلَ: اليَعارَةُ أَن لَا تُضْرَبَ مَعَ الإِبل وَلَكِنْ يُقادُ إِليها الفحلُ وَذَلِكَ لِكَرَمِهَا؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ إِبلًا نَجَائِبَ وأَن أَهلها لَا يَغْفُلون عَنْ إِكرامها وَمُرَاعَاتِهَا، وَلَيْسَتْ لِلنِّتَاجِ فَهُنَّ لَا يُضْرَبُ فِيهِنَّ فَحْلٌ إِلا مُعَارَضَةً مِنْ غَيْرِ اعْتِمَادِ، فإِن شَاءَتْ أَطاعته وإِن شَاءَتِ امْتَنَعَتْ مِنْهُ فَلَا تُكره عَلَى ذَلِكَ:
قَلَائِصُ لَا يُلْقَحْنَ إِلا يَعارَةً ... عِراضاً، وَلَا يُشْرَيْنَ إِلا غَوالِيا
لَا يَشْرِينَ إِلا غَوَالِيَا أَي لِكَوْنِهَا لَا يُوجَدُ مِثْلُهَا إِلا قَلِيلًا. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ يُقَادُ إِليها الْفَحْلُ مُحَالٌ، وَمَعْنَى بَيْتِ الرَّاعِي هَذَا أَنه وَصَفَ نَجَائِبَ لَا يُرْسَلُ فِيهَا الْفَحْلُ ضِنّاً بِطِرْقِها وإِبقاءً لِقُوَّتِهَا عَلَى السَّيْرِ لأَن لِقاحَها يُذهِبُ مُنَّتَها، وإِذا كَانَتْ عَائِطًا فَهُوَ أَبقى لِسَيْرِهَا وأَقل لِتَعَبِهَا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِلا يَعارَةً، يَقُولُ: لَا تُلْقَحُ إِلا أَن يُفْلِتَ فَحْلٌ مِنْ إِبل أُخرى فَيَعِير وَيَضْرِبُهَا فِي عَيرَانِه؛ وَكَذَلِكَ قَالَ الطِّرِمَّاحُ فِي نَجِيبَةٍ حَمَلَت يَعارَةً فَقَالَ:
سَوْفَ تُدْنِيكَ مِنْ لَمِيسٍ سَبَنْتاةٌ ... أَمارَتْ بالبَوْلِ ماءَ الكِراضِ
أَنْضَجَتْهُ عشرينَ يَوْمًا، ونِيلَتْ ... حِينَ نِيلَتْ يَعارَةً فِي عِراضِ
أَراد أَن الْفَحْلَ ضَرَبَهَا يَعارَةً، فَلَمَّا مَضَى عَلَيْهَا عِشْرُونَ لَيْلَةً مِنْ وقتِ طَرَقها الفحلُ أَلقت ذَلِكَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَتْ عَقَدَتْ عَلَيْهِ فَبَقِيَتْ مُنَّتُها كَمَا كَانَتْ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: مَعْنَى اليَعارَةِ أَن النَّاقَةَ إِذا امْتَنَعَتْ عَلَى الْفَحْلِ عارَتْ مِنْهُ أَي نَفَرَتْ، تعارُ، فَيُعارِضها الفحلُ فِي عَدوِها حَتَّى يَنالها فَيَسْتَنِيخَها وَيَضْرِبَهَا. قَالَ: وَقَوْلُهُ يَعارَةً إِنما يُرِيدُ عَائِرَةً فَجَعَلَ يَعارة اسْمًا لَهَا وَزَادَ فِيهِ الْهَاءَ، وَكَانَ حَقُّهُ أَن يُقَالَ عارَتْ تَعِيرُ فَقَالَ تعارُ لِدُخُولِ أَحد حُرُوفِ الْحَلْقِ فِيهِ. واليَعْرُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: وَعَادَ لَهَا اليَعارُ مُجْرَنْثِماً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَفَسَّرَ أَنه شَجَرَةٌ فِي الصَّحْرَاءِ تأْكلها الإِبل، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي عِدَّةِ تَرَاجِمَ. ويَعْرٌ: بَلَدٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ السُّكَّرِيُّ قَوْلَ سَاعِدَةَ بْنِ العَجْلان:
تَرَكْتَهُمُ وظَلْتَ بِجَرِّ يَعْرٍ ... وأَنتَ زَعَمْتَ ذُو خَبَبٍ مُعِيدُ
يَمُرُّ: اليامُورُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ: الذَّكَرُ مِنَ الأَيِّل. اللَّيْثُ: اليامُورُ مِنَ الْبَحْرِ، يَجْرِي عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فِي الْحُرُمِ أَو الإِحرام الحكْمُ، وَذَكَرَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ اليامُورَ فِي بَابِ الأَوعال الْجَبَلِيَّةِ والأَياييل والأَرْوَى، وَهُوَ اسْمٌ لِجِنْسٍ مِنْهَا بِوَزْنِ اليَعْمُور؛ واليَعْمُورُ: الجَدْيُ،(5/302)
وجمعه اليَعامِيرُ.
يَهُرُّ: اليَهْيَرُّ: اللَّجَاجَةُ وَالتَّمَادِي فِي الأَمر، وَقَدِ اسْتَيْهَرَ. والمُسْتَيْهِرُ: الذَّاهِبُ الْعَقْلِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
يَسْعَى ويَجْمَعُ دَائِبًا مُسْتَيْهِراً ... جِدًّا، وَلَيْسَ بآكِلٍ يَجْمَعُ
واسْتَيْهَرَتِ الحُمُرُ: فَزِعَتْ؛ عَنْهُ أَيضاً، وَاللَّهُ أَعلم.(5/303)
[ز]
ز: الزَّايُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ، وَالزَّايُ وَالسِّينُ وَالصَّادُ فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ، وَهِيَ الْحُرُوفُ الأَسَلِيَّة لأَن مبدأَها مِنْ أَسَلَةِ اللِّسَانِ. قَالَ الأَزهري: لَا تأْتلف الصَّادُ مَعَ السِّينِ وَلَا مَعَ الزَّايِ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ.
فصل الألف
أبز: أَبَزَ الظَّبْيُ يأْبِزُ أَبْزاً وأُبوزاً: وثَبَ وقَفَزَ فِي عَدْوِه، وَقِيلَ تَطَلَّقَ فِي عَدْوه؛ قَالَ:
يَمُرُّ كَمَرِّ الآبِزِ المُتَطَلِّقِ
وَالِاسْمُ الأَبَزَى، وَظَبْيٌ أَبَّازٌ وأَبُوزٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى. ابْنُ الأَعرابي: الأَبوزُ القَفَّازُ مِنْ كُلِّ الْحَيَوَانِ، وَهُوَ أَبوزٌ، والأَبَّازُ الوَثَّابُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا رُبَّ أَبَّازٍ مِنَ العُفْرِ صَدَعْ ... تَقَبَّضَ الذئبُ إِليه، فاجْتَمَعْ
لَمَّا رَأَى أَن لَا دَعَهْ وَلَا شِبَعْ ... مالَ إِلى أَرْطاةِ حِقْفٍ فاضْطَجَعْ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الأَبَّازُ القَفَّازُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَفَ ظيباً، والعُفْر مِنَ الظِّبَاءِ الَّتِي يَعْلُو بياضها حمرة. وتَقَبَّضَ: جَمَعَ قَوَائِمَهُ ليَثِبَ عَلَى الظَّبْيِ فَلَمَّا رأَى الذِّئْبُ أَنه لَا دَعَةَ لَهُ وَلَا شِبَعَ لِكَوْنِهِ لَا يَصِلُ إِلى الظَّبْيِ فيأْكله مَالَ إِلى أَرْطاةِ حِقْفٍ، والأَرطاة: وَاحِدَةُ الأَرْطَى، وَهُوَ شَجَرٌ يُدْبَغُ بِوَرَقِهِ. والحِقْفُ: المُعْوَجُّ مِنَ الرَّمْلِ، وَجَمْعُهُ أَحقاف وحُقُوفٌ؛ وَقَالَ جِرانُ العَوْدِ:
لَقَدْ صَبَحْتُ حَمَلَ بْنَ كُوزِ ... عُلالَةً مِنْ وَكَرَى أَبُوزِ
تُرِيحُ بَعْدَ النَّفَسِ المَحْفُوزِ ... إِراحَةَ الجِدَايَةِ [الجَدَايَةِ] النَّفُوزِ
قَالَ أَبو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ كَيْسان: قرأْته عَلَى ثَعْلَبٍ جَمَلَ بْنَ كُوز، بِالْجِيمِ، وأَخذه عليٌّ بِالْحَاءِ، قَالَ: وأَنا إِلى الحاءِ أَميل. وَصَبَحْتُهُ: سَقَيْتُهُ صَبُوحًا، وَجَعَلَ الصَّبُوحَ الَّذِي سَقَاهُ لَهُ عُلالَةً مِنْ عَدْوِ فَرَسٍ وَكَرى، وَهِيَ الشَّدِيدَةُ العَدْوِ؛ يَقُولُ: سَقَيْتُهُ عُلالَةَ عَدْوِ فَرَسٍ صَبَاحًا، يَعْنِي أَنه أَغار عَلَيْهِ وَقْتَ الصُّبْحِ فَجَعَلَ(5/304)
ذَلِكَ صَبوحاً لَهُ؛ وَاسْمُ جِرانِ العَوْدِ عامرُ «3» بْنُ الْحَرْثِ، وإِنما لُقِّبَ جِرانَ العَوْدِ لِقَوْلِهِ:
خُذَا حَذَراً يَا خِلَّتَيَّ، فإِنَّنِي ... رأَيتُ جِرانَ العَوْدِ قَدْ كادَ يَصْلُحُ «4»
يَقُولُ لامرأَتيه: احْذَرَا فإِني رأَيت السَّوْطَ قَدْ قَرُبَ صَلَاحُهُ. وَالْجِرَانُ: بَاطِنُ عُنُقِ الْبَعِيرِ. والعَوْدُ: الْجَمَلُ الْمُسِنُّ. وحَمَلٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وَقَوْلُهُ: بَعْدَ النَّفَسِ الْمَحْفُوزِ، يُرِيدُ النَّفَسَ الشَّدِيدَ الْمُتَتَابِعَ الَّذِي كأَن دَافِعًا يَدْفَعُهُ من سِباق. وتُرِيح: تَتَنَفَّسُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
لَهَا مَنْخَرٌ كوِجارِ السِّباع ... فَمِنْهُ تُرِيحُ إِذا تَنْبَهِرْ
والجِدايَةُ: الظَّبْيَةُ، والنَّفُوز: الَّتِي تَنْفِزُ أَي تَثِبُ. وأَبَزَ الإِنسانُ فِي عَدْوِه يأْبِزُ أَبْزاً وأُبوزاً: اسْتَرَاحَ ثُمَّ مَضَى. وأَبَزَ يَأْبِزُ أَبْزاً: لُغَةٌ فِي هَبَزَ إِذا مات مُغافَصَةً.
أجز: اسْتَأْجَزَ عَنِ الوِسادَة: تَنَحَّى عَنْهَا وَلَمْ يَتَّكِئْ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَأْجِزُ وَلَا تَتَّكِئ. وآجَزُ: اسمٌ. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ الإِجازَةُ ارْتِفاقُ الْعَرَبِ، كَانَتِ الْعَرَبُ تَحْتَبئ وتَسْتَأْجِزُ عَلَى وِسَادَةٍ وَلَا تَتَّكِئُ عَلَى يَمِينٍ وَلَا شِمَالٍ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمعه لِغَيْرِ اللَّيْثِ وَلَعَلَّهُ حَفِظَهُ. وَرُوِيَ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى قَالَ: دَفَعَ إِليَّ الزُّبَيرُ إِجازَةً وَكَتَبَ بِخَطِّهِ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ فَقُلْتُ: ايِشْ أَقول فِيهِمَا فَقَالَا: قُلْ فِيهِ إِن شِئْتَ حَدَّثَنَا، وإِن شِئْتَ أَخبرنا، وإِن شِئْتَ كتب إِليّ.
أرز: أَرَزَ يَأْرِزُ أُرُوزاً: تَقَبَّضَ وتَجَمَّعَ وثَبَتَ، فَهُوَ آرِزٌ وأَرُوزٌ، وَرَجُلٌ أَرُوزٌ: ثَابِتٌ مُجْتَمِعٌ. الْجَوْهَرِيُّ: أَرَزَ فُلَانٌ يَأْرِزُ أَرْزاً وأُرُوزاً إِذا تَضامَّ وتَقَبَّضَ مِنْ بخْلِه، فَهُوَ أَرُوزٌ. وَسُئِلَ حَاجَةً فأَرَزَ أَي تَقَبَّضَ وَاجْتَمَعَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فذاكَ بَخَّالٌ أَرُوزُ الأَرْزِ
يَعْنِي أَنه لَا يَنْبَسِطُ لِلْمَعْرُوفِ وَلَكِنَّهُ يَنْضَمُّ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ، وَقَدْ أَضافه إِلى الْمَصْدَرِ كَمَا يُقَالُ عُمَرُ العَدْلِ وعُمَرُ الدَّهاءِ، لَمَّا كَانَ الْعَدْلُ وَالدَّهَاءُ أَغلب أَحواله. وَرُوِيَ عَنْ أَبي الأَسود الدُّؤَلِيِّ أَنه قَالَ: إِن فُلَانًا إِذا سُئِلَ أَرَزَ وإِذا دُعِيَ اهْتَزَّ؛ يَقُولُ: إِذا سُئِلَ المعروفَ تَضامَّ وتَقَبَّضَ مِنْ بُخْلِهِ وَلَمْ يَنْبَسِطْ لَهُ، وإِذا دُعِيَ إِلى طَعَامٍ أَسرع إِليه. وَيُقَالُ لِلْبَخِيلِ: أَرُوزٌ، وَرَجُلٌ أَرُوزُ الْبُخْلِ أَي شَدِيدُ الْبُخْلِ. وَذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ قَوْلَ أَبي الأَسود أَنه قَالَ: إِن اللَّئِيمَ إِذا سُئِلَ أَرَزَ وإِن الْكَرِيمَ إِذا سُئِلَ اهْتَزَّ. وَاسْتُشِيرَ أَبو الأَسود فِي رَجُلٍ يُعَرَّف أَو يُوَلَّى فَقَالَ: عَرّفُوه فإِنه أَهْيَسُ أَلْيَسُ أَلَدُّ مِلْحَسٌ إِن أُعْطِيَ انْتَهزَ وإِن سُئِلَ أَرَزَ. وأَرَزَتِ الحيةُ تأْرِزُ: ثَبَتَتْ فِي مَكَانِهَا، وأَرَزَتْ أَيضاً: لَاذَتْ بِجُحْرِهَا وَرَجَعَتْ إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الإِسلام ليأْرِزُ إِلى الْمَدِينَةِ كَمَا تأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلى جُحْرِها
؛ قَالَ الأَصمعي: يأْرِزُ أَي يَنْضَمُّ إِليها وَيَجْتَمِعُ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ فِيهَا. وَمِنْهُ كَلَامُ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: حَتَّى يأْرِزَ الأَمْرُ إِلى غَيْرِكُمْ.
والمَأْرِزُ: المَلْجَأُ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ كُثْوَةَ: أَرَزَ الرجلُ إِلى مَنَعَتِه أَي رَحَلَ إِليها. وَقَالَ الضَّرِيرُ: الأَرْزُ أَيضاً أَن تَدْخُلَ الْحَيَّةُ جُحْرَهَا عَلَى ذَنَبِهَا فَآخِرُ مَا يَبْقَى مِنْهَا رأْسها فَيَدْخُلُ بَعْدُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الإِسلام خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَهُوَ يَنْكُصُ إِليها حَتَّى يَكُونَ آخِرَهُ نُكُوصًا
__________
(3) . قوله [وَاسْمُ جِرَانِ الْعَوْدِ عَامِرُ إلخ] في الصحاح: واسمه المستورد
(4) . قوله [يا خلتي] تثنية خلة، بكسر الخاء المعجمة، مؤنث الخل بمعنى الصديق. وفي الصحاح: يا جارتي.(5/305)
كَمَا كَانَ أَوّله خُرُوجًا، وإِنما تأْرِزُ الْحَيَّةُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إِذا كَانَتْ خَائِفَةً، وإِذا كَانَتْ آمِنَةً فَهِيَ تبدأُ برأْسها فَتَدْخُلُهُ وَهَذَا هُوَ الِانْجِحَارُ. وأَرَزَ المُعْيِي: وَقَفَ. والآرِزُ مِنَ الإِبل: الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ. وفَقارٌ آرِزٌ: مُتَدَاخِلٌ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الْقَوِيَّةِ آرِزَةٌ أَيضاً؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ نَاقَةً:
بآرِزَةِ الفَقارَة لَمْ يَخُنْها ... قِطافٌ فِي الرِّكابِ، وَلَا خِلاءُ
قَالَ: الآرِزَةُ الشَّدِيدَةُ المجتَمعُ بَعْضَهَا إِلى بَعْضٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد أَنها مُدْمَجَةُ الفَقارِ مُتَدَاخِلَتُهُ وَذَلِكَ أَقوى لَهَا. وَيُقَالُ لِلْقَوْسِ: إِنها لَذَاتُ أَرْزٍ، وأَرْزُها صَلابَتُها، أَرَزَتْ تأْرِزُ أَرْزاً، قَالَ: والرميُ مِنَ الْقَوْسِ الصُّلبة أَبلغ فِي الجَرْحِ، وَمِنْهُ قِيلَ: نَاقَةٌ آرِزَةُ الفَقار أَي شَدِيدَةٌ. وَلَيْلَةٌ آرِزَةٌ: بَارِدَةٌ، أَرَزَتْ تأْرِزُ أَرِيزاً؛ قَالَ فِي الأَرَز:
ظَمآن فِي ريحٍ وَفِي مَطِيرِ ... وأَرْزِ قُرٍّ لَيْسَ بالقَرِيرِ
وَيَوْمٌ أَرِيزٌ: شَدِيدُ الْبَرْدِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي أَزِيزٌ، بِزَايَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والأَرِيزُ: الصَّقِيعُ؛ وَقَوْلُهُ:
وَفِي اتِّباعِ الظُّلَلِ الأَوارِزِ
يَعْنِي الْبَارِدَةَ. وَالظُّلَلُ هُنَا: بُيُوتُ السِّجْنِ. وَسُئِلَ أَعرابي عَنْ ثَوْبَيْنِ لَهُ فَقَالَ: إِن وجدتُ الأَرِيزَ لبستُهما، والأَرِيزُ والحَلِيتُ: شِبْهُ الثَّلْجِ يَقَعُ بالأَرض. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: رأَيت أَرِيزَتَه وأَرائِزَهُ تَرْعُدُ، وأَرِيزَةُ الرَّجُلِ نَفَسُه. وأَرِيزَةُ الْقَوْمِ: عَمِيدُهم. والأُرْزُ والأُرُزُ والأُرُزُّ كُلُّهُ ضربٌ مِنَ البُرِّ. الْجَوْهَرِيُّ: الأُرْزُ حبٌّ، وَفِيهِ سِتُّ لُغَاتٍ: أَرُزٌّ وأُرُزٌّ، تَتْبَعُ الضمةُ الضمةَ، وأُرْزٌ وأُرُزٌ مِثْلُ رُسْلٍ ورُسُلٍ، ورُزٌّ ورُنْزٌ، وَهِيَ لِعَبْدِ الْقَيْسِ. أَبو عَمْرٍو: الأَرَزُ، بِالتَّحْرِيكِ، شَجَرُ الأَرْزَنِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الأَرْزَةُ، بِالتَّسْكِينِ، شَجَرُ الصَّنَوْبَرِ، وَالْجَمْعُ أَرْزٌ. والأَرْزُ: العَرْعَرُ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ بِالشَّامِ يُقَالُ لِثَمَرِهِ الصَّنَوْبَرُ؛ قَالَ:
لَهَا رَبَذاتٌ بالنَّجاءِ كأَنها ... دَعائِمُ أَرْزٍ، بينهنَّ فُرُوعُ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني الخَبِرُ أَن الأَرْزَ ذَكَرُ الصَّنَوْبَرِ وأَنه لَا يَحْمِلُ شَيْئًا وَلَكِنْ يُسْتَخْرَجُ مِنْ أَعجازه وَعُرُوقِهِ الزِّفْتُ ويستصبحُ بِخَشَبِهِ كَمَا يَسْتَصْبَحُ بِالشَّمْعِ وَلَيْسَ مِنْ نَبَاتِ أَرض الْعَرَبِ، وَاحِدَتُهُ أَرْزَةٌ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلُ الْكَافِرِ مَثَلُ الأَرْزَةِ المُجْذِيَةِ عَلَى الأَرض حَتَّى يَكُونَ انْجِعافُها مَرَّةً وَاحِدَةً.
قَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الأَرَزَةُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، مِنَ الشَّجَرِ الأَرْزَنِ، ونحوَ ذَلِكَ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ. وَالْقَوْلُ عِنْدِي غَيْرُ مَا قَالَا إِنما هِيَ الأَرْزَةُ، بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَهِيَ شَجَرَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالشَّامِ تُسَمَّى عِنْدَنَا الصَّنَوْبَرَ مِنْ أَجل ثَمَرِهِ، قَالَ: وَقَدْ رأَيت هَذَا الشَّجَرَ يُسَمَّى أَرْزَةً، وَيُسَمَّى بِالْعِرَاقِ الصَّنَوْبَرَ، وإِنما الصَّنَوْبَرُ ثَمَرُ الأَرْزِ فَسُمِّيَ الشَّجَرُ صَنَوْبَرًا مِنْ أَجل ثَمَرِهِ؛ أَراد النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن الْكَافِرَ غيرُ مَرْزُوءٍ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ وأَهله وَوَلَدِهِ حَتَّى يَمُوتَ، فَشَبَّهَ مَوْتَهُ بِانْجِعَافِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ مِنْ أَصلها حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ بِذُنُوبِهِ حامَّةً؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ آرِزَةٌ بِوَزْنِ فَاعِلَةٍ، وأَنكرها أَبو عُبَيْدٍ: وَشَجَرَةٌ آرِزَةٌ أَي ثَابِتَةٌ فِي الأَرض، وَقَدْ أَرَزَتْ تأْرِزُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: جَعَلَ الجبالَ للأَرضِ عِماداً وأَرَزَ فِيهَا أَوتاداً
أَي أَثبتها، إِن كَانَتِ الزَّايُ مُخَفَّفَةً فَهِيَ مِنْ أَرَزَت الشجرةُ تأْرِزُ إِذا ثَبَتَتْ فِي الأَرض، وإِن(5/306)
كَانَتْ مُشَدَّدَةً فَهُوَ مِنْ أَرَزَّت الجَرادَةُ ورَزَّتْ إِذا أَدخلت ذَنَبَهَا فِي الأَرض لِتُلْقِيَ فِيهَا بَيْضَهَا. ورَزَزْتُ الشيءَ فِي الأَرض رَزّاً أَثبته فِيهَا، قَالَ: وحينئذٍ تَكُونُ الْهَمْزَةُ زَائِدَةً وَالْكَلِمَةُ مِنْ حُرُوفِ الرَّاءِ. والأُرْزَةُ والأَرَزَةُ، جَمِيعًا: الأَرْزَةُ، وَقِيلَ: إِن الأَرْزَةَ إِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِثَبَاتِهَا. وَفِي حَدِيثِ
صَعْصَعَةَ بْنِ صُوحانَ: وَلَمْ يَنْظُرْ فِي أَرْزِ الْكَلَامِ
أَي فِي حَصْرِه وجمعِه والتروّي فيه.
أزز: أَزَّتِ القِدْرُ تَؤُزُّ وتَئِزُّ أَزّاً وأَزِيزاً وأَزازاً وائْتَزَّتِ ائْتِزازاً إِذا اشْتَدَّ غَلَيَانُهَا، وَقِيلَ: هُوَ غَلَيَانٌ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
مُطَرِّفٍ عَنْ أَبيه، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتيت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُصَلِّي وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كأَزِيزِ المِرْجَلِ مِنَ البكاءِ
يَعْنِي يَبْكِي، أَي أَن جَوْفَهُ يَجِيش وَيَغْلِي بالبكاءِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي تَفْسِيرِهِ: خَنِين، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، فِي الْجَوْفِ إِذا سَمِعَهُ كأَنه يَبْكِي. وأَزَّ بِهَا أَزّاً: أَوقد النَّارَ تَحْتَهَا لِتَغْلِيَ. أَبو عُبَيْدَةَ: الأَزِيزُ الالتهابُ وَالْحَرَكَةُ كَالْتِهَابِ النَّارِ فِي الْحَطَبِ. يُقَالُ: أُزَّ قِدْرَك أَي أَلْهِبِ النارَ تَحْتَهَا. والأَزَّةُ: الصوتُ. والأَزِيزُ: النَّشِيشُ. والأَزِيزُ: صَوْتُ غَلَيَانِ الْقِدْرِ. والأَزِيزُ: صَوْتُ الرَّعْدِ مِنْ بَعِيدٍ، أَزَّت السحابةُ تَئِزُّ أَزّاً وأَزِيزاً. وأَما حَدِيثُ
سَمُرَة: كَسَفَتِ الشمسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَهَيْتُ إِلى المسجد فإِذا هو يأْزَزُ
، فإِن أَبا إِسحاق الحَرْبيَّ قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ: الأَزَزُ الامتلاءُ مِنَ النَّاسِ يُرِيدُ امتلاءَ الْمَجْلِسِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَ الصَّوْتِ لأَن الْمَجْلِسَ إِذا امتلأَ كَثُرَتْ فِيهِ الأَصوات وَارْتَفَعَتْ. وَقَوْلُهُ يأْزَزُ، بِإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ، هُوَ مِنْ بَابِ لَحِحَتْ عينُه وأَللَ السِّقاءُ ومَشِشَت الدابةُ، وَقَدْ يُوصَفُ بِالْمَصْدَرِ مِنْهُ فَيُقَالُ: بَيْتٌ أَزَز، والأَزَزُ الجمعُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ. وَقَوْلُهُ: الْمَسْجِدُ يأْزَزُ أَي مُنْغَصٌّ بِالنَّاسِ. وَيُقَالُ: الْبَيْتُ مِنْهُمْ بأَزَزٍ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُتَّسَعٌ، وَلَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فِعْلٌ؛ يُقَالُ: أَتيت الْوَالِيَ والمجلسُ أَزَزٌ أَي كَثِيرُ الزِّحَامِ لَيْسَ فِيهِ مُتَّسَعٌ، وَالنَّاسُ أَزَزٌ إِذا انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ. وَقَدْ جاءَ حَدِيثُ
سَمُرة فِي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ فَقَالَ: وَهُوَ بارِزٌ
مِنَ البُروز وَالظُّهُورِ، قَالَ: وَهُوَ خطأٌ مِنَ الرَّاوِي؛ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَكَذَا قَالَهُ الأَزهري فِي التَّهْذِيبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِذا الْمَجْلِسُ يَتَأَزَّزُ
أَي تَمُوجُ فِيهِ النَّاسُ، مأْخوذ مِنْ أَزِيزِ المِرْجَل، وَهُوَ الْغَلَيَانُ. وَبَيْتٌ أَزَزٌ: مُمْتَلِئٌ بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ لَهُ جَمْعٌ وَلَا فِعْلٌ. والأَزَزُ: الضِّيق. أَبو الجَزْلِ الأَعرابي: أَتيت السُّوق فرأَيت النساءَ أَزَزاً، قِيلَ: مَا الأَزَزُ؟ قَالَ كأَزَزِ الرُّمَّانة الْمُحْتَشِيَةِ. وَقَالَ الأَسَدِيُّ فِي كَلَامِهِ: أَتيت الْوَالِيَ وَالْمَجْلِسَ أَزَزٌ أَي ضَيِّق كَثِيرُ الزِّحام؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
أَنا أَبو النَّجْمِ إِذا شُدَّ الحُجَزْ ... واجْتَمَع الأَقْدامُ فِي ضَيْقٍ أَزَزْ
والأَزُّ: ضَرَبانُ عِرْق يَأْتَزُّ أَو وجَعٌ فِي خُراج. وأَزُّ الْعُرُوقِ: ضَرَبانُها. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي قَبْلَ حَشَكِ النَّفْسِ وأَزِّ الْعُرُوقِ؛ الحَشَكُ: اجْتِهَادُهَا فِي النَّزْعِ، والأَزُّ: الاختلاطُ. والأَزُّ: التَّهْيِيجُ والإِغراءُ. وأَزَّهُ يَؤُزُّهُ أَزّاً: أَغراه وَهَيَّجَهُ. وأَزَّهُ: حَثَّه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ أَي تُزْعِجُهم إِلى الْمَعَاصِي وتُغْرِيهم بِهَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تُشْليهم إِشْلاءً، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تُغْرِيهِمْ إِغراءً. ابْنُ الأَعرابي: الأُزَّازُ الشَّيَاطِينُ الَّذِينَ يَؤُزُّونَ الكفارَ. وأَزَّه أَزَّاً وأَزِيزاً مِثْلُ هَزَّه. وأَزَّ يَؤُزُّ أَزّاً، وَهُوَ(5/307)
الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ؛ وَقَوْلُ رؤْبة:
لَا يأْخُذُ التأْفِيكُ والتَّحَزِّي ... فِينَا، وَلَا قَوْلُ العِدَى ذُو الأَزِّ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ التَّحْرِيكِ وَمِنَ التَّهْيِيجِ. وَفِي حَدِيثِ
الأَشْتَرِ: كَانَ الَّذِي أَزَّ أُمَّ المؤْمنين عَلَى الْخُرُوجِ ابنَ الزُّبَيْرِ
أَي هُوَ الَّذِي حَرَّكَهَا وأَزعجها وَحَمَلَهَا عَلَى الْخُرُوجِ. وَقَالَ الحَرْبِيُّ: الأَزُّ أَن تَحْمِلَ إِنساناً عَلَى أَمْر بِحِيلَةٍ وَرِفْقٍ حَتَّى يَفْعَلَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَزَّا عَائِشَةَ حَتَّى خَرَجَتْ.
وغَداةٌ ذاتُ أَزِيزٍ أَي بَرْدٍ، وعَمَّ ابنُ الأَعرابي بِهِ البَرْدَ فَقَالَ: الأَزِيزُ البردُ ولم يَخُصَّ بَرْدَ غَداةٍ وَلَا غَيْرِهَا فَقَالَ: وَقِيلَ لأَعرابي ولَبِسَ جَوْرَبَيْن لِمَ تَلْبَسُهما؟ فَقَالَ: إِذا وَجَدْتُ أَزِيزاً لَبِسْتُهُمَا. ويومٌ أَزِيزٌ: بَارِدٌ، وَحَكَاهُ ثَعْلَبٌ أَرِيزٌ. وأَزَّ الشيءَ يَؤُزُّه إِذا ضَمَّ بَعْضَهُ إِلى بَعْضٍ. أَبو عَمْرٍو: أَزَّ الكتائبَ إِذا أَضاف بَعْضَهَا إِلى بَعْضٍ؛ قَالَ الأَخطل:
ونَقْضُ العُهُودِ ... بِإِثْرِ العُهود يَؤُزُّ الكتائبَ حَتَّى حَمِينا
الأَصمعي: أَزَزْتُ الشيءَ أَؤُزُّه أَزّاً إِذا ضَمَمْتَ بَعْضَهُ إِلى بَعْضٍ. وأَزَّ المرأَةَ أَزّاً إِذا نَكَحَهَا، وَالرَّاءُ أَعلى، وَالزَّاى صَحِيحَةٌ فِي الِاشْتِقَاقِ لأَن الأَزَّ شِدَّةُ الْحَرَكَةِ. وَفِي حَدِيثِ جَمَلِ
جَابِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَنَخَسَه رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بقَضِيب فإِذا تَحْتِي لَهُ أَزِيزٌ
أَي حركةٌ واهتياجٌ وحِدَّةٌ. وأَزَّ الناقةَ أَزّاً: حَلَبَهَا حَلْبًا شَدِيدًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد
كأَنْ لَمْ يُبَرِّكْ بالقُنَيْنِيِّ نيبُها ... وَلَمْ يَرْتَكِبْ مِنْهَا الزِّمِكَّاءَ حافِلُ
شديدَةُ أَزِّ الآخِرَيْنِ كأَنها ... إِذا ابْتَدَّها العِلْجانِ، زَجْلَةُ قافِلِ
قَالَ: الآخِرَينِ وَلَمْ يَقُلِ القادِمَيْنِ لأَن بَعْضَ الْحَيَوَانِ يَخْتَارُ آخِرَيْ أُمِّهِ عَلَى قادِمَيْها، وَذَلِكَ إِذا كَانَ ضَعِيفًا يَجْثُو عَلَيْهِ الْقَادِمَانِ لجَثْمِهما، وَالْآخَرَانِ أَدَقُّ. والزَّجْلَةُ: صَوْتُ النَّاسِ، شَبَّهَ حَفِيفَ شَخْبِها بِحَفِيفِ الزَّجْلَةِ. وأَزَّ الماءَ يَؤُزُّه أَزّاً: صَبَّهُ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الأَوائل: أُزَّ مَاءً ثُمَّ غَلِّه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْكَلْبِيِّ وَزَعَمَ أَنّ أُزَّ خَطَأٌ. وَرَوَى المُفَضَّلُ أَنَّ لُقْمانَ قَالَ لِلُقَيْم: اذهبْ فَعَشِّ الإِبلَ حَتَّى تَرَى النجمَ قِمَّ رأْسٍ، وَحَتَّى تَرى الشِّعْرَى كأَنها نارٌ، وإِلَّا تَكُنْ عَشَّيْتَ فَقَدْ آنَيْتَ؛ وقالَ لَهُ لُقَيْمٌ: واطْبُخْ أَنت جَزُورَك فأُزَّ مَاءً وغَلِّهِ حَتَّى تَرَى الكَرادِيسَ كأَنها رُؤُوس شُيوخٍ صُلْعٍ، وَحَتَّى تَرَى اللَّحْمَ يَدْعُو غُطَيْفاً وغَطَفان، وإِلَّا تَكُنْ أَنْضَجْتَ فَقَدْ آنَيْتَ؛ قَالَ: يَقُولُ إِن لَمْ تُنْضِجْ فَقَدْ آنَيْتَ وأَبطأْتَ إِذا بَلَغْتَ بِهَا هَذَا وإِن لَمْ تَنْضَجْ. وأَزَزْتُ القِدْرَ أَؤُزُّها أَزّاً إِذا جَمَعْتَ تَحْتَهَا الْحَطَبَ حَتَّى تَلْتَهِبَ النَّارُ؛ قَالَ ابْنُ الطَّثَرِيَّةِ يَصِفُ الْبَرْقَ:
كأَنَّ حَيْرِيَّةً غَيْرَى مُلاحِيَةً ... باتتْ تَؤُزُّ بِهِ مِنْ تَحْتِه القُضُبا
اللَّيْثُ: الأَزَزُ حسابٌ مِنْ مَجاري الْقَمَرِ، وَهُوَ فُضُولُ مَا يَدْخُلُ بَيْنَ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ. أَبو زَيْدٍ: ائْتَرَّ الرجلُ ائتِراراً إِذا اسْتَعْجَلَ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَدري أَبالزاي هو أَم بالراء.(5/308)
أفز: أَبو عَمْرٍو: الأَفْزُ، بِالزَّايِ، الوثْبَةُ بالعَجَلَة، والأَفْرُ، بالراء: العَدْوُ.
ألز: ابْنُ الأَعرابي: الأَلْزُ اللُّزُومُ لِلشَّيْءِ، وَقَدْ أَلَزَ بِهِ يأْلِزُ أَلْزاً وأَلِزَ فِي مَكَانِهِ يأْلَزُ أَلَزاً مِثْلَ أَرَزَ؛ قَالَ المَرَّارُ الفَقْعَسِيُّ:
أَلِزٌ إِنْ خَرَجَتْ سَلَّتُه ... وَهِلٌ تَمْسَحُه مَا يَسْتَقِر
السَّلَّةُ: أَن يَكْبُوَ الفرسُ فَيَرْتَدَّ ذَلِكَ الرَّبْوُ فيه.
أوز: الأَوْزُ: حِسابٌ مِنْ مَجَارِي الْقَمَرِ، وَهُوَ فُضُولُ مَا يَدْخُلُ بَيْنَ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ. وَرَجُلٌ إِوَزٌّ: قَصِيرٌ غَلِيظٌ، والأُنثى إِوَزَّةٌ. وَفَرَسٌ إِوَزٌّ: مُتَلاحِكُ الخَلْقِ شَدِيدُهُ، فِعَلٌّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ إِفَعْلًا لأَن هَذَا الْبِنَاءَ لَمْ يَجِئْ صِفَةً؛ قَالَ: حَكَى ذَلِكَ أَبو عَلِيٍّ، وأَنشد:
إِن كنتَ ذَا خَزٍّ، فإِنَّ بَزِّي ... سابِغةٌ فوقَ وَأًى إِوَزِّ
والإِوَزَّى: مِشْيَةٌ فِيهَا تَرَقُّصٌ إِذا مَشَى مَرَّةً عَلَى الْجَانِبِ الأَيمن وَمَرَّةً عَلَى الْجَانِبِ الأَيسر؛ حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ، وأَنشد:
أَمْشِي الإِوَزَّى ومَعِي رُمْحٌ سَلِبْ
قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ إِفْعَلَّى وفِعَلَّى عِنْدَ أَبي الْحَسَنِ أَصح لأَن هَذَا الْبِنَاءَ كَثِيرٌ فِي الْمَشْيِ كالجِيَضَّى والدِّفَقَّى. الْجَوْهَرِيُّ: الإِوَزَّةُ والإِوَزُّ البَطُّ، وَقَدْ جَمَعُوهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فَقَالُوا: إِوَزُّونَ.
فصل الباء الموحدة
بأز: البَأْزُ: لُغَةٌ فِي الْبَازِي، والجمع أَبْؤُزٌ وبُؤُوزٌ وبِئْزانٌ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَذَهَبَ إِلى أَن هَمْزَتَهُ مُبْدَلَةٌ مَنْ أَلف لِقُرْبِهَا مِنْهَا، وَاسْتَمَرَّ الْبَدَلُ فِي أَبْؤُزٍ وبِئْزانٍ كَمَا استمرَّ في أَعياد.
بخز: التَّهْذِيبُ: بَخَزَ عَيْنَهُ وبَخَسَها إِذا فقأَها، وبَخَصَها كذلك.
برز: البَرازُ، بِالْفَتْحِ: الْمَكَانُ الفَضاء مِنَ الأَرض البعيدُ الواسعُ. وإِذا خَرَجَ الإِنسان إِلى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قِيلَ: قَدْ بَرَزَ يَبْرُزُ بُرُوزاً أَي خَرَجَ إِلى البَرازِ. والبَرازُ، بِالْفَتْحِ أَيضاً: الْمَوْضِعُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ خَمَر مِنْ شَجَرٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا أَراد البَراز أَبْعَدَ
؛ الْبَرَازُ، بِالْفَتْحِ: اسْمٌ لِلْفَضَاءِ الْوَاسِعِ فَكَنَوْا بِهِ عَنْ قَضَاءِ الْغَائِطِ كَمَا كَنَوْا عَنْهُ بِالْخَلَاءِ لأَنهم كَانُوا يَتَبَرَّزُون فِي الأَمكنة الْخَالِيَةِ مِنَ النَّاسِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ خطأٌ لأَنه بِالْكَسْرِ مَصْدَرٌ مِنَ المُبارَزَةِ فِي الْحَرْبِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ بِخِلَافِهِ: وَهَذَا لَفْظُهُ البِرازُ المُبارَزَةُ فِي الْحَرْبِ، والبِرازُ أَيضاً كِنَايَةٌ عَنْ ثُفْلِ الْغِذَاءِ، وَهُوَ الْغَائِطُ، ثُمَّ قَالَ: والبَرازُ، بِالْفَتْحِ، الْفَضَاءُ الْوَاسِعُ. وتَبَرَّزَ الرجلُ: خَرَجَ إِلى البَراز لِلْحَاجَةِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ الْمَكْسُورُ فِي الْحَدِيثِ، وَمِنَ المَفْتُوحِ حَدِيثُ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رأَى رَجُلًا يَغْتَسِلُ بالبَرازِ
، يُرِيدُ الْمَوْضِعَ الْمُنْكَشِفَ بِغَيْرِ سُتْرَةٍ. والمَبْرَزُ: المُتَوَضَّأُ. وبَرَزَ إِليه وأَبْرَزَهُ غَيْرُهُ وأَبْرَزَ الكتابَ: أَخرجه، فَهُوَ مَبْرُوزٌ. وأَبْرَزَهُ: نَشَرَه، فَهُوَ مُبْرَزٌ، ومَبْرُوزٌ شَاذٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ جَاءَ عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ عَلَى أَلواحِهِ ... أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ(5/309)
قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَراد المَبْرُوزَ بِهِ ثُمَّ حَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ فَارْتَفَعَ الضَّمِيرُ وَاسْتَتَرَ فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ بِهِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْآخَرِ:
إِلى غيرِ مَوْثُوقٍ مِنَ الأَرض يَذْهَبُ
أَراد مَوْثُوقٍ بِهِ؛ وأَنشد بَعْضُهُمُ المُبْرَزُ عَلَى احْتِمَالِ الخَزْلِ فِي مُتَفَاعِلُنْ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ إِنما هُوَ:
أَلنَّاطقُ المُبْرَزُ والمَخْتُومُ
مُزَاحَفٌ فَغَيَّرَهُ الرُّوَاةُ فِرَارًا مِنَ الزِّحَافِ. الصِّحَاحِ: أَلناطق بِقَطْعِ الأَلف وإِن كَانَ وَصْلًا، قَالَ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي ابْتِدَاءِ الأَنصاف لأَن التَّقْدِيرَ الْوَقْفُ عَلَى النِّصْفِ من الصدر، قال: وأَنكر أَبو حَاتِمٍ الْمَبْرُوزَ قَالَ: وَلَعَلَّهُ المَزْبُورُ وَهُوَ الْمَكْتُوبُ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ أَيضاً فِي كَلِمَةٍ لَهُ أُخرى:
كَمَا لاحَ عُنْوانُ مَبْرُوزَةٍ ... يَلُوحُ مَعَ الكَفِّ عُنْوانُها
قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنه لُغَتُهُ، قَالَ: وَالرُّوَاةُ كُلُّهُمْ عَلَى هَذَا، قَالَ: فَلَا مَعْنَى لإِنكار مَنْ أَنكره، وَقَدْ أَعطوه كِتَابًا مَبْرُوزاً، وَهُوَ الْمَنْشُورُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وإِنما أَجازوا الْمَبْرُوزَ وَهُوَ مَنْ أَبرزت لأَن يُبْرِزُ لَفْظُهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفِعْلَيْنِ. وكلُّ مَا ظَهَرَ بَعْدَ خَفَاءٍ، فَقَدْ بَرَزَ. وبَرَّزَ الرجلُ: فَاقَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ إِذا سَبَقَ. وبارَزَ القِرْنَ مُبارَزَةً وبِرازاً: بَرَزَ إِليه، وَهُمَا يَتَبارَزانِ. وامرأَة بَرْزَةٌ: بارِزَةُ المَحاسِنِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ الزُّبَيْرِيُّ: البَرْزَة مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بالمُتَزايِلَةِ الَّتِي تُزايِلُك بِوَجْهِهَا تَسْتُرُهُ عَنْكَ وتَنْكَبُّ إِلى الأَرض، والمُخْرَمِّقَةُ الَّتِي لَا تَتَكَلَّمُ إِن كُلِّمَتْ، وَقِيلَ: امرأَة بَرْزَةٌ مُتَجالَّةٌ تَبْرُزُ لِلْقَوْمِ يَجْلِسُونَ إِليها ويتحدَّثون عَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ: وَكَانَتِ امرأَةً بَرْزَةً تَخْتَبِئُ بِفِناءِ قُبَّتِها
؛ أَبو عُبَيْدَةَ: البَرْزَةُ مِنَ النساءِ الْجَلِيلَةُ الَّتِي تَظْهَرُ لِلنَّاسِ وَيَجْلِسُ إِليها الْقَوْمُ. وامرأَة بَرْزَة: مَوْثُوقٌ برأْيها وَعَفَافِهَا. وَيُقَالُ: امرأَة بَرْزَة إِذا كَانَتْ كَهْلَةً لَا تَحْتَجِبُ احتجابَ الشَّوابِّ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ عَفِيفَةٌ عَاقِلَةٌ تَجْلِسُ لِلنَّاسِ وتحدِّثهم، مِنَ البُروزِ وَهُوَ الظُّهُورُ وَالْخُرُوجُ. ورجلٌ بَرْزٌ: ظَاهِرُ الخلقِ عَفِيفٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
بَرْزٌ وَذُو العَفَافَةِ البَرْزِيُ
وَقَالَ غَيْرُهُ: بَرْزٌ أَراد أَنه مُتَكَشِّفُ الشأْن ظَاهِرٌ. وَرَجُلٌ بَرْزٌ وامرأَة بَرْزَةٌ: يُوصَفَانِ بالجَهارَة وَالْعَقْلِ؛ وأَما قَوْلُ جَرِيرٍ:
خَلِّ الطَّرِيقَ لِمَنْ يَبْنِي المَنارَ بِهِ ... وابْرُزْ ببَرْزَةَ حيثُ اضْطَرَّكَ القَدَرُ
فَهُوَ اسْمُ أُم عُمَرَ بْنَ لَجَإٍ التَّيْمِيِّ. وَرَجُلٌ بَرْزٌ وبَرْزِيٌّ: مَوثوق بِفَضْلِهِ ورأْيه، وَقَدْ بَرُزَ بَرازَةً. وبَرَّزَ الفرسُ عَلَى الْخَيْلِ: سَبَقها، وَقِيلَ كلُّ سَابِقٍ مُبَرِّزٌ. وبَرَّزَه فرسُه: نَجَّاه؛ قَالَ رؤْبة:
لَوْ لَمْ يُبَرِّزْهُ جَوادٌ مِرْأَسُ
وإِذا تَسَابَقَتِ الْخَيْلُ قِيلَ لِسَابِقِهَا: قَدْ بَرَّزَ عَلَيْهَا، وإِذا قِيلَ بَرَزَ، مخففٌ، فَمَعْنَاهُ ظَهَرَ بَعْدَ الْخَفَاءِ، وإِنما قِيلَ فِي التَّغَوُّطِ تَبَرَّزَ فُلَانٌ كِنَايَةً أَي خَرَجَ إِلى بَرازٍ مِنَ الأَرض لِلْحَاجَةِ. والمُبارَزَةُ فِي الْحَرْبِ والبِرازُ مِنْ هَذَا أُخذ، وَقَدْ تَبارَزَ القِرْنانِ. وأَبْرَزَ الرجلُ إِذا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ، وبَرَزَ إِذا ظَهَرَ بَعْدَ خُمول، وبَرَزَ إِذا خَرَجَ إِلى البرازِ، وَهُوَ الْغَائِطُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً
، أَي ظَاهِرَةً بِلَا جَبَلٍ وَلَا تَلٍّ وَلَا رَمْلٍ.(5/310)
وذَهَبٌ إِبْرِيزٌ: خَالِصٌ؛ عَرَبِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ إِفْعِيلٌ مَنْ بَرَزَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَمِنْهُ مَا يَخْرُجُ كَالذَّهَبِ الإِبْرِيزِ
أَي الْخَالِصِ، وَهُوَ الإِبْرِزِيُّ أَيضاً، وَالْهَمْزَةُ وَالْيَاءُ زَائِدَتَانِ. ابْنُ الأَعرابي: الإِبْريزُ الحَلْيُ الصَّافِي مِنَ الذَّهَبِ. وَقَدْ أَبْرَزَ الرجلُ إِذا اتَّخَذَ الإِبْرِيزَ وَهُوَ الإِبْرِزِيُّ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
مُزَيَّنَةٌ بالإِبْرِزِيِّ وجشْوُها ... رَضِيعُ النَّدَى، والمُرْشِفاتِ الحَوَاضِنِ
وَرَوَى
أَبو أُمامة عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيُجَرِّبُ أَحدَكم بالبلاءِ كَمَا يُجَرِّبُ أَحدُكم ذهبَه بِالنَّارِ، فَمِنْهُ مَا يَخْرُجُ كَالذَّهَبِ الإِبْرِيزِ، فَذَلِكَ الَّذِي نَجَّاهُ اللَّهُ مِنَ السيِّئات، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ الذَّهَبِ دُونَ ذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي يَشُكُّ بَعْضَ النَّاسِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْرُجُ كَالذَّهَبِ الأَسود وَذَلِكَ الَّذِي أُفْتِن
؛ قَالَ شَمِرٌ: الإِبْرِيزُ مِنَ الذَّهَبِ الْخَالِصِ وَهُوَ الإِبْرِزيُّ والعِقْيانُ والعَسْجَدُ. النِّهَايَةُ لِابْنِ الأَثير: فِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ وهم البازَرُ
؛ قيل: بازَرُ ناحية قريبة مِنْ كِرْمانَ بِهَا جِبَالٌ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ هُمُ الأَكراد، فإِن كَانَ مِنْ هَذَا فكأَنه أَراد أَهل الْبَازِرِ أَو يَكُونُ سُمُّوا بِاسْمِ بِلَادِهِمْ، قَالَ: هَكَذَا أَخرجه أَبو مُوسَى فِي حَرْفِ الْبَاءِ وَالزَّايِ مِنْ كِتَابِهِ وشَرَحَه، قَالَ: وَالَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تُقاتِلُون قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرَ وَهُوَ هَذَا الْبَازَرُ
؛ وَقَالَ سفيانُ مَرَّةً: هُمْ أَهلُ البارِز، يَعْنِي بأَهل البارز أَهل فارس، هكذا هُوَ بِلُغَتِهِمْ وَهَكَذَا جاءَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ كأَنه أَبدل السِّينَ زَايًا، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْبَاءِ وَالرَّاءِ وَهُوَ هَذَا الْبَابُ لَا مِنْ بَابِ الْبَاءِ وَالزَّايِ؛ قَالَ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي فَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَكَذَلِكَ اختلف مع تقديم الزاي، وَقَدْ ذُكِرَ أَيضاً فِي مَوْضِعِهِ مُتَقَدِّمًا، وَاللَّهُ أَعلم.
برغز: البَرْغَزُ والبُرْغُزُ: وَلَدُ الْبَقَرَةِ، وَقِيلَ: الْبَقَرَةُ الْوَحْشِيَّةُ، والأُنثى بَرْغَزَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَطُومٍ فَقَدَتْ بُرْغُزَها ... أَعْقَبَتْها الغُبْسُ مِنْهُ عَدَمَا
غَفَلَتْ ثُمَّ أَتَتْ تَرْقُبُهُ ... فإِذا هِيَ بعِظامٍ ودَمَا
قَالَ: الأَطُوم هَاهُنَا الْبَقَرَةُ الْوَحْشِيَّةُ، والأَصل فِي الأَطُوم أَنها سَمَكَةٌ غَلِيظَةُ الْجِلْدِ تَكُونُ فِي الْبَحْرِ، شَبَّهَ الْبَقَرَةَ بِهَا. والغُبْسُ: الذِّئَابُ، الْوَاحِدُ أَغْبَسُ، وَقَوْلُهُ بِعِظَامٍ وَدَمَا أَراد وَدَمٍ ثُمَّ ردَّ إِليه لَامَهُ فِي الشِّعْرِ ضَرُورَةً وَهُوَ الْيَاءُ فَتَحَرَّكَتْ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَانْقَلَبَتْ أَلِفاً وَصَارَ الِاسْمُ مَقْصُورًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْآخَرِ:
فَلَسْنا عَلَى الأَعقابِ تَدْمَى كُلُومُنا ... وَلَكِنْ عَلَى أَعقابنا يَقْطُرُ الدَّما
وَالَدَّمَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِيَقْطُرُ وَهُوَ اسْمٌ مَقْصُورٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: البُرْغُزُ هُوَ ولدُ الْبَقَرَةِ إِذا مَشَى مَعَ أُمه؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ نِسَاءً سُبِينَ:
ويَضْرِبْنَ بالأَيْدِي وراءَ بَرَاغِزٍ ... حِسَانِ الوجُوه، كالظِّباءِ الْعَوَاقِدِ
أَراد بالبراغِز أَولادَهُنَّ، الْوَاحِدُ بَرْغَزٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِوَلَدِ بَقَرِ الْوَحْشِ بَرْغَزٌ وجُؤْذَرٌ.
بزز: البَزُّ: الثِّيَابُ، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ، وَقِيلَ: البَزُّ مِنَ الثِّيَابِ أَمتعة البَزَّاز، وَقِيلَ: البَزُّ مَتَاعُ(5/311)
الْبَيْتِ مِنَ الثِّيَابِ خَاصَّةً؛ قَالَ:
أَحسَن بيتٍ أَهَراً وبَزَّا ... كأَنما لُزَّ بصَخْرٍ لَزَّا
والبَّزَّازُ: بَائِعُ البَزِّ وحِرْفَتُهُ البِزَازَةُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
شَمْطاءُ أَعلى بَزِّها مُطَرَّحُ
يَعْنِي أَنها سَمِنَتْ فَسَقَطَ وَبَرُها وَذَلِكَ لأَن الْوَبَرَ لَهَا كَالثِّيَابِ. والبِزَّة، بِالْكَسْرِ: الْهَيْئَةُ والشَّارةُ واللِّبْسَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا دَنَا مِنَ الشَّامِ وَلَقِيَهُ النَّاسُ قَالَ لأَسْلَمَ: إِنهم لَمْ يَرَوْا عَلَى صَاحِبِكَ بِزَّةَ قَوْمٍ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
؛ البِزَّةُ: الْهَيْئَةُ، كأَنه أَراد هَيْئَةَ الْعَجَمِ. والبَزُّ والبِزَّةُ: السِّلَاحُ يَدْخُلُ فِيهِ الدِّرْعُ والمِغْفَرُ وَالسَّيْفُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا بِكَهامٍ بَزُّهُ عَنْ عَدُوِّهِ ... إِذا هُوَ لاقَى حاسِراً أَو مُقَنَّعا
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنه السَّيْفُ. أَبو عَمْرٍو: البَزَرُ: السِّلَاحُ التامُّ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
فَوَيْلُ أمِّ بَزٍّ جَرَّ شَعْلٌ عَلَى الحَصى ... ووُقِّرَ بَزٌّ مَا هُنالك ضائعُ
الوَقْرُ: الصدعُ. وُقِّرَ بَزٌّ أَي صُدِعَ وفُلِّلَ وَصَارَتْ فِيهِ وَقَراتٌ. وشَعْلٌ: لَقَبُ تأَبَّطَ شَرًّا وَكَانَ أَسَرَ قَيْسَ بْنَ عَيْزَارَة الهذليَّ قائلَ هَذَا الشِّعْرِ فَسَلَبَهُ سِلَاحَهُ وَدِرْعَهُ، وَكَانَ تأَبط شَرًّا قَصِيرًا فَلَمَّا لَبِسَ دِرْعَ قَيْسٍ طَالَتْ عَلَيْهِ فَسَحَبَهَا عَلَى الْحَصَى، وَكَذَلِكَ سَيْفُهُ لَمَّا تَقَلَّدَهُ طَالَ عَلَيْهِ فَسَحَبَهُ فَوَقَّرَهُ لأَنه كَانَ قَصِيرًا فَهَذَا يَعْنِي السِّلَاحَ كُلَّهُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنِّي إِذْ غَدَوْا ضَمَّنْتُ بَزِّي ... مِنَ العِقْبَانِ، خائِتَةً طَلُوبا
أَي سِلَاحِي. والبِزِّيزَى: السِّلَاحُ. والبَزُّ: السَّلْبُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: مَنْ عَزَّ بَزَّ؛ مَعْنَاهُ مَنْ غَلَبَ سَلَبَ، وَالِاسْمُ البِزِّيزَى كالخِصِّيصَى وهو السَّلْبُ. وابْتَزَزْتُ الشيءَ: اسْتَلَبْتُه. وبَزَّهُ يَبُزُّهُ بَزًّا: غَلَبَهُ وَغَصَبَهُ. وبَزَّ الشيءَ يَبُزُّ بَزًّا: انْتَزَعَهُ. وبَزَّهُ ثيابَهُ بَزًّا. وبَزَّه: حَبَسَه. وَحُكِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ: لَنْ يأْخذه أَبداً بَزَّةً مِنِّي أَي قَسْراً. وابْتَزَّهُ ثيابَه: سَلبَهُ إِياها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدَةَ: إِنه سَيَكُونُ نبُوَّةٌ ورحمةٌ ثَمُّ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ يَكُونُ بِزِّيزَى وأَخْذ أَموال بِغَيْرِ حَقٍّ
؛ البِزِّيزَى، بِكَسْرِ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ الأُولى وَالْقَصْرِ: السَّلْبُ والتَّغَلُّبُ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بَزْبَزِيّاً. قَالَ الهَرَوِيُّ: عَرَضَتْهُ عَلَى الأَزهري فَقَالَ: هَذَا لَا شَيْءَ، قَالَ: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ إِن كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ مِنَ البَزْبَزة، الإِسراع فِي السَّيْرِ، يُرِيدُ بِهِ عَسْفَ الوُلاةِ وإِسراعَهم إِلى الظُّلْمِ، فَمِنَ الأَول الْحَدِيثُ
فَيَبْتَزُّ ثِيَابِي وَمَتَاعِي
أَي يُجَرِّدُني مِنْهَا وَيَغْلِبُنِي عَلَيْهَا، وَمِنَ الثَّانِي الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
مَنْ أَخرج ضَيْفَهُ «5» فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا بَزْبَزِيّاً فَيَرُدُّهَا.
قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَيُقَالُ: ابْتَزَّ الرجلُ جاريتَهُ مِنْ ثِيَابِهَا إِذا جَرَّدَها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
إِذا مَا الضَّجِيعُ ابْتَزَّها مِنْ ثِيَابِهَا ... تَميلُ عَلَيْهِ هَوْنَةً غيرَ مِتْفالِ
وَقَوْلُ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيِّ:
يَا قَوْمُ، مَا لِي وأَبا ذؤيبِ ... كنتُ إِذا أَتَوْتُهُ مِنْ غَيْبِ
يَشُمُّ عِطْفِي ويَبُزُّ ثَوْبي ... كأَنني أَرَبْتُهُ بِرَيبِ
__________
(5) . قوله [من أخرج ضيفه] كذا بالأصل والنهاية.(5/312)
أَي يَجْذِبُه إِليه. وَغُلَامٌ بُزْبُزٌ: خَفِيفٌ فِي السَّفَرِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. ابْنُ الأَعرابي: البُزْبُزُ الْغُلَامُ الخفيفُ الرُّوحِ. وبَزْبَزَ الرجلُ وعَبَّدَ إِذا انْهَزَمَ وفَرَّ. والبَزْبازُ والبُزابِزُ: السريعُ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ:
لَا تَحْسِبِنِّي، يَا أُمَيْمُ، عاجِزَا ... إِذا السِّفارُ طَحْطَحَ البَزابِزَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي، بِفَتْحِ الْبَاءِ عَلَى أَنه جَمْعُ بَزْبازٍ. والبَزْبَزَةُ: الشِّدَّة فِي السُّوقِ وَنَحْوَهُ، وَقِيلَ: كَثْرَةُ الْحَرَكَةِ وَالِاضْطِرَابِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
ثُمَّ اعْتَلاها قَزحاً وارْتَهَزَا ... وساقَها ثَمَّ سِياقاً بَزْبَزَا
والبَزْبَزَةُ: مُعَالَجَةُ الشَّيْءِ وإِصلاحه؛ يُقَالُ لِلشَّيْءِ الَّذِي أُجيد صَنْعَتُهُ: قَدْ بَزْبَزْتُه؛ وأَنشد:
وَمَا يَسْتَوِي هِلْباجَةٌ مُتَنَفِّخٌ ... وَذُو شُطَبٍ، قَدْ بَزْبَزَتْه البَزابِزُ
أَراد مَا يَسْتَوِي رَجُلٌ ثَقِيلٌ ضَخْمٌ كأَنه لَبَنٌ خَاثِرٌ وَرَجُلٌ خَفِيفٌ مَاضٍ فِي الأُمور كأَنه سَيْفٌ ذُو شَطْبٍ قَدْ سَوَّاهُ وَصَقَّلَهُ الصَّانِعُ. والبُزَابِزُ: الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ إِذا لَمْ يَكُنْ شُجَاعًا. وَرَجُلٌ بَزْبَزٌ وبُزَابِزٌ: لِلْقَوِيِّ الشَّدِيدِ مِنَ الرِّجَالِ وإِن لَمْ يَكُنْ شُجَاعًا. وَفِي حَدِيثٍ عَنِ الأَعْشَى: أَنه تَعَرَّى بإِزاءِ قَوْمٍ وسَمَّى فَرْجَه البَزْبازَ ورَجَزَ بِهِمْ، قَالَ:
إِيهاً خُثَيْمُ حَرِّك البَزْبازا ... إِنَّ لَنَا مجالِساً كِنازَا
أَبو عَمْرٍو: البَزْبازُ قَصَبَةٌ من حديد عَلَمُ فَم الكِيرِ يَنْفُخُ النارَ، وأَنشد الرَّجَزَ:
إِيهاً خُثَيْمُ حَرِّكِ الْبَزْبَازَا
وبَزْبَزُوا الرجلَ: تَعْتَعُوه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وبَزْبَزَ الشَّيْءَ: رَمَى بِهِ ولم يردّه.
بغز: البَغْزُ: الضَّرْبُ بالرِّجل أَو الْعَصَا. والباغِزُ: الْمُقِيمُ عَلَى الْفُجُورِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَحقُّه. والبَغْزُ: النَّشاطُ فِي الإِبل خَاصَّةً. والباغِزُ: مِثْلَ ذَلِكَ، اسْمٌ كالكاهِلِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
واسْتَحْمل السَّيْرَ مِنِّي عِرْمِساً أُجُداً ... تَخالُ باغِزَها باللَّيْلِ مَجْنُونا
قَالَ الأَزهري: جَعَلَ اللَّيْثُ البَغْزَ ضَرْباً بالرِّجْلِ وحَثّاً وكأَنه جَعَلَ الباغِزَ الراكبَ الَّذِي يَركُضُها بِرِجْلهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: بَغَزَتِ الناقةُ إِذا ضربتْ بِرِجْلِهَا الأَرضَ فِي سَيْرِهَا نَشَاطًا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي قَوْلِهِ تَخَالُ بَاغِزَهَا أَي نَشَاطَهَا. وَقَدْ بَغَزها باغِزُها أَي حَرّكها محرِّكها مِنَ النَّشَاطِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: رُبَّمَا رَكِبْتُ الناقَةَ الجوادَ فَبَغَزَها باغِزُها فَتَجْرِي شَوْطًا وَقَدْ تَقَحَّمَتْ بِي فَلأْياً مَا أَكُفُّها فَيُقَالُ لَهَا باغِزٌ مِنَ النشاط. والباغِزِيَّةُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الباغِزية ثِيَابٌ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري أَي جِنْسٍ هِيَ مِنَ الثياب.
بلأَز: بَلأَزَ الرجلُ: فَرَّ كَبَلأَصَ.
بلز: امرأَة بِلِزٌ وبِلِزٌّ: ضَخْمَةٌ مُكْتَنِزَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ امرأَة بِلِزٌ، عَلَى فِعِلٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ، أَي ضَخْمَةٌ. قَالَ ثَعْلَبٌ: لَمْ يأْت مِنَ الصِّفَاتِ عَلَى فِعِلٍ إِلَّا حَرْفَانِ: امرأَة بِلِزٌ وأَتان إِبِدٌ. وجَمَل بَلَنْزى: غَلِيظٌ شَدِيدٌ. أَبو عَمْرٍو: امرأَة بِلِزٌ خَفِيفَةٌ؛ قَالَ: والبِلِزُ الرَّجُلُ الْقَصِيرُ. الْفَرَّاءُ: مِنْ أَسماء الشَّيْطَانِ البَلأَزُ والجَلأَزُ والجانُ.(5/313)
بلنز: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: جَمَلٌ جَلَنْزَى وبَلَنْزَى إِذا كَانَ غليظاً شديداً.
بهز: بَهَزَهُ عَنِّي يَبْهَزُه بَهْزاً: دَفَعَهُ دَفْعًا عَنِيفًا ونَحَّاه، وبَهَزْتُه عَنِّي. والبَهْزُ: الضَّرْبُ وَالدَّفْعُ فِي الصَّدْرِ بِالرِّجْلِ وَالْيَدِ أَو بِكِلْتَا الْيَدَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُتِيَ بشاربٍ فَخُفِقَ بالنِّعالِ وبُهِزَ بالأَيْدِي
؛ البَهْزُ: الدَّفْعُ الْعَنِيفُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ البَهْزُ واللَّهْزُ. وَبَهَزَهُ ولَهَزَه إِذا دَفَعَهُ. والبَهْزُ: الضَّرْبُ بالمِرْفَقِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
دَعْني فَقَدْ يُقْرَعُ للأَضَرِّ ... صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه وبَهْزي
وَرَجُلٌ مِبْهَزٌ، مِفْعَلٌ: مِنْ ذَلِكَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
أَنا طَلِيقُ اللهِ وابنِ هُرْمُزِ ... أَنْقَذَني مِنْ صاحِبٍ مُشَرَّزِ
شَكْسٍ عَلَى الأَهْلِ مِتَلٍّ مِبْهَزِ ... إِن قَامَ نَحْوي بالعَصَا لَمْ يُحْجَزِ
مِثَلٍّ: يَصْرَعُه، وَرَوَاهُ ثَعْلَبٌ: مِثَلٍّ. يَثُلُّهُم: يُهْلِكُهُم. والمُشارَزَةُ: المُشارَّة بَيْنَ النَّاسِ. وبَهْزُ بْنُ حَكيم بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ القُشَيْرِيُّ صَحِبَ جَدُّهُ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. وبَهْزٌ: مِنْ أَسْمَاءِ الْعَرَبِ. وبَهْزٌ: حَيٌّ مَنْ بَنِي سُلَيْمٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كانتْ أَرِبَّتَهُمْ بَهْزٌ، وغَرَّهُمُ ... عَقْدُ الجِوَارِ، وَكَانُوا مَعْشراً غُدُرا
بهوز: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: البَهاوِيزُ مِنَ النُّوقِ وَالنَّخِيلِ الجِسَامُ الصَّفايا، الْوَاحِدَةُ بَهْوازَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: أَظنه تَصْحِيفًا، وَهِيَ البَهازِيرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَن البهازِرَ مِنَ النَّخْلِ والإِبل الْعِظَامُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
بوز: البَازُ: لُغَةٌ فِي الْبَازِي؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنه بازُ دَجْنٍ، فَوْقَ مَرْقَبَة ... جَلَّى القَطا وَسْطَ قاعٍ سَمْلَقٍ سَلَقِ
وَالْجَمْعُ أَبْوازٌ وبيزانٌ. وَجَمْعُ الْبَازِي بُزاةٌ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَهْمِزُ الْبَازَ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ مِمَّا هُمِزَ مِنَ الأَلفات الَّتِي لَا حَظَّ لَهَا فِي الْهَمْزِ كَقَوْلِ الْآخَرِ:
يَا دارَ سَلْمَى بدكادِيكِ البُرَقْ ... صَبْرًا، فَقَدْ هَيَّجْتِ شَوْقَ المشْتأَقْ
وبازَ يَبُوزُ إِذا زَالَ مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ آمِنًا. أَبو عَمْرٍو: البَوْزُ الزَّوَلانُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ.
بيز: بازَ عنه يَبيزُ بَيْزاً وبُيُوزاً: حادَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنها مَا حَجَرٌ مَكْزُوزُ ... لُزَّ إِلى آخِرِ مَا يَبيزُ
أَراد كأَنها حَجَرٌ، وَمَا زَائِدَةٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل التاء المثناة
تبرز: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: تِبْرِزُ موضع.
ترز: التَّارِزُ: الْيَابِسُ الَّذِي لَا رُوحَ فِيهِ. تَرِزَ تَرْزاً وتُرُوزاً. وتَرِزَ: ماتَ ويَبِسَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَكَبا كَمَا يَكْبُو فَنِيقٌ تارِزُ ... بالخَبْتِ، إِلَّا أَنه هُوَ أَبْرَعُ
وتَرَزَ الماءُ إِذا جَمَدَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِنْهُمْ مَنْ أَجاز تَرَزَ، بِالْفَتْحِ، إِذا هَلَكَ. وتَرَزَ اللحمُ: صَلُبَ. وكلُّ قَوِيٍّ صُلْب تارِزٌ. وأَتْرَزَتِ المرأَة عَجِينَهَا، وأَتْرَزَ العَدْوُ لحمَ الفَرسِ: أَيْبَسَه. ابْنُ سِيدَهْ: وأَتْرَزَ الجَرْيُ لَحْمَ الدَّابَّةِ: صَلَّبَهُ، وأَصله مِنَ التَّارِزِ اليابس الذي لَا رُوحَ فِيهِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسَ:(5/314)
بِعِجْلِزَةٍ قَدْ أَتْرَزَ الجَرْيُ لَحْمَها ... كُمَيْتٍ، كأَنها هِراوَةُ مِنْوالِ
ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ حَتَّى سَمَّوا الموتَ تارِزاً؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
كأَنَّ الَّذِي يَرْمي مِنَ الْمَوْتِ تارِزٌ
وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ التُّرازُ
؛ هُوَ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: مَوْتُ الفجأَة؛ وأَصله مِنْ تَرَزَ الشيءُ إِذا يَبِسَ، وسُمِّيَ المَيِّتُ تَارِزًا لأَنه يابِسٌ. وَفِي حَدِيثِ
الأَنصاري الَّذِي كَانَ يَسْتَقي لِيَهُودِيٍّ كلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ: وَاشْتَرَطَ أَن لَا يأْخذ تَمْرَةً تارِزَةً
أَي حَشَفَةً يابسةً.
ترمز: التُّرامِزُ مِنَ الإِبل: الَّذِي إِذا مَضَغَ رأَيتَ دِمَاغَهُ يَرْتَفِعُ ويَسْفُلُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ أَبو بَكْرٍ إِلى أَن التَّاءَ فِيهَا زَائِدَةٌ وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ لأَنها فِي مَوْضِعِ عَيْنِ عُذَافِرَ، فَهَذَا يَقْضِي بِكَوْنِهَا أَصلًا وَلَيْسَ مَعْنَى اشْتِقَاقٍ فَيُقْطَعُ بِزِيَادَتِهَا؛ أَنشد أَبو زَيْدٍ:
إِذا أَرَدْتَ طَلَبَ المَفاوِزِ ... فاعْمِدْ لكُلِّ بازِلٍ تُرامِزِ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: جَمَلٌ تُرامِزُ إِذا أَسَنَّ فَتَرَى هَامَتَهُ تَرَمَّزُ إِذا اعْتَلَفَ. وارْتَمَزَ رأْسُه إِذا تَحَرَّكَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
شُمُّ الذُّرَى مُرْتَمِزاتُ الهام
توز: التُّوزُ: الطَّبِيعَةُ والخُلُقُ كالتُّوسِ. والتُّوزُ: الأَصل. والأَتْوَزُ: الْكَرِيمُ الأَصل. والتُّوزُ أَيضاً: شَجَرٌ. وتُوزُ: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْكُوفَةِ؛ قَالَ:
بَيْنَ سَمِيراءَ وبَيْنَ تُوزِ
تيز: التَّيَّاز: الرَّجُلُ المُلَزَّزُ الْمَفَاصِلِ الَّذِي يَتَتَيَّزُ فِي مِشْيَتِه لأَنه يَتَقَلَّعُ مِنَ الأَرض تَقَلُّعاً؛ وأَنشد:
تَيَّازَةٌ فِي مَشْيِها قُناخِرَهْ
الْفَرَّاءُ: رَجُلٌ تَيَّازٌ كثيرُ العَضَلِ، وَهُوَ اللَّحْمُ. وتازَ يَتُوزُ تَوْزاً ويَتِيزُ تَيْزاً إِذا غَلُظَ؛ وأَنشد:
تُسَوَّى عَلَى غُسْنٍ فَتازَ خَصِيلُها
قَالَ: فَمَنْ جَعَلَ تازَ مِنْ يَتِيزُ جَعَلَ التَّيَّازَ فَعَّالًا، وَمَنْ جَعَلَهُ مِنْ يَتُوزُ جَعَلَهُ فَيْعالًا كالقَيَّام والدَّيَّار مِنْ قامَ ودَارَ. وَقَوْلُهُ تازَ خَصِيلُها أَي غَلُظَ. وتازَ السَّهْمُ فِي الرَّمِيَّةِ أَي اهتزَّ فِيهَا. وتَتَيَّزَ فِي مشْيَتِه: تَقَلَّعَ. والتَّيَّازُ مِنَ الرِّجَالِ: الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ المُلَزَّزُ الخَلْقِ الشديدُ العَضَلِ مَعَ كَثْرَةِ لَحْمٍ فِيهَا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ فِيهِ غِلَظٌ وَشِدَّةٌ: تَيَّازٌ؛ قَالَ القَطَامِيُّ يَصِفُ بَكْرَةً اقْتَضَبَهَا وَقَدْ أَحسن الْقِيَامَ عَلَيْهَا إِلى أَن قَوِيَتْ وسمِنت وَصَارَتْ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رُكُوبِهَا لقوَّتها وَعِزَّةِ نَفْسِهَا:
فَلَمَّا أَنْ جَرَى سِمَنٌ عَلَيْهَا ... كَمَا بَطَّنْتَ بالفَدَنِ السِّيَاعا
أَمَرْتُ بِهَا الرِّجالَ ليَأْخُذُوها ... وَنَحْنُ نظُنُّ أَن لَا تُسْتَطاعا
إِذا التَّيَّازُ ذُو العَضَلاتِ قُلْنَا ... إِليكَ إِليكَ ضاقَ بِهَا ذِراعا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَكَذَا أَنشده الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ إِليك إِليك وَفَسَّرَ فِي شِعْرِهِ أَن إِليك بِمَعْنَى خُذْهَا لِتَرْكَبَهَا وتَرُوضَها؛ قَالَ: وَهَذَا فِيهِ إِشكال لأَن سِيبَوَيْهِ وَجَمِيعَ الْبَصْرِيِّينَ ذَهَبُوا إِلى أَن إِليك بِمَعْنَى تَنَحَّ وأَنها غَيْرُ مُتَعَدِّيَةٍ إِلى مَفْعُولٍ، وَعَلَى مَا فَسَّرُوهُ فِي الْبَيْتِ يَقْضِي أَنها مُتَعَدِّيَةٌ لأَنهم جَعَلُوهَا بِمَعْنَى خُذْهَا؛ قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو(5/315)
عَمْرٍو الشَّيْبانِيُّ لَدَيْكَ لَدَيْكَ عِوَضًا مِنْ إِليك إِليك، قَالَ: وَهَذَا أَشبه بِكَلَامِ الْعَرَبِ وَقَوْلِ النَّحْوِيِّينَ لأَن لَدَيْكَ بِمَعْنَى عِنْدَكَ، وَعِنْدَكَ فِي الإِغراء تَكُونُ مُتَعَدِّيَةً، كَقَوْلِكَ عِنْدَكَ زَيْدًا أَي خُذْ زَيْدًا مِنْ عِنْدِكَ، وَقَدْ تَكُونُ أَيضاً غَيْرَ مُتَعَدِّيَةٍ بِمَعْنَى تَأَخَّرْ فَتَكُونُ خِلَافَ فَرْطَكَ الَّتِي بِمَعْنَى تَقَدَّمْ، فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ أَن تَقُولَ لَدَيْكَ زَيْدًا بِمَعْنَى خُذْهُ. وَقَوْلُهُ: ذُو الْعَضَلَاتِ أَي ذُو اللَّحَمَاتِ الْغَلِيظَةِ الشَّدِيدَةِ، وَكُلُّ لَحْمَةٍ غَلِيظَةٍ شَدِيدَةٍ فِي سَاقٍ أَو غَيْرِهِ فَهِيَ عَضَلَةٌ، وإِذا فِي الْبَيْتِ دَاخِلَةٌ عَلَى جُمْلَةٍ ابْتِدَائِيَّةٍ لأَن التَّيَّازَ مبتدأٌ، وَقُلْنَا خَبَرُهُ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ قُلْنَا لَهُ، وَضَاقَ بِهَا ذِرَاعًا جَوَابُ إِذا؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
وهَلَّا أَعَدُّوني لمِثْلي تَفاقَدُوا ... إِذا الخَصْمُ أَبْزَى مائِلُ الرأْسِ أَنكَبُ
وَقَوْلُهُ: كَمَا بطَّنت بِالْفَدَنِ السِّيَاعَا، قَالَ: الْفَدَنُ القَصْرُ، وَالسِّيَاعُ: الطِّينُ، قَالَ: وَهَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ، أَراد كَمَا يُطَيَّنُ بالسِّياعِ الفَدَنُ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ خُفَاف بنِ نُدْبَةَ:
كَنَواحِ رِيشِ حَمامَةٍ نَجْدِيَّةٍ ... ومَسَحْتُ باللِّثَتَيْنِ عَصْفَ الإِثْمِدِ
وَعَصْفُ الإِثمد: غُبَارُهُ. تَقْدِيرُهُ: وَمَسَحْتُ بِعَصْفِ الإِثمد اللِّثَتَيْنِ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ لِعُرْوَةَ بْنِ الْوَرْدِ:
فَدَيْتُ بنفْسِه نَفْسي وَمَالِي ... وَمَا آلُوكَ إِلا مَا أُطِيقُ
أَي فَدَيْتُ بِنَفْسِي وَمَالِي نَفْسَهُ، قَالَ: وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ؛ عَلَى الْقَلْبِ لأَنه قَدَّرَ فِي الْآيَةِ مَفْعُولًا مَحْذُوفًا تقديره وامسحوا برؤُوسكم الْمَاءَ، وَالتَّقْدِيرُ عِنْدَهُ وَامْسَحُوا بالماءِ رؤُوسكم فَيَكُونُ مَقْلُوبًا، وَلَا يَجْعَلُ الْبَاءَ زَائِدَةً كَمَا يَذْهَبُ إِليه الأَكثر.
فصل الجيم
جأز: الجَأْزُ، بِالتَّسْكِينِ: الغَصَصُ فِي الصَّدْرِ، وَقِيلَ: هُوَ الغَصَصُ بِالْمَاءِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَسْقِي العِدَى غَيْظاً طَوِيلَ الجأْزِ
أَي طَوِيلُ الغَصَصِ لأَنه ثَابِتٌ فِي حُلُوقِهِمْ. وجَئِزَ بِالْمَاءِ يَجْأَزُ جَأَزاً إِذا غَصَّ بِهِ، فَهُوَ جَئزٌ وجَئِيزٌ، عَلَى مَا يَطَّرِدُ عَلَيْهِ هَذَا النَّحْوُ في لغة قوم.
جبز: الجِبْزُ مِنَ الرِّجَالِ: الكَزُّ الْغَلِيظُ. والجِبْزُ، بِالْكَسْرِ: اللَّئِيمُ الْبَخِيلُ، وَقِيلَ: الضَّعِيفُ؛ وَقَدْ ذَكَرَهُ رُؤْبَةُ فِي قَصِيدَتِهِ الزَّائِيَّةِ:
وكُرَّزٍ يَمْشي بَطِينَ الكُرْزِ ... أَجْرَدَ، أَو جَعْدَ اليَدَيْنِ جِبْزِ
والجَبِيز: الخُبْزُ الْيَابِسُ. وَجَاءَ بِخَبْزَتِهِ جَبِيزاً أَي فَطِيراً. وأَكلت خُبْزًا جَبِيزاً أَي يَابِسًا قَفاراً. وجَبَزَ لَهُ مِنْ مَالِهِ جَبْزَةً: قَطَعَ لَهُ مِنْهُ قِطْعَةً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
جرز: جَرَزَ يَجْرُزُ جَرْزاً: أَكل أَكلًا وَحِيًّا. والجَرُوزُ: الأَكُولُ، وَقِيلَ: السَّرِيعُ الأَكل، وإِن كان قسا «6» ... وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الإِبل، والأُنثى جَرُوزٌ أَيضاً. وَقَدْ جَرُزَ جَرَازَةً. وَيُقَالُ: امرأَة جَرُوزٌ إِذا كَانَتْ أَكولًا. الأَصمعي: نَاقَةٌ جَرُوزٌ إِذا كانت أَكولًا تأْكل شَيْءٍ. وإِنسان جَرُوزٌ إِذا كَانَ أَكولًا. والجَرُوزُ: الَّذِي إِذا أَكل لَمْ يَتْرُكْ عَلَى الْمَائِدَةِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ المرأَة. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ: إِنها لجُرازُ الشَّجَرِ تأْكله وَتَكْسِرُهُ.
__________
(6) . كذا بالأصل مع بياض(5/316)
وأَرض مَجْرُوزَةٌ وجُرُزٌ وجُرْزٌ وجَزْرٌ: لَا تُنْبِتُ كأَنها تأْكل النَّبْتَ أَكلًا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي قَدْ أُكل نَبَاتُهَا، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ؛ قَالَ:
تُسَرُّ أَن تَلْقَى البِلادَ فِلًّا ... مَجْرُوزَةً نَفاسَةً وعلَّا
وَالْجَمْعُ أَجْرازٌ. وَرُبَّمَا قَالُوا: أَرض أَجْرازٌ. وجَرِزَتْ جَرَزاً وأَجْرَزَتْ: صَارَتْ جُرُزاً. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الجُرُزُ أَن تَكُونَ الأَرضُ لَا نَبَاتَ فِيهَا؛ يُقَالُ: قَدْ جُرِزَتِ الأَرضُ، فَهِيَ مَجْرُوزَةٌ، جَرَزَها الجَرادُ والشَّاءُ والإِبل وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ وَيُقَالُ: أَرض جُرُزٌ وأَرَضُونَ أَجْرازٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنا هُوَ يَسِيرُ إِذ أَتَى عَلَى أَرضٍ جُرُزٍ مُجْدِبَةٍ مِثْلِ الأَيّمِ الَّتِي لَا نَبَاتَ بِهَا.
وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ: وذَكَرَ الأَرضَ ثُمَّ قَالَ لَتُوجَدَنَّ جُرُزاً لَا يَبْقَى عَلَيْهَا مِنَ الْحَيَوَانِ أَحد. وسَنَةٌ جُرُزٌ إِذا كَانَتْ جَدْبَةً. والجُرُزُ: السَّنَةُ المُجْدِبَةُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ جَرَفَتْهُنَّ السِّنُون الأَجْرازْ
وَقَالَ أَبُو إِسحاق: يَجُوزُ الجَرْزُ والجَرَزُ كُلُّ ذَلِكَ قَدْ حُكِيَ. قَالَ: وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ الأَرض الجُرُزِ أَنها أَرض الْيَمَنِ، فَمَنْ قَالَ الجُرْزُ فَهُوَ تَخْفِيفُ الجُرُزِ، وَمَنْ قَالَ الجَرْزُ والجَرَزُ فَهُمَا لُغَتَانِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَرْزٌ مَصْدَرًا وُصِفَ بِهِ كأَنها أَرض ذَاتُ جَرْزٍ أَي ذَاتُ أَكل لِلنَّبَاتِ. وأَجْرَزَ القومُ: وَقَعُوا فِي أَرض جُرُز. الْجَوْهَرِيُّ: أَرض جُرُزٌ لَا نَبَاتَ بِهَا كأَنه انْقَطَعَ عَنْهَا أَو انْقَطَعَ عَنْهَا الْمَطَرُ، وَفِيهَا أَربع لُغَاتٍ: جُرْزٌ وجُرُزٌ مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ، وجَرْزٌ وجَرَزٌ مِثْلُ نَهْرٍ ونَهَرٍ، وَجَمْعُ الجُرْزِ جِرَزَةٌ مِثْلَ جُحْرٍ وجِحَرةٍ، وَجَمْعُ الجَرَزِ أَجْرازٌ مِثْلُ سَبَبٍ وأَسباب، تَقُولُ مِنْهُ: أَجْرَزَ القومُ كَمَا تَقُولُ أَيْبَسُوا، وأَجْرَزَ القومُ: أَمْحَلُوا. وأَرض جارِزَةٌ: يَابِسَةٌ غَلِيظَةٌ يَكْتَنِفُهَا رَمْلٌ أَو قَاعٌ، وَالْجَمْعُ جَوارِزُ، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي جَزَائِرِ الْبَحْرِ. وامرأَة جارِزٌ: عاقِر. والجَرَزَةُ: الهَلاكُ. وَيُقَالُ: رَمَاهُ اللَّهُ بِشَرَزَةٍ وجَرَزَةٍ، يُرِيدُ بِهِ الْهَلَاكَ. وأَجْرَزَتِ النَّاقَةُ، فَهِيَ مُجْرِزٌ إِذا هُزِلَتْ. والجُرْزُ: مِنَ السِّلَاحِ، وَالْجَمْعُ الجِرَزَةُ والجُرْزُ. والجُرُزُ: الْعَمُودُ مِنَ الْحَدِيدِ، مَعْرُوفٌ عَرَبِيٌّ، وَالْجَمْعُ أَجْرازٌ وجِرَزَةٌ، ثَلَاثَةُ جِرَزَة مِثْلِ جُحْر وجِحَرَةٍ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا تَقُلْ أَجْرِزَةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
والصَّقْعُ مِنْ خابِطَةٍ وجُرْزِ
وجَرَزَهُ يَجْرُزُه جَرْزاً: قَطَعَهُ. وَسَيْفٌ جُرازٌ، بِالضَّمِّ: قَاطِعٌ، وَكَذَلِكَ مُدْيَةٌ جُرازٌ كَمَا قَالُوا فِيهِمَا جَمِيعًا هُذامٌ. وَيُقَالُ: سَيْفٌ جُرازٌ إِذا كَانَ مستأْصلًا. والجُرازُ مِنَ السُّيُوفِ: الْمَاضِي النَّافِذُ. وَقَوْلُهُمْ: لَمْ تَرْضَ شانِئةٌ إِلا بِجَرْزَةٍ أَي أَنها مِنْ شِدَّةِ بَغْضائِها لَا تَرْضَى لِلَّذِينِ تُبْغِضُهم إِلا بِالِاسْتِئْصَالِ؛ وَقَوْلُهُ:
كُلُّ عَلَنْداةٍ جُرازٍ للشَّجَرْ
إِنما عَنَى بِهِ نَاقَةً شَبَّهَهَا بالجُرازِ مِنَ السُّيُوفِ أَي أَنها تَفْعَلُ فِي الشَّجَرِ فِعْلَ السُّيُوفِ فِيهَا. والجِرزُ، بِالْكَسْرِ: لِبَاسُ النِّسَاءِ مِنَ الوَبَرِ وَجُلُودِ الشَّاءِ، وَيُقَالُ: هُوَ الفَرْوُ الْغَلِيظُ، وَالْجَمْعُ جُرُوزٌ. والجُرْزَةُ: الحُزْمَةُ مِنَ القَتِّ وَنَحْوِهِ. وإِنه لَذُو جَرَزٍ أَي قوَّة وخُلُق شَدِيدٍ يَكُونُ لِلنَّاسِ والإِبل. وَقَوْلُهُمْ: إِنه لَذُو جَرَزٍ، بِالتَّحْرِيكِ، أَي غِلَظٍ؛(5/317)
وَقَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ حَيَّةً:
إِذا طَوَى أَجْرازَهُ أَثْلاثَا ... فَعادَ بَعْدَ طَرْقَةٍ ثَلاثَا
أَي عَادَ ثلاثَ طَرَقٍ بَعْد ما كَانَ طَرَقَةً وَاحِدَةً. وجَرَزُ الإِنسان: صدرُه، وَقِيلَ وسَطُه. ابْنُ الأَعرابي: الجَرَزُ لَحْمُ ظَهْرِ الْجَمَلِ، وَجَمْعُهُ أَجْرازٌ، وأَنشد لِلْعَجَّاجِ فِي صِفَةِ جَمَلٍ سَمِينٍ فَضَخَه الحِمْلُ:
وانْهَمَّ هامُومُ السَّدِيفِ الوارِي ... عَنْ جَرَزٍ مِنْهُ وجَوْزٍ عارِي
أَراد الْقَتْلَ كالسُّم الجُرازِ وَالسَّيْفِ الجُراز. والجَرَزُ: الجِسْمُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بَعْدَ اعتمادِ الجَرَزِ البَطِيشِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا حُكِيَ فِي تَفْسِيرِهِ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقُوَّةِ وَالصَّدْرِ. والجارِزُ مِنَ السُّعال: الشديدُ. وجَرَزَه يَجْرُزُه جَرْزاً: نَخَسَه؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُ الشَّمَّاخِ يَصِفُ حُمُرَ الْوَحْشِ:
يُحَشْرِجُها طَوْراً، وطَوْراً كأَنها ... لَهَا بالرُّغامَى والخَياشِيمِ جارِزُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ السُّعال وأَن يَكُونَ النَّخْسَ، وَاسْتَشْهَدَ الأَزهري بِهَذَا الْبَيْتِ عَلَى السُّعال خَاصَّةً، وَقَالَ: الرُّغَامَى زِيَادَةُ الْكَبِدِ، وأَراد بِهَا الرِّئَةَ وَمِنْهَا يَهِيجُ السُّعال، وأَورد ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتُ أَيضاً وَقَالَ: الضَّمِيرُ فِي يُحَشْرِجُهَا ضَمِيرُ الْعِيرِ وَالْهَاءُ الْمَفْعُولَةُ ضَمِيرُ الأُتن أَي يَصِيحُ بأُتنه تَارَةً حَشْرَجَةً، وَالْحَشْرَجَةُ: تَرَدُّدُ الصَّوْتِ فِي الصَّدْرِ، وَتَارَةً يَصِيحُ بِهِنَّ كأَن بِهِ جارِزاً وَهُوَ السُّعَالُ. والرُّغامَى: الأَنْفُ وَمَا حَوْلَهُ. القُتَيْبِيُّ: الجُرُزُ الرَّغِيبَةُ الَّتِي لَا تَنْشَفُ مَطَرًا كَثِيرًا. وَيُقَالُ: طَوَى فلانٌ أَجْرازَه إِذا تَرَاخَى. وأَجْرازٌ: جَمْعُ الجَرْزِ، والجَرْزُ: القَتْلُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى وَقَمْنا كَيْدَهُ بالرِّجْزِ ... والصَّقْعُ مِنْ قاذِفَةٍ وجَرْزِ
قَالَ: أَراد بالجَرْزِ القَتْلَ. وجَرَزَه بالشَّتْمِ: رَمَاهُ بِهِ. والتَّجارُزُ: يَكُونُ بِالْكَلَامِ وَالْفِعَالِ. والجَرازُ: نَبَاتٌ يَظْهَرُ مِثْلَ القَرْعَةِ بِلَا وَرَقٍ يَعْظُمُ حَتَّى يَكُونَ كأَنه النَّاسُ القُعُودُ فإِذا عَظُمَتْ دقت رؤُوسها ونَوَّرَتْ نَوْراً كَنَوْرِ الدِّفْلَى حَسَناً تَبْهَجُ مِنْهُ الْجِبَالُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ مَرْعًى وَلَا مأْكل؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
جربز: جَرْبَزَ الرجلُ: ذَهَبَ أَو انقبضَ. والجُرْبُزُ: الخِبُّ مِنَ الرِّجَالِ، وَهُوَ دَخِيلٌ. وَرَجُلٌ جُرْبُزٌ، بِالضَّمِّ: بَيِّنُ الجَرْبَزَةِ، بِالْفَتْحِ، أَي خِبّ، [خَبّ] قَالَ: وَهُوَ القُرْبُزُ أَيضاً وَهُمَا مُعَرَّبانِ «7»
جَرْمَزَ: جَرْمَزَ واجْرَمَّزَ: انْقَبَض وَاجْتَمَعَ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ. والمُجْرَنْمِزُ: المُجْتَمِعُ. قَالَ الأَزهري: وإِذا أَدغمت النُّونُ فِي الْمِيمِ قُلْتَ مُجْرَمِّزٌ. وجَرْمَزَ الشيءُ واجْرَنْمَزَ أَي اجْتَمَعَ إِلى نَاحِيَةٍ. والجَرْمَزَةُ: الِانْقِبَاضُ عَنِ الشَّيْءِ. قَالَ: وَيُقَالُ ضَمَّ فلانٌ إِليه جَرامِيزَهُ إِذا رَفَعَ مَا انْتَشَرَ مِنْ ثِيَابِهِ ثُمَّ مَضَى. وجَرامِيزُ الوَحْشِيِّ: قَوَائِمُهُ وجَسَدُه؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ حِمَارًا:
وأَسْحَمَ حامٍ جَرامِيزَهُ ... حَزابِيَةٍ حَيَدَى بالدِّحالِ
وإِذا قلتَ للثّوْرِ: ضَمَّ جَرامِيزَه، فَهِيَ قوائمه، والفعل
__________
(7) . قوله [وهما معربان] أي عن كربز، بالكاف الفارسية كما في القاموس وشرحه.(5/318)
مِنْهُ اجْرَمَّزَ إِذا انْقَبَضَ فِي الكِناسِ؛ وأَنشد:
مُجْرَمِّزٌ كضَجْعَةِ المأْسُورِ
وَرَمَاهُ بِجَرامِيزِه أَي بِنَفْسِهِ. أَبو زَيْدٍ: رَمَى فلانٌ الأَرض بِجَرامِيزِه وأَرْواقِهِ إِذا رَمى بنفْسه. وجَرامِيزُ الرَّجُلِ أَيضاً: جَسَدُه وأَعضاؤه. وَيُقَالُ: جَمَعَ جَرامِيزَه إِذا تَقَبَّضَ لِيَثِبَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه كَانَ يَجْمَعُ جَرامِيزَه ويَثِبُ عَلَى الْفَرَسِ
، قِيلَ: هِيَ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ، وَقِيلَ: هِيَ جُمْلَةُ الْبَدَنِ. وتَجَرْمَزَ إِذا اجْتَمَعَ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا بُعِثَ إِلى ذِي الْحَاجِبَيْنِ قَالَ: قلتُ فِي نَفْسِي لَوْ جمعتَ جَرامِيزَكَ ووَثَبْتَ فَقَعَدْتَ مَعَ العِلْج.
وَفِي حَدِيثِ
عِيسَى بْنِ عُمَرَ: أَقْبَلْتُ مُجْرَمِّزاً حَتَّى اقْعَنْبَيْتُ بَيْنَ يَدَي الحَسَنِ
أَي تَجَمَّعْتُ وانْقَبَضْتُ؛ والاقْعِنْباءُ: الجلوسُ. وأَخَذَ الشيءَ بِجَرامِيزِه وحَذافِيرِه أَي بِجَمِيعِهِ. وَيُقَالُ: جَمَعَ فلانٌ لِفُلَانٍ جَرامِيزَه إِذا اسْتَعَدَّ لَهُ وَعَزَمَ عَلَى قَصْدِهِ. وتَجَرْمَزَ إِذا ذَهَبَ. وتَجَرْمَزَ الليلُ: ذَهَبَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَمَّا رأَيتُ الليلَ قَدْ تَجَرْمَزَا ... وَلَمْ أَجِدْ عَمَّا أَمامي مَأْرِزَا
وجَرْمَزَ الرجلُ: نَكَصَ، وَقِيلَ أَخطأَ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبيِّ وَقَدْ بَلَغَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ فُتْيا فِي طَلَاقٍ فَقَالَ: جَرْمَزَ مَوْلى ابنِ عَبَّاسٍ
أَي نَكَصَ عَنِ الْجَوَابِ وفَرَّ مِنْهُ وَانْقَبَضَ عَنْهُ. وتَجَرْمَزَ واجْرَمَّزَ: ذَهَبَ. وتَجَرْمَزَ عَلَيْهِمْ: سَقَطَ. أَبو دَاوُدَ عَنِ النَّضْرِ قَالَ: قَالَ المُنْتَجِعُ يُعْجِبُهُم كلُّ عامٍ مُجْرَمِّزِ الأَوّلِ أَي لَيْسَ فِي أَوّله مَطَرٌ. والجُرْمُوزُ: حوضٌ، قِيلَ: هُوَ الْحَوْضُ الصَّغِيرُ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيُّ:
كأَنها، والعَهْد مُذْ أَقْياظِ ... أُسُّ جَرامِيزَ عَلَى وِجاذِ
قَالَ: وَالضَّمِيرُ فِي كأَنها يَعُودُ عَلَى أَثافيَّ ذَكَرَهَا قَبْلَ الْبَيْتِ وَهِيَ حِجَارَةُ القِدْرِ، شَبَّهَهَا بأُسِّ أَحْواضٍ عَلَى وِجاذٍ، وَهِيَ جَمْعُ وَجْذٍ لنُقْرَةٍ فِي الْجَبَلِ تُمْسِكُ الْمَاءَ. وَقَوْلُهُ: وَالْعَهْدُ مُذْ أَقياظ أَي فِي وَقْتِ القَيْظ فَلَيْسَ فِي الوِجاذِ وَلَا الأَحواض مَاءٌ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ونَشَّتْ جَرامِيزُ اللِّوَى والمَصانِع
اللَّيْثُ: الجُرمُوزُ حَوْضٌ مُتَّخَذٌ فِي قَاعٍ أَوْ روضةٍ مُرْتَفِع الأَعْضادِ فَيَسِيلُ مِنْهُ الْمَاءُ ثُمَّ يَفْرُغُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الجُرْمُوزُ الْبَيْتُ الصَّغِيرُ. وَبَنُو جُرْمُوزٍ: بَطْنٌ. وَابْنُ جُرْمُوزٍ: قاتلُ الزُّبَيْرِ، رحمه الله.
جَزَزَ: الجَزَزُ: الصُّوفُ لَمْ يستعمل بعد ما جُزَّ، تَقُولُ: صُوفٌ جَزَزٌ. وجَزَّ الصوفَ وَالشَّعْرَ وَالنَّخْلَ وَالْحَشِيشَ يَجُزُّهُ جَزّاً وجِزَّةً حَسَنَةً؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، فَهُوَ مَجْزُوزٌ وجَزِيزٌ، واجْتَزَّه: قَطَعَهُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ وَالْكِسَائِيُّ لِيَزِيدَ بْنِ الطَّثَرِيَّةِ:
وقلتُ لصاحِبي: لَا تَحْبِسَنَّا ... بنَزْعِ أُصُولِهِ، واجْتَزَّ شِيحَا
وَيُرْوَى: واجْدَزَّ، وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَن البيت ليزيد ابن الطَّثَرَيَّةَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَلَمْ يَنْسُبْهُ لأَحد بَلْ قَالَ: وأَنشد ثَعْلَبٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ هُوَ لِيَزِيدَ وإِنما هُوَ لمُضَرِّسِ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَسَدِي؛ وَقَبْلَهُ:
وفِتْيانٍ شَوَيْتُ لَهُمْ شِواءً ... سَرِيعَ الشَّيِّ، كُنْتُ بِهِ نَجِيحا(5/319)
فَطِرْتُ بِمُنْصُلٍ فِي يَعْمَلاتٍ ... دَوامي الأَيْدِ يَخْبِطْنَ السَّرِيحا
وَقُلْتُ لِصَاحِبِي: لَا تحبسنَّا ... بِنَزْعِ أُصوله، واجتزَّ شِيحًا
قَالَ: وَالْبَيْتُ كَذَا فِي شِعْرِهِ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ يَعُودُ عَلَى الشَّيْءِ. والنَّجِيحُ: المُنْجِحُ فِي عَمَلِهِ. وَالْمُنَصَّلُ: السَّيْفُ. وَالْيَعْمَلَاتُ: النُّوقُ. وَالدَّوَامِي: الَّتِي قَدْ دَمِيَتْ أَيديها مِنْ شِدَّةِ السَّيْرِ. وَالسَّرِيحُ: خِرَقٌ أَو جُلُودٌ تُشَدُّ عَلَى أَخفافها إِذا دَمِيَتْ. وَقَوْلُهُ لَا تَحْبِسَنَّا بِنَزْعِ أُصوله، يَقُولُ: لَا تَحْبِسَنَّا عَنْ شَيِّ اللَّحْمِ بأَن تَقْلَعَ أُصول الشَّجَرِ بَلْ خُذْ مَا تَيَسَّرَ مِنْ قُضْبانِهِ وَعِيدَانِهِ وأَسْرِع لَنَا فِي شَيِّه، وَيُرْوَى: لَا تَحْبِسانا، وَقَالَ فِي مَعْنَاهُ: إِن الْعَرَبَ رُبَّمَا خَاطَبَتِ الْوَاحِدَ بِلَفْظِ الِاثْنَيْنِ، كَمَا قَالَ سُوَيْدُ بْنُ كُراعٍ العُكْلِيُّ وَكَانَ سُوَيْدٌ هَذَا هَجَا بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَارِمٍ فاسْتَعْدَوْا عَلَيْهِ سعيدَ بْنَ عُثْمَانَ فأَراد ضَرْبَهُ فَقَالَ سُوَيْدٌ قَصِيدَةً أَوّلها:
تَقُولُ ابْنَةُ العَوْفيّ لَيْلى: أَلا تَرى ... إِلى ابْنِ كُراعٍ لَا يَزالُ مُفَزَّعا؟
مَخافَةُ هَذَيْنِ الأَمِيرَيْنِ سَهَّدَتْ ... رُقادِي، وغَشَّتْني بَياضاً مُقَزَّعا
فإِن أَنتما أَحْكَمْتُمانيَ، فازْجُرَا ... أَراهِطَ تُؤْذِيني مِنَ الناسِ رُضَّعا
وإِن تَزْجُراني يَا ابنَ عفَّانَ أَنْزَجِرْ ... وإِن تَدَعاني أَحْمِ عِرْضاً مُمَنَّعَا
قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنه خَاطَبَ اثْنَيْنِ سَعِيدَ بْنَ عُثْمَانَ وَمَنْ يَنُوبُ عَنْهُ أَو يَحْضُر مَعَهُ. وَقَوْلُهُ: فإِن أَنتما أَحكمتماني دَلِيلٌ أَيضاً عَلَى أَنه يُخَاطِبُ اثْنَيْنِ. وَقَوْلُهُ أَحكمتماني أَي مَنَعْتُمَانِي مِنْ هِجَائِهِ، وأَصله مِنْ أَحْكَمْتُ الدَّابَّةَ إِذا جعلتَ فِيهَا حَكَمَةَ اللِّجَامِ؛ وَقَوْلُهُ:
وإِن تَدَعَانِي أَحم عِرضاً ممنَّعا
أَي إِن تَرَكْتُمَانِي حَمَيْتُ عِرْضِي مِمَّنْ يُؤْذِينِي، وإِن زَجَرْتُمَانِي انْزَجَرْتُ وَصَبَرْتُ. والرُّضَّعُ: جَمْعُ رَاضِعٍ، وَهُوَ اللَّئِيمُ، وَخَصَّ ابْنُ دُرَيْدٍ بِهِ الصُّوف؛ والجَزَزُ والجُزَازُ والجُزَازَةُ والجِزَّةُ: مَا جُزَّ مِنْهُ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: الجِزَّةُ صُوفُ نَعْجَةٍ أَو كَبْشٍ إِذا جُزَّ فَلَمْ يُخَالِطْهُ غَيْرُهُ، وَالْجَمْعُ جِزَزٌ وجَزائِزُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهَذَا كَمَا قَالُوا ضَرَّةٌ وضَرائِرُ، وَلَا تَحْتَفِلْ بِاخْتِلَافِ الْحَرَكَتَيْنِ. وَيُقَالُ: هَذِهِ جِزَّةُ هَذِهِ الشَّاةِ أَي صُوفُها المجزوزُ عَنْهَا. وَيُقَالُ: قَدْ جَزَزْتُ الكَبْشَ والنعجةَ، وَيُقَالُ فِي العَنْزِ والتَّيْسِ: حَلَقْتُهما وَلَا يُقَالُ جَزَزْتُهما. والجِزَّةُ: صوفُ شاةٍ فِي السَّنَةِ. يُقَالُ: أَقْرِضْني جِزَّةً أَو جِزَّتَيْنِ فَتُعْطِيَهُ صوفَ شَاةٍ أَو شَاتَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
حَمَّادٍ فِي الصَّوْمِ: وإِن دَخَلَ حَلْقَك جِزَّةٌ فَلَا تَضُرُّكَ
؛ الجِزة، بِالْكَسْرِ: مَا يُجَزُّ مِنْ صُوفِ الشَّاةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يستعمل بعد ما جُزَّ،؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قَتَادَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي الْيَتِيمِ: تَكُونُ لَهُ مَاشِيَةٌ يَقُومُ وَلَيُّهُ عَلَى إِصلاحها ويُصِيبُ مِنْ جِزَزها ورِسْلِها.
وجُزازَةُ كُلِّ شَيْءٍ: مَا جُزَّ مِنْهُ. والجَزُوزُ، بِغَيْرِ هَاءٍ: الَّذِي يُجَزُّ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والمِجَزُّ: مَا يُجَزُّ بِهِ. والجَزُوزُ والجَزُوزَةُ مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي يُجَزُّ صُوفُهَا؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَا كَانَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ اسْمًا فإِنه لَا يُقَالُ إِلا بِالْهَاءِ كالقَتُوبَةِ والرَّكُوبَةِ والحَلُوبَةِ والعَلُوفَةِ، أَي هِيَ مِمَّا يُجَزُّ، وأَما اللِّحْيَانِيُّ فَقَالَ: إِن هَذَا الضَّرْبَ مِنَ الأَسماء يُقَالُ بِالْهَاءِ وَبِغَيْرِ الْهَاءِ، قَالَ: وجَمْع ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى فُعُلٍ وفَعائِلَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن فُعُلًا إِنما هُوَ لِمَا كَانَ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ بِغَيْرِ هَاءٍ كَرَكُوبٍ(5/320)
ورُكُبٍ، وأَن فَعَائِلَ إِنما هُوَ لِمَا كَانَ بِالْهَاءِ كَرَكوبة وَرَكَائِبَ. وأَجَزَّ الرجلَ: جَعَلَ لَهُ جِزَّةَ الشاةِ. وأَجَزَّ القومُ: حَانَ جِزَازُ غَنَمِهِمْ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الضَّخْمِ اللِّحْيَةِ: كأَنه عاضٌّ عَلَى جِزَّةٍ أَي عَلَى صُوفِ شَاةٍ جُزَّتْ. والجَزُّ: جَزُّ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ وَالْحَشِيشِ وَنَحْوِهِ. وجَزَّ النَّخْلَةَ يَجُزُّها جَزّاً وجِزازاً وجَزازاً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: صَرَمها. وجَزَّ النخلُ وأَجَزَّ: حانَ أَن يُجَزَّ أَي يُقْطع ثَمَرُهُ ويُصْرم؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَنْتُمُ نَخْلٌ نُطِيفُ بِهِ ... فإِذا مَا جَزَّ نَجْتَرِمُهْ
وَيُرْوَى: فإِذا أَجَزَّ. وجَزَّ الزرعُ وأَجَزَّ: حَانَ أَن يُزْرَعَ. والجِزازُ والجَزازُ: وَقْتُ الجَزّ. والجِزازُ: حِينَ تُجَزُّ الْغَنَمُ. والجِزازُ والجَزازُ أَيضاً: الحَصاد. اللَّيْثُ: الْجِزَازُ كالحَصاد وَاقِعٌ عَلَى الحِينِ والأَوانِ. يُقَالُ: أَجَزَّ النخلُ وأَحْصَد البرُّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جَاءَنَا وَقْتُ الجِزاز والجَزاز أَي زَمَنُ الحَصاد وصِرامِ النَّخْلِ. وأَجَزَّ النخلُ وَالْبُرُّ وَالْغَنَمُ أَي حانَ لَهَا أَن تُجَزّ. وأَجَزَّ القومُ إِذا أَجَزَّت غَنَمُهُمْ أَو زَرْعُهُمْ. واسْتَجَزَّ البرُّ أَي اسْتَحْصَد. واجْتَزَزْتُ الشِّيحَ وغيرَه واجْدَزَزْتُه إِذا جَزَزْتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَا إِلى جِزازِ النَّخْلِ
؛ هَكَذَا وَرَدَ بِزَايَيْنِ، يُرِيدُ بِهِ قَطْعَ التَّمْرِ، وأَصله مِنَ الجَزّ وَهُوَ قَصُّ الشَّعْرِ وَالصُّوفِ، وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَاتِ بِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ. وجِزَازُ الزَّرْعِ: عَصْفُه. وجُزازُ الأَديم: مَا فَضَل مِنْهُ وَسَقَطَ مِنْهُ إِذا قُطِع، وَاحِدَتُهُ جُزازَةٌ. وجَزَّ التمرُ يَجِزّ، بِالْكَسْرِ، جُزُوزاً: يَبِسَ، وأَجَزَّ مِثْلُهُ. وَتَمْرٌ فِيهِ جُزُوز أَي يُبْس. وخَرَزُ الجَزِيز: شَبِيهٌ بالجَزْعِ، وَقِيلَ: هُوَ عِهْن كَانَ يُتَّخَذُ مَكَانَ الخَلاخِيل. وَعَلَيْهِ جَزَّة مِنْ مَالٍ: كَقَوْلِكَ ضَرَّة مِنْ مَالٍ. وجَزَّةُ: اسْمُ أَرض يَخْرُجُ مِنْهَا الدَّجَّال. والجِزْجِزَةُ: خُصْلة مِنْ صُوفٍ تُشَدُّ بِخُيُوطٍ يُزَيَّنُ بِهَا الهَوْدج. والجَزاجِزُ: خُصَل العِهْن والصوفِ الْمَصْبُوغَةِ تُعَلَّقُ عَلَى هَوَادِجِ الظَّعَائِنِ يَوْمَ الظَّعْنِ، وَهِيَ الثُّكَن والجَزائِزُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
هوادِجُ مَشْدُودٌ عَلَيْهَا الجَزائِزُ
وَقِيلَ: الجَزِيزُ ضَرْبٌ مِنَ الخَرَزِ تُزَيَّنُ بِهِ جَوَارِي الأَعراب؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ نِسَاءً شَمَّرن عَنْ أَسْؤُقِهِنَّ حَتَّى بَدَتْ خَلاخِيلُهُن:
خَرَزُ الجَزِيزِ مِنَ الخِدَامِ خَوارِجٌ ... مِنْ فَرْجِ كُلِّ وَصِيلَةٍ وإِزارِ
الْجَوْهَرِيُّ: الجَزِيزَة خُصْلة مِنْ صُوفٍ، وَكَذَلِكَ الجِزْجِزَة، وَهِيَ عِهْنة تُعَلَّقُ عَلَى الهَوْدج؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كالقَرِّ ناسَتْ فَوْقَه الجَزاجِزُ
والجَزاجِز: المَذاكير؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومُرْقَصَةٍ كَفَفْتُ الخَيْل عَنْهَا ... وَقَدْ هَمَّتْ بإِلْقاءِ الزِّمام
فَقُلْتُ لَهَا: ارْفَعِي مِنْهُ وسِيرِي ... وَقَدْ لَحِقَ الجَزاجِزُ بالحِزامِ
قَالَ ثَعْلَبٌ: أَي قُلْتُ لَهَا سِيرِي وَلَا تُلْقي بِيَدِكِ وَكُونِي آمِنَةً، وَقَدْ كَانَ لَحِقَ الحزامُ بِثِيلِ الْبَعِيرِ مِنْ شِدَّةِ سَيْرِهَا، هَكَذَا رُوِيَ عَنْهُ، والأَجود أَن يَقُولَ: وَقَدْ كَانَ لَحِقَ ثِيلُ الْبَعِيرِ بِالْحِزَامِ عَلَى موضوع الْبَيْتِ، وإِلا فَثَعْلَبٌ إِنما فَسَّرَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لأَن الْحِزَامَ هُوَ الَّذِي يَنْتَقِلُ فَيَلْحَقُ بالثِّيلِ، فأَما الثِّيلُ فَمُلَازِمٌ لِمَكَانِهِ لَا يَنْتَقِلُ.(5/321)
جَعِزَ: الجَعْز والجَأْز: الغَصَص، كأَنه أُبدل مِنَ الْهَمْزِ عَيْنًا. جَعِزَ جَعَزاً كجَئِزَ: غَصَّ.
جَفَزَ: الجَفْز: سُرْعَةُ الْمَشْيِ؛ يَمَانِيَّةٌ حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا صحتها.
جَلَزَ: الجَلْز: الطَّيُّ وَاللَّيُّ. جَلَزْتُه أَجْلِزُه جَلْزاً. وَكُلُّ عِقْدٍ عَقَدْتَهُ حَتَّى يَستدير، فَقَدْ جَلَزْتَه. والجَلْزُ والجِلازُ: العَقَب الْمَشْدُودُ فِي طَرَفِ السَّوْطِ. الأَصْبَحيّ: والجَلْز شِدَّةُ عَصْب العَقَب. وكلُّ شَيْءٍ يُلْوَى عَلَى شَيْءٍ، فَفِعْله الجَلْز، وَاسْمُهُ الجِلاز. وجلائِزُ الْقَوْسِ: عَقَب تُلْوَى عَلَيْهَا فِي مَوَاضِعَ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا جِلازَة، والجِلاز أَعم، أَلا تَرَى أَن العِصابة اسْمُ الَّتِي للرأْس خَاصَّةً؟ وكلُّ شَيْءٍ يُعْصَبُ بِهِ شَيْءٌ، فَهُوَ العِصابُ، وإِذا كَانَ الرَّجُلُ مَعْصوب الخَلْق وَاللَّحْمِ قُلْتَ: إِنه لَمَجْلُوز اللحمِ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ: نَاقَةٌ جَلْسٌ، السِّينُ بَدَلٌ مِنَ الزَّايِ، وَهِيَ الْوَثِيقَةُ الخَلْق. وجَلَزَ السكينَ وَالسَّوْطَ يَجْلِزُه جَلْزاً: حَزَم مَقْبِضه وشدَّه بِعِلْباءِ الْبَعِيرِ؛ وَكَذَلِكَ التَّجْلِيز، وَاسْمُ ذَلِكَ العِلْباء: الجِلاز، بِالْكَسْرِ. وَالْجَلَائِزُ: عَقَبات تُلْوَى عَلَى كُلِّ مَوْضِعٍ مِنَ الْقَوْسِ، وَاحِدُهَا جِلاز وجِلازَة؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
مُدِلّ بِزُرْقٍ، لَا يُداوَى رَمِيُّها ... وصَفْراءَ مِنْ نَبْعٍ، عَلَيْهَا الجَلائِزُ
وَلَا تَكُونُ الجَلائز إِلا مِنْ غَيْرِ عَيْبٍ. وجَلَز رأْسه بِرِدائِه جَلْزاً: عَصَبه؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
يَحُثّ الحُداةَ جالِزاً بِرِدائِه
أَراد: جَالِزًا رأْسه بِرِدَائِهِ. وجَلْزُ السِّنان: الْحَلْقَةُ الْمُسْتَدِيرَةُ فِي أَسفله، وَقِيلَ: جَلْزه أَعلاه، وَقِيلَ: مُعْظمه. وَيُقَالُ لأَغْلَظ السِّنَانِ: جَلْز، والجَلْز والجَلِيز والتَّجْلِيز: الذَّهَابُ فِي الأَرض والإِسراع؛ قَالَ:
ثُمَّ مَضى فِي إِثْرِها وجَلَّزا
وَقَدْ جَلَّز فَذَهَبَ. وقَرْضٌ مَجْلُوز: يُجْزى بِهِ مَرَّةً وَلَا يُجْزَى بِهِ أُخرى، وَهُوَ مِنَ الذَّهَابِ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
هَلْ أَجْزِيَنَّكما يَوْمًا بقَرْضِكما؟ ... والقَرْض بالقَرْضِ مَجْزيٌّ ومَجْلُوز
والجِلَّوْزُ: الْبُنْدُقُ؛ عَرَبِيٌّ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ: التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ شَكَرَ: والجِلَّوْز نَبْتٌ لَهُ حَبٌّ إِلى الطُّول مَا هُوَ وَيُؤْكَلُ مُخُّه شِبْه الْفُسْتُقِ. والجِلَّوْز: الضخم الشجاع. وَقَالَ النَّضْرُ: جَلَزَ شَيْئًا إِلى شَيْءٍ أَي ضَمَّه إِليه؛ وأَنشد:
قَضَيْت حُوَيْجَةً وجَلَزْتُ أُخْرى ... كَمَا جَلَزَ الفُشاغُ عَلَى الغُصُونِ
وَقَدْ سَمَّتْ جالِزاً ومِجْلَزاً وكَنَّت بأَبي مِجْلَز، وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَقُولُ أَبو مَجْلِزِ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ أَبو مِجْلز، قَالَ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُ مَجْلِز وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ جَلْز السَّوْطِ وَهُوَ مَقْبِضه عِنْدَ قَبِيعته. وَتَقُولُ: هَذَا أَبو مِجْلَز قَدْ جَاءَ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ أَيضاً مِنْ جَلْز السِّنَانِ وَهُوَ أَغلظه. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِني أُحب أَن أَتَجَمَّل بِجِلازِ سَوْطي
؛ الجِلاز: السَّيْرُ الَّذِي يُشَدُّ فِي طَرَفِ السَّوْطِ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ جِلان، بِالنُّونِ، وَهُوَ غَلَطٌ. والجِلْواز: الثُّؤْرُور، وَقِيلَ: هُوَ الشُّرَطِيّ، وجَلْوَزَتُه: خِفَّته بَيْنَ يَدَيِ الْعَامِلِ فِي ذَهَابِهِ وَمَجِيئِهِ، وَالْجَمْعُ الجَلاوِزَة.(5/322)
وجَمَلٌ جَلَنْزى: غَلِيظٌ شَدِيدٌ. الْفَرَّاءُ: الجِلْئِزُ مِنَ النِّسَاءِ الْقَصِيرَةُ؛ وأَنشد أَبو ثَرْوَانَ:
فَوْقَ الطَّوِيلة وَالْقَصِيرَةِ شَبْرُها ... لَا جِلْئِزٌ كُنُدٌ وَلَا قَيْدُود
قَالَ: هِيَ الفِنْئِلُ أَيضاً، وَيُقَالُ فِي نَزْعِ الْقَوْسِ إِذا أَغْرَق فِيهِ حَتَّى بَلَغ النَّصْل؛ قَالَ عَدِيٌّ:
أَبْلِغْ أَبا قابُوس، إِذ جَلَّزَ النَّزْعَ ... وَلَمْ يُؤْخَذْ لِخَطِّي يَسَرْ
جَلْبَزَ: ابْنُ دُرَيْدٍ: جَلْبَزٌ وجُلابِز صلب شديد.
جَلْحَزَ: رَجُلٌ جَلْحَزٌ وجِلْحاز: ضيِّق بَخِيلٌ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا الْحَرْفُ فِي كِتَابِ الْجَمْهَرَةِ لِابْنِ دُرَيْدٍ مَعَ حروف غيره لَمْ أَجد أَكثرها لأَحد مِنَ الثِّقَاتِ وَيَجِبُ الْفَحْصُ عَنْهَا، فَمَا وُجِدَ لإِمام مَوْثُوقٍ بِهِ أُلحق بِالرُّبَاعِيِّ وإِلا فَلْيُحْذَرْ منها.
جَلْفَزَ: الجَلْفَزُ والجُلافِزُ: الصُّلْبُ. وَنَاقَةٌ جَلْفَزِيزٌ: صُلْبَةٌ غَلِيظَةٌ، مِنْ ذَلِكَ. والجَلْفَزِيزُ: الْعَجُوزُ المُتَشَنّجة وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ عَمُول. ونابٌ جَلْفَزِيز: هَرِمَة عَمُول حَمُول، وَقِيلَ: الجَلْفَزِيز مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي أَسَنَّتْ وَفِيهَا بَقِيَّةٌ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ يَصِفُ امرأَة أَسَنَّتْ وَهِيَ مَعَ سِنِّها ضَعِيفَةُ الْعَقْلِ:
السِّنُّ مِنْ جَلْفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خَلَقٍ ... والحِلْمُ حِلْم صَبيٍّ يَمْرُثُ الوَدَعَه
وَيُقَالُ: دَاهِيَةٌ جَلْفَزِيز؛ وَقَالَ:
إِني أَرى سَوْداءَ جَلْفَزِيزَا
وَيُقَالُ: جَعَلَهَا اللَّهُ الجَلْفَزِيزَ إِذا صَرَم أَمره وَقَطَعَهُ. والجَلْفَزِيز: الثَّقِيلُ؛ عَنِ السيرافي.
جَلَنْزَ: ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ جَمَلٌ جَلَنْزَى وبَلَنْزى إِذا كان غليظاً شديداً.
جَلْهَزَ: الجَلْهَزَة: إِغضاؤك عَنِ الشَّيْءِ وكَتْمك لَهُ وأَنت عالم به.
جمز: جَمَزَ الإِنسانُ والبعيرُ والدابةُ يَجْمِزُ جَمْزاً وجَمَزَى: وَهُوَ عَدْوٌ دُونَ الحُضْر الشَّدِيدِ وَفَوْقَ العَنَق، وَهُوَ الجَمْز، وَبَعِيرٌ جَمَّاز مِنْهُ. والجَمَّاز: الْبَعِيرُ الَّذِي يَرْكَبُهُ المُجَمِّزُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَنا النَّجاشِيّ عَلَى جَمَّاز ... حادَ ابنُ حَسَّان عَنِ ارْتِجازي
وَحِمَارٌ جَمَزَى: وَثَّاب سَرِيعٌ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
كأَني ورَحْلي، إِذا رُعْتُها ... عَلَى جمَزَى جازِئٍ بالرّمالِ
وأَصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَه ... حَزابِيَةٍ حَيَدَى بالدِّحالِ
شَبَّهَ نَاقَتَهُ بِحِمَارِ وَحْشٍ وَوَصَفَهُ بِجَمَزَى، وَهُوَ السَّرِيعُ، وَتَقْدِيرُهُ عَلَى حِمَارٍ جَمَزَى. الْكِسَائِيُّ: النَّاقَةُ تَعْدُو الجَمَزَى وَكَذَلِكَ الفَرَس. وحَيَدَى بالدِّحال: خطأٌ لأَن فَعَلى لَا يَكُونُ إِلا لِلْمُؤَنَّثِ. قَالَ الأَصمعي: لَمْ أَسمع بفَعَلى فِي صِفَةِ الْمُذَكَّرِ إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ، يَعْنِي أَن جَمَزَى وبَشَكى وزَلَجى ومَرَطى وَمَا جَاءَ عَلَى هَذَا الْبَابِ لَا يَكُونُ إِلا مِنَ صِفَةِ النَّاقَةِ دُونَ الْجَمَلِ، قَالَ: وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي لَنَا: [حَيَدٌ بالدِّحال] يُرِيدُ عَنِ الدِّحال. قَالَ الأَزهري: ومَخْرج مَنْ رَوَاهُ جَمَزَى عَلَى عَيْرٍ ذِي جَمَزَى أَي ذِي مِشْيَةٍ جَمَزَى، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: نَاقَةٌ وَكَرَى أَي ذَاتُ مِشْيَة وكَرى. وَفِي حَدِيثِ
مَاعِزٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَلَمَّا أَذْلَقَتْه الْحِجَارَةُ جَمَزَ
أَي أَسرع هَارِبًا مِنَ الْقَتْلِ؛(5/323)
وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: مَا كَانَ إِلا الجَمْزُ
؛ يَعْنِي السَّيْرُ بِالْجَنَائِزِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَرُدُّونهم عَنْ دِينِهِمْ كُفَّاراً جَمَزَى
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وجَمَزَ فِي الأَرض جَمْزاً: ذَهَبَ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والجُمَّازَة: دُرَّاعَة مِنْ صُوفٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، توضأَ فَضَاقَ عَنْ يَدَيْهِ كُمَّا جُمَّازَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ فأَخرج يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهَا
؛ الجُمَّازة، بِالضَّمِّ: مِدْرعة صُوفٍ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَكْفِيكَ، مِنْ طاقٍ كَثِيرِ الأَثْمانْ ... جُمَّازَةٌ شُمِّرَ مِنْهَا الكُمَّانْ
وَقَالَ أَبو وَجْزَةَ:
دَلَنْظى يَزِلُّ القَطْر عَنْ صَهَواتِهِ ... هُوَ اللَّيْثُ فِي الجُمَّازَةِ المُتَوَرِّدُ
ابْنُ الأَعرابي: الجَمْز الِاسْتِهْزَاءُ. والجُمْزانُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ وَالنَّخْلِ وَالْجُمَّيْزِ. والجُمْزَةُ: الكُتْلَةُ مِنَ التَّمْرِ والأَقِطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ جُمَز. والجُمْزَةُ: بُرْعُوم النَّبْتِ الَّذِي فِيهِ الْحَبَّةُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، كالقُمْزة، وَسَنَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا. والجَمْز: مَا بَقِيَ مِنْ عُرْجون النَّخْلَةِ، وَالْجَمْعُ جُمُوز. والجُمَّيز والجُمَّيْزَى: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ يُشْبِهُ حَمْلُهُ التِّين ويَعْظم عِظَم الفِرْصاد، وتِينُ الجُمَّيْز مِنْ تِينِ الشَّامِ أَحمر حُلْوٌ كَبِيرٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: تِينُ الجُمَّيز رَطْب لَهُ مَعَالِيقُ طِوال ويُزَبَّب، قَالَ: وَضَرْبٌ آخَرُ مِنَ الجُمَّيْز لَهُ شَجَرٌ عِظَامٌ يَحْمِلُ حَمْلًا كَالتِّينِ فِي الْخِلْقَةِ وَرَقَتُها أَصغر مِنْ ورَقَة التِّينِ الذَّكَرِ، وتينُها صِغار أَصفر وأَسود يَكُونُ بالغَوْرِ يُسَمَّى التِّينَ الذَّكَرَ، وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّي حَمْلَهُ الْحَمَا «8» ، والأَصفر مِنْهُ حُلْوٌ، والأَسود يُدْمي الْفَمَ، وَلَيْسَ لتِينها عِلاقة، وَهُوَ لَاصِقٌ بالعُود، الْوَاحِدَةُ مِنْهُ جُمَّيْزَةٌ وجُمَّيْزَى، والله أَعلم.
جنز: جَنَزَ الشيءَ يَجْنِزُه جَنْزاً: سَتَرَهُ. وَذَكَرُوا أَن النَّوَار لَمَّا احْتُضِرَت أَوْصَت أَن يُصَلِّيَ عَلَيْهَا الْحَسَنُ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ:
إِذا جَنَزْتُموها فآذِنُوني.
والجِنَازَة والجَنَازة: الْمَيِّتُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: زَعَمَ قَوْمٌ أَن اشْتِقَاقَهُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ، وَقَدْ قِيلَ: هُوَ نَبَطِيّ. والجِنازة: وَاحِدَةُ الجَنائز، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ الجَنازة، بِالْفَتْحِ، وَالْمَعْنَى الْمَيِّتُ عَلَى السَّرِيرِ، فإِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَهُوَ سَرِيرٌ ونَعْش. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا كَانَ لَهُ امرأَتان فَرُمِيَتْ إِحداهما فِي جِنَازَتِهَا
أَي مَاتَتْ. تَقُولُ الْعَرَبُ إِذا أَخْبَرَتْ عَنْ مَوْتِ إِنسان: رُمِيَ فِي جِنازته لأَن الجِنازَة تَصِيرُ مَرْمِيًّا فِيهَا، وَالْمُرَادُ بِالرَّمْيِ الحَمْل والوَضْع. والجِنازة، بِالْكَسْرِ: الْمَيِّتُ بِسَرِيرِه، وَقِيلَ: بِالْكَسْرِ السّرِير، بالفتح الْمَيِّتُ. ورُمِيَ فِي جَنَازته أَي مَاتَ، وطُعِن فِي جِنازته أَي مَاتَ. ابْنُ سِيدَهْ: الجَنَازَة، بِالْفَتْحِ، الْمَيِّتُ، والجِنازة، بِالْكَسْرِ: السَّرِيرُ الَّذِي يُحْمل عَلَيْهِ الْمَيِّتُ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: لَا يُسَمَّى جِنَازة حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهِ مَيِّتٌ، وإِلا فَهُوَ سَرِيرٌ أَو نَعْشٌ؛ وأَنشد الشَّمَّاخُ:
إِذا أَنْبَضَ الرَّامون فِيهَا تَرَنَّمَتْ ... تَرَنُّمَ ثَكْلى أَوْجَعَتْها الجَنائِزُ
وَاسْتَعَارَ بَعْضُ مُجَّان الْعَرَبِ الجِنَازة لِزِقِّ الْخَمْرِ فَقَالَ وَهُوَ عَمْرُو بْنِ قِعَاسٍ:
وكنتُ إِذا أَرى زِقًّا مَرِيضاً ... يُناحُ عَلَى جِنازَته، بَكَيْتُ
وإِذا ثَقُلَ عَلَى الْقَوْمِ أَمر أَو اغْتَمُّوا به، فهو جِنَازة
__________
(8) . قوله [يسمى حمله الحما] كذا بالأَصل(5/324)
عَلَيْهِمْ؛ قَالَ:
وَمَا كنتُ أَخْشى أَن أَكُونَ جِنازَةً ... عَلَيْكَ، ومَنْ يَغْتَرُّ بالحَدَثان؟
اللَّيْثُ: الجِنازة الإِنسان الْمَيِّتُ وَالشَّيْءُ الَّذِي قَدْ ثَقُل عَلَى قَوْمٍ فاغْتَمُّوا بِهِ. قَالَ اللَّيْثُ: وَقَدْ جَرَى فِي أَفواه النَّاسِ جَنازة، بِالْفَتْحِ، والنَّحارير يُنْكِرُونَهُ، وَيَقُولُونَ: جُنِزَ الرجلُ، فَهُوَ مَجْنوز إِذا جُمِعَ. الأَصمعي: الجِنَازة، بِالْكَسْرِ، هُوَ الْمَيِّتُ نَفْسُهُ وَالْعَوَامُّ يَقُولُونَ إِنه السَّرِيرُ. تَقُولُ الْعَرَبُ: تَرَكْتُهُ جِنَازة أَي مَيِّتًا. النَّضْرُ: الجِنَازة هُوَ الرَّجُلُ أَو السَّرِيرُ مَعَ الرَّجُلِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ: سُمِّيَتِ الجِنَازة لأَن الثِّيَابَ تُجْمع والرجلُ عَلَى السَّرِيرِ، قَالَ: وجُنِزوا أَي جُمِعوا. ابْنُ شُمِيلٍ: ضُرِب الرجُل حَتَّى تُرِك جِنازةً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَذْكُرُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَيًّا وَمَيِّتًا:
كانَ مَيْتاً جِنازَةً خَيْرَ مَيْتٍ ... غَيَّبَتْه حَفائِرُ الأَقْوام
جهز: جَهاز العَرُوس وَالْمَيِّتِ وجِهازهما: مَا يَحْتَاجَانِ إِليه، وَكَذَلِكَ جِهَازُ الْمُسَافِرِ، يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ؛ وَقَدْ جَهَّزَه فَتَجَهَّز وجَهَّزْتُ العروسَ تَجْهِيزاً، وَكَذَلِكَ جَهَّزت الْجَيْشَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ لَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُجَهِّزْ غَازِيًا
؛ تَجْهِيزُ الْغَازِي: تَحْمِيله وإِعداد مَا يَحْتَاجُ إِليه فِي غَزْوِهِ، وَمِنْهُ تَجْهِيزُ الْعَرُوسِ: وتَجْهِيز الْمَيِّتِ. وجَهَّزت الْقَوْمَ تَجْهِيزاً إِذا تكلَّفت لَهُمْ بِجهازِهِمْ لِلسَّفَرِ، وَكَذَلِكَ جِهَاز الْعَرُوسِ وَالْمَيِّتِ، وَهُوَ مَا يُحْتَاجُ لَهُ فِي وَجْهِهِ، وَقَدْ تَجَهَّزُوا جَهازاً. قَالَ اللَّيْثُ: وَسَمِعْتُ أَهل الْبَصْرَةِ يخطئُون الجِهَازَ، بِالْكَسْرِ. قَالَ الأَزهري: وَالْقُرَّاءُ كُلُّهُمْ عَلَى فَتْحِ الْجِيمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ
؛ قَالَ: وجِهَاز، بِالْكَسْرِ، لُغَةٌ رَدِيئَةٌ؛ قَالَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ:
تَجَهَّزي بِجهازٍ تَبْلُغِينَ بِهِ ... يَا نَفْسُ، قَبْلَ الرَّدَى، لَمْ تُخْلَقي عَبَثا
وجَهاز الرَّاحِلَةِ: مَا عَلَيْهَا. وجَهَاز المرأَة: حَياؤُها، وَهُوَ فَرْجها. وَمَوْتٌ مُجْهِز أَي وَحِيٌّ. وجَهَزَ عَلَى الْجَرِيحِ وأَجْهَزَ: أَثْبَت قَتْله. الأَصمعي: أَجْهَزْتُ عَلَى الْجَرِيحِ إِذا أَسرعت قَتْلَهُ وَقَدْ تَمَّمت عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُقَالُ «1» أَجاز عَلَيْهِ إِنما يُقَالُ أَجازَ عَلَى اسْمِهِ أَي ضَرَب. وَمَوْتٌ مُجْهِز وجَهِيز أَي سَرِيعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَلْ تَنْظُرون إِلا مَرَضًا مُفْسداً أَو مَوْتًا مُجْهِزاً
أَي سَرِيعًا. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لَا يُجْهَز عَلَى جَريحهم
أَي مَنْ صُرِع مِنْهُمْ وكُفِيَ قِتالُه لَا يُقْتل لأَنهم مُسْلمون، وَالْقَصْدُ مِنْ قِتَالِهِمْ دَفْعُ شَرِّهِمْ، فإِذا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلا بِقَتْلِهِمْ قُتِلوا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه أَتى عَلَى أَبي جَهْلٍ وَهُوَ صَرِيع فأَجْهَزَ عَلَيْهِ.
وَمِنْ أَمثالهم فِي الشَّيْءِ إِذا نَفَر فَلَمْ يَعُدْ: ضَرَب فِي جَهَازه، بِالْفَتْحِ، وأَصله فِي الْبَعِيرِ يَسْقُطُ عَنْ ظَهْرِهِ القَتَب بأَداته فَيَقَعُ بَيْنَ قَوَائِمِهِ فَيَنْفِرُ عَنْهُ حَتَّى يَذْهَبَ فِي الأَرض، وَيُجْمَعُ عَلَى أَجْهِزَة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَبِتْنَ يَنْقُلْنَ بأَجْهِزاتِها
قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ ضَرَب البعيرُ فِي جَهازِه إِذا جَفَلَ فَنَدَّ فِي الأَرض والْتَبَط حَتَّى طَوَّحَ مَا عَلَيْهِ مِنْ أَداة وحِمْل. وضَرَبَ فِي جَهازٍ البعيرُ إِذا شَرَدَ. وجَهَّزت فُلَانًا أَي هَيَّأْتَ جَهاز سَفَرِهِ. وتَجَهَّزْت
__________
(1) . قَوْلُهُ [قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَلَا يقال إلخ] عبارة القاموس وشرحه في مادة ج وز: وأجزت على الجريح لغة في أجهزت، وأنكره ابن سيدة فقال ولا يقال إلخ(5/325)
لأَمْرِ كَذَا أَي تهيأَت لَهُ. وَفَرَسٌ جَهِيز: خَفِيفٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ جَهِيز الشَّدِّ أَي سَرِيعُ الْعَدْوِ، وأَنشد:
ومُقَلِّص عَتَد جَهِيز شَدُّهُ ... قَيْد الأَوَابِدِ فِي الرِّهانِ جَواد
وجَهِيزَةُ: اسْمُ امرأَة رَعْناءَ تُحَمَّق. وَفِي الْمَثَلِ: أَحْمَقُ مِنْ جَهِيزَةَ؛ قِيلَ: هِيَ أُم شبِيبٍ الخَارجي، كَانَ أَبو شَبِيبٍ مِنْ مُهاجِرَة الْكُوفَةِ اشْتَرَى جَهِيزَةَ مِنَ السَّبي، وَكَانَتْ حَمْرَاءَ طَوِيلَةً جَمِيلَةً فأَرَادَها عَلَى الإِسلام فَأَبَتْ، فَوَاقَعَهَا فَحَمَلَتْ فَتَحَرَّكَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا، فَقَالَتْ: فِي بَطْني شَيْءٌ يَنْقُز، فَقِيلَ: أَحمق مِنْ جَهِيزَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ هَذَا الْمَثَلِ: أَحمق مِنْ جَهِيزَةَ، غَيْرُ مَصْرُوفٍ، وَذَكَرَ الْجَاحِظُ أَنه أَحمق مِنْ جَهِيزَةٍ، بِالصَّرْفِ. والجَهِيزَة: عِرْسُ الذِّئْبِ يَعْنون الذِّئْبَةَ، وَمِنْ حُمْقها أَنها تَدَعُ ولدَها وتُرْضع أَولاد الضَّبُعِ كَفِعْلِ النَّعَامَةِ بِبَيْض غَيْرِهَا؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابنِ جِذْلِ الطَّعَانِ:
كَمُرْضِعَةٍ أَولادَ أُخرى، وضَيَّعَتْ ... بَنِيها، فَلَمْ تَرْقَعْ بِذَلِكَ مَرْقَعا
وَكَذَلِكَ النَّعَامَةُ إِذا قَامَتْ عَنْ بَيْضها لِطَلَبِ قُوتِها فَلَقِيَتْ بَيْضَ نَعَامَةٍ أُخرى حَضَنَتْه فَحُمِّقَتْ بِذَلِكَ؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ هرمة:
إِنِّي وتَرْكي نَدى الأَكْرَمِينَ ... وقَدْحي بِكَفَّيّ زَنْداً شَحاحا
كتارِكَةٍ بَيْضها بالعَراء ... ومُلْبِسَةٍ بَيْض أُخرى جَناها
قَالُوا: وَيَشْهَدُ لِمَا بَيْنَ الذِّئْبِ وَالضَّبُعِ مِنَ الأُلْفَةِ أَن الضَّبُعَ إِذا صِيدَتْ أَو قُتِلت فإِن الذِّئْبَ يَكْفُل أَولادها ويأْتيها بِاللَّحْمِ؛ وأَنشدوا فِي ذَلِكَ لِلْكُمَيْتِ:
كَمَا خامَرَتْ فِي حِضْنِها أُمُّ عامِر ... لِذِي الحَبْل، حَتَّى عَالَ أَوْسٌ عِيالَها «1»
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِمْ أَحمق مِنْ جَهِيزَةَ: هِيَ الضَّبُعُ نَفْسُهَا، وَقِيلَ: الجَهِيزَةُ جِرْوُ الدُّبِّ والجِبْسُ أُنْثاه، وَقِيلَ: الجَهِيزة الدُّبَّةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: كَانَتْ جَهِيزَة امرأَة خَلِيقَةً فِي بَدَنِهَا رَعْناء يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الْحُمْقِ؛ وأَنشد:
كأَنَّ صَلا جَهِيزَة، حِينَ قامتْ ... حِبابُ الْمَاءِ حَالًا بَعْدَ حالِ
جوز: جُزْتُ الطريقَ وجازَ الموضعَ جَوْزاً وجُؤُوزاً وجَوازاً ومَجازاً وجازَ بِهِ وجاوَزه جِوازاً وأَجازه وأَجاز غيرَه وجازَه: سَارَ فِيهِ وَسَلَكَهُ، وأَجازَه: خَلَّفه وَقَطَعَهُ، وأَجازه: أَنْفَذَه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
خَلُّوا الطريقَ عَنْ أَبي سَيَّارَه ... حَتَّى يُجِيزَ سَالِمًا حِمارَه
وَقَالَ أَوسُ بْنُ مَغْراءَ:
وَلَا يَرِيمُونَ للتَّعْريف مَوْضِعَهم ... حَتَّى يُقال: أَجِيزُوا آلَ صَفْوانا
يَمْدَحُهُمْ بأَنهم يُجيزُون الْحَاجَّ، يَعْنِي أَنْفِذوهم. والمَجازُ والمَجازَةُ: الْمَوْضِعُ. الأَصمعي: جُزْت الْمَوْضِعَ سِرْتُ فِيهِ، وأَجَزْته خَلَّفْته وَقَطَعْتُهُ، وأَجَزْتُه أَنْفَذْته؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَلَمَّا أَجَزْنا ساحَةَ الحَيِّ، وانْتَحى ... بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي قفافٍ عَقَنْقَلِ
وَيُرْوَى: ذِي حِقاف. وجاوَزْت الْمَوْضِعَ جِوازاً:
__________
(1) . قوله [لِذِي الْحَبْلِ] أَيْ لِلصَّائِدِ الَّذِي يُعَلِّقُ الْحَبْلَ فِي عرقوبها.(5/326)
بِمَعْنَى جُزْتُه. وَفِي حَدِيثِ الصِّرَاطِ:
فأَكون أَنا وأُمَّتي أَوّلَ مَنْ يُجِيزُ عَلَيْهِ
؛ قَالَ: يُجِيزُ لُغَةٌ فِي يجُوز جازَ وأَجازَ بِمَعْنًى؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمَسْعَى:
لَا تُجِيزوا البَطْحاء إِلَّا شَدَّا.
و [الاجْتِيازُ] : السُّلُوكُ. والمُجْتاز: مُجْتابُ الطَّرِيقِ ومُجِيزه. والمُجْتاز أَيضاً: الَّذِي يُحِبُّ النَّجاءَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ثُمَّ انْشَمَرْتُ عَلَيْهَا خَائِفًا وجِلًا ... والخائفُ الواجِلُ المُجْتازُ يَنْشَمِر
وَيُرْوَى: الوَجِلُ. والجَواز: صَكُّ الْمُسَافِرِ. وتجاوَز بِهِمُ الطَّرِيقَ، وجاوَزَه جِوازاً: خَلَّفه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ*
. وجَوَّز لَهُمْ إِبِلَهم إِذا قَادَهَا بَعِيرًا بَعِيرًا حَتَّى تَجُوزَ. وجَوائِزُ الأَمثال والأَشْعار: مَا جازَ مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
ظَنِّي بِهم كَعَسى، وهُمْ بِتَنُوفَةٍ ... يَتَنازَعُون جَوائِزَ الأَمْثال
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يَقُولُ الْيَقِينَ مِنْهُمْ كَعَسى، وعَسى شَكٌّ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ:
يَتَنَازَعُونَ جَوَائِزَ الأَمثال
أَي يُجِيلُونَ الرأْي فِيمَا بَيْنَهُمْ ويَتَمَثَّلُون مَا يُرِيدُونَ وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلى غَيْرِهِمْ مِنْ إِرخاء إِبلهم وَغَفْلَتِهِمْ عَنْهَا. وأَجازَ لَهُ البيعَ: أَمْضاه. وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ: إِذا بَاعَ المُجِيزان فَالْبَيْعُ للأَول، وإِذا أَنْكح المُجِيزان فَالنِّكَاحُ للأَول؛ المُجِيز: الْوَلِيُّ؛ يُقَالُ: هَذِهِ امرأَة لَيْسَ لَهَا مُجِيز. والمُجِيز: الْوَصِيُّ. والمُجِيز: القَيّم بأَمر الْيَتِيمِ. وَفِي حَدِيثِ نِكَاحِ الْبِكْرِ:
فإِن صَمَتَتْ فَهُوَ إِذنها، وإِن أَبَتْ فَلَا جَوازَ عَلَيْهَا
أَي لَا وِلَايَةَ عَلَيْهَا مَعَ الِامْتِنَاعِ. والمُجِيز: الْعَبْدُ المأْذون لَهُ فِي التِّجَارَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا خَاصَمَ إِلى شُرَيْحٍ غُلَامًا لِزِيَادٍ فِي بِرْذوْن بَاعَهُ وكَفَلَ لَهُ الغلامُ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: إِن كَانَ مُجيزاً وكَفَلَ لَكَ غَرِم، إِذا كَانَ مأُذوناً لَهُ فِي التِّجَارَةِ.
ابْنُ السِّكِّيتِ: أَجَزْت عَلَى [اسْمِهِ إِذا جَعَلْتُهُ جَائِزًا] . وجَوَّزَ لَهُ مَا صَنَعَهُ وأَجازَ لَهُ أَي سَوَّغ لَهُ ذَلِكَ، وأَجازَ رأْيَه وجَوَّزه: أَنفذه. وَفِي حَدِيثِ
الْقِيَامَةِ وَالْحِسَابِ: إِني لَا أُجِيزُ اليومَ عَلَى نَفْسي شَاهِدًا إِلا مِنِّي
أَي لَا أُنْفِذ وَلَا أُمْضِي، مِنْ أَجازَ أَمره يُجِيزه إِذا أَمضاه وَجَعَلَهُ جَائِزًا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَبْلَ أَن تُجِيزُوا عليَ
أَي تَقْتُلُونِي وتُنْفِذُوا فيَّ أَمْرَكم. وتَجَوَّزَ فِي هَذَا الأَمر مَا لَمْ يَتَجَوَّز فِي غَيْرِهِ: احْتَمَلَهُ وأَغْمَض فِيهِ. والمَجازَةُ: الطَّرِيقُ إِذا قَطَعْتَ مِنْ أَحد جَانِبَيْهِ إِلى الْآخَرِ. والمَجازَةُ: الطَّرِيقُ فِي السَّبَخَة. والجائِزَةُ: الْعَطِيَّةُ، وأَصله أَن أَميراً واقَفَ عَدُوًّا وَبَيْنَهُمَا نَهْرٌ فَقَالَ: مَنْ جازَ هَذَا النَّهْرَ فَلَهُ كَذَا، فكلَّما جَازَ مِنْهُمْ واحدٌ أَخذ جائِزَةً. أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ أَجازَ السُّلْطَانُ فُلَانًا بجائِزَةٍ: أَصل الجائزَة أَن يُعْطِيَ الرجلُ الرجلَ مَاءً ويُجِيزه لِيَذْهَبَ لِوَجْهِهِ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ إِذا وَرَدَ مَاءً لقَيِّمِ الْمَاءِ: أَجِزْني مَاءً أَي أَعطني مَاءً حَتَّى أَذهب لِوَجْهِي وأَجُوز عَنْكَ، ثُمَّ كَثُرَ هَذَا حَتَّى سَمَّوا الْعَطِيَّةَ جائِزَةً. الأَزهري: الجِيزَة مِنَ الْمَاءِ مِقْدَارُ مَا يَجُوزُ بِهِ الْمُسَافِرُ مِنْ مَنْهَلٍ إِلى مَنْهَلٍ، يُقَالُ: اسْقِني جِيزة وَجَائِزَةً وجَوْزة. وَفِي الْحَدِيثِ:
الضِّيافَةُ ثَلَاثَةُ أَيام وجائِزَتُه يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ
، أَي يُضافُ ثلاثَةَ أَيام فَيَتَكَلَّفُ لَهُ فِي الْيَوْمِ الأَوّل مِمَّا اتَّسَعَ لَهُ مِنْ بِرٍّ(5/327)
وإِلْطاف، وَيُقَدِّمُ لَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَا حَضَره وَلَا يَزِيدُ عَلَى عَادَتِهِ، ثُمَّ يُعْطِيهِ مَا يَجُوزُ بِهِ مسافَةَ يومٍ وَلَيْلَةٍ، وَيُسَمَّى الجِيزَةَ، وَهِيَ قَدْرُ مَا يَجُوز بِهِ الْمُسَافِرُ مِنْ مَنْهَل إِلى مَنْهَلٍ، فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَمَعْرُوفٌ، إِن شَاءَ فَعَلَ، وإِن شَاءَ تَرَكَ، وإِنما كُرِهُ لَهُ المُقام بَعْدَ ذَلِكَ لِئَلَّا تَضِيقَ بِهِ إِقامته فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ عَلَى وَجْهِ المَنِّ والأَذى. الْجَوْهَرِيُّ: أَجازَه بِجائِزَةٍ سَنِيَّةٍ أَي بِعَطَاءٍ. وَيُقَالُ: أَصل الجَوائِز أَنَّ قَطَنَ بْنَ عَبْدِ عَوْف مِنْ بَنِي هِلَالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ ولَّى فَارِسَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، فَمَرَّ بِهِ الأَحنف فِي جَيْشِهِ غَازِيًا إِلى خُراسان، فَوَقَفَ لَهُمْ عَلَى قَنْطرة فَقَالَ: أَجيزُوهم، فَجَعَلَ يَنْسِبُ الرَّجُلَ فَيُعْطِيهِ عَلَى قَدْرِ حَسَبه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِدًى للأَكْرَمِينَ بَنِي هِلالٍ ... عَلَى عِلَّاتِهم، أَهْلي وَمَالِي
هُمُ سَنُّوا الجَوائز فِي مَعَدٍّ ... فَصَارَتْ سُنَّةً أُخْرى اللَّيالي
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَجِيزُوا الوَفْد بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهم بِهِ
أَي أَعْطوهم الجِيزَة. والجائِزَةُ: الْعَطِيَّةُ مِنْ أَجازَه يُجِيزُه إِذا أَعطاه. وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْعَبَّاسِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَلا أَمْنَحُك، أَلا أَجِيزُك
؟ أَي أُعطيك، والأَصل الأَوّل فَاسْتُعِيرَ لِكُلِّ عَطَاءٍ؛ وأَما قَوْلُ الْقُطَامِيِّ:
ظَلَلْتُ أَسأَل أَهْلَ الْمَاءِ جائِزَةً
فَهِيَ الشَّرْبة مِنَ الْمَاءِ. والجائزُ مِنَ الْبَيْتِ: الْخَشَبَةُ الَّتِي تَحْمِل خَشَبَ الْبَيْتِ، وَالْجَمْعُ أَجْوِزَةٌ وجُوزان وجَوائِز؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ، والأُولى نَادِرَةٌ، وَنَظِيرُهُ وادٍ وأَوْدِيَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة أَتت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِني رأَيت فِي الْمَنَامِ كأَن جائِزَ بَيْتِي قَدِ انْكَسَرَ فَقَالَ: خَيْرٌ يَرُدّ اللَّهُ غائِبَكِ، فَرَجَعَ زَوْجُهَا ثُمَّ غَابَ، فرأَت مِثْلَ ذَلِكَ فأَتت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْهُ ووجَدَتْ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فأَخْبَرَتْه فَقَالَ: يَمُوتُ زوجُكِ، فذكرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَلْ قَصَصْتِها عَلَى أَحد؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: هُوَ كَمَا قِيلَ لَكِ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ فِي كَلَامِهِمُ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُوضَعُ عَلَيْهَا أَطراف الْخَشَبِ فِي سَقْفِ الْبَيْتِ. الْجَوْهَرِيُّ: الجائِزَة الَّتِي يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ تِير، وَهُوَ سَهْمُ الْبَيْتِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الطُّفَيْل وَبِنَاءِ الْكَعْبَةِ: إِذا هُمْ بِحَيَّة مِثْلِ قِطْعَةِ الجائِز.
والجائزَةُ: مَقام السَّاقي. وجاوَزْتُ الشَّيْءَ إِلى غَيْرِهِ وتجاوَزْتُه بِمَعْنًى أَي أَجَزْتُه. وتَجاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ أَي عَفَا. وَقَوْلُهُمْ: اللَّهُمَّ تَجَوَّز عَنِّي وتَجاوَزْ عَنِّي بِمَعْنًى. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنْتُ أُبايِع الناسَ وَكَانَ مِنْ خُلُقي الجَواز
أَي التَّسَاهُلُ وَالتَّسَامُحُ فِي الْبَيْعِ والاقْتِضاء. وجاوَزَ اللَّهُ عَنْ ذَنْبه وتَجاوَز وتَجَوَّز؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ: لَمْ يُؤَاخِذْهُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ تَجاوز عَنْ أُمَّتي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَها
أَي عَفَا عَنْهُمْ، مِنْ جازَهُ يَجُوزُه إِذا تعدَّاه وعَبَرَ عَلَيْهِ، وأَنفسها نُصِبَ عَلَى الْمَفْعُولِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى الْفَاعِلِ. وجازَ الدّرْهَمُ: قُبِل عَلَى مَا فِيهِ مِنَ خَفِيّ الدَّاخِلَةِ أَو قَلِيلِها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا وَرَقَ الفِتْيانُ صَارُوا كأَنَّهم ... دراهِمُ، مِنْهَا جائِزاتٌ وزُيَّفُ
اللَّيْثُ: التَّجَوُّز فِي الدَّرَاهِمِ أَن يَجُوزَها. وتَجَوَّز الدراهمَ: قَبِلَها عَلَى مَا بِهَا. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لَمْ أَر النَّفَقَةَ تَجُوزُ بمكانٍ كَمَا تَجُوز بِمَكَّةَ، وَلَمْ يُفَسِّرْهَا، وأَرى مَعْنَاهَا: تَزْكو أَو تُؤْثِرُ فِي الْمَالِ أَو تَنْفُق؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى هَذِهِ الأَخيرة هِيَ الصَّحِيحَةَ.(5/328)
وتَجاوَزَ عَنِ الشَّيْءِ: أَغْضى. وتَجاوَزَ فِيهِ: أَفْرط. وتَجاوَزْتُ عَنْ ذَنْبِهِ أَي لَمْ آخُذْهُ. وتَجَوَّز فِي صِلَاتِهِ أَي خَفَّف؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فأَتَجوَّزُ فِي صَلَاتِي
أَي أُخففها وأُقللها. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
تَجَوَّزُوا فِي الصَّلَاةِ
أَي خَفِّفُوهَا وأَسرعوا بِهَا، وَقِيلَ: إِنه مِنَ الجَوْزِ القَطْعِ والسيرِ. وتَجَوَّز فِي كَلَامِهِ أَي تَكَلَّمَ بالمَجاز. وَقَوْلُهُمْ: جَعَل فلانٌ ذَلِكَ الأَمرَ مَجازاً إِلى حَاجَتِهِ أَي طَرِيقًا ومَسْلكاً؛ وَقَوْلُ كُثَيِّر:
عَسُوف بأَجْوازِ الفَلا حِمْيَريَّة ... مَرِيس بِذِئْبان السَّبِيبِ تَلِيلُها
قَالَ: الأَجْواز الأَوساط. وجَوْز كُلِّ شَيْءٍ: وَسَطُهُ، وَالْجَمْعُ أجْواز؛ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ أَفْعال كَرَاهَةَ الضَّمَّةِ عَلَى الْوَاوِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
مُقْوَرَّة تَتَبارى لَا شَوارَ لَهَا ... إِلا القُطُوع عَلَى الأَجْوازِ والوُرُكِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه قَامَ مِنْ جَوْز اللَّيْلِ يُصَلِّي
؛ جَوْزُهُ: وَسَطُهُ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: رَبَطَ جَوْزَهُ إِلى سَمَاءِ الْبَيْتِ أَو إِلى جائِزِه.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي الْمِنْهَالِ: إِن فِي النَّارِ أَودِيَةً فِيهَا حَيَّات أَمثال أَجْوازِ الإِبل أَي أَوساطها.
وجَوْز اللَّيْلِ: مُعْظمه. وُشَاةٌ جَوْزاءُ ومُجَوّزة: سَوْدَاءُ الْجَسَدِ وَقَدْ ضُرب وسطُها بِبَيَاضٍ مِنْ أَعلاها إِلى أَسفلها، وَقِيلَ: المُجَوّزة مِنَ الْغَنَمِ الَّتِي فِي صَدْرِهَا تَجْويز، وَهُوَ لَوْنٌ يُخَالِفُ سَائِرَ لَوْنِهَا. والجَوْزاء: الشَّاةُ يَبْيَضّ وسطُها. والجَوْزاءُ: نَجْم يُقَالُ إِنه يَعْتَرِضُ فِي جَوْز السَّمَاءِ. والجَوْزاءُ: مِنْ بُرُوج السَّمَاءِ. والجَوْزاء: اسْمُ امرأَة سُمِّيَتْ بِاسْمِ هَذَا البُرْجِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فقلتُ لأَصحابي: هُمُ الحَيُّ فالحَقُوا ... بِجَوْزاء فِي أَتْرابِها عِرْس مَعْبدِ
والجَوازُ: الْمَاءُ الَّذِي يُسْقاه الْمَالُ مِنَ الْمَاشِيَةِ والحَرْث وَنَحْوِهِ. وَقَدِ اسْتَجَزْتُ فُلَانًا فأَجازَني إِذا سَقَاكَ مَاءً لأَرْضِك أَو لِماشِيَتك؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
وَقَالُوا: فُقَيمٌ قَيِّمُ الماءِ فاسْتَجِزْ ... عُبادَةَ، إِنَّ المُسْتَجِيزَ عَلَى قُتْرِ
قَوْلُهُ: عَلَى قُتْر أَي عَلَى نَاحِيَةٍ وَحَرْفٍ، إِما أَن يُسْقى وَإِمَّا أَن لا يُسْقى. وجَوَّز إِبلَه: سَقَاهَا. والجَوْزَة: السَّقْية الْوَاحِدَةُ، وَقِيلَ: الجَوْزَة السَّقْية الَّتِي يَجُوز بِهَا الرجلُ إِلى غَيْرِكَ. وَفِي الْمَثَلِ: لِكُلِّ جابِهٍ جَوْزَةٌ ثُمَّ يُؤَذَّنُ أَي لِكُلِّ مُسْتَسْقٍ وَرَدَ عَلَيْنَا سَقْيَةٌ ثُمَّ يُمْنَعُ مِنَ الْمَاءِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: ثُمَّ تُضْرَبُ أُذُنه إِعلاماً أَنه لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُمْ أَكثرُ مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: أَذَّنْتُه تَأْذِيناً أَي رَدَدْته. ابْنُ السِّكِّيتِ: الجَواز السَّقْي. يُقَالُ: أَجِيزُونا، والمُسْتَجِيز: المُسْتَسْقي؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا صاحِبَ الماءِ، فَدَتْكَ نَفْسي ... عَجِّل جَوازي، وأَقِلَّ حَبْسي
الْجَوْهَرِيُّ: الجِيزَةُ السَّقْية؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا ابْنَ رُقَيْعٍ، ورَدَتْ لِخِمْسِ ... أَحْسِنْ جَوَازِي، وأَقِلَّ حَبْسي
يُرِيدُ أَحْسِنْ سَقْيَ إِبلي. والجَواز: الْعَطَشُ. والجائِزُ: الَّذِي يَمُرُّ عَلَى قَوْمٍ وَهُوَ عَطْشَانُ، سُقِي أَو لَمْ يُسْق فَهُوَ جائِزٌ؛ وَأَنْشَدَ:
مَنْ يَغْمِس الجائِزَ غَمْسَ الوَذَمَه ... خَيْرُ مَعَدٍّ حَسَباً ومَكْرُمَه(5/329)
والإِجازَة فِي الشِّعْر: أَن تُتِم مِصْراع غَيْرِكَ، وَقِيلَ: الإِجازَة فِي الشِّعْر أَن يَكُونَ الحرفُ الَّذِي يَلِي حرفَ الرَّوِي مَضْمُومًا ثُمَّ يُكْسَرُ أَو يُفْتَحُ وَيَكُونُ حَرْفُ الرَّوِيِّ مُقَيّداً. والإِجازَة فِي قَوْلِ الْخَلِيلِ: أَن تَكُونَ الْقَافِيَةُ طَاءً والأُخرى دَالًا وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَهُوَ الإِكْفاء فِي قَوْلِ أَبي زَيْدٍ، وَرَوَاهُ الْفَارِسِيُّ الإِجارَة، بِالرَّاءِ غيرَ مُعْجَمَةٍ. والجَوْزة: ضَرْبٌ مِنِ الْعِنَبِ لَيْسَ بِكَبِيرٍ، وَلَكِنَّهُ يَصْفَرُّ جِدًّا إِذا أَيْنَع. والجَوْز: الَّذِي يُؤْكَلُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَاحِدَتُهُ جَوْزة وَالْجَمْعُ جَوْزات. وأَرض مجَازَة: فِيهَا أَشجار الجَوزْ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: شَجَرُ الجَوْز كَثِيرٌ بأَرض الْعَرَبِ مِنْ بِلَادِ الْيَمَنِ يُحمَل ويُرَبَّى، وبالسَّرَوَات شَجَرُ جَوْز لَا يُرَبَّى، وأَصل الجَوْز فَارِسِيٌّ وَقَدْ جَرَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وأَشعارها، وخشبُه مَوْصُوفٌ عِنْدَهُمْ بِالصَّلَابَةِ وَالْقُوَّةِ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِيفِه ... إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالمَنْقَبِ
لُطِمْن بتُرْس شَدِيدِ الصِّفَاقِ ... مِنْ خَشَب الجَوْز لَمْ يُثْقَبِ
وَقَالَ الْجَعْدِيُّ أَيضاً وَذَكَرَ سَفِينَةَ نُوحٍ، عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَزَعَمَ أَنها كَانَتْ مِنْ خَشَبِ الجَوْز، وإِنما قَالَ ذَلِكَ لِصَلَابَةِ خَشَبِ الجَوْزِ وجَوْدته:
يَرْفَعُ بالقَارِ والحَدِيدِ مِنَ الجَوْزِ ... طِوَالًا جُذُوعُها عُمُما
وَذُو المَجاز: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وراحَ بِهَا مِنْ ذِي المَجاز عَشِيَّةً ... يُبادر أُولى السَّابِقاتِ إِلى الحَبْل
الْجَوْهَرِيُّ: ذُو المَجاز مَوْضِعٌ بِمِنًى كَانَتْ بِهِ سُوقٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزة:
وَاذْكُرُوا حِلْفَ ذِي المَجازِ، وَمَا ... قُدِّمَ فِيهِ العُهُودُ والكُفَلاءُ
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْر ذِي المَجاز، وَقِيلَ فِيهِ: إِنه مَوْضُعٌ عِنْدَ عَرَفات، كَانَ يُقام فِيهِ سُوقٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْمِيمُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لأَن إِجازَةَ الْحَاجِّ كَانَتْ فِيهِ. وَذُو المَجازَة: مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِ طَرِيقِ مَكَّةَ بَيْنَ ماوِيَّةَ ويَنْسُوعَةَ عَلَى طَرِيقِ البَصْرَة. والتَّجَاوِيز: بُرودٌ مَوْشِيَّة مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ، وَاحِدُهَا تِجْواز؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
حَتَّى كأَنَّ عِراصَ الدارِ أَرْدِيَةٌ ... مِنَ التَّجاوِيز، أَو كُرَّاسُ أَسْفار
والمَجازَة: مَوْسم من المواسم.
جيز: الجِيزَةُ: النَّاحِيَةُ وَالْجَانِبُ، وَجَمْعُهَا جِيزٌ وجِيَزٌ. وعِبْرُ [عَبْرُ] النَّهْرِ: جِيزَتُه. وجِيزَةُ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مِصْرَ إِليها يُنْسَبُ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الجِيزي. والجِيزُ: جَانِبُ الْوَادِي وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ الجِيزَةُ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الجِيزة، وَهِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْيَاءِ: مَدِينَةٌ تِلْقَاءَ مِصْرَ عَلَى النِّيلِ الْمُبَارَكِ. والجِيزَةُ: النَّاحِيَةُ مِنَ الْوَادِي وَنَحْوِهِ. الأَزهري: الجِيزَة مِنَ الْمَاءِ مِقْدَارُ مَا يَجُوزُ بِهِ الْمُسَافِرُ مِنْ مَنْهل إِلى مَنْهَلٍ. يُقَالُ: اسْقِنِي جِيزَةً وجائِزَةً وجَوْزَةً. والجِيزُ: الْقَبْرُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ:
يَا لَيْتَه كَانَ حَظِّي مِنْ طَعَامِكُمَا ... أَنِّي أَجَنّ سَوَادي عَنْكما الجِيزُ
وَقَدْ فُسِّر بأَنه جَانِبُ الْوَادِي، وَفَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ بأَنه الْقَبْرُ، والله تعالى أَعلم.(5/330)
فصل الحاء المهملة
حجز: الحَجْز: الْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، حَجَز بَيْنَهُمَا يَحْجُزُ حَجْزاً وحِجازَةً فاحْتَجَز؛ وَاسْمُ مَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا: الحاجِزُ. الأَزهري: الحَجْز أَن يَحْجِز بَيْنَ مُقَاتِلَيْنِ، والحِجَاز الِاسْمُ، وَكَذَلِكَ الحاجِزُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً
؛ أَي حِجازاً بَيْنَ ماءٍ مِلْح وماءٍ عَذْبٍ لَا يَخْتَلِطَانِ، وَذَلِكَ الْحِجَازُ قُدْرَةُ اللَّهِ. وحَجَزَه يَحْجِزُه حَجْزاً: مَنَعَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ولأَهْل الْقَتِيلِ أَن يَنْحَجِزوا الأَدْنى فالأَدنى
أَي يَكُفوا عَنِ القَوَد؛ وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا، فَقَدِ انْحَجزَ عَنْهُ. والانْحِجاز: مُطاوِع حَجَزَه إِذا مَنَعَهُ، وَالْمَعْنَى أَن لِوَرَثَةِ الْقَتِيلِ أَن يَعْفُوا عَنْ دَمِهِ رِجَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ أَيهم عَفَا، وإِن كَانَتِ امرأَة، سَقَطَ الْقَوَدُ وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ؛ وَقَوْلُهُ الأَدنى فالأَدنى أَي الأَقرب فالأَقرب؛ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ: إِنما الْعَفْوُ والقَوَد إِلى الأَولياء مِنَ الْوَرَثَةِ لَا إِلى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ مِمَّنْ لَيْسُوا بأَولياء. والمُحاجَزَة: المُمانعة. وَفِي الْمَثَلِ: إِن أَرَدْتَ المُحاجَزَة فَقَبْل المُناجَزَة؛ المُحاجَزَة: الْمُسَالَمَةُ، والمُناجَزَة: الْقِتَالُ. وتحاجَزَ الْفَرِيقَانِ. وَفِي الْمَثَلِ: كَانَتْ بَيْنَ الْقَوْمِ رِمِّيَّا ثُمَّ صَارَتْ إِلى حِجِّيزَى أَي تَرَامَوْا ثُمَّ تَحاجَزُوا، وَهُمَا عَلَى مِثَالِ خِصِّيصَى. والحِجِّيزَى: مِنَ الحَجْز بَيْنَ اثْنَيْنِ. والحَجَزَة، بِالتَّحْرِيكِ: الظَّلَمَةُ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلة: أَيُلام ابْنُ ذِهِ أَن يَفْصِل الخُطَّة ويَنْتَصر مِنْ وَرَاءِ الحَجَزَة؟
الحَجَزَة: هُمُ الَّذِينَ يَحْجزونه عَنْ حَقِّهِ، وَقَالَ الأَزهري: هُمُ الَّذِينَ يَمْنَعُونَ بَعْضَ النَّاسِ مِنْ بَعْضٍ وَيَفْصِلُونَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ، الْوَاحِدُ حاجِزٌ؛ وأَراد بابنِ ذِهِ وَلَدَهَا؛ يَقُولُ: إِذا أَصابه خُطّة ضَيم فاحْتَجّ عَنْ نَفْسِهِ وعَبَّر بِلِسَانِهِ مَا يَدْفَعُ بِهِ الظُّلْمَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ مَلُوماً. والحِجاز: الْبَلَدُ الْمَعْرُوفُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنَ الحَجْز الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لأَنه فَصَلَ بَيْنَ الغَوْر وَالشَّامِ وَالْبَادِيَةِ، وَقِيلَ: لأَنه حَجَز بَيْنَ نَجْدٍ والسَّراة، وَقِيلَ: لأَنه حَجَز بَيْنَ تِهامة وَنَجْدٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها حَجَزَتْ بَيْنَ نَجْد والغَوْر، وَقَالَ الأَصمعي: لأَنها احْتُجِزَتْ بالحِرَار الْخَمْسِ مِنْهَا حَرَّة بَنِي سُلَيْم وحَرَّة واقِمٍ، قَالَ الأَزهري: سُمِّيَ حِجازاً لأَن الحِرَارَ حَجَزَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَالِيَةِ نَجْدٍ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ مَا ارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِ الرُّمَّة فَهُوَ نَجْدٌ، قَالَ: والرُّمَّة وادٍ مَعْلُومٌ، قَالَ: وَهُوَ نَجْد إِلى ثَنَايَا ذَاتِ عِرْقٍ، قَالَ: وَمَا احْتَزَمَتْ بِهِ الحِرار «2» حَرَّةَ شَوْران وَعَامَّةَ مَنَازِلِ بَنِي سُلَيْمٍ إِلى الْمَدِينَةِ فَمَا احْتَاز فِي ذَلِكَ الشِّقِّ كُلِّهِ حِجاز، قَالَ: وطَرَف تِهامة مِنْ قِبَل الْحِجَازِ مَدارِج العَرْج، وأَوّلها مِنْ قِبَل نَجْدٍ مَدَارج ذَاتِ العِرْق. الأَصمعي: إِذا عَرَضَتْ لَكَ الحِرارُ بِنَجْدٍ فَذَلِكَ الحِجاز؛ وأَنشد:
وفَرُّوا بالحِجاز ليُعْجِزوني
أَراد بالحِجاز الحِرارَ. وَفِي حَدِيثِ
حُرَيْثِ بْنِ حَسَّانَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِن رأَيْتَ أَن تَجْعَلَ الدِّهْناء حِجازاً بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي تَمِيمٍ
أَي حَدًّا فَاصِلًا يَحْجِزُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، قَالَ: وَبِهِ سُمِّيَ الحِجازُ الصُّقْعُ الْمَعْرُوفُ مِنَ الأَرض، وَيُقَالُ لِلْجِبَالِ أَيضاً: حِجاز؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وَنَحْنُ أُناس لَا حِجازَ بأَرْضِنا
وأَحْجَزَ القومُ واحْتَجَزُوا وانْحَجَزُوا: أَتَوا
__________
(2) . قوله [وَمَا احْتَزَمَتْ بِهِ الْحِرَارُ إلخ] نقل ياقوت هذه العبارة عن الأصمعي ونصه قال الأصمعي: ما احْتَزَمَتْ بِهِ الْحِرَارُ حَرَّةَ شوران وحرة ليلى وحرة واقم وحرة النار وَعَامَّةَ مَنَازِلِ بَنِي سُلَيْمٍ إلى آخر ما هنا(5/331)
الحِجازَ، وتَحاجَزُوا وانْحَجَزُوا واحْتَجَزُوا: تَزايَلُوا، وحَجَزَه عَنِ الأَمر يَحْجُزه حِجازَةً وحِجِّيزَى: صَرَفَهُ. وحَجازَيْكُ كحَنانَيْك أَي احْجُزْ بَيْنَهُمْ حَجْزاً بَعْدَ حَجْزٍ، كأَنه يَقُولُ: لَا تَقْطَعُ ذَلِكَ وَلْيَكُ بعضُه مَوْصُولًا بِبَعْضٍ. وحُجْزة الإِزار: جَنَبته. وحُجْزة السَّرَاوِيلِ: مَوْضِعُ التِّكَّة، وَقِيلَ: حُجْزة الإِنسان مَعْقِد السَّرَاوِيلِ والإِزار. اللَّيْثُ: الحُجْزة حَيْثُ يُثْنى طَرَفُ الإِزار فِي لَوْث الإِزار، وَجَمْعُهُ حُجُزات؛ وأَما قَوْلُ النَّابِغَةِ:
رِقاق النِّعالِ طَيِّب حُجُزاتهم ... يُحَيَّوْن بالرَّيْحان يومَ السَّباسِب
فإِنما كَنَّى بِهِ عَنِ الْفُرُوجِ؛ يُرِيدُ أَنهم أَعِفَّاء عَنِ الْفُجُورِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الرَّحِم أُخذت بحُجْزة الرَّحْمَنِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي اعْتَصَمَتْ بِهِ والتجأَت إِليه مُسْتَجِيرَةً، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
هَذَا مَقَامُ العائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعة
، قَالَ: وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَن اسْمَ الرَّحِم مُشْتَقٌّ مِنِ اسْمِ الرَّحْمَنِ فكأَنه مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْمِ آخِذٌ بِوَسَطِهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
الرَّحِمُ شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ.
قَالَ: وأَصل الحُجْزة مَوْضِعُ شَدِّ الإِزار، قَالَ: ثُمَّ قِيلَ للإِزار حُجْزة لِلْمُجَاوَرَةِ. واحْتَجز بالإِزار إِذا شَدَّهُ عَلَى وَسَطِهِ فَاسْتَعَارَهُ لِلِالْتِجَاءِ وَالِاعْتِصَامِ والتمسُّك بِالشَّيْءِ وَالتَّعَلُّقِ بِهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
وَالنَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آخِذٌ بحُجْزة اللَّهَ تَعَالَى
أَي بِسَبَبٍ مِنْهُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
مِنْهُمْ مَنْ تأْخذه النَّارُ إِلى حُجْزَته
أَي إِلى مَشَدّ إِزاره، وَيُجْمَعُ عَلَى حُجَز؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فأَنا آخِذٌ بحُجَزكم
، والحُجْزَة: مَرْكَبُ مُؤَخَّر الصِّفاق فِي الحِقْو، والمُتَحَجِّز: الَّذِي قَدْ شَدَّ وَسَطَهُ، واحْتَجَز بإِزاره: شَدَّهُ عَلَى وَسَطِهِ، مِنْ ذَلِكَ، وَفِي حَدِيثِ
مَيْمُونَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ يُبَاشِرُ المرأَة مِنْ نِسَائِهِ وَهِيَ حَائِضٌ إِذا كَانَتْ مُحْتَجِزَةً
أَي شادَّةً مِئْزرها عَلَى الْعَوْرَةِ وَمَا لَا تَحِلُّ مُبَاشَرَتُهُ. والحاجِزُ: الْحَائِلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ النُّورِ عَمَدْن إِلى حُجَز مناطِقِهِنَّ فشَقَقْنَها فاتَّخَذنها خُمُراً
؛ أَرادت بالحُجَز الْمَآزِرَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَجَاءَ فِي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ حُجُوز أَو حُجُور بِالشَّكِّ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الحُجُور، بِالرَّاءِ، لَا مَعْنَى لَهَا هَاهُنَا وإِنما هُوَ بِالزَّايِ جَمْعُ حُجَز فكأَنه جَمْعُ الْجَمْعِ، وأَما الحُجُور، بِالرَّاءِ، فَهُوَ جَمْعُ حَجْر الإِنسان، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَاحِدُ الحُجوز حِجْز، بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَهِيَ الحُجْزة، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ وَاحِدُهَا حُجْزَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَى رَجُلًا مُحْتَجِزاً بِحَبْلٍ وَهُوَ مُحْرم
أَي مَشْدُودَ الْوَسَطِ. أَبو مَالِكٍ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ يَشُدُّ بِهِ الرَّجُلُ وَسَطَهُ لِيُشَمِّرَ بِهِ ثِيَابَهُ حِجَازٌ، وَقَالَ: الاحْتِجاز بِالثَّوْبِ أَن يُدْرجه الإِنسان فَيَشُدَّ بِهِ وَسَطَهُ، وَمِنْهُ أُخِذَت الحُجْزَة. وَقَالَتْ أُم الرَّحَّال: إِن الْكَلَامَ لَا يُحْجَز فِي العِكْم كَمَا يُحْجَز العَبَاء. العِكْم: العِدْل. والحَجْز: أَن يُدْرج الْحَبْلُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُشَدُّ. أَبو حَنِيفَةَ: الحِجاز حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ العِكْم. وَتَحَاجَزَ الْقَوْمُ: أَخذ بَعْضُهُمْ بحُجَز بَعْضٍ. رَجُلٌ شَدِيدُ الحجْزة: صَبُور عَلَى الشِّدَّةِ والجَهْد؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَسُئِلَ عَنْ بَنِي أُمية فَقَالَ: هُمْ أَشدُّنا حُجَزاً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
حُجْزَة
، وأَطْلَبُنا للأَمر لَا يُنال فيَنالونَه. وحُجْز الرَّجُلِ: أَصله ومَنْبِته. وحُجْزُه أَيضاً: فَصْلُ مَا بَيْنَ فَخِذِهِ وَالْفَخِذِ الأُخرى مِنْ عَشِيرَتِهِ؛ قَالَ:
فامْدَحْ كَرِيمَ المُنْتَمَى والحُجْزِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
تَزَوَّجُوا فِي الحُجْزِ الصَّالِحِ فإِن العِرْق(5/332)
دَسَّاس
؛ الْحُجْزُ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: الأَصل والمَنْبت، وَبِالْكَسْرِ هُوَ بِمَعْنَى الحِجْزة. وَهِيَ هَيْئَةُ المُحْتَجِز، كِنَايَةً عَنِ العِفَّة وطِيبِ الإِزار. والحِجْز الحُجْز: الناحية. وقال: الحُجْز الحِجْز العَشِيرة تَحْتَجِز بِهِمْ أَي تَمْتَنِعُ. وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي قَوْلَهُ: كَرِيمُ الْمُنْتَمَى وَالْحُجْزِ، إِنه عَفِيفٌ طَاهِرٌ كَقَوْلِ النَّابِغَةِ: طَيِّب حُجُزاتُهم، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والحِجْز: الْعَفِيفُ الطَّاهِرُ. والحِجاز: حَبْلٌ يُلْقَى لِلْبَعِيرِ مِنْ قِبَل رِجْلَيْهِ ثُمَّ يُنَاخُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُشَدُّ بِهِ رُسْغا رِجْلَيْهِ إِلى حِقْوَيْه وعَجُزُه؛ تَقُولُ مِنْهُ: حَجَزْت الْبَعِيرَ أَحْجِزه حَجْزاً، فَهُوَ مَحْجوز؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَهُنَّ مِنْ بَيْنِ مَحْجُوزٍ بِنافِذَةٍ ... وقائِظٍ وَكِلَا رَوْقَيْه مُخْتَضِب
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ أَن تُنِيخ الْبَعِيرَ ثُمَّ تَشُدَّ حَبْلًا فِي أَصل خُفَّيْه جَمِيعًا مِنْ رِجْلَيْهِ ثُمَّ تَرْفَعَ الْحَبْلَ مِنْ تَحْتِهِ حَتَّى تَشُدَّهُ عَلَى حِقْوَيْه، وَذَلِكَ إِذا أَراد أَن يَرْتَفِعَ خُفُّهُ؛ وَقِيلَ: الحِجاز حَبْلٌ يُشَدُّ بِوَسَطِ يَدَي الْبَعِيرِ ثُمَّ يخالَف فتُعْقد بِهِ رِجْلَاهُ ثُمَّ يُشَدّ طَرَفَاهُ إِلى حِقْويه ثُمَّ يُلْقَى عَلَى جَنْبِهِ شِبْهِ المَقْمُوط ثُمَّ تُداوَى دَبَرته فَلَا يَسْتَطِيعُ أَن يَمْتَنِعَ إِلا أَن يَجُرَّ جَنْبَهُ عَلَى الأَرض؛ وأَنشد:
كَوْسَ الهِبَلِّ النَّطِفِ المَحْجُوز
وحاجِزٌ: اسْمٌ. ابْنُ بُزُرج: الحَجَزُ والزَّنَجُ وَاحِدٌ. حَجِزَ وزَنِجَ: وَهُوَ أَن تَقَبَّضَ أَمعاء الرَّجُلِ ومَصَارينه مِنَ الظمإِ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَن يُكْثِرَ الشُّرْبَ وَلَا الطُّعْم، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
حرز: الحِرْز: الْمَوْضِعُ الْحَصِينُ. يُقَالُ: هَذَا حِرْزٌ حَرِيزٌ. والحِرْزُ: مَا أَحْرَزَك مِنْ مَوْضِعٍ وَغَيْرِهِ. تَقُولُ: هُوَ فِي حِرْزٍ لَا يُوصَل إِليه. وَفِي حَدِيثِ يأَجوج ومأْجوج:
فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلى الطُور
أَي ضُمَّهم إِليه وَاجْعَلْهُ لَهُمْ حِرْزاً. يُقَالُ: أَحْرَزْت الشَّيْءَ أُحْرِزُه إِحْرازاً إِذا حَفِظْتَهُ وَضَمَمْتَهُ إِليك وصُنْتَه عَنِ الأَخذ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي حِرْزٍ حارِزٍ
أَي كَهْفٍ مَنِيع، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: شِعْرٌ شاعِرٌ، فأَجرى اسْمَ الْفَاعِلِ صِفَةً للشِّعْر وَهُوَ لِقَائِلِهِ، وَالْقِيَاسُ أَن يَكُونَ حِرْزاً مُحْرِزاً أَو فِي حِرْزٍ حَرِيزٍ لأَنه الْفِعْلُ مِنْهُ أَحْرَز، وَلَكِنْ كَذَا رُوِيَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَعَلَّهُ لُغَةٌ. وَيُسَمَّى التّعْويذُ حِرْزاً. واحْتَرَزْتُ مِنْ كَذَا وتَحَرَّزْتُ أَي تَوَقَّيْتهُ. وأَحْرَزَ الشيءَ فَهُوَ مُحْرَز وحَرِيزٌ: حازَه. والحِرْزُ: مَا حِيزَ مِنْ مَوْضِعٍ أَو غَيْرِهِ أَو لُجِئَ إِليه، وَالْجَمْعُ أَحْراز، وأَحْرَزَني المَكانُ وحَرَّزَني: أَلْجَأَني؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
يَا ليتَ شِعْري، وَهَمُّ المَرءِ مُنْصِبُه ... والمَرْءُ لَيْسَ لَهُ فِي العَيْشِ تَحْرِيزُ
واحْتَرَزَ مِنْهُ وتَحَرَّزَ: جَعَلَ نَفْسَهُ فِي حِرْزٍ مِنْهُ؛ وَمَكَانٌ مُحْرِزٌ وحَرِيزٌ، وَقَدْ حَرُزَ حَرازَةً وحَرَزاً. وأَحْرَزَت المرأَةُ فَرْجَهَا: أَحْصَنَتْه؛ وَقَوْلُهُ:
ويْحَكَ يَا عَلْقَمَةُ بنَ ماعِزِ ... هَلْ لَكَ فِي اللَّواقِحِ الحَرائِزِ؟
قَالَ ثَعْلَبٌ: اللَّواقِح السِّياط، وَلَمْ يُفَسِّرِ الحرائِز إِلا أَن يَعْنِيَ بِهِ الْمَعْدُودَةَ أَو المُتَفَقَّدة إِذا صُنِعَتْ وَدُبِغَتْ. والحَرَز، بِالتَّحْرِيكِ: الخَطَر، وَهُوَ الجَوْز المَحْكوك يَلْعَبُ بِهِ الصَّبِيُّ، وَالْجَمْعُ أَحْراز وأَخطار؛ وَمِنْ أَمثالهم فِيمَنْ طَمِع فِي الرِّبْحِ حَتَّى فَاتَهُ رأْس المال قولهم:
وا حَرَزَا وأَبْتَغِي النَّوافِلا(5/333)
يريد وا حَرَزَاهُ، فَحَذف وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه كَانَ يُوتِرُ مِنْ أَوّل اللَّيْلِ ويقول:
وَا حَرَزا وأَبْتَغِي النَّوافلا
وَيُرْوَى:
أَحْرزتُ نَهْبِي وأَبْتَغِي النَّوَافِلَا
؛ يُرِيدُ أَنه قَضَى وِتْرَهُ وأَمِن فَواتَه وأَحْرَز أَجْره، فإِن اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ تَنَفَّل، وإِلا فَقَدَ خَرَجَ مِنْ عُهْدة الْوِتْرِ. والحَرَز، بِفَتْحِ الْحَاءِ: المُحْرَز، فَعَل بِمَعْنَى مُفْعَل، والأَلفُ في وا حَرَزَا مُنْقَلبةٌ عَنْ ياءِ الإِضافة كَقَوْلِهِمْ: يَا غُلَامًا أَقْبِل، فِي يَا غُلَامِي. والنوافِلُ: الزَّوَائِدُ، وَهَذَا مثَل لِلْعَرَبِ يُضربُ لِمَنْ ظَفِر بِمَطْلُوبِهِ وأَحْرَزَه وَطَلَبَ الزِّيَادَةَ. أَبو عَمْرٍو فِي نَوَادِرِهِ: الحَرائِزُ مِنَ الإِبل الَّتِي لَا تُبَاعُ نَفاسَة بِهَا؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
تُباعُ إِذا بِيعَ التِّلادُ الحَرائِزُ
وَمِنْ أَمثالهم: لَا حَرِيزَ مِنْ بَيْعٍ أَي إِن أَعطيتني ثَمَنًا أَرضاه لَمْ أَمتنع مِنْ بَيْعِهِ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ فَحْلًا:
يَهْدِرُ فِي عَقائِلٍ حَرائِزِ ... فِي مِثْلِ صُفْنِ الأَدَم المَخارِزِ
ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
الزَّكَاةِ لَا تأُخذوا مِنْ حَرَزات أَموال النَّاسِ شَيْئًا
أَي مِنْ خيارِها، هَكَذَا رُوِيَ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ، وَهِيَ جَمْعُ حَرْزة، بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَهِيَ خِيَارُ الْمَالِ لأَن صاحبَها يُحْرِزها وَيَصُونُهَا، والروايةُ المشهورةُ بِتَقْدِيمِ الزَّايِ عَلَى الرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وَمِنَ الأَسماء: حَرَّاز ومُحْرِز. حرمز
حرمز: رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسْتَنِيرِ أَنه قَالَ: يُقَالُ حَرْمَزَه اللهُ لَعَنَهُ اللَّهُ. وَبَنُو الحِرْمازِ: مُشْتَقٌّ مِنْهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحِرْمازُ حَيٌّ مِنْ تَمِيمٍ، وَمِنْ أَسماء الْعَرَبِ الحِرْمازُ، وَهُوَ مِنَ الحَرْمَزَة، وَهِيَ الذكاءُ، وَقَدِ احْرَمَّزَ الرجلُ وتَحَرْمَزَ إِذا صَارَ ذكِيّاً؛ قَالَهُ ابْنُ دريد.
حزز: الحَزُّ: قطْع فِي عِلاج، وَقِيلَ: هُوَ فِي اللَّحْم مَا كَانَ غيرَ بَائِنٍ، حَزَّه يَحُزُّه حَزّاً واحْتَزَّه احْتِزازاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه احْتَزَّ مِنْ كَتِف شَاةٍ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يتوضأْ
؛ هُوَ افْتَعَل مِنَ الحَزّ القَطْع، وَقِيلَ: الحَزُّ الْقَطْعُ مِنَ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ إِبانَة؛ وأَنشد:
وعَبْد يَغُوث تَحْجِل الطَّيْرُ حَوْله ... قَدِ احْتَزَّ عُرْشَيْهِ الحُسَامُ المُذَكَّرُ
فَجَعَلَ الحَزّ هَاهُنَا قَطْع العُنق، والمَحَزّ مَوْضِعُهُ، وأَعطيته حِذْيَةً مِنْ لَحْمٍ وحُزَّةً مِنْ لَحْمٍ. والتَّحَزُّز: التَّقَطُّع. والحُزَّة: مَا قُطِعَ مِنَ اللَّحْمِ طُولًا؛ قَالَ أَعشى بَاهِلَةَ:
تَكْفِيه حُزَّةُ فِلْذٍ إِن أَلَمَّ بِهَا ... مِنَ الشِّواءِ، ويُرْوِي شُرْبَه الغُمَرُ
وَيُقَالُ: مَا بِهِ وَذْيَةٌ، وَهُوَ مِثْلُ حُزَّة، وَقِيلَ: الحُزَّة الْقِطْعَةُ مِنَ الكَبِد خَاصَّةً، وَلَا يُقَالُ فِي سَنام وَلَا لَحْمٍ وَلَا غَيْرِهِ حُزّة. وَالْحَازُّ: قَطْعٌ فِي كِرْكِرَة الْبَعِيرِ، وَهُوَ اسْمٌ كَالنَّاكِتِ والضَّاغط. والحَزّ: الفَرْض فِي الشَّيْءِ، الْوَاحِدَةُ حَزَّة، وَقَدْ حَزَزْت الْعُودَ أَحُزّه حَزّاً. والحَزّ: فَرْضٌ فِي الْعُودِ والمِسْواك وَالْعَظْمِ غَيْرُ طَائِلٍ. والتَّحْزِيز: كَثْرَةُ الحَزِّ كأَسْنان المِنْجَل، وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَطراف الأَسنان، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الأَشَر، وَقَدْ حَزَّزَ أَسنانه، والتَّحْزِيزُ: أَثر الحَزّ أَيْضًا؛ قَالَ(5/334)
الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
إِن الهَوان، فَلَا يَكْذِبكُما أَحدٌ ... كأَنه فِي بَياضِ الجِلْدِ تَحْزِيز
والتَّحَزُّز: التقطُّع. وحَزَّ الشيءُ فِي صَدْرِهِ حَزّاً: حَكَّ. والحَزازَة والحَزَازُ والحَزَّاز والحُزَّاز، كُلُّهُ: وَجَعٌ فِي الْقَلْبِ مِنْ خَوْفٍ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ رَجُلًا بَاعَ قَوْسًا مِنْ رَجُلٍ وَغُبِنَ فِيهِ:
فَلَمَّا شَرَاهَا فاضَت العَيْنُ عَبْرَةً ... وَفِي الصَّدْر حَزَّاز مِنَ الهَمِّ حامِزُ
والحزَّاز: مَا حَزَّ فِي الْقَلْبِ. وَكُلُّ شَيْءٍ حَكّ فِي صَدْرِكَ، فَقَدْ حَزّ، وَيُرْوَى حُزَّاز. والحَزْحَزَة: كالحُزّاز. الأَزهري: الحَزَازَة وَجَعٌ فِي الْقَلْبِ مِنْ غَيْظٍ وَنَحْوِهِ، وَيُجْمَعُ حَزَازَات. والحَزَاز أَيضاً: وَجَعٌ كَذَلِكَ، قَالَ زُفَرُ بْنُ الْحَرْثِ الْكِلَابِيُّ:
وَقَدْ يَنْبُت المَرْعَى عَلَى دِمَنِ الثَّرَى ... وتَبْقَى حَزَازَاتُ النُّفُوسِ كَمَا هِيَا
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: ضَرَبَهُ مَثَلًا لِرَجُلٍ يُظهر مَوَدَّةً وَقَلْبُهُ نَغِلٌ بِالْعَدَاوَةِ. والحَزَاحِزُ: الْحَرَكَاتُ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
وتَبَوَّأَ الأَبْطال، بَعْدَ حَزاحِزٍ ... هَكْعَ النَّواحِزِ فِي مُناخِ المَوْحِفِ
والحَزَاز: هِبْرِيَةٌ فِي الرأْس كأَنه نُخالة، وَاحِدَتُهُ حَزَازَةٌ. والحَزُّ: غامِضٌ مِنَ الأَرض ينقاد بين غليظتين. والحَزِيزُ مِنَ الأَرض: مَوْضِعٌ كَثُرَتْ حِجَارَتُهُ وَغَلُظَتْ كأَنها السَّكاكِين؛ وَقِيلَ: هُوَ الْمَكَانُ الْغَلِيظُ يَنْقَادُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحَزِيزُ غِلَظٌ فِي الأَرض فَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ شُميل: الحَزِيزُ مَا غَلُظَ وصَلُبَ مِنْ جَلَد الأَرض مَعَ إِشْرافٍ قَلِيلٍ، قَالَ: وإِذا جَلَسْتَ فِي بَطْنِ المِرْبَد فَمَا أَشْرَفَ مِنْ أَعلاه فَهُوَ حَزِيزٌ. وَفِي حَدِيثِ
مُطَرِّفٍ: لقيتُ عَلِيّاً بِهَذَا الحَزِيز
؛ هُوَ المُنْهبط مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ الْغَلِيظُ مِنْهَا، ويجمع على حِزَّان [حُزَّان] ؛ وَمِنْهُ قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تَرْمِي الغُيُوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهَقٍ ... إِذا تَوَقَّدَت الحُزَّان والمِيلُ
وَفِي الْمُحْكَمِ: وَالْجَمْعُ أَحِزَّةٌ وحُزَّان وحِزَّانٌ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بأَحِزَّة الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَها ... قَفْرَ المَرَاقِبِ، خَوْفُها آرَامُها
وَقَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ يَصِفُ نَاقَةً:
نِعْم قُرْقُور المرُورَاتِ، إِذا ... غَرِقَ الحُزَّانُ فِي آلِ السَّرابِ
وَقَالَ زُهَيْرٌ:
تَهْوي مَدافِعُها فِي الحَزْنِ ناشِزَة الأَكتاف ... نَكَّبَها الحِزَّانُ والأَكَمُ
وَقَدْ قَالُوا: حُزُزٌ، فَاحْتَمَلُوا التَّضْعِيفَ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
وَكَمْ قَدْ جاوَزَت نِقْضي إِليكمْ ... مِنَ الحُزُزِ الأَماعِرِ والبِرَاقِ
قَالَ: وَلَيْسَ فِي القِفاف وَلَا فِي الْجِبَالِ حِزَّانٌ إِنما هِيَ جَلَد الأَرض، وَلَا يَكُونُ الحَزيز إِلَّا فِي أَرض كَثِيرَةِ الحَصْباء. والحَزِيزُ والحَزَازُ مِنَ الرِّجَالِ: الشديدُ عَلَى السَّوق وَالْقِتَالِ وَالْعَمَلِ؛ قَالَ:
فَهْيَ تَفادَى من حَزازٍ ذي حَزِقْ
أَي مِنْ حَزَازٍ حَزِقٍ، وَهُوَ الشَّدِيدُ جَذْبِ الرِّباط، وَهَذَا كَقَوْلِكَ: هَذَا ذُو زَيْد وأَتانا ذُو تَمْرٍ؛ قَالَ(5/335)
الأَزهري: وَالْمَعْنَى هَذَا زَيْدٌ وأَتانا تَمْرٌ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ مَرَّ بِنَا ذُو عَوْن بْنِ عَدِيّ، يُرِيدُ: مرَّ بِنَا عَوْنُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ، قَالَ: وَيُقَالُ أَخذ بحُزَّته أَي بِعُنُقِهِ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ السَّرَاوِيلِ حُزَّة وحُجْزَة، وَالْعُنُقُ عِنْدِي مُشَبَّهٌ بِهِ، وحُزَّة السَّرَاوِيلِ: حُجْزته؛ قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ أَراد بحُجْزَته، وَهِيَ لُغَةٌ فِيهَا. الأَصمعي: تَقُولُ حُجْزة السَّرَاوِيلِ وَلَا تَقُلْ حُزَّة. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ حُجْزَتُه وحُذْلته وحُزَّتُه وحُبْكَتُه، والحُزَّةُ العُنق. وَفِي الْحَدِيثِ:
آخِذٌ بحُزَّته
، والحُزَّة مِنَ السَّرَاوِيلِ الحُجْزة. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الإِثْم حُزّاز الْقُلُوبِ
؛ هِيَ الأُمور الَّتِي تَحُزُّ فِيهَا أَي تُؤَثر كَمَا يؤَثر الحَزُّ فِي الشَّيْءِ، وَهُوَ مَا يَخْطُرُ فِيهَا مِنْ أَن تَكُونَ مَعَاصِيَ لِفَقْدِ الطمأْنينة إِليها، وَهِيَ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ جَمْعُ حازٍّ. يُقَالُ إِذا أَصاب مِرْفَقَ الْبَعِيرِ طَرَفُ كِرْكِرَتِه فَقَطَعَهُ وأَدماه، قِيلَ: بِهِ حازٌّ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يَعْنِي مَا حَزَّ فِي الْقَلْبِ وحَكَّ. وَقَالَ العَدَبَّس الْكِنَانِيُّ: العَرَك وَالْحَازُّ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَن يُحَزَّ فِي الذِّرَاعِ حَتَّى يُخْلَصَ إِلى اللَّحْمِ ويُقْطع الجلدُ بحدِّ الكِرْكِرَة. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِذا أَثَّر فِيهِ قِيلَ ناكِتٌ، فإِذا حَزَّ بِهِ قِيلَ بِهِ حازٌّ، فإِذا لَمْ يُدْمه فَهُوَ الْمَاسِحُ؛ وَرَوَاهُ
شَمِرٌ: الإِثم حَوَّاز الْقُلُوبِ
، بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، أَي يَحُوزها وَيَتَمَلَّكُهَا وَيَغْلِبُ عَلَيْهَا، وَيُرْوَى:
الإِثم حَزَّازُ الْقُلُوبِ
، بِزَايَيْنِ الأُولى مُشَدَّدَةٌ، وَهُوَ فعَّال مِنَ الحَزّ. والحَزّ: الحِينُ وَالْوَقْتُ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
حَتَّى إِذا حَزَزَتْ مِياهُ رُزُونِهِ ... وبأَيِّ حَزّ مَلاوَةٍ يتقطع
أَي بأَي حِينٍ مِنَ الدَّهْرِ. والحَزَّة: السَّاعَةُ؛ يُقَالُ: أَيَّ حَزَّة أَتيتني قضيتُ حَقَّكَ؛ وأَنشد:
وأَبَنْت للأَشْهاد حَزَّة أَدَّعي
أَي أَبَنْت لَهُمْ قَوْلِي حِينَ ادَّعيت إِلى قَوْمِي فَقُلْتُ: أَنا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: سَمِعْتُ أَبا الْحَسَنِ الأَعرابي يَقُولُ لِآخَرَ: أَنت أَثقل مِنَ الْخَاثِرِ، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: هُوَ حَزَّاز يأْخذ عَلَى رأْس الْفُؤَادِ يُكْره عَلَى غِبِّ تُخَمة. وَبَعِيرٌ مَحْزوز: مَوْسُومٌ بِسِمَة الحُزّة يُحَزُّ بشَفْرة ثُمَّ يُفْتَلُ. ابْنُ الأَعرابي: الحَزّ الزِّيَادَةُ عَلَى الشَّرَفِ؛ يُقَالُ: لَيْسَ فِي الْقَبِيلِ أَحد يَحُزُّ عَلَى كَرَمِ فُلَانٍ أَي يَزِيدُ عَلَيْهِ. الأَزهري: قَالَ مُبْتَكِرٌ الأَعرابي: المُحازَّة الاسْتِقْصاء، تَقُولُ: بَيْنَنَا حِزاز شَدِيدٌ أَي اسْتِقْصَاءٌ، وَبَيْنَهُمَا شَرِكَةُ حِزَازٍ إِذا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَثِق بِصَاحِبِهِ. والحَزْحَزة: مِنْ فِعْلِ الرَّئِيسِ فِي الْحَرْبِ عِنْدَ تَعْبِيَة الصُّفُوفِ، وَهُوَ أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا وَيُؤَخِّرَ هَذَا؛ يُقَالُ: هُمْ فِي حَزاحِز مِنْ أَمرهم؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
وتَبَوَّأَ الأَبْطالُ، بَعْدَ حَزاحِزٍ ... هَكْعَ النَّواحِزِ فِي مُناخ المَوْحِف
وَالْمَوْحِفُ: المَنْزل بِعَيْنِهِ، وَذَلِكَ أَن الْبَعِيرَ الَّذِي بِهِ النُّحاز يُتْرَكُ فِي مُناخه لَا يُثَارُ حَتَّى يبرأَ أَو يَمُوتَ. أَبو زَيْدٍ: مِنْ أَمثالهم: حَزَّت حازَّةٌ مِنْ كُوعِها؛ يُضْرَبُ عِنْدَ اشْتِغَالِ الْقَوْمِ، يَقُولُ: فَالْقَوْمُ مَشْغُولُونَ بأُمورهم عَنْ غَيْرِهَا أَي فَالْحَازَّةُ قَدْ شَغَلَهَا مَا هِيَ فِيهِ عَنْ غَيْرِهَا. وتَحَزْحَز عَنِ الشَّيْءِ: تَنَحَّى. والحَزُّ: مَوْضِعٌ بالسَّرَاة. وحَزَّازٌ: اسْمٌ. وأَبو الحَزَّاز: كُنْيَةُ أَرْبدَ أَخي لَبِيدٍ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ:
فَأَخي إِن شَرِبُوا مِنْ خَيْرهم ... وَأَبُو الحَزَّاز مِنْ أَهل مَلِك(5/336)
حفز: الحَفْزُ: حَثُّك الشَّيْءَ مِنْ خَلْفِهِ سَوْقاً وَغَيْرَ سَوْقٍ، حَفَزَه يَحْفِزُه حَفْزاً؛ قَالَ الأَعشى:
لَهَا فَخِذانِ يَحْفِزانِ مَحالَةً ... وَدَأْياً، كبُنْيان الصُّوى، مُتلاحِكا
وَفِي حَدِيثِ البُراقِ:
وَفِي فَخِذَيْهِ جَنَاحَانِ يَحْفِزُ بِهِمَا رِجْلَيْهِ.
وَمِنْ مَسَائِلِ سِيبَوَيْهِ: مُرْهُ يَحْفِزُها، رُفِعَ عَلَى أَنه أَراد أَن يَحْفِزَها، فَلَمَّا حَذَفَ أَن رَفَعَ الْفِعْلَ بَعْدَهَا. وَرَجُلٌ مُحْفِزٌ: حافِزٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ومُحْفِزَة الحِزامِ بِمِرْفَقَيْها ... كَشاة الرَّبْلِ أَفْلَتَت الكِلابا
مُحْفزة هَاهُنَا: مُفْعِلَة مِنَ الحَفْز، يَعْنِي أَن هَذِهِ الْفَرَسَ تَدْفع الْحِزَامَ بِمَرْفِقَيْهَا مِنْ شِدَّةِ جَرْيِهَا. وَقَوْسٌ حَفُوز: شَدِيدَةُ الحَفْز وَالدَّفْعِ لِلسَّهْمِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وحَفَزَه أَي دَفَعَهُ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفِزُه حَفْزاً؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تُرِيحُ بَعْدَ النَّفَسِ المَحْفوزِ
يُرِيدُ النَّفَس الشَّدِيدَ المتتابِع كأَنه يُحفز أَي يَدْفَعُ مِنْ سِيَاقٍ. وَقَالَ الْعُكْلِيُّ: رأَيت فُلَانًا مَحْفُوزَ النَّفَس إِذا اشْتَدَّ بِهِ. والليلُ يَحفِز النهارَ حَفْزاً: يَحُثُّه عَلَى اللَّيْلِ وَيَسُوقُهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَفْز اللَّيالي أَمَدَ التَّزْيِيفِ
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَنس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ أَشراط السَّاعَةِ حَفْزُ الْمَوْتِ، قيل: وَمَا حَفْزُ الْمَوْتِ؟ قَالَ: مَوْتُ الفَجْأَة.
والحَفْزُ: الحَثّ والإِعْجال. وَالرَّجُلُ يَحْتَفِزُ فِي جُلُوسِهِ: يُرِيدُ الْقِيَامَ والبطشَ بِشَيْءٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الاحْتِفاز والاستِيفازُ والإِقْعاء وَاحِدٌ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ذُكِرَ القَدَرُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فاحْتَفَزَ وَقَالَ: لَوْ رأَيت أَحدَهم لعَضَضْت بأَنفه؛ قَالَ النَّضْرُ: احْتَفَزَ اسْتَوَى جَالِسًا عَلَى ورِكَيْه؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: قَلِقَ وشَخَص ضَجَراً، وَقِيلَ: اسْتَوَى جَالِسًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ كأَنه يَنْهَضُ. واحْتَفَزَ فِي مَشْيِهِ: احْتَثَّ وَاجْتَهَدَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مُجَنّب مِثْلَ تَيْسِ الرَّبل مُحْتَفِز ... بالقُصْرَيَيْنِ، عَلَى أُولاهُ مَصْبُوب
مُحْتَفِز أَي يَجْهَدُ فِي مَدِّ يَدَيْهِ. وَقَوْلُهُ: عَلَى أُولاه مَصْبُوبُ، يَقُولُ: يَجْرِي عَلَى جَرْيِهِ الأَوّل لَا يَحُولُ عَنْهُ؛ وَلَيْسَ مِثْلَ قَوْلِهِ:
إِذا أَقْبَلَتْ قلتَ دبَّاءَةٌ
ذَاكَ إِنما يُحْمَدُ مِنَ الإِناث. وَكُلُّ دَفْع حَفْز. وَفِي حَدِيثِ
أَنس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتِيَ بِتَمْرٍ فَجَعَلَ يَقْسمه وَهُوَ مُحْتَفِزٌ
أَي مُسْتَعْجِلٌ مُسْتَوْفِزٌ يُرِيدُ الْقِيَامَ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ مِنَ الأَرض. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكَرَةَ: أَنه دَبَّ إِلى الصَّفِّ رَاكِعًا وَقَدْ حَفَزَه النَّفَس.
