كَانَ رَجُلًا مِنَ الْعَجَمِ يَدُورُ فِي مَخَالِيفِ الْيَمَنِ يَعْمَلُ لَهُمْ، فإِذا كَسَدَ عَمَلُهُ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: دُهْ بَدْرُودْ، كأَنه يودِّع الْقَرْيَةَ، أَي أَنا خَارِجٌ غَدًا، وإِنما يَقُولُ ذَلِكَ ليُسْتَعْمَلَ، فَعَرَّبَتْهُ الْعَرَبُ وَضَرَبُوا بِهِ الْمَثَلَ فِي الْكَذِبِ. وَقَالُوا: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْن فإِنه مُصَبِّحٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْمَثَلِ مَا رَوَاهُ الأَصمعي وَهُوَ: دُهْدُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ، مِنْ غَيْرِ وَاوِ عَطْفٍ وَكَوْنُ دُهْدُرَّيْنِ مُتَّصِلًا غَيْرَ مُنْفَصِلٍ، قَالَ أَبو عَلِيٍّ: هُوَ تَثْنِيَةُ دُهْدُرٍّ وَهُوَ الْبَاطِلُ، وَمِثْلُهُ الدُّهْدُنُّ فِي اسْمِ الْبَاطِلِ أَيضاً فَجَعَلَهُ عَرَبِيًّا، قَالَ: وَالْحَقِيقَةُ فِيهِ أَنه اسْمٌ لِبَطَلَ كَسَرْعانَ وهَيهاتَ اسْمٌ لِسَرُعَ وَبَعُدَ، وسَعْدُ فَاعِلٌ بِهِ والقَيْنُ نَعْتُه، وَحُذِفَ التَّنْوِينُ مِنْهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَيَكُونُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تأْويله بَطَلَ قَوْلُ سَعْدِ القَيْنِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى مَا فَسَّرَهُ أَبو عَلِيٍّ: أَن سَعْدَ القَيْنَ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَن يَنْزِلَ فِي الْحَيِّ فيُشِيع أَنه غَيْرُ مُقِيمٍ، وأَنه فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ يَسْرِي غَيْرَ مُصَبِّحٍ لِيُبَادِرَ إِليه مَنْ عِنْدَهُ مَا يَعْمَلُهُ وَيُصْلِحُهُ لَهُ، فَقَالَتِ الْعَرَبُ: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْنِ فإِنه مُصَبِّح؛ وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: دُهْدُرَّينِ سَعْدَ القَيْنَ، بِنَصْبِ سَعْدٍ، وَذَكَرَ أَن دُهْدُرَّيْنِ مَنْصُوبٌ عَلَى إِضمار فِعْلٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يَقْضِي أَن دُهْدُرَّين اسْمٌ لِلْبَاطِلِ تَثْنِيَةُ دُهْدُرٍّ وَلَمْ يَجْعَلْهُ اسْمًا لِلْفِعْلِ كَمَا جَعَلَهُ أَبو عَلِيٍّ، فكأَنه قَالَ: اطْرَحُوا الْبَاطِلَ وسَعْدَ القَيْنَ فَلَيْسَ قَوْلُهُ بِصَحِيحٍ، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ قَوْمٌ كَمَا رَوَاهُ الْجَوْهَرِيُّ مُنْفَصِلًا فَقَالُوا دُهْ دُرَّيْنِ وَفُسِّرَ بأَن دُهْ فِعْلُ أَمر مِنَ الدَّهاءِ إِلَّا أَنه قُدِّمَتِ الْوَاوُ الَّتِي هِيَ لَامُهُ إِلى مَوْضِعِ عَيْنِهِ فَصَارَ دُوهْ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْوَاوُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَصَارَ دُهْ كَمَا فَعَلْتَ فِي قُلْ، ودُرَّيْنِ مِنْ دَرَّ يَدِرُّ إِذا تَتَابَعَ، وَيُرَادُ هَاهُنَا بِالتَّثْنِيَةِ التَّكْرَارُ، كَمَا قَالُوا لَبَّيْك وحَنَانَيْكَ ودَوَالَيْكَ، وَيَكُونُ سَعْدُ القَيْنُ مُنَادًى مَفْرَدًا وَالْقَيْنُ نَعْتُهُ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: بالغْ فِي الدَّهاء وَالْكَذِبِ يَا سَعْدُ القَيْنُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ إِلَّا أَنه كَانَ يَجِبُ أَن تُفْتَحَ الدَّالُ مِنْ دُرَّين لأَنه جَعَلَهُ مِنْ دَرَّ يَدِرُّ إِذا تَتَابَعَ، قَالَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَن يَقُولَ إِن الدَّالَ ضُمَّتْ للإِتباع إِتباعاً لِضَمَّةِ الدَّالِ مِنْ دُهْ، وَاللَّهُ تعالى أَعلم.
دزر: ابْنُ الأَعرابي: الدَّزْرُ الدَّفْعُ؛ يُقَالُ: دَزَرَهُ ودَسَرَه ودفعه بمعنى واحد.
دسر: الدَّسْرُ: الطَّعْنُ والدَّفْعُ الشَّدِيدُ، يُقَالُ: دَسَرَه بِالرُّمْحِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَنْ ذِي قَدَامِيسَ كَهامٍ قد دَسَرْ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: إِن أَخوف مَا أَخاف عَلَيْكُمْ أَن يُؤْخَذَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْبَرِيءُ عِنْدَ اللَّهِ فَيُدْسَرَ كَمَا يُدْسَرُ الجَزُورُ
؛ الدَّسْرُ: الدَّفْعُ، أَي يُدْفَعَ ويُكَبَّ للقتل ما يُفْعَلُ بِالْجَزُورِ عِنْدَ النَّحْرِ، وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ أَنه قَالَ لسِنان بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ: كَيْفَ قَتَلَتَ الْحُسَيْنَ؟ قَالَ: دَسَرْتُه بِالرُّمْحِ دَسْراً وهَبَرْتُه بِالسَّيْفِ هَبْراً أَي دَفَعْتُهُ دَفْعاً عَنِيفًا، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: أَما وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي الْجَنَّةِ أَبداً. ابْنُ سِيدَهْ: دَسَرَه يَدْسُرُه دَسْراً طَعَنَهُ وَدَفَعَهُ. والدَّسْرُ أَيضاً فِي البُضْعِ، يُقَالُ: دَسَرَها بأَيرِه. ودَسَرَت السفينةُ الماءَ بِصَدْرِهَا: عَانَدَتْهُ، والدِّسارُ: خَيْطٌ مِنْ لِيفٍ يُشَدُّ بِهِ أَلواحها، وَقِيلَ: هُوَ مِسْمَارُهَا، وَالْجَمْعُ دُسُرٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ
، ودُسْرٍ أَيضاً مِثْلَ عُسُرٍ وعُسْرٍ؛ وَقَالَ بِشْرٌ:(4/284)
مُعَبَّدَة السَّقَائفِ ذَاتُ دُسْرٍ، ... مُضَبَّرَة، جَوانِبُها رَدَاحُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَسُئِلَ عَنْ زَكَاةِ الْعَنْبَرِ فَقَالَ: إِنما هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ
أَي دَفَعَهُ مَوْجُ الْبَحْرِ وأَلقاه إِلى الشَّطِّ
فَلَا زَكَاةَ فِيهِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: رَفَعَها بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُها وَلَا دِسارٍ يَنْتَظِمُها
؛ الدِّسارُ: المِسْمارُ، وَجَمْعُهُ دُسُرٌ، وَقَدْ دَسَرَ بِهِ دَسْراً، وَكُلُّ مَا سُمِّرَ، فَقَدْ دُسِرَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الدُّسُرُ مَسَامِيرُ السَّفِينَةِ وشُرُطُها الَّتِي تُشَدُّ بِهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ نَحْوَ السَّمْرِ وإِدخال شَيْءٍ فِي شَيْءٍ بقوَّة، فَهُوَ الدَّسْرُ. يُقَالُ: دَسَرْتُ الْمِسْمَارَ أَدْسُرُه وأَدْسِرُهُ دَسْراً. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الدَّسْرُ إِصلاح السَّفِينَةِ؛ وَقِيلَ: الدَّسْرُ خَرْزُ السَّفِينَةِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّفِينَةُ نَفْسُهَا تَدْسُرُ الْمَاءَ بِصَدْرِهَا أَي تَدْفَعُهُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
ضَرباً هذاذَيْكَ وطَعْناً مِدسَرَا
وَيُقَالُ: الدِّسارُ الشَّريط مِنَ اللِّيفِ الَّذِي يُشَدُّ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَرَجُلٌ مِدْسَرٌ. والدَّوْسَرُ: الذَّكَرُ الضَّخْمُ الشَّدِيدُ. وكَتِيبَةٌ دَوْسَرٌ ودَوْسَرَةٌ: مُجْتَمِعَةٌ. ودَوْسَرٌ: كَتِيبَةٌ لِلنُّعْمَانِ اشْتُقَّتْ مِنْ ذَلِكَ. وجَمَلٌ دَوْسَرٌ ودَوْسريٌّ ودَوْسَرَانِيٌّ ودُوَاسِرِيٌّ: ضَخْمٌ شَدِيدٌ مُجْتَمِعِ ذُو هَامَةٍ وَمَنَاكِبَ، والأُنثى دَوْسَرٌ ودَوْسَرَةٌ؛ قَالَ عُدَيٌّ:
وَلَقَدْ عَدَّيْتُ دَوْسَرَةً، ... كَعَلَاةِ القَيْنِ، مِذْكارا
وَقِيلَ: الدَّوْسَرُ النُّوقُ الْعَظِيمَةُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الدَّوْسَرِيُّ القويُّ مِنَ الإِبل. ودَوْسَرٌ: اسْمُ فَرَسٍ؛ قَالَ:
لَيْسَتْ مِنِ الفِرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ، ... قَدْ سَبَقَتْ قَيْساً، وأَنتَ تَنْظُرُ
أَراد: قَدْ سَبَقَتْ خَيْلَ قَيْسٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده يَعْقُوبُ الفِرْقِ البِطاءِ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الفُرْقِ. والدُّوَاسِرُ: الْمَاضِي الشَّدِيدُ. والدَّوْسَرُ: الْقَدِيمُ. والدَّوْسَرُ الزُّوَانُ فِي الْحِنْطَةِ، وَاحِدَتُهُ دَوْسَرَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدَّوْسَرُ نَبَاتٌ كَنَبَاتِ الزَّرْعِ غَيْرَ أَنه يُجَاوِزُ الزَّرْعَ فِي الطُّولِ وَلَهُ سُنْبُلٌ وَحَبٌّ دَقِيقٌ أَسمر. ودَوْسَرٌ: اسْمُ كَتِيبَةٍ كَانَتْ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ؛ وأَنشد لِلْمِثْقَبِ الْعَبْدِيِّ يَمْدَحُ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ وَكَانَ نَصَرَهُمْ عَلَى كَتِيبَةِ النُّعْمَانِ:
كُلُّ يَوْمٍ كانَ عَنَّا جَلَلًا، ... غَيرَ يَومِ الحِنْوِ مِنْ جَنَبيْ قَطَرْ
ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فِيهِ ضَرْبَةً، ... أَثْبَتَتْ أَوْتادَ مُلْكٍ فاسْتَقَرْ
فَجَزَاهُ اللهُ مِنْ ذِي نِعْمَةٍ، ... وجَزاهُ اللهُ، إِنْ عَبْدٌ كَفَرْ
وَهَذَا الشِّعْرُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
ضَرَبَتْ دَوْسَرُ فِيهِمْ ضَرْبَةً
وَصَوَابُهُ: دَوْسَرُ فِيهِ لأَنه عَائِدٌ عَلَى يَوْمِ الحِنْوِ. والجَلَلُ: مِنَ الأَضداد يَكُونُ الْحَقِيرَ وَالْعَظِيمَ، وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ الْحَقِيرُ. وقَطَرُ: قَصَبَةُ عُمَانَ. وَبَنُو سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ كَانَتْ تُلَقَّبُ في الجاهلية دَوْسَر.
دسكر: الدَّسْكَرَةُ: بِنَاءٌ كالقَصْرِ حَوْلَهُ بُيُوتٌ للأَعاجم يَكُونُ فِيهَا الشَّرَابُ وَالْمَلَاهِي؛ قَالَ الأَخطل:
فِي قِبابٍ عِنْدَ دَسْكَرَةٍ، ... حَوْلَهَا الزَّيتونُ قَدْ يَنَعا(4/285)
وَالْجَمْعُ الدَّساكِرُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: يَكُونُ لِلْمُلُوكِ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ وَهِرَقْلَ: أَنه أَذن لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ
؛ الدَّسْكَرَةُ: بِنَاءٌ عَلَى هَيْئَةِ الْقَصْرِ فِيهِ مُنَازِلُ وَبُيُوتٌ لِلْخَدَمِ وَالْحَشَمِ، وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ مَحْضَةٍ. والدَّسْكَرَةُ: الصَّوْمَعَةُ؛ عَنْ أَبي عمرو.
دطر: الأَزهري فِي الثُّلَاثِيِّ الصَّحِيحِ: أَما دَطَرَ فإِن ابْنَ المُظَفَّرِ أَهمله؛ قَالَ: ووجدت لأَبي عمر الشيباني فِيهِ حَرْفًا رَوَاهُ ابْنُهُ عَمْرٌو عَنْهُ فِي بَابِ السَّفِينَةِ، قَالَ: الدَّوْطِيرَةُ كَوْثَلُ السفينة.
دعر: دَعِرَ العُودُ، بِالْكَسْرِ، دَعَراً، فَهُوَ دَعِرٌ: دَخَّنَ فَلَمْ يَتَّقِدْ وَهُوَ الرَّدِيءُ الدُّخَانِ، وَمِنْهُ اتُّخِذَتِ الدَّعارَةُ، وَهِيَ الفِسْقُ. وعُودٌ دَعِرٌ أَي كَثِيرُ الدُّخَانِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: عُودٌ دُعَرٌ، وَقِيلَ: الدَّعِرُ مَا احْتَرَقَ مِنْ حَطَبٍ أَو غَيْرِهِ فَطَفِئَ قَبْلَ أَن يَشْتَدَّ احْتِرَاقُهُ، وَالْوَاحِدَةُ دَعِرَةٌ. وَقَالَ شِمْرٌ: الْعُودُ النَّخِرُ الَّذِي إِذا وُضِعَ عَلَى النَّارِ لَمْ يَسْتَوْقِدْ ودَخِنَ فَهُوَ دَعِرٌ؛ وأَنشد لِابْنِ مُقْبِلٍ:
باتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنَ لَهَا ... جَزْلَ الجِذَى، غيرَ خَوَّارٍ وَلَا دَعِرِ
وَقِيلَ: الدَّعِرُ مِنَ الْحَطَبِ الْبَالِي. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِكُلِّ حَطَبٍ يَعْثَنُ إِذا اسْتَوْقَدَ: دَعِرٌ. ودَعِرَ العُودُ دَعَراً، فَهُوَ دَعِرٌ: نَخِرَ. وَحَكَى الغَنَوِيُّ: عُودٌ دُعَرٌ مِثَالُ صُرَدٍ؛ وأَنشد:
يَحْمِلْنَ فَحْماً جَيِّداً غَيْرَ دُعَرْ، ... أَسْوَدَ صَلَّالًا كأَعيْانِ البَقَرْ
وزَنْدٌ دُعَرٌ: قُدِحَ بِهِ مِرَارًا حَتَّى احْتَرَقَ طَرَفُهُ فَلَمْ يُور. وَيُقَالُ: هَذَا زَنْدٌ دُعَرٌ إِذا لَمْ يور؛ وأَنشد:
مُؤْتَشِبٌ يَكْبُو به زَنْدٌ دُعَرْ
وَفِي الصِّحَاحِ: زَنْدٌ أَدْعَرُ. وَيُقَالُ لِلنَّخْلَةِ إِذا لَمْ تَقْبَلِ اللِّقَاحَ: نَخْلَةٌ داعِرَةٌ وَنَخِيلٌ مَدَاعِير فَتُزَادُ تَلْقِيحًا وَتَنْحَقُّ، قَالَ: وَتَنْحِيقُهَا أَن يُوطأَ عَسَقُها حَتَّى يَسْتَرخِيَ فَذَلِكَ دَوَاؤُهَا. وَيُقَالُ لِلَوْنِ الْفِيلِ: المُدَعَّرُ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: والمُدَعَّرُ اللَّوْنُ الْقَبِيحُ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ. ودَعِرَ الرَّجُلُ ودَعَرَ دَعَارَةً: فَجَر ومَجَرَ، وَفِيهِ دَعارَةٌ ودَعَرَةٌ ودِعارَةٌ. وَرَجُلٌ دُعَرٌ ودُعَرَةٌ: خَائِنٌ يَعِيبُ أَصحابه؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَلَا أَلْفَيَنْ دُعَراً دَارِيا، ... قَدِيمَ العَداوَةِ والنَّيْرَبِ
ويُخْبِرُكُمْ أَنهُ ناصِحٌ، ... وَفِي نُصْحِهِ ذَنَبُ العَقْرَبِ
وَقِيلَ: الدُّعَرُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: دَعِرَ الرجلُ دَعَراً إِذا كَانَ يَسْرِقُ وَيَزْنِي وَيُؤْذِي النَّاسَ، وَهُوَ الدَّاعِرُ. والدَّعَّارُ: الْمُفْسِدُ. والدَّعَرُ: الفسادُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الغِلْظَةَ والشّدَّةَ عَلَى أَعدائك وأَهل الدَّعارَةِ وَالنِّفَاقِ
؛ الدَّعارَةُ: الفسادُ وَالشَّرِّ. وَرَجُلٌ دَاعِرٌ: خَبِيثٌ مُفْسِدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ فِي بَنِي إِسرائيل رَجُلٌ دَاعِرٌ
؛ وَيُجْمَعُ عَلَى دُعَّارٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فَأَين دُعَّارُ طَيء
، وأَراد بِهِمْ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ. قَالَ أَبو المِنْهالِ: سأَلت أَبا زَيْدٍ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا؟ هُوَ كَلَامُ المَداعِيرِ. والدَّعْرَةُ: القادِحُ وَالْعَيْبُ. وَرَجُلٌ دُعَرَةٌ: فِيهِ ذَلِكَ، وَحَكَاهُ كُرَاعٌ ذُعْرَة، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ، وذُعَرَةٌ؛ قَالَ: وَالْجَمْعُ ذُعَرَاتٌ، قَالَ: فأَما الدَّاعِرُ، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فَهُوَ(4/286)
الْخَبِيثُ. والدَّعارَةُ: الْفِسْقُ وَالْفُجُورُ والخُبْثُ؛ والمرأَة دَاعِرَةٌ. ودَاعِرٌ: اسْمُ فَحْلٍ مُنْجِبٍ تُنْسَبُ إِليه الدَّاعِرِيَّةُ مِنَ الإِبل.
دعثر: الدَّعْثَرُ: الأَحمق. ودُعْثُورُ كُلِّ شَيْءٍ: حُفْرَتُه. والدُّعْثُورُ: الْحَوْضُ الَّذِي لَمْ يُتَنَوَّقْ فِي صَنْعَتِه وَلَمْ يُوَسَّعْ، وَقِيلَ: هُوَ المهَدَّمُ؛ قَالَ:
أَكُلَّ يَوْمٍ لَكِ حَوْضٌ مَمْدُورْ؟ ... إِنَّ حِياضَ النَّهَلِ الدَّعاثِيرْ
يَقُولُ: أَكلَّ يَوْمٍ تَكْسِرِينَ حَوْضَكِ حَتَّى يُصْلَحَ؟ وَالدَّعَاثِيرُ: مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْحِيَاضِ. والجَوَابي والمَرَاكِي إِذا تَكَسَّرَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَهُوَ دُعْثُور. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: الدُّعْثُورُ يُحْفَرُ حَفْرًا وَلَا يُبْنَى إِنما يَحْفِرُهُ صَاحِبُ الأَوّل يومَ وِرْدِه. والدَّعْثَرَةُ: الهَدْمُ. والمُدَعْثَرُ: الْمَهْدُومُ. والدُّعْثُورُ: الْحَوْضُ المُثَلَّمُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَجَلْ جَيْرِ إِن كَانَتْ أُبيحَتْ دَعاثِرُهْ
وَكَذَلِكَ الْمَنْزِلُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ مَنْزِلاتٍ أَصْبَحَتْ دَعاثِرَا
أَراد دَعَاثِيرًا فَحَذَفَ لِلضَّرُورَةِ. وَقَدْ دَعْثَرَ الحوضَ وَغَيْرَهُ: هَدَمَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقْتُلُوا أَولادكم سِرًّا، إِنه لَيُدْرِكُ الفارسَ فَيُدَعْثِرُهُ
؛ أَي يَصْرَعُهُ ويُهْلِكُه يَعْنِي إِذا صَارَ رَجُلًا؛ قَالَ: وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنِ الغِيلَةِ، وَهُوَ أَن يُجَامِعَ الرَّجُلُ المرأَة وَهِيَ مُرْضِعٌ فَرُبَّمَا حَمَلَتْ، وَاسْمُ ذَلِكَ اللَّبَنِ الغَيْلُ، بِالْفَتْحِ، فإِذا حَمَلَتْ فَسَدَ لَبَنُهَا؛ يُرِيدُ أَن مِنْ سُوءِ أَثره فِي بَدَنِ الطِّفْلِ وإِفساد مِزَاجِهِ وإِرخاء قُوَاهُ أَن ذَلِكَ لَا يَزَالُ مَاثِلًا فِيهِ إِلى أَن يَشْتَدَّ وَيَبْلُغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ، فإِذا أَراد مُنَازَلَةَ قِرْنٍ فِي الْحَرْبِ وَهَنَ عَنْهُ وَانْكَسَرَ، وَسَبَبُ وَهْنِهِ وَانْكِسَارِهِ الغَيْلُ. وأَرض مُدَعْثَرَةٌ: موطوءَة. وَمَكَانٌ دِعْثارٌ: قَدْ سَوَّسَهُ الضَّبُّ وحَفَرَهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
إِذا مُسْلَحِبٌّ، فَوْقَ ظَهْرِ نَبِيثَةٍ، ... يُجِدُّ بِدعْثارٍ حَدِيثٍ دَفِينُها
قَالَ: الضَّب يَحْفِرُ مِنْ سَرَبه كُلَّ يَوْمٍ فَيُغَطِّي نَبِيثَةَ الأَمس، يَفْعَلُ ذَلِكَ أَبداً. وجَمَلٌ دِعَثْرٌ: شَدِيدٌ يُدَعْثِرُ كُلَّ شَيْءٍ أَي يَكْسِرُهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
قَدْ أَقْرَضَتْ حَزْمَةُ قَرْضاً عَسْرَا، ... مَا أَنْسَأَتْنَا مُذْ أَعارَتْ شَهْرَا
حَتَّى أَعَدَّتْ بازِلًا دِعَثْرَا، ... أَفْضَلَ مِنْ سَبْعِينَ كَانَتْ خُضْرَا
وَكَانَ قَدِ اقْتَرَضَ مِنِ ابْنَتِهِ حَزْمَةَ سَبْعِينَ دِرْهَمًا للمُصَدِّقِ فأَعطته ثُمَّ تَقَاضَتْهُ فقضاها بكراً.
دعكر: ادْعَنْكَرَ السَّيْلُ: أَقبل وأَسرع وادْعَنْكَرَ عَلَيْهِ، بِالْفَتْحِ: انْدَرَأَ؛ قَالَ:
قَد ادْعَنْكَرَتْ، بالفُحْشِ والسُّوءِ والأَذَى، ... أُمَيَّتُها ادْعِنْكارَ سَيلٍ عَلَى عَمْرِو.
وادْعَنكَرَ عَلَيْهِمْ بالفُحْشِ إِذا انْدَرَأَ عَلَيْهِمْ بِالسُّوءِ. وَرَجُلٌ دَعَنْكَرانُ: مُدْعَنْكِرٌ. وَرَجُلٌ دَعَنْكَرٌ: مُنْدَرِئٌ على الناس.
دعسر: الدَّعْسَرَةُ: الخِفَّةُ والسُّرْعَةُ.
دغر: دَغَرَ عَلَيْهِ يَدْغَرُ دَغَراً ودَغْرَى كَدَعْوَى: اقْتَحَمَ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ، وَالِاسْمُ الدَّغَرَى. وَزَعَمُوا أَن امرأَة قَالَتْ لِوَلَدِهَا: إِذا رأَت العينُ العينَ فَدَغْرَى وَلَا صَفَّى، ودَغْرَ لَا صَفَّ، ودَغْراً لَا صَفّاً مِثْلُ عَقْرى وحَلْقَى وعَقْراً وحَلْقاً؛ تَقُولُ: إِذا(4/287)
رأَيتم عَدُوَّكُمْ فادْغَرُوا عَلَيْهِمْ أَي اقْتَحِمُوا وَاحْمِلُوا وَلَا تُصَافُّوهُمْ؛ وصَفَّى مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي فِي آخِرِهَا أَلف التأْنيث نَحْوَ دَعْوَى مِنْ قَوْلِ بُشَيْرِ بْنِ النِّكْثِ:
وَلَّتْ ودَعْوَى مَا شَدِيدٌ صَخَبُهْ
ودَغَرَ عَلَيْهِ: حَمَلَ. والدَّغْرُ أَيضاً: الْخَلْطُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرُوِيَ هَذَا الْمَثَلُ: دَغْراً وَلَا صَفاً أَي خَالِطُوهُمْ وَلَا تَصافُوهم مِنَ الصَّفَاء. ابْنُ الأَعرابي: المَدْغَرَةُ الْحَرْبُ العَضُوضُ الَّتِي شِعارها دَغْرَى، وَيُقَالُ: دَغْراً. والدَّغْرُ: غَمْزُ الحَلقِ مِنَ الْوَجَعِ الَّذِي يُدْعَى العُذْرَةَ. ودَغَرَ الصَّبِيَّ يَدْغَرُه دَغْراً: وَهُوَ رَفْعُ وَرَمٍ فِي الْحَلْقِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِلنِّسَاءِ: لَا تُعَذِّبْنَ أَولادكن بالدَّغْرِ
؛ وَهُوَ أَن تَرْفَعَ لَهَاةَ الْمَعْذُورِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الدَّغْرُ غَمْزُ الحَلْقِ بالأُصبع، وَذَلِكَ أَن الصَّبِيَّ تأْخذه العُذْرَةُ، وَهُوَ وَجَعٌ يَهِيجُ فِي الْحَلْقِ مِنَ الدَّمِ، فَتَدْخُلُ المرأَة أُصبعها فَتَرْفَعُ بِهَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وتَكْبِسُه، فإِذا رَفَعَتْ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بأُصبعها قِيلَ: دَغَرَتْ تَدْغَرُ دَغْراً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
قَالَ لأُم قَيْسٍ بنتِ مِحْصَنٍ: عَلامَ تَدْغَرْنَ أَولادكن بِهَذِهِ العُلُقِ؟
والدَّغْرُ: تَوَثُّبُ المُخْتَلِس ودَفْعُه نَفْسَه عَلَى الْمَتَاعِ لِيَخْتَلِسَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لَا قَطْعَ فِي الدَّغْرَةِ
، وَهِيَ الخَلْسَةُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهُوَ عِنْدِي مِنَ الدَّفْعِ أَيضاً لأَن الْمُخْتَلِسَ يَدْفَعُ نَفْسَهُ عَلَى الشَّيْءِ لِيَخْتَلِسَهُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ لَا قَطْعَ فِي الدَّغْرَةِ: هُوَ أَن يملأَ يَدَهُ مِنَ الشَّيْءِ يَسْتَلِبُهُ. والدَّغْرَةُ: أَخذ الشَّيْءِ اخْتِلَاسًا، وأَصل الدَّغْرِ الدفْعُ. وَفِي خُلُقِهِ دَغَرٌ أَي تَخَلُّفٌ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كأَنه اسْتِسْلَامٌ؛ «5» . قَالَ:
وَمَا تَخَلَّفَ مِنْ أَخْلاقِهِ دَغَرُ
والدَّغْرُ: سُوءُ غِذَاءِ الْوَلَدِ وأَن تُرْضِعَهُ أُمُّه فَلَا تَرْوِيهِ فَيَبْقَى مُسْتَجِيعًا يَعْتَرِضُ كُلَّ مَنْ لَقِيَ فيأْكل ويَمَصُّ، ويُلْقَى عَلَى الشَّاةِ فَيَرْضَعُها، وَهُوَ عَذَابُ الصَّبِيِّ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِيمَا رَدَّ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ: الدَّغْرُ فِي الْفَصِيلِ أَن لَا تَرْوِيَهُ أُمُّه فَيَدْغَرَ فِي ضَرْعِ غَيْرِهَا،
فَقَالَ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَا تُعَذِّبْنَ أَولادكُنَّ بالدَّغْرِ وَلَكِنَّ أَرْوينَهُمْ لِئَلَّا يَدْغَروا فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَيَسْتَجِيعُوا
؛ وإِنما أَمر بإِرواءِ الصِّبْيَانِ مِنَ اللَّبَنِ. قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَقَدْ جاءَ فِي الْحَدِيثِ مَا دَلَّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ. والدَّغْرُ: الوُجور. ودَغَرَهُ أَي ضَغَطَهُ حَتَّى مَاتَ، ولونٌ مُدَغَّرٌ: قَبِيحٌ؛ قَالَ:
كَسا عامِراً ثَوْبَ الدَّمامَةِ رَبُّهُ، ... كَمَا كُسِيَ الخِنْزيرُ ثَوْباً مُدَغَّرا
دغمر: الدَّغْمَرَةُ: الخَلْطُ. يُقَالُ: خُلُقٌ دُغْمُريٌّ ودَغْمَريٌّ. والدَّغْمَرَةُ: تَخْلِيطُ اللَّونِ والخُلْقِ؛ قَالَ رؤْبة:
إِذا امْرُؤٌ دَغْمَرَ لَوْنَ الأَدْرَنِ، ... سَلَّمْتُ عِرْضاً لَوْنُه لَمْ يَدْكَنِ
الأَدْرَنُ: الوَسِخُ. ودَغْمَرَ: خَلَطَ. لَمْ يَدْكَنْ: لَمْ يَتَّسِخْ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي. وَرَجُلٌ دُغْمورٌ: سيء الثَّنَاءِ. وَرَجُلٌ مُدَغْمَرُ الخُلُقِ أَي لَيْسَ بِصَافِي الخُلُقِ. وخُلُقٌ دَغْمَرِيٌّ وَفِي خُلُقه دَغْمَرَةٌ أَي شَراسَةٌ ولُؤْمٌ؛ قال العجاج:
__________
(5) . قوله: [كأنه استسلام] في القاموس وشرحه: الدغر، بالتحريك، التخلف والاستلام بالهمز، هكذا في النسخ ومثله في التكملة وفي التهذيب الاستسلام وهو تحريف(4/288)
لَا يَزْدهيني العَمَلُ المَقْزِيُّ، ... وَلَا مِنَ الأَخْلاقِ دَغْمَرِيُ
والدَّغْمَرِيُّ: السَّيِءُ الخُلُق، وَكَذَلِكَ الذُّغْمُورُ، بِالذَّالِ، الحَقُودُ الَّذِي لَا ينحلُّ حِقْدُهُ. ودَغْمَرَ عَلَيْهِ الخَبَرَ: خلطه. والمُدَغْمَرُ: الخَفِيُّ.
دفر: الدَّفْرُ: الدَّفْعُ. دَفَرَ فِي عُنُقِهِ دَفْراً: دَفَعَ فِي صَدْرِهِ وَمَنَعَهُ؛ يَمَانِيَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: دفَرْتُه فِي قَفَاهُ دَفْراً أَي دُفَعْتُهُ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا؛ قَالَ يُدْفَرونَ فِي أَقفيتهم دَفْراً أَي دَفْعًا. والدَّفَرُ: وُقُوعُ الدُّودِ فِي الطَّعَامِ وَاللَّحْمِ. والدَّفَرُ: النَّتْنُ خَاصَّةً وَلَا يَكُونُ الطِّيبَ البتةَ. ابْنُ الأَعرابي: أَدْفَرَ الرجلُ إِذا فَاحَ رِيحُ صُنَانِهِ. غَيْرُهُ: الذَّفَرُ، بِالذَّالِ وَتَحْرِيكِ الْفَاءِ، شِدَّةُ ذَكَاءِ الرَّائِحَةِ، طَيِّبَةً كَانَتْ أَو خَبِيثَةً؛ وَمِنْهُ قِيلَ: مِسْك أَذْفَرُ، وَرَجُلٌ أَدْفَرُ ودَفِرٌ، الأَخيرة عَلَى النَّسَبِ لَا فِعْلَ لَهُ؛ قَالَ نَافِعُ بْنُ لَقِيطٍ الفَقْعَسِيُّ:
ومُؤَوْلِقٍ أَنْضَجْتُ كَيَّةَ رَأْسِه، ... فَتَرَكْتُهُ دَفِراً كَريحِ الجَوْرَبِ
وامرأَة دَفْرَاءُ ودَفِرَةٌ. وَيُقَالُ للأَمة إِذا شُتِمَتْ: يَا دَفَارِ، مِثْلُ قَطَامِ، أَي يَا مُنْتِنَةُ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَةَ: أَلْقِي إِلَيَّ ابْنَةَ أَخي يَا دَفارِ
أَي يَا مُنْتِنَةُ، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ وأَكثر مَا تَرِدُ فِي النِّدَاءِ. والدَّفْرُ وأُمُّ دَفْرٍ: مِنْ أَسماء الدَّوَاهِي. ودَفارِ وأُمُّ دَفارِ وأُمُّ دَفْرٍ، كُلُّهُ: الدُّنْيَا. ودَفْراً دَافِراً لِمَا يَجِيءُ بِهِ فُلَانٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَي نَتْناً. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا قَبَّحْتَ أَمْرَهُ: دَفْراً دَافِراً، وَيُقَالُ: دَفْراً لَهُ أَي نَتْناً. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الدَّفْرُ الذُّلُّ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا سأَل كَعْبًا عَنْ وُلاةِ الأَمْرِ فأَخبره قَالَ: وَا دَفْرَاهُ
قيل: أَراد وَا ذُلَّاهْ، وأَما غَيْرُهُ فَفَسَّرَهُ بالنَّتْنِ أَي وا نَتْنَاه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
إِنما الحاجُّ الأَشْعَثُ الأَدْفَرُ الأَشْعَرُ
؛ والدَّفَرُ: النَّتِنُ، بِفَتْحِ الْفَاءِ، قَالَ: وَلَا أَعرف هَذَا الْفَرْقَ إِلَّا عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَمِنْهُ قِيلٌ لِلدُّنْيَا أُم دَفْرٍ.
دفتر: الدَّفْتَرُ والدِّفْتَرُ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ حَكَاهُ عَنْهُ كُرَاعٌ: يَعْنِي جَمَاعَةَ الصُّحُفِ الْمَضْمُومَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّفْتَرُ وَاحِدُ الدَّفاتِر، وَهِيَ الكَرارِيسُ.
دقر: الدُّقْرَانُ: خَشَبٌ يَنْصَبُّ فِي الأَرض يُعَرَّشُ عَلَيْهِ الْكَرْمُ، وَاحِدَتُهُ دُقْرانَةٌ. والدَّوْقَرَةُ: بُقْعَةٌ تَكُونُ بَيْنَ الْجِبَالِ الْمُحِيطَةِ بِهَا لَا نَبَاتَ فِيهَا، وَهِيَ مِنْ مَنَازِلِ الْجِنِّ وَيُكْرَهُ النُّزُولُ بِهَا؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: هِيَ بُقْعَةٌ تَكُونُ بَيْنَ الْجِبَالِ فِي الْغِيطَانِ انْحَسَرَتْ عَنْهَا الشَّجَرُ، وَهِيَ بَيْضَاءُ صُلْبة لَا نَبَاتَ فِيهَا، وَالْجَمْعُ الدَّوَاقر. ودَقِرَ الرجلُ دَقَراً إِذا امتلأَ مِنَ الطَّعَامِ. ودَقِرَ أَيضاً: قَاءَ مِنَ المَلْءِ. ودَقِرَ هَذَا الْمَكَانُ: صَارَتْ فِيهِ رياضٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: دَقِرَ المكانُ نَدِيَ. ودَقِرَ النباتُ دَقَراً، فَهُوَ دَقِرٌ: كَثُرَ وَتَنَعَّمَ. ورَوْضَةٌ دَقَرَى: خَضْرَاءُ نَاعِمَةٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
زَبَنَتْكَ أَرْكانُ العَدُوّ، فأَصْبَحَتْ ... أَجَأٌ وجُبَّةُ مِنْ قَرارِ دِيارِها
وكأَنَّها دَقَرَى تَخَيَّلُ، نَبْتُها ... أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها
تَخَيَّلُ أَي تَلَوَّنُ بالنَّوْر فَتُرِيك رُؤْيا تُخَيِّلُ(4/289)
إِليك أَنها لَوْنٌ ثُمَّ تَرَاهَا لَوْنًا آخَرَ، ثُمَّ قَطَعَ الْكَلَامَ الأَوّل وابتدأَ فَقَالَ: نَبْتُهَا أُنف فَنَبْتُهَا مبتدأٌ والأُنف خَبَرُهُ. والأُنُفُ: الَّتِي لَمْ تُرْعَ. وَيَغُمُّ: يَعْلُو وَيَسْتُرُ؛ يَقُولُ: نَبْتُهَا يَغُمُّ ضَالَّهَا. وَالضَّالُّ: السِّدْرُ البَرِّيّ. وَالْبِحَارُ: جَمْعُ بَحْرَةٍ، وَهِيَ الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ الَّتِي لَيْسَ بِقُرْبِهَا جَبَلٌ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّقْرُ الرَّوْضَةُ الْحَسْنَاءُ، وَهِيَ الدَّقَرَى. وأَرض دَقْرَاءُ: خَضْرَاءُ كَثِيرَةُ الْمَاءِ والنَّدَى مملوءَةٌ. ودَقَرَى: اسْمُ رَوْضَةٍ بِعَيْنِهَا. أَبو عَمْرٍو: هِيَ الدَّقَرَى والدَّقْرَةُ والدَّقيرَةُ. والوَدْفَةُ والوَدِيفَةُ: الرَّوْضَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: ودَقَرَى اسْمُ رَوْضَةٍ. والدَّقارِيرُ: الأُمورُ الْمُخَالِفَةُ، وَاحِدَتُهَا دُقْرُورَةٌ ودِقْرارَةٌ، والدِّقْرارَةُ: المخالفَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: أَنه أَمر رَجُلًا بِشَيْءٍ فَقَالَ لَهُ: قَدْ جئتَني بِدِقْرَارَةِ قَوْمِكَ
أَي بِمُخَالَفَتِهِمْ. والدِّقْرَارَةُ: الْحَدِيثُ المُفْتَعَلُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَفْتَرِي الدَّقارِيرَ أَي الأَكاذيب والفُحْشَ. وَيُقَالُ لِلْكَذِبِ الْمُسْتَشْنَعِ والأَباطيل: مَا جئتَ إِلَّا بالدَّقارِيرِ. ابْنُ الأَثير: فِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لأَسْلَمَ مَولاه: أَخَذَتْكَ دِقْرَارَةُ أَهلك
؛ الدِّقْرَارَةُ وَاحِدَةُ الدَّقارِير، وَهِيَ الأَباطيل وعاداتُ السُّوءِ، أَراد أَن عَادَةَ السُّوءِ الَّتِي هِيَ عَادَةُ قَوْمِكَ وَهِيَ العدولُ عَنِ الْحَقِّ والعملُ بِالْبَاطِلِ قَدْ نَزَعَتْكَ وعَرَضَت لَكَ فَعَجِلْتَ بِهَا، وَكَانَ أَسلم عْبَدًا بِجَاوِيّاً. وَرَجُلٌ دِقْرَارَة: نَمَّامٌ كأَنه ذُو دِقْرَارَةٍ أَي ذُو نَمِيمَةٍ وَافْتِعَالِ أَحاديث، وَجَمْعُهُ دَقارِيرُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
عَلَى دَقارِيرَ أَحْكِيها وأَفْتَعِلُ
والدَّقارِيرُ: الدَّوَاهِي وَالنَّمَائِمُ، الْوَاحِدَةُ دِقْرَارَةٌ. والدِّقْرارُ والدِّقْرَارَةُ: التُّبَّانُ، وَهِيَ سَرَاوِيلُ بِلَا سَاقٍ، وَجَمْعُهُ دقارِيرُ؛ قَالَ أَوس:
يَعْلُونَ بالقَلَعِ الهِنْدِيِّ هامَهُمُ، ... ويَخْرُجُ الفَسْوُ مِنْ تَحْتِ الدَّقارِيرِ
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: رأَيت عَلَى عَمَّارٍ دِقْرَارَةً
، وَقَالَ: إِني مَمْثُونٌ؛ الدِّقْرَارَةُ: التُّبَّانُ، وَهُوَ السَّرَاوِيلُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَحْدَهَا. والمَمْثُونُ: الَّذِي يَشْتَكِي مَثَانَتَهُ. والدُّقْرُورُ: فَأْسٌ تُحْتَفَرُ بِهَا الأَرض؛ قَالَ:
حَرًى حِينَ تأْتي أَهْلَ مَلْهَمَ أَنْ تَرَى ... بِعَيْنَيْكَ دُقْرُوراً، وكَرّاً مُحَرَّمَا
والدِّقْرَارةُ: الْقَصِيرُ مِنَ الرِّجَالِ. والدِّقْرَارَةُ: العَوْمَرَةُ، وَهِيَ الخُصُومَةُ المُتْعِبَةُ.
دكر: الدِّكْرُ: لُعْبَةٌ يَلْعَبُ بها الزِّنْجُ والحَبَشُ. والدِّكْرُ أَيضاً لِرَبِيعَةَ: فِي الذِّكْرِ، وَهُوَ غَلَطٌ، حَمَلَهُمْ عَلَيْهِ ادَّكَرَ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وَكَذَلِكَ مَا حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِهِمُ الدِّكْرُ فِي جَمْعِ دِكْرَة إِنما هُوَ عَلَى الذِّكْر، وَنَفَى ابْنُ الأَعرابي الدِّكْرَ، بِسُكُونِ الْكَافِ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ كَمَا بَيَّنْتُهُ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: الدِّكْر، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، جَمْعُ ذِكْرَةٍ، أُدغمت اللَّامُ فِي الذَّالِ فَجُعِلَتَا دَالًا مُشَدَّدَةً، فإِذا قُلْتَ دِكْرٌ بِغَيْرِ أَلف وَلَامِ التَّعْرِيفِ قُلْتَ ذِكْرٌ، بِالذَّالِ، وَجَمَعُوا الذِّكْرَةَ الذِّكْراتِ، بِالذَّالِ أَيضاً. وأَما قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ*
؛
فإِن الْفَرَّاءَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْكِسَائِيُّ عَنْ إِسرائيل عَنْ أَبي إِسحاق عَنِ الأَسود قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ فَهَلْ مِنْ مُذّكِرٍ ومُدَّكِرٍ، فَقَالَ: أَقرأَني رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُدَّكِرٍ
، بِالدَّالِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: ومُدَّكر فِي الأَصل مُذْتَكِر عَلَى مُفْتَعِل فَصُيِّرَتِ الذَّالُ وَتَاءُ الِافْتِعَالِ دَالًا مُشَدَّدَةً، قَالَ: وَبَعْضُ بَنِي أَسد يَقُولُ مُذَّكِر فَيَقْلِبُونَ الدَّالَ فَتَصِيرُ ذَالًا مُشَدَّدَةً. وَقَدْ قَالَ اللَّيْثُ:(4/290)
الدِّكْرُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَرَبِيعَةُ تَغْلَطُ فِي الذِّكْر فتقول دِكْرٌ.
دمر: الدَّمارُ: اسْتِئْصالُ الْهَلَاكِ. دَمَرَ الْقَوْمُ يَدْمُرونَ دَماراً: هَلَكُوا. ودَمَرَهُم: مَقَتَهُم، ودَمَرَهُمُ اللَّهُ ودَمَّرَهُمْ تَدْمِيراً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً
؛ يَعْنِي بِهِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ الَّذِينَ مُسِخُوا قِرَدة وَخَنَازِيرَ؛ ودَمَّرَ عَلَيْهِمْ كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: قَدْ جَاءَ السَّيْلُ بالبَطْحاء حَتَّى دَمَّرَ المكانَ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ
أَي أَهلكه. يُقَالُ: دَمَّرَه تَدْمِيرًا ودَمَّرَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى؛ وَيُرْوَى: دَفَنَ المكانَ، وَالْمُرَادُ مِنْهُمَا دُرُوسُ الموضع وذهابُ أَثره. ورجلٌ دَامِرٌ: هَالِكٌ لَا خَيْرَ فِيهِ. يُقَالُ: رجلٌ خاسِرٌ دامِرٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. كَدَابِرٍ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَنه عَلَى الْبَدَلِ وَقَالَ: خَسِرٌ ودَمِرٌ ودَبِرٌ فأَتبعوهما خَسِراً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن خَسِراً عَلَى فِعْلِهِ ودَمِراً ودَبِراً عَلَى النَّسَبِ. وَمَا رأَيت مِنْ خَسَارَتِهِ ودَمَارَتِهِ ودَبارَته. وَقَدْ دَمَرَ عَلَيْهِمْ يَدْمُرُ دَمْراً ودُمُوراً: دَخَلَ بِغَيْرِ إِذن، وَقِيلَ: هَجَمَ، وَهُوَ نَحْوُ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
مَنْ نَظَرَ مِنْ صِيْرِ بَابٍ فَقَدْ دَمَرَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: دَمَرَ أَي دَخَلَ بِغَيْرِ إِذن، وَهُوَ الدُّمُورُ، وَقَدْ دَمَرَ يَدْمُرُ دُمُوراً ودَمَقَ دَمْقاً ودُمُوقاً. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
مَنْ سَبَقَ طَرْفُه استئذانَه فَقَدْ دَمَر
أَي هَجَمَ وَدَخَلَ بِغَيْرِ إِذن، وَهُوَ مِنَ الدَّمارِ الهلاكِ لأَنه هُجُومٌ بِمَا يَكْرَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذنهم فَقَدْ دَمَر
، وَالْمَعْنَى أَن إِساءَة المُطَّلِع مثلُ إِساءة الدَّامِرِ. والمُدَمِّرُ: الصَّائِدُ يُدَخِّنُ فِي قُتْرَتِه لِلصَّيْدِ بأَوْبارِ الإِبل كَيْلَا تَجِدَ الوَحْشُ رِيحَه، وَفِي الصِّحَاحِ: وَتَدْمِيرُ الصَّائِدِ أَن يُدَخِّنَ قُتْرَتَهُ؛ وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
فَلاقَى عَلَيْهَا، مِنْ صَبَاحَ، مُدَمِّراً ... لِنَامُوسِهِ مِنَ الصَّفيحِ سَقَائِفُ «6»
. والدُّمارِيُّ والتَّدْمُرِيُّ والتُّدْمُريُّ مِنَ الْيَرَابِيعِ: اللَّئِيمُ الخِلْقَةِ المكسورُ البَراثِنِ الصُّلْبُ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هُوَ الماعز منها وَفِيهِ قِصَرٌ وصِغَرٌ وَلَا أَظفار فِي سَاقَيْهِ وَلَا يُدْرِكُ سَرِيعًا، وَهُوَ أَصغر مِنَ الشُّفارِيِّ؛ قَالَ:
وإِنِّي لأَصْطادُ اليَرابِيعَ كُلَّها: ... شُفَارِيَّها والتَّدْمُرِيَّ المُقَصِّعَا
قَالَ: وأَما ضَأْنُها فَهُوَ شُفَارِيُّها، وَعَلَامَةُ الضأْن فِيهَا أَن لَهُ فِي وَسَطِ سَاقِهِ ظُفْرًا فِي مَوْضِعِ صِيْصِيَةِ الدِّيكِ. وَيُوصَفُ الرَّجُلُ اللَّئِيمُ بالتَّدْمُرِيّ. ابْنُ سِيدَهْ: والتَّدْمُرِيُّ اللَّئِيمُ مِنَ الرِّجَالِ. والتَّدْمُرِيَّةُ مِنَ الْكِلَابِ: الَّتِي لَيْسَتْ بِسَلُوقِيَّةٍ وَلَا كدْرِيَّة. وتَدْمُرُ: مَدِينَةٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وخَيِّسِ الجِنَّ إِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ ... يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاحِ والعَمَدِ
الْفَرَّاءُ عَنِ الدُّبَيْرِيَّةِ: يُقَالُ مَا فِي الدَّارِ عَيْنٌ وَلَا عَيِّنٌ وَلَا تَدْمُرِيٌّ وَلَا تُدْمُرِيٌّ وَلَا تامُورِيٌّ وَلَا دُبِّيٌّ وَلَا دِبِّيٌّ بمعنى واحد.
دمثر: الدُّماثِرُ: السَّهْلُ مِنَ الأَرض. وأَرض دِمَثْرٌ: سَهْلَةٌ. وأَرض دُماثِرٌ إِذا كَانَتْ دَمْثاءَ؛ وأَنشد الأَصمعي فِي صِفَةِ إِبل:
ضَارِبَة بِعَطَنِ دُماثِرِ
أَي شَرِبَتْ فَضَرَبَتْ بِعَطَن، ودَمْثَرٌ: دَمِثٌ. والدَّمْثَرَةُ: الدَّمَاثَةُ؛ وقول العجاج:
__________
(6) . قوله [من الصفيح] كذا بالأصل، ومثله في الأساس، والذي في الصحاح بين الصفيح(4/291)
حَوْجَلَة الخَبَعْثَنِ الدِّمَثْرَا
وَبَعِيرٌ دُمَثِرٌ دُماثِرٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ اللَّحْمِ وثِيراً.
دنر: الدِّيْنَارُ: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وأَصله دِنَّارٌ، بِالتَّشْدِيدِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ دَنانِير ودُنَيْنِير فَقُلِبَتْ إِحدى النُّونَيْنِ يَاءً لئلَّا يَلْتَبِسَ بِالْمَصَادِرِ الَّتِي تَجِيءُ عَلَى فِعَّالٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً؛ إِلَّا أَن يكون بالهاء فيخرج عَلَى أَصله مِثْلَ الصِّنَّارَةِ والدِّنَّامَة لأَنه أَمن الْآنَ مِنَ الِالْتِبَاسِ، وَلِذَلِكَ جُمِعَ عَلَى دَنَانِيرَ، وَمِثْلُهُ قِيراط ودِيباج وأَصله دِبَّاجٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: دِينَارٌ وَقِيرَاطٌ وَدِيبَاجٌ أَصلها أَعجمية غَيْرَ أَن الْعَرَبَ تَكَلَّمَتْ بِهَا قَدِيمًا فَصَارَتْ عَرَبِيَّةً. وَرَجُلٌ مُدَنَّرٌ: كَثِيرُ الدَّنانير. ودِينارٌ مُدَنَّرٌ: مَضْرُوبٌ. وَفَرَسٌ مُدَنَّرٌ: فِيهِ تَدْنِيرٌ سوادٌ يُخَالِطُهُ شُهْبَةٌ. وبَرْذَوْنٌ مُدَنَّرُ اللَّوْنِ: أَشهبُ عَلَى مَتْنَيْهِ وعَجُزهِ سوادٌ مُسْتَدِيرٌ يُخَالِطُهُ شُهْبَةٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المُدَنَّرُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي بِهِ نُكَتٌ فَوْقَ البَرَشِ. ودَنَّرَ وَجْهُه: أَشرق وتلألأَ كالدِّينار. ودِينارٌ: اسم.
دهر: الدَّهْرُ: الأَمَدُ المَمْدُودُ، وَقِيلَ: الدَّهْرُ أَلف سَنَةٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ حُكِيَ فِيهِ الدَّهَر، بِفَتْحِ الْهَاءِ: فإِما أَن يَكُونَ الدَّهْرُ والدَّهَرُ لُغَتَيْنِ كَمَا ذَهَبَ إِليه الْبَصْرِيُّونَ فِي هذا النحو فيقتصر عَلَى مَا سُمِعَ مِنْهُ، وإِما أَن يَكُونَ ذَلِكَ لِمَكَانِ حُرُوفِ الْحَلْقِ فَيَطَّرِدُ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا ذَهَبَ إِليه الْكُوفِيُّونَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وجَبَلَا طَالَ مَعَدّاً فاشْمَخَرْ، ... أَشَمَّ لَا يَسْطِيعُه النَّاسُ، الدَّهَرْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وجمعُ الدَّهْرِ أَدْهُرٌ ودُهُورٌ، وَكَذَلِكَ جَمْعُ الدَّهَرِ لأَنا لَمْ نَسْمَعْ أَدْهاراً وَلَا سَمِعْنَا فِيهِ جَمْعًا إِلَّا مَا قَدَّمْنَا مِنْ جَمْعِ دَهْرٍ؛ فأَما
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإِن اللَّهَ: هُوَ الدَّهْرُ
؛ فَمَعْنَاهُ أَن مَا أَصابك مِنَ الدَّهْرِ فَاللَّهُ فَاعِلُهُ لَيْسَ الدَّهْرُ، فإِذا شَتَمْتَ بِهِ الدَّهْرَ فكأَنك أَردت بِهِ اللَّهَ؛ الْجَوْهَرِيُّ: لأَنهم كانوا يضيقون النَّوَازِلَ إِلى الدَّهْرِ، فَقِيلَ لَهُمْ: لَا تَسُبُّوا فَاعِلَ ذَلِكَ بِكُمْ فإِن ذَلِكَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى؛ وَفِي رِوَايَةٍ: فإِن الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ قَوْلُهُ فإِن اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي لأَحد مِنْ أَهل الإِسلام أَن يَجْهَلَ وَجْهَهُ وَذَلِكَ أَن المُعَطِّلَةَ يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: ورأَيت بَعْضَ مَنْ يُتهم بِالزَّنْدَقَةِ والدَّهْرِيَّةِ يَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَيَقُولُ: أَلا تَرَاهُ يَقُولُ فإِن اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ وَهَلْ كَانَ أَحد يَسُبُّ اللَّهَ فِي آبَادِ الدَّهْرِ؟ وَقَدْ قَالَ الأَعشى فِي الْجَاهِلِيَّةِ:
اسْتَأْثرَ اللهُ بالوفاءِ و ... بالْحَمْدِ، وَوَلَّى المَلامَةَ الرَّجُلا
قَالَ: وتأْويله عِنْدِي أَن الْعَرَبَ كَانَ شأْنها أَن تَذُمَّ الدَّهْرَ وتَسُبَّه عِنْدَ الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ تَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ مَوْتٍ أَو هَرَمٍ فَيَقُولُونَ: أَصابتهم قَوَارِعُ الدَّهْرِ وَحَوَادِثُهُ وأَبادهم الدَّهْرُ، فَيَجْعَلُونَ الدَّهْرَ الَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ فَيَذُمُّونَهُ، وَقَدْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي أَشعارهم وأَخبر اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ ثُمَّ كَذَّبَهُمْ فَقَالَ: وَقالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ
؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ. وَالدَّهْرُ: الزَّمَانُ الطَّوِيلُ وَمُدَّةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا،
فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ
، عَلَى تأْويل: لَا تَسُبُّوا الَّذِي يَفْعَلُ بِكُمْ هَذِهِ الأَشياء فإِنكم إِذا سَبَبْتُمْ فَاعِلَهَا فإِنما يَقَعُ السَّبُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لأَنه الْفَاعِلُ لَهَا لَا الدَّهْرُ، فَهَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ؛(4/292)
قَالَ الأَزهري: وَقَدْ فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِنَحْوِ مَا فَسَّرَهُ أَبو عُبَيْدٍ فَظَنَنْتُ أَن أَبا عُبَيْدٍ حَكَى كَلَامَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَى نَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ ذَمِّ الدَّهْرِ وَسَبِّهِ أَي لَا تَسُبُّوا فَاعِلَ هَذِهِ الأَشياء فإِنكم إِذا سَبَبْتُمُوهُ وَقَعَ السَّبُّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لأَنه الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الرِّوَايَةِ الأُولى: فإِن جَالِبَ الْحَوَادِثِ وَمُنْزِلُهَا هُوَ اللَّهُ لَا غَيْرُ، فَوَضَعَ الدَّهْرَ مَوْضِعَ جَالِبِ الْحَوَادِثِ لِاشْتِهَارِ الدَّهْرِ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ، وَتَقْدِيرُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: فإِن اللَّهَ هُوَ الْجَالِبُ لِلْحَوَادِثِ لَا غَيْرُ رَدًّا لِاعْتِقَادِهِمْ أَن جَالِبَهَا الدَّهْرُ. وعامَلَهُ مُدَاهَرَةً ودِهاراً: مِنَ الدَّهْرِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ اسْتَأْجَرَهُ مُدَاهَرَةً ودِهاراً؛ عَنْهُ. الأَزهري: قَالَ الشَّافِعِيُّ الحِيْنُ يَقَعُ عَلَى مُدَّةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمٌ؛ قَالَ: وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ لِلْحِينِ غَايَةً، وَكَذَلِكَ زَمَانٌ وَدَهْرٌ وأَحقاب، ذُكِرَ هَذَا فِي كِتَابِ الإِيمان؛ حَكَاهُ الْمُزَنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْهُ. وَقَالَ شِمْرٌ: الزَّمَانُ وَالدَّهْرُ وَاحِدٌ؛ وأَنشد:
إِنَّ دَهْراً يَلُفُّ حَبْلِي بِجُمْلٍ ... لَزَمَانٌ يَهُمُّ بالإِحْسانِ
فَعَارَضَ شِمْرًا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وخطَّأَه فِي قَوْلِهِ الزَّمَانُ وَالدَّهْرُ وَاحِدٌ وَقَالَ: الزَّمَانُ زَمَانُ الرُّطَبِ وَالْفَاكِهَةِ وَزَمَانُ الْحَرِّ وَزَمَانُ الْبَرْدِ، وَيَكُونُ الزَّمَانُ شَهْرَيْنِ إِلى سِتَّةِ أَشهر وَالدَّهْرُ لَا يَنْقَطِعُ. قَالَ الأَزهري: الدَّهْرُ عِنْدَ الْعَرَبِ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ الدَّهْرِ الأَطول وَيَقَعُ عَلَى مُدَّةِ الدُّنْيَا كُلِّهَا. قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: أَقمنا عَلَى مَاءِ كَذَا وَكَذَا دَهْرًا، وَدَارُنَا الَّتِي حَلَلْنَا بِهَا تَحْمِلُنَا دَهْرًا، وإِذا كَانَ هَذَا هَكَذَا جَازَ أَن يُقَالَ الزَّمَانُ وَالدَّهْرُ وَاحِدٌ فِي مَعْنًى دُونَ مَعْنًى. قَالَ: وَالسَّنَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ أَربعة أَزمنة: رَبِيعٌ وَقَيْظٌ وَخَرِيفٌ وَشِتَاءٌ، وَلَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ: الدَّهْرُ أَربعة أَزمنة، فَهُمَا يَفْتَرِقَانِ.
وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ أَبي بَكْرٍ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: أَلا إِنَّ الزمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يومَ خَلَق اللهُ السماواتِ والأَرضَ، السنةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، أَربعةٌ مِنْهَا حُرُمٌ: ثلاثَةٌ مِنْهَا متوالياتٌ: ذُو القَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ مُفْرَدٌ
؛ قَالَ الأَزهري: أَراد بِالزَّمَانِ الدَّهْرَ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّهْرُ الزَّمَانُ. وَقَوْلُهُمْ: دَهْرٌ دَاهِرٌ كَقَوْلِهِمْ أَبَدٌ أَبِيدٌ، وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ دَهْرَ الدَّاهِرِين أَي أَبداً. وَرَجُلٌ دُهْرِيٌّ: قَدِيمٌ مُسِنٌّ نُسِبَ إِلى الدَّهْرِ، وَهُوَ نَادِرٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: فإِن سُمِّيَتْ بِدَهْرٍ لَمْ تَقُلْ إِلَّا دَهْرِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ. وَرَجُلٌ دَهْرِيٌّ: مُلْحِدٌ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ، يَقُولُ بِبَقَاءِ الدَّهْرِ، وَهُوَ مولَّد. قَالَ ابْنُ الأَنباري: يُقَالُ فِي النِّسْبَةِ إِلى الرَّجُلِ الْقَدِيمِ دَهْرِيٌّ. قَالَ: وإِن كَانَ مَنْ بَنِي دَهْرٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ قُلْتُ دُهْرِيٌّ لَا غَيْرُ، بِضَمِّ الدَّالِ، قَالَ ثَعْلَبٌ: وَهُمَا جَمِيعًا مَنْسُوبَانِ إِلى الدَّهْرِ وَهُمْ رُبَّمَا غَيَّرُوا فِي النَّسَبِ، كَمَا قَالُوا سُهْلِيٌّ لِلْمَنْسُوبِ إِلى الأَرض السَّهْلَةِ. والدَّهارِيرُ: أَوّل الدَّهْرِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي، وَلَا وَاحِدَ لَهُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ لِرَجُلٍ مِنْ أَهل نَجْدٍ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِعثْيَر «1» . بْنِ لَبِيدٍ العُذْرِيِّ، قَالَ وَقِيلَ هُوَ لِحُرَيْثِ بْنِ جَبَلَةَ العُذْري:
فاسْتَقْدِرِ اللهَ خَيْراً وارْضَيَنَّ بهِ، ... فَبَيْنَما العُسْرُ إِذ دَارَتْ مَيَاسِيرُ
وَبَيْنَمَا المَرْءُ فِي الأَحياءِ مُغْتَبَطٌ، ... إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الأَعاصِيرُ
يَبْكِي عَلَيْهِ غَرِيبٌ لَيْسَ يَعْرِفُهُ، ... وذُو قَرَابَتهِ فِي الحَيِّ مَسْرُورُ
__________
(1) . قوله: [هو لعثير الخ] وقيل لابن عيينة المهلبي، قاله صاحب القاموس في البصائر كذا بخط السيد مرتضى بهامش الأصل(4/293)
حَتَّى كأَنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَذَكُّرُهُ، ... والدَّهْرُ أَيَّتَمَا حِينٍ دَهارِيرُ
قَوْلُهُ: اسْتَقْدِرِ اللَّهَ خَيْرًا أَي اطْلُبْ مِنْهُ أَن يُقَدِّرَ لَكَ خَيْرًا. وَقَوْلُهُ: فَبَيْنَمَا الْعُسْرُ، الْعُسْرُ مبتدأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَبَيْنَمَا الْعُسْرُ كَائِنٌ أَو حَاضِرٌ. إِذ دَارَتْ مَيَاسِيرُ أَي حَدَثَتْ وَحَلَّتْ، وَالْمَيَاسِيرُ: جَمْعُ مَيْسُورٍ. وَقَوْلُهُ: كأَن لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَذَكُّرُهُ، يَكُنْ تَامَّةٌ وإِلَّا تَذَكُّرُهُ فَاعِلٌ بِهَا، وَاسْمُ كأَن مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ كأَنه لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَذَكُّرُهُ، وَالْهَاءُ فِي تَذَكُّرُهُ عَائِدَةٌ عَلَى الْهَاءِ الْمُقَدَّرَةِ؛ وَالدَّهْرُ مبتدأٌ وَدَهَارِيرُ خَبَرُهُ، وأَيتما حَالُ ظَرْفٍ مِنَ الزَّمَانِ وَالْعَامِلُ فِيهِ مَا فِي دَهَارِيرَ مِنْ مَعْنَى الشِّدَّةِ. وَقَوْلُهُمْ: دَهْرٌ دَهارِيرٌ أَي شَدِيدٌ، كَقَوْلِهِمْ: لَيْلَةٌ لَيْلاءُ ونهارٌ أَنْهَرُ ويومٌ أَيْوَمُ وساعَةٌ سَوْعاءُ. وواحدُ الدَّهارِيرَ دَهْرٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَمَا قَالُوا: ذَكَرٌ ومَذاكِيرُ وشِبْهٌ ومَشَابهِ، فكأَنها جَمْعُ مِذْكارٍ ومُشْبِهٍ، وكأَنّ دَهارِير جمعُ دُهْرُورٍ أَو دَهْرار. والرَّمْسُ: الْقَبْرُ. والأَعاصير: جَمْعُ إِعصار، وَهِيَ الرِّيحُ تَهُبُّ بِشِدَّةٍ. ودُهُورٌ دَهارِير: مُخْتَلِفَةٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ الأَزهري: يُقَالُ ذَلِكَ فِي دَهْرِ الدَّهارِير. قَالَ: وَلَا يُفْرَدُ مِنْهُ دِهْرِيرٌ؛ وَفِي حَدِيثِ سَطِيح:
فإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْواراً دَهارِيرُ
قَالَ الأَزهري: الدَّهارير جَمْعُ الدُّهُورِ، أَراد أَن الدَّهْرَ ذُو حَالَيْنِ مِنْ بُؤْسٍ ونُعْمٍ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الدَّهَارِيرُ تَصَارِيفُ الدَّهْرِ وَنَوَائِبُهُ، مُشْتَقٌّ مِنْ لَفْظِ الدَّهْرِ، لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ كَعَبَادِيدِ. وَالدَّهْرُ: النَّازِلَةُ. وَفِي حَدِيثِ
مَوْتِ أَبي طَالِبٍ: لَوْلَا أَن قُرَيْشًا تَقُولُ دَهَرَهُ الجَزَعُ لفعلتُ.
يُقَالُ: دَهَرَ فُلَانًا أَمْرٌ إِذا أَصابه مَكْرُوهٌ، ودَهَرَهُمْ أَمر نَزَلَ بِهِمْ مَكْرُوهٌ، ودَهَرَ بِهِمْ أَمرٌ نَزَلَ بِهِمْ. وَمَا دَهْري بِكَذَا وَمَا دَهْري كَذَا أَي مَا هَمِّي وَغَايَتِي. وَفِي حَدِيثِ
أُم سُلَيْمٍ: مَا ذاك دَهْرُكِ.
يقال: ما ذاكَ دَهْرِي وَمَا دَهْرِي بِكَذَا أَي هَمِّي وإِرادتي؛ قَالَ مُتَمِّم بْنُ نُوَيْرَةَ:
لَعَمْرِي وَمَا دَهْرِي بِتَأْبِينِ هالِكٍ، ... وَلَا جَزَعاً مِمَّا أَصابَ فأَوْجَعَا
وَمَا ذَاكَ بِدَهْري أَي عَادَتِي. والدَّهْوَرَةُ: جَمْعُك الشيءَ وقَذْفُكَ بِهِ فِي مَهْوَاةٍ؛ ودَهْوَرْتُ الشَّيْءَ: كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
النَّجَاشِيِّ: فَلَا دَهْوَرَة اليومَ عَلَى حِزْبِ إِبراهيم
، كأَنه أَراد لَا ضَيْعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَتْرُكُ حِفْظَهُمْ وَتَعَهُّدَهُمْ، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنَ الدَّهْوَرَة جَمْعِكَ الشَّيْءَ وقَذْفِكَ إِياه فِي مَهْوَاةٍ؛ ودَهْوَرَ اللُّقَمَ مِنْهُ، وَقِيلَ: دَهْوَرَ اللُّقَمَ كبَّرها. الأَزهري: دَهْوَرَ الرجلُ لُقَمَهُ إِذا أَدارها ثُمَّ الْتَهَمَها. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، قَالَ: دُهْوِرَتْ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: رُمِيَ بِهَا. وَيُقَالُ: طَعَنَه فَكَوَّرَهُ إِذا أَلقاه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ؛ أَي فِي الْجَحِيمِ. قَالَ: وَمَعْنَى كُبْكِبُوا طُرِحَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: مَعْنَاهُ دُهْوِرُوا. ودَهْوَرَ: سَلَحَ. ودَهْوَرَ كلامَه: قَحَّمَ بعضَه فِي إِثر بَعْضٍ. ودَهْوَرَ الْحَائِطَ: دَفَعَهُ فَسَقَطَ. وتَدَهْوَرَ الليلُ: أَدبر. والدَّهْوَرِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الصُّلْبُ الضَّرْب. اللَّيْثُ: رَجُلٌ دَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ وَهُوَ الصُّلْبُ الصَّوْتِ؛ قَالَ الأَزهري: أَظن هَذَا خَطَأً وَالصَّوَابُ جَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ أَي رَفِيعُ الصَّوْتِ. ودَاهِرٌ: مَلِكُ الدَّيْبُلِ، قَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ القاسم الثقفي(4/294)
ابن عُمَرَ الْحَجَّاجِ فَذَكَرَهُ جَرِيرٌ وَقَالَ:
وأَرْضَ هِرَقْل قَدْ ذَكَرْتُ وداهِراً، ... ويَسْعَى لَكُمْ مِنْ آلِ كِسْرَى النَّواصِفُ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فإِني أَنا الموتُ الَّذِي هُوَ نازلٌ ... بِنَفْسِكَ، فانْظُرْ كَيْفَ أَنْتَ تُحاوِلُهْ
فأَجابه جَرِيرٌ:
أَنا الدهرُ يُفْني الموتَ، والدَّهْرُ خالدٌ، ... فَجِئْني بمثلِ الدهرِ شَيْئًا تُطَاوِلُهْ
قَالَ الأَزهري: جَعَلَ الدَّهْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ لأَن الْمَوْتَ يَفْنَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَا عِنْدِي فِي هَذَا الأَمر دَهْوَرِيَّة وَلَا رَخْوَدِيَّةٌ أَي لَيْسَ عِنْدِي فِيهِ رِفْقٌ وَلَا مُهاوَدَةٌ وَلَا رُوَيْدِيَةٌ وَلَا هُوَيْدِيَةٌ وَلَا هَوْدَاء وَلَا هَيْدَاءُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ودَهْرٌ ودُهَيْرٌ ودَاهِرٌ: أَسماء. ودَهْرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ، قَالَ لَبِيدٌ بْنُ رَبِيعَةَ:
وأَصْبَحَ رَاسِياً بِرُضَامِ دَهْرٍ، ... وسَالَ بِهِ الخمائلُ فِي الرِّهامِ
والدَّوَاهِرُ: رَكايا مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذاً لأَتَى الدَّوَاهِرَ، عَنْ قريبٍ، ... بِخِزْيٍ غيرِ مَصْرُوفِ العِقَالِ
دهدر: الدُّهْدُرُّ: الباطلُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ دُهْدُرَّيْنِ ودُهْدُرَّيْهِ لِلرَّجُلِ الْكَذُوبِ. أَبو زَيْدٍ: الْعَرَبُ تَقُولُ دُهْدُرَّانِ لَا يُغْنِيَانِ عَنْكَ شَيْئًا. ودُهْدُرَّيْنِ: اسْمٌ لِبَطَلَ؛ قَالَ ذَلِكَ أَبو عَلِيٍّ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: دُهْدُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ أَي بَطَلَ سعدُ القَيْنُ بأَن لَا يُسْتَعْمَلَ وَذَلِكَ لِتَشَاغُلِ النَّاسِ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ أَو الْقَحْطِ. وَيُقَالُ: سَاعدُ القَيْنُ، وَيُقَالُ: دُهْدُرَّانِ لَا يُغْني عَنْكَ شَيْئًا.
دهشر: أَبو عَمْرٍو: الدَّهْشَرَةُ النَّاقَةُ الْكَبِيرَةُ والعَجَمْجَمَةُ الشَّدِيدَةُ.
دهكر: الدَّهْكَرُ: الْقَصِيرُ. والتَّدَهْكُرُ: التَّدَحْرُجُ فِي الْمِشْيَةِ وتَدَهْكَرَ عليه: تَنَزَّى.
دَوَرَ: دَارَ الشيءُ يَدُورُ دَوْراً ودَوَرَاناً ودُؤُوراً واسْتَدَارَ وأَدَرْتُه أَنا ودَوَّرْتُه وأَدَارَه غَيْرُهُ ودَوَّرَ بِهِ ودُرْتُ بِهِ وأَدَرْت اسْتَدَرْتُ، ودَاوَرَهُ مُدَاوَرَةً ودِوَاراً: دَارَ مَعَهُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
حَتَّى أُتِيح لَهُ يَوْمًا بِمَرْقَبَةٍ ... ذُو مِرَّةٍ، بِدِوَارِ الصَّيْدِ، وَجَّاسُ
عَدَّى وَجَّاسُ بِالْبَاءِ لأَنه فِي مَعْنَى قَوْلِكَ عَالِمٌ بِهِ. وَالدَّهْرُ دَوَّارٌ بالإِنسان ودَوَّارِيٌّ أَي دَائِرٌ بِهِ عَلَى إِضافة الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ اللغويين، قال الفارسي: هُوَ عَلَى لَفْظِ النَّسَبِ وَلَيْسَ بِنَسَبٍ، وَنَظِيرُهُ بُخْتِيٌّ وكُرْسيٌّ وَمِنَ الْمُضَاعَفِ أَعْجَمِيٌّ فِي مَعْنَى أَعجم. اللَّيْثُ: الدَّوَّارِيُّ الدَّهْرُ الدائرُ بالإِنسان أَحوالًا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
والدَّهْرُ بالإِنسانِ دَوَّارِيُّ، ... أَفْنَى القُرُونَ، وَهُوَ قَعْسَرِيُ
وَيُقَالُ: دَارَ دَوْرَةً وَاحِدَةً، وَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ يدُورُها. قَالَ: والدَّوْرُ قَدْ يَكُونُ مَصْدَرًا فِي الشِّعْرِ وَيَكُونُ دَوْراً وَاحِدًا مِنْ دَوْرِ الْعِمَامَةِ، ودَوْرِ الْخَيْلِ وَغَيْرِهِ عَامٌّ فِي الأَشياء كُلِّهَا. والدُّوَارُ والدَّوَارُ: كالدَّوَرَانِ يأْخذ فِي الرأْس. ودِيرَ بِهِ وَعَلَيْهِ وأُدِيرَ بِهِ: أَخذه الدُّوَارُ مِنْ(4/295)
دُوَارِ الرأْس. وتَدْوِيرُ الشَّيْءِ: جَعْلُهُ مُدَوَّراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَار كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ والأَرض.
يُقَالُ: دَارَ يَدُورُ وَاسْتَدَارَ يَسْتَدِيرُ بِمَعْنًى إِذا طَافَ حَوْلَ الشَّيْءِ وإِذا عَادَ إِلى الْمَوْضِعِ الَّذِي ابتدأَ مِنْهُ؛ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَن الْعَرَبَ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الْمُحَرَّمَ إِلى صَفَرٍ، وَهُوَ النَّسِيءُ، لِيُقَاتِلُوا فِيهِ وَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ فَيَنْتَقِلُ الْمُحَرَّمُ مِنْ شَهْرٍ إِلى شَهْرٍ حَتَى يَجْعَلُوهُ فِي جَمِيعِ شُهُورِ السَّنَةِ، فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ السَّنَةُ كَانَ قَدْ عَادَ إِلى زَمَنِهِ الْمَخْصُوصِ بِهِ قَبْلَ النَّقْلِ وَدَارَتِ السَّنَةُ كَهَيْئَتِهَا الأُولى. ودُوَّارَةُ الرأْس ودَوَّارَتُه: طَائِفَةٌ مِنْهُ. ودَوَّارَةُ الْبَطْنِ ودُوَّارَتُه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ: مَا تَحَوَّى مِنْ أَمعاء الشَّاةِ. والدَّائرة والدَّارَةُ، كِلَاهُمَا: مَا أَحاط بِالشَّيْءِ. والدَّارَةُ: دَارَةُ الْقَمَرِ الَّتِي حَوْلَهُ، وَهِيَ الهَالَةُ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ يُدَارُ بِهِ شَيْءٌ يَحْجُرُه، فَاسْمُهُ دَارَةٌ نَحْوُ الدَّاراتِ الَّتِي تتخذ في المباطخ وَنَحْوِهَا وَيُجْعَلُ فِيهَا الْخَمْرُ؛ وأَنشد:
تَرَى الإِوَزِّينَ فِي أَكْنافِ دَارَتها ... فَوْضَى، وَبَيْنَ يَدَيْهَا التِّبْنُ مَنْثُورُ
قَالَ: وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَنه رأَى حَصَّاداً أَلقى سَنَبُلَهُ بَيْنَ يَدَيْ تِلْكَ الإِوز فَقَلَعَتْ حَبًّا مِنْ سَنَابِلِهِ فأَكلت الْحَبَّ وَافْتَضَحَتِ التِّبْنَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهل النَّارِ يَحْتَرِقُونَ إِلا دَارَاتِ وُجُوهِهِمْ
؛ هِيَ جَمْعُ دَارَةٍ، وَهُوَ مَا يُحِيطُ بِالْوَجْهِ مِنْ جَوَانِبِهِ، أَراد أَنها لَا تأْكلها النَّارُ لأَنها مَحَلُّ السُّجُودِ. وَدَارَةُ الرَّمْلِ: مَا اسْتَدَارَ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ دَارَاتٌ ودُورٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنَ الدَّبِيلِ ناشِطاً لِلدُّورِ
الأَزهري: ابْنُ الأَعرابي: الدِّيَرُ الدَّارَاتُ فِي الرَّمْلِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ دَوَّارَةٌ وقَوَّارَةٌ لِكُلِّ مَا لَمْ يَتَحَرَّكْ وَلَمْ يَدُرْ، فإِذا تَحَرَّكَ وَدَارَ، فَهُوَ دَوَّارَةٌ وقَوَّارَةٌ. والدَّارَةُ: كُلُّ أَرض وَاسِعَةٍ بَيْنَ جِبَالٍ، وَجَمْعُهَا دُورٌ ودَارَات؛ قَالَ أَبو حَنِيفَة: وَهِيَ تُعَدُّ مِنْ بُطُونِ الأَرض الْمُنْبِتَةِ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ الجَوْبَةُ الْوَاسِعَةُ تَحُفُّها الْجِبَالُ، وَلِلْعَرَبِ دَارَاتٌ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: وَجَدْتُ هُنَا فِي بَعْضِ الأُصول حَاشِيَةً بِخَطِّ سَيِّدِنَا الشَّيْخِ الإِمام الْمُفِيدِ بَهَاءِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ النَّحَّاسِ النَّحْوِيِّ، فَسَّحَ اللَّهُ فِي أَجله: قَالَ كُرَاعٌ الدارةُ هِيَ البُهْرَةُ إِلا أَن البُهْرَة لَا تَكُونُ إِلا سَهْلَةً وَالدَّارَةُ تَكُونُ غَلِيظَةً وَسَهْلَةً. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَبي فَقْعَسٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الدَّارَةُ كلُّ جَوْبَةٍ تَنْفَتِحُ فِي الرَّمْلِ، وَجَمْعُهَا دُورٌ كَمَا قِيلَ سَاحَةٌ وسُوحٌ. قَالَ الأَصمعي: وعِدَّةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى دَخَلَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ فِي كَلَامِ بَعْضٍ: فَمِنْهَا دَارَةُ جُلْجُل ودارةُ القَلْتَيْنِ ودارةُ خَنْزَرٍ ودارةُ صُلْصُلٍ ودارةُ مَكْمَنٍ ودارةُ مَاسِلٍ وَدَارَةُ الجَأْبِ وَدَارَةُ الذِّئْبِ وَدَارَةُ رَهْبى ودارةُ الكَوْرِ ودارةُ مَوْضُوعٍ ودارةُ السَّلَمِ ودارةُ الجُمُدِ ودارةُ القِدَاحِ ودارةُ رَفْرَفٍ ودارةُ قِطْقِطٍ ودارةُ مُحْصَنٍ ودارةُ الخَرْجِ وَدَارَةُ وَشْحَى ودارةُ الدُّورِ، فَهَذِهِ عِشْرُونَ دَارَةً وَعَلَى أَكثرها شَوَاهِدُ، هَذَا آخِرُ الْحَاشِيَةِ. والدَّيِّرَةُ مِنَ الرَّمْلِ: كالدَّارةِ، وَالْجَمْعُ دَيِّرٌ، وَكَذَلِكَ التَّدْوِرَةُ، وأَنشد سِيبَوَيْهِ لِابْن مُقْبِلٍ:
بِتْنَا بِتَدْوِرَة يُضِيءُ وُجُوهَنَا ... دَسَمُ السَّلِيطِ، يُضِيءُ فَوْقَ ذُبالِ(4/296)
وَيُرْوَى:
بِتْنَا بِدَيِّرَةٍ يُضِيءُ وُجُوهَنَا
والدَّارَةُ: رَمْلٌ مُسْتَدِيرٌ، وَهِيَ الدُّورَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الدُّورَةُ والدَّوَّارَةُ والدَّيِّرَةُ، وَرُبَّمَا قَعَدُوا فِيهَا وَشَرِبُوا. والتَّدْوِرَةُ. المجلسُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. ومُدَاوَرَةُ الشُّؤُون: مُعَالَجَتُهَا. والمُدَاوَرَةُ: الْمُعَالَجَةُ؛ قَالَ سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ:
أَخُو خَمْسِينَ مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي، ... ونَجَّدَنِي مُدَاوَرَةُ الشُّؤُونِ
والدَّوَّارَةُ: مِنْ أَدوات النَّقَّاشِ والنَّجَّارِ لَهَا شُعْبَتَانِ تَنْضَمَّانِ وَتَنْفَرِجَانِ لِتَقْدِيرِ الدَّارات. والدَّائِرَةُ فِي العَرُوض: هِيَ الَّتِي حَصَرَ الْخَلِيلُ بِهَا الشُّطُورَ لأَنها عَلَى شَكْلِ الدَّائِرَةِ الَّتِي هِيَ الْحَلْقَةُ، وَهِيَ خَمْسُ دَوَائِرَ: الأُولى فِيهَا ثَلَاثَةُ أَبواب الطَّوِيلُ وَالْمَدِيدُ وَالْبَسِيطُ، وَالدَّائِرَةُ الثَّانِيَةُ فِيهَا بَابَانِ الْوَافِرُ وَالْكَامِلُ، وَالدَّائِرَةُ الثَّالِثَةُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَبواب الْهَزَجُ وَالرَّجَزُ وَالرَّمَلُ، وَالدَّائِرَةُ الرَّابِعَةُ فِيهَا سِتَّةُ أَبواب السَّرِيعُ وَالْمُنْسَرِحُ وَالْخَفِيفُ وَالْمُضَارِعُ وَالْمُقْتَضَبُ وَالْمُجْتَثُّ، وَالدَّائِرَةُ الْخَامِسَةُ فِيهَا الْمُتَقَارِبُ فَقَطْ. وَالدَّائِرَةُ: الشَّعَرُ الْمُسْتَدِيرُ عَلَى قَرْنِ الإِنسان؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ مَوْضِعُ الذُّؤَابَةِ. وَمِنْ أَمثالهم: مَا اقْشَعَرَّتْ لَهُ دَائِرَتِي؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يَتَهَدَّدُكَ بالأَمر لَا يَضُرُّكَ. وَدَائِرَةُ رأْس الإِنسان: الشَّعْرُ الَّذِي يَسْتَدِيرُ عَلَى القَرْنِ، يُقَالُ: اقْشَعَرَّتْ دَائِرَتُهُ. وَدَائِرَةُ الْحَافِرِ: مَا أَحاط بِهِ مِنَ التِّبْنِ. وَالدَّائِرَةُ: كَالْحَلْقَةِ أَو الشَّيْءِ الْمُسْتَدِيرِ. وَالدَّائِرَةُ: وَاحِدَةُ الدَّوَائِرِ؛ وَفِي الْفَرَسِ دَوَائِرُ كَثِيرَةٌ: فَدَائِرَةُ القَالِع والنَّاطِحِ وَغَيْرِهِمَا؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: دَوَائِرُ الْخَيْلِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ دَائِرَةً: يُكْرَهُ مِنْهَا الهَقْعَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي عُرضِ زَوْرِه، وَدَائِرَةُ القَالِعِ، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ اللِّبْدِ، وَدَائِرَةُ النَّاخِسِ، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ الجَاعِرَتَيْنِ إِلى الفَائِلَتَيْنِ، ودائرةُ اللَّطَاةِ فِي وَسَطِ الْجَبْهَةِ وَلَيْسَتْ تُكْرَهُ إِذا كَانَتْ وَاحِدَةً فإِن كَانَ هُنَاكَ دَائِرَتَانِ قَالُوا: فَرَسٌ نَطِيحٌ، وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ وَمَا سِوَى هَذِهِ الدَّوَائِرِ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ. ودَارَتْ عَلَيْهِ الدَّوائِرُ أَي نَزَلَتْ بِهِ الدَّوَاهِي. وَالدَّائِرَةُ: الْهَزِيمَةُ وَالسُّوءُ. يُقَالُ: عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ. وَفِي الْحَدِيثِ: فَيَجْعَلُ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ أَي الدَّوْلَة بِالْغَلَبَةِ وَالنَّصْرِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ
؛ قِيلَ: الْمَوْتُ أَو الْقَتْلُ. والدُّوَّارُ: مُسْتَدَارُ رَمْلٍ تَدُورُ حَوْلَهُ الْوَحْشُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فَمَا مُغْزِلٌ أَدْماءُ نَامَ غَزَالُها، ... بِدُوَّارِ نِهْيٍ ذِي عَرَارٍ وحُلَّبِ
بأَحْسَنَ مِنْ لَيْلَى، وَلَا أُمُّ شَادِنٍ ... غَضِيضَةُ طَرْفٍ رُعْتُها وَسْطَ رَبْرَبِ
وَالدَّائِرَةُ: خَشَبَةٌ تُرَكَّزُ وَسَطَ الكُدْسِ تَدُورُ بِهَا الْبَقَرُ. اللَّيْثُ: المَدَارُ مَفْعَلٌ يَكُونُ مَوْضِعًا وَيَكُونُ مَصْدَرًا كالدَّوَرَانِ، وَيُجْعَلُ اسْمًا نَحْوَ مَدَار الفَلَكِ فِي مَدَارِه. ودُوَّارٌ، بِالضَّمِّ: صَنَمٌ، وَقَدْ يُفْتَحُ، وَفِي الأَزهري: الدَّوَّارُ صَنَمٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تَنْصِبُهُ يَجْعَلُونَ مَوْضِعًا حَوْلَهُ يَدُورُون بِهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الصَّنَمِ وَالْمَوْضِعِ الدُّوَارُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَعَنَّ لَنَا سِرْبٌ كأَنَّ نِعاجَهُ ... عَذَارَى دُوَارٍ، فِي مُلاءٍ مُذَيَّلِ
السِّرْبُ: الْقَطِيعُ مِنَ الْبَقَرِ وَالظِّبَاءِ وَغَيْرِهَا، وأَراد(4/297)
بِهِ هَاهُنَا الْبَقَرَ، وَنِعَاجُهُ إِناثه، شَبَّهَهَا فِي مَشْيِهَا وَطُولِ أَذنابها بِجَوَارٍ يَدُرْنَ حَوْلَ صَنَمٍ وَعَلَيْهِنَّ الْمِلَاءُ. وَالْمُذَيَّلُ: الطَّوِيلُ الْمُهَدَّبُ. والأَشهر في اسم الصنم دَوَارٌ، بِالْفَتْحِ، وأَما الدُّوَارُ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ مِنْ دُوَارِ الرأْس، وَيُقَالُ فِي اسْمِ الصَّنَمِ دُوارٌ، قَالَ: وَقَدْ تُشَدَّدُ فَيُقَالُ دُوَّارٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي دَوْلَةٌ، وَالدَّوَائِرُ تَدُورُ والدَّوائل تَدولُ. ابْنُ سِيدَهْ: والدَّوَّار والدُّوَّارُ؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ، مِنْ أَسماء الْبَيْتِ الْحَرَامِ. والدَّارُ: الْمَحَلُّ يَجْمَعُ الْبِنَاءَ وَالْعَرْصَةَ، أُنثى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هِيَ مِنْ دَارَ يَدُورُ لِكَثْرَةِ حَرَكَاتِ النَّاسِ فِيهَا، وَالْجَمْعُ أَدْوُرٌ وأَدْؤُرٌ فِي أَدنى الْعَدَدِ والإِشمام لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَفعل مِنَ الْفِعْلِ وَالْهَمْزُ لِكَرَاهَةِ الضَّمَّةِ عَلَى الْوَاوِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْهَمْزَةُ فِي أَدؤر مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ مَضْمُومَةٍ، قَالَ: وَلَكَ أَن لَا تَهْمِزَ، وَالْكَثِيرُ دِيارٌ مِثْلُ جَبَلٍ وأَجْبُلٍ وجِبالٍ. وَفِي حَدِيثِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ:
سلامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ
؛ سُمِّيَ مَوْضِعُ الْقُبُورِ دَارًا تَشْبِيهًا بِدَارِ الأَحياء لِاجْتِمَاعِ الْمَوْتَى فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ:
فأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِه
؛ أَي فِي حَضْرَةٍ قُدْسِهِ، وَقِيلَ: فِي جَنَّتِهِ، فإِن الْجَنَّةَ تُسَمَّى دَارَ السَّلَامِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ السَّلَامُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي جَمْعِ الدَّارِ: آدُرٌ، عَلَى الْقَلْبِ، قَالَ: حَكَاهَا الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي الْحَسَنِ؛ ودِيارَةٌ ودِيارَاتٌ ودِيرَانٌ ودُورٌ ودُورَاتٌ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ جَمْعِ الْجَمْعِ فِي قِسْمَةِ السَّلَامَةِ. والدَّارَةُ: لُغَةٌ فِي الدَّارِ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ دِيَرٌ ودِيَرَةٌ وأَدْيارٌ ودِيرَانٌ ودَارَةٌ ودَارَاتٌ ودُورٌ ودُورَانٌ وأَدْوَارٌ ودِوَارٌ وأَدْوِرَةٌ؛ قَالَ: وأَما الدَّارُ فَاسْمٌ جَامِعٌ لِلْعَرْصَةِ وَالْبِنَاءِ والمَحَلَّةِ. وكلُّ مَوْضِعٍ حَلَّ بِهِ قَوْمٌ، فَهُوَ دَارُهُمْ. وَالدُّنْيَا دَارُ الفَناء، وَالْآخِرَةُ دَارُ القَرار ودَارُ السَّلام. قَالَ: وَثَلَاثُ أَدْؤُرٍ، هُمِزَتْ لأَن الأَلف الَّتِي كَانَتْ فِي الدَّارِ صَارَتْ فِي أَفْعُلٍ فِي مَوْضِعِ تَحَرُّكٍ فأُلقي عَلَيْهَا الصَّرْفُ وَلَمْ تُرَدَّ إِلى أَصلها. وَيُقَالُ: مَا بِالدَّارِ دَيَّارٌ أَي مَا بِهَا أَحد، وَهُوَ فَيْعَالٌ مِنْ دَارَ يَدُورُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ مَا بِهَا دُورِيٌّ وَمَا بِهَا دَيَّارٌ أَي أَحد، وَهُوَ فَيْعَالٌ مِنْ دُرْتُ وأَصله دَيْوَارٌ؛ قَالُوا: وإِذا وَقَعَتْ وَاوٌ بَعْدَ يَاءٍ سَاكِنَةٍ قَبْلَهَا فَتْحَةٌ قُلِبَتْ يَاءً وأُدغمت مِثْلُ أَيَّام وقَيَّام. وَمَا بالدّارِ دُورِيٌّ وَلَا دَيَّارٌ وَلَا دَيُّورٌ عَلَى إِبدال الْوَاوِ مِنَ الْيَاءِ، أَي مَا بِهَا أَحد، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ، وَجَمْعُ الدَّيَّارِ والدَّيُّورِ لَوْ كُسِّرَ دَواوِيرُ، صَحَّتِ الْوَاوُ لِبُعْدِهَا مِنَ الطَّرَفِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا أُنبئكم بِخَيْرِ دُورِ الأَنصار؟ دُورُ بَنِي النَّجَّارِ ثُمَّ دُور بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ وَفِي كلِّ دُورِ الأَنصارِ خَيْرٌ
؛ الدُّورُ: جَمْعُ دَارٍ، وَهِيَ الْمَنَازِلُ الْمَسْكُونَةُ والمَحَالُّ، وأَراد بِهِ هَاهُنَا الْقَبَائِلَ؛ والدُّورُ هَاهُنَا: قَبَائِلُ اجْتَمَعَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ فِي مَحَلَّةٍ فَسُمِّيتِ المَحَلَّةُ دَاراً وَسُمِّيَ سَاكِنُوهَا بِهَا مَجَازًا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَي أَهل الدُّورِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَا بقيتْ دَارٌ إِلَّا بُنِيَ فِيهَا مَسْجِدٌ
؛ أَي مَا بَقِيَتْ قَبِيلَةٌ. وأَما قَوْلُهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دَارٍ؟
فإِنما يُرِيدُ بِهِ الْمَنْزِلَ لَا الْقَبِيلَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّارُ مُؤَنَّثَةٌ وإِنما قَالَ تَعَالَى: وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ
؛ فذكَّر عَلَى مَعْنَى المَثْوَى وَالْمَوْضِعِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً، فأَنث عَلَى الْمَعْنَى. والدَّارَةُ أَخص مِنَ الدَّارِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ:
يَا لَيْلَةً مِنْ طُولها وعَنَائِها، ... عَلَى أَنها مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ(4/298)
وَيُقَالُ للدَّارِ: دَارَة. وَقَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى: وَفِي الصِّحَاحِ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ يَمْدَحُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُدْعان:
لَهُ دَاعٍ بمكةَ مُشْمَعِلٌّ، ... وآخَرُ فَوْقَ دَارَتِه يُنادِي
والمُدَارَات: أُزُرٌ فِيهَا دَارَاتٌ شَتَّى؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وذُو مُدَارَاتٍ عَلَى حَصِير
والدَّائِرَةُ: الَّتِي تَحْتَ الأَنف يُقَالُ لَهَا دَوَّارَةٌ ودَائِرَةٌ ودِيرَةٌ. والدَّارُ: الْبَلَدُ. حَكَى سِيبَوَيْهِ: هَذِهِ الدَّارُ نَعِمَتِ البلدُ فأَنث الْبَلَدَ عَلَى مَعْنَى الدَّارِ. وَالدَّارُ: اسْمٌ لِمَدِينَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ
. والدَّارِيُّ: اللازِمُ لِدَارِهِ لَا يَبْرَحُ وَلَا يَطْلُبُ مَعَاشًا. وَفِي الصِّحَاحِ: الدَّارِيُّ رَبُّ النِّعَمِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مُقِيمٌ فِي دَارِهِ فَنُسِبَ إِليها؛ قَالَ:
لَبِّثْ قَلِيلًا يُدْرِكِ الدَّارِيُّون، ... ذَوُو الجيادِ الُبدَّنِ المَكْفِيُّون،
سَوْفَ تَرَى إِن لَحِقُوا مَا يُبْلُون
يَقُولُ: هُمْ أَرباب الأَموال وَاهْتِمَامُهُمْ بإِبلهم أَشد مِنِ اهْتِمَامِ الرَّاعِي الَّذِي لَيْسَ بِمَالِكٍ لَهَا. وبَعِيرٌ دَارِيٌّ: مُتَخَلِّفٌ عَنِ الإِبل فِي مَبْرَكِه، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ والدَّارِيُّ: المَلَّاحُ الَّذِي يَلِي الشِّرَاعَ. وأَدَارَهُ عَنِ الأَمر وَعَلَيْهِ ودَاوَرَهُ: لاوَصَهُ. وَيُقَالُ: أَدَرْتُ فُلَانًا عَلَى الأَمر إِذا حاوَلْتَ إِلزامَه إِياه، وأَدَرْتُهُ عَنِ الأَمر إِذا طَلَبْتَ مِنْهُ تَرْكَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يُديرُونَنِي عَنْ سَالِمٍ وأُدِيرُهُمْ، ... وجِلْدَةُ بينَ العَيْنِ والأَنْفِ سَالِمُ
وَفِي حَدِيثِ الإِسراء:
قَالَ لَهُ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَقَدْ دَاوَرْتُ بَنِي إِسرائيل عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا
؛ هُوَ فاعَلْتُ مِنْ دَارَ بِالشَّيْءِ يَدُورُ بِهِ إِذا طَافَ حَوْلَهُ، وَيُرْوَى: رَاوَدْتُ. الْجَوْهَرِيُّ: والمُدَارَةُ جِلْدٌ يُدَارُ ويُخْرَزُ عَلَى هَيْئَةِ الدَّلْوِ فَيُسْتَقَى بِهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا يَسْتَقِي فِي النَّزَحِ المَضْفُوفِ ... إِلَّا مُدَارَاتُ الغُرُوبِ الجُوفِ
يَقُولُ: لَا يُمْكِنُ أَن يُسْتَقَى مِنَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ إِلا بِدِلَاءٍ وَاسِعَةِ الأَجواف قَصِيرَةِ الْجَوَانِبِ لِتَنْغَمِسَ فِي الْمَاءِ وإِن كَانَ قَلِيلًا فَتَمْتَلِئَ مِنْهُ؛ وَيُقَالُ: هِيَ مِنَ المُدَارَاةِ فِي الأُمور، فَمَنْ قَالَ هَذَا فإِنه يَنْصِبُ التَّاءَ فِي مَوْضِعِ الْكَسْرِ، أَي بِمُدَارَاةِ الدِّلَاءِ، وَيَقُولُ لَا يُسْتَقَى عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ. ودَارٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
عادَ الأَذِلَّةُ فِي دَارٍ، وكانَ بِهَا ... هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلَّامُونَ للجُزُرِ
وابنُ دَارَةَ: رَجُلٌ مِنْ فُرْسَانِ الْعَرَبِ؛ وَفِي الْمَثَلِ:
مَحَا السَّيْفُ مَا قَالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعَا
والدَّارِيُّ: العَطَّارُ، يُقَالُ: إِنه نُسِبَ إِلى دَارِينَ فُرْضَةٍ بالبَحْرَيْنِ فِيهَا سُوق كَانَ يُحْمَلُ إِليها مِسْكٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْهِنْدِ؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
أُلْقِيَ فِيهَا فِلْجانِ مِنْ مِسْكِ دَارِينَ، ... وفِلْجٌ مِنْ فُلْفُلٍ ضَرِمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُ الجَلِيس الصالِح مَثَلُ الدَّارِيِّ إِن لَمْ يُحْذِكَ مِنْ عِطْرِه عَلِقَكَ مِنْ رِيحِهِ
؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بفَأْرَةٍ ... مِنَ المِسْكِ، رَاحَتْ فِي مَفَارِقِها تَجْري(4/299)
والدَّارِيُّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ: العَطَّارُ، قَالُوا: لأَنه نُسِبَ إِلى دَارِينَ، وَهُوَ مَوْضِعٌ فِي الْبَحْرِ يُؤْتَى مِنْهُ بِالطِّيبِ؛ ومنه كَلَامِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كأَنه قِلْعٌ دَارِيٌ
أَي شِراعٌ مَنْسُوبٌ إِلى هَذَا الْمَوْضِعِ الْبَحْرِيِّ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُ زُمَيْلٍ الفَزَارِيِّ:
فَلَا تُكْثِرَا فِيهِ المَلامَةَ، إِنَّهُ ... مَحا السَّيْفُ مَا قالَ ابنُ دَارَةَ أَجْمَعا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ للكُمَيت بْنِ مَعْرُوف، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ لِلْكُمَيْتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الأَكبر؛ قَالَ: وَصَدْرُهُ:
فَلَا تُكْثِرُوا فِيهِ الضَّجَاجَ، فإِنه ... مَحا السَّيْفُ.....
وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ فِيهِ تَعْودُ عَلَى الْعَقْلِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ:
خُذُوا العَقْلَ، إِنْ أَعْطاكمُ العَقْلَ قَومُكُم، ... وكُونُوا كَمَنْ سَنَّ الهَوَانَ فَأَرْتَعَا
قَالَ: وَسَبَبُ هَذَا الشِّعْرِ أَن سَالِمَ بْنَ دَارَةَ هَجَا فَزَارَةَ وَذَكَرَ في هجائه زُمَيْلَ بْنِ أُم دِينَارٍ الفَزَارِيَّ فَقَالَ:
أَبْلِغْ فَزَارَةَ أَنِّي لَنْ أُصالِحَها، ... حَتَّى يَنِيكَ زُمَيْلٌ أُمَّ دِينارِ
ثُمَّ إِن زُمَيْلًا لَقِيَ سَالِمَ بْنَ دَارَةَ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ فَقَتَلَهُ وَقَالَ:
أَنا زُمَيْلٌ قاتِلُ ابنِ دَارَهْ، ... ورَاحِضُ المَخْزَاةِ عَنْ فَزَارَهْ
وَيُرْوَى:
وكاشِفُ السُّبَّةِ عَنْ فَزَارَهْ
. وَبَعْدَهُ:
ثُمَّ جَعَلْتُ أَعْقِلُ البَكَارَهْ
جَمْعُ بَكْرٍ. قَالَ: يَعْقِلُ الْمَقْتُولَ بَكارَةً. ومَسَانّ وعبدُ الدَّار: بطنٌ مِنْ قُرَيْشٍ النَّسَبُ إِليهم عَبْدَرِيٌّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ مِنَ الإِضافة الَّتِي أُخذ فِيهَا مِنْ لَفْظِ الأَول وَالثَّانِي كَمَا أُدخلت فِي السِّبَطْر حروفُ السَّبِطِ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: كأَنهم صَاغُوا مِنْ عَبْدِ الدَّارِ اسْمًا عَلَى صِيغَةِ جَعْفَرٍ ثُمَّ وَقَعَتِ الإِضافة إِليه. ودارِين: مَوْضِعٌ تُرْفَأُ إِليه السُّفُنُ الَّتِي فِيهَا الْمِسْكُ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَنَسَبُوا الْمِسْكَ إِليه، وسأَل كِسْرَى عَنْ دَارِينَ: مَتَّى كَانَتْ؟ فَلَمْ يَجِدْ أَحداً يُخْبِرُهُ عَنْهَا إِلا أَنهم قَالُوا: هِيَ عَتِيقَةٌ بِالْفَارِسِيَّةِ فَسُمِّيَتْ بِهَا. ودَارَانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنما اعتلَّت الْوَاوُ فِيهِ لأَنهم جَعَلُوا الزِّيَادَةَ فِي آخِرِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا فِي آخِرِهِ الْهَاءُ وَجَعَلُوهُ مُعْتَلًّا كَاعْتِلَالِهِ وَلَا زِيَادَةَ فِيهِ وإِلا فَقَدْ كَانَ حُكْمُهُ أَن يَصِحَّ كَمَا صَحَّ الجَوَلانُ ودَارَاءُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
لَعَمْرُكَ مَا مِيعادُ عَيْنِكَ والبُكَا ... بِدَارَاءَ إِلا أَنْ تَهُبَّ جَنُوبُ
ودَارَةُ: مِنْ أَسماء الدَّاهِيَةِ، مَعْرِفَةٌ لَا يَنْصَرِفُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ:
يَسْأَلْنَ عَنْ دَارَةَ أَن تَدُورَا
ودَارَةُ الدُّور: مَوْضِعٌ، وأُراهم إِنما بَالَغُوا بِهَا، كَمَا تَقُولُ: رَمْلَةُ الرِّمالِ. ودُرْنَى: اسْمُ مَوْضِعٍ، سُمِّيَ عَلَى هَذَا بِالْجُمْلَةِ، وَهِيَ فُعْلى. ودَيْرُ النَّصَارَى: أَصله الْوَاوُ، وَالْجَمْعُ أَدْيارٌ. والدَّيْرَانِيُّ: صَاحِبُ الدَّيْرِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا رأَس أَصحابه: هو رأْس الدَّيْرِ.
دَيَرَ: التَّهْذِيبُ: الدَّيْرُ الدَّارَاتُ فِي الرَّمْلِ، ودَيْرُ النَّصَارَى، أَصله الْوَاوُ، وَالْجَمْعُ أَدْيارٌ. والدَّيْرَانِيُّ: صَاحِبُ(4/300)
الدَّيْرِ. ابْنُ سِيدَهْ: الدَّيْرُ خَانُ النَّصَارَى؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: دَيْرُ النَّصَارَى، وَالْجَمْعُ أَدْيارٌ، وَصَاحِبُهُ الَّذِي يَسْكُنُهُ وَيَعْمُرُهُ دَيَّارٌ ودَيْرَانِيٌّ، نَسَبٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُلْنَا إِنه مِنَ الْيَاءِ وإِن كَانَ دَوْرٌ أَكْثَرَ وأَوسع لأَن الْيَاءَ قَدْ تَصَرَّفَتْ فِي جمعه وفي بِنَاءِ فَعَّالٍ، وَلَمْ نَقُلْ إِنها مُعَاقَبَةٌ لأَن ذَلِكَ لَوْ كَانَ لَكَانَ حَرِيّاً أَن يُسْمَعَ فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ تَصَارِيفِهِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا رأَس أَصحابه: هُوَ رأْس الدَّيْرِ.
فصل الذال المعجمة
ذأر: ذَئِرَ الرجلُ: فَزِعَ. وذَئِرَ ذَأَراً، فَهُوَ ذَئِرٌ: غَضِبَ؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:
لَمَّا أَتاني عَنْ تَمِيمٍ أَنَّهُمْ ... ذَئِرُوا لَقَتْلَى عامِرٍ، وتَغَضَّبُوا
يَعْنِي نَفَرُوا مِنْ ذَلِكَ وأَنكروه، وَيُقَالُ: أَنِفوا مِنْ ذَلِكَ، وَيُقَالُ: إِن شُؤونك لَذَئِرَةٌ. وَقَدْ ذَئِرَه أَي كَرِهَهُ وَانْصَرَفَ عَنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: الذَّائِرُ الْغَضْبَانُ. والذَّائِرُ: النَّفُور. والذَّائِرُ: الأَنِفُ. اللَّيْثُ: ذَئِرَ إِذا اغْتَاظَ عَلَى عَدُوِّهِ واستعدَّ لمُوَاثَبَتِه. وأَذْأَرَهُ عَلَيْهِ: أَغْضَبَهُ وقَلَبَه؛ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ يَكْفِهِ ذَلِكَ حَتَّى أَبدله فَقَالَ: أَذْرَأَني، وَهُوَ خطأٌ. أَبو زَيْدٍ: أَذْأَرْتُ الرجلَ بِصَاحِبِهِ إِذْآراً أَي حَرَّشْتُهُ وأَولعته بِهِ. وَقَدْ ذَئِرَ عَلَيْهِ حِينَ أَذْأَرْتُه أَي اجْتَرَأَ عَلَيْهِ. وأَذْأَرَهُ الشَّيْءَ: أَلْجَأَهُ. وأَذْأَرَهُ بِصَاحِبِهِ: أَغراه. وذَئِرَ بِذَلِكَ الأَمر ذَأَراً: ضَرِيَ بِهِ وَاعْتَادَهُ. وذَئِرَتِ المرأَةُ عَلَى بَعْلِهَا، وَهِيَ ذَائِرٌ: نَشَزَتْ وتَغَيَّرَ خُلُقها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا نَهَى عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ ذَئِرْنَ عَلَى أَزواجهنّ
؛ قَالَ الأَصمعي: أَي نَفَرْنَ ونَشَزْنَ واجْتَرأْنَ؛ يُقَالُ مِنْهُ: امرأَة ذَئِرٌ عَلَى مِثَالِ فَعِلٍ. وَفِي الصِّحَاحِ: امرأَة ذَائِرٌ عَلَى فاعِلٍ مِثْلُ الرجلِ. يُقَالُ: ذَئِرَتِ المرأَةُ تَذْأَرُ، فَهِيَ ذَئِرُ وَذَائِرٌ أَي نَاشِزٌ؛ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. وأَذْأَرَهُ: جَرَّأَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَكْثَمَ بْنُ صَيْفِيٍّ: سُوءُ حَمْلِ الفَاقَةِ يُحْرِضُ الحَسَبَ ويُذْئِرُ العَدُوَّ؛ يُحْرِضُه: يُسْقِطُه. وذَاءَرَتِ الناقةُ، وَهِيَ مُذائِرٌ: سَاءَ خُلُقها، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَرْأَمُ بأَنفها وَلَا يَصْدُقُ حُبُّها. أَبو عُبَيْدٍ: ذاءَرَتِ الناقةُ عَلَى فاعَلَتْ، فَهِيَ مُذائِرٌ إِذا سَاءَ خُلُقُهَا، وَكَذَلِكَ المرأَة إِذا نَشَزَتْ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ: ذارَتْ بأَنفها، مِنْ هَذَا، فَخَفَّفَهُ، وَقِيلَ: الَّتِي تَنْفِرُ عَنِ الْوَلَدِ ساعةَ تَضَعُهُ. والذِّئارُ: سِرْقِينٌ مُخْتَلِطٌ بِتُرَابٍ يُطْلَى عَلَى أَطْباءِ الناقةِ لِئَلَّا يَرْضَعَها الفصيلُ، وقد ذَأَرَها.
ذبر: الذَّبْرُ: الْكِتَابَةُ مِثْلُ الزَّبْرِ. ذَبَرَ الكتابَ يَذْبُرُه ويَذْبِرُه ذَبْراً وذَبَّرَه، كِلَاهُمَا: كَتَبَهُ؛ وأَنشد الأَصمعي لأَبي ذُؤَيْبٍ:
عَرَفْتُ الدِّيَارَ كَرَقْمِ الدَّوَاةِ، ... يَذْبُرُها الكاتِبُ الحِمْيَري
وَقِيلَ: نَقَطَهُ، وَقِيلَ: قرأَه قِراءةً خَفِيَّةً، وَقِيلَ: الذَّبْرُ كُلُّ قِرَاءَةٍ خَفِيَّةٍ؛ كُلُّ ذَلِكَ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
فِيهَا كتابٌ ذَبْرٌ لِمُقْتَرِئٍ، ... يَعْرِفُه أَلْبُهُمْ ومَنْ حَشَدُوا
ذَبْرٌ: بَيِّنٌ، أَراد. كِتَابًا مَذْبُورًا فَوَضَعَ الْمَصْدَرَ مَوْضِعَ الْمَفْعُولِ. وأَلْبُهُمْ: مَنْ كَانَ هَوَاهُ مَعَهُمْ؛(4/301)
تَقُولُ: بَنُو فُلَانٍ أَلْبٌ وَاحِدٌ. وحَشَدُوا أَي جَمَعُوا. ابْنِ الأَعرابي فِي قَوْلِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَهل الْجَنَّةِ خَمْسَةُ أَصناف: مِنْهُمُ الَّذِي لَا ذَبْرَ لَهُ
أَي لَا نُطْقَ لَهُ وَلَا لِسَانَ لَهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ ضَعْفِهِ، مِنْ قَوْلِكَ: ذَبَرْتُ الكتابَ أَي قرأْته. قَالَ: وزَبَرْتُه أَي كَتَبْتُهُ، فَفَرْقٌ بَيْنَ ذَبَرَ وزَبَرَ. والذَّبْرُ فِي الأَصل: الْقِرَاءَةُ. وَكِتَابٌ ذَبِرٌ: سهلُ الْقِرَاءَةِ؛ وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا فَهْمَ لَهُ مَنْ ذَبَرْتُ الكتابَ إِذا فَهِمْتَه وأَتقنته، وَيُرْوَى بِالزَّايِ وَسَيَجِيءُ. الأَصمعي: الذِّبارُ الكُتُبُ، وَاحِدُهَا ذَبْرٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَقولُ لِنَفْسِي، واقِفاً عِنْدَ مُشْرِفٍ، ... عَلَى عَرَصاتٍ كالذِّبارِ النَّوَاطِقِ
وَبَعْضٌ يَقُولُ: ذَبَرَ كَتَبَ. وَيُقَالُ: ذَبَرَ يَذْبُرُ إِذا نَظَرَ فأَحسن النَّظَرَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُدْعانَ: أَنا مُذابِرٌ
أَي ذَاهِبٌ، وَالتَّفْسِيرُ فِي الْحَدِيثِ. وثوبٌ مُذَبَّرٌ: مُنَمْنَمٌ؛ يَمَانِيَةٌ. والذُّبُور: العِلمُ والفِقْهُ بِالشَّيْءِ. وذَبَرَ الخَبَرَ: فهِمه. ثَعْلَبٌ: الذَّابِرُ المُتْقِنُ لِلْعِلْمِ. يُقَالُ: ذَبَرَه يَذْبُرُه؛ وَمِنْهُ الْخَبَرُ:
كَانَ مُعَاذٌ يَذْبُرُه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي يُتْقِنُهُ ذَبْراً وذَبارَةً. وَيُقَالُ: مَا أَرْصَنَ ذَبارَتَهُ. ابْنُ الأَعرابي: ذَبَرَ أَتقن وذَبَرَ غَضِبَ والذَّابِرُ الْمُتْقِنُ، وَيُرْوَى بِالدَّالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
النَّجَاشِيِّ: مَا أُحِبُّ أَن لِي ذَبْراً مِنْ ذَهَبٍ
أَي جَبَلًا بَلُغَتِهِمْ، وَيُرْوَى بِالدَّالِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
ذحر: قَالَ الأَزهري: لَمْ أَجده مُسْتَعْمَلًا فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِهِمْ.
ذخر: ذَخَرَ الشيءَ يَذْخُرُه ذُخْراً واذَّخَرَهُ اذِّخاراً: اخْتَارَهُ، وَقِيلَ: اتَّخَذَهُ، وَكَذَلِكَ اذَّخَرْتُه، وَهُوَ افْتَعَلَتْ. وَفِي حَدِيثِ الضحية:
كُلُوا وادَّخِرُوا
؛ وأَصله اذْتَخَرَهُ فَثَقُلَتِ التَّاءُ الَّتِي لِلِافْتِعَالِ مَعَ الذَّالِ فَقُلِبَتْ ذَالًا وأُدغمت فِيهَا الذَّالُ الأَصلية فَصَارَتْ ذَالًا مُشَدَّدَةً، وَمَثْلُهُ الاذِّكارُ مِنَ الذِّكْرِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ
؛ أَصله تَذْتَخِرُون لأَن الذَّالَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ لَا يُمَكِّنُ النفَس أَن يَجْرِيَ مَعَهُ لِشِدَّةِ اعْتِمَادِهِ فِي مَكَانِهِ وَالتَّاءُ مَهْمُوسَةٌ، فأُبدل مِنْ مَخْرَجِ التَّاءِ حَرْفٌ مَجْهُورٌ يُشْبِهُ الذَّالَ فِي جَهْرِهَا وَهُوَ الدَّالُ فَصَارَ تَدَّخِرُون، وأَصل الإِدغام أَن تُدْغِمَ الأَول فِي الثَّانِي. قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ تَذَّخِرُون، بِذَالٍ مُشَدَّدَةٍ، وَهُوَ جَائِزٌ والأَول أَكثر. والذَّخِيرَةُ: وَاحِدَةُ الذَّخائِر، وَهِيَ مَا ادُّخِرَ؛ قَالَ:
لَعَمْرُكَ مَا مالُ الفَتَى بِذَخِيرَةٍ، ... ولكنَّ إِخْوانَ الصَّفَاء الذَّخائِرُ
وَكَذَلِكَ الذُّخْرُ، وَالْجَمْعُ أَذْخارٌ. وذَخَرَ لِنَفْسِهِ حَدِيثًا حَسَناً: أَبقاه، وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَصحاب الْمَائِدَةِ: أُمِرُوا أَن لَا يَدَّخِرُوا فادَّخَرُوا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُنْطَقُ بِهَا، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وأَصل الادِّخارِ اذْتِخارٌ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الذَّخْرِ. وَيُقَالُ: اذْتَخَرَ يَذْتَخِرُ فَهُوَ مُذْتَخِرٌ، فَلَمَّا أَرادوا أَن يُدْغِمُوا لِيَخِفَّ النُّطْقُ قَلَبُوا التَّاءَ إِلى مَا يُقَارِبُهَا مِنَ الْحُرُوفِ، وَهُوَ الدَّالُ الْمُهْمَلَةُ، لأَنهما مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ فَصَارَتِ اللَّفْظَةُ مُذْدَخِرٌ بِذَالٍ وَدَالٍ، وَلَهُمْ فِيهِ حينئذٍ مَذْهَبَانِ: أَحدهما، وَهُوَ الأَكثر، أَن تُقْلَبَ الذَّالُ الْمُعْجَمَةُ دَالًا مُشَدَّدَةً، وَالثَّانِي، وَهُوَ الأَقل، أَن تُقْلَبَ الدَّالُ الْمُهْمَلَةُ ذَالًا وَتُدْغَمَ فِيهَا فَتَصِيرَ ذَالًا مُشَدَّدَةً مُعْجَمَةً، وَهَذَا الْعَمَلُ مُطَّرِدٌ فِي أَمثاله نَحْوَ ادَّكَرَ واذَّكَرَ، واتَّغَرَ واثَّغَرَ. والمَذْخَرُ: العَفِجُ.(4/302)
والإِذْخِرُ: حَشِيشٌ طَيِّبُ الرِّيحِ أَطول مِنَ الثِّيْلِ يَنْبُتُ عَلَى نِبتة الكَوْلانِ، وَاحِدَتُهَا إِذْخِرَةٌ، وَهِيَ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الإِذْخِرُ لَهُ أَصل مُنْدَفِنٌ دِقاقٌ دَفِرُ الرِّيحِ، وَهُوَ مِثْلُ أَسَلِ الكُولانِ إِلا أَنه أَعرض وأَصغر كُعُوباً، وَلَهُ ثَمَرَةٌ كأَنها مَكَاسِحُ القَصَبِ إِلا أَنها أَرق وأَصغر، وَهُوَ يُشْبِهُ فِي نَبَاتِهِ الغَرَزَ، يُطْحَنُ فَيُدْخَلُ فِي الطِّيبِ، وَهِيَ تَنْبُتُ فِي الحُزُونِ والسُّهُول وَقَلَّمَا تَنْبُتُ الإِذْخِرَةُ مُنْفَرِدَةً؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبو كَبير:
وأَخُو الإِباءَةِ، إِذ رَأَى خُلَّانَهُ، ... تَلَّى شِفَاعاً حَوْلَهُ كالإِذْخِرِ
قَالَ: وإِذا جَفَّ الإِذْخِرُ ابيَضَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ وذَكَرَ جَدْباً:
إِذا تَلَعَاتُ بَطْنِ الحَشْرَجِ امْسَتْ ... جَدِيباتِ المَسَارِح والمَراحِ،
تَهادَى الرِّيحُ إِذْخِرَهُنَّ شُهْباً، ... ونُودِيَ فِي المجالِس بالقِدَاحِ
احْتَاجَ إِلى وَصْلِ هَمْزَةِ أَمست فَوَصَلَهَا. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ وَتَحْرِيمِ مَكَّةَ:
فَقَالَ العباسُ إِلَّا الإِذْخِرَ فإِنه لِبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا
؛ الإِذخر، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: حَشِيشَةٌ طَيِّبَةُ الرَّائِحَةِ يُسْقَفُ بِهَا الْبُيُوتُ فَوْقَ الْخَشَبِ، وَهَمْزَتُهَا زَائِدَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ مَكَّةَ:
وأَعْذَقَ إِذْخِرُها
أَي صَارَ لَهُ أَعْذَاقٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
ذكْرُ تَمْرِ ذَخِيرَةَ
؛ هُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي:
فَلَمَّا سَقَيْناها العَكِيسَ تَمَذَّحَتْ ... مَذاخِرُها، وازْدَادَ رَشْحاً وَرِيدُها
يَعْنِي أَجوافها وأَمعاءها، وَيُرْوَى خَوَاصِرُهَا. الأَصمعي: الْمَذَاخِرُ أَسفل الْبَطْنِ. يُقَالُ: فُلَانٌ مَلأَ مَذاخِرَهُ إِذا ملأَ أَسافل بَطْنِهِ. وَيُقَالُ لِلدَّابَّةِ إِذا شَبِعَتْ: قَدْ مَلأَتْ مَذَاخِرَها؛ قَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى إِذا قَتَلَتْ أَدْنَى الغَلِيلِ، وَلَمْ ... تَمْلَأْ مَذَاخِرَها لِلرِّيِّ والصَّدَرِ
أَبو عَمْرٍو: الذَّاخِرُ السَّمِينُ. أَبو عُبَيْدَةَ: فرسٌ مُذَّخَرٌ وَهُوَ المُبَقَّى لحُضْرِهِ. قال: وَمِنَ المُذَّخَر المِسْوَاطُ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْطِي مَا عِنْدَهُ إِلا بالسَّوْطِ، والأُنثى مُذَّخَرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى إِذا كُنَّا بِثَنِيَّةِ أَذَاخِرَ
؛ هِيَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وكأَنها مُسَمَّاةٌ بِجَمْعِ الإِذْخِرِ.
ذرر: ذَرَّ الشيءَ يَذُرُّه: أَخذه بأَطراف أَصابعه ثُمَّ نَثَرَهُ عَلَى الشَّيْءِ. وذَرَّ الشيءَ يَذُرُّهُ إِذا بَدَّدَهُ. وذُرَّ إِذا بُدِّدَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: ذُرّي أَحِرَّ لَكِ
أَي ذُرِّي الدَّقِيقَ فِي القِدْرِ لأَعمل لَكِ حَرِيرَةً. والذَّرُّ: مَصْدَرُ ذَرَرْتُ، وَهُوَ أَخذك الشَّيْءَ بأَطراف أَصابعك تَذُرُّهُ ذَرَّ الْمِلْحَ الْمَسْحُوقِ عَلَى الطَّعَامِ. وذَرَرْتُ الحَبَّ وَالْمِلْحَ وَالدَّوَاءَ أَذُرُّه ذَرّاً: فرَّقته؛ وَمِنْهُ الذَّرِيرَةُ والذَّرُورُ، بِالْفَتْحِ، لُغَةٌ فِي الذَّرِيرَة، وَتُجْمَعُ عَلَى أَذِرَّةٍ؛ وَقَدِ اسْتَعَارَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ للعَرَضِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْجَوْهَرِ فَقَالَ:
شَقَقْتِ القَلْبَ ثُمَّ ذَرَرْتِ ... فِيهِ هَوَاكِ، فَلِيمَ فالْتَأَمَ الفُطُورُ
لِيمَ هُنَا إِما أَن يَكُونَ مُغَيَّرًا مِنْ لُئِمَ، وإِما أَن يَكُونَ فُعِلَ مِنَ اللَّوْمِ لأَن الْقَلْبَ إِذا نُهِيَ كَانَ حَقِيقًا أَن يَنْتَهِيَ. والذَّرُورُ: مَا ذَرَرْتَ. والذُّرَارَةُ: مَا تَنَاثَرَ مِنَ الشَّيْءِ المذْرُورِ. والذَّرِيرَةُ: مَا انْتُحِتَ مِنْ قصَبِ الطِّيبِ. والذَّرِيرَةُ: فُتَاتٌ مِنْ قَصَبِ الطِّيبِ الَّذِي يُجاءُ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْهِنْدِ يُشْبِهُ قصَبَ النُّشَّابِ.(4/303)
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لإِحرامه بذَرِيرَةٍ
؛ قَالَ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الطِّيبِ مَجْمُوعٌ مِنْ أَخلاط. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: يُنْثَرُ عَلَى قَمِيصِ الْمَيِّتِ الذَّرِيرَةُ
؛ قِيلَ: هِيَ فُتاتُ قَصَب مَّا كَانَ لنُشَّابٍ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ أَبي مُوسَى. والذَّرُورُ، بِالْفَتْحِ: مَا يُذَرُّ فِي الْعَيْنِ وَعَلَى القَرْحِ مِنْ دَوَاءٍ يَابِسٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَكْتَحِلُ المُحِدُّ بالذَّرُورِ
؛ يُقَالُ: ذَرَرْتُ عينَه إِذا داويتها بِهِ. وذَرَّ عَيْنَهُ بالذَّرُورِ يَذُرُّها ذَرّاً: كَحَلَها. والذَّرُّ: صِغارُ النَّمل، وَاحِدَتُهُ ذَرَّةٌ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: إِن مِائَةً مِنْهَا وَزْنُ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ فكأَنها جُزْءٌ مِنْ مِائَةٍ، وَقِيلَ: الذَّرَّةُ لَيْسَ لَهَا وَزْنٌ، وَيُرَادُ بِهَا مَا يُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ الداخلِ فِي النَّافِذَةِ؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ ذَرّاً وَكُنِّيَ بأَبي ذَرٍّ. وَفِي حَدِيثِ
جُبير بْنِ مُطْعِم: رأَيت يَوْمَ حُنَيْنٍ شَيْئًا أَسود يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فَوَقَعَ إِلى الأَرض فَدَبَّ مِثْلَ الذَّرِّ وَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ
؛ الذَّرُّ: النَّمْلُ الأَحمر الصَّغِيرُ، وَاحِدَتُهَا ذَرَّةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ قَتْلِ النَّحْلَةِ وَالنَّمْلَةِ والصُّرَدِ والهُدْهُدِ
؛ قَالَ إِبراهيم الحَرْبِيُّ: إِنما نَهَى عَنْ قَتْلِهِنَّ لأَنهن لَا يُؤْذِينَ النَّاسَ، وَهِيَ أَقل الطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ ضَرَرًا عَلَى النَّاسِ مِمَّا يتأَذى النَّاسُ بِهِ مِنَ الطُّيُورِ كَالْغُرَابِ وَغَيْرِهِ؛ قِيلَ لَهُ: فَالنَّمْلَةُ إِذا عَضَّتْ تَقْتُلُ؛ قَالَ: النَّمْلَةُ لَا تَعَضُّ إِنما يَعَضُّ الذَّرُّ؛ قِيلَ لَهُ: إِذا عَضَّت الذَّرَّةُ تَقْتُلُ؛ قَالَ: إِذا آذَتْكَ فَاقْتُلْهَا. قَالَ: وَالنَّمْلَةُ هِيَ الَّتِي لَهَا قَوَائِمُ تَكُونُ فِي الْبَرَارِي والخَرِبات، وَهَذِهِ الَّتِي يتأَذَّى النَّاسُ بِهَا هِيَ الذَّرُّ. وذَرَّ اللَّهُ الخلقَ فِي الأَرض: نَشَرَهُم والذُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّةٌ مِنْهُ، وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى الذَّرِّ الَّذِي هُوَ النَّمْلُ الصِّغَارُ، وَكَانَ قِيَاسُهُ ذَرِّيَّةٌ، بِفَتْحِ الذَّالِ، لَكِنَّهُ نَسَبٌ شَاذٌّ لَمْ يَجِئْ إِلَّا مَضْمُومَ الأَول. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظهورهم ذُرِّيَّاتِهم؛ وذُرِّيَّةُ الرَّجُلِ: وَلَدُهُ، وَالْجَمْعُ الذَّرَارِي والذُّرِّيَّاتُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ
؛ قَالَ: أَجمع الْقُرَّاءُ عَلَى تَرْكِ الْهَمْزِ فِي الذُّرِّيَّةِ، وَقَالَ يُونُسُ: أَهل مَكَّةَ يُخَالِفُونَ غَيْرَهُمْ مِنَ الْعَرَبِ فَيَهْمِزُونُ النبيَّ والبَرِيَّةَ والذُّرِّية مِنْ ذَرَأَ اللَّهُ الخلقَ أَي خَلَقَهُمْ. وَقَالَ أَبو إِسحاق النَّحْوِيُّ: الذُّرِّيَّةُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، قَالَ: وَمَعْنَى قوله: وإِذ أَخذ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتهم؛ أَن اللَّهَ أَخرج الْخَلْقَ مِنْ صُلْبِ آدَمَ كالذَّرِّ حِينَ أَشهدهم عَلَى أَنفسهم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا: بَلى، شَهِدُوا بِذَلِكَ؛ وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: أَصلها ذُرُّورَةٌ، هِيَ فُعْلُولَةٌ، وَلَكِنَّ التَّضْعِيفَ لَمَّا كَثُرَ أُبدل مِنَ الرَّاءِ الأَخيرة يَاءٌ فَصَارَتْ ذُرُّويَة، ثُمَّ أُدغمت الْوَاوُ فِي الْيَاءِ فَصَارَتْ ذُرِّيَّة، قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنه فُعْلِيَّة أَقيس وأَجود عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: ذُرِّيَّة فُعْلِيَّة، كَمَا قَالُوا سُرِّيَّةٌ، والأَصل مِنَ السِّر وَهُوَ النِّكَاحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى امرأَة مَقْتُولَةً فَقَالَ: مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقاتِلُ، الحَقْ خَالِدًا فَقُلْ لَهُ: لَا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفاً
؛ الذَّرِّيَّةُ: اسْمٌ يَجْمَعُ نَسْلَ الإِنسان مِنْ ذَكَرٍ وأُنثى، وأَصلها الْهَمْزُ لَكِنَّهُمْ حَذَفُوهُ فَلَمْ يَسْتَعْمِلُوهَا إِلا غَيْرَ مَهْمُوزَةٍ، وَقِيلَ: أَصلها مِنَ الذَّرِّ بِمَعْنَى التَّفْرِيقِ لأَن اللَّهَ تَعَالَى ذَرَّهُمْ فِي الأَرض، وَالْمُرَادُ بِهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ النِّسَاءُ لأَجل المرأَة الْمَقْتُولَةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: حُجُّوا بالذُّرِّية لا تأْكلوا أَرزاقها وتَذَرُوا أَرْباقَها فِي أَعْناقِها
أَي حُجُّوا بِالنِّسَاءِ؛ وَضَرَبَ الأَرْباقَ، وَهِيَ الْقَلَائِدُ، مَثَلًا لِمَا قُلِّدَتْ أَعناقُها مِنْ وُجُوبِ الْحَجِّ، وَقِيلَ: كَنَّى بِهَا عَنِ الأَوْزارِ.(4/304)
وذَرِّيُّ السَّيْفِ: فِرِنْدُه وَمَاؤُهُ يُشَبَّهانِ فِي الصَّفَاءِ بِمَدَبِّ النَّمْلِ والذَّرِّ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبْرَةَ:
كل يَنُوءُ بماضِي الحَدِّ ذِي شُطَبٍ، ... جَلَّى الصَّياقِلُ عَنْ ذَرِّيِّه الطَّبَعَا
وَيُرْوَى:
جَلا الصَّياقِلُ عَنْ ذَرِّيِّهِ الطَّبَعَا
يَعْنِي عَنْ فِرِنْده؛ وَيُرْوَى: عَنْ دُرِّيِّهِ الطَّبَعَا يَعْنِي تَلَأْلُؤُهُ؛ وَكَذَلِكَ يُرْوَى بَيْتُ دُرَيْدٍ عَلَى وَجْهَيْنِ:
وتُخْرِجُ مِنْهُ ضَرَّةُ اليومِ مَصْدَقاً، ... وطولُ السُّرَى ذَرّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
إِنما عَنَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْفِرِنْدِ. وَيُرْوَى: دُرِّيَّ عَضْبٍ أَي تلأَلؤه وإِشراقه كأَنه مَنْسُوبٌ إِلى الدُّرِّ أَو إِلى الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ. قَالَ الأَزهري: مَعْنَى الْبَيْتِ يَقُولُ إِن أَضَرَّ بِهِ شِدَّة الْيَوْمَ أَخرج مِنْهُ مَصْدَقاً وَصَبْرًا وَتَهَلَّلَ وَجْهُهُ كأَنه ذَرِّيُّ سَيْفٍ. وَيُقَالُ: مَا أَبْيَنَ ذَرِّيَّ سَيْفِهِ؛ نُسِبَ إِلى الذَّرِّ. وذَرَّتِ الشمسُ تَذُرُّ ذُرُوراً، بِالضَّمِّ: طَلَعَتْ وَظَهَرَتْ، وَقِيلَ: هُوَ أَوّل طُلُوعِهَا وَشُرُوقِهَا أَوَّلَ ما يسقط ضَوْؤُها عَلَى الأَرض وَالشَّجَرِ، وَكَذَلِكَ الْبَقْلُ وَالنَّبْتُ. وذَرَّ يَذُرُّ إِذا تَخَدَّدَ؛ وذَرَّتِ الأَرضُ النبتَ ذَرّاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ السَّاجِعِ فِي مَطَرٍ: وثَرْد يَذُرُّ بَقْلُه، وَلَا يُقَرِّحُ أَصلُه؛ يَعْنِي بالثَّرْدِ المطرَ الضعيفَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَصابنا مَطَرٌ ذَرَّ بَقْلُه يَذُرُّ إِذا طَلَعَ وَظَهَرَ؛ وَذَلِكَ أَنه يَذُرُّ مِنْ أَدنى مَطَرٍ وإِنما يَذُرُّ البقلُ مِنْ مَطَرٍ قَدْرِ وَضَحِ الكَفِّ وَلَا يُقَرِّحُ البقلُ إِلَّا مِنْ قَدْرِ الذِّرَاعِ. أَبو زَيْدٍ: ذَرَّ البقلُ إِذا طَلَعَ مِنَ الأَرض. وَيُقَالُ: ذَرَّ الرجلُ يَذُرُّ إِذا شابَ مُقَدَّمُ رَأْسه. والذِّرَارُ: الغَضَبُ والإِنكارُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَنشد لِكُثَيْرٍ:
وَفِيهَا، عَلَى أَنَّ الفُؤَادَ يُحِبُّها، ... صُدُودٌ، إِذا لاقَيْتُها، وذِرَارُ
الْفَرَّاءُ: ذَارَّت الناقةُ تَذَارُّ مُذَارَّةً وذِرَاراً أَي ساءَ خُلُقُها، وَهِيَ مُذَارٌّ، وَهِيَ فِي مَعْنَى العَلُوق والمُذَائِرِ؛ قَالَ وَمِنْهُ قَوْلُ الْحُطَيْئَةِ:
وكنتُ كَذاتِ البَعْلِ ذَارَت بأَنْفِها، ... فَمِنْ ذاكَ تَبْغي غَيْرَه وتُهاجِرُهْ
إِلَّا أَنه خَفَّفَهُ لِلضَّرُورَةِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: فِي فُلَانٍ ذِرارٌ أَي إِعراضٌ غَضَبًا كَذِرَارِ النَّاقَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: بَيْتُ الْحُطَيْئَةِ شَاهِدٌ عَلَى ذَارَت الناقةُ بأَنفها إِذا عَطَفَتْ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا، وأَصله ذَارَّتْ فَخَفَّفَهُ، وَهُوَ ذَارَتْ بأَنفها، وَالْبَيْتُ:
وكنتُ كذاتِ البَوِّ ذَارَتْ بأَنفِها، ... فَمِنْ ذاكَ تَبْغي بُعْدَه وتُهاجِرُهْ
قَالَ ذَلِكَ يَهْجُو بِهِ الزِّبْرِقانَ وَيَمْدَحُ آلَ شَمَّاسِ بْنِ لَايٍ؛ أَلا تُرَاهُ يَقُولُ بَعْدَ هَذَا:
فَدَعْ عَنْكَ شَمَّاسَ بْنَ لأَي فإِنهم ... مَوالِيكَ، أَوْ كاثِرْ بِهِمْ مَنْ تُكاثِرُهْ
وَقَدْ قِيلَ فِي ذَارَتْ غيرُ مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَهُوَ أَن يَكُونَ أَصله ذَاءَرَتْ، وَمِنْهُ قِيلَ لِهَذِهِ المرأَة مُذَائِرٌ، وَهِيَ الَّتِي تَرْأَمُ بأَنفها وَلَا يَصْدُقُ حُبُّها فَهِيَ تَنِفرُ عَنْهُ. والبَوُّ: جِلْدُ الحُوَارِ يُحْشَى ثُماماً ويُقامُ حَوْلَ الناقةِ لِتَدِرَّ عليه. وذَرٌّ: اسم. والذَّرْذَرَةُ: تَفْرِيقُكَ الشَّيْءَ وتَبْدِيدُكَ إِياه. وذَرْذَارٌ: لَقَبُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ.(4/305)
ذعر: الذُّعْرُ، بِالضَّمِّ: الخَوْفُ والفَزَعُ، وَهُوَ الِاسْمُ. ذَعَرَهُ يَذْعَرُهُ ذَعْراً فانْذعَرَ، وَهُوَ مُنْذَعِرٌ، وأَذْعَرَه، كِلَاهُمَا: أَفزعه وَصَيَّرَهُ إِلى الذُّعْرِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ومِثْل الَّذِي لاقيتَ، إِن كُنْتَ صَادِقًا، ... مِنَ الشَّرِّ يَوْمًا مِنْ خَلِيلِكَ أَذْعَرَا
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
غَيْرَان شَمَّصَهُ الوُشاةُ فأَذْعَرُوا ... وَحْشاً عليكَ، وَجَدْتَهُنَّ سُكُونَا
وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ قَالَ لَهُ لَيْلَةَ الأَحزاب: قُمْ فأْتِ الْقَوْمَ وَلَا تَذْعَرْهُم عَلَيَّ
يَعْنِي قُرَيْشًا، أَي لَا تُفْزِعْهُمْ؛ يُرِيدُ لَا تُعْلِمْهُمْ بِنَفْسِكَ وامْشِ فِي خُفْيَةٍ لئلَّا يَنْفِروا مِنْكَ ويُقْبِلُوا عَلَيَّ. وَفِي حَدِيثِ
نَابِلٍ مَوْلَى عُثْمَانَ: وَنَحْنُ نَتَرامَى بالحَنْظَل فَمَا يَزِيدُنا عُمَرُ عَلَى أَن يقولَ: كَذَاكَ لَا تَذْعَرُوا إِبلَنَا عَلَيْنَا
أَي لَا تُنَفِّرُوا إِبلنا عَلَيْنَا؛ وَقَوْلُهُ: كَذَاكَ أَي حَسْبُكُمْ «2» . وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَزَالُ الشيطانُ ذَاعِراً مِنَ الْمُؤْمِنِ
؛ أَي ذَا ذُعْرٍ وخَوْفٍ أَو هُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَي مَذْعُور. وَرَجُلٌ ذَعُور: مُنْذَعِرٌ. وامرأَة ذَعُورٌ: تُذْعَرُ مِنَ الرّيبَةِ وَالْكَلَامِ الْقَبِيحِ؛ قَالَ:
تَنُولُ بمَعْرُوفِ الحَديثِ، وإِن تُرِدْ ... سِوَى ذَاكَ، تُذْعَرْ منكَ وهْيَ ذَعُورُ
وذُعِرَ فلانٌ ذَعْراً، فَهُوَ مَذْعُورٌ، أَي أُخِيفَ. والذَّعَرُ: الدَّهَشُ مِنَ الْحَيَاءِ. والذَّعْرَةُ: الفَزْعَةُ. والذَّعْرَاءُ والذُّعْرَةُ: الفِنْدَوْرَةُ، وَقِيلَ: الذُّعْرَةُ أُمُّ سُوَيْدٍ. وأَمْرٌ ذُعَرٌ: مَخُوفٌ، عَلَى النَّسَبِ. والذُّعَرَةُ: طُوَيِّرَةٌ تَكُونُ فِي الشَّجَرِ تَهُزُّ ذَنَبَها لَا تَرَاهَا أَبداً إِلَّا مَذْعُورَةً. وَنَاقَةٌ ذَعُورٌ إِذا مُسَّ ضَرْعُها غَارَتْ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلنَّاقَةِ الْمَجْنُونَةِ: مَذْعُورَةٌ. ونُوقٌ مُذَعَّرَةٌ: بِهَا جُنُونٌ. والذُّعْرَةُ: الاسْتُ. وذُو الإِذْعارِ: لَقَبُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ لأَنه زَعَمُوا حَمَلَ النَّسْناسَ إِلى بِلَادِ الْيَمَنِ فَذُعِرَ الناسُ مِنْهُ، وَقِيلَ: ذُو الإِذْعارِ جَدُّ تُبَّعٍ كَانَ سَبَى سَبْياً مِنَ التُّرْكِ فَذُعِرَ الناسُ مِنْهُمْ. وَرَجُلٌ ذَاعِرٌ وذُعَرَةٌ وذُعْرَةٌ: ذُو عُيُوب؛ قَالَ:
نَواجِحاً لَمْ تَخْشَ ذُعْرَاتِ الذُّعَرْ
هَكَذَا رَوَاهُ كُرَاعٌ بِالْعَيْنِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَذَكَرَهُ فِي بَابِ الذُّعْرِ. قَالَ: وأَما الدَّاعِرُ فَالْخَبِيثُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَحَكَيْنَاهُ هُنَالِكَ مَا رَوَاهُ كُرَاعٌ من الذال المعجمة.
ذغمر: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي: الذَّغْمَرِيُّ السَّيءُ الخُلُقِ، وَكَذَلِكَ الذُّغْمُورُ، بِالذَّالِ، الحَقُودُ الَّذِي لَا يَنْحَلُّ حقده.
ذفر: الذَّفَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، والذَّفَرَةُ جَمِيعًا: شِدَّةُ ذَكاء الرِّيحِ مَنْ طِيب أَو نَتْن، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِمَا رَائِحَةَ الإِبطين الْمُنْتِنَيْنِ؛ وَقَدْ ذَفِرَ، بِالْكَسْرِ، يَذْفَرُ، فَهُوَ ذَفِرٌ وأَذْفَرُ، والأُنثى ذَفِرَةٌ وذَفْرَاءُ، وَرَوْضَةٌ ذَفِرَةٌ ومِسْكٌ أَذْفَرُ: بَيِّنُ الذَّفَرِ، وذَفِرٌ أَي ذَكِيُّ الرِّيحِ، وَهُوَ أَجوده وأَقْرَتُهُ. وَفِي صِفَةِ الْحَوْضِ: وطِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ أَي طَيِّبُ الرِّيحِ. وَالذَّفَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: يَقَعُ عَلَى الطَّيِّبِ والكَرِيه وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمَا يُضَافُ إِليه وَيُوصَفُ بِهِ؛ وَمِنْهُ صِفَةُ الْجَنَّةِ وَتُرَابُهَا: مِسْكٌ أَذفر.
__________
(2) . قوله: [كذاك أَي حسبكم] كذا في الأصل والنهاية(4/306)
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الذَّفَرُ النَّتْنُ، وَلَا يُقَالُ فِي شَيْءٍ مِنَ الطِّيبِ ذَفِرٌ إِلَّا فِي الْمِسْكِ وَحْدَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ ذَكَرْنَا أَن الدَّفَر، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فِي النَّتْنِ خَاصَّةً. والذَّفَرُ: الصُّنَانُ وخُبْثُ الرِّيحِ، رَجُلٌ ذَفِرٌ وأَذْفَرُ وامرأَة ذَفِرَة وذَفْراءُ أَي لَهُمَا صُنان وخُبْثُ رِيحٍ. وكَتِيبَة ذَفْرَاءُ أَي أَنها سَهِكَةٌ مِنَ الْحَدِيدِ وصَدَئِهِ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ كَتِيبَةً ذَاتِ دُرُوع سَهِكَتْ مِنْ صَدَإِ الْحَدِيدِ:
فَخْمَةٌ ذَفْرَاءُ، تُرْتَى بالعُرَى ... قُرْدُمانِيًّا وتَرْكاً كالبَصَلْ
عَدَّى تُرْتَى إِلى مَفْعُولَيْنِ لأَن فِيهِ مَعْنَى تُكْسَى، وَيُرْوَى دَفْرَاءُ؛ وَقَالَ آخَرُ:
ومُؤَوْلَقٍ أَنْضَجْتُ كَيَّةَ رَأْسِهِ، ... فَتَرَكْتُه ذَفِراً كَرِيحِ الجَوْرَبِ
وَقَالَ الرَّاعِي وَذَكَرَ إِبلًا رَعَتِ العُشْبَ وزَهْرَهُ، ووَرَدَتْ فَصَدَرَتْ عَنِ الْمَاءِ، فَكُلَّمَا صَدَرَتْ عَنِ الْمَاءِ نَدِيَتْ جُلُودها وَفَاحَتْ مِنْهَا رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَيُقَالُ لِذَلِكَ فأْرَةُ الإِبِلِ، فَقَالَ الرَّاعِي:
لَهَا فأْرَةٌ ذَفْرَاءُ كلَّ عَشِيَّةٍ، ... كَمَا فَتَقَ الكافُورَ بالمِسْكِ فاتِقُهْ
وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
بِهَجْلٍ مِنْ قَسَا ذَفِرِ الخُزَامى، ... تَدَاعَى الجِرْبِيَاءُ بِهِ حَنِينَا
أَي ذَكِيُّ رِيحِ الْخُزَامَى: طِيبُهَا. والذِّفْرَى مِنَ النَّاسِ وَمِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ: مِنْ لَدُنِ المَقَذِّ إِلى نِصْفِ القَذَالِ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظْمُ الشَّاخِصُ خَلْفَ الأُذن، بَعْضُهُمْ يُؤَنِّثُهَا وَبَعْضُهُمْ يُنَوِّنُهَا إِشعاراً بالإِلحاق، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهِيَ أَقلهما. اللَّيْثُ: الذِّفْرَى مِنَ الْقَفَا هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَعْرَقُ مِنَ الْبَعِيرِ خَلْفَ الأُذن، وَهُمَا ذِفْرَيانِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ هَذِهِ ذِفْرَى أَسيلة؛ لَا تُنَوَّنُ لأَن أَلفها للتأْنيث، وَهِيَ مأْخوذة مِنْ ذَفَرِ العَرَقِ لأَنها أَوّل مَا تَعْرَقُ مِنَ الْبَعِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَمَسَحَ رأْس الْبَعِيرِ وذِفْرَاهُ
؛ ذِفْرَى الْبَعِيرِ: أَصلُ أُذنه، والذِّفْرَى مُؤَنَّثَةٌ وأَلفها للتأْنيث أَو للإِلحاق، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ هَذِهِ ذِفْرًى فَيَصْرِفُهَا كأَنهم يَجْعَلُونَ الأَلف فِيهَا أَصلية، وَكَذَلِكَ يَجْمَعُونَهَا عَلَى الذَّفَارَى، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُمَا ذِفْرَيانِ؛ والمَقَذَّان وَهَمَا أُصول الأُذنين وأَول مَا يَعْرَقُ مِنَ الْبَعِيرِ. وَقَالَ شَمِرٌ: الذِّفْرَى عَظْمٌ فِي أَعلى الْعُنُقِ مِنَ الإِنسان عَنْ يَمِينِ النُّقْرَةِ وَشِمَالِهَا، وَقِيلَ: الذِّفْرَيانِ الحَيْدَانِ اللَّذَانِ عَنْ يَمِينِ النُّقْرَةِ وَشِمَالِهَا. والذِّفِرُّ مِنَ الإِبل: الْعَظِيمُ الذِّفْرَى، والأُنثى ذِفِرَّةٌ، وَقِيلَ: الذِّفِرَّةُ النَّجِيبَةُ الْغَلِيظَةُ الرَّقَبَةِ. أَبو عَمْرٍو: الذِّفِرُّ الْعَظِيمُ مِنَ الإِبل. أَبو زَيْدٍ: بَعِيرٌ ذِفِرٌّ، بِالْكَسْرِ مُشَدَّدَ الرَّاءِ، أَي عَظِيمَ الذِّفْرَى، وَنَاقَةٌ ذِفِرَّةٌ وَحِمَارٌ ذِفِرٌّ وذِفَرٌّ: صَلْبٌ شَدِيدٌ، وَالْكَسْرُ أَعلى. والذِّفِرُّ أَيضاً: الْعَظِيمُ الخَلْقِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الذِّفِرُّ الشَّابُّ الطَّوِيلُ التامُّ الجَلْدُ. واسْتَذْفَرَ بالأَمر: اشْتَدَّ عَزْمُهُ عَلَيْهِ وصَلُبَ لَهُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقَاع:
واسْتَذْفَرُوا بِنَوًى حَذَّاءَ تَقْذِفُهُمْ ... إِلى أَقاصي نَواهُمْ، ساعَةَ انْطَلَقُوا
وذَفِرَ النَّبْتُ: كَثُرَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وأَنشد:
فِي وارِسٍ مِنَ النَّجِيلِ قَدْ ذَفِرْ
وَقِيلَ لأَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ: الذِّفْرَى مِنَ الذَّفَرِ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ والمِعْزَى مِنَ المَعَز؟ فَقَالَ: نَعَمْ؛ بَعْضُهُمْ يُنَوِّنُهُ فِي النَّكِرَةِ وَيَجْعَلُ أَلفه للإِلحاق بِدِرْهَمٍ وهِجْرَعٍ؛ وَالْجَمْعُ ذِفْرَياتٌ وذَفَارَى، بِفَتْحِ الرَّاءِ،(4/307)
وَهَذِهِ الأَلف فِي تَقْدِيرِ الِانْقِلَابِ عَنِ الْيَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ ذَفَارٍ مِثْلَ صحارٍ. والذَّفْرَاءُ: بَقْلَةٌ رِبْعِيَّةٌ دَشتِيَّةٌ تَبْقَى خَضْرَاءَ حَتَّى يُصِيبَهَا الْبَرْدُ، وَاحِدَتُهَا ذَفْراءَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ عُشْبَةٌ خَبِيثَةُ الرِّيحِ لَا يَكَادُ الْمَالُ يأْكلها، وَفِي الْمُحْكَمِ: لَا يَرْعَاهَا الْمَالُ؛ وَقِيلَ: هِيَ شَجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا عِطْرُ الأَمة، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ ضَرْبٌ مِنَ الحَمْضِ، وَقَالَ مَرَّةً: الذَّفْرَاءُ عُشْبَةٌ خَضْرَاءُ تَرْتَفِعُ مِقْدَارَ الشِّبْرِ مُدَوَّرَةُ الْوَرَقِ ذَاتُ أَغصان وَلَا زَهْرَةَ لَهَا وَرِيحُهَا رِيحُ الفُساءِ؛ تُبَخِّر الإِبل وَهِيَ عَلَيْهَا حراصٌ، وَلَا تُتَبَيَّنُ تِلْكَ الذَّفَرَةُ فِي اللَّبَنِ، وَهِيَ مُرَّةٌ، ومَنابتها الغَلْظُ؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا أَبو النَّجْمِ فِي الرِّيَاضِ فَقَالَ:
تَظَلُّ حِفْرَاهُ، مِنَ التَّهَدُّلِ، ... فِي رَوْضِ ذَفْرَاءَ ورُعْلٍ مُخْجِلِ
والذَّفِرَةُ: نبْتَةٌ تَنْبُتُ وَسْطَ العُشْب، وَهِيَ قَلِيلَةٌ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ تَنْبُتُ فِي الجَلَدِ عَلَى عِرْقٍ وَاحِدٍ، لَهَا ثَمَرَةٌ صَفْرَاءُ تُشَاكِلُ الجَعْدَةَ فِي رِيحِهَا. والذَّفْرَاءُ: نبْتَةٌ طَيِّبَةُ الرَّائِحَةِ. والذَّفْرَاءُ: نَبْتَةٌ مُنْتِنَةٌ. وَفِي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلى بَدْرٍ:
أَنه جَزَعَ الصَّفْرَاءَ ثُمَّ صَبَّ في ذَفِرَان
؛ هو بِكَسْرِ الْفَاءِ، وادٍ هُنَاكَ.