وَيُقَالُ: حافَزْت الرَّجُلَ إِذا جاثيْتَه؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ: كَمَا بادَرَ الخَصْمُ اللَّجُوجُ المُحافِزُ وَقَالَ الأَصمعي: مَعْنَى حافَزْته دَانَيْتُه. وَقَالَ بَعْضُ الْكِلَابِيِّينَ: الحَفْزُ تَقَارُبُ النَّفَس فِي الصَّدْرِ. وَقَالَتِ امرأَة مِنْهُمْ: حَفَزَ النَّفَس حِينَ يَدْنُو مِنَ الْمَوْتِ. والحَوْفَزان: اسْمُ رَجُلٍ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لَقَبٌ لجَرَّارٍ مِنْ جَرَّارِي الْعَرَبِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذا قادَ أَلْفاً جَرَّار، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَوْفَزانُ اسم الحرث بْنِ شَرِيكٍ الشَّيْبَانِيِّ، لُقّب بِذَلِكَ لأَن بِسْطام بْنَ قَيْس طَعَنَهُ فأَعْجَله؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ التَّمِيمِيَّ حَفَزَه بِالرُّمْحِ حِينَ خَافَ أَن يَفُوتَهُ فَعَرَج مِنْ تِلْكَ الحَفْزَة فَسُمِّيَ بِتِلْكَ الحَفْزَة حَوْفَزاناً؛ حَكَّاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ؛ وأَنشد(5/337)
جَرِيرٌ يَفْتَخِرُ بِذَلِكَ:
وَنَحْنُ حَفَزْنا الحَوْفَزانَ بِطَعْنَةٍ ... سَقَتْهُ نَجِيعاً مِنْ دَمِ الجَوْفِ أَشْكَلا
وحَفَزْتُه بِالرُّمْحِ: طَعَنْتُه. والحَوْفَزانُ: فَوْعلان مِنَ الحَفْز. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْل مَنْ قَالَ إِنما حَفَزه بِسطامُ بنُ قَيْسٍ فَغَلَطٌ لأَنه شَيْبَانِيٌّ، فَكَيْفَ يَفْتَخِرُ جريرٌ بِهِ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ البيتُ لِجَرِيرٍ وإِنما هُوَ لسَوّار بْنِ حِبَّانَ المِنْقَري، قَالَهُ يَوْمَ جَدُودٍ؛ وَبَعْدَهُ:
وحُمْرانُ أَدَّتْه إِلينا رِماحُنا ... يُنازِع غُلًّا فِي ذِراعَيْه مُثْقَلا
يَعْنِي بحُمْران ابْنَ حُمْرانَ بنِ عبدِ بنِ عَمْرَو بنِ بِشْرِ بْنِ عَمْرِو بنِ مَرْثَدٍ؛ قَالَ: وأَما قَوْلُ الْآخَرِ:
وَنَحْنُ حَفَزْنَا الْحَوْفَزَانَ بِطَعْنَةٍ ... سَقَتْهُ نَجِيعًا مِنْ دَمِ الْجَوْفِ آنِيَا
فَهُوَ الأَهتم بْنُ سُمَيٍّ المِنْقَري؛ وأَول الشَّعْرِ:
لَمَّا دَعَتْني للسِّيادة مِنْقَرٌ ... لَدَى مَوْطِنٍ أَضْحَى لَهُ النجمُ بادِيا
شَدَدْت لَهَا أُزْرِي، وَقَدْ كنتُ قَبْلها ... أَشُدُّ لأَحْناءِ الأُمُور إِزاريا
ورأَيته مُحْتفِزاً أَي مُستوفِزاً. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذا صَلَّى الرجلُ فَلْيُخَوّ وإِذا صلَّت المرأَة فَلْتَحْتَفِزْ
أَي تتضامَّ وتَجْتمع إِذا جَلَسَتْ وإِذا سَجَدَتْ، ولا تُخَوِّي كَمَا يُخَوِّي الرجلُ. وَفِي حَدِيثِ
الأَحْنف: كَانَ يُوَسِّعُ لِمَنْ أَتاه فإِذا لَمْ يَجِدْ مُتَّسَعاً تَحَفَّزَ لَهُ تَحَفُّزاً.
والحَفَز: الأَجَل فِي لُغَةِ بَنِي سَعْدٍ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ هَذَا الْبَيْتَ:
واللهِ أَفْعَل مَا أَرَدْتُمْ طائِعاً ... أَو تَضْرِبوا حَفَزاً لِعامٍ قابِلِ
أَي تَضْرِبُوا أَجَلًا. يُقَالُ: جَعَلْتُ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ حَفَزاً أَي أَمداً، والله أَعلم.
حلز: الحَلْز: البُخْل. ورجل حِلِّزٌ: بَخِيلٌ. وامرأَة حِلِّزة: بَخِيلَةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَبِهِ سُمِّيَ الحرث بْنُ حِلِّزَة؛ قَالَ الأَزهري وأَنشد الإِيادي:
هِيَ ابْنَةُ عَمِّ الْقَوْمِ، لَا كلِّ حِلِّزٍ ... كصَخْرَة يَبْسٍ لَا يُغَيِّرها البَلَلْ
وحِلِّزَةُ: امرأَة. والحِلّزة، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيضاً: الْقَصِيرَةُ. وكَبِدٌ حِلّزة وحَلِزَةٌ: قَرِيحَةٌ. وَالْقَلْبُ يَتَحَلَّز عِنْدَ الْحُزْنِ، وَهُوَ كالاعْتِصار فِيهِ والتَّوَجُّع، وَقَلْبٌ حالِزٌ عَلَى النَّسَبِ. وَرَجُلٌ حالِزٌ: وَجِعٌ. والحِلِّز: ضَرْبٌ مِنَ الْحُبُوبِ يُزْرَعُ بِالشَّامِ، وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الشجرِ قصَار؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. الأَزهري: قَالَ قُطْرُبٌ الحِلِّزَة ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ، قَالَ: وَبِهِ سُمِّيَ الحرث بْنُ حِلِّزة اليَشْكُري؛ قَالَ الأَزهري: وَقُطْرُبٌ لَيْسَ مِنَ الثِّقَاتِ وَلَهُ فِي اشْتِقَاقِ الأَسماء حُرُوفٌ مُنْكرة. وحِلِّزَة: دُوَيْبَّةٌ مَعْرُوفَةٌ. الأَصمعي: حَلَزُون دَابَّةٌ تَكُونُ فِي الرِّمْثِ، جَاءَ بِهِ فِي بَابِ فَعَلُول وَذُكِرَ مَعَهُ الزَّرَجُون والقَرَقُوس، فإِن كَانَتِ النُّونُ أَصيلة فَالْحَرْفُ رُبَاعِيٌّ، وإِن كَانَتْ زَائِدَةً فَالْحَرْفُ ثُلَاثِيٌّ، أَصله حَلِزَ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: احْتَلَزْتُ مِنْهُ حَقِّي أَي أَخذته، وتَحالَزْنا بِالْكَلَامِ: قَالَ لِي وَقُلْتُ لَهُ، وَمِثْلُهُ احْتَلَجْت مِنْهُ حَقِّي، وتَحالَجْنا بِالْكَلَامِ. وتَحَلَّز الرجلُ للأَمر إِذا تَشَمَّر لَهُ،(5/338)
وَكَذَلِكَ تَهَلَّز؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَرْفَعْنَ للحادِي إِذا تَحَلَّزا ... هَامًا، إِذا هَزَزْته تَهَزْهَزا
ويروى: تَهَلَّزا.
حمز: حَمَزَ اللبنُ يَحْمِز حَمْزاً: حَمُض، وَهُوَ دُونَ الحازِرِ، وَالِاسْمُ الحَمْزة. قَالَ الْفَرَّاءُ: اشْرَبْ مِنْ نَبِيذك فإِنه حَمُوزٌ لِمَا تَجِدُ أَي يَهْضِمه. والحَمْز: حَرافَة الشَّيْءِ. يُقَالُ: شَراب يَحْمِز اللِّسَانَ. ورُمَّانَةٌ حامِزَة: فِيهَا حُمُوضة. الأَزهري: الحَمْزَةُ فِي الطَّعَامِ شِبْهُ اللَّذْعَةِ والحَرَافَةِ كَطَعْمِ الخَرْدل. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: تَغَدَّى أَعرابي مَعَ قَوْمٍ فَاعْتَمَدَ عَلَى الخَرْدَل فَقَالُوا: مَا يُعْجِبُكَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: حَمْزُهُ وحَرَافته. قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ الشَّيْءُ الْحَامِضُ إِذا لَذَعَ اللسانَ وقَرَصه، فَهُوَ حامزٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه شَرِبَ شَرَابًا فِيهِ حَمازة
أَي لَذْع وحِدَّة أَي حُموضة. وحَمَزه يَحْمِزُه حَمْزاً: قَبَضه وضَمَّه. وإِنه لحَمُوزٌ لِمَا حَمَزه أَي مُحْتَمِلٌ لَهُ. وحَمَزَت الكلمةُ فُؤَادَهُ تَحْمزه: قَبَضَتْه وأَوجعته. وَفِي التَّهْذِيبِ: حَمَز اللومُ فُؤَادَهُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كَلَّمْتُ فُلَانًا بِكَلِمَةٍ حَمَزَتْ فُؤَادَهُ، قَبَضَتْهُ وغَمَّته فَتَقَبَّض فؤادهُ مِنَ الْغَمِّ، وَقِيلَ: اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ حامِزُ الْفُؤَادِ: مُتَقَبّضه. والحامزُ والحَمِيزُ: الشَّدِيدُ الذَّكيّ. وَفُلَانٌ أَحْمَزُ أَمْراً مِنْ فُلَانٍ أَي أَشدّ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ فُلَانٌ أَحمَزُ أَمراً مِنْ فُلَانٍ إِذا كَانَ مُتَقَبِّض الأَمر مُشَمِّرَهُ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ حَمْزة. والحامِزُ: الْقَابِضُ. والحَمِيز: الظَّرِيفُ. وكلُّ مَا اشْتَدَّ، فَقَدْ حَمُزَ. وَفِي لُغَةِ هُذَيْلٍ: الحَمْز التَّحْدِيدُ. يُقَالُ حَمَز حَدِيدَته إِذا حدَّدها، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي أَشعارهم. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَعمال أَفضل؟ فَقَالَ: أَحْمَزُها عَلَيْكَ
يَعْنِي أَمْتَنها وأَقواها وأَشدّها، وَقِيلَ: أَمَضّها وأَشَقّها. وَيُقَالُ: رَجُلٌ حامِز الْفُؤَادِ وحَمِيزُه أَي شَدِيدُهُ. وهَمٌّ حامِزٌ: شَدِيدٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخِ فِي رَجُلٍ بَاعَ قَوْساً مِنْ رَجُلٍ:
فَلَمَّا شَراها فَاضَتِ الْعَيْنُ عَبْرَةً ... وَفِي الصَّدْرِ حُزَّازٌ مِنَ الْوَجْدِ حامِزُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنَ اللَّوْم حامِزٌ. أَي عَاصِرٌ، وَقِيلَ: أَي مُمِضّ مُحْرِق. وحَمْزَةُ: بَقْلة، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ وكُنيَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَمْزَة بَقْلَةٌ حِرِّيفَةٌ. قَالَ
أَنس: كنَّاني رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِبَقْلة كُنْتُ أَجْتَنِيها
، وَكَانَ يُكْنى أَبا حَمْزَةَ، وَالْبَقْلَةُ الَّتِي جَنَاها أَنس كان فِي طَعْمِهَا لَذْع لِلِّسَانِ، فسُمِّيت البقلةُ حَمْزَة لِفِعْلِهَا، وَكُنِّيَ أَنس أَبا حَمْزة لِجَنْيِه إِيَّاها. والحَمازَةُ: الشِّدَّةُ، وَقَدْ حَمُز الرجلُ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ حَمِيزُ الْفُؤَادِ وحامِز أَي صَلْبُ الْفُؤَادِ. وَرَجُلٌ مَحْموز البَنان أَي شَدِيدٌ؛ قَالَ أَبو خِراش: أُقَيْدِرُ مَحْموز البَنانِ ضَئِيل
حنز: الحِنْزُ: الْقَلِيلُ مِنَ الْعَطَاءِ. وَهَذَا حِنْزُ هَذَا أَي مِثْلُهُ، وَالْمَعْرُوفُ حِتْن، والله أَعلم.
حوز: الحَوْزُ السَّيْرُ الشَّدِيدُ والرُّوَيْد، وَقِيلَ: الحَوْز والحَيْزُ السَّوْقُ اللَّيِّنُ. وحازَ الإِبلَ يَحُوزُها ويَحِيزها حَوْزاً وحَيْزاً وحَوَّزَها: سَاقَهَا سَوْقًا رُوَيْداً. وسَوْقٌ حَوْزٌ، وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ، قَالَ الأَصمعي: وَهُوَ الْحَوْزُ؛ وأَنشد:(5/339)
وَقَدْ نَظَرْتُكُمُ إِينَاء صادِرَةٍ ... للوِرْدِ، طَالَ بِهَا حَوْزِي وتَنْساسِي
وَيُقَالُ: حُزْها أَي سُقْها سَوْقًا شَدِيدًا. وَلَيْلَةُ الحَوْز: أَول لَيْلَةٍ تُوَجَّه فِيهَا الإِبل إِلى الْمَاءِ إِذا كَانَتْ بَعِيدَةً مِنْهُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنه يُرْفَقُ بِهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَيُسار بِهَا رُوَيْداً. وحَوَّزَ الإِبلَ: سَاقَهَا إِلى الْمَاءِ؛ قَالَ:
حَوَّزَها، مِنْ بُرَقِ الغَمِيمِ ... أَهْدَأُ يَمْشِي مِشْيَةَ الظَّلِيمِ
بالحَوْز والرِّفْق وبالطَّمِيمِ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَمْ تُحَوَّز فِي رِكابي العيرُ
عَنى أَنه لَمْ يَشْتَدَّ عَلَيْهَا فِي السَّوْق؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ لَمْ يُحْمَل عَلَيْهَا. والأَحْوَزِيّ والحُوزِي: الحَسَن السِّياقة وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ بَعْضُ النِّفار؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ ثَوْرًا وَكِلَابًا:
يَحُوزُهُنَّ، وَلَهُ حُوزِيّ ... كَمَا يَحُوزُ الفِئَةَ الكَمِيّ
والأَحْوَزِيُّ والحُوزِيّ: الْجَادُّ فِي أَمره. وَقَالَتْ
عَائِشَةُ فِي عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ واللهِ أَحْوَزِيّاً نَسِيجَ وَحْدِه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الحَسَن السِّياق للأُمور وَفِيهِ بَعْضُ النِّفار. وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يَقُولُ: الأَحْوَزِيّ الْخَفِيفُ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:
كَانَ وَاللَّهِ أَحْوَذِيّاً
، بِالذَّالِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الأَحْوَزِيّ، وَهُوَ السَّائِقُ الْخَفِيفُ. وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَرْوِي رَجَزَ الْعَجَّاجِ حُوذِيّ، بِالذَّالِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، يَعْنِي بِهِ الثورَ أَنه يَطْرد الكلابَ وَلَهُ طارِدٌ مِنْ نَفْسِهِ يَطْرده مِنْ نَشَاطِهِ وحَدّه. وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ: وَلَهُ حُوزِيّ أَي مَذْخُور سَيْرٍ لَمْ يَبْتذله، أَي يَغْلِبُهُنَّ بالهُوَيْنا. والحُوزِيّ: المُتَنَزِّه فِي المَحِل الَّذِي يَحْتَمِلُ ويَحُلُّ وَحْدَهُ وَلَا يُخَالِطُ الْبُيُوتَ بِنَفْسِهِ وَلَا مَالِهِ. وانْحازَ القومُ: تَرَكُوا مَرْكَزهم ومَعْركة قِتَالِهِمْ وَمَالُوا إِلى مَوْضِعٍ آخَرَ. وتَحَوَّز عَنْهُ وتَحَيَّزَ إِذا تَنَحَّى، وَهِيَ تَفَيْعَل، أَصلها تَحَيْوَز فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِمُجَاوَرَةِ الْيَاءِ وأُدغمت فِيهَا. وتَحَوَّزَ لَهُ عَنْ فِرَاشِهِ: تَنَحَّى. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَمَا تَحَوَّز لَهُ عَنْ فِراشه.
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: التَّحَوُّز هُوَ التَّنَحِّي، وَفِيهِ لُغَتَانِ: التَّحَوّز والتَّحَيّز. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ
؛ فالتَّحَوّز التَّفَعُّل، والتَّحَيُّز التَّفَيْعُل، وَقَالَ الْقَطَامِيُّ يَصِفُ عَجُوزًا اسْتَضَافَهَا فَجَعَلَتْ تَرُوغ عَنْهُ فَقَالَ:
تَحَوَّزُ عَنِّي خِيفَةً أَن أَضِيفَها ... كَمَا انْحازَت الأَفْعَى مَخافَة ضارِبِ
يَقُولُ: تَتَنَحَّى هَذِهِ الْعَجُوزُ وتتأَخر خَوْفًا أَن أَنزل عَلَيْهَا ضَيْفًا، وَيُرْوَى: تَحَيَّزُ مِنِّي، وَقَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ
، نُصِبَ مُتَحَيِّزاً ومُتَحَرِّفاً عَلَى الْحَالِ أَي إِلا أَن يَتَحَرَّفَ لأَن يُقَاتِلَ أَو أَن يَنْحاز أَي يَنْفَرِدَ لِيَكُونَ مَعَ المُقاتِلة، قَالَ: وأَصل مُتَحَيِّز مُتَحَيْوِز فأُدغمت الْوَاوُ فِي الْيَاءِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ مَا لَكَ تَتَحَوَّز إِذا لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَى الأَرض، وَالِاسْمُ مِنْهُ التَّحَوُّز. والحَوْزاءُ: الحَرب تَحُوز الْقَوْمَ، حَكَاهَا أَبو رِيَاشٍ فِي شَرْحِ أَشعار الْحَمَاسَةِ فِي قَوْلِ جَابِرِ بْنِ الثَّعْلَبِ:
فَهَلَّا عَلَى أَخْلاق نَعْلَيْ مُعَصِّبٍ ... شَغَبْتَ، وذُو الحَوْزاءِ يَحْفِزُه الوِتْر
الوِتْر هَاهُنَا: الْغَضَبُ. والتَّحَوُّز: التَّلبُّث والتَّمَكُّث. والتَّحَيُّز والتَّحَوُّز: التَّلَوّي والتقلُّب، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْحَيَّةَ. يُقَالُ: تَحَوَّزَت الْحَيَّةُ وتَحَيَّزت أَي(5/340)
تَلَوَّت. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: مَا لَكَ تَحَوَّزُ كَمَا تَحَيَّزُ الحية؟ تَحَوَّزُ تَحَيُّز الْحَيَّةِ، وتَحَوُّزَ الْحَيَّةِ، وَهُوَ بُطْءُ الْقِيَامِ إِذا أَراد أَن يَقُومَ؛ قَالَ غَيْرُهُ: والتَّحَوُّس مِثْلُهُ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ تَفَيْعل مِنْ حُزْت الشَّيْءَ، والحَوْز مِنَ الأَرض أَن يَتَّخِذَهَا رجلٌ وَيُبَيِّنَ حُدُودَهَا فَيَسْتَحِقَّهَا فَلَا يَكُونُ لأَحد فِيهَا حَقٌّ معه، فذلك الحَوْز. تَحَوَّز الرَّجُلُ وتَحَيَّز إِذا أَراد الْقِيَامَ فأَبطأَ ذَلِكَ عَلَيْهِ. والحَوْز: الْجَمْعُ. وَكُلُّ مَنْ ضَمَّ شَيْئًا إِلى نَفْسِهِ مِنْ مَالٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَدْ حازَه حَوْزاً وحِيازَة وحازَه إِليه واحْتازَهُ إِليه؛ وَقَوْلُ الأَعشى يَصِفُ إِبلًا:
حُوزِيَّة طُوِيَتْ عَلَى زَفَراتِها ... طَيَّ القَناطِرِ قَدْ نَزَلْنَ نُزُولا
قَالَ: الحُوزِيَّة النُّوق الَّتِي لَهَا خَلِفة انْقَطَعَتْ عَنِ الإِبل فِي خَلِفَتها وفَراهتها، كَمَا تَقُولُ: مُنْقَطِعُ القَرِينِ، وَقِيلَ: نَاقَةٌ حُوزِيَّة أَي مُنْحازة عَنِ الإِبل لَا تُخَالِطُهَا، وَقِيلَ: بَلِ الحُوزِيَّة الَّتِي عِنْدَهَا سَيْرٌ مَذْخُورٌ مِنْ سَيْرِهَا مَصُون لَا يُدْرك، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ الحُوزِيُّ الَّذِي لَهُ إِبْداءٌ مِنْ رأْيه وَعَقْلُهُ مَذْخُورٌ. وَقَالَ فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ: وَلَهُ حُوزِيّ، أَي يَغْلِبُهُنَّ بالهُوَيْنا وَعِنْدَهُ مَذْخُورٌ لَمْ يَبْتَذِله. وَقَوْلُهُمْ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَيانِ يَحُوزُهما النَّهَارُ فَهُنَاكَ لَا يَجِدُ الحَرُّ مَزِيداً، وإِذا طَلَعَتَا يَحُوزُهما اللَّيْلُ فَهُنَاكَ لَا يَجِدُ القُرّ مَزيداً، لَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَن يَكُونَ يضمُّهما وأَن يَكُونَ يَسُوقُهُمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ جَميعَ اللأْمَةِ كَانَ يَحُوزُ الْمُسْلِمِينَ
أَي يَجْمَعُهُمْ؛ حازَه يَحُوزه إِذا قَبَضَهُ ومَلَكه واسْتَبَدَّ بِهِ. قَالَ شَمِرٌ: حُزْت الشَّيْءَ جَمَعْتُه أَو نَحَّيته؛ قَالَ: والحُوزِيّ المُتَوَحِّد فِي قَوْلِ الطِّرِمَّاحِ:
يَطُفْن بِحُوزيِّ المَراتِع، لَمْ تَرُعْ ... بوَادِيه مِنْ قَرْعِ القِسِيِّ، الكَنَائِن
قَالَ: الحُوزِيُّ الْمُتَوَحِّدُ وَهُوَ الْفَحْلُ مِنْهَا، وَهُوَ مِنْ حُزْتُ الشَّيْءَ إِذا جَمَعْتَهُ أَو نَحَّيته؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاذٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَتَحَوَّز كلٌّ مِنْهُمْ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً
أَي تَنَحَّى وَانْفَرَدَ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، مِنَ السُّرْعَةِ وَالتَّسَهُّلِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ يأْجوج:
فَحَوِّزْ عِبَادِي إِلى الطُّور
أَي ضُمَّهم إِليه، وَالرِّوَايَةُ فَحَرِّزْ، بِالرَّاءِ، وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، يَوْمَ الخَنْدَقِ: مَا يُؤَمِّنُك أَن يَكُونَ بَلاء أَو تَحَوُّزٌ؟
وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ
، أَي مُنْضمّاً إِليها. والتَّحَوُّزُ والتَّحَيُّز والانْحِياز بِمَعْنًى. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدَةَ: وَقَدِ انْحازَ عَلَى حَلْقَة نَشِبَت فِي جِرَاحَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ أُحُدٍ
أَي أَكَبَّ عَلَيْهَا وَجَمَعَ نَفْسَهُ وضَمَّ بَعْضَهَا إِلى بَعْضٍ. قَالَ عُبَيْدُ بْنُ حرٍّ «3» : كُنْتُ مَعَ أَبي نَضْرَة مِنَ الفُسْطاط إِلى الإِسْكنْدَرِيَّة فِي سَفِينَةٍ، فَلَمَّا دَفَعْنا مِنْ مَرْسانا أَمر بِسُفْرته فَقُرِّبت وَدَعَانَا إِلى الْغَدَاءِ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، فَقُلْتُ: مَا تَغَيَّبَتْ عَنَّا منازلُنا؛ فَقَالَ: أَترغب عَنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَلَمْ نَزَلْ مُفْطِرِينَ حَتَّى بلغنا ماحُوزَنا؛ قَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ ماحُوزَنا: هُوَ مَوْضِعُهُمُ الَّذِي أَرادوه، وأَهل الشَّامِ يُسَمُّونَ الْمَكَانَ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ الَّذِي فِيهِ أَساميهِم ومَكاتِبُهُم الماحُوزَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِنْ قَوْلِكَ حُزْتُ الشَّيْءَ إِذا أَحْرَزْتَه، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَوْ كَانَ مِنْهُ لَقِيلَ مَحازنا أَو مَحُوزنا. وحُزت الأَرض إِذا أَعلَمتها وأَحييت حُدُودَهَا. وَهُوَ يُحاوِزُه أَي يُخَالِطُهُ وَيُجَامِعُهُ؛ قَالَ: وأَحسب قوله ماحُوزَنا بِلُغَةٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ، وَكَذَلِكَ
__________
(3) . قوله [عبيد بن حر] كذا بالأصل(5/341)
الماحُوز لُغَةٌ غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ، وكأَنه فاعُول، وَالْمِيمُ أَصلية، مِثْلُ الفاخُور لِنَبْتٍ، والرَّاجُول للرَّجل. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَحَبَّسَ فِي الأَمر: دَعْنِي مِنْ حَوْزك وطِلْقك. وَيُقَالُ: طَوّل عَلَيْنَا فلانٌ بالحَوْزِ والطِّلْق، والطِّلق: أَن يُخَلِّيَ وُجُوهَ الإِبل إِلى الْمَاءِ وَيَتْرُكَهَا فِي ذَلِكَ تَرْعَى لَيْلَتَئِذٍ فَهِيَ لَيْلَةُ الطِّلْق؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
قَدْ غَرّ زَيْداً حَوْزُه وطِلْقُه
وحَوْز الدَّارِ وحَيْزها: مَا انْضَمَّ إِليها مِنَ المَرافِقِ وَالْمَنَافِعِ. وَكُلُّ نَاحِيَةٍ عَلَى حِدَةٍ حَيِّز، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وأَصله مِنَ الْوَاوِ. والحَيْز: تَخْفِيفُ الحَيِّز مِثْلُ هَيْن وهَيِّن وليْن وليِّن، وَالْجَمْعُ أَحْيازٌ نَادِرٌ. فأَما عَلَى الْقِيَاسِ فَحَيائِز، بِالْهَمْزِ، فِي قَوْلِ سِيبَوَيْهِ، وحَياوِزُ، بِالْوَاوِ، فِي قَوْلِ أَبي الْحَسَنِ. قَالَ الأَزهري: وَكَانَ الْقِيَاسُ أَن يَكُونَ أَحْواز بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ والأَموات وَلَكِنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا كَرَاهَةَ الِالْتِبَاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَحَمَى حَوْزَة الإِسلام
أَي حُدُودَهُ وَنَوَاحِيَهُ. وَفُلَانٌ مَانِعٌ لحَوْزَته أَي لِمَا فِي حَيّزه. والحَوْزة، فَعْلَةٌ، مِنْهُ سُمِّيَتْ بِهَا النَّاحِيَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَتى عبدَ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ يَعُودُهُ فَمَا تَحَوَّز لَهُ عَنْ فِرَاشِهِ
أَي مَا تَنَحَّى؛ التَّحَوُّز: مِنَ الحَوزة، وَهِيَ الْجَانِبُ كالتَّنَحِّي مِنَ النَّاحِيَةِ. يُقَالُ: تَحَوَّز وتَحَيَّز إِلا أَن التَّحَوُّز تَفَعُّل والتَّحَيُّز تَفَيْعُل، وإِنما لَمْ يَتَنَحَّ لَهُ عَنْ صَدْرِ فِرَاشِهِ لأَن السنَّة فِي تَرْكِ ذَلِكَ. والحَوْز: مَوْضِعٌ يَحُوزه الرَّجُلُ يَتَّخِذُ حَوَالَيْهِ مُسَنَّاةً، وَالْجَمْعُ أَحْواز، وَهُوَ يَحْمِي حَوْزته أَي مَا يَلِيهِ ويَحُوزه. والحَوْزة: النَّاحِيَةُ. والمُحاوَزَةُ: الْمُخَالَطَةُ. وحَوْزَةُ المُلْكِ: بْيضَتُه. وانْحاز عَنْهُ: انْعَدَلَ. وَانْحَازَ القومُ: تَرَكُوا مَرْكَزَهُمْ إِلى آخَرَ. يُقَالُ للأَولياء: انْحَازُوا عَنِ الْعَدُوِّ وحاصُوا، وللأَعداء: انْهَزَمُوا ووَلَّوْا مُدْبِرين. وتَحاوَز الْفَرِيقَانِ فِي الحَرْب أَي انْحاز كلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ عَنِ الْآخَرِ. وحاوَزَه: خَالَطَهُ. والحَوْز: الملْك. وحَوْزة المرأَة: فَرْجها؛ وَقَالَتِ امرأَة:
فَظَلْتُ أَحْثي التُّرْبَ فِي وجهِه ... عَني، وأَحْمِي حَوْزَةَ الْغَائِبِ
قَالَ الأَزهري: قَالَ الْمُنْذِرِيُّ يُقَالُ حَمَى حَوْزاتِه؛ وأَنشد يَقُولُ:
لَهَا سَلَف يَعُودُ بِكُلِّ رَيْع ... حَمَى الحَوْزاتِ واشْتَهَر الإِفالا
قَالَ: السلَفُ الْفَحْلُ. حَمَى حوزاتِه أَي لَا يَدْنو فَحْلٌ سِوَاهُ مِنْهَا؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
حَمَى حَوْزاتِه فَتُركْنَ قَفْراً ... وأَحْمَى مَا يَلِيه مِنَ الإِجامِ
أَراد بحَوْزاته نَوَاحِيَهُ مِنَ الْمَرْعَى. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: إِن كَانَ للأَزهري دَلِيلٌ غَيْرَ شِعْرِ المرأَة فِي قَوْلِهَا وأَحْمِي حَوْزَتي لِلْغَائِبِ عَلَى أَن حَوْزة المرأَة فَرْجها سُمِعَ، واستدلالُه بِهَذَا الْبَيْتِ فِيهِ نَظَرٌ لأَنها لَوْ قَالَتْ وأَحْمي حَوْزتي لِلْغَائِبِ صَحَّ الِاسْتِدْلَالُ، لَكِنَّهَا قَالَتْ وأَحمي حَوْزَةَ الْغَائِبِ، وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْهَا لَا يُعْطِي حَصْرَ الْمَعْنَى فِي أَن الحَوْزَة فَرْجُ المرأَة لأَن كُلَّ عِضْو للإِنسان قَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَوْزه، وَجَمِيعُ أَعضاء الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ حَوْزُه، وَفَرْجُ المرأَة أَيضاً فِي حَوْزها مَا دَامَتْ أَيِّماً لَا يَحُوزُه أَحد إِلا إِذا نُكِحَتْ بِرِضَاهَا، فإِذا نُكِحَتْ صَارَ فَرْجها فِي حَوْزة زَوْجِهَا، فَقَوْلُهَا وأَحْمي حَوْزَة الْغَائِبِ مَعْنَاهُ أَن فَرْجَهَا مِمَّا حَازَهُ زوجُها فَمَلَكَهُ بعُقْدَةِ نِكَاحِهَا، وَاسْتَحَقَّ التَّمَتُّعَ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَهُوَ إِذاً حَوْزَته بِهَذِهِ الطَّرِيقِ لَا حَوْزَتُها بالعَلَمية، وَمَا أَشبه هَذَا بِوَهْم(5/342)
الْجَوْهَرِيِّ فِي اسْتِدْلَالِهِ بِبَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي مَحَبَّتِهِ لِابْنِهِ سَالِمٍ بِقَوْلِهِ:
وجِلْدَةُ بينِ العينِ والأَنْفِ سالِمُ
عَلَى أَن الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ الْعَيْنِ والأَنْف يُقَالُ لَهَا سَالِمٌ، وإِنما قَصَد عبدُ اللَّهِ قُرْبَه مِنْهُ وَمَحَلَّهُ عِنْدَهُ، وَكَذَلِكَ هَذِهِ المرأَة جَعَلَت فَرْجَهَا حَوْزَة زَوْجِهَا فَحَمَتْه لَهُ مِنْ غَيْرِهِ، لَا أَن اسْمَهُ حَوْزَة، فَالْفَرْجُ لَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الِاسْمِ دُونَ أَعضائها، وَهَذَا الْغَائِبُ بِعَيْنِهِ لَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الِاسْمِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَتَزَوَّجُهَا، إِذ لَوْ طَلَّقها هَذَا الغائبُ وَتَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ بَعْدَهُ صَارَ هَذَا الفرجُ بِعَيْنِهِ حَوْزَةً لِلزَّوْجِ الأَخير، وَارْتَفَعَ عَنْهُ هَذَا الِاسْمُ لِلزَّوْجِ الأَول، وَاللَّهُ أَعلم. ابْنُ سِيدَهْ: الحَوْز النِّكَاحُ. وحازَ المرأَةَ حَوْزاً: نَكَحَهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يقولُ لَمَّا حازَها حَوْزَ المَطِي
أَي جَامَعَهَا. والحُوَّازُ: مَا يَحُوزه الجُعَلُ مِنَ الدُّحْرُوج وَهُوَ الخُرْءُ الَّذِي يُدَحْرِجُه؛ قَالَ:
سَمِينُ المَطايا يَشْرَبُ الشِّرْبَ والحِسا ... قِمَطْرٌ كحُوَّاز الدَّحارِيجِ أَبْتَرُ
والحَوْزُ: الطَّبِيعَةُ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ. وحَوْز الرَّجُلِ: طَبيعته مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الإِثْمُ حَوَّازُ الْقُلُوبِ
؛ هَكَذَا رَوَاهُ شَمِرٌ، بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ، مِنْ حازَ يَحُوز أَي يَجْمَعُ القلوبَ، وَالْمَشْهُورُ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ، وَقِيلَ: حَوَّازُ الْقُلُوبِ أَي يَحُوز القلبَ وَيَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْكَبَ مَا لَا يُحَب، قَالَ الأَزهري: وَلَكِنَّ الرِّوَايَةَ
حَزَّاز الْقُلُوبِ
أَي مَا حَزَّ فِي الْقَلْبِ وحَكَّ فِيهِ. وأَمر مُحَوَّزٌ: مُحْكَمٌ. والحائِزُ: الخشبةُ الَّتِي تُنْصَبُ عَلَيْهَا الأَجْذاع. وَبَنُو حُوَيْزَة: قَبِيلَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَظن ذَلِكَ ظَنًّا. وأَحْوَزُ وحَوّازٌ: اسْمَانِ. وحَوْزَةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ صَخْرُ بْنُ عَمْرٍو:
قَتَلْتُ الخالِدَيْن بِهَا وعَمْراً ... وبِشْراً، يومَ حَوْزَة، وابْنَ بِشْرِ
حيز: الحَوْزُ والحَيْزُ: السَّيْرُ الرُّوَيْدُ والسَّوْقُ اللَّيِّنُ. وحازَ الإِبلَ يَحُوزها ويحِيزُها: سارَها فِي رِفْق. والتَّحَيُّز: التَّلَوِّي والتقلبُ. وتَحَيَّز الرجلُ: أَراد الْقِيَامَ فأَبطأَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَالْوَاوُ فِيهِمَا أَعلى. وحَيْزِ حَيْزِ: مِنْ زَجْرِ المِعْزى؛
قَالَ: شَمْطاء جاءَتْ مِنْ بلادِ البَرِّ ... قَدْ تَرَكَتْ حَيْزِ، وَقَالَتْ: حَرِّ
وَرَوَاهُ ثَعْلَبٌ: حَيْهِ «1» . وتَحَوَّزت الحيةُ وتَحَيَّزت أَي تَلَوَّت. يُقَالُ: مَا لَكَ تَتَحَيَّزُ تَحَيُّزَ الْحَيَّةِ؟ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ تَفَيْعُلٌ مِنْ حُزْت الشيءَ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
تَحَيَّزُ مِنِّي خَشْيَةً أَن أَضِيفَها ... كَمَا انحازَتِ الأَفعى مَخافَةَ ضارِبِ
يَقُولُ: تَتَنَحَّى هَذِهِ الْعَجُوزُ وتتأَخر خَوْفًا أَن أَنزل عَلَيْهَا ضَيْفًا، وَيُرْوَى: تَحَوَّزُ مِنِّي. وتَحَوَّزَ تَحَوُّزَ الْحَيَّةِ وتَحَيُّزَها، وَهُوَ بُطْءُ الْقِيَامِ إِذا أَراد أَن يَقُومَ فأَبطأَ ذلك عليه.
فصل الخاء المعجمة
خبز: الخُبْزَةُ: الطُّلْمَةُ، وَهِيَ عَجِينٌ يُوضَعُ فِي المَلَّةِ حَتَّى يَنْضَجَ، والمَلَّة: الرَّماد وَالتُّرَابُ الَّذِي أُوقد فِيهِ النَّارُ. والخُبْزُ: الَّذِي يُؤْكَلُ. والخَبْزُ،
__________
(1) . قوله [ورواه ثعلب حيه] تقدمت هذه الرواية في حرر وضبطت حيه بشد المثناة التحتية مفتوحة وهو خطأ والصواب كما هنا(5/343)
بِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ، خَبَزَه يَخْبِزه خَبْزاً واخْتَبَزَه: عَمِلَهُ. والخَبَّاز: الَّذِي مِهْنَتُه ذَلِكَ، وحِرْفَته الخِبازَة. والاخْتِباز: اتِّخَاذُ الخُبْز؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. التَّهْذِيبُ: اخْتَبز فلانٌ إِذا عَالَجَ دَقِيقًا يَعْجِنُهُ ثُمَّ خَبَزَه فِي مَلَّة أَو تَنُّور. وخَبَزَ القومَ يَخْبِزُهم خَبْزاً: أَطعمهم الخُبْزَ. وَرَجُلٌ خابِز أَي ذُو خُبْز مِثْلُ تامِر وَلَابِنٍ. وَيُقَالُ: أَخذنا خُبْزَ مَلَّةٍ، وَلَا يُقَالُ أَكلنا مَلَّةً. وَقَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ: أَتيت بَنِي فُلَانٍ فَخَبَزوا وحاسُوا وأَقَطُوا أَي أَطعموني كلَّ ذَلِكَ؛ حَكَاهَا اللِّحْيَانِيُّ غيرَ مُعَدَّياتٍ أَي لَمْ يَقُلْ خَبَزُوني وحاسُوني وأَقَطُوني. والخَبِيز: الخُبْز الْمَخْبُوزُ مِنْ أَيّ حَبٍّ كَانَ. والخُبْزة: الثَّريدة الضَّخمة، وَقِيلَ: هِيَ اللَّحْمُ. والخَبْزُ: الضَّرْبُ بِالْيَدَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّرْبُ بِالْيَدِ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّرْبُ. والخَبْزُ: السَّوْق الشَّدِيدُ، خَبَزَها يَخْبِزُها خَبْزاً؛ قَالَ:
لَا تَخْبِزا خَبْزاً ونُسَّا نَسَّا ... وَلَا تُطِيلا بمُناخٍ حَبْسا
يأْمره بالرِّفق. والنَّسُّ: السَّيْرُ اللَّيِّنُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنما يخاطِبُ لِصَّيْنِ، وَرَوَاهُ: وبُسَّا بَسّا، مِنَ البَسِيسِ؛ يَقُولُ: لَا تَقْعُدَا للخَبْز وَلَكِنِ اتَّخِذَا البَسِيسة. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الخَبْزُ السَّوْقُ الشَّدِيدُ، والبَسُّ: السَّيْرُ الرَّفِيقُ، وأَنشد هَذَا الرَّجَزَ: وبُسَّا بَسَّا. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ أَيضاً: البَسُّ بَسُّ السَّوِيقِ، وَهُوَ لَتُّهُ بِالزَّيْتِ أَو بِالْمَاءِ، فأَمر صاحِبَيْه بِلَتّ السَّوِيقِ وَتَرْكِ المُقام عَلَى خَبْز الخُبْز ومِراسه لأَنهم كَانُوا فِي سَفَرٍ لَا مُعَرَّج لَهُمْ، فَحَثَّ صَاحِبَيْهِ عَلَى عُجالَةٍ يَتَبَلَّغُون بِهَا وَنَهَاهُمَا عَنْ إِطالة المُقام عَلَى عَجْنِ الدَّقِيقِ وخَبْزِه. والخَبْزُ: ضَرْب الْبَعِيرِ بِيَدَيْهِ الأَرض، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ الخَبْزُ بِهِ لضَرْبهم إِياه بأَيديهم، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. والخُبَّازى والخُبَّازُ: نَبْتُ بَقْلة مَعْرُوفَةٍ عَرِيضَةِ الْوَرَقِ لَهَا ثَمَرَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ، وَاحِدَتُهُ خُبَّازة؛ قَالَ حُمَيْدٌ:
وعادَ خُبَّازٌ يُسَقِّيه النَّدى ... ذُراوَةً، تَنْسُجُه الهُوجُ الدُّرُجْ
وانْخَبَزَ الْمَكَانُ: انْخَفَضَ واطمأَنَّ. وتَخَبَّزَت الإِبلُ العُشْبَ تَخَبُّزاً إِذا خَبَطَتْهُ بِقَوَائِمِهَا. والخَبيزاتُ: خَبْزَواتٌ بِصَلْعاءِ ماوِيَّةَ، وَهُوَ مَاءٌ لِبَلْعَنبر؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَيْسَتْ مِنَ اللَّائي تَلَهَّى بالطُّنُبْ ... وَلَا الخَبِيزات مَعَ الشَّاءِ المُغِبْ
قَالَ: وإِنما سُمِّين خَبيزات لأَنهن انْخَبَزْنَ فِي الأَرض أَي انْخَفَضْنَ واطْمَأْنَنَّ فيها.
خرز: الخَرَزُ: فُصوص مِنْ حِجَارَةٍ، وَاحِدَتُهَا خَرَزَةٌ. وخَرَزُ الظَّهْرِ: فَقَارُهُ. وكلُّ فَقْرَةٍ مِنَ الظَّهْرِ وَالْعُنُقِ خَرَزَةٌ، وَقِيلَ: الخَرَزُ فُصُوصٌ مِنْ جَيّد الْجَوْهَرِ وَرَدِيئِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَنَحْوِهِ. والخَرَزُ، بِالتَّحْرِيكِ: الَّذِي يُنْظَم، الْوَاحِدَةُ خَرَزَة. والخَرْزُ: خِيَاطَةُ الأَدَم. وكلُّ كُتْبَةٍ مِنَ الأَدم: خُرْزَة، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ، يَعْنِي كلَّ ثُقْبَةٍ وخَيْطَها. وَفِي الْمَثَلِ: اجْمَعْ سَيْرَيْنِ فِي خُرْزَةٍ أَي اقْضِ حَاجَتَيْنِ فِي حَاجَةٍ، وَالْجَمْعُ خُرَز. وَقَدْ خَرَزَ الْخُفَّ وَغَيْرَهُ يَخْرِزُه ويَخْرُزُهُ خَرْزاً؛ والخَرَّاز: صَانِعُ ذَلِكَ، وَحِرْفَتُهُ الخِرازَة، والمِخْرَزُ مَا يُخْرَزُ بِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَذَا الضَّرْبُ مِمَّا يُعْتَمَل بِهِ مكسورَ الأَوّل، كَانَتْ فِيهِ الْهَاءُ أَو لَمْ تَكُنْ، وَيُقَالُ: خَرَزَ الخارِزُ خَرْزَةً وَاحِدَةً وَهِيَ الغَرْزَة الْوَاحِدَةُ، فأَما(5/344)
الخُرْزَة فَهُوَ مَا بَيْنَ الغُرْزَتين، وَكَذَلِكَ خُرْزة الظَّهْرِ مَا بَيْنَ فَقْرَتين، وَكَذَلِكَ مفاصلُ الدَّأَياتِ خُرَزٌ. ابْنُ الأَعرابي: خَرِزَ الرجلُ إِذا أَحْكَمَ أَمره بَعْدَ ضَعْفٍ. والمُخَرَّزُ مِنَ الطَّيْرِ وَالْحَمَامِ: الَّذِي عَلَى جَنَاحَيْهِ نَمْنَمَةٌ وتَحْبير شَبِيهٌ بالخَرَز. والخَرَزة: حَمْضَة مِنَ النَّجِيل تَرْتَفِعُ قَدْرَ الذِّرَاعِ خَضْرَاءُ تَرْتَفِعُ خِيطاناً مَنْ أَصل وَاحِدٍ لَا وَرَقَ لَهَا، لَكِنَّهَا مَنْظُومَةٌ مِنْ أَعلاها إِلى أَسفلها حَبًّا مُدَوَّرًا أَخضر فِي غَيْرِ عِلاقة كأَنها خَرَزٌ مَنْظُومٌ فِي سِلْكٍ، وَهِيَ تَقْتُلُ الإِبل. وخَرَزاتُ المَلِك: جواهرُ تاجِهِ. وَيُقَالُ: كَانَ المَلِك إِذا مَلَك عَامًا زِيدَتْ فِي تَاجِهِ خَرَزَة لِيُعْلَمَ عَدَدُ سِني مُلْكِه؛ قَالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ الْحَرْثَ بْنُ أَبي شَمِر الغَسَّاني:
رَعى خَرَزاتِ المُلْكِ عِشْرِينَ حِجَّةً ... وَعِشْرِينَ حَتَّى فادَ والشَّيْبُ شامِلُ
ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ فُعَلَة قَالَ: خَرَزَةٌ يُقَالُ لَهَا خَرَزَةُ العُقَرِ «1» تَشُدُّهَا المرأَة عَلَى حِقْوَيها لِئَلَّا تَحْمل.
خربز: الخِرْبِزُ: البطِّيخ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ أَوّل مَا يَخْرُجُ قَعْسَرٌ ثُمَّ خَضَفٌ ثُمَّ فِجّ، قَالَ: وأَصله فَارِسِيٌّ وَقَدْ جَرَى فِي كَلَامِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رأَيت رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَجْمَعُ بَيْنَ الرُّطَب والخِرْبز
؛ قَالُوا: هو البطيخ بالفارسية.
خزز: الخُزَزُ: وَلَدُ الأَرنب، وَقِيلَ: هُوَ الذَّكَرُ مِنَ الأَرانب، وَالْجَمْعُ أَخِزَّةٌ وخِزَّانٌ مِثْلَ صُرَد وصِرْدان. وأَرض مَخَزَّة: كَثِيرَةُ الخِزَّان. والخَزُّ: مَعْرُوفٌ مِنَ الثِّيَابِ مُشْتَقٌّ مِنْهُ، عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ، وَهُوَ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمَوْصُوفِ بِهَا؛ حَكَى سِيبَوَيْهِ: مَررت بسَرْجٍ خَزٍّ صِفَتُه، قَالَ: وَالرَّفْعُ الْوَجْهُ، يَذْهَبُ إِلى أَن كَوْنَهُ جَوْهَرًا هُوَ الأَصل. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا مِمَّا سَمَّى فِيهِ الْبَعْضُ بِاسْمِ الْجُمْلَةِ كَمَا ذهَب إِليه فِي قَوْلِهِمْ هَذَا خَاتَمُ حَدِيدٍ وَنَحْوِهِ، وَالْجَمْعُ خُزُوزٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: فإِذا أَعرابي يَرْفُل فِي الخُزُوز، وَبَائِعُهُ خَزَّاز. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: نَهَى عَنْ رُكُوبِ الخَزِّ وَالْجُلُوسِ عَلَيْهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْخَزُّ الْمَعْرُوفُ أَوّلًا ثِيَابٌ تُنْسَجُ مِنْ صُوفٍ وإِبْرَيْسَمٍ وَهِيَ مُبَاحَةٌ، قَالَ: وَقَدْ لَبِسَهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ فَيَكُونُ النَّهْيُ عَنْهَا لأَجل التَّشَبُّهِ بِالْعَجَمِ وزِيِّ المُتْرَفِينَ، قَالَ: وإِن أُريد بالخَزّ النوعُ الْآخَرُ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ، فَهُوَ حَرَامٌ لأَنه كُلَّهُ مَعْمُولٌ مِنَ الإِبْرَيْسَم، قَالَ: وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
قَوْمٌ يَسْتَحِلُّونَ الخَزَّ وَالْحَرِيرَ.
والخَزِيزُ: العَوْسَجُ الَّذِي يُجْعَلُ عَلَى رُؤُوسِ الْحِيطَانِ لِيَمْنَعَ التَّسَلُّقَ. وخَزَّ الحائطَ يَخُزُّه خَزًّا: وَضَعَ عَلَيْهِ شَوْكًا لِئَلَّا يُطْلَعَ عَلَيْهِ. ابْنُ الأَعرابي: الضَّرِيعُ العَوْسَج الرَّطْب، فإِذا جَفَّ فَهُوَ عَوْسج، فإِذا زَادَ جُفوفه فَهُوَ الخَزِيزُ. والخَزّ: تَغْرِيزُ الْعَوْسَجِ عَلَى رُؤُوسِ الْحِيطَانِ. وَفُلَانٌ خَزَّ حَائِطَهُ أَي وَضَعَ فِيهِ الشَّوْكَ لِئَلَّا يُتَسَلَّق. والخَزّ: الطَّعْنُ بالحِراب. وَيُقَالُ: خَزَّهُ بِسَهْمٍ واختَزَّه إِذا انْتَظَمَهُ وَطَعَنَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَاقَى حِمامَ الأَجَلِ المُخْتَزّ
وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
لَمَّا اخْتَزَزْتُ فُؤادَه بالمِطْرَدِ
واخْتَزَّه بِالرُّمْحِ: انْتَظَمَهُ؛ قال الشاعر:
__________
(1) . قوله [خرزة العقر] في القاموس العقرة كهمزة(5/345)
فاخْتَزَّهُ بِسَلبٍ مَدْرِيِّ ... كأَنَّما اخْتَزَّ بِراعِبِيِ
أَي انْتَظَمَهُ، يَعْنِي الْكَلْبَ، بقَرْنٍ سَلِبٍ أَي طَوِيلٍ. مَدْري: مُحَدَّد. واخْتَزَّه بِالرُّمْحِ وَاخْتَلَطَهُ وَانْتَظَمَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَفِي النَّوَادِرِ: اخْتَزَزْتُ فُلَانًا إِذا أَتيته فِي جَمَاعَةٍ فأَخذته مِنْهَا. واخْتَزَزْتُ بَعِيرًا مِنَ الإِبل أَي اسْتَقْتُه وَتَرَكْتُهَا، وأَصل ذَلِكَ أَن الخُزَز إِذا وَجَدَ الأَرانبَ عَاشِيَةً اخْتَزَّ مِنْهَا أَرنباً وَتَرَكَهَا. قَالَ أَبو عَمْرٍو: تَمْرٌ خازٌّ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْحُمُوضَةِ، وَقَدْ خَزِزْتَ يَا تمرُ تَخْزَزُ فأَنت خازٌّ. واخْتَزَّ البعيرَ: أَطْرَدَه مِنْ بَيْنِ الإِبل؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ. وَرَجُلٌ خُزْخُزٌ وخُزَخِزٌ، مِثَالُ هُدَبِدٍ، وخُزاخِز: قويٌّ غَلِيظٌ كَثِيرُ العَضَلِ. وَبَعِيرٌ خُزَخِزٌ: قَوِيٌّ شَدِيدٌ؛ قَالَ:
أَعْدَدْتُ للوِرْدِ، إِذا الوِرْدُ حَفَزْ ... غَرْباً جَرُوراً وجُلالًا خُزَخِزْ
وَيُقَالُ: لتَجِدَنَّه بِحِمْله خُزَخِزاً أَي قَوِيًّا عَلَيْهِ. وخَزازٌ وخَزازى، مَقْصُورٌ: كِلَاهُمَا جَبَلٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تُوقِد عَلَيْهِ غَدَاةَ الغارَة. ويومُ خَزازى: أَحدُ أَيام الْعَرَبِ. وخَزازى: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
ونحنُ، غَداةَ أُوقِدَ فِي خَزازى ... رَفَدْنا فَوْقَ رَفْدِ الرَّافِدِينا
وَيُرْوَى: خَزاز. وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
يُسْتَحَلُّ الحِرُ والحَرير
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ أَبو مُوسَى فِي الْحَاءِ وَالرَّاءِ وَقَالَ: الْحِرُ، بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْفَرْجُ وأَصله حِرْح، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَجَمْعُهُ أَحْراحٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُشَدِّدُ الرَّاءَ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، فَعَلَى التَّخْفِيفِ يَكُونُ فِي حَرِحَ لَا فِي حِرَرٍ، وَالْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اخْتِلَافِ طُرُقِهِ:
يَسْتَحِلُّونَ الخَزَّ
، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ ثِيَابِ الإِبريسم مَعْرُوفٌ، قَالَ: وَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وأَبي دَاوُدَ، وَلَعَلَّهُ حَدِيثٌ آخَرُ جَاءَ كَمَا ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى وَهُوَ حَافِظٌ عَارِفٌ بِمَا رَوَى وشَرَح فَلَا يُتَّهَمُ، وَاللَّهُ أَعلم.
خزبز: الخِزْبازُ: لُغَةٌ فِي الخازِبازِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ سِرْبال؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
مِثْلَ الْكِلَابِ تَهِرُّ حَوْلَ دِرابِها ... ورِمَتْ لهَازِمُها مِنَ الخِزْبازِ
وذُكِرَ الخازِبازِ مُسْتَوْفًى فِي تَرْجَمَةِ خَوَزَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: فُلَانٌ يَتَخَزْبَز عَلَيْنَا أَي يَتَعَظَّم.
خمز: قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف خمز وَلَا أَحفظ لِلْعَرَبِ فِيهِ شَيْئًا صَحِيحًا، وَقَدْ قَالَ اللَّيْثُ: الخَامِيزُ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ إِعرابه عَامِصٌ وَآمِصٌ «2» وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الخامِيزُ أَعجمي؛ حَكَاهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ: وأُراه ضَرْبًا مِنَ الطَّعَامِ.
خنز: خَنِز اللحمُ والتمرُ والجَوْزُ، بِالْكَسْرِ، خُنُوزاً ويخْنَز خَنَزاً، فَهُوَ خَنِزٌ وخَنَزٌ: كِلَاهُمَا فَسَدَ وأَنتن؛ الْفَتْحُ عَنْ يَعْقُوبَ، مِثْلُ خَزِنَ [خَزَنَ] عَلَى الْقَلْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْلَا بَنُو إِسرائيل مَا أَنتن اللحمُ وَلَا خَنِز الطعامُ، كَانُوا يَرْفَعُونَ طَعَامَهُمْ لِغَدِهم
أَي مَا نَتُنَ وَتَغَيَّرَتْ رِيحُهُ. والخُنَّاز: الْيَهُودُ الَّذِينَ ادَّخَرُوا اللَّحْمَ حَتَّى خَنِز؛ وَقَوْلُ الأَعلم الْهُذَلِيِّ:
زعَمَتْ خَنازِ بأَنَّ بُرْمَتَنا ... تَجْرِي بِلَحْمٍ غَيْرِ ذي شَحْم
__________
(2) . قوله [إعرابه عامص إلخ] عبارة شرح القاموس: إعرابه عامص وآمص وبعضهم يقول عاميص وآميص، وقال ابن الأعرابي: العاميص الهلام، وقال الليث: طَعَامٌ يُتَّخَذُ مِنْ لَحْمِ عجل بجلده.(5/346)
يَعْنِي المُنْتِنَةَ، أَخذه مِنْ خَنِز اللحمُ وجَعَل ذَلِكَ اسْمًا لَهَا عَلَماً. والخَنِيزُ: الثَّرِيدُ مِنَ الخُبز الفطِيرِ. والخُنْزُوَةُ والخُنْزُوانَةُ والخُنْزوانِيَّة والخُنْزُوان: الكِبْرُ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِذا رأَوا مِنْ مَلِكٍ تَخَمُّطا ... أَو خُنْزُواناً، ضَرَبوه مَا خَطَا
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
لَئِيم نَزَتْ فِي أَنْفِه خُنْزُوانَةٌ ... عَلَى الرَّحِمِ القُرْبى أَحَذُّ أُباتِرُ
وَيُقَالُ: هُوَ ذُو خُنْزُواناتٍ. وَفِي رأْسه خُنْزُوانةٌ أَي كِبْر؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
فَضافَ يُفَرِّي جُلَّهُ عَنْ سَراتِه ... يَبُذّ الجِيادَ فارِهاً مُتَتابِعا
فَآضَ كصَدْرِ الرُّمح نَهْداً مُصَدَّراً ... يُكَفْكِفُ مِنْهُ خُنْزُواناً مُنازِعا
وَيُقَالُ: لأَنْزِعَنَّ خُنْزُوانَتَك ولأُطَيِّرَنَّ نُعَرَتَك. وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ الخُنْزُوانة وَهِيَ الكِبْر لأَنها تُغَيِّرُ عَنِ السَّمْت الصَّالِحِ، وَهِيَ فُعْلُوانة، وَيُحْتَمَلُ أَن تَكُونَ فُنْعُلانة مِنَ الخَنْز، وَهُوَ الْقَهْرُ، قَالَ: والأَوّل أَصح. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو عَمْرٍو الخَنْزُوان الخِنزير ذَكَرَهُ فِي بَابِ الهَيْلُمان والنَّيْدُلان والكَيْذُبان والخَنْزُوان؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَصل الْحَرْفِ مِنْ خَنِزَ يَخْنَزُ إِذا أَنتن، وَهُوَ ثُلَاثِيٌّ. والخُنَّاز: الوزَغة. وَفِي الْمَثَلِ: مَا الخَوافي كالقِلَبَة، وَلَا الخُنَّازُ كالثُّعَبَة؛ فالخَوافي، بِلُغَةِ أَهل نَجْدٍ: السَّعَفات اللَّوَاتِي يَلِين القِلَبة يُسَمِّيهَا أَهل الْحِجَازِ العَواهن، والثُّعَبَة: دابَة أَكبر مِنَ الوَزَغَة تَلْدَغُ فَتَقْتُلُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، أَنه قَضَى قَضَاءً فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بَعْضُ الحَرُورِيَّة فَقَالَ لَهُ: اسكتْ يَا خُنَّاز
؛ الخُنَّاز: الوَزَغة، وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا سامُّ أَبْرَصَ. وخَنُّوز وأُم خَنُّوز: الضَّبُع، والراءُ لُغَةٌ. والخَنْزُوانُ، بِالْفَتْحِ: ذَكَرُ الْخَنَازِيرِ، وَهُوَ الدَّوْبَل والرَّتُّ، والله أَعلم.
خوز: ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ: خَزاهُ خَزْواً وخازَه خَوْزاً إِذا ساسَهُ، قَالَ: والخَوْزُ الْمُعَادَاةُ أَيضاً. وَالْخَوْزُ: جِيلٌ مِنَ النَّاسِ مَعْرُوفٌ، أَعجمي مُعَرَّبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ خُوزِ كِرْمانَ وَرُوِيَ خُوز وكِرْمان وخُوزا وكِرْمان، قَالَ: والخُوز جبل معروف في الْعَجَمِ، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَهُوَ مِنْ أَرض فَارِسَ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَصَوَّبَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقِيلَ: إِذا أَردت الإِضافة فَبِالرَّاءِ وإِذا عَطَفْتَ فَبِالزَّايِ. والخازِبازِ: ذُباب، اسْمَانِ جُعِلا وَاحِدًا وبُنِيا عَلَى الْكَسْرِ لَا يَتَغَيَّر فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ أَحمر:
تَفَقَّأَ فَوْقَه القَلَعُ السَّوارِي ... وجُنَّ الخَازِبازِ بِهِ حُنُونا
الخازبازِ وسُمّي الذِّبَّانُ بِهِ، وَهُمَا صوتانِ جُعِلا وَاحِدًا لأَن صَوْتَهُ خازِبازِ، وَمَنْ أَعربه نَزَّلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ، فَقَالَ خازِبازُ، وَقِيلَ: أَراد النَّبْتَ، وَقِيلَ: أَراد ذِبَّانَ الرِّياض، وَقِيلَ: الخازِبازِ حِكَايَةٌ لِصَوْتِ الذُّبَابِ فَسَمَّاهُ بِهِ، وَقِيلَ: الخَازِبازِ ذُبَابٌ يَكُونُ فِي الرَّوْضِ، وَقِيلَ: نَبْتٌ؛ وأَنشد أَبو نَصْرٍ تَقْوِيَةً لِقَوْلِهِ:
أَرْعَيْتُها أَكرمَ عُودٍ عُودَا ... الصِّلَّ والصِّفْصِلَّ واليَعْضِيدا(5/347)
والخَازِبازِ السَّنِمَ المَجُودا ... بِحَيْثُ يَدْعُو عامِرٌ مَسْعُودَا
وَعَامِرٌ وَمَسْعُودٌ: هُمَا رَاعِيَانِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: الخازِبازِ بَقْلَتَانِ، فإِحداهما الدَّرْماءُ، والأُخرى الكَحْلاءُ؛ وَقِيلَ: الخازِباز ثَمَرُ العُنْصُلَة. والخازِبازِ فِي غَيْرِ هَذَا: دَاءٌ يأْخذ الإِبلَ والناسَ فِي حُلوقها. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الخازِبازِ قَرْحة تأْخذ فِي الحَلْق، وَفِيهِ لُغَاتٌ؛ قَالَ:
يَا خازِبازِ أَرْسِل اللَّهازِما ... إِني أَخافُ أَن تَكُونَ لازِما
وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ بِهَذَا الدَّاءِ الإِبلَ، والخِزْبازُ لُغَةٌ فِيهِ؛ وأَنشد الأَخفش:
مِثْلُ الْكِلَابِ تَهِرُّ عِنْدَ جِرائِها ... ورِمَتْ لهَازِمُه مِنَ الخِزْباز
أَراد الخازِبازِ فَبَنَى مِنْهُ فِعْلًا رباعيْاً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنشاده:
مِثْلُ الْكِلَابِ تَهِرُّ عِنْدَ دِرابِها ... ورِمَت لهَازِمُها مِنَ الخِزْباز
والدِّرابُ: جَمْعُ دَرْب. واللَّهازِم: جَمْعُ لِهْزِمة، وَهِيَ لُحْمَةٌ فِي أَصل الحَنَك، شَبَّهَهُمْ بِالْكِلَابِ النَّابِحَةِ عِنْدَ الدُّرُوب. ابْنُ الأَعرابي: خازبازُ وَرَمٌ، قَالَ أَبو عَلِيٍّ: أَما تَسْمِيَتُهُمُ الْوَرَمَ فِي الْحَلْقِ خازِبازَ فإِنما ذَلِكَ لأَن الْحَلْقَ طَرِيقُ مَجْرَى الصَّوْتِ، فَلِهَذِهِ الشَّرِكَةِ مَا وَقَعَتْ طَرِيقُ التَّسْمِيَةِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الخازِبازِ ذُبَابٌ يَكُونُ فِي الرَّوْضِ، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُ الذُّبَابِ، وَقِيلَ: خازِبازِ نَبْتٌ، وَقِيلَ: كَثْرَةُ النَّبَاتِ. والخازِبازِ: السِّنَّوْر؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ابن سِيدَهْ: وأَلف خازِبازِ وَاوٌ لأَنها عَيْنٌ، والعينُ وَاواً أَكثرُ مِنْهَا يَاءً.
فصل الدال المهملة
دحز: الدَّحْز: العَزْد وَهُوَ الجماع.
درز: الدَّرْزُ: وَاحِدُ دُرُوز الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَيُقَالُ لِلْقَمْلِ والصِّئْبان: بَنَاتُ الدُّرُوز. والدَّرْزُ: زِئْبِرُ الثَّوْبِ وَمَاؤُهُ، وَهُوَ دَخيل، وَجَمْعُهُ دُرُوز. وَبَنُو دَرْزٍ: الْخَيَّاطُونَ والحاكَةُ. وأَولادُ دَرْزَةَ: الغَوْغاءُ. وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: الدَّرْزُ نُعَيْمُ الدُّنْيَا ولَذَّاتها. وَيُقَالُ لِلدُّنْيَا: أُمُّ دَرْزٍ، قَالَ: ودَرِزَ الرجلُ وذَرِزَ، بالدال وَالذَّالِ، إِذا تَمَكَّنَ مِنْ نُعَيْمِ الدُّنْيَا. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ للدَّعِيِّ: هُوَ ابْنُ دَرْزَةَ وَابْنُ تُرْنى، وَذَلِكَ إِذا كَانَ ابْنَ أَمَةٍ تُساعي فَجَاءَتْ بِهِ مِنَ المُساعاة وَلَا يَعْرِفُ لَهُ أَب. وَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ أَولاد دَرْزَة وأَولادُ فَرْتَنى للسِّفْلَة والسُّقَاطِ؛ قَالَهُ الْمُبَرِّدُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للسَّفِلَة أَولادُ دَرْزَة، كَمَا يُقَالُ لِلْفُقَرَاءِ بَنُو غَبراء؛ قَالَ الشَّاعِرُ يُخَاطِبُ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
أَولادُ دَرْزَة أَسْلَموكَ وطارُوا
وَيُقَالُ: أَراد بِهِ الْخَيَّاطِينَ، وَقَدْ كَانُوا خَرَجُوا مَعَهُ فتركوه وانهزموا.
دعز: الدَّعْزُ: الدَّفْع وَرُبَّمَا كُني بِهِ عَنِ النِّكَاحِ. دَعَزها يَدْعَزُها دَعْزاً: جَامَعَهَا، والله أَعلم.
دلمز: الدُّلَمِزُ والدُّلامِز: الْمَاضِي الْقَوِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ الضَّخْمُ؛ وَقَدْ خَفَّفَهُ الرَّاجِزُ فَقَالَ:
دُلامِزٌ يُرْبي عَلَى الدُّلَمْزِ
وَجَمْعُ الدُّلامِز دَلامِز، بِفَتْحِ الدَّالِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:(5/348)
يَغْبَى عَلَى الدَّلامِز الخَرَارِتِ «1»
وَيُقَالُ: دَلِيلٌ دُلامِز، وَقِيلَ: الدُّلَمِز والدُّلامِز الصلْبُ الْقَصِيرُ مِنَ النَّاسِ، والدُّلَمِز الْغَلِيظُ. ودلْمَزَ الرجلُ: عَظَّمَ لُقْمَته. ابْنُ شُمَيْلٍ: الدَّلمزَة فِي اللَّقم تَضْخيم اللُّقَم الْكِبَارِ، وَيُقَالُ: دَلْمَزَ دَلْمَزَةً. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ أَسماء الشَّيْطَانِ الدُّلَمِز والدُّلامِز. وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ للوَبَّاصِ مِنَ الرِّجَالِ الضخمِ دُلامِزٌ ودُلَمِز، ودُلامِص ودِلاص.
دهلز: الدِّهْلِيز: الدِّلِّيج، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. والدِّهْلِيز، بِالْكَسْرِ: مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالدَّارِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ الدَّهالِيز. اللَّيْثُ: دِهْليز إِعراب دَالِيجٍ. قَالَ: والدِّهْلِيز مُعَرَّبٌ بِالْفَارِسِيَّةِ دَالِيزُ وَدَالَازُ. والدِّهْلِيز: الجَيْئَةُ، قَالَ: وهنزمز معرّب «2»
دهمز: التَّهْذِيبُ: الدَّهْدَمُوزُ الشديدُ الأَكل؛ وأَنشد:
لَا تَكْرِيَنَّ بعدَها عَجُوزا ... واسِعَةَ الشِّدْقَيْنِ دَهْدَمُوزا
تَلْقَمُ لَقْماً كالقَطا مَكْنُوزا والله أَعلم.
فصل الذال المعجمة
ذرز: التَّهْذِيبُ: يُقَالُ لِلدُّنْيَا أُم ذَرْزٍ، قَالَ: ودَرِزَ الرجلُ وذَرِزَ، بالدال والذال، إِذا تمكن من نعيم الدنيا.
فصل الراء
رأز: الرَّأْزُ: مِنْ آلَاتِ الْبَنَّائِينَ، وَالْجُمَعُ رَأْزَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، قَالَ: وَعِنْدِي اسم للجمع.
ربز: التَّهْذِيبُ: أَبو زَيْدٍ الرَّبيزُ والرَّمِيزُ مِنَ الرِّجَالِ الْعَاقِلُ الثَّخِين، وَقَدْ رَبُزَ رَبازَةً وأَرْبَزْتُهُ إِرْبازاً. قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَمِيز، بِالْمِيمِ. ورَبُزَ رَبازَةً ورَمُزَ رَمازَةً بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفُلَانٌ رَبيزٌ ورَمِيزٌ إِذَا كَانَ كَثِيرًا «3» فِي فَنِّه، وَهُوَ مُرْتَبِزٌ ومُرْتَمِزٌ. وكَبْشٌ رَبِيزٌ أَي مُكْتَنِز أَعْجَزُ مِثْلُ رَبِيسٍ. ورَبَّزَ القربةَ ورَبَّسَها: ملأَها. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّه ابن بِشْر: جَاءَ رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى دَارِي فَوَضَعْنَا لَهُ قَطِيفَةً رَبيزَةً
أَي ضَخْمة، مِنْ قَوْلِهِمْ: كِيس رَبيزٌ وصُرَّة رَبيزَةٌ.
رجز: الرَّجَزُ: دَاءٌ يُصِيبُ الإِبل فِي أَعجازها. والرَّجَز: أَن تَضْطَرِبَ رِجْلُ الْبَعِيرِ أَو فَخِذَاهُ إِذا أَراد الْقِيَامَ أَو ثارَ سَاعَةً ثُمَّ تَنْبَسِطَ. والرَّجَزُ: ارْتعادٌ يُصِيبُ الْبَعِيرَ وَالنَّاقَةَ فِي أَفخاذهما وَمُؤَخَّرِهِمَا عِنْدَ الْقِيَامِ، وَقَدْ رَجِزَ رَجَزاً، وَهُوَ أَرْجَزُ، والأُنثى رَجْزاء، وَقِيلَ: نَاقَةٌ رَجْزاء ضعيفةُ العَجُزِ إِذَا نَهَضَتْ مِنْ مَبْرَكها لَمْ تَسْتَقِلَّ إِلا بَعْدَ نَهْضتين أَو ثَلَاثٍ، قَالَ أَوس بْنُ حَجَر يَهْجُو الحكَم بْنَ مَرْوانَ بْنِ زِنْباع:
هَمَمْتَ بِخَيْرٍ ثُمَّ قَصَّرْتَ دونَه ... كَمَا ناءَتِ الرَّجْزاءُ شُدَّ عِقالُها
مَنَعْتَ قَلِيلًا نَفْعُه، وحَرَمْتَنِي ... قَلِيلًا، فهَبْها بَيْعَةً لَا تُقالُها
وَيُرْوَى: عَثْرَةً، وَكَانَ وَعَدَه بِشَيْءٍ ثُمَّ أَخلفه، وَالَّذِي فِي شِعْره: هممتَ بِباعٍ، وَهُوَ فِعْلُ خَيْرٍ يُعْطِيهِ. قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
يَلْحَقُني مِنْكُنَّ أَطْوَلُكُنَّ بَاعًا
، فَلَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ، رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، عَلِمْنَ
__________
(1) . قوله [يغبى إلخ] كذا بالأصل بغين معجمة وباء موحدة، ومثله في الجوهري. قال شارح القاموس والذي بخط الأزهري: يعيا بعين مهملة بعدها مثناة تحتية، وكل صحيح المعنى.
(2) . قوله [قال وهنزمز معرب] كذا بالأَصل.
(3) . قوله" إذا كان كثيراً" كذا بالأصل بالمثلثة، وفي القاموس كبيراً بالموحدة.(5/349)
أَنها هِيَ، يَقُولُ: لَمْ تُتِمَّ مَا وَعَدْتَ، كَمَا أَن الرَّجْزاء أَرادت النُّهوضَ فَلَمْ تَكَد تَنْهَض إِلَّا بَعْدَ ارْتِعَادٍ شَدِيدٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجَزُ مِنَ الشِّعْرِ لِتَقَارُبِ أَجزائه وَقِلَّةِ حُرُوفِهِ، وَقَوْلُ الرَّاعِي يَصِفُ الأَثافِيَّ:
ثَلاث صَلَيْنَ النَّارَ شَهْراً، وأَرْزَمَتْ ... عليهِنَّ رَجْزاءُ القِيام هَدُوجُ
يَعْنِي رِيحًا تَهْدِج لَهَا رَزَمَةٌ أَي صَوْتٌ. وَيُقَالُ: أَراد برَجزاءِ القِيام قِدْراً كَبِيرَةً ثَقِيلَةً. هَدُوجٌ: سَرِيعَةُ الغَلَيان، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
حَتَّى تَقُوم تَكَلُّفَ الرَّجْزاءِ
وَيُقَالُ لِلرِّيحِ إِذا كَانَتْ دَائِمَةً: إِنها لَرَجْزاءُ، وَقَدْ رَجَزَتْ رَجْزاً، والرَّجْزُ: مَصْدَرُ رَجَز يَرْجُز، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والرَّجَزُ شِعْرٌ ابْتِدَاءُ أَجزائه سَبَبان ثُمَّ وَتِدٌ، وَهُوَ وَزْنٌ يَسْهُلُ فِي السَّمْع وَيَقَعُ فِي النَّفْس، وَلِذَلِكَ جَازَ أَن يَقَعَ فِيهِ المَشْطور وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ شَطْره، والمَنْهوك وَهُوَ الَّذِي قَدْ ذَهَبَ مِنْهُ أَربعة أَجزائه وَبَقِيَ جُزْآنِ نَحْوُ:
يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعْ ... أَخُبُّ فِيهَا وأَضَعْ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فَزَعَمَ قَوْمٌ أَنه لَيْسَ بشِعْر وأَن مَجازه مَجازُ السَّجْع، وَهُوَ عِنْدَ الْخَلِيلِ شِعْر صَحِيحٌ، وَلَوْ جَاءَ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ لَاحْتَمَلَ الرَّجَزُ ذَلِكَ لِحُسْنِ بِنَائِهِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَزَعَمَ الْخَلِيلُ أَنَّ الرَّجَزَ لَيْسَ بشِعْر وإِنما هُوَ أَنْصافُ أَبيات وأَثْلاث، وَدَلِيلُ الْخَلِيلِ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ:
سَتُبْدِي لَكَ الأَيَّامُ مَا كنتَ جاهِلًا ... ويأْتيك مَنْ لَمْ تُزَوِّد بالأَخْبار
قَالَ الْخَلِيلُ: لَوْ كَانَ نِصْفُ الْبَيْتِ شِعْرًا مَا جَرَى عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
سَتُبْدِي لَكَ الأَيَّامُ مَا كنْتَ جاهِلًا
وَجَاءَ بِالنِّصْفِ الثَّانِي عَلَى غَيْرِ تأْليف الشِّعْر، لأَن نِصْفَ الْبَيْتِ لَا يُقَالُ لَهُ شِعْر، وَلَا بَيْتٌ، وَلَوْ جَازَ أَن يُقَالَ لِنِصْف الْبَيْتِ شِعْر لَقِيلَ لِجُزْءٍ مِنْهُ شِعْر، وَقَدْ جَرَى عَلَى لسان
النبي، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ
" قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنما هُوَ لَا كَذِبَ بِفَتْحِ الْبَاءِ عَلَى الْوَصْلِ، قَالَ الْخَلِيلُ: فَلَوْ كَانَ شِعْراً لَمْ يَجْر عَلَى لسان النبي، صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اللَّه تَعَالَى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ، أَي وَمَا يَتَسَهَّلُ لَهُ، قَالَ الأَخفش: قَوْلُ الْخَلِيلِ إِن هَذِهِ الأَشياء شِعْر، قَالَ: وأَنا أَقول إِنها لَيْسَتْ بشِعْر، وَذَكَرَ أَنه هُوَ أَلْزَمَ الخليلَ مَا ذَكَرْنَا وأَن الخليلَ اعْتَقَدَهُ. قَالَ الأَزهري: قَوْلُ الْخَلِيلِ الَّذِي كَانَ بَنَى عَلَيْهِ أَن الرَّجَزَ شِعْرٌ وَمَعْنَى قَوْلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ، أَي لَمْ نُعَلِّمه الشِّعْر فَيَقُولَهُ وَيَتَدَرَّب فِيهِ حَتَّى يُنْشِئ مِنْهُ كُتُباً، وَلَيْسَ فِي إِنشاده، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْبَيْتَ وَالْبَيْتَيْنِ لِغَيْرِهِ مَا يُبْطِلُ هَذَا لأَن الْمَعْنَى فِيهِ إِنا لَمْ نَجْعَلْهُ شَاعِرًا، قَالَ الْخَلِيلُ: الرَّجَزُ المَشْطُور والمَنْهوك لَيْسَا مِنَ الشِّعْرِ، قَالَ: والمَنْهُوك كَقَوْلِهِ:
أَنا النَّبيّ لَا كَذِبْ.
والمَشْطُور: الأَنْصاف المُسَجَّعة. وَفِي حَدِيثِ
الْوَلِيدِ بْنِ المُغِيرة حِينَ قالت قُرَيْشٍ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم: إِنه شاعِرٌ، فَقَالَ: لَقَدْ عَرَفْتُ الشِّعْرَ ورَجَزَه وهَزَجَه وقَرِيضَه فَمَا هُوَ بِهِ.
والرَّجَز: بَحْرٌ مِنْ بُحُورِ الشِّعْر مَعْرُوفٌ ونوعٌ مِنْ أَنواعه يَكُونُ كُلُّ مِصْراع مِنْهُ مُفْرَدًا، وَتُسَمَّى قَصَائِدُهُ أَراجِيزَ، وَاحِدَتُهَا أُرْجُوزَةٌ، وَهِيَ كَهَيْئَةِ السَّجْع إِلا أَنه فِي(5/350)
وَزْنِ الشِّعْر، وَيُسَمَّى قَائِلُهُ رَاجِزًا كَمَا يُسَمَّى قَائِلُ بُحُورِ الشِّعْر شَاعِرًا. قَالَ الْحَرْبِيُّ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنه جَرَى عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ ضُرُوبِ الرَّجَز إِلَّا ضَرْبَانِ: المَنْهُوك والمَشْطُور، وَلَمْ يَعُدَّهما الْخَلِيلُ شِعْراً، فالمَنْهُوك كَقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ
الْبَرَاءِ إِنه رأَى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ يَقُولُ: أَنا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ، أَنا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِب.
والمَشْطُور كَقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ
جُنْدب: إِنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَمِيَتْ إِصبَعُه فَقَالَ: " هَلْ أَنتِ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّه مَا لَقِيتِ
" وَيُرْوَى أَن الْعَجَّاجَ أَنشد أَبا هُرَيْرَةَ:
سَاقًا بَخَنْداةً وكَعْباً أَدْرَما
فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُعْجِبه نَحْوُ هَذَا مِنَ الشِّعر. قَالَ الْحَرْبِيُّ: فأَما الْقَصِيدَةُ فَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنه أَنشد بَيْتًا تَامًّا عَلَى وَزْنِهِ إِنما كَانَ يُنْشِدُ الصَّدْرَ أَو العَجُز، فإِن أَنشده تَامًّا لَمْ يُقِمْه عَلَى وَزْنِهِ، إِنما أَنشد صَدْرَ بَيْتِ لَبِيدٍ:
أَلا كُلُّ شيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ باطِلُ
وَسَكَتَ عَنْ عَجُزه وَهُوَ:
وكلُّ نَعِيمٍ لَا مَحالَةَ زَائِلُ
وأَنشد عَجُزَ بَيْتِ طَرَفَة:
ويأْتيك مَنْ لَمْ تُزَوِّد بالأَخْبار
وصَدْره:
سَتُبْدِي لَكَ الأَيامُ مَا كنتَ جاهِلًا
وأَنشد:
أَتَجْعَلُ نَهْبي ونَهْبَ العُبَيْدِ ... بَيْنَ الأَقْرَعِ وعُيَيْنَة
فَقَالَ النَّاسُ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ، فأَعادها: بَيْنَ الأَقرع وَعُيَيْنَةَ، فَقَامَ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فَقَالَ: أَشهد أَنك رَسُولُ اللَّهِ! ثُمَّ قرأَ: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ، قَالَ: والرَّجَز لَيْسَ بشِعْرٍ عِنْدَ أَكثرهم. وَقَوْلُهُ:
أَنا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِب
، لَمْ يَقُلْهُ افْتِخَارًا بِهِ لأَنه كَانَ يَكْرَهُ الِانْتِسَابَ إِلى الْآبَاءِ الْكُفَّارِ، أَلا تَرَاهُ لَمَّا قَالَ لَهُ
الأَعرابي: يَا ابن عبد المطلب، قال: قَدْ أَجَبْتُك
وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بالإِجابة كَرَاهَةً مِنْهُ لِمَا دَعَاهُ بِهِ، حَيْثُ لَمْ يَنْسُبْه إِلَى مَا شَرَّفَهُ اللَّه بِهِ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَلَكِنَّهُ أَشار بِقَوْلِهِ:
أَنا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
، إِلَى رُؤْيَا كَانَ رَآهَا عبدُ الْمُطَّلِبِ كَانَتْ مَشْهُورَةً عِنْدَهُمْ رأَى تَصْدِيقَهَا فَذَكَّرهم إِياها بِهَذَا الْقَوْلِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: مَنْ قرأَ القرآن في أَقَلَّ من ثَلَاثٍ فَهُوَ راجزٌ
، إِنما سَمَّاهُ رَاجِزاً لأَن الرَّجَزَ أَخف عَلَى لِسَانِ المُنْشِدِ، وَاللِّسَانُ بِهِ أَسْرَعُ مِنَ القَصيد. قَالَ أَبو إِسحاق. إِنما سُمِّيَ الرَّجَز رَجَزا لأَنه تَتَوَالَى فِيهِ فِي أَوَّله حَرَكَةٌ وَسُكُونٌ ثُمَّ حَرَكَةٌ وَسُكُونٌ إِلى أَن تَنْتَهِيَ أَجزاؤه، يُشَبَّهُ بالرَّجَز فِي رِجْل النَّاقَةِ ورِعْدَتها، وَهُوَ أَن تَتَحَرَّكَ وَتَسْكُنَ ثُمَّ تَتَحَرَّكَ وَتَسْكُنَ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاضْطِرَابِ أَجزائه وَتَقَارُبِهَا، وَقِيلَ: لأَنه صُدُورٌ بِلَا أَعْجاز، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: كُلُّ شِعْرٍ تَرَكَّبَ تَرْكِيبَ الرَّجَز سُمِّيَ رَجَزاً، وَقَالَ الأَخفش مَرَّةً: الرَّجَز عِنْدَ الْعَرَبِ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجزاء، وَهُوَ الَّذِي يَتَرَنَّمون بِهِ فِي عَمَلِهِمْ وسَوْقهم ويَحْدُون بِهِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ رَوَى بعضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ نحوَ هَذَا عَنِ الْخَلِيلِ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَمْ يَحْتَفِل الأَخفش هَاهُنَا بِمَا جَاءَ مِنَ الرَّجَز عَلَى جزأَين نَحْوُ قَوْلِهِ: يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَع، قَالَ: وَهُوَ لَعَمْرِي، بالإِضافة إِلى مَا جَاءَ مِنْهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجزاء، جُزْءٌ لَا قَدْرَ لَهُ لِقِلَّته، فَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ الأَخفش فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فإِن قُلْتَ: فإِن(5/351)
الأَخفش لَا يَرَى مَا كَانَ عَلَى جُزْأَين شِعْرا، قِيلَ: وَكَذَلِكَ لَا يَرَى مَا هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزاء أَيضاً شِعْراً، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَهُ الْآنَ وَسَمَّاهُ رَجَزاً، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا كَانَ مِنْهُ عَلَى جُزْأَين وَذَلِكَ لِقِلَّته لَا غَيْرُ، وَإِذَا كَانَ إِنما سُمِّيَ رَجَزًا لِاضْطِرَابِهِ تَشْبِيهًا بالرَّجَزِ فِي النَّاقَةِ، وَهُوَ اضْطِرَابُهَا عِنْدَ الْقِيَامِ، فَمَا كَانَ عَلَى جُزْأَين فَالِاضْطِرَابُ فِيهِ أَبلغ وأَوكد، وَهِيَ الأُرْجُوزَةُ لِلْوَاحِدَةِ، والجمعُ الأَرَاجِيزُ. رَجَز الرَّاجِزُ يَرْجُزُ رَجْزاً وارْتَجَز الرَّجَّاز ارْتجازاً: قَالَ أُرْجُوزَةً. وتَراجَزُوا وارتَجَزُوا: تَعاطَوْا بَيْنَهُمُ الرَّجَزَ، وَهُوَ رجَّازٌ ورَجَّازَةٌ وراجزٌ. والارْتِجازُ: صَوْتُ الرَّعْد المُتَدارِك. وارْتَجَزَ الرعدُ ارْتِجازاً إِذا سَمِعْتَ لَهُ صَوْتًا مُتَتَابِعًا. وتَرَجَّزَ السحابُ إِذا تَحَرَّكَ تَحَرُّكًا بَطِيئاً لِكَثْرَةِ مَائِهِ، قَالَ الرَّاعِي:
ورَجَّافاً تَحِنُّ المُزْنُ فِيهِ ... تَرَجَّزَ مِنْ تِهامَةَ فاسْتَطارا
وَغَيْثٌ مُرْتَجِز: ذُو رَعْدٍ، وَكَذَلِكَ مُتَرَجِّز، قَالَ: أَبو صَخْرٍ:
وَمَا مُتَرَجِّزُ الآذِيِّ جَوْنٌ ... لَهُ حُبُكٌ يَطُمُّ عَلَى الْجِبَالِ
والمُرْتَجِزُ: اسْمُ فَرَسِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِجَهارة صَهيله وحُسنه، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اشْتَرَاهُ مِنَ الأَعرابي وَشَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ. وتَرَاجَزَ الْقَوْمُ: تَنَازَعُوا. والرِّجْز: القَذَر مِثْلُ الرِّجْس. والرِّجْز: الْعَذَابُ. والرِّجْز والرُّجْز: عِبَادَةُ الأَوثان، وَقِيلَ: هُوَ الشِّرْك مَا كَانَ تأْويله أَن مَنْ عبدَ غَيْرَ اللَّه تَعَالَى فَهُوَ عَلَى رَيْب مِنْ أَمره وَاضْطِرَابٍ مِنَ اعْتِقَادِهِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ، أَيْ عَلَى شَكٍّ وَغَيْرِ ثِقَةٍ وَلَا مُسْكة وَلَا طمأْنينة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ
، قَالَ قَوْمٌ: هُوَ صَنَمٌ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ، واللَّه أَعلم. قَالَ أَبو إِسحق: قرىء
والرِّجْزَ
وَالرُّجْزَ
، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلى الْعَذَابِ، وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ
، أَي كَشَفْتَ عَنَّا الْعَذَابَ. وَقَوْلُهُ: رِجْزاً مِنَ السَّماءِ*
، هُوَ الْعَذَابُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن مُعاذاً، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَصابه الطَّاعُون فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: لَا أُراه إِلّا رِجْزاً وطُوفاناً، فَقَالَ مُعَاذٌ: لَيْسَ بِرِجْزٍ وَلَا طُوفان،
هُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ، العذابُ والإِثمُ والذنبُ. وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ
، أَي عبادةَ الأَوثان. وأَصل الرَّجَزِ فِي اللُّغَةِ: تَتَابُعُ الحركاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: نَاقَةٌ رَجْزاءُ إِذَا كَانَتْ قَوَائِمُهَا ترتعدُ عِنْدَ قِيَامِهَا، وَمِنْ هَذَا رَجَزُ الشعرِ لأَنه أَقصرُ أَبياتِ الشعرِ والانتقالُ مِنْ بَيْتٍ إِلى بَيْتٍ سريعٌ نَحْوُ قَوْلِهِ: «4»
صَبْراً بَنِي عَبْدِ الدَّارْ
وَكَقَوْلِهِ:
مَا هاجَ أَحْزاناً وشَجْواً قَدْ شَجا
قَالَ أَبو إِسحاق: وَمَعْنَى الرِّجْزِ فِي القرآنِ هُوَ العذابُ المقَلْقِل لِشِدَّتِهِ، وَلَهُ قلقلةٌ شديدةٌ مُتَتَابِعَةً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ
، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ وساوسُه وخطاياهُ، وَذَلِكَ أَن الْمُسْلِمِينَ كَانُوا فِي رَمْل تَسُوخُ فِيهِ الأَرجلُ، وأَصابت بعضَهم الجنابةُ فَوَسْوَسَ إِليهم الشيطانُ بأَن عدوَّهم يَقْدِرُونَ عَلَى الْمَاءِ وَهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ، وخَيَّل إِليهم أَن ذلك
__________
(4) . قوله" نحو قوله إلخ" أورده في متن الكافي شاهداً على العروض الموقوفة المنهوكة من المنسرح.(5/352)
عَوْنٌ مِنَ اللَّه تَعَالَى لِعَدُوِّهِمْ، فأَمطر اللَّه تَعَالَى المكانَ الَّذِي كَانُوا فِيهِ حَتَّى تطهَّروا مِنَ الْمَاءِ، وَاسْتَوَتِ الأَرضُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا، وَذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. ووَسواسُ الشَّيْطَانِ رِجْزٌ. وتَرَّجَزَ الرَّجُلُ إِذا تَحَرَّكَ تَحَرُّكًا بَطِيئًا ثَقِيلًا لِكَثْرَةِ مَائِهِ. والرِّجَازَةُ: مَا عُدِل بِهِ مَيْلُ الحِمْلِ والهَوْدَجِ، وَهُوَ كساءٌ يُجْعَلُ فِيهِ حجارةٌ وَيُعَلَّقُ بأَحد جَانِبَيِ الْهَوْدَجِ ليَعْدِله إِذا مَالَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِاضْطِرَابِهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ شَيْءٌ مِنْ وِسَادَةٍ وأَدَم إِذَا مَالَ أَحدُ الشِّقين وُضِعَ فِي الشِّق الْآخَرِ لِيَسْتَوِيَ، سُمِّيَ رِجازَة المَيْل. والرِّجازَةُ: مَرْكَبٌ لِلنِّسَاءِ دُونَ الْهَوْدَجِ. والرِّجازَة: مَا زُيِّنَ بِهِ الهودجُ مِنْ صُوفٍ وَشَعْرٍ أَحمَر، قَالَ الشَّمَّاخ:
وَلَوْ ثَقِفاها ضُرِّجَتْ بدِمائها ... كَمَا جَلَّلَتْ نِضْوَ القِرامِ الرَّجائزُ
قَالَ الأَصمعي: هَذَا خطأٌ إِنما هِيَ الجزائزُ، الواحدة جَزيزة، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. والرجائزُ: مراكبُ أَصغرُ مِنَ الْهَوَادِجِ، وَيُقَالُ: هُوَ كِسَاءٌ تُجْعَلُ فِيهِ أَحجار تُعَلَّقُ بأَحد جَانِبَيِ الْهَوْدَجِ إِذا مَالَ. والرَّجَّاز: وادٍ مَعْرُوفٌ، قَالَ بَدْرُ بْنُ عَامِرٍ الْهُذَلِيُّ:
أَسَدٌ تَفِرُّ الأُسْدُ مِنْ عُرَوائه ... بِمَدَافِعِ الرَّجَّازِ أَو بعُيونِ
وَيُرْوَى: بِمَدَامِعِ الرَّجَّازِ، واللَّه أَعلم.
رخبز: رَخْبَزٌ: اسم.
رزز: رَزَّ الشيءَ فِي الأَرض وَفِي الْحَائِطِ يَرُزُّه رَزًّا فارْتَزَّ: أَثبته فَثَبَتَ. والرَّزُّ: رَزُّ كلِّ شيءٍ تَثَبُّتُهُ فِي شَيْءٍ مِثْلَ رَزَّ السِّكينَ فِي الْحَائِطِ يَرُزُّهُ فَيَرْتَزُّ فِيهِ؛ قَالَ يُونُسُ النَّحْوِيُّ: كُنَّا مَعَ رُؤْبَةَ فِي بَيْتِ سَلَمَةَ بنِ عَلْقَمة السَّعدي فَدَعَا جَارِيَةً لَهُ فَجَعَلَتْ تَباطأُ عَلَيْهِ فأَنشد يَقُولُ:
جاريةٌ عِنْدَ الدُّعاءِ كَزَّه ... لَوْ رَزَّها بالقُرْبُزِيِّ رَزَّه
جَاءَتْ إِليه رَقَصاً مُهْتَزَّه
ورَزَّزْتُ لَكَ الأَمر تَرْزيزاً أَي وطَّأْتُه لَكَ. وَرَزَّت الجرادةُ ذَنَبَها فِي الأَرض تَرِزُّه [تَرُزُّه] رَزًّا وأَرَزَّتْه: أَثْبَتَتْه لِتَبِيضَ، وَقَدْ رَزَّ الجرادُ يَرُزُّ رَزًّا. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ أَرَزَّت الْجَرَادَةُ إِرزازاً بِهَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ أَن تُدْخِلَ ذَنَبَها فِي الأَرض فَتُلْقِيَ بَيضَها. ورَزّةُ الْبَابِ: مَا ثَبَتَ فِيهِ مِنْ «1» ... وَهُوَ مِنْهُ. والرَّزَّة: الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُدْخَل فِيهَا القُفْلُ، وَقَدْ رَزَزْتُ الْبَابَ أَي أَصلحتُ عَلَيْهِ الرَّزَّة. وتَرْزِيزُ البياضِ: صَقْلُه، وَهُوَ بَيَاضٌ مُرَزَّز. والرَّزِيزُ: نَبتٌ يُصْبَغُ بِهِ. والرِّزُّ، بِالْكَسْرِ: الصوتُ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّوْتُ تَسْمَعُهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّوْتُ تَسْمَعُهُ وَلَا تَدْرِي مَا هُوَ. يُقَالُ: سمعتُ رِزَّ الرَّعْدِ وَغَيْرِهِ وأَرِيزَ الرَّعْدِ. والإِرْزِيزُ: الطويلُ الصَّوْتِ. والرَّز: أَن يَسْكُتَ مِنْ سَاعَتِهِ. ورِزُّ الأَسدِ ورِزُّ الإِبل: الصوتُ تَسْمَعُهُ وَلَا تَرَاهُ يَكُونُ شَدِيدًا أَو ضَعِيفًا، والجِرْسُ مِثْلُهُ. ورِزُّ الرَّعْدِ ورَزيزه: صَوْتُهُ. وَوُجَدْتُ فِي بَطْنِي رِزًّا ورِزِّيزَى، مِثَالُ خِصِّيصَى: وَهُوَ الْوَجَعُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: مَنْ وَجَدَ فِي بَطْنِهِ رِزًّا فَلْيَنْصَرِفْ وليتوضأْ
؛ الرِّزُّ فِي الأَصل: الصَّوْتُ الخفيُّ؛ قَالَ الأَصمعي: أَراد بالرِّزِّ الصوتَ فِي الْبَطْنِ من القَرْقَرَةِ ونحوها.
__________
(1) . كذا بياض بالأصل(5/353)
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ كُلُّ صَوْتٍ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ فَهُوَ رِزٌّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ بَعِيرًا يَهْدُر فِي الشِّقْشِقَةِ:
رَقْشاء تَنْتاحُ اللُّغامَ المُزبِدا ... دَوَّمَ فِيهَا رِزُّهُ وأَرْعَدَا
وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
كأَنَّ، فِي رَبابِهِ الكِبارِ ... رِزَّ عِشَارٍ جُلْنَ فِي عِشَارِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ فِي قَوْلِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، مَنْ وَجَدَ رِزًّا فِي بَطْنِهِ
: إِنه الصَّوْتُ يَحْدُثُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلى الْغَائِطِ، وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ الصَّلَاةُ وَهُوَ يدافعُ الأَخْبَثَيْنِ
، فأَمره بِالْوُضُوءِ لِئَلَّا يُدَافِعَ أَحد الأَخبثين، وإِلا فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إِن لَمْ يُخْرِجِ الْحَدَثَ، قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ هَكَذَا جاءَ فِي كُتُبِ الْغَرِيبِ عَنْ عَلِيٍّ نَفْسِهِ، وأَخرجه الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الرِّزُّ غَمْزُ الحَدَثِ وحَرَكَتُه فِي الْبَطْنِ لِلْخُرُوجِ حَتَّى يَحْتَاجَ صاحبُه إِلى دُخُولِ الْخَلَاءِ، كَانَ بقَرْقَرَةٍ أَو بِغَيْرِ قَرْقَرَةٍ، وأَصل الرِّزِّ الوجعُ يَجِدُهُ الرَّجُلُ فِي بَطْنِهِ. يُقَالُ: إِنه لَيَجِدُ رِزًّا فِي بَطْنِهِ أَي وَجَعًا وغَمْزاً لِلْحَدَثِ؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ يَذْكُرُ إِبلًا عِطاشاً:
لَوْ جُرَّ شَنٌّ وَسْطَها، لَمْ تَجْفُلِ ... مِنْ شَهْوَةِ الماءِ، ورِزٍّ مُعْضِلِ
أَي لَوْ جُرَّتْ قِرْبَةٌ يَابِسَةٌ وَسَطَ هَذِهِ الإِبل لَمْ تَنْفِرْ مِنْ شِدَّةِ عَطَشِهَا وذُبُولها وَشِدَّةِ مَا تَجِدُهُ فِي أَجوافها مِنْ حَرَارَةِ الْعَطَشِ بِالْوَجَعِ فَسَمَّاهُ رِزًّا. ورِزُّ الفَحْلِ: هَدِيره. والإِرْزِيزُ: الصوتُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ البَرَدُ، والإِرْزِيزُ، بِالْكَسْرِ: الرِّعْدَةُ؛ وأَنشد بَيْتَ الْمُتَنَخِّلُ:
قَدْ حالَ بَيْنَ تَراقِيهِ ولَبَّتِه ... مِنْ جُلْبَةِ الجُوعِ، جَيَّارٌ وإِرْزيزُ
والإِرْزِيزُ: بَرَدٌ صغار شبيه بالثلج. والإِرْزِيزُ: الطَّعْنُ الثَّابِتُ. ورَزَّهُ رَزَّةً أَي طَعَنَهُ طَعْنَةً. وارْتَزَّ السهمُ فِي القِرطاس أَي ثَبَتَ فِيهِ. وارْتَزَّ البَخيلُ عِنْدَ المسأَلة إِذا بَقِيَ ثَابِتًا وبَخِلَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الأَسود: إِن سُئِلَ ارْتَزَّ
أَي ثَبَتَ وَبَقِيَ مَكَانَهُ وخَجِلَ وَلَمْ يَنْبَسِطْ، وَهُوَ افْتَعَلَ، مِنْ رَزَّ إِذا ثَبَتَ، وَيُرْوَى: أَرَزَ، بِالتَّخْفِيفِ، أَي تقبَّض. والرُّزُّ والرُّنْزُ: لُغَةٌ فِي الأُرْزِ، الأَخيرة لِعَبْدِ الْقَيْسِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما ذَكَرْتُهَا هَاهُنَا لأَن الأَصل رُزٌّ فَكَرِهُوا التَّشْدِيدَ فأَبدلوا مِنَ الزَّايِ الأُولى نُونًا كَمَا قَالُوا إِنْجاصٌ فِي إِجَّاصٍ، وإِن لَمْ تَكُنِ النُّونُ مُبْدَلَةً فَالْكَلِمَةُ ثُلَاثِيَّةٌ. وَطَعَامٌ مُرَزَّزٌ: فِيهِ رُزٌّ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَا تَقُلْ أُرْز، وَقَالَ غَيْرُهُ: رُزٌّ ورُنْزٌ وأُرْزٌ وأَرُزٌ وأُرُزٌ.
رطز: التَّهْذِيبِ: أَهمله اللَّيْثُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي كِتَابِ الْيَاقُوتِ: الرَّطَزُ الضَّعِيفُ، قَالَ: وشَعَرٌ رَطَزٌ أَي ضعيف.
رعز: المِرْعِزُّ والمِرْعِزَّى والمِرْعِزاءُ والمَرْعِزَّى والمَرْعِزَاءُ: مَعْرُوفٌ، وَجَعَلَ سِيبَوَيْهِ المِرْعِزَّى صِفَةً عَنَى بِهِ اللَّيِّنَ مِنَ الصُّوفِ. قَالَ كُرَاعٌ: لَا نَظِيرَ للمِرْعِزَّى وَلَا للمِرْعِزاءِ. وَثَوْبٌ مُمَرْعَزٌ: مِنْ بَابِ تَمَدْرَعَ وتَمَسْكَنَ، وإِن شدَّدت الزَّايَ مِنَ المِرْعِزَّى قَصَرْتَ، وإِن خَفَّفْتَ مَدَدْتَ، وَالْمِيمُ وَالْعَيْنُ مَكْسُورَتَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَحَكَى الأَزهري: المِرْعِزَّى كَالصُّوفِ يَخْلُصُ مِنْ بَيْنِ شَعَرِ العَنْزِ.(5/354)
وَثَوْبٌ مِرْعِزَّى عَلَى وَزْنِ شِفْصِلَّى، قَالَ: وَيُقَالُ مَرْعِزاءُ، فَمِنْ فَتَحَ الْمِيمَ مَدَّهُ وَخَفَّفَ الزَّايَ، وإِذا كَسَرَ الْمِيمَ كَسَرَ الْعَيْنَ وَثَقَّلَ الزَّايَ وَقَصَرَ. الْجَوْهَرِيُّ: المِرْعِزَّى الزَّغَبُ الَّذِي تَحْتَ شَعَرِ الْعَنْزِ، وَهُوَ مَفْعِلَّى، لأَن فَعْلِلَّى لَمْ يَجِئْ وإِنما كَسَرُوا الْمِيمَ إِتْبَاعًا لِكَسْرَةِ الْعَيْنِ، كَمَا قَالُوا مِنْخِر ومِنْتِن، وَكَذَلِكَ المِرْعِزاءُ إِذا خَفَّفْتَ مَدَدْتَ، وإِن شَدَّدْتَ قَصَرْتَ، وإِن شِئْتَ فَتَحْتَ الْمِيمَ، وَقَدْ تَحْذِفُ الأَلف فَتَقُولُ مِرْعِزٌّ، وَهَذِهِ ذَكَرَهَا الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ.
رفز: قَالَ اللَّيْثُ: قرأْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ شِعْرًا لَا أَدري مَا صِحَّتُهُ، وَهُوَ:
وبَلْدَة للدَّاء فِيهَا غامِزُ ... مَيْتٌ بِهَا العِرْقُ الصَّحيحُ الرافِزُ
قَالَ: هَكَذَا كَانَ مُقَيِّداً وَفَسَّرَهُ: رَفَزَ العِرْقُ إِذا ضَرَبَ. وإِن عِرْقَهُ لَرَفَّاز أَي نَبَّاضٌ. قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعرف الرَّفَّازَ بِمَعْنَى النَّبَّاضِ، وَلَعَلَّهُ راقِزٌ، بِالْقَافِ، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يبحث عنه.
رقز: التَّهْذِيبُ: الْعَرَبُ تَقُولُ: رَقَزَ ورَقَصَ، وَهُوَ رَقَّاز ورَقَّاصٌ؛ وأَنشد:
وَبَلْدَةٌ لِلدَّاءِ فِيهَا غَامِزٌ ... مَيْتٌ بِهَا الْعِرْقُ الصَّحِيحُ الرَّاقِزُ
وَقَالَ: الرَّاقِزُ الضَّارِبُ. يُقَالُ: مَا يَرْقِزُ مِنْهُ عِرْقٌ أَي ما يضرب.
ركز: الرَّكْزُ: غَرْزُكَ شَيْئًا مُنْتَصِبًا كَالرُّمْحِ وَنَحْوِهِ تَرْكُزُه رَكْزاً فِي مَرْكَزِه، وَقَدْ رَكَزَه يَرْكُزُه ويَرْكِزُه رَكْزاً ورَكَّزَه: غَرَزَه فِي الأَرض؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وأَشْطانُ الرِّماحِ مُرَكَّزاتٌ ... وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلُولُ
والمَراكِزُ: مَنَابِتُ الأَسنان. ومَرْكَزُ الجُنْدِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي أُمروا أَن يَلْزَمُوهُ وأُمروا أَن لَا يَبرَحُوه. ومَرْكَزُ الرَّجُلِ: موضعُه. يُقَالُ: أَخَلَّ فلانٌ بِمَرْكَزِه. وارْتَكَزْتُ عَلَى الْقَوْسِ إِذا وَضَعْتَ سِيَتَها بالأَرض ثُمَّ اعْتَمَدْتَ عَلَيْهَا. ومَرْكَزُ الدَّائِرَةِ: وَسَطُها. والمُرْتَكِزُ الساقِ مِنْ يَابِسِ النَّبَاتِ: الَّذِي طَارَ عَنْهُ الْوَرَقُ. والمُرْتَكِزُ مِنْ يَابِسِ الْحَشِيشِ: أَن تَرَى سَاقًا وَقَدْ تَطَايَرَ عَنْهَا وَرَقُهَا وأَغصانها. ورَكَزَ الحَرُّ السَّفا يَرْكُزه رَكْزاً: أَثبته فِي الأَرض؛ قَالَ الأَخطل:
فَلَمَّا تَلَوَّى فِي جَحافِلِه السَّفا ... وأَوْجَعَه مَرْكُوزُه وذَوابِلُهْ
وَمَا رأَيت لَهُ رِكْزَةَ عَقْلٍ أَيْ ثَباتَ عَقْلٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ بَنِي أَسد يَقُولُ: كَلَّمْتُ فُلَانًا فَمَا رأَيت لَهُ رِكْزَةً؛ يُرِيدُ لَيْسَ بِثَابِتِ الْعَقْلِ. والرِّكْزُ: الصوتُ الخفيُّ، وَقِيلَ: هُوَ الصَّوْتُ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ. قَالَ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الرِّكْزُ الصَّوْتُ، والرِّكْز: صَوْتُ الإِنسان تَسْمَعُهُ مِنْ بَعِيدٍ نَحْوُ رَكَزَ الصَّائِدُ إِذا ناجَى كلابَهُ؛ وأَنشد:
وَقَدْ تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ ... بنَبْأَةِ الصَّوْتِ، مَا فِي سَمْعِه كَذِب
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ، قَالَ: هُوَ رِكْز النَّاسِ
، قَالَ: الرِّكْزُ(5/355)
الحِسُّ وَالصَّوْتُ الْخَفِيُّ فَجَعَلَ القَسْوَرَةَ نَفْسَهَا رِكْزاً لأَن الْقَسْوَرَةَ جَمَاعَةُ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: هُوَ جَمَاعَةُ الرُّماة فَسَمَّاهُمْ بِاسْمِ صَوْتِهِمْ، وَأَصْلُهَا مِنَ القَسْرِ، وَهُوَ القَهْرُ وَالْغَلَبَةُ، وَمِنْهُ قِيلَ للأَسد قَسْوَرَةٌ. والرِّكازُ: قِطَعُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ تَخْرُجُ مِنَ الأَرض أَو الْمَعْدِنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَفِي الرِّكازِ الخُمْسُ.
وأَرْكَزَ المَعْدِنُ: وُجِدَ فِيهِ الرِّكاز؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَرْكَزَ الرجلُ إِذا وَجد رِكازاً. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اخْتَلَفَ أَهل الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، فَقَالَ أَهل الْعِرَاقِ: فِي الرِّكاز المعادنُ كلُّها فَمَا اسْتَخْرَجَ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ فَلِمُسْتَخْرِجِهِ أَربعة أَخماسه وَلِبَيْتِ الْمَالِ الْخُمُسُ، قَالُوا: وَكَذَلِكَ المالُ العادِيُّ يُوجَدُ مَدْفُونًا هُوَ مِثْلُ الْمَعْدِنِ سَوَاءٌ، قَالُوا: وإِنما أَصل الرِّكَازِ المعدنُ والمالُ العادِيُّ الَّذِي قَدْ مَلَكَهُ النَّاسُ مُشَبَّه بِالْمَعْدِنِ، وَقَالَ أَهل الْحِجَازِ: إِنما الرِّكَازُ كُنُوزُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَالُ الْمَدْفُونُ خَاصَّةً مِمَّا كَنَزَهُ بَنُو آدَمَ قَبْلَ الإِسلام، فأَما الْمَعَادِنُ فَلَيْسَتْ بِرِكَازٍ وإِنما فِيهَا مِثْلُ مَا فِي أَموال الْمُسْلِمِينَ مِنَ الرِّكَازِ، إِذا بَلَغَ مَا أَصاب مِائَتَيْ دِرْهَمٍ كَانَ فِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ إِذا بَلَغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا كَانَ فِيهِ نِصْفُ مِثْقَالٍ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا اللُّغَةُ لأَن كُلًّا مِنْهُمَا مَرْكُوزٌ فِي الأَرض أَي ثَابِتٌ. يُقَالُ: رَكَزَهُ يَرْكُزُهُ رَكْزاً إِذا دَفَنَهُ، وَالْحَدِيثُ إِنما جاءَ عَلَى رأْي أَهل الْحِجَازِ، وَهُوَ الْكَنْزُ الْجَاهِلِيُّ، وإِنما كَانَ فِيهِ الْخُمُسُ لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ وَسُهُولَةِ أَخذه. وَرَوَى الأَزهري عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنه قَالَ: الَّذِي لَا أَشك فِيهِ أَن الرِّكاز دَفِينُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَالَّذِي أَنا وَاقِفٌ فِيهِ الرِّكَازُ فِي الْمَعْدِنِ والتِّبْر الْمَخْلُوقِ فِي الأَرض. وَرُوِيَ عَنْ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَن عَبْدًا وَجَدَ رِكْزَةً عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فأَخذها مِنْهُ عُمَرُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرِّكازُ مَا أَخْرَجَ المعدنُ وَقَدْ أَرْكَزَ المعدنُ وأَنالَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَرْكَزَ صاحِبُ الْمَعْدِنِ إِذا كَثُرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ لَهُ مِنْ فِضَّةٍ وَغَيْرِهَا. والرِّكازُ: الِاسْمُ، وَهِيَ القِطَع العِظام مِثْلُ الْجَلَامِيدِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تَخْرُجُ مِنَ الْمَعَادِنِ، وَهَذَا يُعَضِّدُ تَفْسِيرَ أَهل الْعِرَاقِ. قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَصاب فِي الْمَعْدِنِ البَدْرَةَ الْمُجْتَمِعَةَ: قَدْ أَرْكَزَ. وَقَالَ أَحمد بْنُ خَالِدٍ: الرِّكازُ جَمْعٌ، وَالْوَاحِدَةُ رِكْزَةٌ، كأَنه رُكِزَ فِي الأَرض رَكْزاً، وَقَدْ جاءَ فِي مُسْنَدِ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ:
وَفِي الرَّكائزِ الخُمْسُ
، كأَنها جَمْعُ رَكِيزَة أَو رِكازَةٍ. والرَّكِيزة والرِّكْزَةُ: القطعةُ مِنْ جَوَاهِرِ الأَرض المركوزةُ فِيهَا. والرِّكْزُ: الرَّجُلُ الْعَاقِلُ الْحَلِيمُ السَّخِيُّ. والرِّكْزَة: النَّخْلَةُ الَّتِي تُقْتلَعُ عَنِ الجِذْعِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. قَالَ شَمِرٌ: وَالنَّخْلَةُ الَّتِي تَنْبُتُ فِي جِذْعِ النَّخْلَةِ ثُمَّ تحوَّل إِلى مَكَانٍ آخَرَ هِيَ الرِّكْزَة. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا رِكْزٌ حَسَنٌ وَهَذَا وَدِيٌّ حَسَنٌ وَهَذَا قَلْعٌ حَسَنٌ. وَيُقَالُ: رِكْزُ الوَدِيِّ والقَلْعِ. ومَرْكُوزٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
بأَعْلامِ مَرْكُوزٍ فَعَنْزٍ فَغُرَّبٍ ... مَغانِيُّ أُمّ الوَرْدِ، إِذْ هِيَ مَا هِيَا
رمز: الرَّمْزُ: تَصْوِيتٌ خَفِيٌّ بِاللِّسَانِ كالهَمْس، وَيَكُونُ تحريكَ الشَّفَتَيْنِ بِكَلَامٍ غَيْرِ مَفْهُومٍ بِاللَّفْظِ مِنْ غَيْرِ إِبانة بِصَوْتٍ إِنما هُوَ إِشارة بِالشَّفَتَيْنِ، وَقِيلَ: الرَّمْزُ إِشارة وإِيماء بِالْعَيْنَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَالشَّفَتَيْنِ وَالْفَمِ. والرَّمْزُ فِي اللُّغَةِ كُلُّ مَا أَشرت إِليه مِمَّا يُبانُ بِلَفْظٍ بأَي شيءٍ أَشرت إِليه بِيَدٍ أَو بِعَيْنٍ، ورَمَزَ يَرْمُزُ ويَرْمِزُ رَمْزاً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ فِي قِصَّةِ زَكَرِيَّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً.(5/356)
ورَمَزَتْه المرأَة بِعَيْنِهَا تَرْمِزُه رَمْزاً: غَمَزَتْه. وَجَارِيَةٌ رَمَّازَةٌ: غَمَّازَةٌ، وَقِيلَ: الرَّمَّازَة الْفَاجِرَةُ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ أَيضاً، وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ الْغَمَّازَةِ بِعَيْنِهَا: رَمَّازَةٌ أَي تَرْمُزُ بِفِيهَا وتَغْمِزُ بِعَيْنِهَا؛ وَقَالَ الأَخطل فِي الرَّمَّازة مِنَ النِّسَاءِ وَهِيَ الْفَاجِرَةُ:
أَحاديثُ سَدَّاها ابنُ حَدْراءَ فَرْقَد ... ورَمَّازَةٍ مالتْ لِمَنْ يَسْتَمِيلُها
قَالَ شَمِرٌ: الرَّمَّازَةُ هَاهُنَا الْفَاجِرَةُ الَّتِي لَا تَرُدُّ يَدَ لامِسٍ، وَقِيلَ لِلزَّانِيَةِ رَمَّازَة لأَنها تَرْمُزُ بِعَيْنِهَا. وَرَجُلٌ رَمِيزُ الرأْي ورَزِينُ الرأْي أَي جَيِّدُ الرأْي أَصيلُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَغَيْرِهِ. والرَّمِيزُ: الْعَاقِلُ الثَّخِين الرَّزِينُ الرأْي بَيِّنُ الرَّمَازَة، وَقَدْ رَمَزَه. والرَّامُوزُ: البحرُ. وارْتَمَزَ الرجلُ وتَرَمَّزَ: تَحَرَّكَ. وإِبل مَرامِيزُ: كَثِيرَةُ التحرُّك؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
سَلاجِمُ الأَلْحِي مَرامِيزُ الهامْ
قَوْلُهُ سَلَاجِمُ الأَلحي مِنْ بَابِ أَشْفَى الْمِرْفَقِ، إِنما أَراد طُولَ الأَلْحِي فأَقام الِاسْمَ مَقَامَ الصِّفَةِ، وأَشباهه كَثِيرَةٌ. وَمَا ارْمَأَزَّ مِنْ مَكَانِهِ أَي مَا بَرِحَ. وارْمَأَزَّ عَنْهُ: زَالَ. وارْتَمَزَ مِنَ الضَّرْبَةِ أَي اضْطَرَبَ مِنْهَا؛ وَقَالَ:
خَرَرْتُ مِنْهَا لقَفايَ أَرْتَمِزْ
وتَرَمَّزَ مِثْلُهُ. وَضَرَبَهُ فَمَا ارْمَأَزَّ أَي مَا تحرَّك. وَكَتِيبَةٌ رَمَّازَةٌ إِذا كَانَتْ تَرْتَمِزُ مِنْ نَوَاحِيهَا وَتَمُوجُ لِكَثْرَتِهَا أَي تَتَحَرَّكُ وَتَضْطَرِبُ. والرَّمْزُ والتَّرَمُّزُ فِي اللُّغَةِ: الحَزْمُ والتحرُّك. والمُرْمَئِزُّ: اللازمُ مَكَانَهُ لَا يَبْرَحُ؛ أَنشد ابْنُ الأَنباري:
يُرِيحُ بعدَ الجِدِّ والتَّرْمِيزِ ... إِراحَةَ الجِدايَةِ النَّفُوزِ
قَالَ: التَّرْمِيزُ مِنْ رَمَزَت الشَّاةُ إِذا هُزِلَتْ، وَارْتَمَزَ الْبَعِيرُ: تَحَرَّكَتْ أَرْآدُ لَحْيِه عِنْدَ الِاجْتِرَارِ. والتُّرامِزُ مِنَ الإِبل: الَّذِي إِذا مَضَغَ رأَيت دِمَاغَهُ يَرْتَفِعُ ويَسْفُلُ. وَقِيلَ: هُوَ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ، وَهُوَ مِثَالٌ لَمْ يَذْكُرْهُ سِيبَوَيْهِ، وَذَهَبَ أَبو بَكْرٍ إِلى أَن التَّاءَ فِيهَا زَائِدَةٌ، وأَما ابْنُ جِنِّي فَجَعَلَهُ رُبَاعِيًّا. والرَّامِزَتانِ: شَحْمتان فِي عَيْنِ الرُّكْبَةِ. ورَمُزَ الشيءُ يَرْمُزُ وارْمَأَزَّ: انْقَبَضَ. وارْمَأَزَّ: لَزِمَ مَكَانَهُ. والرَّمَّازَةُ: الاسْتُ لِانْضِمَامِهَا، وَقِيلَ: لأَنها تَمُوجُ، وتَرَمَّزَتْ: ضَرطَتْ ضَرطاً خَفِيًّا. والرَّمِيزُ: الْكَثِيرُ الْحَرَكَةِ، والرَّمِيزُ: الْكَبِيرُ. يُقَالُ: فُلَانٌ رَبِيز ورَمِيزٌ إِذا كَانَ كَبِيرًا فِي فَنِّهِ، وَهُوَ مُرْتَبِزٌ ومُرْتَمِزٌ. ورَمَزَ فلانٌ غَنَمَه وإِبله: لَمْ يَرْضَ رِعْيَةَ رَاعِيهَا فَحَوَّلَهَا إِلى رَاعٍ آخَرَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِنَّا وجَدْنا ناقَةَ العَجُوزِ ... خَيْرَ النِّياقاتِ عَلَى التَّرْمِيزِ
رنز: الرُّنْزُ، بِالضَّمِّ: لُغَةٌ فِي الأُرْزِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ بَابِ إِنْجاصٍ وإِجَّاصٍ، وَهِيَ لعبدِ القيسِ، والأَصل فِيهَا رُزٌّ فَكَرِهُوا التَّشْدِيدَ فأَبدلوا مِنَ الزَّايِ الأُولى نُونًا، كَمَا قَالُوا إِنْجاصٌ في إِجَّاص.
رهز: الرَّهْزُ: الْحَرَكَةُ. وَقَدْ رَهَزَها المُباضِع يَرْهَزُها رَهْزاً ورَهَزاناً فارْتَهَزَتْ: وَهُوَ تَحَرُّكُهُمَا جَمِيعًا عِنْدَ الإِيلاج مِنَ الرجل والمرأَة.(5/357)
روز: الرَّوْزُ: التَّجْربَةُ، رَازَهُ يَروزُه رَوْزاً: جَرَّبَ مَا عِنْدَهُ وخَبَرَه. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ؛ قَالَ: يَروزُكَ ويسأَلك.
والرَّوْزُ: الِامْتِحَانُ وَالتَّقْدِيرُ. يُقَالُ: رُزْتُ مَا عِنْدَ فُلَانٍ إِذا اخْتَبَرْتُهُ وَامْتَحَنْتُهُ، الْمَعْنَى يَمْتَحِنُكَ ويذوق أَمرك هل تخاف لَائِمَتَهَ أَم لَا، وَمِنْهُ حَدِيثُ البُراق:
فَاسْتَصْعَبَ فَرازَهُ جبريلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بإِذنه أَي اخْتَبَرَهُ.
وَيُقَالُ: رُزْ فُلَانًا ورُزْ مَا عِنْدَ فُلَانٍ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: قَوْلُهُمْ قَدْ رُزْتُ مَا عِنْدَ فُلَانٍ أَي طَلَبْتُهُ وأَردته؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ الْبَقَرَ وَطَلَبَهَا الكُنُسَ من الحَرِّ:
إِذ رازَتِ الكُنْسَ إِلى قُعُورها ... واتَّقَتِ اللافِحَ مِنْ حَرُورِها
يَعْنِي طَلَبَتِ الظِّلَّ فِي قُعُور الكُنُسِ. ورَازَ الحَجَرَ رَوْزاً: رَزَنَه لِيَعْرِفَ ثِقْلَهُ. والرَّازُ: رأْسُ البنَّائين، قَالَ: أُراه لأَنه يَرُوزُ الْحَجَرَ واللَّبِنَ ويُقَدِّرُهما؛ وَالْجَمْعُ الرَّازَةُ، وَحِرْفَتُهُ الرِّيازَةُ، قَالَ: وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ لرأْس كُلِّ صِنَاعَةٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه جَعَلَ الرازَ وَهُوَ البَنَّاء مِنْ رَازَ يَروزُ إِذا امْتَحَنَ عَمَله فَحَذَقَه وَعَاوَدَ فِيهِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ رازَ الرجلُ صَنْعَتَهُ إِذا قَامَ عَلَيْهَا وأَصلحها؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الأَعشى:
فَعَادَا لَهُنَّ ورَازَا لَهُنَّ ... واشْتَركا عَمَلًا وائْتِمارا
قَالَ: يُرِيدُ قَامَا لَهُنَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ رَازَ سَفِينَةِ نُوحٍ جبريلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالْعَامِلُ نوحٌ
يَعْنِي رئيسَها ورأْسَ مُدَبِّريها. الْفَرَّاءُ: المَرَازَانِ الثَّدْيان وَهُمَا النَّجْدانِ؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
فَرَوِّزَا الأَمْرَ الَّذِي تَرُوزَان
ابْنُ الأَعرابي: رَازَى فلانٌ فُلَانًا إِذا اخْتَبَرَهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُهُ رَازاه إِذا اخْتَبَرَهُ مَقْلُوبٌ أَصله رَاوَزَهُ فأَخَّر الْوَاوَ وَجَعَلَهَا أَلفاً سَاكِنَةً، وإِذا نَسَبُوا إِلى الرَّيِّ قَالُوا رَازِيٌّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذو الرُّمَّةِ:
ولَيْلٍ كأَثْناءِ الرُّوَيْزِيِّ جُبْتُه
أَراد بِالرُّوَيْزِيِّ ثَوْبًا أَخضر مِنْ ثِيَابِهِمْ شَبَّهَ سَوَادَ اللَّيْلِ بِهِ، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الزاي
زأز: تَزَأّزَ مِنْهُ: هَابَهُ وَتَصَاغَرَ لَهُ وزَأْزَأَهُ الْخَوْفُ. وتَزَأْزَأَ مِنْهُ: اخْتَبَأَ. اللَّيْثُ: تَزَأْزَأَ عَنِّي فُلَانٌ إِذا هَابَكَ وفَرِقَكَ، وتَزَأْزأَتِ المرأَةُ إِذا اختبأَت؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تَدْنُو فَتُبْدِي جَمالًا زَانَهُ خَفَرٌ ... إِذا تَزَأْزَأَتِ السُّودُ العَناكِيبُ
أَبو زَيْدٍ: تَزَأْزَأْتُ مِنَ الرَّجُلِ تَزَأْزؤاً شَدِيدًا إِذا تصاغرت له وفَرِقْتَ مِنْهُ. وزَأْزَأَ: عَدَا. وزَأْزَأَ الظلِيم: مَشَى مُسْرِعًا وَرَفَعَ قُطْرَيْهِ. وتَزَأْزَأَتِ المرأَةُ: مَشَتْ وَحَرَّكَتْ أَعطافها كمِشْيَةِ القِصَارِ. وقِدْرٌ زُؤَازِئَةٌ وزُؤَزِئَةٌ: عَظِيمَةٌ تَضُمُّ الجَزورَ.
زلز: الزَّلَزُ: الأَثاثُ وَالْمَتَاعُ. وَيُقَالُ: احْتَمَلَ القومُ بِزَلَزِهِمْ. الأَزهري: شَمِرٌ: جَمِّعْ زَلِزَكَ أَي أَثاثك وَمَتَاعَكَ، نَصَبَ الزَّايَيْنِ وَكَسَرَ اللَّامَ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ: وَفِي كِتَابِ الإِيادي:(5/358)
المَحاش الْمَتَاعُ والأَثاث؛ قَالَ: والزَّلَزُ مِثْلُ المَحَاشِ وَلَمْ يَذْكُرِ الزَّلَزِلَ، وَالصَّوَابُ الزَّلِزُ المَحاشُ، وَرَجَعَ عَلَى زَلَزِه أَي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ. والزَّلِزَةُ: الطَّيَّاشَةُ الْخَفِيفَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَرُود فِي بُيُوتِ جَارَاتِهَا أَي تَطُوفُ فِيهَا. تَقُولُ الْعَرَبُ: تَوَقَّري يَا زَلِزَةُ. والزَّلِزُ: الغَرِضُ الضَّجِرُ. وإِني لَزَلِزٌ بِمَجْلِسِي هَذَا أَي قَلِقٌ نَغِل؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وزَلِزَ الرجلُ أَي قَلِقَ وعَلِزَ. وجَمَعَ القومُ زَلُزاءَهُمْ أَي أَمرهم؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ عن الرياشي.
زيز: الزِّيزاةُ والزِّيْزاءَةُ بِوَزْنِ زِيْزاعَة، والزِّيزَى والزِّيزَاءُ: الأَكَمَةُ الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: الأَرض الْغَلِيظَةُ، وَهِيَ الزَّازِيَةُ، قَالَ الزَّفَيانُ السَّعْدِيُّ:
يَا إِبلي! مَا ذَامُهُ فَتَأْبَيَهْ؟ ... مَاءٌ رواءٌ ونَصِيُّ حَوْلَيَهْ
هَذًّا بأَفواهها حَتَّى تَأْبَيَهْ، «2» ... حَتَّى تَرُوحِي أُصُلًا تُبارِيَه
تبَاريَ العانةِ فوقَ الزَّازِيَه
قَالَ ابْنُ جني: هكذا رويناه عن أَبي زَيْدٍ، وأَما الْكُوفِيُّونَ فَيَرْوُونَهُ خِلَافَ هَذَا يَقُولُونَ: فتأْبَيْه وَنَصِيٌّ حَوْلَيْه وَحَتَّى تأْبَيْه وَفَوْقَ الزازِيْه، فَيَنْشُدُونَهُ مِنَ السَّرِيعِ لَا مِنَ الرَّجَزِ كَمَا أَنشده أَبو زَيْدٍ، قَالَ: وَهَكَذَا رَوَيْنَاهُ هَذًّا. والزِّيزاءُ، بِالْمَدِّ: مَا غَلُظَ مِنَ الأَرض، والزِّيزاءَةُ أَخص مِنْهُ، وَهِيَ الأَكمة، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ مُبَدَّلَةٌ مِنَ الْيَاءِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي الْجَمْعِ الزَّيازِي، وَمَنْ قَالَ الزَّوازِي جَعَلَ الْيَاءَ الأُولى مُبْدَلَةً مِنَ الْوَاوِ مِثْلَ القَواقِي جَمْعُ قَيْقَاءَةٍ. الْفَرَّاءُ: الزِّيزاءُ مِنَ الأَرض مَمْدُودٌ مَكْسُورُ الأَول وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَنْصِبُ فَيَقُولُ: الزَّيزاءُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الزَّازاءُ، وَكُلُّهُ مَا غَلُظَ مِنَ الأَرض. ابْنُ شُمَيْلٍ: الزِّيزاةُ مِنَ الأَرض القُفُّ الْغَلِيظُ المُشْرِفُ الخَشِنُ، وَجَمْعُهَا الزَّيازِي، قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى إِذا زَوْزَى الزَّيازِي هَزَّقا ... ولَفَّ سدْرَ الهَجَرِيِّ حَزَّقا
والزِّيزاءُ: الرِّيشُ. وزِيْ زِيْ: حِكَايَةُ صَوْتِ الْجِنِّ، قَالَ:
تَسْمَعُ للجِنِّ بِهِ زِيْ زِيْ زِيا
وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ زَازَيْتُ مِنْ فُلَانٍ أَمراً شَاقًّا وصاصَيْتُ، والمرأَةُ تُزَازِي صَبِيَّهَا. وزَازَيْتُ المالَ وصاصَيْتُه إِذَا جَمَعْتَهُ وصَعْصَعْته، «3» تَفْسِيرُهُ جَمَعْتُهُ. والزِّيزَاءُ: أَطراف الرِّيشِ. وقِدْرٌ زُوازِيَةٌ: عَظِيمَةٌ. وَرَجُلٌ زُوازِيَةٌ أَي قَصِيرٌ غَلِيظٌ، وَقَوْمٌ زُوازِيَة أَيضاً. وَيُقَالُ: رَجُلٌ زَوَنْزَى وزَوَزَّى للمُتَحَذْلِقِ المُتكايِس، وأَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ لِمَنْظُورٍ الدُّبَيْري:
وزَوْجُها زَوَنْزَكٌ زَوَنْزَى ... يَفْرَقُ إِنْ فُزِّعَ بالضَّبَغْطَى
أَشْبَهُ شيءٍ هُوَ بالحَبَرْكَى ... إِذا حَطَأْتَ رَأْسَه تَشَكَّى
وإِن نَقَرْتَ أَنْفَهُ تَبَكَّى
الزَّوَنْزَكُ: الْقَصِيرُ الدَّمِيمُ. والضَّبَغْطَى: شيءٌ يُفَزَّعُ بِهِ الصِّبْيَانُ، وَيُقَالُ: هِيَ فَزَّاعة الزَّرع.
__________
(2) . قوله" بأفواهها" هو باختلاس حركة هاء الضمير.
(3) . قوله" وصعصصعته إلخ" كذا بالأصل. والذي في القاموس: صعصعته فرقته.(5/359)
والحَبَرْكَى: الْقَصِيرُ الرِّجْلَيْنِ الطَّوِيلُ الظَّهْرِ، قَالَتِ الخَنْساء:
مَعاذَ اللَّه يَنْكِحُني حَبَركى ... قَصِيرُ الشِّبْرِ مِنْ جُشَمِ بْنِ بَكْرِ
وحَطَأَ رأْسه: ضَرَبَهُ بِيَدِهِ مَبْسُوطَةً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: زَوْزَيْت بِهِ زَوْزَاةً إِذَا اسْتَحْقَرْتَهُ وَطَرَدْتَهُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا وَهْمٌ مِنَ الْجَوْهَرِيِّ وإِنما حَقُّ زَوْزَيته أَن يُذْكَرَ فِي الْمُعْتَلِّ لأَن لَامَهُ حَرْفُ عِلَّةٍ وَلَيْسَ لَامُهُ زَايًا، وَقَدْ ذَكَرَهُ أَيضاً فِي فَصْلِ زَوَى فِي بَابِ الْمُعْتَلِّ اللَّامِ فَقَالَ: قِدْرُ زُوَزِيَةٌ وزُوازِيَةٌ مِثْلُ عُلَبِطَةٍ وعُلابِطَةٍ لِلْعَظِيمَةِ الَّتِي تَضُمُّ الجَزُور، وَقَوْلُهُ مِثْلُ عُلَبِطَةٍ وعُلابِطَةٍ يَشْهَدُ بأَن الْيَاءَ مِنْ زُوَزِيَةٍ وزُوازِيَةٍ أَصل كَمَا كَانَتِ الطَّاءُ فِي عُلَبِطَة وعُلابِطَةٍ أَصلًا وَهِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ والأَصل فِيهِ زُوَزِوَةٌ وزُوازِوَةٌ لأَنه مِنْ مُضَاعَفِ الأَربعة، وَكَذَلِكَ زَوْزى الرجلُ إِذا نَصَبَ ظَهْرَهُ وأَسرع فِي عَدْوه، وإِنما قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً فِي زُوَزِيَةٍ وزُوازِيَةٍ لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وأَما زَوْزَيْت فإِنما قُلِبَتِ الْوَاوُ الأَخيرة يَاءً لِكَوْنِهَا رَابِعَةً، كَمَا تُقْلَبُ الْوَاوُ فِي غَزَوْت يَاءً إِذا صَارَتْ رَابِعَةً فِي نَحْوِ أَغْزَيْت، فَبَانَ لَكَ بِهَذَا وَهْم الْجَوْهَرِيِّ فِي جَعْلِ زُوَزِيَةٍ فِي فَصْلِ زَيَزَ، قَالَ: وَقَدْ وَهَمَ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن زُوَزِيَةً عَيْنُهَا وَاوٌ وزَيَزَ عَيْنُهُ يَاءٌ وَالثَّانِي أَن زُوَزِيَةً لَامُهَا عِلَّةٌ وَلَيْسَ بِزَايٍ. وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ، أَنه يُقَالُ قِدْرٌ زُؤَزِئَةٌ، بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الزَّايِ الأُولى وَهَمْزَةٍ أُخرى بَعْدَ الزَّايِ الثَّانِيَةِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ مَا جَاءَ تَارَةً مَهْمُوزًا وَتَارَةً مُعْتَلًّا، يُقَالُ زَأْزَأَ الظَّليمُ إِذَا رَفَعَ قُطْرَيْه وَمَشَى مُسْرِعًا. وَقَالُوا: زَوْزَى الرجلُ إذا نصب ظهره وأَسرع عَدْوه، فَالْمَهْمُوزُ وَالْمُعْتَلُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ، واللَّه أَعلم.
فصل السين المهملة
سهرز: السُّهْرِيز والسِّهْريز: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ، مُعَرَّبٌ، وَسَهَرٌ بِالْفَارِسِيَّةِ الأَحمر، وَقِيلَ هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ شهْريز، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، ويقال سُهْرِيز [سِهْرِيز] وشِهْرِيز [شُهْرِيز] ، بِالسِّينِ وَالشِّينِ جَمِيعًا، وَهُوَ بِالسِّينِ أَعْرَب، وإِن شِئْتَ أَضفت مِثْلَ ثوبُ خَزٍّ وثوبٌ خَزٌّ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا تضف.
فصل الشين المعجمة
شأز: مَكَانٌ شَأْزٌ وشَئِزٌ: غَلِيظٌ كشأْسٍ وشَئِسٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
شَأْز بِمَنْ عَوَّه جَدْب المُنْطَلَقْ
وشَئِزَ مكانُنا شَأَزاً: غَلُظَ. وَيُقَالُ: قَلِقَ. وأَشْأَزَهُ: أَقلقه، وَقَدْ شَئِزَ شَأَزاً: غَلُظَ وَارْتَفَعَ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
جَدْب المُلَهَّى شَئِز المُعَوَّهِ
قَالَ: وقَلَبَه فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَقَالَ:
شَأْزٍ بِمَنْ عَوَّهَ جَدْب المُنْطَلَق
تَرَكَ الْهَمْزَ وأَخرجه مَخْرَجَ عاثٍ وعائِث وَعَاقٍّ وعائِق. وأَشْأَزَ الرجلُ عَنْ كَذَا وَكَذَا: ارْتَفَعَ عَنْهُ؛ وأَنشد:
فَلَوْ شَهِدْتَ عَقَبي وتَقْفاز ... أَشْأَزْتَ عَنْ قَوْلك أَيَّ إِشْآز
ابْنُ شُمَيْلٍ: الشَّأْزُ الْمَوْضِعُ الْغَلِيظُ الْكَثِيرُ الْحِجَارَةِ، وَلَيْسَتِ الشُّؤْزَة إِلا فِي حِجَارَةٍ وخُشونة، فأَما أَرضٌ(5/360)
غَلِيظَةٌ وَهِيَ طِينٌ فَلَا تُعدّ شَأْزاً. وشَئِزَ الرجلُ شَأَزاً، فَهُوَ شَئِز: قَلِقَ مِنْ مَرَضٍ أَو هَمّ، وأَشْأَزه غيرُه. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه دَخَلَ عَلَى خَالِهِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبة وَقَدْ طُعِنَ فَبَكَى، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا خَالُ؟ أَوَجَعٌ يُشْئِزُك أَم حِرْصٌ عَلَى الدُّنْيَا؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ يُشْئِزُك أَي يُقْلِقُك. يُقَالُ: شَئِزْتُ أَي قَلِقْتُ. وأَشْأَزَني غَيْرِي وشُئِزَ فَهُوَ مَشْؤُوزٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمة يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
فباتَ يُشْئِزُه ثَأْدٌ ويُسْهِرُه ... تَذَؤُّبُ الرِّيحِ والوَسْواسُ والهِضَبُ
وشَأَزَ المرأَة شَأْزاً: نكحها.
شحز: الشَّحْز: كَلِمَةٌ مَرْغُوبٌ عَنْهَا، يُكَنَّى بِهَا عَنِ النِّكَاحِ.
شخز: الشَّخْزُ: شِدَّةُ العَناء وَالْمَشَقَّةِ. والشَّخْزُ: الطَّعن. وشَخَزَه بِالرُّمْحِ يَشْخَزُه شَخْزاً: طَعَنَهُ. وشَخَز عَيْنَهُ يَشْخَزُها شَخْزاً: فقأَها. قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ شَخَزَ عَيْنَهُ وضَخَزَها وبَخَصَها بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ: وَلَمْ أَر أَحداً يَعْرِفُهُ. وتَشاخَزَ القومُ: تَبَاغَضُوا وتَعادَوْا. والشَّخْز: لُغَةٌ فِي الشَّخْسِ، وَهُوَ الِاضْطِرَابُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا الأُمورُ أُولِعَتْ بالشَّخْزِ
شرز: الشَّرْزُ: الشَّرْسُ، وَهُوَ الْغِلَظُ؛ وأَنشد لمرْداس الدُّبَيْريّ:
إِذا قلتُ: إِن اليومَ يومُ خُضُلَّةٍ ... وَلَا شَرْزَ، لاقَيْتُ الأُمورَ البَجارِيا
ابْنُ سِيدَهْ: الشَّرْز والشَّرْزَةُ الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ. أَبو عَمْرٍو: الشَّرْز مِنَ المُشارَزَةِ وَهِيَ الْمُعَادَاةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَلْقى مُعادِيهمْ عذابَ الشَّرْزِ
والشَّرْزَة: الشَّدِيدَةُ مِنْ شَدَائِدِ الدَّهْرِ. يُقَالُ: رَمَاهُ اللَّهُ بشَرْزَةٍ لَا يَنْحَلّ مِنْهَا أَي أَهلكه. وأَشْرَزَه: أَوقعه فِي شِدَّةٍ ومَهْلَكة لَا يَخْرُجُ مِنْهَا. وَعَذَّبَهُ اللَّهُ عَذَابًا شَرْزاً أَي شَدِيدًا. وَرَجُلٌ مُشَرِّز: شَدِيدُ التَّعْذِيبِ لِلنَّاسِ؛ قَالَ:
أَنا طَلِيقُ اللهِ وابنُ هُرْمُزِ ... أَنْقَذَني مِنْ صاحبٍ مُشَرِّزِ
ابْنُ الأَعرابي: الشُّرَّازُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ عَذَابًا شَرْزاً أَي شَدِيدًا. والمُشارِزُ: الشَّدِيدُ. اللَّيْثُ: رَجُلٌ مُشارِزٌ أَي مُحارِب مُخاشِن. وشَارَزَه أَي عَادَاهُ. والمُشارِزُ: السَّيِّئُ الخُلُق؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ رَجُلًا قَطَعَ نَبْعَةً بِفَأْسٍ:
فأَنْحى عَلَيْهَا ذاتَ حَدٍّ غُرابَها ... عَدُوٌّ لأَوْساطِ العِضَاهِ مُشارِزُ
أَي أَمال عَلَيْهَا عَلَى النَّبْعة فأْساً ذَاتَ حَدٍّ. غُرَابُهَا: حَدَّهَا. مُشارِز: مُعادٍ. والمُشارَزَة: الْمُنَازَعَةُ والمُشارَسَةُ.
شزز: الشَّزَازَة: اليُبْس الشَّدِيدُ الَّذِي لَا يُطَاقُ عَلَى تَثْقِيفِه، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَا يَنْقَادُ للتَّثْقِيف. وَيُقَالُ: شَزَّ يَشِزُّ شَزِيزاً. وَشَيْءٌ شَزٌّ وشَزِيزٌ: يَابِسٌ جَدًّا.
شغز: ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للمِسَلَّة الشَّغِيزَةُ، قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ عَرَبِيٌّ، سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: سَوَّيْتُ شَغِيزَةً مِنَ الطَّرْفاء لأَسُفَّ بِهَا سَفِيفَةً.(5/361)
شغبز: اللَّيْثُ فِي الرُّبَاعِيِّ: الشَّغْبَزُ ابْنُ آوَى، قَالَ الأَزهري: هَكَذَا قَالَ بِالزَّايِ، وَالصَّحِيحُ الشَّغْبَرُ، بِالرَّاءِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو أَنه قَالَ: الشَّغْبَر ابْنُ آوَى، وَمَنْ قَالَهُ بِالزَّايِ فَقَدْ صَحَّف.
شفز: الشَّفْزُ: الرَّفْسُ. شَفَزَه يَشفِزُه شَفْزاً: رَفَسَه بِرِجْلِهِ؛ حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ وَقَالَ: ليس بعربي صحيح.
شكز: شَكَزَه بإِصبعه يَشْكُزه شَكْزاً: نَخَسه. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: شَكَزَ فلانٌ فُلَانًا وبَسَرَه وخَلَبه وخَدَبه وبَدَحَه وذَرَبه إِذا جَرَحَهُ بِلِسَانِهِ. والشَّكَّاز: المُجامِع مِنْ وَرَاءِ الثوب. أَبو الهثيم: يُقَالُ رَجُلٌ شَكَّازٌ إِذا حَدَّثَ المرأَة أَنْزل قَبْلَ أَن يُخَالِطَهَا ثُمَّ لَا يَنْتَشِر بَعْدَ ذَلِكَ لِجِمَاعِهَا. قَالَ الأَزهري: هُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ الزُّمَّلِقُ والذَّوذَحُ والثَّمُوتُ. والأُشْكُزُّ: ضَرْبٌ مِنَ الأَدَمِ أَبيض. اللَّيْثُ: الأُشْكُزُّ كالأَديم إِلا أَنه أَبيض يُؤَكَّدُ بِهِ السُّرُوج؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ مُعَرَّبٌ وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ أَدرنج.
شلز: التَّهْذِيبُ: المِشْلَوْز المِشْمِشَةُ الحُلْوة الْمُخِّ. قَالَ الأَزهري: أُخِذَ مِنَ الْمِشْمِشِ واللَّوْز، قَالَ: والجِلَّوْزُ نَبْتٌ لَهُ حَبٌّ إِلى الطُّولِ مَا هُوَ، وَيُؤْكَلُ مُخُّهُ شِبْهُ الفُسْتُق.
شمز: الشَّمْزُ: التَّقَبُّض. اشمَأَزَّ اشمِئْزازاً: انْقَبَضَ وَاجْتَمَعَ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: ذُعِرَ مِنَ الشَّيْءِ وَهُوَ المَذْعور. والشَّمْز: نُفُورُ النَّفْسِ مِنَ الشَّيْءِ تَكْرَهُهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ
؛ مَعْنَاهُ نَفَرَتْ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذا قِيلَ لَا إِله إِلا اللَّهُ نَفَروا مِنْ هَذَا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: اشْمَأَزَّت اقْشَعَرَّتْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: اشمأَزت استكبرتْ وَكَفَرَتْ ونَفَرَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَسَيَلِيكُمْ أُمراءُ تَقْشَعِرّ مِنْهُمُ الْجُلُودُ وتشْمَئِزُّ مِنْهُمُ الْقُلُوبُ
أَي تَنْقَبِضُ وَتَجْتَمِعُ، وَهَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ، وَهِيَ الشُّمَأْزِيزَة. وَرَجُلٌ فِيهِ شُمَأْزِيزَة مِنِ اشْمَأْزَزْت. قَالَ شَمِرٌ: قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ: اشْمِئزاز السِّعْرِ «4» اشمأَز اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مُقْلَوْلِيًا، قُلْتُ: مَا الْمُقْلَوْلِي؟ قَالَ: النَّدَةُ الَّتِي تَجْمَعُهَا جَمْعَةً وَاحِدَةً، قُلْتُ: مَا النَّدَةُ؟ قَالَ السَّوق الشَّدِيدُ حَتَّى يَكُونَ كأَنه مُشْرَبة فِي الأَقْران أَي مَشْدُودَةٌ فِي الْحِبَالِ. والمُشْمَئِزُّ أَيضاً: النَّافر الْكَارِهُ لِلشَّيْءِ. واشْمَأَزَّ الشيءَ: كَرِهه بِغَيْرِ حَرْفِ جَرٍّ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والمُشْمَئِزُّ: المَذْعور.
شنز: الشِّينِيزُ مِنَ البَزْر [البِزْر] ، بِكَسْرِ الشِّينِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: هَذِهِ الحَبَّة السَّوْدَاءُ، قَالَ: وَهُوَ فَارِسِيُّ الأَصل، قَالَ: والفُرْس يُسَمُّونَهُ الشُّونِيز، بِضَمِّ الشين.
شهرز: الشِّهْرِيز والشُّهْريز: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ مُعَرَّبٌ، وأَنكر بَعْضُهُمْ ضَمَّ الشِّينِ، والأَكثر الشِّهْريز. وَيُقَالُ: فِيهِ سِهْرِيز وشِهْرِيز، بِالسِّينِ وَالشِّينِ جَمِيعًا، وإِن شِئْتَ أَضفت مِثْلَ ثَوْبُ خزٍّ وثوبٌ خَزٌّ.
شهنز: ابْنُ شُمَيْلٍ فِي الرُّبَاعِيِّ: سَمِعْتُ أَبا الدُّقَيْشِ يَقُولُ للشُّونِيز الشّهْنِيز.
شِئْنِيزٌ: الشِّئْنيز مِنَ البِزْر، بكسر الشين وبالهمز: عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
شوز: الأَشْوَز: مِثْلُ الأَشْوَس، وهو المتكبر.
__________
(4) . قوله [اشمئزاز السعر إِلى قوله أي مشدودة] كذا بالأَصل(5/362)
شيز: الشِّيزُ: خَشَبٌ أَسود تُتَّخَذُ مِنْهُ الأَمْشاط وَغَيْرُهَا. والشِّيزَى: شَجَرٌ تُعْمل مِنْهُ القِصَاع والجِفَان، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرُ الجَوْز، وَقِيلَ: إِنما هِيَ قِصاع مِنْ خَشَب الجَوْز فَتَسْوَدّ مِنَ الدَّسَم. الْجَوْهَرِيُّ: الشِّيزُ والشِّيزَى خَشَبٌ أَسود تُتَّخَذُ مِنْهُ الْقِصَاعُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وصَباً غَداةَ مُقامَةٍ وزَّعْتُها ... بِجِفانِ شِيزَى، فوقهنَّ سَنامُ
التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِلْجِفَانِ الَّتِي تسوَّى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الشِّيزَى؛ قَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى:
إِلى رُدُحٍ مِنَ الشِّيزى مِلاءٍ ... لُبابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهادِ
أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ فِعْلى: الشِّيزى شَجَرَةٌ. أَبو عَمْرٍو: الشِّيزى يُقَالُ لَهُ الآبَنُوس وَيُقَالُ السَّاسَم؛ وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ فِي شِعْرِ ابْنِ سَوادَةَ:
فماذا بالقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنَ الشِّيزَى، يُزَيَّنُ بالسَّنَام
الشِّيزَى: شَجَرٌ تُتَّخَذُ مِنْهُ الجِفان، وأَراد بالجِفان أَربابها الَّذِينَ كَانُوا يُطْعِمون فِيهَا وقُتِلُوا بِبَدْر وأُلْقوا فِي الْقَلِيبِ، فَهُوَ يَرْثِيهم، وسَمَّى الجِفانَ شِيْزَى بَاسِمِ أَصلها، وَاللَّهُ تعالى أَعلم.
فصل الضاد المعجمة
ضأز: ضَأَزَه حَقَّهُ يَضْأَزُه ضَأْزاً وضَأَزاً: مَنَعَهُ. وَقِسْمَةٌ ضُؤْزَى وضَأْزَى مَقْصُورَانِ: جَائِرَةٌ غَيْرُ عَدْل وضَازَ يَضِيزُ وضَأَزَ يَضْأَزُ: مِثْلُهُ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
إِن تَنْأَ عَنَّا نَنْتَقِصْكَ، وإِن تُقِمْ ... فَحَظُّك مَضْؤُوز، وأَنْفُك رَاغِم
ابْنُ الأَعرابي: تَقُولُ الْعَرَبُ قِسْمَةٌ ضُؤْزَى، بِالضَّمِّ وَالْهَمْزِ، وضُوزَى، بِالضَّمِّ بِلَا هَمْزٍ، وضِئْزَى، بِالْكَسْرِ وَالْهَمْزِ، وضِيزَى، بِالْكَسْرِ وَتَرْكِ الْهَمْزِ، قَالَ: وَمَعْنَاهَا كُلُّهَا الجَوْر. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ ضوز قَالَ: والضُّوزَة مِنَ الرِّجَالِ الْحَقِيرُ الصَّغِيرُ الشأْن، قَالَ: وأَقْرأَنِيه الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الهثيم: الضُّؤْزَة، بِالزَّايِ مَهْمُوزَةٌ، قَالَ: وَكَذَلِكَ ضَبَطْتُهُ عَنْهُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ. والضَّيْأَزُ: الْمُقْتَحِمُ فِي الأُمور.
ضبز: الضَّبْز: شِدَّةُ اللَّحْظِ يَعْنِي نَظَرًا فِي جَانِبٍ. وَذِئْبٌ ضَبِيزٌ: حَدِيدُ اللَّحْظِ، وَهُوَ مِنْهُ. اللَّيْثُ: الضَّبِيزُ الشَّدِيدُ الْمُحْتَالُ مِنَ الذئابِ؛ وأَنشد:
وتَسْرِق مالَ جارِكَ باحْتِيالٍ ... كَحَوْلِ ذُؤَالَةٍ شَرِسٍ ضَبِيز
ضرز: الضِّرِزُّ: مَا صَلُبَ مِنَ الْحِجَارَةِ والصُّخور. والضِّرِزُّ: الرَّجُلُ الْمُتَشَدِّدُ الشَّدِيدُ الشُّحِّ. وَرَجُلٌ ضِرِزٌّ: شَحِيحٌ شَدِيدٌ. يُقَالُ: رَجُلٌ ضِرِزّ مِثْلُ فِلِزٍّ لِلْبَخِيلِ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقِيلَ: هُوَ لَئِيمٌ قَصِيرٌ قَبِيحُ المَنْظَر، والأُنثى ضِرِزَّة مُوَثَّقَة الخَلْقِ قَوِيَّةٌ؛ قَالَ:
باتَ يُقاسي كلَّ نابٍ ضِرِزَّةٍ ... شديدةِ جَفْنِ العينِ، ذاتِ ضَرِيرِ
وامرأَة ضِرِزَّة: قَصِيرَةٌ لَئِيمَةٌ. وَنَاقَةٌ ضِمْرِز: قَلْبُ ضِرْزِم إِذا كَانَتْ قَلِيلَةَ اللَّبَنِ؛ عَدَّه يعقوبُ ثُلَاثِيًّا(5/363)
وَاشْتَقَّهُ مِنَ الرَّجُلِ الضِّرِزِّ، وَهُوَ الْبَخِيلُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، قَالَ: وَقِيَاسُهُ أَن يَكُونَ رُبَاعِيًّا. النَّضْرُ: ضَرْزُ الأَرض كَثْرَةُ هُبْرِها وَقِلَّةُ جَدَدِها. يُقَالُ: أَرض ذَاتُ ضَرْزٍ.
ضزز: الضَّزَزُ: لُزُوقُ الْحَنَكِ الأَعلى بالأَسفل إِذا تَكَلَّمَ الرَّجُلُ تَكَادُ أَضراسه العُليا تَمَسُّ السُّفْلَى فَيَتَكَلَّمُ وفُوهُ مُنْضَمٌّ، وَقِيلَ: هُوَ ضِيق الشِّدق وَالْفَمِ فِي دِقَّةٍ مِنْ ملتقَى طَرَفَي اللَّحْيين لَا يَكَادُ فَمُهُ يَنْفَتِحُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَتَكَلَّمَ كأَنه عَاضٌّ بأَضراسه لَا يَفْتَحُ فَاهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَقَعَ الأَضراس العُليا عَلَى السُّفْلَى فَيَتَكَلَّمُ وفُوهُ مُنْضَمٌّ، وَقِيلَ: هُوَ تَقَارُبُ مَا بَيْنَ الأَسنان؛ رَوَاهُ ثَعْلَبٌ، وَالْفِعْلُ ضَزَّ يَضَزُّ ضَزَزاً وَهُوَ أَضَزُّ والأُنثى ضَزَّاء. التَّهْذِيبَ: الأَضَزّ الضَّيِّق الفَمِ جِدّاً، مَصْدَرُهُ الضَّزَزُ وَهُوَ الَّذِي إِذا تَكَلَّمَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَن يُفَرِّج بَيْنَ حَنَكَيْهِ خِلْقَةً خُلِقَ عَلَيْهَا، وَهِيَ مِنْ صَلَابَةِ الرأْس فِيمَا يُقَالُ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ:
دَعْنِي فَقَدْ يُقْرَعُ للأَضَزِّ ... صَكِّي حِجاجَيْ رأْسِه وبَهْزِي
ابْنُ الأَعرابي: فِي لَحْيِهِ ضَزَزٌ وكَزَزٌ وَهُوَ ضِيق الشِّدْق وأَن تَلْتَقِيَ الأَضراس الْعُلْيَا بِالسُّفْلَى إِذا تَكَلَّمَ لَمْ يَبِنْ كَلَامُهُ. والضُّزَّاز: الَّذِينَ تقرُب أَلْحِيْهِمْ فَيَضِيقُ عَلَيْهِمْ مَخْرَجُ الْكَلَامِ حَتَّى يَسْتَعِينُوا عَلَيْهِ بِالضَّادِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
نَجِيبةُ مَوْلًى ضَزَّها القَتَّ والنَّوَى ... بيَثْرِبَ، حَتَّى نِيُّها مُتَظاهِر
أَي حَشَاهَا قَتّاً ونَوًى، مأْخوذ مِنَ الضَّزَزِ الَّذِي هُوَ تَقَارُبُ مَا بَيْنَ الأَسنان. وضَزَّها: أَكثر لَهَا مِنَ الْجِمَاعِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. أَبو عَمْرٍو: رَكَبٌ أَضَزُّ شَدِيدٌ ضيِّق؛ وأَنشد:
يَا رُبَّ بَيْضاء تَكُزُّ كَزًّا ... بالفَخِذَيْن ركَباً أَضَزَّا
وَبِئْرٌ فِيهَا ضَزَزٌ أَي ضِيق؛ وأَنشد:
وفَحَّت الأَفْعَى حِذاءَ لِحْيَتي ... ونَشِبَت كَفِّيَ فِي الجَالِ الأَضَزّ
أَي الضيِّق، يُرِيدُ جالَ الْبِئْرُ. وأَضَزَّ الفرسُ عَلَى فَأْسِ اللِّجَامِ أَي أَزَمَ عَلَيْهِ مثل أَضَرَّ.
ضعز: الضَّعْز: الْوَطْءُ الشَّدِيدُ. وضَيْعَز: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراهُ دخيلًا.
ضغز: اللَّيْثُ: الضِّغْزُ مِنَ السِّبَاعِ السيئُ الخُلُق؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِيهَا الجَرِيشُ وضِغْزٌ مَا يَنِي ضَئِزاً ... يأْوِي إِلى رَشَفٍ مِنْهَا وتَقْلِيص
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف الضِّغْز مِنَ السِّبَاعِ وَلَا أَدري مَنْ قائلُ البيت.
ضفز: الضَّفَزُ والضَّفِيزة: شَعِيرٌ يُجَشُّ ثُمَّ يُبَلُّ وتُعْلَفُه الإِبلُ، وَقَدْ ضَفَزْتُ الْبَعِيرَ أَضْفِزُه ضَفْزاً فاضْطَفَزَ، وَقِيلَ: الضَّفْزُ أَن تُلْقِمَه لُقَماً كِبَارًا، وَقِيلَ: هُوَ أَن تُكْرهه عَلَى اللَّقْم، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ اللُّقَمِ ضَفِيزَة؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه مَرَّ بِوَادِي ثَمُودَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ اعْتَجَنَ بمائِهِ فَلْيَضْفِزْه بَعِيرَه
أَي يُلْقِمْه إِياه. وَفِي حَدِيثِ الرؤْيا:
فَيَضْفِزُونَه فِي أَحدهم
أَي يَدْفَعُونَهُ فِيهِ مِنْ ضَفَزْت الْبَعِيرَ إِذا عَلَفْتَهُ الضَّفائِزَ، وَهِيَ اللُّقم الْكِبَارُ،(5/364)
وَقَالَ
لِعَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَلا إِنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنهم يُحِبُّونَكَ يُضْفَزُونَ الإِسلام ثُمَّ يَلْفِظونه، قَالَهَا ثَلَاثًا
؛ مَعْنَاهُ يُلَقَّنُونه ثُمَّ يَتْرُكُونَهُ فَلَا يَقْبَلُونَهُ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
أَوْتَرَ بِسَبْعٍ أَو تِسْعٍ ثُمَّ نَامَ حَتَّى سُمِع ضَفِيزُه
؛ إِن كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ الغَطِيطُ، وبعضهم يرويه صَفِيره، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ، والصَّفِير بِالشَّفَتَيْنِ يَكُونُ. وضَفَزْتُ الفرسَ اللجامَ إِذا أَدخلته فِي فِيهِ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الصَّفِير لَيْسَ بشيءٍ وأَما الضَّفِيزُ فَهُوَ كالغَطِيط وَهُوَ الصَّوْتُ الَّذِي يُسْمع مِنْ النَّائِمِ عِنْدَ تَرْدِيدِ نَفَسه. وضَفَزه بِرِجْلِهِ وَيَدِهِ: ضَرَبَهُ. والضَّفْزُ: الْجِمَاعُ. وضَفَزَها: أَكثَرَ لَهَا مِنَ الْجِمَاعِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ أَعرابي: مَا زِلْتُ أَضْفِزُها أَي أَنِيكُها إِلى أَن سَطَعَ الفُرْقانُ أَي السَّحَر. أَبو زَيْدٍ: الضَّفْزُ والأَفْزُ العَدْوُ. يُقَالُ: ضَفَزَ يَضْفِزُ وأَفَزَ يأْفِزُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَبَزَ وضَفَزَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا عَلَى الأَرض من نَفْس تَمُوتُ لَهَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ تُحِبُّ أَن ترجعَ إِليكم وَلَا تُضافِزَ الدُّنْيَا إِلَّا القتيلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فإِنه يُحِبُّ أَن يَرْجِعَ فيُقْتَلَ مَرَّةً أُخرى
؛ المضافزَة: الْمُعَاوَدَةُ وَالْمُلَابَسَةُ، أَي لَا يُحِبُّ مُعاوَدَةَ الدُّنْيَا وملابَسَتَها إِلَّا الشهيدُ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ عِنْدِي مُفاعَلة مِنَ الضَّفْزِ، وَهُوَ الطَّفْر والوُثوب فِي العَدْوِ، أَي لَا يَطْمَحُ إِلى الدُّنْيَا وَلَا يَنْزُو إِلى الْعَوْدِ إِليها إِلا هُوَ، وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ بِالرَّاءِ وَقَالَ: المُضافَرَة، بِالضَّادِ وَالرَّاءِ، التَّأَلُّبُ، وَقَدْ تَضافَرَ القومُ وتَطافَروا إِذا تأَلَّبُوا، وَذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ لَكِنَّهُ جَعَلَ اشْتِقَاقَهُ مِنَ الضَّفْز وَهُوَ الطَّفْر والقَفْز، وَذَلِكَ بِالزَّايِ، قَالَ: وَلَعَلَّهُ يُقَالُ بِالرَّاءِ وَالزَّايِ، فإِن الْجَوْهَرِيَّ قَالَ فِي حَرْفِ الرَّاءِ: والضَّفْر السَّعْيُ، وَقَدْ ضَفَر يَضْفِر ضَفْراً، قَالَ والأَشبه بِمَا ذَهَبَ إِليه الزَّمَخْشَرِيُّ أَنه بِالزَّايِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، ضَفَزَ بَيْنَ الصَّفا وَالْمَرْوَةِ
أَي هَرْوَل مِنَ الضَّفْزِ القَفز وَالْوُثُوبُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْخَوَارِجِ:
لَمَّا قُتِلَ ذُو الثُّدَيَّة ضَفَز أَصحابُ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ
، أَي قَفَزُوا فَرَحًا بِقَتْلِهِ. والضَّفْز: التَّلْقِيم. والضَّفْز: الدَّفْعُ. والضَّفْز: القَفْزُ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَنه قَالَ: ملعونٌ كلُّ ضَفَّازٍ
؛ مَعْنَاهُ نَمَّام مُشْتَقٌّ مِنَ الضَّفْز، وَهُوَ شَعِيرٌ يُجَشّ ليُعْلَفَه البعيرُ، وَقِيلَ للنَّمام ضَفَّاز لأَنه يُزوِّر الْقَوْلَ كَمَا يُهَيَّأُ هَذَا الشَّعِيرُ لعَلْفِ الإِبل، وَلِذَلِكَ قِيلَ للنمامِ قَتَّات مِنْ قَوْلِهِمْ دُهْن مُقَتَّت أَي مُطَيَّب بِالرَّيَاحِينِ.
ضكز: ضَكَزَه يَضْكُزُه ضَكْزاً: غَمَزه غَمْزاً شديداً.
ضمز: ضَمَزَ البعيرُ يَضْمِزُ ضَمْزاً وضُمازاً وضُموزاً: أَمسكَ جِرَّتَه فِي فِيهِ وَلَمْ يَجْتَرّ مِنَ الْفَزَعِ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ. وَبَعِيرٌ ضامِزٌ: لَا يَرْغُو. وَنَاقَةٌ ضامِزٌ: لَا تَرْغو. وَنَاقَةٌ ضامِزٌ وضَمُوز: تَضُمُّ فَاهَا لَا تَسْمَع لَهَا رُغاء. وَالْحِمَارُ ضامِزٌ: لأَنه لَا يَجْتَرّ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ عَيْراً وأُتُنَه:
وهنَّ وقُوفٌ يَنْتَظِرْنَ قَضاءَه ... بِضاحِي غَداةٍ أَمْرُه، وَهُوَ ضامِزُ
وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَقَدْ ضَمَزَتْ بِجِرَّتِها سُلَيمٌ ... مَخافَتَنا، كَمَا ضَمَز الحِمارُ
وَنَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ إِلى بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ الأَسدي؛ مَعْنَاهُ قَدْ خَضَعَتْ وذلَّت كَمَا ضَمَزَ الْحِمَارُ لأَن الْحِمَارَ لَا يَجْتَرُّ وإِنما قَالَ ضَمَزَتْ بِجِرَّتها عَلَى(5/365)
جِهَةِ المَثَل أَي سَكَتُوا فَمَا يَتَحَرَّكُونَ وَلَا يَنْطِقُونَ. وَيُقَالُ: قَدْ ضَمَزَ بِجِرَّته وكَظَم بِجِرَّتِهِ إِذا لَمْ يَجْتَرّ، وقَصَعَ بِجِرَّته إِذا اجْتَرَّ، وَكَذَلِكَ دَسَعَ بِجِرَّته. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: أَفواههم ضامِزَةٌ وَقُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ
؛ الضامِزُ: المُمْسِك؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبٍ:
مِنْهُ تَظَلُّ سِباع الجَوِّ ضامِزَةً ... وَلَا تَمَشَّى بِوَادِيهِ الأَراجِيلُ
أَي مُمْسِكَةً مِنْ خَوْفِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: إِن الإِبل ضُمُز خُنُسٌ
أَي مُمْسِكَةٌ عَنِ الجِرّةِ، وَيُرْوَى بِالتَّشْدِيدِ، وَهُمَا جَمْعُ ضامِزٍ. وَفِي حَدِيثِ
سُبَيْعَة: فَضَمَزَ لِي بعضُ أَصحابه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدِ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ، فَقِيلَ هِيَ بِالضَّادِ وَالزَّايِ، مِنْ ضَمَزَ إِذا سَكَتَ وضَمَزَ غَيْرَهُ إِذا سَكَّته، قَالَ: وَيُرْوَى فَضَمَّزَني أَي سَكَّتَني، قَالَ: وَهُوَ أَشبه، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ بِالرَّاءِ وَالنُّونِ والأَوّل أَشْبَهُهُما. وضَمَزَ يَضْمِزُ ضَمْزاً فَهُوَ ضامزٌ: سَكَتَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، وَالْجَمْعُ ضُمُوز، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا جَمَع شِدْقيه فَلَمْ يَتَكَلَّمْ: قَدْ ضَمَزَ. اللَّيْثُ: الضَّامِزُ السَّاكِتُ لَا يَتَكَلَّمُ. وَكُلُّ مَنْ ضَمَزَ فاهُ، فَهُوَ ضامزٌ، وكلُّ ساكتٍ ضامِزٌ وضَمُوزٌ. وضَمَزَ فلانٌ على مالي جَمَدَ عَلَيْهِ ولَزِمه. والضَّمُوز مِنَ الحيَّات: المُطْرِقة، وَقِيلَ الشَّدِيدَةُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الأَفاعي؛ قَالَ مُساوِرُ بْنُ هِنْدٍ العَنْسِي وَيُقَالُ هُوَ لأَبي حَيَّان الفَقْعَسِي:
يَا رَيَّها يوم تُلاقي أَسْلَما ... يومَ تُلاقِي الشَّيْظَم المُقَوَّما
عَبْلَ المُشاشِ فَتَراهُ أَهْضَما ... تَحْسَبُ في الأُذْنَيْنِ منه صَمَما
قَدْ سَالَمَ الحَيَّاتُ مِنْهُ القَدَما ... الأُفْعُوانَ والشُّجاعَ الشَّجْعَما
وذاتَ قَرنَيْنِ ضمُوزاً ضِرْزَما
قَوْلُهُ: يَا رَيَّها نَادَى الرَّيَّ كأَنه حَاضِرٌ عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ مِنْ كَثْرَةِ اسْتِقَائِهِ. وأَسْلم: اسْمُ راعٍ. وَالشَّيْظَمُ: الطَّوِيلُ والمقوَّم الَّذِي لَيْسَ فِيهِ انْحِنَاءٌ. وَعَبْلُ الْمُشَاشِ: غَلِيظُ الْعِظَامِ. والأَهضم: الضَّامِرُ الْبَطْنِ، وَنَسَبَهُ إِلى الصَّمَمِ أَي لَا يكادُ يُجِيبُ أَحداً فِي أَوّل نِدَائِهِ لِكَوْنِهِ مُشْتَغِلًا فِي مَصْلَحَةِ الإِبل فَهُوَ لَا يَسْمَعُ حَتَّى يُكَرَّرَ عَلَيْهِ النِّدَاءُ. وَمُسَالَمَةُ الْحَيَّاتِ قدمَه لِغِلَظِهَا وَخُشُونَتِهَا وَشِدَّةِ وَطْئِهَا. والأُفْعُوان: ذَكَرُ الأَفاعي، وَكَذَلِكَ الشُّجَاعُ هُوَ ذَكَرُ الْحَيَّاتِ، وَيُقَالُ هُوَ ضَرْبٌ مَعْرُوفٌ مِنَ الْحَيَّاتِ. وَالشَّجْعَمُ: الْجَرِيءُ. والضِّرزم: الْمُسِنَّةُ، وَهُوَ أَخبث لَهَا وأَكثر لِسَمِّها. وامرأَة ضَمُوز: عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْحَيَّةِ الضَّمُوز. والضَّمْزَة: أَكَمَةٌ صَغِيرَةٌ خَاشِعَةٌ، وَالْجَمْعُ ضَمْز، والضُّمَّز مِنَ الْآكَامِ؛ وأَنشد:
مُوفٍ بِهَا عَلَى الإِكام الضُّمَّزِ
ابْنُ شُمَيْلٍ: الضَّمْزُ جَبَلٌ مِنْ أَصاغر الْجِبَالِ مُنْفَرِدٌ وَحِجَارَتُهُ حُمْر صِلاب وَلَيْسَ فِي الضَّمْز طِينٌ، وَهُوَ الضَّمْزَز أَيضاً. والضَّمْز مِنَ الأَرض: مَا ارْتَفَعَ وصَلُبَ، وَجَمْعُهُ ضُمُوز. والضَّمْز: الْغِلَظُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كَمْ جاوَزَتْ مِنْ حَدَبٍ وفَرْزِ ... ونَكَّبَتْ مِنْ جُوءَةٍ وضَمْزِ
أَبو عَمْرٍو: الضَّمْزُ الْمَكَانُ الْغَلِيظُ الْمُجْتَمِعُ. وَنَاقَةٌ ضَمُوز: مُسِنَّة. وضَمَز يَضْمِز ضَمْزاً: كَبَّر اللُّقَم. والضَّمُوز: الكَمَرة.(5/366)
ضمرز: نَاقَةٌ ضِمْرِزٌ: مُسِنَّةٌ، وَهِيَ فَوْقَ العَوْزَمِ، وَقِيلَ: كَبِيرَةٌ قَلِيلَةُ اللَّبَنِ. والضَّمْرَزُ مِنَ النِّسَاءِ: الْغَلِيظَةُ؛ قَالَ:
ثَنَتْ عُنُقاً لم ثَتْنِها حَيْدَرِيَّةٌ ... عَضادٌ، وَلَا مَكْنُوزَةُ اللَّحْمِ ضَمْرَزُ
وضَمْرَزُ: اسْمُ نَاقَةِ الشَّماخ؛ قَالَ:
وكلُّ بَعيرٍ أَحْسَنَ الناسُ نَعْتَه ... وآخَرُ لَمْ يُنْعَتْ فِداءٌ لضَمْرَزا
وَبَعِيرٌ ضُمارِزٌ: صُلب شَدِيدٌ؛ قَالَ:
وشِعْب كلِّ بازِلٍ ضُمارِزِ
أَراد ضُمازِراً فَقَلَبَ. أَبو عَمْرٍو: فَحْلٌ ضُمارِزٌ وضُمازِرٌ غَلِيظٌ؛ وأَنشد:
تَرُدُّ شِعْبَ الجُمَّحِ الجَوامِزِ ... وشِعْبَ كُلّ باجِحٍ ضُمارِزِ
الباجِجُ: الفَرِح كأَنه الَّذِي هُوَ فِيهِ. وَيُقَالُ: فِي خُلُقه ضَمْرَزَةٌ وضُمارِز أَي سُوءٌ وَغِلَظٌ، وَعَدَّ يَعْقُوبُ قَوْلَهُ نَاقَةٌ ضِمْرزٌ ثُلَاثِيًّا وَاشْتَقَّهُ مِنَ الرَّجُلِ الضِّرِزّ، وَهُوَ الْبَخِيلُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، قَالَ: وَقِيَاسُهُ أَن يَكُونَ رُبَاعِيًّا. وَنَاقَةٌ ضِمْرزٌ أَي قَوِيَّةٌ.
ضهز: ضَهَزَه يَضْهَزُه ضَهْزاً: وطِئَه وطأً شديداً.
ضوز: ضازَه يَضُوزُه ضَوْزاً: أَكله، وَقِيلَ: مَضَغه، وَقِيلَ: أَكله وفَمه ملآنُ أَو أَكل عَلَى كُرْه وَهُوَ شَبْعَانُ؛ قَالَ:
فَظَلَّ يَضُوزُ التَّمر، والتَّمْرُ ناقِع ... بِوَرْد كَلَوْنِ الأُرْجُوانِ سَبائِبُه
يَعْنِي رَجُلًا أَخذ التَّمْرَ فِي الدِّيَةِ بَدَلًا مِنَ الدَّمِ الَّذِي لَوْنُهُ كالأُرْجُوانِ فَجَعَلَ يأْكل التَّمْرَ فكأَن ذَلِكَ التَّمْرَ نَاقِعٌ فِي دَمِ الْمَقْتُولِ. وضازَ التمرةَ: لاكَها فِي فَمِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
باتَ يَضُوزُ الصِّلِّيانَ ضَوْزا ... ضَوْزَ العَجُوز العَصَبَ الدِّلَّوْصا
وَهَذَا مُكْفَأٌ، جَاءَ بِالصَّادِّ مَعَ الزَّايِ. ابْنُ الأَعرابي: الضَّوْزُ لَوْكُ الشَّيْءِ والضَّوْسُ أَكل الطَّعَامِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ الأَعرابي الضَّادَ مَعَ السِّينِ غَيْرَ مُهْملٍ كَمَا أَهمله اللَّيْثُ. وضازَ يَضُوزُ إِذا أَكل. وضازَ البعيرُ ضَوْزاً: أَكل. وَبَعِيرٌ ضِيَزٌّ: أَكول؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قُلِبَتِ الْوَاوُ فِيهِ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا؛ قَالَ:
يَتْبَعُها كلُّ ضِيَزٍّ شَدْقَمِ ... قَدْ لاكَ أَطْرافَ النُّيُوبِ النُّحَّمِ
وَاخْتَارَ ثَعْلَبٌ: كُلُّ ضِبِرٍّ شَدْقَم، مِنَ الضَّبْر وَهُوَ العَدْوُ. وَيُقَالُ: ضِزْتُه حَقَّهُ أَي نَقَصْته. وضازَنِي يَضُوزُني: نَقَصَني؛ عَنْ كُرَاعٍ. والمِضْواز: المِسْواك، والضُّوازَة: النُّفاثَةُ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَقِيَ بَيْنَ أَسنانه فَنَفَثه. ابْنُ الأَعرابي: مَا أَغنى عَنِّي ضَوزَ سِواكٍ؛ وأَنشد:
تَعَلَّما يَا أَيُّها العَجُوزان ... مَا هَاهُنا مَا كُنْتُما تَضوزَان
فَرَوِّزا الأَمْرَ الَّذِي تَرُوزان
وقِسْمَةٌ ضِيزَى وضُوزَى.
ضيز: ضازَ فِي الْحُكْمِ أَي جَارَ. وضازَه حقَّه يَضِيزُه ضَيْزاً: نَقَصَهُ وبَخَسَه وَمَنَعَهُ.(5/367)
وضِزْتُ فُلَانًا أَضِيزُه ضَيْزاً: جُرْتُ عَلَيْهِ. وضازَ يَضِيزُ إِذا جَارَ، وَقَدْ يُهْمَزُ فَيُقَالُ: ضَأَزَه يَضْأَزُه ضَأْزاً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى
؛ وَقِسْمَةٌ ضِيزَى وضُوزَى أَي جَائِرَةٌ، وَالْقُرَّاءُ جَمِيعُهُمْ عَلَى تَرْكِ هَمْزِ ضِيزَى، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ ضِيزَى، وَلَا يَهْمِزُ، وَيَقُولُونَ ضِئْزَى وضُؤْزَى، بِالْهَمْزِ، وَلَمْ يقرأْ بِهِمَا أَحد نَعْلَمُهُ. ابْنُ الأَعرابي: تَقُولُ الْعَرَبُ قِسْمَةٌ ضُؤْزى، بِالضَّمِّ وَالْهَمْزِ، وضُوزى، بِالضَّمِّ بِلَا هَمْزٍ، وضِئْزَى، بِالْكَسْرِ وَالْهَمْزِ، وضِيزى، بِالْكَسْرِ وَتَرْكِ الْهَمْزِ، وَمَعْنَاهَا كُلُّهَا الجَوْر. وضِيزَى، فُعْلى، وإِن رأَيت أَوّلها مَكْسُورًا وَهِيَ مِثْلُ بِيضٍ وعِين، وَكَانَ أَوّلها مَضْمُومًا فَكَرِهُوا أَن يُتْرَكَ عَلَى ضَمَّتِهِ فَيُقَالُ بُوضٌ وعُونٌ، وَالْوَاحِدَةُ بَيضاء وعَيْناء، فَكَسَرُوا الْبَاءَ لِتَكُونَ بِالْيَاءِ ويتأَلف الْجَمْعُ وَالِاثْنَانِ وَالْوَاحِدَةُ، وَكَذَلِكَ كَرِهُوا أَن يَقُولُوا ضُؤْزَى فَتَصِيرَ بِالْوَاوِ وَهِيَ مِنَ الْيَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْتُ عَلَى أَولها بِالضَّمِّ لأَن النُّعُوتَ للمؤَنث تأْتي إِما بِفَتْحٍ وإِما بِضَمٍّ؛ فَالْمَفْتُوحُ مِثْلُ سَكْرَى وعَطْشى، وَالْمَضْمُومُ مِثْلُ أُنثى وحُبْلَى، وإِذا كَانَ اسْمًا لَيْسَ بِنَعْتٍ كُسِرَ أَوله كالذِّكْرَى والشِّعْرَى. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فِعْلَى صِفَةً وإِنما هُوَ مِنْ بِنَاءِ الأَسماء كالشِّعْرَى والدِّفْلَى. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ ضِئْزَى وضُؤْزَى بِالْهَمْزِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ أَنه سَمِعَ الْعَرَبَ تَهْمِزُ ضِيزَى، قَالَ: وضازَ يَضِيزُ؛ وأَنشد:
إِذا ضازَ عَنَّا حَقَّنا فِي غَنِيمَةٍ ... تَقَنَّعَ جارَانا فَلَمْ يَتَرَمْرَما
قَالَ: وضَأَزَ يَضْأَزُ مِثْلُهُ. والضَّيْزُ: الِاعْوِجَاجُ. والضَّيْزَنُ: نُونُه عِنْدَ يَعْقُوبَ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
طبز: أَبو عَمْرٍو: الطِّبْزُ رُكْنُ الْجَبَلِ. والطِّبْز: الجَمَلُ ذُو السَّنامين الهائجُ. وطَبَزَ فلانٌ جاريَتَه طَبْزاً: جَامَعَهَا.
طحز: الطَّحْزُ: فِي مَعْنَى الْكَذِبِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْد: وَلَيْسَ بعربي صحيح.
طرز: الطِّرْزُ: البَزُّ وَالْهَيْئَةُ. والطِّرْز: بَيْتٌ إِلى الطُّولِ، فَارِسِيٌّ، وَقِيلَ: هُوَ الْبَيْتُ الصَّيْفِيُّ. قَالَ الأَزهري: أُراه مُعَرَّبًا وأَصله تِرْزٌ. والطِّراز: مَا يُنْسَجُ مِنَ الثِّيَابِ لِلسُّلْطَانِ، فَارِسِيٌّ أَيضاً. والطِّرْز والطِّراز: الْجَيِّدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. اللَّيْثُ: الطِّراز مَعْرُوفٌ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُنْسَجُ فِيهِ الثِّيَابُ الجِيادُ، وَقِيلَ: هُوَ مُعَرَّبٌ وأَصله التَّقْدِيرُ الْمُسْتَوِي بِالْفَارِسِيَّةِ، جُعِلَتِ التَّاءُ طَاءً، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ الْعَرَبِيِّ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنصاري يَمْدَحُ قَوْمًا:
بيضُ الوُجُوه كَرِيمَةٌ أَحْسابُهم ... شُمُّ الأُنُوف مِنَ الطِّرازِ الأَوَّلِ
والطِّراز: عَلَمُ الثَّوْبِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَقَدْ طَرَّزَ الثوبَ، فَهُوَ مُطرَّز. ابْنُ الأَعرابي: الطَّرْز والطِّرز الشَّكْل، يُقَالُ: هَذَا طِرْزُ هَذَا أَي شَكْلُهُ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ جَيِّدٍ اسْتِنْبَاطًا وقَرِيحَةً: هَذَا مِنْ طِرازِه. وَرُوِيَ عَنْ
صَفِيَّةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنها قَالَتْ لِزَوْجَاتِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ فيكُنَّ مِثْلي؟ أَبي نَبِيٌّ وَعَمِّي نَبِيٌّ وَزَوْجِي نَبِيٌّ، وَكَانَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَّمَهَا لِتَقُولَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ(5/368)
لَهَا عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَيْسَ هَذَا مِنْ طِرازك
أَي مِنْ نَفْسِك وقَرِيحَتِك. ابْنُ الأَعرابي: الطَّرز الدَّفْعُ باللَّكْز، يُقَالُ: طَرَزَه طَرْزاً إِذا دفعه.
طعز: الطَّعْزُ: كِنَايَةٌ عَنِ النكاح.
طنز: طَنَزَ يَطْنِزُ طَنْزاً: كَلَّمَهُ بِاسْتِهْزَاءٍ، فَهُوَ طَنَّاز. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَظنه مولَّداً أَو معرَّباً. والطَّنْز: السُّخْريَةُ وَفِي نَوَادِرَ الأَعراب: هؤُلاءِ قَوْمٌ مَدْنَقَة ودُنَّاق ومَطْنَزَةٌ إِذا كَانُوا لَا خَيْرَ فِيهِمْ هَيِّنَةً أَنفُسُهم عَلَيْهِمْ.
طنبز: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو عَمْرٍو الشَّيْباني: يُقَالُ لجَهازِ المرأَة وَهُوَ فَرْجُهَا هو ظَنْبَزِيزُها، والله أَعلم.
فصل العين المهملة
عجز: العَجْزُ: نَقِيضُ الحَزْم، عَجَز عَنِ الأَمر يَعْجِزُ وعَجِزَ عَجْزاً فِيهِمَا؛ وَرَجُلٌ عَجِزٌ وعَجُزٌ: عاجِزٌ. ومَرَةٌ عاجِزٌ: عاجِزَةٌ عَنِ الشَّيْءِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وعَجَّز فلانٌ رَأْيَ فُلَانٍ إِذا نَسَبَهُ إِلى خِلَافِ الحَزْم كأَنه نَسَبَهُ إِلى العَجْز. وَيُقَالُ: أَعْجَزْتُ فُلَانًا إِذا أَلفَيْتَه عاجِزاً. والمَعْجِزَةُ والمَعْجَزَة: العَجْزُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ المَعْجِزُ والمَعْجَزُ، الْكَسْرُ عَلَى النَّادِرِ وَالْفَتْحُ عَلَى الْقِيَاسِ لأَنه مَصْدَرٌ. والعَجْزُ: الضَّعْفُ، تَقُولُ: عَجَزْتُ عَنْ كَذَا أَعْجِز. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: وَلَا تُلِثُّوا بِدَارِ مَعْجِزَة
أَي لَا تُقِيمُوا بِبَلْدَةٍ تَعْجِزُون فِيهَا عَنِ الِاكْتِسَابِ وَالتَّعَيُّشِ، وَقِيلَ بالثَّغْر مَعَ الْعِيَالِ. والمَعْجِزَةُ، بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا، مَفْعِلَةٌ مِنَ العَجْز: عَدَمُ الْقُدْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ شيءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى العَجْزُ والكَيْسُ
، وَقِيلَ: أَراد بالعَجْز تَرْكَ مَا يُحبُّ فِعْلَهُ بالتَّسويف وَهُوَ عَامٌّ فِي أُمور الدُّنْيَا وَالدِّينِ. وَفِي حَدِيثِ الْجَنَّةِ:
مَا لِي لَا يَدْخُلُني إِلَّا سَقَطُ النَّاسِ وعَجَزُهُم
؛ جَمْعُ عاجِزٍ كخادِمٍ وخَدَم، يُرِيدُ الأَغْبِياءَ العاجِزِين فِي أُمور الدُّنْيَا. وَفَحْلٌ عَجِيزٌ: عَاجِزٌ عَنِ الضِّراب كعَجِيسٍ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْد: فَحْلٌ عَجِيزٌ وعَجِيسٌ إِذا عَجَز عَنِ الضِّراب؛ قَالَ الأَزهري وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الْعَنِينِ: هُوَ العَجِير، بِالرَّاءِ، الَّذِي لَا يأْتي النِّسَاءَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَجِيز الَّذِي لَا يأْتي النِّسَاءَ، بِالزَّايِ وَالرَّاءِ جَمِيعًا. وأَعْجَزَه الشيءُ: عَجَزَ عَنْهُ. والتَّعْجِيزُ: التَّثْبِيط، وَكَذَلِكَ إِذا نَسَبْتَهُ إِلى العَجْز. وعَجَّزَ الرجلُ وعاجَزَ: ذَهَبَ فَلَمْ يُوصَل إِليه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ سَبَأٍ: وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ*
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ ظانِّين أَنهم يُعْجِزُوننا لأَنهم ظَنُّوا أَنهم لَا يُبعثون وأَنه لَا جَنَّةَ وَلَا نَارَ، وَقِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: مُعاجزين مُعَانِدِينَ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى الأَوّل، وَقُرِئَتْ مُعَجِّزين، وتأْويلها أَنهم يُعَجِّزُون مَنِ اتَّبَعَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويُثَبِّطُونهم عَنْهُ وَعَنِ الإِيمان بِالْآيَاتِ وَقَدْ أَعْجَزهم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ الْقَائِلُ كَيْفَ وَصَفَهُمْ بأَنهم لَا يُعْجِزُونَ فِي الأَرض وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَيْسُوا فِي أَهل السَّمَاءِ؟ فَالْمَعْنَى مَا أَنتم بمُعْجِزِينَ فِي الأَرض وَلَا مَنْ فِي السَّمَاءِ بمُعْجِزٍ، وَقَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، مَا أَنتم بمُعْجِزِين فِي الأَرض وَلَا لَوْ كُنْتُمْ فِي السَّمَاءِ، وَقَالَ الأَخفش: مَعْنَاهُ مَا أَنتم بمُعْجِزِين فِي الأَرض وَلَا فِي السَّمَاءِ أَي لَا تُعْجِزُوننا هَرَباً فِي الأَرض وَلَا فِي السَّمَاءِ، قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ الْفَرَّاءِ أَشهر فِي الْمَعْنَى وَلَوْ كَانَ قَالَ:(5/369)
وَلَا أَنتم لَوْ كُنْتُمْ فِي السَّمَاءِ بمُعْجِزِينَ لَكَانَ جَائِزًا، وَمَعْنَى الإِعْجاز الفَوْتُ والسَّبْقُ، يُقَالُ: أَعْجَزَني فُلَانٌ أَي فَاتَنِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
فَذاكَ وَلَمْ يُعْجِزْ مِنَ الموتِ رَبَّه ... وَلَكِنْ أَتاه الموتُ لَا يَتَأَبَّقُ
وَقَالَ اللَّيْثُ: أَعْجَزَني فُلَانٌ إِذا عَجَزْتَ عَنْ طَلَبِهِ وإِدراكه. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مُعاجِزِينَ*
أَي يُعاجِزُون الأَنبياءَ وأَولياءَ اللَّهِ أَي يُقَاتِلُونَهُمْ ويُمانِعُونهم ليُصَيِّروهم إِلى العَجْزِ عَنْ أَمر اللَّهِ، وَلَيْسَ يُعْجِزُ اللهَ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، خَلْقٌ فِي السَّمَاءِ وَلَا فِي الأَرض وَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إِلا إِليه؛ وَقَالَ أَبو جُنْدب الْهُذَلِيُّ:
جعلتُ عُزَانَ خَلْفَهُم دَلِيلًا ... وفاتُوا فِي الحجازِ ليُعْجِزُوني «5»
وَقَدْ يَكُونُ أَيضاً مِنَ العَجْز. وَيُقَالُ: عَجَزَ يَعْجِزُ عَنِ الأَمر إِذا قَصَرَ عَنْهُ. وعاجَزَ إِلَى ثِقَةٍ: مالَ إِلَيْهِ. وعاجَزَ القومُ: تَرَكُوا شَيْئًا وأَخذوا فِي غَيْرِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُعاجِزُ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ أَي يلجأُ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: هُوَ يُكارِزُ إِلَى ثِقَةٍ مُكارَزَةً إِذَا مَالَ إِلَيْهِ. والمُعْجِزَةُ: وَاحِدَةُ مُعْجِزات الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وأَعْجاز الأُمور: أَواخِرُها. وعَجْزُ الشَّيْءِ وعِجْزُه وعُجْزُه وعَجُزُه وعَجِزُه: آخِرُهُ، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ قَالَ أَبو خِراش يَصِفُ عُقاباً:
بَهِيماً، غيرَ أَنَّ العَجْزَ مِنْهَا ... تَخالُ سَرَاتَه لَبَناً حَلِيبا
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ مُؤَنَّثَةٌ فَقَطْ. والعَجُز: مَا بَعْدُ الظَّهْرِ مِنْهُ، وَجَمِيعُ تِلْكَ اللُّغَاتِ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، وَالْجَمْعُ أَعجاز، لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذلك. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنها لَعَظِيمَةُ الأَعْجاز كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ عَجُزاً، ثُمَّ جَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ: لَا تُدَبِّرُوا أَعْجازَ أُمور قَدْ وَلَّت صُدورُها؛ جَمْعُ عَجُزٍ وَهُوَ مُؤَخَّرُ الشَّيْءِ، يُرِيدُ بِهَا أَواخر الأُمور وَصُدُورَهَا؛ يَقُولُ: إِذا فاتَكَ أَمرٌ فَلَا تُتْبِعه نفسَك مُتَحَسِّرًا عَلَى مَا فَاتَ وتَعَزَّ عَنْهُ مُتَوَكِّلًا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُحَرِّض عَلَى تَدَبُّر عَوَاقِبِ الأُمور قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا وَلَا تُتْبَع عِنْدَ تَوَلِّيها وَفَوَاتِهَا. والعَجُزُ فِي العَرُوض: حَذْفُكَ نُونَ [فَاعِلَاتُنْ] لِمُعَاقَبَتِهَا أَلف [فَاعِلُنْ] هَكَذَا عَبَّرَ الْخَلِيلُ عَنْهُ فَفَسَّرَ الجَوْهر الَّذِي هُوَ العَجُز بالعَرَض الَّذِي هُوَ الْحَذْفُ وَذَلِكَ تَقْرِيبٌ مِنْهُ، وإِنما الْحَقِيقَةُ أَن تَقُولَ العَجُز النُّونُ الْمَحْذُوفَةُ مِنْ [فَاعِلَاتُنْ] لِمُعَاقَبَةِ أَلف [فَاعِلُنْ] أَو تَقُولَ التَّعْجيز حَذْفُ نُونٍ [فَاعِلَاتُنْ] لِمُعَاقَبَةِ أَلف [فَاعِلُنْ] وَهَذَا كُلُّهُ إِنما هُوَ فِي الْمَدِيدِ. وعَجُز بَيْتِ الشِّعْرِ: خِلَافُ صَدْرِهِ. وعَجَّز الشاعرُ: جَاءَ بعَجُز الْبَيْتِ. وَفِي الْخَبَرِ: أَن الكُمَيْت لَمَّا افْتَتَحَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي أَولها:
أَلا حُيِّيتِ عَنَّا يَا مَدِينا
أَقام بُرْهة لَا يَدْرِي بِمَا يُعَجِّز عَلَى هَذَا الصَّدْرِ إِلى أَن دَخَلَ حمَّاماً وَسَمِعَ إِنساناً دَخَلَهُ، فسَلَّم عَلَى آخَرَ فِيهِ فأَنكر ذَلِكَ عَلَيْهِ فَانْتَصَرَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ لَهُ فَقَالَ: وَهَلْ بأْسٌ بِقَوْلِ المُسَلِّمِينَ؟ فاهْتَبلَها الكُمَيْتُ فَقَالَ:
وَهَلْ بأْسٌ بِقَوْلِ مُسَلِّمِينا؟
__________
(5) . قوله [عزان] هو هكذا بضبط الأصل. وقوله [فاتوا في الحجاز] كذا بالأصل هنا، والذي تقدم في مادة ح ج ز: وفروا بالحجاز.(5/370)
وأَيامُ العَجُوز عِنْدَ الْعَرَبِ خَمْسَةُ أَيام: صِنّ وصِنَّبْر وأُخَيُّهُما وَبْرٌ ومُطْفِئُ الجَمْر ومُكْفِئُ الظَّعْن؛ قَالَ ابْنُ كُناسَة: هِيَ مِنْ نَوْءِ الصَّرْفَة، وَقَالَ أَبو الغَوْث: هِيَ سَبْعَةُ أَيام؛ وأَنشد لِابْنِ أَحمر:
كُسِعَ الشِّتاءُ بِسَبْعَةٍ غُبْرِ ... أَيَّامِ شَهْلَتِنا مِنَ الشَّهْرِ
فإِذا انْقَضَتْ أَيَّامُها، ومَضتْ ... صِنٌّ وصِنِّبْرٌ مَعَ الوَبْرِ
وبآمِرٍ وأَخيه مُؤْتَمِرٍ ... ومُعَلِّلٍ وبِمُطْفِئِ الجَمْرِ
ذهبَ الشِّتاء مُوَلِّياً عَجِلًا ... وأَتَتْكَ واقِدَةٌ مِنَ النَّجْرِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذِهِ الأَبيات لَيْسَتْ لِابْنِ أَحمر وإِنما هِيَ لأَبي شِبْلٍ الأَعرابي؛ كَذَا ذَكَرَهُ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وعَجِيزَةُ المرأَة: عَجُزُها، وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِلا عَلَى التَّشْبِيهِ، والعَجُزُ لَهُمَا جَمِيعًا. وَرَجُلٌ أَعْجَزُ وامرأَة عَجْزاءُ ومُعَجِّزَة: عَظِيمَا العَجِيزَةِ، وَقِيلَ: لَا يُوصَفُ بِهِ الرجلُ. وعَجِزَت المرأَة تَعْجَزُ عَجَزاً وعُجْزاً، بِالضَّمِّ: عَظُمَتْ عَجِيزَتُها، وَالْجَمْعُ عَجِيزاتٌ، وَلَا يَقُولُونَ عَجائِز مَخَافَةَ الِالْتِبَاسِ. وعَجُزُ الرَّجُلِ: مؤَخَّره، وَجَمْعُهُ الأَعْجاز، وَيَصْلُحُ لِلرَّجُلِ والمرأَة، وأَما العَجِيزَةُ فعَجِيزَة المرأَة خَاصَّةً. وَفِي حَدِيثِ
الْبَرَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه رَفَعَ عَجِيزَته فِي السُّجُودِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَجِيزَة العَجُز وَهِيَ للمرأَة خَاصَّةً فَاسْتَعَارَهَا لِلرَّجُلِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: لَا يُقَالُ عَجِزَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، إِلا إِذا عَظُمَ عَجُزُه. والعَجْزاء: الَّتِي عَرُض بطنُها وثَقُلَت مَأْكَمَتُها فَعَظُمَ عَجُزها؛ قَالَ:
هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً ... تَمَّتْ، فَلَيْسَ يُرَى فِي خَلْقِها أَوَدُ
وتَعَجَّزَ البعيرَ: ركِبَ عَجُزَه. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: لَنَا حقٌّ إِن نُعْطَهُ نأْخذه وإِن نُمْنَعْه نَرْكَبْ أَعْجازَ الإِبل وإِن طَالَ السُّرى
؛ أَعْجاز الإِبل: مَآخِيرُهَا وَالرُّكُوبُ عَلَيْهَا شَاقٌّ؛ مَعْنَاهُ إِن مُنِعْنا حَقَّنَا رَكِبْنَا مَرْكَب الْمَشَقَّةِ صَابِرِينَ عَلَيْهِ وإِن طَالَ الأَمَدُ وَلَمْ نَضْجَر مِنْهُ مُخِلِّين بِحَقِّنَا؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ يُرِدْ عليٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِقَوْلِهِ هَذَا ركوبَ الْمَشَقَّةِ وَلَكِنَّهُ ضَرَبَ أَعْجاز الإِبل مَثَلًا لِتَقَدُّمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وتأْخيره إِياه عَنْ حَقِّهِ، وَزَادَ ابْنُ الأَثير: عَنْ حَقِّهِ الَّذِي كَانَ يَرَاهُ لَهُ وَتُقُدِّمَ غَيْرُهُ وأَنه يَصْبِرُ عَلَى ذَلِكَ، وإِن طَالَ أَمَدُه، فَيَقُولُ: إِن قُدِّمْنا للإِمامة تَقَدَّمْنَا، وإِن مُنِعْنا حَقَّنَا مِنْهَا وأُخِّرْنا عَنْهَا صَبَرْنَا عَلَى الأُثْرَة عَلَيْنَا، وإِن طَالَتِ الأَيام؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ وإِن نُمْنَعْه نَبْذُل الْجُهْدَ فِي طَلَبِهِ، فِعْلَ مَنْ يَضْرِبُ فِي ابْتِغَاءِ طَلِبَتِه أَكبادَ الإِبل، وَلَا نُبَالِي بِاحْتِمَالِ طُولِ السُّرى، قَالَ: وَالْوَجْهُ مَا تَقَدَّمَ لأَنه سَلَّم وَصَبَرَ عَلَى التأَخر وَلَمْ يُقَاتِلْ، وإِنما قَاتَلَ بَعْدَ انْعِقَادِ الإِمامة لَهُ. وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ رَبِيعَةِ بْنِ مَالِكٍ: إِن الْحَقَّ بِقَبَلٍ، فَمَنْ تَعُدَّاهُ ظلَم، وَمَنْ قَصَّر عَنْهُ عَجَزَ، وَمَنِ انْتَهَى إِليه اكْتَفَى؛ قَالَ: لَا أَقول عَجِزَ إِلَّا مِنَ العَجِيزَة، وَمِنَ العَجْز عَجَز. وَقَوْلُهُ بِقَبَلٍ أَي واضحٌ لَكَ حَيْثُ تَرَاهُ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ إِن الْحَقَّ عَارِي «6» وعُقاب عَجْزاءُ: بِمُؤَخَّرِهَا بَيَاضٌ أَو لَوْنٌ مُخَالِفٌ،
__________
(6) . قوله [عاري] هكذا هو في الأصل.(5/371)
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي فِي ذَنَبها مَسْح أَي نَقْصٌ وَقَصْرٌ كَمَا قِيلَ للذنَب أَزَلُّ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي فِي ذَنْبِهَا رِيشَةٌ بَيْضَاءُ أَو رِيشَتَانِ، وَقِيلَ: هِيَ الشَّدِيدَةُ الدَّائِرَةُ؛ قَالَ الأَعشى:
وكأَنّما تَبِعَ الصِّوارُ، بِشَخْصِها ... عَجْزاءَ تَرْزُقُ بالسُّلَيِّ عِيالَها
والعَجَزُ: دَاءٌ يأْخذ الدَّوَابَّ فِي أَعْجازِها فَتَثْقُلُ لِذَلِكَ، الذَّكَرُ أَعْجَزُ والأُنثى عَجْزاءُ. والعِجازَة والإِعْجازَة: مَا تُعَظِّم بِهِ المرأَةُ عَجِيزَتَها، وَهِيَ شَيْءٌ شَبِيهٌ بِالْوِسَادَةِ تَشُدُّهُ المرأَة عَلَى عَجُزِها لِتُحْسَبَ أَنها عَجْزاءُ. والعِجْزَةُ وَابْنُ العِجْزَةِ: آخِرُ وَلَدِ الشَّيْخِ، وَفِي الصِّحَاحِ: العِجْزَةُ، بِالْكَسْرِ، آخرُ وَلَدِ الرَّجُلِ. وعِجْزَةُ الرَّجُلِ: آخِرُ وَلَدٍ يُولَدُ لَهُ؛ قَالَ:
واسْتَبْصَرَتْ فِي الحَيِّ أَحْوى أَمْرَدا ... عَجِزَةَ شَيْخَينِ يُسَمَّى مَعْبَدا
يُقَالُ: فُلَانٌ عِجْزَةُ وَلَدِ أَبويه أَي آخِرُهُمْ، وَكَذَلِكَ كِبْرَةُ وَلَدِ أَبويه، وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ وَالْوَاحِدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَيُقَالُ: وُلِدَ لِعِجْزَةٍ أَي بَعْدَمَا كَبِر أَبواه. والعِجازَةُ: دائرة الطَّائِرِ، وَهِيَ الأُصبع المتأَخرة. وعَجُزُ هَوازِنَ: بَنُو نَصْر بْنِ مُعَاوِيَةَ وَبَنُو جُشَمِ ابن بَكْرٍ كأَنه آخِرُهُمْ. وعِجْزُ الْقَوْسِ وعَجْزها ومَعْجِزُها: مَقْبِضها؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْمُبْدَلِ، ذَهَبَ إِلى أَن زَايَهُ بَدَلٌ مِنْ سِينِهِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ العَجْز والعِجْز وَلَا يُقَالُ مَعْجِز، وَقَدْ حَكَيْنَاهُ نَحْنُ عَنْ يَعْقُوبَ. وعَجْز السِّكِّينِ: جُزْأَتُها؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. والعَجُوز والعَجُوزة مِنَ النِّسَاءِ: الشَّيْخَة الهَرِمة؛ الأَخيرة قَلِيلَةٌ، وَالْجَمْعُ عُجُز وعُجْز وعَجائز، وَقَدْ عَجَزَت تَعْجِزُ وتَعْجُزُ عَجْزاً وعُجوزاً وعَجَّزَتْ تُعَجِّزُ تَعْجِيزاً: صَارَتْ عَجُوزاً، وَهِيَ مُعَجِّز، وَالِاسْمُ العُجْز. وَقَالَ يُونُسُ: امرأَة مُعَجِّزة طَعَنَتْ فِي السِّنِّ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَجَزَت، بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ الأَزهري: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لامرأَة الرَّجُلِ وإِن كَانَتْ شَابَّةً: هِيَ عَجُوزُهُ، وَلِلزَّوْجِ وإِن كَانَ حَدَثاً: هُوَ شَيْخُها، وَقَالَ: قُلْتُ لامرأَة مِنَ الْعَرَبِ: حَالِبِي زوجكِ، فَتَذَمَّرَتْ وَقَالَتْ: هَلَّا قلتَ حَالِبِي شَيْخَكِ؟ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ عَجُوز وللمرأَة عَجُوز. وَيُقَالُ: اتَّقِي اللَّهَ فِي شَبِيبَتِكِ وعُجْزِك أَي بَعْدَمَا تَصِيرِينَ عَجُوزاً. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَا تَقُلْ عَجُوزَة وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا العُجُز
؛ وَفِيهِ:
إِياكم والعُجُزَ العُقُرَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العُجُز جَمْعُ عَجُوز وعَجُوزة، وَهِيَ المرأَة الْكَبِيرَةُ المسنَّة، والعُقُر جَمْعُ عاقِرٍ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَلِدُ. ونَوى العَجُوزِ: ضَرْبٌ مِنَ النَّوَى هَشٌّ تأْكله العَجُوزُ لِلينِه كَمَا قَالُوا نَوى العَقُوقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والعَجُوز: الْخَمْرُ لِقَدَمِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَيْتَهُ جامُ فِضَّةٍ من هَداياهُ ... سِوى مَا بِهِ الأَمِيرُ مُجِيزِي
إِنما أَبْتَغِيهِ للعَسَلِ المَمْزُوجِ ... بالماءِ، لَا لِشُرْبِ العَجُوزِ
وَفِي التَّهْذِيبِ: يُقَالُ لِلْخَمْرِ إِذا عَتَقَتْ عَجُوز. والعَجُوز: القِبْلة. والعَجُوز: الْبَقَرَةُ. والعَجُوز: نَصْل السَّيْفِ؛ قَالَ أَبو المِقْدام:
وعَجُوز رأَيتُ فِي فَمِ كَلْبٍ ... جُعِلَ الكلبُ للأَمِيرِ حَمالا(5/372)
الكلبُ: مَا فَوْقَ النَّصْلِ مِنْ جَانِبَيْهِ، حَدِيدًا كَانَ أَو فِضَّةً، وَقِيلَ: الْكَلْبُ مِسْمَارٌ فِي قَائِمِ السَّيْفِ، وَقِيلَ: هُوَ ذُؤابَتُه. ابْنُ الأَعرابي: الْكَلْبُ مِسْمَارُ مَقْبِض السَّيْفِ، قَالَ: وَمَعَهُ الْآخَرُ يُقَالُ لَهُ العَجُوز. والعَجْزاءُ: حَبْل مِنَ الرَّمْلِ مُنْبِت، وَفِي التَّهْذِيبِ: العَجْزاءُ مِنَ الرِّمَالِ حَبْل مُرْتَفِعٌ كأَنه جَلَدٌ لَيْسَ بِرُكام رَمْلٍ وَهُوَ مَكْرُمَة لِلنَّبْتِ، وَالْجَمْعُ العُجْز لأَنه نَعْتٌ لِتِلْكَ الرَّمْلَةِ. والعَجُوز: رَمْلَةٌ بالدَّهْناء؛ قَالَ يَصِفُ دَارًا:
عَلَى ظَهْرِ جَرْعاءِ العَجُوزِ، كأَنها ... دَوائرُ رَقْمٍ فِي سَراةِ قِرامِ
وَرَجُلٌ مَعْجُوزٌ ومَشْفُوهٌ ومَعْرُوكٌ ومَنْكُودٌ إِذا أُلِحَّ عَلَيْهِ فِي المسأَلة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والعَجْزُ: طَائِرٌ يَضْرِبُ إِلى الصُّفرة يُشْبه صوتُه نُباح الْكَلْبِ الصَّغِيرِ يأْخذ السَّخْلَة فَيَطِيرُ بِهَا وَيَحْتَمِلُ الصَّبِيَّ الَّذِي لَهُ سَبْعُ سِنِينَ، وَقِيلَ: الزُّمَّجُ، وَجَمْعُهُ عِجْزان. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صاحبُ كِسْرى فَوَهَبَ لَهُ مِعْجَزَةً فسُمِّيَ ذَا المِعْجَزَة
، هِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ، المِنْطَقَة بِلُغَةِ الْيَمَنِ؛ قَالَ: وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَلِي عَجُزَ المُتَنَطِّق بِهَا، وَاللَّهُ أَعلم.