ذكر: الذِّكْرُ: الحِفْظُ لِلشَّيْءِ تَذْكُرُه. والذِّكْرُ أَيضاً: الشَّيْءُ يَجْرِي عَلَى اللِّسَانِ. والذِّكْرُ: جَرْيُ الشَّيْءِ عَلَى لِسَانِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَن الدِّكْرَ لُغَةٌ فِي الذِّكْرِ، ذَكَرَهُ يَذْكُرُه ذِكْراً وذُكْراً؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ*
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ ادْرُسُوا مَا فِيهِ. وتَذَكَّرَهُ واذَّكَرَهُ وادَّكَرَهُ واذْدَكَرَهُ، قَلَبُوا تَاءَ افْتَعَلَ فِي هَذَا مَعَ الذَّالِ بِغَيْرِ إِدغام؛ قَالَ:
تُنْحي عَلَى الشَّوكِ جُرَازاً مِقْضَبا، ... والهَمُّ تُذْرِيهِ اذْدِكاراً عَجَبَا «1»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَما اذَّكَرَ وادَّكَر فإِبدال إِدغام، وأَما الذِّكْرُ والدِّكْرُ لَمَّا رأَوها قَدِ انْقَلَبَتْ فِي اذَّكَرَ الَّذِي هُوَ الْفِعْلُ الْمَاضِي قَلَبُوهَا فِي الذِّكْرِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ ذِكْرَةٍ. واسْتَذْكَرَهُ: كاذَّكَرَه؛ حَكَى هَذِهِ الأَخيرة أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ فَقَالَ: أَرْتَمْتُ إِذا ربطتَ فِي إِصبعه خَيْطًا يَسْتَذْكِرُ بِهِ حاجَتَه. وأَذْكَرَه إِياه: ذَكَّرَهُ، وَالِاسْمُ الذِّكْرَى. الْفَرَّاءُ: يَكُونُ الذِّكْرَى بِمَعْنَى الذِّكْرِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى التَّذَكُّرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
. والذِّكْرُ والذِّكْرى، بِالْكَسْرِ: نَقِيضُ النِّسْيَانِ، وَكَذَلِكَ الذُّكْرَةُ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
أَنَّى أَلَمَّ بِكَ الخَيالُ يَطِيفُ، ... ومَطافُه لَكَ ذُكْرَةٌ وشُعُوفُ
يُقَالُ: طَافَ الخيالُ يَطِيفُ طَيْفاً ومَطَافاً وأَطافَ أَيضاً. والشُّعُوفُ: الولُوعُ بِالشَّيْءِ حَتَّى لَا يُعْدَلَ عَنْهُ. وَتَقُولُ: ذَكَّرْتُه ذِكْرَى؛ غَيْرَ مُجْرَاةٍ. وَيُقَالُ: اجْعَلْه مِنْكَ عَلَى ذُكْرٍ وذِكْرٍ بِمَعْنًى. وَمَا زَالَ ذَلِكَ مِنِّي عَلَى ذِكْرٍ وذُكْرٍ، وَالضَّمُّ أَعلى، أَي تَذَكُّرٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الذِّكْرُ مَا ذَكَرْتَهُ بِلِسَانِكَ وأَظهرته. والذُّكْرُ بِالْقَلْبِ. يُقَالُ: مَا زَالَ مِنِّي عَلَى ذُكْرٍ أَي لَمْ أَنْسَه. واسْتَذْكَرَ الرجلَ: رَبَطَ فِي أُصبعه خَيْطًا ليَذْكُرَ بِهِ حَاجَتَهُ. والتَّذكِرَةُ:
__________
(1) . قوله: [والهم تذريه الخ] كذا بالأصل والذي في شرح الأشموني:
[والهرم وتذريه اذدراء عجبا]
أَتى بِهِ شَاهِدًا عَلَى جواز الإِظهار بعد قلب تاء الافتعال دالًا بعد الذال. والهرم، بفتح الهاء فسكون الراء المهملة: نبت وشجر أَو البقلة الحمقاء كما في القاموس، والضمير في تذريه للناقة، واذدراء مفعول مطلق لتذريه موافق له في الاشتقاق، انظر الصبان(4/308)
مَا تُسْتَذْكَرُ بِهِ الْحَاجَةُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ فِي ذِكْرِ الأَنْواء: وأَما الجَبْهَةُ فَنَوْؤُها مَنْ أَذْكَرِ الأَنْواء وأَشهرها؛ فكأَن قَوْلَهُ مَنْ أَذْكَرِها إِنما هُوَ عَلَى ذَكُرَ وإِن لَمْ يُلْفَظْ بِهِ وَلَيْسَ عَلَى ذُكِرَ، لأَن أَلفاظ فِعْلِ التَّعَجُّبِ إِنما هِيَ مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ لَا مِنْ فِعْلِ الْمَفْعُولِ إِلَّا فِي أَشياء قَلِيلَةٍ. واسْتَذْكَرَ الشيءَ: دَرَسَهَ للذِّكْرِ. والاسْتِذْكارُ: الدِّرَاسَةُ لِلْحِفْظِ. والتَّذَكُّر: تَذَكُّرُ مَا أُنسيته. وذَكَرْتُ الشَّيْءَ بَعْدَ النِّسْيَانِ وذَكَرْتُه بِلِسَانِي وَبِقَلْبِي وتَذَكَّرْتُه وأَذْكَرْتُه غَيْرِي وذَكَّرْتُه بِمَعْنًى. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ
؛ أَي ذَكَرَ بَعْدَ نِسْيان، وأَصله اذْتَكَرَ فَأُدغم. وَالتَّذْكِيرُ: خِلَافُ التأْنيث، والذَّكَرُ خِلَافُ الأُنثى، وَالْجَمْعُ ذُكُورٌ وذُكُورَةٌ وذِكَارٌ وذِكَارَةٌ وذُكْرانٌ وذِكَرَةٌ. وَقَالَ كُرَاعٌ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعَلٌ يُكَسَّرُ عَلَى فُعُول وفُعْلان إِلَّا الذَّكَرُ. وامرأَة ذَكِرَةٌ ومُذَكَّرَةٌ ومُتَذَكِّرَةٌ: مُتَشَبِّهةٌ بالذُّكُورِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: إِياكم وكُلَّ ذَكِرَة مُذَكَّرَةٍ شَوْهاءَ فَوْهاءَ تُبْطِلُ الحَقَّ بالبُكاء، لَا تأْكل مِنْ قِلَّةٍ وَلَا تَعْتَذِرُ مِنْ عِلَّة، إِن أَقبلت أَعْصَفَتْ وإِن أَدْبَرَتْ أَغْبَرَتْ. وَنَاقَةٌ مُذَكَّرَةٌ: مُتَشَبِّهَةٌ بالجَمَلِ فِي الخَلْقِ والخُلُقِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مُذَكَّرَةٌ حَرْفٌ سِنَادٌ، يَشُلُّها ... وَظِيفٌ أَرَحُّ الخَطْوِ، ظَمْآنُ سَهْوَقُ
وَيَوْمٌ مُذَكَّرٌ: إِذا وُصِفَ بالشِّدّةِ وَالصُّعُوبَةِ وَكَثْرَةِ الْقَتْلِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فإِن كنتِ تَبْغِينَ الكِرامَ، فأَعْوِلِي ... أَبا حازِمٍ، فِي كُلِّ يومٍ مُذَكَّرِ
وَطَرِيقٌ مُذَكَّرٌ: مَخُوفٌ صَعْبٌ. وأَذْكَرَتِ المرأَةُ وغَيْرُها فَهِيَ مُذْكِرٌ: وَلَدَتْ ذَكَراً. وَفِي الدُّعَاءِ للحُبْلَى: أَذْكَرَتْ وأَيْسَرَتْ أَي وَلَدَتْ ذَكَراً ويُسِّرَ عَلَيْهَا. وامرأَة مُذْكِرٌ: وَلَدَتْ ذَكَراً، فإِذا كَانَ ذَلِكَ لَهَا عَادَةً فَهِيَ مِذْكارٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ أَيضاً مِذْكارٌ؛ قَالَ رؤْبة:
إِنَّ تَمِيماً كَانَ قَهْباً مِنْ عادْ، ... أَرْأَسَ مِذْكاراً، كثيرَ الأَوْلادْ
وَيُقَالُ: كَمِ الذِّكَرَةُ مَنْ وَلَدِك؟ أَي الذُّكُورُ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا غَلَبَ ماءُ الرَّجُلِ ماءَ المرأَة أَذْكَرَا
؛ أَي وَلَدَا ذَكَرًا، وَفِي رِوَايَةٍ:
إِذا سَبَقَ ماءُ الرَّجُلِ ماءَ المرأَة أَذْكَرَتْ بإِذن اللَّهِ
أَي وَلَدَتْهُ ذَكَرًا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: هَبِلَتِ الوَادِعِيَّ أُمُّهُ لَقَدْ أَذْكَرَتْ بِهِ
أَي جَاءَتْ بِهِ ذَكَرًا جَلْداً. وَفِي حَدِيثِ
طَارِقٍ مَوْلَى عُثْمَانَ: قَالَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ صُرِعَ: وَاللَّهِ مَا وَلَدَتِ النِّسَاءُ أَذْكَرَ مِنْكَ
؛ يَعْنِي شَهْماً مَاضِيًا فِي الأُمور. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
ابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ
؛ ذَكَرَ الذَّكَرَ تأْكيداً، وَقِيلَ: تَنْبِيهًا عَلَى نَقْصِ الذُّكُورِيَّةِ فِي الزَّكَاةِ مَعَ ارْتِفَاعِ السِّنِّ، وَقِيلَ: لأَن الِابْنَ يُطْلَقُ فِي بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى كَابْنِ آوَى وَابْنِ عُرْسٍ وَغَيْرِهِمَا، لَا يُقَالُ فِيهِ بِنْتُ آوَى وَلَا بِنْتُ عُرْسٍ فَرَفَعَ الإِشكال بِذِكْرِ الذَّكَرِ. وَفِي حَدِيثِ الْمِيرَاثِ:
لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ
؛ قِيلَ: قَالَهُ احْتِرَازًا مِنَ الْخُنْثَى، وَقِيلَ: تَنْبِيهًا عَلَى اخْتِصَاصِ الرِّجَالِ بِالتَّعْصِيبِ لِلذُّكُورِيَّةِ. وَرَجُلٌ ذَكَرٌ: إِذا كَانَ قَوِيًّا شُجَاعًا أَنِفاً أَبِيّاً. وَمَطَرٌ ذَكَرٌ: شديدٌ وابِلٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَرُبَّ ربيعٍ بالبَلالِيق قَدْ، رَعَتْ ... بِمُسْتَنِّ أَغْياثٍ بُعاق ذُكُورُها
وقَوْلٌ ذَكَرٌ: صُلْبٌ مَتِين. وَشَعَرٌ ذَكَرٌ:(4/309)
فَحْلٌ. وَدَاهِيَةٌ مُذْكِرٌ: لَا يَقُوُمُ لَهَا إِلَّا ذُكْرانُ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: دَاهِيَةٌ مُذْكِرٌ شَدِيدَةٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وداهِيَةٍ عَمْياءَ صَمَّاءَ مُذْكِرٍ، ... تَدِرُّ بِسَمٍّ مِنْ دَمٍ يَتَحَلَّبُ
وذُكُورُ الطِّيبِ: مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ نَحْوَ المِسْكِ وَالْغَالِيَةِ والذَّرِيرَة. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنه كَانَ يَتَطَيَّبُ بِذِكارَةِ الطِّيبِ
؛ الذِّكَارَةُ، بِالْكَسْرِ: مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْعُودِ، وَهِيَ جَمْعُ ذَكَرٍ، والذُّكُورَةُ مِثْلُهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانُوا يَكْرَهُونَ المُؤَنَّثَ مِنَ الطِّيبِ وَلَا يَرَوْنَ بِذُكْورَتِه بأْساً
؛ قَالَ: هُوَ مَا لَا لَوْنَ لَهُ يَنْفُضُ كالعُود وَالْكَافُورِ وَالْعَنْبَرِ، والمؤنَّث طِيبُ النِّسَاءِ كالخَلُوق وَالزَّعْفَرَانِ. وذُكورُ العُشْبِ: مَا غَلُظ وخَشُنَ. وأَرض مِذْكارٌ: تُنْبِتُ ذكورَ العُشْبِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا تَنْبُتُ، والأَوّل أَكثر؛ قَالَ كَعْبٌ:
وعَرَفْتُ أَنِّي مُصْبِحٌ بِمَضِيعةٍ ... غَبْراءَ، يَعْزِفُ جِنُّها، مِذكارِ
الأَصمعي: فَلَاةٌ مِذْكارٌ ذَاتُ أَهوال؛ وَقَالَ مَرَّةً: لَا يَسْلُكُهَا إِلّا الذَّكَرُ مِنَ الرِّجَالِ. وفَلاة مُذْكِرٌ: تُنْبِتُ ذُكُورَ الْبَقْلِ، وذُكُورُه: مَا خَشُنَ مِنْهُ وغَلُظَ، وأَحْرَارُ الْبُقُولِ: مَا رَقَّ مِنْهُ وَطَابَ. وذُكُورُ الْبَقْلِ: مَا غَلُظَ مِنْهُ وإِلى الْمَرَارَةِ هُوَ. والذِّكْرُ: الصيتُ وَالثَّنَاءُ. ابْنُ سِيدَهْ: الذِّكْرُ الصِّيتُ يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: إِن فُلَانًا لَرَجُلٌ لَوْ كَانَ لَهُ ذُكْرَةٌ أَي ذِكْرٌ. وَرَجُلٌ ذَكِيرٌ وذِكِّيرٌ: ذُو ذِكْرٍ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. والذِّكْرُ: ذِكْرُ الشَّرَفُ والصِّيت. وَرَجُلٌ ذَكِيرٌ: جَيِّدٌ الذِّكْرِ والحِفْظِ. والذِّكْرُ: الشَّرَفُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ
؛ أَي الْقُرْآنُ شَرَفٌ لَكَ وَلَهُمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ
؛ أَي شَرَفَكَ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِذا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي. والذِّكْرُ: الْكِتَابُ الَّذِي فِيهِ تَفْصِيلُ الدِّينِ ووَضْعُ المِلَلِ، وكُلُّ كِتَابٍ مِنَ الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، ذِكْرٌ. والذِّكْرُ: الصلاةُ لِلَّهِ والدعاءُ إِليه وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتِ الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، إِذا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ فَزِعُوا إِلى الذِّكْرِ
، أَي إِلى الصَّلَاةِ يَقُومُونَ فَيُصَلُّونَ. وذِكْرُ الحَقِّ: هُوَ الصَّكُّ، وَالْجَمْعُ ذُكُورُ حُقُوقٍ، وَيُقَالُ: ذُكُورُ حَقٍّ. والذِّكْرَى: اسْمٌ للتَّذْكِرَةِ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الذِّكْرُ الصَّلَاةُ وَالذِّكْرُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرُ التَّسْبِيحُ وَالذِّكْرُ الدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ الشُّكْرُ وَالذِّكْرُ الطَّاعَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ثُمَّ جَلَسُوا عِنْدَ المَذْكَر حَتَّى بَدَا حاجِبُ الشَّمْسِ
؛ المَذْكَر مَوْضِعُ الذِّكْرِ، كأَنها أَرادت عِنْدَ الرُّكْنِ الأَسود أَو الحِجْرِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الذّكْرِ فِي الْحَدِيثِ وَيُرَادُ بِهِ تَمْجِيدُ اللَّهِ وَتَقْدِيسُهُ وَتَسْبِيحُهُ وَتَهْلِيلُهُ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
القرآنُ ذَكَرٌ فَذَكِّرُوه
؛ أَي أَنه جَلِيلٌ خَطِيرٌ فأَجِلُّوه. وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ
؛ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحدهما أَن ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى إِذا ذَكَرَهُ الْعَبْدُ خَيْرٌ لِلْعَبْدِ مِنْ ذِكْرِ الْعَبْدِ لِلْعَبْدِ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَن ذِكْرَ اللَّهِ يَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ أَكثر مِمَّا تَنْهَى الصَّلَاةُ. وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ فِيهِ وَفِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ
، قَالَ: يُرِيدُ يَعِيبُ آلِهَتَكُمْ، قَالَ: وأَنت قَائِلٌ لِلرَّجُلِ لَئِنْ ذَكَرْتَنِي لَتَنْدَمَنَّ، وأَنت تُرِيدُ بِسُوءٍ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:(4/310)
لَا تَذْكُرِي فَرَسي وَمَا أَطْعَمْتُه، ... فيكونَ جِلْدُكِ مثلَ جِلْدِ الأَجْرَبِ
أَراد لَا تَعِيبي مُهْري فَجَعَلَ الذِّكْرَ عَيْبًا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ أَنكر أَبو الْهَيْثَمِ أَن يَكُونَ الذِّكْرُ عَيْبًا؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ عَنْتَرَةَ لَا تَذْكُرِي فَرَسِي: مَعْنَاهُ لَا تَوْلَعِي بِذِكْرِهِ وذِكْرِ إِيثاري إِياه دُونَ الْعِيَالِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ الْفَرَّاءِ، قَالَ: وَيُقَالُ فُلَانٌ يَذْكُر الناسَ أَي يَغْتَابُهُمْ وَيَذْكُرُ عُيُوبَهُمْ، وَفُلَانٌ يَذْكُرُ اللَّهَ أَي يَصِفُهُ بِالْعَظَمَةِ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُوَحِّدُهُ، وإِنما يُحْذَفُ مَعَ الذِّكْرِ مَا عُقِلَ مَعْنَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَن عَلِيًّا يَذْكُرُ فَاطِمَةَ
أَيْ يَخْطُبُهَا، وَقِيلَ: يَتَعَرَّضُ لخِطْبَتِها، وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: مَا حلفتُ بِهَا ذَاكِراً وَلَا آثِرًا
أَي مَا تَكَلَّمْتُ بِهَا حَالِفًا، مِنْ قَوْلِكَ: ذَكَرْتُ لِفُلَانٍ حَدِيثَ كَذَا وَكَذَا أَي قُلْتُهُ لَهُ، وَلَيْسَ مِنَ الذِّكْر بَعْدَ النِّسْيَانِ. والذُّكَارَةُ: حَمْلُ النَّخْلِ؛ قَالَ ابن دريد: وأَحسب أَن بَعْضَ الْعَرَبِ يُسَمِّي السِّمَاكَ الرَّامِحَ الذَّكَرَ. والذَّكَرُ: مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ ذُكُورٌ ومَذاكِيرُ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنهم فَرَّقُوا بَيْنَ الذَّكَرِ الَّذِي هُوَ الْفَحْلُ وَبَيْنَ الذَّكَرِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ. وَقَالَ الأَخفش: هُوَ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِثْلُ العَبَاديد والأَبابيل؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَجَمْعُهُ الذِّكارَةُ وَمِنْ أَجله يُسَمَّى مَا يَلِيهِ المَذَاكِيرَ، وَلَا يُفْرَدُ، وإِن أُفرد فَمُذَكَّرٌ مِثْلُ مُقَدَّمٍ ومَقَادِيم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَبْدًا أَبصر جَارِيَةً لِسَيِّدِهِ فَغَارَ السيدُ فَجَبَّ مَذَاكِيرَه
؛ هِيَ جَمْعُ الذَّكَرِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَذَاكِيرُ مَنْسُوبَةٌ إِلى الذَّكَرِ، وَاحِدُهَا ذَكَرٌ، وَهُوَ مِنْ بَابِ مَحاسِنَ ومَلامِحَ. والذَّكَرُ والذَّكِيرُ مِنَ الْحَدِيدِ: أَيْبَسُه وأَشَدُّه وأَجْوَدُه، وَهُوَ خلافُ الأَنِيثِ، وَبِذَلِكَ يُسَمَّى السَّيْفُ مُذَكَّراً وَيُذَكَّرُ بِهِ الْقَدُّومُ والفأْس وَنَحْوُهُ، أَعني بالذَّكَرِ مِنَ الْحَدِيدِ. وَيُقَالُ: ذهبتْ ذُكْرَةُ السَّيْفِ وذُكْرَةُ الرَّجُلِ أَي حِدَّتُهما. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَطُوفُ فِي لَيْلَةٍ عَلَى نِسَائِهِ وَيَغْتَسِلُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ غُسْلًا فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنه أَذْكَرُ
؛ أَي أَحَدُّ. وسيفٌ ذُو ذُكْرَةٍ أَي صارِمٌ، والذُّكْرَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْفُولَاذِ تُزَادُ فِي رأْس الفأْس وَغَيْرِهِ، وَقَدْ ذَكَّرْتُ الفأْسَ والسيفَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
صَمْصَامَةٌ ذُكْرَةٌ مُذَكَّرَةٌ، ... يُطَبّقُ العَظْمَ وَلَا يَكْسِرُهْ
وَقَالُوا لخِلافهِ: الأَنِيثُ. وذُكْرَةُ السَّيْفِ وَالرَّجُلِ: حِدَّتُهما. وَرَجُلٌ ذَكِيرٌ: أَنِفٌ أَبِيُّ. وسَيْف مُذَكَّرٌ: شَفْرَتُه حَدِيدٌ ذَكَرٌ ومَتْنُه أَنِيثٌ، يَقُولُ النَّاسُ إِنه مِنْ عَمَلِ الْجِنِّ. الأَصمعي: المُذَكَّرَةُ هِيَ السُّيُوفُ شَفَرَاتُها حَدِيدٌ وَوَصْفُهَا كَذَلِكَ. وَسَيْفٌ مُذَكَّرٌ أَي ذُو مَاءٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ
؛ أَي ذِي الشَّرَفِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الرَّجُلَ يُقَاتِلُ ليُذْكَر وَيُقَاتِلُ ليُحْمَدَ
؛ أَي لِيُذْكَرَ بَيْنَ النَّاسِ وَيُوصَفَ بِالشَّجَاعَةِ. والذِّكْرُ: الشَّرَفُ وَالْفَخْرُ. وَفِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: الذِّكْر الْحَكِيمُ أَي الشَّرَفُ الْمُحْكَمُ الْعَارِي مِنَ الِاخْتِلَافِ. وَتَذْكُرُ: بَطْنٌ مِنْ رَبِيعَةَ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعلم.
ذمر: الذَّمْرُ: اللَّوْمُ والحَضُّ مَعًا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَلا وإِن الشَّيْطَانَ قَدْ ذَمَّرَ حِزْبَه
أَي حضهم وشجعهم؛ ذَمَرَه يَذْمُرُه ذَمْراً: لامَهُ وحَضَّهُ وحَثَّهُ. وتَذَمَّرَ هُوَ: لَامَ نَفْسَهُ، جَاءَ مُطَاوِعُهُ عَلَى غَيْرِ الْفِعْلِ. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْخَوْفِ:(4/311)
فَتَذَامَرَ الْمُشْرِكُونَ وَقَالُوا هَلَّا كُنَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ
؛ أَي تَلاوَمُوا عَلَى تَرْكِ الفُرْصَةِ، وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى تَحاضُّوا عَلَى الْقِتَالِ. والذَّمْرُ: الحَثُّ مَعَ لَوْمٍ واسْتِبْطاءٍ. وسمعتُ لَهُ تَذَمُّراً أَي تَغَضُّبًا. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه كَانَ يَتَذَمَّرُ عَلَى رَبِّهِ
أَي يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ فِي عِتَابِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
طَلْحَةَ لَمَّا أَسلم: إِذا أُمّه تُذَمِّرُه وتَسُبُّهُ
أَي تُشَجِّعُه عَلَى تَرْكِ الإِسلام وَتَسُبُّهُ عَلَى إِسلامه. وذَمَرَ يَذْمُرُ إِذا غَضِبَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: وأُم أَيمن تَذْمُرُ وتَصْخَبُ؛ وَيُرْوَى: تُذَمِّرُ، بِالتَّشْدِيدِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: فَجَاءَ عُمَرُ ذَامِراً أَي مُتَهَدِّداً. والذِّمارُ: ذِمارُ الرَّجُلِ وَهُوَ كُلُّ مَا يَلْزَمُكَ حِفْظُهُ وَحِيَاطَتُهُ وَحِمَايَتُهُ وَالدَّفْعُ عَنْهُ وإِن ضَيَّعه لَزِمَهُ اللَّوْمُ. أَبو عَمْرٍو: الذِّمارُ الحَرَمُ والأَهل، والذِّمارُ: الحَوْزة، والذِّمار: الحَشَمُ، والذِّمار: الأَنساب. وموضعُ التَّذَمُّرِ: موضعُ الْحَفِيظَةِ إِذا اسْتُبِيحَ. وَفُلَانٌ حَامِي الذِّمار إِذا ذُمِّرَ غَضِبَ وحَمى؛ وفلانٌ أَمْنَعُ ذِماراً مِنْ فُلَانٍ. وَيُقَالُ: الذِّمارُ مَا وَرَاءَ الرَّجُلِ مِمَّا يَحِقُّ عَلَيْهِ أَن يَحْمِيَهُ لأَنهم قَالُوا حَامِي الذِّمار كَمَا قَالُوا حَامِي الْحَقِيقَةِ؛ وَسُمِّيَ ذِمَارًا لأَنه يَجِبُ عَلَى أَهله التَّذَمُّرُ لَهُ، وَسُمِّيَتْ حَقِيقَةً لأَنه يَحِقُّ عَلَى أَهلها الدَّفْعُ عَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَلا إِن عُثْمَانَ فَضَحَ الذِّمارَ
فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْ الذِّمارُ مَا لَزِمَكَ حِفْظُه مِمَّا وَرَاءَكَ وَيَتَعَلَّقُ بِكَ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ: قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمار
؛ يُرِيدُ الحَرْبَ لأَن الإِنسان يُقَاتِلُ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهُ. وتَذَامَرَ القومُ فِي الْحَرْبِ: تَحاضُّوا. والقومُ يَتَذامَرُونَ أَي يَحُضُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى الجِدِّ فِي الْقِتَالِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يَتَذامَرُونَ كَرَرْتُ غيرَ مُذَمَّمِ
وَالْقَائِدُ يَذْمُرُ أَصحابَه إِذا لَامَهُمْ وأَسمعهم مَا كَرِهُوا لِيَكُونَ أَجَدَّ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ؛ والتَّذَمُّرُ مِنْ ذَلِكَ اشْتِقَاقُهُ، وَهُوَ أَن يَفْعَلَ الرَّجُلُ فِعْلًا لَا يُبَالِغُ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ فَهُوَ يَتَذَمَّرُ أَي يَلُومُ نَفْسَهُ وَيُعَاتِبُهَا كَيْ يَجِدَّ فِي الأَمر. الْجَوْهَرِيُّ: وأَقبل فُلَانٌ يَتَذَمَّرُ كأَنه يَلُومُ نَفْسَهُ عَلَى فَائِتٍ. وَيُقَالُ: ظَلَّ يَتَذَمَّرُ عَلَى فُلَانٍ إِذا تَنَكَّرَ لَهُ وأَوعده. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَخَرَجَ يَتَذَمَّرُ
؛ أَي يُعَاتِبُ نَفْسَهُ وَيَلُومُهَا عَلَى فَوَاتِ الذِّمار. والذَّمِرُ: الشُّجَاعُ. وَرَجُلٌ ذَمِرٌ وذِمْرٌ وذِمِرٌّ وذَمِيرٌ: شُجَاعٌ مِنْ قَوْمٍ أَذْمارٍ، وَقِيلَ: شُجَاعٌ مُنْكَرٌ، وَقِيلَ: مُنْكَرٌ شَدِيدٌ، وَقِيلَ: هُوَ الظَّرِيفُ اللَّبِيبُ المِعْوانُ، وجمعُ الذَّمِرِ والذِّمْرِ والذَّمِير أَذْمارٌ مِثْلُ كَبِدٍ وكِبْد وكَبِيدٍ وأَكبْادٍ، وَجَمْعُ الذِّمِرِّ مِثْلُ فِلِزٍّ ذِمِرُّونَ، وَالِاسْمُ الذَّمارَةُ. والمُذَمَّرُ: القَفَا، وَقِيلَ: هُمَا عَظْمَانِ فِي أَصل الْقَفَا، وَهُوَ الذِّفْرى، وَقِيلَ: الْكَاهِلُ؛ قَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ: انتهيتُ يَوْمَ بَدْرٍ إِلى أَبي جَهْلٍ وَهُوَ صَرِيعٌ فَوَضَعْتُ رِجْلِي فِي مُذَمَّرِه فَقَالَ: يَا رُوَيْعِيَ الغَنَمِ لَقَدِ ارْتَقَيْتَ مُرْتَقًى صَعْباً قَالَ: فاحْتَزَزْتُ رأْسه
؛ قَالَ الأَصمعي: المُذَمَّرُ هُوَ الْكَاهِلُ والعُنُقُ وَمَا حَوْلَهُ إِلى الذِّفْرَى، وَهُوَ الَّذِي يُذَمِّرُه المُذَمِّرُ. وذَمَرَهُ يَذْمُرُهُ وذَمَّره: لَمَس مُذَمَّرَهُ. والمُذَمِّرُ: الَّذِي يُدْخِلُ يَدَهُ فِي حَيَاءِ النَّاقَةِ لِيَنْظُرَ أَذكر جَنِينُهَا أَم أُنثى، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَضَعُ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَيَعْرِفُهُ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: لأَنه يَلْمِسُ مُذَمَّرَهُ فَيَعْرِفُ مَا هُوَ، وَهُوَ التَّذْمِيرُ؛ قَالَ(4/312)
الْكُمَيْتُ:
وَقَالَ المُذَمِّرُ للنَّاتِجِينَ: ... مَتَى ذُمِّرَتْ قَبْلِيَ الأَرْجُلُ؟
يَقُولُ: إِن التَّذْمِيرَ إِنما هُوَ فِي الأَعناق لَا فِي الأَرجل. وذَمَرَ الأَسدُ أَي زَأَرَ، وَهَذَا مَثَلٌ لأَن التَّذْمِيرَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الرأْس، وَذَلِكَ أَنه يَلْمِسُ لَحْيَيِ الجَنِينِ، فإِن كَانَا غَلِيظَيْنِ كَانَ فَحْلًا، وإِن كَانَا رَقِيقَيْنِ كَانَ نَاقَةً، فإِذا ذُمِّرَت الرِّجْلُ فالأَمر مُنْقَلِبٌ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَرَاجيجُ قُودٌ ذُمِّرَتْ فِي نتاجِها، ... بِناحيَةِ الشّحْرِ الغُرَيْرِ وشَدْقَمِ
يَعْنِي أَنها مِنْ إِبل هَؤُلَاءِ فَهُمْ يُذَمِّرُونها. وذِمارٌ، بِكَسْرِ الذَّالِ «2» . مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، ووُجِدَ فِي أَساسها لَمَّا هَدَمَتْهَا قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَجَرٌ مكتوبٌ فِيهِ بالمُسْنَدِ: لِمَنْ مُلْكُ ذِمار؟ لِحِمْيَر الأَخْيار. لِمَنْ مُلْكُ ذِمَارٍ؟ لِلْحَبَشَةِ الأَشرار. لِمَنْ مُلْكُ ذِمَارٍ؟ لِفَارِسِ الأَحرار. لِمَنْ مُلْكُ ذِمَارٍ؟ لِقُرَيْشٍ التُّجَّارِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ ذِمار، بِكَسْرِ الذَّالِ وَبَعْضُهُمْ يفتحها، اسْمُ قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ صَنْعَاءَ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ صَنْعَاءَ. وذَوْمَرُ: اسم.
ذمقر: اذْمَقَرَّ اللبنُ وامْذَقَرَّ: تَقَطَّعَ، والأَول أَعرف، وَكَذَلِكَ الدَّمُ.
ذهر: ذَهِرَ فُوهُ، فَهُوَ ذَهِرٌ: اسْوَدَّتْ أَسنانُه، وَكَذَلِكَ نَوْرُ الحَوْذانِ؛ قَالَ:
كأَن فَاه ذَهِرُ الحَوْذانِ
ذير: الذِّيارُ، غيرُ مَهْمُوزٍ: البَعَرُ، وَقِيلَ: البَعَرُ الرَّطْبُ يُضَمَّدُ بِهِ الإِحْلِيلُ وأَخْلافُ النَّاقَةِ ذَاتِ اللَّبَنِ إِذا أَرادوا صَرَّها لئلَّا يُؤَثِّر فِيهِ الصِّرارُ وَلِكَيْلَا يَرْضَعَ الفصيلُ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ، وَهُوَ التَّذْيِيرُ؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:
قَدْ غاثَ رَبُّكَ هَذَا الخَلْقَ كُلَّهُمُ ... بِعَامِ خِصْبٍ، فَعَاشَ الناسُ والنَّعَمُ
وأَبْهَلُوا سَرْحَهمْ مِنْ غيرِ تَوْدِيَةٍ ... وَلَا ذِيارٍ، وماتَ الفَقْرُ والعَدَمُ
وَقَدْ ذَيَّرَ الرَّاعِي أَخْلافَها إِذا لَطَّخَهَا بالذِّيار؛ قَالَ أَبو صَفْوانَ الأَسَديُّ يَهْجُو ابنَ مَيَّادَةَ وَمَيَّادَةُ كَانَتْ أُمه:
لَهْفِي عليكَ، يَا ابنَ مَيَّادَةَ الَّتِي ... يكونُ ذِياراً لَا يُحَتُّ خِضابُها
إِذا زَبَنَتْ عَنْهَا الفَصيلَ بِرِجْلِها، ... بَدَا مِنْ فُرُوجِ الشَّمْلَتَينِ عُنابُها
أَراد بِعُنابِها بَظْرَها. اللَّيْثُ: السِّرْقين الَّذِي يُخْلَطُ بِالتُّرَابِ يُسَمَّى قَبْلَ الخَلْطِ خُثَّةً، وإِذا خُلِطَ، فَهُوَ ذِيْرَةٌ، فإِذا طُلِيَ عَلَى أَطْباءِ النَّاقَةِ لِكَيْلَا يَرْضَعَها الفصيلُ، فَهُوَ ذِيارٌ؛ وأَنشد:
غَدَتْ، وَهْيَ مَحْشُوكَةٌ حافِلٌ، ... فَرَاخَ الذِّيارُ عَلَيْهَا صَخِيما
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا اسْوَدَّتْ أَسنانه: قَدْ ذُيِّرَ فُوهُ تَذْيِيراً.
فصل الراء المهملة
رير: مُخٌّ رارٌ ورَيْرٌ ورِيرٌ: ذَائِبٌ فَاسِدٌ مِنَ الْهُزَالِ. أَبو عَمْرٍو: مُخٌّ رِيرٌ ورَيْرٌ لِلرَّقِيقِ، وأَرَار اللهُ مُخَّهُ أَي جَعَلَهُ رَقِيقًا. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: وَذَكَرَ السَّنَةَ
__________
(2) . قوله: [بكسر الذال إلخ] هذا قول أَكثر أَهل الحديث، وذكره ابن دريد بالفتح. وقوله: وجد في أَساسها إلخ عبارة ياقوت: وجد في أَساس الكعبة لما هدمتها قريش إلخ ونسبه لابن دريد أَيضاً(4/313)
فَقَالَ: تَرَكَتِ المُخَّ رَاراً
أَي ذَائِبًا رَقِيقًا لِلْهُزَالِ وَشِدَّةِ الجَدْبِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الرَّيْرُ الَّذِي كَانَ شَحْمًا فِي الْعِظَامِ ثُمَّ صَارَ مَاءً أَسود رَقِيقًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَقولُ بالسَّبْتِ فُوَيْقَ الدَّيْرِ، ... إِذْ أَنَا مَغْلُوبٌ قليلُ الغَيْرِ،
والسَّاقُ مِنِّي بادِياتُ الرَّيْرِ
أَي أَنا ظَاهِرُ الْهُزَالِ لأَنه دَقَّ عَظْمُهُ وَرَقَّ جِلْدُهُ فَظَهَرَ مُخُّهُ، وإِنما قَالَ بَادِيَاتُ، وَالسَّاقُ وَاحِدَةٌ، لأَنه أَراد السَّاقَيْنِ وَالتَّثْنِيَةُ يَجُوزُ أَن يُخْبَرَ عَنْهَا بِمَا يُخْبَرُ بِهِ عَنِ الْجَمْعِ لأَنه جَمْعُ وَاحِدٍ إِلى آخَرَ، وَيُرْوَى: بَارِدَاتُ؛ وَقَدْ رَارَ وأَرَارَهُ الهُزَالُ. والرَّيْرُ: الْمَاءُ يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الصَّبِيِّ.
فصل الزاي المعجمة
زأر: زَأَرَ الأَسدُ، بِالْفَتْحِ، يَزْئِرُ ويَزْأَرُ زَأْراً وزَئِيراً: صَاحَ وَغَضِبَ. وزَأَرَ الفحلُ زَأْراً وزَئِيراً: رَدَّدَ صَوْتَهُ فِي جَوْفِهِ ثُمَّ مَدَّه؛ قِيلَ لابْنَةِ الخُسِّ: أَيُّ الفِحالِ أَحْمَدُ؟ قَالَتْ: حُمُرٌ ضِرْغامَةٌ شديدُ الزَّئِير قَلِيلُ الهَدِير. والزَّئيرُ: صَوْتُ الأَسد فِي صَدْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَسَمِعَ زَئير الأَسد.
ابْنُ الأَعرابي: الزَّئِرُ مِنَ الرِّجَالِ الغضبانُ الْمُقَاطِعُ لِصَاحِبِهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الزَّايِرُ الْغَضْبَانُ، أَصله مَهْمُوزٌ، يُقَالُ: زَأَرَ الأَسد، فَهُوَ زَائِرٌ، وَيُقَالُ لِلْعَدُوِّ: زَائِرٌ وَهُمُ الزَّائرون؛ وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
حَلَّتْ بأَرض الزائِرينَ، فأَصْبَحَتْ ... عَسِراً عليَّ طِلابُكِ ابْنَةَ مَخْرَمِ
قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد أَنها حَلَّتْ بأَرض الأَعداء. وَالْفَحْلُ أَيضاً يَزْئر فِي هَدِيره زَأْراً إِذا أَوعد؛ قَالَ رؤْبة:
يَجْمَعْنَ زَأْراً وهَدِيراً مَحْضاً
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الزَّائِرُ الْغَضْبَانُ، بِالْهَمْزِ، والزَّايِرُ: الْحَبِيبُ، قَالَ؛ وَبَيْتُ عَنْتَرَةَ يُرْوَى بِالْوَجْهَيْنِ، فَمَنْ هَمَزَ أَراد الأَعداء، وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ أَراد الأَحباب. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ أَيضاً زَئر الأَسد، بِالْكَسْرِ، يَزْأَرُ، فَهُوَ زَئِرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَا مُخْدِرٌ حَرِبٌ مُسْتَأْسِدٌ أَسِدٌ، ... ضُبارِمٌ خادِرٌ ذُو صَوْلَةٍ زَئِرُ؟
وَكَذَلِكَ تَزَأَّرَ الأَسدُ، عَلَى تَفَعَّل، بِالتَّشْدِيدِ. والزَّأْرَةُ: الأَجَمَةُ، يُقَالُ: أَبو الحرثِ مَرْزُبانُ الزَّأْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةُ فَتْحِ الْعِرَاقِ وَذَكَرَ مَرْزُبان الزَّأْرَةِ؛ هِيَ الأَجمة سُمِّيَتْ بِهَا لِزَئيرِ الأَسدِ فِيهَا. والمَرْزُبانُ: الرَّئِيسُ المُقَدَّمُ، وأَهل اللُّغَةِ يَضُمُّونَ مِيمَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن الجَارُودَ لَمَّا أَسلم وَثَبَ عَلَيْهِ الحُطَمُ فأَخذه فَشَدَّهُ وثَاقاً وَجَعَلَهُ فِي الزَّأْرَةِ.
زأبر: الزِّئْبِرُ، بِالْكَسْرِ مَهْمُوزٌ: مَا يَعْلُو الثَّوْبَ الْجَدِيدَ مِثْلَ مَا يَعْلُو الخَزَّ. ابْنُ سِيدَهْ: الزِّئْبِرُ والزِّئْبُرُ، بِضَمِّ الْبَاءِ، مَا يَظْهَرُ مِنْ دَرْزِ الثَّوْبِ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي. وَقَدْ زَأْبَرَ الثوبُ وزَأْبَرَهُ: أَخرج زِئْبِرَهُ، وَهُوَ مُزَأْبِرٌ ومُزَأْبَرٌ. وأَخَذَ الشَّيْءَ بِزَأْبَرِه أَي بِجَمِيعِهِ؛ أَبو زَيْدٍ: زِئْبِرُ الثَّوْبِ وزِغْبِرُه. التَّهْذِيبِ فِي الثُّلَاثِيِّ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ زِئْبِرُ الثَّوْبِ، وَقَدْ قِيلَ: زِئْبُرٌ، بِضَمِّ الْبَاءِ، وَلَا يُقَالُ زِئْبَرٌ. اللَّيْثُ: الزِّئْبُر، بِضَمِّ الْبَاءِ، زِئْبُر الخَزِّ وَالْقَطِيفَةِ وَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ؛ وَمِنْهُ اشْتُقَّ ازْبِئْرَارُ الهِرِّ إِذا وَفَى شَعَرُه وَكَثُرَ؛ قَالَ الْمَرَّارُ:
فَهْوَ وَرْدُ اللَّوْنِ فِي ازْبِئْرارِهِ، ... وكُمَيْتُ اللَّوْنِ ما لم يَزْبَئِرْ(4/314)
زبر: الزَّبْرُ: الْحِجَارَةُ. وزَبَرَهُ بِالْحِجَارَةِ: رَمَاهُ بِهَا. والزَّبْرُ: طَيُّ الْبِئْرِ بِالْحِجَارَةِ، يُقَالُ: بِئْرٌ مَزْبُورَةٌ. وزَبَرَ الْبِئْرَ زَبْراً: طَوَاهَا بِالْحِجَارَةِ؛ وَقَدْ ثَنَّاهُ بعضُ الأَغفال وإِن كَانَ جِنْسًا فَقَالَ:
حَتَّى إِذا حَبْلُ الدّلاءِ انْحَلَّا، ... وانْقاضَ زَبْرَا حالِهِ فابْتَلَّا
وَمَا لَهُ زَبْرٌ أَي مَا لَهُ رأْي، وَقِيلَ: أَي مَا لَهُ عَقْلٌ وتَماسُكٌ، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ، وَمَا لَهُ زَبْرٌ وَضَعُوهُ عَلَى المَثَلِ، كَمَا قَالُوا: مَا لَهُ جُولٌ. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ عَقْلٌ ورأْي: لَهُ زَبْرٌ وجُولٌ، وَلَا زَبْرَ لَهُ وَلَا جُولَ. وَفِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:
وعَدَّ مِنْهُمُ الضعيفَ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ
أَي لَا عَقْلَ لَهُ يَزْبُرُه وَيَنْهَاهُ عَنِ الإِقدام عَلَى مَا لَا يَنْبَغِي. وأَصلُ الزَّبْرِ: طَيُّ الْبِئْرِ إِذا طُوِيَتْ تَمَاسَكَتْ وَاسْتَحْكَمَتْ؛ وَاسْتَعَارَ ابْنُ أَحمر الزَّبْرَ لِلرِّيحِ فَقَالَ:
ولَهَتْ عَلَيْهِ كلُّ مُعْصِفَةٍ ... هَوجاءَ، لَيْسَ لِلُبِّها زَبْرُ
وإِنما يُرِيدُ انْحِرَافَهَا وَهُبُوبَهَا وأَنها لَا تَسْتَقِيمُ عَلَى مَهَبٍّ وَاحِدٍ فَهِيَ كَالنَّاقَةِ الهَوْجاء، وَهِيَ الَّتِي كأَنّ بِهَا هَوَجاً مِنْ سُرْعَتها. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْفَقِيرُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ زَبْرٌ
؛ أَي عَقْلٌ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ. والزَّبْرُ: الصَّبْرُ، يُقَالُ: مَا لَهُ زَبْرٌ وَلَا صَبْرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ حِكَايَةُ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَعِنْدِي أَن الزَّبْرَ هَاهُنَا الْعَقْلُ. وَرَجُلٌ زَبِيرٌ: رَزِينُ الرأْي. والزَّبْرُ: وَضْعُ الْبُنْيَانِ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ. وزَبَرْتُ الكتابَ وذَبَرْتُه: قرأْته. والزَّبْرُ: الْكِتَابَةُ. وزَبَرَ الكتابَ يَزْبُرُه ويَزبِرُه زَبْراً: كَتَبَهُ، قَالَ: وأَعرفه النَّقْشَ فِي الْحِجَارَةِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا أَعرف تَزْبرَتِي، فإِما أَن يَكُونَ هَذَا مَصْدَرَ زَبَرَ أَي كَتَبَ، قَالَ: وَلَا أَعرفها مُشَدَّدَةً، وإِما أَن يَكُونَ اسْمًا كالتَّنْبِيَةِ لِمُنْتَهَى الْمَاءِ والتَّوْدِيَةِ لِلْخَشَبَةِ الَّتِي يُشَدُّ بِهَا خِلْفُ النَّاقَةِ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ. وَقَالَ أَعرابي: إِني لَا أَعرف تَزْبِرَتِي أَي كِتَابَتِي وَخَطِّي. وزَبَرْتُ الْكِتَابَ إِذا أَتْقَنْتَ كِتَابَتَهُ. والزَّبْرُ: الكتابُ، وَالْجَمْعُ زُبُورٌ مِثْلُ قِدْرٍ وقُدُورٍ؛ وَمِنْهُ قرأَ بَعْضُهُمْ:
وَآتَيْنَا دَاوُدَ زُبُوراً.
والزَّبُورُ: الْكِتَابُ المَزبُورُ، وَالْجَمْعُ زُبُرٌ، كَمَا قَالُوا رَسُولٌ ورُسُل. وإِنما مَثَّلْتُهُ بِهِ لأَن زَبُوراً وَرَسُولًا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وجَلا السيولُ عَنِ الطُّلُولِ كأَنها ... زُبُرٌ، تَخُدُّ مُتُونَها أَقْلامُها
وَقَدْ غَلَبَ الزَّبُورُ عَلَى صُحُفِ دَاوُدُ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَكُلُّ كِتَابٍ: زَبُورٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ
؛ قَالَ
أَبو هُرَيْرَةَ: الزَّبُورُ مَا أُنزل عَلَى دَاوُدَ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ مِنْ بَعْدِ التَّوْرَاةِ.
وقرأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ:
فِي الزُّبُور
، بِضَمِّ الزَّايِ، وَقَالَ: الزُّبُورُ التَّوْرَاةُ والإِنجيل وَالْقُرْآنُ، قَالَ: وَالذِّكْرُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ؛ وَقِيلَ: الزَّبُورُ فَعُول بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كأَنه زُبِرَ أَي كُتِبَ. والمِزْبَرُ، بِالْكَسْرِ: الْقَلَمُ. وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه دَعَا فِي مَرَضِه بِدَوَاةٍ ومِزْبَرٍ فَكَتَبَ اسْمَ الْخَلِيفَةِ بَعْدَهُ، والمِزْبَرُ: الْقَلَمُ. وزَبَرَه يَزْبُرُه، بِالضَّمِّ، عَنِ الأَمر زَبْراً: نَهَاهُ وَانْتَهَرَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا رَدَدْتَ عَلَى السَّائِلِ ثَلَاثًا فَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَزْبُرَه
أَي تَنْهَرَهُ وتُغْلِظ لَهُ فِي الْقَوْلِ والرَّدِّ والزَّبْرُ، بِالْفَتْحِ: الزَّجْرُ وَالْمَنْعُ لأَن مَنْ زَبَرْتَه عَنِ الْغَيِّ فَقَدْ أَحْكَمْتَهُ كَزَبْرِ الْبِئْرِ بِالطَّيِّ.(4/315)
والزُّبْرَةُ: هَنَةٌ نَاتِئَةٌ مِنَ الْكَاهِلِ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَاهِلُ نَفْسُهُ فَقَطْ، وَقِيلَ: هِيَ الصُّدْرَةُ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ، وَيُقَالُ: شَدَّ للأَمر زُبْرَتَه أَي كَاهِلَهُ وَظَهْرَهُ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
بِهَا وَقَدْ شَدُّوا لَهَا الأَزْبارَا
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: جَمْعُ زُبْرَةٍ، وَغَيْرُ مَعْرُوفٍ جَمْعُ فُعْلَةٍ عَلَى أَفعال، وَهُوَ عِنْدِي جَمْعُ الْجَمْعِ كأَنه جَمَعَ زُبْرَةً عَلَى زُبَرٍ وجَمَعَ زُبَراً عَلَى أَزْبَارٍ، وَيَكُونُ جَمْعُ زُبْرَةٍ عَلَى إِرادة حَذْفِ الْهَاءِ. والأَزْبَرُ والمَزْبَرَانِيُّ: الضَّخْمُ الزُّبْرَةِ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
لَيْثٌ عليهِ مِنَ البَرْدِيِّ هِبْرِيَةٌ، ... كالمَزْبَرَانِيِّ عَيَّالٌ بأَوْصَالِ
هَذِهِ رِوَايَةُ خَالِدِ بْنِ كُلْثُومٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهِيَ عِنْدِي خطأٌ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لأَنه فِي صِفَةِ أَسد، والمَزْبَرَانِيُّ: الأَسد، وَالشَّيْءُ لَا يُشَّبَهُ بِنَفْسِهِ، قَالَ: وإِنما الرِّوَايَةُ كالمَرْزُبانِيِّ. والزُّبْرَةُ: الشَّعَرُ الْمُجْتَمِعُ لِلْفَحْلِ والأَسد وَغَيْرِهِمَا؛ وَقِيلَ: زُبْرَةُ الأَسد الشعرُ عَلَى كَاهِلِهِ، وَقِيلَ: الزُّبْرَةُ: مَوْضِعُ الْكَاهِلِ عَلَى الكَتِفَيْنِ. وَرَجُلٌ أَزْبَرُ: عَظِيمُ الزُّبْرَة زُبْرَةِ الْكَاهِلِ، والأُنثى زَبْرَاءُ؛ وَمِنْهُ زُبْرَةُ الأَسد. وأَسد أَزْبَرُ ومَزْبَرَانِيّ: ضَخْمُ الزُّبْرَةِ. والزُّبْرَةُ: كَوْكَبٌ مِنَ الْمَنَازِلِ عَلَى التَّشْبِيهِ بِزُبْرَةِ الأَسد. قَالَ ابْنُ كِنَاسَةَ: مِنْ كَوَاكِبِ الأَسد الخَرَاتَانِ، وَهُمَا كَوْكَبَانِ نَيِّرانِ بَيْنَهُمَا قَدْرُ سَوْطٍ، وَهُمَا كَتفَا الأَسَدِ، وَهُمَا زُبْرَةُ الأَسد، وَهُمَا كَاهِلَا الأَسد يَنْزِلُهُمَا الْقَمَرُ، وَهِيَ كُلُّهَا ثَمَانِيَةٌ. وأَصل الزُّبْرَةِ: الشَّعَرُ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيِ الأَسد. اللَّيْثُ: الزُّبْرَةُ شَعَرٌ مُجْتَمِعٌ عَلَى مَوْضِعِ الْكَاهِلِ مِنَ الأَسد وَفِي مِرْفَقَيْهِ؛ وَكُلُّ شَعَرٍ يَكُونُ كَذَلِكَ مُجْتَمَعًا، فَهُوَ زُبْرَةٌ وَكَبْشٌ زَبِيرٌ: عَظِيمُ الزُّبْرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ مُكْتَنِزٌ. وزُبْرَةُ الْحَدِيدِ: الْقِطْعَةُ الضَّخْمَةُ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ زُبَرٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ
، وزُبُرٌ، بِالرَّفْعِ أَيضاً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً
؛ أَي قِطَعاً. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً
؛ مَنْ قرأَ بِفَتْحِ الْبَاءِ أَراد قِطَعًا مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ
، قَالَ: وَالْمَعْنَى فِي زُبَرٍ وزُبُرٍ وَاحِدٌ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قرأَ زُبُراً أَراد قِطَعًا جَمْعَ زُبْرَةٍ وإِنما أَراد تَفَرَّقُوا فِي دِينِهِمْ. الْجَوْهَرِيُّ: الزُّبْرَةُ الْقِطْعَةُ مِنَ الْحَدِيدِ، وَالْجَمْعُ زُبَرٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ قرأَ زُبُراً فَهُوَ جَمْعُ زَبُورٍ لَا زُبْرَةٍ لأَن فُعْلَةً لَا تُجْمَعُ عَلَى فُعُلٍ، وَالْمَعْنَى جَعَلُوا دِينَهُمْ كُتُبًا مُخْتَلِفَةً، وَمَنْ قرأَ زُبَراً، وَهِيَ قِرَاءَةُ الأَعمش، فَهِيَ جَمْعُ زُبْرَةٍ بِمَعْنَى الْقِطْعَةِ أَي فَتَقَطَّعُوا قِطَعًا؛ قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ زَبُورٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وأَصله زُبُرٌ ثُمَّ أُبدل مِنَ الضَّمَّةِ الثَّانِيَةِ فَتْحَةٌ كَمَا حَكَى أَهل اللُّغَةِ أَن بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ فِي جَمْعِ جَديد جُدَدٌ، وأَصله وَقِيَاسُهُ جُدُدٌ، كَمَا قَالُوا رُكَباتٌ وأَصله رُكُباتٌ مِثْلُ غُرُفاتٍ وَقَدْ أَجازوا غُرَفات أَيضاً، وَيُقَوِّي هَذَا أَن ابْنَ خَالَوَيْهِ حَكَى عَنْ أَبي عَمْرٍو أَنه أَجاز أَن يقرأَ زُبُراً وزُبْراً وزُبَراً، فَزُبْراً بالإِسكان هُوَ مُخَفَّفٌ مِنْ زُبُر كعُنْقٍ مُخَفَّفٌ مِنْ عُنُقٍ، وزُبَرٌ، بِفَتْحِ الْبَاءِ، مُخَفَّفٌ أَيضاً مِنْ زُبُرٍ بِرَدِّ الضَّمَّةِ فَتْحَةٍ كَتَخْفِيفِ جُدَد مِنْ جُدُدٍ. وزُبْرَةُ الْحَدَّادِ: سَنْدَانُه. وزَبَرَ الرجلَ يَزْبُرُه زَبْراً: انْتَهَرَهُ. والزِّبِيرُ: الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ. أَبو عَمْرٍو: الزِّبِرُّ، بِالْكِسْرِ وَالتَّشْدِيدِ، مِنَ الرِّجَالِ الشَّدِيدُ الْقَوِيُّ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ(4/316)
الْفَقْعَسِيُّ:
أَكون ثَمَّ أَسداً زِبِرّا
الْفَرَّاءُ: الزَّبِير الدَّاهِيَةُ. والزُّبارَةُ: الخُوصَةُ حِينَ تَخْرُجُ مِنَ النَّوَاةِ. والزَّبِيرُ: الحَمْأَةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَدْ جَرَّبَ الناسُ آلَ الزُّبَيْر، ... فَذَاقُوا مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ الزَّبِيرَا
وأَخذ الشَّيْءَ بِزَبَرِه وزَوْبَرِه وزَغْبَرِه وزَابَرِه أَي بِجَمِيعِهِ فَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَإِنْ قَالَ عاوٍ مَنْ مَعَدٍّ قَصِيدَةً ... بِهَا جَرَبٌ، عُدَّتْ عَلَيَّ بِزَوْبَرَا «1»
. أَي نُسِبَتْ إِليَّ بِكَمَالِهَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: سأَلت أَبا عَلِيٍّ عَنْ تَرْكِ صَرْفِ زَوْبَر هَاهُنَا فَقَالَ: عَلَّقَهُ عَلَمًا عَلَى الْقَصِيدَةِ فَاجْتَمَعَ فِيهِ التَّعْرِيفُ والتأْنيث كَمَا اجْتَمَعَ فِي سُبْحان التَّعْرِيفُ وَزِيَادَةُ الأَلف وَالنُّونِ؛ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ: الزَّوْبَرُ الدَّاهِيَةُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي مَنَعَ زَوْبَر مِنَ الصَّرْفِ أَنه اسْمُ عَلَمٍ لِلْكَلْبَةِ مُؤَنَّثٌ، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ بِزَوْبَر هَذَا الِاسْمِ إِلا فِي شِعْرِهِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ لَمْ يُسْمَعُ بمامُوسَةَ اسْمًا عَلَمًا لِلنَّارِ إِلا فِي شِعْرِهِ فِي قَوْلِهِ يَصِفُ بَقَرَةً:
تَطَايَحَ الطَّلُّ عَنْ أَعْطافِها صُعُداً، ... كَمَا تَطايَحَ عَنْ مامُوسَةَ الشَّرَرُ
وَكَذَلِكَ سَمَّى حُوَارَ النَّاقَةِ بابُوساً وَلَمْ يُسْمَعْ فِي شِعْرِ غَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
حَنَّتْ قَلُوصِي إِلى بابُوسِها جَزَعاً، ... فَمَا حَنِينك أَم مَا أَنت والذَّكَرُ؟
وسَمَّى مَا يَلِفُّ عَلَى الرأْس أُرنة وَلَمْ تُوجَدْ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
وتَلفَّعَ الحِرْباءُ أُرْنَتَه، ... مُتَشَاوِساً لِوَرِيدِه نَعْرُ
قَالَ وَفِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
... عُدَّت عَلَيَّ بِزَوْبَرَا
أَي قَامَتْ عَلَيَّ بِدَاهِيَةٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نُسِبَتْ إِليَّ بِكَمَالِهَا وَلَمْ أَقلها. وَرَوَى
شَمِرٌ حَدِيثًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ أَنه قَالَ: جَاءَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى دَارِي فَوَضَعْنَا لَهُ قَطِيفَةً زَبِيرَةً.
قَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: كَبْشٌ زَبِيرٌ أَي ضَخْمٌ، وَقَدْ زَبُرَ كَبْشُكَ زَبارَةً أَي ضَخُمَ، وَقَدْ أَزْبَرْتُه أَنا إِزْباراً. وَجَاءَ فُلَانٌ بزَوْبَرِه إِذا جَاءَ خَائِبًا لَمْ تُقْضَ حَاجَتُهُ. وزَبْرَاءُ: اسْمُ امرأَة؛ وَفِي الْمَثَلِ: هَاجَتْ زَبْراءُ؛ وَهِيَ هَاهُنَا اسْمُ خَادِمٍ كَانَتْ للأَحنف بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَتْ سَليطة فَكَانَتْ إِذا غَضِبَتْ قَالَ الأَحنف: هَاجَتْ زَبْراءُ، فَصَارَتْ مَثَلًا لِكُلِّ أَحد حَتَّى يُقَالَ لِكُلِّ إِنسان إِذا هَاجَ غَضَبُهُ: هَاجَتْ زَبْراؤُه، وزَبْرَاءُ تأْنيث الأَزْبَرِ مِنَ الزُّبْرَةِ، وَهِيَ مَا بَيْنَ كَتِفَيِ الأَسد مِنَ الوَبَرِ. وزَبير وزُبَيْر ومُزَبَّرٌ. أَسماء. وازْبَأَرَّ الرجلُ: اقْشَعَرَّ. وازْبَأَرَّ الشَّعَرُ والوَبَرُ والنباتُ: طَلَعَ ونَبَتَ. وازْبَأَرَّ الشَّعْرُ: انْتَفَشَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَهَا ثُنَنٌ كَخَوافي العُقابِ ... سُودٌ، يَفينَ إِذا تَزْبَئِرْ
وازْبَأَرَّ لِلشَّرِّ: تهيأَ. وَيَوْمٌ مُزْبَئِرّ: شَدِيدٌ مَكْرُوهٌ. وازْبَأَرَّ الكلبُ: تَنَفَّشَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا وَهُوَ المَرَّارُ بن مُنْقِذ الحنظلي:
__________
(1) . قوله: [وإِن قَالَ عَاوٍ مَنْ مَعَدٍّ إلخ] الذي في الصحاح: إِذا قال غاو من تنوخ إلخ(4/317)
فَهْوَ وَرْدُ اللَّوْنِ فِي ازْبِئْرَارِه، ... وكُمَيْتُ اللَّوْنِ مَا لَمْ يَزْبَئِرْ
قَدْ بَلَوْناهُ عَلَى عِلَّاتِهِ، ... وَعَلَى التَّيْسِير مِنْهُ والضُّمُر
الْوَرْدُ: بَيْنَ الْكُمَيْتِ، وَهُوَ الأَحمر، وَبَيْنَ الأَشقر؛ يَقُولُ: إِذا سَكَنَ شَعَرُهُ اسْتَبَانَ أَنه كُمَيْتٌ وإِذا ازْبَأَرَّ اسْتَبَانَ أُصول الشَّعَرِ، وأُصوله أَقل صبْغاً مِنْ أَطرافه، فَيَصِيرُ فِي ازْبِئْرارِه وَرْداً، وَالتَّيْسِيرُ هُوَ أَن يَتَيَسَّرَ الْجَرْيُ ويتهيأَ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: أَنَّ هِيَ هَرَّتْ وازْبَأَرَّتْ فَلَيْسَ لَهَا ...
أَي اقْشَعَرَّتْ وَانْتَفَشَتْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الزُّبْرَةِ، وَهِيَ مُجْتَمَعُ الوَبَرِ فِي الْمِرْفَقَيْنِ والصَّدر. وَفِي حَدِيثِ
صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: كَيْفَ وجدتَ زَبْرا، أَأَقِطاً وتَمْراً، أَو مُشْمَعِلًّا صَقْراً؟
الزَّبْرُ، بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا: هُوَ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ، وَهُوَ مُكَبَّرُ الزُّبَيْر، تَعْنِي ابْنَهَا، أَي كَيْفَ وَجَدْتَهُ كَطَعَامٍ يُؤْكَلُ أَو كَالصَّقْرِ. والزَّبِيرُ: اسْمُ الْجَبَلِ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْبَاءِ، وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ. ابْنُ الأَعرابي: أَزْبَرَ الرجلُ إِذا عَظُمَ، وأَزْبَرَ إِذا شَجُعَ. والزَّبِير: الرَّجُلُ الظريف الكَيّسُ.
زبطر: الزِّبَطْرَةُ، مِثَالُ القِمَطْرَةِ: ثَغْرٌ مِنْ ثُغُورِ الرُّومِ.
زبعر: رَجُلٌ زِبَعْرَى: شَكِسُ الخُلُق سَيِّئُه، والأُنثى زِبَعْراة، بِالْهَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَبِهِ سُمِّيَ ابْنُ الزِّبَعْرَى الشَّاعِرُ. والزِّبَعْرَى: الضَّخْمُ، وَحَكَى بَعْضُهُمُ الزَّبَعْرَى، بِفَتْحِ الزَّايِ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ فأَلفه مُلْحِقَةٌ لَهُ بِسَفَرْجَلٍ وأُذن زَبعْرَاةٌ وزِبَعْراةٌ: غَلِيظَةٌ كَثِيرَةُ الشَّعَرِ. قَالَ الأَزهري: وَمِنْ آذَانِ الْخَيْلِ زِبَعْراةٌ، وَهِيَ الَّتِي غَلُظَتْ وَكَثُرَ شَعَرُهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الزِّبَعْرَى الْكَثِيرُ شَعَرِ الْوَجْهِ وَالْحَاجِبَيْنِ واللِّحيَيْنِ. وجَمَلٌ زِبَعْرَى كَذَلِكَ. والزَّبْعَرُ: ضَرْبٌ مِنَ المَرْوِ وَلَيْسَ بِعَرِيضِ الْوَرَقِ، وَمَا عَرُضَ ورَقُه مِنْهُ فَهُوَ ماحُوزٌ. والزِّبَعْرِيُّ: ضَرْبٌ من السهام منسوب.
زبغر: الزَّبْغَرُ: بِفَتْحِ الزَّايِ وَتَقْدِيمِ الْبَاءِ عَلَى الْغَيْنِ: المَرْوُ الدِّقاقُ الوَرَقِ أَو هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَرْوُ ماحُوز أَو غيره، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ أَبا حَنِيفَةَ لأَنه يَقُولُ: إِنه الزَّغْبَر، بِتَقْدِيمِ الغين على الباء.
زبنتر: التَّهْذِيبِ فِي الْخُمَاسِيِّ: ابْنُ السِّكِّيتِ: الزَّبَنْتَرُ مِنَ الرِّجَالِ المُنكَرُ الدَّاهِيَةُ إِلى القِصَرِ مَا هُوَ؛ وأَنشد:
تَمَهْجَرُوا، وأَيُّما تَمَهْجُرِ، ... بَني اسْتِها، والجُنْدُعِ الزَّبَنْتَرِ
زجر: الزَّجْرُ: المَنْعُ والنهيُ والانْتِهارُ. زَجَرَهُ يَزْجُرُه زَجْراً وازْدَجَرَهُ فانْزَجَرَ وازْدَجَرَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَازْدُجِرَ فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ
. قَالَ: يُوضَعُ الازْدِجارُ مَوْضِعَ الانْزِجارِ فَيَكُونُ لَازِمًا، وَازْدُجِرَ كَانَ فِي الأَصل ازْتَجَرَ، فَقُلِبَتِ التَّاءُ دَالًا لِقُرْبِ مَخْرَجَيْهِمَا وَاخْتِيرَتِ الدَّالُ لأَنها أَليق بِالزَّايِ مِنَ التَّاءِ. وَفِي حَدِيثِ العَزْلِ:
كأَنه زَجَرَ
؛ أَي نَهَى عَنْهُ، وَحَيْثُ وَقَعَ الزَّجْرُ فِي الْحَدِيثِ
فإِنما يُرَادُ بِهِ النَّهْيُ.
وزَجَرَ السَّبُعَ والكلبَ وزَجَرَ بِهِ: نَهْنَهَهُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا هُوَ مِنِّي مَزْجَرَ الْكَلْبِ أَي بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ فَحَذَفَ وأَوصل، وَهُوَ مِنَ الظُّرُوفِ الْمُخْتَصَّةِ الَّتِي أُجريت مَجْرَى غَيْرِ الْمُخْتَصَّةِ. قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَرْفَعُ بِجَعْلِ الْآخَرِ(4/318)
هُوَ الأَوّل، وَقَوْلُهُ:
مَنْ كانَ لَا يَزْعُمُ أَنِّي شاعِرُ، ... فَلْيَدْنُ منِّي تَنهَهُ المَزاجِرُ
عَنَى الأَسباب الَّتِي مِنْ شأْنها أَن تَزْجُرَ، كَقَوْلِكَ نَهَتْهُ النَّواهِي، وَيُرْوَى:
مَنْ كَانَ لَا يَزْعُمُ أَني شَاعِرُ، ... فَيَدْنُ مِنِّي....
أَراد فَلْيَدْنُ فَحَذَفَ اللَّامَ، وَذَلِكَ أَن الْخَبْنَ فِي مِثْلِ هَذَا أَخف عَلَى أَلسنتهم والإِتمام عَرَبِيٌّ. وزَجَرْتُ الْبَعِيرَ حَتَّى ثَارَ ومَضَى أَزْجُرُهُ زَجْراً، وزَجَرْتُ فُلَانًا عَنِ السُّوءِ فانْزَجَرَ، وَهُوَ كالرَّدْع للإِنسان، وأَما لِلْبَعِيرِ فَهُوَ كَالْحَثِّ بِلَفْظٍ يَكُونُ زَجْراً لَهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الزَّجْرُ النَّهْرُ، والزَّجْرُ لِلطَّيْرِ وَغَيْرِهَا التَّيَمُّنُ بِسُنُوحِها والتَّشَاؤُمُ بِبُروحِها، وإِنما سُمِّيَ الكاهنُ زَاجِراً لأَنه إِذا رَأَى مَا يَظُنُّ أَنه يَتَشَاءَمُ بِهِ زَجَرَ بِالنَّهْيِ عَنِ المُضِيِّ فِي تِلْكَ الْحَاجَةِ بِرَفْعِ صَوْتٍ وَشِدَّةٍ، وَكَذَلِكَ الزَّجْرُ لِلدَّوَابِّ والإِبل وَالسِّبَاعِ. اللَّيْثُ: الزَّجْرُ أَن تَزْجُرَ طَائِرًا أَو ظَبْياً سانِحاً أَو بارِحاً فَتَطَيَّرَ مِنْهُ، وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الطِّيَرَةِ. والزَّجْرُ: العِيافَةُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التَّكَهُّن؛ تَقُولُ: زَجَرْتُ أَنه يَكُونُ كَذَا وَكَذَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ شُرَيْحٌ زَاجِراً شاعِراً
؛ الزَّجْرُ لِلطَّيْرِ هُوَ التَّيَمُّنُ والتَّشَاؤُمُ بِهَا والتَّفَؤُّلُ بِطَيَرَانِهَا كالسَّانِحِ والبارِحِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الكَهَانَة والعِيَافَةِ. وزَجَرَ الْبَعِيرَ أَي سَاقَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ قرأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ من ثلاثٍ، فَهُوَ زَاجِرٌ
؛ مَنْ زَجَرَ الإِبلَ يَزْجُرُها إِذا حَثَّها وحَمَلها عَلَى السُّرْعَةِ، وَالْمَحْفُوظُ رَاجِزٌ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَسَمِعَ وَرَاءَهُ زَجْراً
؛ أَي صِياحاً عَلَى الإِبل وحَثّاً. قَالَ الأَزهري: وزَجْرُ الْبَعِيرِ أَن يُقَالَ لَهُ: حَوْبٌ، وَلِلنَّاقَةِ: حَلْ. وأَما البغلُ فَزَجْرُه: عَدَسْ، مَجْزُومٌ؛ ويُزْجَرُ السَّبُعُ فَيُقَالُ لَهُ: هَجْ هَجْ وجَهْ جَهْ وجَاه جَاه. ابْنُ سِيدَهْ: وزَجَرَ الطائِرَ يَزْجُرُه زَجْراً وازْدَجَرَهُ تَفَاءَلَ بِهِ وتَطَيَّر فَنَهَاهُ ونَهَرَهُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَلَيْسَ ابنُ حَمْراءِ العِجَانِ بِمُفْلِتِي، ... وَلَمْ يَزْدَجِرْ طَيْرَ النُّحوسِ الأْشَائم
والزَّجُورُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تَدِرُّ عَلَى الْفَصِيلِ إِذا ضُرِبَتْ، فإِذا تُرِكَتْ مَنَعَتْهُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا تَدِرُّ حَتَّى تُزْجَرَ وتُنْهَرَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ العَلُوقِ زَجُورٌ؛ قَالَ الأَخطل:
والحَرْبُ لاقِحَةٌ لهُنَّ زَجُورُ
وَهِيَ الَّتِي تَرْأَمُ بأَنفها وتَمْنَعُ دَرَّها. الْجَوْهَرِيُّ: الزَّجُورُ مِنَ الإِبل الَّتِي تَعْرِفُ بعَيْنِها وتُنْكِرُ بأَنفها. وَبَعِيرٌ أَزْجَرُ: فِي فَقَارِه انْخِزَالٌ مِنْ داءٍ أَو دَبَرٍ. وزَجَرَتِ الناقةُ بِمَا فِي بَطْنِهَا زَجْراً رَمَتْ بِهِ وَدَفَعَتْهُ. والزَّجْرُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ عِظامٌ صِغارُ الحَرْشَفِ، وَالْجَمْعُ زُجُورٌ، يَتَكَلَّمُ بِهِ أَهل الْعِرَاقِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَحسبه عَرَبِيًّا، والله أَعلم.
زحر: الزَّحِيرُ والزُّحارُ والزُّحارَةُ: إِخراجُ الصَّوْتِ أَو النَّفَسِ بأَنِينٍ عِنْدَ عَمَلٍ أَو شدَّةٍ؛ زَحَرَ يَزْحَرُ ويَزْحِرُ زَحِيراً وزُحاراً وزَحَّرَ وتَزَحَّرَ. وَيُقَالُ للمرأَة إِذا وَلَدَتْ وَلَدًا: زَحَرَتْ بِهِ وتَزَحَّرَتْ عَنْهُ؛ قَالَ:
إِنِّي زَعِيمٌ لَكِ أَنْ تَزَحَّرِي ... عَنْ وَارِمِ الجَبْهَةِ، ضَخْمِ المَنْخَرِ(4/319)
وحكى اللِّحْيَانِيُّ: زُحِرَ الرجلُ عَلَى صِيغَةِ فُعِلَ مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ مِنَ الزَّحِير، فَهُوَ مَزْحُورٌ، وَهُوَ يَتَزَحَّرُ بِمَالِهِ شُحّاً كأَنه يَئِنُّ ويَتَشَدَّدُ. وَرَجُلٌ زُحَرٌ وزَحْرانُ وزَحَّارٌ: بَخِيلٌ يَئِنُّ عِنْدَ السُّؤَالِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، فأَما قَوْلُهُ:
أَراكَ جَمَعْتَ مَسْأَلَةً وحِرْصاً، ... وَعِنْدَ الفَقْرِ زَحَّاراً أُنَانَا
فإِنه أَراد زَحِيراً فَوَضَعَ الِاسْمَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ، كَمَا قَالَ: عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّها؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ وأَورد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى زَحَّار، وَلَمْ يُعَلِّلْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا أَراد بِهِ وَنَسَبَهُ إِلى بَعْضِ كَلْبٍ وَقَالَ: أَنشده الْفَرَّاءُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلْمُغِيرَةِ بْنُ حَبْنَاءَ يُخَاطِبُ أَخاه صَخْراً وَكُنْيَةُ صَخْرٍ أَبو لَيْلَى، وَقَبْلَهُ:
بَلَوْنا فَضْلَ مالِكَ يَا ابْنَ لَيْلَى، ... فَلَمْ تَكُ عِنْدَ عُسْرَتِنا أَخانا
وَقَالَ: أُنَاناً مَصْدَرُ أَنَّ يَئِنُّ أَنِيناً وأُناناً كَزَحَرَ يَزْحِرُ زَحِيراً وزُحاراً؛ يَقُولُ: بَلَوْنَا فَضْلَ مَالِكَ عِنْدَ حَاجَتِنَا إِليه فَلَمْ نَنْتَفِعْ بِهِ وَمَعَ هَذَا إِنك جَمَعْتَ مسأَلة النَّاسِ والحِرْصَ عَلَى مَا فِي أَيديهم وعند ما يَنُوبُكَ مِنْ حَقٍّ تَزْحَرُ وتَئِنُّ. والزُّحَارُ: دَاءٌ يأْخذ الْبَعِيرَ فَيَزْحَرُ مِنْهُ حَتَّى يَنْقَلِبَ سُرْمُه فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ. والزَّحِيرُ: تقطيعٌ فِي الْبَطْنِ يُمَشِّي دَماً. الْجَوْهَرِيُّ: الزَّحِير استطلاقُ البَطْنِ، وَكَذَلِكَ الزُّحارُ، بِالضَّمِّ. وزَحَرَهُ بِالرُّمْحِ زَحْراً: شَجَّهُ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَيْسَ بثَبَتٍ. وزَحْرٌ: اسم رجل.
زخر: زَخَرَ البَحْرُ يَزْخَرُ زَخْراً وزُخُوراً وتَزَخَّرَ: طَمَا وَتَملَّأَ. وزَخَرَ الوادِي زَخْراً: مَدَّ جِدّاً وَارْتَفَعَ، فَهُوَ زاخِرٌ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَزَخَرَ البَحْرُ
أَي مَدَّ وكَثُرَ ماؤُه وَارْتَفَعَتْ أَمواجه. وزَخَر القومُ: جَاشُوا لِنَفِيرٍ أَو حَرْبٍ؛ وَكَذَلِكَ زَخَرَتِ الحربُ نفسُها؛ قَالَ:
إِذا زَخَرَتْ حَرْبٌ لِيَوْمِ عَظِيمَةٍ، ... رأَيتَ بُحُوراً مِنْ نُحُورِهِمُ تَطْمُو
وزَخَرَتِ القِدْرُ تَزْخَرُ زَخْراً: جاشَتْ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
فَقُدُورُه بِفِنائِهِ، ... للضَّيْفِ، مُتْرَعَةٌ زَواخِرْ
وعِرْقٌ زاخِرٌ: وافِرٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
صَنَاعٌ بِإِشْفَاها، حَصَانٌ بِشَكْرِها، ... جَوَادٌ بقُوتِ البَطْنِ، والعِرْقُ زَاخِرُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَعْنَاهُ يُقَالُ إِنها تَجُودُ بِقُوتِهَا فِي حَالِ الْجُوعِ وَهَيَجَانِ الدَّمِ وَالطَّبَائِعِ، وَيُقَالُ: نَسَبُهَا مُرْتَفِعٌ لأَن عِرْقَ الْكَرِيمِ يَزْخَرُ بالكَرَمِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: عِرق فُلَانٍ زَاخِرٌ إِذا كَانَ كَرِيمًا يَنْمِي. وزَخَرَ النباتُ: طَالَ، وإِذا الْتَفَّ النَّبَاتُ وَخَرَجَ زَهْرُهُ قِيلَ: قَدْ أَخذ زُخاريَّهُ. وزَخَرَتْ رِجْلُه زَخْراً: مَدَّتْ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَكَلَامٌ زَخْوَرِيٌّ: فِيهِ تَكبر وتَوَعُّدٌ، وَقَدْ تَزَخْوَرَ. ونَبْتٌ زَخْوَرٌ وزَخْوَرِيٌّ وزُخارِيٌّ: تامٌّ رَيَّانُ. الأَصمعي: إِذا الْتَفَّ العشبُ وأَخرج زَهْرَهُ قِيلَ: جَنَّ جُنُوناً وَقَدْ أَخذ زُخارِيَّهُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
ويَرْتَعِيانِ لَيْلَهُما قَرَاراً، ... سَقَتْهُ كلُّ مُدْجِنَةٍ هَمُوعِ
زُخارِيَّ النَّباتِ، كأَنَّ فِيهِ ... جِيادَ العَبْقَرِيَّةِ والقُطُوعِ(4/320)
وَيُقَالُ: مَكَانٌ زُخارِيُّ النَّبَاتِ، وزُخارِيُّ النَّبَاتِ: زَهْرُهُ. وأَخذ النباتُ زُخارِيَّهُ أَي حَقَّه مِنَ النَّضارة وَالْحُسْنِ. وأَرض زَاخِرَةٌ. أَخذت زُخارِيَّها. أَبو عَمْرٍو: الزَّاخِرُ الشَّرَفُ الْعَالِي. وَيُقَالُ لِلْوَادِي إِذا جَاشَ مَدُّه وطمَا سَيْلُه: زَخَرَ يَزْخَرُ زَخْراً، وَقِيلَ: إِذا كَثُرَ مَاؤُهُ وَارْتَفَعَتْ أَمواجه، قَالَ: وإِذا جَاشَ الْقَوْمُ للنَّفِير، قِيلَ: زَخَروا. وَقَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ مُبْتَكِراً يَقُولُ: زاخَرْتُه فَزَخَرْتُه وفاخَرْتُه فَفَخَرْتُه، وَقَالَ الأَصمعي: فَخَرَ بِمَا عِنْدَهُ وزَخَرَ واحدٌ.
زدر: جَاءَ فلانٌ يَضْرِبُ أَزْدَرَيْهِ وأَسْدَرَيْهِ إِذا جَاءَ فَارِغًا؛ كَذَلِكَ حَكَاهُ يَعْقُوبُ بِالزَّايِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الزَّايَ مُضَارَعَةٌ وإِنما أَصلها الصَّادُ وَسَنَذْكُرُهُ فِي الصَّادِ لأَن الأَصْدَرَيْنِ عِرْقانِ يَضْرِبانِ تَحْتَ الصُّدْغَيْنِ، لَا يُفْرَدُ لَهُمَا وَاحِدٌ. وقرأَ بَعْضُهُمْ: يَوْمَئِذٍ يَزْدُرُ النَّاسُ أَشتاتاً، وَسَائِرُ الْقُرَّاءِ قرأُوا: يَصْدُرُ، وَهُوَ الْحَقُّ.
زرر: الزِّرُّ: الَّذِي يُوضَعُ فِي الْقَمِيصِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الزِّرُّ العُرْوَةُ الَّتِي تُجْعَلُ الحَبَّةُ فِيهَا. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِزِرِّ الْقَمِيصِ الزِّيرُ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقْلِبُ أَحد الْحَرْفَيْنِ الْمُدْغَمَيْنِ فَيَقُولُ فِي مَرٍّ مَيْرٍ وَفِي زِرٍّ زِيرٍ، وَهُوَ الدُّجَةُ؛ قَالَ: وَيُقَالُ لعُرْوَتِهِ الوَعْلَةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الزِّرُّ الجُوَيْزَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي عُرْوَةِ الْجَيْبِ. قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ فِي الزِّرِّ مَا قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ إِنه العُرْوَةُ والحَبَّة تُجْعَلُ فِيهَا. والزِّرُّ: وَاحِدُ أَزرار الْقَمِيصِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَلْزَمُ مِنْ زِرٍّ لعُرْوَة، والجمع أَزْرَارٌ وزُرُورٌ؛ قَالَ مُلْحَةُ الجَرْمِيُّ:
كأَنَّ زُرورَ القُبْطُرِيَّة عُلِّقَتْ ... عَلائِقُها مِنْهُ بِجِذْعٍ مُقَوَّمِ «2»
. وَعَزَاهُ أَبو عُبَيْدٍ إِلى عَدِيِّ بْنِ الرِّقَاعِ. وأَزَرَّ القميصَ: جَعَلَ لَهُ زِرّاً. وأَزَرَّهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ زِرٌّ فَجَعَلَهُ لَهُ. وزَرَّ الرجلُ: شَدَّ زِرَّه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. أَبو عُبَيْدٍ: أَزْرَرْتُ الْقَمِيصَ إِذا جعلت له أَزْرَاراً. وزَرَرْتهُ إِذا شَدَدْتُ أَزْرارَهُ عَلَيْهِ؛ حَكَاهُ عَنِ الْيَزِيدِيِّ. ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ فِعْلٍ وفُعْلٍ بِاتِّفَاقِ الْمَعْنَى: خِلْبُ الرَّجُلِ وخُلْبُه، والرِّجْز والرُّجْز، والزِّرُّ والزُّرُّ. قَالَ: حَسِبْتُهُ أَراد زِرَّ الْقَمِيصِ، وعِضْو وعُضو، والشُّحُّ والشِّحُّ الْبُخْلُ، وَفِي حَدِيثِ
السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ فِي وَصْفِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ: أَنه رأَى خَاتَمَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي كَتِفِهِ مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ
، أَراد بِزِرِّ الحَجَلَة جَوْزَةً تَضُمُّ العُرْوَةَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الزِّر واحد الأَزْرَارِ التي تشدّ بِهَا الكِلَلُ وَالسُّتُورُ عَلَى مَا يَكُونُ فِي حَجَلَةِ الْعَرُوسِ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ، وَيُرِيدُ بالحَجَلَةِ القَبَجَة، مأْخوذ مِنْ أَزَرَّتِ الجَرَادَةُ إِذا كَبَسَتْ ذَنِبَهَا فِي الأَرض فَبَاضَتْ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ بإِسناده عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: كَانَ خَاتَمَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ غُدَّةً حَمْرَاءَ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ. والزَّرُّ، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرُ زَرَرْتُ الْقَمِيصَ أَزُرُّه، بِالضَّمِّ، زَرًّا إِذا شَدَدْتَ أَزْرَارَهُ عَلَيْكَ. يُقَالُ: ازْرُرْ عَلَيْكَ قَمِيصَكَ وزُرَّه وزُرُّه وزُرِّه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ غَلَطٌ وإِنما يَجُوزُ إِذا كَانَ بِغَيْرِ الْهَاءِ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ: زُرَّ وزُرُّ وزُرِّ، فَمَنْ كَسَرَ فَعَلَى أَصل الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَمِنْ فتح فلطلب الخفة،
__________
(2) . قوله: [علائقها] كذا بالأَصل. وفي موضعين من الصحاح: بنادكها أَي بنادقها، ومثله في اللسان وشرح القاموس في مادة قبطر(4/321)
وَمَنْ ضَمَّ فَعَلَى الإِتباع لِضَمِّةِ الزَّايَ، فأَما إِذا اتَّصَلَ بِالْهَاءِ الَّتِي هِيَ ضَمِيرُ الْمُذَكَّرِ كَقَوْلِكَ زُرُّه فإِنه لَا يَجُوزُ فِيهِ إِلا الضَّمُّ لأَن الْهَاءَ حَاجِزٌ غَيْرُ حَصِينٍ، فكأَنه قَالَ: زُرُّوه، وَالْوَاوُ السَّاكِنَةُ لَا يَكُونُ مَا قَبْلَهَا إِلا مَضْمُومًا، فإِن اتَّصَلَ بِهِ هَاءُ الْمُؤَنَّثِ نَحْوُ زُرَّها لَمْ يَجُزْ فِيهِ إِلا الْفَتْحُ لِكَوْنِ الْهَاءِ خَفِيَّةً كأَنها مُطَّرَحَةٌ فَيَصِيرُ زُرَّها كأَنه زُرَّا، والأَلف لَا يَكُونُ مَا قَبْلَهَا إِلا مَفْتُوحًا. وأَزْرَرْتُ الْقَمِيصَ إِذا جعلت له أَزْرَاراً فَتَزَرَّرَ؛ وأَما قَوْلُ المَرَّار:
تَدِينُ لمَزْرُورٍ إِلى جَنْبِ حَلْقَةٍ ... مِنَ الشَّبْهِ، سَوَّاها بِرِفْقٍ طَبِيبُها
فإِنما يَعْنِي زِمَامَ النَّاقَةِ جَعَلَهُ مَزْرُورًا لأَنه يُضَفَّرُ وَيُشَدُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ لِمَرَّارِ بْنِ سَعِيدٍ الْفَقْعَسِيِّ، وَلَيْسَ هُوَ لِمَرَّارِ بْنِ مُنْقِذٍ الْحَنْظَلِيِّ، وَلَا لِمَرَّارِ بْنِ سَلَامَةَ الْعِجْلِيِّ، وَلَا لِمَرَّارِ بْنِ بَشِيرٍ الذُّهْلِيِّ؛ وَقَوْلُهُ: تَدِينُ تُطِيعُ، وَالدِّينُ الطَّاعَةُ، أَي تُطِيعُ زِمَامَهَا فِي السَّيْرِ فَلَا يَنَالُ رَاكِبُهَا مَشَقَّةً. وَالْحَلْقَةُ مِنَ الشَّبَهِ وَالصُّفْرِ تَكُونُ فِي أَنف النَّاقَةِ وَتُسَمَّى بُرَةً، وإِن كَانَتْ مِنْ شَعْرٍ فَهِيَ خِزَامةٌ، وإِن كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ فَهِيَ خِشَاش. وَقَوْلُ
أَبي ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنه لَزِرُّ الأَرض الَّذِي تَسْكُنُ إِليه وَيَسْكُنُ إِليها وَلَوْ فُقِدَ لأَنكرتم الأَرض وأَنكرتم النَّاسَ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: تَثْبُتُ بِهِ الأَرض كَمَا يَثْبُتُ الْقَمِيصُ بِزِرِّهِ إِذا شُدَّ بِهِ.
ورأَى عَلِيٌّ أَبا ذَرٍّ فَقَالَ أَبو ذَرٍّ لَهُ: هَذَا زِرُّ الدِّينِ
؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَعْنَاهُ أَنه قِوَامُ الدِّينِ كَالزِّرِّ، وَهُوَ العُظَيْمُ الَّذِي تَحْتَ الْقَلْبِ، وَهُوَ قِوَامُهُ. وَيُقَالُ لِلْحَدِيدَةِ الَّتِي تُجْعَلُ فِيهَا الْحَلْقَةُ الَّتِي تُضْرَبُ عَلَى وَجْهِ الْبَابِ لإِصفاقه: الزِّرَّةُ؛ قَالَهُ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ. والأَزْرَارُ: الْخَشَبَاتُ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا رأْس عَمُودِ الْخِبَاءِ، وَقِيلَ: الأَزْرَارُ خَشَبَاتٌ يُخْرَزْنَ فِي أَعلى شُقَقِ الْخِبَاءِ وأُصولها فِي الأَرض، وَاحِدُهَا زِرٌّ، وزَرَّها: عَمِلَ بِهَا ذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
كَأَنَّ صَقْباً حَسَنَ الزَّرْزِيرِ ... فِي رأْسِها الراجفِ والتَّدْمِيرِ «3»
. فَسَّرَهُ فَقَالَ: عَنَى بِهِ أَنها شَدِيدَةُ الخَلْقِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه عَنَى طُولَ عُنُقِهَا شَبَّهَهُ بِالصَّقْبِ، وَهُوَ عَمُودُ الْخِبَاءِ. والزِّرَّان: الوَابِلَتَانِ، وَقِيلَ: الزِّرُّ النُّقْرَةُ الَّتِي تَدُورُ فِيهَا وَابِلَةُ كَتِف الإِنسان. والزِّرَّانِ: طَرَفَا الْوَرِكَيْنِ فِي النُّقْرَةِ. وزِرُّ السيف: خَدُّه. وَقَالَ مُجَرِّسُ «4» . بْنُ كُلَيْبٍ فِي كَلَامٍ لَهُ: أَمَا وسَيْفي وزِرَّيه، وَرُمْحِي ونَصْلَيْه، لَا يَدَعُ الرجلُ قاتِلَ أَبيه وَهُوَ يَنْظُرُ إِليه؛ ثُمَّ قَتَلَ جَسَّاساً، وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَتَلَ أَباه، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْحَسَنِ الرَّعْيَةِ للإِبل: إِنه لَزِرٌّ مِنْ أَزرارها، وإِذا كَانَتِ الإِبل سِمَاناً قِيلَ: بِهَا زِرَّة»
؛ وإِنه لَزِرٌّ مِنْ أَزْرَارِ الْمَالِ يُحْسِنُ القيامَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إِنه لَزِرُّ مَالٍ إِذا كَانَ يَسُوقُ الإِبل سَوْقًا شَدِيدًا، والأَوَّل الْوَجْهُ. وإِنه لَزُرْزُورُ مَالٍ أَي عَالَمٌ بِمَصْلَحَتِهِ. وزَرَّهُ يَزُرُّهُ زَرّاً: عَضَّهُ. والزِّرَّة: أَثر الْعَضَّةِ. وزَارَّه: عاضَّهُ قَالَ أَبو الأَسود «6» . الدُّؤَليُّ وسأَل
__________
(3) . قوله: [حسن الزرزير] كذا بالأصل ولعله التزرير أَي الشدّ
(4) . [المشهور في التاريخ أن اسمه الهِجْرِس لا مُجَرّس
(5) . قوله: [قيل بها زرة] كذا بالأصل على كون بها خبراً مقدماً وزرة مبتدأ مؤخراً، وتبع في هذا الجوهري. قال المجد: وقول الجوهري بها زرّة تصحيف قبيح وتحريف شنيع، وإِنما هي بها زرة على وزن فعاللة وموضعه فصل الباء انتهى
(6) . قوله: [قال أَبو الأَسود إِلخ] بهامش النهاية ما نصه: لقي أبو الأَسود الدؤلي ابن صديق له، فقال: ما فعل أَبوك؟ قال: أخذته الحمى ففضخته فضخاً وطبخته طبخاً ورضخته رضخاً وتركته فرخاً. قال: فما فعلت امرأته التي كانت تزارّه وتمارّه وتشارّه وتهارّه؟ قال: طلقها فتزوّج غيرها فحظيت عنده ورضيت وبظيت. قال أَبو الأَسود: فما معنى بظيت؟ قال: حرف من اللغة لم تدر من أي بيض خرج ولا في أي عش درج. قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي لا خبر لك فيما لم أَدر انتهى(4/322)
رَجُلًا فَقَالَ: مَا فَعَلَتِ امرأَة فُلَانٍ الَّتِي كَانَتْ تُشارُّه وتُهَارُّه وتُزَارُّه؟ المُزَارَّةُ مِنَ الزَّرِّ، وَهُوَ العَضُّ. ابْنُ الأَعرابي: الزِّرُّ حَدُّ السَّيْفِ، والزَّرُّ العَضُّ، والزِّرُّ قِوَامُ الْقَلْبِ، والمُزَارَّةُ المُعاضَّةُ، وحِمارٌ مِزَرّ، بِالْكَسْرِ: كَثِيرُ الْعَضِّ. والزَّرَّةُ: الْعَضَّةُ، وَهِيَ الْجِرَاحَةُ بِزِرِّ السَّيْفِ أَيْضًا. والزِّرَّةُ: الْعَقْلُ أَيضاً؛ يُقَالُ زَرَّ يَزُرُّ إِذا زَادَ عُقْلُهُ وتَجارِبُهُ، وزَرِرَ إِذا تَعَدَّى عَلَى خَصْمِهِ، وزَرَّ إِذا عَقَلَ بَعْدَ حُمْقٍ. والزَّرُّ: الشَّلُّ وَالطَّرْدُ؛ يُقَالُ: هُوَ يَزُرُّ الكتائبَ بِالسَّيْفِ؛ وأَنشد:
يَزُرُّ الكتائبَ بِالسَّيْفِ زَرَّا
والزَّرِيرُ: الْخَفِيفُ الظَّرِيفُ. والزَّرِيرُ: العاقلُ. وزَرَّهُ زَرّاً: طَرَدَهُ. وزَرَّهُ زَرّاً: طَعَنَهُ. والزَّرُّ: النَّتْفُ. وزَرَّ عَيَّنَهُ وزَرَّهما: ضَيَّقَهما. وزَرَّتْ عَيْنُهُ تَزِرُّ، بِالْكَسْرِ، زَرِيراً وَعَيْنَاهُ تَزِرَّانِ زَرِيراً أَي تَوَقَّدانِ. والزَّرِيرُ: نَبَاتٌ لَهُ نَوْرٌ أَصفر يُصْبَغُ بِهِ؛ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ. والزُّرْزُرُ: طَائِرٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: والزُّرْزُورُ طَائِرٌ، وَقَدْ زَرْزَرَ بِصَوْتِهِ. والزُّرْزُورُ، وَالْجَمْعُ الزَّرَازِرُ: هَنَاتٌ كَالْقَنَابِرِ مُلْسُ الرؤوس تُزَرْزِرُ بأَصواتها زَرْزَرَةً شَدِيدَةً. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: زَرْزَرَ الرَّجُلُ إِذا دَامَ عَلَى أَكل الزَّرازِرِ، وزَرْزَرَ إِذا ثَبَتَ بِالْمَكَانِ. والزَّرْزَارُ: الْخَفِيفُ السَّرِيعُ. الأَصمعي: فُلَانٌ كيِّس زُرَازِرٌ أَي وَقَّادٌ تَبْرُقُ عَيْنَاهُ؛ الْفَرَّاءُ: عَيْنَاهُ تَزِرَّان فِي رأْسه إِذا تَوَقَّدَتَا. وَرَجُلٌ زَرِيرٌ أَي خَفِيفٌ ذَكِيٌّ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
يَبِيتُ العَبْدُ يركَبُ أَجْنَبَيْهِ، ... يَخِرّ كأَنه كَعْبٌ زَرِير
وَرَجُلٌ زُرازِرٌ إِذا كَانَ خَفِيفًا، وَرِجَالٌ زَرازِرُ؛ وأَنشد:
وَوَكَرَى تَجْري عَلَى المَحاوِرِ، ... خَرْساءَ مِنْ تحتِ امْرِئٍ زُرازِرِ
وزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ: رَجُلٌ مِنْ قُرَّاءِ التَّابِعِينَ. وزُرَارَةُ: أَبو حَاجِبٍ. وزِرَّةُ: فَرَسُ العباس بن مرداس.
زعر: الزَّعَرُ فِي شَعَرِ الرأْس وَفِي رِيشِ الطَّائِرِ: قِلَّةٌ ورِقَّةٌ وتفرُّق، وَذَلِكَ إِذا ذَهَبَتْ أُصول الشَّعَرِ وَبَقِيَ شَكِيرُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنها خاضِبٌ زُعْرٌ قَوادِمُهُ، ... أَجْنَا لَهُ باللِّوَى آءٌ وتَنُّومُ
وَمِنْهُ قِيلَ للأَحْداثِ: زُعْرانٌ. وزَعِرَ الشَّعَرُ وَالرِّيشُ والوَبَرُ زَعَراً، وَهُوَ زَعِرٌ وأَزْعَرُ، وَالْجَمْعَ زُعْرٌ، وازْعَرَّ: قَلَّ وتَفَرَّقَ؛ وَزَعِرَ رأْسُه يَزْعَرُ زَعَراً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَن امرأَة قَالَتْ لَهُ: إِني امرأَة زَعْراءُ
أَي قَلِيلَةُ الشَّعْرِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَصِفُ الْغَيْثَ: أَخْرَجَ بِهِ مِنْ زُعْرِ الْجِبَالِ الأَعْشابَ
؛ يُرِيدُ الْقَلِيلَةَ النَّبَاتِ تَشْبِيهًا بِقِلَّةِ الشعر. والأَزْعَرُ: الموضع القليلة النَّبَاتِ. وَرَجُلٌ زَيْعَرٌ: قَلِيلُ الْمَالِ. والزَّعْراءُ: ضَرْبٌ مِنَ الخَوْخِ. وزَعَرَها يَزْعَرُها زَعْراً: نَكَحَهَا. وَفِي خُلُقِه زَعارَّة، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، مِثْلُ حَمارَّةِ الصَّيْفِ، وزَعَارَةٌ بِالتَّخْفِيفِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي شَرَاسَةٌ وسُوءُ خُلُقِ، لَا يَتَصَرَّفُ مِنْهُ فِعْلٌ، وَرُبَّمَا قَالُوا: زَعِرَ الخُلُق. والزُّعْرُورُ: السَّيِءُ الخُلُقِ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: رَجُلٌ زَعِرٌ. والزُّعْرُورُ: ثَمَرُ شَجَرَةٍ، الْوَاحِدَةُ(4/323)
زُعْرُورَةٌ، تَكُونُ حَمْرَاءَ وَرُبَّمَا كَانَتْ صَفْرَاءَ، لَهُ نَوًى صُلْبٌ مُسْتَدِيرٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: النُّلْكُ الزُّعْرُورُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ وَفِي التَّهْذِيبِ: الزُّعْرُورُ شَجَرَةُ الدُّبِّ. وزَعْوَرٌ: اسْمٌ. والزَّعْرَاءُ: مَوْضِعٌ. وزَعْرٌ، بِسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ.
زعبر: الزَّعْبَرِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ السهام.
زعفر: الزَّعْفَرَانُ: هَذَا الصِّبْغُ الْمَعْرُوفُ، وَهُوَ مِنَ الطِّيب. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهَى أَن يَتَزَعْفَرَ الرجلُ، وَجَمَعَهُ بَعْضُهُمْ وإِن كَانَ جِنْسًا فَقَالَ جَمْعُهُ زَعافِيرُ. الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُهُ زَعافِرُ مِثْلُ تَرْجُمانٍ وتَراجِمَ وصَحْصَحانٍ وصَحَاصِحَ. وزَعْفَرْتُ الثوبَ: صَبَغْتُهُ. وَيُقَالُ للفَالوذِ: المُلَوَّصُ والمُزَعْزَعُ والمُزَعْفَرُ. والزعفرانُ: فَرَسُ عُمير بْنِ الحُبَابِ. والمُزَعْفَرُ: الأَسَدُ الوَرْدُ لأَنه وَرْدُ اللَّوْنِ، وَقِيلَ: لِمَا عَلَيْهِ مِنْ أَثر الدَّمِ. والزَّعافِرُ: حَيٌّ مِنْ سعد العشيرة.
زغر: زَغَرَ الشيءَ يَزْغَرُهُ زَغْراً: اقْتَضَبَهُ «1» . والزَّغْرُ: الكَثْرَةُ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
بَلْ قَدْ أَتانِي ناصِحٌ عَنْ كاشِح، ... بِعَدَاوَةٍ ظَهَرَتْ، وزَغْرِ أَقاولِ
أَراد أَقاويل، حَذَفَ الْيَاءَ لِلضَّرُورَةِ. وزَغْرُ كُلِّ شَيْءٍ: كَثْرَتُهُ والإِفْراطُ فِيهِ. وزَغَرَت دِجْلَةُ: مَدَّتْ كَزَخَرَتْ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وزُغَرُ: اسْمُ رَجُلٍ. وزُغَرُ: قَرْيَةٌ بِمَشَارِفِ الشَّامِ. وعَيْنُ زُغَرَ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ؛ وأَما قَوْلُ أَبي دُوادٍ:
كَكِتابَة الزُّغَرِيّ، غَشَّاها ... مِنَ الذَّهَبِ الدُّلامِصْ
فإِن ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ: لَا أَدري إِلى أَي شَيْءٍ نَسَبَهُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وإِياها عنى أَبو دواد يَعْنِي الْقَرْيَةَ بِمَشَارِفِ الشَّامِ؛ قَالَ: وَقِيلَ زُغَرُ اسْمُ بِنْتِ لُوطٍ نَزَلَتْ بِهَذِهِ الْقَرْيَةِ فَسُمِّيَتْ بِاسْمِهَا. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
أَخْبِرُوني عَنْ عَيْنِ زُغَرَ هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ
؛ زُغَرُ بِوَزْنِ صُرَد عَيْنٌ بِالشَّامِ مِنْ أَرض الْبَلْقَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لَهَا، وَقِيلَ: اسْمُ امرأَة نُسِبَتْ إِليها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ هَذَا غَرَقٌ مِنْ زُغَرَ
؛ وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يُشِيرُ إِلى أَنها عَيْنٌ فِي أَرض الْبَصْرَةِ؛ قَالَ ابْنِ الأَثير: وَلَعَلَّهَا غَيْرُ الأُولى، فأَما زُعْرٌ، بِسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، فَمَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ.
زغبر: الزَّغْبَرُ: جَمِيعُ كُلِّ شَيْءٍ. أَخَذَ الشيءَ بِزَغْبَرِه أَي أَخذه كُلَّهُ وَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ بِزَوْبَرِه وبِزَابَرِه. وزَغْبَرٌ: ضَرْبٌ مِنَ السِّبَاعِ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ: وَلَا أَحقه. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الزَّغْبَرُ والزِّغْبَرُ جَمِيعًا المَرْوُ الدِّقاقُ الوَرَقِ «2» .... أَهو الَّذِي يُقَالُ له مَرْوُ ماحُوز أَو غَيْرُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ الزَّبْغَرُ، بِفَتْحِ الزَّايِ وَتَقْدِيمِ الْبَاءِ عَلَى الْغَيْنِ. أَبو زيد: زِبْئِرُ الثوب وزِغْبِرُه.
زفر: الزَّفْرُ والزَّفِيرُ: أَن يملأَ الرَّجُلُ صَدْرَهُ غَمًّا ثُمَّ هُوَ يَزْفِرُ بِهِ، وَالشَّهِيقُ «3» . النَّفَسُ ثُمَّ يُرْمَى بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: زَفَرَ يَزْفِرُ زَفْراً وزَفِيراً أَخرج نَفَسَه بَعْدَ مَدِّه، وإِزْفِيرٌ إِفْعِيلٌ مِنْهُ. والزَّفْرَةُ والزُّفْرَةُ: التَّنَفُّسُ. اللَّيْثُ: وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ
؛ الزَّفِيرُ: أَول نَهيق الحمار وشِبْهِهِ، والشَّهِيقُ:
__________
(1) . قوله: [اقتضبه] في القاموس: اغتصبه. قال شارحه: في بعض النسخ اقتضبه. وهو غلط
(2) . كذا بياض بالأصل
(3) . قوله: [والشهيق إلخ] كذا بالأصل ولعل هنا سقطاً(4/324)
آخِرُه، لأَن الزَّفِيرَ إِدخال النَّفْسِ وَالشَّهِيقَ إِخراجه، وَالِاسْمُ الزَّفْرَةُ، وَالْجَمْعُ زَفَرَاتٌ، بِالتَّحْرِيكِ، لأَنه اسْمٌ وَلَيْسَ بِنَعْتٍ؛ وَرُبَّمَا سَكَّنَهَا الشَّاعِرُ لِلضَّرُورَةِ، كَمَا قَالَ:
فَتَسْتَرِيح النَّفْسُ مِنْ زَفْراتِها
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الزَّفْرُ مِنْ شِدّةِ الأَنِينِ وَقَبِيحِهِ، وَالشَّهِيقُ الأَنين الشَّدِيدُ الْمُرْتَفِعُ جِدًّا، والزَّفِير اغْتِراقُ النَّفَسِ للشِّدَّةِ. والزُّفْرَةُ، بِالضَّمِّ: وَسَطُ الْفَرَسِ؛ يُقَالُ: إِنه لِعَظِيمُ الزُّفْرَةِ. وزُفْرَةُ كُلِّ شَيْءٍ وزَفْرَتُه: وَسَطُه. والزَّوافِرُ: أَضلاعُ الْجَنْبَيْنِ. وَبَعِيرٌ مَزْفُورٌ: شَدِيدُ تَلَاحُمِ الْمَفَاصِلِ. وَمَا أَشَدَّ زُفْرَتَهُ أَي هُوَ مَزْفُورُ الخَلْقِ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: إِنه لِعَظِيمُ الزُّفْرَةِ أَي عَظِيمُ الْجَوْفِ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
خِيطَ عَلَى زَفْرَةٍ فَتَمَّ، وَلَمْ ... يَرْجِعْ إِلى دِقَّةٍ، وَلَا هَضَمِ
يَقُولُ: كأَنه زَافِرٌ أَبداً مِنْ عَظْمِ جَوْفِهِ فكأَنه زَفَرَ فَخِيطَ عَلَى ذَلِكَ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ الرَّاعِي:
حُوزِيَّةٌ طُوِيَتْ عَلَى زَفَراتِها، ... طَيَّ القَنَاطِرِ قَدْ نَزَلْنَ نُزُولا
قَالَ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما كأَنها زَفَرَتْ ثُمَّ خَلِفَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: الزَّفْرَةُ الوَسَطُ. وَالْقَنَاطِرُ: الأَزَجُ. والزِّفْرُ، بِالْكَسْرِ: الحِمْل، وَالْجَمْعُ أَزْفارٌ؛ قَالَ:
طِوالُ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ لَمْ يَجِدوا ... رِيحَ الإِماء، إِذا رَاحَت بأَزْفارِ
والزَّفْرُ: الحَمْلُ. وازْدَفَرَهُ: حَمَلَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الزَّفْرُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ زَفَرَ الحِمْلَ يَزْفِرُهُ زَفْراً أَي حَمَلَهُ وازْدَفَرَهُ أَيضاً. وَيُقَالُ لِلْجَمَلِ الضَّخْمِ: زُفَرُ، والأَسد زُفَرُ، وَالرَّجُلُ الشُّجَاعُ زُفَر، وَالرَّجُلُ الجوادِ زُفَر. والزِّفْرُ: القِرْبَةُ. والزِّفْرُ: السِّقاء الَّذِي يَحْمِلُ فِيهِ الرَّاعِي مَاءَهُ، وَالْجَمْعُ أَزْفارٌ، وَمِنْهُ الزَّوافِرُ الإِماءُ اللَّوَاتِي يَحْمِلْنَ الأَزفار، والزَّافِرُ: المُعِينُ عَلَى حَمْلِها؛ وأَنشد:
يَا ابْنَ الَّتِي كانتْ زَماناً فِي النَّعَمْ ... تَحْمِلُ زَفْراً وتَؤُولُ بالغَنَمْ
وَقَالَ آخَرُ:
إِذا عَزَبُوا فِي الشَّاء عَنَّا رَأَيْتَهُمْ ... مَدالِيجَ بالأَزْفارِ، مثلَ العَوَاتِق
وزَفَرَ يَزْفِرُ إِذا اسْتَقَى فَحَمَلَ. والزُّفَرُ: السَّيِّدُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ زُفَرَ. شَمِرٌ: الزُّفَرُ مِنَ الرِّجَالِ الْقَوِيُّ عَلَى الحمالاتِ. يُقَالُ: زَفَرَ وازْدَفَرَ إِذا حَمَلَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
رِئاب الصُّدْوعِ، غِيَاث المَضُوع، ... لأْمَتُك الزُّفَرُ النَّوْفَلُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة كَانَتْ تَزْفِرُ القِرَبَ يَوْمَ خَيْبَرَ تَسْقِي الناسَ
؛ أَي تَحْمِلُ القرب المملوءة ماء. وفي الْحَدِيثِ:
كَانَ النِّسَاءُ يَزْفِرْنَ القِرَبَ يَسْقِينَ الناسَ فِي الغَزْوِ
؛ أَي يَحْمِلْنَهَا مَمْلُوءَةً مَاءً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَتْ أُمُّ سُلَيْطٍ تَزْفِرُ لَنَا القِرَبَ يومَ أُحُدٍ.
والزُّفَرُ: السَّيِّدُ؛ قَالَ أَعشى بَاهِلَةَ:
أَخُو رَغائِبَ يُعْطِيها ويَسْأَلُها، ... يَأْبَى الظُّلامَةَ مِنْهُ النَّوْفَلُ الزُّفَرُ
لأَنه يَزْدَفِرُ بالأَموال فِي الحَمَالات مُطِيقًا لَهُ، وَقَوْلُهُ مِنْهُ مُؤَكِّدَةٌ لِلْكَلَامِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ؛ وَالْمَعْنَى: يأْبى الظُّلَامَةُ لأَنه النَّوْفَلُ الزُّفَرُ.(4/325)
والزَّفِيرُ: الدَّاهِيَةُ، وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفِيرَا
وَفِي التَّهْذِيبِ: الزَّفِير الدَّاهِيَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والزِّفْرُ والزَّافِرَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. والزَّافِرَةُ: الأَنصار وَالْعَشِيرَةُ. وزَافِرَةُ الْقَوْمِ: أَنصارهم. الْفَرَّاءُ: جَاءَنَا وَمَعَهُ زَافِرَتُه يَعْنِي رَهْطُهُ وَقَوْمُهُ. وَيُقَالُ: هُمْ زافِرَتُهم عِنْدَ السُّلْطَانِ أَي الَّذِينَ يَقُومُونَ بأَمرهم. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: كَانَ إِذا خَلَا مَعَ صاغِيَتِهِ وزَافِرَتِهِ انْبَسَطَ
؛ زَافِرَةُ الرَّجُلِ: أَنصاره وخاصتَّه. وزَافِرَةُ الرُّمْحِ وَالسَّهْمِ: نَحْوَ الثُّلُثِ، وَهُوَ أَيضاً مَا دُونَ الرِّيشِ مِنَ السَّهْمِ. الأَصمعي: ما دون الريش من السَّهْمِ فَهُوَ الزَّافِرَةُ، وَمَا دُونُ ذَلِكَ إِلى وَسَطِهِ هُوَ المَتْنُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: زَافِرَةُ السَّهْمِ أَسفل مِنَ النَّصْلِ بِقَلِيلٍ إِلى النَّصْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: زَافِرَةُ السَّهْمِ مَا دُونُ الرِّيشِ مِنْهُ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: زَافِرَةُ السَّهْمِ مَا دُونُ ثُلْثَيْهِ مِمَّا يَلِي النَّصْلَ. أَبو الْهَيْثَمِ: الزَّافِرَةُ الْكَاهِلُ وَمَا يَلِيهِ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فِي جُؤْجُؤِ الفَرَسِ المُزْدَفَرُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَزْفِرُ مِنْهُ؛ وأَنشد:
ولَوْحا ذِرَاعَيْنِ فِي بِرْكَةٍ، ... إِلى جُؤْجُؤٍ حَسَنِ المُزْدَفَرْ
وزَفَرَتِ الأَرضُ: ظَهَرَ نَبَاتُهَا. والزَّفَرُ: الَّتِي يُدَعَّمُ بِهَا الشَّجَرُ. والزَّوافِرُ: خشبٌ تُقَامُ وتُعَرَّضُ عَلَيْهَا الدِّعَمُ لِتَجْرِيَ عَلَيْهَا نَوامِي الكَرْمِ. وزُفَرُ وزَافِرٌ وزَوْفَرٌ: أَسماء.
زقر: الزَّقْرُ: لُغَةٌ فِي الصَّقْرِ مضارعة.
زكر: زَكَرَ الإِناءَ: مَلأَهُ. وزَكَّرْتُ السِّقاء تَزْكِيراً وزَكَّتُّهُ تَزْكِيتاً إِذا ملأْته. والزُّكْرَةُ: وِعَاءٌ مِنْ أَدَمٍ، وَفِي الْمُحْكَمِ: زِقٌّ يُجْعَلُ فِيهِ شَرَابٌ أَو خَلٌّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الزُّكْرَةُ الزِّقُّ الصَّغِيرُ. الْجَوْهَرِيُّ: الزُّكرة، بِالضَّمِّ، زُقَيْقٌ لِلشَّرَابِ. وتَزَكَّرَ الشرابُ: اجْتَمَعَ. وتَزَكَّرَ بطنُ الصَّبِيِّ: عَظُمَ وحَسُنَتْ حَالُهُ. وتَزَكَّرَ بطنُ الصَّبِيِّ: امتلأَ. وَمِنَ العُنُوزِ الحُمْرِ عَنْزٌ حَمْراءُ زَكَرِيَّة. وعَنْزٌ زَكْرِيَّةٌ وزَكَرِيَّةٌ: شَدِيدَةُ الْحُمْرَةِ. وزَكَرِيٌّ: اسْمٌ. وَفِي التنزيل: وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا
؛ وَقُرِئَ:
وكَفَلَها زَكَرِيَّاءُ
، وَقُرِئَ:
زكريَّا
، بِالْقَصْرِ؛ قرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وأَبو عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ ويعقوب:
وَكَفَلَهَا
، خَفِيفٌ،
زَكَرِيَّاءُ
، مَمْدُودٌ مَهْمُوزٌ مَرْفُوعٌ، وقرأَ أَبو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ: وَكَفَّلَها، مُشَدَّدًا،
زَكَرِيَّاءُ
، مَمْدُودًا مَهْمُوزًا أَيضاً، وقرأَ حمزة والكسائي وَحَفْصٌ: وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا
، مَقْصُورًا فِي كُلِّ الْقُرْآنِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي زَكَرِيا أَربع لُغَاتٍ: زَكَرِيٌّ مِثْلُ عَرَبِيٍّ، وزَكَرِي، بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ، قَالَ: وَهَذَا مَرْفُوضٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَزَكَرِيَّا مَقْصُورٌ وَزَكَرِيَّاءُ مَمْدُودٌ الزَّجَّاجُ فِي زَكَرِيَّا ثَلَاثُ لُغَاتٍ هِيَ الْمَشْهُورَةُ: زَكَرِيَّاءُ الْمَمْدُودَةُ، وَزَكَرِيَّا بِالْقَصْرِ غَيْرَ مُنَوَّنٍ فِي الْجِهَتَيْنِ، وزَكَرِي بِحَذْفِ الأَلف غَيْرِ مُنَوَّنٍ، فأَما تَرْكُ صَرْفِهِ فإِن فِي آخِرِهِ أَلِف التأْنيث فِي الْمَدِّ وأَلف التأْنيث فِي الْقَصْرِ، وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: لَمْ يَنْصَرِفْ لأَنه أَعجمي، وَمَا كَانَتْ فِيهِ أَلف التأْنيث فَهُوَ سَوَاءٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ، وَيَلْزَمُ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ أَن يَقُولَ مَرَرْتُ بزكرياءَ وزكرياءٍ آخَرَ لأَن مَا كَانَ أَعجميّاً فَهُوَ يَنْصَرِفَ فِي النَّكِرَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَن تُصْرَفَ الأَسماء الَّتِي فِيهَا أَلف التأْنيث فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ لأَنها فِيهَا عَلَامَةُ التأْنيث، وأَنها مَصُوغَةٌ مَعَ الِاسْمِ صِيغَةً وَاحِدَةً فَقَدْ فَارَقَتْ هَاءَ التأْنيث، فَلِذَلِكَ لَمْ تُصْرَفْ فِي النَّكِرَةِ،(4/326)
وَقَالَ اللَّيْثُ: فِي زَكَرِيَّا أَربع لُغَاتٍ: تَقُولُ هَذَا زَكَرِيَّاءُ قَدْ جَاءَ وَفِي التَّثْنِيَةِ زَكَرِيَّاءانِ وَفِي الْجَمْعِ زَكَرِيَّاؤُونَ، وَاللُّغَةُ الثَّانِيَةُ هَذَا زَكَرِيَّا قَدْ جَاءَ وَفِي التَّثْنِيَةِ زَكَرِيَّيَانِ وَفِي الْجَمْعِ زَكَرِيُّون، وَاللُّغَةُ الثَّالِثَةُ هَذَا زَكَرِيٌّ وَفِي التَّثْنِيَةِ زَكَرِيَّانِ، كَمَا يُقَالُ مَدَنِيُّ ومَدَنِيَّانِ، وَاللُّغَةُ الرَّابِعَةُ هَذَا زَكَرِي بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَفِي التَّثْنِيَةِ زَكَرِيَانِ، الْيَاءُ خَفِيفَةٌ، وَفِي الْجَمْعِ زَكَرُونَ بِطَرْحِ الْيَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: فِي زَكَرِيَّا ثَلَاثُ لُغَاتٍ: الْمَدُّ وَالْقَصْرُ وَحَذْفُ الأَلف، فإِن مَدَدْتَ أَو قَصَرْتَ لَمْ تَصْرِفْ، وإِن حَذَفْتَ الأَلف صَرَفْتَ، وَتَثْنِيَةُ الْمَمْدُودِ زَكَرِيَّاوَانِ وَالْجَمْعُ زَكَرِيَّاوونَ وزَكَرِيَّاوين فِي الْخَفْضِ وَالنَّصْبِ، وَالنِّسْبَةُ إِليه زَكَرِيَّاوِيٌّ، وإِذا أَضفته إِلى نَفْسِكَ قُلْتَ زَكَرِيَّائِيَّ بِلَا وَاوٍ، كَمَا تَقُولُ حمرائيَّ، وَفِي التَّثْنِيَةِ زَكَرِيّاوَايَ بِالْوَاوِ لأَنك تَقُولُ زَكَرِيَّاوَانِ وَالْجَمْعُ زَكَرِيَّاوِيَّ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الرَّفْعُ والخفض والنصب كما يستويفي مسلميَّ وزَيْدِيَّ، وَتَثْنِيَةُ الْمَقْصُورِ زَكَرِيَّيان تُحَرَّكُ أَلف زَكَرِيَّا لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ فَتَصِيرُ يَاءً، وَفِي النَّصْبِ رأَيت زَكَرِيَّيَيْنِ وَفِي الْجَمْعِ هَؤُلَاءِ زَكَرِيُّونَ حَذَفْتَ الأَلف لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، وَلَمْ تُحَرِّكْهَا لأَنك لَوْ حَرَّكْتَهَا ضَمَمْتَهَا، وَلَا تَكُونُ الْيَاءُ مَضْمُومَةً وَلَا مَكْسُورَةً وَمَا قَبْلَهَا مُتَحَرِّكٌ وَلِذَلِكَ خالف التثنية.
زلنبر: التَّهْذِيبِ فِي الْخُمَاسِيِّ: رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ؛ قَالَ: وَلَدُ إِبليس خَمْسَةٌ: دَاسِمٌ وأَعور ومِسْوَطٌ وثَيْرٌ وزَلَنْبُورٌ. قَالَ سُفْيَانُ: زَلَنْبُورٌ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وأَهله ويُبَصِّرُ الرَّجُلَ عُيُوبَ أَهله.
زمر: الزَّمْرُ بالمِزْمارِ، زَمَرَ يَزْمِرُ ويَزْمُرُ زَمْراً وزَمِيراً وزَمَراناً: غَنَّى فِي القَصَبِ. وامرأَة زامِرَةٌ وَلَا يُقَالُ زَمَّارَةٌ، وَلَا يُقَالُ رَجُلٌ زامِرٌ إِنما هُوَ زَمَّارٌ. الأَصمعي: يُقَالُ لِلَّذِي يُغَنِّي الزّامِرُ والزَّمَّارُ، وَيُقَالُ لِلْقَصَبَةِ الَّتِي يُزْمَرُ بِهَا زَمَّارَةٌ، كَمَا يُقَالُ للأَرض الَّتِي يُزْرَعُ فِيهَا زَرّاعَةٌ. قَالَ: وَقَالَ فُلَانٌ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ الزِّمَّارَة، يَعْنِي المُغَنِّيَة. والمِزْمارُ والزَّمَّارَةُ: مَا يُزْمَرُ فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: المِزْمارُ وَاحِدُ المَزامِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مِزْمارَةِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، المزمورُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا، والمِزْمارُ سَوَاءٌ، وَهُوَ الْآلَةُ الَّتِي يُزْمَرُ بِهَا. ومَزامِيرُ دَاوُدَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا كَانَ يَتَغَنَّى بِهِ مِنَ الزَّبُورِ وضُروب الدُّعَاءِ، وَاحِدُهَا مِزْمارٌ ومُزْمُورٌ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، وَنَظِيرُهُ مُعْلُوقٌ ومُغْرُودٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: سَمِعَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقرأُ فَقَالَ: لَقَدْ أُعْطِيتَ مِزْماراً مِنْ مَزامِيرِ آلِ داودَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ
؛ شَبَّهَ حُسْنَ صوتِه وحلاوةَ نَغْمَتِه بِصَوْتِ المِزْمارِ، وَدَاوُدُ هُوَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإِليه المُنْتَهى فِي حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ، وَالْآلُ فِي قَوْلِهِ آلِ دَاوُدَ مُقْحَمَةٌ، قِيلَ: مَعْنَاهُ هَاهُنَا الشَّخْصُ. وَكَتَبَ الْحَجَّاجِ إِلى بَعْضِ عُمَّالِهِ أَن ابْعَثْ إِليَّ فُلَانًا مُسَمَّعاً مُزَمَّراً؛ فالمُسَمَّعُ: المُقَيَّدُ، والمُزَمَّرُ: المُسَوْجَرُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَلِي مُسْمِعانِ وزَمَّارَةٌ، ... وظِلُّ مَدِيدٌ وحِصْنٌ أَمَقّ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: الزَّمَّارَةُ السَّاجُورُ، والمُسْمِعانِ الْقَيْدَانِ، يَعْنِي قَيْدَيْنِ وغُلَّيْنِ، والحِصْنُ السِّجْنُ، وَكُلُّ(4/327)
ذَلِكَ عَلَى التَّشْبِيهِ، وَهَذَا الْبَيْتُ لِبَعْضِ المُحَبَّسِينَ كَانَ مَحْبُوساً فمُسْمِعاهُ قَيْدَاهُ لِصَوْتِهِمَا إِذا مَشَى، وزَمَّارَتُه السَّاجُورُ وَالظِّلُّ، وَالْحِصْنُ السِّجْنُ وَظُلْمَتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُبَيْرٍ: أَنه أَتى بِهِ الْحَجَّاجُ وَفِي عُنُقِهِ زَمَّارَةٌ
؛ الزَّمَّارَةُ الغُلُّ وَالسَّاجُورُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْكَلْبِ. ابْنُ سِيدَهْ: والزَّمَّارَةُ عَمُودٌ بَيْنَ حَلْقَتَيِ الْغُلِّ. والزِّمارُ بِالْكَسْرِ: صَوْتُ النَّعَامَةِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: صَوْتُ النَّعَامِ. وزَمَرَتِ النعامةُ تَزْمِرُ زِماراً: صَوَّتَتْ. وَقَدْ زَمَرَ النعامُ يَزْمِرُ، بِالْكَسْرِ، زِماراً. وأَما الظَّلِيمُ فَلَا يُقَالُ فِيهِ إِلَّا عارَّ يُعارُّ. وزَمَرَ بِالْحَدِيثِ: أَذاعه وأَفشاه. والزَّمَّارَةُ: الزَّانِيَةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقَالَ: لأَنها تُشِيعُ أَمرها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ كَسْبِ الزَّمَّارَةِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الْحَجَّاجُ: الزَّمَّارَةُ الزَّانِيَةُ، قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما هِيَ الرَّمَّازَةُ، يتقديم الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ، مِنَ الرَّمْزِ، وَهِيَ الَّتِي تُومِئُ بِشَفَتَيْهَا وَبِعَيْنَيْهَا وَحَاجِبَيْهَا، وَالزَّوَانِي يَفْعَلْنَ ذَلِكَ، والأَول الْوَجْهُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ الزَّمَّارَةُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: واعترض القتيب عَلَى أَبي عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ هِيَ الزَّمَّارة كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، فَقَالَ: الصَّوَابُ الرَّمَّازَة لأَن مِنْ شأْن البَغِيِّ أَن تُومِضَ بِعَيْنِهَا وَحَاجِبِهَا؛ وأَنشد:
يُومِضْنَ بالأَعْيُنِ والحواجِبِ، ... إِيماضَ بَرْقٍ فِي عَماءٍ ناصِبِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ عِنْدِي الصَّوَابُ، وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنه نَهَى عَنِ كَسْبِ الزَّمَّارَة فَقَالَ: الْحَرْفُ الصَّحِيحُ رَمَّازَةٌ، وزَمَّارَةٌ هَاهُنَا خطأٌ. والزَّمَّارَةُ: البَغِيُّ الْحَسْنَاءُ، والزَّمِيرُ: الْغُلَامُ الْجَمِيلُ، وإِنما كَانَ الزِّنَا مَعَ الْمِلَاحِ لَا مَعَ الْقِبَاحِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لِلزَّمَّارَةِ فِي تَفْسِيرِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَجْهَانِ: أَحدهما أَن يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ كَسْبِ الْمُغَنِّيَةِ، كَمَا رَوَى أَبو حَاتِمٍ عَنِ الأَصمعي، أَو يَكُونُ النَّهْيُ عَنْ كَسْبِ البَغِيِّ كَمَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ وأَحمد بْنُ يَحْيَى؛ وإِذا رَوَى الثِّقَاتُ لِلْحَدِيثِ تَفْسِيرًا لَهُ مَخْرَجٌ لَمْ يَجُزْ أَن يُرَدَّ عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ نَطْلُبُ لَهُ المخارجَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، أَلا تَرَى أَن أَبا عُبَيْدٍ وأَبا الْعَبَّاسِ لَمَّا وَجَدَا لِمَا قَالَ الحجاجُ وَجْهًا فِي اللُّغَةِ لَمْ يَعْدُواهُ؟ وَعَجَّلَ القتيبي ولم يثبت فَفَسَّرَ الْحَرْفَ عَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ فَعَل فِعل أَبي عُبَيْدٍ وأَبي الْعَبَّاسِ كَانَ أَولى بِهِ، قَالَ: فإِياك والإِسراع إِلى تَخْطِئَةِ الرُّؤَسَاءِ وَنِسْبَتِهِمْ إِلى التَّصْحِيفِ وتأَنَّ فِي مِثْلِ هَذَا غَايَةَ التَّأَنِّي، فإِني قَدْ عَثَرْتُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ رَوَاهَا الثِّقَاتُ فغيَّرها مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِهَا وَهِيَ صَحِيحَةٌ. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ قَالَ: تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ أَنها الزَّانِيَةُ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ إِلَّا فِيهِ، قَالَ: وَلَا أَدري مِنْ أَي شَيْءٍ أُخذ، قَالَ الأَزهري: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَراد الْمُغَنِّيَةَ. يُقَالُ: غِنَاءٌ زَمِيرٌ أَي حَسَنٌ. وزَمَرَ إِذا غَنَّى وَالْقَصَبَةُ الَّتِي يُزْمَرُ بِهَا: زَمَّارَةٌ. والزَّمِرُ: الحَسَنُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَنشد:
دَنَّانِ حَنَّانانِ، بَيْنَهُمَا ... رَجُلٌ أَجَشُّ، غِناؤُه زَمِرُ
أَي غِنَاؤُهُ حَسُنَ. والزَّمِيرُ: الْحَسَنِ مِنَ الرِّجَالِ. والزَّوْمَرُ: الْغُلَامُ الْجَمِيلُ الْوَجْهِ. وزَمَرَ القربَةَ يَزْمُرُهَا زَمْراً وزَنَرَها: ملأَها؛ هَذِهِ عن كراع واللحياني. وَشَاةٌ زَمِرَةٌ: قَلِيلَةُ الصُّوفِ. والزَّمِرُ: الْقَلِيلُ الشَّعَرِ وَالصُّوفِ وَالرِّيشِ، وَقَدْ زَمِرَ زَمَراً. وَرَجُلٌ زَمِرٌ: قَلِيلُ المُروءَةِ بَيِّنُ الزَّمَارَة والزُّمُورَةِ أَي قَلِيلُهَا، والمُسْتَزْمِرُ: المُنْقَبِضُ الْمُتَصَاغِرُ؛ قَالَ:(4/328)
إِنَّ الكَبِيرَ إِذا يُشَافُ رَأَيْتَهُ ... مُقْرَنْشِعاً، وإِذا يُهانُ اسْتَزْمَرَا
والزُّمْرَةُ: الفَوْجُ مِنَ النَّاسِ والجماعةُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: الْجَمَاعَةُ فِي تَفْرِقَةٍ. والزُّمَرُ: الْجَمَاعَاتُ، وَرَجُلٌ زِمِرٌّ: شَدِيدٌ كَزِبِرٍّ. وزَمِيرٌ: قَصِيرٌ، وَجَمْعُهُ زِمَارٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَبَنُو زُمَيْرٍ: بَطْنٌ. وزُمَيْرٌ: اسْمُ نَاقَةٍ؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ. وزَوْمَرٌ: اسمٌ. وزَيْمَرانُ وزَمَّاراءُ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
فَقَرَّب فالمَرُّوت فالخَبْت فالمُنَى، ... إِلى بيتِ زَمَّاراءَ تَلْداً عَلَى تَلْدِ
زمجر: الزَّمْجَرَةُ: الصوتُ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الصَّوْتَ مِنَ الجَوْفِ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا أَكثر الصَّخَبَ والصياحَ والزَّجْرَ: سَمِعْتُ لِفُلَانٍ زَمْجَرَةً وغَذْمَرَةً، وَفُلَانٌ ذُو زَماجِرَ وزَماجِيرَ؛ حكاه يعقوب. وزَمْجَرَ الرَّجُلُ: سُمِعَ فِي صَوْتِهِ غِلَظٌ وجَفَاءٌ. وزَمْجَرَةُ الأَسد: زَئِيرٌ يُرَدِّدُه فِي نَحْرِه وَلَا يُفْصِحُ، وَقِيلَ: زَمْجَرَةُ كُلِّ شَيْءٍ صَوْتُهُ. وَسَمِعَ أَعرابيٌّ هَدِيرَ طائِرٍ فَقَالَ: مَا يَعْلَمُ زَمْجَرَتَهُ إِلَّا اللهُ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الزَّماجِرُ مِنَ الصَّوْتِ نَحْوُ الزَّمازِمِ، الْوَاحِدَةُ زَمْجَرَةٌ؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ قَوْلِهِ:
لَهَا زِمَجْرٌ فَوْقَهَا ذُو صَدْحِ
فإِنه فَسَّرَ الزِّمَجْرَ بأَنه الصَّوْتُ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما أَراد زَمْجَرٌ فَاحْتَاجَ فَحَوَّل الْبِنَاءَ إِلى بِنَاءٍ آخَرَ، وإِنما عَنَى ثَعْلَبٌ بالزَّمْجَرِ جَمْعَ زَمْجَرَةٍ مِنَ الصَّوْتِ إِذ لَا يُعْرَفُ فِي الْكَلَامِ زَمْجَرٌ إِلَّا ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الشَّاعِرَ إِنما عَنَى بالزِّمَجْرِ المُزَمْجِرَ كأَنه رَجُلٌ زِمَجْرٌ كسِبَطْرٍ، ابْنُ الأَعرابي: الزَّماجِيرُ زَمَّاراتُ الرُّعْيانِ.
زمخر: الزَّمْخَرُ: الْمِزْمَارُ الْكَبِيرُ الأَسودُ. والزَّمْخَرَةُ: الزَّمَّارَةُ، وَهِيَ الزانية. زَمْخَرَ الصوتُ وازْمَخَرَّ: اشتدَّ. وتَزَمْخَرَ النَّمرُ: غَضِبَ وَصَاحَ. والزَّمْخَرَةُ: كُلُّ عَظْمٍ أَجْوَفَ لَا مُخَّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الزَّمْخَرِيُّ. وَظَلِيمٌ زَمْخَريُّ السَّوَاعِدِ أَي طَوِيلُهَا؛ قَالَ الأَعْلَمُ يصف ظَلِيماً:
عَلَى حَتِّ البُرايَةِ زَمْخَرِيِّ ... السَّواعِدِ، ظَلَّ فِي شَرْيٍ طِوالِ
وأَراد بِالسَّوَاعِدِ هُنَا مَجَارِيَ الْمُخِّ فِي الْعِظَامِ؛ أَراد عِظَامَ سَوَاعِدِهِ أَنها جُوفٌ كالقَصَب. وَزَعَمُوا أَن النَّعَامَ والكَرَى لَا مُخَّ لَهَا. الأَصمعي: الظَّلِيمُ أَجوف الْعِظَامِ لَا مُخَّ لَهُ، قَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الطَّيْرِ إِلَّا وَلَهُ مُخٌّ غَيْرُ الظَّلِيمِ، فإِنه لَا مُخَّ لَهُ، وَذَلِكَ لأَنه لَا يَجِدُ الْبَرْدَ. والزَّمْخَرُ: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ الْمُلْتَفُّ، وزَمْخَرَتُه: الْتِفَافُهُ وكثرته. وزَمْخَرةُ الشَّبَاب: امْتِلَاؤُهُ وَاكْتِهَالُهُ. والزَّمْخَرَةُ: النُّشَّابُ. والزَّمْخَرُ: السِّهامُ، وَقِيلَ: هُوَ الدَّقِيقُ الطُّوالُ مِنْهَا؛ قَالَ أَبو الصَّلْتِ الثَّقَفِيُّ وَفِي التَّهْذِيبِ قَالَ أُمية ابن أَبي الصَّلْتِ فِي الزَّمْخَرِ السَّهْم:
يَرْمُونَ عَنْ عتلٍ، كأَنها غُبُطٌ ... بِزَمْخرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا
الْعَتَلُ: الْقِسِيُّ الْفَارِسِيَّةُ، وَاحِدَتُهَا عَتَلَةٌ. وَالْغُبُطُ: جَمْعُ غبِيط، والغُبُطُ: خشبُ الرِّحَالِ، وَشَبَّهَ الْقِسِيَّ الْفَارِسِيَّةَ بِهَا، وَهَذَا الْبَيْتُ ذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي كِتَابِهِ قَالَ: وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَنٍ، أَبو عَمْرٍو: الزَّمْخَرُ السهمُ الرَّقِيقِ الصَّوْتِ النَّاقِزُ
؛ وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد السِّهَامَ الَّتِي عِيدَانُهَا مِنْ قَصَبٍ، وقَصَبُ الْمَزَامِيرِ زَمْخَرٌ؛(4/329)
وَمِنْهُ قَوْلُ الْجَعْدِيِّ:
حَناجِرُ كالأَقْماعِ جَاءَ حَنينُها، ... كَمَا صَيَّحَ الزَّمَّارُ فِي الصُّبْحِ، زَمْخَرَا
والزَّمْخَرِيُّ: النباتُ حِينَ يَطُولُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَتَعَالى زَمْخَرِيٌّ وارِمٌ، ... مالَت الأَعْرَاقُ مِنْهُ واكْتَهَلْ
الْوَارِمُ: الْغَلِيظُ الْمُنْتَفِخُ. وعُودٌ زَمْخَرِيُّ وزُماخِرٌ: أَجوف؛ وَيُقَالُ لِلْقَصَبِ: زَمْخَرٌ وزَمْخَرِيٌّ.
زمهر: الزَّمْهَرِيرُ: شِدَّةُ الْبَرْدِ؛ قَالَ الأَعشى:
مِنَ القَاصِراتِ سُجُوفَ الحِجالِ، ... لَمْ تَرَ شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيرَا
وَالزَّمْهَرِيرُ: هُوَ الَّذِي أَعدّه اللَّهُ تَعَالَى عَذَابًا لِلْكُفَّارِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَقَدِ ازْمَهَرَّ اليومُ ازْمِهْرَاراً. وزَمْهَرَتْ عَيْنَاهُ وازْمَهَرَّتا: احْمَرَّتا مِنَ الْغَضَبِ. والمُزْمَهِرُّ: الَّذِي احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وازْمَهَرَّتِ الْكَوَاكِبُ: لَمَحَتْ. والمُزْمَهِرُّ: الشَّدِيدُ الْغَضَبِ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ مُزْمَهِرّاً عَلَى الْكَافِرِ أَي شَدِيدَ الْغَضَبِ عَلَيْهِ. ووَجْهٌ مُزْمَهِرّ: كَالِحٌ. وازْمَهَرَّتِ الكواكبُ: زَهَرَتْ وَلَمَعَتْ، وَقِيلَ: اشْتَدَّ ضَوْءُهَا. والمُزْمَهِرُّ: الضَّاحِكُ السِّنِّ. والازْمِهْرَارُ فِي الْعَيْنِ عِنْدَ الْغَضَبِ والشدة.
زنر: زَنَرَ القِرْبَةَ والإِناء: مَلَأَهُ. وتَزَنَّرَ الشيءُ: دَقَّ. والزُّنَّارُ والزُّنَّارَةُ: مَا عَلَى وَسَطِ الْمَجُوسِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مَا يَلْبَسُه الذَّمِّيُّ يَشُدُّهُ عَلَى وَسَطِهِ، والزُّنَّيْرُ لُغَةٌ فِيهِ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:
تَحْزِمُ فوقَ الثوبِ بالزُّنَّيْرِ، ... تَقْسِمُ اسْتِيّاً لَهَا بِنَيْرِ
وامرأَة مُزَنَّرَةٌ: طَوِيلَةٌ عَظِيمَةُ الْجِسْمِ. وَفِي النَّوَادِرِ: زَنَّرَ فُلَانٌ عينَه إِليَّ إِذا شَدَّ نَظَرَهُ إِليه. والزَّنانِيرُ: ذُبابٌ صِغَار تَكُونُ فِي الحُشُوشِ، وَاحِدُهَا زُنَّارٌ وزُنَّيْرٌ. والزَّنانِيرُ: الحَصَى الصِّغارُ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الزَّنانير الْحَصَى فَعَمَّ بِهَا الْحَصَى كُلَّهُ مِنْ غَيْرِ أَن يُعَيِّنَ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا؛ وأَنشد:
تَحِنَّ لِلظِّمْءِ مِمَّا قَدْ أَلَمَّ بِهَا ... بالهَجْلِ مِنْهَا، كأَصواتِ الزَّنانِيرِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها الصِّغَارُ مِنْهَا لأَنه لَا يُصَوِّتُ مِنْهَا إِلَّا الصِّغَارُ، وَاحِدَتُهَا زُنَّيْرَةٌ وزُنَّارَةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَاحِدُهَا زُنَّيْرٌ. والزَّنانِيرُ: أَرض بِالْيَمَنِ؛ عَنْهُ، وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً زَنانِير بِغَيْرِ لَامٍ، قَالَ: وَهُوَ أَقيس لأَنه اسْمٌ لَهَا عَامٌّ؛ وأَنشد: «4» .
تُهْدِي زَنانِيرُ أَرْواحَ المَصِيفِ لَهَا، ... وَمِنْ ثَنَايَا فُرُوجِ الغَوْرِ تُهْدِينَا
وَالزَّنَانِيرُ: أَرض بِقُرْبِ جُرَش. الأَزهري: فِي النَّوَادِرِ فُلَانٌ مُزَنْهِرٌ إِليَّ بِعَيْنِهِ ومُزَنِّرٌ ومُبَنْدِقٌ وحالِقٌ إِليَّ بِعَيْنِهِ ومُحَلِّقٌ وجاحِظٌ ومُجَحِّظٌ ومُنْذِرٌ إِليَّ بِعَيْنِهِ وناذِرٌ، وَهُوَ شِدَّةُ النَّظَرِ وإِخراج العين.
زنبر: أَخذ الشَّيْءَ بزَنَوْبَرِهِ أَي بِجَمِيعِهِ، كَمَا يُقَالُ بِزَوْبَرِهِ. وَسَفِينَةٌ زَنْبَرِيَّةٌ: ضَخْمَةٌ: وَقِيلَ: الزَّنْبَرِيَّةُ ضَرْبٌ مِنَ السُّفُنِ ضَخْمَةٌ. والزَّنْبَرِيُّ: الثَّقِيلُ مِنَ الرِّجَالِ وَالسُّفُنِ؛ وَقَالَ:
كالزَّنْبَرِيِّ يُقادُ بالأَجْلالِ
__________
(4) . قوله: [وأَنشد] عبارة ياقوت وقال ابْنِ مُقْبِلٍ:
يَا دَارَ سَلْمَى خَلَاءً لَا أُكلفها ... إِلَّا المرانة كيما تعرف الدينا
تُهْدِي زَنَانِيرُ أَرواح الْمَصِيفِ لَهَا ... وَمِنْ ثَنَايَا فُرُوجِ الكور تأَتينا
قالوا: الزنانير هاهنا رملة والكور جبل انتهى. وكذلك استشهد به ياقوت في كور(4/330)
وزَنَبْرٌ: مِنْ أَسماء الرِّجَالِ. والزُّنْبُورُ والزِّنبارُ والزُّنْبُورَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الذُّبَابِ لسَّاع. التَّهْذِيبِ: الزُّنْبُورُ طَائِرٌ يَلْسَعُ. الْجَوْهَرِيُّ: الزُّنْبُورُ الدَّبْرُ، وَهِيَ تُؤَنِّثُ، والزِّنْبارُ لُغَةٌ فِيهِ؛ حَكَاهَا ابْنُ السِّكِّيتِ، وَيُجْمَعُ الزَّنابِيرَ. وأَرض مَزْبَرَةٌ: كَثِيرَةُ الزَّنابِير، كأَنهم رَدُّوه إِلى ثَلَاثَةِ أَحرف وَحَذَفُوا الزِّيَادَاتِ ثُمَّ بَنَوْا عَلَيْهِ، كَمَا قَالُوا: أَرض مَعْقَرَةٌ ومَثْعَلَةٌ أَي ذَاتُ عَقَارِبَ وَثَعَالِبَ. والزُّنْبُورُ: الْخَفِيفُ. وَغُلَامٌ زُنْبُورٌ أَي خَفِيفٌ. قَالَ أَبو الجَرَّاحِ: غُلَامٌ زُنْبُورٌ وزُنْبُرٌ إِذا كَانَ خَفِيفًا سَرِيعَ الْجَوَابِ. قَالَ: وسأَلت رَجُلًا مِنْ بَنِي كِلَابٍ عَنِ الزُّنْبُورِ، فَقَالَ: هُوَ الْخَفِيفُ الظَّرِيفُ. وتَزَنْبَرَ عَلَيْنَا: تَكَبَّرَ وقَطَّبَ. وزَنابِيرُ: أَرض بِقُرْبِ جُرَش؛ وإِياها عَنَى ابْنُ مُقْبِلٍ بِقَوْلِهِ:
تُهْدِي زَنَابِيرُ أَرواح الْمَصِيفِ لَهَا، ... وَمِنْ ثَنَايَا فُرُوجِ الْغَوْرِ تَهْدِينَا
والزُّنْبُورُ: شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ فِي طُولِ الدُّلْبَةِ وَلَا عَرْضَ لَهَا، وَرَقُهَا مِثْلُ وَرَقِ الجَوْزِ فِي مَنْظَرهِ وَرِيحِهِ، وَلَهَا نَوْرٌ مِثْلُ نَوْرِ العُشَرِ أَبيض مُشْرَب، وَلَهَا حَمْلٌ مِثْلُ الزَّيْتُونِ سَوَاءٌ، فإِذا نَضِجَ اشْتَدَّ سَوَادُهُ وَحَلَا جِدًّا، يأْكله النَّاسُ كالرُّطَبِ، وَلَهَا عَجَمَةٌ كَعَجَمَةِ الغُبَيْراءِ، وَهِيَ تَصْبُغُ الفَمَ كَمَا يَصْبُغُهُ الفِرْصادُ، تُغْرَسُ غَرْساً. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مِنْ غَرِيبِ شَجَرِ الْبَرِّ الزَّنابِيرُ، وَاحِدَتُهَا زِنْبِيرَةٌ وزِنْبَارَةٌ وزُنْبُورَةٌ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التِّين، وأَهل الحَضَرِ يُسَمُّونَهُ الحُلْوانيَّ. والزُّنْبُورُ مِنَ الفأْر: العظيمُ، وجمعه زَنابِرُ؛ وقال جُبَيْهَا:
فأَقْنَعَ كَفَّيْهِ وأَجْنَحَ صَدْرَهُ ... بِجَرْعٍ، كإِنتاج الزَّبابِ الزَّنابِرِ
زنتر: الزَّنْتَرَةُ: الضِّيقُ. وَقَعُوا فِي زَنْتَرَةٍ مِنْ أَمرهم أَي ضِيقٍ وعُسْرٍ. وتَزَنْتَرَ: تَبَخْتَرَ والزَّبَنْتَرُ: الْقَصِيرُ فَقَطْ؛ قَالَ:
تَمَهْجَرُوا وأَيُّما تَمَهْجُرِ، ... وَهُمْ بَنُو العَبْدِ اللَّئِيمِ العُنْصُرِ،
بَنُو اسْتها والجُنْدُعِ الزَّبَنْتَرِ
وَقِيلَ: الزَّبَنْتَرُ الْقَصِيرُ المُلَزَّزُ الخَلْقِ.
زنجر: اللَّيْثُ: زَنْجَرَ فُلَانٌ لَكَ إِذا قَالَ بِظُفْرِ إِبهامه وَوَضَعَهَا عَلَى ظُفْر سَبَّابته ثُمَّ قَرَعَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ: وَلَا مِثْلَ هَذَا، وَاسْمُ ذَلِكَ الزِّنْجِيرُ؛ وأَنشد:
فأَرسلتُ إِلى سَلْمى ... بأَنَّ النَّفْسَ مَشْغُوفَهْ
فَمَا جادَتْ لَنَا سَلْمى ... بِزِنْجِيرٍ، وَلَا فُوفَهْ
والزِّنْجِير: قَرْعُ الإِبهام عَلَى الْوُسْطَى بِالسَّبَّابَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الزِّنْجِيرَةُ مَا يأْخذ طَرَفُ الإِبهام مِنْ رأْس السِّنِّ إِذا قَالَ: مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ وَلَا ذِهِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْبَيَاضِ الَّذِي عَلَى أَظفار الأَحداث الزِّنْجِيرُ والزِّنجيرة والفُوفُ والوَبْشُ.
زنقر: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: قَالُوا الزِّنْقِيرُ هُوَ قُلامَةُ الظُّفْرِ، وَيُقَالُ لَهُ الزِّنْجِير أَيضاً، وكلاهما دخيلان.
زنهر: التَّهْذِيبُ: فِي النَّوَادِرِ فُلَانٌ مُزَنْهِرٌ إِلَيَّ بِعَيْنِهِ ومُزَنِّرٌ ومُبَنْدِقٌ وحالقٌ إِلَيَّ بِعَيْنِهِ ومُحَلِّقٌ وجاحظٌ ومُجَحِّظٌ ومُنْذِرٌ إِليَّ بِعَيْنِهِ وناذِرٌ، وَهُوَ شِدَّةُ النَّظَرِ وإِخراج العين.
زهر: الزَّهْرَةُ: نَوْرُ كُلِّ نَبَاتٍ، وَالْجَمْعُ زَهْرٌ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الأَبيض. وزَهْرُ النَّبْتِ: نَوْرُه،(4/331)
وَكَذَلِكَ الزهَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ. قَالَ: والزُّهْرَةُ الْبَيَاضُ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. يقال أَزْهَرُ بَيِّنُ الزُّهْرَةِ، وَهُوَ بَيَاضُ عِتْق. قَالَ شَمِرٌ: الأَزْهَرُ مِنَ الرِّجَالِ الأَبيض العتيقُ البياضِ النَّيِّرُ الحَسَنُ، وَهُوَ أَحسن الْبَيَاضِ كأَنَّ لَهُ بَرِيقاً ونُوراً، يُزْهِرُ كَمَا يُزْهِرُ النَّجْمُ وَالسِّرَاجُ. ابْنُ الأَعرابي: النَّوْرُ الأَبيض والزَّهْرُ الأَصفر، وَذَلِكَ لأَنه يبيضُّ ثُمَّ يَصْفَرُّ، وَالْجَمْعُ أَزْهارٌ، وأَزاهِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ وَقَدْ أَزْهَرَ الشَّجَرُ وَالنَّبَاتُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَزْهَرَ النبتُ، بالأَلف، إِذا نَوَّرَ وظهر زَهْرُه، وزَهُرَ [زَهِرَ] ، بِغَيْرِ أَلف، إِذا حَسُنَ. وازْهارَّ النَّبْتُ: كازْهَرَّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَجَعَلَهُ ابْنُ جِنِّي رُبَاعِيًّا؛ وَشَجَرَةٌ مُزْهِرَةٌ وَنَبَاتٌ مُزْهِرٌ، والزَّاهِرُ: الحَسَنُ مِنَ النَّبَاتِ: والزَّاهِرُ: الْمُشْرِقُ مِنْ أَلوان الرِّجَالِ. أَبو عَمْرٍو: الأَزهر الْمُشْرِقُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ. والأَزْهَرُ: اللَّبَنُ ساعةَ يُحْلَبُ، وَهُوَ الوَضَحُ وَهُوَ النَّاهِصُ «5» . والصَّرِيحُ. والإِزْهارُ: إِزْهارُ النَّبَاتِ، وَهُوَ طُلُوعُ زَهَرِه. والزَّهَرَةُ: النَّبَاتُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه إِنما يُرِيدُ النَّوْرَ. وزَهْرَةُ الدنيا وزَهَرَتُهَا: حُسْنُها وبَهْجَتُها وغَضَارَتُها. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا
. قَالَ أَبو حَاتِمٍ:
زَهَرَة الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِالْبَصْرَةِ. قَالَ: وزَهْرَة هِيَ قِرَاءَةُ أَهل الْحَرَمَيْنِ، وأَكثر الْآثَارِ عَلَى ذَلِكَ. وَتَصْغِيرُ الزَّهْرِ زُهَيْرٌ، وَبِهِ سُمِّيَ الشَّاعِرُ زُهَيْراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخاف عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا
؛ أَي حُسْنِهَا وَبَهْجَتِهَا وَكَثْرَةِ خَيْرِهَا. والزُّهْرَةُ: الْحُسْنُ وَالْبَيَاضُ، وَقَدْ زَهِرَ زَهَراً. والزَّاهِرُ والأَزْهَرُ: الْحَسَنُ الأَبيض مِنَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: هُوَ الأَبيض فِيهِ حُمْرَةٌ. وَرَجُلٌ أَزْهَرُ أَي أَبيض مُشْرِقُ الْوَجْهِ. والأَزهر: الأَبيض المستنير. والزُّهْرَةُ: الْبَيَاضُ النَّيِّرُ، وَهُوَ أَحسن الأَلوان؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الدَّجَّالِ:
أَعْوَرُ جَعْدٌ أَزْهَرُ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
سأَلوه عَنْ جَدِّ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ فَقَالَ: جملٌ أَزْهَرُ مُتَفَاجٌّ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلَ عِمْرَانَ الزَّهْرَاوانِ
؛ أَي المُنِيرتان المُضِيئَتانِ، وَاحِدَتُهُمَا زَهْرَاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَكْثِرُوا الصلاةَ عَلَيَّ فِي اللَّيْلَةِ الْغَرَّاءِ وَالْيَوْمِ الأَزْهَرِ
؛ أَي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِهَا؛ كَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بالأَبيضِ الأَمْهَقِ.
والمرأَة زَهْرَاءُ؛ وَكُلُّ لَوْنٍ أَبيض كالدُّرَّةِ الزَّهْراءِ، والحُوَار الأَزْهَر. والأَزْهَرُ: الأَبيضُ. والزُّهْرُ: ثلاثُ لَيَالٍ مِنْ أَوّل الشَّهْرِ. والزُّهَرَةُ، بِفَتْحِ الْهَاءِ: هَذَا الْكَوْكَبُ الأَبيض؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ وَكَّلَتْنِي طَلَّتِي بالسَّمْسَرَه، ... وأَيْقَظَتْنِي لطُلُوعِ الزُّهَرَه
والزُّهُورُ: تَلأْلؤ السِّرَاجِ الزَّاهِرِ. وزَهَرَ السراجُ يَزْهَرُ زُهُوراً وازْدَهَرَ: تلأْلأَ، وَكَذَلِكَ الْوَجْهُ وَالْقَمَرُ وَالنَّجْمُ؛ قَالَ:
آلُ الزُّبَيْر نُجومٌ يُسْتَضَاءُ بِهِمْ، ... إِذا دَجا اللَّيْلُ مِنْ ظَلْمائِه زَهَرَا
وَقَالَ:
عَمَّ النَّجُومَ ضَوْءُه حِينَ بَهَرْ، ... فَغَمَر النَّجْمَ الَّذِي كَانَ ازْدَهَرْ
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
ولَّى كمِصْباحِ الدُّجَى المَزْهُورِ
__________
(5) . قوله: [وهو الناهص] كذا بالأَصل(4/332)
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ مِنْ أَزْهَرَهُ اللهُ، كَمَا يُقَالُ مَجْنُونٌ مِنْ أَجَنَّهُ. والأَزْهَرُ: الْقَمَرُ. والأَزْهَرَان، الشمسُ والقمرُ لِنُورِهِمَا؛ وَقَدْ زَهَرَ يَزْهَرُ زَهْراً وزَهُرَ فِيهِمَا، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْبَيَاضِ. قَالَ الأَزهري: وإِذا نَعَتَّهُ بِالْفِعْلِ اللَّازِمِ قُلْتَ زَهِرَ يَزْهَرُ زَهَراً. وزَهَرَت النارُ زُهُوراً: أَضاءت، وأَزْهَرْتُها أَنا. يُقَالُ: زَهَرَتْ بِكَ نَارِي أَي قَوِيَتْ بِكَ وَكَثُرَتْ مِثْلُ وَرِيَتْ بِكَ زَنَادِي. الأَزهري: الْعَرَبُ تَقُولُ: زَهَرَتْ بِكَ زَنَادِي؛ الْمَعْنَى قُضِيَتْ بِكَ حَاجَتِي. وزَهَرَ الزَّنْدُ إِذا أَضاءت نَارُهُ، وَهُوَ زَنْدٌ زَاهِرٌ. والأَزْهَرْ: النَّيِّرُ، وَيُسَمَّى الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ أَزْهَرَ وَالْبَقَرَةُ زَهْرَاء؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:
تَمْشِي، كَمَشْيِ الزَّهْراءِ فِي دَمَثِ ... الرَّوْضِ إِلى الحَزْنِ، دُونَهَا الجُرُفُ
ودُرَّةٌ زَهْرَاءُ: بَيْضَاءُ صَافِيَةٌ. وأَحمر زَاهِرٌ: شَدِيدُ الْحُمْرَةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والازْدِهارُ بِالشَّيْءِ: الِاحْتِفَاظُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَوصى أَبا قَتَادَةَ بالإِناء الَّذِي توضأَ مِنْهُ فَقَالَ: ازْدَهِرْ بِهَذَا فإِن لَهُ شأْناً
، أَي احْتَفِظْ بِهِ وَلَا تُضَيِّعْهُ وَاجْعَلْهُ فِي بَالِكَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: قَضَيْتُ مِنْهُ زِهْرَتِي أَي وَطَري، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ هُوَ مِنِ ازْدَهَرَ إِذا فَرِحَ أَي ليُسْفِرْ وجهُك وَلْيُزْهِرْ، وإِذا أَمرت صَاحِبَكَ أَن يَجِدَّ فِيمَا أَمرت بِهِ قُلْتَ لَهُ: ازْدَهِرْ، وَالدَّالُ فِيهِ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ تَاءِ الِافْتِعَالِ، وأَصل ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الزُّهْرَةِ والحُسْنِ وَالْبَهْجَةِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
فإِنك قَيْنٌ وابْنُ قَيْنَيْنِ، فازْدَهِرْ ... بِكِيرِكَ، إِنَّ الكِيرَ لِلْقَينِ نافِعُ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَظن ازْدَهَرَ كَلمة لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ كأَنها نَبَطِيَّةٌ أَو سُرْيَانِيَّةٌ فَعُرِّبَتْ؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: هِيَ كَلِمَةٌ عَرَبِيَّةٌ، وأَنشد بَيْتَ جَرِيرٍ وَقَالَ: مَعْنَى ازْدَهِر أَي افْرَحْ، مِنْ قَوْلِكَ هُوَ أَزْهَرُ بَيِّنُ الزُّهرَةِ، وازْدَهِرْ مَعْنَاهُ ليُسْفِرْ وجهُك ولْيُزْهِرْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الازْدِهارُ بِالشَّيْءِ أَن تَجْعَلَهُ مِنْ بَالِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قَضَيْتُ مِنْهُ زِهْرِي، بِكَسْرِ الزَّايِ، أَي وَطَري وَحَاجَتِي؛ وأَنشد الأُمويُّ:
كَمَا ازْدَهَرَتْ قَيْنَةٌ بالشِّرَاع ... لأُسْوارِها، عَلَّ مِنْهَا اصْطِباحا
أَي جَدَّتْ فِي عَمَلِهَا لِتَحْظَى عِنْدَ صَاحِبِهَا. يَقُولُ: احْتَفَظَتِ القَيْنَةُ بالشِّرَاعِ، وَهِيَ الأَوتار. والازْدِهارُ: إِذا أَمرت صَاحِبَكَ أَن يَجِدَّ فِيمَا أَمرته قُلْتَ لَهُ: ازْدَهِرْ فِيمَا أَمرتك بِهِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: ازْدَهِرْ بِهَا أَي احْتَمِلْها، قَالَ: وَهِيَ أَيضاً كَلِمَةٌ سُرْيَانِيَّةٌ. والمِزْهَرُ: الْعُودِ الَّذِي يُضْرَبِ بِهِ. والزَّاهِرِيَّةُ: التَّبَخْتُر؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ الْهُذَلِيُّ:
يَفُوحُ المِسْكُ مِنْهُ حِينَ يَغْدُو، ... ويَمْشِي الزَّاهِرِيَّةَ غَيْرَ حَالِ
وَبَنُو زُهْرة: حيٌّ مِنْ قُرَيْشٍ أَخوال النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَهُوَ اسْمُ امرأَة كِلَابِ بْنُ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرٍ، نُسِبَ وَلَدُهُ إِليها. وَقَدْ سَمَّتْ زَاهِرًا وأَزْهَرَ وزُهَيْراً. وزَهْرانُ أَبو قَبِيلَةٍ. والمَزَاهِرُ: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي للدُّبَيْرِيِّ:
أَلا يَا حَماماتِ المَزاهِرِ، طَالَمَا ... بَكَيْتُنَّ، لَوْ يَرْثِي لَكُنَّ رَحِيمُ
زور: الزَّوْرُ: الصَّدْرُ، وَقِيلَ: وَسَطُ الصَّدْرِ، وَقِيلَ: أَعلى الصَّدْرِ، وَقِيلَ: مُلْتَقَى أَطراف عِظَامِ الصَّدْرِ حَيْثُ اجْتَمَعَتْ، وَقِيلَ: هُوَ جَمَاعَةُ الصَّدْرِ(4/333)
مِنَ الخُفِّ، وَالْجَمْعُ أَزوار. والزَّوَرُ: عِوَجُ الزَّوْرِ وَقِيلَ: هُوَ إِشراف أَحد جَانِبَيْهِ عَلَى الْآخَرِ، زَوِرَ زَوَراً، فَهُوَ أَزْوَرُ. وَكَلْبٌ أَزْوَرُ: قَدِ اسْتَدَقَّ جَوْشَنُ صَدْرِه وَخَرَجَ كَلْكَلُه كأَنه قَدْ عُصِرَ جَانِبَاهُ، وَهُوَ فِي غَيْرِ الْكِلَابِ مَيَلٌ مَّا لَا يَكُونُ مُعْتَدِلَ التَّرْبِيعِ نَحْوَ الكِرْكِرَةِ واللِّبْدَةِ، وَيُسْتَحَبُّ فِي الْفَرَسِ أَن يَكُونَ فِي زَوْرِه ضِيقٌ وأَن يَكُونَ رَحْبَ اللَّبَانِ، كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلِيمَةَ «1» .