عجلز: العِجْلِزَةُ والعَجْلَزَةُ، جَمِيعًا: الْفَرَسُ الشَّدِيدَةُ الخَلْق، الْكَسْرُ لقَيْس، وَالْفَتْحُ لِتَمِيمٍ، وَقِيلَ: هِيَ الشَّدِيدَةُ الأَسْر المجتمِعةُ الْغَلِيظَةُ وَلَا يَقُولُونَهُ لِلْفَرَسِ الذَّكَرِ. الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمْ أَخذ هَذَا مِنْ جَلْزِ الخَلْق، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْقِيَاسِ، وَلَكِنَّهُمَا اسْمَانِ اتَّفَقَتْ حُرُوفُهُمَا ونحوُ ذَلِكَ قَدْ يَجِيءُ وَهُوَ مُتَبَايِنٌ فِي أَصل الْبِنَاءِ وَلَمْ أَسمعهم يَقُولُونَ لِلذَّكَرِ مِنَ الْخَيْلِ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ لِلْجَمَلِ عِجْلِزٌ وَلِلنَّاقَةِ عِجْلِزَة، وَهَذَا النَّعْتُ فِي الْخَيْلِ أَعْرَف، وَنَاقَةٌ عِجْلِزَةٌ وعَجْلَزَةٌ: قَوِيَّةٌ شَدِيدَةٌ، وَجَمَلٌ عِجْلِزٌ. وَرَمْلَةٌ عِجْلِزَة: ضَخْمَةٌ صُلْبَةٌ. وكَثِيبٌ عِجْلِز: كَذَلِكَ. وعَجْلَزَ الكِثْيبُ: ضَخُم وصَلُبَ. الْجَوْهَرِيُّ: فُرْسٌ عِجْلِزَةٌ؛ قَالَ بِشْرٌ:
وخَيْلٍ قَدْ لَبِسْتُ بِجَمْعِ خَيْلٍ ... عَلَى شَقَّاءَ عِجْلِزَةٍ وَقاحِ
تُشَبِّه شَخْصَها، والخَيْلُ تَهْفُو ... هُفُوًّا، ظِلَّ فَتْخاءِ الجَناحِ
الشقَّاء: الْفَرَسُ الطَّوِيلَةُ. وَالْوَقَاحُ: الصُّلبة الْحَافِرِ. وَتَهْفُو: تَعْدُو. وَالْفَتْخَاءُ: العُقاب اللَّيِّنَةُ الْجَنَاحِ تُقَلِّبُهُ كَيْفَ شَاءَتْ. والفَتَخ: لِينُ الْجَنَاحِ. وعِجْلِزَة: اسْمُ رَمْلَةٍ بِالْبَادِيَةِ؛ قَالَ الأَزهري: هِيَ اسْمُ رَمْلَةٍ مَعْرُوفَةٍ حذاءَ حَفَر أَبي مُوسَى، وَتُجْمَعُ عَجالِزَ؛ ذَكَرَهَا ذُو الرُّمَّةِ فَقَالَ:
مَرَرْنَ عَلَى العَجالِزِ نِصْفَ يومٍ ... وأَدَّيْنَ الأَواصِرَ والخِلالا
وَفَرَسٌ رَوْعاءُ: وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الذَّكِيَّةُ، وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَرْوَعُ، وَكَذَلِكَ فَرَسٌ شَوْهاءُ، وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَشْوَه، وَهِيَ الْوَاسِعَةُ الأَشْداقِ.
عرز: العَرْزُ: اشْتِدَادُ الشَّيْءِ وَغِلَظُهُ، وَقَدْ عَرَزَ واسْتَعْرَزَ. واسْتَعْرَزَت الْجِلْدَةُ فِي النَّارِ: انْزَوَتْ. والمُعارَزَة: المُعانَدَة والمُجانَبَة؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
وكلُّ خَلِيلٍ غيرِ هاضِمِ نَفْسِهِ ... لِوَصْلِ خَلِيلٍ صارِمٌ أَو مُعارِزُ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: المُعارِز الْمُنْقَبِضُ، وَقِيلَ: الْمُعَاتِبُ.(5/373)
والعارِزُ: الْعَاتِبُ. والعَرْز: الِانْقِبَاضُ. واسْتَعْرَز الشيءُ: انْقَبَضَ وَاجْتَمَعَ. واسْتَعْرَز الرَّجُلُ: تصَعَّب. والتَّعْرِيز: كالتَّعْرِيض فِي الْخُصُومَةِ. وَيُقَالُ: عَرَزْت لِفُلَانٍ عَرْزاً، وَهُوَ أَن تَقْبِضَ عَلَى شَيْءٍ فِي كَفِّكَ وَتَضُمَّ عَلَيْهِ أَصابعك وتُرِيَهُ مِنْهُ شَيْئًا صَاحِبَكَ «1» لِيَنْظُرَ إِليه وَلَا تُرِيَهُ كلَّه. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: أَعْرَزْتَني مِنْ كَذَا أَي أَعْوَزْتَني مِنْهُ. والعُرَّازُ: المُغْتالُونَ لِلنَّاسِ «2» والعَرَزُ: ضَرْبٌ مِنْ أَصغر الثُّمام وأَدَقِّ شَجَرِهِ، لَهُ وَرَقٌ صِغَارٌ مُتَفَرِّقٌ، وَمَا كَانَ مِنْ شَجَرِ الثُّمَامِ مِنْ ضَرْبِهِ فَهُوَ ذُو أَماصِيخَ، أُمْصُوخَةٌ فِي جَوْفِ أُمْصُوخَةٍ، تَنْقَلع العُلا مِنَ السُّفَل انقلاعَ العِفاصِ مِنْ رأْس المُكْحُلَة، الْوَاحِدَةُ عَرَزَة، وَقِيلَ: هُوَ الغَرَزُ، والغَرَزَة: شَجَرَةٌ، وَجَمْعُهَا غَرَزٌ. وعَرْزَة: اسْمٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
عرطز: عَرْطَزَ الرجلُ: تَنَحَّى كعَرْطَسَ.
عرفز: اعْرَنْفَزَ الرَّجُلُ: مَاتَ، وَقِيلَ: كَادَ يَمُوتُ قُرًّا.
عزز: العَزِيزُ: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وأَسمائه الْحُسْنَى؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ الْمُمْتَنِعُ فَلَا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الْقَوِيُّ الْغَالِبُ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ. وَمِنْ أَسمائه عَزَّ وَجَلَّ المُعِزُّ، وَهُوَ الَّذِي يَهَبُ العِزَّ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ. والعِزُّ: خِلَافَ الذُّلِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لِعَائِشَةَ: هَلْ تَدْرِينَ لِمَ كَانَ قومُك رَفَعُوا بَابَ الْكَعْبَةِ؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: تَعَزُّزاً أَن لَا يُدْخِلَهَا إِلا مَنْ أَرادوا
أَي تَكَبُّراً وتشدُّداً عَلَى النَّاسِ، وَجَاءَ فِي بَعْضِ نُسَخِ مُسْلِمٍ: تَعَزُّراً، بَرَاءٍ بَعْدَ زايٍ، مِنَ التَّعْزير وَالتَّوْقِيرِ، فإِما أَن يُرِيدَ تَوْقِيرَ الْبَيْتِ وَتَعْظِيمَهُ أَو تعظيمَ أَنفسهم وتَكَبُّرَهم عَلَى النَّاسِ. والعِزُّ فِي الأَصل: الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ وَالْغَلَبَةُ. والعِزُّ والعِزَّة: الرِّفْعَةُ وَالِامْتِنَاعُ، والعِزَّة لِلَّهِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
؛ أَي لَهُ العِزَّة وَالْغَلَبَةُ سُبْحَانَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً
؛ أَي مَنْ كَانَ يُرِيدُ بِعِبَادَتِهِ غَيْرَ اللَّهِ فإِنما لَهُ العِزَّة فِي الدُّنْيَا وَلِلَّهِ العِزَّة جَمِيعًا أَي يَجْمَعُهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بأَن يَنْصُر فِي الدُّنْيَا وَيَغْلِبَ؛ وعَزَّ يَعِزّ، بِالْكَسْرِ، عِزًّا وعِزَّةً وعَزازَة، وَرَجُلٌ عَزيزٌ مِنْ قَوْمٍ أَعِزَّة وأَعِزَّاء وعِزازٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ
؛ أَي جانبُهم غليظٌ عَلَى الْكَافِرِينَ لَيِّنٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِيض الوُجُوهِ كَرِيمَة أَحْسابُهُمْ ... فِي كلِّ نائِبَةٍ عِزاز الآنُفِ
وَرُوِيَ:
بِيض الوُجُوه أَلِبَّة ومَعاقِل
وَلَا يُقَالُ: عُزَزَاء كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ وَامْتِنَاعُ هَذَا مُطَّرِدٌ فِي هَذَا النَّحْوِ الْمُضَاعَفِ. قَالَ الأَزهري: يَتَذَلَّلُون لِلْمُؤْمِنِينَ وإِن كَانُوا أَعِزَّةً ويَتَعَزَّزُون عَلَى الْكَافِرِينَ وإِن كَانُوا فِي شَرَف الأَحْساب دُونَهُمْ. وأَعَزَّ الرجلَ: جَعَلَهُ عَزِيزاً. ومَلِكٌ أَعَزُّ: عَزِيزٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِن الَّذِي سَمَكَ السَّماءَ بَنى لَنَا ... بَيْتاً دَعائِمُهُ أَعَزُّ وأَطْوَلُ
__________
(1) . قوله [وَتُرِيَهُ مِنْهُ شَيْئًا صَاحِبَكَ] هكذا في الأَصل ولفظ صاحبك غير مذكور في عبارة القاموس
(2) . قوله [المغتالون للناس] كذا بالأَصل باللام. قال شارح القاموس وهو الأَشبه، أي مما عبر به القاموس وهو المغتابون بالباء الموحدة.(5/374)
أَي عَزِيزَةٌ طَوِيلَةٌ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ، وإِنما وَجَّهَ ابنُ سِيدَهْ هَذَا عَلَى غَيْرِ المُفاضلة لأَن اللَّامَ ومِنْ مُتَعَاقِبَتَانِ، وَلَيْسَ قَوْلُهُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ بحجَّة لأَنه مَسْمُوعٌ، وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ، عَلَى أَن هَذَا قَدْ وُجِّهَ عَلَى كَبِيرٍ أَيضاً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ
، وَقَدْ قُرِئَ:
ليخْرُجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَ
أَي ليَخْرُجَنَّ العزيزُ مِنْهَا ذَلِيلًا، فأَدخل اللَّامَ والأَلف عَلَى الْحَالِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ لأَن الْحَالَ وَمَا وُضِعَ مَوْضِعَهَا مِنَ الْمَصَادِرِ لَا يَكُونُ مَعْرِفَةً؛ وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ:
حَتَّى انتهيْتُ إِلى فِراشِ عَزِيزَة ... شَعْواءَ، رَوْثَةُ أَنْفِها كالمِخْصَفِ «3»
عَنَى عُقَابًا، وَجَعَلَهَا عَزِيزَةً لِامْتِنَاعِهَا وسُكْناها أَعالي الْجِبَالِ. وَرَجُلٌ عزِيزٌ: مَنِيع لَا يُغْلب وَلَا يُقْهر. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ
؛ مَعْنَاهُ ذُقْ بِمَا كُنْتَ تعَدُّ فِي أَهل العِزّ وَالْكَرَمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي نَقِيضِهِ: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ*؛ وَمِنَ الأَوّل قَوْلُ الأَعشى:
عَلَى أَنها، إِذْ رَأَتْني أُقادُ ... قالتْ بِمَا قَدْ أَراهُ بَصِيرا
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: نَزَلَتْ فِي أَبي جَهْلٍ، وَكَانَ يَقُولُ: أَنا أَعَزُّ أَهلِ الْوَادِي وأَمنعُهم، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ
، مَعْنَاهُ ذُقْ هَذَا الْعَذَابَ إِنك أَنت الْقَائِلُ أَنا العَزِيزُ الْكَرِيمُ. أَبو زَيْدٍ: عَزَّ الرجلُ يَعِزُّ عِزّاً وعِزَّةً إِذا قَوِيَ بَعْدَ ذِلَّة وَصَارَ عَزِيزًا. وأَعَزَّه اللهُ وعَزَزْتُ عَلَيْهِ: كَرُمْت عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ
؛ أَي أَن الْكُتُبَ الَّتِي تَقَدَّمَتْهُ لَا تُبْطِلُهُ وَلَا يأْتي بَعْدَهُ كِتَابٌ يُبْطِلُهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَحْفُوظٌ مِنْ أَن يُنْقَصَ مَا فِيهِ فيأْتيه الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، أَو يُزاد فِيهِ فيأْتيه الْبَاطِلُ مِنْ خَلْفِهِ، وكِلا الْوَجْهَيْنِ حَسَنٌ، أَي حُفِظَ وعَزَّ مِنْ أَن يَلْحَقَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا. ومَلِكٌ أَعَزّ وعَزِيزٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وعِزٌّ عَزِيزٌ: إِما أَن يَكُونَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وإِما أَن يَكُونَ بِمَعْنَى مُعِزّ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وَلَوْ حَضَرتْهُ تَغْلِبُ ابْنَةُ وائلٍ ... لَكانُوا لَهُ عِزّاً عَزيزاً وناصِرا
وتَعَزَّزَ الرجلُ: صَارَ عَزِيزاً. وَهُوَ يَعْتَزُّ بِفُلَانٍ واعْتَزَّ بِهِ. وتَعَزَّزَ: تشرَّف. وعَزَّ عَليَّ يَعِزُّ عِزّاً وعِزَّةً وعَزازَةً: كَرُمَ، وأَعْزَزتُه: أَكرمته وأَحببته، وَقَدْ ضَعَّفَ شمرٌ هَذِهِ الْكَلِمَةَ عَلَى أَبي زَيْدٍ «4» وعَزَّ عَلَيَّ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا وعَزَّ عَلَيَّ ذَلِكَ أَي حَقَّ واشتدَّ. وأُعْزِزْتُ بِمَا أَصابك: عَظُم عليَّ. وأَعْزِزْ عليَّ بِذَلِكَ أَي أَعْظِمْ وَمَعْنَاهُ عَظُمَ عليَّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ، لَمَّا رأَى طَلْحَةَ قَتِيلًا قَالَ: أَعْزِزْ عليَّ أَبا مُحَمَّدٍ أَن أَراك مُجَدَّلًا تَحْتَ نُجُومِ السَّمَاءِ
؛ يُقَالُ: عَزَّ عليَّ يَعِزُّ أَن أَراك بِحَالٍ سَيِّئَةٍ أَي يشتدُّ وَيَشُقُّ عليَّ. وكلمةٌ شَنْعَاءُ لأَهل الشِّحْر يَقُولُونَ: بِعِزِّي لَقَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا وبِعِزِّكَ، كَقَوْلِكَ لَعَمْري ولَعَمْرُكَ. والعِزَّةُ: الشدَّة والقوَّة. يُقَالُ: عَزَّ يَعَزُّ، بِالْفَتْحِ، إِذا اشتدَّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: اخْشَوْشِنُوا وتَمَعْزَزُوا
أَي تشدَّدوا فِي الدِّينِ وتصلَّبوا، مِنِ العِزِّ القوَّةِ والشدةِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، كَتَمَسْكَن مِنَ السُّكُونِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ المَعَزِ وَهُوَ الشِّدَّةُ، وسيجيءُ في موضعه.
__________
(3) . قوله [شعواءَ] في القاموس في هذه المادة بدله سوداء.
(4) . قوله [على أبي زيد] عبارة شرح القاموس: عن أبي زيد.(5/375)
وعَزَزْتُ القومَ وأَعْزَزْتُهم وعَزَّزْتُهم: قَوَّيْتُهم وشَدَّدْتُهم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ
؛ أَي قَوَّينا وشَدَّدنا، وَقَدْ قُرِئَتْ:
فَعَزَزْنا بِثَالِثٍ
، بِالتَّخْفِيفِ، كَقَوْلِكَ شَدَدْنا، وَيُقَالُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيضاً: رَجُلٌ عَزِيزٌ عَلَى لَفْظِ مَا تَقَدَّمَ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ
أَي أَشِداء عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ مِنْ عِزَّةِ النَّفْس. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: فِي الْكَلَامِ الْفَصِيحِ: إِذا عَزَّ أَخوكَ فَهُنْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُهُ، وَهُوَ مَثَلٌ مَعْنَاهُ إِذا تَعَظَّم أَخوكَ شامِخاً عَلَيْكَ فالْتَزِمْ لَهُ الهَوانَ. قَالَ الأَزهري: الْمَعْنَى إِذا غَلَبَكَ وَقَهَرَكَ وَلَمْ تقاوِمْه فَتَوَاضَعْ لَهُ، فإِنَّ اضْطِرابَكَ عَلَيْهِ يَزِيدُكَ ذُلًا وخَبالًا. قَالَ أَبو إِسحاق: الَّذِي قَالَهُ ثَعْلَبٌ خطأٌ وإِنما الْكَلَامُ إِذا عزَّ أَخوك فَهِنْ، بِكَسْرِ الْهَاءِ، مَعْنَاهُ إِذا اشْتَدَّ عَلَيْكَ فَهِنْ لَهُ ودارِه، وَهَذَا مِنْ مَكَارِمِ الأَخلاق كَمَا رُوِيَ عَنْ
مُعَاوِيَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: لَوْ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ شَعْرَةً يمدُّونها وأَمُدُّها مَا انْقَطَعَتْ، قِيلَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كُنْتُ إِذا أَرْخَوْها مَدَدْتُ وإِذا مدُّوها أَرْخَيْت
، فَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْمَثَلِ فَهِنْ، بِالْكَسْرِ، مِنْ قَوْلِهِمْ هَانَ يَهِينُ إِذا صَارَ هَيِّناً لَيِّناً كَقَوْلِهِ:
هَيْنُونَ لَيْنُونَ أَيْسارٌ ذَوُو كَرَمٍ ... سُوَّاسُ مَكْرُمَةٍ أَبناءُ أَطْهارِ
وَيُرْوَى: أَيسار. وإِذا قَالَ هُنْ، بِضَمِّ الْهَاءِ، كَمَا قَالَهُ ثَعْلَبٌ فَهُوَ مِنَ الهَوانِ، وَالْعَرَبُ لَا تأْمر بِذَلِكَ لأَنهم أَعزَّة أَبَّاؤُونَ للضَّيْم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الَّذِي قَالَهُ ثَعْلَبٌ صَحِيحٌ لِقَوْلِ ابْنِ أَحمر:
وقارعةٍ مِنَ الأَيامِ لَوْلَا ... سَبِيلُهُمُ، لزَاحَتْ عَنْكَ حِينا
دَبَبْتُ لَهَا الضَّرَاءَ وقلتُ: أَبْقَى ... إِذا عَزَّ ابنُ عَمِّكَ أَن تَهُونا
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا عَزَّ مَا أَنَّك ذاهبٌ، كَقَوْلِكَ: حَقًّا أَنك ذَاهِبٌ. وعَزَّ الشيءُ يَعِزُّ عِزّاً وعِزَّةً وعَزازَةً وَهُوَ عَزِيز: قَلَّ حَتَّى كَادَ لَا يُوجَدُ، وَهَذَا جَامِعٌ لِكُلِّ شَيْءٍ. والعَزَزُ والعَزازُ: الْمَكَانُ الصُّلْب السَّرِيعُ السَّيْلِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العَزازُ مَا غَلُظَ مِنَ الأَرض وأَسْرَعَ سَيْلُ مَطَرِهِ يَكُونُ مِنَ القِيعانِ والصَّحاصِحِ وأَسْنادِ الْجِبَالِ والإِكامِ وظُهور القِفاف؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنَ الصَّفا العاسِي ويَدْعَسْنَ الغَدَرْ ... عَزَازَهُ، ويَهْتَمِرْنَ مَا انْهَمَرْ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: فِي مَسَايِلِ الْوَادِي أَبعدُها سَيْلًا الرَّحَبَة ثُمَّ الشُّعْبَةُ ثُمَّ التَّلْعَةُ ثُمَّ المِذْنَبُ ثُمَّ العَزَازَةُ. وَفِي كِتَابِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لوَفْدِ هَمْدانَ:
عَلَى أَن لَهُمْ عَزَازَها
؛ العَزَازَ: مَا صَلُبَ مِنَ الأَرض وَاشْتَدَّ وخَشُنَ، وإِنما يَكُونُ فِي أَطرافها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الزُّهْرِيِّ: قَالَ كنتُ أَخْتَلِفُ إِلى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَة فَكُنْتُ أَخدُمُه، وذكَر جُهْدَه فِي الخِدمة فَقَدَّرْتُ أَني اسْتَنْظَفْتُ مَا عِنْدَهُ وَاسْتَغْنَيْتُ عَنْهُ، فَخَرَجَ يَوْمًا فَلَمْ أَقُمْ لَهُ وَلَمْ أُظْهِرْ مِنْ تَكْرِمَته مَا كنتُ أُظهره مِنْ قبلُ فَنَظَرَ إِليَّ وَقَالَ: إِنك بعدُ فِي العَزَازِ فَقُمْ
أَي أَنت فِي الأَطراف مِنَ الْعِلْمِ لَمْ تَتَوَسَّطْهُ بعدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ الْبَوْلِ فِي العَزازِ لِئَلَّا يَتَرَشَّشَ عليه.
وَفِي حَدِيثُ
الْحَجَّاجِ فِي صِفَةِ الْغَيْثِ: وأَسالت العَزازَ
؛ وأَرض عَزازٌ وعَزَّاءُ وعَزَازَةٌ ومَعْزوزةٌ:(5/376)
كَذَلِكَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
عَزَازَة كلِّ سائِلِ نَفْعِ سَوْءٍ ... لكلِّ عَزَازَةٍ سالتْ قَرارُ
وأَنشده ثَعْلَبٌ:
قَرارة كُلِّ سائلِ نَفْعِ سَوْءٍ ... لكلِّ قَرارَةٍ سالتْ قَرارُ
قَالَ: وَهُوَ أَجود. وأَعْزَزْنا: وَقَعْنَا فِي أَرضٍ عَزَازٍ وَسِرْنَا فِيهَا، كَمَا يُقَالُ: أَسْهَلْنا وَقَعْنَا فِي أَرض سهلةٍ. وعَزَّزَ المطرُ الأَرضَ: لَبَّدَها. وَيُقَالُ للوابلِ إِذا ضَرَبَ الأَرض السَّهْلَةَ فَشَدَّدَها حَتَّى لَا تَسُوخَ فِيهَا الرِّجْلُ: قَدْ عَزَّزَها وعَزَّزَ مِنْهَا؛ وَقَالَ:
عَزَّزَ مِنْهُ، وَهُوَ مُعْطِي الإِسْهالْ ... ضَرْبُ السَّوارِي مَتْنَه بالتَّهْتالْ
وتَعَزَّز لحمُ النَّاقَةِ: اشتدَّ وصَلُبَ. وتَعَزَّزَ الشيءُ: اشْتَدَّ؛ قَالَ المُتَلَمِّسُ:
أُجُدٌ إِذا ضَمَرَتْ تَعَزَّزَ لَحْمُها ... وإِذا تُشَدُّ بِنِسْعِها لَا تنْبِسُ
لَا تَنْبِسُ أَي لَا تَرْغُو. وفرسٌ مُعْتَزَّة: غَلِيظَةُ اللَّحْمِ شَدِيدَتُهُ. وَقَوْلُهُمْ تَعَزَّيْتُ عَنْهُ أَي تَصَبَّرْتُ أَصلها تَعَزَّزْت أَي تَشَدَّدْتُ مِثْلُ تَظَنَّيْت مِنْ تَظَنَّنْتُ، وَلَهَا نَظَائِرُ تُذْكَرُ فِي مَوَاضِعِهَا، وَالِاسْمُ مِنْهُ العَزاءُ. وَقَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزاءِ اللهِ فَلَيْسَ منَّا
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَرُدَّ أَمْرَه إِلى اللَّهِ فَلَيْسَ مِنَّا. والعَزَّاءُ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ؛ قَالَ:
ويَعْبِطُ الكُومَ فِي العَزَّاءِ إِنْ طُرِقا
وَقِيلَ: هِيَ الشِّدَّةُ. وَشَاةٌ عَزُوزٌ: ضيِّقة الأَحاليل، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، وَالْجَمْعُ عُزُزٌ، وَقَدْ عَزَّتْ تَعُزُّ عُزُوزاً وعِزازاً وعَزُزَتْ عُزُزاً، بِضَمَّتَيْنِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وتَعَزَّزَتْ، وَالِاسْمُ العَزَزُ والعَزَازُ. وَفُلَانٌ عَنْزٌ عَزُوزٌ: لَهَا دَرُّ جَمٌّ، وَذَلِكَ إِذا كَانَ كَثِيرَ الْمَالِ شَحِيحًا. وَشَاةٌ عَزُوز: ضَيِّقَةُ الأَحاليل لَا تَدِرُّ حَتَّى تُحْلَبَ بجُهْدٍ. وَقَدْ أَعَزَّت إِذا كَانَتْ عَزُوزاً، وَقِيلَ: عَزُزَتِ النَّاقَةُ إِذا ضَاقَ إِحليلها وَلَهَا لَبَنٌ كَثِيرٌ. قَالَ الأَزهري: أَظهر التَّضْعِيفَ فِي عَزُزَتْ، وَمِثْلُهُ قَلِيلٌ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَشُعَيْبٍ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: فجاءَت بِهِ قالِبَ لَوْنٍ لَيْسَ فِيهَا عَزُوزٌ وَلَا فَشُوشٌ
؛ العزُوزُ: الشَّاةُ البَكِيئَةُ الْقَلِيلَةُ اللَّبَنِ الضَّيِّقَةُ الإِحليل؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ: لَوْ أَن رَجُلًا أَخذ شَاةً عَزُوزاً فَحَلَبَهَا مَا فَرَغَ مِنْ حَلْبِها حَتَّى أُصَلِّيَ الصلواتِ الخمسَ
؛ يُرِيدُ التَّجَوُّزَ فِي الصَّلَاةِ وتخفيفَها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي ذرٍّ: هَلْ يَثْبُتُ لَكُمُ العدوُّ حَلْبَ شاةٍ؟ قَالَ: إِي وَاللَّهِ وأَرْبَعٍ عُزُزٍ
؛ هُوَ جَمْعُ عَزُوزٍ كصَبُور وصُبُرٍ. وعَزَّ الماءُ يَعِزُّ وعَزَّتِ القَرْحَةُ تَعِزُّ إِذا سَالَ مَا فِيهَا، وَكَذَلِكَ مَذَعَ وبَذَعَ وضَهَى وهَمَى وفَزَّ وفَضَّ إِذا سَالَ. وأَعَزَّتِ الشَّاةُ: اسْتَبانَ حَمْلُها وعَظُمَ ضَرْعُها؛ يُقَالُ ذَلِكَ للمَعَز والضَّأْن، يُقَالُ: أَرْأَتْ ورَمَّدَتْ وأَعَزَّت وأَضْرَعَتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وعازَّ الرجلُ إِبلَه وَغَنَمَهُ مُعازَّةً إِذا كَانَتْ مِراضاً لَا تَقْدِرُ أَن تَرْعَى فاحْتَشَّ لَهَا ولَقَّمَها، وَلَا تَكُونُ(5/377)
المُعازَّةُ إِلا فِي الْمَالِ وَلَمْ نَسْمَعْ فِي مَصْدَرِهِ عِزازاً. وعَزَّه يَعُزُّه عَزًّا: قَهَرَهُ وَغَلَبَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ
؛ أَي غَلَبَنِي فِي الِاحْتِجَاجِ. وقرأَ بَعْضُهُمْ: وعازَّني فِي الْخِطَابِ، أَي غَالَبَنِي؛ وأَنشد فِي صِفَةِ جَمَل:
يَعُزُّ عَلَى الطريقِ بمَنْكِبَيْهِ ... كَمَا ابْتَرَكَ الخَلِيعُ عَلَى القِداحِ
يَقُولُ: يَغْلِبُ هَذَا الجملُ الإِبلَ عَلَى لُزُومِ الطَّرِيقِ فشبَّه حِرْصَهُ عَلَى لُزُومِ الطَّرِيقِ وإِلحاحَه عَلَى السَّيْرِ بِحِرْصِ هَذَا الْخَلِيعِ عَلَى الضَّرْبِ بِالْقِدَاحِ لَعَلَّهُ يَسْتَرْجِعُ بَعْضَ مَا ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ، وَالْخَلِيعُ: الْمَخْلُوعُ المَقْمُور مالُه. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ عَزَّ بَزَّ أَيْ مَنْ غَلَبَ سَلَبَ، وَالِاسْمُ العِزَّة، وَهِيَ الْقُوَّةُ وَالْغَلَبَةُ؛ وَقَوْلُهُ:
عَزَّ عَلَى الرِّيحِ الشَّبُوبَ الأَعْفَرا
أَي غَلَبَهُ وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّيحِ فردَّ وُجُوهَهَا، وَيَعْنِي بالشَّبُوب الظَّبْيَ لَا الثَّوْرَ لأَن الأَعفر لَيْسَ مِنْ صِفَاتِ الْبَقَرِ. والعَزْعَزَةُ: الْغَلَبَةُ. وعازَّني فَعَزَزْتُه أَي غَالَبَنِي فَغَلَبْتُهُ، وضمُّ الْعَيْنِ فِي مِثْلِ هَذَا مطَّرد وَلَيْسَ فِي كُلِّ شيءٍ، يُقَالُ: فَاعَلَنِي فَفَعَلْتُه. والعِزُّ: الْمَطَرُ الغَزير، وَقِيلَ: مَطَرٌ عِزٌّ شَدِيدٌ كَثِيرٌ لَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ سَهْلٌ وَلَا جَبَلٌ إِلا أَساله. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العِزُّ الْمَطَرُ الْكَثِيرُ. أَرض مَعْزُوزَة: أَصابها عِزٌّ مِنَ الْمَطَرِ. والعَزَّاءُ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ الْوَابِلُ. والعَزَّاءُ: الشِّدَّةُ. والعُزَيْزاءُ مِنَ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ عُكْوَتِه وجاعِرَتِه، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، وَهُمَا العُزَيْزاوانِ؛ والعُزَيْزاوانِ: عَصَبَتانِ فِي أُصول الصَّلَوَيْنِ فُصِلَتا مِنَ العَجْبِ وأَطرافِ الوَرِكَينِ؛ وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: العُزَيْزاءُ عَصَبَة رَقِيقَةٌ مُرَكَّبَةٌ فِي الخَوْرانِ إِلى الْوِرْكِ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ فَرَسٍ:
أُمِرَّتْ عُزَيْزاءُ ونِيطَتْ كُرومُه ... إِلى كَفَلٍ رَابٍ، وصُلْبٍ مُوَثَّقِ
والكَرْمَةُ: رأْس الْفَخْذِ الْمُسْتَدِيرُ كأَنه جَوْزَةٌ وموضعُها الَّذِي تَدُورُ فِيهِ مِنَ الْوِرْكِ القَلْتُ، قَالَ: وَمَنْ مَدَّ العُزَيْزَا مِنَ الْفَرَسِ قَالَ: عُزَيْزاوانِ، وَمَنْ قَصَرَ ثَنَّى عُزَيْزَيانِ، وَهُمَا طَرَفَا الوَرِكين. وَفِي شَرْحِ أَسماء اللَّهِ الْحُسْنَى لابن بَرْجانَ: العَزُوز مِنْ أَسماء فَرْجِ المرأَة الْبِكْرِ. والعُزَّى: شَجَرَةٌ كَانَتْ تُعبد مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه تأْنيث الأَعَزِّ، والأَعَزُّ بِمَعْنَى العَزيزِ، والعُزَّى بِمَعْنَى العَزِيزَةِ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ يَجُوزُ فِي العُزَّى أَن تَكُونَ تأْنيث الأَعَزِّ بِمَنْزِلَةِ الفُضْلى مِنَ الأَفْضَل والكُبْرَى مِنَ الأَكْبَرِ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ فَاللَّامُ فِي العُزَّى لَيْسَتْ زَائِدَةً بَلْ هِيَ عَلَى حَدِّ اللَّامِ فِي الحَرثِ والعَبَّاسِ، قَالَ: وَالْوَجْهُ أَن تَكُونَ زَائِدَةً لأَنا لَمْ نَسْمَعْ فِي الصِّفَاتِ العُزَّى كَمَا سَمِعْنَا فِيهَا الصُّغْرى والكُبْرَى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى
؛ جاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن اللَّاتَ صَنَمٌ كَانَ لِثَقِيف، والعُزَّى صَنَمٌ كَانَ لِقُرَيْشٍ وَبَنِي كِنانَةَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَمَا ودِماءٍ مائراتٍ تَخالُها ... عَلَى قُنَّةِ العُزَّى وبالنَّسْرِ، عَنْدَما
وَيُقَالُ: العُزَّى سَمُرَةٌ كَانَتْ لغَطَفان يَعْبُدُونَهَا وَكَانُوا بَنَوْا عَلَيْهَا بَيْتًا وأَقاموا لَهَا سَدَنَةً فَبَعَثَ إِليها رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَهَدَمَ(5/378)
الْبَيْتَ وأَحرق السَّمُرَة وَهُوَ يَقُولُ:
يَا عُزَّ، كُفْرانَكِ لَا سُبْحانَكِ ... إِنِّي رأَيتُ اللَّهَ قَدْ أَهانَكِ
وَعَبْدُ العُزَّى: اسْمُ أَبي لَهَبٍ، وإِنما كَنَّاه اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ، وَلَمْ يُسَمِّه لأَن اسْمَهُ مُحالٌ. وأَعَزَّت البقرةُ إِذا عَسُرَ حَمْلُها. واسْتَعَزَّ الرَّمْلُ: تَماسَكَ فَلَمْ يَنْهَلْ. واسْتَعَزَّ اللَّهُ بِفُلَانٍ «1» واسْتَعَزَّ فُلَانٌ بحقِّي أَي غَلَبَني. واسْتُعِزَّ بِفُلَانٍ أَي غُلِبَ فِي كُلِّ شيءٍ مِنَ عاهةٍ أَو مَرَضٍ أَو غَيْرِهِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: اسْتُعِزَّ بِالْعَلِيلِ إِذا اشتدَّ وجعُه وغُلِب عَلَى عَقْلِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى كُلْثوم بْنِ الهَدْمِ وَهُوَ شاكٍ ثُمَّ اسْتُعِزَّ بكُلْثُومٍ فانتقل إِلى سعد بن خَيْثَمة.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه اسْتُعِزَّ بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ
أَي اشْتَدَّ بِهِ المرضُ وأَشرف عَلَى الْمَوْتِ؛ يُقَالُ: عَزَّ يَعَزُّ، بِالْفَتْحِ «2» ، إِذا اشتدَّ، واسْتُعِزَّ عَلَيْهِ إِذا اشْتَدَّ عَلَيْهِ وَغَلَبَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن قَوْمًا مُحْرِمِينَ اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِ صَيْدٍ فَقَالُوا: عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا جزاءٌ، فسأَلوا بعضَ الصَّحَابَةِ عَمَّا يجبُ عَلَيْهِمْ فأَمر لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بكفَّارة، ثُمَّ سأَلوا ابنَ عُمَرَ وأَخبروه بفُتْيا الَّذِي أَفتاهم فَقَالَ: إِنكم لَمُعَزَّزٌ بِكُمْ، عَلَى جَمِيعِكُمْ شاةٌ
، وَفِي لفظٍ آخَرَ:
عَلَيْكُمْ جزاءٌ واحدٌ
، قَوْلُهُ لَمُعَزَّزٌ بِكُمْ أَي مُشَدَّدٍ بِكُمْ ومُثَقَّل عَلَيْكُمُ الأَمرُ: وفلانٌ مِعْزازُ الْمَرَضِ أَي شَدِيدُهُ. وَيُقَالُ لَهُ إِذا مَاتَ أَيضاً: قَدِ اسْتُعِزَّ بِهِ. والعَزَّة، بِالْفَتْحِ: بِنْتُ الظَّبْية؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
هانَ عَلَى عَزّةَ بنتِ الشَّحَّاجْ ... مَهْوَى جِمالِ مالِك فِي الإِدْلاجْ
وَبِهَا سُمِّيَتِ المرأَة عَزَّة. وَيُقَالُ للعَنْز إِذا زُجِرت: عَزْعَزْ، وَقَدْ عَزْعَزْتُ بِهَا فَلَمَّ تَعَزْعَزْ أَي لَمْ تَتَنَحَّ، والله أَعلم.
عشز: عَشَزَ الرجلُ يَعْشِزُ عَشَزاناً: مَشَى مِشْيَة الْمَقْطُوعِ الرِّجْل، وَهُوَ العَشَزان. والعَشْوَزُ: مَا صَلُب مَسْلَكُه مِنْ طريقٍ أَو أَرض؛ قَالَ الشَّمَّاخُ «3»
... المُقْفِراتِ العَشاوِزِ
وَقَالَهُ أَبو عَمْرٍو:
تَدُقُّ شُهْبَ طِلْحِه العَشاوِزُ
والعَشَوْزَنُ: مَا صعُب مَسْلَكُه مِنَ الأَماكن؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَخْذك بالمَيْسُورِ والعَشَوْزَنِ
والعَشَوْزَنُ: الشَّدِيدُ الخَلْق الْعَظِيمُ مِنَ النَّاسِ والإِبل. وقَناة عَشَوْزَنَةٌ: صُلْبَة. والعَشْوَزُ والعَشَوَّزُ: الشَّدِيدُ الخَلْق الْغَلِيظُ.
عضز: عَضَزَ يَعْضِزُ عَضْزاً: مَضَغ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ.
__________
(1) . قوله [واستعز الله بفلان] هكذا في الأَصل. وعبارة القاموس وشرحه: واستعز الله به أماته.
(2) . قوله [يُقَالُ عَزَّ يَعَزُّ بِالْفَتْحِ إلخ] عبارة النهاية: يُقَالُ عَزَّ يَعَزُّ بِالْفَتْحِ إِذا اشتد، واستعز به المرض وغيره وَاسْتُعِزَّ عَلَيْهِ إِذَا اشْتَدَّ عليه وغلبه، ثم يبنى الفعل للمفعول
(3) . قوله [قال الشماخ إلخ] هذا قطعة من بيت من الطويل، وعبارة شرح القاموس: قَالَ الشَّمَّاخُ:
حَذَاهَا مِنَ الصَّيْدَاءِ نَعْلًا طِرَاقُهَا ... حَوَامِي الكراع المؤيدات العشاوز
ويروى الموجعات؛ قاله الصاغاني، قلت: ويروى المقفرات أيضاً.(5/379)
عضمز: العَيْضَمُوزُ: الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ؛ وأَنشد:
أَعْطَى خُباسَة عَيْضَمُوزاً كَزَّةً ... لَطْعاءَ، بئسَ هَدِيَّةُ المتَكَرِّمِ
وَنَاقَةٌ عَيْضَمُوزٌ. والعَضَمَّزُ: الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والعَضَمَّزُ: الضخمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والعَضَمَّزُ: البخيلُ، وامرأَة عَضَمَّزٌ؛ وَقَالَ حُمَيْدٌ الشَّاعِرُ:
عَضَمَّزَةٌ فِيهَا بقاءٌ وشِدَّةٌ
وَرَجُلٌ عَضَمَّزُ الخَلْق: شَدِيدُهُ. الأَزهري: عَجُوزٌ عِكْرِشَةٌ وعِجْرِمَةٌ وعَضَمَّزَةٌ وقَلَمَّزَةٌ: وَهِيَ اللَّئِيمَةُ القصيرة.
عطمز: الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عطمس: نَاقَةٌ عَيْطَمُوزٌ، بِالزَّايِ، أَي طَوِيلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَقَالَ: صخرة عَيْطَمُوزٌ ضَخْمة.
عفز: العَفْزُ: الْمُلَاعَبَةُ. يُقَالُ: بَاتَ يُعافِزُ امرأَتَه أَي يُغازِلُها؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِمْ بَاتَ يُعافِسُها فأَبدل مِنَ السِّينِ زَايًا. وَيُقَالُ للجَوْزِ الَّذِي يُؤْكَلُ: عَفْزٌ وعَفَازٌ، الْوَاحِدَةُ عَفْزَةٌ وعَفَازَةٌ. والعفازةُ: الأَكَمَةُ. يُقَالُ: لَقِيته فَوْقَ عَفازَة أَي فوق أَكَمَة.
عقز: العَقْزُ: تَقارُبُ دَبيب النمل.
عقفز: العَقْفَزَةُ: أَن يَجْلِسَ الرجلُ جِلْسة المُحْتَبِي ثُمَّ يَضُمُّ رُكْبَتَيْهِ وَفَخِذَيْهِ كَالَّذِي يَهمُّ بأَمرٍ شَهْوَةٍ لَهُ؛ وأَنشد:
ثُمَّ أَصابَ سَاعَةً فَعَقْفَزَا ... ثُمَّ عَلاها فَدَحَا وارْتَهَزَا
عكز: العَكْزُ: الائتمامُ بالشيءِ والاهتداءُ بِهِ. والعُكَّازَةُ: عَصاً فِي أَسفلها زُجٌّ يَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا الرَّجُلُ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ عَكاكِيزُ وعُكَّازات. والعَكِزُ: الرجلُ السَّيئُ الخُلُق»
البخيل المَشْؤُومُ. عُكَيزٌ وعاكزٌ: اسمان.
عكمز: العُكْمُوزُ: التَّارَّة الحادِرةُ الطويلةُ الضَّخْمَةُ؛ قَالَ:
إِنِّي لأَقْلِي الجِلْبِحَ العَجُوزا ... وآمِقُ الفَتِيَّةَ العُكْمُوزا
الأَزهري: عُكْمُوزَةٌ حادِرةٌ تارَّةٌ وعُكْمُزٌ أَيضاً، قَالَ: وَيُقَالُ للأَيْرِ إِذا كَانَ مُكْتَنِزاً: إِنه لَعُكْمُزٌ؛ وأَنشد:
وفَتَحَتْ للعَوْدِ بئْراً هُزْهُزا ... فالتَقَمَتْ جُرْدانَه والعُكْمُزا
علز: العَلَزُ: الضَّجَرُ. والعَلَزُ: شِبْهُ رِعْدة تأْخذ الْمَرِيضَ أَو الْحَرِيصَ عَلَى الشيءِ كأَنه لَا يستقرُّ فِي مَكَانِهِ مِنَ الْوَجَعِ، عَلِزَ يَعْلَزُ عَلَزاً وعَلَزاناً، وَهُوَ عَلِزٌ، وأَعْلَزَه الْوَجَعُ؛ تَقُولُ: مَا لِي أَراك عَلِزاً وأَنشد:
عَلَزان الأَسِيرِ شُدَّ صِفادا
والعَلَزُ أَيضاً: مَا تَبَعَّثَ مِنَ الْوَجَعِ شَيْئًا إِثر شيءْ كالحُمَّى يَدْخُلُ عَلَيْهَا السُّعال والصُّداع ونحوهُما. والعَلَزُ: القَلَقُ والكَرْبُ عِنْدَ الْمَوْتِ؛ قَالَتْ أَعرابية تَرْثِي ابنها:
__________
(4) . قوله [والعَكِزُ الرجل السيء الخلق] هكذا ضبط في الأصل. وعبارة القاموس: والعكز، بالكسر، السيئ الخلق، قال شارحه: وفي اللسان ككتف(5/380)
وإِذا لَهُ عَلَزٌ وحَشْرَجَةٌ ... مِمَّا يَجِيشُ بِهِ مِنَ الصَّدْرِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضاضَةِ الشَّبابِ إِلَّا عَلَزَ القَلِق؟
قَالَ: العَلَزُ، بِالتَّحْرِيكِ، خِفَّةٌ وقَلقٌ وهَلَعٌ يُصِيبُ الإِنسانَ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ مِنَ الإِعْلان وَهُوَ الإِظهارُ، وَيُقَالُ: مَاتَ فُلَانٌ عَلِزاً أَي وَجِعاً قَلِقاً لَا يَنَامُ. قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي يَنْزِلُ بِهِ الْمَوْتُ يُوصَف بالعَلَز وَهُوَ سِياقُه نَفْسَه. يُقَالُ: هُوَ فِي عَلَزِ الْمَوْتِ؛ وَقَوْلُهُ:
إِنَّك مِنِّي لاجِئٌ إِلى وَشَزْ ... إِلى قَوافٍ صَعْبَةٍ فِيهَا عَلَزْ
أَي فِيهَا مَا يُورِثُكَ ضِيقاً كَالضَّيِّقِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ. والعِلَّوْزُ: الموتُ. وعَلِزَ عَلَزاً: حَرَصَ وغَرضَ؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَى قَوْلِهِ غَرِضَ هَاهُنَا أَي قَلِقَ. والعَلَزُ: المَيْلُ والعُدولُ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ «1» . والعِلَّوْزُ: البَشَمُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العِلَّوْزُ لُغَةٌ فِي العِلَّوْصِ، وَهُوَ الْوَجَعُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ اللَّوَى مِنْ أَوجاع الْبَطْنِ. وعالِزٌ: موضع.
علكز: العِلْكِزُ: الشديدُ الضخمُ العظيمُ.
علهز: العِلْهِزُ: وَبَرٌ يُخْلَطُ بدماءِ الحَلَمِ كَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تأْكله فِي الجَدْب، وَفِي حَدِيثِ
عِكْرِمَة: كَانَ طَعَامُ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ العِلْهِزَ.
الأَزهري: العِلْهِزُ الوَبَرُ مَعَ دَمِ الحَلَمِ، وإِنما كَانَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعَالَجُ بِهَا الوَبَرُ مَعَ دِمَاءِ الحَلَم يأْكلونه؛ وأَنشد ابْنُ شُمَيْلٍ:
وإِنَّ قِرَى قَحْطانَ قِرْفٌ وعِلْهِزٌ ... فأَقْبِحْ بِهَذَا وَيْحَ نفسِكَ مِنْ فِعْلِ
وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: العِلْهِزُ دَمٌ يابسٌ يُدَقُّ بِهِ أَوْبار الإِبل فِي الْمَجَاعَاتِ ويؤْكل؛ وأَنشد:
عَنْ أَكْلِيَ العِلْهِزَ أَكْلَ الحَيْسِ
وَفِي الْحَدِيثِ فِي دُعَائِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى مُضَرَ:
اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فابْتُلُوا بِالْجُوعِ حَتَّى أَكلوا العِلْهِزَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ شيءٌ يَتَّخِذُونَهُ فِي سِنِي الْمَجَاعَةِ يَخْلِطُونَ الدَّمَ بأَوبار الإِبل ثُمَّ يَشْوُونه بِالنَّارِ ويأْكلونه، قَالَ: وَقِيلَ كَانُوا يَخْلِطُونَ فِيهِ القِرْدانَ. وَيُقَالُ للقُراد الضَّخْمِ: عِلْهِزٌ، وَقِيلَ: العِلْهِزُ شيءٌ يَنْبُتُ بِبِلَادِ بَنِي سُلَيم لَهُ أَصل كأَصل البَرْدِيِّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ:
وَلَا شيءَ مِمَّا يأْكلُ الناسُ عِنْدَنَا ... سِوَى الحَنْظَلِ الْعَامِيِّ والعِلْهِزِ الفَسْلِ
وليسَ لَنَا إِلَّا إِليكَ فِرارُنا ... وأَينَ فِرارُ الناسِ إِلا إِلى الرُّسْل؟
ابْنُ الأَعرابي: العِلْهِزُ الصوفُ يُنْفَشُ ويُشْرَبُ بالدماءِ ويُشْوَى ويؤْكل، قَالَ: ونابٌ عِلْهِزٌ ودِرْدِحٌ، قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هِيَ الَّتِي فِيهَا بقيةٌ وَقَدْ أَسَنَّتْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المُعَلْهَزُ الحَسَنُ الغِذاءِ كالمُعَزْهَل. الْجَوْهَرِيُّ: لَحْمٌ مُعَلْهَزٌ إِذا لَمْ يَنْضَجْ.
عنز: العَنْزُ: الماعِزَةُ، وَهِيَ الأُنثى مِنَ المِعْزَى والأَوْعالِ والظِّباءِ، وَالْجَمْعُ أَعْنُزٌ وعُنُوزٌ وعِنازٌ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بالعِنازِ جَمْعَ عَنْزِ الظِّباءِ؛ وأَنشد ابن
__________
(1) . قوله [والفعل كالفعل] اي على لغة من جعل مال من باب تعب(5/381)
الأَعرابي:
أَبُهَيُّ، إِنَّ العَنْزَ تَمْنَع رَبَّها ... مِن أَنْ يُبَيِّتَ جارَهُ بالحائِل
أَراد يَا بُهَيَّةُ فرخَّم، وَالْمَعْنَى أَن الْعَنْزَ يَتَبَلَّغُ أَهلُها بِلَبَنِهَا فَتَكْفِيهِمُ الغارةَ عَلَى مَالِ الْجَارِ الْمُسْتَجِيرِ بأَصحابها. وَحَائِلٌ: أَرض بِعَيْنِهَا، وأَدخل عَلَيْهَا الأَلف وَاللَّامَ لِلضَّرُورَةِ، وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: حَتْفَها تَحْمِلُ ضأْنٌ بأَظلافها. وَمِنْ أَمثالهم فِي هَذَا: لَا تَكُ كالعَنْزِ تَبْحَثُ عَنِ المُدْيَةِ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ جِنَايَةً يَكُونُ فِيهَا هَلَاكُهُ، وأَصله أَن رَجُلًا كَانَ جَائِعًا بِالْفَلَاةِ فَوَجَدَ عَنَزًا وَلَمْ يَجِدْ مَا يَذْبَحُهَا بِهِ، فَبَحَثَتِ بِيَدَيْهَا وأَثارت عَنْ مُدْيَةٍ فَذَبَحَهَا بِهَا. وَمِنْ أَمثالهم فِي الرَّجُلَيْنِ يَتَسَاوَيَانِ فِي الشَّرَفِ قَوْلُهُمْ: هُمَا كَرُكْبَتَيِ العَنْزِ؛ وَذَلِكَ أَن رُكْبَتَيْهَا إِذا أَرادت أَن تَرْبِضَ وَقْعَتَا مَعًا. فأَما قَوْلُهُمْ: قَبَّحَ اللهُ عَنْزاً خَيْرُها خُطَّةٌ فإِنه أَراد جَمَاعَةَ عَنْزٍ أَو أَراد أَعْنُزاً فأَوقع الْوَاحِدَ مَوْقِعَ الْجَمْعِ. وَمِنْ أَمثالهم: كُفِيَ فلانٌ يومَ العَنْزِ؛ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ يَلْقَى مَا يُهْلِكُه. وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: يومٌ كيومِ العَنْزِ، وَذَلِكَ إِذا قَادَ حَتْفاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رأَيتُ ابنَ ذِبْيانَ يَزِيدَ رَمَى بِهِ ... إِلى الشَّامِ يومُ العَنْزِ، واللهُ شاغِلُهْ «1»
قَالَ الْمُفَضَّلُ: يُرِيدُ حَتْفاً كَحَتْفِ العَنْزِ حِينَ بَحَثَتْ عَنْ مُدْيَتِها. والعَنْزُ وعَنْزُ الماءِ، جَمِيعًا: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ، وَهُوَ أَيضاً طَائِرٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ. والعَنْزُ: الأُنثى مِنَ الصُّقور والنُّسور. والعَنْزُ: العُقاب، وَالْجَمْعُ عُنُوزٌ. والعَنْزُ: الْبَاطِلُ. والعَنْزُ: الأَكَمَةُ السَّوْدَاءُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وإِرَمٌ أَخْرَسُ فوقَ عَنْزِ
قَالَ الأَزهري: سأَلني أَعرابي عَنْ قَوْلِ رُؤْبَةَ:
وإِرَمٌ أَعْيَسُ فوقَ عَنْزِ
فَلَمْ أَعرفه، وَقَالَ: العَنْزُ الْقَارَّةُ السَّوْدَاءُ، والإِرَمُ عَلَمٌ يُبْنَى فَوْقَهَا، وَجَعَلَهُ أَعيس لأَنه بُنِيَ مِنْ حِجَارَةٍ بِيضٍ لِيَكُونَ أَظهر لِمَنْ يُرِيدُ الِاهْتِدَاءَ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ فِي الْفَلَاةِ. وكلُّ بناءٍ أَصَمَّ، فَهُوَ أَخرس؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وقاتَلَتِ العَنْزُ نصف النَّهارِ ... ثُمَّ تَوَلَّتْ مَعَ الصَّادِرِ
فَهُوَ اسْمُ قَبِيلَةٍ مِنْ هوزان؛ وَقَوْلُهُ:
وَكَانَتْ بيومِ العَنْزِ صادَتْ فُؤادَهُ
الْعَنْزُ: أَكمة نَزَلُوا عَلَيْهَا فَكَانَ لَهُمْ بِهَا حَدِيثٌ. والعَنْزُ: صَخْرَةٌ فِي الْمَاءِ، وَالْجَمْعُ عُنُوزٌ. والعَنْزُ: أَرض ذَاتُ حُزُونَةٍ وَرَمْلٍ وَحِجَارَةٍ أَو أَثْلٍ، وَرُبَّمَا سُمِّيَتِ الحُبارَى عَنْزاً، وَهِيَ العَنْزَةُ أَيضاً والعَنَزُ. والعَنَزَةُ أَيضاً: ضَرْبٌ مِنَ السِّبَاعِ بِالْبَادِيَةِ دَقِيقُ الخَطْمِ يأْخذ الْبَعِيرَ مِنْ قِبَلِ دُبُرِه، وَهِيَ فِيهَا كالسَّلُوقِيَّةِ، وَقَلَّمَا يُرَى؛ وَقِيلَ: هُوَ عَلَى قَدْرِ ابْنِ عُرْسٍ يَدْنُو مِنَ النَّاقَةِ وَهِيَ بَارِكَةٌ ثُمَّ يَثِبُ فَيَدْخُلُ فِي حَيَائِهَا فَيَنْدَمِصُ فِيهِ حَتَّى يَصِلَ إِلى الرَّحِم فَيَجْتَبِذُها فَتَسْقُطُ الناقةُ فَتَمُوتُ، وَيَزْعُمُونَ أَنه شَيْطَانٌ؛ قَالَ الأَزهري: العَنَزَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ جِنْسِ الذِّئَابِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، ورأَيت بالصَّمَّانِ نَاقَةً مُخِرَتْ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِهَا لَيْلًا فأَصبحت وَهِيَ مَمْخُورة
__________
(1) . قوله [رأيت ابن ذبيان] الذي في الأساس: رأيت ابن دينار.(5/382)
قَدْ أَكلت العَنَزَةُ مِنْ عَجُزِها طَائِفَةً فَقَالَ رَاعِي الإِبل، وَكَانَ نُمَيْرِيّاً فَصِيحًا: طَرَقَتْها العَنَزَةُ فَمَخَرَتْها، والمَخْرُ الشَّقُّ، وَقَلَّمَا تَظْهَرُ لِخُبْثِهَا؛ وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ الْمَعْرُوفَةِ:
رَكِبَتْ عَنْزٌ بِحِدْجٍ جَمَلا
وَفِيهَا يَقُولُ الشَّاعِرُ:
شَرَّ يَوْمَيْها وأَغواهُ لَهَا ... رَكِبَتْ عَنْزٌ بِحِدْجٍ جَمَلا
قَالَ الأَصمعي: وأَصله أَن امرأَة مِنْ طَسْمٍ يُقَالُ لَهَا عَنْزٌ أُخِذَتْ سَبِيَّةً، فَحَمَلُوهَا فِي هَوْدَج وأَلطفوها بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَتْ:
شَرُّ يَوْمَيْهَا وأَغواه لَهَا
تَقُولُ: شَرُّ أَيامي حِينَ صِرْتُ أُكرم للسِّباء؛ يُضْرَبُ مَثَلًا فِي إِظهار البِرِّ بِاللِّسَانِ وَالْفِعْلِ لِمَنْ يُرَادُ بِهِ الْغَوَائِلُ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: كَانَ المُمَلَّكُ عَلَى طَسْمٍ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ عُمْلُوقٌ أَو عِمْلِيقٌ، وَكَانَ لَا تُزَفُّ امرأَةٌ مِنْ جَدِيسَ حَتَّى يؤْتى بِهَا إِليه فَيَكُونَ هُوَ المُفْتَضّ لَهَا أَولًا، وجَدِيسُ هِيَ أُخت طَسْمٍ، ثُمَّ إِن عُفَيْرَةَ بِنْتَ عَفَارٍ، وَهِيَ مِنْ سَادَاتِ جَدِيسَ، زُفَّتْ إِلى بَعْلِهَا، فأُتِيَ بِهَا إِلى عِمْلِيقٍ فَنَالَ مِنْهَا مَا نَالَ، فَخَرَجَتْ رَافِعَةً صَوْتَهَا شَاقَّةً جَيْبَهَا كَاشِفَةً قُبُلَها، وَهِيَ تَقُولُ:
لَا أَحَدٌ أَذَلَّ مِنْ جَدِيسِ ... أَهكذا يُفْعَلُ بالعَرُوسِ
فَلَمَّا سُمِعُوا ذَلِكَ عَظُمَ عَلَيْهِمْ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُمْ وَمَضَى بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ، ثُمَّ إِن أَخا عُفَيْرَةَ وَهُوَ الأَسود بْنُ عَفَار صَنَعَ طَعَامًا لعُرْسِ أُخته عُفَيرة، وَمَضَى إِلى عِمْلِيقٍ يسأَله أَن يَحْضُرَ طَعَامَهُ فأَجابه، وَحَضَرَ هُوَ وأَقاربه وأَعيان قَوْمِهِ، فَلَمَّا مَدُّوا أَيديهم إِلى الطَّعَامِ غَدَرَتْ بِهِمْ جَدِيسُ، فَقُتِلَ كُلُّ مَنْ حَضَرَ الطَّعَامَ وَلَمْ يُفلِتْ مِنْهُمْ أَحد إِلا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ رِياحُ بْنُ مُرَّة، تَوَجَّهَ حَتَّى أَتى حَسَّان بْنَ تُبَّعٍ فاسْتَجاشَهُ عَلَيْهِمْ ورَغَّبَهُ فِيمَا عِنْدَهُمْ مِنَ النِّعم، وَذَكَرَ أَن عِنْدَهُمُ امرأَة يُقَالُ لَهَا عَنْز، مَا رأَى النَّاظِرُونَ لَهَا شِبْهاً، وَكَانَتْ طَسْم وجَدِيسُ بجَوِّ الْيَمَامَةِ، فأَطاعه حسانُ وَخَرَجَ هُوَ وَمَنْ عِنْدِهِ حَتَّى أَتوا جَوًّا، وَكَانَ بِهَا زرقاءُ الْيَمَامَةِ، وَكَانَتْ أَعلمتهم بِجَيْشِ حَسَّانَ مِنْ قَبْلِ أَن يأْتي بِثَلَاثَةِ أَيام، فأَوقع بِجَدِيسَ وَقَتَلَهُمْ وَسَبَى أَولادهم ونساءَهم وَقَلَعَ عَيْنَيْ زَرْقَاءَ وَقَتَلَهَا، وأُتِيَ إِليه بعَنْز رَاكِبَةً جَمَلًا، فَلَمَّا رأَى ذَلِكَ بَعْضُ شُعَرَاءِ جَدِيسَ قَالَ:
أَخْلَقَ الدَّهْرُ بِجَوٍّ طَلَلا ... مثلَ مَا أَخْلَقَ سَيْفٌ خِلَلا
وتَداعَتْ أَرْبَعٌ دَفَّافَةٌ ... تَرَكَتْه هامِداً مُنْتَخِلا
مِنْ جَنُوبٍ ودَبُورٍ حِقْبَةً ... وصَباً تُعْقبُ رِيحاً شَمْأَلا
وَيْلَ عَنْزٍ واسْتَوَتْ راكِبَةً ... فوقَ صَعْب، لَمْ يُقَتَّلْ ذُلُلا
شَرَّ يَوْمَيْها وأَغْواهُ لَهَا ... رَكِبَتْ عَنْزٌ بِحِدْجٍ جَمَلا
لَا تُرَى مِنْ بَيْتِهَا خارِجَةً ... وتَراهُنَّ إِليها رَسَلا
مُنِعَتْ جَوّاً، ورامَتْ سَفَراً ... تَرَكَ الخَدَّيْنِ مِنْهَا سَبَلا(5/383)
يَعْلَمُ الحازِمُ ذُو اللُّبِّ بِذا ... أَنما يُضْرَبُ هَذَا مَثَلا
وَنَصَبَ شَرَّ يَوْمَيْهَا بِرَكِبَتْ عَلَى الظَّرْفِ أَي رَكِبَتْ بِحِدْجٍ جَمَلًا فِي شَرِّ يَوْمَيْهَا. والعَنَزَةُ: عَصًا فِي قَدْر نِصْفِ الرُّمْح أَو أَكثر شَيْئًا فِيهَا سِنانٌ مِثْلُ سِنَانِ الرُّمْحِ، وَقِيلَ: فِي طَرَفِهَا الأَسفل زُجٌّ كَزُجِّ الرُّمْحِ يتوكأُ عَلَيْهَا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَقِيلَ: هِيَ أَطول مِنَ الْعَصَا وأَقصر مِنَ الرُّمْحِ والعُكَّازَةُ قَرِيبٌ مِنْهَا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
لِمَا طُعِنَ أُبيّ بْنُ خَلَفٍ بالعَنَزَة بَيْنَ ثَدْيَيْه قَالَ: قَتَلَنِي ابنُ أَبي كَبْشَة.
وتَعَنَّزَ واعْتَنَزَ: تَجَنَّب الناسَ وَتَنَحَّى عَنْهُمْ، وَقِيلَ: المُعْتَنِزُ الَّذِي لَا يُساكِنُ الناسَ لِئَلَّا يُرْزَأَ شَيْئًا. وعَنَزَ الرجلُ: عَدَلَ، يُقَالُ: نَزَلَ فُلَانٌ مُعْتَنِزاً إِذا نزل حَرِيداً فِي نَاحِيَةٍ مِنَ النَّاسِ. ورأَيته مُعْتَنِزاً ومُنْتَبِذاً إِذا رأَيته مُتَنَحِّيًا عَنِ النَّاسِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَباتَكَ اللهُ فِي أَبياتِ مُعْتَنِزٍ ... عَنِ المَكارِمِ، لَا عَفٍّ وَلَا قارِي
أَي وَلَا يَقْرِي الضيفَ وَرَجُلٌ مُعَنَّزُ الْوَجْهِ إِذا كَانَ قَلِيلَ لَحْمِ الْوَجْهِ فِي عِرْنِينِه شَمَمٌ. وعُنِّزَ وَجْهُ الرَّجُلِ: قَلَّ لَحْمُهُ. وَسُمِعَ أَعرابي يَقُولُ لِرَجُلٍ: هُوَ مُعَنَّزُ اللِّحْيَة، وفسره أَبو داود بُزْ رِيش: كأَنه شَبَّهَ لِحْيَتَهُ بِلِحْيَةِ التَّيْسِ. والعَنْزُ وعَنْزٌ، جَمِيعًا: أَكَمَةٌ بِعَيْنِهَا. وعَنْزُ: اسْمُ امرأَة يقال لها عَنْز الْيَمَامَةِ، وَهِيَ الْمَوْصُوفَةُ بحدَّة النَّظَرِ. وعَنْزٌ: اسْمُ رَجُلٍ، وَكَذَلِكَ عِنازٌ، وعُنَيْزَةُ اسْمُ امرأَة تَصْغِيرُ عَنَزَة. وعَنَزَةُ وعُنَيْزَةُ: قَبِيلَةٌ. قَالَ الأَزهري: عُنَيْزَة فِي الْبَادِيَةِ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ، وعُنَيْزَة قَبِيلَةٌ. قَالَ الأَزهري: وَقَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ يُنْسَبُ إِليهم فَيُقَالُ فُلَانٌ العَنَزِيّ، وَالْقَبِيلَةُ اسْمُهَا عَنَزَةُ. وعَنَزَةُ: أَبو حَيٍّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَهُوَ عَنَزَة بْنِ أَسد بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ نِزار؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
دَلَفْتُ لَهُ بِصَدْرِ العَنْزِ لَمَّا ... تَحامَتْهُ الفَوارِسُ والرِّجالُ
فَهُوَ اسْمُ فَرَسٍ؛ والعَنْزُ فِي قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذا مَا العَنْزُ مِنْ مَلَقٍ تَدَلَّتْ
هِيَ العُقاب الأُنثى. وعُنَيْزَةُ: مَوْضِعٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ إمرئِ الْقَيْسِ:
وَيَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ
وعُنازة: اسْمُ مَاءٍ؛ قَالَ الأَخطل:
رَعَى عُنازَةَ حَتَّى صَرَّ جُنْدُبُها ... وذَعْذَعَ المالَ يومٌ تالِعٌ يَقِرُ
عنقز: العَنْقَزُ والعُنْقُزُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: المَرْزَنْجُوش، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والعُنْقُزانُ مِثْلُهُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَلَا يَكُونُ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِهَا، وَمِنْهُ يَكُونُ هُنَاكَ اللَّاذَنُ؛ قَالَ الأَخطل يَهْجُو رَجُلًا:
أَلا اسْلَمْ، سَلِمْتَ أَبا خالِدٍ ... وحَيَّاكَ رَبُّكَ بالعَنْقَزِ
ورَوَّى مُشاشَكَ بالخَنْدَرِيسِ ... قَبْل الْمَمَاتِ فَلَا تَعْجَزِ
أَكَلْتَ القِطاطَ فأَفْنَيْتَها ... فَهَلْ فِي الخَنانِيصِ مِنْ مَغْمَزِ؟(5/384)
ودِينُكَ هذا كدين الحِمارِ ... بَلْ أَنتَ أَكْفَرُ مِنْ هُرْمُزِ
وَقِيلَ: العَنْقَزُ جُرْدانُ الْحِمَارِ «1» والعَنْقَزُ: أَصلُ القَصَبِ الغَضِّ، وَهُوَ بِالرَّاءِ أَعلى، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ كُرَاعٌ بِالرَّاءِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ قُسٍّ ذَكَرَ العُنْقُزان؛ العُنْقُزُ أَصل القَصَب الغَضّ. والعُنْقُزُ أَبناء الدَّهاقِينِ، وَقِيلَ: العَنْقَزُ السَّمُّ «2» والعَنْقَزُ: الدَّاهِيَةُ مِنْ كِتَابِ أَبي عَمْرٍو، وَاللَّهُ أَعلم.
عوز: اللَّيْثُ: العَوَزُ أَن يُعْوِزَكَ الشيءُ وأَنت إِليه مُحْتَاجٌ، وإِذا لَمْ تَجِدِ الشيءَ قُلْتَ: عازَني؛ قَالَ الأَزهري: عازَنِي لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: يُقَالُ أَعْوزَنِي هَذَا الأَمْرُ إِذا اشتدَّ عَلَيْكَ وعَسُرَ، وأَعْوَزَنِي الشيءُ يُعْوِزُنِي أَي قَلَّ عِنْدِي مَعَ حَاجَتِي إِليه. وَرَجُلٌ مُعْوِزٌ: قَلِيلُ الشَّيْءِ. وأَعْوَزَه الشيءُ إِذا احْتَاجَ إِليه فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ. والعَوَزُ، بِالْفَتْحِ: العُدْمُ وسوءُ الْحَالِ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَازَنِي الشيءُ وأَعْوَزَنِي أَعْجَزَنِي عَلَى شِدَّةِ حَاجَةٍ، وَالِاسْمُ العَوَزُ. وأَعْوَزَ الرجلُ، فَهُوَ مُعْوِزٌ ومُعْوَز إِذا ساءَتْ حالُه؛ الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وأَعْوَزَه الدهرُ: أَحوجه وحلَّ عَلَيْهِ الفَقْرُ. وإِنه لَعَوِز لَوِزٌ: تأْكيد لَهُ، كَمَا تَقُولُ: تَعْساً لَهُ ونَعْساً. والعَوَزُ: ضِيقُ الشَّيْءِ. والإِعْوازُ: الْفَقْرُ. والمُعْوِزُ: الْفَقِيرُ. وعَوِزَ الشيءُ عَوَزاً إِذا لَمْ يُوجَدْ. وعَوِزَ الرجلُ وأَعْوَزَ أَي افْتَقَرَ. وَيُقَالُ: مَا يُعْوِزُ لِفُلَانٍ شيءٌ إِلَّا ذَهَبَ بِهِ، كَقَوْلِكَ: مَا يُوهِفُ لَهُ وَمَا يُشْرِفُ؛ قَالَهُ أَبو زَيْدٍ بِالزَّايِ، قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وأَنكره الأَصمعي، قَالَ: وَهُوَ عِنْدَ أَبي زَيْدٍ صَحِيحٌ وَمِنَ الْعَرَبِ مَسْمُوعٌ. والمِعْوَزُ: خِرْقَةٌ يُلَفُّ بِهَا الصَّبِيُّ، وَالْجَمْعُ المَعاوِزُ؛ قَالَ حَسَّانُ:
ومَوْؤُودَةٍ مَقْرُورَةٍ فِي مَعاوِزٍ ... بآمَتِها مَرْمُوسَةٍ لم تُوَسَّدِ
الموْؤُودة: الْمَدْفُونَةُ حَيَّةً. وَآمَتُهَا: هَنَتُها يَعْنِي القُلْفَة. وَفِي التَّهْذِيبِ: المَعاوِزُ خُلْقانُ الثِّيَابِ، لُفَّ فِيهَا الصَّبِيُّ أَو لَمْ يُلَفَّ. والمِعْوَزَةُ والمِعْوَزُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: الَّذِي يُبْتَذَلُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: أَمَا لَكَ مِعْوَزٌ
أَي ثَوْبٌ خَلَقٌ لأَنه لِبَاسُ المُعْوِزِينَ فَخُرِّجَ مَخْرَجَ الْآلَةِ والأَداة. وَفِي
حَدِيثِهِ الْآخَرِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَخْرُجُ المرأةُ إِلى أَبيها يَكِيدُ بنَفْسِه فإِذا خَرَجَتْ فَلْتَلْبَس مَعاوِزَها
؛ هِيَ الخُلْقان مِنَ الثِّيَابِ، وَاحِدُهَا مِعْوَز، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَقِيلَ: المِعْوَزَةُ كُلُّ ثَوْبٍ تَصُونُ بِهِ آخَرَ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَدِيدُ مِنَ الثِّيَابِ؛ حُكِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ، وَالْجَمْعُ مَعاوِزَةٌ، زَادُوا الْهَاءَ لِتَمْكِينِ التأْنيث؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
رَأَى نَظْرَةً مِنْهَا، فَلَمْ يَمْلِكِ الهَوى ... مَعاوِزُ يَرْبُو تَحْتَهُنَّ كَثِيبُ
فَلَا مَحَالَةَ أَن الْمَعَاوِزَ هُنَا الثِّيَابُ الجُدُدُ؛ وَقَالَ:
ومُحْتَضَرِ المَنافِعِ أَرْيَحِيٍّ ... نَبِيلٍ فِي مَعاوِزةٍ طِوالِ
أَبو الْهَيْثَمِ: خَرَطْتُ العُنْقُودَ خَرْطاً إِذا اجْتَذَبْتَ مَا عَلَيْهِ مِنَ العَوْزِ، وَهُوَ الْحَبُّ مِنَ الْعِنَبِ، بجميع
__________
(1) . قوله [وَقِيلَ الْعَنْقَزُ جُرْدَانُ الْحِمَارِ] وهو المراد في الأَبيات حتى يكون هجواً.
(2) . قوله [وقيل العنقز السم إلخ] كذا بالأَصل بوزن جعفر، وتبعه شارح القاموس. وعبارة المجد: والعنقزة، بهاء، الراية والداهية والسم.(5/385)
أَصابعك حَتَّى تُنقيه مِنْ عُودِه، وَذَلِكَ الخَرْطُ، وَمَا سَقَطَ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ هُوَ الخُرَاطَةُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعلم.
فصل الغين المعجمة
غرز: غَرَزَ الإِبْرَةَ فِي الشَّيْءِ غَرْزاً وغَرَّزَها: أَدخلها. وكلُّ مَا سُمِّرَ فِي شَيْءٍ فَقَدْ غُرِزَ وغُرِّزَ، وغَرَزْتُ الشيءَ بالإِبرة أَغْرِزُه غَرْزاً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رَافِعٍ: مَرَّ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَقَدْ غَرَزَ ضَفْرَ رأْسه
أَي لَوَى شَعْرَهُ وأَدخل أَطرافه فِي أُصوله. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبيِّ: مَا طَلَع السِّماكُ قَطُّ إِلا غارِزاً ذَنَبَه فِي بَرْدٍ
؛ أَراد السِّماكَ الأَعْزَلَ، وَهُوَ الْكَوْكَبُ الْمَعْرُوفُ فِي بُرْجِ الْمِيزَانِ وَطُلُوعِهِ يَكُونُ مَعَ الصُّبْحِ لِخَمْسٍ تَخْلُو مِنْ تَشْرِينَ الأَوّل، وحينئذ يبتدئ البرد، وَهُوَ مِنْ غَرَزَ الجرادُ ذَنَبه فِي الأَرض إِذا أَراد أَن يَبِيضَ. وغَرَزت الجَرادَةُ وَهِيَ غارِزٌ وغرَّزَتْ: أَثبتت ذَنَبها فِي الأَرض لِتَبِيضَ، مِثْلَ رَزَّتْ؛ وجَرادةٌ غارِزٌ، وَيُقَالُ: غارِزَةٌ إِذا رَزَّتْ ذَنَبها فِي الأَرض لِتَسْرَأَ؛ والمَغْرَزُ بِفَتْحِ الرَّاءِ: مَوْضِعُ بَيْضِهَا. وَيُقَالُ: غَرَزْتُ عُوداً فِي الأَرض ورَكَزْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ومَغْرِزُ الضِّلَع والضِّرْس وَالرِّيشَةِ وَنَحْوِهَا: أَصْلُها، وَهِيَ المغارِزُ. ومَنْكِب مُغَرَّزٌ: مُلْزَقٌ بِالْكَاهِلِ. والغَرْزُ: رِكابُ الرحْل، وَقِيلَ: رِكَابُ الرحْل مِنْ جُلود مَخْرُوزَةٍ، فإِذا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ أَو خَشَبٍ فَهُوَ رِكابٌ، وَكُلُّ مَا كَانَ مِساكاً للرِّجْلَين فِي المَرْكَب غَرْزٌ. وغَرَزَ رِجْلَه فِي الغَرْزِ يَغْرِزُها غَرْزاً: وَضَعَهَا فِيهِ لِيَرْكَبَ وأَثبتها. واغْتَرَزَ: رَكِبَ. ابْنُ الأَعرابي: والغَرْزُ لِلنَّاقَةِ مِثْلُ الْحِزَامِ لِلْفَرَسِ. غَيْرُهُ: الغَرْزُ للجَمَلِ مِثْلُ الرِّكَابِ لِلْبَغْلِ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ فِي غَرْز النَّاقَةِ:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزِي أَجْمَرَتْ ... أَو قِرابي، عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذا وَضَع رِجْلَه فِي الغَرْزِ، يُرِيدُ السفرَ، يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ
؛ الغَرْزُ: رِكابُ كُورِ الجَمَلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا سأَله عَنْ أَفضل الْجِهَادِ فَسَكَتَ عَنْهُ حَتَّى اغْتَرَزَ فِي الجَمْرَةِ الثَّالِثَةِ
أَي دخَل فِيهَا كَمَا يَدْخُلُ قَدَمُ الرَّاكِبِ فِي الغَرْزِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ أَنه قَالَ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اسْتَمْسِكْ بغَرْزِه
أَي اعْتَلِقْ بِهِ وأَمسِكْه واتَّبِعْ قولَهُ وفعلَهُ وَلَا تُخالِفْه؛ فَاسْتَعَارَ لَهُ الغَرْزَ كَالَّذِي يُمسِكُ بِرِكَابِ الرَّاكِبِ وَيَسِيرُ بِسَيْرِهِ. واغْتَرَزَ السَّيْرَ اغْتِرازاً إِذا دَنَا مَسِيرُه، وأَصله مِنَ الغَرْزِ. والغارِزُ مِنَ النُّوقِ: القليلةُ اللَّبَنِ. وغَرَزَتِ الناقَةُ تَغْرُزُ «1» غِرازاً وَهِيَ غارِزٌ مِنْ إِبل غُرَّزٍ: قَلَّ لَبَنُهَا؛ قَالَ القُطامي:
كأَنَّ نُسُوعَ رَحْلي، حينَ ضَمَّتْ ... حَوالِبَ غُرَّزاً ومِعًى جِياعا
نُسِبَ ذَلِكَ إِلى الْحَوَالِبِ لأَن اللَّبَنَ إِنما يَكُونُ فِي الْعُرُوقِ. وغَرَّزَها صاحِبُها: تَرَكَ حَلَبَهَا أَو كَسَع ضَرْعَها
__________
(1) . قوله [وغرزت الناقة تغرز] من باب كتب كما هو صنيع القاموس ووجد كذلك مضبوطاً بنسخة صحيحة من النهاية، والحاصل أن غرز بمعنى نخس وطعن وأثبت من باب ضرب وبمعنى أطاع بعد عصيان من باب سمع، وغرزت الناقة قلّ لبنها من باب كتب كما في القاموس وغيره(5/386)
بِمَاءٍ بَارِدٍ لِيَذْهَبَ لِبَنُهَا وَيَنْقَطِعَ، وَقِيلَ: التَّغْرِيزُ أَن تَدَعَ حَلْبَةً بَيْنَ حَلْبَتَيْنِ وذلك إِذا أَدبر لبن النَّاقَةِ. الأَصمعي: الغارِزُ الناقةُ الَّتِي قَدْ جَذَبَتْ لَبَنَهَا فَرَفَعَتْهُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: التَّغْرِيزُ أَن يَنْضَح ضَرْعَ النَّاقَةِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يُلَوِّثَ الرجلُ يَدَه فِي التُّرَابِ، ثُمَّ يَكْسَعَ الضَّرْعَ كَسْعاً حَتَّى يَدْفَعَ اللَّبَنَ إِلى فَوْقَ، ثُمَّ يأْخذ بِذَنَبِهَا فَيَجْتَذِبَهَا بِهِ اجْتِذَابًا شَدِيدًا، ثُمَّ يَكْسَعَهَا بِهِ كَسْعًا شَدِيدًا وتُخَلَّى، فإِنها تَذْهَبُ حِينَئِذٍ عَلَى وَجْهِهَا سَاعَةً. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءَ: وَسُئِلَ عَنْ تَغْرِيزِ الإِبل فَقَالَ: إِن كَانَ مُباهاةً فَلَا، وإِن كَانَ يُرِيدُ أَن تَصْلُحَ لِلْبَيْعِ فَنَعَمْ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ تَغْرِيزُها نِتاجَها وسِمَنَها مِنْ غَرْزِ الشَّجَرِ، قَالَ: والأَول الوجه. وغَرَزَتِ الأَتانُ: قَلَّ لَبَنُهَا أَيضاً. أَبو زَيْدٍ: غَنَمٌ غَوارِزُ وعُيونٌ غَوارِزُ مَا تَجْرِي لَهُنَّ دُموع. وَفِي الْحَدِيثِ
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِن غَنَمَنَا قَدْ غَرَزَتْ
أَي قَلَّ لَبَنُهَا. يُقَالُ: غَرَزَت الْغَنَمُ غِرازاً وغَرَّزَها صاحبُها إِذا قَطَعَ حَلَبَهَا وأَراد أَن تَسْمَنَ؛ وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
تمرُّ، مِثلَ عَسِيبِ النَّخْلِ ذَا خُصَلٍ ... بغارِزٍ لَمْ تُخَوِّنْهُ الأَحالِيلُ
الغارِزُ: الضَّرْعُ قَدْ غَرَزَ وقَلَّ لَبَنُهُ، وَيُرْوَى بِغَارِبٍ. والغارِزُ مِنَ الرِّجَالِ: الْقَلِيلُ النِّكَاحِ، وَالْجَمْعُ غُرَّزٌ. والغَرِيزَةُ: الطبيعةُ والقريحةُ والسَّجِيَّة مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الأَصل وَالطَّبِيعَةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنّ الشَّجاعَةَ، فِي الفَتى ... والجُودَ مِنْ كَرَمِ الغَرائزْ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الجُبْنُ والجُرْأةُ غَرائزُ
أَي أَخلاق وَطَبَائِعُ صَالِحَةٌ أَو رَدِيئَةٌ، وَاحِدَتُهَا غَرِيزَة. وَيُقَالُ: الْزَمْ غَرْزَ فُلَانٍ أَي أَمره وَنَهْيَهُ. الأَصمعي: والغَرَزُ، مُحَرَّكٌ، نَبَتٌ رأَيته فِي الْبَادِيَةِ يَنْبُتُ فِي سُهولة الأَرض. غَيْرُهُ: الغَرَزُ ضَرْبٌ مِنَ الثُّمامِ صَغِيرٌ يَنْبُتُ عَلَى شُطُوط الأَنهار لَا وَرَقَ لَهَا، إِنما هِيَ أَنابيب مُرَكَّبٌ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ، فإِذا اجْتَذَبْتَهَا خَرَجَتْ مِنْ جَوْفِ أُخرى كأَنها عِفاصٌ أُخرج مِنْ مُكْحُلَة وَهُوَ مِنَ الحَمْضِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الأَسَلُ، وَبِهِ سُمِّيَتِ الرِّمَاحُ عَلَى التَّشْبِيهِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ مِنْ وَخِيمِ المَرْعى، وَذَلِكَ أَن النَّاقَةَ الَّتِي تَرْعَاهُ تُنْحَرُ فَيُوجَدُ الغَرَزُ فِي كَرَشِهَا مُتَمَيِّزًا عَنِ الْمَاءِ لَا يَتَفَشَّى وَلَا يُورِثُ الْمَالَ قُوَّةً، وَاحِدَتُهَا غَرَزَةٌ، وَهُوَ غَيْرُ العَرَز الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ. وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه رأَى فِي رَوْث فَرَسٍ شعِيراً فِي عَامِ مَجاعةٍ فَقَالَ: لَئِنْ عِشْتُ لأَجعلنّ لَهُ مِنْ غَرَزِ النَّقِيعِ مَا يُغْنيه عَنْ قُوتِ الْمُسْلِمِينَ
أَي يَكُفُّه عَنْ أَكل الشَّعِيرِ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ قُوتًا غَالِبًا لِلنَّاسِ يَعْنِي الْخَيْلَ والإِبل؛ عَنى بالغَرَزِ هَذَا النَّبْتَ؛ وَالنَّقِيعُ: مَوْضِعٌ حَمَاهُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِنَعَم الفَيْءِ وَالْخَيْلِ المُعَدَّةِ لِلسَّبِيلِ. وَرُوِيَ عَنْ
نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَمَى غَرَزَ النَّقِيع لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ
؛ النَّقِيعُ، بِالنُّونِ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ حِمًى لِنِعَمِ الْفَيْءِ وَالصَّدَقَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُعالِجُنَّ غَرَزَ النَّقِيع.
والتَّغارِيزُ: مَا حُوِّلَ مِنْ فَسِيل النَّخْلِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن أَهل التَّوْحِيدِ إِذا أُخرجوا مِنَ النَّارِ وَقَدِ(5/387)
امْتُحِشُوا يَنْبُتون كَمَا تَنْبُتُ التَّغارِيزُ
؛ قَالَ القُتَيْبيُّ: هُوَ مَا حُوِّلَ مِنْ فَسِيل النَّخْلِ وَغَيْرِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يحوَّل مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ فيُغْرَزُ، وَهُوَ التَّغْريزُ والتَّنْبِيتُ، وَمِثْلُهُ فِي التَّقْدِيرِ التَّناوِيرُ لنَوْرِ الشَّجَرِ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ والعين المهملة والراءين.
غزز: أَغَزّت البَقَرَةُ، وَهِيَ مُغِزٌّ إِذا عَسُرَ حَمْلُهَا؛ قَالَ الأَزهري: الصَّوَابُ أَغْزَتْ «1» ، فَهِيَ مُغْزٍ، مِنْ ذَوَاتِ الأَربعة أَي مِنْ أَربعة أَحرف، فَغَزَا إِذا قُلْتَ مِنْهُ أَغْزَتْ حَصَلَ مِنْهُ أَربعة أَحرف، وإِذا قلتَ مِنَ الْقَوْلِ قلتُ حَصَلَ ثَلَاثَةُ أَحرف فَهَذِهِ مِنْ ذَوَاتِ الثَّلَاثَةِ، وأَغْزَتْ وَمَا أَشبهه مِنْ ذَوَاتِ الأَربعة. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا تأَخر حَمْلُهَا فاستأْخر نَتاجُها: قَدْ أَغْزَتْ، فَهِيَ مُغْزٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
والحَرْبُ عَسْراءُ اللِّقاحِ مُغْزِي
أَراد بُطْءَ إِقلاع الْحَرْبِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بِلَحْيَيْهِ صَكُّ المُغْزِياتِ الرَّواكِدِ
شَمِر: أَغَزَّت الشَّجَرَةُ إِغْزازاً، فَهِيَ مُغِزٌّ إِذا كَثُرَ شَوْكُهَا والتفَّت. أَبو عَمْرٍو: الغَزَزُ الخُصوصية؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: قَدْ غَزَّ فلانٌ بِفُلَانٍ واغْتَزَّ بِهِ واغْتَزَى بِهِ إِذا اخْتَصَّه مِنْ بَيْنِ أَصحابه: وأَنشد ابْنُ نَجْدَةَ عَنْ أَبي زَيْدٍ:
فَمَنْ يَعْصِبْ بِلِيّته اغْتِزازاً ... فإِنك قَدْ مَلأْتَ يَداً وشَاما
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَن شَرْطٌ هَاهُنَا؛ وَيَعْصِبُ: يَلْزَمُ. بِلِيَّتِهِ: بِقَرَابَاتِهِ. اغْتِزَازًا أَي اخْتَصَاصًا. وَالْيَدُ هَاهُنَا: يُرِيدُ الْيَمَنَ؛ قَالَ: مَعْنَاهُ مَنْ يَلْزَمُ بِبِرِّه أَهلَ بَيْتِهِ فإِنك قَدْ ملأْت بِمَعْرُوفِكَ مِنَ الْيَمَنِ إِلى الشَّامِ. والغُزْغُزُ: الشِّدْقُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَالرَّاءُ لُغَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الغُزَّانِ الشِّدْقانِ، واحدُهما غُزٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن المَلَكَيْنِ يَجْلِسَانِ عَلَى ناجِذَيِ الرجلِ يَكْتُبَانِ خَيْرَهُ وَشَرَّهُ ويَسْتَمِدَّانِ مِنْ غُزَّيْهِ
؛ الغُزَّانِ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: الشِّدْقانِ، الْوَاحِدُ غُزٌّ. وَفِي حَدِيثِ الأَحنف «2» : شَرْبَةً مِنْ مَاءِ الغُزَيزِ، بِضَمِّ الْغَيْنِ وَفَتْحِ الزَّايِ الأُولى، مَاءٌ قُرْبَ الْيَمَامَةِ. وغَزَّةُ: مَوْضِعٌ بمَشَارِف الشَّامِ بِهَا قَبْرُ هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاءَ فِي الشِّعْرِ غَزَّات وغَزَّاة كأَذْرِعاتٍ وأَذرعاة وَعَانَاتٍ وَعَانَاةِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مَيْتٌ بِرَدْمانَ، ومَيْتٌ بِسَلْمانَ ... ومَيْتٌ عِنْدَ غَزَّاتِ
قَالَ الأَزهري: ورأَيت بالسَّوْدَةِ فِي دِيَارِ سَعْدِ بنِ زَيْد مَناةَ رَمْلَةً يُقَالُ لَهَا غَزَّةُ وَفِيهَا أَحْساءٌ جَمَّة. والغُزُّ: جِنْسٌ مِنَ التُّرْكِ.
غمز: الغَمْزُ: الإِشارة بِالْعَيْنِ وَالْحَاجِبِ والجَفْنِ، غَمَزَه يَغْمِزُه غَمْزاً. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ
؛ وَمِنْهُ الغَمْزُ بِالنَّاسِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ فُسِّرَ الْغَمْزُ فِي بَعْضِ الأَحاديث بالإِشارة كالرَّمْزِ بِالْعَيْنِ وَالْحَاجِبِ وَالْيَدِ. وَجَارِيَةٌ غَمَّازَةٌ: حَسَنَةُ الغَمْزِ للأَعضاء. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه دَخَلَ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ غُلَيِّم يَغْمِزُ ظهرَه.
وَفِي
__________
(1) . قوله [الصواب أغزت إلخ] أي فيكون من المعتل، واقتصر الجوهري على ذكره في المعتل، وقد ذكره القاموس في المعتل والصحيح معاً
(2) . قوله [وفي حديث الأحنف إلخ] عبارة ياقوت: وقيل للأحنف بن قيس لما احتضر ما تتمنى؟ قال: شَرْبَةً مِنْ مَاءِ الْغُزَيْزِ، وهو ماء مرّ، وكان موته بالكوفة والفرات جاره(5/388)
حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: اللَّدُود مكانَ الغَمْزِ
؛ هُوَ أَن تَسْقُطَ اللَّهاةُ فَتُغْمَزَ بِالْيَدِ أَي تُكْبَسَ. والغَمْزُ فِي الدَّابَّةِ: الظَّلْعُ مِنْ قِبَلِ الرِّجْل، غَمَزَتْ تَغْمِزُ، وَقِيلَ: هُوَ ظَلْعٌ خَفِيٌّ. والغَمْزُ: العَصْرُ بِالْيَدِ؛ قَالَ زِيادٌ الأَعْجَمُ:
وكنتُ إِذا غَمَزْتُ قَناةَ قَوْمٍ ... كَسَرْتُ كُعُوبَها، أَو تَسْتقِيما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَكَذَا ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ هَذَا الْبَيْتَ بنصب تسقيم بأَو، وَجَمِيعُ الْبَصْرِيِّينَ؛ قَالَ: هُوَ فِي شِعْرِهِ تَسْتَقِيمُ بِالرَّفْعِ والأَبيات كُلُّهَا ثَلَاثَةٌ لَا غَيْرُ وَهِيَ:
أَلم تَرَ أَنَّني وَتَّرْتُ قَوْسِي ... لأَبْقَعَ مِنْ كِلابِ بَنِي تَمِيمِ
عَوَى، فَرَمَيْتُه بِسِهامِ مَوْتٍ ... تَرُدُّ عَوادِيَ الحَنِقِ اللَّئِيمِ
وَكُنْتُ إِذا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَوْمٍ ... كَسَرْتُ كُعُوبَهَا، أَو تَسْتَقِيمُ «1»
قَالَ: وَالْحُجَّةُ لسيبويه فِي هَذَا أَنه سَمِعَ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُنْشِدُ هَذَا الْبَيْتَ بِالنَّصْبِ فَكَانَ إِنشاده حُجَّةً، كَمَا عَمِلَ أَيضاً فِي الْبَيْتِ الْمَنْسُوبِ لعُقْبَةَ الأَسَدِي وَهُوَ:
مُعاوِيَ، إِنَّنا بَشَرٌ فأَسْجِحْ ... فَلَسْنا بالجِبالِ وَلَا الحَدِيدا
هَكَذَا سَمِعَ مَنْ يُنْشِدُهُ بِالنَّصْبِ وَلَمْ تُحْفَظِ الأَبيات الَّتِي قَبْلَهُ وَالَّتِي بَعْدَهُ؛ وَهَذِهِ الْقَصِيدَةُ مِنْ شِعْرِهِ مَخْفُوضَةُ الرَّوِيِّ؛ وَبَعْدَهُ:
أَكَلْتُمْ أَرْضَنا فَجَرَدْتُموها ... فَهَلْ مِنْ قائِمٍ أَو مِنْ حَصِيدِ؟
وَالْمَعْنَى فِي شِعْرِ زِيَادٍ الأَعجم أَنه هَجَا قَوْمًا زَعَمَ أَنه أَثارهم بِالْهِجَاءِ وأَهلكهم إِلا أَن يَتْرُكُوا سَبَّه وهِجاءه، وَكَانَ يُهاجِي المُغِيرةَ بْنُ حَبْناءَ التَّمِيمِيُّ، وَمَعْنَى غَمَزْتُ لَيَّنْتُ، وَهَذَا مَثَلٌ، وَالْمَعْنَى إِذا اشْتَدَّ عَلَيَّ جَانِبُ قَوْمٍ رُمْتُ تَلْيِينَهُ أَو يستقيم. وغَمَزْتُ الكَبْشَ والناقة أَغْمِزُها غَمْزاً إِذا وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى ظَهْرِهَا لِتَنْظُرَ أَبها طِرْقٌ أَم لَا؛ وَنَاقَةٌ غَمُوزٌ، وَالْجَمْعُ غُمُزٌ. والغَمُوزُ مِنَ النُّوق: مِثْلُ العَرُوك والشَّكُوكِ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. وَفِي حَدِيثِ الغُسْلِ:
قَالَ لَهَا: اغْمِزِي قُرونَكِ
أَي اكْبِسي ضَفَائِرَ شَعْرِكَ عِنْدَ الْغَسْلِ. والغَمْزُ: العَصْر وَالْكَبْسُ بِالْيَدِ. والغَمَزُ، بِالتَّحْرِيكِ: رُذالُ الْمَالِ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ، والضِّعافُ مِنَ الرِّجَالِ، يُقَالُ: رَجُلٌ غَمَزٌ مِنْ قَوْمٍ غَمَزٍ وأَغْمازٍ؛ والقَمَزُ مِثْلُ الغَمَز؛ وأَنشد الأَصمعي:
أَخَذْتُ بَكْراً نَقَزاً مِنَ النَّقَزْ ... ونابَ سَوْءٍ قَمَزاً مِنَ القَمَزْ
هَذَا وَهَذَا غَمَزٌ مِنَ الغَمَزْ
وَنَاقَةٌ غَمُوزٌ إِذا صَارَ فِي سَنامِها شَحْمٌ قَلِيلٌ يُغْمَزُ، وَقَدْ أَغْمَزَتِ النَّاقَةُ إِغْمازاً. وأَغْمَزَ فِي الرَّجُلِ إِغْمازاً: اسْتَضْعَفَهُ وَعَابَهُ وصَغَّرَ شأْنه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمَنْ يُطِعِ النّساءَ يُلاقِ مِنْهَا إِذا أَغْمَزْنَ فِيهِ، الأَقْوَرِينا
الأَقْوَرينا الدَّوَاهِي يَقُولُ: مَنْ يُطِعِ النِّسَاءَ إِذا عِبْنه وزَهِدْنَ فِيهِ يلاقِ الدَّوَاهِيَ الَّتِي لَا طَاقَةَ لَهُ بِهَا. والغَمِيزُ والغَمِيزَةُ: ضَعْفٌ فِي العملِ وفَهَّةٌ فِي العَقْل، وَفِي التَّهْذِيبِ: وجَهْلَة فِي العقل. ورجل
__________
(1) . في هذا البيت إقواء.(5/389)
غَمَزٌ أَي ضَعِيفٌ. وسَمِعَ مِنِّي كَلِمَةً فاغْتَمَزَها فِي عَقْلِهِ أَي اسْتَضْعَفَهَا. والغَمِيزة: العَيْب. وَلَيْسَ فِي فُلَانٍ غَمِيزة وَلَا غَمِيزٌ وَلَا مَغْمَزٌ أَي مَا فِيهِ مَا يُغْمَزُ فَيُعاب بِهِ وَلَا مَطْعَنٌ؛ قَالَ حَسَّانُ:
وَمَا وَجَدَ الأَعْداءُ فِيَّ غَمِيزَةً ... وَلَا طافَ لِي مِنْهُمْ بِوَحْشِيَ صائِدُ
والمَغامِزُ: الْمَعَايِبُ. وفعلتُ شَيْئًا فاغْتَمَزَه فلانٌ أَي طَعَنَ عَلَيَّ وَوَجَدَ بِذَلِكَ مَغْمَزاً، أَبو عَمْرٍو: غَمَزَ عَيْبُ فُلَانٍ وغَمَزَ داؤُه إِذا ظَهَرَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وبَلْدَة، لَلدَّاءُ فِيهَا غامِزُ ... مَيْتٌ بِهَا العِرْقُ الصحيحُ الرَّاقِزُ
الرَّاقِزُ: الضاربُ. والمَغْمُوزُ: المُتَّهَمُ. والمَغْمَزُ: المَطْمَعُ؛ قَالَ:
أَكَلْتَ القِطاطَ فأَفْنَيْتَها ... فَهَلْ فِي الخَنانِيصِ مِنْ مَغْمَزِ؟
وَيُقَالُ: مَا فِي هَذَا الأَمر مَغْمَزٌ أَي مَطْمَعٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَغْمَزَني الحَرُّ أَي فَتَر فاجْتَرَأْتُ عَلَيْهِ وَرَكِبْتُ الطَّرِيقَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: غَمَزَني الحَرُّ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو، وَقَدْ غَمَزْتُ الشيءَ غَمْزاً. وغُمازٌ وغُمازَةُ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: هِيَ بِئْرٌ أَو عَيْنٌ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَعَيْنُ غُمازَةَ مَعْرُوفَةٌ ذَكَرَهَا ذُو الرُّمَّةِ فَقَالَ:
تَوَخَّى بِهَا العَيْنَيْنِ، عَيْنَيْ غُمازَةَ ... أَقَبُّ رَباعٌ أَو قُوَيْرِحُ عامِ
قَالَ: وبالسَّوْدَةِ عَيْنٌ أُخرى يُقَالُ لَهَا عُيَيْنَةُ غُمازَةَ، نُسِبَتْ إِلى غُمازَة مِنْ وَلَدِ جَرِير، قَالَ: وغُمازَةُ عَيْنٌ أُخرى بِالزَّايِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الْوَحْشَ وَانْتِقَاضَ جَرْوِها:
صَوافِنُ لَا يَعْدِلْنَ بالوِرْدِ غَيْرَهُ ... وَلَكِنَّهَا فِي مَوْردَيْنِ عِدالُها
أَعَيْنُ بَني بَوٍّ غُمازَةُ مَوْرِدٌ ... لَهَا، حِينَ تجْتابُ الدُّجَى، أَم أُثالُها؟
قَالَ شَمِرٌ: عَادَلْتُ بَيْنَ كَذَا وَكَذَا أَيُّهما أَتى.
غوز: قَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ غَزا: الغَزْو الْقَصْدُ، وَكَذَلِكَ الغَوْزُ، وَقَدْ غَزاه وغازَهُ غَزْواً وغَوْزاً إِذا قَصَدَهُ. والأَغْوَزُ: البارُّ بأَهله.
فصل الفاء
فجز: الفَجْزُ: لُغَةٌ فِي الفَجْس، وهو التَّكَبُّر.
فحز: يُقَالُ رَجُلٌ مُتَفَحِّز أَي مُتَعَظِّمٌ مُتَفَحِّشٌ؛ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ.
فخز: الفَخْزُ والتَّفَخُّزُ: التَّعَظُّمُ، فَخَزَ فَخْزاً وتَفخَّزَ: فَخَرَ، وَقِيلَ: تَكَبَّرَ وَتَعَظَّمَ. الأَصمعي: يقال من الكِبْر والفَخْرِ فَخَزَ الرجلُ وجَمَخَ وجَفَخَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَرَجُلٌ مُتَفَخِّز أَي مُتَعَظِّمٌ مُتَفَحِّشٌ؛ وَيُقَالُ: هو يَتَفَخَّزُ عَلَيْنَا. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فَخَزَ الرجلُ إِذا جَاءَ بِفَخْزِه وفَخْزِ غَيْرِهِ وكَذَبَ فِي مُفاخَرَتِه، وَالِاسْمُ الفَخْزُ، بِالزَّايِ. أَبو عُبَيْدٍ: فَرَسٌ فَيخَزٌ، بِالْخَاءِ وَالزَّايِ، إِذا كان ضَخْمَ الجُرْدانِ.
فرز: فَرَزَ العَرَقَ فَرْزاً، والفِرْزُ: القِطعةُ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَفْرازٌ وفُرُوزٌ. والفِرْزَةُ: كالفِرْزِ. وأُفْرِزَ لَهُ نَصِيبُهُ: عُزِلَ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
مِنْ أَخَذَ شَفْعاً فَهُوَ لَهُ، وَمَنْ أَخذ فِرْزاً فَهُوَ لَهُ
؛(5/390)
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ قَوْلَانِ: قَالَ اللَّيْثُ: الفِرْزُ الفَرْدُ، وَقَالَ الأَزهري: لَا أَعرف الفِرْزَ الفَرْد. والفِرْزُ فِي الْحَدِيثِ: النصيبُ المفرُوزُ. وَقَدْ فَرَزْتُ الشَّيْءَ وأَفْرَزْتُه إِذا قَسَّمْتَهُ. والفِرزُ: النَّصِيبُ المَفْرُوزُ لِصَاحِبِهِ، وَاحِدًا كَانَ أَو اثْنَيْنِ: وفَرَزَهُ يَفْرِزُه فَرْزاً وأَفْرَزَه: مازَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الفَرْزُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ فَرَزْتُ الشَّيْءَ أَفْرِزُه إِذا عَزَلْتَهُ عَنْ غَيْرِهِ ومِزْتَه، والقِطعَةُ مِنْهُ فِرْزَةٌ، بِالْكَسْرِ. وفارَزَ فلانٌ شَرِيكَهُ أَي فَاصَلَهُ وَقَاطَعَهُ. قَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: الفَرْزُ قَرِيبٌ مِنَ الفَزْرِ، تَقُولُ: فَرَزْتُ الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ أَي فَصَلْتُهُ. وَتَكَلَّمَ فُلَانٌ بكلامٍ فارِزٍ أَي فَصَلَ بِهِ بَيْنَ أَمرين. قَالَ: وَلِسَانٌ فارِزٌ بَيِّنٌ؛ وأَنشد:
إِني إِذا مَا نَشَزَ المُناشِزُ ... فَرَّجَ عَنْ عِرْضِي لِسانٌ فارِزُ
الْقُشَيْرِيُّ: يُقَالُ للفُرْصَةِ فُرْزَةٌ وَهِيَ النَّوْبَة. وأَفْرَزَه الصيدُ أَي أَمكنه فَرَمَاهُ مِنْ قُرْبٍ. والفَرْزُ: الفَرْجُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ مُطْمَئِنٌّ بَيْنَ رَبْوَتَيْنِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ نَاقَةً:
كَمْ جاوَزَتْ مِنْ حَدَبٍ وفَرْزِ
والفَرْزُ: مَا اطمأَنَّ مِنَ الأَرض. والفَرْزَةُ: شَقٌّ يَكُونُ فِي الغَلْظِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فأَطْلَعَتْ فَرْزَة الآجامِ جافِلَةً ... لَمْ تَدْرِ أَنَّى أَتاها أَوّل آهِرِ «2»
والإِفْرِيزُ: الطَّنْفُ، وَمِنْهُ ثَوْبٌ مَفْرُوزٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الإِفْرِيزُ إِفْرِيزُ الْحَائِطِ؛ مُعَرَّبٌ لَا أَصل لَهُ فِي الْعَرَبِيَّةِ؛ قَالَ: وأَما الطَّنْفُ فَهُوَ عَرَبِيٌّ مَحْضٌ. التَّهْذِيبُ: الفارِزَةُ طَرِيقَةٌ تأْخذ فِي رَمْلَةٍ فِي دَكادِكَ لَيِّنَةٍ كأَنها صَدْعٌ مِنَ الأَرض منقاد طويلٌ خِلْقَةً. وفَرْوَزَ الرجلُ: مَاتَ. والفِرْزانُ: مَعْرُوفٌ. وفَيْرُوزٌ: اسْمٌ فَارِسِيٌّ.
فزز: الفَزُّ: وَلَدُ الْبَقَرَةِ، والجمع أَفْرازٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
كَمَا اسْتَغاثَ بسَيْءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ ... خافَ العُيونَ، وَلَمْ يُنْظَرْ بِهِ الحَشَكُ
وفَزَّه فَزّاً وأَفَزّه: أَفزعه وأَزعجه وطَيَّر فؤادَه، وَكَذَلِكَ أَفْزَزْتُه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
والدهرُ لَا يَبْقَى عَلَى حِدْثانِه ... شَبَبٌ أَفَزَّتْه الكِلابُ مُرَوَّعُ
واسْتَفَزَّه مِنَ الشَّيْءِ: أَخرجه. واسْتَفَزَّه: خَتَلَه حَتَّى أَلقاه فِي مَهْلكة. واسْتَفَزَّه الخوفُ أَي اسْتَخَفَّهُ. وَفِي حَدِيثِ
صفيَّة: لَا يُغْضِبُه شَيْءٌ وَلَا يَسْتَفِزُّه
أَي لَا يَسْتَخِفُّهُ. وَرَجُلٌ فَزٌّ أَي خَفِيفٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَي اسْتَخِفَّ بِصَوْتِكَ وَدُعَائِكَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ
أَي ليستَخِفُّونَك. وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ لَيَسْتَفِزُّونَكَ
: أَي لَيَقْتُلُونَكَ، رَوَاهُ لأَهل التَّفْسِيرِ؛ وَقَالَ أَهل اللُّغَةِ: كَادُوا ليَسْتَخِفُّونَك إِفزاعاً يَحْمِلُكَ عَلَى خِفَّةِ الهَرَب. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَفْزَزْتُ القومَ وأَفزعتهم سَوَاءٌ. وفَزّ الجُرْحُ والماءُ يفِزُّ فَزًّا وفَزِيزاً وفَصَّ يَفِصُّ فَصِيصاً: نَدِيَ وَسَالَ بما فيه.
__________
(2) . قوله [فأطلعت البيت] كذا بالأصل.(5/391)
والفُزَفِزُ: الثَّدْيُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ الأَعرابي: فَزْفَزَ إِذا طَرَدَ إِنساناً وَغَيْرَهُ. وَفِي النَّوَادِرِ: افْتَزَزْتُ وابْتَزَزْتُ وابْتَذَذْتُ وَقَدْ تباذَذْنا وتَبازَزْنا وَقَدْ بَذَذْتُه وبَزَزْتُه وفَزَزْتُه إِذا غَرَرْتَهُ وغَلَبْتَه. وذَكر الجوهريُّ: وقَعَدَ مُسْتَوْفِزاً أَي غَيْرَ مطمئن.
فطز: فَطَزَ الرجلُ فَطْزاً: مات كَفَطَس.
فلز: الفِلَزُّ والفِلِزُّ والفُلُزُّ: النُّحاس الأَبيض تُجْعَلُ مِنْهُ القُدور العِظامُ المُفْرَغَةُ والهَاوُناتُ. والفِلَزُّ والفِلِزُّ: الْحِجَارَةُ، وَقِيلَ: هُوَ جَمِيعُ جَوَاهِرِ الأَرض مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وأَشباهها وَمَا يُرْمَى مِنْ خَبَثِها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: مِنْ فِلِزِّ اللُّجَيْنِ والعِقْيانِ
، وأَصله الصَّلَابَةُ وَالشِّدَّةُ وَالْغِلَظُ، وَرَوَاهُ ثَعْلَبٌ: الفُلُزُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِالْقَافِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والفِلِزُّ أَيضاً، بِالْكَسْرِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ: خَبَثُ مَا أُذيب مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَمَا يَنْفِيه الكِيرُ مِمَّا يُذَابُ مِنْ جَوَاهِرِ الأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ فِلِزٍّ أُذيب، هُوَ مِنْ ذَلِكَ.
وَرَجُلٌ فِلِزٌّ: غَلِيظُ شَدِيدٍ.
فوز: الفَوْزُ: النَّجاءُ والظَّفَرُ بالأُمْنِيَّة والخيرِ، فازَ بِهِ فَوْزاً ومَفازاً ومَفازَةً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً حَدائِقَ وَأَعْناباً
؛ إِنما أَراد مُوجِبات مَفاوِز وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ المَفازُ هُنَا اسْمَ الْمَوْضِعِ لأَن الْحَدَائِقَ والأَعناب لَسْنَ مَوَاضِعَ. اللَّيْثُ: الفَوْزُ الظَّفَرُ بِالْخَيْرِ والنَّجاةُ مِنَ الشَّرِّ. يُقَالُ: فازَ بِالْخَيْرِ وفازَ مِنَ الْعَذَابِ وأَفازَهُ اللَّهُ بِكَذَا ففازَ بِهِ أَي ذَهَبَ بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ بِبَعِيدٍ مِنَ الْعَذَابِ، وَقَالَ أَبو إِسحاق: بمنْجاةٍ مِنَ الْعَذَابِ، قَالَ: وأَصل المَفازَةِ مَهْلَكَةٌ فَتَفَاءَلُوا بِالسَّلَامَةِ والفَوْزِ. وَيُقَالُ: فازَ إِذا لَقِيَ مَا يُغْتَبَطُ، وتأْويله التَّبَاعُدُ مِنَ الْمَكْرُوهِ. والمَفازَةُ أَيضاً: واحدةُ المفاوِزِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها مَهْلَكة مَنْ فَوَّزَ أَي هَلَكَ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ تَفَاؤُلَا مِنَ الفَوْزِ النَّجاةِ. وفازَ القِدْحُ فَوْزاً أَصابَ، وَقِيلَ: خَرَجَ قَبْلَ صَاحِبِهِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وابْن سَبِيلٍ قَرَيْتُه أُصُلًا ... مِنْ فَوْزِ قِدْحٍ مَنْسُوبَةٍ تُلُدُهْ
وإِذا تَسَاهَمَ الْقَوْمُ عَلَى المَيْسِرِ فَكُلَّمَا خَرَجَ قِدْح رَجُلٍ قِيلَ: قَدْ فازَ فَوْزاً. والفَوْزُ أَيضاً: الْهَلَاكُ. فازَ يَفُوزُ وفَوَّزَ أَي مَاتَ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
فَمَنْ للقَوافي شَانَها مَنْ يَحُوكُها ... إِذا مَا تَوى كَعْبٌ، وفَوَّزَ جَرْوَلُ؟
يقولُ، فَلَا يَعْيا بشيءٍ يَقُولُه ... وَمِنْ قائلِيها مَنْ يُسِيءُ ويَعْمَلُ
قَوْلُهُ شَانَهَا أَي جَاءَ بِهَا شَائِنَةً أَي مَعِيبَةً. وَتَوَى: مَاتَ وَكَذَا فَوَّزَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ قِيلَ إِنه لَا يُقَالُ فَوَّزَ فُلَانٌ حَتَّى يَتَقَدَّمَ الكلامَ كَلامٌ فَيُقَالُ: مَاتَ فلانٌ وفَوَّزَ فُلَانٌ بَعْدَهُ، يُشَبَّهُ بالمُصَلِّي مِنَ الْخَيْلِ بَعْدَ المُجَلِّي. وجَرْوَلٌ: يَعْنِي بِهِ الحُطَيْئَةَ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمَا ضَرَّها أَنَّ كَعْباً تَوَى ... وفَوَّزَ مِنْ بعدِه جَرْوَلُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: فوَّز الرَّجُلُ إِذا مَاتَ؛(5/392)
وأَنشد: «1»
فَوَّزَ مِنْ قُراقِر إِلى سُوَى ... خَمْساً، إِذا مَا رَكِبَ الجِبسُ بَكَى
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا مَاتَ: قَدْ فَوَّزَ أَي صَارَ فِي مَفازَةٍ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنَ الْبَرْزَخِ الْمَمْدُودِ؛ وَفِي حَدِيثِ
سَطِيح:
أَمْ فازَ فازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ العَنَنْ
أَي مَاتَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالدَّالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَيُقَالُ: فَوَّزَ الرَّجُلُ بإِبله إِذا رَكِبَ بِهَا المَفَازَةَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
فَوَّزَ مِنْ قُراقِر إِلى سُوَى
وَهُمَا مَاءَانِ لِكَلْبٍ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: واسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا ومَفازاً
؛ المَفازُ والمَفازَةُ: البَرِّيَّةُ القَفْرُ، وَتَجْمَعُ المَفاوِزَ. وَيُقَالُ: فاوَزْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ وفارَضْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والمَفازَة: المَهْلَكة عَلَى التَّطَيُّر، وكلُّ قَعْرٍ مَفازَةٌ؛ وَقِيلَ: المَفازَةُ والفَلاة إِذا كَانَ بَيْنَ الْمَاءَيْنِ رِبْعٌ مِنْ وِرْدِ الإِبل وغِبٌّ مِنْ سَائِرِ الْمَاشِيَةَ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الأَرضين مَا بَيْنَ الرِّبْع مِنْ وِرْدِ الإِبلِ من الغِبِّ مِنْ وِردِ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْمَاشِيَةِ، وَهِيَ الفَيفاةُ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَبو زَيْدٍ الفَيْفَ. ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَتِ الصَّحْرَاءُ مفازَة لأَن مَنْ خَرَجَ مِنْهَا وَقَطَعَهَا فَازَ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الْمَفَازَةُ الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا وإِذا كَانَتْ لَيْلَتَيْنِ لَا مَاءَ فِيهَا فَهِيَ مَفازة وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَذَلِكَ، وأَما اللَّيْلَةُ وَالْيَوْمُ فَلَا يَعُدُّ مَفازة. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَتِ الْمَفَازَةُ مِنْ فَوَّزَ الرَّجُلِ إِذا مَاتَ. وَيُقَالُ: فَوَّزَ إِذا مَضَى. وفَوَّزَ تَفْوِيزاً: صَارَ إِلى المَفازة، وَقِيلَ: رَكِبَهَا وَمَضَى فِيهَا، وَقِيلَ: فَوَّزَ خَرَجَ مِنْ أَرض إِلى أَرض كهاجَرَ. وتَفَوَّزَ: كَفَوَّزَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
ضَلال خَوِيّ إِذ تَفَوَّزَ عَنْ حِمًى ... ليَشْرَبَ غِبًّا بالنِّباجِ ونَبْتَلا «2»
وفازَ الرجلُ وفَوَّزَ: هَلَكَ؛ وَقِيلَ: إِن المَفازة مُشْتَقَّةٌ مِنْ هَذَا، والأَول أَشهر وإِن كَانَ الْآخَرُ أَقيس. والفَازَةُ: بِنَاءٌ مِنْ خِرَقٍ وَغَيْرِهَا تُبْنَى فِي الْعَسَاكِرِ، وَالْجَمْعُ فازٌ، وأَلفها مَجْهُولَةُ الِانْقِلَابِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَكِنْ أَحملها عَلَى الْوَاوِ لأَن بَدَلَهَا مِنَ الْوَاوِ أَكثر مِنَ الْيَاءِ، وَكَذَلِكَ إِذا حَقَّرَ سِيبَوَيْهِ شَيْئًا مِنْ هَذَا النَّحْوِ أَو كَسَّرَه حَمْلَهُ عَلَى الْوَاوِ أَخذاً بالأَغلب. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والفازَةُ مِظَلَّةٌ تَمُدُّ بِعَمُودٍ، عَرَبيٌّ فيما أُرى.
فصل القاف
قبز: التَّهْذِيبِ: أَهمله اللَّيْثُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: القِبْزُ القصير البخيل.
قحز: القَحْزُ: الوَثْبُ والقَلَقُ. قَحَزَ يَقْحَزُ قَحْزاً: قَلِقَ ووَثَب وَاضْطَرَبَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
__________
(1) . قوله [فوّز إلخ] الذي في ياقوت:
لِلَّهِ دَرُّ رَافِعٍ أَنَّى اهْتَدَى ... فَوَّزَ مِنْ قُرَاقِرٍ إِلَى سُوَى
خِمْسًا إِذَا مَا سارها الجبس بكى ... ما سارها من قبله إنس يرى
ورواها في قراقر على غير هذا الترتيب فقدّم وأخر وجعل بدل الجبس الجيش. ولعله روى بهما إذ المعنى على كل صحيح، ثم إن المؤلف استشهد بالبيت على أن فوّز بمعنى هلك وعبارة ياقوت: قراقر واد نزله خالد بن الوليد عند قصده الشام وفيه قيل لله در إلخ انتهى. ففوّز فيه بمعنى مضى فالأنسب ما ذكره المؤلف بعد وهو الذي اقتصر عليه الجوهري.
(2) . قوله [بالنباج ونبتلا] هما اسما موضعين كما في ياقوت.(5/393)
إِذا تَنَزَّى قاحِزاتِ القَحْزِ
يَعْنِي شَدَائِدَ الأُمور. وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَائِلٍ: أَن الْحَجَّاجَ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَحْسِبُنا قَدْ رَوَّعْناك، فَقَالَ أَبو وَائِلٍ: أَما إِني بِتُّ أُقَحَّزُ البارِحَةَ
أَي أُنَزَّى وأَقْلَقُ مِنَ الْخَوْفِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ وَقَدْ بَلَغَهُ عَنِ الْحَجَّاجِ شَيْءٌ فَقَالَ: مَا زِلْتُ اللَّيْلَةَ أَقْحَزُ كأَني عَلَى الْجَمْرِ
، وَهُوَ رَجُلٌ قاحِزٌ. وقَحَزَ الرجلُ، فَهُوَ قاحِزٌ إِذا سَقَط شِبْهَ الميتِ. وقَحَزَ الرجلُ عَنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ يَقْحَزُ قُحوزاً: سَقَط. وقَحَزَ السهمُ يَقْحَزُ قَحْزاً: وَقَعَ بَيْنَ يَدَيِ الرَّامِي. والقاحِزُ: السَّهْمُ الطَّامِحُ عَنْ كَبِدِ الْقَوْسِ ذَاهِبًا فِي السَّمَاءِ. يُقَالُ: لَشَدَّ مَا قَحَزَ سهمُك أَي شَخَصَ. وقَحَزَ الكلبُ بِبَوْلِهِ يَقْحَزُ قَحْزاً: كقَزَحَ. وقَحَزَ الرجلَ يَقْحَزُه قَحْزاً وقُحوزاً وقَحَزاناً: أَهلكه. والتَّقْحِيزُ: الوعيدُ والشَّرُّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والقُحازُ: دَاءٌ يُصِيبُ الْغَنَمَ. وَتَقُولُ: ضَرَبْتُهُ فَقَحَزَ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ يَصِفُ الطَّعْنَةَ:
مُسْتَنَّة سَنَنَ الغُلُوّ مُرِشَّة ... تَنْفي التُّرابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ
يَعْنِي خُرُوجُ الدَّمِ باسْتِنانٍ. والمُعْرَوْرِفُ: الَّذِي لَهُ عُرْفٌ مِنِ ارْتِفَاعِهِ. وقَحَّزَه غيرُه تَقْحِيزاً أَي نَزَّاه.
قرز: القَرْزُ: قَبْضُك الترابَ وَغَيْرَهُ بأَطراف أَصابعك نَحْوَ القَبْضِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنَّ القَرْزَ مبدلٌ مِنَ القَرْصِ.
قربز: القُرْبُزُ والقُرْبُزِيُّ: الذَّكَرُ الصُّلب الشَّدِيدُ. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ جُرْبُزٌ، بِالضَّمِّ، بَيِّنُ الجَرْبَزَةِ، بِالْفَتْحِ، أَي خَبٌّ، وَهُوَ القُرْبُزُ أَيضاً، وَهُمَا مُعَرَّبَانِ.
قرمز: القِرْمِزُ: صِبْغٌ أَرْمَنِيٌّ أَحمر يُقَالُ إِنه مِنْ عُصارة دُودٍ يَكُونُ فِي آجَامِهِمْ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ وأَنشد شَمِرٌ لِبَعْضِ الأَعراب:
جَاءَ مِنَ الدَّهْنا وَمِنْ آرَابِهِ ... لَا يأْكلُ القِرْمازَ فِي صِنابِه
وَلَا شِواءَ الرُّغْفِ مَعَ جُوذابِه ... إِلا بَقَايَا فَضْلِ مَا يُؤْتى بِهِ
مِنَ اليَرابِيعِ وَمِنْ ضِبابِه
أَراد بِالْقِرْمَازِ الْخُبْزَ الْمُحَوَّرَ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَوَرَدَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ؛ قال: كالقِرْمِزِ هو صِبْعٌ أَحمر، وَيُقَالُ إِنه حَيَوَانٌ تُصْبَغُ بِهِ الثِّيَابُ فَلَا يَكَادُ يَنْصُلُ لونُه، وَهُوَ معرّب.
قزز: القَزازَةُ: الحَياءُ، قَزَّ يَقُزُّ. وَرَجُلٌ قَزٌّ: حَييٌّ، وَالْجَمْعُ أَقِزَّاءُ نَادِرٌ. وقَزَّتْ نَفْسِي عَنِ الشَّيْءِ قَزًّا وقَزَّتْهُ، بِحَرْفٍ وَغَيْرِ حَرْفٍ: أَبَتْه وعافَتْه، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى عافَتْه. وتَقَزَّز الرجلُ مِنَ الشَّيْءِ: لَمْ يَطْعَمْه وَلَمْ يَشْرَبْهُ بإِرادة، وَقَدْ تَقَزَّزَ مِنْ أَكْلِ الضَّبِّ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ رَجُلٌ قَزٌّ وقِزٌّ وقُزٌّ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ: مُتَقَزِّزٌ وقِنْزَهْوٌ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَيُثَنَّى وَيُجْمَعُ وَيُؤَنَّثُ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرِ الْجَمْعَ، والأُنثى قَزَّةٌ وقُزَّة وقِزَّة. وَمَا فِي طَعَامِهِ قَزٌّ وَلَا قُزٌّ وَلَا قَزازَةٌ أَي مَا يُتَقَزَّزُ لَهُ. والتَّقَزُّز: التَّنَطُّس وَالتَّبَاعُدُ مِنَ الدَّنَس. والقَزَزُ: الرَّجُلُ الظَّرِيفُ المُتَوَقِّي لِلْعُيُوبِ. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ قُزَّازٌ مُتَقَزِّزٌ مِنَ الْمَعَاصِي وَالْمَعَايِبِ(5/394)
لَيْسَ مِنَ الكِبْر والتِّيه. وَيُقَالُ: رَجُلٌ قَزٌّ وقُزٌّ وقِزٌّ وقَزَزٌ، وَهُوَ المُتَقَزِّزُ مِنَ الْمَعَاصِي وَالْمَعَايِبِ. اللَّيْثُ: قَزَّ الإِنسانُ يَقُزُّ قَزًّا إِذا قَعَدَ كالمُسْتَوْفِز ثُمَّ انْقَبَضَ ووَثَبَ، والقَزَّة: الوَثْبَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن إِبليس، لَعَنَهُ اللَّهُ، ليَقُزُّ القَزَّةَ مِنَ الْمَشْرِقِ فَيَبْلُغُ المغربَ
أَي يَثِبُ الوَثْبَةَ. والقَزُّ: مِنَ الثِّيَابِ والإِبْرَيْسَمِ، أَعجمي مُعَرَّبٌ، وَجَمْعُهُ قُزُوزٌ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ الَّذِي يُسَوَّى مِنْهُ الإِبريسم. والقازُوزَةُ: مَشْرَبَةٌ وَهِيَ قَدَح دُونَ القَرْقارَة، أَعجمية مُعَرَّبَةٌ؛ الْفَرَّاءُ: القوازِيزُ الْجَمَاجِمُ الصِّغَارُ الَّتِي هِيَ مِنْ قَوَارِيرَ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هَذَا الْحَرْفُ فَارِسِيٌّ وَالْحَرْفُ الْعَجَمِيُّ يُعَرَّبُ عَلَى وُجُوهٍ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: القاقُزَّةُ مَشْرَبَة دُونَ القَرْقارَةِ مُعَرَّبَةٌ، قَالَ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، مما يفصل، أَلف بَيْنِ حَرْفَيْنِ مِثْلَيْنِ مِمَّا يَرْجِعُ إِلى بناءِ قَفَزَ وَنَحْوِهِ، وأَما بابِلُ فَهُوَ اسْمُ بَلْدَةٍ، وَهُوَ اسْمٌ خَاصٌّ لَا يَجْرِي مَجْرَى اسْمِ الْعَوَامِّ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ قازُوزَة للقاقُزَّة، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَقُلْ قاقُزَّة، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ مَا خَالَفَتِ العامةُ فِيهِ لغاتِ الْعَرَبِ: هِيَ قاقُوزَة وقازُوزَة لِلَّتِي تُسَمَّى قاقُزَّة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سَلَامٍ قَالَ: قَالَ مُوسَى لِجِبْرِيلَ، عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: هَلْ يَنَامُ رَبُّكَ؟ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ لَهُ فليأْخذ قازوزَتَيْنِ أَو قارُورَتَيْنِ وليَقُمْ عَلَى الْجَبَلِ مِنْ أَوّل اللَّيْلِ حَتَّى يُصْبِحَ
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَكَذَا رُوِيَ مَشْكُوكًا فِيهِ، والقازُوزَة: مَشْرَبة كالقارُورَة.
قشنز: القَشْنِيزَةُ: عُشْبَةٌ ذاتُ جِعْثِنَةٍ وَاسِعَةٍ تُورِق وَرَقًا كَوَرَقِ الهِنْدِباء الصِّغَارِ وَهِيَ خَضْرَاءُ كَثِيرَةُ اللَّبَنِ حُلْوَة يأْكلها الناسُ وَيُحِبُّهَا الْغَنَمُ جِدًّا؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ.
قعز: قَعَزَ مَا فِي الإِناء يَقْعَزُه قَعْزاً: شَرِبَهُ عَبًّا. وقَعَزَ الإِناءَ قَعْزاً: ملأَه.
قعفز: جَلَسَ القَعْفَزى: وَهِيَ جِلْسَةُ المُسْتوفِز، وَقَدِ اقْعَنْفَزَ.
قفز: قَفَزَ يَقْفِزُ قَفْزاً وقِفازاً وقُفُوزاً وقَفَزاناً: وَثَبَ. وَيُقَالُ: جَاءَتِ الخيلُ تَعْدُو القَفَزى مِنَ القَفْز. وَيُقَالُ لِلْخَيْلِ السِّراع الَّتِي تَثِبُ فِي عَدْوِهَا: قافِزَةٌ وقَوافِزُ، وأَنشد:
بِقافِزاتٍ تحتَ قافِزينا
والقَفِيزُ مِنَ الْمَكَايِيلِ: مَعْرُوفٌ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ مَكَاكِيكَ عِنْدَ أَهل الْعِرَاقِ، وَهُوَ مِنَ الأَرض قَدْرُ مِائَةٍ وأَربع وأَربعين ذِرَاعًا، وَقِيلَ: هُوَ مِكْيَالٌ تتواضَعُ الناسُ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ أَقْفِزَةٌ وقُفْزانٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: القَفِيزُ مِقْدَارٌ مِنْ مِسَاحَةِ الأَرض. الأَزهري: وَقَفِيزُ الطحَّان الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: هُوَ أَن يَقُولَ أَطحن بِكَذَا وَكَذَا وَزِيَادَةِ قَفِيزٍ مِنْ نَفْسِ الدَّقِيقِ، وَقِيلَ: إِن قَفِيزَ الطحَّان هُوَ أَن يستأْجر رَجُلًا لِيَطْحَنَ لَهُ حِنْطَةً مَعْلُومَةً بقَفِيزٍ مِنْ دَقِيقِهَا. والقُفَّازُ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: لِبَاسُ الْكَفِّ وَهُوَ شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ وَيَكُونُ لَهُ أَزرار تُزَرَّرُ عَلَى السَّاعِدَيْنِ مِنَ الْبَرْدِ تَلْبَسُهُ المرأَة فِي يَدَيْهَا، وَهُمَا قُفَّازان. والقُفَّازُ: ضَرْبٌ مِنَ الْحُلِيِّ تَتَّخِذُهُ المرأَة فِي يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا، وَمِنْ ذَلِكَ يُقَالُ: تَقَفَّزَتِ المرأَة بِالْحِنَّاءِ. وتَقَفَّزَتِ المرأَة: نَقَشَتْ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا بِالْحِنَّاءِ، وأَنشد:(5/395)
قُولا لذاتِ القُلْبِ والقُفَّازِ ... أَما لمَوْعُودِكِ مِنْ نَجازِ؟
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَنْتَقِب الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَس قُفَّازاً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا تَنْتَقِبْ وَلَا تَبَرْقَع وَلَا تَقَفَّز.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: أَنه كَرِهَ لِلْمُحْرِمَةِ لُبْسَ القُفَّازَيْنِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: أَنها رَخَّصَتْ لِلْمُحْرِمَةِ فِي القُفَازَيْنِ
، القُفَّاز: شَيْءٌ تَلْبَسُهُ نِسَاءُ الأَعراب فِي أَيديهن يُغَطِّي أَصابعها وَيَدَهَا مَعَ الْكَفِّ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ: القُفَّازانِ تُقَفِّزُهما المرأَةُ إِلَى كُعُوبِ الْمِرْفَقَيْنِ فَهُوَ سُتْرَةٌ لَهَا، وإِذا لَبِسَتْ بُرْقُعَها وقُفَّازَيْهَا وَخُفَّهَا فَقَدَ تَكَتَّنَت، قَالَ: والقُفَّازُ يُتَّخَذُ مِنَ الْقُطْنِ فَيُحْشَى بِطَانَةً وظِهَارَةً وَمِنَ الْجُلُودِ وَاللُّبُودِ. وَيُقَالُ للمرأَة: قَفَّازَةٌ لِقِلَّةِ اسْتِقْرَارِهَا. وَفَرَسٌ مُقَفَّزٌ: اسْتَدَارَ تَحْجِيلُهُ فِي قَوَائِمِهِ وَلَمْ يُجَاوِزِ الأَشاعِرَ نَحْوَ المُنَعَّلِ. والأَقْفَزُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي بَيَاضُ تَحْجِيلِهِ فِي يَدَيْهِ إِلَى مِرْفَقَيْهِ دُونَ الرِّجْلَيْنِ، وَكَذَلِكَ المُقَفَّزُ كأَنه لَبِسَ القُفَّازَيْنِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي شِيَاتِ الْخَيْلِ: إِذَا كَانَ الْبَيَاضُ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ مُقَفَّزٌ، فإِذا ارْتَفَعَ إِلَى رُكْبَتَيْهِ فَهُوَ مُجَبَّبٌ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ القُفَّازَيْنِ. وقَفَزَ الرجلُ: مَاتَ. والقُفَّيْزَى: مِنْ لَعِبِ صِبْيَانِ الأَعراب يَنْصِبُونَ خَشَبَةً ثُمَّ يَتَقافَزُونَ عليها.
ققز: القَاقُوزَةُ: كالقازُوزَة وَهِيَ أَعلى مِنْهَا، أَعجمية مُعَرَّبَةٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ مَا خَالَفَتْ فِيهِ الْعَامَّةُ لُغَاتِ الْعَرَبِ: هِيَ قاقُوزَةٌ وقازُوزَة لِلَّتِي تُسَمَّى قاقُزَّةً. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَما القاقُزَّة فمولَّدة؛ وأَنشد للأُقَيْشِر الأَسَدِيِّ وَاسْمُهُ المُغِيرَةُ بنُ الأَسود:
أَفْنى تِلادي وَمَا جَمَّعْتُ مِنْ نَشَبٍ ... قَرْعُ القَواقِيزِ أَفواه الأَبارِيقِ
كأَنَّهُنَّ، وأَيْدي الشَّرْبِ مُعْمَلَةٌ ... إِذا تَلأْلأْنَ فِي أَيدي الغَرانِيقِ
بناتُ ماءٍ تُرى، بِيضٌ جآجِئُها ... حُمْرٌ مناقِرُها، صُفْرُ الحَمالِيقِ
التِّلادُ: الْمَالُ الْقَدِيمُ الْمَوْرُوثُ. والنَّشَبُ: الضِّياع وَالْبَسَاتِينُ الَّتِي لَا يَقْدِرُ الإِنسان أَن يَرْحَلَ بِهَا. وَالْقَوَاقِيزُ: جَمْعُ قاقُوزَة، وَهِيَ أَوانٍ يُشْرَبُ بِهَا الْخَمْرُ. وَالْغَرَانِيقُ: شُبَّان الرِّجَالِ، وَاحِدُهُمْ غُرْنُوقٌ. قَالَ: وَيُقَالُ غِرْنَوْقٌ وغِرْناقٌ وغُرانِقٌ. وَبَنَاتُ مَاءٍ: طَيْرٌ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ طِوَالُ الأَعناق. والجُؤْجُؤُ: الصَّدْرُ، وَمَنْ رَفَعَ أَفواه الأَباريق جَعَلَهَا فَاعِلَةً بالقَرْع، وَتَكُونُ القوافيز فِي مَوْضِعِ مَفْعُولٍ تَقْدِيرُهُ أَن قَرَعَتِ القواقيزَ أَفواه، وَمَنْ نَصَبَ الأَفواه كَانَتِ الْقَوَاقِيزُ فَاعِلَةً فِي الْمَعْنَى، تَقْدِيرُهُ أَن قَرَعَتِ القواقيزُ أَفواه، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ لأَن الأَباريق تَقْرَعُ الْقَوَاقِيزَ وَالْقَوَاقِيزَ تَقْرَعُ الأَباريق، فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَارِعٌ مَقْرُوعٌ، والقاقُزَّة لُغَةٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الجَعْديُّ:
كأَنِّي إِنما نادَمْتُ كِسْرى ... فَلِي قاقُزَّة وَلَهُ اثنَتانِ
وَقِيلَ: لَا تَقُلْ قاقُزَّة، وَقَالَ يَعْقُوبُ: القاقُزَّة مولَّدة، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القاقُزَّة الطَّاسُ. اللَّيْثُ: القاقُزَّة مَشْرَبَةٌ دُونَ القَرْقارَة، وَهِيَ مُعَرَّبَةٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، مما يفصل، أَلف بَيْنِ(5/396)
حَرْفَيْنِ مِثْلَيْنِ مِمَّا يَرْجِعُ إِلى بناء قَقْز، وأَما بابِلُ فَهُوَ اسْمُ بَلْدَةٍ، وَهُوَ اسْمٌ خَاصٌّ لَا يَجْرِي مَجْرَى اسْمِ الْعَوَامِّ. والقاقُزَّانُ: ثَغْرٌ بقَزْوِينَ تَهُبُّ فِي نَاحِيَتِهِ رِيحٌ شَدِيدَةٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
بفَجِّ الريح فَجّ القاقُزان
قلز: القَلْزُ: ضَرْبٌ مِنَ الشُّرْبِ. قَلَزَ الرجلُ يَقْلِزُ ويَقْلُزُ قَلْزاً: شَرِبَ، وَقِيلَ: تَابَعَ الشُّرْبَ، وَقِيلَ: هُوَ إِدامة الشُّرْبِ، وَقِيلَ: هُوَ الشُّرْبُ دَفْعَةً وَاحِدَةً؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقِيلَ: هُوَ المَصُّ. وقَلَزَ بِسَهْمٍ: رَمَى. وقَلَزه يَقْلُزه ويَقْلِزُه: ضَرَبَهُ. وقَلَزَ يَقْلِز ويَقْلُز قَلْزاً: عَرجَ. والقَلْزُ: قَلْزُ الغُراب والعُصْفور فِي مِشْيَتِه. وقَلَزَ الطَّائِرُ يَقْلِزُ قَلْزاً: وَثَبَ وَذَلِكَ كَالْعُصْفُورِ وَالْغُرَابِ. وكلُّ مَا لَا يَمْشِي مَشْيًا، فَقَدْ قَلَزَ، وَهُوَ يَقْلِزُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشُّطَّار: قَلَزَ فِي الشَّرَابِ أَي قَذَفَ بِيَدِهِ النَّبِيذَ فِي فَمِهِ كَمَا يَقْلِزُ العصفورُ. وإِنه لَمِقْلَزٌ أَي وَثَّابٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَقْلِزُ فِيهَا مِقْلَزُ الحُجُولِ ... نَعْباً عَلَى شِقَّيْهِ كالمَشْكُولِ
يَخُطُّ لامَ أَلِفٍ مَوْصُولِ
يَصِفُ دَارًا خَلَتْ مِنْ أَهلها فَصَارَ فِيهَا الغِرْبانُ وَالظِّبَاءُ وَالْوَحْشُ؛ وَرُوِيَ نَغْباً. والتَّقَلُّز: النَّشَاطُ. وَرَجُلٌ قُلُزٌّ: شَدِيدٌ. وَجَارِيَةٌ قُلُزَّةٌ: شَدِيدَةٌ. والقُلُزُّ مِنَ النُّحَاسِ، بِالْقَافِ وَضَمِّ اللَّامِ: الَّذِي لَا يَعْمَلُ فِيهِ الْحَدِيدُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ كُرَاعٌ: القِلِزُّ والقُلُزُّ النُّحَاسُ الَّذِي لَا يَعْمَلُ فِيهِ الحديد.
قلمز: الأَزهري: عَجُوزٌ عِكْرِشَةٌ وعِجْرِمَةٌ وعَضَمَّزَة وقَلَمَّزَة: وَهِيَ اللَّئِيمَةُ القصيرة.
قمز: القَمَزُ: صِغار الْمَالِ ورَديئه ورُذالُهُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ كالقَزَمِ؛ وأَنشد:
أَخَذْتُ بَكْراً نَقَزاً مِنَ النَّقَزْ ... ونابَ سَوْءٍ قَمَزاً مِنَ القَمَزْ
قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ جَامِعًا الحَنْظَلِيَّ يَقُولُ رأَيت الكلأَ فِي جُؤْجُؤَى قُمَزاً قُمَزاً؛ أَراد أَنه لَمْ يَتَّصِلْ وَلَكِنَّهُ نَبَتَ مُتَفَرِّقًا لُمْعَة هَاهُنَا ولُمْعَة هَاهُنَا. وقَمَزَ الشيءَ يَقْمِزُه قَمْزاً: جَمَعَهُ بِيَدِهِ، وَهِيَ القُمْزَةُ، وَقِيلَ: قَمَزَ قُمْزَةً أَخذ بأَطراف أَصابعه. والقُمْزَةُ: بُرْعُومُ النَّبْتِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ الْحَبَّةُ. والقُمْزَةُ، بِالضَّمِّ، مِثْلُ الجُمْزَةِ: وَهِيَ كُتْلَةٌ مِنَ التَّمْرِ. والقُمْزَةُ مِنَ الْحَصَى وَالتُّرَابِ: الصُّوَّةُ، وَجَمْعُهَا قُمَزٌ.
قمرز: رَجُلٌ قُمَرِزٌ وقُمَّرِزٌ: قَصِيرٌ؛ التَّشْدِيدُ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قُمَّرِز آذانُهم كالإِسْكابْ
الإِسْكاب والإِسْكابَةُ: الفَلَكَةُ الَّتِي يُرَقَّعُ بِهَا الزِّقُّ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ قُمَّرِزٌ عَلَى بِنَاءِ الهُمَّقِعِ، وهو جَنى التَّنْضُبِ.
قنز: القَنَزُ: لُغَةٌ فِي القَنَصِ، وَحَكَى يَعْقُوبُ أَنه بَدَلٌ، قَالَ غُلَامٌ مَنْ بَنِي الصَّارِدِ رَمى خِنْزِيرًا فأَخطأَه وَانْقَطَعَ وَتَرُه فأَقبل وَهُوَ يَقُولُ: إِنك رَعْمَليٌّ، بِئْسَ الطَّريدَةُ القَنَزُ وَمِنْهُ قَوْلُ صَائِدِ الضَّبّ:
ثُمَّ اعْتَمَدْتُ فَجَبَذْتُ جَبْذَةً ... خَرَرْتُ مِنْهَا لِقَفَايَ أَرْتَمِزْ(5/397)
فقلتُ حَقّاً صادِقاً أَقُولُه ... هَذَا لَعَمْرُ اللهِ مِنْ شَرِّ القَنَزْ
يُرِيدُ القَنَص. قَالَ أَبو عَمْرٍو: وسأَلت أَعرابياً عَنْ أَخيه فَقَالَ: خَرَجَ يَتَقَنَّزُ أَي يَتَقَنَّصُ؛ كُلُّ ذَلِكَ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْمُبْدَلِ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلْقَانِصِ والقَنَّاص قانِزٌ وقَنَّاز. ابْنُ الأَعرابي: أَقْنَزَ الرجلُ إِذا شَرِبَ بالإِقْنِيز طَرَباً وَهُوَ الدَّنُّ الصَّغِيرُ، قَالَ: وجِلْفَةُ الإِقْنِيزِ طِينَتُهُ. أَبو عَمْرٍو: القِنْزُ الراقُود الصَّغِيرُ.
قهز: القَهْزُ والقِهْزُ والقَهْزِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ تُتَّخَذُ مِنْ صُوفٍ كالمِرْعِزَّى؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هِيَ ثِيَابُ صُوفٍ كالمِرْعِزَّى وَرُبَّمَا خَالَطَهَا حَرِيرٌ، وَقِيلَ: هُوَ القَزُّ بِعَيْنِهِ وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ كهْزانه، وَقَدْ يشبَّه الشَّعَرُ والعِفاءُ بِهِ، قَالَ رُؤْبَةُ:
وادَّرَعَتْ مِنْ قَهْزِها سَرابِلا ... أَطارَ عَنْهَا الخِرَقَ الرَّعابِلا
يَصِفُ حُمُرَ الْوَحْشِ يَقُولُ: سَقَطَ عَنْهَا العِفاءُ وَنَبَتَ تَحْتَهُ شَعَرٌ لَيِّنٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: القَهْزُ والقِهْزُ ثيابٌ بِيضٌ يُخَالِطُهَا حَرِيرٌ؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ البُزاةَ والصُّقُور بِالْبَيَاضِ:
مِنَ الزُّرْق أَو صُقْعٍ كأَنَّ رُؤوسَها ... مِنَ القِهْزِ والقُوهِيِّ، بيضُ المَقانِعِ
وَقَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ حُمُرَ الوَحْش:
كأَن لَوْنَ القِهْزِ في خُصُورِها ... والقَبْطَرِيِّ البِيضِ فِي تأْزِيرِها
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وجه: أَن رَجُلًا أَتاه وَعَلَيْهِ ثوبٌ مِنْ قَهْزٍ
، هُوَ من ذلك.
قهمز: أَبو عَمْرٍو: القَهْمَزَةُ النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ البَطِيئَةَ؛ وأَنشد:
إِذا رَعَى شَدَّاتِها العَوائِلا ... والرُّقْصَ مِنْ رَيْعانِها الأَوائِلا
والقَهْمَزاتِ الدُّلَّحَ الخَواذِلا ... بِذَاتِ جَرْسٍ، تَمْلأُ المَداخِلا
قوله [إذا رعى شداتها إلى آخر البيتين] هكذا في الأَصل. اللَّيْثُ: امرأَة قَهْمَزَةٌ قَصِيرَةٌ جِدًا. أَبو عَمْرٍو: القَهْمَزَى الإِحْضارُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِبَعْضِ بَنِي عَقِيلٍ يَصِفُ أَتَانًا:
مِنْ كلِّ قَبَّاءَ نَحُوصٍ جَرْيُها ... إِذا عَدَوْنَ القَهْمَزَى، غيرُ شَتِجْ
أَي غير بطيء.
قوز: القَوْزُ مِنَ الرَّمْلِ: صَغِيرٌ مُسْتَدِيرٌ تشبَّه بِهِ أَرداف النِّسَاءِ؛ وأَنشد:
ورِدْفُها كالقَوْزِ بَيْنَ القَوْزَيْن
قَالَ الأَزهري: وَسَمَاعِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ فِي القَوْزِ أَنه الكَثِيبُ المُشْرِفُ. وَفِي الْحَدِيثُ:
مُحَمَّدٌ فِي الدَّهْمِ بِهَذَا القَوْزِ
؛ القَوْزُ، بِالْفَتْحِ: الْعَالِي مِنَ الرَّمْلِ كأَنه جَبَلٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُمِّ زَرْع: زَوْجي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٌّ، عَلَى رأْس قَوْزٍ وَعْثٍ
؛ أَرادتْ شدَّة الصُّعُودِ فِيهِ لأَن الْمَشْيَ فِي الرَّمْلِ شَاقٌّ فَكَيْفَ الصُّعُودُ فِيهِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ وَعْثٌ؟ ابْنُ سِيدَهْ: القَوْزُ نَقاً مُسْتَدِيرٌ مُنْعَطَفٌ، وَالْجَمْعُ أَقْوازٌ وأَقاوِزُ؛(5/398)
قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِلى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أَقْوازَ مُشْرِفٍ ... شِمالًا، وَعَنْ أَيمانهنّ الفَوارِسُ
وَقَالَ آخَرُ:
ومُخَلَّدات باللُّجَيْنِ، كأَنما ... أَعْجازُهُن أَقاوِزُ الكُثْبانِ
قَالَ: هَكَذَا حَكَى أَهل اللُّغَةِ أَقاوِز، وَعِنْدِي أَنه أَقاوِيزُ، وأَن الشَّاعِرَ احْتَاجَ فَحَذَفَ ضَرُورَةً. مُخَلَّدَاتٌ: فِي أَيديهن أَسورة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ*، وَالْكَثِيرُ قِيزانٌ؛ قَالَ:
لَمَّا رأَى الرَّمْلَ وقِيزانَ الغَضَا ... والبَقَرَ المُلَمَّعاتِ بالشَّوَى
بَكَى، وَقَالَ: هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟
الْجَوْهَرِيُّ: القَوْزُ، بِالْفَتْحِ، الْكَثِيبُ الصَّغِيرُ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ، والله أَعلم.
فصل الكاف
كرز: الكُرْزُ: ضَرْبٌ مِنَ الجُوالِقِ، وَقِيلَ: هُوَ الجُوالِقُ الصَّغِيرُ، وَقِيلَ: هُوَ الخُرْجُ، وَقِيلَ: الخُرْجُ الْكَبِيرُ يَحْمَلُ فِيهِ الرَّاعِي زَادَهُ وَمَتَاعَهُ. وَفِي الْمَثَلِ: رُبَّ شَدٍّ فِي الكُرْزِ؛ وأَصله أَن فَرَسًا يُقَالُ لَهُ أَعوج نُتِجَتْهُ أُمُّه وتَحَمَّلَ أَصحابه فَحَمَلُوهُ فِي الكُرْزِ، فَقِيلَ لَهُمْ: مَا تَصْنَعُونَ بِهِ؟ فَقَالَ أَحدهم: رُبَّ شَدٍّ فِي الْكُرْزِ، يَعْنِي عَدْوَهُ، وَالْجَمْعُ أَكرازٌ وكِرَزَةٌ مِثْلَ جُحْرٍ وجِحَرَةٍ. وسعيدُ كُرْزٍ: لقبٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذا لَقَّبْتَ مُفْرَدًا بِمُفْرَدٍ أَضفته إِلى اللَّقَبِ، وَذَلِكَ قَوْلُكَ: هَذَا سعيدُ كُرْزٍ، جَعَلَتْ كُرْزاً مُعَرَّفَةً لأَنك أَردت الْمَعْرِفَةَ الَّتِي أَردتها إِذا قُلْتَ هَذَا سَعِيدٌ، فَلَوْ نكَّرت كُرْزًا صَارَ سَعِيدٌ نَكِرَةً لأَن الْمُضَافَ إِنما يَكُونُ نَكِرَةً وَمَعْرِفَةً بِالْمُضَافِ إِليه، فَيَصِيرُ كُرْزٌ هَاهُنَا كأَنه كَانَ مَعْرِفَةً قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أُضيف إِليه. والكَرَّازُ: الكَبْشُ الَّذِي يَضَعُ عَلَيْهِ الرَّاعِي كُرْزَهُ فَيَحْمِلُهُ وَيَكُونُ أَمام الْقَوْمِ، وَلَا يَكُونُ إِلا أَجَمَّ لأَن الأَقْرَنَ يَشْتَغِلُ بالنِّطاحِ؛ قَالَ:
يَا ليتَ أَنِّي وسُبَيْعاً فِي الغَنَمْ ... والخُرْجُ مِنْهَا فوقَ كَرَّازٍ أَجَمْ
وكارَزَ إِلى ثِقَةٍ مِنْ إِخوان ومالٍ وغِنًى: مالَ. أَبو زَيْدٍ: إِنه ليُعاجِزُ إِلى ثِقَةٍ مُعاجَزَةً ويُكارِزُ إِلى ثِقَةٍ مُكارَزَةً إِذا مَالَ إِليه؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فَلَمَّا رَأَيْنَ المالَ قَدْ حالَ دونَه ... دُعافٌ، لَدَى جَنْبِ الشَّرِيعَةِ، كارِزُ
قِيلَ: كَارَزَ بِمَعْنَى الْمُسْتَخْفِي. يُقَالُ: كَرَزَ يَكْرُزُ كُرُوزاً، فَهُوَ كارِزٌ إِذا اسْتَخْفَى فِي خَمَرٍ أَو غارٍ، والمُكارَزَةُ مِنْهُ. وَيُقَالُ: كارَزْتُ عَنْ فُلَانٍ إِذا فَرَرْتَ مِنْهُ وعاجَزْتَهُ. وكارَزَ فِي الْمَكَانِ: اخْتَبَأَ فِيهِ. وكارَزَ إِليه: بَادَرَ. وكارَزَ القومُ إِذا تَرَكُوا شَيْئًا وأَخذوا غَيْرَهُ. والكَرِيصُ والكَرِيزُ: الأَقِطُ. والكُرَّزُ والكُرَّزِيُّ: العَيِيُّ اللَّئِيمُ، وَهُوَ دَخِيلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ، تَسْمِيَةُ الفُرْسُ كُرَّزِيًّا؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
أَو كُرَّز يَمْشِي بَطِينَ الكُرْزِ
والكُرَّزُ: المُدَرَّبُ المُجَرَّبُ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ. والكُرَّزُ: اللَّئِيمُ. والكُرَّزُ: النَّجِيبُ. والكُرَّزُ:(5/399)
الرَّجُلُ الْحَاذِقُ، كِلَاهُمَا دَخِيلٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ. والكُرَّزُ: الْبَازِي يُشَدُّ ليَسْقُطَ رِيشُهُ؛ قَالَ:
لَمَّا رَأَتْنِي راضِياً بالإِهْمادْ ... كَالكُرَّزِ الْمَرْبُوطِ بينَ الأَوْتادْ
قَالَ الأَزهري: شَبَّهَهُ بِالرَّجُلِ الْحَاذِقِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كُرُو فَعُرِّبَ. وكُرِّزَ الْبَازِي إِذا سَقَطَ رِيشُهُ. أَبو حَاتِمٍ: الكُرَّزُ الْبَازِي فِي سَنَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: الكُرَّزُ مِنَ الطَّيْرِ الَّذِي قَدْ أَتى عَلَيْهِ حَوْلٌ، وَقَدْ كُرِّزَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
رأَيْتُه كَمَا رأَيْتُ النَّسْرا ... كُرِّزَ يُلْقِي قادِماتٍ زُعْرا
وكَرَّزَ الرجلُ صَقْرَه إِذا خَاطَ عَيْنَيْهِ وأَطعمه حَتَّى يُذِلَّ. ابْنُ الأَنباري: هُوَ كُرَّزٌ أَي داهٍ خبيثٌ مُحْتَالٌ، شُبِّهَ بِالْبَازِي فِي خُبْثِهِ وَاحْتِيَالِهِ وَذَلِكَ أَن الْعَرَبَ تُسَمِّي الْبَازِيَ كُرَّزاً، قَالَ: وَالطَّائِرُ يُكَرَّزُ، وَهُوَ دَخِيلٌ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. والكُرَازُ: الْقَارُورَةُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَدري أَعربي أَمْ عَجَمِيٌّ غَيْرَ أَنهم قَدْ تَكَلَّمُوا بِهَا، وَالْجَمْعُ كِرْزانٌ. وكُرْزٌ وكَرِزٌ وكَارِزٌ ومُكْرَزٌ وكُرَيْز وكَرِيزٌ وكُرازٌ: أَسماء. وكَرازٌ: فَرَسُ حُصَين بن علقمة.
كربز: ابْنُ الأَعرابي: القَثْوُ أَكْلُ القَثَدِ والكِرْبِزِ، قَالَ فأَما القَثَدُ فَهُوَ الْخِيَارُ وأَما الكِرْبِزُ فالقِثَّاءُ الْكِبَارُ.
كزز: الكَزُّ: الَّذِي لَا يَنْبَسِطُ. ووجْه كَزٌّ: قَبِيحٌ، كَزَّ يَكُزُّ كَزازَةً. وجَمَلٌ كَزٌّ: صُلب شَدِيدٌ. وذَهَبٌ كَزٌّ: صُلْبٌ جِدًّا. وَرَجُلٌ كَزٌّ: قَلِيلُ المُؤاتاةِ والخَيْرِ بَيِّنُ الكَزَزِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنتَ للأَبْعَدِ هَيْنٌ لَيِّنٌ ... وَعَلَى الأَقْرَبِ كَزٌّ جافِي
وَرَجُلٌ كَزٌّ وَقَوْمٌ كُزٌّ، بِالضَّمِّ. والكَزازُ: البُخْلُ. وَرَجُلٌ كَزُّ الْيَدَيْنِ أَي بَخِيلٌ مِثْلُ جَعْد الْيَدَيْنِ. والكَزازَةُ والكَزازُ: اليُبْسُ والانْقباضُ. وخَشَبة كَزَّة: يَابِسَةٌ مُعْوَجَّة. وَقَنَاةٌ كَزَّة: كَذَلِكَ، وَفِيهَا كَزَزٌ. وكَزَّ الشيءَ: جَعَلَهُ ضَيِّقًا. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذا جَعَلْتَهُ ضَيِّقًا: كَزَزْته، فَهُوَ مَكْزُوزٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا رُبَّ بَيْضاءَ تَكُزُّ الدُّمْلُجا ... تَزَوَّجَتْ شَيْخاً طَويلًا عَفْشَجا
وَقَوْسٌ كَزَّة: لَا يَتَبَاعَدُ سَهْمُها مِنْ ضِيقِهَا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَا كَزَّةُ السَّهْم وَلَا قَلُوعُ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ الكَزَّةُ أَصغر الْقِيَاسِ، ابْنُ شُمَيْلٍ: مِنَ الْقِسِيِّ الكَزَّةُ، وَهِيَ الْغَلِيظَةُ الأَزَّةِ الضَّيِّقة الفَرْج، والوَطيئةُ أَكَزُّ القِسِيِّ. الْجَوْهَرِيُّ: قَوْسٌ كَزَّة إِذا كَانَ فِي عُودِها يُبْسٌ عَنْ الِانْعِطَافِ، وبَكَرَةٌ كَزَّة أَي ضَيِّقَةٌ شَدِيدَةُ الصَّرِيرِ. والكُزازُ: دَاءٌ يأْخُذُ مِنْ شِدَّةِ البَرْدِ وتَعْتَرِي مِنْهُ رِعْدَةٌ، وَهُوَ مَكْزُوزٌ. وَقَدْ كُزَّ الرجلُ، عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ: زُكِمَ. وأَكَزَّه اللَّهُ، فَهُوَ مَكْزُوزٌ: مِثْلُ أَحَمَّه، فَهُوَ مَحْمُومٌ، وَهُوَ تَشَنُّج يُصِيبُ الإِنسان مِنَ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ أَو مِنْ خُرُوجِ دمٍ كَثِيرٍ. ابْنُ الأَعرابي: الكُزَّازُ الرِّعْدَةُ مِنَ(5/400)
البَرْدِ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ الكُزَاز، وَقَدْ كَزَّ: انْقَبَضَ مِنَ الْبَرْدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا اغْتَسَلَ فَكُزَّ فَمَاتَ
؛ الكُزازُ: دَاءٌ يَتَوَلَّدُ مِنْ شِدَّةُ الْبَرْدِ، وَقِيلَ: هُوَ نَفْسُ الْبَرْدِ. واكْلأَزَّ اكْلِئْزازاً: انقبض، واللام زائدة.
كعمز: تَكَعْمَزَ الفِراشُ: انْتَقَضَتْ خُيوطه وَاجْتَمَعَ صُوفُهُ؛ عَنِ الهَجَرِيِّ.
كلز: كَلَزَ الشيءَ يَكْلِزُه كَلْزاً وكَلَّزَهُ: جَمَعَهُ. واكْلأَزَّ الرجلُ: تَقَبَّض وَلَمْ يَطْمَئِنَّ. والمُكْلَئِزُّ: الْمُنْقَبِضُ. اللَّيْثُ: يُقَالُ اكْلأَزَّ، وَهُوَ انْقِبَاضٌ فِي جَفاء لَيْسَ بِمُطَمْئِنٍّ، كَالرَّاكِبِ إِذا لَمْ يَتَمَكَّنْ عَدْلًا عَنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
أَقولُ والناقةُ بِي تَقَحَّمُ ... وأَنا مِنْهَا مُكْلَئِزٌّ مُعْصِمُ
وَأُمِيتَ ثلاثيُّ فِعْلِهِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
رُب فتاةٍ مِنْ بَنِي العِنازِ ... حَيَّاكَةٍ ذاتِ حِرٍ كِنازِ
ذِي عَضُدَيْن مُكْلَئِزٍّ نازِي ... كالنَّبتِ الأَحْمَر بالبَرازِ
واكْلأَزَّ إِذا انْقَبَضَ وتَجَمَّعَ؛ وَفِي شِعْرُ حُميد بْنِ ثَوْرٍ:
فَحَمّل الهَمَّ كِلازاً جَلْعَدا
الْكِلَازُ: الْمُجْتَمِعُ الخَلْقِ الشديدُ، وَيُرْوَى: كِنازاً، بِالنُّونِ؛ وَقِيلَ: اكْلأَزَّ اكْلِئْزازاً انْقَبَضَ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ. واكْلأَزَّ الْبَازِي: هَمَّ بأَخذ الصَّيْدِ وتَقَبَّض لَهُ. وكَلَّازٌ: اسم.
كمز: كَمَزَ الشيءَ يَكْمِزُه كَمْزاً إِذا جَمَعَهُ فِي يَدَيْهِ حَتَّى يَسْتَدِيرَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الشَّيْءِ المُبْتَلِّ كَالْعَجِينِ وَنَحْوِهِ. والكُمْزَةُ: مَا أُخذ بأَطراف الأَصابع، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكُمْزَةُ والجُمْزَةُ الكُتْلَةُ مِنَ التَّمْرِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ عُرَامٌ: هَذِهِ قُمْزَةٌ مِنْ تَمْرٍ وكُمْزَةٌ، وَهِيَ الفِدْرَةُ كجُثْمانِ القَطا أَو أَكثر. وَيُقَالُ للكُثْبَةِ مِنَ التُّرَابِ: كُمْزَةٌ وقُمْزَة، وَالْجَمْعُ الكُمَزُ والقُمَزُ.
كنز: الكَنْزُ: اسْمٌ لِلْمَالِ إِذا أُحرز فِي وِعَاءٍ وَلِمَا يُحْرَزُ فِيهِ، وَقِيلَ: الكَنْزُ الْمَالُ الْمَدْفُونُ، وَجَمْعُهُ كُنُوزٌ، كَنَزَهُ يَكْنِزُه كَنْزاً واكْتَنَزَهُ. وَيُقَالُ: كَنَزْتُ البُرَّ فِي الجِرابِ فاكْتَنَزَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ: الأَحمرَ والأَبيضَ
؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ الْعَلَاءُ بْنُ عَمْرٍو الباهِلِيُّ الكَنْزُ الفِضَّة فِي قَوْلِهِ:
كأَنَّ الهِبْرِقِيَّ غَدا عَلَيْهَا ... بماءِ الكَنْزِ أَلْبَسَه قَراها
قَالَ: وَتُسَمِّي العربُ كلَّ كَثِيرٍ مَجْمُوعٍ يُتَنَافَسُ فِيهِ كَنْزًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا أُعَلِّمُكَ كَنْزاً مِنْ كُنوز الْجَنَّةِ: لَا حَوْلَ وَلَا قوَّة إِلا بِاللَّهِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا حَوْلَ وَلَا قوَّة إِلا بِاللَّهِ كَنْزٌ مِنْ كُنُوز الْجَنَّةِ
أَي أَجرها مُدَّخَر لِقَائِلِهَا وَالْمُتَّصِفِ بِهَا كَمَا يُدَّخَرُ الْكَنْزُ، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ
. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَذْهَبُ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَيَذْهَبُ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لتُنْفَقَنَّ كنوزُهما فِي سَبِيلِ اللَّهِ
اللَّيْثُ: يُقَالُ كَنَزَ الإِنسانُ مَالًا يَكْنِزُه. وكَنَزْتُ السِّقاءَ إِذا ملأْته. ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْكَهْفِ: وَكانَ(5/401)
تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما؛ قَالَ: مَا كَانَ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً وَلَكِنْ كَانَ عِلْماً وصُحُفاً. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ، أَنه قَالَ: أَربعة آلَافٍ وما دونها نفقةٌ وَمَا فَوْقَهَا كَنْزٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلُّ مالٍ لَا تُؤَدَّى زكاتُه فَهُوَ كَنْزٌ
؛ الكَنْزُ فِي الأَصل الْمَالُ الْمَدْفُونُ تَحْتَ الأَرض فإِذا أُخرج مِنْهُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ لَمْ يَبْقَ كَنْزاً وإِن كَانَ مَكْنُوزًا، وَهُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ تَجُوزُ فِيهِ عَنِ الأَصل. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بَشِّرِ الكَنَّازِينَ بِرَضْفٍ مِنْ جَهَنَّمَ
؛ هُمْ جَمْعُ كَنَّازٍ وَهُوَ الْمُبَالِغُ فِي كَنْزِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَادِّخَارِهِمَا وَتَرْكِ إِنفاقهما فِي أَبواب البرِّ. واكْتَنَزَ الشيءُ: اجْتَمَعَ وامتلأَ. وكَنَزَ الشيءَ فِي الرِعاء والأَرض يَكْنِزُه كَنْزاً: غَمَزه بِيَدِهِ. وشَدَّ كَنْزَ القِرْبَةِ: ملأَها. وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ الْكَثِيرَةِ اللَّحْمِ: كِنازٌ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ؛ وَقَالَ:
حَيَّاكَةٍ ذاتِ هَنٍ كِنازِ
وَنَاقَةٌ كِنازٌ، بِالْكَسْرِ، أَي مُكْتَنِزَةُ اللحمِ. والكِنازُ: النَّاقَةُ الصُّلْبة اللَّحْمِ، وَالْجَمْعُ كُنُوز وكِنازٌ، كَالْوَاحِدِ بِاعْتِقَادِ اخْتِلَافِ الْحَرَكَتَيْنِ والأَلفين، وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَابِ جُنب، وَهَذَا خطأٌ لِقَوْلِهِمْ فِي التَّثْنِيَةِ كِنازانِ، وَقَدْ تَكَنَّزَ لَحْمُهُ واكْتَنَزَ، وَرَجُلٌ كَنِزُ اللَّحْمِ ومُكْتَنِزُ اللَّحْمِ وكَنيزُ اللَّحْمِ ومَكْنُوزُه؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وساقِيَيْنِ مِثْلِ زَيْدٍ وجُعَلْ ... صَقْبَانِ مَمْشُوقان مَكْنُوزا العَضَلْ
وفي شعر حُمَيد ين ثَوْرٍ:
فَحَمّل الهَمَّ كِنازاً جَلْعَدَا
الكِنازُ: المُجْتَمِعُ اللَّحْمِ القَوِيُّه، وكلُّ مُكْتَنِزٍ مجتمعٌ، ويروى كِلازاً، باللام، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بَعَثْتُك تَمْحُو المَعازِفَ والكَنازاتِ
، هِيَ بِالْفَتْحِ. والكِنازُ والكَنازُ: رَفاعُ التَّمْرِ، وَقَدْ كَنَزُوا التَّمْرَ يَكْنِزُونَهُ كَنْزاً وكِنازاً، فَهُوَ كَنِيز وَمَكْنُوزٌ، والكَنيزُ: التَّمْرُ يُكْتَنَزُ لِلشِّتَاءِ فِي قَواصِرَ وأَوعية، وَالْفِعْلُ الاكْتِنازُ، قَالَ: والبَحْرانِيُّونَ يَقُولُونَ جاءَ زَمَنُ الكِنازِ، إِذا كَنَزُوا التَّمْرَ فِي الجِلالِ، وَهُوَ أَن يُلْقَى جِرابٌ أَسْفَلَ الجُلَّةِ، ويُكْنَزَ بالرِّجْلَين حَتَّى يَدْخُلُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ، ثُمَّ جرابٌ بَعْدَ جِرَابٍ حَتَّى تمتلئَ الجُلَّةُ مَكْنُوزَةً ثُمَّ تُخاطُ بالشرُطِ. الأُمَوِيُّ: أَتيتهم عِنْدَ الكِنازِ والكَنازِ، يَعْنِي حِينَ كَنَزُوا التَّمْرَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الكَنازُ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ؛ قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ إِلا بِالْفَتْحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِثْلُ الجَدادِ والجِداد والصَّرامِ والصِّرامِ، وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَ الكَنازُ فِي البُرِّ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ للمُتَنَخِّل الهُذَلي:
لَا دَرَّ دَرِّيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَكُمْ ... قِرْفَ الحَتِيِّ، وَعِنْدِي البُرُّ مَكْنُوزُ
وكَنَّاز: اسم رجل.
كوز: كازَ الشيءَ كَوْزاً: جَمَعَهُ، وكُزْتُه أَكُوزُه كَوْزاً: جَمَعْتُهُ. والكُوزُ: مِنَ الأَواني، مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أَكْوازٌ وكِيزانٌ وكِوَزَةٌ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ مِثْلَ عُودٍ وعِيدانٍ وأَعْوادٍ وعِوَدَةٍ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكُوزُ فَارِسِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا قول لا يُعَرَّج عَلَيْهِ، بَلِ الكُوزُ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ.(5/402)
وَيُقَالُ: كازَ يَكُوزُ واكْتازَ يَكْتازُ إِذا شَرِبَ بالكُوزِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: كابَ يكُوبُ إِذا شَرِبَ بالكُوب، وَهُوَ الكُوزُ بِلَا عُرْوَة، فإِذا كَانَ بِعُرْوَةٍ فَهُوَ كُوز، يُقَالُ: رأَيته يَكُوزُ ويَكْتازُ ويَكُوبُ ويَكْتاب. واكتازَ الماءَ: اغْتَرَفَهُ، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ الكُوزِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: كَانَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ يَرَى الغلامَ مِنْ غِلْمَانِهِ يأْتي الحُبَّ يَكْتازُ مِنْهُ ثُمَّ يُجَرْجِر قَائِمًا فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مِثْلُك، يَا لَهَا نِعْمة، تأْكل لَذَّةً وتُخْرجُ سَرْحاً يَكْتازُ
أَي يَغْتَرِفُ بالكُوز، وَكَانَ بِهَذَا الْمَلِكُ أُسْرٌ، وَهُوَ احْتِبَاسُ بَوْلِهِ، فَتَمَنَّى حَالَ غُلَامِهِ. وَبَنُو كُوزٍ: بَطْنٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ. التَّهْذِيبُ: وَبَنُو الكُوز بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَفِي بَنِي ضَبَّة كُوز بْنُ كَعْبٍ. وكُوَيْز ومَكْوَزَة: اسْمَانِ، شذَّ مَكْوَزَةُ عَنْ حَدِّ مَا تَحْتَمِلُهُ الأَسماءُ الأَعلام مِنَ الشُّذُوذِ نَحْوَ قَوْلِهِمْ مَحْبَبٌ وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وسمَّت الْعَرَبُ مَكْوَزَة ومِكْوازاً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وضَعْنَ عَلَى المِيزانِ كُوزاً وهاجِراً ... فمالتْ بَنُو كُوزٍ بأَبناءِ هاجِرِ
وَلَوْ مَلأَتْ أَعْفاجَها مِنْ رثِيئَةٍ ... بَنُو هاجِرٍ، مالتْ بهَضْبِ الأَكادِرِ
ولكِنَّما اغْتَرُّوا، وَقَدْ كَانَ عندَهم ... قَطِيبانِ شَتَّى مِنْ حَلِيبٍ وحازِرِ
كُوزٌ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ ضَبَّةَ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لشَمْعَلَة بْنِ الأَخْضر؛ كُوزٌ وَهَاجَرُ قَبِيلَتَانِ مِنْ ضبة ابن أُدٍّ، فَيَقُولُ: وزنَّا إِحداهما بالأُخرى فَمَالَتْ كُوزٌ بِهَاجَرَ أَي كَانَتْ أَثقل مِنْهَا؛ يَصِفُ كُوزًا برَجاحَةِ الْعُقُولِ وأَبناءَ هَاجَرَ بِخِفَّتِهَا. والأَعْفاج: جَمْعُ عَفْجٍ لِمَا يَجْرِي فِيهِ الطَّعَامُ، وَهِيَ مِنَ الإِنسان كَالْمَصَارِينِ مِنَ الْبَهَائِمِ. يَقُولُ: لَوْ ملأَت بَنُو هَاجَرَ أَعفاجها مِنْ رَثِيئَةٍ لَمَالَتْ بِهَضْبِ الأَكادر. وَالْهَضْبُ: جَمْعُ هَضْبَةٍ وَهِيَ جَبَلٌ يَنْفَرِشُ عَلَى الأَرض، والأَكادر: جِبَالٌ مَعْرُوفَةٌ، وَالرَّثِيئَةُ: اللَّبَنُ الْحَامِضُ يُحْلَبُ عَلَيْهِ الْحَلِيبُ؛ يُرِيدُ بِذَلِكَ عِظَمَ بُطُونِهِمْ وَكَثْرَةَ أَكلهم وَعِظَمَ خُلُقِهِمْ، يَهْزَأُ بِهِمْ عَلَى أَن بَنِي هَاجَرَ اغْتَرُّوا وَلَوْ أَنهم تأَهبوا لِمُوَازَنَتِهِمْ حَتَّى يَشْرَبُوا الرَّثِيئَةَ فتمتلئَ بُطُونُهُمْ لَوَازَنُوا الهِضابَ ورَجَحوا بِهَا وَكَانُوا أَثقل مِنْهُمْ، وَهَذَا كُلُّهُ هَزْءٌ بِهِمْ، وَالْقَطِيبَانِ: الْخَلِيطَانِ مِنْ حَلِيبٍ وَحَازِرٍ، وَالْحَازِرُ: الْحَامِضُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
فصل اللام
لبز: اللَّبْزُ: الأَكل الجيِّد، لَبَزَ يَلْبِزُ لَبْزاً: أَكل، وَقِيلَ: أَجاد الأَكل. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: اللَّبْزُ اللَّقْمُ، وَقَدْ لَبَزَه يَلْبِزُه. وَيُقَالُ: لَبَزَ فِي الطَّعَامِ إِذا جَعَلَ يَضْرِبُ فِيهِ. وكلُّ ضَرْبٍ شَدِيدٍ: لَبْزٌ. واللَّبْزُ: ضَرْبُ النَّاقَةِ بجُمْعِ خُفها؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
خَبْطاً بأَخْفافٍ ثِقالٍ لُبْزِ
واللَّبْزُ: الْوَطْءُ بِالْقَدَمِ. ولَبَزَ البعيرُ الأَرض بِخُفِّهِ يَلْبِزُ لَبْزاً: ضَرَبَهَا بِهِ ضَرْبًا لَطِيفًا فِي تَحَامُلٍ. ولَبَزَ ظَهْرَهُ لَبْزاً: ضَرَبَهُ بِيَدِهِ، ولَبَزَه: كَسَرَه. واللِّبْزُ، بِكَسْرِ اللَّامِ: ضَمْدُ الجُرْحِ بِالدَّوَاءِ؛ رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو فِي بَابِ حُرُوفٍ عَلَى مِثَالِ فِعْلٍ؛ قَالَ: واللَّبْزُ الأَكلُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ:
تأْكلُ فِي مَقْعَدِها قَفِيزا ... تَلْقَمُ أَمثالَ القَطا مَلْبُوزا(5/403)
لتز: اللَّتْزُ: الدَّفْعُ، لَتَزَه يَلْتِزُه ويَلْتُزُه لَتْزاً: دَفَعه، وهو كاللَّكْزِ والوَكْزِ.
لجز: اللَّجِزُ: مَقْلُوبُ اللَّزجِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يَعْلُون بالمَرْدَقُوشِ الوَرْد ضاحِيَةً ... عَلَى سَعابِيبِ ماءِ الضَّالَةِ اللَّجِزِ
هَكَذَا أَنشده الْجَوْهَرِيُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ مَاءُ الضَّالَةِ اللَّجِنِ، وَقَبْلَهُ:
مِنْ نِسْوَةٍ شُمُسٍ لَا مَكْرَهٍ عُنُفٍ ... وَلَا فَواحِشَ فِي سِرٍّ وَلَا عَلَنِ
المَرْدَقُوش: المَرْزَجُوشُ. وَضَاحِيَةً: بَارِزَةً لِلشَّمْسِ. وَالسَّعَابِيبِ: مَا جَرَى مِنَ الْمَاءِ لَزِجاً. واللَّجِنُ: اللَّزِجُ. وشُمُسٌ: لَا يَلِنَّ للخَنا، الْوَاحِدَةُ شَمُوسٌ. ومَكْرَه: كَرِيهاتُ المَنْظَرِ. وعُنُفٌ: لَيْسَ فيهنَّ خُرْقٌ وَلَا يُفْحِشْنَ فِي الْقَوْلِ فِي سِرٍّ وَلَا عَلَنٍ.
لحز: اللَّحِزُ: الضَّيِّقُ الشَّحيح النفْس الَّذِي لَا يَكَادُ يُعْطِي شَيْئًا، فإِن أَعطى فَقَلِيلٌ، وَقَدْ لَحِزَ «3» لَحزاً وتَلَحَّزَ؛ وأَنشد:
تَرَى اللَّحِزَ الشَّحِيحَ، إِذا أُمِرَّتْ ... عَلَيْهِ، لِمَالِهِ فِيهَا مهِينا
وَطَرِيقٌ لَحِزٌ: ضَيِّق بَخِيلٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. واللَّحِزُ: الْبَخِيلُ الضَّيق الخُلُق. والمَلاحِزُ: المَضايِقُ. وتَلاحَزَ القومُ: تَعَارَضُوا الكلامَ بَيْنَهُمْ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ لِحْزٌ، بِكَسْرِ اللَّامِ وإِسكان الْحَاءِ، ولَحِزٌ، بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، أَي بَخِيلٌ. وتَلاحَزَ القومُ فِي الْقَوْلِ إِذا تَعَارَضُوا. وَشَجَرٌ مُتَلاحِزٌ أَي مُتَضَايِقٍ، دَخَلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ لَحِزٌ ولِحْزٌ؛ وَيُرْوَى بَيْتُ رُؤْبَةَ:
يُعْطِيك مِنْهُ الجُود قَبْلَ اللَّحْزِ
أَي قَبْلَ أَن يَسْتَغْلِقَ وَيَشْتَدَّ؛ وَفِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
إِذا أَقَلَّ الخَيْرَ كلُّ لِحْزِ
أَي كُلُّ لِحْزٍ شَحِيحٍ. والتَّلَحُّزُ: تَحَلُّبُ فِيكَ مِنْ أَكل رُمَّانة أَو إِجَّاصَةٍ شَهْوَةً لذلك.
لزز: لَزَّ الشيءَ بِالشَّيْءِ يَلُزُّه لَزًّا وأَلَزَّه: أَلزمه إِياه. واللَّزَزُ: الشِّدَّةُ. ولَزَّه يَلُزُّه لَزًّا ولَزازاً أَي شَدَّه وأَلصقه. اللَّيْثُ: اللَّزُّ لُزُومُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ بِمَنْزِلَةِ لِزازِ الْبَيْتِ، وَهِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُلَزُّ بِهَا البابُ. واللَّزَزُ: المَتْرَسُ. ولِزازُ الْبَابِ: نِطاقُه الَّذِي يُشَدّ بِهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ دُونِيَ بَيْنَ أَجزائه أَو قُرِنَ، فَقَدْ لُزَّ. واللَّزُّ: الزُّرْفِين الَّذِي «4» ... طَبَقَا المَحْبَرَة الأَعلى وَالْأَسْفَلُ. ولَزُّ الحُقَّةِ: زُرْفينُها؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
لَمْ يَعْدُ أَنْ فَتَقَ النَّهِيقُ لهَاتَه ... ورأَيتُ قارِحَه كَلَزِّ المِجْمَرِ
يَعْنِي كَزُرْفِينِ المِجْمَرِ إِذا فَتَحْتَهُ، ولازَّه مُلازَّةً ولِزازاً: قَارَنَهُ. وإِنه للِزَازُ خُصُومَةٍ ومِلَزٌّ أَي لَازِمٌ لَهَا مُوَكَّلٌ بِهَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا، والأُنثى مِلَزٌّ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وأَصل اللِّزازِ الَّذِي يُتْرَسُ بِهِ البابُ. وَرَجُلٌ مِلَزٌّ: شَدِيدُ اللُّزوم؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ولا امْرِئٍ ذي جَلَدٍ مِلَزّ
__________
(3) . قوله [وقد لحز إلخ] اللحز، بسكون الحاء، بمعنى الإلحاح من باب منع. واللحز، محركة، بمعنى الشح من باب فرح كما في القاموس
(4) . كذا بياض بالأصل(5/404)
هَكَذَا أَنشده الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: وإِنما خُفِضَ عَلَى الْجِوَارِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لِزاز خَصِمٌ، وجعلتُ فُلَانًا لِزازاً لِفُلَانٍ أَي لَا يَدَعُهُ يُخَالِفُ وَلَا يُعاندُ، وَكَذَلِكَ جَعَلْتُهُ ضَيْزَناً لَهُ أَي بُنْداراً عَلَيْهِ ضاغِطاً عَلَيْهِ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرَيْنِ إِذا قُرِنا فِي قَرَنٍ وَاحِدٍ قَدْ لُزَّا، وَكَذَلِكَ وَظِيفَا الْبَعِيرِ يُلَزَّانِ فِي القَيْد إِذا ضُيِّقَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وابنُ اللَّبُونِ، إِذا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ ... لن يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَناعِيسِ
والمُلَزَّزُ الخَلْقِ: المجتَمِعُه. وَرَجُلٌ مُلَزَّزُ الخَلْق أَي شَدِيدُ الْخَلْقِ مُنْضَمٌّ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ شَدِيدُ الأَسْرِ، وَقَدْ لَزَّزَه اللهُ ولازَزْتُه: لَاصَقْتُهُ. وَرَجُلٌ مِلَزٌّ: شَدِيدُ الْخُصُومَةِ لَزُومٌ لِمَا طَالَبَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَا امْرُؤٌ ذُو جَلَدٍ مِلَزُّ «5»
وكَزٌّ لَزٌّ: إِتباعٌ لَهُ، قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِنه لَكَزٌّ لَزٌّ إِذا كَانَ مُمْسِكًا. واللَّزِيزَةُ: مُجْتَمَعُ اللَّحْمِ مِنَ الْبَعِيرِ فَوْقَ الزَّوْرِ مِمَّا يَلِي المِلاطَ؛ وأَنشد:
ذِي مِرْفَقٍ ناءٍ عَنِ اللَّزائِز
واللَّزائِزُ: الجَناجِنُ؛ قَالَ إِهابُ بْنُ عُمير:
إِذا أَردتَ السَّيْرَ فِي المَفاوِزِ ... فاعْمِدْ لَهَا ببازِلٍ تُرامِزِ
ذِي مِرْفَقٍ بانَ عَنِ اللَّزائِزِ
التُّرامز: الْجَمَلُ الْقَوِيُّ، يُقَالُ: جَمَلٌ تُرامِزٌ؛ قَالَ أَبو بَكْرِ بنُ السَّرَّاج: التَّاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ وَوَزْنُهُ تُفاعلٌ، وأَنكره عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي وَقَالَ: التَّاءُ أَصلية وَوَزْنُهُ فُعالِلٌ مِثْلُ عُذافِرٍ لِقِلَّةِ تَفَاعُلٍ، وكونِ التَّاءِ لَا يُقْدَمُ عَلَى زِيَادَتِهَا إِلا بِدَلِيلٍ. ابْنُ الأَعرابي: عَجُوز لَزُوزٌ وكَيِّسٌ لَيِّسٌ. وَيُقَالُ: لِزُّ شَرٍّ ولَزُّ شَرٍّ ولِزازُ شَرٍّ ونِزُّ شَرٍّ ونِزازُ شَرٍّ ونَزِيزُ شَرٍّ. ولَزَّه لَزّاً: طَعَنَهُ. ولِزازٌ: اسْمُ رَجُلٍ. ولِزازٌ: اسْمُ فَرَسِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُمِّيَ بِهِ لِشِدَّةِ تَلَزُّزه وَاجْتِمَاعِ خَلْقِه. ولَزَّ بِهِ الشيءُ أَي لَصِقَ بِهِ كأَنه يَلْتَزِقُ بِالْمَطْلُوبِ لِسُرْعَتِهِ.
لعز: لَعَزَتِ الناقةُ فَصيلها: لطَعَتْهُ بِلِسَانِهَا؛ واللَّعْزُ: كِنَايَةٌ عَنِ النِّكَاحِ؛ ولَعَزَها يَلْعَزُها لَعْزاً: نَكَحَهَا، سُوقِيَّة غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ مِنَ كَلَامِ أَهل الْعِرَاقِ.
لغز: أَلْغَزَ الكلامَ وأَلْغَزَ فِيهِ: عَمَّى مُرادَه وأَضْمَرَه عَلَى خِلَافِ مَا أَظهره. واللُّغَّيْزَى، بِتَشْدِيدِ الْغَيْنِ، مِثْلَ اللَّغَز وَالْيَاءُ لَيْسَتْ لِلتَّصْغِيرِ لأَن يَاءَ التَّصْغِيرِ لَا تَكُونُ رَابِعَةً، وإِنما هِيَ بِمَنْزِلَةِ خُضَّارَى لِلزَّرْعِ، وشُقَّارَى نَبْتٌ. واللُّغْزُ واللُّغَزُ واللَّغَزُ: مَا أُلْغِزَ مِنْ كَلَامٍ فَشُبِّه مَعْنَاهُ، مِثْلَ قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده الفراءُ:
وَلَمَّا رأَيتُ النَّسْرَ عَزَّ ابْنَ دَأْيَةٍ ... وعَشَّشَ فِي وَكْرَيْهِ، جاشَتْ لَهُ نَفْسي
أَراد بِالنَّسْرِ الشَّيْبَ شَبَّهَهُ بِهِ لِبَيَاضِهِ، وَشَبَّهَ الشَّبَابَ بِابْنِ دَأْيَةَ، وَهُوَ الْغُرَابُ الأَسود، لأَن شَعْرَ الشَّبَابِ أَسود. واللُّغَزَ: الْكَلَامُ المُلَبَّس. وَقَدْ أَلْغَزَ فِي كَلَامِهِ يُلْغِزُ إِلغازاً إِذا ورَّى فِيهِ وعَرَّضَ ليَخْفَى،
__________
(5) . روي هذا الشطر في صفحة 404 معرباً بالخفض.(5/405)
وَالْجَمْعُ أَلغاز مِثْلَ رُطَب وأَرطاب. واللُّغْزُ واللَّغْزُ واللُّغَزُ واللُّغَيْزَى والإِلْغازُ، كُلُّهُ: حُفْرَةٌ يَحْفِرُهَا اليَرْبُوع فِي جُحْرِه تَحْتَ الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ جُحْر الضَّبِّ والفأْرِ واليَرْبُوع بَيْنَ القاصِعاءِ والنَّافِقاءِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن هَذِهِ الدَّوَابَّ تَحْفُرُهُ مُسْتَقِيمًا إِلى أَسفل، ثُمَّ تَعْدِلُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ عُروضاً تَعْتَرِضُهَا تُعَمِّيهِ ليخفَى مكانُه بِذَلِكَ الإِلغاز، وَالْجَمْعُ أَلغازٌ، وَهُوَ الأَصل فِي اللَّغَزِ. واللُّغَيْزَى واللُّغَيْزاءُ والأُلْغوزَة: كاللَّغَزِ. يُقَالُ: أَلْغَزَ اليَرْبُوع إِلْغَازًا فَيَحْفِرُ فِي جَانِبٍ مِنْهُ طَرِيقًا وَيَحْفِرُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ طَرِيقًا، وَكَذَلِكَ فِي الْجَانِبِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ، فإِذا طَلَبَهُ البَدَوِيُّ بِعَصَاهُ مِنْ جَانِبٍ نَفَقَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ. ابْنُ الأَعرابي: اللُّغَزُ الحَفْرُ الْمُلْتَوِي. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه مرَّ بِعَلْقَمَةَ بْنِ القَعْواء يُبَايِعُ أَعرابيّاً يُلْغِزُ لَهُ فِي الْيَمِينِ، ويَرَى الأَعرابيُّ أَنه قَدْ حَلَفَ لَهُ، ويَرَى علقمةُ أَنه لَمْ يَحْلِفْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا هَذِهِ الْيَمِينُ اللُّغَيْزاءُ
اللُّغَيْزَاءُ، مَمْدُودٌ: مِنَ اللُّغَزِ، وَهِيَ جِحَرَةُ الْيَرْبُوعِ تَكُونُ ذَاتَ جِهَتَيْنِ يَدْخُلُ مِنْ جِهَةٍ وَيَخْرُجُ مِنْ أُخرى فَاسْتُعِيرَ لِمَعَارِيضِ الْكَلَامِ ومَلاحته. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ اللُّغَّيْزى، مُثَقَّلَةُ الْغَيْنِ، جَاءَ بِهَا سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ مَعَ الخُلَّيْطَى وَهِيَ فِي كِتَابِ الأَزهري مُخَفَّفَةٌ؛ قَالَ: وَحَقُّهَا أَن تَكُونَ تَحْقِيرَ الْمُثَقَّلَةِ كَمَا يُقَالُ فِي سُكَيْتٍ إِنه تَحْقِيرُ سِكِّيتٍ، والأَلْغازُ: طُرُقٌ تَلْتَوِي وتُشْكِلُ عَلَى سَالِكِهَا. وَابْنُ أَلْغَزَ: رجلٌ. وَفِي الْمَثَلِ: فُلَانٌ أَنْكَح مِنِ ابْنِ أَلْغَزَ، وَكَانَ رَجُلًا أُوتيَ حَظًّا مِنَ الْبَاهِ وبَسْطَةً فِي الغَشْيَة، فَضَرَبَتْهُ الْعَرَبُ مَثَلًا فِي هَذَا الْبَابِ، فِي باب التشبيه.
لقز: لَقَزَه لَقْزاً: كَلَكَزَه.
لكز: لَكَزَهُ يَلْكُزُه لَكْزاً: وَهُوَ الضَّرْبُ بالجُمْعِ فِي جَمِيعِ الْجَسَدِ، وَقِيلَ: اللَّكْزُ هُوَ الوَجْءُ فِي الصَّدْرِ بجُمْع الْيَدِ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَنَكِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لكَزَني لَكْزَةً
، قَالَ: اللَّكْزُ الدَّفْعُ فِي الصَّدْرِ بِالْكَفِّ، ولَقَزَه ولَكَزَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وأَنشد:
لَوْلَا عِذارٌ للَكَزْتُ كَرْزَمَهْ
قَالَ الأَزهري: ولُكَيْز قَبِيلَةٌ مِنْ رَبِيعَةَ، وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: يَحْمِلُ شَنٌّ ويُفَدَّى لُكَيْزٌ، وَلَهُ قِصَّةٌ، وَهُمَا ابْنا أَفْصَى بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ بْنِ أَفصى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَدِيلَة، يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يُعَانِي مِرَاسَ الْعَمَلِ فَيُحْرَمُ ويَحْظَى غَيْرُهُ فَيُكْرَمُ.
لمز: اللَّمْزُ: كالغَمْز فِي الْوَجْهِ تَلْمِزُه بِفِيكَ بِكَلَامٍ خَفِيٍّ، قَالَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ
، أَي يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ. وَرَجُلٌ لُمَزَةٌ: يَعِيبُكَ فِي وَجْهِكَ، وَرَجُلٌ هُمَزَةٌ: يَعِيبُكَ بِالْغَيْبِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الهُمَزَةُ اللُّمَزَةُ الَّذِي يَغْتَابُ النَّاسَ ويَغُضُّهم، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والأَصل فِي الهَمْزِ واللَّمْزِ الدَّفْعُ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ هَمَزْتُه ولَمَزْتُه ولَهَزْتُه إِذا دَفَعْتُهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الهَمْزُ واللَّمْزُ والمَرْزُ واللَّقْسُ النَّقْسُ الْعَيْبُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الهَمَّازُ واللَّمَّازُ النَّمَّامُ. وَيُقَالُ: لَمَزَه يَلْمِزُه لَمْزاً إِذا دَفَعَهُ وَضَرَبَهُ. واللَّمْزُ: الْعَيْبُ فِي الْوَجْهِ، وأَصله الإِشارة بِالْعَيْنِ والرأْس وَالشَّفَةِ مَعَ كَلَامٍ خَفِيٍّ، وَقِيلَ: هُوَ الِاغْتِيَابُ، لَمَزَه يَلْمِزُه ويَلْمُزُهُ، وقرىءَ بِهِمَا قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ
. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ
، وَكَانُوا عَابُوا(5/406)
أَصحاب رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي صَدَقَاتٍ أَتوه بِهَا. وَرَجُلٌ لَمَّاز ولُمَزَة أَي عَيَّاب، وَكَذَلِكَ امرأَة لُمَزَة، الْهَاءُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ لَا للتأْنيث، وهُمَزَة وعَلَّامَة فِي مَوْضِعِهِمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعوذ بِكَ مِنْ هَمْزِ الشَّيْطَانِ ولَمْزِه
، اللَّمْزُ الْعَيْبُ وَالْوُقُوعُ فِي النَّاسِ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَيْبُ فِي الْوَجْهِ، والهَمْزُ الْعَيْبُ بِالْغَيْبِ. ولَمَزَ الرجلَ: دَفَعَه وضربه.
لهز: لَهَزَه الشيءُ يَلْهَزُه لَهْزاً: ظَهَرَ فِيهِ. ولَهَزَهُ يَلْهَزُه لَهْزاً ولَهَّزَه: ضَرَبَهُ بِجُمْعِه فِي لَهازمه وَرَقَبَتِهِ، وَقِيلَ: اللَّهْزُ الدَّفْعُ وَالضَّرْبُ، واللَّهْزُ: الضَّرْبُ بِجُمْعِ الْيَدِ فِي الصَّدْرِ وَفِي الْحَنَكِ مِثْلُ اللَّكْزِ: ولَهَزْتُ القومَ أَي خَالَطْتُهُمْ وَدَخَلْتُ بَيْنَهُمْ. ولَهَزَه القَتِيرُ أَي خَالَطَهُ الشَّيْبُ، فَهُوَ مَلْهُوزٌ ثُمَّ هُوَ أَشْمَطُ ثُمَّ أَشْيَبُ، ولَهَزَه الشَّيْبُ ولَهْزَمَه بِمَعْنًى. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ أَوَّلَ مَا يَظْهَرُ فِيهِ الشيبُ قَدْ لَهَزَه الشيبُ ولَهْزَمَه يَلْهَزُه ويُلَهْزِمُه. قَالَ الأَزهري: وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
لَهْزمَ خَدَّيَّ بِهِ مُلَهْزِمُه
ولَهَزَ الفصيلُ أُمه يَلْهَزُها لَهزاً: ضَرَبَ ضَرْعها عِنْدَ الرَّضاع بِفِيهِ ليَرْضَعَ. ولَهَزَه بِالرُّمْحِ: طَعَنَهُ بِهِ فِي صَدْرِهِ. وَجَمَلٌ مَلْهُوز إِذا وُسِمَ فِي لِهْزِمَتِه. وَقَدْ لَهَزْتُ الْبَعِيرَ، فَهُوَ مَلْهُوزٌ، إِذا وَسَمْتَهُ تِلْكَ السِّمَةَ، وَقَالَ الْجُمَيْحُ:
مَرَّت براكبِ مَلْهُوزٍ فَقَالَ لَهَا ... ضُرِّي جُمَيْحاً، ومَسِّيه بتَعْذيبِ
ودائرةُ اللَّاهِز: الَّتِي تَكُونُ عَلَى اللِّهْزِمَةِ وتُكره، وَذَكَرَهَا أَبو عُبَيْدَةَ فِي الْخَيْلِ. ابْنُ بُزُرج: اللَّهْزُ فِي العُنق، واللَّكْزُ بجُمعك فِي عُنُقِهِ وَصَدْرِهِ. الأَصمعي: لَهَزْتُه وبَهَزْتُه ولَكَمْته إِذا دَفَعْتَهُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: البَهْزُ واللَّهْزُ والوَكْزُ وَاحِدٌ. الْكِسَائِيُّ: لَهَزَه وبَهَزَه ومَهَزَه ونَهَزَه ونَحَزَه وبَحَزَه ومَحَزَه ووكَزَه وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا نُدِبَ الميتُ وُكِّلَ بِهِ مَلَكَانِ يَلْهَزانه
أَي يَدْفَعَانِهِ وَيَضْرِبَانِهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مَيْمُونَةَ: لَهَزْتُ رَجُلًا فِي صَدْرِهِ.
وَفِي حَدِيثِ شَارِبِ الْخَمْرِ:
يَلْهَزُه هَذَا وَهَذَا
، وَالرَّجُلُ مِلْهَزٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، قَالَ الرَّاجِزُ:
أَكُلَّ يومٍ لَكَ شاطنانِ ... عَلَى إِزاءِ البئرِ مِلْهَزانِ
إِذا يَفُوتُ الضَّرْبُ يَحْذِفَانِ
واللَّهِزُ: الشديدُ، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ فَرَسًا:
وحاجِبٍ خاضِعٍ وماصِعٍ لَهِزٍ ... والعينُ يكْشفُ عَنْهَا ضَافِي الشَّعَر
الضَّافِي: السَّابِغُ الْمُسْتَرْخِي، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا عِنْدَهُمْ غَلَطٌ لأَن كَثْرَةَ الشَّعَرِ مِنَ الهُجْنةِ، وَقَدْ لُهِزَ الفرسُ لَهْزاً، وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعرابي فِي صِفَةِ فَرَسٍ: لُهِزَ لَهْزَ العَيْرِ وأُنِّفَ تَأْنيفَ السَّيْرِ أَي ضُبِّرَ تَضْبِيرَ العَيْر وقُدَّ قَدَّ السَّيْر المُسْتَوِي. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اللَّاهِزَة الأَكمة إِذا شَرَعَتْ فِي الْوَادِي وانْعَرَجَ عَنْهَا. النَّضِرُ: اللاهِزُ الْجَبَلُ يَلْهَزُ الطريقَ ويَضُرُّ بِهِ، وَكَذَلِكَ الأَكمة تَضُرُّ بِالطَّرِيقِ، وإِذا اجْتَمَعَتِ الأَكمتان أَو الْتَقَى الْجَبَلَانِ حَتَّى يَضِيقَ مَا بَيْنَهُمَا كَهَيْئَةِ الزُّقاق فَهُمَا لاهِزانِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَلْهَزُ صَاحِبَهُ. وَقَدْ سَمَّوْا لاهِزاً ولَهَّازاً ومِلْهَزاً.
لوز: اللَّوْزُ: مَعْرُوفٌ مِنَ الثِّمَارِ، عَرَبِيٌّ وَهُوَ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ، اسْمٌ للجنس، الواحدة لَوْزَة. وأَرض(5/407)
مَلازَة: فِيهَا أَشجار مِنَ اللَّوْزِ، وَقِيلَ: هُوَ صِنْفٌ مِنَ المِزْجِ، والمِزْجُ: مَا لَمْ يُوصَلْ إِلى أَكله إِلَّا بِكَسْرٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَا دَقَّ مِنَ المِزْجِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: القُمْرُوصُ اللَّوزُ والجِلَّوْزُ البُنْدُقُ. وَرَجُلٌ مُلَوَّز إِذا كَانَ خَفِيفَ الصُّورَةِ. وَفُلَانٌ عَوِزٌ لَوِزٌ: إِتباع لَهُ. واللَّوْزِيْنَجُ: مِنَ الْحَلْوَاءِ شِبْهُ الْقَطَائِفِ تُؤْدَمُ بِدُهْنِ اللَّوْزِ، وَاللَّهُ أَعلم
فصل الميم
متز: ابْنُ دُرَيْدٍ: مَتَزَ فلانٌ بسَلْحِه إِذا رَمَى بِهِ، قَالَ: ومَتَسَ بِهِ مِثْلُهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسمعها لغيره.
محز: المَحْزُ: النِّكَاحُ. مَحَزَ المرأَة مَحْزاً: نَكَحَهَا؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
مَحَزَ الفَرَزْدَقُ أُمَّه مِنْ شَاعِرٍ
قَالَ الأَزهري: وقرأَت بِخَطِّ شَمِرٌ:
رُبَّ فَتَاةٍ مِنْ بَنِي العِنازِ ... حَيَّاكَةٍ، ذاتِ هَنٍ كِنازِ
ذِي عَقَدَيْنِ مُكْلَئِزٍّ نَازِي ... تَأَشُّ للقُبْلَةِ والمِحازِ «1»
أَراد بِالْمِحَازِ: النَّيْكَ وَالْجِمَاعُ. والمَاحُوزُ: ضَرْبٌ مِنَ الرَّياحين وَيُقَالُ لَهُ: مَرْوُ ماحُوزِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمْ نَزَلْ مُفْطِرين حَتَّى بَلَغْنَا ماحُوزَنا
؛ قِيلَ: هُوَ مَوْضِعُهُمُ الَّذِي أَرادوه، وأَهل الشَّامِ يُسَمُّونَ الْمَكَانَ الَّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ وَفِيهِ أَساميهم ومَكاتبُهم: ماحُوزاً، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ حُزْتُ الشيءَ أَحْرَزْتُه، وَتَكُونُ الْمِيمَ زَائِدَةٌ. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الأَزهري لَوْ كَانَ مِنْهُ لَقِيلَ مَحازَنا ومَحُوزَنا؛ قَالَ: وأَحسبه بِلُغَةٍ غَيْرِ عربية.
مرز: مَرَزَه يَمْرُزُه مَرْزاً: قَرَصَهُ، وَقِيلَ: هُوَ دُونَ الْقَرْصِ، وَقِيلَ: هُوَ أَخذ بأَطراف الأَصابع، قَلِيلًا كَانَ أَو كَثِيرًا، وقيل: مَرَزْتُه أَمْرُزُه إِذا قَرَصْتَهُ قَرْصًا رَفِيقًا لَيْسَ بالأَظفار، فإِذا أَوْجَعَ المَرْزُ فَهُوَ حِينَئِذٍ قَرْصٌ عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ. ومَرَزَ الصبيُّ ثَدْيَ أُمه مَرْزاً: عَصَرَهُ بأَصابعه فِي رَضاعِه، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الثَّدْيُ المِرازَ لِذَلِكَ. والمِرْزَةُ: القطعة من العجبن، مَرَزَها يَمْرُزُها مَرْزاً: قَطَعَهَا. وَيُقَالُ: امرُزْ لِي مِنْ هَذَا الْعَجِينِ مِرْزَةً أَي اقْطَعْ لِي مِنْهُ قِطْعة. وامْتَرَزَ مِنْ مَالِهِ مِرْزَةً ومَرْزَةً: نَالَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ امْتَرَزَ مِنْ عِرْضه وامْتَرَزَهُ. وعِرْضٌ مَرِيزٌ: مَنِيلٌ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: عِرْض مَرِيزٌ ومُمْتَرَزٌ مِنْهُ أَي قَدْ نِيلَ مِنْهُ. والمَرْزُ: الْعَيْبُ والشَّيْنُ. والمَرْزُ: الضَّرْبُ بِالْيَدِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه أَراد أَن يَشْهَدَ جِنَازَةَ رَجُلٍ وَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَمَرَزَه حُذَيْفَةُ
أَي قَرَصَهُ بأَصابعه لِئَلَّا يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، كأَنه أَراد أَن يَكُفَّهُ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا لأَن الْمَيِّتَ كَانَ مُنَافِقًا عِنْدَهُ، وَكَانَ حُذَيْفَةُ يَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ. ومارَزَ الرجلَ: كمارَسَه، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمَرْزُ: الحُبَاسُ الَّذِي يَحْبِسُ الماءَ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْجَمْعُ مُروزٌ.
مزز: المِزُّ، بِالْكَسْرِ: القَدْرُ. والمِزُّ: الْفَضْلُ، وَالْمَعْنَيَانِ مُقْتَرِبَانِ. وشيءٌ مِزٌّ ومَزِيزٌ وأَمَزُّ أَي فَاضِلٌ. وَقَدْ مَزَّ يَمَزُّ مَزازَةً ومَزَّزَه: رأَى له فضلًا
__________
(1) . قوله [ذي عقدين] تثنية عقد، بالتحريك، والذي تقدم في كلز ذي عضدين.(5/408)
أَو قَدْراً. ومَزَّزَه بِذَلِكَ الأَمر: فَضَّلَهُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
لَكَانَ أُسْوَةَ حَجَّاجٍ وإِخْوَتِهِ ... فِي جُهْدِنا، وَلَهُ شَفٌّ وتَمْزِيز
كأَنه قَالَ: ولَفَضَّلْتُه عَلَى حَجَّاجٍ وإِخوته، وَهُمْ بَنُو المُتَنَخِّلِ. وَيُقَالُ: هَذَا شيءٌ لَهُ مِزٌّ عَلَى هَذَا أَي فَضْلٌ. وَهَذَا أَمَزُّ مِنْ هَذَا أَي أَفضل. وَهَذَا لَهُ عليَّ مِزٌّ أَي فَضْلٌ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: إِذا كَانَ الْمَالُ ذَا مِزٍّ فَفَرِّقْه فِي الأَصناف الثَّمَانِيَةِ، وإِذا كَانَ قَلِيلًا فَأَعْطِه صِنْفًا وَاحِدًا
؛ أَي إِذا كَانَ ذَا فَضْلٍ وَكَثْرَةٍ. وَقَدْ مَزَّ مَزَازَة، فَهُوَ مَزِيزٌ إِذا كَثُرَ. وَمَا بَقِيَ فِي الإِناءِ إِلَّا مَزَّةٌ أَي قَلِيلٌ. والمَزُّ: اسْمُ الشيءِ المَزِيز، وَالْفِعْلُ مزَّ يَمَزُّ، وَهُوَ الَّذِي يَقَعُ مَوْقِعًا فِي بَلَاغَتِهِ وَكَثْرَتِهِ وجَوْدَته. اللَّيْثُ: المُزُّ مِنَ الرُّمَّان مَا كَانَ طَعْمُهُ بَيْنَ حُموضةٍ وَحَلَاوَةٍ، والمُزُّ بَيْنَ الْحَامِضِ والحُلْو، وَشَرَابٌ مُزٌّ بَيْنَ الحُلْو وَالْحَامِضِ. والمُزُّ والمُزَّةُ والمُزَّاءُ: الْخَمْرُ اللَّذِيذَةُ الطَّعْمِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلَذْعِهَا اللِّسَانَ، وَقِيلَ: اللَّذِيذَةُ المَقْطَع؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ الْفَارِسِىُّ: المُزَّاءُ عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ، والمُزَّاءُ اسْمٌ لَهَا، وَلَوْ كَانَ نَعْتًا لَقِيلَ مَزَّاءُ، بِالْفَتْحِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَهل الشَّامِ يَقُولُونَ هَذِهِ خَمْرَةٌ مُزَّةٌ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُزَّةُ والمُزَّاءُ الْخَمْرُ الَّتِي تَلْذَعُ اللِّسَانَ وَلَيْسَتْ بِالْحَامِضَةِ؛ قَالَ الأَخطل يَعِيبُ قَوْمًا:
بِئْسَ الصُّحاةُ وبِئْسَ الشَّرْبُ شَرْبُهُمُ ... إِذا جَرَتْ فيهمُ المُزَّاءُ والسَّكَرُ
وَقَالَ ابْنُ عُرْسٍ فِي جُنَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُزِّي:
لَا تَحْسَبَنَّ الحَرْبَ نَوْمَ الضُّحَى ... وشُرْبَك المُزَّاءَ بالبَارِدِ
فَلَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ قَالَ: كَذَبَ عليَّ وَاللَّهِ مَا شَرِبْتُهَا قَطُّ؛ المُزَّاءُ: مِنْ أَسماء الْخَمْرِ يَكُونُ فُعَّالًا مِنَ المَزِيَّةِ وَهِيَ الْفَضِيلَةُ، تَكُونُ مِنْ أَمْزَيْتُ فُلَانًا عَلَى فُلَانٍ أَي فَضَّلْتُهُ. أَبو عُبَيْدٍ: المُزَّاءُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّرَابِ يُسكر، بِالضَّمِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهِيَ فُعَلاءُ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ، فأَدغم لأَن فُعْلاءَ لَيْسَ مِنْ أَبنيتهم. وَيُقَالُ: هُوَ فُعَّال مِنَ الْمَهْمُوزِ؛ قَالَ: وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ لأَن الِاشْتِقَاقَ لَيْسَ يَدُلُّ عَلَى الْهَمْزِ كَمَا دَلَّ فِي القُرَّاء والسُّلَّاء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ، وَهُوَ فُعَلاءُ فأَدغم، قَالَ: هَذَا سَهْوٌ لأَنه لَوْ كَانَتِ الْهَمْزَةُ للتأْنيث لَامْتَنَعَ الِاسْمُ مِنَ الصَّرْفِ عِنْدَ الإِدغام كَمَا امْتَنَعَ قَبْلَ الإِدغام، وإِنما مُزَّاءٌ فُعْلاءٌ مِنَ المزِّ، وَهُوَ الْفَضْلُ: وَالْهَمْزُ فِيهِ للإِلحاق، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قُوباءٍ فِي كَوْنِهِ عَلَى وَزْنِ فُعْلاءٍ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مُزَّاء فُعَّالًا مِنَ المَزِيَّةِ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدِ، لأَنه يُقَالُ: هُوَ أَمْزَى مِنْهُ وأَمَزُّ مِنْهُ أَي أَفضل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَخشى أَن تَكُونَ المُزَّاءَ الَّتِي نَهَيْتُ عَنْهَا عبدَ القَيْس
، وَهِيَ فُعْلاءٌ مِنَ المَزازَة أَو فُعَّالٌ مِنَ المَزِّ الفَضْلِ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَلا إِنَّ المُزَّاتِ حرامٌ
، يَعْنِي الْخُمُورَ، وَهِيَ جَمْعُ مُزَّةٍ الخَمْر الَّتِي فِيهَا حُمُوضَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا المُزَّاءُ، بِالْمَدِّ أَيضاً، وَقِيلَ: هِيَ مِنْ خِلْطِ البُسْرِ والتَّمْرِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: المُزَّةُ الْخَمْرَةُ الَّتِي فِيهَا مَزَازَةٌ، وَهُوَ طَعْمٌ بَيْنَ الْحَلَاوَةِ وَالْحُمُوضَةِ؛ وأَنشد:
مُزَّة قَبْلَ مَزْجِها، فإِذا مَا ... مُزِجَتْ، لَذَّ طَعْمُها مَنْ يَذُوقُ
وَحَكَى أَبو زَيْدٍ عَنِ الْكِلَابِيِّينَ: شَرابكم مُزٌّ وَقَدْ مَزَّ(5/409)
شَرَابُكُمْ أَقبح المَزازَة والمُزُوزَة، وَذَلِكَ إِذا اشْتَدَّتْ حُمُوضَتُهُ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: المَزَّة، بِفَتْحِ الْمِيمِ، الْخَمْرُ، وأَنشد للأَعشى:
نازَعْتهم قُضُبَ الرَّيْحانِ مُتَّكِئاً ... وقَهْوَةً مُزَّةً، راوُوقُها خَضِلُ
قَالَ: وَلَا يُقَالُ مِزَّةٌ، بِالْكَسْرِ؛ وَقَالَ حَسَّانُ:
كأَنَّ فَاهَا قَهْوَةٌ مَزَّةٌ ... حَدِيثةُ العَهْدِ بِفَضِّ الخِتام
الْجَوْهَرِيُّ: المُزَّة الْخَمْرُ الَّتِي فِيهَا طَعْمُ حُمُوضَةٍ وَلَا خَيْرَ فِيهَا. أَبو عَمْرٍو: التَّمَزُّزُ شُرْبُ الشَّرَابِ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَهُوَ أَقل مِنَ التَّمَزُّرِ، وَقِيلَ هُوَ مِثْلُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الْعَالِيَةِ: اشْرَبِ النبيذَ وَلَا تُمَزِّزْ هَكَذَا
، رُوِيَ مَرَّةً بِزَايَيْنِ، وَمَرَّةً بِزَايٍ وَرَاءٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. ومَزَّه يَمُزُّه مَزًّا أَي مَصَّه. والمَزَّة: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُحَرِّمُ المَزّةُ وَلَا المَزَّتانِ
، يَعْنِي فِي الرَّضاع. والتَّمَزُّزُ: أَكلُ المُزِّ وشُرْبُه. والمَزَّةُ: المَصَّةُ مِنْهُ. والمَزَّةُ: مِثْلُ الْمَصَّةِ مِنَ الرَّضَاعِ. وَرُوِيَ عن طاووس أَنه قَالَ: المَزَّة الْوَاحِدَةُ تُحَرِّمُ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: فَتُرْضِعُها جارتُها المَزّةَ والمَزَّتَيْنِ
أَي المصَّة وَالْمَصَّتَيْنِ. وتَمَزَّزْتُ الشيءَ: تَمَصَّصْتُهُ. والمَزْمَزَةُ والبَزْبَزَةُ: التَّحْرِيكُ الشَّدِيدُ. وَقَدْ مَزْمَزَه إِذا حَرَّكَهُ وأَقبل بِهِ وأَدبر؛ وَقَالَ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي سَكْرَانٍ أُتيَ بِهِ: تَرْتِرُوه ومَزْمِزُوهُ أَي حَرِّكُوهُ لِيُسْتَنْكَهَ، ومَزْمِزُوه هُوَ أَن يحرَّك تَحْرِيكًا عَنِيفًا لَعَلَّهُ يُفِيقُ مِنْ سُكره ويَصْحُو. ومَزْمَزَ إِذا تَعْتَعَ إِنساناً.
مضز: نَاقَةٌ مَضُوزٌ: مُسِنَّة كضَمُوزِ.
مطز: المَطْزُ: كِنَايَةٌ عَنِ النِّكَاحِ كَالْمَصْدَرِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بثبت.
معز: الماعِزُ: ذُو الشَّعَر مِنَ الْغَنَمِ خِلَافُ الضأْن، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ، وَهِيَ العَنْزُ، والأُنثى ماعِزَةٌ ومِعْزاة، وَالْجَمْعُ مَعْزٌ ومَعَزٌ ومَواعِزُ ومَعِيزٌ، مِثْلَ الضَّئِين، ومِعازٌ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
فَصَلَّيْنا بِهِمْ وسَعَى سِوانا ... إِلى البَقَرِ المُسَيَّبِ والمِعازِ
وَكَذَلِكَ أُمْعُوزٌ ومِعْزَى؛ ومِعْزَى: أَلفه مُلْحِقَةٌ لَهُ بِبِنَاءٍ هِجْرَعٍ وَكُلُّ ذَلِكَ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: سأَلت يُونُسَ عَنْ مِعْزَى فِيمَنْ نوَّن، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَن مِنَ الْعَرَبِ مَنْ لَا ينوِّن؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مِعْزَى تُصْرَفُ إِذا شُبِّهَتْ بِمِفْعَل وَهِيَ فِعْلَى، وَلَا تُصْرَفُ إِذا حُمِلَتْ عَلَى فِعْلَى وَهُوَ الْوَجْهُ عِنْدَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ فِعْلَى لَا يُصْرَفُ؛ قَالَ:
أَغارَ عَلَى مِعْزايَ، لَمْ يَدْرِ أَنني ... وصَفْراءَ مِنْهَا عَبْلَةَ الصَّفَواتِ
أَراد لَمْ يَدْرِ أَنني مَعَ صَفْرَاءَ، وَهَذَا مِنْ بَابِ: كلُّ رجلٍ وضَيْعَتُه، وأَنت وشَأْنُكَ؛ كَمَا قِيلَ لِلْمُحَمَّرَةِ «2» مِنْهَا عَاتِكَةٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: مَعْزًى مُنَوَّنٌ مَصْرُوفٌ لأَن الأَلف للإِلحاق لَا للتأْنيث، وَهُوَ مُلْحَقٌ بِدِرْهَمٍ عَلَى فِعْلَلٍ لأَن الأَلف المُلْحِقَةَ تَجْرِي مَجْرَى مَا هُوَ من نفس الكلم، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ مُعَيْزٍ وأُرَيْطٍ فِي تَصْغِيرِ مِعْزًى وأَرْطًى فِي قَوْلِ مَنْ نوَّن فَكَسَرَ، وأَما بَعْدَ يَاءِ التَّصْغِيرِ كَمَا قَالُوا دُرَيْهِم، وَلَوْ كَانَتْ
__________
(2) . قوله [كما قيل للمحمرة إلخ] كذا بالأصل ولعل قبل كما سقطاً(5/410)
للتأْنيث لَمْ يَقْلِبُوا الأَلف يَاءً كَمَا لَمْ يُقَلِّبُوهَا فِي تَصْغِيرِ حُبْلَى وأُخرى. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: المَعْزَى مؤَنثة وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَهَا. وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ: أَن الذِّفْرى أَكثر الْعَرَبِ لَا ينوِّنها وَبَعْضُهُمْ يُنَوِّنُ، قَالَ: وَالْمِعْزَى كُلُّهُمْ ينوِّنونها فِي النَّكِرَةِ. قَالَ الأَزهري: الْمِيمُ فِي مِعْزًى أَصلية، وَمَنْ صَرَفَ دُنْيَا شَبَّهَهَا بِفُعْلَلٍ، والأَصل أَن لَا تُصْرَفَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا آتِيكَ مِعْزَى الفِرْزِ أَي أَبداً؛ موضعُ مِعْزَى الفِرْزِ نَصْبٌ عَلَى الظَّرْفِ، وأَقامه مَقَامَ الدَّهْرِ، وَهَذَا مِنْهُمُ اتِّسَاعٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ أَبو طِيبَةَ إِنما يُذْكَرُ مِعْزَى الفِرْزِ بالفُرْقَةِ، فَيُقَالُ: لَا يَجْتَمِعُ ذَاكَ حَتَّى تَجْتَمِعَ مِعْزَى الفِرْزِ، وَقَالَ: الفِرْزُ رَجُلٌ كَانَ لَهُ بنونَ يَرْعَوْنَ مِعْزاه فَتَواكَلُوا يَوْمًا أَي أَبَوْا أَن يُسَرِّحوها، قَالَ: فَسَاقَهَا فأَخرجها ثُمَّ قَالَ: هِيَ النُّهَيْبَى والنُّهَيْبَى أَي لَا يَحِلُّ لأَحد أَن يأْخذ مِنْهَا أَكثر مِنْ وَاحِدَةٍ. والماعِزُ: جِلْدُ المَعَزِ؛ قَالَ: الشَّمَّاخُ:
وبُرْدانِ مِنْ خالٍ، وسَبْعُونَ دِرْهَماً ... عَلَى ذاكَ مَقْرُوظٌ، مِنَ القَدِّ، ماعِزُ
قَوْلُهُ عَلَى ذَاكَ أَي مَعَ ذَاكَ. والمَعَّازُ: صَاحِبُ مِعْزًى؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الفقْعسي يَصِفُ إِبلًا بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَيُفَضِّلُهَا عَلَى الْغَنَمِ فِي شِدَّةِ الزَّمَانِ:
يَكِلْنَ كَيْلًا لَيْسَ بالمَمْحُوقِ ... إِذْ رَضِيَ المَعَّازُ باللَّعُوقِ
قَالَ الأَصمعي: قُلْتُ لأَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ: مِعْزَى مِنَ المَعَزِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وذِفْرَى مِنَ الذَّفَرِ فَقَالَ: نَعَمْ. وأَمْعَزَ القومُ: كَثُرَ مَعَزُهم. والأُمْعُوزُ: جَمَاعَةُ التُّيُوس مِنَ الظِّبَاءِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: الأُمْعُوزُ الثَّلَاثُونَ مِنَ الظِّبَاءِ إِلى مَا بَلَغَتْ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَطِيعُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ إِلى الأَربعين، وَقِيلَ: هِيَ الْجَمَاعَةُ مِنْ الأَوعال، وَقَالَ الأَزهري: الأُمْعُوز جَمَاعَةُ الثَّياتِلِ مِنَ الأَوْعال، والماعِزُ مِنَ الظِّبَاءِ خِلَافَ الضَّائِنِ لأَنهما نَوْعَانِ. والأَمْعَزُ والمَعْزاءُ: الأَرض الحَزْنَةُ الغليظةُ ذَاتُ الْحِجَارَةِ، وَالْجَمْعِ الأَماعِزُ والمُعْزُ، فَمَنْ قَالَ أَماعِزُ فلأَنه قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَمَنْ قَالَ مُعْزٌ فَعَلَى تَوَهُّمِ الصِّفَةِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
جَمادٌ بِهَا البَسْباسُ يُرْهِصُ مُعْزُها ... بَناتِ المَخاضِ، والصَّلاقِمَةَ الحُمْرا
والمَعْزاءُ كالأَمْعَزِ، وَجَمْعُهَا مَعْزاواتٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي الْمُصَنَّفِ: الأَمْعَزُ والمَعْزاءُ الْمَكَانُ الْكَثِيرُ الحَصَى الصُّلْبُ، حَكَى ذَلِكَ فِي بَابِ الأَرض الْغَلِيظَةِ، وَقَالَ فِي بَابِ فَعْلاء: المَعْزاء الْحَصَى الصِّغَارُ، فَعَبَّرَ عَنِ الْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ المَعْزاء بِالْحَصَى الَّذِي هُوَ الْجَمْعُ؛ وأَرض مَعْزاء بَيِّنَةُ المَعَزِ. وأَمْعَزَ القومُ: صَارُوا فِي الأَمْعَزِ. وَقَالَ الأَصمعي: عِظامُ الرملِ ضَوائنُه ولِطافُه مَواعِزُه. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المَعْزاءُ الصَّحْرَاءُ فِيهَا إِشراف وَغِلَظٌ، وَهُوَ طِينٌ وَحَصًى مُخْتَلِطَانِ، غَيْرَ أَنها أَرض صُلْبَةٌ غَلِيظَةُ المَوْطِئِ وإِشرافها قَلِيلٌ لَئِيمٌ، تَقُودُ أَدنى مِنَ الدَّعْوَة، وَهِيَ مَعِزَةٌ مِنَ النَّبَاتِ. والمَعَزُ: الصَّلابَةُ مِنَ الأَرض. وَرَجُلٌ مَعِزٌ وماعِزٌ ومُسْتَمْعِزٌ: جادٌّ فِي أَمره. وَرَجُلٌ ماعِزٌ ومَعِزٌ: مَعْصُوبٌ شَدِيدٌ الخَلْقِ. وَمَا أَمْعَزَه مِنْ رَجُلٍ أَي مَا أَشَدَّه وأَصلبه؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الرَّجُلُ الماعِزُ الشَّدِيدُ عَصْبِ الخَلْقِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: تَمَعْزَزُوا واخْشَوْشِنُوا
؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ،(5/411)
أَي كُونُوا أَشِدَّاء صُبُراً، مِنَ المَعَزِ وَهُوَ الشِّدَّةُ، وإِن جُعِلَ مِنَ العِزِّ، كَانَتِ الْمِيمُ زَائِدَةً مِثْلَهَا فِي تَمَدْرَعَ وتَمَسْكَنَ. قَالَ الأَزهري: رَجُلٌ ماعِزٌ إِذا كَانَ حَازِمًا مَانِعًا مَا وَرَاءَهُ شَهْماً، وَرَجُلٌ ضائِنٌ إِذا كَانَ ضَعِيفًا أَحمق، وَقِيلَ ضَائِنٌ كَثِيرُ اللَّحْمِ. ابْنُ الأَعرابي: المَعْزِيُّ الْبَخِيلُ الَّذِي يَجْمَعُ وَيَمْنَعُ، وَمَا أَمْعَزَ رأْيه إِذا كَانَ صُلْبَ الرأْي. وماعِزٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
وَيحَكَ يَا عَلْقَمَةُ بنَ ماعِزِ ... هَلْ لكَ فِي اللَّواقِحِ الحَرائِزِ؟
وأَبو ماعِزٍ: كُنْيَةُ رَجُلٍ. وبنو ماعِزٍ: بطن.
ملز: مَلَزَ الشيءُ عَنِّي مَلْزاً وامَّلَزَ ومَلَّزَ: ذَهَبَ. وتَمَلَّزَ مِنَ الأَمر تَمَلُّزاً وتَمَلَّسَ تَمَلُّساً: خَرَجَ مِنْهُ. وامَّلَزَ مِنَ الأَمر وامَّلَسَ إِذا انْفَلَتَ. وَقَدْ مَلَّزْتُه ومَلَّسْتُه إِذا فَعَلْتَ بِهِ ذَلِكَ تَمْلِيزاً فَتَمَلَّز. وَمَا كِدْتُ أَتَمَلَّصُ مِنْ فُلَانٍ وَلَا أَتَمَلَّزُ مِنْهُ أَي أَتَخَلَّص.
موز: اللَّيْثُ: إِذا أَراد الرَّجُلُ أَن يَضْرِبَ عُنُقَ آخَرَ فَيَقُولُ: أَخْرِجْ رأْسَك، فَقَدْ أَخطأَ، حَتَّى يَقُولَ مازِ رأْسك، أَو يَقُولَ: مازِ وَيَسْكُتُ، مَعْنَاهُ مُدَّ رأْسك؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف مازِ رأْسك بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا أَن يَكُونَ بِمَعْنَى مايِزْ فأَخر الْيَاءَ فَقَالَ: مازِ، وَسَقَطَتِ الْيَاءُ في الأَمر «1» . والمَوْزُ: معروف، الواحدة مَوْزَةٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المَوْزة تَنْبُتُ نباتَ البَرْدِيِّ وَلَهَا وَرَقَةٌ طَوِيلَةٌ عَرِيضَةٌ تَكُونُ ثَلَاثَةَ أَذرع فِي ذِرَاعَيْنِ وَتَرْتَفِعُ قَامَةً، وَلَا تَزَالُ فِرَاخُهَا تُنْبِتُ حَوْلَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَصغر مِنْ صَاحِبِهِ، فإِذا أَجْرَتْ قَطَعَتِ الأُم مِنْ أَصلها وأَطْلَعَ فَرْخُها الَّذِي كَانَ لَحِقَ بِهَا فَيَصِيرُ أُمًّا، وَتَبْقَى الْبَوَاقِي فِراخاً وَلَا تَزَالُ هَكَذَا، وَلِذَلِكَ قَالَ أَشْعَبُ لِابْنِهِ فِيمَا رَوَاهُ الأَصمعي: لِمَ لَا تَكُونُ مِثْلِي؟ فَقَالَ: مَثَلي كَمَثَلِ المَوْزَةِ لَا تَصْلُحُ حَتَّى تَمُوتَ أُمها؛ وَبَائِعُهُ: مَوَّازٌ.
ميز: المَيْزُ: التَّمْيِيزُ بَيْنَ الأَشياء. تَقُولُ: مِزْتُ بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ فأَنا أَمِيزُه مَيْزاً، وَقَدْ أَمازَ بعضَه مِنْ بَعْضٍ، ومِزْتُ الشيءَ أَمِيزُه مَيْزاً: عَزَلْتُهُ وفَرَزْتُه، وَكَذَلِكَ مَيَّزْتُه تَمْيِيزًا فانْمازَ. ابْنُ سِيدَهْ: مازَ الشيءَ مَيْزاً ومِيزَةً ومَيَّزَهُ: فَصَلَ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ
، قُرِئَ: يَمِيزَ مِنْ مازَ يَمِيزُ، وَقُرِئَ:
يُمَيِّزُ
مِنْ مَيَّزَ يُمَيِّزُ، وَقَدْ تَمَيَّزَ وامَّازَ واسْتَمازَ كُلُّهُ بِمَعْنًى، إِلَّا أَنهم إِذا قَالُوا مِزْتُه فَلَمْ يَنْمَزْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِمَا جَمِيعًا إِلا عَلَى هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ، كَمَا أَنهم إِذا قَالُوا زِلْتُه فَلَمْ يَنْزَلْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ إِلا عَلَى هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ لَا يَقُولُونَ مَيَّزْته فَلَمْ يَتَمَيَّزْ وَلَا زَيَّلْتُه فَلَمْ يَتَزَيَّلْ؛ وَهَذَا قَوْلُ اللِّحْيَانِيِّ. وتَمَيَّزَ القومُ وامْتازوا: صَارُوا فِي نَاحِيَةٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ
؛ أَي تَمَيَّزوا، وَقِيلَ: أَي انْفَرِدُوا عَنِ الْمُؤْمِنِينَ. واسْتَمازَ عَنِ الشَّيْءِ: تَبَاعَدَ مِنْهُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
إِبراهيم النَّخَعِيِّ: اسْتَمازَ رجلٌ عَنْ رَجُلٍ بِهِ بَلاءٌ فابْتُلِيَ بِهِ
أَي انْفَصَلَ عَنْهُ وَتَبَاعَدَ، وَهُوَ اسْتَفْعَلَ مِنَ المَيْزِ. ابْنُ الأَعرابي: مازَ الرجلُ إِذا انْتَقَلَ مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ. وَيُقَالُ: امْتاز القومُ إِذا تنحَّى عِصابَةٌ مِنْهُمْ نَاحِيَةً، وَكَذَلِكَ اسْتَمازَ،
__________
(1) . زاد في القاموس ابن الأَعرابي: أصله أن رجلًا أراد قتل رجل اسمه مازن، فقال: ماز رأسك والسيف، ترخيم مازن، فصار مستعملًا وتكلمت به الفصحاء(5/412)
قال الأَخطل:
فإِن لا تُعَيِّرْها قريشٌ بِمَلْكِها ... يَكُنْ عَنْ قُرَيْشٍ مُسْتَمازٌ ومَرْحَلُ
وَيُقَالُ: امتازَ القومُ إِذا تَمَيَّزَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَهْلِكُ أُمتي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمُ التَّمايُلُ والتَّمايُزُ
أَي يَتَحَزَّبُونَ أَحزاباً وَيَتَمَيَّزُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَيَقَعُ التَّنَازُعُ. يُقَالُ: مِزْتُ الشيءَ مِنَ الشيءِ إِذا فَرَّقْتَ بَيْنَهُمَا فانْمازَ وامْتازَ، ومَيَّزْتُه فَتَمَيَّزَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ مازَ أَذًى فالحسَنةُ بِعَشْرِ أَمثالها
أَي نَحَّاه وأَزاله؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ إِذا صَلَّى يَنْمازُ عَنْ مُصَلَّاه فَيَرْكَعُ
أَي يَتَحَوَّلُ عَنْ مُقامه الَّذِي صَلَّى فِيهِ. وتَمَيَّزَ مِنَ الغَيْظِ: تَقَطَّع. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ.
فصل النون
نبز: النَّبَزُ، بِالتَّحْرِيكِ: اللَّقَبُ، وَالْجَمْعُ الأَنْبازُ. والنَّبْزُ، بِالتَّسْكِينِ: المصدرُ. تَقُولُ: نَبَزَهُ يَنْبِزُه «1» نَبْزاً أَي لَقَّبَه، وَالِاسْمُ النَّبَزُ كالنَّزَبِ. وَفُلَانٌ يُنَبِّزُ بالصِّبْيان أَي يُلَقِّبُهم، شدِّد لِلْكَثْرَةِ. وتَنابَزُوا بالأَلقاب أَي لَقَّبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والتَّنابُزُ: التَّدَاعِي بالأَلقاب وَهُوَ يَكْثُرُ فِيمَا كَانَ ذَمًّا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن رَجُلًا كَانَ يُنْبَزُ قُرْقُوراً
أَي يُلَقَّبُ بِقُرْقُورٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: كَانُوا يَقُولُونَ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ: يَا يَهُودِيُّ وَيَا نَصْرَانِيُّ، فَنَهَاهُمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ ذَلِكَ؛ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ لَا يَقُولُ الْمُسْلِمُ لِمَنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَو يَهوديّاً فأَسلم لَقَبًا يُعيِّرُه فِيهِ بأَنه كَانَ نَصْرَانِيًّا أَو يَهُودِيًّا، ثُمَّ وَكَّدَهُ فَقَالَ: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ؛ أَي بئسَ الِاسْمُ أَن يَقُولَ لَهُ يَا يَهُودِيُّ وَقَدْ آمَنَ، قَالَ: وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ فِي كُلُّ لَقَبٍ يَكْرَهُهُ الإِنسان لأَنه إِنما يَجِبُ أَن يُخَاطِبَ المؤْمن أَخاه بأَحب الأَسماءِ إِليه. قَالَ الْخَلِيلُ: الأَسماءُ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَسماءُ نَبَزٍ مِثْلُ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، وأَسماءُ عامٍّ مِثْلُ فَرَسٌ وَرَجُلٌ وَنَحْوُهُ. والنَّبْزُ: كاللَّمْزِ. والنِّبْزُ: قُشُورُ الجِدام وَهُوَ السَّعَفُ.
نجز: نَجِزَ ونَجَزَ الكلامُ: انْقَطَعَ. ونَجَزَ الوعْدُ يَنْجُزُ نجْزاً: حَضَر، وَقَدْ يُقَالُ: نَجِزَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: كأَنَّ نَجِزَ فَنِيَ وَانْقَضَى، وكأَنَّ نَجَزَ قَضَى حاجَتَه؛ وَقَدْ أَنْجَزَ الوعدَ ووَعْدٌ ناجِزٌ ونَجِيزٌ وأَنْجَزتُه أَنا ونَجَزْتُ بِهِ. وإِنْجازُكَهُ: وفاؤُك بِهِ. ونَجَزَ هُوَ أَي وَفَى بِهِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِكَ حَضَّرْتُ الْمَائِدَةَ. ونَجَزَ الحاجةَ وأَنْجَزَها: قَضَاهَا. وأَنت عَلَى نَجْزِ حَاجَتِكَ ونُجْزِها، بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا، أَي عَلَى شَرَفٍ مِنْ قَضَائِهَا. واسْتَنْجَزَ العِدَةَ والحاجةَ وتَنَجَّزَه إِياها: سأَله إِنْجازَها وَاسْتَنْجَحَهَا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا أَبِيعُكَهُ الساعةَ ناجِزاً بناجِزٍ أَي مُعَجَّلًا، انْتَصَبَتِ الصِّفَةُ هُنَا كَمَا انْتَصَبَ الِاسْمُ فِي قَوْلِهِمْ: بِعْتُ الشاءَ شَاةً بِدِرْهَمٍ. والنَّاجِزُ: الْحَاضِرُ. وَمِنْ أَمثالهم: ناجِزاً بناجِزٍ كَقَوْلِكَ: يَداً بيدٍ وعاجِلًا بعاجِلٍ؛ وأَنشد:
رَكْض الشَّمُوسِ ناجِزاً بناجِزِ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وإِذا تُباشِرُكَ الهُمُومُ ... فإِنه كالٍ وناجِزْ
__________
(1) . قوله [نبزه ينبزه] بابه ضرب كما في المصباح. والنبز ككتف: اللئيم في حسبه وخلقه كما في القاموس(5/413)
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِمْ:
جَزا الشَّمُوسِ ناجِزاً بناجِزِ
أَي جَزَيْتَ جزاءَ سَوْءٍ فَجَزَيْتُ لَكَ مِثْلَهُ؛ وَقَالَ مَرَّةً: إِنما ذَلِكَ إِذا فَعَلَ شَيْئًا فَفَعَلْتَ مِثْلَهُ لَا يَقْدِرُ أَن يَفُوتك وَلَا يَجُوزك فِي كَلَامٍ أَو فِعْلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَبِيعُوا حَاضِرًا «1» بناجِزٍ.
وَفِي حَدِيثِ الصَّرْف:
إِلَّا ناجِزاً بناجِزٍ
أَي حَاضِرًا بِحَاضِرٍ. ولأُنْجِزَنَّكَ نَجِيزَتَكَ أَي لأَجْزِيَنَّك جزاءَك. والمُناجَزَةُ فِي الْقِتَالِ: المُبارزةُ وَالْمُقَاتَلَةُ، وَهُوَ أَن يَتَبَارَزَ الْفَارِسَانِ فَيَتَمَارَسَا حَتَّى يَقْتُلَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ أَو يُقْتَلَ أَحدهما؛ قَالَ عُبَيْدٌ:
كالهُنْدُوانِيِّ المُهَنَّدِ ... هَزَّهُ القِرْنُ المُناجِزْ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
ووَقَفْت، إِذْ جَبُنَ المُشَيَّعُ ... مَوْقِفَ القِرْنِ المُناجِزْ
قَالَ: وَهَذَا عَرُوضٌ مُرَفَّلٌ مِنْ ضَرْبِ الْكَامِلِ عَلَى أَربعة أَجزاء مُتَفَاعِلُنْ فِي آخِرِهِ حَرْفَانِ زَائِدَانِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ لَا يُطْلَقُ. وتَناجَزَ الْقَوْمُ: تَسَافَكُوا دماءَهم كأَنهم أَسرعوا فِي ذَلِكَ. وتَنَجَّزَ الشرابَ: أَلَحَّ فِي شُرْبِهِ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والتَّنَجُّزُ: طلبُ شيءٍ قَدْ وُعِدْتَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ لِابْنِ السَّائِبِ: ثلاثٌ تَدَعُهُنَّ أَو لأُناجِزَنَّك
أَي لأُقاتلنك وأُخاصمنك. أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ أَمثالهم: إِذا أَردتَ المُحاجَزَةَ فَقَبْلَ المُناجَزَة، يُضْرَبُ لِمَنْ يَطْلُبُ الصُّلْحَ بَعْدَ الْقِتَالِ. ونَجَزَ ونَجِزَ الشيءُ: فَنِيَ وَذَهَبَ فَهُوَ نَاجِزٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
وكنتَ رَبيعاً لليتامَى وعِصْمَةً، ... فَمُلْكُ أَبي قابوسَ أَضْحَى وَقَدْ نَجَزْ
أَبو قَابُوسَ: كُنْيَةٌ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، يَقُولُ: كُنْتُ لِلْيَتَامَى فِي إِحسانك إِليهم بِمَنْزِلَةِ الرَّبِيعِ الَّذِي بِهِ عَيْشُ النَّاسِ. والعِصْمَةُ: مَا يَعْتَصِمُ بِهِ الإِنسانُ مِنَ الْهَلَاكِ. وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ هَذَا الْبَيْتَ نَجَزَ، بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ فَنِيَ وَذَهَبَ، وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ، والأَكثر عَلَى قَوْلِ أَبي عُبَيْدٍ، وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَي انقضَى وَقْتَ الضُّحَى لأَنه مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. ونَجَزَتِ الحاجةُ إِذا قُضيت، وإِنْجازُكَها: قضاؤُها. ونَجَزَ حاجَتَه يَنْجُزها، بِالضَّمِّ، نَجْزاً: قَضَاهَا، ونَجَزَ الوعدُ. وَيُقَالُ: أَنْجَزَ حُرٌّ مَا وَعَد. ابْنُ السِّكِّيتِ: نَجِزَ فَنِيَ، ونَجَزَ قَضَى حَاجَتَهُ. قَالَ أَبو الْمِقْدَامِ السِّلْمِيُّ: أَنْجَزَ عَلَيْهِ وأَوْجَزَ عليه وأَجْهَزَ.
نحز: النَّحْزُ: كالنَّخْسِ، نَحَزَه يَنْحَزُه نَحْزاً. والنَّحْزُ أَيضاً: الضَّرْبُ والدَّفْع، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وَفِي حَدِيثِ
دَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَمَّا رَفَعَ رأْسه مِنَ السُّجُودِ مَا كَانَ فِي وَجْهِهِ نُحازَةٌ
أَي قِطعةٌ مِنَ اللَّحْمِ كأَنه مِنَ النَّحْزِ وَهُوَ الدَّقُّ والنَّخْسُ. والمِنْحازُ: الهَاوَنُ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
والعِيسُ مِنْ عاسِجٍ أَو واسِجٍ خَبَباً، ... يُنْحَزْنَ مِنْ جانِبَيْها وَهِيَ تَنْسَلِبُ
__________
(1) . قوله [وَفِي الْحَدِيثِ لَا تَبِيعُوا حاضراً إلخ] لم يذكر هذا الحديث في النهاية(5/414)
أَي تُضْرَبُ هَذِهِ الإِبل مِنْ حَوْل هَذِهِ النَّاقَةِ لِلَّحاقِ بِهَا، وَهِيَ تَسْبِقُهُنَّ وتَنْسَلِبُ أَمامهن، وأَراد مِنْ عَاسِجٍ وَوَاسِجٍ فَكَرِهَ الخَبْنَ فَوَضْعَ أَو مَوْضِعَ الْوَاوِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ: مَعْنَى قَوْلِهِ يُنْحزن مِنْ جَانِبَيْهَا أَي يُدْفَعْنَ بالأَعقاب فِي مَراكلها يَعْنِي الرِّكَابَ. ونَحَزْتُه بِرِجْلِي أَي رَكَلْتُه. والنَّحْزُ: الدَّقُّ بالمِنْحازِ وَهُوَ الهَاوَنُ. ونَحَزَ فِي صَدْرِهِ يَنْحَزُ نَحْزاً: ضَرَبَ فِيهِ بجُمْعِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: نَحَزَه فِي صَدْرِهِ مِثْلَ نَهَزَه إِذا ضَرَبَهُ بالجُمْعِ. والنَّحائِزُ: الإِبل الْمَضْرُوبَةُ، وَاحِدَتُهَا نَحِيزَة. والنَّحْزُ: شِبْهُ الدَّقِّ والسَّحْق، نَحَزَ يَنْحَزُ نَحْزاً. والمِنْحازُ: المِدَقُّ. والراكبُ يَنْحَزُ بِصَدْرِهِ واسطةَ الرَّحْل: يَضْرِبُهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا نَحَزَ الإِدْلاجُ ثُغْرَةَ نَحْرِه ... بِهِ، أَنَّ مُسْتَرْخِي العِمامَةِ ناعِسُ
الأَزهري: وَقَالَ اللَّيْثُ المِنْحازُ مَا يُدَقُّ فِيهِ؛ وأَنشد:
دَقَّكَ بالمِنْحاز حَبَّ الفُلْفُلِ
وَهُوَ مَثَلٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
نَحْزاً بمِنْحازٍ وهَرْساً هَرْسا
ونَحَزَ النَّسِيجَةَ: جَذَبَ الصِّيصَةَ ليُحْكِمَ اللُّحْمَةَ. والنَّحْزُ: مِنْ عُيُوبِ الْخَيْلِ، وَهُوَ أَن تَكُونَ الواهِنَةُ لَيْسَتْ بِمُلْتَئِمَةٍ فَيُعَظِّمُ مَا وَالَاهَا مِنْ جِلْدَةِ السُّرَّةِ لِوُصُولِ مَا فِي الْبَطْنِ إِلى الْجِلْدِ، فَذَلِكَ فِي مَوْضِعِ السُّرَّة يُدعَى النَّحْزَ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنَ الْبَطْنِ يُدْعَى الفَتْقَ. والنُّحازُ: داءٌ يأْخذ الدَّوَابَّ والإِبل فِي رِئَاتِهَا فَتَسْعُلُ سُعالًا شَدِيدًا، وَقَدْ نَحُزَ ونَحِزَ يَنْحُزُ ويَنْحَزُ نَحَزاً، وَبَعِيرٌ ناحِزٌ ومُنَحِّزٌ ونَحِزٌ؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَبِهِ نُحازٌ؛ قَالَ الحرثُ بنُ مُصَرِّفٍ وَهُوَ أَبو مُزاحِمٍ العُقَيْلِيُّ:
أَكْوِيهِ إِمَّا أَرادَ الكَيَّ مُعْتَرِضاً، ... كَيَّ المُطَنِّي مِنَ النَّحْزِ الطَنِي الطَّحِلا
المُطَنِّي: الَّذِي يُعَالِجُ الطَّنَى، وَهُوَ لُزُوقُ الطِّحالِ بِالْجَنْبِ. والطَّنِيُّ: الَّذِي أَصابه الطَّنَى. ومعترضاً: متقدراً عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا مثلٌ أَراد أَنه مَنْ تَعَرَّضَ لِي هَجَوْتُهُ فَيَكُونُ مِثْلَ الطَّنِيِّ مِنَ الإِبل الَّذِي يُكْوَى لِيَزُولَ طَناهُ. والطَّحِلُ: الَّذِي يَشْتَكِي طِحالَهُ؛ وناقةٌ ناحِزٌ ومُنَحِّزَةٌ ونَحِزَةٌ ومَنْحوزة، قَالَ:
لَهُ ناقَةٌ مَنْحوزةٌ عِنْدَ جَنْبِهِ، ... وأُخْرَى لَهُ مَعْدودَةٌ مَا يُثِيرُها
وَقِيلَ: النُّحازُ سُعال الإِبل إِذا اشتدَّ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَنْحزانِ النُّحازُ والقَرْحُ وَهُمَا دَاءَانِ يُصِيبَانِ الإِبل. وأَنْحَزَ القومُ: أَصاب إِبلَهم النُّحازُ. والنَّحْزُ أَيضاً: السُّعال عامَّةً. ونَحِزَ الرجلُ: سَعَلَ. ونَحْزَةً لَهُ إِدعاء عَلَيْهِ. وَالنَّاحِزُ: أَن يُصِيبَ المِرْفَقُ كِرْكِرَةَ الْبَعِيرِ فَيُقَالُ: بِهِ ناحِزٌ. قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع لِلنَّاحِزِ فِي بَابِ الضَّاغِطِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وأُراه أَراد الحَازَّ فغيَّره. والنُّحازُ والنِّحازُ: الأَصل. والنَّحِيزَةُ: الطَّبِيعَةُ. والنَّحِيتَةُ والنَّحائِزُ: النحائتُ. الأَزهري: نَحِيزَةُ الرَّجُلِ طَبِيعَتُهُ وَتُجْمَعُ عَلَى النَّحائِز. والنَّحِيزَةُ: طَرِيقَةٌ مِنَ الرَّمْلِ سَوْدَاءُ مُمْتَدَّةٌ كأَنها خَطٌّ، مستويةٌ مَعَ الأَرض خَشِنَةٌ لَا يَكُونُ عَرْضُها ذِرَاعَيْنِ، وإِنما هِيَ عَلَامَةٌ فِي الأَرض، وَالْجَمَاعَةُ النَّحَائِزُ،(5/415)
وإِنما هِيَ حِجَارَةٌ وَطِينٌ وَالطِّينُ أَيضاً أَسود. والنَّحِيزَةُ: الطَّرِيقُ بِعَيْنِهِ شُبِّهَ بِخُطُوطِ الثَّوْبِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فأَقْبَلَها تَعْلُو النِّجادَ عَشِيَّةً، ... عَلَى طُرُقٍ كأَنَّهُنَّ نَحائِزُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
عَلَى طُرُقٍ كأَنهن نَحَائِزُ
فَيُقَالُ: النَّحِيزة شَيْءٌ يُنسج أَعرض مِنَ الْحِزَامِ يُخاط عَلَى طَرَف شُقَّةِ الْبَيْتِ، وَقِيلَ: كلُّ طَرِيقَةٍ نَحِيزَة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يُرْوَى هَذَا الْبَيْتَ:
وعارَضَها فِي بَطْنِ ذَرْوَةَ مُصْعِداً، ... عَلَى طُرُقٍ كأَنهنّ نَحائِزُ
وأَقبلها مَا بَطْنَ ذِرْوَةَ أَي أَقبلها بَطْنَ ذُرْوَةَ، وَمَا: لَغْوٌ، وَذُرْوَةُ: مَوْضِعٌ. والمُصْعِدُ: الَّذِي يأْتي الْوَادِيَ مِنْ أَسفله ثُمَّ يُصَعِّدُ، يَصِفُ حِمَارًا وأُتُنَهُ؛ وَبَعْدَهُ:
وأَصْبَحَ فوقَ الحِقْفِ، حِقْفِ تَبالَةٍ، ... لَهُ مَرْكَدٌ فِي مُسْتَوِي الأَرضِ بارِزُ
الحِقْفُ: الرَّمَلَةُ المُعْوَجَّةُ. وتَبالة: مَوْضِعٌ. وَالْمَرْكَدُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَرْكُدُ فِيهِ. والنَّحِيزَةُ: المُسنَّاة فِي الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ مِثْلُ المُسَنَّاة فِي الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ السَّهْلة. والنَّحِيزَةُ: قِطْعَةٌ مِنَ الأَرض مُسْتَدِقَّة صُلْبة. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: النَّحِيزَةُ الْجَبَلُ الْمُنْقَادُ فِي الأَرض. قَالَ الأَزهري: أَصل النَّحِيزَةِ الطَّرِيقَةُ الْمُسْتَدِقَّةُ؛ وَكُلُّ مَا قَالُوا فِيهَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافٍ لأَنه يُشَاكِلُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَيُقَالُ: النَّحِيزَةُ مِنَ الأَرض كالطِّبَّةِ مَمْدُودَةٌ فِي بَطْنٍ مِنَ الأَرض نَحْوًا مِنْ مِيلٍ أَو أَكثر تَقُودُ الفراسخَ وأَقل مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ فِي الأَشعار النَّحَائِزُ يُعْنى بِهَا طِبَبٌ كالخِرَقِ والأَديم إِذا قُطِّعت شُرُكاً طِوالًا. والنَّحِيزَةُ: طُرَّة تَنْسَجُ ثُمَّ تُخَاطُ عَلَى شَفَةِ الشُّقَّة مِنْ شُقَقِ الْخِبَاءِ وَهِيَ الخِرْقة أَيضاً. والنَّحيزة مِنَ الشَّعَرِ: هَنَةٌ عَرْضُها شِبْر وعُظْمُه ذِراعٌ طَوِيلَةٌ يُعَلِّقُونها عَلَى الهَوْدَجِ يُزَيِّنُونه بِهَا وَرُبَّمَا رَقَمُوها بالعِهْنِ، وَقِيلَ: هِيَ مثلُ الْحِزَامِ بيضاءُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: النَّحِيزة النَّسِيجَة شِبْهُ الحِزام تَكُونُ عَلَى الفَساطيط وَالْبُيُوتِ تُنْسَجُ وَحْدَهَا، فكأَنَّ النَّحائزَ مِنَ الطُّرُقِ مُشَبَّهة بها.
نخز: نَخَزَه بِحَدِيدَةٍ أَو نَحْوِهَا: وَجَأَهُ. ونَخَزَه بِكَلِمَةٍ: أَوجعه بها.
نرز: النَّرْزُ: فِعْلٌ مماتٌ وَهُوَ الِاسْتِخْفَاءُ مِنْ فَزَع، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ نَرْزَةَ ونارِزَةَ، وَلِمَ يَجِئْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ نُونٌ بَعْدَهَا رَاءٌ إِلا هَذَا، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. والنَّيْرُوزُ والنَّوْرُوزُ: أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ «2» نَيْعُ رُوزٍ، وَتَفْسِيرُهُ جَدِيدُ يَوْمٍ. ابْنُ الأَعرابي: نَرْزٌ مَوْضِعٌ، قَالَ: وأَما النَّرِيزِيُّ الْحَاسِبُ فَلَا أَدري إِلى أَي شَيْءٍ نُسِبَ.
نزز: النَّزُّ والنِّزُّ، وَالْكَسْرُ أَجود: مَا تَحَلَّب مِنَ الأَرض مِنَ الْمَاءِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وأَنَزَّت الأَرضُ: نَبَعَ مِنْهَا النَّزُّ. وأَنَزَّت: صَارَتْ ذَاتَ نَزٍّ وَصَارَتْ مَنَاقِعَ للنَّزِّ. ونَزَّتِ الأَرضُ: صَارَتْ ذَاتَ نَزٍّ. ونَزَّتْ: تَحَلَّبَ مِنْهَا النَّزُّ. وَفِي حَدِيثِ
الحرث ابن كِلْدَةَ قَالَ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْبِلَادُ الوَبِئةُ
__________
(2) . قوله [أصله بالفارسية إلخ] كذا بالأصل، وقد عرضناه على متقن من علماء اللغة الفارسية فلم يعرفه، وعبارة القاموس: والنيروز أول يوم من السنة معرب نوروز(5/416)
ذاتُ الأَنْجالِ وَالْبَعُوضِ والنَّزِّ
؛ وَفِي بَعْضِ الأَوصاف: أَرض مَنَاقِعِ النَّزِّ حَبُّها لَا يُجَزُّ، وقَصَبُها لَا يَهْتَزُّ. وأَرض نازَّة ونَزَّة: ذَاتُ نَزٍّ؛ كِلْتَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والنَّزُّ والنِّزُّ: السخيُّ الذَّكيُّ الْخَفِيفُ؛ وأَنشد:
وصاحِبٍ أَبْدَأَ حُلْواً مُزّا ... فِي حاجةِ القومِ خُفافاً نِزَّا
وأَنشد بَيْتَ جَرِيرٍ يَهْجُو الْبَعِيثُ:
لَقًى حَمَلَتْه أُمُّه وَهِيَ ضَيْفَةٌ، ... فجاءتْ بِنَزٍّ للضِّيافة أَرْشَما
قَالَ: أَراد بالنَّزِّ هَاهُنَا خِفَّةَ الطَّيْشِ لَا خِفَّةَ الرُّوحِ وَالْعَقْلِ. قَالَ: وأَراد بالنُّزالة «1» الْمَاءَ الَّذِي أَنزله الْمُجَامِعُ لأُمه. وَنَاقَةٌ نَزَّةٌ: خَفِيفَةٌ؛ وَقَوْلُهُ:
عَهْدِي بجنَّاح إِذا مَا اهْتَزَّا، ... وأَذْرَتِ الريحُ تُراباً نَزَّا،
أَنْ سَوْفَ يُمْطِيه وَمَا ارْمأَزّا
أَي يَمْضِي عَلَيْهِ. ونَزّاً أَي خَفِيفًا. وظَلِيم نَزٌّ: سَرِيعٌ لَا يَسْتَقِرَّ فِي مَكَانٍ؛ قَالَ:
أَو بَشَكَى وَخْدَ الظَّلِيم النَّزِّ
وَخْد: بَدَلٌ مِنْ بَشَكَى أَو مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ. والمِنَزُّ: الْكَثِيرُ الْحَرَكَةِ. والمِنَزُّ: المَهْدُ مَهْدُ الصَّبِيُّ. ونَزَّ الظبيُ يَنِزُّ نَزِيزاً: عَدَا وصَوَّتَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فلاةٌ يَنِزُّ الظَّبْيُ فِي جِحَراتِها، ... نَزِيزَ خِطامِ القوْسِ يُحْذَى بِهَا النَّبْلُ
ونَزَّزَه عَنْ كَذَا أَي نَزَّهه. وَقَتَلَتْهُ النَّزَّة أَي الشَّهْوَةُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: فُلَانٌ نَزِيزٌ أَي شَهْوَانُ، وَيُقَالُ: نِزُّ شَرٍّ ونِزازُ شَرٍّ ونَزِيزُ شَرٍّ.
نشز: النِّشْزُ والنَّشَزُ: المَتْنُ المرتفعُ مِنَ الأَرض، وَهُوَ أَيضاً مَا ارْتَفَعَ عَنِ الْوَادِي إِلى الأَرض، وَلَيْسَ بِالْغَلِيظِ، وَالْجَمْعُ أَنْشازٌ ونُشُوزٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَمْعُ النَّشْزِ نُشُوز، وَجَمْعُ النَّشَز أَنْشازٌ ونِشازٌ مِثْلُ جَبَلٍ وأَجْبال وجِبال. والنَّشازُ، بِالْفَتْحِ: كالنَّشَزِ. ونَشَزَ يَنْشُزُ نُشُوزاً: أَشرف عَلَى نَشَزٍ مِنَ الأَرض، وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ وَظَهَرَ. يُقَالُ: اقْعُدْ عَلَى ذَلِكَ النَّشازِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ إِذا أَوْفى عَلَى نَشَزٍ كَبَّر
أَي ارْتَفَعَ عَلَى رَابِيَةٍ فِي سَفَر، قَالَ: وَقَدْ تُسَكَّنُ الشِّينُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فِي خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَضْعَة ناشِزَة
أَي قِطْعَة لَحْمٍ مرتفعةٌ عَلَى الْجِسْمِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَتاه رَجُلٌ ناشِزُ الجَبْهة
أَي مُرْتَفِعُهَا. ونَشَزَ الشيءُ يَنْشِزُ نُشُوزاً: ارْتَفَعَ. وتَلٌّ ناشِزٌ: مُرْتَفِعٌ، وَجَمْعُهُ نَواشِزُ. وقَلْبٌ ناشِزٌ إِذا ارْتَفَعَ عَنْ مَكَانِهِ مِنَ الرُّعْب. وأَنْشَزْتُ الشَّيْءَ إِذا رَفَعْتَهُ عَنْ مَكَانِهِ. ونَشَزَ فِي مَجْلِسِهِ يَنْشِزُ ويَنْشُزُ، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ: ارْتَفَعَ قَلِيلًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَها النَّاسُ بِكَسْرِ الشِّينِ وأَهل الْحِجَازِ يَرْفَعُونَهَا، قَالَ: وَهُمَا لغتان. قال أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ إِذا قِيلَ انْهَضُوا فانْهَضُوا وقُومُوا كَمَا قَالَ: وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذا قِيلَ انْشُزُوا
؛ أَي قُومُوا إِلى الصَّلَاةِ أَو قَضَاءِ حَقٍّ أَو شَهَادَةٍ فَانْشُزُوا
. ونَشَزَ الرجلُ يَنْشِزُ إِذا كَانَ قَاعِدًا فَقَامَ. ورَكَبٌ ناشِزٌ: ناتئٌ مُرْتَفِعٌ. وعِرْقٌ ناشِزٌ: مرتفع مُنْتَبِرٌ
__________
(1) . قوله [وأراد بالنزالة] لعل البيت روي بنز للنزالة، فنقل عبارة من شرح عليها، وإلا فالذي في البيت للضيافة وكذلك في الصحاح نعم رواه شارح القاموس من نزالة(5/417)
نَاشِزٌ لَا يَزَالُ يَضْرِبُ مِنْ دَاءٍ أَو غَيْرِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فَمَا لَيْلى بناشِزَةِ القُصَيْرى ... وَلَا وَقْصاءَ لِبْسَتُها اعتِجارُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: نَاشِزَةُ القُصَيْرى أَي لَيْسَتْ بِضَخْمَةِ الْجَنْبَيْنِ مُشْرِفَةِ القُصَيْرى بِمَا عَلَيْهَا مِنَ اللَّحْمِ. وأَنْشَزَ الشيءَ: رَفَعَهُ عَنْ مَكَانِهِ. وإِنْشازُ عِظَامِ الْمَيِّتِ: رَفْعُها إِلى مَوَاضِعِهَا وتركيبُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً
؛ أَي نَرْفَعُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ نُنْشِزُها، بِالزَّايِ، قَالَ: والإِنشازُ نقْلها إِلى مَوَاضِعِهَا، قَالَ: وَبِالرَّاءِ قرأَها الْكُوفِيُّونَ، قَالَ ثَعْلَبٌ: وَالْمُخْتَارُ الزَّايُ لأَن الإِنْشازَ تركيبُ الْعِظَامِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا رَضاعَ إِلا مَا أَنْشَزَ العظمَ
أَي رَفَعَهُ وأَعلاه وأَكبر حَجْمَه وَهُوَ مِنَ النَّشَزِ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَرض. قَالَ أَبو إِسحق: النُّشُوزُ يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ كَرَاهَةُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، واشتقاقُه مِنَ النَّشَزِ وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض. ونَشَزَت المرأَةُ بِزَوْجِهَا وَعَلَى زَوْجِهَا تَنْشِزُ وتَنْشُز نُشُوزاً، وَهِيَ ناشِزٌ: ارْتَفَعَتْ عَلَيْهِ وَاسْتَعْصَتْ عَلَيْهِ وأَبغضته وَخَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ وفَرَكَتْه؛ قَالَ:
سَرَتْ تحتَ أَقْطاعٍ مِنَ اللَّيْلِ حَنَّتي ... لِخَمَّانِ بيتٍ، فَهْيَ لَا شَكَّ ناشِزُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ
؛ نُشُوزُ المرأَة اسْتِعْصَاؤُهَا عَلَى زَوْجِهَا، ونَشَزَ هُوَ عَلَيْهَا نُشُوزاً كَذَلِكَ، وَضَرَبَهَا وَجَفَاهَا وأَضَرّ بِهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً
؛ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ النُّشُوز بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْحَدِيثِ، والنُّشُوز كَرَاهِيَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وسُوءُ عِشْرَتِهِ لَهُ. وَرَجُلٌ نَشَزٌ: غَلِيظٌ عَبْلٌ؛ قَالَ الأَعشى:
وتَرْكَبُ مِنِّي، إِنْ بَلوْتَ نَكِيثَتي، ... عَلَى نَشَزٍ قَدْ شابَ لَيْسَ بِتَوْأَمِ
أَي غِلَظٍ ذَهَب إِلى تَكْبِيرِهِ وَتَعْظِيمِهِ فَلِذَلِكَ جَعَلَهُ أَشْيَبَ. ونَشَزَ بِالْقَوْمِ فِي الْخُصُومَةِ نُشُوزاً: نَهَضَ بِهِمْ لِلْخُصُومَةِ. ونَشَزَ بقِرْنِه يَنْشِزُ بِهِ نُشُوزاً: احْتَمَلَهُ فَصَرَعَهُ. قَالَ شَمِرٌ: وَهَذَا كأَنه مَقْلُوبٌ «1» . مِثْلُ جَذَبَ وجَبَذَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَسنّ وَلَمْ يَنْقُصْ: إِنه لنَشَزٌ مِنَ الرِّجَالِ، وصَتَمٌ إِذا انْتَهَى سِنُّه وقُوَّتُه وشَبابه. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النَّشَزُ والنَّشْزُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ. وَدَابَّةٌ نَشِيزَةٌ إِذا لَمْ يَكَدْ يَسْتَقِرُّ الراكبُ والسَّرْجُ عَلَى ظَهْرِهَا. وَيُقَالُ لِلدَّابَّةِ إِذا لَمْ يَكَدْ يَسْتَقِرُّ السَّرْجُ وَالرَّاكِبُ عَلَى ظهرها: إِنها لَنَشْزَةٌ.
نغز: نَغَزَ بَيْنَهُمْ: أَغْرى وحَمَل بعضَهم عَلَى بَعْضٍ كَنَزَعَ.
نفز: نَفزَ الظَّبْيُ يَنْفِزُ نَفْزاً ونُفُوزاً ونَفَزاناً إِذا وَثَبَ فِي عَدْوِه، وَقِيلَ: رفع قوائمه معاً ووضعها مَعًا، وَقِيلَ: هُوَ أَشَدُّ إِحضاره، وَقِيلَ: هُوَ وَثْبُهُ ووقوعُه مُنْتَشِرَ الْقَوَائِمِ، فإِن وَقَعَ مُنْضَمَّ الْقَوَائِمِ فَهُوَ القَفْزُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: القَفْزُ انْضِمَامُ الْقَوَائِمِ فِي الْوَثْبِ، والنَّفْزُ انْتِشَارُهَا. وَقَالَ
__________
(1) . قوله [وهذا كأنه مقلوب إلخ] أي من شزن كفرح نشط وتشزن صاحبه تشزناً صرعه كما في القاموس(5/418)
الأَصمعي: نَفَزَ الظبيُ يَنْفِزُ وأَبَزَ يَأْبِزُ إِذا نَزا فِي عَدْوِه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: النَّفْزُ أَن يَجْمَعَ قَوَائِمَهُ ثُمَّ يَثِبَ؛ وأَنشد:
إِراحَةَ الجِدايَةِ النَّفُوزِ
أَبو عَمْرٍو: والنَّفْزُ عَدْو الظَّبْيِ مِنَ الفَزَعِ. والنَّوافِزُ: الْقَوَائِمُ، وَاحِدَتُهَا نافِزَةٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
هَتُوفٌ إِذا مَا خالَطَ الظَّبْيَ سَهْمُها، ... وإِن رِيغَ مِنْهَا أَسْلَمَتْه النَّوافِزُ
يَعْنِي الْقَوَائِمَ، وَالْمَعْرُوفُ النَّواقِزُ. والمرأَة تُنَفِّزُ وَلَدَهَا أَي تُرَقِّصُه، ونَفَّزَتْهُ أَي رَقَّصَتْهُ. والتَّنْفِيزُ والإِنْفازُ: إِدارة السَّهْمِ عَلَى الظُّفُر ليُعْرَفَ عَوَجُه مِنْ قِوامِه، وَقَدْ أَنْفَزَ السهمَ ونَفَّزَه تَنْفِيزاً؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
يُحَزْنَ إِذا أُنْفِزْنَ فِي ساقِطِ النَّدى، ... وإِن كانَ يَوْمًا ذَا أَهاضِيبَ مُخْضِلا
التَّهْذِيبُ: التَّنْفِيزُ أَن تَضَعَ سَهْمًا عَلَى ظُفُرك ثُمَّ تُنَفِّزَه بِيَدِكَ الأُخرى حَتَّى يَدُورَ عَلَى الظُّفُرِ لِيَسْتَبِينَ لَكَ اعْوِجَاجُهُ مِنِ اسْتِقَامَتِهِ. والنَّفِيزَةُ: الزُّبْدَةُ الْمُتَفَرِّقَةُ فِي المِمْخَضِ لَا تَجْتَمِعُ. ونَفَزَ الرجلُ: مات.
نقز: النَّقَزُ والنَّقَزَانُ: كالوَثَبانِ صُعُداً فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، نَقَزَ الظَّبْيُ، وَلَمْ يُخَصِّصِ ابنُ سِيدَة شَيْئًا بَلْ قَالَ: نَقَزَ يَنْقُز ويَنْقِزُ نَقْزاً ونَقَزاناً ونِقازاً، ونَقَزَ: وَثَبَ صُعُداً، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الطَّائِرِ المعتادِ الوَثْبِ كَالْغُرَابِ وَالْعُصْفُورِ. والتَّنْقِيزُ: التَّوْثِيبُ. والنَّقَّازُ، والنُّقَّاز كِلَاهُمَا: الْعُصْفُورُ، سُمِّيَ بِهِ لنَقَزانِه، وَقِيلَ: الصَّغِيرُ مِنَ الْعَصَافِيرِ، وَقِيلَ: هُمَا عُصْفُورٌ أَسود الرأْس وَالْعُنُقِ وَسَائِرُهُ إِلى الوُرْقَةِ. قَالَ عَمْرُو بْنُ بَحْر: يُسَمَّى الْعُصْفُورُ نَقَّازاً، وَجَمْعُهُ النَّقاقيزُ، لنَقَزانِه أَي وَثْبه إِذا مَشَى؛ والعصفورُ طَيَرانُه نَقَزانٌ أَيضاً لأَنه لَا يَسْمَحُ بِالطَّيَرَانِ كَمَا لَا يَسْمَحُ بِالْمَشْيِ، قَالَ: والخُرَّقُ والقُبَّرُ والحُمَّرُ كُلُّهَا مِنَ الْعَصَافِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ يُصلي الظُّهْرَ والجَنادِبُ تَنْقُزُ مِنَ الرَّمْضاء
أَي تَقْفِزُ وتَثِبُ مِنْ شِدَّةِ حَرَارَةِ الأَرض؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
تَنْقُزانِ القِرَبُ «2» عَلَى مُتُونِهما
أَي تُحَمِّلَانِهَا وتَقفِزانِ بِهَا وَثْباً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فرأَيتُ عَقِيصَتَيْ أَبي عُبَيْدَةَ تَنْقُزانِ وَهُوَ خَلْفَه
، وَقَدِ استُعمل النَّقْزُ فِي بَقَر الْوَحْشِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّ صِيرانَ المَها المُنَقَّزِ
والنُّقازُ: دَاءٌ يأْخذ الْغَنَمَ فتَثْغُو الشَّاةُ مِنْهُ ثَغْوَةً وَاحِدَةً وتَنْزُو وتَنْقُزُ فَتَمُوتُ، مِثْلُ النُّزاءِ، وقد انْتَقَزَتِ الغَنَمُ. والنَّواقِزُ: الْقَوَائِمُ لأَن الدَّابَّةَ تَنْقُزُ بِهَا، وَفِي الْمُصَنَّفِ: النَّواقِزُ؛ وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي شِعْرِ الشَّمَّاخِ:
هَتوف إِذا مَا خَالَطَ الظبيَ سهمُها، ... وإِن رِيغَ مِنْهَا أَسلمته النَّوَاقِزُ
وَيُرْوَى: النَّوَافِزُ. والنَّقَزُ: الرَّدِيءُ الفَسْلُ. والنِّقْزُ
__________
(2) . قوله [تنقزان القرب إلخ] قال في النهاية: وفي نصب القرب بعد لأن تنقز غير متعد، وأوله بعضهم بعدم الجار، ورواه بعضهم بضم التاء من أنقز فعداه بالهمز، يريد تحريك القرب ووثوبها بشدة العدو والوثب، وروي برفع القرب على الابتداء وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ(5/419)
والنَّقَزُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْخَسِيسُ والرُّذالُ مِنَ النَّاسِ وَالْمَالِ، وَاحِدَةُ النَّقَزِ نَقَزَةٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَسمع للنَّقَزِ بِوَاحِدٍ؛ وأَنشد الأَصمعي:
أَخَذْتُ بَكْراً نَقَزاً مِنَ النَّقَزْ، ... ونابَ سَوْءٍ قَمَزاً مِنَ القَمَزْ
والنَّقَزُ مِنَ النَّاسِ: صِغَارُهُمْ ورُذالُهُم. وانْتَقَزَ لَهُ مالَه: أَعطاه خَسِيسَهُ. وَمَا لِفُلَانٍ بِمَوْضِعِ كَذَا نُقْزٌ ونُقْرٌ أَي بِئْرٌ أَو مَاءٌ؛ الضَّمُّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، بِالزَّايِ وَالرَّاءِ، وَلَا شِرْبٌ وَلَا مِلْكٌ «1» وَلَا مَلْكٌ ولا مُلُكٌ ولا مَلَكٌ. ومَلَكَنا الماءُ أَي أَرْوانا. ونَقَزَه عَنْهُمْ: دَفَعَهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا كَانَ اللَّهُ ليُنْقِزَ عَنْ قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ
أَي ليُقْلِعَ ويَكُفَّ عَنْهُ حَتَّى يُهْلكه. وَقَدْ أَنْقَزَ عَنِ الشَّيْءِ إِذا كَفَّ وأَقْلَعَ. ابْنُ الأَعرابي: أَنْقَزَ الرجلُ إِذا دَامَ عَلَى شُرْب النَّقِزِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْعَذْبُ الصَّافِي. والنَّقَزُ والنَّقِزُ: اللَّقَبُ. وأَنْقَزَ إِذا وَقَعَ فِي إِبله النُّقازُ، وَهُوَ دَاءٌ. وأَنْقَزَ عَدُوَّه إِذا قَتَلَهُ قَتْلًا وَحِيًّا. وأَنْقَزَ إِذا اقْتَنَى النَّقَزَ مِنْ رَدِيءِ الْمَالِ، وَمِثْلُهُ أَقْمَزَ وأَغْمَزَ. أَبو عَمْرٍو: انْتَقَزَ لَهُ شَرَّ الإِبل أَي اخْتَارَ لَهُ شَرَّهَا. وعَطاء ناقِزٌ وَذُو ناقِزٍ إِذا كَانَ خَسِيسًا؛ وأَنشد:
لَا شَرَطٌ فِيهَا وَلَا ذُو ناقِزِ، ... قاظَ القَرِيَّاتِ إِلى العَجالِزِ
نكز: نَكَزَتِ البئرُ تَنْكُزُ نَكْزاً ونُكُوزاً وَهِيَ بِئْرٌ نَكِزٌ وناكِزٌ ونَكُوز: قَلَّ مَاؤُهَا، وَقِيلَ: فَنِيَ مَاؤُهَا؛ وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: نَكِزَتْ، بِالْكَسْرِ، تَنْكَزُ نَكَزاً ونَكَّزَها هُوَ وأَنْكَزَها: أَنْفَدَ ماءَها، وأَنْكَزَها أَصحابُها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
عَلَى حِمْيَرِيَّاتٍ كأَنَّ عُيونَها ... ذِمامُ الرَّكايا، أَنْكَزَتْها المَواتِحُ
وَجَاءَ مُنْكِزاً أَي فَارِغًا مِنْ قَوْلِهِمْ: نَكَزَتِ البئرُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مُنْكِزاً وإِن لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا: أَنْكَزَتِ البئرُ وَلَا أَنْكَزَ صاحِبُها. ونَكَزَ ونَكِزَ البحرُ: نَقَصَ. وفلانٌ بمَنْكَزَةٍ مِنَ العَيْشِ أَي ضِيقٍ. والنَّكْزُ: الدَّفْعُ وَالضَّرْبُ، نَكَزَهُ نَكْزاً أَي دَفَعَهُ وَضَرَبَهُ. والنَّكْزُ: طَعْنٌ بطَرَفِ سنانِ الرُّمْحِ. والنَّكْزُ: الطَّعْنُ والغَرْزُ بِشَيْءٍ مُحَدَّدِ الطَّرَف، وَقِيلَ: بِطَرَفِ شَيْءٍ حَدِيدٍ. ونَكَزَتْه الْحَيَّةُ تَنْكُزُه نَكْزاً وأَنْكَزَتْه: طَعَنَتْهُ بأَنفها؛ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الثُّعْبَانَ والدَّسَّاسَةَ. والنَّكَّازُ: ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ يَنْكُزُ بأَنفه وَلَا يَعَضُّ بِفِيهِ وَلَا يُعرف رأْسه مِنْ ذَنَبِهِ لِدِقَّةِ رأْسه. أَبو زَيْدٍ: النَّكْزُ من الحية بالأَلف، والنَّكْزُ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ سِوَى الْحَيَّةِ العَضُّ. قَالَ أَبو الجَرَّاح: يُقَالُ للدَّسَّاسَةِ مِنَ الْحَيَّاتِ وَحْدَها: نَكَزَتْه، وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِهَا. الأَصمعي: نَكَزَتْه الْحَيَّةُ ووَكَزَتْه ونَشَطَتْه ونَهَشَتْه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. أَبو زَيْدٍ: نَكَزَتْه الْحَيَّةُ أَي لَسَعَتْهُ بأَنفها، فإِذا عَضَّتْهُ الْحَيَّةُ بأَنيابها قِيلَ: نشَطَتْه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَا تُوعِدَنّي حَيَّةً بالنَّكْزِ
وَقِيلَ: النَّكْزُ أَن يَطْعُنَ بأَنفه طَعْناً. ثُمَّ النَّكَّازُ حَيَّةٌ لَا يُدْرَى مَا ذَنَبُهَا مِنْ رأْسها وَلَا تَعَضُّ إِلا
__________
(1) . قوله [ولا ملك إلخ] الأول مثلث الميم والثاني بضمتين والثالث بالتحريك كما في القاموس(5/420)
نَكْزاً أَي نَقْزاً؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: سُمِّيَ نَكَّازاً لأَنه يَطْعَنُ بأَنفه وَلَيْسَ لَهُ فَمٌ يَعَضُّ بِهِ، وَجَمْعُهُ النَّكاكِيزُ والنَّكَّازاتُ. ونَكَزَ الدابةَ بعَقِبه: ضَرَبَهَا يَسْتَحِثُّها. والنَّكْزُ: العَضُّ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ؛ عَنِ أَبي زَيْدٍ. الْكِسَائِيُّ: نَكَزَتْه ووَكَزَتْه ولهَزَتْه ونَفَتَتْه بمعنى واحد.
نهز: نَهَزَه نَهْزاً: دَفَعَهُ وَضَرَبَهُ مِثْلُ نَكَزَه ووَكَزَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ توضأَ ثُمَّ خَرَجَ إِلى الْمَسْجِدِ لَا يَنْهَزُه إِلَّا الصلاةُ غُفِرَ لَهُ مَا خَلَا مِنْ ذَنْبِهِ
؛ النَّهْزُ: الدفعُ، يُقَالُ: نَهَزْتُ الرجلَ أَنْهَزُه إِذا دَفَعْتَهُ، ونَهَزَ رأْسَه إِذا حَرَّكه؛، وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: مَنْ أَتى هَذَا البيتَ وَلَا يَنْهَزُه إِليه غيرُه رَجَع وَقَدْ غُفِرَ لَهُ
؛ يُرِيدُ أَنه مَنْ خَرَجَ إِلى الْمَسْجِدِ أَو حَجَّ وَلَمْ يَنْوِ بِخُرُوجِهِ غَيْرَ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ مِنْ أُمور الدُّنْيَا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه نَهَزَ راحِلَتَه
أَي دَفَعَهَا فِي السَّيْرِ. ونَهَزَتِ الدابةُ إِذا نَهَضَتْ بِصَدْرِهَا لِلسَّيْرِ؛ قَالَ:
فَلَا يَزالُ شاحِجٌ يَأْتِيكَ بِجْ، ... أَقْمَرُ نَهَّازٌ يُنَزِّي وَفْرَ تِجْ
والنَّهْزُ: التَّناوُل بِالْيَدِ والنُّهوضُ لِلتَّنَاوُلِ جَمِيعًا. والناقةُ تَنْهَزُ بِصَدْرِهَا إِذا نَهَضَتْ لتَمْضِيَ وَتَسِيرَ؛ وأَنشد:
نَهُوزٌ بأُولاها زَجُولٌ بصَدْرِها
وَالدَّابَّةُ تَنْهَزُ بِصَدْرِهَا إِذا ذَبَّتْ عَنْ نَفْسِهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قِياماً تَذُبُّ البَقَّ عَنْ نُخَراتِها ... بِنَهْزٍ، كإِيماءِ الرُّؤوسِ المَواتِعِ
الأَزهري: النُّهْزَةُ اسْمٌ لِلشَّيْءِ الَّذِي هُوَ لَكَ مُعَرَّض كالغنيمة. والنُّهْزَةُ: الفُرْصَةُ تجده مِنْ صَاحِبِكَ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ نُهْزَةُ المُخْتَلِسِ أَي هُوَ صَيْدٌ لِكُلِّ أَحد؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي الدَّحْداحِ:
وانْتَهَزَ الحَقَّ إِذا الحَقُّ وَضَحْ
أَي قلبه وأَسرع إِلى تَنَاوُلِهِ. وَحَدِيثُ
أَبي الأَسود: وإِن دُعِيَ انْتَهَزَ.
وَتَقُولُ: انْتَهِزْها قَدْ أَمْكَنَتْكَ قَبْلَ الفَوْتِ. والمُناهَزَةُ: المُبادَرَةُ. يُقَالُ: ناهَزْتُ الصيدَ فَقَبَضْتُ عَلَيْهِ قَبْلَ إِفلاته. وانْتَهَزَها وناهَزَها: تَنَاوَلَهَا مِنْ قُرْب وَبَادَرَهَا وَاغْتَنَمَهَا، وَقَدْ ناهَزَتْهُم الفُرَصُ؛ وَقَالَ:
ناهَزْتُهُمْ بِنَيْطَلٍ جَرُوفِ
وتَناهَزَ القومُ: كَذَلِكَ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ، إِذا الرِّجالُ تَناهَزُوا، ... أَيِّي وأَيُّكمُ أَعَزُّ وأَمْنَعُ
وَيُقَالُ لِلصَّبِيِّ إِذا دَنَا لِلْفِطَامِ: نَهَزَ لِلْفِطَامِ، فَهُوَ ناهِزٌ، وَالْجَارِيَةُ كَذَلِكَ، وَقَدْ ناهَزا؛ وأَنشد:
تُرْضِعُ شِبْلَيْن فِي مَغارِهما، ... قَدْ ناهَزا للفِطامِ أَو فُطِما
وناهَزَ فلانٌ الحُلُمَ ونَهَزَه إِذا قَارَبَهُ. وناهَزَ الصَّبِيُّ البلوغَ أَي دَانَاهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَقَدْ ناهَزْتُ الاحتلامَ.
وناهَزَ الْخَمْسِينَ: قارَبها. وإِبل نَهْزُ مائةٍ ونِهازُ مِائَةٍ ونُهازُ مِائَةٍ أَي قُرابَتُها. الأَزهري: كَانَ النَّاسُ نَهْزَ عَشَرَةِ آلافٍ أَي قُرْبَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ مَالِ يَتامَى خَمْرًا فَلَمَّا نَزَلَ التَّحْرِيمُ أَتى النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ(5/421)
وَسَلَّمَ، فَعَرَفَهُ فَقَالَ: أَهْرِقْها. وَكَانَ المالُ نَهْزَةَ عَشَرَةِ آلَافٍ
أَي قُرْبَها، وَحَقِيقَتُهُ كَانَ ذَا نَهْز. ونَهَز الفَصِيلُ ضَرْعَ أُمه: مِثْلُ لهَزَه. الأَزهري: وَفُلَانٌ يَنْهَزُ دَابَّتَهُ نَهْزاً ويَلْهَزُها لَهْزاً إِذا دَفَعَهَا وَحَرَّكَهَا. الْكِسَائِيُّ: نَهَزَه ولَهَزَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ونَهَزَ الناقةَ يَنْهَزُها نَهْزاً: ضَرَبَ ضَرَّتَها لِتَدِرَّ صُعُداً. والنَّهُوزُ مِنَ الإِبل: الَّتِي يَمُوتُ وَلَدُهَا فَلَا تَدِرُّ حَتَّى يُوجَأَ ضَرْعُها. وَنَاقَةٌ نَهُوزٌ: لَا تَدِرُّ حَتَّى يُنْهَزَ لَحْياها أَي يُضْرَبا؛ قَالَ:
أَبْقَى عَلَى الذُّلِّ مِنَ النَّهُوزِ
وأَنْهَزَتِ الناقةُ إِذا نَهَزَ ولدُها ضَرْعَها؛ قَالَ:
ولكِنَّها كَانَتْ ثَلَاثًا مَياسِراً، ... وحائِلَ حُولٍ أَنْهَلَتْ فأَحَلَّتِ
وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: أَنْهَزَتْ وَلَا وَجْهَ لَهُ. ونَهَزْتُ بالدَّلو فِي الْبِئْرِ إِذا ضَرَبْتَ بِهَا إِلى الْمَاءِ لتمتلئَ. ونَهَزَ الدَّلْوَ يَنْهَزُها نَهْزاً: نَزَعَ بِهَا؛ قَالَ الشَّمَّاخ:
غَدَوْنَ لَهَا صُعْرَ الخُدُودِ، كَمَا غَدَتْ، ... عَلَى مَاءِ يَمْؤُودَ، الدِّلاءُ النَّواهِزُ
يَقُولُ: غَدَتْ هَذِهِ الْحُمُرُ لِهَذَا الْمَاءِ كَمَا غَدَتِ الدِّلَاءُ النَّوَاهِزُ لِمَاءٍ يَمْؤُودَ، وَقِيلَ: النَّواهِزُ اللَّوَاتِي يُنْهَزْنَ فِي الْمَاءِ أَي يُحَرَّكْنَ لِيَمْتَلِئْنَ، فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، والأَوّل أَفضل. وَهُمَا يَتناهَزانِ إِمارَةَ بَلَدٍ كَذَا أَي يَبْتَدِرانِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتاه الجارودُ وابنُ سَيَّارٍ يَتَناهَزان إِمارَةً
أَي يَتَبَادَرَانِ إِلى طَلَبِهَا وَتَنَاوُلِهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَيَجِدُ أَحدُكم امرأَته قَدْ ملأَت عِكْمَها مِنْ وَبَرِ الإِبل فلْيُناهِزْها وليقتطعْ وليُرْسِلْ إِلى جَارِهِ الَّذِي لَا وَبَرَ لَهُ
أَي يُبَادِرُهَا وَيُسَابِقُهَا إِليه. ونَهَزَ الرجلُ: مَدَّ بعُنُقِه وناءَ بِصَدْرِهِ ليَتَهَوَّعَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَطَاءٍ: أَو مَصْدُور يَنْهَزُ قَيْحاً
أَي يَقْذِفُهُ؛ والمَصْدُور: الَّذِي بِصَدْرِه وَجَعٌ. ونَهَزَ: مَدَّ عُنُقَه وناءَ بِصَدْرِهِ ليَتَهَوَّع. وَيُقَالُ: نَهَزَتْني إِليك حاجةٌ أَي جَاءَتْ بِي إِليك؛ وأَصل النَّهْز: الدَّفْعُ، كأَنها دَفَعَتْنِي وحَرَّكَتْني. وناهِزٌ ومُناهِزٌ ونُهَيْز: أَسماء.
نوز: التَّهْذِيبِ: وَرَوَى
شَمِرٌ عَنِ القَعْنَبيّ عَنْ حِزام بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبيه قَالَ: رأَيت عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَتاه رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ بالمُصَلَّى عامَ الرَّمادَةِ فَشَكَا إِليه سُوءَ الْحَالِ وإِشرافَ عِيالِه عَلَى الْهَلَاكِ، فأَعطاه ثلاثةَ أَنيابٍ حَتائر وَجَعَلَ عَلَيْهِنَّ غَرَائِرَ فِيهِنَّ رِزَمٌ مِنْ دَقِيق ثُمَّ قَالَ لَهُ: سِرْ فإِذا قَدِمْتَ فَانْحَرْ نَاقَةً فأَطعمهم بوَدَكِها وَدَقِيقِهَا، وَلَا تُكْثِرْ إِطعامهم فِي أَول مَا تُطْعِمُهُمْ ونَوِّزْ؛ فلَبِثَ حِينًا ثُمَّ إِذا هُوَ بالشَّيْخ فَقَالَ: فعلتُ مَا أَمرتني وأَتى اللَّهُ بالحَيا فبِعْتُ نَاقَتَيْنِ وَاشْتَرَيْتُ لِلْعِيَالِ صُبَّةً مِنَ الْغَنَمِ فَهِيَ تَروح عَلَيْهِمْ
؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ القَعْنبي قَوْلُهُ نَوِّزْ أَي قَلِّلْ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَلَمْ أَسمع هَذِهِ الْكَلِمَةَ إِلا لَهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ.
فصل الهاء
هبز: هَبَزَ يَهْبِزُ هَبْزاً وهُبُوزاً وهَبَزاناً: مَاتَ، وَقِيلَ: هَلَكَ فَجْأَةً، وَقِيلَ: هُوَ الْمَوْتُ، أَيّاً كَانَ؛ وَكَذَلِكَ قَحَزَ يَقْحَزُ قُحُوزاً: مَاتَ. والهَبْزُ: مَا اطْمَأَنَّ مِنَ الأَرض وَارْتَفَعَ مَا حَوْلَهُ، وَجَمْعُهُ هُبُوزٌ، وَالرَّاءُ أَعلى.(5/422)
هبرز: الهِبْرِزِيُّ: الإِسْوارُ مِنْ أَساوِرَة فارسَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَعني بالإِسْوارِ الجَيِّدَ الرَّمْي بِالسِّهَامِ، فِي قَوْلِ الزَّجَّاج، أَو هُوَ الحَسَنُ الثَّبات عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ، فِي قَوْلِ الْفَارِسِيِّ. وَرَجُلٌ هِبْرِزِيٌّ: جَمِيلٌ وَسِيم، وَقِيلَ: نَافِذٌ. وخُفٌّ هِبْرِزِيٌّ: جَيِّد؛ يَمَانِيَةٌ. وَكُلُّ جَمِيلٍ وَسِيمٍ عِنْدَ الْعَرَبِ هِبْرِزِيٌّ مِثْلَ هِبْرِقِيٍّ. ابْنُ الأَعرابي: الهِبْرِزيُّ الدِّينَارُ الْجَدِيدُ؛ وأَنشد لِرَجُلٍ رَثَى ابْنًا لَهُ:
فَمَا هِبْرِزِيٌّ مِنْ دَنانِير أَيْلَةٍ، ... بأَيْدِي الوُشاةِ ناصِعٌ يَتَأَكَّلُ
قَالَ: الوشاةُ ضَرَّابو الدَّنَانِيرِ. يَتَأَكَّلُ: يأْكل بَعْضُهُ بَعْضًا مِنْ حُسْنِه. والهِبْرِزِيُّ والإِبْرِزِيُّ: الذَّهَبُ الْخَالِصُ، وَهُوَ الإِبرِيزُ؛ وَقَوْلُ العُجَيْر أَنشده الإِيادِيُّ:
فإِن تَكُ أُمُّ الهِبْرِزِيِّ تَمَصَّرَتْ ... عِظامي، فَمِنْهَا ناحِلٌ وحَسِيرُ
قَالَ: أُم الهِبْرِزِيِّ الحُمَّى. اللِّيْثُ: الهِبْرِزِيُّ الجَلْدُ النافذُ. والهِبْرِزِيُّ: الأَسد؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
بِهَا مِثْل مَشْيِ الهِبْرِزِيِّ المُسَرْوَلِ
قَالَ: وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ مَاءً:
خَفِيف الجَبَا لَا يَهْتَدِي فِي فَلاتِهِ مِنَ القومِ إِلا الهِبْرِزِيُّ المُغامِسُ
قَالَ: كلُّ مِقْدامٍ هِبْرِزِيٌّ مِنْ كل شيء.
هجز: الهَجْزُ: لُغَةٌ فِي الهَجْسِ، وَهِيَ النَّبْأَةُ الخَفِيَّة.
هرز: هَرْوَزَ الرجلُ والدابةُ هَرْوَزَةً: مَاتَا؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ فَعْوَلَةٌ مِنَ الهَرْزِ. وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: هَرِزَ الرجلُ وهُرِئَ إِذا مَاتَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَضَى فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ أَن يُحْبَس حتى يبلغ الماءُ الكَعْبَين
؛ مَهْزُورٌ: وَادِي قُرَيْظَة بِالْحِجَازِ، وأَما بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ فموضِعُ سُوقِ الْمَدِينَةِ تَصَدَّقَ بِهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى المسلمين.
هرمز: الهُرْمُزُ والهُرْمُزانُ والهارَمُوزُ: الْكَبِيرُ مِنْ مُلُوكِ الْعَجَمِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: هُرْمُزُ مِنْ أَسماء الْعَجَمِ. ورَامَهُرْمُز: مَوْضِعٌ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَبْنِيهِ عَلَى الْفَتْحِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْرِبُهُ وَلَا يَصْرِفُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُضِيفُ الأَول إِلى الثَّانِي وَلَا يَصْرِفُ الثَّانِي ويُجْرِي الأَول بِوُجُوهِ الإِعراب. والشَّيْخُ يُهَرْمِزُ، وهَرْمَزَتُهُ: لَوْكَتُهُ لُقْمَتَه فِي فِيهِ لَا يُسِيغه وَهُوَ يُدِيرُهُ فِي فِيهِ.
هزز: الهَزُّ: تَحْرِيكُ الشَّيْءِ كَمَا تَهُزُّ القَناةَ فَتَضْطَرِبُ وتَهْتَزُّ، وهَزَّه يَهُزُّه هَزّاً وهَزَّ بِهِ وهَزَّزَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ
؛ أَي حَرِّكِي. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هَزَّه وهَزَّ بِهِ إِذا حَرَّكَهُ؛ وَمِثْلُهُ: خُذِ الخِطامَ وخُذْ بِالْخِطَامِ وتَعلَّق زَيْدًا وتَعَلَّق بِزَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما عَدَّاه بِالْبَاءِ لأَنَّ فِي هُزِّي مَعْنَى جُرِّي؛ وَقَالَ الْمُتَنَخِّلُ الهُذَليُّ:
قَدْ حَالَ بَيْنَ دَرِيسَيْهِ مُؤَوِّبَةٌ ... مِسْعٌ، لَهَا بِعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ
مؤَوِّبة: رِيحٌ تأْتي لَيْلًا، وَقَدِ اهْتَزَّ؛ وَيُسْتَعَارُ فَيُقَالُ: هَزَزْتُ فُلَانًا لِخَيْرٍ فاهْتَزَّ، وهَزَزْتُ الشيءَ هَزّاً فاهْتَزَّ أَي حَرَكْتُهُ فَتَحَرَّكَ؛ قَالَ:(5/423)
كَرِيمٌ هُزَّ فاهْتَزّ، ... كَذَاكَ السَّيِّدُ النَّزّ
وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: اهْتَزَّ العرشُ لِمَوْتِ مُعَاذٍ
؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: اهْتَزَّ العرشُ أَي فَرِحَ؛ وأَنشد:
كَرِيمٌ هُزَّ فاهْتَزّ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُريد بِالْعَرْشِ هاهنا السَّرِيرُ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ سعد بن معاذ حين نُقِلَ إِلى قَبْرِهِ، وَقِيلَ: هُوَ عَرْشُ اللَّهِ ارْتَاحَ وَاسْتَبْشَرَ لِكَرَامَتِهِ عَلَى رَبِّهِ أَي لِرُوحِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ حِينَ رُفِعَ إِلى السَّمَاءِ، وَاللَّهُ أَعلم بِمَا أَراد. قَالَ ابْنُ الأَثير: الهَزُّ فِي الأَصل الْحَرَكَةُ، واهْتَزَّ إِذا تَحَرَّكَ، فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَعْنَى الِارْتِيَاحِ، أَي ارْتَاحَ لِصُعُودِهِ حِينَ صُعِدَ بِهِ وَاسْتَبْشَرَ لِكَرَامَتِهِ عَلَى رَبِّهِ. وَكُلُّ مَنْ خَفَّ لأَمر وَارْتَاحَ لَهُ، فَقَدِ اهْتَزَّ لَهُ؛ وَقِيلَ: أَراد فَرِحَ أَهلُ الْعَرْشِ بِمَوْتِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَانْطَلَقْنَا بالسِّقْطَينِ نَهُزُّ بِهِمَا
أَي نُسْرِعُ السَّيْرَ بِهِمَا، وَيُرْوَى: نَهِزُ مِنَ الوَهْزِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وأَخَذَتْهُ لِذَلِكَ الأَمر هِزَّة أَي أَرْيَحِيَّة وَحَرَكَةٌ. واهْتَزَّ النَّبَاتُ: تَحَرَّك وَطَالَ. وهَزَّتْه الرِّيحُ والرِّيُّ: حَرَّكاه وأَطالاه. واهتَزَّت الأَرضُ: تَحَرَّكَتْ وأَنبتت. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ*
؛ اهْتَزَّتْ أَي تَحَرَّكَتْ عِنْدَ وُقُوعِ النَّبَاتِ بِهَا، ورَبَتْ أَي انْتَفَخَتْ وعَلَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِني سَمِعْتُ هَزِيزاً كَهزِيز الرَّحَى
أَي صوت دورانها. والهَزُّ والهَزِيزُ فِي السَّيْرِ: تَحْرِيكُ الإِبل فِي خِفَّتِها. وَقَدْ هَزَّها السيرُ وهَزَّها الْحَادِي هَزِيزاً فاهْتَزَّتْ هِيَ إِذا تَحَرَّكَتْ فِي سَيْرِهَا بِحُدائِه. الأَصمعي: الهِزَّةُ مِنْ سَيْرِ الإِبل أَن يَهْتَزَّ المَوْكِبُ. قَالَ النَّضِرُ: يَهْتَزّ أَي يُسْرِع. ابْنُ سِيدَهْ: الهِزَّة أَن يَتَحَرَّكَ الموكِبُ وَقَدِ اهْتَزَّ؛ قَالَ ابْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
أَلا هَزِئَتْ بِنا قُرَشِيَّةٌ ... يَهْتَزُّ مَوْكِبُها
واهْتِزازُ الْمَوْكِبِ أَيضاً «2» وجَلَبَتُهُم. وهَزِيزُ الرِّيحِ: دَوِيُّها عِنْدَ هَزِّها الشجرَ؛ يُقَالُ: الرِّيحُ تُهَزِّزُ الشَّجَرَ فَيَتَهَزَّزُ؛ وهَزْهَزَهُ أَي حَرَّكَهُ فَتَهَزْهَزَ. وهَزِيزُ الرِّيحِ: صوتُ حَرَكَتِها؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
إِذا مَا جَرَى شَأْوَيْنِ وابْتَلَّ عِطْفُه، ... تقولُ: هَزِيزُ الريحِ مَرَّتْ بأَثْأَبِ
وهِزَّانُ بْنُ يَقْدُمَ: بطنٌ، فِعْلانٌ مِنَ الهِزَّة؛ قَالَ الْشَّاعِرُ «3» :
وفِتْيان هِزَّانَ الطِّوالُ الغَرانِقَهْ
وَقِيلَ: هِزَّانُ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَقِيلَ: هِزَّان قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ. وهَزْهَزَ الشيءَ: كَهزَّه. والهَزْهَزَةُ: تَحْرِيكُ الرأْس. والهَزْهَزةُ: تَحْرِيكُ الْبَلَايَا وَالْحُرُوبِ لِلنَّاسِ. والهَزاهِزُ: الْفِتَنُ يَهْتَزُّ فِيهَا النَّاسُ. وَسَيْفٌ هَزْهازٌ وَسَيْفٌ هُزَهِزٌ وهُزاهِزٌ: صافٍ. وَمَاءٌ هُزْهُزٌ وهُزاهِزٌ وهَزْهازٌ: يَهْتَزُّ مِنْ صَفَائِهِ. وعَيْنٌ هُزْهُزٌ: كَذَلِكَ. وَمَاءٌ هُزَهِزٌ فِي اهْتِزازِه إِذا جَرى،
__________
(2) . قوله [واهتزاز الموكب أيضا إلخ] عبارة الجوهري: وَالْهِزَّةُ، بِالْكَسْرِ، النَّشَاطُ وَالِارْتِيَاحُ وصوت غليان القدر واهتزاز الموكب أيضا إلخ
(3) . قوله [قال الشاعر] هو الأَعشى يخاطب امرأة، وصدره:
وقد كان في شبان قومك منكح(5/424)
ونَهْرٌ هُزْهُزٌ، بِالضَّمِّ؛ وأَنشد الأَصمعي:
إِذا اسْتَراثَتْ سَاقِيًّا مُسْتَوْفِزا ... بَجَّتْ مِنَ البَطْحاءِ نَهْراً هُزْهُزا
قَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ أَبو الْعَالِيَةِ: قُلْتُ للغَنَويِّ مَا كَانَ لَكَ بنَجْدٍ فقال: ساحاتٌ فِيحٌ وعَيْنٌ هُزْهُزٌ واسعةُ مُرْتَكَضِ المَجَمِّ، قُلْتُ: فَمَا أَخرجك عَنْهَا قَالَ: إِن بَنِي عَامِرٍ جَعَلُونِي عَلَى حِنْدِيرَةِ أَعينهم يُرِيدُونَ أَن يَخْتَفُوا دَمِيَهْ؛ مَرتكض: مُضْطَرَب. والمَجَمُّ: مَوْضِعُ جُموم الْمَاءِ أَي توفُّره وَاجْتِمَاعِهِ. وَقَوْلُهُ: أَن يَخْتَفُوا دَمِيَهْ أَي يَقْتُلُونِي وَلَا يُعْلَم بِي. وَبَعِيرٌ هُزاهِزٌ: شَدِيدُ الصَّوْتِ؛ وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:
فَوَرَدَتْ مِثْلَ اليَمانِ الهَزْهازْ، ... تَدْفَعُ عَنْ أَعْناقِها بالأَعْجازْ
أَراد أَن هَذِهِ الإِبل وَرَدَتْ مَاءً هَزْهازاً كَالسَّيْفِ الْيَمَانِيِّ فِي صَفَائِهِ. أَبو عَمْرٍو: بِئْرٌ هُزْهُزٌ بَعِيدَةُ القَعر؛ وأَنشد:
وفَتَحَتْ للعَرْدِ بِئْراً هُزْهُزا
وَقَوْلَ أَبي وَجْزَةَ:
والماءُ لَا قَسْمٌ وَلَا أَقْلادُ، ... هُزاهِزٌ أَرْجاؤُها أَجْلادُ،
لَا هُنَّ أَمْلاحٌ وَلَا ثِمادُ
قِيلَ: مَاءٌ هَزْهازٌ إِذا كَانَ كَثِيرًا يَتَهَزْهَزُ، واهْتَزَّ الكوكبُ فِي انْقِضاضِه، وَكَوْكَبٌ هازٌّ. والهِزَّةُ، بِالْكَسْرِ: النَّشاط وَالِارْتِيَاحُ وَصَوْتُ غَلَيَانِ القِدْرِ. وَيُقَالُ: تَهَزْهَزَ إِليه قَلْبِي أَي ارْتَاحَ وهَشَّ؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِذا فاطَنَتْنا فِي الْحَدِيثِ تَهَزْهَزَتْ ... إِليها قلوبٌ، دُونَهُنَّ الجَوانِحُ
والهَزائِزُ: الشَّدَائِدُ؛ حَكَاهَا ثَعْلَبٌ قَالَ: وَلَا وَاحِدَ لَهَا.
هزبز: الهَزَنْبَزُ والهَزَنْبَزانُ والهَزَنْبزانِيُّ، كلُّه: الحديدُ، حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي بِزَايَيْنِ، قَالَ: وَهِيَ مِنَ الأَمثلة الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا سِيبَوَيْهِ.
همز: هَمَزَ رأْسه يَهْمِزُه هَمْزاً: غَمَزَه، وَقَدْ هَمَزْتُ الشيءَ فِي كَفِّي؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَمَنْ هَمَزْنا رأْسَه تَهَشَّما
وهَمَزَ الجَوْزَة بِيَدِهِ يَهْمِزُها: كَذَلِكَ. وهَمَزَ الدَّابَّةَ يَهْمِزُها هَمْزاً: غَمَزَها. والمِهْمازُ: مَا هُمِزَتْ بِهِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
أَقامَ الثِّقافُ والطَّرِيدَةُ دَرْأَها، ... كَمَا قَوَّمتْ ضِغْنَ الشَّموسِ المَهامِزُ
أَراد الْمَهَامِيزَ، فَحَذْفُ الْيَاءِ ضَرُورَةً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ مِهْمَزٍ. قَالَ الأَزهري: وهَمَزَ القَناةَ ضَغَطها بالمَهامِز إِذا ثُقِّفَتْ، قَالَ شَمِرٌ: والمَهامِزُ عِصِيٌّ، وَاحِدَتُهَا مِهْمَزَة، وَهِيَ عَصًا فِي رأْسها حَدِيدَةٌ يُنخس بِهَا الْحِمَارُ؛ قَالَ الأَخطل:
رَهْطُ ابنِ أَفْعَلَ فِي الخُطُوبِ أَذِلَّةٌ، ... دُنْسُ الثِّيابِ قَناتُهُمْ لَمْ تُضْرَسِ
بالهَمْزِ مِنْ طُولِ الثِّقافِ، وجارُهُمْ ... يُعْطِي الظُّلامَةَ فِي الخُطوبِ الحُوَّسِ(5/425)
أَبو الْهَيْثَمِ: الْمَهَامِزُ مُقَارِعُ النَّخَّاسِين الَّتِي يَهْمِزُون بِهَا الدَّوَابَّ لتُسْرِعَ، وَاحِدَتُهَا مِهْمَزة، وَهِيَ المِقْرَعَةُ. والمِهْمَزُ والمِهْمازُ: حَدِيدَةٌ تَكُونُ فِي مُؤَخَّرِ خُف الرَّائِضِ. والهَمْزُ مِثْلُ الغَمْزِ والضَّغْطِ، وَمِنْهُ الهَمْزُ فِي الْكَلَامِ لأَنه يُضْغَط. وَقَدْ هَمَزْتُ الحَرْفَ فانْهَمَز، وَقِيلَ لأَعرابي: أَتَهْمِزُ الْفَارَ؟ فَقَالَ: السِّنَّورُ يَهْمِزُها. والهَمْزُ مِثْلُ اللَّمْزِ. وهَمَزَهُ: دَفَعَهُ وَضَرَبَهُ. وهَمَزْتُه ولَمَزْتُه ولَهَزْتُه ونَهَزْتُه إِذا دَفَعْتَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ومَنْ هَمَزْنا عِزَّه تَبَرْكَعا ... عَلَى اسْتِهِ زَوْبَعَةً، أَو زَوْبَعا
تَبَرْكَعَ الرَّجُلُ إِذا صُرعَ فَوَقَعَ عَلَى اسْتِهِ. وقوسٌ هَمُوزٌ وهَمَزَى، عَلَى فَعَلى: شَدِيدَةُ الدَّفْعِ والحَفْزِ لِلسَّهْمِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وأَنشد لأَبي النَّجْمِ وَذَكَرَ صَائِدًا:
نَحا شَمَالًا هَمَزَى نَصُوحا، ... وهَتَفَى مُعْطِيَةً طَرُوحا
ابْنُ الأَنباري: قَوْسٌ هَمَزَى شَدِيدَةُ الهَمْزِ إِذا نُزِعَ عَنْهَا. وقوسٌ هَتَفَى: تَهْتِفُ بالوَتَرِ. والهَامِزُ والهَمَّازُ: العَيَّابُ. والهُمَزَةُ مِثْلُهُ، وَرَجُلٌ هُمَزَةٌ وامرأَة هُمَزَةٌ أَيضاً. والهَمَّاز والهُمَزَة: الَّذِي يَخْلُف الناسَ مِنْ وَرَائِهِمْ ويأْكل لُحُومَهُمْ، وَهُوَ مِثْلُ العُيَبَةِ، يَكُونُ ذَلِكَ بالشِّدْقِ وَالْعَيْنِ والرأْس. اللَّيْثُ: الهَمَّازُ والهُمَزَة الَّذِي يَهْمِزُ أَخاه فِي قَفَاهُ مِنْ خَلْفِه، واللَّمْزُ فِي الِاسْتِقْبَالِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ
؛ وَفِيهِ أَيضاً: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ
، وَكَذَلِكَ امرأَة هُمَزَة لُمَزَةٌ لَمْ تَلْحَق الهاءُ لتأْنيث الْمَوْصُوفِ بِمَا فِيهِ، وإِنما لَحِقَتْ لإِعلام السَّامِعِ أَن هَذَا الْمَوْصُوفَ بِمَا هِيَ فِيهِ قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ وَالنِّهَايَةَ، فَجَعَلَ تأْنيث الصِّفَةِ أَمارة لِمَا أُريد مِنْ تأْنيث الْغَايَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الهُمَّازُ العَيَّابُونَ فِي الْغَيْبِ، واللُّمَّازُ الْمُغْتَابُونَ بِالْحَضْرَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ
. قال أَبو إِسحق: الْهُمَزَةُ اللُّمَزَةُ الَّذِي يَغْتَابُ النَّاسَ ويَغُضُّهم؛ وأَنشد:
إِذا لَقِيتُك عَنْ شَحْطٍ تُكاشِرُني، ... وإِن تَغَيَّبْتُ كنتَ الهامِزَ اللُّمَزَهْ
ابْنُ الأَعرابي: الهَمْزُ الغَضُّ، والهَمْزُ الكَسْرُ، والهَمْزُ العَيْبُ. وَرُوِيَ عَنْ
أَبي الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ
؛ قَالَ: هُوَ المَشَّاءُ بِالنَّمِيمَةِ المُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ المُغْري بَيْنَ الأَحبة.
وهَمَزَ الشيطانُ الإِنسانَ هَمْزاً: هَمَسَ فِي قَلْبِهِ وَسْواساً. وهَمَزاتُ الشَّيْطَانِ: خَطَراتُه الَّتِي يُخْطِرُها بِقَلْبِ الإِنسان. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ إِذا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِه ونَفْثِه ونَفْخِه قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَمْزه ونَفْثُه ونَفْخه؟ قَالَ: أَما هَمْزُه فالمُوتَةُ، وأَما نَفْثُهُ فالشِّعْرُ، وأَما نفخُه فالكِبْرُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُوتَةُ الجُنُون، قَالَ: وإِنما سَمَّاهُ هَمْزاً لأَنه جَعَلَهُ مِنَ النَّخْسِ وَالْغَمْزِ. وكلُّ شَيْءٍ دَفَعْتَهُ، فَقَدَ هَمَزْتَهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الهَمْز العَصْر. يُقَالُ: هَمَزْتُ رأْسَه وهمزتُ الجَوْز بكفِّي. والهَمْزُ: النَّخْسُ وَالْغَمْزُ. والهَمْزُ: الغِيبَة وَالْوَقِيعَةُ فِي النَّاسِ وَذِكْرُ عُيُوبِهِمْ؛ وَقَدْ هَمَزَ يَهْمِزُ، فَهُوَ هَمَّاز وهُمَزَةٌ لِلْمُبَالَغَةِ.(5/426)
والهَمْزَة: النُّقْرَة كالهَزْمَةِ، وَقِيلَ هُوَ الْمَكَانُ الْمُنْخَسِفُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والهَمْزَةُ مِنَ الْحُرُوفِ: مَعْرُوفَةٌ، وَسُمِّيتِ الهَمْزَةَ لأَنها تُهْمَزُ فَتُهَتُّ فَتَنْهَمِزُ عَنْ مُخْرِجِهَا، يُقَالُ: هُوَ يَهُتُّ هَتًّا إِذا تَكَلَّمَ بالهَمْزِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْهَمْزَةِ فِي أَوّل حَرْفِ الْهَمْزَةِ أَوّل الْكِتَابِ. وهَمَزَى: مَوْضِعٌ. وهُمَيْزٌ وهَمَّاز: اسْمَانِ، والله أَعلم.
هنز: الأَزهري فِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ هَذِهِ قَريصَةٌ مِنَ الْكَلَامِ وهَنِيزَة ولَدِيغَةٌ في معنى الأَذِيَّة.
هندز: الهِنْدازُ: مُعَرَّبٌ، وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ أَنْدازَه، يُقَالُ: أَعطاه بِلَا حِسَابٍ وَلَا هِنْدازٍ. وَمِنْهُ المُهَنْدِزُ: الَّذِي يُقَدِّرُ مَجارِيَ القُنِيِّ والأَبْنِيَة إِلا أَنهم صَيَّرُوا الزَّايَ سِينًا، فَقَالُوا مُهَنْدِسٌ، لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ زَايٌ قبلها دال.
هوز: هَوَّزَ الرجلُ: مَاتَ. قَالَ: وَمَا أَدري أَيُّ الهُوزِ هُوَ أَي الخَلْقِ، وَمَا أَدري أَيُّ الطَّمْشِ هُوَ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: مَا أَدري أَيُّ الهُونِ هُوَ، وَالزَّايُ أَعرف. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَهْوازُ سَبْعُ كُوَرٍ بَيْنَ الْبَصْرَةِ وفارِسَ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا اسْمٌ، وَجَمْعُهَا الأَهْوازُ أَيضاً، وَلَيْسَ للأَهواز وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ وَلَا يُفْرَدُ وَاحِدٌ مِنْهَا بِهُوزٍ. وهَوَّز وهَوَّاز: حُرُوفٌ وُضِعَتْ لِحِسَابِ الجُمَّلِ: الْهَاءُ خَمْسَةٌ وَالْوَاوُ سِتَّةٌ وَالزَّايُ سَبْعَةٌ. وَيُقَالُ: مَا فِي الهُوزِ مِثْلُهُ وَمَا فِي الغَاطِ مِثْلُهُ أَي لَيْسَ فِي الخلق مثله.
فصل الواو
وتز: الوَتْزُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَيْسَ بثَبَتٍ.
وجز: وَجُزَ الكلامُ وَجازَةً ووَجْزاً وأَوْجَزَ: قَلَّ فِي بَلَاغَةٍ، وأَوْجَزَه: اخْتَصَرَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: بَيْنَ الإِيجاز وَالِاخْتِصَارِ فَرْقٌ مَنْطِقِيٌّ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. وكلامٌ وَجْزٌ: خَفِيفٌ. وأَمر وَجْزٌ وواجِزٌ ووَجِيزٌ ومُوجَزٌ ومُوجِزٌ. والوَجْزُ: الوَحَى؛ يُقَالُ: أَوْجَزَ فلانٌ إِيجازاً فِي كُلِّ أَمر. وأَمرٌ وَجِيزٌ وَكَلَامٌ وَجِيز أَي خَفِيفٌ مُقْتَصِرٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَوْلَا عَطاءٌ مِنْ كَريمٍ وَجْز
أَبو عَمْرٍو: الوَجْزُ السَّرِيعُ الْعَطَاءِ. يُقَالُ: وَجَزَ فِي كَلَامِهِ وأَوْجَزَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَلَى حَزَابِيٍّ جُلالٍ وَجْز
يَعْنِي بَعِيرًا سَرِيعًا. وأَوْجَزْتُ الْكَلَامَ: قَصَرْتُه. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: قَالَ لَهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِذا قُلْتَ فأَوجِز
أَي أَسرع واقْتَصِرْ. وتَوَجَّزْتُ الشَّيْءَ: مِثْلُ تَنَجَّزْتُه. وَرَجُلٌ مِيْجاز: يُوجِزُ فِي الْكَلَامِ وَالْجَوَابِ. وأَوْجَزَ القولَ وَالْعَطَاءَ: قلَّله، وَهُوَ الوَجْزُ؛ قَالَ:
مَا وَجْزُ مَعْرُوفِكِ بالرِّماقِ
وَرَجُلٌ وَجْزٌ: سَرِيعُ الْحَرَكَةِ فِيمَا أَخَذَ فِيهِ، والأُنثى بِالْهَاءِ. ووَجْزَةُ: فَرَسُ يَزِيدَ بنِ سِنانٍ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وأَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ سعدُ بْنُ بَكْرٍ: شَاعِرٌ(5/427)
مَعْرُوفٌ ومُحَدِّثٌ. ومُوجِزٌ: مِنْ أَسماء صَفَرَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراها عادِيَّةً.
وخز: الوَخْزُ: الشيءُ الْقَلِيلُ مِنَ الخُضْرَة فِي العِذْقِ وَالشَّيْبِ فِي الرأْس، وَقَدْ وَخَزَهُ وَخْزاً. وَقِيلَ: كلُّ قَلِيلٍ وَخْزٌ؛ قَالَ أَبو كَاهِلٍ اليَشْكُرِيُّ يُشَبِّه نَاقَتَهُ بالعُقابِ:
لَهَا أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرُه ... مِنَ الثَّعالي، ووَخْزٌ مَنْ أَرانيها
الوَخْزُ: شيءٌ مِنْهُ لَيْسَ بِالْكَثِيرِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الوَخْزُ الخطيئةُ بَعْدَ الخطيئةِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمَعْنَى الْخَطِيئَةِ القليلُ بَيْنَ ظَهْرانَيِ الْكَثِيرِ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ، قَالَ: وَقَالُوا هَذِهِ أَرض بَنِي تَمِيمٍ وَفِيهَا وَخْزٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَي قَلِيلٌ؛ وأَنشد:
سِوَى أَنَّ وَخْزاً مِنْ كلابِ بْنِ مُرَّةٍ ... تَنَزَّوْا إِلَيْنَا مِنْ نَقِيعَةِ جابِرِ
ووَخَزَه بالرُّمْح والخَنْجَرِ يَخِزُه وَخْزاً: طَعَنَهُ طَعْنًا غَيْرَ نَافِذٍ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّعْنُ النَّافِذُ فِي جَنْبِ الْمَطْعُونِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِنه وَخْزُ إِخوانكم مِنَ الْجِنِّ
؛ الوَخْزُ طَعْنٌ لَيْسَ بنافِذٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَذُكِرَ الطاعونَ فَقَالَ: إِنما هُوَ وَخْزٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
، وَفِي رِوَايَةٍ: رِجْزٌ. أَبو عَدْنَانَ: الطَّعْنُ الوَخْزُ التَّبْزِيغُ؛ قَالَ: التَّبْزِيغُ وَالتَّغْزِيبُ وَاحِدٌ غَزَبَ وبَزَغَ. يُقَالُ: بَزَغَ البَيْطارُ الحافِرَ إِذا عَمَدَ إِلى أَشاعره بِمِبْضَع فَوَخَزَه بِهِ وَخْزاً خَفِيفًا لَا يَبْلُغُ العَصَبَ فيكونُ دَواءً لَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاح:
كَبَزْغِ البِيَطْرِ الثَّقْفِ رَهْصَ الكَوادِنِ
وأَما فَصْدُ عِرْقِ الدَّابَّةِ وإِخراج الدَّمِ مِنْهُ فَيُقَالُ لَهُ التَّوْدِيجُ؛ يُقَالُ: وَدِّجْ فَرَسَكَ ووَدِّجْ حِمَارَكَ. قَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبَةَ: وَخَزَ فِي سَنامِها بِمِبْضَعِه، قَالَ: والوَخْزُ كالنَّخْس يَكُونُ مِنَ الطَّعْنِ الْخَفِيفِ الضَّعِيفِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَدْ أَعْجَلَ القومَ عَنْ حاجاتِهم سَفَرٌ ... مِنْ وَخْزِ جِنٍّ، بأَرض الرُّومِ، مذكورِ
يَعْنِي بالوَخْزِ الطاعونَ هَاهُنَا. وَيُقَالُ: إِني لأَجد فِي يَدِي وَخْزاً أَي وَجَعًا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ووَخَزَه الشَّيْبُ أَي خَالَطَهُ. وَيُقَالُ: وَخَزَه القَتِيرُ وَخْزاً ولَهَزَه لَهْزاً بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا شَمَط مواضعَ مِنْ لِحْيَتِهِ، فَهُوَ مَوْخُوزٌ. قَالَ: وإِذا دُعِيَ القومُ إِلى طعام فجاؤُوا أَربعة أَربعة قالوا: جاؤُوا وَخْزاً وَخْزاً، وإِذا جاؤوا عُصْبة قيل: جاؤُوا أَفائج أَي فَوْجاً فَوْجاً؛ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ: أَرأَيت التَّمْرَ والبُسْرَ انْجَمَعَ بينما؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: الْبُسْرُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الوَخْزُ، قَالَ: اقْطَعْ ذَلِكَ، الوَخْزُ: الْقَلِيلُ مِنَ الإِرْطابِ، فَشَبَّهَ مَا أَرْطَبَ مِنَ البُسْر في قلته بالوَخْزِ.
وزز: الوَزْوَزَةُ: الخِفَّة والطَّيْشُ. وَرَجُلٌ وَزْوازٌ ووُزاوِزَةٌ: طَائِشٌ خفيف في مشه. والوَزْوَزَةُ أَيضاً: مُقَارَبَةُ الخَطْوِ مَعَ تَحْرِيكِ الْجَسَدِ. والوَزْوازُ: الَّذِي يُوَزْوِزُ اسْتَه إِذا مَشَى يُلَوِّيها. والوَزْوَزُ: خَشَبَةٌ عَرِيضَةٌ يُجَرُّ بِهَا ترابُ الأَرض الْمُرْتَفِعَةِ إِلى الأَرض الْمُنْخَفِضَةِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ زوزم. والوَزَّةُ البَطَّةُ، وَجَمْعُهَا وَزٌّ، وَهِيَ الإِوَزَّةُ أَيضاً، وَالْجَمْعُ إِوَزٌّ وإِوَزُّونَ؛ قَالَ:(5/428)
تَلْقَى الإِوَزِّينَ فِي أَكْنافِ دَارَتِها ... فَوْضَى، وبَيْنَ يَدَيْهَا التِّينُ مَنْثُورُ
أَي أَن هَذِهِ المرأَة تَحَضَّرَتْ فالإِوَزُّ فِي دَارَتِهَا تأْكل التِّينَ، وإِنما جَعَلَ ذَلِكَ عَلَامَةَ التَّحَضُّر لأَن التِّينَ إِنما يَكُونُ بالأَرياف وَهُنَاكَ تأْكله الإِوَزُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِن قَالَ قَائِلٌ: مَا بالُهم قَالُوا فِي جَمْعِ إِوَزَّة إِوَزُّونَ، بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، وإِنما يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْمَحْذُوفِ نَحْوُ ظُبَة وثُبَةٍ، وَلَيْسَتْ إِوَزَّةٌ مِمَّا حُذِفَ شَيْءٌ مِنْ أُصوله وَلَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ أَرض فِي أَنه بِغَيْرِ هاءٍ؟ فَالْجَوَابُ أَن الأَصل فِي إِوَزَّة إِوْزَزَة إِفْعَلَة، ثُمَّ إِنهم كَرِهُوا اجْتِمَاعَ حَرْفَيْنِ مُتَحَرِّكَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فأَسكنوا الأَول مِنْهُمَا وَنَقَلُوا حَرَكَتَهُ إِلى مَا قَبْلَهُ وأَدغموه فِي الَّذِي بَعْدَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ الكلمةَ هَذَا الإِعلالُ وَالتَّوْهِينُ عوَّضوها مِنْهُ أَي جَمَعُوهَا بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فَقَالُوا: إِوَزّونَ؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ:
كأَنَّ خَزًّا تَحْتَها وَقَزَّا، ... وفُرُشاً مَحْشُوَّةً إِوَزَّا
إِما أَن يَكُونَ أَراد مَحْشُوَّةً رِيشَ إِوَزٍّ، وإِما أَن يَكُونَ أَراد الإِوَزَّ بأَعيانها وَجَمَاعَةَ شُخُوصِهَا، والأَول أَولى. وأَرض مَوَزَّةٌ: كَثِيرَةُ الوَزِّ. اللَّيْثُ: الإِوَزُّ طَيْرُ الْمَاءِ، الْوَاحِدَةُ إِوَزَّة، بِوَزْنِ فِعَلَّة، وَيَنْبَغِي أَن يَكُونَ المَفْعَلَةُ مِنْهَا مَأْوَزَةً وَلَكِنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَحْذِفُ الْهَمْزَةَ مِنْهَا فَيُصَيِّرُهَا وَزَّة كأَنها فَعْلَة؛ ومَفْعَلَةٌ مِنْهَا أَرض مَوَزَّة، وَيُقَالُ هُوَ البَطُّ. الْجَوْهَرِيُّ: الوَزُّ لُغَةٌ فِي الإِوَزِّ وَهُوَ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ. وَرَجُلٌ إِوَزّ: قَصِيرٌ غَلِيظٌ، والأُنثى إِوَزَّة، وَقِيلَ: هُوَ الْغَلِيظُ اللَّحِيم فِي غَيْرِ طُول؛ وأَنشد الْمُفَضَّلُ:
أَمْشِي الإِوَزَّى وَمَعِي رُمْحٌ سَلِبْ
قَالَ: وَهُوَ مَشْيُ الرَّجُلِ مُتَوَقِّصاً فِي جَانِبَيْهِ ومَشْيُ الْفَرَسِ النَّشِيطِ، وَقِيلَ: الإِوَزُّ المُوَثَّقُ الخَلْقِ مِنَ النَّاسِ وَالْخَيْلِ والإِبل؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِن كنتَ ذَا بَزٍّ، فإِنَّ بَزِّي ... سابِغَةٌ فوقَ وأًى إِوَزِّ
وشز: الوَشْزُ: رَفْعُ رأْس الشَّيْءِ. والوَشَزُ، بِالتَّحْرِيكِ، والنَّشَزُ كُلُّهُ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض. والوَشَزُ: الشِّدَّةُ فِي العَيْش. يُقَالُ: أَصابهم أَوْشازُ الأُمور أَي شَدَائِدُهَا؛ وَقَوْلُهُ:
يَا مُرُّ قاتِلْ سَوْفَ أَكْفِيكَ الرَّجَزْ، ... إِنك مِنِّي لاجئٌ إِلى وَشَزْ،
إِلى قوافٍ صَعْبَةٍ فِيهَا عَلَزْ
هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَحد هَذِهِ الأَشياء الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَوْشازٌ. وَيُقَالُ: لَجَأْتُ إِلى وَشَزٍ أَي تَحَصَّنْتُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَجَعَلَهُ رُؤْبَةُ وَشْزاً فَخَفَّفَهُ؛ قَالَ:
وإِن حَبَتْ أَوْشازُ كلِّ وَشْزِ ... بعَددٍ ذِي عُدَّة ورِكْزِ
أَي سَالَتْ بِعَدَدٍ كَثِيرٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ إِن أَمامك أَوْشازاً فَاحْذَرْهَا أَي أُموراً شِدَادًا مَخُوفة. والأَوْشازُ مِنَ الأُمور: غَلْظُها. وَلَقِيتُهُ عَلَى أَوْشازٍ أَي عَلَى عَجَلَةٍ، وَاحِدُهَا وَشْزٌ ووَشَزٌ. والوَشائز: الْوَسَائِدُ المَحْشُوَّةُ جِدًّا.
وعز: الوَعْزُ: التَّقْدِمَةُ فِي الأَمر والتَّقَدُّمُ فِيهِ. وعَزَ ووَعَّزَ: قَدَّمَ أَو تَقَدَّمَ؛ قَالَ:
قَدْ كنتُ وَعَّزْتُ إِلى عَلاءِ،(5/429)
فِي السِّرِّ والإِعْلانِ والنَّجاءِ، ... بأَنْ يُحِقَّ وَذَمَ الدِّلاءِ
وَيُقَالُ: وَعَّزْتُ إِليه تَوْعِيزاً. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ أَوْعَزْتُ إِلى فُلَانٍ فِي ذَلِكَ الأَمر إِذا تَقَدَّمْتُ إِليه. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ قَالَ: يُقَالُ وَعَّزْتُ وأَوْعَزْتُ، وَلَمْ يَجُزْ وَعَزْتُ، مُخَفَّفًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ رَوَى أَبو حَاتِمٍ عَنِ الأَصمعي أَنه أَنكر وَعَزْتُ، بِالتَّخْفِيفِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ يُخَفَّفُ فَيُقَالُ وَعَزْتُ إِليه وَعْزاً.
وفز: لَقِيتُهُ عَلَى أَوْفازٍ أَي على عَجَلَةٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن تَلْقَاهُ مُعِدًّا، وَاحِدُهَا وَفَزٌ، واستَوْفَزَ فِي قِعْدَتِه إِذا قَعَدَ قُعُوداً مُنْتَصِبًا غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: الوَفْزُ أَن لَا يَطْمَئِنَّ فِي قُعُودِهِ. يُقَالُ: قَعَدَ عَلَى أَوفاز مِنَ الأَرض ووِفازٍ؛ وأَنشد:
أَسُوقُ عَيْراً مائِلَ الجَهازِ، ... صَعْباً يُنَزِّيني عَلَى أَوْفازِ
قَالَ: وَلَا تَقُلْ عَلَى وِفازٍ. والوَفَزُ والوَفَزَةُ: العَجَلَة، وَالْجَمْعُ أَوْفازٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ فُلَانٌ عَلَى أَوفاز أَي عَلَى حَدِّ عَجَلَة، وَعَلَى وَفَزٍ. وَيُقَالُ: نَحْنُ عَلَى أَوْفازٍ أَي عَلَى سَفَرٍ قَدْ أَشْخَصْنا، وإِنا عَلَى أَوفاز. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: كُونُوا مِنْهَا عَلَى أَوْفازٍ
، الوَفَزُ: العَجَلة. اللَّيْثُ: الوَفَزَةُ أَن تَرَى الإِنسانَ مُسْتَوْفِزاً قَدِ اسْتَقَلَّ عَلَى رِجْلَيْهِ وَلَمَّا يَسْتَوِ قَائِمًا وَقَدْ تهيأَ للأَفْزِ والوُثُوبِ والمُضِيِّ. يُقَالُ لَهُ: اطْمَئِنَّ فإِني أَراك مُسْتَوْفِزاً. قَالَ أَبو مُعَاذٍ: المُسْتَوْفِزُ الَّذِي قَدْ رَفَعَ أَليتيه وَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ؛ قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ: وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: عَلَى الرُّكَبِ مُسْتَوْفِزِين.
وَقَزَ: الأَزهري: قرأْتُ فِي نَوَادِرِ أَبي عَمْرٍو: المُتَوَقِّزُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَنَامُ يَتَقَلَّبُ.
وَكَزَ: وَكَزَهُ وَكْزاً: دَفَعَهُ وَضَرَبَهُ مِثْلُ نَكَزَه. والوَكْزُ: الطَّعْنُ. ووَكَزَه أَيضاً: طَعَنَهُ بجُمْعِ كَفِّهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ
، وَقِيلَ: وَكَزَه أَي ضَرَبَهُ بجُمْعِ يَدِهِ عَلَى ذَقَنِه. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَوَكَزَ الفِرْعَوْنِيَّ فَقَتَلَهُ
أَي نَخَسه. وَفِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ:
إِذ جَاءَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَوَكَزَ بَيْنَ كَتِفَيَ
؛ الزَّجَّاجُ: الوَكْزُ أَن يَضْرِبَ بجُمْع كَفِّهِ، وَقِيلَ: وكَزَه بِالْعَصَا. وَرَوَى ابْنُ الفَرَج عَنْ بَعْضِهِمْ: رُمْحٌ مَرْكُوزٌ ومَوْكوزٌ بِمَعْنَى وَاحِدٍ؛ وأَنشد:
والشَّوْكُ فِي أَخْمَصِ الرِّجْلَيْنِ مَوْكُوزُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: يُقَالُ وَكَزْتُ أَنفه أَكِزُه إِذا كَسَرَتْ أَنفه، ووَكَعْت أَنفَه فأَنا أَكَعُه مِثْلَ وَكَزْتُه. الْكِسَائِيُّ: وَكَزْتُه ونَكَزْتُه ونَهَزْتُه ولَهَزْتُه بِمَعْنَى وَاحِدٍ. ووَكَزَتْهُ الْحَيَّةُ: لَدَغَتْهُ. ووَكَزَ وَكْزاً ووَكَزَ فِي عَدْوِه مِنْ فَزَع أَو نَحْوَهُ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَيْسَ بثَبَتٍ. ووَكْزٌ: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فإَنَّ بأَجْراعِ البُرَيْراءِ فالحَشَى، ... فَوَكْزٍ إِلى النَّقْعَيْنِ مِنْ وَبِعانِ
وَهَزَ: الْكِسَائِيُّ: وَهَزْتُه ولَهَزْتُه ونَهَزْتُه، بن سِيدَهْ: وَهَزَه وَهْزاً دَفَعَهُ وَضَرَبَهُ. وَفِي حَدِيثٍ
مُجَمِّع: شَهِدْنَا الحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ(5/430)
وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا عَنْهَا إِذا النَّاسُ يَهزُونَ الأَباعِرَ
أَي يَحُثُّونها وَيَدْفَعُونَهَا. والوَهْزُ: شِدَّةُ الدَّفْعِ وَالْوَطْءِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: أَن سَلَمَة بْنَ قَيْسٍ الأَسْلَمِيَّ بَعَثَ إِلى عُمَرَ مِنْ فَتْحِ فَارِسَ بِسَفَطَيْنِ مَمْلُوءَيْنِ جَوْهَرًا، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا بالسَّفَطَيْنِ نَهِزُهما حَتَّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ
أَي نَدْفَعُهُمَا وَنُسْرِعُ بِهِمَا، وَفِي رِوَايَةٍ:
نَهِزُ بِهِمَا
أَي نَدْفَعُ بِهِمَا الْبَعِيرَ تَحْتَهُمَا؛ وَيُرْوَى بِتَشْدِيدِ الزَّايِ مِنَ الهَزِّ. ووَهَزْتُ فُلَانًا إِذا ضَرَبَتْهُ بِثِقَلِ يَدِكَ. والتَّوَهُّزُ: وَطْءُ الْبَعِيرِ المُثْقَلِ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ لَهَزَ: اللَّهْزُ الضَّرْبُ فِي العُنُق، واللَّكْزُ بجُمْعِك فِي عُنُقِهِ وَصَدْرِهِ، والوَهْزُ بِالرِّجْلَيْنِ، والبَهْزُ بالمِرْفَقِ. ووَهَزَ القَمْلَة بَيْنَ أَصابعه وَهْزاً: حَكَّهَا وَقَصَعَهَا؛ وأَنشد شَمِرٌ:
يَهِزُ الهَرانِعَ لَا يَزالُ، ويَفْتَلِي ... بأَذَلَّ حيثُ يكونُ مَنْ يَتَذَلَّلُ
والوَهْزُ: الْكَسْرُ والدَّقُّ. والوَهْزُ الوطءُ أَو الوَثْبُ. وتَوَهُّز الْكَلْبِ: تَوَثُّبُه؛ قَالَ: تَوَهُّزَ الكَلْبَةِ خَلْفَ الأَرْنَبِ وَرَجُلٌ وَهْزٌ: غَلِيظٌ شَدِيدٌ مُلَزَّزُ الخَلْق قَصِيرٌ، وَالْجَمْعُ أَوْهازٌ، قِيَاسًا. وَجَاءَ يَتَوَهَّزُ أَي يَمْشِي مِشْيَةَ الغِلاظِ ويَشُدُّ وَطْأَهُ. ووَهَّزَهُ: أَثقله. ومَرَّ يَتَوَهَّز أَي يَغْمِزُ الأَرض غَمْزاً شَدِيدًا، وَكَذَلِكَ يَتَوَهَّسُ. ابْنُ الأَعرابي: الأَوْهَزُ الحَسَنُ المِشْيَةِ مأْخوذ مِنَ الوَهازَةِ وَهِيَ مَشْيُ الخَفِرات. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: حُمادَياتُ النِّسَاءِ غَضُّ الأَطْرافِ وقِصَرُ الوَهازَةِ
أَي قِصَرُ الخُطَى. والوَهازَةُ «4» : الخَطْوُ، وَقَدْ تَوَهَّزَ يَتَوَهَّزُ إِذا وَطِئَ وَطأً ثَقِيلًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
أُم سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قُصارَى النِّسَاءِ قِصَرُ الوَهازَةِ
؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يَمِحْنَ بأَطْرافِ الذُّيولِ عَشِيَّةً، ... كَمَا وَهَّزَ الوَعْثُ الهِجانَ المُزَنَّما
شبَّه مَشْيَ النِّسَاءِ بِمَشْيِ إِبل فِي وَعْثٍ قَدْ شَقَّ عَلَيْهَا؛ وَقَالَ:
كُلُّ طَويلٍ سَلِبٍ ووَهْزِ
قَالُوا: الوَهْزُ الْغَلِيظُ الرَّبْعَة، وَاللَّهُ أَعلم.
__________
(4) . قوله [الوهازة] ضبطت بفتح الواو في الأصل ومتن القاموس شكلًا، وضبطت في النهاية بكسرها ونقل الكسر شارح القاموس عن الصاغاني(5/431)
الجزء السادس
س
حرف السين المهملة
س: الصَّادُ وَالسِّينُ وَالزَّايُ أَسَلِيَّةٌ لأَن مبدأَها مِنْ أَسَلَةِ اللِّسَانِ، وَهِيَ مُسْتَدَقُّ طَرَفِ اللِّسَانِ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي حَيِّزٍ وَاحِدٍ، وَالسِّينُ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَهْمُوسَةِ، وَمَخْرَجُ السِّينِ بَيْنَ مَخْرَجَيِ الصَّادِ وَالزَّايِ؛ قَالَ الأَزهري: لَا تأْتلف الصَّادُ مَعَ السِّينِ وَلَا مَعَ الزَّايِ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ.
فصل الألف
أبس: أَبَسَهُ يأْبِسهُ أَبْساً وأَبَّسَه: صغَّر بِهِ وحَقَّره؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وليْث غابٍ لَمْ يُرَمْ بأَبْسِ
أَي بِزَجْرٍ وَإِذْلَالٍ، وَيُرْوَى: لُيُوثُ هَيْجا. الأَصمعي: أَبَّسْتُ بِهِ تأْبيساً وأَبَسْتُ بِهِ أَبْساً إِذَا صغَّرته وَحَقَّرْتَهُ وذَلَّلْتَه وكَسَّرْته؛ قَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْداس يُخَاطِبُ خُفاف بْنَ نُدْبَة:
إِنْ تكُ جُلْمودَ صَخْرٍ لَا أُؤَبِّسهُ، ... أُوقِدْ عَلَيْهِ فأَحْمِيه، فيَنْصَدِعُ
السِّلْمُ تأْخذ مِنْهَا مَا رضيتَ بِهِ، ... والحَرْبُ يكفيكَ مِنْ أَنفاسِها جُرَعُ
وَهَذَا الشِّعْرُ أَنشده ابْنُ بَرِّيٍّ: إِن تَكُ جُلْمُودَ بِصْرٍ، وَقَالَ: البصْرُ حِجَارَةٌ بِيضٌ، والجُلمود: الْقِطْعَةُ الْغَلِيظَةُ مِنْهَا؛ يَقُولُ: أَنا قَادِرٌ عَلَيْكَ لَا يَمْنَعُنِي مِنْكَ مَانِعٌ وَلَوْ كُنْتَ جُلْمُودَ بِصْرٍ لَا تَقْبَلُ التأْبيس وَالتَّذْلِيلَ لأَوْقَدْتُ عَلَيْهِ النَّارَ حَتَّى يَنْصَدِعَ وَيَتَفَتَّتَ. والسِلم: المُسالمة وَالصُّلْحُ ضِدُّ الْحَرْبِ وَالْمُحَارَبَةِ. يَقُولُ: إِنَّ السِّلم، وَإِنْ طَالَتْ، لَا تَضُرُّكَ وَلَا يَلْحَقُكَ مِنْهَا أَذًى وَالْحَرْبُ أَقَلُّ شَيْءٍ مِنْهَا يَكْفِيكَ. ورأَيت فِي نُسْخَةٍ مِنْ أَمالي ابْنِ بَرِّيٍّ بِخَطِّ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ، رَحِمَهُ اللَّه، قَالَ: أَنشده المُفَجِّع فِي التَّرجُمان:
إِن تَكُ جُلْمودَ صَخْدٍ
وَقَالَ بَعْدَ إِنشاده: صَخْدٌ وادٍ، ثُمَّ قَالَ: جَعَلَ أُوقِدْ جَوَابَ المجازاة وأَحْمِيه عَطْفًا عَلَيْهِ وَجَعَلَ أُؤَبِّسُه نَعْتًا لِلْجُلْمُودِ وَعَطَفَ عَلَيْهِ فَيَنْصَدِعُ.(6/3)
والتَّأَبُّس: التَّغَيُّر «5» ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُتَلَمِّسِ:
تَطيفُ بِهِ الأَيام مَا يَتأَبَّسُ
والإِبْس والأَبْسُ: الْمَكَانُ الْغَلِيظُ الْخَشِنُ مِثْلَ الشَّأْز. ومُناخ أَبْس: غَيْرُ مُطَمْئِنٍ؛ قَالَ مَنْظُورُ بْنُ مَرثَدٍ الأَسَدي يَصِفُ نُوقًا قَدْ أَسقطت أَولادها لِشِدَّةِ السَّيْرِ والإِعياء:
يَتْرُكْنَ، فِي كُلِّ مُناخٍ أَبْسِ، ... كلَّ جَنين مُشْعَرٍ فِي الغِرْسِ
وَيُرْوَى: مُناخِ إِنسِ، بِالنُّونِ والإِضافة، أَراد مُناخ نَاسٍ أَي الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْزِلُهُ النَّاسُ أَو كُلَّ مَنْزِلٍ يَنْزِلُهُ الإِنس: والجَنِين المُشْعَرُ: الَّذِي قَدْ نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ. والغِرْسُ: جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ تَخْرُجُ عَلَى رأْس الْمَوْلُودِ، وَالْجَمْعُ أَغراس. وأَبَسَه أَبْساً: قَهَرَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَبَسَه وأَبَّسَه: غَاظَهُ ورَوَّعه. والأَبْسُ: بَكْع الرَّجُلِ بِمَا يسوءُه. يُقَالُ: أَبَسْتُه آبِسُه أَبْساً. وَيُقَالُ: أَبَّسْتُه تأْبيساً إِذا قَابَلْتُهُ بِالْمَكْرُوهِ. وَفِي حَدِيثِ
جُبَيْر بْنِ مُطْعِم: جَاءَ رَجُلٌ إِلى قُرَيْشٍ مِنْ فَتْحِ خَيْبَر فَقَالَ: إِن أَهل خَيْبَرَ أَسَروا رسول اللَّه، صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُرِيدُونَ أَن يُرْسِلُوا بِهِ إِلى قَوْمِهِ لِيَقْتُلُوهُ، فَجَعَلَ الْمُشْرِكُونَ يؤَبِّسون بِهِ الْعَبَّاسَ
أَي يُعَيِّرونه، وَقِيلَ: يخوِّفونه، وَقِيلَ: يُرْغِمونه، وَقِيلَ: يُغضبونه ويحْمِلونه عَلَى إِغلاظ الْقَوْلِ لَهُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: امرأَة أُباس إِذا كَانَتْ سيِّئة الْخُلُقِ؛ وأَنشد:
ليسَتْ بسَوْداءَ أُباسٍ شَهْبَرَه
ابْنُ الأَعرابي: الإِبْسُ الأَصل السُّوء، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الأَبْس ذَكر السَّلاحف، قَالَ: وَهُوَ الرَّقُّ والغَيْلَمُ. وإِباءٌ أَبْسٌ: مُخْزٍ كاسِرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابيّ. وَحُكِيَ عَنِ المُفَضَّل أَن السُّؤَالَ المُلِحَّ يكْفيكَه الإِباءُ الأَبْسُ، فكأَنَّ هَذَا وَصْف بِالْمَصْدَرِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ الإِباءُ الأَبْأَسُ أَي الأَشدُّ. قَالَ أَعرابي لِرَجُلٍ: إِنك لتَرُدُّ السُّؤال المُلْحِف بالإِباءِ الأَبأَس.
أرس: الإِرْس: الأَصل، والأَريس: الأَكَّارُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: بَلَغَهُ أَن صَاحِبَ الرُّومِ يُرِيدُ قَصْدَ بلاد الشام أَيام صِفِّينَ، فَكَتَبَ إِليه: تاللَّه لَئِنْ تممْتَ عَلَى مَا بَلَغَني لأُصالحنَّ صَاحِبِي، ولأَكونن مُقَدَّمَتَهُ إِليك، ولأَجعلن القُسطنطينية الْحَمْرَاءَ حُمَمَةً سَوْدَاءَ، ولأَنْزِعَنَّك مِنَ المُلْكِ نَزْعَ الإِصْطَفْلينة، ولأَرُدَّنَّك إِرِّيساً مِنَ الأَرارِسَةِ تَرْعى الدَّوابِل
، وَفِي رِوَايَةٍ:
كَمَا كُنْتَ تَرْعَى الخَنانيص
؛ والإِرِّيس: الأَمير؛ عَنْ كُرَاعٍ، حَكَاهُ فِي بَابِ فِعِّيل، وعَدَلَه بإِبِّيلٍ، والأَصل عِنْدَهُ فِيهِ رِئّيسٌ، عَلَى فِعِّيل، مِنَ الرِّياسةِ. والمُؤرَّس: المُؤمَّرُ فقُلِبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَتَبَ إِلى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ يَدْعُوهُ إِلى الإِسلام وَقَالَ فِي آخِرِهِ: إِن أَبَيْتَ فَعَلَيْكَ إِثم الإِرِّيسين.
ابْنُ الأَعرابي: أَرَس يأْرِسُ أَرْساً إِذا صَارَ أَريساً، وأَرَّسَ يُؤَرِّسُ تأْريساً إِذا صَارَ أَكَّاراً، وَجَمْعُ الأَرِيس أَرِيسون، وَجَمْعُ الإِرِّيسِ إِرِّيسُونَ وأَرارِسَة وأَرارِسُ، وأَرارِسةٌ يَنْصَرِفُ، وأَرارِسُ لَا يَنْصَرِفُ، وَقِيلَ: إِنما قَالَ
__________
(5) . قوله [والتأبس التغير إلخ] تبع فيه الجوهري. وقال في القاموس: وتأبس تغير، هو تصحيف من ابن فارس والجوهري والصواب تأيس، بالمثناة التحتية، أي بمعنى تغير وتبع المجد في هذا الصاغاني حيث قال في مادة أي س والصواب إيرادهما، أعني بيتي المتلمس وابن مرداس، هاهنا لغة واستشهاداً: ملخصاً من شارح القاموس(6/4)
ذَلِكَ لأَن الأَكَّارينَ كَانُوا عِنْدَهُمْ مِنَ الفُرْسِ، وَهُمْ عَبَدَة النَّارِ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ إِثمهم. قَالَ الأَزهري: أَحسِب الأَريس والإِرِّيس بِمَعْنَى الأَكَّار مِنْ كَلَامِ أَهل الشَّامِ، قَالَ: وَكَانَ أَهل السَّواد وَمَنْ هُوَ عَلَى دِينِ كِسْرى أَهلَ فِلَاحَةٍ وإِثارة للأَرض، وَكَانَ أَهل الرُّومِ أَهلَ أَثاثٍ وَصَنْعَةٍ، فَكَانُوا يَقُولُونَ لِلْمَجُوسِيِّ: أَريسيٌّ، نَسَبُوهُمْ إِلى الأَريس وَهُوَ الأَكَّارُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِمُ الْفَلَّاحِينَ، فأَعلمهم النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنهم، وإِن كَانُوا أَهل كِتَابٍ، فإِن عَلَيْهِمْ مِنَ الإِثم إِن لَمْ يؤْمنوا بِنُبُوَّتِهِ مِثْلَ إِثم الْمَجُوسِ وفَلَّاحي السَّواد الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ، قَالَ: وَمِنَ الْمَجُوسِ قَوْمٌ لَا يَعْبُدُونَ النَّارَ وَيَزْعُمُونَ أَنهم عَلَى دِينِ إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وأَنهم يَعْبُدُونَ اللَّه تَعَالَى وَيُحَرِّمُونَ الزِّنَا وَصِنَاعَتُهُمُ الْحِرَاثَةُ ويُخْرِجون العُشر مِمَّا يَزْرَعُونَ غَيْرَ أَنهم يأْكلون المَوْقوذة، قَالَ: وأَحسبهم يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ، وَكَانُوا يُدعَوْن الأَريسين؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ أَن الإِرِّيسَ الأَكَّارُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنه عَبَّرَ بالأَكَّارين عَنِ الأَتباع، قَالَ: والأَجود عِنْدِي أَن يُقَالَ: إِن الإِرِّيس كَبِيرُهُمُ الَّذِي يُمْتَثَلُ أَمره وَيُطِيعُونَهُ إِذا طَلَبَ مِنْهُمُ الطَّاعَةَ: وَيَدُلُّ عَلَى أَن الإِرِّيس مَا ذَكَرْتُ لَكَ قَوْلُ أَبي حِزام العُكْليّ:
لَا تُبِئْني، وأَنتَ لِي، بِكَ، وَغْدٌ، ... لَا تُبِئْ بالمُؤَرَّسِ الإِرِّيسا
يُقَالُ: أَبَأْتُه بِهِ أَي سَوَّيته بِهِ، يُرِيدُ: لَا تُسَوِّني بِكَ. والوَغْدُ: الْخَسِيسُ اللَّئِيمُ، وَفَصَلَ بُقُولِهِ: لِي بِكَ، بَيْنَ المبتدإِ وَالْخَبَرِ، وَبِكَ مُتَعَلِّقٌ بِتُبِئْنِي، أَي لَا تُبِئْنِي بِكَ وأَنت لِي وَغْدٌ أَي عَدوٌّ لِأَنَّ اللَّئِيمَ عدوٌّ لِي وَمُخَالِفٌ لِي، وَقَوْلُهُ:
لَا تبئْ بالمؤَرَّس الإِرِّيسا
أَي لَا تُسَوِّ الإِرِّيسَ، وَهُوَ الأَمير، بالمُؤَرَّس؛ وَهُوَ المأْمور وَتَابِعُهُ، أَي لَا تُسَوِّ الْمَوْلَى بِخَادِمِهِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لهِرَقل:
فَعَلَيْكَ إِثم الإِرِّيسين
، يُرِيدُ الَّذِينَ هُمْ قَادِرُونَ عَلَى هِدَايَةِ قَوْمِهِمْ ثُمَّ لَمْ يَهْدُوهُمْ، وأَنت إِرِّيسُهم الَّذِي يُجِيبُونَ دَعْوَتَكَ وَيَمْتَثِلُونَ أَمرك، وإِذا دَعَوْتُهُمْ إِلى أَمر أَطاعوك، فَلَوْ دَعَوْتَهُمْ إِلى الإِسلام لأَجابوك، فَعَلَيْكَ إِثم الإِرِّيسين الَّذِينَ هُمْ قَادِرُونَ عَلَى هِدَايَةِ قَوْمِهِمْ ثُمَّ لَمْ يَهْدُوهُمْ، وَذَلِكَ يُسْخِط اللَّهَ ويُعظم إِثمهم؛ قَالَ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَن تَجْعَلَ الإِرِّيسين، وَهُمُ الْمَنْسُوبُونَ إِلى الإِرِّيس، مِثْلُ المُهَلَّبين والأَشْعَرين الْمَنْسُوبِينَ إِلى المُهَلَّب وإِلى الأَشْعَر، وَكَانَ الْقِيَاسُ فِيهِ أَن يَكُونَ بياءَي النِّسْبَةِ فَيُقَالُ: الأَشْعَرِيُّون والمُهَلَّبيُّون، وَكَذَلِكَ قِيَاسُ الإِرِّيسين الإِرِّيسيُّون فِي الرَّفْعِ والإِرِّيسيِّين فِي النَّصَبِ وَالْجَرِّ، قَالَ: وَيُقَوِّي هَذَا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى الإِرِّيسيِّين، وَهَذَا مَنْسُوبٌ قَوْلًا وَاحِدًا لِوُجُودِ ياءَي النِّسْبَةِ فِيهِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: فَعَلَيْكَ إِثم الإِرِّيسيين الَّذِينَ هُمْ دَاخِلُونَ فِي طَاعَتِكَ وَيُجِيبُونَكَ إِذا دَعَوْتَهُمْ ثُمَّ لَمْ تَدْعُهُم إِلى الإِسلام، وَلَوْ دَعَوْتَهُمْ لأَجابوك، فَعَلَيْكَ إِثمهم لأَنك سَبَبُ مَنْعِهِمُ الإِسلام وَلَوْ أَمرتهم بالإِسلام لأَسلموا؛ وَحُكِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ: هُمُ الخَدَمُ والخَوَلُ، يَعْنِي بصَدِّه لَهُمْ عَنِ الدِّينِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا؛ أَي عَلَيْكَ مِثْلُ إِثمهم. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الأَموال: أَصحاب الْحَدِيثِ يَقُولُونَ الإِريسيين مَجْمُوعَا مَنْسُوبًا وَالصَّحِيحُ بِغَيْرِ نَسَبٍ، قَالَ: وَرَدَّهُ عَلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي رَهط هِرَقل فرقةٌ تَعْرَفُ بالأَروسِيَّة فجاءَ عَلَى النَّسَبِ إِليهم، وَقِيلَ: إِنهم أَتباع عَبْدِ اللَّه بْنِ أَريس، رَجُلٌ كَانَ فِي الزَّمَنِ الأَول، قَتَلُوا نَبِيًّا بَعَثَهُ اللَّه إِليهم، وَقِيلَ: الإِرِّيسون الْمُلُوكُ،(6/5)
وَاحِدُهُمْ إِرِّيس، وَقِيلَ: هُمُ العَشَّارون. وأَرْأَسَة بْنُ مُرِّ بْنِ أُدّ: مَعْرُوفٌ. وَفِي حَدِيثِ
خَاتَمِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَسَقَطَ مِنْ يَدِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فِي بِئْرِ أَريسَ
، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، هِيَ بِئْرٌ مَعْرُوفَةٌ قَرِيبًا مِنْ مَسْجِدِ قُباء عند المدينة.
أسس: الأُسُّ والأَسَس والأَساس: كُلُّ مُبْتَدَإِ شيءٍ. والأُسُّ والأَساس: أَصل الْبِنَاءِ، والأَسَسُ مَقْصُورٌ مِنْهُ، وَجَمْعُ الأُسِّ إِساس مِثْلُ عُسّ وعِساس، وَجَمْعُ الأَساس أُسس مِثْلُ قَذال وقُذُل، وَجَمْعُ الأَسَس آسَاسٌ مِثْلُ سببٍ وأَسباب. والأَسيس: أَصل كُلِّ شَيْءٍ. وأُسّ الإِنسان: قَلْبُهُ لأَنه أَول مُتَكَوّن فِي الرَّحِمِ، وَهُوَ مِنَ الأَسماء الْمُشْتَرَكَةِ. وأُسُّ الْبِنَاءِ: مُبْتَدَؤُه؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وأَحْسِبُه لِكَذَّابِ بَنِي الحِرْماز:
وأُسُّ مَجْدٍ ثابتٌ وَطيدُ، ... نالَ السماءَ، فَرْعُه مَدِيدُ
وَقَدْ أَسَّ البناءَ يَؤُسُّه أَسّاً وأَسَّسَه تأْسيساً، اللَّيْثُ: أَسَّسْت دَارًا إِذا بَنَيْتَ حُدُودَهَا وَرَفَعْتَ مِنْ قَوَاعِدِهَا، وَهَذَا تأْسيس حَسَنٌ. وأُسُّ الإِنسان وأَسُّه أَصله، وَقِيلَ: هُوَ أَصل كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي الْمَثَلِ: أَلْصِقُوا الحَسَّ بالأَسِّ؛ الحَسُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الشَّرُّ، والأَسُّ: الأَصل؛ يَقُولُ: أَلْصِقوا الشَّر بأُصول مَنْ عَادَيْتُمْ أَو عَادَاكُمْ. وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى أُسِّ الدَّهْرِ وأَسِّ الدَّهْرِ وإِسِّ الدَّهْرِ، ثلاث لُغَاتٍ، أَي عَلَى قِدَم الدَّهْرِ وَوَجْهِهِ، وَيُقَالُ: عَلَى اسْتِ الدَّهْرِ. والأَسيسُ: العِوَضُ. التَّهْذِيبُ: والتَّأسيس فِي الشِّعْر أَلِفٌ تَلْزَمُ الْقَافِيَةَ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ حَرْفِ الرَّوِيِّ حَرْفٌ يَجُوزُ كَسْرُهُ وَرَفْعُهُ وَنَصْبُهُ نَحْوُ مَفَاعِلِنْ، وَيَجُوزُ إِبدال هَذَا الْحَرْفِ بِغَيْرِهِ، وأَما مِثْلُ مُحَمَّدٍ لَوْ جَاءَ فِي قَافِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَرْفُ تأْسيس حَتَّى يَكُونَ نَحْوَ مُجَاهِدٍ فالأَلف تأْسيس، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الرَّوِيُّ حَرْفُ الْقَافِيَةِ نَفْسِهَا، وَمِنْهَا التأْسيس؛ وأَنشد:
أَلا طَالَ هَذَا الليلُ واخْضَلَّ جانِبُه
فَالْقَافِيَّةُ هِيَ الْبَاءُ والأَلف فِيهَا هِيَ التأْسيس وَالْهَاءُ هِيَ الصِّلَةُ، وَيُرْوَى: واخْضَرَّ جَانِبُهُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: وإِن جَاءَ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ تأْسيس فَهُوَ المُؤَسَّس، وَهُوَ عَيْبٌ فِي الشِّعْرِ غَيْرَ أَنه رُبَّمَا اضْطُرَّ بَعْضُهُمْ، قَالَ: وأَحسن مَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذا كَانَ الْحَرْفُ الَّذِي بَعْدَهُ مَفْتُوحًا لأَن فَتْحَهُ يَغْلِبُ عَلَى فَتْحَةِ الأَلف كأَنها تُزَالُ مِنَ الوَهم؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مُبارَكٌ للأَنبياء خاتَمُ، ... مُعَلِّمٌ آيَ الهُدى مُعَلَّمُ
وَلَوْ قَالَ خاتِم، بِكَسْرِ التَّاءِ، لَمْ يَحْسُنْ، وَقِيلَ: إِنَّ لُغَةَ الْعَجَّاجِ خأْتم، بِالْهَمْزَةِ، وَلِذَلِكَ أَجازه، وَهُوَ مِثْلُ السَّأْسَم، وَهِيَ شَجَرَةٌ جَاءَ فِي قَصِيدَةِ المِيسَم والسَّأْسَم؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: التأْسيس فِي الْقَافِيَةِ الْحَرْفُ الَّذِي قَبْلَ الدَّخِيلِ، وَهُوَ أَول جُزْءٍ فِي الْقَافِيَةِ كأَلف نَاصِبٍ؛ وَقِيلَ: التأْسيس فِي الْقَافِيَةِ هُوَ الأَلف الَّتِي لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَرْفِ الرَّوِيِّ إِلا حَرْفٌ وَاحِدٌ، كَقَوْلِهِ:
كِليني لِهَمٍّ، يَا أُمَيْمَة، ناصِبِ
فَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الأَلف إِلى آخِرِ الْقَصِيدَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا سماء الْخَلِيلُ تأْسيساً جَعَلَ الْمَصْدَرَ اسْمًا لَهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ أَلف التأْسيس، فإِذا كَانَ ذَلِكَ احْتَمَلَ أَن يُرِيدَ الِاسْمَ وَالْمَصْدَرَ. وَقَالُوا فِي الْجَمْعِ: تأْسيسات فَهَذَا يؤْذن بأَن التأْسيس عِنْدَهُمْ قَدْ أَجروه مُجْرَى الأَسماء، لأَن الْجَمْعَ فِي الْمَصَادِرِ لَيْسَ بِكَثِيرٍ وَلَا أَصل فَيَكُونُ هَذَا مَحْمُولًا عَلَيْهِ. قَالَ: ورأى أَهل الْعَرُوضِ(6/6)
إِنما تَسَمَّحُوا بِجَمْعِهِ، وإِلا فإِن الأَصل إِنما هُوَ الْمَصْدَرُ، وَالْمَصْدَرُ قَلَّمَا يُجْمَعُ إِلا مَا قَدْ حَدَّ النَّحْوِيُّونَ مِنَ الْمَحْفُوظِ كالأَمراض والأَشغال وَالْعُقُولِ. وأَسَّسَ بِالْحَرْفِ: جَعْلَهُ تأْسيساً، وإِنما سُمِّيَ تأْسيساً لأَنه اشْتُقَّ مِنْ أُسِّ الشَّيْءِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَلف التأْسيس كأَنها أَلف الْقَافِيَةِ وأَصلها أُخذ مِنْ أُسِّ الْحَائِطِ وأَساسه، وَذَلِكَ أَن أَلف التأْسيس لِتَقَدُّمِهَا وَالْعِنَايَةِ بِهَا وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا كأَنها أُسُّ الْقَافِيَةِ اشْتُقَّ «1» مِنْ أَلف التأْسيس، فأَما الْفَتْحَةُ قَبْلَهَا فَجُزْءٌ مِنْهَا. والأَسُّ والإِسُّ والأُسُّ: الإِفساد بَيْنَ النَّاسِ، أَسَّ بَيْنَهُمْ يَؤُس أَسّاً. وَرَجُلٌ أَسَّاسٌ: نَمّام مُفْسِدٌ. الأُمَويُّ: إِذا كَانَتِ الْبَقِيَّةُ مِنْ لَحْمٍ قِيلَ أَسَيْتُ لَهُ مِنَ اللَّحْمِ أَسْياً أَي أَبْقَيْتُ لَهُ، وَهَذَا فِي اللَّحْمِ خَاصَّةً. والأُسُّ: بَقِيَّةُ الرَّماد بَيْنَ الأَثافيّ. والأُسُّ: المُزَيِّن لِلْكَذِبِ. وإِسْ إِسْ: مِنْ زَجْرِ الشَّاةِ، أَسَّها يَؤُسُّها أَسّاً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَسّاً. وأَسَّ بِهَا: زَجَرَهَا وقال: إِسْ إِسْ، وإِسْ إِسْ: زَجْرٌ لِلْغَنَمِ كإِسَّ إِسَّ. وأُسْ أُسْ: مِنْ رُقى الحَيَّاتِ. قَالَ اللَّيْثُ: الرَّاقون إِذا رقَوا الْحَيَّةَ ليأْخذوها ففَرَغَ أَحدُهم مِنْ رُقْيَتِه قَالَ لَهَا: أُسْ، فإِنها تخضَع لَهُ وتَلين. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَتَبَ عُمَرُ إِلى أَبي مُوسَى: أَسِّسْ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِك وعَدْلِك
أَي سَوِّ بَيْنَهُمْ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ مِنْ سَاسَ الناسَ يَسوسُهم، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ زَائِدَةٌ، وَيُرْوَى: آسِ بَيْنَ النَّاسِ مِنَ المُواساة.
ألس: الأَلْسُ والمُؤَالَسَة: الخِداع وَالْخِيَانَةُ والغشُّ والسَّرَقُ، وَقَدْ أَلَس يأْلِس، بِالْكَسْرِ، أَلْساً. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ لَا يُدالِسُ وَلَا يُؤَالِسُ، فالمُدالَسَةُ مِنَ الدَّلْس، وَهُوَ الظُّلْمَةُ، يُرَادُ بِهِ لَا يُغَمِّي عَلَيْكَ الشَّيْءَ فيُخْفيه وَيَسْتُرَ مَا فِيهِ مِنْ عَيْبٍ. والمُؤَالَسَةُ: الخِيانة؛ وأَنشد:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوتِ لَا أَلْسَ فيهمُ، ... وهمُ يَمْنَعُونَ جارَهمْ أَن يُقَرَّدا
والأَلْسُ: أَصله الوَلْسُ، وَهُوَ الْخِيَانَةُ. والأَلْسُ: الأَصلُ السُّوء. والأَلْس: الْغَدْرُ. والأَلْسُ: الْكَذِبُ. والأَلْسُ والأُلْسُ: ذَهَابُ الْعَقْلِ وتَذْهيله؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
فقلتُ: إِن أَسْتَفِدْ عِلْماً وتَجْرِبَةً، ... فَقَدْ تردَّدَ فيكَ الخَبْلُ والأَلْسُ
وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه دَعَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ الأَلْسِ والكِبْرِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَلْسُ هُوَ اخْتِلَاطُ الْعَقْلِ، وخطَّأَ ابْنُ الأَنباري مَنْ قَالَ هُوَ الْخِيَانَةُ. والمأْلُوس: الضَّعِيفُ الْعَقْلِ. وأُلِسَ الرجلُ أَلْساً، فَهُوَ مأْلوس أَي مَجْنُونٌ ذَهَبَ عَقْلُهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَتْبَعْنَ مِثْلَ العُجِّ المَنْسوسِ، ... أَهْوَجَ يَمْشِي مِشْيَةَ المَأْلوسِ
وقال مُرَّةُ: الأَلْسُ الجُنون. يُقَالُ: إِن بِهِ لأَلْساً أَي جُنوناً؛ وأَنشد:
يَا جِرَّتَيْنا بالحَبابِ حَلْسا، ... إِنْ بِنَا أَو بكمُ لأَلْسا
وَقِيلَ: الأَلْسُ الرِّيبةُ وتَغَيُّر الخُلُق مِنْ رِيبَةٍ، أَو تَغَيُّرُ الخُلُقِ مِنْ مَرَضٍ. يُقَالُ: مَا أَلَسَكَ. وَرَجُلٌ مَأْلوس: ذَاهِبُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ. وَمَا ذُقْتُ عِنْدَهُ أَلوساً أَي شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ. وَضَرَبَهُ مِائَةً فَمَا تأَلَّسَ أَي مَا تَوَجَّع، وَقِيلَ: فَمَا تَحَلَّس بِمَعْنَاهُ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْغَرِيمِ إِنه ليَتَأَلَّس
__________
(1) . قوله [كَأَنَّهَا أُسُّ الْقَافِيَةِ اشْتُقَّ إلخ] هكذا في الأَصل.(6/7)
فَمَا يُعْطِي وَمَا يَمْنَعُ. والتَّأَلُّس: أَن يَكُونَ يُرِيدُ أَن يُعطِيَ وَهُوَ يَمْنَعُ. وَيُقَالُ: إِنه لَمَأْلوس الْعَطِيَّةِ، وَقَدْ أُلِسَتْ عَطِيَّتُهُ إِذا مُنِعَتْ مِنْ غَيْرِ إِيَاسٍ مِنْهَا؛ وأَنشد:
وصَرَمَت حَبْلَك بالتَّأَلُّس
وإِلْياسُ: اسْمٌ أَعجمي، وَقَدْ سَمَّتْ بِهِ الْعَرَبُ، وَهُوَ إلياسُ بنُ مُضَرَ بنِ نِزار بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنان.
أَمَسَ: أَمْسِ: مِنْ ظُرُوفِ الزَّمَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ إِلا أَن يُنَكَّرَ أَو يعرَّف، وَرُبَّمَا بُنِيَ عَلَى الْفَتْحِ، وَالنِّسْبَةُ إِليه إِمسيٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: امْتَنَعُوا مِنْ إِظهار الْحَرْفِ الَّذِي يعرَّف بِهِ أَمْسِ حَتَّى اضْطُرُّوا بِذَلِكَ إِلى بِنَائِهِ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَاهُ، وَلَوْ أَظهروا ذَلِكَ الْحَرْفَ فَقَالُوا مَضَى الأَمسُ بِمَا فِيهِ لَمَا كَانَ خُلْفاً وَلَا خَطَأً؛ فأَما قَوْلُ نُصيب:
وإِني وَقَفْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه ... ببابِكَ، حَتَّى كادَتِ الشمسُ تَغْرُبُ
فإِن ابْنَ الأَعرابي قَالَ: رُوِيَ الأَمْسِ والأَمْسَ جَرًّا وَنَصْبًا، فَمَنْ جَرَّهُ فَعَلَى الْبَابِ فِيهِ وَجَعَلَ اللَّامَ مَعَ الْجَرِّ زَائِدَةً، وَاللَّامُ المُعَرَّفة لَهُ مُرَادَةٌ فِيهِ وَهُوَ نَائِبٌ عَنْهَا ومُضَمن لَهَا، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ والأَمس هَذِهِ اللَّامُ زَائِدَةٌ فِيهِ، وَالْمُعَرِّفَةُ لَهُ مُرَادَةٌ فِيهِ مَحْذُوفَةٌ مِنْهُ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِنَاؤُهُ عَلَى الْكَسْرِ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، كَمَا يَكُونُ مَبْنِيًّا إِذا لَمْ تَظْهَرِ اللَّامُ فِي لَفْظِهِ، وأَما مَنْ قَالَ والأَمْسَ فإِنه لَمْ يُضَمِّنْهُ معنى اللام فيبنيه، لكنه عرَّفه كَمَا عرَّف الْيَوْمَ بِهَا، وَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّامُ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ والأَمسَ فَنَصَبَ هِيَ تِلْكَ اللَّامُ الَّتِي فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ والأَمْسِ فَجَرَّ، تِلْكَ لَا تَظْهَرُ أَبداً لأَنها فِي تِلْكَ اللُّغَةِ لَمْ تُسْتَعْمَلْ مُظْهَرَة، أَلا تَرَى أَن مَنْ يَنْصِبُ غَيْرُ مَنْ يَجُرُّ؟ فَكُلٌّ مِنْهُمَا لُغَةٌ وَقِيَاسُهُمَا عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ مِنْهُمَا لَا تُداخِلُ أُخْتَها وَلَا نِسْبَةَ فِي ذَلِكَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهَا. الْكِسَائِيُّ: الْعَرَبُ تَقُولُ: كَلَّمتك أَمْسِ وأَعجبني أَمْسِ يَا هَذَا، وَتَقُولُ فِي النَّكِرَةِ: أَعجبني أَمْسِ وأَمْسٌ آخَرُ، فإِذا أَضفته أَو نَكَّرْتَهُ أَو أَدخلت عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ لِلتَّعْرِيفِ أَجريته بالإِعراب، تَقُولُ: كَانَ أَمْسُنا طَيِّبًا ورأَيت أَمسَنا الْمُبَارَكَ وَمَرَرْتُ بأَمسِنا الْمُبَارَكِ، وَيُقَالُ: مَضَى الأَمسُ بِمَا فِيهِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَخْفِضُ الأَمْس وإِن أَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ، كَقَوْلِهِ:
وإِني قَعَدْتُ اليومَ والأَمْسِ قبله
وقال أَبو سَعِيدٍ: تَقُولُ جاءَني أَمْسِ فإِذا نَسَبْتَ شَيْئًا إِليه كَسَرْتَ الْهَمْزَةَ، قُلْتَ إِمْسِيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وجَفَّ عَنْهُ العَرَقُ الإِمْسيُ
وقال الْعَجَّاجُ:
كأَنَّ إِمْسِيّاً بِهِ مِنْ أَمْسِ، ... يَصْفَرُّ لليُبْسِ اصْفِرارَ الوَرْسِ
الْجَوْهَرِيُّ: أَمْسِ اسْمٌ حُرِّك آخِرُهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، واختلفت الْعَرَبُ فِيهِ فأَكثرهم يَبْنِيهِ عَلَى الْكَسْرِ مَعْرِفَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْرِبُهُ مَعْرِفَةً، وَكُلُّهُمْ يَعْرِبُهُ إِذا أَدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ أَو صَيَّرَهُ نَكِرَةً أَو أَضافه. غَيْرُهُ: ابْنُ السِّكِّيتِ: تَقُولُ مَا رأَيته مُذْ أَمسِ، فإِن لَمْ تَرَهُ يَوْمًا قَبْلَ ذَلِكَ قُلْتَ: مَا رأَيته مُذْ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ، فإِن لَمْ تَرَهُ يَوْمَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ قُلْتَ: مَا رأَيته مُذ أَوَّلَ مِنْ أَوَّلَ مِنْ أَمْسِ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: أَدخل اللَّامَ والأَلف عَلَى أَمس وَتَرَكَهُ عَلَى كَسْرِهِ لأَن أَصل أَمس عِنْدَنَا مِنَ الإِمساء فَسُمِّيَ الْوَقْتُ بالأَمر وَلَمْ يُغَيِّرْ لَفْظَهُ؛ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:(6/8)
مَا أَنْتَ بالحَكَمِ التُرْضى حُكومَتُهُ، ... وَلَا الأَصيلِ وَلَا ذِي الرأْي والجَدَلِ
فأَدخل الأَلف وَاللَّامَ عَلَى تُرْضى، وَهُوَ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ عَلَى جِهَةِ الِاخْتِصَاصِ بِالْحِكَايَةِ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
أَخفن أَطناني إِن شُكِينَ، وإِنني ... لَفِي شُغْلٍ عَنْ دَحْليَ اليَتَتَبَّعُ «1»
فأَدخل الأَلف وَاللَّامَ عَلَى يَتَتَبَّعُ، وَهُوَ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ لِمَا وصفنا. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ فِي أَمْس: يَقُولُونَ إِذا نَكَّرُوهُ كُلُّ يَوْمٍ يُصِيرُ أَمْساً، وَكُلُّ أَمسٍ مَضَى فَلَنْ يَعُودَ، وَمَضَى أَمْسٌ مِنَ الأُموس. وقال الْبَصْرِيُّونَ: إِنما لَمْ يَتَمَكَّنْ أَمْسِ فِي الإِعراب لأَنه ضَارَعَ الْفِعْلَ الْمَاضِيَ وَلَيْسَ بمعرب؛ وقال الْفَرَّاءُ: إِنما كُسِرَتْ لأَن السِّينَ طَبْعُهَا الْكَسْرُ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: أَصلها الْفِعْلُ أُخذ مِنْ قَوْلِكَ أَمْسِ بِخَيْرٍ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ، وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: السِّينُ لَا يُلْفَظُ بِهَا إِلا مِنْ كَسْرِ الْفَمِ مَا بَيْنَ الثَّنِيَّةِ إِلى الضِّرْسِ وَكُسِرَتْ لأَن مَخْرَجَهَا مَكْسُورٌ فِي قَوْلِ الْفَرَّاءِ؛ وأَنشد:
وقافيةٍ بَيْنَ الثَّنِيَّة والضِّرْسِ
وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجٍ: قَالَ عُرامٌ مَا رأَيته مُذ أَمسِ الأَحْدَثِ، وأَتاني أَمْسِ الأَحْدَثَ، وقال بِجادٌ: عَهْدِي بِهِ أَمْسَ الأَحْدَثَ، وأَتاني أَمْسِ الأَحْدَثَ، قَالَ: وَيُقَالُ مَا رأَيته قَبْلَ أَمْسِ بِيَوْمٍ؛ يُرِيدُ مِنْ أَولَ مِنْ أَمْسِ، وَمَا رأَيته قَبْلَ الْبَارِحَةِ بِلَيْلَةٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ سِيبَوَيْهِ وَقَدْ جَاءَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ مُذْ أَمْسَ بِالْفَتْحِ؛ وأَنشد:
لَقَدْ رأَيتُ عَجَباً، مُذْ أَمْسا، ... عَجائزاً مِثْلَ السَّعالي خَمْسا
يأْكُلْنَ مَا فِي رَحْلِهنَّ هَمْسا، ... لَا تَرك اللَّهُ لهنَّ ضِرْسا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اعْلَمْ أَن أَمْسِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ وَبَنُو تَمِيمٍ يُوَافِقُونَهُمْ فِي بِنَائِهَا عَلَى الْكَسْرِ فِي حَالِ النَّصْبِ وَالْجَرِّ، فإِذا جاءَت أَمس فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ أَعربوها فَقَالُوا: ذهب أَمسُ بما فيه، وأَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ: ذَهَبَ أَمسِ بِمَا فِيهِ لأَنها مَبْنِيَّةٌ لِتَضَمُّنِهَا لَامَ التَّعْرِيفِ وَالْكَسْرَةُ فِيهَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وأَما بَنُو تَمِيمٍ فَيَجْعَلُونَهَا فِي الرَّفْعِ مَعْدُولَةً عَنِ الأَلف وَاللَّامِ فَلَا تُصْرَفُ لِلتَّعْرِيفِ وَالْعَدْلِ، كَمَا لَا يُصْرَفُ سَحَر إِذا أَردت بِهِ وَقْتًا بِعَيْنِهِ لِلتَّعْرِيفِ وَالْعَدْلِ؛ وَشَاهِدُ قَوْلِ أَهل الْحِجَازِ فِي بِنَائِهَا عَلَى الْكَسْرِ وَهِيَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ قَوْلُ أُسْقُف نَجْران:
مَنَعَ البَقاءَ تَقَلُّبُ الشَّمْسِ، ... وطُلوعُها مِنْ حيثُ لَا تُمْسِي
اليَوْمَ أَجْهَلُ مَا يَجيءُ بِهِ، ... ومَضى بِفَصْلِ قَضائه أَمْسِ
فَعَلَى هَذَا تَقُولُ: مَا رأَيته مُذْ أَمْسِ فِي لُغَةِ الْحِجَازِ، جَعَلْتَ مُذِ اسْمًا أَو حَرْفًا، فإِن جَعَلْتَ مُذِ اسْمًا رَفَعْتَ فِي قَوْلِ بَنِي تَمِيمٍ فَقُلْتَ: مَا رأَيته مُذ أَمْسُ، وإِن جَعَلْتَ مُذْ حَرْفًا وَافَقَ بَنُو تَمِيمٍ أَهل الْحِجَازِ فِي بِنَائِهَا عَلَى الْكَسْرِ فَقَالُوا: مَا رأَيته مُذ أَمسِ؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الرَّاجِزِ يَصِفُ إِبلًا:
مَا زالَ ذَا هزيزَها مُذْ أَمْسِ، ... صافِحةً خُدُودَها للشَّمْسِ
فَمُذْ هَاهُنَا حَرْفُ خَفْضٍ عَلَى مَذْهَبِ بَنِي تَمِيمٍ، وأَما عَلَى مَذْهَبِ أَهل الْحِجَازِ فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مُذْ اسْمًا وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ حَرْفًا. وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ أَن مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ أَمس مَعْدُولَةً فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ بَعْدَ مُذْ خاصة،
__________
(1) . قوله [أخفن أطناني إلخ] كذا بالأَصل هنا وفي مادة تبع.(6/9)
يُشَبِّهُونَهَا بِمُذْ إِذا رَفَعْتَ فِي قَوْلِكَ مَا رأَيته مُذْ أَمْسُ، وَلَمَّا كَانَتْ أَمس مُعْرَبَةً بَعْدَ مُذْ الَّتِي هِيَ اسْمٌ، كَانَتْ أَيضاً مُعْرَبَةً مَعَ مُذْ الَّتِي هِيَ حَرْفٌ لأَنها بِمَعْنَاهَا، قَالَ: فَبَانَ لَكَ بِهَذَا غَلَطُ مَنْ يَقُولُ إِنَّ أَمس فِي قَوْلِهِ:
لَقَدْ رأَيت عَجَبًا مُذْ أَمسا
مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْفَتْحِ بَلْ هِيَ مُعْرَبَةٌ، وَالْفَتْحَةُ فِيهَا كَالْفَتْحَةِ فِي قَوْلِكَ مَرَرْتُ بأَحمد؛ وَشَاهِدُ بِنَاءِ أَمس إِذا كَانَتْ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ قَوْلُ زِيَادٍ الأَعجم:
رأَيتُكَ أَمْسَ خَيْرَ بَنِي مَعَدٍّ، ... وأَنت اليومَ خَيْرٌ مِنْكَ أَمْسِ
وَشَاهِدُ بِنَائِهَا وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ الشَّريد:
ولقدْ قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً، ... وتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ المُدْبِرِ
وَكَذَا قَوْلُ الْآخَرِ:
وأَبي الَّذِي تَرَكَ المُلوك وجَمْعَهُمْ، ... بِصُهابَ، هامِدَةً كأَمْسِ الدَّابِرِ
قَالَ: وَاعْلَمْ أَنك إِذا نَكَّرْتَ أَمس أَو عرَّفتها بالأَلف وَاللَّامِ أَو أَضفتها أَعربتها فَتَقُولُ فِي التَّنْكِيرِ: كلُّ غَدٍ صائرٌ أَمْساً، وَتَقُولُ فِي الإِضافة وَمَعَ لَامِ التَّعْرِيفِ: كَانَ أَمْسُنا طَيِّباً وَكَانَ الأَمْسُ طَيِّبًا؛ وَشَاهِدُهُ قَوْلُ نُصَيْب:
وإِني حُبِسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه ... ببابِك، حَتَّى كادَتِ الشمسُ تَغْرُب «1»
قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ جَمَعْتَهُ لأَعربته كَقَوْلِ الْآخَرِ:
مَرَّتْ بِنَا أَوَّلَ مَنْ أُمُوسِ، ... تَمِيسُ فِينَا مِشْيَةَ العَرُوسِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُصَغَّرُ أَمس كَمَا لَا يُصَغَّرُ غَدٌ وَالْبَارِحَةَ وَكَيْفَ وأَين وَمَتَى وأَيّ وَمَا وَعِنْدَ وأَسماء الشُّهُورِ والأُسبوع غَيْرَ الْجُمُعَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذَا صَحِيحٌ إِلا قَوْلَهُ غَيْرَ الْجُمُعَةِ لأَن الْجُمُعَةَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مِثْلُ سَائِرِ أَيام الأُسبوع لَا يَجُوزُ أَن يُصَغَّرَ، وإِنما امْتَنَعَ تَصْغِيرُ أَيام الأُسبوع عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ لأَن الْمُصَغَّرَ إِنَّمَا يَكُونُ صَغِيرًا بالإِضافة إِلى مَا لَهُ مِثْلُ اسْمِهِ كَبِيرًا، وَأَيَّامُ الأُسبوع مُتَسَاوِيَةٌ لَا مَعْنَى فِيهَا لِلتَّصْغِيرِ، وَكَذَلِكَ غَدٌ وَالْبَارِحَةَ وأَسماء الشُّهُورِ مثل المحرّم وصفر.
أنس: الإِنسان: مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُهُ:
أَقَلَّ بَنو الإِنسانِ، حِينَ عَمَدْتُمُ ... إِلى مَنْ يُثير الجنَّ، وَهْيَ هُجُودُ
يَعْنِي بالإِنسان آدَمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا
؛ عَنَى بالإِنسان هُنَا الْكَافِرَ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ؛ هَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ، فإِن قِيلَ: وَهَلْ يُجادل غَيْرُ الإِنسان؟ قِيلَ: قَدْ جَادَلَ إِبليس وَكُلُّ مَنْ يَعْقِلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، والجنُّ تُجادل، لَكِنَّ الإِنسان أَكثر جَدَلًا، وَالْجَمْعُ النَّاسُ، مُذَكَّرٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ*
؛ وَقَدْ يُؤَنَّثُ عَلَى مَعْنَى الْقَبِيلَةِ أَو الطَّائِفَةِ، حَكَى ثَعْلَبٌ: جاءَتك الناسُ، مَعْنَاهُ: جاءَتك الْقَبِيلَةُ أَو الْقِطْعَةُ؛ كَمَا جَعَلَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ آدَمَ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ وأَنث فَقَالَ أَنشده سِيبَوَيْهِ:
شَادُوا البلادَ وأَصْبَحوا فِي آدمٍ، ... بَلَغوا بِهَا بِيضَ الوُجوه فُحُولا
والإِنسانُ أَصله إِنْسِيانٌ لأَن الْعَرَبَ قَاطِبَةً قَالُوا فِي تَصْغِيرِهِ: أُنَيْسِيانٌ، فَدَلَّتِ الْيَاءُ الأَخيرة عَلَى الْيَاءِ فِي تَكْبِيرِهِ، إِلا أَنهم حَذَفُوهَا لَمَّا كَثُرَ الناسُ في كلامهم.
__________
(1) . ذكر هذا البيت في صفحة 8 وفيه: وإِني وقفت بدلًا من: وإني حبست. وهو في الأَغاني: وإني نَوَيْتُ.(6/10)
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ صَيَّاد: قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذاتَ يَوْمٍ: انْطَلِقوا بِنَا إِلى أُنَيسيانٍ قَدْ رأَينا شأْنه
؛ وَهُوَ تَصْغِيرُ إِنسان، جَاءَ شَاذًّا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقِيَاسُهُ أُنَيْسانٌ، قَالَ: وإِذا قَالُوا أَناسينُ فَهُوَ جَمْعٌ بَيِّنٌ مِثْلَ بُسْتانٍ وبَساتينَ، وإِذا قَالُوا أَناسي كَثِيرًا فَخَفَّفُوا الْيَاءَ أَسقطوا الْيَاءَ الَّتِي تَكُونُ فِيمَا بَيْنَ عَيْنِ الْفِعْلِ وَلَامِهِ مِثْلَ قَراقيرَ وقراقِرَ، ويُبَيِّنُ جَوَازَ أَناسي، بِالتَّخْفِيفِ، قَوْلُ الْعَرَبِ أَناسيَة كَثِيرَةٌ، والواحدُ إِنْسِيٌّ وأُناسٌ إِن شِئْتَ. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، أَنه قَالَ: إِنما سُمِّيَ الإِنسان إِنساناً لأَنه عُهِدَ إِليه فَنَسيَ
، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِذا كَانَ الإِنسان فِي الأَصل إِنسيانٌ، فَهُوَ إِفْعِلانٌ مِنَ النِّسْيان، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لَهُ، وَهُوَ مِثْلُ لَيْل إِضْحِيان مِنْ ضَحِيَ يَضْحَى، وَقَدْ حُذِفَتِ الْيَاءُ فَقِيلَ إِنْسانٌ. وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه سأَله عَنِ النَّاسِ مَا أَصله؟ فَقَالَ: الأُناس لأَن أَصله أُناسٌ فالأَلف فِيهِ أَصلية ثُمَّ زِيدَتْ عَلَيْهِ اللَّامُ الَّتِي تُزَادُ مَعَ الأَلف لِلتَّعْرِيفِ، وأَصل تِلْكَ اللام»
إِبدالًا مِنْ أَحرف قَلِيلَةٍ مِثْلُ الِاسْمِ وَالِابْنِ وَمَا أَشْبهها مِنَ الأَلفات الْوَصْلِيَّةِ فَلَمَّا زَادُوهُمَا عَلَى أُناس صَارَ الِاسْمُ الأُناس، ثُمَّ كَثُرَتْ فِي الْكَلَامِ فَكَانَتِ الْهَمْزَةُ وَاسِطَةً فَاسْتَثْقَلُوهَا فَتَرَكُوهَا وَصَارَ الْبَاقِي: أَلُناسُ، بِتَحْرِيكِ اللَّامِ بِالضَّمَّةِ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتِ اللَّامُ وَالنُّونُ أَدغَموا اللَّامَ فِي النُّونِ فَقَالُوا: النَّاسُ، فَلَمَّا طَرَحُوا الأَلف وَاللَّامَ ابتَدأُوا الِاسْمَ فَقَالُوا: قَالَ ناسٌ مِنَ النَّاسِ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو الْهَيْثَمِ تَعْلِيلُ النَّحْوِيِّينَ، وإِنْسانٌ فِي الأَصل إِنْسِيانٌ، وَهُوَ فِعْليانٌ مِنَ الإِنس والأَلف فِيهِ فَاءُ الْفِعْلِ، وَعَلَى مِثَالِهِ حِرْصِيانٌ، وَهُوَ الجِلْدُ الَّذِي يَلِي الْجِلْدَ الأَعلى مِنَ الْحَيَوَانِ، سُمِّيَ حِرْصِياناً لأَنه يُحْرَصُ أَي يُقْشَرُ؛ وَمِنْهُ أُخذت الحارِصَة مِنَ الشِّجاج، يُقَالُ رَجُلٌ حِذْريانٌ إِذا كَانَ حَذِراً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَقْدِيرُ إِنْسانٍ فِعْلانٌ وإِنما زِيدَ فِي تَصْغِيرِهِ يَاءٌ كَمَا زِيدَ فِي تَصْغِيرِ رَجُلٍ فَقِيلَ رُوَيْجِل، وَقَالَ قَوْمٌ: أَصله إِنْسِيان عَلَى إِفْعِلان، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ اسْتِخْفَافًا لِكَثْرَةِ مَا يَجْرِي عَلَى أَلسنتهم، فإِذا صَغَّرُوهُ ردوهما لأَن التَّصْغِيرَ لَا يَكْثُرُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ
؛ النَّاسُ هَاهُنَا أَهل مَكَّةَ والأُناسُ لغة في الناس، قال سِيبَوَيْهِ: والأَصل فِي النَّاسِ الأُناسُ مُخَفَّفًا فَجَعَلُوا الأَلف وَاللَّامَ عِوَضًا مِنَ الْهَمْزَةِ وَقَدْ قَالُوا الأُناس؛ قَالَ الشاعر:
إِنَّ المَنايا يَطَّلِعْنَ ... عَلَى الأُناس الآمِنينا
وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: الناسُ الناسُ أَي الناسُ بِكُلِّ مَكَانٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا تَعْرِفُ؛ وَقَوْلُهُ:
بلادٌ بِهَا كُنَّا، وكُنَّا نُحِبُّها، ... إِذ الناسُ ناسٌ، والبلادُ بلادُ
فَهَذَا عَلَى الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ أَي إِذ النَّاسُ أَحرار وَالْبِلَادُ مُخْصِبَة، وَلَوْلَا هَذَا الغَرَض وأَنه مُرَادٌ مُعْتَزَم لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِتَعَرِّي الْجُزْءِ الأَخير مِنْ زِيَادَةِ الْفَائِدَةِ عَنِ الجزءِ الأَول، وكأَنه أُعيد لَفْظُ الأَول لِضَرْبٍ مِنَ الإِدْلالِ وَالثِّقَةِ بِمَحْصُولِ الْحَالِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا كَانَ مِثْلَ هَذَا. والنَّاتُ: لُغَةٌ فِي النَّاسِ عَلَى الْبَدَلِ الشَّاذِّ؛ وأَنشد:
يَا قَبَّحَ اللَّهُ بَنِي السِّعْلاةِ ... عَمرو بنَ يَرْبوعٍ شِرارَ الناتِ،
غيرَ أَعِفَّاءٍ وَلَا أَكْياتِ
أَراد وَلَا أَكياس فأَبدل التَّاءَ مِنْ سِينِ النَّاسِ والأَكياس
__________
(2) . قوله [وأصل تلك اللام إلى قوله فلما زادوهما] كذا بالأَصل.(6/11)
لِمُوَافَقَتِهَا إِياها فِي الْهَمْسِ وَالزِّيَادَةِ وَتَجَاوُرِ الْمَخَارِجِ. والإِنْسُ: جَمَاعَةُ النَّاسِ، وَالْجَمْعُ أُناسٌ، وَهُمُ الأَنَسُ. تَقُولُ: رأَيت بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا أَنَساً كَثِيرًا أَي نَاسًا كَثِيرًا؛ وأَنشد:
وَقَدْ تَرى بِالدَّارِ يَوْمًا أَنَسا
والأَنَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: الحيُّ الْمُقِيمُونَ، والأَنَسُ أَيضاً: لُغَةٌ فِي الإِنْس؛ وأَنشد الأَخفش عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ:
أَتَوْا نَارِي فقلتُ: مَنُونَ أَنتم؟ ... فَقَالُوا: الجِنُّ قلتُ: عِمُوا ظَلاما
فقلتُ: إِلى الطَّعامِ، فَقَالَ منهمْ ... زَعِيمٌ: نَحْسُد الأَنَسَ الطَّعاما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لَشَمِرِ بْنِ الْحَرِثِ الضَّبِّي، وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ الْبَيْتَ الأَول جَاءَ فِيهِ مَنُونَ مَجْمُوعًا لِلضَّرُورَةِ وَقِيَاسُهُ: مَنْ أَنتم؟ لأَن مَنْ إِنما تَلْحَقُهُ الزَّوَائِدُ فِي الْوَقْفِ، يَقُولُ الْقَائِلُ: جاءَني رَجُلٌ، فَتَقُولُ: مَنُو؟ ورأَيت رَجُلًا فَيُقَالُ: مَنا؟ وَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ فَيُقَالُ: مَني؟ وَجَاءَنِي رَجُلَانِ فَتَقُولُ: مَنانْ؟ وجاءَني رِجَالٌ فَتَقُولُ: مَنُونْ؟ فإِن وَصَلْتَ قُلْتَ: مَنْ يَا هَذَا؟ أَسقطت الزَّوَائِدَ كُلَّهَا، وَمَنْ رَوَى عِمُوا صَبَاحًا فَالْبَيْتُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لجِذْع بْنِ سِنَانٍ الْغَسَّانِيِّ فِي جُمْلَةِ أَبيات حَائِيَّةٍ؛ وَمِنْهَا:
أَتاني قاشِرٌ وبَنُو أَبيه، ... وَقَدْ جَنَّ الدُّجى والنجمُ لَاحَا
فنازَعني الزُّجاجَةَ بَعدَ وَهْنٍ، ... مَزَجْتُ لَهُمْ بِهَا عَسلًا وَرَاحَا
وحَذَّرَني أُمُوراً سَوْف تأْتي، ... أَهُزُّ لَهَا الصَّوارِمَ والرِّماحا
والأَنَسُ: خِلَافُ الوَحْشَةِ، وَهُوَ مَصْدَرُ قَوْلِكَ أَنِسْتُ بِهِ، بِالْكَسْرِ، أَنَساً وأَنَسَةً؛ قَالَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: أَنَسْتُ بِهِ أُنْساً مِثْلَ كَفَرْتُ بِهِ كُفْراً. قَالَ: والأُنْسُ وَالِاسْتِئْنَاسُ هُوَ التَّأَنُّسُ، وَقَدْ أَنِسْتُ بِفُلَانٍ. والإِنْسِيُّ: مَنْسُوبٌ إِلى الإِنْس، كَقَوْلِكَ جِنِّيٌّ وجِنٌّ وسِنْدِيٌّ وسِنْدٌ، وَالْجَمْعُ أَناسِيُّ كَكُرْسِيّ وكَراسِيّ، وَقِيلَ: أَناسِيُّ جَمْعُ إِنسان كسِرْحانٍ وسَراحينَ، لَكِنَّهُمْ أَبدلوا الْيَاءَ مِنَ النُّونِ؛ فأَما قَوْلُهُمْ: أَناسِيَةٌ جَعَلُوا الْهَاءَ عِوَضًا مِنْ إِحدى ياءَي أَناسِيّ جَمْعِ إِنسان، كَمَا قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: وَأَناسِيَّ كَثِيراً
. وَتَكُونُ الياءُ الأُولى مِنَ الياءَين عِوَضًا مُنْقَلِبَةً مِنَ النُّونِ كَمَا تَنْقَلِبُ النُّونُ مِنَ الْوَاوِ إِذا نَسَبْتَ إِلى صَنْعاءَ وبَهْراءَ فَقُلْتَ: صَنْعانيٌّ وبَهْرانيٌّ، وَيَجُوزُ أَن تحذف الأَلف وَالنُّونَ فِي إِنسان تَقْدِيرًا وتأْتي بالياءِ الَّتِي تَكُونُ فِي تَصْغِيرِهِ إِذا قَالُوا أُنَيْسِيان، فكأَنهم زَادُوا فِي الْجَمْعِ الْيَاءَ الَّتِي يَرُدُّونَهَا فِي التَّصْغِيرِ فَيَصِيرُ أَناسِيَ، فَيُدْخِلُونَ الْهَاءَ لِتَحْقِيقِ التأْنيث؛ وقال الْمُبَرِّدُ: أَناسِيَةٌ جَمْعُ إِنْسِيَّةٍ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ الْمَحْذُوفَةِ، لأَنه كَانَ يَجِبُ أَناسِيّ بِوَزْنِ زَناديقَ وفَرازِينَ، وأَن الْهَاءَ فِي زَنادِقَة وفَرازِنَة إِنما هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْيَاءِ، وأَنها لَمَّا حُذِفَتْ لِلتَّخْفِيفِ عُوِّضَتْ مِنْهَا الهاءُ، فالياءُ الأُولى مِنْ أَناسِيّ بِمَنْزِلَةِ الياءِ مِنْ فَرَازِينَ وَزَنَادِيقَ، وَالْيَاءُ الأَخيرة مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْقَافِ وَالنُّونِ مِنْهُمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ جَحْجاحٌ وجَحاجِحَةٌ إِنما أَصله جَحاجيحُ. وقال اللِّحْيَانِيُّ: يُجْمَع إِنسانٌ أَناسِيَّ وَآنَاسًا عَلَى مِثَالِ آباضٍ، وأَناسِيَةً بِالتَّخْفِيفِ والتأْنيث. والإِنْسُ: الْبَشَرُ، الْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ وأَنَسيٌّ أَيضاً، بِالتَّحْرِيكِ. وَيُقَالُ: أَنَسٌ وآناسٌ كثير. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَناسِيَّ كَثِيراً؛ الأَناسِيُّ جِماعٌ، الْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَهُ إِنساناً ثُمَّ جَمَعْتَهُ(6/12)
أَناسِيّ فَتَكُونُ الياءُ عِوَضًا مِنَ النُّونِ، كَمَا قَالُوا للأَرانب أَراني، وللسَّراحين سَراحِيّ. وَيُقَالُ للمرأَة أَيضاً إِنسانٌ وَلَا يُقَالُ إِنسانة، وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ الحُمُر الإِنسيَّة يَوْمَ خَيْبَر
؛ يَعْنِي الَّتِي تأْلف الْبُيُوتَ، وَالْمَشْهُورُ فِيهَا كَسْرُ الْهَمْزَةِ، مَنْسُوبَةٌ إِلى الإِنس، وَهُمْ بَنُو آدَمَ، الْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ؛ قَالَ: وَفِي كِتَابِ أَبي مُوسَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَن الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ فإِنه قَالَ هِيَ الَّتِي تأْلف الْبُيُوتَ. والأُنْسُ، وَهُوَ ضِدُّ الْوَحْشَةِ، الأُنْسُ، بِالضَّمِّ، وَقَدْ جاءَ فِيهِ الْكَسْرُ قَلِيلًا، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ، قَالَ: وَلَيْسَ بشيءٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِن أَراد أَن الْفَتْحَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الرِّوَايَةِ فَيَجُوزُ، وإِن أَراد أَنه لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ فَلَا، فإِنه مَصْدَرُ أَنِسْت بِهِ آنَس أَنَساً وأَنَسَةً، وَقَدْ حُكِيَ أَن الإِيْسان لُغَةٌ فِي الإِنسان، طَائِيَّةٌ؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّائِيُّ:
فَيَا لَيْتَنِي مِنْ بَعْدِ مَا طافَ أَهلُها ... هَلَكْتُ، وَلَمْ أَسْمَعْ بِهَا صَوْتَ إِيسانِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا أَنشده ابن جني، وقال: إِلا أَنهم قَدْ قَالُوا فِي جَمْعِهِ أَياسِيَّ، بِيَاءٍ قَبْلَ الأَلف، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ أَن تَكُونَ الْيَاءُ غَيْرَ مُبْدَلَةٍ، وَجَائِزٌ أَيضاً أَن يَكُونَ مِنَ الْبَدَلِ اللَّازِمِ نَحْوَ عيدٍ وأَعْياد وعُيَيْدٍ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: في لغة طيء مَا رأَيتُ ثَمَّ إِيساناً أَي إِنساناً؛ وقال اللِّحْيَانِيُّ: يَجْمَعُونَهُ أَياسين، قَالَ فِي كِتَابِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: يَاسِينَ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ؛ بلغة طيء، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مِنَ الْحُرُوفِ المقطعة. وقال الفراءُ: الْعَرَبُ جَمِيعًا يَقُولُونَ الإِنسان إِلا طَيِّئًا فإِنهم يَجْعَلُونَ مَكَانَ النُّونِ يَاءً. وَرَوَى
قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ أَن ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، قرأَ: يَاسِينَ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ
، يُرِيدُ يَا إِنسان. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَيُحْكَى أَن طَائِفَةً مِنَ الْجِنِّ وافَوْا قَوْمًا فاستأْذنوا عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُمُ النَّاسُ: مَنْ أَنتم؟ فَقَالُوا: ناسٌ مِنَ الجنِّ، وَذَلِكَ أَن الْمَعْهُودَ فِي الْكَلَامِ إِذا قِيلَ لِلنَّاسِ مَنْ أَنتم قَالُوا: نَاسٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ اسْتَعْمَلُوهُ فِي الْجِنِّ عَلَى الْمَعْهُودِ مِنْ كَلَامِهِمْ مَعَ الإِنس، وَالشَّيْءُ يُحْمَلُ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ وَجْهٍ يَجْتَمِعَانِ فِيهِ وإِن تَبَايَنَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. والإِنسانُ أَيضاً: إِنسان الْعَيْنِ، وَجَمْعُهُ أَناسِيُّ. وإِنسانُ الْعَيْنِ: المِثال الَّذِي يُرَى فِي السَّواد؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ إِبلًا غَارَتْ عُيُونُهَا مِنَ التَّعَبِ وَالسَّيْرِ:
إِذا اسْتَحْرَسَتْ آذانُها، اسْتَأْنَسَتْ لَهَا ... أَناسِيُّ مَلْحودٌ لَهَا فِي الحَواجِبِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده ابنُ بَرِّيٍّ: إِذا اسْتَوْجَسَتْ، قَالَ: وَاسْتَوْجَسَتْ بِمَعْنَى تَسَمَّعَتْ، واسْتَأْنَسَتْ وآنَسَتْ بِمَعْنَى أَبصرت، وَقَوْلُهُ: مَلْحُودٌ لَهَا فِي الْحَوَاجِبِ، يَقُولُ: كأَن مَحارَ أَعيُنها جُعِلْنَ لها لُحوداً وصَفَها بالغُؤُور؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَلَا يُجْمَعُ عَلَى أُناسٍ. وإِنسان الْعَيْنِ: نَاظِرُهَا. والإِنسانُ: الأُنْمُلَة؛ وَقَوْلُهُ:
تَمْري بإِنْسانِها إِنْسانَ مُقْلَتها، ... إِنْسانةٌ، فِي سَوادِ الليلِ، عُطبُولُ
فَسَّرَهُ أَبو العَمَيْثَلِ الأَعرابيُّ فَقَالَ: إِنسانها أُنملتها. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَره لغيره؛ وقال:
أَشارَتْ لإِنسان بإِنسان كَفِّها، ... لتَقْتُلَ إِنْساناً بإِنْسانِ عَيْنِها
وإِنْسانُ السَّيْفِ وَالسَّهْمِ: حَدُّهما. وإِنْسِيُّ القَدَم: مَا أَقبل عَلَيْهَا ووَحْشِيُّها مَا أَدبر مِنْهَا. وإِنْسِيُّ الإِنسان وَالدَّابَّةِ: جَانِبُهُمَا الأَيسر، وَقِيلَ الأَيمن.(6/13)
وإِنْسِيُّ القَوس: مَا أَقبل عَلَيْكَ مِنْهَا، وَقِيلَ: إِنْسِيُّ الْقَوْسِ مَا وَليَ الرامِيَ، ووَحْشِيُّها مَا وَلِيَ الصَّيْدَ، وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ ذَلِكَ فِي حَرْفِ الشِّينِ. التَّهْذِيبُ: الإِنْسِيُّ مِنَ الدَّوَابِّ هُوَ الْجَانِبُ الأَيسر الَّذِي مِنْهُ يُرْكَبُ ويُحْتَلَبُ، وَهُوَ مِنَ الْآدَمِيِّ الجانبُ الَّذِي يَلِي الرجْلَ الأُخرى، والوَحْشِيُّ مِنَ الإِنسانِ الْجَانِبُ الَّذِي يَلِي الأَرض. أَبو زَيْدٍ: الإِنْسِيُّ الأَيْسَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ الأَيْمَنُ، وَقَالَ: كلُّ اثْنَيْنِ مِنَ الإِنسان مِثْلُ الساعِدَيْن والزَّنْدَيْن والقَدَمين فَمَا أَقبل مِنْهُمَا عَلَى الإِنسان فَهُوَ إِنْسِيٌّ، وَمَا أَدبر عَنْهُ فَهُوَ وَحْشِيٌّ. والأَنَسُ: أَهل المَحَلِّ، وَالْجَمْعُ آناسٌ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها ... جَهاراً، ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجُبْلِ
وَقَالَ عَمْرٌو ذُو الكَلْب:
بفِتْيانٍ عَمارِطَ مِنْ هُذَيْلٍ، ... هُمُ يَنْفُونَ آناسَ الحِلالِ
وَقَالُوا: كَيْفَ ابنُ إِنْسِك وإِنْسُك أَي كَيْفَ نَفْسُك. أَبو زَيْدٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ كَيْفَ تَرَى ابْنَ إِنْسِك إِذا خَاطَبْتَ الرَّجُلَ عَنْ نفْسك. الأَحمر: فُلَانُ ابْنُ إِنْسِ فُلَانٍ أَي صَفِيُّه وأَنيسُه وَخَاصَّتُهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: قُلْتُ للدُّبَيْريّ إِيش، كَيْفَ تَرَى ابنُ إِنْسِك، بِكَسْرِ الأَلف؟ فَقَالَ: عَزَاهُ إِلى الإِنْسِ، فأَما الأُنْس عِنْدَهُمْ فَهُوَ الغَزَلُ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ كَيْفَ ابنُ إِنْسِك وإِنْسُك يَعْنِي نَفْسَهُ، أَي كَيْفَ تَرَانِي فِي مُصَاحَبَتِي إِياك؟ وَيُقَالُ: هَذَا حِدْثي وإِنسي وخِلْصي وجِلْسِي، كُلُّهُ بِالْكَسْرِ. أَبو حَاتِمٍ: أَنِسْت بِهِ إِنساً، بِكَسْرِ الأَلف، وَلَا يُقَالُ أُنْساً إِنما الأُنْسُ حديثُ النِّسَاءِ ومُؤَانستهن. رَوَاهُ أَبو حَاتِمٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وأَنِسْتُ بِهِ آنَسُ وأَنُسْتُ آنُسُ أَيضاً بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والإِيناسُ: خِلَافُ الإِيحاش، وَكَذَلِكَ التَّأْنيس. والأَنَسُ والأُنْسُ والإِنْسُ الطمأْنينة، وَقَدْ أَنِسَ بِهِ وأَنَسَ يأْنَسُ ويأْنِسُ وأَنُسَ أُنْساً وأَنَسَةً وتَأَنَّسَ واسْتَأْنَسَ؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَلا اسْلَمي اليومَ ذاتَ الطَّوْقِ والعاجِ. ... والدَّلِّ والنَّظَرِ المُسْتَأْنِسِ السَّاجِي
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: آنَسُ مِنْ حُمَّى؛ يُرِيدُونَ أَنها لَا تَكَادُ تُفَارِقُ الْعَلِيلَ فكأَنها آنِسَةٌ بِهِ، وَقَدْ آنَسَني وأَنَّسَني. وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ: إِذا جاءَ اللَّيْلُ استأْنَس كلُّ وَحْشِيٍّ وَاسْتَوْحَشَ كلُّ إِنْسِيٍّ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا طُوريُّ، ... وَلَا خَلا الجِنَّ بِهَا إِنْسِيُ
تَلْقى، وَبِئْسَ الأَنَسُ الجِنِّيُّ ... دَوِّيَّة لهَولِها دَويُ
للرِّيح فِي أَقْرابها هُوِيُ
هُويُّ: صَوْتٌ. أَبو عَمْرٍو: الأَنَسُ سُكان الدَّارِ. واستأْنس الوَحْشِيُّ إِذا أَحَسَّ إِنْسِيّاً. واستأْنستُ بِفُلَانٍ وتأَنَّسْتُ بِهِ بِمَعْنًى؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَكِنَّنِي أَجمع المُؤْنِساتِ، ... إِذا مَا اسْتَخَفَّ الرجالُ الحَديدا
يَعْنِي أَنه يُقَاتِلُ بِجَمِيعِ السِّلَاحِ، وإِنما سَمَّاهَا بالمؤْنسات لأَنهن يُؤْنِسْنَه فَيُؤَمِّنَّه أَو يُحَسِّنَّ ظَنَّهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلسِّلَاحِ كُلِّهِ مِنَ الرُّمح والمِغْفَر والتِّجْفاف والتَّسْبِغَةِ والتُّرْسِ وَغَيْرِهِ: المُؤْنِساتُ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ القدماءُ تُسَمِّي يَوْمَ الْخَمِيسِ مُؤْنِساً(6/14)
لأَنَّهم كَانُوا يَمِيلُونَ فِيهِ إِلَى الملاذِّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أُؤَمِّلُ أَن أَعيشَ، وأَنَّ يَوْمِي ... بأَوَّل أَو بأَهْوَنَ أَو جُبارِ
أَو التَّالي دُبارِ، فإِن يَفُتْني، ... فَمُؤْنِس أَو عَروبَةَ أَو شِيارِ
وقال مُطَرِّز: أَخبرني
الْكَرِيمِيُّ إِمْلاءً عَنْ رِجَالِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِن اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ الفِرْدَوْسَ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَسَمَّاهَا مُؤْنِسَ.
وَكَلْبٌ أَنُوس: وَهُوَ ضِدُّ العَقُور، وَالْجَمْعُ أُنُسٌ. وَمَكَانٌ مَأْنُوس إِنما هُوَ عَلَى النَّسَبِ لأَنهم لَمْ يَقُولُوا آنَسْتُ الْمَكَانَ وَلَا أَنِسْتُه، فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ فِعْلًا وَكَانَ النسبُ يَسوغُ فِي هَذَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
حَيِّ الهِدَمْلَةَ مِنْ ذاتِ المَواعِيسِ، ... فالحِنْوُ أَصْبَحَ قَفْراً غيرَ مَأْنُوسِ
وَجَارِيَةٌ آنِسَةٌ: طَيِّبَةُ الْحَدِيثِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الجَعْدي:
بآنِسةٍ غَيْرِ أُنْسِ القِرافِ، ... تُخَلِّطُ باللِّينِ مِنْهَا شِماسا
وَكَذَلِكَ أَنُوسٌ، وَالْجَمْعُ أُنُسٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ بَيْضَ نَعَامٍ:
أُنُسٌ إِذا مَا جِئْتَها بِبُيُوتِها، ... شُمُسٌ إِذا دَاعِي السِّبابِ دَعاها
جُعلَتْ لَهُنَّ مَلاحِفُ قَصَبيَّةٌ، ... يُعْجِلْنَها بالعَطِّ قَبْلَ بِلاها
والمَلاحِف الْقَصَبِيَّةُ يَعْنِي بِهَا مَا عَلَى الأَفْرُخِ من غِرْقيءِ الْبَيْضِ. اللَّيْثُ: جَارِيَةٌ آنِسَةٌ إِذا كَانَتْ طَيِّبَةَ النَّفْسِ تُحِبُّ قُرْبَكَ وَحَدِيثَكَ، وَجَمْعُهَا آنِسات وأَوانِسُ. وَمَا بِهَا أَنِيسٌ أَي أَحد، والأُنُسُ الْجَمْعُ. وآنَسَ الشيءَ: أَحَسَّه. وآنَسَ الشَّخْصَ واسْتَأْنَسَه: رَآهُ وأَبصره وَنَظَرَ إِليه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
بعَيْنَيَّ لَمْ تَسْتَأْنِسا يومَ غُبْرَةٍ، ... وَلَمْ تَرِدا جَوَّ العِراقِ فَثَرْدَما
ابْنُ الأَعرابي: أَنِسْتُ بِفُلَانٍ أَي فَرِحْتُ بِهِ، وآنَسْتُ فَزَعاً وأَنَّسْتُهُ إِذا أَحْسَسْتَه ووجدتَهُ فِي نَفْسِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ نَارًا؛ يَعْنِي مُوسَى أَبصر نَارًا، وَهُوَ الإِيناسُ. وآنَس الشيءَ: عَلِمَهُ. يُقَالُ: آنَسْتُ مِنْهُ رُشْداً أَي عَلِمْتُهُ. وآنَسْتُ الصوتَ: سَمِعْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
هاجَرَ وإِسماعيلَ: فَلَمَّا جاءَ إِسماعيل، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كأَنه آنَسَ شَيْئًا
أَي أَبصر ورأَى لَمْ يَعْهَدْه. يُقَالُ: آنَسْتُ مِنْهُ كَذَا أَي عَلِمْتُ. واسْتَأْنَسْتُ: اسْتَعْلَمْتُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
نَجْدَةَ الحَرُورِيِّ وَابْنِ عَبَّاسٍ: حَتَّى تُؤْنِسَ مِنْهُ الرُّشْدَ
أَي تَعْلَمَ مِنْهُ كَمَالَ الْعَقْلِ وَسَدَادَ الْفِعْلِ وحُسْنَ التَّصَرُّفِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى تستأْنسوا فِي اللُّغَةِ تستأْذنوا، وَلِذَلِكَ جاءَ فِي التَّفْسِيرِ تستأْنسوا فَتَعْلَموا أَيريد أَهلُها أَن تَدْخُلُوا أَم لَا؟ قَالَ الفراءُ: هَذَا مُقَدَّمٌ ومؤَخَّر إِنما هُوَ حَتَّى تسلِّموا وتستأْنسوا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدخل؟ قَالَ: وَالِاسْتِئْنَاسُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ النَّظَرُ. يُقَالُ: اذهبْ فاسْتَأْنِسْ هَلْ تَرَى أَحداً؟ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ انظرْ مَنْ تَرَى في الدار؛ وقال النَّابِغَةُ:
بِذِي الجَليل عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحِدِ(6/15)
أَي عَلَى ثَوْرٍ وحشيٍّ أَحس بِمَا رَابَهُ فَهُوَ يَسْتَأْنِسُ أَي يَتَبَصَّرُ وَيَتَلَفَّتُ هَلْ يَرَى أَحداً، أَراد أَنه مَذْعُور فَهُوَ أَجَدُّ لعَدْوِه وَفِرَارِهِ وَسُرْعَتِهِ.