مُتَقَارِب الثَّفِناتِ، ضَيْق زَوْرُه، ... رَحْب اللَّبَانِ، شَدِيد طَيِّ ضَريسِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْرِ واللَّبانِ كَمَا تَرَى. والزَّوَرُ فِي صَدْرِ الْفَرَسِ: دخولُ إِحدى الفَهْدَتَيْنِ وخروجُ الأُخرى؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
فِي خَلْقِها عَنْ بناتِ الزَّوْرِ تفضيلُ
الزَّوْرُ: الصَّدْرُ. وَبَنَاتُهُ: مَا حَوَالَيْهِ مِنَ الأَضلاع وَغَيْرِهَا. والزَّوَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: المَيَلُ وَهُوَ مِثْلُ الصَّعَر. وعُنُقٌ أَزْوَرُ: مَائِلٌ. والمُزَوَّرُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَسُلُّه المُزَمِّرُ مِنْ بَطْنِ أُمه فَيَعْوَجُّ صَدْرُهُ فَيَغْمِزُهُ لِيُقِيمَهُ فَيَبْقَى فِيهِ مِنْ غَمْزِه أَثر يُعْلَمُ أَنه مُزَوَّرٌ. وَرَكِيَّةٌ زَوْراءُ: غَيْرُ مُسْتَقِيمَةِ الحَفْرِ. والزَّوْراءُ: الْبِئْرُ الْبَعِيدَةُ الْقَعْرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذْ تَجْعَلُ الجارَ فِي زَوْراءَ مُظْلِمَةٍ ... زَلْخَ المُقامِ، وتَطْوي دُونَهُ المَرَسَا
وأَرض زَوْراءُ: بَعِيدَةٌ؛ قَالَ الأَعشى:
يَسْقِي دِياراً لَهَا قَدْ أَصْبَحَتْ غَرَضاً ... زَوْراءَ، أَجْنَفَ عَنْهَا القَوْدُ والرَّسَلُ
وَمَفَازَةٌ زَوْراءُ: مَائِلَةٌ عَنِ السَّمْتِ والقصدِ. وَفَلَاةٌ زَوْراءُ: بَعِيدَةٌ فِيهَا ازْوِرَارٌ. وقَوْسٌ زَوْراءُ: معطوفة. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ
؛ قرأَ بعضهم:
تَزْوَارُ
يُرِيدُ تَتَزاوَرُ، وقرأَ بَعْضُهُمْ:
تَزْوَرُّ
وتَزْوَارُّ
، قَالَ: وازْوِرارُها فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنها كَانَتْ تَطْلع عَلَى كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ فَلَا تُصِيبُهُمْ وتَغْرُبُ عَلَى كَهْفِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَلَا تُصِيبُهُمْ، وَقَالَ الأَخفش: تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ
أَي تَمِيلُ؛ وأَنشد:
ودونَ لَيْلَى بَلَدٌ سَمَهْدَرُ، ... جَدْبُ المُنَدَّى عَنْ هَوانا أَزْوَرُ،
يُنْضِي المَطَايا خِمْسُه العَشَنْزَرُ
قَالَ: والزَّوَرُ مَيَلٌ فِي وَسَطِ الصَّدْرِ، وَيُقَالُ لِلْقَوْسِ زَوْراءُ لميلهَا، وَلِلْجَيْشِ أَزْوَرُ. والأَزْوَرُ: الَّذِي يَنْظُرُ بِمُؤْخِرِ عَيْنِهِ. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ للبعير الْمَائِلُ السَّنَامِ: هَذَا الْبَعِيرُ زَوْرٌ. وَنَاقَةٌ زَوْرَةٌ: قَوِيَّةٌ غَلِيظَةٌ. وَنَاقَةٌ زَوْرَة: تَنْظُرُ بِمُؤْخِرِ عَيْنِهَا لِشِدَّتِهَا وَحِدَّتِهَا؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
وماءٍ وَرَدْتُ عَلَى زَوْرَةٍ، ... كَمَشْيِ السَّبَنْتَى يَرَاحُ الشَّفِيفَا
وَيُرْوَى: زُورَةٍ، والأَوّل أَعرف. قَالَ أَبو عَمْرٍو: عَلَى زَوْرَةٍ أَي عَلَى نَاقَةٍ شَدِيدَةٍ؛ وَيُقَالُ: فِيهِ ازْوِرارٌ وحَدْرٌ، وَيُقَالُ: أَراد عَلَى فَلَاةٍ غَيْرِ قَاصِدَةٍ. وَنَاقَةٌ زِوَرَّةُ أَسفار أَي مُهَيَّأَة للأَسفار مُعَدَّة. وَيُقَالُ فِيهَا ازْوِرارٌ مِنْ نَشَاطِهَا. أَبو زَيْدٍ: زَوَّرَ الطَّائِرُ تَزْوِيراً إِذا ارتفعت حَوْصَلَتُه؛
__________
(1) . قوله: [عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلِيمَةَ] وقيل ابن سليم، وقبله: ولقد غدوت على القنيص بشيظم كالجذع وسط الجنة المغروس كذا بخط السيد مرتضى بهامش الأصل(4/334)
وَيُقَالُ لِلْحَوْصَلَةِ: الزَّارَةُ والزَّاوُورَةُ والزَّاوِرَةُ. وزَاوَرَةُ القَطاةِ، مَفْتُوحُ الْوَاوِ: مَا حَمَلَتْ فِيهِ الماء لفراخها. والازْوِرارُ عَنِ الشَّيْءِ: الْعُدُولُ عَنْهُ، وَقَدِ ازْوَرَّ عَنْهُ ازْوِراراً وازْوارَّ عَنْهُ ازْوِيرَاراً وتَزاوَرَ عَنْهُ تَزاوُراً، كُلُّهُ بِمَعْنَى: عَدَلَ عَنْهُ وانحرفَ. وَقُرِئَ:
تَزَّاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ
، وَهُوَ مُدْغَمُ تَتَزَاوَرُ. والزَّوْراءُ: مِشْرَبَةٌ مِنْ فِضَّةٍ مُسْتَطِيلَةٍ شِبْهِ التَّلْتَلَةِ. والزَّوْرَاءُ: القَدَحُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وتُسْقى، إِذا مَا شئتَ، غَيْرَ مُصَرَّدٍ ... بِزَوْراءَ، فِي حَافَاتِهَا المِسْكُ كانِعُ
وزَوَّرَ الطائرُ: امتلأَت حَوْصَلَتُهُ. والزِّوار: حَبْلٌ يُشَدُّ مِنَ التَّصْدِيرِ إِلى خَلْفِ الكِرْكِرَةِ حَتَّى يَثْبُتَ لئلَّا يُصِيبَ الحَقَبُ الثِّيلَ فيحتبسَ بَوْلُهُ، وَالْجَمْعُ أَزْوِرَةٌ. وزَوْرُ الْقَوْمِ: رَئِيسُهُمْ وَسَيِّدُهُمْ. وَرَجُلٌ زُوارٌ وزُوارَةٌ: غَلِيظٌ إِلى الْقِصَرِ. قَالَ الأَزهري: قرأْت فِي كِتَابِ اللَّيْثُ فِي هَذَا الْبَابِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ غَلِيظًا إِلى الْقِصَرِ مَا هُوَ: إِنه لَزُوارٌ وزُوَارِيَةٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا تَصْحِيفٌ مُنْكَرٌ وَالصَّوَابُ إِنه لَزُوازٌ وزُوَازِيَةٌ، بِزَايَيْنِ، قَالَ: قَالَ ذَلِكَ أَبو عَمْرٍو وَابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُمَا. والزَّوْرُ: الْعَزِيمَةُ. وَمَا لَهُ زَوْرٌ وزُورٌ وَلَا صَيُّورٌ بِمَعْنًى أَي مَا لَهُ رأْي وَعَقْلٌ يَرْجِعُ إِليه؛ الضَّمُّ عَنْ يَعْقُوبَ وَالْفَتْحُ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ، وَذَلِكَ أَنه قَالَ لَا زَوْرَ لَهُ وَلَا صَيُّورَ، قَالَ: وأُراه إِنما أَراد لَا زَبْرَ لَهُ فغيره إِذ كَتَبَهُ. أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِمْ لَيْسَ لَهُمْ زَوْرٌ: أَي لَيْسَ لَهُمْ قُوَّةٌ وَلَا رأْي. وَحَبْلٌ لَهُ زَوْرٌ أَي قُوَّةٌ؛ قَالَ: وَهَذَا وِفَاقٌ وَقَعَ بَيْنَ الْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ والزَّوْرُ: الزَّائِرُونَ. وَزَارَهُ يَزُورُه زَوْراً وزِيارَةً وزُوَارَةً وازْدَارَهُ: عَادَهُ افْتَعَلَ مِنَ الزِّيَارَةِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
فدخلتُ بَيْتًا غيرَ بيتِ سِنَاخَةٍ، ... وازْدَرْتُ مُزْدَارَ الكَريم المِفْضَلِ
والزَّوْرَةُ: المرَّة الْوَاحِدَةُ. وَرَجُلٌ زَائِرٌ مِنْ قَوْمٍ زُوَّرٍ وزُوَّارٍ وزَوْرٍ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ زَائِرٍ. والزَّوْرُ: الَّذِي يَزُورُك. وَرَجُلٌ زَوْرٌ وَقَوْمٌ زَوْرٌ وامرأَة زَوْرٌ وَنِسَاءٌ زَوْرٌ، يَكُونُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لأَنه مَصْدَرٌ؛ قَالَ:
حُبَّ بالزَّوْرِ الَّذِي لَا يُرَى ... مِنْهُ، إِلَّا صَفْحَةٌ عَنْ لِمام
وَقَالَ فِي نِسْوَةٍ زَوْرٍ:
ومَشْيُهُنَّ بالكَثِيبِ مَوْرُ، ... كَمَا تَهادَى الفَتَياتُ الزَّوْرُ
وامرأَة زَائِرَةٌ مِنْ نِسْوَةٍ زُورٍ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُذَكَّرِ كَعَائِذٍ وعُوذ. الْجَوْهَرِيُّ: نِسْوَةٌ زُوَّرٌ وزَوْرٌ مِثْلُ نُوَّحٍ ونَوْحٍ وَزَائِرَاتٍ، وَرَجُلٌ زَوَّارٌ وزَؤُورٌ؛ قَالَ:
إِذا غَابَ عَنْهَا بعلُها لَمْ أَكُنْ ... لَهَا زَؤُوراً، وَلَمْ تأْنَسْ إِليَّ كِلابُها
وَقَدْ تَزاوَرُوا: زارَ بعضُهم بَعْضًا. والتَّزْوِيرُ: كَرَامَةُ الزَّائِرِ وإِكرامُ المَزُورِ لِلزَّائرِ. أَبو زَيْدٍ: زَوِّرُوا فُلَانًا أَي اذْبَحُوا لَهُ وأَكرموه. والتَّزْوِيرُ: أَن يُكْرِمَ المَزُورُ زائِرَه ويَعْرِفَ لَهُ حَقَّ زِيَارَتِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: زارَ فلانٌ فُلَانًا أَي مَالَ إِليه؛ وَمِنْهُ تَزَاوَرَ عَنْهُ أَي مَالَ عَنْهُ. وَقَدْ زَوَّرَ القومُ صَاحِبَهُمْ تَزْوِيراً إِذا أَحسنوا إِليه. وأَزَارَهُ: حَمَلَهُ عَلَى الزِّيَارَةِ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: حَتَّى أَزَرْتُه شَعُوبَ(4/335)
أَي أَوردته المنيةَ فَزَارَهَا؛ شَعُوبُ: مِنْ أَسماء الْمَنِيَّةِ. واسْتَزاره: سأَله أَن يَزُورَه. والمَزَارُ: الزِّيَارَةُ والمَزَارُ: مَوْضِعُ الزِّيَارَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لِزَوْركَ عَلَيْكَ حَقًّا
؛ الزَّوْرُ: الزائرُ، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الِاسْمِ كصَوْم ونَوْمٍ بِمَعْنَى صَائِمٍ وَنَائِمٍ. وزَوِرَ يَزْوَرُ إِذا مَالَ. والزَّوْرَةُ: البُعْدُ، وَهُوَ مِنَ الازْوِرارِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وماءٍ وردتُ عَلَى زَوْرَةٍ
وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: أَرسلتُ إِلى عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا بُنَيَّ مَا لِي أَرى رَعِيَّتَكَ عَنْكَ مُزْوَرِّينَ
أَي مُعْرِضِينَ مُنْحَرِفِينَ؛ يُقَالُ: ازْوَرَّ عَنْهُ وازْوَارَّ بِمَعْنًى؛ وَمِنْهُ شِعْرُ عُمَرَ:
بِالْخَيْلِ عَابِسَةً زُوراً مناكِبُها
الزُّورُ: جَمْعُ أَزْوَرَ مِنَ الزَّوَرِ الْمَيْلُ. ابْنُ الأَعرابي: الزَّيِّرُ مِنَ الرِّجَالِ الغضبانُ المُقاطِعُ لِصَاحِبِهِ. قَالَ: والزِّيرُ الزِّرُّ. قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقْلِبُ أَحد الْحَرْفَيْنِ الْمُدْغَمَيْنِ يَاءً فَيَقُولُ فِي مَرٍّ مَيْرٍ، وَفِي زِرٍّ زِيرٍ، وَهُوَ الدُّجَةُ، وَفِي رِزٍّ رِيز. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُهُ الزَّيِّرُ الْغَضْبَانُ أَصله مَهْمُوزٌ مَنْ زأَر الأَسد. وَيُقَالُ لِلْعَدُوِّ: زائِرٌ، وَهُمُ الزائرُون؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
حَلَّتْ بأَرضِ الزائِرِينَ، فأَصْبَحَتْ ... عَسِراً عَلَيَّ طِلَابُكِ ابْنَةَ مَخْرَمِ
قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد أَنها حَلَّتْ بأَرض الأَعداء. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الزَّائِرُ الْغَضْبَانُ، بِالْهَمْزِ، وَالزَّايِرُ الْحَبِيبُ. قَالَ: وَبَيْتُ عَنْتَرَةَ يُرْوَى بِالْوَجْهَيْنِ، فَمَنْ هَمَزَ أَراد الأَعداء وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ أَراد الأَحباب. وزأْرة الأَسد: أَجَمَتُه؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَذَلِكَ لِاعْتِيَادِهِ إِياها وزَوْرِه لَهَا. والزَّأْرَةُ: الأَجَمَةُ ذَاتُ الْمَاءِ وَالْحُلَفَاءِ والقَصَبِ. والزَّأْرَة: الأَجَمَة. والزِّيرُ: الَّذِي يُخَالِطُ النِّسَاءَ وَيُرِيدُ حَدِيثَهُنَّ لِغَيْرِ شَرٍّ، وَالْجَمْعُ أَزْوارٌ وأَزْيارٌ؛ الأَخيرة مِنْ بَابِ عِيدٍ وأَعياد، وزِيَرَةٌ، والأُنثى زِيرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُوصَفُ بِهِ الْمُؤَنَّثُ، وَقِيلَ: الزِّيرُ المُخالِطُ لَهُنَّ فِي الْبَاطِلِ، وَيُقَالُ: فُلَانٌ زِيرُ نساءٍ إِذا كَانَ يُحِبُّ زِيَارَتَهُنَّ وَمُحَادَثَتَهُنَّ وَمُجَالَسَتَهُنَّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ زِيَارَتِهِ لَهُنَّ، وَالْجَمْعُ الزِّيَرَةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قُلْتُ لزِيرٍ لَمْ تَصِلْهُ مَرْيَمُهْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَزَالُ أَحدكم كاسِراً وِسادَهُ يَتَّكِئُ عَلَيْهِ ويأْخُذُ فِي الْحَدِيثِ فِعْلَ الزِّيرِ
؛ الزِّيرُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يُحِبُّ مُحَادَثَةَ النِّسَاءِ وَمُجَالَسَتَهُنَّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ زِيَارَتِهِ لَهُنَّ، وأَصله مِنَ الْوَاوِ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
تَرَى الزِّيرَ يَبْكِي بِهَا شَجْوَهُ، ... مَخَافَةَ أَنْ سَوْفَ يُدْعَى لَهَا
لَهَا: لِلْخَمْرِ؛ يَقُولُ: زِيرُ العُودِ يَبْكِي مَخَافَةَ أَن يَطْرَبَ القوْمُ إِذا شَرِبُوا فَيَعْمَلُوا الزِّيرَ لَهَا لِلْخَمْرِ، وَبِهَا بِالْخَمْرِ؛ وأَنشد يُونُسُ:
تَقُولُ الحارِثِيَّةُ أُمُّ عَمْرٍو: ... أَهذا زِيرُهُ أَبَداً وزِيرِي؟
قَالَ مَعْنَاهُ: أَهذا دأْبه أَبداً ودأْبي. والزُّور: الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ، وَقِيلَ: شَهَادَةُ الْبَاطِلِ. رَجُلٌ زُورٌ وَقَوْمٌ زُورٌ وَكَلَامٌ مُزَوَّرٌ ومُتَزَوَّرٌ: مُمَوَّهٌ بِكَذِبٍ، وَقِيلَ: مُحَسَّنٌ، وَقِيلَ: هُوَ المُثَقَّفُ قَبْلَ أَن يَتَكَلَّمَ بِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا زَوَّرْتُ كَلَامًا لأَقوله إِلا سَبَقَنِي(4/336)
به أَبو بكر
، وفي رِوَايَةٍ:
كُنْتُ زَوَّرْتُ فِي نَفْسِي كَلَامًا يومَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ
أَي هَيَّأْتُ وأَصلحت. والتَّزْوِيرُ: إِصلاح الشَّيْءِ. وكلامٌ مُزَوَّرٌ أَي مُحَسَّنٌ؛ قَالَ نصرُ بْنُ سَيَّارٍ:
أَبْلِغْ أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ رِسالةً، ... تَزَوَّرْتُها مِنْ مُحْكَمَاتِ الرَّسائِل
والتَّزْوِيرُ: تَزْيين الْكَذِبِ والتَّزْوِيرُ: إِصلاح الشَّيْءِ، وَسُمِعَ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: كُلُّ إِصلاح مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ فَهُوَ تَزْوِيرٌ، وَمِنْهُ شَاهِدُ الزُّورِ يُزَوِّرُ كَلَامًا والتَّزْوِيرُ: إِصلاح الْكَلَامِ وتَهْيِئَتُه. وَفِي صَدْرِهِ تَزْوِيرٌ أَي إِصلاح يُحْتَاجُ أَن يُزَوَّرَ. قَالَ: وَقَالَ الْحَجَّاجُ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً زَوَّرَ نفسَه عَلَى نَفْسِهِ أَي قَوَّمَهَا وحسَّنها، وَقِيلَ: اتَّهَمَ نَفْسَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَحَقِيقَتُهُ نِسْبَتُهَا إِلى الزُّورِ كَفَسَّقَهُ وجَهَّلَهُ، وَتَقُولُ: أَنا أُزَوِّرُكَ عَلَى نَفْسِكَ أَي أَتَّهِمُك عَلَيْهَا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
بِهِ زَوَرٌ لَمْ يَسْتَطِعْهُ المُزَوِّرُ
وَقَوْلُهُمْ: زَوَّرْتُ شَهَادَةَ فُلَانٍ رَاجِعٌ إِلى تَفْسِيرِ قَوْلِ القَتَّالِ:
وَنَحْنُ أُناسٌ عُودُنا عُودُ نَبْعَةٍ ... صَلِيبٌ، وَفِينَا قَسْوَةٌ لَا تُزَوَّرُ
قَالَ أَبو عَدْنَانَ: أَي لَا نُغْمَزُ لِقَسْوَتِنَا وَلَا نُسْتَضْعَفُ فَقَوْلُهُمْ: زَوَّرْتُ شَهَادَةَ فُلَانٍ، مَعْنَاهُ أَنه اسْتُضْعِفَ فَغُمِزَ وَغُمِزَتْ شَهَادَتُهُ فأُسقطت. وَقَوْلُهُمْ: قَدْ زَوَّرَ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: فِيهِ أَربعة أَقوال: يَكُونُ التَّزْوِيرُ فِعْلَ الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ. والزُّور: الْكَذِبُ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُومٍ: التَّزْوِيرُ التَّشْبِيهُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: التَّزْوِيرُ التَّزْوِيقُ وَالتَّحْسِينُ. وزَوَّرْتُ الشيءَ: حَسَّنْتُه وقوَّمتُه. وَقَالَ الأَصمعي: التزويرُ تَهْيِئَةُ الْكَلَامِ وَتَقْدِيرُهُ، والإِنسان يُزَوِّرُ كَلَامًا، وَهُوَ أَن يُقَوِّمَه ويُتْقِنَهُ قَبْلَ أَن يَتَكَلَّمَ بِهِ. والزُّورُ: شَهَادَةُ الْبَاطِلِ وَقَوْلُ الْكَذِبِ، وَلَمْ يُشْتَقَّ مِنْ تَزْوِيرِ الْكَلَامِ وَلَكِنَّهُ اشْتُقَّ مِنْ تَزْوِيرِ الصَّدْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ
؛ الزُّور: الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ والتُّهمة، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ شَهَادَةِ الزُّورِ فِي الْحَدِيثِ، وَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ:
عَدَلَتْ شهادَةُ الزُورِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ
، وإِنما عَادَلَتْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهَا: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ
. وزَوَّرَ نَفْسَه: وسمَهَا بالزُّورِ. وَفِي الْخَبَرِ
عَنِ الْحَجَّاجِ: زَوَّرَ رجلٌ نَفْسَه.
وزَوَّرَ الشَّهَادَةَ. أَبطلها؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الزُّورُ هَاهُنَا مَجَالِسُ اللَّهْوِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا إِلا أَن يُرِيدَ بِمَجَالِسِ اللَّهْوِ هُنَا الشِّرْكَ بِاللَّهِ، وَقِيلَ: أَعياد النَّصَارَى؛ كِلَاهُمَا عَنِ الزَّجَّاجِ، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الشِّرْكُ، وَهُوَ جَامِعٌ لأَعياد النَّصَارَى وَغَيْرِهَا؛ قَالَ: وَقِيلَ الزّورُ هُنَا مَجَالِسُ الغِنَاء. وزَوْرُ الْقَوْمِ وزَوِيرُهم وزُوَيْرُهم: سَيِّدُهم ورأْسهم. والزُّورُ والزُّونُ جَمِيعًا: كُلُّ شَيْءٍ يُتَّخَذُ رَبّاً وَيُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى؛ قَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ:
جاؤُوا بِزُورَيْهِم وجِئْنا بالأَصَمْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ المُثَنَّى إِن الْبَيْتَ لِيَحْيَى بْنِ مَنْصُورٍ؛ وأَنشد قَبْلَهُ:
كانَت تَمِيمٌ مَعْشَراً ذَوِي كَرَمْ، ... غَلْصَمَةً مِنَ الغَلاصِيم العُظَمْ
مَا جَبُنُوا، وَلَا تَوَلَّوْا مِنْ أَمَمْ، ... قَدْ قابَلوا لَوْ يَنْفُخْون فِي فَحَمْ(4/337)
جَاؤُوا بِزُورَيْهِم، وَجِئْنَا بالأَصَمّ ... شَيْخٍ لَنَا، كالليثِ مِنْ بَاقِي إِرَمْ
شَيْخٍ لَنَا مُعاوِدٍ ضَرْبَ البُهَمْ
قَالَ: الأَصَمُّ هُوَ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ عَامِرٍ وَهُوَ رَئِيسُ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ يَوْمُ الزُّورَيْنِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَهُمَا بَكْرانِ مُجلَّلانِ قَدْ قَيَّدوهما وَقَالُوا: هَذَانِ زُورَانا أَي إِلهانا، فَلَا نَفِرُّ حَتَّى يَفِرَّا، فَعَابَهُمْ بِذَلِكَ وَبِجَعْلِ الْبَعِيرَيْنِ ربَّيْنِ لَهُمْ، وهُزِمَتْ تَمِيمٌ ذَلِكَ الْيَوْمَ وأُخذ الْبَكْرَانِ فَنُحِرَ أَحدهما وَتُرِكَ الْآخَرُ يَضْرِبُ فِي شَوْلِهِمْ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ وَجَدْتُ هَذَا الشِّعْرَ للأَغْلَبِ العِجْلِيِّ فِي دِيوَانِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَقَالَ شَمِرٌ: الزُّورانِ رئيسانِ؛ وأَنشد:
إِذ أُقْرِنَ الزُّورانِ: زُورٌ رازِحُ ... رَارٌ، وزُورٌ نِقْيُه طُلافِحُ
قَالَ: الطُّلافِحُ الْمَهْزُولُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الزُّورُ صَخْرَةٌ. وَيُقَالُ: هَذَا زُوَيْرُ الْقَوْمِ أَي رَئِيسُهُمْ. والزُّوَيْرُ: زَعِيمُ الْقَوْمِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الزُّوَيْرُ صَاحِبُ أَمر الْقَوْمِ؛ قَالَ:
بأَيْدِي رِجالٍ، لَا هَوادَة بينهُمْ، ... يَسوقونَ لِلمَوْتِ الزُّوَيْرَ اليَلَنْدَدا
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
قَدْ نَضْرِبُ الجَيْشَ الخَميسَ الأَزْوَرا، ... حَتَّى تَرى زُوَيْرَهُ مُجَوَّرا
وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الزُّونُ الصنم، وهو بالفارسية زون بِشَمِّ الزَّايِ السِّينَ؛ وَقَالَ حُمَيْدٌ:
ذَاتُ المجوسِ عَكَفَتْ للزُّونِ
أَبو عُبَيْدَةَ: كُلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَهُوَ زُورٌ. والزِّيرُ: الكَتَّانُ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
وإِنْ غَضِبَتْ، خِلْتَ بالمِشْفَرَيْن ... سَبايِخَ قُطْنٍ، وَزِيرًا نُسالا
وَالْجَمْعُ أَزْوارٌ. والزِّيرُ مِنَ الأَوْتار: الدَّقيقُ. والزِّيرُ: مَا اسْتُحْكِمَ فَتْلُهُ مِنَ الأَوتار؛ وزيرُ المِزْهَرِ: مُشْتَقٌّ مِنْهُ. وَيَوْمُ الزُّورَيْنِ: مَعْرُوفٌ. والزَّوْرُ: عَسيبُ النَّخْلِ. والزَّارَةُ: الْجَمَاعَةُ الضَّخْمَةُ مِنَ النَّاسِ والإِبل وَالْغَنَمِ. والزِّوَرُّ، مِثَالُ الهِجَفِّ: السَّيْرُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
يَا ناقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرّا، ... وقَلِّمي مَنْسِمَكِ المُغْبَرّا
وَقِيلَ: الزِّوَرُّ الشَّدِيدُ، فَلَمْ يُخَصَّ بِهِ شَيْءٌ دون شيء. وزارَةُ: حَيٌّ مِنْ أَزْدِ السَّراة. وزارَةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
وكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ مُدْبِرَةً ... نَخْلٌ بِزارَةَ، حَمْلُه السُّعْدُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وعَيْنُ الزَّارَةِ بِالْبَحْرَيْنِ مَعْرُوفَةٌ. والزَّارَةُ: قَرْيَةٌ كَبِيرَةٌ؛ وَكَانَ مَرْزُبانُ الزَّارَةِ مِنْهَا، وَلَهُ حَدِيثٌ مَعْرُوفٌ. وَمَدِينَةُ الزَّوْراء: بِبغداد فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، سُمِّيَتْ زَوْراءَ لازْوِرار قِبْلَتِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: ودِجْلَةُ بَغْدادَ تُسَمَّى الزَّوْراءَ. والزَّوْرَاءُ: دَارٌ بالحِيرَةِ بَنَاهَا النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ، ذَكَرَهَا النَّابِغَةُ فَقَالَ:
بِزَوْراءَ فِي أَكْنافِها المِسْكُ كارِعُ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: زَوْراءُ هَاهُنَا مَكُّوكٌ مِنْ فِضَّةٍ مِثْلُ التَّلْتَلَة. وَيُقَالُ: إِن أَبا جَعْفَرٍ هَدَمَ الزَّوْراء بالحِيرَةِ فِي أَيامه. الْجَوْهَرِيُّ: والزَّوْراءُ اسْمُ مَالٍ(4/338)
كَانَ لأُحَيْحَةَ بْنِ الجُلاح الأَنصاري؛ وَقَالَ:
إِني أُقيمُ عَلَى الزَّوْراءِ أَعْمُرُها، ... إِنَّ الكَريمَ عَلَى الإِخوانِ ذُو المالِ
زير: الزِّيرُ: الدَّنُّ، وَالْجَمْعُ أَزْيارٌ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّافِعِيِّ: كُنْتُ أَكتب الْعِلْمَ وأُلقيه في زيرٍ لنا
؛ الزِّيرُ: الحُبُّ الَّذِي يُعْمَلُ فِيهِ الْمَاءُ والزِّيارُ: مَا يُزَيِّرُ بِهِ البَيْطارُ الدَّابَّةَ، وَهُوَ شِناقٌ يَشُدُّ بِهِ البيطارُ جَحْفَلَةَ الدَّابَّةِ أَي يَلْوِي جَحْفَلَتَهُ، وَهُوَ أَيضاً شِناقٌ يُشَدُّ بِهِ الرَّحْلُ إِلى صُدْرَةِ الْبَعِيرِ كاللَّبَب لِلدَّابَّةِ. وزَيَّرَ الدابةَ: جَعَلَ الزِّيارَ فِي حَنكِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لأَيوب، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا يَنْبَغِي أَن يُخَاصِمَنِي إِلا مَنْ يَجْعَلُ الزِّيارَ فِي فَمِ الأَسد.
الزِّيارُ: شَيْءٌ يُجْعَلُ فِي فَمِ الدَّابَّةِ إِذا اسْتَصْعَبَتْ لَتَنْقادَ وتَذِلَّ. وكلُّ شَيْءٍ كَانَ صَلَاحًا لِشَيْءٍ وعِصْمَةً، فَهُوَ زِوارٌ وزِيارٌ؛ قَالَ ابْنُ الرِّقاع:
كَانُوا زِواراً لأَهل الشَّامِ، قَدْ علِموا، ... لَمَّا رأَوْا فيهِمُ جَوْراً وطُغيانا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: زِوارٌ وزِيارٌ أَي عِصْمَةٌ كَزِيار الدَّابَّةِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الحَقَبُ والتَّصْدِيرُ كَيْلَا يَدْنو الحَقَب مِنَ الثِّيل، وَالْجَمْعُ أَزْوِرَةٌ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
بأَرْحُلِنا يَحِدْنَ، وَقَدْ جَعَلنا، ... لكلِّ نَجِيبَةٍ مِنْهَا، زِيارا
وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
رَآهُ مُكَبَّلًا بالحديدِ بأَزْوِرَةٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ جَمْعُ زِوارٍ وزِيارٍ؛ الْمَعْنَى أَنه جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلى صَدْرِهِ وشُدَّتْ، وموضعُ بأَزْوِرَةٍ: النصبُ، كأَنه قَالَ مُكَبَّلًا مُزَوَّراً. وَفِي صِفَةِ أَهل النَّارِ:
الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زِيرَ لَهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ وَفَسَّرَهُ أَنه الَّذِي لَا رأْي لَهُ، قَالَ: وَالْمَحْفُوظُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وفتح الزاي.
فصل السين المهملة
سأر: السُّؤْرُ بَقِيَّة الشَّيْءِ، وَجَمْعُهُ أَسآرٌ، وسُؤْرُ الفأْرَةِ وَغَيْرِهَا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ فِي الْمَقْلُوبِ:
إِنَّا لَنَضْرِبُ جَعْفَراً بِسُيوفِنا، ... ضَرْبَ الغَريبَةِ تَرْكَبُ الْآسَارَا
أَراد الأَسآر فَقَلَبَ، وَنَظِيرُهُ الآبارُ والآرامُ فِي جَمْعِ بِئْر ورِئْم. وَأَسْأَرَ مِنْهُ شَيْئًا: أَبْقَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا شَرِبْتُم فَأَسْئِرُوا
؛ أَي أَبْقَوا شَيْئًا مِنَ الشَّرَابِ فِي قَعْرِ الإِناء، والنَّعْت مِنْهُ سَأْآرٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لأَن قِيَاسَهُ مُسْئِرٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَنَظِيرُهُ أَجْبَرَه فَهُوَ جَبَّارٌ. وَفِي حَدِيثِ
الفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: لَا أُوثِرُ بِسُؤْرِكَ أَحَداً
أَي لَا أَتْرُكُه لأَحَدٍ غَيْري؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَمَا أَسأَروا مِنْهُ شَيْئًا
، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَغَيْرِهِمَا. وَرَجُلٌ سَأْآر: يُسْئِرُ فِي الإِناء مِنَ الشَّرَابِ، وَهُوَ أَحَدُ مَا جَاءَ مِنْ أَفْعَل عَلَى فَعَّال؛ وَرَوَى بَعْضُهُمْ بَيْتَ الأَخطل:
وشارِبٍ مُرْبِحٍ بالكأْسِ نادَمَني ... لَا بالحَصورِ وَلَا فِيهَا بِسأْآرِ
بوَزْن سَعّار، بِالْهَمْزِ. مَعْنَاهُ أَنه لَا يُسْئِرُ فِي الإِناء سُؤْراً بَلْ يَشْتَفُّه كُلَّهُ، وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ: بِسوَّار أَي بِمُعَرْبِدٍ وَثَّابٍ، مِنْ سَارَ إِذا وَثَبَ وَثْبَ المُعَرْبِدِ عَلَى مَنْ يُشارِبه؛ الْجَوْهَرِيُّ: وإِنما أَدخل الْبَاءَ فِي الْخَبَرِ لأَنه ذَهَبَ بِلَا مَذْهَبَ لَيْسَ لِمُضَارَعَتِه لَهُ فِي النَّفْيِ. قَالَ الأَزهري: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ سَأْآر مِنْ سَأَرْتُ ومِنْ أَسْأَرْتُ كأَنه رُدَّ فِي الأَصل، كَمَا(4/339)
قَالُوا دَرَّاك مِنْ أَدْرَكْتُ وجَبَّار مَنْ أَجْبَرْتُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
صَدَرْنَ بِمَا أَسْأَرْتُ مِنْ ماءِ مُقْفِرٍ ... صَرًى لَيْس مِنْ أَعْطانِه، غَيْرَ حائِل
يَعْنِي قَطاً وَرَدَتْ بَقِيَّةَ مَا أَسأَره فِي الْحَوْضِ فَشَرِبَتْ مِنْهُ. اللَّيْثُ: يُقَالُ أَسأَر فُلَانٌ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ سُؤْراً وَذَلِكَ إِذا أَبقى بقيَّة؛ قَالَ: وبَقِيَّة كُلِّ شَيْءٍ سُؤْرُه. وَيُقَالُ للمرأَة الَّتِي قَدْ جَاوَزَتْ عُنْفُوان شَبَابِهَا وَفِيهَا بَقِيَّةٌ: إِنَّ فِيهَا لَسُؤْرةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
إِزاءَ مَعاشٍ مَا يُحَلُّ إِزارُها ... مِنَ الكَيْسِ، فِيهَا سُؤْرَةٌ، وَهِيَ قاعدُ
أَراد بِقَوْلِهِ وَهِيَ قَاعِدٌ قُعودها عَنِ الْحَيْضِ لأَنها أَسَنَّتْ. وتَسَأَّر النبيذَ: شَرِبَ سُؤْرَه وَبَقَايَاهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: وأَسْأَر مِنْ حِسابِه: أَفْضَلَ. وَفِيهِ سُؤْرَة أَي بَقِيَّةُ شَبَابٍ؛ وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ الْهِلَالِيِّ:
إِزاءَ مَعاشٍ لَا يَزَالُ نِطاقُها ... شَديداً، وَفِيهَا سُؤْرَةٌ، وَهِيَ قاعِد «2»
. التهذيب: وأَما قوله:
[وسائِرُ الناسِ هَمَج]
فإِن أَهل اللُّغَةِ اتَّفَقُوا عَلَى أَن مَعْنَى سَائِرُ فِي أَمْثال هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى الْبَاقِي، مِنْ قَوْلِكَ: أَسْأَرْتُ سُؤْراً وسُؤْرَة إِذا أَفْضَلْتَها وأَبقيتها. والسَّائِرُ: الْبَاقِي، وكأَنه مِنْ سَأَرَ يَسْأَرُ فَهُوَ سائِر. قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبو الْعَبَّاسِ: يُقَالُ سَأَر وأَسْأَرَ إِذا أَفْضَلَ، فَهُوَ سائِر؛ جَعَلَ سَأَرَ وأَسْأَرَ وَاقِعَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ سَائِرٌ. قَالَ: قَالَ فَلَا أَدري أَراد بالسَّائِرِ المُسْئِر. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كفَضْلِ الثَّريد عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ
؛ أَي بَاقِيهِ؛ وَالسَّائِرُ، مَهْمُوزٌ: الْبَاقِي؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالنَّاسُ يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي مَعْنَى الْجَمِيعِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ وَتَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ وَكُلُّهُ بِمَعْنَى بَاقِي الشَّيْءِ، وَالْبَاقِي: الفاضِلُ. وَمَنْ هَمَزَ السُّؤْرَة مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ جَعَلَهَا بِمَعْنَى بقيَّة مِنَ الْقُرْآنِ وقطْعَة. والسُّؤْرَةُ مِنَ الْمَالِ: جَيِّدُهُ، وَجَمْعُهُ سُؤَر. والسورةُ مِنَ الْقُرْآنِ: يَجُوزُ أَن تَكُونَ مِنْ سُؤْرة الْمَالِ، تُرِكَ هَمْزُه لَمَّا كَثُرَ فِي الْكَلَامِ.
سبر: السَّبْرُ: التَّجْرِبَةُ. وسَبَر الشيءَ سَبْراً: حَزَره وخَبَرهُ. واسْبُرْ لِي مَا عِنْدَهُ أَي اعْلَمْه. والسَّبْر: اسْتِخْراجُ كُنْهِ الأَمر. والسَّبْر: مَصْدَرُ سَبَرَ الجُرْحَ يَسْبُرُه ويَسْبِرُه سَبْراً نَظَر مِقْدارَه وقاسَه لِيَعْرِفَ غَوْرَه، ومَسْبُرَتُهُ: نِهايَتُه. وَفِي حَدِيثِ الْغَارِ:
قَالَ لَهُ أَبو بَكْرٍ: لَا تَدْخُلْه حتى أَسْبِرَه [أَسْبُرَه] قَبْلَك
أَي أَخْتَبِرَه وأَعْتَبِرَه وأَنظرَ هَلْ فِيهِ أَحد أَو شَيْءٌ يُؤْذِي. والمِسْبارُ والسِّبارُ: مَا سُبِرَ بِهِ وقُدِّرَ بِهِ غَوْرُ الْجِرَاحَاتِ؛ قَالَ يَصِفُ جُرْحَها:
تَرُدُّ السِّبارَ عَلَى السَّابِرِ
التَّهْذِيبِ: والسِّبارُ فَتِيلة تُجْعَلُ فِي الجُرْح؛ وأَنشد:
تَرُدُّ عَلَى السَابرِيِّ السِّبارا
وَكُلُّ أَمرٍ رُزْتَه، فَقَدْ سَبَرْتَه وأَسْبَرْتَه. يُقَالُ: حَمِدْتُ مَسْبَرَه ومَخْبَره. والسِّبْرُ والسَّبْرُ: الأَصلُ واللَّوْنُ والهَيْئَةُ والمَنْظَرُ. قَالَ أَبو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ: وَقَفْتُ عَلَى رَجُلٌ مِنْ أَهل الْبَادِيَةِ بَعْدَ مُنْصَرَفِي مِنَ الْعِرَاقِ فَقَالَ: أَمَّا اللسانُ فَبَدَوِيُّ، وأَما السِّبْرُ فَحَضَرِيُّ؛ قَالَ: السِّبْر، بِالْكَسْرِ، الزِّيُّ والهيئةُ. قَالَ: وَقَالَتْ بَدَوِيَّةٌ أَعْجَبَنا سِبْر فُلَانٍ أَي حُسْنُ حَالِهِ وخِصْبُه فِي بَدَنه، وَقَالَتْ: رأَيته سَيِءَ السِّبْر إِذا كان
__________
(2) . هذه رواية أخرى للبيت الذي قبله لأَن الشاعر واحد وهو حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ(4/340)
شاحِباً مَضْرُوراً فِي بَدَنِهِ، فَجَعَلَتِ السِّبْرَ بِمَعْنَيَيْنِ. وَيُقَالُ: إِنه لَحَسَنُ السِّبْرِ إِذا كَانَ حَسَنَ السَّحْناءِ والهيئةِ؛ والسَّحْناءُ: اللَّوْنُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَخْرج رَجُلٌ مِنَ النَّارِ وَقَدْ ذَهَبَ حِبْرُه وسِبْرُه
؛ أَي هَيْئَتُه. والسِّبْرُ: حُسْنُ الهيئةِ والجمَالُ وفلانٌ حَسَنُ الحِبْرِ والسِّبْر إِذا كَانَ جَمِيلًا حَسَنَ الْهَيْئَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنَا ابنُ أَبِي البَراءِ، وكُلُّ قَوْمٍ ... لَهُمْ مِنْ سِبْر والِدِهِمْ رِداء
وسِبْرِي أَنَّنِي حُرٌّ نَقِيٌّ ... وأَنِّي لَا يُزايِلُنِي الحَياءُ
والمَسْبُورُ: الحَسَنُ السِّبْر. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ أَنه قِيلَ لَهُ: مُرْ بَنِيكَ حَتَّى يَتَزَوَّجُوا فِي الْغَرَائِبِ فَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِمْ سِبْرُ أَبي بكرٍ ونُحُولُهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السِّبْرُ هَاهُنَا الشَّبَهُ. قَالَ: وَكَانَ أَبو بَكْرٍ دَقِيقِ المَحاسِنِ نَحِيفَ البدنِ فأَمَرَهُم الرَّجُلُ أَن يُزَوِّجَهم الغرائبَ ليجتمعَ لَهُمْ حُسْنُ أَبي بَكْرٍ وشِدَّةُ غَيْرِهِ. وَيُقَالُ: عَرَّفْتُهُ بِسِبْر أَبيه أَي بِهَيئته وشَبَهِهِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَنَا ابنُ المَضْرَحِيِّ أَبي شُلَيْل، ... وهَلْ يَخْفَى عَلَى الناسِ النَّهارُ؟
عَلَيْنا سِبْرُه، ولِكُلِّ فَحْلٍ ... عَلَى أَولادِهِ مِنْهُ نِجَارُ
والسِّبْر أَيضاً: مَاءُ الْوَجْهِ، وَجَمْعُهَا أَسْبَارٌ. والسِّبْرُ والسَّبْرُ: حُسْنُ الْوَجْهِ. والسِّبْرُ: مَا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عِتْقِ الدابَّةِ أَو هُجْنتها. أَبو زَيْدٍ: السِّبْرُ مَا عَرَفْتَ بِهِ لُؤْمَ الدَّابَّةِ أَو كَرَمَها أَو لَوْنَها مِنْ قِبَلِ أَبيها. والسِّبْر أَيضاً: مَعْرِفَتُك الدَّابَّةَ بِخصْبٍ أَو بِجَدْبٍ. والسَّبَراتُ: جَمْعُ سَبْرَة، وَهِيَ الغَداةُ البارِدَة، بِسُكُونِ الْبَاءِ، وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ السحَرِ إِلى الصَّبَاحِ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ غُدْوَة إِلى طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِيمَ يَخْتَصِمُ الملأُ الأَعْلَى يَا مُحَمَّدُ؟ فَسَكَتَ ثُمَّ وَضَعَ الربُّ تَعَالَى يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فأَلْهَمَه إِلى أَنْ قَالَ: فِي المُضِيِّ إِلى الجُمعات وإِسْباغِ الوُضُوءِ فِي السَّبَرات
؛ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
عِظامُ مَقِيلِ الهَامِ غُلْبٌ رِقابُها، ... يُباكِرْنَ حَدَّ الماءِ فِي السَّبَراتِ
يَعْنِي شِدَّةَ بَرْدِ الشِّتَاءِ والسَّنَة. وَفِي حَدِيثِ
زَوَاجِ فَاطِمَةَ، عَلَيْهَا السَّلَامُ: فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَداةٍ سَبْرَة
؛ وسَبْرَةُ بنُ العَوَّالِ مُشْتَقّ مِنْهُ. والسَّبْرُ: مِنْ أَسماء الأَسَد؛ وَقَالَ المُؤَرِّجُ فِي قَوْلِ الفرزدق:
بِجَنْبَيْ خِلالٍ يَدْفَعُ الضَّيْمَ مِنْهُمُ ... خَوادِرُ فِي الأَخْياسِ، مَا بَيْنَها سِبْرُ
قَالَ: مَعْنَاهُ مَا بَيْنَهَا عَداوة. قَالَ: والسِّبْر العَدَاوَة، قَالَ: وَهَذَا غَرِيبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا بأْس أَن يُصَلِّيَ الرجلُ وَفِي كُمِّه سَبُّورَةٌ
؛ قِيلَ: هِيَ الأَلواح مِنَ السَّاجِ يُكْتَبُ فِيهَا التذاكِيرُ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصحاب الْحَدِيثِ يَرْوُونَها سَتُّورة، قَالَ: وَهُوَ خطأٌ. والسُّبْرَة: طَائِرٌ تَصْغِيرُهُ سُبَيْرَةٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ: السُّبَرُ طَائِرٌ دُونَ الصَّقْرِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
حَتَّى تَعاوَرَهُ العِقْبانُ والسُّبَرُ
والسَّابِرِيُّ مِنَ الثيابِ: الرِّقاقُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَجَاءَتْ بِنَسْجِ العَنْكَبُوتِ كأَنَّه، ... عَلَى عَصَوَيْها، سابِرِيٌّ مُشَبْرَقُ
وكُلُّ رَقيقٍ: سابِرِيٌّ. وعَرْضٌ سابِرِيٌّ:(4/341)
رَقِيقٌ، لَيْسَ بمُحَقَّق. وَفِي الْمَثَلِ: عَرْضٌ سابِريٌّ؛ يَقُولُهُ مَنْ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الشيءُ عَرْضاً لَا يُبالَغُ فِيهِ لأَن السابِرِيّ مِنْ أَجْود الثيابِ يُرْغَبُ فِيهِ بأَدْنى عَرْض؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِمَنْزِلَةٍ لا يَشْتَكِي السِّلَّ أَهْلُها، ... وعَيْشٍ كَمِثْلِ السابِرِيِّ رَقِيقِ
وَفِي حَدِيثِ
حَبِيبِ بْنِ أَبي ثَابِتٍ: رأَيْت عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَوْبًا سابِرِيّاً أَسْتَشِفُّ مَا وَرَاءَهُ.
كلُّ رَقِيقٍ عِنْدَهُمْ: سابِرِيٌّ، والأَصل فِيهِ الدُّروع السابِرِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلى سابُورَ. والسابِريُّ: ضربٌ مِنَ التَّمْرِ؛ يُقَالُ: أَجْوَدُ تَمْرِ الْكُوفَةِ النِّرْسِيانُ والسابِرِيُّ. والسُّبْرُورُ: الْفَقِيرُ كالسُّبْروتِ؛ حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ، وأَنشد:
تُطْعِمُ المُعْتَفِينَ ممَّا لَدَيْها ... مِنْ جَناها، والعائِلَ السُّبْرُورا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِذا صَحَّ هَذَا فَتَاءُ سُبْرُوتٍ زَائِدَةٌ وسابورُ: مَوْضِعٌ، أَعجمي مُعَرَّب؛ وَقَوْلُهُ:
لَيْسَ بِجَسْرِ سابُورٍ أَنِيسٌ، ... يُؤَرِّقُه أَنِينُك، يَا مَعِينُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ اسْمَ رَجُلٍ وأَن يَكُونَ اسْمَ بَلَدٍ. والسِّبَارى: أَرضٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
دَرَى بالسِّبارَى حَبَّةً إِثْرَ مَيَّةٍ، ... مُسَطَّعَةَ الأَعْناقِ بُلْقَ القَوادِمِ
سبطر: السِّبَطْرَى: الانبساطُ فِي الْمَشْيِ. والضِّبَطْرُ والسِّبَطْرُ: مِنْ نَعْتِ الأَسد بالمَضاءَةِ والشِّدَّةِ. والسِّبَطْرُ: الْمَاضِي. والسِّبَطْرَى: مِشْيَةُ التبَخْتُر؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَمْشِي السِّبَطْرَى مِشْيَةَ التبَخْتُر
رَوَاهُ شَمِرٌ مِشْيَةَ التَّجَيْبُرِ أَي التجَبُّر. والسِّبَطْرَى: مِشْيَةٌ فِيهَا تَبَخْتُر. واسْبَطَرَّ: أَسرَعَ وامتَدَّ. والسِّبَطْرُ: السَّبْطُ الممتَدُّ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَمَلٌ سِبَطْر وَجِمَالٌ سِبَطْراتٌ سَرِيعَةٌ، وَلَا تُكَسَّر. واسْبَطَرَّتْ فِي سَيْرِها: أَسرَعَتْ وامتدّتْ. وَحَاكَمَتِ امرأَةٌ صاحِبَتَها إِلى شُرَيْحٍ فِي هِرَّةٍ بِيَدِهَا فَقَالَ: أَدْنُوها مِنَ المُدَّعِيَةِ «3» . فإِنْ هِيَ قَرَّتْ وَدَرَّتْ واسْبَطَرَّتْ فَهِيَ لَهَا، وَإِنْ فَرَّتْ وازْبأَرَّتْ فَلَيْسَتْ لَهَا؛ مَعْنَى اسْبَطَرَّتْ امْتَدَّتْ وَاسْتَقَامَتْ لَهَا، قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي امْتَدَّتْ للإِرضاع وَمَالَتْ إِليه. واسْبَطَرَّتْ الذَّبِيحَةُ إِذا امْتَدَّتْ لِلْمَوْتِ بَعْدَ الذَّبْحِ. وَكُلُّ ممتدٍّ: مُسْبَطِرٌّ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَخذ مِنَ الذَّبِيحَةِ شَيْئًا قَبْلَ أَن تَسْبَطِرّ فَقَالَ: مَا أَخَذْتَ مِنْهَا فَهِيَ سُنَّة
أَي قَبْلَ أَن تمتَدَّ بَعْدَ الذَّبْحِ. والسِّبَطْرة: المرأَة الْجَسِيمَةُ. شَمِرٌ: السِّبَطْر مِنَ الرِّجَالِ السَّبْطُ الطَّوِيلُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: السِّبَطْر الْمَاضِي؛ وأَنشد:
كَمِشْيَةِ خادِرٍ ليْثٍ سِبَطْر
الْجَوْهَرِيُّ: اسْبَطَرَّ اضْطَجَع وامتدَّ. وأَسَد سِبَطْر، مِثَالُ هِزَبْر، أَي يَمتدُّ عِنْدَ الوثْبَة. الْجَوْهَرِيُّ: وجِمال سِبَطْراتٌ طِوال عَلَى وَجْهِ الإِرض، وَالتَّاءُ لَيْسَتْ للتأْنيث، وإِنما هِيَ كَقَوْلِهِمْ حَمَّامَاتٌ وَرِجَالَاتٌ فِي جَمْعِ الْمُذَكَّرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: التَّاءُ فِي سِبَطْراتٍ للتأْنيث لأَن سِبَطْراتٍ مِنْ صِفَةِ الجِمال، والجِمالُ مُؤَنَّثَةٌ تأْنيث الْجَمَاعَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: الْجِمَالُ سارتْ ورَعَتْ وأَكلت وَشَرِبَتْ؛ قَالَ: وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ إِنما هِيَ كحَمَّاماتٍ ورِجالاتٍ وهَم فِي خَلْطِهِ رِجالاتٍ بحَمَّامات لأَن رِجَالًا جَمَاعَةٌ مُؤَنَّثَةٌ،
__________
(3) . قوله: [أدنوها من المدعية إلخ] لعل المدعية كان معها ولد للهرة صغير كما يشعر به بقية الكلام(4/342)
بِدَلِيلِ قَوْلِكَ: الرِّجَالُ خَرَجَتْ وَسَارَتْ، وأَما حمَّامات فَهِيَ جَمْعُ حمَّام، والحمَّام مُذَكَّرٌ وَكَانَ قِيَاسُهُ أَن لَا يُجْمَعُ بالأَلف وَالتَّاءِ قَالَ: قَالَ سِيبَوَيْهِ وإِنما قَالُوا حمَّامات وإِصطبلات وسُرادِقات وسِجِلَّات فَجَمَعُوهَا بالأَلف وَالتَّاءِ، وَهِيَ مُذَكَّرَةٌ، لأَنهم لَمْ يَكْسِرُوهَا؛ يُرِيدُ أَن الأَلف وَالتَّاءَ فِي هَذِهِ الأَسماء المذَكَّرة جَعَلُوهُمَا عِوَضاً مِنْ جَمْعِ التَّكْسِيرِ، وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُكْسَرُ لَمْ تُجْمَعْ بالأَلف وَالتَّاءِ وشَعَرٌ سِبَطْرٌ: سَبْطٌ. والسَّبَيْطَرُ والسُّباطِرُ: الطَّوِيلُ. والسَّبَيْطَرُ، مِثْلُ العَمَيْثَلِ: طَائِرٌ طَوِيلُ الْعُنُقِ جِدًّا تَرَاهُ أَبداً فِي الْمَاءِ الضَّحْضاحِ، يُكنى أَبا العَيْزارِ. الْفَرَّاءُ: اسْبَطَرَّتْ لَهُ الْبِلَادُ اسْتَقَامَتْ، قَالَ: اسْبَطَرَّت لَيْلَتُها مستقيمة.
سبعر: نَاقَةٌ ذاتُ سِبْعارَة، وسَبْعَرَتُها: حِدَّتُها وَنَشَاطُهَا إِذا رَفَعَتْ رأْسها وَخَطَرَتْ بِذَنَبِهَا وتَدَافَعَتْ فِي سَيْرِهَا؛ عَنْ كراع. والسَّبْعَرة: النشاط.
سبكر: المُسْبَكِرُّ: المُسْتَرْسِلُ، وَقِيلَ: المُعْتَدِلُ، وَقِيلَ: المُنْتَصِب أَي التامُّ الْبَارِزُ. أَبو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ: المُسْبَكِرُّ الشابُّ المُعْتَدِلُ التامُّ؛ وأَنشد لإمرئ الْقَيْسِ:
إِلَى مِثْلِها يَرْنُو الحَلِيمُ صَبابَةً ... إِذا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَبِ «1»
. الْجَوْهَرِيُّ: اسْبَكَرَّتِ الجاريةُ اسْتَقَامَتْ واعْتَدَلَتْ. وشبابٌ مُسْبَكِرٌّ: مُعْتَدِلٌ تَامٌّ رَخْصٌ. واسْبَكَرَّ الشَّبَابُ: طَالَ وَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. واسْبَكَرَّ النَّبْتُ: طَالَ وتَمَّ؛ قَالَ:
تُرْسِلُ وَحْفاً فاحِماً ذا اسْبِكْرارْ
وشَعَرٌ مُسْبَكِرٌّ أَي مُسْتَرْسِلٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأَسْوَدَ كالأَساوِدِ مُسْبَكِرّاً، ... عَلَى المَتْنَيْنِ، مُنْسَدِلًا جُفالا
وكلُّ شَيْءٍ امْتَدَّ وطالَ، فَهُوَ مُسْبَكِرٌّ، مِثْلُ الشعَر وَغَيْرِهِ. واسْبَكَرَّ الرَّجُلُ: اضْطَجَعَ وَامْتَدَّ مثْل اسْبَطَرّ؛ وأَنشد:
إِذا الهِدانُ حارَ واسْبَكَرَّا، ... وَكَانَ كالْعِدْل يُجَرُّ جَرَّا «2»
. واسْبَكَرَّ النهَرُ: جَرَى. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: اسْبَكَرَّتْ عَيْنُهُ دَمَعَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ.
ستر: سَتَرَ الشيءَ يَسْتُرُه ويَسْتِرُه سَتْراً وسَتَراً: أَخفاه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ويَسْتُرُونَ الناسَ مِن غيرِ سَتَرْ
والستَر، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرُ سَتَرْت الشَّيْءَ أَسْتُرُه إِذا غَطَّيْته فاسْتَتَر هُوَ. وتَسَتَّرَ أَي تَغَطَّى. وجاريةٌ مُسَتَّرَةٌ أَي مُخَدَّرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللهَ حَيِيٌّ سَتِيرٌ يُحِبُّ «3» . السَّتْرَ
؛ سَتِيرٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَي مِنْ شأْنه وإِرادته حُبُّ السَّتْرِ والصَّوْن. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَفْعُولًا فِي مَعْنَى فَاعِلٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا؛ أَي آتِياً؛ قَالَ أَهل اللُّغَةِ: مَسْتُورًا هَاهُنَا بِمَعْنَى سَاتِرٍ، وتأْويلُ الحِجاب المُطيعُ؛ ومستوراً ومأْتياً حَسَّن ذَلِكَ فِيهِمَا أَنهما رَأْسا آيَتَيْن لأَن بَعْضَ آي
__________
(1) . قوله: [ومجوب] كذا بالأصل المعوّل عليه. والذي في الصحاح في مادة س ب ك ر ومادة ج ول: مجول. وقوله شباب مسبكر كذا به أَيضاً ولعله شاب بدليل ما بعده
(2) . وقوله: [إِذا الهدان] في الصحاح إِذ.
(3) . قوله: [ستير يحب] كذا بالأصل مضبوطاً. وفي شروح الجامع الصغير ستير، بالكسر والتشديد(4/343)
سُورَةِ سُبْحَانَ إِنما [وُرا وايرا] وَكَذَلِكَ أَكثر آيَاتِ [كهيعص] إِنما هِيَ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَى مَسْتُوراً مانِعاً، وَجَاءَ عَلَى لَفْظِ مَفْعُولٍ لأَنه سُتِرَ عَنِ العَبْد، وَقِيلَ: حِجاباً مَسْتُوراً
أَي حِجَابًا عَلَى حِجَابٍ، والأَوَّل مَسْتور بِالثَّانِي، يُرَادُ بِذَلِكَ كَثَافَةُ الْحِجَابِ لأَنه جَعَلَ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّة وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا. وَرَجُلٌ مَسْتُور وسَتِير أَي عَفِيفٌ وَالْجَارِيَةُ سَتِيرَة؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ولَقَدْ أَزُورُ بها السَّتِيرَةَ ... فِي المُرَعَّثَةِ السَّتائِر
وسَتَّرَه كسَتَرَه؛ وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
لَها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ بِخُبٍّ، ... وأُخْرَى مَا يُسَتِّرُها أُجاحُ «1»
. وَقَدِ انْسَتَر واستَتَر وتَسَتَّر؛ الأَوَّل عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والسِّتْرُ مَعْرُوفٌ: مَا سُتِرَ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَسْتار وسُتُور وسُتُر. وامرأَةٌ سَتِيرَة: ذاتُ سِتارَة. والسُّتْرَة: مَا اسْتَتَرْتَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ كَائِنًا مَا كَانَ، وَهُوَ أَيضاً السِّتارُ والسِّتارَة، وَالْجَمْعُ السَّتائرُ. والسَّتَرَةُ والمِسْتَرُ والسِّتارَةُ والإِسْتارُ: كالسِّتر، وَقَالُوا أُسْوارٌ لِلسِّوار، وَقَالُوا إِشْرارَةٌ لِما يُشْرَرُ عَلَيْهِ الأَقِطُ، وجَمْعُها الأَشارير. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّما رَجُلٍ أَغْلَقَ بَابَهُ عَلَى امرأَةٍ وأَرْخَى دُونَها إِستارَةً فَقَدْ تَمَّ صَداقُها
؛ الإِسْتارَةُ: مِنَ السِّتْر، وَهِيَ كالإِعْظامَة فِي العِظامَة؛ قِيلَ: لَمْ تُسْتَعْمَلْ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَقِيلَ: لَمْ تُسْمَعْ إِلَّا فِيهِ. قَالَ: وَلَوْ رُوِيَ أَسْتَارَه جَمْعُ سِتْر لَكَانَ حَسَناً. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ فُلَانٌ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سُتْرَةٌ ووَدَجٌ وصاحِنٌ إِذا كَانَ سَفِيرًا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ. والسِّتْرُ: العَقْل، وَهُوَ مِنَ السِّتارَة والسّتْرِ. وَقَدْ سُتِرَ سَتْراً، فَهُوَ سَتِيرٌ وسَتِيرَة، فأَما سَتِيرَةٌ فَلَا تُجْمَعُ إِلَّا جَمْعَ سَلَامَةٍ عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا النَّحْوِ، وَيُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ سِتْر وَلَا حِجْر، فالسِّتْر الْحَيَاءُ والحِجْرُ العَقْل. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ؛ لِذِي عَقْل؛ قَالَ: وَكُلُّهُ يَرْجِعُ إِلى أَمر وَاحِدٍ مِنَ الْعَقْلِ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِنه لَذُو حِجْر إِذا كَانَ قَاهِرًا لِنَفْسِهِ ضَابِطًا لَهَا كأَنه أُخذَ مِنْ قَوْلِكَ حَجَرْتُ عَلَى الرَّجُلِ. والسَّتَرُ: التُّرْس، قَالَ كَثِيرُ بْنُ مُزَرِّدٍ:
بَيْنَ يديهِ سَتَرٌ كالغِرْبالْ
والإِسْتارُ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، مِنَ الْعَدَدِ: الأَربعة؛ قَالَ جَرِيرٌ:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ والبَعِيثَ وأُمَّه ... وأَبا البَعِيثِ لشَرُّ مَا إِسْتار
أَي شَرُّ أَربعة، وَمَا صِلَةٌ؛ وَيُرْوَى:
وأَبا الفرزْدَق شَرُّ مَا إِسْتار
وَقَالَ الأَخطل:
لَعَمْرُكَ إِنِّنِي وابْنَيْ جُعَيْلٍ ... وأُمَّهُما لإِسْتارٌ لئِيمُ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أَبلِغْ يَزِيدَ وإِسماعيلَ مأْلُكَةً، ... ومُنْذِراً وأَباهُ شَرَّ إِسْتارِ
وَقَالَ الأَعشى:
تُوُفِّي لِيَوْمٍ وَفِي لَيْلَةٍ ... ثَمانِينَ يُحْسَبُ إِستارُها
قَالَ: الإِستار رابِعُ أَربعة. وَرَابِعُ القومِ:
__________
(1) . قوله: [أجاح] مثلثة الهمزة أَي ستر. انظر وج ح من اللسان(4/344)
إِسْتَارُهُم. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ للأَربعة إِسْتار لأَنه بِالْفَارِسِيَّةِ جِهَارٌ فأَعْربوه وَقَالُوا إِستار؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الْوَزْنُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الإِستارُ مُعَرَّبٌ أَيضاً أَصله جِهَارٌ فأُعرب فَقِيلَ إِسْتار، ويُجْمع أَساتير. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: يُقَالُ ثَلَاثَةُ أَساتر، وَالْوَاحِدُ إِسْتار. وَيُقَالُ لِكُلِّ أَربعة إِستارٌ. يُقَالُ: أَكلت إِستاراً مِنْ خُبْزٍ أَي أَربعة أَرغفة. الْجَوْهَرِيُّ: والإِسْتَارُ أَيضاً وَزْنُ أَربعة مَثَاقِيلَ وَنِصْفٍ، وَالْجَمْعُ الأَساتير. وأَسْتارُ الْكَعْبَةِ، مَفْتُوحَةُ الْهَمْزَةِ. والسِّتارُ: مَوْضِعٌ. وَهُمَا سِتَارَانِ، وَيُقَالُ لَهُمَا أَيضاً السِّتاران. قَالَ الأَزهري: السِّتاران فِي دِيَارِ بَنِي سَعْد وَادِيَانِ يُقَالُ لَهُمَا السَّوْدة يُقَالُ لأَحدهما: السِّتارُ الأَغْبَرُ، وَلِلْآخَرِ: السِّتارُ الجابِرِيّ، وَفِيهِمَا عُيُونٌ فَوَّارَة تَسْقِي نَخِيلًا كَثِيرَةً زِينَةً، مِنْهَا عَيْنُ حَنيذٍ وعينُ فِرْياض وَعَيْنُ بَثاءٍ وَعَيْنُ حُلوة وَعَيْنُ ثَرْمداءَ، وَهِيَ مِنَ الأَحْساء عَلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ؛ وَالسِّتَارُ الَّذِي فِي شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
عَلَى السِّتارِ فَيَذْبُل
هُمَا جَبَلَانِ. وسِتارَةُ: أَرض؛ قَالَ:
سَلاني عَنْ سِتارَةَ، إِنَّ عِنْدِي ... بِها عِلْماً، فَمَنْ يَبْغِي القِراضَا
يَجِدْ قَوْماً ذَوِي حَسَبٍ وَحَالٍ ... كِراماً، حَيْثُما حَبَسُوا مخاضَا
سجر: سَجَرَه يَسْجُرُه سَجْراً وسُجوراً وسَجَّرَه: ملأَه. وسَجَرْتُ النهَرَ: ملأْتُه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مُلِئَتْ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا وَجْهَ لَهُ إِلا أَن تَكُونَ مُلِئَت نَارًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَن الْبَحْرَ يُسْجَر فَيَكُونُ نارَ جَهَنَّمَ. وسَجَرَ يَسْجُر وانْسَجَرَ: امتلأَ.
وَكَانَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَقُولُ: المسجورُ بِالنَّارِ
أَي مَمْلُوءٌ. قَالَ: وَالْمَسْجُورُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْمَمْلُوءُ. وَقَدْ سَكَرْتُ الإِناء وسَجَرْته إِذا ملأْته؛ قَالَ لَبِيدٌ:
مَسْجُورةً مُتَجاوراً قُلَّامُها
وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ
؛ أَفضى بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا. وَقَالَ الرَّبِيعُ: سُجِّرَتْ أَي فَاضَتْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: ذَهَب مَاؤُهَا، وَقَالَ كَعْبٌ: الْبَحْرُ جَهنم يُسْجَر، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قُرِئَ
سُجِّرت
وسُجِرَت
، وَمَعْنَى سُجِّرَت فُجِّرَت، وسُجِرَت مُلِئَتْ؛ وَقِيلَ: جُعِلَت مَبانِيها نِيرانَها بِهَا أَهْلُ النَّارِ. أَبو سَعِيدٍ: بَحْرٌ مسجورٌ ومفجورٌ. وَيُقَالُ: سَجَّرْ هَذَا الماءَ أَي فَجّرْه حَيْثُ تُرِيدُ. وسُجِرَت الثِّماد «1» . سَجْراً: مُلِئت مِنَ الْمَطَرِ وَكَذَلِكَ الماءُ سُجْرَة، وَالْجَمْعُ سُجَر، وَمِنْهُ الْبَحْرُ الْمَسْجُورُ. وَالسَّاجِرُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَمُرُّ بِهِ السَّيْلُ فَيَمْلَؤُهُ، عَلَى النَّسَبِ، أَو يَكُونُ فَاعِلًا فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ، وَالسَّاجِرُ: السَّيْلُ الَّذِي يملأَ كُلَّ شَيْءٍ. وسَجَرْت الْمَاءَ فِي حَلْقِهِ: صَبَبْتُهُ؛ قَالَ مُزَاحِمٌ:
كَمَا سَجَرَتْ ذَا المَهْدِ أُمٌّ حَفِيَّةٌ، ... بِيُمْنَى يَدَيْها، مِنْ قَدِيٍّ مُعَسَّلِ
القَدِيُّ: الطَّيِّبُ الطَّعْمِ مِنَ الشَّرَابِ وَالطَّعَامِ. وَيُقَالُ: «2» . وَرَدْنا مَاءً ساجِراً إِذَا ملأَ السيْلُ. وَالسَّاجِرُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يأْتي عَلَيْهِ السيل فيملؤه؛
__________
(1) . قوله: [وسجرت الثماد] كذا بالأصل المعوّل عليه ونسخة خط من الصحاح أَيضاً، وفي المطبوع منه الثمار بالراء وحرر، وقوله وكذلك الماء إلخ كذا بالأصل المعوّل عليه والذي في الصحاح وذلك وهو الأولى
(2) . قوله: [ويقال إلخ] عبارة الأساس ومررنا بكل حاجر وساجر وهو كل مكان مر به السيل فملأَه(4/345)
قَالَ الشَّمَّاخُ:
وأَحْمَى عَلَيْهَا ابْنَا يَزِيدَ بنِ مُسْهِرٍ، ... بِبَطْنِ المَراضِ، كلَّ حِسْيٍ وساجِرِ
وَبِئْرٌ سَجْرٌ: مُمْتَلِئَةٌ والمَسْجُورُ: الْفَارِغُ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ، ضِدٌّ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ. أَبو زَيْدٍ: الْمَسْجُورُ يَكُونُ المَمْلُوءَ وَيَكُونُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ. الْفَرَّاءُ: المَسْجُورُ اللبنُ الَّذِي مَاؤُهُ أَكثر مِنْ لَبَنِهِ. والمُسَجَّرُ: الَّذِي غَاضَ مَاؤُهُ. والسَّجْرُ: إِيقَادُكَ فِي التَّنُّور تَسْجُرُه بالوَقُود سَجْراً. والسَّجُورُ: اسْمُ الحَطَب. وسَجَرَ التَّنُّورَ يَسْجُرُه سَجْراً: أَوقده وأَحماه، وَقِيلَ: أَشبع وَقُودَه. والسَّجُورُ: مَا أُوقِدَ بِهِ. والمِسْجَرَةُ: الخَشَبة الَّتِي تَسُوطُ بِهَا فِيهِ السَّجُورَ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: فَصَلِّ حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحَ ظِلُّه ثُمَّ اقْصُرْ فإِن جَهَنَّمَ تُسْجَرُ وتُفتح أَبوابُها
أَي تُوقَدُ؛ كأَنه أَراد الإِبْرادَ بالظُّهر
لِقَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فإِن شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمِ
، وَقِيلَ: أَراد بِهِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
إِنّ الشَّمْسَ إِذا استوتْ قارَنَها الشيطانُ فإِذا زَالَتْ فارَقَها
؛ فَلَعَلَّ سَجْرَ جَهَنَّمَ حينئذٍ لِمُقَارَنَةِ الشيطانِ الشمسَ وتَهْيِئَتِه لأَن يَسْجد لَهُ عُبَّادُ الشَّمْسِ، فَلِذَلِكَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ وَبَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ وأَمثالها مِنَ الأَلفاظ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يَنْفَرِدُ الشَّارِعُ بِمَعَانِيهَا وَيَجِبُ عَلَيْنَا التصديقُ بِهَا والوُقوفُ عِنْدَ الإِقرار بِصِحَّتِهَا والعملُ بِمُوجَبِها. وشَعْرٌ مُنْسَجِرٌ وَمَسْجُورٌ «1» : مُسْتَرْسِلٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا مَا انْثَنَى شَعْرُه المُنْسَجِرْ
وَكَذَلِكَ اللؤلؤُ لؤلؤٌ مسجورٌ إِذا انْتَثَرَ مِنْ نِظَامِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: اللؤلؤُ المَسْجُورُ المنظومُ الْمُسْتَرْسِلُ؛ قَالَ الْمُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ وَاسْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ مَالِكٍ:
وإِذا أَلَمَّ خَيَالُها طَرَفَتْ ... عَيْني، فماءُ شُؤُونها سَجْمُ
كاللُّؤْلُؤِ المَسْجُورِ أُغفِلَ فِي ... سِلْكِ النِّظامِ، فَخَانَهُ النَّظْمُ
أَي كأَنَّ عَيْنِي أَصابتها طَرْفَةٌ فَسَالَتْ دُمُوعُهَا مُنْحَدِرَةً، كَدُرٍّ فِي سِلْكٍ انْقَطَعَ فَتَحَدَّرَ دُرُّه؛ والشُّؤُونُ: جمعُ شَأْنٍ، وَهُوَ مَجْرَى الدَّمْعِ إِلى الْعَيْنِ. وَشَعْرٌ مُسَجَّرٌ: مُرَجَّلٌ. وسَجَرَ الشيءَ سَجْراً: أَرسله، والمُسَجَّرُ: الشعَر المُرْسَل؛ وأَنشد:
إِذا ثُني فَرْعُها المُسَجَّر
وَلُؤْلُؤَةٌ مَسْجُورَةٌ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ. الأَصمعي: إِذا حنَّت النَّاقَةُ فَطَرِبَتْ فِي إِثر وَلَدِهَا قِيلَ: سَجَرَت الناقةُ تَسْجُرُ سُجوراً وسَجْراً ومَدَّتْ حَنِينَهَا؛ قَالَ أَبو زُبَيْد الطَّائِيُّ فِي الْوَلِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَيُرْوَى أَيضاً لِلْحَزِينِ الْكِنَانِيِّ:
فإِلى الوليدِ اليومَ حَنَّتْ نَاقَتِي، ... تَهْوِي لِمُغْبَرِّ المُتُونِ سَمَالِقِ
حَنَّتْ إِلى بَرْقٍ فَقُلْتُ لَهَا: قُرِي [قِرِي] ... بَعْضَ الحَنِينِ، فإِنَّ مسَجْرَكِ شَائِقِي
«2» . كَمْ عِنْدَه مِنْ نائِلٍ وسَماحَةٍ، ... وشَمائِلٍ مَيْمُونةٍ وخَلائق
__________
(1) . قوله: [ومسجور] في القاموس مسوجر، وزاد شارحه ما في الأَصل
(2) . قوله: [إلى برق] كذا في الأَصل بالقاف، وفي الصحاح أَيضاً. والذي في الأَساس إلى برك، واستصوبه السيد مرتضى بهامش الأَصل(4/346)
قُرِي: هُوَ مِنَ الوَقارِ وَالسُّكُونِ، وَنَصَبَ بِهِ بَعْضَ الْحَنِينِ عَلَى مَعْنَى كُفِّي عَنْ بَعْضِ الْحَنِينِ فإِنَّ حَنِينَكِ إِلى وَطَنِكِ شَائِقِي لأَنه مُذَكِّر لِي أَهلي وَوَطَنِي. والسَّمالِقُ: جمعُ سَمْلَق، وَهِيَ الأَرض الَّتِي لَا نَبَاتَ بِهَا. وَيُرْوَى: قِرِي، مِنْ وَقَرَ. وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ السَّجْرُ فِي صَوْتِ الرَّعْدِ. والساجِرُ والمَسْجُورُ: السَّاكِنُ. أَبو عُبَيْدٍ: المَسْجُورُ السَّاكِنُ والمُمْتَلِئُ مَعًا. والساجُورُ: القِلادةُ أَو الْخَشَبَةُ الَّتِي تُوضَعُ فِي عُنُقِ الْكَلْبِ. وسَجَرَ الكلبَ والرجلَ يَسْجُرُه سَجْراً: وَضَعَ الساجُورَ فِي عُنُقِهِ؛ وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: كلبٌ مُسَوْجَرٌ، فإِن صَحَّ ذَلِكَ فشاذٌّ نَادِرٌ. أَبو زَيْدٍ: كَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلى عَامِلٍ لَهُ أَنِ ابْعَثْ إِليَّ فُلَانًا مُسَمَّعاً مُسَوْجَراً أَي مُقَيَّداً مَغْلُولًا. وَكَلْبٌ مَسْجُورٌ: فِي عُنُقِهِ ساجورٌ. وَعَيْنٌ سَجْراءُ: بَيِّنَةُ السَّجَرِ إِذا خَالَطَ بَيَاضَهَا حُمْرَةٌ. التَّهْذِيبِ: السَّجَرُ والسُّجْرَةُ حُمْرَةٌ فِي الْعَيْنِ فِي بَيَاضِهَا، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِذا خَالَطَتِ الْحُمْرَةُ الزُّرْقَةَ فَهِيَ أَيضاً سَجْراءُ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: اخْتَلَفُوا فِي السَّجَرِ فِي الْعَيْنِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الْحُمْرَةُ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ، وَقِيلَ: الْبَيَاضُ الْخَفِيفُ فِي سَوَادِ الْعَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ كُدْرَة فِي بَاطِنِ الْعَيْنِ مِنْ تَرْكِ الْكُحْلِ. وَفِي صِفَةِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَانَ أَسْجَرَ الْعَيْنِ؛ وأَصل السَّجَرِ والسُّجْرَةِ الكُدْرَةُ. ابْنُ سِيدَهْ: السَّجَرُ والسُّجْرَةُ أَن يُشْرَبَ سوادُ الْعَيْنِ حُمْرَةً، وَقِيلَ: أَن يَضْرِبَ سَوَادُهَا إِلى الْحُمْرَةِ، وَقِيلَ: هِيَ حُمْرَةٌ فِي بَيَاضٍ، وَقِيلَ: حُمْرَةٌ فِي زُرْقَةٍ، وَقِيلَ: حمرةٌ يَسِيرَةٌ تُمازج السوادَ؛ رَجُلٌ أَسْجَرُ وامرأَة سَجْراءُ وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ. والأَسْجَرُ: الغَدِيرُ الحُرُّ الطِّينِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِغَرِيضِ ساريةٍ أَدَرَّتْه الصَّبَا، ... مِنْ مَاءٍ أَسْجَرَ، طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ
وغَدِيرٌ أَسْجَرُ: يَضْرِبُ مَاؤُهُ إِلى الْحُمْرَةِ، وَذَلِكَ إِذا كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالسَّمَاءِ قَبْلَ أَن يَصْفُوَ؛ ونُطْفَةٌ سَجْراءُ، وَكَذَلِكَ القَطْرَةُ؛ وَقِيلَ: سُجْرَةُ الْمَاءِ كُدْرَتُه، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وأَسَدٌ أَسْجَرُ: إِمَّا لِلَوْنِهِ، وإِما لِحُمْرَةِ عَيْنَيْهِ. وسَجِيرُ الرَّجُلِ: خَلِيلُه وصَفِيُّه، وَالْجَمْعُ سُجَرَاءٌ. وسَاجَرَه: صاحَبَهُ وَصَافَاهُ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
وكُنْتُ إِذا سَاجَرْتُ مِنْهُمْ مُساجِراً، ... صَبَحْتُ بِفَضْلٍ فِي المُروءَةِ والعِلْم
والسَّجِيرُ: الصَّدِيقُ، وجمعُه سُجَراء. وانْسَجَرَتِ الإِبلُ فِي السَّيْرِ: تَتَابَعَتْ. والسَّجْرُ: ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل بَيْنَ الخَبَب والهَمْلَجَةِ. والانْسِجارُ: التقدّمُ فِي السَّيْرِ والنَّجاءُ، وَهُوَ بِالشِّينِ مُعْجَمَةً، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والسَّجْوَرِيُّ: الأَحْمَقُ. والسَّجْوَرِيُّ: الْخَفِيفُ مِنَ الرِّجَالِ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ، وأَنشد:
جَاءَ يَسُوقُ الْعَكَرَ الهُمْهُومَا ... السَّجْوَرِيُّ لَا رَعَى مُسِيمَا
وصادَفَ الغَضَنْفَرَ الشَّتِيمَا
والسَّوْجَرُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، قِيلَ: هُوَ الخِلافُ؛ يَمَانِيَةٌ. والمُسْجَئِرُّ: الصُّلْبُ. وساجِرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
ظَعَنَّ ووَدَّعْنَ الجَمَادَ مَلامَةً، ... جَمَادَ قَسَا لَمَّا دعاهُنَّ سَاجِرُ
والسَّاجُورُ: اسْمُ مَوْضِعٍ. وسِنْجارٌ: مَوْضِعٌ؛ وَقَوْلُ السَّفَّاحِ بْنِ خَالِدٍ التَّغْلِبِيِّ:(4/347)
إِنَّ الكُلابَ ماؤُنا فَخَلُّوهْ، ... وساجِراً واللهِ لَنْ تَحُلّوهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سَاجِرًا اسْمُ مَاءٍ يَجْتَمِعُ مِنَ السيل.
سجهر: المُسْجَهِرُّ: الأَبيض؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وناجِيَةٍ أَعْمَلْتُها وابتَذَلْتُها، ... إِذا مَا اسْجَهَرَّ الآلُ فِي كلِّ سَبْسَبِ
واسْجَهَرَّتِ النارُ: اتَّقَدَتْ وَالْتَهَبَتْ؛ قَالَ عَدِيٌّ:
ومَجُودٍ قَدِ اسْجَهَرَّ تَناوِيرَ، ... كَلَوْنِ العُهُونِ فِي الأَعْلاقِ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: اسْجَهَرَّ هُنَا تَوَقَّدَ حُسْناً بأَلْوانِ الزَّهْرِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: اسْجَهَرَّ ظَهَرَ وانْبَسَطَ. واسْجَهَرَّ السرابُ إِذا تَريَّهَ وجَرَى، وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ. وسحابَةٌ مُسْجَهِرَّةٌ: يَتَرَقْرَقُ فِيهَا الماءُ. واسْجَهَرَّتِ الرِّماحُ إِذا أَقْبَلَتْ إِليك. واسْجَهَرَّ الليلُ: طَالَ. واسْجَهَرَّ البِناءُ إِذا طَالَ.
سحر: الأَزهري: السِّحْرُ عَمَلٌ تُقُرِّبَ فِيهِ إِلى الشَّيْطَانِ وَبِمَعُونَةٍ مِنْهُ، كُلُّ ذَلِكَ الأَمر كَيْنُونَةٌ لِلسِّحْرِ، وَمِنَ السِّحْرِ الأُخْذَةُ الَّتِي تأْخُذُ العينَ حَتَّى يُظَنَّ أَن الأَمْرَ كَمَا يُرَى وَلَيْسَ الأَصل عَلَى مَا يُرى؛ والسِّحْرُ: الأُخْذَةُ. وكلُّ مَا لَطُفَ مَأْخَذُه ودَقَّ، فَهُوَ سِحْرٌ، وَالْجَمْعُ أَسحارٌ وسُحُورٌ، وسَحَرَه يَسْحَرُه سَحْراً وسِحْراً وسَحَّرَه، ورجلٌ ساحِرٌ مَنْ قَوْمٍ سَحَرَةٍ وسُحَّارٍ، وسَحَّارٌ مَنْ قَوْمٍ سَحَّارِينَ، وَلَا يُكَسَّرُ؛ والسِّحْرُ: البيانُ فِي فِطْنَةٍ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
إِن قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ المِنْقَرِيَّ والزِّبْرِقانَ بنَ بَدْرٍ وعَمْرَو بنَ الأَهْتَمِ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأَل النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَمْراً عَنِ الزِّبْرِقانِ فأَثنى عَلَيْهِ خَيْرًا فَلَمْ يَرْضَ الزبرقانُ بِذَلِكَ، وَقَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنه لِيَعْلَمُ أَنني أَفضل مِمَّا قَالَ وَلَكِنَّهُ حَسَدَ مَكَانِي مِنْكَ؛ فَأَثْنَى عَلَيْهِ عَمْرٌو شَرًّا ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَيْهِ فِي الأُولى وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَلَكِنَّهُ أَرضاني فقلتُ بالرِّضا ثُمَّ أَسْخَطَنِي فقلتُ بالسَّخَطِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كأَنَّ الْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعلم، أَنه يَبْلُغُ مِنْ ثَنَائِهِ أَنه يَمْدَحُ الإِنسانَ فَيَصْدُقُ فِيهِ حَتَّى يَصْرِفَ القلوبَ إِلى قَوْلِهِ ثُمَّ يَذُمُّهُ فَيَصْدُق فِيهِ حَتَّى يَصْرِفَ القلوبَ إِلَى قوله الْآخَرِ، فكأَنه قَدْ سَحَرَ السَّامِعِينَ بِذَلِكَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: يَعْنِي
إِن مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا
أَي مِنْهُ مَا يَصْرِفُ قُلُوبَ السَّامِعِينَ وإِن كَانَ غَيْرَ حَقٍّ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِن مِنَ الْبَيَانِ مَا يَكْسِبُ مِنَ الإِثم مَا يَكْتَسِبُهُ السَّاحِرُ بِسِحْرِهِ فَيَكُونُ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ لأَنه تُسْتَمالُ بِهِ القلوبُ ويَرْضَى بِهِ الساخطُ ويُسْتَنْزَلُ بِهِ الصَّعْبُ. قَالَ الأَزهري: وأَصل السِّحْرِ صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ حَقِيقَتِهِ إِلى غَيْرِهِ فكأَنَّ السَّاحِرَ لَمَّا أَرَى الباطلَ فِي صُورَةِ الْحَقِّ وخَيَّلَ الشيءَ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهِ، قَدْ سَحَرَ الشَّيْءَ عَنْ وَجْهِهِ أَي صَرَفَهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَنَّى تُسْحَرُونَ
؛ مَعْنَاهُ فَأَنَّى تُصْرَفون؛ وَمِثْلُهُ: فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ*؛ أُفِكَ وسُحِرَ سَوَاءٌ. وَقَالَ يُونُسُ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ مَا سَحَرَك عَنْ وَجْهِ كَذَا وَكَذَا أَي مَا صَرَفَكَ عَنْهُ؟ وَمَا سَحَرَك عَنَّا سَحْراً أَي مَا صَرَفَكَ؟ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْمَعْرُوفُ: مَا شَجَرَك شَجْراً. وَرَوَى شَمِرٌ عَنِ ابْنِ عَائِشَةَ «1» . قَالَ: الْعَرَبُ إِنما سَمَّتِ السِّحْرَ سِحْراً لأَنه يُزِيلُ الصِّحَّةَ إِلى الْمَرَضِ، وإِنما يُقَالُ سَحَرَه أَي أَزاله عَنِ الْبُغْضِ إِلى الْحُبِّ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
__________
(1) . قوله: [ابن عائشة] كذا بالأَصل وفي شرح القاموس: ابن أبي عائشة(4/348)
وقادَ إِليها الحُبَّ، فانْقادَ صَعْبُه ... بِحُبٍّ مِنَ السِّحْرِ الحَلالِ التَّحَبُّبِ
يُرِيدُ أَن غَلَبَةَ حُبِّهَا كَالسِّحْرِ وَلَيْسَ بِهِ لأَنه حُبٌّ حَلَالٌ، وَالْحَلَالُ لَا يَكُونُ سِحْرًا لأَن السِّحْرَ كَالْخِدَاعِ؛ قَالَ شَمِرٌ: وأَقرأَني ابْنُ الأَعرابي لِلنَّابِغَةِ:
فَقالَتْ: يَمِينُ اللهِ أَفْعَلُ إِنَّنِي ... رأَيتُك مَسْحُوراً، يَمِينُك فاجِرَه
قَالَ: مَسْحُورًا ذاهِبَ الْعَقْلِ مُفْسَداً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَعَلَّمَ بَابًا مِنَ النُّجُومِ فَقَدْ تَعَلَّمَ بَابًا مِنَ السِّحْرِ
؛ فَقَدْ يَكُونُ عَلَى الْمَعْنَى الأَوَّل أَي أَن عِلْمَ النُّجُومِ مُحَرَّمُ التَّعَلُّمِ، وَهُوَ كُفْرٌ، كَمَا أَن عِلْمَ السِّحْرِ كَذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي أَي أَنه فِطْنَةٌ وَحِكْمَةٌ، وَذَلِكَ مَا أُدرك مِنْهُ بِطَرِيقِ الْحِسَابِ كَالْكُسُوفِ وَنَحْوَهُ، وَبِهَذَا عَلَّلَ الدِّينَوَرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ. والسَّحْرُ وَالسَّحَّارَةُ: شَيْءٌ يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ إِذا مُدّ مِنْ جَانِبٍ خَرَجَ عَلَى لَوْنٍ، وإِذا مُدَّ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ خَرَجَ عَلَى لَوْنٍ آخَرَ مُخَالِفٍ، وَكُلُّ مَا أَشبه ذَلِكَ: سَحَّارةٌ. وسَحَرَه بالطعامِ وَالشَّرَابِ يَسْحَرُه سَحْراً وسَحَّرَه: غذَّاه وعَلَّلَه، وَقِيلَ: خَدَعَه. والسِّحْرُ: الغِذاءُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أُرانا مُوضِعِينَ لأَمْرِ غَيْبٍ، ... ونُسْحَرُ بالطَّعامِ وبالشَّرابِ
عَصافِيرٌ وذِبَّانٌ ودُودٌ، ... وأَجْرَأُ مِنْ مُجَلِّحَةِ الذِّئَابِ
أَي نُغَذَّى أَو نُخْدَعُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُهُ مُوضِعين أَي مُسْرِعِينَ، وَقَوْلُهُ: لأَمْرِ غَيْبٍ يُرِيدُ الْمَوْتَ وأَنه قَدْ غُيِّبَ عَنَّا وَقْتُه وَنَحْنُ نُلْهَى عَنْهُ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. والسِّحْرُ: الْخَدِيعَةُ؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:
فَإِنْ تَسْأَلِينَا: فِيمَ نحْنُ؟ فإِنَّنا ... عَصافيرُ مِنْ هَذَا الأَنَامِ المُسَحَّرِ
يَكُونُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ*
؛ يَكُونُ مِنَ التَّغْذِيَةِ وَالْخَدِيعَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ:
إِنما أَنت مِنَ الْمُسَحَّرِينَ
، قَالُوا لِنَبِيِّ اللَّهِ: لَسْتَ بِمَلَكٍ إِنما أَنت بَشَرٌ مِثْلُنَا. قَالَ: والمُسَحَّرُ المُجَوَّفُ كأَنه، وَاللَّهُ أَعلم، أُخذ مِنْ قَوْلِكَ انْتَفَخَ سَحْرُكَ أَي أَنك تأْكل الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ فَتُعَلَّلُ بِهِ، وَقِيلَ: مِنَ الْمُسَحَّرِينَ أَي مِمَّنْ سُحِرَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. وَحَكَى الأَزهري عَنْ بَعْضِ أَهل اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً*
، قَوْلَيْنِ: أَحدهما إِنه ذُو سَحَرٍ مِثْلِنَا، وَالثَّانِي إِنه سُحِرَ وأُزيل عَنْ حَدِّ الِاسْتِوَاءِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ
؛ يَقُولُ الْقَائِلُ: كَيْفَ قَالُوا لِمُوسَى يَا أَيها السَّاحِرُ وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنهم مُهْتَدُونَ؟ وَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَن السَّاحِرَ عِنْدَهُمْ كَانَ نَعْتًا مَحْمُودًا، والسِّحْرُ كَانَ عِلْمًا مَرْغُوبًا فِيهِ، فَقَالُوا لَهُ يَا أَيها السَّاحِرُ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ لَهُ، وَخَاطَبُوهُ بِمَا تَقَدَّمَ لَهُ عِنْدَهُمْ مِنَ التَّسْمِيَةِ بالساحر، إِذ جَاءَ بِالْمُعْجِزَاتِ الَّتِي لَمْ يَعْهَدُوا مِثْلَهَا، وَلَمْ يَكُنِ السِّحْرُ عِنْدَهُمْ كُفْرًا وَلَا كَانَ مِمَّا يَتَعَايَرُونَ بِهِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا لَهُ يَا أَيها السَّاحِرُ. والساحرُ: العالِمُ. والسِّحْرُ: الفسادُ. وطعامٌ مسحورٌ إِذا أُفْسِدَ عَمَلُه، وَقِيلَ: طَعَامٌ مَسْحُورٌ مَفْسُودٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا حَكَاهُ مَفْسُودٌ لَا أَدري أَهو عَلَى طَرْحُ الزَّائِدِ أَم فَسَدْتُه لُغَةٌ أَم هُوَ خطأٌ. ونَبْتٌ مَسْحور: مَفْسُودٌ؛ هَكَذَا حَكَاهُ أَيضاً الأَزهري. أَرض مَسْحُورَةٌ: أَصابها مِنَ الْمَطَرِ أَكثرُ مِمَّا يَنْبَغِي فأَفسدها. وغَيْثٌ ذُو سِحْرٍ إِذا كَانَ مَاؤُهُ أَكثر مِمَّا يَنْبَغِي. وسَحَرَ(4/349)
المطرُ الطينَ والترابَ سَحْراً: أَفسده فَلَمْ يَصْلُحْ لِلْعَمَلِ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ للأَرض الَّتِي لَيْسَ بِهَا نَبَتَ إِنما هِيَ قاعٌ قَرَقُوسٌ. أَرض مَسْحُورَةٌ «1» : قليلةُ اللَّبَنِ. وَقَالَ: إِن اللَّسَقَ يَسْحَرُ أَلبانَ الْغَنَمِ، وَهُوَ أَن يُنْزِلَ اللَّبَنَ قَبْلَ الْوِلَادِ. والسَّحْر والسحَر: آخِرُ اللَّيْلِ قُبَيْل الصُّبْحِ، وَالْجَمْعِ أَسحارٌ. والسُّحْرَةُ: السَّحَرُ، وَقِيلَ: أَعلى السَّحَرِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ ثُلْثِ اللَّيْلِ الآخِر إِلى طُلُوعِ الْفَجْرِ. يُقَالُ: لَقِيتُهُ بسُحْرة، وَلَقِيتُهُ سُحرةً وسُحْرَةَ يَا هَذَا، وَلَقِيتُهُ سَحَراً وسَحَرَ، بِلَا تَنْوِينٍ، وَلَقِيتُهُ بالسَّحَر الأَعْلى، وَلَقِيتُهُ بأَعْلى سَحَرَيْن وأَعلى السَّحَرَين، فأَما قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
غَدَا بأَعلى سَحَرٍ وأَحْرَسَا
فَهُوَ خطأٌ، كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يَقُولَ: بأَعلى سَحَرَيْنِ، لأَنه أَوَّل تنفُّس الصُّبْحِ، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
مَرَّتْ بأَعلى سَحَرَيْنِ تَدْأَلُ
ولقيتُه سَحَرِيَّ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وسَحَرِيَّتَها؛ قَالَ:
فِي ليلةٍ لَا نَحْسَ فِي ... سَحَرِيِّها وعِشائِها
أَراد: وَلَا عَشَائِهَا. الأَزهري: السَّحَرُ قِطْعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ. وأَسحَرَ القومُ: صَارُوا فِي السَّحَر، كَقَوْلِكَ: أَصبحوا. وأَسحَرُوا واستَحَرُوا: خَرَجُوا فِي السَّحَر. واسْتَحَرْنا أَي صِرْنَا فِي ذَلِكَ الوقتِ، ونَهَضْنا لِنَسير فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ وَمِنْهُ قَوْلِ زُهَيْرٍ:
بَكَرْنَ بُكُوراً واستَحَرْنَ بِسُحْرَةٍ
وتقول: لَقِيتُه سَحَرَ يَا هَذَا إِذا أَردتَ بِهِ سَحَر ليلَتِك، لَمْ تَصْرِفْهُ لأَنه مَعْدُولٌ عَنِ الأَلف وَاللَّامِ وَهُوَ مَعْرِفَةٌ، وَقَدْ غُلِّبَ عَلَيْهِ التعريفُ بِغَيْرِ إِضافة وَلَا أَلف وَلَا لَامٍ كَمَا غُلِّبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ بَنِيهِ، وإِذا نكَّرْتَ سَحَر صرفتَه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ
؛ أَجراهُ لأَنه نكرةٌ، كَقَوْلِكَ نَجَّيْنَاهُمْ بِلَيْلٍ؛ قَالَ: فإِذا أَلقَتِ العربُ مِنْهُ الباءَ لَمْ يُجْرُوهُ فَقَالُوا: فَعَلْتَ هَذَا سَحَرَ يَا فَتَى، وكأَنهم فِي تَرْكِهِمْ إِجراءه أَن كَلَامَهُمْ كَانَ فِيهِ بالأَلف وَاللَّامِ فَجَرَى عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا حُذِفَتْ مِنْهُ الأَلف وَاللَّامُ وَفِيهِ نِيَّتُهُمَا لَمْ يُصْرَفْ، وكلامُ الْعَرَبِ أَن يَقُولُوا: مَا زَالَ عِنْدَنَا مُنْذُ السَّحَرِ، لَا يَكَادُونَ يَقُولُونَ غَيْرَهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ، وَهُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ: سَحَرٌ إِذا كَانَ نَكِرَةً يُرَادُ سَحَرٌ مِنَ الأَسحار انْصَرَفَ، تَقُولُ: أَتيت زَيْدًا سَحَراً مِنَ الأَسحار، فإِذا أَردت سَحَرَ يَوْمِكَ قُلْتَ: أَتيته سَحَرَ يَا هَذَا، وأَتيته بِسَحَرَ يَا هَذَا؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ. وَتَقُولُ: سِرْ عَلَى فَرَسِكَ سَحَرَ يَا فَتَى فَلَا تَرْفَعْهُ لأَنه ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ، وإِن سَمَّيْتَ بسَحَر رَجُلًا أَو صَغَّرْتَهُ انْصَرَفَ لأَنه لَيْسَ عَلَى وَزْنِ الْمَعْدُولِ كَأُخَرَ، تَقُولُ: سِرْ عَلَى فَرَسِكَ سُحَيْراً وإِنما لَمْ تَرْفَعْهُ لأَن التَّصْغِيرَ لَمْ يُدْخِله فِي الظُّرُوفِ الْمُتَمَكِّنَةِ كَمَا أَدخله فِي الأَسماء الْمُنْصَرِفَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ فَلَاةً:
مُغَمِّض أَسحارِ الخُبُوتِ إِذا اكْتَسَى، ... مِن الآلِ، جُلأً نازحَ الماءِ مُقْفِر
قِيلَ: أَسحار الْفَلَاةِ أَطرافها. وسَحَرُ كُلِّ شَيْءٍ: طَرَفُه. شُبِّهَ بأَسحار اللَّيَالِي وَهِيَ أَطراف مَآخِرُهَا؛ أَراد مُغْمَضَ أَطراف خَبْوَتِهِ فأَدخل الأَلف وَاللَّامَ فَقَامَا مَقَامَ الإِضافة. وسَحَرُ الْوَادِي: أَعلاه. الأَزهري: سَحَرَ إِذا
__________
(1) . قوله: [أرض مسحورة إلخ] كذا بالأَصل. وعبارة الأَساس: وعنز مسحورة قليلة اللبن وأرض مسحورة لا تنبت(4/350)
تَبَاعَدَ، وسَحَرَ خَدَعَ، وسَحِرَ بَكَّرَ. واستَحَرَ الطائرُ: غَرَّد بسَحَرٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كَأَنَّ المُدَامَ وصَوْبَ الغَمامِ، ... وريحَ الخُزامَى ونَشْرَ القُطُرْ،
يُعَلُّ بِهِ بَرْدُ أَنيابِها، ... إِذا طَرَّبَ الطائِرُ المُسْتَحِرْ
والسَّحُور: طعامُ السَّحَرِ وشرابُه. قَالَ الأَزهري: السَّحور مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ وَقْتَ السَّحَرِ مِنْ طَعَامٍ أَو لَبَنٍ أَو سَوِيقٍ وَضَعَ اسْمًا لِمَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الْوَقْتَ؛ وَقَدْ تَسَحَّرَ الرَّجُلُ ذَلِكَ الطَّعَامَ أَي أَكله، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ السَّحور فِي الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَبِالضَّمِّ الْمَصْدَرُ وَالْفِعْلُ نَفْسُهُ، وأَكثر مَا رُوِيَ بِالْفَتْحِ؛ وَقِيلَ: الصَّوَابُ بِالضَّمِّ لأَنه بِالْفَتْحِ الطَّعَامُ وَالْبَرَكَةُ، والأَجر وَالثَّوَابُ فِي الْفِعْلِ لَا فِي الطَّعَامِ؛ وَتَسَحَّرَ: أَكل السَّحورَ. والسَّحْرُ والسَّحَرُ والسُّحْرُ: مَا الْتَزَقَ بِالْحُلْقُومِ والمَرِيء مِنْ أَعلى الْبَطْنِ. وَيُقَالُ لِلْجَبَانِ: قَدِ انْتَفَخَ سَحْرُه، وَيُقَالُ ذَلِكَ أَيضاً لِمَنْ تَعَدَّى طَوْرَه. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا نَزَتْ بِالرَّجُلِ البِطْنَةُ يُقَالُ: انْتَفَخَ سَحْرُه، مَعْنَاهُ عَدَا طَوْرَهُ وَجَاوَزَ قدرَه؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا خطأٌ إِنما يُقَالُ انْتَفَخَ سَحْرُه لِلْجَبَانِ الَّذِي مَلأَ الْخَوْفُ جَوْفَهُ، فَانْتَفَخَ السَّحْرُ وَهُوَ الرِّئَةُ حَتَّى رَفَعَ القلبَ إِلَى الحُلْقوم، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ؛ كلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن انْتِفَاخَ السَّحْر مَثَلٌ لِشِدَّةِ الْخَوْفِ وَتَمَكُّنِ الْفَزَعِ وأَنه لَا يَكُونُ مِنَ الْبِطْنَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ للأَرنب: المُقَطَّعَةُ الأَسحارِ، وَالْمُقَطَّعَةُ السُّحُورِ، والمقطعةُ النِّياط، وَهُوَ عَلَى التَّفَاؤُلِ، أَي سَحْرُه يُقَطَّعُ عَلَى هَذَا الِاسْمِ. وَفِي المتأَخرين مَنْ يَقُولُ: المُقَطِّعَة، بِكَسْرِ الطَّاءِ، أَي مِنْ سُرْعَتِهَا وَشِدَّةِ عَدْوِهَا كأَنها تُقَطَّعُ سَحْرَها ونِياطَها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي جَهْلٍ يَوْمِ بَدْرٍ: قَالَ لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ انتَفَخَ سَحْرُك
أَي رِئَتُك؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلْجَبَانِ وكلِّ ذِي سَحْرٍ مُسَحَّرٍ. والسَّحْرُ أَيضاً: الرِّئَةُ، وَالْجَمْعُ أَسحارٌ وسُحُرٌ وسُحُورٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وأَربط ذِي مَسَامِعَ، أَنتَ، جأْشا، ... إِذا انْتَفَخَتْ مِنَ الوَهَلِ السُّحورُ
وَقَدْ يُحَرَّكُ فَيُقَالُ سَحَرٌ مِثَالُ نَهْرٍ ونَهَرٍ لِمَكَانِ حُرُوفِ الْحَلْقِ. والسَّحْرُ أَيضاً: الْكَبِدُ. والسَّحْرُ: سوادُ الْقَلْبِ وَنَوَاحِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلْبُ، وَهُوَ السُّحْرَةُ أَيضاً؛ قَالَ:
وإِني امْرُؤٌ لَمْ تَشْعُرِ الجُبْنَ سُحْرَتي، ... إِذا مَا انطَوَى مِنِّي الفُؤادُ عَلَى حِقْدِ
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ سَحْرِي ونَحْرِي
؛ السَّحْرُ الرِّئَةُ، أَي مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ، [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلى صَدْرِهَا وَمَا يُحَاذِي سَحْرَها مِنْهُ؛ وَحَكَى الْقُتَيْبِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ، وأَنه سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَشَبَّكَ بَيْنَ أَصابعه وَقَدَّمَهَا عَنْ صَدْرِهِ، وكأَنه يَضُمُّ شَيْئًا إِليه، أَي أَنه مَاتَ وَقَدْ ضَمَّتْهُ بِيَدَيْهَا إِلى نَحْرِهَا وَصَدْرِهَا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا والشَّجْرُ: التَّشْبِيكُ، وَهُوَ الذَّقَنُ أَيضاً، وَالْمَحْفُوظُ الأَوَّل، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. وسَحَرَه، فَهُوَ مَسْحُورٌ وسَحِيرٌ: أَصاب سَحْرَه أَو سُحْرَه أَو سُحْرَتَه «2» .
__________
(2) . قوله: [أو سحرته] كذا ضبط الأصل. وفي القاموس وشرحه السحر، بفتح فسكون وقد يحرك ويضم فهي ثلاث لغات وزاد الخفاجي بكسر فسكون انتهى بتصرف(4/351)
ورجلٌ سَحِرٌ وسَحِيرٌ: انْقَطَعَ سَحْرُه، وَهُوَ رِئَتُهُ، فإِذا أَصابه مِنْهُ السِّلُّ وَذَهَبَ لحمه، فهو سَحِيرٌ وسَحِرٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وغِلْمَتِي مِنْهُمْ سَحِيرٌ وسَحِرْ، ... وقائمٌ مِنْ جَذْبِ دَلْوَيْها هَجِرْ
سَحِرَ: انْقَطَعَ سَحْرُه مِنْ جَذْبِهِ بِالدَّلْوِ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ؛
وَآبِقٌ مِنْ جَذْبِ دَلْوَيْهَا
وهَجِرٌ وهَجِيرٌ: يَمْشِي مُثْقَلًا مُتَقَارِبَ الخَطْوِ كأَن بِهِ هِجَاراً لَا يَنْبَسِطُ مِمَّا بِهِ مِنَ الشَّرِّ وَالْبَلَاءِ. والسُّحَارَةُ: السَّحْرُ وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ مِمَّا يَنْتَزِعُهُ القَصَّابُ؛ وَقَوْلُهُ:
أَيَذْهَبُ مَا جَمَعْتَ صَرِيمَ سَحْرِ؟ ... ظَلِيفاً؟ إِنَّ ذَا لَهْوَ العَجِيبُ
مَعْنَاهُ: مَصْرُومُ الرِّئَةِ مَقْطُوعُهَا؛ وَكُلُّ مَا يَبِسَ مِنْهُ، فَهُوَ صَرِيمُ سَحْرٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تقولُ ظَعِينَتِي لَمَّا استَقَلَّتْ: ... أَتَتْرُكُ مَا جَمَعْتَ صَرِيمَ سَحْرِ؟
وصُرِمَ سَحْرُه: انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ، وَقَدْ فَسَّرَ صَريم سَحْرٍ بأَنه الْمَقْطُوعُ الرَّجَاءِ. وَفَرَسٌ سَحِيرٌ: عَظِيمُ الجَوْفِ. والسَّحْرُ والسُّحْرةُ: بَيَاضٌ يَعْلُو السوادَ، يُقَالُ بِالسِّينِ وَالصَّادِ، إِلَّا أَن السِّينَ أَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي سَحَر الصُّبْحِ، وَالصَّادُ فِي الأَلوان، يُقَالُ: حِمَارٌ أَصْحَرُ وأَتان صَحراءُ. والإِسحارُّ والأَسْحارُّ: بَقْلٌ يَسْمَنُ عَلَيْهِ الْمَالُ، وَاحِدَتُهُ إِسْحارَّةٌ وأَسْحارَّةٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ السِّحارُ فَطَرَحَ الأَلف وَخَفَّفَ الرَّاءَ وَزَعَمَ أَن نَبَاتَهُ يُشْبِهُ الفُجْلَ غَيْرَ أَن لَا فُجْلَةَ لَهُ، وَهُوَ خَشِنٌ يَرْتَفِعُ فِي وَسَطِهِ قَصَبَةٌ فِي رأْسها كُعْبُرَةٌ ككُعْبُرَةِ الفُجْلَةِ، فِيهَا حَبٌّ لَهُ دُهْنٌ يُؤَكَّلُ وَيُتَدَاوَى بِهِ، وَفِي وَرَقِهِ حُروفَةٌ؛ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَلَا أَدري أَهو الإِسْحارّ أَم غَيْرُهُ. الأَزهري عَنِ النَّضِرِ: الإِسحارَّةُ والأَسحارَّةُ بَقْلَةٌ حارَّة تَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ، لَهَا وَرِقٌ صِغَارٌ، لَهَا حَبَّةٌ سَوْدَاءُ كأَنها الشِّهْنِيزَةُ.
سحطر: اسحَنْطَرَ: وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ. الأَزهري: اسحَنْطَرَ امْتَدَّ.
سحفر: المُسْحَنْفِرُ: الْمَاضِي السَّرِيعُ، وَهُوَ أَيضاً الْمُمْتَدُّ. واسحَنْفَرَ الرَّجُلُ فِي مَنْطِقِهِ: مَضَى فِيهِ وَلَمْ يَتَمَكَّثْ. واسحَنْفَرَت الْخَيْلُ فِي جَرْيِهَا: أَسرعت. واسحَنْفَرَ الْمَطَرُ: كَثُرَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُسْحَنْفِرُ الكثيرُ الصَّبِّ الواسعُ؛ قَالَ:
أَغَرُّ هَزِيمٌ مُسْتَهِلٌّ رَبابُه، ... لَهُ فُرُقٌ مُسْحَنْفِراتٌ صَوادِرُ
الْجَوْهَرِيُّ: بَلَدٌ مُسْحَنْفِرٌ وَاسِعٌ. قَالَ الأَزهري: اسحَنْفَرَ واجْرَنْفَزَ رُباعيان، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ كَمَا لَحِقَتْ بِالْخُمَاسِيِّ، وَجُمْلَةُ قَوْلِ النَّحْوِيِّينَ أَن الْخُمَاسِيَّ الصَّحِيحَ الْحُرُوفِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الأَسماء مِثْلَ الجَحْمَرِش والجِرْدَحْلِ، وأَما الأَفعال فَلَيْسَ فِيهَا خُمَاسِيٌّ إِلَّا بِزِيَادَةِ حَرْفٍ أَو حَرْفَيْنِ. اسْحَنْفَرَ الرَّجُلُ إِذا مَضَى مُسْرِعًا. وَيُقَالُ: اسحَنْفَرَ فِي خُطْبَتِهِ إِذا مَضَى وَاتَّسَعَ فِي كَلَامِهِ.
سخر: سَخِرَ مِنْهُ وَبِهِ سَخْراً وسَخَراً ومَسْخَراً وسُخْراً، بِالضَّمِّ، وسُخْرَةً وسِخْرِيّاً وسُخْرِيّاً وسُخْرِيَّة: هَزِئَ بِهِ؛ وَيُرْوَى بَيْتُ أَعشى بَاهِلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ:
إِني أَتَتْنِي لِسانٌ، لَا أُسَرُّ بِهَا، ... مِنْ عَلْوَ، لَا عَجَبٌ مِنْهَا وَلَا سُخْرُ
وَيُرْوَى: وَلَا سَخَرُ، قَالَ ذَلِكَ لَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ مَقْتَلِ أَخيه(4/352)
الْمُنْتَشِرِ، والتأْنيث لِلْكَلِمَةِ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ يَكُونُ نَعْتًا كَقَوْلِهِمْ: هُم لَكَ سُخْرِيٌّ [سِخْرِيٌ] وسُخْرِيَّةٌ [سِخْرِيَّةٌ] ، مَنْ ذكَّر قَالَ سُخْرِيّاً [سِخْرِيّاً] ، وَمَنْ أَنث قَالَ سُخْرِيَّةً [سِخْرِيَّةً] . الْفَرَّاءُ: يُقَالُ سَخِرْتُ مِنْهُ، وَلَا يُقَالُ سَخِرْتُ بِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ
. وسَخِرْتُ مِنْ فُلَانٍ هِيَ اللُّغَةُ الفصيحةُ. وَقَالَ تَعَالَى: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ
، وَقَالَ: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ
؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
تَغَيَّرَ قَوْمِي وَلَا أَسْخَرُ، ... وَمَا حُمَّ مِنْ قَدَرٍ يُقْدَرُ
قَوْلُهُ أَسخَرُ أَي لَا أَسخَرُ مِنْهُمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ سَخِرْتُ مِنْ رَاضِعٍ لَخَشِيتُ أَن يَجُوزَ بِي فِعْلُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: حَكَى أَبو زَيْدٍ سَخِرْتُ بِهِ، وَهُوَ أَرْدَأُ اللُّغَتَيْنِ. وَقَالَ الأَخفش: سَخِرْتُ مِنْهُ وسَخِرْتُ بِهِ، وضَحِكْتُ مِنْهُ وَضَحِكْتُ بِهِ، وهَزِئْتُ مِنْهُ وهَزِئْتُ بِهِ؛ كلٌّ يُقَالُ، وَالِاسْمُ السُّخْرِيَّةُ والسُّخْرِيُّ والسِّخْرِيُّ، وَقُرِئَ بِهِمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا
[سِخْرِيّاً] . وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتسخَرُ مِنِّي وأَنا الملِك
«1» .؟ أَي أَتَسْتَهْزِئُ بِي، وإِطلاق ظَاهِرِهِ عَلَى اللَّهِ لَا يَجُوزُ، وإِنما هُوَ مَجَازٌ بِمَعْنَى: أَتَضَعُني فِيمَا لَا أَراه مِنْ حَقِّي؟ فكأَنها صُورَةُ السخْريَّة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ
؛ قَالَ ابْنُ الرُّمَّانِي: مَعْنَاهُ يَدْعُو بعضُهم بَعْضًا إِلى أَن يَسْخَرَ، كَيَسْخَرُون، كَعُلَا قِرْنَه وَاسْتَعْلَاهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَسْتَسْخِرُونَ
؛ أَي يَسْخَرون وَيَسْتَهْزِئُونَ، كَمَا تَقُولُ: عَجِبَ وتَعَجَّبَ واسْتَعْجَبَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والسُّخْرَةُ: الضُّحْكَةُ. وَرِجْلٌ سُخَرَةٌ: يَسْخَرُ بِالنَّاسِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: يسخَرُ مِنَ النَّاسِ. وسُخْرَةٌ: يُسْخَرُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ سُخْرِيّ وسُخْرِيَّة؛ مَنْ ذكَّره كَسَرَ السِّينَ، وَمَنْ أَنثه ضَمَّهَا، وَقُرِئَ بِهِمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا
. والسُّخْرَةُ: مَا تسَخَّرْتَ مِنْ دابَّة أَو خَادِمٍ بِلَا أَجر وَلَا ثَمَنٍ. وَيُقَالُ: سَخَرْتُه بِمَعْنَى سَخَّرْتُه أَي قَهَرْتُه وَذَلَّلْتُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
؛ أَي ذَلَّلَهُمَا، والشمسُ والقمرُ مُسَخَّران يَجْرِيَانِ مَجَارِيهِمَا أَي سُخِّرا جَارِيَيْنِ عَلَيْهِمَا. وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ*
، قَالَ الأَزهري: جارياتٌ مجاريَهُنَّ. وسَخَّرَهُ تَسْخِيرًا: كَلَّفَهُ عَمَلًا بِلَا أُجرة، وَكَذَلِكَ تَسَخَّرَه. وسخَّره يُسَخِّرُه سِخْرِيّاً وسُخْرِيّاً وسَخَرَه: كَلَفَّهُ مَا لَا يُرِيدُ وَقَهَرَهُ. وَكُلُّ مَقْهُورٍ مُدَبَّرٍ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ مَا يُخَلِّصُهُ مِنَ الْقَهْرِ، فَذَلِكَ مسخَّر. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: تَسْخِيرُ مَا في السموات تَسْخِيرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ لِلْآدَمِيِّينَ، وَهُوَ الانتفاعُ بِهَا فِي بلوغِ مَنابِتِهم والاقتداءُ بِهَا فِي مَسَالِكِهِمْ، وتسخيرُ مَا فِي الأَرض تسخيرُ بِحارِها وأَنهارها ودوابِّها وجميعِ منافِعِها؛ وَهُوَ سُخْرَةٌ لِي وسُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ، وَقِيلَ: السُّخريُّ، بِالضَّمِّ، مِنَ التَّسْخِيرِ والسِّخريّ، بِالْكَسْرِ، مِنَ الهُزْء. وَقَدْ يُقَالُ فِي الْهَزْءِ: سُخري وسِخري، وأَما مِنَ السُّخْرَة فَوَاحِدُهُ مَضْمُومٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا
[سُخْرِيّاً] حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي، فَهُوَ سُخريّاً وسِخريّاً، وَالضَّمُّ أَجود. أَبو زَيْدٍ: سِخْريّاً مَنْ سَخِر إِذا استهزأَ، وَالَّذِي فِي الزُّخْرُفِ: لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا
[سِخْرِيّاً] ، عَبِيدًا وإِماء وأُجراء. وَقَالَ: خادمٌ سُخْرة، ورجلٌ سُخْرة أَيضاً: يُسْخَر مِنْهُ، وسُخَرَةٌ، بِفَتْحِ الْخَاءِ، يَسْخَرُ مِنَ النَّاسِ. وتسخَّرت دَابَّةً لِفُلَانٍ أَي رَكِبْتُهَا بِغَيْرِ أَجر؛ وأَنشد:
__________
(1) . قوله: [مني وأنا الملك] كذا بالأصل. وفي النهاية: بي وأنت(4/353)
سَواخِرٌ فِي سَواءٍ اليَمِّ تَحْتَفِزُ
وَيُقَالُ: سَخَرْتُه بِمَعْنَى سَخَّرْتُه أَي قَهَرْتُهُ. وَرَجُلٌ سُخْرَة: يُسَخَّرُ فِي الأَعمال ويَتَسَخَّرُه مَنْ قَهَره. وسَخَرَتِ السفينةُ: أَطاعت وَجَرَتْ وَطَابَ لَهَا السيرُ، وَاللَّهُ سخَّرَها تسخِيراً. والتسخيرُ: التذليلُ. وسفُنٌ سواخِرُ إِذا أَطاعت وَطَابَ لَهَا الرِّيحُ. وَكُلُّ مَا ذَلَّ وَانْقَادَ أَو تهيأَ لَكَ عَلَى مَا تُرِيدُ، فَقَدْ سُخِّرَ لَكَ. والسُّخَّرُ: السَيْكَرانُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
سخبر: السَّخْبَرُ: شَجَرٌ إِذا طال تدلت رؤُوسه وَانْحَنَتْ، وَاحِدَتُهُ سَخْبَرَة، وَقِيلَ: السَّخْبَرُ شَجَرٌ مِنْ شَجَرِ الثُّمام لَهُ قُضُب مُجْتَمِعَةٌ وجُرْثُومة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
واللؤمُ ينبُت في أُصُولِ السَّخْبَر
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّخْبَرُ يُشْبِهُ الثُّمام لَهُ جُرْثُومة وعيدانه كالكرّات فِي الْكَثْرَةِ كأَنَّ ثَمَرَهُ مَكَاسِحُ القَصب أَو أَرق مِنْهَا، وإِذا طَالَ تَدَلَّتْ رؤوسه وَانْحَنَتْ. وَبَنُو جَعْفَرِ بْنِ كلاب يُلقَّبون فروعَ السخْبَرِ؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ:
مِمَّا يجيءُ بِهِ فروعُ السَّخْبَرِ
وَيُقَالُ: رَكِبَ فُلَانٌ السخْبَرَ إِذا غَدَرَ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
إِنْ تَغْدِرُوا فالغَدْرُ مِنْكُمْ شِيمةٌ، ... والغَدْرُ يَنْبُتُ فِي أُصُولِ السَّخْبَرِ
أَراد قَوْمًا مَنَازِلُهُمْ ومحالُّهم فِي مَنَابِتِ السَّخْبَرِ؛ قَالَ: وأَظنهم مِنْ هُذَيْلٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما شَبَّهَ الْغَادِرِ بِالسَّخْبَرِ لأَنه شَجَرٌ إِذا انْتَهَى اسْتَرْخَى رأْسه وَلَمْ يَبْقَ عَلَى انْتِصَابِهِ، يَقُولُ: أَنتم لَا تَثْبُتُونَ عَلَى وَفَاءٍ كَهَذَا السَّخْبَرِ الَّذِي لَا يُثْبَتُ عَلَى حَالٍ، بَيْنَا يُرى مُعْتَدِلًا مُنْتَصِبًا عَادَ مُسْتَرْخِيًا غَيْرَ مُنْتَصِبِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ لَا تُطْرِقْ إِطْراقَ الأُقْعُوانِ فِي أُصول السَّخْبَرِ
؛ هُوَ شَجَرٌ تأْلَفُه الحَيَّاتُ فَتَسْكُنُ فِي أُصوله، الْوَاحِدَةُ سَخْبَرَةٌ؛ يَقُولُ: لَا تتغافَلْ عَمَّا نحن فيه.
سدر: السِّدْرُ: شَجَرُ النَّبْقِ، وَاحِدَتُهَا سِدْرَة وَجَمْعُهَا سِدْراتٌ وسِدِراتٌ وسِدَرٌ وسُدورٌ «1» ؛ الأَخيرة نادرة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ ابْنُ زِيَادٍ: السِّدْرُ مِنَ العِضاهِ، وَهُوَ لَوْنانِ: فَمِنْهُ عُبْرِيٌّ، وَمِنْهُ ضالٌ؛ فأَما العُبْرِيُّ فَمَا لَا شَوْكَ فِيهِ إِلا مَا لَا يَضِيرُ، وأَما الضالُ فَهُوَ ذُو شَوْكٍ، وَلِلسِّدْرِ وَرَقَةٌ عَرِيضَةٌ مُدَوَّرة، وَرُبَّمَا كَانَتِ السِّدْرَةُ محْلالًا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَطَعْتُ، إِذا تَجَوَّفَتِ العَواطي، ... ضُرُوبَ السِّدْرِ عُبْرِيّاً وَضَالَا
قال: ونبق الضَّالِ صِغارٌ. قال: وأَجْوَدُ نبقٍ يُعْلَمُ بأَرضِ العرَبِ نَبِقُ هَجَرَ فِي بُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ يُسْمَى للسلطانِ، هُوَ أَشد نَبْقٍ يُعْلَمُ حَلَاوَةً وأَطْيَبُه رَائِحَةً، يفوحُ فَمْ آكلِهِ وثيابُ مُلابِسِه كَمَا يفوحُ العِطْر. التَّهْذِيبِ: السِّدْرُ اسْمٌ لِلْجِنْسِ، وَالْوَاحِدَةُ سِدْرَةٌ. وَالسِّدْرُ مِنَ الشَّجَرِ سِدْرانِ: أَحدهما بَرِّيّ لَا يُنْتَفَعُ بِثَمَرِهِ وَلَا يَصْلُحُ وَرَقُهُ للغَسُولِ وَرُبَّمَا خَبَط ورَقَها الراعيةُ، وَثَمَرَهُ عَفِصٌ لَا يُسَوَّغُ فِي الْحَلْقِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّيهِ الضالَ، وَالسِّدْرُ الثَّانِي يَنْبُتُ عَلَى الْمَاءِ وَثَمَرُهُ النَّبْقُ وَوَرَقُهُ غَسُولٌ يُشْبِهُ شَجَرَ العُنَّاب لَهُ سُلَّاءٌ كَسُلَّائه وَوَرَقُهُ كَوَرَقِهِ غَيْرَ أَن ثَمَرَ الْعُنَّابِ أَحمر حُلْوٌ وَثَمَرُ السِّدْرِ أَصفر مُزٌّ يُتَفَكَّه بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قطَع سِدْرَةً صَوَّبَ اللهُ رأْسَه فِي النَّارِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ أَراد بِهِ سدرَ مَكَّةَ لأَنها حَرَم، وَقِيلَ
__________
(1) . قوله: [سدور] كذا بالأَصل بواو بعد الدال، وفي القاموس سقوطها، وقال شارحه ناقلًا عن المحكم هو بالضم(4/354)
سدرَ الْمَدِينَةِ، نَهَى عَنْ قَطْعِهِ لِيَكُونَ أُنْساً وَظِلًّا لمنْ يُهاجِرُ إِليها، وَقِيلَ: أَراد السِّدْرَ الَّذِي يَكُونُ فِي الْفَلَاةِ يُسْتَظَلُّ بِهِ أَبناء السَّبِيلِ وَالْحَيَوَانُ أَو فِي مُلْكِ إِنسان فَيَتَحَامَلُ عَلَيْهِ ظَالِمٌ فَيَقْطَعُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمَعَ هَذَا فَالْحَدِيثُ مُضْطَرِبُ الرِّوَايَةِ فإِن أَكثر مَا يُرْوَى عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ هُوَ يَقْطَعُ السِّدْرَ وَيَتَّخِذُ مِنْهُ أَبواباً. قَالَ هِشَامٌ: وَهَذِهِ أَبواب مِنْ سِدْرٍ قَطَعَه أَي وأَهل الْعِلْمِ مُجْمِعُونَ عَلَى إِباحة قَطْعِهِ. وسَدِرَ بَصَرُه سَدَراً فَهُوَ سَدِرٌ: لَمْ يَكَدْ يُبْصِرُ. وَيُقَالُ: سَدِرَ البعيرُ، بِالْكَسْرِ، يَسْدَرُ سَدَراً تَحيَّرَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، فَهُوَ سَدِرٌ. وَرَجُلٌ سَادِرٌ: غَيْرُ مُتَشَتِّتٍ «2» . والسادِرُ: الْمُتَحَيِّرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الَّذِي يَسْدَرُ فِي الْبَحْرِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دمه
؛ السَّدَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: كالدُّوارِ، وَهُوَ كَثِيرًا مَا يَعْرِض لِرَاكِبِ الْبَحْرِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: نَفَرَ مُسْتَكْبِراً وخَبَطَ سادِراً
أَي لَاهِيًا. والسادِرُ: الَّذِي لَا يَهْتَمُّ لِشَيْءٍ وَلَا يُبالي مَا صَنَع؛ قَالَ:
سادِراً أَحْسَبُ غَيِّي رَشَداً، ... فَتَنَاهَيْتُ وَقَدْ صابَتْ بِقُرْ «3»
. والسَّدَرُ: اسْمِدْرَارُ البَصَرِ. ابْنُ الأَعرابي: سَدِرَ قَمِرَ، وسَدِرَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ. والسَّدَرُ: تحيُّر الْبَصَرِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى
؛ قال الليث: زعم أَنها سِدْرَةٌ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ لَا يُجَاوِزُهَا مَلَك وَلَا نَبِيٌّ وَقَدْ أَظلت الماءَ والجنةَ، قَالَ: وَيُجْمَعُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ الإِسْراءِ:
ثُمَّ رُفِعْتُ إِلى سِدرَةِ المُنْتَهَى
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: سدرةُ الْمُنْتَهَى فِي أَقصى الْجَنَّةِ إِليها يَنْتَهِي عِلْمُ الأَوّلين وَالْآخِرِينَ وَلَا يَتَعَدَّاهَا. وسَدَرَ ثَوْبَه يَسْدِرُه سَدْراً وسُدُوراً: شَقَّه؛ عَنْ يَعْقُوبَ. والسَّدْرُ والسَّدْلُ: إِرسال الشعر. يقال: شَعَرٌ مَسدولٌ ومسدورٌ وشَعَرٌ مُنسَدِرٌ ومُنْسَدِلٌ إِذا كَانَ مُسْتَرْسِلٍا. وسَدَرَتِ المرأَةُ شَعرَها فانسَدَر: لُغَةٌ فِي سَدَلَتْه فَانْسَدَلَ. ابْنُ سِيدَهْ: سدَرَ الشعرَ والسِّتْرَ يَسْدُرُه سَدْراً أَرسله، وانسَدَرَ هُوَ. وانسَدَرَ أَيضاً: أَسرع بَعْضَ الإِسراع. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ انسَدَرَ فُلَانٌ يَعْدُو وانْصَلَتَ يَعْدُو إِذا أَسرع فِي عَدْوِه. اللِّحْيَانِيُّ: سدَر ثوبَه سَدْراً إِذا أَرسله طُولًا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: تَسَدَّرَ بِثَوْبِهِ إِذا تجلَّل بِهِ. والسِّدارُ: شِبْهُ الكِلَّةِ تُعَرَّضُ فِي الْخِبَاءِ. والسَّيدارَةُ: القَلَنْسُوَةُ بِلا أَصْداغٍ؛ عَنِ الهَجَرِيّ. والسَّديرُ: بِناءٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ سِهْدِلَّى أَي ثلاث شهب أَو ثَلَاثِ مُدَاخَلَاتٍ. وَقَالَ الأَصمعي: السَّدِيرُ فَارِسِيَّةٌ كأَنَّ أَصله سادِلٌ أَي قُبة فِي ثَلَاثِ قِباب مُتَدَاخِلَةٍ، وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النَّاسُ الْيَوْمَ سِدِلَّى، فأَعربته الْعَرَبُ فقالوا سَدِيرٌ والسَّدِيرُ: النَّهر، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى بَعْضِ الأَنهار؛ قَالَ:
أَلابْنِ أُمِّكَ مَا بَدَا، ... ولَكَ الخَوَرْنَقُ والسَّدِير؟
التَّهْذِيبِ: السدِيرُ نَهَر بالحِيرة؛ قَالَ عَدِيٌّ:
سَرَّه حالُه وكَثْرَةُ مَا يَمْلِكُ، ... والبحرُ مُعْرِضاً، والسَّدِيرُ
والسدِيرُ: نَهَرٌ، وَيُقَالُ: قَصْرٌ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ وأَصله بِالْفَارِسِيَّةِ سِهْ دِلَّه أَي فِيهِ قِبابٌ مُداخَلَةٌ.
__________
(2) . قوله: [غير متشتت] كذا بالأصل بشين معجمة بين تاءين، والذي في شرح القاموس نقلًا عن الأساس: وتكلم سادراً غير متثبت، بمثلثة بين تاء فوقية وموحدة
(3) . وقوله: [صابت بقر] في الصحاح وَقَوْلُهُمْ لِلشِّدَّةِ إِذا نَزَلَتْ صَابَتْ بِقُرٍّ أَي صَارَتِ الشدة في قرارها(4/355)
ابْنُ سِيدَهْ: والسدِيرُ مَنْبَعُ الماءِ. وسدِيرُ النَّخْلِ: سوادُه ومُجْتَمَعُه. وَفِي نَوَادِرِ الأَصمعي الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ أَبو يَعْلَى قَالَ: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ السَّدِيرُ العُشْبُ. والأَسْدَرانِ: المنكِبان، وَقِيلَ: عِرقان فِي الْعَيْنِ أَو تَحْتَ الصُّدْغَيْنِ. وَجَاءَ يَضْرِبُ أَسْدَرَيْه؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلْفَارِغِ الَّذِي لَا شُغْلَ لَهُ، وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: يَضْرِبُ أَسدريه
أَي عِطْفيه وَمَنْكِبَيْهِ يَضْرِبُ بِيَدَيْهِ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ بمعنى الفارغ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا جَاءَ فَارِغًا: جَاءَ يَنفُضُ أَسْدَرَيْه، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَاءَ يَنْفُضُ أَصْدَرَيْه أَي عِطْفَيْهِ. قَالَ: وأَسدراه مَنْكِباه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: جَاءَ يَنْفُضُ أَزْدَرَيْه، بِالزَّايِ وَذَلِكَ إِذا جَاءَ فَارِغًا لَيْسَ بِيَدِهِ شَيْءٌ وَلَمْ يَقْضِ طَلِبَتَه. أَبو عَمْرٍو: سَمِعْتُ بَعْضَ قَيْسٍ يَقُولُ سَدَلَ الرجُل في البلاد وسدَر إِذا ذَهَبَ فِيهَا فَلَمْ يَثْنِه شَيْءٌ. ولُعْبَة لِلْعَرَبِ يُقَالُ لَهَا: السُّدَّرُ والطُّبَن. ابْنُ سِيدَهْ: والسُّدَّرُ اللعبةُ الَّتِي تُسَمَّى الطُّبَنَ، وَهُوَ خطٌّ مُسْتَدِيرٌ تَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ؛ وَفِي حَدِيثِ
بَعْضِهِمْ: رأَيت أَبا هُرَيْرَةَ: يَلْعَبُ السُّدَّر
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ لُعْبَةٌ يُلْعَبُ بِهَا يُقامَرُ بِهَا، وَتُكْسَرُ سِينُهَا وَتَضُمُّ، وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ عَنْ ثَلَاثَةِ أَبواب؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
يَحْيَى بْنِ أَبي كَثِيرٍ: السُّدّر هِيَ الشَّيْطَانَةُ الصُّغْرَى
يَعْنِي أَنها مِنْ أَمر الشَّيْطَانِ؛ وَقَوْلُ أُمية بْنِ أَبي الصَّلْتِ:
وكأَنَّ بِرْقِعَ، والملائكَ حَوْلَها، ... سَدِرٌ، تَواكَلَه القوائِمُ، أَجْرَدُ «1»
. سَدِرٌ؛ لِلْبَحْرِ، لَمْ يُسْمع بِهِ إِلَّا فِي شِعْرِهِ. قَالَ أَبو علي: وَقَالَ أَجرد لأَنه قَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِذا تَموَّجَ. الْجَوْهَرِيُّ: سَدِرٌ اسْمٌ مِنْ أَسماء الْبَحْرِ، وأَنشد بَيْتَ أُمية إِلَّا أَنه قَالَ عِوَضَ حَوْلَهَا حَوْلَه، وَقَالَ عَوِضَ أَجرد أَجْرَبُ، بِالْبَاءِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَجرد، بِالدَّالِ، كَمَا أَوردناه، وَالْقَصِيدَةُ كُلُّهَا دَالِيَّةٌ؛ وَقَبْلَهُ:
فأَتَمَّ سِتّاً فاسْتَوَتْ أَطباقُها، ... وأَتى بِسابِعَةٍ فَأَنَّى تُورَدُ
قَالَ: وَصَوَابُ قَوْلِهِ حَوْلَهُ أَن يَقُولَ حَوْلَهَا لأَن بِرْقِعَ اسْمٌ مِنْ أَسماء السَّمَاءِ مُؤَنَّثَةٌ لَا تَنْصَرِفُ للتأْنيث وَالتَّعْرِيفِ، وأَراد بِالْقَوَائِمِ هاهنا الرِّيَاحَ، وَتَوَاكَلَتْهُ: تَرَكَتْهُ. يُقَالُ: تَوَاكَلُهُ الْقَوْمُ إِذا تَرَكُوهُ؛ شَبَّهَ السَّمَاءَ بِالْبَحْرِ عِنْدَ سُكُونِهِ وَعَدَمِ تَمَوُّجِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وكأَنَّ بِرقع، وَالْمَلَائِكُ تَحْتَهَا، ... سَدِرٌ، تَوَاكَلَهُ قَوَائِمُ أَربع
قَالَ: سِدْرٌ يَدُورُ. وَقَوَائِمُ أَربع: قَالَ هُمُ الْمَلَائِكَةُ لَا يَدْرِي كَيْفَ خَلْقُهُمْ. قَالَ: شَبَّهَ الْمَلَائِكَةِ فِي خَوْفِهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِهَذَا الرَّجُلِ السَّدِرِ. وَبَنُو سادِرَة: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ. وسِدْرَةُ: قَبِيلَةٌ؛ قَالَ:
قَدْ لَقِيَتْ سِدْرَةُ جَمْعاً ذَا لُها، ... وعَدَداً فَخْماً وعِزّاً بَزَرَى
فأَما قَوْلُهُ:
عَزَّ عَلى لَيْلى بِذِي سُدَيْرِ ... سُوءُ مَبِيتي بَلَدَ الغُمَيْرِ
فَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِذِي سِدْرٍ فَصَغَّرَ، وَقِيلَ: ذُو سُدَيْرٍ مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ. وَرَجُلٌ سَنْدَرَى: شَدِيدٌ، مَقْلُوبٌ عن سَرَنْدَى.
سرر: السِّرُّ: مِنَ الأَسْرار الَّتِي تُكْتَمُ. وَالسِّرُّ: مَا أَخْفَيْتَ، وَالْجَمْعُ أَسرار. وَرَجُلٌ سِرِّيٌّ: يصنع
__________
(1) . قوله: [برقع] هو كزبرج وقنفذ السماء السابعة انتهى قاموس(4/356)
الأَشياءَ سِرّاً مِنْ قَوْمٍ سِرِّيِّين. والسرِيرةُ: كالسِّرِّ، وَالْجَمْعُ السرائرُ. اللَّيْثُ: السرُّ مَا أَسْرَرْتَ به. والسريرةُ: عَمَلُ السِّرِّ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ. وأَسَرَّ الشَّيْءَ: كَتَمَهُ وأَظهره، وَهُوَ مِنَ الأَضداد، سرَرْتُه: كتمته، وسررته: أَعْلَنْته، وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا يُفَسَّرَانِ في قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ*
؛ قِيلَ: أَظهروها، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَسروها مِنْ رُؤَسَائِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَوّل أَصح. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ: لَوْ يُسِرُّون مَقْتَلِي؛ قَالَ: وَكَانَ الأَصمعي يَرْوِيهِ: لَوْ يُشِرُّون، بِالشِّينِ مُعْجَمَةٌ، أَي يُظهرون. وأَسَرَّ إِليه حَدِيثًا أَي أَفْضَى؛ وأَسررْتُ إِليه المودَّةَ وبالمودّةِ وسارَّهُ في أُذُنه مُسارَّةً وسِراراً وتَسارُّوا أَي تَناجَوْا. أَبو عُبَيْدَةَ: أَسررت الشَّيْءَ أَخفيته، وأَسررته أَعلنته؛ وَمِنَ الإِظهار قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ*
؛ أَي أَظهروها؛ وأَنشد لِلْفَرَزْدَقِ:
فَلَمَّا رَأَى الحَجَّاجَ جَرَّدَ سَيْفَه، ... أَسَرَّ الحَرُورِيُّ الَّذِي كَانَ أَضْمَرا
قَالَ شِمْرٌ: لَمْ أَجد هَذَا الْبَيْتَ لِلْفَرَزْدَقِ، وَمَا قَالَ غَيْرَ أَبي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ*
، أَي أَظهروها، قَالَ: وَلَمْ أَسمع ذَلِكَ لِغَيْرِهِ. قَالَ الأَزهري: وأَهل اللُّغَةِ أَنكروا قَوْلَ أَبي عُبَيْدَةَ أَشدّ الإِنكار، وَقِيلَ: أَسَرُّوا النَّدامَةَ*
؛ يَعْنِي الرُّؤَسَاءَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَسروا النَّدَامَةَ فِي سَفَلَتِهم الَّذِينَ أَضلوهم. وأَسروها: أَخْفَوْها، وَكَذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ وَهُوَ قَوْلُ الْمُفَسِّرِينَ. وسارَّهُ مُسارَّةً وسِراراً: أَعلمه بِسِرِّهِ، وَالِاسْمُ السَّرَرُ، والسِّرارُ مَصْدَرُ سارَرْتُ الرجلَ سِراراً. واستَسَرَّ الهلالُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ: خَفِيَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا يَلْفِظُ بِهِ إِلَّا مَزِيدًا، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمُ: اسْتَحْجَرَ الطِّينَ. والسَّرَرُ والسِّرَرُ والسَّرارُ والسِّرارُ، كُلُّهُ: اللَّيْلَةُ الَّتِي يَستَسِرُّ فِيهَا القمرُ؛ قَالَ:
نَحْنُ صَبَحْنا عامِراً فِي دارِها، ... جُرْداً تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها،
عَشِيَّةَ الهِلالِ أَو سِرَارِها
غَيْرُهُ: سَرَرُ الشَّهْرُ، بِالتَّحْرِيكِ، آخِرُ لَيْلَةً مِنْهُ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ: استَسَرَّ القمرُ أَي خَفِيَ لَيْلَةَ السِّرَارِ فَرُبَّمَا كَانَ لَيْلَةً وَرُبَّمَا كَانَ لَيْلَتَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
صُومُوا الشَّهْرَ وسِرَّه
؛ أَي أَوَّلَه، وَقِيلَ مُسْتَهَلَّه، وَقِيلَ وَسَطَه، وسِرُّ كُلِّ شَيْءٍ: جَوْفُه، فكأَنه أَراد الأَيام الْبِيضَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الأَزهري لَا أَعرف السِّرَّ بِهَذَا الْمَعْنَى إِنما يقال سِرار الشهر وسَراره وسَرَرهُ، وَهُوَ آخَرُ لَيْلَةٍ يَسْتَسِرُّ الْهِلَالُ بِنُورِ الشَّمْسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سأَل رَجُلًا فَقَالَ: هَلْ صُمْتَ مِنْ سِرَارِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. قال: فإِذا أَفطرت مِنْ رَمَضَانَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ.
قَالَ الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: السِّرَارُ آخِرُ الشَّهْرِ لَيْلَةٌ يَسْتَسِرُّ الْهِلَالَ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَرُبَّمَا استَسَرَّ لَيْلَةً وَرُبَّمَا اسْتَسَرَّ لَيْلَتَيْنِ إِذا تَمَّ الشهر. قال الأَزهري: وسِرار الشَّهْرِ، بِالْكَسْرِ، لُغَةٌ لَيْسَتْ بِجَيِّدَةٍ عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ. الْفَرَّاءُ: السِّرَارُ آخَرُ لَيْلَةٍ إِذا كَانَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، وَسِرَارُهُ لَيْلَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ، وإِذا كَانَ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ فَسِرَارُهُ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِنّ سؤالَه هَلْ صَامَ مِنْ سِرَارِ الشَّهْرِ شَيْئًا سؤالُ زَجْرٍ وإِنكار، لأَنه
قَدْ نَهَى أَن يُسْتَقْبَلَ الشهرُ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ.
قَالَ: وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ أَوجبه عَلَى نَفْسِهِ بِنَذْرٍ فَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ:
إِذا أَفطرت
، يَعْنِي مِنْ رَمَضَانَ،
فَصُمْ يَوْمَيْنِ
، فَاسْتَحَبَّ لَهُ(4/357)
الوفاءِ بِهِمَا. والسّرُّ: النِّكَاحُ لأَنه يُكْتم؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلكِنْ لَا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فَعَفَّ عَنْ إِسْرارِها بَعْدَ الغَسَقْ، ... وَلَمْ يُضِعْها بَيْنَ فِرْكٍ وعَشَقْ
والسُّرِّيَّةُ: الْجَارِيَةُ الْمُتَّخَذَةُ لِلْمَلِكِ وَالْجِمَاعِ، فُعْلِيَّةٌ مِنْهُ عَلَى تَغْيِيرِ النَّسَبِ، وَقِيلَ: هِيَ فُعُّولَة مِنَ السَّرْوِ وَقُلِبَتِ الْوَاوُ الأَخيرة يَاءً طَلبَ الخِفَّةِ، ثُمَّ أُدغمت الْوَاوُ فِيهَا فَصَارَتْ يَاءً مِثْلَهَا، ثُمَّ حُوِّلت الضَّمَّةُ كَسْرَةً لِمُجَاوِرَةِ الْيَاءِ؛ وَقَدْ تَسَرَّرْت وتَسَرَّيْت: عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ. أَبو الْهَيْثَمِ: السِّرُّ الزِّنا، والسِّرُّ الجماع. وقال الحسن: لَا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
، قَالَ: هُوَ الزِّنَا، قَالَ: هُوَ قَوْلُ أَبي مُجْلِزٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا تُواعِدُوهُنَّ هُوَ أَن يَخْطُبَها فِي الْعِدَّةِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ لَا يَصْفُ أَحدكم نَفْسَهُ للمرأَة فِي عِدَّتِهَا فِي النِّكَاحِ والإِكثارِ مِنْهُ. وَاخْتَلَفَ أَهل اللُّغَةِ فِي الْجَارِيَةِ الَّتِي يَتَسَرَّاها مَالِكُهَا لِمَ سُمِّيَتْ سُرِّيَّةً فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نُسِبَتْ إِلى السِّرِّ، وَهُوَ الْجِمَاعُ، وَضَمَّتِ السِّينُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ والأَمة توطأُ، فَيُقَالُ للحُرَّةِ إِذا نُكِحَت سِرّاً أَو كَانَتْ فَاجِرَةً: سِرِّيَّةً، وَلِلْمَمْلُوكَةِ يَتَسَرَّاهَا صَاحِبُهَا: سُرِّيَّةً، مَخَافَةَ اللَّبْسِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: السِّرُّ السُّرورُ، فَسُمِّيَتِ الْجَارِيَةُ سُرِّيَّةً لأَنها مَوْضِعُ سُرورِ الرَّجُلِ. قَالَ: وَهَذَا أَحسن مَا قِيلَ فِيهَا؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: السُّرِّيَّةُ فُعْلِيَّة مِنْ قَوْلِكَ تَسَرَّرْت، وَمَنْ قَالَ تَسَرَّيْت فإِنه غَلِطَ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ الصَّوَابُ والأَصل تَسَرَّرْتُ وَلَكِنْ لَمَّا تَوَالَتْ ثلاثُ رَاءَاتٍ أَبدلوا إِحداهن يَاءً، كَمَا قَالُوا تَظَنَّيْتُ مِنَ الظَّنِّ وقَصَّيْتُ أَظفاري والأَصل قَصَّصْتُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
إِنما أَصله: تَقَضُّض. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: استسرَّ الرجلُ جارِيَتَه بِمَعْنَى تسرَّاها أَي تَخِذها سُرية. وَالسِّرِّيَّةُ: الأَمة الَّتِي بَوَّأْتَها بَيْتًا، وَهِيَ فُعْلِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِلى السِّرِّ، وَهُوَ الْجِمَاعُ والإِخفاءُ، لأَن الإِنسان كَثِيرًا مَا يَسُرُّها ويَسْتُرُها عَنْ حَرْتِهِ، وإِنما ضُمَّتْ سِينُهُ لأَن الأَبنية قَدْ تُغَيَّرُ فِي النِّسْبَةِ خَاصَّةً، كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَةِ إِلى الدَّهْرِ دُهْرِيُّ، وإِلى الأَرض السَّهْلَة سُهْلِيٌّ، وَالْجَمْعُ السَّرارِي. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ وذُكِرَ لَهَا المتعةُ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا نَجِدُ فِي كَلَامِ اللَّهِ إِلَّا النِّكَاحَ والاسْتِسْرَارَ
؛ تُرِيدُ اتِّخَاذَ السِّرَارِيِّ، وَكَانَ الْقِيَاسُ الِاسْتِسْرَاءُ مَنْ تَسَرَّيْت إِذا اتَّخَذْت سِرِّيَّةً، لَكِنَّهَا رَدَّتِ الْحَرْفَ إِلى الأَصل، وَهُوَ تَسَرَّرْتُ مِنَ السِّرِّ النِّكَاحِ أَو مِنَ السُّرُورِ فأَبدلت إِحدى الرَّاءَاتِ يَاءً، وَقِيلَ: أَصلها الْيَاءُ من الشيء السَّريِّ النفيس. وَفِي حَدِيثِ
سَلَامَةَ: فاسْتَسَرَّني
أَي اتَّخَذَنِي سِرِّيَّةً، وَالْقِيَاسُ أَن تَقُولَ تَسَرَّرَني أَو تَسَرَّانِي فأَما اسْتَسَرَّنِي فَمَعْنَاهُ أَلقي إِليَّ سِرّه. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ أَبو مُوسَى لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْجَوَازِ. والسرُّ: الذَّكَرُ؛ قَالَ الأَفوه الأَودي:
لَمَّا رَأَتْ سِرِّي تَغَيَّرَ، وانْثَنَى ... مِنْ دونِ نَهْمَةِ شَبْرِها حِينَ انْثَنَى
وَفِي التَّهْذِيبِ: السِّرُّ ذَكَرَ الرَّجُلُ فَخَصَّصَهُ. والسِّرُّ: الأَصلُ. وسِرُّ الْوَادِي: أَكرم مَوْضِعٍ فِيهِ، وَهِيَ السَّرارةُ أَيضاً. والسِّرُّ: وسَطُ الْوَادِي، وَجَمْعُهُ سُرور: قَالَ الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وسْطَ الغَرِيف، ... إِذا خالَطَ الماءُ مِنْهَا السُّرورا
وَكَذَلِكَ سَرارُه وسَرارَتُه وسُرّتُه. وأَرض سِرٌّ: كريمةٌ طَيِّبَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ أَطيب مَوْضِعٍ فِيهِ، وَجَمْعُ(4/358)
السِّرِّ سِرَرٌ نَادِرٌ، وَجَمْعُ السَّرارِ أَسِرَّةٌ كَقَذالٍ وأَقْذِلَة، وَجَمْعُ السَّرارِة سَرائرُ. الأَصمعي: سَرارُ الأَرض أَوسَطُه وأَكرمُه. وَيُقَالُ: أَرض سَرَّاءُ أَي طَيِّبَةٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سِرٌّ بَيِّنُ السِّرارةِ، وَهُوَ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ الأَصمعي: السِّرُّ مِنَ الأَرض مِثْلَ السَّرارةِ أَكرمها؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وأَغْفِ تحتَ الأَنْجُمِ العَواتم، ... واهْبِطْ بِهَا مِنْكَ بِسِرٍّ كَاتِمِ
قَالَ: السِّرُّ أَخْصَبُ الْوَادِي. وَكَاتِمٌ أَي كَامِنٌ تَرَاهُ فِيهِ قَدْ كَتَمَ وَلَمْ يَيْبَسْ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ يَرْثِي قَوْمًا:
فَساعَهُمُ حَمْدٌ، وزانَتْ قُبورَهمْ ... أَسِرَّةُ رَيحانٍ، بِقاعٍ مُنَوَّر
قَالَ: الأَسرَّةُ أَوْساطُ الرِّياضِ، وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: وَاحِدُ الأَسِرَّةِ سِرَارٌ؛ وأَنشد:
كأَنه عَنْ سِرارِ الأَرضِ مَحْجُومُ
وسِرُّ الحَسَبِ وسَرارُه وسَرارَتُه: أَوسطُه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي سِرِّ قَوْمِهِ أَي فِي أَفضلهم، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي أَوسطهم. وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيَانَ: نَحْنُ قَوْمٌ مِنْ سَرارةِ مَذْحِجٍ
أَي مِنْ خِيَارِهِمْ. وسِرُّ النسَبِ: مَحْضُه وأَفضلُه، وَمَصْدَرُهُ السَّرارَةُ، بِالْفَتْحِ. والسِّرُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الخالِصُ بَيِّنُ السَّرارةِ، وَلَا فِعْلَ لَهُ؛ وأَما قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ فِي صِفَةِ امرأَة:
فَلَها مُقَلَّدُها ومُقْلَتُها، ... ولَها عليهِ سَرارةُ الفضلِ
فإِنه وَصَفَ جَارِيَةً شَبَّهَهَا بظبيةٍ جِيدًا ومُقْلَةً ثُمَّ جَعَلَ لَهَا الْفَضْلَ عَلَى الظَّبْيَةِ فِي سَائِرِ مَحاسِنها، أَراد بالسَّرارةِ كُنْه الْفَضْلِ. وسَرارةُ كلِّ شَيْءٍ: محضُه ووسَطُه، والأَصل فيهما سَرَارةُ الرَّوْضَةِ، وَهِيَ خَيْرُ مَنَابِتِهَا، وَكَذَلِكَ سُرَّةُ الرَّوْضَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَهَا عَلَيْهَا سَرارةُ الْفَضْلِ وسَراوةُ الْفَضْلِ أَي زِيَادَةُ الْفَضْلِ. وسَرارة الْعَيْشِ: خَيْرُهُ وأَفضله. وَفُلَانٌ سِرُّ هَذَا الأَمر إِذا كَانَ عَالِمًا بِهِ. وسِرُّ الْوَادِي: أَفضل مَوْضِعٍ فِيهِ، وَالْجَمْعُ أَسِرَّةٌ مَثَلُ قِنٍّ وأَقِنَّةٍ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ فِي الشَّوْلِ تَرْتَعِي ... حَدائِقَ مَوْليِّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ
وَكَذَلِكَ سَرارةُ الْوَادِي، وَالْجَمْعُ سرارٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فإِن أَفْخُرْ بِمَجْدِ بَني سُلَيْمٍ، ... أَكُنْ مِنْهَا التَّخُومَةَ والسَّرَارا
والسُّرُّ والسِّرُّ والسِّرَرُ والسِّرارُ، كُلُّهُ: خَطُّ بَطْنِ الْكَفِّ وَالْوَجْهِ وَالْجَبْهَةِ؛ قَالَ الأَعشى:
فانْظُرْ إِلى كفٍّ وأَسْرارها، ... هَلْ أَنتَ إِنْ أَوعَدْتَني ضَائِرِي؟
يَعْنِي خُطُوطَ بَاطِنِ الْكَفِّ، وَالْجَمْعُ أَسِرَّةٌ وأَسْرارٌ، وأَسارِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ وَكَذَلِكَ الْخُطُوطُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
بِزُجاجَةٍ صَفْراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ، ... قُرِنَتْ بِأَزْهَرَ فِي الشِّمالِ مُفَدَّم
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ فِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَبْرُقُ أَسارِيرُ وَجْهِهِ.
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَسارير هِيَ الْخُطُوطُ الَّتِي فِي الْجَبْهَةِ مِنَ التَّكَسُّرِ فِيهَا، واحدها سِرَرٌ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ فِي قَوْلِهِ
تَبْرُقُ أَسارِيرُ وَجْهِهِ
، قَالَ: خُطُوطُ وَجْهِهِ سِرٌّ وأَسرارٌ، وأَسارِيرُ جَمْعِ الْجَمْعِ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمُ الأَساريرُ الْخَدَّانِ وَالْوَجْنَتَانِ وَمَحَاسِنُ الْوَجْهِ، وَهِيَ شآبيبُ الْوَجْهِ أَيضاً وسُبُحاتُ الْوَجْهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: كأَنَّ ماءَ الذهبِ يَجْرِي فِي(4/359)
صَفْحَةِ خَدِّهِ، وروْنَقَ الجلالِ يَطَّردُ فِي أَسِرَّةِ جَبِينِهِ.
وتَسَرَّرَ الثوبُ: تَشَقَّقَ. وسُرَّةُ الْحَوْضِ: مُسْتَقَرُّ الْمَاءِ فِي أَقصاه. والسُّرَّةُ: الوَقْبَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ الْبَطْنِ. والسُّرُّ والسَّرَرُ: مَا يَتَعَلَّقُ مِنْ سُرَّةِ الْمَوْلُودِ فَيُقْطَعُ، وَالْجَمْعُ أَسِرَّةٌ نَادِرٌ. وسَرَّه سَرّاً: قَطَعَ سَرَرَه، وَقِيلَ: السرَر مَا قُطِعَ مِنْهُ فَذَهَبَ. والسُّرَّةُ: مَا بَقِيَ، وَقِيلَ: السُّر، بِالضَّمِّ، مَا تَقْطَعُهُ الْقَابِلَةُ مِنْ سُرَّة الصَّبِيِّ. يقال: عرفْتُ ذَلِكَ قَبْلَ أَن يُقْطَعَ سُرُّك، وَلَا تَقُلْ سُرَّتُكَ لأَن السُّرَّةَ لَا تُقْطَعُ وإِنما هِيَ الْمَوْضِعُ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُ السُّرُّ. والسَّرَرُ والسِّرَرُ، بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا: لُغَةٌ فِي السُّرِّ. يُقَالُ: قُطِعَ سَرَرُ الصَّبِيِّ وسِرَرُه، وَجَمْعُهُ أَسرة؛ عَنْ يَعْقُوبَ، وَجَمْعُ السُّرة سُرَرٌ وسُرَّات لَا يُحَرِّكُونَ الْعَيْنَ لأَنها كانت مدغمة. وسَرَّه: طَعَنَهُ فِي سُرَّته؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نَسُرُّهُمُ، إِن هُمُ أَقْبَلُوا، ... وإِن أَدْبَرُوا، فَهُمُ مَنْ نَسُبْ
أَي نَطْعُنُه فِي سُبَّتِه. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقُولُ: قُطِع سَرَرُ الصَّبِيِّ، وَهُوَ وَاحِدٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَطَعَ سَرَرُ الصَّبِيِّ، وَلَا يُقَالُ قُطِعَتْ سُرَّتُهُ، إِنما السُّرَّةُ الَّتِي تَبْقَى وَالسُّرُرُ مَا قَطَعَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ، لَمَّا قَطَعَ، السُّرُّ أَيضاً، يُقَالُ: قُطِعَ سُرُّه وسَرَرُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وُلِدَ مَعْذُوراً مَسْرُورًا
؛ أَي مَقْطُوعَ السُّرَّة «2» . وَهُوَ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْقَطْعِ مِمَّا تَقْطَعُهُ الْقَابِلَةُ. والسَّرَرُ: داءٌ يأْخذ فِي السُّرَّة، وَفِي الْمُحْكَمِ: يأْخذ الفَرَس. وَبَعِيرٌ أَسَرُّ وَنَاقَةٌ سرَّاء بيِّنة السَّرَر يأْخذها الدَّاءُ فِي سُرَّتِهَا فإِذا بَرَكَتْ تَجَافَتْ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا التَّفْسِيرُ غَلَطٌ مِنَ اللَّيْثِ إِنما السَّرَرُ وَجَعٌ يأْخذ الْبَعِيرَ فِي الكِرْكِرَةِ لَا فِي السُّرَّةِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: نَاقَةٌ سَرَّاء وَبَعِيرٌ أَسَرُّ بيِّنُ السَّرَرِ، وَهُوَ وَجَعٌ يأْخذ فِي الْكِرْكِرَةِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا سَمَاعِيٌّ مِنَ الْعَرَبِ، وَيُقَالُ: فِي سُرَّته سَرَرٌ أَي وَرَمٌ يُؤْلِمُهُ، وَقِيلَ: السَّرَر قُرْحٌ فِي مُؤَخَّرِ كِرْكِرَةِ الْبَعِيرِ يَكَادُ يَنْقُبُ إِلى جَوْفِهِ وَلَا يَقْتُلُ، سَرَّ البعيرُ يَسَرُّ سَرَراً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَقِيلَ: الأَسَرُّ الَّذِي بِهِ الضَّبُّ، وَهُوَ ورَمٌ يَكُونُ فِي جَوْفِ الْبَعِيرِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ؛ قَالَ مَعْدِيكَرِبَ الْمَعْرُوفُ بِغَلْفاءَ يَرْثِي أَخاه شُرَحْبِيلَ وَكَانَ رَئِيسَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قُتِلَ يَوْمَ الكُلابِ الأَوَّل:
إِنَّ جَنْبي عَنِ الفِراشِ لَنابي، ... كَتَجافِي الأَسَرِّ فوقَ الظِّراب
مِنْ حَدِيث نَما إِلَيَّ فَما تَرْقَأُ ... عَيْنِي، وَلَا أُسِيغ شَرابي
مُرَّةٌ كالذُّعافِ، أَكْتُمُها النَّاسَ، ... عَلَى حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهابِ
مِنْ شُرَحْبِيلَ إِذْ تَعَاوَرَهُ الأَرْماحُ، ... فِي حالِ صَبْوَةٍ وشَبابِ
وَقَالَ:
وأَبِيتُ كالسَّرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها، ... فإِذا تَحَزْحَزَ عَنْ عِدَاءٍ ضَجَّتِ
وسَرَّ الزَّنْدَ يَسُرُّه سَرّاً إِذا كَانَ أَجوف فَجَعَلَ فِي جَوْفِهِ عُودًا لِيَقْدَحَ بِهِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُقَالُ سُرَّ زَنْدَكَ فإِنه أَسَرُّ أَي أَجوف أَي احْشُه لِيَرِيَ. والسَّرُّ: مَصْدَرُ سَرِّ الزَّنْدَ. وقَنَاةٌ سَرَّاءُ: جَوْفَاءُ بَيِّنَةُ السَّرَرِ.