وَكَانَ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَه عَنْهُمَا، يقرأُ هَذِهِ الْآيَةَ: حَتَّى تستأْذنوا، قَالَ: تستأْنسوا خَطَأٌ مِنَ الْكَاتِبِ.
قَالَ الأَزهري:
قَرَأَ أُبيّ وَابْنُ مَسْعُودٍ: تستأْذنوا
، كَمَا قرأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا واحد. وقال قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: تستأْنسوا هُوَ الِاسْتِئْذَانُ، وَقِيلَ: تستأْنسوا تَنَحْنَحُوا. قَالَ الأَزهري: وأَصل الإِنْسِ والأَنَسِ والإِنسانِ مِنَ الإِيناسِ، وَهُوَ الإِبْصار. وَيُقَالُ: آنَسْتُه وأَنَّسْتُه أَي أَبصرته؛ وَقَالَ الأَعشى:
لَا يَسْمَعُ المَرْءُ فِيهَا مَا يؤَنِّسُه، ... بالليلِ، إِلَّا نَئِيمَ البُومِ والضُّوَعا
وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ: مَا يُؤَنِّسُه أَي مَا يَجْعَلُهُ ذَا أُنْسٍ، وَقِيلَ للإِنْسِ إِنْسٌ لأَنهم يُؤنَسُونَ أَي يُبْصَرون، كَمَا قِيلَ للجنِّ جِنٌّ لأَنهم لَا يُؤْنَسُونَ أَي لَا يُبصَرون. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَرَفَةَ الْوَاسِطِيُّ: سُمِّيَ الإِنْسِيُّون إِنْسِيِّين لأَنهم يُؤنَسُون أَي يُرَوْنَ، وَسُمِّيَ الجِنُّ جِنّاً لأَنهم مُجْتَنُّون عَنْ رُؤْيَةِ النَّاسِ أَي مُتَوارُون. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: كَانَ إِذا دَخَلَ دَارَهُ اسْتَأْنس وتَكَلَّمَ
أَي اسْتَعْلَم وتَبَصَّرَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَلم تَرَ الجِنَّ وإِبلاسها، ... ويَأْسَها مِنْ بَعْدِ إِيناسها؟
أَي أَنها يَئِسَتْ مِمَّا كَانَتْ تَعْرِفُهُ وَتُدْرِكُهُ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ بِبَعْثَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والإِيناسُ: الْيَقِينُ؛ قَالَ:
فإِن أَتاكَ امْرؤٌ يَسْعَى بِكذْبَتِه، ... فانْظُرْ، فإِنَّ اطِّلاعاً غَيْرُ إِيناسِ
الاطِّلاعُ: النَّظَرُ، والإِيناس: الْيَقِينُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ليَس بِمَا لَيْسَ بِهِ باسٌ باسْ، ... وَلَا يَضُرُّ البَرَّ مَا قَالَ الناسْ،
وإِنَّ بَعْدَ اطِّلاعٍ إِيناسْ
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: بَعْدَ طُلوعٍ إِيناسٌ. الْفَرَّاءُ: مِنْ أَمثالهم: بَعْدَ اطِّلاعٍ إِيناسٌ؛ يَقُولُ: بَعْدَ طُلوعٍ إِيناس. وتَأَنَّسَ الْبَازِي: جَلَّى بطَرْفِه. وَالْبَازِي يَتَأَنَّسُ، وَذَلِكَ إِذا مَا جَلَّى وَنَظَرَ رَافِعًا رأْسه وطَرْفه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ أَطاع اللَّهُ الناسَ فِي الناسِ لَمْ يَكُنْ ناسٌ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَن النَّاسَ يُحِبُّونَ أَن لَا يُوَلَدَ لَهُمْ إِلا الذُّكْرانُ دُونَ الإِناث، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الإِناث ذَهَبَ الناسُ، وَمَعْنَى أَطاع اسْتَجَابَ دُعَاءَهُ. ومَأْنُوسَةُ والمَأْنُوسَةُ جَمِيعًا: النَّارُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف لَهَا فِعْلًا، فأَما آنَسْتُ فإِنما حَظُّ الْمَفْعُولِ مِنْهَا مُؤْنَسَةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
كَمَا تَطايَرَ عَنْ مَأْنُوسَةَ الشَّرَرُ
قَالَ الأَصمعي: وَلَمْ نَسْمَعْ بِهِ إِلا فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر. ابْنُ الأَعرابي: الأَنِيسَةُ والمَأْنُوسَةُ النَّارُ، وَيُقَالُ لَهَا السَّكَنُ لأَن الإِنسان إِذا آنَسَها لَيْلًا أَنِسَ بِهَا وسَكَنَ إِليها وَزَالَتْ عَنْهُ الوَحْشَة، وإِن كَانَ بالأَرض القَفْرِ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ للدِّيكِ الشُّقَرُ والأَنيسُ والنَّزِيُّ. والأَنِيسُ: المُؤَانِسُ وَكُلُّ مَا يُؤْنَسُ بِهِ. وَمَا بِالدَّارِ أَنِيسٌ أَي أَحد؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ:
فِيهنَّ آنِسَةُ الحدِيثِ حَيِيَّةٌ، ... ليسَتْ بفاحشَةٍ وَلَا مِتْفالِ
أَي تَأْنَسُ حديثَك وَلَمْ يُرِدْ أَنها تُؤْنِسُك لأَنه لَوْ(6/16)
أَراد ذَلِكَ لَقَالَ مُؤْنِسَة. وأَنَسٌ وأُنَيسٌ: اسْمَانِ. وأُنُسٌ: اسْمُ مَاءٍ لِبَنِي العَجْلانِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِل:
قالتْ سُلَيْمَى ببطنِ القاعِ مِنْ أُنُسٍ: ... لَا خَيْرَ فِي العَيْشِ بَعْدَ الشَّيْبِ والكِبَرِ
ويُونُسُ ويُونَسُ ويُونِسُ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ: اسْمُ رَجُلٍ، وَحُكِيَ فِيهِ الْهَمْزُ أَيضاً، واللَّه أَعلم.
انقلس: الأَنْقَيْلَسُ والأَنْقَلَيْسُ: سَمَكَةٌ عَلَى خِلقَة حَيَّةٍ، وَهِيَ عَجَمِيَّةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّلِقُ الأَنْكَلَيْسُ، وَمَرَّةً قَالَ: الأَنْقَلَيْسُ، وَهُوَ السَّمَكُ الجِرِّيُّ والجِرِّيتُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ والأَلف، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُ الأَلف وَاللَّامَ؛ قَالَ الأَزهري: أُراها معرَّبة.
انكلس: ابْنُ الأَعرابي: الشَّلِقُ الأَنْكَلَيْسُ، وَمَرَّةً قَالَ: الأَنْقَلَيْسُ، وَهُوَ السَّمَكُ الجِرِّيُّ والجِرِّيتُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ والأَلف وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُهُمَا. قَالَ الأَزهري: أُراها مُعَرَّبَةً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه بَعَثَ إِلى السُّوق فَقَالَ لَا تَأْكلوا الأَنْكَلَيْسَ
؛ هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا، سَمَكٌ شبيه بالحيات رديء الْغِذَاءِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى [المارْماهي] وإِنما كَرِهَهُ لِهَذَا لَا لأَنه حَرَامٌ، وَرَوَاهُ الأَزهري عَنْ عَمّار وَقَالَ: الأَنْقَلَيْسُ، بِالْقَافِ لُغَةٌ فِيهِ.
أوس: الأَوْسُ: العطيَّةُ «3» . أُسْتُ القومَ أَؤُوسُهم أَوْساً إِذا أَعطيتهم، وَكَذَلِكَ إِذا عوَّضتهم مِنْ شَيْءٍ. والأَوْس: العِوَضُ. أُسْتُه أَؤُوسُه أَوْساً: عُضتُه أَعُوضُه عَوضاً؛ وَقَالَ الجَعْدِيُّ:
لَبِسْتُ أُناساً فأَفْنَيْتُهم، ... وأَفْنَيْتُ بعدَ أُناسٍ أُناسَا
ثلاثةُ أَهْلِينَ أَفْنَيْتُهم، ... وَكَانَ الإِلهُ هُوَ المُسْتَآسَا
أَي المُسْتَعاضَ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَةَ: ربِّ أُسْني لما أَمْضَيْت
أَي عَوّضْني. والأَوْسُ: العِوَضُ وَالْعَطِيَّةُ، وَيُرْوَى:
رَبِّ أَثِبْني
، مِنَ الثَّوَابِ. واسْتَآسَني فأُسْتُه: طَلَبَ إِليَّ العِوَضَ. واسْتَآسَهُ أَي اسْتَعَاضَه. والإِياسُ: العِوَضُ. وإِياسٌ: اسْمُ رَجُلٍ، مِنْهُ. وأَساهُ أَوْساً: كَآساه؛ قَالَ المؤَرِّجُ: مَا يُواسِيهِ مَا يُصِيبُهُ بِخَيْرٍ، مِنْ قَوْلِ العرب: أُسْ فلانا بخير أَي أَصبه، وقيل: ما يُواسِيه مِنْ مَوَدَّتِهِ وَلَا قَرَابَتِهِ شَيْئًا، مأْخوذ مِنَ الأَوْس وهو العِوَضُ. قَالَ: وَكَانَ فِي الأَصل مَا يُواوِسُه فقدَّموا السِّينَ، وَهِيَ لَامُ الْفِعْلِ، وأَخَّروا الْوَاوَ، وَهِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ، فَصَارَ يُواسِوُه، فَصَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِتَحْرِيكِهَا وَلِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَهَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ أَسَوْتُ الجُرْحَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والأَوْسُ: الذِّئْبُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. ابْنُ سِيدَهْ: وأَوْسٌ الذِّئْبُ مَعْرِفَةٌ؛ قَالَ:
لَمَّا لَقِينا بالفَلاةِ أَوْسا ... لَمْ أَدْعُ إِلا أَسْهُماً وقَوْسا
وَمَا عَدِمْتُ جُرْأَةً وكَيْسا ... وَلَوْ دَعَوْتُ عَامِرًا وعبْسا،
أَصَبْتُ فيهمْ نَجْدَةً وأُنْسا
أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ لِلذِّئْبِ: هَذَا أَوسٌ عَادِيًّا؛ وأَنشد:
كَمَا خامَرَتْ فِي حَضْنِها أُمُّ عامِرٍ، ... لَدى الحَبْل، حَتَّى غالَ أَوْسٌ عِيالَها
__________
(3) . قوله [الأَوس العطية إلخ] عبارة القاموس الأَوس الإعطاء والتعويض.(6/17)
يَعْنِي أَكلَ جِراءَها. وأُوَيْسٌ: اسْمُ الذِّئْبِ، جاءَ مُصَّغَّراً مِثْلَ الكُمَيْت واللُّجَيْن؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
يَا ليتَ شِعْري عنكَ، والأَمْرُ أَمَمْ ... مَا فَعَلَ اليومَ أُوَيْسٌ فِي الغَنَمْ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُويس حَقَّرُوهُ مُتَفَئِّلِين أَنهم يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُ أَسماء بْنِ خَارِجَةَ:
فِي كلِّ يومٍ مِنْ ذُؤَالَهْ ... ضِغْثٌ يَزيدُ عَلَى إِبالَهْ
فَلأَحْشَأَنَّكَ مِشْقَصاً ... أَوْساً، أُوَيْسُ، مِنَ الهَبالَهْ
الْهَبَالَةُ: اسْمُ نَاقَتِهِ. وأُويس: تَصْغِيرٌ أَوس، وَهُوَ الذِّئْبُ. وأَوساً: هُوَ مَوْضِعُ الشَّاهِدِ خَاطَبَ بِهَذَا الذِّئْبَ، وَقِيلَ: افْتَرَسَ لَهُ شَاةً فَقَالَ: لأَضعنَّ فِي حَشاك مِشْقَصاً عِوَضًا يَا أُويس مِنْ غُنَيْمَتِكَ الَّتِي غَنِمْتَهَا من غنمي. وقال ابْنُ سِيدَهْ: أَوساً أَي عِوَضًا، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ الذِّئْبَ وَهُوَ يُخَاطِبُهُ لأَن الْمُضْمَرَ الْمُخَاطَبَ لَا يَجُوزُ أَن يُبْدَلَ مِنْهُ شَيْءٌ، لأَنه لَا يُلْبَسُ مَعَ أَنه لَوْ كَانَ بَدَلًا لَمْ يَكُنْ مِنْ مُتَعَلِّقٍ، وإِنما يَنْتَصِبُ أَوساً عَلَى الْمَصْدَرِ بِفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ أَو بلأَحشأَنك كأَنه قَالَ أَوساً «1» . وأَما قَوْلُهُ أُويس فَنِدَاءٌ، أَراد يَا أُويس يُخَاطِبُ الذِّئْبَ، وَهُوَ اسْمٌ لَهُ مُصَغَّرًا كَمَا أَنه اسْمٌ لَهُ مُكَبَّرًا، فأَما مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْهَبَالَةِ فإِن شِئْتَ عَلَّقْتَهُ بِنَفْسِ أَوساً، وَلَمْ تَعْتَدَّ بِالنِّدَاءِ فَاصِلًا لِكَثْرَتِهِ فِي الْكَلَامِ وَكَوْنِهِ مُعْتَرَضًا بِهِ للتأْكيد، كَقَوْلِهِ:
يَا عُمَرَ الخَيْرِ، رُزِقْتَ الجَنَّهْ ... اكْسُ بُنَيَّاتي وأُمَّهُنَّهْ،
أَو، يَا أَبا حَفْصٍ، لأَمْضِيَنَّهْ
فَاعْتَرَضَ بِالنِّدَاءِ بَيْنَ أَو وَالْفِعْلِ، وإِن شِئْتَ عَلَّقْتَهُ بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوساً، فكأَنه قال: أَؤوسك مِنَ الْهَبَالَةِ أَي أُعطيك مِنَ الْهَبَالَةِ، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَ حَرْفَ الْجَرِّ هَذَا وَصْفًا لأَوساً فَعَلَّقْتَهُ بِمَحْذُوفٍ وَضَمَّنْتَهُ ضَمِيرَ الْمَوْصُوفِ. وأَوْسٌ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ، وَاشْتِقَاقُهُ من آسَ يَؤُوسُ أَوْساً، وَالِاسْمُ: الإِياسُ، وَهُوَ مِنَ الْعِوَضِ، وَهُوَ أَوْسُ بْنُ قَيْلَة أَخو الخَزْرَج، مِنْهُمَا الأَنصار، وقَيْلَة أُمهما. ابْنُ سِيدَهْ: والأَوْسُ مِنْ أَنصار النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُقَالُ لأَبيهم الأَوْسُ، فكأَنك إِذا قُلْتَ الأَوس وأَنت تَعْنِي تِلْكَ الْقَبِيلَةَ إِنما تُرِيدُ الأَوْسِيِّين. وأَوْسُ اللَّاتِ: رَجُلٌ مِنْهُمْ أَعقب فَلَهُ عِدادٌ يُقَالُ لَهُمْ أَوْس اللَّه، مُحَوَّلٌ عَنِ اللَّاتَ. قَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما قَلَّ عَدَدُ الأَوس فِي بَدْرٍ وأُحُدٍ وكَثَرَتْهُم الخَزْرَجُ فِيهِمَا لِتَخَلُّفِ أَوس اللَّه عَنِ الإِسلام. قَالَ: وَحَدَّثَ
سُلَيْمَانُ بْنُ سَالِمٍ الأَنصاري، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنِ الإِسلام أَوْس اللَّه فَجَاءَتِ الْخَزْرَجُ إِلى رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه ائْذَنْ لَنَا فِي أَصحابنا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ الإِسلام، فَقَالَتِ الأَوْس لأَوْسِ اللَّه: إِن الخَزْرَج تُرِيدُ أَن تأْثِرَ مِنْكُمْ يَوْمَ بُغاث، وَقَدِ استأْذنوا فِيكُمْ رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَسْلِمُوا قَبْلَ أَن يأْذن لَهُمْ فِيكُمْ؛ فأَسْلَموا، وَهُمْ أُمَيَّة وخَطْمَةُ وَوَائِلٌ.
أَما تَسْمِيَتُهُمُ الرَّجُلَ أَوْساً فإِنه يَحْتَمِلُ أَمرين: أَحدهما أَن يَكُونَ مَصْدَرَ أُسْتُه أَي أَعطيته كَمَا سَمَّوْهُ عَطَاءً وَعَطِيَّةَ، وَالْآخَرُ أَن يَكُونَ سُمِّيَ بِهِ كَمَا سَمَّوْهُ ذِئْبًا وكَنَّوْه بأَبي ذؤَيب. والآسُ: العَسَلُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْهُ كالكَعْب مِنَ السَّمْن، وَقِيلَ: الْآسُ أَثَرُ الْبَعْرِ وَنَحْوِهِ. أَبو عَمْرٍو: الْآسُ أَن تَمُرَّ النحلُ فيَسْقُطَ منها نُقَطٌ
__________
(1) . قوله [كأنه قال أوساً] كذا بالأَصل ولعل هنا سقطاً كأنه قال أؤوسك أوساً أو لأَحشأنك أوساً.(6/18)
مِنَ الْعَسَلِ عَلَى الْحِجَارَةِ فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَيْهَا. وَالْآسُ: البَلَحُ. والآسُ: ضَرْبٌ مِنَ الرَّيَاحِينِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الآسُ هَذَا المشمومُ أَحسبه دَخِيلًا غَيْرَ أَن الْعَرَبَ قَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ وجاءَ فِي الشِّعْرِ الْفَصِيحِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
بِمُشْمَخِرٍّ بِهِ الظَّيَّانُ والآسُ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْآسُ بأَرض الْعَرَبِ كَثِيرٌ يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ وَالْجَبَلِ وَخُضْرَتُهُ دَائِمَةٌ أَبداً ويَسْمو حَتَّى يَكُونَ شَجَرًا عِظَامًا، وَاحِدَتُهُ آسَةٌ؛ قَالَ: وَفِي دَوَامِ خُضْرَتِهِ يَقُولُ رُؤْبَةُ:
يَخْضَرُّ مَا اخْضَرَّ الأَلى والآسُ
التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ: الْآسُ شَجَرَةٌ وَرَقُهَا عَطِرٌ. والآسُ: القَبْرُ. والآسُ: الصَّاحِبُ. وَالْآسُ: الْعَسَلُ. قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف الْآسَ بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ جِهَةٍ تَصِحُّ أَو رِوَايَةٍ عَنْ ثِقَةٍ؛ وَقَدِ احْتَجَّ اللَّيْثُ لَهَا بِشِعْرٍ أَحسبه مَصْنُوعًا:
بانَتْ سُلَيْمَى فالفُؤادُ آسِي، ... أَشْكو كُلُوماً، مَا لَهُنَّ آسِي
مِنْ أَجْلِ حَوْراءَ كغُصْنِ الآسِ، ... رِيقَتُها كَمِثْلِ طَعْمِ الآسِ
يَعْنِي الْعَسَلَ.
وَمَا اسْتَأَسْتُ بعدَها مِنْ آسِي، ... وَيْلي، فإِني لاحِقٌ بالآسِ
يَعْنِي الْقَبْرَ. التَّهْذِيبُ: والآسُ بَقِيَّةُ الرَّمَادِ بَيْنَ الأَثافي فِي المَوْقِدِ؛ قَالَ:
فَلَمْ يَبْقَ إِلا آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٍ، ... وسُفْعٌ عَلَى آسٍ، ونُؤْيٌ مُعَثلَبُ
وَقَالَ الأَصمعي: الآسُ آثارُ النَّارِ وَمَا يُعْرَفُ مِنْ عَلَامَاتِهَا. وأَوْسْ: زَجْرُ الْعَرَبِ للمَعَزِ وَالْبَقَرِ، تَقُولُ: أَوْسْ أَوْسْ.
أيس: الْجَوْهَرِيُّ: أَيِسْتُ مِنْهُ آيَسُ يَأْساً لُغَةٌ فِي يَئِسْتُ مِنْهُ أَيْأَسُ يَأْساً، وَمَصْدَرُهُمَا وَاحِدٌ. وآيَسَني مِنْهُ فلانٌ مِثْلُ أَيْأَسَني، وَكَذَلِكَ التأْيِيسُ. ابْنُ سِيدَهْ: أَيِسْتُ مِنَ الشَّيْءِ مَقْلُوبٌ عَنْ يئِسْتُ، وَلَيْسَ بِلُغَةٍ فِيهِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لأَعَلُّوه فَقَالُوا إِسْتُ أَآسُ كهِبْتُ أَهابُ. فَظُهُورُهُ صَحِيحًا يَدُلُّ عَلَى أَنه إِنما صَحَّ لأَنه مَقْلُوبٌ عَمَّا تَصِحُّ عَيْنُهُ، وَهُوَ يَئِسْتُ لِتَكُونُ الصِّحَّةُ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى كَمَا كَانَتْ صِحَّةُ عَوِرَ دَلِيلًا عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْ صِحَّتِهِ، وَهُوَ اعْوَرَّ، وَكَانَ لَهُ مَصْدَرٌ؛ فأَما إِياسٌ اسْمُ رَجُلٍ فَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ إِنما هُوَ مِنَ الأَوْسِ الَّذِي هُوَ العِوَضُ، عَلَى نَحْوِ تَسْمِيَتِهِمْ لِلرَّجُلِ عَطِيَّةً، تَفَؤُّلًا بِالْعَطِيَّةِ، وَمِثْلُهُ تَسْمِيَتُهُمْ عِيَاضًا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. الْكِسَائِيُّ: سَمِعْتُ غَيْرَ قَبِيلَةٍ يَقُولُونَ أَيِسَ يايسُ بِغَيْرِ هَمْزٍ. والإِياسُ: السِّلُّ. وَآسَ أَيْساً: لَانَ وذَلَّ. وأَيَّسَه: لَيَّنَه. وأَيَّسَ الرجلَ وأَيْسَ بِهِ: قَصَّرَ بِهِ وَاحْتَقَرَهُ. وتَأَيَّسَ الشيءُ: تَصاغَرَ: قَالَ المُتَلَمِّسُ:
أَلم تَرَ أَنْ الجَوْنَ أَصْبَحَ راكِداً، ... تَطِيفُ بِهِ الأَيامُ مَا يَتَأَيَّسُ؟
أَي يتصاغَر. وَمَا أَيَّسَ مِنْهُ شَيْئًا أَي مَا اسْتَخْرَجَ. قَالَ: والتَّأْيِيسُ الِاسْتِقْلَالُ. يُقَالُ: مَا أَيَّسْنا فُلَانًا خَيْرًا أَي مَا اسْتَقْلَلْنَا مِنْهُ خَيْرًا أَي أَردته لأَستخرج مِنْهُ شَيْئًا فَمَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَيَّسَ يُؤَيِّسُ تَأْيِيساً، وَقِيلَ: التَّأْيِيسُ التأْثير فِي الشَّيْءِ؛ قَالَ الشمَّاخ:(6/19)
وجِلْدُها من أَطْومٍ ما يُؤَيِّسُه ... طِلْحٌ، بِضاحِيَةِ الصَّيْداءِ، مَهْزولُ
وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
وجِلْدُها مِنْ أَطُومٍ لَا يُؤَيِّسُه
التأْييس: التَّذْلِيلُ والتأْثير فِي الشَّيْءِ، أَي لَا يُؤَثِّرُ فِي جِلْدِهَا شَيْءٌ، وَجِيءَ بِهِ مِنْ أَيْسَ وليْسَ أَي مِنْ حَيْثُ هُوَ وَلَيْسَ هُوَ. قَالَ اللَّيْثُ: أَيْسَ كلمةٌ قَدْ أُميتت إِلا أَن الْخَلِيلَ ذَكَرَ أَن الْعَرَبَ تَقُولُ جيءَ بِهِ مِنْ حَيْثُ أَيْسَ وليسَ، لَمْ تُسْتَعْمَلْ أَيس إِلا فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وإِنَّما مَعْنَاهَا كَمَعْنَى حَيْثُ هُوَ فِي حَالِ الْكَيْنُونَةِ والوُجْدِ، وَقَالَ: إِن مَعْنًى لَا أَيْسَ أَي لَا وُجْدَ.
فصل الباء الموحدة
بأس: الليث: والبَأْساءُ اسْمُ الْحَرْبِ وَالْمَشَقَّةِ وَالضَّرْبِ. والبَأْسُ: الْعَذَابُ. والبأْسُ: الشِّدَّةُ فِي الْحَرْبِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ: كُنَّا إِذا اشتدَّ البأْسُ اتَّقَيْنا بِرَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ يُرِيدُ الْخَوْفَ وَلَا يَكُونُ إِلا مَعَ الشدَّة. ابْنُ الأَعرابي: البأْسُ والبَئِسُ، عَلَى مِثَالِ فَعِلٍ، الْعَذَابُ الشَّدِيدُ. ابْنُ سِيدَهْ: البأْس الْحَرْبُ ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى قِيلَ لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، وَلَا بَأْسَ أَي لَا خَوْفَ؛ قَالَ قَيْسُ بنُ الخطِيمِ:
يقولُ ليَ الحَدَّادُ، وَهُوَ يَقُودُني ... إِلى السِّجْنِ: لَا تَجْزَعْ فَمَا بكَ مِنْ باسِ
أَراد فَمَا بِكَ مِنْ بأْس، فَخَفَّفَ تَخْفِيفًا قِيَاسِيًّا لَا بَدَلِيًّا، أَلا تَرَى أَن فِيهَا:
وتَتْرُكُ عُذْري وَهُوَ أَضْحَى مِنَ الشَّمْسِ
فَلَوْلَا أَن قَوْلَهُ مِنْ بَاسِ فِي حُكْمِ قَوْلِهِ مِنْ بأْس، مَهْمُوزًا، لَمَّا جَازَ أَن يُجْمَعَ بَيْنَ بأْس، هَاهُنَا مُخَفَّفًا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ مِنَ الشَّمْسِ لأَنه كَانَ يَكُونُ أَحد الضَّرْبَيْنِ مُرْدَفًا وَالثَّانِي غَيْرُ مُرْدَفٍ. والبَئِسُ: كالبَأْسِ. وإِذا قَالَ الرَّجُلُ لِعَدُوِّهِ: لَا بأْس عَلَيْكَ فَقَدْ أَمَّنه لأَنه نَفَى البأْس عَنْهُ، وَهُوَ فِي لُغَةِ حِمير لَبَاتِ أَي لَا بأْس عَلَيْكَ، قَالَ شَاعِرُهُمْ:
شَرَيْنَا النَّوْمَ، إِذ غَضِبَتْ غَلاب، ... بتَسْهيدٍ وعَقْدٍ غَيْرِ مَيْنِ
تَنَادَوْا عِنْدَ غَدْرِهِمُ: لَبَاتِ ... وَقَدْ بَرَدَتْ مَعَاذِرُ ذِي رُعَيْنِ
ولَبَاتِ بِلُغَتِهِمْ: لَا بأْس؛ قَالَ الأَزهري: كَذَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ شَمِرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ كَسْرِ السِّكَةِ الْجَائِزَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلا مِنْ بأْس
، يَعْنِي الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ الْمَضْرُوبَةَ، أَي لَا تُكْسَرُ إِلا مِنْ أَمر يَقْتَضِي كَسْرَهَا، إِما لِرَدَاءَتِهَا أَو شكٍّ فِي صِحَّةِ نَقْدِهَا، وَكَرِهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنَ اسْمِ اللَّه تَعَالَى، وَقِيلَ: لأَن فِيهِ إِضاعة الْمَالِ، وَقِيلَ: إِنما نَهَى عَنْ كَسْرِهَا عَلَى أَن تُعَادَ تِبْرًا، فأَما لِلنَّفَقَةِ فَلَا، وَقِيلَ: كَانَتِ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي صَدْرِ الإِسلام عَدَدًا لَا وَزْنًا، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُصُّ أَطرافها فنُهوا عَنْهُ. ورجلٌ بَئِسٌ: شُجَاعٌ، بَئِسَ بَأْساً وبَؤُسَ بَأْسَةً. أَبو زَيْدٍ: بَؤُسَ الرَّجُلُ يَبْؤُسُ بَأْساً إِذا كَانَ شَدِيدَ البَأْسِ شُجَاعًا؛ حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْهَمْزِ، فَهُوَ بَئِيسٌ، عَلَى فَعِيل، أَي شُجَاعٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ
؛ قِيلَ: هُمْ بَنُو حَنِيفَةَ قَاتَلَهُمْ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فِي أَيام مُسَيْلمة، وَقِيلَ: هُمْ هَوازِنُ، وَقِيلَ: هُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ. والبُؤْسُ: الشِّدَّةُ وَالْفَقْرُ. وبَئِسَ الرَّجُلُ يَبْأَسُ بُؤْساً وبَأْساً وبَئِيساً إِذا افْتَقَرَ وَاشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ، فَهُوَ بائِسٌ أَي فَقِيرٌ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:(6/20)
وَبَيْضَاءَ مِنْ أَهلِ المَدينةِ لَمْ تَذُقْ ... بَئِيساً، وَلَمْ تَتْبَعْ حَمُولَةَ مُجْحِدِ
قَالَ: وَهُوَ اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلْفَرَزْدَقِ، وَصَوَابُ إِنشاده لِبَيْضَاءَ مِنْ أَهل الْمَدِينَةِ؛ وَقَبْلَهُ:
إِذا شِئتُ غَنَّاني مِنَ العاجِ قاصِفٌ، ... عَلَى مِعْصَمٍ رَيَّانَ لَمْ يَتَخَدَّدِ
وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
تُقْنِعُ يَدَيكَ وتَبْأَسُ
؛ هُوَ مِنَ البُؤْسِ الْخُضُوعِ وَالْفَقْرِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَمراً وَخَبَرًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمَّار: بُؤْسَ ابنِ سُمَيَّةَ كأَنه تَرَحَّمَ لَهُ مِنَ الشِّدَّةِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ يَكْرَهُ البُؤْسَ والتَّباؤُسَ
؛ يَعْنِي عِنْدَ النَّاسِ، وَيَجُوزُ التَبَؤُسُ بِالْقَصْرِ وَالتَّشْدِيدِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا بُؤساً لَهُ فِي حَدِّ الدُّعَاءِ، وَهُوَ مِمَّا انْتَصَبَ عَلَى إِضمار الْفِعْلِ غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ إِظهاره. والبَأْسَاءُ والمَبْأَسَة: كالبُؤس؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِم:
فأَصْبَحُوا بَعْدَ نُعْماهُمْ بِمَبْأَسَةٍ، ... والدَّهْرُ يَخْدَعُ أَحْياناً فَيَنْصَرِفُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: البأْساء الْجُوعُ وَالضَّرَّاءُ فِي الأَموال والأَنفس. وبَئِسَ يَبْأَسُ ويَبْئِسُ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ «2» ... كَرُمَ يَكْرُمُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فِي نَعِمَ يَنْعُمُ. وأَبْأَسَ الرجلُ: حَلَّتْ بِهِ البَأْساءُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
تَبُزُّ عَضارِيطُ الخَمِيسِ ثِيابَها ... فأَبْأَسْت «3» ... يومَ ذَلِكَ وابْنَما
والبائِسُ: المُبْتَلى؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْبَائِسُ مِنَ الأَلفاظ الْمُتَرَحَّمُ بِهَا كالمِسْكين، قَالَ: وَلَيْسَ كُلَّ صِفَةٍ يُتَرَحَّمُ بِهَا وإِن كَانَ فِيهَا مَعْنَى الْبَائِسِ وَالْمِسْكِينِ، وَقَدْ بَؤُسَ بَأْسَةً وبئِيساً، وَالِاسْمُ البُؤْسى؛ وَقَوْلُ تأَبط شَرًّا:
قَدْ ضِقْتُ مِنْ حُبِّها مَا لَا يُضَيِّقُني، ... حَتَّى عُدِدْتُ مِنَ البُوسِ المساكينِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَنَى بِهِ جَمْعَ الْبَائِسِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ ذَوِي البُؤْسِ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مَقَامَهُ. وَالْبَائِسُ: الرَّجُلُ النَّازِلُ بِهِ بَلِيَّةٌ أَو عُدْمٌ يُرْحَمُ لِمَا بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ بُوْساً وتُوساً وجُوْساً لَهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والبأْساء: الشِّدَّةُ؛ قَالَ الأَخفش: بُنِيَ عَلَى فَعْلاءَ وَلَيْسَ لَهُ أَفْعَلُ لأَنه اسْمٌ كَمَا قَدْ يَجِيءُ أَفْعَلُ فِي الأَسماء لَيْسَ مَعَهُ فَعْلاء نَحْوَ أَحمد. والبُؤْسَى: خِلَافُ النُّعْمَى؛ الزَّجَّاجُ: البأْساءُ والبُؤْسى مِنَ البُؤْس، قَالَ ذَلِكَ ابْنُ دُرَيْدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ البُؤْسى والبأْساءُ ضِدَّ النُّعْمى والنَّعْماء، وأَما فِي الشَّجَاعَةِ وَالشِّدَّةِ فَيُقَالُ البَأْسُ. وابْتَأَسَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُبْتَئِس. وَلَا تَبْتَئِسْ أَي لَا تَحْزَنْ وَلَا تَشْتَكِ. والمُبْتَئِسُ: الْكَارِهُ وَالْحَزِينُ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
مَا يَقْسِمُ اللَّهُ أَقْبَلْ غَيْرَ مُبتَئِسٍ ... مِنْهُ، وأَقْعُدْ كَرِيمًا ناعِمَ البالِ
أَي غَيْرَ حَزِينٍ وَلَا كَارِهٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَحسن فِيهِ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ مُبتَئِساً مُفْتَعِلٌ مِنَ البأْسِ الَّذِي هُوَ الشِّدَّةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ؛ أَي فَلَا يَشْتَدُّ عَلَيْكَ أَمْرُهم، فَهَذَا أَصله لأَنه لَا يُقَالُ ابْتَأَسَ بِمَعْنَى كَرِهَ، وإِنما الْكَرَاهَةُ تَفْسِيرٌ مَعْنَوِيٌّ لأَن الإِنسان إِذا اشْتَدَّ بِهِ أَمرٌ كَرِهَهُ، وَلَيْسَ اشْتَدَّ بِمَعْنَى كَرِهَ. وَمَعْنَى بَيْتِ حَسَّانَ أَنه يَقُولُ: مَا يَرْزُقُ اللَّه تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ أَقبله رَاضِيًا به
__________
(2) . كذا بياض بالأَصل.
(3) . كذا بياض بالأَصل ولعل موضعه بنتاً.(6/21)
وَشَاكِرًا لَهُ عَلَيْهِ غَيْرَ مُتَسَخِّطٍ مِنْهُ، وَيَجُوزُ فِي مِنْهُ أَن تَكُونَ مُتَعَلِّقَةً بأَقبل أَي أَقبله مِنْهُ غَيْرَ مُتَسَخِّطٍ وَلَا مُشتَدٍّ أَمره عَلَيَّ؛ وَبَعْدَهُ:
لَقَدْ عَلِمْتُ بأَني غَالِبِي خُلُقي ... عَلَى السَّماحَةِ، صُعْلوكاً وَذَا مالِ
والمالُ يَغْشَى أُناساً لَا طَباخَ بِهِمْ، ... كالسِّلِّ يَغْشى أُصُولَ الدِّنْدِنِ الْبَالِي
والطَّباخُ: الْقُوَّةُ والسِّمَنُ. والدِّنْدنُ: مَا بَليَ وعَفِنَ مِنْ أُصول الشَّجَرِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: المُبْتَئِسُ الْمِسْكِينُ الْحَزِينُ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ
؛ أَي لَا تَحْزَن وَلَا تَسْتَكِنْ. أَبو زَيْدٍ: وابْتَأَسَ الرَّجُلُ إِذا بَلَغَهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فِي رَبْرَبٍ كَنِعاج صارَةَ ... يَبْتَئِسْنَ بِمَا لَقِينا
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ:
إِنَّ لَكُمْ أَن تَنْعَموا فَلَا تَبْؤُسوا
؛ بَؤُس يَبْؤُس، بِالضَّمِّ فِيهِمَا، بأْساً إِذا اشْتَدَّ. والمُبْتَئِسُ: الْكَارِهُ والحزين. والبَؤُوس: الظَّاهِرُ البُؤْسِ. وبِئْسَ: نَقيضُ نِعْمَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
إِذا فَرَغَتْ مِنْ ظَهْرِه بَطَّنَتْ لَهُ ... أَنامِلُ لم يُبْأَسْ عليها دُؤُوبُها
فَسَّرَهُ فَقَالَ: يَصِفُ زِماماً، وَبِئْسَمَا دأَبت «1» أَي لَمْ يُقَلْ لَهَا بِئْسَما عَمِلْتِ لأَنها عَمِلَتْ فأَحسنت، قَالَ لَمْ يُسْمَعْ إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ. وَبِئْسَ: كَلِمَةُ ذَمٍّ، ونِعْمَ: كَلِمَةُ مَدْحٍ. تَقُولُ: بِئْسَ الرجلُ زَيدٌ وَبِئْسَتِ المرأَة هِنْدٌ، وَهُمَا فِعْلَانِ مَاضِيَانِ لَا يَتَصَرَّفَانِ لأَنهما أُزيلا عَنْ مَوْضِعِهِمَا، فنِعْمَ مَنْقُولٌ مِنْ قَوْلِكَ نَعِمَ فُلَانٌ إِذا أَصاب نِعْمَةً، وبِئْسَ مَنْقُولٌ مَنْ بَئِسَ فُلَانٌ إِذا أَصاب بؤْساً، فَنُقِلَا إِلى الْمَدْحِ وَالذَّمِّ فَشَابَهَا الْحُرُوفَ فَلَمْ يَتَصَرَّفَا، وَفِيهِمَا لُغَاتٌ تُذْكَرُ فِي تَرْجَمَةِ نَعِمَ، إِن شَاءَ اللَّه تَعَالَى. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: بِئْسَ أَخو العَشِيرةِ
؛ بِئْسَ مَهْمُوزٌ فِعْلٌ جَامِعٌ لأَنواع الذَّمِّ، وَهُوَ ضِدُّ نِعْمَ فِي الْمَدْحِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: بِئْسَ وَنِعْمَ هُمَا حَرْفَانِ لَا يَعْمَلَانِ فِي اسْمٍ عَلَمٍ، إِنما يَعْمَلَانِ فِي اسْمٍ مَنْكُورٍ دالٍّ عَلَى جِنْسٍ، وإِنما كَانَتَا كَذَلِكَ لِأَنَّ نِعْمَ مُسْتَوْفِيَةٌ لِجَمِيعِ الْمَدْحِ، وَبِئْسَ مُسْتَوْفِيَةٌ لِجَمِيعِ الذَّمِّ، فإِذا قُلْتَ بِئْسَ الرَّجُلُ دَلَلْتُ عَلَى أَنه قَدِ اسْتَوْفَى الذَّمَّ الَّذِي يَكُونُ فِي سَائِرِ جِنْسِهِ، وإِذا كَانَ مَعَهُمَا اسْمُ جِنْسٍ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ فَهُوَ نَصْبٌ أَبداً، فإِذا كَانَتْ فِيهِ الأَلف وَاللَّامُ فَهُوَ رَفْعٌ أَبداً، وَذَلِكَ قَوْلُكَ نِعْمَ رَجُلًا زَيْدٌ وَنِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ وَبِئْسَ رَجُلًا زَيْدٌ وَبِئْسَ الرَّجُلُ زَيْدٌ، وَالْقَصْدُ فِي بِئْسَ وَنِعْمَ أَن يَلِيَهُمَا اسْمٌ مَنْكُورٌ أَو اسْمُ جِنْسٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَصِلُ بِئْسَ بِمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ
. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ:
بِئْسَمَا لأَحدكم أَن يَقُولَ نَسِيتُ أَنه كَيْتَ وكَيْتَ، أَمَا إِنه ما نَسِيَ وَلَكِنَّهُ أُنْسِيَ.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بِئْسَمَا لَكَ أَن تَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا، إِذا أَدخلت مَا فِي بِئْسَ أَدخلت بَعْدَ مَا أَن مَعَ الْفِعْلِ: بِئْسَمَا لَكَ أَن تَهْجُرَ أَخاك وَبِئْسَمَا لَكَ أَن تَشْتُمَ النَّاسَ؛ وَرَوَى جَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ: بِئْسَمَا تزويجٌ وَلَا مَهْر، وَالْمَعْنَى فِيهِ: بِئْسَ تَزْوِيجٌ وَلَا مَهْرَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: بِئْسَ إِذا وَقَعَتْ عَلَى مَا جُعِلَتْ مَا مَعَهَا بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ مَنْكُورٍ لأَن بِئْسَ وَنِعْمَ لَا يَعْمَلَانِ فِي اسْمٍ عَلَمٍ إِنما يَعْمَلَانِ فِي اسْمٍ مَنْكُورٍ دالٍ
__________
(1) . قوله [وبئسما دأبت] كذا بالأَصل ولعله مرتبط بكلام سقط من الناسخ.(6/22)
عَلَى جِنْسٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ
؛ قرأَ أَبو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ وَحَمْزَةُ: بِعَذابٍ بَئِيسٍ، عَلَى فَعِيلٍ، وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ:
بِئِيس
، عَلَى فِعِيلٍ، وَكَذَلِكَ قرأَها شِبْل وأَهلُ مَكَّةَ وقرأَ ابْنُ عَامِرٍ:
بِئْسٍ
، عَلَى فِعْلٍ، بِهَمْزَةٍ وقرأَها نَافِعٌ وأَهل مَكَّةَ:
بِيْسٍ
، بِغَيْرِ هَمْزٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَذَابٌ بِئْسٌ وبِيسٌ وبَئِيسٌ أَي شَدِيدٌ، وأَما قراءَة مَنْ قرأَ
بِعَذَابٍ بَيْئِسٍ
فَبَنَى الْكَلِمَةَ مَعَ الْهَمْزَةِ عَلَى مِثَالِ فَيْعِلٍ، وإِن لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلا فِي الْمُعْتَلِّ نَحْوَ سَيِّدٍ ومَيِّتٍ، وَبَابُهُمَا يُوَجِّهَانِ الْعِلَّةَ «1» وإِن لَمْ تَكُنْ حَرْفَ عِلَّةٍ فإِنها مُعَرَّضَةٌ لِلْعِلَّةِ وَكَثِيرَةُ الِانْقِلَابِ عَنْ حَرْفِ الْعِلَّةِ، فأُجريت مَجْرَى التَّعْرِيَةِ فِي بَابِ الْحَذْفِ وَالْعِوَضِ. وَبِيسٌ كخِيس: يَجْعَلُهَا بَيْنَ بَيْنَ مِنْ بِئْسَ ثُمَّ يُحَوِّلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وبَيِّسٍ عَلَى مِثَالِ سَيِّدٍ وَهَذَا بَعْدَ بَدَلِ الْهَمْزَةِ فِي بَيْئِسٍ. والأَبْؤُسُ: جَمْعُ بَؤُسٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ يومُ بُؤْس ويومُ نُعْمٍ. والأَبْؤُسُ أَيضاً: الدَّاهِيَةُ. وَفِي الْمَثَلِ: عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً. وَقَدْ أَبْأَسَ إبْآساً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
قَالُوا: أَساءَ بَنُو كُرْزٍ، فقلتُ لَهُمْ: ... عَسَى الغُوَيْرُ بإِبْآسٍ وإِغْوارِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ أَن الأَبْؤُسَ جَمْعُ بَأْس، وَهُوَ بِمَعْنَى الأَبْؤُس «2» لأَن بَابَ فَعْلٍ أَن يُجْمَعَ فِي الْقِلَّةِ عَلَى أَفْعُلٍ نَحْوَ كَعْبٍ وأَكْعُبٍ وفَلْسٍ وأَفْلُسٍ ونَسْرٍ وأَنْسُرٍ، وَبَابَ فُعْلٍ أَن يُجْمَع فِي الْقِلَّةِ عَلَى أَفْعال نَحْوَ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وبُرْدٍ وأَبْرادٍ وجُنْدٍ وأَجنادٍ. يُقَالُ: بَئِسَ الشيءُ يَبْأَسُ بُؤْساً وبَأْساً إِذا اشْتَدَّ، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ والأَبْؤُسُ الدَّاهِيَةُ، قَالَ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ الدَّوَاهِيَ لأَن الأَبْؤُس جَمْعٌ لَا مُفْرَدٌ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي قَوْلِ الزَّبَّاءِ: عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً، هُوَ جَمْعُ بأْسٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهُوَ مَثَلٌ أَوَّل من تكلم به الزَّبَّاء. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: التَّقْدِيرُ فِيهِ: عَسَى الغُوَيْرُ أَن يُحْدِثَ أَبْؤُساً، قَالَ: وهو جَمْعُ بَأْسٍ وَلَمْ يَقُلْ جمعُ بُؤْسٍ، وَذَلِكَ أَن الزَّبَّاء لَمَّا خَافَتْ مِنْ قَصِيرٍ قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الغارَ الَّذِي تَحْتَ قَصْرِكِ، فَقَالَتْ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبؤُساً أَي إِن فَرَرْتُ مِنْ بأْس وَاحِدٍ فَعَسَى أَن أَقع فِي أَبْؤُسٍ، وَعَسَى هَاهُنَا إِشفاق؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: عَسَى طَمَعٌ وإِشفاق، يَعْنِي أَنها طَمَعٌ فِي مِثْلِ قَوْلِكَ: عَسَى زَيْدٌ أَن يُسَلِّمَ، وإِشفاق مِثْلَ هَذَا الْمَثَلِ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبؤُساً، وَفِي مِثْلِ قَوْلِ بَعْضِ أَصحاب النَّبِيِّ؛ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عَسَى أَن يَضُرَّني شَبَهُه يَا رَسُولَ اللَّه
، فَهَذَا إِشفاق لَا طَمَعٌ، وَلَمْ يُفَسَّرْ مَعْنَى هَذَا الْمَثَلِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي أَي مَعْنًى يُتَمَثَّلُ بِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هَذَا الْمَثَلُ يُضْرَبُ لِلْمُتَّهَمِ بالأَمر، وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، لِرَجُلٍ أَتاه بمَنْبُوذٍ: عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً
، وَذَلِكَ أَنه اتَّهَمَهُ أَن يَكُونَ صَاحِبَ المَنْبوذَ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ مَثَلٌ لِكُلِّ شَيْءٍ يُخَافُ أَن يَأْتي مِنْهُ شَرٌّ؛ قَالَ: وأَصل هَذَا الْمَثَلِ أَنه كَانَ غارٌ فِيهِ نَاسٌ فانْهارَ عَلَيْهِمْ أَو أَتاهم فِيهِ فَقَتَلَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ:
عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً
؛ هُوَ جَمْعُ بأْس، وَانْتَصَبَ عَلَى أَنه خَبَرُ عَسَى. والغُوَيْرُ: مَاءٌ لكَلْبٍ، وَمَعْنَى ذَلِكَ عَسَى أَن تَكُونَ جِئْتَ بأَمر عَلَيْكَ فيه تُهَمَةٌ وشِدَّةٌ.
ببس: البابُوسُ: وَلَدُ النَّاقَةِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الحُوارُ، قَالَ ابن أَحمر:
__________
(1) . قوله [يوجهان العلة إلخ] كذا بالأَصل.
(2) . قوله [وهو بمعنى الأَبؤس] كذا بالأَصل ولعل الأولى بمعنى البؤس.(6/23)
حَنَّتْ قَلُوصي إِلى بابوسِها طَرَباً، ... فَمَا حَنِينُكِ أَم مَا أَنتِ والذِّكَرُ؟ «1»
وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الإِنسان. التَّهْذِيبُ: البابُوسُ الصَّبِيُّ الرَّضِيعُ فِي مَهْدِه. وَفِي حَدِيثِ
جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ حِينَ اسْتَنْطَقَ الرضيعَ فِي مَهْدِه: مَسَحَ رأْس الصَّبِيِّ وَقَالَ لَهُ: يَا بابُوسُ، مَنْ أَبوك؟ فَقَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي
، قَالَ: فَلَا أَدري أَهو فِي الإِنسان أَصل أَم اسْتِعَارَةٌ. قَالَ الأَصمعي: لَمْ نَسْمَعْ بِهِ لِغَيْرِ الإِنسان إِلا فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر، وَالْكَلِمَةُ غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ وَقَدْ جَاءَتْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لِلرَّضِيعِ مِنْ أَي نَوْعٍ كَانَ، وَاخْتُلِفَ في عربيته.
بجس: البَجْسُ: انْشِقَاقٌ فِي قِرْبة أَو حَجَرٍ أَو أَرض يَنْبُعُ مِنْهُ الماءُ، فإِن لَمْ يَنْبُعْ فَلَيْسَ بانْبِجاسٍ؛ وأَنشد:
وَكِيفَ غَرْبَيْ دالِجٍ تَبَجَّسا
وبَجَسْتُه أَبْجِسُه وأَبْجُسُه بَجْساً فانْبَجَسَ وبَجَّسْتُه فَتَبَجَّسَ، وَمَاءٌ بَجِيسٌ: سَائِلٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ اللَّه تَعَالَى: فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً
. والسحابُ يَتَبَجَّسُ بِالْمَطَرِ، والانْبِجاسُ عامٌّ، والنُّبُوع لِلْعَيْنِ خَاصَّةً. وبَجَسْتُ الماءَ فانْبَجَسَ أَي فَجَرْتُه فَانْفَجَرَ. وبَجَس الماءُ بِنَفْسِهِ يَبْجُسُ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، وَسَحَابٌ بُجْسٌ. وانْبَجَسَ الماءُ وتَبَجَّسَ أَي تَفَجَّرَ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: مَا مِنَّا رَجُلٌ إِلا بِهِ آمَّةٌ يَبْجُسُها الظُّفُرُ إِلا الرَّجُلَيْن
يَعْنِي عَلِيًّا وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا. الْآمَّةُ: الشَّجَّةُ الَّتِي تَبْلُغُ أُمَّ الرأْس، ويَبجُسُها: يَفْجُرُها، وَهُوَ مَثَلٌ، أَرادَ أَنها نَغِلَة كَثِيرَةُ الصَّدِيدِ، فإِن أَراد أَحد أَن يُفَجِّرَهَا بِظُفُرِهِ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ لِامْتِلَائِهَا وَلَمْ يَحْتَجْ إِلى حَدِيدَةٍ يَشُقُّهَا بِهَا، أَراد لَيْسَ مِنَّا أَحد إِلا وَفِيهِ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وكأَنه قَزَعَةٌ يَتَبَجَّسُ
أَي يَتَفَجَّرُ. وجاءَنا بِثَرِيدٍ يَتَبَجَّسُ أُدْماً. وبَجَّسَ المُخُّ: دَخَلَ فِي السُّلامى وَالْعَيْنِ فَذَهَبَ، وَهُوَ آخِرُ مَا يَبْقَى، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ: بَخَّسَ. وبَجْسَةُ: اسم عين.
بحلس: الأَزهري: يُقَالُ جاءَ رَائِقًا عَثَريّاً، وَجَاءَ يَنْفُضُ أَصْدَرَيْه، وجاءَ يَتَبَحْلَسُ، وجاءَ مُنْكَراً إِذا جاءَ فَارِغًا لا شيء معه.
بخس: البَخْسُ: النَّقْصُ. بَخَسَه حَقَّه يَبْخَسُه بَخْساً إِذا نَقَصَهُ؛ وامرأَة باخِسٌ وباخِسَةٌ. وَفِي الْمَثَلِ فِي الرَّجُلِ تَحْسَبُه مُغَفَّلًا وَهُوَ ذُو نَكْراءَ: تَحسَبُها حمقاءَ وَهِيَ باخِسٌ أَو باخِسَةٌ؛ أَبو الْعَبَّاسِ: باخِسٌ بِمَعْنَى ظَالِمٍ، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ*
. لَا تَظْلِمُوهُمْ. والبَخْسُ مِنَ الظُّلْمِ أَنْ تَبْخَسَ أَخاك حَقَّه فتنقصه كا يَبْخَسُ الكيالُ مِكْيَالَهُ فَيَنْقُصُهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً
؛ أَي لَا يَنْقُصُ مِنْ ثَوَابِ عَمَلِهِ، وَلَا رَهَقًا أَي ظُلْمًا. وثَمَنٌ بَخْسٌ: دونَ مَا يُحَبُّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ
؛ أَي نَاقِصٍ دُونَ ثَمَنِهِ. والبَخْسُ: الخَسِيسُ الَّذِي بَخَس بِهِ البائعُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: بَخْس أَي ظُلْم لأَن الإِنسان الْمَوْجُودَ لَا يَحُلُّ بَيْعُهُ. قَالَ: وَقِيلَ بَخْسٌ نَاقِصٌ، وأَكثر التَّفْسِيرِ عَلَى أَن بَخْساً ظُلْمٌ، وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه بِيعَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَقِيلَ بِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ، أَخذ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ إِخوته دِرْهَمَيْنِ، وَقِيلَ بأَربعين دِرْهَمًا، وَيُقَالُ للبيع إِذا
__________
(1) . قوله [طرباً] الذي في النهاية: جزعاً. والذكر: جمع ذكرة بكسر فسكون، وهي الذكرى بمعنى التذكر.(6/24)
كَانَ قَصْداً: لَا بَخْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا بَخْس وَلَا شُطُوط. وبَخَسَ الميزانَ: نَقَصَه. وتَباخَسَ القومُ، تَغَابَنُوا. وَرُوِيَ عَنِ
الأَوزاعي فِي حَدِيثٍ: أَنه يأْتي عَلَى النَّاسِ زمانٌ يُستحلُّ فِيهِ الرِّبَا بِالْبَيْعِ، والخمرُ بِالنَّبِيذِ، والبَخْسُ بِالزَّكَاةِ
؛ أَراد بالبَخْس مَا يأْخذه الْوُلَاةُ بِاسْمِ العُشْر، يتأَوّلون فِيهِ أَنه الزَّكَاةُ وَالصَّدَقَاتُ. والبَخْسُ: فَقْءُ الْعَيْنِ بالإِصبع وَغَيْرِهَا، وبَخَسَ عَيْنَهُ يَبْخَسُها بَخْسًا: فقأَها، لُغَةٌ فِي بَخَصَها، وَالصَّادُ أَعلى. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ بَخَصْتُ عينَه، بِالصَّادِّ، وَلَا تَقُلْ بَخَسْتُها إِنما البَخْسُ نقصانُ الْحَقِّ. والبَخْسُ: أَرض تُنْبِتُ بِغَيْرِ سَقْي، وَالْجَمْعُ بُخُوسٌ. والبَخْسُ مِنَ الزَّرْعِ: مَا لَمْ يُسْقَ بماءٍ عِدٍّ إِنما سَقَاهُ مَاءُ السَّمَاءِ؛ قَالَ أَبو مَالِكٍ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ يُقَالُ لَهُ العُذافَة وَقَدْ رأَيته:
قالتْ لُبَيْنَى: اشْتَرْ لَنَا سَويقَا، ... وهاتِ بُرَّ البَخْسِ أَو دَقِيقا،
واعْجَلْ بِشَحْمٍ نَتَّخِذْ حُرْذِيقا ... واشْتَرْ فَعَجِّلْ خادِماً لَبِيقا،
واصْبُغْ ثِيَابِيَ صِبَغاً تَحْقِيقا، ... مِنْ جَيِّدِ العُصْفُرِ لَا تَشْرِيقا
بِزَعْفَرَانٍ، صِبَغاً رَقيقا
قَالَ: البَخْسُ الَّذِي يُزْرَعُ بِمَاءِ السَّمَاءِ، تَشْرِيقًا أَي صُفِّرَ شَيْئًا يَسِيرًا. والأَباخِسُ: الأَصابعُ. قَالَ الكُمَيْتُ:
جَمَعْتَ نِزَاراً، وَهِيَ شَتَّى شُعُوبُها، ... كَمَا جَمَعَتْ كَفٌّ إِلَيْهَا الأَباخِسا
وإِنه لِشَدِيدُ الأَباخِسِ، وَهِيَ لَحْمُ العَصَب، وَقِيلَ: الأَباخِسُ مَا بَيْنَ الأَصابع وأُصولها. والبَخِيسُ مِنْ ذِي الخُفِّ: اللَّحْمُ الدَّاخِلُ فِي خُفِّه. والبَخِيسُ: نِياطُ الْقَلْبِ. وَيُقَالُ: بَخَّسَ المُخُّ تَبْخِيساً أَي نَقَصَ وَلَمْ يَبْقَ إِلا فِي السُّلامَى وَالْعَيْنِ، وَهُوَ آخِرُ مَا يَبْقَى. وَقَالَ الأُموي: إِذا دَخَلَ فِي السُّلامَى وَالْعَيْنِ فَذَهَبَ وَهُوَ آخر ما يبقى.
بدس: بَدَسَه بِكَلِمَةٍ بَدْساً: رَمَاهُ بِهَا؛ عَنْ كُرَاعٍ.
برس: البِرْسُ والبُرْسُ: القُطْنُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرْمِي اللُّغامَ عَلَى هَامَاتِهَا قَزَعاً، ... كالبُرْسِ [كالبِرْسِ] طَيَّرَه ضَرْبُ الكَرابِيلِ
الْكَرَابِيلُ: جَمْعُ كِرْبالٍ، وَهُوَ مِنْدَفُ الْقُطْنِ. والقَزَعُ: المتفرِّق قِطَعاً، وَقِيلَ: البُرْسُ شَبِيهٌ بِالْقُطْنِ، وَقِيلَ: الْبُرْسُ قُطْنُ البَرْدِيِّ؛ وأَنشد:
كنَدِيفِ البِرْسِ فوقَ الجُماحْ
والنِّبْرَاسُ: الْمِصْبَاحُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ، رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى: وإِنما قَضَينا بِزِيَادَةِ النُّونِ لأَن بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إِلى أَن اشْتِقَاقَهُ مِنَ البُرْسِ الَّذِي هُوَ الْقُطْنُ، إِذِ الْفَتِيلَةُ فِي الأَغلب إِنما تَكُونُ مِنْ قُطْنٍ، وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ قَالَ: وَيُقَالُ للسِّنانِ نِبْرَاسٌ، وَجَمْعُهُ النَّبَارِسُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
إِذ رَدَّها الخَيْلُ تَعْدُو وَهِيَ خافِضَةٌ، ... حَدَّ النَّبَارِسِ مَطْرُوراً نَواحِيها
أَي خَافِضَةَ الرِّمَاحِ. والبِرْسُ [البَرْسُ] : حَذَاقَة الدَّلِيلِ. وبَرَسَ إِذا اشْتَدَّ عَلَى غَرِيمِهِ. وبُرْسَانُ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ. والبَرْنَساءُ: الناسُ، وَفِيهِ لُغَاتٌ: بَرْنَسَاءُ مَمْدُودٌ غَيْرُ مَصْرُوفٍ مِثْلَ عَقْرباءَ، وبَرْناساءُ وبَراساءُ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: هُوَ أَحل مِنْ ماءِ بُرْسٍ
؛ بُرْس: أَجَمَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْعِرَاقِ، وَهِيَ الْآنَ قَرْيَةٌ، واللَّه أَعلم.
بربس: أَبو عَمْرٍو: البِرْباسُ البئر العَمِيقَةُ.(6/25)
برجس: البِرْجِسُ والبِرْجِيسُ: نَجْمٌ قيل هو المُشتري. وهو قيل: المِرِّيخُ، والأَعرف البِرْجِيسُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُئِلَ عَنِ الْكَوَاكِبِ الخُنَّسِ، فَقَالَ: هِيَ البِرْجِيسُ وزُحَلُ وبَهْرَامُ وعُطارِدُ والزُّهَرَةُ
؛ البِرْجيسُ: المُشْتَرِي، وبَهْرام: المِرِّيخ. والبُرْجاسُ: غَرَض فِي الْهَوَاءِ يُرْمَى بِهِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَظنه مولَّداً. شَمِرٌ: البُرْجاسُ شِبْهُ الأَمارَةِ تُنْصَبُ مِنَ الْحِجَارَةِ. غَيْرُهُ: المِرْجاسُ حَجَرٌ يُرْمَى بِهِ فِي الْبِئْرِ لِيَطِيبَ ماؤُها وَتُفْتَحَ عُيُونُهَا؛ وأَنشد:
إِذا رَأَوْا كَريهَةً يَرْمُونَ بِي، ... رَمْيَكَ بالمِرْجاسِ فِي قَعْرِ الطَّوِي
قَالَ: وَوَجَدَتْ هَذَا فِي أَشعار الأَزْد بالبُرْجاس فِي قَعْرِ الطَّوي، وَالشِّعْرُ لِسَعْدِ بْنِ الْمُنْتَحِرِ «2» الْبَارِقِيِّ، رَوَاهُ المُؤَرِّجُ، وَنَاقَةٌ بِرْجِيسٌ أَي غزيرة.
بردس: رَجُلٌ بِرْدِيسٌ: خَبِيثٌ منكر، وهي البَرْدَسة.
برطس: المُبَرْطِسُ: الَّذِي يَكْتَرِي لِلنَّاسِ الإِبل وَالْحَمِيرَ ويَأْخذ جُعْلًا، والاسم البَرْطَسَةُ.
برعس: نَاقَةٌ بِرْعِسٌ وبِرْعِيسٌ: غَزِيرَةٌ؛ وأَنشد:
إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدائمُ، ... فاعْمِدْ بَراعِيسَ أَبوها الرَّاهِمُ
وَرَاهِمٌ: اسْمُ فَحْلٍ، وَقِيلَ: نَاقَةٌ بِرْعِسٌ وبِرْعِيسٌ جَمِيلَةٌ تَامَّةٌ.
برنس: البُرْنُس: كُلُّ ثَوْبٍ رأْسه مِنْهُ مُلْتَزِقٌ بِهِ، دُرَّاعَةً كَانَ أَو مِمْطَراً أَو جُبَّة. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عنه: سَقَطَ البُرْنُسُ عَنْ رأْسي
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: البُرْنُسُ قَلَنْسُوَة طَوِيلَةٌ، وَكَانَ النُّسَّاكُ يَلْبَسُونَهَا فِي صَدْرِ الإِسلام، وَقَدْ تَبَرْنَسَ الرَّجُلُ إِذا لَبِسَهُ، قَالَ: وَهُوَ مِنَ البِرْس، بِكَسْرِ الْبَاءِ، الْقُطْنُ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ: إِنه غَيْرُ عَرَبِيٍّ. والتَّبَرْنُسُ: مَشْيُ الْكَلْبِ، وَإِذَا مَشَى الإِنسان كَذَلِكَ قِيلَ: هُوَ يَتَبَرْنَسُ. وتَبَرْنَس الرَّجُلُ: مَشَى ذَلِكَ الْمَشْيَ. وَهُوَ يَمْشِي البَرْنَسَاءَ أَي فِي غَيْرِ صَنْعَةٍ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا مرَّ مَرًّا سَرِيعًا: هُوَ يَتَبَرْنَسُ؛ وأَنشد:
فَصَبَّحَتْه سِلَقٌ تَبَرْنَسُ
والبَرْنَسا والبَرْنَساءُ: ابْنُ آدَمَ. يُقَالُ: مَا أَدري أَيُّ البَرْنَساء هُوَ. وَيُقَالُ: مَا أَدري أَيُّ بَرَنْساءَ هُوَ وأَيُّ بَرْناساء هُوَ وأَي البَرَنْساءِ هُوَ؛ مَعْنَاهُ مَا أَدري أَيُّ النَّاسِ هُوَ. والبَرْنَساء: النَّاسُ، وَفِيهِ لُغَاتٌ: بَرْنَساء مِثْلُ عَقْرَباء، مَمْدُودٌ غَيْرُ مَصْرُوفٍ، وبَرْناساء وبَراساء. وَالْوَلَدُ بالنَّبَطِيَّة: بَرَقْ نَسا.
بسس: بَسَّ السَّويقَ والدقيقَ وَغَيْرَهُمَا يَبُسُّه بَسّاً: خَلَطَهُ بِسَمْنٍ أَو زَيْتٍ، وَهِيَ البَسِيسَةُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي تُلتُّ بِسَمْنٍ أَو زَيْتٍ وَلَا تُبَلُّ. والبَسُّ: اتِّخَاذُ البَسيسَة، وَهُوَ أَن يُلتَّ السَّويقُ أَو الدَّقِيقُ أَو الأَقِطُ الْمَطْحُونُ بِالسَّمْنِ أَو بِالزَّيْتِ ثُمَّ يُؤْكَلُ وَلَا يُطْبَخُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ أَشد مِنَ اللَّتِّ بَلَلًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا تَخْبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسَّا، ... وَلَا تُطِيلا بمُناخٍ حَبْسَا
وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدَةَ أَنه لِصٌّ مِنْ غَطَفان أَراد أَن يَخْبِزَ فَخَافَ أَن يَعْجَلَ عَنْ ذَلِكَ فأَكله عجيناً، ولم يجعل
__________
(2) . قوله [لسعد بن المنتحر] كذا بالأَصل بالحاء المهملة وفي شرح القاموس بالخاء المعجمة.(6/26)
البَسَّ مِنَ السَّوقِ اللَّين. ابْنُ سِيدَهْ: والبَسِيسَةُ الشَّعِيرُ يُخْلَطُ بِالنَّوَى للإِبل. وَالْبَسِيسَةُ: خُبْزٌ يُجَفَّفُ وَيُدَقُّ وَيُشْرَبُ كَمَا يُشْرَبُ السَّوِيقُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسبه الَّذِي يُسَمَّى الفَتُوتَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: صَارَتْ كَالدَّقِيقِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ «1» : وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً. وَبُسَّتْ: فُتَّتْ فَصَارَتْ أَرضاً، وَقِيلَ نُسِفَتْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً؛ وَقِيلَ: سِيقَتْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: بُسَّتْ لُتَّتْ وَخُلِطَتْ. وبَسَّ الشيءَ إِذا فَتَّتَه. وَفِي حَدِيثِ الْمُتْعَةِ:
وَمَعِي بُرْدَةٌ قَدْ بُسَّ مِنْهَا
أَي نيلَ مِنْهَا وبَلِيَتْ. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: مِنْ أَسماء مَكَّةَ البَاسَّةُ
، سُمِّيَتْ بِهَا لأَنها تَحْطِمُ مَنْ أَخطأَ فِيهَا. والبَسُّ: الحَطْمُ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ مِنَ النَّسِّ الطَّرْدِ. الأَصمعي: البَسيسَة كُلُّ شَيْءٍ خَلَطْتَهُ بِغَيْرِهِ مِثْلَ السَّوِيقِ بالأَقط ثُمَّ تَبُلُّه بالرُّبِّ أَو مِثْلَ الشَّعِيرِ بِالنَّوَى للإِبل. يُقَالُ: بَسَسْتُهُ أَبُسُّه بَسّاً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَى وبُسَّت الْجِبَالُ بَسًّا، خُلِطَتْ بِالتُّرَابِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ: فُتَّتْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُوِّيتْ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: صَارَتْ تُرَابًا تَرِباً. وَجَاءَ بالأَمر من حَسِّه وبَسِّه ومن حِسِّه وبِسِّه أَي مِنْ حَيْثُ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ. وَيُقَالُ: جئْ بِهِ مِنْ حِسِّك وبِسِّك أَي ائتِ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ جَاءَ بِهِ مِنْ حَسِّه وبَسِّه أَي مِنْ جُهْدِهِ. ولأَطلُبَنَّه مِنْ حَسِّي وبَسِّي أَي مِنْ جُهْدي؛ وَيُنْشِدُ:
ترَكَتْ بَيْتي، مِنَ الأَشْياءِ، ... قَفْراً، مثلَ أَمْسِ
كلُّ شيءٍ كنتُ قد جَمَّعْتُ ... مِنْ حَسِّي وبَسِّي
وبَسَّ فِي مَالِهِ بَسَّةً ووَزَمَ وَزْمَةً: أَذهب مِنْهُ شَيْئًا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وبِسْ بِسْ: ضَرْبٌ مِنْ زَجْرِ الإِبل، وَقَدْ أَبَّسَ بِهَا. وبَس بَسْ وبِسْ بِسْ: مِنْ زَجْرِ الدَّابَّةِ، بَسَّ بِهَا يَبُسُّ وأَبَسَّ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَبَسَّ بِالنَّاقَةِ دَعَاهَا لِلْحَلْبِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ دَعَا وَلَدَهَا لِتَدِرَّ عَلَى حَالِبِهَا. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: بَسَّ بِالنَّاقَةِ وأَبَسَّ بِهَا دَعَاهَا لِلْحَلْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلى الشَّامِ وَالْيَمَنِ وَالْعِرَاقِ يُبِسُّون، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ يُبِسُّون هُوَ أَن يُقَالَ فِي زَجْرِ الدَّابَّةِ إِذا سُقْتَ حِمَارًا أَو غَيْرَهُ: بَسْ بَسْ وبِسْ بِسْ، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، وأَكثر مَا يُقَالُ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ صَوْتُ الزَّجْرِ للسَّوْق، وَهُوَ مِنْ كَلَامُ أَهل الْيَمَنِ، وَفِيهِ لُغَتَانِ: بَسَسْتُها وأَبْسَسْتُها إِذا سُقْتَها وزجَرْتها وَقُلْتَ لَهَا: بِسْ بِسْ، فَيُقَالُ عَلَى هَذَا يَبُسُّون ويُبِسِّون. وأَبَسَّ بِالْغَنَمِ إِذا أَشْلاها إِلى الْمَاءِ. وأَبْسَسْتُ بِالْغَنَمِ إِبْسَاساً. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَبْسَسْتُ بالمَعَز إِذا أَشلَيْتَها إِلى الْمَاءِ. وأَبَسَّ بالإِبل عِنْدَ الْحَلْبِ إِذا دَعَا الْفَصِيلَ إِلى أُمه، وأَبَسَّ بأُمه لَهُ. التَّهْذِيبُ: وأَبْسَسْتُ بالإِبل عِنْدَ الْحَلْبِ، وَهُوَ صُويْتُ الرَّاعِي تَسْكُنُ بِهِ النَّاقَةُ عِنْدَ الْحَلْبِ. وَنَاقَةٌ بَسُوسٌ: تَدِرُّ عِنْدَ الإِبْساس، وبَسْبَسَ بِالنَّاقَةِ كَذَلِكَ؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
لعَاشِرَةٍ وَهُوَ قَدْ خافَها، ... فَظَلَّ يُبَسْبِسُ أَو يَنْقُر
__________
(1) . قوله [وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ إلخ] كذا بالأَصل وعبارة متن القاموس وشرحه: وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا أي فتت، نقله اللحياني فصارت أرضاً قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَقَالَ أَبُو عبيدة فصارت تراباً وَقِيلَ نُسِفَتْ كَمَا قَالَ تَعَالَى يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً وَقِيلَ سِيقَتْ كَمَا قَالَ تعالى وَسُيِّرَتِ إلخ.(6/27)
لعاشرة: بعد ما سَارَتْ عَشْرَ لَيَالٍ. يُبَسْبِسُ أَي يَبُسُّ بِهَا يُسَكِّنُهَا لتَدِرَّ. والإِبْساسُ بِالشَّفَتَيْنِ دُونَ اللِّسَانِ، وَالنَّقْرُ بِاللِّسَانِ دُونَ الشَّفَتَيْنِ، وَالْجَمَلُ لَا يُبَسُّ إِذا اسْتَصْعَبَ وَلَكِنْ يُشْلَى بِاسْمِهِ وَاسْمِ أُمه فَيَسْكُنُ، وَقِيلَ، الإِبْساسُ أَن يَمْسَحَ ضَرْعَ النَّاقَةِ يُسَكِّنُها لتَدِرَّ، وَكَذَلِكَ تَبُسُّ الرِّيحُ بِالسَّحَابَةِ. والبُسُسُ: الرُّعاة. والبُسُسُ: النُّوق الإِنْسِيَّة. والبُسُسُ: الأَسْوِقَةُ الْمَلْتُوتَةُ. والإِبْساسُ عِنْدَ الْحَلْبِ: أَن يُقَالَ لِلنَّاقَةِ بِسْ بِسْ. أَبو عُبَيْدٍ: بَسَسْتُ الإِبل وأَبْسَسْت لُغَتَانِ إِذا زَجَرْتَهَا وَقُلْتَ بِسْ بِسْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي أَمثالهم: لَا أَفعله مَا أَبَسَّ عبدٌ بِنَاقَتِهِ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَهُوَ طَوَافُهُ حَوْلَهَا لِيَحْلِبَهَا. أَبو سَعِيدٍ: يُبِسُّون أَي يُسَيِّحُونَ فِي الأَرض، وانْبَسَّ الرجلُ إِذا ذَهَبَ. وبُسَّهُمْ عَنْكَ أَي اطْرُدْهُمْ. وبَسَسْتُ المالَ فِي الْبِلَادِ فانْبَسَّ إِذا أَرسلته فَتَفَرَّقَ فِيهَا، مِثْلَ بَثَثْتُه فانْبَثَّ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: أَبْسَسْتُ بِالنَّعْجَةِ إِذا دَعَوْتُهَا لِلْحَلْبِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: لَمْ أَسمع الإِبْساسَ إِلا فِي الإِبل؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: بَسَسْتُ الْغَنَمَ قُلْتُ لَهَا بَسْ بَسْ. والبَسُوسُ: النَّاقَةُ الَّتِي لَا تَدِرُّ إِلا بالإِبْساسِ، وهو أشن يُقَالَ لَهَا بُسُّ بُسُّ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ الصُّوَيْتُ الَّذِي تُسَكَّنُ بِهِ الناقةُ عِنْدَ الْحَلْبِ، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الإِبل. والبَسُوسُ: اسْمُ امرأَة، وَهِيَ خَالَةُ جَسَّاس بْنِ مُرَّة الشَّيْباني: كَانَتْ لَهَا نَاقَةٌ يُقَالُ لَهَا سَرَابِ، فَرَآهَا كُلَيْبُ وائلٍ فِي حِماه وَقَدْ كَسَرَتْ بَيْض طَيْرٍ كَانَ قَدْ أَجاره، فَرَمى ضَرْعها بِسَهْمٍ، فَوَثَبَ جَسَّاس عَلَى كُلَيْبٍ فَقَتَلَهُ، فَهَاجَتْ حَربُ بكرٍ وتَغْلِبَ ابْنَيْ وَائِلٍ بِسَبَبِهَا أَربعين سَنَةً حَتَّى ضَرَبَتْ بِهَا الْعَرَبُ الْمَثَلَ فِي الشُّؤْمِ، وَبِهَا سُمِّيَتْ حَرْبُ البَسُوس، وَقِيلَ: إِن النَّاقَةَ عَقَرَهَا جَسَّاسُ بْنُ مُرَّةَ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ السَّائِرَةِ [غَيْرُهُ: وَفِي الْحَدِيثِ] :
هُوَ اشْأَمُ مِنَ البَسُوسِ
، وَهِيَ نَاقَةٌ كَانَتْ تَدِرُّ [تَدُرُّ] عَلَى المُبِسِّ بِهَا، وَلِذَلِكَ سَمِّيتْ بَسُوساً، أَصابها رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ بِسَهْمٍ فِي ضَرْعِهَا فَقَتَلَهَا. وَفِي البَسُوسِ قَوْلٌ آخَرُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ الأَزهري: وَهَذِهِ أَشْبه بِالْحَقِّ،
وَرَوَى بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها؛ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ أُعْطِيَ ثَلَاثَ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُ فِيهَا، وَكَانَ لَهُ امرأَة يُقَالُ لَهَا البَسُوسُ، وَكَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ، وَكَانَتْ لَهُ مُحبَّة، فَقَالَتْ: اجْعَلْ لِي مِنْهَا دَعْوَةً وَاحِدَةً، قَالَ: فَلَكَ وَاحِدَةٌ فَمَاذَا تأْمرين؟ قَالَتْ: ادعُ اللَّه أَن يَجْعَلَنِي أَجمل امرأَة فِي بَنِي إِسرائيل، فَلَمَّا عَلِمَتْ أَن لَيْسَ فِيهِمْ مِثْلُهَا رَغِبَتْ عَنْهُ وأَرادت شَيْئًا آخَرَ، فَدَعَا اللَّه عَلَيْهَا أَن يَجْعَلَهَا كَلْبَةً نَبَّاحَةً فَذَهَبَتْ فِيهَا دَعْوَتَانِ، وَجَاءَ بَنُوهَا فَقَالُوا: لَيْسَ لَنَا عَلَى هَذَا قَرَارٌ، قَدْ صَارَتْ أُمنا كَلْبَةً تُعَيِّرُنا بِهَا الناسُ، فَادْعُ اللَّه أَن يُعِيدَهَا إِلى الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا، فَدَعَا اللَّه فَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ فَذَهَبَتِ الدَّعَوَاتُ الثَّلَاثُ فِي البَسُوس
، وَبِهَا يُضْرَبُ الْمَثَلُ فِي الشُّؤْمِ. وبُسْ: زَجْرٌ لِلْحَافِرِ، وبَسْ: بِمَعْنَى حَسْبُ، فَارِسِيَّةٌ. وَقَدْ بَسْبَسَ بِهِ وأَبَسَّ بِهِ وأَسَّ بِهِ إِلى الطَّعَامِ: دَعَاهُ. وبَسَّ الإِبل بَسّاً: سَاقَهَا؛ قَالَ:
لَا تَخْبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسَّا
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: مَعْنَاهُ لَا تُبْطِئا فِي الخَبْزِ وبُسَّا الدَّقِيقَ بالماءِ فَكُلَاهُ. وَفِي تَرْجَمَةِ خَبْزٍ: الخَبْزُ السَّوْقُ الشَّدِيدُ بِالضَّرْبِ. والبَسُّ: السَّيْرُ الرَّقِيقُ. بَسَسْتُ أَبُسُّ بَسّاً وبَسَسْتُ الإِبل أَبُسُّها، بِالضَّمِّ، بَسّاً إِذا سُقْتَها سَوْقًا لَطِيفًا. والبَسُّ: السَّوْقُ(6/28)
اللَّيِّنُ، وَقِيلَ: البَسُّ أَن تَبُلَّ الدَّقيق ثُمَّ تأْكله، والخَبْزُ أَن تَخبِزَ المَلِيلَ. والبَسيسَة عِنْدَهُمْ: الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ يُلَتُّ وَيُتَّخَذُ زَادًا. ابْنُ السِّكِّيتِ: بَسَسْتُ السويقَ وَالدَّقِيقَ أَبُسُّه بَسّاً إِذا بَلَلْتَهُ بشيءٍ مِنَ الْمَاءِ، وَهُوَ أَشد مِنَ اللَّتِّ. وبَسَّ الرجلَ يَبُسُّه: طَرَدَهُ وَنَحَّاهُ. وانْبَسَّ: تَنَحَّى. وبَسَّ عَقاربه: أَرسل نَمَائِمَهُ وأَذاه. وانْبَسَّتِ الحيةُ: انْسابَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرض؛ قَالَ:
وانْبَسَّ حَيَّاتُ الكَثِيبِ الأَهْيَلِ
وانْبَسَّ فِي الأَرض: ذَهَبَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَحْدَهُ حَكَاهُ فِي بَابِ انْبَسَّت الْحَيَّاتُ انْبِساساً، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ ارْبَسَّ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: قَالَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ زُرْعَةَ: أَمِن أَهلِ الرَّسِّ والبَسِّ أَنت؟
البَسُّ: الدَّسُّ. يُقَالُ: بَسَّ فُلَانٌ لِفُلَانٍ مَنْ يَتَخَبَّرُ لَهُ خَبَرَهُ ويأَتيه بِهِ أَي دَسَّه إِليه. والبَسْبَسَة: السِّعايَةُ بَيْنَ النَّاسِ. والبَسْبَسُ: شجرٌ. والبَسْبَسُ: لُغَةٌ فِي السَّبْسَبِ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنه مِنَ الْمَقْلُوبِ. والبَسابِسُ: الْكَذِبُ. والبَسْبَس: القَفْرُ. والتُّرَّهات البَسابِسُ هِيَ الباطلُ، وَرُبَّمَا قَالُوا تُرَّهاتُ البَسابِسِ، بالإِضافة. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: فَبَيْنَا أَنا أَجول بَسْبَسَها
؛ البَسْبَسُ: البَرُّ المُقْفِرُ الْوَاسِعُ، وَيُرْوَى سَبْسَبَها، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. وبَسْبَس بَوْلَه: كَسَبْسَبَه. والبَسْباسُ: بَقْلَة: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: البَسْباسُ مِنَ النَّبَاتِ الطَّيِّبِ الرِّيحِ، وَزَعَمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنه النَّانْخَاهُ، وأَما أَبو زِيَادٍ فَقَالَ: البَسْباسُ طَيِّبُ الرِّيحِ يُشْبِه طَعْمُه طَعْمَ الْجَزَرِ، وَاحِدَتُهُ بَسْباسَةٌ. اللَّيْثُ: البَسباسَة بَقْلَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: هِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ؛ قَالَ: والبَسْبَسُ شَجَرٌ تُتَّخَذُ مِنْهُ الرِّحَالُ. قَالَ الأَزهري: الَّذِي قالَه اللَّيْثُ فِي الْبَسْبَسِ أَنه شَجَرٌ لَا أَعرفه، قَالَ: وأُراه أَراد السَّبْسَبَ. وبَسْباسَةُ: اسْمُ امرأَة، والبَسُوس كَذَلِكَ. وبُسٌّ: مَوْضِعٌ عِنْدَ حُنَيْنٍ؛ قَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْداس السُّلَمِيُّ:
رَكَضْتُ الخَيْلَ فِيهَا بَيْنَ بُسٍّ ... إِلى الأَوْراد، تَنْحِطُ بالنِّهابِ
قَالَ: وأُرى عاهانَ بْنَ كَعْبٍ إِيَّاهُ عَنَى بِقَوْلِهِ:
بَنِيكَ وهَجْمَةٌ كأَشاءِ بُسٍّ، ... غِلاظُ منابِتِ القَصَراتِ كُومُ
يَقُولُ: عَلَيْكَ بَنِيكَ أَو انْظُرْ بَنِيكَ، وَرَفَعَ هَجْمَةً عَلَى تَقْدِيرِ وَهَذِهِ هَجْمَةٌ كالأَشاء فَفِيهَا مَا يَشْغَلُك عن النعيم.
بطس: التَّهْذِيبُ: بِطياسُ اسْمُ مَوْضِعٍ عَلَى بِنَاءِ الجِرْيال، قال: وكأَنه أَعجمي.
بغس: البَغْسُ: السَّوادُ؛ يَمانِيَةٌ.
بكس: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي بَكَسَ خَصْمَه إِذا قَهَرَهُ. قَالَ: والبُكْسَةُ خِرْقَةٌ يُدَوِّرُهَا الصِّبْيَانُ ثُمَّ يأْخذون حَجَرًا فَيُدَوِّرُونَهُ كأَنه كُرَةٌ، ثُمَّ يَتَقَامَرُونَ بِهِمَا، وَتُسَمَّى هَذِهِ اللُّعْبَةُ الكُجَّةَ، وَيُقَالُ لِهَذِهِ الْخِرْقَةِ أَيضاً: التُّونُ والآجُرَّةُ.
بلس: أَبْلَسَ الرجلُ: قُطِعَ بِهِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وأَبْلَس: سَكَتَ. وأَبْلَسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّه أَي يَئِسَ ونَدِمَ، وَمِنْهُ سُمِّيَ إِبْلِيسُ وَكَانَ اسْمُهُ عزازيلَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَوْمَئِذٍ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ
. وإِبليس، لَعَنَهُ اللَّه: مُشْتَقٌّ مِنْهُ لأَنه أُبْلِسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّه أَي أُويِسَ. وَقَالَ أَبو إِسحاق: لَمْ يُصْرَفْ لأَنه أَعجمي مَعْرِفَةٌ. والبَلاسُ: المِسْحُ، وَالْجَمْعُ بُلُسٌ. قَالَ أَبو عبيدَة: وَمِمَّا دَخَلَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ كَلَامِ فَارِسَ المِسْحُ(6/29)
تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ البَلاسَ، بِالْبَاءِ الْمُشَبَّعِ، وأَهل الْمَدِينَةِ يُسَمَّوْنَ المِسْحَ بَلاساً، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَمِنْ دُعَائِهِمْ: أَرانِيك اللَّهُ عَلَى البَلَسِ، وَهِيَ غَرائِرُ كِبارٌ مِنْ مُسُوح يُجْعَلُ فِيهَا التَّين ويُشَهَّرُ عَلَيْهَا مَنْ يُنَكِّلُ بِهِ وَيُنَادَى عَلَيْهِ، وَيُقَالُ لِبَائِعِهِ: البَلَّاسُ. والمُبْلِسُ: اليائسُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلَّذِي يَسْكُتُ عِنْدَ انْقِطَاعِ حُجَّتِهِ وَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ جَوَابٌ: قَدْ أَبْلَسَ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
قَالَ: نَعَمْ أَعْرِفُه، وأَبْلَسا
أَي لَمْ يُحِرْ إِليَّ جَوَابًا. وَنَحْوُ ذَلِكَ قِيلَ فِي المُبلِس، وَقِيلَ: إِن إِبليس سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لأَنه لَمَّا أُويِسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّه أَبْلَسَ يأَساً. وَفِي الْحَدِيثِ.
فتأَشَّبَ أَصحابُه حَوْلَهُ وأَبْلَسُوا حَتَّى مَا أَوضحوا بضاحِكة
؛ أَبلسو اأَي سَكَتُوا. والمُبْلِسُ: السَّاكِتُ مِنَ الْحُزْنِ أَو الْخَوْفِ. والإِبْلاسُ: الحَيْرة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَلم تَرَ الجِنَّ وإِبلاسَها
أَي تَحَيُّرَها ودَهَشَها. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: الإِبْلاسُ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ القُنُوط وقَطْعُ الرَّجَاءِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّه تَعَالَى؛ وأَنشد:
وحَضَرَتْ يومَ خَمِيسٍ الأَخْماسْ، ... وَفِي الوجوهِ صُفْرَةٌ وإِبْلاسْ
وَيُقَالُ: أَبْلَسَ الرجلُ إِذا انْقَطَعَ فَلَمْ تَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ؛ وَقَالَ:
بِهِ هَدَى اللَّهُ قَوْمًا مِنْ ضلالَتِهِمْ، ... وَقَدْ أُعِدَّتْ لَهُمْ إِذ أَبْلَسُوا سَقَرُ
والإِبْلاسُ: الِانْكِسَارُ وَالْحُزْنُ. يُقَالُ: أَبْلَسَ فُلَانٌ إِذا سَكَتَ غَمًّا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَا صاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْماً مُكْرَسا؟ ... قَالَ: نَعَمْ أَعْرِفُه، وأَبْلَسا
والمُكْرَسُ: الَّذِي صَارَ فِيهِ الكِرْسُ، وَهُوَ الأَبوال والأَبعار. وأَبْلَسَتِ النَّاقَةُ إِذا لَمْ تَرْغُ مِنْ شِدَّةِ الضَّبَعَة، فَهِيَ مِبْلاس. والبَلَسُ: التِّينُ، وَقِيلَ: البَلَسُ ثَمَرُ التِّينِ إِذَا أَدرك، الْوَاحِدَةُ بَلَسَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَحب أَن يَرِقَّ قَلْبُهُ فلْيُدْمِنْ أَكل البَلَس
، وَهُوَ التِّينُ، إِن كَانَتِ الرِّوَايَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَاللَّامِ، وإِن كَانَتِ البُلُسَ فَهُوَ العَدَسُ، وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: البُلُس هُوَ الْعَدَسُ
، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُرَيْج قَالَ: سأَلت عَطَاءً عَنْ صَدَقَةِ الحَبِّ، فَقَالَ: فِيهِ كُلِّه الصدقةُ، فَذَكَرَ الذُّرَةَ والدُّخْنَ والبُلُس والجُلْجُلانَ
؛ قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ البُلْسُنُ، بِزِيَادَةِ النُّونِ. الْجَوْهَرِيُّ: والبَلَس، بِالتَّحْرِيكِ، شَيْءٌ يُشْبِهُ التِّينَ يَكْثُرُ بِالْيَمَنِ. والبُلُس، بِضَمِّ الْبَاءِ وَاللَّامِ: الْعَدَسُ، وَهُوَ البُلْسُن. والبَلَسانُ: شَجَرٌ لِحَبِّهِ دُهْن. التَّهْذِيبُ فِي الثُّلَاثِيِّ: بَلَسانٌ شَجَرٌ يُجْعَلُ حَبُّهُ فِي الدَّوَاءِ، قَالَ: وَلِحَبِّهِ دُهْنٌ حَارٌّ يُتَنَافَسُ فِيهِ. قَالَ الأَزهري: بَلَسان أُراه رُومِيًّا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: بَعَثَ اللَّه الطَّيْرَ عَلَى أَصحاب الْفِيلِ كالبَلَسان
؛ قَالَ عَبَّاد بْنُ مُوسَى: أَظنها الزَّرازيرَ. والبَلَسانُ: شَجَرٌ كَثِيرُ الْوَرَقِ يَنْبُتُ بِمِصْرَ، وَلَهُ دُهْنٌ مَعْرُوفٌ. اللِّحْيَانِيُّ: مَا ذُقْتُ عَلوساً وَلَا بَلُوساً أَي مَا أَكلت شَيْئًا.
بلعس: البَلْعَسُ والدَّلْعَسُ والدَّلْعَكُ، كُلُّ هَذَا: الضَّخْمَةُ مِنَ النُّوقِ مَعَ اسْتِرْخَاءٍ فِيهَا. ابْنُ سِيدَهْ: والبَلَعُوسُ الحَمْقاءُ.
بلعبس: البُلَعْبيسُ: العَجَبُ.
بلهس: بَلْهَسَ: أَسرع فِي مشيه.(6/30)
بنس: بَنَّسَ عَنْهُ تَبْنِيساً: تأَخر؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
كأَنها مِنْ نَقا العَزَّافِ طاوِيَةٌ، ... لَمَّا انْطَوى بطنُها واخْرَوَّطَ السَفَرُ
ماوِيَّةٌ لُؤْلُؤانُ اللَّوْنِ، اوَّدَها ... طَلٌّ، وبَنَّسَ عَنْهَا فَرْقَدٌ خَصِرُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ قَوْلُهُ بَنَّسَ عَنْهَا إِنما هُوَ مِنَ النَّوْمِ غَيْرَ أَنه إِنَّمَا يُقَالُ لِلْبَقَرَةِ، قَالَ: وَلَا أَعلم هَذَا الْقَوْلَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي هِيَ أَحد الأَلفاظ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا بن أَحمر، قَالَ: وَلَمْ يُسْنِدْ أَبو زَيْدٍ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ إِلى ابْنِ أَحمر وَلَا هُمَا أَيضاً فِي دِيوَانِهِ وَلَا أَنشدهما الأَصمعي فِيمَا أَنشده لَهُ مِنَ الأَبيات الَّتِي أَورد فِيهَا كَلِمَاتِهِ، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يَكُونَ ذلك شيء جَاءَ بِهِ غَيْرُ ابْنِ أَحمر تَابِعًا لَهُ فِيهِ ومُتَقَبِّلًا أَثره، هَذَا أَوفق مِنْ قَوْلِ الأَصمعي إِنه لَمْ يأْتِ بِهِ غَيْرُهُ. وَقَالَ شَمِرٌ: وَلَمْ أَسمع بَنَّسَ إِذا تأَخر إِلا لِابْنِ أَحمر. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عنه: بَنِّسوا عَنِ الْبُيُوتِ لَا تَطُمُّ [تَطِمُ] امرأَة وَلَا صَبِيٌّ يَسْمَعُ كَلَامَكُمْ
؛ أَي تأَخروا لِئَلَّا يَسْمَعُوا مَا يَسْتَضِرُّون بِهِ مِنَ الرَّفَثِ الْجَارِي بَيْنَكُمْ. وبَنِّسْ: اقْعُدْ؛ عَنْ كُرَاعٍ كَذَلِكَ حَكَاهَا بالأَمر، وَالشِّينُ لُغَةٌ، وسيأْتي ذِكْرُهَا. اللِّحْيَانِيُّ: بَنَّسَ وبَنَّشَ إِذا قَعَدَ؛ وأَنشد:
إِن كنتَ غيرَ صائدٍ فَبَنِّسِ
ابْنُ الأَعرابي: أَبْنَسَ الرجلُ إِذا هَرَبَ مِنْ سُلْطَانٍ، قَالَ: والبَنَسُ الْفِرَارُ مِنَ الشَّرِّ.
بهس: البَهْسُ: المُقْلُ مَا دَامَ رَطِبًا، وَالشِّينُ لُغَةٌ فِيهِ. والبَهْسُ: الجُرْأَة. وبَيْهَسٌ: مِنْ أَسماء الأَسد؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وبَيْهَسٌ: مِنْ صِفَاتِ الأَسد، مُشْتَقٌّ مِنْهُ. وبُهَيْسَةُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ نَفْرٌ جَدُّ الطِّرِمَّاح:
أَلا قالتْ بُهَيْسَةُ: مَا لِنَفْرٍ، ... أَراهُ غَيَّرَتْ مِنْهُ الدُّهُورُ؟
وَيُرْوَى بُهَيْشَة، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. وَفُلَانٌ يَتَبَيْهَسُ ويَتَبَهْنَس ويَتَبَرْنَسُ ويَتَفَيْجَسُ ويَتَفَيْسَجُ إذا يَتَبَخْتَرُ فِي مَشْيِهِ. وبَيْهَسٌ: مِنْ أَسماء الْعَرَبِ. والبَيْهَسِيَّةُ: صِنْفٌ مِنَ الْخَوَارِجِ نُسِبُوا إِلَى بَيْهَسٍ هَيْصَمِ بْنِ جَابِرٍ أَحد بَنِي سَعْدِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ قَيْسٍ.
بهنس: البَهْنَسى: التَّبَخْتُرُ، وَهُوَ البَهْنَسَةُ. والأَسد يُبَهْنِسُ فِي مَشْيِهِ ويَتَبَهْنَسُ أَي يَتَبَخْتَرُ؛ خَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الأَسد وَعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ. وجَمَل بَهْنَسٌ وبُهانِسٌ: ذَلُولٌ.
بوس: البَوْسُ: التَّقْبِيلُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَقَدْ باسَه يَبُوسه. وَجَاءَ بالبَوْسِ البائِسِ أَي الْكَثِيرِ، وَالشِّينُ الْمُعْجَمَةُ أَعلى.
بولس: فِي الْحَدِيثِ:
يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمثال الذَّرِّ حَتَّى يَدْخُلُوا سِجْنًا فِي جَهَنَّمَ يُقَالُ لَهُ بُولَسُ
؛ هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مُسَمًّى.
بيس: الْفَرَّاءُ: باسَ إِذا تَبَخْتَرَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَاسَ يَمِيسُ بِهَذَا الْمَعْنَى أَكثر، وَالْبَاءُ وَالْمِيمُ يَتَعَاقَبَانِ، وَقَالَ: باسَ الرجلُ يَبِيسُ إِذا تَكَبَّرَ عَلَى النَّاسِ وَآذَاهُمْ. وبَيْسانُ: مَوْضِعٌ بالأُرْدُنِّ فِيهِ نَخْلٌ لَا يُثْمِرُ إِلى خُرُوجِ الدَّجَّالِ. التَّهْذِيبُ: بَيْسانُ مَوْضِعٌ فِيهِ كُروم مِنْ بِلَادِ الشَّامِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
شُرْباً بِبَيسانَ مِنَ الأُردُنِ
هُوَ مَوْضِعٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بَيْسانُ مَوْضِعٌ تُنْسَبُ إِليه الْخَمْرُ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:(6/31)
نَشْرَبُها صِرْفاً ومَمْزُوجَةً، ... ثُمَّ نُغَنِّي فِي بُيوتِ الرُّخامْ
مِنْ خَمْرِ بَيْسانَ تَخَيَّرْتُها، ... تُرْياقَةً تُوشِكُ فَتْرَ العِظامْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِهِ تُسْرعُ فَتْرَ الْعِظَامَ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لأَن أَوشك بَابُهُ أَن يَكُونَ بَعْدَهُ أَن وَالْفِعْلُ، كَقَوْلِ جَرِيرٍ:
إِذا جَهِلَ الشَّقِيُّ وَلَمْ يُقَدِّرْ ... لبعضِ الأَمْرِ، أَوْشَكَ أَن يُصابا
وَقَدْ تُحْذَفُ أَن بَعْدَهُ كَمَا تُحْذَفُ بَعْدَ عَسَى، كَقَوْلِ أُمية:
يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتِه، ... فِي بعضِ غِرَّاتِه، يُوافِقُها
فَهَذَا هُوَ الأَكثر فِي أَوشك يُوشِكُ، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ بِيْسَ لُغَةٌ فِي بِئْسَ، واللَّه أَعلم.
فصل التاء المثناة
تختنس: دَخْتَنُوسُ: اسْمُ امرأَة، وَقِيلَ: دَخْدَنوس وتَخْتَنُوسُ.
ترس: التُّرْس مِنَ السِّلَاحِ: المُتَوَقَّى بِهَا، مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ أَتْراسٌ وتِراسٌ وتِرَسَةٌ وتُروسٌ؛ قَالَ:
كأَنَّ شَمْساً نازَعَتْ شُموسا ... دُروعَنا، والبَيْضَ والتُّروسا
قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا تَقُلْ أَتْرِسَة. وَكُلُّ شَيْءٍ تَتَرَّسْتَ بِهِ، فَهُوَ مِتْرَسَةٌ لَكَ. وَرَجُلٌ تارِسٌ: ذُو تُرْسٍ. وَرَجُلٌ تَرَّاسٌ: صَاحِبُ تُرْسٍ. والتَّتَرُّسُ: التَّسَتُّرُ بالتُّرْسِ، وَكَذَلِكَ التَتْريس. وتَتَرَّس بالتُّرْسِ: تَوَقَّى، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ اتَّرَسَ. والمَتْروسَةُ: مَا تُتُرِّسَ بِهِ. والتُّرْسُ: خَشَبَةٌ تُوضَعُ خَلْفَ الْبَابِ يُضَبَّبُ بِهَا السَّرِيرُ، وَهِيَ المَتَرْسُ بِالْفَارِسِيَّةِ. الْجَوْهَرِيُّ: المَتْرَسُ خَشَبَةٌ تُوضَعُ خَلْفَ الْبَابِ. التَّهْذِيبُ: المَتَّرَسُ الشِّجار الَّذِي يُوضَعُ قِبَلَ البابِ دِعامَةً، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، مَعْنَاهُ مَتَرْس أَي لا تَخَفْ.
ترمس: التُّرْمُسُ: شَجَرَةٌ لَهَا حَبٌّ مُضَلَّع مُحَزَّزٌ، وَبِهِ سُمِّي الجُمانُ تَرامِسَ. وتَرْمَسَ الرجلُ إِذا تَغَيَّبَ عَنْ حَرْبٍ أَو شَغْبٍ. اللَّيْثُ: حَفَر فلانٌ تُرْمُسَةً تَحْتَ الأَرض.
ترنس: التُّرْنُسَةُ الحُفْرَةُ تَحْتَ الأَرض.
تعس: التَعْسُ: العَثْرُ: والتَّعْسُ: أَن لَا يَنْتَعِشُ العاثِرُ مِنْ عَثْرَتِه وأَن يُنَكَّسَ في سِفال [سَفال] ، وَقِيلَ: التَّعْسُ الِانْحِطَاطُ والعُثُورُ. قَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ
؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ نَصْبًا عَلَى مَعْنَى أَتْعَسَهُم اللَّهُ. قَالَ: والتَّعْسُ فِي اللُّغَةِ الِانْحِطَاطُ والعُثُور؛ قَالَ الأَعشى:
بِذاتِ لَوْثٍ عِفِرْناةٍ إِذا عَثَرَتْ، ... فالتَّعْسُ أَدْنى لَهَا مِنْ أَنْ أَقولَ: لَعا
وَيَدْعُو الرَّجُلُ عَلَى بَعِيرِهِ الْجَوَادِ إِذا عَثُرَ [عَثِرَ] فَيَقُولُ: تَعْساً فإِذا كَانَ غَيْرَ جَوَادٍ وَلَا نَجِيب فَعَثِرَ [فَعَثُرَ] قَالَ لَهُ: لَعاً وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
بِذَاتِ لَوْثٍ عِفِرْنَاةٍ ...
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ تَعِسَ فُلَانٌ يَتْعَسُ إِذا أَتْعَسه اللَّه، ومعناه انْكَبَّ فَعَثَرَ [فَعَثِرَ] فَسَقَطَ عَلَى يَدَيْهِ وَفَمِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنه يُنْكَرُ مِنْ مِثْلِهَا فِي سِمَنِهَا وقوَّتها العِثارُ فإِذا عَثِرَت قِيلَ لَهَا: تَعْساً، وَلَمْ يُقَلْ لَهَا تَعِسَكِ اللَّه، وَلَكِنْ يَدْعُو عَلَيْهَا بأَن يَكُبَّها اللَّه لمَنْخَرَيْها. والتَّعْسُ أَيضاً: الْهَلَاكُ؛ تَعِسَ تَعْساً وتَعَسَ(6/32)
يَتْعَسُ تَعْساً: هَلَكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَرْماحُهُم يَنْهَزْنَهُم نَهْزَ جُمَّةٍ، ... يَقُلْنَ لِمَنْ أَدْرَكْنَ: تَعْساً وَلَا لَعا
وَمَعْنَى التَّعْسِ فِي كَلَامِهِمُ الشَّرُّ، وَقِيلَ: التَعْسُ البُعْدُ، وَقَالَ الرُّسْتُمي: التَعْسُ أَن يَخِرَّ عَلَى وَجْهِهِ، والنَكْسُ أَن يَخِرَّ عَلَى رأْسه؛ وَقَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ العلاءِ: تَقُولُ الْعَرَبُ:
الوَقْسُ يُعْدِي فَتَعَدَّ الوَقْسا، ... مَنْ يَدْنُ للوَقْسِ يُلاقِ تَعْسا
وَقَالَ: الوَقْسُ الْجَرَبُ، والتَّعْسُ الْهَلَاكُ. وتعدَّ أَي تَجَنَّبْ وتَنَكَّبْ كُلُّهُ سَوَاءٌ، وإِذا خَاطَبَ بِالدُّعَاءِ قَالَ: تَعَسْتَ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وإِن دَعَا عَلَى غَائِبٍ كَسَرَهَا فَقَالَ: تَعِسَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مِنَ الْغَرَابَةِ بِحَيْثُ تَرَاهُ. وَقَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُهُ فِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، فِي الإِفْكِ حِينَ عَثَرَتْ صاحِبَتُها فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ تَعِسَ يَتْعَسُ إِذا عَثَر وانْكَبَّ لِوَجْهِهِ، وَقَدْ تفتح العين، وقال ابْنُ شُمَيْلٍ: تَعَسْتَ، كأَنه يَدْعُو عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ، وَهُوَ تَعِسٌ، وتاعِسٌ وجَدٌّ تَعِسٌ مِنْهُ. وَفِي الدُّعَاءِ: تَعْساً لَهُ أَي أَلزمه اللَّه هَلَاكًا. وتَعِسَه اللَّه وأَتْعَسَه، فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ مُجَمِّعُ بْنُ هِلَالٍ:
تقولُ وَقَدْ أَفْرَدْتُها مِنْ خَلِيلِها: ... تَعِسْتَ كَمَا أَتْعَسْتَني يَا مُجَمِّعُ
قَالَ الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ لَا أَعرف تَعِسَه اللَّه وَلَكِنْ يُقَالُ: تَعِس بِنَفْسِهِ وأَتْعَسَه اللَّه. والتَّعْسُ: السُّقُوطُ عَلَى أَي وَجْهٍ كَانَ. وَقَالَ بَعْضُ الْكِلَابِيِّينَ: تَعِسَ يَتْعَسُ تَعْساً وَهُوَ أَن يُخطئ حَجَّتَهُ إِن خَاصَمَ، وبُغْيَتَه إِن طَلَبَ. يُقَالُ: تَعِسَ فَمَا انْتَعَشَ وشِيكَ فَلَا انْتَقشَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ
؛ وَهُوَ من ذلك.
تغلس: أَبو عُبَيْدٍ: وَقَع فُلَانٌ فِي تُغُلِّسَ، وَهِيَ الداهية.
تلس: التِّلِّيسَة: وِعَاءٌ يُسَوَّى مِنَ الْخُوصِ شِبْهُ قَفْعَة، وَهِيَ شِبْهُ الْعَيْبَةِ الَّتِي تكون عند العَصَّارينَ.
تنس: تُناسُ النَّاسِ: رَعاعُهم، عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ الأَزهري: أَما تَنَسَ فَمَا وَجَدْتُ لِلْعَرَبِ فِيهَا شَيْئًا، قَالَ: وأَعرف مَدِينَةً بُنِيَتْ فِي جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ بَحْرِ الرُّومِ يُقَالُ لَهَا: تِنِّيسُ، وَبِهَا تُعْمَلُ الشَّرُوبُ الثَّمِينَةُ.
توس: التُّوسُ: الطَّبِيعَةُ والخُلُق. يُقَالُ: الكرَم مِنْ تُوسِه وسُوسِه أَي مِنْ خَلِيقَتِهِ وَطُبِعَ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ يَعْقُوبُ تَاءَ هَذَا بَدَلًا مِنْ سِينِ سُوسِهِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: كَانَ مَنْ تُوسِي الحياءُ
؛ التُّوس: الطَّبِيعَةُ والخِلْقَةُ. يُقَالُ: فُلَانٌ مِنْ تُوسِ صِدْقٍ أَي مِنْ أَصلِ صِدْقٍ. وتُوساً لَهُ: كَقَوْلِهِ بُوساً لَهُ؛ رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي قَالَ: وَهُوَ الأَصل أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا المُلِمَّاتُ اعْتَصَرْنَ التُّوسا
أَي خَرَّجْنَ طبائعَ النَّاسِ. وَتَاسَاهُ إِذا آذَاهُ وَاسْتَخَفَّ بِهِ.
تيس: التَّيْسُ: الذَّكَرُ مِنَ المَعَزِ، وَالْجَمْعُ أَتْياسٌ وأَتْيُسٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
مَلِكُ النَّهَارِ ولِعْبُه بفُحُولَةٍ، ... يَعْلُونَه بِاللَّيْلِ عَلْوَ الأَتْيُسِ
وَقَالَ الهُذَليّ:
مِنْ فَوْقِه أَنْسُرٌ سُودٌ وأَغْرِبَةٌ، ... وَدُونَهُ أَعْنُزٌ كُلْفٌ وأَتْياسُ
وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ تُيُوسٌ. والتَّيَّاسُ: الَّذِي يَمْسِكُهُ.(6/33)
والمَتْيُوساءُ: جَمَاعَةُ التُّيُوس. وتاسَ الجَدْيُ: صَارَ تَيْساً؛ عَنِ الهَجَري. أَبو زَيْدٍ: إِذا أَتى عَلَى وَلَدِ المِعْزى سَنَةٌ فَالذَّكَرُ تَيْسٌ، والأُنثى عَنْزٌ. واسْتَتْيَسَتِ الشَّاةُ: صَارَتْ كالتَّيْس. قَالَ ثَعْلَبٌ: وَلَا يُقَالُ اسْتاسَتْ. وعَنْزٌ تَيْساءُ إِذا كَانَ قَرْنَاهَا طَوِيلَيْنِ كَقَرْن التَّيْس، وَهِيَ بَيِّنَةُ التَّيَسِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: التَّيْساءُ مِنَ المِعْزى الَّتِي يُشْبه قَرْنَاهَا قَرْنَي الأَوعالِ الْجَبَلِيَّةِ فِي طُولِهَا، وَالْعَرَبُ تُجْري الظِّباءَ مُجْرى العَنْزِ فَيَقُولُونَ فِي إِنَاثِهَا المَعَز، وَفِي ذُكُورِهَا التُّيُوس؛ قَالَ الهُذَليُّ:
وعادِيَةٍ تُلْقي الثِّيابَ، كأَنَّها ... تُيُوسُ ظِباءٍ مَحْصُها وانْبِتارُها
وَلَوْ أَجرَوها مُجْرى الضأْن لَقَالَ: كِبَاشُ ظِبَاءٍ؛ وَرَجُلٌ تَيَّاسٌ. وتِيسي: كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ إِرادة إِبطال الشَّيْءِ وَتَكْذِيبِهِ وَالتَّكْذِيبِ بِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي أَيوب: أَنه ذَكرَ الغُولَ فَقَالَ قُلْ لَهَا: تِيسِي جَعارِ
، فكأَنه قَالَ لَهَا كَذَبْتِ يَا خَارِيَةُ. قَالَ: وَالْعَامَّةُ تُغَيِّرُ هَذَا اللَّفْظَ وَتَقُولُ: طِيْزي، تُبْدِلُ مِنَ التَّاءِ طَاءً وَمِنَ السِّينِ زَايًا لِتَقَارُبِ مَا بَيْنَ هَذِهِ الْحُرُوفِ مِنَ الْمَخَارِجِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ احْمَقِي وتِيسي لِلرَّجُلِ إِذا تَكَلَّمَ بحُمْق، وَرُبَّمَا لَا يَسُبُّه سَبّاً. وَمِنْ أَمثالهم فِي الرَّجُلِ الذَّلِيلِ يَتَعَزَّزُ: كَانَتْ عَنْزاً فاستَتْيَستْ. وَيُقَالُ: استَتْيَسَت العَنْزُ كَمَا يُقَالُ استَنْوَقَ الجَمَلُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَفِي فُلَانٍ تَيْسِيَّةٌ، وَنَاسٌ يَقُولُونَ: تَيْسُوسِيَّة وكَيْفُوفِيَّةٌ؛ قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُمَا. وَيُقَالُ: تُوساً لَهُ وبُوساً وجُوساً. وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ مِنَ الظِّبَاءِ: تَيْسٌ وللأُنثى عَنْزٌ، وجَعارِ مَعْدُولَةٌ عَنْ جاعِرَة كَقَوْلِكَ قَطامِ ورَقاشِ، عَلَى فَعالِ، مأْخوذ عَنِ الجَعْر، وَهُوَ الحَدَث. قَالَ: وَهُوَ مِنْ أَسماء الضَّبُع. قَالَ ابْنُ السَّكَّيتِ: تُشْتَم المرأَةُ فَيُقَالُ قُومي جَعارِ، وَتُشَبَّهُ بِالضَّبْعِ. وَيُقَالُ لِلضَّبْعِ: تِيْسي جَعار، وَيُقَالُ: اذْهَبِي لَكاعِ وذَفارِ وبَظارِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: واللَّه لأُتِيسَنَّهم عَنْ ذَلِكَ
أَي لأُبْطِلَنَّ قَوْلَهُمْ ولأَرُدَّنَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ. وتِيَاسٌ: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ كَانَ بِهِ حَرْبٌ حِينَ قُطِعت رِجل الحرث بْنِ كَعْبٍ فَسُمِّي الأَعرج؛ وَفِي بَعْضِ الشِّعْرِ:
وقتْلَى تِياسٍ عَنْ صَلاحٍ تُعَرِّبُ
فصل الجيم
جاس: مَكَانُ جَأْسٌ: وَعْرٌ كَشأْسٍ، وَقِيلَ: لَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلا بَعْدَ شَأْس كأنه إِتباع.
جبس: الجِبْسُ: الجَبانُ الفَدْمُ، وَقِيلَ: الضَّعِيفُ اللَّئِيمُ، وَقِيلَ: الثَّقِيلُ الَّذِي لَا يُجِيبُ إِلى خَيْرٍ، وَالْجَمْعُ أَجْباسٌ وجُبُوسٌ. والأَجْبَسُ: الْجَبَانُ الضَّعِيفُ كالجِبْسِ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ:
عَلَى مِثلِها آتِي المَهالِكَ واحِداً، ... إِذا خامَ عَنْ طُولِ السُّرَى كلُّ أَجْبَسِ
والجِبْسُ: الرَّديءُ الدَّنِيءُ الجَبانُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
خِمْسٌ إِذا سَارَ بِهِ الجِبْسُ بَكَى
وَيُقَالُ: هُوَ وَلَدُ زِنْيَة. والجِبْسُ: هُوَ الْجَامِدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الثَّقِيلُ الرُّوحِ وَالْفَاسِقُ. وَيُقَالُ: إِنه لجِبْسٌ مِنَ الرِّجَالِ إِذا كَانَ عَيِيّاً. والجِبْسُ: مِنْ أَولاد الدِّبَبَة. والجِبسُ: الَّذِي يُبْنَى بِهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والتَّجَبُّسُ: التَّبَخْتُرُ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ لجَإٍ:
تَمْشِي إِلى رِواءِ عاطِناتها ... تَجَبُّسَ العانِسِ فِي رَيْطاتِها(6/34)
أَبو عُبَيْدٍ: تَجَبَّسَ فِي مَشْيِهِ تَجَبُّساً إِذا تَبَخْتَرَ. والمَجْبُوسُ: الَّذِي يُؤْتَى طَائِعًا. ابْنُ الأَعرابي: المَجْبُوسُ والجَبِيسُ نعت الرجل المأْبون.
جحس: جَحَسَ جِلْدَه يَجْحَسُه: قَشَرَه، وَالشِّينُ أَعرف. وجاحَسَه جِحاساً: زاحَمَه وَقَاتَلَهُ وَزَاوَلَهُ عَلَى الأَمر كَجَاحَشَه، حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ؛ قَالَ: والجِحاسُ الْقِتَالُ، وأَنشد:
إِذا كَعْكَعَ القِرْنُ عَنْ قِرْنِه، ... أَبى لَكَ عِزُّكَ إِلَّا شِماسا،
وإلَّا جِلاداً بِذي رَوْنَقٍ، ... وإِلَّا نِزَالًا وإِلَّا جِحاسا
وأَنشد لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي فَزارة:
إِن عاشَ قاسَى لَكَ مَا أُقاسِي، ... مِنْ ضَرْبِيَ الهاماتِ واحْتِباسِي،
والصَّقْعِ فِي يَوْمِ الوَغَى الجِحاسِ
الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ جَحْشٍ: الجَحْشُ الجِهاد، وتُحوّل الشِّينُ سِينًا؛ وأَنشد:
يَوْمًا تَرانا فِي عِراكِ الجَحْسِ، ... نَنْبُو بأَجْلالِ الأُمورِ الرُّبْسِ
جدس: الجادِسُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: مَا اشتدَّ ويَبِسَ كَالْجَاسِدِ. وأَرضٌ جادِسَةٌ: لَمْ تُعْمَرْ وَلَمْ تُعْمَلْ وَلَمْ تُحْرَثْ، مِنْ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنْ
مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرض جادِسَةٌ قَدْ عُرِفَتْ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَسلم فَهِيَ لِرَبِّهَا.
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هِيَ الَّتِي لَمْ تُعْمَرْ وَلَمْ تُحْرَثْ، وَالْجَمْعُ الجَوادِسُ. ابْنُ الأَعرابي: الجَوادِسُ الأَراضي الَّتِي لَمْ تُزْرَعْ قَطُّ. أَبو عَمْرٍو: جَدَس الأَثَرُ وطَلَقَ ودَمَسَ ودَسَمَ إِذا دَرَسَ. وجَدِيسٌ: حَيٌّ مِنْ عادٍ وَهُمْ إِخوة طَسْمٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: جَديسٌ حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يُنَاسِبُونَ عَادًا الأُولى وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمُ اليمامَة؛ وَفِيهِمْ يَقُولُ رُؤْبَةُ:
بَوارُ طَسْمٍ بِيَدَيْ جَدِيسِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَدِيسٌ قَبِيلَةٌ كَانَتْ فِي الدَّهْرِ الأَوّل فانقرضت.
جرس: الجَرْسُ: مصدرٌ، الصوتُ المَجْرُوسُ. والجَرْسُ: الصوتُ نَفْسُهُ. والجَرْسُ: الأَصلُ، وَقِيلَ: الجَرْسُ والجِرْسُ الصَّوْتُ الخَفِيُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الجَرْسُ والجِرْسُ والجَرَسُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: الحركةُ والصوتُ مِنْ كُلِّ ذِي صَوْتٍ، وَقِيلَ: الجَرْس، بِالْفَتْحِ، إِذا أُفرد، فإِذا قالوا: ما سمعت لَهُ حِسّاً وَلَا جِرْساً، كَسَرُوا فأَتبعوا اللَّفْظَ اللَّفْظَ. وأَجْرَسَ: عَلَا صَوْتُهُ، وأَجْرَسَ الطائرُ إِذا سمعتَ صوتَ مَرِّه؛ قَالَ جَنْدَلُ بنُ المُثَّنَّى الْحَارِثِيُّ الطُّهَوِيُّ يُخَاطِبُ امرأَته:
لَقَدْ خَشِيتُ أَن يَكُبَّ قابِرِي ... وَلَمْ تُمارِسْكِ مِنَ الضَّرائرِ
شِنْظِيرَةٌ شائِلَةُ الجَمائِرِ، ... حَتَّى إِذا أَجْرَسَ كلُّ طائِرِ،
قامتْ تُعَنْظِي بكِ سِمْعَ الحاضِرِ
يَقُولُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَن أَموت وَلَا أَرى لَكِ ضَرَّةً سَلِطَةً تُعَنظِي بكِ وتُسْمِعُكِ الْمَكْرُوهَ عِنْدَ إِجْراس الطَّائِرِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الصَّباح. وَالْجَمَائِرُ: جَمْعُ جَمِيرة، وَهِيَ ضَفِيرَةُ الشَّعْرِ، وَقِيلَ: جَرَسَ الطائرُ وأَجْرَس صَوَّتَ. وَيُقَالُ: سَمِعْتُ جَرْسَ الطَّيْرِ إِذا سَمِعْتُ صَوْتَ مَنَاقِيرِهَا عَلَى شَيْءٍ تأْكله. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَتَسْمَعُونَ صوتَ جَرْسِ طَيْرِ الْجَنَّةِ
؛ أَي صوتَ أَكلها.(6/35)
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: كنتُ فِي مَجْلِسِ شُعْبَةَ قَالَ: فَتَسْمَعُونَ جَرْشَ طَيْرِ الْجَنَّةِ، بِالشِّينِ، فَقُلْتُ: جَرْسَ، فَنَظَرَ إِليَّ وَقَالَ: خُذُوهَا عَنْهُ فإِنه أَعلم بِهَذَا مِنَّا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فأَقبل الْقَوْمُ يَدِبُّونَ ويُخْفُونَ الجَرْسَ
؛ أَي الصَّوْتَ. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فِي صِفَةِ الصَّلْصالِ قَالَ: أَرض خِصْبَةٌ جَرِسَةٌ
؛ الجَرْسة: الَّتِي تصوِّت إِذا حُرِّكَتْ وَقُلِبَتْ وأَجْرَسَ الْحَادِي إِذا حَدَا للإِبل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَجْرِسْ لَهَا يَا ابنَ أَبي كِباشِ، ... فَمَا لَها الليلةَ مِنْ إِنْفاشِ،
غيرَ السُّرَى وسائِقٍ نَجَّاشِ
أَي احْدُ لَهَا لتَسْمَعَ الحُداءَ فتَسِيرَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ بِالشِّينِ وأَلف الْوَصْلِ، وَالرُّوَاةُ عَلَى خِلَافِهِ. وجَرَسْتُ وتَجَرَّسْتُ أَي تَكَلَّمَتْ بِشَيْءٍ وَتَنَغَّمَتْ بِهِ. وأَجْرَسَ الحَيُّ: سمعتُ جَرْسه. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَجْرَسَ الحيُّ إِذا سَمعت صوتَ جَرْسِ شَيْءٍ. وأَجرَسني السَّبُعُ: سَمِعَ جَرْسِي. وجَرَسَ الكلامَ: تَكَلَّمَ بِهِ. وفلانٌ مَجْرَسٌ لِفُلَانٍ: يأْنس بِكَلَامِهِ وَيَنْشَرِحُ بِالْكَلَامِ عِنْدَهُ؛ قَالَ:
أَنْتَ لِي مَجْرَسٌ، إِذا ... مَا نَبا كلُّ مَجْرَسِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: فُلَانٌ مَجْرَسٌ لِفُلَانٍ أَي مأْكلٌ ومُنتَفَعٌ. وَقَالَ مَرَّةً: فُلَانٌ مَجْرَسٌ لِفُلَانٍ أَي يأْخذ مِنْهُ ويأْكل مِنْ عِنْدِهِ. والجَرَسُ: الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ. وأَجْرَسه: ضَرَبَهُ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ
؛ هُوَ الجُلْجُلُ الَّذِي يُعَلَّقُ عَلَى الدَّوَابِّ؛ قِيلَ: إِنما كَرِهَهُ لأَنه يَدُلُّ عَلَى أَصحابه بِصَوْتِهِ؛ وَكَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يُحِبُّ أَن لَا يَعْلَمَ الْعَدُوُّ بِهِ حَتَّى يأْتيهم فجأَةً، وَقِيلَ الجَرَسُ الَّذِي يُعلق فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ. وأَجْرَسَ الحَلْيُ: سُمِع لَهُ صوتٌ مِثْلُ صَوْتِ الجَرَسِ، وَهُوَ صوتُ جَرْسِه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
تَسْمَعُ للحَلْيِ إِذا مَا وَسْوَسا، ... وارْتَجَّ فِي أَجيادِها وأَجْرَسا،
زَفْزَفَةَ الرِّيحِ الحَصادَ اليَبَسا
وجَرْس الحَرْفِ: نَغْمَتُه. والحروفُ الثَّلَاثَةُ الجُوفُ: وَهِيَ الْيَاءُ والأَلف وَالْوَاوُ، وسائرُ الحروفِ مَجْرُوسَةٌ. أَبو عُبَيْدٍ: والجَرْسُ الأَكل، وَقَدْ جَرَسَ يَجْرُسُ. والجاروسُ: الْكَثِيرُ الأَكل. وجَرَسَت الماشيةُ الشجرَ والعُشْبَ تَجْرِسُه وتَجْرُسُه جَرْساً: لَحَسَتْه. وجَرَسَت الْبَقَرَةُ وَلَدَهَا جَرْساً: لَحَسَتْهُ، وَكَذَلِكَ النحلُ إِذا أَكلت الشَّجَرَ للتَّعْسِيل؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ نَحْلًا:
جَوارِسُها تَأْوي الشُّعُوفَ دَوائِباً، ... وتَنصَبُّ أَلْهاباً مَصِيفاً كِرابُها
وجَرَسَتِ النحلُ العُرْفُطَ تَجْرُسُ [تَجْرِسُ] إِذا أَكلته، وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّحْلِ: جَوارِسُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ بَيْتَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَسَقَتْهُ عَسَلًا، فَتَواطَأَتْ ثِنْتَانِ مِنْ نسائه أَن تقول أَيَّتُهما دَخَلَ عَلَيْهَا: أَكَلْتَ مَغافِيرَ، فإِن قَالَ: لَا، قَالَتْ: فَشَرِبْتَ إِذاً عَسَلًا جَرَسَتْ نَحْلُه العُرْفُطَ
؛ أَي أَكلتْ ورَعَتْ. والعُرْفُطُ: شَجَرٌ. ونَحْلٌ جَوارِسُ: تَأْكل ثَمَرَ الشَّجَرِ؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ النَّحْلَ:(6/36)
يَظَلُّ عَلَى الثَّمْراءِ مِنْهَا جَوارِسٌ، ... مَراضيعُ صُهْبُ الرّيشِ زُغْبٌ رِقابُها
وَالثَّمْرَاءُ: جَبَلٌ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ اسْمٌ لِلشَّجَرِ المُثْمِر. وَمَرَاضِيعُ: صغارٌ، يَعْنِي أَن عَسَلَ الصِّغار مِنْهَا أَفضل مِنْ عَسَلِ الْكِبَارِ. والصُّهْبَةُ: الشُّقْرَةُ، يُرِيدُ أَجنحتها. اللَّيْثُ: النحلُ تَجْرُسُ العسلَ جَرْساً وتجرُسُ النَّوْرَ، وَهُوَ لَحْسُها إِياه، ثُمَّ تُعَسِّله. ومرَّ جَرْسٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي وقتٌ وَطَائِفَةٌ مِنْهُ. وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ فِيهِ: جَرَسٌ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ، وَقَدْ يُقَالُ بِالشِّينِ مُعْجَمَةٍ، وَالْجَمْعُ أَجْراسٌ وجُرُوسٌ. وَرَجُلٌ مُجَرَّسٌ ومُجَرِّسٌ: مُجَرِّبٌ للأُمور؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الَّذِي أَصابته الْبَلَايَا، وَقِيلَ: رَجُلٌ مُجَرَّسٌ إِذا جَرَّس الأُمور وَعَرَفَهَا، وَقَدْ جَرَّسَتْه الأُمورُ أَي جَرَّبَتْه وأَحكمته؛ وأَنشد:
مُجَرِّساتٍ غِرَّة الغَرِيرِ ... بالزَّجْرِ، والرَّيْمُ عَلَى المَزْجُورِ
وأَوَّل هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
جارِيَ لَا تَسْتَنْكِري غَدِيري، ... سَيْرِي وإِشفاقي عَلَى بعيرِي،
وحَذَرِي مَا لَيْسَ بالمَحْذُورِ، ... وكَثْرَةَ التَحْدِيثِ عَنْ شُقُوري،
وحِفْظَةً أَكَنَّها ضَمِيرِي
أَي لَا تُنْكِرِي حِفظَة أَي غَضَبًا أَغضبه مِمَّا لَمْ أَكن أَغضب مِنْهُ؛ ثُمَّ قَالَ:
والعَصْرَ قَبلَ هَذِهِ العُصُورِ، ... مُجَرِّساتٍ غِرَّةَ الغَرِيرِ
بالزَّجْرِ، والرَّيْمُ عَلَى المَزْجُورِ
الْعَصْرُ: الزَّمَنُ، وَالدَّهْرُ. وَالتَّجْرِيسُ: التَّحْكِيمُ وَالتَّجْرِبَةُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ الْعُصُورُ قَدْ جَرَّسَت الغِرَّ مِنَّا أَي حَكَمَتْ بِالزَّجْرِ عَمَّا لَا يَنْبَغِي إِتيانه. والرِّيْمُ: الْفَضْلُ، فَيَقُولُ: مَنْ زُجِرَ فَالْفَضْلُ عَلَيْهِ لأَنه لَا يُزْجَرُ إِلا عَنْ أَمر قَصَّرَ فِيهِ. وَفِي حَدِيثَ نَاقَةِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَكَانَتْ نَاقَةً مُجَرَّسَةً
أَي مُجَرَّبة مُدَرَّبة فِي الرُّكُوبِ وَالسَّيْرِ. والمُجَرَّسُ مِنَ النَّاسِ: الَّذِي قَدْ جرَّبَ الأُمور وخَبَرَها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، قَالَ لَهُ طَلحَة: قَدْ جَرّسَتْك الدُّهورُ أَي حَنَّكَتك وأَحكمتك وَجَعَلَتْكَ خَبِيرًا بالأُمور مجرَّباً، وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَاهُ. أَبو سَعِيدٍ: اجْتَرَسْتُ واجْتَرَشْتُ أَي كَسَبْتُ.
جرجس: الجِرْجِسُ: البَقُّ، وَقِيلَ: البَعُوض، وَكَرِهَ بَعْضُهُمُ الجِرْجِسَ وَقَالَ: إِنما هُوَ القِرْقِسُ، وَسَيُذْكَرُ فِي فَصْلِ الْقَافِ. الْجَوْهَرِيُّ: الجِرْجِسُ لُغَةٌ فِي الفِرْقِسِ، وَهُوَ الْبَعُوضُ الصِّغار؛ قَالَ شُريح بنُ جَوَّاس الْكَلْبِيُّ:
لَبِيضٌ بِنَجْدٍ لَمْ يَبِتْنَ نَواطِراً ... بِزَرْعٍ، وَلَمْ يَدْرُجْ عَلَيْهِنَّ جِرْجِسُ
أَحَبُّ إِلينا مِنْ سَواكِن قَرْيَةٍ ... مُثَجَّلَةٍ، داياتُها تَتَكَدَّسُ
وجِرْجِيسُ: اسْمُ نَبيٍّ. والجِرْجِسُ: الصَّحِيفَةُ؛ قَالَ:
تَرى أَثَرَ القَرْحِ فِي نَفْسِه ... كَنَقْشِ الخَواتِيمِ فِي الجِرْجِسِ
جرفس: الجِرْفاسُ والجُرافِسُ مِنَ الإِبل: الْغَلِيظُ الْعَظِيمُ، وَقِيلَ: الْعَظِيمُ الرأْس. والجُرافِسُ والجِرْفاسُ: الضَّخْمُ الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ الجَرَنْفَسُ. والجَرْفَسَة: شِدَّةُ الوَثاق. وجَرْفَسَه جَرْفَسَةً: صَرَعَه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:(6/37)
كأَنَّ كَبْشاً ساجِسِيّاً أَرْبَسا، ... بَيْنَ صَبِيَّيْ لَحْيِهِ مُجَرْفَسا
يَقُولُ: كأَن لِحْيَتَهُ بَيْنَ فَكَّيْه كَبْشٌ ساجِسِيٌّ، يَصِفُ لِحْيَةً عَظِيمَةً؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: جُعِلَ خَبَرُ كأَنَّ فِي الظَّرْفِ يَعْنِي بَيْنَ: الأَزهري: كُلُّ شَيْءٍ أَوثقته، فَقَدَ قَعْطَرْته، قَالَ: وَهِيَ الجَرْفَسَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
بَيْنَ صَبِيَّيْ لَحْيِهِ مُجَرْفَسا
وجِرْفاسٌ: من أَسماءِ الأَسد.
جَرْهَسَ: الجِرْهاسُ: الْجَسِيمُ؛ وأَنشد:
يُكْنى، وَمَا حُوِّل عَنْ جِرْهاسِ، ... مِنْ فَرْسَةِ الأُسْدِ، أَبا فِراسِ
جَسَسَ: الجَسُّ: اللَّمْسُ بِالْيَدِ. والمَجَسَّةُ: مَمَسَّةُ مَا تَمَسُّ. ابْنُ سِيدَهْ: جَسَّه بِيَدِهِ يَجُسُّه جَسّاً واجْتَسَّه أَي مَسَّه ولَمَسَه. والمَجَسَّةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تَقَعُ عَلَيْهِ يَدُهُ إِذا جَسَّه. وجَسَّ الشخصَ بِعَيْنِهِ: أَحَدَّ النَّظَرَ إِليه ليَسْتَبِينَه ويَسْتَثْبِتَه؛ قَالَ:
وفِتْيَةٍ كالذُّبابِ الطُّلْسِ قُلْتُ لَهُمْ: ... إِني أَرى شَبَحاً قَدْ زالَ أَوْ حَالَا
فاعْصَوْصَبْوا ثُمَّ جَسُّوه بأَعْيُنِهم، ... ثُمَّ اخْتَفَوْه وقَرنُ الشَّمْسِ قَدْ زَالَا
اخْتَفَوْهُ: أَظهروه. والجَسُّ: جَسُّ الخَبَرِ، وَمِنْهُ التَجَسُّسُ. وجَسَّ الخَبَرَ وتَجَسَّسه: بَحَثَ عَنْهُ وفحَصَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تَجَسَّسْتُ فُلَانًا وَمِنْ فُلَانٍ بَحَثْتُ عَنْهُ كتَحَسَّسْتُ، وَمِنَ الشَّاذِّ قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:
فَتَجَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وأَخيه.
والمَجَسُّ والمَجَسَّة: مَمَسَّةُ مَا جَسَسْتَه بِيَدِكَ. وتَجَسَّسْتُ الْخَبَرَ وتَحَسَّسْته بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَجَسَّسُوا
؛ التَّجَسُّسُ، بِالْجِيمِ: التَّفْتِيشُ عَنْ بَوَاطِنِ الأُمور، وأَكثر مَا يُقَالُ فِي الشَّرِّ. والجاسُوسُ: صَاحِبُ سِرِّ الشَّر، والناموسُ: صَاحِبُ سرِّ الْخَيْرِ، وَقِيلَ: التَّجَسُّسُ، بِالْجِيمِ، أَن يَطْلُبَهُ لِغَيْرِهِ، وَبِالْحَاءِ، أَن يَطْلُبَهُ لِنَفْسِهِ، وَقِيلَ بِالْجِيمِ: الْبَحْثُ عَنِ الْعَوْرَاتِ، وَبِالْحَاءِ الِاسْتِمَاعُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ فِي تَطَلُّبِ مَعْرِفَةِ الأَخبار. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ ضَيِّقُ المَجَسِّ إِذا لَمْ يَكُنْ وَاسِعَ السِّرْبِ وَلَمْ يَكُنْ رَحيب الصَّدْرِ. وَيُقَالُ: فِي مَجَسِّكَ ضِيقٌ. وجَسَّ إِذا اخْتَبَرَ. والمَجَسَّةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجُسُّه الطَّبِيبُ. والجاسُوسُ: العَيْنُ يَتَجَسَّسُ الأَخبار ثُمَّ يأْتي بِهَا، وَقِيلَ: الجاسُوسُ الَّذِي يَتَجَسَّس الأَخبار. والجَسَّاسَةُ: دَابَّةٌ فِي جَزَائِرِ الْبَحْرِ تَجُسُّ الأَخبار وتأْتي بِهَا الدجالَ، زَعَمُوا. وَفِي حَدِيثِ
تَمِيمٍ الدَّارِيِّ: أَنا الجَسَّاسَة
يَعْنِي الدَّابَّةَ الَّتِي رَآهَا فِي جَزِيرَةِ الْبَحْرِ، وإِنما سُمَّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تجُسُّ الأَخبار لِلدَّجَّالِ. وجَواسُّ الإِنسان: مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ خَمْسٌ: الْيَدَانِ وَالْعَيْنَانِ وَالْفَمُ وَالشَّمُّ وَالسَّمْعُ، والواحدة جاسَّة، وَيُقَالُ بِالْحَاءِ؛ قَالَ الْخَلِيلُ: الجَواسُّ الحَواسُّ. وَفِي الْمَثَلِ: أَفواهُها مَجاسُّها، لأَن الإِبل إِذا أَحسنت الأَكل اكْتَفَى النَّاظِرُ بِذَلِكَ فِي مَعْرِفَةِ سِمَنِهَا مِنْ أَن يَجُسَّها. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والجَواسُّ عِنْدَ الأَوائل الحَواسُّ. وجَسَّاس: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
قَتِيلٌ، مَا قَتِيلُ المَرْءِ عَمْرٍو؟ ... وجَسَّاسُ بنُ مُرَّةَ ذُو ضَريرِ
وَكَذَلِكَ جِسَاسٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَحْيا جِساساً، فَلَمَّا حانَ مَصْرَعُه، خَلّى جِساساً لأَقْوام سَيَحْمُونَه(6/38)
وجَسَّاسُ بنُ مُرَّة الشَّيْباني: قاتلُ كُلَيبِ وائلٍ: وجِسْ: زَجْرٌ للإِبل.
جَعَسَ: الجَعْسُ: العَذِرَة؛ جَعَسَ يَجْعَسُ جَعْساً، والجَعْسُ مَوْقِعُها، وأُرى الجِعْسَ، بِكَسْرِ الْجِيمِ، لُغَةٌ فِيهِ. والجُعْسُوسُ: اللَّئِيمُ الخِلْقَة والخُلُق، وَيُقَالُ: اللَّئِيمُ الْقَبِيحُ، وكأَنه اشْتُقَّ مِنَ الجَعْس، صِفَةٌ عَلَى فُعْلُول فَشَبَّهَ السَّاقِطَ المَهين مِنَ الرِّجَالِ بالخُرْءِ ونَتْنِه، والأُنثى جُعْسُوسٌ أَيضاً؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وَهُمُ الجَعاسِيسُ. وَرَجُلٌ دُعْبُوب وجُعْبُوبٌ وجُعْسُوسٌ إِذا كَانَ قَصِيرًا دَمِيمًا. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، لَمَّا أَنْفَذَه النبيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى مَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أَبي سُفْيَانَ فَقَالَ لَهُ أَهل مَكَّةَ: مَا أَتاك بِهِ ابْنُ عَمِّك؟ قَالَ: سأَلني أَن أُخَلِّيَ مَكَّةَ لجَعاسِيس يَثْرِبَ
؛ الجَعاسيسُ: اللِّئَامُ فِي الخَلْقِ والخُلُقِ، الْوَاحِدُ جُعْسُوسٌ، بِالضَّمِّ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَتُخَوِّفُنا بِجَعَاسِيسِ يَثْرِبَ؟
قَالَ: وَقَالَ أَعرابي لامرأَته: إِنكِ لجُعْسُوسٌ صَهْصَلِقٌ فَقَالَتْ: واللَّه إِنك لهِلْباجَة نَؤُوم، خِرَقٌ سَؤُوم، شُرْبُك اشْتِفافٌ، وأَكْلُك اقْتِحافٌ، ونَوْمُك الْتِحافٌ، عَلَيْكَ العَفا، وقُبِّح مِنْكَ القَفا قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي كِتَابِ الْقَلْبِ والإِبدال: جُعْسُوس وجُعْشُوش، بِالسِّينِ وَالشِّينِ، وَذَلِكَ إِلى قَمْأَةٍ وصِغَرٍ وقِلَّةٍ. يُقَالُ: هُوَ مِنْ جَعاسِيس النَّاسِ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ بِالشِّينِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:
تَداعَتْ حَوْلَه جُشَمُ بنُ بَكْرٍ، ... وأَسْلَمَه جَعاسِيسُ الرَّبابِ
والجَعْسُ: الرَّجِيع، وَهُوَ مولَّد، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الجُعْمُوس، بِزِيَادَةِ الْمِيمِ. يُقَالُ: رَمى بجَعامِيس بطنه.
جَعْبَسَ: الجُعْبُس والجُعْبُوس: الْمَائِقُ الأَحْمَق.
جَعْمَسَ: الجُعْمُوس: العَذِرَةُ. وَرَجُلٌ مُجَعْمِسٌ وجُعامِسٌ: وهو أَن يَضَعَه بمَرَّةٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَضَعُهُ يَابِسًا. أَبو زَيْدٍ: الجُعْمُوس مَا يَطْرَحُهُ الإِنسان مِنْ ذِي بَطْنِهِ، وَجَمْعُهُ جَعامِيسُ؛ وأَنشد:
مَا لَكَ مِنْ إِبْلٍ تُرى وَلَا نَعَمْ، ... إِلا جَعامِيسك وَسْطَ المُسْتَحَمْ
والجَعْسُ: الرَّجيع، وَهُوَ مولَّد، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الجُعْمُوس، بِزِيَادَةِ الْمِيمِ. يُقَالُ: رَمى بِجَعَامِيسِ بَطْنِهِ.
جَفِسَ: جَفِسَ مِنَ الطَّعَامِ يَجْفَسُ جَفَساً: اتَّخَمَ، وَهُوَ جَفِسٌ؛ وجَفِسَتْ نَفْسُه: خَبُثَتْ مِنْهُ. والجِفْسُ والجَفِيسُ: اللَّئِيمُ مِنَ النَّاسِ مَعَ ضَعْفٍ وفَدامَةٍ، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ جَيْفَسٌ وجِيَفْسٌ مِثْلُ بَيْطر وَبِيَطْر، والأَعرف بِالْحَاءِ. وَفِي النَّوَادِرِ: فُلَانٌ جِفْسٌ وجَفِسٌ أَي ضَخْمٌ جافٍ. والجَفاسَةُ: الاتِّخامُ.
جَلَسَ: الجُلُوسُ: القُعود. جَلَسَ يَجْلِسُ جُلوساً، فَهُوَ جَالِسٌ مِنْ قَوْمٍ جُلُوسٍ وجُلَّاس، وأَجْلَسَه غَيْرُهُ. والجِلْسَةُ: الْهَيْئَةُ الَّتِي تَجْلِسُ عَلَيْهَا، بِالْكَسْرِ، عَلَى مَا يَطَّرِدُ عَلَيْهِ هَذَا النَّحْوُ، وَفِي الصِّحَاحِ: الجِلْسَةُ الْحَالُ الَّتِي يَكُونُ عليها الْجَالِسُ، وَهُوَ حَسَنُ الجِلْسَة. والمَجْلَسُ، بِفَتْحِ اللَّامِ، الْمَصْدَرُ، والمَجلِس: مَوْضِعُ الجُلُوس، وَهُوَ مِنَ الظُّرُوفِ غَيْرِ المُتَعَدِّي إِليها الفعلُ بِغَيْرِ فِي، قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا تَقُولُ هُوَ مَجْلِسُ زَيْدٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
يَا أَيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحوا فِي المَجْلِس
؛ قِيلَ: يعني به مَجْلِسَ النَّبِيِّ،(6/39)
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقرئَ: فِي الْمَجالِسِ
، وَقِيلَ: يَعْنِي بِالْمَجَالِسِ مَجَالِسَ الْحَرْبِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: مَقاعِدَ لِلْقِتالِ. وَرَجُلٌ جُلَسَة مِثَالُ هُمَزَة أَي كَثِيرُ الجُلوس. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ المَجْلِسُ والمَجْلِسَةُ؛ يُقَالُ: ارْزُنْ فِي مَجْلِسِك ومَجْلِسَتِك. والمَجْلِسُ: جَمَاعَةُ الجُلُوس؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَهُمْ مَجْلِسٌ صُهْبُ السِّبال أَذلَّةٌ، ... سَواسِيَةٌ أَحْرارُها وعَبِيدُها
وَفِي الْحَدِيثِ:
وإِن مَجْلِس بَنِي عَوْفٍ يَنْظُرُونَ إِليه
؛ أَي أَهل المجْلِس عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ. يُقَالُ: دَارِي تَنْظُرُ إِلى دَارِهِ إِذَا كَانَتْ تُقَابِلُهَا، وَقَدْ جالَسَه مُجالَسَةً وجِلاساً. وَذَكَرَ بَعْضُ الأَعراب رَجُلًا فَقَالَ: كريمُ النِّحاسِ طَيِّبُ الجِلاسِ. والجِلْسُ والجَلِيسُ والجِلِّيسُ: المُجالِسُ، وَهُمُ الجُلَساءُ والجُلَّاسُ، وَقِيلَ: الجِلْسُ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ والمؤَنث. ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَن المَجْلِسَ والجَلْسَ لَيَشْهَدُونَ بِكَذَا وَكَذَا، يُرِيدُ أَهلَ المَجْلس، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ إِنما هُوَ عَلَى مَا حَكَاهُ ثَعْلَبٌ مِنْ أَن المَجْلِس الْجَمَاعَةُ مِنَ الجُلُوس، وَهَذَا أَشبه بِالْكَلَامِ لِقَوْلِهِ الجَلْس الَّذِي هُوَ لَا مَحَالَةَ اسْمٌ لِجَمْعِ فَاعِلٍ فِي قِيَاسِ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَو جَمْعٌ لَهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِ الأَخفش. وَيُقَالُ: فُلَانٌ جَلِيسِي وأَنا جَلِيسُه وَفُلَانَةُ جَلِيسَتي، وجالَسْتُه فَهُوَ جِلْسي وجَلِيسي، كَمَا تَقُولُ خِدْني وخَديني، وتَجالَسُوا فِي المَجالِسِ. وجَلَسَ الشيءُ: أَقام؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَرْسُ يُزْرَعُ سَنة فَيَجْلِسُ عَشْرَ سِنِينَ أَي يُقِيمُ فِي الأَرض وَلَا يَتَعَطَّلُ، وَلَمْ يُفَسِّرْ يَتَعَطَّلُ. والجُلَّسانُ: نِثار الوَردِ فِي المَجْلِس. والجُلَّسانُ: الْوَرْدُ الأَبيض. والجُلَّسانُ: ضَرْبٌ مِنَ الرَّيْحان؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ الأَعشى:
لَهَا جُلَّسانٌ عِنْدَهَا وبَنَفْسَجٌ، ... وسِيْسَنْبَرٌ والمَرْزَجُوشُ مُنَمْنَما
وآسٌ وخِيْرِيٌّ ومَروٌ وسَوْسَنٌ ... يُصَبِّحُنا فِي كلِّ دَجْنٍ تَغَيَّما
وَقَالَ اللَّيْثُ: الجُلَّسانُ دَخِيلٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كُلَّشان. غَيْرُهُ: والجُلَّسانُ وَرْدٌ يُنْتَفُ وَرَقُهُ وَيُنْثَرُ عَلَيْهِمْ. قَالَ: وَاسْمُ الْوَرْدِ بِالْفَارِسِيَّةِ جُلْ، وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ: هُوَ مُعَرَّبُ كُلْشان هُوَ نِثَارُ الْوَرْدِ. وَقَالَ الأَخفش: الجُلَّسانُ قُبَّةٌ يُنْثَرُ عَلَيْهَا الْوَرْدُ وَالرَّيْحَانُ. والمَرْزَجُوش: هُوَ المَردَقوش وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ أُذن الفأْرة، فَمَرْزُ فأْرة وَجُوشُ أُذنها، فَيَصِيرُ فِي اللَّفْظِ فأْرة أُذن بِتَقْدِيمِ الْمُضَافِ إِليه عَلَى الْمُضَافِ، وَذَلِكَ مُطَّرِدٌ فِي اللُّغَةِ الْفَارِسِيَّةِ، وَكَذَلِكَ دُوغْ باجْ للمَضِيرَة، فَدُوغُ لَبَنٌ حَامِضٌ وَبَاجْ لَوْنٌ، أَي لَوْنُ اللَّبَنِ، وَمِثْلُهُ سِكْباج، فَسِكْ خَلٌّ وَبَاجْ لَوْنٌ، يُرِيدُ لَوْنَ الْخَلِّ. وَالْمُنَمْنَمُ: الْمُصَفَّرُ الْوَرَقِ، وَالْهَاءُ فِي عِنْدَهَا يَعُودُ عَلَى خَمْرٍ ذَكَرَهَا قَبْلَ الْبَيْتِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
فإِن تَكُ أَشْطانُ النَّوى اخْتَلَفَتْ بِنَا، ... كَمَا اختَلَفَ ابْنا جالِسٍ وسَمِيرِ
قَالَ: ابْنَا جَالِسٍ وَسَمِيرٍ طَرِيقَانِ يُخَالِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. وجَلَسَتِ الرَّخَمَةُ: جَثَمَتْ. والجَلْسُ: الْجَبَلُ. وجَبَل جَلْسٌ إِذا كَانَ طَوِيلًا؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
أَوْفى يَظَلُّ عَلَى أَقْذافِ شاهِقَةٍ، ... جَلْسٍ يَزِلُّ بِهَا الخُطَّافُ والحَجَلُ
والجَلْسُ: الْغَلِيظُ مِنَ الأَرض، وَمِنْهُ جَمَلٌ جَلْسٌ وَنَاقَةٌ جَلْسٌ أَي وثيقٌ جَسِيمٌ. وَشَجَرَةٌ جَلْسٌ(6/40)
وشُهْدٌ جَلْسٌ أَي غَلِيظٌ. وَفِي حَدِيثِ النساءِ:
بِزَوْلَةٍ وجَلْسِ.
وَيُقَالُ: امرأَة جَلْسٌ لِلَّتِي تَجْلِسُ فِي الفِناء وَلَا تَبْرَحُ؛ قَالَتِ الخَنْساء:
أَمّا لَياليَ كنتُ جارِيةً، ... فَحُفِفْتُ بالرُّقَباء والجَلْسِ
حَتَّى إِذا مَا الخِدْرُ أَبْرَزَني، ... نُبِذَ الرِّجالُ بِزَوْلَةٍ جَلْسِ
وبِجارَةٍ شَوْهاءَ تَرْقُبُني، ... وحمٍ يَخِرُّ كمَنْبَذِ الحِلْسِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لحُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ، قَالَ: وَلَيْسَ لِلْخَنْسَاءِ كَمَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ، وَكَانَ حُمَيْدٌ خَاطَبَ امرأَة فَقَالَتْ لَهُ: مَا طَمِعَ أَحدٌ فِيَّ قَطُّ، وَذَكَرَتْ أَسبابَ اليَأْسِ مِنْهَا فَقَالَتْ: أَما حِينَ كنتُ بِكْراً فَكُنْتُ مَحْفُوفَةً بِمَنْ يَرْقُبُني وَيَحْفَظُنِي مَحْبُوسَةً فِي مَنْزِلِي لَا أُتْرَكُ أَخْرُجُ مِنْهُ، وأَما حِينَ تزوَّجت وَبَرَزَ وَجْهِي فإِنه نُبِذَ الرجالُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَن يَرَوْنِي بامرأَة زَوْلَةٍ فَطِنَةٍ، تَعْنِي نَفْسَهَا، ثُمَّ قَالَتْ: ورُمِيَ الرجالُ أَيضاً بامرأَة شَوْهَاءَ أَي حَدِيدَةِ الْبَصَرِ تَرْقُبُنِي وَتَحْفَظُنِي وَلِي حَمٌ فِي الْبَيْتِ لَا يَبْرَحُ كالحِلْسِ الَّذِي يَكُونُ لِلْبَعِيرِ تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ أَي هُوَ مُلَازِمٌ لِلْبَيْتِ كَمَا يَلْزَمُ الحِلْسُ بَرْذَعَةَ الْبَعِيرِ، يُقَالُ: هُوَ حِلْسُ بَيْتِهِ إِذا كَانَ لَا يَبْرَحُ مِنْهُ. والجَلْسُ: الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ الشَّدِيدَةُ. والجَلْسُ: مَا ارْتَفَعَ عَنِ الغَوْرِ، وَزَادَ الأَزهري فَخَصَّصَ: فِي بِلَادِ نَجْدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الجَلْسُ نَجْدٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ. وجَلَسَ القومُ يَجْلِسونَ جَلْساً: أَتوا الجَلْسَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَتوا نَجْداً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شِمالَ مَنْ غارَ بهِ مُفْرِعاً، ... وَعَنْ يَمينِ الجالِسِ المُنْجدِ
وَقَالَ عَبْدِ اللَّه بْنِ الزُّبَيْرِ:
قُلْ للفَرَزْدَقِ والسَّفاهَةُ كاسْمِها: ... إِن كنتَ تارِكَ مَا أَمَرْتُكَ فاجْلِسِ
أَي ائْتِ نَجْداً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لمَرْوان بْنِ الحَكَمِ وَكَانَ مَرْوَانُ وَقْتَ وِلَايَتِهِ الْمَدِينَةَ دَفَعَ إِلى الْفَرَزْدَقِ صَحِيفَةً يُوصِلُهَا إِلى بَعْضِ عُمَّالِهِ وأَوهمه أَن فِيهَا عَطِيَّةً، وَكَانَ فِيهَا مِثْلُ مَا فِي صَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ، فَلَمَّا خَرَجَ عَنِ الْمَدِينَةِ كَتَبَ إِليه مَرْوَانُ هَذَا الْبَيْتَ:
ودَعِ المدينةَ إِنَّها مَحْرُوسَةٌ، ... واقْصِدْ لأَيْلَةَ أَو لبيتِ المَقْدِسِ
أَلْقِ الصحيفةَ يَا فَرَزْدَقُ، إِنها ... نَكْراءُ، مِثلُ صَحِيفَةِ المُتَلَمِّسِ
وإِنما فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنَ الْفَرَزْدَقِ أَن يَفْتَحَ الصَّحِيفَةَ فَيَدْرِيَ مَا فِيهَا فَيَتَسَلَّطَ عَلَيْهِ بِالْهِجَاءِ. وجَلَسَ السحابُ: أَتى نَجْداً أَيضاً؛ قَالَ ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّة:
ثُمَّ انْتَهَى بَصَري، وأَصْبَحَ جالِساً ... مِنْهُ لنَجْدٍ طائِفٌ مُتَغَرِّبُ
وَعَدَّاهُ بِاللَّامِ لأَنه فِي مَعْنَى عَامِدًا لَهُ. وَنَاقَةٌ جَلْسٌ: شَدِيدَةٌ مُشْرِفَة شُبِّهَتْ بِالصَّخْرَةِ، وَالْجَمْعُ أَجْلاسٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فأَجْمَعُ أَجْلاساً شِداداً يَسُوقُها ... إِليَّ، إِذا راحَ الرِّعاءُ، رِعائِيا
وَالْكَثِيرُ جِلاسٌ، وجَمَلٌ جَلْسٌ كَذَلِكَ، وَالْجَمْعُ جِلاسٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كُلُّ عَظِيمٍ مِنَ الإِبل وَالرِّجَالِ جَلْسٌ. وَنَاقَةٌ جَلْسٌ وجَمَلٌ جَلْسٌ: وَثِيقٌ جَسِيمٌ، قِيلَ: أَصله جَلْزٌ فَقُلِبَتِ الزَّايُ سِينًا كأَنه جُلِزَ جَلْزاً أَي فُتِلَ حَتَّى اكْتَنَزَ وَاشْتَدَّ أَسْرُه؛ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسَمَّى جَلْساً لِطُولِهِ وَارْتِفَاعِهِ. وَفِي(6/41)
الْحَدِيثِ:
أَنه أَقطع بِلَالَ بن الحرث مَعادِنَ الجَبَلِيَّة غَوريَّها وجَلْسِيَّها
؛ الجَلْسُ: كُلُّ مُرْتَفِعٍ مِنَ الأَرض؛ وَالْمَشْهُورُ فِي الْحَدِيثِ:
معادِنَ القَبَلِيَّة، بِالْقَافِ
، وَهِيَ نَاحِيَةٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: هِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الفُرْعِ. وقِدْحٌ جَلْسٌ: طويلٌ، خِلَافُ نِكْس؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
كَمَتْنِ الذئبِ لَا نِكْسٌ قَصِيرٌ ... فأُغْرِقَه، وَلَا جَلْسٌ عَمُوجُ
وَيُرْوَى غَمُوجٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والجِلْسِيُّ: مَا حَوْلَ الحَدَقَة، وَقِيلَ: ظَاهِرُ الْعَيْنِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ.
فأَضْحَتْ عَلَى ماءِ العُذَيْبِ، وعَيْنُها ... كَوَقْبِ الصَّفا، جِلْسِيُّها قَدْ تَغَوَّرا
ابْنُ الأَعرابي: الجِلْسُ الفَدْمُ، والجَلْسُ الْبَقِيَّةُ مِنَ الْعَسَلِ تَبْقَى فِي الإِناء. ابْنُ سِيدَهْ: والجَلْسُ الْعَسَلُ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ مِنْهُ؛ قَالَ الطِّرماح:
وَمَا جَلْسُ أَبكارٍ أَطاعَ لسَرْحِها ... جَنى ثَمَرٍ، بالوادِيَيْنِ، وَشُوعُ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَيُرْوَى وُشُوعُ، وَهِيَ الضُّرُوبُ. وَقَدْ سُمَّتْ جُلاساً وجَلَّاساً؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ عَنِ الْخَلِيلِ: هُوَ مشتق، واللَّه أَعلم.
جَلْدَسَ: جِلْداسٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
عَجِّلْ لَنَا طعامَنا يَا جِلْداسْ، ... عَلَى الطَّعَامِ يَقْتُلُ الناسُ الناسْ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الجِلْداسِيُّ مِنَ التِّينِ أَجوده يَغْرِسُونَهُ غَرْسًا، وَهُوَ تِينٌ أَسود لَيْسَ بِالْحَالِكِ فِيهِ طُولٌ، وإِذا بَلَغَ انْقَلَعَ بأَذنابه وَبُطُونُهُ بِيضٌ وَهُوَ أَحلى تِينِ الدُّنْيَا، وإِذا تمَّلأَ مِنْهُ الْآكِلُ أَسكره، وَمَا أَقل مَنْ يُقْدِمُ عَلَى أَكله عَلَى الرِّيق لشدَّة حَلَاوَتِهِ.
جمس: الجامِسُ مِنَ النَّبَاتِ: مَا ذَهَبَتْ غُضُوضَتُه ورُطوبته فَوَلَّى وَجَسا. وجَمَسَ الوَدَكُ يَجْمُسُ جَمْساً وجُمُوساً وجَمُس: جَمَدَ، وَكَذَا الماءُ، والماءُ جامِسٌ أَي جَامِدٌ، وَقِيلَ: الجُمُوسُ لِلْوَدَكِ وَالسَّمْنِ والجُمُودُ لِلْمَاءِ؛ وَكَانَ الأَصمعي يَعِيبُ قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
ونَقْري عَبِيطَ اللَّحْمِ والماءُ جامِسُ
وَيَقُولُ: إِنما الجُموس لِلْوَدَكِ.
وَسُئِلَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، عَنْ فأْرَة وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَالَ: إِن كَانَ جامِساً أُلْقيَ مَا حَوْلَهُ وأُكلَ، وإِن كَانَ مَائِعًا أُريقَ كُلُّهُ
؛ أَراد أَن السَّمْنَ إِن كَانَ جَامِدًا أُخِذَ مِنْهُ مَا لَصِقَ الفأْرُ بِهِ فَرُمِيَ وَكَانَ بَاقِيهِ طَاهِرًا، وإِن كَانَ ذَائِبًا حِينَ مَاتَ فِيهِ نَجُسَ كُلُّهُ. وجَمَس وجَمَدَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ودَمٌ جَمِيسٌ: يَابِسٌ. وَصَخْرَةٌ جَامِسَةٌ: يَابِسَةٌ لَازِمَةٌ لِمَكَانِهَا مُقْشَعِرَّةٌ. والجُمْسَةُ: الْقِطْعَةُ الْيَابِسَةُ مِنَ التَّمْرِ. والجُمْسَةُ: الرُّطَبَة الَّتِي رَطُبَتْ كُلُّهَا وَفِيهَا يُبْسٌ. الأَصمعي: يُقَالُ للرُّطَبة والبُسْرَة إِذا دَخَلَهَا كُلَّهَا الإِرْطابُ وَهِيَ صُلْبَة لَمْ تَنْهَضِمْ بَعْدُ فَهِيَ جُمْسَة، وَجَمْعُهَا جُمْسٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَيْرٍ: لَفُطْسٌ خُنْسٌ بزُبْدٍ جُمْسٍ
؛ إِن جعلتَ الجُمْسَ مِنْ نَعَتِ الفُطْسِ وَتُرِيدُ بِهَا التَّمْرَ كَانَ مَعْنَاهُ الصُّلْبَ العَلِكَ، وإِن جَعَلْتَهُ مِنْ نَعْتِ الزُّبْد كَانَ مَعْنَاهُ الْجَامِدَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَهُ الْخَطَابِيُّ، قَالَ: وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ الجَمْسُ، بِالْفَتْحِ، الْجَامِدُ، وَبِالضَّمِّ: جَمْعُ جُمْسَة، وَهِيَ البُسْرَة الَّتِي أَرْطَبت كلُّها وَهِيَ صُلْبَةٌ لَمْ تَنْهَضِمْ بَعْدُ. وَالْجَامُوسُ: الكَمْأَةُ. ابْنُ سِيدَهْ: والجَمامِيسُ الكمأَة، قَالَ: وَلَمْ أَسمع لَهَا بِوَاحِدٍ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ عَنِ الْفَرَّاءِ:
مَا أَنا بِالْغَادِي، وأَكْبَرُ هَمِّه ... جَمامِيسُ أَرْضٍ، فَوْقَهُنَّ طُسُومُ(6/42)
والجامُوسُ: نَوْعٌ مِنَ البَقر، دَخيلٌ، وَجَمْعُهُ جَوامِيسُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بِالْعَجَمِيَّةِ كَوامِيشُ.
جنس: الجِنْسُ: الضَّربُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الطَّيْرِ وَمِنْ حُدُودِ النَحْوِ والعَرُوضِ والأَشياء جملةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا عَلَى مَوْضُوعِ عِبَارَاتِ أَهل اللُّغَةِ وَلَهُ تَحْدِيدٌ، وَالْجَمْعُ أَجناس وجُنُوسٌ؛ قَالَ الأَنصاري يَصِفُ النَّخْلَ:
تَخَيَّرْتُها صالحاتِ الجُنُوسِ، ... لَا أَسْتَمِيلُ وَلَا أَسْتَقِيلُ
والجِنْسُ أَعم مِنَ النَّوْعِ، وَمِنْهُ المُجانَسَةُ والتَجْنِيسُ. وَيُقَالُ: هَذَا يُجانِسُ هَذَا أَي يُشَاكِلُهُ، وَفُلَانٌ يُجانس الْبَهَائِمَ وَلَا يُجانس الناسَ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَمْيِيزٌ وَلَا عَقْلٌ. والإِبل جِنْسٌ مِنَ الْبَهَائِمِ العُجْمِ، فإِذا وَالَيَتْ سِنًّا مِنْ أَسنان الإِبل عَلَى حِدَة فَقَدْ صَنَّفْتَهَا تَصْنِيفًا كأَنك جَعَلْتَ بَنَاتِ الْمَخَاضِ مِنْهَا صِنْفًا وَبَنَاتِ اللَّبُونِ صِنفاً والحِقاق صِنْفاً، وَكَذَلِكَ الجَذَعُ والثَّنيُّ والرُّبَعُ. وَالْحَيَوَانُ أَجناسٌ: فَالنَّاسُ جِنْسٌ والإِبل جِنْسٌ وَالْبَقَرُ جِنْسٌ والشَّاء جِنْسٌ، وَكَانَ الأَصمعي يَدْفَعُ قَوْلَ الْعَامَّةِ هَذَا مُجانِسٌ لِهَذَا إِذا كَانَ مِنْ شَكْلِهِ، وَيَقُولُ: لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ، وَيَقُولُ: إِنه مولَّد. وَقَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ: الأَنواع مَجْنُوسَةٌ للأَجْناسِ كَلَامٌ مولَّد لأَن مِثْلَ هَذَا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ: تَجانَس الشَّيْئَانِ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ أَيضاً إِنما هو توسع. وجئْ بِهِ مِنْ جِنْسِك أَي مِنْ حَيْثُ كَانَ، والأَعرف من حِسِّك [حَسِّك] . التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي: الجَنَسُ جُمُودٌ «2» . وَقَالَ: الجَنَسُ المياه الجامدة.
جنعس: نَاقَةٌ جَنْعَسٌ: قَدْ أَسَنَّتْ وَفِيهَا شِدَّةٌ؛ عَنْ كراع.
جنفس: التَّهْذِيبُ: جَنْفسَ إِذا اتَّخَمَ.
جوس: الجَوْسُ: مَصْدَرُ جاسَ جَوْساً وجَوَساناً، تَرَدَّدَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ
؛ أَي تَرَدَّدُوا بَيْنَهَا لِلْغَارَةِ، وَهُوَ الجَوَسانُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَتَلُوكُمْ بَيْنَ بُيُوتِكُمْ، قَالَ: وجاسُوا وحاسُوا بِمَعْنًى واحد يذهبون ويجيثون؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ
أَي فَطَافُوا فِي خِلَالِ الدِّيَارِ يَنْظُرُونَ هَلْ بَقِيَ أَحد لَمْ يَقْتُلُوهُ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ
أَي تَخَلَّلُوهَا فَطَلَبُوا مَا فِيهَا، كَمَا يَجُوس الرجلُ الأَخبار أَي يَطْلُبُهَا، وَكَذَلِكَ الاجْتِياسُ. والجَوَسان، بِالتَّحْرِيكِ: الطُّوفَانُ بِاللَّيْلِ؛ وَفِي حَدِيثِ
قُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ: جَوْسَة الناظر لَا يَحارُ
أَي شِدَّةُ نَظَرِهِ وَتَتَابُعُهُ فِيهِ، وَيُرْوَى: حَثَّةُ النَّاظِرُ مِنَ الحَثِّ. وكلُّ مَا وُطِئَ، فَقَدْ جِيسَ. والجَوْسُ: كالدَّوس. وَرَجُلٌ جَوَّاسٌ: يَجُوسُ كلَّ شَيْءٍ يَدُوسُه. وَجَاءَ يَجُوسُ الناسَ أَي يَتَخَطَّاهُمْ. والجَوْسُ: طَلَبُ الشَّيْءِ بِاسْتِقْصَاءٍ. الأَصمعي: تَرَكْتُ فُلَانًا يَجُوسُ بَنِي فُلَانٍ ويَحُوسُهم أَي يَدُوسُهُمْ وَيَطْلُبُ فِيهِمْ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
يَجُوسُ عَمارَةً ويَكُفُّ أُخرى ... لَنَا، حَتَّى يُجاوِزَها دَليلُ
يَجُوسُ: يَتَخَلَّلُ. أَبو عُبَيْدٍ: كُلُّ مَوْضِعٍ خَالَطْتَهُ ووَطِئْتَه، فَقَدَ جُسْته وحُسته. والجُوسُ: الجُوع. يُقَالُ: جُوساً لَهُ وبُوساً، كَمَا يُقَالُ: جُوعاً لَهُ ونُوعاً. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: جُوساً لَهُ كَقَوْلِهِ بُوساً لَهُ.
__________
(2) . قوله [الجنس جمود] عبارة القاموس: والجنس، بالتحريك، جمود الماء وغيره.(6/43)
وجُوسُ: اسْمُ أَرض «1» ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَلَمَّا حَبا مِنْ دُونِها رَمْلُ عالِجٍ ... وجُوسٌ، بَدَتْ أَثْباجُهُ ودَجُوجُ
ابْنُ الأَعرابي: جَاسَاهُ عَادَاهُ وَجَاسَاهُ رفوته «2» . وجَوَّاسٌ: اسم.
جيس: جَيْسانُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْد بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وجَيْسانُ: اسم، واللَّه أَعلم.
فصل الحاء المهملة
حبس: حَبَسَه يَحْبِسُه حَبْساً، فَهُوَ مَحْبُوس وحَبِيسٌ، واحْتَبَسَه وحَبَّسَه: أَمسكه عَنْ وَجْهِهِ. والحَبْسُ: ضِدُّ التَّخْلِيَةِ. واحْتَبَسَه واحْتَبَسَ بِنَفْسِهِ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وتَحَبَّسَ عَلَى كَذَا أَي حَبَس نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ. والحُبْسة، بِالضَّمِّ: الِاسْمُ مِنَ الاحْتِباس. يُقَالُ: الصَّمْتُ حُبْسَة. سِيبَوَيْهِ: حَبَسَه ضَبَطَهُ واحْتَبَسَه اتَّخَذَهُ حَبيساً، وَقِيلَ: احْتِباسك إِياه اختصاصُك نَفْسَكَ بِهِ؛ تَقُولُ: احْتَبَسْتُ الشَّيْءَ إِذا اخْتَصَصْتَهُ لِنَفْسِكَ خَاصَّةً. والحَبْسُ والمَحْبَسَةُ والمَحْبِسُ: اسْمُ الْمَوْضِعِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: المَحْبِسُ يَكُونُ مَصْدَرًا كالحَبْس، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ*؛ أَي رُجُوعكم؛ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ؛ أَي الحَيْضِ؛ وَمِثْلُهُ مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ لِلرَّاعِي:
بُنِيَتْ مَرافِقُهُنَّ فوقَ مَزَلَّةٍ، ... لَا يَسْتَطِيعُ بِهَا القُرادُ مَقِيلا
أَي قَيْلُولة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بِمُطَّرِدٍ إِنَّمَا يُقْتَصَرُ مِنْهُ عَلَى مَا سُمِعَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: المَحْبِسُ عَلَى قِيَاسِهِمُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْبَس فِيهِ، والمَحْبَس الْمَصْدَرُ. اللَّيْثُ: المَحْبِسُ يَكُونُ سِجْنًا وَيَكُونُ فِعْلًا كَالْحَبْسِ. وإِبل مُحْبَسَة: داجِنَة كأَنها قَدْ حُبِسَتْ عَنِ الرَّعْي. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: لَا يُحْبَسُ دَرُّكُم
أَي لَا تُحْبَسُ ذواتُ الدَّرِّ، وَهُوَ اللَّبَنُ، عَنِ المَرْعَى بحَشْرِها وسَوْقِها إِلى المُصَدِّقِ ليأْخذ مَا عَلَيْهَا مِنَ الزَّكَاةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الإِضرار بِهَا. وَفِي حَدِيثِ الحُدَيبِية:
حَبَسها حابِسُ الْفِيلِ
؛ هُوَ فِيلُ أَبْرَهَةَ الحَبَشِيِّ الَّذِي جَاءَ يَقْصِدُ خَرَابَ الْكَعْبَةِ فَحَبَس اللَّه الفيلَ فَلَمْ يَدْخُلِ الْحَرَمَ ورَدَّ رأْسَه رَاجِعًا مِنْ حَيْثُ جَاءَ، يَعْنِي أَن اللَّه حَبَسَ نَاقَةَ رَسُولِهِ لَمَّا وَصَلَ إِلى الْحُدَيْبِيَةِ فَلَمْ تَتَقَدَّمْ وَلَمْ تَدْخُلِ الْحَرَمَ لأَنه أَراد أَن يَدْخُلَ مَكَّةَ بِالْمُسْلِمِينَ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: إِن الإِبل ضُمُر حُبْسٌ مَا جُشِّمَتْ جَشِمَتْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَالَ: الحُبُسُ جَمْعُ حَابِسٍ مِنْ حَبَسَه إِذا أَخره، أَي أَنها صَوَابِرُ عَلَى الْعَطَشِ تُؤَخِّرُ الشُّرْبَ، وَالرِّوَايَةُ بالخاء والنون. و [المَحْبِسُ] المَحْبَسُ: مَعْلَفُ الدَّابَّةِ. والمِحْبَسُ: المِقْرَمَةُ يَعْنِي السِّتْرَ، وَقَدْ حَبَسَ الفِراشَ بالمِحْبَس، وَهِيَ المِقْرَمَةُ الَّتِي تُبْسَطُ عَلَى وَجْهِ الفِراشِ لِلنَّوْمِ. وَفِي النَّوَادِرِ: جَعَلَنِي اللَّه رَبيطَةً لِكَذَا وحَبِيسَة أَي تَذْهَبُ فَتَفْعَلُ الشَّيْءَ وأُوخَذُ بِهِ. وزِقٌّ حابِسٌ: مُمْسِك لِلْمَاءِ، وَتُسَمَّى مَصْنَعَة الماءِ حابِساً، والحُبُسُ، بِالضَّمِّ: مَا وُقِفَ. وحَبَّسَ الفَرَسَ فِي سَبِيلِ اللَّه وأَحْبَسَه، فَهُوَ مُحَبَّسٌ وحَبيسٌ، والأُنثى حَبِيسَة، وَالْجَمْعُ حَبائس؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سِبَحْلًا أَبا شِرْخَيْنِ أَحْيا بَناتِه ... مَقالِيتُها، فَهِيَ اللُّبابُ الحَبائِسُ
__________
(1) . قوله [وجوس اسم أرض] الذي في ياقوت: وجوش، بفتح الجيم وسكون الواو وشين معجمة، واستشهد بالبيت على ذلك.
(2) . كذا بالأَصل(6/44)
وَفِي الْحَدِيثِ:
ذَلِكَ حَبيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّه
؛ أَي مَوْقُوفٌ عَلَى الْغُزَاةِ يَرْكَبُونَهُ فِي الْجِهَادِ، والحَبِيسُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَكُلُّ مَا حُبِسَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ حَبيسٌ. اللَّيْثُ: الحَبيسُ الْفَرَسُ يُجْعَلُ حَبِيساً فِي سَبِيلِ اللَّه يُغْزى عَلَيْهِ. الأَزهري: والحُبُسُ جَمْعُ الحَبِيس يَقَعُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَقَفَهُ صَاحِبُهُ وَقْفًا مُحَرَّمًا لَا يُورَثُ وَلَا يُبَاعُ مِنْ أَرض وَنَخْلٍ وَكَرْمٍ ومُسْتَغَلٍّ، يُحَبَّسُ أَصله وَقْفًا مُؤَبَّدًا وتُسَبَّلُ ثَمَرَتُهُ تَقَرُّبًا إِلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا
قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِعُمَرَ فِي نَخْلٍ لَهُ أَراد أَن يَتَقَرَّبَ بِصَدَقَتِهِ إِلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ لَهُ: حَبِّسِ الأَصلَ وسَبِّل الثَّمَرَةَ
؛ أَي اجْعَلْهُ وَقْفًا حُبُساً، وَمَعْنَى تَحْبِيسِهِ أَن لَا يُورَثَ وَلَا يُبَاعَ وَلَا يُوهَبَ وَلَكِنْ يُتْرَكُ أَصله وَيُجْعَلَ ثَمَرُهُ فِي سُبُلِ الْخَيْرِ، وأَما مَا رُوِيَ عَنْ شُرَيْح أَنه قَالَ: جاءَ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بإِطلاق الحُبْس فإِنما أَراد بِهَا الحُبُسَ، هُوَ جَمْعُ حَبِيسٍ، وَهُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ، وأَراد بِهَا مَا كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَحْبِسُونه مِنَ السَّوَائِبِ وَالْبَحَائِرِ وَالْحَوَامِي وَمَا أَشبهها، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ بإِحلال مَا كَانُوا يُحَرِّمُونَ مِنْهَا وإِطلاق مَا حَبَّسوا بِغَيْرِ أَمر اللَّه مِنْهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ فِي كِتَابِ الْهَرَوِيِّ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ لأَنه عَطَفَ عَلَيْهِ الْحُبُسُ الَّذِي هُوَ الْوَقْفُ، فإِن صَحَّ فَيَكُونُ قَدْ خَفَّفَ الضَّمَّةَ، كَمَا قَالُوا فِي جَمْعِ رَغِيفٍ رُغْفٌ، بِالسُّكُونِ، والأَصل الضَّمُّ، أَو أَنه أَراد بِهِ الْوَاحِدَ. قَالَ الأَزهري: وأَما الحُبُسُ الَّتِي وَرَدَتِ السنَّة بِتَحْبِيسِ أَصلها وَتَسْبِيلِ ثَمَرِهَا فَهِيَ جَارِيَةٌ عَلَى مَا سَنَّها الْمُصْطَفَى، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى مَا أَمر بِهِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
أَن خَالِدًا جَعَلَ رَقِيقَه وأَعْتُدَه حُبُساً فِي سَبِيلِ اللَّه
؛ أَي وَقْفًا عَلَى الْمُجَاهِدِينَ وَغَيْرِهِمْ. يُقَالُ: حَبَسْتُ أَحْبِسُ حَبْساً وأَحْبَسْتُ أُحْبِسُ إِحْباساً أَي وَقَفْتُ، وَالِاسْمُ الحُبس، بِالضَّمِّ؛ والأَعْتُدُ: جَمْعُ العَتادِ، وَهُوَ مَا أَعَدَّه الإِنسان مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا حُبْسَ بَعْدَ سُورَةِ النِّسَاءِ
، أَي لَا يُوقَف مَالٌ وَلَا يُزْوَى عَنْ وَارِثِهِ، إِشارة إِلى مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ حَبْس مَالِ الْمَيِّتِ وَنِسَائِهِ، كَانُوا إِذا كَرِهُوا النِّسَاءَ لِقُبْحٍ أَو قِلَّةِ مَالٍ حَبَسُوهُنَّ عَنِ الأَزواج لأَن أَولياء الْمَيِّتِ كَانُوا أَولى بِهِنَّ عِنْدَهُمْ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَوْلُهُ لَا حُبْسَ، يَجُوزُ بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى الْمَصْدَرِ وَبِضَمِّهَا عَلَى الِاسْمِ. والحِبْسُ: كلُّ مَا سدَّ بِهِ مَجْرى الْوَادِي فِي أَيّ مَوْضِعٍ حُبِسَ؛ وَقِيلَ: الحِبْس حِجَارَةٌ أَو خَشَبٌ تُبْنَى فِي مَجْرَى الْمَاءِ لِتَحْبِسَهُ كَيْ يَشْرَبَ القومُ ويَسقوا أَموالَهُم، وَالْجَمْعُ أَحْباس، سُمِّيَ الْمَاءُ بِهِ حِبْساً كَمَا يُقَالُ لَهُ نِهْيٌ؛ قَالَ أَبو زُرْعَةَ التَّيْمِيُّ:
مِنْ كَعْثَبٍ مُسْتَوْفِز المَجَسِّ، ... رَابٍ مُنِيفٍ مثلِ عَرْضِ التُّرْسِ
فَشِمْتُ فِيهَا كعَمُود الحِبْسِ، ... أَمْعَسُها يَا صاحٍ، أَيَّ مَعْسِ
حَتَّى شَفَيْتُ نَفْسَها مِنْ نَفْسي، ... تِلْكَ سُلَيْمَى، فاعْلَمَنَّ، عِرْسِي
الكَعْثَبُ: الرَّكَبُ. والمَعْسُ: النِّكَاحُ مِثْلُ مَعْسِ الأَديم إِذا دُبِغَ ودُلِكَ دَلْكاً شَدِيدًا فَذَلِكَ مَعْسُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سأَل أَين حِبْسُ سَيَل فإِنه يُوشِكُ أَن يَخْرُجَ مِنْهُ نَارٌ تُضِيءُ مِنْهَا أَعناق الإِبل بِبُصْرَى
؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَقِيلَ: هُوَ فلُوقٌ فِي الحَرَّة يَجْتَمِعُ فِيهَا مَاءٌ لَوْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ أُمَّة لَوَسِعَهُمْ. وحِبْسُ سَيَل: اسْمُ مَوْضِعٍ بِحَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ(6/45)
السَّوارِقيَّة مَسِيرَةُ يَوْمٍ، وَقِيلَ: حُبْسُ سَيَل، بِضَمِّ الْحَاءِ، الْمَوْضِعُ الْمَذْكُورُ. والحُباسَة والحِباسَة كالحِبْس؛ أَبو عَمْرٍو: الحَبْس مِثْلُ المَصْنَعة يُجْعَلُ لِلْمَاءِ، وَجَمْعُهُ أَحْباسٌ. والحِبْس: الْمَاءُ الْمُسْتَنْقَعُ، قَالَ اللَّيْثُ: شَيْءٌ يُحْبَسُ بِهِ الْمَاءُ نَحْوَ الحُباسِ [الحِباسِ] فِي المَزْرَفَة يُحْبَس بِهِ فُضول الْمَاءِ، والحُباسة فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: المَزْرَفَة، وهي الحُباسات [الحِباسات] فِي الأَرض قَدْ أَحاطت بالدَّبْرَةِ، وَهِيَ المَشارَةُ يُحْبَسُ فِيهَا الْمَاءُ حَتَّى تمتلئَ ثُمَّ يُساق الْمَاءُ إِلى غَيْرِهَا. ابْنُ الأَعرابي: الحَبْسُ الشَّجَاعَةُ، والحِبْسُ، بِالْكَسْرِ «1» ، حِجَارَةٌ تَكُونُ فِي فُوْهَة النَّهْرِ تَمْنَعُ طُغْيانَ الماءِ. والحِبْسُ: نِطاق الهَوْدَج. والحِبْسُ: المِقْرَمَة. والحِبْسُ: سِوَارٌ مِنْ فِضَّةٍ يُجْعَلُ فِي وَسَطِ القِرامِ، وَهُوَ سِتْرٌ يُجْمَعُ بِهِ ليُضِيء الْبَيْتَ. وكَلأٌ حابسٌ: كَثِيرٌ يَحْبِسُ المالَ. والحُبْسَة والاحْتِباس فِي الْكَلَامِ: التَّوَقُّفُ. وتحَبَّسَ فِي الْكَلَامِ: توقَّفَ. قَالَ الْمُبَرِّدُ فِي بَابِ عِلَلِ اللِّسَانِ: الحُبْسَةُ تَعَذُّرُ الْكَلَامِ عِنْدَ إِرادته، والعُقْلَة الْتِوَاءُ اللِّسَانِ عِنْدَ إِرادة الْكَلَامِ. ابْنُ الأَعرابي: يَكُونُ الْجَبَلُ خَوْعاً أَي أَبيض وَيَكُونُ فِيهِ بُقْعَة سَوْدَاءُ، وَيَكُونُ الجبلُ حَبْساً أَي أَسودَ وَيَكُونُ فِيهِ بُقْعَةٌ بَيْضَاءُ. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:
أَنه بَعَثَ أَبا عُبَيْدَةَ عَلَى الحُبْسِ
؛ قَالَ القُتَيبي: هُمُ الرَّجَّالة، سُمُّوا بِذَلِكَ لِتَحَبُّسِهِمْ عَنِ الرُّكْبَانِ وتأَخرهم؛ قَالَ: وأَحْسِبُ الْوَاحِدَ حَبيساً، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ حَابِسًا كأَنه يَحْبِسُ مَنْ يَسِيرُ مِنَ الرُّكبان بِمَسِيرِهِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَكثر مَا يُرْوَى الحُبَّس، بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا، فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَلَا يَكُونُ وَاحِدُهَا إِلا حَابِسًا كَشَاهِدٍ وشُهَّد، قَالَ: وأَما حَبيس فَلَا يُعْرَفُ فِي جَمْعِ فَعِيل فُعَّلٌ، وإِنما يُعْرَفُ فِيهِ فُعُل كنَذِير ونُذُر، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الحُبُسُ، بِضَمِّ الْبَاءِ وَالتَّخْفِيفِ، الرَّجَّالة، سُمُّوا بِذَلِكَ لِحَبْسِهِمُ الْخَيَّالَةَ ببُطْءِ مَشْيِهِمْ، كأَنه جَمْعُ حَبُوس، أَو لأَنهم يَتَخَلَّفُونَ عَنْهُمْ وَيَحْتَبِسُونَ عَنْ بُلُوغِهِمْ كأَنه جَمْعُ حَبِيسٍ؛ الأَزهري: وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
حَتْف الحِمام والنُّحُوسَ النُّحَّسا
الَّتِي لَا يَدْرِي كَيْفَ يَتَّجِهُ لَهَا.
وحابَسَ الناسُ الأُمُورَ الحُبَّسا
أَراد: وحابَسَ الناسَ الحُبَّسُ الأُمورُ، فَقَلَبَهُ وَنَصَبَهُ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. وَقَدْ سَمَّتْ حابِساً وحَبِيساً، والحَبْسُ: مَوْضِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ ذَاتَ حَبِيس، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ. وحَبِيس أَيضاً: مَوْضِعٌ بالرَّقَّة بِهِ قُبُورُ شُهَدَاءِ صِفِّينَ. وحابِسٌ: اسْمُ أَبي الأَقرع التميمي.
حبرقس: الحَبَرْقَسُ: الضَّئِيلُ مِنَ البِكارَةِ والحُملان، وَقِيلَ: هُوَ الصَّغِيرُ الخَلْقِ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ. والحَبَرْقَسُ: صِغَارُ الإِبل، وَهُوَ بِالصَّادِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي تَرْجَمَةِ حَبَرْقَصَ.
حبلبس: الحَبَلْبَسُ: الْحَرِيصُ اللَّازِمُ لِلشَّيْءِ وَلَا يُفَارِقُهُ كالحَلْبَسِ.
حدس: الأَزهري: الحَدْسُ التَّوَهُّمُ فِي مَعَانِي الْكَلَامِ والأُمور؛ بَلَغَنِي عَنْ فُلَانٍ أَمر وأَنا أَحْدُسُ فِيهِ أَي أَقول بِالظَّنِّ وَالتَّوَهُّمِ. وحَدَسَ عَلَيْهِ ظَنُّهُ يَحْدِسه ويَحْدُسُه حَدْساً: لَمْ يُحَقِّقْهُ. وتَحَدَّسَ أَخبارَ النَّاسِ وَعَنْ أَخبار الناس: تَخَيَّر عَنْهَا وأَراغها لِيَعْلَمَهَا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْرِفُونَ بِهِ. وبَلَغَ بِهِ الحِدَاسَ أَي الأَمرَ الَّذِي ظَنَّ أَنه الْغَايَةَ الَّتِي يَجْرِي إِليها وأَبعد، ولا
__________
(1) . قوله [والحبس بالكسر] حكى المجد فتح الحاء أَيضاً(6/46)
تَقُلِ الإِدَاسَ: وأَصلُ الحَدْسِ الرَّمْيُ، وَمِنْهُ حَدْسُ الظَّنِّ إِنما هُوَ رَجْمٌ بِالْغَيْبِ. والحَدْسُ: الظَّنُّ وَالتَّخْمِينُ. يُقَالُ: هُوَ يَحْدِس، بِالْكَسْرِ، أَي يَقُولُ شَيْئًا برأَيه. أَبو زَيْدٍ: تَحَدَّسْتُ عَنِ الأَخبار تَحَدُّساً وتَنَدَّسْتُ عَنْهَا تَنَدُّساً وتَوَجَّسْت إِذا كُنْتَ تُرِيغُ أَخبار النَّاسِ لِتَعْلَمَهَا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ. وَيُقَالُ: حَدَسْتُ عَلَيْهِ ظَنِّي ونَدَسْتُه إِذا ظَنَنْتَ الظَّنَّ وَلَا تَحُقُّه. وحَدَسَ الكلامَ عَلَى عواهِنِه: تَعَسَّفه وَلَمْ يَتَوَقَّه. وحَدَسَ النَّاقَةَ يَحْدِسُها حَدْساً: أَناخها، وَقِيلَ: أَناخها ثُمَّ وَجَأَ بشَفْرَتِه فِي مَنْحَرِهَا. وحَدَس بِالنَّاقَةِ: أَناخها، وَفِي التَّهْذِيبِ؛ إِذا وَجَأَ فِي سَبَلتها، والسَّبَلَةُ هَاهُنَا: نَحْرُها. يُقَالُ: ملأَ الْوَادِي إِلى أَسبالِه أَي إِلى شفاهِه. وحَدَسْتُ فِي لَبَّةِ الْبَعِيرِ أَي وَجَأْتها. وحَدَس الشاةَ يَحْدِسها حَدْساً: أَضجعها لِيَذْبَحَهَا. وحَدَسَ بِالشَّاةِ: ذَبَحَهَا. وَمِنْهُ الْمَثَلُ السَّائِرُ: حَدَسَ لَهُمْ بمُطْفِئَةِ الرَّضْفِ؛ يَعْنِي الشَّاةَ الْمَهْزُولَةَ، وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنه ذَبَحَ لأَضيافه شَاةً سَمِينَةً أَطفأَت مِنْ شَحْمِهَا تِلْكَ الرَّضْف. وَقَالَ ابْنُ كناسَةَ: تَقُولُ الْعَرَبُ: إِذا أَمسى النَّجْمُ قِمَّ الرأْس فَعُظْماها فاحْدِسْ؛ مَعْنَاهُ انْحَرْ أَعظم الإِبل. وحَدَس بِالرَّجُلِ يَحْدِسُ حَدْساً، فَهُوَ حَدِيسٌ: صَرَعَه؛ قال معديكرب:
لِمَنْ طَلَلٌ بالعَمْقِ أَصْبَحَ دارِسا؟ ... تَبَدَّلَ آرَامًا وعِيناً كَوانِسا
تَبَدَّلَ أُدْمانَ الظِّباءِ وحَيْرَماً، ... وأَصْبَحْتُ فِي أَطلالِها اليومَ جالِسا
بمُعْتَرَكٍ شَطَّ الحُبَيَّا تَرَى بِهِ، ... مِنَ الْقَوْمِ، مَحْدُوساً وَآخَرَ حادِسا
العَمْقُ: مَا بَعُدَ مِنْ طَرَفِ الْمَفَازَةِ. وَالْآرَامُ: الظِّبَاءُ الْبِيضُ الْبُطُونِ. والعِينُ: بَقَرُ الْوَحْشِ. والكَوانِسُ: الْمُقِيمَةُ فِي أَكنستها. وَكِنَاسُ الظَّبْيِ وَالْبَقَرَةِ: بَيْتُهُمَا. والحُبَيَّا: مَوْضِعٌ. وشَطُّه: نَاحِيَتُهُ. والحَيْرَمُ: بَقَرُ الْوَحْشِ، الْوَاحِدَةُ حَيرمة. وحَدَسَ بِهِ الأَرض حَدْساً: ضَرَبَهَا بِهِ. وحَدَسَ الرجلَ: وَطِئَه. والحَدْسُ: السُّرْعَةُ والمُضِيُّ عَلَى اسْتِقَامَةٍ، وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: سَيْرٌ حَدْسٌ؛ قَالَ:
كأَنها مِنْ بَعْدِ سَيْرٍ حَدْسِ
فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا صِفَةٌ وَقَدْ يَكُونُ بَدَلًا. وحَدَسَ فِي الأَرض يَحْدِسُ حَدْساً: ذَهَبَ. والحَدْسُ: الذَّهَابُ فِي الأَرض عَلَى غَيْرِ هِدَايَةٍ. قَالَ الأَزهري: الحَدْسُ فِي السَّيْرِ سُرْعَةٌ ومضيٌّ عَلَى غَيْرِ طَرِيقَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ. الأُمَوِيُّ: حَدَس فِي الأَرض وعَدَسَ يَحْدِسُ ويَعْدِسُ إِذا ذَهَبَ فِيهَا. وَبَنُو حَدَسٍ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ؛ قَالَ:
لَا تَخْبِزا خَبْزاً وبُسّا بَسَّا، ... مَلْساً بذَوْدِ الحَدَسِيِّ مَلْسا
وحَدَسٌ: اسْمُ أَبي حيٍّ مِنَ الْعَرَبِ وحَدَسْتُ بِسَهْمٍ: رَمَيْتُ. وحَدَسْتُ بِرِجْلِي الشَّيْءَ أَي وَطِئْتُه. وحَدَسْ: زَجْرٌ لِلْبِغَالِ كعَدَسْ، وَقِيلَ: حَدَسْ وعَدَسْ اسْمَا بَغَّالَيْن عَلَى عَهْدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، كَانَا يَعْنُفانِ عَلَى البِغالِ، فإِذا ذُكِرَا نَفَرَتْ خَوْفًا مِمَّا كَانَتْ تَلْقَى مِنْهُمَا؛ قَالَ:
إِذا حَمَلْتُ بِزَّتي عَلَى حَدَسْ
وَالْعَرَبُ تَخْتَلِفُ فِي زَجْرِ الْبِغَالِ فَبَعْضٌ يَقُولُ: عَدَسْ، وَبَعْضٌ يَقُولُ: حَدَسْ؛ قَالَ الأَزهري: وعَدَسْ أَكثر مِنْ حَدَسْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُفَرِّع:
عَدَسْ مَا لعَبَّادٍ عليكِ إِمارَةٌ ... نَجَوْت، وَهَذَا تَحْمِلينَ طَلِيقُ(6/47)
جَعَلَ عَدَسْ اسْمًا لِلْبَغْلَةِ، سماها بالزَّجْرِ: عَدَسْ.
حرس: حَرَسَ الشَّيْءَ يَحْرُسُه ويَحْرِسُه حَرْساً: حَفِظَهُ؛ وَهُمُ الحُرَّاسُ والحَرَسُ والأَحْراسُ. واحْتَرس مِنْهُ: تَحَرَّزَ. وتَحَرَّسْتُ مِنْ فُلَانٍ واحْتَرَسْتُ مِنْهُ بِمَعْنًى أَي تَحَفَّظْتُ مِنْهُ. وَفِي الْمَثَلِ: مُحْتَرِسٌ مِنْ مِثْلِهِ وَهُوَ حارِسٌ؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُؤْتَمَنُ عَلَى حِفْظِ شَيْءٍ لَا يُؤْمَنُ أَن يَخُونَ فِيهِ. قَالَ الأَزهري: الْفِعْلُ اللَّازِمُ يَحْتَرِسُ كأَنه يَحْتَرِزُ، قَالَ: وَيُقَالُ حارسٌ وحَرَسٌ لِلْجَمِيعِ كَمَا يُقَالُ خادِمٌ وخَدَمٌ وعاسٌّ وعَسَسٌ. والحَرَسُ: حَرَسُ السُّلْطَانِ، وَهُمُ الحُرَّاسُ، الْوَاحِدُ حَرَسِيٌّ، لأَنه قَدْ صَارَ اسْمَ جِنْسٍ فَنُسِبَ إِليه، وَلَا تَقُلْ حارِسٌ إِلا أَن تَذْهَبَ بِهِ إِلى مَعْنَى الحِراسَة دُونَ الْجِنْسِ. وَفِي مُعَاوِيَةُ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه تَنَاوَلَ قُصَّة شَعَرٍ كَانَتْ فِي يَدِ حَرَسِيٍّ؛ الْحَرَسِيُّ، بِفَتْحِ الراءِ: وَاحِدُ الحُرَّاس. والحَرَس وَهُمْ خَدَمُ السُّلْطَانِ الْمُرَتَّبُونَ لِحِفْظِهِ وحِراسَتِه. وَالْبِنَاءُ الأَحْرَسُ: هُوَ الْقَدِيمُ العادِيُّ الَّذِي أَتى عَلَيْهِ الحَرْس، وَهُوَ الدَّهْرُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبِنَاءُ أَحْرَسُ أَصم. وحَرَسَ الإِبل وَالْغَنَمَ يَحْرُسها [يَحْرِسها] واحْتَرَسَها: سَرَقَهَا لَيْلًا فأَكلها، وَهِيَ الحَرائِس. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن غِلْمَةً لِحَاطِبِ بْنِ أَبي بَلْتَعَةَ احْتَرَسُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ فَانْتَحَرُوهَا.
وَقَالَ شَمِرٌ: الاحْتِراسُ أَن يؤْخذ الشَّيْءُ مِنَ الْمَرْعَى، وَيُقَالَ لِلَّذِي يَسْرِقُ الْغَنَمَ: مُحْتَرِس، وَيُقَالُ لِلشَّاةِ الَّتِي تُسْرَق: حَرِيسَة. الْجَوْهَرِيُّ: الحَريسَة الشَّاةُ تُسْرَقُ لَيْلًا. والحَريسة: السَّرِقَةُ. والحَريسَة أَيضاً: مَا احْتُرِس مِنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَريسَة الْجَبَلِ لَيْسَ فِيهَا قَطْع
؛ أَي لَيْسَ فِيمَا يُحْرَس بِالْجَبَلِ إِذا سُرِق قَطْعٌ لأَنه لَيْسَ بِحِرْزٍ. والحَريسَة، فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ أَي أَن لَهَا مَنْ يَحْرُسها وَيَحْفَظُهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الحَريسَة السَّرِقَةَ نَفْسَهَا. يُقَالُ: حَرَس يَحْرِس حَرْساً إِذا سَرَقَ، فَهُوَ حَارِسٌ ومُحْتَرِس، أَي لَيْسَ فِيمَا يُسْرَق مِنَ الْجَبَلِ قَطْعٌ. وَفِي الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَنه سُئِلَ عَنْ حَرِيسَةِ الْجَبَلِ فَقَالَ: فيها غُرْم مِثْلِهَا وجَلَداتٌ نَكَالًا فإِذا آوَاهَا المُراح فَفِيهَا الْقَطْعُ.
وَيُقَالُ لِلشَّاةِ الَّتِي يُدْرِكُهَا اللَّيْلُ قَبْلَ أَن تَصِلَ إِلى مُراحِها: حَرِيسة. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: ثمن الحَريسَة حَرَامٌ لِعَيْنِهَا
أَي أَكل الْمَسْرُوقَةِ وَبَيْعُهَا وأَخذ ثَمَنِهَا حَرَامٌ كُلُّهُ. وَفُلَانٌ يأْكل الحِراساتِ إِذا تَسَرَّق غَنَمَ النَّاسِ فأَكلها. وَالِاحْتِرَاسُ أَن يُسْرَق الشَّيْءُ مِنَ الْمَرْعَى. والحَرْسُ: وَقْتٌ مِنَ الدَّهْرِ دُونَ الحُقْب. والحَرْسُ: الدَّهْرُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
فِي نِعْمَةٍ عِشْنا بِذَاكَ حَرْسا
وَالْجَمْعُ أَحْرُس؛ قَالَ:
وقَفْتُ بعَرَّافٍ عَلَى غيرِ مَوْقِف، ... عَلَى رَسْمِ دارٍ قَدْ عَفَتْ مُنذُ أَحْرُسِ
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لِمَنْ طَلَلٌ داثِرٌ آيُهُ، ... تَقادَمَ فِي سالِف الأَحْرُسِ؟
والمُسْنَدُ: الدَّهْرُ. وأَحْرَسَ بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ حَرْساً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وإِرَمٌ أَحْرَسُ فوقَ عَنْزِ
العَنْز: الأَكَمَة الصَّغِيرَةُ. والإِرَمُ: شِبْهُ عَلَمٍ يُبْنى فَوْقَ القارَة يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ. قَالَ الأَزهري: والعَنْزُ قَارَةٌ سَوْدَاءُ، وَيُرْوَى:
وإِرَمٌ أَعْيَسُ فَوْقَ عَنْزٍ
والمِحْراسُ: سَهْمٌ عَظِيمُ الْقَدْرِ. والحَرُوسُ: مَوْضِعٌ.(6/48)
والحَرْسانِ: الجَبَلانِ يُقَالُ لأَحدهما حَرْسُ قَسا؛ وَقَالَ:
هُمُ ضَرَبُوا عَنْ قَرْحِها بِكَتِيبَةٍ، ... كبَيْضاءِ حَرْسٍ فِي طَرائِقِها الرَّجْلُ «2»
الْبَيْضَاءُ: هَضْبَةٌ فِي الجَبَلِ.
حربس: أَرض حَرْبَسِيسٌ: صُلْبَة كعَرْبَسيس.
حرقس: الحُرْقُوسُ: لُغَةٌ فِي الحُرْقُوص وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي باب الصاد.
حرمس: الحِرْمِسُ: الأَمْلَسُ. والحِرْماسُ: الأَمْلَسُ. وأَرض حِرْماس: صُلبة شَدِيدَةٌ. أَبو عَمْرٍو: بَلَدٌ حِرْماس أَي أَملس؛ وأَنشد:
جاوَزْنَ رَمْلَ أَيْلَةَ الدَّهَاسا، ... وبَطْنَ لُبْنَى بَلَداً حِرْماسا
وسِنونَ حَرامِسُ أَي شِدادٌ مُجْدِبَةٌ، واحدها حِرْمِسٌ.
حسس: الحِسُّ والحَسِيسُ: الصوتُ الخَفِيُّ؛ قَالَ اللَّه تَعَالَى: لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها
. والحِسُّ، بِكَسْرِ الْحَاءِ: مِنْ أَحْسَسْتُ بِالشَّيْءِ. حسَّ بِالشَّيْءِ يَحُسُّ حَسّاً وحِسّاً وحَسِيساً وأَحَسَّ بِهِ وأَحَسَّه: شَعَرَ بِهِ؛ وأَما قَوْلُهُمْ أَحَسْتُ بِالشَّيْءِ فَعَلَى الحَذْفِ كَرَاهِيَةَ الْتِقَاءِ الْمِثْلَيْنِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ فِي كُلِّ بِنَاءٍ يُبْنى اللَّامُ مِنَ الْفِعْلِ مِنْهُ عَلَى السُّكُونِ وَلَا تَصِلُ إِليه الْحَرَكَةُ شَبَّهُوهَا بأَقَمْتُ. الأَزهري: وَيُقَالُ هَلْ أَحَسْتَ بِمَعْنَى أَحْسَسْتَ، وَيُقَالُ: حَسْتُ بِالشَّيْءِ إِذا عَلِمْتَهُ وَعَرَفْتَهُ، قَالَ: وَيُقَالُ أَحْسَسْتُ الخبَرَ وأَحَسْتُه وحَسَيتُ وحَسْتُ إِذا عَرَفْتُ مِنْهُ طَرَفاً. وَتَقُولُ: مَا أَحْسَسْتُ بِالْخَبَرِ وَمَا أَحَسْت وَمَا حَسِيتُ ما حِسْتُ أَي لَمْ أَعرف مِنْهُ شَيْئًا «3» . قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَالُوا حَسِسْتُ بِهِ وحَسَيْتُه وحَسِيت بِهِ وأَحْسَيْتُ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ محوَّل التَّضْعِيفِ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الحِسُّ. قَالَ الْفَرَّاءُ: تَقُولُ مِنْ أَين حَسَيْتَ هَذَا الْخَبَرَ؛ يُرِيدُونَ مِنْ أَين تَخَبَّرْته. وحَسِسْتُ بِالْخَبَرِ وأَحْسَسْتُ بِهِ أَي أَيقنت بِهِ. قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا حَسِيتُ بِالْخَبَرِ وأَحْسَيْتُ بِهِ، يُبْدِلُونَ مِنَ السِّينِ يَاءً؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
خَلا أَنَّ العِتاقَ مِنَ المَطايا ... حَسِينَ بِهِ، فَهُنَّ إِليه شُوسُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَبو عُبَيْدَةَ يَرْوِي بَيْتَ أَبي زُبَيْدٍ:
أَحَسْنَ بِهِ فَهُنَّ إِلَيْهِ شُوسُ
وأَصله أَحْسَسْنَ، وَقِيلَ أَحْسَسْتُ؛ مَعْنَاهُ ظَنَنْتُ وَوَجَدْتُ. وحِسُّ الحمَّى وحِساسُها: رَسُّها وأَولها عند ما تُحَسُّ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الأَزهري: الحِسُّ مَسُّ الحُمَّى أَوّلَ مَا تَبْدأُ، وَقَالَ الأَصمعي: أَول مَا يَجِدُ الإِنسان مَسَّ الْحُمَّى قَبْلَ أَن تأْخذه وَتَظْهَرَ، فَذَلِكَ الرَّسُّ، قَالَ: وَيُقَالُ وَجَدَ حِسّاً مِنَ الْحُمَّى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِرَجُلٍ مَتَى أَحْسَسْتَ أُمَّ مِلْدَمٍ؟
أَي مَتَى وَجَدْتَ مَسَّ الْحُمَّى. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الإِحْساسُ الْعِلْمُ بالحواسِّ، وَهِيَ مَشاعِرُ الإِنسان كَالْعَيْنِ والأُذن والأَنف وَاللِّسَانِ وَالْيَدِ، وحَواسُّ الإِنسان: الْمَشَاعِرُ الْخَمْسُ وَهِيَ
__________
(2) . قوله [عن قرحها] الذي في ياقوت: عن وجهها.
(3) . عبارة المصباح: وأحس الرجل الشيء إحساساً علم به، وربما زيدت الباء فقيل: أحسّ به على معنى شعر به. وحسست به من باب قتل لغة فيه، والمصدر الحس، بالكسر، ومنهم من يخفف الفعلين بالحذف يقول: أحسته وحست به، ومنهم من يخفف فيهما بإبدال السين ياء فيقول: حسيت وأَحسيت وحسست بالخبر من باب تعب ويتعدى بنفسه فيقال: حسست الخبر، من باب قتل. انتهى. باختصار.(6/49)
الطَّعْمُ وَالشَّمُّ وَالْبَصَرُ وَالسَّمْعُ وَاللَّمْسُ. وحَواسُّ الأَرض خَمْسٌ: البَرْدُ والبَرَدُ وَالرِّيحُ وَالْجَرَادُ وَالْمَوَاشِي. والحِسُّ: وَجَعٌ يُصِيبُ المرأَة بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَقِيلَ: وجع الولادة عند ما تُحِسُّها، وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه مَرَّ بامرأَة قَدْ وَلَدَتْ فَدَعَا لَهَا بِشَرْبَةٍ مِنْ سَوِيقٍ وَقَالَ: اشْرَبِي هَذَا فإِنه يَقْطَعُ الحِسَّ.