__________
(2) . قوله: [أَي مقطوع السرة] كذا بالأَصل ومثله في النهاية والإِضافة على معنى من الابتدائية والمفعول محذوف والأَصل مقطوع السر من السرة وإِلَّا فقد ذكر أَنه لا يقال قطعت سرته(4/360)
والسَّرِيرُ: المُضطَجَعُ، وَالْجَمْعُ أَسِرَّةٌ وسُرُرٌ؛ سِيبَوَيْهِ: وَمَنْ قَالَ صِيدٌ قَالَ فِي سُرُرٍ سُرٌّ. والسرير: الَّذِي يُجْلَسُ عَلَيْهِ مَعْرُوفٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ*
؛ وَبَعْضُهُمْ يَسْتَثْقِلُ اجْتِمَاعَ الضَّمَّتَيْنِ مَعَ التَّضْعِيفِ فَيَرُدُّ الأَول مِنْهُمَا إِلى الْفَتْحِ لِخِفَّتِهِ فَيَقُولُ سُرَرٌ، وَكَذَلِكَ مَا أَشبهه مِنْ الْجَمْعِ مِثْلَ ذَلِيلٍ وذُلُلٍ وَنَحْوِهِ. وَسَرِيرٌ الرأْس: مُسْتَقَرُّهُ فِي مُرَكَّبِ العُنُقِ؛ وأَنشد:
ضَرْباً يُزِيلُ الهامَ عَنْ سَرِيرِهِ، ... إِزَالَةَ السُّنْبُلِ عَنْ شَعِيرِهِ
والسَّرِيرُ: مُسْتَقَرُّ الرأْس وَالْعُنُقِ. وسَرِيرُ العيشِ: خَفْضُهُ ودَعَتُه وَمَا اسْتَقَرَّ واطمأَن عَلَيْهِ. وسَرِيرُ الكَمْأَةِ وسِرَرُها، بِالْكَسْرِ: مَا عَلَيْهَا مِنَ التُّرَابِ وَالْقُشُورِ وَالطِّينِ، وَالْجَمْعُ أَسْرارٌ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الفَقْعُ [الفِقْعُ] أَرْدَأُ الكَمْءِ طَعْماً وأَسرعها ظُهُورًا وأَقصرها فِي الأَرض سِرَراً، قَالَ: وَلَيْسَ لِلْكَمْأَةِ عُرُوقٌ وَلَكِنْ لَهَا أَسْرارٌ. والسَّرَرُ: دُمْلُوكَة مِنْ تُرَابٍ تَنبت فِيهَا. والسَّرِيرُ: شَحْمَةُ البَرْدِيِّ. والسُّرُورُ: مَا اسْتَسَرَّ مِنَ البَرْدِيَّة فَرَطُبَتْ وحَسُنَتْ ونَعُمَتْ. والسُّرُورُ مِنَ النَّبَاتِ: أَنْصافُ سُوقه العُلا؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
كَبَرْدِيَّة الغِيلِ وَسْطَ الغَرِيفِ، ... قَدْ خالَطَ الماءُ مِنْهَا السَّرِيرا
يَعْنِي شَحْمَةَ البَرْدِيِّ، وَيُرْوَى: السُّرُورَا، وَهِيَ مَا قَدَّمْنَاهُ، يُرِيدُ جَمِيعَ أَصلها الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ أَو غَايَةَ نِعْمَتِهَا، وَقَدْ يُعَبَّرُ بِالسَّرِيرِ عَنِ المُلْكِ والنّعمَةِ؛ وأَنشد:
وفارَقَ مِنها عِيشَةً غَيْدَقِيَّةً؛ ... وَلَمْ يَخْشَ يَوْمًا أَنْ يَزُولَ سَرِيرُها
ابْنُ الأَعرابي: سَرَّ يَسَرُّ إِذا اشْتَكَى سُرَّتَهُ. وسَرَّه يَسُرُّه: حَيَّاه بالمَسَرَّة وَهِيَ أَطراف الرَّيَاحِينِ. ابْنُ الأَعرابي: السَّرَّةُ، الطَّاقَةُ مِنَ الرَّيْحَانِ، والمَسَرَّةُ أَطراف الرَّيَاحِينِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَوْمٌ يَجْعَلُونَ الأَسِرَّةَ طَرِيقَ النَّبَاتِ يَذْهَبُونَ بِهِ إِلى التَّشْبِيهِ بأَسِرَّةِ الْكَفِّ وأَسرة الْوَجْهِ، وَهِيَ الْخُطُوطُ الَّتِي فِيهِمَا، وَلَيْسَ هَذَا بِقَوِيٍّ. وأَسِرَّةُ النبت: طرائقه. والسَّرَّاءُ: النِّعْمَةُ، والضرَّاء: الشِّدَّةُ. والسَّرَّاءُ: الرَّخاء، وَهُوَ نَقِيضُ الضَّرَّاءِ. والسُّرُّ والسَّرَّاءُ والسُّرُورُ والمَسَرَّةُ، كُلُّه: الفَرَحُ؛ الأَخيرة عَنِ السِّيرَافِيِّ. يُقَالُ: سُرِرْتُ بِرُؤْيَةِ فُلَانٍ وسَرَّني لِقَاؤُهُ وَقَدْ سَرَرْتُه أَسُرُّه أَي فَرَّحْتُه. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: السُّرور خِلَافُ الحُزن؛ تَقُولُ: سَرَّني فلانٌ مَسَرَّةً وسُرَّ هُوَ عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ. وَيُقَالُ: فلانٌ سِرِّيرٌ إِذا كَانَ يَسُرُّ إِخوانَه ويَبَرُّهم. وامرأَة سَرَّةٌ «1» . وقومٌ بَرُّونَ سَرُّونَ. وامرأَة سَرَّةٌ وسارَّةٌ: تَسُرُّك؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَالْمَثَلُ الَّذِي جَاءَ: كُلَّ مُجْرٍ بالخَلاء مُسَرٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا حَكَاهُ أَفَّارُ بنُ لَقِيطٍ إِنما جَاءَ عَلَى تَوَهُّمِ أَسَرَّ، كَمَا أَنشد الْآخَرُ فِي عَكْسِهِ:
وبَلَدٍ يُغْضِي عَلَى النُّعوتِ، ... يُغْضِي كإِغْضَاءِ الرُّوَى المَثْبُوتِ «2»
. أَراد: المُثْبَتَ فَتَوَهَّمَ ثَبَتَهُ، كَمَا أَراد الْآخَرُ المَسْرُورَ فَتَوَهَّمَ أَسَرَّه. وَوَلَدَتْ ثَلَاثًا فِي سَرَرٍ وَاحِدٍ أَي بَعْضُهُمْ فِي إِثر بَعْضٍ. وَيُقَالُ: وُلِدَ لَهُ ثَلَاثَةٌ عَلَى سِرٍّ وَعَلَى سِرَرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَن تُقْطَعَ سُرَرُهم أَشباهاً لَا تَخْلِطُهُم
__________
(1) . قوله: [وامرأَة سرة] كذا بالأَصل بفتح السين، وضبطت في القاموس بالشكل بضمها
(2) . قوله: [يغضي إلخ] البيت هكذا بالأصل(4/361)
أُنثى. وَيَقُولُونَ: وَلَدَتِ المرأَة ثَلَاثَةً فِي صِرَرٍ، جَمْعُ الصِّرَّةِ، وَهِيَ الصَّيْحَةُ، وَيُقَالُ: الشِّدَّةُ. وتَسَرَّرَ فلانٌ بنتَ فُلَانٍ إِذا كَانَ لَئِيمًا وَكَانَتْ كَرِيمَةً فَتَزَوَّجَهَا لِكَثْرَةِ مَالِهِ وَقِلَّةِ مَالِهَا. والسُّرَرُ: مَوْضِعٌ عَلَى أَربعة أَميال مِنْ مَكَّةَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بِآيةِ مَا وقَفَتْ والرِّكابَ، ... وبَيْنَ الحَجُونِ وبَيْنَ السُّرَرْ
التَّهْذِيبِ: وَقِيلَ فِي هَذَا الْبَيْتِ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ بِهِ شَجَرَةٌ سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا، فَسُمِّيَ سُرَراً لِذَلِكَ
؛ وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
أَنها بالمأْزِمَيْنِ مِن مِنًى كَانَتْ فِيهِ دَوْحَةٌ.
قَالَ ابْنُ عُمران: بِهَا سَرْحَة سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا أَي قَطَعَتْ سُرَرُهُمْ يَعْنِي أَنهم وُلِدُوا تَحْتَهَا، فَهُوَ يَصِفُ بَرَكَتَهَا وَالْمَوْضِعُ الَّذِي هِيَ فِيهِ يُسَمَّى وَادِي السُّرُرِ، بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ؛ وَقِيلَ: هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ، وَقِيلَ: بِكَسْرِ السِّينِ. وَفِي حَدِيثِ السِّقْطِ:
إِنه يَجْتَرُّ وَالِدَيْهِ بِسَرَرِهِ حَتَّى يُدْخِلَهُمَا الْجَنَّةَ.
وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: لَا يَنْزِلُ سُرَّة الْبَصْرَةِ
أَي وَسَطُهَا وَجَوْفُهَا، مِنْ سُرَّةِ الإِنسان فإِنها فِي وَسَطِهِ. وَفِي حَدِيثِ
طَاوُسٍ: مَنْ كَانَتْ لَهُ إِبل لَمْ يؤدِّ حَقَّها أَتت يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَسَرِّ مَا كَانَتْ تَطؤه بأَخفافها
أَي كَأَسْمَنِ مَا كَانَتْ وأَوفره، مِنْ سُرِّ كلِّ شَيْءٍ وَهُوَ لُبُّه ومُخُّه، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ السُّرُور لأَنها إِذا سَمِنَتْ سَرَّت النَّاظِرَ إِليها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه كَانَ يُحَدِّثُهُ، عَلَيْهِ السلامُ، كَأَخِي السِّرَارِ
؛ السِّرَارُ: المُسَارَّةُ، أَي كَصَاحِبِ السِّرَارِ أَو كَمَثَلِ المُسَارَّةِ لِخَفْضِ صَوْتِهِ، وَالْكَافِ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ؛ وَفِيهِ:
لَا تَقْتُلُوا أَولادكم سِرّاً فإِن الغَيْلَ يُدْرِكُ الفارسَ فَيُدَعْثِرُه مِنْ فَرَسِهِ
؛ الغَيْلُ: لَبَنُ المرأَة إِذا حَمَلَتْ وَهِيَ تُرْضِعُ، وَسُمِّيَ هَذَا الْفِعْلُ قَتْلًا لأَنه يُفْضِي إِلى الْقَتْلِ، وَذَلِكَ أَنه يُضْعِفُهُ وَيُرْخِي قُوَاهُ وَيُفْسِدُ مِزَاجَهُ، وإِذا كَبِرَ وَاحْتَاجَ إِلى نَفْسِهِ فِي الْحَرْبِ وَمُنَازَلَةِ الأَقران عَجَزَ عَنْهُمْ وَضَعُفَ فَرُبَّمَا قُتل، إِلَّا أَنه لَمَّا كَانَ خَفِيًّا لَا يُدْرَكُ جَعْلُهُ سِرًّا. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ
؛ السَّرَّاءُ: البَطْحاءُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ الَّتِي تَدْخُلُ الْبَاطِنَ وَتُزَلْزِلُهُ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا وَجْهُهُ. والمِسَرَّةُ: الْآلَةُ الَّتِي يُسَارُّ فِيهَا كالطُّومار. والأَسَرُّ: الدَّخِيلُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وجَدِّي فارسُ الرَّعْشَاءِ مِنْهُمْ ... رَئِيسٌ، لَا أَسَرُّ وَلَا سَنِيدُ
وَيُرْوَى: أَلَفُّ. وَفِي الْمَثَلِ: مَا يَوْمُ حَلِيمَةَ بِسِرٍّ؛ قَالَ: يُضْرَبُ لِكُلِّ أَمر مُتَعَالِمٍ مَشْهُورٍ، وَهِيَ حَلِيمَةُ بنت الْحَرْثَ بْنُ أَبي شَمِرٍ الْغَسَّانِيُّ لأَن أَباها لَمَّا وَجَّهَ جَيْشًا إِلى الْمُنْذِرُ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ أَخرجت لَهُمْ طِيبًا فِي مِرْكَنٍ، فَطَيَّبَتْهُمْ بِهِ فَنُسِبَ الْيَوْمُ إِليها. وسَرَارٌ: وادٍ. والسَّرِيرُ: مَوْضِعٌ فِي بِلَادِ بَنِي كِنَانَةَ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:
سَقَى سَلْمى، وأَيْنَ مَحَلُّ سَلْمى؟ ... إِذا حَلَّتْ مُجاوِرَةَ السَّرِيرِ
والتَّسْرِيرُ: مَوْضِعٌ فِي بِلَادٍ غَاضِرَةٍ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، وأَنشد:
إِذا يَقُولُونَ: مَا أَشْفَى؟ أَقُولُ لَهُمْ: ... دُخَانُ رِمْثٍ مِنَ التَّسْرِيرِ يَشْفِينِي
مِمَّا يَضُمُّ إِلى عُمْرانَ حاطِبُهُ، ... مِنَ الجُنَيْبَةِ، جَزْلًا غَيْرَ مَوْزُونِ
الْجَنِيبَةِ: ثِنْيٌ مِنَ التَّسْرِيرِ، وأَعلى التَّسْرِيرَ لِغَاضِرَةٍ.(4/362)
وَفِي دِيَارِ تَمِيمٍ مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ: السِّرُّ. وأَبو سَرَّارٍ وأَبو السَّرّارِ جَمِيعًا: مَنْ كُناهم. والسُّرْسُورُ: الفَطِنُ الْعَالِمُ. وإِنه لَسُرْسُورُ مالٍ أَي حَافِظٌ لَهُ. أَبو عَمْرٍو: فُلَانٌ سُرْسُورُ مالٍ وسُوبانُ مالٍ إِذا كَانَ حَسَنَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ عَالِمًا بِمَصْلَحَتِهِ. أَبو حَاتِمٍ: يُقَالُ فُلَانٌ سُرْسُورِي وسُرْسُورَتِي أَي حَبِيبِي وخاصَّتِي. وَيُقَالُ: فُلَانٌ سُرْسُورُ هَذَا الأَمر إِذا كَانَ قَائِمًا بِهِ. وَيُقَالُ للرجل سُرْسُرْ «1» . إِذا أَمرته بِمَعَالِي الأُمور. وَيُقَالُ: سَرْسَرْتُ شَفْرَتِي إِذا أَحْدَدْتَها.
سطر: السَّطْرُ والسَّطَرُ: الصَّفُّ مِنَ الْكِتَابِ وَالشَّجَرِ وَالنَّخْلِ وَنَحْوِهَا؛ قَالَ جَرِيرٍ:
مَنْ شاءَ بايَعْتُه مَالِي وخُلْعَتَه، ... مَا يَكْمُلُ التِّيمُ فِي ديوانِهمْ سَطَرا
والجمعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَسْطُرٌ وأَسْطارٌ وأَساطِيرُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وسُطورٌ. وَيُقَالُ: بَنى سَطْراً وغَرَسَ سَطْراً. والسَّطْرُ: الخَطُّ وَالْكِتَابَةُ، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ. اللَّيْثُ: يُقَالُ سَطْرٌ من كُتُبٍ وسَطْرٌ مَنْ شَجَرٍ مَعْزُولِينَ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ وأَنشد:
إِني وأَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرا ... لقائلٌ: يَا نَصْرُ نَصْراً نَصْرَا
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ
؛ خَبَرٌ لابتداء مَحْذُوفٌ، الْمَعْنَى وَقَالُوا الَّذِي جَاءَ بِهِ أَساطير الأَولين، مَعْنَاهُ سَطَّرَهُ الأَوَّلون، وواحدُ الأَساطير أُسْطُورَةٌ، كَمَا قَالُوا أُحْدُوثَةٌ وأَحاديث. وسَطَرَ يَسْطُرُ إِذا كَتَبَ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ
؛ أَي وَمَا تَكْتُبُ الْمَلَائِكَةُ؛ وَقَدْ سَطَرَ الكتابَ يَسْطُرُه سَطْراً وسَطَّرَه واسْتَطَرَه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ
. وسَطَرَ يَسْطُرُ سَطْراً: كَتَبَ، واسْتَطَرَ مِثْلُهُ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً فَصِيحًا يقول: أَسْطَرَ فلانٌ اسمي أَي تَجَاوَزَ السَّطْرَ الَّذِي فِيهِ اسْمِي، فإِذا كَتَبَهُ قِيلَ: سَطَرَهُ. وَيُقَالُ: سَطَرَ فلانٌ فُلَانًا بِالسَّيْفِ سَطْراً إِذا قَطَعَهُ بِهِ كَأَنَّهُ سَطْرٌ مَسْطُورٌ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِسَيْفِ القَصَّابِ: ساطُورٌ. الْفَرَّاءُ: يقال للقصاب ساطِرٌ وسَطَّارٌ وشَطَّابٌ ومُشَقِّصٌ ولَحَّامٌ وقُدَارٌ وجَزَّارٌ. وقال ابن بُزُرج: يَقُولُونَ لِلرَّجُلِ إِذا أَخطأَ فَكَنَوْا عَنْ خَطَئِهِ: أَسْطَرَ فلانٌ اليومَ، وَهُوَ الإِسْطارُ بِمَعْنَى الإِخْطاءِ. قَالَ الأَزهري: هُوَ مَا حَكَاهُ الضَّرِيرُ عَنِ الأَعرابي أَسْطَرَ اسْمِي أَي جَاوَزَ السَّطْرَ الَّذِي هو فيه. والأَساطِيرُ: الأَباطِيلُ. والأَساطِيرُ: أَحاديثُ لَا نِظَامَ لَهَا، وَاحِدَتُهَا إِسْطارٌ وإِسْطارَةٌ، بالكسر، وأُسْطِيرٌ وأُسْطِيرَةٌ وأُسْطُورٌ وأُسْطُورَةٌ، بِالضَّمِّ. وَقَالَ قَوْمٌ: أَساطِيرُ جمعُ أَسْطارٍ وأَسْطارٌ جمعُ سَطْرٍ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: جُمِعَ سَطْرٌ عَلَى أَسْطُرٍ ثُمَّ جُمِعَ أَسْطُرٌ عَلَى أَساطير، وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ: لَا وَاحِدَ لَهُ، وَقَالَ اللحياني: واحد الأساطير أُسطورة وأُسطير وأُسطيرة إِلى الْعَشْرَةِ. قَالَ: وَيُقَالُ سَطْرٌ وَيُجْمَعُ إِلى الْعَشْرَةِ أَسْطاراً، ثُمَّ أَساطيرُ جمعُ الجمعِ. وسَطَّرَها: أَلَّفَها. وسَطَّرَ عَلَيْنَا: أَتانا بالأَساطِيرِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ سَطَّرَ فلانٌ عَلَيْنَا يُسَطِّرُ إِذا جَاءَ بأَحاديث تُشْبِهُ الْبَاطِلَ. يُقَالُ: هُوَ يُسَطِّرُ مَا لَا أَصل لَهُ أَي يُؤَلِّفُ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: سأَله الأَشعث عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ إِنك ما
__________
(1) . قوله: [سرسر] هكذا في الأَصل بضم السينين(4/363)
تُسَيْطِرُ عَلَيَّ بِشَيْءِ
أَي مَا تُرَوِّجُ. يُقَالُ: سَطَّرَ فلانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذا زَخْرَفَ لَهُ الأَقاويلَ ونَمَّقَها، وَتِلْكَ الأَقاويلُ الأَساطِيرُ والسُّطُرُ. والمُسَيْطِرُ والمُصَيْطِرُ: المُسَلَّطُ عَلَى الشَّيْءِ لِيُشْرِف عَلَيْهِ ويَتَعَهَّدَ أَحوالَه ويكتبَ عَمَلَهُ، وأَصله مِنَ السَّطْر لأَن الْكِتَابَ مُسَطَّرٌ، وَالَّذِي يَفْعَلُهُ مُسَطِّرٌ ومُسَيْطِرٌ. يُقَالُ: سَيْطَرْتَ عَلَيْنَا. وَفِي القرآن: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ
؛ أَي مُسَلَّطٍ. يُقَالُ: سَيْطَرَ يُسَيطِرُ وتَسَيطَرَ يتَسَيْطَرُ، فَهُوَ مُسَيْطِرٌ ومُتَسَيْطِرٌ، وَقَدْ تُقْلَبُ السِّينُ صَادًا لأَجل الطَّاءِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ
؛ قَالَ: الْمُصَيْطِرُونَ كِتَابَتُهَا بِالصَّادِ وَقِرَاءَتُهَا بِالسِّينِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمُسَيْطِرُونَ الأَرباب الْمُسَلِّطُونَ. يُقَالُ: قَدْ تَسَيْطَرَ عَلَيْنَا وَتَصَيْطَرَ، بِالسِّينِ وَالصَّادِ، والأَصل السِّينُ، وَكُلُّ سِينٍ بَعْدَهَا طَاءٌ يَجُوزُ أَن تُقْلَبَ صَادًا. يُقَالُ: سَطَرَ وَصَطَرَ وَسَطَا عَلَيْهِ وَصَطَا. وسَطَرَه أَي صَرَعَهُ. والسَّطْرُ: السِّكَّةُ مِنَ النَّخْلِ. والسَّطْرُ: العَتُودُ مِنَ المَعزِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنَ الْغَنَمِ، وَالصَّادِ لُغَةٌ. والمُسَيْطِرُ: الرَّقِيبُ الْحَفِيظُ، وَقِيلَ: الْمُتَسَلِّطُ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
لستَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ
، وَقَدْ سَيْطَرَ عَلَيْنَا وسَوْطَرَ. اللَّيْثُ: السَّيْطَرَةُ مَصْدَرُ الْمُسَيْطِرِ، وَهُوَ الرَّقِيبُ الْحَافِظُ الْمُتَعَهِّدُ لِلشَّيْءِ. يُقَالُ: قَدْ سَيْطَرَ يُسَيْطِرُ، وَفِي مَجْهُولِ فِعْلِهِ إِنما صَارَ سُوطِر، وَلَمْ يَقُلْ سُيْطِرَ لأَن الْيَاءَ سَاكِنَةٌ لَا تَثْبُتُ بَعْدَ ضَمَّةٍ، كَمَا أَنك تَقُولُ مِنْ آيَسْتُ أُويِسَ يوأَسُ ومن اليقين أُوقِنَ يُوقَنُ، فإِذا جَاءَتْ يَاءٌ سَاكِنَةٌ بَعْدَ ضَمَّةٍ لَمْ تَثْبُتْ، وَلَكِنَّهَا يَجْتَرُّهَا مَا قَبْلَهَا فَيُصَيِّرُهَا وَاوًا فِي حَالٍ «2» . مِثْلَ قَوْلِكَ أَعْيَسُ بَيِّنُ العِيسةِ وأَبيض وَجَمْعُهُ بِيضٌ، وَهُوَ فُعْلَةٌ وفُعْلٌ، فَاجْتَرَّتِ الْيَاءُ مَا قَبْلَهَا فَكَسَرَتْهُ، وَقَالُوا أَكْيَسُ كُوسَى وأَطْيَبُ طُوبَى، وإِنما تَوَخَّوْا فِي ذَلِكَ أَوضحه وأَحسنه، وأَيما فَعَلُوا فَهُوَ الْقِيَاسُ؛ وَكَذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُهُمْ فِي قِسْمَةٌ ضِيزى إِنما هُوَ فُعْلَى، وَلَوْ قِيلَ بُنِيَتْ عَلَى فِعْلَى لَمْ يَكُنْ خَطَأً، أَلا تَرَى أَن بَعْضَهُمْ يَهْمِزُهَا عَلَى كَسْرَتِهَا، فَاسْتَقْبَحُوا أَن يَقُولُوا سِيطِرَ لِكَثْرَةِ الْكِسْرَاتِ، فَلَمَّا تَرَاوَحَتِ الضَّمَّةُ وَالْكَسْرَةُ كَانَ الْوَاوُ أَحسن، وأَما يُسَيْطَرُ فَلَمَّا ذَهَبَتْ مِنْهُ مَدة السِّينِ رَجَعَتِ الْيَاءُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَيْطَرَ جَاءَ عَلَى فَيْعَلَ، فَهُوَ مُسَيْطِرٌ، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مَجْهُولُ فِعْلِهِ، وَيَنْتَهِي فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِلى مَا انْتَهَوْا إِليه. قَالَ: وَقَوْلُ اللَّيْثُ لَوْ قِيلَ بنيتْ ضِيزَى عَلَى فِعْلَى لَمْ يَكُنْ خَطَأً، هَذَا عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ خَطَأٌ لأَن فِعْلَى جَاءَتِ اسْمًا وَلَمْ تَجِئْ صِفَةً، وضِيزَى عِنْدَهُمْ فُعْلَى وَكُسِرَتِ الضَّادُ مِنْ أَجل الْيَاءِ السَّاكِنَةِ، وَهِيَ مِنْ ضِزْتُه حَقَّهُ أَضِيزُهُ إِذا نَقَصْتُهُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وأَما قَوْلِ أَبي دُوَادٍ الإِيادي:
وأَرى الموتَ قَدْ تَدَلَّى، مِنَ الحَصْرِ، ... عَلَى رَبِّ أَهلِهِ السَّاطِرونِ
فإِن السَّاطِرُونَ اسْمُ مَلِكٍ مِنَ الْعَجَمِ كَانَ يَسْكُنُ الْحَضَرَ، وَهُوَ مَدِينَةٌ بَيْنَ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ، غَزَاهُ سَابُورُ ذُو الأَكتاف فأَخذه وَقَتَلَهُ. التَّهْذِيبِ: المُسْطَارُ الْخَمْرُ الْحَامِضُ، بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، لُغَةٌ رُومِيَّةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الْحَدِيثَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ الطَّعْمِ وَالرِّيحِ، وَقَالَ: المُسْطَارُ مِنْ أَسماء الْخَمْرِ الَّتِي اعْتَصَرَتْ مِنْ أَبكار الْعِنَبِ حَدِيثًا بِلُغَةِ أَهل الشَّامِ، قَالَ: وأُراه رُومِيًّا لأَنه لَا يُشْبِهُ أَبنية كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ: وَيُقَالُ المُسْطار بِالسِّينِ، قَالَ: وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الْخَمْرِ وَقَالَ: هُوَ الْحَامِضُ مِنْهُ. قَالَ الأَزهري:
__________
(2) . قوله: [في حال] لعل بعد ذلك حذفاً والتقدير في حال تقلب الضمة كسرة للياء مثل وقولك أَعيس إلخ(4/364)
الْمِسْطَارُ أَظنه مُفْتَعَلًا مَنْ صَارَ قُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً. الْجَوْهَرِيُّ: الْمِسْطَارُ، «1» . بِكَسْرِ الْمِيمِ، ضَرْبٌ مِنَ الشَّرَابِ فِيهِ حموضة.
سعر: السِّعْرُ: الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَجَمْعُهُ أَسْعَارٌ وقد أَسْعَرُوا وسَعَّرُوا بِمَعْنًى وَاحِدٍ: اتَّفَقُوا عَلَى سِعْرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قِيلَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ: إِن اللَّهَ هُوَ المُسَعِّرُ
؛ أَي أَنه هُوَ الَّذِي يُرْخِصُ الأَشياءَ ويُغْلِيها فَلَا اعْتِرَاضَ لأَحد عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّسْعِيرُ. والتَّسْعِيرُ: تَقْدِيرُ السِّعْرِ. وسَعَرَ النَّارَ وَالْحَرْبَ يَسْعَرُهما سَعْراً وأَسْعَرَهُما وسَعَّرَهُما: أَوقدهما وهَيَّجَهُما. واسْتَعَرَتْ وتَسَعَّرَتْ: اسْتَوْقَدَتْ. وَنَارٌ سَعِيرٌ: مَسْعُورَةٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ. وَقُرِئَ: وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ
،
وسُعِرَتْ
أَيضاً، وَالتَّشْدِيدُ لِلْمُبَالَغَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً
؛ قَالَ الأَخفش: هُوَ مِثْلُ دَهِينٍ وصَريعٍ لأَنك تَقُولُ سُعِرَتْ فَهِيَ مَسْعُورَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ
؛ أَي بُعْداً لأَصحاب النَّارِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا ضَرَبَتْهُ السَّمُوم فاسْتَعَرَ جَوْفُه: بِهِ سُعارٌ. وسُعارُ العَطَشِ: التهابُه. والسَّعِيرُ والسَّاعُورَةُ: النَّارُ، وَقِيلَ: لَهَبُهَا. والسُّعارُ والسُّعْرُ: حَرُّهَا. والمِسْعَرُ والمِسْعارُ: مَا سُعِرَتْ بِهِ. وَيُقَالُ لِمَا تُحَرَّكُ بِهِ النَّارُ مِنْ حَدِيدٍ أَو خَشَبٍ: مِسْعَرٌ ومِسْعَارٌ، وَيُجْمَعَانِ عَلَى مَسَاعِيرَ وَمَسَاعِرَ. ومِسْعَرُ الْحَرْبِ: مُوقِدُها. يُقَالُ: رَجُلٌ مِسْعَرُ حَرْبٍ إِذا كَانَ يُؤَرِّثُها أَي تَحْمَى بِهِ الْحَرْبُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَصِير: وَيْلُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَصحاب
؛ يَصِفُهُ بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْحَرْبِ والنَّجْدَةِ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
خَيْفان: وأَما هَذَا الحَيُّ مِن هَمْدَانَ فَأَنْجَادٌ بُسْلٌ مَسَاعِيرُ غَيْرُ عُزْلٍ.
والسَّاعُور: كَهَيْئَةِ التَّنُّور يُحْفَرُ فِي الأَرض وَيُخْتَبَزُ فِيهِ. ورَمْيٌ سَعْرٌ: يُلْهِبُ المَوْتَ، وَقِيلَ: يُلْقِي قِطْعَةً مِنَ اللَّحْمِ إِذا ضَرَبَهُ. وسَعَرْناهُمْ بالنَّبْلِ: أَحرقناهم وأَمضضناهم. وَيُقَالُ: ضَرْبٌ هَبْرٌ وطَعْنٌ نَثْرٌ ورَمْيٌ سَعْرٌ مأْخوذ مِنْ سَعَرْتُ النارَ والحربَ إِذا هَيَّجْتَهُما. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَحُثُّ أَصحابه: اضْرِبُوا هَبْراً وارْموا سَعْراً
أَي رَمْياً سَرِيعًا، شَبَّهَهُ بِاسْتِعَارِ النَّارِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهَا: كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحْشٌ فإِذا خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ أَسْعَرَنا قَفْزاً
أَي أَلْهَبَنَا وَآذَانَا. والسُّعارُ: حُرُّ النار. وسَعَرَ اللَّيْلَ بالمَطِيِّ سَعْراً: قَطَعَهُ. وسَعَرْتُ اليومَ فِي حَاجَتِي سَعْرَةً أَي طُفْتُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: وسَعَرَتِ الناقةُ إِذا أَسرعت فِي سَيْرِهَا، فَهِيَ سَعُورٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: فَرَسٌ مِسْعَرٌ ومُساعِرٌ، وَهُوَ الَّذِي يُطيح قَوَائِمَهُ مُتَفَرِّقَةً وَلَا صَبْرَ لَهُ، وَقِيلَ: وَثَبَ مُجْتَمِعَ القوائم. والسَّعَرَانُ: شِدَّةُ العَدْو، والجَمَزَانُ: مِنَ الجَمْزِ، والفَلَتانُ: النَّشِيطُ. وسَعَرَ الْقَوْمَ شَرّاً وأَسْعَرَهم وسَعَّرَهم: عَمَّهُمْ بِهِ، عَلَى الْمَثَلِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا يُقَالُ أَسعرهم. وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ:
وَلَا يَنَامُ الناسُ مِنْ سُعَارِه
أَي مِنْ شَرِّهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه أَراد أَن يَدْخُلَ الشَّامَ وَهُوَ يَسْتَعِرُ طَاعُونًا
؛ اسْتَعارَ اسْتِعارَ النَّارَ لِشِدَّةِ الطَّاعُونِ يُرِيدُ كَثْرَتَهُ وشدَّة تأْثيره، وكذلك يقال في
__________
(1) . قوله: [الجوهري المسطار بالكسر إلخ] في شرح القاموس قال الصاغاني: والصواب الضم، قال: وكان الكسائي يشدد الراء فهذا دليل على ضم الميم لأَنه يكون حينئذٍ من اسطارّ يسطارّ مثل ادهامّ يدهامّ(4/365)
كُلِّ أَمر شَدِيدٍ، وَطَاعُونًا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً. واسْتَعَرَ اللصوصُ: اشْتَعَلُوا. والسُّعْرَةُ والسَّعَرُ: لَوْنٌ يَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ فُوَيْقَ الأُدْمَةِ؛ وَرَجُلٌ أَسْعَرُ وامرأَة سَعْرَاءُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَسْعَرَ ضَرْباً أَو طُوالًا هِجْرَعا [هَجْرَعا]
يُقَالُ: سَعِرَ فلانٌ يَسْعَرُ سَعَراً، فَهُوَ أَسْعَرُ، وسُعِرَ الرجلُ سُعَاراً، فَهُوَ مَسْعُورٌ: ضَرَبَتْهُ السَّمُوم. والسُّعَارُ: شِدَّةُ الْجُوعِ. وسُعار الْجُوعِ: لَهِيبُهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِشَاعِرٍ يَهْجُو رَجُلًا:
تُسَمِّنُها بِأَخْثَرِ حَلْبَتَيْها، ... وَمَوْلاكَ الأَحَمُّ لَهُ سُعَارُ
وَصَفَهُ بِتَغْزِيرِ حَلَائِبِهِ وكَسْعِهِ ضُرُوعَها بِالْمَاءِ الْبَارِدِ لِيَرْتَدَّ لَبَنُهَا لِيَبْقَى لَهَا طِرْقُها فِي حَالِ جُوعِ ابْنِ عَمِّهِ الأَقرب مِنْهُ؛ والأَحم: الأَدنى الأَقرب، وَالْحَمِيمُ: الْقَرِيبُ الْقَرَابَةِ. وَيُقَالُ: سُعِرَ الرجلُ، فَهُوَ مَسْعُورٌ إِذا اشْتَدَّ جُوعُهُ وَعَطَشُهُ. والسعْرُ: شَهْوَةٌ مَعَ جُوعٍ. والسُّعْرُ والسُّعُرُ: الْجُنُونُ، وَبِهِ فَسَّرَ الْفَارِسِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ
، قَالَ: لأَنهم إِذا كَانُوا فِي النَّارِ لَمْ يَكُونُوا فِي ضَلَالٍ لأَنه قَدْ كَشَفَ لَهُمْ، وإِنما وَصَفَ حَالَهُمْ فِي الدُّنْيَا؛ يَذْهَبُ إِلى أَن السُّعُرَ هُنَا لَيْسَ جَمْعَ سُعَيْرٍ الَّذِي هُوَ النَّارُ. وَنَاقَةٌ مَسْعُورَةٌ: كأَن بِهَا جُنُونًا مِنْ سُرْعَتِهَا، كَمَا قِيلَ لَهَا هَوْجَاءُ. وَفِي التَّنْزِيلِ حِكَايَةً عَنْ قَوْمِ صَالِحٍ: أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ
؛ مَعْنَاهُ إِنا إِذاً لَفِي ضَلَالٍ وَجُنُونٍ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ العَنَاءُ وَالْعَذَابُ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَي فِي أَمر يُسْعِرُنا أَي يُلْهِبُنَا؛ قَالَ الأَزهري: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ إِنا إِن اتَّبَعْنَاهُ وأَطعناه فَنَحْنُ فِي ضَلَالٍ وَفِي عَذَابٍ مِمَّا يَلْزَمُنَا؛ قَالَ: وإِلى هَذَا مَالَ الْفَرَّاءُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وسَامَى بِهَا عُنُقٌ مِسْعَرُ
قَالَ الأَصمعي: المِسْعَرُ الشَّدِيدُ. أَبو عَمْرٍو: المِسْعَرُ الطَّوِيلُ. ومَسَاعِرُ الْبَعِيرِ: آبَاطُهُ وأَرفاغه حَيْثُ يَسْتَعِرُ فِيهِ الجَرَبُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
قَرِيعُ هِجَانٍ دُسَّ مِنْهُ المَساعِرُ
والواحدُ مَسْعَرٌ. واسْتَعَرَ فِيهِ الجَرَبُ: ظَهَرَ مِنْهُ بِمَسَاعِرِهِ. ومَسْعَرُ الْبَعِيرِ: مُسْتَدَقُّ ذَنَبِه. والسِّعْرَارَةُ والسُّعْرُورَةُ: شُعَاعُ الشَّمْسِ الداخلُ مِنْ كَوَّةِ الْبَيْتِ، وَهُوَ أَيضاً الصُّبْحُ، قَالَ الأَزهري: هُوَ مَا تَرَدَّدَ فِي الضَّوْءِ السَّاقِطِ فِي الْبَيْتِ مِنَ الشَّمْسِ، وَهُوَ الْهَبَاءُ الْمُنْبَثُّ. ابْنُ الأَعرابي: السُّعَيْرَةُ تَصْغِيرُ السِّعْرَةِ، وَهِيَ السعالُ الحادُّ. وَيُقَالُ هَذَا سَعْرَةُ الأَمر وسَرْحَتُه وفَوْعَتُه: لأَوَّلِهِ وحِدَّتِهِ. أَبو يُوسُفَ: اسْتَعَرَ الناسُ فِي كُلِّ وَجْهٍ واسْتَنْجَوا إِذا أَكلوا الرُّطب وأَصابوه؛ والسَّعِيرُ فِي قَوْلِ رُشَيْدِ بْنِ رُمَيْضٍ العَنَزِيِّ:
حلفتُ بمائراتٍ حَوْلَ عَوْضٍ، ... وأَنصابٍ تُرِكْنَ لَدَى السَّعِيرِ
قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: هُوَ اسْمُ صَنَمٍ كَانَ لِعَنَزَةَ خَاصَّةً، وَقِيلَ: عَوض صَنَمٌ لِبَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَالْمَائِرَاتُ: هِيَ دِمَاءُ الذَّبَائِحِ حَوْلَ الأَصنام. وسِعْرٌ وسُعَيْرٌ ومِسْعَرٌ وسَعْرَانُ: أَسماء، ومِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ الْمُحَدِّثُ: جَعَلَهُ أَصحاب الْحَدِيثِ مَسعر، بِالْفَتْحِ، للتفاؤل؛ والأَسْعَرُ الجُعْفِيُّ:(4/366)
سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
فَلَا تَدْعُني الأَقْوَامُ مِنْ آلِ مالِكٍ، ... إِذا أَنا أَسْعَرْ عَلَيْهِمْ وأُثْقِب
واليَسْتَعُورُ الَّذِي فِي شِعْرِ عُرْوَةَ: موضع، ويقال شَجَرٌ.
سعبر: السَّعْبَرُ والسَّعْبَرَةُ: الْبِئْرُ الْكَثِيرَةُ الْمَاءِ؛ قَالَ:
أَعْدَدْتُ لِلْوِرْدِ، إِذا مَا هَجَّرا، ... غَرْباً ثَجُوجاً، وقَلِيباً سَعْبَرَا
وَبِئْرٌ سَعْبَرٌ وَمَاءٌ سَعْبَرٌ: كثير. وسِعْرٌ سَعْبَرٌ: رخِيصٌ. وَخَرَجَ الْعَجَّاجُ يُرِيدُ الْيَمَامَةَ فَاسْتَقْبَلَهُ جرير ابن الخَطَفَى فَقَالَ لَهُ: أَين تُرِيدُ؟ قَالَ: أُريد الْيَمَامَةَ، قَالَ: تَجِدُ بِهَا نَبِيذًا خِضْرِماً وسِعْراً سَعْبَراً. وأَخرج مِنَ الطَّعَامِ سَعَابِرَهُ وكَعَابِرَهُ، وهو كُلُّ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ مِنْ زُوَان وَنَحْوِهِ فَيُرمى بِهِ. وَمَرَّ الْفَرَزْدَقُ بِصَدِيقٍ لَهُ فَقَالَ: مَا تَشْتَهِي يَا أَبا فِرَاس؟ قَالَ: شِوَاءً رَشْرَاشاً وَنَبِيذًا سَعْبَراً وغِناءً يَفْتِقُ السَّمْعَ؛ الرَّشْرَاشَ: الَّذِي يَقْطُرُ. والسَّعْبَرُ: الكثير
سعتر: الْجَوْهَرِيُّ: السَّعْتَرُ نَبْتٌ، وَبَعْضُهُمْ يَكْتُبُهُ بِالصَّادِّ وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ لِئَلَّا يَلْتَبِسُ بِالشَّعِيرِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
سغر: ابْنُ الأَعرابي: السَّغْرُ النَّفْيُ، وَقَدْ سَغَرَهُ»
. إِذا نفاه.
سفر: سَفَرَ البيتَ وَغَيْرَهُ يَسْفِرُه سَفْراً: كَنَسَهُ. والمِسْفَرَةُ: المِكْنَسَةُ، وأَصله الْكَشْفُ. والسُّفَارَةُ، بِالضَّمِّ: الكُنَاسَةُ. وَقَدْ سَفَرَه: كَشَطَه. وسَفَرَت الريحُ الغَيْمَ عَنْ وَجْهِ السَّمَاءِ سَفراً فانْسَفَرَ: فَرَّقَتْه فَتَفَرَّقَ وَكَشَطَتْهُ عَنْ وَجْهِ السَّمَاءِ؛ وأَنشد:
سَفَرَ الشَّمَالُ الزِّبْرِجَ المُزَبْرَجا
الْجَوْهَرِيُّ: وَالرِّيَاحُ يُسافِرُ بَعْضُهَا بَعْضًا لأَن الصَّبَا تَسْفِرُ ما أَسْدَتْهُ الدَّبُورُ والجَنُوبُ تُلْحِمُه. والسَّفير: مَا سَقَطَ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ وتَحَاتَّ. وسَفَرَتِ الريحُ الترابَ والوَرَقَ تَسْفِرُه سَفْراً: كَنَسَتْهُ، وَقِيلَ: ذَهَبَتْ بِهِ كُلَّ مَذْهَبٍ. والسَّفِيرُ: مَا تَسْفِرُه الرِّيحُ مِنَ الْوَرَقِ، وَيُقَالُ لِمَا سَقَطَ مِنْ وَرَقِ العُشْبِ: سَفِيرٌ، لأَن الرِّيحَ تَسْفِرُه أَي تكنُسه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَحَائِلٌ مِنْ سَفِيرِ الحَوْلِ جَائِلُهُ، ... حَوْلَ الجَرَائم، فِي أَلْوَانِه شُهَبُ
يَعْنِي الْوَرَقَ تَغَيَّرَ لونه فحال وابيض بعد ما كَانَ أَخضر، وَيُقَالُ: انْسَفَرَ مُقَدَّمُ رأْسه مِنَ الشَّعْرِ إِذا صَارَ أَجْلَحَ. والانْسِفارُ: الانْحسارُ. يُقَالُ: انْسَفَرَ مُقَدَّمُ رأْسه مِنَ الشَّعِرِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: أَنه سَفَرَ شَعْرَهُ
أَي استأْصله وَكَشَفَهُ عَنْ رأْسه. وانْسَفَرَت الإِبل إِذا ذَهَبَتْ فِي الأَرض. والسَّفَرُ: خِلَافُ الحَضَرِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ كَمَا تَذْهَبُ الرِّيحُ بِالسَّفِيرِ مِنَ الْوَرَقِ وَتَجِيءُ، وَالْجَمْعُ أَسفار. وَرَجُلٌ سافرٌ: ذُو سَفَرٍ، وَلَيْسَ عَلَى الفِعْل لأَنه لَمْ يُرَ لَهُ فِعْلٌ؛ وقومٌ سافِرَةٌ وسَفْرٌ وأَسْفَارٌ وسُفَّارٌ، وَقَدْ يَكُونُ السَّفْرُ لِلْوَاحِدِ؛ قَالَ:
عُوجي عَلَيَّ فإِنَّني سَفْرُ
والمُسافِرُ: كالسَّافِر. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ وَذَكَرَ قَوْمَ لُوطٍ فَقَالَ: وتُتُبّعَتْ أَسْفَارُهم بِالْحِجَارَةِ
؛ يَعْنِي المُسافِرَ مِنْهُمْ، يَقُولُ: رُمُوا بِالْحِجَارَةِ حَيْثُ كَانُوا فَأُلْحِقُوا بأَهل الْمَدِينَةِ. يُقَالُ: رَجُلٌ سَفْرٌ وَقَوْمٌ سَفْرٌ، ثُمَّ أَسافر جَمْعُ الْجَمْعِ. وَقَالَ الأَصمعي:
__________
(1) . قوله: [وقد سغره] من باب منع كما في القاموس(4/367)
كَثُرَتِ السَّافِرَةُ بِمَوْضِعِ كَذَا أَي الْمُسَافِرُونَ قَالَ: والسَّفْر جَمْعُ سَافِرٍ، كَمَا يُقَالُ: شَارِبٌ وشَرْبٌ، وَيُقَالُ: رَجُلٌ سافِرٌ وسَفْرٌ أَيضاً. الْجَوْهَرِيُّ: السَّفَرُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ، وَالْجَمْعُ الأَسفار. والمِسْفَرُ: الْكَثِيرُ الأَسفار القويُّ عَلَيْهَا؛ قَالَ:
لَنْ يَعْدَمَ المَطِيُّ مِنِّي مِسْفَرا، ... شَيْخاً بَجَالًا، وَغُلَامًا حَزْوَرا
والأُنثى مِسْفَرَةٌ. قَالَ الأَزهري: وَسُمِّيَ المُسافر مُسافراً لِكَشْفِهِ قِناع الكِنِّ عَنْ وَجْهِهِ، ومنازلَ الحَضَر عَنْ مَكَانِهِ، ومنزلَ الخَفْضِ عَنْ نَفْسِهِ، وبُرُوزِهِ إِلى الأَرض الفَضاء، وَسُمِّيَ السَّفَرُ سَفَراً لأَنه يُسْفِرُ عَنْ وُجُوهِ الْمُسَافِرِينَ وأَخلاقهم فَيَظْهَرُ مَا كَانَ خَافِيًا مِنْهَا. وَيُقَالُ: سَفَرْتُ أَسْفُرُ «1» . سُفُوراً خَرَجَتْ إِلى السَّفَر فأَنا سَافِرٌ وَقَوْمٌ سَفْرٌ، مِثْلَ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وسُفَّار مِثْلَ رَاكِبٍ وركَّاب، وَسَافَرْتُ إِلى بَلَدِ كَذَا مُسافَرَة وسِفاراً؛ قَالَ حَسَّانُ:
لَوْلا السِّفارُ وبُعْدُ خَرْقٍ مَهْمَهٍ، ... لَتَرَكْتُها تَحْبُو عَلَى العُرْقُوبِ
وَفِي حَدِيثِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ:
أَمرنا إِذا كُنَّا سَفْراً أَوْ مُسَافِرِينَ
؛ الشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي فِي السَّفْر وَالْمُسَافِرِينَ. والسَّفْر: جَمْعُ سَافِرٍ، وَالْمُسَافِرُونَ: جَمْعُ مُسَافِرٍ، والسَّفْر وَالْمُسَافِرُونَ بِمَعْنًى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لأَهل مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ: يَا أَهل الْبَلَدِ صَلُّوا أَربعاً فأَنا سَفْرٌ
؛ وَيُجْمَعُ السَّفْر عَلَى أَسْفارٍ. وَبَعِيرٌ مِسْفَرٌ: قَوِيٌّ عَلَى السفَر؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
أَجَزْتُ إِلَيْكَ سُهُوبَ الفلاةِ، ... وَرَحْلي عَلَى جَمَلٍ مِسْفَرِ
وناقةٌ مِسْفَرة ومِسْفار كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَخطل:
ومَهْمَهٍ طَامِسٍ تُخْشَى غَوائلُه، ... قَطَعْتُه بِكَلُوءِ العَيْنِ مِسْفارِ
وَسَمَّى زُهَيْرٌ البقرةَ مُسافِرةً فَقَالَ:
كَخَنْسَاءَ سَفْعاءِ المِلاطَيْنِ حُرَّةٍ، ... مُسافِرَةٍ مَزْؤُودَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ
وَيُقَالُ لِلثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ: مُسَافِرٌ وأَماني وَنَاشِطٌ؛ وقال:
كأَنها، بَعْدَ ما خَفَّتْ ثَمِيلَتُها، ... مُسافِرٌ أَشْعَثُ الرَّوْقَيْنِ مَكْحُولُ
والسَّفْرُ: الأَثر يَبْقَى عَلَى جِلْدِ الإِنسان وَغَيْرِهِ، وَجَمْعُهُ سُفُورٌ؛ وَقَالَ أَبو وَجْزَة:
لَقَدْ ماحتْ عليكَ مُؤَبَّدَاتٌ، ... يَلُوح لهنَّ أَنْدَابٌ سُفُورُ
وَفَرَسٌ سافِرُ اللَّحْمِ أَي قَلِيلُهُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
لَا سافِرُ اللَّحْمِ مَدْخُولٌ، وَلَا هَبِجٌ ... كَاسِي العظامِ، لطيفُ الكَشْحِ مَهْضُومُ
التَّهْذِيبِ: وَيُقَالُ سافرَ الرجلُ إِذا مَاتَ؛ وأَنشد:
زعمَ ابنُ جدعانَ بنِ عَمْرٍو ... أَنَّه يَوْمًا مُسافِرْ
والمُسَفَّرَة: كُبَّةُ الغَزْلِ. والسُّفرة، بِالضَّمِّ: طَعَامٌ يُتَّخَذُ لِلْمُسَافِرِ، وَبِهِ سُمِّيَتْ سُفرة الْجِلْدِ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: ذَبَحْنَا شَاةً فَجَعَلْنَاهَا سُفْرَتَنا أَو فِي سُفْرتنا
؛ السُّفْرَة: طَعَامٌ يَتَّخِذُهُ الْمُسَافِرُ وأَكثر مَا يُحْمَلُ فِي جِلْدٍ مُسْتَدِيرٍ فَنُقِلَ اسْمُ الطَّعَامِ إِليه، وَسُمِّيَ بِهِ كَمَا سُمِّيَتِ الْمَزَادَةُ رَاوِيَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الأَسماء الْمَنْقُولَةِ، فالسُّفْرَة فِي طَعَامِ السَّفَر كاللُّهْنَةِ لِلطَّعَامِ الَّذِي يُؤْكَلُ بُكرة. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: صَنَعْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
__________
(1) . قوله: [سفرت أسفر] من باب طلب كما في شرح القاموس ومن باب ضرب كما في المصباح والقاموس(4/368)
ولأَبي بَكْرٍ سُفْرَةً فِي جِرَابٍ
أَي طَعَامًا لَمَّا هَاجَرَ هُوَ وأَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. غَيْرُهُ: السُّفرة الَّتِي يُؤْكَلُ عَلَيْهَا سُميت سُفْرَةً لأَنها تُبْسَطُ إِذا أُكل عَلَيْهَا. والسَّفَار: سِفَارُ الْبَعِيرِ، وَهِيَ حَدِيدَةٌ تُوضَعُ عَلَى أَنف الْبَعِيرِ فَيُخْطَمُ بِهَا مكانَ الحَكَمَة مِنْ أَنف الْفَرَسِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السِّفار والسِّفارة الَّتِي تَكُونُ عَلَى أَنف الْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ الحَكَمَة، وَالْجَمْعُ أَسْفِرَة وسُفْرٌ وسَفائر؛ وَقَدْ سَفَرَه، بِغَيْرِ أَلفٍ، يَسْفِره سَفْراً وأَسْفَره عَنْهُ إِسْفَاراً وسَفَّره؛ التَّشْدِيدُ عَنْ كُرَاعٍ، اللَّيْثُ: السِّفار حَبْلٌ يُشَدُّ طَرَفُهُ عَلَى خِطام الْبَعِيرِ فَيُدَارُ عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ بَقِيَّتُهُ زِماماً، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَ السِّفار مِنْ حَدِيدٍ؛ قَالَ الأَخطل:
ومُوَقَّع، أَثَرُ السِّفار بِخَطْمِهِ، ... منْ سُودِ عَقَّةَ أَوْ بَنِي الجَوَّالِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ وموقعٍ مَخْفُوضٌ عَلَى إِضمار رُبَّ؛ وَبَعْدَهُ:
بَكَرَتْ عَليَّ بِهِ التِّجَارُ، وفَوْقَه ... أَحْمَالُ طَيِّبَة الرِّياح حَلالُ
أَي رُبَّ جَمَلٍ مُوَقَّعٍ أَي بِظَهْرِهِ الدبَرُ. والدَّبَرُ: مِنْ طُولِ مُلَازِمَةِ القتَب ظهرَه أُسْنِيَ عَلَيْهِ أَحمال الطيب وغيرها. وبنو عَقَّةَ: مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ. وبنو الجوَّال: مِنْ بَنِي تَغْلِبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى رأْس الْبَعِيرِ ثُمَّ قَالَ: هاتِ السِّفارَ فأَخذه فَوَضَعَهُ فِي رأْسه
؛ قَالَ: السِّفار الزِّمَامُ وَالْحَدِيدَةُ الَّتِي يُخْطَمُ بِهَا الْبَعِيرُ لِيَذِلَّ وَيَنْقَادَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ابْغِني ثَلَاثَ رَوَاحِلَ مُسْفَرَات
أَي عَلَيْهِنَّ السِّفار، وإِن رُوِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ فَمَعْنَاهُ الْقَوِيَّةُ عَلَى السَّفر. يُقَالُ مِنْهُ: أَسْفَر البعيرُ واسْتَسْفَرَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْبَاقِرِ: تَصَدَّقْ بِحَلال يَدِكَ وسَفْرِها
؛ هُوَ جَمْعُ السِّفار. وَحَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ لَهُ ابْنُ السَّعْدِيِّ: خرجتُ فِي السَّحَرِ أَسْفِرُ فَرَسًا لِي فَمَرَرْتُ بِمَسْجِدِ بني حنيفة
؛ أَراد أَنه خَرَجَ يُدَمِّنُه عَلَى السَّيْرِ وَيُرَوِّضُهُ لِيَقْوَى عَلَى السَّفَر، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ سَفَّرْتَ الْبَعِيرَ إِذا رَعَيْتَهُ السَّفِيرَ، وَهُوَ أَسافل الزَّرْعِ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ وَالدَّالِ. وأَسْفَرَتِ الإِبلُ فِي الأَرض: ذَهَبَتْ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ: قَالَ قرأْت عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَفْراً سَفْراً، فَقَالَ: هَكَذَا فَاقْرَأْ.
جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: تَفْسِيرُهُ هَذّاً هَذّاً. قَالَ الْحَرْبِيُّ: إِن صَحَّ فَهُوَ مِنَ السُّرعة وَالذَّهَابِ مَنْ أَسفرت الإِبل إِذا ذَهَبَتْ فِي الأَرض، قَالَ: وإِلَّا فَلَا أَعلم وَجْهَهُ. والسَّفَرُ: بَيَاضُ النَّهَارِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومَرْبُوعَةٍ رِبْعِيَّةٍ قَدْ لَبَأْتُها، ... بِكَفَّيَّ مِنْ دَوِّيَّةٍ، سَفَراً سَفْرا
يَصِفُ كَمْأَةً مَرْبُوعَةً أَصابها الرَّبِيعُ. رَبْعِيَّةٌ: مَنْسُوبَةٌ إِلى الرَّبِيعِ. لبأْتها: أَطعمتهم إِياها طَرِيَّةَ الِاجْتِنَاءِ كاللِّبَا مِنَ اللَّبَنِ، وَهُوَ أَبكره وأَوّله. وسَفَراً: صَبَاحًا. وسَفْراً: يَعْنِي مسافرين. وسَفَرَ الصبحُ وأَسْفَرَ: أَضاء. وأَسْفَرَ القومُ أَصبحوا. وأَسفر. أَضاء قَبْلَ الطُّلُوعِ. وسَفَرَ وجهُه حُسْناً وأَسْفَرَ: أَشْرَقَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَي مُشْرِقَةٌ مُضِيئَةٌ. وَقَدْ أَسْفَرَ الوَجْهُ وأَسْفَرَ الصُّبْحُ. قَالَ: وإِذا أَلقت المرأَةُ نِقَابها قِيلَ: سَفَرَتْ فَهِيَ سافِرٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ. ومَسَافِرُ الْوَجْهِ: مَا يَظْهَرُ مِنْهُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَسَافِرِ غُرَّانُ
وَلَقِيتُهُ سَفَراً وَفِي سَفَرٍ أَي عِنْدَ اسْفِرَارِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَلِكَ حُكِيَ بِالسِّينِ. ابْنُ(4/369)
الأَعرابي: السَّفَرُ الْفَجْرُ؛ قَالَ الأَخطل:
إِنِّي أَبِيتُ، وَهَمُّ المَرءِ يَبْعَثُه، ... مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ حَتَّى يُفْرِجَ السَّفَرُ
يُرِيدُ الصُّبْحَ؛ يَقُولُ: أَبيت أَسري إِلى انْفِجَارِ الصُّبْحِ. وَسُئِلَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ الإِسْفارِ بِالْفَجْرِ فَقَالَ: هُوَ أَن يُصْبِحَ الفَجْرُ لَا يُشَكُّ فِيهِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ إِسحاق وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَذَوِيهِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنه قَالَ: صَلَاةُ الْمَغْرِبِ والفجَاجُ مُسْفِرَةٌ.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَاهُ أَي بَيِّنَةٌ مُبْصَرَةٌ لَا تَخْفَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلَاةُ الْمَغْرِبِ يُقَالُ لَهَا صَلَاةُ البَصَر لأَنها تُؤَدَّى قَبْلَ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْحَائِلَةِ بَيْنَ الأَبصار وَالشُّخُوصِ.
والسَّفَرُ سَفَرانِ: سَفَرُ الصُّبْحِ وسَفَرُ المَسَاء، وَيُقَالُ لِبَقِيَّةِ بَيَاضِ النَّهَارِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ: سَفَرٌ لِوُضُوحِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ السَّاجِعُ إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرى سَفَرا، لَمْ تَرَ فِيهَا مَطَرا؛ أَراد طُلُوعَهَا عِشاء. وَسَفَرَتِ المرأَة وَجْهَهَا إِذا كَشَفَتِ النِّقابَ عَنْ وَجْهِهَا تَسْفِرُ سُفُوراً؛ وَمِنْهُ سَفَرْتُ بَيْنَ القوم أَسْفِرُ سِفَارَةً [سَفَارَةً] أَي كَشَفْتُ مَا فِي قَلْبِ هَذَا وَقَلْبِ هَذَا لأُصلح بَيْنَهُمْ. وسَفَرَتِ المرأَةُ نِقابَها تَسْفِرُهُ سُفُوراً، فَهِيَ سافِرَةٌ: جَلَتْه. والسَّفِيرُ: الرَّسول وَالْمُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ، وَالْجَمْعُ سُفَراءُ؛ وَقَدْ سَفَرَ بَيْنَهُمْ يَسْفِرُ سَفْراً وسِفارة وسَفارة: أَصلح. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ أَنه قَالَ لِعُثْمَانَ: إِن النَّاسَ قَدِ اسْتَسْفَرُوني بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ
أَي جَعَلُونِي سَفِيرًا، وَهُوَ الرَّسُولُ الْمُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ. يُقَالُ: سَفَرْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ إِذا سَعَيْتَ بَيْنَهُمْ فِي الإِصلاح. والسِّفْرُ، بِالْكَسْرِ: الْكِتَابُ، وَقِيلَ: هُوَ الْكِتَابُ الْكَبِيرُ، وَقِيلَ: هُوَ جُزْءٌ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَالْجَمْعُ أَسْفارٌ. والسَّفَرَةُ: الكَتَبَةُ، وَاحِدُهُمْ سافِرٌ، وَهُوَ بالنَّبَطِيَّةِ سَافَرَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ
؛ وسَفَرْتُ الكتابَ أَسْفِرُهُ سَفْراً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ فِي الأَسفار: الْكُتُبُ الْكِبَارُ وَاحِدُهَا سِفْرٌ، أَعْلَمَ اللهُ تَعَالَى أَن الْيَهُودَ مَثَلُهم فِي تَرْكِهِمُ استعمالَ التَّوْرَاةِ وَمَا فِيهَا كَمَثَلِ الحمارُ يُحْمَل عَلَيْهِ الْكُتُبُ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَا فِيهَا وَلَا يَعِيهَا. والسَّفَرَةُ: كَتَبَة الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يُحْصُونَ الأَعمال؛ قال ابْنُ عَرَفَةَ: سُمِّيَتِ الْمَلَائِكَةُ سَفَرَةً لأَنهم يَسْفِرُونَ بَيْنَ الله وبين أَنبيائه؛ قال أَبو بَكْرٍ: سُمُّوا سَفَرَةً لأَنهم يَنْزِلُونَ بِوَحْيِ اللَّهِ وبإِذنه وَمَا يَقَعُ بِهِ الصَّلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَشُبِّهُوا بالسُّفَرَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيَصْلُحُ شأْنهما. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُ الماهِرِ بِالْقُرْآنِ مَثَلُ السَّفَرَةِ
؛ هُمُ الْمَلَائِكَةُ جَمْعُ سَافِرٍ، والسافِرُ فِي الأَصل الْكَاتِبُ، سُمِّيَ بِهِ لأَنه يُبَيِّنُ الشَّيْءَ وَيُوَضِّحُهُ. قال الزَّجَّاجُ: قِيلَ لِلْكَاتِبِ سَافِرٌ، وَلِلْكِتَابِ سِفْرٌ لأَن مَعْنَاهُ أَنه يُبَيِّنُ الشَّيْءَ وَيُوَضِّحُهُ. وَيُقَالُ: أَسْفَرَ الصُّبْحُ إِذا انْكَشَفَ وأَضاء إِضاءة لَا يُشَكُّ فِيهِ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فإِنه أَعظم للأَجْرِ
؛ يَقُولُ: صَلُّوا صلاة الفجر بعد ما يَتَبَيَّنُ الْفَجْرُ وَيَظْهَرُ ظُهُورًا لَا ارْتِيَابَ فِيهِ، وَكُلُّ مَنْ نَظَرَ إِليه عَرَفَ أَنه الْفَجْرُ الصَّادِقُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ
؛ أَي صَلُّوا صَلَاةَ الْفَجْرَ مُسْفِرين؛ وَيُقَالُ: طَوِّلُوها إِلى الإِسْفارِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالُوا يَحْتَمِلُ أَنهم حِينَ أَمرهم بِتَغْلِيسِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي أَول وَقْتِهَا كَانُوا يُصَلُّونَهَا عِنْدَ الْفَجْرِ الأَوَّل حِرْصًا وَرَغْبَةً، فَقَالَ: أَسْفِرُوا بِهَا أَي أَخروها إِلى أَن يَطْلُعَ الْفَجْرُ الثَّانِي وَتَتَحَقَّقُوهُ، وَيُقَوِّي ذَلِكَ
أَنه قَالَ لِبِلَالٍ: نَوِّرْ بالفجْرِ قَدْرَ مَا يُبْصِرُ الْقَوْمُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِم
، وَقِيلَ: الأَمر بالإِسْفارِ خَاصٌّ فِي اللَّيَالِي المُقْمِرَة لأَن أَوَّل الصُّبْحِ(4/370)
لَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا فأُمروا بالإِسفار احْتِيَاطًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: صَلُّوا الْمَغْرِبَ والفِجاجُ مُسْفِرَةٌ
أَي بَيِّنَةٌ مُضِيئَةٌ لَا تَخْفَى. وَفِي حَدِيثِ
عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيِّ: كَانَ يأْتينا بِلَالٌ يُفْطِرُنا وَنَحْنُ مُسْفِرُون جِدّاً
؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: سَفَرَتِ المرأَة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ. السَّفَرَةُ يَعْنِي الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ يَكْتُبُونَ أَعمال بَنِي آدَمَ، وَاحِدُهُمْ سافِرٌ مِثْلُ كاتِبٍ وكَتَبَةٍ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: وَاعْتِبَارُهُ بِقَوْلِهِ: كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ؛ وَقَوْلُ أَبي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:
لِلَيْلَى بذاتِ البَيْنِ دارٌ عَرَفْتُها، ... وأُخْرَى بذاتِ الجَيْشِ، آياتُها سَفْرُ
قَالَ السُّكَّرِيُّ: دُرِسَتْ فَصَارَتْ رُسُومُهَا أَغفالًا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن يَكُونَ السَّفْرُ مِنْ قَوْلِهِمْ سَفَرْتُ الْبَيْتَ أَي كَنَسْتُهُ فكأَنه مِنْ كَنَسْتُ الْكِتَابَةَ مِنَ الطِّرْس. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَوْ أَمرت بِهَذَا الْبَيْتِ فَسُفِرَ
؛ قَالَ الأَصمعي: أَي كُنِسَ. والسَّافِرَة: أُمَّةٌ مِنَ الرُّومِ. وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: لَوْلَا أَصواتُ السَّافِرَةِ لَسَمِعْتُمْ وَجْبَةَ الشَّمْسِ
؛ قَالَ: وَالسَّافِرَةُ أُمة مِنَ الرُّومِ «2» . كَذَا جَاءَ مُتَّصِلًا بِالْحَدِيثِ، وَوَجْبَةُ الشَّمْسِ وُقُوعُهَا إِذا غَرَبَتْ. وسَفَارِ: اسْمُ مَاءٍ مُؤَنَّثَةٍ مَعْرِفَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ. الْجَوْهَرِيُّ: وسَفَارِ مِثْلَ قَطامِ اسْمُ بِئْرٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
مَتَّى مَا تَرِدْ يَوْمًا سَفَارِ، تَجِدْ بهَا ... أُدَيْهِمَ يَرْمِي المُسْتَحِيزَ المُعَوَّرَا
وسُفَيْرَةُ: هَضْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ زُهَيْرُ:
بَكَتْنَا أَرضنا لَمَّا ظعنَّا ... .... سفيرة والغيام «3» .
سفسر: السِّفْسِيرُ: الفَيْجُ والتابِعُ وَنَحْوُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: السِّفْسِيرُ الَّذِي يَقُومُ عَلَى النَّاقَةِ؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
وفَارَقَتْ، وَهْي لَمْ تَجْرَبْ وباعَ لَها ... مِنَ الفَصَافِصِ بالنمِّيِّ سِفْسِيرُ
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَقُومُ عَلَى الإِبل وَيُصْلِحُ شأْنها، وَقِيلَ: هُوَ السِّمْسَارُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَيِّمُ بالأَمر الْمُصْلِحُ لَهُ، وأَنكر أَن يَكُونَ بَيَّاعَ القَتِّ. وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
وَفَارَقَتْ وَهِيَ لَمْ تَجْرَبْ
الْبَيْتَ قَالَ: بَاعَ لَهَا اشْتَرَى لَهَا. سِفْسِيرٌ يَعْنِي السِّمْسَارَ. وَقَالَ المؤرِّج: السِّفْسِيرُ العَبْقَرِيُّ، وَهُوَ الْحَاذِقُ بِصِناعَتِه مِنْ قَوْمٍ سَفاسِرة وعَباقِرَة. وَيُقَالُ لِلْحَاذِقِ بأَمر الحَديد: سِفْسِيرٌ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
بَرَتْهُ سَفَاسِيرُ الحَدِيدِ فَجَرَّدَتْ ... وَقِيعَ الأَعالي، كانَ فِي الصَّوْتِ مُكْرِمَا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السِّفْسِيرُ القَهْرَمانُ فِي قَوْلِ أَوس. وَالسِّفْسِيرُ: الحُزْمَةُ مِنْ حُزَمِ الرَّطْبَة الَّتِي تُعْلَفُهَا الإِبل، وأَصل ذَلِكَ فَارِسِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ أَبي طَالِبٍ يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فَإِنِّي والسَّوابِحَ كُلَّ يَوْمٍ، ... وَمَا تَتْلو السَّفاسِرَةُ الشُّهُودُ
السَّفَاسِرَةُ: أَصحاب الأَسفار وَهِيَ الْكُتُبُ.
__________
(2) . قوله: [أمة من الروم] قال في النهاية كأَنهم سموا بذلك لبعدهم وتوغلهم في المغرب. والوجبة الغروب يعني صوته فحذف المضاف
(3) . كذا بياض بالأَصل، ولم نجد هذا البيت في ديوان زهير(4/371)
سقر: السَّقْرُ: مِنْ جَوَارِحِ الطَّيْرِ مَعْرُوفٌ لُغَةٌ فِي الصَّقْرِ. والزَّقْرُ: الصَّقْرُ مُضَارِعَةٌ، وَذَلِكَ لأَن كَلْبًا تَقْلِبُ السِّينَ مَعَ الْقَافِ خَاصَّةً زَايًا. وَيَقُولُونَ فِي مَسَّ سَقَرَ
: مَسَّ زَقَرَ، وَشَاةٌ زَقْعَاء فِي سَقْعَاء. والسَّقْرُ: البُعْدُ. وسَقَرَته الشمسُ تَسْقُرُهُ سَقْراً: لوَّحَتْه وَآلَمَتْ دِمَاغَهُ بِحَرِّهَا. وسَقَرَاتُ الشَّمْسِ: شِدَّةُ وَقْعِها. وَيَوْمٌ مُسْمَقِرٌّ ومُصْمَقِرٌّ: شَدِيدُ الْحَرِّ. وسَقَرُ: اسْمٌ مِنْ أَسماء جَهَنَّمَ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْبُعْدِ، وَعَامَّةُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي صَقَر، بِالصَّادِّ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ النَّارِ: سَمَّاهَا سَقَرَ؛ هُوَ اسم أَعجمي علم لنار الْآخِرَةِ. قَالَ اللَّيْثُ: سَقَرُ اسْمُ مَعْرِفَةٍ لِلنَّارِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَقَرَ. وَهَكَذَا قُرِئَ: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ
؛ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لأَنه مَعْرِفَةٌ، وَكَذَلِكَ لَظَى وَجَهَنَّمُ. أَبو بَكْرٍ: فِي السَّقَرِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَن نَارَ الْآخِرَةِ سُمِّيَتْ سَقَرَ لَا يُعْرَفُ لَهُ اشْتِقَاقٌ وَمَنَعَ الإِجراء التَّعْرِيفَ وَالْعُجْمَةَ، وَقِيلَ: سُمِّيَتِ النَّارُ سَقَرَ لأَنها تُذِيبُ الأَجسام والأَرواح، وَالِاسْمُ عَرَبِيٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ سَقَرَتْهُ الشَّمْسُ أَي أَذابته. وأَصابه مِنْهَا ساقُور، والسَّاقور أَيضاً: حَدِيدَةٌ تُحْمَى وَيُكْوَى بِهَا الْحِمَارُ، وَمَنْ قَالَ سَقَرُ اسْمٌ عَرَبِيٌّ قَالَ: مَنَعَهُ الإِجراء لأَنه مَعْرِفَةٌ مُؤَنَّثٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا تُبْقِي وَلا تَذَرُ. والسَّقَّارُ: اللَّعَّانُ الْكَافِرُ، بِالسِّينِ وَالصَّادِّ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ صَقَرَ: الصَّقَّارُ النَّمَّامُ. وَرَوَى بِسَنَدِهِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَسْكُنُ مَكَّةَ سَاقُور وَلَا مَشَّاءٌ بِنَمِيمٍ.
وَرُوِيَ أَيضاً فِي السَّقَّار والصَّقَّار: اللَّعَّان، وَقِيلَ: اللَّعَّان لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَضْرِبُ النَّاسَ بِلِسَانِهِ مِنَ الصَّقْرِ، وَهُوَ ضَرْبُكَ الصَّخْرَةِ بالصَّاقُور، وَهُوَ المِعْوَلُ. وَجَاءَ ذِكْرُ السَّقَّارِينَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ
أَنهم الْكَذَّابُونَ
، قِيلَ: سُمُّوا بِهِ لِخُبْثِ مَا يَتَكَلَّمُونَ. وَرَوَى
سَهْلُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ أَبيه: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا تَزَالُ الأُمة عَلَى شَرِيعَةٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِمْ ثَلَاثٌ: مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْهُمُ الْعِلْمُ، وَيَكْثُرْ فِيهِمُ الخُبْثُ، وتظهر فيهم السَّقَّارَةُ، قَالُوا: وَمَا السَّقَّارَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بَشَرٌ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَكُونُ تَحِيَّتُهم بَيْنَهُمْ إِذا تَلاقَوا التَّلاعُنَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
يَظْهَرُ فِيهِمُ السَّقَّارُونَ.
سقطر: سُقُطْرَى: مَوْضِعٌ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، فإِذا نَسَبْتَ إِليه بِالْقَصْرِ قُلْتَ: سُقُطْرِيٌّ، وإِذا نَسَبْتَ بِالْمَدِّ قُلْتَ: سُقُطْراوِيٌّ؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي حنيفة.
سقعطر: السَّقَعْطَرَى: النِّهَايَةُ فِي الطُّولِ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مِنَ النَّاسِ والإِبل لَا يَكُونُ أَطول مِنْهُ. والسَّقَعْطَرِيُّ: الضَّخْمُ الشَّدِيدُ الْبَطْشِ الطَّوِيلُ من الرجال.
سكر: السَّكْرَانُ: خِلَافَ الصَّاحِي. والسُّكْرُ: نَقِيضُ الصَّحْوِ. والسُّكْرُ ثَلَاثَةُ: سُكْرُ الشَّبابِ وسُكْرُ المالِ وسُكْرُ السُّلطانِ؛ سَكِرَ يَسْكَرُ سُكْراً وسُكُراً وسَكْراً وسَكَراً وسَكَرَاناً، فَهُوَ سَكِرٌ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وسَكْرانُ، والأُنثى سَكِرَةٌ وسَكْرَى وسَكْرَانَةٌ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ. قَالَ: وَمَنْ قَالَ هَذَا وجب عَلَيْهِ أَن يَصْرِفَ سَكْرَانَ فِي النَّكِرَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: لغةُ بَنِي أَسد سَكْرَانَةٌ، وَالِاسْمُ السُّكْرُ، بِالضَّمِّ، وأَسْكَرَهُ الشَّرَابُ، وَالْجَمْعُ سُكَارَى وسَكَارَى وسَكْرَى، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى
؛ وَقُرِئَ:
سَكْرَى وَمَا هُمْ(4/372)
بِسَكْرَى
؛ التَّفْسِيرُ أَنك تَرَاهُمْ سُكَارَى مِنَ الْعَذَابِ وَالْخَوْفِ وَمَا هُمْ بِسُكَارَى مِنَ الشَّرَابِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
، وَلَمْ يقرأْ أَحد مِنَ الْقُرَّاءِ سَكَارَى، بِفَتْحِ السِّينِ، وَهِيَ لُغَةٌ وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهَا لأَن الْقِرَاءَةَ سنَّة. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: النَّعْتُ الَّذِي عَلَى فَعْلَانَ يُجْمَعُ عَلَى فُعَالى وفَعَالى مِثْلُ أَشْرَان وأُشَارى وأَشَارى، وغَيْرَانَ وَقَوْمٌ غُيَارَى وغَيَارَى، وإِنما قَالُوا سَكْرَى وفَعْلى أَكثر مَا تَجِيءُ جَمْعًا لفَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِثْلُ قَتِيلٍ وقَتْلى وَجَرِيحٍ وجَرْحَى وَصَرِيعٍ وصَرْعَى، لأَنه شُبِّهَ بالنَّوْكَى والحَمْقَى والهَلْكَى لِزَوَالِ عَقْلِ السَّكْرَانِ، وأَما النَّشْوَانُ فَلَا يُقَالُ فِي جَمْعِهِ غَيْرَ النَّشَاوَى، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَوْ قِيلَ سَكْرَى عَلَى أَن الْجَمْعَ يَقَعُ عَلَيْهِ التأْنيث فَيَكُونُ كَالْوَاحِدَةِ كَانَ وَجْهًا؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ:
أَضْحَتْ بنو عامرٍ غَضْبَى أُنُوفُهُمُ، ... إِنِّي عَفَوْتُ، فَلا عارٌ وَلَا باسُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما قِيلَ هَذَا قَبْلَ أَن يَنْزِلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما عَنَى هُنَا سُكْرَ النَّوْمِ، يَقُولُ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ رَوْبَى. ورَجُلٌ سِكِّيرٌ: دَائِمُ السُّكر. ومِسْكِيرٌ وسَكِرٌ وسَكُورٌ: كَثِيرُ السُّكْرِ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد لعمرو ابن قَمِيئَةَ:
يَا رُبَّ مَنْ أَسْفاهُ أَحلامُه ... أَن قِيلَ يَوْمًا: إِنَّ عَمْراً سَكُورْ
وَجَمْعُ السَّكِر سُكَارَى كَجَمْعِ سَكرْان لِاعْتِقَابِ فَعِلٍ وفَعْلان كَثِيرًا عَلَى الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ. وَرَجُلٌ سِكِّيرٌ: لَا يَزَالُ سكرانَ، وَقَدْ أَسكره الشَّرَابُ. وتساكَرَ الرجلُ: أَظهر السُّكْرَ وَاسْتَعْمَلَهُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقَ:
أَسَكْرَان كانَ ابْنُ المَرَاغَةِ إِذ هَجَا ... تَمِيماً، بِجَوْفِ الشَّامِ، أَم مُتَساكِرُ؟
تَقْدِيرُهُ: أَكان سَكْرَانَ ابْنُ الْمَرَاغَةِ فَحَذَفَ الْفِعْلَ الرَّافِعَ وَفَسَّرَهُ بِالثَّانِي فَقَالَ: كَانَ ابْنُ الْمَرَاغَةِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: فَهَذَا إِنشاد بَعْضِهِمْ وأَكثرهم يَنْصِبُ السَّكْرَانَ وَيَرْفَعُ الْآخَرَ عَلَى قَطْعٍ وَابْتِدَاءٍ، يُرِيدُ أَن بَعْضَ الْعَرَبِ يَجْعَلُ اسْمَ كَانَ سَكْرَانُ وَمُتَسَاكِرُ وَخَبَرَهَا ابْنَ الْمَرَاغَةِ؛ وَقَوْلُهُ: وأَكثرهم يَنْصِبُ السَّكْرَانَ وَيَرْفَعُ الْآخَرَ عَلَى قَطْعٍ وَابْتِدَاءٍ يُرِيدُ أَن سَكْرَانَ خَبَرُ كَانَ مُضْمَرَةٍ تَفْسِيرُهَا هَذِهِ الْمُظْهَرَةُ، كأَنه قَالَ: أَكان سَكْرَانَ ابْنُ الْمَرَاغَةِ، كَانَ سَكْرَانَ وَيَرْفَعُ مُتَسَاكِرُ عَلَى أَنه خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٍ، كأَنه قَالَ: أَم هُوَ مُتَسَاكِرٌ. وَقَوْلُهُمْ: ذَهَبَ بَيْنَ الصَّحْوَة والسَّكْرَةِ إِنما هُوَ بَيْنَ أَن يَعْقِلَ وَلَا يَعْقِلَ. والمُسَكَّرُ: الْمَخْمُورُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَبا حاضِرٍ، مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤُهُ، ... ومَنْ يَشرَبِ الخُرْطُومَ، يُصْبِحْ مُسَكَّرا
وسَكْرَةُ الْمَوْتِ: شِدَّتُهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ
؛ سَكْرَةُ الْمَيِّتِ غَشْيَتُه الَّتِي تَدُلُّ الإِنسان عَلَى أَنه مَيِّتٌ. وَقَوْلُهُ بِالْحَقِّ أَي بِالْمَوْتِ الْحَقِّ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السَّكْرَةُ الغَضْبَةُ. والسَّكْرَةُ: غَلَبَةُ اللَّذَّةِ عَلَى الشَّبَابِ. والسَّكَرُ: الْخَمْرُ نَفْسُهَا. والسَّكَرُ: شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ والكَشُوثِ والآسِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّكَرُ يُتَّخَذُ مِنَ التَّمْرِ والكُشُوث يُطْرَحَانِ سَافًا سَافًا وَيَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ. قَالَ: وَزَعَمَ زَاعِمٌ أَنه رُبَّمَا خُلِطَ بِهِ الْآسُ فَزَادَهُ شِدَّةً.(4/373)
وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي السَّكَرِ الَّذِي فِي التَّنْزِيلِ: إِنه الخَلُّ وَهَذَا شَيْءٌ لَا يَعْرِفُهُ أَهل اللُّغَةِ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً
، قَالَ: هُوَ الْخَمْرُ قَبْلَ أَن يُحَرَّمَ وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ الزَّبِيبُ والتمر وما أَشبهها. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: السَّكَرُ نقيع التَّمْرِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ، وَكَانَ إِبراهيم وَالشَّعْبِيُّ وأَبو رَزِينٍ يَقُولُونَ: السَّكَرُ خَمْرٌ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ: السَّكَرُ مِنَ التَّمْرِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ وَحْدَهُ: السَّكَرُ الطَّعَامُ؛ يَقُولُ الشَّاعِرُ:
جَعَلْتَ أَعْرَاضَ الكِرامِ سَكَرا
أَي جعلتَ ذَمَّهم طُعْماً لَكَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا بِالْخَمْرِ أَشبه مِنْهُ بِالطَّعَامِ؛ الْمَعْنَى: جَعَلْتَ تَتَخَمَّرُ بأَعراض الْكِرَامِ، وَهُوَ أَبين مِمَّا يُقَالُ لِلَّذِي يَبْتَرِكُ فِي أَعراض النَّاسِ. وَرَوَى
الأَزهري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: السَّكَرُ مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتها، وَالرِّزْقُ مَا أُحِلَّ مِنْ ثَمَرَتِهَا.
ابْنُ الأَعرابي: السَّكَرُ الغَضَبُ؛ والسَّكَرُ الِامْتِلَاءُ، والسَّكَرُ الْخَمْرُ، والسَّكَرُ النَّبِيذُ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
إِذا رَوِينَ عَلَى الخِنْزِيرِ مِن سَكَرٍ ... نادَيْنَ: يَا أَعْظَمَ القِسِّينَ جُرْدَانَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
حُرِّمَتِ الخمرُ بِعَيْنِهَا والسَّكَرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ
؛ السَّكَر، بِفَتْحِ السِّينِ وَالْكَافِ: الْخَمْرُ المُعْتَصَرُ مِنَ الْعِنَبِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ الأَثبات، ومنهم مَنْ يَرْوِيهِ بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْكَافِ، يُرِيدُ حَالَةَ السَّكْرَانِ فَيَجْعَلُونَ التَّحْرِيمَ للسُّكْرِ لَا لِنَفْسِ المُسْكِرِ فَيُبِيحُونَ قَلِيلَهُ الَّذِي لَا يُسْكِرُ، وَالْمَشْهُورُ الأَول، وَقِيلَ: السَّكَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، الطَّعَامُ؛ وأَنكر أَهل اللُّغَةِ هَذَا وَالْعَرَبُ لَا تَعْرِفُهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَائِلٍ: أَن رَجُلًا أَصابه الصَّقَرُ فَبُعِثَ لَهُ السَّكَرُ فَقَالَ: إِن اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرُمَ عَلَيْكُمْ.
والسَّكَّار: النَّبَّاذُ. وسَكْرَةُ الْمَوْتِ: غَشْيَتُه، وَكَذَلِكَ سَكْرَةُ الهَمِّ وَالنَّوْمِ وَنَحْوُهُمَا؛ وَقَوْلُهُ:
فجاؤونا بِهِمْ، سُكُرٌ عَلَيْنَا، ... فَأَجْلَى اليومُ، والسَّكْرَانُ صَاحِي
أَراد سُكْرٌ فأَتبع الضَّمَّ الضَّمَّ لِيَسْلَمَ الْجَزْءُ مِنَ الْعَصْبِ، وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ سَكَرٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَمَنْ قَالَ سَكَرٌ عَلَيْنَا فَمَعْنَاهُ غَيْظٌ وَغَضَبٌ. ابْنُ الأَعرابي: سَكِرَ مِنَ الشَّرَابِ يَسْكَرُ سُكْراً، وسَكِرَ من الغضب يَسْكَرُ سَكَراً إِذا غَضِبَ، وأَنشد الْبَيْتَ. وسُكِّرَ بَصَرُه: غُشِيَ عَلَيْهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا
؛ أَي حُبِسَتْ عَنِ النَّظَرِ وحُيِّرَتْ. وَقَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: مَعْنَاهَا غُطِّيَتْ وغُشِّيَتْ، وقرأَها الْحَسَنُ مُخَفَّفَةً وَفَسَّرَهَا: سُحِرَتْ. التَّهْذِيبِ: قُرِئَ سُكِرت وسُكِّرت، بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ، وَمَعْنَاهُمَا أُغشيت وسُدّت بالسِّحْرِ فَيَتَخَايَلُ بأَبصارنا غَيْرَ مَا نَرَى. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سُكِّرَتْ أَبصارنا أَي سُدَّت؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَذْهَبُ مُجَاهِدٌ إِلى أَن الأَبصار غَشِيَهَا مَا مَنَعَهَا مِنَ النَّظَرِ كَمَا يَمْنَعُ السَّكْرُ الْمَاءَ مِنَ الْجَرْيِ، فَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: سُكِّرَتْ أَبصار الْقَوْمِ إِذا دِيرَ بِهِم وغَشِيَهُم كالسَّمادِيرِ فَلَمْ يُبْصِرُوا؛ وَقَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: سُكِّرَتْ أَبصارُنا مأْخوذ مِنْ سُكْرِ الشَّرَابِ كأَن الْعَيْنَ لَحِقَهَا مَا يَلْحَقُ شَارِبَ المُسكِرِ إِذا سكِرَ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ حُبِسَتْ وَمُنِعَتْ مِنَ النَّظَرِ. الزَّجَّاجُ: يُقَالُ سَكَرَتْ عَيْنُه تَسْكُرُ إِذا تَحَيَّرَتْ وسَكنت عَنِ النَّظَرِ، وسكَرَ الحَرُّ يَسْكُرُ؛ وأَنشد:
جَاءَ الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ، ... وجَعَلَتْ عينُ الحَرُورِ تَسْكُرُ(4/374)
قَالَ أَبو بَكْرٍ: اجْثَأَلَّ مَعْنَاهُ اجْتَمَعَ وتقبَّض. والتَّسْكِيرُ لِلْحَاجَةِ: اخْتِلَاطُ الرأْي فِيهَا قَبْلَ أَن يَعْزِمَ عَلَيْهَا فإِذا عَزَمَ عَلَيْهَا ذَهَبَ اسم التكسير، وَقَدْ سُكِرَ. وسَكِرَ النَّهْرَ يَسْكُرُه سَكْراً: سَدَّ فَاهُ. وكُلُّ شَقٍّ سُدَّ، فَقَدْ سُكِرَ، والسِّكْرُ مَا سُدَّ بِهِ. والسَّكْرُ: سَدُّ الشِّقِّ ومُنْفَجَرِ الْمَاءِ، والسِّكْرُ: اسْمُ ذَلِكَ السِّدادِ الَّذِي يُجْعَلُ سَدّاً لِلشِّقِّ وَنَحْوِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ لَمَّا شَكَتْ إِلَيْهِ كَثْرَةَ الدَّمِ: اسْكُرِيه
، أَي سُدِّيه بِخِرْقَةٍ وشُدِّيه بِعِصَابَةٍ، تَشْبِيهًا بِسَكْر الْمَاءِ، والسَّكْرُ الْمَصْدَرُ. ابْنُ الأَعرابي: سَكَرْتُه ملأَته. والسِّكْرُ، بِالْكَسْرِ: العَرِمُ. والسِّكْرُ أَيضاً: المُسَنَّاةُ، وَالْجَمْعُ سُكُورٌ. وسَكَرَتِ الريحُ تَسْكُرُ سُكُوراً وسَكَراناً: سَكَنَتْ بَعْدَ الهُبوب. وليلةٌ ساكِرَةٌ: سَاكِنَةٌ لَا رِيحَ فِيهَا؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
تُزَادْ لَياليَّ فِي طُولِها، ... فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ وَلَا ساكِرَهْ
وَفِي التَّهْذِيبِ قَالَ أَوس:
جَذَلْتُ عَلَى لَيْلَةٍ ساهِرَهْ، ... فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ وَلَا ساكرهْ
أَبو زَيْدٍ: الْمَاءُ السَّاكِرُ السَّاكِنُ الَّذِي لَا يَجْرِي؛ وَقَدْ سَكَر سُكُوراً. وسُكِرَ البَحْرُ: رَكَدَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ بَحْرٍ:
يَقِيءُ زَعْبَ الحَرِّ حِينَ يُسْكَرُ
كَذَا أَنشده يَسْكَرُ عَلَى صِيغَةِ فِعْلِ الْمَفْعُولِ، وَفَسَّرَهُ بِيَرْكَدُ عَلَى صِيغَةِ فِعْلِ الْفَاعِلِ. والسُّكَّرُ مِنَ الحَلْوَاءِ: فَارِسِيٌّ معرَّب؛ قَالَ:
يكونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتَّمَزُّرِ ... فِي فَمِهِ، مِثْلَ عَصِيرِ السُّكَّرِ
والسُّكَّرَةُ: الْوَاحِدَةُ مِنَ السُّكَّرِ. وَقَوْلُ أَبي زِيَادٍ الْكِلَابِيِّ فِي صِفَةِ العُشَرِ: وَهُوَ مُرٌّ لَا يأْكله شَيْءٌ ومَغافِيرهِ سُكَّرٌ؛ إِنما أَراد مِثْلَ السُّكَّرِ فِي الحلاوةِ. وقال أَبو حنيفة: والسُّكَّرُ عِنَبٌ يُصِيبُهُ المَرَقُ فَيَنْتَثِرُ فَلَا يَبْقَى فِي العُنْقُودِ إِلَّا أَقله، وعناقِيدُه أَوْساطٌ، هو أَبيض رَطْبٌ صَادِقُ الْحَلَاوَةِ عَذْبٌ مِنْ طَرَائِفِ الْعِنَبِ، ويُزَبَّبُ أَيضاً. والسَّكْرُ: بَقْلَةٌ مِنَ الأَحرار؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي لَهَا حِلْيَةٌ. والسَّكَرَةُ: المُرَيْرَاءُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْحِنْطَةِ. والسَّكْرَانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كُثيِّر يَصِفُ سَحَابًا:
وعَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ، وارْتَكَى ... يجرُّ كَمَا جَرَّ المَكِيثَ المُسافِرُ
والسَّيْكَرَانُ: نَبْتٌ؛ قَالَ:
وشَفْشَفَ حَرُّ الشَّمْسِ كُلَّ بَقِيَّةٍ ... مِنَ النَّبْتِ، إِلَّا سَيْكَراناً وحُلَّبَا
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّيْكَرانُ مِمَّا تَدُومُ خُضْرَتُه القَيْظَ كُلَّهُ قَالَ: وسأَلت شَيْخًا مِنَ الأَعراب عَنِ السَّيْكَرانِ فَقَالَ: هُوَ السُّخَّرُ وَنَحْنُ نأْكله رَطْباً أَيَّ أَكْلٍ، قَالَ: وَلَهُ حَبٌّ أَخْضَرُ كَحَبِّ الرَّازِيَانِجِ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الْحَارِّ إِذا خَبَا حَرُّه وسَكَنَ فَوْرُه: قَدْ سَكَرَ يَسْكُرُ. وسَكَّرَهُ تَسْكِيراً: خَنَقَه؛ والبعيرُ يُسَكِّرُ آخَرَ بِذِرَاعِهِ حَتَّى يَكَادَ يَقْتُلُهُ. التَّهْذِيبِ: رُوِيَ عَنْ أَبي مُوسَى الأَشعري أَنه قَالَ: السُّكُرْكَةُ خَمْرُ الْحَبَشَةِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهِيَ مِنَ الذُّرَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ، وَقَيَّدَهُ شَمِرٌ بِخَطِّهِ: السُّكْرُكَةُ، الْجَزْمُ عَلَى الْكَافِ وَالرَّاءُ(4/375)
مَضْمُومَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سُئِلَ عَنِ الغُبَيْراء فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهَا، وَنَهَى عَنْهَا
؛ قَالَ مَالِكٌ: فسأَلت زَيْدَ بْنَ أَسلم: مَا الغبيراء؟ فقال: هي السكركة، بِضَمِّ السِّينِ وَالْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، نَوْعٌ مِنَ الْخُمُورِ تُتَّخَذُ مِنَ الذُّرَةِ، وَهِيَ لَفْظَةٌ حَبَشِيَّةٌ قَدْ عُرِّبَتْ، وَقِيلَ: السُّقُرْقَع. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا آكُلُ فِي سُكُرُّجَة
؛ هِيَ، بِضَمِّ السِّينِ وَالْكَافِ وَالرَّاءِ وَالتَّشْدِيدِ، إِناء صَغِيرٌ يُؤْكَلُ فِيهِ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ من الأُدْمِ، وهي فارسية، وأَكثر مَا يُوضَعُ فِيهَا الكوامخ ونحوها.
سكندر: رأَيت فِي مُسَوَّدَاتِ كِتَابِي هَذَا هَذِهِ التَّرْجَمَةَ وَلَمْ أَدر مِنْ أَي جِهَةِ نَقَلْتُهَا: كَانَ الإِسْكَنْدَرُ والفَرَما أَخوين وَهُمَا وَلَدَا فِيلِبْسَ الْيُونَانِيِّ، فَقَالَ: الإِسكندر: أَبني مَدِينَةً فَقِيرَةً إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَنِيَّةً عَنِ النَّاسِ، وَقَالَ الْفَرَمَا: أَبني مَدِينَةً فَقِيرَةً إِلى النَّاسِ غَنِيَّةً عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَى مَدِينَةِ الْفَرَمَا الْخَرَابَ سَرِيعًا فَذَهَبَ رَسْمُهَا وَعَفَا أَثرها، وَبَقِيَتْ مَدِينَةُ الإِسكندر إِلى الآن.
سمر: السُّمْرَةُ: مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي أَلوان النَّاسِ والإِبل وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْبَلُهَا إِلَّا أَن الأُدْمَةَ فِي الإِبل أَكثر، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي السُّمْرَةَ فِي الْمَاءِ. وَقَدْ سَمُرَ بِالضَّمِّ، وسَمِرَ أَيضاً، بِالْكَسْرِ، واسْمَارَّ يَسْمَارُّ اسْمِيرَاراً، فَهُوَ أَسْمَرُ. وَبَعِيرٌ أَسْمَرُ: أَبيضُ إِلى الشُّهْبَة. التَّهْذِيبِ: السُّمْرَةُ لَوْنُ الأَسْمَرِ، وَهُوَ لَوْنٌ يَضْرِبُ إِلى سَوَادٍ خَفِيٍّ. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كَانَ أَسْمَرَ اللَّوْنِ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
أَبيضَ مُشْرَباً بِحُمْرَةٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَن مَا يُبْرَزُ إِلى الشَّمْسِ كَانَ أَسْمَرَ وَمَا تُوَارِيهِ الثِّيَابُ وَتَسْتُرُهُ فَهُوَ أَبيض. أَبو عُبَيْدَةَ: الأَسْمَرانِ الماءُ والحِنْطَةُ، وَقِيلَ: الْمَاءُ وَالرِّيحُ. وَفِي حَدِيثِ المُصَرَّاةِ:
يَرُدُّها وَيَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَا سَمْراءَ
؛ وَالسَّمْرَاءُ: الْحِنْطَةُ، وَمَعْنَى نَفْيِهَا أَن لَا يُلْزَمَ بِعَطِيَّةِ الْحِنْطَةِ لأَنها أَعلى مِنَ التَّمْرِ بِالْحِجَازِ، وَمَعْنَى إِثباتها إِذا رَضِيَ بِدَفْعِهَا مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ، وَيَشْهَدُ لَهَا رِوَايَةُ
ابْنِ عُمَرَ: رُدَّ مِثْلَيْ لَبَنِها قَمْحاً.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فإِذا عِنْدَهُ فَاتُورٌ عَلَيْهِ خُبْزُ السَّمْراءِ
؛ وقَناةٌ سَمْراءُ وَحِنْطَةٌ سَمْرَاءُ؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
يَكْفِيكَ، مِنْ بَعْضِ ازْديارِ الْآفَاقِ، ... سَمْرَاءُ مِمَّا دَرَسَ ابنُ مِخْراق
قِيلَ: السَّمْرَاءُ هُنَا نَاقَةٌ أَدماء. ودَرَس عَلَى هَذَا: راضَ، وَقِيلَ: السَّمْرَاءُ الْحِنْطَةُ، ودَرَسَ عَلَى هَذَا: دَاسَ؛ وَقَوْلُ أَبي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:
وَقَدْ عَلِمَتْ أَبْنَاءُ خِنْدِفَ أَنَّهُ ... فَتَاها، إِذا مَا اغْبَرَّ أَسْمَرُ عاصِبُ
إِنما عَنَى عَامًا جَدْبًا شَدِيدًا لَا مَطَر فِيهِ كَمَا قَالُوا فِيهِ أَسود. والسَّمَرُ: ظلُّ الْقَمَرِ، والسُّمْرَةُ: مأُخوذة مِنْ هَذَا. ابْنُ الأَعرابي: السُّمْرَةُ فِي النَّاسِ هِيَ الوُرْقَةُ؛ وَقَوْلُ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
إِلى مِثْلِ دُرْجِ العاجِ، جادَتْ شِعابُه ... بِأَسْمَرَ يَحْلَوْلي بِهَا ويَطِيبُ
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: عَنَى بالأَسمر اللَّبَنَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ لَبَنُ الظَّبْيَةِ خَاصَّةً؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَظنه فِي لَوْنِهِ أَسمر. وسَمَرَ يَسْمُرُ سَمْراً وسُمُوراً: لَمْ يَنَمْ، وَهُوَ سامِرٌ وَهُمُ السُّمَّارُ والسَّامِرَةُ. والسَّامِرُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ كالجامِلِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: سامِراً يَعْنِي(4/376)
سُمَّاراً. والسَّمَرُ: المُسامَرَةُ، وَهُوَ الْحَدِيثُ بِاللَّيْلِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَسَمِعْتُ الْعَامِرِيَّةَ تَقُولُ تَرَكْتُهُمْ سَامِرًا بِمَوْضِعِ كَذَا، وجَّهَه عَلَى أَنه جَمْعُ الْمَوْصُوفِ فَقَالَ تَرَكْتُهُمْ، ثُمَّ أَفرد الْوَصْفَ فَقَالَ: سَامِرًا؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ تَفْتَعِلُ هَذَا كَثِيرًا إِلَّا أَن هَذَا إِنما هُوَ إِذا كَانَ الْمَوْصُوفُ مَعْرِفَةً؛ تَفْتَعِلُ بِمَعْنَى تَفْعَلُ؛ وَقِيلَ: السَّامِرُ والسُّمَّارُ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ يَتَحَدَّثُونَ بِاللَّيْلِ. والسَّمَرُ: حَدِيثُ اللَّيْلِ خَاصَّةً. والسَّمَرُ والسَّامِرُ: مَجْلِسُ السُّمَّار. اللَّيْثُ: السَّامِرُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ للسَّمَرِ فِيهِ؛ وأَنشد:
وسَامِرٍ طَالَ فِيهِ اللَّهْوُ والسَّمَرُ
قَالَ الأَزهري: وَقَدْ جَاءَتْ حُرُوفٌ عَلَى لَفْظِ فاعِلٍ وَهِيَ جَمْعٌ عَنِ الْعَرَبِ: فمنها الجامل والسامر وَالْبَاقِرُ وَالْحَاضِرُ، وَالْجَامِلُ للإِبل وَيَكُونُ فِيهَا الذُّكُورُ والإِناث والسَّامِرُ الْجَمَاعَةُ مِنَ الْحَيِّ يَسْمُرُونَ لَيْلًا، والحاضِر الْحَيُّ النُّزُولُ عَلَى الْمَاءِ، وَالْبَاقِرُ الْبَقَرُ فِيهَا الفُحُولُ والإِناث. وَرَجُلٌ سِمِّيرٌ: صاحبُ سَمَرٍ، وَقَدْ سَامَرَهُ. والسَّمِيرُ: المُسَامِرُ. والسَّامِرُ: السُّمَّارُ وَهُمُ الْقَوْمُ يَسْمُرُون، كَمَا يُقَالُ للحُجَّاج: حَاجٌّ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ: مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ
؛ أَي فِي السَّمَرِ، وَهُوَ حَدِيثُ اللَّيْلِ. يُقَالُ: قومٌ سامِرٌ وسَمْرٌ وسُمَّارٌ وسُمَّرٌ. والسَّمَرةُ: الأُحْدُوثة بِاللَّيْلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنْ دُونِهِمْ، إِنْ جِئْتَهُمْ سَمَراً، ... عَزْفُ القِيانِ ومَجْلِسٌ غَمْرُ
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ سامِراً
: تَهْجُرُونَ الْقُرْآنَ فِي حَالِ سَمَرِكُمْ. وَقُرِئَ
سُمَّراً
، وَهُوَ جَمْعُ السَّامر؛ وَقَوْلُ عُبَيْدِ بْنِ الأَبرص:
فَهُنْ كَنِبْرَاسِ النَّبِيطِ، أَو ... الفَرْضِ بِكَفِّ اللَّاعِبِ المُسْمِرِ
يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن يَكُونَ أَسْمَرَ لُغَةً فِي سَمَرَ، وَالْآخَرُ أَن يَكُونَ أَسْمَرَ صَارَ لَهُ سَمَرٌ كأَهْزَلَ وأَسْمَنَ فِي بَابِهِ؛ وَقِيلَ: السَّمَرُ هُنَا ظِلُّ الْقَمَرِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَعْنَاهُ مَا سَمَرَ الناسُ بِاللَّيْلِ وَمَا طَلَعَ الْقَمَرُ، وَقِيلَ: السَّمَرُ الظُّلْمَةُ. وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ السَّمَرَ والقَمَرَ أَي مَا دَامَ النَّاسُ يَسْمُرونَ فِي لَيْلَةٍ قَمْراءَ، وَقِيلَ: أَي لَا آتِيكَ دَوامَهُما، وَالْمَعْنَى لَا آتِيكَ أَبداً. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: قَوْلُهُمْ حَلَفَ بالسَّمَرِ والقَمَرِ، قَالَ الأَصمعي: السَّمَرُ عِنْدَهُمُ الظُّلْمَةُ والأَصل اجْتِمَاعُهُمْ يَسْمُرُونَ فِي الظُّلْمَةِ، ثُمَّ كَثُرَ الِاسْتِعْمَالُ حَتَّى سَمُّوا الظُّلْمَةَ سَمَراً. وَفِي حَدِيثِ قَيْلَة: إِذا جَاءَ زَوْجُهَا مِنَ السَّامِرِ؛ هُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ يَسْمُرون بِاللَّيْلِ أَي يَتَحَدَّثُونَ. وَفِي حَدِيثِ السَّمَرِ بَعْدَ الْعَشَاءِ، الرِّوَايَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، مِنَ المُسامَرة، وَهِيَ الْحَدِيثُ فِي اللَّيْلِ. وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِسُكُونِ الْمِيمِ وجعلَه الْمَصْدَرَ. وأَصل السَّمَرِ: لَوْنُ ضَوْءِ الْقَمَرِ لأَنهم كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فِيهِ. والسَّمَرُ: الدَّهْرُ. وفلانٌ عِنْدَ فُلَانٍ السَّمَرَ أَي الدَّهْرَ. والسَّمِيرُ: الدَّهْرُ أَيضاً. وابْنَا سَمِيرٍ: الليلُ والنهارُ لأَنه يُسْمَرُ فِيهِمَا. وَلَا أَفعله سَمِيرَ الليالي أَي آخرها؛ وَقَالَ الشَّنْفَرَى:
هُنالِكَ لَا أَرْجُو حَياةً تَسُرُّنِي، ... سَمِيرَ اللَّيالي مُبْسَلَا بالجَرائرِ
وَلَا آتِيكَ مَا سَمَرَ ابْنَا سَمِيرٍ أَي الدهرَ كُلَّه؛ وَمَا سَمَرَ ابنُ سَمِيرٍ وَمَا سَمَرَ السَّمِيرُ، قِيلَ: هُمُ النَّاسُ يَسْمُرُونَ بِاللَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ الدَّهْرُ وَابْنَاهُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. وَحُكِيَ: مَا أَسْمَرَ ابْنُ سَمِير وَمَا(4/377)
أَسْمَرَ ابْنَا سَمِيرٍ، وَلَمْ يُفَسِّرْ أَسْمَرَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَعَلَّهَا لُغَةٌ فِي سَمَرَ. وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ مَا اخْتَلَفَ ابْنَا سَمِير أَي مَا سُمِرَ فِيهِمَا. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: لَا أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِيرٌ.
وَرَوَى سَلَمة عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: بَعَثْتُ مَنْ يَسْمُر الْخَبَرَ. قَالَ: وَيُسَمَّى السَّمَر بِهِ. وابنُ سَمِيرٍ: اللَّيْلَةُ الَّتِي لَا قَمَرَ فِيهَا؛ قَالَ:
وإِنِّي لَمِنْ عَبْسٍ وإِن قَالَ قائلٌ ... عَلَى رغمِهِ: مَا أَسْمَرَ ابنُ سَمِيرِ
أَي مَا أَمكن فِيهِ السَّمَرُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: طُرقِ الْقَوْمُ سَمَراً إِذا طُرقوا عِنْدَ الصُّبْحِ. قَالَ: والسَّمَرُ اسْمٌ لِتِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ وإِن لَمْ يُطْرَقُوا فِيهَا. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِ الْعَرَبِ: لَا أَفعلُ ذَلِكَ السَّمَرَ والقَمَرَ، قَالَ: كُلُّ لَيْلَةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمَرٌ تُسَمَّى السَّمَرَ؛ الْمَعْنَى مَا طَلَعَ الْقَمَرُ وَمَا لَمْ يَطْلُعْ، وَقِيلَ: السَّمَرُ الليلُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَسْقِنِي إِنْ لَمْ أُزِرْ، سَمَراً، ... غَطْفَانَ مَوْكِبَ جَحْفَلٍ فَخِمِ
وسامِرُ الإِبل: مَا رَعَى مِنْهَا بِاللَّيْلِ. يُقَالُ: إِن إِبلنا تَسْمُر أَي تَرْعَى لَيْلًا. وسَمَر القومُ الخمرَ: شَرِبُوهَا لَيْلًا؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
ومُصَرَّعِينَ مِنَ الكَلالِ، كَأَنَّما ... سَمَرُوا الغَبُوقَ مِنَ الطِّلاءِ المُعْرَقِ
وَقَالَ ابْنُ أَحمر وَجَعَلَ السَّمَرَ لَيْلًا:
مِنْ دُونِهِمْ، إِنْ جِئْتَهُمْ سَمَراً، ... حيٌّ حِلالٌ لَمْلَمٌ عَكِرُ
أَراد: إِن جِئْتَهُمْ لَيْلًا. والسَّمْرُ: شَدُّكَ شَيْئًا بالمِسْمَارِ. وسَمَرَهُ يَسْمُرُهُ ويَسْمِرُهُ سَمْراً وسَمَّرَهُ، جَمِيعًا: شَدَّهُ. والمِسْمارُ: مَا شُدَّ بِهِ. وسَمَرَ عينَه: كَسَمَلَها. وَفِي حَدِيثِ
الرَّهْطِ العُرَنِيِّينَ الَّذِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فأَسلموا ثُمَّ ارْتَدُّوا فَسَمَر النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَعْيُنَهُمْ
؛ وَيُرْوَى: سَمَلَ، فَمَنْ رَوَاهُ بِاللَّامِ فَمَعْنَاهُ فقأَها بِشَوْكٍ أَو غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ سَمَرَ أَعينهم أَي أَحمى لَهَا مَسَامِيرَ الْحَدِيدِ ثُمَّ كَحَلَهُم بِهَا. وامرأَة مَسْمُورة: مَعْصُوبَةُ الْجَسَدِ لَيْسَتْ بِرِخْوةِ اللحمِ، مأْخوذٌ مِنْهُ. وَفِي النَّوَادِرِ: رَجُلٌ مَسْمُور قَلِيلُ اللَّحْمِ شَدِيدُ أَسْرِ الْعِظَامِ والعصَبِ. وَنَاقَةٌ سَمُورٌ: نَجِيبٌ سَرِيعَةٌ؛ وأَنشد:
فَمَا كَانَ إِلَّا عَنْ قَلِيلٍ، فَأَلْحَقَتْ ... بِنَا الحَيَّ شَوْشَاءُ النَّجاءِ سَمُورُ
والسَّمَارُ: اللَّبَنُ المَمْذُوقُ بِالْمَاءِ، وَقِيلَ: هُوَ اللَّبَنُ الرَّقِيقُ، وَقِيلَ: هُوَ اللَّبَنُ الَّذِي ثُلْثَاهُ مَاءٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
ولَيَأْزِلَنَّ وتَبْكُوَنَّ لِقاحُه، ... ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّهُ بِسَمَارِ
وَتَسْمِيرُ اللَّبَنِ: تَرْقِيقُهُ بِالْمَاءِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الَّذِي أُكثر مَاؤُهُ وَلَمْ يُعَيَّنْ قَدْرًا؛ وأَنشد:
سَقَانا فَلَمْ يَهْجَأْ مِنَ الجوعِ نَقْرُهُ ... سَمَاراً، كَإِبْطِ الذّئْبِ سُودٌ حَوَاجِرُهُ
وَاحِدَتُهُ سَمَارَةٌ، يَذْهَبُ بِذَلِكَ إِلى الطَّائِفَةِ. وسَمَّرَ اللبنَ: جَعَلَهُ سَمَاراً. وَعَيْشٌ مَسْمُورٌ: مَخْلُوطٌ غَيْرُ صَافٍ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. وسَمَّرَ سَهْمَه: أَرسله، وَسَنَذْكُرُهُ فِي فَصْلِ الشِّينِ أَيضاً. وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: التسْمِيرُ. إِرْسَالُ السَّهْمِ بِالْعَجَلَةِ، والخَرْقَلَةُ إِرساله بالتأَني؛(4/378)
يُقَالُ للأَول: سَمِّرْ فَقَدَ أَخْطَبَكَ الصيدُ، وَلِلْآخَرِ: خَرْقِلْ حَتَّى يُخْطِبَكَ. والسُّمَيْريَّةُ: ضَرْبٌ مِنَ السُّفُن. وسَمَّرَ السَّفِينَةَ أَيضاً: أَرسلها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي حَدِيثِهِ فِي الأَمة يطؤُها مَالِكُهَا: إِن عَلَيْهِ أَن يُحَصِّنَها فإِنه يُلْحِقُ بِهِ وَلَدها.
وَفِي رِوَايَةٍ أَنه
قَالَ: مَا يُقِرُّ رَجُلٌ أَنه كَانَ يطأُ جَارِيَتَهُ إِلَّا أَلحقت بِهِ وَلَدَهَا فَمَنْ شاءَ فَلُيْمسِكْها وَمَنْ شاءَ فليُسَمِّرْها
؛ أَورده الْجَوْهَرِيُّ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى قَوْلِهِ: والتَّسْمِيرُ كالتَّشْمِير؛ قَالَ الأَصمعي: أَراد بِقَوْلِهِ
وَمَنْ شاءَ فَلْيُسَمِّرْهَا
، أَراد التَّشْمِيرَ بِالشِّينِ فحوَّله إِلى السِّينِ، وَهُوَ الإِرسال وَالتَّخْلِيَةُ. وَقَالَ شَمِرٌ: هُمَا لُغَتَانِ، بِالسِّينِ وَالشِّينِ، وَمَعْنَاهُمَا الإِرسال؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَمْ نَسْمَعِ السِّينَ الْمُهْمِلَةَ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يَكُونُ إِلَّا تَحْوِيلًا كَمَا قَالَ سَمَّتَ وشَمَّتَ. وسَمَرَتِ الماشيةُ تَسْمُرُ سُمُوراً: نَفَشَتْ. وسَمَرَتِ النباتَ تَسْمُرُه: رَعَتْه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَسْمُرْنَ وحْفاً فَوْقَهُ ماءُ النَّدى، ... يَرْفَضُّ فاضِلُه عَنِ الأَشْدَاقِ
وسَمَرَ إِبلَه: أَهملها. وسَمَرَ شَوْلَهُ «4» . خَلَّاها. وسَمَّرَ إِبلَهُ وأَسْمَرَها إِذا كَمَشَها، والأَصل الشِّينُ فأَبدلوا مِنْهَا السِّينَ، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَرى الأَسْمَرَ الحُلْبوبَ سَمَّرَ شَوْلَنا، ... لِشَوْلٍ رَآهَا قَدْ شَتَتْ كالمَجادِلِ
قَالَ: رأَى إِبلًا سِماناً فَتَرَكَ إِبله وسَمَّرَها أَي خَلَّاهَا وسَيَّبَها. والسَّمُرَةُ، بِضَمِّ الْمِيمِ: مِنْ شَجَرِ الطَّلْحِ، وَالْجَمْعُ سَمُرٌ وسَمُراتٌ، وأَسْمُرٌ فِي أَدنى الْعَدَدِ، وَتَصْغِيرُهُ أُسَيمِرٌ. وَفِي المثل: أَشْبَهَ سَرْحٌ سَرْحاً لَوْ أَنَّ أُسَيْمِراً. والسَّمُرُ: ضَرْبٌ مِنَ العِضَاهِ، وَقِيلَ: مِنَ الشَّجَرِ صِغَارُ الْوَرَقِ قِصار الشَّوْكِ وَلَهُ بَرَمَةٌ صَفْرَاءُ يأْكلها النَّاسُ، وَلَيْسَ فِي الْعِضَاهِ شَيْءٌ أَجود خَشَبًا مِنَ السَّمُرِ، يُنْقَلُ إِلى القُرَى فَتُغَمَّى بِهِ الْبُيُوتُ، وَاحِدَتُهَا سَمُرَةٌ، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ. وإِبل سَمُرِيَّةٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ؛ تأْكل السَّمُرَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والمِسْمارُ: وَاحِدُ مَسَامِيرِ الْحَدِيدِ، تَقُولُ مِنْهُ: سَمَّرْتُ الشيءَ تَسْمِيراً، وسَمَرْتُه أَيضاً؛ قَالَ الزَّفَيان:
لَمَّا رَأَوْا مِنْ جَمْعِنا النَّفِيرا، ... والحَلَقَ المُضاعَفَ المَسْمُورا،
جَوَارِناً تَرَى لهَا قَتِيرا
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا هَذَا السَّمُر
، هُوَ ضَرْبٌ مِنْ سَمُرِ الطَّلْحِ. وَفِي حَدِيثِ أَصحاب السَّمُرة هِيَ الشَّجَرَةُ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهَا بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةَ. وسُمَير عَلَى لَفْظِ التَّصْغِيرِ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
إِن سُمَيْراً أَرَى عَشِيرَتَهُ، ... قَدْ حَدَبُوا دُونَهُ، وَقَدْ أَبَقُوا
والسَّمَارُ: مَوْضِعُ؛ وَكَذَلِكَ سُمَيراءُ، وَهُوَ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لأَبي مُحَمَّدٍ الْحَذْلَمِيِّ:
تَرْعَى سُمَيرَاءَ إِلى أَرْمامِها، ... إِلى الطُّرَيْفاتِ، إِلى أَهْضامِها
قَالَ الأَزهري: رأَيت لأَبي الْهَيْثَمِ بِخَطِّهِ:
فإِنْ تَكُ أَشْطانُ النَّوَى اخْتَلَفَتْ بِنا، ... كَمَا اخْتَلَفَ ابْنَا جالِسٍ وسَمِيرِ
قَالَ: ابْنَا جَالِسٍ وَسَمِيرٍ طَرِيقَانِ يُخَالِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
__________
(4) . قوله: [وَسَمَرَ إِبله أَهْمَلَهَا وَسَمَرَ شوله إلخ] بفتح الميم مخففة ومثقلة كما في القاموس(4/379)
صَاحِبَهُ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَئِنْ وَرَدَ السَّمَارَ لَنَقْتُلَنْهُ، ... فَلا وأَبِيكِ، مَا وَرَدَ السَّمَارَا
أَخافُ بَوائقاً تَسْري إِلَيْنَا، ... مِنَ الأَشيْاعِ، سِرّاً أَوْ جِهَارَا
قَوْلُهُ السَّمار: مَوْضِعٌ، وَالشِّعْرُ لِعَمْرِو بْنِ أَحمر الْبَاهِلِيِّ، يَصِفُ أَن قَوْمَهُ تَوَعَّدُوهُ وَقَالُوا: إِن رأَيناه بالسَّمَار لَنَقْتُلُنَّهُ، فأَقسم ابْنُ أَحمر بأَنه لَا يَرِدُ السَّمَار لِخَوْفِهِ بَوَائقَ مِنْهُمْ، وَهِيَ الدَّوَاهِي تأْتيهم سِرًّا أَو جَهْرًا. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَعطيته سُمَيْرِيَّةً مِنْ دَرَاهِمَ كأَنَّ الدُّخَانَ يَخْرُجُ مِنْهَا، وَلَمْ يُفَسِّرْهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه عَنَى دَرَاهِمَ سُمْراً، وَقَوْلُهُ: كأَن الدُّخَانَ يَخْرُجُ مِنْهَا يَعْنِي كُدْرَةَ لَوْنِهَا أَو طَراءَ بياضِها. وابنُ سَمُرَة: مِنْ شُعَرَائِهِمْ، وَهُوَ عَطِيَّةُ بْنُ سَمُرَةَ اللِّيثِيُّ. والسَّامِرَةُ: قَبِيلَةٌ مِنْ قَبَائِلِ بَنِي إِسرائيل قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ يُخَالِفُونَهُمْ فِي بَعْضِ دِينِهِمْ، إِليهم نُسِبَ السَّامِرِيُّ الَّذِي عَبَدَ الْعِجْلَ الَّذِي سُمِعَ لَهُ خُوَارٌ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهُمْ إِلى هَذِهِ الْغَايَةِ بِالشَّامِ يَعْرِفُونَ بِالسَّامِرِيِّينَ، وقال بعض أَهل التفسير: السَّامِرِيُّ عِلْجٌ مِنْ أَهل كِرْمان. والسَّمُّورُ: دَابَّةٌ «1» . مَعْرُوفَةٌ تسوَّى مِنْ جُلُودِهَا فِرَاءٌ غَالِيَةُ الأَثمان؛ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ فَقَالَ يَذْكُرُ الأَسد:
حَتَّى إِذا مَا رَأَى الأَبْصارَ قَدْ غَفَلَتْ، ... واجْتابَ مِنْ ظُلْمَةٍ جُودِيَّ سَمُّورِ
جُودِيَّ بِالنَّبْطِيَّةِ جُوذِيًّا، أَراد جُبَّة سَمّور لِسَوَادِ وبَرِه. واجتابَ: دَخَلَ فيه ولبسه.
سمدر: السَّمَادِيرُ: ضَعْف الْبَصَرِ، وَقَدِ اسْمَدَرَّ بَصَرُه، وَقِيلَ: هُوَ الشيءُ الَّذِي يتَراءَى للإِنسان مِنْ ضَعْفِ بَصَرِهِ عِنْدَ السُّكْرِ مِنَ الشَّرَابِ وغَشْي النُّعاسِ والدُّوَارِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَمَّا رأَيتُ المُقْرَبَاتِ مُذَالةً، ... وأَنْكَرْتُ إِلَّا بالسَّمادِير آلَها
وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَقَدِ اسْمَدَرَّ اسمِدْرَاراً. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: اسْمَدَرَّتْ عَيْنُه دَمَعَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ. وَطَرِيقٌ مُسْمَدِرٌّ: طويلٌ مُسْتَقِيمٌ. وطَرْف مُسْمَدِرٌّ: مُتَحَيِّرٌ. وسَمَيْدَر: دَابَّةُ، والله أَعلم.
سمسر: السِّمْسارُ: الَّذِي يَبِيعُ البُرَّ للنَّاسِ. الليْثُ: السِّمْسَار فَارِسِيَّةٌ معرَّبة، وَالْجَمْعُ السَّمَاسِرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ؛
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سماهم التُّجَّار بعد ما كَانُوا يُعْرَفُونَ بِالسَّمَاسِرَةِ
، وَالْمَصْدَرُ السَّمْسَرَةُ، وَهُوَ أَن يُتَوَكَّلَ الرَّجُلُ مِنَ الْحَاضِرَةِ للبَادِيَةِ فَيَبِيعُ لَهُمْ مَا يَجْلبونه، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ:
وَلَا يَبِيعُ حاضِرٌ لِبادٍ
، أَراد أَنه لَا يَكُونُ لَهُ سِمسَاراً، وَالِاسْمُ السَّمْسَرَةُ؛ وَقَالَ:
قَدْ وكَّلَتْني طَلَّتي بالسَّمْسَرَهْ
وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ أَبي عُرْوَةَ: كُنَّا قَوْمًا نُسَمَّى السَّمَاسِرَةَ بِالْمَدِينَةِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمَّانَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، التُّجَّارَ
؛ هُوَ جمعُ سِمْسارٍ، وَقِيلَ: السِّمْسَارُ القَيِّمُ بالأَمر
__________
(1) . قوله: [والسمور دابة إلخ] قال في المصباح والسمور حيوان من بلاد الروس وراء بلاد الترك يشبه النمس، ومنه أَسود لامع وأَشقر. وحكى لي بعض الناس أَن أَهل تلك الناحية يصيدون الصغار منها فيخصون الذكور منها ويرسلونها ترعى فإِذا كان أَيام الثلج خرجوا للصيد فما كان فحلًا فاتهم وما كان مخصياً استلقى على قفاه فأَدركوه وقد سمن وحسن شعره. والجمع سمامير مثل تنور وتنانير(4/380)
الْحَافِظُ لَهُ؛ قَالَ الأَعشى:
فَأَصْبَحْتُ لَا أَسْتَطِيعُ الكَلامَ، ... سِوَى أَنْ أُراجِعَ سِمْسَارَها
وَهُوَ فِي الْبَيْعِ اسْمٌ للذِي يَدْخُلُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُتَوَسِّطًا لإِمضاء الْبَيْعِ. قال: والسَّمْسَرَةُ البيع والشراء.
سمهر: السَّمْهَرِيُّ: الرُّمْحُ الصَّلِيبُ العُودِ. يُقَالُ: وتَرٌ سَمْهَرِيُّ شَدِيدٌ كالسَّمْهَرِيِّ مِنَ الرِّمَاحِ. واسْمَهَرَّ الشَّوْكُ: يَبِسَ وصَلُبَ. وَشَوْكٌ مُسْمَهِرٌّ: يَابِسٌ. واسْمَهَرَّ الظَّلَامُ: تَنَكَّرَ. والمُسْمَهِرُّ: الذَّكَرُ العَرْدُ. والمُسْمَهِرُّ أَيضاً: الْمُعْتَدِلُ. وعَرْدٌ مُسْمَهِرٌّ إِذا اتْمَهَلَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا اسْمَهَرَّ الحَلِسُ المُغالِثُ
أَي تَنَكَّرَ وتَكَرَّهَ. واسْمَهَرَّ الحَبْلُ والأَمْرُ: اشْتَدَّ. والاسْمِهْرَارُ: الصَّلابَةُ والشِّدَّةُ. واسْمَهَرَّ الظلامُ: اشْتَدَّ؛ واسْمَهَرَّ الرجلُ فِي الْقِتَالِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ذُو صَوْلَةٍ تُرْمَى بِهِ المَدَالِثُ، ... إِذا اسْمَهَرَّ الحَلِسُ المُغالِثُ
والسَّمْهَرِيَّةُ: القَنَاةُ الصُّلْبَةُ، وَيُقَالُ هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى سَمْهَرٍ اسْمِ رَجُلٍ كَانَ يُقَوِّمُ الرماحَ؛ يُقَالُ: رُمْحٌ سَمْهَرِيُّ، وَرِمَاحٌ سَمْهَرِيَّةٌ. التَّهْذِيبُ: الرِّمَاحُ السَّمْهَرِيَّةُ تُنْسَبُ إِلى رَجُلٍ اسْمُهُ سَمْهَرٌ كَانَ يَبِيعُ الرِّمَاحَ بالخَطِّ، قَالَ: وامرأَته رُدَيْنَةُ. وسَمْهَرَ الزَّرعُ إِذا لَمْ يَتَوالَدْ كأَنه كُلُّ حَبَّةٍ بِرَأْسِها.
سمهدر: السَّمَهْدَرُ: الذَّكَرُ: وغلامٌ سَمَهْدَرٌ: سَمِينٌ كَثِيرُ اللَّحْمِ. الْفَرَّاءُ: غُلَامٌ سَمَهْدَرٌ يَمْدَحُهُ بِكَثْرَةِ لَحْمِهِ. وبَلَدٌ سَمَهْدَرٌ: بعيدٌ مَضَلَّةٌ وَاسِعٌ؛ قَالَ أَبو الزحف الكَلِينِي: «1» .
ودُونَ لَيْلى بَلَدٌ سَمَهْدَرُ، ... جَدْبُ المُنَدَّى عَنْ هَوَانا أَزْوَرُ،
يُنْضِي المَطَايا خِمْسُهُ العَشَنْزَرُ
المُنَدَّى: حَيْثُ يُرْبَعُ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ. والأَزْوَرُ: الطَّرِيقُ المُعْوَجُّ. وبَلَدٌ سَمَهْدَرٌ: بَعِيدُ الأَطراف، وَقِيلَ: يَسْمَدِرُّ فِيهِ الْبَصَرُ مِنِ اسْتِوَائِهِ؛ وَقَالَ الزَّفَيان:
سَمَهْدَرٌ يَكْسُوهُ آلٌ أَبْهَقُ، ... عَلَيْهِ مِنْهُ مِئْزَرٌ وبُخْنُقُ «2» .
سنر: السَّنَرُ: ضِيقُ الخُلُقِ. والسُّنَّارُ والسِّنَّوْرُ: الهِرُّ، مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَجَمْعُهُ السَّنَانِيرُ. والسِّنَّوْرُ: أَصل الذَّنَبِ؛ عَنِ الرِّياشِي. والسِّنَّوْرُ: فَقَارَةُ عُنُقِ الْبَعِيرِ؛ قَالَ:
بَيْنَ مَقَذَّيْهِ إِلى سِنَّوْرِهِ
ابْنُ الأَعرابي: السَّنَانِيرُ عِظَامُ حُلُوقِ الإِبل، وَاحِدُهَا سِنَّورٌ. وَالسَّنَانِيرُ: رُؤَسَاءُ كُلِّ قَبِيلَةٍ، الْوَاحِدُ سِنَّوْرٌ. والسِّنَّوْرُ: السَّيِّدُ. والسَّنَوَّرُ: جُمْلَةُ السِّلَاحِ؛ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الدُّرُوعَ. أَبو عُبَيْدَةَ: السَّنَوَّرُ الْحَدِيدُ كُلُّهُ، وَقَالَ الأَصمعي: السَّنَوَّرُ مَا كَانَ مِنْ حَلَقٍ، يُرِيدُ الدُّرُوعَ؛ وأَنشد:
سَهِكِينَ مِنْ صَدَإِ الحديدِ كَأَنَهَّمُ، ... تَحْتَ السَّنَوَّرِ، جُبَّةُ البَقَّارِ
والسَّنَوَّرُ: لَبُوسٌ مِنْ قِدٍّ يُلْبَسُ فِي الْحَرْبِ كَالدِّرْعِ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَرْثِي قَتْلَى هوازن:
__________
(1) . قوله: [الكليني] نسبة لكلين كأَمير بلدة بالري كما في القاموس
(2) . قوله: [وبخنق] بضم النون وكجعفر خرقة تتقنع بها المرأَة كما في القاموس(4/381)
وجاؤوا بِهِ فِي هَوْدَجٍ، وَوَرَاءَهُ ... كَتَائِبُ خُضْرٌ فِي نَسِيجِ السَّنَوَّرِ
قوله: جاؤوا بِهِ يَعْنِي قَتَادَةَ بْنَ مَسْلَمَةَ الحَنَفِيّ، وَهُوَ ابْنُ الجَعْد، وَجَعْدٌ اسْمُ مَسْلَمَةَ لأَنه غَزَا هَوَازِنَ وَقَتَلَ فيها وسبى.
سنبر: سَنْبَرٌ: اسْمُ. أَبو عَمْرٍو: السَّنْبَرُ الرَّجُلُ الْعَالِمُ بالشيء المتقن له.
سندر: السَّنْدَرَةُ: السُّرْعةُ. والسَّنْدَرَةُ: الجُرْأَةُ. ورجلٌ سِنَدْرٌ، عَلَى فِنَعْلٍ، إِذا كَانَ جَرِيئاً. والسَّنْدَرُ: الْجَرِيءُ المُتَشَبِّعُ. والسَّنْدَرَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الْكَيْلِ غُرَاف [غِرَاف] جِرَافٌ [جُرَافٌ] وَاسِعٌ. والسَّنْدَرُ: مكيالٌ مَعْرُوفٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
أَكِيلُكُمْ بالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ أَن هَذِهِ الأَبيات
لِعَلِيِّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
أَنا الَّذِي سَمَّتْنِي أَمِّي حَيْدَرَهْ، ... كَلَيْثِ غاباتٍ غَليظِ القَصَرَهْ،
أَكِيلكم بِالسَّيْفِ كَيْلَ السَّندَره
قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي السَّنْدَرَةِ: فَقَالَ ابْنُ الأَعرابي وَغَيْرُهُ: هُوَ مِكْيَالٌ كَبِيرٌ ضَخْمٌ مثلُ القَنْقَلِ والجُرَافِ، أَي أَقتلكم قَتْلًا وَاسِعًا كَبِيرًا ذَرِيعًا، وَقِيلَ: السَّنْدَرَةُ امرأَة كَانَتْ تَبِيعُ الْقَمْحَ وَتُوفِي الْكَيْلَ، أَي أَكيلكم كَيْلًا وَافِيًا، وَقَالَ آخَرُ: السَّنْدَرَةُ العَجَلةُ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، يُقَالُ: رَجُلٌ سَنْدَرِيُّ إِذا كَانَ عَجِلًا فِي أُموره حَادًّا، أَي أُقاتلكم بالعَجَلَةِ وأُبادركم قَبْلَ الفِرار، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِكْيَالًا اتُّخِذَ مِنَ السَّنْدَرَة، وَهِيَ شَجَرَةٌ يُعْمَلُ مِنْهَا النَّبْلُ والقِسِيُّ، وَمِنْهُ قِيلَ: سَهْمٌ سَنْدَريٌّ، وَقِيلَ: السَّنْدَرِيٌّ ضَرْبٌ مِنَ السِّهَامِ والنِّصال مَنْسُوبٌ إِلى السَّنْدَرَةِ، وَهِيَ شَجَرَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ الأَبيض مِنْهَا، وَيُقَالُ: قَوْسٌ سَنْدَرِيَّةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ هُوَ لأَبي الجُنْدَبِ الهُذَلي:
إِذا أَدْرَكَتْ أُولاتُهُمْ أُخْرَياهُمُ، ... حَنَوْتُ لَهُمْ بالسَّنْدَرِيِّ المُوَتَّرِ
والسَّنْدَرِيُّ: اسْمٌ لِلْقَوْسِ، أَلا تَرَاهُ يَقُولُ الْمُوَتَّرِ؟ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى السَّنْدَرَةِ أَعني الشَّجَرَةَ الَّتِي عُمِلَ مِنْهَا هَذِهِ الْقَوْسُ، وَكَذَلِكَ السِّهَامُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا سَنْدَرِيَّةٌ. وسِنانٌ سَنْدَرِيٌّ إِذا كَانَ أَزرق حَدِيدًا؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وأَوْتارُ غَيْري سَنْدَرِيٌّ مُخَلَّقُ
أَي غَيْرُ نَصْلٍ أَزرق حَدِيدٍ. وَقَالَ أَعرابي: تَعَالَوْا نَصِيدُهَا زُرَيْقاء سَنْدَرِيَّةً؛ يُرِيدُ طَائِرًا خَالِصَ الزُّرْقَةِ. والسَّنْدَرِيُّ: الرَّدِيءُ والجَيِّدُ، ضِدٌّ. والسَّنْدَرِي: مِنْ شُعَرَائِهِمْ؛ قِيلَ: هُوَ شَاعِرٌ كَانَ مَعَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلاثَةَ وَكَانَ لَبِيدٌ مَعَ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فَدُعِيَ لَبِيدٌ إِلى مُهَاجَاتِهِ فَأَبى؛ وَقَالَ:
لِكَيْلا يكونَ السَّنْدَرِيُّ نَدِيدَتي، ... وأَجْعَلَ أَقْواماً عُموماً عَماعِمَا «3»
. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: السَّنَادِرَةُ الفُرَّاغُ وأَصحاب اللَّهْوِ والتَّبَطُّلِ؛ وأَنشد:
إِذا دَعَوْتَنِي فَقُلْ: يَا سَنْدَرِي، ... لِلْقَوْمِ أَسْماءٌ ومَا لِي مِنْ سمي
سنقطر: السَّنِقْطَارُ: الجِهْبِذُ، بِالرُّومِيَّةِ.
سنمر: أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ للقمر السِّنِمَّارُ والطَّوْسُ.
__________
(3) . قوله: [نديدتي] أَي ندي، وقوله عماعما أَي متفرقين(4/382)
ابْنُ سِيدَهْ: قَمَرٌ سِنِمَّارٌ مُضيءٌ؛ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ. وسِنِمَّار: اسْمُ رَجُلٍ أَعجمي؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جَزَتْنَا بَنُو سَعْدٍ بِحُسْنِ فعالِنا، ... جَزَاءَ سِنِمَّارٍ وَمَا كانَ ذَا ذَنْبِ
وحكي فيه السِّنِمَّارِ بالأَلف واللَّام. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سِنِمَّار اسْمُ إِسْكافٍ بَنَى لِبَعْضِ الْمُلُوكِ قَصْراً، فَلَمَّا أَتمه أَشرف بِهِ عَلَى أَعلاه فَرَمَاهُ مِنْهُ غَيْرَةً مِنْهُ أَن يَبْنِيَ لِغَيْرِهِ مِثْلَهُ، فَضُرِبَ ذَلِكَ مَثَلًا لِكُلِّ مَنْ فَعَلَ خَيْرًا فَجُوزِيَ بِضِدِّهِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنْ أَمثال الْعَرَبِ فِي الَّذِي يُجَازِي الْمُحْسِنَ بالسُّوأَى قَوْلُهُمْ: جَزَاهُ جَزَاءَ سِنِمَّارٍ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سِنِمَّار بَنَّاءٌ مُجِيدٌ رُومِيٌّ فَبَنَى الخَوَرْنَق الَّذِي بِظَهْرِ الْكُوفَةِ للنُّعمان بْنِ المُنْذِرِ، وَفِي الصِّحَاحِ: لِلنُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِليه النُّعْمَانُ كَرِهَ أَن يَعْمَلَ مِثْلَهُ لِغَيْرِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ أَلقاه مِنْ أَعلى الْخَوَرْنَقِ فَخَرَّ مَيِّتًا؛ وَقَالَ يُونُسُ: السِّنِمَّارُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا يَنَامُ بِاللَّيْلِ، وَهُوَ اللِّصُّ فِي كَلَامِ هُذَيْلٍ، وَسُمِّيَ اللِّصُّ سِنِمَّاراً لِقِلَّةِ نَوْمِهِ، وَقَدْ جَعَلَهُ كُرَاعٌ فِنِعْلالًا، وَهُوَ اسْمٌ رُومِيٌّ وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ لأَن سِيبَوَيْهِ نَفَى أَن يَكُونَ فِي الْكَلَامِ سِفِرْجالٌ، فأَما سِرِطْراطٌ عِنْدَهُ فَفِعِلْعَالٌ مِنَ السَّرْطِ الَّذِي هُوَ البَلْعُ، وَنَظِيرُهُ مِنَ الرُّومِيَّةِ سِجِلَّاطٌ، وَهُوَ ضَرْبٌ من الثياب.
سهر: السَّهَرُ: الأَرَقُ. وَقَدْ سَهِرَ، بِالْكَسْرِ، يَسْهَرُ سَهَراً، فَهُوَ ساهِرٌ: لَمْ يَنَمْ ليلًا؛ وهو سَهْرَانُ وأَسْهَرَهُ غَيْرُه. وَرَجُلٌ سُهَرَةٌ مِثَالُ هُمَزَةٍ أَي كثيرُ السَّهَرِ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وَمِنْ دُعَاءِ الْعَرَبِ عَلَى الإِنسان: مَا لَهُ سَهِرَ وعَبِرَ. وَقَدْ أَسْهَرَني الهَمُّ أَو الوَجَعُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ وَوَصَفَ حَمِيرًا وَرَدَتْ مَصَايِدَ:
وَقَدْ أَسْهَرَتْ ذَا أَسْهُمٍ باتَ جاذِلًا، ... لَهُ فَوْقَ زُجَّيْ مِرْفَقَيْهِ وَحاوِحُ
اللَّيْثُ: السَّهَرُ امْتِنَاعُ النَّوْمِ بِاللَّيْلِ. وَرَجُلٌ سُهَارُ الْعَيْنِ: لَا يَغْلِبُهُ النَّوْمُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَالُوا: لَيْلٌ سَاهِرٌ أَي ذُو سَهَرٍ، كَمَا قَالُوا لَيْلٌ نَائِمٌ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
كَتَمْتُكَ لَيْلًا بالجَمُومَيْنِ سَاهِرَا، ... وهَمَّيْنِ: هَمّاً مُسْتَكِنّاً وَظَاهِرَا
يَجُوزُ أَن يَكُونَ سَاهِرًا نَعْتًا لِلَّيْلِ جَعَلَهُ سَاهِرًا عَلَى الِاتِّسَاعِ، وأَن يَكُونَ حَالًا مِنَ التَّاءِ فِي كَتَمْتُكَ؛ وَقَوْلُ أَبي كَبِيرٍ:
فَسَهِرْتُ عَنْهَا الكالِئَيْنِ، فَلَمْ أَنَمْ ... حَتَّى التفَتُّ إِلى السِّمَاكِ الأَعْزَلِ
أَراد سَهِرْتُ مَعَهُمَا حَتَّى نَامَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: السُّهارُ والسُّهادُ، بِالرَّاءِ وَالدَّالِ. والسَّاهرَةُ: الأَرضُ، وَقِيلَ: وَجْهُها. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ
؛ وَقِيلَ: السَّاهِرَةُ الْفَلَاةُ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
يَرْتَدْن ساهِرَةً، كَأَنَّ جَمِيمَها ... وعَمِيمَها أَسْدافُ لَيْلٍ مُظْلِمِ
وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الَّتِي لَمْ توطأْ، وَقِيلَ: هِيَ أَرض يُجَدِّدُهَا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. اللَّيْثُ: السَّاهِرَةُ وَجْهُ الأَرض الْعَرِيضَةِ الْبَسِيطَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: السَّاهِرَةُ وَجْهُ الأَرض، كأَنها سُمِّيَتْ بِهَذَا الِاسْمِ لأَن فِيهَا الْحَيَوَانَ نَوْمَهُمْ وَسَهَرَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: السَّاهِرَةُ الأَرض؛ وأَنشد:
وَفِيهَا لَحْمُ ساهِرَةٍ وبَحْرٍ، ... وَمَا فَاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ
وساهُورُ الْعَيْنِ: أَصلها ومَنْبَعُ مَائِهَا، يَعْنِي عَيْنَ الْمَاءِ؛(4/383)
قَالَ أَبو النَّجْمِ:
لاقَتْ تَمِيمُ المَوْتَ فِي ساهُورِها، ... بَيْنَ الصَّفَا والعَيْسِ مِنْ سَدِيرها
وَيُقَالُ لِعَيْنِ الْمَاءِ سَاهِرَةٌ إِذا كَانَتْ جَارِيَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ الْمَالِ عَيْنٌ ساهِرَةٌ لِعَيْنٍ نائمةٍ
؛ أَي عَيْنُ مَاءٍ تَجْرِي لَيْلًا وَنَهَارًا وَصَاحِبُهَا نَائِمٌ، فَجَعَلَ دَوَامَ جَرْيِهَا سَهَراً لَهَا. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ: إِنها لَساهِرَةُ العِرْقِ، وَهُوَ طُولُ حَفْلِها وكثرةُ لبنها. والأَسْهَرَانِ: عِرْقان يَصْعَدَانِ مِنَ الأُنثيين حَتَّى يَجْتَمِعَا عِنْدَ بَاطِنِ الفَيْشَلَةِ، وَهُمَا عِرْقا المَنِيِّ، وَقِيلَ: هُمَا الْعِرْقَانِ اللَّذَانِ يَنْدُرانِ مِنَ الذَّكَرِ عِنْدَ الإِنعاظ، وقيل: عِرْقَانِ فِي المَتْنِ يَجْرِي فِيهِمَا الْمَاءُ ثُمَّ يَقَعُ فِي الذَّكَرِ؛ قَالَ الشَّمَّاخِ:
تُوائِلُ مِنْ مِصَكٍّ أَنْصَبَتْه ... حَوَالِبُ أَسْهَرَيْهِ بِالذَّنِينِ
وأَنكر الأَصمعي الأَسهرين، قَالَ: وإِنما الرِّوَايَةُ أَسهرته أَي لَمْ تَدَعْهُ يَنَامُ، وَذُكِرَ أَن أَبا عُبَيْدَةَ غَلِطَ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَهُوَ فِي كِتَابِ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْخُزَاعِيِّ وإِنما أَخذ كِتَابَهُ فَزَادَ فِيهِ أَعني كِتَابَ صِفَةِ الْخَيْلِ، وَلَمْ يَكُنْ لأَبي عُبَيْدَةَ عِلْمٌ بِصِفَةِ الْخَيْلِ. وَقَالَ الأَصمعي: لَوْ أَحضرته فَرَسًا وَقِيلَ ضَعْ يَدَكَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ مَا دَرَى أَين يَضَعُهَا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ فِي قَوْلِ الشَّمَّاخِ: حَوَالِبُ أَسهريه، قَالَ: أَسهراه ذَكَرُهُ وأَنفه. قَالَ وَرَوَاهُ شَمِرٌ لَهُ يَصِفُ حِمَارًا وأُتنه: والأَسهران عِرْقَانِ فِي الأَنف، وَقِيلَ: عِرْقَانِ فِي الْعَيْنِ، وَقِيلَ: هُمَا عِرْقَانِ فِي الْمَنْخَرَيْنِ مِنْ بَاطِنٍ، إِذا اغْتَلَمَ الْحِمَارُ سَالَا دَمًا أَو مَاءً. والسَّاهِرَةُ والسَّاهُورُ: كالغِلافِ لِلْقَمَرِ يَدْخُلُ فِيهِ إِذا كَسَفَ فِيمَا تَزْعُمُهُ الْعَرَبُ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْت:
لَا نَقْصَ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ خَبِيئَهُ ... قَمَرٌ وساهُورٌ يُسَلُّ ويُغْمَدُ
وَقِيلَ: السَّاهُورُ لِلْقَمَرِ كَالْغُلَافِ لِلشَّيْءِ؛ وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ امرأَة:
كَأَنَّها عِرْقُ سامٍ عِنْدَ ضارِبِهِ، ... أَو فَلْقَةٌ خَرَجَتْ مِنْ جَوفِ ساهورِ
يَعْنِي شُقَّةَ الْقَمَرِ؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: وَقَالَ الشَّاعِرُ:
كَأَنَّها بُهْثَةٌ تَرْعَى بِأَقْرِبَةٍ، ... أَو شُقَّةٌ خَرَجَتْ مِن جَنْبِ ساهُورِ
البُهْثَة: الْبَقَرَةُ. والشُّقَّةُ: شُقَّةُ الْقَمَرِ؛ وَيُرْوَى: مِنْ جَنْبِ ناهُور. والنَّاهُورُ: السَّحاب. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يُقَالُ لِلْقَمَرِ إِذا كَسَفَ: دَخَلَ فِي ساهُوره، وَهُوَ الغاسقُ إِذا وَقَبَ.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وأَشار إِلى الْقَمَرِ فَقَالَ: تَعَوَّذِي بِاللَّهِ مِنْ هَذَا فإِنه الغاسِق إِذا وَقَبَ
؛ يُرِيدُ: يَسْوَدُّ إِذا كَسَفَ. وكلُّ شَيْءٍ اسْوَدَّ، فَقَدَ غَسَقَ. والسَّاهُورُ والسَّهَرُ: نَفْسُ الْقَمَرِ. والسَّاهُور: دَارَةُ الْقَمَرِ، كِلَاهُمَا سُرْيَانِيٌّ. وَيُقَالُ: السَّاهُورُ ظِلُّ السَّاهِرَةِ، وهي وجْهُ الأَرض.
سهبر: السَّهْبَرَةُ: مِنْ أَسماء الرَّكايا.
سور: سَوْرَةُ الخمرِ وَغَيْرِهَا وسُوَارُها: حِدَّتُها؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَرى شَرْبَها حُمْرَ الحِدَاقِ كأَنَّهُمْ ... أُسارَى، إِذا مَا مَارَ فِيهمْ سُؤَارها
وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ الْجَنَّةِ:
أَخَذَهُ سُوَارُ فَرَحٍ
؛ وَهُوَ دَبِيبُ الشَّرَابِ فِي الرَّأْسِ أَي دَبَّ فِيهِ الْفَرَحُ دَبِيبَ الشَّرَابِ. والسَّوْرَةُ فِي الشَّرَابِ: تَنَاوُلُ الشَّرَابِ(4/384)
للرأْس، وَقِيلَ: سَوْرَةُ الْخَمْرِ حُمَيّاً دَبِيبُهَا فِي شَارِبِهَا، وسَوْرَةُ الشَّرَابِ وُثُوبُه فِي الرأْس، وَكَذَلِكَ سَوْرَةُ الحُمَةِ وُثُوبُها. وسَوْرَةُ السُّلْطان: سَطْوَتُهُ وَاعْتِدَاؤُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنها ذَكَرَتْ زَيْنَبَ فَقَالَتْ: كُلُّ خِلَالِها محمودٌ مَا خَلَا سَوْرَةً مِنْ غَرْبٍ
أَي سَوْرَةً منْ حِدَّةٍ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْمُعَرْبِدِ: سَوَّارٌ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: مَا مِنْ أَحد عَمِلَ عَمَلًا إِلَّا سَارَ فِي قَلْبِهِ سَوْرَتانِ.