وتَحَسَّسَ الْخَبَرَ: تطلَّبه وتبحَّثه. وَفِي التنزيل: يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ
. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تَحَسَّسْ فُلَانًا وَمِنْ فُلَانٍ أَي تَبَحَّثْ، وَالْجِيمُ لِغَيْرِهِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تَحَسَّسْت الْخَبَرَ وتَحَسَّيته، وَقَالَ شَمِرٌ: تَنَدَّسْتُه مِثْلُهُ. وَقَالَ أَبو مُعَاذٍ: التَحَسُّسُ شِبْهُ التَّسَمُّعِ وَالتَّبَصُّرُ؛ قَالَ: والتَجَسُّسُ، بِالْجِيمِ، الْبَحْثُ عَنِ الْعَوْرَةِ، قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا. ابْنُ الأَعرابي: تَجَسَّسْتُ الْخَبَرَ وتَحَسَّسْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وتَحَسَّسْتُ مِنَ الشَّيْءِ أَي تَخَبَّرت خَبَرَهُ. وحَسَّ مِنْهُ خَبَرًا وأَحَسَّ، كِلَاهُمَا: رأَى. وَعَلَى هَذَا فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ
. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا أَحسَّ مِنْهُمْ أَحداً أَي مَا رأَى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ
، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ
، مَعْنَاهُ هَلْ تُبْصِرُ هَلْ تَرى؟ قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ يَقُولُ ناشِدُهم لِضَوالِّ الإِبل إِذا وَقَفَ عَلَى «1» ... أَحوالًا وأَحِسُّوا نَاقَةً صِفَتُهَا كَذَا وَكَذَا؛ وَمَعْنَاهُ هَلْ أَحْسَستُم نَاقَةً، فجاؤوا بِهِ عَلَى لَفْظِ الأَمر؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ
، وَفِي قَوْلِهِ: هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ
، مَعْنَاهُ: فَلَمَّا وَجَد عِيسَى، قَالَ: والإِحْساسُ الْوُجُودُ، تَقُولُ فِي الْكَلَامِ: هَلْ أَحْسَسْتَ مِنْهُمْ مِنْ أَحد؟ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى أَحَسَّ عَلِمَ وَوَجَدَ فِي اللُّغَةِ. وَيُقَالُ: هَلْ أَحسَست صَاحِبَكَ أَي هَلْ رأَيته؟ وَهَلْ أَحْسَسْت الْخَبَرَ أَي هَلْ عَرَفْتَهُ وَعَلِمْتَهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ
؛ أَي رأَى. يُقَالُ: أَحْسَسْتُ مِنْ فُلَانٍ مَا سَاءَنِي أَي رأَيت. قَالَ: وَتَقُولُ الْعَرَبُ مَا أَحَسْتُ مِنْهُمْ أَحداً، فَيَحْذِفُونَ السِّينَ الأُولى، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً، وَقَالَ: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ، وَقُرِئَ:
فَظِلْتُم
، أُلقيت اللَّامُ الْمُتَحَرِّكَةُ وَكَانَتْ فَظَلِلْتُم. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: سَمِعْتُ أَبا الْحَسَنِ يَقُولُ: حَسْتُ وحَسِسْتُ ووَدْتُ ووَدِدْتُ وهَمْتُ وهَمَمْتُ. وَفِي حَدِيثِ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: فَهَجَمْتُ على رجلين فلقت هَلْ حَسْتُما مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَا: لَا.
وَفِي خَبَرِ
أَبي العارِم: فَنَظَرْتُ هَلْ أُحِسُّ سَهْمِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا
أَي نَظَرْتُ فَلَمْ أَجده. وَقَالَ: لَا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار؛ زَعَمُوا أَن رَجُلَيْنِ كَانَا يُوقِدَانِ بِالطَّرِيقِ نَارًا فإِذا مرَّ بِهِمَا قَوْمٌ أَضافاهم، فمرَّ بِهِمَا قَوْمٌ وَقَدْ ذَهَبَا، فَقَالَ رَجُلٌ: لَا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النَّارِ، وَقِيلَ: لَا حَسَاسَ من ابني موقد النار، لَا وُجُودَ، وَهُوَ أَحسن. وَقَالُوا: ذَهَبَ فُلَانٌ فَلَا حَساسَ بِهِ أَي لَا يُحَسُّ بِهِ أَو لَا يُحَسُّ مَكَانُهُ. والحِسُّ والحَسِيسُ: الَّذِي تَسْمَعُهُ مِمَّا يَمُرُّ قَرِيبًا مِنْكَ وَلَا تَرَاهُ، وَهُوَ عامٌّ فِي الأَشياء كُلِّهَا؛ وأَنشد فِي صِفَةِ بازٍ:
تَرَى الطَّيْرَ العِتاقَ يَظَلْنَ مِنْهُ ... جُنُوحاً، إِن سَمِعْنَ لَهُ حَسِيسا
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها
أَي لَا يَسْمَعُونَ حِسَّها وَحَرَكَةَ تَلَهُّبِها. والحَسيسُ والحِسُّ: الْحَرَكَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ فَسَمِعَ حِسَّ حَيَّةٍ
؛ أَي حَرَكَتَهَا وَصَوْتَ مَشْيِهَا؛ وَمِنْهُ
__________
(1) . كذا بياض بالأَصل.(6/50)
الْحَدِيثُ:
إِن الشَّيْطَانَ حَسَّاس لَحَّاسٌ
؛ أَي شَدِيدُ الحسِّ والإِدراك. وَمَا سُمِعَ لَهُ حِسّاً وَلَا جِرْساً؛ الحِسُّ مِنَ الْحَرَكَةِ والجِرْس مِنَ الصَّوْتِ، وَهُوَ يَصْلُحُ للإِنسان وَغَيْرِهِ؛ قَالَ عَبْدُ مَناف بْنُ رِبْعٍ الهُذَليّ:
وللقِسِيِّ أَزامِيلٌ وغَمْغَمَةٌ، ... حِسَّ الجَنُوبِ تَسُوقُ الماءَ والبَرَدا
والحِسُّ: الرَّنَّةُ. وجاءَ بِالْمَالِ مِنْ حِسِّه وبِسِّه وحَسِّه وبَسِّه، وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنْ حَسِّه وعَسِّه أَي مِنْ حَيْثُ شاءَ. وجئني مِنْ حَسِّك وبَسِّك؛ مَعْنَى هَذَا كُلِّهِ مِنْ حَيْثُ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: تأْويله جِئْ بِهِ مِنْ حَيْثُ تُدركه حاسَّةٌ مِنْ حَوَاسِّكَ أَو يُدركه تَصَرُّفٌ مِنْ تَصَرُّفِك. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن رَجُلًا قَالَ: كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ فطلبتُ نَفْسَها، فقالت: أَو تُعْطيني مِائَةَ دِينَارٍ؟ فَطَلَبْتُهَا مِنْ حِسِّي [حَسِّي] وبِسِّي [بَسِّي]
؛ أَي مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. وحَسِّ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ وَتَرْكِ التَّنْوِينِ: كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ الأَلم. وَيُقَالُ: إِني لأَجد حِسّاً مِنْ وَجَعٍ؛ قَالَ العَجَّاجُ:
فَمَا أَراهم جَزَعاً بِحِسِّ، ... عَطْفَ البَلايا المَسَّ بَعْدَ المَسِ
وحَرَكاتِ البَأْسِ بَعْدَ البَأْسِ، ... أَن يَسْمَهِرُّوا لضِراسِ الضَّرْسِ
يَسْمَهِرُّوا: يَشْتَدُّوا. والضِّراس: المُعاضَّة. والضَّرْسُ: العَضُّ. وَيُقَالُ: لآخُذَنَّ مِنْكَ الشَّيْءَ بِحَسٍّ أَو بِبَسٍّ أَي بمُشادَّة أَو رِفْقٍ، وَمِثْلُهُ: لَآخُذَنَّهُ هَوْناً أَو عَتْرَسَةً. وَالْعَرَبُ تَقُولُ عِنْدَ لَذْعة النَّارِ وَالْوَجَعِ الحادِّ: حَسِّ بَسِّ، وضُرِبَ فَمَا قَالَ حَسٍّ وَلَا بَسٍّ، بِالْجَرِّ وَالتَّنْوِينِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجُرُّ وَلَا ينوِّن، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُ الْحَاءَ وَالْبَاءَ فَيَقُولُ: حِسٍّ وَلَا بِسٍّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ حَسّاً وَلَا بَسّاً، يَعْنِي التَّوَجُّعَ. وَيُقَالُ: اقْتُصَّ مِنْ فُلَانٍ فَمَا تَحَسَّسَ أَي مَا تَحَرَّك وَمَا تَضَوَّر. الأَزهري: وَبَلَغَنَا أَن بَعْضَ الصَّالِحِينَ كَانَ يَمُدُّ إِصْبعه إِلى شُعْلَة نَارٍ فإِذا لَذَعَتْهُ قَالَ: حَسِّ حَسِّ كَيْفَ صَبْرُكَ عَلَى نَارِ جَهَنَّمَ وأَنت تَجْزَعُ مِنْ هَذَا؟ قَالَ الأَصمعي: ضَرَبَهُ فَمَا قَالَ حَسِّ، قَالَ: وَهَذِهِ كَلِمَةٌ كَانَتْ تُكْرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وحَسِّ مِثْلُ أَوَّهْ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا صَحِيحٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه وَضَعَ يَدَهُ فِي البُرْمَة ليأْكل فَاحْتَرَقَتْ أَصابعه فَقَالَ: حَسِ
؛ هي بِكَسْرِ السِّينِ وَالتَّشْدِيدِ، كَلِمَةٌ يَقُولُهَا الإِنسان إِذا أَصابه مَا مَضَّه وأَحرقه غَفْلَةً كالجَمْرة والضَّرْبة وَنَحْوِهَا. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: حِينَ قُطِعَتْ أَصابعه يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: حَسِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ قُلْتَ بِسْمِ اللَّه لَرَفَعَتْكَ الْمَلَائِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان لَيْلَةَ يَسْري فِي مَسِيره إِلى تَبُوك فَسَارَ بِجَنْبِهِ رَجُلٌ مِنْ أَصحابه ونَعَسا فأَصاب قَدَمُه قَدَمَ رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: حَسِ
؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَبَاتَ فلانٌ بِحَسَّةٍ سَيِّئة وحَسَّةِ سَوْءٍ أَي بِحَالَةِ سَوْءٍ وَشِدَّةِ، وَالْكَسْرُ أَقيس لأَن الأَحوال تأْتي كَثِيرًا عَلَى فِعْلَة كالجِيْئَةِ والتِّلَّةِ والبِيْئَةِ. قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنَ الْعَرَبِ وأَهل اللُّغَةِ: بَاتَ فُلَانٌ بِجِيئَةِ سُوءٍ وَتِلَّةِ سُوءٍ وَبِيئَةِ سُوءٍ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع بِحِسَّةِ سُوءٍ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَرَّتْ بِالْقَوْمِ حَواسُّ أَي سِنُونَ شِدادٌ. والحَسُّ: الْقَتْلُ الذَّرِيعُ. وحَسَسْناهم أَي استَأْصلناهم قَتْلًا. وحَسَّهم يَحُسُّهم حَسّاً: قَتَلَهُمْ(6/51)
قَتْلًا ذَرِيعًا مستأْصلًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ
؛ أَي تَقْتُلُونَهُمْ قَتْلًا شَدِيدًا، وَالِاسْمُ الحُساسُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ تستأْصلونهم قَتْلًا. يُقَالُ: حَسَّهم الْقَائِدُ يَحُسُّهم حَسّاً إِذا قَتَلَهُمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الحَسُّ الْقَتْلُ والإِفناء هَاهُنَا. والحَسِيسُ؛ الْقَتِيلُ؛ قَالَ صَلاءَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَفْوَهُ:
إِنَّ بَني أَوْدٍ هُمُ مَا هُمُ، ... للحَرْبِ أَو للجَدْبِ، عامَ الشُّمُوسْ
يَقُونَ فِي الجَحْرَةِ جِيرانَهُمْ، ... بالمالِ والأَنْفُس مِنْ كُلِّ بُوسْ
نَفْسِي لَهُمْ عِنْدَ انْكسار القَنا، ... وَقَدْ تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسِيسْ
الجَحْرَة: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ. وَقَوْلُهُ: نفْسي لَهُمْ أَي نَفْسِي فِدَاءٌ لَهُمْ فَحَذَفَ الْخَبَرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حُسُّوهم بِالسَّيْفِ حَسّاً
؛ أَي استأْصلوهم قَتْلًا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَقَدْ شَفى وحاوِح صَدْري حَسُّكم إِياهم بالنِّصال.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
كَمَا أَزالوكم حَسّاً بِالنِّصَالِ
، وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. وَجَرَادٌ محسوسٌ: قَتَلَتْهُ النَّارُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُتِيَ بِجَرَادٍ مَحْسوس.
وحَسَّهم يَحُسُّهم: وَطِئَهم وأَهانهم. وحَسَّان: اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ أَحد هَذِهِ الأَشياءِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِن جَعَلْتَهُ فَعْلانَ مِنَ الحَسِّ لَمْ تُجْره، وإِن جَعَلْتَهُ فَعَّالًا مِنَ الحُسْنِ أَجريته لأَن النُّونَ حِينَئِذٍ أَصلية. والحَسُّ: الجَلَبَةُ. والحَسُّ: إِضْرار الْبَرْدِ بالأَشياء. وَيُقَالُ: أَصابتهم حاسَّة مِنَ الْبَرْدِ. والحِسُّ: بَرْدٌ يُحْرِق الكلأَ، وَهُوَ اسْمٌ، وحَسَّ البَرْدُ. والكلأَ يَحُسُّه حَسّاً، وَقَدْ ذَكَرَ أَن الصَّادَ لُغَةٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَيُقَالُ: إِن الْبَرْدَ مَحَسَّة لِلنَّبَاتِ والكلإِ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَي يَحُسُّه وَيَحْرُقُهُ. وأَصابت الأَرضَ حاسَّةٌ أَي بَرْدٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَنَّته عَلَى مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ أَو الْجَائِحَةِ. وأَصابتهم حاسَّةٌ: وَذَلِكَ إِذا أَضرَّ البردُ أَو غَيْرُهُ بالكلإِ؛ وَقَالَ أَوْسٌ:
فَمَا جَبُنُوا أَنَّا نَشُدُّ عليهمُ، ... وَلَكِنْ لَقُوا نَارًا تَحُسُّ وتَسْفَعُ
قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رَوَاهُ شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَقَالَ: تَحُسُّ أَي تُحْرِقُ وتُفْني، مِنَ الحاسَّة، وَهِيَ الْآفَةُ الَّتِي تُصِيبُ الزَّرْعَ والكلأَ فَتُحْرِقُهُ. وأَرض مَحْسوسة: أَصابها الْجَرَادُ وَالْبَرْدُ. وحَسَّ البردُ الجرادَ: قَتَلَهُ. وَجَرَادٌ مَحْسُوس إِذا مَسَّتْهُ النَّارُ أَو قَتَلَتْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي الْجَرَادِ:
إِذا حَسَّه الْبَرْدُ فَقَتَلَهُ.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فَبَعَثَتْ إِليه بِجَرَادٍ مَحْسُوس
أَي قَتَلَهُ الْبَرْدُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي مَسَّتْهُ النَّارُ. والحاسَّة: الْجَرَادُ يَحُسُّ الأَرض أَي يأْكل نَبَاتَهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحاسَّة الرِّيحُ تَحْثِي التُّرَابَ فِي الغُدُرِ فَتَمْلَؤُهَا فيَيْبَسُ الثَّرَى. وسَنَة حَسُوس إِذا كَانَتْ شَدِيدَةَ المَحْل قَلِيلَةَ الْخَيْرِ. وَسَنَةٌ حَسُوس: تأْكل كُلَّ شَيْءٍ؛ قَالَ:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسا، ... تأْكلُ بَعْدَ الخُضْرَةِ اليَبِيسا
أَراد تأْكل بَعْدَ الأَخضر الْيَابِسَ إِذ الخُضرة واليُبْسُ لَا يُؤْكَلَانِ لأَنهما عَرَضانِ. وحَسَّ الرأْسَ يَحُسُّه حَسّاً إِذا جَعَلَهُ فِي النَّارِ فَكُلَّمَا شِيطَ أَخذه بشَفْرَةٍ. وتَحَسَّسَتْ أَوبارُ الإِبل: تَطَايَرَتْ وَتَفَرَّقَتْ. وانْحَسَّت أَسنانُه: تَسَاقَطَتْ وتَحاتَّتْ وَتَكَسَّرَتْ؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
فِي مَعْدِنِ المُلْك الكَريمِ الكِرْسِ، ... لَيْسَ بمَقْلوع وَلَا مُنْحَسِ(6/52)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاد هَذَا الرَّجَزِ بِمَعْدِنِ الْمَلِكِ؛ وَقَبْلَهُ:
إِن أَبا الْعَبَّاسِ أَولَى نَفْسِ
وأَبو الْعَبَّاسِ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَي هُوَ أَولى النَّاسِ بِالْخِلَافَةِ وأَولى نَفْسٍ بِهَا، وَقَوْلُهُ:
لَيْسَ بِمَقْلُوعٍ وَلَا مُنْحَسِ
أَي لَيْسَ بِمُحَوَّلٍ عَنْهُ وَلَا مُنْقَطِع. الأَزهري: والحُساسُ مِثْلُ الجُذاذ مِنَ الشَّيْءِ، وكُسارَةُ الْحِجَارَةِ الصِّغَارِ حُساسٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَذْكُرُ حِجَارَةَ الْمَنْجَنِيقِ:
شَظِيَّة مِنْ رَفْضَةِ الحُساسِ، ... تَعْصِفُ بالمُسْتَلْئِم التَّرَّاسِ
والحَسُّ والاحْتِساسُ فِي كُلِّ شَيْءٍ: أَن لَا يُتْرَكَ فِي الْمَكَانِ شَيْءٌ. والحُساس: سَمَكٌ صِغار بِالْبَحْرَيْنِ يُجَفَّفُ حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ مِنْ مِائَةٍ، الْوَاحِدَةُ حُساسَة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والحُساس، بِالضَّمِّ، الهِفُّ، وَهُوَ سَمَكٌ صِغَارٌ يُجَفَّفُ. والحُساسُ: الشُّؤْمُ والنَّكَدُ. والمَحْسوس: المشؤوم؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: الحاسُوس المشؤوم مِنَ الرِّجَالِ. وَرَجُلٌ ذُو حُساسٍ: ردِيء الخُلُقِ؛ قَالَ:
رُبَّ شَريبٍ لَكَ ذِي حُساسِ، ... شَرابُه كالحَزِّ بالمَواسِي
فالحُساسُ هُنَا يَكُونُ الشُّؤْمَ وَيَكُونُ رَداءة الخُلُق. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ: الحُساسُ هُنَا الْقَتْلُ، وَالشَرِيبُ هُنَا الَّذِي يُوارِدُك عَلَى الْحَوْضِ؛ يَقُولُ: انْتِظَارُكَ إِياه قَتْلٌ لَكَ ولإِبلك. والحِسُّ: الشَّرُّ؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ؛ الإِسُّ هُنَا الأَصل، تَقُولُ: أَلحق الشَّرَّ بأَهله؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: إِنما هُوَ أَلصِقوا الحِسَّ بالإِسِّ أَي أَلصقوا الشَّرَّ بأُصول مَنْ عَادَيْتُمْ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ، مَعْنَاهُ أَلحق الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ أَي إِذا جاءَك شَيْءٌ مِنْ نَاحِيَةٍ فَافْعَلْ مِثْلَهُ. والحِسُّ: الجَلْدُ. وحَسَّ الدَّابَّةَ يَحُسُّها حَسّاً: نَفَضَ عَنْهَا التُّرَابَ، وَذَلِكَ إِذا فَرْجَنها بالمِحَسَّة أَي حَسَّها. والمِحَسَّة، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الفِرْجَوْنُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
زَيْدِ بْنِ صُوحانَ حِينَ ارْتُثَّ يَوْمَ الْجَمَلِ: ادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي وَلَا تَحُسُّوا عَنِّي تُرَابًا
أَي لَا تَنْفُضوه، مِنْ حَسَّ الدَّابَّةَ، وَهُوَ نَفْضُكَ التُّرَابَ عَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ عَبَّاد: مَا مِنْ لَيْلَةٍ أَو قَرْيَةٍ إِلا وَفِيهَا مَلَكٌ يَحُسُّ عَنْ ظُهُورِ دَوَابِّ الْغُزَاةِ الكَلالَ
أَي يُذْهب عَنْهَا التَّعَب بِحسِّها وإِسقاط التُّرَابِ عَنْهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمِحَسَّة، مَكْسُورَةٌ، مَا يُحَسُّ بِهِ لأَنه مِمَّا يَعْتَمِلُ بِهِ. وحَسَسْتُ لَهُ أَحِسُّ، بِالْكَسْرِ، وحَسِسْتُ حِسّاً [حَسّاً] فِيهِمَا: رَقَقْتُ لَهُ. تَقُولُ الْعَرَبُ: إِن العامِرِيَّ ليَحِسَّ للسَّعْدِي، بِالْكَسْرِ، أَي يَرِقُّ لَهُ، وَذَلِكَ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الرَّحِم. قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ أَبو الجَرَّاحِ العُقَيْلِيُّ مَا رأَيت عُقيليّاً إِلا حَسَسْتُ لَهُ؛ وحَسِسْتُ أَيضاً، بِالْكَسْرِ: لُغَةٌ فِيهِ؛ حَكَاهَا يَعْقُوبُ، وَالِاسْمُ الحِسُّ [الحَسُ] ؛ قَالَ القُطامِيُّ:
أَخُوكَ الَّذِي لَا تَملِكُ الحِسَّ نَفْسُه، ... وتَرْفَضُّ، عِنْدَ المُحْفِظاتِ، الكتائِفُ
وَيُرْوَى: عِنْدَ الْمُخْطِفَاتِ. قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رُوِيَ أَبو عُبَيْدٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَمَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ مَعْنَى الْمَثَلِ السَّائِرِ: الحَفائِظُ تُحَلِّلُ الأَحْقادَ، يَقُولُ: إِذا رأَيتُ قَرِيبِي يُضام وأَنا عَلَيْهِ واجدٌ أَخرجت مَا فِي قَلْبِي مِنَ السَّخِيمة لَهُ وَلَمْ أَدَعْ نُصْرَته وَمَعُونَتَهُ، قَالَ: وَالْكَتَائِفُ الأَحقاد، وَاحِدَتُهَا كَتِيفَة. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ:(6/53)
حَسَسْتُ لَهُ وَذَلِكَ أَن يَكُونَ بَيْنَهُمَا رَحِمٌ فَيَرِقَّ لَهُ، وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: هُوَ أَن يَتَشَكَّى لَهُ وَيَتَوَجَّعَ، وَقَالَ: أَطَّتْ لَهُ مِنِّي حاسَّةُ رَحِم. وحَسِسْتُ [حَسَسْتُ] له حِسّاً [حَسّاً] : رَفَقْتُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ كُرَاعٍ، وَالصَّحِيحُ رَقَقْتُ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. الأَزهري: الحَسُّ العَطْفُ والرِّقَّة، بِالْفَتْحِ؛ وأَنشد للكُمَيْت:
هَلْ مَنْ بَكَى الدَّارَ راجٍ أَن تَحِسَّ لَهُ، ... أَو يُبْكِيَ الدَّارَ ماءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ؟
وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: إِن الْمُؤْمِنَ ليَحِسُّ لِلْمُنَافِقِ
أَي يأْوي لَهُ وَيَتَوَجَّعُ. وحَسِسْتُ لَهُ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، أَحِسُّ أَي رَقَقْتُ لَهُ. ومَحَسَّةُ المرأَة: دُبُرُها، وَقِيلَ: هِيَ لُغَةٌ فِي المَحَشَّة. والحُساسُ: أَن يَضَعَ اللَّحْمَ عَلَى الجَمْرِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُنْضِجَ أَعلاه ويَتْرُكَ داخِله، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقْشِرَ عَنْهُ الرَّمَادَ بَعْدَ أَن يَخْرُجَ مِنَ الْجَمْرِ. وَقَدْ حَسَّه وحَسْحَسَه إِذا جَعَلَهُ عَلَى الْجَمْرِ، وحَسْحَسَتُه صوتُ نَشِيشِه، وَقَدْ حَسْحَسَتْه النَّارُ، ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ حَسْحَسَتْه النارُ وحَشْحَشَتْه بِمَعْنًى. وحَسَسْتُ النَّارَ إِذا رَدَدْتُهَا بِالْعَصَا عَلَى خُبْزَة المَلَّةِ أَو الشِّواءِ مِنْ نَوَاحِيهِ ليَنْضَجَ؛ وَمِنْ كَلَامِهِمْ: قَالَتِ الخُبْزَةُ لَوْلَا الحَسُّ مَا بَالَيْتُ بالدَّسِّ. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ حَسْحاسٌ خَفِيفُ الْحَرَكَةِ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا سَمَّوا الرجلَ الْجَوَادَ حَسْحاساً؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مُحِبَّة الإِبْرام للحَسْحاسِ
وَبَنُو الحَسْحَاسِ: قَوْمٌ من العرب.
حفس: رَجُلٌ حِيَفْسٌ مِثَالُ هِزَبْرٍ وحَيْفَسٌ وحَفَيْسَأٌ، مَهْمُوزٌ غَيْرُ مَمْدُودٍ مِثْلُ حَفَيْتَإٍ عَلَى فَعَيلَلٍ، وحَفَيْسِيٌّ: قَصِيرٌ سَمِينٌ، وَقِيلَ: لَئِيمُ الْخِلْقَةِ قَصِيرٌ ضَخْمٌ لَا خَيْرَ عِنْدَهُ؛ الأَصمعي: إِذا كَانَ مَعَ الْقَصْرِ سِمَنٌ قِيلَ رَجُلٌ حَيْفَسٌ وحَفَيْتَأٌ، بِالتَّاءِ؛ الأَزهري: أَرى التَّاءَ مُبْدَلَةً مِنَ السِّينِ، كَمَا قَالُوا انْحتَّتْ أَسنانُه وانْحَسَّتْ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ حَفَيْسَأٌ وحَفَيْتَأٌ بمعنى واحد.
حفنس: الحِنْفِسُ والحِفْنِس: الصَّغِيرُ الخَلْقِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الصَّادِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلْجَارِيَةِ الْبَذِيَّةِ الْقَلِيلَةِ الحياءِ حِنْفِسٌ وحِنْفِسٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا بهذا المعنى عِنْفِصٌ.
حلس: الحِلْسُ والحَلَسُ مِثْلُ شِبْهٍ وشَبَهٍ ومِثْلٍ ومَثَلٍ: كلُّ شَيْءٍ وَليَ ظَهْرَ الْبَعِيرِ وَالدَّابَّةِ تَحْتَ الرَّحْلِ والقَتَبِ والسَّرْج، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ المِرشَحة تَكُونُ تَحْتَ اللِّبْدِ، وَقِيلَ: هُوَ كِسَاءٌ رَقِيقٌ يَكُونُ تَحْتَ الْبَرْذَعَةِ، وَالْجَمْعُ أَحْلاس وحُلُوسٌ. وحَلَس النَّاقَةَ وَالدَّابَّةَ يَحْلِسُها ويَحْلُسُها حَلْساً: غَشَّاهما بِحِلْسٍ. وَقَالَ شَمِرٌ: أَحْلَسْتُ بَعِيرِي إِذا جَعَلْتَ عَلَيْهِ الحِلْسَ. وحِلْسُ الْبَيْتِ: مَا يُبْسَطُ تَحْتَ حُرِّ الْمَتَاعِ مِنْ مِسْحٍ وَنَحْوِهِ، وَالْجَمْعُ أَحْلاسٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِبِساطِ الْبَيْتِ الحِلْسُ ولحُصُرِه الفُحولُ. وفلانٌ حِلْسُ بَيْتِهِ إِذا لَمْ يَبْرَحْه، عَلَى المَثَل. الأَزهري عَنِ الغِتْريفيِّ: يُقَالُ فلانٌ حِلْسٌ من أَحْلاسِ البيت الذي لَا يَبْرَحُ الْبَيْتَ، قَالَ: وَهُوَ عِنْدَهُمْ ذَمٌّ أَي أَنه لَا يَصْلُحُ إِلا لِلُزُومِ الْبَيْتِ، قَالَ: وَيُقَالُ فُلَانٌ مِنْ أَحْلاس الْبِلَادِ للذي لَا يُزايلها مِنْ حُبِّه إِياها، وَهَذَا مَدْحٌ، أَي أَنه ذُو عِزَّة وشدَّة وأَنه لَا يَبْرَحُهَا لَا يُبَالِي دَيْناً وَلَا سَنَةً حَتَّى تُخْصِب(6/54)
البلادُ. وَيُقَالُ: هُوَ مُتَحَلِّسٌ بِهَا أَي مُقِيمٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ حِلْسٌ بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ فِي الْفِتْنَةِ:
كنْ حِلْساً مِنْ أَحْلاسِ بَيْتِكَ حَتَّى تأْتِيَك يَدٌ خاطِئَة أَو مَنِيَّة قاضِية
، أَي لَا تَبْرَحْ أَمره بِلُزُومِ بَيْتِهِ وَتَرْكِ الْقِتَالَ فِي الْفِتْنَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّه فَمَا تأْمرنا؟ قَالَ: كُونُوا أَحْلاسَ بُيُوتِكم
، أَي الْزَمُوهَا. وَفِي حَدِيثِ الْفِتَنِ:
عدَّ مِنْهَا فِتْنَةَ الأَحْلاس
، هُوَ الْكِسَاءُ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ تَحْتَ القَتب، شَبَّهَهَا بِهَا لِلُزُومِهَا وَدَوَامِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: فِي تَجْهِيزِ جَيْشِ العُسْرة عَلَى مِائَةِ بَعِيرٍ بأَحْلاسِها وأَقتابها
أَي بأَكسيتها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فِي أَعلام النبوَّة: أَلم تَرَ الجِنَّ وإِبلاسَها، ولُحوقَها بالقِلاصِ وأَحْلاسَها؟
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ: مُحْلَسٌ أَخفافُها شَوْكًا مِنْ حَدِيدٍ
أَي أَن أَخفافها قَدْ طُورِقَتْ بشَوْكٍ مِنْ حَدِيدٍ وأُلْزِمَتْه وعُولِيَتْ بِهِ كَمَا أُلْزِمَتْ ظهورَ الإِبل أَحْلاسُها. وَرَجُلٌ حِلْسٌ وحَلِسٌ ومُسْتَحْلِس: مُلَازِمٌ لَا يَبْرَحُ الْقِتَالَ، وَقِيلَ. لَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ، شُبِّه بِحِلْسِ الْبَعِيرِ أَو الْبَيْتِ. وَفُلَانٌ مِنْ أَحْلاسِ الخيلِ أَي هُوَ فِي الفُروسية وَلُزُومِ ظَهْرِ الْخَيْلِ كالحِلْسِ اللَّازِمِ لِظَهْرِ الْفَرَسِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: قَامَ إِليه بَنُو فَزَارَةَ فَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّه، نَحْنُ أَحلاس الْخَيْلِ
؛ يُرِيدُونَ لُزُومَهُمُ ظُهُورَهَا، فَقَالَ: نَعَمْ أَنتم أَحْلاسُها وَنَحْنُ فُرْسانُها أَي أَنتم راضَتُها وساسَتُها وَتَلْزَمُونَ ظُهورها، وَنَحْنُ أَهل الفُروسية؛ وَقَوْلُهُمْ نَحْنُ أَحْلاسُ الْخَيْلِ أَي نَقْتَنيها ونَلْزَم ظُهورها. وَرَجُلٌ حَلُوسٌ: حَرِيصٌ مُلَازِمٌ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ حَلِسٌ لِلْحَرِيصِ، وَكَذَلِكَ حِلْسَمٌّ، بِزِيَادَةِ الْمِيمِ، مِثْلَ سِلْغَدٍّ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
لَيْسَ بقِصْلٍ حَلِسٍ حِلْسَمِّ، ... عِنْدَ البُيوتِ، راشِنٍ مِقَمِ
وأَحْلَسَتِ الأَرضُ واسْتَحْلَسَت: كَثُرَ بَذْرُهَا فأَلبسها، وَقِيلَ: اخْضَرَّتْ وَاسْتَوَى نَباتها. وأَرضٌ مُحْلِسَة: قَدِ اخْضَرَّتْ كُلُّهَا. وَقَالَ اللَّيْثُ: عُشْبٌ مُسْتَحْلِسٌ تَرى لَهُ طرائقَ بَعْضُهَا تَحْتَ بَعْضٍ مِنْ تَرَاكُبِهِ وَسَوَادِهِ. الأَصمعي: إِذا غَطَّى النَّبَاتُ الأَرض بِكَثْرَتِهِ قِيلَ قَدِ اسْتَحْلَسَ، فَإِذَا بَلَغَ وَالْتَفَّ قِيلَ قَدِ استأْسد؛ واسْتَحْلَسَ النبتُ إِذا غَطَّى الأَرضَ بِكَثْرَتِهِ، واستَحْلَسَ اللَّيْلُ بِالظَّلَامِ: تَرَاكَمَ، واسْتَحْلَسَ السَّنامُ: رَكِبَتْهُ رَوادِفُ الشَّحْم ورواكِبُه. وَبَعِيرٌ أَحْلَسُ: كَتِفَاهُ سوْداوانِ وأَرضه وذِرْوته أَقل سَواداً مِنْ كَتِفَيْه. والحَلْساءُ مِنَ المَعَزِ: الَّتِي بَيْنَ السَّوَادِ والخُضْرَة لَوْنُ بَطْنِهَا كَلَوْنِ ظَهْرِهَا. والأَحْلَسُ الَّذِي لَوْنُهُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ، تَقُولُ مِنْهُ: احْلَسَّ احْلِساساً؛ قَالَ المُعَطَّلُ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ سَيْفًا:
لَيْنٌ حُسامٌ لَا يَلِيقُ ضَريبَةً، ... فِي مَتْنِه دَخَنٌ وأَثْرٌ أَحْلَسُ «2»
وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
كأَنه فِي لَبَدٍ ولُبَّدِ، ... مِنْ حَلِسٍ أَنْمَرَ فِي تَرَبُّدِ،
مُدَّرِعٌ فِي قِطَعٍ مِنْ بُرْجُدِ
وَقَالَ: الحَلِسُ والأَحْلَسُ فِي لَوْنِهِ وَهُوَ بَيْنَ السَّوَادِ والحُمْرة. والحَلِسُ، بِكَسْرِ اللَّامِ: الشُّجَاعُ الذي
__________
(2) . قوله [قال المعطل إلخ] كذا بالأَصل ومثله في الصحاك، لكن كتب السيد مرتضى ما نصه: الصواب أَنه قول أَبي قلابة الطابخي من هذيل انتهى. وقوله [لين] كذا بالأَصل والصحاح، وكتب بالهامش الصواب: عضب.(6/55)
يُلَازِمُ قِرْنَه؛ وأَنشد:
إِذا اسْمَهَرَّ الحَلِسُ المُغالِبُ
وَقَدْ حَلِسَ حَلَساً. والحَلِسُ والحُلابِسُ: الَّذِي لَا يَبْرَحُ وَيُلَازِمُ قِرْنه؛ وأَنشد قَوْلَ الشَّاعِرِ:
فقلتُ لَهَا: كأَيٍّ مِنْ جَبانٍ ... يُصابُ، ويُخْطَأُ الحَلِسُ المُحامي
كأَيٍّ بِمَعْنَى كَمْ. وأَحْلَسَتِ السماءُ: مَطَرَتْ مَطَرًا رَقِيقًا دَائِمًا. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَتَقُولُ حَلَسَتِ السماءُ إِذا دَامَ مَطَرُهَا وَهُوَ غَيْرُ وَابِلٍ. والحَلْسُ: أَن يأْخذ المُصَدِّقُ النَّقْدَ مَكَانَ الإِبل، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَكَانَ الْفَرِيضَةِ. وأَحْلَسْتُ فُلَانًا يَمِينًا إِذا أَمررتها عَلَيْهِ. والإِحْلاسُ: الحَمْلُ عَلَى الشَّيْءِ؛ قَالَ:
وَمَا كنتُ أَخْشى، الدَّهرَ، إِحْلاسَ مُسْلِمٍ ... مِنَ الناسِ ذَنْباً جاءَه وَهُوَ مُسْلِما
الْمَعْنَى مَا كُنْتُ أَخشى إِحلاس مُسْلِمٍ مُسْلِمًا ذَنْباً جَاءَهُ، وَهُوَ يَرُدُّ هُوَ عَلَى مَا فِي جَاءَهُ مِنْ ذِكْرِ مُسْلِمٍ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يَقُولُ مَا كُنْتُ أَظن أَن إِنساناً رَكِبَ ذَنْبًا هُوَ وَآخَرُ يَنْسُبُهُ إِليه دُونَهُ. وَمَا تَحَلَّسَ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَمَا تَحَلَّسَ شَيْئًا أَي أَصاب مِنْهُ. الأَزهري: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ يُكْرَه عَلَى عَمَلٍ أَو أَمر: هُوَ مَحْلوسٌ عَلَى الدَّبَرِ أَي مُلْزَمٌ هَذَا الأَمرَ إِلزام الحِلْسِ الدَّبَرَ. وسَيْرٌ مُحْلَسٌ: لَا يُفْتَر عَنْهُ. وَفِي النَّوَادِرِ: تَحَلَّسَ فُلَانٌ لِكَذَا وَكَذَا أَي طَافَ لَهُ وَحَامَ بِهِ. وتَحَلَّسَ بِالْمَكَانِ وتَحَلَّز بِهِ إِذا أَقام بِهِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: حَلَسَ الرَّجُلُ بِالشَّيْءِ وحَمِسَ بِهِ إِذا تَوَلَّعَ. والحِلْسُ والحَلْسُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا: هُوَ الْعَهْدُ الْوَثِيقُ. وَتَقُولُ: أَحْلَسْتُ فُلَانًا إِذا أَعطيته حَلْساً أَي عَهْدًا يأْمن بِهِ قَوْمُكَ، وَذَلِكَ مِثْلَ سَهْم يأْمن به الرجلُ ما دام فِي يَدِهِ. واسْتَحْلَس فلانٌ الخوفَ إِذا لَمْ يُفَارِقْهُ الخوفُ وَلَمْ يأْمن. وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنه دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَعَاتَبَهُ فِي خروجه مع أَبي الأَشعث فَاعْتَذَرَ إِليه وَقَالَ: إِنا قَدِ اسْتَحْلَسْنا الخوفَ واكتَحَلْنا السَّهَرَ وأَصابتنا خِزْيةٌ لم يكن فيها بَرَرَرةٌ أَتْقِياء ولا فَجَرة أَقوياء، قَالَ: للَّه أَبوك يَا شَعْبيُّ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ. الْفَرَّاءُ قَالَ: أَنت ابنُ بُعثُطِها وسُرْسُورِها وحِلْسِها وَابْنُ بَجْدَتها وَابْنُ سِمسارِها وسِفْسِيرِها بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والحِلْسُ: الرَّابِعُ مِنْ قِدَاحِ المَيْسِر؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فِيهِ أَربعة فُرُوضٍ، وَلَهُ غُنْم أَربعة أَنصباء إِن فَازَ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ أَربعة أَنصباء إِن لَمْ يَفُزْ. وأُم حُلَيْسٍ: كُنْيَةُ الأَتان. وَبَنُو حِلْس: بُطَيْنٌ مِنَ الأَزْدِ يَنْزِلُونَ نَهْر المَلِك. وأَبو الحُلَيْس: رَجُلٌ. والأَحْلَسُ العَبْدِي: مِنْ رِجَالِهِمْ؛ ذكره ابن الأَعرابي.
حلبس: الحَلْبَسُ والحَبَلْبَسُ والحُلابِسُ: الشُّجَاعُ. والحَلْبَسُ: الْحَرِيصُ الْمُلَازِمُ لِلشَّيْءِ لَا يُفَارِقُهُ؛ قَالَ الكميت:
فلما دَنَتْ للكاذبين، وأَخْرَجَتْ ... بِهِ حَلْبَساً عِنْدَ اللِّقاءِ حُلابِسا
وحَلْبَسُ: مِنْ أَسماء الأَسد. وحَلْبَسَ فَلَا حَساسَ لَهُ أَي ذَهَبَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَجَاءَ فِي الشِّعْرِ الحَبَلْبَسُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَظنه أَراد الحَلْبَسَ وَزَادَ فِيهِ بَاءً؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو لنَبْهان:
سَيَعْلَمُ مَنْ يَنْوي جَلائيَ أَنَّني ... أَرِيبٌ، بأَكنافِ النَضِيضِ، حَبَلْبَسْ
حمس: حَمِسَ الشَّرُّ: اشتدَّ، وَكَذَلِكَ حَمِشَ. واحْتَمَسَ الدِّيكانِ واحْتَمَشا واحْتَمَسَ القِرْنانِ وَاقْتَتَلَا؛ كِلَاهُمَا عَنْ يَعْقُوبَ. وحَمِسَ بِالشَّيْءِ: عَلِق بِهِ. والحَماسَة: المَنْعُ والمُحارَبَةُ. والتَّحمُّسُ: التَّشَدُّدُ. تَحَمَّسَ الرجلُ إِذا تَعاصَى. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: حَمِسَ الوَغى واسْتَحَرَّ الموتُ
أَي اشتدَّ الحرُّ. والحَمِيسُ: التَّنُّورُ. قَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: التَّنُّورُ يُقَالُ لَهُ الوَطِيسُ والحمِيسُ. ونَجْدَةٌ حَمْساء: شَدِيدَةٌ، يُرِيدُ بِهَا الشجاعةَ؛ قَالَ:
بِنَجْدَةٍ حَمْساءَ تُعْدِي الذِّمْرا
وَرَجُلٌ حَمِسٌ وحَمِيسٌ وأَحْمَسُ: شُجَاعٌ؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ حَمِسَ حَمَساً؛ عَنْهُ أَيضاً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا مَا ... حَمِسْنا، والوِقايَةُ بالخِناقِ
وحَمِسَ الأَمرُ حَمَساً: اشْتَدَّ. وتحَامَسَ القومُ تَحامُساً وحِماساً: تَشَادُّوا وَاقْتَتَلُوا. والأَحْمَسُ والحَمِسُ والمُتَحَمِّسُ: الشَّدِيدُ. والأَحْمَسُ أَيضاً: المتشدِّد عَلَى نَفْسِهِ فِي الدِّينِ. وَعَامٌ أَحْمَسُ وسَنَة حَمْساء: شَدِيدَةٌ، وأَصابتهم سِنُون أَحامِسُ. قَالَ الأَزهري: لَوْ أَرادوا مَحْضَ النَّعْتِ لَقَالُوا سِنونَ حُمْسٌ، إِنما أَرَادُوا بِالسِّنِينَ الأَحامس تَذْكِيرَ الأَعوام؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ذَكَّروا عَلَى إِرادة الأَعوام وأَجْرَوا أَفعل هَاهُنَا صِفَةً مُجراه اسْمًا؛ وأَنشد:
لَنَا إِبِلٌ لَمْ نَكْتَسِبْها بغَدْرةٍ، ... وَلَمْ يُفْنِ مَوْلَاهَا السُنونَ الأَحامِسُ
وَقَالَ آخَرُ:
سَيَذْهَبُ بِابْنِ العَبْدِ عَوْنُ بنُ جَحْوشٍ، ... ضَلالًا، وتُفْنِيها السِّنونَ الأَحامِسُ
ولَقِيَ هِنْدَ الأَحامِسِ أَي الشدَّة، وَقِيلَ: هُوَ إِذا وَقَعَ فِي الدَّاهِيَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَاتَ وَلَا أَشدَ مِنَ الْمَوْتِ. ابْنُ الأَعرابي: الحَمْسُ الضَّلالُ والهَلَكة والشَّرُّ؛ وأَنشدنا:
فإِنكمُ لَسْتُمْ بدارٍ تَكِنَّةٍ، ... ولكِنَّما أَنتم بِهِنْدِ الأَحامِسِ
قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُ رُؤْبَةَ:
لاقَيْنَ مِنْهُ حَمَساً حَميسا
مَعْنَاهُ شِدَّةٌ وَشَجَاعَةٌ. والأَحامِسُ: الأَرضون الَّتِي لَيْسَ بِهَا كَلأٌ ولا مرْتَعٌ وَلَا مَطَرٌ وَلَا شَيْءٌ، وأَراضٍ أَحامِسُ. والأَحْمَس: الْمَكَانُ الصُّلْبُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَكَمْ قَطَعْنا مِنْ قِفافٍ حُمْسِ
وأَرَضُون أَحامسُ: جَدْبة؛ وَقَوْلُ ابْنِ أَحمر:
لَوْ بِي تَحَمَّسَتِ الرِّكابُ، إِذاً ... مَا خانَني حَسَبي وَلَا وَفْرِي
قَالَ شَمِرٌ: تَحَمَّسَتْ تَحَرَّمَتْ وَاسْتَغَاثَتْ مِنَ الحُمْسَة؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَلَمْ يَهَبْنَ حُمْسَةً لِأَحْمَسا، ... وَلَا أَخَا عَقْدٍ وَلَا مُنَجَّسا
يَقُولُ: لَمْ يَهَبْنَ لِذِي حُرْمة حُرمة أَي ركبت رؤوسهن. والحُمْسُ: قُرَيْشٌ لأَنهم كَانُوا يَتَشَدَّدُونَ فِي دِينِهِمْ وَشَجَاعَتِهِمْ فَلَا يُطَاقُونَ، وَقِيلَ: كَانُوا لَا يَسْتَظِلُّونَ أَيام مِنًى وَلَا يَدْخُلُونَ الْبُيُوتَ مِنْ أَبوابها وَهُمْ مُحْرِمُونَ وَلَا يَسْلأُون السَّمْنَ وَلَا يَلْقُطُون الجُلَّة. وَفِي حَدِيثِ خَيْفان:
أَما بَنُو فُلَانٍ فَمُسَك أَحْماس
أَي شُجْعَانٌ. وَفِي حَدِيثِ عَرَفَةَ:
هَذَا مِنَ الحُمْسِ
؛ هُمْ جَمْعُ الأَحْمس. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ،(6/56)
ذِكْرُ الأَحامِس؛ هُوَ جَمْعُ الأَحْمس الشُّجَاعُ. أَبو الْهَيْثَمِ: الحُمْسُ قُرَيْشٌ ومَنْ وَلدَتْ قُرَيْشٌ وَكِنَانَةُ وجَديلَةُ قَيْسٍ وَهُمْ فَهْمٌ وعَدْوانُ ابْنَا عَمْرِو بْنِ قَيْسِ عَيْلان وَبَنُو عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَة، هَؤُلَاءِ الحُمْسُ، سُمُّوا حُمْساً لأَنهم تَحَمَّسُوا فِي دِينِهِمْ أَي تشدَّدوا. قَالَ: وَكَانَتِ الحُمْسُ سُكَّانَ الْحَرَمِ وَكَانُوا لَا يَخْرُجُونَ أَيام الْمَوْسِمِ إِلى عَرَفَاتٍ إِنما يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ أَهل اللَّه وَلَا نَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ، وَصَارَتْ بَنُو عَامِرٍ مِنَ الحُمْسِ وَلَيْسُوا مِنْ سَاكِنِي الْحَرَمِ لأَن أُمهم قُرَشِيَّةٌ، وَهِيَ مَجْدُ بِنْتُ تَيْمِ بْنِ مرَّة، وخُزاعَةُ سُمِّيَتْ خُزَاعَةَ لأَنهم كَانُوا مِنْ سُكَّانِ الْحَرَمِ فَخُزِعُوا عَنْهُ أَي أُخْرجوا، وَيُقَالُ: إِنهم مِنْ قُرَيْشٍ انْتَقَلُوا بِنَسَبِهِمْ إِلى الْيَمَنِ وَهُمْ مِنَ الحُمْسِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِ عَمْرٍو:
بتَثْلِيثَ مَا ناصَيت بَعْدي الأَحامِسا
أَراد قُرَيْشًا؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: أَراد بالأَحامس بَنِي عَامِرٍ لأَن قُرَيْشًا وَلَدَتْهُمْ، وَقِيلَ: أَراد الشُّجْعَانَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ. وأَحْماسُ الْعَرَبِ أُمهاتهم مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا يَتَشَدَّدُونَ فِي دِينِهِمْ، وَكَانُوا شُجْعَانَ الْعَرَبِ لَا يُطَاقُونَ. والأَحْمَسُ: الوَرِعُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَشَدَّدُ فِي دِينِهِ. والأَحْمَسُ: الشَّدِيدُ الصُّلْب فِي الدِّينِ وَالْقِتَالِ، وَقَدْ حَمِسَ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ حَمِسٌ وأَحْمَسُ بَيِّنُ الحَمَسِ. ابْنُ سِيدَهْ: والحُمْسُ فِي قَيْسٍ أَيضاً وَكُلُّهُ مِنَ الشدَّة. والحَمْسُ: جَرْسُ الرِّجَالِ؛ وأَنشد:
كأَنَّ صَوْتَ وَهْسِها تَحْتَ الدُّجى ... حَمْسُ رجالٍ، سَمِعُوا صوتَ وَحى
والحَماسَةُ: الشَّجَاعَةُ. والحَمَسَةُ: دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ، وَقِيلَ: هِيَ السُّلَحْفاة، والحَمَسُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وَفِي النَّوَادِرِ: الحَمِيسَةُ القَلِيَّةُ. وحَمَسَ اللَّحْمَ إِذا قَلاه. وحِماسٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وَبَنُو حَمْسٍ وَبَنُو حُمَيْسٍ وَبَنُو حِماسٍ: قَبَائِلُ. وَذُو حِماسٍ: مَوْضِعٌ. وحَماساءُ، ممدود: موضع.
حمرس: الحُمارِسُ: الشَّدِيدُ. والحُمارِسُ: اسْمٌ للأَسد أَو صِفَةٌ غَالِبَةٌ، وَهُوَ مِنْهُ. والحُمارِسُ والرُّماحِسُ والقُداحِسُ، كُلُّ ذَلِكَ: الْجَرِيءُ الشُّجَاعُ؛ قَالَ الأَزهري: هي كُلُّهَا صَحِيحَةٌ؛ قَالَ:
ذُو نَخْوَةٍ حُمارِسٌ عُرْضِيُ
الْجَوْهَرِيُّ: أُمُّ الحُمارِسِ امرأَة.
حنس: الأَزهري خَاصَّةً: قَالَ شَمِرٌ الحَوَنَّسُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا يَضِيمه أَحدٌ إِذا أَقام فِي مَكَانٍ لَا يَخْلِجُه أَحد؛ وأَنشد:
يَجْري النَفِيُّ فوقَ أَنْفٍ أَفْطَسِ ... مِنْهُ، وعَيْنَيْ مُقْرِفٍ حَوَنَّسِ
ابْنُ الأَعرابي: الحَنَسُ لزومُ وسَطِ الْمَعْرَكَةِ شَجَاعَةً، قال: والحُنْسُ الوَرِعُون.
حندس: الحِنْدِسُ: الظُّلْمَة، وَفِي الصِّحَاحِ: اللَّيْلُ الشَّدِيدُ الظُّلْمَةِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ. كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي لَيْلَةٍ ظَلْماء حِنْدِسٍ
أَي شَدِيدَةِ الظُّلْمَةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: وَقَامَ الليلَ فِي حِنْدِسِه.
وَلَيْلَةٌ حِنْدِسَة، وَلَيْلٌ حِنْدِسٌ: مُظْلِمٌ. والحَنادِسُ: ثَلَاثُ ليالٍ مِنَ الشهرْ لِظُلْمَتِهِنَّ، وَيُقَالُ دَحامِسُ. وأَسْوَدُ حِنْدِسٌ: شَدِيدُ السَّوَادِ، كَقَوْلِكَ أَسْوَدُ حالِكٌ.
حندلس: نَاقَةٌ حَنْدَلِسٌ: ثَقِيلَةُ الْمَشْيِ، وَهِيَ أَيضاً النَّجِيبَةُ الْكَرِيمَةُ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الضَّخْمَةُ(6/58)
الْعَظِيمَةُ. والحَنْدَلِسُ أَيضاً: أَضْخَمُ القَمْل؛ قَالَ كُرَاعٌ: هِيَ فَنْعَلِلٌ.
حنفس: الحِنْفِسُ والحِفْنِسُ: الصَّغِيرُ الخَلْقِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الصَّادِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلْجَارِيَةِ البَذِيَّة الْقَلِيلَةِ الْحَيَاءِ حِنْفِسٌ وحِفْنِسٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا بِهَذَا الْمَعْنَى عِنْفِصٌ.
حوس: حاسَه حَوْساً: كحَساه. والحَوْسُ: انْتِشَارُ الغارةِ والقتلُ وَالتَّحَرُّكُ فِي ذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ الضربُ فِي الْحَرْبِ، وَالْمَعَانِي مُقْتَرِبَةٌ. وحاسَ حَوْساً: طَلَبَ. وحاسَ القومَ حَوْساً: طَلَبَهُمْ وداسَهُم. وَقُرِئَ:
فحاسُوا خلالَ الدِّيَارِ
، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ تَفْسِيرِهَا فِي جَوَسَ. وَرَجُلٌ حَوَّاسٌ غَوَّاسٌ: طَلَّاب بِاللَّيْلِ. وحاسَ القومَ حَوْساً: خَالَطَهُمْ ووَطِئَهم وأَهانهم؛ قَالَ:
يَحُوسُ قَبِيلَةً ويُبِيرُ أُخْرى
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَنه قَالَ لأَبي العَدَبَّس: بَلْ تَحُوسُك فِتنةٌ
أَي تُخَالِطُ قَلْبَكَ وتَحُثُّك وتُحَرِّكك عَلَى رُكُوبِهَا. وَكُلُّ مَوْضِعٍ خَالَطْتَهُ وَوَطِئْتَهُ، فَقَدَ حُسْتَه وجُسْتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى فُلَانًا وَهُوَ يُخَاطِبُ امرأَة تَحُوس الرجالَ
؛ أَي تُخَالِطُهُمْ؛ وَالْحَدِيثِ الْآخَرِ:
قَالَ لحَفْصَةَ أَلم أَرَ جاريَةَ أَخيك تَحُوسُ الناسَ؟
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فحاسُوا العَدُوَّ ضَرْباً حَتَّى أَجْهَضُوهم عَنْ أَثقالهم
؛ أَي بَالَغُوا فِي النِّكَايَةِ فِيهِمْ. وأَصل الحَوْس شِدَّةُ الِاخْتِلَاطِ وَمُدَارَكَةُ الضَّرْب. وَرَجُلٌ أَحْوَسٌ: جَرِيءٌ لَا يَرُدُّهُ شَيْءٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَحْوَسُ الْجَرِيءُ الَّذِي لَا يَهُولُهُ شَيْءٌ؛ وأَنشد:
أَحُوسُ فِي الظَّلْماءِ بالرُّمْحِ الخَطِلْ
وَتَرَكْتُ فُلَانًا يَحُوسُ بَنِي فُلَانٍ ويَجُوسُهم أَي يَتَخَلَّلُهُمْ وَيَطْلُبُ فِيهِمْ ويدوسُهم. وَالذِّئْبُ يَحُوسُ الْغَنَمَ: يَتَخَلَّلُهَا ويفرِّقها وَحَمَلَ فُلَانٌ عَلَى الْقَوْمِ فحاسَهم؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ يَذُمُّ رَجُلًا:
رَهْطُ ابنِ أَفْعَلَ فِي الخُطُوبِ أَذِلَّةٌ، ... دُنُسُ الثيابِ قَناتُهم لَمْ تُضْرَسِ
بالهَمْزِ مِنْ طُولِ الثِّقافِ، وجارُهم ... يُعْطِي الظُّلامَةَ فِي الخُطُوبِ الحُوَّسِ
وَهِيَ الأُمور الَّتِي تَنْزِلُ بِالْقَوْمِ وَتَغْشَاهُمْ وتَخَلَّلُ دِيَارَهُمْ. والتَحَوُّس: التَّشَجُّعُ. والتَحَوُّسُ: الإِقامة مَعَ إِرادة السَّفَرِ كأَنه يُرِيدُ سَفَرًا وَلَا يتهيأُ لَهُ لِاشْتِغَالِهِ بِشَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ؛ وأَنْشَدَ الْمُتَلَمِّسُ يُخَاطِبُ أَخاه طَرَفة:
سرْ، قَدْ أَنَى لك أَيُّهما المُتَحَوِّسُ، ... فَالدَّارُ قَدْ كادَت لعَهْدِكَ تَدْرُسُ
وإِنه لَذُو حَوْسٍ وحَويس أَي عَداوة؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَيُقَالُ: حاسُوهم وجاسُوهم ودَرْبَخُوهم وفَنَّخُوهم أَي ذَلَّلُوهُمْ. الْفَرَّاءُ: حاسُوهم وجاسُوهم إِذا ذهبوا وجاؤوا يَقْتُلُونَهُمْ. والأَحْوَسُ: الشَّدِيدُ الأَكل، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَشْبَعُ مِنَ الشَّيْءِ وَلَا يَمَلُّه. والأَحْوَسُ والحَؤُوس، كِلَاهُمَا: الشُّجَاعُ الحَمِسُ عِنْدَ الْقِتَالِ الكثيرُ الْقَتْلِ لِلرِّجَالِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي إِذا لَقِيَ لَمْ يَبْرَحْ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ للمرأَة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
والبَطَلُ المُسْتَلْئِم الحَؤُوسُ
وَقَدْ حَوِسَ حَوَساً. والأَحْوَسُ أَيضاً: الَّذِي لَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ أَو يَنالَ حَاجَتَهُ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. ابْنُ الأَعرابي: الحَوْسُ الأَكل الشَّدِيدُ، والحُوسُ: الشُّجْعَانُ.(6/59)
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا مَا تَحَيَّس وأَبطأَ: مَا زَالَ يَتَحَوَّسُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: دَخَلَ عَلَيْهِ قومٌ فَجَعَلَ فَتًى مِنْهُمْ يَتَحَوَّسُ فِي كَلَامِهِ، فَقَالَ: كَبِّروا «3» . كَبِّروا
التَّحَوُّس: تَفَعُّلٌ مِنَ الأَحْوَس، وَهُوَ الشُّجَاعُ، أَي يَتَشَجَّعُ فِي كَلَامِهِ ويَتَجَرَّأُ وَلَا يُبَالِي، وَقِيلَ: هُوَ يتأَهب لَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلْقَمة: عَرَفْتُ فِيهِ تَحَوُّسَ الْقَوْمِ وهَيْئَتَهم أَي تأَهُّبَهم وتَشَجُّعَهم، وَيُرْوَى بِالشِّينِ. ابْنُ الأَعرابي: الإِبل الْكَثِيرَةُ يُقَالُ لَهَا حُوسى؛ وأَنشد:
تَبَدَّلَتْ بَعْدَ أَنِيسٍ رُعُب، ... وَبَعْدَ حُوسى جامِلٍ وسُرُب
وإِبل حُوسٌ: بَطِيئَاتُ التَّحَرُّكِ مِنْ مَرْعاهُنَّ؛ جملٌ أَحْوَسُ وَنَاقَةٌ حَوْساء. والحَوْساء مِنَ الإِبل: الشَّدِيدَةُ النَفَسِ. والحَوْساء: النَّاقَةُ الْكَثِيرَةُ الأَكل؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ يَصِفُ الإِبل:
حُواساتُ العِشاءِ خُبَعْثِناتٌ، ... إِذا النَّكْباء راوَحَتِ الشَّمالا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري مَا مَعْنَى حُواسات إِلا أَن كَانَتِ الملازمةَ للعَشاءِ أَو الشَّدِيدَةَ الأَكل، وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الأَزهري عَلَى الَّذِي لَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ حَتَّى يَنَالَ حَاجَتَهُ، وأَورده الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ حَيَسَ، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف أَيضاً مَعْنَى قَوْلِهِ:
أَنْعَتُ غَيثاً رَائِحًا عُلْوِيًّا، ... صَعَّدَ فِي نَخْلَةَ أَحْوَسِيَّا
يَجُرُّ مِنْ عَفائِهِ حَيِيَّا، ... جَرَّ الأَسِيفِ الرَّمَكَ المَرْعِيَّا
إِلا أَن يُرِيدَ اللُّزُومَ وَالْمُوَاظَبَةَ، وأَورد الأَزهري هَذَا الرَّجَزَ شَاهِدًا عَلَى قَوْلِهِ غَيْثٌ أَحوسي دَائِمٌ لَا يُقْلِعُ. وإِبل حُوسٌ: كَثِيرَاتُ الأَكل. وحاسَتِ المرأَة ذَيْلَها إِذا سَحَبَتْهُ. وامرأَة حَوساء الذَّيْلِ: طَوِيلَةُ الذَّيْلِ؛ وأَنشد شَمِرٌ قَوْلَهُ:
تَعِيبِينَ أَمراً ثُمَّ تأْتِينَ دُونَهُ، ... لَقَدْ حاسَ هَذَا الأَمرَ عندكِ حائسُ
وَذَلِكَ أَن امرأَة وَجَدَتْ رَجُلًا عَلَى فُجور وعَيَّرَتْه فُجورَه فَلَمْ تَلْبَثْ أَن وَجَدَهَا الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ. الْفَرَّاءُ: قَدْ حاسَ حَيْسُهم إِذا دَنَا هَلَاكُهُمْ. وَمَثَلُ الْعَرَبِ: عَادَ الحَيْسُ يُحاسُ أَي عَادَ الفاسِدُ يُفْسَدُ؛ وَمَعْنَاهُ أَن تَقُولَ لِصَاحِبِكَ إِن هَذَا الأَمر حَيْسٌ أَي لَيْسَ بِمُحْكَمٍ وَلَا جَيِّد وَهُوَ رَدِيءٌ؛ وَمِنْهُ الْبَيْتُ:
تَعِيبِينَ أَمراً....
وامرأَة حَوْساء الذَّيْلِ أَي طَوِيلَةُ الذَّيْلِ؛ وَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ صَفْراءُ حَوْساءُ الذَّيْل
أَي طَوِيلَةُ الذَّيْلِ. وَقَدْ حاسَتْ ذَيْلَهَا تَحُوسُه إِذا وَطِئَتْهُ تَسْحَبه، كَمَا يُقَالُ حاسَهم وداسَهم أَي وَطِئَهُمْ؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
وزَوَّلَ الدَّعْوى الخِلاط الحَوَّاسْ
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: الحَوَّاسُ الَّذِي يُنَادِي فِي الْحَرْبِ يَا فُلَانُ يَا فُلَانُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه مِنْ هَذَا كأَنه يُلَازِمُ النِّدَاءَ وَيُوَاظِبُهُ. وحَوْسٌ: اسْمٌ. وحَوْساء وأَحْوسُ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْس:
وَقَدْ عَلِمَتْ نَخْلِي بأَحْوَس أَنني ... أَقَلُّ، وإِن كَانَتْ بلادِي، اطِّلاعَها.
__________
(3) . قوله [فقال كبروا] تمامه كما بهامش النهاية:
فقال الفتى: يا أَمير المؤمنين لو كان بالكبر لكان في المسلمين أسن منك حين ولوك الخلافة(6/60)
حيس: الحَيْس: الْخَلْطُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الحَيْسُ. والحَيسُ: الأَقِطُ يُخْلَطُ بِالتَّمْرِ وَالسَّمْنِ، وحاسَه يَحِيسُه حَيساً؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
التَّمْرُ والسَّمْنُ مَعاً ثُمَّ الأَقِطْ ... الحَيْسُ، إِلا أَنه لَمْ يَخْتَلِطْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَوْلَم عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بحَيْسٍ
؛ قَالَ: هُوَ الطَّعَامُ الْمُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ والأَقط وَالسَّمْنِ، وَقَدْ يُجْعَلُ عِوَضَ الأَقط الدَّقِيقُ والفَتِيتُ. وحَيَّسَه: خَلَطَه وَاتَّخَذَهُ؛ قَالَ هُنَيُّ بْنُ أَحمر الْكِنَانِيُّ، وَقِيلَ هُوَ لزُرافَةَ الْبَاهِلِيِّ:
هَلْ فِي القضِيَّةِ أَنْ إِذا اسْتَغْنَيتُمُ ... وأَمِنْتُمُ، فأَنا البَعِيدُ الأَجْنَبُ؟
وإِذا الكتائِبُ بالشدائِدِ مَرَّةً ... جَحَرَتْكُمُ، فأَنا الحبيبُ الأَقربُ؟
ولِجُنْدَبٍ سَهْلُ البلادِ وعَذْبُها، ... وَليَ المِلاحُ وحَزْنُهُنَّ المُجْدِبُ
وإِذا تكونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لَهَا، ... وإِذا يُحاسُ الحَيْسُ يُدْعَى جُنْدَبُ
عَجَباً لِتِلْكَ قَضِيَّةً، وإِقامَتِي ... فيكمْ عَلَى تِلْكَ القَضِيَّةِ أَعْجَبُ
هَذَا لعَمْرُكُمُ الصَّغارُ بعينهِ، ... لَا أُمَّ لِي، إِن كَانَ ذاكَ، وَلَا أَبُ
والحَيْسُ: التَّمْرُ البَرْنِيُّ والأَقِطُ يُدَقَّان وَيُعْجَنَانِ بِالسَّمْنِ عَجْنًا شَدِيدًا حَتَّى يَنْدُرَ النَّوَى مِنْهُ نَواةً نَوَاةً ثُمَّ يُسَوَّى كَالثَّرِيدِ، وَهِيَ الوَطْبَة أَيضاً، إِلا أَن الحَيْسَ رُبَّمَا جُعِلَ فِيهِ السَّوِيقُ، وأَما الْوَطْبَةُ فَلَا. وَمِنْ أَمثالهم: عَادَ الحَيْسُ يُحاسُ؛ وَمَعْنَاهُ أَن رَجُلًا أُمِرَ بأَمر فَلَمْ يُحْكِمْه، فَذَمَّهُ آخَرُ وَقَامَ لِيُحْكِمَهُ فَجَاءَ بِشَرٍّ مِنْهُ، فَقَالَ الْآمِرُ: عَادَ الحَيْسُ يُحاسُ أَي عَادَ الفاسدُ يُفْسَدُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
عَصَتْ سَجاحِ شَبَثاً وقَيْسَا، ... ولَقِيَتْ مِنَ النكاحِ وَيْسَا،
قَدْ حِيسَ هَذَا الدينُ عِنْدِي حَيْسا
مَعْنَى حِيسَ هَذَا الدِّينُ: خُلِطَ كَمَا يُخْلَطُ الحَيْسُ، وَقَالَ مُرَّةُ: فُرِغَ مِنْهُ كَمَا يُفْرَغُ مِنَ الحَيْسِ. وَقَدْ شَبَّهَتِ العربُ بالحَيْس؛ ابْنُ سِيدَهْ: المَحْيُوسُ الَّذِي أَحدقت بِهِ الإِماء مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، يُشَبَّه بالحَيسِ وَهُوَ يُخْلَطُ خَلْطاً شَدِيدًا، وَقِيلَ: إِذا كَانَتْ أُمه وَجَدَّتُهُ أَمتين، فَهُوَ مَحْيُوسٌ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: إِذا كَانَتْ «4» ... أَو جَدَّتَاهُ مِنْ قِبل أَبيه وأُمه أَمة، فَهُوَ المَحْيُوسُ. وَفِي حَدِيثِ
أَهل الْبَيْتِ: لَا يُحِبُّنا اللُّكَعُ وَلَا المَحْيُوسُ
؛ ابْنُ الأَثير: المَحْيُوس الَّذِي أَبوه عَبْدٌ وأُمه أَمة، كأَنه مأْخوذ مِنَ الحَيْسِ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُواسَةُ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ المختلطةُ، والحُواساتُ الإِبل الْمُجْتَمِعَةُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
حُواساتُ العِشاءِ خُبَعْثِناتٌ، ... إِذا النَّكْباءُ عارَضَتِ الشَّمالا «5»
وَيُرْوَى العَشاء، بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَيَجْعَلُ الحُواسَة مِنَ الحَوْسِ، وَهُوَ الأَكل والدَّوْسُ. وحُواسات: أَكُولات، وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ حَوَسَ وَقَالَ: لَا أَدري مَعْنَاهُ، وأَورده الأَزهري بِمَعْنَى الَّذِي لَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ حَتَّى يَنالَ حاجَتَه. وَيُقَالُ: حِسْتُ أَحِيسُ حَيْساً؛ وأَنشد:
عَنْ أَكْلِيَ العِلْهِزَ أَكلَ الحَيْسِ
وَرَجُلٌ حَيُوسٌ: قَتَّالٌ، لُغَةٌ في حَؤُوس؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، واللَّه أَعلم.
__________
(4) . كذا بياض بالأَصل.
(5) . روي هذا البيت في صفحة 60 وفيه راوحت الشمال مكان عارضت.(6/61)
فصل الخاء المعجمة
خبس: خَبَسَ الشيءَ يَخْبُسُه خَبْساً وتَخَبَّسَه واخْتَبَسَه: أَخذه وغَنِمَه. والخُباسَةُ: الْغَنِيمَةُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ جُوَيْنٍ أَو امْرُؤ الْقَيْسِ:
فَلَمْ أَرَ مثلَها خُباسَةَ واجدٍ، ... ونَهْنَهْتُ نَفْسي بعد ما كِدتُ أَفْعَلَهْ
نَصْبٌ عَلَى إِرادة أَن، لأَن الشُّعَرَاءَ يَسْتَعْمِلُونَ أَن هَاهُنَا مُضْطَرِّينَ كَثِيرًا. والخُباساء: كالخُباسَة، والخُباسَة، بِالضَّمِّ، المَغْنَمُ. الأَصمعي: الخُباسَةُ مَا تَخَبَّسْتَ مِنْ شَيْءٍ أَي أَخذته وَغَنِمْتَهُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: رَجُلٌ خَبَّاسٌ أَي غَنَّام. والاخْتِباسُ: أَخذ الشيءِ مُغالَبَةً. وأَسَدٌ خَبُوس وخَبَّاسٌ وخابِسٌ وخُنابِسٌ: يَخْتَبِسُ الفَريسَة. وخَبَسه: أَخذه، وأَسَدٌ خُوابِسٌ؛ وأَنشد أَبو مَهْدِي لأَبي زُبَيْدٍ الطَّائِيِّ وَاسْمُهُ حَرْمَلة بْنُ الْمُنْذِرِ:
فَمَا أَنا بالضَّعِيفِ فَتَزْدَرُوني، ... وَلَا حَقِّي اللَّفاءُ وَلَا الخَسِيسُ
وَلَكِنِّي ضُبارِمَةٌ جَمُوحٌ، ... عَلَى الأَقْران، مُجْتَرئٌ خَبُوسُ
اللَّفاءُ: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ الْحَقِيرُ. يُقَالُ: رَضِيتُ مِنَ الْوَفَاءِ باللَّفاء. وَيُقَالُ: اللَّفاءُ مَا دُونَ الحَقِّ. والضُّبارِمَة: المُوَثَّقُ الخَلْقِ مِنَ الأُسْدِ وَغَيْرِهَا. وجَمُوحٌ: مَاضٍ راكبٌ رأْسَه. والخَبْسُ والاخْتباسُ: الظُّلْمُ؛ خَبَسه مالَه واخْتَبَسَه إِياه. والخُباسَة: الظُّلامَةُ.
خرس: الخَرَسُ: ذَهَابُ الْكَلَامِ عِيّاً أَو خِلْقَةً، خَرِسَ خَرَساً وَهُوَ أَخْرَسُ. والخَرَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْمَصْدَرُ، وأَخْرَسَه اللَّه. وَجَمَلٌ أَخْرَسُ: لَا ثَقب لشِقْشِقَتِه يَخْرُج مِنْهُ هَدِيرُه فَهُوَ يُردِّدُه فِيهَا، وَهُوَ يُستحب إِرسالُه فِي الشَّوْلِ لأَنه أَكثر مَا يَكُونُ مِئْناثاً. وعَلَم أَخْرَسُ: لَا يُسْمَعُ فِي الْجَبَلِ لَهُ صَدًى، يَعْنِي العَلَم الَّذِي يُهْتَدَى بِهِ؛ قَالَ الأَزهري وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَنْشُدُ:
وأَيْرَمٌ أَخْرَسُ فَوْقَ عَنْزِ
والأَيْرَمُ: العَلَم فَوْقَ القارَةِ يُهْتَدى بِهِ. والأَحْرَس: الْقَدِيمُ «1» الْعَادِيُّ مأْخوذ مِنَ الحَرْس، وَهُوَ الدهْرُ. وَالْعَنْزُ: الْقَارَّةُ السَّوْدَاءُ؛ قَالَ وأَنشدنيه أَعرابي آخَرُ:
وأَرَمٌ أَعْيَسُ فَوق عَنْزِ
قَالَ: والأَعْيَسُ الأَبيض. والعَنْزُ: الأَسْوَدُ مِنَ القُور، قَارَةٌ عَنْزٌ: سَوْدَاءُ. وَنَاقَةٌ خَرْساء: لَا يُسْمَعُ لَهَا رُغاء. وَكَتِيبَةٌ خَرْساء إِذا صَمَتَتْ مِنْ كَثْرَةِ الدُّرُوعِ أَي لَمْ يَكُنْ لَهَا قَعاقِعُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا تَسْمَعُ لَهَا صَوْتًا مِنْ وَقارِهِمْ فِي الْحَرْبِ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلَّبَنِ الْخَاثِرِ: هَذِهِ لَبَنَة خَرْساء لَا يُسْمَعُ لَهَا صَوْتٌ إِذا أُريقت. الْمُحْكَمُ: وَشَرْبَةٌ خَرْساء وَهِيَ الشَّرْبَةُ الْغَلِيظَةُ مِنَ اللَّبَنِ. وَلَبَنٌ أَخْرَسُ أَي خَاثِرٌ لَا يُسْمَعُ لَهُ فِي الإِناء صَوْتٌ لِغِلَظِهِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: عَيْنٌ خَرْساء وَسَحَابَةٌ «2» خَرْساء لَا رَعْدَ فِيهَا وَلَا بَرْقَ وَلَا يُسْمَعُ لَهَا صَوْتُ رَعْدٍ. قَالَ: وأَكثر مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ لأَن شِدَّةَ الْبَرْدِ تُخْرِسُ البَرَدَ وتُطفئ البَرْقَ. الفراء: يقال
__________
(1) . قوله [والأَحرس القديم إلخ] كذا بالأَصل ولعل هنا سقطاً وكأَنه قال ويروى الأَحرس بالحاء المهملة وهو إلخ وقد تقدم الاستشهاد بالبيت على ذلك في ح ر س وليس الخرس بالمعجمة من معاني الدهر أَصلًا.
(2) . قوله [عين خرساء وسحابة إلخ] كذا بالأَصل. ولو قال كما قال شارح القاموس: وعين خرساء لا يسمع لجريها صوت، وسحابة إلخ لكان أحسن.(6/62)
وَلَّاني عُرْضاً أَخْرَسَ أَمْرَسَ؛ يُرِيدُ أَعْرَضَ عَنِّي وَلَا يُكَلِّمُنِي. والخَرْساء: الدَّاهِيَةُ. والعِظامُ الخُرْسُ: الصُّمُّ، قَالَ: حَكَاهُ ثَعْلَبٌ. والخَرْساءُ مِنَ الصُّخُورِ: الصَّمَّاء؛ أَنشد الأَخفش قَوْلَ النَّابِغَةِ:
أَواضِعَ البيتِ فِي خَرْساءَ مُظْلِمَةٍ ... تُقَيِّدُ العَيْرَ، لَا يَسْري بِهَا السَّاري
وَيُرْوَى: تُقَيِّدُ الْعَيْنَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والخُرْسُ والخِراسُ: طَعَامُ الْوِلَادَةِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، هَذَا الأَصل ثُمَّ صَارَتِ الدَّعْوَةُ لِلْوِلَادَةِ خُرْساً وخِراساً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كلُّ طعامٍ تَشْتَهي رَبيعَهْ: ... الخُرْسُ والإِعْذارُ والنَّقِيعَهْ
وخَرَّسْتُ عَلَى المرأَة تَخْريساً إِذا أَطعمت فِي وِلَادَتِهَا. والخُرْسَةُ: الَّتِي تُطْعِمُها النُّفَساءُ نَفْسَها أَو مَا يُصْنع لَهَا مِنْ فَريقَةٍ وَنَحْوِهَا. وخَرَسَها يَخْرُسُها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وخَرَّسَها خُرْسَتَها وخَرَّسَ عَنْهَا، كِلَاهُمَا: عَمِلَهَا لَهَا؛ قَالَ:
وللَّه عَيْنا مَنْ رَأَى مثلَ مِقْيَسِ، ... إِذا النُّفَساء أَصْبَحَتْ لَمْ تُخَرَّسِ
وَقَدْ خُرِّسَتْ هِيَ أَي يجعلُ لَهَا الخُرْسُ؛ قَالَ الأَعْلم الهُذَليُّ يَصِفُ جَدْبَ الزَّمَانِ وعَدَمَ الْكَسْبِ حَتَّى إِن المرأَة النُّفَسَاءَ لَا تُخَرَّسُ والفَطِيم لَا يُسْكَتُ بِحِتْرٍ، وَهُوَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ:
إِذا النُّفَساءُ لَمْ تُخَرَّسْ بِبِكْرِها ... غُلاماً، وَلَمْ يُسْكَتْ بِحِتْرٍ فَطِيمُها
الحِتْرُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ الْحَقِيرُ، أَي لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ يُطْعِمُون الصَّبِيَّ مِنْ شِدَّةِ الأَزْمَةِ. وَقَوْلُهُ غُلَامًا مُنْتَصِبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ فَيَكُونُ بَيَانًا للبِكْر، لأَن البِكْر يَكُونُ غُلَامًا وَجَارِيَةً، وأَراد أَن المرأَة إِذا أَذْكَرَتْ كَانَتْ فِي النُّفُوسِ آثَر والعنايَةُ بِهَا آكَدَ، فإِذا اطُّرِحَتْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى شِدَّةِ الجَدْب وَعُمُومِ الجَهْدِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ التَّمْرِ: هِيَ صُمْتَةُ الصَّبِيِّ وخُرْسَةُ مَرْيَمَ؛ الخُرْسَة: مَا تَطْعَمُه المرأَةُ عِنْدَ وِلادِها. وخَرَّسْتُ النُّفَسَاءَ: أَطعمتها الخُرْسَة. وأَراد قَوْلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا. والخُرْسُ، بِلَا هَاءٍ: الطَّعَامُ الَّذِي يُدْعَى إِليه عِنْدَ الْوِلَادَةِ. وَفِي حَدِيثِ
حَسَّان: كَانَ إِذا دُعِيَ إِلى طَعَامٍ قَالَ: إِلى عُرْس أَم خُرْس أَم إِعْذارٍ؟ فإِن كَانَ فِي وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ أَجاب، وإِلا لَمْ يُجِبْ
؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ قَوْمًا بِقِلَّةِ الْخَيْرِ:
شَرُّكُمْ حاضِرٌ وخَيْرُكُمُ دَرُّ ... خَرُوسٍ، مِنَ الأَرانِبِ، بِكْرِ
فَيُقَالُ: هِيَ البِكْرُ فِي أَوّل حَمْلِهَا، وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي يُعْمَلُ لَهَا الخُرْسَةُ. وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ: تَخَرّسي لَا مُخَرِّسَةَ لَكِ. وَقَالَ خَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ فِي صِفَةِ التَّمْرِ: تُحْفَةُ الْكَبِيرِ، وصُمْتَةُ الصَّغِيرِ، وتَخْرِسَةُ مَرْيم. كأَنه سَمَّاهُ بِالْمَصْدَرِ وَقَدْ تَكُونُ اسْمًا كالتَّنْهِيَةِ والتَّوْديَةِ. وتَخَرَّسَت المرأَةُ: عَمِلَتْ لِنَفْسِهَا خُرْسَة. والخَرُوسُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي يُعْمَلُ لَهَا شَيْءٌ عِنْدَ الْوِلَادَةِ. والخَرُوس أَيضاً: البِكْر فِي أَول بَطْنٍ تَحْمِلُهُ. وَيُقَالُ للأَفاعي: خُرْسٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
عَلَيْهِمْ كلُّ مُحْكَمَةٍ دِلاصٍ، ... كأَن قَتِيرَها أَعْيانُ خُرْسِ
والخَرْسُ والخِرْسُ: الدَّنُّ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، وَالصَّادُ فِي هَذِهِ الأَخيرة لُغَةٌ. والخَرَّاسُ: الَّذِي يَعْمَلُ(6/63)
الدِّنانَ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
جَوْنٌ كَجَوْنِ الخَمَّارِ حَرَّدَه الْخَرَّاسُ، ... لَا ناقِسٌ وَلَا هَزِمُ
النَّاقِسُ: الْحَامِضُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وخَرْسه المُحْمَرُّ فِيهِ مَا اعْتُصِرْ
قَالَ الأَزهري: وقرأْت فِي شِعْرِ الْعَجَّاجِ الْمَقْرُوءِ عَلَى شَمِرٍ:
مُعَلِّقِينَ فِي الكلالِيبِ السُّفَرْ، ... وخَرْسه المُحْمَرُّ فِيهِ مَا اعْتُصِرْ
قَالَ: الخَرْسُ الدَّنُّ، قَيَّدَهُ بِالْخَاءِ. والخَرَّاس أَيضاً: الخَمَّار. وخُراسانُ: كُورَةٌ، النَّسَبُ إِليها خُراسانيٌّ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ أَجود، وخُراسِيٌّ وخُرْسِيٌّ، وَيُقَالُ: هُمْ خُرْسانٌ كَمَا يُقَالُ هُمْ سُودانٌ وبِيضانٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَشَّار:
فِي الْبَيْتِ مِنْ خُرْسان لَا تُعابُ
يَعْنِي بَنَاتَهُ، وَيُجْمَعُ عَلَى الخُرَسِينَ، بِتَخْفِيفِ يَاءِ النِّسْبَةِ كَقَوْلِكَ الأَشْعَرين؛ وأَنشد:
لَا تُكْرِيَنَّ بَعْدَهَا خُرَسِيَا.
خربس: الخَرْبَسِيسُ: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ، وَهِيَ فِي النَّفْيِ بِالصَّادِ.
خرمس: لَيْلٌ خِرْمِسٌ: مُظْلِمٌ. واخْرَنْمَسَ الرَّجُلُ: ذَلَّ وَخَضَعَ، وَقِيلَ: سَكَتَ؛ وَقَدْ وَرَدَتْ بِالصَّادِ عَنْ كُرَاعٍ وَثَعْلَبٍ. والاخْرِنْماسُ: السُّكُوتُ. والمُخَرْمِسُ: السَّاكِتُ. الفراء: اخْرَمَّسَ واخْرَمَّصَ: سكت. واخْرَمَّسَ الرَّجُلُ إِذا ذَلَّ وخَضَع.
خسس: الخَساسَةُ: مصدرُ الرَّجُلِ الخَسِيس البَيِّن الخَساسَة. والخَسِيسُ: الدَّنِيءُ. وخَسَّ الشيءُ يَخَسُّ ويَخِسُّ خِسَّةً وخَساسَةً، فَهُوَ خسِيسٌ: رَذُلَ. وَشَيْءٌ خَسِيسٌ وخُساسٌ ومَخْسُوسٌ: تَافِهٌ. وَرَجُلٌ مَخْسُوسٌ: مَرْذُول. وَقَوْمٌ خِساسٌ: أَرذال. وخَسِسْتَ وخَسَسْتَ تَخِسُّ خَساسة وخُسُوسَةً وخِسَّة: صِرْتَ خَسِيساً. وأَخْسَسْتَ: أَتيت بخَسِيس. وخَسِسْتَ بَعْدِي، بِالْكَسْرِ، خِسَّةً وخَساسةً إِذا كَانَ فِي نَفْسِهِ خَسِيساً. وخَسَّ نصيبَه يَخُسُّه، بِالضَّمِّ، أَي جَعَلَهُ خَسِيساً، وأَخْسَسْتُه: وَجَدْتُهُ خَسِيساً. واسْتَخسَّه أَي عدَّه خَسِيساً. وخَسَّ الحظُّ خَسّاً، فَهُوَ خَسِيسٌ، وأَخَسَّه، كِلَاهُمَا: قَلَّله وَلَمْ يُوَفِّرْه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْعَرَبُ تَقُولُ أَخَسَّ اللَّهُ حَظَّه وأَخَتَّه، بالأَلف، إِذا لَمْ يَكُنْ ذَا جَدٍّ وَلَا حَظٍّ فِي الدُّنْيَا وَلَا شيءٍ مِنَ الْخَيْرِ. وأَخسَّ فُلَانٌ إِذا جَاءَ بخَسِيس مِنَ الأَفعال. وَقَدْ أَخْسَسْتَ فِي فِعْلِكَ وأَخْسَسْتَ إِخْساساً إِذا فعلتَ فِعْلًا خَسِيسًا. وامرأَة مُسْتَخِسَّة [مُسْتَخَسَّة] وخَسَّاءُ: قَبِيحَةُ الْوَجْهِ، اشْتُقَّتْ مِنَ الخَسِيس؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: امرأَة مُسْتَخِسَّة إِذا كَانَتْ دَمِيمَةَ الْوَجْهِ ذَرِبَةً، مُشْتَقٌّ مِنَ الخِسَّة، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي النُّجُومَ الَّتِي لَا تَعْزُبُ نَحْوُ بَنَاتِ نَعْش والفَرْقَدَيْن والجَدْيِ والقُطْب وَمَا أَشْبه ذَلِكَ: الخُسَّان. والخَسُّ، بِالْفَتْحِ: بَقْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ عَرِيضَةُ الْوَرَقِ حُرَّة لَيِّنة تَزِيدُ فِي الدَّمِ. والخُسُّ: رَجُلٌ مِنْ إِياد مَعْرُوفٌ. وابنةُ الخُسّ الإِيادِيَة: الَّتِي جَاءَتْ عَنْهَا الأَمثال، وَاسْمُهَا هِنْد، وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالْفَصَاحَةِ. وَيُقَالُ: رَفَعْتُ مِنْ خَسِيسَتِه إِذا فَعَلْتُ بِهِ فِعْلًا يَكُونُ فِيهِ رِفْعَتُه. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ رَفَعَ اللَّه خَسِيسَةَ فُلَانٍ إِذا رَفَعَ حَالَهُ بَعْدَ انْحِطَاطِهَا. وَفِي(6/64)
حَدِيثِ عَائِشَةَ: أَن فَتَاةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: إِن أَبي زوَّجني مِنِ ابْنِ أَخيهِ وأَراد أَن يَرْفَعَ بِي خَسِيسَته؛ الخَسِيسُ: الدَّنِيءُ. والخَساسَةُ: الْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الخَسِيسُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَحنف: إِن لَمْ يَرْفَع خَسِيسَتنا. التَّهْذِيبُ: الخَسِيسُ الْكَافِرُ. وَيُقَالُ: هُوَ خَسِيسٌ خَتِيتٌ. وخَسِيسةُ النَّاقَةِ: أَسنانها دُونَ الإِثْناءِ. يُقَالُ: جَاوَزَتِ الناقةُ خَسِيسَتَها وَذَلِكَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ إِذا أَلقت ثَنِيَّتَها، وَهِيَ الَّتِي تَجُوزُ فِي الضحايا والهَدْي.
خفس: خَفَسَ يَخْفِسُ خَفْساً وأَخْفَسَ الرجلُ: قَالَ لِصَاحِبِهِ أَقْبَحَ مَا يَكُونُ مِنَ الْقَوْلِ وأَقبَح مَا قدَرَ عَلَيْهِ. يُقَالُ لِلرَّجُلِ: خَفَسْتَ يَا هَذَا وأَخْفَسْتَ وَهُوَ مِنْ سُوءِ الْقَوْلِ. وشَرابٌ مُخْفِسٌ: سَرِيعُ الإِسكار، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ القُبْح لأَنه يَخْرُجُ بِهِ مِنْ سُكْرِه إِلى الْقَبِيحِ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. وخَفَسَ لَهُ يَخْفِس: قَلّل لَهُ مِنَ الْمَاءِ فِي شَرَابِهِ، يُقَالُ: اخْفِسْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ أَي قَلِّل الماءَ وأَكثر النَّبِيذَ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هَذَا مِنْ كَلَامِ المُجَّانِ، وَالصَّوَابُ: أَعْرِقْ لَهُ، يُرِيدُ أَقْلِلْ لَهُ مِنَ الْمَاءِ فِي الكأْس حَتَّى يَسْكَرَ. وأَخْفَسَ الشرابَ وأَخْفَسَ لَهُ مِنْهُ: أَكثر مَزْجَه. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخفس لَهُ إِذا أَقَلَّ الْمَاءَ وأَكثر الشرابَ أَو اللَّبَنَ أَو السَّوِيقَ؛ وَكَانَ أَبو الْهَيْثَمِ يُنْكِرُ قَوْلَ الْفَرَّاءِ فِي الشَّرَابِ الخَفِيس إِنه الَّذِي أُكثر نَبِيذُهُ وأُقلَّ مَاؤُهُ. أَبو عَمْرٍو: الخَفْسُ الِاسْتِهْزَاءُ. والخَفْسُ: الأَكل الْقَلِيلُ.
خلس: الخَلْسُ: الأَخذ فِي نُهْزَةٍ ومُخاتلة؛ خَلَسَه يَخلِسُه خَلْساً وخَلَسَه إِياه، فَهُوَ خالِسٌ وخَلَّاس؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
يَا مَيُّ، إِن تَفْقِدي قَوْمًا وَلدْتِهم ... أَو تَخْلِسِيهم، فإِن الدَّهْرَ خَلَّاس
الْجَوْهَرِيُّ: خَلَسْتُ الشَّيْءَ واخْتَلَسْته وتَخَلَّسْته إِذا اسْتَلبته. والتَّخالُسُ: التَّسالُبُ. والاخْتلاسُ كالخَلْسِ، وَقِيلَ: الاخْتلاسُ أَوْحى مِنَ الخَلْسِ وأَخص. والخُلْسَة، بِالضَّمِّ: النُّهْزةُ. يُقَالُ: الفُرْصَةُ خُلْسَةٌ. والقرْنانِ إِذا تَبَارَزَا يَتَخالسان أَنفسَهما: يُناهِزُ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَتْل صَاحِبِهِ. الأَزهري: الخَلْسُ فِي الْقِتَالِ والصِّراع. وَهُوَ رَجُلٌ مُخالِسٌ أَي شُجَاعٌ حَذِرٌ. وتَخالسَ القِرْنانِ وتخالَسا نَفْسَيْهما: رَامَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اخْتِلاسَ صَاحِبِهِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَتَخَالَسا نَفْسَيْهما بنَوافِذٍ، ... كنَوافِذِ العُبْطِ الَّتِي لَا تُرْقَعُ
وخالَسَه مُخالَسَةً وخِلاساً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
نَظَرْتُ إِلى مَيٍّ خِلاساً عَشِيَّةً، ... عَلَى عَجَلٍ، والكاشِحُونَ حُضُورُ
كَذَا مثلَ طَرْفِ العينِ، ثُمَّ أَجَنَّها ... رِواقٌ أَتى مِنْ دونِها وسُتُورُ
وطَعْنة خَليسٌ إِذا اخْتَلَسَها الطاعنُ بِحِذْقِه. وأَخذه خِلِّيسَى أَي اخْتِلَاسًا. وَرَجُلٌ خَلِيسٌ وخَلَّاسٌ: شجاعٌ حَذِرٌ. ورَكَبٌ مَخْلوس: لَا يُرَى مِنْ قِلَّةِ لَحْمِهِ. وأَخْلَسَ الشَّعْرُ، فَهُوَ مُخْلِسٌ وخَلِيسٌ: اسْتَوَى سَوَادُهُ وَبَيَاضُهُ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا كَانَ سَوَادِهِ أَكثر مِنْ بَيَاضِهِ؛ قَالَ سُوَيدٌ الْحَارِثِيُّ:
فَتًى قَبَلٌ لَمْ تُعْنِسِ السِّنُّ وَجْهَه، ... سِوَى خُلْسَةٍ فِي الرَّأْسِ كالبَرْقِ فِي الدُّجَى
أَبو زَيْدٍ: أَخْلَسَ رأْسُه، فَهُوَ مُخلِسٌ وخَلِيس إِذا(6/65)
ابْيَضَّ بَعْضُهُ، فإِذا غَلَبَ بَيَاضُهُ سَوَادَهُ، فَهُوَ أَغْثَم. والخَلِيسُ: الأَشْمط. وأَخْلَسَتْ لِحْيَتُهُ إِذا شَمَطَتْ. الْجَوْهَرِيُّ: أَخْلَسَ رأْسُه إِذا خَالَطَ سوادُه البياضَ، وَكَذَلِكَ النَّبْتُ إِذا كَانَ بَعْضُهُ أَخْضَر وَبَعْضُهُ أَبيض، وَذَلِكَ فِي الهَيْج، وخَص بَعْضُهُمْ بِهِ الطَّرِيقَةَ والصِّلِّيانَ والهَلْتَى والسَحَمَ. وأَخْلَسَ الحَلِيُّ: خَرَجَتْ فِيهِ خُضْرَةٌ طَرِيَّة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وأَخْلَسَت الأَرضُ والنباتُ: خَالَطَ يبيسُهما رَطْبَهما، والخُلْسَةُ الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ. وأَخْلَست الأَرضُ أَيضاً: أَطْلَعَتْ شَيْئًا مِنَ النَّبَاتِ. والخَليسُ: النَّبَاتُ الْهَائِجُ بعضُه أَصفر وبعضُه أَخضر، وَكَذَلِكَ الخَلِيطُ يُسَمَّى خَلِيسًا. والخِلاسِيُّ: الْوَلَدُ بَيْنَ أَبيض وَسَوْدَاءَ أَو بَيْنَ أَسود وَبَيْضَاءَ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلْغُلَامِ إِذا كَانَتْ أُمّه سَوْدَاءَ وأَبوه عَرَبِيًّا آدَمَ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ بَيْنَ لَوْنَيْهِمَا: غُلَامٌ خِلاسِيٌّ، والأُنثى خِلاسِيَّة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
سِرْ حَتَّى تأْتي فَتَياتٍ قُعْساً، وَرِجَالًا طُلْساً، وَنِسَاءً خُلْساً
؛ الخُلْسُ: السُّمْرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ الخلِيسَة
، وَهِيَ مَا تُسْتَخلَصُ مِنَ السَّبْعِ فَتَمُوتُ قَبْلَ أَن تُذَكَّى، مِنْ خَلَسْتُ الشَّيْءَ واخْتَلَسْته إِذا سَلَبْتُهُ، وَهِيَ فَعِيلة بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَيْسَ فِي النُّهْبَة وَلَا الخَلِيسة قَطْعٌ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَلَا فِي الخُلْسَة
أَي مَا يُؤْخَذُ سَلْباً ومُكابَرَةً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
بادِرُوا بالأَعمال مَرَضاً حَابِسًا أَو مَوْتًا خالِساً
أَي يَخْتَلِسُكم عَلَى غَفْلَةٍ. والخِلاسِيُّ مِنَ الدِّيَكَةِ: بَيْنَ الدَّجاج الهِنْدِية وَالْفَارِسِيَّةِ. الْخَلِيلُ: مِنَ الْمَصَادِرِ المُخْتَلَس والمُعْتَمَدُ: فالمُخْتَلَسُ مَا كَانَ عَلَى حَذْوِ الْفِعْلِ نَحْوَ انصرَف انْصِرَافًا وَرَجَعَ رُجُوعًا، وَالْمُعْتَمَدُ مَا اعْتَمَدَتْ عَلَيْهِ فَجَعَلَتْهُ اسْمًا لِلْمَصْدَرِ نَحْوَ الْمَذْهَبِ والمَرْجِعِ، وَقَوْلُكَ أَجَبْتُه إِجابةً، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْرَفُ الْمُعْتَمَدَ إِلا بالسَّماع. ومُخالِسٌ: اسْمُ حِصَانٍ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٍ؛ قَالَ مزاحِمٌ:
يَقُودانِ جُرْداً مِنْ بناتِ مُخالِسٍ، ... وأَعْوَجَ يُقْفَى بالأَجِلَّةِ والرُّسْلِ
وَقَدْ سَمَّتْ خَلَّاساً ومُخالِساً.
خلبس: خَلْبَسَه وخَلْبَسَ قَلْبَهُ أَي فَتَنَهُ وَذَهَبَ بِهِ، كَمَا يُقَالُ خَلَبه، وَلَيْسَ يَبْعُدُ أَن يَكُونَ هُوَ الأَصل لأَن السِّينَ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَاتِ، والخُلابِسُ، بِضَمِّ الْخَاءِ: الْحَدِيثُ الرَّقِيقُ، وَقِيلَ: الْكَذِبُ؛ قَالَ الكُمَيْت:
بِمَا قَدْ أَرَى فِيهَا أَوانِسَ كالدُّمَى ... وأَشْهَدُ منهنَّ الحديثَ الخُلابِسا
والخَلابيسُ: الكَذِبُ. وأَمرٌ خَلابِيسُ: عَلَى غَيْرِ اسْتِقَامَةٍ، وَكَذَلِكَ خَلْقٌ خَلابِيسُ، وَالْوَاحِدُ خِلْبيسٌ وخِلْباسٌ، وَقِيلَ: لَا وَاحِدَ لَهُ. والخَلابِيسُ: أَن تَرْوَى الإِبلُ فَتَذْهَبُ ذِهَابًا شَدِيدًا فَتُعَنِّي رَاعِيَهَا. يُقَالُ: أَكفِيكَ الإِبلَ وخَلابِيسَها، والخَلابِيسُ: المتفرّقون.
خمس: الخمسةُ: مِنْ عَدَدِ الْمُذَكَّرِ، والخَمْسُ: مِنْ عَدَدِ المؤَنث مَعْرُوفَانِ؛ يُقَالُ: خَمْسَةُ رِجَالٍ وَخَمْسُ نِسْوَةٍ، التَّذْكِيرُ بِالْهَاءِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ صُمْنا خَمْساً مِنَ الشَّهْرِ فَيُغَلِّبُون اللَّيَالِيَ عَلَى الأَيام إِذا لَمْ يَذْكُرُوا الأَيام، وإِنما يَقَعُ الصِّيَامُ عَلَى الأَيام لأَن لَيْلَةَ كُلِّ يَوْمٍ قَبْلَهُ، فإِذا أَظهروا الأَيام قَالُوا صُمْنَا خَمْسَةَ أَيام، وَكَذَلِكَ أَقمنا عِنْدَهُ عَشْرًا بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ غَلَّبُوا التأْنيث، كَمَا قَالَ الْجَعْدِيُّ:(6/66)
أَقامتْ ثَلَاثًا بينَ يومٍ وليلةٍ، ... وَكَانَ النَّكِيرُ أَن تُضِيفَ وتَجْأَرا
وَيُقَالُ: لَهُ خَمْسٌ مِنَ الإِبل، وَإِنْ عَنَيْتَ جِمالا، لأَن الإِبل مُؤَنَّثَةٌ؛ وَكَذَلِكَ لَهُ خَمْس مِنَ الْغَنَمِ، وإِن عَنَيْتَ أَكْبُشاً، لأَن الْغَنَمَ مُؤَنَّثَةٌ. وَتَقُولُ: عِنْدِي خمسةُ دَرَاهِمَ، الهاءُ مَرْفُوعَةٌ، وإِن شِئْتَ أَدغمت لأَن الْهَاءَ مِنْ خَمْسَةٍ تَصِيرُ تَاءً فِي الْوَصْلِ فَتُدْغَمُ فِي الدَّالِ، وإِن أَدخلت الأَلف وَاللَّامَ فِي الدَّرَاهِمِ قُلْتَ: عِنْدِي خَمْسَةُ الدَّرَاهِمِ، بِضَمِّ الْهَاءِ، وَلَا يَجُوزُ الإِدغام لأَنك قَدْ أَدغمت اللَّامَ فِي الدَّالِ، وَلَا يَجُوزُ أَن تُدْغَمَ الْهَاءُ مِنْ خَمْسَةٍ وَقَدْ أَدغمت مَا بَعْدَهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَا زالَ مُذْ عَقدَتْ يَدَاهُ إِزارَهُ، ... فسَمَا وأَدْرَكَ خمسَةَ الأَشْبارِ
وَتَقُولُ فِي الْمُؤَنَّثِ: عِنْدِي خَمْسُ القُدُور، كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَهَلْ يَرْجِعُ التسليمَ أَو يَكْشِفُ العَمَى ... ثلاثُ الأَثافي، والرُّسُومُ البَلاقِعُ؟
وَتَقُولُ: هَذِهِ الْخَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وإِن شِئْتَ رَفَعْتَ الدَّرَاهِمَ وَتُجْرِيهَا مَجْرَى النَّعْتِ، وَكَذَلِكَ إِلى الْعَشَرَةِ. والمُخَمَّسُ مِنَ الشِّعْرِ: مَا كَانَ عَلَى خَمْسَةِ أَجزاء، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي وَضْعِ العَرُوض. وَقَالَ أَبو إِسحاق: إِذا اخْتَلَطَتِ الْقَوَافِي، فَهُوَ المُخَمَّسُ. وَشَيْءٌ مُخَمَّسٌ أَي لَهُ خَمْسَةُ أَركان. وخَمَسَهم يَخْمِسُهم خَمْساً: كَانَ لَهُمْ خَامِسًا. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ خَامِسًا وَخَامِيًا؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ للحادِرَة وَاسْمُهُ قُطْبةُ بْنُ أَوس:
كَمْ للمَنازِلِ مِنْ شَهْرٍ وأَعْوامِ ... بالمُنْحَنَى بَيْنَ أَنْهارٍ وآجامِ
مَضَى ثلاثُ سِنينَ مُنْذُ حُلَّ بها، ... وعامُ حُلَّتْ وَهَذَا التَّابِعُ الخامِي
وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ: هَذِي ثَلَاثُ سِنِينَ قَدْ خَلَوْنَ لَهَا. وأَخْمَسَ القومُ: صَارُوا خَمْسَةً. ورُمْح مَخْمُوسٌ: طُولُهُ خَمْسُ أَذرع. وَالْخَمْسُونَ مِنَ الْعَدَدِ: مَعْرُوفٌ. وَكُلُّ مَا قِيلَ فِي الْخَمْسَةِ وَمَا صُرِّفَ مِنْهَا مَقُولٌ فِي الْخَمْسِينَ وَمَا صُرِّفَ مِنْهَا؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَلامَ قَتْلُ مُسْلِمٍ تَعَمُّدا؟ ... مُذْ سَنَةٌ وخَمِسونَ عَدَدا
بِكَسْرِ الْمِيمِ فِي خَمِسُونَ، احْتَاجَ إِلى حَرَكَةِ الْمِيمِ لإِقامة الْوَزْنِ، وَلَمْ يَفْتَحْهَا لِئَلَّا يُوهِمَ أَن الْفَتْحَ أَصلها لأَن الْفَتْحَ لَا يُسَكَّنُ، وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ حَرَّكَهَا عَنْ سُكُونٍ لأَن مِثْلَ هَذَا السَّاكِنِ لَا يُحَرَّكُ بِالْفَتْحِ إِلا فِي ضَرُورَةٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهَا، وَلَكِنَّهُ قَدَّرَ أَنها فِي الأَصل خَمَسُون كَعَشَرَةٍ ثُمَّ أَسكن، فَلَمَّا احْتَاجَ رَدَّه إِلى الأَصل وآنَسَ بِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَشَرة؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كَسَرَ الْمِيمَ مِنْ خَمِسُون وَالْكَلَامُ خَمْسُون كَمَا قَالُوا خَمْسَ عَشِرَةَ، بِكَسْرِ الشِّينِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: رَوَاهُ غَيْرُهُ خَمَسون عَدَدًا، بِفَتْحِ الْمِيمِ، بَنَاهُ عَلَى خَمَسَة وخَمَساتٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي عَنْ أَبي مَرْجَحٍ: شَرِبْتُ هَذَا الكوزَ أَي خَمَسَة بِمِثْلِهِ. والخِمْسُ، بِالْكَسْرِ: مِنْ أَظْماء الإِبل، وَهُوَ أَن تَرِدَ الإِبلُ الماءَ اليومَ الخامسَ، وَالْجَمْعُ أَخْماس. سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُجَاوَزُ بِهِ هَذَا البناءَ. وَقَالُوا ضَرَبَ أَخْماساً لأَسْداسِ إِذا أَظهر أَمراً يُكْنى عَنْهُ بِغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْعَرَبُ تَقُولُ لِمَنْ خاتَلَ: ضَرَبَ أَخْماساً لأَسْداسٍ؛ وأَصل ذَلِكَ أَن شَيْخًا كَانَ فِي إِبله وَمَعَهُ أَولاده، رِجَالًا يَرْعَوْنها قَدْ طَالَتْ غُرْبَتُهُمْ عَنْ أَهلهم، فَقَالَ لَهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ: ارْعَوْا إِبلكم رِبْعاً، فَرَعَوْا(6/67)
رِبْعاً نحوَ طَرِيقِ أَهلهم، فَقَالُوا لَهُ: لَوْ رَعَيْنَاهَا خِمْساً، فَزَادُوا يَوْمًا قِبَلَ أَهلهم، فَقَالُوا: لَوْ رَعَيْنَاهَا سِدْساً، ففَطَنَ الشيخُ لِمَا يُرِيدُونَ، فَقَالَ: مَا أَنتم إِلَّا ضَرْبُ أَخماسٍ لأَسْداسٍ، مَا هِمَّتُكم رَعْيُها إِنما هِمَّتُكم أَهلُكم؛ وأَنشأَ يَقُولُ:
وَذَلِكَ ضَرْبُ أَخْماسٍ، أُراهُ، ... لأَسْداسٍ، عَسى أَن لَا تَكُونَا
وأَخذ الكمَيْتُ هَذَا البيتَ لأَنه مَثَل فَقَالَ:
وَذَلِكَ ضَرْبُ أَخماس، أُريدَتْ، ... لأَسْداسٍ، عَسَى أَن لَا تَكُونَا
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي هَذَا الْبَيْتِ: قَالَ أَبو عَمْرٍو هَذَا كَقَوْلِكَ ششْ بَنْجْ، وَهُوَ أَن تُظْهر خَمْسَةً تُرِيدُ سِتَّةً. أَبو عُبَيْدَةَ: قَالُوا ضَرْبُ أَخماسٍ لأَسْداسٍ، يُقَالُ لِلَّذِي يُقَدِّمُ الأَمرَ يُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ فيأْتيه مِنْ أَوّله فَيَعْمَلُ رُوَيْداً رُوَيْداً. الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ فُلَانٌ يَضْرِبُ أَخماساً لأَسداس أَي يَسْعَى فِي الْمَكْرِ وَالْخَدِيعَةِ، وأَصله مِنْ أَظماء الإِبل، ثُمَّ ضُرِبَ مَثَلًا لِلَّذِي يُراوِغُ صَاحِبَهُ وَيُرِيهِ أَنه يُطِيعُهُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِرَجُلٍ مِنْ طيء:
اللَّهُ يَعْلَمُ لَوْلَا أَنني فَرِقٌ ... مِنَ الأَميرِ، لعاتَبْتُ ابنَ نِبْراسِ
فِي مَوْعِدٍ قَالَهُ لِي ثُمَّ أَخْلَفَه، ... غَداً غَداً ضَرْبُ أَخماسٍ لأَسْداسِ
حَتَّى إِذا نَحْنُ أَلْجَأْنا مَواعِدَه ... إِلى الطَّبِيعَةِ، فِي رِفْقٍ وإِيناسِ
أَجْلَتْ مَخِيلَتُه عَنْ لَا، فقلتُ لَهُ: ... لَوْ مَا بَدَأْتَ بِهَا مَا كَانَ مِنْ باسِ
وَلَيْسَ يَرْجِعُ فِي لا، بَعْدَ ما سَلَفَتْ ... مِنْهُ نَعَمْ طَائِعًا، حُرٌّ مِنَ الناسِ
وَقَالَ خُرَيْمُ بْنُ فاتِكٍ الأَسَدِيُّ:
لَوْ كَانَ لِلْقَوْمِ رأْيٌ يُرْشَدُونَ بِهِ، ... أَهلَ العِراق رَمَوْكُم بِابْنِ عَبَّاسِ
للَّه دَرُّ أَبيهِ أَيُّما رجلٍ، ... مَا مثلهُ فِي فِصالِ القولِ فِي الناسِ
لَكِنْ رَمَوْكم بشيخٍ مِنْ ذَوي يَمَنٍ، ... لَمْ يَدْرِ مَا ضَرْبُ أَخْماسٍ لأَسْداسِ
يَعْنِي أَنهم أَخطأُوا الرأْي فِي تَحْكِيمِ أَبي مُوسَى دُونَ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَمَا أَحسن
مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَدْ سأَله عُتْبَةُ بْنُ أَبي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فَقَالَ: مَا مَنَعَ عَلِيًّا أَن يَبْعَثَكَ مَكَانَ أَبي مُوسَى؟ فَقَالَ: مَنَعَهُ واللَّه مِنْ ذَلِكَ حاجزُ القَدَرِ ومِحْنَةُ الِابْتِلَاءِ وقِصَرُ الْمُدَّةِ، واللَّه لَوْ بَعَثَنِي مَكَانَهُ لاعْتَرَضْتُ فِي مَدارِج أَنفاس مُعَاوِيَةَ ناقِضاً لِمَا أَبْرَمَ، ومُبْرِماً لِمَا نَقَضَ، وَلَكِنْ مَضَى قَدَرٌ وَبَقِيَ أَسَفٌ والآخرةُ خَيْرٌ لأَمير الْمُؤْمِنِينَ؛ فَاسْتَحْسَنَ عُتْبَةُ بْنُ أَبي سُفْيَانَ كَلَامَهُ
، وَكَانَ عُتْبَةُ هَذَا مِنْ أَفصح النَّاسِ، وَلَهُ خُطْبَةٌ بَلِيغَةٌ فِي نَدْبِ النَّاسِ إِلى الطَّاعَةِ خَطَبَهَا بِمِصْرَ فَقَالَ: يَا أَهل مِصْرَ، قَدْ كُنْتُمْ تُعْذَرُون بِبَعْضِ الْمَنْعِ مِنْكُمْ لبعضِ الجَوْرِ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ وَلِيَكم مَنْ يَقُولُ بفِعْلٍ وَيَفْعَلُ بقَوْلٍ، فإِن دَرَرْتُم لَهُ مَراكم بِيَدِهِ، وإِن اسْتَعْصَيْتُمْ عَلَيْهِ مَرَاكُمْ بِسَيْفِهِ، ورَجا فِي الْآخَرِ مِنَ الأَجْر مَا أَمَّلَ فِي الأَوَّل مِنَ الزَّجْر؛ إِن البَيْعَة متابَعَةٌ، فَلَنَا عَلَيْكُمُ الطَّاعَةُ فِيمَا أَحببنا، وَلَكُمْ عَلَيْنَا العَدلُ فِيمَا وَلَيْنَا، فأَينا غَدَرَ فَلَا ذِمَّةَ لَهُ عِنْدَ صَاحِبِهِ، واللَّه مَا نطقتْ بِهِ أَلسنتُنا حَتَّى عَقَدَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُنَا، وَلَا طَلَبْنَاهَا مِنْكُمْ حَتَّى بَذَلْنَاهَا لَكُمْ نَاجِزًا بِنَاجِزٍ فَقَالُوا: سَمْعاً سَمْعاً فأَجابهم: عَدْلًا عَدْلًا. وَقَدْ خَمَسَت الإِبلُ وأَخْمَسَ صَاحِبُهَا: وَرَدَتْ إِبله خِمْساً، وَيُقَالُ(6/68)
لِصَاحِبِ الإِبل الَّتِي تَرِدُ خِمْساً: مُخْمِسٌ؛ وأَنشد أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
يُثِيرُ ويُبْدِي تُرْبَها ويُهِيلُه، ... إِثارَةَ نَبَّاثِ الهَواجِرِ مُخْمِسِ
غَيْرُهُ: الخِمْسُ، بِالْكَسْرِ، مِنْ أَظماء الإِبل أَن تَرْعَى ثَلَاثَةَ أَيام وتَرِدَ الْيَوْمَ الرَّابِعَ، والإِبل خامسَة وخَوامِسُ. قَالَ اللَّيْثُ: والخِمْسُ شُرْبُ الإِبل يَوْمَ الرَّابِعِ مِنْ يَوْمِ صَدَرَتْ لأَنهم يَحْسُبون يَوْمَ الصَّدَر فِيهِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ لَا يُحْسَبُ يومُ الصَّدَرِ فِي وِرْدِ النَّعم، والخِمْسُ: أَن تَشْرَبَ يَوْمَ وِرْدِها وتَصْدُرَ يَوْمَهَا ذَلِكَ وتَظَلّ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي المَرْعى ثَلَاثَةَ أَيام سِوَى يَوْمِ الصَّدَرِ، وتَرد الْيَوْمَ الرَّابِعَ، وَذَلِكَ الخِمْس. قَالَ: وَيُقَالُ فَلَاةٌ خِمْسٌ إِذا انْتَاطَ وِرْدُها حَتَّى يَكُونَ وِرْدُ النَّعَمِ اليومَ الرَّابِعَ سِوَى الْيَوْمِ الَّذِي شَرِبَتْ وَصَدَرَتْ فِيهِ. وَيُقَالُ: خِمْسٌ بَصْباصٌ وقَعْقاع وحَثْحاتٌ إِذا لَمْ يَكُنْ فِي سَيْرِهَا إِلى الْمَاءِ وَتِيرَة وَلَا فُتُور لبُعده. غَيْرُهُ: الخِمْسُ الْيَوْمُ الْخَامِسُ مِنْ صَدَرها يَعْنِي صَدَر الْوَارِدَةِ. والسِّدْسُ: الوِرْدُ يَوْمَ السَّادِسِ. وَقَالَ راويةُ الْكُمَيْتِ: إِذا أَراد الرجلُ سَفَرًا بَعِيدًا عَوّد إِبله أَن تَشْرَبَ خِمْساً ثُمَّ سِدْساً حَتَّى إِذا دَفَعَتْ فِي السَّيْرِ صَبَرَتْ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
وإِن طُوي مِنْ قَلِقاتِ الخُرْتِ ... خِمْسٌ كحَبلِ الشَّعَر المُنْحَتِّ،
مَا فِي انْطِلاقِ رَكْبه مِنْ أَمْتِ
أَراد: وإِن طُوي مِنْ إِبل قَلِقاتِ الخُرْتِ خِمْسٌ. قَالَ: وَالْخِمْسُ ثَلَاثَةُ أَيام فِي الْمَرْعَى وَيَوْمُ فِي الْمَاءِ، وَيُحْسَبُ يَوْمُ الصَّدَر. فإِذا صَدَرَت الإِبل حُسِبَ ذَلِكَ الْيَوْمُ فيُحْسَب يومُ تَرِدُ ويومُ تَصْدُرُ. وَقَوْلُهُ كَحَبْلِ الشَّعَرِ الْمُنْحَتِّ، يُقَالُ: هَذَا خِمْسٌ أَجْرَدُ كَالْحَبْلِ المُنْجَرِدِ. مِنْ أَمت: مِنِ اعْوِجَاجٍ. والتَخْمِيسُ فِي سَقْيِ الأَرض: السَّقْيَةُ الَّتِي بَعْدَ التَّرْبِيعِ. وخَمَسَ الحَبْلَ يَخْمِسُه خَمْساً: فَتَلَهُ عَلَى خَمْسِ قُوًى. وحَبْلٌ مَخْموسٌ أَي مِنْ خَمْس قُوًى. ابْنُ شُمَيْلٍ: غُلَامٌ خُماسِيٌّ ورُباعِيٌّ: طَالَ خمسَة أَشبار وأَربعة أَشبار، وإِنما يُقَالُ خُماسِيٌّ وَرُبَاعِيٌّ فِيمَنْ يَزْدَادُ طُولًا، وَيُقَالُ فِي الثَّوْبِ سُباعيٌّ. قَالَ اللَّيْثُ: الخُماسيُّ والخُماسِيَّةُ مِنَ الْوَصَائِفِ مَا كَانَ طُولُهُ خَمْسَةَ أَشبار؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ سُداسِيٌّ وَلَا سُباعي إِذا بَلَغَ سِتَّةَ أَشبار وَسَبْعَةً، قَالَ: وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ الخُماسيُّ مَا بَلَغَ خَمْسَةً، وَكَذَلِكَ السُّداسِيُّ والعُشارِيُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَغُلَامٌ خُماسيٌّ طوله خمسة أَشبار؛ قال:
فوقَ الخُماسِيِّ قَلِيلًا يَفْضُلُهُ، ... أَدْرَكَ عَقْلًا، والرِّهانُ عَمَلُهْ
والأُنثى خُماسِيَّةٌ. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدٍ: أَنه سأَل عَمَّنْ يَشْتَرِي غُلَامًا تَامًّا سَلَفاً فإِذا حَلَّ الأَجلُ قَالَ خُذْ مِنِّي غُلَامَيْنِ خُماسِيَّين أَو عِلْجاً أَمْرَدَ، قَالَ: لَا بأْس
؛ الخُماسِيَّان طولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ أَشبار وَلَا يُقَالُ سُدَاسِيٌّ وَلَا سُبَاعِيٌّ وَلَا فِي غَيْرِ الْخَمْسَةِ لأَنه إِذا بَلَغَ سَبْعَةَ أَشبار صَارَ رَجُلًا. وثَوب خُماسِيٌّ وخَمِيسٌ ومَخْموسٌ: طُولُهُ خَمْسَةٌ؛ قَالَ عُبَيْدٌ يَذْكُرُ نَاقَتَهُ:
هاتِيكَ تَحْمِلُني وأَبْيَضَ صارِماً، ... ومُذَرِّباً فِي مارِنٍ مَخْموسِ
يَعْنِي رُمْحاً طولُ مارِنه خَمْسُ أَذرع. وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاذٍ: ائْتُونِي بخَمِيسٍ أَو لَبِيسٍ آخُذُهُ مِنْكُمْ فِي الصَّدَقَةِ
؛ الخَمِيسُ: الثَّوْبُ الَّذِي طُولُهُ خَمْسُ أَذرع،(6/69)
كأَنه يَعْنِي الصَّغِيرَ مِنَ الثياب مثل جريح وَمَجْرُوحٍ وَقَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ، وَقِيلَ: الخَمِيسُ ثَوْبٌ مَنْسُوبٌ إِلى مَلِكٍ كَانَ بِالْيَمَنِ أَمر أَن تُعْمَلَ هَذِهِ الأَردية فَنُسِبَتْ إِليه. والخِمْسُ: ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ الأَرض:
يَوْمًا تَراها كشِبْهِ أَرْدِيَةِ الْخِمْسِ، ... وَيَوْمًا أَدِيمَها نَغِلا
وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يَقُولُ: إِنما قِيلَ لِلثَّوْبِ خَمِيسٌ لأَن أَول مَنْ عَمِلَهُ مَلِكٌ بِالْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ الخِمْسُ، بِالْكَسْرِ، أَمر بِعَمَلِ هَذِهِ الثِّيَابِ فَنُسِبَتْ إِليه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَجَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ خَمِيصٌ، بِالصَّادِّ، قَالَ: فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَيَكُونُ مُذَكَّرَ الخَمِيصَةٍ، وَهِيَ كِسَاءٌ صَغِيرٌ فَاسْتَعَارَهَا لِلثَّوْبِ. وَيُقَالُ: هُمَا فِي بُرْدَةٍ أَخْماسٍ إِذا تَقَارَنَا وَاجْتَمَعَا وَاصْطَلَحَا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
صَيَّرَني جُودُ يَدَيْهِ، ومَنْ ... أَهْواه، فِي بُرْدَةِ أَخْماسِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: قَرَّبَ بَيْنَنَا حَتَّى كأَني وَهُوَ فِي خَمْسِ أَذرع. وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ: كأَنه اشْتَرَى لَهُ جَارِيَةً أَو سَاقَ مَهْرَ امرأَته عَنْهُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ فِي مَثَلٍ: لَيْتَنا فِي بُرْدَةٍ أَخْماسٍ أَي لَيْتَنَا تَقارَبْنا، وَيُرَادُ بأَخماس أَي طولُها خَمْسَةُ أَشبار، والبُرْدَة: شَمْلَة مِنْ صُوفٍ مُخَطَّطَة، وَجَمْعُهَا البُرَدُ. ابْنُ الأَعرابي: هُمَا فِي بُرْدَةٍ أَخماس، يَفْعَلَانِ فِعْلًا وَاحِدًا يَشْتَبِهَانِ فِيهِ كأَنهما فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لِاشْتِبَاهِهِمَا. والخَمِيسُ: مِنْ أَيام الأُسبوع مَعْرُوفٌ، وإِنما أَرادوا الخامِسَ وَلَكِنَّهُمْ خَصوه بِهَذَا الْبِنَاءِ كَمَا خَصُّوا النَّجْمَ بالدَّبَرانِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كَانَ أَبو زَيْدٍ يَقُولُ مَضى الخميسُ بِمَا فِيهِ فَيُفْرَدُ وَيُذَكَّرُ، وَكَانَ أَبو الجرَّاح يَقُولُ: مَضَى الْخَمِيسُ بِمَا فِيهِنَّ فَيَجْمَعُ ويؤَنث يُخْرِجُهُ مَخْرَجَ الْعَدَدِ، وَالْجَمْعُ أَخْمِسة وأَخْمِساء وأَخامِسُ؛ حُكِيَتِ الأَخيرة عَنِ الْفَرَّاءِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وخُماسَ ومَخْمَس كما يقال تُناءَ ومَثْنى ورُباعَ ومَرْبَع. وَحَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: لَا تَكُ خَمِيساً أَي مِمَّنْ يَصُومُ الْخَمِيسَ وَحْدَهُ. والخُمْسُ والخُمُسُ والخِمْسُ: جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْكُسُورِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَالْجَمْعُ أَخْماس. والخَمْسُ: أَخذك وَاحِدًا مِنْ خَمْسَةٍ، تَقُولُ: خَمَسْتُ مَالَ فُلَانٍ. وخَمَسَهم يَخْمُسُهم بِالضَّمِّ خَمْساً: أَخذ خُمْسَ أَموالهم، وخَمَسْتُهم أَخْمِسُهم، بِالْكَسْرِ، إِذا كنتَ خامِسَهم أَو كَمَّلْتَهُمْ خَمْسَةً بِنَفْسِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيّ بْنِ حَاتِمٍ: رَبَعْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وخَمَسْتُ فِي الإِسلام
، يَعْنِي قُدْتُ الجيشَ فِي الْحَالَيْنِ لأَن الأَمير فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يأْخذ الرُّبُع مِنَ الْغَنِيمَةِ، وجاءَ الإِسلامُ فجعله الخُمْسَ وَجَعَلَ لَهُ مَصَارِفَ، فيكون حينئد مِنْ قَوْلِهِمْ رَبَعْتُ الْقَوْمَ وخَمَسْتُهم مَخَفَّفًا إِذا أَخذت رُبْع أَموالهم وخُمْسَها، وَكَذَلِكَ إِلى الْعَشَرَةِ. والخَمِيسُ: الجَيْشُ، وَقِيلَ: الْجَيْشُ الجَرَّارُ، وَقِيلَ: الجَيْشُ الخَشِنُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الجَيْشُ يَخْمِسُ مَا وَجَدَه، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه خَمْسُ فِرَقٍ: الْمُقَدِّمَةُ وَالْقَلْبُ وَالْمَيْمَنَةُ وَالْمَيْسَرَةُ والساقةُ؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ الشَّاعِرِ:
قَدْ يَضْرِبُ الجيشَ الخَمِيسَ الأَزْوَرا
فَجَعَلَهُ صِفَةً. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
محمدٌ والخَمِيس
أَي وَالْجَيْشُ، وَقِيلَ: سُمِّيَ خَمِيساً لأَنه تُخَمَّس فِيهِ الْغَنَائِمُ، وَمُحَمَّدٌ خَبَرُ مبتدإٍ أَي هَذَا مُحَمَّدٌ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرِو بْنِ مَعَدِيكَرِبَ: هُمْ أَعْظَمُنا خَمِيساً
أَي جَيْشًا. وأَخْماسُ البَصْرة خَمْسَةٌ: فالخُمْس(6/70)
الأَول الْعَالِيَةُ، والخُمْسُ الثَّانِي بَكْر بْنُ وَائِلٍ، والخُمْسُ الثَّالِثُ تَمِيمٌ، والخُمْسُ الرَّابِعُ عَبْدُ الْقَيْسِ، والخُمْسُ الْخَامِسُ الأَزْدُ. والخِمْسُ: قَبِيلَةٌ؛ أَنشد ثعلب:
عادَتْ تميمُ بأَحْفى الخِمْسِ، إِذ لَقِيَتْ ... إِحْدى القَناطِرِ لَا يُمْشى لَهَا الخَمَرُ
وَالْقَنَاطِرُ: الدَّوَاهِي. وَقَوْلُهُ: لَا يُمْشَى لَهَا الْخَمَرُ يَعْنِي أَنهم أَظهروا لَهُمُ الْقِتَالَ. وابنُ الخِمْسِ: رَجُلٌ؛ وأَما قَوْلُ شَبِيبِ بْنِ عَوانَة:
عَقِيلَةُ دَلَّاهُ لِلَحْدِ ضَريحِه، ... وأَثوابُه يَبْرُقْنَ والخِمْسُ مائجُ
فعقيلةُ والخِمسُ: رَجُلَانِ، وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: أَنه سأَل الشَعْبيَّ عَنِ المُخَّمَسَة، قَالَ: هِيَ مسأَلة من الفرائض اختلفت فِيهَا خَمْسَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَهِيَ أُم وأُخت وجد.
خنس: الخُنُوس: الانقباضُ وَالِاسْتِخْفَاءُ. خَنَسَ مِنْ بَيْنِ أَصحابه يَخْنِسُ ويَخْنُسُ، بِالضَّمِّ، خُنُوساً وخِناساً وانْخَنَس: انْقَبَضَ وتأَخر، وَقِيلَ: رَجَعَ. وأَخْنَسَه غَيْرُهُ: خَلَّفَه ومَضَى عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الشَّيْطَانُ يُوَسْوِسُ إِلى الْعَبْدِ فإِذا ذكَرَ اللَّه خَنَسَ
أَي انْقَبَضَ مِنْهُ وتأَخر. قَالَ الأَزهري: وَكَذَا قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ
؛ قَالَ: إِبليس يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، فإِذا ذُكِرَ اللَّه خَنَسَ، وَقِيلَ: إِن لَهُ رأْساً كرأْس الْحَيَّةِ يَجْثُمُ عَلَى الْقَلْبِ، فإِذا ذَكَرَ اللَّه الْعَبْدُ تَنَحَّى وخنَسَ، وإِذا تَرَكَ ذِكْرَ اللَّه رَجَعَ إِلى الْقَلْبِ يُوَسْوِسُ، نَعُوذُ باللَّه مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَنه كَانَ لَهُ نَخْلٌ فَخَنَسَت النخلُ
أَي تأَخرت عَنْ قَبُولِ التَّلْقِيحِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا وَلَمْ تَحْمِلْ تِلْكَ السَّنَةِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: إِنَّ الإِبل ضُمَّزٌ خُنَّسٌ مَا جُشِّمَتْ جَشِمَتْ
؛ الخُنَّسُ جَمْعُ خَانِسٍ أَي متأَخر، والضُمَّزٌ جَمْعُ ضَامِزٍ، وَهُوَ الْمُمْسِكُ عَنِ الجِرَّة، أَي أَنها صَوَابِرُ عَلَى الْعَطَشِ وَمَا حَمَّلْتَها حَمَلَتْه؛ وَفِي كِتَابِ الزَّمَخْشَرِيِّ: حُبُسٌ، بِالْحَاءِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ بِغَيْرِ تَشْدِيدٍ. الأَزهري: خَنَسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَكُونُ لَازِمًا وَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا. يُقَالُ: خَنَسْتُ فُلَانًا فَخَنَسَ أَي أَخرته فتأَخر وَقَبَضْتُهُ فَانْقَبَضَ وخَنَسْته أَكثر. وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الْفَرَّاءِ والأُمَوِيِّ: خَنَسَ الرَّجُلُ يَخْنِسُ وأَخْنَسْتُه، بالأَلف، وَهَكَذَا قَالَ
ابْنُ شُمَيْلٍ فِي حَدِيثِ رَوَاهُ: يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ فَتَخْنِسُ بِالْجَبَّارِينَ فِي النَّارِ
؛ يُرِيدُ تَدَخُلُ بِهِمْ فِي النَّارِ وَتَغَيِّبُهُمْ فِيهَا. يُقَالُ: خَنَسَ بِهِ أَي وَارَاهُ. وَيُقَالُ: يَخْنِسُ بِهِمْ أَي يَغِيبُ بِهِمْ. وخَنَسَ الرَّجُلُ إِذا تَوَارَى وَغَابَ. وأَخنسته أَنا أَي خَلَّفْتُه؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِذا سِرْتُمُ بَيْنَ الجُبَيْلَيْنِ لَيْلَةً، ... وأَخْنَسْتُمُ مِنْ عالِجٍ كَدَّ أَجْوَعا
الأَصمعي: أَخنستم خَلَّفْتُم، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: جُزْتم، وَقَالَ: أَخَّرْتُمْ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: فتَخْنِسُ بِهِمُ النارُ.
وَحَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَتيتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُصَلِّي فأَقامني حِذَاءَهُ فَلَمَّا أَقبل عَلَى صِلَاتِهِ انْخَنَسْتُ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طُرُق الْمَدِينَةِ قَالَ: فانْخَنَسْتُ مِنْهُ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
اخْتَنَسْتُ
، عَلَى الْمُطَاوَعَةِ بِالنُّونِ وَالتَّاءِ، وَيُرْوَى:
فانْتَجَشْتُ
، بِالْجِيمِ وَالشِّينِ. وَفِي حَدِيثِ
الطُّفَيْل: فَخَنَسَ عَنِّي أَو حَبَسَ
، قَالَ: هَكَذَا جَاءَ بِالشَّكِّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَخْنَسْتُ عَنْهُ بعضَ حَقِّهِ، فَهُوَ مُخنَسٌ، أَي أَخَّرْته؛ وَقَالَ البعِيثُ:(6/71)
وصَهْباء مِنْ طُولِ الكَلالِ زَجَرْتُها، ... وَقَدْ جَعَلَتْ عَنْهَا الأَخرَّةُ تَخْنِسُ
قَالَ الأَزهري: وأَنشدني أَبو بَكْرٍ الإِيادي لِشَاعِرٍ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَنشده مِنْ أَبيات:
وإِن دَحَسُوا بالشَّرِّ فاعفُ تَكَرُّماً، ... وإِن خَنَسُوا عَنْكَ الحديثَ فَلَا تَسَلْ
وَهَذَا حجَّة لِمَنْ جَعَلَ خَنَس وَاقِعًا. قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ اللُّغَةِ
مَا رُوَّينَاهُ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا، وخَنَسَ إِصْبَعَه فِي الثَّالِثَةِ
أَي قَبَضَها يُعَلِّمُهُمْ أَن الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ فِي أَخْنَسَ وَهِيَ اللُّغَةُ الْمَعْرُوفَةُ:
إِذا مَا القَلاسي والعَمائِمُ أُخْنِسَتْ، ... فَفِيهِنَّ عَنْ صَلْعِ الرجالِ حُسُورُ
الأَصمعي: سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ يَقُولُ لِخَادِمٍ لَهُ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفَرِ فَغَابَ عَنْهُمْ: لِمَ خَنَسْتَ عَنَّا؟ أَراد: لِمَ تأَخرت عَنَّا وَغِبْتَ ولِمَ تواريْت؟ والكواكبُ الخُنَّسُ: الدَّراري الخمسةُ تَخْنُسُ فِي مَجْراها وَتَرْجِعُ وتَكْنِسُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّبَاءُ وَهِيَ: زُحَلٌ والمُشْتَرِي والمِرِّيخ والزُّهَرَة وعُطارِدُ لأَنها تَخْنِس أَحياناً فِي مَجْراها حَتَّى تَخْفَى تَحْتَ ضَوْءِ الشَّمْسِ وتَكْنِسُ أَي تَسْتَتِرُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّباء فِي المَغارِ، وَهِيَ الكِناسُ، وخُنُوسها اسْتِخْفَاؤُهَا بِالنَّهَارِ، بَيْنَا نَرَاهَا فِي آخِرِ الْبُرْجِ كَرَّتْ رَاجِعَةً إِلى أَوّله؛ وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ خُنَّساً لتأَخرها لأَنها الْكَوَاكِبُ الْمُتَحَيِّرَةُ الَّتِي تَرْجِعُ وَتَسْتَقِيمُ؛ وَيُقَالُ: هِيَ الْكَوَاكِبُ كُلُّهَا لأَنها تَخْنِسُ فِي المَغِيب أَو لأَنها تَخْفَى نَهَارًا؛ وَيُقَالُ: هِيَ الْكَوَاكِبُ السَّيَّارة مِنْهَا دُونَ الثَّابِتَةِ. الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ
؛ قَالَ: أَكثر أَهل التَّفْسِيرِ فِي الخُنَّسِ أَنها النُّجُومُ وخُنُوسُها أَنها تَغِيبُ وتَكْنِسُ تَغِيبُ أَيضاً كَمَا يَدْخُلُ الظَّبْيُ فِي كناسِهِ. قَالَ: والخُنَّسُ جَمْعُ خَانِسٍ. وَفَرَسٌ خَنُوسٌ: وَهُوَ الَّذِي يَعْدِلُ، وَهُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي حُضْرِه، ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ، وَالْجَمْعُ خُنُسٌ وَالْمَصْدَرُ الخَنْسُ، بِسُكُونِ النُّونِ. ابْنُ سِيدَهْ: فَرَسٌ خَنُوس يَسْتَقِيمُ فِي حُضْره ثُمَّ يَخْنِسُ كأَنه يَرْجِعُ الَقهْقَرى. والخَنَسُ فِي الأَنف: تأَخره إِلى الرأْس وَارْتِفَاعُهُ عَنِ الشَّفَةِ وَلَيْسَ بِطَوِيلٍ وَلَا مُشْرِف، وَقِيلَ: الخَنَسُ قَرِيبٌ مِنَ الفَطَسِ، وَهُوَ لُصُوق القَصَبة بالوَجْنَةِ وضِخَمُ الأَرْنَبَةِ، وَقِيلَ: انقباضُ قَصَبَة الأَنف وعِرَض الأَرنبة، وَقِيلَ: الخَنَسُ فِي الأَنف تأَخر الأَرنبة فِي الْوَجْهِ وقِصَرُ الأَنف، وَقِيلَ: هُوَ تأَخر الأَنف عَنِ الْوَجْهِ مَعَ ارْتِفَاعٍ قَلِيلٍ فِي الأَرنبة؛ وَالرَّجُلُ أَخْنَسُ والمرأَة خَنْساءُ، وَالْجَمْعُ خُنْسٌ، وَقِيلَ: هُوَ قِصَرُ الأَنف وَلُزُوقُهُ بِالْوَجْهِ، وأَصله فِي الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ، خَنِسَ خَنَساً وَهُوَ أَخْنَسُ، وَقِيلَ: الأَخْنس الَّذِي قَصُرَتْ قَصَبته وارتدَّت أَرنبته إِلى قَصَبَتِهِ، وَالْبَقَرُ كُلُّهَا خُنْسٌ، وأَنف الْبَقَرِ أَخْنَسُ لَا يَكُونُ إِلا هَكَذَا، وَالْبَقَرَةُ خَنْساءُ، والتُّرك خُنْسٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
تُقَاتِلُونَ قَوْمًا خُنْسَ الآنُفِ
، وَالْمُرَادُ بِهِمُ التُّرْكُ لأَنه الْغَالِبُ عَلَى آنَافِهِمْ وَهُوَ شِبْهُ الفَطَسِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي المِنْهال فِي صِفَةِ النَّارِ: وَعَقَارِبُ أَمثال الْبِغَالِ الخُنُسِ.
وَفِي حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: واللَّه لفُطْسٌ خُنْسٌ، بزُبْدٍ جَمْسٍ، يَغِيبُ فِيهَا الضَّرْسُ
؛ أَراد بالفُطْسِ نَوْعًا مِنَ التَّمْرِ تَمْرِ الْمَدِينَةِ وَشُبَّهَهُ فِي اكْتِنَازِهِ وَانْحِنَائِهِ بالأُنوف الخُنْسِ(6/72)
لأَنها صِغَارُ الْحَبِّ لاطِئَة الأَقْماعِ؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ للنَّبْل فَقَالَ يَصِفُ دِرْعًا:
لَهَا عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً، ... وتهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ
ابْنُ الأَعرابي: الخُنُسُ مأْوى الظِّبَاءِ، والخُنُسُ: الظِّبَاءُ أَنفُسُها. وخَنَسَ مِنْ مَالِهِ: أَخذَ. الْفَرَّاءُ: الخِنَّوسُ، بِالسِّينِ، مِنْ صِفَاتِ الأَسد فِي وَجْهِهِ وأَنفه، وَبِالصَّادِ وَلَدُ الْخِنْزِيرِ. وَقَالَ الأَصمعي: وَلَدُ الْخِنْزِيرِ يُقَالُ لَهُ الخِنَّوْسُ؛ رَوَاهُ أَبو يَعْلَى عَنْهُ. والخَنَسُ فِي الْقَدَمِ: انْبِسَاطُ الأَخْمَصِ وَكَثْرَةُ اللَّحْمِ، قَدَمٌ خَنْساء. والخُناسُ: دَاءٌ يُصِيبُ الزَّرْعَ فَيَتَجَعثَنُ مِنْهُ الحَرْثُ فَلَا يَطُولُ. وخَنْساءُ وخُناسُ وخُناسى، كُلُّهُ: اسْمُ امرأَة. وخُنَيْس: اسْمٌ. وَبَنُو أَخْنَس: حَيّ. وَالثَّلَاثُ الخُنَّس: مِنْ لَيَالِي الشَّهْرِ، قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لأَن الْقَمَرَ يَخْنِسُ فِيهَا أَي يتأَخر؛ وأَما قَوْلُ دُرَيْد بْنِ الصِّمَّة:
أَخُناسُ، قَدْ هامَ الفؤادُ بكُمْ، ... وأَصابه تَبْلٌ مِنَ الحُبِ
يَعْنِي بِهِ خَنْساء بِنْتَ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيد فغيَّره لِيَسْتَقِيمَ له وزْنُ الشعر.
خنبس: الخُنابِسُ: الْقَدِيمُ الشَّدِيدُ الثَّابِتُ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
وَقَالُوا: عليكَ ابنَ الزُّبَيْرِ فَلُذْ بِهِ، ... أَبَى اللَّهُ أَن أُخْزَى وعِزٌّ خُنابِسُ
كَانَ الْقَطَامِيُّ هَجَا قَوْمًا مِنَ الأَزْدِ فَخَافَ مِنْهُمْ فَقَالَ لَهُ مَنْ يُشِيرُ عَلَيْهِ: اسْتَجِرْ بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَخُذْ مِنْهُ ذِمَّةً تأْمن بِهَا مَا تَخَافَهُ مِنْهُمْ، فَقَالَ مُجِيبًا لِمَنْ أَشار عَلَيْهِ بِهَذَا: أَبَى اللَّه أَن أُذلّ نَفْسِي وأُهينها وعِزُّ قَوْمِي قَدِيمٌ ثَابِتٌ. وأَسد خُنابِسٌ: جَرِيءٌ شَدِيدٌ، والأُنثى خُنابِسَةٌ. وَيُقَالُ: خُنابِسٌ غَلِيظٌ وخَنْبَسَتُه ترارَتُه، وَيُقَالُ: مِشْيَتُه، والخُنابِسَة الأُنثى، وَهِيَ الَّتِي اسْتَبَانَ حَمْلُهَا. والخُنابِسُ مِنَ الرِّجَالِ: الضَّخْمُ الَّذِي تَعْلُوهُ كَرَاهَةٌ مِنْ رِجَالٍ خُنابِسِين؛ وأَنشد الإِياديّ:
ليثٌ يَخافُكَ خَوْفَه، ... جَهْمٌ ضُبارِمَةٌ خُنابِسْ
والخُنابِسُ: الْكَرِيهُ المَنْظَرِ. وَلَيْلٌ خُنابِسٌ: شَدِيدُ الظُّلْمَةِ. والخَنَّبُوسُ: الحجر القَدَّاح.
خنبلس: الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: الخَنْبَلُوسُ حَجَرُ القَدَّاحِ.
خندرس: تَمْرٌ خَنْدَرِيسٌ: قَدِيمٌ، وَكَذَلِكَ حِنْطَة خَنْدَرِيس. والخَنْدَرِيسُ: الْخَمْرُ الْقَدِيمَةُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبه مُعَرَّبًا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقِدَمِهَا؛ وَمِنْهُ حِنْطَة خَنْدَريسٌ للقديمة.
خندلس: نَاقَةٌ خَنْدَلِسٌ: كَثِيرَةُ اللحم.
خنعس: الخَنْعَسُ: الضَّبُعُ؛ قَالَ:
وَلَوْلَا أَمِيري عاصِم لتَثَوَّرَتْ، ... مَعَ الصُّبحِ عَنْ قُورِ ابن عَيْساءَ، خَنْعَسُ
خنفس: خَنْفَس عَنِ الأَمر: عَدَلَ. أَبو زَيْدٍ: خَنْفَسَ الرَّجُلُ خَنْفَسَةً عَنِ الْقَوْمِ إِذا كَرِهَهُمْ وَعَدَلَ عَنْهُمْ. والخُنْفَسُ، بِالْفَتْحِ، والخُنْفَساء، بِفَتْحِ الْفَاءِ مَمْدُودٌ: دُوَيْبَة سَوْدَاءُ أَصغر مِنَ الجُعَل مُنْتِنَةُ الرِّيحِ، والأُنثى خُنْفَسَة وخُنْفَساء وخُنْفَساءة، وَضَمُّ الفاءِ فِي كُلِّ ذَلِكَ(6/73)
لُغَةٌ. والخُنْفَسُ: الْكَبِيرُ مِنَ الخَنافِس. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: هَؤُلَاءِ ذَوَاتُ خُنْفَسٍ قَدْ جَاءَنِي، إِذا جَعَلْتُ خُنْفَساً اسْمًا لِلْجِنْسِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ: وأُراه لَقَبًا لِرَجُلٍ. غَيْرُهُ: الخُنْفَساءُ دُوَيبَّة سَوْدَاءُ تَكُونُ فِي أُصول الْحِيطَانِ. وَيُقَالُ: هُوَ أَلَحُّ مِنَ الخُنْفُساء لِرُجُوعِهَا إِليك كُلَّمَا رَمَيْتَ بِهَا، وَثَلَاثُ خُنْفُسَاواتٍ. أَبو عَمْرٍو: هُوَ الخُنْفَس لِلذَّكَرِ مِنَ الخَنافِس، وَهُوَ العُنْظُبُ والحُنْظُبُ. الأَصمعي: لَا يُقَالُ خُنْفُساءة بِالْهَاءِ: وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: إِذا كَانَتْ أَلف التأْنيث خَامِسَةً حُذِفَتْ إِذا لَمْ تَكُنْ مَمْدُودَةً فِي التَّصْغِيرِ كَقَوْلِكَ خُنْفُساء وخُنَيْفِساء، قَالَ: وَالَّذِي أُسقط مِنْ ذَلِكَ حُبارى تَقُولُ حُبَيْر كأَنك صَغَّرْتَ حُبار، قَالَ: وَرُبَّمَا عوَّضوا مِنْهَا الْهَاءَ فَقَالُوا حُبَيْرَة، ذَكَرَهُ فِي بَابِ التَّصْغِيرِ، وَيُقَالُ: خِنْفِسٌ للخُنْفُساء لُغَةُ أَهل الْبَصْرَةِ؛ قال الشاعر:
والخِنْفِسُ الأَسْوَدُ من تَجُرُّه ... مَوَدَّةُ العَقْرَبِ فِي السِّرِّ
وَقَالَ ابْنُ دارَةَ:
وَفِي البَرِّ مِنْ ذئبٍ وسِمْعٍ وعَقْرَبٍ، ... وثُرْمُلَةٍ تَسْعَى وخِنْفِسَةٍ تَسْري
خوس: التَخْوِيسُ: التَّنْقِيصُ. وَهُوَ أَيضاً ضُمُر الْبَطْنِ. والمُتَخَوِّسُ مِنَ الإِبل: الَّذِي ظَهَرَ شَحْمُه مِنَ السِّمَنِ. ابْنُ الأَعرابي: الخَوْسُ طَعْنُ الرِّمَاحِ وِلاءً وِلاء، يُقَالُ: خاسَه يَخُوسُه خَوْساً.
خيس: الخَيْسُ، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرُ خاسَ الشيءُ يَخِيسُ خَيْساً تَغَيَّرَ وفَسَد وأَنْتَن. وخاسَتِ الْجِيفَةُ أَي أَرْوَحَتْ. وخاسَ الطعامُ وَالْبَيْعُ خَيْساً: كَسَدَ حَتَّى فَسَدَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ كأَنه كَسَدَ حَتَّى فَسَدَ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلشَّيْءِ يَبْقَى فِي مَوْضِعٍ فيَفْسُد وَيَتَغَيَّرُ كَالْجَوْزِ وَالتَّمْرِ: خائسٌ، وَقَدْ خاسَ يَخِيسُ، فإِذا أَنتن، فَهُوَ مَغِلٌ، قَالَ: وَالزَّايُ فِي الْجَوْزِ وَاللَّحْمِ أَحسن مِنَ السِّينِ. وخَيَّسَ الشيءَ: لَيَّنَه. وخيَّسَ الرجلَ وَالدَّابَّةَ تَخْيِيساً وخاسَهما: ذَلَّلَهُمَا. وخاسَ هُوَ: ذَلَّ وَيُقَالُ: إِنْ فَعَلَ فُلَانٌ كَذَا فإِنه يُخاسُ أَنْفُه أَي يُذَلُّ أَنفه. والتَّخْيِيس: التَّذْلِيلُ. اللَّيْثُ: خُوسَ المُتَخَيِّسُ وَهُوَ الَّذِي قَدْ ظَهَرَ لَحْمُهُ وَشَحْمُهُ مِنَ السِّمَنِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الإِنسان يُخَيَّسُ فِي المُخَيَّسِ حَتَّى يَبْلُغَ شِدَّةَ الْغَمِّ والأَذَى وَيُذَلَّ وَيُهَانَ، يُقَالُ: قَدْ خاسَ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا سَارَ مَعَهُ عَلَى جَمَلٍ قَدْ نَوَّقَه وخَيَّسه
؛ أَي رَاضَهُ وَذَلَّلَهُ بِالرُّكُوبِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: أَنه كَتَبَ إِلى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ: إِني لَمْ أَكِسْك وَلَمْ أَخِسْك
أَي لَمْ أُذِلَّكَ وَلَمْ أُهِنْكَ وَلَمْ أُخْلِفْكَ وَعْداً. وَمِنْهُ المُخَيَّسُ وَهُوَ سِجْنٌ كَانَ بِالْعِرَاقِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمُخَيِّسُ السِّجْنُ لأَنه يُخَيِّسُ الْمَحْبُوسِينَ وَهُوَ مَوْضِعُ التَّذْلِيلِ، وَبِهِ سُمِّيَ سجن الحجاج مُخَيَّساً [مُخَيِّساً] ، وَقِيلَ: هُوَ سِجْنٌ بِالْكُوفَةِ بَنَاهُ أَمير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنه بَنَى حَبْساً وَسَمَّاهُ المُخَيَّسَ؛ وَقَالَ:
أَما تَراني كَيِّساً مُكَيّسا، ... بَنَيْتُ بَعْدَ نافِعٍ مُخَيَّسا
بَابًا كَبِيرًا وأَمِيناً كَيِّسا
نَافِعٌ: سِجْنٌ بِالْكُوفَةِ كَانَ غَيْرَ مُسْتَوْثِقِ الْبِنَاءِ، وَكَانَ مِنْ قَصَب فَكَانَ الْمَحْبُوسُونَ يَهْرُبُون مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنه نُقِبَ وأُفْلِتَ مِنْهُ المُحَبَّسون فَهَدَمَهُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَبَنَى المُخَيَّسَ لَهُمْ مِنْ مَدَرٍ. وَكُلُّ سِجْنٍ مُخَيَّسٌ ومُخَيِّسٌ أَيضاً؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:(6/74)
فَلَمْ يَبْقَ إِلا داخِرٌ فِي مُخَيَّسٍ، ... ومُنْجَحِرٌ فِي غيرِ أَرْضِكَ فِي جُحْرِ
والإِبل المُخَيَّسَةُ: الَّتِي لَمْ تُسَرَّحْ، وَلَكِنَّهَا خُيِّسَتْ لِلنَّحْرِ أَو القَسْم؛ وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:
والأُدْمُ قَدْ خُيِّسَتْ فُتْلًا مَرافِقُها، ... مَشدودةً برحالِ الحِيرَةِ الجُدُدِ
وَقَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ: دَعْ فُلَانًا يَخِيسُ، مَعْنَاهُ دَعْهُ يَلْزَمْ مَوْضِعَهُ الَّذِي يُلَازِمُهُ، وَالسِّجْنُ يُسَمَّى مُخَيَّساً لأَنه يُخَيَّسُ فِيهِ النَّاسُ ويُلْزَمُون نُزُولَهُ. والمُخَيَّسُ، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعُ التَّخْيِيسِ، وَبِالْكَسْرِ: فَاعِلُهُ. وَخَاسَ الرجلَ خَيْساً: أَعطاه بسِلْعَتِه ثَمَنًا مَا ثُمَّ أَعطاه أَنقص مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إِذا وَعَدَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَعطاه أَنقص مِمَّا وَعَدَهُ بِهِ. وخاسَ عَهْدَه وَبِعَهْدِهِ: نَقَضَهُ وَخَانَهُ. وخاسَ فلانٌ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَي غَدَرَ بِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: خاسَ فلانٌ بِوَعْدِهِ يَخِيسُ إِذا أَخلف، وخاسَ بِعَهْدِهِ إِذا غَدَر ونَكَثَ. الْجَوْهَرِيُّ: خاسَ بِهِ يَخِيسُ ويَخُوس أَي غَدَرَ بِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ
؛ أَي لَا أَنقضه. والخَيْسُ: الْخَيْرُ. يُقَالُ: مَا لَه قَلَّ خَيْسُه. والخَيْسُ: الْغَمُّ، يُقَالُ لِلصَّبِيِّ: مَا أَظرفه قَلَّ خَيْسُه أَي قَلَّ غَمُّهُ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَى قَلَّ خَيْسُه قَلَّتْ حَرَكَتُهُ، قَالَ: وَلَيْسَتْ بِالْعَالِيَةِ. والخِيْسُ: الدَّرُّ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَرَوَى عَمْرٌو عَنْ أَبيه فِي قَوْلِ الْعَرَبِ أَقَلَّ اللَّهُ خِيسَه أَي دَرَّه، وعُرِضَ عَلَى الرِّيَاشِيِّ يَدْعُو العربُ بعضُهم لِبَعْضٍ فَيَقُولُ: أَقَلَّ اللَّه خِيسَكَ أَي لَبَنَكَ، فقال: نَعَمِ الْعَرَبُ تَقُولُ هَذَا إِلا أَن الأَصمعي لَمْ يَعْرِفْهُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي سَعِيدٍ أَنه قَالَ: قَلَّ خَيسُ فُلَانٍ أَي قَلَّ خَطَؤُه. وَيُقَالُ: أَقْلِلْ مِنْ خَيسِك أَي مِنْ كَذِبِكَ. والخِيسُ،. بِالْكَسْرِ، والخِيسَةُ: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ الْمُلْتَفُّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخِيسُ والخِيسَةُ الْمُجْتَمَعُ مِنْ كُلِّ الشَّجَرِ. وَقَالَ مُرَّةُ: هُوَ الْمُلْتَفُّ مِنَ القَصَبِ والأَشاء والنَخْلِ؛ هَذَا تَعْبِيرُ أَبي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ خيْساً حَتَّى تَكُونَ فِيهِ حَلْفاء. والخِيسُ: مَنْبِتُ الطَّرْفاء وأَنواع الشَّجَرِ. وخِيسٌ أَخْيَسُ: مستحكِم؛ قَالَ:
أَلْجأَهُ لَفْحُ الصِّبا وأَدْمَسا، ... والطَّلُّ فِي خِيسِ أَراطى أَخْيَسا
وجَمْعُ الخِيسِ أَخْياسٌ. وَمَوْضِعُ الأَسد أَيضاً: خِيسٌ، قَالَ الصَّيْداويُّ: سأَلت الرِّياشي عَنِ الخِيسة فَقَالَ: الأَجَمَة؛ وأَنشد:
لِحاهُمُ كأَنها أَخْياسُ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي عِيصٍ أَخْيَسَ أَوْ عددٍ أَخْيَسَ أَي كَثِيرِ الْعَدَدِ؛ وَقَالَ جَنْدَل:
وإِنَّ عِيصي عِيصُ عِزٍّ أَخْيَسُ، ... أَلَفُّ تَحْمِيهِ صَفاةٌ عِرْمِسُ
أَبو عُبَيْدٍ: الخِيسُ الأَجَمَة، والخِيسُ: مَا تَجَمَّع فِي أُصول النَّخْلَةِ مَعَ الأَرض، وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ الرَّكَائِبُ. ومُخَيَّس: اسْمُ صنم لبني القَيْنِ.
فصل الدال المهملة
دبس: الدَّبْسُ والدِّبْسُ: الْكَثِيرُ. ابن الأَعرابي: الدَّبْسُ [الدِّبْسُ] الْجَمْعُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ. وَيُقَالُ: مَالٌ دِبْسٌ [دَبْسٌ] ورَبْسٌ أَي كَثِيرٌ، بِالرَّاءِ. والدِّبْسُ والدِّبِسُ: عَسَلُ التَّمْرِ وعُصارته، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ عُصارة الرُّطَب مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يُسِيلُ مِنَ الرُّطَبِ.(6/75)
والدَّبُوسُ: خُلاصة التَّمْرِ تُلْقَى فِي السَّمْنِ مُطَيِّبَةً لِلسَّمْنِ. والدُّبْسَةُ: لونٌ فِي ذَوَاتِ الشَّعْرِ أَحمرُ مُشْرَبٌ. والأَدْبَسُ مِنَ الطَّيْرِ وَالْخَيْلِ: الَّذِي لَوْنُهُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ، وَقَدِ ادْبَسَّ ادْبِساساً. والدُّبْسَةُ: حُمْرَةٌ مُشْرَبَةٌ سَوَادًا، وَقَدِ ادْباسَّ وَهُوَ أَدْبَسُ، يَكُونُ فِي الشَّاءِ وَالْخَيْلِ. والدَّبْسُ: الأَسْوَدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وادْباسَّتِ الأَرضُ: اخْتَلَطَ سوادُها بخُضْرَتها. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَدْبَسَت الأَرض رُؤِيَ أَول سَوَادِ نَبْتِهَا، فَهِيَ مُدْبِسَةٌ. والدُّبْسِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ الْحَمَامِ جَاءَ عَلَى لَفْظِ الْمَنْسُوبِ وَلَيْسَ بِمَنْسُوبٍ، قَالَ: وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى طَيْرِ دُبْسٍ، وَيُقَالُ إِلى دِبْسِ الرُّطَبِ لأَنهم يُغَيِّرُونَ فِي النَّسَبِ وَيَضُمُّونَ الدَّالَ كالدُّهْريِّ والسُهْليِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَبا طَلْحَةَ كَانَ يُصَلِّي فِي حَائِطٍ لَهُ فَطَارَ دُبْسِيٌّ فأَعجبه
؛ قَالَ: هُوَ طَائِرٌ صَغِيرٌ قِيلَ هُوَ ذَكَرُ الْيَمَامِ. وجاءَ بأُمور دُبْسٍ أَي دَواهٍ مُنْكَرَة، وأَنكر ذَلِكَ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ فَقَالَ: إِنما هُوَ رُبْس، وَيُقَالُ لِلسَّمَاءِ إِذا مَطَرَتْ، وَفِي التَّهْذِيبِ إِذا خَالَتْ لِلْمَطَرِ: دُرِّي دُبَسُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ بأَكثر مِنْ هَذَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاسْوِدَادِهَا بِالْغَيْمِ. ودَبَّسَ الشيءَ وَارَاهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
إِذا رَآهُ فَحْلُ قومٍ دَبَّسا
وأَنشد أَيضاً لِرَكَّاضٍ الدُّبَيْريّ:
لَا ذَنْبَ لِي إِذ بِنْتُ زُهْرَةَ دَبَّسَتْ ... بغيرِك أَلْوَى، يُشْبِهُ الحقَّ باطِلُهْ
ودَبَّسْتُه: وارَيْتُه. والدَّبُّوس: مَعْرُوفٌ. والدِّبَاساتُ، بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ: الْخَلَايَا الأَهليةُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والدَّبَاساءُ والدِّبَاساءُ، مَمْدُودٌ: إِناث الجراد، واحدتها دِباساءَةٌ [دَباساءَةٌ] ؛ وَقَوْلُ لَقِيط بْنِ زُرارَةَ:
لَوْ سَمِعُوا وَقْعَ الدَّبابيسِ
وَاحِدُهَا دَبُّوسٌ، قَالَ: وأُراه معرَّباً.
دبخس: الدُّبَّخْسُ: الضَّخْمُ: مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
دحس: دَحَسَ بَيْنَ الْقَوْمِ دَحْساً: أَفسد بَيْنَهُمْ، وَكَذَلِكَ مَأَسَ وأَرَّشَ. قَالَ الأَزهري: وأَنشد أَبو بَكْرٍ الإِيادي لأَبي الْعَلَاءِ الحَضْرَميّ أَنشده لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وإِن دَحَسُوا بالشَّرِّ فاعْفُ تَكَرُّماً، ... وإِن خَنَسُوا عَنْكَ الحديثَ فَلَا تَسَلْ
قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرْوَى بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، يُرِيدُ: إِن فَعَلُوا الشَّرَّ مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُهُ. ودَحَسَ مَا فِي الإِناء دَحْساً: حَساه. والدَّحْسُ: التَدْسِيسُ للأُمور تَسْتَبْطِنُها وَتَطْلُبُهَا أَخفى مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ دُودَةٌ تَحْتَ التُّرَابِ: دَحَّاسَةً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الدَّحَّاسَة دُودَةٌ تَحْتَ التُّرَابِ صَفْرَاءُ صَافِيَةٌ لَهَا رأْس مُشَعَّب دَقِيقَةٌ تَشُدُّهَا الصِّبْيَانُ فِي الْفِخَاخِ لِصَيْدِ الْعَصَافِيرِ لَا تؤْذي، وَهِيَ فِي الصِّحَاحِ الدَّحَّاسُ، وَالْجَمْعُ الدَّحاحِيسُ؛ وأَنشد فِي الدَحْسِ بِمَعْنَى الِاسْتِبْطَانِ لِلْعَجَّاجِ يَصِفُ الحُلَفاءَ:
ويَعْتِلُونَ مَن مَأَى فِي الدَّحْسِ
وَقَالَ بَعْضُ بَنِي سُلَيم: وِعاء مَدْحُوس ومَدْكُوسٌ ومَكْبُوسٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الدَّيْحَسَ مثلُ الدَّيْكَسِ، وهو الشي الْكَثِيرُ. والدَّحْسُ: أَن تُدْخِلَ يَدَكَ بَيْنَ جِلْدِ الشَّاةِ وصِفاقها فتَسْلَخَها. وَفِي حَدِيثِ سَلْخِ الشَّاةِ:
فَدَحَسَ بِيَدِهِ حَتَّى تَوَارَتْ إِلى الإِبط ثُمَّ مَضَى وَصَلَّى(6/76)
وَلَمْ يتوضأْ
؛ أَي دَسَّها بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ كَمَا يَفْعَلُ السَّلَّاخُ. ودَحَسَ الثوبَ فِي الْوِعَاءِ يَدْحَسُه دَحْساً: أَدخله؛ قَالَ:
يَؤُرُّها بِمُسْمَعِدِّ الجَنْبَيْنْ، ... كَمَا دَحَسْتَ الثوبَ فِي الوِعاءَيْنْ
والدَّحْسُ: امتِلاء أَكِمَّةِ السُّنْبُل مِنَ الحَبِّ، وَقَدْ أَدْحَسَ. وبيتٌ دِحاسٌ: مُمْتَلِئٌ. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: أَنه جَاءَ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ مَدْحُوسٍ مِنَ النَّاسِ فَقَامَ بِالْبَابِ
، أَي مَمْلُوءٍ. وَكُلُّ شَيْءٍ ملأْته، فَقَدْ دَحَسْتَه. قَالَ ابْنُ الأَثير: والدَّحْسُ والدَّسُّ مُتَقَارِبَانِ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: أَنه دَخَلَ عَلَيْهِ دَارَهُ وَهِيَ دِحاسٌ
أَي ذاتِ دِحاسٍ، وَهُوَ الِامْتِلَاءُ وَالزِّحَامُ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: حَقٌّ عَلَى النَّاسِ أَن يَدْحَسُوا الصُّفُوفَ حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ فُرَجٌ
أَي يَزْدَحِمُوا ويَدُسُّوا أَنفسهم بَيْنَ فُرَجِها، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. والدَّاحِسُ: مِنَ الوَرَم وَلَمْ يُحَدِّدُوه؛ وأَنشد أَبو عَلِيٍّ وَبَعْضُ أَهل اللُّغَةِ:
تَشاخَصَ إِبْهاماكَ، إِن كنتَ كاذِباً، ... وَلَا بَرِئا مِنْ داحِسٍ وكُناعِ
وَسُئِلَ الأَزهري عَنِ الدَّاحِسِ فَقَالَ: قَرْحَةٌ تَخْرُجُ بِالْيَدِ تُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ بَرْوَرَهْ. وداحِسٌ: مَوْضِعٌ. وداحِسٌ: اسْمُ فَرَسٍ مَعْرُوفٍ مَشْهُورٍ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ لقَيْسِ بْنِ زُهَير بْنِ جَذِيمة العَبْسي وَمِنْهُ حَرْبُ داحِسٍ، وَذَلِكَ أَنَّ قَيْساً هَذَا وحُذَيْفَةَ بنَ بدرٍ الذُّبْياني ثُمَّ الفَزاري تراهَنا عَلَى خَطَرٍ عِشْرِينَ بَعِيرًا، وَجَعَلَا الْغَايَةَ مِائَةَ غَلْوَةٍ، والمِضْمارَ أَربعين لَيْلَةً، والمَجْرى مِنْ ذَاتِ الإِصادِ، فأَجرى قَيْسٌ داحِساً والغَبْراءَ «3» ، وأَجرى حُذَيْفَةُ الخَطَّارَ والحَنْفاء فَوَضَعَتْ بَنُو فزارَة رَهْطُ حُذَيْفَةَ. كَمِيناً عَلَى الطَّرِيقِ فَرَدُّوا الْغَبْرَاءَ ولَطَمُوها، وَكَانَتْ سَابِقَةً، فَهَاجَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ عَبْس وذُبْيان أَربعين سنة.
دحمس: الدَّحْسَمُ والدَّحْمَسُ: الْعَظِيمُ مَعَ سَوَادٍ. ودَحْمَسَ الليلُ: أَظلم. وليلٌ دَحْمَسٌ: مُظْلِمٌ؛ قَالَ:
وادَّرِعِي جِلبابَ ليلٍ دَحْمَسِ، ... أَسْوَدَ داجٍ مثلَ لَونِ السُّنْدُسِ
الأَزهري: لَيَالٍ دَحامِسُ مُظْلِمَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو: فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ دَحْمَسَةٍ
أَي مَظْلِمَةٍ شَدِيدَةِ الظُّلْمَةِ. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلَّيَالِي الثَّلَاثِ التي بعد الطُّلَم حَنادِسُ، وَيُقَالُ: دَحامِسُ. والدُحْمُسان: الآدَمُ السَّمِينُ، وَقَدْ يُقْلَبُ فَيُقَالُ دُحْسُمانٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُبَايِعُ الناسَ وَفِيهِمْ رجل دُحْسُمانٌ
أَي أَسود سمين.
دخس: الدَّخَسُ: داءٌ يأْخذ فِي قَوَائِمِ الدَّابَّةِ، وَهُوَ وَرَمٌ يَكُونُ فِي أُطْرَةِ حَافِرِ الدَّابَّةِ، وَقَدْ دَخِسَ، فَهُوَ دَخِسٌ. وَفَرَسٌ دَخِسٌ: بِهِ عيبٌ. والدَّخِيسُ: اللَّحْمُ الصُّلْبُ المُكْتَنِزُ. والدَّخِيسُ: بَاطِنُ الْكَفِّ. والدَّخِيسُ مِنَ الْحَافِرِ: مَا بَيْنَ اللَّحْمِ والعَصَب، وَقِيلَ: هُوَ عَظْمُ الحَوْشَبِ، وَهُوَ مَوْصِل الوَظِيفِ فِي رُسْغِ الدَّابَّةِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الدَّخِيسُ عَظْمٌ فِي جَوْفِ الْحَافِرِ كأَنه ظِهارَة لَهُ، والحَوْشَبُ عُظَيْم الرُّسْغِ. والدَّخْسُ والدَّخِيس: الإِنسان التارُّ الْمُكْتَنِزُ غيرَ جَدٍّ جسيمٍ. وامرأَة مُدْخِسَةٌ: سَمِينَةٌ كأَنها دَخْسٌ. وَكُلُّ ذِي سِمَنٍ دَخِيسٌ. قَالَ: ودَخِيسُ اللَّحْمِ مُكْتَنِزه؛ وأَنشد:
مَقْذُوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحْضِ بازِلُها، ... لَهُ صَريفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسَدِ
__________
(3) . وفي رواية أخرى: أَنَّ داحساً لقيس، والغبراء لحمل بن بدر.(6/77)
والدَّخِيسُ: اللَّحْمُ الْمُكْتَنِزُ. ودَخَسُ اللَّحْمِ: اكْتِنَازُهُ. والدَّخَسُ: امْتِلَاءُ الْعَظْمِ مِنَ السِّمَنِ. ودَخَسُ العظمِ: امْتِلَاؤُهُ. والدَّخْسُ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ الْمُمْتَلِئُ الْعَظْمِ، وَالْجَمْعُ أَدْخاسٌ؛ وَجَمَلٌ مُداخِسٌ كَذَلِكَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: جَمَلٌ مُدْخِسٌ، وَالْجَمْعُ مُدْخِسات. والدَّخِيسُ مِنَ النَّاسِ: العَدَدُ الْكَثِيرُ الْمُجْتَمِعُ؛ قَالَ العجاجُ:
وَقَدْ تَرَى بِالدَّارِ يَوْمًا أَنَسا، ... جَمَّ الدَّخِيسِ بالثُّغُور أَحْوَسا
والدَّخِيسُ: الْعَدَدُ الجَمُّ. وعددٌ دَخِيسٌ ودِخاسٌ: كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ نَعَم دِخاسٌ. ودِرْعٌ دِخاسٌ: مُتَقَارِبَةُ الحَلَقِ. وبيتٌ دِخاسٌ: ملآنُ، وَقَدْ قِيلَ بِالْحَاءِ. والدَّخْسُ: انْدِساسُ الشَّيْءِ تَحْتَ الأَرض، والدَّواخِسُ والدُّخَّسُ: الأَثافي، مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: دَخَسَ فِيهِ أَي دَخَلَ فِيهِ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
فكُنْ دُخَساً فِي البحرِ أَو جُزْ وَراءَهُ ... إِلى الهِنْدِ، إِن لَمْ تَلْقَ قَحْطانَ بالهِنْدِ «1»
اللَّيْثُ: الدَّخْسُ انْدساسُ شَيْءٍ تَحْتَ التُّرَابِ كَمَا تُدْخَسُ الأُثْفِيَّة فِي الرَّمَادِ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ للأَثافيّ دَواخِسُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
دَواخِساً فِي الأَرضِ إِلا شَعَفا
والدَّخْسُ: الفَتِيُّ مِنَ الدِّبَبَةِ. والدَّخْسُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ. وكَلأٌ دَيْخَسٌ: كَثُرَ والتفَّ؛ قَالَ:
يَرْعى حَلِيّاً ونَصِيّاً دَيْخَسا
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَدْ يَكُونُ الدَّيْخَس فِي الْيَبِيسِ. والدَّخِيسُ مِنْ أَنْقاء الرَّمْلِ: الْكَثِيرُ. والدُّخَسُ، مِثَالُ الصُّرَدِ: دَابَّةٌ فِي الْبَحْرِ تُنْجِي الْغَرِيقَ تَمَكِّنُهُ مِنْ ظَهْرِهَا لِيَسْتَعِينَ عَلَى السِّبَاحَةِ وَتُسَمَّى الدُّلْفِينَ. وَفِي حَدِيثِ سَلْخِ الشَّاةِ:
فَدَخَسَ بِيَدِهِ حَتَّى تَوَارَتْ إِلى الإِبط
، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
دختنس: دَخْتَنُوسُ: اسْمُ امرأَة، وَقِيلَ: اسْمٌ لِبِنْتِ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَة، وَيُقَالُ: دَخْتَنُوس ودَخْدَنوس.
دخدنس: دَخْتَنُوس: اسْمُ امرأَة، وَيُقَالُ: دَخْدَنوسُ، ودَخْدَنوس اسْمُ بنتِ كِسْرى، وأَصل هَذَا الِاسْمِ فَارِسِيٌّ عُرِّبَ، مَعْنَاهُ بِنْتُ الهَنِيء، قُلِبَتِ الشِّينُ سيناً لما عُرِّبَ.
دخمس: الدَّخْمَسَةُ والدَّخْمَسُ: الخَبُّ الَّذِي لَا يُبَيِّنُ لَكَ مَعْنَى مَا يُرِيدُ، وَقَدْ دَخْمَسَ عَلَيْهِ. وأَمر مُدَخْمَسٌ ومُدَهْمَسٌ إِذا كَانَ مَسْتُورًا. وَثَنَاءٌ مُدَخْمَسٌ ودِخْماسٌ: لَيْسَتْ لَهُ حَقِيقَةٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُبَيَّنُ وَلَا يُجَدُّ فِيهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَقْبَلُون اليَسِيرَ منكَ، ويُثْنُونَ ... ثَناءً مُدَخْمَساً دِخْماسا
وَلَمْ يُفَسِّرْهُ ابْنُ الأَعرابي. والدُّخامِسُ مِنَ الشَّيْءِ: الرديءُ مِنْهُ؛ قَالَ حَاتِمٌ الطَّائِيُّ:
شَآمِيَةٌ لم تُتَّخَذْ لِدُخامِسِ الطَّبِيخِ، ... وَلَا ذَمَّ الخَلِيطِ المُجاوِرِ
والدُّخامِسُ: الأَسْود الضَّخْمُ كالدُّحامِسِ، وهي قبيلة.
دخنس: الدَّخْنَسُ: الشَّدِيدُ مِنَ النَّاسِ والإِبل؛ وأَنشد:
وقَرَّبوا كلَّ جُلالٍ دَخْنَسِ، ... عِنْدَ القِرَى، جُنادِفٍ عَجَنَّسِ،
تَرى على هامَتِه كالبُرْنُسِ
__________
(1) . قوله [فكن دخساً إلخ] أَي مثل هذه الدابة في الدخول في البحر. ولو أَخر هذا البيت بعد قوله: والدخس مثال الصرد إلخ كما فعل شارح القاموس حيث استشهد به على هذه الدابة لكان أَولى.(6/78)
درس: دَرَسَ الشيءُ والرَّسْمُ يَدْرُسُ دُرُوساً: عَفَا. ودَرَسَته الرِّيحُ، يتعدَّى وَلَا يتعدَّى، ودَرَسه الْقَوْمُ: عَفَّوْا أَثره. والدِّرْسُ: أَثر الدِّراسِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: دَرَسَ الأَثَرُ يَدْرُسُ دُروساً ودَرَسَته الريحُ تَدْرُسُه دَرْساً أَي محَتْه؛ وَمِنْ ذَلِكَ دَرَسْتُ الثوبَ أَدْرُسُه دَرْساً، فَهُوَ مَدْرُوسٌ ودَرِيسٌ، أَي أَخْلَقْته. وَمِنْهُ قِيلَ لِلثَّوْبِ الخَلَقِ: دَرِيس، وَكَذَلِكَ قَالُوا: دَرَسَ البعيرُ إِذا جَرِبَ جَرَباً شَدِيدًا فَقُطِرَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
رَكِبَتْ نَوارُكُمُ بَعِيرًا دَارِسًا، ... فِي السَّوقِ، أَفْصَح راكبٍ وبَعِيرِ
والدَّرْسُ: الطَّرِيقُ الخفيُّ. ودَرَسَ الثوبُ دَرْساً أَي أَخْلَقَ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
مُطَّرَحُ البَزِّ والدِّرْسانِ مَأْكُولُ
الدِّرْسانُ: الخُلْقانْ مِنَ الثِّيَابِ، وَاحِدُهَا دِرْسٌ. وَقَدْ يَقَعُ عَلَى السَّيْفِ وَالدِّرْعِ والمِغْفَرِ. والدِّرْسُ والدَّرْسُ والدَّريسُ، كُلُّهُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ، وَالْجَمْعُ أَدْراسٌ ودِرْسانٌ؛ قَالَ المُتَنَخِّلُ:
قَدْ حَالَ بَيْنَ دَرِيسَيْهِ مُؤَوِّبَةٌ، ... نِسْعٌ لَهَا بِعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ
ودِرعٌ دَرِيسٌ كَذَلِكَ؛ قَالَ:
مَضَى وَورِثْناهُ دَرِيسَ مُفاضَةٍ، ... وأَبْيَضَ هِنْدِيّاً طَوِيلًا حَمائِلُهْ
ودَرَسَ الطعامَ يَدْرُسُه: داسَه؛ يَمانِيَةٌ. ودُرِسَ الطعامُ يُدْرسُ دِراساً إِذا دِيسَ. والدِّراسُ: الدِّياسُ، بِلُغَةِ أَهل الشَّامِ، ودَرَسُوا الحِنْطَة دِراساً أَي داسُوها؛ قَالَ ابنُ مَيَّادَة:
هلَّا اشْتَرَيْتَ حِنْطَةً بالرُّسْتاقْ، ... سَمْراء مِمَّا دَرَسَ ابنُ مِخْراقْ
ودَرَسَ النَّاقَةَ يَدْرُسُها دَرْساً: رَاضَهَا؛ قَالَ:
يَكفيكَ مِنْ بعضِ ازْدِيارِ الآفاقْ ... حَمْراءُ، مِمَّا دَرَسَ ابنُ مِخْراقْ
قِيلَ: يَعْنِي البُرَّة، وَقِيلَ: يَعْنِي النَّاقَةَ، وَفَسَّرَ الأَزهري هَذَا الشِّعْرَ فَقَالَ: مِمَّا دَرَسَ أَي داسَ، قَالَ: وأَراد بِالْحَمْرَاءِ بُرَّةً حَمْرَاءَ فِي لَوْنِهَا. ودَرَسَ الكتابَ يَدْرُسُه دَرْساً ودِراسَةً ودارَسَه، مِنْ ذَلِكَ، كأَنه عَانَدَهُ حَتَّى انْقَادَ لِحِفْظِهِ. وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا: وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ
،
وَلِيَقُولُوا دارَسْتَ
، وَقِيلَ: دَرَسْتَ قرأَتَ كتبَ أَهل الْكِتَابِ، ودارَسْتَ: ذاكَرْتَهُم، وَقُرِئَ:
دَرَسَتْ
ودَرُسَتْ
أَي هَذِهِ أَخبار قَدْ عَفَتْ وامَّحَتْ، ودَرُسَتْ أَشدّ مُبَالَغَةً. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ
؛ قَالَ: مَعْنَاهُ وَكَذَلِكَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا لِكَيْ يَقُولُوا إِنك دَرَسْتَ
أَي تَعَلَّمَتْ أَي هَذَا الَّذِي جِئْتَ بِهِ عُلِّمْتَ.
وقرأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: دارَسْتَ، وَفَسَّرَهَا قرأْتَ عَلَى الْيَهُودِ وقرأُوا عَلَيْكَ.
وَقُرِئَ:
وَلِيَقُولُوا دُرِسَتْ
؛ أَي قُرِئَتْ وتُلِيَتْ، وقرئَ
دَرَسَتْ
أَي تَقَادَمَتْ أَي هَذَا الَّذِي تَتْلُوهُ عَلَيْنَا شَيْءٌ قَدْ تَطَاوَلَ ومرَّ بِنَا. ودَرَسْتُ الْكِتَابَ أَدْرُسُه دَرْساً أَي ذللته بكثرة القراءة جتى خَفَّ حِفْظُهُ عليَّ، مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
وَفِي الحِلم إِدْهانٌ وَفِي العَفْوِ دُرْسَةٌ، ... وَفِي الصِّدْقِ مَنْجاةٌ مِنَ الشَّرِّ فاصْدُقِ
قَالَ: الدُّرْسَةُ الرِّياضَةُ، وَمِنْهُ دَرَسْتُ السورةَ أَي حَفظتها. وَيُقَالُ: سُمِّيَ إِدْرِيس، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِكَثْرَةِ دِراسَتِه كتابَ اللَّه تَعَالَى، وَاسْمُهُ أَخْنُوخُ. ودَرَسْتُ الصَّعْبَ حَتَّى رُضْتُه. والإِدهانُ: المذَلَّة(6/79)
واللِّين. والدِّراسُ: المُدارَسَةُ. ابْنُ جِنِّي: ودَرَّسْتُه إِياه وأَدْرَسْتُه؛ وَمِنَ الشَّاذِّ قِرَاءَةُ ابْنِ حَيْوَةَ: وَبِمَا كُنْتُمْ تُدْرِسُونَ. والمِدْراسُ والمِدْرَسُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُدْرَسُ فِيهِ. والمِدْرَسُ: الكتابُ؛ وقول لبيد:
قَوْمِ لا يَدْخُلُ المُدارِسُ في الرَّحْمَةِ، ... إِلَّا بَراءَةً واعْتِذارا
والمُدارِسُ: الَّذِي قرأَ الْكُتُبَ ودَرَسَها، وَقِيلَ: المُدارِسُ الَّذِي قارَفَ الذُّنُوبَ وَتَلَطَّخَ بِهَا، مِنَ الدَّرْسِ، وَهُوَ الجَرَبُ. والمِدْراسُ: الْبَيْتُ الَّذِي يُدْرَسُ فِيهِ الْقُرْآنُ، وَكَذَلِكَ مَدارِسُ الْيَهُودِ. وَفِي حَدِيثِ الْيَهُودِيِّ الزَّانِي:
فَوَضَعَ مِدْراسُها كَفَّه عَلَى آيةِ الرَّجمِ؛
المِدْراسُ صَاحِبُ دِراسَةِ كُتُبِهِمْ، ومِفْعَل ومِفْعالٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
حَتَّى أَتى المِدْراسَ؛
هو الْبَيْتُ الَّذِي يَدْرسون فِيهِ؛ قَالَ: ومِفْعالٌ غَرِيبٌ فِي الْمَكَانِ. ودارَسْت الكتبَ وتَدارَسْتُها وادَّارَسْتُها أَي دَرَسْتُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَدارَسُوا الْقُرْآنَ؛
أَي اقرأُوه وَتَعَهَّدُوهُ لِئَلَّا تَنْسَوْهُ. وأَصل الدِّراسَةِ: الرِّيَاضَةُ والتَّعَهُّدُ لِلشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ
عِكْرِمَةَ فِي صِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ: يَرْكَبُونَ نُجُباً أَلينَ مَشْياً مِنَ الفِراشِ المَدْرُوس
أَي المُوَطَّإِ المُمَهَّد. ودَرَسَ البعيرُ يَدْرُسُ دَرْساً: جَرِبَ جَرَباً قَلِيلًا، وَاسْمُ ذَلِكَ الْجَرَبِ الدَّرْسُ. الأَصمعي: إِذا كَانَ بِالْبَعِيرِ شَيْءٌ خَفِيفٌ مِنَ الْجَرَبِ قِيلَ: بِهِ شَيْءٌ مِنْ دَرْسٍ، والدَّرْسُ: الجَرَبُ أَوَّلُ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْجَرَبِ الدَّرْسُ أَيضاً؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَصْفَرُّ لليُبْسِ اصْفِرارَ الوَرْسِ، ... مِنْ عَرَقِ النَّضْحِ عَصِيم الدَّرْسِ
مِنَ الأَذى وَمِنْ قِرافِ الوَقْسِ
وَقِيلَ: هُوَ الشَّيْءُ الْخَفِيفُ مِنَ الْجَرَبِ، وَقِيلَ: مِنَ الْجَرَبِ يَبْقَى فِي الْبَعِيرِ. والدَّرْسُ: الأَكل الشَّدِيدُ. ودَرَسَتِ المرأَةُ تَدْرُسُ دَرْساً ودُرُوساً، وَهِيَ دارِسٌ مِنْ نِسْوَةٍ دُرَّسٍ ودَوارِسَ: حَاضَتْ؛ وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ حَيْضَ الْجَارِيَةِ. التَّهْذِيبُ: والدُّرُوس دُروسُ الْجَارِيَةِ إِذا طَمِثَتْ؛ وَقَالَ الأَسودُ بْنُ يَعْفُر يَصِفُ جَواريَ حِينَ أَدْرَكْنَ:
الَّلاتِ كالبَيْضِ لِمَا تَعْدُ أَن دَرَسَتْ، ... صُفْرُ الأَنامِلِ مِنْ نَقْفِ القَوارِيرِ
ودَرَسَتِ الْجَارِيَةُ تَدْرُسُ دُرُوساً. وأَبو دِراسٍ: فَرْجُ المرأَة. وَبَعِيرٌ لَمْ يُدَرَّسْ أَي لَمْ يُرْكَبْ. والدِّرْواسُ: الْغَلِيظُ العُنُقِ مِنَ النَّاسِ وَالْكِلَابِ. والدِّرْواسُ: الأَسد الْغَلِيظُ، وَهُوَ الْعَظِيمُ أَيضاً. والدِّرْواس: الْعَظِيمُ الرأْس، وَقِيلَ: الشَّدِيدُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ، وأَنشد لَهُ:
بِتْنا وباتَ سَقِيطُ الطَّلِّ يَضْرِبُنا، ... عِنْدَ النَّدُولِ، قِرانا نَبْحُ دِرْواسِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الأَشياء وأَولاها بِذَلِكَ الْكَلْبُ لِقَوْلِهِ قِرَانَا نَبْحُ دِرْوَاسٍ لأَن النَّبْحَ إِنما هُوَ فِي الأَصل لِلْكِلَابِ. التَّهْذِيبُ: الدِّرْواسُ الْكَبِيرُ الرأْس مِنَ الْكِلَابِ. والدِّرْباسُ، بِالْبَاءِ، الْكَلْبُ العَقُور؛ قَالَ:
أَعْدَدْتُ دِرْواساً لِدْرباسِ الحُمُتْ
قَالَ: هَذَا كَلْبٌ قَدْ ضَرِيَ فِي زِقاقِ السَّمْن يأْكلها فأَعَدَّ لَهُ كَلْبًا يُقَالُ لَهُ دِرْواسٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الدَّراوِسُ مِنَ الإِبل الذلُلُ الغِلاظُ الأَعناق، واحِدها دِرْواسٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الدَّراوسُ العِظامُ(6/80)
مِنَ الإِبل؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
لَمْ تَدْرِ مَا نَسْجُ اليَرَنْدَجِ قَبْلَها، ... ودِراسُ أَعْوَصَ دَارِسٍ مُتَخَّدِّدِ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ظَنَّ أَن اليَرَنْدَجَ عَمَلٌ وإِنما اليَرَنْدَج جُلُودٌ سُودٌ. وَقَوْلُهُ ودِراسُ أَعوصَ أَي لَمْ تُدارِس الناسَ عَويص الْكَلَامِ. وَقَوْلُهُ دَارِسِ مُتَخَدِّدِ أَي يَغْمُضُ أَحياناً فَلَا يُرَى، وَيُرْوَى مُتَجَدِّدِ، بِالْجِيمِ، وَمَعْنَاهُ أَي مَا ظَهَرَ مِنْهُ جَدِيدٌ وَمَا لَمْ يَظْهَرْ دَارِسٌ.
دربس: الدِّرْباسُ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَعْدَدْتُ دِرْواساً لدِرْباسِ الحُمُتْ
وَقَالُوا: الدُّرابِسُ الضَّخْمُ الشَّدِيدُ مِنَ الإِبل وَمِنَ الرِّجَالِ؛ وأَنشد:
لَوْ كنتَ أَمسيتَ طَليحاً ناعِسا، ... لَمْ تُلْفِ ذَا راوِيَةٍ دُرابِسا
وتَدَرْبَسَ أَي تقدَّم؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا القومُ قَالُوا: مَنْ فَتًى لمُهِمَّةٍ؟ ... تَدَرْبَسَ بَاقِي الرَّيْقِ فَخْمُ المَناكِبِ
دردبس: الدَرْدَبِيسُ: خَرَزَةٌ سوداءُ كأَن سوادَها لونُ الْكَبِدِ، إِذا رفعتها واستَشْفَفْتَها رأَيتها تَشِفُّ مِثْلَ لَوْنِ الْعِنَبَةِ الْحَمْرَاءِ، تَتَحَبَّبُ بِهَا المرأَة إِلى زَوْجِهَا، تُوجَدُ فِي قُبور عادٍ؛ قَالَ الشاعر:
قَطَعْتُ القَيْدَ والخَرَزاتِ عَنِّي، ... فَمَنْ لِي مِنْ عِلاجٍ الدَّرْدَبيسِ؟
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ مِنَ الْخَرَزِ الَّتِي يُؤَخِّذ بِهَا النساءُ الرجالَ؛ وأَنشد:
جَمَعْنَ مِنْ قَبَلٍ لَهُنَّ وفَطْسَةٍ ... والدَّرْدَبِيسِ، مُقابلًا فِي المِنْظَم
قَالَ: وَهُنَّ يَقُلْنَ فِي تأْخيذهن إِياه، أَخَّذْتُه بالدَّرْدَبيسِ تُدِرُّ العِرْقَ اليَبِيس، قَالَ: تَعْنِي بِالْعِرْقِ الْيَبِيسِ الذَّكَرَ، التَّفْسِيرُ لَهُ. والدَّرْدَبيسُ: الفَيْشَلة. اللَّيْثُ: الدَّرْدَبيسُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الهِمُّ، وَالْعَجُوزُ أَيضاً يُقَالُ لَهَا: دَرْدَبيسٌ؛ وأَنشد:
أُمُّ عِيالٍ فَخْمَةٌ تَعُوسُ، ... قَدْ دَرْدَبَتْ، والشيخُ دَرْدبيسُ
العَوْسُ: هُوَ الطَّوَفانُ بِاللَّيْلِ. ودَرْدَبَت: خَضَعَتْ وَذَلَّتْ؛ وَشَاهِدُ الْعَجُوزِ قَوْلُ الْآخَرِ:
جاءَتْكَ فِي شَوْذَرِها تَمِيسُ ... عُجَيِّزٌ لَطْعاءُ دَرْدَبيسُ،
أَحْسَنُ مِنْهَا مَنْظَراً إِبليسُ
لَطْعَاءُ: تَحاتَّتْ أَسنانها مِنَ الْكِبَرِ. والدَّرْدَبيسُ: الدَّاهِيَةُ. والدِّرْدِبيس: الشَّيْخُ، بِكَسْرِ الدَّالِ، قَالَ: وَهَكَذَا. كَتَبَهُ أَبو عَمْرٍو الإِياديُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الدَّاهِيَةِ قَوْلُ جُرَيّ الْكَاهِلِيِّ:
وَلَوْ جَرَّبْتَني فِي ذاكَ يَوْمًا ... رَضِيتَ، وقلتَ: أَنتَ الدَّرْدَبيسُ
دردقس: الدُّرْداقِسُ: عَظْمُ القَفا، قِيلَ فِيهِ إِنه أَعجمي، قَالَ الأَصمعي: أَحسبه رُوميّاً، قَالَ: وَهُوَ طَرَفٌ الْعَظْمِ النَّاتِئِ فَوْقَ الْقَفَا؛ أَنشد أَبو زَيْدٍ:
مَنْ زَالَ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ، تَزايَلَتْ ... بالسيفِ هامَتُه عَنِ الدُّرْقاسِ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الدُّرْداقِسُ عَظْمٌ يَفْصِلُ بَيْنَ الرأْس وَالْعُنُقِ كأَنه رُومِيٌّ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: أَظن قَافِيَةَ الْبَيْتِ الدُّرْداقِسُ، واللَّه أَعلم.
درطس: إِدْرِيطُوسُ: دَوَاءٌ، رُومِيٌّ فأُعْرب.(6/81)
درعس: بَعِيرٌ دِرْعَوْسٌ: غَلِيظٌ شَدِيدٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وسيأْتي ذِكْرُهَا فِي الشِّينِ.
درفس: بَعِيرٌ دِرَفْسٌ: عَظِيمٌ. والدِّرَفْسُ: الضَّخْمُ وَالضَّخْمَةُ مِنَ الإِبل. والدِّرَفْسةُ: الْكَثِيرَةُ لَحْمِ الْجَنْبَيْنِ والبَضِيع، والدِّرَفْسُ: النَّاقَةُ السهلةُ السَّيْرِ، وجملٌ دِرَفْسٌ. الأُمَوِيُّ: الدِّرَفْسُ الْبَعِيرُ الضَّخْمُ الْعَظِيمُ، وَنَاقَةٌ دِرَفْسَة. والدِّرَفْسُ: الْحَرِيرُ. وَقَالَ شَمِرٌ: الدِّرَفْسُ أَيضاً العَلَمُ الْكَبِيرُ؛ وأَنشد قَوْلَ ابْنِ الرُّقَيَّاتِ:
تُكِنُّه خِرْقَةُ الدِّرَفْس من الشمسِ، ... كَلَيْثٍ يُفَرِّجُ الأَجَما
الصِّحَاحُ: الدِّرَفْسُ مِنَ الإِبل الْعَظِيمُ،. وناقةٌ دِرَفْسَةٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
دِرَفْسَةٌ أَو بازِلٌ دِرَفْسُ
والدِّرْفاسُ مِثْلُهُ؛ قَالَ ابْنُ برِّي: صَوَابُ إِنشاده: دِرَفْسَةٍ أَو بازِلٍ، بِالْخَفْضِ؛ وَقَبْلَهُ:
كَمْ قَدْ حَسَرْنا مِنْ عَلاةٍ عَنْسِ، ... كَبْداء كالقَوْسِ وأُخْرى جَلْسِ،
دِرَفْسَةٍ أَو بازِلٍ دِرَفْسِ
حَسَرْنَا: أَتعبنا. والعَنْسُ: النَّاقَةُ الصُّلْبَةُ الْقَوِيَّةُ. والعَلاةُ: سَندانُ الحَدَّادِ. وكَبْداء: ضَخْمَةُ الْوَسَطِ خِلقة، وَجَعَلَهَا كَالْقَوْسِ. لأَنها قَدْ ضَمُرَتْ واعْوَجَّتْ مِنَ السَّيْرِ. والجَلْس: الشَّدِيدَةُ، وَيُقَالُ الجسيمةُ. والدِّرَفْسَةُ: الْغَلِيظَةُ. وَالْبَازِلُ مِنَ الإِبل: الَّذِي لَهُ تِسْعُ سِنِينَ ودخل في العاشرة.
درمس: دَرْمَسَ الشيءَ: سَتَرَهُ.
درهس: الدُّراهِسُ: الشَّدِيدُ مِنَ الرجال.
دريس: الدِّرْيَوْسُ: الغَبيُّ مِنَ الرِّجَالِ، قَالَ: وَلَا أَحسبها عَرَبِيَّةً مَحْضَةً.
دسس: الدَّسُّ: إِدخال الشَّيْءِ مِنْ تَحْتِهِ، دَسَّه يَدُسُّه دَسّاً فانْدَسَّ ودَسَّسَه ودَسَّاه؛ الأَخيرة عَلَى الْبَدَلِ كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اسْتَجِيدوا الخالَ فإِن العِرْقَ دَسَّاسٌ
أَي دَخَّال لأَنه يَنْزِعُ فِي خَفاءٍ ولُطْفٍ. ودسَّه يَدُسُّه دَسّاً إِذا أَدخله فِي الشيءِ بِقَهْرٍ وقوَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها
؛ يَقُولُ: أَفلح مَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ زَكِيَّةً مُؤْمِنَةً وخابَ مَنْ دَسَّسَها فِي أَهل الْخَيْرِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: دَسَّاها جَعَلَهَا خَسِيسَةً قَلِيلَةً بِالْعَمَلِ الْخَبِيثِ. قَالَ ثَعْلَبٌ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها
، فَقَالَ: مَعْنَاهُ مَنْ دسَّ نَفْسَه مَعَ الصَّالِحِينَ وَلَيْسَ هُوَ مِنْهُمْ. قَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ خَابَتْ نَفْسٌ دَسَّاها اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وَيُقَالُ: قَدْ خَابَ مَنْ دَسَّى نَفْسَه فأَخْمَلَها بِتَرْكِ الصَّدَقَةِ وَالطَّاعَةِ، قَالَ: ودَسَّاها
مِنْ دَسَّسْتُ بُدِّلَتْ بَعْضُ سِينَاتِهَا يَاءً كَمَا يُقَالُ تَظَنَّيْتُ مِنَ الظَنِّ، قَالَ: ويُرَى أَن دَسَّاها دَسَّسَها لأَن الْبَخِيلَ يُخْفي مَنْزِله وَمَالَهُ، والسَّخِيَّ يُبْرِزُ مَنْزِلَهُ فَيَنْزِلُ عَلَى الشَرَفِ مِنَ الأَرض لِئَلَّا يَسْتَتِرَ عَنِ الضِّيفَانِ وَمَنْ أَراده ولكلٍّ وَجْهٌ. اللَّيْثُ: الدَّسُّ دَسُّك شَيْئًا تَحْتَ شَيْءٍ وَهُوَ الإِخْفاءُ. ودَسَسْتُ الشَّيْءَ فِي التُّرَابِ: أَخفيته فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ
؛ أَي يَدْفِنُهُ. قَالَ الأَزهري: أَراد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَذَا الموءُودة الَّتِي كَانُوا يَدْفِنُونَهَا وَهِيَ حَيَّةٌ. وذَكَّرَ فَقَالَ: يَدُسُّه، وَهِيَ أُنثى، لأَنه رَدَّه عَلَى لَفْظَةِ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ، فردَّه عَلَى اللَّفْظِ لَا عَلَى الْمَعْنَى، وَلَوْ قَالَ بِهَا كَانَ جَائِزًا. والدَّسِيسُ: إِخفاء المكرِ. والدَّسيسُ: مَنْ تَدُسُّه(6/82)
ليأْتيك بالأَخبار، وَقِيلَ الدَّسِيسُ: شَبِيهٌ بالمُتَجَسِّس، وَيُقَالُ: انْدَسَّ فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ يأْتيه بِالنَّمَائِمِ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّسِيسُ الصُّنانُ الَّذِي لَا يَقْلَعُه الدَّوَاءُ. والدَّسِيسُ: المَشْوِيُّ. والدُّسُسُ: الأَصِنَّةُ الدَّفِرَةُ الْفَائِحَةُ. والدُّسُسُ: المُراؤُون بأَعمالهم يَدْخُلُونَ مَعَ القُرَّاء وَلَيْسُوا قُرَّاءً. ودَسَّ البعيرَ يَدُسُّه دَسّاً: لَمْ يُبَالِغْ فِي هَنْئه. ودُسَّ البعيرُ: وَرِمَتْ مَساعِرُه، وَهِيَ أَرْفاغُه وَآبَاطُهُ. الأَصمعي: إِذا كَانَ بالبعِير شَيْءٌ خَفِيفٌ مِنَ الْجَرَبِ قِيلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ جَرَب فِي مَساعِرِه، فإِذا طُلِيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ بالهِناءِ قِيلَ: دُسَّ، فَهُوَ مَدْسُوس؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَبَيَّنَ بَرَّاقَ السَّراةِ كأَنه ... قَرِيعُ هِجانٍ، دُسَّ مِنْهُ المَساعِرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده فَنِيقُ هِجانٍ، قَالَ: وأَما قَرِيعُ هِجَانٍ فَقَدْ جَاءَ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ بأَبيات وَهُوَ:
وَقَدْ لاحَ للسَّاري سُهَيْلٌ كأَنه ... قَرِيعُ هِجانٍ، عارَضَ الشَّوْلَ، جافرُ
وَقَوْلُهُ تَبَيَّنَ: فِيهِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى رَكْبٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ. وبَرَّاق السَّراةِ: أَراد بِهِ الثَّوْرَ الوَحْشِيَّ. والسَّراةُ: الظَّهْرُ. والفَنِيقُ: الفحلُ المُكْرَمُ. والهِجانُ: الإِبل الكرامُ. ودُسَّ البَعِيرُ إِذا طُليَ بالهِناء طَلْياً خَفِيفًا. والمساعِرُ: أُصول الْآبَاطِ والأَفخاذ، وإِنما شُبِّهَ الثَّوْرُ بِالْفَنِيقِ المَهْنُوءِ فِي أُصول أَفخاذه لأَجل السَّوَادِ الَّذِي فِي قَوَائِمِهِ. وَالْجَافِرُ: الْمُنْقَطِعُ عَنِ الضِّرابِ، والشَّوْل: جَمْعُ شائلَةٍ الَّتِي شالَتْ بأَذنابها وأَتى عَلَيْهَا مِنْ نتَاجها سَبْعَةُ أَشهر أَو ثَمَانِيَةٌ فَجَفَّ لَبَنُها وَارْتَفَعَ ضَرْعُها. وعارَضَ الشَّوْلَ: لَمْ يَتْبَعْها. وَيُقَالُ للهِناء الَّذِي يُطْلَى بِهِ أَرْفاغُ الإِبل الدَّسُّ أَيضاً؛ وَمِنْهُ الْمَثَلُ: لَيْسَ الهِناءُ بالدَّسِّ؛ الْمَعْنَى أَن الْبَعِيرَ إِذا جَرِبَ فِي مَساعِرِه لَمْ يُقْتَصَرْ مِنْ هِنائِه عَلَى مَوْضِعِ الجَرَبِ وَلَكِنْ يُعَمُّ بالهِناءِ جميعُ جِلْدِهِ لِئَلَّا يَتَعَدَّى الجَرَبُ موضِعَه فَيَجْرَبَ موضعٌ آخرُ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَقْتصِرُ مِنْ قَضَاءِ حَاجَةِ صَاحِبِهِ عَلَى مَا يَتَبَلَّغ بِهِ وَلَا يُبَالِغُ فِيهَا. والدَّسَّاسَةُ: حَيَّة صَمَّاء تَنْدَسُّ تَحْتَ التُّرَابِ انْدِساساً أَي تَنْدَفِنُ، وَقِيلَ: هِيَ شَحْمَةُ الأَرض، وَهِيَ الغَثِمَةُ أَيضاً. قَالَ الأَزهري: وَالْعَرَبُ تُسَمِّيهَا الحُلُكَّى وبناتِ النَّقا تَغُوصُ فِي الرَّمْلِ كَمَا يَغُوصُ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ، وَبِهَا يُشَبَّه بَنانُ العَذارَى وَيُقَالُ بَنَاتُ النَّقا؛ وإِياها أَراد ذُو الرُّمَّةِ بِقَوْلِهِ:
بَناتُ النَّقَا تَخْفى مِراراً وتَظْهَرُ
والدَّسَّاسُ: حَيَّة أَحمر كأَنه الدَّمُ مُحَدَّدُ الطَّرَفَيْنِ لَا يُدْرَى أَيهما رأْسه، غليظُ الجِلْدة يأْخذ فِيهِ الضَّرْبُ وَلَيْسَ بِالضَّخْمِ الْغَلِيظِ، قَالَ: وَهُوَ النَّكَّازُ، قرأَه الأَزهري بِخَطِّ شَمِر؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ فَلَمْ يُحَلِّه. أَبو عَمْرٍو: الدَّسَّاسُ مِنَ الْحَيَّاتِ الَّذِي لَا يُدْرَى أَيُّ طَرَفَيْهِ رأْسه، وَهُوَ أَخبث الْحَيَّاتِ يَنْدَسُّ فِي التُّرَابِ فَلَا يَظْهَرُ لِلشَّمْسِ، وَهُوَ عَلَى لَوْنِ القُلْبِ مِنَ الذَّهَبِ المُحَلَّى. والدُّسَّة: لعبة لصبيان الأَعراب.
دعس: دَعَسَه بِالرُّمْحِ يَدْعَسُه دَعْساً: طَعَنَهُ. والمِدْعَسُ: الرُّمْحُ يُدْعَسُ بِهِ، وَقِيلَ: المِدْعَسُ مِنَ الرِّمَاحِ الغليظُ الشديدُ الَّذِي لَا يَنْثَنِي، وَرُمْحٌ مِدْعَسٌ. والمَداعِسُ: الصُّمُّ مِنَ الرِّمَاحِ؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ، والدَعْسُ: الطَّعْنُ. والمُداعَسَةُ: المُطاعَنَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِذا دَنا العدوُّ كَانَتِ(6/83)
المُداعَسَةُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى تُقْصَدَ
أَي تُكْسَر. وَرَجُلٌ مِدْعَسٌ: طَعَّانٌ؛ قَالَ:
لَتَجِدَنِّي بالأَميرِ بَرَّا، ... وبالقَناةِ مِدْعَساً مِكَرّا،
إِذا غُطَيْفُ السُّلَمِيُّ فَرَّا
وَسَنَذْكُرُهُ فِي الصَّادِ، وَهُوَ الأَعرف. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ وَلَا يُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ لأَن الْهَاءَ لَا تَدْخُلُ مؤَنثه. وَرَجُلٌ دِعِّيسٌ: كمِدْعَسٍ. وَرَجُلٌ مُداعِسٌ: مُطاعِنٌ؛ قَالَ:
إِذا هابَ أَقوامٌ، تَجَشَّمْتُ هَوْلَ مَا ... يَهابُ حُمَيَّاهُ الأَلَدُّ المُداعِسُ
ويروى: تَقَحَّمْتُ غَمْرَةً يَهابُ. وَقَدْ يُكَنَّى بالدَّعْسِ عَنِ الْجِمَاعِ. ودَعَسَ فُلَانٌ جَارِيَتَهُ دَعْساً إِذا نَكَحَهَا. والدَّعْسُ: شِدَّةُ الْوَطْءِ. ودَعَسَت الإِبل الطريقَ تَدْعَسُه دَعْساً: وَطِئَتْه وَطْأً شَدِيدًا. والدَّعْسُ: الأَثَرُ، وَقِيلَ: هُوَ الأَثر الحديثُ البَيِّنُ؛ قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
ومَنْهَلٍ دَعْسُ آثارِ المَطِيِّ بِهِ، ... تَلْقى المَحارِمَ عِرْنِيناً فَعِرْنِينا
وَطَرِيقٌ دَعْسٌ ومِدْعاسٌ ومَدْعُوسٌ: دَعَسَتْه القوائمُ ووَطِئَتْه وَكَثُرَتْ فِيهِ الآثارُ. يُقَالُ: رأَيت طَرِيقًا دَعْساً أَي كَثِيرَ الْآثَارِ. والمَدْعُوسُ مِنَ الأَرضين: الَّذِي قَدْ كَثُرَ بِهِ الناسُ وَرَعَاهُ المالُ حَتَّى أَفسده وَكَثُرَتْ فِيهِ آثَارُهُ وأَبواله، وَهُمْ يُكَرِّهُونَهُ إِلا أَن يَجْمَعَهُمْ أَثَرُ سَحابة لَا يَجِدُونَ مِنْهَا بُدّاً. والمِدْعاسُ: الطَّرِيقُ الَّذِي لَيَّنَتْه المارَّةُ؛ قَالَ رؤْبة بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ حَمِيرًا وَرَدَتِ الْمَاءَ:
فِي رَسْم آثارٍ ومِدْعاسٍ دَعَقْ، ... يَرِدْنَ تحتَ الأَثْلِ سَيَّاحَ الدَّسَقْ
أَي مَمَرُّ هَذِهِ الْحَمِيرِ فِي رَسْم قَدْ أَثرت فِيهِ حَوَافِرُهَا. وَالطَّرِيقُ الدُّعاقُ: الَّذِي كَثُرَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ. والسَّيَّاح: الْمَاءُ الَّذِي يَسِيحُ عَلَى وَجْهِ الأَرض. والدَّسَقُ. الْبَيَاضُ؛ يُرِيدُ بِهِ أَن الْمَاءَ أَبيض. ومُدَّعَسُ الْقَوْمِ: مُخْتَبَزُهم ومُشْتَواهم فِي الْبَادِيَةِ وَحَيْثُ توضَعُ المَلَّة، وَهُوَ مُفْتَعَلٌ مِنَ الدَّعْس، وَهُوَ الحَشْوُ. ودَعَسْتُ الوِعاء: حَشَوْتُه؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
ومُدَّعَسٍ فِيهِ الأَنِيضُ اخْتَفَيْتُه، ... بِجَرْداءَ، يَنْتابُ الثَّمِيلَ حِمارُها
يَقُولُ: رُبَّ مُخْتَبَزٍ جعلتُ فِيهِ اللَّحْمَ ثُمَّ اسْتَخْرَجْتُهُ قَبْلَ أَن يَنْضَجَ للعَجَلَةِ وَالْخَوْفِ لأَنه فِي سَفَرٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: والمُدَّعَسُ مُخْتَبَزُ المَلِيلِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الهُذَلي:
ومدَّعس فِيهِ الأَنيض اخْتَفَيْتُهُ، ... بِجَرْدَاءَ مِثْلِ الوَكْفِ، يَكْبُو غُرابُها
أَي لَا يَثْبُتُ الْغُرَابُ عَلَيْهَا لِمَلَاسَتِهَا؛ أَراد الصَّحْرَاءَ. وأَرض دَعْسَةٌ ومَدْعُوسَةٌ: سَهْلَةٌ. وأَدْعَسَه الحَرُّ: قَتَلَهُ. والمِدْعاسُ: اسْمُ فَرَسِ الأَقْرَعِ بْنِ سُفْيان؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
يُعَدِّي عُلالاتِ العَبايَةِ إِذْ دَنا ... لَهُ فارِسُ المِدْعاسِ، غيرِ المُعَمَّرِ
وَفِي النَّوَادِرِ: رَجُلٌ دَعُوسٌ وغَطُوسٌ وقَدُوسٌ ودَقُوسٌ؛ كُلُّ ذَلِكَ فِي الِاسْتِقْدَامِ فِي الغَمَراتِ وَالْحُرُوبِ.
دعكس: الدَّعْكَسَةُ: لَعِبُ المَجُوسِ يَدُورُون قَدْ أَخذ بَعْضُهُمْ بِيَدِ بَعْضٍ كالرقصِ يُسَمُّونَهُ الدَّسْتَبَنْدَ،(6/84)
وَقَدْ دَعْكَسُوا وتَدَعْكَسَ بعضُهم عَلَى بَعْضٍ، وَهُمْ يُدَعْكِسُونَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
طَافُوا بِهِ مُعْتَكِسِينَ نُكَّسا، ... عَكْفَ المَجُوسِ يَلعَبُون الدَّعْكَسا
دغس: حَسَبٌ مُدَغْمَسٌ: فَاسِدٌ مَدخُول: عَنِ الهَجَري. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ شَبانَةَ يَقُولُ: هَذَا الأَمر مُدَغْمَسٌ ومُدَهْمَسٌ إِذا كَانَ مَسْتُورًا.
دفس: ابْنُ الأَعرابي: أَدْفَسَ الرجلُ إِذا اسودَّ وَجْهُهُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَحفظ هَذَا الحرف لغيره.
دفنس: الدِّفْنِسُ، بِالْكَسْرِ: الْمَرْأَةُ الْحَمْقَاءُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرِو بنُ العَلاء للفِنْدِ الزِّمَّانيِّ، وَيُرْوَى لِامْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَابِسٍ الكِنْديِّ:
أَيا تَمْلِكُ، يَا تَمْلِ، ... ذَريني وذَري عَذْلي
ذَرِيني وسِلاحي، ثُمَّ ... شُدِّي الكفَّ بالعُزْلِ
ونَبْلي وفُقاها كعَراقِيب ... قَطاً طُحْلِ
وَقَدْ أَخْتَلِسُ الضَّرْبَةَ، ... لَا يَدْمى لَهَا نَصْلي
كجَيْبِ الدِّفْنِس الوَرْهاءِ ... ريعَتْ، وَهِيَ تَسْتَفْلي
وَقَدْ أَخْتَلِسُ الطَّعْنَةَ ... تَنْفي سَنَنَ الرِّجْلِ
تَمْلِكُ: اسْمُ امرأَة، وَتَمْلِ مُرَخَّمٌ مِثْلُ يَا حَارِ، يَقُولُ: دَعِينِي وَدَعِي عَذْلَكِ لِي عَلَى إِدامتي لُبْس السِّلَاحِ لِلْحَرْبِ وَمُقَاوَمَةِ الأَعداء. والعُزْلُ: جَمْعُ أَعْزَل وَهُوَ الَّذِي لَا سِلَاحَ مَعَهُ؛ يَقُولُ: اصْرِفِي هَمَّكِ إِلى مَنْ هُوَ قَاعِدٌ عَنِ الْحَرْبِ والرَّمِيَّةِ وَلَا تُفَارِقِيهِ وشُدِّي كَفَّك بِهِ. وفُقاً: جَمْعُ فُوقِ السَّهْمِ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْ فُوَقٍ كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ:
كَسَّرَ مِنْ عَيْنَيْه تَقْويم الفُوَقْ
الْهَاءُ فِي عَيْنَيْهِ ضَمِيرُ الصَّائِدِ لأَنه إِذا نَظَرَ إِلى السَّهْمِ أَبِهِ عِوَجٌ أَم لَا كَسَرَ بَصَرَه عِنْدَ نَظَرِهِ. وَقَوْلُهُ: كَعَرَاقِيبِ قَطاً طُحْلِ؛ شَبَّهَ أَفواقَ النَّبْلِ أَي الحُمْرَة الَّتِي تَكُونُ فِي الفُوقِ، بِعَرَاقِيبِ الْقَطَا؛ والطُّحْلُ: جَمْعُ أَطْحَل وطَحْلاء. والطَّحَلُ: لَوْنٌ يُشْبِهُ الطِّحال شَبَّه بِهَا رِيشَ السَّهْمِ. وَقَوْلُهُ: تَنْفي سَنَنَ الرَّجُلِ أَي يَخْرُجُ مِنْهَا مِنَ الدَّمِ مَا يَمْنَعُ سَنَن الطَّرِيقِ. وَقِيلَ: الدِّفْنِسُ الرَّعْناءُ البَلْهاء، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ الْبَلْهَاءُ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ؛ وأَنشد:
عَمِيمَةُ ضَاحِي الجِسمِ ليسَتْ بِغَثَّةٍ، ... وَلَا دِفْنِسٍ، يَطْبي الكِلابَ حِمارُها
والدِّفْنِسُ والدِّفْناسُ: الأَحمق، وَقِيلَ: الأَحمق البَذِيُّ. والدِّفْناس: البخيلُ، وَقِيلَ: المُنْدَفِقُ النَّوَّامُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا الدِّعْرِمُ الدِّفْناسُ صَوَّى لِقاحَه، ... فإِنَّ لنا ذَوداً ضِخامَ المَحالِبِ
صَوَّى: سَمَّنَ. والدِّفْناسُ: الرَّاعِي الكَسْلان الَّذِي يَنَامُ وَيَتْرُكُ الإِبل ترعى وحدها.
دفطس: دَفْطَسَ: ضَيَّعَ مالَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
قَدْ نامَ عَنْهَا جابرٌ ودَفْطَسا، ... يَشْكو عُرُوقَ خُصْيَتَيْهِ والنَّسا
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: أُراه ذَفْطَسا، قَالَ: وَكَذَا أَحفظه، بِالذَّالِ، قَالَ: وَلَكِنْ لَا نُغَيِّرُهُ وأُعَلِّمُ عَلَيْهِ.(6/85)
دقس: دَقَسَ فِي الأَرض دَقْساً ودُقُوساً: ذَهَبَ فتَغَيَّب. والدُّقْسَةُ: دُوَيْبَّة صَغِيرَةٌ. ودَقْيُوسُ: اسْمُ مَلِكٍ، أَعجمية. اللَّيْثُ: الدَّقْسُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَلَكِنَّ الْمَلِكَ الذى بَنَى الْمَسْجِدَ عَلَى أَصحاب الْكَهْفِ اسْمُهُ دَقْيُوسُ. قَالَ الأَزهري: ورأَيت فِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَا أَدري أَين دَقَسَ وَلَا أَين دُقِسَ بِهِ وَلَا أَين طَهَسَ وطُهِسَ بِهِ أَي أَين ذَهَبَ وذُهب به.
دمقس: التهذيب: قالوا للإِبْرَيْسَمِ دِمَقْسٌ ودِقَمْسٌ.
دكس: الدُّكاسُ: مَا يَغْشَى الإِنسانَ مِنَ النعاسِ وَيَتَرَاكَبُ عَلَيْهِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كأَنه مِنَ الكَرَى الدُّكاسِ ... باتَ بِكأْسَيْ قَهْوَةٍ يُحاسِي
والدَّاكِسُ: لُغَةٌ فِي الكادِسِ، وَهُوَ مَا يُتَطَيَّرُ بِهِ مِنَ العُطاسِ والقَعِيدِ وَنَحْوِهِمَا. دَكَسَ الشيءَ: حَشَاه. والدَّاكِسُ مِنَ الظِّباء: القَعِيدُ. والدَوْكَسُ: الْعَدَدُ الْكَثِيرُ. ومالٌ دَوْكَس: كَثِيرٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَنَعَمٌ دَوْكسٌ ودَيْكَسٌ أَي كَثِيرٌ. والدَّوْكَسُ: مِنْ أَسْمَاءِ الأَسد، وَهُوَ الدَّوْسَكُ لُغَةً. وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ أَسمع الدَّوْكسَ وَلَا الدَّوسَكَ فِي أَسماء الأَسد، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: نَعَمٌ دَوْكَسٌ وَشَاءَ دَوْكَسٌ إِذا كَثُرَتْ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
مَن اتَّقَى اللَّهَ، فلمَّا يَيْئَسِ ... مِنْ عَكَرٍ دَثْرٍ وشاءٍ دَوْكَسِ
والدِّيَكْسا والدِّيَكْساءُ: القِطعة الْعَظِيمَةُ مِنَ الْغَنَمِ والنَّعام. يُقَالُ: غنمٌ دِيَكْساء وغَبَرَةٌ دِيَكْساءُ عَظِيمَةٌ. ودَيْكَسَ الرجلُ فِي بَيْتِهِ إِذا كَانَ لَا يَبْرُزُ لِحَاجَةِ الْقَوْمِ يَكْمُنُ فِيهِ. ودَوْكَسٌ: اسمٌ.
دلس: الدَّلَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: الظُّلْمَة. وَفُلَانٌ لَا يُدالِسُ وَلَا يُوالِسُ أَي لَا يُخادِعُ ولا يَغْدُرُ [يَغْدِرُ] . والمُدالَسَة: المُخادَعَة. وَفُلَانٌ لَا يُدالِسُك وَلَا يخادِعُك وَلَا يُخْفِي عَلَيْكَ الشَّيْءَ فكأَنه يأْتيك بِهِ فِي الظَّلَامِ. وَقَدْ دَالَسَ مُدالَسَةً ودِلاساً ودَلَّسَ فِي الْبَيْعِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ إِذا لَمْ يُبَيِّنْ عَيْبَهُ، وَهُوَ مِنَ الظُّلمة. والتَّدْلِيسُ فِي الْبَيْعِ: كِتْمانُ عَيْبِ السِّلْعَة عَنِ الْمُشْتَرَى؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْ هَذَا أُخذ التَّدْلِيسُ فِي الإِسناد وَهُوَ أَن يحدِّث المحدِّثُ عَنِ الشَّيْخِ الأَكبر وَقَدْ كَانَ رَآهُ إِلا أَنه سَمِعَ مَا أَسنده إِليه مِنْ غَيْرِهِ مِنْ دُونِهِ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ. والدُّلْسَةُ: الظُّلْمة. وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لامرئٍ قُرِفَ بِسُوءٍ فِيهِ: مَا لِي فِيهِ وَلْسٌ وَلَا دَلْسٌ أَي مَا لِي فِيهِ خِيَانَةٌ وَلَا خَدِيعَةٌ. وَيُقَالُ: دَلَّسَ لِي سِلْعَةَ سَوْءٍ. وانْدَلَسَ الشيُ إِذا خَفِيَ. ودَلَّسْتُه فَتَدَلَّسَ وتَدَلَّسْتُه أَي لَا تَشْعُرُ بِهِ. والدَّوْلَسِيُّ: الذَّرِيعِةُ المُدَلَّسَةُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنُ المسيَّب: رَحِمَ اللَّه عُمَرَ لَوْ لَمْ يَنْهَ عَنِ الْمُتْعَةِ لَاتَّخَذَهَا الناسُ دَوْلَسِيّاً أَي ذَرِيعَةً إِلى الزِّنَا مُدَلّسةً
؛ وَالْوَاوُ فِيهِ زَائِدَةٌ. والتَدْليسُ: إِخفاء الْعَيْبِ. والأَدْلاسُ: بَقَايَا النَّبْتِ والبقلِ، وَاحِدُهَا دَلَسٌ، وَقَدْ أَدْلَسَتِ الأَرضُ؛ وأَنشد:
بَدَّلْتَنا مِنْ قَهْوَسٍ قِنْعاسا ... ذَا صَهَواتٍ يَرْتَعُ الأَدْلاسا(6/86)
ويقال: إِن الأَدْلاسَ مِنَ الرِّبَبِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ، وَقَدْ تَدلّسَ إِذا وَقَعَ بالأَدلاسِ. ابْنُ سِيدَهْ: وأَدْلاسُ الأَرضِ بَقَايَا عُشْبِها. ودَلَّسَتِ الإِبلُ: اتَّبَعَت الأَدْلاسَ. وأَدْلَسَ النَّصِيُّ: ظَهَرَ وَاخْضَرَّ. وأَدْلَسَتِ الأَرضُ: أَصاب المالُ مِنْهَا شَيْئًا. والدَّلَسُ: أَرض أَنبتت بعد ما أُكِلَتْ؛ وَقَالَ:
لَوْ كَانَ بِالْوَادِي يُصِبْنَ دَلَسا، ... مِنَ الأَفاني والنَّصِيِّ أَمْلَسا،
وباقِلًا يَخْرُطْنَه قَدْ أَوْرَسا
والدَّلَسُ: النَّبَاتُ الَّذِي يُورِقُ فِي آخِرِ الصَّيْفِ. وأَنْدُلُسُ: جَزِيرَةٌ «2» مَعْرُوفَةٌ، وَزْنُهَا أَنْفُعُلُ، وإِن كَانَ هَذَا مِمَّا لَا نذير لَهُ، وَذَلِكَ أَن النُّونَ لَا مَحَالَةَ زَائِدَةً لأَنه لَيْسَ فِي ذَوَاتِ الْخَمْسَةِ شَيْءٌ عَلَى فَعْلُلُلٍ فَتَكُونُ النُّونُ فِيهِ أَصلًا لِوُقُوعِهَا مَعَ الْعَيْنِ، وإِذا ثَبَتَ أَن النُّونَ زَائِدَةٌ فَقَدْ بَرَدَ فِي أَنْدلس ثَلَاثَةُ أَحرف أُصول، وَهِيَ الدَّالُ وَاللَّامُ وَالسِّينُ، وَفِي أَوّل الْكَلَامِ هَمْزَةٌ، وَمَتَى وَقَعَ ذَلِكَ حَكَمْتَ بِكَوْنِ الْهَمْزَةِ زَائِدَةً، وَلَا تَكُونُ النُّونُ أَصلًا وَالْهَمْزَةُ زَائِدَةً لأَن ذَوَاتِ الأَربعة لَا تَلْحَقُهَا الزَّوَائِدُ مِنْ أَوائلها إِلا فِي الأَسماء الْجَارِيَةَ عَلَى أَفعالها نَحْوَ مُدَحْرَجٍ وَبَابِهِ، فَقَدْ وَجَبَ إِذاً أَن الْهَمْزَةَ وَالنُّونَ زَائِدَتَانِ وأَن الْكَلِمَةَ بِهَا عَلَى وَزْنِ أَنفعل، وإِن كان هذا مِثَالًا لَا نَظِيرَ لَهُ.
دلعس: البَلْعَسُ والدَّلْعَسُ والدَّلْعَكُ، كُلُّ هَذَا: الضَّخْمَةُ مِنَ النُّوق مَعَ اسْتِرْخَاءٍ فِيهَا. ابْنُ سِيدَهْ: الدِّلْعَوْسُ المرأَةُ الجَرِيئة بِاللَّيْلِ الدَّائِبَةُ الدُّلْجَةِ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ. وجمَل دِلْعَوْسٌ ودُلاعِسٌ إِذا كَانَ ذَلُولًا. الأَزهري: الدِّلْعَوْسُ المرأَة الْجَرِيئَةُ عَلَى أَمرها العَصِيَّةُ لأَهلها؛ قَالَ: والدِّلْعَوْسُ النَّاقَةُ النَّشِزَةُ الجريئة بالليل.
دلمس: دَلْمَسٌ: اسْمٌ. وَلَيْلٌ دُلامِسٌ: مُظْلِمٌ، وَقَدِ ادْلَمَّسَ الليلُ إِذا اشْتَدَّتْ ظُلْمَتُهُ، وهو ليل مُدْلَمِّسٌ.
دلهمس: الدَّلَهْمَسُ: الْجَرِيءُ الْمَاضِي عَلَى اللَّيْلِ، وَهُوَ مِنْ أَسماء الأَسد وَالشُّجَاعِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سُمِّيَ الأَسد بِذَلِكَ لِقُوَّتِهِ وَجَرَاءَتِهِ، وَلَمْ يُفْصِح عَنْ صَحِيحِ اشْتِقَاقِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَسدٌ فِي غِيلِه دَلَهْمَسُ
أَبو عُبَيْدٍ: الدَّلَهْمَسُ الأَسد الَّذِي لَا يَهُولُهُ شَيْءٌ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا. وَلَيْلٌ دَلَهْمَسٌ: شَدِيدُ الظُّلْمَةِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِليكَ، في الحِنْدِسِ الدَّلَهْمَسَةِ الطَّامِسِ، ... مثلَ الكواكبِ الثُقُبِ
دمس: دَمَس الظلامُ وأَدْمَسَ وليلٌ دامسٌ إِذا اشْتَدَّ وأَظلم. وَقَدْ دَمَسَ اللَّيْلُ يَدْمِسُ ويَدْمُسُ دَمْساً ودُمُوساً وأَدْمَسَ: أَظلم، وَقِيلَ: اخْتَلَطَ ظَلَامُهُ. وَفِي كَلَامِ مُسَيْلِمَةَ: وَاللَّيْلُ الدَّامِس هُوَ الشَّدِيدُ الظُّلْمَةِ. ودَمَسَه يَدْمُسُه ويَدْمِسُه دَمْساً: دَفَنَهُ. ودَمَّسَ الخَمْرَ: أَغلق عَلَيْهَا دَنَّها؛ قَالَ:
إِذا ذُقْتَ فَاهَا قلتَ: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ، ... أُريدَ بِهِ قَيْلٌ فَغُودِرَ فِي سأْبِ
وَالتَّدْمِيسُ: إِخفاء الشَّيْءِ تَحْتَ الشَّيْءِ، وَيُقَالُ بِالتَّخْفِيفِ. أَبو زَيْدٍ: المُدَمَّسُ المَخْبوء. ودَمَسْتُ الشَّيْءَ: دَفَنْتُهُ وخَبَأْته، وَكَذَلِكَ التَّدْمِيسُ. ودَمَّسَ الشيءَ: أَخفاه. ودَمَسَ عَلَيْهِ الخبرَ دَمْساً: كَتَمَه
__________
(2) . قوله [وأندلس جزيرة إلخ] ضبطها شارح القاموس بضم الهمزة والدال واللام وياقوت بفتح الهمزة وضم الدال وفتحها وضم اللام ليس إلا.(6/87)
الْبَتَّةَ. والدِّماسُ: كُلُّ مَا غَطَّاك. أَبو عَمْرٍو: دَمَسْت الشَّيْءَ غَطَّيْتُهُ. والدَّمَسُ: مَا غُطِّي؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
بِلَا دَمَسٍ أَمرَ القَريبِ وَلَا غَمْلِ
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ أَتاني حَيْثُ وَارى دَمَسٌ دَمْساً وَحَيْثُ وَارَى رُؤْيٌ رُؤْياً، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَذَلِكَ حِينَ يُظْلِمُ أَوَّلُ اللَّيْلِ شَيْئًا؛ وَمِثْلُهُ: أَتاني حِينَ تَقُولُ أَخوك أَم الذِّئْبُ. وَرَوَى أَبو تُرَابٍ لأَبي مَالِكٍ: المُدَّمَّسُ والمُدَنَّسُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَدْ دَنَّسَ ودَمَّسَ. والدِّماسُ: كِسَاءٌ يُطْرَحُ عَلَى الزِّقِّ. ودَمَسَ المرأَة دَمْساً: نَكَحَهَا كَدَسَمها؛ عَنْ كُرَاعٍ. والدِّيماس والدَّيْماسُ: الحَمَّامُ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ:
كأَنما خَرَجَ مِنْ دِيمَاسٍ
؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: الدِّيماسُ الكِنُّ؛ أَراد أَنه كَانَ مُخَدَّراً لَمْ يَرَ شَمْسًا وَلَا رِيحًا، وَقِيلَ: هُوَ السَّرَبُ الْمُظْلِمُ، وَقَدْ جاءَ فِي الْحَدِيثِ مُفَسَّرًا أَنه الحَمَّام. والدِّيْماسُ: السَّرَب؛ وَمِنْهُ يُقَالُ دَمَسْتُه أَي قَبَرْتُه. أَبو زَيْدٍ: دَمَسْته فِي الأَرض دَمْساً إِذا دَفَنْتَهُ، حَيًّا كَانَ أَو مَيِّتاً؛ وَكَانَ لِبَعْضِ الْمُلُوكِ حَبْسٌ سَمَّاهُ دَيْماساً لِظُلْمَتِهِ. والدِّيماسُ: سَجْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، سُمِّيَ بِهِ عَلَى التَّشْبِيهِ، فإِن فتحتَ الدَّالَ جُمِعَ عَلَى دَياميسَ مِثْلُ شَيْطَانٍ وَشَيَاطِينَ، وإِن كَسَرْتَهَا جُمِعَتْ عَلَى دَماميس مِثْلُ قِيْراطٍ وقَراريطَ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِظُلْمَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمَسِيحِ: أَنه سَبْطُ الشَّعرِ كثيرُ خِيلان الْوَجْهِ كأَنه خَرَجَ مِنْ دِيماس
؛ يَعْنِي فِي نَضْرَتِه وَكَثْرَةِ مَاءِ وَجْهِهِ كأَنه خَرَجَ مِنْ كِنٍّ لأَنه قَالَ فِي وَصْفِهِ: كأَنَّ رأْسَه يَقْطُرُ مَاءً. والمُدَمِّسُ والمُدَمَّسُ: السِّجْنُ. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بأُمور دُمْسٍ أَي عِظام كأَنه جمعُ دامِسٍ مِثْلُ بازِلٍ وبُزْلٍ. والدُّودَمِسُ: الحيةُ، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الْحَيَّاتِ مُحْرَنْفِشُ الغَلاصِمِ، يُقَالُ يَنْفُخُ نَفخاً فيُحْرِقُ مَا أَصابه، وَالْجَمْعُ دَوْدَمِساتٌ ودَوامِيسُ. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: المُدَمَّسُ الَّذِي عَلَيْهِ وَضَرُ العَسَل. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: دَمَسَ الموضعُ ودَسَمَ وسَمَدَ إِذا دَرَسَ.
دمحس: الدُّماحِسُ: السيءُ الخُلُق. والدُّماحِسُ: مِثْلُ الدُّحْمُس، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. والدُّحْسُمُ والدُّماحِس: الغليظان.
دمقس الدِمَقْسُ والدِمْقاسُ والمِدَقْسُ: الإِبْرَيْسَم وَقِيلَ القَزُّ، وَثَوْبٌ مُدَمْقَسٌ، وَقَالُوا للإِبْرَيْسَمِ: دِمَقْسٌ ودِقَمْسٌ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ
قال أَبو عبيدة: الدِمَقْسُ مِنَ الكَتَّانِ، وَقَالَ دِمَقْسٌ ومِدَقْسٌ، مَقْلُوبٌ. غَيْرُهُ: الدِمَقْسُ الدِّيباج، وَيُقَالُ: هُوَ الحرير، ويقال الإِبْرَيْسَمُ
دنس: الدَّنَسُ فِي الثِّيَابِ: لَطْخُ الْوَسَخِ وَنَحْوِهِ حَتَّى فِي الأَخلاق، وَالْجَمْعُ أَدْناسٌ. وَقَدْ دَنِسَ يَدْنَسُ دَنَساً، فَهُوَ دَنِسٌ: تَوَسَّخَ. وتَدَنَّسَ: اتَّسَخ، ودَنَّسَه غَيْرُهُ تَدْنِيساً. وَفِي حَدِيثِ الإِيمان:
كأَن ثِيَابَهُ لَمْ يَمَسَّها دَنَسٌ
؛ الدَّنَسُ: الوَسَخُ؛ وَرَجُلٌ دَنِسُ المروءَةِ، وَالِاسْمُ الدَّنَسُ. ودَنَّسَ الرجلُ عِرْضَه إِذا فَعَلَ ما يَشِينُه.
دنخس: الدَّنْخَسُ: الْجَسِيمُ الشَّدِيدُ اللحم.
دنفس: الدُّنافِسُ: السيء الخُلُقِ.(6/88)
دنقس: الدَّنْقَسَةُ: تَطَأْطؤُ الرأْس؛ وأَنشد:
إِذا رَآنِي مِنْ بَعِيدٍ دَنْقسا
والدَّنْقَسَةُ: خَفْضُ البَصَر ذُلًّا. ودَنْقَسَ: نَظَرَ وكَسَرَ عَيْنَيْهِ؛ وأَنشد:
يُدَنْقِسُ العينَ إِذا مَا نَظَرا
أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الْعَيْنِ: دَنْقَسَ الرجلُ دَنْقَسَةً، وطَرْفَشَ طَرْفَشَةً إِذا نَظَرَ فَكَسَرَ عَيْنَيْهِ. قَالَ شِمْرٌ: إِنما هُوَ دَنْفَشَ، بِالْفَاءِ وَالشِّينِ. وَرَوَى سَلَمة عَنِ الْفَرَّاءِ: الدَّنْقَشَةُ الفساد، رواه فِي حُرُوفٍ شِينِيَّةٍ مِثْلَ الدَّهْفَشَة والعَكْبَشَة والكَيْبَشَة والحَنبَشة، وَرَوَاهُ بِالْقَافِ، وَرَوَاهُ غَيْرُ الْفَرَّاءِ دَنْقَسَةً، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. ودَنْقَسَ بَيْنَ الْقَوْمِ: أَفسد، بِالسِّينِ وَالشِّينِ جَمِيعًا. الأُمَوِيُّ: المُدَنْقِس المفسدُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: ورأَيته فِي نُسْخَةٍ دَنْفَشْتُ بَيْنَهُمْ أَفسدت، والمُدَنْفِشُ الْمُفْسِدُ؛ قَالَ الأَزهري: وَالصَّوَابُ عندي بالقاف والشين.
دهس: اللَّيْثُ: الدُّهْسَةُ لَوْنٌ كَلَوْنِ الرِّمَالِ وأَلوان المعْزى؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مُواصِلًا قُفّاً بلَوْنٍ أَدْهَسا «3»
ابْنُ سِيدَهْ: الدُّهْسَةُ لَوْنٌ يَعْلُوهُ أَدنى سَوَادٍ يَكُونُ فِي الرِّمَالِ والمَعَزِ. ورَمْل أَدْهَسُ بَيِّنُ الدَّهَسِ، والدَّهَاسُ مِنَ الرَّمْلِ: مَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يُنبت شَجَرًا وَتَغِيبُ فِيهِ الْقَوَائِمُ؛ وأَنشد:
وَفِي الدَّهَاسِ مِضْبَرٌ مُواثمُ
وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ لَيِّنٍ سَهْلٍ لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ رَمْلًا وَلَيْسَ بِتُرَابٍ وَلَا طِينٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
جَاءَتْ مِنَ البِيضِ زُعْراً، لَا لِباسَ لَهَا ... إِلا الدَّهاسُ، وأُمُّ بَرَّةٌ وأَبُ
وَهِيَ الدَّهْسُ. الأَصمعي: الدَّهاسُ كُلُّ لَيِّنٍ جِدًّا، وَقِيلَ: الدَّهْسُ الأَرض السَّهْلة يَثْقُلُ فِيهَا الْمَشْيُ، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الَّتِي لَا يَغْلِبُ عَلَيْهَا لونُ الأَرض وَلَا لونُ النَّبَاتِ وَذَلِكَ فِي أَول نَبَاتِهَا، وَالْجَمْعِ أَدْهاسٌ؛ وَقَدِ ادْهاسَّتِ الأَرضُ. وأَدْهَسَ القومُ: سَارُوا فِي الدَّهْسِ كَمَا يُقَالُ أَوْعَثُوا سَارُوا فِي الوَعْث. أَبو زَيْدٍ: مِنَ المِعْزَى الصَّدْآء، وَهِيَ السَّوْداء المُشْرَبَة حُمْرَةً، والدَّهْساء أَقل مِنْهَا حُمْرَةً، والدَّهْساء مِنَ الضأْن الَّتِي عَلَى لَوْنِ الدَّهْسِ، والدَّهْساءُ مِنَ المَعَزِ كالصَّدْآء إِلا أَنها أَقل مِنْهَا حُمْرة؛ وَقَالَ المُعَلَّى بْنُ جَمال العَبْدي:
وجاءتْ خُلْعَةٌ دُهْسٌ صَفايا، ... يَصُورُ عُنُوقَها أَحْوى زَنِيمُ
والخِلْعَةُ [الخُلْعَةُ] : خِيَارُ الْمَالِ. ويَصُورُ: يُمِيلُ، وَيُرْوَى: يَصُوعُ أَي يُفَرِّقُ. وعُنُوق: جَمْعَ عَناقٍ. والدَّهْسُ والدَّهاسُ مِثْلُ اللَّبْثِ واللَّباثِ: المكانُ السَّهْلُ اللَّيِّنُ لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ رَمْلًا، وَلَيْسَ هُوَ بِتُرَابٍ وَلَا طِينٍ، ورمالٌ دُهْسٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَقْبَلَ مِنَ الحُدَيْبية فنزل دَهاساً مِنَ الأَرض
؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
دُرَيْد بنِ الصِّمَّة: لَا حَزْنٌ ضَرِسٌ وَلَا سَهْلٌ دَهِسٌ.
وَرَجُلٌ دَهاسُ الخُلُقِ أَي سَهْلُ الخلُق دَمِسُه، وَمَا فِي خُلُقِه دَهاسَةٌ.
دهرس: الدّهارِيسُ: الدَّوَاهِي؛ قَالَ المُخَبَّلُ:
فإِن أَبْل لاقَيْت الدَّهارِيس مِنْهُمَا، ... فَقَدْ أَفْنَيا النُّعْمانَ، قَبْلُ، وتُبَّعا
وَاحِدُهَا دِهْرِسٌ ودُهْرُسٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري لِمَ ثَبَتَتِ الْيَاءُ فِي الدَّهاريس. ابن الأَعرابي:
__________
(3) . قوله [بلون] في الصحاح: ورملًا.(6/89)
الدَّراهِيسُ أَيضاً والدَّهْرَسُ الخِفَّةُ. وَنَاقَةٌ ذَاتُ دَهْرَسٍ أَي ذَاتُ خِفَّةٍ وَنَشَاطٍ؛ وأَنشد:
ذَاتُ أَزابِيٍّ وَذَاتُ دَهْرَسِ
وأَنشد اللَّيْثُ:
حَجَّتْ إِلى النَخْلَةِ القُصْوى فقلتُ لَهَا: ... حَجْرٌ حَرامٌ أَلا تِلْكَ الدَّهارِيسُ «1»
والدِّهْرِسُ والدُّهْرُسُ جَمِيعًا: الدَّاهِيَةُ كالدَّهْرَس، وَهِيَ الدَّهَارِسُ؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
مَعِي ابْنا صَرِيمٍ جازِعانِ كلاهُما، ... وعَرْزَةُ لولاه لَقِينا الدَّهارِسا
دهمس: التَّهْذِيبُ: قَالَ أَبو تُرَابٍ سَمِعْتُ شَبانَةَ يَقُولُ: هَذَا الأَمر مُدَغْمَسٌ ومُدَهْمَسٌ إِذا كان مستوراً.
دَوَسَ: داسَ السيفَ: صَقَلَه. والمِدْوَسَةُ: خَشَبة عَلَيْهَا سِنٌّ يُداسُ بِهَا السَّيْفُ. والمِدْوَسُ: المِصقَلَةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَبْيَضَ، كالغَدِيرِ، ثَوَى عَلَيْهِ ... قُيُونٌ بالمَدَاوِسِ نِصْفَ شَهْرِ
والمِدْوَسُ: خَشَبَةٌ يُشَدُّ عَلَيْهَا مِسَنٌّ يَدُوسُ بِهَا الصَّيْقَلُ السيفَ حَتَّى يَجْلُوه، وَجَمْعُهُ مَداوِسُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وكأَنما هُوَ مِدْوَسٌ مُتَقَلِّبٌ ... فِي الكفِّ، إِلا أَنه هُوَ أَضْلَعُ
وداسَ الرجلُ جَارِيتَهُ إِذا عَلَاهَا وَبَالَغَ فِي جِمَاعِهَا. وداسَ الشَّيْءَ بِرِجْلِهِ يَدُوسُه دَوْساً ودِياساً: وَطِئَه. والدَّوْسُ: الدِّياسُ، وَالْبَقَرُ الَّتِي تَدُوسُ الكُدْسَ هِيَ الدَّوائِس. وداسَ الطعامَ يَدُوسُه دِياساً فانْداسَ هُوَ، وَالْمَوْضِعُ مَداسَةٌ. وداسَ الناسُ الحَبَّ وأَداسُوه: دَرَسُوه؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْع: وَدَائِسٍ ومنَقٍ
: الدَّائِسُ الَّذِي يَدُوسُ الطعامَ ويَدُقُّه ليُخْرجَ الحَبَّ مِنْهُ، وَهُوَ الدِّياسُ، وَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ الدَّالِ. والدَّوائِس: الْبَقَرُ الْعَوَامِلُ فِي الدَوْس؛ يُقَالُ: قَدْ أَلْقَوا الدَّوائِسَ فِي بَيْدَرهم. والدَّوْسُ: شِدَّةُ وَطْءِ الشَّيْءِ بالأَقدام. وَقَوْلُهُمُ الدَّوَابُّ حَتَّى يَتَفَتَّت كَمَا يَتَفَتَّتُ قَصَبُ السَّنابل فَيَصِيرُ تِبْنًا، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ: طَرِيقٌ مَدُوسٌ. وَقَوْلُهُمْ: أَتتهم الخيلُ دَوائِسَ أَي يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والمِدْوَسُ: الَّذِي يُداسُ بِهِ الكُدْسُ يُجرُّ عَلَيْهِ جَرًّا، وَالْخَيْلُ تَدُوسُ القَتْلَى بِحَوَافِرِهَا إِذا وَطِئَتْهُمْ؛ وأَنشد:
فداسُوهُمُ دَوْسَ الحَصِيدِ فأَهْمَدُوا
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ: فلانٌ دِيسٌ مِنَ الدِّيَسَةِ أَي شُجَاعٌ شَدِيدٌ يَدُوسُ كلَّ مَنْ نَازَلَهُ، وأَصله دِوْسٌ عَلَى فِعْلٍ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا كَمَا قَالُوا رِيحٌ، وأَصله رِوْحٌ. وَيُقَالُ: نَزَلَ العدوُّ بِبَنِي فُلَانٍ فِي الْخَيْلِ فجاسَهُم وحاسَهُم وداسَهم إِذا قَتَلَهُمْ وَتَخَلَّلَ دِيَارَهُمْ وَعَاثَ فِيهِمْ. ودياسُ الكُدْسِ ودِراسُه وَاحِدٌ. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ: قَدْ أَخذنا فِي الدّوْسِ؛ قَالَ الأَصمعي: الدّوْسُ تَسْوِيَةُ الْحَدِيقَةِ وَتَرْتِيبُهَا، مأْخوذ مِنْ دِيَاسِ السَّيْفِ وَهُوَ صَقْلُه وجِلاؤُه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
صَافِي الحَدِيدَةِ قَدْ أَضرَّ بصَقْلِه ... طُولُ الدِّياسِ، وبَطْنُ طَيْرٍ جائِعِ
وَيُقَالُ للحَجَر الَّذِي يُجْلَى بِهِ السيفُ: مِدْوَسٌ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّوْسُ الذُّلُّ. والدُّوْسُ: الصَّقْلة. ودَوْسٌ: قَبِيلَةٌ مِنَ الأَزْدِ، مِنْهَا أَبو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِي، رَحْمَةُ اللَّه عليه.
دودمس: الدُّودَمِسُ: حَيَّة تَنْفُخُ فتُحْرِق.
__________
(1) . قوله [وأَنشد الليث أَي لجرير] ، وقوله حجت يروى حنت وقوله: حجر يروى بسل، وكل صحيح، والحجر والبسل كالمنع وزناً ومعنى.(6/90)
فصل الراء
رأس: رَأْسُ كُلِّ شَيْءٍ: أَعلاه، وَالْجَمْعُ فِي الْقِلَّةِ أَرْؤُسٌ وآراسٌ عَلَى الْقَلْبِ، ورُؤوس فِي الْكَثِيرِ، وَلَمْ يَقْلِبُوا هَذِهِ، ورؤْسٌ: الأَخيرة عَلَى الْحَذْفِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَيَوْمًا إِلى أَهلي، وَيَوْمًا إِليكمُ، ... وَيَوْمًا أَحُطُّ الخَيْلَ مِنْ رُؤْسِ أَجْبالِ
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ بَعْضُ عُقَيْل: الْقَافِيَةُ رأْس الْبَيْتِ؛ وَقَوْلُهُ:
رؤسُ كَبِيرَيْهِنَّ يَنْتَطِحان
أَراد بِالرُّؤْسِ الرأْسين، فَجَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا رأْساً ثُمَّ قَالَ يَنْتَطِحَانِ، فَرَاجِعَ الْمَعْنَى. ورأَسَه يَرْأَسُه رَأْساً: أَصاب رَأْسَه. ورُئِسَ رَأْساً: شَكَا رأْسه. ورَأَسْتُه، فَهُوَ مرؤوسٌ وَرَئِيسٌ إِذا أَصبت رأْسه؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
كأَنَّ سَحِيلَه شَكْوَى رَئيسٍ، ... يُحاذِرُ مِنْ سَرايا واغْتِيالِ
يُقَالُ: الرَّئِيسُ هاهنا الذي شُدَّ رأْسه. ورجل مرؤوس: أَصابه البِرْسامُ. التَّهْذِيبُ: وَرَجُلٌ رئيسٌ ومَرْؤُوسٌ، وَهُوَ الَّذِي رَأَسَه السِّرْسامُ فأَصاب رأْسه. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
إِنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُصِيبُ مِنَ الرأْس وَهُوَ صَائِمٌ
؛ قَالَ: هَذَا كِنَايَةٌ عَنِ القُبْلة. وارْتَأَسَ الشيءَ: رَكب رأْسه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
ويُعْطِي الفَتَى فِي العَقْلِ أَشْطارَ مالِه، ... وَفِي الحَرْب يَرْتاسُ السِّنانَ فَيَقْتُل
أَراد: يَرْتَئِسُ، فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ تَخْفِيفًا بدليّاً. الفراء: المُرائِسُ والرَّؤوسُ مِنَ الإِبل الَّذِي لَمْ يَبْقَ لَهُ طِرْقٌ إِلا فِي رأْسه. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: ارْتَأَسَني فُلَانٌ واكْتَسَأَني أَي شَغَلَني، وأَصله أَخذ بالرَّقَبة وَخَفَضَهَا إِلى الأَرض، وَمِثْلُهُ ارْتَكَسَني واعْتَكَسني. وَفَحْلٌ أَرْأَسُ: وَهُوَ الضَّخْمُ الرأْس. والرُّؤاسُ والرُّؤاسِيُّ والأَرْأَسُ: الْعَظِيمُ الرأْس، والأُنثى رَأْساءُ؛ وَشَاةٌ رأْساءُ: مُسْوَدَّة الرأْس. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِذا اسْوَدَّ رأْس الشَّاةِ، فَهِيَ رأْساء، فإِن ابْيَضَّ رأْسها مِنْ بَيْنِ جَسَدِهَا، فَهِيَ رَخْماء ومُخَمَّرَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: نَعْجَةٌ رأْساء أَي سَوْدَاءُ الرأْس وَالْوَجْهِ وَسَائِرُهَا أَبيض. غَيْرُهُ: شَاةٌ أَرْأَسُ وَلَا تَقُلْ رؤاسِيٌّ؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. وَشَاةٌ رَئِيسٌ: مُصابة الرأْس، وَالْجَمْعُ رَآسَى بِوَزْنِ رَعاسَى مِثْلُ حَباجَى ورَماثَى. وَرَجُلٌ رَأْآسٌ بوزن رَعَّاسٍ: يبيع الرؤوس، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: رَوَّاسٌ. والرَّائِسُ: رأْسُ الْوَادِي. وَكُلُّ مُشْرِفٍ رائِسٌ. ورَأَسَ السَّيْلُ الغُثَاءَ: جَمَعَه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
خَناطيلُ، يَسْتَقرِبْنَ كلَّ قَرارَةٍ ... ومَرْتٍ نَفَتْ عَنْهَا الغُثاءَ الرَّوائِسُ
وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ: إِن السَّيْلَ يَرْأَسُ الْغُثَاءَ، وَهُوَ جَمْعُهُ إِياه ثُمَّ يَحْتَمِلُهُ. والرَّأْسُ: الْقَوْمُ إِذا كَثُرُوا وعَزُّوا؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
بِرَأْسٍ مِنْ بَنِي جُشَمِ بنِ بَكْرٍ، ... نَدُقُّ به السُّهُولَةَ والخُزونا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَنا أُرى أَنه أَراد الرَّئيسَ لأَنه قَالَ نَدُقُّ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ نَدُقُّ بِهِمْ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا كَثُرُوا وعَزُّوا: هُمْ رَأْسٌ. ورَأَسَ القومَ يَرْأَسُهم، بِالْفَتْحِ، رَآسَةً وَهُوَ رَئِيسُهُمْ: رَأَسَ عَلَيْهِمْ فَرَأَسَهم وفَضَلهم، ورَأَسَ عَلَيْهِمْ كأَمَر عَلَيْهِمْ، وتَرَأَّسَ عَلَيْهِمْ(6/91)
كَتَأَمَّرَ، ورَأَّسُوه عَلَى أَنفسهم كأَمَّروه، ورَأَّسْتُه أَنا عَلَيْهِمْ تَرْئِيساً فَتَرَأَّسَ هُوَ وارْتَأَسَ عَلَيْهِمْ. قَالَ الأَزهري: ورَوَّسُوه عَلَى أَنفسهم، قَالَ: وَهَكَذَا رأَيته فِي كِتَابِ اللَّيْثِ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ رَأَّسوه لَا رَوَّسُوه. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَدْ تَرَأَّسْتُ عَلَى الْقَوْمِ وَقَدْ رَأَّسْتُك عَلَيْهِمْ وَهُوَ رَئيسُهم وَهُمُ الرُّؤَساء، والعامَّة تَقُولُ رُيَساء. والرَّئِيس: سَيِّدُ الْقَوْمِ، وَالْجَمْعُ رُؤَساء، وَهُوَ الرَّأْسُ أَيضاً، وَيُقَالُ رَيِّسٌ مثل قَيِّم بمعنى رَئيس؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَلْقَ الأَمانَ عَلَى حِياضِ محمدٍ ... ثوْلاءُ مُخْرِفَةٌ، وذِئْبٌ أَطْلَسُ
لَا ذِي تَخافُ وَلَا لِهذا جُرْأَة، ... تُهْدى الرَّعِيَّةُ مَا اسْتَقامَ الرَّيِّسُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِلْكُمَيْتِ يَمْدَحُ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيَّ. والثَّوْلاء: النَّعْجَةُ الَّتِي بِهَا ثَوَلٌ. والمُخْرِفَةُ: الَّتِي لَهَا خَرُوفٌ يَتْبَعُهَا. وَقَوْلُهُ لَا ذِي: إِشارة إِلى الثَّوْلَاءِ، وَلَا لِهَذَا: إِشارة إِلى الذِّئْبِ أَي لَيْسَ لَهُ جُرأَة عَلَى أَكلها مَعَ شِدَّةِ جُوعِهِ؛ ضُرِبَ ذَلِكَ مَثَلًا لِعَدْلِهِ وإِنصافه وإِخافته الظَّالِمَ وَنُصْرَتِهِ الْمَظْلُومَ حَتَّى إِنه لِيَشْرَبَ الذِّئْبُ وَالشَّاةُ مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ. وَقَوْلُهُ تُهْدَى الرَّعِيَّةُ مَا اسْتَقَامَ الرَّيِّسُ أَي إِذا اسْتَقَامَ رَئِيسُهُمُ الْمُدَبِّرُ لأُمورهم صَلُحَتْ أَحوالهم بِاقْتِدَائِهِمْ بِهِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَأَسَ الرجلُ يَرْأَسُ رَآسَة إِذا زَاحَمَ عليها وأَراجها، قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ إِن الرِّياسَة تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فيُعَصَّبُ بِهَا رأْسُ مَنْ لَا يَطْلُبُهَا؛ وَفُلَانٌ رأَسُ الْقَوْمِ ورَئيس الْقَوْمِ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
أَلم أَذَرْكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ؟
رَأَسَ القومَ: صَارَ رئيسَهم ومُقَدَّمَهم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
رَأْس الْكُفْرِ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ
، وَيَكُونُ إِشارة إِلى الدَّجَّالِ أَو غَيْرِهِ مِنْ رؤَساء الضَّلَالِ الْخَارِجِينَ بِالْمَشْرِقِ. ورَئيسُ الْكِلَابِ ورائِسها: كَبِيرُهَا الَّذِي لَا تَتَقَدَّمُه فِي القَنَص، تَقُولُ: رَائِسُ الْكِلَابِ مثلُ راعِسٍ أَي هُوَ فِي الْكِلَابِ بِمَنْزِلَةِ الرَّئِيسِ فِي الْقَوْمِ. وَكَلْبَةٌ رائِسَة: تأْخذ الصَّيْدَ برأْسه. وكلبة رَؤوس: وَهِيَ الَّتِي تُساوِرُ رأْسَ الصَّيْدِ. وَرَائِسُ النَّهْرِ وَالْوَادِي: أَعلاه مِثْلُ رَائِسِ الْكِلَابِ. ورَوائس الْوَادِي: أَعاليه. وَسَحَابَةٌ مُرائس ورائِس: مُتَقَدِّمَة السَّحَابِ. التَّهْذِيبُ: سَحَابَةٌ رائِسَةٌ وَهِيَ الَّتِي تَقَدَّمُ السحابَ، وَهِيَ الرَّوائِس. وَيُقَالُ: أَعطني رَأْساً مِنْ ثُومٍ. والضَّبُّ رُبَّمَا رَأَسَ الأَفْعَى وَرُبَّمَا ذَنَبها، وَذَلِكَ أَن الأَفعى تأْتي جُحْرَ الضَّبِّ فتَحْرِشُه فَيَخْرُجُ أَحياناً برأْسه مُسْتَقْبِلها فَيُقَالُ: خَرَجَ مُرَئِّساً، وَرُبَّمَا احْتَرَشَه الرَّجُلُ فَيَجْعَلُ عُوداً فِي فَمِ جُحْره فيَحْسَبُه أَفْعَى فَيَخْرُجُ مُرَئِّساً أَو مُذَنِّباً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: خَرَجَ الضَّبُّ مُرائِساً اسْتَبَقَ برأْسه مِنْ جُحْرِهِ وَرُبَّمَا ذَنَّبَ. ووَلَدَتْ وَلَدها عَلَى رَأْسٍ واحدٍ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَي بعضُهم فِي إِثر بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ وَلَدَتْ ثَلَاثَةَ أَولاد رأْساً عَلَى رأْس أَي وَاحِدًا فِي إِثر آخَرَ. ورَأْسُ عَينٍ ورأْسُ الْعَيْنِ، كِلَاهُمَا: مَوْضِعٌ؛ قَالَ المُخَبَّلُ يَهْجُو الزِّبْرِقان حِينَ زَوّجَ هَزَّالًا أُخته خُلَيْدَةَ:
وأَنكحتَ هَزَّالا خُلَيْدَةَ، بعد ما ... زَعَمْتَ برأْسِ الْعَيْنِ أَنك قاتِلُهْ
وأَنكَحْتَه رَهْواً كأَنَّ عِجانَها ... مَشَقُّ إِهابٍ، أَوسَعَ الشَّقَّ ناجِلُهْ
وَكَانَ هَزَّال قَتَلَ ابْنَ مَيَّة فِي جِوَارِ الزِّبْرِقَانِ وَارْتَحَلَ إِلى رأْس الْعَيْنِ، فَحَلَفَ الزِّبْرِقَانُ لَيَقْتُلَنَّهُ ثُمَّ إِنه بَعْدَ(6/92)
ذَلِكَ زَوَّجَهُ أُخته، فَقَالَتِ امرأَة الْمَقْتُولِ تَهْجُو الزِّبْرِقَانَ:
تَحَلَّلَ خِزْيَها عَوْفُ بْنُ كعبٍ، ... فَلَيْسَ لخُلْفِها مِنْهُ اعْتِذارُ
برأْسِ العينِ قاتِلُ مَنْ أَجَرْتُمْ ... مِنَ الخابُورِ، مَرْتَعُه السِّرارُ
وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ فِي يَوْمِ رأْس الْعَيْنِ لسُحَيْم بْنِ وُثَيْلٍ الرِّياحِيِّ:
وَهُمْ قَتَلوا عَمِيدَ بَنِي فِراسٍ، ... برأْسِ العينِ فِي الحُجُج الخَوالي
وَيُرْوَى أَن الْمُخَبَّلَ خَرَجَ فِي بَعْضِ أَسفاره فَنَزَلَ عَلَى بَيْتِ خُلَيْدَةَ امرأَة هَزَّالٍ فأَضافته وأَكرمته وزَوَّدَتْه، فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ قَالَ: أَخبريني بِاسْمِكِ. فَقَالَتْ: اسْمِي رَهْوٌ، فَقَالَ: بِئْسَ الِاسْمُ الَّذِي سُمِّيتِ بِهِ فَمَنْ سَمَّاكَ بِهِ؟ قَالَتْ لَهُ: أَنت، فقال: وا أَسفاه وا ندماه ثُمَّ قَالَ:
لَقَدْ ضَلَّ حِلْمِي فِي خُلَيْدَةَ ضَلَّةً، ... سَأُعْتِبُ قَوْمي بَعْدَهَا وأَتُوبُ
وأَشْهَدُ، والمُسْتَغْفَرُ اللَّهُ، أَنَّني ... كَذَبْتُ عَلَيْهَا، والهِجاءُ كَذُوبُ
الْجَوْهَرِيُّ: قَدِمَ فُلَانٌ مِنْ رأْس عَيْنٍ وَهُوَ مَوْضِعٌ، والعامَّة تَقُولُ مِنْ رأْس الْعَيْنِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ إِنما يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ مِنْ رأْس عَيْنٍ إِذا كَانَتْ عَيْنًا مِنَ الْعُيُونِ نَكِرَةً، فأَما رأْس عَيْنٍ هَذِهِ الَّتِي فِي الْجَزِيرَةِ فَلَا يُقَالُ فِيهَا إِلا رأْس الْعَيْنِ. ورائِسٌ: جَبَلٌ فِي الْبَحْرِ؛ وَقَوْلُ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الهُذَلّي:
وَفِي غَمْرَةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوى ... عُرُوكاً عَلَى رائِسٍ يَقْسِمونا
قِيلَ: عَنَى هَذَا الْجَبَلَ. ورائِسٌ ورَئيسٌ مِنْهُمْ، وأَنت عَلَى رأْسِ أَمْرِكَ ورئاسهِ أَي عَلَى شَرَفٍ مِنْهُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ أَنت عَلَى رِئاسِ أَمرك أَي أَوله، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ عَلَى رَأْسِ أَمرك. ورِئاسُ السَّيْفِ: مَقْبِضُه وَقِيلَ قَائِمُهُ كأَنه أُخِذَ مِنَ الرأْسِ رِئاسٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وليلةٍ قَدْ جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَها ... بصُدْرَةِ العَنْسِ حَتَّى تَعْرِفَ السَّدَفا
ثُمَّ اضْطَغَنْتُ سِلاحي عِنْدَ مَغْرِضِها، ... ومِرْفَقٍ كَرِئاسِ السَّيْفِ إِذ سَشَفَا
وَهَذَا الْبَيْتُ الثَّانِي أَنشده الْجَوْهَرِيُّ: إِذا اضْطَغَنْتُ سِلَاحِي، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَالصَّوَابُ: ثُمَّ اضْطَغَنْتُ سِلَاحِي. والعنْسُ: النَّاقَةُ الْقَوِيَّةُ، وصُدْرَتُها: مَا أَشرف مِنْ أَعلى صَدْرِهَا. والسِّدَفُ هَاهُنَا: الضَّوْءُ. واضْطَغَنْتُ سِلَاحِي: جَعَلْتُهُ تَحْتَ حِضْني. والحِضنُ: مَا دُونُ الإِبطِ إِلى الكَشْحِ، وَيُرْوَى: ثُمَّ احْتَضَنْتُ. والمَغْرِضُ لِلْبَعِيرِ كالمَحْزِم مِنَ الْفَرَسِ، وَهُوَ جَانِبُ الْبَطْنِ مِنْ أَسفل الأَضلاع الَّتِي هِيَ مَوْضِعُ الغُرْضَة. والغُرْضَة للرحْل: بِمَنْزِلَةِ الْحِزَامِ لِلسَّرْجِ. وشَسَفَ أَي ضَمَرَ يَعْنِي المِرْفَق. وَقَالَ شِمْرٌ: لَمْ أَسمع رِئاساً إِلا هَاهُنَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَوَجَدْنَاهُ فِي المُصَنَّف كَرِيَاسِ السَّيْفِ، غَيْرَ مَهْمُوزٍ، قَالَ: فَلَا أَدري هَلْ هُوَ تخفيف أَم الْكَلِمَةُ مِنَ الْيَاءِ. وَقَوْلُهُمْ: رُمِيَ فُلَانٌ مِنْهُ فِي الرأْس أَي أَعرض عَنْهُ وَلَمْ يَرْفَعْ بِهِ رأْساً وَاسْتَثْقَلَهُ؛ تَقُولُ: رُمِيتُ مِنْكَ فِي الرَّأْسِ عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ أَي سَاءَ رأْيُك فيَّ حَتَّى لَا تَقْدِرَ أَن تَنْظُرَ إِليَّ. وأَعِدْ عَلَيَّ كلامَك مِنْ رَأْسٍ وَمِنَ الرَّأْسِ، وَهِيَ أَقل اللُّغَتَيْنِ وأَباها بَعْضُهُمْ وَقَالَ: لَا تَقُلْ مِنَ الرَّأْسِ، قَالَ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ.(6/93)
وبيتُ رَأْسٍ: اسْمُ قَرْيَةٍ بِالشَّامِ كَانَتْ تُبَاعُ فِيهَا الْخُمُورُ؛ قَالَ حَسَّانٌ:
كأَنَّ سَبِيئةً مِنْ بيتِ رَأْسٍ، ... يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ
قَالَ: نُصِبَ مِزَاجُهَا عَلَى أَنه خَبَرُ كَانَ فَجُعِلَ الِاسْمُ نَكِرَةً وَالْخَبَرُ مَعْرِفَةً، وإِنما جَازَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ كَانَ اسْمَ جِنْسٍ، وَلَوْ كَانَ الْخَبَرُ مَعْرِفَةً مَحْضَةً لَقَبُحَ. وَبَنُو رؤاسٍ: قَبِيلَةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: حَيٌّ مِنَ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، مِنْهُمُ أَبو جَعْفَرٍ الرُّؤاسِي وأَبو دُؤادٍ الرُّؤاسِي اسْمُهُ يَزِيدُ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رُؤاسِ بْنِ كِلَابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَكَانَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ يَقُولُ فِي الرُّؤاسِي أَحد الْقُرَّاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ: إِنه الرَّواسِي، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْوَاوِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، مَنْسُوبٌ إِلى رَوَاسٍ قَبِيلَةٍ مِنْ سُلَيْم وَكَانَ يُنْكِرُ أَن يُقَالَ الرُّؤاسِي، بِالْهَمْزِ، كَمَا يَقُولُهُ الْمُحَدِّثُونَ وغيرهم.
ربس: الرَّبْسُ: الضَّرْبُ بِالْيَدَيْنِ. يُقَالُ: رَبَسَه رَبْساً ضَرَبَهُ بِيَدَيْهِ. والرَّبِيسُ: الْمَضْرُوبُ أَو المُصابُ بِمَالٍ أَو غَيْرِهِ. والرَّبْسُ مِنْهُ الارْتِباسُ. وارْتَبَسَ العُنْقُودُ: اكْتَنَزَ. وَعُنْقُودٌ مُرْتَبِس: مَعْنَاهُ انهضامُ حَبِّهِ وتداخُلُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ. وكَبْش رَبِيسٌ ورَبيز أَي مُكْتَنِزٌ أَعْجَر. والارْتِباسُ: الِاكْتِنَازُ فِي اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ. وَمَالٌ رِبْسٌ [رَبْسٌ] : كَثِيرٌ. وأَمر رَبْسٌ: مُنْكَرٌ. وَجَاءَ بأُمُور رُبْسٍ: يَعْنِي الدَّوَاهِيَ كَدُبْس، بِالرَّاءِ وَالدَّالِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا جَاءَ إِلى قُرَيْشٍ فَقَالَ: إِن أَهل خَيْبَرَ أَسروا مُحَمَّدًا وَيُرِيدُونَ أَن يُرْسِلُوا بِهِ إِلى قَوْمِهِ لِيَقْتُلُوهُ فَجَعَلَ الْمُشْرِكُونَ يُرْبِسُون بِهِ العباسَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ الإِرْباس وَهُوَ المُراغَمَة، أَي يُسْمِعُونه مَا يُسْخطه ويَغِيظُه، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ جَاءَ بأُمور رُبْسٍ أَي سُود، يَعْنِي يأْتونه بِدَاهِيَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ الرَّبِيس وَهُوَ الْمُصَابُ بِمَالٍ أَو غَيْرِهِ أَي يُصِيبُونَ الْعَبَّاسَ بِمَا يَسُوءُه. وَجَاءَ بِمَالٍ رَبْسٍ [رِبْسٍ] أَي كَثِيرٍ. وَرَجُلٌ رَبِيسٌ: جَلْدٌ مُنْكرٌ دَاهٍ. والرَّبيسُ مِنَ الرِّجَالِ: الشُّجَاعُ وَالدَّاهِيَةُ. يُقَالُ: دَاهِيَةٌ رَبْساء أَي شَدِيدَةٌ؛ قَالَ:
ومِثلِي لنُزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ
وتَرَبَّسَ: طَلَبَ طَلَباً حَثيثاً. وتَرَبَّسْت فُلَانًا أَي طَلَبْتُهُ؛ وأَنشد:
تَرَبَّسْتُ فِي تَطْلابِ أَرض ابنِ مالكٍ ... فأَعْجَزَني، والمَرْءُ غيرُ أَصِيلِ
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ يَتَرَبَّسُ أَي يَمْشِي مَشْيًا خَفِيًّا؛ وَقَالَ دُكَيْن:
فَصَبَحَتْه سَلِقٌ تَبَرْبَسُ
أَي تَمْشِي مَشْيًا خَفِيًّا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: جَاءَ فُلَانٌ يَتَبَرْبَسُ إِذا جَاءَ مُتَبَخْتِراً. وارْبَسَّ الرجلُ ارْبِساساً أَي ذَهَبَ فِي الأَرض. وَقِيلَ: ارْبَسَّ إِذا غَذَا فِي الأَرض. وارْبَسَّ أَمرُهم اربِساساً: لُغَةٌ فِي ارْبَثَّ أَي ضَعُفَ حَتَّى تَفَرَّقُوا. ابْنُ الأَعرابي: البِرْباسُ الْبِئْرُ العَمِيقة. ورَبَسَ قِرْبته أَي ملأَها. وأَصل الرَّبْس: الضَّرْبُ بِالْيَدَيْنِ. وأُمُّ الرُّبَيْسِ: مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ وأَبو الرُّبَيْسِ التَّغْلَبِيُّ: مِنْ شُعَرَاءِ تَغْلِبَ.
رجس: الرِّجْسُ: القَذَرُ، وَقِيلَ: الشَّيْءُ القَذِرُ. ورَجُسَ الشيءُ يَرْجُسُ رَجاسَةً، وإِنه لَرِجْسٌ مَرْجُوس، وكلُّ قَذَر رِجْسٌ. وَرَجُلٌ مَرْجوسٌ(6/94)
ورِجْسٌ: نِجْسٌ، ورَجِسٌ: نَجِسٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسبهم قد نالوا رَجَسٌ نَجَسٌ، وَهِيَ الرَّجاسَةُ والنَّجاسَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعوذ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ
؛ الرِّجْسُ: الْقَذِرُ، وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْحَرَامِ وَالْفِعْلِ الْقَبِيحِ وَالْعَذَابِ وَاللَّعْنَةِ وَالْكُفْرِ، وَالْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الأَول. قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا بدأُوا بالرِّجْسِ ثُمَّ أَتبعوه النِّجْسَ، كَسَرُوا الْجِيمَ، وإِذا بدأُوا بِالنِّجْسِ وَلَمْ يَذْكُرُوا مَعَهُ الرِّجْس فَتَحُوا الْجِيمَ وَالنُّونَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
نَهَى أَن يُسْتَنْجَى بِرَوْثَةٍ، وَقَالَ: إِنها رِجْسٌ
أَي مُسْتَقْذَرَة. والرِّجْس: الْعَذَابُ كالرِّجز. التَّهْذِيبُ: وأَما الرِّجْزُ فَالْعَذَابُ وَالْعَمَلُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلى الْعَذَابِ. والرِّجْسُ فِي الْقُرْآنِ: الْعَذَابُ كالرِّجْز. وَجَاءَ فِي دُعَاءِ الْوَتْرِ:
وأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْسَك وَعَذَابَكَ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الرِّجْسُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الرِّجْزِ، وَهُوَ الْعَذَابُ، قُلِبَتِ الزَّايُ سِينًا، كَمَا قِيلَ الأَسد والأَزد. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ
؛ إِنه الْعِقَابُ وَالْغَضَبُ، وَهُوَ مُضَارِعٌ لِقَوْلِهِ الرِّجْزُ، قَالَ: ولعلها لُغَتَانِ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنَّهُ رِجْسٌ
؛ الرِّجْسُ: المَأْثَمُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّه الرِّجْسَ، قَالَ: مَا لَا خَيْرَ فِيهِ، قَالَ أَبو جَعْفَرٍ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
، قَالَ: الرِّجْسُ الشَّكُّ. ابْنُ الأَعرابي: مرَّ بَنَا جَمَاعَةٌ رَجِسُونَ نَجِسُونَ أَي كُفَّار. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الرِّجْسُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا اسْتُقْذِرَ مِنْ عَمَلٍ فَبَالَغَ اللَّه تَعَالَى فِي ذَمِّ هَذِهِ الأَشياء وَسَمَّاهَا رِجْساً. وَيُقَالُ: رَجُسَ الرجل رَ جَساً ورَجِسَ يَرْجَسُ إِذا عَمِلَ عَمَلًا قَبِيحًا. والرَّجْسُ، بِالْفَتْحِ: شِدَّةُ الصَّوْتِ، فكأَنَّ الرِّجْسَ الْعَمَلُ الَّذِي يُقْبَحُ ذِكْرُهُ وَيَرْتَفِعُ فِي الْقُبْحِ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ أَي مَأْثَمٌ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الرَّجْسُ، مَصْدَرٌ، صوتُ الرَّعد وتَمَخُّضُه. غَيْرُهُ: الرَّجْسُ، بِالْفَتْحِ، الصَّوْتُ الشَّدِيدُ مِنَ الرَّعْدِ وَمِنْ هَدِيرِ الْبَعِيرِ. ورجَسَت السَّمَاءُ تَرْجُسُ إِذا رَعَدَتْ وتَمَخَّضَتْ، وارتجَسَتْ مِثْلُهُ. وَفِي حَدِيثِ
سَطِيح: لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ارْتَجَسَ إِيوان كِسْرَى
أَي اضْطَرَبَ وَتَحَرَّكَ حَرَكَةً سُمِعَ لَهَا صَوْتٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا كَانَ أَحدكم فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ رِجْساً أَو رِجْزاً فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَو يَجِدَ رِيحًا.
ورِجْسُ الشَّيْطَانِ: وَسْوَسَتُه. والرَّجْسُ والرَّجْسَةُ والرَّجَسانُ والارْتِجاسُ: صَوْتُ الشَّيْءِ الْمُخْتَلِطِ الْعَظِيمِ كَالْجَيْشِ وَالسَّيْلِ وَالرَّعْدِ. رَجَسَ يَرْجُسُ رَجْساً، فَهُوَ راجِسٌ ورَجَّاسٌ. وَيُقَالُ: سَحَابٌ وَرَعْدٌ رَجَّاسٌ شَدِيدُ الصَّوْتِ، وَهَذَا راجِسٌ حَسَن أَي راعِدٌ حَسَنٌ؛ قَالَ:
وكلُّ رَجَّاسٍ يَسُوقُ الرُجَّسا، ... مِنَ السُيولِ والسَّحاب المُرَّسا
يَعْنِي الَّتِي تَمْتَرِسُ الأَرض فَتَجْرُف مَا عَلَيْهَا. وَبَعِيرٌ رَجَّاس ومِرْجسٌ أَي شَدِيدُ الهَدير. وَنَاقَةٌ رَجْساء الحَنِين: مُتَتَابِعَتُهُ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد:
يَتْبَعْنَ رَجْساءَ الحَنِين بَيْهَسا، ... تَرى بأَعْلى فَخِذَيْها عَبَسا،
مثلَ خَلُوقِ الفارِسِيِّ أَعْرَسا
ورَجْسُ الْبَعِيرِ: هَديرُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بِرَجْسِ بَخْباخِ الهَديرِ البَهْبَهِ
وَهُمْ فِي مَرْجُوسَة مِنْ أَمرهم وَفِي مَرْجُوساء أَي(6/95)
فِي الْتِبَاسٍ وَاخْتِلَاطٍ ودَوَرانٍ؛ وأَنشد:
نَحْنُ صَبَحْنا عَسْكَرَ المَرْجُوسِ، ... بذاتِ خالٍ، لَيْلَةَ الخَمِيسِ
والمِرْجاسُ: حَجَرٌ يُطْرَحُ فِي جَوْفِ الْبِئْرِ يُقَدَّر بِهِ مَاؤُهَا وَيُعْلَمُ بِهِ قَدْرُ قَعْرِ الْمَاءِ وعُمْقه؛ قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ، وَالْمَعْرُوفُ المِرْداسُ. وأَرْجَسَ الرجلُ: إِذا قدَّر الْمَاءَ بالمِرْجاس. الْجَوْهَرِيُّ: المِرْجاسُ حَجَرٌ يُشَدُّ فِي طرف الحبل ثم يُدْلى فِي الْبِئْرِ فتُمْخَض الحَمْأَة حَتَّى تَثُور ثُمَّ يُسْتقى ذَلِكَ الْمَاءُ فَتُنَقَّى الْبِئْرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا رَأَوْا كَريهةً يَرْمُونَ بِي، ... رَمْيَكَ بالمِرْجاسِ فِي قَعْرِ الطَّوي
والنَّرْجِسُ: مِنَ الرَّيَاحِينِ، مُعَرَّبٌ، وَالنُّونُ زَائِدَةً لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ فَعْلِلٌ وَفِي الْكَلَامِ نَفْعِل، قَالَهُ أَبو عَلِيٍّ. وَيُقَالُ: النِّرْجِسُ، فإِن سَمَّيْتَ رَجُلًا بنَرْجِس لَمْ تَصْرِفْهُ لأَنه نَفْعِلُ كنَجْلِسُ ونَجْرِس، وَلَيْسَ بِرُبَاعِيٍّ، لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ جَعْفر فإِن سَمَّيْتَهُ بِنِرْجِسٍ صَرَفْتَهُ لأَنه عَلَى زِنَةِ فِعْلِلٍ، فَهُوَ رُبَاعِيٌّ كهِجْرِس؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَوْ كَانَ فِي الأَسماء شَيْءٌ عَلَى مِثَالِ فَعلِل لَصَرَفْنَاهُ كَمَا صرفنا نَهْشَلًا لأَن فِي الأَسماء فَعْللًا مِثْلُ جَعْفَرٍ.
ردس: رَدَسَ الشيءَ يَرْدُسُه ويَردِسُه رَدْساً: دَكَّه بِشَيْءٍ صُلْبٍ. والمِرْداس: مَا رُدِسَ بِهِ. ورَدَسَ يَرْدِسُ رَدْساً وَهُوَ بأَي شَيْءٍ كَانَ. والمِرْدَسُ والمِرْداسُ: الصَّخْرَةُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْحَجَرِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ فِي الْبِئْرِ لِيُعْلَمَ أَفيها مَاءٌ أَم لَا؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
قَذفَكَ بالمِرْداسِ فِي قَعْرِ الطَّوي
وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ. وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ رَدَسَه بِالْحَجَرِ أَي ضَرَبَهُ وَرَمَاهُ بِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
هُنَاكَ مِرْدانَا مِدَّقٌّ مِرْداسْ
أَي داقٌّ. يُقَالُ: رَدَسَه بِحَجَرٍ وندَسَه ورَداه إِذا رَمَاهُ. والرَّدْسُ: دَكُّكَ أَرضاً أَو حَائِطًا أَو مَدَراً بِشَيْءٍ صُلْب عَرِيضٍ يُسَمَّى مِرْدَساً؛ وأَنشد:
تَعَمَّدَ الأَعداء حَوْزاً مِرْدَسا
ورَدَسْتُ القومَ أَرْدُسُهم [أَرْدِسُهم] رَدْساً إِذا رَمَيْتَهُمْ بِحَجَرٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا أَخوك لَواكَ الحَقَّ مُعْتَرِضاً، ... فارْدُسْ أَخاكَ بعَبْءٍ مثلِ عَتَّابِ
يَعْنِي مِثْلَ بَنِي عَتَّاب، وَكَذَلِكَ رادَسْتُ القومَ مُرادسَة. وَرَجُلٌ رِدِّيسٌ، بِالتَّشْدِيدِ، وقولٌ رَدْسٌ: كأَنه يَرْمِي بِهِ خَصْمَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد للعُجَيْرِ السَّلوليّ:
بِقَوْلٍ وَراءَ البابِ رَدْسٍ كأَنه ... رَدى الصَّخْرِ، فالمَقْلُوبةُ الصَّيدُ تَسْمَعُ
ابْنُ الأَعرابي: الرَّدُوسُ السَّطوحُ المُرَخَّمُ «2» ؛ وَقَالَ الطرماح.
تَشُقُّ مقمصار الليلِ عَنْهَا، ... إِذا طَرَقَتْ بِمِرْداسٍ رَعُونِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: المِرْداسُ الرأْس لأَنه يُرْدَسُ بِهِ أَي يُرَدُّ بِهِ وَيُدْفَعُ. والرَّعُونُ: الْمُتَحَرِّكُ. يُقَالُ: رَدَسَ برأْسه أَي دَفَعَ بِهِ. ومِرْداسٌ: اسْمٌ؛ وأَما قَوْلُ عَبَّاسُ بْنُ مِرْداسٍ السُّلَمِي:
__________
(2) . قوله [السطوح المرخم] كذا بالأَصل. وكتب السيد مرتضى بالهامش صوابه: النطوح المرجم، وكتب على قوله: تشق مقمصار، صوابه: تشق مغمضات.(6/96)
وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حابِسٌ ... يَفُوقانِ مِرْداسَ فِي المَجْمَعِ
فَكَانَ الأَخفش يَجْعَلُهُ مِنْ ضَرُورَةِ الشِّعْرِ، وأَنكره المبرِّدُ وَلَمْ يُجَوِّزْ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ تَرْكَ صَرْفِ مَا يَنْصَرِفُ؛ وَقَالَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ:
يَفوقانِ شَيْخَيَّ فِي مَجْمَعِ
وَيُقَالُ: مَا أَدري أَين رَدَسَ أَي أَين ذَهَبَ. ورَدَسَه رَدْساً كدَرَسَه دَرْساً: ذَلَّلَه. والرَّدْسُ أَيضاً: الضرب.
رسس: رَسَّ بَيْنَهُمْ يَرُسُّ رَسّاً: أَصلح، ورَسَسْتُ كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَكوع: إِن الْمُشْرِكِينَ راسُّونا لِلصُّلْحِ وابتدأُونا فِي ذَلِكَ
؛ هُوَ مِنْ رَسَسْتُ بَيْنَهُمْ أَرُسُّ رَسّاً أَي أَصلحت، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فاتَحُونا، مِنْ قَوْلِهِمْ: بَلَغَنِي رَسٌّ مِنْ خَبَر أَي أَوَّله، وَيُرْوَى: واسَونا، بِالْوَاوِ، أَي اتَّفَقُوا مَعَنَا عَلَيْهِ. وَالْوَاوُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ هَمْزَةِ الأُسْوةِ. الصِّحَاحُ: الرَّسُّ الإِصلاح بَيْنَ النَّاسِ والإِفسادُ أَيضاً، وَقَدْ رَسَسْتُ بَيْنَهُمْ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. والرَّسُّ: ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ. ورَسُّ الحُمَّى ورَسِيسُها واحدٌ: بَدْؤُها وأَوّل مَسّها، وَذَلِكَ إِذا تَمَطَّى المحمومُ مِنْ أَجلها وفَتَرَ جسمهُ وتَخَتَّرَ. الأَصمعي: أَوّل مَا يَجِدُ الإِنسانُ مَسَّ الْحُمَّى قَبْلَ أَن تأْخذه وَتَظْهَرَ فَذَاكَ الرَّسُّ والرَّسِيسُ أَيضاً. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَخذته الْحُمَّى بِرَسٍّ إِذا ثبت فِي عِظَامِهِ. التَّهْذِيبِ: والرَّسُّ فِي قَوَافِي الشِّعْرِ صَرْفُ الْحَرْفِ الَّذِي بَعْدَ أَلف التأْسيس نَحْوَ حَرَكَةِ عَيْنِ فَاعِلٍ فِي الْقَافِيَةِ كَيْفَمَا تَحَرَّكَتْ حَرَكَتُهَا جَازَتْ وَكَانَتْ رَسّاً للأَلف؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الرَّسُّ فَتْحَةُ الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَ حِرَفِ التأْسيس، نَحْوَ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَراته، ... وَلَكِنْ حَدِيثًا، مَا حَدِيثُ الرَّواحِلِ
فَفَتْحَةُ الْوَاوِ هِيَ الرَّسِّ وَلَا يَكُونُ إِلا فَتْحَةً وَهِيَ لَازِمَةٌ، قَالَ: هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الأَخفش، وَقَدْ دَفَعَ أَبو عَمْرٍو الْجَرْمِيُّ اعْتِبَارَ حَالِ الرَّسِّ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي أَن يُذْكَرَ لأَنه لَا يُمْكِنُ أَن يَكُونَ قَبْلَ الأَلف إِلا فَتْحَةٌ فَمَتَى جَاءَتِ الأَلف لَمْ يَكُنْ مِنَ الْفَتْحَةِ بُدٌّ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَالْقَوْلُ عَلَى صِحَّةِ اعْتِبَارِ هَذِهِ الْفَتْحَةِ وَتَسْمِيَتِهَا إِن أَلف التأْسيس لَمَّا كَانَتْ مُعْتَبَرَةً مُسَمَّاةً، وَكَانَتِ الْفَتْحَةُ دَاعِيَةً إِليها وَمُقْتَضِيَةً لَهَا وَمُفَارِقَةً لِسَائِرِ الْفَتَحَاتِ الَّتِي لَا أَلف بَعْدَهَا نَحْوَ قَوْلٍ وَبَيْعٍ وَكَعْبٍ وَذَرْبٍ وَجَمْلٍ وَحَبْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، خُصَّتْ بِاسْمٍ لِمَا ذَكَرْنَا ولأَنها عَلَى كُلِّ حَالٍ لَازِمَةٌ فِي جَمِيعِ الْقَصِيدَةِ، قَالَ: وَلَا نَعْرِفُ لَازِمًا فِي الْقَافِيَةِ إِلا وَهُوَ مَذْكُورٌ مُسَمًّى، بَلْ إِذا جَازَ أَن نُسَمِّيَ فِي الْقَافِيَةِ مَا لَيْسَ لَازِمًا أَعني الدَّخِيلَ فَمَا هُوَ لَازِمٌ لَا مَحَالَةَ أَجْدَر وأَحْجى بِوُجُوبِ التَّسْمِيَةِ لَهُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ نَبَّهَ أَبو الْحَسَنِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنها لَمَّا كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً للأَلف بَعْدَهَا وأَول لَوَازِمٍ لِلْقَافِيَةِ وَمُبْتَدَأَهَا سَمَّاهَا الرَّسَّ، وَذَلِكَ لأَن الرسَّ والرَّسِيسَ أَوّلُ الحُمَّى الَّذِي يُؤْذِنُ بِهَا وَيَدُلُّ عَلَى وُرُودِهَا. ابْنُ الأَعرابي: الرَّسَّة الساريةُ المُحكمَة. قَالَ أَبو مَالِكٍ: رَسِيسُ الْحُمَّى أَصلها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا غَيَّرَ النّأْيُ المُحِبِّينَ، لَمْ أَجِدْ ... رَسِيسَ الهَوَى مِنْ ذكرِ مَيَّةَ يَبْرَحُ
أَي أَثبتَه. والرَّسِيسُ: الشَّيْءُ الثَّابِتُ الَّذِي قَدْ لَزِمَ مَكَانَهُ؛ وأَنشد:
رَسِيس الهَوَى مِنْ طُول مَا يَتَذَكَّرُ
ورسَّ الْهَوَى فِي قَلْبِهِ والسَّقَمُ فِي جِسْمِهِ رَسّاً ورَسيساً وأَرَسَّ: دَخَلَ وَثَبَتَ. ورسُّ الحُبِّ ورَسِيسُه:(6/97)
بَقِيَّتُهُ وأَثره. ورَسَّ الحديثَ فِي نَفْسِهِ يَرُسُّه رَسّاً: حَدَّثها بِهِ. وَبَلَغَنِي رَسٌّ مِنْ خَبَرٍ وذَرْءٌ مِنْ خَبَر أَي طَرَفٌ مِنْهُ أَو شَيْءٌ مِنْهُ. أَبو زَيْدٍ. أَتانا رَسٌّ مِنْ خَبَرٍ ورَسِيسٌ مِنْ خَبَرٍ وَهُوَ الْخَبَرُ الَّذِي لَمْ يَصِحَّ. وَهُمْ يَتَراسُّون الْخَبَرَ ويَتَرَهْمَسُونه أَي يُسِرُّونه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَجَّاجِ لِلنُّعْمَانِ بْنِ زُرْعة: أَمن أَهل الرَّسِّ والرِهْمَسَةِ أَنت؟ قَالَ: أَهلُ الرَّسِّ هُمُ الَّذِينَ يَبْتَدِئُونَ الْكَذِبَ وَيُوقِعُونَهُ فِي أَفواه النَّاسِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ مِنْ رَسَّ بَيْنَ الْقَوْمِ أَي أَفسد؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِابْنِ مُقْبل يَذْكُرُ الرِّيحَ ولِينَ هُبوبها:
كأَنَّ خُزامَى عالِجٍ طَرَقَتْ بِهَا ... شَمالٌ رَسِيسُ المَسِّ، بَلْ هِيَ أَطيَبُ
قَالَ: أَراد أَنها لَيِّنَةُ الهُبوب رُخاء. ورَسَّ لَهُ الخَبَر: ذَكَرَهُ لَهُ؛ قَالَ أَبو طَالِبٍ:
هُمَا أَشْركا فِي المَجْدِ مَن لَا أَبا لَهُ ... مِنَ الناسِ، إِلا أَن يُرَسَّ لَهُ ذِكْرُ
أَي إِلا أَن يُذْكَر ذِكْراً خَفِيًّا. الْمَازِنِيُّ: الرَّسُّ الْعَلَامَةُ، أَرْسَسْتُ الشَّيْءَ: جَعَلْتَ لَهُ عَلَامَةً. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الرَسِيسُ الْعَاقِلُ الفَطِنُ. وَرَسَّ الشيءَ: نَسِيَه لتَقادُم عَهْدِهِ؛ قَالَ:
يَا خَيْرَ مَنْ زانَ سُروجَ المَيْسِ، ... قَدْ رُسَّتِ الحاجاتُ عِنْدَ قَيْسِ،
إِذ لَا يَزالُ مُولَعاً بلَيْسِ
والرّسُّ: الْبِئْرُ الْقَدِيمَةُ أَو المَعْدِنُ، وَالْجَمْعُ رِسَاسٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الجَعْدِي:
تَنابِلَةٌ يَحْفِرُونَ الرِّسَاسا
ورَسَسْتُ رَسّاً أَي حَفَرْتُ بِئْرًا. والرَّسُّ: بِئْرٌ لِثَمُودَ، وَفِي الصِّحَاحِ: بِئْرٌ كَانَتْ لبَقِيَّة مِنْ ثَمُودَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَصْحابَ الرَّسِّ*
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: يُرْوَى أَن الرَّسَّ دِيَارٌ لِطَائِفَةٍ مِنْ ثَمُودَ، قَالَ: وَيُرْوَى أَن الرَّسَّ قَرْيَةٌ بِالْيَمَامَةِ يُقَالُ لَهَا فَلْج، وَيُرْوَى أَنهم كَذَّبُوا نَبِيَّهُمْ ورَسُّوه فِي بِئْرٍ أَي دَسُّوه فِيهَا حَتَّى مَاتَ، وَيُرْوَى أَن الرَّسَّ بِئْرٌ، وكلُّ بِئْرٍ عِنْدَ الْعَرَبِ رَسٌّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
تَنَابِلَةٌ يَحْفِرُونَ الرَّسَاسَا
ورُسَّ الميتُ أَي قُبِرَ. والرسُّ والرّسِيسُ: وَادِيَانِ بنَجْدٍ أَو مَوْضِعَانِ، وَقِيلَ: هُمَا ماءَان فِي بِلَادِ الْعَرَبِ مَعْرُوفَانِ؛ الصِّحَاحُ: والرّسُّ اسْمُ وادٍ فِي قَوْلِ زُهَيْرٍ:
بَكَرْن بُكُوراً واسْتَحَرْنَ بسُحْرَةٍ، ... فهُنَّ ووَادي الرَّسِّ كاليَدِ فِي الفَمِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى لِوَادِي الرَّسِّ، بِاللَّامِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنهن لَا يُجاوزن هَذَا الْوَادِي وَلَا يُخْطِئنه كَمَا لَا تُجَاوِزُ اليدُ الفَمَ وَلَا تُخْطِئُه؛ وأَما قَوْلُ زُهَيْرٍ:
لِمَنِ طَللٌ كالوَحْيِ عَفٌّ مَنازِلُه، ... عَفا الرَّسُّ مِنْهَا فالرَّسِيسُ فَعاقِلُه؟
فَهُوَ اسْمُ مَاءٍ. وَعَاقِلٌ: اسْمُ جَبَلٍ. والرَّسْرَسَة: الرَّصْرصَة، وَهِيَ تَثْبِيتُ الْبَعِيرِ رُكْبَتَيْهِ فِي الأَرض ليَنْهَضَ. ورَسَّسَ البعيرُ: تَمَكَّنَ للنُّهوض وَيُقَالُ: رُسِّسَتْ ورُصِّصَتْ أَي أُثبتت. وَيُرْوَى عَنِ النَّخَعِيِّ أَنه قَالَ: إِني لأَسمع الْحَدِيثَ فأُحدِّث بِهِ الخادِمَ أَرُسُّه فِي نَفْسِي. قَالَ الأَصمعي: الرَّسُّ ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ؛ وَمِنْهُ رَسُّ الحُمَّى ورَسِيسُها حِينَ تبدأُ، فأَراد إِبراهيم بِقَوْلِهِ أَرُسُّه فِي نَفْسِي أَي أُثبِته، وَقِيلَ أَي أَبتدئ بِذِكْرِ الْحَدِيثِ ودَرْسِه فِي نَفْسِي وأُحَدِّث بِهِ خَادِمِي أَسْتَذكِرُ بِذَلِكَ الحديثَ. وَفُلَانٌ يَرُسُّ الحديثَ فِي نَفْسِهِ أَي يُحَدِّث بِهِ نَفْسَهُ. ورَسَّ فلانٌ خَبَرَ الْقَوْمِ(6/98)
إِذا لَقِيَهُمْ وَتَعَرَّفَ أُمورهم. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِنك لَتَرُسُّ أَمراً مَا يَلْتَئِمُ أَي تُثْبِتُ أَمراً مَا يَلْتَئِمُ، وَقِيلَ: كُنْتُ أَرُسُّه فِي نَفْسِي أَي أُعاود ذِكْرَهُ وأُرَدِّدُه، وَلَمْ يُرِدِ ابْتِدَاءَهُ. والرَّسُّ: الْبِئْرُ الْمَطْوِيَّةُ بالحجارة.
رطس: الأَزهري: قَالَ ابْنُ دُرَيْد الرَّطْسُ الضربُ بِبَطْنِ الْكَفِّ، قَالَ الأَزهري: لَا أَحفظ الرَّطْسَ لِغَيْرِهِ. وَقَدْ رَطسَه يَرْطُسُه ويَرْطِسُه رَطْساً: ضربه بباطن كفه.
رعس: الرَّعْسُ والارْتِعاس: الانْتِفاض، وَقَدْ رَعَسَ، فَهُوَ راعِسٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
والمَشْرَفيُّ فِي الأَكُفِّ الرُّعَّسِ، ... بمَوْطِنٍ يُنْبِطُ فِيهِ المُحْتَسِي،
بالقَلَعِيَّاتِ نِطافَ الأَنْفُسِ
وَرُمْحٌ رَعَّاسٌ: شَدِيدُ الِاضْطِرَابِ. وتَرَعَّس: رَجَفَ وَاضْطَرَبَ. وَرُمْحٌ مَرْعُوس ورَعَّاس إِذا كَانَ لَدْنَ المَهَزَّة عَرَّاصاً شَدِيدَ الِاضْطِرَابِ. والرَّعْسُ: هَزُّ الرأْس فِي السَّيْرِ. وَنَاقَةٌ راعِسَة: تَهُزُّ رأْسها فِي سَيْرِهَا، وَبَعِيرٌ راعِسٌ ورَعِيسٌ كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَفوَه الأَوْديّ:
يَمْشي خِلالَ الإَبْلِ مُسْتَسْلِماً ... فِي قِدِّهِ، مَشْيَ البَعيرِ الرَّعِيسْ
والرَّعَسانُ: تَحْرِيكُ الرأْس ورَجَفانهُ مِنَ الكِبَر؛ وأَنشد لنَبْهانَ:
سَيَعْلَمُ مَنْ يَنْوي جَلائي أَنني ... أَريبٌ، بأَكْنافِ النَّضِيضِ، حَبَلْبَسُ
أَرادوا جَلَائِي يومَ فَيْدَ، وقَرَّبوا ... لِحًى ورُؤُوساً للشهادةِ تَرْعَسُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: حَبَلَّسُ، وَقَالَ: الحَبَلَّسُ والحَلْبَسُ والحُلابسُ الشُّجَاعُ الَّذِي لَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ. وَنَاقَةٌ رَعُوسٌ: وَهِيَ الَّتِي قَدْ رَجَف رأَسُها من الكِبَر، وَقِيلَ: تحرَّك رأْسها إِذا عَدَتْ مِنْ نَشاطها. الْفَرَّاءُ: رَعَسْتُ فِي الْمَشْيِ أَرْعَسُ إِذا مَشَيْتُ مَشْيًا ضَعِيفًا مِنْ إِعْياء أَو غَيْرِهِ. والارْتِعاسُ: مثلُ الارتِعاش والارْتِعادِ، يُقَالُ: ارْتَعَسَ رأْسه وارْتَعَشَ إِذا اضْطرب وارْتَعَدَ، وأَرْعَسَه مِثْلُ أَرْعَشَه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ سَيْفًا يَهُذُّ ضَريبَتَه هَذّاً:
يُذْري بإِرْعاسِ يَمينِ المُؤْتَلي، ... خُضُمَّةَ الدَّارِع هَذَّ المُخْتَلي
وَيُرْوَى بِالشِّينِ؛ يَقُولُ: يَقْطَعُ وإِن كَانَ الضَّارِبُ مُقَصِّراً مُرْتَعِشَ اليدِ. يُذْري أَي يُطِير. والإِرْعاسُ: الارْتِجافُ. والمُؤْتَلي: الَّذِي لَا يَبْلُغُ جُهْدَه. وخُضُمَّةُ كُلِّ شَيْءٍ: معظمُه. والدَّارِعُ: الَّذِي عَلَيْهِ الدِّرْعُ، يَقُولُ: يَقْطَعُ هَذَا السيفُ مُعْظَمَ هَذَا الدَّارِعِ عَلَى أَن يَمِينَ الضَّارِبِ بِهِ تَرْجُف، وَعَلَى أَنه غَيْرُ مُجْتَهِدٍ فِي ضَرْبَتِهِ، وإِنما نُعِتَ السَّيْفُ بِسُرْعَةِ الْقَطْعِ. والمُخْتَلي: الَّذِي يَحْتَشُّ بمِخْلاه، وَهُوَ مِحَشُّه. ورَعَسَ يَرْعَسُ رَعْساً، فَهُوَ راعِسٌ ورَعُوسٌ: هَزَّ رأْسه فِي نَوْمِهِ؛ قَالَ:
عَلَوْت حِينَ يَخْضَعُ الرَّعُوسا
والمَرْعُوسُ والرَّعِيسُ: الَّذِي يُشدّ مِنْ رِجْلِهِ إِلى رأْسه بِحَبْلٍ حَتَّى لَا يَرْفَعَ رأْسه، وَقَدْ فُسِّرَ بَيْتُ الأَفوه بِهِ. والمِرْعَسُ: الرَّجُلُ الْخَسِيسُ القَشَّاشُ، والقشَّاشُ: الَّذِي يَلْتَقِطُ الطَّعَامَ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ مِنَ المزابل.(6/99)
رغس: الرَّغْسُ: النَّماء وَالْكَثْرَةُ وَالْخَيْرُ وَالْبَرَكَةُ، وَقَدْ رَغَسَه اللَّه رَغْساً. ووجهٌ مَرْغُوسٌ: طَلْق مُبَارَكٌ مَيْمُونٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَمْدَحُ إِيادَ بنَ الْوَلِيدِ البَجَليّ:
دَعَوتُ رَبَّ العِزَّةِ القُدُّوسا، ... دُعاءَ مَنْ لَا يَقْرَعُ النَّاقُوسا،
حَتَّى أَراني وَجْهك المَرْغُوسا
وأَنشد ثَعْلَبٌ:
لَيْسَ بمَحْمُودٍ وَلَا مَرْغُوسِ
وَرَجُلٌ مَرْغُوسٌ: مُبَارَكٌ كَثِيرُ الْخَيْرِ مَرْزُوقٌ. ورَغَسَه اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا: أَعطاه مَالًا وَوَلَدًا كَثِيرًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا رَغَسَه اللَّه مَالًا وَوَلَدًا
؛ قَالَ الأُمَويُّ: أَكثر لَهُ مِنْهُمَا وَبَارَكَ لَهُ فِيهِمَا. وَيُقَالُ: رَغَسَهُ اللَّهُ يَرغَسُه رَغْساً إِذا كَانَ مَالُهُ نَامِيًا كَثِيرًا، وَكَذَلِكَ فِي الحَسَب وَغَيْرِهِ. والرَّغْسُ: السَّعَةُ فِي النِّعْمَةِ. وَتَقُولُ: كَانُوا قَلِيلًا فرَغَسَهم اللَّه أَي كَثَّرهم وأَنْماهم، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْحَسَبِ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَمْدَحُ بَعْضَ الْخُلَفَاءِ:
أَمامَ رَغْسٍ فِي نِصابٍ رَغْسِ، ... خَلِيفةً ساسَ بِغَيْرِ تَعْسِ
وَصَفَهُ بِالْمَصْدَرِ فَلِذَلِكَ نوَّنه. وَالنِّصَابُ: الأَصل. وَصَوَابُ إِنشاد هَذَا الرَّجَزِ أَمامَ، بِالْفَتْحِ، لأَن قَبْلَهُ:
حَتَّى احْتَضَرنا بَعْدَ سَيْرٍ حَدْسِ، ... أَمام رَغْسٍ فِي نِصابٍ رَغْسِ،
خَلِيفَةً ساسَ بغيرِ فَجْسِ
يَمْدَحُ بِهَذَا الرِّجْزِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ. والفَجْسُ: الِافْتِخَارُ. وامرأَة مَرْغُوسَة: وَلُودٌ. وَشَاةٌ مَرْغُوسَة: كَثِيرَةُ الْوَلَدِ؛ قَالَ:
لَهْفي عَلَى شاةِ أَبي السِّباقِ، ... عَتِيقَةٍ مِنْ غَنَمٍ عِتاقِ،
مَرْغُوسَةٍ مأْمورةٍ مِعْناقِ
مِعْنَاقٌ: تَلِدُ العُنُوقَ، وَهِيَ الإِناث مِنْ أَولاد الْمَعْزِ. والرَّغْسُ: النِّكَاحُ؛ هَذِهِ عَنْ كُرَاعٍ. ورَغَسَ الشيءَ: مقلوبٌ عَنْ غَرَسَه؛ عَنْ يَعْقُوبَ. والأَرْغاسُ: الأَغْراسُ الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْوَلَدِ، مَقْلُوبٌ عَنْهُ أَيضاً.
رفس: الرَّفْسَة: الصَّدْمَة بالرِّجْلِ فِي الصَّدْرِ. ورَفَسَه يَرْفُسُه ويَرْفِسُه رَفْساً: ضَرَبَهُ فِي صَدْرِهِ بِرِجْلِهِ، وَقِيلَ: رَفَسَه بِرِجْلِهِ مِنْ غَيْرِ أَن يُخَصَّ بِهِ الصَّدْرَ. وَدَابَّةٌ رَفُوسٌ إِذا كَانَ مِنْ شأْنها ذَلِكَ، وَالِاسْمُ الرِّفاسُ والرَّفِيسُ والرُّفُوسُ، ورَفَسَ اللحمَ وَغَيْرَهُ مِنَ الطَّعَامِ رَفْساً: دَقَّه، وَقِيلَ: كُلُّ دَقٍّ رَفْسٌ، وأَصله فِي الطَّعَامِ. والمِرْفَسُ: الَّذِي يُدَقُّ بِهِ اللحمُ.
ركس: الرِّكْسُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ، والرِّكْسُ شَبِيهٌ بالرَّجِيع. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتيَ برَوْثٍ فِي الِاسْتِنْجَاءِ فَقَالَ: إِنه رِكْسٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الرِّكْسُ شَبِيهُ الْمَعْنَى بِالرَّجِيعِ. يُقَالُ: رَكَسْتُ الشَّيْءَ وأَرْكَسْتُه إِذا رَدَدْتَه ورَجَعْتَه، وَفِي رِوَايَةٍ:
إِنه رَكِيس
، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
اللَّهُمَّ أَركِسْهما فِي الْفِتْنَةِ رَكْساً
؛ والرَّكْسُ: قلبُ الشَّيْءِ عَلَى رأْسه أَو ردُّ أَوله عَلَى آخِرِهِ؛ رَكَسَه يَرْكُسُه رَكْساً، فَهُوَ مَرْكوس ورَكِيسٌ، وأَرْكَسَه فارْتَكَس فِيهِمَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ رَدَّهم إِلى الْكُفْرِ، قَالَ: ورَكَسهم لُغَةٌ. وَيُقَالُ: رَكَسْتُ الشَّيْءَ وأَرْكَسْتُه لُغَتَانِ إِذا رَدَدْتَه. والْارتِكاسُ: الِارْتِدَادُ. وَقَالَ شَمِرٌ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ(6/100)
الأَعرابي أَنه قَالَ المَنْكُوس والمَرْكُوس المُدْبر عَنْ حَالِهِ. والرَّكْسُ: ردُّ الشَّيْءِ مَقْلُوبًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
الفِتَنُ تَرْتَكِسُ بَيْنَ جَرَاثِيمِ الْعَرَبِ
أَي تَزْدَحِمُ وَتَتَرَدَّدُ. والرَّكِيسُ أَيضاً: الضَّعِيفُ المُرْتَكِسُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وارْتَكَسَتِ الْجَارِيَةُ إِذا طَلَعَ ثَدْيُها، فإِذا اجْتَمَعَ وضَخُمَ فَقَدْ نَهَدَ. والرَّاكِسُ: الْهَادِي، وَهُوَ الثَّوْرُ الَّذِي يَكُونُ فِي وَسَطِ البَيْدَرِ عِنْدَ الدِّياسِ وَالْبَقْرُ حَوْلَهُ تَدُورُ ويَرْتَكِسُ هُوَ مَكَانَهُ، والأُنثى رَاكِسَةٌ. وإِذا وَقَعَ الإِنسان في أَمر مَا نَجَا مِنْهُ قِيلَ: ارْتَكَسَ فِيهِ. الصِّحَاحُ: ارْتَكَسَ فلانٌ فِي أَمر كَانَ قَدْ نَجَا مِنْهُ. والرَّكُوسِيَّةُ: قَوْمٌ لَهُمْ دِينٌ بَيْنَ النَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: أَنه أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ: إِنك مِنْ أَهل دين يقال لهم الرَّكُوسِيَّة
؛ وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: هَذَا مِنْ نَعْتِ النَّصَارَى وَلَا يُعَرَّبُ. والرِّكْسُ، بِالْكَسْرِ: الجِسْرُ؛ وراكِسٌ فِي شِعْرِ النَّابِغَةِ:
وعِيدُ أَبي قابُوسَ فِي غيرِ كُنْهه ... أَتاني، وَدُونِي راكِسٌ فالضَّواجِعُ
اسْمُ وَادٍ. وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ أَي لَمْ أَكن فَعَلْتُ مَا يُوجِبُ غَضَبَهُ عليَّ فَجَاءَ وَعِيدُهُ فِي غَيْرِ حَقِيقَةٍ أَي عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ أَذنبته. وَالضَّوَاجِعُ: جَمْعُ ضَاجِعَةٍ، وَهُوَ مُنْحَنَى الْوَادِي ومُنْعَطَفُه.
رمس: الرَّمْسُ: الصَّوْتُ الخَفِيُّ. ورَمَسَ الشيءَ يَرْمُسُه رَمْساً: طَمَسَ أَثَرَه. ورَمَسه يَرْمُسُه ويَرْمِسُه رَمْساً، فَهُوَ مَرْموس ورَمِيسٌ: دَفَنَهُ وسَوَّى عَلَيْهِ الأَرضَ. وكلُّ مَا هِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ، فَقَدْ رُمِسَ؛ وكلُّ شيءٍ نُثِرَ عَلَيْهِ الترابُ، فَهُوَ مَرْمُوس؛ قَالَ لقِيطُ بنُ زُرارَةَ:
يَا ليتَ شِعْري اليومَ دَخْتَنُوسُ، ... إِذا أَتاها الخَبَرُ المَرْمُوسُ،
أَتَحْلِقُ القُرُونَ أَم تَمِيسُ؟ ... لَا بَلْ تَمِيسُ، إِنها عَرُوسُ
وأَما قَوْلُ البُرَيْقِ:
ذَهَبْتُ أَعُورُه فَوَجدْتُ فِيهِ ... أَوَارِيّاً رَوامِسَ والغُبارا
قَدْ يَكُونُ عَلَى النَّسَبِ وَقَدِ يَكُونُ عَلَى وَضْعِ فَاعِلٍ مَكَانَ مَفْعُولٍ إِذ لَا يُعرف رَمَسَ الشيءُ نَفْسُه. ابْنُ شُمَيْل: الرَّوامِسُ الطَّيْرُ الَّذِي يَطِيرُ بِاللَّيْلِ، قَالَ: وَكُلُّ دَابَّةٍ تَخْرُجُ بِاللَّيْلِ، فَهِيَ رَامِسٌ تَرْمُس: تَدْفِنُ الآثارَ كَمَا يُرْمَسُ الْمَيِّتُ، قال؛ إِذا كَانَ الْقَبْرُ مُدَرَّماً مَعَ الأَرض، فَهُوَ رَمْس، أَي مُسْتَوِيًا مَعَ وَجْهِ الأَرض، وإِذا رُفِعَ الْقَبْرُ فِي السَّمَاءِ عَنْ وَجْهِ الأَرض لَا يُقَالُ لَهُ رَمْسٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مغَفَّل: ارْمُسُوا قَبْرِي رَمْساً
أَي سَوُّوه بالأَرض وَلَا تَجْعَلُوهُ مُسَنَّماً مُرْتَفِعًا. وأَصلُ الرَّمْسِ: السَّتْرُ وَالتَّغْطِيَةُ. وَيُقَالُ لِمَا يُحْثَى مِنَ التُّرَابِ عَلَى الْقَبْرِ: رَمْسٌ. وَالْقَبْرُ نفسُه: رَمْسٌ؛ قَالَ:
وَبَيْنَمَا المرءُ فِي الأَحياءِ مُغْتَبِطٌ، ... إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَراد: إِذا هُوَ تُرَابٌ قَدْ دُفِنَ فِيهِ وَالرِّيَاحُ تُطَيِّره.
وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي حَدِيثٍ أَنه قَالَ: إِذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ فِي الْمَاءِ أَجزأَه ذَلِكَ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ
؛ قَالَ شَمِرٌ: ارْتَمس فِي الْمَاءِ إِذا انْغَمَسَ فِيهِ حَتَّى يَغِيبَ رأْسه وجميعُ جَسَدِهِ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه رامَسَ عُمَرَ بالجُحْفَة وَهُمَا مُحْرِمان
أَي أَدخلا(6/101)
رؤوسهما فِي الْمَاءِ حَتَّى يُغَطِّيَهُمَا، وَهُوَ كالغَمْس، بِالْغَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ بِالرَّاءِ أَن لَا يُطِيلَ اللُّبْثَ فِي الْمَاءِ، وَبَالِغِينَ أَن يُطِيلَهُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الصَّائِمُ يَرْتَمِس وَلَا يَغْتَمِسُ.
ابْنُ سِيدَهْ: الرَّمْسُ الْقَبْرُ، وَالْجَمْعُ أَرْماسٌ ورُمُوس؛ قَالَ الحُطَيْئَةُ:
جارٌ لقَوْمٍ أَطالوا هُونَ مَنْزِله، ... وغادَرُوه مُقِيماً بَيْنَ أَرْماسِ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لعُقَيْل بْنِ عُلَّفَةَ:
وأَعِيشُ بالبَلَلِ القَلِيلِ، وَقَدْ أَرى ... أَنَّ الرُّمُوسَ مَصارِعُ الفِتْيانِ
ابْنُ الأَعرابي: الرَّامُوسُ الْقَبْرُ، والمَرْمَسُ: مَوْضِعُ الْقَبْرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِخَفْضٍ مَرْمَسي، أَو فِي يَفاعٍ، ... تُصَوِّتُ هامَتي فِي رَأْسِ قَبْري
ورَمَسْناه بالتُّرْب: كَبَسْناه. والرَّمْسُ: التُّرْبُ تَرْمُس بِهِ الريحُ الأَثَر. ورَمْسُ الْقَبْرِ: مَا حُثِيَ عَلَيْهِ. وَقَدْ رَمَسْناه بِالتُّرَابِ. والرَّمْسُ تَحْمِلُهُ الرِّيحُ فَتَرْمُس بِهِ الْآثَارَ أَي تُعَفِّيها. ورمَسْتُ الْمَيِّتَ وأَرْمَسْته: دَفَنْتُهُ. ورَمَسُوا قَبْرَ فُلَانٍ إِذا كَتَمُوهُ وسَوَّوْه مَعَ الأَرض. والرَّمْسُ: تُرَابُ الْقَبْرِ، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّوامِسُ والرَّامِساتُ الرِّيَاحُ الزَّافِياتُ الَّتِي تَنْقُلُ التُّرَابَ مِنْ بَلَدٍ إِلى آخَرَ وَبَيْنَهَا الأَيام، وَرُبَّمَا غَشَّتْ وجْه الأَرض كُلَّه بِتُرَابِ أَرض أُخرى. والرَّوامِسُ الرِّيَاحُ الَّتِي تُثِيرُ التُّرَابَ وَتَدْفِنُ الْآثَارَ. ورَمَسَ عَلَيْهِ الخبرَ رَمْساً: لَوَاهُ وَكَتَمَهُ. الأَصمعي: إِذا كَتَمَ الرجلُ الخَبَرَ القومَ قَالَ: دَمَسْتُ عَلَيْهِمُ الأَمرَ ورَمَسْته. ورَمَسْتُ الحديثَ: أَخفيته وَكَتَمْتُهُ. وَوَقَعُوا فِي مَرْمُوسة مِنْ أَمرهم أَي اخْتِلَاطٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ رامِس، بِكَسْرِ الْمِيمِ، مَوْضِعٌ فِي دِيَارِ مُحَارِبٍ كَتَبَ بِهِ رسولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، لعُظَيْمِ بنِ الحَرث المُحاربيّ.
رمحس: الأَزهري: أَبو عَمْرٍو الحُمارِسُ والرُّماحِسُ والفُداحِسُ، كلُّ ذَلِكَ: مِنْ نَعْتِ الْجَرِيءِ الشُّجَاعِ، قَالَ: وَهِيَ كُلُّهَا صحيحة.
رهس: رَهَسَه يَرْهَسُه رَهْساً: وَطِئَه وَطْأً شَدِيدًا. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: تَرَكْتُ الْقَوْمَ قَدِ ارْتَهَسُوا وارْتَهَشُوا. وَفِي حَدِيثِ
عُبَادةَ: وجَراثِيمُ العربِ تَرْتَهِسُ
أَي تَضْطَرِبُ فِي الْفِتْنَةِ، وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَي تَصْطَكُّ قَبَائِلُهُمْ فِي الْفِتَنِ. يُقَالُ: ارْتَهَسَ النَّاسُ إِذا وَقَعَتْ فِيهِمُ الْحَرْبُ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى، وَيُرْوَى: تَرْتَكِسُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
العُرَنِيِّينَ: عظُمَتْ بُطُونُنَا وارْتَهَسَتْ أَعْضادُنا
أَي اضْطَرَبَتْ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِالسِّينِ وَالشِّينِ، وارْتَهَسَتْ رِجلا الدَّابَّةِ وارْتَهَشَتْ إِذا اصْطَكَّتا وَضَرَبَ بَعْضُهُمَا بَعْضًا. قَالَ: وَقَالَ شُجاع ارْتَكَسَ القومُ وارْتَهَسوا إِذا ازْدَحَمُوا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وعُنُقاً عَرْداً ورأْساً مِرْأَسا، ... مُضَبَّرَ اللَّحْيَيْنِ نَسْراً مِنْهَسا
عَضْباً إِذا دِماغُه تَرَهَّسا، ... وحَكَّ أَنْياباً وخُضْراً فُؤُسا
تَرَهَّسَ أَي تَمَخَّضَ وتحركَ. فُؤُسٌ: قِطَعٌ مِنَ الفَأْسِ، فُعُلٌ مِنْهُ. حَكَّ أَنياباً أَي صَرَّفَها. وخُضْراً يَعْنِي أَضراساً قَدْ قَدُمَتْ فاخضرت.(6/102)
رهمس: رَهْسَمَ الخَبَرَ: أَتى مِنْهُ بطَرَفٍ وَلَمْ يُفْصِح بِجَمِيعِهِ. ورَهْمَسَه: مثلُ رَهْسَمَه. والرَّهْمَسَة أَيضاً: السِّرارُ؛ وأُتيَ الحجاجُ بِرَجُلٍ فَقَالَ: أَمِن أَهل الرَّسِّ والرَّهْمَسَة أَنت؟ كأَنه أَراد المُسارَّةَ فِي إِثارة الْفِتْنَةِ وَشَقِّ الْعَصَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. تَرَهْسَمَ وتَرَهْمَسَ إِذا سارَّ وساوَرَ. قَالَ شَبانَةُ: أَمرٌ مُرَهْمَسٌ ومُنَهْمَسٌ أَي مستور.
روس: رَاسَ رَوْساً: تَبَخْتَر، وَالْيَاءُ أَعلى. وراسَ السَّيْلُ الغُثاءَ: جَمَعَهُ وحَمَلَه. ورَوائِس الأَودية: أَعاليها، مِنْ ذَلِكَ. والرَّوائِسُ: المتقدِّمة مِنَ السَّحَابِ. والرَّوْسُ: الْعَيْبُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والرَّوْسُ: كَثْرَةُ الأَكل. وراسَ يَرُوسُ رَوْساً إِذا أَكل وجَوَّد. التَّهْذِيبُ: الرَّوْسُ الأَكل الْكَثِيرُ. ورَواسُ: قَبِيلَةٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ ورَوْسُ بْنُ عادِيَة بِنْتِ قَزَعَةَ الزُّبَيْرية تَقُولُ فِيهِ عادِيَةُ أُمُّه:
أَشْبَهَ رَوْسٌ نَفَراً كِراما، ... كَانُوا الذُّرَى والأَنْفَ والسَّناما،
كَانُوا لِمَنْ خالَطَهُمْ إِداما
وَبَنُو رُواسٍ: بَطْنٌ. وأَبو دؤَادٍ الرُواسِيُّ اسْمُهُ يَزِيدُ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رُواس بنِ كلابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَكَانَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ يَقُولُ فِي الرّواسِي أَحد الْقُرَّاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ: إِنه الرَّواسِي، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْوَاوِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، مَنْسُوبٌ إِلى رَواس قَبِيلَةٍ مِنْ سُلَيْمٍ، وَكَانَ يُنْكِرُ أَن يُقَالَ الرُّؤَاسي، بِالْهَمْزِ، كَمَا يقوله المحدِّثون وغيرهم.
روذس: لَهَا فِي الْحَدِيثِ ذِكْرٌ، وَهِيَ اسْمُ جَزِيرَةٍ بأَرض الرُّومِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهَا فَقِيلَ: بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا، وَقِيلَ: بِشِينٍ معجمة.
ريس: راسَ يَريسُ رَيْساً ورَيَساناً: تَبَخْتر، يَكُونُ للإِنسان والأَسد. والرِيْسُ: التَّبَخْتُرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي زُبَيْد الطَّائِيِّ وَاسْمُهُ حَرْمَلَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ:
فَبَاتُوا يُدْلِجون، وباتَ يَسري ... بَصيرٌ بالدُّجى، هادٍ هَمُوسُ
إِلى أَن عَرَّسوا وأَغَبَّ عَنْهُمْ ... قَرِيبًا، مَا يُحَسُّ لَهُ حَسِيسُ
فَلَمَّا أَن رآهمْ قَدْ تَدانَوْا، ... أَتاهُمْ بَيْنَ أَرْحلِهِم يَريسُ
الإِدْلاجُ: سَيْرُ اللَّيْلِ كُلِّهِ. والادِّلاجُ: السَّيْرُ مِنْ آخِرِهِ؛ وَصَفَ رَكْباً يَسِيرُونَ والأَسَدُ يَتْبَعُهُمْ لِيَنْتَهِزَ فِيهِمْ فُرْصَة. وَقَوْلُهُ بَصِيرٌ بِالدُّجَى أَي يَدْرِي كَيْفَ يَمْشِي بِاللَّيْلِ. وَالْهَادِي: الدَّلِيلُ. وَالْهُمُوسُ: الَّذِي لَا يُسْمَعُ مَشْيُهُ. وَعَرَّسُوا: نَزَلُوا عَنْ رَوَاحِلِهِمْ وَنَامُوا. وأَغَبَّ عَنْهُمْ: قَصَّر فِي سَيْرِهِ. وَلَا يُحَسُّ لَهُ حَسِيسٌ: لَا يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ. ورِياسٌ: فَحْلٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ للطِّرِمَّاحِ:
كَغَرِيٍّ أَجْسَدَتْ رأْسَه ... فُرُعٌ بَيْنَ رِياسٍ وَحَامِ
وَذَكَرَ الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ فِي أَثناء كَلَامِهِ عَلَى رأْس وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: الغَرِيُّ النُّصُبُ الَّذِي دُمِّيَ مِنَ النُّسُك، وَالْحَامِي الَّذِي حَمى ظَهْرَهُ؛ قَالَ: والرِّياسُ تُشَقُّ أُنوفُها عِنْدَ الغَرِيِّ فَيَكُونُ لَبَنُهَا لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ. ويقال رَيِّسٌ مثلُ قَيِّم بِمَعْنَى رئيسٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَاهِدُهُ فِي رأَس. ورَيْسانُ: اسمٌ.
ريباس: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: قَالَ شَمِرٌ لَا أَعرف للرِّيباسِ والكمأَى اسْمًا عَرَبِيًّا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والطُّرْثُوثُ لَيْسَ بالرِّيباس الَّذِي عِنْدَنَا.(6/103)
فصل السين المهملة
سجس: السَّجَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَاءٌ سَجَسٌ وسَجِسٌ وسَجِيسٌ كَدِرٌ مُتَغَيِّرٌ، وَقَدْ سَجِسَ الْمَاءُ، بِالْكَسْرِ؛ وَقِيلَ: سُجِّسَ الْمَاءُ فَهُوَ مُسَجَّسٌ وسَجِيسٌ أُفسد وثُوِّرَ. وسَجَّسَ المَنْهَلُ: أَنْتَنَ ماؤُه وأَجَنَ، وسَجَّسَ الإِبطُ والعِطْفُ كَذَلِكَ؛ قَالَ:
كأَنهم، إِذْ سَجَّسَ العَطُوفُ، ... مِيسَنَةٌ أَبَنَّها خَرِيفُ
وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ سَجِيسَ اللَّيَالِي أَي آخِرَها، وَكَذَلِكَ لَا آتِيكَ سَجِيسَ الأَوْجَسِ. وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ سَجِيسَ عُجَيْسٍ أَي الدَّهْرَ كُلَّهُ؛ وأَنشد:
فأَقْسَمْتُ لَا آتِي ابنَ ضَمْرَةَ طَائِعًا، ... سَجيسَ عُجَيْسٍ مَا أَبانَ لِسَانِي
وَفِي حَدِيثِ
الْمَوْلِدِ: وَلَا تَضُرُّوه فِي يَقَظَةٍ وَلَا مَنام
، سَجِيسَ اللَّيَالِي والأَيام، أَي أَبداً؛ وَقَالَ الشَّنْفَرى:
هُنالِكَ لَا أَرْجُو حَياةً تَسُرُّني، ... سَجِيسَ الليالي مُبْسَلًا بالحَرائِر
وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَاءِ الرَّاكِدِ سَجِيسٌ لأَنه آخِرُ مَا يَبْقَى. والسَّاجِسِيَّة: ضأْنٌ حُمْرٌ؛ قَالَ أَبو عَارِمٍ الكِلابي:
فالعِذقُ مِثْلُ السَّاجِسِيِّ الحِفْضاج
الْحِفْضَاجُ: الْعَظِيمُ الْبَطْنِ وَالْخَاصِرَتَيْنِ. وَكَبْشٌ ساجِسيٌّ إِذا كَانَ أَبيض الصُّوفِ فَحِيلًا كَرِيمًا؛ وأَنشد:
كأَنَّ كَبْشاً ساجِسِيّاً أَرْبَسا، ... بَيْنَ صَبِيَّيْ لَحْيه، مُجَرْفَسا
والسَّاجِسِيَّةُ: غَنَمٌ بِالْجَزِيرَةِ لربيعةِ الفَرَسِ. والقِهاد: الغَنَم الحجازية.
سدس: سِتَّةٌ وسِتٌّ: أَصلهما سِدْسَة وسِدسٌ، قَلَبُوا السِّينَ الأَخيرة تَاءً لِتَقْرُبَ مِنَ الدَّالِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ حَرْفٌ مَهْمُوسٌ كَمَا أَن السِّينَ مَهْمُوسَةٌ فَصَارَ التَّقْدِيرُ سِدْتٌ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الدَّالُ وَالتَّاءُ وَتَقَارَبَتَا فِي الْمَخْرِجِ أَبدلوا الدَّالَ تَاءً لِتُوَافِقَهَا فِي الْهَمْسِ، ثُمَّ أُدغمت التَّاءُ فِي التَّاءِ فَصَارَتْ سِتّ كَمَا ترَى، فَالتَّغْيِيرُ الأَول لِلتَّقْرِيبِ مِنْ غَيْرِ إِدغام، وَالثَّانِي للإِدغام. وسِتُّونَ: مِنَ العَشَرات مُشْتَقٌّ مِنْهُ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وُلِدَ لَهُ سِتُّون «3» عَامًا أَي وُلِدَ لَهُ الأَولاد. والسُّدْسُ والسُّدُسُ: جزءٌ مِنْ سِتَّةٍ، وَالْجَمْعُ أَسْداسٌ. وسَدَسَ القومَ يَسْدُسُهم، بِالضَّمِّ، سَدْساً: أَخذ سُدُسَ أَموالهم. وسَدَسَهُم يَسدِسُهم، بِالْكَسْرِ: صَارَ لَهُمْ سَادِسًا. وأَسْدَسُوا: صَارُوا سِتَّةً. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ للسُّدُسِ: سَدِيس، كَمَا يُقَالُ للعُشْرِ عَشِيرٌ. والمُسَدَّسُ مِنَ العَروض: الَّذِي يُبْنى عَلَى سِتَّةِ أَجزاء. والسِّدْسُ، بِالْكَسْرِ: مِنَ الوِرْدِ بَعْدَ الخِمْس، وَقِيلَ: هُوَ بَعْدَ سِتَّةِ أَيام وَخَمْسِ لَيَالٍ، وَالْجُمَعُ أَسداس. الْجَوْهَرِيُّ: والسِّدْسُ مِنَ الوِرْدِ فِي أَظماء الإِبل أَن تَنْقَطِعَ خَمْسَةً وتَرِدَ السادسَ. وَقَدْ أَسْدَسَ الرجلُ أَي ورَدتْ إِبله سِدْساً. وَشَاةً سَدِيس أَي أَتت عَلَيْهَا السَّنَةُ السَّادِسَةُ. والسَّدِيس: السِّنُّ الَّتِي بعد الرَّباعِيَة. والسَّدِيسُ: والسَدَسُ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ: المُلْقِي سَدِيسَه، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَجَمْعُ السَدِيس سُدُسٌ مِثْلَ رَغِيفٍ ورُغُف، قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَسَّروه تَكْسِيرَ الأَسماء لأَنه مُنَاسِبٌ لِلِاسْمِ لأَن الْهَاءَ تَدْخُلُ فِي مُؤَنَّثِهِ. قَالَ غَيْرُهُ: وَجَمْعُ السَّدَسِ سُدْسٌ مَثَلُ أَسَد وأُسْدٍ؛ قَالَ مَنْصُورُ ابن مِسْجاح يَذْكُرُ دِيَةً أُخذت مِنَ الإِبل متخَيَّرة كَمَا
__________
(3) . قوله [ولد له ستون إلخ] كذا بالأَصل.(6/104)
يَتخيرها المُصَدِّقُ:
فطافَ كَمَا طافَ المُصَدِّقُ وَسْطَها ... يُخَيَّرُ مِنْهَا فِي البوازِل والسُّدْسِ
وَقَدْ أَسْدَسَ البعيرُ إِذا أَلقى السِّنَّ بَعْدَ الرَّباعِيَةِ، وَذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ. وَفِي حَدِيثُ
العَلاء بْنِ الحَضْرَمِي عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عليه وسلم: إِن الإِسلام بَدأَ جَذَعاً ثُمَّ ثَنِيّاً ثُمَّ رَباعِياً ثُمَّ سَدِيساً ثم بازلًا
؛ قال عُمَرُ: فَمَا بَعْدَ البُزُول إِلا النُّقْصَانَ. السَّدِيسُ مِنَ الإِبل: مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَذَلِكَ إِذا أَلقى السِّنَّ الَّتِي بَعْدَ الرَّباعِيَة. والسَّدَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: السِّنُّ قَبْلَ الْبَازِلِ، يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ لأَن الإِناث فِي الأَسنان كُلُّهَا بِالْهَاءِ، إِلا السَّدَس والسَّدِيس والبازِلَ. وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ سَدِيسَ عُجَيْسٍ، لُغَةٌ فِي سجِيس. وإِزارٌ سَدِيس وسُداسِيٌّ. والسدُوسُ: الطَّيْلَسانُ، وَفِي الصِّحَاحِ: سُدُوسٌ، بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ، وَقِيلَ: هُوَ الأَخْضَرُ مِنْهَا؛ قَالَ الأَفْوَه الأَوْدِي:
والليلُ كالدَّأْماءِ مُسْتَشْعِرٌ، ... مِنْ دونهِ، لَوْنًا كَلَوْنِ السُّدُوس
الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُ السَّدُوسُ، بِالْفَتْحِ، الطَّيْلَسانُ. شِمْرٌ: يُقَالُ لِكُلِّ ثَوْبٍ أَخضر: سَدُوسٌ وسُدُوسٌ. وسُدُوسٌ، بِالضَّمِّ: اسْمَ رَجُلٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّي: الَّذِي حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الأَصمعي هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِهِ؛ وَقَالَ ابْنُ حَمْزَةَ: هَذَا مِنْ أَغلاط الأَصمعي الْمَشْهُورَةِ، وَزَعَمَ أَن الأَمر بِالْعَكْسِ مما قال وهو أَن سَدُوس، بِالْفَتْحِ، اسْمُ الرَّجُلِ، وَبِالضَّمِّ، اسْمُ الطَّيْلَسَانِ، وَذَكَرَ أَن سَدُوسَ، بِالْفَتْحِ، يقع في موضعين: أَحدها سُدُوسُ الَّذِي فِي تَمِيمٍ وربيعة وَغَيْرِهِمَا، وَالثَّانِي فِي سَعْدِ بْنِ نَبْهانَ لَا غَيْرَ. وَقَالَ أَبو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ: وَفِي تَمِيمٍ سَدُوسُ بْنُ دَارِمِ بْنَ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ، وَفِي رَبِيعَةَ سَدُوسُ بْنِ ثعلبةَ بْنِ عُكابَةَ بن صَعْبٍ؛ فَكُلُّ سَدُوسٍ فِي الْعَرَبِ، فَهُوَ مَفْتُوحُ السِّينِ إِلا سُدُوسَ بنَ أَصْمَعَ بْنِ أَبي عُبَيْدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نَضْر بْنِ سَعْدِ بْنِ نَبْهان فِي طَيِّءٍ فإِنه بِضَمِّهَا. قَالَ أَبو أُسامة: السَّدُوسُ، بِالْفَتْحِ، الطَّيْلَسَانُ الأَخضر. والسُّدُوسُ، بِالضَّمِّ، النِّيلَجُ. وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: سَدُوس الَّذِي فِي شَيْبَانَ، بِالْفَتْحِ، وَشَاهِدُهُ قَوْلُ الأَخطل:
وإِن تَبْخَلْ سَدُوسُ بِدِرْهَمَيْها، ... فإِن الريحَ طَيِّبَةٌ قَبُولُ
وأَما سُدُوسُ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ فِي طَيِّءٍ لَا غَيْرَ. والسُّدُوس: النِّيلَنْجُ، وَيُقَالُ: النِّيلَج وَهُوَ النِّيل؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
مَنابته مثلُ السُّدوسِ، ولونُه ... كَلَوْنِ السَّيالِ، وَهْوَ عذبٌ يَفِيص «1»
قَالَ شِمْرٌ: سَمِعْتُهُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي بِضَمِّ السِّينِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو بِفَتْحِ السِّينِ، وَرُوِيَ بَيْتُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
إِذا مَا كنتَ مُفْتَخِراً، ففاخِرْ ... ببيْتٍ مثلِ بيتِ بَنِي سَدُوسِ
بِفَتْحِ السِّينِ، أَراد خالد بن سدوس النَّبْهَانِيَّ. ابْنُ سِيدَهْ: وسَدُوسُ وسُدُوس قبيلتان، سَدُوسُ فِي بَنِي ذُهْل بْنِ شيبان، بالفتح، وسُدُوس، بِالضَّمِّ، فِي طيِء؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: يَكُونُ لِلْقَبِيلَةِ وَالْحَيِّ، فإِن قُلْتَ وَلَدُ سَدوسٍ كَذَا أَو مِنْ بَنِي سَدُوس، فَهُوَ للأَب خَاصَّةً؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
بَنِي سَدوسٍ زَتِّتوا بَناتِكُمْ، ... إِنَّ فَتَاةَ الحَيِّ بالتَّزَتُّتِ
__________
(1) . قوله [كلون السيال] أَنشده في ف ي ص: كشوك السيال.(6/105)
وَالرِّوَايَةُ: بَنِي تَمِيمٍ زَهْنِعوا فَتَاتَكُمْ، وَهُوَ أَوفق لِقَوْلِهِ فَتَاةَ الْحَيِّ. الْجَوْهَرِيُّ: سَدُوس، بِالْفَتْحِ، أَبو قَبِيلَةَ؛ وَقَوْلُ يَزِيدَ بْنِ حَذَّاقٍ العَبْدي:
وداوَيْتُها حَتَّى شَتَتْ حَبَشِيَّةً، ... كأَنَّ عَلَيْهَا سُنْدُساً وسُدُوسا
السُّدُوس: هُوَ الطَّيْلَسانُ الأَخْضَرُ انتهى. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي تَرْجَمَةٍ شَتَتَ مِنْ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَشياء.
سرس: السَّريس: الكَيِّسُ الْحَافِظُ لِمَا فِي يَدِهِ، وَمَا أَسْرَسَه، وَلَا فِعْلَ لَهُ وإِنما هُوَ مِنْ بَابِ أَحْنَكُ الشاتَيْن. والسَّريسُ: الَّذِي لَا يأْتي النِّسَاءَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ العِنِّينُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لأَبي زُبيد الطَّائِيِّ:
أَفي حَقٍّ مُواساتي أَخاكُمْ ... بِمَالِي، ثُمَّ يَظلِمُني السَّرِيسُ؟
قَالَ: هُوَ العِنِّين. وَقَدْ سَرِسَ إِذا عُنَّ، وَقِيلَ: السَّرِيسُ هُوَ الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ، وَالْجَمْعُ سُرَساءُ، وَفِي لُغَةِ طيِءٍ: السَّرِيس الضَّعِيفُ. وَقَدْ سَرِسَ إِذا سَاءَ خُلُقُه وسَرِسَ إِذا عَقَل وحَزَمَ بَعْدَ جَهْلٍ. وفَحْلٌ سَرِسٌ وسَريسٌ بَيِّنُ السَّرَس إِذا كَانَ لَا يُلقِحُ.
سرجس: مارُ سَرْجِس: موضعٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَقِيتُمْ بالجَزيرَة خَيْلَ قَيْسٍ، ... فقلتُمْ: مارَ سَرْجِسَ لَا قِتالا
تَقُولُ: هَذِهِ مارُ سَرْجِسَ ودخلْت مارَ سَرْجِسَ وَمَرَّرَتْ بمارِ سَرْجِسَ، وسَرْجِسُ فِي كُلِّ ذلك غير منصرف.
سلس: شَيْءٌ سَلِسٌ: لَيّنٌ سَهْلٌ. ورجلٌ سَلِسٌ أَي لَيِّنٌ مُنْقَادٌ بَيِّنُ السَّلَسِ والسَّلاسَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: سَلِسَ سَلَساً وسَلاسَة وسُلُوساً فَهُوَ سَلِسٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ممكورَةٌ غَرْثى الوِشاحِ السَّالِسِ، ... تَضْحَكُ عَنْ ذِي أُشُرٍ عُضارِسِ
وسَلِسَ المُهْرُ إِذا انْقَادَ. والسَّلْسُ، بِالتَّسْكِينِ: الْخَيْطُ يُنْظَمُ فِيهِ الخَرَزُ، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: الخَرَزُ الأَبيضُ الَّذِي تلبَسُه الإِماء، وَجَمْعُهُ سُلُوسٌ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ مُسْلِمٍ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ الدُّول:
وَلَقَدْ لَهَوتُ، وكلُّ شَيْءٍ هالِكٌ، ... بنَقاةِ جَيْبِ الدِّرْعِ غيرِ عَبُوسِ
ويَزينُها فِي النَّحْرِ حَلْيٌ واضِحٌ، ... وقَلائدٌ مِنْ حُبْلَةٍ وسُلُوسِ
ابْنُ بَرِّيٍّ: النَّقَاةُ النَّقِيَّةُ، يُرِيدُ أَن الْمَوْضِعُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ الْجَيْبُ مِنْهَا نَقِيٌّ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ أَن ثَوْبَهَا نَقِيٌّ وأَنها لَيْسَتْ بِصَاحِبَةِ مَهْنَةٍ وَلَا خِدْمَة، وَقَدْ يُعَبِّرُونَ بِالْجَيْبِ عَنِ الْقَلْبِ لأَنه يَكُونُ عَلَيْهِ كَمَا يُعَبِّرُونَ بمعْقِد الإِزار عَنِ الْفَرْجِ، فَيُقَالُ: هُوَ طَيِّبُ مَعْقِدِ الإِزار، يُرِيدُ الْفَرْجَ، وَهُوَ نَقيُّ الجَيْب أَي الْقَلْبِ أَي هُوَ نَقِيٌّ مِنْ غِشٍّ وحِقْد. وَالْوَاضِحُ: الَّذِي يَبْرُق. وَالدِّرْعُ: قَمِيصُ المرأَة؛ وَقَالَ المُعَطِّلُ الْهُذَلِيُّ:
لَمْ يُنْسِني حُبَّ القَبُولِ مَطارِدٌ، ... وأَفَلُّ يَخْتَضِمُ الفَقارَ مُسَلَّسُ
أَراد بالمَطارد سِهَامًا يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا. وأَراد بِقَوْلِهِ مُسَلَّسٌ مُسَلْسَلٌ أَي فيه مثل السِّلْسِلة من الفِرِنْدِ. والسُّلُوس: الخُمُر؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
قَدْ مَلأَتْ مَرْكُوَّها رُؤُوسا، ... كأَنَّ فِيهِ عُجُزاً جُلُوسا،(6/106)
شُمْطَ الرُّؤُوسِ أَلْقَتِ السُّلُوسا
شَبَّهَهَا وَقَدْ أَكلت الحَمْض فَابْيَضَّتْ وُجُوهُهَا ورؤوسها بعُجُزٍ قَدْ أَلقين الخُمُر. وَشَرَابٌ سَلِسٌ: لَيِّنُ الِانْحِدَارِ. وسَلِسَ بولُ الرَّجُلِ إِذا لَمْ يتهيأْ لَهُ أَن يُمْسِكَهُ. وَفُلَانٌ سَلِسُ الْبَوْلِ إِذا كَانَ لَا يَسْتَمْسِكُهُ. وَكُلُّ شَيْءٍ قَلِق، فَهُوَ سَلِسٌ. وأَسْلَسَت النخلةُ فَهِيَ مُسْلِسٌ إِذا تَنَاثَرَ بُسْرُها. وأَسْلَسَتِ الناقةُ إِذا أَخرجت الْوَلَدَ قَبْلَ تَمَامِ أَيامه، فَهِيَ مُسْلِسٌ. والسَّلِسَةُ: عُشْبَة قَرِيبَةُ الشَّبَهِ بالنَّصِيِّ وإِذا جَفَّتْ كَانَ لَهَا سَفاً يَتَطَايَرُ إِذا حُرِّكَت كَالسِّهَامِ يَرْتَدُّ فِي الْعُيُونِ وَالْمَنَاخِرِ، وَكَثِيرًا مَا يُعْمِي السَّائِمَةُ. والسُّلاسُ: ذَهَابُ الْعَقْلِ، وَقَدْ سُلِسَ سَلَساً وسَلْساً؛ الْمَصْدَرَانِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَرَجُلٌ مَسْلُوس: ذَاهِبُ الْعَقْلِ وَالْبَدَنِ. الْجَوْهَرِيُّ: المَسْلُوسُ الذَّاهِبُ الْعَقْلِ غَيْرُهُ: المَسْلُوسُ الْمُجْنُونُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنه إِذ راحَ مَسْلُوسُ الشَمَقْ
وَفِي التَّهْذِيبِ: رَجُلٌ مَسْلُوسٌ فِي عَقْلِهِ فإِذا أَصابه ذَلِكَ فِي بدنه فهو مَهْلُوسٌ.
سلعس: سَلَعُوسُ، بِفَتْحِ اللَّامِ: بلدة.
سنبس: الْجَوْهَرِيُّ: سِنْبِسُ أَبو حَيّ من طَيِء؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى يَصِفُ صَائِدًا أَرسل كِلَابَهُ عَلَى الصَّيْدِ:
فصَبَّحَها القانِصُ السِّنْبِسِي، ... يُشَلِّي ضِراءً بإِيسادِها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْقَانِصُ الصَّائِدُ. يُشَلِّي: يَدْعُو. والضَّراء: جَمْعُ ضِرْوٍ، وَهُوَ الْكَلْبُ الضَّارِي بالصيد. والإِيسادُ: الإِغْراءُ.
سندس: الْجَوْهَرِيُّ فِي الثُّلَاثِيِّ: السُّنْدُسُ البُزْيُون؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِيَزِيدَ بْنِ حَذَّاق العَبْدِيّ:
أَلا هَلْ أَتاها أَنَّ شِكَّةَ حَازِمٍ ... لَدَيَّ، وأَني قَدْ صَنَعْتُ الشَّمُوسا؟
وداويْتُها حَتَّى شَتَتْ حَبَشِيَّةً، ... كأَن عَلَيْهَا سُنْدُساً وسُدُوسا
الشَّمُوس: فَرَسُهُ وصُنْعُه لَهَا: تَضْمِيرُه إِياها، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ دَاوَيْتُهَا بِمَعْنَى ضمَّرتها. وَقَوْلُهُ حَبَشِيَّة يُرِيدُ حَبَشِيَّةَ اللَّوْنِ فِي سَوَادِهَا، وَلِهَذَا جَعَلَهَا كأَنها جُلِّلَتْ سُدُوساً، وَهُوَ الطَّيْلَسان الأَخضر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ إِلى عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عنه، بجُبَّةِ سُنْدُسٍ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي السُّنْدُسِ: إِنه رَقيق الدِّيباج ورَفيعُه، وَفِي تَفْسِيرِ الإِسْتَبْرَقِ: إِنه غَلِيظُ الدِّيبَاجِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ اللَّيْثُ: السُّنْدُسُ ضَرْبٌ مِنَ البُزْيون يُتَّخَذُ مِنَ المِرْعِزَّى وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهل اللُّغَةِ فِيهِمَا أَنهما مُعْرَبَانِ، وَقِيلَ: السُّنْدُس ضرب من البُرود.
سوس: السُّوسُ والسَّاسُ: لُغَتَانِ، وَهُمَا العُثَّة الَّتِي تَقَعُ فِي الصُّوفِ وَالثِّيَابِ وَالطَّعَامِ. الْكِسَائِيُّ: سَاسَ الطعامُ يَساسُ وأَساسَ يُسِيسُ وسَوَّسَ يُسَوِّسُ إِذا وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ؛ وأَنشد لزُرارة بْنُ صَعْب بْنِ دَهْرٍ، ودَهْرٌ: بطنٌ مِنْ كِلَابٍ، وَكَانَ زُرارةُ خَرَجَ مَعَ الْعَامِرِيَّةِ فِي سَفَرٍ يَمْتارون مِنَ اليَمامة، فَلَمَّا امْتَارُوا وصَدَروا جَعَلَ زُرارةُ بْنُ صَعْب يأْخذه بطنُه فَكَانَ يَتَخَلَّفُ خَلْفَ الْقَوْمِ فَقَالَتِ الْعَامِرِيَّةُ:
لَقَدْ رأَيتُ رَجُلًا دُهْرِيَّا، ... يَمْشِي وَراء الْقَوْمِ سَيْتَهِيَّا،
كأَنه مُضْطَغِنٌ صَبِيَّا
تُرِيدُ أَنه قَدِ امتلأَ بَطْنُهُ وَصَارَ كأَنه مُضْطَغِنٌ(6/107)
صَبِيًّا مِنْ ضِخَمِه، وَقِيلَ: هُوَ الْجَاعِلُ الشَّيْءَ عَلَى بَطْنِهِ يَضُمُّ عَلَيْهِ يَدَه الْيُسْرَى؛ فأَجابها زُرارة:
قَدْ أَطْعَمَتْني دَقَلًا حَوْلِيَّا، ... مُسَوِّساً مُدَوِّداً حَجْرِيَّا
الدقَلُ: ضَرْبٌ رَديءٌ مِنَ التَّمْرِ. وحَجْرِيَّا: يُرِيدُ أَنه مَنْسُوبٌ إِلى حَجْر الْيَمَامَةِ، وَهُوَ قَصَبَتُهَا. ابْنُ سِيدَهْ: السُّوس العُثُّ، وَهُوَ الدُّودُ الَّذِي يأْكل الحبَّ، وَاحِدَتُهُ سُوسة، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وَكُلُّ آكلِ شَيْءٍ، فَهُوَ سُوسُه، دُودًا كَانَ أَو غَيْرَهُ والسَّوْس، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرُ ساسَ الطعامُ يَساسُ ويَسُوسُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، سَوْساً إِذا وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ، وسِيسَ وأَساسَ وسَوَّسَ واسْتاسَ وتَسَوَّسَ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
يَجْلُو، بِعُودِ الإِسْحِل المُفَصَّمِ، ... غُروبَ لَا ساسٍ وَلَا مُثَلَّمِ
والمُفَصَّم: المُكَسَّر. والساسُ: الَّذِي قَدِ ائتكَل، وأَصله سائسٌ، وَهُوَ مِثْلُ هَائِرٍ وهارٍ وصائفٍ وصافٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
صَافِي النُّحاسِ لَمْ يُوَشَّغْ بالكَدَرْ، ... وَلَمْ يُخالِطْ عُودَه ساسُ النَّخَرْ
ساسُ النَّخَرِ أَي أَكل النَّخَرِ. يُقَالُ: نَخِرَ يَنْخَر نَخَراً. وطعامٌ وأَرْضٌ ساسَةٌ ومَسُوسَة. وساسَت الشَّاةُ تَساسُ سَوساً وإِساسَةً، وَهِيَ مُسِيسٌ: كَثُرَ قملُها. وأَساسَتْ مِثْلَهُ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ساسَت الشجرةُ تَساسُ سِياساً وأَساسَتْ أَيضاً، فهيَ مُسِيسٌ. أَبو زَيْدٍ: الساسُ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ وَلَا ثَقِيلٍ، القادحُ فِي السِّنِ. والسَّوَسُ: مَصْدَرُ الأَسْوَس، وَهُوَ داءٌ يَكُونُ فِي عَجُزِ الدَّابَّةَ بَيْنَ الْوَرِكِ والفخذُ يورِثُه ضَعْفَ الرِّجْل. ابْنُ شُمَيْلٍ: السُّواسُ دَاءٌ يأْخذ الْخَيْلَ فِي أَعناقها فيُيَبِّسُها حَتَّى تَمُوتَ. ابْنُ سِيدَهْ: والسَّوَسُ دَاءٌ فِي عَجُز الدَّابَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ يأْخذ الدَّابَّةَ فِي قَوَائِمِهَا. والسَّوْسُ: الرِّياسَةُ، يُقَالُ سَاسُوهُمْ سَوْساً، وإِذا رَأَّسُوه قِيلَ: سَوَّسُوه وأَساسوه. وسَاس الأَمرَ سِياسةً: قَامَ بِهِ، وَرَجُلٌ ساسٌ مِنْ قَوْمٍ سَاسَةٍ وسُوَّاس؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
سادَة قَادَةٌ لِكُلِّ جَمِيعٍ، ... ساسَة لِلرِّجَالِ يومَ القِتالِ
وسَوَّسَه القومُ: جَعَلوه يَسُوسُهم. وَيُقَالُ: سُوِّسَ فلانٌ أَمرَ بَنِي فُلَانٍ أَي كُلِّف سِياستهم. الْجَوْهَرِيُّ: سُسْتُ الرَّعِيَّةَ سِياسَة. وسُوِّسَ الرجلُ أُمور النَّاسِ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، إِذا مُلِّكَ أَمرَهم؛ وَيُرْوَى قَوْلُ الْحَطِيئَةِ:
لَقَدْ سُوِّسْت أَمرَ بَنِيك، حَتَّى ... تركتهُم أَدقَّ مِنَ الطَّحِين
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سُوِّسْت خطأٌ. وَفُلَانٌ مُجَرَّبٌ قَدْ ساسَ وسِيسَ عَلَيْهِ أَي أَمَرَ وأُمِرَ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ بَنُو إِسرائيل يَسُوسُهم أَنبياؤهم
أَي تَتَوَلَّى أُمورَهم كَمَا يَفْعَلُ الأُمَراء والوُلاة بالرَّعِيَّة. والسِّياسةُ: القيامُ عَلَى الشَّيْءِ بِمَا يُصْلِحه. والسياسةُ: فِعْلُ السَّائِسِ. يُقَالُ: هُوَ يَسُوسُ الدوابَّ إِذا قَامَ عَلَيْهَا وراضَها، وَالْوَالِي يَسُوسُ رَعِيَّتَه. أَبو زَيْدٍ: سَوَّسَ فلانٌ لِفُلَانٍ أَمراً فَرَكِبَهُ كَمَا يَقُولُ سَوَّلَ لَهُ وزَيَّنَ لَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: سَوَّسَ لَهُ أَمراً أَي رَوَّضَه وذلَّلَه. والسُّوسُ: الأَصل. والسُّوسُ: الطبْع والخُلُق والسَجِيَّة. يُقَالُ: الْفَصَاحَةُ مِنْ سُوسِه. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْكَرَمُ مِنْ سُوسِه أَي مِنْ طَبْعِهِ. وَفُلَانٌ مِنْ سُوسِ(6/108)
صِدْقٍ وتُوسِ صِدْقٍ أَي مِنْ أَصل صدْق. وسَوْ يَكُونُ وسَوْ يَفْعَلُ: يُرِيدُونَ سَوْفَ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ الْفَاءُ مزيدة فيها ثُمَّ تُحْذَفُ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَقَدْ زَعَمُوا أَن قَوْلَهُمْ سأَفعل مِمَّا يُرِيدُونَ بِهِ سَوْفَ نَفْعَلُ فَحَذَفُوا لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ إِياه، فَهَذَا أَشذ مِنْ قَوْلِهِمْ سَوْ نَفْعَلُ. والسُّوسُ: حَشيشة تُشْبِهُ القَتَّ؛ ابْنُ سِيدَهْ: السُّوسُ شَجَرٌ يُنْبِتُ وَرَقًا فِي غَيْرِ أَفنان؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ؛ هُوَ شَجَرٌ يُغْمَى بِهِ الْبُيُوتُ وَيُدْخَلُ عَصِيرُهُ فِي «2» ... ، وَفِي عُرُوقِهِ حَلَاوَةٌ شَدِيدَةٌ، وَفِي فُرُوعِهِ مَرَارَةٌ، وَهُوَ بِبِلَادِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ. والسَّوَاسُ: شَجَرٌ، وَاحِدَتُهُ سَواسَة؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّواسُ مِنَ الْعِضَاهِ وَهُوَ شَبِيهٌ بالمَرْخ لَهُ سَنِفَةٌ مِثْلُ سَنِفَة المَرْخ وَلَيْسَ لَهُ شَوْكٌ وَلَا وَرَقٌ، يَطُولُ فِي السَّمَاءِ ويُستظل تَحْتَهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: هِيَ السَّواسِي، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: فسأَلته عَنْهَا، فَقَالَ: السَّواسِي والمَرْخُ والمَنْجُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مُتَشَابِهَةٌ، وَهِيَ أَفضل مَا اتُّخِذَ مِنْهُ زَنْدٌ يُقْتَدَحُ بِهِ وَلَا يَصْلِدُ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
وأَخْرَجَ أُمُّه لسَواسِ سَلْمَى، ... لِمَعْفُورِ الضَّبا ضَرِمِ الجَنِينِ
وَالْوَاحِدَةُ: سَواسَة. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَراد بالأَخْرَج الرَّمادَ، وأَراد بأُمه الزنْدَةَ أَنه قِطَعٌ مِنْ سَواسِ سَلْمَى، وَهِيَ شَجَرَةٌ تَنْبُتُ فِي جَبَلِ سَلْمَى. وَقَوْلُهُ لِمَعْفُورِ الضَّبَا أَراد أَن الزَّنْدَةَ شَجَرَةٌ إِذا قِيلَ الزَّنْدُ فِيهَا أَخرجت شَيْئًا أَسود فَيَنْعَفِرُ فِي التُّرَابِ وَلَا يَرِي، لأَنه لَا نَارَ فِيهِ، فَهُوَ الْوَلَدُ الْمَعْفُورُ النَّارَ فَذَلِكَ الْجَنِينُ الضَّرِمُ، وَذَكَرَ مَعْفُورَ الضَّبَا لأَنه نَسَبَهُ إِلى أَبيه، وَهُوَ الزَّنْدُ الأَعلى. وسَوَاسُ: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وإِنَّ امْرأً أَمسى، ودُونَ حَبيبهِ ... سَواسٌ، فَوادي الرَّسِّ والهَمَيانِ،
لَمُعْتَرفٌ بالنأْي بَعْدَ اقْتِرابِه، ... ومَعْذُورَةٌ عَيَّنَّاهُ بالهَمَلانِ
سيس: ابْنُ الأَعرابي: سَاسَاهُ إِذا عَيَّرَه. والسِّيساءُ مِنَ الحِمارِ أَو البَغْل: الظَّهْرُ، وَمِنَ الْفَرَسِ: الْحَارِكُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَهُوَ مُذَكَّرٌ لَا غَيْرَ، وَجَمْعُهَا سيَاسِي. الْجَوْهَرِيُّ: السِّيساء مُنْتَظَمُ فَقار الظَّهْرِ، والسِّيساء، فِعْلاء مُلحق بسِرْداحٍ؛ قَالَ الأَخطل وَاسْمُهُ غِياثُ بْنُ عَوْف:
لَقَدْ حَمَلَتْ قَيْسَ بنَ عَيْلانَ حَرْبُنا ... عَلَى يابِسِ السِّيساءِ، مُحْدَوْدِبِ الظَّهْرِ
يَقُولُ: حَمَلْناهم عَلَى مَرْكَبٍ صَعْبٍ كَسِيسَاءِ الْحِمَارِ أَي حَمَلناهم عَلَى مَا لَا يَثْبُتُ عَلَى مِثْلِهِ وَفِي الْحَدِيثِ:
حَمَلَتْنا العربُ عَلَى سِيسائها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: سِيسَاءُ الظَّهْرِ مِنَ الدَّوَابِّ مُجْتَمَعُ وَسَطِه، وَهُوَ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ، أَي حَمَلَتْنَا عَلَى ظَهْرِ الْحَرْبِ وَحَارَبَتْنَا. الأَصمعي: السِّيساءُ مِنَ الظَّهْر والسِّبساءَةُ المُنْقادة مِنَ الأَرض المُسْتَدِقَّةُ. وَقَالَ: السِّيساءُ قُرْدُودَةُ الظَّهْر، وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ مِنَ الحِمار وَالْبَغْلِ المِنْسَجُ. ابْنُ شُميل: يُقَالُ هَؤُلَاءِ بَنُو ساسَا للسُّؤَّال. وساسانُ: اسْمُ كِسْرَى، وأَبو ساسانَ: مِنْ كُناهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنما هُوَ أَنُوساسان. وَقَالَ اللَّيْثُ: أَبو ساسانَ كُنْيَةُ كِسْرَى، وَهُوَ أَعجمي، وَكَانَ الحُصين بْنُ الْمُنْذِرِ يُكَنَّى بِهَذِهِ الْكُنْيَةِ أَيضاً.
__________
(2) . كذا بياض بالأَصل، ولعل محله في الأَدوية، كما يؤخذ من ابن البيطار(6/109)
فصل الشين المعجمة
شأس: مَكَانٌ شَئِسٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ: مَكَانٌ شَأْسٌ مِثْلُ شأْزٍ: خَشِن مِنَ الْحِجَارَةِ وَقِيلَ غَلِيظٌ؛ قَالَ:
عَلَى طريقٍ ذي كُؤُودٍ شاسِ، ... يَضُرُّ بالمُوَقَّحِ المِرْداسِ
خَفَّفَ الْهَمْزَ كَقَوْلِهِمْ كَاسٍ في كأْس، والجمع شُؤُوسٌ. وَقَدْ شَئِسَ شَأْساً، فَهُوَ شَئِسٌ. وشأْسٌ جَأْسٌ: عَلَى الإِتباع. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: شَئِسَ مكانُنا شَأْساً وشَئِزَ شَأَزاً إِذا غَلُظَ واشتدَّ وصَلُبَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ يُخَفَّفُ فَيُقَالُ لِلْمَكَانِ الغليظ شاسٌ وشازٌ، ويقال مَقْلُوبًا مكانٌ شاسِئٌ وجاسئٌ غَلِيظٌ، وأَمْكِنَة شُوسٌ مِثْلُ جَوْنٍ وجُونٍ ووَرْدٍ ووُرْد. وشَئِسَ الرجلُ شَأَساً: قَلِقَ مِنْ مَرَض أَو غَمٍّ؛ وشَأْسٌ: أَخو عَلْقَمَةَ الشَّاعِرِ، قَالَ فِيهِ يُخَاطِبُ الْمَلِكَ:
وَفِي كلِّ حَيٍّ قَدْ خَبَطْتَ بِنْعمَةٍ، ... فَحُقَّ لِشأْسٍ مِنْ نَداكَ ذَنُوبُ
فَقَالَ: نَعَمْ وأَذْنِبَةٌ، فأَطلقه وَكَانَ قد حبسه.
شبرس: شِبْرِسُ وشَبارِسُ: دُوَيْبَّة زَعَمُوا؛ وَقَدْ نَفَى سِيبَوَيْهِ أَن يَكُونَ هَذَا الْبِنَاءُ للواحد.
شحس: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخبرني بَعْضُ أَعراب عُمانَ قَالَ: الشَحْسُ مِنْ شَجَرِ جِبَالِنَا وَهُوَ مِثْلُ العُتمِ وَلَكِنَّهُ أَطول مِنْهُ وَلَا تُتَّخَذُ مِنْهُ القِسِيُّ لِصَلَابَتِهِ، فإِن الْحَدِيدَ يَكِلُّ عَنْهُ، وَلَوْ صُنِعَتْ مِنْهُ القسِيُّ لم تُؤَاتِ النَّزْعَ.
شخس: الشَخْسُ: الِاضْطِرَابُ وَالِاخْتِلَافُ. والشَّخيس: الْمُخَالِفُ لِمَا يؤْمر بِهِ؛ قَالَ رؤْبة:
يَعْدِلُ عَنِّي الجَدِلَ الشَّخِيسا
وأَمر شَخيسٌ: مُتَفَرِّقٌ. وشاخَسَ أَمْرُ الْقَوْمِ: اخْتَلَفَ. وتَشاخَسَ مَا بَيْنَهُمْ: تَبَاعَدَ وَفَسَدَ. وَضَرَبَهُ فتَشاخَسَ قِحْفا رأْسه: تَبَايَنَا وَاخْتَلَفَا، وَقَدِ اسْتُعْمِلَ فِي الإِبهام؛ قَالَ:
تَشاخَسَ إِبهاماكَ إِن كُنْتَ كاذِباً، ... وَلَا بَرِثا مِنْ دَاحِسٍ وكُناعِ
وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الإِناء؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَرْطاةَ بْنِ سُهَيَّة:
وَنَحْنُ كَصَدْعِ العُسِّ إِن يُعْطَ شاعِباً ... يَدَعْهُ، وَفِيهِ عَيْبُه مُتَشاخِسُ
أَي مُتَبَاعِدٌ فَاسِدٌ، وإِن أُصلح فَهُوَ مُتَمَايِلٌ لَا يَسْتَوِي. وَكَلَامٌ مُتَشاخِسٌ أَي مُتَفَاوِتٌ. وتَشاخَسَتْ أَسنانه: اخْتَلَفَتْ إِما فِطْرَةً وإِما عَرَضاً. وشاخَسَ الدهرُ فَاهُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاح يَصِفُ وَعِلًا، وَفِي التَّهْذِيبِ يَصِفُ العَيْرَ:
وشاخَسَ فَاهَ الدَّهْرُ حَتَّى كأَنه ... مُنَمِّسُ ثيرانِ الكَريصِ الضَّوائن
ابْنُ السِّكِّيتِ: يَقُولُ خَالَفَ بَيْنَ أَسنانه مِنَ الكِبَر فَبَعْضُهَا طَوِيلٌ وَبَعْضُهَا مُعْوَج وَبَعْضُهَا مُتَكَسِّرٌ. وَالضَّوَائِنُ: الْبَيْضُ. قَالَ: والشُّخاسُ والشاخِسَة فِي الأَسنان، وَقِيلَ: الشُّخاسُ فِي الْفَمِ أَن يَمِيلَ بَعْضُ الأَسنان وَيَسْقُطَ بَعْضٌ مِنَ الهَرَم. والمُتَشاخِسُ: الْمُتَمَايِلُ. وَضَرَبَهُ فتَشاخَسَ رأَسُه أَي مَالَ. والشَّخْسُ: فَتْحُ الْحِمَارِ فَمَهُ عِنْدَ التشاؤب أَو الكَرْفِ. وشاخَسَ الكلبُ فَاهَ: فَتَحَهُ؛ قَالَ:
مُشاخِساً طَوْراً، وطَوراً خَائِفًا، ... وتارَةً يَلْتَهِسُ الطَّفاطِفا
وتَشاخَسَ صَدْعُ القَدَح إِذا تَبايَنَ فَبَقِيَ غَيْرَ مُلْتَئِمِ.(6/110)
وَيُقَالُ للشَّعَّاب: قَدْ شاخَسْتَ. أَبو سَعِيدٍ: أَشْخَصْتُ لَهُ في المنطق وأَشْخَسْتُ وذلك إِذا تَجَهَّمْتَه.
شرس: أَبو زَيْدٍ: الشَّرِسُ السَّيءُ الخُلُق. وَرَجُلٌ شَرِسٌ وشَريسٌ وأَشْرَسُ: عَسِرُ الخُلُق شَدِيدُ الْخِلَافِ، وَقَدْ شَرِسَ شَرَساً. وَفِيهِ شِراسٌ، وَرَجُلٌ شَرِسُ الخُلق بَيِّنُ الشَّرَسِ والشَّراسَةِ، وشَرِسَتْ نفْسُه شَرَساً وشَرُسَتْ شَراسةً، فَهِيَ شَرِيسَة؛ قَالَ:
فَرُحْتُ، وَلِي نَفْسانِ: نَفْسٌ شَرِيسَةٌ، ... ونَفْسٌ تَعَنَّاها الفِراقُ جَزوعُ
والشِّراسُ: شدَّة المُشارَسَةِ فِي مُعَامَلَةِ النَّاسِ. وَتَقُولُ: رَجُلٌ أَشْرَسُ ذُو شِراسٍ وَنَاقَةٌ شريسَة ذَاتُ شِراسٍ وَذَاتُ شَريس. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ مَعْديكرب: هُمْ أَعظمنا خَمِيساً وأَشدّنا شَريساً
أَي شَراسةً؛ وَقَدْ شَرِسَ يَشْرَسُ، فَهُوَ شَرِسٌ، وَقَوْمٌ فِيهِمْ شَرَسٌ وشَريسٌ وشَراسَة أَي نُفُور وسُوء خُلق. وشارَسه مُشارَسَة وشِراساً: عاسَره وشاكَسَه. وَنَاقَةٌ شَريسَة: بَيِّنة الشِّراس سَيِّئَةُ الْخُلُقِ. وإِنه لَذُو شَريس أَي عُسْرٍ؛ قَالَ:
قَدْ علمَتْ عَمْرَةُ بالغَمِيسِ ... أَنَّ أَبا المِسْوارِ ذُو شَريسِ
وتَشارَسَ القومُ: تَعادَوْا. ابْنُ الأَعرابي: شَرِسَ الإِنسانُ إِذا تحبَّبَ إِلى النَّاسِ. والشَّرْسُ: شِدَّةُ وَعْكِ الشَّيْءِ، شَرَسَه يَشْرُسُه شَرْساً وشَرَسَ الحمارُ آتُنَه يَشْرُسُها شَرْساً: أَمَرَّ لَحْيَيه وَنَحْوَ ذَلِكَ عَلَى ظُهُورِهَا. اللَّيْثُ: الشَّرْسُ شِبه الدَّعْكِ للشيءِ كَمَا يَشْرُسُ الحمارُ ظهورَ الْعَانَةِ بلَحْيَيْه؛ وأَنشد:
قَدّاً بأَنْيابٍ وشَرْساً أَشْرَسا
وَمَكَانٌ شَراسٌ: صُلْبٌ خَشِنُ المَسِّ. الْجَوْهَرِيُّ: مَكَانٌ شَرْسٌ أَي غَلِيظٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إِذا أُنِيخَتْ بمكانٍ شَرْسِ، ... خَوَّتْ عَلَى مُسْتَوِياتٍ خَمْسِ،
كِرْكِرَةٍ وثَفِناتٍ مُلْسِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده عَلَى التَّذْكِيرِ لأَنه يَصِفُ جَمَلًا:
إِذا أُنيخ بِمَكَانٍ شَرْسِ، ... خَوَّى عَلَى مُسْتَوَياتٍ خَمْسِ
وَقَبْلَهُ بأَبيات:
كأَنه مِنْ طُولِ جَذْعِ العَفْسِ، ... ورَمَلانِ الخِمْسِ بَعْدَ الخِمْسِ،
يُنْحَتُ مِنْ أَقْطارِه بفَأْسِ
قَوْلُهُ خَوَّى: يُرِيدُ بَرَكَ مُتَجَافِيًا عَلَى الأَرض فِي بُروكه لضُمْرِه وعِظَمِ ثَفِناتِه، وَهِيَ مَا وَلِيَ الأَرضَ مِنْ قَوَائِمِهِ إِذا بَرَكَ. والكِرْكِرَةُ: مَا وَليَ الأَرضَ مِنْ صَدْرِهِ. والجَذْعُ: الْحَبْسُ عَلَى غَيْرِ عَلَفٍ. والعَفْسُ: الإِذالةُ. والرَّمَلانُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ. وأَرض شَرْساء وشَراسِ، على فَعالِ مثال قَطامِ: خَشِنَة غَلِيظَةٌ، نَعْتُ الأَرض وَاجِبٌ كَالِاسْمِ. أَبو زَيْدٍ: الشَّراسَة شِدَّةُ أَكل الْمَاشِيَةِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: شَرَسَتِ الماشيةُ تَشْرُسُ شَراسَةً اشْتَدَّ أَكلُها. وإِنه لَشَرِيسُ الأَكل أَي شَدِيدُهُ. والشَّريسُ: نَبْتٌ بَشِع الطَّعْمِ، وَقِيلَ: كلُّ بَشِعِ الطَّعْمِ شَريسٌ. والشِّرْسُ، بِالْكَسْرِ: عِضاهُ الجبَل وَلَهُ شَوْكٌ أَصفر، وَقِيلَ: هُوَ مَا صَغُرَ مِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ كالشُّبْرُمِ والحاجِ، وَقِيلَ: الشِّرْسُ مَا رَقَّ شَوْكُهُ، ونباتُه الهُجُول والصَّحارَى وَلَا يَنْبُتُ فِي الجَرَعِ وَلَا قِيعَانِ الأَوْدية، وَقِيلَ: الشِّرْسُ شَجَرٌ(6/111)
صِغَارٌ لَهُ شَوْكٌ، وَقِيلَ: الشِّرْسُ حَمْلُ نَبْت مَّا. وأَشْرَسَ القومُ: رَعَتْ إِبلهم الشِّرْسَ. وَبَنُو فُلَانٍ مُشْرِسُون أَي تَرْعَى إِبلهم الشِّرْسَ. وأَرض مُشْرِسَة وشَريسَة: كَثِيرَةُ الشِّرس، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ. والشَّرَسُ، بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ: مَا صَغُر مِنْ شَجر الشَّوْكِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. ابْنُ الأَعرابي: الشِّرْسُ الشُّكاعى والقَتادُ والسَّحا وَكُلُّ ذِي شَوْكٍ مِمَّا يَصْغُرُ؛ وأَنشد:
وَاضِعَةٌ تأْكُلُ كلَّ شَرْس
وأَشْرَسُ وشَريسٌ: اسْمَانِ.
شسس: الشَّسُّ والشُّسوسُ: الأَرض الصُّلْبَةُ الْغَلِيظَةُ الْيَابِسَةُ الَّتِي كأَنها حَجَرٌ وَاحِدٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ: حِجَارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْجَمْعُ شِساسٌ وشُسُوسٌ، الأَخيرة شَاذَّةٌ، وَقَدْ شَسَّ المكانُ، وأَنشد للمَرَّار بْنُ مُنْقِذٍ:
أَعَرَفْتَ الدَّار أَم أَنْكَرْتَها، ... بَيْنَ تِبْراكٍ فَشِسَّيْ عَبَقُرّ؟
شطس: الشَّطْسُ: الدَّهاءُ وَالْعِلْمُ والفِطْنَةُ، وَالْجَمْعُ أَشْطاسٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَا أَيها السائلُ عَنْ نُحاسِي ... عَنِّي، ولمَّا يَبْلُغُوا أَشْطاسي
وَرَجُلٌ شُطَسِيٌّ: داهٍ مُنْكَرٌ ذُو أَشْطاسٍ. أَبو تُرَابٍ عَنْ عَرَّامٍ: شَطَفَ فُلَانٌ فِي الأَرض وشَطَسَ إِذا دَخَلَ فِيهَا إِما رَاسِخًا وإِما وَاغِلًا؛ وأَنشد:
تَشِبُّ لعَيْنَيْ رامِقٍ شَطَسَتْ بِهِ ... نَوًى غُرْبَةٌ، وَصْلَ الأَحبَّة تَقْطَعُ
شكس: الشَّكُسُ والشَّكِسُ والشَّرِسُ، جميعاً: السَّيِءُ الخلق، وَقِيلَ: هُوَ السيِءُ الْخُلُقِ فِي الْمُبَايَعَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: رَجُلٌ شَكِسٌ عَكِصٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
شَكْسٌ عَبُوسٌ عَنْبَسٌ عَذَوَّرُ
وَقَوْمٌ شُكْسٌ مِثَالُ رَجُلٌ صَدْق وَقَوْمٌ صُدْق؛ وَقَدْ شَكِسَ، بِالْكَسْرِ، يَشْكَسُ شَكَساً وشَكاسَةً. الْفَرَّاءُ: رَجُلٌ شَكِسٌ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وإِنه لَشكِسٌ لَكِسٌ أَي عَسِرٌ. والمِشْكَسُ: كالشَّكُسِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
خُلِقْتَ شَكسْاً للأَعادي مِشْكَسا
وتَشاكَسَ الرَّجُلَانِ: تَضادَّا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا
؛ أَي مُتَضَايِقُونَ مُتَضادُّون، وَتَفْسِيرُ هَذَا الْمَثَلِ أَنه ضُرِبَ لِمَنْ وَحَّد اللَّه تَعَالَى وَلِمَنْ جَعَلَ مَعَهُ شُرَكَاءَ، فَالَّذِي وَحَّدَ اللَّه تَعَالَى مَثَلُه مَثَلُ السَّالِمِ لِرَجُلٍ لَا يَشْرَكُه فِيهِ غَيْرُهُ؛ يُقَالُ: سَلِمَ فلانٌ لِفُلَانٍ أَي خَلَصَ لَهُ، ومَثَلُ الَّذِي عَبَدَ مَعَ اللَّه سُبْحَانَهُ غَيْرَهُ مَثَلُ صَاحِبِ الشُّرَكَاءِ الْمُتَشَاكِسِينَ، وَالشُّرَكَاءُ المُتَشاكِسُون: العَسِرُونَ الْمُخْتَلِفُونَ الَّذِينَ لَا يَتَّفِقُونَ، وأَراد بِالشُّرَكَاءِ الْآلِهَةَ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّه تَعَالَى. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ، فَقَالَ: أَنتم شُرَكَاءُ مُتَشاكسون
؛ أَي مُخْتَلِفُونَ مُتَنَازِعُونَ. ومَحَلَّةٌ شَكِسٌ: ضَيِّقَة؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافٍ الهُذلي:
وأَنا الَّذِي بَيَّتُّكم فِي فِتْيَةٍ، ... بمَحَلَّةٍ شَكِسٍ وليلٍ مُظْلِم
وَاللَّيْلُ والنهارُ يَتَشاكَسان أَي يتضادَّان. وَبَنُو شَكْسٍ، بِفَتْحِ الشِّينِ: تَجْرٌ بِالْمَدِينَةِ؛ عَنِ ابن الأَعرابي.(6/112)
شمس: الشَّمْسُ: مَعْرُوفَةٌ. ولأَبْكِيَنَّك الشمسَ والقَمَر أَي مَا كَانَ ذَلِكَ. نَصَبُوهُ عَلَى الظَّرْفِ أَي طلوعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ كَقَوْلِهِ:
الشمسُ طالعةٌ، ليسَتْ بكاسِفَةٍ، ... تَبْكِي عليكَ، نُجومَ الليلِ والقَمَرا
وَالْجَمْعُ شُموسٌ، كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ نَاحِيَةٍ مِنْهَا شَمْسًا كَمَا قَالُوا للمَفْرِق مَفارِق؛ قَالَ الأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ:
إِنْ لَمْ أَشِنَّ عَلَى ابنِ هِنْدٍ غارَةً، ... لَمْ تَخْلُ يَوْمًا مِنْ نِهابِ نُفُوسِ
خَيْلًا كأَمْثالِ السَّعالي شُزَّباً، ... تَعْدُو ببيضٍ فِي الكريهةِ شُوسِ
حَمِيَ الحديدُ عليهمُ فكأَنه ... وَمَضانُ بَرْقٍ أَو شُعاعُ شُمُوسِ
شَنَّ الْغَارَةَ: فرَّقها. وَابْنُ هِنْدٍ: هُوَ مُعَاوِيَةُ. والسَّعالي: جَمْعُ سِعْلاةٍ، وَهِيَ سَاحِرَةُ الْجِنِّ، وَيُقَالُ: هِيَ الغُول الَّتِي تَذْكُرُهَا الْعَرَبُ فِي أَشعارها. والشُّزَّبُ: الضَّامِرَةُ، وَاحِدُهَا شازِبٌ. وَقَوْلُهُ تَعْدُو بِبِيضٍ أَي تَعْدُو بِرِجَالٍ بِيضٍ. وَالْكَرِيهَةُ: الأَمر الْمَكْرُوهُ. والشُّوسُ: جَمْعُ أَشْوَسَ، وَهُوَ أَن يَنْظُرَ الرَّجُلُ فِي شِقٍّ لعِظَم كِبْرِه. وَتَصْغِيرُ الشَّمْسِ: شُمَيْسَة. وَقَدْ أَشْمَسَ يومُنا، بالأَلف، وشَمَسَ يَشْمُسُ [يَشْمِسُ] شُموساً وشَمِسَ يَشْمَسُ، هَذَا الْقِيَاسُ؛ وَقَدْ قِيلَ يَشْمُسُ فِي آتِي شَمِس، وَمِثْلُهُ فَضِلَ يَفْضُل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَن يَشْمُسُ آتِي شَمَسَ؛ وَيَوْمٌ شامسٌ وَقَدْ شَمَسَ يَشْمُسُ [يَشْمِسُ] شُموساً أَي ذُو ضِحٍّ نهارُه كُلُّهُ، وشَمَس يومُنا يَشْمِسُ إِذا كَانَ ذَا شَمْسٍ. وَيَوْمٌ شامِسٌ: واضحٌ، وَقِيلَ: يَوْمٌ شَمْس وشَمِسٌ صَحْوٌ لَا غَيْمَ فِيهِ، وشامِسٌ: شديدُ الحَرِّ، وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: يَوْمٌ مَشْمُوس كَشامِسٍ. وَشَيْءٌ مُشَمَّس أَي عُمِلَ فِي الشَّمْسِ. وتَشَمَّسَ الرجلُ: قَعَدَ فِي الشَّمْسِ وَانْتَصَبَ لَهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّ يَدَيْ حِرْبائِها، مُتَشَمِّساً، ... يَدا مُذْنِبٍ، يَسْتَغْفِرُ اللَّه، تائِبِ
اللَّيْثُ: الشَّمْسُ عَيْنُ الضِّحِّ؛ قَالَ: أَراد أَن الشَّمْسَ هُوَ الْعَيْنُ الَّتِي فِي السَّمَاءِ تَجْرِي فِي الفَلَكِ وأَن الضِّح ضَوْءُه الَّذِي يَشْرِقُ عَلَى وَجْهِ الأَرض. ابْنُ الأَعرابي وَالْفَرَّاءُ: الشُّمَيْسَتان جَنَّتَانِ بإِزاء الفِرْدَوْس. والشَّمِسُ والشَّمُوسُ مِنَ الدَّوَابِّ: الَّذِي إِذا نُخِسَ لَمْ يَسْتَقِرَّ. وشَمَسَت الدَّابَّةُ والفرسُ تَشْمُسُ شِماساً وشُمُوساً وَهِيَ شَمُوسٌ: شَرَدتْ وجَمَحَتْ ومَنَعَتْ ظَهْرَهَا، وَبِهِ شِماسٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا لِي أَراكم رَافِعِي أَيديكم فِي الصَّلَاةِ كأَنها أَذْنابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟
هِيَ جمعُ شَمُوسٍ، وَهُوَ النَّفُورُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ لشَغَبه وحِدَّتِه، وَقَدْ تُوصَفُ بِهِ النَّاقَةُ؛ قَالَ أَعرابي يَصِفُ نَاقَةً: إِنها لعَسُوسٌ شَمُوسٌ ضَرُوسٌ نَهُوسٌ، وَكُلُّ صِفَةٍ مِنْ هَذِهِ مَذْكُورَةٌ فِي فَصْلِهَا. والشَّمُوسُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي لَا تُطالِعُ الرِّجَالَ وَلَا تُطْمِعُهم، وَالْجَمْعُ شُمُسٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
شُمُسٌ، مَوانِعُ كلِّ ليلةِ حُرَّةٍ، ... يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
وَقَدْ شَمَسَتْ؛ وقولُ أَبي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:
قِصارُ الخُطَى شُمٌّ، شُمُوسٌ عَنِ الخَنا، ... خِدالُ الشَّوَى، فُتْخُ الأَكُفِّ، خَراعِبُ
جَمَعَ شامِسَةً عَلَى شُمُوسٍ كَقَاعِدَةٍ وقُعُود، كَسَّره عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ(6/113)
جَمْعَ شَمُوس فَقَدْ كَسَّروا فَعِيلة عَلَى فُعُول؛ أَنشد الْفَرَّاءُ:
وذُبْيانيَّة أَوْصَتْ بَنيها ... بأَنْ كَذَبَ القَراطِفُ والقُطوفُ
وَقَالَ: هُوَ جَمع قَطِيفَة. وفَعُول أُخْت فَعِيل، فَكَمَا كَسَّروا فَعِيلًا عَلَى فُعُول كَذَلِكَ كَسَّروا أَيضاً فَعُولًا عَلَى فُعُول، وَالِاسْمُ الشِّماسُ كالنِّوارِ؛ قَالَ الجَعْدي:
بآنِسَةٍ، غيرَ أُنْسِ القِراف، ... تُخَلِّطُ باللِّينِ مِنْهَا شِماسا
وَرَجُلٌ شَمُوس: صَعْب الخُلُق، وَلَا تَقُلْ شَمُوص. والشَّمُوسُ: مِنْ أَسماء الْخَمْرِ لأَنها تَشْمِسُ بِصَاحِبِهَا تَجْمَحُ بِهِ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها تَجْمَحُ بِصَاحِبِهَا جِماحَ الشَّمُوسِ، فَهِيَ مِثْلُ الدَّابَّةِ الشَّمُوس، وَسُمِّيَتْ رَاحاً لأَنها تُكْسِبُ شارِبها أَرْيَحِيَّة، وَهُوَ أَن يَهَشَّ للعَطاء ويَخِفَّ لَهُ؛ يُقَالُ: رِحْتُ لِكَذَا أَراح؛ وأَنشد:
وفَقَدْتُ راحِي فِي الشَّبابِ وَحَالِي
وَرَجُلٌ شَمُوسٌ؛: عَسِرٌ فِي عَدَاوَتِهِ شَدِيدُ الْخِلَافِ عَلَى مَنْ عَانَدَهُ، وَالْجَمْعُ شُمْسٌ وشُمُسٌ؛ قَالَ الأَخطل:
شُمْسُ العَداوةِ حَتَّى يُسْتَقادَ لَهُمْ، ... وأَعْظَمُ الناسِ أَحلاماً إِذا قَدَرُوا
وشامَسَه مُشامَسَةً وشِماساً: عَادَاهُ وعانده؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
قومٌ، إِذا شُومِسوا لَجَّ الشِّماسُ بِهِمْ ... ذاتَ العِنادِ، وإِن ياسَرْتَهُمْ يَسَرُوا
وشَمِسَ لِي فلانٌ إِذا بَدَتْ عَدَاوَتُهُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَتْمِهَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: كأَنه هَمَّ أَن يَفْعَلَ، وإِنه لَذُو شِماسٍ شديدٌ. النَّضْرُ: المُتَشَمِّسُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَمْنَعُ مَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ، قَالَ: وَهُوَ الشَّدِيدُ الْقَوْمِيَّةِ، وَالْبَخِيلُ أَيضاً: مُتَشَمِّس، وَهُوَ الَّذِي لَا تَنَالُ مِنْهُ خَيْرًا؛ يُقَالُ: أَتينا فُلَانًا نتعرَّض لِمَعْرُوفِهِ فتَشَمَّسَ عَلَيْنَا أَي بَخِلَ. والشَّمْسُ: ضَرْبٌ مِنَ الْقَلَائِدِ. والشَّمْسُ: مِعْلاقُ القِلادةِ فِي العُنُق، وَالْجَمْعُ شُمُوسٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والدُّرُّ، واللؤْلؤُ فِي شَمْسِه، ... مُقَلِّدٌ ظَبْيَ التَّصاوِيرِ
وجِيدٌ شامِس: ذُو شُمُوسٍ، عَلَى النَّسَب؛ قَالَ:
بعَيْنَيْنِ نَجْلاوَيْنِ لَمْ يَجْرِ فِيهِمَا ... ضَمانٌ، وجِيدٍ حُلِّيَ الشَّذْرَ شامسِ
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الشَّمْسُ ضَرْبٌ مِنَ الحَلْيِ مُذَكَّرٌ. والشَّمْسُ: قِلادة الْكَلْبِ. والشَّمَّاسُ مِنْ رؤوس النَّصَارَى: الَّذِي يُحَلِّقُ وَسَطَ رأْسه ويَلْزَمُ البِيعَة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ، وَالْجَمْعُ شَمامِسَةٌ، أَلحقوا الْهَاءَ لِلْعُجْمَةِ أَو للعِوَض. والشَّمْسَة: مَشْطَةٌ لِلنِّسَاءِ. أَبو سَعِيدٍ: الشَّمُوسُ هَضْبَة مَعْرُوفَةٌ، سُمِّيَتْ بِهِ لأَنها صَعْبَةُ المُرْتَقَى. وَبَنُو الشَّمُوسِ: بطنٌ. وعَيْنُ شَمْس: مَوْضِعٌ. وشَمْسُ عَيْنِ: ماءٌ. وشَمْسٌ: صَنَم قَدِيمٌ. وعبدُ شَمْسٍ: بطنٌ مِنْ قُرَيْشٍ، قِيلَ: سُمُّوا بِذَلِكَ الصَّنَمِ، وأَوّل مَنْ تَسَمَّى بِهِ سَبَأُ بْنُ يَشْجُبَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ:
كَلَّا وشَمْسَ لنَخْضِبَنَّهُمُ دَما
لَمْ يَصْرِفْ شَمْسَ لأَنه ذَهَبَ بِهِ إِلى الْمَعْرِفَةِ يَنْوِي بِهِ الأَلف وَاللَّامَ، فَلَمَّا كَانَتْ نِيَّتُهُ الأَلف وَاللَّامَ لَمْ يُجْرِه وَجَعَلَهُ مَعْرِفَةً، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما عَنَى الصَّنَمَ الْمُسَمَّى(6/114)
شَمْساً وَلَكِنَّهُ تَرك الصَرْفَ لأَنه جَعَلَهُ اسْمًا لِلصُّورَةِ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ أَحد مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ هَذِهِ شمسُ فَيَجْعَلُهَا مَعْرِفَةٌ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ، فإِذا قَالُوا عَبْدُ شَمْسٍ فَكُلُّهُمْ يَجْعَلُهُ مَعْرِفَةً، وَقَالُوا عَبُّشَمْسٍ وَهُوَ مِنْ نَادِرِ الْمُدْغَمِ؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ، وَقَدْ قِيلَ: عَبُ الشَّمْسِ فَحَذفوا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَقِيلَ: عَبُ الشَّمْسِ لُعابُها. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَما عَبْشَمْسُ بنُ زَيْدِ مَناةَ بْنِ تَمِيمٍ فإِن أَبا عَمْرِو بنَ العَلاء يَقُولُ: أَصله عَبُّ شَمْسٍ كَمَا تَقُولُ حَبُّ شَمْسٍ وَهُوَ ضَوءُها، وَالْعَيْنُ مُبْدَلة مِنَ الْحَاءِ، كَمَا قَالُوا فِي عَبُّ قُرٍّ وَهُوَ البَرَدُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: اسْمُهُ عَبءُ شَمْسٍ، بِالْهَمْزِ، والعَبْءُ العِدْلُ، أَي هُوَ عِدْلها وَنَظِيرُهَا، يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ. وعَبْدُ شَمْس: مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ: هُمْ عَبُ الشَّمْسِ، ورأَيتُ عَبَ الشَّمْسِ، وَمَرَرْتُ بعَبِ الشَّمْسِ؛ يُرِيدُونَ عبدَ شَمْسٍ، وأَكثر كَلَامِهِمْ رأَيت عبدَ شَمْس؛ قَالَ:
إِذا مَا رَأَتْ شَمساً عَبُ الشَّمْسِ، شَمَّرَتْ ... إِلى زِمْلها، والجُرْهُمِيُّ عَمِيدُها
وَقَدْ تقدَّم ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي تَرْجَمَةِ عبأَ مِنْ بَابِ الْهَمْزِ. قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عَبُّ شَمْسٍ، بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ، يُرِيدُ عبدَ شَمْسٍ. ابْنُ سِيدَهْ: عَبُ شَمْسٍ قَبِيلَةٌ مِنْ تَمِيمٍ وَالنَّسَبُ إِلى جَمِيعِ ذَلِكَ عَبْشَمِيّ لأَن فِي كُلِّ اسْمٍ مُضَافٍ ثلاثةَ مَذَاهِبَ: إِن شِئْتَ نَسَبْتَ إِلى الأَوّل مِنْهُمَا كَقَوْلِكَ عَبْدِيٌّ إِذا نَسَبْتَ إِلى عَبْدِ القَيْس؛ قَالَ سُوَيْد بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
وَهُمْ صَلَبُوا العَبْدِيَّ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ، ... فَلَا عَطَسَتْ شَيْبانُ إِلا بأَجْدَعا
وإِن شِئْتَ نَسَبْتَ إِلى الثَّانِي إِذا خِفْتَ اللَّبْسَ فَقُلْتَ مُطَّلِبِيٌّ إِذا نَسَبْتَ إِلى عَبْدِ المُطَّلِب، وإِن شِئْتَ أَخذت مِنَ الأَوّل حَرْفَيْنِ وَمِنَ الثَّانِي حَرْفَيْنِ فَرَدَدْتَ الِاسْمَ إِلى الرباعيِّ ثُمَّ نَسَبْتَ إِليه فَقُلْتَ عَبْدَرِيٌّ إِذا نَسَبْتَ إِلى عَبْدِ الدَّارِ، وعَبْشَمِيٌّ إِذا نَسَبْتَ إِلى عَبْدِ شَمْسٍ؛ قَالَ عبدُ يَغُوثَ بنُ وَقَّاصٍ الحارِثيُّ:
وتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ، ... كأَنْ لَمْ تَرَ قَبْلِي أَسِيراً يَمانِيا
وَقَدْ عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَةُ أَنَّني ... أَنا الليثُ، مَعْدُوّاً عليَّ وعادِيا
وَقَدْ كنتُ نحَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الْمَطِيِّ، ... وأَمْضِي حيثُ لَا حَيَّ ماضِيا
وَقَدْ تَعَبْشَمَ الرجلُ كَمَا تَقُولُ تَعَبْقَسَ إِذا تَعَلَّقَ بِسَبَبٍ مِنْ أَسباب عبدِ القَيْسِ إِما بِحلْفٍ أَو جِوارٍ أَو وَلاءِ. وشَمْسٌ وشُمْسٌ وشُمَيْسٌ وشَمِيسٌ وشَمَّاسٌ: أَسماء. والشَّمُوسُ: فَرَس شَبِيبِ بْنِ جَرَادٍ. والشَّمُوس أَيضا: فَرَسُ سُوَيْد بْنِ خَذَّاقٍ. والشَّمِيسُ والشَّمُوسُ: بَلَدٌ بِالْيَمَنِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وأَنا الَّذِي سَمِعَتْ مَصانِعُ مَأْربٍ ... وقُرَى الشَّمُوسِ وأَهْلُهُنَّ هَدِيرِي
وَيُرْوَى: الشَّمِيس.
شنس: أَشْناسُ: اسْمٌ عَجَمِيٌّ.
شوس: الشَّوَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّظَرُ بمُؤْخِرِ الْعَيْنِ تَكَبُّراً أَو تَغَيُّظاً. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّوَسُ فِي النَّظَرِ أَن يَنْظُرَ بإِحدى عَيْنَيْهِ ويُمِيلَ وَجْهَهُ فِي شَقِّ الْعَيْنِ الَّتِي يَنْظُرُ بِهَا، يَكُونُ ذَلِكَ خِلْقَةً وَيَكُونُ مِنَ الكِبْر والتِّيهِ وَالْغَضَبِ، وَقِيلَ: الشَّوَسُ رَفْعُ الرأْس تَكَبُّرًا، شَوِسَ يَشْوَسُ شَوَساً وشاسَ يَشاسُ شَوْساً، وَرَجُلٌ أَشْوَسُ وامرأَة شَوْساءُ، والشُّوسُ جَمْعُ(6/115)
الأَشْوَسِ، وَقَوْمٌ شُوسٌ؛ قَالَ ذُو الإِصْبع العَدْوانيُّ:
أَإِن رَأَيتَ بني أَبِيكَ ... مُحَمِّجِين إِليك شُوسا؟
التَّحْمِيجُ: التَّحْدِيقُ فِي النَّظَرِ بِمَلْءِ الحَدَقَةِ، والتَّشاوُسُ إِظهار ذَلِكَ مَعَ مَا يَجِيءُ عَلَيْهِ عامَّةُ هَذَا الْبَابُ نَحْوَ قَوْلِهِ:
إِذا تَخازَرْتُ وَمَا بِي مِنْ خَزَرْ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتَشاوَسُ فِي نَظَرِهِ إِذا نَظَرَ نَظَر ذِي نَخْوَةٍ وكِبْرٍ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ تَشاوَسَ إِليه وَهُوَ أَن يَنْظُرُ إِليه بُمؤْخِرِ عَيْنِهِ ويُمِيلَ وَجْهَهُ فِي شِقِّ الْعَيْنِ الَّتِي يَنْظُرُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
التَّيميِّ: رُبَّمَا رأَيت أَبا عثمانَ النَهْدِيَّ يَتَشاوَسُ يَنْظُرُ أَزالت الشمسُ أَم لَا
؛ التَشاوُسُ: أَن يَقْلِبَ رأْسه يَنْظُرُ إِلى السَّمَاءِ بإِحدى عينيه. والشَّوَسُ: النظر بإِحدى شِقَّيِ العينين. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُصَغِّرُ عَيْنَهُ وَيَضُمُّ أَجفانه لِيَنْظُرَ. التَّهْذِيبُ فِي شَوَصَ: الشَّوَسُ فِي الْعَيْنِ بِالسِّينِ أَكثر مِنَ الشَّوَصِ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَشْوسُ وَذَلِكَ إِذا عُرِفَ فِي نَظَرِهِ الغضبُ أَو الحِقْدُ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الكِبْرِ، وَجَمْعُهُ الشُّوسُ. أَبو عَمْرٍو: الأَشْوَسُ والأَشْوَزُ المُذِيخُ الْمُتَكَبِّرُ. وَيُقَالُ: مَاءٌ مُشاوِسٌ إِذا قَلَّ فَلَمْ تَكَدْ تَرَاهُ فِي الرَّكِيَّة مِنْ قِلَّتِهِ أَو كَانَ بَعِيدَ الغَوْر؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَدْلَيْتُ دَلْوِي فِي صَرًى مُشاوِسِ، ... فبَلَّغَتْني، بَعْدَ رَجْسِ الراجِسِ،
سَجْلًا عَلَيْهِ جِيَفُ الخَنافِسِ
والرَّجْسُ: تَحْرِيكُ الدَّلْوِ لِتَمْتَلِئَ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّوْسُ والشَّوْصُ فِي السِّوَاكِ. والأَشْوَسُ: الجَرِيء عَلَى الْقِتَالِ الشديدُ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، وَقَدْ يَكُونُ الشَّوَس فِي الخُلُق. والأَشْوَسُ: الرَّافِعُ رأْسه تَكَبُّرًا. وَفِي حَدِيثِ الَّذِي «3» بَعَثَهُ إِلى الْجِنِّ
قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّه أَسُفْعٌ شُوسٌ؟
الشُّوسُ: الطِّوال، جَمْعُ أَشْوَسَ، رَوَاهُ ابْنُ الأَثير عَنِ الْخَطَّابِيِّ. وَمَكَانٌ شئِسٌ: وهو الخَشِنُ من الْحِجَارَةِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ يُخَفَّفُ فَيُقَالُ لِلْمَكَانِ الْغَلِيظِ شَأْسٌ وشَأْزٌ، واللَّه أَعلم.
فصل الضاد المعجمة
ضبس: الضَّبْسُ: البخيلُ. والضَّبِسُ والضَّبِيسُ: الحريصُ الشَّرِسُ الخُلُق. وَرَجُلٌ ضَبِسٌ وضَبِيسٌ أَي شَرِسٌ عَسِرٌ شَكِسٌ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَة: والفَلُوّ الضَّبِيس
؛ الفَلُوُّ: المُهْرُ والضَّبِيسُ: الصَّعْبُ العَسِرُ. والضَّبيسُ: الْقَلِيلُ الفِطْنة الَّذِي لَا يَهْتَدِي لِلْحِيلَةِ. والضَّبِيسُ: الجَبانُ. وَذَكَرَ شِمْرٌ فِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَنه قَالَ فِي الزُّبَيْرِ: هُوَ ضَبِسٌ ضَرِسٌ.
وَقَالَ عدنانُ: الضَّبِسُ فِي لُغَةِ تَمِيمٍ الخَبُّ، وَفِي لُغَةِ قَيْس الدَّاهِيَةُ، قَالَ: وَيُقَالُ ضِبْسٌ وضَبِيسٌ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي أُرجوزة له:
بالجارِ يَعْلُو حَيْلَه ضِبسٌ شَبِث
أَبو عَمْرٍو: الضَّبْسُ والضِّبْسُ الثَّقِيلُ الْبَدَنِ وَالرُّوحِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّبْسُ إِلحاحُ الْغَرِيمِ عَلَى غَرِيمِهِ. يُقَالُ: ضَبَسَ عَلَيْهِ والضِّبْسُ: الأَحْمَقُ الضَّعِيفُ الْبَدَنِ. وضَبِسَتْ نَفْسُه، بِالْكَسْرِ، أَي لَقِسَت وخَبُثَتْ.
ضرس: الضِّرْسُ: السِّنُّ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ مَا دَامَ لَهُ هَذَا الِاسْمُ لأَن الأَسنان كُلَّهَا إِناث إِلا الأَضْراسَ والأَنيابَ.
__________
(3) . قوله [وفي حديث الذي إلخ] من هنا إلى آخر الجزء قوبل على غير النسخة المنسوبة للمؤلف لضياع ذلك منها.(6/116)
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الضِّرْسُ السِّنُّ، يُذَكَّرُ ويؤَنث، وأَنكر الأَصمعي تأْنيثه؛ وأَنشد قولَ دُكَيْنٍ:
فَفُقِئَتْ عينٌ وطَنَّتْ ضِرسُ
فَقَالَ: إِنما هُوَ وطَنَّ الضِّرْسُ فَلَمْ يَفْهَمْهُ الَّذِي سَمِعَهُ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ فِي أُحْجِيَّةٍ:
وسِرْبِ سِلاحٍ قَدْ رأَينا وُجُوهَهُ ... إِناثاً أَدانيه، ذُكُوراً أَواخِرُه
السِّرْبُ: الْجَمَاعَةُ، فأَراد الأَسنان لأَن أَدانيها الثَّنيَّة والرباعيَة، وَهُمَا مُؤَنَّثَانِ، وَبَاقِي الأَسنان مُذَكَّرٌ مِثْلُ الناجِذِ والضِّرْسِ والنَّابِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَافِيَّةٍ بَيْنَ الثَّنِيَّةِ والضِّرْسِ
زَعَمُوا أَنه يَعْنِي الشِّينَ لأَن مَخْرَجَهَا إِنما هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ الأَخفش: وَلَا أُراه عَنَاهَا وَلَكِنَّهُ أَراد شِدَّةَ الْبَيْتِ، وأَكثر الْحُرُوفِ يَكُونُ مِنْ بَيْنِ الثَّنِيَّةِ وَالضِّرْسِ، وإِنما يُجَاوِزُ الثَّنِيَّةَ مِنَ الْحُرُوفِ أَقلها، وَقِيلَ: إِنما يَعْنِي بِهَا السِّينَ، وَقِيلَ: إِنما يَعْنِي بِهَا الضَّادَ. وَالْجَمْعُ أَضْراسٌ وأَضْرُسٌ وضُرُوسٌ وضَرِيسٌ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ قُراداً:
وَمَا ذَكَرٌ فإِن يَكْبُرْ فأُنْثَى، ... شَدِيدُ الْأَزْم، لَيْسَ لَهُ ضُرُوسُ؟
لأَنه إِذا كَانَ صَغِيرًا كَانَ قُراداً، فإِذا كَبُرَ سُمِّي حَلَمَةً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: لَيْسَ بِذِي ضُرُوسِ، قَالَ: وَكَذَا أَنشده أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ، وَهُوَ لُغَةٌ فِي القُراد، وَهُوَ مُذَكَّرٌ، فإِذا كَبُرَ سُمِّيَ حَلَمة وَالْحَلَمَةُ مُؤَنَّثَةٌ لِوُجُودِ تَاءِ التأْنيث فِيهَا؛ وَبَعْدَهُ أَبيات لُغْزٍ فِي الشَّطْرَنْجِ وَهِيَ:
وخَيْلٍ فِي الوَغَى بإِزاءِ خَيْلٍ، ... لُهامٍ جَحْفَلٍ لَجِبِ الخَمِيسِ
وليسُوا بِالْيَهُودِ وَلَا النَّصارَى، ... وَلَا العَرَبِ الصُّراحِ وَلَا المَجُوسِ
إِذا اقْتَتَلوا رأَيتَ هناكَ قَتْلى، ... بِلَا ضَرْبِ الرِّقابِ ولا الرُّؤوس
وأَضْراس العَقْلِ وأَضْراسُ الحُلُم أَربعة أَضراس يَخْرُجْنَ بعد ما يَسْتَحْكِمُ الإِنسان. والضَّرْسُ: العَضُّ الشَّدِيدُ بالضِّرْسِ. وَقَدْ ضَرَسْتُ الرجلَ إِذا عَضَضْتَه بأَضْراسِك. والضَّرْسُ: أَن يَضْرَسَ الإِنسان مِنْ شَيْءٍ حَامِضٍ. ابْنُ سِيدَهْ: والضَّرَسُ، بِالتَّحْرِيكِ، خَوَرٌ وكلالٌ يُصِيبُ الضِّرْسَ أَو السِّنَّ عِنْدَ أَكل الشَّيْءِ الْحَامِضِ، ضَرِسَ ضَرَساً، فَهُوَ ضَرِسٌ، وأَضْرَسَه مَا أَكله وضَرِسَتْ أَسنانُه، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ
وَهْبٍ: أَن وَلَدَ زِناً فِي بَنِي إِسرائيل قَرَّبَ قُرْباناً فَلَمْ يُقْبَلْ فَقَالَ: يَا رَبِّ يأْكل أَبوايَ الحَمْضَ وأَضْرَسُ أَنا؟ أَنت أَكرم مِنْ ذَلِكَ. فَقُبِلَ قُرْبانه
؛ الحَمْضُ: مِنْ مَرَاعِي الإِبل إِذا رَعَتْهُ ضَرِسَتْ أَسنانها؛ والضَّرَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا يَعْرِضُ للإِنسان مِنْ أَكل الشَّيْءِ الْحَامِضِ؛ الْمَعْنَى يُذْنِبُ أَبواي وأُؤاخذ أَنا بِذَنْبِهِمَا. وضَرَسَه يَضْرِسُه ضَرْساً: عَضَّه. والضَّرْسُ: تَعْلِيمُ القِدْح، وَهُوَ أَن تُعَلِّمَ قِدْحَك بأَن تَعَضَّه بأَضراسك فَيُؤَثِّرَ فِيهِ. وَيُقَالُ: ضَرَسْتُ السَّهْمَ إِذا عَجَمْتَه؛ قَالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ:
وأَصْفَرَ مِنْ قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ، ... بِهِ عَلَمانِ مِنْ عَقَبٍ وضَرْسِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
وأَسْمَرَ مِنْ قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ(6/117)
وأَورده غَيْرُهُ كَمَا أَوردناه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَصَوَابُ إِنشاده:
وأَصْفَرَ مِنْ قِداحِ النَّبْعِ صُلْب
قَالَ: وَكَذَا فِي شِعْرِهِ لأَن سِهَامَ الْمَيْسِرِ تُوصَفُ بِالصُّفْرَةِ وَالصَّلَابَةِ؛ وَقَالَ طَرَفَةُ يَصِفُ سَهْمًا مِنْ سِهَامِ الْمَيْسِرِ:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حِوارَه ... عَلَى النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُه كَفَّ مُجْمِدِ
فَوَصَفَهُ بِالصُّفْرَةِ. والمَضْبُوحُ: المُقَوَّمُ عَلَى النَّارِ، وحِوارُه: رُجُوعُه. والمُجْمِدُ: المُفيضُ، وَيُقَالُ لِلدَّاخِلِ فِي جُمادى وَكَانَ جُمادى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ شُهُورِ الْبَرْدِ. والعَقْبُ: مَصْدَرُ عَقَبْتُ السَّهم إِذا لَوَيتَ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَصَفَ نَفْسَهُ بِضَرْبِ قِداحِ المَيْسِر فِي زَمَنِ الْبَرْدِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى كَرَمِهِ. وأَما الضَّرْسُ فَالصَّحِيحُ فِيهِ أَنه الْحَزُّ الَّذِي فِي وَسَطِ السَّهْمِ. وقِدْحٌ مُضَرَّسٌ: غَيْرُ أَملس لأَن فِيهِ كالأَضراس. اللَّيْثُ: التَّضْريسُ تَحْزِيزٌ ونَبْرٌ يَكُونُ فِي يَاقُوتَةٍ أَو لؤْلؤَة أَو خَشَبَةٍ يَكُونُ كالضِّرس؛ وَقَوْلُ أَبي الأَسود الدُّؤلي أَنشده الأَصمعي:
أَتانيَ فِي الضَّبْعاء أَوْسُ بنُ عامِرٍ، ... يُخادِعُني فِيهَا بِجِنِّ ضِراسِها
فَقَالَ الْبَاهِلِيُّ: الضِّراسُ مِيسِمٌ لَهُمْ والجِنُّ حِدْثان ذَلِكَ، وَقِيلَ: أَراد بِحِدثانِ نَتَاجِهَا، وَمِنْ هَذَا قِيلَ: نَاقَةٌ ضَرُوسٌ وَهِيَ الَّتِي تَعَضُّ حالِبَها. وَرَجُلٌ أَخْرَسُ أَضْرَسُ: إِتباعٌ لَهُ. والضَّرْسُ: صَمْتُ يَوْمٍ إِلى اللَّيْلِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: أَنه كَرِهَ الضَّرْسَ
، وأَصله مِنَ العَضِّ، كأَنه عَضَّ عَلَى لِسَانِهِ فصَمَتَ. وثوبٌ مُضَرَّسٌ: مُوَشًّى بِهِ أَثَرُ الطَّيِّ؛ قَالَ أَبو قِلابَةَ الهُذَليّ:
رَدْعُ الخَلُوقِ بِجِلْدِها فكأَنَّه ... رَيْطٌ عِتاقٌ، فِي الصِّوانِ، مُضَرَّسُ
أَي مُوَشًّى، حَمَلَهُ مَرَّةً عَلَى اللَّفْظِ فَقَالَ مُضَرَّسٌ، ومَرّةً عَلَى الْمَعْنَى فَقَالَ عِتَاقٌ. وَيُقَالُ: رَيْطٌ مُضَرَّسٌ لِضَرْبٍ مِنَ الوَشْيِ. وتَضارَسَ البِناءُ إِذا لَمْ يِسْتَوِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: تَضَرَّسَ البناءُ إِذا لَمْ يَسْتَوِ فَصَارَ كالأَضْراسِ. وضَرَسَهم الزمانُ: اشْتَدَّ عَلَيْهِمْ. وأَضْرَسَه أَمر كَذَا: أَقلقه. وضَرَّسَتْه الحُروبُ تَضْريساً أَي جَرَّبَتْه وأَحكمته. والرجلُ مُضَرَّس أَي قَدْ جَرَّبَ الأُمورَ. شِمْرٌ: رَجُلٌ مُضَرَّسٌ [مُضَرِّسٌ] إِذا كَانَ قَدْ سَافَرَ وجَرَّب وقاتَلَ. وضارَسْتُ الأُمورَ: جَرَّبْتُها وعَرَفْتُها. وضَرِسَ بَنُو فُلَانٍ بِالْحَرْبِ إِذا لَمْ يَنْتَهُوا حَتَّى يُقَاتِلُوا. وَيُقَالُ: أَصبح القومُ ضَراسى إِذا أَصبحوا جِيَاعًا لَا يأْتيهم شَيْءٌ إِلا أَكلوه مِنَ الْجُوعِ، ومثلُ ضَراسى قَوْمٌ حَزانى لِجَمَاعَةِ الحَزين، وواحدُ الضَّراسى ضَريس وضَرَسَتْه الحُروبُ تَضْرِسُه ضَرْساً: عَضَّتْه. وحَرْبٌ ضَرُوسٌ: أَكول، عَضُوضٌ. وَنَاقَةٌ ضَرُوسٌ: عَضُوضٌ سَيِّئَةُ الخُلُق، وَقِيلَ: هِيَ العَضُوض لتَذُبَّ عَنْ وَلَدِهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الحَرْب: قَدْ ضَرِسَ نابُها أَي سَاءَ خُلُقها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَعَضُّ حَالِبَهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هِيَ بِجِنِّ ضِراسِها أَي بِحِدْثانِ نَتاجِها وإِذا كَانَ كذلك حامَتْ عَنْ وَلَدِهَا؛ قَالَ بِشْرٌ:
عَطَفْنا لَهُمْ عَطْفَ الضَّروسِ مِنَ المَلا ... بشَهْباءَ، لَا يَمْشي الضَّراءَ رَقِيبُها(6/118)
وضَرَسَ السَّبُعُ فَريسَته: مَضَغَها وَلَمْ يَبْتَلِعْهَا. وضَرَسَتْه الخُطُوب ضَرْساً: عَجَمَتْه، عَلَى المَثَل؛ قَالَ الأَخطل:
كَلَمْحِ أَيْدي مَثاكِيلٍ مُسَلِّبَةٍ، ... يَنْدُبْنَ ضَرْسَ بَناتِ الدهرِ والخُطُبِ
أَراد الخُطُوبَ فَحَذَفَ الْوَاوَ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ بَابِ رَهْن ورُهُنٍ. والمُضَرَّس مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي قَدْ أَصابته الْبَلَايَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كأَنها أَصابته بأَضراسِها، وَقِيلَ: المُضَرَّسُ المُجَرَّبُ كَمَا قَالُوا المُنَجَّذُ، وَكَذَلِكَ الضِّرسُ والضَّرِسُ، وَالْجَمْعُ أَضْراسٌ، وكلُّه مِنَ الضَّرْسِ. والضِّرسُ: الرَّجُلُ الخَشِنُ. والضَّرْسُ، كفُّ عينِ البُرْقُع. والضَّرْسُ: طُولُ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ. والضَّرْسُ: عَضُّ العِدْلِ، والضِّرْسُ: الفِنْدُ فِي الجَبَلِ. والضَّرْسُ: سُوء الخُلُق. والضَّرْسُ [الضِّرْسُ] : الأَرض الخَشِنَة. والضَّرْسُ: امْتِحَانُ الرَّجُلِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ عِلْمٍ أَو شَجَاعَةٍ. والضِّرْسُ: الشِّيحُ والرِّمْث وَنَحْوُهُ إِذا أُكلت جُذُولُهُ؛ وأَنشد:
رَعَتْ ضِرساً بصحراءِ التَّناهِي، ... فأَضْحَتْ لَا تُقِيمُ عَلَى الجُدُوبِ
أَبو زَيْدٍ: الضَّرِسُ والضَّرِمُ الَّذِي يَغْضَبُ مِنَ الْجُوعِ. والضَّرَسُ: غَضَبُ الجُوعِ. وَرَجُلٌ ضَرِسٌ: غَضْبَانُ لأَن ذَلِكَ يُحَدِّدُ الأَضراس. وَفُلَانٌ ضَرِسٌ شَرِسٌ أَي صَعْب الخُلُق. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ فَرَسًا كَانَ اسْمُهُ الضَّرِسَ فَسَمَّاهُ السَكْبَ، وأَوّل مَا غَزَا عَلَيْهِ أُحُداً
؛ الضَّرِس: الصَّعْبُ السيء الخُلُق. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، فِي الزُّبَيْرِ: هُوَ ضَبِسٌ ضَرِسٌ.