وسارَ الشَّرَابُ فِي رأْسه سَوْراً وسُؤُوراً وسُؤْراً عَلَى الأَصل: دَارَ وَارْتَفَعَ. والسَّوَّارُ: الَّذِي تَسُورُ الْخَمْرُ فِي رأْسه سَرِيعًا كأَنه هُوَ الَّذِي يُسَوِّرُ؛ قَالَ الأَخطل:
وشارِبٍ مُرْبِحٍ بالكَاسِ نادَمَني ... لَا بالحَصُورِ، وَلَا فِيهَا بِسَوَّارِ
أَي بمُعَرْبِدٍ مَنْ سَارَ إِذا وَثَبَ وَثْبَ المُعَرْبِدِ. وَرُوِيَ: وَلَا فِيهَا بِسَأْآرِ، بِوَزْنِ سَعَّارِ بِالْهَمْزِ، أَي لَا يُسْئِرُ فِي الإِناء سُؤْراً بَلْ يَشْتَفُّه كُلَّه، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
أُحِبُّهُ حُبّاً لَهُ سُوَّارى، ... كَمَا تُحِبُّ فَرْخَهَا الحُبَارَى
فَسَّرَهُ فَقَالَ: لَهُ سُوَّارَى أَي لَهُ ارتفاعٌ؛ وَمَعْنَى
كَمَا تُحِبُّ فَرْخَهَا الْحُبَارَى
: أَنها فِيهَا رُعُونَةٌ فَمَتَى أَحبت وَلَدَهَا أَفرطت فِي الرُّعُونَةِ. والسَّوْرَةُ: البَرْدُ الشَّدِيدُ. وسَوْرَةُ المَجْد: أَثَرُه وعلامته ارتفاعه؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
ولآلِ حَرَّابٍ وقَدٍّ سَوْرَةٌ، ... فِي المَجْدِ، لَيْسَ غُرَابُهَا بِمُطَارِ
وسارَ يَسُورُ سَوْراً وسُؤُوراً: وَثَبَ وثارَ؛ قَالَ الأَخطل يَصِفُ خَمْرًا:
لَمَّا أَتَوْهَا بِمِصْبَاحٍ ومِبْزَلِهمْ، ... سَارَتْ إِليهم سُؤُورَ الأَبْجَلِ الضَّاري
وساوَرَهُ مُساوَرَة وسِوَاراً: وَاثَبَهُ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:
... ذُو عيث يسر ... إِذ كَانَ شَعْشَعَهُ سِوَارُ المُلْجمِ
والإِنسانُ يُساوِرُ إِنساناً إِذا تَنَاوَلَ رأْسه. وفلانٌ ذُو سَوْرَةٍ فِي الْحَرْبِ أَي ذُو نَظَرٍ سَدِيدٍ. والسَّوَّارُ مِنَ الْكِلَابِ: الَّذِي يأْخذ بالرأْس. والسَّوَّارُ: الَّذِي يُوَاثِبُ نَدِيمَهُ إِذا شَرِبَ. والسَّوْرَةُ: الوَثْبَةُ. وَقَدْ سُرْتُ إِليه أَي وثَبْتُ إِليه. وَيُقَالُ: إِن لِغَضَبِهِ لسَوْرَةً. وَهُوَ سَوَّارٌ أَي وثَّابٌ مُعَرْبِدٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: فكِدْتُ أُساوِرُه فِي الصَّلَاةِ
أَي أُواثبه وأُقاتله؛ وَفِي قَصِيدَةِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
إِذا يُساوِرُ قِرْناً لَا يَحِلُّ لَهُ ... أَنْ يَتْرُكَ القِرْنَ، إِلا وهْو مَجْدُولُ
والسُّورُ: حَائِطُ الْمَدِينَةِ، مُذَكَّرٌ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ يَهْجُو ابْنَ جُرْمُوز:
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ ... سُورُ المَدِينَةِ، والجِبالُ الخُشَّعُ
فإِنه أَنث السُّورَ لأَنه بَعْضُ الْمَدِينَةِ فكأَنه قَالَ: تَوَاضَعَتِ الْمَدِينَةُ، والأَلف وَاللَّامُ فِي الْخُشَّعِ زَائِدَةٌ إِذا كَانَ خَبَرًا كَقَوْلِهِ:
ولَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَنَات الأَوْبَرِ
وإِنما هُوَ بَنَاتُ أَوبر لأَن أَوبر مَعْرِفَةٌ؛ وَكَمَا أَنشد الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي زَيْدٍ:(4/385)
يَا لَيْتَ أُمَّ العَمْرِ كَانَتْ صَاحِبي
أَراد أُم عَمْرٍو، وَمَنْ رَوَاهُ أُم الْغَمْرِ فَلَا كَلَامَ فِيهِ لأَن الْغَمْرَ صِفَةٌ فِي الأَصل فَهُوَ يَجْرِي مَجْرَى الحرث وَالْعَبَّاسِ، وَمَنْ جَعَلَ الْخُشَّعُ صِفَةً فإِنه سَمَّاهَا بِمَا آلَتْ إِليه. وَالْجَمْعُ أَسْوارٌ وسِيرَانٌ. وسُرْتُ الحائطَ سَوْراً وتَسَوَّرْتُه إِذا عَلَوْتَهُ. وتَسَوَّرَ الحائطَ: تَسَلَّقَه. وتَسَوَّرَ الْحَائِطَ: هَجَمَ مِثْلَ اللِّصِّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وَفِي حَدِيثِ
كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ أَبي قَتَادَةَ
أَي عَلَوْتُه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
شَيْبَةَ: لَمْ يَبْقَ إِلا أَنْ أُسَوِّرَهُ
أَي أَرتفع إِليه وَآخُذُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَتَساوَرْتُ لَهَا
؛ أَي رَفَعْتُ لَهَا شَخْصِي. يُقَالُ: تَسَوَّرْتُ الْحَائِطَ وسَوَّرْتُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ
؛ وأَنشد:
تَسَوَّرَ الشَّيْبُ وخَفَّ النَّحْضُ
وتَسَوَّرَ عَلَيْهِ: كَسَوَّرَهُ والسُّورَةُ: الْمَنْزِلَةُ، وَالْجَمْعُ سُوَرٌ وسُوْرٌ، الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، والسُّورَةُ مِنَ الْبِنَاءِ: مَا حَسُنَ وَطَالَ. الْجَوْهَرِيُّ: والسُّوْرُ جَمْعُ سُورَة مِثْلُ بُسْرَة وبُسْرٍ، وَهِيَ كُلُّ مَنْزِلَةٍ مِنَ الْبِنَاءِ؛ وَمِنْهُ سُورَةُ الْقُرْآنِ لأَنها منزلةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ مقطوعةٌ عَنِ الأُخرى وَالْجَمْعُ سُوَرٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
هُنَّ الحرائِرُ لَا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ، ... سُودُ المحَاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُجْمَعَ عَلَى سُوْرَاتٍ وسُوَرَاتٍ. ابْنُ سِيدَهْ: سُمِّيَتِ السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ سُورَةً لأَنها دَرَجَةٌ إِلى غَيْرِهَا، وَمَنْ هَمَزَهَا جَعَلَهَا بِمَعْنَى بَقِيَّةٍ مِنَ الْقُرْآنِ وقِطْعَة، وأَكثر الْقُرَّاءِ عَلَى تَرْكِ الْهَمْزَةِ فِيهَا؛ وَقِيلَ: السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ يَجُوزُ أَن تَكُونَ مِنْ سُؤْرَةِ الْمَالِ، تُرِكَ هَمْزُهُ لَمَّا كَثُرَ فِي الْكَلَامِ؛ التَّهْذِيبُ: وأَما أَبو عُبَيْدَةَ فإِنه زَعَمَ أَنه مُشْتَقٌّ مِنْ سُورة الْبِنَاءِ، وأَن السُّورَةَ عِرْقٌ مِنْ أَعراق الْحَائِطِ، وَيُجْمَعُ سُوْراً، وَكَذَلِكَ الصُّورَةُ تُجْمَعُ صُوْراً؛ وَاحْتَجَّ أَبو عُبَيْدَةَ بِقَوْلِهِ:
سِرْتُ إِليه في أَعالي السُّوْرِ
وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه رَدَّ عَلَى أَبي عُبَيْدَةَ قَوْلَهُ وَقَالَ: إِنما تُجْمَعُ فُعْلَةٌ عَلَى فُعْلٍ بِسُكُونِ الْعَيْنِ إِذا سَبَقَ الجمعَ الواحِدُ مِثْلَ صُوفَةٍ وصُوفٍ، وسُوْرَةُ الْبِنَاءِ وسُوْرُهُ، فالسُّوْرُ جَمْعٌ سَبَقَ وُحْدَانَه فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ
؛ قَالَ: والسُّور عِنْدَ الْعَرَبِ حَائِطُ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ أَشرف الْحِيطَانِ، وَشَبَّهَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَائِطَ الَّذِي حَجَزَ بَيْنَ أَهل النَّارِ وأَهل الْجَنَّةِ بأَشرف حَائِطٍ عَرَفْنَاهُ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ اسْمٌ وَاحِدٌ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ، إِلا أَنا إِذا أَردنا أَن نعرِّف العِرْقَ مِنْهُ قُلْنَا سُورَةٌ كَمَا نَقُولُ التَّمْرُ، وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْجِنْسِ، فإِذا أَردنا مَعْرِفَةَ الْوَاحِدَةِ مِنَ التَّمْرِ قُلْنَا تَمْرَةٌ، وكلُّ مَنْزِلَةٍ رَفِيعَةٍ فَهِيَ سُورَةٌ مأْخوذة مِنْ سُورَةِ الْبِنَاءِ؛ وأَنشد لِلنَّابِغَةِ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَعطاكَ سُورَةً، ... تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ؟
مَعْنَاهُ: أَعطاك رِفْعَةً وَشَرَفًا وَمَنْزِلَةً، وَجَمْعُهَا سُوْرٌ أَي رِفَعٌ. قَالَ: وأَما سُورَةُ الْقُرْآنِ فإِنَّ اللَّهَ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، جَعَلَهَا سُوَراً مِثْلَ غُرْفَةٍ وغُرَفٍ ورُتْبَةٍ ورُتَبٍ وزُلْفَةٍ وزُلَفٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنه لَمْ يَجْعَلْهَا مِنْ سُور الْبِنَاءِ لأَنها لَوْ كَانَتْ مِنْ سُور الْبِنَاءِ لَقَالَ: فأْتُوا بِعَشْرِ سُوْرٍ مِثْلِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: بِعَشْرِ(4/386)
سُوَرٍ، وَالْقُرَّاءُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى سُوَرٍ، وَكَذَلِكَ اجْتَمَعُوا عَلَى قِرَاءَةِ سُوْرٍ فِي قَوْلِهِ: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ
، وَلَمْ يقرأْ أَحد: بِسُوَرٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَمَيُّزِ سُورَةٍ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ عَنْ سُورَةٍ مِنْ سُوْرِ الْبِنَاءِ. قَالَ: وكأَن أَبا عُبَيْدَةَ أَراد أَن يُؤَيِّدَ قَوْلَهُ فِي الصُّورِ أَنه جَمْعُ صُورَةٍ فأَخطأَ فِي الصُّورِ والسُّورِ، وحرَّفَ كَلَامَ الْعَرَبِ عَنْ صِيغَتِهِ فأَدخل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، خُذْلَانًا مِنَ اللَّهِ لِتَكْذِيبِهِ بأَن الصُّورَ قَرْنٌ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلنَّفْخِ فِيهِ حَتَّى يُمِيتَ الْخَلْقَ أَجمعين بِالنَّفْخَةِ الأُولى، ثُمَّ يُحْيِيهِمْ بِالنَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ وَاللَّهُ حَسِيبُهُ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: والسُّورَةُ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ عِنْدَنَا قِطْعَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ سَبَقَ وُحْدانُها جَمْعَها كَمَا أَن الغُرْفَة سَابِقَةٌ للغُرَفِ، وأَنزل اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقُرْآنَ عَلَى نَبِيَّهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَجَعَلَهُ مُفَصَّلًا، وبيَّن كُلَّ سُورَةٍ بِخَاتِمَتِهَا وَبَادِئَتِهَا وَمَيَّزَهَا مِنَ الَّتِي تَلِيهَا؛ قَالَ: وكأَن أَبا الْهَيْثَمِ جَعَلَ السُّورَةَ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ مِنْ أَسْأَرْتُ سُؤْراً أَي أَفضلت فَضْلًا إِلا أَنها لَمَّا كَثُرَتْ فِي الْكَلَامِ وَفِي الْقُرْآنِ تُرِكَ فِيهَا الْهَمْزُ كَمَا تُرِكَ فِي المَلَكِ وَرَدَّ عَلَى أَبي عُبَيْدَةَ، قَالَ الأَزهري: فَاخْتَصَرْتُ مَجَامِعَ مَقَاصِدِهِ، قَالَ: وَرُبَّمَا غُيِّرَتْ بَعْضُ أَلفاظه وَالْمَعْنَى مَعْنَاهُ. ابْنُ الأَعرابي: سُورَةُ كُلِّ شَيْءٍ حَدُّهُ. ابْنُ الأَعرابي: السُّورَةُ الرِّفْعَةُ، وَبِهَا سُمِّيَتِ السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ، أَي رِفْعَةٌ وَخَيْرٌ، قَالَ: فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَبي عُبَيْدَةَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْبَصْرِيُّونَ جَمَعُوا الصُّورَةَ والسُّورَةَ وَمَا أَشبهها صُوَراً وصُوْراً وسُوَراً وسُوْراً وَلَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ مَا سَبَقَ جَمْعُهُ وُحْدَانَه وَبَيْنَ مَا سَبَقَ وُحْدانُهُ جَمْعَه، قَالَ: وَالَّذِي حَكَاهُ أَبو الْهَيْثَمِ هُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ «4» ... بِهِ، إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ الأَعرابي: السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ مَعْنَاهَا الرِّفْعَةُ لإِجلال الْقُرْآنِ، قَالَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ. قَالَ: وَيُقَالُ للرجل سُرْسُرْ إِذا أَمرته بِمَعَالِي الأُمور. وسُوْرُ الإِبل: كِرَامُهَا؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنشدوا فِيهِ رَجَزًا لَمْ أَسمعه، قَالَ أَصحابنا؛ الْوَاحِدَةُ سُورَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الصُّلْبَةُ الشَّدِيدَةُ مِنْهَا. وَبَيْنَهُمَا سُورَةٌ أَي عَلَامَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والسِّوارُ والسُّوَارُ القُلْبُ: سِوَارُ المرأَة، وَالْجَمْعُ أَسْوِرَةٌ وأَساوِرُ، الأَخيرة جَمْعُ الْجَمْعِ، وَالْكَثِيرُ سُوْرٌ وسُؤُورٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَوَجَّهَهَا سِيبَوَيْهِ عَلَى الضَّرُورَةِ، والإِسْوَار «5» . كالسِّوَارِ، وَالْجَمْعُ أَساوِرَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ شَاهِدًا عَلَى الإِسْوَارِ لُغَةً فِي السِّوَارِ وَنَسَبَ هَذَا الْقَوْلَ إِلى أَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ؛ قَالَ: وَلَمْ يَنْفَرِدْ أَبو عَمْرٍو بِهَذَا الْقَوْلِ، وَشَاهِدُهُ قَوْلُ الأَحوص:
غادَةٌ تَغْرِثُ الوِشاحَ، ولا يَغْرَثُ ... مِنْهَا الخَلْخَالُ والإِسْوَارُ
وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ:
يَطُفْنَ بِه رَأْدَ الضُّحَى ويَنُشْنَهُ ... بِأَيْدٍ، تَرَى الإِسْوَارَ فِيهِنَّ أَعْجَمَا
وَقَالَ العَرَنْدَسُ الْكِلَابِيُّ:
بَلْ أَيُّها الرَّاكِبُ المُفْنِي شَبِيبَتَهُ، ... يَبْكِي عَلَى ذَاتِ خَلْخَالٍ وإِسْوَارِ
وَقَالَ المَرَّارُ بنُ سَعِيدٍ الفَقْعَسِيُّ:
كَمَا لاحَ تِبْرٌ فِي يَدٍ لمَعَتْ بِه ... كَعَابٌ، بَدا إِسْوَارُهَا وخَضِيبُها
__________
(4) . كذا بياض بالأصل ولعل محله: وسنذكره في بابه
(5) . قوله: [والإسوار] كذا هو مضبوط في الأَصل بالكسر في جميع الشواهد الآتي ذكرها، وفي القاموس الأسوار بالضم. قال شارحه ونقل عن بعضهم الكسر أَيضاً كما حققه شيخنا والكل معرب دستوار بالفارسية(4/387)
وَقُرِئَ:
فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَساوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ.
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ أَساوِرَ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ*
؛ وَقَالَ أَبو عَمْرِو بنُ الْعَلَاءِ: وَاحِدُهَا إِسْوارٌ. وسوَّرْتُه أَي أَلْبَسْتُه السِّوَارَ فَتَسَوَّرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتُحِبِّينَ أَن يُسَوِّرَكِ اللهُ بِسوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟
السِّوَارُ مِنَ الحُلِيِّ: مَعْرُوفٌ. والمُسَوَّرُ: مَوْضِعُ السِّوَارِ كالمُخَدَّمِ لِمَوْضِعِ الخَدَمَةِ. التَّهْذِيبِ: وأَما قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ*
، فإِن أَبا إِسحاق الزَّجَّاجَ قَالَ: الأَساور مِنْ فِضَّةٍ، وَقَالَ أَيضاً: فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ
؛ قَالَ: الأَسَاوِرُ جَمْعُ أَسْوِرَةٍ وأَسْوِرَةٌ جمعُ سِوَارٍ، وَهُوَ سِوَارُ المرأَة وسُوَارُها. قَالَ: والقُلْبُ مِنَ الْفِضَّةِ يُسَمَّى سِوَاراً [سُوَاراً] وإِن كَانَ مِنَ الذَّهَبِ فَهُوَ أَيضاً سِوارٌ [سُوَارٌ] ، وَكِلَاهُمَا لِبَاسُ أَهل الْجَنَّةِ، أَحلَّنا اللَّهُ فِيهَا بِرَحْمَتِهِ. والأُسْوَارُ والإِسْوارُ: قَائِدُ الفُرْسِ، وَقِيلَ: هُوَ الجَيِّدُ الرَّمْي بِالسِّهَامِ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَيِّدُ الثَّبَاتِ عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ، وَالْجَمْعُ أَسَاوِرَةٌ وأَسَاوِرُ؛ قَالَ:
وَوَتَّرَ الأَسَاوِرُ القِياسَا، ... صُغْدِيَّةً تَنْتَزِعُ الأَنْفاسَا
والإِسْوَارُ والأُسْوَارُ: الْوَاحِدُ مِنْ أَسَاوِرَة فَارِسٍ، وَهُوَ الْفَارِسُ مِنْ فُرْسَانِهم الْمُقَاتِلُ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ، وكأَنَّ أَصله أَسَاوِيرُ، وَكَذَلِكَ الزَّنادِقَةُ أَصله زَنَادِيقُ؛ عَنِ الأَخفش. والأَسَاوِرَةُ: قَوْمٌ مِنَ الْعَجَمِ بِالْبَصْرَةِ نَزَلُوهَا قَدِيمًا كالأَحامِرَة بالكُوفَةِ. والمِسْوَرُ والمِسْوَرَةُ: مُتَّكَأٌ مِنْ أَدَمٍ، وَجَمْعُهَا المَسَاوِرُ. وسارَ الرجلُ يَسُورُ سَوْراً ارْتَفَعَ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
تَسُورُ بَيْنَ السَّرْجِ والحِزَامِ، ... سَوْرَ السَّلُوقِيِّ إِلى الأَحْذَامِ
وَقَدْ جَلَسَ عَلَى المِسْوَرَةِ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: إِنما سُمِّيَتِ المِسْوَرَةُ مِسْوَرَةً لِعُلُوِّهَا وَارْتِفَاعِهَا، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ سَارَ إِذا ارْتَفَعَ؛ وأَنشد:
سُرْتُ إِليه فِي أَعالي السُّورِ
أَراد: ارْتَفَعَتْ إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَضُرُّ المرأَة أَن لَا تَنْقُضَ شَعْرَهَا إِذا أَصاب الْمَاءُ سُورَ رأْسها
؛ أَي أَعلاه. وكلُّ مُرْتَفِعٍ: سُورٌ. وَفِي رِوَايَةٍ:
سُورَةَ الرأْس
، وَمِنْهُ سُورُ الْمَدِينَةِ؛ وَيُرْوَى:
شَوَى رأْسِها
، جَمْعُ شَوَاةٍ، وَهِيَ جِلْدَةُ الرأْس؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا قَالَ الهَرَوِيُّ، وَقَالَ الخَطَّابيُّ: وَيُرْوَى
شَوْرَ الرَّأْسِ
، قَالَ: وَلَا أَعرفه، قَالَ: وأُراه شَوَى جَمْعُ شَوَاةٍ. قَالَ بَعْضُ المتأَخرين: الرِّوَايَتَانِ غَيْرُ معروفتين، والمعروف:
شُؤُونَ رأْسها
، وَهِيَ أُصول الشَّعْرِ وَطَرَائِقُ الرَّأْس. وسَوَّارٌ ومُساوِرٌ ومِسْوَرٌ: أَسماء؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
دَعَوْتُ لِمَا نَابَنِي مِسْوَراً، ... فَلَبَّى فَلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ
وَرُبَّمَا قَالُوا: المِسوَر لأَنه فِي الأَصل صفةٌ مِفْعَلٌ مَنْ سَارَ يَسُورُ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَكَ أَن تُدْخِلَ فِيهِ الأَلف وَاللَّامَ وأَن لَا تُدْخِلَهَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه الْخَلِيلُ فِي هَذَا النَّحْوِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنصاري: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لأَصحابه: قُومُوا فَقَدْ صَنَعَ جابرٌ سُوراً
؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وإِنما يُرَادُ مِنْ هَذَا أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ. صَنَعَ سُوراً أَي طَعَامًا دَعَا النَّاسَ إِليه. وسُوْرَى، مِثَالُ بُشْرَى، مَوْضِعٌ بِالْعِرَاقِ مِنْ أَرض(4/388)
بَابِلَ، وَهُوَ بَلَدُ السُّرْيَانِيِّينَ.
سير: السَّيْرُ: الذَّهَابُ؛ سارَ يَسِيرُ سَيْراً ومَسِيراً وتَسْياراً ومَسِيرةً وسَيْرورَةً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيُّ، وتَسْياراً يَذْهَبُ بِهَذِهِ الأَخيرة إِلى الْكَثْرَةِ؛ قَالَ:
فَأَلْقَتْ عَصا التَّسْيارِ مِنْهَا، وخَيَّمَتْ ... بأَرْجاءِ عَذْبِ الماءِ، بِيضٌ مَحَافِرُهْ
وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: تَسايَرَ عَنْهُ الغَضَبُ
أَي سارَ وَزَالَ. وَيُقَالُ: سارَ القومُ يَسِيرُون سَيْراً ومَسِيراً إِذا امْتَدَّ بِهِمُ السَّيْرُ فِي جِهَةٍ تَوَجَّهُوا لَهَا. وَيُقَالُ: بَارَكَ اللَّهُ فِي مَسِيرِكَ أَي سَيْرِك؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ شَاذٌّ لأَن قِيَاسَ الْمَصْدَرَ مِنْ فَعَلَ يَفْعِلُ مَفْعَلٌ، بِالْفَتْحِ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ السِّيرَةُ. حَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَحَسَنُ السِّيرَةِ؛ وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: طَرِيقٌ مَسُورٌ فِيهِ وَرَجُلٌ مَسُورٌ بِهِ، وَقِيَاسُ هَذَا وَنَحْوِهِ عِنْدَ الْخَلِيلِ أَن يَكُونَ مِمَّا تُحْذَفُ فيه الياء، والأَخفش يَعْتَقِدُ أَن الْمَحْذُوفَ مِنْ هَذَا وَنَحْوِهِ إِنما هُوَ وَاوُ مَفْعُولٍ لَا عَيْنُهُ، وآنسَهُ بِذَلِكَ: قدْ هُوبَ وسُورَ بِهِ وكُولَ. والتَّسْيارُ: تَفْعَالٌ مِنَ السَّيْرِ. وسايَرَهُ أَي جَارَاهُ فَتَسَايَرَا. وَبَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ يَوْمٍ. وسَيَّرَهُ مِنْ بَلَدِهِ: أَخرجه وأَجلاه. وسَيَّرْتُ الجُلَّ عَنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ: نَزَعْتُهُ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهرٍ
؛ أَي الْمَسَافَةُ الَّتِي يُسَارُ فِيهَا مِنَ الأَرض كالمَنْزِلَةِ والمَتْهَمَةِ، أَو هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى السَّيْرِ كالمَعِيشَةِ والمَعْجِزَةِ مِنَ العَيْشِ والعَجْزِ. والسَّيَّارَةُ: الْقَافِلَةُ. والسَّيَّارَةُ: الْقَوْمُ يَسِيرُونَ أُنث عَلَى مَعْنَى الرُّفْقَةِ أَو الْجَمَاعَةِ، فأَما قراءَة مَنْ قَرأَ:
تَلْتَقِطُهُ بَعْضُ السَّيَّارةِ
؛ فإِنه أَنث لأَن بَعْضَهَا سَيَّارَةٌ. وَقَوْلُهُمْ: أَصَحُّ مِنْ عَيْر أَبي سَيَّارَةَ؛ هُوَ أَبو سَيَّارَةَ العَدَواني كَانَ يَدْفَعُ بِالنَّاسِ مِنْ جَمْعٍ أَربعين سَنَةٍ عَلَى حِمَارِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
خَلُّوا الطريقَ عَنْ أَبي سَيَّارَهْ، ... وعنْ مَوَالِيهِ بَني فَزارَهْ،
حَتَّى يُجِيزَ سَالِمًا حِمارَهْ
وسارَ البعِيرُ وسِرْتُه وسارَتِ الدَّابة وسارَها صاحِبُها، يَتَعَدَّى وَلَا يتعدَّى. ابْنُ بُزُرج: سِرْتُ الدَّابَّةَ إِذا رَكِبْتَهَا، وإِذا أَردت بِهَا المَرْعَى قُلْتَ: أَسَرْتُها إِلى الكلإِ، وَهُوَ أَن يُرْسِلُوا فِيهَا الرُّعْيانَ ويُقيمُوا هُمْ. وَالدَّابَّةُ مُسَيَّرَةٌ إِذا كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبَهَا وَالرَّجُلُ سائرٌ لَهَا، وَالْمَاشِيَةُ مُسَارَةٌ، وَالْقَوْمُ مُسَيَّرُونَ، والسَّيْرُ عِنْدَهُمْ بِالنَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وأَما السُّرَى فَلَا يكون إِلا ليلًا؛ وسارَ دابَّتَه سَيْراً وسَيْرَةً ومَسَاراً ومَسيراً؛ قَالَ:
فاذْكُرَنْ مَوْضِعاً إِذا الْتَقَتِ الخَيْلُ، ... وقدْ سارتِ الرِّجالَ الرِّجالا
أَي سارَت الخيلُ الرِّجالَ إِلى الرِّجَالِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد: وَسَارَتْ إِلى الرِّجَالِ بِالرِّجَالِ فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ وَنَصَبَ، والأَول أَقوى. وأَسَارها وسَيَّرَها: كَذَلِكَ. وسايَرَهُ: سَارَ مَعَهُ. وَفُلَانٌ لَا تُسَايَرُ خَيْلاهُ إِذا كَانَ كَذَّابًا. والسَّيْرَةُ: الضَّرْبُ مِنَ السَّيْرِ. والسُّيَرَةُ: الْكَثِيرُ السَّيْرِ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ جِنِّي. والسِّيْرَةُ: السُّنَّةُ، وَقَدْ سَارتْ وسِرْتُها؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ زُهَيْرٍ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِخَالِدٍ ابْنِ أُخت أَبي ذُؤَيْبٍ، وَكَانَ أَبو(4/389)
ذُؤَيْبٍ يُرْسِلُهُ إِلى مَحْبُوبَتِهِ فأَفسدها عَلَيْهِ فَعَاتَبَهُ أَبو ذُؤَيْبٍ فِي أَبيات كَثِيرَةٍ فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ:
فإِنَّ الَّتِي فِينَا زَعَمْتَ ومِثْلَهَا ... لَفِيكَ، ولكِنِّي أَرَاكَ تَجُورُها
تَنَقَّذْتَها مِنْ عِنْدِ وهبِ بْنِ جَابِرٍ، ... وأَنتَ صفِيُّ النَّفْسِ مِنْهُ وخِيرُها
فَلَا تَجْزَعَنْ مِنْ سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَها، ... فَأَوَّلُ راضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرُها
يَقُولُ: أَنت جَعَلْتَهَا سَائِرَةً فِي النَّاسِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سارَ الشيءُ وسِرْتُه، فَعَمَّ؛ وأَنشد بَيْتِ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ. والسِّيرَةُ: الطَّرِيقَةُ. يُقَالُ: سارَ بِهِمْ سِيْرَةً حَسَنَةً. والسَّيرَةُ: الهَيْئَةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى
. وسَيَّرَ سِيرَةً: حَدَّثَ أَحاديث الأَوائل. وسارَ الكلامُ والمَثَلُ فِي النَّاسِ: شَاعَ. وَيُقَالُ: هَذَا مَثَلٌ سائرٌ؛ وَقَدْ سَيَّرَ فلانٌ أَمثالًا سَائِرَةً فِي النَّاسِ. وسائِرُ النَّاسِ: جَمِيعُهم. وسارُ الشَّيْءِ: لُغَةٌ فِي سَائِرِه. وسارُه: جَمِيعُهُ، يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ الْبَابِ لِسَعَةِ بَابِ [س ي ر] وأَن يَكُونَ مِنَ الْوَاوِ لأَنها عَيْنٌ، وَكِلَاهُمَا قَدْ قِيلَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ ظَبْيَةً:
وسَوَّدَ ماءُ المَرْدِ فاهَا، فَلَوْنُهُ ... كَلَوْنِ النَّؤُورِ، وَهِيَ أَدْماءُ سارُها
أَي سائرُها؛ التَّهْذِيبُ: وأَما قَوْلُهُ:
وسائرُ الناس هَمَجْ
فإِن أَهل اللُّغَةِ اتَّفَقُوا عَلَى أَن مَعْنَى سَائِرُ فِي أَمثال هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَعْنَى الْبَاقِي، مِنْ قَوْلِكَ أَسْأَرْتُ سُؤْراً وسُؤْرَةً إِذا أَفضلتَها. وَقَوْلُهُمْ: سِرْ عَنْكَ أَي تغافلْ واحتَمِلْ، وَفِيهِ إِضمار كأَنه قَالَ: سِرْ ودَعْ عَنْكَ المِراء وَالشَّكَّ. والسِّيرَةُ: المِيرَةُ. والاسْتِيارُ: الامْتِيار؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَشْكُو إِلى اللهِ العزيزِ الغَفَّارْ، ... ثُمَّ إِلَيْكَ اليومَ، بُعْدَ المُسْتَارْ
وَيُقَالُ: المُسْتَارُ فِي هَذَا الْبَيْتِ مُفْتَعَلٌ مِنَ السَّيْرِ، والسَّيْرُ: ما يُقَدُّ مِنَ الْجِلْدِ، وَالْجَمْعُ السُّيُورُ. والسَّيْرُ: مَا قُدَّ مِنَ الأَدِيمِ طُولًا. والسِّيْرُ: الشِّرَاكُ، وَجَمْعُهُ أَسْيَارٌ وسُيُورٌ وسُيُورَةٌ. وَثَوْبٌ مُسَيَّرٌ وَشْيُهُ: مِثْلُ السُّيُورِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا كَانَ مُخَطَّطاً. وسَيَّرَ الثَّوْبَ والسَّهْم: جَعَلَ فِيهِ خُطوطاً. وعُقابٌ مُسَيَّرَةٌ: مُخَطَّطَةٌ. والسِّيْرَاءُ والسِّيَرَاءُ: ضَرْبٌ مِنَ البُرُودِ، وَقِيلَ: هُوَ ثَوْبٌ مُسَيَّرٌ فِيهِ خُطوط تُعْمَلُ مِنَ القَزِّ كالسُّيورِ، وَقِيلَ: بُرُودٌ يُخالِطها حَرِيرٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فقالَ إِزَارٌ شَرْعَبِيٌّ وأَرْبَعٌ ... مِنَ السِّيَرَاءِ، أَو أَوَاقٍ نَواجِزْ
وَقِيلَ: هِيَ ثِيَابٌ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ. والسِّيَرَاءُ: الذَّهَبُ، وَقِيلَ: الذَّهَبُ الصَّافِي. الْجَوْهَرِيُّ: والسِّيَرَاءُ، بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْيَاءِ والمدِّ: بُردٌ فِيهِ خُطُوطٌ صُفْرٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
صَفْرَاءُ كالسِّيَرَاءِ أُكْمِلَ خَلْقُهَا، ... كالغُصْنِ، فِي غُلَوَائِهِ، المُتَأَوِّدِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهْدَى إِليه أُكَيْدِرُ دُومَةَ حُلَّةً سِيَرَاءَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبُرُودِ يُخَالِطُهُ حَرِيرٌ كالسُّيُورِ، وَهُوَ فِعَلاءُ مِنَ السَّيْرِ القِدِّ؛ قَالَ: هَكَذَا رُوِيَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ(4/390)
المتأَخرين إِنما هُوَ عَلَى الإِضافة، وَاحْتَجَّ بأَن سِيبَوَيْهِ قَالَ: لَمْ تأْتِ فِعَلاءُ صِفَةً لَكِنِ اسْمًا، وشَرَحَ السِّيَرَاءَ بِالْحَرِيرِ الصَّافِي وَمَعْنَاهُ حُلَّةَ حَرِيرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعطى عَلِيًّا بُرْداً سِيَرَاءَ قال: اجْعَلْهُ خُمُراً
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: رأَى حُلَّةً سِيَرَاء تُباعُ
؛ وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:
إِنَّ أَحَدَ عُمَّاله وفَدَ إِليه وَعَلَيْهِ حُلَّة مُسَيَّرةٌ
أَي فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ إِبْرَيْسَمٍ كالسُّيُورِ. والسِّيَرَاءُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ، وَهِيَ أَيضاً القِرْفَةُ اللازِقَةُ بالنَّوَاةِ؛ وَاسْتَعَارَهُ الشاعرِ لِخَلْبِ القَلْبِ وَهُوَ حِجَابُهُ فَقَالَ:
نَجَّى امْرَأً مِنْ مَحلِّ السَّوْء أَن لَهُ، ... فِي القَلْبِ منْ سِيَرَاءِ القَلْبِ، نِبْرَاسا
والسِّيَرَاءُ: الْجَرِيدَةُ مِنْ جَرَائِدِ النَّخْلِ. وَمِنْ أَمثالهم فِي اليأْسِ مِنَ الْحَاجَةِ قَوْلُهُمْ: أَسائِرَ اليومِ وَقَدْ زَالَ الظُّهر؟ أَي أَتطمع فيها بَعْدُ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكَ اليأْس، لأَنَّ مَنْ كَلَّ عَنْ حاجتِه اليومَ بأَسْرِهِ وَقَدْ زَالَ الظُّهْرُ وَجَبَ أَن يَيْأَسَ كَمَا يَيْأَسُ مِنْهُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ ذِكْرُ سَيِّرٍ، هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ «1» وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَكْسُورَةِ كَثَيِّبٍ، بَيْنَ بَدْرٍ وَالْمَدِينَةِ، قَسَمَ عِنْدَهُ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، غَنَائِمَ بَدْرٍ. وسَيَّارٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وسَائِلَةٍ بِثَعْلَبَةَ بنِ سَيْرٍ، ... وَقَدْ عَلِقَتْ بِثَعْلَبَةَ العَلُوقُ
أَراد: بثعلبة بْنِ سَيَّارٍ فَجَعَلَهُ سَيْراً لِلضَّرُورَةِ لأَنه لَمْ يُمْكنه سَيَّارٌ لأَجل الْوَزْنِ فَقَالَ سَيْرٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للمُفَضَّل النُّكْرِي يَذْكُرُ أَنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَيَّار كَانَ فِي أَسرِه؛ وَبَعْدَهُ:
يَظَلُّ يُساوِرُ المَذْقاتِ فِينا، ... يُقَادُ كأَنه جَمَلٌ زَنِيقُ
المَذْقاتُ: جَمْعُ مَذْقَة، اللَّبَنُ الْمَخْلُوطُ بِالْمَاءِ. وَالزَّنِيقُ: الْمَزْنُوقُ بالحَبْلِ، أَي هُوَ أَسِيرٌ عِنْدَنَا فِي شِدَّةٍ مِنَ الجَهْدِ.
سيسنبر: السِّيسَنْبَرُ: الرَّيْحَانَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا النَّمَّامُ، وَقَدْ جَرَى فِي كَلَامِهِمْ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ؛ قَالَ الأَعشى:
لَنَا جُلَّسانٌ عِندَها وبَنَفْسَجٌ، ... وسِيسَنْبَرٌ والمَرْزَجُوشُ مُنَمْنَمَا
فصل الشين المعجمة
شبر: الشِّبْرُ: مَا بَيْنَ أَعلى الإِبهام وأَعلى الخِنْصر مُذَكَّرٌ، وَالْجَمْعُ أَشْبارٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُجاوزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ. والشَّبْرُ، بِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ، مَصْدَرُ شَبَرَ الثوبَ وغيرَهُ يَشْبُرُه ويَشْبِرُه شَبْراً كَالَهُ بِشِبْرِه، وَهُوَ مِنَ الشِّبْرِ كَمَا يُقَالُ بُعْتُه مِنَ الْبَاعِ. وَهَذَا أَشْبَرُ مِنْ ذَاكَ أَي أَوسَعُ شِبْراً. اللَّيْثُ: الشِّبْرُ الِاسْمُ والشَّبْرُ الفِعْل. وأَشْبَرَ الرجلَ: أَعطاه وفضَّله، وشَبَرَه سَيْفًا وَمَالًا يَشْبُرُه شَبْراً وأَشْبَرَه: أَعطاه إِياه؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ يَصِفُ سَيْفًا:
وأَشْبَرَنِيهِ الهالِكيُّ، كأَنَّه ... غَدِيرٌ جَرَتْ فِي مَتْنِهِ الرِّيحُ سَلْسَلُ
وَيُرْوَى: وأَشْبَرَنِيها فَتَكُونُ الْهَاءُ لِلدِّرْعِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهُوَ الصَّوَابُ لأَنه يَصِفُ دِرْعاً لَا سَيْفًا؛ وقبله:
__________
(1) . قوله: [بفتح السين إلخ] تبع في هذا الضبط النهاية، وضبطه في القاموس تبعاً للصاغاني وغيره كجبل، بالتحريك(4/391)
وبَيْضاءَ زَغْفٍ نَثْلَةٍ سُلَمِيَّةٍ، ... لَهَا رَفْرَفٌ فَوْقَ الأَنامِلِ مُرْسَلُ
الزَّغْفُ: الدِّرْعُ اللَّيِّنَةُ. وسُلَمِيَّة: مِنْ صَنْعَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَلَيْهِمَا السلام والهالِكيُّ: الْحَدَّادُ، وأَراد بِهِ هاهنا الصَّيْقَلَ، وَمَصْدَرُهُ الشَّبْرُ إِلا أَن الْعَجَّاجَ حَرَّكَهُ لِلضَّرُورَةِ فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعطى الشَّبَرْ
كأَنه قَالَ: أَعطى العَطِيَّة، وَيُرْوَى: الحَبَرْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده:
فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعطى الحَبَرْ
قَالَ: وَكَذَا رَوَتْه الرُّواة فِي شِعْرِهِ. والحَبَرُ: السُّرُورُ؛ وَقَوْلُهُ: إِن الأَصل فِيهِ الشَّبْرُ وإِنما حَرَّكَهُ لِلضَّرُورَةِ وهَمٌ لأَن الشَّبْرَ، بِسُكُونِ الْبَاءِ، مَصْدَرُ شَبَرْتُه شَبْراً إِذا أَعطيتَه، والشَّبَرُ، بِفَتْحِ الْبَاءِ، اسمُ الْعَطِيَّةِ؛ وَمِثْلُهُ الخَبْطُ والخَبَطُ، وَالْمَصْدَرُ خَبَطَتْ الشَّجَرَةَ خَبْطاً، والخَبَطُ: اسمُ مَا سقَط مِنَ الورَق مِنَ الخَبْطِ؛ وَمِثْلُهُ النَّفْضُ والنَّفَضُ، النَّفْضُ هُوَ الْمَصْدَرُ، والنَّفَضُ اسمُ مَا نَفَضْتَهُ؛ وَكَذَلِكَ جَاءَ الشَّبَرُ فِي شِعْرِ عَدِيٍّ فِي قَوْلِهِ:
لَمْ أَخُنْه وَالَّذِي أَعطى الشَّبَرْ
قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ أَحد مِنْ أَهل اللُّغَةِ إِنه حَرَّكَ الْبَاءَ لِلضَّرُورَةِ لأَنه لَيْسَ يُرِيدُ بِهِ الْفِعْلَ وإِنما يُرِيدُ بِهِ اسمَ الشَّيْءِ المُعطَى؛ وَبَعْدَ بَيْتِ الْعَجَّاجِ:
مَوَاليَ الحَقِّ أَنِ المَوْلى شَكَرْ ... عَهْدَ نَبِيٍّ، مَا عَفَا وَمَا دَثَرْ
وعهدَ صِدِّيقٍ رأَى بَرًّا فَبَرْ، ... وعهدَ عُثْمَانَ وَعَهْدًا منْ عُمَرْ
وعهدَ إِخْوَانٍ هُمُ كانُوا الوَزَرْ، ... وعُصبَةَ النبِيِّ إِذ خَافُوا الحَصَرْ
شَدّوا لَهُ سُلْطانَه حَتَّى اقْتَسَرْ، ... بالقَتْلِ، أَقْوَاماً، وأَقواماً أَسَرْ
تَحْتَ الَّتِي اخْتَار لَهُ اللهُ الشَّجَرْ ... مُحَمَّدًا، واختارَهُ اللهُ الخِيَرْ
فَمَا وَنى محمدٌ، مُذْ أَنْ غَفَرْ ... لَهُ الإِلهُ مَا مَضَى وَمَا غَبَرْ
أَنْ أَظْهَرَ النُّورَ بِهِ حَتَّى ظَهَرْ
والشَّبَرُ: الْعَطِيَّةُ وَالْخَيْرُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
إِذ أَتاني نَبأٌ مِن مُنْعَمِرْ ... لَمْ أَخُنْه، وَالَّذِي أَعْطَى الشَّبَرْ «2»
. وَقِيلَ: الشَّبْرُ والشَّبَرُ لُغَتَانِ كالقَدْرِ والقَدَرِ ابْنُ الأَعرابي: الشِّبْرَة الْعَطِيَّةُ. شَبَرْتُه وأَشْبَرْتُه وشَبَّرْتُه: أَعطيته، وَهُوَ الشَّبْرُ، وَقَدْ حُرِّك فِي الشِّعْرِ. ابْنُ الأَعرابي: شَبَرَ وشَبَّرَ إِذا قَدَّرَ. وشَبَّرَ أَيضاً إِذا بَطِرَ. وَيُقَالُ: قَصَّرَ اللَّهُ شَبْرَك وشِبْرَك أَي قَصَّرَ اللَّهُ عُمْرَك وطُولَك. الْفَرَّاءُ: الشَّبْرُ القَدّ، يُقَالُ: مَا أَطول شَبْرَه أَي قَدَّه. وفلانٌ قصيرُ الشَّبْرِ. والشَّبْرَة: الْقَامَةُ تَكُونُ قَصِيرَةً وَطَوِيلَةً. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ شُبِّرَ فُلَانٌ فَتَشَبَّرَ أَي عُظِّمَ فتعظَّمَ وقُرِّب فَتَقَرَّبَ. ابْنُ الأَعرابي: أَشْبَرَ الرجلُ جَاءَ بِبَنِينَ طِوَالٍ، وأَشْبَرَ: جَاءَ بِبَنِينَ قِصارِ الأَشبارِ. وتَشَابَرَ الْفَرِيقَانِ إِذا تَقَارَبَا فِي الْحَرْبِ كأَنه صَارَ بَيْنَهُمَا شِبْرٌ ومَدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ الشِّبْرَ. والشَّبَرُ: شَيْءٌ يَتَعَاطَاهُ النَّصَارَى بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ كالقُرْبانِ يَتَقَرَّبُونَ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ القُرْبانُ بعينِهِ. وأَعطاها شَبْرَها أَي حَقَّ النِّكَاحِ. وَفِي دُعَائِهِ لِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا:
جَمَعَ
__________
(2) . قوله: [من منعمر] كذا بالنون، وهذا الضبط بالأصل(4/392)
اللَّهُ شَمْلَكُما وَبَارَكَ فِي شَبْرِكُما
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الشَّبْرُ فِي الأَصل الْعَطَاءُ ثُمَّ كُني بِهِ عَنِ النِّكَاحِ لأَن فِيهِ عَطَاءً. وشَبْرُ الْجَمَلِ: طَرْقُه، وَهُوَ ضِرَابه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ شَبْرِ الجَمَلِ
أَي أُجرة الضِّرَابِ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُسَمَّى بِهِ الضِّرَابُ نَفْسُهُ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي عَنْ كِرَاءِ شَبْرِ الجَمَلِ؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنْ أَخذ الكراء عن ضراب الْفَحْلِ، وَهُوَ مثلُ النَّهْيِ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، وأَصل العَسْب والشَّبْرِ الضِّرابُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ لِرَجُلٍ خَاصَمَتْهُ امرأَته إِليه تطلب مَهْرِهَا: أَإِن سأَلتك ثَمَنَ شَكْرِها وشَبْرِك أَنشأْتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُها؟ أَراد بالشَّبْرِ النكاحَ، فشَكْرُها: بضْعُها؛ وشَبْرُه: وَطْؤه إِياها؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الشَّبْرُ ثَوَابُ الْبِضْعِ مِنْ مَهْرٍ وعُقْرٍ. وشَبْرُ الْجَمَلِ: ثَوَابُ ضِرَابه. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنه قَالَ: الشَّكْرُ القُوتُ، والشَّبْرُ الْجِمَاعُ. قَالَ شَمِرٌ: القُبُل يُقَالُ لَهُ الشَّكْرُ؛ وأَنشد يَصِفُ امرأَة بالشرَف وبالعِفَّة والحِرْفة:
صَنَاعٌ بإِشْفاها، حَصَانٌ بِشَكْرِها، ... جَوَادٌ بقُوتِ البَطْنِ، والعِرْقُ زَاخِرُ
ابْنُ الأَعرابي: المَشْبُورَة المرأَة السَّخِيَّة الْكَرِيمَةُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فُسِّرَ ابْنُ الأَعرابي شَبْرَ الْجَمَلِ بأَنه مِثْلُ عَسْب الْفَحْلِ فكأَنه فَسَّرَ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ؛ قَالَ: وَذَلِكَ لَيْسَ بِتَفْسِيرٍ، وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ نَهَى عَنْ شَبْرِ الْفَحْلِ. وَرَجُلٌ قَصِيرُ الشِّبْرِ مُتَقاربُ الخَطْوِ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
معاذَ اللَّهِ يَرْضَعُنِي حَبَرْكَى، ... قصِيرُ الشِّبْرِ مِنْ جُشَمِ بنِ بَكْرِ
والمَشْبَرُ والمَشْبَرَةُ: نَهْرٌ يَنْخَفِضُ فيتأَدى إِليه مَا يَفِيضُ عَنِ الأَرضِين. ابْنُ الأَعرابي: قِبالُ الشِّبْرِ الحَيَّةُ وقِبَالُ الشَّسْعِ الحيَّة. وَقَالَ أَبو سعيدْ: المَشَابِرُ حُزُوزٌ فِي الذِّراعِ الَّتِي يُتَبايَعُ بِهَا، مِنْهَا حَزُّ الشِّبْر وَحَزُّ نِصْفِ الشِّبْرِ ورُبْعِه، كلُّ جُزْءٍ مِنْهَا صَغُر أَو كَبُرَ مَشْبَرٌ. والشَّبَّورُ: شَيْءٌ يُنْفَخُ فِيهِ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ. والشَّبُّور، عَلَى وَزْنِ التَّنُّور: البُوقُ، وَيُقَالُ هُوَ مُعَرَّبٌ. وَفِي حَدِيثِ الأَذان
ذُكِرَ لَهُ الشَّبُّور
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: جَاءَ فِي تَفْسِيرِهِ أَنه البُوقُ وَفَسَّرُوهُ أَيضاً بالقُبْعِ، وَاللَّفْظَةُ عِبرانية. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ شَبَّر وشَبيراً فِي اسْمِ الْحَسَنِ والحُسين، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ؛ قَالَ: وَوَجَدْتُ ابْنَ خَالَوَيْهِ قَدْ ذَكَرَ شَرْحَهُمَا فَقَالَ: شَبَّرُ وشَبِيرٌ ومُشَبِّرٌ هُمْ أَولاد هَارُونَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَمَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ ومُحَسِّن، قَالَ: وَبِهَا سَمَّى عَلِيٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَولاده شَبَّرَ وشَبِيراً ومُشَبِّراً يَعْنِي حَسَنًا وَحُسَيْنًا ومُحَسِّناً، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجمعين.
شتر: التَّهْذِيبُ: الشَّتَرُ انقلابٌ فِي جَفْنِ الْعَيْنِ قَلَّمَا يَكُونُ خِلْقَةً. والشَّتْرُ، مُخَفَّفَةً: فِعْلك بِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّتَرُ انْقِلَابُ جَفْنِ الْعَيْنِ مِنْ أَعلى وأَسفل وتَشَنُّجُه، وَقِيلَ: هُوَ أَن ينشَقَّ الْجَفْنُ حَتَّى يَنْفَصِلَ الحَتَارُ، وَقِيلَ: هُوَ اسْتِرْخَاءُ الْجَفْنِ الأَسفل؛ شَتِرَتْ عينُه شَتَراً وشَتَرَها يَشْتُرُها شَتْراً وأَشْتَرَها وشَتَّرَها. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذا قُلْتَ شَتَرْتُهُ فإِنك لَمْ تَعْرِضْ لِشتر وَلَوْ عَرَضْتَ لِشترَ لقلتَ أَشْتَرْتُه. الْجَوْهَرِيُّ: شَتَرْتُه أَنا مِثْلُ ثَرِم وثَرَمْتُه أَنا وأَشْتَرْتُه أَيضاً، وانشَتَرتْ عينُه. وَرَجُلٌ أَشْتَرُ: بَيِّنُ الشَّتَرِ، والأُنثى شَتْراء. وَقَدْ شَتِرَ(4/393)
يَشْتَرُ شَتَراً وشُتِرَ أَيضاً مِثْلُ أَفِنَ وأُفِنَ. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: فِي الشَّتَرِ رُبْعُ الدِّيَةِ
، وَهُوَ قَطْعُ الْجَفْنِ الأَسفل وَالْأَصْلُ انقلابُه إِلى أَسفل. والشَّتْرُ: مِنْ عَروض الهَزَجِ أَن يَدْخُلَهُ الخَرْمُ والقَبْضُ فَيَصِيرَ فِيهِ مَفَاعِيلُنْ فَاعِلٌ كَقَوْلِهِ:
قلتُ: لَا تَخَفْ شَيًّا، ... فَمَا يكونُ يأْتيكا
وَكَذَلِكَ هُوَ فِي جُزْءِ الْمُضَارِعِ الَّذِي هُوَ مَفَاعِيلُنْ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ شَتَرِ الْعَيْنِ، فكأَن الْبَيْتَ قَدْ وَقَعَ فِيهِ مِنْ ذَهَابِ الْمِيمِ وَالْيَاءِ مَا صَارَ بِهِ كالأَشْتَرِ العيْن. والشَّتَرُ: انْشِقَاقُ الشَّفَةِ السفلى، شَفَة شَتْراء. وشَتَّرَ بِالرَّجُلِ تَشْتِيراً: تَنَقَّصَه وَعَابَهُ وسبَّه بِنَظْمٍ أَو نَثْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَوْ قَدَرْتُ عَلَيْهِمَا لشَتَّرْتُ بِهِمَا
أَي أَسمعتهما الْقَبِيحَ، وَيُرْوَى بِالنُّونِ، مِنَ الشَّنَارِ، وَهُوَ الْعَارُ وَالْعَيْبُ. وشَتَرَه: جَرَحَهُ؛ وَيُرْوَى بَيْتُ الأَخطل:
رَكُوبٌ عَلَى السَّوْآتِ قَدْ شَتَرَ اسْتَهُ ... مُزَاحَمَةُ الأَعداءِ، والنَّخْسُ فِي الدُّبُرْ
وشَتَّرْت بِهِ تَشْتِيراً وسَمَّعْتُ بِهِ تَسْمِيعًا ونَدَّدْتُ بِهِ تَنْدِيدًا، كُلُّ هَذَا إِذا أَسمعتَه الْقَبِيحَ وشتمتَه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الأَعرابي وأَبو عَمْرٍو: شَتَّرْت، بِالتَّاءِ؛ وَكَانَ شَمِرٌ أَنكر هَذَا الْحَرْفَ وَقَالَ: إِنما هُوَ شَنَّرْتُ، بِالنُّونِ؛ وأَنشد:
وباتَتْ تُوَقِّي الرُّوحَ، وَهِيَ حَرِيصَةٌ ... عَلَيْهِ، ولكنْ تَتَّقِي أَنْ تُشَنَّرَا
قال الأَزهري: جعله من الشَّنَارِ وَهُوَ الْعَيْبُ، وَالتَّاءُ صَحِيحٌ عِنْدَنَا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: شَتِرَ انْقَطَعَ، وشُتِرَ انْقَطَعَ. وشَتَرَ ثَوْبَهُ: مَزَّقَهُ. والأَشْتَرَانِ: مَالِكٌ وَابْنُهُ. وشُتَيْرُ بْنُ خَالِدٍ: رَجُلٌ مِنْ أَعْلام الْعَرَبِ كَانَ شَرِيفًا؛ قَالَ:
أَوَالِبَ لَا فانْهَ شُتَيْرَ بنَ خالِدٍ ... عَنِ الجَهْلِ لَا يَغْرُرْكُمُ بِأَثَامِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَوْمَ بَدْرٍ: فقلتُ قريبٌ مَفَرُّ ابْنِ الشَّتْرَاءِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ رَجُلٌ كَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ يأْتي الرُّفقة فَيَدْنُو مِنْهُمْ حَتَّى إِذا هَمُّوا بِهِ نأَى قَلِيلًا ثُمَّ عاوَدَهم حَتَّى يُصِيبَ مِنْهُمْ غِرَّة، الْمَعْنَى: أَن مَفَرَّه قَرِيبٌ وَسَيَعُودُ، فَصَارَ مَثَلًا. وشُتَيْرٌ: مَوْضِعٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَعَلَى شُتَيْر راحَ مِنَّا رائحٌ، ... يأْتي قَبِيصَةَ كالفَنِيق المُقْرَمِ
شتعر: الشَّيْتَعُور: الشَّعِيرُ؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ: وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: إِنما هُوَ الشَّيْتَغُور، بالغين المعجمة.
شتغر: الشَّيْتَغُور: الشَّعِيرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْعَيْنِ المهملة.
شجر: الشَّجَرَة الْوَاحِدَةُ تُجْمَعُ عَلَى الشَّجَر والشَّجَرَات والأَشْجارِ، والمُجْتَمِعُ الكثيرُ مِنْهُ فِي مَنْبِتِه: شَجْرَاءُ. الشَّجَر والشِّجَر مِنَ النَّبَاتِ: مَا قَامَ عَلَى سَاقٍ؛ وَقِيلَ: الشِّجَر كُلُّ مَا سَمَا بِنَفْسِهِ، دَقَّ أَو جلَّ، قاوَمَ الشِّتاءَ أَو عَجَزَ عَنْهُ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ شَجَرَة وشِجَرَة، وَقَالُوا شِيَرَةٌ فأَبدلوا، فإِمَّا أَن يَكُونَ عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ شِجَرَة، وإِمَّا أَن تَكُونَ الْكَسْرَةُ لِمُجَاوَرَتِهَا الْيَاءَ؛ قَالَ:
تَحْسَبُه بَيْنَ الأَكامِ شِيَرَهْ
وَقَالُوا فِي تَصْغِيرِهَا: شِيَيْرَة وشُيَيْرَة. قَالَ وَقَالَ مُرَّةُ: قُلِبَتِ الْجِيمُ يَاءً فِي شِيَيْرَة كَمَا قَلَبُوا الْيَاءَ جِيمًا فِي قَوْلِهِمْ أَنا تَمِيمِجٌّ أَي تَمِيمِيٌّ، وَكَمَا رُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: عَلَى كُلِّ غَنِجٍ
، يُرِيدُ غَنِيٍّ؛ هَكَذَا حَكَاهُ(4/394)
أَبو حَنِيفَةَ، بِتَحْرِيكِ الْجِيمِ، وَالَّذِي حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ أَن نَاسًا مِنْ بَنِي سَعْدٍ يُبَدِّلُونَ الْجِيمَ مَكَانَ الْيَاءِ في الوقف خاصة، وذلك لأَن الْيَاءَ خَفِيفَةٌ فأَبدلوا مِنْ مَوْضِعِهَا أَبْين الْحُرُوفِ، وذلك قَوْلُهُمْ تَمِيمِجْ فِي تَمِيميْ، فإِذا وَصَلُوا لَمْ يُبَدِّلُوا؛ فأَما مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ:
خَالِيَ عُوَيْفٌ وأَبو عَلِجِّ، ... المُطْعِمانِ اللحمَ بالعَشِجِّ،
وَفِي الغَداةِ فِلَقَ البَرْنِجِ
فإِنه اضْطُرَّ إِلى الْقَافِيَةِ فأَبدل الْجِيمَ مِنَ الْيَاءِ فِي الْوَصْلِ كَمَا يُبَدِّلُهَا مِنْهَا فِي الْوَقْفِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما قَوْلُهُمْ فِي شَجَرَة شِيَرَة فَيَنْبَغِي أَن تَكُونَ الْيَاءُ فِيهَا أَصلًا وَلَا تَكُونَ مُبْدَلَةً مِنَ الْجِيمِ لأَمرين: أَحدهما ثَبَاتُ الْيَاءِ فِي تَصْغِيرِهَا فِي قَوْلِهِمْ شُيَيْرَة وَلَوْ كَانَتْ بَدَلًا مِنَ الْجِيمِ لَكَانُوا خُلَقَاء إِذا حَقَّروا الِاسْمَ أَن يَرُدُّوهَا إِلى الْجِيمِ لِيَدُلُّوا عَلَى الأَصل، وَالْآخَرُ أَن شِينَ شَجَرة مَفْتُوحَةٌ وَشِينَ شِيرَةَ مَكْسُورَةٌ، وَالْبَدَلُ لَا تُغَيَّرُ فِيهِ الْحَرَكَاتُ إِنما يُوقَعُ حَرْفٌ مَوْضِعَ حَرْفٍ. وَلَا يُقَالُ لِلنَّخْلَةِ شَجَرَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ فِي كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بِالنَّبَاتِ. وأَرض شَجِرَة وشَجِيرة وشَجْرَاء: كَثِيرَةُ الشَّجَرِ. والشَّجْراءُ: الشَّجَرُ، وَقِيلَ: اسْمٌ لِجَمَاعَةِ الشَّجَر، وَوَاحِدُ الشَّجْراء شَجَرَة، وَلَمْ يأْت مِنَ الْجَمْعِ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ إِلَّا أَحرف يَسِيرَةٌ: شَجَرَة وشَجراء، وقَصَبَة وقَصْباء، وطَرَفة وطَرْفاء، وحَلَفَة وحَلْفاء؛ وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُ فِي وَاحِدِ الْحُلَفَاءِ حَلِفة، بِكَسْرِ اللَّامِ، مُخالفة لأَخَواتها. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الشَّجْراء وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، وَكَذَلِكَ القَصْباء والطَّرْفاء والحَلْفاء. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَكوع: حَتَّى كُنْتُ «1» . فِي الشَّجْراء
أَي بَيْنَ الأَشجار المُتَكاثِفَة، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الشَّجَرة كالقَصْباء للقَصَبة، فَهُوَ اسْمٌ مُفْرَدٌ يُرَادُ بِهِ الْجَمْعُ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ، والأَول أَوجه. والمَشْجَرُ: مَنْبِت الشَجر. والمَشْجَرَة: أَرض تُنبِت الشَّجَرَ الْكَثِيرَ. والمَشْجَر: مَوْضِعُ الأَشجار وأَرض مَشْجَرَة: كَثِيرَةُ الشَّجَرِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَهَذَا المكان الأَشْجَرُ مِنْ هَذَا أَي أَكثر شَجَراً؛ قَالَ: وَلَا أَعرف لَهُ فِعْلًا. وَهَذِهِ الأَرض أَشجر مِنْ هَذِهِ أَي أَكثر شَجَراً. ووادٍ أَشْجَرُ وشَجِيرٌ ومُشْجرٌ: كَثِيرُ الشَّجَرِ. الْجَوْهَرِيُّ: وادٍ شَجِيرٌ وَلَا يُقَالُ وادٍ أَشْجَرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ونأَى بِيَ الشَّجَرُ
؛ أَي بَعُدَ بيَ المرعَى فِي الشَّجَر. وأَرض عَشِبَة: كَثِيرَةُ العُشْب، وبَقِيلة وعاشِبَة وبَقِلة وثَمِيرة إِذا كَانَ ثَمَرَتها «2» . وأَرض مُبْقِلَة ومُعْشِبَة. التَّهْذِيبُ: الشَّجَرُ أَصناف، فأَما جِلُّ الشَّجَرِ فَعِظامُه الَّتِي تَبْقَى عَلَى الشِّتاء، وأَما دِقُّ الشَّجَرِ فَصِنْفَانِ: أَحدهما يَبْقَى لَهُ أَرُومة فِي الْأَرْضِ فِي الشِّتاء، ويَنْبُت فِي الرَّبِيعِ، وَمِنْهُ مَا يَنْبُت مِنَ الحَبَّة كَمَا تَنْبُتُ البقُول، وَفَرَّقَ مَا بَيْنَ دِقِّ الشَّجَرِ وَالْبَقْلِ أَن الشَّجَرَ لَهُ أَرُومة تَبْقَى عَلَى الشِّتَاءِ وَلَا يَبْقَى للبقْل شَيْءٌ، وأَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ هَذِهِ الشَّجَرُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ هِيَ البُرُّ وَهِيَ الشَّعير. وَهِيَ التَّمْرُ، وَيَقُولُونَ هِيَ الذَّهَبُ لأَن الْقِطْعَةَ مِنْهُ ذهَبَة؛ وبِلُغَتهم نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها؛ فأَنَّثَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: شاجَرَ المالُ إِذا رَعَى العُشْبَ والبَقْلَ فَلَمْ يُبْق مِنْهَا شَيْئًا فَصَارَ إِلى الشَّجَرِ يَرْعَاهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ إِبلًا:
__________
(1) . قوله: [حتى كنت] الذي في النهاية فإِذا كنت
(2) . قوله: [إِذا كان ثمرتها] كذا بالأَصل ولعل فيها تحريفاً أَو سقطاً، والأَصل إِذا كثرت ثمرتها أَو إذا كانت ثمرتها كثيرة أَو نحو ذلك(4/395)
تَعْرِفُ فِي أَوْجُهِها البشائِرِ ... آسانَ كلِّ آفقٍ مُشاجِرِ
وَكُلُّ مَا سُمِك ورُفِعَ، فَقَدْ شُجِرَ. وشَجَرَ الشجَرة وَالنَّبَاتَ شَجْراً: رَفَع مَا تَدَلَّى مِنْ أَغصانها. التَّهْذِيبُ قَالَ: وإِذا نزلتْ أَغصانُ شَجَرٍ أَو ثَوْبٍ فَرَفَعْتَهُ وأَجفيتَه قُلْتَ شَجَرْته، فَهُوَ مَشْجُور؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
رَقَّعَ مِنْ جِلالِه المَشْجُور
والمُشَجَّرُ مِنَ التَّصَاوير: مَا كَانَ عَلَى صِفَةِ الشَّجَرِ. وَدِيبَاجٌ مُشَجَّرٌ: نَقْشُه عَلَى هَيْئَةِ الشَّجَرِ. وَالشَّجَرَةُ الَّتِي بُويِعَ تَحْتَهَا سيدُنا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ كَانَتْ سَمُرَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
الصَّخْرةُ والشجَرة مِنَ الْجَنَّةِ
، قِيلَ: أَراد بِالشَّجَرَةِ الكَرْمَة، وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَراد بِالشَّجَرَةِ شَجَرَة بَيْعَة الرِّضوان لأَن أَصحابها اسْتَوجَبوا الْجَنَّةَ. واشْتَجَرَ القومُ: تَخَالَفُوا: وَرِمَاحٌ شواجِرُ ومُشْتَجِرة ومُتَشاجِرَة: مُخْتلفةٌ مُتَداخلة. وشَجَر بَيْنَهُمُ الأَمْرُ يَشْجُرُ شَجْراً «1» . تَنَازَعُوا فِيهِ. وشَجَر بَيْنَ الْقَوْمِ إِذا اخْتَلَفَ الأَمر بَيْنَهُمْ. واشْتَجَرَ الْقَوْمُ وتَشاجَرُوا أَي تَنَازَعُوا. والمُشاجَرة: الْمُنَازَعَةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي فِيمَا وَقَعَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الْخُصُومَاتِ حَتَّى اشْتَجَرُوا وتشاجَرُوا أَي تشابَكُوا مُخْتَلِفِينَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِياكم وَمَا شَجَرَ بَيْنَ أَصحابي
؛ أَي مَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مِنَ الاختلاف. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عَمْرٍو النَّخَعِيِّ: وذكَرَ فِتْنَةً يَشْتَجِرون فِيهَا اشْتِجارَ أَطْباق الرَّأْس
؛ أَراد أَنهم يَشْتَبِكُونَ فِي الْفِتْنَةِ وَالْحَرْبِ اشْتباك أَطْباق الرَّأْس، وَهِيَ عِظَامُهُ الَّتِي يَدْخُلُ بعضُها فِي بَعْضٍ؛ وَقِيلَ: أَراد يَخْتَلِفُونَ كَمَا تَشْتَجِرُ الأَصابع إِذا دَخَلَ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ. وكلُّ مَا تَدَاخَلَ، فَقَدْ تشاجَر واشْتَجَرَ. وَيُقَالُ: التَقَى فِئَتَانِ فتشاجَرُوا بِرِمَاحِهِمْ أَي تَشَابَكُوا. واشْتَجَرُوا بِرِماحِهِم وتشاجَرُوا بالرِّماح: تَطَاعَنُوا. وشجَرَ: طَعن بالرُّمح. وشَجَره بِالرُّمْحِ: طَعَنَهُ. وَفِي حَدِيثِ الشُّرَاة:
فَشَجَرْناهم بِالرِّمَاحِ
: أَي طعنَّاهم بِهَا حَتَّى اشتبكتْ فِيهِمْ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يأْلَفُ بعضُه بَعْضًا، فَقَدِ اشْتَبك واشْتَجَر. وَسُمِيَّ الشجَرُ شَجَراً لِدُخُولِ بَعْضِ أَغصانه فِي بَعْضٍ؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِمَراكبِ النِّساء: مَشاجِرُ، لِتشابُك عِيدان الهَوْدَج بعضِها فِي بَعْضٍ. وشَجَرَهُ شَجْراً: رَبَطَه. وشَجَرَه عَنِ الأَمر يَشْجُرهُ شَجْراً: صَرَفَهُ. والشَّجْرُ: الصَّرْف. يُقَالُ: مَا شَجَرَك عَنْهُ؟ أَي مَا صَرَفك؛ وَقَدْ شَجَرَتْني عَنْهُ الشَّواجر. أَبو عُبَيْدٍ: كلُّ شَيْءٍ اجْتَمَعَ ثُمَّ فَرَّق بَيْنَهُ شَيْءٌ فَانْفَرَقَ يُقَالُ لَهُ: شُجِرَ؛ وَقَوْلُ أَبي وَجْزَة:
طَافَ الخَيالُ بِنَا وَهْناً، فأَرَّقَنَا، ... مِنْ آلِ سُعْدَى، فباتَ النومُ مُشْتَجِرَا
مَعْنَى اشْتِجار النَّوْمِ تَجافيه عَنْهُ، وكأَنه مِنَ الشَّجِير وَهُوَ الغَرِيبُ؛ وَمِنْهُ شَجَرَ الشيءَ عَنِ الشَّيْءِ إِذا نَحَّاه؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
شَجَرَ الهُدَّابَ عَنْهُ فَجفَا
أَي جَافَاهُ عَنْهُ فَتَجَافى، وإِذا تَجافى قِيلَ: اشْتَجَر وانْشَجَر. والشَّجْرُ: مَفْرَجُ الفَم، وَقِيلَ: مُؤَخَّرُه، وَقِيلَ: هُوَ الصَّامِغ، وَقِيلَ: هُوَ مَا انْفَتَحَ مِنْ مُنْطَبِقِ الفَم، وَقِيلَ: هُوَ مُلْتَقَى اللِّهْزِمَتَيْن، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ اللَّحْيَيْن. وشَجْرُ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ أَعالي
__________
(1) . قوله: [وشجر بينهم الأَمر شجراً] في القاموس وشجر بينهم الأَمر شجوراً(4/396)
لَحْيَيْه مِنْ مُعْظَمها، وَالْجَمْعُ أَشْجَار وشُجُور. واشْتَجَر الرَّجُلُ: وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ شَجْرِهِ عَلَى حَنَكه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
نامَ الخَلِيُّ وبِتُّ الليلَ مُشْتَجِراً، ... كأَن عَيْنَيَّ فِيهَا الصَّابُ مَذْبُوحُ
مَذْبُوحٌ: مَشْقُوق. أَبو عَمْرٍو: الشَّجْرُ مَا بَيْنَ اللَّحْيَيْنِ. غَيْرُهُ: بَاتَ فُلَانٌ مُشْتَجِراً إِذا اعْتَمَدَ بشَجْرِهِ عَلَى كَفِّهِ. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِحَكَمَةِ بَغْلَةِ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ حُنَين وَقَدْ شَجَرْتُها بِهَا
أَي ضَربْتُها بِلِجَامِهَا أَكُفُّها حَتَّى فتحتْ فَاهَا؛ وَفِي رِوَايَةٍ: وَالْعَبَّاسُ يَشْجُرها أَو يَشْتَجِرُها بِلِجَامِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الشَّجْر مَفْتَح الْفَمِ، وَقِيلَ: هُوَ الذَّقَن. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ «2» . أَنَّ أُمَّه قَالَتْ لَهُ: لَا أَطْعَمُ طَعاماً وَلَا أَشرب شَرَابًا أَو تكفُرَ بِمُحَمَّدٍ
قَالَ: فَكَانُوا إِذَا أَرادوا أَن يُطْعِمُوهَا أَو يَسْقُوهَا شَجَرُوا فَاهَا أَي أَدْخَلوا فِي شَجْرِه عُوداً فَفَتَحُوهُ. وَكُلُّ شَيْءٍ عَمَدته بِعماد، فَقَدْ شَجَرْتَه. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فِي إِحدى الرِّوَايَاتِ: قُبض رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ شَجْرِي ونَحْرِي
؛ قِيلَ: هُوَ التَّشْبِيكُ، أَي أَنها ضَمَّته إِلى نَحْرِهَا مُشبِّكَة أَصابعها. وَفِي حَدِيثِ
بَعْضِ التَّابِعِينَ: تَفَقَّدْ فِي طهارَتِكَ كَذَا وَكَذَا والشِّاكِلَ والشَّجْرَ
أَي مُجْتَمَعَ اللَّحْيَيْن تَحْتَ العَنْفَقَة. والشِّجارُ: عُودٌ يُجعل فِي فَمِ الجَدْي لِئَلَّا يَرْضَع أُمَّه. والشَّجْرُ مِنَ الرَّحْل: مَا بَيْنَ الكَرَّيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَلْتَهِم ظَهْرَ الْبَعِيرِ. والمِشْجَرُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: المِشْجَب، وَفِي الْمُحْكَمِ: المَشْجَر أَعواد تُرْبَطُ كالمِشْجَب يُوضَعُ عَلَيْهَا الْمَتَاعُ. وشَجَرْت الشَّيْءَ: طرحتُه عَلَى المِشْجَر، وَهُوَ المِشْجَب. والمِشْجَر والمَشْجَر والشِّجار والشَّجار: عُودُ الْهَوْدَجِ، وَاحِدَتُهَا مِشْجَرة [مَشْجَرة] وشِجَارة، وَقِيلَ: هُوَ مَرْكَب أَصغر مِنَ الْهَوْدَجِ مكشوفُ الرأْس. التَّهْذِيبُ: والمِشْجَر مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
وأَرْثَدَ فارسُ الهَيْجا، إِذا مَا ... تَقَعَّرَتِ المَشاجِرُ بِالْقِيَامِ
اللَّيْثُ: الشِّجار خَشَبُ الْهَوْدَجِ، فإِذا غُشِّيَ غِشَاءَه صَارَ هَوْدَجاً. الْجَوْهَرِيُّ: والمَشَاجر عِيدَانُ الْهَوْدَجِ، وقال أَبو عَمْرٍو: مَرَاكِبُ دُونَ الْهَوَادِجِ مكشوفةُ الرأْس، قَالَ: وَيُقَالُ لَهَا الشُّجُرُ أَيضاً، الْوَاحِدُ شِجار «3» . وَفِي حَدِيثِ
حُنَين: ودُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة يومئذٍ فِي شِجار لَهُ
؛ هُوَ مَرْكَبٌ مَكْشُوفٌ دُونَ الْهَوْدَجِ، وَيُقَالُ لَهُ مِشْجَر [مَشْجَر] أَيضاً. والشِّجارُ: خَشَبُ الْبِئْرِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَتَرْوَيَنْ أَو لَتَبِيدَنَّ الشُّجُرْ
والشِّجارُ: سِمَةٌ مِنْ سِمَاتِ الإِبل. والشِّجارُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي يُضَبَّب بِهَا السَّرِيرُ مِنْ تَحْتُ، يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ المَتَرْس. التَّهْذِيبُ: والشِّجار الْخَشَبَةُ الَّتِي تُوضَعُ خَلْف الْبَابِ، يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ المَتَرْس، وَبِخَطِّ الأَزهري مَتَّرس، بفتح الْمِيمِ وَتَشْدِيدُ التَّاءِ؛ وأَنشد الأَصمعي:
لَوْلَا طُفَيْلٌ ضاعتِ الغَرائرُ، ... وفاءَ، والمُعْتَقُ شَيْءٌ بائرُ،
غُلَيِّمٌ رَطْلٌ وشَيْخٌ دامِرُ، ... كأَنما عِظامُنا المَشَاجِرُ
والشِّجارُ: الهَوْدَجُ الصَّغِيرُ الَّذِي يكفي واحداً حَسْب.
__________
(2) . قوله: [وفي حديث سعد] الذي في النهاية حديث أَم سعد
(3) . قوله: [الواحد شجار] بفتح أَوله وكسره وكذلك المشجر كما في القاموس(4/397)
والشَّجيرُ: الغريبُ مِنَ النَّاسِ والإِبل. ابْنُ سِيدَهْ: والشَّجِيرُ الغريبُ والصاحبُ، وَالْجَمْعُ شُجَراء. والشَّجِيرُ: قِدْح يَكُونُ مَعَ القِدَاح غَرِيبًا مِنْ غَيْرِ شَجَرَتِها؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ:
وإِذا الرِّياحُ تَكَمَّشَتْ ... بِجَوانِبِ البَيْتِ القَصِيرِ،
أَلْفَيْتَني هَشَّ اليَدَينِ ... بِمَرْي قِدْحي، أَو شَجِيرِي
والقِدْحُ الشَّجِيرُ: هُوَ الْمُسْتَعَارُ الَّذِي يُتَيَمَّنُ بِفَوْزِهِ والشَّرِيجُ: قِدْحُهُ الَّذِي هُوَ لَهُ. يُقَالُ: هُوَ شَرِيجُ هَذَا وشِرْجُهُ أَي مِثْلُهُ. والشَّجِيرُ: الردِيءُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والانْشِجارُ والاشْتِجارُ: التَّقَدُّمُ والنَّجاء؛ قَالَ عُوَيْفٌ الهُذَليُّ:
عَمْداً تَعَدَّيْنَاكَ، وانْشَجَرَتْ بِنَا ... طِوالُ الهَوادِيُ مُطْبَعَاتٌ مِنَ الوِقْرِ
وَيُرْوَى: واشْتَجَرَتْ. والاشتجارُ أَن تَتَّكِئَ عَلَى مَرْفِقِكَ وَلَا تَضَعَ جَنْبَكَ عَلَى الْفِرَاشِ. والتَّشْجيرُ فِي النخلِ: أَن تُوضَعَ العُذُوقُ على الجريد، وذلك إِذا كَثُرَ حِمْلُ النَّخْلَةِ وعَظُمَتِ الكَبائِسُ فَخِيفَ عَلَى الجُمَّارَةِ أَو عَلَى العُرْجُونِ. والشَّجِيرُ: السَّيفُ. وشَجَرَ بَيْتَهُ أَي عَمَدَه بِعَمُودٍ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ أَي مِنْ أَصل مُبَارَكٍ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّجْرَةُ النُّقْطَةُ الصَّغِيرَةُ فِي ذَقَنِ الغُلامِ.
شحر: شَحَرَ فَاهُ شَحْراً: فَتَحَهُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبها يَمَانِيَةً. والشِّحْرُ: سَاحِلُ الْيَمَنِ، قَالَ الأَزهري: فِي أَقصاها، وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يبنها وَبَيْنَ عُمانَ. وَيُقَالُ: شِحْرُ عُمانَ وشَحْرُ عُمان، وَهُوَ سَاحِلُ الْبَحْرِ بَيْنَ عُمان وعَدَنٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
رَحَلْتُ مِنْ أَقْصَى بِلادِ الرُّحَّلِ، ... مِنْ قُلَلِ الشِّحْرِ فَجَنْبَيْ مَوْكَلِ
ابْنُ الأَعرابي: الشِّحْرَةُ الشَّطُّ الضَّيِّقُ، والشِّحْرُ الشَّطُّ. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّحِيرُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَيْسَ بثَبَتٍ. والشُّحْرُورُ: طَائِرٌ أَسودُ فُوَيْقَ العُصفور يصوّت أَصواتاً.
شحشر: الشَّحْشَار: الطويل.
شخر: الشَّخِيرُ: صَوْتٌ مِنَ الحَلْقِ، وَقِيلَ: مِنَ الأَنف، وَقِيلَ: مِنَ الْفَمِ دُونَ الأَنف. وشَخِيرُ الْفَرَسِ: صَوْتُه مِنْ فَمِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْفَرَسِ بَعْدَ الصَّهِيل، شَخَرَ يَشْخِرُ شَخْراً وشَخِيراً، وَقِيلَ: الشَّخْرُ كالنَّخْرِ. الصِّحَاحُ: شَخَرَ الحمارُ يَشْخِرُ، بِالْكَسْرِ، شَخِيراً. الأَصمعي: مِنْ أَصوات الْخَيْلِ الشَّخِيرُ والنَّخِيرُ والكَرِيرُ، فَالشَّخِيرُ مِنَ الْفَمِ، وَالنَّخِيرُ مِنَ الْمَنْخَرَيْنِ، وَالْكَرِيرُ مِنَ الصَّدْرِ؛ وَرَجُلٌ شِخِّيرٌ نِخِّيرٌ. والشَّخِيرُ أَيضاً: رَفْعُ الصَّوْتِ بالنَّخْرِ. وَحِمَارٌ شِخِّيرٌ: مُصَوِّتٌ. والشَّخِيرُ: مَا تَحَاتَّ مِنَ الْجَبَلِ بالأَقدام وَالْحَوَافِرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِنُطْفَةِ بَارِقٍ فِي رأْسِ نِيقٍ ... مُنِيفٍ، دُونَها مِنْهُ شَخِيرُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَعرف الشَّخِيرَ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا أَن يَكُونَ الأَصل فِيهِ خَشِيراً فَقُلِبَ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِمَا بَيْنَ الكَرَّيْنِ مِنَ الرَّحْلِ شَرْخٌ وشَخْرٌ، والكَرُّ: مَا ضَمَّ الظَّلِفَتَيْنِ؛ أَنشد الْبَاهِلِيُّ قَوْلَ الْعَجَّاجِ:(4/398)
إِذا اثْبَجَرّا مِنْ سَوادٍ حَدَجَا، ... وشَخَرَا اسْتِنفاضَةً ونَشَجَا
قَالَ: الْاِثْبِجْرَارُ أَن يَقُومَ وَيَنْقَبِضَ، يَعْنِي الْحِمَارَ والأَتان. قَالَ: وَشَخَّرَا نَفَضَا بِجَحَافِلِهِمَا. وَاسْتِنْفَاضَةٌ أَي يَنْفُضَانِ ذَلِكَ الشَّخْصَ يَنْظُرَانِ مَا هُوَ. والنَّشِيجُ: صَوتٌ مِنَ الصَّدْرِ. وشَخْرُ الشَّباب: أَوَّله وجِدَّتُه كَشَرْخِهِ والأَشْخَرُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ. والشِّخِّير، بِكَسْرِ الشِّينِ: اسْمٌ. وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، مِثَالُ الفِسِّيق، لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَعِّيلٌ وَلَا فُعِّيلٌ.
شخدر: شَخْدَرٌ: اسم.
شذر: الشَّذْر: قِطَعٌ مِنَ الذَّهَبِ يُلْقَطُ مِنَ المعْدِن مِنْ غَيْرِ إِذابة الْحِجَارَةِ، وَمِمَّا يُصَاغُ مِنَ الذَّهَبِ فَرَائِدُ يُفَصَّلُ بِهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْجَوْهَرُ. والشَّذْرُ أَيضاً: صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ، شَبَّهَهَا بِالشَّذْرِ لِبَيَاضِهَا. وَقَالَ شَمِرٌ: الشَّذْرُ هَنَاتٌ صِغار كأَنها رؤوس النَّمْلِ مِنَ الذَّهَبِ تُجْعَلُ فِي الخَوْقِ وَقِيلَ: هُوَ خَرَزٌ يُفَصَّلُ بِهِ النَّظْمُ، وَقِيلَ: هُوَ اللُّؤْلُؤُ الصَّغِيرُ، وَاحِدَتُهُ شَذْرَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ذَهَبَ لَمَّا أَنْ رَآهَا ثُرْمُلَهْ، ... وقالَ: يَا قَوْم رَأَيْتُ مُنْكَرَه،
شَذْرةَ وَادٍ، وَرَأَيْتُ الزُّهَرَهْ
وأَنشد شَمِرٌ للمَرَّارِ الأَسَدِيّ يَصِفُ ظَبْياً:
أَتَيْنَ عَلَى اليَمِينِ، كَأَنَّ شَذْراً ... تَتابَعَ فِي النِّظامِ لَه زَلِيلُ
وشَذَّرَ النَّظْمَ: فَصَّلَهُ. فأَما قَوْلُهُمْ: شَذَّر كلامَه بِشِعْرٍ، فمولَّد وَهُوَ عَلَى المَثَلِ. والتَّشَذُّرُ: النَّشاطُ والسُّرْعة فِي الأَمر. وتَشَذَّرَتِ الناقةُ إِذا رأَت رِعْياً يَسُرُّها فَحَرَّكَتْ برأْسها مَرَحاً وفَرَحاً. والتَّشَذُّر: التَّهَدُّدُ؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَد: بَلَغَنِي عَنْ أَمير الْمُؤْمِنِينَ ذَرْءٌ مِنْ قَوْلٍ تَشَذَّرَ لِي فِيهِ بشَتْمٍ وإِيعاد فَسِرْتُ إِليه جَوَاداً
أَي مُسْرِعًا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَسْتُ أَشك فِيهَا بِالذَّالِ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَشَزَّرَ، بِالزَّايِ، كأَنه مِنَ النَّظَرِ الشَّزْر، وَهُوَ نَظَرُ المُغْضَبِ، وَقِيلَ: التَّشَذُّر التَّهيُّؤُ للشَّرِّ، وَقِيلَ: التَّشَذُّرُ التَّوَعُّدُ والتَّهَدُّدُ؛ وَقَالَ لَبِيدٍ:
غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُّحُولٍ، كأَنها ... جِنُّ البَدِيِّ، رَوَاسِياً أَقْدَامُها
ابْنُ الأَعرابي: تَشَذَّرَ فُلَانٌ وتَقَتَّرَ إِذا تَشَمَّرَ وتَهَيَّأَ للحَمْلَة. وَفِي حَدِيثِ
حُنَينٍ: أَرى كَتِيبَةَ حَرْشَفٍ كأَنهم قَدْ تَشَذَّرُوا
أَي تهيَّأُوا لَهَا وتأَهَّبُوا. وَيُقَالُ: شَذَّرَ بِهِ وشَتَّرَ بِهِ إِذا سَمَّعَ بِهِ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ فِي الْحَرْبِ إِذا تَطَاوَلُوا: تَشَذَّرُوا. وتَشَذَّرَ فُلانٌ إِذا تهيأَ لِلْقِتَالِ. وتَشَذَّرَ فَرَسَهُ أَي رَكِبَهُ مِنْ وَرَائِهِ. وتَشَذَّرَتِ الناقةُ: جَمَعَتْ قُطْرَيْها وَشَالَتْ بِذَنْبِهَا. وتَشَذَّرَ السَّوْطُ: مَالَ وتحرَّك؛ قَالَ:
وكانَ ابنُ أَجْمالٍ، إِذا مَا تَشَذَّرَتْ ... صُدُورُ السِّياطِ، شَرْعُهُنَّ المُخَوَّفُ
وتَشَذَّرَ القومُ: تَفَرَّقُوا. وَذَهَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ شَذَرَ مَذَرَ وشِذَرَ مِذَرَ وبِذَرَ أَي ذَهَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الإِقْبال؛ وَذَهَبَتْ غَنَمُكَ شَذَرَ مَذَرَ وشِذَرَ مِذَرَ: كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، شَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ
أَي فَرَّقَهُ وبَدَّده فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَيُرْوَى بِكَسْرِ الشِّينِ وَالْمِيمِ وَفَتْحِهِمَا. والتَّشَذُّرُ بِالثَّوْبِ وبالذَّنَبِ: هُوَ الِاسْتِثْفَارُ بِهِ.(4/399)
والشَّوْذَرُ: الإِتْبُ، وَهُوَ بُرْدٌ يُشَقُّ ثُمَّ تُلْقِيهِ المرأَة فِي عُنُقِهَا مِنْ غَيْرِ كُمَّيْنِ وَلَا جَيْب؛ قَالَ:
مُنْضَرِجٌ عَنْ جانِبَيْهِ الشَّوْذَرُ
وَقِيلَ: هُوَ الإِزار، وَقِيلَ: هُوَ المِلْحَفَةُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، أَصله شاذَر وَقِيلَ: جاذَر. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّوْذَرُ هُوَ الَّذِي تَلْبَسُهُ المرأَة تَحْتَ ثَوْبِهَا، وَقَالَ اللَّيْثَ: الشَّوْذَرُ ثَوْبٌ تَجْتابُه المرأَة وَالْجَارِيَةُ إِلى طَرَفِ عَضُدها، وَاللَّهُ أَعلم.
شرر: الشَّرُّ: السُّوءُ وَالْفِعْلُ لِلرَّجُلِ الشِّرِّيرِ، وَالْمَصْدَرُ الشَّرَارَةُ، والفعل شَرَّ يَشُرُّ [يَشِرُّ] . وَقَوْمٌ أَشْرَارٌ: ضِدُّ الأَخيار. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّرُّ ضِدُّ الْخَيْرِ، وَجَمْعُهُ شُرُورٌ، والشُّرُّ لُغَةٌ فِيهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
والخيرُ كُلُّه بِيَدَيْكَ والشَّرُّ لَيْسَ إِليك
؛ أَي أَن الشَّرَّ لَا يُتقرّب بِهِ إِليك وَلَا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُكَ، أَو أَن الشَّرَّ لَا يَصْعَدُ إِليك وإِنما يَصْعَدُ إِليك الطَّيِّبُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَهَذَا الْكَلَامُ إِرشاد إِلى اسْتِعْمَالِ الأَدب فِي الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ، تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، وأَن تُضَافَ إِليه، عَزَّ وَعَلَا، مَحَاسِنُ الأَشياء دُونَ مَسَاوِئِهَا، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ نَفْيَ شَيْءٍ عَنْ قُدْرَتِهِ وإِثباته لَهَا، فإِن هذا في الدُّعَاءَ مَنْدُوبٌ إِليه، يُقَالُ: يَا رَبَّ السَّمَاءِ والأَرض، وَلَا يُقَالُ: يَا رَبَّ الْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ وإِن كَانَ هُوَ رَبَّهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها. وَقَدْ شَرَّ يَشِرُّ ويَشُرُّ شَرّاً وشَرَارَةً، وَحَكَى بَعْضُهُمْ: شَرُرْتُ بِضَمِّ الْعَيْنِ. وَرَجُلٌ شَرِيرٌ وشِرِّيرٌ مِنْ أَشْرَارٍ وشِرِّيرِينَ، وَهُوَ شَرٌّ مِنْكَ، وَلَا يُقَالُ أَشَرُّ، حَذَفُوهُ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ إِياه، وَقَدْ حَكَاهُ بَعْضُهُمْ. وَيُقَالُ: هُوَ شَرُّهُم وَهِيَ شَرُّهُنَّ وَلَا يُقَالُ هُوَ أَشرهم. وشَرَّ إِنساناً يَشُرُّه إِذا عَابَهُ. الْيَزِيدِيُّ: شَرَّرَنِي فِي النَّاسِ وشَهَّرني فِيهِمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ شَرُّ النَّاسِ؛ وَفُلَانٌ شَرُّ الثَّلَاثَةِ وشَرُّ الِاثْنَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَلَدُ الزِّنَا شَرُّ الثَّلَاثَةِ
؛ قِيلَ: هَذَا جَاءَ فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ كَانَ مَوْسُومًا بالشَّرّ، وَقِيلَ: هُوَ عامٌّ وإِنما صَارَ وَلَدُ الزِّنَا شَرّاً مِنْ وَالِدَيْهِ لأَنه شَرُّهم أَصلًا وَنَسَبًا وَوِلَادَةً، لأَنه خُلِقَ مِنْ مَاءِ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ، وَهُوَ مَاءٌ خَبِيثٌ، وَقِيلَ: لأَن الْحَدَّ يُقَامُ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ تَمْحِيصًا لَهُمَا وَهَذَا لَا يُدْرَى مَا يُفْعَلُ بِهِ فِي ذُنُوبِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ أَشَرُّ النَّاسِ إِلا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ: أُعيذك بِاللَّهِ مِنْ نَفْسٍ حَرَّى وعَيْنٍ شُرَّى أَي خَبِيثَةٍ مِنَ الشَّرِّ، أَخرجته عَلَى فُعْلَى مِثْلُ أَصغر وصُغْرَى؛ وَقَوْمٌ أَشْرَارٌ وأَشِرَّاءُ. وَقَالَ يُونُسُ: واحدُ الأَشْرَارِ رَجُلٌ شَرٌّ مِثْلُ زَنْدٍ وأَزْنَادٍ، قَالَ الأَخفش: وَاحِدُهَا شَرِيرٌ، وَهُوَ الرَّجُلُ ذُو الشَّرِّ مِثْلُ يَتِيمٍ وأَيتام. وَرَجُلٌ شِرِّيرٌ، مِثَالُ فِسِّيقٍ، أَي كَثِيرُ الشَّرِّ. وشَرَّ يَشِرُّ [يَشُرُّ] إِذا زَادَ شَرُّهُ. يُقَالُ: شَرُرْتَ يَا رَجُلُ وشَرِرْتَ، لُغَتَانِ، شَرّاً وشَرَراً وشَرارَةً. وأَشررتُ الرجلَ: نَسَبْتُهُ إِلى الشَّر، وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُهُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
فَمَا زَالَ شُرْبِي الرَّاحَ حَتَّى أَشَرَّنِي ... صَدِيقِي، وَحَتَّى سَاءَنِي بَعْضُ ذلِكا
فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ قَوْلِهِ:
إِذا أَحْسَنَ ابنُ العَمّ بَعْدَ إِساءَةٍ، ... فَلَسْتُ لِشَرّي فِعْلَه بحَمُول
. إِنما أَراد لِشَرّ فِعْلِهِ فَقَلَبَ. وَهِيَ شَرَّة وشُرَّى: يَذْهَبُ بِهِمَا إِلى الْمُفَاضَلَةِ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: الشُّرَّى أُنثى الشَّر الَّذِي هُوَ الأَشَرُّ فِي التَّقْدِيرِ كالفُضْلَى الَّذِي هُوَ تأْنيث الأَفضل، وَقَدْ شَارَّهُ. وَيُقَالُ: شَارَّاهُ وشَارَّهُ، وَفُلَانٌ يُشَارُّ(4/400)
فُلَانًا ويُمَارُّهُ ويُزَارُّهُ أَي يُعاديه. والمُشَارَّةُ: الْمُخَاصَمَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُشَارِّ أَخاك
؛ هُوَ تُفَاعِل مِنَ الشَّرِّ، أَي لَا تَفْعَلْ بِهِ شَرًّا فَتُحْوِجَهُ إِلى أَن يَفْعَلَ بِكَ مِثْلَهُ، وَيُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي الأَسود: مَا فَعَلَ الَّذِي كَانَتِ امرأَته تُشَارُه وتُمارُه.
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ فِي مَثَلٍ: كلَّمَا تَكْبَرُ تَشِرّ. ابْنُ شُمَيْلٍ: مِنْ أَمثالهم: شُرَّاهُنَّ مُرَّاهُنَّ. وَقَدْ أَشَرَّ بَنُو فُلَانٍ فُلَانًا أَي طَرَدُوهُ وأَوحدوه. والشِّرَّةُ: النَّشاط. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لِهَذَا الْقُرْآنِ شِرَّةً ثُمَّ إِن لِلنَّاسِ عَنْهُ فَتْرَةً
؛ الشِّرَّةُ: النَّشَاطُ وَالرَّغْبَةُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَّةٌ.
وشِرَّةُ الشَّبَابِ: حِرْصُه ونَشاطه. والشِّرَّةُ؛ مَصْدَرٌ لِشَرَّ. والشُّرُّ، بِالضَّمِّ: الْعَيْبُ. حَكَى ابْنُ الأَعرابي: قَدْ قبلتُ عَطِيَّتَكَ ثُمَّ رَدَدْتُهَا عَلَيْكَ مِنْ غَيْرِ شُرِّكَ وَلَا ضُرِّكَ، ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: أَي مِنْ غَيْرِ رَدٍّ عَلَيْكَ وَلَا عَيْبٍ لَكَ وَلَا نَقْصٍ وَلَا إِزْرَاءٍ. وَحَكَى يَعْقُوبُ: مَا قُلْتُ ذَلِكَ لشُرِّكَ وإِنما قُلْتُهُ لِغَيْرِ شُرِّكَ أَي مَا قُلْتُهُ لِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ وإِنما قُلْتُهُ لِغَيْرِ شَيْءٍ تَكْرَهُهُ، وَفِي الصِّحَاحِ: إِنما قُلْتُهُ لِغَيْرِ عَيْبِكَ. وَيُقَالُ: مَا رَدَدْتُ هَذَا عَلَيْكَ مِنْ شُرٍّ بِهِ أَي مِنْ عَيْبٍ وَلَكِنِّي آثَرْتُكَ بِهِ؛ وأَنشد:
عَيْنُ الدَّلِيلِ البُرْتِ مِنْ ذِي شُرِّهِ
أَي مِنْ ذِي عَيْبِهِ أَي مِنْ عَيْبِ الدَّلِيلِ لأَنه لَيْسَ يَحْسُنُ أَن يَسِيرَ فِيهِ حَيْرَةً. وعينٌ شُرَّى إِذا نَظَرَتْ إِليك بالبَغْضَاء. وَحَكَى عَنِ امرأَة مِنْ بَنِي عَامِرٍ فِي رُقْيَةٍ: أَرْقيك بِاللَّهِ مِنْ نَفْسٍ حَرَّى وعَين شُرَّى؛ أَبو عَمْرٍو: الشُّرَّى: العَيَّانَةُ مِنَ النِّسَاءِ. والشَّرَرُ: مَا تَطَايَرَ مِنَ النَّارِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ
؛ وَاحِدَتُهُ شَرَرَةٌ وَهُوَ الشَّرَارُ وَاحِدَتُهُ شَرَارَةٌ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَوْ كَشَرَارِ الْعَلَاةِ يَضْرِبُها ... القَيْنُ، عَلَى كُلِّ وَجْهِهِ تَثِبُ
وشَرَّ اللحْمَ والأَقِطَ والثوبَ ونحوَها يَشُرُّه شَرّاً وأَشَرَّه وشَرَّرَهُ وشَرَّاهُ عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ: وَضَعَهُ عَلَى خَصفَةٍ أَو غَيْرِهَا ليَجِفَّ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ وأَنشد بَعْضُ الرُّوَاةِ لِلرَّاعِي:
فأَصْبَحَ يَسْتافُ البِلادَ، كَأَنَّهُ ... مُشَرَّى بأَطرافِ البُيوتِ قَديدُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا الْبَيْتُ لِلرَّاعِي إِنما هُوَ للحَلال ابْنِ عَمِّهِ. والإِشْرَارةُ: مَا يُبْسَطُ عَلَيْهِ الأَقط وَغَيْرُهُ، وَالْجَمْعُ الأَشارِيرُ. والشَّرُّ: بَسْطُك الشَّيْءَ فِي الشَّمْسِ مِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ثَوْبٌ عَلَى قامَةٍ سَحْلٌ، تَعَاوَرَهُ ... أَيْدِي الغَوَاسِلِ، للأَرْوَاحِ مَشْرُورُ
وشَرَّرْتُ الثوبَ وَاللَّحْمَ وأَشْرَرْتُ؛ وشَرَّ شَيْئًا يَشُرُّه إِذا بَسَطَهُ لِيَجِفَّ. أَبو عَمْرٍو: الشِّرَارُ صَفَائِحُ بِيضٌ يُجَفَّفُ عَلَيْهَا الكَرِيصُ وشَرَّرْتُ الثَّوْبَ: بَسَطْتُهُ فِي الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ التَّشْرِيرُ. وشَرَّرْتُ الأَقِطَ أَشُرُّهُ شَرّاً إِذا جَعَلْتَهُ عَلَى خَصفَةٍ لِيَجِفَّ، وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ وَالْمِلْحُ وَنَحْوُهُ. والأَشَارِيرُ: قِطَع قَدِيد. والإِشْرَارَةُ: القَدِيدُ المَشْرُورُ والإِشْرَارَةُ: الخَصَفَةُ الَّتِي يُشَرُّ عَلَيْهَا الأَقِطُ، وَقِيلَ: هِيَ شُقَّة مِنْ شُقَقِ الْبَيْتِ يُشَرَّرُ عليها؛ وَقَوْلُ أَبي كَاهِلٍ اليَشْكُرِيِّ:
لَهَا أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ، ... مِنَ الثَّعالِي، وَوَخْزٌ منْ أَرَانِيها(4/401)
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ الإِشْرَارَة مِنَ القَديد، وأَن يَعْنِيَ بِهِ الخَصَفَة أَو الشُّقَّة. وأَرانيها أَي الأَرانب. والوَخْزُ: الخَطِيئَةُ بَعْدَ الخَطيئَة والشيءُ بَعْدَ الشَّيْءِ أَي مَعْدُودَةٌ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
كأَنَّ الرَّذاذَ الضَّحْكَ، حَوْلَ كِناسِهِ، ... أَشارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوامِسا
ابْنُ الأَعرابي: الإِشْرَارَةُ صَفِيحَةٌ يُجَفَّفُ عَلَيْهَا الْقَدِيدُ، وَجَمْعُهَا الأَشارِيرُ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ: قَالَ الأَزهري: الإِشْرَارُ مَا يُبْسَطُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ لِيَجِفَّ فَصَحَّ بِهِ أَنه يَكُونُ مَا يُشَرَّرُ مِنْ أَقِطٍ وَغَيْرِهِ وَيَكُونُ مَا يُشَرَّرُ عَلَيْهِ. والأَشارِيرُ: جَمْعُ إِشْرارَةٍ، وَهِيَ اللَّحْمُ الْمُجَفَّفُ. والإِشْرارة: القِطْعة الْعَظِيمَةُ مِنَ الإِبل لِانْتِشَارِهَا وَانْبِثَاثِهَا. وَقَدِ اسْتَشَرَّ إِذا صَارَ ذَا إِشرارة مِنْ إِبل، قَالَ:
الجَدْبُ يَقْطَعُ عَنْكَ غَرْبَ لِسانِهِ، ... فإِذا اسْتَشَرَّ رَأَيتَهُ بَرْبَارا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ثَعْلَبٌ اجْتَمَعَتْ مَعَ ابْنِ سَعْدانَ الرَّاوِيَةُ فَقَالَ لِي: أَسأَلك؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: مَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّاعِرِ؟ وَذَكَرَ هَذَا الْبَيْتَ، فَقُلْتُ لَهُ: الْمَعْنَى أَن الْجَدْبَ يُفْقِرُهُ وَيُمِيتُ إِبله فَيَقِلُّ كَلَامُهُ وَيَذِلُّ؛ وَالْغَرْبُ: حِدَّة اللِّسَانِ. وغَرْبُ كُلِّ شيء: حدّته. وقوله: وإِذا اسْتَشَرَّ أَي صَارَتْ لَهُ إِشْرَارَةٌ مِنَ الإِبل، وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْعَظِيمَةُ مِنْهَا، صَارَ بَرْباراً وَكَثُرَ كَلَامُهُ. وأَشَرَّ الشيءَ: أَظهره؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ، وَقِيلَ: إِنه للحُصَيْنِ بْنِ الْحُمَامِ المُرِّيِّ يَذكُرُ يَوْمَ صِفِّين:
فَمَا بَرِحُوا حَتَّى رأَى اللهُ صَبْرَهُمْ، ... وحَتَّى أُشِرَّتْ بالأَكُفِّ المصاحِفُ
أَي نُشِرَتْ وأُظهرت؛ قال الجوهري والأَصمعي: يُرْوَى قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
تَجَاوَزْتُ أَحْراساً إِليها ومَعْشَراً ... عَلَيَّ حِراصاً، لَوْ يُشِرُّونَ مَقْتَلِي «4»
. عَلَى هَذَا قَالَ، وَهُوَ بِالسِّينِ أَجود. وشَرِيرُ الْبَحْرِ: سَاحِلُهُ، مُخَفَّفٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّرِيرُ مِثْلُ العَيْقَةِ، يَعْنِي بِالْعَيْقَةِ ساحلَ الْبَحْرِ وَنَاحِيَتَهُ؛ وأَنشد للجَعْدِي:
فَلا زَالَ يَسْقِيها، ويَسْقِي بلادَها ... مِنَ المُزْنِ رَجَّافٌ، يَسُوقُ القَوارِيَا
يُسَقِّي شَرِيرَ البحرِ حَوْلًا، تَرُدُّهُ ... حَلائبُ قُرْحٌ، ثُمَّ أَصْبَحَ غَادِيَا
والشَّرَّانُ عَلَى تَقْدِيرِ فَعْلانَ: دَوابُّ مِثْلُ الْبَعُوضِ، وَاحِدَتُهَا شَرَّانَةٌ، لُغَةُ لأَهل السَّوَادِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ مِنْ كَلَامِ أَهل السَّوَادِ، وَهُوَ شَيْءٌ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ الأَذى شِبْهُ الْبَعُوضِ، يَغْشَى وَجْهَ الإِنسان وَلَا يَعَضُّ. والشَّرَاشِرُ: النَّفْسُ والمَحَبَّةُ جَمِيعًا. وَقَالَ كُرَاعٌ: هِيَ مَحَبَّةُ النَّفْسِ، وَقِيلَ: هُوَ جَمِيعُ الْجَسَدِ، وأَلقى عَلَيْهِ شَرَاشِرَهُ، وَهُوَ أَن يُحِبَّهُ حَتَّى يَسْتَهْلِكَ فِي حُبِّهِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ هَوَاهُ الَّذِي لَا يُرِيدُ أَن يَدَعَهُ مِنْ حَاجَتِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وكائِنْ تَرى مِنْ رَشْدةٍ فِي كَرِيهَةٍ، ... ومِنْ غَيَّةٍ تُلْقَى عَلَيْهَا الشَّراشِرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ كَمْ تَرَى مِنْ مُصِيبٍ فِي اعْتِقَادِهِ ورأْيه، وَكَمْ تَرَى مِنْ مُخْطِئٍ فِي أَفعاله وَهُوَ جَادٌّ مُجْتَهِدٌ فِي فِعْلِ مَا لَا يَنْبَغِي أَن يُفْعَلَ، يُلْقِي شَرَاشِرَهُ عَلَى مَقَابِحِ الأُمور وينهَمِك فِي الِاسْتِكْثَارِ منها؛
__________
(4) . في معلقة امْرِئِ الْقَيْسِ: لَوْ يُسِرّون(4/402)
وَقَالَ الْآخَرُ:
وتُلْقَى عَلَيْهِ، كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ، ... شَرَاشِرُ مِنْ حَيَّيْ نِزَارٍ وأَلْبُبُ
الأَلْبُبُ: عُرُوقٌ مُتَّصِلَةٌ بِالْقَلْبِ. يُقَالُ: أَلقى عَلَيْهِ بَنَاتِ أَلْبُبه إِذا أَحبه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَمَا يَدْرِي الحَرِيصُ عَلامَ يُلْقي ... شَرَاشِرَهُ، أَيُخْطِئُ أَم يُصِيبُ؟
والشَّرَاشِرُ: الأَثقال، الواحدةُ شُرْشُرَةٌ «1» . يُقَالُ: أَلقى عَلَيْهِ شَرَاشِرَهُ أَي نَفْسَهُ حِرْصًا وَمَحَبَّةً، وَقِيلَ: أَلقى عَلَيْهِ شَراشره أَي أَثقاله. وشَرْشَرَ الشيءَ: قَطَّعَهُ، وَكُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهُ شِرْشِرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا:
فَيُشَرْشِرُ بِشِدْقِهِ إِلى قَفاه
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي يُقَطِّعُهُ ويُشَقِّقُهُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ يَصِفُ الأَسد:
يَظَلُّ مُغِبّاً عِنْدَهُ مِنْ فَرَائِسٍ، ... رُفَاتُ عِظَامٍ، أَو عَرِيضٌ مُشَرشَرُ
وشَرْشَرَةُ الشَّيْءِ: تَشْقِيقُهُ وَتَقْطِيعُهُ. وشَرَاشِرُ الذنَب: ذَباذِبُهُ. وشَرْشَرَتْهُ الْحَيَّةُ: عَضَّتْهُ، وَقِيلَ: الشَّرْشَرَةُ أَن تَعَضَّ الشَّيْءَ ثُمَّ تَنْفُضَهُ. وشَرْشَرَتِ الماشِيَةُ النباتَ: أَكلته؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ لجُبَيْها الأَشْجَعِيِّ:
فَلَوْ أَنَّهَا طافَتْ بِنَبْتٍ مُشَرْشَرٍ، ... نَفَى الدِّقَّ عَنْهُ جَدْبُه، فَهْوَ كَالحُ
وشَرْشَرَ السِّكِّين واللحم: أَحَدَّهما عَلَى حَجَرٍ. والشُّرْشُور: طَائِرٌ صَغِيرٌ مِثْلُ الْعُصْفُورِ؛ قَالَ الأَصمعي: تُسَمِّيهِ أَهل الْحِجَازِ الشُّرْشُورَ، وَتُسَمِّيهِ الأَعراب البِرْقِشَ، وَقِيلَ: هُوَ أَغبر عَلَى لَطَافَةِ الحُمَّرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَكبر مِنَ الْعُصْفُورِ قَلِيلًا. والشَّرْشَرُ: نَبْتٌ. وَيُقَالُ: الشِّرْشِرُ، بِالْكَسْرِ. والشِّرْشِرَةُ: عُشْبَة أَصغر مِنَ العَرْفَج، وَلَهَا زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ وقُضُبٌ وَوَرَقٌ ضِخَامٌ غُبْرٌ، مَنْبِتُها السَّهْلُ تَنْبُتُ مُتَفَسِّحَةً كأَن أَقناءها الحِبالُ طُولًا، كَقَيْسِ الإِنسان قَائِمًا، وَلَهَا حَبٌّ كَحَبِّ الهَرَاسِ، وَجَمْعُهَا شِرْشِرٌ؛ قَالَ:
تَرَوَّى مِنَ الأَحْدَاثِ حَتَّى تَلاحَقَتْ ... طَرَائِقُه، واهْتَزَّ بالشِّرْشِرِ المَكْرُ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي زِيَادٍ: الشِّرْشِرُ يَذْهَبُ حِبالًا عَلَى الأَرض طُولًا كَمَا يَذْهَبُ القُطَبُ إِلا أَنه لَيْسَ لَهُ شَوْكٌ يُؤْذِي أَحداً؛ اللَّيْثُ فِي تَرْجَمَةِ قَسَرَ:
وشَرْشَرٌ [شِرْشِرٌ] وقَسْوَةٌ نَصْرِيُ
قَالَ الأَزهري: فَسَّرَهُ اللَّيْثُ فَقَالَ: وَالشَّرْشَرُ الْكَلْبُ، وَالْقَسْوَرُ الصَّيَّادُ؛ قَالَ الأَزهري: أَخطأَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِهِ فِي أَشياء فَمِنْهَا قَوْلُهُ الشَّرْشَرُ الْكَلْبُ وإِنما الشَّرْشَرُ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ، قَالَ: وَقَدْ رأَيته بِالْبَادِيَةِ تُسَمَّنُ الإِبل عَلَيْهِ وتَغْزُرُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الأَعرابي: وَغَيْرُهُ فِي أَسْمَاءِ نُبُوتِ الْبَادِيَةِ. ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: مِنَ الْبُقُولِ الشَّرْشَرُ. قَالَ: وَقِيلَ للأَسدية أَو لِبَعْضِ الْعَرَبِ: مَا شَجَرَةُ أَبيك؟ قَالَ: قُطَبٌ وشَرْشَرٌ [شِرْشِرٌ] ووَطْبٌ جَشِرٌ؛ قَالَ: الشِّرْشِرُ خَيْرٌ مِنَ الإِسْلِيح والعَرْفَج. أَبو عَمْرٍو: الأَشِرَّةُ وَاحِدُهَا شَرِيرٌ: مَا قَرُبَ مِنَ الْبَحْرِ، وَقِيلَ: الشَّرِيرُ شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ، وَقِيلَ: الأَشِرَّةُ البحور؛ وقال الْكُمَيْتُ:
إِذا هُوَ أَمْسَى فِي عُبابِ أَشِرَّةٍ، ... مُنِيفاً عَلَى العَبْرَيْنِ بِالْمَاءِ، أَكْبَدا
__________
(1) . قوله: [الواحدة شرشرة] بضم المعجمتين كما في القاموس، وضبطه الشهاب في العناية بفتحهما(4/403)
وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
سَقَى بِشَرِيرِ البَحْر حَوْلًا، يَمُدُّهُ ... حَلائِبُ قُرْحٌ ثُمَّ أَصْبَحَ غادِيا «1»
. وشِوَاءٌ شَرْشَرٌ: يَتَقَاطَرُ دَسَمُه، مثل سَلْسَلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يأْتي عَلَيْكُمْ عَامٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير:
سُئِلَ الْحَسَنُ عَنْهُ فَقِيلَ: مَا بَالِ زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ زَمَانِ الْحَجَّاجِ؟ فَقَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ تَنْفِيسٍ، يَعْنِي أَن اللَّهَ تَعَالَى يُنَفِّسُ عَنْ عِبَادِهِ وَقْتًا مَا وَيَكْشِفُ الْبَلَاءَ عَنْهُمْ حِينًا.
وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ: لَهَا كِظَّةٌ تَشْتَرُّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ اشْتَرَّ الْبَعِيرُ كاجْتَرَّ، وَهِيَ الجِرَّةُ لِمَا يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ مِنْ جَوْفِهِ إِلى فَمِهِ يَمْضُغُهُ ثُمَّ يَبْتَلِعُهُ، وَالْجِيمُ وَالشِّينُ مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ. وشُرَاشِرٌ وشُرَيْشِرٌ وشَرْشَرَةُ: أَسماء. والشُّرَيْرُ: مَوْضِعٌ، هُوَ مِنَ الْجَارِ عَلَى سَبْعَةِ أَميال؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
دِيارٌ بِأَعْنَاءٍ الشُّرَيْرِ، كَأَنَّمَا ... عَلَيْهِنَّ فِي أَكْنافِ عَيْقَةَ شِيدُ
شزر: نَظَرٌ شَزْرٌ: فِيهِ إِعراض كَنَظَرِ الْمُعَادِي الْمُبْغِضِ، وَقِيلَ: هُوَ نَظَرٌ عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ بِمؤْخِرِ الْعَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ النَّظَرُ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: الْحَظُوا الشَّزْرَ واطْعُنُوا اليَسْرَ
؛ الشَّزْرُ: النَّظَرُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَالِ وَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمِ الطَّرِيقَةِ، وَقِيلَ: هُوَ النَّظَرُ بِمُؤَخَّرِ الْعَيْنِ، وأَكثر مَا يَكُونُ النظرُ الشَّزْرُ فِي حَالِ الْغَضَبِ، وَقَدْ شَزَرَهُ يَشْزِرُهُ شَزْراً. وشَزَّرَ إِليه: نَظَرَ مِنْهُ فِي أَحد شِقَّيْهِ وَلَمْ يَسْتَقْبِلْهُ بِوَجْهِهِ. ابْنُ الأَنباري: إِذا نَظَرَ بِجَانِبِ الْعَيْنِ فَقَدَ شَزَرَ يَشْزِرُ، وذلك مِنَ البَغْضَةِ والهَيْبَةِ؛ ونَظَرَ إِليه شَزْراً، وَهُوَ نَظَرُ الْغَضْبَانِ بِمُؤَخَّرِ الْعَيْنِ؛ وَفِي لَحْظِهِ شَزَرٌ، بِالتَّحْرِيكِ. وتَشازَرَ القومُ أَي نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ شَزْراً. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ شَزَرْته أَشْزِرُه شَزْراً، ونَزَرْته أَنْزِرُه نَزْراً أَي أَصبته بالعين، وإِنه لحَمِئُ العَيْنِ، وَلَا فِعْلَ لَهُ، وإِنه لأَشْوَهُ العَيْنِ إِذا كَانَ خَبِيثَ الْعَيْنِ، وإِنه لشَقِذُ العَيْنِ إِذا كَانَ لَا يَقْهَرهُ النُّعاسُ، وَقَدْ شَقِذَ يَشْقَذُ شَقَذاً. أَبو عَمْرٍو: والشَّزْرُ مِنَ المُشازَرَةِ، وَهِيَ الْمُعَادَاةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَلْقَى مُعَادِيهِمْ عذابَ الشَّزْرِ
وَيُقَالُ: أَتاه الدهرُ بشَزْرَةٍ لَا ينحلُّ مِنْهَا أَي أَهلكه. وَقَدْ أَشْزَرَهُ اللَّهُ أَي أَلقاه فِي مَكْرُوهٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ. والطَّعْنُ الشَّزْرُ: مَا طَعَنْتَ بِيَمِينِكَ وَشَمَالِكَ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الطِّعْنُ الشَّزْرُ مَا كَانَ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ. وشَزَرَهُ بالسِّنان: طَعَنَهُ. اللَّيْثُ: الْحَبْلُ المَشْزُورُ الْمَفْتُولُ وَهُوَ الَّذِي يُفْتَلُ مِمَّا يَلِي الْيَسَارَ، وَهُوَ أَشد لِفَتْلِهِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الشَّزْرُ إِلى فَوْقٍ. قَالَ الأَصمعي: الْمَشْزُورُ الْمَفْتُولُ إِلى فَوْقٍ، وَهُوَ الْفَتْلُ الشَّزْرُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. ابْنُ سِيدَهْ: والشَّزْرُ مِنَ الفَتْلِ مَا كَانَ عَنِ الْيَسَارِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يبدأَ الْفَاتِلُ مِنْ خَارِجٍ ويَرُدَّه إِلى بَطْنِهِ وَقَدْ شَزَرَهُ؛ قَالَ:
لِمُصْعَبِ الأَمْر، إِذا الأَمْرُ انْقَشَرْ ... أَمَرَّهُ يَسْراً، فإِنْ أَعْيا اليَسَرْ
والْتاثَ إِلا مِرَّةَ الشَّزْرِ، شَزَرْ
أَمرَّه أَي فَتَلَهُ فَتْلًا شَدِيدًا. يَسْرًا أَي فَتَلَهُ عَلَى الْجِهَةِ اليَسْراءِ. فإِن أَعْيا اليَسَرُ وَالْتَاثَ أَي أَبطأَ.
__________
(1) . قوله: [سقى بشرير إلخ] الذي تقدم: [تسقي شَرِيرَ الْبَحْرِ حَوْلًا تَرُدُّهُ] وهما روايتان كما في شرح القاموس(4/404)
أَمَرَّهُ شَزْراً أَي عَلَى العَسْراءِ وأَغارَهُ عَلَيْهَا؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:
بالفَتْلِ شَزْراً غَلَبَتْ يَسَارا، ... تَمْطُو العِدَى والمِجْذَبَ البَتَّارَا
يَصِفُ حِبَالَ المَنْجَنِيقِ يَقُولُ: إِذا ذَهَبُوا بِهَا عَنْ وُجُوهِهَا أَقبلت عَلَى القَصْدِ. واسْتَشْزَرَ الحَبْلُ واسْتَشْزَرَه فَاتِلُه؛ وَرُوِيَ بَيْتُ امْرِئِ الْقَيْسِ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا:
غَدَائِرُه مُسْتَشْزِرَاتٌ إِلى العُلى، ... تَظَلُّ المَدَارِي فِي مُثَنًّى ومُرْسَلِ «1»
. وَيُرْوَى مُسْتَشْزَرَات. وغَزْلٌ شَزْرٌ: عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ وَفِي الصِّحَاحِ: والشَّزْرُ مِنَ الْفَتْلِ مَا كَانَ إِلى فَوْقٍ خلافَ دَوْرِ المِغْزَل. يُقَالُ: حَبْلٌ مَشْزُورٌ وَغَدَائِرُ مُسْتَشْزَرات. وطَحْنٌ شَزْرٌ: ذَهَبَ بِهِ عَنِ الْيَمِينِ. يُقَالُ: طَحَنَ بِالرَّحَى شَزْراً، وَهُوَ أَن يَذْهَبُ بِالرَّحَى عَنْ يَمِينِهِ، وبَتّاً أَي عَنْ يَسَارِهِ؛ وأَنشد:
ونَطْحَنُ بالرَّحَى بَتّاً وشَزْراً، ... ولَوْ نُعْطَى المَغَازِلَ مَا عَيِينَا
والشَّزْرُ: الشِّدَّةُ وَالصُّعُوبَةُ فِي الأَمر. وتَشَزَّرَ الرَّجُلُ: تهيأَ لِلْقِتَالِ. وتَشَزَّرَ: غَضِبَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَد: بَلَغَنِي عَنْ أَمير الْمُؤْمِنِينَ ذَرْءٌ مِنْ خَبَرٍ تَشَزَّرَ لِي فِيهِ بِشَتْمٍ وإِبْعَاد فَسِرْتُ إِليه جَوَاداً، وَيُرْوَى تَشَذَّر، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
مَا زَالَ في الحُوَلاءِ [الحِوَلاءِ] شَزْراً رائِغاً، ... عِنْدَ الصَّرِيمِ، كَرَوْغَةٍ مِنْ ثَعْلَبِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: شَزْراً آخِذًا فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ. يَقُولُ: لَمْ يَزَلْ فِي رَحِمِ أُمه رَجُلَ سَوْءٍ كأَنه يَقُولُ لَمْ يَزَلْ فِي أُمه عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا فِي الْكِبَرِ. وَالصَّرِيمُ هُنَا: الأَمر الْمَصْرُومُ. وشَيْزَرٌ: بَلَدٌ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَرض؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تَقَطَّعَ أَسْبَابُ اللُّبَانَةِ والهَوَى، ... عَشِيَّةَ جَاوَزْنا حَمَاةَ وشَيْزَرَا
شصر: الشَّصْرُ مِنَ الْخِيَاطَةِ: كالبَشْكِ، وَقَدْ شَصَرَه شَصْراً. أَبو عُبَيْدٍ: شَصَرْتُ الثَّوْبَ شَصْراً إِذا خِطْتَه مِثْلَ البَشْكِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وتَشْصِيرُ النَّاقَةِ مِنْ هَذَا. الصِّحَاحُ: الشَّصْرُ الْخِيَاطَةُ الْمُتَبَاعِدَةُ وَالتَّزْنِيدُ. وشَصَرْتُ عينَ الْبَازِي أَشْصُرُه شَصْراً إِذا خِطْتَهُ. والشِّصَار: أَخِلَّةُ التَّزْنِيد؛ حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ. والشِّصَارُ: خَشَبَةٌ تَدْخُلُ بَيْنَ مَنْخِرَيِ النَّاقَةِ، وَقَدْ شَصَرَها وشَصَّرَها. وشَصَرَ النَّاقَةَ يَشْصِرُها ويَشْصُرُها شَصْراً إِذا دَحَقَتْ رَحِمُها فَخَلَّلَ حَياءَها بِأَخِلَّةٍ ثُمَّ أَدار خَلْفَ الأَخِلَّةِ بعَقَبٍ أَو خَيْطٍ مِنْ هُلْبِ ذَنبها. والشِّصارُ: مَا شُصِرَ بِهِ. التَّهْذِيبِ: والشِّصارُ خَشَبَةٌ تَشُدُّ بَيْنَ شُفْرَي النَّاقَةِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الشَّصْرانِ خَشَبَتَانِ يَنْفُذُ بِهِمَا فِي شُفْرِ خُورانِ النَّاقَةِ ثُمَّ يَعْصِبُ مِنْ وَرَائِهَا بِخُلْبَةٍ شَدِيدَةٍ، وَذَلِكَ إِذا أَرادوا أَن يظأَروها عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا فيأْخذون دُرْجَةً مَحْشُوَّةً ويَدُسُّونها فِي خُورانِها، ويَخِلُّون الخُورانَ بِخِلَالَيْنِ هُمَا الشِّصارَانِ يُوثَقانِ بِخُلْبَةٍ يُعْصَبانِ بِهَا، فَذَلِكَ الشَّصْرُ والتَّزْنِيدُ. وشَصَرَ بَصَرُه يَشْصِرُ شُصُوراً: شَخَصَ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَيُقَالُ: تَرَكْتُ فُلْانًا وَقَدْ شَصَرَ بَصَرهُ، وَهُوَ أَن تَنْقَلِبَ الْعَيْنُ عِنْدَ نُزُولِ الْمَوْتِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا عِنْدِي وَهَمٌ وَالْمَعْرُوفُ شَطَرَ بَصَرُه وَهُوَ الَّذِي كأَنه يَنْظُرُ إِليك وإِلى آخَرَ؛ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الِفَرَّاءِ. قَالَ: والشُّصُور بمعنى الشُّطُور
__________
(1) . في معلقة إمرئ القيس: تَضِلُّ العِقاصُ(4/405)
مِنْ مَنَاكِيرِ اللَّيْثِ، قَالَ: وَقَدْ نَظَرْتُ فِي بَابِ مَا يُعَاقَبُ مِنْ حَرْفَيِ الصَّادِ وَالطَّاءِ لِابْنِ الْفَرَجِ فَلَمْ أَجده، قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي مِنْ وهَم اللَّيْثِ. والشَّصْرَةُ: نَطْحَةُ الثَّوْرِ الرجلَ بِقَرْنهِ. وشَصَرَهُ الثَّوْرُ بِقَرْنِهِ يَشْصُرُهُ شَصْراً: نَطَحَهُ، وَكَذَلِكَ الظَّبْيُ. والشَّصَرُ مِنَ الظِّبَاءِ: الَّذِي بَلَغَ أَن يَنْطَحَ، وَقِيلَ: الَّذِي بَلَغَ شَهْرًا، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يَحْتَنِكْ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ قَوِيَ وَتَحَرَّكَ، وَالْجَمْعُ أَشْصارٌ وشَصَرَةٌ. والشَّوْصَرُ: كالشَّصَرِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ لَهُ شاصِرٌ إِذا نَجَمَ قَرْنُه. والشَّصَرَةُ: الظَّبْيَةُ الصَّغِيرَةُ. والشَّصَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: وَلَدُ الظَّبْيَةِ، وَكَذَلِكَ الشَّاصِرُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَالَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الأَعراب: هُوَ طَلًا ثُمَّ خِشْفٌ، فإِذا طَلَعَ قَرْنَاهُ فَهُوَ شادِنٌ، فإِذا قَوِيَ وَتَحَرَّكَ فَهُوَ شَصَرٌ، والأُنثى شَصَرَةٌ، ثُمَّ جَذَعٌ ثُمَّ ثَنِيٌّ، وَلَا يَزَالُ ثَنِيّاً حَتَّى يَمُوتَ لَا يزيد عليه. وشِصارٌ: اسْمُ رَجُلٍ وَاسْمُ جِنِّيٍّ؛ وَقَوْلُ خُنافِر فِي رَئيِّهِ مِنَ الْجِنِّ:
نَجَوْتُ بِحَمْدِ اللهِ مِنْ كُلِّ فَحْمَةٍ ... تُؤَرِّثُ هُلْكاً، يَوْمَ شايَعْتُ شاصِرَا
إِنما أَراد شِصاراً فَغَيَّرَ الِاسْمَ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ، وَمِثْلُهُ كثير.
شطر: الشَّطْرُ: نِصْفُ الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ أَشْطُرٌ وشُطُورٌ. وشَطَرْتُه: جَعَلْتُهُ نِصْفَيْنِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَحْلُبُ حَلَباً لكَ شَطْرُه. وشاطَرَه مالَهُ: ناصَفَهُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَمْسَكَ شَطْرَهُ وأَعطاه شَطْره الْآخَرَ. وَسُئِلَ
مَالِكُ بْنُ أَنس: مِنْ أَين شاطَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عُمَّالَهُ؟ فَقَالَ: أَموال كَثِيرَةٌ ظَهَرَتْ لَهُمْ. وإِن أَبا الْمُخْتَارِ الْكِلَابِيَّ كَتَبَ إِليه:
نَحُجُّ إِذا حَجُّوا، ونَغْزُو إِذا غَزَوْا، ... فَإِنِّي لَهُمْ وفْرٌ، ولَسْتُ بِذِي وَفْرِ
إِذا التَّاجِرُ الدَّارِيُّ جاءَ بِفَأْرَةٍ ... مِنَ المِسْكِ، راحَتْ فِي مَفارِقِهِمْ تَجْرِي
فَدُونَكَ مالَ اللهِ حَيْثُ وجَدْتَهُ ... سَيَرْضَوْنَ، إِنْ شاطَرْتَهُمْ، مِنْكَ بِالشَّطْرِ
قَالَ: فَشاطَرَهُمْ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَموالهم.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن سَعْداً استأْذن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن يتصدَّق بِمَالِهِ، قَالَ: لَا، قَالَ: فالشَّطْرَ، قَالَ: لَا، قَالَ الثُّلُثَ، فَقَالَ: الثُّلُثُ والثُّلُثُ كَثِيرٌ
؛ الشَّطْرُ: النِّصْفُ، وَنَصَبَهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَي أَهَبُ الشَّطْرَ وَكَذَلِكَ الثُّلُثُ، وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كَانَ عِنْدَنَا شَطْرٌ مِنْ شَعير.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رَهَنَ دِرْعَهُ بشَطْر مِنْ شَعِيرٍ
؛ قِيلَ: أَراد نِصْفَ مَكُّوكٍ، وَقِيلَ: نصفَ وسْقٍ. وَيُقَالُ: شِطْرٌ وشَطِيرٌ مِثْلُ نِصْفٍ ونَصِيفٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمان لأَن الإِيمان يَظْهَرُ بِحَاشِيَةِ الْبَاطِنِ، والطُّهُور يَظْهَرُ بِحَاشِيَةِ الظَّاهِرِ.
وَفِي حَدِيثِ مَانِعِ الزكاةِ:
إِنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَماتِ رَبِّنا.
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الحَرْبِيُّ غَلِطَ بَهْزٌ الرَّاوِي فِي لَفْظِ الرِّوَايَةِ إِنما هُوَ: وشُطِّرَ مالُهُ أَي يُجْعَل مالُهُ شَطْرَيْنِ ويَتَخَيَّر عَلَيْهِ المُصَدّقُ فيأْخذ الصَّدَقَةَ مِنْ خَيْرِ النِّصْفَيْنِ، عُقُوبَةً لِمَنْعِهِ الزَّكَاةَ، فأَما ما لَا يَلْزَمُهُ فَلَا. قَالَ: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْلِ الْحَرْبِيِّ: لَا أَعرف هَذَا الْوَجْهَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الحقَّ مُسْتَوْفًى مِنْهُ غَيْرُ مَتْرُوكٍ عَلَيْهِ، وإِن تَلِفَ شَطرُ مَالِهِ، كَرَجُلٍ كَانَ لَهُ أَلف شَاةٍ فَتَلِفَتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ(4/406)
إِلا عِشْرُونَ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَشْرُ شِيَاهٍ لِصَدَقَةِ الأَلف، وَهُوَ شَطْرُ مَالِهِ الْبَاقِي، قَالَ: وَهَذَا أَيضاً بَعِيدٌ لأَنه قَالَ لَهُ: إِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّا آخِذُو شَطْرَ مَالِهِ، وَقِيلَ: إِنه كَانَ فِي صَدْرِ الإِسلام يَقَعُ بَعْضُ الْعُقُوبَاتِ فِي الأَموال ثُمَّ نُسِخَ، كَقَوْلِهِ فِي الثَّمَرِ المُعَلَّقِ: مَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غرامةُ مِثْلَيْهِ والعقوبةُ، وَكَقَوْلِهِ فِي ضَالَّةِ الإِبل الْمَكْتُومَةِ: غَرامَتُها ومثْلُها مَعَهَا، وَكَانَ عُمَرُ يَحْكُمُ بِهِ فَغَرَّمَ حَاطِبًا ضِعْفَ ثَمَنِ ناقةِ المُزَنِيِّ لَمَّا سَرَقَهَا رَقِيقُهُ وَنَحَرُوهَا؛ قَالَ: وَلَهُ فِي الْحَدِيثِ نَظَائِرُ؛ قَالَ: وَقَدْ أَخذ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَعَمِلَ بِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: مَنْ مَنَعَ زَكَاةَ مَالِهِ أُخذت مِنْهُ وأُخذ شَطْرُ مَالِهِ عُقُوبَةً عَلَى مَنْعِهِ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ:
لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلا الزَّكَاةُ لَا غَيْرَ
، وَجَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخًا، وَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتِ الْعُقُوبَاتُ فِي الأَموال، ثُمَّ نُسِخَتْ، وَمَذْهَبُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ أَن لَا واجبَ عَلَى مُتْلِفِ الشَّيْءِ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلِهِ أَو قِيمَتِهِ. وَلِلنَّاقَةِ شَطْرَانِ قادِمان وآخِرانِ، فكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ، وَالْجَمْعُ أَشْطُرٌ. وشَطَّرَ بِنَاقَتِهِ تَشْطِيراً: صَرَّ خِلْفَيْها وَتَرَكَ خِلْفَيْنِ، فإِن صَرَّ خِلْفاً وَاحِدًا قِيلَ: خَلَّفَ بِهَا، فإِن صَرَّ ثلاثةَ أَخْلَافٍ قِيلَ: ثَلَثَ بِهَا، فإِذا صَرَّها كُلَّهَا قِيلَ: أَجْمَعَ بِهَا وأَكْمَشَ بِهَا. وشَطْرُ الشاةِ: أَحَدُ خِلْفَيها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
فَتَنَازَعَا شَطْراً لِقَدْعَةَ واحِداً، ... فَتَدَارَآ فيهِ فكانَ لِطامُ
وشَطَرَ ناقَتَهُ وَشَاتَهُ يَشْطُرُها شَطْراً: حَلَبَ شَطْراً وَتَرَكَ شَطْراً. وَكُلُّ مَا نُصِّفَ، فَقَدْ شُطِّرَ. وَقَدْ شَطَرْتُ طَلِيِّي أَي حَلَبْتُ شَطْرًا أَو صَرَرْتُهُ وتَرَكْتُهُ والشَّطْرُ الْآخَرَ. وشاطَرَ طَلِيَّهُ: احْتَلَبَ شَطْراً أَو صَرَّهُ وَتَرَكَ لَهُ الشَّطْرَ الْآخَرَ. وَثَوْبٌ شَطُور: أَحدُ طَرَفَيْ عَرْضِهِ أَطولُ مِنَ الْآخَرِ، يَعْنِي أَن يَكُونَ كُوساً بِالْفَارِسِيَّةِ. وشَاطَرَنِي فلانٌ المالَ أَي قاسَمني بالنِّصْفِ. والمَشْطُورُ مِنَ الرَّجَزِ والسَّرِيعِ: مَا ذَهَبَ شَطْرُه، وَهُوَ عَلَى السَّلْبِ. والشَّطُورُ مِنَ الغَنَمِ: الَّتِي يَبِسَ أَحدُ خِلْفَيْها، وَمِنَ الإِبل: الَّتِي يَبِسَ خِلْفانِ مِنْ أَخلافها لأَن لَهَا أَربعة أَخلاف، فإِن يَبِسَ ثَلَاثَةٌ فَهِيَ ثَلُوثٌ. وَشَاةٌ شَطُورٌ وَقَدْ شَطَرَتْ وشَطُرَتْ شِطاراً، وَهُوَ أَن يَكُونَ أَحد طُبْيَيْها أَطولَ مِنَ الْآخَرِ، فإِن حُلِبَا جَمِيعًا والخِلْفَةُ كَذَلِكَ، سُمِّيَتْ حَضُوناً، وحَلَبَ فلانٌ الدَّهْرُ أَشْطُرَهُ أَي خَبَرَ ضُرُوبَهُ، يَعْنِي أَنه مرَّ بِهِ خيرُه وَشَرُّهُ وَشِدَّتُهُ ورخاؤُه، تَشْبِيهًا بِحَلْبِ جَمِيعِ أَخلاف النَّاقَةِ، مَا كَانَ مِنْهَا حَفِلًا وَغَيْرَ حَفِلٍ، ودَارّاً وَغَيْرَ دَارٍّ، وأَصله مِنْ أَشْطُرِ الناقةِ وَلَهَا خِلْفان قَادِمَانِ وآخِرانِ، كأَنه حَلَبَ القادمَين وَهُمَا الْخَيْرُ، والآخِرَيْنِ وَهُمَا الشَّرُّ، وكلُّ خِلْفَيْنِ شَطْرٌ؛ وَقِيلَ: أَشْطُرُه دِرَرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف قَالَ لِعَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقْتَ التَّحْكِيمِ: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ إِني قَدْ حَجَمْتُ الرجلَ وحَلَبْتُ أَشْطُرَهُ فَوَجَدْتُهُ قريبَ القَعْرِ كَلِيلَ المُدْيَةِ، وإِنك قَدْ رُميت بِحَجَر الأَرْضِ
؛ الأَشْطُرُ: جَمْعُ شَطْرٍ، وَهُوَ خِلْفُ النَّاقَةِ، وَجَعْلُ الأَشْطُرَ مَوْضِعَ الشَّطْرَيْنِ كَمَا تُجْعَلُ الْحَوَاجِبُ مَوْضِعَ الْحَاجِبَيْنِ، وأَراد بِالرَّجُلَيْنِ الحَكَمَيْنِ الأَوَّل أَبو مُوسَى وَالثَّانِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ. وإِذا كَانَ نِصْفُ وَلَدِ الرَّجُلِ ذُكُورًا وَنِصْفُهُمْ إِناثاً قِيلَ: هُمْ شِطْرَةٌ. يُقَالُ: وَلَدُ فُلانٍ شِطْرَةٌ، بِالْكَسْرِ، أَي نصفٌ(4/407)
ذكورٌ ونصفٌ إِناثٌ. وقَدَحٌ شَطْرانُ أَي نَصْفانُ. وإِناءٌ شَطْرانُ: بَلَغَ الكيلُ شَطْرَهُ، وَكَذَلِكَ جُمْجُمَةٌ شَطْرَى وقَصْعَةٌ شَطْرَى. وشَطَرَ بَصَرُه يَشْطِرُ شُطُوراً وشَطْراً: صَارَ كأَنه يَنْظُرُ إِليك وإِلى آخَرَ.
وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَعان عَلَى دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ: يَائِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
؛ قِيلَ: تَفْسِيرُهُ هُوَ أَن يَقُولَ: أُقْ، يُرِيدُ: أُقتل كَمَا
قَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: كَفَى بِالسَّيْفِ شَا
، يُرِيدُ: شَاهِدًا؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَشْهَدَ اثْنَانِ عَلَيْهِ زُورًا بأَنه قَتَلَ فكأَنهما قَدِ اقْتَسَمَا الْكَلِمَةَ، فَقَالَ هَذَا شَطْرَهَا وَهَذَا شَطْرَهَا إِذا كَانَ لَا يُقْتَلُ بِشَهَادَةِ أَحدهما. وشَطْرُ الشَّيْءِ: ناحِيَتُه. وشَطْرُ كُلِّ شَيْءٍ: نَحْوُهُ وقَصْدُه. وقصدتُ شَطْرَه أَي نَحْوَهُ؛ قَالَ أَبو زِنْباعٍ الجُذامِيُّ:
أَقُولُ لأُمِّ زِنْباعٍ: أَقِيمِي ... صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَني تَمِيمِ
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ*
؛ وَلَا فِعْلَ لَهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ نَحْوَهُ وَتِلْقَاءَهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ: ولِّ وَجْهَكَ شَطْرَه وتُجاهَهُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ العَسِيرَ بِهَا داءٌ مُخامِرُها، ... فَشَطْرَها نَظَرُ العَيْنَيْنِ مَحْسُورُ
وَقَالَ أَبو إِسحاق: الشَّطْرُ النَّحْوُ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهل اللُّغَةِ فِيهِ. قَالَ: وَنَصَبَ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ*
، عَلَى الظَّرْفِ. وَقَالَ أَبو إِسحاق:
أُمر النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن يستقبل وهو بالمدينة مَكَّةَ وَالْبَيْتَ الْحَرَامَ، وأُمر أَن يَسْتَقْبِلَ الْبَيْتَ حَيْثُ كَانَ.
وشَطَرَ عَنْ أَهله شُطُوراً وشُطُورَةً وشَطارَةً إِذا نَزَحَ عَنْهُمْ وَتَرَكَهُمْ مُرَاغِمًا أَو مُخَالِفًا وأَعياهم خُبْثاً؛ والشَّاطِرُ مأْخوذ مِنْهُ وأُراه مولَّداً، وَقَدْ شَطَرَ شُطُوراً وشَطارَةً، وَهُوَ الَّذِي أَعيا أَهله ومُؤَدِّبَه خُبْثاً. الْجَوْهَرِيُّ: شَطَرَ وشَطُرَ أَيضاً، بِالضَّمِّ، شَطارة فِيهِمَا، قَالَ أَبو إِسحاق: قَوْلُ النَّاسِ فُلَانٌ شاطِرٌ مَعْنَاهُ أَنه أَخَذَ فِي نَحْوٍ غَيْرَ الِاسْتِوَاءِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ شَاطِرٌ لأَنه تَبَاعَدَ عَنِ الِاسْتِوَاءِ. وَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ مُشاطرُونا أَي دُورهم تَتَّصِلُ بِدُورِنَا، كَمَا يُقَالُ: هَؤُلَاءِ يُناحُونَنا أَي نحنُ نَحْوَهُم وَهُمْ نَحْوَنا فَكَذَلِكَ هُمْ مُشاطِرُونا. ونِيَّةٌ شَطُورٌ أَي بَعِيدَةٌ. وَمَنْزِلٌ شَطِيرٌ وَبَلَدٌ شَطِيرٌ وحَيٌّ شَطِيرٌ: بَعِيدٌ، وَالْجَمْعُ شُطُرٌ. ونَوًى شُطْرٌ، بِالضَّمِّ، أَي بَعِيدَةٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَشاقَك بَيْنَ الخَلِيطِ الشُّطُرْ، ... وفِيمَنْ أَقامَ مِنَ الحَيِّ هِرْ
قَالَ: والشُّطُرُ هاهنا لَيْسَ بِمُفْرَدٍ وإِنما هُوَ جَمْعُ شَطِير، والشُّطُرُ فِي الْبَيْتِ بِمَعْنَى المُتَغَرِّبِينَ أَو المُتَعَزِّبِينَ، وَهُوَ نَعْتُ الْخَلِيطِ، وَالْخَلِيطُ: الْمُخَالِطُ، وَهُوَ يُوصَفُ بِالْجَمْعِ وَبِالْوَاحِدِ أَيضاً؛ قَالَ نَهْشَلُ بنُ حَريٍّ:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فابْتَكَرُوا، ... واهْتَاجَ شَوْقَك أَحْدَاجٌ لَها زَمْرُ
والشَّطِيرُ أَيضاً: الْغَرِيبُ؛ قَالَ:
لَا تَدَعَنِّي فِيهمُ شَطِيرا، ... إِنِّي إِذاً أَهْلِكَ أَوْ أَطِيرَا
وَقَالَ غَسَّانُ بنُ وَعْلَةَ:
إِذا كُنْتَ فِي سَعْدٍ، وأُمُّكَ مِنْهُمُ، ... شَطِيراً فَلا يَغْرُرْكَ خالُكَ مِنْ سَعْدِ
وإِنَّ ابنَ أُخْتِ القَوْمِ مُصْغًى إِناؤُهُ، ... إِذا لَمْ يُزاحِمْ خالَهُ بِأَبٍ جَلْدِ(4/408)
يقول: لا تَغْتَرَّ بخُؤُولَتِكَ فإِنك مَنْقُوصُ الْحَظِّ مَا لَمْ تُزَاحِمْ أَخوالك بِآبَاءٍ أَشرافٍ وأَعمام أَعزة. والمصغَى: المُمالُ: وإِذا أُميل الإِناء انصبَّ مَا فِيهِ، فَضَرَبَهُ مَثَلًا لِنَقْصِ الْحَظِّ، وَالْجَمْعُ الْجَمْعُ. التَّهْذِيبِ: والشَّطِيرُ الْبَعِيدُ. وَيُقَالُ لِلْغَرِيبِ: شَطِيرٌ لِتَبَاعُدِهِ عَنْ قَوْمِهِ. والشَّطْرُ: البُعْدُ. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لَوْ أَن رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بحقٍّ أَحدُهما شَطِيرٌ فإِنه يَحْمِلُ شَهَادَةَ الْآخَرِ
؛ الشَّطِيرُ: الْغَرِيبُ، وَجَمْعُهُ شُطُرٌ، يَعْنِي لَوْ شَهِدَ لَهُ قَرِيبٌ مِنْ أَب أَو ابْنٍ أَو أَخ وَمَعَهُ أَجنبي صَحَّحَتْ شهادةُ الأَجنبي شهادَةَ الْقَرِيبِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ حَمْلًا لَهُ؛ قَالَ: وَلَعَلَّ هَذَا مَذْهَبُ الْقَاسِمِ وإِلا فَشَهَادَةُ الأَب وَالِابْنِ لَا تُقْبَلُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قَتَادَةَ: شَهَادَةُ الأَخ إِذا كَانَ مَعَهُ شَطِيرٌ جَازَتْ شَهَادَتُهُ، وَكَذَا هَذَا فإِنه لَا فَرْقَ بَيْنَ شَهَادَةِ الْغَرِيبِ مَعَ الأَخ أَو الْقَرِيبِ فإِنها مَقْبُولَةٌ.
شظر: التَّهْذِيبُ فِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ شِظْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ وشَظِيَّةٌ. قَالَ: وشِنْظِيَةٌ وشِنْظِيرةٌ، قَالَ الأَصمعي: الشِّنْظِيرةُ الفَحَّاشُ السَّيِّئ الخُلُق، وَالنُّونُ زائدة.
شعر: شَعَرَ بِهِ وشَعُرَ يَشْعُر شِعْراً وشَعْراً وشِعْرَةً ومَشْعُورَةً وشُعُوراً وشُعُورَةً وشِعْرَى ومَشْعُوراءَ ومَشْعُوراً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كُلُّهُ: عَلِمَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: مَا شَعَرْتُ بِمَشْعُورِه حَتَّى جَاءَهُ فُلَانٌ، وَحَكَى عَنِ الْكِسَائِيِّ أَيضاً: أَشْعُرُ فُلَانًا مَا عَمِلَهُ، وأَشْعُرُ لفلانٍ مَا عَمِلَهُ، وَمَا شَعَرْتُ فُلَانًا مَا عَمِلَهُ، قَالَ: وَهُوَ كَلَامُ الْعَرَبِ. ولَيْتَ شِعْرِي أَي لَيْتَ عِلْمِي أَو لَيْتَنِي عَلِمْتُ، وليتَ شِعري مِنْ ذَلِكَ أَي لَيْتَنِي شَعَرْتُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالُوا لَيْتَ شِعْرَتي فَحَذَفُوا التَّاءَ مَعَ الإِضافة لِلْكَثْرَةِ، كَمَا قَالُوا: ذَهَبَ بِعُذْرَتِها وَهُوَ أَبو عُذْرِها فَحَذَفُوا التَّاءَ مَعَ الأَب خَاصَّةً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: ليتَ شِعْرِي لِفُلَانٍ مَا صَنَعَ، وليت شِعْرِي عن فلان مَا صَنَعَ، وليتَ شِعْرِي فُلَانًا مَا صَنَعَ؛ وأَنشد:
يَا ليتَ شِعْرِي عَنْ حِمَارِي مَا صَنَعْ، ... وعنْ أَبي زَيْدٍ وكَمْ كانَ اضْطَجَعْ
وأَنشد:
يَا ليتَ شِعْرِي عَنْكُمُ حَنِيفَا، ... وَقَدْ جَدَعْنا مِنْكُمُ الأُنُوفا
وأَنشد:
ليتَ شِعْرِي مُسافِرَ بنَ أَبِي عَمْرٍو، ... ولَيْتٌ يَقُولُها المَحْزُونُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
ليتَ شِعْرِي مَا صَنَعَ فلانٌ
أَي لَيْتَ عِلْمِي حَاضِرٌ أَو مُحِيطٌ بِمَا صَنَعَ، فَحَذَفَ الْخَبَرَ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ. وأَشْعَرَهُ الأَمْرَ وأَشْعَرَه بِهِ: أَعلمه إِياه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ
؛ أَي وَمَا يُدْرِيكُمْ. وأَشْعَرْتُه فَشَعَرَ أَي أَدْرَيْتُه فَدَرَى. وشَعَرَ بِهِ: عَقَلَه. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَشْعَرْتُ بِفُلَانٍ اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ، وأَشْعَرْتُ بِهِ: أَطْلَعْتُ عَلَيْهِ، وشَعَرَ لِكَذَا إِذا فَطِنَ لَهُ، وشَعِرَ إِذا مَلَكَ «2» . عَبِيدًا. وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: اسْتَشْعِرْ خَشْيَةَ اللَّهِ أَي اجْعَلْهُ شِعارَ قَلْبِكَ. واسْتَشْعَرَ فلانٌ الْخَوْفَ إِذا أَضمره. وأَشْعَرَه فلانٌ شَرّاً: غَشِيَهُ بِهِ. ويقال: أَشْعَرَه
__________
(2) . قوله: [وشعر إِذا ملك إِلخ] بابه فرح بخلاف ما قبله فبابه نصر وكرم كما في القاموس(4/409)
الحُبُّ مَرَضًا. والشِّعْرُ: مَنْظُومُ الْقَوْلِ، غَلَبَ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ بِالْوَزْنِ وَالْقَافِيَةِ، وإِن كَانَ كُلُّ عِلْمٍ شِعْراً مِنْ حَيْثُ غَلَبَ الْفِقْهُ عَلَى عِلْمِ الشَّرْعِ، والعُودُ عَلَى المَندَلِ، وَالنَّجْمُ عَلَى الثُّرَيَّا، وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَرُبَّمَا سَمَّوُا الْبَيْتَ الْوَاحِدَ شِعْراً؛ حَكَاهُ الأَخفش؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ إِلَّا أَن يَكُونَ عَلَى تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ، كَقَوْلِكَ الْمَاءُ لِلْجُزْءِ مِنَ الْمَاءِ، وَالْهَوَاءُ لِلطَّائِفَةِ مِنَ الْهَوَاءِ، والأَرض لِلْقِطْعَةِ مِنَ الأَرض. وَقَالَ الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ الْمَحْدُودُ بِعَلَامَاتٍ لَا يُجَاوِزُهَا، وَالْجَمْعُ أَشعارٌ، وقائلُه شاعِرٌ لأَنه يَشْعُرُ مَا لَا يَشْعُرُ غَيْرُهُ أَي يَعْلَمُ. وشَعَرَ الرجلُ يَشْعُرُ شِعْراً وشَعْراً وشَعُرَ، وَقِيلَ: شَعَرَ قَالَ الشِّعْرَ، وشَعُرَ أَجاد الشِّعْرَ؛ وَرَجُلٌ شَاعِرٌ، وَالْجَمْعُ شُعَراءُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: شَبَّهُوا فاعِلًا بِفَعِيلٍ كَمَا شَبَّهُوهُ بفَعُولٍ، كَمَا قَالُوا: صَبُور وصُبُرٌ، وَاسْتَغْنَوْا بِفَاعِلٍ عَنْ فَعِيلٍ، وَهُوَ فِي أَنفسهم وَعَلَى بَالٍ مِنْ تَصَوُّرِهِمْ لِمَا كَانَ وَاقِعًا مَوْقِعُهُ، وكُسِّرَ تَكْسِيرَهُ لِيُكَوِّنَ أَمارة وَدَلِيلًا عَلَى إِرادته وأَنه مُغْنٍ عَنْهُ وَبَدَلٌ مِنْهُ. وَيُقَالُ: شَعَرْتُ لِفُلَانٍ أَي قُلْتُ لَهُ شِعْراً؛ وأَنشد:
شَعَرْتُ لَكُمْ لَمَّا تَبَيَّنْتُ فَضْلَكُمْ ... عَلَى غَيْرِكُمْ، مَا سائِرُ النَّاسِ يَشْعُرُ
وَيُقَالُ: شَعَرَ فُلَانٌ وشَعُرَ يَشْعُر شَعْراً وشِعْراً، وَهُوَ الِاسْمُ، وَسُمِيَ شاعِراً لفِطْنَتِه. وَمَا كَانَ شَاعِرًا، وَلَقَدْ شَعُر، بِالضَّمِّ، وَهُوَ يَشْعُر. والمُتَشاعِرُ: الَّذِي يَتَعَاطَى قولَ الشِّعْر. وشاعَرَه فَشَعَرَهُ يَشْعَرُه، بِالْفَتْحِ، أَي كَانَ أَشْعر مِنْهُ وَغَلَبَهُ. وشِعْرٌ شاعِرٌ: جَيِّدٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَرادوا بِهِ الْمُبَالَغَةَ والإِشادَة، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى مَشْعُورٍ بِهِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ قَالُوا: كَلِمَةٌ شَاعِرَةٌ أَي قَصِيدَةٌ، والأَكثر فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ أَن يَكُونَ لَفْظُ الثَّانِي مِنْ لَفْظِ الأَول، كَوَيْلٌ وائلٌ ولَيْلٌ لائلٌ. وأَما قَوْلُهُمْ: شاعِرُ هَذَا الشِّعْرِ فَلَيْسَ عَلَى حَدِّ قَوْلِكَ ضاربُ زيدٍ تُرِيدُ المنقولةَ مِنْ ضَرَبَ، وَلَا عَلَى حَدِّهَا وأَنت تُرِيدُ ضاربٌ زَيْدًا المنقولةَ مِنْ قَوْلِكَ يَضْرِبُ أَو سَيَضْرِبُ، لأَن ذَلِكَ مَنْقُولٌ مِنْ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ، فأَما شاعرُ هَذَا الشعرِ فَلَيْسَ قَوْلُنَا هَذَا الشِّعْرِ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَلْبَتَّةَ لأَن فِعْلَ الْفَاعِلِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ إِلَّا بِحَرْفِ الْجَرِّ، وإِنما قَوْلُكَ شَاعِرُ هَذَا الشِّعْرِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ صَاحِبُ هَذَا الشِّعْرِ لأَن صَاحِبًا غَيْرُ مُتَعَدٍّ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وإِنما هُوَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ غُلَامٍ وإِن كَانَ مُشْتَقًّا مِنَ الْفِعْلِ، أَلا تَرَاهُ جَعَلَهُ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ بِمَنْزِلَةِ دَرّ فِي الْمَصَادِرِ من قولهم لله دَرُّكَ؟ وَقَالَ الأَخفش: الشاعِرُ مثلُ لابِنٍ وتامِرٍ أَي صَاحِبُ شِعْر، وَقَالَ: هَذَا البيتُ أَشْعَرُ مِنْ هَذَا أَي أَحسن مِنْهُ، وَلَيْسَ هَذَا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ شِعْرٌ شاعِرٌ لأَن صِيغَةَ التَّعَجُّبِ إِنما تَكُونُ مِنَ الْفِعْلِ، وَلَيْسَ فِي شَاعِرٍ مِنْ قَوْلِهِمْ شِعْرٌ شَاعِرٌ مَعْنَى الْفِعْلِ، إِنما هُوَ عَلَى النِّسْبَةِ والإِجادة كَمَا قُلْنَا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَكُونَ الأَخفش قَدْ عَلِمَ أَن هُنَاكَ فِعْلًا فَحَمَلَ قَوْلَهُ أَشْعَرُ مِنْهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الأَخفش تَوَهَّمَ الْفِعْلَ هُنَا كأَنه سَمِعَ شَعُرَ البيتُ أَي جَادَ فِي نَوْعِ الشِّعْر فَحَمَلَ أَشْعَرُ مِنْهُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن من الشِّعْر لَحِكمَةً فإِذا أَلْبَسَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ فالْتَمِسُوهُ فِي الشِّعْرِ فإِنه عَرَبِيٌّ.