وَرَجُلٌ ضَرِسٌ وضَرِيسٌ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
فِي صِفَةِ عَليٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: فإِذا فُزِعَ فُزِعَ إِلى ضَرِسٍ حَدِيدٍ
أَي صَعْب العَريكة قَوِيٍّ، وَمَنْ رَوَاهُ بِكَسْرِ الضَّادِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، فَهُوَ أَحد الضُّرُوسِ، وَهِيَ الْآكَامُ الْخَشِنَةُ، أَي إِلى جَبَلٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِذا فُزع أَي فُزِعَ إِليه والتُجئَ فَحُذِفَ الْجَارُّ وَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ، وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الآخر:
كان ما نشاء مِنْ ضِرْس قَاطِعٍ
أَي ماضٍ فِي الأُمور نَافِذُ العَزِيمة. يُقَالُ: فُلَانٌ ضِرْسٌ مِنَ الأَضْراس أَي دَاهِيَةٌ، وَهُوَ فِي الأَصل أَحد الأَسنان فَاسْتَعَارَهُ لِذَلِكَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
لَا يَعَضُّ فِي العِلم بِضِرْسٍ قَاطِعٍ
أَي لَمْ يُتْقِنه وَلَمْ يُحْكِم الأُمور. وتَضارَسَ القومُ: تَعادَوْا وتَحارَبوا، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والضِّرْسُ: الأَكمَةُ الْخَشِنَةُ الْغَلِيظَةُ الَّتِي كأَنها مُضَرَّسَةٌ، وَقِيلَ: الضِّرْسُ قِطْعَةٌ مِنَ القُفِّ مُشْرِفَةٌ شَيْئًا غليظةٌ جِدًّا خَشِنَةُ الوَطء، إِنما هِيَ حَجَر وَاحِدٌ لَا يُخَالِطُهُ طِينٌ وَلَا يَنْبُتُ، وَهِيَ الضُّروس، وإِنما ضَرَسُه غِلْظَةٌ وخُشُونة. وحَرَّةٌ مُضَرَّسَة ومَضْروسَة: فيها كأَضْراسِ الْكِلَابِ مِنَ الْحِجَارَةِ. والضَّرِيسُ: الْحِجَارَةُ الَّتِي هِيَ كالأَضراس. التَّهْذِيبُ: الضِّرْسُ مَا خَشُنَ مِنَ الْآكَامِ والأَخاشب، والضَّرْس طَيُّ الْبِئْرِ بِالْحِجَارَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: والضُّرُوس، بِضَمِّ الضَّادِ، الْحِجَارَةُ الَّتِي طُوِيَتْ بِهَا الْبِئْرُ؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
إِما يَزالُ قائلٌ أَبِنْ، أَبِنْ ... دَلْوَكَ عَنْ حدِّ الضُّرُوسِ واللَّبِنْ
وَبِئْرٌ مَضْروسَةٌ وضَرِيسٌ إِذا طُوِيَتْ بالضَّرُيس، وَهِيَ الْحِجَارَةُ، وَقَدْ ضَرَسْتُها أَضْرُسُها وأَضْرِسُها ضَرْساً، وَقِيلَ: أَن تسدَّ مَا بَيْنَ خَصاصِ طَيِّها بحَجَر وَكَذَا جَمِيعُ الْبِنَاءِ. والضَّرْسُ: أَن يُلْوَى عَلَى الجَرِير قِدٌّ أَو وَتَرٌ. ورَيْط مُضَرَّس: فِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الوَشْي، وَفِي(6/119)
الْمُحْكَمِ: فِيهِ كَصُورِ الأَضراس. قَالَ أَبو رِياش: إِذا أَرادوا أَن يُذَلِّلُوا الْجَمَلَ الصَّعْبَ لاثُوا عَلَى مَا يَقَعُ عَلَى خَطْمِه قِدًّا فإِذا يَبِسَ حَزُّوا عَلَى خَطْمِ الْجَمَلِ حَزًّا لِيَقَعَ ذَلِكَ القِدُّ عَلَيْهِ إِذا يَبِسَ فيُؤْلِمَه فَيَذِلَّ، فَذَلِكَ القِدُّ هُوَ الضِّرْسُ، وَقَدْ ضَرَسْتُه وضَرَّسْتُه. وجَرِيرٌ ضَرِسٌ: ذُو ضِرْسٍ. والضَّرْسُ: أَن يُفْقَرَ أَنفُ الْبَعِيرِ بِمَرْوَةٍ ثُمَّ يُوضَع عَلَيْهِ وَتَرٌ أَو قِدٌّ لُوِيَ عَلَى الْجَرِيرِ ليُذَلَّل بِهِ. فَيُقَالُ: جَمَلٌ مَضْرُوسُ الجَرير. والضِّرْسُ: الْمَطَرَةُ الْقَلِيلَةُ. والضِّرْسُ: الْمَطَرُ الْخَفِيفُ. وَوَقَعَتْ فِي الأَرض ضُرُوسٌ مِنْ مَطَرٍ إِذا وَقَعَ فِيهَا قِطَعٌ متفرِّقة، وَقِيلَ: هِيَ الأَمطار الْمُتَفَرِّقَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الجَوْدُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَاحِدُهَا ضِرْسٌ. والضِّرسُ: السحابةُ تُمْطِرُ لَا عَرضَ لَهَا. والضِّرْسُ: المَطَرُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَرَرْنَا بضِرْسٍ مِنَ الأَرض، وَهُوَ الْمَوْضِعُ يُصِيبُهُ الْمَطَرُ يَوْمًا أَو قَدْرَ يَوْمٍ. وناقةٌ ضَرُوسٌ: لَا يُسْمَعُ لدِرَّتِها صَوْت، واللَّه أَعلم.
ضعرس: الضَّعْرَسُ: النَّهِمُ الحَرِيصُ.
ضغس: الضغس: الكَرَوْيا؛ يَمَانِيَةٌ، حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ: لَيْسَ بِثَبَت لأَن أَهل اليمن يسمونها التِّقْدَة.
ضغبس: الضُّغْبُوسُ: الضَّعِيفُ. والضُّغْبُوسُ: وَلَدُ الثُّرْمُلَةِ. والضُّغْبُوسُ. الرجل المَهِينُ. والضُّغْبُوسُ والضَّغابِيسُ: القِثَّاء الصِّغَارُ، وَقِيلَ: شَبِيهٌ بِهِ يُؤْكَلُ، وَقِيلَ: الضُّغْبُوسُ أَغْصانٌ شِبْهُ العُرْجُون تَنْبُتُ بالغَوْرِ فِي أُصول الثُّمامِ والشَّوْكِ طِوالٌ حُمْرٌ رَخْصَة تُؤْكَلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن صَفْوانَ بْنَ أُمَيَّة أَهدى إِلى رَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضغابيسَ وجِدايَةً
؛ هِيَ صِغَارُ الْقِثَّاءِ، وَاحِدُهَا ضُغْبُوسٌ: وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ فِي أُصُول الثُّمامِ يُشْبِهُ الهِلْيَوْنَ يُسْلَقُ بالخَلِّ وَالزَّيْتِ وَيُؤْكَلُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَا بَأْسَ باجتِناء الضَّغابيس فِي الحَرَم
، وَبِهِ يَشَبَّه الرَّجُلُ الضَّعِيفُ، يُقَالُ: رَجُلٌ ضُغْبُوسٌ؛ قَالَ جَرِير يَهْجُو عُمَرَ بْنَ لجَإٍ التَّيْمي:
قَدْ جَرَّبَتْ عَرَكِي فِي كلِّ مُعْتَركٍ ... غُلْبُ الرِّجالِ، فَمَا بالُ الضَّغابِيسِ؟
تَدْعُوكَ تَيْمٌ، وتَيْمٌ فِي قُرى سَبَإٍ، ... قَدْ عَضَّ أَعْناقَهُمْ جِلْدُ الجَوامِيسِ
والتَّيْمُ أَلأَمُ مَن يَمْشي، وأَلأَمُهُمْ ... ذُهْلُ بنُ تَيْمٍ بَنُو السُّودِ المَدَانِيسِ
تُدْعَى لِشَرِّ أَبٍ يَا مِرفَقَيْ جُعَلٍ، ... فِي الصَّيْفِ تَدخُلُ بَيْتاً غَيْرَ مَكْنُوسِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده غُلْبُ الأُسُود، قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ فِي شِعْرِهِ. والأَغْلَبُ الْغَلِيظُ الرَّقَبَةِ. والعَرَكُ: المُعَارَكَةُ فِي الْحَرْبِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الضُّغْبُوسُ نباتُ الهِلْيَوْنِ سَوَاءٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، فإِذا جَفَّ خَمَّتْه الرِّيحُ فَطَيَّرَتْهُ. وامرأَة ضَغِبَةٌ «4» : مُولَعَةٌ بِحبِّ الضَّغابِيسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ الْبَاءِ. والضُّغْبُوسُ: الْخَبِيثُ من الشياطين.
ضفس: ضَفَسْتُ الْبَعِيرَ: جَمَعْت لَهُ ضِغْثاً مِنْ خَلًى فأَلْقَمْته إِياه كَضفَزْته.
ضمس: ضَمَسَه يَضْمِسُه ضَمْساً: مَضَغَه مَضْغاً خَفِيّاً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عنه، عن
__________
(4) . قوله [وامرأة ضغبة] ليس هذا مشتقّاً من الضغابيس لأَن السين فيه غير مزيدة، وإنما هو منه كسبط من سبطر ودمث من دمثر، ولا فصل بين حرف لا يزاد أَصلًا وبين حرف وقع في موضع غير الزيادة وإن عدّ في جملة الزوائد؛ كذا بهامش النهاية.(6/120)
الزُّبَيْرِ: ضَرِسٌ ضَمِسٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير وَالرِّوَايَةُ ضَبِسٌ، قَالَ: وَالْمِيمُ قَدْ تُبْدَلُ مِنَ الْبَاءِ، وَهُمَا بِمَعْنَى الصَّعْب العَسِر.
ضنبس: الضِّنْبِسُ: الرِّخْوُ اللَّئِيمُ. وَرَجُلٌ ضِنْبِسٌ: ضَعِيفُ البَطْشِ سَرِيعُ الِانْكِسَارِ، واللَّه أَعلم.
ضنفس: الضِّنْفِسُ: الرِّخْوُ اللَّئِيمُ.
ضهس: ضَهَسَه يَضْهَسُه ضَهْساً: عَضَّه بمُقَدَّم فِيهِ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ إِذا دَعَوْا عَلَى الرَّجُلِ: لَا يأْكل إِلا ضاهِساً، وَلَا يَشْربُ إِلا قارِساً، وَلَا يَحْلُب إِلا جالِساً؛ يُرِيدُونَ لَا يأْكل مَا يَتَكَلَّفُ مَضْغه إِنما يأْكل النَّزْرَ الْقَلِيلَ مِنْ نَبَاتِ الأَرض ويأْكله بمُقَدَّم فِيهِ؛ والقارِسُ: الْبَارِدُ، أَي لَا يَشْرَبُ إِلا الْمَاءَ دُونَ اللَّبَنِ؛ وَلَا يَحْلُبُ إِلا جَالِسًا، يَدْعُو بِحَلْبِ الْغَنَمِ وَعَدَمِ الإِبل.
ضيس: ضاسَ النبتُ يَضِيسُ. هَاجَ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وَقَالَ مَرَّةً؛ هُوَ أَول الهَيْج، نَجْدِيَّة. وضاسٌ: اسْمُ جَبَلٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا بأَن أَلفه يَاءٌ وإِن كَانَتْ عَيْنًا، وَالْعَيْنُ وَاوًا أَكثر مِنْهَا يَاءً لِوُجُودِنَا يَضِيسُ وَعَدَمِنَا هَذِهِ الْمَادَّةَ مِنَ الْوَاوِ جُمْلَةً؛ قَالَ:
تَهَبَّطْنَ مِنْ أَكناف ضاسَ وأَيْلَةٍ ... إِليها، وَلَوْ أَغْرى بهنَّ المُكَلِّبُ
فصل الطاء المهملة
طبس: التَّطْبِيسُ: التَّطْبيقُ. والطَّبَسان: كُورَتانِ بِخُراسانَ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيب الْمَازِنِيُّ:
دَعَانِي الْهَوَى مِنْ أَهْلِ أَوْدَ، وصُحْبَتي ... بِذِي الطَّبَسَيْنِ، فالْتَفَتُّ وَرَائِيَا «1»
وَفِي التَّهْذِيبِ: والطَّبَسَينِ كُورَتان مِنْ خُراسان. ابْنُ الأَعرابي: الطَّبْسُ الأَسْوَدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والطِّبْسُ: الذِّئْبُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كَيْفَ لِي بالزُّبَيْر وَهُوَ رَجُلٌ طِبْسٌ
؛ أَراد أَنه يُشْبِهُ الذِّئْبَ فِي حَرْصِه وشَرَهِهِ، قَالَ الحَرْبي: أَظنه أَراد لَقِسٌ أَي شَرِه حريص.
طحس: ابْنُ دُرَيْدٍ: والطَّحْسُ يُكَنَّى بِهِ عَنِ الْجِمَاعِ، يُقَالُ: طَحَسَها وطَحَزَها؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ مَنَاكِيرِ ابن دريد.
طخس: الطِّخْسُ: الأَصل. الْجَوْهَرِيُّ: الطِّخْسُ، بِالْكَسْرِ، الأَصلُ والنِّجارُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: إِنه لَلَئيم الطِّخْسِ أَي لَئِيمُ الأَصل؛ وأَنشد:
إِنَّ امْرَأً أُخِّرَ مِنْ أَصْلنا ... أَلأَمُنا طِخْساً، إِذا يُنْسَبُ
وَكَذَلِكَ لَئِيمُ الكِرْسِ والإِرْسِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فُلَانٌ طِخْسُ شَرٍّ وَسَبِيلُ شَرّ وسِنُّ شَرٍّ وصِنْوُ شَرٍّ ورِكْبَةُ شَرٍّ وبِلْوُ شر وكُمَّر شَرٍّ وفِرْقُ شَرٍّ إِذا كَانَ نِهَايَةً فِي الشَّرِّ.
طرس: الطِّرْسُ: الصَّحِيفَةُ، وَيُقَالُ هِيَ الَّتِي مُحِيت ثُمَّ كُتِبَتْ، وَكَذَلِكَ الطِّلْسُ. ابْنُ سِيدَهْ: الطِّرْسُ الْكِتَابُ الَّذِي مُحِيَ ثُمَّ كُتِبَ، وَالْجَمْعُ أَطْراس وطُروس، وَالصَّادُ لُغَةٌ. اللَّيْثُ: الطِّرْس الْكِتَابُ المَمْحُوُّ الَّذِي يُسْتَطَاعُ أَن تُعَادَ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ، وفِعْلُك بِهِ التَّطْريسُ. وطَرَّسَه: أَفسده. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ النَخَعِيُّ يأْتي عُبَيْدَةَ فِي الْمَسَائِلِ فَيَقُولُ عبيدةُ: طَرِّسْها يَا أَبا إِبراهيم
أَي امْحُها، يَعْنِي الصَّحِيفَةَ. يُقال: طَرَّسْتُ الصَّحِيفَةَ إِذا أَنعمت مَحْوَهَا. وطَرَسَ الكتابَ: سَوَّده. ابْنُ الأَعرابي: المُتَطَرِّسُ والمُتَنَطِّسُ المُتَنَوِّقُ الْمُخْتَارُ؛ قال المَرَّارُ الفَقْعَسي
__________
(1) . وفي رواية أخرى: مِن أَهلِ وُدّي.(6/121)
يَصِفُ جَارِيَةً:
بيضاءُ مُطْعَمَةُ المَلاحةِ، مِثْلُها ... لَهْوُ الجَليسِ ونِيقةُ المُتَطَرِّسِ
وطَرَسُوسُ «1» : بَلَدٌ بِالشَّامِ، وَلَا يُخَفَّفُ إِلا فِي الشِّعْرِ لأَن فَعْلُولًا لَيْسَ مِنْ أَبنيتهم، واللَّه أَعلم.
طرطس: الطَّرْطَبِيسُ: النَّاقَةُ الخَوَّارةُ. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ طَرْطَبِيسٌ إِذا كَانَتْ خَوَّارةً فِي الحَلْبِ. والطَّرْطَبِيس والدَّرْدَبيسُ وَاحِدٌ، وَهِيَ الْعَجُوزُ المسترخِيَة. والطَّيْسُ والطَّيْسَلُ والطَّرْطَبيسُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الْكَثْرَةِ، والطَّرْطَبيسُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ.
طرفس: الطِّرْفِسانُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: مِنَ الرَّمْلِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
فَمَرَّتْ على أَطْرافِ هِرّ عَشِيَّةً، ... لَهَا التَّوأَبانِيَّانِ لَمْ يَتفَلْفَلا
أُنِيخَت فَخرَّتْ فَوْقَ عُوجٍ ذَوابلٍ، ... ووَسَّدْتُ رأْسي طِرْفِساناً مُنَخَّلا
قَوْلُهُ فَوْقَ عُوج يُرِيدُ قَوَائِمَهَا. وَالذَّوَابِلُ: الْقَلِيلَةُ اللَّحْمِ الصُّلْبة. والمُنَخَّل: الرَّمْلُ الَّذِي نَخَلَتْهُ الرِّيَاحُ؛ وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: عَنَى بالطِّرْفِسان الطِّنْفِسَة وبالمُنَخَّلِ المُتَخَيَّر. ابْنُ شُمَيْلٍ: الطِّرْفِساء الظَّلْماءُ لَيْسَتْ مِنَ الْغَيْمِ فِي شَيْءٍ وَلَا تَكُونُ ظَلْمَاءَ إِلا بِغَيْمٍ. وَيُقَالُ: السَّمَاءُ مُطَرْفِسةٌ ومُطَنْفِسة إِذا اسْتَغْمَدَتْ فِي السَّحَابِ الْكَثِيرِ، وَكَذَلِكَ الإِنسان إِذا لَبِسَ الثِّيَابَ الْكَثِيرَةَ مُطَرْفِسٌ ومُطَنْفِسٌ. وطَرْفَسَ الرجلُ إِذا حَدَّدَ النَّظَرَ، هَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْثُ بِالسِّينِ، وروى أَبو عمرو وطرفش، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، إِذا نَظَرَ وكَسَر عَيْنَيْهِ.
طرمس: الطِّرْمِسُ والطِّرْمِساءُ، مَمْدُودًا: الظلمةُ، وَقَدْ يُوصَفُ بِهَا فَيُقَالُ لَيْلَةٌ طِرْمِساءُ. وليالٍ طِرْمِساء: شَدِيدَةُ الظُّلْمَةِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وبَلَدٍ كَخَلَقِ العَبايَهْ، ... قَطَعْتُه بِعِرْمِسٍ مَشَّايَهْ،
فِي ليلةٍ طَخْياءَ طِرْمِسايَهْ
وَقَدِ اطْرَمَّسَ الليلُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الطِّرْمِساء السَّحَابُ الرَّقِيقُ الَّذِي لَا يُواري السماءَ، وَقِيلَ: هُوَ الطِّلْمِساءُ، بِاللَّامِ. والطِّرْمِساء والطِّلْمِساءُ: الظُّلْمَةُ الشَّدِيدَةُ. وطَرْمَسَ اللَّيْلُ وطَرْسَمَ: أَظلم، وَيُقَالُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. والطِّرْمِسُ: اللَّئِيمُ الدَّنِيءُ. والطُّرْمُوسُ: الخَرُوفُ. والطَّرْمَسةُ: الِانْقِبَاضُ والنُّكُوصُ. وطَرْمَسَ الرجلُ: كَرِه الشيءَ. وطَرْمَسَ الرجلُ إِذا قَطَّبَ وجهَه، وَكَذَلِكَ طَلْمَسَ وطَلْسَم وطرْسَمَ. وَيُقَالُ للرجلْ إِذا نَكَصَ هَارِبًا: قَدْ طَرْسَمَ وطَرْمَسَ وسَرْطَمَ. وطَرْمَسَ الكتابَ: مَحَاهُ. والطُّرْمُوسة والطُّرْمُوسُ: خُبْزُ المَلَّة، واللَّه أَعلم.
طسس: الطَّسُّ والطَّسَّةُ والطِّسَّة: لُغَةٌ فِي الطَّسْتِ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْر:
كأَنَّ طَسّاً بَيْنَ قُنْزُعاتِه
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِحُمَيْدٍ الأَرْقَط وَلَيْسَ لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ كَمَا زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ، وَقَبْلَهُ:
بَينا الفَتى يَخبِطُ فِي غَيْساتِه، ... إِذ صَعَدَ الدَّهْرُ إِلى عِفْراتِه،
فاجْتاحَها بِمِشْفَرَيْ مِبْراته، ... كأَنّ طَسّاً بَيْنَ قُنْزُعاتِه
مَوْتًا تَزِلُّ الكَفُّ عن صَفاتِه
__________
(1) . قوله [وطرسوس] كحلزون، واختار الأَصمعي فيه ضم الطاء كعصفور انتهى. شارح القاموس.(6/122)
الغَيسَةُ: النَّعْمَةُ والنَّضارة. وعِفْراتِه: شَعْرُ رأْسه. والقُنْزُعَةُ: وَاحِدَةُ الْقَنَازِعِ، وَهُوَ الشَّعَرُ حَوَالَيِ الرأْس؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى رَأَتْنِي، هَامَتِي كالطَّسِّ، ... تُوقِدُها الشمسُ ائْتِلاقَ التُّرْسِ
وَجَمْعُ الطَّسِّ [الطِّسِ] أَطْساسٌ وطُسُوسٌ وطَسِيسٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَرْع يَدِ اللَّعَّابَة الطَّسِيسا
وَجَمْعُ الطَّسَّةِ والطِّسَّة: طِساسٌ، قَالَ: وَلَا يَمْتَنِعُ أَن تُجْمَعَ طِسَّة عَلَى طِسَسٍ بَلْ ذَاكَ قِيَاسُهُ. وَفِي حَدِيثِ الإِسراء:
وَاخْتَلَفَ إِليه مِيكَائِيلُ بثلاثِ طِساسٍ مِنْ زَمْزَمَ
؛ هُوَ جَمْعُ طَسٍّ، وَهُوَ الطَّسْتُ. قَالَ: وَالتَّاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ السِّينِ فَجُمِعَ عَلَى أَصله. قَالَ اللَّيْثُ: الطَّسْتُ هِيَ فِي الأَصل طَسَّةٌ وَلَكِنَّهُمْ حَذَفُوا تَثْقِيلَ السِّينِ فَخَفَّفُوا وَسُكِّنَتْ فَظَهَرَتِ التَّاءُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ هَاءِ التأْنيث لِسُكُونِ مَا قَبْلَهَا، وَكَذَلِكَ تَظْهَرُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ سَكَنَ مَا قَبْلَهَا غَيْرَ أَلف الْفَتْحِ. قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُتَمم الطَّسَّةَ [الطِّسَّةَ] فيُثقِّل ويُظْهِر الْهَاءَ، قَالَ: وأَما مَنْ قَالَ إِن التَّاءَ الَّتِي فِي الطَّسْتِ أَصلية فإِنه يَنْتَقِضُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن الطَّاءَ والتاءَ لَا يَدْخُلَانِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَصلية فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَن الْعَرَبَ لَا تَجْمَعُ الطَّسْتَ إِلَّا بالطِّساسِ وَلَا تُصَغِّرُهَا إِلا طُسَيْسَة، قَالَ: وَمَنْ قَالَ فِي جَمْعِهَا الطَّسَّات فَهَذِهِ التَّاءُ هِيَ تَاءُ التأْنيث بِمَنْزِلَةِ التَّاءِ الَّتِي فِي جَمَاعَاتِ النِّسَاءِ فإِنه يَجُرُّهَا فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ، قَالَ اللَّه تعالى: أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ؛ وَمَنْ جَعَلَ هَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي الابْنَةِ والطَّسْتِ أَصليتين فإِنه يَنْصِبُهُمَا لأَنهما يَصِيرَانِ كَالْحُرُوفِ الأَصلية مِثْلَ تَاءِ أَقوات وأَصوات وَنَحْوِهِ، وَمَنْ نَصَبَ الْبَنَاتِ عَلَى أَنه لَفْظُ فَعَالٍ انْتَقَضَ عَلَيْهِ مثلُ قَوْلِهِ هِباتٍ وذواتٍ، قَالَ الأَزهري: وَتَاءُ الْبَنَاتِ عِنْدَ جَمِيعِ النَّحْوِيِّينَ غَيْرُ أَصلية وَهِيَ مَخْفُوضَةً فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ، وَقَدْ أَجمع القُرَّاء عَلَى كَسْرِ التَّاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ؛ وَهِيَ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ؛ قَالَ الْمَازِنِيُّ أَنشدني أَعرابي فَصِيحٌ:
لَوْ عَرَضَتْ لأَيْبُلِيٍّ قَسِّ، ... أَشْعَثَ فِي هَيْكَلِهِ مُنْدَسِّ،
حَنَّ إِليها كَحَنِينِ الطَّسِ
قَالَ: جَاءَ بِهَا عَلَى الأَصل لأَن أَصلها طَسٌ، وَالتَّاءُ فِي طَسْتٍ بَدَلٌ مِنَ السِّينِ كَقَوْلِهِمْ سِتَّة أَصلها سِدْسة، وَجَمْعُ سِدْسٍ أَسْداسُ، وسِدْسٌ مبنيٌ عَلَى نَفْسِهِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَمِمَّا دَخَلَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الطَّسْتُ والتَّوْرُ والطَّاجِنُ وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ كُلُّهَا «2» . وَقَالَ غَيْرُهُ: أَصله طَسْت فَلَمَّا عَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ قَالُوا طَسٌّ فَجَمَعُوهُ طُسُوساً. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الطَّسِيسُ جَمْعُ الطَّسِّ، قَالَ الأَزهري: جَمَعُوهُ عَلَى فَعِيل كَمَا قَالُوا كَلِيب ومَعِيز وما أَشبهها، وطيء تَقُولُ طَسْتٌ، وَغَيْرُهُمْ طَسٌّ، قَالَ: وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لِصْتٌ للِّصِّ، وَجَمْعُهُ لُصُوتٌ وطُسُوت عِنْدَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
زِرٍّ قَالَ: قُلْتُ لأُبَيّ بْنِ كعبٍ أَخبرني عَنْ لَيْلَةِ القَدْر، فَقَالَ: إِنها فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، قُلْتُ: وأَنَّى عَلِمْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: بِالْآيَةِ الَّتِي نبأَنا رسول اللَّه، صلى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: فَمَا الْآيَةُ؟ قَالَ: أَن تَطْلُعَ الشمسُ غَداةَ إِذٍ كأَنها طَسٌّ لَيْسَ لَهَا شُعاع
؛ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الطَّسُّ هُوَ الطَّسْتُ والأَكثر الطَّسُّ بِالْعَرَبِيَّةِ. قَالَ الأَزهري: أَراد أَنهم لَمَّا عَرَّبوه قَالُوا طَسٌّ. والطَّسَّاسُ: بَائِعُ الطُّسُوسِ،
__________
(2) . قوله [وهي فارسية كلها] وقيل إن التور عربي صحيح كما نقله الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ.(6/123)
والطِّساسةُ: حِرْفَتُه. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَا أَدري أَين طَسَّ وَلَا أَين دَسَّ وَلَا أَين طَسَمَ وَلَا أَين طَمَس وَلَا أَين سَكَعَ، كُلُّهُ بِمَعْنَى أَين ذَهَبَ. وطَسَّسَ فِي الْبِلَادِ أَي ذَهَبَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
عَهْدي بأَظْعانِ الكَتُوم تُمْلَسُ، ... صِرْمٌ جَنانِيٌّ بِهَا مُطَسِّسُ
وطَسَّ القومُ إِلى الْمَكَانِ: أَبْعَدوا فِي السَّيْرِ. والأَطْساسُ: الأَظافير. والطَّسَّانُ: مُعْتَرَكُ الحَرْب؛ عَنِ الهَجَرِيِّ رَوَاهُ عَنْ أَبي الجُحَيش؛ وأَنشد:
وخَلُّوا رِجالًا فِي العَجاجَةِ جُثَّماً، ... وزُحْمةُ فِي طَسَّانِها، وَهُوَ صاغِرُ
طعس: الطَّعْس: كَلِمَةٌ يُكَنَّى بِهَا عَنِ النكاح.
طغمس: الطُّغْمُوسُ: الَّذِي أَعْيا خُبْثاً. اللَّيْثُ: الطُّغْمُوسُ الْمَارِدُ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَالْخَبِيثُ مِنَ القطارب.
طفس: الطَّفَسُ: قَذَرُ الإِنسان إِذا لَمْ يَتَعَهَّدْ نَفْسَهُ بِالتَّنْظِيفِ. رَجُلٌ نَجِسٌ طَفِسٌ: قَذِرٌ، والأُنثى طَفِسة. والطَّفَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: الوَسَخُ والدَّرَنُ، وَقَدْ طَفِسَ الثوبُ، بِالْكَسْرِ، طَفَساً وطفاسَةً، وطَفَسَ الرَّجُلُ: مَاتَ وَهُوَ طَافِسٌ؛ وَيُرْوَى بَيْتُ الْكُمَيْتِ:
وَذَا رَمَقٍ مِنْهَا يُقَضِّي وطافِسا
يَصِفُ الْكِلَابَ. الْجَوْهَرِيُّ: طَفَسَ البِرْذَوْنُ يَطْفِسُ طُفُوساً أَي مات.
طفرس: طِفْرِسٌ: سَهلٌ لَيِّنٌ.
طلس: الطَّلْسُ: لُغَةٌ فِي الطِّرْس. والطَّلْسُ: المَحْوُ، وطَلَسَ الْكِتَابَ طَلْساً وطَلَّسه فتَطَلَّسَ: كطَرَّسه. وَيُقَالُ لِلصَّحِيفَةِ إِذا مُحِيَتْ: طِلْس وطِرْسٌ؛ وأَنشد:
وجَوْنِ خَرْقٍ يَكْتَسي الطُّلُوسا
يَقُولُ: كأَنما كُسِيَ صُحُفاً قَدْ مُحِيَتْ مَرَّةً لدُرُوس آثَارِهَا. والطِّلسُ: كِتَابٌ قَدْ مُحِيَ وَلَمْ يُنعَمْ مَحْوُه فَيَصِيرُ طِلْساً. وَيُقَالُ لجِلْدِ فَخِذِ الْبَعِيرِ: طِلْسٌ لِتَسَاقُطِ شَعْرِهِ ووَبَرِه، وإِذا مَحَوْتَ الْكِتَابَ لِتُفْسِدَ خَطَّهُ قُلْتَ: طَلَسْتُ، فإِذا أَنعمت مَحْوَهُ قُلْتَ: طَرَسْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه أَمَرَ بطَلْس الصُّوَرِ الَّتِي فِي الْكَعْبَةِ
؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ بطَمْسِها ومَحْوِها. وَيُقَالُ: اطْلِسِ الكتابَ أَي امْحُه، وطَلَسْت الكِتابَ أَي مَحَوْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قولُ لَا إِله إِلا اللَّه يَطْلِس مَا قَبْلَهُ مِنَ الذُّنُوبِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: قَالَ لَهُ لَا تَدَعْ تِمْثالًا إِلا طَلَسْتَه
أَي مَحَوْتَه، وَقِيلَ: الأَصل فِيهِ الطُّلْسَةُ وَهِيَ الغُبْرَةُ إِلى السَّوَادِ. والأَطْلَسُ: الأَسودُ والوَسَخُ. والأَطْلَسُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ، وَكَذَلِكَ الطِلْسُ بِالْكَسْرِ، وَالْجَمْعُ أَطْلاسٌ. يُقَالُ رَجُلٌ أَطْلَسُ الثَّوْبِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مُقَزَّعٌ أَطْلَسُ الأَطْمارِ، لَيْسَ لَهُ ... إِلا الضِّراءُ وإِلا صَيْدُها نَشَبُ
وَذِئْبٌ أَطْلَسُ: فِي لَوْنِهِ غُبْرةٌ إِلى السَّوَادِ؛ وَكُلُّ مَا كَانَ عَلَى لَوْنِهِ، فَهُوَ أَطْلَسُ، والأُنثى طَلْساءُ، وَهُوَ الطِّلْسُ، ابْنُ شُمَيْل: الأَطْلَسُ اللِّصُّ يشبَّه بِالذِّئْبِ. والطَّلَسُ والطَّلَسةُ: مَصْدَرُ الأَطْلَسِ مِنَ الذِّئَابِ، وَهُوَ الَّذِي تَسَاقَطَ شَعْرُهُ، وَهُوَ أَخبث مَا يَكُونُ. والطِّلْسُ: الذِّئْبُ الأَمْعَطُ، وَالْجَمْعُ الطُّلْسُ. التَّهْذِيبُ: والطَّلْسُ والطَّمْسُ(6/124)
واحدٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَن مُوَلَّداً أَطْلَس سَرَقَ فَقَطَعَ يَدَهُ.
قَالَ شَمِرٌ: الأَطْلَسُ الأَسود كالحَبَشِيِّ وَنَحْوِهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فأَطارَني مِنْهُ بِطِرْسٍ ناطِقٍ، ... وبِكُلِّ أَطْلَسَ جَوْبُه فِي المَنْكِبِ
أَطْلَس: عبدٌ حَبَشِيّ أَسود، وَقِيلَ: الأَطْلَسُ اللِّصُّ، شُبِّهَ بِالذِّئْبِ الَّذِي تَسَاقَطَ شَعْرُهُ. والطِّلْسُ والأَطْلَسُ مِنَ الرِّجَالِ: الدَّنِسُ الثِّيَابِ، شُبِّهَ بِالذِّئْبِ فِي غُبْرة ثِيابه؛ قَالَ الرَّاعِي:
صادَفْتُ أَطْلَسَ مَشَّاءً بأَكْلُبِه، ... إِثْرَ الأَوابِدِ لَا يَنْمِي لَهُ سَبَدُ
وَرَجُلٌ أطْلَسُ الثِّيَابِ وَسِخُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
تأْتي رِجَالًا طُلْساً
أَي مُغْبَرَّةَ الأَلوان، جَمْعُ أَطْلَسَ. وَفُلَانٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَطْلَسُ إِذا رُمِيَ بِقَبِيحٍ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
ولَسْتُ بأَطْلَسِ الثَّوْبَيْنِ يُصْبي ... حَلِيلَتَه، إِذا هَدَأَ النِّيامُ
لَمْ يُرِدْ بِحَلِيلَتِهِ امرأَته وَلَكِنْ أَراد جَارَتَهُ الَّتِي تُحالُّه فِي حِلَّتِه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَن عَامِلًا لَهُ وَفَدَ عَلَيْهِ أَشْعَثَ مُغْبَرّاً عَلَيْهِ أَطْلاسٌ
، يَعْنِي ثِيَابًا وَسِخَةً. يُقَالُ: رَجُلٌ أَطْلَسُ الثَّوْبِ بَيِّنُ الطُّلْسةِ، وَيُقَالُ لِلثَّوْبِ الأَسودِ الوَسِخ: أَطْلَسُ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
بطَلْساءَ لَمْ تَكْمُل ذِراعاً وَلَا شِبْرا
يَعْنِي خِرْقَةً وَسِخَةً ضَمَّنها النارَ حِينَ اقْتدح. والطَّيْلَسُ والطَّيْلَسانُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَكسية «1» ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: جَاءَ مَعَ الأَلف وَالنُّونِ فَيْعَلٌ فِي الصَّحِيحِ عَلَى أَن الأَصمعي قَدْ أَنكر كَسْرَةَ اللَّامِ، وجَمع الطَّيلَس والطَّيْلَسان [الطَّيْلِسان] والطّيلُسان طَيالِس وطَيالِسة، دَخَلَتْ فِيهِ الْهَاءُ فِي الْجَمْعِ لِلْعُجْمَةِ لأَنه فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، والطَّالِسانُ لُغَةٌ فِيهِ، قَالَ: وَلَا أَعرف للطَّالسان جَمْعًا، وَقَدْ تَطَلْيَسْتُ بالطَّيْلَسان وتَطَيْلَسْتُ. التَّهْذِيبُ: الطَّيْلسان تُفْتَحُ اللَّامَ فِيهِ وَتُكْسَرُ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَسمع فَيْعِلان، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، إِنما يَكُونُ مَضْمُومًا كالخَيْزُرانِ والحَيْسُمانِ، وَلَكِنْ لَمَّا صَارَتِ الضَّمَّةُ وَالْكَسْرَةُ أُختين وَاشْتَرَكَتَا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ دَخَلَتِ الْكَسْرَةُ مَوْضِعَ الضَّمَّةِ، وَحُكِيَ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: الطَّيْلَسَانُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، قَالَ: وأَصله فَارِسِيٌّ إِنما هُوَ تَالْشَانُ فأُعرب. قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع الطَّيْلِسان، بِكَسْرِ اللَّامِ، لِغَيْرِ اللَّيْثِ. وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: السُّدُوسُ الطَّيْلَسان، هَكَذَا رَوَاهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ الطَّيْلِسانُ، وَلَوْ رخَّمت هَذَا فِي مَوْضِعِ النِّدَاءِ لَمْ يَجُزْ لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ فَيْعِل بِكَسْرِ الْعَيْنِ إِلا مُعْتَلًّا نَحْوُ سَيِّدٍ ومَيِّتٍ، واللَّه أَعلم.
طلمس: لَيْلَةٌ طِلْمِساءُ كطِرْمِساء، والطِّلْمِساء والطِّرْمساء: اللَّيْلَةُ الشَّدِيدَةُ. والطِّلْمِساء: الرَّقِيقُ مِنَ السَّحَابِ. وَقَالَ أَبو خَيْرَة: هُوَ الطِّرْمِساء، بِالرَّاءِ، وَقِيلَ: الطِّلْمِساء الأَرض الَّتِي لَيْسَ بِهَا مَنَارٌ وَلَا عَلَم؛ وَقَالَ المَرَّارُ:
لَقَدْ تَعسَّفْتُ الفَلاة الطِّلمِسا ... يَسِير فِيهَا القومُ خِمْساً أَمْلَسا
وطَرْمَسَ الرجلُ إِذا قَطَّبَ وَجْهَهُ، وَكَذَلِكَ طَلْمَسَ وطَلْسَمَ.
طلنس: ابْنُ بُزُرج: اطْلَنْسَأْتُ أَي تَحَوَّلْتُ مِنْ مَنْزِلٍ إِلى مَنْزِلٍ.
__________
(1) . قوله [ضرب من الأَكسية] أَي أَسود، قَالَ الْمَرَّارُ بْنُ سَعِيدٍ الْفَقْعَسِيُّ: فرفعت رأسي للخيال فما أَرى غير المطي وظلمة كالطيلس كذا في التكملة.(6/125)
طمس: الطُّمُوس: الدُّرُوسُ والانْمِحاء. وطَمَس الطريقُ وطَسَمَ يَطْمِسُ ويَطْمُسُ طُموساً: درَسَ وامَّحى أَثَرُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وإِن طَمَسَ الطريقُ تَوَهَّمَتْه ... بخَوْصاوَيْنِ فِي لَحِجٍ كَنِينِ
وطَمَسْتُه طَمْساً، يَتَعَدَّى وَلَا يتعدَّى. وانْطَمَس الشيءُ وتَطَمَّسَ: امَّحَى ودَرَسَ. قَالَ شَمِرٌ: طُموسُ الْبَصَرِ ذَهَابُ نُورِهِ وَضَوْئِهِ، وكذلك طُمُوس الْكَوَاكِبِ ذَهَابُ ضَوْئها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَلَا تَحْسِبي شَجِّي بِكِ البيدَ كُلَّمَا ... تَلأْلأَ بالغَوْرِ النجومُ الطَّوامِسُ
وَهِيَ الَّتِي تَخْفَى وَتَغِيبُ. وَيُقَالُ: طَمَسْتُه فطَمَس طُمُوساً إِذا ذَهَبَ بَصَرُهُ. وطُمُوس الْقَلْبِ: فسادُه. أَبو زَيْدٍ: طَمَس الرجلُ الكتابَ طُموساً إِذا دَرَسه. وَفِي صِفَةِ الدَّجَّال: أَنه مَطْموسُ الْعَيْنِ أَي مَمْسُوحها مِنْ غَيْرِ فُحْشٍ. والطَّمْسُ: اسْتِئْصَالُ أَثر الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ
وَفْدِ مَذْحِج: ويُمْسي سَرابُها طامِساً
أَي يَذْهَبُ مَرَّةً وَيَجِيءُ أُخرى. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ الأَشبه أَن يَكُونَ سَرابُها طَامِيًا وَلَكِنْ كَذَا يُرْوَى. وطَمَس اللَّهُ عَلَيْهِ يَطْمِسُ وطَمَسَه، وطُمِسَ النجمُ وَالْقَمَرُ وَالْبَصَرُ: ذَهَبَ ضوءُه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: المَطْموس الأَعمى الَّذِي لَا يَبِينُ حَرْفُ جَفْنِ عَيْنِهِ فَلَا يُرَى شُفْرُ عَيْنَيْهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ
؛ يَقُولُ: لَوْ نَشَاءُ لأَعميناهم، وَيَكُونُ الطُّمُوسُ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْخِ لِلشَّيْءِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً
، قَالَ الزَّجَّاجُ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقوال: قَالَ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ كأَقفيتهم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجْعَلُ وُجُوهَهُمْ مَنَابِتَ الشَّعْرِ كأَقفيتهم، وَقِيلَ: الْوُجُوهُ هَاهُنَا تَمْثِيلٌ بأَمر الدِّينِ؛ الْمَعْنَى مِنْ قَبْلِ أَن نُضِلَّهُمْ مُجَازَاةً لِمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْعِنَادِ فَنُضِلُّهُمْ إِضلالًا لَا يُؤْمِنُونَ مَعَهُ أَبداً. قَالَ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ
؛ الْمَعْنَى لَوْ نَشَاءُ لأَعميناهم، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ
، أَي غَيِّرْها، قيل: إِنه جَعَلَ سُكَّرَهم حِجَارَةً. وتأْويل طَمْسِ الشَّيْءِ: ذهابُه عَنْ صُورَتِهِ. والطَّمْسُ: آخِرُ الْآيَاتِ التِّسْعِ الَّتِي أُوتيها مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ طُمِسَ عَلَى مَالِ فِرْعَوْنَ بِدَعْوَتِهِ فَصَارَتْ حِجَارَةً. جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه صَيَّرَ سُكَّرَهم حِجَارَةً. وأَرْبُعٌ طِماسٌ: دارِسَة. والطَّامِسُ: البعيدُ. وطَمَسَ الرجلُ يَطْمُس طُمُوساً: بَعُدَ. وخَرْقٌ طامِسٌ: بَعِيدٌ لَا مَسْلك فِيهِ؛ وأَنشد شَمِرٌ لِابْنِ مَيَّادة:
ومَوْماةٍ يَحارُ الطِّرْفُ فِيهَا، ... صَمُوتِ الليلِ طامِسَةِ الجِبالِ
قَالَ: طَامِسَةٍ بَعِيدَةٍ لَا تَتَبَيَّنُ مِنْ بُعد، وَتَكُونُ الطَّامِسة الَّتِي غَطَّاهَا السَّراب فَلَا تُرَى. وطَمَسَ بِعَيْنِهِ: نَظَرَ نَظَرًا بَعِيدًا. والطَّامِسِيَّة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاح بْنُ الجَهْم:
انْظُرْ بعينِك هَلْ تَرَى أَظْعانَهُم؟ ... فالطَّامِسِيَّةُ دُونَهُنَّ فَثَرْمَدُ
الأَزهري: قَالَ أَبو تُرَابٍ سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ طَمَسَ فِي الأَرض وطَهَسَ إِذا دخَل فِيهَا إِما رَاسِخًا وإِما وَاغِلًا، وَقَالَ شُجَاعٌ بِالْهَاءِ؛ وَيُقَالُ: مَا أَدري أَين طَمَسَ وأَين طَوَّسَ أَي أَين ذَهَبَ. الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِ الْمَصَادِرِ: الطَّماسَةُ كالحَزْرِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ. يُقَالُ: كَمْ يَكْفِي دَارِي هَذِهِ مِنْ آجُرَّةٍ؟ قَالَ: اطْمِسْ أَي احْزِرْ [احْزُرْ] .(6/126)
طمرس: الطِّمْرِس: الدَّنيء اللَّئِيمُ. والطُّرْمُوسُ: الخَرُوفُ. والطِّمْرِساء: السَّحَابُ الرَّقِيقُ كالطِّرْمِساء؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: الطِّمْرِسُ والطُّمْرُوسُ الكذاب.
طملس: الْجَوْهَرِيُّ: رَغِيفٌ طَمَلَّسٌ، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، أَي جافٌّ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قُلْتُ للعُقَيْلِيّ: هَلْ أَكلت شَيْئًا؟ فقال: قُرْصَتَيْنِ طَمَلَّسَتَيْن.
طنس: ابْنُ الأَعرابي: الطَّنَسُ الظُّلْمَةُ الشَّدِيدَةُ، قَالَ: والنُّسُطُ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ أَولاد النُّوق إِذا تَعَسَّر وِلادُها. قَالَ الأَزهري: النُّونُ فِي هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْمِيمِ، فالطَّنْسُ أَصله الطَّمْسُ أَو الطَّلْس، والنَّسْطُ مِثْلُ المَسْطِ سَوَاءٌ، وَكِلَاهُمَا مَذْكُورٌ فِي بابه.
طنفس: الطِّنْفِسَة والطُّنْفُسة، بِضَمِّ الْفَاءِ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: النُّمْرُقَة فَوْقَ الرَّحْلِ، وَجَمْعُهَا طَنافِسُ؛ وَقِيلَ: هِيَ البِساط الَّذِي لَهُ خَمْلٌ رَقِيقٌ، وَلَهَا ذِكْرٌ فِي الْحَدِيثِ. ابْنُ الأَعرابي: طَنْفَسَ إِذا سَاءَ خُلُقه بَعْدَ حُسْن. وَيُقَالُ لِلسَّمَاءِ: مُطَرْفِسَة ومُطَنْفِسَة إِذا اسْتَغْمَدت فِي السَّحَابِ الْكَثِيرِ، وَكَذَلِكَ الإِنسان إِذا لَبِسَ الثِّيَابَ الْكَثِيرَةَ مُطَرْفِسٌ ومُطَنْفِس.
طهس: قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ طَمَسَ فِي الأَرض وطَهَسَ إِذا دَخَلَ فِيهَا إِما دَخَلَ فِيهَا إِما رَاسِخًا وإِما واغِلًا، وَقَالَ شُجَاعٌ بالهاء.
طهلس: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: اللَّيْثُ الطِّهْلِيسُ الْعَسْكَرُ الْكَثِيفُ؛ وأَنشد:
جَحْفَلًا طِهْلِيسا
طوس: طاسَ الشيءَ طَوْساً: وَطِئَه. والطَّوْسُ: الحُسْنُ. وَقَدْ تَطَّوَّسَتِ الجاريةُ: تَزَيَّنَتْ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الحَسَن؛ إِنه لَمُطَوَّسٌ؛ وقال رُؤْبَةُ:
أَزْمانَ ذاتِ الغَبْغَبِ المُطَوَّسِ
وَوَجْهٌ مُطَوَّسٌ: حَسَنٌ؛ وَقَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
إِذ تَسْتَبِي قَلْبِي بِذي عُذَرٍ ... ضافٍ، يَمُجُّ المِسْك كالكَرْمِ
ومُطَوَّسٍ سَهْلٍ مَدامِعُه، ... لَا شاحِبٍ عارٍ وَلَا جَهْمِ
وقال المُؤَرِّج: الطاؤُوسُ فِي كَلَامِ أَهل الشَّامِ الْجَمِيلُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وأَنشد:
فلو كنتَ طاؤُوساً لكنتَ مُمَلَّكاً، ... رُعَيْنُ، وَلَكِنْ أَنتَ لأْمٌ هَبَنْقَعُ
قَالَ: واللأْمُ اللَّئِيمُ. ورُعَيْن: اسْمُ رجل. والطاؤُوس فِي كَلَامِ أَهل الْيَمَنِ: الفِضَّة. والطاؤُوس: الأَرض المُخْضَرَّة الَّتِي عَلَيْهَا كلُّ ضَرْبٍ مِنَ الوَرْدِ أَيامَ الرَّبِيعِ. أَبو عَمْرٍو: طاسَ يَطُوسُ طَوساً إِذا حَسُنَ وجهُه ونَضَرَ بَعْدَ عِلَّةٍ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الطَّوْسِ، وَهُوَ الْقَمَرُ. الأَشجعي: يُقَالُ مَا أَدري أَين طَمَسَ وأَين طَوَّسَ أَي أَين ذهب. والطاؤُوس: طَائِرٌ حَسَنٌ، هَمْزَتَهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ لِقَوْلِهِمْ طَواويس، وَقَدْ جُمِعَ عَلَى أطْواسٍ بِاعْتِقَادِ حَذْفِ الزِّيَادَةِ، ويُصَغَّرُ الطَّاؤُوس عَلَى طُوَيْسٍ بَعْدَ حَذْفِ الزِّيَادَةِ. وطُوَيْسٌ. اسْمُ رَجُلٍ ضُرِب بِهِ الْمَثَلُ فِي الشُّؤْمِ، قَالَ: وأُراه تَصْغِيرَ طاؤوس مُرَخَّماً، وَقَوْلُهُمْ: أَشأَم مِنْ طُوَيْسٍ؛ هُوَ مُخَنَّثٌ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَقَالَ: يَا أَهل الْمَدِينَةِ تَوَقَّعُوا خروجَ الدَّجَّالِ مَا دُمْتُ بَيْنَ ظَهْرانَيْكُمْ فإِذا مُتُّ فَقَدْ أَمنتم لأَني وُلِدْتُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا رسولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ(6/127)
وَسَلَّمَ، وفُطِمْتُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَبَلَغْتُ الحُلُمَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَتَزَوَّجْتُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَوُلِدَ لِي فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وكان اسمه طاؤُوساً، فَلَمَّا تَخَنَّثَ جَعَلَهُ طُوَيْساً وتَسَمَّى بِعَبْدِ النَّعِيم؛ وَقَالَ فِي نَفْسِهِ:
إِنني عَبْدُ النعيم، ... أَنا طاؤُوس الْجَحِيمِ،
وأَنا أَشأَم مَنْ يَمْشِي ... عَلَى ظَهْرِ الحَطيم
والطَّاسُ: الَّذِي يُشرب بِهِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ القاقُوزَّةُ. والطَّوْسُ: الْهِلَالُ، وَجَمْعُهُ أَطواسٌ. وطُواسٌ: مِنْ لَيَالِي آخِرِ الشَّهْرِ. وطُوسُ وطُواسُ: مَوْضِعَانِ. والطَّوْسُ: القمرُ. والطُّوسُ: دَوَاءُ المَشِيِّ، واللَّه أَعلم.
طيس: الطَّيْسُ: الْكَثِيرُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْمَاءِ والعَدَدُ الْكَثِيرُ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وطاسَ الشيءُ يَطِيسُ طَيْساً إِذا كَثُرَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَدَدْتُ قَوْمِي كعَدِيدِ الطَّيْسِ، ... إِذ ذَهَبَ القومُ الكرامُ لَيْسِي
أَراد بقوله ليسي غَيْرِي. قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الطَّيْسِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ مَنْ عَلَى ظَهْرِ الأَرض مِنَ الأَنام فَهُوَ مِنَ الطَّيْسِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ كُلُّ خَلْقٍ كَثِيرِ النَّسْل نَحْوَ النَّمْلِ وَالذُّبَابِ وَالْهَوَامِّ، وَقِيلَ: يَعْنِي الْكَثِيرَ مِنَ الرَّمْلِ. وحِنْطة طَيْسٌ: كَثِيرَةٌ؛ قَالَ الأَخطل:
خَلُّوا لَنا رَاذانَ والمَزارِعا ... وحِنْطَةً طَيْساً وكَرْماً يانِعا
وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ حَمِيرًا:
فَصَبَّحَتْ مِنْ شُبْرُمانَ مَنْهَلا ... أَخْضَرَ طَيْساً زَغْرَبِيّاً طَيْسَلا
والطَّيْسَلُ: مِثْلُ الطَّيْسِ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ. والطَّيْس: مَا عَلَى الأَرض مِنَ التُّرَابِ والغَمام، وَقِيلَ: مَا عَلَيْهَا مِنَ النَّمْلِ وَالذُّبَابِ وَجَمِيعِ الأَنام. والطَّيْس والطَّيْسَلُ والطَّرْطَبيس بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الْكَثْرَةِ، واللَّه أَعلم.
فصل العين المهملة
عبس: عَبَسَ يَعْبِسُ عَبْساً وعَبَّس: قَطَّبَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَرَجُلٌ عابِسٌ مِنْ قَوْمٍ عُبُوسٍ. وَيَوْمٌ عابِسٌ وعَبُوسٌ: شديدٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قُس: يَبْتَغِي دَفْعَ باسِ يَومٍ عَبُوسٍ
؛ هُوَ صِفَةٌ لأَصحاب الْيَوْمِ أَي يَوْمٌ يُعَبَّسُ فِيهِ فأَجراه صِفَةً عَلَى الْيَوْمِ كَقَوْلِهِمْ لَيْلٌ نَائِمٌ أَي يُنام فِيهِ. وعَبَّسَ تَعْبِيساً، فَهُوَ مُعَبِّسٌ وعَبَّاسٌ إِذا كَرَّه وَجْهَهُ، شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ، فإِن كَشَر عَنْ أَسنانه فَهُوَ كالِحٌ، وَقِيلَ: عَبَّسَ كَلَحَ. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم: لَا عابِسٌ وَلَا مُفْنِدٌ «2» ؛ العابسُ: الكريهُ المَلْقى الجَهْمُ المُحَيَّا. والتَّعَبُّسُ: التَّجَهُّم. وعَنْبَسٌ وعَنْبَسَةُ وعَنابِسٌ والعَنْبَسيُّ: مِنْ أَسماء الأَسد أُخذ مِنَ العُبُوسِ، وَبِهَا سُمِّي الرَّجُلُ؛ وَقَالَ الْقَطَّامِيُّ:
وَمَا غَرَّ الغُواةَ بَعَنْبَسِيٍّ، ... يُشَرِّدُ عَنْ فَرائِسِه السِّباعا
__________
(2) . قوله [ولا مفند] بهامش النهاية ما نصه: كسر النون من مفند أَولى لأَن الفتح شمله قولها أَي أم معبد ولا هذر، وأَما الكسر ففيه أَنه لا يفند غيره بدليل أَنه كان لا يقابل أَحداً في وجهه بما يكره ولأنه يدل على الخلق العظيم.(6/128)
وَفِي الصِّحَاحِ: والعَنْبَسُ الأَسد، وَهُوَ فَنْعَلٌ مِنَ العُبوس. والعَبَسُ: مَا يَبِسَ عَلَى هُلْبِ الذَّنَب مِنَ الْبَوْلِ وَالْبَعْرِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
كأَنَّ فِي أَذْنابِهِنَّ الشُّوَّلِ، ... مِنْ عَبَسِ الصَّيف، قرونَ الأُيَّلِ
وأَنشده بَعْضُهُمُ: الأُجَّلِ، عَلَى بَدَلِ الْجِيمَ مِنَ الْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ؛ وَقَدْ عَبِسَتِ الإِبلُ عَبَساً وأَعْبَسَتْ: عَلَاهَا ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَظَرَ إِلى نَعَمِ بَنِي المُصْطَلِق وَقَدْ عَبِسَتْ فِي أَبوالها وأَبعارها مِنَ السِّمَنِ فَتَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ وقرأَ: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: عَبِسَتْ فِي أَبوالها يَعْنِي أَن تَجِفَّ أَبوالُها وأَبعارُها عَلَى أَفخاذها وَذَلِكَ إِنما يَكُونُ مِنَ الشَّحْمِ، وَذَلِكَ العَبَسُ، وإِنما عَدَّاهُ بِفِي لأَنه فِي مَعْنَى انْغَمَسَتْ؛ قَالَ جَرِيرٌ يَصِفُ رَاعِيَةً:
تَرى العَبَسَ الحَوْليَّ جَوْناً بِكُوعِها، ... لَهَا مَسَكاً مِن غَيرِ عاجٍ وَلَا ذَبْلِ
والعَبَسُ: الوَذَحُ أَيضاً. وعَبِسَ الوَسَخُ عَلَيْهِ وَفِيهِ عَبَساً: يَبِسَ. وعَبِسَ الثوبُ عَبَساً: يَبِسَ عَلَيْهِ الوَسَخُ. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: أَنه كَانَ يَرُدُّ مِنَ العَبَس
؛ يَعْنِي العَبْدَ البَوَّال فِي فِرَاشِهِ إِذا تعوَّده وَبَانَ أَثره عَلَى بَدَنِهِ وَفِرَاشِهِ. وعَبِسَ الرجلُ: اتَّسَخَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وقَيِّمُ الماءِ عَليْهِ قَدْ عَبِسْ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ قَدْ عَبَسَ مِنَ العُبوسِ الَّذِي هُوَ القُطُوبُ؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
ولَقَدْ شَهِدْتُ الماءَ لَمْ يَشْرَبْ بِهِ، ... زَمَنَ الرَّبيعِ إِلى شُهور الصَّيِّفِ،
إِلا عَوابسُ كالمِراطِ مُعِيدَةٌ، ... بالليلِ، مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ
قَالَ يَعْقُوبُ: يَعْنِي بِالْعَوَابِسِ الذِّئَابَ الْعَاقِدَةَ أَذنابها، وَبِالْمِرَاطِ السِّهَامَ الَّتِي قَدْ تَمَرَّط رِيشُهَا؛ وَقَدْ أَعْبَسَه هُوَ. والعَبْوَسُ: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ. والعَبْسُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ، يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ سِيسَنْبَر. وعَبْسٌ: قَبِيلَةٍ مِنْ قَيْسِ عَيْلانَ، وَهِيَ إِحدى الجَمَراتِ، وَهُوَ عَبْسُ بنُ بَغِيضِ بْنِ رَيْث بْنِ غَطَفان بْنِ سَعْد بْنِ قَيس بْنِ عَيْلان. والعَنابِسُ مِنْ قُرَيْشٍ: أَولاد أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الأَكبر وَهُمْ سِتَّةٌ: حَرْبٌ وأَبو حَرْبٍ وَسُفْيَانُ وأَبو سُفْيَانَ وَعَمْرٌو وأَبو عَمْرٍو، وسُمُّوا بالأُسْد، وَالْبَاقُونَ يُقَالُ لَهُمُ الأَعْياصُ. وعابِسٌ وعَبَّاس وَالْعَبَّاسُ اسْمٌ عَلَمٌ، فَمَنْ قَالَ عَبَّاسٌ فَهُوَ يُجْرِيهِ مُجْرَى زَيْدٍ، وَمَنْ قَالَ الْعَبَّاسُ فإِنما أَراد أَن يَجْعَلَ الرَّجُلَ هُوَ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: الْعَبَّاسُ وَمَا أَشبهه مِنَ الأَوصاف الْغَالِبَةِ إِنما تَعَرَّفَتْ بِالْوَضْعِ دُونَ اللَّامِ، وإِنما أُقرت اللَّامُ فِيهَا بَعْدَ النَّقْلِ وَكَوْنُهَا أَعلاماً مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ الْوَصْفِ فِيهَا قَبْلَ النَّقْلِ. وعَبْسٌ وعَبَسٌ وعُبَيْسٌ: أَسماء أَصلها الصِّفَةُ، وَقَدْ يَكُونُ عُبَيْسٌ تَصْغِيرَ عَبْسٍ وعَبَسٍ، وَقَدْ يَكُونُ تَصْغِيرَ عَبَّاسٍ وعابِسٍ تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ. ابْنُ الأَعرابي: العَبَّاسُ الأَسد الَّذِي تَهْرُبُ مِنْهُ الأُسْدُ؛ وَبِهِ سُمِّي الرَّجُلُ عَبَّاساً. وَقَالَ أَبو تُرَابٍ: هُوَ جِبْسٌ عِبْس لِبْسٌ إِتباعٌ. والعَبْسانِ: اسْمُ أَرض؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَشاقَتْكَ بالعَبْسَيْنِ دارٌ تَنَكَّرَتْ ... مَعارِفُهاْ إِلا البِلادَ البَلاقِعا؟(6/129)
عبقس: عَبْقَسٌ: مِنْ أَسماء الداهية. والعَبَنْقَسُ: السَّيِءُ الخُلُق. والعَبَنْقَس: النَّاعِمُ الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
شَوْق العَذارى العارِمَ العَبَنْقَسا
والعَبَنْقَسُ: الَّذِي جَدَّتاه مِنْ قِبَل أَبيه وأُمه أَعجميتان، وَقَدْ قِيلَ إِنه بِالْفَاءِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: العَبَنْقَسُ الَّذِي جَدَّتاه مِنْ قِبَلِ أَبيه وأُمه عَجَمِيَّتَانِ وامرأَته عَجَمِيَّةٌ، والفَلَنْقَسُ الَّذِي هُوَ عَرَبِيٌّ لِعَرَبِيَّيْنِ وَجَدَّتَاهُ مِنْ قِبَلِ أَبويه أَمتان وامرأَته عربية.
عترس: العَتْرَسَةُ: الغَصْب والغَلَبَة والأَخذ بشدِّة وعُنْفٍ وجَفاء وغِلْظَةٍ، وَقِيلَ: الغَلَبَةُ والأَخْذُ غَصْباً. يُقَالُ: أَخَذَ مالَه عَتْرَسَةً. وعَتْرَسَه مالَه، مُتَعَدٍّ إِلى مَفْعُولَيْنِ: غَصَبَهُ إِياه وَقَهَرَهُ. وعَتْرَسَهُ: أَلزقه بالأَرض، وَقِيلَ: جَذَبَهُ إِليها وضَغَطَهُ ضَغْطاً شَدِيدًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سُرِقَتْ عَيْبَةٌ لِي وَمَعَنَا رَجُلٌ يُتَّهَمُ فاسْتَعْدَيْتُ عَلَيْهِ عُمَرَ وَقُلْتُ: لَقَدْ أَردتُ أَن آتِيَ بِهِ مَصْفُوداً، فَقَالَ: تأْتيني بِهِ مَصْفُودًا تُعَتْرِسُه؟
أَي تَقْهَرُه مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ أَوجب ذَلِكَ؛ وَقَالَ الأَزهري فِي الْحَدِيثِ:
إِن رَجُلًا جَاءَ إِلَى عُمَرَ بَرْجُلٍ قَدْ كَتَفَهُ فَقَالَ: أَتُعَتْرِسُه؟
يَعْنِي أَتَقْهَرُه وَتَظْلِمُهُ دُونَ حُكْمِ حاكمٍ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَرْفُ مصحَّفاً عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ:
قَالَ عُمَرُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ
، وَهِيَ تَصْحِيفُ تُعَتْرِسُه؛ قَالَ: وَهَذَا مُحَالٌ لأَنه لَوْ أَقام عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْحُكْمِ أَن يُكَتِّفَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّه: إِذا كَانَ الإِمامُ تَخاف عَتْرَسَتَه فقل: اللهم رَبَّ السموات السَّبْعِ ورَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ كُنْ لِي جَارًا مِنْ فُلَانٍ.
والعَتْرَسُ والعَتَرَّسُ والعِتْريسُ، كُلُّهُ: الضَّابِطُ الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: هُوَ الجَبَّار الغَضْبان. والعِتْريسُ والعَنْتَريسُ: الدَّاهِيَةُ. والعِتْريسُ: الذَّكَرُ مِنَ الغِيلانِ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لِلشَّيْطَانِ. والعَنْتَريسُ: النَّاقَةُ الصُّلْبَةُ الوثيقةُ الشَّدِيدَةُ الكثيرةُ اللَّحْمِ الْجَوَادُ الْجَرِيئَةُ، وَقَدْ يُوصَفُ بِهِ الْفَرَسُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مِنْ العَتْرَسَةِ الَّتِي هِيَ الشِّدَّةُ، لَمْ يَحْكِ ذَلِكَ غَيْرهُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النُّونُ زَائِدَةٌ لأَنه مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَتْرَسَةِ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلدِّيكِ العُتْرُسانُ والعِتْرِسُ، وَقِيلَ: العِتْرِسُ الرَّجُلُ الحادِرُ الخَلْقِ العظيمُ الجْسمِ العَبْلُ المفاصلِ، وَمِثْلُهُ الْعَرْدَسُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ضَخْم الخُباساتِ إِذا تَخَبَّسا ... عَصْباً، وإِن لَاقَى الصِّعابَ عَتْرَسا
يُقَالُ: عَتْرَسَ أَخذ بِجَفَاءٍ وخُرْقٍ. والعَنْتَريسُ: الشُّجَاعُ؛ وأَنشد قَوْلِ أَبي دُواد يَصِفُ فَرَسًا:
كلُّ طِرْفٍ مُوَثَّقٍ عَنْتَريسٍ، ... مُسْتَطِيلِ الأَقْرابِ والبُلْعُومِ
وَعَنَى بِالْبُلْعُومِ جَحْفَلَتَه، أَراد بَيَاضًا سائلًا على جَحْفَلَتِه.
عجس: العَجْسُ: شِدَّةُ القَبْضِ عَلَى الشَّيْءِ. وعَجْسُ القوسِ وعِجْسُها وعُجْسُها ومَعْجِسُها وعُجْزُها: مَقْبِضُها الَّذِي يَقْبِضُهُ الرَّامِي مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعُ السَّهْمِ مِنْهَا. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: عَجْسُ القَوس أَجلُّ مَوْضِعٍ فِيهَا وأَغلظه. وَكُلُّ عَجْزٍ عَجْسٌ، وَالْجَمْعُ أَعْجاس؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ومَنْكِبا عِزٍّ لَنَا وأَعْجاس
وعُجْسُ السَّهْمِ: ما دون ريشه. و [العِجْسُ] العُجْسُ: آخِرُ الشَّيْءِ. وعَجِيساءُ اللَّيْلِ وعَجاساؤُه. ظُلْمَتُهُ. والعَجاساءُ:(6/130)
الظُّلْمَةُ. وعَجَسَتِ الدَّابَّةُ تَعْجِسُ عَجَساناً: ظَلَعَتْ. والعَجاساءُ: الإِبلُ العِظامُ المَسانُّ، الواحِدُ والجمعُ عَجاساءُ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ إِبلًا وَحَادِيَهَا:
إِذا سَرَحَتْ مِنْ مَنْزِلٍ نَامَ خَلْفَها، ... بِمَيْثاءَ، مِبْطانُ الضُّحى غَيْرَ أَرْوَعا
وإِن بَرَكَتْ مِنْهَا عَجاساءُ جِلَّةٌ ... بِمَحْنِيَّةٍ، أَشْلَى العِفاسَ وبَرْوَعَا
مِبْطانُ الضُّحى: يَعْنِي رَاعِيًا يُبَادِرُ الصَّبُوح فَيَشْرَبُ حَتَّى يَمْتَلِئَ بَطْنُهُ مِنَ اللَّبَنِ. والأَرْوَعُ: الَّذِي يَرُوعُك جَمَاله، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي يُسْرِعُ إِليه الِارْتِيَاعُ. وَالْمَيْثَاءُ: الأَرض السَّهْلَةُ. وبَرَكَتْ: مِنَ البُرُوك. والعِفاسُ وبَرْوَعٌ: اسْمَا نَاقَتَيْنِ؛ يَقُولُ: إِذا استأْخرت مِنْ هَذِهِ الإِبل عَجاسَاءُ دَعَا هَاتَيْنِ النَّاقَتَيْنِ فَتَبِعَهُمَا الإِبل، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهُوَ فِي شِعْرِهِ خَذَلَتْ أَي تَخَلَّفَتْ. والجِلَّةُ: المَسَانُّ مِنَ الإِبل، وَاحِدُهَا جليلٌ مِثْلُ صَبِيٍّ وصِبْيَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ الْقِطْعَةُ الْعَظِيمَةُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هِيَ النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ الثَّقِيلَةُ الحَوْساءُ، الْوَاحِدَةُ عَجاساءُ، وَالْجَمْعُ عَجاسَاءُ، قَالَ: وَلَا تَقُلْ جَمَلٌ عَجاساءُ، والعَجاساءُ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ؛ وأَنشد:
وطافَ بالحَوْضِ عَجاسا حُوسُ
الحُوسُ: الْكَثِيرَةُ الأَكل. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: لَا يُعْرَفُ العَجاسا مَقْصُورَةً. والعَجُوسُ: آخِرُ سَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ. والعُجُوسُ: إِبطاء مَشْيِ العَجاسَاءِ، وَهِيَ النَّاقَةُ السَّمِينَةُ تتأَخر عَنِ النُّوقِ لِثِقَلِ قَتَالِها، وقَتالُها شَحْمُها وَلَحْمُهَا. والعَجِيساء: مِشْيَةٌ فِيهَا ثِقَلٌ. وعَجَّسَ: أَبْطَأَ. وَلَا آتِيكَ سَجِيسَ عُجَيْسٍ أَي طُولَ الدَّهْرِ، وَهُوَ مِنْهُ لأَنه يَتَعَجَّسُ أَي يُبْطِئُ فَلَا يَنْفَدُ أَبداً. وَلَا آتِيكَ عُجَيْسَ الدهرِ أَي آخِرَهُ؛ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَحمر:
فأَقْسَمْتُ لَا آتِي ابْنَ ضَمْرَةَ طَائِعًا، ... سَجِيسَ عُجَيْسٍ، مَا أَبانَ لِساني
عُجَيْس مُصَغَّرٌ، أَي لَا آتِيهِ أَبداً، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ لَا آتِيكَ الأَزْلَمَ الجَذَعَ، وَهُوَ الدَّهْرُ. وتَعَجَّسَت بِيَ الراحلةُ وعَجَسَتْ بِيَ إِذا تَنَكَّبَتْ عَنِ الطَّرِيقِ مِنْ نَشَاطِهَا؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:
إِذا قالَ حَادِينا: أَيا عَجَسَتْ بِنا ... صُهابِيَّةُ الأَعْرافِ عُوجُ السَّوالِفِ
وَيُرْوَى: عَجَّسَتْ بِنَا، بِالتَّشْدِيدِ. والعَجاسا، بالقَصْرِ: التَّقَاعُسُ. وعَجَسَهُ عَنْ حَاجَتِهِ يَعْجِسُهُ وتَعَجَّسَهُ: حَبَسَهُ؛ وعَجَسَتْنِي عَجَاساءُ الأُمور عَنْكَ. وَمَا مَنَعَكَ، فَهُوَ العَجاسَاءُ. وعَجَسَني عَنْ حَاجَتِي عَجْساً: حَبَسَنِي. وتَعَجَّسَتْني أُمورٌ: حَبَسَتْني. وتَعَجَّسَه: أَمَرَه أَمْراً فَغَيَّرَهُ عَلَيْهِ. وفَحْلٌ عَجِيسٌ وعَجِيساءُ وعَجاسَاءُ: عَاجِزٌ عَنِ الضِّراب، وَهُوَ الَّذِي لَا يُلْقِحُ. وعَجِيساءُ: مَوْضِعٌ. والعَيْجُوسُ: سَمَكٌ صِغَارٌ يُمَلَّحُ؛ وأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ:
وفِتْيَةٍ نَبَّهْتُهُمْ بالعَجْسِ
فَهُوَ طَائِفَةٌ مِنْ وَسَطِ اللَّيْلِ كأَنه مأْخوذ مِنْ عَجْسِ القَوسِ؛ يُقَالُ: مَضَى عَجْسٌ مِنَ اللَّيْلِ. والعُجْسَةُ: السَّاعَةُ مِنَ اللَّيْلِ، وَهِيَ الهُتْكَةُ والطَّبِيقُ؛ وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي بَيْتَ زُهَيْرٍ:
بَكَرْنَ بُكُوراً واسْتَعَنَّ بِعُجْسَةٍ
قَالَ: وأَراد بعُجْسَةٍ سَوادَ اللَّيْلِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن مَنْ رَوَاهُ: واسْتَحَرْنَ بِسُحْرَةٍ، لَمْ يُرِدْ تَقْدِيمَ(6/131)
البُكور عَلَى الاسْتِحارِ. وتَعَجَّسْتُ أَمر فُلَانٍ إِذا تَعَقَّبْتَهُ وَتَتَبَّعْتَهُ. وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف: فَيَتَعَجَّسُكُمْ فِي قُرَيْشٍ
أَي يَتْبَعُكُمْ. وَيُقَالُ: تَعَجَّسَتِ الأَرضَ غُيُوثٌ إِذا أَصابها غَيْثٌ بَعْدَ غَيثٍ فَتَثَاقَلَ عَلَيْهَا. ومَطَرٌ عَجُوسٌ أَي مُنْهَمِرٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَوْطَف يَهْدِي مُسْبِلًا عَجُوسا
وتَعَجَّسَهُ عِرْقُ سَوْءٍ وتَعَقَّلَه وتَثَقَّلَه إِذا قَصَّرَ بِهِ عَنِ الْمَكَارِمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَتَعَجَّسُكُمْ عِنْدَ أَهل مَكَّةَ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ يُضَعِّفُ رَأْيَكُمْ عِنْدَهُمْ. وعِجِّيسَى مِثْلُ خِطِّيبَى: اسْمُ مِشْيَة بَطِيئَةٍ؛ وَقَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ السَّرَّاج: عَجِيساءُ، بِالْمَدِّ، مثال قَرِيثَاءَ.
عجنس: العَجَنَّسُ: الجملُ الشديدُ الضَّخْمُ؛ السِّيرَافِيُّ: هُوَ مَعَ ثِقَلٍ وبُطءٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ، وَقِيلَ جُرَيٌّ الكاهِليُّ:
يَتْبَعْنَ ذَا هَداهِدٍ عَجَنَّسَا، ... إِذا الغُرابانِ بِهِ تَمَرَّسَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: نَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ لِلْعَجَّاجِ وَهُوَ لِجَرِيٍّ الْكَاهِلِيِّ. وَالْهُدَاهِدُ: جَمْعُ هَدْهَدَةٍ لِهَدِيرِ الْفَحْلِ؛ وأَنشد الأَزهري لِلْعَجَّاجِ:
عَصْباً عِفِرَّى جُخْدُباً عَجَنَّسا
وَقَالَ: عِفِرَّى عَظِيمُ الْعُنُقِ غَلِيظُهُ. عَصْباً: غَلِيظًا. الجُخْدُبُ: الضَّخْمُ. والعَجَنَّسُ: الشَّدِيدُ، وَالْجَمْعُ عَجَانِسُ، وَتُحْذَفُ التَّثْقِيلَةُ لأَنها زَائِدَةٌ. والعَجَنَّسُ: الضَّخْمُ مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ.
عدس: العَدْسُ، بِسُكُونِ الدَّالِ: شِدَّةُ الْوَطْءِ عَلَى الأَرض والكَدْح أَيضاً. وعَدَس الرجلُ يَعْدِسُ عَدْساً وعَدَساناً وعُدُوساً وعَدَسَ وحَدَسَ يَحْدِسُ: ذَهَبَ فِي الأَرض؛ يُقَالُ: عَدَسَتْ بِهِ المَنِيَّةُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أُكَلِّفُها هَوْلَ الظلامِ، وَلَمْ أَزَلْ ... أَخا اللَّيلِ مَعْدُوساً إِليَّ وعادِسا
أَي يَسَارٌ إِليَّ بِاللَّيْلِ. وَرَجُلٌ عَدُوسُ اللَّيْلِ: قَوِيٌّ عَلَى السُّرَى، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ، يَكُونُ فِي النَّاسِ والإِبل؛ وَقَوْلُ جَرِيرٌ:
لقَدْ وَلدَتْ غَسَّانَ ثالِثَةُ الشَّوى، ... عَدُوسُ السُّرى، لَا يَقْبَلُ الكَرْمَ جِيدُها
يَعْنِي بِهِ ضَبُعاً. وَثَالِثَةُ الشَّوَى: يَعْنِي أَنها عَرْجَاءُ فكأَنها عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ، كأَنه قَالَ: مَثْلُوثَة الشَّوَى، وَمَنْ رَوَاهُ ثالِبَة الشَّوَى أَراد أَنها تأْكل شَوَى القَتْلى مِنَ الثَّلْبِ، وَهُوَ الْعَيْبُ، وَهُوَ أَيضاً فِي مَعْنَى مَثْلُوبَةٍ. والعَدَسُ: مِنَ الحُبوب، وَاحِدَتُهُ عَدَسَة، وَيُقَالُ لَهُ العَلَسُ والعَدَسُ والبُلُسُ. والعَدَسَةُ: بَثْرَةٌ قَاتِلَةٌ تَخْرُجُ كَالطَّاعُونِ وَقَلَّمَا يُسْلَمُ مِنْهَا، وَقَدْ عُدِسَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رَافِعٍ: أَن أَبا لَهَبٍ رَمَاهُ اللَّه بالعَدَسَةِ
؛ هِيَ بَثْرَةٌ تُشْبِهُ العَدَسَة تَخْرُجُ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْجَسَدِ مِنْ جِنْسِ الطَّاعُونِ تَقْتُلُ صَاحِبَهَا غَالِبًا. وعَدَسْ وحَدَسْ: زَجْرٌ لِلْبِغَالِ، والعامَّة تَقُولُ: عَدْ؛ قَالَ بَيْهَس بنُ صُرَيمٍ الجَرْمِيُّ:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هَلْ أَقُولَنْ لِبَغْلَتي: ... عَدَسْ بَعْدَ ما طالَ السِّفارُ وكَلَّتِ؟
وأَعربه الشَّاعِرُ لِلضَّرُورَةِ فَقَالَ وَهُوَ بِشْرُ بنُ سُفْيَانَ الرَّاسِبيُّ:
فاللَّهُ بَيْني وبَيْنَ كلِّ أَخٍ ... يَقولُ: أَجْذِمْ، وقائِلٍ: عَدَسا(6/132)
أجذم: زَجْرٌ لِلْفَرَسِ، وعَدَس: اسْمٌ مِنْ أَسماء الْبِغَالِ؛ قَالَ:
إِذا حَمَلْتُ بِزَّتي عَلَى عَدَسْ، ... عَلَى الَّتِي بَيْنَ الحِمارِ والفَرَسْ،
فَلَا أُبالي مَنْ غَزا أَو مَنْ جَلَسْ
وَقِيلَ: سَمَّتِ الْعَرَبُ الْبَغْلَ عَدَساً بالزَّجْرِ وسَببهِ لَا أَنه اسْمٌ لَهُ، وأَصلُ عَدَسْ فِي الزَّجْرِ فَلَمَّا كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ وَفَهِمَ أَنه زَجْرٌ لَهُ سُمِّيَ بِهِ، كَمَا قِيلَ لِلْحِمَارِ: سَأْسَأْ، وَهُوَ زَجْرٌ لَهُ فَسُمِّيَ بِهِ؛ وَكَمَا قَالَ الْآخَرُ:
وَلَوْ تَرى إِذ جُبَّتي مِنْ طاقِ، ... ولِمَّتي مِثلُ جَناحِ غاقِ،
تَخْفِقُ عندَ المَشْيِ والسِّباقِ
وَقِيلَ: عَدَسْ أَو حَدَسْ رَجُلٌ كَانَ يَعْنُف عَلَى البغالِ فِي أَيام سُلَيْمَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَتْ إِذا قِيلَ لَهَا حَدَسْ أَو عَدَس انْزَعَجَتْ، وَهَذَا مَا لَا يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ. وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ أَرقم حَدَسْ مَوْضِعَ عَدَسْ قَالَ: وَكَانَ الْبَغْلُ إِذا سَمِعَ بَاسِمِ حَدَسْ طَارَ فَرَقاً فَلَهِجَ النَّاسُ بِذَلِكَ، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ النَّاسِ عَدَسْ؛ قَالَ: وَقَالَ يَزيدُ بنُ مُفَزِّغٍ فَجَعَلَ الْبَغْلَةَ نَفْسَهَا عَدَساً فَقَالَ:
عَدَسْ، مَا لِعَبَّادٍ عَلَيْكِ إِمارَةٌ، ... نَجَوْتِ وَهَذَا تَحْمِلينَ طَلِيقُ
فإِنْ تَطْرُقي بابَ الأَمِيرِ، فإِنَّني ... لِكُلِّ كريمٍ ماجِدٍ لَطَرُوقُ
سَأَشْكُرُ مَا أُولِيتُ مِنْ حُسْنِ نِعْمَةٍ، ... ومِثْلي بِشُكْرِ المُنْعِمِينَ خَلِيقُ
وعَبَّادٌ هَذَا: هُوَ عَبَّادُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبي سُفْيَانَ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ وَلَّاهُ سِجِسْتانَ وَاسْتَصْحَبَ يَزِيدَ بنَ مُفَرِّغٍ مَعَهُ، وَكَرِهَ عُبَيْدُ اللَّه أَخو عَبَّادٍ اسْتِصْحَابَهُ لِيَزِيدَ خَوْفًا مِنْ هِجَائِهِ، فَقَالَ لِابْنِ مفرَّغ: أَنا أَخاف أَن يشتغلَ عَنْكَ عبادٌ فَتَهْجُوَنا فأُحِبُّ أَن لَا تَعْجَل عَلَى عَبَّادٍ حَتَّى يَكْتُبَ إِليَّ، وَكَانَ عبادٌ طَوِيلُ اللِّحْيَةِ عَرِيضُهَا، فَرَكَبَ يَوْمًا وَابْنُ مُفَرَّغٍ فِي مَوْكِبِه فهَبَّتِ الرِّيحُ فنَفَشَتْ لِحْيَتُهُ، فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ مُفَرِّغٍ:
أَلا لَيْتَ اللِّحى كانتْ حَشِيشاً، ... فنَعْلِفَها خيولَ المُسْلِمِينا
وَهَجَاهُ بأَنواع مِنَ الْهِجَاءِ، فأَخذه عُبَيْدُ اللَّه بْنُ زِيَادٍ فَقَيَّدَهُ، وَكَانَ يَجْلِدُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيُعَذِّبُهُ بأَنواع الْعَذَابِ وَيَسْقِيهِ الدَّوَاءَ المُسْهِل وَيَحْمِلُهُ عَلَى بَعِيرٍ ويَقْرُنُ بِهِ خِنْزيرَة، فإِذا انْسَهَلَ وَسَالَ عَلَى الْخِنْزِيرَةِ صاءَتْ وَآذَتْهُ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ الْبَلَاءُ كَتَبَ إِلى مُعَاوِيَةَ أَبياتاً يَسْتَعْطِفُهُ بِهَا وَيَذْكُرُ مَا حَلَّ بِهِ، وَكَانَ عُبَيْدُ اللَّه أَرسل بِهِ إِلى عَبَّادٍ بِسِجِسْتَانَ وَبِالْقَصِيدَةِ الَّتِي هَجَاهُ بِهَا، فَبَعَثَ خَمْخَامَ مولاه على الزَّنْدِ وَقَالَ: انْطَلَقَ إِلى سِجِسْتَانَ وأَطلق ابْنُ مُفَرَّغٍ وَلَا تستأْمر عَبَّادًا، فأَتى إِلى سِجِسْتَانَ وسأَل عَنِ ابْنِ مُفَرَّغٍ فأَخبروه بِمَكَانِهِ فَوَجَدَهُ مُقَيَّدًا، فأَحضر قَيْناً فكَّ قُيُودَهُ وأَدخله الْحَمَّامَ وأَلبسه ثِيَابًا فَاخِرَةً وأَركبه بَغْلَةً، فَلَمَّا رَكِبَهَا قَالَ أَبياتاً مِنْ جُمْلَتِهَا: عَدَسْ مَا لِعَبَّادٍ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ: صَنَعَ بِي مَا لَمْ يَصْنَعْ بأَحدٍ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ أَحدثته، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: وأَيّ حَدَث أَعظم مِنْ حَدَثٍ أَحدثته فِي قَوْلِكَ:
أَلا أَبْلِغْ مُعاويةَ بنَ حَرْبٍ ... مُغَلْغَلَةً عَنِ الرجُل اليَماني
أَتَغْضَبُ أَن يُقال: أَبُوكَ عَفٌّ، ... وتَرْضى أَنْ يقالَ: أَبُوكَ زاني؟(6/133)
قأَشْهَدُ أَنَّ رَحْمَك مِنْ زِيادٍ ... كَرَحْمِ الفِيلِ مِنْ ولَدِ الأَتانِ
وأَشْهَدُ أَنها حَمَلَتْ زِياداً، ... وصَخْرٌ مِنْ سُمَيَّةَ غيرُ دَانِي
فَحَلَفَ ابْنُ مُفَرِّغَ لَهُ أَنه لَمْ يَقُلْهُ وإِنما قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ أَخو مَرْوَانَ فَاتَّخَذَهُ ذَرِيعَةً إِلى هِجَاءِ زِيَادٍ، فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ وَقَطَعَ عَنْهُ عَطَاءَهُ. وَمِنْ أَسماء الْعَرَبِ: عُدُسٌ وحُدُسٌ وعُدَسٌ. وعُدُسٌ: قَبِيلَةٌ، فَفِي تَمِيمٍ بِضَمِّ الدَّالِ، وَفِي سَائِرِ الْعَرَبِ بِفَتْحِهَا. وعَدَّاسٌ وعُدَيسٌ: اسْمَانِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وعُدَسٌ مِثْلُ قُثَمٍ اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ زُرارَةُ بنُ عُدَسٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ عُدُسٌ، بِضَمِّ الدَّالِّ. رَوَى ابْنُ الأَنباري عَنْ شُيُوخِهِ قَالَ: كُلُّ مَا فِي الْعَرَبِ عُدَسٌ فإِنه بِفَتْحِ الدَّالِ، إِلا عُدُسَ بْنَ زَيْدٍ فإِنه بِضَمِّهَا، وَهُوَ عُدُسُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ دارِمٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي فِي زُرارة بْنِ عُدَسٍ بِالضَّمِّ لأَنه مِنْ وَلَدِ زَيْدٍ أَيضاً. قَالَ: وَكُلُّ مَا فِي الْعَرَبِ سَدُوس، بِفَتْحِ السِّينِ، إِلَّا سُدُوسَ بْنَ أَصْمَعَ فِي طَيِءٍ فإِنه بِضَمِّهَا.
عدبس: جَمَلٌ عَدْبَسٌ وعَدَبَّسٌ: شَدِيدٌ وثِيقُ الخَلْقِ عَظِيمٌ، وَقِيلَ: هُوَ السَّيءُ الخُلُقِ. ورجلٌ عَدَبَّسٌ: طَوِيلٌ. والعَدَبَّسُ: اسْمٌ. والعَدَبَّسَةُ: الكُتْلَةُ مِنَ التَّمْرِ. والعدَبَّسُ: الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ. والعدَبَّس مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا: الشَّدِيدُ الموَثَّق الخَلْق، وَالْجَمْعُ العَدابِسُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ صَائِدًا:
حَتَّى غَدا، وغَدا لَهُ ذُو بُرْدَةٍ ... شثْنُ البَنانِ، عَدبَّسُ الأَوْصالِ
وَمِنْهُ سُمِّيَ العَدَبَّسُ الأَعرابي الكِنانيُّ.
عدمس: العُدامسُ: اليَبِيسُ الْكَثِيرُ الْمُتَرَاكِبُ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ.
عرس: العَرَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: الدَّهَشُ. وعَرِسَ الرَّجُلُ وعَرِشَ، بِالْكَسْرِ وَالسِّينِ وَالشِّينِ، عَرَساً، فَهُوَ عَرِسٌ: بَطِرَ، وَقِيلَ: أَعْيَا ودَهِشَ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
حَتَّى إِذا أَدْرَكَ الرَّامِي، وَقَدْ عَرِسَتْ ... عَنْهُ الكِلابُ؟ فأَعْطاها الَّذِي يَعِدُ
عَدَّاهُ بِعَنْ لأَن فِيهِ مَعْنَى جَبُنَتْ وتأَخرت، وأَعطاها أَي أَعطى الثَّوْرُ الكِلابَ مَا وَعَدَهَا مِنَ الطَّعْن، ووَعْدُه إِياها، كأَنْ يتهيَّأَ وَيَتَحَرَّفَ إِليها ليطعُنها. وعَرِسَ الشيءُ عَرَساً: اشتَدَّ. وعَرِسَ الشَّرُّ بَيْنَهُمْ: لزِمَ ودامَ. وعَرِسَ بِهِ عَرَساً: لَزِمَه. وعَرِسَ عَرَساً، فَهُوَ عَرِسٌ: لَزِمَ القتالَ فَلَمْ يَبْرَحْه. وعَرِسَ الصَّبِيُّ بأُمه عَرَساً: أَلِفَها وَلَزِمَهَا. والعُرْسُ والعُرُس: مِهْنَةُ الإِملاكِ والبِناء، وَقِيلَ: طَعَامُهُ خَاصَّةً، أُنثى تُؤَنِّثُهَا الْعَرَبُ وَقَدْ تُذَكَّرُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنَّا وجَدْنا عُرُسَ الحَنَّاطِ ... لَئِيمَةً مَذْمُومَةَ الحُوَّاطِ،
نُدْعى مَعَ النَّسَّاجِ والخَيَّاطِ
وَتَصْغِيرُهَا بِغَيْرِ هَاءٍ، وَهُوَ نَادِرٌ، لأَن حَقَّهُ الْهَاءُ إِذ هُوَ مُؤَنَّثٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرف. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَن امرأَة قَالَتْ لَهُ: إِن ابْنَتِي عُرَيِّسٌ وَقَدْ تَمَعَّطَ شَعْرُهَا
؛ هِيَ تَصْغِيرُ العَرُوس، وَلَمْ تَلْحَقْهُ تَاءُ التأْنيث وإِن كَانَ مُؤَنَّثًا لِقِيَامِ الْحَرْفِ الرَّابِعِ مَقامه، وَالْجَمْعُ أَعْراسٌ وعُرُسات مِنْ قَوْلِهِمْ: عَرِسَ الصَّبِيُّ بأُمه، عَلَى التَّفاؤل. وَقَدْ أَعْرَسَ فُلَانٌ أَي اتَّخَذَ عُرْساً. وأَعْرَسَ بأَهله(6/134)
إِذا بَنَى بِهَا وَكَذَلِكَ إِذا غَشِيَهَا، وَلَا تَقُلْ عَرَّسَ، وَالْعَامَّةُ تَقَوَّلُهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ حِمَارًا:
يُعْرِسُ أَبْكاراً بِهَا وعُنَّسا، ... أَكْرَمُ عِرْسٍ بَاءَةً إِذْ أَعْرَسا
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه نَهَى عَنْ مُتعة الْحَجِّ، وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، فعَله وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَن يَظَلوا مُعْرِسين بِهِنَّ تَحْتَ الأَراكِ، ثُمَّ يُلَبُّونَ بالحج تَقْطُرُ رؤوسهم
؛ قَوْلُهُ مُعْرِسِين أَي مُلِمِّين بِنِسَائِهِمْ، وَهُوَ بِالتَّخْفِيفِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن إِلْمام الرَّجُلِ بأَهله يُسَمَّى إِعراساً أَيام بِنَائِهِ عَلَيْهَا، وَبَعْدَ ذَلِكَ، لأَن تَمَتُّعَ الْحَاجِّ بامرأَته يَكُونُ بَعْدَ بِنَائِهِ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي طَلْحَةَ وأُم سُليم: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَعْرَسَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُعْرِسٌ إِذا دَخَلَ بامرأَته عند بنائها، وأَراد به هَاهُنَا الْوَطْءَ فَسَمَّاهُ إِعْراساً لأَنه مِنْ تَوَابِعِ الإِعْراس، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِيهِ عَرَّسَ. والعَرُوسُ: نَعْتٌ يَسْتَوِي فِيهِ الرَّجُلُ والمرأَة، وَفِي الصِّحَاحِ: مَا دَامَا فِي إِعْراسهما. يقال: رَجُلٌ عَرُوس فِي رِجَالٍ أَعْراس وعُرُس، وامرأَة عَرُوس فِي نِسْوَةٍ عَرائِس. وَفِي الْمَثَلِ: كَادَ العَرُوس يَكُونُ أَميراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَصبح عَرُوساً.
يُقَالُ لِلرَّجُلِ عَرُوسٌ كَمَا يُقَالُ للمرأَة، وَهُوَ اسْمٌ لَهُمَا عِنْدَ دُخُولِ أَحدهما بِالْآخَرِ. وَفِي حَدِيثِ
حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّه كَانَ إِذا دُعِيَ إِلى طَعام قَالَ أَفي خُرْسٍ أَو عُرْس أَو إِعْذارٍ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ عُرْس: يَعْنِي طَعَامَ الْوَلِيمَةِ وَهُوَ الَّذِي يُعْمَلُ عِنْدَ العُرْس يُسَمَّى عُرْساً بِاسْمِ سَبَبِهِ. قَالَ الأَزهري: العُرُس اسْمٌ مِنْ إِعْراسِ الرَّجُلِ بأَهله إِذا بَنى عَلَيْهَا وَدَخَلَ بِهَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَرُوس؛ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: عَرُوس وعُرُوس وللمرأَة كَذَلِكَ، ثُمَّ تُسَمَّى الْوَلِيمَةُ عُرْساً. وعِرْسُ الرَّجُلِ: امرأَته؛ قَالَ:
وحَوْقَل قَرَّبَهُ مِنْ عِرْسِهِ ... سَوْقي، وَقَدْ غابَ الشِّظاظُ فِي اسْتِهِ
أَراد: أَن هَذَا المُسِنَّ كان على الرجل فَنَامَ فحَلَم بأَهله، فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ قرَّبه مِنْ عِرْسِهِ لأَن هَذَا الْمُسَافِرَ لَوْلَا نومُه لَمْ يَرَ أَهله، وَهُوَ أَيضاً عِرْسُها لأَنهما اشْتَرَكَا فِي الِاسْمِ لِمُوَاصَلَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وإِلفِهِ إِياه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَزْهَر لَمْ يُولَدْ بِنَجْمٍ نَحْسِ، ... أَنْجَب عِرْسٍ جُبِلا وعِرْسِ
أَي أَنجب بَعْلٌ وامرأَة، وأَراد أَنجب عِرس وعِرْس جُبلا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن مَا عُطِفَ بِالْوَاوِ بِمَنْزِلَةِ مَا جَاءَ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ، فكأَنه قَالَ: أَنجب عِرْسَيْن جُبِلا، لَوْلَا إِرادة ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ هَذَا لأَن جُبِلا وَصْفٌ لَهُمَا جَمِيعًا وَمُحَالٌ تَقْدِيمُ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ، وكأَنه قَالَ: أَنْجَبُ رَجُلٌ وامرأَة. وَجَمْعُ العِرْس الَّتِي هِيَ المرأَة وَالَّذِي هُوَ الرَّجُلُ أَعْراسٌ، وَالذَّكَرُ والأُنثى عِرْسانِ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ يَصِفُ ظَلِيماً:
حَتَّى تَلافَى، وقَرْنُ الشَّمسِ مُرْتَفِعٌ، ... أُدْحِيَّ عِرْسَيْنِ فِيهِ البَيْضُ مَرْكُومُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَلَافَى تَدَارَكَ. والأُدْحِيُّ: مَوْضِعُ بيضِ النعامةِ. وأَراد بالعِرْسَينِ الذَّكَرَ والأُنثى، لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِرْسٌ لِصَاحِبِهِ. والمَرْكُوم: الَّذِي رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا. ولَبُوءَة الأَسد: عِرْسُه؛ وَقَدِ اسْتَعَارَهُ الْهُذَلِيُّ للأَسد فَقَالَ:
لَيْثٌ هِزَبْرٌ مُدِلٌّ حَوْلَ غابَتِه ... بالرَّقْمَتَيْنِ، لَهُ أَجْرٍ وأَعْراسُ(6/135)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِمَالِكِ بْنِ خُوَيْلد الخُناعي؛ وَقَبْلَهُ:
يَا مَيُّ لَا يُعْجِز الأَيامَ مُجْتَرِئٌ، ... فِي حَوْمَةِ المَوْتِ، رَزَّامٌ وفَرَّاسُ
الرَّزَّام: الَّذِي لَهُ رَزيم، وَهُوَ الزَّئِيرُ. والفَرَّاس: الَّذِي يَدُقَ عُنُقَ فَريسَتِه، وَيُسَمَّى كُلُّ قَتْل فَرْساً. وَالْهِزَبْرُ: الضخْم الزُّبْرَة. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ عِوَضَ حَوْلَ غابَتِهِ: عِنْدَ خيسَتِه، وخيسةُ الأَسدِ: أَجَمَتُه. ورقْمَةُ الْوَادِي: حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْمَاءُ. وَيُقَالُ: الرَّقْمَةُ الرَّوْضَةُ. وأَجْرٍ: جَمْعُ جَرْوٍ، وَهُوَ عِرْسُها أَيضاً؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُهُمْ للظَّليم وَالنَّعَامَةِ فَقَالَ:
كبَيْضَةِ الأُدْحِيِّ بَيْنَ العِرْسَيْنْ
وَقَدْ عَرَّسَ وأَعْرَسَ: اتَّخَذَهَا عِرْساً وَدَخَلَ بِهَا، وَكَذَلِكَ عَرَّس بِهَا وأَعْرَس. والمُعْرِسُ: الَّذِي يُغَشِّي امرأَته. يُقَالُ: هِيَ عِرْسُه وطَلَّتُه وقَعيدتُه؛ وَالزَّوْجَانِ لَا يسمَّيان عَروسَيْن إِلا أَيام الْبِنَاءِ وَاتِّخَاذِ العُرْسِ، والمرأَة تُسَمَّى عِرْسَ الرَّجُلِ فِي كُلِّ وَقْتٍ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: لَا مَخْبَأَ لِعِطْرٍ بَعْدَ عَرُوسٍ؛ قَالَ المفضَّل: عَرُوسٌ هَاهُنَا اسْمُ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امرأَة، فَلَمَّا أُهديت لَهُ وَجَدَهَا تَفِلَةً، فَقَالَ: أَين عِطْرُك؟ فَقَالَتْ: خَبَأْتُه، فَقَالَ: لَا مخبأَ لِعِطْرٍ بَعْدَ عَرُوسٍ، وَقِيلَ: إِنها قَالَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِذا دُعي أَحدكم إِلى وَلِيمَةِ عُرْس فليُجِب.
والعِرِّيسَة والعِرِّيس: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ، وَهُوَ مأْوى الأَسد فِي خِيسه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَغْيالَه والأَجَمَ العِرِّيسا
وَصَفَ بِهِ كأَنه قَالَ: والأَجم الْمُلْتَفُّ أَو أَبدله لأَنه اسْمٌ: وَفِي الْمَثَلِ:
كمُبْتَغي الصَّيدِ فِي عِرِّيسَةِ الأَسَدِ
وَقَالَ طرَفة:
كَلُيُوثٍ وسْطَ عِرِّيسِ الأَجَمْ
فأَما قوله جَرِيرٍ:
مُسْتَحْصِدٌ أَجَمِي فِيهِمْ وعِرِّيسي
فإَنه عَنَى مَنْبِتَ أَصله فِي قَوْمِهِ. والمُعَرِّسُ: الَّذِي يَسِيرُ نَهَارَهُ ويُعَرِّسُ أَي يَنْزِلُ أَول اللَّيْلِ، وَقِيلَ: التَعْريسُ النُّزُولُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ. وعَرَّس الْمُسَافِرُ: نَزَلَ فِي وَجْهِ السَّحَر، وَقِيلَ: التَعريسُ النُّزُولُ فِي المَعْهَد أَيَّ حِين كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَو نَهَارٍ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وعَرَّسُوا سَاعَةً فِي كَثْبِ أَسْنُمَةٍ، ... ومنهمُ بالقَسُومِيَّاتِ مُعْتَرَكُ
وَيُرْوَى:
ضَحَّوْا قَلِيلًا قَفا كُثْبانِ أَسْنُمَةٍ
وَقَالَ غَيْرُهُ: والتَّعْريسُ نُزُولُ الْقَوْمِ فِي السَّفَرِ مِنْ آخَرِ اللَّيْلِ، يَقَعُون فِيهِ وقْعَةً لِلِاسْتِرَاحَةِ ثُمَّ يُنيخون وَيَنَامُونَ نَوْمَةً خَفِيفَةً ثُمَّ يَثُورون مَعَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ سَائِرِينَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
قَلَّما عَرَّسَ حَتَّى هِجْتُه ... بالتَّباشِيرِ مِنَ الصُّبْحِ الأُوَلْ
وأَنشدت أَعرابية مِنْ بَنِي نُمير:
قَدْ طَلَعَتْ حَمْراء فَنْطَلِيسُ، ... لَيْسَ لرَكْبٍ بَعْدَها تَعْريسُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا عَرَّسَ بِلَيْلٍ تَوسَّد لَبِنَةً، وإِذا عَرَّسَ عِنْدَ الصُّبح نَصَبَ ساعدَه نَصْبًا وَوَضَعَ رأْسه فِي كَفِّهِ.
وأَعْرَسُوا: لُغَةٌ فِيهِ قَلِيلَةٌ، وَالْمَوْضِعُ: مُعَرَّسٌ ومُعْرَسٌ. والمُعَرَّسُ: مَوْضِعُ التَعْريس،(6/136)
وَبِهِ سُمِّيَ مُعَرَّسُ ذِي الحُليفة، عَرَّس بِهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَلَّى فِيهِ الصُّبْحَ ثُمَّ رَحَلَ. والعَرَّاسُ والمُعَرِّسُ والمِعْرَسُ بَائِعُ الأَعراسِ، وَهِيَ الفُصلان الصِّغار، وَاحِدُهَا عَرْسٌ وعُرْسٌ. قَالَ: وَقَالَ أَعرابي بِكَمِ البَلْهاء وأَعْراسُها؟ أَي أَولادها. والمِعْرَسُ: السَّائِقُ الْحَاذِقُ بِالسِّيَاقِ، فإِذا نَشِط الْقَوْمُ سَارَ بِهِمْ، فإِذا كَسِلوا عَرَّسَ بِهِمْ والمِعْرَسُ: الْكَثِيرُ التَّزْوِيجِ. والعَرْس: الإِقامة فِي الفرحِ. والعَرَّاس بَائِعُ العُرُسِ، وَهِيَ الْحِبَالُ، وَاحِدُهَا عَريسٌ. والعَرْسُ: الْحَبْلُ. والعَرْسُ: عَمُودٌ فِي وسط [الفِسطاطِ] الفُسطاطِ. واعْتَرَسوا عَنْهُ: تفرَّقوا؛ وَقَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ مُنْكَرٌ لَا أَدري مَا هُوَ. وَالْبَيْتُ المُعَرَّسُ: الَّذِي عُمِلَ لَهُ عَرْسٌ، بِالْفَتْحِ. والعَرْسُ: الْحَائِطُ يُجْعَلُ بَيْنَ حَائِطَيِ الْبَيْتِ لَا يُبلغ بِهِ أَقصاه ثُمَّ يُوضَعُ الْجَائِزُ مِنْ طَرف ذَلِكَ الْحَائِطِ الدَّاخِلِ إِلى أَقصى الْبَيْتِ ويسقَف الْبَيْتُ كُلُّهُ، فَمَا كَانَ بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ فَهُوَ سَهوة، وَمَا كَانَ تحتَ الجائِز فَهُوَ المُخْدع، وَالصَّادُ فِيهِ لُغَةٌ، وَسَيُذْكَرُ. وعَرَّسَ البيتَ: عِمل لَهُ عَرْساً. وَفِي الصِّحَاحِ: العَرْسُ، بِالْفَتْحِ، حَائِطٌ يُجْعَلُ بَيْنَ حَائِطَيِ الْبَيْتِ الشَّتْوي لَا يُبلغ بِهِ أَقصاه، ثُمَّ يسقَف لِيَكُونَ الْبَيْتُ أَدْفَأَ، وإِنما يُفعل ذَلِكَ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ، وَيُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ بِيجَهْ، قَالَ: وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي تَفْسِيرِهِ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا لَمْ يَرْتَضِهِ أَبو الْغَوْثِ. وعَرَسَ البعيرَ يَعْرِسُه ويَعْرُسُه عَرْساً: شَدَّ عنُقه مَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا وَهُوَ بَارِكٌ. والعِراسُ: مَا عُرِسَ بِهِ؛ فإَذا شَد عنقه إِلى إِحدى يديه فَهُوَ العَكْسُ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْحَبْلِ العِكاسُ. واعْتَرَسَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ: أَبركها للضِّراب. والإِعْراس: وَضْعُ الرَّحَى عَلَى الأُخرى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّ عَلَى إِعْراسِه وبِنائِه ... وئِيدَ جِيادٍ قُرَّحٍ، ضَبَرَتْ ضَبْراً
أَراد عَلَى مَوْضِعِ إِعْراسه. وابنُ عِرْسٍ: دُوَيْبَّة مَعْرُوفَةٌ دُونَ السِّنَّوْر، أَشْتَرُ أَصْلَمُ أَصَكُّ لَهُ نَابٌ، وَالْجَمْعُ بَنَاتُ عِرْسٍ، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، مَعْرِفَةٌ وَنَكِرَةٌ تَقُولُ: هَذَا ابْنُ عِرْسٍ مُقْبلًا وَهَذَا ابْنُ عِرْسٍ آخَرَ مُقْبِلٌ، وَيَجُوزُ فِي الْمَعْرِفَةِ الرَّفْعُ وَيَجُوزُ فِي النَّكِرَةِ النُّصْبُ؛ قَالَهُ الْمُفَضَّلُ وَالْكِسَائِيُّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَابْنُ عِرْسٍ دُوَيْبَّة تُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ رَاسُو، وَيُجْمَعُ عَلَى بَنَاتِ عِرْسٍ، وَكَذَلِكَ ابْنُ آوَى وَابْنُ مَخاض وَابْنُ لَبُون وَابْنُ مَاءٍ؛ تَقُولُ: بَنَاتُ آوَى وَبَنَاتُ مَخَاضٍ وَبَنَاتُ لَبُونٍ وَبَنَاتُ مَاءٍ، وَحَكَى الأَخفش: بَنَاتُ عِرْسٍ وَبَنُو عِرْسٍ، وَبَنَاتُ نَعْش وَبَنُو نَعْشٍ. والعِرْسِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ الصِّبغ، سُمِّيَ بِهِ للونهِ كأَنه يُشْبِهُ لونَ ابْنِ عِرْس الدَّابَّةِ. والعَرُوسِي: ضَرْبٌ مِنَ النَّخْلِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والعُرَيْساء: مَوْضِعٌ. والمَعْرَسانيَّاتُ: أَرض؛ قَالَ الأَخطل:
وبالمَعْرَسانِيَّاتِ حَلَّ، وأَرْزَمَتْ، ... بِرَوْضِ القَطا مِنْهُ، مَطافِيلُ حُفَّلُ
وَذَاتُ العَرائِسِ: مَوْضِعٌ. قَالَ الأَزهري: ورأَيت بِالدَّهْنَاءِ جِبَالًا مِنْ نقْيان رِمَالِهَا يُقَالُ لَهَا العَرائِسُ، وَلَمْ أَسمع لَهَا بِوَاحِدٍ.
عربس: العِرْبِسُ والعَرْبَسِيسُ: مَتْنٌ مُسْتَوٍ مِنَ الأَرض وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: أَرض عَرْبَسِيسٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَوْ فِي فَلًا قَفْرٍ مِنَ الأَنِيسِ، ... مُجْدِبَةٍ حَدْباءَ عَرْبَسِيسِ(6/137)
وأَنشد الأَزهري للطِّرِمَّاحِ:
تُراكِلُ عَرْبَسِيسَ المَتْنِ مَرْتاً، ... كظَهْرِ السَّيْحِ، مُطَّرِدَ المُتُونِ
قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ عِرْبَسِيس، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، اعْتِبَارًا بالعِرْبِسِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا وهَم لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى مِثَالِ فِعْلَلِيلٍ، بِكَسْرِ الْفَاءِ، اسْمٌ؛ وأَما فَعْلَلِيل فَكَثِيرٌ مِنْ نَحْوِ مَرْمَرِيس ودَرْدَبِيس وخَمْجَرير وَمَا أَشبهها. ابْنُ سِيدَهْ: العَرْبَسِيسُ الدَّاهِيَةُ؛ عن ثعلب.
عردس: العَرَنْدَسُ: الأَسد الشَّدِيدُ، وَكَذَلِكَ الْجَمَلُ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
سَلِّ الهُمُومَ بكُلِّ مُعْطِي رَأَسِه، ... ناجٍ مُخالِطِ صُهْبَةٍ مُتَعَيِّسِ
مُغْتالِ أَحْبِلَةٍ مُبِينٍ عُنْقَهُ، ... فِي مَنْكِبٍ زَيْنِ المَطِيِّ عَرَنْدَس
والأُنثى مِنْ ذَلِكَ بِالْهَاءِ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
والرَّأْس مِنْ خُزَيْمَةَ العَرَنْدَسا
أَي الشَّدِيدَةُ. وَنَاقَةٌ عَرَنْدَسَة أَي قَوِيَّةٌ طَوِيلَةُ الْقَامَةِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَطْوِي بهِنَّ سُهُوبَ الأَرض مُنْدَلِثاً، ... عَلَى عَرَنْدَسَةٍ لِلخَلْقِ مِسْبارِ «3»
بَعِيرٌ عَرَنْدَسٌ وَنَاقَةٌ عَرَنْدَسَة: شَدِيدٌ عَظِيمٌ؛ وَقَالَ:
حَجِيجًا عَرَنْدَسا
وعِزٌّ عَرَنْدَسٌ: ثَابِتٌ. وحيُّ عَرَنْدَسٌ إِذا وُصفوا بِالْعِزِّ والمَنعة. الأَزهري: يُقَالُ أَخذه فَعَرْدَسَه ثُمَّ كَرْدَسَه، فأَما عَرْدَسَهُ فَمَعْنَاهُ صَرَعه، وأَما كردسه فأَوثقه.
عرطس: عَرْطَسَ الرجلُ: تَنَحَّى عَنِ الْقَوْمِ وَذَلَّ عَنْ مُنَازَعَتِهِمْ ومُناوأَتهم، قَالَ الأَزهري: وَفِي لُغَةٍ إِذا ذَلَّ عَنِ الْمُنَازَعَةِ؛ وأَنشد:
وَقَدْ أَتاني أَنَّ عَبْداً طِمْرِسا ... يُوعِدُني، وَلَوْ رَآنِي عَرْطَسا
الْجَوْهَرِيُّ: عَرْطَسَ الرجلُ مِثْلُ عَرْطَزَ إِذا تَنَحَّى عَنِ القوم.
عرفس: العِرْفاسُ: النَّاقَةُ الصَّبُورُ على السير.
عركس: عَرْكَسَ الشيءُ واعْرَنْكَسَ: تراكَبَ. وَلَيْلَةٌ مُعْرَنْكِسَةٌ: مُظْلِمَةٌ. وشَعَرٌ عَرَنْكَسٌ ومُعْرَنْكِس: كَثِيرٌ مُتراكِب. والاعْرِنكاس: الِاجْتِمَاعُ. يُقَالُ: عَرْكَسْتُ الشيءَ إِذا جمعتَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. واعْرَنْكَسَ الشيءُ إِذا اجْتَمَعَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
واعْرَنْكَسَتْ أَهْوالُه واعْرَنْكَسَا
وَقَدِ اعْرَنْكَسَ الشعَر أَي اشتدَّ سَوَادُهُ. قَالَ: وعَرْكَسَ أَصل بناء اعْرَنْكَسَ.
عرمس: العِرْمِسُ: الصَّخْرَةُ. والعِرْمِسُ: النَّاقَةُ الصُّلْبَة الشَّدِيدَةُ، وَهُوَ مِنْهُ، شُبِّهَت بِالصَّخْرَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
رُبَّ عَجُوزٍ عِرْمِس زَبُون
لَا أَدري أَهو مِنْ صِفَاتِ الشَّدِيدَةِ أَم هُوَ مُسْتَعَارٌ فِيهَا، وَقِيلَ: العِرْمِسُ مِنَ الإِبل الأَديبَة الطَّيِّعة القِيادِ، والأَول أَقرب إِلى الِاشْتِقَاقِ أَعني أَنها الصُّلبة الشديدة.
عرنس: العِرْناسُ والعُرْنُوسُ: طَائِرٌ كَالْحَمَامَةِ لَا تَشْعُرُ بِهِ حَتَّى يطيرَ مِنْ تَحْتِ قَدَمِكَ فَيُفْزِعَكَ. والعِرْناسُ: أَنْفُ الجبَل.
__________
(3) . قوله [للخلق مسبار] هكذا بالأَصل، وفي الصحاح: للخرق مسبار، والخرق الأَرض الواسعة، وفي شرح القاموس: للخرق مسيار.(6/138)
عسس: عسَّ يَعُسُّ عَسَساً وعَسّاً أَي طَافَ بِاللَّيْلِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه كَانَ يَعُسُّ بِالْمَدِينَةِ
أَي يَطُوفُ بِاللَّيْلِ يَحْرُسُ الناسَ وَيَكْشِفُ أَهل الرِّيبَة؛ والعَسَسُ: اسْمٌ مِنْهُ كالطَّلَب؛ وَقَدْ يَكُونُ جَمْعًا لعاسٍّ كحارِسٍ وحَرَسٍ. والعَسُّ: نَفْضُ الليل من أَهل الرِّيبَةِ. عَسَّ يَعُسُّ عَسّاً واعْتَسَّ. وَرَجُلٌ عاسٌّ، وَالْجُمَعُ عُسَّاسٌ وعَسَسَة ككافِر وكُفَّار وكَفَرة. والعَسَسُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ كرائِحٍ ورَوَحٍ وخادِمٍ وخَدَمٍ، وَلَيْسَ بتكسيرٍ لأَن فَعَلًا لَيْسَ مِمَّا يُكسَّرُ عَلَيْهِ فاعِل، وَقِيلَ: العَسَسُ جَمْعُ عاسٍّ، وَقَدْ قِيلَ: إِن العاسَّ أَيضاً يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، فإِن كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ اسْمٌ لِلْجَمْعِ أَيضاً كَقَوْلِهِمُ الحاجُّ والدَّاجُّ. وَنَظِيرُهُ مِنْ غَيْرِ المُدغَم: الجامِلُ والباقِرُ؛ وإِن كَانَ عَلَى وَجْهِ الْجِنْسِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدًّى بِهِ لأَنه مُطَّرِدٌ كَقَوْلِهِ:
إِنْ تَهْجُري يَا هِندُ، أَو تَعْتَلِّي، ... أَو تُصْبِحي فِي الظَّاعِنِ المُوَلِّي
وعَسَّ يَعُسُّ إِذا طَلَبَ. واعْتَسَّ الشيءَ: طلَبه لَيْلًا أَو قَصَدَهُ. واعْتَسَسْنا الإِبلَ فَمَا وَجَدْنَا عَساساً وَلَا قَساساً أَي أَثراً. والعَسُوسُ والعَسِيسُ: الذِّئْبُ الْكَثِيرُ الْحَرَكَةِ. وَالذِّئْبُ العَسُوسُ: الطَّالِبُ لِلصَّيْدِ. وَيُقَالُ لِلذِّئْبِ: العَسْعَسُ والعَسْعاسُ لأَنه يَعُسُّ اللَّيْلَ ويَطْلُبُ، وَفِي الصِّحَاحِ: العَسوسُ الطَّالِبُ لِلصَّيْدِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
واللَّعْلَعُ المُهْتَبِل العَسوس
وَذِئْبٌ عَسْعَسٌ وعَسْعاسٌ وعَسَّاسٌ: طَلوب لِلصَّيْدِ بِاللَّيْلِ. وَقَدْ عَسْعَسَ الذئبُ: طَافَ بِاللَّيْلِ، وَقِيلَ: إِن هَذَا الِاسْمَ يَقَعُ عَلَى كُلِّ السِّبَاعِ إِذا طَلَبَ الصَّيْدَ بِاللَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَتَقارّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مُقْلِقَةٌ للمُسْتَنِيح العَسْعاسْ
يَعْنِي الذِّئْبَ يَسْتَنِيحُ الذِّئَابَ أَي يَسْتَعْوِيهَا، وَقَدْ تَعَسْعَسَ. والتَّعَسْعُسُ: طلب الصيد بالليل، وقيل: العَسْعاسُ الْخَفِيفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وعَسْعَسَ الليلُ عَسْعَسَة: أَقبل بِظَلَامِهِ، وَقِيلَ عَسعَسَتُه قَبْلَ السَّحَر. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ
؛ قِيلَ: هُوَ إِقباله، وَقِيلَ: هُوَ إِدباره؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَجمع الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَن مَعْنَى عَسْعَسَ أَدْبَرَ، قَالَ: وَكَانَ بَعْضُ أَصحابنا يَزْعُمُ أَن عَسْعَسَ مَعْنَاهُ دَنَا مِنْ أَوله وأَظلم؛ وَكَانَ أَبو الْبِلَادِ النَّحْوِيُّ يُنْشِدُ:
عَسْعَسَ حَتَّى لَوْ يَشاءُ ادَّنا، ... كَانَ لَهُ مِن ضَوْئِه مَقْبَسُ
وَقَالَ ادَّنا إِذ دَنَا فأَدغم؛ قَالَ: وَكَانُوا يَرَوْن أَن هَذَا الْبَيْتَ مَصْنُوعٌ، وَكَانَ أَبو حَاتِمٍ وَقُطْرُبٌ يَذْهَبَانِ إِلى أَن هَذَا الْحَرْفَ مِنَ الأَضداد. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ لِيُصَلِّيَ فَقَالَ: وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ
؛ عَسْعَسَ اللَّيْلُ إِذا أَقبل بِظَلَامِهِ وإِذا أَدبر، فَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قُسّ: حَتَّى إِذا اللَّيْلُ عَسْعَسَ
؛ وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: عَسْعَس اللَّيْلُ أَقبل وعَسْعَسَ أَدبر؛ وأَنشد:
مُدَّرِعات اللَّيْلِ لَمَّا عَسْعَسا
أَي أَقبل: وَقَالَ الزِّبْرِقان:
ورَدْتُ بأَفْراسٍ عِتاقٍ، وفتْيَةٍ ... فَوارِطَ فِي أَعْجازِ ليلٍ مُعَسْعِسِ
أَي مُدْبرٍ مُولٍّ. وَقَالَ أَبو إِسحق بْنُ السَّرِيِّ: عَسْعَسَ اللَّيْلُ إِذا أَقبل وعَسْعَسَ إِذا أَدبر، وَالْمَعْنَيَانِ يَرْجِعَانِ إِلى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ ابْتِدَاءُ الظَّلَامِ فِي أَوله وإِدبارُه فِي آخِرَةٍ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَسْعَسَةُ(6/139)
ظُلْمَةُ اللَّيْلِ كُلِّهِ، وَيُقَالُ إِدباره وإِقباله. وعَسْعَس فُلَانٌ الأَمر إِذا لبَّسَه وعَمَّاه، وأَصله مِنْ عَسْعَسَة اللَّيْلِ. وعَسْعَسَتِ السَّحَابَةُ: دَنَتْ مِنَ الأَرض لَيْلًا؛ لَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلا بِاللَّيْلِ إِذا كَانَ فِي ظُلْمَةٍ وَبَرْقٍ. وأَورد ابْنُ سِيدَهْ هُنَا مَا أَورده الأَزهري عَنْ أَبي الْبِلَادِ النَّحْوِيِّ، وَقَالَ فِي مَوْضِعِ قَوْلِهِ يَشَاءُ إِدَّنا: لَوْ يَشَاءُ إِذ دَنَا وَلَمْ يُدْغِمْ، وَقَالَ: يَعْنِي سَحَابًا فِيهِ بَرْقٌ وَقَدْ دَنَا مِنَ الأَرض؛ والمَعَسُّ: المَطْلَب، قَالَ: وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ. وَكَلْبٌ عَسُوسٌ: طَلُوبٌ لِمَا يأْكل، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ؛ وأَنشد للأَخطل:
مُعَفَّرة لَا يُنْكِه السَّيفُ وَسْطَها، ... إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَعَسُّ لِحالِبِ
وَفِي الْمَثَلِ فِي الْحَثِّ عَلَى الْكَسْبِ: كَلْبٌ اعْتَسَّ خَيْرٌ مِنْ كلبٍ رَبَضَ، وَقِيلَ: كَلْبٌ عَاسٌّ خَيْرٌ مِنْ كَلْبٍ رابِض، وَقِيلَ: كَلْبٌ عَسَّ خَيْرٌ مِنْ كَلْبٍ رَبَضَ؛ والعاسُّ: الطَّالِبُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ تصرَّف خَيْرٌ مِمَّنْ عَجَزَ. أَبو عَمْرٍو: الاعتِساس والاعْتِسامُ الِاكْتِسَابُ والطلَب. وَجَاءَ بِالْمَالِ مِنْ عَسِّه وبَسِّه، وَقِيلَ: مِنْ حَسِّه وعَسِّه، وَكِلَاهُمَا إِتباع وَلَا يَنْفَصِلَانِ، أَي مِنْ جَهْده وطلَبه، وحقيقتُهما الطَّلَبُ. وجِئْ بِهِ مِنْ عَسِّك وبَسِّك أَي مِنْ حَيْثُ كَانَ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مِنْ حَيْثُ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ. وعَسَّ عَليَّ يَعُسُّ عَسّاً: أَبطأَ، وَكَذَلِكَ عَسَّ عليَّ خَبَرَهُ أَي أَبطأَ. وإِنه لَعسُوس بيِّن العُسُس أَي بَطِيءُ؛ وَفِيهِ عُسُسٌ، بِضَمَّتَيْنِ، أَي بُطْءٌ. أَبو عَمْرٍو: العَسُوسُ مِنَ الرِّجَالِ إِذا قَلَّ خَيْرُهُ، وَقَدْ عَسَّ عليَّ بِخَيْرِهِ. والعَسُوسُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تَرْعَى وَحْدَهَا مِثْلُ القَسُوسِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا تَدِرُّ حَتَّى تَتباعَدَ عَنِ النَّاسِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَضجَر ويسوءُ خلُقها وَتَتَنَحَّى عَنِ الإِبل عِنْدَ الحَلْب أَو فِي الْمَبْرَكِ، وَقِيلَ: العَسُوسُ الَّتِي تُعْتَسُّ أَبِها لَبَن أَم لَا، تُرازُ وَيُلْمَسُ ضَرعها؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِابْنِ أَحمر الْبَاهِلِيِّ:
وراحتِ الشُّولُ، وَلَمْ يَحْبُها ... فَحْلٌ، وَلَمْ يَعْتَسَّ فِيهَا مُدِرْ
قَالَ الْهُجَيْمِيُّ: لَمْ يَعْتَسَّها أَي لَمْ يَطْلُبْ لبَنها، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَن المَعَسَّ المَطْلَبُ، وَقِيلَ: العَسُوسُ الَّتِي تَضْرِبُ بِرِجْلِهَا وتصُب اللَّبَنَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي إِذا أُثيرتْ للحَلْب مَشَتْ سَاعَةً ثُمَّ طَوَّفَتْ ثُمَّ دَرَّت. وَوَصَفَ أَعرابي نَاقَةً فَقَالَ: إِنها لعَسُوسٌ ضَروسٌ شَمُوسٌ نَهُوسٌ؛ فَالْعَسُوسُ: مَا قَدْ تَقَدَّمَ، والضَّروس والنَّهوس: الَّتِي تَعَضُّ، وَقِيلَ: العَسوس الَّتِي لَا تَدِرَ وإِن كَانَتْ مُفيقاً أَي قَدِ اجْتَمَعَ فُواقها فِي ضَرْعِهَا، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، وَقَدْ عَسَّت تَعُسُّ فِي كُلِّ ذَلِكَ. أَبو زَيْدٍ: عَسَسْتُ الْقَوْمَ أَعُسُّهم إِذا أَطعمتَهم شَيْئًا قَلِيلًا، وَمِنْهُ أُخذ العَسُوس مِنِ الإِبل. والعَسُوسُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي لَا تُبالي أَن تَدنُوَ مِنَ الرِّجَالِ. والعُسُّ: الْقَدَحُ الضَّخْمُ، وَقِيلَ: هُوَ أَكبر مِنَ الغُمَرِ، وَهُوَ إِلى الطُّولِ، يَرْوِي الثَّلَاثَةَ والأَربعة والعِدَّة، والرِّفْد أَكبر مِنْهُ، وَالْجَمْعُ عِساس وعِسَسَة. والعُسُسُ: الْآنِيَةُ الْكِبَارُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَغْتَسِلُ فِي عُسٍّ حَزْرَ ثَمَانِيَةِ أَرطال أَو تِسْعَةٍ
، وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي جَمْعِهِ: أَعْساسٌ أَيضاً؛ وَفِي حَدِيثِ
المِنْحة: تَغْدو بِعُسٍّ وتَرُوحُ بِعُسٍّ.
والعَسْعَسُ والعَسْعَاسُ: الْخَفِيفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ السَّرَابَ:
وبلَدٍ يَجري عَلَيْهِ العَسعاسْ، ... مِنَ السَّراب والقَتامِ المَسْماسْ(6/140)
أَراد السَّمْسام وَهُوَ الْخَفِيفُ فقلبَه. وعَسْعَسُ، غَيْرُ مَصْرُوفٍ: بَلْدَةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: عَسْعَسُ مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ مَعْرُوفٌ. والعُسُس: التُّجَّار الحُرصاء. والعُسُّ: الذكَر: وأَنشد أَبو الْوَازِعِ:
لاقَتْ غُلَامًا قَدْ تَشَظَّى عُسُّه، ... مَا كَانَ إِلا مَسُّه فدَسُّهُ
قَالَ: عُسُّه ذكَره. وَيُقَالُ: اعْتَسَسْتُ الشَّيْءَ واحْتَشَشْتُهُ واقْتَسَسْتُه واشْتَمَمْتُه واهْتَمَمْتُه واخْتَشَشْتُه، والأَصل فِي هَذَا أَن تَقُولَ شَمَمْت بَلَدَ كَذَا وخَشَشْتُه أَي وَطِئْتُهُ فَعَرَفْتُ خَبره؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّعَسْعُسُ الشَّم؛ وأَنشد:
كَمُنْخُرِ الذِّئْبِ إِذا تَعَسْعَسا
وعَسْعَسٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وعَسْعَسٌ نِعم الْفَتَى تَبَيَّاهْ
أَي تعتمدُه. وعُساعِسُ: جَبَلٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قَدْ صبَّحَتْ مِنْ لَيْلِها عُساعِسا، ... عُساعِساً ذَاكَ العُلَيْمَ الطَّامِسا،
يَتْرُك يَرْبُوعَ الفَلاةِ فاطِسا
أَي مَيْتًا؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَلمَّا عَلَى الرَّبْعِ القديمِ بِعَسْعَسا، ... كأَني أُنادِي أَو أُكَلِّم أَخرَسا
وَيُقَالُ لِلْقَنَافِذِ العَساعِسُ لِكَثْرَةِ تَرَدُّدِهَا بالليل.
عسطس: العَسَطُوسُ: رأَس النَّصَارَى، رُوميَّة، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ يُشبه الخيزُران، وَقِيلَ: هُوَ الخيزُران، وَقِيلَ: هِيَ شَجَرَةٌ تَكُونُ بِالْجَزِيرَةِ ليِّنة الأَغصان، وَقَال كُرَاعٌ: هُوَ العَسَّطُوسُ فِيهِمَا؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:
عَلَى أَمْرِ مُنْقَدِّ العِفاءِ كأَنه ... عَصَا عَسَّطُوسٍ، لِينها واعْتِدالها
أَي وَرَدَتِ الحُمر عَلَى أَمر حِمَارٍ. مُنْقَدٍّ عِفاؤه أَي مُتَطَايِرٌ. والعِفاء: جَمْعُ عِفْو، وَهُوَ الوبَر الَّذِي عَلَى الْحِمَارِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْمَشْهُورُ فِي شِعْرِهِ: عَصا قَسِّ قُوسٍ. والقَسُّ: القِسِّيس، والقُوسُ: صَوْمَعَتُه؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الخَيزُران والعَسَطُوسُ والجُنَهِيُّ.
عضرس: العِضْرِسُ: شَجَرُ الخِطْميّ. والعَضْرَسُ [العِضْرَسُ] : نَبَاتٌ فِيهِ رَخاوة تَسودّ مِنْهُ جَحافل الدَّوَابِّ إِذا أَكلته؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
والعَيْرُ يَنفُخُ فِي المَكْنانِ، قَدْ كَتِنَتْ ... مِنْهُ جَحافِلُه، و [العَضْرَسُ] العِضْرَسِ الثُّجَرِ
وقيل: [العَضْرَسُ] العِضْرَسُ شَجَرَةٌ لَهَا زَهْرَةٌ حَمْرَاءُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فصَبَّحَهُ عِنْدَ الشُّرُوق، غُدَيَّة، ... كِلابُ ابنِ مُرٍّ أَو كلابُ ابنِ سِنْبِسِ
مُغَرَّثَةً زُرْقاً كأَنَّ عُيونَها، ... مِنَ الدَّمِّ والإِيسادِ، نُوَّارُ [عَضْرَسِ] عِضرَسِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: [العَضْرَسُ] العِضْرَسُ عُشْب أَشهبُ إِلى الخُضرة يَحْتَمِلُ النَّدى احْتِمَالًا شَدِيدًا، ونَوْرُه قانئُ الْحُمْرَةِ، ولون [العَضْرَس] العِضْرَس إِلى السَّوَادِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ العَير:
عَلَى إِثْرِ شَحَّاجٍ لَطِيفٍ مَصيرُه، ... يُمُجُّ لُعاعَ العَضْرَسِ الجَوْنِ ساعِلُه
قَالَ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
يَظَلُّ بالعَضْرَسِ حِرْباؤها، ... كأَنه قَرْمٌ مُسامٍ أَشِرْ(6/141)
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: العَضْرَس مِنَ الذُّكُورِ أَشد البَقل كُلِّهِ رُطُوبَةً. والعَضْرَسُ: البَرَدُ، وَهُوَ حَب الْغَمَامِ؛ وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذَا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ يَصِفُ كِلَابَ الصَّيْدِ:
مُحَرَّجَةٌ حُصٌّ كأَن عُيونَها، ... إِذا أَذَّن القَنَّاص بالصَّيد، عَضْرَسُ
قَالَ: وَيُرْوَى مُغَرَّثَةً حُصّاً، هَكَذَا فِي الصِّحَاحِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للبَعِيث وَصَوَابُهُ: محرَّجة حصٌّ، وَفِي شِعْرِهِ: إِذا أَيَّهَ القَنَّاص، قَالَ: والعَضْرَسُ هَاهُنَا نَبَاتٌ لَهُ لَوْنٌ أَحمر تشبَّه بِهِ عُيُونُ الْكِلَابِ لأَنها حُمْر؛ قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ هُنَا حَبَّ الْغَمَامِ كَمَا ذكَر إِنما ذَلِكَ فِي بَيْتٍ غَيْرِ هَذَا وَهُوَ:
فَباتَتْ عَلَيْهِ لَيْلَةً رُجَّبِيَّة، ... تُحَيِّي بقَطر كالجُمان وعَضْرَسِ
وَقِيلَ بَيْتُ البَعِيث:
فصبَّحَهُ عِنْدَ الشُّرُوقِ، غُدَيَّةً، ... كلابُ ابنِ عَمَّارٍ عِطافٌ وأَطْلَسُ
وَالْهَاءُ فِي صَبَّحَهُ تَعُودُ عَلَى حِمَارِ وَحْشٍ. ومُحَرَّجَة: مُقلَّدة بالأَحراج، جَمْعُ حِرْجٍ للْوَدَعَة. وحُصٌّ: قَدِ انْحَصَّ شَعْرُهَا، وأَيَّهَ القَانِصُ بالكلْب: زَجَرَه؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ، وَقَدْ ذُكِرَ آنِفًا. وَفِي الْمَثَلِ: أَبْرد مِنْ عَضْرَس، وَكَذَلِكَ العُضارس، بِالضَّمِّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تضحَك عَنْ ذِي أُشُرٍ عُضارِسِ
وَالْجَمْعُ عَضارِس مِثْلُ جُوالِق وجَوالق، وَقِيلَ: العَضْرَس الجَلِيد. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعَضْرَس والعُضارِس الْمَاءُ الْبَارِدُ الْعَذْبُ؛ وَقَوْلُهُ:
تَضْحَكُ عَنْ ذِي أُشُرٍ عُضارِس
أَراد عَنْ ثَغْر عَذْبٍ، وَهُوَ الغُضارِس؛ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَسَنَذْكُرُهُ. والعَضْرَس: حمار الوحش.
عطس: عَطَسَ الرَّجُلُ يَعْطِس، بِالْكَسْرِ، ويَعْطُس، بِالضَّمِّ، عَطْساً وعُطاساً وعَطْسة، وَالِاسْمُ العُطاس. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُحِب العُطاس وَيَكْرَهُ التَّثاؤب.
قَالَ ابْنُ الأَثير: إِنما أَحبَّ العُطاس لأَنه إِنما يَكُونُ مَعَ خِفَّةِ الْبَدَنِ وَانْفِتَاحِ المسامِّ وَتَيْسِيرِ الْحَرَكَاتِ، وَالتَّثَاؤُبِ بِخِلَافِهِ، وَسَبَبُ هَذِهِ الأَوصاف تخفيفُ الْغِذَاءِ والإِقلال مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. والمَعْطِس والمَعْطَس: الأَنف لأَن العُطاس مِنْهُ يَخْرُجُ. قَالَ الأَزهري: المَعْطِسُ، بِكَسْرِ الطَّاءِ لَا غَيْرَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن اللُّغَةَ الْجَيِّدَةَ يَعْطِسُ، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: لَا يُرْغِم اللَّهُ إِلا هَذِهِ المَعاطس
؛ هِيَ الأُنوف. والعاطُوس: مَا يُعْطَسُ مِنْهُ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. وعَطَسَ الصُّبح: انْفَلَقَ. والعاطِس: الصُّبْحُ لِذَلِكَ، صفةٌ غَالِبَةٌ، وَقَالَ اللَّيْثُ: الصُّبْحُ يُسَمَّى عُطاساً. وَظَبْيٌ عاطِس إِذا اسْتَقْبَلَكَ مِنْ أَمامِك. وعَطَسَ الرَّجُلُ: مَاتَ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ إِذا مَاتَ: عَطَسَتْ بِهِ اللُّجَمُ؛ قَالَ: واللُّجْمة مَا تطيَّرْت مِنْهُ، وأَنشد غَيْرُهُ:
إِنَّا أُناس لَا تزالُ جَزُورُنا ... لَها لُجَمٌ، مِن المنيَّة، عاطِسُ
وَيُقَالُ لِلْمَوْتِ: لُجَمٌ عَطُوس؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَا تَخافُ اللُّجَمَ العَطُوسا
ابْنُ الأَعرابي: العاطُوس دَابَّةٌ يُتَشاءَم بِهَا؛ وأَنشد غَيْرُهُ لِطَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ:
لَعَمْري لَقَدْ مَرَّتْ عَواطِيسُ جَمَّةٌ، ... وَمَرَّ قُبيلَ الصُّبح ظَبي مُصَمَّعُ(6/142)
والعَطَّاس: اسْمُ فَرَسٍ لِبَعْضِ بَنِي المَدان؛ قَالَ:
يَخُبُّ بيَ العَطَّاسُ رافِعَ رَأْسِهِ
وأَما قَوْلُهُ:
وَقَدْ أَغْتَدي قبلَ العُطاسِ بِسابِحٍ
فإِن الأَصمعي زَعَمَ أَنه أَراد: قَبْل أَنْ أَسمع عُطاس عاطِس فأَتطيّر مِنْهُ وَلَا أَمضي لِحَاجَتِي، وَكَانَتِ الْعَرَبُ أَهل طِيَرَة، وَكَانُوا يتطيَّرُون مِنَ العُطاس فأَبطل النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طِيَرَتَهم. قَالَ الأَزهري: وإِن صَحَّ مَا قَالَهُ اللَّيْثُ إِن الصُّبْحَ يُقَالُ لَهُ العُطاس فإِنه أَراد قَبْلَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع الَّذِي قَالَهُ لِثِقَةٍ يُرجع إِلى قَوْلِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عَطْسَة فُلَانٍ إِذا أَشبهه فِي خَلْقه وخُلُقه.
عطلس: العَطَلَّس: الطويل.
عطمس: العُطْمُوس والعَيْطَمُوس: الْجَمِيلَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الطَّوِيلَةُ التَّارَّة ذاتُ قِوَامٍ وأَلواح، وَيُقَالُ ذَلِكَ لَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ إِذا كَانَتْ عَاقِرًا. الْجَوْهَرِيُّ: العَيْطَمُوس مِنَ النِّسَاءِ التامَّة الْخَلْقِ وَكَذَلِكَ مِنَ الإِبل. والعَيْطَمُوس مِنَ النُّوق أَيضاً: الفتِيَّةُ الْعَظِيمَةُ الْحَسْنَاءُ. الأَصمعي: العَيْطَموس النَّاقَةُ التامَّة الخلْق. ابْنُ الأَعرابي: العَيْطَمُوس النَّاقَةُ الهَرِمة، وَالْجَمْعُ العَطامِيس، وَقَدْ جَاءَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ عَطامِس؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا رُبَّ بَيْضَاءَ مِنَ العَطامِس، ... تَضْحَكُ عَنْ ذِي أُشُرٍ عُضارِس
وَكَانَ حَقُّهُ أَن يَقُولَ عَطامِيس لأَنك لَمَّا حَذَفْتَ الْيَاءَ مِنَ الْوَاحِدَةِ بَقِيَتْ عَطَمُوس مِثْلَ كَرَدُوس، فَلَزِمَ التَّعْوِيضُ لأَن حَرْفَ اللِّينِ رَابِعٌ كَمَا لَزِمَ فِي التَّحْقِيرِ، وَلَمْ تُحْذَفِ الْوَاوُ لأَنك لَوْ حَذَفْتَهَا لَاحْتَجْتَ أَيضا إِلى أَن تُحْذَفُ الْيَاءُ فِي الْجَمْعِ أَو التَّصْغِيرِ، وإِنما تُحْذَفُ مِنَ الزِّيَادَتَيْنِ مَا إِذا حَذَفْتَهَا اسْتَغْنَيْتَ عَنْ حذف الأُخرى.
عفس: العَفْس: شِدَّة سَوق الإِبل. عَفَس الإِبلَ يَعْفِسُها عَفْساً: سَاقَهَا سَوْقاً شَدِيدًا؛ قَالَ:
يَعْفِسُها السَّوّاق كلَّ مَعْفَسِ
والعَفْسُ: أَن يردَّ الرَّاعِي غَنَمَهُ يَثْنِيها وَلَا يدعُها تَمْضِي عَلَى جِهَاتِهَا. وعَفَسَه عَنْ حَاجَتِهِ أَي ردَّه. وعَفَسَ الدَّابَّةَ وَالْمَاشِيَةَ عَفْساً: حبَسها عَلَى غَيْرِ مَرْعًى وَلَا عَلَف؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ بَعِيرًا:
كأَنه مِنْ طُولِ جَذْعِ العَفْسِ، ... ورَمَلانِ الخِمْسِ بَعْدَ الخِمْسِ،
يُنْحَتُ مِنْ أَقطارِه بِفَأْسِ
والعَفْسُ: الْكَدُّ والإِتعاب والإِذالة وَالِاسْتِعْمَالُ. والعَفْس: الحَبْس والمَعْفُوس: الْمَحْبُوسُ والمُبتذَل، وعَفَس الرجلَ عَفْساً، وَهُوَ نَحْوُ المَسْجون، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَسْجُنه سَجْناً. والعَفْسُ: الامتهانُ لِلشَّيْءِ. والعَفْسُ: الضَّباطة فِي الصِّراع. والعَفْس: الدَّوْس. واعْتَفَس القومُ: اصْطَرَعُوا. وعَفَسَه يَعْفِسه عَفْساً: جذَبه إِلى الأَرض وضغَطَه ضَغْطاً شَدِيدًا فَضَرَبَ بِهِ؛ يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: عَفَسْتُه وعَكَسْتُه وعَتْرَسْتُه. وَقِيلَ لأَعرابي: إِنك لَا تُحسِن أَكلَ الرأْس قَالَ: أَما واللَّهِ إِني لأَعْفِسُ أُذُنيه وأَفُكُّ لَحْيَيْه وأَسْحى خَدَّيه، وأَرْمي بالمُخِّ إِلى مَنْ هُوَ أَحوجُ مِني إِليه قَالَ الأَزهري: أَجاز ابْنُ الأَعرابي السِّينَ وَالصَّادَ فِي هَذَا الْحَرْفِ. وعَفَسَه: صَرَعَه. وعَفَسه أَيضاً: أَلزقَه بِالتُّرَابِ. وعَفَسَه عَفْساً: وطِئَه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
والشَّيبُ حِينَ أَدْرَك التَّقْويسا، ... بَدَّلَ ثَوْبَ الحِدَّةِ الملبُوسا،(6/143)
والحِبْرَ مِنْهُ خَلَقاً مَعْفُوسا
وَثَوْبٌ مُعَفَّس: صَبور عَلَى الدَّعْك. وعَفَسْتُ ثَوْبِي: ابْتَذَلْتُهُ. وعَفَسَ الأَديمَ يَعْفِسُه عَفْساً: دلكَه فِي الدِّباغ. والعَفْس: الضَّرْبُ عَلَى العَجُز. وعَفَسَ الرجلُ المرأَة بِرِجْلِهِ يَعْفِسها: ضربَها عَلَى عَجِيزَتِهَا يُعافِسُها وتُعافِسُه، وعافَسَ أَهله مُعافَسَة وعِفاساً، وَهُوَ شَبِيهٌ بالمُعالجة. والمُعافَسَة: المُداعَبة والمُمارَسَة؛ يُقَالُ: فُلَانٌ يُعافِس الأُمور أَي يُمارِسُها ويُعالجها. والعِفاس: العِلاج. والمُعافَسة: المُعَالجَة. وَفِي حَدِيثِ
حَنْظَلَةَ الأُسَيْدي: فإِذا رجَعْنا عافَسْنا الأَزواج والضَّيْعَة
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ: كُنْتُ أُعافِس وأُمارِس
، وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:
يَمنَع مِنَ العِفاس خوفُ الْمَوْتِ وذُكْرُ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ.
وتَعافسَ القومُ: اعتلَجوا فِي صِرَاعٍ وَنَحْوِهِ. وانعَفَس فِي الْمَاءِ: انغَمَسَ. والعَفَّاس: طَائِرٌ يَنْعَفِس فِي الْمَاءِ. والعِفاسُ: اسْمُ نَاقَةٍ ذَكَرَهَا الرَّاعِي فِي شِعره، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العِفاس وبَرْوَع اسْمُ نَاقَتَيْنِ لِلرَّاعِي النُّمَيْرِيِّ؛ قَالَ:
إِذا بَرَكَتْ مِنْهَا عَجاساءُ جِلَّةٌ ... بمَحْنِيَةٍ، أَشْلَى العِفاسَ وبَرْوَعا
عفرس: العَفْرس: السَّابق السَّرِيعُ. والعَفْرَسِيُّ: المُعْيِي خُبثاً. والعَفاريس: النَّعام. وعِفْرِس: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ. والعِفْراس والعَفَرْنَس، كِلَاهُمَا: الأَسد الشَّدِيدُ العُنق الغليظُه، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ لِلْكَلْبِ والعِلْج.
عفقس: العَفَنقَس: الَّذِي جَدَّتَاهُ لأَبيه وأُمه وامرأَته عَجَمِيَّاتٌ. والعَفَنقس والعَقَنْفَس، جَمِيعًا: السَّيِّءُ الْخُلُقِ المُتَطاوِل عَلَى النَّاسِ. وَقَدْ عَفْقَسَه وعقْفَسَه: أَساءَ خُلُقَه. والعَفَنْقَس: العسِر الأَخلاق، وَقَدِ اعْفَنقس الرجلُ، وخُلُق عَفَنْقَس؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إِذا أَراد خُلُقاً عَفَنْقَسا، ... أَقرَّه النَّاسُ، وإِنْ تَفَجَّسا
قَالَ: عَفَنْقَسٌ خُلق عَسِيرٌ لَا يَسْتَقِيمُ، سلَّم لَهُ ذَلِكَ «4» . وَيُقَالُ: مَا أَدري مَا الَّذِي عَفْقَسه وعَقْفَسه أَي مَا الَّذِي أَساء خُلقه بعد ما كَانَ حَسَنَ الخلُق. وَيُقَالُ: رَجُلٌ عَفَنْقَس فَلَنْقَس، وَهُوَ اللئيم.
عقس: الأَعْقَسُ مِنَ الرِّجَالِ: الشَّدِيدُ الشَّكَّة فِي شِرَائِهِ وَبَيْعِهِ؛ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مَذْمُومًا لأَنه يَخَافُ الغبْن، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ فِي بَعْضِهِمْ:
عَقِس لَقِس.
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: فِي خُلقه عَقَس أَي الْتِوَاءٌ. والعَقَس: شُجَيْرَةٌ تَنْبُتُ فِي الثُّمام والمَرْخ والأَراك تَلْتَوي. والعَوْقَسُ: ضرْب مِنَ النبْت، ذَكَرَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَقَالَ: هُوَ العَشَق.
عقبس: العَقابِيسُ: بَقَايَا الْمَرَضِ والعِشْق كالعَقابيل. والعَقابيسُ: الشَّدَائِدُ مِنَ الأُمور؛ هَذِهِ عَنِ اللحياني.
عقرس: عَقْرَسُ: حيٌّ مِنَ اليمن.
عقفس: العَقَنْفَس والعَفَنْقَس، جَمِيعًا: السيء الْخُلُقِ. وَقَدْ عَقْفَسَه وعَفْقَسَه: أَساء خُلُقَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى.
عكس: عَكَسَ الشَّيْءَ يَعْكِسُه عَكْساً فانْعَكَسَ: رَدَّ آخِرَهُ عَلَى أَوّله؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
وهُنَّ لَدَى الأَكْوارِ يُعْكَسْنَ بالبُرَى، ... عَلَى عَجَلٍ مِنْهَا، وَمِنْهُنَّ يُكْسَعُ
وَمِنْهُ عَكْسُ البلِيَّة عِنْدَ الْقَبْرِ لأَنهم كَانُوا يَرْبِطُونها مَعْكُوسَةَ الرأْس إِلى مَا يَلِي كَلْكَلَها وبَطنَها،
__________
(4) . هكذا في الأَصل.(6/144)
وَيُقَالُ إِلى مُؤَخَّرِهَا مِمَّا يَلي ظَهْرَهَا وَيَتْرُكُونَهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ حَتَّى تَمُوتَ. وعَكَسَ الدابةَ إِذا جَذَب رأْسها إِليه لِتَرْجِعَ إِلى وَرَائِهَا القَهْقَرَى. وعَكَس الْبَعِيرَ يَعْكِسُه عَكْساً وعِكاساً: شدَّ عُنقه إِلى إِحدى يديه وَهُوَ بَارِكٌ، وَقِيلَ: شدَّ حَبْلًا فِي خَطْمه إِلى رُسْغِ يَدَيْهِ لِيَذِلَّ؛ والعِكاس: مَا شدَّه بِهِ. وعَكَسَ رَأْسَ الْبَعِيرِ يعكِسه عَكْساً: عَطَفَه؛ قَالَ الْمُتَلَمِّسُ:
جاوَزْتُها بِأَمُونٍ ذَاتٌ مَعْجَمَةٍ، ... تَنْجُو بكَلْكَلِها، والرأْسُ مَعْكُوسُ
والعَكْس أَيضاً: أَن تعكِس رأْسَ الْبَعِيرِ إِلى يدِه بِخِطام تُضيِّق بِذَلِكَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْجَعْدِيُّ: العَكْس أَن يَجْعَلَ الرجلُ فِي رأْس الْبَعِيرِ خِطاماً ثُمَّ يَعْقِده إِلى رُكْبَتِهِ لِئَلَّا يَصُول. وَفِي حَدِيثِ
الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيم: اعكِسُوا أَنفسكم عَكْس الْخَيْلِ باللُّجُم
؛ مَعْنَاهُ اقدَعُوها وكُفُّوها ورُدُّوها. وَقَالَ أَعرابي مِنْ بَنِي نُفَيْل: شَنَقْتُ البعيرَ وعَكَسته إِذا جذَبتَ مِنْ جَريرِه ولَزِمْت مِنْ رأْسه فَهَمْلَج. وعَكَس الشيءَ: جذَبه إِلى الأَرض. وتَعَكَّسَ الرجلُ: مَشَى مَشْيَ الأَفْعَى، وَهُوَ يتعَكَّس تعكُّساً كأَنه قَدْ يَبِسَت عُرُوقُهُ. وَرُبَّمَا مَشَى السَّكْرَانُ كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: مِنْ دُونِ ذَلِكَ عِكاس ومِكاس، وَهُوَ أَن تأْخذ بِنَاصِيَتِهِ ويأْخذ بِنَاصِيَتِكَ. وَرَجُلٌ متَعَكِّس: مُتَثَنِّي غُضُونِ الْقَفَا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وأَنتَ امرُؤٌ جَعْدُ القَفا مُتَعَكِّسٌ، ... مِنَ الأَقِطِ الحَوْلِيِّ شَبْعانُ كانِبُ
وعَكَسَه إِلى الأَرض: جَذَبَهُ وضَغَطه ضَغْطاً شَدِيدًا. والعَكيس مِنَ اللَّبن: الحَلِيبُ تُصَبُّ عَلَيْهِ الإِهالة والمَرَق ثُمَّ يُشْرَبُ، وَقِيلَ: هُوَ الدَّقِيقُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ ثُمَّ يُشْرَبُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ الأَسدي:
فلمَّا سَقَيناها العَكِيسَ تَمَدَّحَتْ ... خَواصِرُها، وازْدادَ رَشْحاً ورِيدُها
وَيُقَالُ مِنْهُ: عَكَسْت أَعكِسُ عَكْساً، وَكَذَلِكَ الِاعْتِكَاسُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
جَفْؤُكَ ذَا قِدْرَك للضِّيفانِ، ... جَفْأً عَلَى الرُّغْفانِ فِي الجِفانِ،
خيرٌ مِنَ العَكِيسِ بالأَلْبانِ
والعَكْسُ: حَبْسُ الدَّابَّةِ عَلَى غَيْرِ عَلَفٍ. والعُكاس: ذكَر العَنْكبوت؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعَكِيسُ: القَضِيبُ مِنَ الحَبَلَة يُعْكَسُ تَحْتَ الأَرض إِلى مَوْضِعٍ آخر.
عكبس: كلُّ شَيْءٍ تَرَاكَبَ: عُكابِس وعُكَبِس؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: بَاؤُهَا بَدَلٌ مِنَ الْمِيمِ فِي عُكامِس وعُكَمِس، وَقَالَ كُرَاعٌ: إِذا صُبَّ لَبن عَلَى مَرَق، كَائَنًا مَا كَانَ، فَهُوَ عُكَبِس؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِنما هُوَ العَكِيسُ بِالْيَاءِ، وَقَدْ ذُكر. وعَكْبَس البعيرَ: شدَّ عُنقه إِلى إِحدى يَدَيْهِ وَهُوَ بارِك؛ وإِبل عُكابِس وعُكامِس وعُكَمِس وعُكَبِس إِذا كَثُرَتْ، وَقِيلَ: إِذا قَارَبَتِ الأَلفَ.
عكمس: العُكَمِسُ والعُكامِس: الْقَطِيعُ الضَّخْم مِنَ الإِبل. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِبل عُكامِس وعُكابِس وعُكَمِس وعُكَبِس إِذا كَثُرَتْ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: إِذا قَارَبَتِ الإِبلُ الأَلف فَهِيَ عُكامِس. وَكُلُّ شَيْءٍ تَرَاكَبَ وَتَرَاكَمَ وكثُر حَتَّى يُظْلِم مِنْ كَثْرَتِهِ، فَهُوَ عُكامِس وعُكَمِس؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
عُكامِسٌ كالسُّنْدُسِ المَنْشُورِ
وليلٌ عُكامِس: مُظلِم متراكبُ الظلْمة شديدُها. وَقَدْ عَكْمَسَ الليلُ عَكْمَسَةً إِذا أَظلم وتَعَكْمَس.(6/145)
علس: العَلْسُ: سَواد اللَّيْلِ. والعَلْسُ: الشُّرْب. وعَلَسَ يَعْلِس عَلْساً: شرِب، وَقِيلَ: أَكل. وعَلَسَتِ الإِبلُ تَعْلِس إِذا أَصابت شَيْئًا تأْكله. والعَلْسُ: الأَكل، وقَلَّما يُتكلم بِغَيْرِ حَرْفِ النَّفْيِ. وَمَا ذَاقَ عَلُوساً أَي ذَواقاً، وَمَا ذَاقَ عَلُوساً وَلَا أَلُوساً، وَفِي الصِّحَاحِ وَلَا لوُوساً أَي مَا ذَاقَ شَيْئًا. وعَلَّس دَاؤُهُ أَي اشتدَّ وبرَّح. وَمَا عَلَسَ عِنْدَهُ عَلُوساً أَي مَا أَكل. وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ: مَا أَكلت الْيَوْمَ عُلاساً. وَمَا عَلَّسُوا ضيفَهم بِشَيْءٍ أَي مَا أَطعموه. والعَلَس: شِواءٌ مَسْمُونٌ. وَشِوَاءٌ مَعْلُوس: أُكل بالسَّمْن. والعَلِيسُ: الشِّواء السَّمين؛ هَكَذَا حَكَاهُ كُرَاعٌ. والعَلِيسُ: الشِّواء مَعَ الجِلْد. والعَليس: الشِّوَاءُ المُنْضَج. وَرَجُلٌ مُجَرَّس ومُعَلَّس ومُنَقَّح ومُقَلَّح أَي مُجرَّب. والعَلَس: حَبٌّ يؤْكل، وَقِيلَ: هُوَ ضرْب مِنَ الحِنطة، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَلَسُ ضرْب مِنَ البُرِّ جَيِّدٌ غَيْرَ أَنه عَسِرُ الاستِنْقاء، وَقِيلَ: هُوَ ضرْب مِنَ القَمْح يَكُونُ فِي الكِمام مِنْهُ حَبَّتان، يَكُونُ بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ، وَهُوَ طَعَامُ أَهل صَنْعاء. ابْنُ الأَعرابي: العَدَس يُقَالُ لَهُ العَلَس. والعَلَسِيّ: شجرة المَقِرِ [المَقْرِ] ، وَهُوَ نَبَاتُ الصَّبرِ وَلَهُ نَوْر حَسن مِثْلُ نَوْرِ السَّوْسَنِ الأَخضر؛ قَالَ أَبو وَجْزَة السَّعدي:
كأَن النُّقْدَ والعَلَسيّ أَجْنى، ... ونَعَّم نَبْتَه وادٍ مَطِيرُ
وَرَجُلٌ مُعَلَّس: مُجرَّب. وعَلَس يَعْلِسُ عَلْساً وعَلَّس: صَخِبَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَدْ أَعْذُبُ العاذِرَة المَؤُوسا ... بالجِدّ، حَتَّى تَخْفِضَ التَّعْلِيسا
والعَلَس: القُراد، وَيُقَالُ لَهُ العَلُّ والعَلَس، وَجَمْعُهُ أَعْلالٌ وأَعْلاسٌ. والعَلَسَة: دُوَيْبَّة شَبِيهَةٌ بالنَّملة أَو الحَلَمَةُ. وعَلَسٌ وعُلَيْس: اسْمَانِ. وَبَنُو عَلَسٍ: بَطْن مِنْ بَنِي سَعْد، والإِبل العَلَسِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِليهم؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فِي عَلَسِيَّاتٍ طِوال الأَعْناقْ
ورجل وجمل عَنَسِيّ أَي شَدِيدٌ؛ قَالَ الْمَرَّارُ:
إِذا رَآهَا العَلَسِيُّ أَبْلَسا، ... وعَلَّقَ القومُ إِداوى يُبَّسا
علطس: العِلْطَوْسُ، مِثَالُ الفِرْدَوْسِ: النَّاقَةُ الخِيار الفارِهَة، وَقِيلَ: هِيَ المرأَة الْحَسْنَاءُ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
علطبس: العَلْطَبِيسُ: الأَمْلَسُ الْبَرَّاقُ؛ وأَنشد الرَّجَز الَّذِي يأْتي في علطمس بعدها.
علطمس: العَلْطَمِيسُ: النَّاقَةُ الضَّخْمَةُ ذَاتُ أَقطار وسَنام. والعَلْطَمِيس: الضَّخْم الشَّدِيدُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَمَّا رأَتْ شَيْبَ قَذالي عِيسا، ... وهامَتي كالطَّسْتِ عَلْطَمِيسا،
لَا يَجِدُ القمْلُ بِهَا تَعْريسا
وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ فِي الصِّحَاحِ علطبس، بِالْبَاءِ، وَقَالَ: العَلْطَبِيسُ الأَمْلَسُ البَرَّاق، وأَنشد هَذَا الرَّجَزَ بِعَيْنِهِ، وَفِيهِ:
وهامَتِي كالطَّسْتِ عَلْطَبِيسا
بِالْبَاءِ.(6/146)
علكس: لَيْلَةً مُعْلَنْكِسَة: كَمُعْرَنْكِسَة. وَشَعَرٌ عِلَّكْسٌ وعَلَنْكَس ومُعْلَنْكِس: كَثِيرٌ متراكِب، وَكَذَلِكَ الرَّمل ويَبِيسُ الكَلإِ. واعْلَنْكَسَت الإِبلُ فِي الْمَوْضِعِ: اجتمعتْ. وعَلْكَسَ البَيضُ واعْلَنْكَس: اجْتَمَعَ. واعْلَنْكَس الشعَر: اشْتَدَّ سَوَادُهُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: شعَر مُعْلَنْكِس ومُعْلَنْكِكٌ الكَثِيف الْمُجْتَمِعُ الأَسود. قَالَ الأَزهري: عَلْكَس أَصل بِنَاءِ اعْلَنْكَسَ الشعَر إِذا اشْتَدَّ سَوَادُهُ وَكَثُرَ؛ قَالَ الْعَجَّاجِ:
بِفاحِمٍ دُووِيَ حَتَّى اعْلَنْكَسا
وَيُقَالُ: اعْلَنْكَس الشيءُ أَي تردَّد. والمُعَلْكِسُ والمُعْلَنْكِس مِنَ اليَبِيسِ: مَا كثُر وَاجْتَمَعَ. وعَلْكَسٌ: اسْمُ رجُل مِنْ أَهل الْيَمَنِ.
علندس: الأَزهري: العَلَنْدَسُ والعَرَنْدَسُ: الصُّلب الشديد.
عمس: حَرْبٌ عَماسٌ: شَدِيدَةٌ، وَكَذَلِكَ لَيْلَةٌ عَماس. وَيَوْمٌ عَماس: مُظلِم؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذا كَشَف اليومُ العَماسُ عَنِ اسْتِهِ، ... فَلَا يَرْتَدي مِثْلي وَلَا يَتَعَمَّمُ
وَالْجَمْعُ عُمُس؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ونَزَلُوا بالسَّهْلِ بَعْدَ الشَّأْسِ، ... ومُرِّ أَيامٍ مَضَيْنَ عُمْسِ
وَقَدْ عَمِسَ [عَمُسَ] عَمَساً وعَمْساً وعُمُوساً وعَماسَة وعُمُوسَة؛ وأَمْرٌ عَمْسٌ وعَمُوس وعَماس ومُعَمَّس: شَدِيدٌ مُظلم لَا يُدرَى مِنْ أَين يُؤْتى لَهُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: أَتانا بأُمور مُعَمَّسات ومُعَمِّسات، بِنَصْبِ الْمِيمِ وَجَرِّهَا، أَي مَلْوِيَّات عَنْ جِهَتِها مُظْلِمَةٍ. وأَسَدٌ عَماسٌ: شَدِيدٌ؛ وَقَالَ:
قَبِيلَتانِ كالحَذَفِ المُنَدَّى، ... أَطافَ بِهِنّ ذُو لِبَدٍ عَماسُ
والعَمَسُ: كالحَمَس، وَهِيَ الشِّدَّة؛ حَكَاهَا ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِنَّ أَخْوالي، جَمِيعاً مِنْ شَقِرْ، ... لَبِسُوا لِي عَمَساً جِلْدَ النَّمِرْ
وعَمَسَ عَلَيْهِ الأَمرَ يَعْمِسُه وعَمَّسَه: خَلَّطه ولبَّسه وَلَمْ يُبيِّنه. والعَمَاس: الدَّاهِية. وكلُّ مَا لَا يهتدَى لَهُ: عَمَاسٌ. والعَمُوسُ: الَّذِي يَتعَسَّف الأَشياء كَالْجَاهِلِ. وتَعَامَسَ عَنِ الأَمر: أَرى أَنه لَا يَعْلَمه. والعَمْس: أَن تُرِي أَنك لَا تعرِف الأَمر وأَنت عارِفٌ. بِهِ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَلا وإِنَّ مُعَاوِيَةَ قادَ لِمَّةً مِنَ الغُواة وعَمَسَ عَلَيْهِمُ الخَبَر
، مِنْ ذَلِكَ، وَيُرْوَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. وتَعامس عَنْهُ: تَغَافَلَ وَهُوَ بِهِ عَالِمٌ. قَالَ الأَزهري: وَمَنْ قَالَ يَتَغامَس، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، فَهُوَ مُخْطِئٌ. وتَعامَس عَلَيّ: تَعامَى فَتَرَكَنِي فِي شُبهة مِنْ أَمره. والعَمْسُ: الأَمر المغطَّى. وَيُقَالُ: تَعامَسْت عَلَى الأَمر وتعامَشْت وتَعامَيْت بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وعامَسْت فُلَانًا مُعامَسَة إِذا ساترتَه وَلَمْ تُجاهِرْه بالعَداوة. وامرأَة مُعامِسَة: تَتَسَتَّرُ فِي شَبِيبَتِها وَلَا تَتَهَتَّك؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِنْ الحَلالَ وخَنْزَراً ولَدَتْهُما ... أُمٌّ مُعامِسَة عَلَى الأَطْهارِ
أَي تأْتي مَا لَا خَيْرَ فِيهِ غَيْرَ مُعالنة بِهِ. والمُعامَسَة: السِّرار. وَفِي النَّوَادِرِ: حَلَف فُلَانٌ عَلَى العَمِيسَة والعُمَيْسَة؛(6/147)
أَي عَلَى يَمِينٍ غَيْرِ حَقٍّ. وَيُقَالُ: عَمَسَ الكِتابُ أَي دَرَس. وَطَاعُونُ عَمْواس: أَوَّل طَاعُونٍ كَانَ فِي الإِسلام بِالشَّامِ. وعُمَيْس: اسْمُ رَجُلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْر عَمِيس، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ نَزَلَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ممرِّه إِلى بَدْرٍ.
عمرس: العَمَرَّس، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: الشَّرِس الخُلق القوِيّ الشَّدِيدُ. وَيَوْمٌ عَمَرَّس: شَدِيدٌ. وَسَيْرٌ عَمَرَّس: شَدِيدٌ، وَشَرٌّ عَمَرَّس: كَذَلِكَ. والعُمْرُوس: الجَمَل إِذا بَلَغَ النَّزْوَ. وَيُقَالُ لِلْجُمَلِ إِذا أَكل واجتَرَّ فَهُوَ فُرْفُور وعُمْرُوس. والعُمرُوس: الجَدْيُ، شامِيَّة، وَالْجَمْعُ العمارِس، وَرُبَّمَا قِيلَ لِلْغُلَامِ الحادِر عُمْرُوس؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو. الأَزهري: العُمْرُوس والطُّمْرُوس الْخَرُوفُ؛ وَقَالَ حُمَيد بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ نِسَاءً نشأْن بِالْبَادِيَةِ:
أُولئك لَمْ يَدْرِينَ مَا سَمَك القُرَى، ... وَلَا عُصُباً فِيهَا رِئات العَمارِس
وَيُقَالُ لِلْغُلَامِ الشَّائِلِ: عُمْرُوس. وَفِي حَدِيثُ
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوان: أَين أَنت مِنْ عُمْرُوسٍ راضِعٍ؟
العُمْرُوس، بِالضَّمِّ: الْخَرُوفُ أَو الجَدي إِذا بَلَغَا العَدْوَ، وَقَدْ يَكُونُ الضعيفَ، وَهُوَ مِنَ الإِبل مَا قَدْ سَمِنَ وشَبِعَ وَهُوَ رَاضِعٌ بَعْدُ. والعَمَرَّس والعَمَلَّس وَاحِدٌ إِلا أَن العَمَلَّس يقال للذئب.
عملس: العَمْلَسَة: السُّرعة. والعَمَلَّس: الذِّئْبُ الْخَبِيثُ والكَلْب الْخَبِيثُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ كِلَابَ الصَّيْدِ:
يُوزِع بالأَمْراسِ كلَّ عَمَلَّس، ... مِنَ المُطعِمات الصَّيْدِ غَيْرِ الشَواحِنِ
يُوزِعُ: يَكُفُّ، وَيُقَالُ يُغْرِي كُلَّ عَمَلَّسٍ كُلَّ كَلْبٍ كأَنه ذِئْبٌ. والعَمَلَّس: القوِيّ الشَّدِيدُ عَلَى السَّفَرِ، والعَمَلَّط مِثْلُهُ، وَقِيلَ النَّاقص، وَقِيلَ العَمَلَّس: الْجَمِيلُ. والعَمَلَّس: اسْمٌ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: هُوَ أَبرّ مِنَ العَمَلّس؛ هُوَ اسْمُ رَجُلٍ كَانَ يحجُّ بأُمّه عَلَى ظَهْرِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: العَمَرَّس مِثْلُ العَملَّس القَوِيّ عَلَى السَّيْرِ السَّرِيعُ؛ وأَنشد:
عَمَلَّس أَسْفارٍ، إِذا اسْتَقْبَلَتْ لَهُ ... سَمُومٌ كحرِّ النارِ، لَمْ يَتَلَثَّمِ
قَالَ ابْنُ برِّي: الشِّعر لِعَدِيِّ بْنِ الرِّقَاع يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ؛ وَقَبْلَهُ:
جَمَعْتَ اللَّواتي يحمَد اللَّهُ عبدَه ... عليهنَّ، فَلْيَهْنئْ لَكَ الخيرُ واسْلَمِ
فأَوَلُهنّ البِرُّ، والبِرُّ غالِبٌ، ... وَمَا بكَ مِنْ غَيْبِ السَّرائر يُعْلَمِ
وَثَانِيَةٌ كَانَتْ مِنَ اللَّه نِعْمَةً ... عَلَى الْمُسْلِمِينَ، إِذ وَلِي خيرُ مُنْعِمِ
وَثَالِثَةٌ أَنْ لَيْسَ فِيكَ هَوَادَةٌ ... لِمَنْ رامَ ظُلماً، أَو سَعَى سَعْيَ مجْرمِ
ورابعةٌ أَنْ لَا تزالَ مَعَ التُّقَى ... تَخُبُّ بِمَيْمُونٍ، مِنَ الأَمْرِ، مُبْرَمِ
وَخَامِسَةٌ فِي الحُكْمِ أَنَّك تُنصِفُ الضَّعِيف، ... وَمَا مَنْ عَلَّمَ اللَّهُ كالعَمِي
وَسَادِسَةٌ أَنَّ الَّذِي هُوَ رَبُّنا اصْطَفَاك، ... فمَنْ يَتْبَعْك لَا يَتَنَدَّمِ
وَسَابِعَةٌ أَنَّ المَكارِم كلَّها، ... سبَقْتَ إِليها كلَّ ساعٍ ومُلْجِمِ(6/148)
وَثَامِنَةٌ فِي مَنْصِبِ النَّاس أَنَّه ... سَمَا بكَ منهمْ مُعْظَمٌ فَوق مُعْظَمِ
وَتَاسِعَةٌ أَن البَرِيَّة كُلّها ... يَعُدُّون سَيباً مِنْ إِمامٍ مُتَمِّمِ
وَعَاشِرَةٌ أَنَّ الحُلُومَ تَوَابِعٌ ... لحِلْمِكَ، فِي فصْل مِنَ القول مُحْكَمِ
عنس: عَنَسَتِ المرأَة تَعْنُس، بِالضَّمِّ، عُنُوساً وعِناساً وتَأَطَّرَتْ، وَهِيَ عَانِسٌ، مِنْ نِسوة عُنَّسٍ وعَوَانِسَ، وعَنَّسَتْ، وَهِيَ مُعَنِّس، وعَنَّسَها أَهلُها: حَبَسُوها عَنِ الأَزواج حَتَّى جَازَتْ فَتَاءَ السِّن ولمَّا تَعْجِزْ [تَعْجُزْ] . قَالَ الأَصمعي: لَا يُقَالُ عَنَسَتْ وَلَا عَنَّسَت وَلَكِنْ يُقَالُ عُنِّسَت، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فاعلُه، فَهِيَ مُعَنَّسَة، وَقِيلَ: يُقَالُ عَنَسَت، بِالتَّخْفِيفِ، وعُنِّسَتْ وَلَا يُقَالُ عَنَّسَت؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي ذَكَّرَهُ الأَصمعي فِي خَلْق الإِنسان أَنه يُقَالُ عَنَّسَت المرأَة، بِالْفَتْحِ مَعَ التَّشْدِيدِ، وعَنَسَت، بِالتَّخْفِيفِ، بِخِلَافِ مَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا عانِسٌ وَلَا مُفَنِّدٌ؛ العانِس مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ: الَّذِي يَبقى زَمَانًا بَعْدَ أَن يُدْرِك لَا يَتَزَوَّجُ، وأَكثر مَا يُستعمل فِي النِّسَاءِ. يُقَالُ: عَنَسَتِ المرأَة، فَهِيَ عانِس، وعُنِّسَت، فَهِيَ مُعَنَّسَة إِذا كَبِرَت وعَجَزَتْ فِي بَيْتِ أَبويها. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَنَسَتِ الْجَارِيَةُ تَعْنُس إِذا طَالَ مُكْثُهَا فِي مَنْزِلِ أَهلها بَعْدَ إِدْراكها حَتَّى خرجتْ مِنْ عِداد الأَبكار، هَذَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فإِن تَزَوَّجَتْ مرَّة فَلَا يُقَالُ عَنَسَت؛ قَالَ الأَعشى:
والبِيضُ قَدْ عَنَسَتْ وطالَ جِراؤُها، ... ونَشَأْنَ فِي فَنَنٍ وَفِي أَذْوادِ
وَيُرْوَى: والبيضِ، مَجْرُورًا بِالْعَطْفِ عَلَى الشَّرْب فِي قَوْلِهِ:
وَلَقَدْ أُرَجِّل لِمَّتي بِعَشِيَّةٍ ... للشَّرْبِ، قبلَ حَوادثِ المُرْتادِ
وَيُرْوَى: سَنابِك، أَي قَبْلَ حَوَادِثِ الطَّالِب؛ يَقُولُ: أُرَجِّلُ لِمَّتي للشَّرْب وَلِلْجَوَارِي الحِسان اللَّوَاتِي نشَأْن فِي فَنَنٍ أَي فِي نِعْمَةٍ. وأَصلها أَغصان الشَّجَرِ؛ هَذِهِ رِوَايَةُ الأَصمعي، وأَما أَبو عُبَيْدَةَ فإِنه رَوَاهُ: فِي قِنٍّ، بِالْقَافِ، أَي فِي عَبِيدٍ وخَدَم. وَرَجُلٌ عانِس، وَالْجُمَعُ العانِسُون؛ قَالَ أَبو قَيْسِ بْنُ رَفَاعَةَ:
مِنَّا الَّذِي هُوَ مَا إِنْ طَرَّ شارِبُه، ... والعانِسُون، ومِنَّا المُرْدُ والشِّيبُ
وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَدخل بالمرأَة عَلَى أَنها بِكْرٌ فَيَقُولُ لَمْ أَجدها عَذْراء، فَقَالَ: إِن العُذْرة قد يُذهِبها التَعْنيسُ والحَيْضَة
، وَقَالَ اللَّيْثُ: عَنَسَت إِذا صَارَتْ نَصَفاً وَهِيَ بِكْرٌ وَلَمْ تتزوَّج. وَقَالَ الفَرَّاء: امرأَة عَانِسٌ الَّتِي لم تَتَزَوَّجُ وَهِيَ تَتَرَقَّبُ ذَلِكَ، وَهِيَ المُعَنَّسة. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: العَانِس فَوْقَ المُعْصِر؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:
وعِيطاً كأَسْراب الخُروج تَشَوَّفَتْ ... مَعاصِيرُها، والعاتِقاتُ العَوانِسُ
العِيطُ: يَعْنِي بِهَا إِبلًا طِوال الأَعناق، الْوَاحِدَةُ مِنْهَا عَيْطاء. وَقَوْلُهُ كأَسراب الْخُرُوجِ أَي كَجَمَاعَةِ نِسَاءٍ خرجْن مُتَشَوِّفَاتٍ لأَحد العِيدين أَي مُتَزَيِّنَاتٍ، شبَّه الإِبل بهنَّ. والمُعْصِر: الَّتِي دَنَا حَيْضُهَا. والعاتِقُ: الَّتِي فِي بَيْتِ أَبويها وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا اسْمُ الزَّوْجِ، وَكَذَلِكَ العانِس. وَفُلَانٌ لَمْ تَعْنُس السِّنُّ وَجهَه أَي لَمْ تُغَيِّرْهُ إِلى الكِبَرِ؛ قَالَ سُوَيْدٌ الْحَارِثِيُّ:(6/149)
فَتى قَبَلٌ لَمْ تَعْنُس السنُّ وجهَهُ، ... سِوى خُلْسَةٍ فِي الرأْس كالبَرْقِ فِي الدُّجى
وَفِي التَّهْذِيبِ: أَعْنَس الشيبُ رأْسَه إِذا خَالَطَهُ؛ قَالَ أَبو ضَبٍّ الْهُذَلِيُّ:
فَتى قَبَلٌ لَمْ يَعْنُسِ الشَّيبُ رأْسَه، ... سِوى خُيُطٍ فِي النُّورِ أَشرَقْنَ فِي الدُّجى
وَرَوَاهُ المُبَرِّد: لَمْ تعْنُس السِّنُّ وَجهه؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ أَجود. والعُنَّسُ مِنَ الإِبلِ فَوْقَ البَكارة أَي الصِّغار. قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: جَعل الفحلُ يَضْرِبُ فِي أَبكارِها وعُنَّسِها؛ يَعْنِي بالأَبكار جَمْعَ بَكْر، والعُنَّس المتوسِّطات الَّتِي لَسْن بأَبكار. والعَنْسُ: الصَّخرة. والعَنْسُ: النَّاقَةُ القويَّةُ، شُبِّهَتْ بِالصَّخْرَةِ لِصَلَابَتِهَا، وَالْجَمْعُ عُنْسٌ وعُنُوس وعُنَّس مِثْلُ بازِل وبُزْلٍ وبُزَّل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يُعْرِسُ أَبكاراً بِهَا وعُنَّسا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَنْس البازِل الصُّلبة مِنَ النُّوق لَا يُقَالُ لِغَيْرِهَا، وَجَمْعُهَا عِناس، وعُنُوس جَمْعُ عِناس؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي وأَظنه وهَماً مِنْهُ لأَن فِعالًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فُعُول، كَانَ وَاحِدًا أَو جَمْعًا، بَلْ عُنُوس جَمْعُ عَنْس كعِناس. قَالَ اللَّيْثُ: تُسمّى عَنْساً إِذا تَمَّتْ سِنّها وَاشْتَدَّتْ قوَّتها ووفَر عِظَامُهَا وأَعضاؤُها؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَمْ قَدْ حَسَرْنا مِنْ عَلاةٍ عَنْسِ
وَنَاقَةٌ عانِسَة وَجُمَلٌ عانِس: سَمِينٌ تَامُّ الخَلق؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
بعانِساتٍ هَرِماتِ الأَزْمَلِ، ... جُشٍّ كبَحْريّ السَّحاب المُخْيِلِ
والعَنْس: العُقاب. وعَنَسَ العودَ: عَطَفَه، وَالشِّينُ أَفصح. واعْنَوْنَسَ ذنَب الناقةٍ، واعْنِيناسُه: وفُورُ هُلْبِه وطولُه؛ قَالَ الطِّرِمَّاح يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
يَمْسَحُ الأَرض بمُعْنَوْنِسٍ، ... مِثل مِئْلَاةِ النِّياح القِيام
أَي بِذَنْبٍ سَابِغٍ. وعَنْسٌ: قَبِيلَةٌ، وَقِيلَ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ؛ وأَنشد:
لَا مَهْلَ حَتى تَلْحَقي بعَنْسِ، ... أَهلِ الرِّياطِ البِيضِ والقَلَنْسِ
قَالَ: وَلَمْ يَقُلِ القَلَنْسُو لأَنَه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسْمٌ آخِرُهُ وَاوٌ قَبْلَهَا حَرْفٌ مَضْمُومٌ، وَيَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ أَنهم قَالُوا: هَذِهِ أَدْلي زِيرٍ. والعِناسُ: الْمِرْآةُ. والعُنُس: الْمَرَايَا؛ وأَنشد الأَصمعي:
حَتَّى رَأَى الشَّيْبَة فِي العِناسِ، ... وعادمَ الجُلاحبِ العَوَّاسِ
وعُنَيِّس: اسْمُ رَمْل مَعْرُوفٌ؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
وأَعْرَضَ رَمْلٌ مِنْ عُنَيِّس، تَرْتَعِي ... نِعاجُ المَلا، عُوذاً بِهِ ومَتالِيا
أَراد: تَرْتَعِي بِهِ نعاجُ الْمَلَا أَي بَقَرُ الْوَحْشِ. عُوذًا: وضَعَتْ حَدِيثاً، ومَتَاليَ: يَتْلُوهَا أَولادها. وَالْمَلَا: مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض، ونَصَب عُوذاً على الحال.
عنبس: العَنْبَس: مِنْ أَسماء الأَسد، إِذا نَعَتَّه قُلْتَ عَنْبَس وعُنابِس، وإِذا خَصَصْتَهُ بِاسْمٍ قُلْتَ عَنْبَسَة كَمَا يُقَالُ أُسامة وسَاعدة. أَبو عُبَيْدٍ: العَنْبَس الأَسَد(6/150)
لأَنه عَبُوس. أَبو عَمْرٍو: العَنبَسُ «5» الأَمة الرَّعْناء. ابْنُ الأَعرابي: تَعَنْبَس الرَّجُلُ إِذا ذلَّ بِخِدْمَةٍ أَو غَيْرِهَا، وعَنْبَس إِذا خرَج، وسُمِّي الرَّجُلُ العَنْبَس بَاسِمِ الأَسَد، وَهُوَ فَنْعَلٌ مِنَ العُبُوس. والعَنابِس مِنْ قُرَيْش: أَولادُ أُمَيَّة بنِ عَبْدِ شَمْسٍ الأَكبر وَهُمْ سِتَّةٌ: حَرْبٌ وأَبو حَرْبٍ وسُفْيان وأَبو سُفيان وعَمرو وأَبو عَمْرٍو وسُمُّوا بالأَسد وَالْبَاقُونَ يُقَالُ لهم الأَعْياصُ.
عنفس: رجُل عِنْفِس: قَصِيرٌ لئيم؛ عن كراع.
عنقس: الأَزهري: العَنْقَس مِنَ النِّسَاءِ الطَّوِيلَةُ المُعْرِقة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
حَتَّى رُمِيت بِمِزاقٍ عَنْقَسِ، ... تَأْكلُ نِصفَ المُدِّ لَمْ تَلَبَّقِ
ابْنُ دُرَيْدٍ: العَنْقَس الدَّاهي الخَبيث.
عوس: العَوْس والعَوَسان: الطَّوْف بِاللَّيْلِ. عاسَ عَوْساً وعَوَساناً: طَافَ بِاللَّيْلِ. والذئبُ يَعُوس: يطلُب شَيْئًا يأْكله. وَعَاسَ الذئبُ: اعْتَسَّ. وعاسَ الشيءَ يَعُوسُه: وَصَفَه؛ قَالَ:
فعُسْهم أَبا حسَّان، مَا أَنت عائِسُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَا، هُنَا، زَائِدَةٌ كأَنه قَالَ: عُسْهم أَبا حَسَّانَ أَنت عَائِسٌ أَي فأَنت عائِس. وَرَجُلٌ أَعْوَسُ: وصَّاف. قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ الأَعوس الصَّيْقل، ثُمَّ قَالَ: قَالَ وَيُقَالُ لِكُلِّ وَصَّاف لِشَيْءٍ هُوَ أَعْوَسُ وصَّاف؛ قَالَ جَرِيرٌ يَصِفُ السُّيُوفَ:
تَجْلُوا السُّيُوفَ وغيرُكم يَعْصى بِهَا، ... يَا ابْنَ القُيُون، وَذَاكَ فِعْلُ الأَعْوَسِ
قَالَ الأَزهري: رابَني مَا قَالَهُ فِي الأَعْوَسِ وَتَفْسِيرُهُ وإِبداله قَافِيَةَ هَذَا الْبَيْتِ بِغَيْرِهَا، وَالرِّوَايَةُ: وَذَاكَ فِعْلُ الصَّيْقَلِ، وَالْقَصِيدَةُ لِجَرِير مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ لَامِيَّةٌ طَوِيلَةٌ، قَالَ: وَقَوْلُهُ الأَعْوَس الصَّيْقَل لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدِي، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَعْوَسُ الصَيْقَل. وعاسَ مالَه عَوْساً وعِيَاسة وساسَة سِياسَة: أَحسن القِيام عَلَيْهِ. وَفِي الْمَثَلِ «6» : لَا يَعْدَمُ عائِسٌ وَصْلاتٍ؛ يُضرَب لِلرَّجُلِ يُرْمِل مِنَ الْمَالِ وَالزَّادِ فيلقَى الرجلَ فيَنال مِنْهُ الشيءَ ثُمَّ الْآخَرَ حَتَّى يَبْلُغ أَهله. وَيُقَالُ: هُوَ عائِس مالٍ. وَيُقَالُ: هُوَ يَعُوس عِياله ويَعُولهم أَي يَقُوتهم؛ وأَنشد:
خَلَّى يَتامَى كَانَ يُحْسِنُ عَوْسَهم، ... ويَقُوتُهم فِي كلِّ عامٍ جاحِدِ
وَيُقَالُ: إِنه لَسائِس مالٍ وعائِس مَالٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وعاسَ عَلَى عِيَالِهِ يَعُوس عَوْساً إِذا كَدَّ وكَدَح عَلَيْهِمْ. والعُواسَة: الشَّربة مِنَ اللَّبَن وَغَيْرِهِ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَوَكَ: عُسْ مَعاشَك وعُكْ معاشَك مَعاساً ومَعاكاً، والعَوْس: إِصلاح الْمَعِيشَةِ. عاسَ فُلَانٌ مَعاشه عَوْساً ورَقَّحَهُ وَاحِدٌ. والعَواساءُ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ: الْحَامِلُ مِنَ الْخَنَافِسِ؛ قَالَ:
بِكْراً عَواساءَ تَفاسَى مُقْرِبا
__________
(5) . قوله [أَبو عَمْرٍو: الْعَنْبَسُ الأَمة إلخ] عبارة شرح القاموس في هذه المادة: وأَورد صاحب اللسان هنا العنبس الأَمة الرعناء عن أَبي عمرو، وكذلك تَعَنْبَسَ الرَّجُلُ إِذَا ذَلَّ بخدمة أَو غيرها، قلت: والصواب أنهما البعنس وبعنس، بتقديم الموحدة، وقد ذكر في محله فليتنبه لذلك.
(6) . قوله [وفي المثل إلخ] أَورده الميدانيّ في أَمثاله: لا يعدم عائش وصلات، بالشين، وَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَيْ ما دام للمرء أجل فهو لا يعدم ما يتوصل به، يضرب للرجل إلى آخر ما هنا.(6/151)
أَي دَنَا أَن تَضَعَ. والعَوَس: دُخُولُ الخَدَّين حَتَّى يَكُونَ فِيهِمَا كالهَزْمتين، وأَكثر مَا يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ الضحِك. رَجُلٌ أَعْوَس إِذا كَانَ كَذَلِكَ، وامرأَة عَوْساء، والعَوَسُ الْمَصْدَرُ مِنْهُ. والعُوسُ: الْكِبَاشُ البِيض؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العُوس، بِالضَّمِّ، ضَرْبٌ مِنَ الْغَنَمِ، يُقَالُ: كَبْشٌ عُوسِيّ.
عيس: العَيْسُ: مَاءُ الفَحْل؛ قَالَ طَرَفَةُ:
سأَحْلُب عَيْساً صَحْن سُمّ
قَالَ: والعَيْس يَقْتُلُ لأَنه أَخبث السُّم؛ قَالَ شِمْرٌ: وأَنشدنيه ابْنُ الأَعرابي: سأَحلب عَنْسًا، بِالنُّونِ، وَقِيلَ: العَيْس ضِراب الْفَحْلِ. عَاسَ الفحلُ الناقةَ يَعِيسُها عَيْساً: ضَرَبها. والعِيَس والعِيسَة: بَيَاضٌ يُخالِطُه شَيْءٌ مِنْ شُقْرة، وَقِيلَ: هُوَ لَوْنٌ أَبيضُ مُشْرَب صَفاءً فِي ظُلمة خفِية، وَهِيَ فُعْلَة، عَلَى قِيَاسِ الصُّهبة والكُمْتة لأَنه لَيْسَ فِي الأَلوان فِعْلَة، وإِنما كُسِرت لِتَصِحَّ الْيَاءُ كَبَيْضٍ. وجَمل أَعْيَس وَنَاقَةٌ عَيْساء وظَبْيٌ أَعْيَس: فِيهِ أُدْمَة، وَكَذَلِكَ الثَّور؛ قَالَ:
وعانَقَ الظِّلَّ الشَّبُوبُ الأَعْيَسُ
وَقِيلَ: العِيس الإِبل تَضْرِبُ إِلى الصُّفرة؛ رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: تَرْتَمِي بِنَا العِيس
؛ هِيَ الإِبل الْبِيضُ مَعَ شُقرة يَسِيرَةٍ، وَاحِدُهَا أَعْيَس وعَيْساء؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سَوادِ بنِ قَارِبٍ:
وشدَّها العِيسُ بأَحْلاسِها
ورجُل أَعْيَس الشَّعَر: أَبيضه. ورَسْم أَعْيَس: أَبيض. والعَيْساء: الجَرادَة الأُنثى. وعَيْساء: اسْمُ جَدَّةِ غَسَّان السَّلِيطي؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَساعِية عَيْساء، والضَّأْن حُفَّلٌ، ... كَمَا حاولَتْ عَيساء أَمْ مَا عَذِيرُها؟
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العِيس، بِالْكَسْرِ، جَمْعُ أَعْيَس. وعَيْساء: الإِبلُ البِيض يُخالِطُ بياضَها شَيْءٌ مِنَ الشُّقرة، وَاحِدُهَا أَعْيَس، والأُنثى عَيْساء بَيِّنا العِيس. قَالَ الأَصمعي: إِذا خَالَطَ بَيَاضَ الشعَر شُقْرة فَهُوَ أَعْيَس؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَقول لِخارِبَيْ هَمْدان لمَّا ... أَثارَا صِرْمةً حُمراً وعِيسَا
أَي بِيضًا. وَيُقَالُ: هِيَ كَرَائِمُ الإِبل. وعِيسَى: اسْمُ الْمَسِيحِ، صَلَوَاتُ اللَّه عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: عِيسَى فِعْلَى، وَلَيْسَتْ أَلفه للتأْنِيث إِنما هُوَ أَعجمي وَلَوْ كَانَتْ للتأْنيث لَمْ يَنْصَرِفْ فِي النَّكِرَةِ وَهُوَ يَنْصَرِفُ فِيهَا، قَالَ: أَخبرني بِذَلِكَ مَنْ أَثِق بِهِ، يَعْنِي بصَرْفِه فِي النَّكِرَةِ، وَالنَّسَبُ إِليه عِيْسِيٌّ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عِيسى اسْمٌ عِبْرانيّ أَو سُرياني، وَالْجَمْعُ العِيسَوْن، بِفَتْحِ السِّينِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: العِيسُون، بِضَمِّ السِّينِ، لأَن الْيَاءَ زَائِدَةٌ «1» ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَتَقُولُ مَرَرْتُ بالعِيسَيْنَ ورأَيت العِيسَيْنَ، قَالَ: وأَجاز الْكُوفِيُّونَ ضَمَّ السِّينَ قَبْلَ الْوَاوِ وَكَسْرَهَا قَبْلَ الْيَاءِ، وَلَمْ يُجِزْهُ البَصريون وَقَالُوا: لأَن الأَلف لَمَّا سَقَطَتْ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ وجَب أَن تَبْقَى السِّينُ مَفْتُوحَةً عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الأَلف أَصلية أَو غَيْرَ أَصلية، وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَفْرق بَيْنَهُمَا وَيَفْتَحُ فِي الأَصلية فيقول
__________
(1) . قوله [لأَن الياء زائدة] أطلق عليها ياء باعتبار أنها تقلب ياء عند الإِمالة، وكذا يقال فيما بعده.(6/152)
مُعْطَوْنَ، وَيَضُمُّ فِي غَيْرِ الأَصلية فَيَقُولُ عِيسُون، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي مُوسَى، والنسبةُ إِليهما عِيسَويّ ومُوسَويّ، بِقَلْبِ الْيَاءِ وَاوًا، كَمَا قُلْتَ فِي مَرْمًى مَرْمَوِيّ، وإِن شِئْتَ حَذَفْتَ الْيَاءَ فَقُلْتَ عِيسِيّ وموسِيّ، بِكَسْرِ السِّينِ، كَمَا قُلْتَ مَرْميّ ومَلْهيّ؛ قَالَ الأَزهري: كأَن أَصل الْحَرْفِ مِنَ العَيَس، قَالَ: وإِذا اسْتَعْمَلْتَ الْفِعْلَ مِنْهُ قُلْتَ عَيِس يَعْيَس أَو عَاسَ يَعِيس، قَالَ: وعِيسى شبه قِعْلى، قَالَ الزَّجَّاجُ: عِيسَى اسْمٌ عَجَمِيّ عُدِلَ عَنْ لَفْظِ الأَعجمية إِلى هَذَا الْبِنَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ فِي الْمَعْرِفَةِ لِاجْتِمَاعِ العُجمة وَالتَّعْرِيفِ فيه، ومَنال اشْتِقَاقِهِ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَن عِيسَى فِعْلى فالأَلف تصلُح أَن تَكُونَ للتأْنيث فَلَا يَنْصَرِفُ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ، وَيَكُونُ اشْتِقَاقُهُ مِنْ شَيْئَيْنِ: أَحدهما العَيَس، وَالْآخَرُ مِنَ العَوْس، وَهُوَ السِّياسة، فَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، فأَما اسْمُ نَبِيِّ اللَّه فَمَعْدُولٌ عَنْ إِيسُوع، كَذَا يَقُولُ أَهل السُّرْيَانِيَّةِ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: وإِذا نَسَبْتَ إِلى مُوسَى وعيسى وما أَشبهها مِمَّا فِيهِ الْيَاءُ زَائِدَةً قُلْتَ مُوسِيّ وَعِيسِيٌّ، بِكَسْرِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَعْيَس الزرعُ إِعْياساً إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَطْبٌ، وأَخْلَس إِذا كَانَ فِيهِ رَطْب ويابِس.
فصل الغين المعجمة
غبس: الغَبَس والغُبْسَة: لَوْن الرَّماد، وَهُوَ بَيَاضٌ فِيهِ كُدْرة، وَقَدْ أَغْبَسَ. وَذِئْبٌ أَغْبَس إِذا كَانَ ذَلِكَ لَونَه، وَقِيلَ: كُلُّ ذِئْبٍ أَغبَس؛ وَفِي حَدِيثِ الأَعشى:
كالذِّئْبَةِ الغَبْساء فِي ظِلِّ السَّرَبْ
أَي الْغَبْرَاءِ؛ وَقِيلَ: الأَغْبَس مِنَ الذِّئَابِ الخَفِيف الحَريص، وأَصله مِنَ اللَّون. والوَرْدُ الأَغْبَس مِنَ الخَيْل: هُوَ الَّذِي تَدْعُوهُ الأَعاجم السَّمَنْد. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ غَبَس وغَبَش لِوَقْتِ الغَلَس، وأَصله مِنَ الغُبْسة. وَهُوَ لوْن بَيْنَ السَّوَادِ والصُّفرة. وَحِمَارٌ أَغْبَس إِذا كَانَ أَدْلَم. وغَبَسُ اللَّيْلِ: ظلامُه مِنْ أَوله، وغَبَشه مِنْ آخِرِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: الغَبَس والغَبَش سَوَاءٌ، حَكَاهُ فِي المُبْدَل؛ وأَنشد:
ونِعْمَ مَلْقى الرِّجالِ مَنْزِلُهم، ... ونِعْمَ مأْوى الضَّريكِ فِي الغَبَسِ
تُصْدِرُ وُرَّادَهُمْ عِساسُهُمُ، ... ويَنْحَرُون العِشار فِي المَلَسِ
يَعْنِي أَن لَبَنهم كَثِيرٌ يَكْفِي الأَضياف حَتَّى يُصدِرَهم، ويَنْحَرُون مَعَ ذَلِكَ العِشارَ، وَهِيَ الَّتِي أَتى عَلَيْهَا مِنْ حَمْلِها عَشَرَةُ أَشهر، فَيَقُولُ: مِنْ سَخائهم يَنحرُون العِشار الَّتِي قَدْ قرُب نَتاجُها. وغَبَسَ اللَّيْلُ وأَغْبَس: أَظلم. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّه: إِذا اسْتَقْبَلُوكَ يَوْمَ الجُمُعَة فاستقْبِلهم حَتَّى تَغْبِسَها حَتَّى لَا تَعُود أَن تَخَلَّفَ
: يَعْنِي إِذا مَضَيْت إِلى الْجُمُعَةِ فلقِيت النَّاسَ وَقَدْ فَرَغُوا مِنَ الصَّلاة فاسْتقبِلْهم بِوَجْهِكَ حَتَّى تُسَوِّده حَياء مِنْهُمْ كَيْ لَا تتأَخر بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْهَاءُ فِي تَغْبِسهَا ضَمِيرُ الغُرَّة أَو الطَّلْعَة. والغُبْسَة: لَون الرَّماد. وَلَا أَفعله سَجِيسَ غُبَيْس الأَوْجَس أَي أَبد الدَّهْرِ. وَقَوْلُهُمْ: لَا آتِيكَ ما غَبا غُبَيْس أَي مَا بَقِيَ الدَّهْرُ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَا أَدري مَا أَصله؛ وأَنشد الأُموي:
وَفِي بَني أُمِّ زُبَيْرٍ كَيْسُ، ... عَلَى الطَّعام، مَا غَبا غُبَيْسُ
أَي فِيهِمْ جُود. وَمَا غَبا غُبَيْس: ظَرْفٌ مِنَ الزَّمَانِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصله الذِّئْبُ. وغُبَيْس: تَصْغِيرُ(6/153)
أَغْبَس مُرَخَّماً. وغَبا: أَصله غَبَّ فأَبدل مِنْ أَحد حَرْفَي التَّضْعِيفِ الأَلِف مِثْلَ تَقَضَّى أَصله تَقَضَّض؛ يَقُولُ: لَا آتِيك مَا دَامَ الذِّئْبُ يأْتي الغَنم غِبًّا.
غرس: غَرَس الشَّجَرَ وَالشَّجَرَةَ يغرِسها غَرْساً. والغَرْس: الشَّجَرُ الَّذِي يُغْرَس، وَالْجَمْعُ أَغْراس. وَيُقَالُ للنَّخلة أَول مَا تَنْبُتُ: غَريسَة. والغَرْس: غَرْسُك الشَّجَرَ. والغِراس: زَمَن الغَرس. والمَغْرِس: مَوْضِعُ الغَرْس، وَالْفِعْلُ الغَرْس. والغِراس: مَا يُغْرَس مِنَ الشَّجَرِ. والغَرْس: القَضِيب الَّذِي يُنْزع مِنَ الحِبّة ثُمَّ يُغْرَس. والغَريسَة: شَجَرُ الْعِنَبِ أَوّل مَا يُغْرَس. والغَريسة: النَّوَاةُ الَّتِي تُزرع؛ عن أَبي المجيب والحرِث بْنِ دُكَيْنٍ. والغَرِيسَة: الفَسِيلَة سَاعَةَ تُوضَعُ فِي الأَرض حَتَّى تَعْلَقَ، وَالْجَمْعُ غَرائِس وغِراس، الأَخيرة نادِرَة. والغِراسَة: فَسِيل النَّخْل. وغَرَس فُلَانٌ عِندي نِعْمَةً: أَثْبَتها، وَهُوَ عَلَى المثَل. والغِرْس، بِالْكَسْرِ: الْجِلْدَةُ الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى رأْس الْوَلَدِ أَو الْفَصِيلِ سَاعَةَ يُولد فإِن تُركت قَتَلَتْه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَتْرُكْن، فِي كُلِّ مَناخٍ أَبْسِ، ... كلَّ جَنِينٍ مُشْعَرٍ فِي غِرْسِ
وَقِيلَ: الغِرْس هُوَ الَّذِي يَخْرُج عَلَى الوَجْه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مَعَهُ كأَنه مُخاط، وَجَمْعُهُ أَغْراس. التَّهْذِيبُ: الغِرْس وَاحِدُ الأَغراس، وَهِيَ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ تَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ إِذا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمه. ابْنُ الأَعرابي: الغِرْس المَشِيمَة؛ وَقَوْلُ قَيْسِ بْنِ عَيْزَارَةَ:
وَقَالُوا لَنَا: البَلْهاء أَوّل سُؤلَةٍ ... وأَغْراسُها واللَّهُ عَنِّي يُدافِعُ
الْبَلْهَاءُ: اسْمُ نَاقَةٍ، وعَنَى بأَغراسِها أَولادَها. والغَراس، بِفَتْحِ الْغَيْنِ: مَا يَخْرُجُ مِنْ شارِب الدَّوَاءِ كَالْخَامِّ. والغَراس: مَا كَثُرَ مِنَ العُرْفُط؛ عَنْ كُرَاعٍ. والغِرْس والغَرْس: الْغُرَابُ الصَّغِيرُ. وغَرْس، بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ: بِئْرٌ بِالْمَدِينَةِ؛ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ مَنَازِلُ بَنِي النَّضِير بِنَاحِيَةِ الغَرْس.
غسس: الغُسُّ، بِالضَّمِّ: الضَّعِيفُ اللَّئِيمُ، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: مِنَ الرِّجَالِ؛ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ مَسْعُودٍ:
فَلَمْ أَرْقِهِ إِنْ يَنْجُ مِنْهَا، وإِن يَمُتْ ... فطَعْنَة لَا غُسٍّ، وَلَا بمُغَمِّرِ
وَالْجَمْعُ أَغْساس وغِساس وغُسُوس. ابْنُ الأَعرابي: الغُسُسُ الضُّعفاء فِي آرَائِهِمْ وَعُقُولِهِمْ. الْجَوْهَرِيُّ: يَكُونُ الغُسُّ وَاحِدًا وَجَمْعًا؛ وأَنشد لأَوس بْنِ حَجَر:
مُخَلّفُون ويَقْضِي النَّاسُ أَمْرَهُمُ، ... غُسُّ الأَمانة، صُنْبُورٌ فصُنْبُورُ
وَرَوَاهُ الْمُفَضَّلُ: غُشُّ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، كأَنه جَمْعُ غاشٍّ مِثْلَ بازِل وبُزْل، وَيُرْوَى: غُشَّ نَصْبًا عَلَى الذَّم بإِضمار أَعني، ويُروى: غُسُّو الأَمانة، أَيضاً بِالسِّينِ، أَي غُسُّون، فَحُذِفَتِ النُّونُ للإِضافة، وَيَجُوزُ غُسِّي، بِكَسْرِ السِّينِ، بإِضمار أَعني، وَتُحْذَفُ النُّونُ للإِضافة. والغَسِيسُ والمَغْسُوس: كالغُسِّ. والغَسِيسَة والمُغَسِّسَة والمَغْسُوسَة: البُسْرة الَّتِي تُرْطِبُ ثُمَّ يَتَغَيَّرُ طَعْمُهَا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا حَلَاوَةَ لَهَا، وَهِيَ أَخبث البُسر، وَقِيلَ: الغَسِيسَة والمُغَسِّسَة والمَغْسُوسَة البُسرة تُرطب مِنْ حَوْلِ تُفْرُوقِها، وَنَخْلَةٌ مَغْسوسَة: تُرطِب وَلَا حَلَاوَةَ لَهَا. والغُسُسُ:(6/154)
الرُّطَب الفاسِد، الْوَاحِدُ غَسِيسٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي النَّوَادِرِ: الغَسِيسَة الَّتِي تُرطب وَيَتَغَيَّرُ طَعْمُهَا، والسَّرادة البُسرة الَّتِي تَحْلُو قَبْلَ أَن تُزهي، وَهِيَ بَلحَة، والمَكْرَة الَّتِي لَا تُرْطب وَلَا حَلَاوَةَ لَهَا، والشُّمْطانة الَّتِي يُرطب جَانِبٌ مِنْهَا وَسَائِرُهَا يَابِسٌ، والمَغْسُوسَة الَّتِي تُرْطِبُ وَلَا حَلَاوَةَ لَهَا. أَبو مِحْجَن الأَعرابي: هَذَا الطَّعَامُ غَسُوس صِدْق وغَلُول صِدْقٍ أَي طَعَامُ صِدْقٍ، وَكَذَلِكَ الشَّراب. وغَسَّ الرَّجُلُ فِي الْبِلَادِ إِذا دَخَلَ فِيهَا وَمَضَى قُدُماً، وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كالحُوت لمَّا غَسَّ فِي الأَنهار
قَالَ: وقَسَّ مِثْلُهُ. والغُسُّ: الفَسْل مِنَ الرِّجَالِ، وَجَمْعُهُ أَغْساس؛ وأَنشد:
أَن لَا يُتَلَّى بِجِبْسٍ لَا فُؤاد لهُ، ... وَلَا بِغُسٍّ عنِيد الفُحْشِ إِزْمِيلِ
وغَسَسْتَه فِي الْمَاءِ وغَتَتَّهُ أَي غَطَطْتَه؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
وانغَسَّ فِي كَدِر الطِّمالِ دَعامِصٌ ... حُمْرُ البُطون، قَصِيرة أَعْمارُها
والغِسُّ: زَجْرُ الْهِرِّ. وغَسْغَسْت بالهِرَّة إِذا بَالَغْتَ فِي زَجْرِهَا؛ وَيُقَالُ للهرَّة الخَازِ بازِ والمَغْسُوسَة. وَلَسْتُ مِنْ غَسَّانِه أَي ضرْبه؛ عَنْ كُرَاعٍ. وغَسَّان: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ، مِنْهُمْ مُلُوكُ غَسَّانَ، وغَسَّان: ماءٌ نُسِب إِليه قَوْمٌ؛ قَالَ حَسَّانُ:
أَلأَزْدُ نِسْبَتُنا والماءُ غَسَّانُ
هَذَا إِن كَانَ فَعْلانَ فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وإِن كَانَ فَعَّالًا فَهُوَ مِنْ بَابِ النُّونِ. وَيُقَالُ: غَسَّ فُلَانٌ خُطْبَةَ الْخَطِيبِ أَي عابها.
غضرس: ثَغْرٌ غُضارِس: باردٌ عذْب؛ قَالَ:
مَمْكُورَة غَرْثَى الوِشاحِ الشَّاكِسِ، ... تَضْحَك عَنْ ذِي أُشُر غُضارِسِ
وَحَكَاهُ ابْنُ جِنِّي بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
غطس: الغَطْس فِي الْمَاءِ: الغَمْسُ فِيهِ. غَطَسَه فِي الْمَاءِ يَغْطِسُه غَطْساً وغَطَّسَه فِي الْمَاءِ وقَمَسَه ومَقَلَه: غَمَسَه فِيهِ. وَهُمَا يَتَغاطَسان فِي الْمَاءِ يَتَقامَسان إِذا تَماقَلَا فِيهِ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
وأَلْقَتْ ذِراعَيْها، وأَدْنَتْ لَبَانَها ... مِنَ الْمَاءِ، حَتَّى قُلْت: فِي الجَمِّ تَغْطِسُ
وتَغاطَسَ القومُ فِي الْمَاءِ: تَغاطُّوا فِيهِ؛ قَالَ مَعْن بْنُ أَوس:
كأَنَّ الكُهُولَ الشُّمْطَ فِي حُجُراتِها ... تَغاطَسُ فِي تَيَّارِها، حِين تَحْفِلُ
وليلٌ غاطِس: كغاطِش. والمَغْنِيطِسُ: حَجَرٌ «1» يَجْذِبُ الْحَدِيدَ، وَهُوَ معرّب.
غطرس: الغَطْرسة والتَغَطْرُس: الإِعجاب بِالشَّيْءِ والتَّطاوُل عَلَى الأَقْران؛ وأَنشد:
كَمْ فِيهمُ مِنْ فارِس مُتَغَطْرِسٍ ... شاكِي السِّلاح، يَذُبُّ عَنْ مَكْروبِ
وَقِيلَ: هُوَ الظُّلْم والتكبُّر. والغِطْرِس والغِطْرِيسُ والمُتَغَطْرِس: الظَّالِمُ الْمُتَكَبِّرُ، قَالَ الكُمَيت يُخَاطِبُ بَنِي مَرْوان:
وَلَوْلَا حِبالٌ منكمُ هِيَ أَمْرَسَتْ جَنائِبَنا، ... كُنَّا الأُتاةَ الغَطارِسَا
__________
(1) . قوله [والمغنيطس حجر] ويقال له أيضاً مغنطيس ومغناطيس، بكسر الميم فيهما، وسكون الغين، وفتح النون، وكسر الطاء كما في القاموس.(6/155)