والشَّعْرُ والشَّعَرُ مذكرانِ: نِبْتَةُ الْجِسْمِ مِمَّا لَيْسَ بِصُوفٍ وَلَا وَبَرٍ للإِنسان وَغَيْرِهِ، وَجَمْعُهُ أَشْعار وشُعُور، والشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الشَّعْرِ، وَقَدْ يُكَنَّى بالشَّعْرَة عَنِ الْجَمْعِ كَمَا يُكَنَّى بالشَّيبة عَنِ الْجِنْسِ؛(4/410)
يُقَالُ رأَى «3» . فُلَانٌ الشَّعْرَة إِذا رأَى الشَّيْبَ فِي رأْسه. وَرَجُلٌ أَشْعَرُ وشَعِرٌ وشَعْرانيّ: كَثِيرُ شَعْرِ الرأْس وَالْجَسَدِ طويلُه، وَقَوْمٌ شُعْرٌ. وَرَجُلٌ أَظْفَرُ: طَوِيلُ الأَظفار، وأَعْنَقُ: طَوِيلُ العُنق. وسأَلت أَبا زَيْدٍ عَنْ تَصْغِيرِ الشُّعُور فَقَالَ: أُشَيْعار، رَجَعَ إِلى أَشْعارٍ، وَهَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
عَلَى أَشْعارِهم وأَبْشارِهم.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الشَّدِيدِ: فُلَانٌ أَشْعَرُ الرَّقَبَةِ، شُبِّهَ بالأَسد وإِن لَمْ يَكُنْ ثَمَّ شَعَرٌ؛ وَكَانَ زِيَادُ بْنُ أَبيه يُقَالُ لَهُ أَشْعَرُ بَرْكاً أَي أَنه كَثِيرُ شَعْرِ الصَّدْرِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: كَانَ يُقَالُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَشْعَرُ بَرْكاً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِن أَخا الحاجِّ الأَشعث الأَشْعَر
أَي الَّذِي لَمْ يَحْلِقْ شَعْرَهُ وَلَمْ يُرَجّلْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
فَدَخَلَ رَجُلٌ أَشْعَرُ
: أَي كَثِيرُ الشَّعْرِ طَوِيلُهُ. وشَعِرَ التَّيْسُ وَغَيْرُهُ مِنْ ذِي الشَّعْرِ شَعَراً: كَثُرَ شَعَرُه؛ وَتَيْسٌ شَعِرٌ وأَشْعَرُ وَعَنْزٌ شَعْراءُ، وَقَدْ شَعِرَ يَشْعَرُ شَعَراً، وذلك كُلَّمَا كَثُرَ شَعَرُهُ. والشِّعْراءُ والشِّعْرَةُ، بِالْكَسْرِ: الشَّعَرُ النَّابِتُ عَلَى عَانَةِ الرَّجُلِ ورَكَبِ المرأَة وَعَلَى مَا وَرَاءَهَا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: والشِّعْرَةُ، بِالْكَسْرِ، شَعَرُ الرَّكَبِ لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً. والشِّعْرَةُ: مَنْبَتُ الشَّعرِ تَحْتَ السُّرَّة، وَقِيلَ: الشِّعْرَةُ الْعَانَةُ نَفْسُهَا. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
أَتاني آتٍ فَشَقَّ مِنْ هَذِهِ إِلى هَذِهِ
، أَي مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِه إِلى شِعْرَتِه؛ قَالَ: الشِّعْرَةُ، بِالْكَسْرِ، الْعَانَةُ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فأَلْقَى ثَوْبَهُ، حَوْلًا كَرِيتاً، ... عَلَى شِعْراءَ تُنْقِضُ بالبِهامِ
فإِنه أَراد بِالشِّعْرَاءِ خُصْيَةً [خِصْيَةً] كَثِيرَةَ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَيْهَا؛ وَقَوْلُهُ تُنْقِضُ بالبِهَامِ عَنى أُدْرَةً فِيهَا إِذا فَشَّتْ خَرَجَ لَهَا صَوْتٌ كَتَصْوِيتِ النَّقْضِ بالبَهْم إِذا دَعَاهَا. وأَشْعَرَ الجنينُ فِي بَطْنِ أُمه وشَعَّرَ واسْتَشْعَرَ: نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: لَمْ يُسْتَعْمَلْ إِلا مَزِيدًا؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ فِي ذَلِكَ:
كلُّ جَنِينٍ مُشْعِرٌ فِي الغِرْسِ
وَكَذَلِكَ تَشَعَّرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
زكاةُ الْجَنِينِ زكاةُ أُمّه إِذا أَشْعَرَ
، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ أَنبت الغلامُ إِذا نبتتْ عَانَتُهُ. وأَشْعَرَتِ الناقةُ: أَلقت جَنِينَهَا وَعَلَيْهِ شَعَرٌ؛ حَكَاهُ قُطْرُبٌ؛ وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ فِي قَوْلِهِ:
وكُلُّ طويلٍ، كأَنَّ السَّلِيطَ ... فِي حَيْثُ وارَى الأَدِيمُ الشِّعارَا
أَراد: كأَن السَّلِيطَ، وَهُوَ الزَّيْتُ، في شَعَرِ هَذَا الْفَرَسِ لِصَفَائِهِ. والشِّعارُ: جَمْعُ شَعَرٍ، كَمَا يُقَالُ جَبَل وَجِبَالٌ؛ أَراد أَن يُخْبِرَ بِصَفَاءِ شَعَرِ الْفَرَسِ وَهُوَ كأَنه مَدْهُونٌ بِالسَّلِيطِ. والمُوَارِي فِي الْحَقِيقَةِ: الشِّعارُ. والمُوارَى: هُوَ الأَديم لأَن الشَّعَرَ يُوَارِيهِ فَقَلَبَ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا الْبَيْتُ مِنَ الْمُسْتَقِيمِ غَيْرِ الْمَقْلُوبِ فَيَكُونَ مَعْنَاهُ: كأَن السَّلِيطَ فِي حَيْثُ وَارَى الأَديم الشَّعَرَ لأَن الشَّعَرَ يَنْبُتُ مِنَ اللَّحْمِ، وَهُوَ تَحْتَ الأَديم، لأَن الأَديم الْجِلْدُ؛ يَقُولُ: فكأَن الزَّيْتَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُوَارِيهِ الأَديم وَيَنْبُتُ مِنْهُ الشَّعَرُ، وإِذا كَانَ الزَّيْتُ فِي مَنْبَتِهِ نَبَتَ صَافِيًا فَصَارَ شَعَرُهُ كأَنه مدهون لأَن منابته فِي الدُّهْنِ كَمَا يَكُونُ الْغُصْنُ نَاضِرًا رَيَّانَ إِذا كَانَ الْمَاءُ فِي أُصوله. وَدَاهِيَةٌ شَعْراءُ وَدَاهِيَةٌ وَبْراءُ؛ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَكَلَّمَ بِمَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ: جئتَ بِهَا شَعْراءَ ذاتَ وبَرٍ. وأَشْعَرَ الخُفَّ والقَلَنْسُوَةَ وَمَا أَشبههما وشَعَّرَه وشَعَرَهُ خَفِيفَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كُلُّ ذَلِكَ: بَطَّنَهُ بشعر؛ وخُفٌ
__________
(3) . قوله: [يقال رأى إلخ] هذا كلام مستأنف وليس متعلقاً بما قبله ومعناه أَنه يكنى بالشعرة عن الشيب: انظر الصحاح والأساس(4/411)
مُشْعَرٌ ومُشَعَّرٌ ومَشْعُورٌ. وأَشْعَرَ فُلَانٌ جُبَّتَه إِذا بَطَّنَهَا بالشَّعر، وَكَذَلِكَ إِذا أَشْعَرَ مِيثَرَةَ سَرْجِه. والشَّعِرَةُ مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي يَنْبُتُ بَيْنَ ظِلْفَيْها الشَّعَرُ فَيَدْمَيانِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَجِدُ أُكالًا فِي رَكَبِها. وداهيةٌ شَعْراء، كَزَبَّاءَ: يَذْهَبُونَ بِهَا إِلى خُبْثِها. والشَّعْرَاءُ: الفَرْوَة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الشَّعَرِ عَلَيْهَا؛ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ ثَعْلَبٍ. والشَّعارُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ؛ قَالَ يَصِفُ حِمَارًا وَحْشَيًّا:
وقَرَّب جانبَ الغَرْبيّ يَأْدُو ... مَدَبَّ السَّيْلِ، واجْتَنَبَ الشَّعارَا
يَقُولُ: اجْتَنَبَ الشَّجَرَ مَخَافَةَ أَن يُرْمَى فِيهَا وَلَزِمَ مَدْرَجَ السَّيْلِ؛ وَقِيلَ: الشَّعار مَا كَانَ مِنْ شَجَرٍ فِي لِينٍ ووَطاءٍ مِنَ الأَرض يَحُلُّهُ النَّاسُ نَحْوُ الدَّهْناءِ وَمَا أَشبهها، يستدفئُون بِهِ فِي الشِّتَاءِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِهِ فِي الْقَيْظِ. يُقَالُ: أَرض ذَاتُ شَعارٍ أَي ذَاتُ شَجَرٍ. قَالَ الأَزهري: قَيَّدَهُ شَمِرٌ بِخَطِّهِ شِعار، بِكَسْرِ الشِّينِ، قَالَ: وَكَذَا رُوِيَ عَنِ الأَصمعي مِثْلُ شِعار المرأَة؛ وأَما ابْنُ السِّكِّيتِ فَرَوَاهُ شَعار، بِفَتْحِ الشِّينِ، فِي الشَّجَرِ. وَقَالَ الرِّياشِيُّ: الشِّعَارُ كُلُّهُ مَكْسُورٌ إِلا شَعار الشَّجَرِ. والشَّعارُ: مَكَانٌ ذُو شَجَرٍ. والشَّعارُ: كَثْرَةُ الشَّجَرِ؛ وَقَالَ الأَزهري: فِيهِ لُغَتَانِ شِعار وشَعار فِي كَثْرَةِ الشَّجَرِ. ورَوْضَة شَعْراء: كَثِيرَةُ الشَّجَرِ. وَرَمْلَةٌ شَعْراء: تُنْبِتُ النَّصِيَّ. والمَشْعَرُ أَيضاً: الشَّعارُ، وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ المَشْجَرِ. والمَشاعر: كُل مَوْضِعٍ فِيهِ حُمُرٌ وأَشْجار؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرَ وَحْشٍ:
يَلُوحُ إِذا أَفْضَى، ويَخْفَى بَرِيقُه، ... إِذا مَا أَجَنَّتْهُ غُيوبُ المَشاعِر
يَعْنِي مَا يُغَيِّبُه مِنَ الشَّجَرِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وإِن جَعَلْتَ المَشْعَر الْمَوْضِعَ الَّذِي بِهِ كَثْرَةُ الشَّجَرِ لَمْ يَمْتَنِعْ كالمَبْقَلِ والمَحَشِّ. والشَّعْراء: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ. والشَّعْراءُ: الأَرض ذَاتُ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْكَثِيرَةُ الشَّجَرِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّعْراء الرَّوْضَةُ يُغَمِّ رأْسها الشَّجَرُ وَجَمْعُهَا شُعُرٌ، يُحَافِظُونَ عَلَى الصِّفَةِ إِذ لَوْ حَافَظُوا عَلَى الِاسْمِ لَقَالُوا شَعْراواتٌ وشِعارٌ. والشَّعْراء أَيضاً: الأَجَمَةُ. والشَّعَرُ: النَّبَاتُ وَالشَّجَرُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بالشَّعَر. وشَعْرانُ: اسْمُ جَبَلٍ بِالْمَوْصِلِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ شَجَرِهِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
شُمُّ الأَعالي شائِكٌ حَوْلَها ... شَعْرانُ، مُبْيَضٌّ ذُرَى هامِها
أَراد: شُمٌّ أَعاليها فَحَذَفَ الْهَاءَ وأَدخل الأَلف وَاللَّامَ، كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ:
حُجْنُ المَخالِبِ لَا يَغْتَالُه السَّبُعُ
أَي حُجْنٌ مخالبُه. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ: حَتَّى أَضاء لِي أَشْعَرُ جُهَيْنَةَ
؛ هُوَ اسْمُ جَبَلٍ لَهُمْ. وشَعْرٌ: جَبَلٌ لِبَنِي سَلِيمٍ؛ قَالَ البُرَيْقُ:
فَحَطَّ الشَّعْرَ مِنْ أَكْنافِ شَعْرٍ، ... وَلَمْ يَتْرُكْ بِذِي سَلْعٍ حِمارا
وَقِيلَ: هُوَ شِعِرٌ. والأَشْعَرُ: جَبَلٌ بِالْحِجَازِ. والشِّعارُ: مَا وَلِيَ شَعَرَ جَسَدِ الإِنسان دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْجَمْعُ أَشْعِرَةٌ وشُعُرٌ. وَفِي الْمَثَلِ: هُمُ الشِّعارُ دُونَ الدِّثارِ؛ يَصِفُهُمْ بِالْمَوَدَّةِ وَالْقُرْبِ. وَفِي حَدِيثِ
الأَنصار: أَنتم الشِّعارُ وَالنَّاسُ الدِّثارُ
أَي أَنتم الخاصَّة والبِطانَةُ كَمَا سَمَّاهُمْ عَيْبَتَه وكَرِشَهُ. وَالدِّثَارُ: الثَّوْبُ الَّذِي فَوْقَ الشِّعَارِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنه كَانَ لَا يَنَامُ فِي شُعُرِنا
؛ هِيَ جَمْعُ الشِّعار مِثْلُ كِتَابٍ وكُتُب، وإِنما خَصَّتْهَا(4/412)
بِالذِّكْرِ لأَنها أَقرب إِلى مَا تَنَالُهَا النَّجَاسَةُ مِنَ الدِّثَارِ حَيْثُ تُبَاشِرُ الْجَسَدَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
إِنه كَانَ لَا يُصَلِّي فِي شُعُرِنا وَلَا فِي لُحُفِنا
؛ إِنما امْتَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهَا مَخَافَةَ أَن يَكُونَ أَصابها شَيْءٌ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ، وطهارةُ الثَّوْبِ شرطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ النَّوْمِ فِيهَا. وأَما قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لغَسَلَةِ ابْنَتِهِ حِينَ طرح إِليهن حَقْوَهُ قَالَ: أَشْعِرْنَها إِياه
؛ فإِن أَبا عُبَيْدَةَ قَالَ: مَعْنَاهُ اجْعَلْنَه شِعارها الَّذِي يَلِي جَسَدَهَا لأَنه يَلِي شَعْرَهَا، وَجَمْعُ الشِّعارِ شُعُرٌ والدِّثارِ دُثُرٌ. والشِّعارُ: مَا استشعرتْ بِهِ مِنَ الثِّيَابِ تَحْتَهَا. والحِقْوَة: الإِزار. والحِقْوَةُ أَيضاً: مَعْقِدُ الإِزار مِنَ الإِنسان. وأَشْعَرْتُه: أَلبسته الشّعارَ. واسْتَشْعَرَ الثوبَ: لَبِسَهُ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
وكُمْتاً مُدَمَّاةً، كأَنَّ مُتُونَها ... جَرَى فَوْقَها، واسْتَشْعَرَتْ لَوْنَ مُذْهَبِ
وَقَالَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ: أَشْعَرْتُ نَفْسِي تَقَبُّلَ أَمْرِه وتَقَبُّلَ طاعَتِه؛ اسْتَعْمَلَهُ فِي العَرَضِ. والمَشاعِرُ: الحواسُّ؛ قَالَ بَلْعاء بْنُ قَيْسٍ:
والرأْسُ مُرْتَفِعٌ فيهِ مَشاعِرُهُ، ... يَهْدِي السَّبِيلَ لَهُ سَمْعٌ وعَيْنانِ
والشِّعارُ: جُلُّ الْفَرَسِ. وأَشْعَرَ الهَمُّ قَلْبِي: لزِقَ بِهِ كَلُزُوقِ الشِّعارِ مِنَ الثِّيَابِ بِالْجَسَدِ؛ وأَشْعَرَ الرجلُ هَمّاً: كَذَلِكَ. وَكُلُّ مَا أَلزقه بِشَيْءٍ، فَقَدْ أَشْعَرَه بِهِ. وأَشْعَرَه سِناناً: خَالَطَهُ بِهِ، وَهُوَ مِنْهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَبي عَازِبٍ الْكِلَابِيِّ:
فأَشْعَرْتُه تحتَ الظلامِ، وبَيْنَنا ... مِنَ الخَطَرِ المَنْضُودِ فِي العينِ ناقِع
يُرِيدُ أَشعرت الذِّئْبَ بِالسَّهْمِ؛ وَسَمَّى الأَخطل مَا وُقِيَتْ بِهِ الْخَمْرُ شِعاراً فَقَالَ:
فكفَّ الريحَ والأَنْداءَ عَنْهَا، ... مِنَ الزَّرَجُونِ، دُونَهُمَا شِعارُ
وَيُقَالُ: شاعَرْتُ فُلَانَةَ إِذا ضَاجَعْتَهَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وشِعارٍ وَاحِدٍ، فَكُنْتَ لَهَا شِعَاَرًا وَكَانَتْ لَكَ شِعَارًا. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لامرأَته: شاعِرِينِي. وشاعَرَتْه: ناوَمَتْهُ فِي شِعارٍ وَاحِدٍ. والشِّعارُ: الْعَلَامَةُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا. وشِعارُ الْعَسَاكِرِ: أَن يَسِموا لَهَا عَلَاَمَةً يَنْصِبُونَهَا لِيَعْرِفَ الرَّجُلُ بِهَا رُفْقَتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن شِعارَ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ فِي الغَزْوِ: يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ
وَهُوَ تَفَاؤُلٌ بِالنَّصْرِ بَعْدَ الأَمر بالإِماتة. واسْتَشْعَرَ القومُ إِذا تداعَوْا بالشِّعار فِي الْحَرْبِ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
مُسْتَشْعِرِينَ قَد أَلْفَوْا، فِي دِيارهِمُ، ... دُعاءَ سُوعٍ ودُعْمِيٍّ وأَيُّوبِ
يَقُولُ: غَزَاهُمْ هَؤُلَاءِ فَتَدَاعَوْا بَيْنَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ بِشِعَارِهِمْ. وشِعارُ الْقَوْمِ: عَلَامَتُهُمْ فِي السَّفَرِ. وأَشْعَرَ القومُ فِي سَفَرِهِمْ: جَعَلُوا لأَنفسهم شِعاراً. وأَشْعَرَ القومُ: نادَوْا بِشِعَارِهِمْ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والإِشْعارُ: الإِعلام. والشّعارُ: الْعَلَامَةُ. قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري مَشاعِرَ الْحَجِّ إِلَّا مِنْ هَذَا لأَنها عَلَامَاتٌ لَهُ. وأَشْعَرَ البَدَنَةَ: أَعلمها، وَهُوَ أَن يَشُقَّ جِلْدَهَا أَو يَطْعَنَهَا فِي أَسْنِمَتِها فِي أَحد الْجَانِبَيْنِ بِمِبْضَعٍ أَو نَحْوِهِ، وَقِيلَ: طَعْنٌ فِي سَنامها الأَيمن حَتَّى يَظْهَرَ الدَّمُ وَيُعْرَفَ أَنها هَدْيٌ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَبو حَنِيفَةَ يَكْرَهُهُ وَزَعَمَ أَنه مُثْلَةٌ، وسنَّة النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحق بِالِاتِّبَاعِ. وَفِي حَدِيثِ مَقْتَلِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن رَجُلًا رَمَى الْجَمْرَةَ فأَصاب صَلَعَتَهُ بِحَجَرٍ فَسَالَ الدَّمُ، فَقَالَ رَجُلٌ: أُشْعِرَ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَادَى(4/413)
رجلٌ آخَرَ: يَا خَلِيفَةُ، وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لِهْبٍ: لَيُقْتَلَنَّ أَمير الْمُؤْمِنِينَ، فَرَجَعَ فَقُتِلَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. وَلِهْبٌ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ فِيهِمْ عِيافَةٌ وزَجْرٌ، وَتَشَاءَمَ هَذَا اللِّهْبِيُّ بِقَوْلِ الرَّجُلِ أُشْعر أَمير الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: لَيُقْتَلَنَّ، وَكَانَ مُرَادُ الرَّجُلِ أَنه أُعلم بِسَيَلَانِ الدَّمِ عَلَيْهِ مِنَ الشَّجَّةِ كَمَا يُشْعِرُ الْهَدْيُ إِذا سِيقَ لِلنَّحْرِ، وَذَهَبَ بِهِ اللِّهْبِيُّ إِلى الْقَتْلِ لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ لِلْمُلُوكِ إِذا قُتلوا: أُشْعِرُوا، وَتَقُولُ لِسُوقَةِ الناسِ: قُتِلُوا، وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: دِيَةُ المُشْعَرَةِ أَلف بَعِيرٍ؛ يُرِيدُونَ دِيَةَ الْمُلُوكِ؛ فَلَمَّا قَالَ الرَّجُلُ: أُشْعِرَ أَمير الْمُؤْمِنِينَ جَعَلَهُ اللِّهْبِيُّ قَتْلًا فِيمَا تَوَجَّهَ لَهُ مِنْ عِلْمِ الْعِيَافَةِ، وإِن كَانَ مُرَادُ الرَّجُلِ أَنه دُمِّيَ كَمَا يُدَمَّى الهَدْيُ إِذا أُشْعِرَ، وحَقَّتْ طِيَرَتُهُ لأَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا صَدَرَ مِنَ الْحَجِّ قُتل. وَفِي حَدِيثِ
مَكْحُولٍ: لَا سَلَبَ إِلا لِمَنْ أَشْعَرَ عِلْجاً أَو قَتَلَهُ، فأَما مَنْ لَمْ يُشعر فَلَا سَلَبَ لَهُ
، أَي طَعَنَهُ حَتَّى يَدْخُلَ السِّنانُ جَوْفَهُ؛ والإِشْعارُ: الإِدماء بِطَعْنٍ أَو رَمْيٍ أَو وَجْءٍ بِحَدِيدَةٍ؛ وأَنشد لكثيِّر:
عَلَيْها ولَمَّا يَبْلُغا كُلَّ جُهدِها، ... وَقَدْ أَشْعَرَاها فِي أَظَلَّ ومَدْمَعِ
أَشعراها: أَدمياها وَطَعَنَاهَا؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
يَقُولُ لِلْمُهْرِ، والنُّشَّابُ يُشْعِرُهُ: ... لَا تَجْزَعَنَّ، فَشَرُّ الشِّيمَةِ الجَزَعُ
وَفِي حَدِيثِ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن التُّجِيبِيَّ دَخَلَ عَلَيْهِ فأَشْعَرَهُ مِشْقَصاً أَي دَمَّاهُ بِهِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
نُقَتِّلُهُمْ جِيلًا فَجِيلًا، تَراهُمُ ... شَعائرَ قُرْبانٍ، بِهَا يُتَقَرَّبُ
وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ: أَنه قَاتَلَ غُلَامًا فأَشعره. وَفِي حَدِيثِ مَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ: لَمَّا رَمَاهُ الْحَسَنُ بِالْبِدْعَةِ قَالَتْ لَهُ أُمه: إِنك قَدْ أَشْعَرْتَ ابْنِي فِي النَّاسِ أَي جَعَلْتَهُ عَلَامَةً فِيهِمْ وشَهَّرْتَهُ بِقَوْلِكَ، فَصَارَ لَهُ كَالطَّعْنَةِ فِي الْبَدَنَةِ لأَنه كَانَ عَابَهُ بالقَدَرِ. والشَّعِيرة: الْبَدَنَةُ المُهْداةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنه يُؤْثَرُ فِيهَا بِالْعَلَامَاتِ، والجمع شعائر. وشِعارُ الْحَجِّ: مَنَاسِكُهُ وَعَلَامَاتُهُ وَآثَارُهُ وأَعماله، جَمْعُ شَعيرَة، وَكُلُّ مَا جُعِلَ عَلَماً لِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَالْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالرَّمْيِ وَالذَّبْحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن جِبْرِيلَ أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مُرْ أُمتك أَن يَرْفَعُوا أَصواتهم بِالتَّلْبِيَةِ فإِنها مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ.
والشَّعِيرَةُ والشِّعارَةُ «1» . والمَشْعَرُ: كالشِّعارِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: شَعَائِرُ الْحَجِّ مَنَاسِكُهُ، وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ
؛ هُوَ مُزْدَلِفَةُ، وَهِيَ جمعٌ تُسَمَّى بِهِمَا جَمِيعًا. والمَشْعَرُ: المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ مِنْ مُتَعَبَّداتِهِ. والمَشاعِرُ: الْمَعَالِمُ الَّتِي نَدَبَ اللَّهُ إِليها وأَمر بِالْقِيَامِ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ المَشْعَرُ الْحَرَامُ لأَنه مَعْلَمٌ لِلْعِبَادَةِ وَمَوْضِعٌ؛ قَالَ: وَيَقُولُونَ هُوَ المَشْعَرُ الْحَرَامُ والمِشْعَرُ، وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَهُ بِغَيْرِ الأَلف وَاللَّامِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانَتِ الْعَرَبُ عَامَّةً لَا يَرَوْنَ الصَّفَا والمروة مِنَ الشَّعَائِرِ وَلَا يَطُوفُونَ بَيْنَهُمَا فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: لَا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ
؛ أَي لَا تَسْتَحِلُّوا تَرْكَ ذَلِكَ؛ وَقِيلَ: شَعَائِرُ اللَّهِ مَنَاسِكُ الْحَجِّ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي شَعَائِرِ اللَّهِ: يَعْنِي بِهَا جَمِيعَ مُتَعَبِّدَاتِ اللَّهِ الَّتِي أَشْعرها اللَّهُ أَي جَعَلَهَا أَعلاماً لَنَا، وَهِيَ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ مَوْقِفٍ أَو مَسْعًى أَو ذبح،
__________
(1) . قوله: [والشعارة] كذا بالأَصل مضبوطاً بكسر الشين وبه صرح في المصباح، وضبط في القاموس بفتحها(4/414)
وإِنما قِيلَ شَعَائِرُ لِكُلِّ عَلَمٍ مِمَّا تُعُبِّدَ بِهِ لأَن قَوْلَهُمْ شَعَرْتُ بِهِ عَلِمْتُهُ، فَلِهَذَا سُمِّيَتِ الأَعلام الَّتِي هِيَ مُتَعَبَّدَاتُ اللَّهِ تَعَالَى شَعَائِرَ. وَالْمَشَاعِرُ: مَوَاضِعُ الْمَنَاسِكِ. والشِّعارُ: الرَّعْدُ؛ قَالَ:
وقِطار غادِيَةٍ بِغَيْرِ شِعارِ
الْغَادِيَةُ: السَّحَابَةُ الَّتِي تَجِيءُ غُدْوَةً، أَي مَطَرٌ بِغَيْرِ رَعْدٍ. والأَشْعَرُ: مَا اسْتَدَارَ بِالْحَافِرِ مِنْ مُنْتَهَى الْجِلْدِ حَيْثُ تَنْبُتُ الشُّعَيْرات حَوالَي الْحَافِرِ. وأَشاعرُ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ حَافِرِهِ إِلى مُنْتَهَى شَعَرِ أَرساغه، وَالْجَمْعُ أَشاعِرُ لأَنه اسْمٌ. وأَشْعَرُ خُفِّ الْبَعِيرِ: حَيْثُ يَنْقَطِعُ الشَّعَرُ، وأَشْعَرُ الحافرِ مِثْلُه. وأَشْعَرُ الحَياءِ: حَيْثُ يَنْقَطِعُ الشَّعَرُ. وأَشاعِرُ النَّاقَةِ: جَوَانِبُ حَيَائِهَا. والأَشْعَرانِ: الإِسْكَتانِ، وَقِيلَ: هُمَا مَا يَلِي الشُّفْرَيْنِ. يُقَالُ لِناحِيَتَيْ فرج المرأَة: الإِسْكَتانِ، وَلِطَرَفَيْهِمَا: الشُّفْرانِ، وَلِلَّذِي بَيْنَهُمَا: الأَشْعَرانِ. والأَشْعَرُ: شَيْءٌ يَخْرُجُ بَيْنَ ظِلْفَي الشاةِ كأَنه ثُؤْلُولُ الْحَافِرِ تُكْوَى مِنْهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ. والأَشْعَرُ: اللَّحْمُ تَحْتَ الظُّفْرِ. والشَّعِيرُ: جِنْسٌ مِنَ الْحُبُوبِ مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ شَعِيرَةٌ، وَبَائِعُهُ شَعِيرِيٌّ. قال سيبويه: وليس مِمَّا بُنِيَ عَلَى فاعِل وَلَا فَعَّال كَمَا يَغْلِبُ فِي هَذَا النَّحْوِ. وأَما قَوْلُ بَعْضِهِمْ شِعِير وبِعِير ورِغيف وَمَا أَشبه ذَلِكَ لِتَقْرِيبِ الصَّوْتِ مِنَ الصَّوْتِ فَلَا يَكُونُ هَذَا إِلا مَعَ حُرُوفِ الْحَلْقِ. والشَّعِيرَةُ: هَنَةٌ تُصَاغُ مِنْ فِضَّةٍ أَو حَدِيدٍ عَلَى شَكْلِ الشَّعيرة تُدْخَلُ فِي السِّيلانِ فَتَكُونُ مِساكاً لِنِصابِ السِّكِّينِ وَالنَّصْلُ، وَقَدْ أَشْعَرَ السِّكِّينُ: جُعِلَ لَهَا شَعِيرة. والشَّعِيرَةُ: حَلْيٌ يُتَّخَذُ مِنْ فِضَّةٍ مِثْلُ الشَّعِيرِ عَلَى هَيْئَةِ الشَّعِيرَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنها جَعَلَتْ شَعارِيرَ الذَّهَبِ فِي رَقَبَتِهَا
؛ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الحُلِيِّ أَمثال الشَّعِيرِ. والشَّعْراء: ذُبابَةٌ يُقَالُ هِيَ الَّتِي لَهَا إِبرة، وَقِيلَ: الشَّعْراء ذُبَابٌ يَلْسَعُ الْحِمَارَ فَيَدُورُ، وَقِيلَ: الشَّعْراءُ والشُّعَيْرَاءُ ذُبَابٌ أَزرق يُصِيبُ الدوابَّ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّعْراءُ نَوْعَانِ: لِلْكَلْبِ شَعْرَاءٌ مَعْرُوفَةٌ، وللإِبل شُعَرَاءٌ؛ فأَما شَعْرَاءُ الْكَلْبِ فإِنها إِلى الزُّرْقَةِ والحُمْرَةِ وَلَا تَمَسُّ شَيْئًا غَيْرَ الْكَلْبِ، وأَما شَعْراءُ الإِبل فَتَضْرِبُ إِلى الصُّفْرة، وَهِيَ أَضخم مِنْ شَعْرَاءِ الْكَلْبِ، وَلَهَا أَجنحة، وَهِيَ زَغْباءُ تَحْتَ الأَجنحة؛ قَالَ: وَرُبَّمَا كَثُرَتْ فِي النِّعَمِ حَتَّى لَا يَقْدِرَ أَهل الإِبل عَلَى أَن يَحْتَلِبُوا بِالنَّهَارِ وَلَا أَن يَرْكَبُوا مِنْهَا شَيْئًا مَعَهَا فَيَتْرُكُونَ ذَلِكَ إِلى اللَّيْلِ، وَهِيَ تَلْسَعُ الإِبل فِي مَراقِّ الضُّلُوعِ وَمَا حَوْلَهَا وَمَا تَحْتَ الذَّنَبِ وَالْبَطْنِ والإِبطين، وَلَيْسَ يَتَّقُونَهَا بِشَيْءٍ إِذا كَانَ ذَلِكَ إِلا بالقَطِرانِ، وَهِيَ تَطِيرُ عَلَى الإِبل حَتَّى تَسْمَعَ لِصَوْتِهَا دَوِيّاً، قَالَ الشَّمَّاخُ:
تَذُبُّ صِنْفاً مِنَ الشَّعْراءِ، مَنْزِلُهُ ... مِنْها لَبانٌ وأَقْرَابٌ زَهالِيلُ
وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ شَعارٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لَمَّا أَراد قَتْلِ أُبَيّ بْنِ خَلَفٍ تَطَايَرَ الناسُ عَنْهُ تَطايُرَ الشُّعْرِ عَنِ الْبَعِيرِ ثُمَّ طَعَنَهُ فِي حَلْقِهِ
؛ الشُّعْر، بضم الشين وسكن الْعَيْنِ: جَمْعُ شَعْراءَ، وَهِيَ ذِبَّانٌ أَحمر، وَقِيلَ أَزرق، يَقَعُ عَلَى الإِبل وَيُؤْذِيهَا أَذى شَدِيدًا، وَقِيلَ: هُوَ ذُبَابٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ نَاوَلَهُ الحَرْبَةَ فَلَمَّا أَخذها انْتَفَضَ بِهَا انْتِفَاضَةً تَطَايَرْنَا عَنْهُ تَطَايُرَ الشَّعارِيرِ
؛ هِيَ بِمَعْنَى الشُّعْرِ، وَقِيَاسُ وَاحِدِهَا شُعْرورٌ، وَقِيلَ: هِيَ مَا يَجْتَمِعُ عَلَى دَبَرَةِ الْبَعِيرِ مِنَ الذِّبَّانِ فإِذا هيجتْ تطايرتْ عَنْهَا. والشَّعْراءُ: الخَوْخُ أَو ضَرْبٌ مِنَ الْخَوْخِ، وَجَمْعُهُ(4/415)
كَوَاحِدِهِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّعْراء شَجَرَةٌ مِنَ الحَمْضِ لَيْسَ لَهَا وَرَقٌ وَلَهَا هَدَبٌ تَحْرِصُ عَلَيْهَا الإِبل حِرْصاً شَدِيدًا تَخْرُجُ عِيدَانًا شِداداً. والشَّعْراءُ: فَاكِهَةٌ، جَمْعُهُ وَوَاحِدُهُ سَوَاءٌ. والشَّعْرانُ: ضَرْبٌ مِنَ الرِّمْثِ أَخْضَر، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْضِ أَخضر أَغبر. والشُّعْرُورَةُ: القِثَّاءَة الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ. والشَّعارِيرُ: صِغَارُ الْقِثَّاءِ، وَاحِدُهَا شُعْرُور. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شعاريرُ
؛ هِيَ صِغَارُ الْقِثَّاءِ. وَذَهَبُوا شَعالِيلَ وشَعارِيرَ بِقُذَّانَ وقِذَّانَ أَي مُتَفَرِّقِينَ، وَاحِدُهُمْ شُعْرُور، وَكَذَلِكَ ذَهَبُوا شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَصبحتْ شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ وقَرْدَحْمَةَ وقِنْدَحْرَةَ وقَنْدَحْرَةَ وقِدْحَرَّةَ [قَدْحَرَّةَ] وقَذْحَرَّةَ [قِذْحَرَّةَ] ؛ مَعْنَى كُلِّ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا، يَعْنِي اللِّحْيَانِيُّ أَصبحت الْقَبِيلَةُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّماطِيطُ والعَبادِيدُ والشَّعارِيرُ والأَبابِيلُ، كُلُّ هَذَا لَا يُفْرَدُ لَهُ وَاحِدٌ. والشَّعارِيرُ: لُعْبة لِلصِّبْيَانِ، لَا يُفْرَدُ؛ يُقَالُ: لَعِبنَا الشَّعاريرَ وَهَذَا لَعِبُ الشَّعاريرِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى
؛ الشِّعْرَى: كَوْكَبٌ نَيِّرٌ يُقَالُ لَهُ المِرْزَمُ يَطْلعُ بَعْدَ الجَوْزاءِ، وَطُلُوعُهُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى جَعَلَ صَاحِبَ النحل يَرَى. وَهُمَا الشِّعْرَيانِ: العَبُورُ الَّتِي فِي الْجَوْزَاءِ، والغُمَيْصاءُ الَّتِي فِي الذِّراع؛ تَزْعُمُ العرب أَنهما أُختا سُهَيْلٍ، وَطُلُوعُ الشِّعْرَى عَلَى إِثْرِ طُلُوعِ الهَقْعَةِ. وَعَبْدُ الشِّعْرَى العَبُور طائفةٌ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ وَيُقَالُ: إِنها عَبَرَت السَّمَاءَ عَرْضاً وَلَمْ يَعْبُرْها عَرْضاً غَيْرُهَا، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى
؛ أَي رَبُّ الشِّعْرَى الَّتِي تَعْبُدُونَهَا، وَسُمِّيَتِ الأُخرى الغُمَيْصاءَ لأَن الْعَرَبَ قَالَتْ فِي أَحاديثها: إِنها بَكَتْ عَلَى إِثر الْعَبُورِ حَتَّى غَمِصَتْ. وَالَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: شَهِدْتُ بَدْراً وَمَا لِي غَيْرُ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ ثم أَكثر الله لي مِنَ اللِّحَى بعدُ
؛ قِيلَ: أَراد مَا لِي إِلا بِنْتٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ أَكثر اللَّهُ لِي مِنَ الوَلَدِ بعدُ. وأَشْعَرُ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، مِنْهُمْ أَبو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، وَيَجْمَعُونَ الأَشعري، بِتَخْفِيفِ يَاءِ النِّسْبَةِ، كَمَا يُقَالُ قَوْمٌ يَمانُونَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والأَشْعَرُ أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ أَشْعَرُ بْنُ سَبَإ بْنُ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطانَ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: جَاءَ بِكَ الأَشْعَرُونَ، بِحَذْفِ يَاءَيِ النَّسَبِ. وَبَنُو الشُّعَيْراءِ: قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ. والشُّوَيْعِرُ: لَقَبُ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرانَ بْنِ أَبي حُمْرَانَ الجُعْفِيّ، وَهُوَ أَحد مَنْ سُمِّيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِمُحَمَّدٍ، والمُسَمَّوْنَ بِمُحَمَّدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ سَبْعَةٌ مَذْكُورُونَ فِي مَوْضِعِهِمْ، لَقَّبَهُ بِذَلِكَ امْرُؤُ الْقَيْسِ، وَكَانَ قَدْ طَلَبَ مِنْهُ أَن يَبِيعَهُ فَرَسًا فأَبى فَقَالَ فِيهِ:
أَبْلِغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَنِّي ... عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيمَا
حَرِيمٌ: هُوَ جَدُّ الشُّوَيْعِرِ فإِن أَبا حُمْرانَ جَدَّه هُوَ الحرث بن معاوية بْنُ الْحَرْثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ حَرِيمِ بْنِ جُعْفِيٍّ؛ وَقَالَ الشُّوَيْعِرُ مُخَاطِبًا لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
أَتَتْنِي أُمُورٌ فَكَذِّبْتُها، ... وَقَدْ نُمِيَتْ لِيَ عَامًا فَعاما
بأَنَّ إمْرأَ القَيْسِ أَمْسَى كَئيباً، ... عَلَى آلِهِ، مَا يَذُوقُ الطَّعامَا(4/416)
لَعَمْرُ أَبيكَ الَّذِي لَا يُهانُ ... لَقَدْ كانَ عِرْضُكَ مِنِّي حَراما
وَقَالُوا: هَجَوْتَ، وَلَمْ أَهْجُهُ، ... وهَلْ يجِدَنْ فيكَ هاجٍ مَرَامَا؟
وَالشُّوَيْعِرُ الْحَنَفِيُّ: هُوَ هَانِئُ بْنُ تَوْبَةَ الشَّيْبانِيُّ؛ أَنشد أَبو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ لَهُ:
وإِنَّ الَّذِي يُمْسِي، ودُنْياه هَمُّهُ، ... لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْها بِحَبْلِ غُرُورِ
فَسُمِّيَ الشُّوَيْعِرُ بِهَذَا الْبَيْتِ.
شعفر: شَعْفَرٌ: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ؛ أَنشد الأَزهري:
يَا لَيْتَ أَني لَمْ أَكُنْ كَرِيّاً، ... وَلَمْ أَسُقْ بِشَعْفَر المَطِيَّا
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: شَعْفَرٌ بَطْنٌ مِنْ ثَعْلَبَةَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو السَّعْلاةِ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ امرأَة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
صادَتْكَ يَوْمَ الرَّمْلَتَيْنِ شَعْفَرُ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ شَغْفَرٌ، بالغين المعجمة.
شغر: الشَّغْرُ: الرَّفْعُ. شَغَرَ الكلبُ يَشْغَرُ شَغْراً: رَفَعَ إِحدى رِجْلَيْهِ لِيَبُولَ، وَقِيلَ: رَفَعَ إِحدى رِجْلَيْهِ، بَالَ أَو لم يبل، وقيل: شَغَرَ الكلبُ بِرِجْلِهِ شَغْراً رَفَعَهَا فَبَالَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شَغَّارَةٌ تَقِذُ الفَصِيلَ بِرِجْلِها، ... فَطَّارَةٌ لِقَوادِمِ الأَبْكارِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِذا نَامَ شَغَرَ الشيطانُ بِرِجْلِهِ فَبَالَ فِي أُذنه.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قَبْلَ أَن تَشْغَرَ بِرِجْلِهَا فِتْنَةٌ تَطَأُ فِي خِطامِها.
وشَغَرَ المرأَةَ وَبِهَا يَشْغُرُ شُغُوراً وأَشْغَرَها: رَفَعَ رِجْلَيْها لِلنِّكَاحِ. وبلْدَةٌ شاغِرَةٌ: لَمْ تَمْتَنِعْ مِنْ غَارَةِ أَحد. وشَغَرَتِ الأَرضُ وَالْبَلَدُ أَي خَلَتْ مِنَ النَّاسِ وَلَمْ يَبْقَ بِهَا أَحد يَحْمِيهَا وَيَضْبِطُهَا. يُقَالُ: بَلْدَةٌ شاغِرةٌ بِرِجْلِهَا إِذا لَمْ تَمْتَنِعْ مِنْ غَارَةِ أَحد. والشِّغار: الطَّرْدُ، يُقَالُ: شَغَرُوا فُلَانًا عَنْ بَلَدِهِ شَغْراً وشِغاراً إِذا طَرَدُوه ونَفَوْهُ. والشِّغار، بِكَسْرِ الشِّينِ: نِكَاحٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ أَن تُزوِّج الرجلَ امرأَةً مَا كَانَتْ، عَلَى أَن يُزَوِّجَكَ أُخرى بِغَيْرِ مَهْرٍ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْقَرَائِبَ فَقَالَ: لَا يَكُونُ الشِّغارُ إِلا أَن تُنْكِحَهُ وليَّتك، عَلَى أَن يُنْكِحَكَ وليَّته؛ وَقَدْ شاغَرَهُ؛ الْفَرَّاءُ: الشِّغارُ شِغارُ الْمُتَنَاكِحِينَ،
وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الشِّغارِ
؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ: الشِّغارُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَن يُزَوِّجَ الرجلُ الرجلَ حريمتَه عَلَى أَن يُزَوِّجَهُ المزوَّج حَرِيمَةً لَهُ أُخرى، وَيَكُونَ مهر كل واحدة منهما بُضْعَ الأُخرى، كأَنهما رَفَعَا الْمَهْرَ وأَخليا الْبُضْعَ عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا شِغارَ فِي الإِسلام.
وَفِي رِوَايَةٍ:
نُهِيَ عَنْ نِكَاحِ الشَّغْرِ.
والشِّغارُ: أَن يَبْرُزَ الرَّجُلَانِ مِنَ العَسْكَرَيْنِ، فإِذا كَادَ أَحدهما أَن يَغْلِبَ صَاحِبَهُ جَاءَ اثْنَانِ لِيُغِيثَا أَحدهما، فَيَصِيحَ الْآخَرُ: لَا شِغارَ لَا شِغارَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والشِّغارُ أَن يَعْدُو الرَّجُلَانِ عَلَى الرَّجُلِ. والشَّغْرُ: أَن يَضْرِبَ الْفَحْلُ برأْسه تَحْتَ النُّوقِ مِنْ قبَلِ ضُرُوعِهَا فَيَرْفَعَهَا فَيَصْرَعَهَا. وأَبو شاغِر: فَحْلٌ مِنَ الإِبل مَعْرُوفٌ كَانَ لِمَالِكِ بْنِ المُنْتَفِقِ الصُّبَحيِّ. وأَشْغَرَ المَنْهَلُ: صَارَ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ المَحَجَّة؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: واشْتَغَرَ المَنْهَلُ إِذا صَارَ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ(4/417)
المَحَجَّة؛ وأَنشد:
شَافِي الأُجاج بَعِيد المُشْتَغَرْ
ورُفْقَةٌ مُشْتَغِرَةٌ: بَعِيدَةٌ عَنِ السَّابِلَةِ. وأَشْغَرَتِ الرُّفْقَةُ: انْفَرَدَتْ عَنِ السَّابِلَةِ. واشْتَغَرَ فِي الْفَلَاةِ: أَبْعَدَ فِيهَا. واشْتَغَر عَلَيْهِ حِسابُه: انْتَشَرَ وكَثُرَ فَلَمْ يَهْتَدِ لَهُ. وَذَهَبَ فُلَانٌ يَعُدُّ بَنِي فُلَانٍ فاشْتَغَرُوا عَلَيْهِ أَي كَثُرُوا. واشْتَغَرَ العَدَدُ: كَثُرَ وَاتَّسَعَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وعَدَد بَخّ إِذا عُدَّ اشْتَغَرْ، ... كَعَدد التُّرْبِ تَدانَى وانْتَشَرْ
أَبو زَيْدٍ: اشْتَغَرَ الأَمر بِفُلَانٍ أَي اتَّسَعَ وعَظُمَ. واشْتَغَرَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ إِذا اتَّسَعَتْ وَعَظُمَتْ. واشْتَغَرَتِ الإِبلُ: كَثُرَتْ وَاخْتَلَفَتْ. والشَّغْرُ: التَّفْرِقَةُ. وَتَفَرَّقَتِ الْغَنَمُ شَغَرَ بَغَرَ وشِغَرَ بِغَرَ أَي فِي كُلِّ وَجْهٍ؛ وَيُقَالُ: هُمَا اسْمَانِ جُعِلَا وَاحِدًا وَبُنِيَا عَلَى الْفَتْحِ، وَكَذَلِكَ تَفَرَّقَ الْقَوْمُ شَغَرَ بَغَر وشَذَرَ مَذَرَ أَي فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي الإِقبال. والشَّاغِرانِ: مُنْقَطَعُ عِرْقِ السُّرَّةِ. ورجلِ شِغِّير: سَيِءُ الخُلُقِ. وشاغِرَةُ والشَّاغِرَةُ، كِلْتَاهُمَا: مَوْضِعٌ. وتَشَغَّرَ البعيرُ إِذا لَمْ يَدَعْ جُهْداً فِي سَيْرِهِ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا اشْتَدَّ عَدْوُه: هُوَ يَتَشَغَّرُ تَشَغُّراً. وَيُقَالُ: مَرَّ يَرْتَبِعُ إِذا ضَرَبَ بِقَوَائِمِهِ، واللَّبْطَةُ نَحْوُهُ، ثُمَّ التَّشَغُّرُ فَوْقَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: فَحَجَن ناقَتَهُ حَتَّى أَشْغَرَتْ
أَي اتَّسَعَتْ فِي السَّيْرِ وأَسرعتْ. وشَغَرْتُ بَنِي فُلَانٍ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا أَي أَخرجتهم؛ وأَنشد الشَّيْبَانِيُّ:
ونحنُ شَغَرْنا ابْنَيْ نِزارٍ كِلَيْهِما، ... وكَلْباً بوقْعٍ مُرْهِبِ مُتَقارِبِ
وَفِي التَّهْذِيبِ: بِحَيْثُ شَغَرْنا ابْنَي نِزار. والشَّغْرُ: البُعْدُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: بَلَدٌ شاغِرٌ إِذا كَانَ بَعِيدًا مِنَ النَّاصِرِ وَالسُّلْطَانِ؛ قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
والأَرض لَكُمْ شاغِرَةٌ
؛ أَي وَاسِعَةٌ. أَبو عَمْرٍو: شَغَرْتُه عَنِ الأَرض أَي أَخرجته. أَبو عَمْرٍو: الشِّغارُ العَداوَةُ. واشْتَغَرَ فُلَانٌ عَلَيْنَا إِذا تَطَاوَلَ وَافْتَخَرَ. وتَشَغَّرَ فُلَانٌ فِي أَمر قَبِيحٍ إِذا تَمادَى فِيهِ وتَعَمَّقَ. والشَّغُورُ: مَوْضِعٌ فِي الْبَادِيَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ: بئرٌ شِغارٌ وَبِئَارٌ شِغارٌ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَاسِعَةُ الأَعْطانِ. والمِشْغَرُ مِنَ الرِّمَاحِ: كالمِطْرَدِ؛ وَقَالَ:
سِناناً مِنَ الخَطِّيِّ أَسْمَرَ مِشْغَرَا
شغبر: رَوَى ثَعْلَبٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبيه قَالَ: الشَّغْبَرُ ابْنُ آوَى، قَالَ: وَمَنْ قَالَهُ بِالزَّايِ فَقَدْ صَحَّفَ. اللَّيْثُ: تَشَغْبَرَت الرِّيحُ إِذا الْتَوَتْ فِي هُبوبها.
شغفر: شَغْفَرٌ: اسْمُ امرأَة؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنما هِيَ شَعْفَر، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَرْفِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ. أَبو عَمْرٍو: الشَّغْفَرُ المرأَة الْحَسْنَاءُ؛ أَنشد عَمْرُو بْنُ بَحْر لأَبي الطَّوْفِ الأَعرابي فِي امرأَته وَكَانَ اسْمُهَا شَغْفَر وَكَانَتْ وُصِفَتْ بالقُبْحِ والشَّناعَةِ:
جامُوسَةٌ وفِيلَةٌ وخَنْزَرُ، ... وكُلُّهُنَّ فِي الجَمالِ شَغْفَرُ
قَالَ: وأَنشدني الْمُنْذِرِيُّ:
وَلَمْ أَسُقْ بِشَغْفَرَ المَطِيَّا
وَقَالَ:
صادَتْكَ يَوْمَ القَرَّتَيْنِ «2» شَغْفَرُ.
شفر: الشُّفْرُ، بِالضَّمِّ: شُفْرُ الْعَيْنِ، وَهُوَ مَا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ وأَصلُ مَنْبِتِ الشَّعْرِ فِي الجَفْنِ وَلَيْسَ
__________
(2) . قوله: [يوم القرتين] الذي تقدم في [شعفر] يوم الرملتين(4/418)
الشُّفْرُ مِنَ الشَّعَرِ فِي شَيْءٍ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ؛ صَرَّحَ بِذَلِكَ اللِّحْيَانِيُّ، وَالْجَمْعُ أَشْفارٌ؛ سِيبَوَيْهِ: لَا يُكسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، والشَّفْرُ: لُغَةٌ فِيهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. شَمِرٌ: أَشْفارُ الْعَيْنِ مَغْرِزُ الشَّعَرِ. والشَّعَرُ: الهُدْبُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: شُفْرُ الْعَيْنِ مَنَابِتُ الأَهداب مِنَ الْجُفُونِ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَشْفارُ حُرُوفُ الأَجفان الَّتِي يَنْبُتُ عَلَيْهَا الشَّعَرُ، وَهُوَ الْهُدْبُ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ: لَا عُذْرَ لَكُمْ إِن وُصِلَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، وَفِيكُمْ شُفْرٌ يَطْرِفُ.
وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبيّ: كَانُوا لَا يُؤَقِّتون فِي الشُّفْرِ شَيْئًا
أَي لَا يُوجِبُونَ فِيهِ شَيْئًا مقَدَّراً. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ لأَن الدِّيَةَ وَاجِبَةٌ فِي الأَجفان، فإِن أَراد بالشُّفْرِ هاهنا الشَّعَرَ فَفِيهِ خِلَافٌ أَو يَكُونُ الأَوَّل مَذْهَبًا لِلشَّعْبِيِّ. وشُفْرُ كُلِّ شَيْءٍ: نَاحِيَتُهُ. وشُفْرُ الرَّحِمِ وشافِرُها: حُرُوفُهَا. وشُفْرَا المرأَةِ وشافِراها: حَرْفا رَحِمِها. والشَّفِرَةُ والشَّفِيرَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَجِدُ شَهْوَتَهَا فِي شُفْرِها فيجيءَ مَاؤُهَا سَرِيعًا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَقْنَعُ مِنَ النِّكَاحِ بأَيسره، وَهِيَ نَقيضُ القَعِيرَةِ. والشُّفْرُ: حرفُ هَنِ المرأَة وحَدُّ المِشْفَرِ. وَيُقَالُ لِنَاحِيَتَيْ فَرْجِ المرأَة: الإِسْكَتانِ؛ وَلِطَرَفَيْهِمَا: الشُّفْرانِ، اللَّيْثُ: الشَّافِرَانِ مِنْ هَنِ المرأَة أَيضاً، وَلَا يُقَالُ المِشْفَرُ إِلَّا لِلْبَعِيرِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِنما قِيلَ مَشافِرُ الْحَبَشِ تَشْبِيهًا بِمَشافِرِ الإِبل. ابْنُ سِيدَهْ: وَمَا بِالدَّارِ شُفْرٌ وشَفْرٌ أَي أَحد؛ وَقَالَ الأَزهري: بِفَتْحِ الشِّينِ. قَالَ شَمِرٌ: وَلَا يَجُوزُ شُفْر، بِضَمِّهَا؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِيهِ بِلَا حَرْفِ النَّفْيِ:
تَمُرُّ بِنَا الأَيامُ مَا لَمَحَتْ بِنا ... بَصِيرَةُ عَيْنٍ، مِنْ سِوانا، عَلَى شَفْرِ
أَي مَا نَظَرَتْ عَيْنٌ مِنَّا إِلى إِنسان سِوَانَا؛ وأَنشد شَمِرٌ:
رَأَتْ إِخْوَتي بعدَ الجميعِ تَفَرَّقُوا، ... فَلَمْ يبقَ إِلَّا واحِداً مِنْهُمُ شَفْرُ
والمِشْفَرُ والمَشْفَرُ لِلْبَعِيرِ: كَالشَّفَةِ للإِنسان، وَقَدْ يُقَالُ للإِنسان مَشَافِرُ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَعَظِيمُ الْمَشَافِرِ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّاسِ والإِبل، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي فُرِّقَ فَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُ مِشْفَراً ثُمَّ جَمَعَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَلَوْ كنتَ ضَبِّيّاً عَرَفْتَ قَرابَتي، ... ولَكِنَّ زِنْجِيّاً عَظِيمَ المَشافِرِ
الْجَوْهَرِيُّ: والمِشْفَرُ مِنَ الْبَعِيرِ كالجَحْفَلةِ مِنَ الْفَرَسِ، ومَشافِرُ الْفَرَسِ مُسْتَعَارَةٌ مِنْهُ. وَفِي الْمَثَلِ: أَراك بَشَرٌ مَا أَحارَ مِشْفَرٌ أَي أَغناك الظَّاهِرُ عَنْ سُؤَالِ الْبَاطِنِ، وأَصله فِي الْبَعِيرِ. والشَّفِير: حَدُّ مِشْفَر [مَشْفَر] الْبَعِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَعرابيّاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِن النُّقْبَةَ قَدْ تَكُونُ بِمِشْفَرِ الْبَعِيرِ فِي الإِبل الْعَظِيمَةِ فَتَجْرَبُ كُلُّها، قال: فما أَجْرَبَ الأَوَّلَ؟
المِشْفَر لِلْبَعِيرِ: كَالشَّفَةِ للإِنسان والجَحْفَلَةِ لِلْفَرَسِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وشَفِيرُ الْوَادِي: حَدُّ حَرْفِه، وَكَذَلِكَ شَفِيرُ جَهَنَّمَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: حَتَّى وَقَفُوا عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ
أَي جَانِبِهَا وَحَرْفِهَا؛ وَشَفِيرُ كُلِّ شَيْءٍ حَرْفُهُ، وحرفُ كُلِّ شَيْءٍ شُفْره وشَفِيره كَالْوَادِي وَنَحْوِهِ. وشَفير الْوَادِي وشُفْرُه: نَاحِيَتُهُ مِنْ أَعلاه؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ قَوْلِهِ:
بِزَرْقاوَيْنِ لَمْ تُحْرَفْ، ولَمَّا ... يُصِبْها غائِرٌ بِشَفِيرِ مأْقِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ يكون الشَّفِير هاهنا نَاحِيَةَ المَأْقِ(4/419)
مِنْ أَعلاه، وَقَدْ يَكُونُ الشَّفِير لُغَةً فِي شُفْرِ الْعَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: شَفَرَ إِذا آذَى إِنساناً، وشَفَرَ إِذا نَقَّصَ. والشَّافِرُ: المُهْلِكُ مَالَهُ، والزَّافِرُ: الشُّجَاعُ. وشَفَّرَ المالُ: قَلَّ وَذَهَبَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد لِشَاعِرٍ يَذْكُرُ نِسْوَةً:
مُولَعاتٌ بِهاتِ هاتِ، فإِنْ ... شَفَّرَ مالٌ، أَرَدْنَ مِنْكَ انْخِلاعَا
والتَّشْفِير: قِلَّةُ النَّفَقَةِ. وعَيْشٌ مُشَفِّرٌ: قليلٌ ضَيِّقٌ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ شَفَّرَتْ نَفَقاتُ القَوْمِ بَعْدَكُمُ، ... فأَصْبَحُوا لَيسَ فِيهمْ غَيْرُ مَلْهُوفِ
والشَّفْرَةُ مِنَ الْحَدِيدِ: مَا عُرِّضَ وحُدِّدَ، وَالْجَمْعُ شِفارٌ. وَفِي الْمَثَلِ: أَصْغَرُ القَوْمِ شَفْرَتُهُمْ أَي خَادِمُهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن أَنساً كَانَ شَفْرَةَ الْقَوْمِ فِي السَّفَرِ
؛ مَعْنَاهُ أَنه كَانَ خَادِمُهُمُ الَّذِي يَكْفِيهِمْ مَهْنَتَهُمْ، شُبِّهَ بالشَّفْرَةِ الَّتِي تُمْتَهَنُ فِي قَطْعِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ. والشَّفْرَةُ، بِالْفَتْحِ: السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ الْعَظِيمَةُ، وَجَمْعُهَا شَفْرٌ وشِفارٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لَقِيتَها نَعْجَةً تَحْمِلُ شَفْرَةً وزِناداً فَلَا تهِجْها
؛ الشَّفْرَةُ: السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ. وشَفَراتُ السُّيُوفِ: حروفُ حَدّها؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ السُّيُوفَ:
يَرَى الرَّاؤُونَ بالشَّفَراتِ مِنْها ... وُقُودَ أَبي حُباحِب والظُّبِينا
وشَفْرَةُ السَّيْفِ: حدُّه. وشَفْرَةُ الإِسْكافِ: إِزْمِيلُه الَّذِي يَقْطَعُ بِهِ. أَبو حَنِيفَةَ: شَفْرتا النَّصْلِ جَانِبَاهُ. وأُذُنٌ شُفارِيَّة وشُرافِيَّة: ضَخْمَةٌ، وَقِيلَ: طَوِيلَةٌ عَرِيضَةٌ لَيِّنَةُ الفَرْعِ. والشُّفارِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ اليَرابِيعِ، ويقال لها ضأْنُ اليَرابِيعِ، وَهِيَ أَسمنها وأَفضلها، يكون فِي آذَانِهَا طُولٌ، ولليَرْبُوعِ الشُّفارِيّ ظُفُرٌ فِي وَسَطِ سَاقِهِ. ويَرْبُوع شُفارِيّ: عَلَى أُذنه شَعَرٌ. ويَرْبُوعٌ شُفارِيٌّ: ضَخْمُ الأُذنين، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الأُذنين الْعَارِي البَراثِنِ وَلَا يُلْحَقُ سَرِيعاً، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الْقَوَائِمِ الرِّخْوُ اللحمِ الْكَثِيرُ الدَّسَمِ؛ قَالَ:
وإِنِّي لأَصْطادُ الْيَرَابِيعَ كُلَّها: ... شُفارِيَّها والتَّدْمُرِيَّ المُقَصِّعَا
التَّدْمُرِيُّ: الْمَكْسُوُّ الْبَرَاثِنِ الَّذِي لَا يَكَادُ يُلْحَقُ. والمِشْفَرُ: أَرض مِنْ بِلَادِ عَدِيٍّ وتَيْمٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَلَمَّا هَبَطْنَ المِشْفَرَ العَوْدَ عَرَّسَتْ، ... بِحَيْثُ الْتَقَتْ أَجْراعُهُ ومَشارِفُهْ
وَيُرْوَى: مِشْفَر العَوْدِ، وَهُوَ أَيضاً اسْمُ أَرض. وَفِي حَدِيثِ
كُرْزٍ الفِهْرِيّ: لَمَّا أَغار عَلَى سَرْح الْمَدِينَةِ كَانَ يَرْعَى بِشُفَرٍ
؛ هُوَ بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِ الْفَاءِ، جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ يَهْبِطُ إِلى العَقِيقِ. والشَّنْفَرى: اسْمُ شَاعِرٍ مِنَ الأَزْدِ وَهُوَ فَنْعَلَى؛ وَفِي الْمَثَلِ: أَعْدَى مِنَ الشَّنْفَرَى، وكان من العَدَّائِين.
شفتر: الشَّفْتَرَةُ: التَّفَرُّقُ. واشْفَتَرَّ الشَّيْءُ: تَفَرَّقَ. واشْفَتَرَّ العُودُ: تَكَسَّرَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تُبادِرُ الضَّيْفَ بِعُودٍ مُشْفَتِرْ
أَي مُنْكَسِرٍ مِنْ كَثْرَةِ مَا تَضْرِبُ بِهِ. وَرَجُلٌ شَفَنْتَرٌ: ذَاهِبُ الشَّعَرِ. التَّهْذِيبِ فِي(4/420)
الْخُمَاسِيِّ: الشَّفَنْتَرُ الْقَلِيلُ شَعَرِ الرأْس، قَالَ: وَهُوَ فِي شِعْرِ أَبي النَّجْمِ. والشَّفَنْتَرِيُّ: اسْمٌ. ابْنُ الأَعرابي: اشْفَتَرَّ السِّراجُ إِذا اتَّسَعَتِ النَّارُ فَاحْتَجَتْ أَن تُقْطَعَ مِنْ رأْس الذُّبالِ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِ طَرْفَةَ:
فَتَرَى المَرْوَ، إِذا مَا هَجَّرَتْ ... عَنْ يَدَيْها، كالجرادِ المُشْفَتِرْ
قَالَ: المُشْفَتِرُّ الْمُتَفَرِّقُ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: الْمُشْفَتِرُّ المُنْتَصِبُ؛ وأَنشد:
تَغْدُو عَلَى الشَّرِّ بِوَجْهٍ مُشْفَتِرْ
وَقِيلَ: المُشْفَتِرُّ الْمُقْشَعِرُّ. قَالَ اللَّيْثُ: اشْفَتَرَّ الشَّيْءُ اشْفِتْراراً، وَالِاسْمُ الشَّفْتَرَةُ، وَهُوَ تَفَرُّقٌ كَتَفَرُّقِ الْجَرَادِ. الْجَوْهَرِيُّ: الاشْفِتْرارُ التَّفَرُّقُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ قَطَاةً وَفَرْخَهَا:
فأَزْغَلَتْ فِي حَلْقِهِ زُغْلَةً، ... لَمْ تُخْطِئ الجِيدَ وَلَمْ تَشْفَتِرْ
وَيُرْوَى: لَمْ تَظْلمِ الجِيدَ.
شقر: الأَشْقَرُ مِنَ الدَّوَابِّ: الأَحْمَرُ فِي مُغْرَةِ حُمْرَةٍ صافيةٍ يَحْمَرُّ مِنْهَا السَّبِيبُ والمَعْرَفَةُ وَالنَّاصِيَةُ، فإِن اسودَّا فَهُوَ الكُمَيْتُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَكرمُ الْخَيْلِ وَذَوَاتُ الْخَيْرِ مِنْهَا شُقْرُها؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. اللَّيْثُ: الشَّقْرُ والشُّقْرَةُ مَصْدَرُ الأَشْقَرِ، وَالْفِعْلُ شَقُرَ يَشْقُرُ شُقْرَةً، وَهُوَ الأَحمر مِنَ الدَّوَابِّ. الصِّحَاحُ: والشُّقْرَةُ لونُ الأَشْقَرِ، وَهِيَ فِي الإِنسان حُمْرَةٌ صَافِيَةٌ وبَشَرَتُه مَائِلَةٌ إِلى الْبَيَاضِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وشَقِرَ شَقَراً وشَقُرَ، وَهُوَ أَشْقَرُ، واشْقَرَّ كَشَقِرَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَقَدْ رأَى فِي الأُفُقِ اشْقِرارَا
وَالِاسْمُ الشُّقْرَةُ. والأَشْقَرُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يُشْبِهُ لَوْنُه لَوْنَ الأَشْقَرِ مِنَ الْخَيْلِ. وَبَعِيرٌ أَشْقَرُ أَي شَدِيدُ الْحُمْرَةِ. والأَشْقَرُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَعْلُو بياضَه حمرةٌ صافيةٌ. والأَشْقَرُ مِنَ الدَّمِ: الَّذِي قَدْ صَارَ عَلَقاً. يُقَالُ: دَمٌ أَشْقَرُ، وَهُوَ الَّذِي صَارَ عَلَقاً وَلَمْ يَعْلُهُ غُبارٌ. ابْنِ الأَعرابي قَالَ: لَا تَكُونُ حَوْرَاءُ شَقْراءَ، وَلَا أَدْماءُ حَوْراءَ وَلَا مَرْهاءَ، لَا تَكُونُ إِلا ناصِعَةَ بياضِ العَيْنَيْنِ فِي نُصوعِ بَياضِ الْجِلْدِ فِي غَيْرِ مُرْهَةٍ وَلَا شُقْرَةٍ وَلَا أُدْمَةٍ وَلَا سُمْرَةٍ وَلَا كَمَدِ لَوْنٍ حَتَّى يَكُونَ لَوْنُهَا مُشْرِقاً ودَمُها ظَاهِرًا. والمَهْقاءُ والمَقْهاءُ: الَّتِي يَنْفي بياضَ عَيْنِهَا الكُحْلُ وَلَا يَنْفي بياضَ جِلْدِهَا. والشَّقْراءُ: اسْمُ فَرَسِ رَبِيعَةَ بْنِ أُبَيٍّ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. والشَّقِرُ، بِكَسْرِ الْقَافِ: شَقائِقُ النُّعمانِ، وَيُقَالُ: نَبْتٌ أَحمر، وَاحِدَتُهَا شَقرَةٌ، وَبِهَا سُمِّيَ الرجلُ شَقِرَة، قَالَ طَرَفَةُ.
وتَساقَى القَوْمُ كأْساً مُرَّةً، ... وَعَلَى الخَيْلِ دِماءٌ كالشَّقِرْ
وَيُرْوَى: وعَلا الخيلَ. وَجَاءَ بالشُّقَّارَى والبُقَّارَى والشُقارَى والبُقارَى، مُثَقَّلًا وَمُخَفَّفًا، أَي بِالْكَذِبِ. ابْنُ دُرَيْدٍ: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ بالشُّقَرِ والبُقَرِ إِذا جَاءَ بِالْكَذِبِ. والشُّقَّارُ والشُّقَّارَى: نِبْتَةٌ ذَاتُ زُهَيْرَةٍ، وَهِيَ أَشبه ظُهُورًا عَلَى الأَرض مِنَ الذَّنْيَانِ «3» . وزَهْرَتُها شُكَيْلاءُ وورقها لَطِيفٌ أَغبر، تُشْبِهُ نِبْتَتُها نِبْتَةَ القَضْب، وَهِيَ تُحْمَدُ فِي الْمَرْعَى، وَلَا تَنْبُتُ إِلا فِي عَامٍ خَصِيبٍ؛ قال ابن مقبل:
__________
(3) . قوله: [من الذنيان] كذا بالأَصل(4/421)
حَشا ضِغْثُ شُقَّارَى شَراسِيفَ ضُمَّرٍ، ... تَخَذَّمَ منْ أَطْرافِها مَا تَخَذَّما
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشُّقَّارَى، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ، نَبْتٌ، وَقِيلَ: نَبْتٌ فِي الرَّمْلِ، وَلَهَا رِيحٌ ذَفِرَةٌ، وَتُوجَدُ فِي طَعْمِ اللَّبَنِ، قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِن الشُّقَّارَى هُوَ الشَّقِرُ نَفْسُهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَوِيٍّ، وَقِيلَ: الشُّقَّارَى نَبْتٌ لَهُ نَوْرٌ فِيهِ حُمْرَةٌ لَيْسَتْ بِنَاصِعَةٍ وَحَبُّهُ يُقَالُ لَهُ الخِمْخِمُ. والشِّقرانُ: دَاءٌ يأَخذ الزَّرْعَ، وَهُوَ مِثْلُ الوَرْسِ يَعْلُو الأَذَنَةَ ثُمَّ يُصَعِّدُ فِي الْحَبِّ وَالثَّمَرِ. والشَّقِرانُ: نَبْتٌ «1» . أَو مَوْضِعٌ. والمَشاقِرُ: مَنَابِتُ العَرْفَجِ، وَاحِدَتُهَا مَشْقَرَةٌ. قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ لِرَاكِبٍ وَرَدَ عَلَيْهِ: مِنْ أَين وَضَحَ الراكبُ؟ قَالَ: مِنَ الحِمَى، قَالَ: وأَين كَانَ مَبيتُكَ؟ قَالَ: بإِحدى هَذِهِ المَشاقِرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ «2» :
مِنْ ظِباء المَشاقِر
وَقِيلَ: الْمَشَاقِرُ مَوَاضِعُ. والمَشاقِرُ مِنَ الرِّمَالِ: مَا انْقَادَ وتَصَوَّب فِي الأَرض، وَهِيَ أَجلد الرِّمَالِ، الْوَاحِدُ مَشْقَرٌ. والأَشاقرُ: جِبَالٌ بَيْنَ مَكَّةَ والمدينة. والشُّقَيْرُ: ضَرْبٌ مِنَ الحِرْباءِ أَو الجنَادِب. وشَقِرَةُ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ يُقَالَ لَهَا شَقِرَة. وشَقِيرَة: قَبِيلَةٌ فِي بَنِي ضَبَّةَ، فإِذا نَسَبْتَ إِليهم فَتَحْتَ الْقَافَ قُلْتَ شَقَرِيٌّ. والشُّقُور: الْحَاجَةُ. يُقَالُ: أَخبرته بشُقُورِي، كَمَا يُقَالُ: أَفْضَيْتُ إِليه بِعُجَري وبُجَرِي، وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الضَّمُّ أَصح لأَن الشُّقُور بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الأُمورِ اللَّاصِقَةِ بِالْقَلْبِ المُهِمَّةِ لَهُ، الْوَاحِدُ شَقْرٌ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ فِي سِرارِ الرَّجُلِ إِلى أَخيه مَا يَسْتُره عَنْ غَيْرِهِ: أَفْضَيْتُ إِليه بشُقُورِي أَي أَخبرته بأَمري وأَطلعته عَلَى مَا أُسِرُّه مِنْ غَيْرِهِ. وبَثَّهُ شُقُورَهُ وشَقُورَهُ أَي شَكَا إِليه حَالَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجِ:
جارِيَ، لَا تَسْتَنْكِرِي عَذِيرِي، ... سَيْرِي، وإِشْفاقِي عَلَى بَعيرِي
وكَثْرَةَ الحديثِ عَنْ شَقُورِي، ... مَعَ الجَلا ولائِحِ القَتِيرِ
وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بالشَّقورِ فِي هَذِهِ الأَبيات لِغَيْرِ ذَلِكَ فَقِيلَ: الشَّقُور، بِالْفَتْحِ، بِمَعْنَى النَّعْتِ، وَهُوَ بَثُّ الرَّجُلِ وهَمُّهُ. وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه أَنشده بَيْتَ الْعَجَّاجِ فَقَالَ: رُوِيَ شُقُورِي وشَقُورِي؛ والشُّقُور: الأُمور الْمُهِمَّةُ، الْوَاحِدُ شَقْرٌ. والشَّقُورُ: هُوَ الْهَمُّ المُسْهِرُ، وَقِيلَ: أَخبرني بشَقُوره أَي بِسِرِّه. والمُشَقَّرُ، بِفَتْحِ الْقَافِ مَشْدُودَةٍ: حِصْنٌ بِالْبَحْرَيْنِ قَدِيمٌ؛ قَالَ لَبِيدٍ يَصِفُ بَنَاتَ الدَّهْرِ:
وأَنْزَلْنَ بالدُّومِيّ مِنْ رأْسِ حِصْنِهِ، ... وأَنْزَلْنَ بالأَسْبَابِ رَبَّ المُشَقَّرِ «3»
. والمُشَقَّرُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
دُوَيْنَ الصَّفا اللَّائِي يَلِينَ المُشَقَّرَا
والمُشَقَّرُ أَيضاً: حِصْنٌ، قال المخبل:
__________
(1) . قوله: [والشقران نبت إلخ] قال ياقوت: لم أسمع في هذا الوزن إلا شقران، بفتح فكسر وتخفيف الراء، وظربان وقطران
(2) . قوله: [وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ إلخ] هو كما في شرح القاموس:
كَأَنَّ عُرَى الْمَرْجَانِ مِنْهَا تَعَلَّقَتْ ... عَلَى أُم خِشْفٍ من ظباء المشاقر
(3) . قوله: [وأنزلن بالدومي إلخ] أَراد به أكيدراً صاحب دومة الجندل، وقبله:
وأفنى بنات الدهر أبناء ناعط ... بمستمع دون السماع ومنظر(4/422)
فَلَئِنْ بَنَيْت لِيَ المُشَقَّرَ فِي ... صَعْبٍ تُقَصِّرُ دُونَهُ العُصْمُ،
لَتُنَقِّبَنْ عَنِّي المَنِيَّةُ، إِنَّ ... اللهَ لَيْسَ كَعِلْمِهِ عِلْمُ
أَراد: فَلَئِنْ بَنَيْتَ لِي حِصْنًا مِثْلَ المُشَقَّرِ. والشَّقْراءُ: قَرْيَةٌ لِعُكْلٍ بِهَا نَخْلٌ؛ حَكَاهُ أَبو رِياشٍ فِي تَفْسِيرِ أَشعار الحماسَة، وأَنشد لِزِيَادِ بْنِ جَمِيلٍ:
مَتَى أَمُرُّ عَلَى الشَّقْراءِ مُعْتَسِفاً ... خَلَّ النَّقَى بِمَرُوحٍ، لَحْمُها زِيَمُ
والشَّقْراءُ: مَاءٌ لِبَنِي قَتادة بْنِ سَكَنٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ لَمَّا وَفَدَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَسلم اسْتَقْطَعَهُ مَا بَيْنَ السَّعْدِيَّةِ والشَّقْراءِ
؛ وَهُمَا مَاءَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ السَّعْدِيَّةِ فِي مَوْضِعِهِ. والشَّقِيرُ: أَرض؛ قَالَ الأَخطل:
وأَقْفَرَتِ الفَراشَةُ والحُبَيَّا، ... وأَقْفَرَ، بَعْدَ فاطِمَةَ، الشَّقِيرُ
والأَشاقِرُ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ مِنَ الأَزد، وَالنِّسْبَةُ إِليهم أَشْقَريٌّ. وبنو الأَشْقَرِ: حَيّ أَيضاً، يُقَالُ لأُمِّهم الشُّقَيراءُ، وَقِيلَ: أَبوهم الأَشْقَرُ سَعْدُ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنُ مَالِكِ بْنِ فَهْمٍ؛ وَيُنْسَبُ إِلى بَني شَقِرَةَ شَقَرِيٌّ، بِالْفَتْحِ، كَمَا يُنْسَبُ إِلى النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ نَمَرِيٌّ. وأَشْقَرُ وشُقَيْرٌ وشُقْرانُ: أَسماء. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: شُقْرانُ السُّلامِيُّ رَجُلٌ مِنْ قُضاعَةَ. والشَّقْراءُ: اسْمُ فَرَسٍ رَمَحَتِ ابنَها «1» . فَقَتَلَتْهُ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ الأَسَدِيُّ يَهْجُو عُتْبَةَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ كِلَابٍ، وَكَانَ عُتْبَةُ قَدْ أَجار رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسد فقتله رَجُلًا مِنْ بَنِي كِلَابٍ فَلَمْ يَمْنَعْهُ:
فأَصْبَحَ كالشَّقْراءِ، لَمْ يَعْدُ شَرُّها ... سَنابِكَ رِجْليها، وعِرْضُكَ أَوْفَرُ
التَّهْذِيبُ: والشَّقِرَةُ هُوَ السَّنْجُرْفُ وَهُوَ السَّخْرُنج؛ وأَنشد:
عَلَيْهِ دِماءُ البُدْنِ كالشَّقِرات
ابْنُ الأَعرابي: الشُّقَرُ الدِّيكُ.
شكر: الشُّكْرُ: عِرْفانُ الإِحسان ونَشْرُه، وَهُوَ الشُّكُورُ أَيضاً. قَالَ ثَعْلَبٌ: الشُّكْرُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ يَدٍ، والحَمْدُ يَكُونُ عَنْ يَدٍ وَعَنْ غَيْرِ يَدٍ، فَهَذَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. والشُّكْرُ مِنَ اللَّهِ: الْمُجَازَاةُ وَالثَّنَاءُ الْجَمِيلُ، شَكَرَهُ وشَكَرَ لَهُ يَشْكُرُ شُكْراً وشُكُوراً وشُكْراناً؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:
شَكَرْتُكَ، إِنَّ الشُّكْرَ حَبْلٌ منَ التُّقَى، ... وَمَا كُلُّ مَنْ أَوْلَيْتَهُ نِعْمَةً يَقْضِي
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن الشُّكْرُ لَا يَكُونُ إِلا عَنْ يَدٍ، أَلا تَرَى أَنه قَالَ: وَمَا كُلُّ مَنْ أَوليته نِعْمَةً يَقْضِي؟ أَي لَيْسَ كُلُّ مَنْ أَوليته نِعْمَةً يَشْكُرُكَ عَلَيْهَا. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: شَكَرْتُ اللَّه وَشَكَرْتُ لِلَّهِ وشَكَرْتُ بِاللَّهِ، وَكَذَلِكَ شَكَرْتُ نِعْمَةَ اللَّهِ، وتَشَكَّرَ لَهُ بلاءَه: كشَكَرَهُ. وتَشَكَّرْتُ لَهُ: مِثْلُ شَكَرْتُ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
يَعْقُوبَ: إِنه كَانَ لَا يأْكل شُحُومَ الإِبل تَشَكُّراً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
؛ أَنشد أَبو عَلِيٍّ:
وإِنِّي لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ مَا مَضَى ... مِنَ الأَمْرِ، واسْتيجابَ مَا كَانَ في الغَدِ
__________
(1) . قوله: [رمحت ابنها إلخ] أي لا عن قصد منها بل رمحت غلاماً فأصابت ابنها فقتلته. وقيل إِنها جمحت بصاحبها يوماً فأتت على واد فأرادت أَن تثبه فقصرت فاندقت عنقها وسلم صاحبها فسئل عنها فقال: إن الشقراء لم يعدُ شرها رجليها(4/423)
أَي لِتَشَكُّرِ مَا مَضَى، وأَراد مَا يَكُونُ فَوَضَعَ الْمَاضِي مَوْضِعَ الْآتِي. وَرَجُلٌ شَكورٌ: كَثِيرُ الشُّكْرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً
. وَفِي الْحَدِيثِ:
حين رُؤيَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ جَهَدَ نَفْسَهُ بِالْعِبَادَةِ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتفعل هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تأَخر؟ أَنه قَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَفَلا أَكونُ عَبْداً شَكُوراً؟
وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هَاءٍ. والشَّكُور: مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ جَلَّ اسْمُهُ، مَعْنَاهُ: أَنه يَزْكُو عِنْدَهُ القليلُ مِنْ أَعمال الْعِبَادِ فَيُضَاعِفُ لَهُمُ الْجَزَاءَ، وشُكْرُه لِعِبَادِهِ: مَغْفِرَتُهُ لَهُمْ. والشَّكُورُ: مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ. وأَما الشَّكُورُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ فَهُوَ الَّذِي يَجْتَهِدُ فِي شُكْرِ رَبِّهِ بِطَاعَتِهِ وأَدائه مَا وَظَّفَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَتِهِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ
؛ نُصِبَ شُكْراً لأَنه مَفْعُولٌ لَهُ، كأَنه قَالَ: اعْمَلُوا لِلَّهِ شُكْراً، وإِن شِئْتَ كَانَ انْتِصَابُهُ عَلَى أَنه مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ. والشُّكْرُ: مِثْلُ الْحَمْدِ إِلا أَن الْحَمْدَ أَعم مِنْهُ، فإِنك تَحْمَدُ الإِنسانَ عَلَى صِفَاتِهِ الْجَمِيلَةِ وَعَلَى مَعْرُوفِهِ، وَلَا تَشْكُرُهُ إِلا عَلَى مَعْرُوفِهِ دُونَ صِفَاتِهِ. والشُّكْرُ: مُقَابَلَةُ النِّعْمَةِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالنِّيَّةِ، فَيُثْنِي عَلَى الْمُنْعِمِ بِلِسَانِهِ وَيُذِيبُ نَفْسَهُ فِي طَاعَتِهِ وَيَعْتَقِدُ أَنه مُولِيها؛ وَهُوَ مِنْ شَكَرَتِ الإِبل تَشْكُر إِذا أَصابت مَرْعًى فَسَمِنَتْ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ الناسَ
؛ مَعْنَاهُ أَن اللَّهَ لَا يَقْبَلُ شُكْرَ الْعَبْدِ عَلَى إِحسانه إِليه، إِذا كَانَ الْعَبْدُ لَا يَشكُرُ إِحسانَ النَّاسِ ويَكْفُر معروفَهم لِاتِّصَالِ أَحد الأَمرين بِالْآخَرِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن مِنَ كَانَ مِنْ طَبْعِهِ وَعَادَتِهِ كُفْرانُ نِعْمَةِ النَّاسِ وتركُ الشُّكْرِ لَهُمْ، كَانَ مِنْ عَادَتِهِ كُفْرُ نِعْمَةِ اللَّهِ وتركُ الشُّكْرِ لَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن مِنَ لَا يشكُر النَّاسَ كَانَ كَمَنْ لَا يشكُر اللَّهَ وإِن شَكَرَهُ، كَمَا تَقُولُ: لَا يُحِبُّني مَنْ لَا يُحِبُّك أَي أَن مَحَبَّتَكَ مَقْرُونَةٌ بِمَحَبَّتِي فَمَنْ أَحبني يُحِبُّكَ وَمَنْ لَمْ يُحِبَّكَ لَمْ يُحِبَّنِي؛ وَهَذِهِ الأَقوال مَبْنِيَّةٌ عَلَى رَفْعِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَصْبِهِ. والشُّكْرُ: الثناءُ عَلَى المُحْسِنِ بِمَا أَوْلاكَهُ مِنَ الْمَعْرُوفِ. يُقَالُ: شَكَرْتُه وشَكَرْتُ لَهُ، وَبِاللَّامِ أَفصح. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً
؛ يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مَصْدَرًا مِثْلُ قَعَدَ قُعُوداً، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ جَمْعًا مِثْلُ بُرْدٍ وبُرُود وكُفْرٍ وكُفُورٍ. والشُّكْرانُ: خِلَافُ الكُفْرانِ. والشَّكُور مِنَ الدَّوَابِّ: مَا يَكْفِيهِ العَلَفُ القليلُ، وَقِيلَ: الشَّكُورُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي يَسْمَنُ عَلَى قِلَّةِ الْعَلَفِ كأَنه يَشْكُرُ وإِن كَانَ ذَلِكَ الإِحسان قَلِيلًا، وشُكْرُه ظهورُ نَمَائِهِ وظُهُورُ العَلَفِ فِيهِ؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَا بُدَّ مِنْ غَزْوَةٍ فِي الرَّبيعِ ... حَجُونٍ، تُكِلُّ الوَقَاحَ الشَّكُورَا
والشَّكِرَةُ والمِشْكارُ مِنَ الحَلُوباتِ: الَّتِي تَغْزُرُ عَلَى قِلَّةِ الْحَظِّ مِنَ الْمَرْعَى. ونَعَتَ أَعرابيٌّ نَاقَةً فَقَالَ: إِنها مِعْشارٌ مِشْكارٌ مِغْبارٌ، فأَما الْمِشْكَارُ فَمَا ذَكَرْنَا، وأَما الْمِعْشَارُ وَالْمِغْبَارُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَشْرُوحٌ فِي بَابِهِ؛ وجَمْعُ الشَّكِرَةِ شَكارَى وشَكْرَى. التَّهْذِيبُ: والشَّكِرَةُ مِنَ الْحَلَائِبِ الَّتِي تُصِيبُ حَظًّا مِنْ بَقْل أَو مَرْعًى فَتَغْزُرُ عَلَيْهِ بَعْدَ قِلَّةِ لَبَنٍ، وإِذا نَزَلَ الْقَوْمُ مَنْزِلًا فأَصابتْ نَعَمُهم شَيْئًا مِنْ بَقْلٍ قَدْ رَبَّ قِيلَ: أَشْكَرَ القومُ، وإِنهم لَيَحْتَلِبُونَ شَكِرَةَ حَيْرَمٍ، وَقَدْ شَكِرَتِ الحَلُوبَةُ شَكَراً؛ وأَنشد:
نَضْرِبُ دِرَّاتِها، إِذا شَكِرَتْ، ... بِأَقْطِها، والرِّخافَ نَسْلَؤُها(4/424)
والرَّخْفَةُ: الزُّبْدَةُ. وضَرَّةٌ شَكْرَى إِذا كَانَتْ مَلأَى مِنَ اللَّبَنِ، وَقَدْ شَكِرَتْ شَكَراً. وأَشْكَرَ الضَّرْعُ واشْتَكَرَ: امتلأَ لَبَنًا. وأَشْكَرَ القومُ: شَكِرتْ إِبِلُهُمْ، وَالِاسْمُ الشَّكْرَةُ. الأَصمعي: الشَّكِرَةُ الْمُمْتَلِئَةُ الضَّرْعِ مِنَ النُّوقِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ يَصِفُ إِبلًا غِزَارًا:
إِذا لَمْ يَكُنْ إِلَّا الأَمَالِيسُ أَصْبَحَتْ ... لَها حُلَّقٌ ضَرَّاتُها، شَكِرات
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى بِهَا حُلَّقاً ضَرَّاتُها، وإِعرابه عَلَى هَذَا أَن يَكُونَ فِي أَصبحت ضَمِيرُ الإِبل وَهُوَ اسْمُهَا، وحُلَّقاً خَبَرُهَا، وَضَرَّاتُهَا فَاعِلٌ بِحُلَّق، وَشَكِرَاتٌ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، وَالْهَاءُ فِي بِهَا تَعُودُ عَلَى الأَمالِيسِ؛ وَهِيَ جَمْعُ إمْلِيسٍ، وَهِيَ الأَرض الَّتِي لَا نَبَاتَ لَهَا؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ ضِرَّاتُهَا اسْمَ أَصبحت، وَحُلَّقًا خَبَرُهَا، وَشَكِرَاتٌ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ؛ قَالَ: وأَما مَنْ رَوَى لَهَا حُلَّقٌ، فَالْهَاءُ فِي لَهَا تَعُودُ عَلَى الإِبل، وَحُلَّقٌ اسْمُ أَصبحت، وَهِيَ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَصبحت لَهَا ضُرُوعٌ حُلَّقٌ، وَالْحُلَّقُ جَمْعُ حَالِقٍ، وَهُوَ الْمُمْتَلِئُ، وَضَرَّاتُهَا رُفِعَ بِحُلَّقٍ وَشَكِرَاتٌ خَبَرُ أَصبحت؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي أَصبحت ضَمِيرُ الأَبل، وَحُلَّقٌ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ فِي قَوْلِهِ لَهَا، وَشَكِرَاتٌ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، وأَما قَوْلُهُ: إِذا لَمْ يَكُنْ إِلَّا الأَماليس، فإِنَّ يَكُنْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ تَامَّةً، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ نَاقِصَةً، فإِن جَعَلَتْهَا نَاقِصَةً احْتَجْتَ إِلى خَبَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ إِذا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ إِلَّا الأَماليس أَو فِي الأَرض إِلَّا الأَماليس، وإِن جَعَلْتَهَا تَامَّةً لَمْ تَحْتَجْ إِلى خَبَرٍ؛ وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَنه يَصِفُ هَذِهِ الإِبل بِالْكَرَمِ وَجَوْدَةِ الأَصل، وأَنه إِذا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَا تَرْعَاهُ وَكَانَتِ الأَرضُ جَدْبَةً فإِنك تَجِدُ فِيهَا لَبَنًا غَزِيرًا. وَفِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج:
دَوابُّ الأَرض تَشْكَرُ شَكَراً
، بِالتَّحْرِيكِ، إِذا سَمِنَت وامتلأَ ضَرْعُها لَبَنًا. وعُشْبٌ مَشْكَرَة: مَغْزَرَةٌ لِلَّبَنِ، تَقُولُ مِنْهُ: شَكِرَتِ النَّاقَةُ، بِالْكَسْرِ، تَشْكَرُ شَكَراً، وَهِيَ شَكِرَةٌ. وأَشْكَرَ القومُ أَي يَحْلُبُون شَكِرَةً. وَهَذَا زَمَانُ الشَّكْرَةِ إِذا حَفَلتْ مِنَ الرَّبِيعِ، وَهِيَ إِبل شَكَارَى وغَنَمٌ شَكَارَى. واشْتَكَرَتِ السماءُ وحَفَلَتْ واغْبَرَّتْ: جَدَّ مَطَرُهَا واشْتَدَّ وقْعُها؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ مَطَرًا:
تُخْرِجُ الوَدَّ إِذا مَا أَشْجَذَتْ، ... وتُوالِيهِ إِذا مَا تَشْتَكِرْ
وَيُرْوَى: تَعْتَكِرْ. واشْتَكَرَت الرياحُ: أَتت بِالْمَطَرِ. واشْتَكَرَتِ الريحُ: اشْتَدَّ هُبوبُها؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
المُطْعِمُونَ إِذا رِيحُ الشِّتَا اشْتَكَرَتْ، ... والطَّاعِنُونَ إِذا مَا اسْتَلْحَمَ البَطَلُ
واشْتَكَرَتِ الرياحُ: اخْتَلَفَتْ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ خطأٌ. واشْتَكَرَ الحرُّ وَالْبَرْدُ: اشْتَدَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
غَداةَ الخِمْسِ واشْتَكَرَتْ حَرُورٌ، ... كأَنَّ أَجِيجَها وَهَجُ الصِّلاءِ
وشَكِيرُ الإِبل: صِغَارُهَا. والشَّكِيرُ مِنَ الشَّعَرِ وَالنَّبَاتِ: مَا يَنْبُتُ مِنَ الشَّعَرِ بَيْنَ الضَّفَائِرِ، وَالْجَمْعُ الشُّكْرُ؛ وأَنشد:
فَبَيْنا الفَتى لِلْعَيْنِ ناضِراً، ... كعُسْلُوجَةٍ يَهْتَزُّ مِنْهَا شَكِيرُها
ابْنُ الأَعرابي: الشَّكِيرُ مَا يَنْبُتُ فِي أَصل الشَّجَرَةِ مِنَ الْوَرَقِ وَلَيْسَ بِالْكِبَارِ. والشَّكيرُ مِنَ الفَرْخِ:(4/425)
الزَّغَبُ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ شَكِرَتِ الشَّجَرَةُ وأَشْكَرَتْ إِذا خَرَجَ فِيهَا الشَّيْءُ. ابْنُ الأَعرابي: المِشْكارُ مِنَ النُّوقِ الَّتِي تَغْزُرُ فِي الصَّيْفِ وَتَنْقَطِعُ فِي الشِّتَاءِ، وَالَّتِي يَدُومُ لَبَنُهَا سَنَتَهَا كُلَّهَا يُقَالُ لَهَا: رَكُودٌ ومَكُودٌ وَوَشُولٌ وصَفِيٌّ. ابْنُ سِيدَهْ: والشَّكِيرُ الشَّعَرُ الَّذِي فِي أَصل عُرْفِ الفَرَسِ كأَنه زَغَبٌ، وَكَذَلِكَ فِي النَّاصِيَةِ. والشَّكِيرُ مِنَ الشَّعَرِ وَالرِّيشِ والعَفا والنَّبْتِ: مَا نَبَتَ مِنْ صِغَارِهِ بَيْنَ كِبَارِهِ، وَقِيلَ: هُوَ أَول النَّبْتِ عَلَى أَثر النَّبْتِ الْهَائِجِ المُغْبَرِّ، وَقَدْ أَشْكَرَتِ الأَرضُ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّجَرُ يَنْبُتُ حَوْلَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هُوَ الْوَرَقُ الصِّغَارُ يَنْبُتُ بَعْدَ الْكِبَارِ. وشَكِرَتِ الشَّجَرَةُ أَيضاً تَشْكَرُ شَكَراً أَي خَرَجَ مِنْهَا الشَّكِيرُ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ حَوْلَ الشَّجَرَةِ مِنْ أَصلها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ومِنْ عِضَةٍ مَا يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها
قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا للشَّعَرِ الضَّعِيفِ شَكِيرٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ فَرَسًا:
ذَعَرْتُ بِهِ العَيرَ مُسْتَوْزِياً، ... شَكِيرُ جَحَافِلِهِ قَدْ كَتِنْ
ومُسْتَوْزِياً: مُشْرِفاً مُنْتَصِبًا. وكَتِنَ: بِمَعْنَى تَلَزَّجَ وتَوَسَّخَ. والشَّكِيرُ أَيضاً: مَا ينبت من القُضْبانِ الرَّخْصَةِ بين القُضْبانِ العاسِيَةِ. والشَّكِيرُ: مَا يَنْبُتُ فِي أُصول الشَّجَرِ الْكِبَارِ. وشَكِيرُ النخلِ: فِراخُه. وشَكِرَ النخلُ شَكَراً: كَثُرَتْ فِرَاخُهُ؛ عَنْ أَبي حَنيفة؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ مِنَ النَّخْلِ الخُوصُ الَّذِي حَوْلَ السَّعَفِ؛ وأَنشد لكثيِّر:
بُرُوكٌ بأَعْلى ذِي البُلَيْدِ، كأَنَّها ... صَرِيمَةُ نَخْلٍ مُغْطَئِلٍّ شَكِيرُها
مُغْطَئِلٍّ: كَثِيرٌ مُتَرَاكِبٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّكِيرُ الْغُصُونُ؛ وَرَوَى
الأَزهري بِسَنَدِهِ: أَن مَجَّاعَةَ أَتى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ قَائِلُهُمْ:
ومَجَّاعُ اليَمامَةِ قَدْ أَتانا، ... يُخَبِّرُنا بِمَا قال الرَّسُولُ
فأَعْطَيْنا المَقادَةَ واسْتَقَمْنا، ... وكانَ المَرْءُ يَسْمَعُ مَا يَقُولُ
فأَقْطَعَه رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ كِتَابًا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كتابٌ كَتَبَهُ محمدٌ رسولُ اللَّهِ، لِمَجَّاعَةَ بنِ مُرارَةَ بْنِ سَلْمَى، إِني أَقطعتك الفُورَةَ وعَوانَةَ مِنَ العَرَمَةِ والجَبَل فَمَنْ حاجَّكَ فإِليَّ. فَلَمَّا قُبِضَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفَدَ إِلى أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فأَقطعه الخِضْرِمَةَ، ثُمَّ وَفَدَ إِلى عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فأَقطعه أَكثر مَا بالحِجْرِ، ثُمَّ إِن هِلالَ بنَ سِراجِ بنِ مَجَّاعَةَ وَفَد إِلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، بعد ما اسْتُخْلِفَ فأَخذه عُمَرُ وَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ رَجَاءَ أَن يُصِيبَ وَجْهُهُ مَوْضِعَ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمَرَ عِنْدَهُ هلالٌ لَيْلَةً، فَقَالَ لَهُ: يَا هِلَالُ أَبَقِيَ مِنْ كُهُولِ بَنِي مَجَّاعَةَ أَحدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ وشَكِيرٌ كَثِيرٌ؛ قَالَ: فَضَحِكَ عُمَرُ وَقَالَ: كَلِمَةٌ عربيةٌ، قَالَ: فَقَالَ جُلَسَاؤُهُ: وَمَا الشَّكير يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: أَلم تَرَ إِلى الزَّرْعِ إِذا زَكَا فأَفْرَخَ فَنَبَتَ فِي أُصوله فَذَلِكُمُ الشَّكيرُ. ثُمَّ أَجازه وأَعطاه وأَكرمه وأَعطاه فِي فَرَائِضِ الْعِيالِ والمُقاتِلَةِ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بَقَوْلِهِ وشَكِير كَثِيرٌ أَي ذُرِّيَّةٌ صِغارٌ،. شَبَّهَهُمْ بشَكِيرِ الزَّرْعِ، وَهُوَ مَا نَبَتَ مِنْهُ صِغَارًا فِي أُصول الْكِبَارِ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ رِكاباً أَجْهَضَتْ أَولادَها:
والشَّدَنِيَّاتُ يُسَاقِطْنَ النَّغَرْ،(4/426)
خُوصُ العُيونِ مُجْهِضَاتٌ مَا اسْتَطَرْ، ... مِنْهُنَّ إِتْمامُ شَكِيرٍ فاشْتَكَرْ
مَا اسْتَطَرَّ: مِنَ الطَّرِّ. يُقَالُ: طَرَّ شَعَرُه أَي نَبَتَ، وطَرَّ شَارِبُهُ مِثْلُهُ. يَقُولُ: مَا اسْتَطَرَّ منهنَّ. إِتمام يَعْنِي بُلُوغَ التَّمَامِ. والشَّكِيرُ: مَا نَبَتَ صَغِيرًا فاشْتَكَر: صَارَ شَكِيراً.
بِحاجِبٍ وَلَا قَفاً وَلَا ازْبأَرْ ... مِنْهُنَّ سِيساءٌ، وَلَا اسْتَغْشَى الوَبَرْ
والشَّكِيرُ: لِحاءُ الشَّجَرِ؛ قَالَ هَوْذَةُ بنُ عَوْفٍ العامِريّ:
عَلَى كلِّ خَوَّارِ العِنانِ كأَنها ... عَصَا أَرْزَنٍ، قَدْ طارَ عَنْهَا شَكِيرُها
وَالْجَمْعُ شُكُرٌ. وشُكُرُ الكَرْمِ: قُضْبانه الطِّوالُ، وَقِيلَ: قُضبانه الأَعالي. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّكِير الكَرْم يُغرَسُ من قضيبه، والفعل كُلِّ ذَلِكَ أَشْكَرَتْ واشْتَكَرَت وشَكِرَتْ. والشَّكْرُ: فَرْجُ المرأَة وَقِيلَ لَحْمُ فَرْجِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ امرأَة، أَنشده ابْنُ السِّكِّيتِ:
صَناعٌ بإِشْفاها، حَصانٌ بِشَكْرِها، ... جَوادٌ بِقُوتِ البَطْنِ، والعِرْضُ وافِرُ
وَفِي رِوَايَةٍ:
جَوادٌ بزادِ الرَّكْبِ والعِرْق زاخِرُ
وَقِيلَ: الشَّكْرُ بُضْعُها والشِّكْرُ لُغَةٌ فِيهِ؛ وَرُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ بَيْتُ الأَعشى:
خَلَوْتُ بِشِكْرِها وشَكرها «2»
. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ شَكْرِ البَغِيِ
، هُوَ بِالْفَتْحِ، الْفَرْجُ، أَراد عَنْ وَطْئِهَا أَي عَنْ ثَمَنِ شَكْرِها فَحَذَفَ الْمُضَافَ، كَقَوْلِهِ:
نَهَى عَنْ عَسِيبِ الفَحْلِ
أَي عَنْ ثَمَنِ عَسْبِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَشَكَرْتُ الشاةَ
، أَي أَبدلت شَكْرَها أَي فَرْجَهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنُ يَعْمُر لِرَجُلٍ خَاصَمَتْهُ إِليه امرأَته فِي مَهْرِها: أَإِنْ سأَلَتْكَ ثَمَنَ شَكْرِها وشَبْرِك أَنْشأْتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُها؟ والشِّكارُ: فُرُوجُ النِّسَاءِ، وَاحِدُهَا شَكْرٌ. وَيُقَالُ للفِدرَة مِنَ اللَّحْمِ إِذا كَانَتْ سَمِينَةً: شَكْرَى؛ قَالَ الرَّاعِي:
تَبِيتُ المَخالي الغُرُّ فِي حَجَراتِها ... شَكارَى، مَراها ماؤُها وحَدِيدُها
أَراد بِحَدِيدِهَا مِغْرَفَةً مِنْ حَدِيدٍ تُساطُ القِدْرُ بِهَا وَتَغْتَرِفُ بِهَا إِهالتها. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ فاتحْتُ فُلَانًا الْحَدِيثَ وكاشَرْتُه وشاكَرْتُه؛ أَرَيْتُه أَني شاكِرٌ. والشَّيْكَرانُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ. وبَنُو شَكِرٍ: قَبِيلَةٌ فِي الأَزْدِ. وَشَاكِرٌ: قَبِيلَةٌ فِي الْيَمَنِ؛ قَالَ:
مُعاوِيَ، لَمْ تَرْعَ الأَمانَةَ، فارْعَها ... وكُنْ شاكِراً للهِ والدِّينِ، شاكِرُ
أَراد: لَمْ تَرْعَ الأَمانةَ شاكرٌ فَارْعَهَا وَكُنْ شَاكِرًا لِلَّهِ، فَاعْتَرَضَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ جملةٌ أُخرى، وَالِاعْتِرَاضُ لِلتَّشْدِيدِ قَدْ جَاءَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ والمبتدإِ وَالْخَبَرِ وَالصِّلَةِ وَالْمَوْصُولِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَجِيئًا كَثِيرًا فِي الْقُرْآنِ وَفَصِيحِ الْكَلَامِ. وبَنُو شاكرٍ: فِي هَمْدان. وَشَاكِرٌ: قَبِيلَةٌ مِنْ هَمْدان بِالْيَمَنِ. وشَوْكَرٌ: اسْمٌ. ويَشْكُرُ: قَبِيلَةٌ فِي رَبِيعَةَ. وَبَنُو يَشْكُرَ قَبِيلَةٌ فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ.
شمر: شَمَرَ يَشْمُرُ شَمْراً وانْشَمَرَ وشَمَّرَ وتَشَمَّرَ: مَرَّ جَادًّا. وتَشَمَّرَ للأَمر: تهيَّأَ.
__________
(2) . قوله: [خلوت إلخ] كذا بالأَصل(4/427)
وانْشَمَرَ للأَمر: تهيأَ لَهُ، وَفِي حَدِيثِ سَطِيحٍ:
شَمِّرْ فإِنَّكَ ماضِي العَزمِ شِمِّيرُ
هُوَ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّشَمُّر فِي الأَمر والتَّشْمِيرِ، وَهُوَ الجدُّ فِيهِ وَالِاجْتِهَادُ، وفِعِّيلٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالِغَةِ. وَيُقَالُ: شَمَّرَ الرَّجُلُ وتَشَمَّرَ وشَمَّرَ غَيْرَه إِذا كَمَّشَهُ فِي السَّيْرِ والإِرسال، وأَنشد:
فَشَمَّرَتْ وانْصاعَ شِمِّرِيُ
شَمَّرَتْ: انْكَمَشَتْ يَعْنِي الْكِلَابَ. والشِّمِّرِيُّ: المُشَمِّرُ. الْفَرَّاءُ: الشَّمَّرِيُّ الكَيِّسُ فِي الأُمور المُنْكَمِشُ، بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْمِيمِ. وَرَجُلٌ شِمْرٌ وشِمِّيرٌ وشَمَّرِيٌّ وشِمِّرِيٌّ، بِالْكَسْرِ: مَاضٍ فِي الأُمور وَالْحَوَائِجِ مُجَرِّبٌ، وأَكثر ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ، وأَنشد:
قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ ساقِ شِمِّرِيِ
وأَنشد أَيضا لِآخَرَ:
لَيْسَ أَخُو الحَاجاتِ إِلا الشَّمَّرِي، ... والجَمَلَ البَازِلَ والطِّرْفَ القَوِي
قَالَ أَبو بَكْرٍ: فِي الشَّمَّرِيِّ ثَلَاثَةُ أَقوال: قَالَ قَوْمٌ: الشَّمَّرِيُّ الحادُّ النِّحْرِيرُ، وأَنشد:
ولَيِّن الشّيمَةِ شَمَّرِيِّ، ... لَيْسَ بِفَحَّاشٍ وَلَا بَذِيِ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الشَّمَّرِيُّ المُنْكَمشُ فِي الشَّرِّ وَالْبَاطِلِ المُتَجَرِّد لِذَلِكَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ التَّشْمِيرِ، وَهُوَ الجِدُّ وَالِانْكِمَاشُ، وَقِيلَ: الشَّمَّرِيُّ الَّذِي يَمْضِي لِوَجْهِهِ ويَرْكَبُ رأْسهُ لَا يَرْتَدِعُ. وَقَدِ انْشَمَرَ لِهَذَا الأَمر وشَمَّرَ: أَراده. وَقَالَ المُؤَرِّجُ: رَجُلٌ شِمْرٌ أَي زَوْلٌ بَصِيرٌ نَافِذٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وأَنشد:
قَدْ كُنْت سِفْسِيراً قَذُوماً شِمْرَا
قَذُومٌ، بِالذَّالِ وَالدَّالِ مَعًا، قَالَ: والشِّمْرُ السَّخِيُّ الشجاعُ. والشَّمْرُ: تَقْلِيصُ الشَّيْءِ. وشَمَّرَ الشَّيْءَ فَتَشَمَّرَ: قَلَّصَه فَتَقَلَّصَ. وشَمَّرَ الإِزارَ والثَّوْبَ تَشْمِيراً: رَفَعَهُ، وَهُوَ نَحْوُ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: شَمَّرَ عَنْ سَاقِهِ وشَمَّرَ فِي أَمره أَي خَفَّ، وَرَجُلٌ شَمَّرِيٌّ كأَنه مَنْسُوبٌ إِليه. والشَّمْرُ: تَشْمِيرُكَ الثَّوْبَ إِذا رَفَعْتَهُ. وكلُّ قَالِصٍ، فإِنه مُتَشَمِّرٌ، حَتَّى يُقَالَ لِثَةٌ مُتَشَمِّرَةٌ لَازِقَةٌ بأَسْناخِ الأَسْنان. وَيُقَالُ أَيضا: لِثَةٌ شامِرَةٌ وَشَفَةٌ شامِرةٌ. والشَّمْرُ: الاختيالُ فِي المَشْي. يُقَالُ: مَرَّ فُلَانٌ يَشْمُرُ شَمْراً. وشَفَةٌ شامِرَةٌ ومُشَمِّرَةٌ: قَالِصَةٌ. وَشَاةٌ شامِرَةٌ: انْضَمَّ ضَرْعها إِلى بَطْنِهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ. الأَصمعي: التَّشْمِيرُ الإِرْسالُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: شَمَّرْتُ السَّفِينَةَ أَرسلتها. وشَمَّرْتُ السَّهْمَ: أَرسلته. ابْنُ سِيدَهْ: شَمَّرَ الشيءَ أَرسله، وَخَصَّ ابْنُ الأَعرابي بِهِ السَّفِينَةَ وَالسَّهْمَ، قَالَ الشَّمَّاخُ يَذْكُرُ أَمراً نَزَلَ بِهِ:
أَرِقْتُ لَهُ فِي القَوْمِ، والصُّبْحُ ساطِعٌ، ... كَمَا سَطَعَ المِرِّيخُ شَمَّرَهُ الْغَالِي
وَيُقَالُ: شَمَّر إِبِله وأَشْمَرَها إِذا أَكْمَشَها وأَعجلها، وأَنشد:
لَمَّا ارْتَحَلْنا وأَشْمَرْنا رَكائِبَنا، ... ودُونَ دارِك لِلْجَوِّيِّ تَلْغاطُ
وَمِنْ أَمثالهم: شَمَّرَ ذَيْلًا وادَّرَعَ لَيْلًا أَي قَلَّصَ ذَيله. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَنه قَالَ: لَا يُقِرّ أَحَدٌ أَنه كَانَ يَطَأُ ولِيدَتَهُ إِلا أَلحقتُ بِهِ وَلَدَها فَمَنْ شَاءَ فَلْيُمْسِكْها وَمَنْ شَاءَ فَلْيُسَمِّرْها
، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هَكَذَا الْحَدِيثُ بِالسِّينِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الأَصمعي يَقُولُ أَعرفه التَّشْمِيرُ، بِالشِّينِ، وَهُوَ(4/428)
الإِرسال، قَالَ: وأُراه مِنْ قَوْلِ النَّاسِ شَمَّرْتُ السَّفِينَةَ أَرسلتها، فَحُوِّلَتِ الشِّينُ إِلى السِّينِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الشِّينُ كَثِيرٌ فِي الشِّعْرِ وَغَيْرِهِ، وأَنشد بَيْتَ الشَّمَّاخِ: شَمَّرَه الغَالي. قَالَ شَمِرٌ: تَشْمِيرُ السَّهْمِ حَفْزُه وإِكماشه وإِرساله. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَما السِّينُ فَلَمْ أَسمعه فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَلَا أُراها إِلا تَحْوِيلًا، كَمَا قَالُوا: الرَّوْسَمُ، وَهُوَ فِي الأَصل بِالشِّينِ، وَكَمَا قَالُوا: شَمَّت العاطسَ وسَمّتهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فَلَمْ يَقْرَبِ الكعبةَ وَلَكِنْ شَمَّرَ إِلى ذِي المَجازِ
أَي قَصَدَ وصَمَّمَ وأَرسل إِبله نَحْوَهَا. وشَرٌّ شِمِرٌّ، بِكَسْرِ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، بِوَزْنِ رَجُلٍ عِفِرّ: وَهُوَ المُوَثَّقُ الخَلْقِ المُصَحَّحُ الشديدُ، وَمَعْنَى شَرٌّ شِمِرٌّ إِذا كَانَ شَدِيدًا يُتَشَمَّرُ فِيهِ عَنِ السَّاعِدَيْنِ. وَقَالُوا: شَرًّا شِمِراً وشِمِرًّا إِتباعٌ لِقَوْلِكَ شَرًّا. ابْنُ سِيدَهْ: والشَّمِرُ ملِكٌ مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ، يُقَالُ إِنه غَزَا مَدِينَةَ الصُّغْد فَهَدَمَهَا فَسُمِّيَتْ شَمِرْكَنْد وعُرّبَتْ بسَمَرْقَنْدَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ بَنَاهَا فَسُمِّيَتْ شَمِرْكَنْت وعُرّبَت سَمَرْقَنْد. وشَمَّرُ: اسْمُ نَاقَةٍ مِنَ الِاسْتِعْدَادِ وَالسَّيْرِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وشَمَّرُ اسْمُ نَاقَةِ الشَّمَّاخِ، قَالَ:
ولَمَّا رَأَيْتُ الأَمْرَ عَرْشَ هَوِيَّةٍ، ... تَسَلَّيْتُ حاجاتِ الفُؤادِ بِشَمَّرَا
وَقَالَ كُرَاعٌ: شِمَّر اسْمُ نَاقَةٍ عَدَلها بِجِلَّقَ وحِمَّصٍ [حِمِّصٍ] . والشِّمَّرِيَّةُ [الشِّمِّرِيَّةُ] : النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ»
. وانْشَمَرَ الفرسُ: أَسْرَعَ. وَنَاقَةٌ شِمِّير، مِثَالُ فِسِّيق، أَي سَرِيعَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُوجٍ مَعَ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَن الْهُدْهُدَ جَاءَ بالشَّمُّورِ فَجَاءَتِ الصَّخْرَةُ عَلَى قَدْرِ رأْس إِبرة، «4»
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَمْ أَسمع فِيهِ شَيْئًا أَعتمده وأُراه الأَلماس «5» يَعْنِي الَّذِي يُثْقَبُ بِهِ الْجَوْهَرُ، وَهُوَ فَعُّول مِنَ الانْشِمار والاشْتِمار: المُضِيِّ والنُّفوذ. وشَمَّرَ: اسْمُ فَرَسٍ، قَالَ:
أَبُوكَ حُبابٌ سارِقُ الضَّيفِ بُرْدَهُ، ... وجَدِّيَ، يَا عَبَّاسُ فَارِسُ شَمَّرَا
شمخر: الشُّمَّخْرُ والشِّمَّخْرُ مِنَ الرِّجَالِ: الْجَسِيمُ، وَقِيلَ: الجَسيم مِنَ الفُحُول، وَكَذَلِكَ الضُّمَّخْرُ والضِّمَّخْر؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
أَبناءُ كُلِّ مُصْعَبٍ شِمَّخْرِ [شُمَّخْرِ] ، ... سامٍ عَلَى رَغْمِ العِدَى [العُدَى] ، ضِمَّخْرِ [ضُمَّخْرِ]
وَقِيلَ: هُوَ الطَّامحُ النَّطَر المتكبِّرُ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ شِمَّخْر ضِمَّخْر إِذا كَانَ مُتَكَبِّرًا. وامرأَة شِمَّخْرة [شُمَّخْرة] : طَامِحَةُ الطَّرْف. وَفِيهِ شَمْخَرَة وشَمْخرِيرة أَي كِبْرٌ. وَفِي طَعَامِهِ شُمَخْرِيرَة «6» . وَهِيَ الرِّيح قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أُخذ مِنَ الرَّجُلِ الشُّمَّخْرِ [الشِّمَّخْرِ] ، وَهُوَ الْمُتَكَبِّرُ المتغضِّب وَذَلِكَ مِنْ خُبْثِ النَّفْسِ، كَمَا يُقَالُ: أَصَنَّتِ الرَّيْحانة إِذا خَبُثَتْ رِيحُها. يُقَالُ: رأَيته مُصِنّاً أَي غضبانَ خَبِيثَ النَّفْسِ. ابْنُ الأَعرابي: المُشْمَخِرُّ الطَّوِيلُ مِنَ الْجِبَالِ. والمُشْمَخِرُّ: الجبَل الْعَالِي؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
تَاللَّهِ يَبْقَى عَلَى الأَيام ذُو حِيَدٍ، ... بِمُشْمَخِرٍّ بِهِ الظَّيَّانُ والآسُ
__________
(3) . قوله [والشمرية الناقة السريعة] بكسر الميم المشددة وفتحها مع كسر الشين وبضمهما وفتحهما كما في القاموس.
(4) . قوله [فَجَاءَتِ الصَّخْرَةُ عَلَى قَدْرِ رأْس إِبرة] هكذا في الأصل وعبارة شرح القاموس فجاب الصخرة على قدر رأْسه.
(5) . قوله [وأراه الألماس] هكذا في الأصل وعبارة القاموس في مادة (موس) والماس حجر إلى أن قال ويثقب به الدرّ وغيره ولا تقل ألماس انتهى أي بقطع الهمزة كما نبه عليه شارحه.
(6) . قوله: [شمخريرة] هي بهذا الضبط في أصلنا المعوّل عليه(4/429)
أَي لَا يَبْقَى. وَقِيلَ: المُشْمَخِرُّ الْعَالِي مِنَ الْجِبَالِ وغيرها.
شمختر: الشَّمَخْتَرُ: اللئيم.
شمذر: الشَّمَيْذَرُ مِنَ الإِبل: السَّرِيعُ، والأُنثى شَمَيْذَرَة وشَمْذَرَة وشَمْذَر. وَرَجُلٌ شِمْذار: يَعْنُف فِي السَّيْرِ، وَسَيْرٌ شَمَيْذَر؛ وأَنشد:
وهُنَّ يُبارِينَ النَّجاء الشَّمَيْذَرا
وأَنشد الأَصمعي لِحُمَيْدٍ:
كَبْداءُ لاحِقة الرَّحَى وشَمَيْذَرُ
ابْنُ الأَعرابي: غُلَامٌ شِمذارَة وشَمَيْذَرٌ إِذا كَانَ نَشِيطاً خفيفاً.
شمصر: الشَّمْصرَة: الضِّيق. يُقَالُ: شَمْصَرْتُ عَلَيْهِ أَي ضيَّقت عَلَيْهِ. وشَمَنْصِيرُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
مُسْتَأْرِضاً بَيْنَ بَطْنِ اللَّيْثِ أَيْسَرُهُ ... إِلى شَمَنْصِيرَ غَيْثاً مُرْسلًا مَعَجا
فَلَمْ يَصْرِفْهُ، عَنى بِهِ الأَرض أَو البُقعة. قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَجُوزُ أَن يَكُونَ محرَّفاً مِنْ شَمَنْصِيرٍ «1» . لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ لأَن شَمَنْصِيراً بِنَاءٌ لَمْ يَحْكِهِ سِيبَوَيْهِ، وَقِيلَ: شَمَنْصِير جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ هُذَيْلٌ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: شَمَنْصِير جبَل بِسايَةَ، وسايَةُ: وادٍ عَظِيمٌ، بِهَا أَكثر مِنْ سَبْعِينَ عَيْناً، وَقَالُوا شَماصِير أَيضاً.
شنر: الشَّنار: الْعَيْبُ والعارُ؛ قَالَ القَطامي يَمْدَحُ الأُمراء:
ونحنُ رَعِيَّةٌ وهُمُ رُعاةٌ، ... وَلَوْلَا رَعْيُهُمْ شَنُعَ الشَّنارُ
وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: كَانَ ذَلِكَ شَنْاراً فِيهِ نارٌ
؛ الشَّنار: الْعَيْبُ وَالْعَارُ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَيْبُ الَّذِي فِيهِ عَارٌ، والشَّنار: أَقبح الْعَيْبِ وَالْعَارِ. يُقَالُ: عَارٌ وَشَنَارٌ، وقَلَّما يُفْردونه مِنْ عَارٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فإِنِّي خَلِيقٌ أَن أُودِّع عَهْدَها ... بخيرٍ، وَلَمْ يُرْفَعْ لَدَيْنَا شَنارُها
وَقَدْ جَمَعُوهُ فَقَالُوا شَنائر؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تأْتي أَموراً شُنُعاً شَنائرا
وشَنَّرَ عَلَيْهِ: عابَهُ، وَرَجُلٌ شِنِّيرٌ: شرِّير كَثِيرُ الشَّرِّ وَالْعُيُوبِ. ورجل شِنِّيرٌ: سيء الْخُلُقِ. وشَنَّرْتُ الرَّجُلَ تَشْنِيراً إِذا سمَّعت بِهِ وَفَضَحْتَهُ. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ شَتَرَ: وشَتَّرْتُ بِهِ تَشْتِيراً إِذا أَسمعته الْقَبِيحَ، قَالَ: وأَنكر شَمِرٌ هَذَا الْحَرْفَ وَقَالَ إِنما هُوَ شَنَّرْت، بِالنُّونِ، وأَنشد:
وباتَتْ تُوَقِّي الرُّوحَ، وهْيَ حَرِيصَةٌ ... عَلَيْهِ، وَلَكِنْ تَتَّقِي أَن تُشَنَّرَا
قَالَ الأَزهري: جعله من الشَّنار وَهُوَ الْعَيْبُ، قَالَ: وَالتَّاءُ صَحِيحٌ عِنْدَنَا. والشَّنار: الأَمر الْمَشْهُورُ بِالْقُبْحِ وَالشُّنْعَةِ. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ نَشَرَ: ابْنُ الأَعرابي: امرأَة مَنْشُورة ومَشْنُورة إِذا كَانَتْ سَخيَّة كَرِيمَةً. ابْنُ الأَعرابي: الشِّمْرَة مِشْيَة العَيَّار، والشِّنْرَة مِشْية الرَّجُلِ الصَّالِحِ المشمِّر. وبَنُو شِنِّيرٍ: بَطْن.
شنبر: خِيار شَنْبَر: ضَرْب مِنَ الْخَرُّوبِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي تَرْجَمَةِ خير.
شنتر: الشُّنْتُرَة: الإِصبع بالحميريَّة؛ قَالَ حميريٌّ مِنْهُمْ يَرْثي امرأَة أَكلها الذِّئْبُ:
أَيا جَحْمَتا بَكِّي عَلَى أُمِّ واهِبِ ... أَكِيلَة قِلَّوْبٍ بِبَعْضِ المَذانِبِ
__________
(1) . قوله: [يَجُوزُ أَن يَكُونَ مُحَرَّفًا من شمنصير إلخ] كذا بالأَصل. وفي معجم ياقوت: قَالَ ابْنُ جِنِّي يَجُوزُ أَن يَكُونَ مأَخوذاً مِنَ شمصر لضرورة الوزن إِن كان عربياً(4/430)
فَلَمْ يُبْقِ مِنْهَا غَيْرَ شَطْرِ عِجانها، ... وشُنْتُرَةٍ مِنها، وإِحْدَى الذَّوائِبِ
التَّهْذِيبُ: الشَّنْتَرَةُ والشِّنْتِيرَةُ الإِصبع بِلُغَةِ أَهل اليَمَن؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
وَلَمْ يُبْقِ مِنْهَا غَيْرَ نِصْفِ عِجانِها، ... وشِنْتِيرَةٍ مِنها، وإِحْدَى الذَّوائِبِ
وَقَوْلُهُمْ: لأَضُمَّنَّك ضَمَّ الشَّناتِر، وَهِيَ الأَصابع، وَيُقَالُ القِرَطَة لُغَةٌ يَمانِيَة؛ الْوَاحِدَةُ شنْتُرَة. وَذُو شَناتِرَ: مِنْ مُلوك اليَمَن، يُقَالُ: معناه ذُو القِرَطة.
شنذر: الشّنْذَرَة: شَبِيه بالرَّطْبَة إِلَّا أَنه أَجَلُّ مِنْهَا وأَعظم وَرَقاً؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ فَارِسِيٌّ. أَبو زَيْدٍ: رَجُل شِنْذارَة أَي غَيُور؛ وأَنشد:
أَجَدَّ بِهِمْ شِنْذارَةٌ مُتَعَبِّسٌ، ... عَدُوُّ صَدِيقِ الصَّالِحين لَعِينُ
اللَّيْثُ: رَجُلٌ شِنْذِيرةٌ وشِنْظِيرَة وشِنْفيرَة إِذا كَانَ سَيّءَ الخُلُق.
شنزر: الشَّنْزَرَةُ: الغِلَظ والخُشُونَةُ.
شنظر: شَنْظَر الرجلُ بِالْقَوْمِ شَنْظَرَة: شَتَمَ أَعراضهم؛ وأَنشد:
يُشَنْظِرُ بِالْقَوْمِ الْكِرَامِ، ويَعْتَزي ... إِلى شَرِّ حافٍ فِي البِلادِ وناعِلِ
أَبو سَعِيدٍ: الشِّنْظِير السَّخِيف الْعَقْلِ، وَهُوَ الشِّنْظِيرة أَيضاً. والشِّنظِير: الفاحشُ الغَلْقُ مِنَ الرِّجَالِ والإِبلِ السَّيِءُ الخُلُقِ. ورجل شِنْغِير وشِنْظِير وشِنْظِيرة: بَذِيٌّ فَاحِشٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لامرأَة مِنَ الْعَرَبِ:
شِنظيرة زَوَّجَنِيهِ أَهْلِي، ... مِنْ حُمْقِه يَحْسَبُ رأْسِي رِجْلي،
كأَنه لَمْ يَرَ أُنثى قَبْلِي
وَرُبَّمَا قَالُوا شِنْذِيرَة، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، لِقُرْبِهَا مِنَ الظَّاءِ لُغَةً أَو لُثْغَة، والأُنثى شِنْظيرَة؛ قَالَ:
قامَتْ تُعَنْظِي بِكَ بَيْنَ الحَيَّيْنْ ... شِنْظِيرَةُ الأَخلاقِ، جَهْراءُ العَيْنْ
شَمِرٌ: الشِّنْظِير مِثْلُ الشُّنْظُرَة وَهِيَ الصَّخْرَةُ تنفلِق مِنْ رُكْن مِنْ أَركان الْجَبَلِ فَتَسْقُطُ. أَبو الخطَّاب: شَناظِير الْجَبَلِ أَطرافه وَحُرُوفُهُ، الواحدُ شِنْظِيرٌ.
شنغر: رَجُلٌ شِنْغِير وشِنْظِير بيِّنُ الشَّنْغَرَة والشِّنْغِرة والشَّنْظَرَة والشِّنْغِيرَة والشِّنْظِيرَة: فَاحِشٌ بَذيٌّ.
شنفر: رَجُلٌ شِنْذيَرة وشِنْظيرة وشِنْفِيرَة إِذا كَانَ سَيِءَ الخُلُق؛ وأَنشد:
شِنْفِيرَةٍ ذِي خُلُق زَبَعْبَقِ
وَقَالَ الطِّرِمَّاح يَصِفُ نَاقَةً:
ذَاتُ شِنْفارَة، إِذا هَمَتِ الذِّفْرَى ... بماءِ عَصائم جَسدُه «1»
. أَراد أَنها ذَاتُ حِدَّة فِي السَّير، وَقِيلَ: ذَاتُ شِنْفارة أَي ذَاتُ نَشاط. والشِّنْفار: الْخَفِيفُ؛ مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرافي. وَنَاقَةٌ ذَاتُ شِنْفارة أَي حِدَّة. والشَّنْفَرَى: اسم رجل.
شنهبر: الشَّنَهْبَرة والشَّنَهْبَرُ: الْعَجُوزُ الكبيرة؛ عن كراع.
شهر: الشُّهْرَةُ: ظُهُورُ الشَّيْءِ فِي شُنْعَة حَتَّى يَشْهَره النَّاسُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَة أَلبسه اللَّهُ ثوبَ مَذَلَّة.
الْجَوْهَرِيُّ: الشُّهْرَة وُضُوح
__________
(1) . قوله: [عصائم جسده] هكذا في الأَصل(4/431)
الأَمر، وَقَدْ شَهَرَه يَشْهَرُه شَهْراً وشُهْرَة فاشْتَهَرَ وشَهَّرَهُ تَشْهِيراً واشْتَهَرَه فاشْتَهَر؛ قَالَ:
أُحِبُّ هُبوطَ الوادِيَيْنِ، وإِنَّنِي ... لمُشْتَهَرٌ بِالوادِيَيْنِ غَرِيبُ
وَيُرْوَى لَمُشْتَهِر، بِكَسْرِ الْهَاءِ. ابْنُ الأَعرابي: والشُّهْرَةُ الْفَضِيحَةُ؛ أَنشد الْبَاهِلِيُّ:
أَفِينا تَسُومُ الشَّاهِرِيَّةَ بَعْدَ مَا ... بَدا لَكَ مِنْ شَهْرِ المُلَيْساء، كَوْكَبُ؟
شَهْرُ المُلَيْساء: شَهْرٌ بَيْنَ الصَّفَرِيَّة والشِّتاء، وَهُوَ وَقْتٌ تَنْقَطِعُ فِيهِ المِيرَة؛ يَقُولُ: تَعْرِض عَلَيْنَا الشَّاهِرِيَّةَ فِي وَقْتٍ ليس فيه مِيرة. وتَسُومُ: تَعْرِض. والشَّاهِرِيَّة: ضَرْب مِنَ العِطْر، مَعْرُوفَةٌ. وَرَجُلُ شَهِير وَمَشْهُورٌ: مَعْرُوفُ الْمَكَانِ مَذْكُورٌ؛ وَرَجُلٌ مَشْهور ومُشَهَّر؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذا قَدمْتُمْ عَلَيْنَا شَهَرْنا أَحْسَنَكم اسْمًا، فإِذا رأَيناكم شَهَرْنا أَحسنكم وَجْهاً، فإِذا بَلَوْناكم كَانَ الاخْتِيارُ.
والشَّهْرُ: القَمَر، سُمِّيَ بِذَلِكَ لشُهرته وظُهوره، وَقِيلَ: إِذا ظَهَرَ وقارَب الْكَمَالَ. اللَّيْثُ: الشَّهْرُ والأَشْهُر عَدَدٌ وَالشُّهُورُ جَمَاعَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وَالشَّهْرُ الْعَدَدُ الْمَعْرُوفُ مِنَ الأَيام، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يُشْهَر بِالْقَمَرِ وَفِيهِ عَلَامَةُ ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: سُمِّيَ الشَّهْرُ شَهْرًا لِشُهْرَتِهِ وَبَيَانِهِ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: إِنما سُمي شَهْرًا لِشُهْرَتِهِ وَذَلِكَ أَن النَّاسَ يَشْهَرُون دُخُولَهُ وَخُرُوجَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
صُومُوا الشَّهْرَ وسِرَّه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الشَّهْرُ الْهِلَالُ، سُمِّي بِهِ لِشُهْرَتِهِ وَظُهُورِهِ، أَراد صُومُوا أَوّل الشَّهْرِ وَآخِرَهُ، وَقِيلَ: سِرُّه وسَطه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ
، وَفِي رِوَايَةٍ: إِنما الشهْر، أَي أَن فَائِدَةَ ارْتِقاب الْهِلَالِ لَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لِيُعَرف نَقْصُ الشَّهْرِ قَبْلَهُ، وإِن أُريد بِهِ الشهرُ نفسُه فَتَكُونُ اللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُئِل أَيُّ الصَّوْمِ أَفضل بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: شَهْرُ اللَّهِ المحرمُ
؛ أَضافه إِلى اللَّهِ تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا، كَقَوْلِهِمْ: بَيْتُ اللَّهِ وَآلُ اللَّهِ لِقُرَيْشٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصان
؛ يُرِيدُ شَهْرَ رَمَضَانَ وَذَا الْحِجَّةِ أَي إِنْ نَقَصَ عَدَدُهُمَا فِي الْحِسَابِ فَحُكْمُهُمَا عَلَى التَّمَامِ لِئَلَّا تَحْرَجَ أُمَّتُه إِذا صَامُوا تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، أَو وَقَعَ حَجُّهم خَطَأً عَنِ التَّاسِعِ أَو الْعَاشِرِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ قَضَاءٌ وَلَمْ يَقَعْ فِي نُسُكهم نَقْص. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، قَالَ: وَهَذَا أَشبه، وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمي شَهْرًا بَاسِمِ الْهِلَالِ إِذا أَهَلَّ سُمِّيَ شَهْرًا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رأَيت الشَّهْرَ أَي رأَيت هِلَالَهُ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمة:
يَرَى الشَّهْرَ قبْلَ الناسِ وَهُوَ نَحِيلُ
ابْنُ الأَعرابي: يُسَمَّى الْقَمَرُ شَهْراً لأَنه يُشْهَرُ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَشْهُرٌ وشُهور. وشاهَرَ الأَجيرَ مُشاهَرَةً وشِهاراً: استأْجره للشَّهْر؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمُشاهَرَة: الْمُعَامَلَةُ شَهْرًا بِشَهْرٍ. والمُشاهَرة مِنَ الشَّهْرِ: كالمُعاوَمَة مِنَ الْعَامِّ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ وقتُ الْحَجِّ أَشهر مَعْلُومَاتٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الأَشهر الْمَعْلُومَاتُ مِنَ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو القَعْدَة وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحِجَّة، وإِنما جَازَ أَن يُقَالَ أَشهر وإِنما هُمَا شَهْرَانِ وعشرٌ مِنْ ثَالِثٍ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الأَوقات. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ؛ وإِنما يَتَعَجَّلُ فِي يَوْمٍ وَنِصْفٍ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: لَهُ اليومَ يَوْمَانِ مُذْ لَمْ أَرَهُ، وإِنما هُوَ يَوْمٌ وَبَعْضُ آخَرَ؛ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِجَائِزٍ فِي غَيْرِ الْمَوَاقِيتِ لأَن العرَب قَدْ تفعَل الفِعْل فِي أَقلَّ مِنَ(4/432)
السَّاعَةِ ثُمَّ يُوقِعُونَهُ عَلَى الْيَوْمِ وَيَقُولُونَ: زُرْته العامَ، وإِنما زَارَهُ فِي يَوْمٍ مِنْهُ. وأَشْهَرَ القومُ: أَتى عَلَيْهِمْ شهرٌ، وأَشهرتِ المرأَة: دخلتْ فِي شهرِ وِلادِها، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَشْهَرْنا مُذْ لَمْ نَلْتَقِ أَي أَتى عَلَيْنَا شَهْرٌ: قَالَ الشَّاعِرُ:
مَا زِلتُ، مُذْ أَشْهَرَ السُّفَّارُ أَنظرُهم، ... مِثلَ انْتِظارِ المُضَحِّي راعِيَ الغَنَمِ
وأَشْهَرْنَا مُذْ نَزَلْنَا عَلَى هَذَا الْمَاءِ أَي أَتى عَلَيْنَا شَهْرٌ. وأَشهرنا فِي هَذَا الْمَكَانِ: أَقمنا فِيهِ شَهْرًا. وأَشْهَرْنا: دَخَلْنَا فِي الشَّهْرِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ
؛ يُقَالُ: الأَربعةُ أَشهر كَانَتْ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ والمحرمَ وصفرَ وشهرَ رَبِيعٍ الأَول وَعَشْرًا مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، لأَن الْبَرَاءَةَ وَقَعَتْ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ فَكَانَ هَذَا الْوَقْتُ ابتداءَ الأَجَل، وَيُقَالُ لأَيام الْخَرِيفِ فِي آخِرِ الصَّيْفِ: الصَّفَرِيَّةُ؛ وَفِي شِعْرِ أَبي طَالِبٍ يَمْدَحُ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فَإِنِّي والضَّوابِحَ كلَّ يَوْمٍ، ... وَمَا تَتْلُو السَّفاسِرَةُ الشُّهورُ
الشُّهور: الْعُلَمَاءُ، الْوَاحِدُ شَهْر. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ فَضِيلَةٌ اشْتَهَرها الناسُ. وشَهَر فُلَانٌ سيفَه يَشْهَرُهُ شَهْراً أَي سَلَّه؛ وشَهَّرَهُ: انْتَضاه فَرَفَعَهُ عَلَى النَّاسِ؛ قَالَ:
يَا ليتَ شِعْرِي عنكُم حَنِيفا، ... أَشاهِرُونَ بَعْدنا السُّيُوفا
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: خَرَجَ شاهِراً سَيْفَهُ رَاكِبًا راحِلَته
؛ يَعْنِي يَوْمَ الرِّدَّة، أَي مُبْرِزاً لَهُ مِنْ غِمْدِهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: مَنْ شَهَر سَيْفَهُ ثُمَّ وَضَعَهُ فَدَمُه هَدَرٌ
، أَي مَنْ أَخرجه مِنْ غِمْدِهِ لِلْقِتَالِ، وأَراد بوضَعَه ضَرَبَ بِهِ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وَقَدْ لاحَ لِلسَّارِي الَّذِي كَمَّلَ السُّرَى، ... عَلَى أُخْرَياتِ اللَّيْلِ، فَتْقٌ مُشَهَّرُ
أَي صُبْحٌ مَشْهُورٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنّا مَنْ شَهَر عَلَيْنَا السِّلَاحَ.
وامرأَة شَهِيرة: وَهِيَ العَرِيضة الضَّخْمَةُ، وأَتانٌ شَهِيرة مثلُها. والأَشاهِرُ: بَياض النَّرْجِس. وامرأَة شَهِيرة وأَتان شَهِيرة: عَرِيضَةٌ وَاسِعَةٌ. والشِّهْرِيَّة: ضرْب مِنَ البَراذِين، وَهُوَ بَيْنَ البِرذَون والمُقْرِف مِنَ الْخَيْلِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
لَهَا سَلَفٌ يَعُود بكلِّ رِيعٍ، ... حَمَى الحَوْزات واشْتَهَر الإِفَالا
فسَّره فَقَالَ: وَاشْتُهِرَ الإِفالا مَعْنَاهُ جَاءَ تُشْبِهُهُ، وَيَعْنِي بالسَّلَفِ الْفَحْلَ. والإِفالُ: صِغَارُ الإِبل. وَقَدْ سَمَّوْا شَهْراً وشُهَيْراً ومَشْهُوراً. وشَهْرانُ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ خَثْعَم. وشُهارٌ: مَوضع؛ قَالَ أَبو صَخْرٍ:
ويومَ شُهارٍ قَدْ ذَكَرْتُك ذِكْرَةً ... عَلَى دُبُرٍ مُجْلٍ، مِنَ العَيْشِ، نافِدِ
شهبر: الشَّهْبَرَة والشَّهْرَبة: الْعَجُوزُ الْكَبِيرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَتَزَوّجَنَّ شَهْبَرة وَلَا نَهْبَرة
؛ الشَّهْبَرَة: الْكَبِيرَةُ الْفَانِيَةُ. والشَّيْهَبُور: كالشَّهْبَرة؛ وَشَيْخٌ شَهْرَب وشَهْبَر؛ عَنْ يَعْقُوبَ. قَالَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ شَهْبَرٌ؛ قَالَ شِظاظ الضبَّي، وَهُوَ أَحد اللُّصُوصِ الفُتَّاك، وَكَانَ رأَى عَجُوزًا مَعَهَا جَمَلٌ حَسَنٌ، وَكَانَ رَاكِبًا عَلَى بِكْرٍ لَهُ فَنَزَلَ عَنْهُ وَقَالَ: أَمسكي لِي هَذَا الْبِكْرَ لأَقضي حَاجَةً وأَعود، فَلَمْ تَسْتَطِعِ الْعَجُوزُ حِفْظَ الْجَمَلَيْنِ فَانْفَلَتَ مِنْهَا جَمَلُهَا ونَدَّ، فَقَالَ:(4/433)
أَنا آتِيكِ بِهِ؛ فَمَضَى وَرَكِبَهُ، وَقَالَ:
رُبَّ عجوزٍ مِنْ نُمَيْرٍ شَهْبَرَهْ، ... عَلَّمْتُها الإِنقَاضَ بَعْدَ القَرقَرَهْ
أَراد أَنها كَانَتْ ذَاتَ إِبل، فأَغَرْتُ عَلَيْهَا وَلَمْ أَترك لَهَا غَيْرَ شُوَيْهات تُنْقِضُ بِهَا، والإِنْقاض: صَوْتُ الصَّغِيرِ مِنَ الإِبل، والقَرْقَرَةُ: صَوْتُ الْكَبِيرِ، وَالْجَمْعُ الشَّهابِر؛ وَقَالَ:
جمعتُ منهمْ عَشَباً شَهابِرَا
شهدر: الشِّهْدارة، بِدَالٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ: الرَّجُلُ الْقَصِيرُ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ فِيهِ:
وَلَمْ تَكُ شِهْدارَةَ الأَبْعَدِينَ، ... وَلَا زُمَّحَ الأَقْرَبِينَ الشَّرِيرَا
وَرَجُلٌ شِهْدارة أَي فَاحِشٌ، بِالدَّالِ وَالذَّالِ جميعاً.
شهذر: الشِّهذارة، بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ: الْكَثِيرُ الْكَلَامِ، وَقِيلَ: العَنِيف فِي السَّيْرِ. وَرَجُلٌ شِهْذارة أَي فَاحِشٌ، بِالدَّالِ وَالذَّالِ جميعاً.
شور: شارَ العسلَ يشُوره شَوْراً وشِياراً وشِيَارَة ومَشَاراً ومَشَارة: اسْتَخْرَجَهُ مِنَ الوَقْبَة واجتَناه؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
فَقَضَى مَشارتَهُ، وحَطَّ كأَنه ... حَلَقٌ، وَلَمْ يَنْشَبْ بِمَا يَتَسَبْسَبُ
وأَشَاره واشْتاره: كَشَارَه. أَبو عُبَيْدٍ: شُرْت الْعَسَلَ واشْتَرْته اجْتَنَيْته وأَخذته مِنْ مَوْضِعِهِ؛ قَالَ الأَعشى:
كأَن جَنِيّاً، من الزَّنْجبِيل، ... باتَ بِفِيها، وأَرْياً مَشُورَا
شَمِرٌ: شُرْت الْعَسَلَ واشْتَرْتُه وأَشَرْتُه لُغَةٌ. يُقَالُ: أَشِرْني عَلَى الْعَسَلِ أَي أَعِنِّي، كَمَا يُقَالُ أَعْكِمْني؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
ومَلاهٍ قَدْ تَلَهَّيْتُ بِهَا، ... وقَصَرْتُ اليومَ فِي بَيْتِ عِذارِي
فِي سَمَاعٍ يأْذَنُ الشَّيْخُ لَهُ، ... وحَدِيثٍ مثْلِ ماذِيٍّ مُشارِ
وَمَعْنَى يأْذَن: يَسْتَمِعُ؛ كَمَا قَالَ قَعْنَبُ بْنُ أُمّ صَاحِبٍ:
صُمٌّ إِذا سَمِعوا خَيْراً ذُكِرْتُ به، ... وِ إِنْ ذُكِرْتُ بسُوء عِنْدَهُمْ أَذِنُوا
أَوْ يَسْمَعُوا رِيبَةً طارُوا بِهَا فَرَحاً ... مِنِّي، وَمَا سَمِعوا مِنْ صَالِحٍ دَفَنُوا
والمَاذِيّ: الْعَسَلُ الأَبيض. والمُشَار: المُجْتَنَى، وَقِيلَ: مُشار قَدْ أُعين عَلَى أَخذه، قَالَ: وأَنكرها الأَصمعي وَكَانَ يَرْوِي هَذَا الْبَيْتَ:
[مِثْلِ ماذِيِّ مَشَار]
بالإِضافة وَفَتْحِ الْمِيمِ. قَالَ: والمَشَار الخَلِيَّة يُشْتار مِنْهَا. والمَشَاوِر: المَحابِض، وَالْوَاحِدُ مِشْوَرٌ، وَهُوَ عُود يَكُونُ مَعَ مُشْتار الْعَسَلِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: فِي الَّذِي يُدْلي بحبْل ليَشْتَارَ عَسَلًا
؛ شَار الْعَسَلَ يَشُوره واشْتَاره يَشْتارُه: اجْتَنَاهُ مِنْ خَلَايَاهُ وَمَوَاضِعِهِ. والشَّوْرُ: الْعَسَلُ المَشُور، سُمّي بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
فَلَمَّا دَنَا الإِفراد حَطَّ بِشَوْرِه، ... إِلى فَضَلاتٍ مُسْتَحِيرٍ جُمومُها
والمِشْوَار: مَا شَارَ بِهِ. والمِشْوَارة والشُّورة: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُعَسِّل فِيهِ النَّحْلَ إِذا دَجَنَها. والشَّارَة والشُّوْرَة: الحُسْن وَالْهَيْئَةُ واللِّباس، وَقِيلَ: الشُّوْرَة الْهَيْئَةُ. والشَّوْرَة، بِفَتْحِ الشِّينِ: اللِّباس؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٍ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَقبل رَجُلٌ(4/434)
وَعَلَيْهِ شُوْرَة حَسَنة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ بِالضَّمِّ، الجَمال والحُسْن كأَنه مِنَ الشَّوْر عَرْض الشَّيْءِ وإِظهاره؛ وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً: الشَّارَة، وَهِيَ الْهَيْئَةُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن رَجُلًا أَتاه وَعَلَيْهِ شَارَة حسَنة
، وأَلِفُها مَقْلُوبَةٌ عَنِ الْوَاوِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَاشُورَاءَ:
كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ عِيداً ويُلبسون نساءَهم فِيهِ حُلِيَّهُم وشَارَتهم
أَي لِبَاسَهُمُ الحسَن الْجَمِيلَ. وَفِي حَدِيثِ
إِسلام عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. فَدَخَلَ أَبو هُرَيْرَةَ فَتَشايَرَه النَّاسُ
أَي اشْتَهَرُوه بأَبصارهم كأَنه مِنَ الشَّارَة، وَهِيَ الشَّارة الحسَنة. والمِشْوَار: المَنْظَر. وَرَجُلٌ شَارٌ صارٌ، وشَيِّرٌ صَيِّرٌ: حسَن الصُّورَةِ والشَّوْرة، وَقِيلَ: حسَن المَخْبَر عِنْدَ التَّجْرِبَةِ، وإِنما ذَلِكَ عَلَى التَّشْبِيهِ بالمنظَر، أَي أَنه فِي مَخْبَرِهِ مِثْلُهُ فِي مَنْظَرِهِ. وَيُقَالُ: مَا أَحسن شَوَارَ الرَّجُلِ وشَارَته وشِيَارَه؛ يَعْنِي لباسه وَهَيْئَتِهِ وَحُسْنِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ الشَّارَة والشَّوْرَة إِذا كَانَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ الشَّوْرَة أَي حَسَنُ اللِّباس. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ المِشْوَار، وَلَيْسَ لِفُلَانٍ مِشْوَار أَي مَنْظَر. وَقَالَ الأَصمعي: حَسَنُ المِشْوَار أَي مُجَرَّبه وحَسَنٌ حِينَ تُجَرِّبُهُ. وَقَصِيدَةٌ شَيِّرة أَي حَسْنَاءُ. وَشَيْءٌ مَشُورٌ أَي مُزَيَّنٌ؛ وأَنشد:
كأَن الجَراد يُغَنِّينَه، ... يُباغِمْنَ ظَبْيَ الأَنيس المَشُورَا
. الْفَرَّاءُ: إِنه لَحَسَنُ الصُّورة والشُّوْرَة، وإِنه لحسَن الشَّوْر والشَّوَار، وَاحِدُهُ شَوْرَة وشَوارة، أَي زِينته. وشُرْتُه: زَيَّنْتُه، فَهُوَ مَشُور. والشَّارَة والشَّوْرَة: السِّمَن. الْفَرَّاءُ: شَار الرجلُ إِذا حسُن وَجْهُهُ، ورَاشَ إِذا اسْتَغْنَى. أَبو زَيْدٍ: اسْتَشَار أَمرُه إِذا تبيَّن واسْتَنار. والشَّارَة والشَّوْرة: السِّمَن. واسْتَشَارَتِ الإِبل: لَبِسَتْ سِمَناً وحُسْناً وَيُقَالُ: اشَتَارَتِ الإِبل إِذا لَبِسها شَيْءٌ مِنَ السِّمَن وسَمِنَتْ بَعْضُ السِّمَن وَفَرَسٌ شَيِّر وَخَيْلٌ شِيارٌ: مَثَلٌ جَيّد وجِياد. وَيُقَالُ: جَاءَتِ الإِبل شِياراً أَي سِماناً حِساناً؛ وَقَالَ عَمْرُو ابن معدي كرب:
أَعَبَّاسُ، لَوْ كَانَتْ شِياراً جِيادُنا، ... بِتَثْلِيثَ، ما ناصَبْتَ بَعْدِي الأَحامِسَا
والشِّوَار والشَّارَة: اللِّبَاسُ وَالْهَيْئَةُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
مُقْوَرَّة تَتَبارَى لَا شَوارَ لَهَا ... إِلا القُطُوعُ عَلَى الأَجْوازِ والوُرُك «2»
. وَرَجُلٌ حَسَنُ الصُّورة والشُّوْرَة وإِنه لَصَيِّر شَيِّر أَي حَسَنُ الصُّورَةِ والشَّارة، وَهِيَ الْهَيْئَةُ؛ عَنِ الْفَرَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى امرأَة شَيِّرَة وَعَلَيْهَا مَناجِد
؛ أَي حَسَنَةُ الشَّارة، وَقِيلَ: جَمِيلَةٌ. وخيلٌ شِيار: سِمان حِسان. وأَخذت الدَّابَّةُ مِشْوَارها ومَشَارَتَها: سَمِنت وحسُنت هَيْئَتُهَا؛ قَالَ:
وَلَا هِيَ إِلا أَن تُقَرِّبَ وَصْلَها ... عَلاةٌ كِنازُ اللَّحْمِ، ذاتُ مَشَارَةِ
أَبو عَمْرٍو: المُسْتَشِير السَّمِين. واسْتَشار البعيرُ مِثْلَ اشْتار أَي سَمِن، وَكَذَلِكَ المُسْتَشيط. وَقَدْ شَار الفرسُ أَي سَمِن وحسُن. الأَصمَعي: شارَ الدَّابَّة وَهُوَ يَشُورها شَوْراً إِذا عَرَضَها. والمِشْوار: مَا أَبقت الدابَّة مِنْ علَفها، وَقَدْ نَشْوَرَتْ نِشْواراً، لأَن نَفْعَلَتْ «3» . بِنَاءٌ لَا يُعْرَفُ إِلا أَن يَكُونَ فَعْوَلَتْ،
__________
(2) . في ديوان زهير:
إِلا القطوع على الأَنساع
(3) . قوله: [لأَن نفعلت إلخ] هكذا بالأَصل ولعله إِلا أَن نفعلت(4/435)
فَيَكُونُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ. قَالَ الْخَلِيلُ: سأَلت أَبا الدُّقَيْش عَنْهُ قُلْتُ: نِشْوار أَو مِشْوار؟ فَقَالَ: نِشْوار، وَزَعَمَ أَنه فَارِسِيٌّ. وشَارها يَشُورها شَوْراً وشِواراً وشَوَّرَها وأَشارَها؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، قَالَ: وَهِيَ قَلِيلَةٌ، كلُّ ذَلِكَ: رَاضَها أَو رَكِبها عِنْدَ العَرْض عَلَى مُشْترِيها، وَقِيلَ: عَرَضها لِلْبَيْعِ، وَقِيلَ: بَلاها ينظُر مَا عِنْدَهَا، وَقِيلَ: قلَّبها؛ وَكَذَلِكَ الأَمَة، يُقَالُ: شُرْت الدَّابة والأَمة أَشُورُهما شَوْراً إِذا قلَّبتهما، وَكَذَلِكَ شَوَّرْتُهُما وأَشَرْتهما، وَهِيَ قَلِيلَةٌ. والتَّشْوِير: أَن تُشَوِّرَ الدَّابَّةَ تنظرُ كَيْفَ مِشْوارها أَي كَيْفَ سَيْرَتُها. وَيُقَالُ لِلْمَكَانِ الَّذِي تُشَوَّرُ فِيهِ الدَّوابّ وتعرَض: المِشْوَار. يُقَالُ: إِياك والخُطَب فإِنها مِشْوارٌ كَثِيرُ العِثَارِ. وشُرْت الدَّابة شَوْراً: عَرَضْتها عَلَى الْبَيْعِ أَقبلت بِهَا وأَدبرت. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه رَكِبَ فَرساً يَشُوره
أَي يَعْرِضُه. يُقَالُ: شَارَ الدَّابة يشُورها إِذا عَرَضها لِتُباع؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي طَلْحَةَ: أَنه كَانَ يَشُور نَفْسَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، أَي يعرِضُها عَلَى القَتْل، والقَتْل فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَيْع النَّفْسِ؛ وَقِيلَ: يَشُور نَفْسَهُ أَي يَسْعى ويَخِفُّ يُظهر بِذَلِكَ قوَّته. وَيُقَالُ: شُرْت الدَّابَّةَ إِذا أَجْرَيْتها لِتَعْرِفَ قُوَّتها؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه كَانَ يَشُور نَفْسَهُ عَلَى غُرْلَتِه
أَي وَهُوَ صبيٌّ، والغُرْلَة: القُلْفَةُ. واشْتار الْفَحْلُ النَّاقَةَ: كَرَفَها فَنَظَرَ إِليها لاقِح هِيَ أَم لَا. أَبو عُبَيْدٍ: كَرَف الْفَحْلُ النَّاقَةَ وشافَها واسْتَشارها بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا اسْتَشارَ العَائطَ الأَبِيَّا
والمُسْتَشِير: الَّذِي يَعرِف الحائِلَ مِنْ غَيْرِهَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: الفَحْل الَّذِي يعرِف الحائِل مِنْ غَيْرِهَا؛ عَنِ الأُموي، قَالَ:
أَفزَّ عَنْهَا كُلَّ مُسْتَشِيرِ، ... وَكُلُّ بَكْرٍ دَاعِرٍ مِئْشيرِ
مِئْشير: مِفْعِيل مِنَ الأَشَر. والشَّوَارُ والشَوَرُ والشُّوَار؛ الضَّمُّ عَنْ ثَعْلَبٍ. مَتاع الْبَيْتِ، وَكَذَلِكَ الشَّوَار والشِّوَار لِمتَاع الرَّحْل، بِالْحَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ اللُّتْبِيَّة: أَنه جَاءَ بشَوَار كَثِيرٍ
، هُوَ بِالْفَتْحِ، مَتاع البَيْت. وشَوار الرجُل: ذكَره وخُصْياه واسْتُه. وَفِي الدُّعَاءِ: أَبْدَى اللَّهُ شُواره؛ الضَّمُّ لُغَةٌ عَنْ ثَعْلَبٍ، أَي عَوْرَته، وَقِيلَ: يَعْنِي مَذاكِيره. والشَّوار: فَرْجُ المرأَة والرجُل؛ وَمِنْهُ قِيلَ: شَوَّر بِهِ كأَنه أَبْدَى عَوْرَته. وَيُقَالُ فِي مَثَلٍ: أَشْوَارَ عَروسٍ تَرَى؟ وشَوَّرَ بِهِ: فعَل بِهِ فِعْلًا يُسْتَحْيا مِنْهُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وتَشَوَّرَ هُوَ: خَجِل؛ حَكَاهَا يَعْقُوبُ وَثَعْلَبٌ. قَالَ يَعْقُوبُ: ضَرَطَ أَعرابيّ فَتَشَوَّر، فأَشار بإِبْهامه نحوَ اسْتِه وَقَالَ: إِنها خَلْفٌ نطقَتْ خَلْفاً، وَكَرِهَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ: لَيْسَتْ بعربِيَّة. اللِّحْيَانِيُّ: شَوَّرْت الرجلَ وَبِالرَّجُلِ فَتَشَوَّر إِذا خَجَّلْته فَخَجِل، وَقَدْ تشوَّر الرَّجُلُ. والشَّوْرَة: الجَمال الرائِع. والشَّوْرَة: الخَجْلَة. والشَّيِّرُ: الجَمِيل. والمَشارة: الدَّبْرَة الَّتِي فِي المَزْرَعة. ابْنُ سِيدَهْ: المَشارة الدَّبْرَة الْمُقَطِّعَةُ لِلزِّراعة والغِراسَة؛ قَالَ: يَجُوزُ أَن تَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وأَن تَكُونَ مِنَ المَشْرَة. وأَشار إِليه وشَوَّر: أَومَأَ، يَكُونُ ذَلِكَ بالكفِّ وَالْعَيْنِ وَالْحَاجِبِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
نُسِرُّ الهَوَى إِلَّا إِشارَة حاجِبٍ ... هُناك، وإِلَّا أَن تُشِير الأَصابِعُ(4/436)
وشَوَّر إِليه بِيَدِهِ أَي أَشارَ؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ، وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُشِير في الصلاة
؛ أَي يُومِئ بِالْيَدِ والرأْس أَي يأْمُرُ ويَنْهَى بالإِشارة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ لِلَّذى كَانَ يُشير بأُصبعه فِي الدُّعاء: أَحِّدْ أَحِّدْ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ إِذا أَشار بكفِّه أَشارَ بِهَا كلِّها
؛ أَراد أَنَّ إِشارَاتِه كلَّها مختلِفة، فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي ذِكْر التَّوْحِيدِ والتشهُّد فإِنه كَانَ يُشِير بالمُسبِّحَة وحْدها، وَمَا كَانَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَانَ يُشِير بكفِّه كُلِّهَا لِيَكُونَ بَيْنَ الإِشارَتَيْن فرْق، وَمِنْهُ: وإِذا تحَدَّث اتَّصل بِهَا أَي وصَلَ حَدِيثَه بإِشارة تؤكِّده. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: مَنْ أَشار إِلى مُؤْمِنٍ بحدِيدة يريد قتلَه فقد وَجَب دَمُه
أَي حلَّ لِلْمَقْصُودِ بِهَا أَن يدفعَه عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ قَتَلَه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَجَب هُنَا بِمَعْنَى حلَّ. والمُشِيرَةُ: هِيَ الإِصْبَع الَّتِي يُقَالُ لَهَا السَّبَّابَة، وَهُوَ مِنْهُ. وَيُقَالُ للسَّبَّابَتين: المُشِيرَتان. وأَشار عَلَيْهِ بأَمْرِ كَذَا: أَمَرَه بِهِ. وهيَ الشُّورَى والمَشُورَة، بِضَمِّ الشِّينِ، مَفْعُلَة وَلَا تَكُونُ مَفْعُولَة لأَنها مَصْدَرٌ، والمَصادِر لَا تَجِيء عَلَى مِثَالِ مَفْعُولة، وإِن جَاءَتْ عَلَى مِثال مَفْعُول، وَكَذَلِكَ المَشْوَرَة؛ وَتَقُولُ مِنْهُ: شَاوَرْتُه فِي الأَمر واسْتشرته بِمَعْنًى. وَفُلَانٌ خَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي يصلُح لِلْمُشاورَة. وشاوَرَه مُشاوَرَة وشِوَاراً واسْتَشاره: طَلَب مِنْهُ المَشُورَة. وأَشار الرَّجُلُ يُشِيرُ إِشارَةً إِذا أَوْمَأَ بيديْه. وَيُقَالُ: شَوَّرْت إِليه بِيَدِي وأَشرت إِليه أَي لَوَّحْت إِليه وأَلَحْتُ أَيضاً. وأَشارَ إِليه باليَدِ: أَوْمأَ، وأَشارَ عَلَيْهِ بالرَّأْيِ. وأَشار يُشِير إِذا مَا وَجَّه الرَّأْي. وَيُقَالُ: فُلَانٌ جيِّد المَشُورة والمَشْوَرَة، لُغَتَانِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: المَشُورة أَصلها مَشْوَرَة ثُمَّ نُقِلَتْ إِلى مَشُورة لخفَّتها. اللَّيث: المَشْوَرَة مفْعَلَة اشتُقَّ مِنَ الإِشارة، وَيُقَالُ: مَشُورة. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ فُلَانٌ وَزِيرُ فُلَانٍ وشيِّرُه أَي مُشاورُه، وَجَمْعُهُ شُوَرَاءُ. وأَشَارَ النَّار وأَشارَ بِها وأَشْوَرَ بِهَا وشَوَّرَ بِهَا: رفعَها. وحَرَّة شَوْرَان: إِحْدَى الحِرَارِ فِي بِلَادِ العرَب، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ. والقَعْقاعُ بْنُ شَوْر: رجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرو بْنِ شَيْبان بْنِ ذُهْل بْنِ ثَعْلَبَةَ؛ وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيَانَ: وهمُ الَّذِينَ خَطُّوا مَشائِرَها
أَي ديارَها، الْوَاحِدَةُ مَشارَة، وَهِيَ مِنَ الشَّارة، مَفْعَلَة، والميم زائدة.
شير: شِيارٌ: السَّبْتُ فِي الجاهِلِيَّة كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي يَوْمَ السَّبْت شِيارا قَالَ
أُؤَمِّل أَنْ أَعِيشَ وأَنَّ يَوْمِي ... بِأَوَّلَ أَوْ بِأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
أَو التَّالي دُبارِ فَإِن يَفُتْنِي ... فَمُؤْنِس أَو عَروبَةَ أَو شِيَارِ
وَفِي التَّهْذِيبِ والشِّيار يَوْمُ السبت
فصل الصاد المهملة
صأر: صَوْأَرٌ: مَوْضِع عاقَر فِيهِ سُحَيم بْنُ وَثِيلٍ الرِّيَاحِيُّ غَالِبَ بْنَ صَعْصَعَة أَبا الفَرَزْدَق فَعَقَرَ سُحَيم خَمْساً ثُمَّ بَدَا لَهُ وعَقَرَ غالِب مِائَةٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَقَدْ سَرَّني أَنْ لَا تَعُدَّ مُجاشِعٌ، ... مِنَ الفَخْرِ، إِلَّا عَقْرَنِيبٍ بِصَوْأَرِ
صبر: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: الصَّبُور تَعَالَى وتقدَّس، هُوَ الَّذِي لَا يُعاجِل العُصاة بالانْتقامِ، وَهُوَ مِنْ أَبنية المُبالَغة، وَمَعْنَاهُ قَرِيب مِنْ مَعْنَى الحَلِيم، والفرْق بَيْنَهُمَا أَن المُذنِب لَا يأْمَنُ العُقوبة فِي صِفَة الصَّبُور كَمَا يأْمَنُها فِي صِفَة الحَلِيم. ابْنُ سِيدَهْ:(4/437)
صَبَرَه عَنِ الشَّيْءِ يَصْبِرُه صَبْراً حَبَسَه؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
قُلْتُ لَهَا أَصْبِرُها جاهِداً: ... وَيْحَك، أَمْثالُ طَرِيفٍ قَلِيلْ
والصَّبْرُ: نَصْب الإِنسان للقَتْل، فَهُوَ مَصْبُور. وصَبْرُ الإِنسان عَلَى القَتْل: نَصْبُه عَلَيْهِ. يُقَالُ: قَتَلَه صَبْراً، وَقَدْ صَبَره عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ تُصْبَرَ الرُّوح. وَرَجَلٌ صَبُورَة، بِالْهَاءِ: مَصْبُور لِلْقَتْلِ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهَى عَنْ قَتْل شَيْءٍ مِنَ الدَّوابّ صَبْراً
؛ قِيلَ: هُوَ أَن يُمْسك الطائرُ أَو غيرُه مِنْ ذواتِ الرُّوح يُصْبَر حَيّاً ثُمَّ يُرْمَى بِشَيْءٍ حَتَّى يُقْتَل؛ قَالَ: وأَصل الصَّبْر الحَبْس، وَكُلُّ مَنْ حَبَس شَيْئًا فَقَدْ صَبَرَه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
نَهَى عَنِ المَصْبُورة ونَهَى عَنْ صَبْرِ ذِي الرُّوح
؛ والمَصبُورة الَّتِي نَهَى عَنْهَا؛ هِيَ المَحْبُوسَة عَلَى المَوْت. وَكُلُّ ذِي رُوحٍ يُصْبَرُ حَيًّا ثُمَّ يُرْمَى حَتَّى يُقْتَلَ، فَقَدْ، قُتِلَ صَبْرًا. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ
فِي رَجُل أَمسَك رجُلًا وقَتَلَه آخَرُ فَقَالَ: اقْتُلُوا الْقَاتِلَ واصْبُروا الصَّابرَ
؛ يَعْنِي احْبِسُوا الَّذِي حَبَسَه للموْت حَتَّى يَمُوت كفِعْلِهِ بِهِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للرجُل يقدَّم فيضربَ عُنُقُهُ: قُتِل صَبْراً؛ يَعْنِي أَنه أُمسِك عَلَى المَوْت، وَكَذَلِكَ لَوْ حَبَس رجُل نفسَه عَلَى شَيْءٍ يُرِيدُه قَالَ: صَبَرْتُ نفسِي؛ قَالَ عَنْتَرَةُ يذكُر حرْباً كَانَ فِيهَا:
فَصَبَرْتُ عارِفَةً لِذَلِكَ حُرَّةً ... تَرْسُو، إِذا نَفْسُ الْجَبَانِ تَطَلَّعُ
يَقُولُ: حَبَست نَفْسًا صابِرة. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَقُولُ إِنه حَبَس نفسَه، وكلُّ مَنْ قُتِل فِي غَيْرِ مَعْرَكة وَلَا حَرْب وَلَا خَطَإٍ، فإِنه مَقْتول صَبْراً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْ صَبْرِ الرُّوح، وَهُوَ الخِصاءُ
، والخِصاءُ صَبْرٌ شَدِيدٌ؛ وَمِنْ هَذَا يَمِينُ الصَّبْرِ، وَهُوَ أَن يحبِسَه السُّلْطَانُ عَلَى الْيَمِينِ حَتَّى يحلِف بِهَا، فَلَوْ حلَف إِنسان مِنْ غيرِ إِحلاف مَا قِيلَ: حلَف صَبْراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ حَلَف عَلَى يَمِين مَصْبُورَةٍ كاذِباً
، وَفِي آخَرَ:
عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ
أَي أُلْزِم بِهَا وحُبِس عَلَيْهَا وَكَانَتْ لازِمَة لصاحِبها مِنْ جِهَة الحَكَم، وَقِيلَ لَهَا مَصْبُورة وإِن كَانَ صاحِبُها فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ المَصْبُور لأَنه إِنما صُبِرَ مِنْ أَجْلِها أَي حُبس، فوُصِفت بالصَّبْر وأُضيفت إِليه مَجَازًا؛ والمَصْبورة: هِيَ اليَمِين، والصَّبْر: أَن تأْخذ يَمِين إِنسان. تَقُولُ: صَبَرْتُ يَمِينه أَي حلَّفته. وكلُّ مَنْ حَبَسْتَه لقَتلٍ أَو يَمِين، فَهُوَ قتلُ صَبْرٍ. والصَّبْرُ: الإِكراه. يُقَالُ: صَبَرَ الْحَاكِمُ فُلاناً عَلَى يَمين صَبْراً أَي أَكرهه. وصَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً. يُقَالُ: قُتِل فلانٌ صَبْراً وحُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس. وصَبَرَه: أَحْلَفه يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه. ابْنُ سِيدَهْ: ويَمِين الصَّبْرِ الَّتِي يُمْسِكُكَ الحَكَم عَلَيْهَا حَتَّى تَحْلِف؛ وَقَدْ حَلَف صَبْراً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فَأَوْجِعِ الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرَا، ... أَو يُبْلِيَ اللهُ يَمِيناً صَبْرَا
وصَبَرَ الرجلَ يَصْبِرُه: لَزِمَه. والصَّبْرُ: نقِيض الجَزَع، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً، فَهُوَ صابِرٌ وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور، والأُنثى صَبُور أَيضاً، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَجَمْعُهُ صُبُرٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّبر حَبْس النَّفْسِ عِنْدَ الجزَع، وَقَدْ صَبَرَ فُلَانٌ عِنْدَ المُصِيبة يَصْبِرُ صَبْراً، وصَبَرْتُه أَنا:(4/438)
حَبَسْته. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
. والتَّصَبُّرُ: تكلُّف الصَّبْرِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها ... تُبَكِّي عَلَى زَيْدٍ، ولَيْسَتْ بِأَصْبَرَا
أَراد: وَلَيْسَتْ بأَصْبَرَ مِنِ ابْنِهَا، بَلِ ابْنُهَا أَصْبَرُ مِنْهَا لأَنه عاقٌّ والعاقُّ أَصبَرُ مِنْ أَبَوَيْهِ. وتَصَبَّر واصْطَبَرَ: جَعَلَ لَهُ صَبْراً. وَتَقُولُ: اصْطَبَرْتُ وَلَا تَقُولُ اطَّبَرْتُ لأَن الصَّادَ لَا تُدْغَمُ فِي الطَّاءِ، فإِن أَردت الإِدغام قَلَبْتَ الطَّاءَ صَادًا وَقُلْتَ اصَّبَرْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: إِنِّي أَنا الصَّبُور
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: الصَّبُور فِي صِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحَلِيم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُه مِنَ اللَّهِ عزَّ وجلَ
؛ أَي أَشدّ حِلْماً عَلَى فاعِل ذَلِكَ وَتَرْكِ المُعاقبة عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ*
؛ مَعْنَاهُ: وتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ والصَّبْرِ عَلَى الدُّخُولِ فِي مَعاصِيه. والصَّبْرُ: الجَراءة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ
؛ أَي مَا أَجْرَأَهُم عَلَى أَعمال أَهل النَّارِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: سأَلت الْحَلِيحِيَّ عَنِ الصَّبْرِ فَقَالَ: ثَلَاثَةُ أَنواع: الصَّبْرُ عَلَى طَاعَةِ الجَبَّار، والصَّبْرُ عَلَى معاصِي «4» . الجَبَّار، والصَّبر عَلَى الصَّبر عَلَى طَاعَتِهِ وتَرْك مَعْصِيَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ
عُمر: أَفضل الصَّبر التَّصَبر.
وقوله: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ*
؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: اصْبِرُوا وَصابِرُوا
؛ أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا عَلَى دِينِكم، وَصَابِرُوا أَي صَابِرُوا أَعداءَكُم فِي الجِهاد. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ*
؛ أَي بِالثَّبَاتِ عَلَى مَا أَنتم عَلَيْهِ مِنَ الإِيمان. وشَهْرُ الصَّبْرِ: شَهْرُ الصَّوْم. وَفِي حَدِيثِ الصَّوْم:
صُمْ شَهْرَ الصَّبْر
؛ هُوَ شهرُ رَمَضَانَ وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس، وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فِيهِ مِنْ حَبْس النَّفْسِ عَنِ الطَّعام والشَّرَاب والنِّكاح. وصَبَرَ بِهِ يَصْبُرُ صَبْراً: كَفَلَ، وَهُوَ بِهِ صَبِيرٌ والصَّبِيرُ: الكَفِيل؛ تَقُولُ مِنْهُ: صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً وصَبَارة أَي كَفَلْت بِهِ، تَقُولُ مِنْهُ: اصْبُرْني يَا رَجُلُ أَي أَعْطِنِي كَفِيلًا. وَفِي حَدِيثِ
الحسَن: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ بِهِ رَهْناً وَلَا صَبِيراً
؛ هُوَ الكفِيل. وصَبِير الْقَوْمِ: زَعِيمُهم المُقَدَّم فِي أُمُورِهم، وَالْجَمْعُ صُبَراء. والصَّبِيرُ: السَّحَابُ الأَبيض الَّذِي يصبرُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجًا؛ قَالَ يصِف جَيْشاً:
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الصَّدْرُ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ صَدْرًا لِبَيْتِ عَامِرُ بْنُ جُوَيْنٍ الطَّائِيُّ مِنْ أَبيات:
وجارِيَةٍ مِنْ بَنَات المُلُوك، ... قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ، ... تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها
قَالَ: أَي رُبَّ جَارِيَةٍ مِنْ بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا أَغَرْت عَلَيْهِمْ فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ تَعْدُو. وَقَوْلُهُ: كَكِرْفِئَة الغَيْث ذَاتِ الصَّبِيرِ أَي هَذِهِ الْجَارِيَةُ كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة السَّحاب. وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه، وأَصله تأْتَوِلُهُ مِنَ الأَوْل وَهُوَ الإِصْلاح، ونصب
__________
(4) . قوله: [الحليحي] وقوله: [والصبر على معاصي إلخ] كذا بالأَصل(4/439)
تأْتالَها على الجواب؛ قال وَمِثْلُهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
بِصَبُوحِ صَافِيَة وجَذْب كَرِينَةٍ، ... بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبهامُها
أَي تُصْلِح هَذِهِ الكَرِينَة، وَهِيَ المُغَنِّية، أَوْتار عُودِها بِإِبْهامِها؛ وأَصله تَأْتَوِلُه إِبْهامُها فَقُلِبَتِ الْوَاوُ أَلفاً لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ: وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ
كَكِرْفِئَة الغيْث ذَاتِ الصَّبِيرِ
للْخَنْسَاء، وَعَجُزُهُ:
تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمِي لَها
وَقَبْلَهُ:
ورَجْراجَة فَوْقَها بَيْضُنا، ... عَلَيْهَا المُضَاعَفُ، زُفْنا لَها
والصَّبِير: السَّحَابُ الأَبيض لَا يَكَادُ يُمطِر؛ قَالَ رُشَيْد بْنِ رُمَيْض العَنَزيّ:
تَرُوح إِليهمُ عَكَرٌ تَراغَى، ... كأَن دَوِيَّها رَعْدُ الصَّبِير
الْفَرَّاءُ: الأَصْبار السَّحَائِبُ الْبِيضُ، الْوَاحِدُ صِبْر وصُبْر، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ. والصَّبِير: السَّحَابَةُ الْبَيْضَاءُ، وَقِيلَ: هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ السَّحَابَةِ تَرَاهَا كأَنها مَصْبُورة أَي محبُوسة، وَهَذَا ضَعِيفٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّبير السَّحَابُ يَثْبُتُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلَا يبرَح كأَنه يُصْبَرُ أَي يُحْبَسُ، وَقِيلَ: الصَّبِير السَّحَابُ الأَبيض، وَالْجَمْعُ كَالْوَاحِدِ، وَقِيلَ: جَمْعُهُ صُبُرٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
فارْمِ بِهم لِيَّةَ والأَخْلافا، ... جَوْزَ النُّعامَى صُبُراً خِفافا
والصُّبَارة مِنَ السَّحَابِ: كالصَّبِير. وصَبَرَه: أَوْثقه. وَفِي حَدِيثِ
عَمَّار حِينَ ضرَبه عُثمان: فلمَّا عُوتِب فِي ضَرْبه إِياه قَالَ: هَذِهِ يَدِي لِعَمَّار فَلْيَصْطَبِر
؛ مَعْنَاهُ فَلْيَقْتَصَّ. يُقَالُ: صَبَرَ فُلَانٌ فُلَانًا لِوَلِيِّ فُلَانٍ أَي حَبَسَهُ، وأَصْبَرَه أَقَصَّه مِنْهُ فاصْطَبر أَي اقتصَّ. الأَحمر: أَقادَ السُّلْطَانُ فُلَانًا وأَقَصَّه وأَصْبَرَه بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا قَتَلَه بِقَوَد، وأَباءَهُ مثلهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَعَن إِنساناً بقضِيب مُدَاعَبة فَقَالَ لَهُ: أَصْبِرْني، قَالَ: اصْطَبر
، أَي أَقِدْني مِنْ نَفْسِكَ، قَالَ: اسْتَقِدْ. يُقَالُ: صَبَر فُلَانٌ مِنْ خصْمه واصْطَبَر أَي اقتصَّ مِنْهُ. وأَصْبَرَه الْحَاكِمُ أَي أَقصَّه مِنْ خصْمه. وصَبِيرُ الخُوانِ: رُقَاقَة عَرِيضَة تُبْسَطُ تَحْتَ مَا يُؤْكَلُ مِنَ الطَّعَامِ. ابْنُ الأَعرابي: أَصْبَرَ الرَّجُلُ إِذا أَكل الصَّبِيرَة، وَهِيَ الرُّقاقة الَّتِي يَغْرِفُ [يَغْرُفُ] عَلَيْهَا الخَبَاز طَعام العُرْس. والأَصْبَرةُ مِنَ الغَنَم والإِبل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَلَمْ أَسمع لَهَا بِوَاحِدٍ: الَّتِي تَرُوح وتَغْدُو عَلَى أَهلها لَا تَعْزُب عَنْهُمْ؛ وَرُوِيَ بَيْتُ عَنْتَرَةَ:
لَهَا بالصَّيْف أَصْبِرَةٌ وجُلّ، ... وسِتُّ مِنْ كَرائِمِها غِزَارُ
الصِّبرُ والصُّبْرُ: جَانِبُ الشَّيْءِ، وبُصْره مثلُه، وَهُوَ حَرْف الشَّيْءِ وغِلَظه. والصِّبْرُ والصُّبْرُ: نَاحِيَةُ الشَّيْءِ وحَرْفُه، وَجَمْعُهُ أَصْبار. وصُبْرُ الشَّيْءِ: أَعلاه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: سِدْرة المُنْتَهى صُبْرُ الْجَنَّةِ
؛ قَالَ: صُبْرُها أَعلاها أَي أَعلى نَوَاحِيهَا؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَب يَصِفُ رَوْضَةً:
عَزَبَتْ، وباكَرَها الشَّتِيُّ بِدِيمَة ... وَطْفاء، تَمْلَؤُها إِلى أَصْبارِها
وأَدْهَقَ الكأْس إِلى أَصْبارها ومَلأَها إِلى أَصْبارها أَي إِلى أَعالِيها ورأْسها. وأَخذه بأَصْباره أَي تَامًّا بِجَمِيعِهِ.(4/440)
وأَصْبار الْقَبْرِ: نَوَاحِيهِ وأَصْبار الإِناء: جوانِبه. الأَصمعي: إِذا لَقِيَ الرَّجُلُ الشِّدة بِكَمَالِهَا قِيلَ: لَقِيها بأَصْبارها. والصُّبْرَة: مَا جُمِع مِنَ الطَّعَامِ بِلَا كَيْل وَلَا وَزْن بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الصُّبرة وَاحِدَةُ صُبَرِ الطَّعَامِ. يُقَالُ: اشْتَرَيْتُ الشَّيْءَ صُبْرَةً أَي بِلَا وَزْنٍ وَلَا كَيْلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَرَّ عَلَى صُبْرَة طَعام فأَدخل يَدَه فِيهَا
؛ الصُّبْرة: الطَّعَامُ المجتمِع كالكُومَة. وَفِي حَدِيثِ
عُمَر: دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظاً مَصْبُوراً
أَي مَجْمُوعًا، قَدْ جُعل صُبْرة كصُبْرة الطَّعَامِ. والصُّبْرَة: الكُدْس، وَقَدْ صَبَّرُوا طَعَامَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ، قَالَ: كَانَ يَصْعَد إِلى السَّمَاءِ بُخَارٌ مِنَ الْمَاءِ، فاسْتَصْبَر فَعَادَ صَبِيراً
؛ اسْتَصْبَرَ أَي استكْثَف، وتراكَم، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ؛ الصَّبِير: سَحاب أَبيض متكاثِف يَعْنِي تَكَاثَفَ البُخار وتَراكَم فَصَارَ سَحاباً. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفة: ويسْتَحْلب الصَّبِير
؛ وَحَدِيثِ
ظَبْيَانَ: وسَقَوْهُم بِصَبِير النَّيْطَل
أَي سَحاب الموْت والهَلاك. والصُّبْرة: الطَّعَامُ المَنْخُول بِشَيْءٍ شبِيه بالسَّرَنْد «1» . والصُّبْرَة: الْحِجَارَةُ الْغَلِيظَةُ الْمُجْتَمِعَةُ، وَجَمْعُهَا صِبَار. والصُّبَارة، بِضَمِّ الصَّادِ: الْحِجَارَةُ، وَقِيلَ: الْحِجَارَةُ المُلْس؛ قَالَ الأَعشى:
مَنْ مُبْلِغٌ شَيْبان أَنَّ ... المَرْءَ لَمْ يُخلَق صُبارَهْ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيُرْوَى صِيَارَهْ؛ قَالَ: وَهُوَ نَحْوُهَا فِي الْمَعْنَى، وأَورد الْجَوْهَرِيَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً بأَنَّ ... المَرْءَ لَمْ يُخْلَق صُبارَهْ؟
وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الأَزهري أَيضاً، وَيُرْوَى صَبَارهْ، بِفَتْحِ الصَّادِ، وَهُوَ جَمْعُ صَبَار وَالْهَاءُ دَاخِلَةٌ لِجَمْعِ الْجَمْعِ، لأَن الصَّبَارَ جَمْعُ صَبْرة، وَهِيَ حِجَارَةٌ شَدِيدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ لَمْ يَخْلُقْ صِبارهْ، بِكَسْرِ الصَّادِ، قَالَ: وأَما صُبارة وصَبارة فَلَيْسَ بِجَمْعٍ لصَبْرة لأَن فَعالًا لَيْسَ مِنْ أَبنية الْجُمُوعِ، وإِنما ذَلِكَ فِعال، بِالْكَسْرِ، نَحْوَ حِجارٍ وجِبالٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لَعَمْرو بْنِ مِلْقَط الطَّائِيِّ يُخَاطِبُ بِهَذَا الشِّعْرِ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ قُتِلَ لَهُ أَخ عِنْدَ زُرارَةَ بْنِ عُدُس الدَّارِمِي، وَكَانَ بَيْنَ عَمْرِو بْنِ مِلْقَط وَبَيْنَ زُرارَة شَرٌّ، فَحَرَّضَ عَمرو بْنَ هِنْدٍ عَلَى بَنِي دارِم؛ يَقُولُ: لَيْسَ الإِنسان بِحَجَرٍ فَيَصْبِرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا؛ وَبَعْدَ الْبَيْتِ:
وحَوادِث الأَيام لَا ... يَبْقَى لَهَا إِلَّا الْحِجَارَهْ
هَا إِنَّ عِجْزَةَ أُمّه ... بالسَّفْحِ، أَسْفَلَ مِنْ أُوارَهْ
تَسْفِي الرِّياح خِلال كَشْحَيْه، ... وَقَدْ سَلَبوا إِزَارَهْ
فاقتلْ زُرَارَةَ، لَا أَرَى ... فِي الْقَوْمِ أَوفى مِنْ زُرَارَهْ
وَقِيلَ: الصُّبارة قِطْعَةٌ مِنْ حِجَارَةٍ أَو حَدِيدٍ. والصُّبُرُ: الأَرض ذَاتُ الحَصْباء وَلَيْسَتْ بِغَلِيظَةٍ، والصُّبْرُ فِيهِ لُغَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَمِنْهُ قِيلٌ للحَرَّة: أُم صَبَّار ابْنُ سيدة: وأُمُ
__________
(1) . قوله: [بالسرند] هكذا في الأَصل وشرح القاموس(4/441)
صَبَّار، بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ، الحرَّة، مُشْتَقٌّ مِنَ الصُّبُرِ الَّتِي هِيَ الأَرض ذَاتُ الحَصْباء، أَو مِنَ الصُّبَارة، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الرَّجْلاء مِنْهَا. والصَّبْرة مِنَ الْحِجَارَةِ: مَا اشْتَدَّ وغَلُظ، وَجَمْعُهَا الصَّبار؛ وأَنشد للأَعشى:
كأَن تَرَنُّمَ الهَاجَاتِ فِيهَا، ... قُبَيْلَ الصُّبح، أَصْوَات الصَّبَارِ
الهَاجَات: الضَّفادِع؛ شبَّه نَقِيق الضَّفَادِعِ فِي هَذِهِ الْعَيْنِ بِوَقْعِ الْحِجَارَةِ. والصَّبِير: الجَبَل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ أَن أُم صَبَّار الْحَرَّةُ، وَقَالَ الْفَزَارِيُّ: هِيَ حَرَّةُ لَيْلَى وحرَّة النَّارِ؛ قَالَ: وَالشَّاهِدُ لِذَلِكَ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
تُدافِع الناسَ عَنَّا حِين نَرْكَبُها، ... مِنَ الْمَظَالِمِ تُدْعَى أُمَّ صَبَّار
أَي تَدْفَعُ النَّاسَ عَنَّا فَلَا سَبِيل لأَحد إِلى غَزْوِنا لأَنها تَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ لِكَوْنِهَا غَلِيظة لَا تَطَؤُها الْخَيْلُ وَلَا يُغار عَلَيْنَا فِيهَا؛ وَقَوْلُهُ: مِنَ الْمَظَالِمِ هِيَ جَمْعُ مُظْلِمة أَي هِيَ حَرَّة سَوْدَاءُ مُظْلِمة. وَقَالَ ابْنُ السكِّيت فِي كِتَابِ الأَلفاظ فِي بَابِ الِاخْتِلَاطِ والشرِّ يَقَعُ بَيْنَ الْقَوْمِ: وَتُدْعَى الحرَّة والهَضْبَةُ أُمَّ صَبَّار. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ شُمَيْلٍ: أَن أُم صَبَّار هِيَ الصَّفَاة الَّتِي لَا يَحِيك فِيهَا شَيْءٌ. قَالَ: والصَّبَّارة هِيَ الأَرض الغَلِيظة المُشْرفة لَا نَبْتَ فِيهَا وَلَا تُنبِت شَيْئًا، وَقِيلَ: هِيَ أُم صَبَّار، وَلَا تُسمَّى صَبَّارة، وإِنما هِيَ قُفٌّ غَلِيظَةٌ. قَالَ: وأَما أُمّ صَبُّور فَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: هِيَ الهَضْبة الَّتِي لَيْسَ لَهَا منفَذ. يُقَالُ: وَقَعَ الْقَوْمُ فِي أُمّ صَبُّور أَي فِي أَمرٍ ملتبِس شَدِيدٍ لَيْسَ لَهُ منفَذ كَهَذِهِ الهَضْبة الَّتِي لَا منفَذ لَهَا؛ وأَنشد لأَبي الْغَرِيبِ النَّصْرِيِّ:
أَوْقَعَه اللهُ بِسُوءٍ فعْلِهِ ... فِي أُمِّ صَبُّور، فأَودَى ونَشِبْ
وأُمّ صَبَّار وأُمُّ صَبُّور، كِلْتَاهُمَا: الدَّاهِيَةُ وَالْحَرْبُ الشَّدِيدَةُ. وأَصبر الرجلُ: وَقَعَ فِي أُم صَبُّور، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ، وَكَذَلِكَ إِذا وَقَعَ فِي أُم صَبَّار، وَهِيَ الحرَّة. يُقَالُ: وَقَعَ الْقَوْمُ فِي أُم صَبُّور أَي فِي أَمر شَدِيدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ وَقَعُوا فِي أُم صَبَّار وأُم صَبُّور، قَالَ: هَكَذَا قرأْته فِي الأَلفاظ صَبُّور، بِالْبَاءِ، قَالَ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: أُم صيُّور، كأَنها مشتقَّة مِنَ الصِّيارة، وَهِيَ الْحِجَارَةُ. وأَصْبَرَ الرجلُ إِذا جَلَسَ عَلَى الصَّبِير، وَهُوَ الْجَبَلُ. والصِّبَارة: صِمَام القارُورَة وأَصبر رأْسَ الحَوْجَلَة بالصِّبَار، وَهُوَ السِّداد، وَيُقَالُ للسِّداد الْقَعْوَلَةُ والبُلْبُلَة «1» . والعُرْعُرة. والصَّبِرُ: عُصَارة شَجَرٍ مُرٍّ، وَاحِدَتُهُ صَبِرَة وَجَمْعُهُ صُبُور؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
يَا ابْنَ الخَلِيَّةِ، إِنَّ حَرْبي مُرَّة، ... فِيهَا مَذاقَة حَنْظَل وصُبُور
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: نَبات الصَّبِر كنَبات السَّوْسَن الأَخضر غَيْرَ أَن ورقَ الصَّبرِ أَطول وأَعرض وأَثْخَن كَثِيرًا، وَهُوَ كَثِيرُ الْمَاءِ جِدًّا. اللَّيْثُ: الصَّبِر، بِكَسْرِ الْبَاءِ، عُصارة شَجَرٍ وَرَقُهَا كقُرُب السَّكاكِين طِوَال غِلاظ، فِي خُضْرتها غُبْرة وكُمْدَة مُقْشَعِرَّة المنظَر، يَخْرُجُ مِنْ وَسَطِهَا ساقٌ عَلَيْهِ نَوْر أَصفر تَمِهُ الرِّيح. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّبِر هَذَا الدَّواء المرُّ، وَلَا يسكَّن إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَمَرُّ مِنْ صَبْرٍ ومَقْرٍ وحُضَضْ
وَفِي حَاشِيَةِ الصِّحَاحِ: الحُضَضُ الخُولان، وَقِيلَ هُوَ بِظَاءَيْنِ، وَقِيلَ بِضَادٍ وَظَاءٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ
__________
(1) . قوله: [القعولة والبلبلة] هكذا في الأَصل وشرح القاموس(4/442)
إِنشاده أَمَرَّ، بِالنَّصْبِ، وأَورده بِظَاءَيْنِ لأَنه يَصِفُ حَيَّة؛ وَقَبْلَهُ:
أَرْقَشَ ظَمْآن إِذا عُصْرَ لَفَظْ
والصُّبَارُ، بِضَمِّ الصَّادِ: حَمْلُ شَجَرَةٍ شَدِيدَةِ الْحُمُوضَةِ أَشد حُموضَة مِنَ المَصْل لَهُ عَجَمٌ أَحمر عَرِيض يجلَب مِنَ الهِنْد، وَقِيلَ: هُوَ التَّمْرُ الْهِنْدِيُّ الْحَامِضُ الَّذِي يُتَداوَى بِهِ. وصَبَارَّة الشِّتَاءِ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: شِدَّةُ البَرْد؛ وَالتَّخْفِيفُ لُغَةٌ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: أَتيته فِي صَبَارَّة الشِّتَاءِ أَي فِي شدَّة البَرْد. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قُلْتم هَذِهِ صَبَارَّة القُرّ
؛ هِيَ شِدَّةُ الْبَرْدِ كَحَمَارَّة القَيْظ. أَبو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ اللَّبَن: المُمَقَّر والمُصَبَّرُ الشَّدِيدُ الْحُمُوضَةِ إِلى المَرارة؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: اشتُقَّا مِنَ الصَّبِر والمَقِر، وَهُمَا مُرَّان. والصُّبْرُ: قَبِيلَةٌ مِنْ غَسَّان؛ قَالَ الأَخطل:
تَسْأَله الصُّبْرُ مِنْ غَسَّان، إِذ حَضَرُوا، ... والحَزْنُ: كَيْفَ قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟
الصُّبْر والحَزْن: قَبِيلَتَانِ، وَيُرْوَى: فَسَائِلِ الصُّبْر مِنْ غَسَّان إِذْ حَضَرُوا، والحَزْنَ، بِالْفَتْحِ، لأَنه قَالَ بَعْدَهُ:
يُعَرِّفونك رأْس ابْنِ الحُبَاب، وَقَدْ ... أَمسى، وللسَّيْف فِي خَيْشُومه أَثَرُ
يَعْنِي عُمير بْنَ الحُباب السُّلَمي لأَنه قُتِل وحُمِل رأْسهُ إِلى قَبائل غَسَّان، وَكَانَ لَا يُبَالِي بِهِم وَيَقُولُ: لَيْسُوا بِشَيْءٍ إِنما هُمْ جَشَرٌ. وأَبو صَبْرَة «1» : طَائِرٌ أَحمرُ البطنِ أَسوَدُ الرأْس والجناحَيْن والذَّنَب وَسَائِرُهُ أَحمر. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ فَعَل كَذَا وَكَذَا كَانَ لَهُ خَيْرًا مِنْ صَبِير ذَهَباً
؛ قِيلَ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ، بإِسقاط الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ جبلَ لطيّء؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ جَاءَتْ فِي حَدِيثَيْنِ لِعَلِيٍّ وَمُعَاذٍ: أَما حَدِيثُ عَلِيٍّ فَهُوَ صِيرٌ، وأَما رِوَايَةُ مُعَاذٍ فصَبِير، قَالَ: كَذَا فَرق بَيْنَهُمَا بَعْضُهُمْ.
صحر: الصَّحْراء مِنَ الأَرض: المُستوِيةُ فِي لِينٍ وغِلَظ دُونَ القُفِّ، وَقِيلَ: هِيَ الفَضاء الْوَاسِعُ؛ زَادَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا نَبات فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّحراء البَرِّيَّة؛ غَيْرُ مَصْرُوفَةٍ وإِن لَمْ تَكُنْ صِفَةً، وإِنما لَمْ تُصْرَفْ للتأْنيث وَلُزُومِ حَرْفِ التأْنيث لَهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي بُشرى. تَقُولُ: صَحْراءُ وَاسِعَةٌ وَلَا تَقُلْ صَحْراءَة فَتُدْخِلَ تأْنيثاً عَلَى تأْنيث. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الصَّحْراء مِنَ الأَرض مِثْلُ ظَهْرِ الدَّابَّةِ الأَجْرَد لَيْسَ بِهَا شَجَرٌ وَلَا إِكام وَلَا جِبال مَلْساء. يُقَالُ: صَحْرَاءُ بَيِّنة الصَّحَر والصُّحْرَة. وأَصْحَر المكانُ أَي اتَّسع. وأَصْحَرَ. الرَّجُلُ: نَزَلَ الصَّحْرَاءَ. وأَصْحَرَ الْقَوْمُ: بَرَزُوا فِي الصَّحْراء، وَقِيلَ: أَصْحَرَ الرَّجُلُ إِذا «2» .... كأَنه أَفضى إِلى الصَّحْراء الَّتِي لَا خَمَرَ بِهَا فَانْكَشَفَ. وأَصْحَرَ الْقَوْمُ إِذا بَرَزُوا إِلى فَضَاءٍ لَا يُوارِيهم شَيْءٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: سَكَّن اللَّهُ عُقَيراكِ فَلَا تُصْحِرِيها
؛ مَعْنَاهُ لَا تُبْرِزِيها إِلى الصَّحْراء؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ متعدِّياً عَلَى حَذْفِ الْجَارِ وإِيصال الْفِعْلِ فإِنه غَيْرُ مُتَعَدٍّ، وَالْجَمْعُ الصَّحارى والصَّحارِي، وَلَا يُجْمَعُ عَلَى صُحْر لأَنه لَيْسَ بِنَعْتٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْجَمْعُ صَحْرَاوَات وصَحارٍ، وَلَا يكسَّر عَلَى فُعْل لأَنه وإِن كان صفة فقد غلب عليه
__________
(1) . قوله: [أَبو صبرة أَلخ] عبارة القاموس وأَبو صبيرة كجهينة طَائِرٌ أَحْمَرُ الْبَطْنِ أَسْوَدُ الظهر والرأس والذنب
(2) . هكذا بياض بالأَصل(4/443)
الِاسْمُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجَمْعُ الصَّحارِي والصَّحْراوات، قَالَ: وَكَذَلِكَ جَمْعُ كُلِّ فَعَلَاءَ إِذا لَمْ يَكُنْ مُؤَنَّثَ أَفْعَلَ مِثْلَ عَذْراء وخَبْراء ووَرْقاء اسْمُ رَجُلٍ، وأَصل الصَّحارِي صَحارِيّ، بِالتَّشْدِيدِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الشِّعْرِ لأَنك إِذا جَمَعْتَ صَحْراء أَدخلت بَيْنَ الْحَاءِ وَالرَّاءِ أَلفاً وَكَسَرْتَ الرَّاءَ، كَمَا يُكسر مَا بَعْدَ أَلِف الْجَمْعِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ نَحْوَ مَسَاجِدَ وجَعافِر، فَتَنْقَلِبُ الأَلف الأُولى الَّتِي بَعْدَ الرَّاءِ يَاءً لِلْكَسْرَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَتَنْقَلِبُ الأَلف الثَّانِيَةُ الَّتِي للتأْنيث أَيضاً يَاءً فتدغَم، ثُمَّ حَذَفُوا الْيَاءَ الأُولى وأَبدلوا مِنَ الثَّانِيَةِ أَلفاً فَقَالُوا صَحارى، بِفَتْحِ الرَّاءِ، لِتَسْلَمَ الأَلف مِنَ الْحَذْفِ عِنْدَ التَّنْوِينِ، وإِنما فَعَلُوا ذَلِكَ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَ الْيَاءِ الْمُنْقَلِبَةِ مِنَ الأَلف للتأْنيث وَبَيْنَ الْيَاءِ الْمُنْقَلِبَةِ مِنَ الأَلف الَّتِي لَيْسَتْ للتأْنيث نَحْوَ أَلِفِ مَرْمًى وَمَغْزًى، إِذ قَالُوا مَرَامِي ومَغازِي، وَبَعْضُ الْعَرَبِ لَا يَحْذِفُ الياءَ الأُولى وَلَكِنْ يَحْذِفُ الثَّانِيَةَ فَيَقُولُ الصَّحارِي بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهَذِهِ صَحارٍ، كَمَا يَقُولُ جَوارٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فأَصْحِرْ لعدُوّك وامْض عَلَى بَصِيرَتِك
أَي كُنْ مِنْ أَمره عَلَى أَمرٍ وَاضِحٍ منكَشِف، مِنْ أَصْحَر الرَّجُلُ إِذا خَرَجَ إِلى الصَّحراء. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ:
فأَصْحِرْ بِي لغَضَبك فَريداً.
والمُصاحِرُ: الَّذِي يُقَاتِلُ قِرْنه فِي الصَّحراء وَلَا يُخاتِلُه. والصُّحْرة: جَوْبة تَنْجاب فِي الحرَّة وَتَكُونُ أَرضاً ليِّنة تُطِيف بِهَا حِجَارَةٌ، وَالْجَمْعُ صُحَرٌ لَا غَيْرُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ يرَاعاً:
سَبِيٌّ مِنْ يَراعَتِه نَفاهُ ... أَتيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ وَلُوبُ
قَوْلُهُ سَبِيّ أَي غريب. واليَراعَة هاهنا: الأَجَمَة. ولَقِيته صَحْرَةَ بَحْرَةَ إِذا لَمْ يَكُنْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَهِيَ غَيْرُ مُجْراةٍ، وَقِيلَ لَمْ يُجْرَيَا لأَنهما اسْمَانِ جُعِلَا اسْمًا وَاحِدًا. وأَخبره بالأَمر صَحْرَةَ بَحْرَةَ، وصَحْرَةً بَحْرَةً أَي قَبَلا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَحد. وأَبرز لَهُ مَا فِي نَفْسِهِ صَحَاراً: كأَنه جَاهَرَهُ بِهِ جِهاراً. والأَصْحَرُ: قَرِيبٌ مِنَ الأَصهَب، وَاسْمُ اللَّوْن الصَّحَرُ والصُّحْرَةُ، وَقِيلَ: الصَّحَرُ غُبرة فِي حُمْرة خَفِيفَةٍ إِلى بَيَاضٍ قَلِيلٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يَحْدُو نَحائِصَ أَشْباهاً مُحَمْلَجةً، ... صُحْرَ السَّرابِيل فِي أَحْشائها قَبَبُ
وَقِيلَ: الصُّحْرة حُمْرَةٌ تضرِب إِلى غُبرة؛ وَرَجُلٌ أَصْحَر وامرأَة صَحْراء فِي لَوْنِهَا. الأَصمعي: الأَصْحَرُ نَحْوَ الأَصْبَح، والصُّحْرة لَوْن الأَصْحَر، وَهُوَ الَّذِي فِي رأْسه شُقرة. واصْحارَّ النبْت اصْحِيراراً: أَخذت فِيهِ حُمْرَةٌ لَيْسَتْ بِخَالِصَةٍ ثُمَّ هَاجَ فاصفرَّ فَيُقَالُ لَهُ: اصْحارَّ. واصحارَّ السُّنْبُل: احمرَّ، وَقِيلَ: ابيضَّت أَوائله. وحِمار أَصْحَرُ اللَّوْنِ، وأَتان صَحُورٌ: فِيهَا بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ، وَجَمْعُهُ صُحُر، والصُّحْرة اسْمُ اللَّوْن، والصَّحَر الْمَصْدَرُ. والصَّحُور أَيضاً: الرَّمُوح يَعْنِي النَّفُوحَ بِرِجْلِهَا. والصَّحِيرة: اللَّبَن الحلِيب يُغْلَى ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ السَّمْنُ فَيُشْرَبُ شُرْبًا، وَقِيلَ: هِيَ مَحْض الإِبل وَالْغَنَمِ وَمِنَ المِعْزَى إِذا احْتِيجَ إِلى الحَسْوِ وأَعْوَزَهُمُ الدَّقِيقُ وَلَمْ يَكُنْ بأَرضهم طَبَخُوه ثُمَّ سَقَوْه العَليل حَارًّا؛ وصَحَره يَصْحَره صَحْراً: طَبَخَهُ، وَقِيلَ: إِذا سُخِّن الْحَلِيبُ خَاصَّةً حَتَّى يَحْتَرِقَ، فَهُوَ صَحِيرة، والفِعْل كَالْفِعْلِ، وَقِيلَ: الصَّحِيرة اللَّبَنُ الْحَلِيبُ يُسَخَّنُ ثُمَّ يذرُّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ، وَقِيلَ: هُوَ اللَّبَنُ الْحَلِيبُ يُصْحَر وَهُوَ أَن يُلْقَى فِيهِ الرَّضْفُ أَو يُجْعَلَ فِي القِدْر فَيُغْلَى فِيهِ فَوْرٌ وَاحِدٌ حَتَّى يَحْتَرِقَ، وَالِاحْتِرَاقُ قَبْلَ الغَلْي،(4/444)
وَرُبَّمَا جُعِلَ فِيهِ دَقِيقٌ وَرُبَّمَا جُعِلَ فِيهِ سَمْنٌ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، وَقِيلَ: هِيَ الصَّحِيرة مِنَ الصَّحْرِ كالفَهِيرة مِنَ الفِهْر. والصُّحَيْراء، مَمْدُودٌ عَلَى مِثَالِ الكُدَيْراء: صِنْف مِنَ اللَّبَنِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَلَمْ يُعيِّنه. والصَّحِير: مِنْ صوْت الْحَمِيرِ، صَحَر الْحِمَارُ يَصْحَر صَحِيراً وصُحَاراً، وَهُوَ أَشد مِنَ الصَّهِيل فِي الْخَيْلِ. وصُحار الْخَيْلِ: عرَقها، وَقِيلَ: حُمَّاها. وصَحَرته الشَّمْسُ: آلَمَتْ دِماغه. وصُحْرُ: اسْمُ أُخت لُقْمان بن عاد. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: مَا لِي ذَنْب إِلَّا ذَنْبُ صُحْرَ؛ هُوَ اسْمُ امرأَة عُوقبت عَلَى الإِحسان؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صُحْرُ هِيَ بِنْتُ لُقْمَانَ الْعَادِيِّ وَابْنُهُ لُقَيم، بِالْمِيمِ، خَرَجَا فِي إِغارة فأَصابا إِبلًا، فَسَبَقَ لُقَيم فأَتى مَنْزِلَهُ فَنَحَرَتْ أُخته صُحْرُ جَزُوراً مِنْ غَنيمته وَصَنَعَتْ مِنْهَا طَعَامًا تتحِف بِهِ أَباها إِذا قدِم، فَلَمَّا قدِم لُقْمان قدَّمت لَهُ الطَّعَامَ، وَكَانَ يحسُد لُقَيْمًا، فَلَطَمَهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا ذَنْبٌ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ خالَوْيهِ هِيَ أُخت لقمان بن عاد، وَقَالَ: إِنَّ ذَنْبَهَا هُوَ أَن لُقْمَانَ رأَى فِي بَيْتِهَا نُخامة فِي السَّقْف فَقَتَلَهَا، وَالْمَشْهُورُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ هُوَ الأَول. وصُحَارٌ: اسْمُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ القَيْس؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَقِيَتْ صُحارَ بَنِي سِنان فِيهِمُ ... حَدَباً كأَعصلِ مَا يَكُونُ صُحار
وَيُرْوَى: كأَقْطَمِ مَا يَكُونُ صُحار. وصُحار: قَبِيلَةٌ. وصُحار: مَدِينَةُ عُمَان. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: صُحار، بِالضَّمِّ، قَصَبَة عُمان مِمَّا يَلِي الْجَبَلَ، وتُؤَام قَصَبتها مِمَّا يَلِي السَّاحل. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُفِّن رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ثَوْبَيْن صُحَارِيَّيْنِ
؛ صُحَارٌ: قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ نُسِب الثوبُ إِليها، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الصُّحْرة مِنَ اللَّوْن، وثَوْب أَصْحَر وصُحارِيّ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه رأَى رَجُلًا يقطَع سَمُرة بِصُحَيرات اليَمام
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ، قَالَ: واليَمام شَجَر أَو طَيْرٌ. والصُّحَيرات: جمعٌ مُصَغَّرٌ وَاحِدُهُ صُحْرة،. وَهِيَ أَرض لَيِّنة تَكُونُ فِي وَسَطِ الحرَّة. قَالَ: هَكَذَا قَالَ أَبو مُوسَى وفَسَّر اليَمام بِشَجَرٍ أَو طَيْرٍ، قَالَ: فأَما الطَّيْرُ فَصَحِيحٌ، وأَما الشَّجَرُ فَلَا يُعرف فِيهِ يَمَامٌ، بِالْيَاءِ، وإِنما هُوَ ثُمام، بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ ضَبَطَهُ الحازِمي قَالَ: هُوَ صُحَيْرات الثُّمَامة، وَيُقَالُ فِيهِ الثُّمَامُ، بِلَا هَاءٍ قَالَ: وَهِيَ إِحدى مَرَاحِلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى بَدْر.
صخر: الصَّخرة: الْحَجَرُ الْعَظِيمُ الصُّلْب، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ فِي صَخْرة أَي فِي الصَّخْرة الَّتِي تَحْتَ الأَرض، فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَطِيفٌ بِاسْتِخْرَاجِهَا، خَبِيرٌ بِمَكَانِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
الصَّخْرة مِنَ الْجَنَّةِ؛ يُرِيدُ صَخْرة بَيْتِ المَقْدِس.
والصَّخَرَة: كالصَّخْرة، وَالْجَمْعُ صَخْرٌ وصَخَر وصُخُور وصُخورة وصِخَرة وصَخَرات. وَمَكَانٌ صَخِر ومُصْخِر: كَثِيرُ الصَّخْر. والصَّاخِرَة: إِناءٌ مِنْ خَزَف. والصَّخِير: نبْت. وصَخْر بْنُ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيد: أَخو الخَنْساء. والصَّاخِر: صوْت الحديد بعضه على بعض.
صدر: الصَّدْر: أَعلى مقدَّم كُلِّ شَيْءٍ وأَوَّله، حَتَّى إِنهم لَيَقُولُونَ: صَدْر النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وصَدْر الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ مُذَكَّرًا؛ فأَما قول الأَعشى:(4/445)
وتَشْرَقُ بالقَوْل الَّذِي قَدْ أَذَعْتَه، ... كَمَا شَرِقَتْ صَدْر القَناة مِنَ الدَّمِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِن شِئْتَ قُلْتَ أَنث لأَنه أَراد الْقَنَاةَ، وإِن شِئْتَ قُلْتَ إِن صَدْر القَناة قَناة؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ:
مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّت رِماح، تَسَفَّهَتْ ... أَعالِيها مَرُّ الرِّياح النَّواسِم
والصَّدْر: وَاحِدُ الصُّدُور، وَهُوَ مُذَكَّرٌ، وإِنما أَنثه الأَعشى فِي قَوْلِهِ كَمَا شَرِقَتْ صَدْر القَناة عَلَى الْمَعْنَى، لأَن صَدْر القَناة مِنَ القَناة، وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: ذَهَبَتْ بَعْضُ أَصابعه لأَنهم يؤنِّثُون الِاسْمَ الْمُضَافَ إِلى الْمُؤَنَّثِ، وصَدْر الْقَنَاةِ: أَعلاها. وصَدْر الأَمر: أَوّله. وصَدْر كُلِّ شَيْءٍ: أَوّله. وكلُّ مَا وَاجَهَكَ: صَدْرٌ، وَصَدْرُ الإِنسان مِنْهُ مذكَّر؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَجَمْعُهُ صُدُور وَلَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ
؛ وَالْقَلْبُ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الصَّدْر إِنما جَرَى هَذَا عَلَى التَّوْكِيدِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ؛ وَالْقَوْلُ لَا يَكُونُ إِلَّا بالفَمِ لَكِنَّهُ أَكَّد بِذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:
إِن هَذَا أَخي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنثى.
والصُّدُرة: الصَّدْر، وَقِيلَ: مَا أَشرف مِنْ أَعلاه. والصَّدْر: الطَّائِفَةُ مِنَ الشَّيْءِ. التَّهْذِيبِ: والصُّدْرة مِنَ الإِنسان مَا أَشرف مِنْ أَعلى صدْره؛ وَمِنْهُ الصُّدْرة الَّتِي تُلبَس؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْ هَذَا قَوْلُ امرأَة طائيَّة كَانَتْ تَحْتَ امْرِئِ الْقَيْسِ، فَفَرِكَتْهُ وَقَالَتْ: إِني مَا عَلِمْتُكَ إِلَّا ثَقِيل الصُّدْرة سَرِيعَ الهِدافَةَ بَطِيء الإِفاقة. والأَصْدَر: الَّذِي أَشرفت صُدْرته. والمَصْدُور: الَّذِي يَشْتَكِي صَدْرَهُ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: قَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: حَتَّى متَى تقولُ هَذَا الشِّعْرَ؟ فَقَالَ:
لَا بُدَّ للمَصْدُور مِنْ أَن يَسْعُلا
المَصْدُور: الَّذِي يَشْتَكِي صَدْره، صُدِرَ فَهُوَ مَصْدُورٌ؛ يُرِيدُ: أَن مَنْ أُصيب صَدْره لَا بُدَّ لَهُ أَن يَسْعُل، يَعْنِي أَنه يَحْدُث للإِنسان حَالٌ يتمثَّل فِيهِ بِالشِّعْرِ ويطيِّب بِهِ نَفْسَهُ وَلَا يَكَادُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ: قيل له إِن عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ الشِّعْر، قَالَ: ويَسْتَطَيعُ المَصْدُور أَن لا يَنْفُثَ [يَنْفِثَ]
أَي لَا يَبْزُق؛ شَبَّه الشِّعْر بالنَّفْث لأَنهما يَخْرُجَانِ مِنَ الفَمِ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: قِيلَ لَهُ رَجُلٌ مَصْدُور يَنْهَزُ قَيْحاً أَحَدَثٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا
، يَعْنِي يَبزُق قَيْحاً. وبَنَات الصَّدْرِ: خَلَل عِظامه. وصُدِرَ يَصْدَرُ صَدْراً: شَكَا صَدْرَه؛ وأَنشد:
كأَنما هُوَ فِي أَحشاء مَصْدُورِ
وصَدَرَ فُلَانٌ فُلَانًا يَصْدُرُه صَدْراً: أَصاب صَدْرَه. وَرَجُلٌ أَصْدَرُ: عَظِيمُ الصَّدْرِ، ومُصَدَّر: قَوِيُّ الصَّدْر شَدِيدُهُ؛ وَكَذَلِكَ الأَسَد وَالذِّئْبُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: أُتِيَ بأَسِير مُصَدَّر
؛ هُوَ الْعَظِيمُ الصَّدْر. وفَرس مُصَدَّرٌ: بَلَغ العَرَق صَدْرَه. والمُصَدَّرُ مِنَ الْخَيْلِ وَالْغَنَمِ: الأَبيض لَبَّةِ الصَّدْرِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النِّعاج السَّوداء الصَّدْرِ وسائرُها أَبيضُ؛ وَنَعْجَةٌ مُصَدَّرَة. وَرَجُلٌ بَعِيدُ الصَّدْر: لَا يُعطَف، وَهُوَ عَلَى المثَل. والتَّصَدُّر: نصْب الصَّدْر فِي الجُلوس. وصَدَّر كِتَابَهُ: جَعَلَ لَهُ صَدْراً؛ وصَدَّره فِي الْمَجْلِسِ فتصدَّر. وتصدَّر الفرسُ وصَدَّر، كِلَاهُمَا: تقدَّم الخيلَ بِصَدره. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المُصَدَّرُ مِنَ الْخَيْلِ السَّابِقِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّدْرَ؛ وَيُقَالُ: صَدَّرَ الفرسُ إِذا جَاءَ قَدْ سَبَقَ وَبَرَزَ بِصَدْرِه وَجَاءَ مُصَدَّراً؛ وَقَالَ طُفَيْلٌ الغَنَوِيّ يَصِفُ فَرَسًا:(4/446)
كأَنه بَعْدَ ما صَدّرْنَ مِنْ عَرَقٍ ... سِيدٌ، تَمَطَّرَ جُنْحَ اللَّيْلِ، مَبْلُولُ
كأَنه: الهاءُ لَفَرسِهِ. بعد ما صَدَّرْنَ: يَعْنِي خَيْلَا سَبَقْنَ بصُدُورِهِنَّ. والعَرَق: الصفُّ مِنَ الْخَيْلِ؛ وَقَالَ دُكَيْنٌ:
مُصَدَّرٌ لَا وَسَطٌ وَلَا بَالي «1»
. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ: بعد ما صَدَّرْنَ مِنْ عَرَقٍ أَي هَرَقْنَ صَدْراً مِنَ العَرَق ولن يَسْتَفْرِغْنَه كلَّه؛ وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: رواه بعد ما صُدِّرْنَ، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، أَي أَصاب العَرَقُ صُدُورهُنَّ بعد ما عَرِقَ؛ قَالَ: والأَول أَجود؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ يُخَاطِبُ جَرِيرًا:
وحَسِبتَ خيْلَ بَنِي كُلَيْبٍ مَصْدَراً، ... فَغَرِقْتَ حِينَ وَقَعْتَ فِي القَمْقَامِ
يَقُولُ: اغْتَرَرْتَ بخيْل قَوْمِكَ وَظَنَنْتَ أَنهم يخلِّصونك من بحر فَلَمْ يَفْعَلُوا. وَمِنْ كلامِ كُتَّاب الدَّواوِين أَن يُقَالَ: صُودِرَ فلانٌ الْعَامِلُ عَلَى مالٍ يؤدِّيه أَي فُورِقَ عَلَى مالٍ ضَمِنَه. والصِّدَارُ: ثَوْبٌ رأْسه كالمِقْنَعَةِ وأَسفلُه يُغَشِّى الصَّدْرَ والمَنْكِبَيْنِ تلبَسُه المرأَة؛ قَالَ الأَزهري: وَكَانَتِ المرأَة الثَّكْلَى إِذا فَقَدَتْ حَمِيمَهَا فأَحَدّتْ عَلَيْهِ لَبِسَتْ صِدَاراً مِنْ صُوف؛ وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ فَلَاةً:
كَأَنَّ العِرْمِسَ الوَجْناءَ فِيهَا ... عَجُولٌ، خَرَّقَتْ عَنْهَا الصَّدارَا
ابْنُ الأَعرابي: المِجْوَلُ الصُّدْرَة، وَهِيَ الصِّدار والأُصْدَة. والعرَب تَقُولُ لِلْقَمِيصِ الصَّغِيرِ والدِّرْع الْقَصِيرَةِ: الصُّدْرَةُ، وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ لِمَا يَلي الصَّدْر مِنَ الدِّرْعِ صِدارٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الصِّدارُ. بِكَسْرِ الصَّادِ، قَمِيصٌ صَغِيرٌ يَلي الْجَسَدَ. وَفِي الْمَثَلِ: كلُّ ذَاتِ صِدارٍ خالَةٌ أَي مِنْ حَقِّ الرَّجُلِ أَن يَغارَ عَلَى كُلِّ امرأَة كَمَا يَغارُ عَلَى حُرَمِهِ. وَفِي حَدِيثِ
الخَنْساء: دخلتْ عَلَى عَائِشَةَ وَعَلَيْهَا خِمارٌ مُمَزَّق وصِدار شعَر
؛ الصِّدار: الْقَمِيصُ الْقَصِيرُ كَمَا وَصَفناه أَوَّلًا. وصَدْرُ القَدَمِ: مُقَدَّمُها مَا بَيْنَ أَصابعها إِلي الحِمارَة. وصَدْرُ النَّعْلِ: مَا قُدَّام الخُرْت مِنْهَا. وصَدْرُ السَّهْم: مَا جَاوَزَ وسَطَه إِلى مُسْتَدَقِّهِ، وَهُوَ الَّذِي يَلي النَّصْلَ إِذا رُمِيَ بِهِ، وسُمي بِذَلِكَ لأَنه المتقدِّم إِذا رُمِي، وَقِيلَ: صَدْرُ السَّهْمِ مَا فَوْقَ نِصْفِهِ إِلى المَرَاش. وَسَهْمٌ مُصَدَّر: غَلِيظُ الصَّدْر، وصَدْرُ الرُّمْحِ: مِثْلُهُ. ويومٌ كصَدْرِ الرُّمْحِ: ضيِّق شَدِيدٌ. قَالَ ثَعْلَبٌ: هَذَا يَوْمٌ تُخَصُّ بِهِ الحرْب؛ قَالَ وأَنشدني ابْنُ الأَعرابي:
وَيَوْمٍ كصَدْرِ الرُّمْحِ قَصَّرْت طُولَه ... بِلَيْلي فَلَهَّانِي، وَمَا كُنْتُ لاهِيَا
وصُدُورُ الْوَادِي: أَعاليه ومَقادمُه، وَكَذَلِكَ صَدَائرُهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد.
أَأَنْ غَرَّدَتْ فِي بَطْنِ وادٍ حَمامَةٌ ... بَكَيْتَ، وَلِمَ يَعْذِرْكَ فِي الجهلِ عاذِرُ؟
تَعَالَيْنَ فِي عُبْرِيَّةٍ تَلَعَ الضُّحى ... عَلَى فَنَنٍ، قَدْ نَعَّمَتْهُ الصَّدائِرُ
وَاحِدُهَا صَادِرَة وصَدِيرَة «2» . والصَّدْرُ فِي العَروضِ: حَذْف أَلِفِ فاعِلُنْ لِمُعاقَبَتِها نُونَ فاعِلاتُنْ؛
__________
(1) . قوله: [مصدر إِلخ] كذا بالأَصل
(2) . قوله: [واحدها صادرة وصديرة] هكذا في الأَصل وعبارة القاموس جمع صدارة وصديرة(4/447)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ، وإِنما حُكْمُهُ أَن يَقُولَ الصَدْر الأَلف الْمَحْذُوفَةُ لِمُعاقَبَتها نُونَ فاعِلاتُنْ. والتَّصْدِيرُ؛ حِزَامُ الرَّحْل والهَوْدَجِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: فأَما قَوْلُهُمُ التَّزْدِيرُ فَعَلَى المُضارعة وَلَيْسَتْ بلُغَة؛ وَقَدْ صَدَّرَ عَنِ الْبَعِيرِ. والتَّصْدِيرُ: الحِزام، وَهُوَ فِي صَدْرِ الْبَعِيرِ، والحَقَبُ عِنْدَ الثِّيل. اللَّيْثُ: التَّصْدِيرُ حَبْلٌ يُصَدَّرُ بِهِ الْبَعِيرُ إِذا جرَّ حِمْله إِلى خلْف، والحبلُ اسْمُهُ التَّصْدِيرُ، وَالْفِعْلُ التَّصْدِيرُ. قَالَ الأَصمعي: وَفِي الرَّحْلِ حِزامَةٌ يُقَالُ لَهُ التَّصْدِيرُ، قَالَ: والوَضِينُ والبِطان لِلْقَتَبِ، وأَكثر مَا يُقَالُ الحِزام للسَّرج. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ صَدِّرْ عَنْ بَعِيرك، وَذَلِكَ إِذا خَمُصَ بطنُه وَاضْطَرَبَ تَصْدِيرُهُ فيُشدُّ حَبْلٌ مِنَ التَّصْدِيرِ إِلى مَا وَرَاءَ الكِرْكِرَة، فَيَثْبُتُ التَّصْدِير فِي مَوْضِعِهِ، وَذَلِكَ الْحَبْلُ يُقَالُ لَهُ السِّنافُ. قَالَ الأَزهري: الَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ أَنَّ التَّصدْيِر حَبْلٌ يُصَدَّر بِهِ الْبَعِيرُ إِذا جرَّ حِمْله خَطَأٌ، وَالَّذِي أَراده يسمَّى السِّناف، والتَّصْديرُ: الْحِزَامُ نفسُه. والصِّدارُ: سِمَةٌ عَلَى صَدْرِ الْبَعِيرِ. والمُصَدَّرُ: أَول الْقِدَاحِ الغُفْل الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا فُروضٌ وَلَا أَنْصباء، إِنما تثقَّل بِهَا الْقِدَاحُ كراهِيَة التُّهَمَة؛ هَذَا قَوْلُ اللِّحْيَانِيِّ. والصَّدَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: الِاسْمُ، مِنْ قَوْلِكَ صَدَرْت عَنِ الْمَاءِ وَعَنِ البِلاد. وَفِي الْمَثَلِ: تَرَكْته عَلَى مِثْل ليلَة الصَّدَرِ؛ يَعْنِي حِينَ صَدَرَ النَّاسُ مِنْ حَجِّهِم. وأَصْدَرْته فصدَرَ أَي رَجَعْتُهُ فرَجَع، وَالْمَوْضِعُ مَصْدَر وَمِنْهُ مَصادِر الأَفعال. وصادَرَه عَلَى كَذَا. والصَّدَرُ: نقِيض الوِرْد. صَدَرَ عَنْهُ يَصْدُرُ [يَصْدِرُ] صَدْراً ومَصْدراً ومَزْدَراً؛ الأَخيرة مضارِعة؛ قَالَ:
ودَعْ ذَا الهَوَى قَبْلَ القِلى؛ تَرْكُ ذِي الهَوَى، ... مَتِينِ القُوَى، خَيْرٌ مِنَ الصَّرْمِ مَزْدَرَا
وَقَدْ أَصْدَرَ غيرَه وصَدَرَهُ، والأَوَّل أَعلى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِمَّا أَن يَكُونَ هَذَا عَلَى نِيَّةِ التعدَّي كأَنه قَالَ حَتَّى يَصْدُر الرِّعاء إِبِلَهم ثُمَّ حَذَفَ الْمَفْعُولَ، وإِمَّا أَن يَكُونَ يَصدرُ هاهنا غَيْرَ متعدٍّ لَفْظًا وَلَا مَعْنًى لأَنهم قَالُوا صَدَرْتُ عَنِ الْمَاءِ فَلَمْ يُعَدُّوه. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَهْلِكُونَ مَهْلَكاً وَاحِدًا ويَصْدُرُون مَصادِر شَتَّى
؛ الصَّدَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: رُجوع الْمُسَافِرِ مِنْ مَقصِده والشَّارِبةِ مِنَ الوِرْدِ. يُقَالُ: صَدَرَ يَصْدُرُ صُدُوراً وصَدَراً؛ يَعْنِي أَنه يُخْسَفُ بِهِمْ جَمِيعِهِمْ فَيَهْلكون بأَسْرِهم خِيارهم وشِرارهم، ثُمَّ يَصْدُرون بَعْدَ الهَلَكَة مَصادِرَ متفرِّقة عَلَى قدْر أَعمالهم ونِيَّاتِهم، ففريقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِلْمُهاجِرِ إِقامَةُ ثلاثٍ بعد الصَّدَر
؛ يعني بمكة بَعْدَ أَن يَقْضِيَ نُسُكَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ لَهُ رَكْوة تسمَّى الصادِرَ
؛ سمِّيت بِهِ لأَنه يُصْدَرُ عَنْهَا بالرِّيّ؛ وَمِنْهُ: فأَصْدَرْنا رِكابَنَا أَي صُرِفْنا رِواءً فَلَمْ نَحْتَجْ إِلى المُقام بِهَا لِلْمَاءِ. وَمَا لَهُ صادِرٌ وَلَا وارِدٌ أَي مَا لَهُ شَيْءٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا لَهُ شَيْءٌ وَلَا قوْم. وَطَرِيقٌ صادِرٌ: مَعْنَاهُ أَنه يَصْدُر بِأَهْله عَنِ الْمَاءِ. ووارِدٌ: يَرِدُهُ بِهم؛ قَالَ لَبِيدٌ يَذْكُرُ ناقَتَيْن:
ثُمَّ أَصْدَرْناهُما فِي وارِدٍ ... صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاهُ قَدْ مَثَلْ
أَراد فِي طَرِيقٍ يُورد فِيهِ ويُصْدَر عَنِ الْمَاءِ فِيهِ. والوَهْمُ: الضَّخْمُ، وَقِيلَ: الصَّدَرُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ الرُّجُوع. اللَّيْثُ: الصَّدَرُ الِانْصِرَافُ عَنِ الوِرْد وَعَنْ كُلِّ أَمر. يُقَالُ: صَدَرُوا وأَصْدَرْناهم. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَبْتَدِئُ أَمْراً ثُمَّ لَا يُتِمُّه: فُلان يُورِد وَلَا يُصْدِر، فإِذا أَتَمَّهُ قِيلَ: أَوْرَدَ وأَصْدَرَ. قَالَ(4/448)
أَبو عُبَيْدٍ: صَدَرْتُ عَنِ البِلاد وَعَنِ الْمَاءِ صَدَراً، هُوَ الِاسْمُ، فإِذا أَردت الْمَصْدَرَ جَزَمْتَ الدَّالَ؛ وأَنشد لِابْنِ مُقْبِلٍ:
وليلةٍ قَدْ جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها ... صَدْرَ المطِيَّة حَتَّى تَعْرِفَ السَّدَفا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مِنْهُ عِيٌّ وَاخْتِلَاطٌ، وَقَدْ وَضَعَ مِنْهُ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ فِي خُطْبَةِ كتابِه المحكَم فَقَالَ: وَهَلْ أَوحَشُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَو أَفحشُ مِنْ هَذِهِ الإِشارة؟ الْجَوْهَرِيُّ: الصَّدْرُ، بِالتَّسْكِينِ، الْمَصْدَرُ، وَقَوْلُهُ صَدْرَ المطِيَّة مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِكَ صَدَرَ يَصْدُرُ صَدْراً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ السَّدَف، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ السُّدَف جَمَعَ سُدْفَة، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ فِي شِعْرِ ابْنِ مُقْبِلٍ مَا رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو، وَاللَّهُ أَعلم. والصَّدَر: الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ أَيام النَّحْرِ لأَن النَّاسَ يَصْدُرون فِيهِ عَنْ مَكَّةَ إِلى أَماكنهم. وَتَرَكْتَهُ عَلَى مِثْل لَيْلَةِ الصَّدَر أَي لَا شَيْءَ لَهُ. والصَّدَر: اسْمٌ لِجَمْعٍ صَادِرٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بِأَطْيَبَ مِنْهَا، إِذا مَا النُّجُومُ ... أَعْتَقْنَ مثلَ هَوَادِي الصَّدَرْ
والأَصْدَرَانِ: عِرْقان يَضْرِبَانِ تَحْتَ الصُّدْغَيْنِ، لَا يُفْرَدُ لَهُمَا وَاحِدٌ. وَجَاءَ يضرِب أَصْدَرَيْه إِذا جَاءَ فارِغاً، يَعْنِي عِطْفَيْهِ، ويُرْوَى أَسْدَرَيْهِ، بِالسِّينِ، وَرَوَى أَبو حَاتِمٍ: جَاءَ فُلَانٌ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْهِ وأَزْدَرَيهِ أَي جَاءَ فَارِغًا، قَالَ: وَلَمْ يَدْرِ مَا أَصله؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قَالَ بَعْضُهُمْ أَصْدَراهُ وأَزْدَراهُ وأَصْدغاهُ وَلَمْ يعرِف شَيْئًا منهنَّ. وَفِي حَدِيثِ
الحسَن: يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه
أَي منكِبيه، وَيُرْوَى بِالزَّايِ وَالسِّينِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ
؛ أَي يَرْجِعُوا مِنْ سَقْيِهم، وَمَنْ قرأَ يُصْدِرَ أَراد يَرُدُّونَ. مواشِيَهُمْ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً
؛ أَي يَرْجِعُونَ. يُقَالُ: صَدَرَ الْقَوْمُ عَنِ الْمَكَانِ أَي رَجَعُوا عَنْهُ، وصَدَرُوا إِلى الْمَكَانِ صَارُوا إِليه؛ قَالَ: قَالَ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ. والوارِدُ: الجائِي، والصَّادِرُ: الْمُنْصَرِفُ. التَّهْذِيبِ: قَالَ اللَّيْثُ: المَصْدَرُ أَصل الْكَلِمَةِ الَّتِي تَصْدُرُ عَنْهَا صَوادِرُ الأَفعال، وَتَفْسِيرُهُ أَن الْمَصَادِرَ كَانَتْ أَول الْكَلَامِ، كَقَوْلِكَ الذَّهَابُ والسَّمْع والحِفْظ، وإِنما صَدَرَتِ الأَفعال عَنْهَا، فَيُقَالُ: ذَهَبَ ذَهَابًا وسمِع سَمْعاً وسَمَاعاً وحَفِظ حِفْظاً؛ قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: اعْلَمْ أَن الْمَصْدَرَ الْمَنْصُوبَ بِالْفِعْلِ الَّذِي اشتُقَّ مِنْهُ مفعولٌ وَهُوَ تَوْكِيدٌ لِلْفِعْلِ، وَذَلِكَ نَحْوَ قُمْتُ قِياماً وَضَرَبْتُهُ ضَرْباً إِنما كَرَّرْتَهُ «3» . وَفِي قمتُ دليلٌ لِتَوْكِيدِ خَبَرِكَ عَلَى أَحد وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَنك خِفْت أَن يَكُونَ مَنْ تُخاطِبه لَمْ يَفهم عَنْكَ أَوَّلَ كَلَامِكَ، غَيْرَ أَنه عَلِمَ أَنك قُلْتَ فَعَلْتَ فِعْلًا، فقلتَ فعلتُ فِعلًا لتردِّد اللَّفْظَ الَّذِي بدأْت بِهِ مكرَّراً عَلَيْهِ لِيُكُونَ أَثبت عِنْدَهُ مِنْ سَمَاعِهِ مرَّة وَاحِدَةً، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَن تَكُونَ أَردت أَن تُؤَكِّدَ خَبَرَكَ عِنْدَ مَنْ تُخَاطِبُهُ بأَنك لَمْ تَقُلْ قمتُ وأَنت تُرِيدُ غَيْرَ ذَلِكَ، فردَّدته لِتَوْكِيدِ أَنك قلتَه عَلَى حَقِيقَتِهِ، قَالَ: فإِذا وَصَفْتَهُ بِصِفَةٍ لَوْ عرَّفته دَنَا مِنَ المفعول به لأَن فَعَلْتَهُ نَوْعًا مِنْ أَنواع مُخْتَلِفَةٍ خَصَّصْتَهُ بِالتَّعْرِيفِ، كَقَوْلِكَ قُلْتُ قَوْلًا حَسَنًا وَقُمْتُ الْقِيَامَ الَّذِي وَعَدْتك. وصادِرٌ: مَوْضِعُ؛ وَكَذَلِكَ بُرْقَةُ صَادِرٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
لقدْ قلتُ للنُّعمان، حِينَ لَقِيتُه ... يُريدُ بَنِي حُنٍّ بِبُرْقَةِ صادِرِ
__________
(3) . قوله: [إِنما كررته إِلى قوله وصادر موضع] هكذا في الأَصل(4/449)
وصادِرَة: اسْمُ سِدْرَة مَعْرُوفَةٍ: ومُصْدِرٌ: مِنْ أَسماء جُمادَى الأُولى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراها عادِيَّة.
صرر: الصِّرُّ، بِالْكَسْرِ، والصِّرَّةُ: شدَّة البَرْدِ، وَقِيلَ: هُوَ البَرْد عامَّة؛ حكِيَتِ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصِّرُّ الْبَرْدُ الَّذِي يَضْرِبُ النَّبات ويحسِّنه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَمَّا قَتَلَهُ الصِّرُّ مِنَ الْجَرَادِ
أَي البَرْد. ورِيحٌ صِرُّ وصَرْصَرٌ: شَدِيدَةُ البَرْدِ، وَقِيلَ: شَدِيدَةُ الصَّوْت. الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ
؛ قَالَ: الصِّرُّ والصِّرَّة شِدَّةُ الْبَرْدِ، قَالَ: وصَرْصَرٌ مُتَكَرِّرٌ فِيهَا الرَّاءُ، كَمَا يُقَالُ: قَلْقَلْتُ الشَّيْءَ وأَقْلَلْتُه إِذا رَفَعْتَهُ مِنْ مَكَانِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلُ تَكْرِيرٍ، وَكَذَلِكَ صَرْصَرَ وصَرَّ وصَلْصَلَ وصَلَّ، إِذا سَمِعْتَ صوْت الصَّرِيرِ غَيْرَ مُكَرَّرٍ قُلْتَ: صَرَّ وصَلَّ، فإِذا أَردت أَن الصَّوْتَ تَكَرَّر قُلْتَ: قَدْ صَلْصَلَ وصَرْصَرَ. قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُهُ: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ
؛ أَي شَدِيدِ البَرْد جِدًّا. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: رِيحٌ صَرْصَرٌ فِيهِ قَوْلَانِ: يُقَالُ أَصلها صَرَّرٌ مِنَ الصِّرّ، وَهُوَ البَرْد، فأَبدلوا مَكَانَ الراءِ الْوُسْطَى فَاءَ الْفِعْلِ، كَمَا قَالُوا تَجَفْجَفَ الثوبُ وكَبْكَبُوا، وأَصله تجفَّف وكَبَّبُوا؛ وَيُقَالُ هُوَ مِنْ صَرير الْبَابِ وَمِنَ الصَّرَّة، وَهِيَ الضَّجَّة، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: فِي ضَجَّة وصَيْحَة؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
جَوَاحِرُها فِي صَرَّة لَمْ تَزَيَّلِ
فَقِيلَ: فِي صَرَّة فِي جَمَاعَةٍ لَمْ تتفرَّق، يَعْنِي فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ
، قَالَ: فيها ثلاثة أَقوال: أَحدهايها صِرٌّ
أَي بَرْد، وَالثَّانِي فِيهَا تَصْوِيت وحَرَكة، وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلٌ آخريها صِرٌّ
، قَالَ: فِيهَا نَارٌ. وصُرَّ النباتُ: أَصابه الصِّرُّ. وصَرَّ يَصِرُّ صَرّاً وصَرِيراً وصَرْصَرَ: صوَّت وَصَاحَ اشدَّ الصِّيَاحِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الصَّرَّة أَشدُّ الصِّيَاحِ تَكُونُ فِي الطَّائِرِ والإِنسان وَغَيْرِهِمَا؛ قَالَ جرير يَرْثِي ابنه سَوادَة:
قَالُوا: نَصِيبكَ مِنْ أَجْرٍ، فَقُلْتُ لَهُمْ: ... مَنْ لِلْعَرِينِ إِذا فارَقْتُ أَشْبالي؟
فارَقْتَني حِينَ كَفَّ الدهرُ مِنْ بَصَرِي، ... وَحِينَ صِرْتُ كعَظْم الرِّمَّة الْبَالِي
ذاكُمْ سَوادَةُ يَجْلُو مُقْلَتَيْ لَحِمٍ، ... بازٍ يُصَرْصِرُ فَوْقَ المَرْقَبِ الْعَالِي
وَجَاءَ فِي صَرَّةٍ، وَجَاءَ يَصْطَرُّ. قَالَ ثَعْلَبٌ: قِيلَ لامرأَة: أَيُّ النِّسَاءِ أَبغض إِليك؟ فَقَالَتْ: الَّتِي إِنْ صَخِبَتْ صَرْصَرَتْ. وصَرَّ صِمَاخُهُ صَرِيراً: صَوَّت مِنَ العَطَش. وصَرصَرَ الطائرُ: صَوَّت؛ وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ البازِيَ والصَّقْر. وفي حديث
جعفر ابن محمد: اطَّلَعَ عليَّ ابن الْحُسَيْنِ وأَنا أَنْتِفُ صَرّاً
؛ هُوَ عُصْفُور أَو طَائِرٌ فِي قدِّه أَصْفَرُ اللَّوْن، سمِّي بصوْته. يُقَالُ: صَرَّ العُصْفُور يَصِرُّ إِذا صَاحَ. وصَرَّ الجُنْدُب يَصِرُّ صَرِيراً وصَرَّ الْبَابُ يَصِرُّ. وَكُلُّ صَوْتٍ شِبْهُ ذَلِكَ، فَهُوَ صَرِيرٌ إِذا امتدَّ، فإِذا كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ وترجِيع فِي إِعادَة ضُوعِف، كَقَوْلِكَ صَرْصَرَ الأَخَطَبُ صَرْصَرَةً، كأَنهم قَدَّرُوا فِي صوْت الجُنْدُب المَدّ، وَفِي صَوْت الأَخْطَب التَّرْجِيع فَحكَوْه عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الصَّقْر وَالْبَازِي؛ وأَنشد الأَصمعي بَيْتَ جَرِيرٍ يَرْثِي ابْنَهُ(4/450)
سَوادَة:
بازٍ يُصَرْصِرُ فَوْقَ المَرْقَبِ الْعَالِي
ابْنُ السكِّيت: صَرَّ المَحْمِلُ يَصِرُّ صَرِيراً، والصَّقرُ يُصَرْصِرُ صَرْصَرَةً؛ وصرَّت أُذُنِي صَريراً إِذَا سَمِعْتُ لَهَا دَوِيّاً. وصَرَّ القلمُ وَالْبَابُ يَصِرُّ صَرِيراً أَي صوَّت. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يخطُب إِلى حِذْعٍ ثُمَّ اتَّخَذ المِنْبَرَ فاصْطَرَّت السَّارِية
؛ أَي صوَّتت وحنَّت، وَهُوَ افْتَعَلَتْ مِنَ الصَّرِير، فقُلِبت التَّاء طَاءً لأَجل الصَّادِ. ودِرْهَمٌ صَرِّيٌّ وصِرِّيٌّ: لَهُ صوْت وصَرِيرٌ إِذا نُقِرَ، وَكَذَلِكَ الدِّينار، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الجَحْدَ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فِيمَا سِوَاهُ. ابْنُ الأَعرابي: مَا لِفُلَانٍ صِرٌّ أَي مَا عِنْدَهُ درْهم وَلَا دِينَارٌ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّفْي خَاصَّةً. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنبَة: يُقَالُ للدِّرْهم صَرِّيٌّ، وَمَا تَرَكَ صَرِّياً إِلَّا قَبَضه، وَلَمْ يثنِّه وَلَمْ يَجْمَعْهُ. والصَّرَّةُ: الضَّجَّة والصَّيْحَةُ. والصَّرُّ: الصِّياح والجَلَبة. والصَّرَّة: الْجَمَاعَةُ. والصَّرَّة: الشِّدة مِنَ الكْرب والحرْب وَغَيْرِهِمَا؛ وَقَدْ فُسِّرَ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فأَلْحَقَنَا بالهَادِياتِ، ودُونَهُ ... جَواحِرُها، فِي صَرَّةٍ لَمْ تَزَيَّلِ
فُسِّرَ بِالْجَمَاعَةِ وبالشدَّة مِنَ الكرْب، وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: يَحْتَمِلُ الْوُجُوهَ الثَّلَاثَةَ المتقدِّمة قَبْلَهُ. وصَرَّة القَيْظِ: شدَّته وشدَّةُ حَرِّه. والصَّرَّة: العَطْفة. والصَّارَّة: العَطَشُ، وَجَمْعُهُ صَرَائِرُ نَادِرٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فانْصاعَت الحُقْبُ لَمْ تَقْصَعْ صَرائِرَها، ... وَقَدْ نَشَحْنَ، فَلَا ريٌّ وَلَا هِيمُ
ابْنُ الأَعرابي: صَرَّ يَصِرُّ إِذا عَطِشَ وصَرَّ يَصُرُّ إِذا جَمَعَ. وَيُقَالُ: قَصَعَ الحِمار صارَّته إِذا شَرِبَ الْمَاءَ فذهَب عَطَشه، وجمعُها صَرائِر، «1» . وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ أَيضاً: [لَمْ تَقْصَعْ صَرائِرَها] قَالَ: وعِيب ذَلِكَ عَلَى أَبي عَمْرٍو، وَقِيلَ: إِنما الصَّرائرُ جَمْعُ صَرِيرة، قَالَ: وأَما الصَّارَّةُ فَجَمْعُهَا صَوارّ. والصِّرار: الْخَيْطُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ التَّوادِي عَلَى أَطراف النَّاقَةِ وتُذَيَّرُ الأَطباءُ بالبَعَر الرَّطْب لئلَّا يُؤَثِّرَ الصِّرارُ فِيهَا. الْجَوْهَرِيُّ: وصَرَرْتُ النَّاقَةَ شَدَدْتُ عَلَيْهَا الصِّرار، وَهُوَ خَيْطٌ يُشَدُّ فَوْقَ الخِلْف لِئلَّا يرضعَها وَلَدُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤمن بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَن يَحُلَّ صِرَارَ ناقةٍ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهَا فإِنه خاتَمُ أَهْلِها.
قَالَ ابْنُ الأَثير: مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَن تَصُرَّ ضُرُوعَ الحَلُوبات إِذا أَرسلوها إِلى المَرْعَى سارِحَة، ويسمُّون ذَلِكَ الرِّباطَ صِراراً، فإِذا راحَتْ عَشِيّاً حُلَّت تِلْكَ الأَصِرَّة وحُلِبَتْ، فَهِيَ مَصْرُورة ومُصَرَّرة؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ حِينَ جَمَعَ بَنُو يَرْبُوَع صَدَقاتهم ليُوَجِّهوا بِهَا إِلى أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فمنعَهم مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ:
وقُلْتُ: خُذُوها هذِه صَدَقاتكُمْ ... مُصَرَّرَة أَخلافها لَمْ تُحَرَّدِ
سأَجْعَلُ نَفْسِي دُونَ مَا تَحْذَرُونه، ... وأَرْهَنُكُمْ يَوْماً بِمَا قُلْتُهُ يَدِي
قَالَ: وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى تأَوَّلُوا قولَ الشَّافِعِيِّ فِيمَا ذَهب إِليه مِنْ أَمْرِ المُصَرَّاة. وصَرَّ النَّاقَةَ يَصُرُّها صَرّاً وصَرَّ بِهَا: شدَّ ضَرْعَها. والصِّرارُ: مَا يُشدُّ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَصِرَّة؛ قال:
__________
(1) . قوله: [وجمعها صرائر] عبارة الصحاح: قال أَبو عمرو وجمعها صرائر إلخ وبه يتضح قوله بعد: وَعِيبَ ذَلِكَ عَلَى أَبي عمرو(4/451)
إِذا اللَّقاح غَدَتْ مُلْقًى أَصِرَّتُها، ... وَلَا كَريمَ مِنَ الوِلْدانِ مَصْبُوحُ
ورَدَّ جازِرُهُمْ حَرْفاً مُصَرَّمَةً، ... فِي الرأْس مِنْهَا وَفِي الأَصْلاد تَمْلِيحُ
وَرِوَايَةُ سِيبَوَيْهِ فِي ذَلِكَ:
ورَدَّ جازِرُهُمْ حَرْفاً مُصَرَّمة، ... وَلَا كريمَ مِنَ الوِلْدَان مَصْبُوح
والصَّرَّةُ: الشَّاةُ المُصَرَّاة. والمُصَرَّاة: المُحَفَّلَة عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ. وناقةٌ مُصِرَّةٌ: لَا تَدِرُّ؛ قَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
أَقرَّتْ عَلَى حُولٍ عَسُوس مُصِرَّة، ... ورَاهَقَ أَخْلافَ السَّدِيسِ بُزُولُها
والصُّرَّة: شَرَجْ الدَّراهم وَالدَّنَانِيرِ، وَقَدْ صَرَّها صَرّاً. غَيْرُهُ: الصُّرَّة صُرَّة الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا مَعْرُوفَةٌ. وصَرَرْت الصُّرَّة: شَدَدْتُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِجِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: تأْتِيني وأَنت صارٌّ بَيْنَ عَيْنَيْك
؛ أَي مُقَبِّض جامعٌ بَيْنَهُمَا كَمَا يَفْعَلُ الحَزِين. وأَصل الصَّرِّ: الْجَمْعُ والشدُّ. وَفِي حَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: تَكاد تَنْصَرُّ مِنَ المِلْءِ
، كأَنه مِنْ صَرَرْته إِذا شَدَدْته؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، وَالْمَعْرُوفُ تَنْضَرِجُ أَي تنشقُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِخَصْمَيْنِ تقدَّما إِليه: أَخرِجا مَا تُصَرّرانه مِنَ الْكَلَامِ
، أَي مَا تُجَمِّعانِه فِي صُدُوركما. وكلُّ شَيْءٍ جَمَعْتَهُ، فَقَدَ، صَرَرْته؛ وَمِنْهُ قِيلَ للأَسير: مَصْرُور لأَن يَدَيْه جُمِعتَا إِلى عُنقه؛ ولمَّا بَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ إِلى ابْنِ عُمَرَ بأَسيرِ قَدْ جُمعت يَدَاهُ إِلى عُنقه لِيَقْتُلَه قَالَ: أَمَّا وَهُوَ مَصْرُورٌ فَلا. وصَرَّ الفرسُ وَالْحِمَارُ بأُذُنِه يَصُرُّ صَرّاً وصَرَّها وأَصَرَّ بِهَا: سَوَّاها ونَصَبها لِلاستماع. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ صَرَّ الْفَرَسُ أُذنيه ضَمَّها إِلى رأْسه، فإِذا لَمْ يُوقِعوا قَالُوا: أَصَرَّ الْفَرَسُ، بالأَلف، وَذَلِكَ إِذا جَمَعَ أُذنيه وَعَزَمَ عَلَى الشَّدِّ؛ وَفِي حَدِيثِ
سَطِيح:
أَزْرَقُ مُهْمَى النَّابِ صَرَّارُ الأُذُنْ
صَرَّ أُذُنه وصَرَّرها
أَي نَصَبها وسوَّاها؛ وَجَاءَتِ الخيلُ مُصِرَّة آذانَها أَي محدِّدة آذانَها رَافِعَةً لَهَا وإِنما تَصُرُّ آذَانَهَا إِذا جَدَّت فِي السَّيْرِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَصَرَّ الزرعُ إِصراراً إِذا خَرَج أَطراف السَّفاءِ قَبْلَ أَن يخلُص سُنْبُلُهُ، فإِذا خَلُص سُنْبُلُه قِيلَ: قَدْ أَسْبَل؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يَكُونُ الزَّرْعُ صَرَراً حِينَ يَلْتَوي الورَق ويَيْبَس طرَف السُّنْبُل، وإِن لَمْ يخرُج فِيهِ القَمْح. والصَّرَر: السُّنْبُل بعد ما يُقَصِّب وَقَبْلَ أَن يَظْهَرَ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ السُّنْبُل مَا لَمْ يَخْرُجْ فِيهِ الْقَمْحُ، وَاحِدَتُهُ صَرَرَة، وَقَدْ أَصَرَّ. وأَصَرَّ يعْدُو إِذا أَسرع بَعْضَ الإِسراع، وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ أَضَرَّ، بِالضَّادِ، وَزَعَمَ الطَّوْسِيُّ أَنه تَصْحِيفٌ. وأَصَرَّ عَلَى الأَمر: عَزَم. وَهُوَ مِنِّي صِرِّي وأَصِرِّي وصِرَّي وأَصِرَّي وصُرَّي وصُرَّى أَي عَزِيمة وجِدٌّ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: إِنها مِنِّي لأَصِرِّي أَي لحَقِيقَة؛ وأَنشد أَبو مَالِكٍ:
قَدْ عَلِمَتْ ذاتُ الثَّنايا الغُرِّ، ... أَن النَّدَى مِنْ شِيمَتي أَصِرِّي
أَي حَقِيقة. وَقَالَ أَبو السَّمَّال الأَسَدِي حِينَ ضلَّت نَاقَتُهُ: اللَّهُمَّ إِن لَمْ تردَّها عَلَيَّ فَلَمْ أُصَلِّ لَكَ صَلَاةً، فوجَدَها عَنْ قَرِيبٍ فَقَالَ: عَلِمَ اللَّهُ أَنها مِنِّي صِرَّى أَي عَزْم عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِنها عَزِيمة مَحْتُومة، قَالَ: وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ من أَصْرَرْت على الشيء إِذا أَقمتَ ودُمْت عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
. وَقَالَ(4/452)
أَبو الْهَيْثَمِ: أَصِرِّي أَي اعْزِمِي، كأَنه يُخاطِب نفسَه، مِنْ قَوْلِكَ: أَصَرَّ عَلَى فِعْلِهِ يُصِرُّ إِصْراراً إِذا عَزَم عَلَى أَن يَمْضِيَ فِيهِ وَلَا يرجِع. وَفِي الصِّحَاحِ: قَالَ أَبو سَمَّال الأَسَدِي وقد ضَلَّت ناقتُه: أَيْمُنُكَ لَئِنْ لم تَرُدَّها عَلَيَّ لَا عَبَدْتُك فأَصاب ناقتَه وَقَدْ تعلَّق زِمامُها بِعَوْسَجَةٍ فأَخذها وَقَالَ: عَلِمَ رَبِّي أَنَّها مِنِّي صِرَّى. وَقَدْ يُقَالُ: كَانَتْ هَذِهِ الفَعْلَة مِنِّي أَصِرِّي أَي عَزِيمة، ثُمَّ جُعِلَتِ الْيَاءُ أَلفاً، كَمَا قَالُوا: بأَبي أَنت، وبأَبا أَنت؛ وَكَذَلِكَ صِرِّي وصِرَّى عَلَى أَن يُحذف الأَلفُ مِنْ إِصِرَّى لَا عَلَى أَنها لُغَةٌ صَرَرْتُ عَلَى الشَّيْءِ وأَصْرَرْتُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الأَصل فِي قَوْلِهِمْ كَانَتْ مِنِّي صِرِّي وأَصِرِّي أَي أَمر، فَلَمَّا أَرادوا أَن يُغَيِّرُوه عَنْ مَذْهَبِ الْفِعْلِ حَوَّلُوا يَاءَهُ أَلفاً فقالوا: صِرَّى وأَصِرَّى، كَمَا قَالُوا: نُهِيَ عن قِيلَ [قِيلٍ] وقَالَ [قَالٍ] ، وَقَالَ: أُخْرِجَتا مِنْ نِيَّةِ الْفِعْلِ إِلى الأَسماء. قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ أَعْيَيْتَني مِنْ شُبَّ إِلى دُبَّ، وَيُخْفَضُ فَيُقَالُ: مِنْ شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ وَمَعْنَاهُ فَعَل ذَلِكَ مُذْ كَانَ صَغِيرًا إِلى أَنْ دَبَّ كَبِيرًا وأَصَرَّ عَلَى الذَّنْبِ لَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ.
أَصرَّ عَلَى الشَّيْءِ يُصِرُّ إِصْراراً إِذا لَزِمَهُ ودَاوَمه وَثَبَتَ عَلَيْهِ، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشرِّ وَالذُّنُوبِ، يَعْنِي مَنْ أَتبع الذَّنْبَ الِاسْتِغْفَارَ فَلَيْسَ بِمُصِرٍّ عَلَيْهِ وإِن تكرَّر مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ويلٌ لِلْمُصِرِّين الَّذِينَ يُصِرُّون عَلَى مَا فَعَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.
وَصَخْرَةٌ صَرَّاء: مَلْساء. ورجلٌ صَرُورٌ وصَرُورَة: لَمْ يَحُجَّ قَطُّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْكَلَامِ، وأَصله مِنَ الصَّرِّ الحبسِ والمنعِ، وَقَدْ قَالُوا فِي هَذَا الْمَعْنَى: صَرُوريٌّ وصَارُورِيُّ، فإِذا قُلْتَ ذَلِكَ ثَنَّيت وَجَمَعْتَ وأَنَّثْت؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَوله إِلى آخِرِهِ مُثَنًّى مَجْمُوعٌ، كَانَتْ فِيهِ يَاءُ النَّسَبِ أَو لَمْ تَكُنْ، وَقِيلَ: رَجُلٌ صَارُورَة وصارُورٌ لَمْ يَحُجَّ، وَقِيلَ: لَمْ يتزوَّج، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْمُؤَنَّثُ. والصَّرُورة فِي شِعْرِ النَّابِغة: الَّذِي لَمْ يأْت النِّسَاءَ كأَنه أَصَرَّ عَلَى تركهنَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا صَرُورَة فِي الإِسلام.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ صَرُورَة لَا يُقَالُ إِلا بِالْهَاءِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: رَجُلٌ صَرُورَة وامرأَة صَرُورَةٌ، لَيْسَتِ الْهَاءُ لتأْنيث الْمَوْصُوفِ بِمَا هِيَ فِيهِ وَإِنَّمَا لَحِقَتْ لإِعْلام السَّامِعِ أَن هَذَا الْمَوْصُوفَ بِمَا هِيَ فِيهِ وقد بَلَغَ الْغَايَةَ وَالنِّهَايَةَ، فَجَعَلَ تأْنيث الصِّفَةِ أَمارَةً لِمَا أُريد مِنْ تأْنيث الْغَايَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: قَالَ رأَيت أَقواماً صَرَاراً، بِالْفَتْحِ، واحدُهم صَرَارَة، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْمٌ صَوَارِيرُ جَمْعُ صَارُورَة، قَالَ وَمَنْ قَالَ صَرُورِيُّ وصَارُورِيٌّ ثنَّى وَجَمَعَ وأَنَّث، وفسَّر أَبو عبيد قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا صَرُوْرَة فِي الإِسلام؛ بأَنه التَّبَتُّل وتَرْكَ النِّكَاحِ، فَجَعَلَهُ اسْمًا للحَدَثِ؛ يَقُولُ: لَيْسَ يَنْبَغِي لأَحد أَن يَقُولَ لَا أَتزوج، يَقُولُ: هَذَا لَيْسَ مِنْ أَخلاق الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا فِعْلُ الرُّهْبان؛ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
لَوْ أَنَّها عَرَضَتْ لأَشْمَطَ راهِبٍ، ... عَبَدَ الإِلهَ، صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ
يَعْنِي الرَّاهِبَ الَّذِي قَدْ تَرَكَ النِّسَاءَ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: وَقِيلَ أَراد مَنْ قَتَل فِي الْحَرَمِ قُتِلَ، وَلَا يقبَل مِنْهُ أَن يَقُولَ: إِني صَرُورَة مَا حَجَجْت وَلَا عَرَفْتُ حُرْمة الحَرَم. قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذا أَحدث حَدَثاً ولَجَأَ إِلى الْكَعْبَةِ لَمْ يُهَجْ، فَكَانَ إِذا لِقيَه وليُّ الدَّمِ فِي الحَرَمِ قِيلَ لَهُ: هُوَ صَرُورةٌ وَلَا تَهِجْه. وحافرٌ مَصْرُورٌ ومُصْطَرٌّ: ضَيِّق مُتَقَبِّض.(4/453)
والأَرَحُّ: العَرِيضُ، وَكِلَاهُمَا عَيْبٌ؛ وأَنشد:
لَا رَحَحٌ فِيهِ وَلَا اصْطِرارُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اصْطَرَّ الحافِرُ اصْطِراراً إِذا كَانَ فاحِشَ الضِّيقِ؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ الْعِجْلِيِّ:
بِكلِّ وَأْبِ للحَصَى رَضَّاحِ، ... لَيْسَ بِمُصْطَرٍّ وَلَا فِرْشاحِ
أَي بِكُلِّ حافِرٍ وأْبٍ مُقَعَّبٍ يَحْفِرُ الحَصَى لقوَّته لَيْسَ بضَيِّق وَهُوَ المُصْطَرُّ، وَلَا بِفِرْشاحٍ وَهُوَ الْوَاسِعُ الزَّائِدُ عَلَى الْمَعْرُوفِ. والصَّارَّةُ: الحاجةُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَنا قِبَلَه صارَّةٌ، وَجَمْعُهَا صَوارُّ، وَهِيَ الْحَاجَةُ. وَشَرِبَ حَتَّى ملأَ مصارَّه أَي أَمْعاءَه؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرْهُ بأَكثر مِنْ ذَلِكَ. والصَّرارةُ: نَهْرٌ يأْخذ مِنَ الفُراتِ. والصَّرارِيُّ: المَلَّاحُ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
فِي ذِي جُلُولٍ يِقَضِّي المَوْتَ صاحِبُه، ... إِذا الصَّرارِيُّ مِنْ أَهْوالِه ارْتَسَما
أَي كَبَّرَ، وَالْجَمْعُ صرارِيُّونَ وَلَا يُكَسَّرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
جَذْبَ الصَّرارِيِّينَ بالكُرُورِ
وَيُقَالُ للمَلَّاح: الصَّارِي مِثْلَ القاضِي، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الْمُعْتَلِّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَانَ حَقُّ صرارِيّ أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ صَري الْمُعْتَلِّ اللَّامِ لأَن الْوَاحِدَ عِنْدَهُمْ صارٍ، وَجَمْعُهُ صُرّاء وَجَمْعُ صُرّاءٍ صَرارِيُّ؛ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ صَرِيَ أَنّ الصارِيّ المَلَّاحُ، وَجَمْعُهُ صُرّاءٌ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَيُقَالُ لِلْمَلَّاحِ صارٍ، وَالْجَمْعُ صُرّاء، وَكَانَ أَبو عَلِيٍّ يَقُولُ: صُرّاءٌ وَاحِدٌ مِثْلُ حُسَّانٍ للحَسَنِ، وَجَمْعُهُ صَرارِيُّ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الْفَرَزْدَقَ:
أَشارِبُ خَمْرةٍ، وخَدينُ زِيرٍ، ... وصُرّاءٌ، لفَسْوَتِه بُخَار؟
قَالَ: وَلَا حُجَّةَ لأَبي عَلِيٍّ فِي هَذَا الْبَيْتِ لأَن الصَّرَارِيّ الَّذِي هُوَ عِنْدَهُ جَمْعٌ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُسَيَّبِ بْنِ عَلَس يَصِفُ غَائِصًا أَصاب دُرَّةً، وَهُوَ:
وتَرَى الصَّرارِي يَسْجُدُونَ لَهَا، ... ويَضُمُّها بَيَدَيْهِ للنَّحْرِ
وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْفَرَزْدَقُ لِلْوَاحِدِ فَقَالَ:
تَرَى الصَّرارِيَّ والأَمْواجُ تَضْرِبُه، ... لَوْ يَسْتَطِيعُ إِلى بَرِّيّةٍ عَبَرا
وَكَذَلِكَ قَوْلُ خَلَفِ بْنِ جَمِيلٍ الطَّهْوِيِّ:
تَرَى الصَّرارِيَّ فِي غَبْرَاءَ مُظْلِمةٍ ... تَعْلُوه طَوْراً، ويَعْلُو فَوْقَها تِيَرَا
قَالَ: وَلِهَذَا السَّبَبِ جَعَلَ الْجَوْهَرِيُّ الصَّرارِيَّ وَاحِدًا لَمَّا رَآهُ فِي أَشعار الْعَرَبِ يُخْبَرُ عنه كما يخبر عَنِ الْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ الصَّارِي، فَظَنَّ أَن الْيَاءَ فِيهِ لِلنِّسْبَةِ كأَنه مَنْسُوبٌ إِلى صَرارٍ مِثْلَ حَواريّ مَنْسُوبٍ إِلى حوارٍ، وحَوارِيُّ الرَّجُلِ: خاصَّتُه، وَهُوَ وَاحِدٌ لَا جَمْعٌ، وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْجَوْهَرِيَّ لَحَظَ هَذَا الْمَعْنَى كونُه جَعَلَهُ فِي فَصْلِ صَرَرَ، فَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْيَاءُ لِلنَّسَبِ عِنْدَهُ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ، قَالَ: وَصَوَابُ إِنشاد بَيْتِ الْعَجَّاجُ: جَذْبُ بِرَفْعِ الْبَاءِ لأَنه فَاعِلٌ لِفِعْلٍ فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ
لَأْياً يُثانِيهِ، عَنِ الحُؤُورِ، ... جَذْبُ الصَّرارِيِّينَ بالكُرُورِ
اللأْيُ: البُطْءُ، أَي بَعْدَ بُطْءٍ أَي يَثْني هَذَا القُرْقورَ عن الحُؤُور جَذْبُ المَلَّاحينَ بالكُرُورِ، والكُرورُ جَمْعُ كَرٍّ، وَهُوَ حبْلُ السَّفِينة الَّذِي يَكُونُ فِي(4/454)
الشِّراعِ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ حَمْزَةَ: وَاحِدُهَا كُرّ بِضَمِّ الْكَافِ لَا غَيْرُ. والصَّرُّ: الدَّلْوُ تَسْتَرْخِي فَتُصَرُّ أَي تُشَدّ وتُسْمَع بالمِسْمَعِ، وَهِيَ عُرْوَةٌ فِي دَاخِلِ الدَّلْوِ بإِزائها عُرْوَةٌ أُخرى؛ وأَنشد فِي ذَلِكَ:
إِنْ كانتِ امَّا امَّصَرَتْ فَصُرَّها، ... إِنَّ امِّصارَ الدَّلْوِ لَا يَضُرُّها
والصَّرَّةُ: تَقْطِيبُ الوَجْهِ مِنَ الكَراهة. والصِّرارُ: الأَماكِنُ المرْتَفِعَةُ لَا يَعْلُوهَا الْمَاءُ. وصِرارٌ: اسْمُ جَبَلٍ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ لَا يُزايِلُ لُؤْمَه، ... حَتَّى يَزُولَ عَنِ الطَّرِيقِ صِرارُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى أَتينا صِراراً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ بِئْرٌ قَدِيمَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَميال مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ طَرِيقِ العِراقِ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ. وَيُقَالُ: صارَّه عَلَى الشَّيْءِ أَكرهه. والصَّرَّةُ، بِفَتْحِ الصَّادِ: خَرَزَةٌ تُؤَخِّذُ بِهَا النساءُ الرجالَ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وصَرَّرَتِ الناقةُ: تقدَّمتْ؛ عَنْ أَبي لَيْلَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا مَا تأَرَّتنا المَراسِيلُ، صَرَّرَتْ ... أَبُوض النَّسَا قَوَّادة أَيْنُقَ الرَّكْبِ «2»
. وصِرِّينُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَخطل:
إِلى هاجِسٍ مِنْ آلِ ظَمْياءَ، وَالَّتِي ... أَتى دُونها بابٌ بِصِرِّين مُقْفَلُ
والصَّرْصَرُ والصُّرْصُرُ والصُّرْصُور مِثْلَ الجُرْجور: وَهِيَ العِظام مِنَ الإِبل. والصُّرْصُورُ: البُخْتِيُّ مِنَ الإِبل أَو وَلَدُهُ، وَالسِّينُ لُغَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الصُّرْصُور الفَحْل النَّجِيب مِنَ الإِبل. وَيُقَالُ للسَّفِينة: القُرْقور والصُّرْصور. والصَّرْصَرانِيَّة مِنَ الإِبل: الَّتِي بَيْنَ البَخاتيِّ والعِراب، وَقِيلَ: هِيَ الفَوالِجُ. والصَّرْصَرانُ: إِبِل نَبَطِيَّة يُقَالُ لَهَا الصَّرْصَرانيَّات. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّرْصَرانِيُّ واحدُ الصَّرْصَرانِيَّات، وَهِيَ الإِبِل بَيْنَ البَخاتيّ والعِراب. والصَّرْصَرانُ والصَّرْصَرانيُّ: ضَرْبٌ مِنْ سَمَك الْبَحْرِ أَمْلَس الجِلْد ضَخْم؛ وأَنشد:
مَرَّتْ كظَهْرِ الصَّرْصَرانِ الأَدْخَنِ
والصَّرْصَرُ: دُوَيْبَّة تَحْتَ الأَرض تَصِرُّ أَيام الرَّبِيعِ. وصَرَّار اللَّيْلِ: الجُدْجُدُ، وَهُوَ أَكبرُ مِنَ الجنْدُب، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُسَمِّيه الصَّدَى. وصَرْصَر: اسْمُ نَهْرٍ بِالْعِرَاقِ. والصَّراصِرَةُ: نَبَطُ الشَّامِ. التَّهْذِيبُ فِي النَّوَادِرِ: كَمْهَلْتُ المالَ كَمْهَلَة وحَبْكَرتُه حَبْكَرَة ودَبْكَلْتُه دَبْكَلَةً وحَبْحَبْتُه وزَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً وصَرْصرتُه وكَرْكَرْتُه إِذا جمعتَه ورَدَدْت أَطراف مَا انتَشَرَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ كَبْكَبْتُه.
صطر: التَّهْذِيبِ: الْكِسَائِيُّ المُصْطارُ الخَمْر الحامِض؛ قَالَ الأَزهري: لَيْسَ المُصْطار مِنَ المُضاعَف، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هُوَ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَهِيَ لُغَةٌ رومِيَّة؛ قَالَ الأَخطل يَصِفُ الْخَمْرَ:
تَدْمَى، إِذا طَعَنُوا فِيهَا بِجَائفَة ... فَوْقَ الزُّجاج، عَتِيقٌ غَيْرُ مُصْطارِ
وَقَالَ: المُصْطار الحدِيثة المُتَغَيِّرَةُ الطَّعْمِ وَالرِّيحِ. قَالَ الأَزهري: والمُصْطار مِنْ أَسماء الْخَمْرِ الَّتِي اعْتُصِرَت مِنْ أَبكار العِنَب حَدِيثاً، بِلُغة أَهل الشَّامِ؛ قَالَ: وأُراه رُومِيّاً لأَنه لَا يُشْبه أَبنية كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ: وَيُقَالُ المُسْطارُ، بالسين، وهكذا
__________
(2) . قوله: [تأرتنا المراسيلُ] هكذا في الأَصل(4/455)
رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ الْخَمْرِ وَقَالَ: هُوَ الحامِض مِنْهُ. قَالَ الأَزهري: المُصْطار أَظنه مُفْتَعلًا مَنْ صَارَ، قُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً. قَالَ وَجَاءَ المُصْطارُ فِي شعر عَدِيّ ابن الرَّقَّاعِ فِي نَعْتِ الْخَمْرِ فِي مَوْضِعَيْنِ، بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ وَجَدْتُهُ مقيَّداً فِي كِتَابِ الإِيادِي المَقْرُوِّ عَلَى شَمِرٍ. ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ سَطَرَ: السَّطْر العَتود مِنَ المَعَزِ، وَالصَّادُ لغة، وَقُرِئَ: وَزَادَهُ بصْطَةً ومُصَيْطِر، بِالصَّادِ وَالسِّينِ، وأَصل صَادِهِ سِينٌ قُلِبَتْ مَعَ الطَّاءِ صَادًا لِقُرْبِ مَخارجها.
صعر: الَّصعَر: مَيَلٌ فِي الوَجْهِ، وَقِيلَ: الصَّعَرُ المَيَل فِي الخدِّ خَاصَّةً، وَرُبَّمَا كَانَ خِلْقة فِي الإِنسان والظَّليم، وَقِيلَ: هُوَ مَيَلٌ فِي العُنُق وانْقِلاب فِي الْوَجْهِ إِلى أَحد الشقَّين. وَقَدْ صَعَّرَ خَدَّه وصاعَرَه: أَمالهُ مِنَ الكِبْرِ؛ قَالَ المُتَلَمِّس وَاسْمُهُ جَرير بْنُ عَبْدِ الْمَسِيحِ:
وكُنَّا إِذا الجبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ، ... أَقَمْنا لَهُ مِنْ مَيلِهِ فَتَقَوَّما
يَقُولُ: إِذا أَمال متكبِّرٌ خدَّه أَذْلَلْناهُ حَتَّى يتقوَّم مَيْلُه، وَقِيلَ: الصَّعَرُ داءٌ يأْخذ الْبَعِيرَ فيَلْوِي مِنْهُ عُنُقَه ويُميلُه، صَعِرَ صَعَراً، وَهُوَ أَصْعَر؛ قَالَ أَبو دَهْبَل: أَنشده أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ:
وتَرَى لهَا دَلًّا إِذا نَطَقَتْ، ... تَرَكَتْ بَناتِ فؤادِه صُعْرا
وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَهُنَّ صُعْرٌ إِلى هَدْرِ الفَنِيقِ وَلَمْ ... يُجْرَ، وَلَمْ يُسْلِهِ عَنْهُنَّ إِلقاحُ
عدَّاه بإِلى لأَنه فِي مَعْنَى مَوائِلَ، كأَنه قَالَ: فَهُنَّ مَوائِلُ إِلى هَدْر الفَنيق. وَيُقَالُ: أَصاب البعيرَ صَعَرٌ وصَيَدٌ أَي أَصابه دَاءٌ يَلْوي مِنْهُ عُنُقه. وَيُقَالُ للمتكبِّر: فِيهِ صَعَرٌ وَصَيَدٌ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّعَر والصَّعَلُ صِغَرُ الرأْس. والصَّعَرُ: التَّكَبُّرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ صَعَّارٍ مَلْعون
؛ أَي كُلُّ ذِي كِبْرٍ وأُبَّهَةٍ، وَقِيلَ: الصَّعَّارُ الْمُتَكَبِّرُ لأَنه يَمِيل بِخَدِّه ويُعْرِض عَنِ النَّاسِ بِوَجْهِهِ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ بَدَلَ الْعَيْنِ، وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَالزَّايِ، وَسَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ
، وَقُرِئَ:
وَلَا تُصاعِرْ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُمَا الإِعراض مِنَ الكِبْرِ؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ لَا تُعْرِض عَنِ النَّاسِ تكبُّراً، ومجازُه لَا تُلْزِمْ خدَّك الصَّعَر. وأَصْعَره: كصَعَّرَه. والتَّصْعِيرُ: إِمالَةُ الخدِّ عَنِ النَّظَرِ إِلى النَّاسِ تَهاوُناً مِنْ كِبْرٍ كأَنه مُعرِضٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يأْتي عَلَى النَّاسِ زَمان لَيْسَ فِيهِمْ إِلَّا أَصْعَرُ أَو أَبْتَر
؛ يَعْنِي رُذالة النَّاسِ الَّذِينَ لَا دِينَ لَهُمْ، وَقِيلَ: لَيْسَ فِيهِمْ إِلا ذَاهِبٌ بِنَفْسِهِ أَو ذَلِيل. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الأَصْعَرُ المُعْرِض بوجهه كِبراً. وفي حَدِيثِ
عمَّار: لَا يَلي الأَمْرَ بعدَ فلانٍ إِلا كلُّ أَصْعَر أَبْتَر
أَي كلُّ مُعْرِض عَنِ الْحَقِّ ناقِص. ولأُقِيمَنَّ صَعَرك أَي مَيْلك، عَلَى المثَل. وَفِي حَدِيثِ
تَوْبَةِ كَعْب: فأَنا إِليه أَصْعَر
أَي أَمِيل. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: أَنه كَانَ أَصْعَرَ كُهاكِهاً
؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ومَحْشَك أَمْلِحِيه، ولا تُدَافي ... عَلَى زَغَبٍ مُصَعَّرَةٍ صِغَارِ
قَالَ: فِيهَا صَعَرٌ مِنْ صِغَرها يَعْنِي مَيَلًا. وقَرَبٌ مُصْعَرٌّ: شديدٌ؛ قَالَ:
وقَدْ قَرَبْنَ قَرَباً مُصْعَرًّا، ... إِذا الهِدَانُ حارَ واسْبَكَرَّا(4/456)
والصَّيْعَرِيَّةُ: اعْتِراضٌ فِي السَّير، وَهُوَ مِنَ الصَّعَرِ. والصَّيْعَرِيَّةُ: سِمَة فِي عُنُقِ النَّاقَةِ خاصَّة. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: الصَّيْعَرِيَّة وَسْم لأَهل اليَمن، لَمْ يَكُنْ يُوسم إِلا النُّوق؛ قَالَ وَقَوْلُ المُسَيَّب بْنِ عَلَس:
وَقَدْ أَتَناسَى الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَارِه ... بِناجٍ، عَلَيْهِ الصَّيْعَرِيَّة، مُكْدَم «1»
. يدلُّ عَلَى أَنه قَدْ يُوسَم بِهَا الذُّكُور. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصَّيْعَريَّة سِمَة فِي عُنُق الْبَعِيرِ، وَلَمَّا سَمعَ طَرَفَةُ هَذَا الْبَيْتَ مِنَ المسيَّب قَالَ لَهُ: اسْتَنْوَقَ الجمَلُ أَي أَنك كنتَ فِي صِفَةِ جَمل، فَلَمَّا قُلْتَ الصَّيْعَرِيَّة عُدْت إِلى مَا تُوصَف بِهِ النُّوق، يَعْنِي أَن الصَّيْعَرِيَّة سِمَة لَا تَكُونُ إِلا للإِناث، وَهِيَ النُّوق. وأَحْمَرُ صَيْعَرِيٌّ: قانئٌ. وصَعْرَرَ الشيءَ فَتَصَعْرَرَ: دَحْرَجَه فتَدَحْرَجَ واسْتَدَارَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَبْعَرْن مِثْل الفُلْفُلِ المُصَعْرَرِ
وَقَدْ صَعْرَرْت صُعْرُورَة، والصُّعْرُورَةُ: دُحْرُوجَة الجُعَلِ يَجمَعُها فَيُدِيرُها وَيَدْفَعُهَا، وَقَدْ صَعْرَرَها، وَالْجَمْعُ صَعارِير. وكلُّ حَمْلِ شَجَرَةٍ تَكُونُ مثلَ الأَبْهَلِ والفُلْفُلِ وشِبْهِه مِمَّا فِيهِ صَلابَةٌ، فَهُوَ صُعْرُورٌ، وَهُوَ الصَّعارِيرُ. والصُّعْرُور: الصَّمْغُ الدَّقِيق الطَّوِيلُ الملْتَوِي، وَقِيلَ: هُوَ الصَّمْغ عامَّة، وَقِيلَ: الصَّعارِير صَمْغٌ جَامِدٌ يشبِه الأَصابِع، وَقِيلَ: الصُّعْرُور القِطعة مِنَ الصَّمْغ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصُّعْرُورَة، بِالْهَاءِ، الصَّمْغَة الصَّغيرة المُسْتَدِيرة؛ وأَنشد:
إِذا أَوْرَقَ العَبْسِيُّ جاعَ عِيالُه، ... وَلَمْ يَجِدُوا إِلا الصَّعارِيرَ مَطْعَما
ذهَب بالعَبْسِيِّ مَجْرَى الجِنْس كأَنه قَالَ: أَوْرَقَ العَبْسِيُّون، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالَ: وَلَمْ يَجِدْ، وَلَمْ يَقُلْ: وَلَمْ يَجِدُوا، وعَنى أَن مُعَوَّله فِي قوتِه وقوتِ بَنَاته عَلَى الصَّيْدِ، فإِذا أَوْرَقَ لَمْ يجدْ طَعاماً إِلا الصَّمْغ، قَالَ: وَهُمْ يَقْتاتون الصَّمْغ. والصَّعَرُ: أَكلُ الصَّعارِير، وَهُوَ الصَّمْغ قَالَ أَبو زَيْدٍ: الصُّعْرُور، بِغَيْرِ هَاءٍ، صَمْغَة تَطُولُ وتَلتَوِي، وَلَا تَكُونُ صُعْرُورَةً إِلا مُلْتَوِيَة، وَهِيَ نَحْوُ الشِّبْرِ. وَقَالَ مرَّة عَنْ أَبي نصْر: الصُّعْرُورُ يَكُونُ مثلَ القَلَم وينعطِف بِمَنْزِلَةِ القَرْن. والصَّعَارِيرُ: الأَباخِس الطِّوال، وَهِيَ الأَصابع، وَاحِدُهَا أَبْخَس. والصَّعارِير: اللبَنُ المصمَّغ في اللبَإ قَبْلَ الإِفْصاح. والاصْعِرارُ: السَّيرُ الشَّدِيدُ؛ يُقَالُ: اصْعَرَّت الإِبل اصْعِراراً، وَيُقَالُ: اصْعَرَّت الإِبل واصْعَنْفَرَت وتَمَشْمَشَتْ وامْذَقَرَّت إِذا تفرَّقت. وضرَبه فاصْعَنْرَرَ واصْعَرَّر، بإِدغام النُّونِ فِي الرَّاءِ، أَي اسْتَدَارَ مِنَ الْوَجَعِ مَكَانَهُ وتقبَّض. والصَّمْعَرُ: الشَّدِيدُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ؛ يُقَالُ: رَجُلٌ صَمْعَرِيٌّ. والصَّمْعَرَةُ: الأَرض الغلِيظة. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الصَّعارِيرُ مَا جَمَدَ مِنَ اللَّثَا. وَقَدْ سَمَّوْا أَصْعَرَ وصُعَيراً وصَعْرانَ، وثَعْلَبَةُ بْنُ صُعَيرٍ المازِني.
صعبر: الصَّعْبَرُ والصَّنَعْبرُ: شجَر كالسِّدْر. والصُّعْبُورُ: الصَّغِيرُ الرأْس كالصُّعْرُوبِ.
صعتر: الصَّعْتَرُ مِنَ البُقول، بِالصَّادِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّبات، وَاحِدَتُهُ صَعْتَرَة، وَبِهَا كُنِي البَوْلانيُّ أَبا صَعْتَرَة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّعْتَرُ مِمَّا يَنْبُتُ بأَرض العرَب، مِنْهُ سُهْلِيٌّ وَمِنْهُ جَبَلِيٌّ. وَتَرْجَمَةُ الْجَوْهَرِيِّ عَلَيْهِ سَعْتَرُ، بِالسِّينِ، قال: وبعضهم
__________
(1) . وينسب هذا البيت إِلى المتلمّس(4/457)
يَكْتُبُهُ بِالصَّادِ فِي كُتُب الطِّبِّ لِئَلَّا يَلْتَبس بالشَّعير. وصَعْتر: اسْمُ مَوْضِعٍ. والصَّعْتَرِيُّ: الشاطِرُ؛ عراقيَّة. الأَزهري: رَجُلٌ صَعْتَرِيٌّ لَا غَيْرُ إِذا كَانَ فَتًى كَريماً شُجاعاً.
صعفر: اصْعَنْفَرَت الإِبل: أَجَدَّت فِي سَيرِها. واصْعَنْفَرَ إِذا نَفَرَ. واصْعَنْفَرَت الحُمُر إِذا ابْذَعَرَّتْ فَنَفَرَت وتفرَّقت وأَسْرَعَتْ فِراراً، وإِنما صَعْفَرَها الخَوف والفَرَق؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ الرَّامِي وَالْحُمُرَ:
فَلَمْ يُصِبْ واصْعَنْفَرَت جَوافِلا
وَرُوِيَ: وَاسْحَنْفَرَتْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ المَعَز اصْعَنْفَرَتْ نَفَرَتْ وتفرَّقت؛ وأَنشد:
وَلَا غَرْوَ إِنْ نُرْوِهِمْ مِنْ نِبالِنا، ... كما اصْعَنْفَرَت مِعزَى الحِجازِ مِنَ السَّعْف
والمُصْعَنْفِرُ: الْمَاضِي كالمُسْحَنْفِرِ.
صعمر: الصُّعْمُور: الدُّولاب كالعُصْمُور.
صغر: الصِّغَرُ: ضِدُّ الْكِبَرِ. ابْنُ سِيدَهْ: الصِّغَر والصَّغارةُ خِلاف العِظَم، وَقِيلَ: الصِّغَر فِي الجِرْم، والصَّغارة فِي القَدْر؛ صَغُرَ صَغارةً وصِغَراً وصَغِرَ يَصْغَرُ صَغَراً؛ بِفَتْحِ الصَّادِ وَالْغَيْنِ، وصُغْراناً؛ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ الأَعرابي: فَهُوَ صَغِير وصُغار، بِالضَّمِّ، وَالْجَمْعُ صِغَار. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَافَقَ الذِين يَقُولُونَ فَعِيلًا الَّذِينَ يَقُولُونَ فُعالًا لاعتِقابِهما كَثِيرًا، وَلَمْ يَقُولُوا صُغَراء، اسْتَغْنوا عَنْهُ بِفِعال، وَقَدْ جُمع الصَّغِير فِي الشِّعْرِ عَلَى صُغَراء؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو:
وللكُبَراءِ أَكْلٌ حيث شاؤوا، ... وللصُّغَراء أَكْلٌ واقْتِثامُ
والمَصْغُوراءُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ. والأَصاغِرَة: جَمْعُ الأَصْغَر. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنما ذَكَرْتُ هَذَا لأَنه مِمَّا تَلْحَقُهُ الْهَاءُ فِي حدِّ الْجَمْعِ إِذْ لَيْسَ مَنْسُوبًا وَلَا أَعجميّاً وَلَا أَهل أَرض ونحوَ ذَلِكَ مِنَ الأَسباب الَّتِي تُدْخِلُهَا الْهَاءُ فِي حَدِّ الْجَمْعِ، لَكِنَّ الأَصْغَر لَمَّا خَرَجَ عَلَى بِنَاءِ القَشْعَم وَكَانُوا يَقُولُونَ القَشاعِمَة أَلحقُوه الْهَاءَ، وَقَدْ قَالُوا الأَصاغِر، بِغَيْرِ هَاءٍ، إِذ قَدْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الأَعجمي نَحْوَ الجَوارِب والكَرابِج، وإِنما حَمَلَهُمْ عَلَى تَكْسِيرِهِ أَنه لَمْ يتمكَّن فِي بَابِ الصِّفَةِ. والصُّغْرَى: تأْنيث الأَصْغَر، وَالْجَمْعُ الصُّغَرُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: يُقَالُ نِسْوَة صُغَرُ وَلَا يُقَالُ قَوْمٌ أَصاغِر إِلا بالأَلف وَاللَّامِ: قَالَ: وَسَمِعْنَا الْعَرَبَ تَقُولُ الأَصاغِر، وإِن شِئْتَ قُلْتَ الأَصْغَرُون. ابْنُ السِّكِّيتِ: وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: المرْء بِأَصْغَرَيْهِ؛ وأَصْغَراه قلْبُه وَلِسَانُهُ، وَمَعْنَاهُ أَن المَرْءَ يَعْلُو الأُمور ويَضْبِطها بِجَنانه وَلِسَانِهِ. وأَصْغَرَه غَيْرُهُ وصَغَّره تَصْغِيراً، وتَصْغِيرُ الصَّغِير صُغَيِّر وصُغَيِّير؛ الأُولى عَلَى الْقِيَاسِ والأُخرى عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ. واسْتَصْغَره: عَدَّه صَغِيراً. وصَغَّرَه وأَصْغَرَه: جعلَه صَغِيراً. وأَصْغَرْت القِرْبَة: خَرزَتُها صَغِيرة؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:
شُلَّتْ يَدا فارِيَةٍ فَرَتْها، ... لَوْ خافَتِ النَّزْع لأَصْغَرَتْها
وَيُرْوَى:
لَوْ خافَتِ السَّاقي لأَصْغَرَتْها
وَالتَّصْغِيرُ لِلِاسْمِ وَالنَّعْتُ يَكُونُ تَحْقِيرًا وَيَكُونُ شَفَقَةً وَيَكُونُ تَخْصِيصًا، كَقَوْلِ الحُباب بْنُ المنذِر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب؛ وَهُوَ مُفَسَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَالتَّصْغِيرُ يَجِيءُ بمعانٍ شتَّى: مِنْهَا مَا يَجِيءُ عَلَى التَّعْظِيمِ لَهَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: فأَصابتها سُنَيَّة(4/458)
حَمْرَاءُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الأَنصاري: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَتتكم الدُّهَيْماءُ
؛ يَعْنِي الْفِتْنَةَ الْمُظْلِمَةَ فصغَّرها تَهْوِيلًا لَهَا، وَمِنْهَا أَن يصغُر الشَّيْءُ فِي ذَاتِهِ كَقَوْلِهِمْ: دُوَيْرَة وجُحَيْرَة، وَمِنْهَا مَا يَجِيءُ لِلتَّحْقِيرِ فِي غَيْرِ الْمُخَاطَبِ، وَلَيْسَ لَهُ نَقْصٌ فِي ذَاتِهِ، كَقَوْلِهِمْ: هَلَكَ الْقَوْمُ إِلا أَهلَ بُيَيْتٍ، وَذَهَبَتِ الدَّرَاهِمُ إِلا دُرَيْهِماً، وَمِنْهَا مَا يَجِيءُ لِلذَّمِّ كَقَوْلِهِمْ: يَا فُوَيْسِقُ، وَمِنْهَا مَا يَجِيءُ للعَطْف وَالشَّفَقَةِ نَحْوَ: يَا بُنَيَّ وَيَا أُخَيَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ: أَخاف عَلَى هَذَا السبب «2» . وَهُوَ صُدَيِّقِي
أَي أَخصُّ أَصدقائي، وَمِنْهَا مَا يَجِيءُ بِمَعْنَى التَّقْرِيبِ كَقَوْلِهِمْ: دُوَيْنَ الْحَائِطِ وقُبَيْلَ الصُّبْحِ، وَمِنْهَا مَا يَجِيءُ لِلْمَدْحِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ
عُمَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ: كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلْماً.
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قُلْتُ لِعُرْوَةَ: كَمْ لَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَكَّةَ؟ قَالَ: عَشْرًا، قُلْتُ: فَابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ بِضْعَ عشرةَ سَنَةً، قَالَ عُرْوَةُ: فصغَّره
أَي اسْتَصْغَرَ سنَّه عَنْ ضَبْطِ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَغَفَّرَهُ أَي قَالَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي غَفَرَ أَيضاً. والإِصغار مِنَ الْحَنِينِ: خِلَافُ الإِكبار؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
فَمَا عَجُولٌ عَلَى بَوٍّ تُطِيفُ بِهِ، ... لَهَا حَنينانِ: إِصْغارٌ وإِكْبارُ
فَإِصْغارُها: حَنِينها إِذا خَفَضته، وإِكْبارُها: حَنِينها إِذا رَفَعته، وَالْمَعْنَى لها حَنِينٌ ذو صغار وحَنِينٌ ذُو كبار. وأَرضٌ مُصْغِرَة: نَبْتها صَغِيرٌ لَمْ يَطُل. وَفُلَانٌ صِغْرَة أَبَوَيْهِ وصِغْرَةُ ولَد أَبويه أَي أَصْغَرهُمْ، وَهُوَ كِبْرَة وَلَدِ أَبيه أَي أَكبرهم؛ وَكَذَلِكَ فُلَانٌ صِغْرَةُ الْقَوْمِ وكِبْرَتُهم أَي أَصغرُهم وأَكبرهم. وَيَقُولُ صبيٌّ مِنْ صِبْيَانِ العرَب إِذ نُهِيَ عَنِ اللَّعِب: أَنا مِنَ الصِّغْرَة أَي مِنَ الصِّغار. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: مَا صَغَرَني إِلا بِسَنَةٍ أَي مَا صَغُرَ عَنِّي إِلا بِسَنَةٍ. والصَّغار، بِالْفَتْحِ: الذُّلُّ والضَّيْمُ، وَكَذَلِكَ الصُّغْرُ، بِالضَّمِّ، وَالْمَصْدَرُ الصَّغَرُ، بِالتَّحْرِيكِ. يُقَالُ: قُمْ عَلَى صُغْرِك وصَغَرِك. اللَّيْثُ: يُقَالُ صَغِرَ فُلَانٌ يَصْغَرُ صَغَراً وصَغاراً، فَهُوَ صاغِر إِذا رَضِيَ بالضَّيْم وأَقَرَّ بِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ
؛ أَي أَذِلَّاءُ. والمَصْغُوراء: الصَّغار. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: سَيُصِيب الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغار عِنْدَ اللَّهِ؛ أَي هُمْ، وإِن كَانُوا أَكابر فِي الدُّنْيَا، فَسَيُصِيبُهُمْ صَغار عِنْدَ اللَّهِ أَي مَذَلَّة. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ
؛ أَي يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ. والصَّغار: مَصْدَرُ الصَّغِير فِي القَدْر. والصَّاغِرُ: الرَّاضِي بالذُّلِّ والضيْمِ، وَالْجَمْعُ صَغَرة. وَقَدْ صَغُرَ «3» . صَغَراً وصُغْراً وصَغاراً وصَغارَة وأَصْغَرَه: جَعَلَهُ صاغِراً. وتَصاغَرَتْ إِليه نفسُه: صَغُرت وتَحاقَرَتْ ذُلًّا ومَهانَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا قلتَ ذَلِكَ تَصاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مثلَ الذُّباب
؛ يَعْنِي الشَّيْطَانَ، أَي ذَلَّ وَامَّحَقَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الصِّغَر والصَّغارِ، وَهُوَ الذُّلُّ وَالْهَوَانُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ يَصِفُ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: بِرَغْمِ المُنافِقين وصَغَر الحاسِدين
أَي ذُلِّهِم وهَوانِهم. وَفِي حديثِ المُحْرِم:
يَقْتُلُ الحيَّة بصَغَرٍ لَها.
وصَغُرَتِ الشمسُ: مالَتْ لِلْغُرُوبِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وصَغْران: موضع.
__________
(2) . قوله: هذا السبب هكذا في الأَصل من غير نقط
(3) . قوله: [وقد صغر إلخ] من باب كرم كما في القاموس ومن باب فرح أَيضاً كما في المصباح كما أَنه منهما بمعنى ضد العظم(4/459)
صفر: الصُّفْرة مِنَ الأَلوان: مَعْرُوفَةٌ تَكُونُ فِي الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ممَّا يقبَلُها، وَحَكَاهَا ابْنُ الأَعرابي فِي الْمَاءِ أَيضاً. والصُّفْرة أَيضاً: السَّواد، وَقَدِ اصْفَرَّ وَاصْفَارَّ وَهُوَ أَصْفَر وصَفَّرَه غيرُه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: كأَنه جِمَالاتٌ صُفْرٌ، قَالَ: الصُّفر سُود الإِبل لَا يُرَى أَسود مِنَ الإِبل إِلا وَهُوَ مُشْرَب صُفْرة، وَلِذَلِكَ سمَّت الْعَرَبُ سُود الإِبل صُفراً، كَمَا سَمَّوا الظِّباءَ أُدْماً لِما يَعْلُوها مِنَ الظُّلْمَةِ فِي بَياضِها. أَبو عُبَيْدٍ: الأَصفر الأَسود؛ وَقَالَ الأَعشى:
تِلْكَ خَيْلي مِنْهُ، وَتِلْكَ رِكابي، ... هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها كالزَّبِيب
وَفَرَسٌ أَصْفَر: وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ زَرْدَهْ. قَالَ الأَصمعي: لَا يسمَّى أَصفر حَتَّى يصفرَّ ذَنَبُه وعُرْفُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: والأَصْفَرُ مِنَ الإِبل الَّذِي تَصْفَرُّ أَرْضُهُ وتَنْفُذُه شَعْرة صَفْراء. والأَصْفَران: الذَّهَبُ والزَّعْفَران، وَقِيلَ الوَرْسُ وَالذَّهَبُ. وأَهْلَكَ النِّساءَ الأَصْفَران: الذَّهَبُ والزَّعْفَران، وَيُقَالُ: الوَرْس وَالزَّعْفَرَانُ. والصَّفْراء: الذَّهَبُ لِلَوْنها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا دُنْيَا احْمَرِّي واصْفَرِّي وغُرِّي غَيْرِي.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا صَفْراءُ اصْفَرِّي وَيَا بَيْضاء ابْيَضِّي
؛ يُرِيدُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صالَحَ أَهلَ خَيْبَر عَلَى الصَّفْراء والبَيْضاء والحَلْقَة
؛ الصَّفْراء: الذَّهَبُ، وَالْبَيْضَاءُ: الفِضة، والحَلْقة: الدُّرُوع. يُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ صَفْرَاءُ وَلَا بَيْضاء. والصَّفْراءُ مِنَ المِرَرِ: سمَّيت بِذَلِكَ لِلَوْنِهَا. وصَفَّرَ الثوبَ: صَبغَهُ بِصُفْرَة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عُتْبة ابن رَبِيعة لأَبي جَهْلٍ: سَيَعْلَمُ المُصَفِّر اسْتَه مَن المَقْتُولُ غَداً. وَفِي حَدِيثِ بَدْر:
قَالَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ لأَبي جَهْلٍ: يَا مُصَفِّر اسْتِهِ
؛ رَماه بالأُبْنَةِ وأَنه يُزَعْفِر اسْتَهُ؛ وَيُقَالُ: هِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ للمُتَنَعِّمِ المُتْرَفِ الَّذِي لَمْ تُحَنِّكْهُ التَّجارِب وَالشَّدَائِدُ، وَقِيلَ: أَراد يَا مُضَرِّط نَفْسَهُ مِنَ الصَّفِير، وَهُوَ الصَّوْتُ بِالْفَمِ وَالشَّفَتَيْنِ، كأَنه قَالَ: يَا ضَرَّاط، نَسَبه إِلى الجُبْن والخَوَر؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه سَمِعَ صَفِيرَه.
الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ فِي الشَّتْمِ: فُلَانٌ مُصَفَّر اسْتِه؛ هُوَ مِنَ الصَّفِيرِ لَا مِنَ الصُّفرة، أَي ضَرَّاط. والصَّفْراء: القَوْس. والمُصَفِّرة: الَّذِين عَلامَتُهم الصُّفْرَة، كَقَوْلِكَ المُحَمِّرة والمُبَيِّضَةُ. والصُّفْرِيَّة: تَمْرَةٌ يماميَّة تُجَفَّف بُسْراً وَهِيَ صَفْراء، فإِذا جَفَّت فَفُركَتْ انْفَرَكَتْ، ويُحَلَّى بِهَا السَّوِيق فَتَفوق مَوْقِع السُّكَّر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَهَكَذَا قَالَ: تَمْرَةٌ يَمامِيَّة فأَوقع لَفْظَ الإِفراد عَلَى الْجِنْسِ، وَهُوَ يُسْتَعْمَلُ مِثْلَ هَذَا كَثِيرًا. والصُّفَارَة مِنَ النَّبات: مَا ذَوِيَ فتغيَّر إِلى الصُّفْرَة. والصُّفارُ: يَبِيسُ البُهْمَى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه لِصُفْرَته؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وحَتَّى اعْتَلى البُهْمَى مِنَ الصَّيْفِ نافِضٌ، ... كَمَا نَفَضَتْ خَيْلٌ نواصِيَها شُقْرُ
والصَّفَرُ: داءٌ فِي الْبَطْنِ يصفرُّ مِنْهُ الْوَجْهُ. والصَّفَرُ: حَيَّة تلزَق بِالضُّلُوعِ فَتَعَضُّها، الْوَاحِدُ وَالْجَمِيعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: وَاحِدَتُهُ صَفَرَة، وَقِيلَ: الصَّفَرُ دابَّة تَعَضُّ الضُّلوع والشَّرَاسِيف؛ قَالَ أَعشى باهِلة يَرْثِي أَخاه:
لَا يَتَأَرَّى لِمَا فِي القِدْرِ يَرْقُبُهُ، ... وَلَا يَعَضُّ عَلَى شُرْسُوفِه الصَّفَرُ(4/460)
وقيل: الصَّفَر هاهنا الجُوع. وَفِي الْحَدِيثِ:
صَفْرَة فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ حُمْر النَّعَمِ
؛ أَي جَوْعَة. يُقَالُ: صَفِر الوَطْب إِذا خَلَا مِنَ اللَّبَن، وَقِيلَ: الصَّفَر حَنَش البَطْن، والصَّفَر فِيمَا تَزْعُمُ الْعَرَبُ: حيَّة فِي الْبَطْنِ تَعَضُّ الإِنسان إِذا جَاعَ، واللَّذْع الَّذِي يَجِدُهُ عِنْدَ الْجُوعِ مِنْ عَضِّه. والصَّفَر والصُّفار: دُودٌ يَكُونُ فِي الْبَطْنِ وشَراسيف الأَضلاع فيصفرُّ عَنْهُ الإِنسان جِدّاً وربَّما قَتَلَهُ. وَقَوْلُهُمْ: لَا يَلْتاطُ هَذَا بِصَفَري أَي لَا يَلْزَق بِي وَلَا تقبَله نَفْسِي. والصُّفار: الْمَاءُ الأَصْفَرُ الَّذِي يُصيب الْبَطْنَ، وَهُوَ السِّقْيُ، وَقَدْ صُفِرَ، بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: والصُّفار، بِالضَّمِّ، اجْتِمَاعُ الْمَاءِ الأَصفر فِي الْبَطْنِ، يُعالَجُ بِقَطْعِ النَّائط، وَهُوَ عِرْق فِي الصُّلْب؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يصِف ثَوْرَ وَحْشٍ ضَرَبَ الْكَلْبَ بِقَرْنِهِ فَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَدَمِ الْمَفْصُودِ أَو المَصْفُور الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِهِ الْمَاءُ الأَصفر:
وبَجَّ كلَّ عانِدٍ نَعُورِ، ... قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ
وبَجَّ: شَقَّ، أَي شَقَّ الثورُ بِقَرْنِهِ كُلَّ عِرْق عانِدٍ نَعُور. والعانِد: الَّذِي لَا يَرْقأُ لَهُ دمٌ. ونَعُور: يَنْعَرُ بِالدَّمِ أَي يَفُور؛ وَمِنْهُ عِرْق نَعَّار. وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَائِلٍ: أَن رَجُلًا أَصابه الصَّفَر فنُعِت لَهُ السُّكَّر
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُوَ الحَبَنُ، وَهُوَ اجْتِمَاعُ الْمَاءِ فِي الْبَطْنِ. يُقَالُ: صُفِر، فَهُوَ مَصْفُور، وصَفِرَ يَصْفَرُ صَفَراً؛ وَرَوَى أَبو الْعَبَّاسِ أَن ابْنَ الأَعرابي أَنشده فِي قَوْلِهِ:
يَا رِيحَ بَيْنُونَةَ لَا تَذْمِينا، ... جِئْتِ بأَلْوان المُصَفَّرِينا
قَالَ قَوْمٌ: هُوَ مأْخوذ مِنَ الْمَاءِ الأَصفر وَصَاحِبُهُ يَرْشَحُ رَشْحاً مُنْتِناً، وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مأْخوذ مِنَ الصَّفَر، وَهُوَ الجوعُ، الْوَاحِدَةُ صَفْرَة. وَرَجُلٌ مَصْفُور ومُصَفَّر إِذا كَانَ جَائِعًا، وَقِيلَ: هُوَ مأْخوذ مَنْ الصَّفَر، وَهِيَ حيَّات الْبَطْنِ. وَيُقَالُ: إِنه لَفِي صُفْرة لِلَّذِي يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ إِذا كَانَ فِي أَيام يَزُولُ فِيهَا عَقْلُهُ، لأَنهم كَانُوا يَمْسَحُونَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الزَّعْفَرَانِ. والصُّفْر: النُّحاس الْجَيِّدُ، وَقِيلَ: الصُّفْر ضرْب مِنَ النُّحاس، وَقِيلَ: هُوَ مَا صَفَرَ مِنْهُ، وَاحِدَتُهُ صُفْرة، والصِّفْر: لُغَةٌ فِي الصُّفْر؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ وَحْدَهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يَكُ يُجيزه غَيْرُهُ، وَالضَّمُّ أَجود، وَنَفَى بَعْضُهُمُ الْكَسْرَ. الْجَوْهَرِيُّ: والصُّفْر، بِالضَّمِّ، الَّذِي تُعمل مِنْهُ الأَواني. والصَّفَّار: صَانِعُ الصُّفْر؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
لَا تُعْجِلاها أَنْ تَجُرَّ جَرّا، ... تَحْدُرُ صُفْراً وتُعَلِّي بُرّا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الصُّفْر هُنَا الذَّهَبُ، فإِمَّا أَن يَكُونَ عَنَى بِهِ الدَّنَانِيرَ لأَنها صُفْر، وإِمَّا أَن يَكُونَ سَمَّاهُ بالصُّفْر الَّذِي تُعْمل مِنْهُ الْآنِيَةُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُشَابَهَةِ حَتَّى سُمِّيَ اللَّاطُون شَبَهاً. والصِّفْر والصَّفْر والصُّفْر: الشَّيْءُ الْخَالِي، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ وَالْوَاحِدُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ سَوَاءٌ؛ قَالَ حَاتِمٌ:
تَرَى أَنَّ مَا أَنفقتُ لَمْ يَكُ ضَرَّني، ... وأَنَّ يَدِي، مِمَّا بخلتُ بِهِ، صفْرُ
وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَصفار؛ قَالَ:
لَيْسَتْ بأَصْفار لِمَنْ ... يَعْفُو، وَلَا رُحٍّ رَحَارحْ
وَقَالُوا: إِناءٌ أَصْفارٌ لَا شَيْءَ فِيهِ، كَمَا قَالُوا: بُرْمَة أَعْشار. وَآنِيَةٌ صُفْر: كَقَوْلِكَ نسْوَة عَدْل. وَقَدْ صَفِرَ الإِناء مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، والرَطْب مِنَ(4/461)
اللَّبَن بِالْكَسْرِ، يَصْفَرُ صَفَراً وصُفُوراً أَي خَلًّا، فَهُوَ صَفِر. وَفِي التَّهْذِيبِ: صَفُر يَصْفُر صُفُورة. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ قَرَعِ الفِناء وصَفَرِ الإِناء؛ يَعْنُون بِهِ هَلاك المَواشي؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: صَفِرَ الرَّجُلُ يَصْفَر صَفِيراً وصَفِر الإِناء. وَيُقَالُ: بَيْتٌ صَفِر مِنَ الْمَتَاعِ، وَرَجُلٌ صِفْرُ الْيَدَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ أَصْفَرَ الْبُيُوتِ «4» . مِنَ الْخَيْرِ البَيْتُ الصَّفِرُ مِنْ كِتاب اللَّهِ.
وأَصْفَر الرَّجُلُ، فَهُوَ مُصْفِر، أَي افْتَقَرَ. والصَّفَر: مَصْدَرٌ قَوْلُكَ صَفِر الشَّيْءُ، بِالْكَسْرِ، أَي خَلَا. والصِّفْر فِي حِساب الْهِنْدِ: هُوَ الدَّائِرَةُ فِي الْبَيْتِ يُفْني حِسابه. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى فِي الأَضاحي عَنِ المَصْفُورة والمُصْفَرة
؛ قِيلَ: المَصْفورة المستأْصَلة الأُذُن، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن صِماخيها صَفِرا مِنَ الأُذُن أَي خَلَوَا، وإِن رُوِيَت المُصَفَّرة بِالتَّشْدِيدِ فَللتَّكسِير، وَقِيلَ: هِيَ الْمَهْزُولَةُ لخلوِّها مِنَ السِّمَن؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ فِي المَصْفُورة: هِيَ المَهْزُولة، وَقِيلَ لَهَا مُصَفَّرة لأَنها كأَنها خَلَت مِنَ الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ، مِنْ قَوْلِكَ: هو صِفْر [صُفْر] مِنَ الْخَيْرِ أَي خالٍ. وَهُوَ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ:
إِنَّه نَهَى عَنِ العَجْفاء الَّتِي لَا تُنْقِي
، قَالَ: وَرَوَاهُ شَمِرٌ بَالْغَيْنِ مُعْجَمَةً، وَفَسَّرَهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَا أَعرفه؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ مِنْ الصِّغار. أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهِمْ لِلذَّلِيلِ مُجَدَّع ومُصلَّم؟ وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ زَرْعٍ: صِفْرُ رِدائها ومِلءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها
؛ الْمَعْنَى أَنها ضامِرَة الْبَطْنِ فكأَن رِداءها صِفْر أَي خالٍ لشدَّة ضُمور بَطْنِهَا، والرِّداء يَنْتَهِي إِلى الْبَطْنِ فَيَقَعُ عَلَيْهِ. وأَصفَرَ البيتَ: أَخلاه. تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا أَصْغَيْت لَكَ إِناء وَلَا أَصْفَرْت لَكَ فِناءً، وَهَذَا فِي المَعْذِرة، يَقُولُ: لَمْ آخُذْ إِبِلَك ومالَك فَيَبْقَى إِناؤُك مَكْبوباً لَا تَجِدُ لَهُ لَبَناً تَحْلُبه فِيهِ، وَيَبْقَى فِناؤك خالِياً مَسْلُوباً لَا تَجِدُ بَعِيرًا يَبْرُك فِيهِ وَلَا شَاةً تَرْبِضُ هُنَاكَ. والصَّفارِيت: الْفُقَرَاءُ، الْوَاحِدُ صِفْرِيت؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَا خُورٌ صَفارِيتُ
وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده وَلَا خُورٍ، وَالْبَيْتُ بِكَمَالِهِ:
بِفِتْيَةٍ كسُيُوف الهِنْدِ لَا وَرَعٍ ... مِنَ الشَّباب، وَلَا خُورٍ صَفارِيتِ
وَالْقَصِيدَةُ كُلُّهَا مَخْفُوضَةٌ وأَولها:
يَا دَارَ مَيَّةَ بالخَلْصاء حُيِّيتِ
وصَفِرَت وِطابُه: مَاتَ، قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً، ... وَلَوْ أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب
وَهُوَ مثَل مَعْنَاهُ أَن جِسْمَهُ خَلَا مِنْ رُوحه أَي لَوْ أَدركته الْخَيْلُ لَقَتَلَتْهُ ففزِعت، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الْخَيْلَ لَوْ أَدركته قُتل فصَفِرَت وِطابُه الَّتِي كَانَ يَقْرِي مِنْهَا وِطابُ لَبَنِه، وَهِيَ جِسْمُهُ مِنْ دَمِه إِذا سُفِك. والصَّفْراء: الْجَرَادَةُ إِذا خَلَت مِنَ البَيْضِ؛ قَالَ:
فَمَا صَفْراءُ تُكْنَى أُمَّ عَوْفٍ، ... كأَنَّ رُجَيْلَتَيْها مِنْجَلانِ؟
وصَفَر: الشَّهْرُ الَّذِي بَعْدَ المحرَّم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنما سُمِّيَ صَفَراً لأَنهم كَانُوا يَمْتارُون الطَّعَامَ فِيهِ مِنَ الْمَوَاضِعِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لإِصْفار مَكَّةَ
__________
(4) . قوله: [إن أصفر البيوت] كذا بالأَصل، وفي النهاية أصفر البيوت بإسقاط لفظ إِن(4/462)
مِنْ أَهلها إِذا سَافَرُوا؛ وَرُوِيَ عَنْ رُؤْبَةَ أَنه قَالَ: سَمَّوا الشَّهْرَ صَفَراً لأَنهم كَانُوا يَغْزون فِيهِ القَبائل فَيَتْرُكُونَ مَنْ لَقُوا صِفْراً مِنَ المَتاع، وَذَلِكَ أَن صَفَراً بَعْدَ الْمُحَرَّمِ فَقَالُوا: صَفِر النَّاسُ مِنَّا صَفَراً. قَالَ ثَعْلَبٌ: النَّاسُ كُلُّهُمْ يَصرِفون صَفَراً إِلَّا أَبا عُبَيْدَةَ فإِنه قَالَ لَا يَنْصَرِفُ؛ فَقِيلَ لَهُ: لِمَ لَا تَصْرِفُهُ؟ «1» ... لأَن النَّحْوِيِّينَ قَدْ أَجمعوا عَلَى صَرْفِهِ، وَقَالُوا: لَا يَمنع الْحَرْفُ مِنَ الصَّرْف إِلَّا علَّتان، فأَخبرنا بِالْعِلَّتَيْنِ فِيهِ حَتَّى نَتْبَعَكَ، فَقَالَ: نَعَمِ، العلَّتان الْمَعْرِفَةُ والسَّاعةُ، قَالَ أَبو عمر: أَراد أَن الأَزمنة كُلَّهَا سَاعَاتٌ وَالسَّاعَاتُ مُؤَنَّثَةٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
أَقامَتْ بِهِ كمُقام الحَنِيفِ ... شَهْرَيْ جُمادى، وشَهْرَيْ صَفَر
أَراد المحرَّم وَصَفَرًا، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: وشهرَ صَفَرْ عَلَى احْتِمَالِ الْقَبْضِ فِي الْجَزْءِ، فإِذا جَمَعُوهُ مَعَ المحرَّم قَالُوا: صَفران، وَالْجَمْعُ أَصفار؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيانَ عَنْ أُقُرٍ، ... وَعَنْ تَرَبُّعِهِم فِي كلِّ أَصْفارِ
وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ: الصَّفَرانِ شَهْرَانِ مِنَ السَّنَةِ سُمِّيَ أَحدُهما فِي الإِسلام المحرَّم. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
لَا عَدْوَى وَلَا هامَةَ وَلَا صَفَر
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَسَرَّ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ أَن صَفَرَ دَوَابُّ البَطْن. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ يُونُسَ سأَل رُؤْبَةَ عَنِ الصَّفَر، فَقَالَ: هِيَ حَيَّة تَكُونُ فِي الْبَطْنِ تُصِيبُ الْمَاشِيَةَ وَالنَّاسَ، قَالَ: وَهِيَ أَعدى مِنَ الجَرَب عِنْدَ الْعَرَبِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فأَبطل النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَنها تُعْدِي. قَالَ: وَيُقَالُ إِنها تَشْتَدُّ عَلَى الإِنسان وَتُؤْذِيهِ إِذا جَاعَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ لَا صَفَر: يُقَالُ فِي الصَّفَر أَيضاً إِنه أَراد بِهِ النَّسيءَ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ تأْخيرهم المحرَّم إِلى صَفَرٍ فِي تَحْرِيمِهِ وَيَجْعَلُونَ صَفَراً هُوَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ فأَبطله؛ قَالَ الأَزهري: وَالْوَجْهُ فِيهِ التَّفْسِيرُ الأَول، وَقِيلَ لِلْحَيَّةِ الَّتِي تَعَضُّ الْبَطْنَ: صَفَر لأَنها تَفْعَلُ ذَلِكَ إِذا جَاعَ الإِنسان. والصَّفَرِيَّةُ: نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي أَوَّل الْخَرِيفِ يخضِّر الأَرض وَيُورِقُ الشَّجَرَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: سُمِّيَتْ صَفَرِيَّةً لأَن الْمَاشِيَةَ تَصْفَرُّ إِذا رَعَتْ مَا يَخْضَرُّ مِنَ الشَّجَرِ وَتَرَى مَغابِنَها ومَشَافِرَها وأَوْبارَها صُفْراً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَجد هَذَا مَعْرُوفًا. والصُّفَارُ: صُفْرَة تَعْلُو اللَّوْنَ وَالْبَشَرَةَ، قَالَ: وَصَاحِبُهُ مَصْفُورٌ؛ وأَنشد:
قَضْبَ الطَّبِيبِ نائطَ المَصْفُورِ
والصُّفْرَةُ: لَوْنُ الأَصْفَر، وَفِعْلُهُ اللَّازِمُ الاصْفِرَارُ. قَالَ: وأَما الاصْفِيرارُ فَعَرض يعرض الإِنسان؛ يُقَالُ: يصفارُّ مَرَّةً ويحمارُّ أُخرى، قَالَ: وَيُقَالُ فِي الأَوَّل اصْفَرَّ يَصْفَرُّ. والصَّفَريُّ: نَتَاج الْغَنَمِ مَعَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ، وَهُوَ أَوَّل الشِّتَاءِ، وَقِيلَ: الصَّفَرِيَّةُ «2» . مِنْ لَدُنْ طُلُوعِ سُهَيْلٍ إِلى سُقُوطِ الذِّرَاعِ حِينَ يَشْتَدُّ الْبَرْدُ وَحِينَئِذٍ يُنْتَجُ النَّاسُ، ونِتاجه مَحْمُودٌ، وَتُسَمَّى أَمطار هَذَا الْوَقْتِ صَفَرِيَّةً. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الصَّفَرِيَّةُ مَا بَيْنَ تَوَلِّي الْقَيْظِ إِلى إِقبال الشِّتَاءِ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَول الصَّفَرِيَّةِ طُلُوعُ سُهَيْلٍ وآخرها طلوع السِّماك. قَالَ: وَفِي أَوَّل الصَّفَرِيَّةِ أَربعون لَيْلَةً يَخْتَلِفُ حرها وبردها
__________
(1) . هكذا بياض بالأَصل
(2) . قوله: وقيل الصفرية [إلخ] عبارة القاموس وشرحه: والصفرية نَتَاجُ الْغَنَمِ مَعَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ، وَهُوَ أَوَّلُ الشِّتَاءِ. وَقِيلَ الصَّفَرِيَّةُ مِنْ لَدُنْ طُلُوعِ سُهَيْلٍ إِلى سُقُوطِ الذِّرَاعِ حِينَ يَشْتَدُّ الْبَرْدُ، وحينئذ يكون النتاج محموداً كالصفري محركة فيهما(4/463)
تُسَمَّى الْمُعْتَدِلَاتُ، والصَّفَرِيُّ فِي النِّتَاجِ بَعْدَ القَيْظِيِّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّفَرِيَّةُ تولِّي الْحَرِّ وإِقبال الْبَرْدِ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: الصَّقَعِيُّ أَول النِّتَاجِ، وَذَلِكَ حِينَ تَصْقَعُ الشمسُ فيه رؤوسَ البَهْم صَقْعاً، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ لَهُ الشَّمْسِي والقَيْظي ثم الصَّفَري بعد الصَّقَعِي، وَذَلِكَ عِنْدَ صِرَامِ النَّخِيلِ، ثُمَّ الشَّتْوِيُّ وَذَلِكَ فِي الرَّبِيعِ، ثُمَّ الدَّفَئِيُّ وَذَلِكَ حِينَ تدفأُ الشَّمْسُ، ثُمَّ الصَّيْفي ثُمَّ القَيْظي ثُمَّ الخَرْفِيُّ فِي آخِرِ الْقَيْظِ. والصَّفَرِية: نَبَاتٌ يَكُونُ فِي الْخَرِيفِ؛ والصَّفَري: الْمَطَرُ يأْتي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وتَصَفَّرَ الْمَالُ: حَسُنَتْ حَالُهُ وَذَهَبَتْ عَنْهُ وَغْرَة الْقَيْظِ. وَقَالَ مَرَّةً: الصَّفَرِية أَول الأَزمنة يَكُونُ شَهْرًا، وَقِيلَ: الصَّفَري أَول السَّنَةِ. والصَّفِير: مِنَ الصَّوْتِ بِالدَّوَابِّ إِذا سُقِيَتْ، صَفَرَ يَصْفِرُ صَفِيراً، وصَفَرَ بِالْحِمَارِ وصَفَّرَ: دَعَاهُ إِلى الْمَاءِ. والصَّافِرُ: كُلُّ مَا لَا يَصِيدُ مِنَ الطَّيْرِ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّفارِيَّة الصَّعْوَةُ والصَّافِر الجَبان؛ وصَفَرَ الطَّائِرُ يَصْفِرُ صَفِيراً أَي مَكَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: أَجْبَنُ مِنْ صَافِرٍ وأَصفَرُ مِنْ بُلْبُلٍ، والنَّسْر يَصْفِر. وَقَوْلُهُمْ: مَا فِي الدَّارِ صَافِرٌ أَي أَحد يَصْفِرُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: مَا فِي الدَّارِ «1» . أَحد يَصْفِرُ بِهِ، قَالَ: وَهَذَا مِمَّا جَاءَ عَلَى لَفْظِ فَاعِلٍ وَمَعْنَاهُ مَفْعُولٌ بِهِ؛ وأَنشد:
خَلَتِ المَنازل مَا بِها، ... مِمَّن عَهِدْت بِهِنَّ، صَافِر
وَمَا بِهَا صَافِر أَي مَا بِهَا أَحد، كَمَا يُقَالُ مَا بِهَا دَيَّارٌ، وَقِيلَ: أَي مَا بِهَا أَحد ذُو صَفير. وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: كَانَ فِي كَلَامِهِ صُفار، بِالضَّمِّ، يُرِيدُ صَفِيرًا. والصَّفَّارَةُ: الِاسْتُ. والصَّفَّارَةُ: هَنَةٌ جَوْفاء مِنْ نُحَاسٍ يَصْفِر فِيهَا الْغُلَامُ للحَمَام، ويَصْفِر فِيهَا بِالْحِمَارِ لِيَشْرَبَ. والصَّفَرُ: العَقل وَالْعَقْدُ. والصَّفَرُ: الرُّوعُ ولُبُّ القَلْبِ، يُقَالُ: مَا يَلْزَقُ ذَلِكَ بصَفَري. والصُّفَار والصِّفَارُ: مَا بَقِيَ فِي أَسنان الدَّابَّةِ مِنَ التِّبْنِ وَالْعَلَفِ لِلدَّوَابِّ كُلِّهَا. والصُّفَار: الْقُرَادُ، وَيُقَالُ: دُوَيْبَّةٌ تَكُونُ فِي مَآخِيرِ الْحَوَافِرِ وَالْمَنَاسِمِ؛ قَالَ الأَفوه:
وَلَقَدْ كُنْتُمْ حَدِيثاً زَمَعاً ... وذُنَابَى، حَيْثُ يَحْتَلُّ الصُّفَار
ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّحْمُ والصَّفَار، بِفَتْحِ الصَّادِ، نَبْتَانِ؛ وأَنشد:
إِنَّ العُرَيْمَةَ مانِعٌ أَرْوَاحنا، ... مَا كانَ مِنْ شَحْم بِهَا وَصَفَار «2»
. والصَّفَار، بِالْفَتْحِ: يَبِيس «3» البُهْمى. وصُفْرَةُ وصَفَّارٌ: اسْمَانِ. وأَبو صُفْرَةَ: كُنْيَة. والصُّفْرِيَّةُ، بِالضَّمِّ: جِنْسٌ مِنَ الْخَوَارِجِ، وَقِيلَ: قَوْمٌ مِنَ الحَرُورِيَّة سُمُّوا صُفْرِيَّةً لأَنهم نُسِبُوا إِلى صُفْرَةِ أَلوانهم، وَقِيلَ: إِلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفَّارٍ؛ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الأَخير مِنَ النَّسَبِ النَّادِرِ، وَفِي الصِّحَاحِ: صِنْفٌ مِنَ الْخَوَارِجِ نُسِبُوا إِلى زِيَادِ بْنِ الأَصْفَرِ رَئِيسِهِمْ، وَزَعَمَ قَوْمٌ أَن الَّذِي نُسِبُوا إِليه هُوَ عبد الله ابن الصَّفَّار وأَنهم الصِّفْرِيَّة، بِكَسْرِ الصاد؛ وقال
__________
(1) . قوله: وَفِي التَّهْذِيبِ مَا فِي الدار [إلخ] كذا بالأَصل
(2) . قوله: [أرواحنا] كذا بالأَصل وشرح القاموس، والذي في الصحاح وياقوت:
إِنَّ الْعُرَيْمَةَ مَانِعٌ أَرْمَاحُنَا ... مَا كَانَ مِنْ سَحَمٍ بِهَا وَصَفَارِ
والسحم، بالتحريك: شجر
(3) . قوله [والصفار بالفتح يبيس إلخ] كذا في الصحاح وضبطه في القاموس كغراب(4/464)
الأَصمعي: الصَّوَابُ الصِّفْرِيَّة، بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَخَاصَمَ رجُل مِنْهُمْ صاحبَه فِي السِّجْنِ فَقَالَ لَهُ: أَنت وَاللَّهِ صِفْرٌ مِنَ الدِّينِ، فَسُمُّوا الصِّفْرِيَّة، فَهُمُ المَهَالِبَةُ «1» . نُسِبُوا إِلى أَبي صُفْرَةَ، وَهُوَ أَبو المُهَلَّبِ وأَبو صُفْرَةَ كُنْيَتُهُ. والصَّفْراءُ: مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ والرَّمْل، وَقَدْ تنبُت بالجَلَد، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّفْراءُ نَبْتٌ مِنَ العُشب، وَهِيَ تُسَطَّح عَلَى الأَرض، وكأَنَّ ورقَها ورقُ الخَسِّ، وَهِيَ تأْكلها الإِبل أَكلا شَدِيدًا، وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: هِيَ مِنَ الذُّكُورِ. والصَّفْراءُ: شِعْب بِنَاحِيَةِ بَدْرٍ، وَيُقَالُ لَهَا الأَصَافِرُ. والصُّفَارِيَّةُ: طَائِرٌ. والصَّفْراء: فَرَسُ الْحَرْثِ بْنِ الأَصم، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَبَنُو الأَصْفَرِ: الرُّومُ، وَقِيلَ: مُلُوكُ الرُّومِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري لِمَ سُمُّوا بِذَلِكَ؛ قال عدي ابن زيد:
وِ بَنُو الأَصْفَرِ الكِرامُ، مُلُوكُ الرومِ، ... لَمْ يَبْقَ مِنْهُمُ مَذْكُورُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: اغْزُوا تَغْنَمُوا بَناتِ الأَصْفَرِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يَعْنِي الرومَ لأَن أَباهم الأَول كَانَ أَصْفَرَ اللَّوْنِ، وَهُوَ رُوم بن عِيْصُو بن إِسحق بْنِ إِبراهيم. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مَرْجِ الصُّفَّرِ، وَهُوَ بِضَمِّ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ، مَوْضِعٌ بغُوطَة دِمَشْقَ وَكَانَ بِهِ وَقْعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ مَعَ الرُّومِ. وَفِي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلى بَدْرٍ:
ثُمَّ جَزَع الصُّفَيْراءَ
؛ هِيَ تَصْغِيرُ الصَّفْرَاء، وَهِيَ مَوْضِعٌ مُجَاوِرُ بَدْرٍ. والأَصَافِرُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كُثَيِّر:
عَفَا رابِغٌ مِنْ أَهْلِهِ فَالظَّوَاهِرُ، ... فأَكْنَافُ تُبْنَى قَدْ عَفَتْ فَالأَصافِرُ «2»
. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كَانَتْ إِذَا سُئِلَتْ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ قَرَأَتْ: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ «3» وَتَقُولُ: إِن البُرْمَةَ لَيُرَى فِي مائِهَا صُفْرَةٌ
، تَعْنِي أَن اللَّهَ حرَّم الدَّم فِي كِتَابِهِ، وَقَدْ تَرَخّص النَّاسُ فِي مَاءِ اللَّحْم فِي الْقِدْرِ وَهُوَ دَمٌ، فَكَيْفَ يُقْضَى عَلَى مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللَّهُ بِالتَّحْرِيمِ؟ قَالَ: كأَنها أَرادت أَن لَا تَجْعَلَ لُحُومَ السِّبَاع حَرَامًا كَالدَّمِ وَتَكُونُ عِنْدَهَا مَكْرُوهَةً، فإِنها لَا تَخْلُو أَن تَكُونَ قَدْ سَمِعَتْ نَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، عنها.
صقر: الصَقْرُ: الطَّائِرُ الَّذِي يُصاد بِهِ، مِنَ الْجَوَارِحِ. ابْنُ سِيدَهْ: والصَّقْرُ كُلُّ شَيْءٍ يَصيد مِنَ البُزَاةِ والشَّواهينِ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَالْجَمْعُ أَصْقُرٌ وصُقُورٌ وصُقُورَةٌ وصِقَارٌ وصِقَارَةٌ. والصُّقْرُ: جَمْعُ الصُّقُور الَّذِي هُوَ جَمْعُ صَقْرٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كَأَنَّ عَيْنَيْهِ، إِذا تَوَقَّدَا، ... عَيْنَا قَطَامِيٍّ منَ الصُّقْرِ بَدَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ بِمَا ذَكَرْنَا؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَن الصُّقْرَ جَمْعُ صَقْرٍ كَمَا ذَهَبَ إِليه أَبو حَنِيفَةَ مِنْ أَن زُهْواً جمع زَهْو، قال: وإِنما وَجَّهْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ جَمْعِ الْجَمْعِ، كَمَا ذَهَبَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
فرُهُنٌ مَقْبُوضَة
، إِلى أَنه جَمْعُ رَهْنٍ لَا
__________
(1) . قوله: [فهم المهالبة إلخ] عبارة القاموس وشرحه: والصفرية، بالضم أَيضاً، المهالبة المشهورون بالجود والكرم، نُسِبُوا إِلى أَبي صُفْرَةَ جدهم
(2) . قوله: [تبنى] في ياقوت: تبنى، بالضم ثم السكون وفتح النون والقصر، بلدة بحوران من أَعمال دمشق، واستشهد عليه بأَبيات أُخر. وفي باب الهمزة مع الصاد ذكر الأَصافر وأَنشد هذا البيت وفيه هرشى بدل تبنى، قال هرشى بالفتح ثم السكون وشين معجمة والقصر ثَنِيَّةٌ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ قريبة من الجحفة انتهى. وهو المناسب
(3) . الآية(4/465)
جَمْعُ رِهَان الَّذِي هُوَ جَمْعُ رَهْنٍ هَرَباً مِنْ جَمْعِ الْجَمْعِ، وإِن كَانَ تَكْسِيرَ فَعْلٍ عَلَى فُعْلٍ وفُعُلٍ قَلِيلًا، والأُنثى صَقْرَةٌ. والصَّقْرُ: اللَّبَنُ الشَّدِيدُ الحُمُوضَة. يُقَالُ: حَبَانا بِصَقْرَةٍ تَزْوِي الْوَجْهَ، كَمَا يُقَالُ بِصَرْبَةٍ؛ حَكَاهُمَا الْكِسَائِيُّ. وَمَا مَصَلَ مِنَ اللَّبن فامَّازَتْ خُثَارَته وصَفَتْ صَفْوَتُه فإِذا حَمِضَتْ كَانَتْ صِبَاغاً طيِّباً، فَهُوَ صَقْرَة. قَالَ الأَصمعي: إِذا بَلَغَ اللَّبَنُ مِنَ الحَمَضِ مَا لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ، فَهُوَ الصَّقْرُ. وَقَالَ شَمِرٌ: الصَّقْر الْحَامِضُ الَّذِي ضَرَبَتْهُ الشَّمْسُ فَحَمِضَ. يُقَالُ: أَتانا بِصَقْرَةٍ حامضة. قال: مِكْوَزَةُ: كأَن الصَّقْرَ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ بُزُرج: المُصْقَئِرُّ مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي قَدْ حَمِضَ وَامْتَنَعَ. والصَّقْرُ والصَّقْرَةُ: شِدَّةُ وقعِ الشَّمْسِ وحِدَّةُ حَرِّهَا، وَقِيلَ: شِدَّةُ وقْعِها عَلَى رأْسه؛ صَقَرَتْهُ تَصْقُرُهُ صَقْراً: آذَاهُ حَرُّها، وَقِيلَ: هُوَ إِذا حَمِيَتْ عَلَيْهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا ذَابَت الشمْسُ، اتَّقَى صَقَرَاتِها ... بِأَفْنَانِ مَرْبُوعِ الصَّرِيمَةِ مُعْبِلِ
وصَقَرَ النَّارَ صَقْراً وصَقَّرَهَا: أَوْقَدَها؛ وَقَدِ اصْتَقَرَتْ واصْطَقَرَتْ: جاؤوا بِهَا مَرَّةً عَلَى الأَصل ومَرَّةً عَلَى المضارَعة. وأَصْقَرَت الشَّمْسُ: اتَّقَدَتْ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ. وصَقَرَهُ بِالْعَصَا صَقْراً: ضَرَبَهُ بِهَا عَلَى رأْسه. والصَّوْقَرُ والصَّاقُورُ: الفأْس الْعَظِيمَةُ الَّتِي لَهَا رأْس وَاحِدٌ دَقِيقٌ تُكْسَرُ بِهِ الْحِجَارَةُ، وَهُوَ المِعْوَل أَيضاً. والصَّقْر: ضَرْبُ الْحِجَارَةِ بالمِعْوَل. وصَقَرَ الحَجَرَ يَصْقُرُهُ صَقْراً: ضَرَبَهُ بالصَّاقُور وَكَسَرَهُ بِهِ. والصَّاقُورُ: اللِّسان. والصَّاقِرَةُ: الدَّاهِيَةُ النَّازِلَةُ الشَّدِيدَةُ كالدَّامِغَةِ. والصَّقْرُ والصَّقَرُ: مَا تَحَلَّب مِنَ العِنَب وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ مِنْ غَيْرِ أَن يُعْصَر، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ مِنْ أَهل الْمَدِينَةِ بِهِ دِبْسَ التَّمْرِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يُسِيلُ مِنَ الرُّطَب إِذا يبسَ. والصَّقْرُ: الدِّبس عِنْدَ أَهل الْمَدِينَةِ. وصَقَّرَ التَّمْرَ: صبَّ عَلَيْهِ الصَّقْرَ. وَرُطَبٌ صَقِرٌ مَقِرٌ: صَقِرٌ ذُو صَقْرٍ ومَقِرٌ إِتباع، وَذَلِكَ التَّمْرُ الَّذِي يَصْلُحُ للدِّبس. وَهَذَا التَّمْرُ أَصْقَرُ مَنْ هَذَا أَي أَكْثَرُ صَقْراً؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وإِن لَمْ يَكْ لَهُ فِعْل. وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ لِلِسَانَيْنِ «4» . وَقَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا. والمُصَقَّرُ مِنَ الرُّطَبِ: المُصَلِّبُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الدِّبْسُ ليَلينَ، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالسِّينِ، لأَنهم كَثِيرًا مَا يَقْلِبُونَ الصَّادَ سِينًا إِذا كَانَ فِي الْكَلِمَةِ قَافٌ أَو طَاءٌ أَو عَيْنٌ أَو خَاءٌ مِثْلُ الصَّدْع والصِّماخ والصِّراط والبُصاق. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والصَّقْر، عِنْدَ البَحْرَانِيِّينَ، مَا سَالَ مِنْ جِلالِ التَّمْرِ الَّتِي كُنِزَتْ وسُدِّك بعضُها فَوْقَ بَعْضٍ فِي بَيْتٍ مُصَرَّج تَحْتَهَا خَوابٍ خُضْر، فَيَنْعَصِرُ مِنْهَا دِبْس خامٌ كأَنه الْعَسَلُ، وَرُبَّمَا أَخذوا الرُّطَب الجَيِّد مَلْقُوطًا مِنَ العِذْقِ فَجَعَلُوهُ فِي بَساتِيقَ وصَبّوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الصَّقْر، فَيُقَالُ لَهُ رُطَب مُصَقَّر، وَيُبْقَى رُطباً طَيِّبًا طُولَ السَّنَةِ وَقَالَ الأَصمعي: التَّصْقِيرُ أَن يُصَب عَلَى الرُّطَب الدِّبْسُ فَيُقَالُ رُطَب مُصَقَّر، مأْخوذ مِنَ الصَّقْرِ، وَهُوَ الدِّبْس. وَفِي حَدِيثِ
أَبي حَثْمَةَ: لَيْسَ الصَّقْر في رؤوس النَّخل.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ عسل الرُّطَب هاهنا، وَهُوَ الدِّبْس، وَهُوَ فِي غَيْرِ هَذَا اللَّبَنُ الْحَامِضُ. وَمَاءٌ مُصْقَرٌّ: مُتَغَيِّرٌ. والصَّقَر: مَا انْحَتَّ مِنْ وَرَقِ العِضاهِ والعُرْفُطِ والسَّلَمِ والطَّلْح والسَّمُر، وَلَا يُقَالُ لَهُ صَقَرٌ حتى يَسْقط.
__________
(4) . قوله: [للسانين] هكذا بالأَصل(4/466)
والصَّقْرُ: المَاءُ الآجِنُ. والصَّاقُورَةُ: بَاطِنُ القِحْف المُشْرِفُ عَلَى الدِّماغ، وَفِي التَّهْذِيبِ: والصَّاقُور بَاطِنُ القِحْفِ المُشْرِف فَوْقَ الدِّماغ كأَنه قَعْرُ قَصْعة. وصَاقُورَةُ والصَّاقُورَةُ: اسْمُ السَّمَاءِ الثَّالثة. والصَّقَّارُ: النَّمَّامُ. والصَّقَّار: اللَّعَّانُ لِغَيْرِ المُسْتَحِقين. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: مَلْعُون كُلُّ صَقَّارٍ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الصَّقَّار؟ قَالَ: نَشْءٌ يكونون في آخر الزَّمَنِ تَحِيَّتُهم بَيْنَهُمْ إِذا تَلَاقَوُا التَّلاعُن.
التَّهْذِيبُ عَنْ
سَهْلُ بْنُ مُعَاذٍ عَنْ أَبيه: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا تَزَالُ الأُمة عَلَى شَريعَةٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِمْ ثَلَاثٌ: مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْهُمُ العِلْمُ، ويَكْثُرْ فِيهِمُ الخُبْثُ، ويَظْهَرْ فيهم السَّقَّارُونَ، قَالُوا: وَمَا السَّقَّارُون يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَشَأٌ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ تَكُونُ تَحِيَّتُهُمْ بَيْنَهُمْ إِذا تَلَاقَوُا التلاعنَ
، وَرُوِيَ بِالسِّينِ وَبِالصَّادِ، وَفَسَّرَهُ بالنَّمَّامِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِهِ ذَا الكبْرِ والأُبَّهَةِ بأَنه يَمِيلُ بِخَدِّهِ. أَبو عُبَيْدَةَ: الصَّقْرَانِ دَائِرتانِ مِنَ الشَّعر عِنْدَ مُؤَخَّرِ اللِّبْدِ مِنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ، قَالَ: وحدُّ الظَّهْرِ إِلى الصَّقْرين. الْفَرَّاءُ: جَاءَ فُلَانٌ بالصُّقَرِ والبُقَرِ والصُّقارَى والبُقارَى إِذا جاءَ بالكَذِب الْفَاحِشِ. وَفِي النَّوَادِرِ: تَصَقَّرْت بِمَوْضِعِ كَذَا وَتَشَكَّلْتُ وَتَنَكَّفْتُ «1» . بِمَعْنَى تَلَبَّثْت. والصَّقَّار: الْكَافِرُ. والصَّقَّار: الدَّبَّاس، وَقِيلَ: السَّقَّار الْكَافِرُ، بِالسِّينِ. والصَّقْرُ: القِيَادَةُ عَلَى الحُرَم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَمِنْهُ الصَّقَّار الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. والصَّقُّور: الدَّيُّوث، وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنَ الصَّقُّور يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفاً وَلَا عَدْلًا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِمَعْنَى الصَّقَّار، وَقِيلَ: هُوَ الدَّيُّوث القَوَّاد عَلَى حُرَمه. وصَقَرُ: مِنْ أَسماء جَهَنَّمَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا، لُغَةٌ فِي سَقَر. والصَّوْقَرِيرُ: صَوْت طَائِرٍ يُرَجِّع فَتَسْمَعُ فِيهِ نَحْوَ هَذِهِ النَّغْمَة. وَفِي التَّهْذِيبِ: الصَّوْقَرِيرُ حِكَايَةُ صَوْتِ طَائِرٍ يُصَوْقِرُ فِي صِيَاحِهِ يُسْمَعُ فِي صَوْتِهِ نَحْوُ هَذِهِ النَّغْمَةِ. وصُقارَى: موضع.
صقعر: الصُّقْعُرُ: الْمَاءُ المُرُّ الْغَلِيظُ. والصَّقْعَرَةُ: هُوَ أَن يَصيحَ الإِنسانُ فِي أُذن آخَرَ. يُقَالُ: فُلَانٌ يُصَقْعِرُ في أُذن فلان.
صمر: التَّصْمِير: الجَمْع والمَنْع. يُقَالُ: صَمَرَ متاعَه وصَمَّره وأَصْمَرَهُ. والتَّصْمِيرُ أَيضاً: أَن يَدْخُلَ فِي الصُّمَيْرِ، وَهُوَ مَغِيب الشَّمْسِ. وَيُقَالُ: أَصْمَرْنا وصَمَّرْنا وأَقْصَرْنا وقَصَّرْنا وأَعْرَجْنَا وعَرَّجْنَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: صَمَر يَصْمُر صَمْراً وصُمُوراً بَخِلَ ومَنَع؛ قَالَ:
فَإِنِّي رَأَيْتُ الصَّامِرِينَ مَتاعَهم ... يَمُوتُ ويَفْنى، فَارْضَخِي مِنْ وعائِيَا
أَراد يَمُوتُونَ وَيَفْنَى مَالُهُمْ، وأَراد الصَّامِرِينَ بِمَتَاعِهِمْ. ورَجُل صَمِيرٌ: يابسُ اللَّحْمِ عَلَى الْعِظَامِ. والصَّمَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّتْنُ»
يُقَالُ: يَدِي مِنَ اللَّحْمِ صَمِرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنه أَعطى أَبا رَافِعٍ حَتيًّا وعُكَّةَ سَمْنٍ، وَقَالَ: ادْفَعْ هَذَا إِلى أَسْماءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ
، وَكَانَتْ تَحْتَ أَخيه جَعْفَرٍ، لتَدْهُن بِهِ بَنِي أَخيه مِنْ صَمرَ البَحْر، يَعْنِي مِنْ نَتْنِ ريحه
__________
(1) . قوله: [وتشكلت وتنكفت] كذا بالأَصل وشرح القاموس
(2) . قوله: [بالتحريك النتن] في القاموس وشرحه بالفتح: النتن، ومثله في التكملة(4/467)
وتَطْعَمهن من الحَقِّ؛ أَما صَمَرُ الْبَحْرِ فَهُوَ نَتْن رِيحِهِ وغَمَقُه ووَمَدُه. والحَتِيُّ: سَوِيقُ المُقْل. ابْنُ الأَعرابي: الصَّمْرُ رائحة المِسْك الطَّرِيِّ. والصَّمْرُ: غَتْمُ الْبَحْرِ إِذا خَبَّ أَي هَاجَ مَوْجُهُ، وخَبيبُه تَناطُحُ أَمواجه. ابْنُ دُرَيْدٍ: رَجُلٌ صَمِيرٌ يابسُ اللَّحْمِ عَلَى العظْم تَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ العَرَق. وصَمَرَ الماءُ يَصْمر صُمُوراً: جَرَى مِنْ حُدُور فِي مُسْتَوًى فَسَكن، وَهُوَ جَارٍ، وَذَلِكَ الْمَكَانُ يُسَمَّى صِمْر الْوَادِي، وصِمْرُه: مُسْتَقَرُّهُ. والصُّمَارى، مَقْصُورًا: الِاسْتُ لنَتْنِها. الصِّحَاحُ: الصُّمَارَى، بِالضَّمِّ، الدُّبُر؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الصِّمَارَى، بِكَسْرِ الصَّادِ. والصُّمْرُ: الصُّبْر؛ أَخَذَ الشيءَ بأَصْمَارِه أَي بأَصْبَارِه، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْبَدَلِ. وملأَ الكأْس إِلى أَصْمَارها أَي إِلَى أَعاليها كأَصْبَارها، وَاحِدُهَا صُمْر وصُبْر. وصَيْمَر: أَرض مِنْ مِهْرِجَان؛ إِليه نُسِبَ الجُبْنُ الصَّيْمَري. والصَّوْمَرُ: البَاذِرُوجُ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّوْمَر شَجَرٌ لَا يَنْبُتُ وَحْدَهُ وَلَكِنْ يَتَلَوَّى عَلَى الغافِ، وَهُوَ قُضْبَانٌ لَهَا وَرَقٌ كَوَرَقِ الأَرَاك، وَلَهُ ثَمَرٌ يُشْبِهُ البَلُّوط يُؤْكَلُ، وَهُوَ ليِّن شديد الحلاوة.
صمعر: الصَّمْعَرُ والصَمْعَرِيُّ: الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والصَّمْعَرِيُّ: اللَّئِيمُ، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي لَا تَعْمَلُ فِيهِ رُقْيَةٌ وَلَا سِحْرٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْخَالِصُ الْحُمْرَةِ. والصَّمْعَرِية مِنَ الْحَيَّاتِ: الْحَيَّةُ الْخَبِيثَةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَحَيَّةُ وَادٍ بَغْرَةٌ، صَمْعَريَّةٌ، ... أَحَبُّ إِلَيْكُمْ أَمْ ثَلاثٌ لَوَاقِحُ؟
أَراد باللَّوَاقحِ: الْعَقَارِبَ. والصُّمْعُور: الْقَصِيرُ الشُّجَاعُ. وصَمْعَر: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيِّ:
عَفَا بَطْنُ «1» . سِهْيٍ مِنْ سُلَيْمى فَصَمْعَرُ
صمقر: صَمْقَرَ اللبنُ واصْمَقَرَّ، فَهُوَ مُصْمَقِرٌّ: اشْتَدَّتْ حُمُوضَتُهُ. واصْمَقَرَّت الشَّمْسُ: اتَّقَدَتْ، وَقِيلَ: إِنها مِنْ قَوْلِكَ صَقَّرْتُ النَّارَ إِذا أَوقدتها، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وأَصلها الصَّقَرَةُ. أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: يَوْمٌ مُصْمَقِرٌّ إِذا كَانَ شَدِيدَ الْحَرِّ، وَالْمِيمُ زائدة.
صنر: الصِّنَارَةُ، بِكَسْرِ الصَّادِ: الْحَدِيدَةُ الدَّقِيقَةُ المُعَقَّفَةُ الَّتِي فِي رأْس المِغْزل، وَقِيلَ: الصِّنَارَةُ رأْس المِغْزل، وَقِيلَ: صِنَارَةُ الْمِغْزَلِ الْحَدِيدَةُ الَّتِي فِي رأْسه، وَلَا تَقُلْ صِنَّارَةً. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصِّنَارَةُ مِغْزل المرأَة، وَهُوَ دَخِيلٌ. والصِّنَارَة: الأُذن، يَمَانِيَةٌ. والصِّنَارِيَّةُ: قَوْمٌ بِإِرْمِينِيَةَ نُسِبُوا إِلى ذَلِكَ. وَرَجُلٌ صِنَارَةٌ وصَنَارة: سيّءُ الْخُلُقِ، الْكَسْرِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَالْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ. التهذيب: الصِّنَّوْرُ البخيل السيّء الْخُلُقِ، والصَّنانِيرُ السيِّئُو الأَدب، وإِن كَانُوا ذَوِي نَبَاهَةٍ. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: صِنارةٌ، بالكسر، سيّء الْخُلُقِ، لَيْسَ مِنْ أَبنية الْكِتَابِ لأَن هَذَا الْبِنَاءَ لَمْ يَجِئْ صِفَةً. والصِّنَّارُ: شَجَرُ الدُّلْبِ، وَاحِدَتُهُ صِنَّارة؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، قَالَ: وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ وَقَدْ جَرَتْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ:
يَشُقُّ دَوْحَ الجَوْزِ والصِّنَّارِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الصِّنَار، بِتَخْفِيفِ النُّونِ، وأَنشد بَيْتَ الْعَجَّاجِ بِالتَّخْفِيفِ. وصِنارة الحَجَفَةِ: مَقْبِضُها،
__________
(1) . قوله: [عفا بطن إِلخ] تمامه:
[خلاء فبطن الحارثية أَعسر](4/468)
وأَهل الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الأُذن صِنارة.
صنبر: الصُّنْبُورَةُ والصُّنْبُورُ جَمِيعًا: النَّخْلَةُ الَّتِي دَقَّتْ مِنْ أَسفلها وانْجَرَد كَرَبُها وَقَلَّ حَمْلها، وَقَدْ صَنْبَرَتْ. والصُّنْبُور: سَعَفات يَخْرُجْنَ فِي أَصل النَّخْلَةِ. والصُّنْبُور أَيضاً: النَّخْلَةُ تَخْرُجُ مِنْ أَصل النَّخْلَةِ الأُخرى مِنْ غَيْرِ أَن تُغْرَسَ. والصُّنْبُور أَيضاً: النَّخْلَةُ الْمُنْفَرِدَةُ مِنْ جَمَاعَةِ النَّخْلِ، وَقَدْ صَنْبَرَت. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصُّنْبُور، بِغَيْرِ هَاءٍ، أَصل النَّخْلَةِ الَّذِي تَشَعَّبت مِنْهُ العُرُوق. وَرَجُلٌ صُنْبُورٌ: فَرْد ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ لَا أَهل لَهُ وَلَا عَقِب وَلَا نَاصِرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن كُفَّارَ قُرَيْشٍ كَانُوا يَقُولُونَ فِي النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُحَمَّدٌ صُنْبُور
، وَقَالُوا: صُنَيْبِيرٌ أَي أَبْتَر لَا عَقِبَ لَهُ وَلَا أَخ فإِذا مَاتَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ. التَّهْذِيبُ: فِي الْحَدِيثِ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ ابنُ الأَشرف مكةَ قَالَتْ لَهُ قُرَيْشٌ: أَنت خَيْرُ أَهل الْمَدِينَةِ وسيِّدُهم؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: أَلا تَرَى هَذَا الصُّنَيْبِيرَ الأُبَيْتِرَ مِنْ قَوْمِهِ يَزْعُمُ أَنه خَيْرٌ مِنَّا وَنَحْنُ أَهل الحَجِيج وأَهل السَّدانَةِ وأَهل السِّقاية؟ قَالَ: أَنتم خَيْرٌ مِنْهُ، فأُنْزِلَتْ: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ؛ وأُنزلت: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا.
وأَصل الصُّنْبُورِ: سَعَفَةٌ تنبُت فِي جِذْع النَّخْلَةِ لَا فِي الأَرض. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الصُّنْبُورُ النَّخْلَةُ تَبْقَى مُنْفَرِدَةً ويَدِقُّ أَسفلها ويَنْقَشِرُ. يُقَالُ: صَنْبَرَ أَسفلُ النَّخْلَةِ؛ مُراد كَفَّارِ قُرَيْشٍ بِقَوْلِهِمْ صُنْبُور أَي أَنه إِذا قُلِعَ انْقَطَعَ ذِكْرُه كَمَا يَذْهَبُ أَصل الصُّنْبُور لأَنه لَا عَقِب لَهُ. وَلَقِيَ رجلٌ رجُلًا مِنَ العَرَب فسأَله عَنْ نَخْلِهِ فَقَالَ: صَنْبَرَ أَسفَلُه وعَشَّشَ أَعلاه، يَعْنِي دَقَّ أَسفلُه وقلَّ سَعَفه ويَبِس؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: فشبَّهوا النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، بِهَا، يَقُولُونَ: إِنه فَرْدٌ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ فإِذا مَاتَ انْقَطَعَ ذِكْرُه؛ قال أَوس يَعِيبُ قَوْمًا:
مُخَلَّفُونَ ويَقْضِي النَّاسُ أَمْرَهُمُ، ... غُشُّ الأَمانَةِ صُنْبُورٌ فَصُنْبُورُ
ابْنُ الأَعرابي: الصُّنْبُور مِنَ النَّخْلَةِ سَعفَات تنبتُ فِي جِذْعِ النَّخْلَةِ غير مُسْتَأْرِضَةٍ في الأَرض، وَهُوَ المُصَنْبِرُ مِنَ النَّخْلِ، وإِذا نَبَتَتِ الصنَّابير فِي جِذْعِ النَّخْلَةِ أَضْوَتْها لأَنها تأْخذ غِذَاءَ الأُمهات؛ قَالَ: وعِلاجها أَن تُقْلَع تِلْكَ الصَّنابير مِنْهَا، فأَراد كُفَّارُ قُرَيْشٍ أَن مُحَمَّدًا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صُنْبُورٌ نَبَتَ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ فإِذا قُلِعَ انْقَطَعَ، وَكَذَلِكَ مُحَمَّدٌ إِذا مَاتَ فَلَا عَقِبَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ سَمْعَانَ: الصَّنابير يُقَالُ لَهَا العِقَّانُ والرَّوَاكِيبُ، وَقَدْ أَعَقَّت النخلةُ إِذا أَنبتت العِقَّانَ؛ قَالَ: وَيُقَالُ لِلْفَسِيلَةِ الَّتِي تَنْبُتُ فِي أُمها الصُّنْبُورُ، وأَصل النَّخْلَةِ أَيضاً: صُنْبُورُها. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: المُصَنْبِرَةُ أَيضاً مِنَ النَّخِيلِ الَّتِي تَنْبُتُ الصَّنابِيرُ فِي جُذُوعِهَا فَتُفْسِدُهَا لأَنها تأْخذ غِذَاءَ الأُمهات فَتُضْوِيَها؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبي عُبَيْدَةَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الصُّنْبُور الوَحيدُ، والصُّنْبُور الضَّعِيفُ، والصُّنْبُور الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا عَشِيرَةَ وَلَا نَاصِرَ مِنْ قَرِيبٍ وَلَا غَرِيبٍ، والصُّنْبُور الدَّاهِيَةُ. والصَّنْبَرُ: الرَّقِيقُ الضَّعِيفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالشَّجَرِ، والصُّنبُور اللَّئِيمُ، والصُّنْبور فَمُ القَناة، والصُّنْبور القَصَبة الَّتِي تَكُونُ فِي الإِداوَةِ يُشْرَبُ مِنْهَا، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ حَدِيدٍ ورَصاص، وصُنْبُورُ الْحَوْضِ مَثْعَبُهُ، والصُّنْبُورُ مَثْعَبُ الْحَوْضِ خاصَّة؛ حَكَاهُ(4/469)
أَبو عُبَيْدٍ، وأَنشد:
مَا بَيْنَ صُنْبُورٍ إِلى الإِزَاءِ
وَقِيلَ: هُوَ ثَقْبه الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ إِذا غُسل؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ليَهْنِئْ تُراثي لامْرِئٍ غَيْرِ ذِلَّةٍ، ... صنَابِرُ أُحْدانٌ لَهُنَّ حَفِيفُ
سَرِيعَاتُ مَوْتٍ، رَيِّثَاتُ إِفاقَةٍ، ... إِذا مَا حُمِلْنَ حَمْلُهُنَّ خَفِيفُ
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: الصَّنابر هُنَا السِّهام الدِّقاق، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَجده إِلَّا عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يأْت لَهَا بِوَاحِدٍ؛ وأُحْدانٌ: أَفْرادٌ، لَا نَظِيرَ لَهَا، كَقَوْلِ الْآخَرِ:
يَحْمِي الصُّرَيِّمَ أُحْدانُ الرِّجالِ لَهُ ... صَيْدٌ ومُجْتَرِئٌ باللَّيْلِ هَمَّاسُ
وَفِي التَّهْذِيبِ فِي شَرْحِ الْبَيْتَيْنِ: أَراد بِالصَّنَابِرِ سِهاماً دِقاقاً شُبِّهت بِصَنابير النَّخْلَةِ الَّتِي تَخْرُجُ فِي أَصلها دِقاقاً. وَقَوْلُهُ: أُحدان أَي أَفراد. سريعاتُ مَوْتٍ أَي يُمِتْنَ مَنْ رُمِي بِهِنَّ. والصَّنَوْبَرُ: شَجَرٌ مُخْضَرٌّ شِتَاءً وَصَيْفًا. وَيُقَالُ: ثَمَرُه، وقيل: الأَرْزُ الشجر وثَمَرُه الصَّنَوْبَرُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. أَبو عُبَيْدٍ: الصَّنَوْبَرُ ثَمَرُ الأَرزة، وَهِيَ شَجَرَةٌ، قَالَ وَتُسَمَّى الشَّجَرَةُ صَنَوْبَرَةً مِنْ أَجل ثَمَرِهَا؛ أَنشد الْفَرَّاءُ:
نُطْعِمُ الشَّحْمَ والسَّدِيفَ، ونَسقي المَحْضَ ... فِي الصِّنَّبِرِّ والصُّرَّادِ
قَالَ: الأَصل صِنَبْر مِثْلُ هِزَبْرٍ ثُمَّ شَدَّدَ النُّونَ، قَالَ: وَاحْتَاجَ الشَّاعِرُ مَعَ ذَلِكَ إِلى تَشْدِيدِ الرَّاءِ فَلَمْ يُمْكِنْهُ إِلَّا بِتَحْرِيكِ الْبَاءِ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ فَحَرَّكَهَا إِلى الْكَسْرِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الزَّمْرَذُ وَالزَّمْرَذِيُّ. وغَداةٌ صِنَّبْرٌ وصِنِّبْرٌ: بارِدَةٌ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الصِّنِّبْرُ مِنَ الأَضداد يَكُونُ الحَارَّ وَيَكُونُ البارِدَ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وصَنابِرُ الشِّتَاءِ: شِدَّةُ بَرْدِهِ، وَكَذَلِكَ الصِّنَّبِر، بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَكَسْرِ الْبَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا وَقَفَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ صُلِبَ، فَقَالَ: قَدْ كنتَ تجْمع بَيْنَ قُطْرَي اللَّيْلَةِ الصِّنَّبْرَةِ قَائِمًا
؛ هِيَ الشَّدِيدَةُ الْبَرْدِ. والصِّنَّبر والصِّنَّبِرُ: الْبَرْدُ، وَقِيلَ: الرِّيحُ الْبَارِدَةُ فِي غَيْمٍ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
بِجِفانٍ نَعْتَري نادِيَنَا، ... وسَدِيفٍ حينَ هاجِ الصِّنَّبر
وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ صِنِّبْر، بِكَسْرِ النُّونِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما ابْنُ جِنِّيٍّ فَقَالَ: أَراد الصِّنَّبر فَاحْتَاجَ إِلى تَحْرِيكِ الْبَاءِ، فَتَطَرَّقَ إِلى ذَلِكَ فَنَقَلَ حَرَكَةَ الإِعراب إِليها تَشْبِيهًا بِقَوْلِهِمْ: هَذَا بَكُر وَمَرَرْتُ بِبَكِر فَكَانَ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَن يَقُولَ الصِّنَّبُرُ، فَيَضُمُّ الْبَاءَ لأَن الرَّاءَ مَضْمُومَةٌ، إِلَّا أَنه تَصَوَّرَ مَعْنَى إِضافة الظَّرْفِ إِلى الْفِعْلِ فَصَارَ إِلى أَنه كأَنه قَالَ حِينَ هَيْجِ الصِّنَّبْرِ، فَلَمَّا احْتَاجَ إِلى حَرَكَةِ الْبَاءِ تَصَوَّرَ مَعْنَى الْجَرِّ فَكَسَرَ الْبَاءَ، وكأَنه قَدْ نَقَلَ الْكَسْرَةَ عَنِ الرَّاءِ إِليها كَمَا أَن الْقَصِيدَةَ «1» . الْمُنْشَدَةَ للأَصمعي الَّتِي فِيهَا:
كأَنَّها وَقَدْ رَآها الرَّائي
إِنما سَوَّغَهُ ذَلِكَ مَعَ أَن الأَبيات كُلَّهَا مُتَوَالِيَةٌ عَلَى الْجَرِّ أَنه تُوُهِمُ فِيهِ مَعْنَى الْجَرِّ، أَلا تَرَى أَن مَعْنَاهُ كأَنها وَقْتُ رُؤْيَةِ الرَّائِي؟ فَسَاغَ لَهُ أَن يَخْلِطَ هَذَا الْبَيْتَ بِسَائِرِ الأَبيات وكأَنه لِذَلِكَ لَمْ يُخَالِفْ؛ قَالَ: وَهَذَا أَقرب مأْخذاً مِنْ أَن يَقُولَ إِنه حرَّف الْقَافِيَةَ لِلضَّرُورَةِ كما
__________
(1) . قوله: [كما أَن القصيدة إلخ] كذا بالأَصل(4/470)
حرَّفها الْآخَرُ «2» . فِي قَوْلِهِ:
هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ، أَوْ أَنْكَرْتَها ... بَيْنَ تِبْرَاكٍ وشَسَّيْ عَبَقُر؟
فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ عَبْقَر فَحَرَّفَ الْكَلِمَةَ. والصِّنَّبْرُ، بِتَسْكِينِ الْبَاءِ: الْيَوْمُ الثَّانِي مِنْ أَيام الْعَجُوزِ؛ وأَنشد:
فإِذا انْقَضَتْ أَيَّامُ شَهْلَتِنا: ... صِنٌّ وصِنَّبْرٌ مَعَ الوَبِر
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَا بِمَعْنًى وإِنما حركت الباء للضرورة.
صنخر: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو عَمْرٍو: الصِّنَّخْرُ والصِّنْخِرُ الجَمَلُ الضَّخْمُ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الصِّنَّخْرُ، بِوَزْنِ قِنْذَعْلٍ، وَهُوَ الأَحمق، والصِّنْخِرُ، بِوَزْنِ القِمْقِمِ، وَهُوَ البُرّ الْيَابِسُ. وَفِي النَّوَادِرِ: جَمَلٌ صُنَخِرٌ وصُناخِرٌ عَظِيمٌ طَوِيلٌ مِنَ الرجال والإِبل.
صنعبر: الصَّنَعْبَرُ: شَجَرَةٌ، وَيُقَالُ لها الصَّعْبَرُ.
صهر: الصَّهْرُ: الْقَرَابَةُ. والصِّهْرُ: حُرْمة الخُتُونة، وخَتَنُ الرَّجُلُ صِهْرُه، والمتزوَّجُ فِيهِمْ أَصْهارُ الخَتَنِ، والأَصْهارُ أَهلُ بَيْتِ المرأَة وَلَا يُقَالُ لأَهل بَيْتِ الرَّجُلِ إِلَّا أَخْتان، وأَهل بَيْتِ المرأَة أَصْهار، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ الصَّهْرَ مِنَ الأَحماءِ والأَخْتان جَمِيعًا. يُقَالُ: صاهَرْتُ الْقَوْمَ إِذا تَزَوَّجْتَ فِيهِمْ، وأَصْهَرْتُ بِهِمْ إِذا اتَّصلت بِهِمْ وتحرَّمت بجِوار أَو نَسَبٍ أَو تزوُّجٍ. وصِهْرُ الْقَوْمِ: خَتَنَهُم، وَالْجَمْعُ أَصْهارٌ وصُهَراءُ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، وَقِيلَ: أَهلُ بيتِ المرأَة أَصْهارٌ وأَهل بَيْتِ الرَّجُلِ أَخْتانٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الصِّهْرُ زوجُ بنتِ الرَّجُلِ وَزَوْجُ أُخته. والخَتَنُ أَبو امرأَة الرَّجُلِ وأَخو امرأَته، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُهُمْ أَصْهاراً كُلُّهُمْ وصِهْراً، وَالْفِعْلُ المُصاهَرَةُ، وَقَدْ صاهَرَهُمْ وصاهَرَ فِيهِمْ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
حَرَائِرُ صاهَرْنَ المُلُوكَ، وَلَمْ يَزَلْ ... عَلَى النَّاسِ، مِنْ أَبْنائِهِنَّ، أَميرُ
وأَصْهَرَ بِهِمْ وإِليهم: صَارَ فِيهِمْ صِهْراً؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: أَصْهَرَ بِهِمُ الخَتَن. وأَصْهَرَ: مَتَّ بالصِّهْر. الأَصمعي: الأَحْماءُ مِنْ قِبَل الزَّوْجِ والأَخْتانُ مِنْ قِبَل المرأَة والصِّهْرُ يَجْمَعُهُمَا، قَالَ: لَا يُقَالُ غَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا كَنَوْا بالصِّهرِ عَنِ القَبْر لأَنهم كَانُوا يَئِدُونَ الْبَنَاتَ فَيَدْفِنُونَهُنَّ، فَيَقُولُونَ: زَوَّجْنَاهُنَّ مِنَ القَبْر، ثُمَّ اسْتَعْمَلَ هَذَا اللَّفْظَ فِي الإِسلام فَقِيلَ: نِعْمَ الصِّهْرُ القَبْرُ، وقيل: إِنما هذا على المثل أَي الذي يقوم مَقام الصِّهْرِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ فُلَانٌ مُصْهِرٌ بِنَا، وَهُوَ مِنَ الْقَرَابَةِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
قَوْد الجِيادِ، وإِصْهار المُلُوك، وصَبْر ... فِي مَوَاطِنَ، لَوْ كَانُوا بِهَا سَئِمُوا
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً
؛ فأَما النَّسَبُ فَهُوَ النَّسَبُ الَّذِي يَحِلُّ نِكَاحُهُ كَبَنَاتِ الْعَمِّ وَالْخَالِ وأَشباههن مِنَ الْقَرَابَةِ الَّتِي يَحِلُّ تَزْوِيجُهَا، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الأَصْهارُ مِنَ النَّسَبِ لَا يَجُوزُ لَهُمُ التَّزْوِيجُ، والنَّسَبُ الَّذِي لَيْسَ بِصِهْرٍ من قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ... إِلى قَوْلِهِ: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ رويْنا عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ النَّسَبِ والصِّهْرِ خلافَ مَا قَالَ الفراءُ جُمْلَةً وخلافَ بعضِ ما قال
__________
(2) . قوله: [كما حرفها الآخر إلخ] في ياقوت ما نصه: كأَنه تَوَهَّمَ تَثْقِيلَ الرَّاءِ، وَذَلِكَ أَنه احْتَاجَ إِلى تَحْرِيكِ الْبَاءِ لإِقامة الْوَزْنِ، فَلَوْ تَرَكَ الْقَافَ عَلَى حالها لَمْ يَجِئْ مِثْلُهُ وَهُوَ عَبَقَرٌ لَمْ يَجِئْ عَلَى مثال مَمْدُودٌ وَلَا مُثَقَّلٌ فَلَمَّا ضَمَّ الْقَافَ تَوَهَّمَ بِهِ بِنَاءَ قَرَبُوسَ وَنَحْوِهِ وَالشَّاعِرُ لَهُ أَنْ يَقْصِرَ قَرْبُوسَ فِي اضْطِرَارِ الشِّعْرِ فَيَقُولُ قربس(4/471)
الزَّجَّاجُ.
قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: حرَّم اللَّهُ مِنَ النَّسَبِ سَبْعًا وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعًا: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ مِنَ النَّسَبِ، وَمِنَ الصِّهْرِ: وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ونَحْوَ مَا رويْنا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى سَبْعًا نَسَباً وَسَبْعًا سَبَباً فَجَعَلَ السببَ القرابةَ الحادثةَ بِسَبَبِ المُصاهَرَة والرَّضاع، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لَا ارْتِيابَ فِيهِ. وصَهَرَتهُ الشمسُ تَصْهَرُه صَهْراً وصَهَدَتْهُ: اشتدَّ وقْعُها عَلَيْهِ وحَرُّها حَتَّى أَلِمَ دِماغهُ وانْصَهَرَ هُوَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ فَرْخَ قَطَاةٍ:
تَرْوِي لَقًى أُلْقِيَ فِي صَفْصَفٍ، ... تَصْهَرُهُ الشَّمْسُ فَما يَنْصَهِرْ
أَي تُذيبه الشَّمْسُ فيَصْبر عَلَى ذَلِكَ. تَرْوي: تَسُوقُ إِليه الْمَاءَ أَي تَصِيرُ لَهُ كالراوِيَةِ. يُقَالُ: رَوَيْتُ أَهلي وَعَلَيْهِمْ رَيّاً أَتيتهم بِالْمَاءِ. والصَّهْرُ: الحارُّ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ، وأَنشد:
إِذ لَا تَزالُ لَكُمْ مُغَرْغِرَة ... تَغْلي، وأَعْلى لَوْنِها صَهْرُ
فَعَلَى هذا يقال: شيء صَهْرٌ حارٌّ. والصَّهْرُ: إِذابَةُ الشَّحْم. وصَهَرَ الشحمَ ونَحْوه يَصْهَرُه صَهْراً: أَذابه فانْصَهَرَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ
؛ أَي يُذَاب. واصْطَهَرَه: أَذابه وأَكَلَهُ، والصُّهارَةُ: مَا أَذبت مِنْهُ، وَقِيلَ: كلُّ قِطْعَةٍ مِنَ اللَّحْمِ، صَغُرَت أَو كَبُرت، صُهارَةٌ. وَمَا بِالْبَعِيرِ صُهارَةٌ، بِالضَّمِّ، أَي نِقْيٌ، وَهُوَ المُخّ. الأَزهري: الصَّهْر إِذابة الشحْم، والصُّهارَةُ مَا ذَابَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الاصْطِهارُ فِي إِذابته أَو أَكْلِ صُهارَتِهِ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
شَكّ السَفافِيدِ الشَّواءَ المُصْطَهَرْ
والصَّهْرُ: المَشْوِي. الأَصمعي: يُقَالُ لِمَا أُذيب مِنَ الشَّحْمِ الصُّهارة والجَمِيلُ. وَمَا أُذيب مِنَ الأَلْيَة، فَهُوَ حَمٌّ، إِذا لَمْ يَبْقَ فِيهِ الوَدَكُ. أَبو زَيْدٍ: صَهَرَ خبزَه إِذا أَدَمَه بالصُّهارَة، فَهُوَ خَبْزٌ مَصْهُورٌ وصَهِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الأَسْوَد كَانَ يَصْهَر رِجليه بِالشَّحْمِ وَهُوَ مُحْرِمٌ
؛ أَي كَانَ يُذِيبه ويَدْهُنُهما بِهِ. وَيُقَالُ: صَهَرَ بَدَنَهُ إِذا دَهَنَهُ بالصَّهِيرِ. وصَهَرَ فلانٌ رأْسَه صَهْراً إِذا دَهَنَهُ بالصُّهارَة، وَهُوَ مَا أُذيب مِنَ الشَّحْمِ. واصْطَهَر الحِرْباءُ واصْهارَّ: تَلأْلأَ ظَهْرُهُ مِنْ شِدَّةِ حَرِّ الشَّمْسِ، وَقَدْ، صَهَرَه الحرُّ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ
حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ أَدبارهم؛ أَبو زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: يُصْهَرُ بِهِ
قَالَ: هُوَ الإِحْراق، صَهَرْته بِالنَّارِ أَنضَجْته، أَصْهَرُه. وَقَوْلُهُمْ: لأَصْهَرَنَّكَ بِيَمِينٍ مُرَّةٍ، كأَنه يُرِيدُ الإِذابة. أَبو عُبَيْدَةَ: صَهَرْتُ فُلَانًا بيمينٍ كاذبةٍ تُوجِبُ لَهُ النَّارَ. وَفِي حَدِيثِ أَهل النَّارِ:
فَيُسْلَتُ مَا فِي جَوْفِهِ حَتَّى يَمْرُقَ مِنْ قَدَمَيْهِ
، وَهُوَ الصَّهْرُ. يُقَالُ: صَهَرْت الشَّحْمَ إِذا أَذبته. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يؤسِّسُ مسجدَ قُباءٍ فَيَصْهَرُ الحجرَ العظيمَ إِلى بَطْنِهِ
؛ أَي يُدْنيه إِليه. يُقَالُ: صَهَرَه وأَصْهَرَه إِذا قرَّبه وأَدناه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لَهُ ربيعة بن الحرث: نِلْتَ صِهْرَ مُحَمَّدٍ فَلَمْ نَحْسُدْك عَلَيْهِ
؛ الصِّهْرُ حُرْمَةُ التَّزْوِيجِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّسَب: أَن النَّسَبَ مَا يَرْجِعُ إِلى وِلَادَةٍ قريبةٍ مِنْ جِهَةِ الْآبَاءِ،(4/472)
والصِّهْر مَا كَانَ مِنْ خُلْطَةٍ تُشبِه القرابةَ يُحْدِثُهَا التَّزْوِيجُ. والصَّيْهُورُ: شِبْهُ مِنْبر يُعمل مِنْ طِينٍ أَو خَشَبٍ يُوضَعُ عَلَيْهِ مَتَاعُ الْبَيْتِ مِنْ صُفْرٍ أَو نَحْوِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. والصَّاهُورُ: غِلاف الْقَمَرِ، أَعجمي مُعَرَّبٌ. والصِّهْرِيُّ: لُغَةٌ فِي الصِّهْرِيج، وَهُوَ كَالْحَوْضِ؛ قَالَ الأَزهري: وَذَلِكَ أَنهم يأْتون أَسفل الشِّعْبَة مِنَ الْوَادِي الَّذِي لَهُ مَأْزِمانِ فَيَبْنُونَ بَيْنَهُمَا بِالطِّينِ وَالْحِجَارَةِ فيترادُّ الماءُ فَيَشْرَبُونَ بِهِ زَمَانًا، قَالَ: وَيُقَالُ تَصَهْرَجُوا صِهْرِيّاً.
صور: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: المُصَوِّرُ وَهُوَ الَّذِي صَوَّر جميعَ الْمَوْجُودَاتِ وَرَتَّبَهَا فأَعطى كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا صُورَةً خَاصَّةً وَهَيْئَةً مُفْرَدَةً يَتَمَيَّزُ بِهَا عَلَى اخْتِلَافِهَا وَكَثْرَتِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: الصُّورَةُ فِي الشَّكْلِ، قَالَ: فأَما مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ
خَلَقَ اللَّه آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ
فَيُحْتَمَلُ أَن تَكُونَ الْهَاءُ رَاجِعَةً عَلَى اسْمِ اللَّه تَعَالَى، وأَن تَكُونَ رَاجِعَةً عَلَى آدَمَ، فَإِذَا كَانَتْ عَائِدَةً عَلَى اسْمِ اللَّه تَعَالَى فَمَعْنَاهُ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي أَنشأَها اللَّه وقدَّرها، فَيَكُونُ الْمَصْدَرُ حِينَئِذٍ مُضَافًا إِلى الْفَاعِلِ لأَنه سُبْحَانَهُ هُوَ المصَوِّر لَا أَن لَهُ، عَزَّ اسْمُهُ وَجَلَّ، صُورَةً وَلَا تمْثالا، كَمَا أَن قَوْلَهُمْ لَعَمْرُ اللَّه إِنما هُوَ والحياةِ الَّتِي كَانَتْ باللَّه وَالَّتِي آتانِيها اللَّهُ، لَا أَن لَهُ تَعَالَى حَيَاةً تَحُلُّهُ وَلَا هُوَ، عَلَا وجهُه، محلٌّ للأعراضِ، وإِن جَعَلْتَهَا عَائِدَةً عَلَى آدَمَ كَانَ مَعْنَاهُ عَلَى صُورَة آدَمَ أَي عَلَى صُورَةِ أَمثاله مِمَّنْ هُوَ مَخْلُوقٌ مُدَبَّر، فَيَكُونُ هَذَا حِينَئِذٍ كَقَوْلِكَ لِلسَّيِّدِ وَالرَّئِيسِ: قَدْ خَدَمْتُه خِدْمَتَه أَي الخِدْمَةَ الَّتِي تحِقُّ لأَمثاله، وَفِي الْعَبْدِ والمُبتَذل: قَدِ اسْتَخْدَمْتُه اسْتِخْدامَهُ أَي اسْتِخْدامَ أَمثاله مِمَّنْ هُوَ مأْمور بِالْخُفُوفِ والتَّصَرُّف، فَيَكُونُ حِينَئِذٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شاءَ رَكَّبَكَ
، وَالْجَمْعُ صُوَرٌ وصِوَرٌ وصُوْرٌ، وَقَدْ صَوَّرَهُ فَتَصَوَّرَ. الْجَوْهَرِيُّ: والصِّوَرُ، بِكَسْرِ الصَّادِ، لُغَةٌ فِي الصُّوَر جَمْعُ صُورَةٍ، وَيُنْشَدُ هَذَا الْبَيْتُ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ يَصِفُ الْجَوَارِيَ:
أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَرِ الخلْصاءِ أَعْيُنَها، ... وهُنَّ أَحْسَنُ مِنْ صِيرَانِها صِوَرا
وصَوَّرَهُ اللَّهُ صُورَةً حَسَنَةً فَتَصَوَّر. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مُقَرِّنٍ: أَما علمتَ أَن الصُّورَة محرَّمةٌ؟
أَراد بالصُّورَةِ الوجهَ وتحريمِها المَنْع مِنَ الضَّرْبِ وَاللَّطْمِ عَلَى الْوَجْهِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كُرِهَ أَن تُعلم الصورةُ
، أَي يجعلَ فِي الْوَجْهِ كَيٌّ أَو سِمَةٌ. وتَصَوَّرْتُ الشيءَ: تَوَهَّمْتُ صورتَه فتصوَّر لِي. والتَّصاوِيرُ: التَّماثِيلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاني الليلةَ رَبِّي فِي أَحسنِ صُورَةٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الصُّورَةُ تَرِدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَعَلَى مَعْنَى حقيقةِ الشَّيْءِ وَهَيْئَتِهِ وَعَلَى مَعْنَى صِفَتِه. يُقَالُ: صورةُ الفعلِ كَذَا وَكَذَا أَي هَيْئَتُهُ، وصورةُ الأَمرِ كَذَا وَكَذَا أَي صِفَتُه، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنه أَتاه فِي أَحسنِ صِفَةٍ، وَيَجُوزُ أَن يَعُودَ الْمَعْنَى إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتاني رَبِّي وأَنا فِي أَحْسَنِ صُورةٍ، وَتَجْرِي مَعَانِي الصُّورَةِ كُلُّهَا عَلَيْهِ، إِن شِئْتَ ظَاهِرَهَا أَو هَيْئَتَهَا أَوْ صِفَتَهَا، فأَما إِطلاق ظَاهِرِ الصُّورَةِ عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَلَا، تَعَالَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنِ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَرَجُلٌ صَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي حَسَنُ الصُّورَةِ والشَّارَةِ، عَنِ الْفَرَّاءِ، وَقَوْلُهُ:
وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ ... بَناهُ، وصَلّب فِيهِ وصَارا(4/473)
ذَهَبَ أَبو عَلِيٍّ إِلى أَن مَعْنَى صارَ صَوَّرَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَرها لِغَيْرِهِ. وصارَ الرجلُ: صَوَّتَ. وَعُصْفُورٌ صَوَّارٌ: يُجِيبُ الداعيَ إِذا دَعَا. والصَّوَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: المَيَل. وَرَجُلٌ أَصْوَرُ بَيِّنُ الصَّوَرِ أَي مَائِلٌ مُشْتَاقٌ. الأَحمر: صُرْتُ إِليَّ الشيءَ وأَصَرْتُه إِذا أَملتَه إِليك، وأَنشد:
أَصارَ سَدِيسَها مَسَدٌ مَرِيجُ
ابْنُ الأَعرابي: فِي رأْسه صَوَرٌ «1» إِذا وُجِدَ فِيهِ أُكالًا وَهَمِيمًا. وَفِي رأْسه صَوَرٌ أَي مَيَل. وَفِي صِفَةِ مَشْيِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ صَوَرٍ
أَي مَيَل، قَالَ الْخَطَابِيُّ: يُشْبِهُ أَن يَكُونَ هَذَا الْحَالُ إِذا جدَّ بِهِ السَّيْرُ لَا خِلْقَةَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وَذُكِرَ الْعُلَمَاءِ فَقَالَ: تَنْعَطِف عَلَيْهِمْ بِالْعِلْمِ قلوبٌ لَا تَصُورُها الأَرحام
أَي لَا تُمِيلُها، هَكَذَا أَخرجه الْهَرَوِيُّ عَنْ عُمَرَ، وَجَعَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ كَلَامِ الحسَن. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إِني لأُدْني الحائِضَ منِّي وَمَا بِي إِليها صَوَرَةٌ
أَي مَيْل وَشَهْوَةٌ تَصُورُني إِليها. وصارَ الشيءَ صَوْراً وأَصارَه فانْصار: أَماله فَمَالَ، قَالَتِ الخنساءُ.
لَظَلَّت الشُّهْبُ مِنْها وهْيَ تَنصارُ
أَي تصدّعُ وتفلّقُ، وخص بعضه بِهِ إِمالة الْعُنُقِ. وصَوِرَ يَصْوَرُ صَوَرًا، وَهُوَ أَصْوَرُ: مَالَ، قَالَ:
اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّا، فِي تَلَفُّتِنا ... يَوْمَ الفِراقِ إِلى أَحْبابِنَا، صُورُ
وَفِي حَدِيثِ
عِكَرِمَةَ: حَمَلَةُ العَرْشِ كلُّهم صُورٌ
، هُوَ جَمْعُ أَصْوَر، وَهُوَ الْمَائِلُ الْعُنُقِ لِثِقَلِ حِمْلِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّوَرُ المَيل. والرجلُ يَصُور عُنُقَهُ إِلى الشَّيْءِ إِذا مَالَ نَحْوَهُ بِعُنُقِهِ، وَالنَّعْتُ أَصْوَر، وَقَدْ صَوِرَ. وصارَه يَصُورُه ويَصِيرُه أَي أَماله، وصارَ وجهَهُ يَصُورُ: أَقْبَل بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ
، وَهِيَ قِرَاءَةُ عليٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وأَكثر النَّاسِ، أَي وَجِّهْهن، وَذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْيَاءِ أَيضاً لأَن صُرْت وصِرْت لُغَتَانِ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى صُرْهُنَّ وجِّهْهُنَّ، وَمَعْنَى صِرْهن قَطِّعْهن وشَقِّقهن، وَالْمَعْرُوفُ أَنهما لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكُلُّهُمْ فَسَّرُوا فَصُرْهن أَمِلْهن، وَالْكَسْرُ فُسر بِمَعْنَى قَطِّعْهن، قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ أَهل اللُّغَةِ مَعْنَى صُرْهُنَّ إِليك أَمِلْهن وَاجْمَعْهُنَّ إِليك، وأَنشد:
وجاءَتْ خِلْعَةٌ [خُلْعَةٌ] دُهْسٌ صَفايا، ... يَصُورُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمُ
أَي يَعطِف عنوقَها تَيْسٌ أَحْوى، وَمَنْ قرأَ:
فَصِرهن إِليك
، بِالْكَسْرِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه بِمَعْنَى صُرْهن، يُقَالُ: صارَهُ يَصُورُهُ ويَصِيرُه إِذا أَماله، لغتان، الجوهري: قرىء فَصُرْهُنَّ، بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا، قَالَ الأَخفش: يَعْنِي وَجِّهْهن، يُقَالُ: صُرْ إِليَّ وَصُرْ وَجْهَكَ إِليَّ أَي أَقبل عليَّ. الْجَوْهَرِيُّ: وصُرْتُ الشيءَ أَيضاً قطعتُه وفَصَلتُه، قَالَ الْعَجَّاجُ:
صُرْنا بِهِ الحُكْمَ وأَعْيا الحَكَما
قَالَ: فَمَن قَالَ هَذَا جَعَلَ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمًا وتأْخيراً، كأَنه قَالَ: خُذْ إِليك أَربعةً فَصُرْهن، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الرَّجَزُ الَّذِي نَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِلْعَجَّاجِ لَيْسَ هُوَ لِلْعَجَّاجِ، وإِنما هُوَ لِرُؤْبَةَ يُخَاطِبُ الحَكَم بْنَ صَخْرٍ وأَباه صَخْرَ بْنَ عُثْمَانَ، وقبله:
__________
(1) . 1 قوله" في رأسه صور" ضبطه في شرح القاموس بالتحريك، وفي متنه: والصورة بالفتح شبه الحكة في الرأس.(4/474)
أَبْلِغْ أَبا صَخْرٍ بَياناً مُعْلما، ... صَخْر بْنَ عُثمان بْنِ عَمْرٍو وَابْنَ مَا
وُفِّيَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ:
كَرِهَ أَن يَصُورَ شَجَرَةً مُثْمِرَةً
، يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ أَراد يُمِيلها فإِن إِمالتها رُبَّمَا تؤدِّيها إِلى الجُفُوف، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِهِ قَطْعَهَا. وصَوْرَا النَّهْرِ: شَطَّاه. والصَّوْرُ، بِالتَّسْكِينِ: النَّخْلُ الصِّغَارُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُجْتَمَعُ، وَلَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ، وَجَمْعُ الصِّير صِيرانٌ، قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:
أَالحَيُّ أَمْ صِيرانُ دَوْمٍ تَناوَحَتْ ... بِتِرْيَمَ قَصْراً، واسْتَحَنَّتْ شَمالُها؟ «1»
والصَّوْرُ: أَصل النَّخْلِ، قَالَ:
كأَن جِذعاً خارِجاً مِنْ صَوْرِهِ، ... مَا بَيْنَ أُذْنَيْهِ إِلى سِنَّوْرِهِ
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنه دَخَلَ صَوْر نَخْلٍ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الصَّوْر جِمَاعُ النَّخْلِ وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ لِجَمَاعَةِ الْبَقَرِ صُوار. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه خَرَجَ إِلى صَوْر بِالْمَدِينَةِ
، قَالَ الأَصمعي: الصَّوْر جَمَاعَةُ النَّخْلِ الصِّغَارِ، وَهَذَا جَمْعٌ عَلَى غَيْرِ لَفْظِ الْوَاحِدِ، وَكَذَلِكَ الحابِسُ، وَقَالَ شَمِرٌ: يُجْمَعُ الصَّوْر صِيراناً، قَالَ: وَيُقَالُ لِغَيْرِ النَّخْلِ مِنَ الشَّجَرِ صَوْر وصِيران، وَذَكَرَهُ كُثَيِّر وَفِيهِ أَنه قَالَ: يَطْلُعُ مِنْ هَذَا الصَّوْر رجلٌ مِنْ أَهل الْجَنَّةِ، فَطَلَعَ أَبُو بَكْرٍ، الصَّوْر: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّخْلِ، وَمِنْهُ: أَنه خَرَجَ إِلى صَوْر بِالْمَدِينَةِ. وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَنه أَتى امرأَة مِنَ الأَنصار فَفَرَشَتْ لَهُ صَوْراً وَذَبَحَتْ لَهُ شَاةً.
وَحَدِيثُ بَدْرٍ:
أَن أَبا سُفْيَانَ بَعَثَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصحابه فأَحْرَقا صَوْراً مِنْ صِيران العُرَيْضِ.
اللَّيْثُ: الصِّوَارُ والصُّوَارُ القَطيع مِنَ البَقَر، وَالْعَدَدُ أَصْوِرَة وَالْجَمْعُ صِيران. والصُّوار [الصِّوار] : وعاء المِسْك، وقد جمعهما الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ:
إِذا لاحَ الصوارُ ذَكَرْتُ لَيْلَى، ... وأَذْكُرُها إِذا نَفَح الصوَارُ
والصِّيَار لُغَةٌ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّوْرة النخْلة، والصَّوْرة الحِكَّة مِنِ انْتِغاش الحَظَى فِي الرأْس. وَقَالَتِ امرأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ لابنةٍ لَهُمْ: هِيَ تَشْفِينِي مِنَ الصَّوْرة وَتَسْتُرُنِي مِنَ الغَوْرة، بِالْغَيْنِ، وَهِيَ الشَّمْسُ. والصُّورُ: القَرْن، قَالَ الرَّاجِزُ:
لَقَدْ نَطَحْناهُمْ غَداةَ الجَمْعَيْن ... نَطْحاً شَدِيدًا، لَا كَنطحِ الصُّورَين
وَبِهِ فَسَّرَ الْمُفَسِّرُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ*
، وَنَحْوَهُ، وأَما أَبو عَلِيٍّ فالصُّورُ هُنَا عِنْدَهُ جَمْعُ صُورَةٍ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: اعْتَرَضَ قَوْمٌ فأَنكروا أَن يَكُونَ الصُّورُ قَرْناً كَمَا أَنكروا العَرْش والميزانَ وَالصِّرَاطَ وادَّعَوْا أَن الصُّورَ جَمْعُ الصُّورَةِ، كَمَا أَن الصُّوفَ جَمْعُ الصُّوفَةِ والثُّومَ جَمْعُ الثُّومَةِ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ، قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وَهَذَا خطأٌ فَاحِشٌ وَتَحْرِيفٌ لِكَلِمَاتِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنِ مَوَاضِعِهَا لأَن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ*
، فَفَتَحَ الْوَاوَ، قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَحدا مِنَ الْقُرَّاءِ قرأَها فَأَحْسَنَ صُورَكُمْ، وَكَذَلِكَ قَالَ: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ*
، فَمَنْ قرأَ: وَنُفِخَ فِي الصُّوَر، أَو قرأَ: فَأَحْسَنَ صُورَكم، فَقَدِ افْتَرَى الْكَذِبَ وبَدَّل كِتَابَ اللَّه، وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ صَاحِبَ أَخبارٍ وغَريبٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ معرفةٌ بِالنَّحْوِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كلُّ جمعٍ عَلَى لَفْظِ الواحد الذَّكَرِ سَبَقَ جمعُه واحدتَه فواحدته
__________
(1) . 1 قوله" واستحنت" كذا بالأصل بالنون وفي ياقوت والأساس بالثاء المثلثة.(4/475)
بِزِيَادَةِ هَاءٍ فِيهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الصُّوف والوَبَر وَالشَّعْرِ والقُطْن والعُشْب، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَسماء اسْمٌ لِجَمِيعِ جِنْسِهِ، فإِذا أَفردت وَاحِدَتُهُ زِيدَتْ فِيهَا هَاءٌ لأَن جَمِيعَ هَذَا الْبَابِ سَبَقَ واحدَتَه، وَلَوْ أَن الصوفَةَ كَانَتْ سَابِقَةَ الصُّوفِ لَقَالُوا: صُوفة وصُوَف وبُسْرة وبُسَر، كَمَا قَالُوا: غُرْفة وغُرَف وزُلْفة وزُلَف، وأَما الصُّورُ القَرْنُ، فَهُوَ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ وَاحِدَتُهُ صُورَة، وإِنما تُجمع صُورة الإِنسان صُوَراً لأَن وَاحِدَتَهُ سَبَقَتْ جمعَه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَنْعَمُ وصاحبُ القَرْن قَدْ التَقَمَهُ وحَنى جَبْهَتَه وأَصْغَى سَمْعُهُ يَنْتظر مَتَى يُؤْمَرُ؟ قَالُوا: فَمَا تأْمرنا يَا رَسُولَ اللَّه؟ قَالَ: قُولُوا حَسْبُنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
قَالَ الأَزهري: وَقَدِ احْتَجَّ أَبو الْهَيْثَمِ فأَحسن الاحْتِجاج، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ عِنْدِي غيرُ مَا ذَهَبَ إِليه وَهُوَ قَوْلُ أَهل السنَّة وَالْجَمَاعَةِ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالُوا أَن اللَّه تَعَالَى ذَكَرَ تَصْويره الْخَلْقَ فِي الأَرْحام قَبْلَ نَفْخِ الرُّوح، وَكَانُوا قَبْلَ أَن صَوَّرهم نُطَفاً ثُمَّ عَلَقاً ثُمَّ مُضَغاً ثُمَّ صَوَّرهم تَصْويراً، فَأَما الْبَعْثُ فإِن اللَّه تَعَالَى يُنْشِئُهُم كَيْفَ شَاءَ، وَمَنِ ادَّعى أَنه يُصَوِّرهم ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِمْ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ، وَنَعُوذُ باللَّه مِنَ الخِذلان. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ*
، وَيُقَالُ: هُوَ جمعُ صُورة مِثْلُ بُسْر وبُسْرة، أَي يَنْفُخُ فِي صُوَر الْمَوْتَى الأَرواح، قَالَ: وقرأَ الْحَسَنُ:
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّوَر.
والصِّواران: صِماغا الفَمِ، والعامة تسميهما الصِّوارَين، وَهُمَا الصَّامِغان أَيضاً. وَفِيهِ: تَعَهَّدُوا الصِّوَارَيْنِ فإِنهما مَقْعَدُ المَلَك، هُمَا مُلْتَقَى الشِّدْقَيْنِ، أَي تَعْهَدُوهُمَا بِالنَّظَافَةِ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
كأَنَّ عُرْفاً مائِلًا مِن صَوْرِهِ
يُرِيدُ شَعْرَ النَّاصِيَةِ. وَيُقَالُ: إِني لأَجد فِي رأْسي صَوْرَةً وَهِيَ شِبْهُ الحِكَّة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الصَّوْرة شِبْهُ الحِكَّة يَجِدُهَا الإِنسان فِي رأْسه حَتَّى يَشْتَهِيَ أَنْ يُفَلَّى. والصُّوَّار، مُشَدَّدٌ: كالصُّوَار، قَالَ جَرِيرٌ:
فَلَمْ يَبْقَ فِي الدَّارِ إِلَّا الثُّمام، ... وخِيطُ النَّعَامِ وصُوَّارُها
والصِّوَار والصُّوَار: الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ. والصِّوار والصُّوَار: الْقَلِيلُ مِنَ المِسْك، وَقِيلَ: الْقِطْعَةُ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَصْوِرَة، فَارِسِيٌّ. وأَصْوِرَةُ المسكِ: نافِقاتُه، وَرَوَى بَعْضُهُمْ بَيْتَ الأَعشى:
إِذا تقومُ يَضُوعُ المِسْكُ أَصْوِرَةً، ... والزَّنْبَقُ الوَرْدُ مِن أَرْدَانِها شملُ
وَفِي صِفَةِ الْجَنَّةِ: وترابُها الصوارُ، يَعْنِي المِسْك. وَصَوَارُ الْمِسْكِ: نَافِجَتُهُ، وَالْجَمْعُ أَصْوِرَة. وَضَرَبَهُ فَتَصَوَّرَ أَي سَقَطَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَتَصَوَّرُ المَلَكُ عَلَى الرَّحِم
، أَي يَسْقُطُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: صَرَّيْتُه تَصْريةً تَصوَّرَ مِنْهَا أَي سَقَطَ. وَبَنُو صَوْرٍ: بَطْنٌ مِنْ بَنِي هَزَّانَ بْنِ يَقْدُم بْنِ عَنَزَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: وصارَة اسْمُ جَبَلٍ وَيُقَالُ أَرض ذَاتُ شَجَرٍ. وصارَةُ الجبلِ: أَعلاه، وَتَحْقِيرُهَا صُؤَيْرَة سَمَاعًا مِنَ الْعَرَبِ. والصُّوَر والصِّوَر: مَوْضِعٌ «2» بِالشَّامِ، قَالَ الأَخطل:
أَمْسَتْ إِلى جانِبِ الحَشَّاكِ جِيفَتُه، ... ورأْسُهُ دونَهُ اليَحْمُومُ والصُّوَرُ [الصِّوَرُ]
__________
(2) . 1 قوله" والصور والصور موضع إلخ" في ياقوت صُوّر، بالضم ثم التشديد والفتح، قرية على شاطئ الخابور، وقد خفف الأخطل الواو من هذا المكان وأَنشد البيت، غير أَنه ذكر أضحت بدل أمست والخابور بدل اليحموم وأَفاد أَن البيت روي بضم الصاد وكسرها.(4/476)
وصارَة: مَوْضِعٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِذ قَدْ تكافأَ فِي ذَلِكَ الْيَاءُ وَالْوَاوُ وَالْتَبَسَ الِاشْتِقَاقَانِ فَحَمْلُهُ عَلَى الْوَاوِ أَولى، واللَّه أَعلم.
صير: صارَ الأَمرُ إِلى كَذَا يَصِيرُ صَيْراً ومَصِيراً وصَيْرُورَةً وصَيَّرَه إِليه وأَصارَه، والصَّيْرُورَةُ مَصْدَرُ صارَ يَصِيرُ. وَفِي كَلَامِ عُمَيْلَةَ الفَزارِي لِعَمِّهِ وَهُوَ ابْنُ عَنْقاءَ الفَزارِي: مَا الَّذِي أَصارَك إِلى مَا أَرى يَا عَمْ؟ قَالَ: بُخْلك بمالِك، وبُخْل غيرِك مِنْ أَمثالك، وصَوْني أَنا وَجْهِي عَنْ مِثْلِهِمْ وتَسْآلك ثُمَّ كَانَ مِنْ إِفْضال عُمَيْلة عَلَى عَمِّهِ مَا قَدْ ذَكَرَهُ أَبو تَمَّامٍ فِي كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بِالْحَمَاسَةِ. وصِرْت إِلى فُلَانٍ مَصِيراً؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ*
؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ شَاذٌّ وَالْقِيَاسُ مَصَار مِثْلُ مَعاش. وصَيَّرته أَنا كَذَا أَي جَعَلْتُهُ. والمَصِير: الْمَوْضِعُ الَّذِي تَصِير إِليه الْمِيَاهُ. والصَّيِّر: الْجَمَاعَةُ. والصِّيرُ: الْمَاءُ يَحْضُرُهُ النَّاسُ. وصارَهُ النَّاسُ: حَضَرُوهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
بِمَا قَدْ تَرَبَّع رَوْضَ القَطا ... ورَوْضَ التَّنَاضُبِ حَتَّى تَصِيرَا
أَي حَتَّى تَحْضُرَ الْمِيَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ عَرَضَ أَمرَه عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ: فَلَمَّا حَضَرَ بَنِي شَيْبان وَكَلَّمَ سَراتهم قَالَ المُثَنى بْنُ حَارِثَةَ: إِنا نَزَّلَنَا بَيْنَ صِيرَينِ الْيَمَامَةِ وَالشَّمَّامَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا هَذَانِ الصِّيرانِ؟ قَالَ: مِيَاهُ الْعَرَبِ وأَنهار كِسْرى
؛ الصِّيرُ: الْمَاءُ الَّذِي يَحْضُرُهُ النَّاسُ. وَقَدْ صارَ الْقَوْمُ يَصِيرون إِذا حَضَرُوا الْمَاءَ؛ وَيُرْوَى: بَيْنَ صِيرَتَيْن، وَهِيَ فِعْلة مِنْهُ، وَيُرْوَى: بَيْنَ صَرَيَيْنِ، تَثْنِيَةُ صَرًى. قَالَ أَبو الْعَمَيْثِلِ: صارَ الرجلُ يَصِير إِذا حَضَرَ الماءَ، فَهُوَ صائِرٌ. والصَّائِرَةُ: الْحَاضِرَةُ. وَيُقَالُ: جَمَعَتْهم صائرَةُ القيظِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الصَّيْر رُجُوعُ المُنْتَجِعين إِلى مُحَاضِرِهِمْ. يُقَالُ: أَين الصَّائرَة أَي أَين الْحَاضِرَةُ وَيُقَالُ: أَيَّ مَاءٍ صارَ القومُ أَي حَضَرُوا. وَيُقَالُ: صرْتُ إِلى مَصِيرَتي وإِلى صِيرِي وصَيُّوري. وَيُقَالُ لِلْمَنْزِلِ الطيِّب: مَصِيرٌ ومِرَبٌّ ومَعْمَرٌ ومَحْضَرٌ. وَيُقَالُ: أَين مَصِيرُكم أَي أَين منزلكم. وصِيرُ [صَيرُ] الأَمر: مُنْتهاه ومَصِيره وعاقِبَته وَمَا يَصير إِليه. وأَنا عَلَى صِيرٍ مِنْ أَمر كَذَا أَي عَلَى نَاحِيَةٍ مِنْهُ. وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: مَا صنعتَ فِي حَاجَتِكَ؟ فَيَقُولُ: أَنا عَلَى صِيرِ قَضَائِهَا وصماتِ قَضَائِهَا أَي عَلَى شَرَفِ قَضَائِهَا؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وَقَدْ كنتُ مِنْ سَلْمَى سِنِينَ ثمانِياً، ... عَلَى صِيرِ أَمْرٍ مَا يَمَرُّ وَمَا يَحْلُو
وصَيُّور الشَّيْءِ: آخِرُهُ ومنتهاه وما يؤول إِليه كصِيرِه وَمُنْتَهَاهُ «1» . وَهُوَ فَيْعُولٌ؛ وَقَوْلُ طُفَيْلٍ الْغَنَوِيِّ:
أَمْسى مُقِيماً بِذِي العَوْصاءِ صَيِّرُه ... بِالْبِئْرِ، غادَرَهُ الأَحْياءُ وابْتَكَرُوا
قَالَ أَبو عَمْرٍو: صَيِّره قَبْره. يُقَالُ: هَذَا صَيِّر فُلَانٍ أَي قَبْرُهُ؛ وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:
أَحادِيثُ تَبْقَى والفَتى غيرُ خالِدِ، ... إِذا هُوَ أَمْسى هامَةً فَوْقَ صَيِّر
قَالَ أَبو عَمْرٍو: بالهُزَرِ أَلْفُ صَيِّر، يَعْنِي قُبُورًا مِنْ قُبُورِ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ؛ ذَكَرَهُ أَبو ذُؤَيْبٍ فَقَالَ:
كَانَتْ كَلَيْلَةِ أَهْلِ الهُزَر «2» .
__________
(1) . قوله: [كصيره ومنتهاه] كذا بالأَصل
(2) . قوله: [كانت كليلة إلخ] أنشد البيت بتمامه في هزر:
لقال الأباعد والشامتون ... كَانُوا كَلَيْلَةِ أَهْلِ الْهُزَرِ(4/477)
وهُزَر: مَوْضِعٌ. وَمَا لَهُ صَيُّور، مِثَالُ فَيْعُول، أَي عَقْل ورَأْيٌ. وصَيُّور الأَمر: مَا صارَ إِليه. وَوَقَعَ فِي أُمِّ صَيُّور أَي فِي أَمر مُلْتَبِسٍ لَيْسَ لَهُ مَنْفَذ، وأَصله الهَضْبة الَّتِي لَا مَنْفَذ لَهَا؛ كَذَا حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الأَلفاظ، والأَسْبَقُ صَبُّور. وصارَةُ الْجَبَلِ: رأْسه. والصَّيُّور والصَّائرَةُ: مَا يَصِير إِليه النباتُ مِنَ اليُبْس. والصَّائرَةُ: المطرُ والكَلأُ. والصَّائرُ: المُلَوِّي أَعناقَ الرِّجَالِ. وصارَه يَصِيره: لُغَةٌ فِي صارَهُ يَصُوره أَي قَطَعَهُ، وَكَذَلِكَ أَماله. والصِّير: شَقُّ الْبَابِ؛
يُرْوَى أَن رَجُلًا اطَّلع مِنْ صِير بَابَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَنِ اطَّلع مِنْ صِير بَابٍ فَقَدْ دَمَر
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
مَنْ نَظَرَ
؛ وَدَمَرَ: دَخَلَ، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَنْ نَظَرَ فِي صِيرِ بَابٍ ففُقِئَتْ عَيْنُهُ فَهِيَ هَدَر
؛ الصِّير الشَّقّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَمْ يُسمع هَذَا الْحَرْفُ إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. وصِير الْبَابِ: خَرْقه. ابْنُ شُمَيْلٍ: الصِّيرَةُ عَلَى رأْس القَارَةِ مِثْلُ الأَمَرَة غَيْرَ أَنها طُوِيَتْ طَيّاً، والأَمَرَةُ أَطول مِنْهَا وأَعظم مَطْوِيَّتَانِ جَمِيعًا، فالأَمَرَةُ مُصَعْلَكة طَوِيلَةٌ، والصِّيرَةُ مُسْتَدِيرَةٌ عَرِيضَةٌ ذَاتُ أَركان، وَرُبَّمَا حُفِرَتْ فَوُجِدَ فِيهَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَهِيَ مِنْ صَنْعَةِ عادٍ وإِرَم، والصِّيرُ شِبْهُ الصَّحْناة، وَقِيلَ هُوَ الصَّحْنَاةُ نَفْسُهُ؛ يُرْوَى أَن رَجُلًا مَرَّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ وَمَعَهُ صِيرٌ فلَعِق مِنْهُ «1» . ثُمَّ سأَل: كَيْفَ يُباع؟ وَتَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ
أَنه الصَّحْناة.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبه سِرْيَانِيًّا؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو قَوْمًا:
كَانُوا إِذا جَعَلوا فِي صِيرِهِمْ بَصَلًا، ... ثُمَّ اشْتَوَوْا كَنْعَداً مِنْ مالحٍ، جَدَفُوا
والصِّيرُ: السَّمَكَاتُ الْمَمْلُوحَةُ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْهَا الصَّحْناة؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُعَافِرِيِّ: لَعَلَّ الصِّيرَ أَحَبُّ إِليك مِنْ هَذَا.
وصِرْتُ الشَّيْءَ: قَطَعْتُهُ. وصارَ وجهَه يَصِيره: أَقبل بِهِ. وَفِي قِرَاءَةِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وأَبي جَعْفَرٍ الْمَدَنِيِّ: فصِرهن إِليك
، بِالْكَسْرِ، أَي قطِّعهن وَشَقِّقْهُنَّ، وَقِيلَ: وجِّهْهن. الْفَرَّاءُ: ضَمَّت الْعَامَّةُ الصَّادَ وَكَانَ أَصحاب عَبْدِ اللَّهِ يَكْسِرُونَهَا، وَهُمَا لُغَتَانِ، فأَما الضَّمُّ فَكَثِيرٌ، وأَما الْكَسْرُ فَفِي هُذَيْلٍ وَسُلَيْمٍ؛ قَالَ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:
وفَرْع يَصِير الجِيدَ وحْف كَأَنّه، ... عَلَى اللِّيت، قِنْوانُ الكُرُومِ الدَّوَالِحُ
يَصِير: يَمِيلُ، وَيُرْوَى: يَزِينُ الْجِيدَ، وَكُلُّهُمْ فَسَّرُوا فَصُرْهُنَّ أَمِلْهن، وأَما
فصِرْهن
، بِالْكَسْرِ، فإِنه فُسِّرَ بِمَعْنَى قَطِّعهن؛ قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ قَطِّعْهُنَّ مَعْرُوفَةً؛ قَالَ الأَزهري: وأُراها إِن كَانَتْ كَذَلِكَ مِنْ صَرَيتُ أَصْرِي أَي قَطَعت فَقُدِّمَتْ يَاؤُهَا. وصِرْت عُنُقَهُ: لَوَيْتُهَا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وإِليك أَنبنا وإِليك المَصِير
أَي الْمَرْجِعُ. يُقَالُ: صِرْت إِلى فُلَانٍ أَصِير مَصِيراً، قَالَ: وهو شاذ والقياس مَصار مِثْلَ مَعاش. قَالَ الأَزهري: وأَما صارَ فإِنها عَلَى ضَرْبَيْنِ: بُلُوغٌ فِي الْحَالِ وَبُلُوغٌ فِي الْمَكَانِ، كَقَوْلِكَ صارَ زَيْدٌ إِلى عَمْرٍو وَصَارَ زَيْدٌ رَجُلًا، فإِذا كَانَتْ فِي الْحَالِ فَهِيَ مِثْلُ كانَ فِي بَابِهِ. وَرَجُلٌ صَيِّرٌ شَيِّرٌ أَي حَسَنُ الصُّورَة والشَّارَة؛ عَنِ الْفَرَّاءِ. وتَصَيَّر فلانٌ أَباه: نَزَعَ إِليه فِي الشَّبَه. والصِّيارَةُ والصِّيرَةُ: حَظِيرَةٌ مِنْ خَشَبٍ وَحِجَارَةٍ تُبْنَى للغَنَم والبقر، وَالْجَمْعُ صِيرٌ وصِيَرٌ، وَقِيلَ: الصِّيرَة حَظِيرَةُ الْغَنَمِ؛ قَالَ الأَخطل:
واذْكُرْ غُدَانَةَ عِدَّاناً مُزَنَّمَةً ... مِنَ الحَبَلَّقِ، تُبْنى فَوْقَها الصِّيَرُ
__________
(1) . قوله: [فلعق منه] كذا بالأَصل. وفي النهاية والصحاح فذاق مِنْهُ(4/478)
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ أُمَّتي أَحد إِلا وأَنا أَعرفه يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالُوا: وكيف تعرفهم مع كَثْرَةِ الْخَلَائِقِ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ لو دخلت صِيرَةً فِيهَا خَيْلٌ دُهْمٌ وَفِيهَا فَرَسٌ أَغَرُّ مُحَجَّل أَما كنتَ تَعْرِفُهُ مِنْهَا؟
الصِّيرَة: حَظِيرة تُتخذ لِلدَّوَابِّ مِنَ الْحِجَارَةِ وأَغصان الشَّجَرِ، وَجَمْعُهَا صِيَر. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: صَيْرَة، بِالْفَتْحِ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ. والصِّيَار: صَوْتُ الصَّنْج؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَأَنَّ تَرَاطُنَ الهَاجَاتِ فِيها، ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ، رَنَّاتُ الصِّيَارِ
يُرِيدُ رَنِينَ الصَّنْج بأَوْتاره. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِعَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَلا أُعلمك كلماتٍ إِذا قلتَهن وَعَلَيْكَ مِثْلُ صِير غُفِر لَكَ؟
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ اسْمُ جَبَلٍ، وَيُرْوَى: صُور، بِالْوَاوِ، وَفِي رِوَايَةٍ
أَبي وَائِلٍ: أَن عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ صِيرٍ دَيْناً لأَداه اللَّهُ عَنْكَ.
فصل الضاد المعجمة
ضبر: ضَبَرَ الفَرَسُ يَضْبُر ضَبْراً وضَبَراناً إِذا عَدَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: جَمَع قَوَائِمَهُ ووَثَبَ، وَكَذَلِكَ المقيَّد فِي عَدْوه. الأَصمعي: إِذا وثَب الفرسُ فوقع مجوعةً يَدَاهُ فَذَلِكَ الضَّبْر؛ قَالَ الْعَجَّاجِ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ الْقُرَشِيَّ:
لَقَدْ سَمَا ابْنُ مَعْمَرٍ حِينَ اعْتَمَرْ ... مَغْزًى بَعيداً مِنْ بَعيد وضَبَرْ،
تَقَضِّيَ البَازِي إِذا البَازِي كَسَرْ
يَقُولُ: ارْتَفَعَ قَدْرُه حِينَ غَزَا مَوْضِعًا بَعِيدًا مِنَ الشَّامِ وَجَمَعَ لِذَلِكَ جَيْشًا. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ أَبي وقَّاصٍ: الضَّبْر ضَبر البَلْقاء وَالطَّعْنُ طَعْنُ أَبي مِحْجَنٍ
؛ البَلْقاء: فَرَسُ سَعْدٍ، وَكَانَ أَبو مِحْجن قَدْ حَبَسَهُ سعدٌ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ وَهُمْ فِي قِتَالِ الفُرْس، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ القَادِسِيَّة رأَى أَبو محْجن الثَّقَفِيُّ مِنَ الفُرْس قُوَّةً، فَقَالَ لامرأَة سَعْدٍ: أَطلقيني ولكِ اللهَ عليَّ أَن أَرجع حَتَّى أَضع رِجْلي فِي الْقَيْدِ؛ فَحَلَّتْهُ، فَرَكِبَ فَرَساً لِسَعْدٍ يُقَالُ لَهَا البَلْقاء، فَجَعَل لَا يَحْمِل عَلَى نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْعَدُوِّ إِلا هَزَمَهُمْ، ثُمَّ رَجَعَ حَتَّى وَضَعَ رِجْله فِي الْقَيْدِ ووَفى لَهَا بذمَّته، فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدٌ أَخبرته بِمَا كَانَ مِنْ أَمره فَخَلَّى سَبِيلَهُ. وَفَرَسٌ ضِبِرٌّ، مِثَالُ طِمِرٍّ، فِعِلٌّ مِنْهُ، أَي وثَّاب، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. وضَبَّر الشيءَ: جَمَعَهُ. والضَّبْر والتَّضْبِير: شِدَّةُ تَلْزِيز الْعِظَامِ وَاكْتِنَازِ اللَّحْمِ؛ جَمَلٌ مَضْبُور ومُضَبَّر، وَفَرَسٌ مُضَبَّر الْخَلْقِ أَي مُوَثَّقُ الْخَلْقِ، وَنَاقَةٌ مُضَبَّرة الخَلْق. وَرَجُلٌ ضِبِرٌّ: شَدِيدٌ. وَرَجُلٌ ذُو ضَبَارَةٍ فِي خَلْقِهِ: مُجْتَمِعُ الْخَلْقِ، وَقِيلَ: وَثِيقُ الْخَلْقِ؛ وَبِهِ سُمِّيَ ضَبَارَةُ، وَابْنُ ضَبَارة كَانَ رَجُلًا مِنْ رُؤَسَاءِ أَجناد بَنِي أُمية. والمَضْبُور: الْمُجْتَمِعُ الْخَلْقِ الأَملس؛ وَيُقَالُ للمِنْجل: مَضْبُور. اللَّيْثُ: الضَّبْر شِدَّةُ تَلْزِيز الْعِظَامِ وَاكْتِنَازِ اللَّحْمِ، وَجَمَلٌ مُضَبَّر الظَّهْرِ؛ وأَنشد:
مُضَبَّر اللَّحْيَيْن نَسْراً مِنْهَسا
وأَسد ضُبَارِم وضُبَارِمَة مِنْهُ فُعالم عِنْدَ الْخَلِيلِ. والإِضْبَارَةُ: الحُزْمة مِنَ الصُّحُف، وَهِيَ الإِضْمَامَة. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ بإِضْبَارَةٍ مِنْ كُتب وإِضْمامةٍ مِنْ كُتب، وَهِيَ الأَضَابِير والأَضَامِيم. اللَّيْثُ: إِضْبارَةٌ مِنْ صُحُف أَو سِهَامٍ أَي حُزْمة، وضُبَارَةُ [ضِبَارَةُ] لُغَةٌ، وَغَيْرُ اللَّيْثِ لَا يُجِيزُ ضُبَارة مِنْ كُتُب، وَيَقُولُ: أَضْبَارة وإِضْبارة. وضَبَّرت الكُتب وَغَيْرَهَا تضبِيراً: جَمَعْتُهَا. الْجَوْهَرِيُّ: ضَبَرت(4/479)
الكُتب أَضْبُرُها ضَبْراً إِذا جَعَلْتَهَا إِضْبارَة. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه ذَكَرَ قَوْمًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ
، كأَنها جَمْعُ ضِبَارَةٍ مِثْلُ عِمَارَةٍ وعَمائِر. وَكُلُّ مُجْتَمِعٍ: ضِبَارَة. والضَّبَائِر: جَمَاعَاتُ النَّاسِ. يُقَالُ: رأَيتهم ضَبائرَ أَي جَمَاعَاتٍ فِي تَفْرقة. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَتَتْه الملائكةُ بِحَرِيرَةٍ فِيهَا مِسْك وَمِنْ ضَبائِر الرَّيْحَانِ.
والضُّبَار [الضِّبَار] : الكُتُب، لَا وَاحِدَ لَهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَقولُ لِنَفْسي واقِفاً عِنْدَ مُشْرِفٍ، ... عَلَى عَرَصَاتٍ، كالضبَارِ النَّوَاطق
والضَّبْر: الْجَمَاعَةُ يَغْزُونَ عَلَى أَرجلهم؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْجَمَاعَةُ يَغْزُونَ. يُقَالُ: خَرَجَ ضَبْرٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ سَاعِدَةُ بْنُ جَؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ:
بَيْنا هُمُ يَوْماً كَذَلِكَ رَاعَهُمْ ... ضَبْرٌ، لباسُهُمُ القَتيرُ مُؤَلَّبُ
القَتِير: مَسَامِيرُ الدُّرُوعِ وأَراد بِهِ هَاهُنَا الدُّرُوعَ. وَمُؤَلَّبٌ: مُجمَّع، وَمِنْهُ تَأَلَّبُوا أَي تجمَّعوا. والضَّبْر: الرَّجَّالة. والضَّبْر: جِلْدٌ يُغَشَّى خَشَباً فِيهَا رِجَالٌ تُقَرَّبُ إِلى الحُصون لِقِتَالِ أَهلها، وَالْجَمْعُ ضُبُورٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: إِنا لَا نأْمَنُ أَن يأْتوا بضُبُور؛ هِيَ الدَّبَّابات الَّتِي تُقَرَّب لِلْحُصُونِ لِتَنْقُبَ مِنْ تَحْتِهَا، الْوَاحِدَةُ ضَبْرة. وضَبَرَ عَلَيْهِ الصَّخْر يَضْبُره أَي نَضَّدَه؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ نَاقَةً «2» :
ترى شُؤُون رأْسِها العَوارِدا ... مَضْبُورَةً إِلى شَباً حَدائِدا،
ضَبْرَ بَراطِيلَ إِلى جَلامِدا
والضَّبْرُ والضَّبِر: شَجَرُ جَوْز الْبَرِّ يُنَوِّرُ وَلَا يَعْقِدُ؛ وَهُوَ مِنْ نَبَاتِ جِبَالِ السَّرَاةِ، وَاحِدَتُهُ ضَبِرَة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يَمْتَنِعُ ضَبْرَة غَيْرَ أَني لَمْ أَسمعه. وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ:
أَنه ذَكَرَ بَنِي إِسرائيل فَقَالَ: جَعَلَ اللَّهُ عِنَبَهُمُ الأَرَاكَ وجَوْزَهم الضَّبْرَ ورُمَّانهم المَظَّ
؛ الأَصمعي: الضَّبْر جَوْز الْبَرِّ، الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ جَوْزٌ صُلْبٌ، قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ الرُّمان الْبَرِّيَّ، لأَن ذَلِكَ يُسَمَّى المَظّ. والضُّبَّار: شَجَرٌ طَيِّبُ الحَطَب؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مَرَّةً: الضُّبَّار شَجَرٌ قَرِيبُ الشَّبَهِ مِنْ شَجَرِ البَلُّوط وحَطَبه جَيِّدٌ مِثْلَ حَطَبِ المَظّ، وإِذا جُمِعَ حَطَبُهُ رَطْبًا ثُمَّ أُشعلت فِيهِ النَّارَ فَرْقَعَ فَرْقَعَة المَخَاريق، وَيُفْعَلُ ذَلِكَ بِقُرْبِ الغيَاض الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الأُسْد فَتَهْرُبُ، وَاحِدَتُهُ ضُبَّارة. ابْنُ الأَعرابي: الضَّبْر الْفَقْرُ، والضَّبْر الشَّدُّ، والضَّبْر جَمْعُ الأَجزاء؛ وأَنشد:
مَضْبُورَةً إِلى شَبَا حَدَائِدَا، ... ضَبْرَ براطيلَ إِلى جَلَامِدَا
وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ الْمَنْجَنِيقَ:
وَكُلُّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا، ... تُنْتَجُ حِينَ تَلْقَح ابْتِقارا
قَدْ ضُبِرَ القومُ لَهَا اضْطبارا، ... كأَنما تجمَّعوا قُبّارا
أَي يَخْرُجُ حَجَرُهَا مِنْ وَسَطِهَا كَمَا تُبْقر الدَّابَّةُ. والقُبّار مِنْ كَلَامِ أَهل عُمَانَ: قومٌ يَجْتَمِعُونَ فَيَحُوزُونَ مَا يَقَعُ فِي الشِّباك مِنْ صَيْد، الْبَحْرِ، فَشَبَّهَ جَذْب أُولئك حِبالَ المنْجَنِيق بِجَذْبِ هؤُلاء الشِّبَاكَ بِمَا فِيهَا. ابْنُ الْفَرَجِ: الضِّبْر والضِّبْن الإِبْط؛ وأَنشد لجندل:
__________
(2) . قوله: [يصف ناقة] في شرح القاموس قال الصاغاني: والصواب يصف جملًا، وهذا موضع المثل: استنوق الجمل. والرجز لأَبي محمد الفقعسي والرواية شؤون رأسه(4/480)
وَلَا يَؤُوبُ مُضْمَراً فِي ضِبْرِي ... زادِي، وَقَدْ شَوَّلَ زَادُ السَّفْرِ
أَي لَا أَخْبَأُ الطَّعَامَ فِي السَّفَرِ فَأَؤُوب بِهِ إِلى بَيْتِي وقد نفد زَادُ أَصحابي وَلَكِنِّي أُطعمهم إِياه. وَمَعْنَى شَوَّلَ أَي خَفَّ، وقلَّما تُشَوِّلُ القِرْبةُ إِذا قَلَّ مَاؤُهَا. وَعَامِرُ بْنُ ضَبارة، بِالْفَتْحِ «1» . وضُبَيْرَة: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ الأَخطل:
بَكْرِيَّةٌ لَمْ تكُنْ دَارِي لَهَا أَمَماً، ... وَلَا ضُبَيْرَةُ مِمَّن تَيَّمَت صَدَدُ
وَيُرْوَى صُبَيْرَةُ. وضَبَّار: اسْمُ كَلْبٍ؛ قَالَ:
سَفَرَتْ فَقُلْت لَها: هَجٍ، فَتَبَرْقَعَتْ، ... فَذَكَرْتُ حِينَ تَبَرْقَعَتْ ضَبَّارا
ضبطر: الضِّبَطْر، مِثَالُ الهِزَبْر: الضَّخْمُ المكتَنِزُ الشَّدِيدُ الضَّابِطُ؛ أَسد ضِبَطْرٌ وَجَمَلٌ ضِبَطْرٌ؛ وأَنشد:
أَشبه أَركانه ضِبَطْرَا
الضِّبَطْرُ والسِّبَطْرُ: مِنْ نَعْتِ الأَسد بالمَضَاء والشدة.
ضبغطر: الضَّبَغْطَرَى: كَلِمَةٌ يُفَزَّع بِهَا الصبيانُ. والضَّبَغْطَرى: الشَّدِيدُ والأَحمق؛ مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. وَرَجُلٌ ضَبَغْطَرَى إِذا حَمَّقْتَه وَلَمْ يُعْجبك، وتَثْنية الضَّبَغْطَرَى ضَبَغْطَرَانِ، ورأَيت ضَبَغْطَرَين. ابْنُ الأَعرابي: الضَّبَغْطَرَى مَا حَمَلْتَهُ عَلَى رأْسك وَجَعَلْتَ يَدَيْكَ فَوْقَهُ عَلَى رأْسك لئلَّا يَقَعَ. والضَّبَغْطَرَى أَيضاً: اللَّعِينُ الَّذِي يُنصب فِي الزَّرْعِ يُفَزَّع بِهِ الطيرُ.
ضجر: الضَّجَر: الْقَلَقُ مِنَ الْغَمِّ، ضَجِرَ مِنْهُ وَبِهِ ضَجَراً. وتَضَجَّر: تَبَرَّم؛ وَرَجُلٌ ضَجِرٌ وَفِيهِ ضُجْرَةٌ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: فُلَانٌ ضَجِرٌ مَعْنَاهُ ضَيِّقُ النَّفْسِ، مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ مَكَانٌ ضَجِر أَي ضَيِّقٌ؛ وَقَالَ دُرَيْدٌ:
فإِمَّا تُمْسِ فِي جَدَثٍ مُقيماً ... بِمَسْهَكَةٍ، مِنَ الأَرْواحِ، ضَجْر «2»
. أَبو عَمْرٍو: مَكَانٌ ضَجْر وضَجِر أَي ضيِّق، والضَّجْر الِاسْمُ والضِّجَر الْمَصْدَرُ. الْجَوْهَرِيُّ: ضَجِر، فَهُوَ ضَجِرٌ، وَرَجُلٌ ضَجُور، وأَضْجَرني فُلَانٌ، فَهُوَ مُضْجِرٌ، وَقَوْمٌ مَضاجِرُ ومَضاجِيرُ؛ قَالَ أَوس:
تَناهَقُونَ إِذا اخْضَرَّتْ نعالُكُمُ، ... وَفِي الحَفِيظَةِ أَبْرامٌ مَضاجِيرُ
وَضَجِرَ الْبَعِيرُ: كَثُرَ رُغاؤه؛ قَالَ الأَخطل يَهْجُو كَعْبِ بْنِ جُعَيْل:
فَإِنْ أَهْجُه يَضْجَرْ، كَمَا ضَجْرَ بازِلٌ ... مِنَ الأُدْمِ دَبْرَتْ صَفْحَتاهُ وغارِبُه
وَقَدْ خَفَّف ضَجِرَ ودَبِرَت فِي الأَفعال؛ كَمَا يُخَفَّفُ فَخِذ فِي الأَسماء. والبَازِلُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَبْزُل نابُه أَي يَشُقّ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ وَرُبَّمَا بَزَل فِي الثَّامِنَةِ. والأُدْم: جَمْعُ آدَمَ، وَيُقَالُ: الأُدْمة مِنَ الإِبل الْبَيَاضُ. وصَفْحتاه: جَانِبَا عُنُقه. والغَارِب: مَا بَيْنَ السَّنَامِ وَالْعُنُقِ؛ يَقُولُ: إِن أَهْجُه يَضْجَر وَيَلْحَقْهُ مِنَ الأَذى مَا يَلْحَقُ الْبَعِيرَ الدَّبِر مِنَ الأَذى. ابْنُ سِيدَهْ: وَنَاقَةٌ ضَجُور تَرْغُو عِنْدَ الحلْب. وَفِي الْمَثَلِ: قَدْ تَحْلُب الضَّجُور العُلْبة أَي قَدْ تُصِيبُ اللِّينَ من السيِء الخُلُق. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَنْ أَمثالهم فِي الْبَخِيلِ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الْمَالُ عَلَى بُخْلِهِ: إِن الضَّجُور قَدْ تَحْلُبُ أَي إِن هَذَا وإِن كَانَ مَنوعاً فَقَدْ يُنال مِنْهُ الشيءُ بَعْدَ الشَّيْءِ كَمَا أَن النَّاقَةَ الضَّجُورَ قَدْ يُنال مِنْ لبنها.
__________
(1) . قوله: [وَعَامِرُ بْنُ ضَبَارَةَ بِالْفَتْحِ] كذا بالأَصل. وفي القاموس وشرحه: وعمرو بن ضبارة، بالضم، وضبطه بعضهم بالفتح
(2) . قوله: [فإما تمس] كذا بالأَصل وفي شرح القاموس متى ما تمس(4/481)
ضجحر: الأَصمعي: ضَجْحَرْت القِرْبة ضَجْحَرَةً إِذا ملأَتها، وَقَدِ اضْجَحَرَّ السِّقاءُ اضْجِحْراراً إِذا امتلأَ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ إِبل غِزارٍ:
تَتْرُكُ الوَطْبَ شاصِياً مُضْجَحِرّاً، ... بَعْدَ ما أَدَّتِ الحُقُوقَ الحُضُورا
وضَجْحَرَ الإِناءَ: ملأَه.
ضرر: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: النَّافِعُ الضَّارُّ، وَهُوَ الَّذِي يَنْفَعُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ وَيَضُرُّهُ حَيْثُ هُوَ خَالِقُ الأَشياء كلِّها: خيرِها وَشَرِّهَا وَنَفْعِهَا وَضُرِّهَا. الضَّرُّ والضُّرُّ لُغَتَانِ: ضِدُّ النَّفْعِ. والضَّرُّ الْمَصْدَرُ، والضُّرّ الِاسْمُ، وَقِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ كالشَّهْد والشُّهْد، فإِذا جَمَعْتَ بَيْنَ الضَّرّ وَالنَّفْعِ فَتَحْتَ الضَّادَ، وإِذا أَفردت الضُّرّ ضَمَمْت الضَّادَ إِذا لَمْ تَجْعَلْهُ مَصْدَرًا، كَقَوْلِكَ: ضَرَرْتُ ضَرّاً؛ هَكَذَا تَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ. أَبو الدُّقَيْش: الضَّرّ ضِدُّ النَّفْعِ، والضُّر، بِالضَّمِّ، الهزالُ وَسُوءُ الْحَالِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ
؛ وَقَالَ: كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ
؛ فَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ سُوءِ حَالٍ وَفَقْرٍ أَو شِدَّةٍ فِي بَدَنٍ فَهُوَ ضُرّ، وَمَا كَانَ ضِدًّا لِلنَّفْعِ فَهُوَ ضَرّ؛ وَقَوْلُهُ: لَا يَضُرّكم كيدُهم؛ مِنَ الضَّرَر، وَهُوَ ضِدُّ النَّفْعِ. والمَضَرّة: خِلَافُ المَنْفعة. وضَرَّهُ يَضُرّه ضَرّاً وضَرّ بِه وأَضَرّ بِه وضَارَّهُ مُضَارَّةً وضِراراً بِمَعْنًى؛ وَالِاسْمُ الضَّرَر. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرارَ فِي الإِسلام
؛ قَالَ: وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّفْظَيْنِ مَعْنًى غَيْرُ الْآخَرِ: فَمَعْنَى قَوْلِهِ
لَا ضَرَرَ
أَي لَا يَضُرّ الرَّجُلُ أَخاه، وَهُوَ ضِدُّ النَّفْعِ، وَقَوْلُهُ:
وَلَا ضِرار
أَي لَا يُضَارّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، فالضِّرَارُ مِنْهُمَا مَعًا والضَّرَر فِعْلٌ وَاحِدٌ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ:
وَلَا ضِرَار
أَي لَا يُدْخِلُ الضَّرَرَ عَلَى الَّذِي ضَرَّهُ وَلَكِنْ يَعْفُو عَنْهُ، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَوْلُهُ
لَا ضَرَرَ
أَي لَا يَضُرّ الرَّجُلُ أَخاه فَيَنْقُصه شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ، والضِّرارُ فِعَالٌ مِنَ الضُّرِّ، أَي لَا يُجَازِيهِ على إِضراره بإِدخال الضَّرَر عَلَيْهِ؛ والضَّرَر فِعْلُ الْوَاحِدِ، والضِّرَارُ فِعْلُ الِاثْنَيْنِ، والضَّرَر ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ، والضِّرَار الْجَزَاءُ عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: الضَّرَر مَا تَضُرّ بِه صَاحِبَكَ وَتَنْتَفِعُ أَنت بِهِ، والضِّرار أَن تَضُره مِنْ غَيْرِ أَن تَنْتَفِعَ، وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَتَكْرَارُهُمَا للتأْكيد. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: غَيْرَ مُضَارٍّ
؛ مَنع مِنَ الضِّرَار فِي الْوَصِيَّةِ؛ وَرُوِيَ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ: مَنْ ضَارَّ فِي وَصِيَّةٍ أَلقاه اللَّهُ تَعَالَى فِي وَادٍ مِنْ جَهَنَّمَ أَو نَارٍ
؛ والضِّرار فِي الْوَصِيَّةِ رَاجِعٌ إِلى الْمِيرَاثِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِنّ الرجلَ يعمَلُ والمرأَة بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ يَحْضُرُهما الموتُ فَيُضَارِران فِي الْوَصِيَّةِ فتجبُ لَهُمَا النَّارُ
؛ المُضارَّةُ فِي الْوَصِيَّةِ: أَن لَا تُمْضى أَو يُنْقَصَ بعضُها أَو يُوصى لِغَيْرِ أَهلها وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ السُّنّة. الأَزهري: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ
، لَهُ وَجْهَانِ: أَحدهما لَا يُضَارّ فَيُدْعى إِلى أَن يَكْتُبَ وَهُوَ مَشْغُولٌ، وَالْآخَرُ أَن مَعْنَاهُ لَا يُضَارِرِ الكاتبُ أَي لَا يَكْتُبْ إِلا بِالْحَقِّ وَلَا يشهدِ الشَّاهِدُ إِلا بِالْحَقِّ، وَيَسْتَوِي اللَّفْظَانِ فِي الإِدغام؛ وكذلك قوله: لَا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها
؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ لَا تُضَارَرْ عَلَى تُفاعَل، وَهُوَ أَن يَنْزِع الزوجُ وَلَدَهَا مِنْهَا فَيَدْفَعَهُ إِلى مُرْضعة أُخرى، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ لَا تُضَارَّ
مَعْنَاهُ لَا تُضَارِرِ الأُمُّ الأَبَ فَلَا ترضِعه.(4/482)
والضَّرَّاءُ: السَّنَة. والضَّارُوراءُ: الْقَحْطُ وَالشِّدَّةُ. والضَّرُّ: سُوءُ الْحَالِ، وَجَمْعُهُ أَضُرٌّ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعَبَّادِيُّ:
وخِلالَ الأَضُرّ جَمٌّ من العَيْشِ ... يُعَفِّي كُلُومَهُنَّ البَواقي
وَكَذَلِكَ الضَّرَرُ والتَّضِرَّة والتَّضُرَّة؛ الأَخيرة مَثَّلَ بِهَا سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهَا السِّيرَافِيُّ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
مُحَلًّى بأَطْوَاقٍ عِتاقٍ يُبِينُها، ... عَلَى الضَّرّ، رَاعي الضأْنِ لَوْ يَتَقَوَّفُ
إِنما كَنَّى بِهِ عَنْ سُوءِ حَالِهِ فِي الْجَهْلِ وَقِلَّةِ التَّمْيِيزِ؛ يَقُولُ: كرمُه وَجُودُهُ يَبِينُ لِمَنْ لَا يَفْهَمُ الْخَيْرَ فَكَيْفَ بِمَنْ يَفْهَمُ؟ والضَّرَّاءُ: نَقِيضُ السَّرَّاء. وَفِي الْحَدِيثِ:
ابْتُلِينَا بالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنا، وَابْتُلِينَا بالسَّرَّاء فَلَمْ نَصْبِرْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الضَّرَّاءُ الْحَالَةُ الَّتِي تَضُرُّ، وَهِيَ نَقِيضُ السَّرَّاء، وَهُمَا بِنَاءَانِ لِلْمُؤَنَّثِ وَلَا مُذَكَّرَ لَهُمَا، يُرِيدُ أَنا اخْتُبِرْنا بِالْفَقْرِ وَالشِّدَّةِ وَالْعَذَابِ فَصَبَرْنَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَتْنَا السَّرَّاءُ وَهِيَ الدُّنْيَا والسَّعَة وَالرَّاحَةُ بَطِرْنا وَلَمْ نَصْبِرْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ
؛ قِيلَ: الضَّرَّاءُ النَّقْصُ فِي الأَموال والأَنفس، وَكَذَلِكَ الضَّرَّة والضَّرَارَة، والضَّرَرُ: النُّقْصَانُ يَدْخُلُ فِي الشَّيْءِ، يُقَالُ: دَخَلَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي مَالِهِ. وَسُئِلَ أَبو الْهَيْثَمِ عَنْ قَوْلِ الأَعشى:
ثُمَّ وَصّلْت ضَرَّةً بِرَبِيعِ
فَقَالَ: الضَّرَّةُ شِدَّةُ الْحَالِ، فَعْلَة مِنَ الضَّرّ، قَالَ: والضُّرّ أَيضاً هُوَ حَالُ الضَّرِيرِ، وَهُوَ الزَّمِنُ. والضَّرَّاءُ: الزَّمانة. ابْنُ الأَعرابي: الضَّرَّة الأَذاة، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
؛ أَي غَيْرُ أُولي الزَّمانة. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَي غَيْرَ مَنْ بِهِ عِلَّة تَضُرّه وَتَقْطَعُهُ عَنِ الْجِهَادِ، وَهِيَ الضَّرَارَة أَيضاً، يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْبَصَرِ وَغَيْرِهِ، يَقُولُ: لَا يَسْتَوي الْقَاعِدُونَ وَالْمُجَاهِدُونَ إِلا أُولو الضَّرَرِ فإِنهم يُسَاوُونَ الْمُجَاهِدِينَ؛ الْجَوْهَرِيُّ: والبَأْساءُ والضَّرَّاء الشِّدَّةُ، وَهُمَا اسْمَانِ مُؤَنَّثَانِ مِنْ غَيْرِ تَذْكِيرٍ، قَالَ الْفَرَّاءُ: لَوْ جُمِعَا عَلَى أَبْؤُسٍ وأَضُرٍّ كَمَا تُجْمَعُ النَّعْماء بِمَعْنَى النِّعْمة عَلَى أَنْعُم لَجَازَ. وَرَجُلٌ ضَرِيرٌ بَيِّن الضَّرَارَة: ذَاهِبُ الْبَصَرِ، وَالْجَمْعُ أَضِرَّاءُ. يُقَالُ: رَجُلٌ ضَرِيرُ البصرِ؛ وإِذا أَضَرَّ بِهِ المرضُ يُقَالُ: رَجُلٌ ضَرِير وامرأَة ضَرِيرَة. وَفِي حَدِيثِ
الْبَرَاءِ: فَجَاءَ ابْنُ أُمّ مَكْتُومٍ يَشْكُو ضَرَارَتَه
؛ الضَّرَارَة هَاهُنَا العَمَى، وَالرَّجُلُ ضَرِيرٌ، وَهِيَ مِنَ الضَّرّ سُوءُ الْحَالِ. والضَّرِيرُ: الْمَرِيضُ الْمَهْزُولُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، والأُنثى ضَرِيرَة. وَكُلُّ شَيْءٍ خَالَطَهُ ضُرٌّ، ضَرِيرٌ ومَضْرُورٌ. والضَّرائِرُ: المَحاويج. والاضطِرَارُ: الِاحْتِيَاجُ إِلى الشَّيْءِ، وَقَدِ اضْطَرَّه إِليه أَمْرٌ، وَالِاسْمُ الضَّرَّة؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ:
وتُخْرِجُ منهُ ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً، ... وَطُولُ السُّرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
أَي تَلأْلُؤَ عَضْب، وَيُرْوَى: ذَرِّيَّ عَضْبٍ يَعْنِي فِرِنْدَ السَّيْفِ لأَنه يُشَبَّه بمَدَبِّ النمْلِ. والضَّرُورةُ: كالضَّرَّةِ. والضِّرارُ: المُضَارَّةُ؛ وَلَيْسَ عَلَيْكَ ضَرَرٌ وَلَا ضَرُورةٌ وَلَا ضَرَّة وَلَا ضارُورةٌ ولا تَضُرّةٌ [تَضِرّةٌ] . وَرَجُلٌ ذُو ضارُورةٍ وضَرُورةٍ أَي ذُو حاجةٍ، وَقَدِ اضْطُرَّ إِلى الشَّيءِ أَي أُلْجئَ إِليه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَثِيبي أَخا ضارُورةٍ أَصْفَقَ العِدى ... عَلَيْهِ، وقَلَّتْ فِي الصَّدِيق أَواصِرُهْ
اللَّيْثُ: الضّرُورةُ اسمٌ لمصْدرِ الاضْطِرارِ، تَقُولُ: حَمَلَتْني الضّرُورَةُ عَلَى كَذَا وَكَذَا. وَقَدِ اضْطُرّ(4/483)
فُلَانٌ إِلى كَذَا وَكَذَا، بِناؤُه افْتَعَلَ، فَجُعِلَت التاءُ طَاءً لأَنَّ التاءَ لَمْ يَحْسُنْ لفْظُه مَعَ الضَّادِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ*
؛ أَي فَمَنْ أُلْجِئَ إِلى أَكْل الميْتةِ وَمَا حُرِّم وضُيِّقَ عَلَيْهِ الأَمْرُ بِالْجُوعِ، وأَصله مِنَ الضّرَرِ، وَهُوَ الضِّيقُ. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: هِيَ الضارُورةُ والضارُوراءُ مَمْدُودٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّه نَهَى عَنْ بَيْعِ المُضْطَرّ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدُهما أَنْ يُضْطَرّ إِلى العَقْدِ مِنْ طَرِيقِ الإِكْراهِ عَلَيْهِ، قَالَ: وَهَذَا بيعٌ فاسدٌ لَا يَنْعَقِدُ، وَالثَّانِي أَنْ يُضْطَرَّ إِلى البيعِ لِدَيْن رَكِبَه أَو مَؤونةٍ ترْهَقُه فيَبيعَ مَا فِي يَدِه بالوَكْسِ للضَّرُورةِ، وَهَذَا سبيلُه فِي حَقِّ الدِّينِ والمُروءةِ أَن لَا يُبايَعَ عَلَى هَذَا الوجْهِ، وَلَكِنْ يُعَان ويُقْرَض إِلى المَيْسَرَةِ أَو تُشْتَرى سِلْعَتُه بقِيمتها، فإِنْ عُقِدَ البَيْع مَعَ الضرورةِ عَلَى هَذَا الوجْه صحَّ وَلَمْ يُفْسَخْ مَعَ كراهةِ أَهلِ العلْم لَهُ، وَمَعْنَى البَيْعِ هَاهُنَا الشِّراءُ أَو المُبايَعةُ أَو قَبُولُ البَيْعِ. والمُضْطَرُّ: مُفْتَعَلٌ مِنَ الضّرِّ، وأَصْلُه مضْتَرَرٌ، فأُدْغِمَت الراءُ وقُلِبَت التاءُ طَاءً لأَجْلِ الضادِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ: لَا تَبْتَعْ مِنْ مُضْطَرٍّ شَيْئاً
؛ حملَه أَبو عُبَيْدٍ عَلَى المُكْرَهِ عَلَى البَيْعِ وأَنْكَرَ حَمْلَه عَلَى المُحْتاج. وَفِي حَدِيثِ
سَمُرَةَ: يَجْزِي مِنَ الضَّارُورة صَبُوحٌ أَو غَبُوق
؛ الضارورةُ لغةٌ فِي الضّرُورةِ، أَي إِنَّما يَحِلّ للمُضْطَرّ مِنَ المَيْتة أَنْ يأْكُلَ مِنْهَا مَا يسُدُّ الرَّمَقَ غَداءً أَو عَشاءً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمعَ بَيْنَهُمَا. والضَّرَرُ: الضِّيقُ. ومكانٌ ذُو ضَرَرٍ أَي ضِيقٍ. ومكانٌ ضَرَرٌ: ضَيِّقٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِل:
ضِيف الهَضْبَةِ الضَّرَر
وَقَوْلُ الأَخطل:
لِكُلِّ قَرارةٍ مِنْهَا وفَجٍ ... أَضاةٌ، مَاؤُهَا ضَرَرٌ يَمُور
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَاؤُهَا ضرَرٌ أَي ماءٌ نَمِيرٌ فِي ضِيقٍ، وأَرادَ أَنَّه غَزِيرٌ كثيرٌ فَمجارِيه تَضِيقُ بِهِ، وإِن اتَّسَعَتْ. والمُضِرُّ: الدَّاني مِنَ الشيْءِ؛ قَالَ الأَخْطل:
ظَلَّتْ ظِباءُ بَني البَكَّاءِ راتِعَةً، ... حَتَّى اقْتُنِصْنَ عَلَى بُعْدٍ وإِضْرار
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ: أَنَّه كَانَ يُصَلِّي فأَضَرَّ بِهِ غُصْنٌ فمَدَّ يَده فكَسَرَهُ
؛ قَوْلُهُ: أَضَرَّ بِهِ أَي دَنَا مِنْهُ دُنُوّاً شَدِيدًا فَآذَاهُ. وأَضَرَّ بِي فلانٌ أَي دَنا مِنِّي دُنُوّاً شَدِيدًا وأَضَرَّ بالطريقِ: دنَا مِنْهُ وَلَمْ يُخالِطْه؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنْمة «3» . الضَّبِّي يَرْثي بِسْطَامَ ابْنَ قَيْسٍ:
لأُمِّ الأَرْضِ ويْلٌ مَا أَجَنَّتْ ... غداةَ أَضَرَّ بالحسَنِ السَّبيلُ؟
«4» . يُقَسِّمُ مالَه فِينا فَنَدْعُو ... أَبا الصَّهْبا، إِذا جَنَحَ الأَصِيلُ
الحَسَنُ: اسمُ رَمْلٍ؛ يَقُولُ هَذَا عَلَى جِهَةِ التعجُّبِ، أَي وَيْلٌ لأُمِّ الأَرْضِ مَاذَا أَجَنَّت مِنْ بِسْطام أَي بِحَيْثُ دَنَا جَبَلُ الحَسَنِ مِنَ السَّبِيلِ. وأَبو الصَّهْبَاءِ: كُنْيَةُ بسْطام. وأَضَرَّ السيْلُ مِنَ الْحَائِطِ: دَنَا مِنْهُ. وسَحابٌ مُضِرٌّ أَي مُسِفٌّ. وأَضَرَّ السَّحابُ إِلى الأَرْضِ: دَنَا، وكلُّ مَا دَنا دُنُوّاً مُضَيَّقاً، فَقَدْ أَضَرَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَضُرُّه أَنْ
__________
(3) . قوله: [ابن عنمة] ضبط في الأصل بسكون النون وضبط في ياقوت بالتحريك
(4) . قوله: [غداة] في ياقوت بحيث(4/484)
يَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كانَ لَهُ
؛ هَذِهِ الكلمةُ يَسْتَعْمِلُها العرَبُ ظاهرُها الإِباحَةُ وَمَعْنَاهَا الحَضُّ والتَّرْغِيبُ. والضَّرِيرُ: حَرْفُ الوادِي. يُقَالُ: نَزَلَ فلانٌ عَلَى أَحدِ ضَرِيرَي الوادِي أَي عَلَى أَحَدِ جانِبَيْهِ، وَقَالَ غيرُه: بإِحْدَى ضَفَّتَيْه. والضَّرِيرانِ: جانِبا الوادِي؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَر:
وَمَا خَلِيجٌ مِنَ المَرُّوتِ ذُو شُعَبٍ، ... يَرْمِي الضَّرِيرَ بِخُشْبِ الطَّلْحِ والضَّالِ
واحِدُهما ضَرِيرٌ وجمعُه أَضِرَّةٌ. وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ أَي صَبْرٍ عَلَى الشرِّ ومُقَاساةٍ لَهُ. والضَّرِيرُ مِنَ النَّاسِ والدوابِّ: الصبُورُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ:
باتَ يُقاسي كُلَّ نابٍ ضِرِزَّةٍ، ... شَدِيدة جَفْنِ العَيْنِ ذاتِ ضَريرِ
وَقَالَ:
أَما الصُّدُور لَا صُدُورَ لِجَعْفَرٍ، ... ولكنَّ أَعْجازاً شَدِيدًا ضَرِيرُها
الأَصمعي: إِنه لَذُو ضَرِيرٍ عَلَى الشيءِ والشِّدَةِ إِذا كان ذا صبرٍ عَلَيْهِ ومُقَاساةٍ؛ وأَنشد:
وهمَّامُ بْنُ مُرَّةَ ذُو ضَرِيرِ
يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّاسِ والدوابِّ إِذا كَانَ لَهَا صبرٌ عَلَى مقاساةِ الشرِّ؛ قَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
بمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها ... بأَطْرافِها، والعِيسُ باقٍ ضَرِيرُها
قَالَ: ضريرُها شدَّتُها؛ حَكَاهُ الباهِليُّ عَنْهُ؛ وَقَوْلُ مَلِيحٍ الْهُذَلِيِّ:
وإِنِّي لأَقْرِي الهَمَّ، حِينَ يَنوبني، ... بُعَيدَ الكَرَى مِنْهُ، ضَرِيرٌ مُحافِلُ
أَراد مُلازِم شَدِيد. وإِنَّه لَضِرُّ أَضْرارٍ أَي شَدِيدُ أَشِدَّاءَ، وضِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ إِذا كَانَ داهِيَةً فِي رأْيه؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
وَالْقَوْمُ أَعْلَم لَوْ قُرْطٌ أُرِيدَ بِهَا، ... لكِنَّ عُرْوةَ فِيهَا ضِرُّ أَضْرارِ
أَي لَا يَسْتَنْقِذُهُ ببَأْسه وحِيلَهِ. وعُرْوةُ: أَخُو أَبي خِراشٍ، وَكَانَ لأَبي خراشٍ عِنْدَ قُرْطٍ مِنَّةٌ، وأَسَرَتْ أَزد السَّراةِ عُرْوةَ فَلَمْ يحمَد نيابَة قُرْطٍ عنْه فِي أَخيه:
إِذاً لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيْفِ مِنْ رَجُلٍ ... مِنْ سادةِ القَومِ، أَوْ لالْتَفَّ بالدَّار
الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ أَبَا ثَروانَ يَقُولُ: مَا يَضُرُّكَ عَلَيْهَا جارِيَةً أَي مَا يَزِيدُكَ؛ قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ مَا يَضُرُّكَ عَلَى الضبِّ صَبْراً، وَمَا يَضِيرُكَ عَلَى الضبِّ صَبْراً أَي مَا يَزِيدُكَ. ابْنُ الأَعرابي: مَا يَزِيدُك عَلَيْهِ شَيْئًا وَمَا يَضُرُّكَ عَلَيْهِ شَيْئًا، واحِدٌ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي أَبواب النَّفْيِ: يُقَالُ لَا يَضُرُّك عَلَيْهِ رجلٌ أَي لَا تَجِدُ رَجُلًا يَزِيدُكَ عَلَى مَا عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ مِنَ الْكِفَايَةِ، وَلَا يَضُرُّكَ عليه حَمْلٌ أَي لَا يَزِيدُك. والضَّرِيرُ: اسمٌ للْمُضَارَّةِ، وأَكْثُر مَا يُسْتَعْمَل فِي الغَيْرةِ. يُقَالُ: مَا أَشَدَّ ضَرِيرَه عَلَيها. وإِنه لذُو ضَرِيرٍ عَلَى امرأَته أَي غَيْرة؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ حِمَارًا:
حَتَّى إِذا مَا لانَ مِنْ ضَرِيرِه
وَضَارَّهُ مُضارَّةً وضِراراً: خالَفَه؛ قَالَ نابغةُ بنِي جَعْدة:
وخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَيْ تُدْرَإِ، ... مَتَى باتَ سِلْمُها يَشْغَبا(4/485)
وروُي عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قِيلَ لَهُ: أَنَرَى رَبَّنا يومَ القيامةِ؟ فَقَالَ: أَتُضارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشمْسِ فِي غيرِ سَحابٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فإِنَّكم لَا تُضارُّون فِي رُؤْيتِه تباركَ وَتَعَالَى
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رُوِي هَذَا الحرفُ بِالتَّشْدِيدِ مِنَ الضُّرّ، أَي لَا يَضُرُّ بعضُكم بَعْضاً، وَرُوِيَ تُضارُونَ، بِالتَّخْفِيفِ، مِنَ الضَّيْرِ. وَمَعْنَاهُمَا واحدٌ؛ ضارَهُ ضَيْراً فضَرَّه ضَرّاً، وَالْمَعْنَى لَا يُضارُّ بعْضُكم بعْضاً فِي رُؤْيَتِهِ أَي لَا يُضايِقُه ليَنْفَرِدَ برُؤْيتِه. والضرَرُ: الضِّيقُ، وَقِيلَ: لَا تُضارُّون فِي رُؤْيته أَي لَا يُخالِفُ بعضُكم بَعْضًا فيُكَذِّبُه. يُقَالُ: ضارَرْت الرجُلَ ضِراراً ومُضارَّةً إِذا خالَفْته، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وبعضُهم يَقُولُ
لَا تَضارّون
، بِفَتْحِ التَّاءِ، أَي لَا تَضامُّون، وَيُرْوَى
لَا تَضامُّون فِي رُؤْيته
أَي لَا يَنْضمُّ بعضُكم إِلى بعْضٍ فيُزاحِمُه ويقولُ لَهُ: أَرِنِيهِ، كَمَا يَفْعَلُون عِنْدَ، النَّظَرِ إِلى الهِلالِ، وَلَكِنْ يَنْفَردُ كلٌّ مِنْهُمْ برُؤْيته؛ وَيُرْوَى:
لَا تُضامُون
، بِالتَّخْفِيفِ، وَمَعْنَاهُ لَا يَنالُكْم ضَيْمٌ فِي رُؤْيَتِهِ أَي تَرَوْنَه حَتَّى تَسْتَوُوا فِي الرُّؤْيَةِ فَلَا يَضِيم بعضُكم بعْضاً. قَالَ الأَزهري: وَمَعَانِي هَذِهِ الأَلفاظِ، وإِن اخْتلفت، مُتَقارِبةٌ، وكلُّ مَا رُوِي فِيهِ فَهُوَ صحيحٌ وَلَا يَدْفَعُ لَفْظٌ مِنْهَا لَفْظًا، وَهُوَ مِنْ صِحَاحِ أَخْبارِ سيّدِنا رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وغُرَرِها وَلَا يُنْكِرُها إِلَّا مُبْتَدِعٌ صاحبُ هَوًى؛ وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: مَنْ رَوَاهُ:
هَلْ تَضارُّون فِي رُؤْيَتِهِ
، مَعْناه هَلْ تَتَنازَعون وتَخْتَلِفون، وَهُوَ تَتَفاعلُونَ مِنَ الضِّرارِ، قَالَ: وتفْسيرُ لَا تُضارُّون لَا يقعُ بِكُم فِي رُؤْيَتِهِ ضُرٌّ، وتُضارُون، بِالتَّخْفِيفِ، مِنَ الضَّيْرِ، وَهُوَ الضُّرُّ، وتُضامُون لَا يَلْحَقُكم فِي رُؤْيَتِهِ ضَيْمٌ؛ وَقَالَ ابنُ الأَثير: رُوِيَ الحديثُ بِالتَّخْفِيفِ والتَّشْديد، فالتشْديدُ بِمَعْنَى لَا تَتَخالَفُون وَلَا تَتَجادلُون فِي صِحّةِ النَّظر إِليه لِوُضُوحِه وظُهُوره، يُقَالُ: ضارَّهُ يُضارُّه مِثْل ضَرَّه يَضُرُّه، وَقِيلَ: أَرادَ بالمُضارّةِ الاجْتِمَاعَ والازْدحامَ عِنْدَ النَّظرِ إِليه، وأَما التخْفيفُ فَهُوَ مِنَ الضَّيرِ لُغَة فِي الضرِّ، والمَعْنَى فِيهِ كالأَوّل، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما مَنْ رَوَاهُ
لَا تُضارُون فِي رُؤْيَتِهِ
عَلَى صيغةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فاعلُه فَهُوَ مِنَ المُضايقَةِ، أَي لَا تَضامُّون تَضامّاً يَدْنُو بِهِ بعضُكم مِنْ بعضٍ فتُضايَقُون. وضَرَّةُ المَرْأَةِ: امرأَةُ زَوْجِها. والضَّرَّتان: امرأَتا الرجُلِ، كلُّ واحدَةٍ مِنْهُمَا ضَرَّةٌ لصاحِبَتِها، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، وهُنَّ الضرائِرُ، نادِرٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيب يصِفُ قُدُوراً:
لَهُنَّ نَشِيجٌ بالنَّضِيل كأَنَّها ... ضَرائِرُ جِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها
وَهِيَ الضِّرُّ. وتزوَّجَ عَلَى ضِرٍّ وضُرٍّ أَي مُضارَّة بينَ امْرَأَتينِ، وَيَكُونُ الضِّرُّ للثَّلاثِ. وحَكى كُراعٌ: تَزوَّجْتُ المرأَةَ عَلَى ضِرٍّ كُنَّ لَها، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَصْدَرٌ عَلَى طَرْح الزائدِ أَو جَمْعٌ لَا واحدَ لَهُ. والإِضْرارُ: التزْويجُ عَلَى ضَرَّةٍ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: أَنْ يتزوّجَ الرجلُ عَلَى ضَرَّةِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضِرٌّ. والضِّرُّ، بالكَسْرِ: تزوُّجُ المرأَةِ عَلَى ضَرَّةٍ. يُقَالُ: نكَحْتُ فُلانة عَلَى ضُرٍّ أَي عَلَى امرأَةٍ كَانَتْ قبْلَها. وَحَكَى أَبو عَبْدِ اللَّهِ الطُّوَالُ: تَزَوَّجْتُ المرأَةَ عَلَى ضِرٍّ وضُرٍّ، بِالْكَسْرِ والضمِّ. وامرأَةٌ مُضِرٌّ أَيضاً: لَهَا ضَرَائِرُ، يقالُ فلانٌ صاحبُ ضِرٍّ، وَيُقَالُ: امرأَةٌ مُضِرٌّ إِذا كَانَ لَهَا ضَرَّةٌ، ورجلٌ مُضِرٌّ إِذا كَانَ لَهُ ضَرائرُ، وجمعُ الضَّرَّةِ ضرائرُ. والضَّرَّتانِ: امرأَتانِ لِلرَّجُلِ، سُمِّيتا ضَرَّتَينِ لأَنَّ كلَّ واحدةٍ مِنْهُمَا تُضارُّ(4/486)
صاحِبتَها، وكُرِهَ فِي الإِسْلامِ أَن يقالَ لَهَا ضَرَّة، وَقِيلَ: جارةٌ؛ كَذَلِكَ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ. الأَصمعي: الإِضْرارُ التزْوِيجُ عَلَى ضَرَّةٍ؛ يُقَالُ مِنْهُ: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضرٌّ، بِغَيْرِ هَاءٍ. ابْنُ بُزُرج: تَزَوَّجَ فلانٌ امرأَةً، إِنَّها إِلى ضَرَّةِ غِنًى وخَيرٍ. وَيُقَالُ: هُوَ فِي ضَرَرِ خَيرٍ وإِنه لَفِي طَلَفَةِ خيرٍ وضفَّة خَيْرٍ وَفِي طَثْرَةِ خيرٍ وصَفْوَةٍ مِنَ العَيْشِ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
عَمْرو بْنِ مُرَّةَ: عِنْدَ اعْتِكارِ الضرائرِ
؛ هِيَ الأُمُور المُخْتَلِفَةُ كضرائرِ النساءِ لَا يَتَّفِقْنِ، واحِدتُها ضَرَّةٌ. والضَّرَّتانِ: الأَلْيةُ مِنْ جانِبَيْ عَظْمِها، وهُما الشَّحْمتان، وَفِي الْمُحْكَمِ: اللَّحْمتانِ اللَّتانِ تَنْهَدلانِ مِنْ جانِبَيْها. وضَرَّةُ الإِبْهام: لَحْمَةٌ تحتَها، وَقِيلَ: أَصْلُها، وَقِيلَ: هِيَ باطنُ الكَفِّ حِيالَ الخِنْصَرِ تُقابِلُ الأَلْيةَ فِي الكَفِّ. والضَّرَّةُ: مَا وَقَع عَلَيْهِ الوطْءُ مِنْ لَحْمِ باطنِ القَدَمِ مِمَّا يَلي الإِبْهامَ. وضَرَّةُ الضَّرْعِ: لَحْمُها، والضَّرْعُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. يُقَالُ: ضَرَّةٌ شَكْرَى أَي مَلأَى مِنَ اللَّبَنِ. والضَّرَّةُ: أَصلُ الضرْعِ الَّذِي لَا يَخْلُو مِنَ اللَّبَن أَو لَا يكادُ يَخْلُو مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ الضرْعُ كلُّه مَا خَلا الأَطباءَ، وَلَا يُسَمَّى بِذَلِكَ إِلَّا أَن يكونَ فِيهِ لَبنٌ، فإِذا قَلَصَ الضرْعُ وذهَبَ اللَبنُ قِيلَ لَهُ: خَيْفٌ، وَقِيلَ: الضَّرَّةُ الخِلْفُ؛ قَالَ طَرَفَةُ يَصِفُ نَعْجَةً:
مِنَ الزَّمِراتِ أَسْبَلَ قادِماها، ... وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ
وَفِي حَدِيثِ
أُمّ مَعْبَدٍ: لَهُ بصَرِيحٍ ضَرَّةُ الشاةِ مُزبِد
؛ الضَّرَّةُ: أَصْلُ الضرْعِ. والضرَّةُ: أَصْلُ الثَّدْيِ، والجمعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّه ضرائرُ، وَهُوَ جَمْعٌ نادِرٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَصَارَ أَمْثَالَ الفَغَا ضَرائِرِي
إِنما عَنَى بالضرائرِ أَحدَ هَذِهِ الأَشياءِ المُتَقَدّمَةِ. والضرَّةُ: المالُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الرجلُ وَهُوَ لِغَيْرِهِ مِنْ أقارِبه، وَعَلَيْهِ ضَرَّتانِ مِنْ ضأْنٍ ومعَزٍ. والضرَّةُ: القِطْعَةُ مِنَ الْمَالِ والإِبلِ والغنمِ، وَقِيلَ: هُوَ الكثيرُ مِنْ الماشيةِ خاصَّةً دُون العَيْرِ. ورجلٌ مُضِرٌّ: لَهُ ضَرَّةٌ مِنْ مالٍ. الْجَوْهَرِيُّ: المُضِرّ الَّذِي يَروحُ عَلَيْهِ ضَرَّةٌ مِنَ الْمَالِ؛ قَالَ الأَشْعَرُ الرَّقَبانُ الأَسَدِيّ جاهِليّ يَهْجُو ابْنَ عمِّه رِضْوَانَ:
تَجانَفَ رِضْوانُ عَنْ ضَيْفِه، ... أَلَمْ يَأْتِ رِضْوانَ عَنِّي النُّدُرْ؟
بِحَسْبك فِي القَوم أَنْ يَعْلَمُوا ... بأَنَّك فيهمْ غَنيٌّ مُضِرْ
وَقَدْ عَلِمَ المَعْشَرُ الطَّارِحون ... بأَنَّكَ، للضَّيْفِ، جُوعٌ وقُرْ
وأَنتَ مَسِيخٌ كَلَحْمِ الحُوار، ... فَلَا أَنَتَ حُلْوٌ، وَلَا أَنت مُرْ
والمَسِيخ: الَّذِي لَا طَعْمَ لَهُ. والضَّرّة: المالُ الكثيرُ. والضَّرّتانِ: حَجَر الرَّحَى، وَفِي الْمُحْكَمِ: الرحَيانِ. والضَّرِير: النفْسُ وبَقِيَّةُ الجِسْمِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حامِي الحُمَيَّا مَرِس الضَّرِيرِ
وَيُقَالُ: ناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ إِذا كَانَتْ شَدِيدةَ النفْسِ بَطِيئةَ اللُّغُوبِ، وَقِيلَ: الضَّرِير بقيةُ النفْسِ وناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ: مُضِرَّةٌ بالإِبل فِي شِدَّةِ سَيْرِها؛ وَبِهِ فُسِّرَ قولُ أُمَيَّة بْنِ عائذٍ الْهُذَلِيِّ:(4/487)
تُبارِي ضَرِيسٌ أُولاتِ الضَّرِير، ... وتَقْدُمُهُنّ عَتُوداً عَنُونا
وأَضَرَّ يَعْدُو: أَسْرَعَ، وَقِيلَ: أَسْرعَ بَعْضَ الإِسْراعِ؛ هَذِهِ حِكَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ؛ قَالَ الطُّوسِيُّ: وقد غَلِظَ، إِنما هُوَ أَصَرَّ. والمِضْرارُ مِنَ النِّساءِ والإِبِلِ والخَيْلِ: الَّتِي تَنِدُّ وتَرْكَبُ شِدْقَها مِنَ النَّشاطِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وأَنشد:
إِذْ أَنت مِضْرارٌ جَوادُ الحُضْرِ، ... أَغْلَظُ شيءٍ جَانِبًا بِقُطْرِ
وضُرٌّ: ماءٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
نُسابِقُهم عَلَى رَصَفٍ وضُرٍّ، ... كدَابِغةٍ، وَقَدْ نَغِلَ الأَدِيمُ
وضِرارٌ: اسمُ رجلٍ. وَيُقَالُ: أَضَرَّ الفرسُ عَلَى فأْسِ اللِّجامِ إِذا أَزَمَ عَلَيْهِ مِثْلَ أَضَزَّ، بِالزَّايِ. وأَضَرَّ فلانٌ عَلَى السَّيرِ الشديدِ أَي صَبَرَ. وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ عَلَى الشَّيْءِ إِذا كَانَ ذَا صبْر عَلَيْهِ ومُقاساة لَهُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
طَرَقَتْ سَوَاهِمَ قَدْ أَضَرَّ بِهَا السُّرَى، ... نَزَحَتْ بأَذْرُعِها تَنائِفَ زُورَا
مِنْ كلِّ جُرْشُعَةِ الهَواجِرِ، زادَها ... بُعْدُ المفاوِزِ جُرْأَةً وضَرِيرَا
مِنْ كلِّ جُرْشُعَة أَي مِنْ كُلِّ ناقةٍ ضَخْمَةٍ واسعةِ الجوفِ قَوِيَّةٍ فِي الْهَوَاجِرِ لَهَا عَلَيْهَا جُرْأَةٌ وصبرٌ، وَالضَّمِيرُ فِي طَرَقَتْ يعُودُ عَلَى امرأَة تَقَدَّمَ ذكرُها، أَي طَرقَتْهُم وهُمْ مُسَافِرُونَ، أَراد طَرَقَتْ أَصْحابَ إِبِلٍ سَوَاهِمَ ويُريدُ بِذَلِكَ خيالَها فِي النَّومِ، والسَّواهِمُ: المَهْزُولةُ، وَقَوْلُهُ: نَزَحَتْ بأَذْرُعِها أَي أَنْفَدَت طُولَ التَّنَائِفِ بأَذْرُعِها فِي السَّيْرِ كما يُنْفَذُ ماءُ البِئْرِ بالنَّزْحِ. والزُّورُ: جَمْعُ زَوْراءَ. والتَّنائِفُ: جَمْعُ تَنُوفَةٍ، وَهِيَ الأَرْضُ القَفْرُ، وَهِيَ الَّتِي لَا يُسارُ فِيهَا عَلَى قَصْدٍ بَلْ يأْخذون فِيهَا يَمْنَةً ويَسْرَةً.
ضغدر: حَكَى الأَزهريُّ فِي تَرْجَمَةِ خَرَطَ، قَالَ: قرأْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّيْثِ:
عَجِبْتُ لِخُرْطِيطٍ ورَقْم جَناحِه، ... ورُمَّةِ طِخْمِيلٍ ورَعْثِ الضَّغادِر
قَالَ: الضَّغادِرُ الدّجاجُ، الواحدُ ضُغْدُورةٌ.
ضطر: الضَّوْطَرُ: العظِيمُ، وَكَذَلِكَ الضَّيْطَرُ والضَّيْطارُ، وَقِيلَ: هُوَ الضَّخْمُ اللئيمُ، وَقِيلَ: الضَّيْطَرُ والضَّيْطَرَى الضخمُ الجَنْبينِ العظيمُ الاسْت، وَقِيلَ: الضَّيْطَرُ العظيمُ مِنَ الرجالِ، والجمعُ ضَياطِرُ وضَياطِرةٌ وضَيْطارُونَ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ:
تَعَرَّضَ ضَيْطارُو فُعالَةَ دُونَنا، ... وَمَا خَيْرُ ضَيْطارٍ يُقَلِّبُ مِسْطَحَا؟
يَقُولُ: تَعَرَّضَ لَنَا هَؤُلاءِ القَوْمُ ليُقاتِلُونا ولَيْسوا بشيءٍ لأَنَّه لَا سِلَاحَ مَعَهُمْ سِوَى المِسْطَح؛ وَقَالَ ابن بزي: الْبَيْتُ لِمَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النَّضْرِيّ. وفُعالةُ: كنايةٌ عَنْ خُزاعةَ، وإِنما كَنَى هُوَ وغيرُه عَنْهُمْ بفُعالَة لكَونِهم حُلَفاءَ لِلنَّبيّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: لَيْسَ فِيهِمْ شيءٌ مِمَّا يَنْبَغِي أَن يكونَ فِي الرجالِ إِلَّا عِظَمَ أَجْسامِهم، وَلَيْسَ لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ صَبْرٌ وَلَا جَلَدٌ، وأَيُّ خَيْرٍ عِنْدَ ضَيْطارٍ سِلاحُه مِسْطَحٌ يُقَلِّبُه فِي يَدِهِ؟ وَقِيلَ: الضَّيْطَرُ اللئيمُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
صَاحِ أَلَمْ تَعْجَبْ لِذاكَ الضَّيْطَرِ؟(4/488)
الْجَوْهَرِيُّ: الضَّيْطَرُ الرجلُ الضخمُ الَّذِي لَا غَناءَ عِنْدَه، وَكَذَلِكَ الضَّوْطَرُ والضَّوْطَرَى. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: مَنْ يَعْذِرُني مِنْ هؤلاءِ الضَّياطِرةِ؟
هُمُ الضَّخامُ الَّذِينَ لَا غَناءَ عِنْدَهُمْ، الواحدُ ضَيْطارٌ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ، وَقَالُوا ضَيَاطِرُون كأَنَّهم جَمَعُوا ضَيْطَراً عَلَى ضَياطِرَ جَمْعَ السلامةِ؛ وَقَوْلُ خِداش بنِ زُهَير:
ونَرْكَبُ خَيْلًا لَا هَوَادَةَ بَيْنَها، ... وتَشْقَى الرِّماحُ بالضَّياطِرة الحُمْرِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ يَجُوزُ أَن يكونَ عَنَى أَن الرماحَ تَشْقَى بِهِمْ أَي أَنهم لَا يُحْسِنون حَمْلَها وَلَا الطَّعْنَ بِهَا، وَيَجُوزُ أَن يكونَ عَلَى القَلْبِ أَي تَشقى الضياطرَةُ الحُمْرُ بِالرِّمَاحِ يَعْنِي أَنَّهم يُقْتَلُون بِهَا. والهَوادةُ: المُصالحَةُ والمُوادعةُ. والضَّيْطارُ: التاجرُ لَا يَبْرحُ مكانَه. وبَنُو ضَوْطَرى: حَيٌّ مَعْرُوفٌ، وَقِيلَ: الضَّوْطَرَى الحَمْقى، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا كَانُوا لَا يَغْنون غَناءً: بَنُو ضَوطَرَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ يُخاطبُ الفرزدقَ حِينَ افْتَخَرَ بعَقْرِ أَبيه غَالِبٍ فِي مُعَاقَرَةِ سُحَيم بْنُ وُثَيلٍ الرِّياحِي مائةَ نَاقَةٍ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ صَوْأَرٌ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ مِنَ الْكُوفَةِ، وَلِذَلِكَ يَقُولُ جَرِيرٌ أَيضاً:
وَقَدْ سَرَّنِي أَنْ لَا تَعُدَّ مُجَاشِعٌ ... مِنَ المَجْد إِلَّا عَقْرَ نِيبٍ بصَوأَرِ
قَالَ ابْنُ الأَثير: وسببُ ذَلِكَ أَن غَالِبًا نحرَ بِذَلِكَ الموضعِ نَاقَةً وأَمَر أَنْ يُصْنعَ مِنْهَا طعامٌ، وجعَلَ يُهْدِي إِلى قومٍ مِنْ بَنِي تميمٍ جِفاناً، وأَهْدَى إِلى سُحَيم جَفنةً فكفأَها، وَقَالَ: أَمُفتَقِرٌ أَنا إِلى طعامِ غالبٍ إِذا نَحرَ ناقَةً؟ فَنَحَرَ غالبٌ نَاقَتَيْنِ فَنَحَرَ سُحيمٌ مثْلَهما، فَنَحَرَ غالبٌ ثَلَاثًا فنَحر سُحَيمٌ مثلَهن، فعَمَدَ غالبٌ فَنَحَرَ مِائَةَ ناقةٍ ونَكَلَ سُحَيْمٌ، فَافْتَخَرَ الفرزدقُ فِي شِعْره بكَرم أَبيه غَالِبٍ فَقَالَ: «5» .
تَعُدُّون عَقْرَ النِّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكم، ... بَني ضَوْطَرَى، لَوْلَا الكَمِيَّ المُقَنَّعا
يُريدُ: هَلَّا الكَمِيَّ، وَيُرْوَى: المُدَجَّجا، ومَعْنى تَعُدُّون تَجْعَلُون وتَحْسَبون، وَلِهَذَا عدَّاه إِلى مَفْعُولَيْنِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّة:
أَشَمّ أَغَرّ أَزْهَر هِبْرِزِيّ، ... يَعُدُّ القاصِدِينَ لَهُ عِيالا
قَالَ: وَمِثْلُهُ لِلْكُمَيْتِ:
فأَنتَ النّدَى فِيمَا يَنُوبُك والسَّدَى، ... إِذا الخَوْدُ عَدّتْ عُقْبةَ القِدْر مالَها
قَالَ: وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي الطَّيِّبِ:
ولَو انَّ الحياةَ تَبْقَى لِحَيٍّ، ... لَعَدَدْنا أَضَلَّنا الشُّجْعانا
قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَعُدّون فِي بَيْتِ جَرِيرٍ مِنَ الْعَدِّ، وَيَكُونُ عَلَى إِسقاط مِنَ الْجَارِّ، تقديرُه تَعُدّون عَقْرَ النِّيبِ مِنْ أَفْضلِ مجدِكم، فَلَمَّا أَسقط الْخَافِضَ تَعَدّى الفعلُ فنَصب. وأَبو ضَوْطَرَى: كُنْيَة الجُوع.
ضفر: الضَّفْرُ: نَسْجُ الشَّعْرِ وغيرِه عَرِيضاً، والتضْفِيرُ مثلُه. والضَّفيرةُ: العَقِيصَة؛ وَقَدْ ضَفَر الشَّعْرَ ونحوَه يَضْفِرُه ضَفْراً: نسجَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ. والضَّفْرُ: الفَتْل. وانْضَفَرَ الحَبْلانِ إِذا الْتَويا مَعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا زَنَتِ الأَمةُ فبِعْها ولو
__________
(5) . قوله: [فقال] يعني جريراً كما يفيده كلام المؤلف بعد(4/489)
بضَفِيرٍ
؛ أَي بحَبْل مَفْتُولٍ مِنْ شَعْرٍ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والضَّفْر: مَا شَدَدْت بِهِ البعيرَ مِنَ الشَّعْرِ المضْفُور، والجمعُ ضُفُورٌ. والضَّفَارُ: كالضَّفْرِ وَالْجَمْعُ ضُفُر؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَوْرَدْته قَلِقاتِ الضُّفْر قَدْ جَعَلت ... تَشْكو الأَخِشَّةَ فِي أَعناقها صَعَرا
وَيُقَالُ للذُّؤابة: ضَفِيرةٌ. وكلُّ خُصْلة مِنْ خُصَل شَعْرِ المرأَة تُضْفَر عَلَى حِدَة: ضَفِيرةٌ، وجمعُها ضَفائِرُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والضَّفر كُلُّ خُصْلة مِنَ الشَّعْرِ عَلَى حِدَتِها؛ قَالَ بَعْضُ الأَغْفال:
ودَهَنَتْ وَسَرَّحَتْ ضُفَيْري
والضَّفِيرةُ: كالضَّفْر. وضَفَرَت المرأَة شَعْرَهَا تَضْفِره ضَفْراً: جَمعته. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: أَنَّ طَلْحة بْنَ عُبَيد اللَّهِ نازَعَه فِي ضَفِيرةٍ كَانَ عليٌّ ضَفَرَها فِي وادٍ كَانَتْ إِحدى عِدْوَتَي [عُدْوَتَي] الْوَادِي لَهُ، والأُخرى لِطَلْحةَ، فَقَالَ طلحةُ: حَمَل عَلِيٌّ السُّيولَ وأَضَرّ بِي
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الضَّفِيرةُ مِثْلُ المُسَنَّاة الْمُسْتَطِيلَةِ فِي الأَرض فِيهَا خشبٌ وَحِجَارَةٌ، وضَفْرها عَملُها مِنَ الضَّفْر، وَهُوَ النَّسْج، وَمِنْهُ ضَفْرُ الشَّعَر وإِدْخالُ بعضِه فِي بَعْضٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فَقَامَ عَلَى ضَفِيرة السُّدَّة
، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
وأَشارَ بِيَدِهِ وراءَ الضَّفِيرة
؛ قَالَ مَنْصُورٌ: أُخذَت الضَّفِيرةُ مِنَ الضَّفْر وإِدْخالِ بعضِه في بعض مُعْترِضاً؛ وَمِنْهُ قِيلَ للبِطَانِ المُعَرَّض: ضَفْرٌ وضَفِيرة. وكِنانةٌ ضفِيرةٌ أَي مُمْتَلِئَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ أَنها قَالَتْ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِني امرأَةٌ أَشُدّ ضَفْرَ رَأْسِي أَفأَنْقُضُه للغُسْل؟
أَي تَعْمل شَعْرَهَا ضَفائرَ، وَهِيَ الذَّوائِب المَضْفُورة،
فَقَالَ: إِنما يَكفيك ثَلاثُ حَثَياتٍ مِنَ الْمَاءِ.
وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ الضفائرُ والجَمائرُ، وَهِيَ غدائِرُ المرأَة، وَاحِدَتُهَا ضَفِيرة وجَمِيرةٌ، وَلَهَا ضَفِيرتان وضَفْرانِ أَيضاً أَي عَقِيصتَان؛ عَنْ يَعْقُوبَ. أَبو زَيْدٍ: الضَّفِيرتان لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، والغدائرُ لِلنِّسَاءِ، وَهِيَ المَضْفُورة وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: مَنْ عَقَصَ أَو ضَفَرَ فَعَلَيْهِ الحَلْقُ
، يَعْنِي فِي الْحَجِّ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: الضافِر والمُلَبِّدُ والمُجَمِّرُ عَلَيْهِمُ الحَلْقُ.
وَفِي حَدِيثُ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: أَنه غَرَز ضَفْرَه فِي قَفَاهُ
أَي طرَفَ ضَفِيرَتِهِ فِي أَصلها. ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ تَضَافَرَ القومُ عَلَى فُلَانٍ وتَظافَرُوا عَلَيْهِ وتظاهَروا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كلُّه إِذا تعَاونوا وتَجَمَّعُوا عَلَيْهِ، وتأَلّبُوا وتصابَرُوا مثلُه. ابْنُ سِيدَهْ: تَضَافَرَ القومُ عَلَى الأَمر تَظاهَرُوا وتَعاوَنوا عَلَيْهِ. اللَّيْثُ: الضَّفْرُ حِقْفٌ مِنَ الرَّمْل عَريض طَوِيلٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُثَقِّل؛ وأَنشد:
عَوانِكٌ مِنْ ضَفَرٍ مَأْطُورِ
الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ للحِقْف مِنَ الرَّمْلِ ضَفِيرةٌ، وَكَذَلِكَ المُسَنّاة، والضَّفْر مِنَ الرَّمْلِ: مَا عظُم وَتَجَمَّعَ، وَقِيلَ: هُوَ مَا تَعَقّد بعضُه عَلَى بَعْضٍ، وَالْجَمْعُ ضُفُورٌ. والضَّفِرةُ، بِكَسْرِ الْفَاءِ: كالضَّفْرِ، وَالْجَمْعُ ضَفِرٌ. والضَّفِرةُ: أَرضٌ سَهلة مُسْتَطِيلَةٌ مُنْبِتة تقُودُ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ. وضَفِيرُ الْبَحْرِ: شَطُّه. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: مَا جَزَرَ عَنْهُ الماءُ فِي ضَفِيرِ البحْر فَكُلْهُ
، أَي شَطِّه وَجَانِبِهِ، وَهُوَ الضَّفِيرةُ أَيضاً. والضَّفْرُ: البِناءُ بِحِجَارَةٍ بِغَيْرِ كِلْسٍ وَلَا طِينٍ؛ وضَفَرَ الحجارةَ حولَ بيتِه ضَفْراً. والضَّفْرُ: السَّعْيُ. وضَفَرَ فِي عَدْوهِ يَضْفِر ضَفْراً أَي عدَا، وَقِيلَ: أَسرع. الأَصمعي: أَفَرَ وضَفَر، بِالرَّاءِ(4/490)
جَمِيعًا، إِذا وَثَبَ فِي عَدْوهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا عَلَى الأَرض مِنْ نَفْسٍ تَموت لَهَا عِنْدَ اللَّهِ خيرٌ تُحِبّ أَن تَرْجِعَ إِليكم وَلَا تُضافِرَ الدُّنيا إِلَّا القَتِيل فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فإِنه يُحِبُّ أَن يرجعَ فيُقْتَلَ مرَّة أُخْرَى
؛ المُضافَرَةُ: المُعاوَدة والمُلابسةُ، أَي لَا يُحبُّ مُعاوَدةَ الدُّنْيَا وملابَستها إِلَّا الشَّهِيدُ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ عِنْدِي مُفاعلة مِنَ الضَّفْر وَهُوَ الطَّفْر والوُثوب فِي العَدْوِ، أَي لَا يَطْمَحُ إِلى الدُّنْيَا وَلَا يَنْزُو إِلى العَوْد إِليها إِلَّا هُوَ، وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ بِالرَّاءِ وَقَالَ: المُضافرة، بالضاد والراء، التأَلُّبُ؛ وَذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ لَكِنَّهُ جعَل اشتقاقَه مِنَ الضَّفْز وَهُوَ الظَّفْرُ والقَفْزُ، وَذَلِكَ بِالزَّايِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَعَلَّهُ يُقَالُ بِالرَّاءِ وَالزَّايِ، فإِنَّ الْجَوْهَرِيَّ قَالَ: الضَّفْرُ السَّعْيُ، وَقَدْ ضَفَر يضْفِر ضَفْراً، والأَشْبَهُ بِمَا ذَهَبَ إِليه الزَّمَخْشَرِيُّ أَنه بِالزَّايِ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: مُضافَرة القومِ
أَي مُعاونَتهم، وَهَذَا بِالرَّاءِ لَا شَكَّ فِيهِ. والضَّفْرُ: حزامُ الرَّحْل، وضَفَرَ الدابَّةَ يَضْفِرُها ضَفْراً: أَلْقَى اللجامَ فِي فِيهَا.
ضفطر: الضَّفْطارُ: الضبُّ الهَرِمُ القَديمُ القبيحُ الخِلْقة.
ضمر: الضُّمْرُ والضُّمُر، مثلُ العُسْر والعُسُر: الهُزالُ ولَحاقُ البطنِ، وَقَالَ الْمَرَّارُ الحَنْظليّ:
قَدْ بَلَوْناه عَلَى عِلَّاتِه، ... وَعَلَى التَّيْسُورِ مِنْهُ والضُّمُرْ
ذُو مِراحٍ، فإِذا وقَّرْتَه، ... فذَلُولُ حَسنٌ الخُلْق يَسَرْ
التَّيْسورُ: السِّمَنُ وَذُو مِراح أَي ذُو نَشاطٍ. وذَلولٌ: لَيْسَ بصَعْب. ويَسَر: سَهْلٌ؛ وَقَدْ ضَمَرَ الفرسُ وضَمُرَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ضَمَرَ، بِالْفَتْحِ، يَضْمُر ضُموراً وضَمُر، بِالضَّمِّ، واضْطَمَر؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بَعِيد الغَزَاة، فَمَا إِن يَزالُ ... مُضْطَمِراً طُرّتاه طَلِيحا
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا أَبْصَرَ أَحدُكم امرأَةً فَلْيأْت أَهْلَه فإِن ذَلِكَ يُضْمِرُ مَا فِي نَفْسِهِ
؛ أَي يُضْعِفه ويُقَلّلُه، مِنَ الضُّمور، وَهُوَ الهُزال وَالضَّعْفُ. وَجَمَلٌ ضامِرٌ وَنَاقَةٌ ضامِرٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ أَيضاً، ذَهبوا إِلى النَّسَب، وضامِرةٌ. والضَّمْرُ مِنَ الرِّجَالِ: الضامرُ البَطْنِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: المُهَضَّمُ الْبَطْنِ اللطيفُ الجِسْم، والأُنثى ضَمْرَةٌ. وَفَرَسٌ ضَمْرٌ: دَقِيقُ الحِجاجَينِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ عِنْدِي عَلَى التَّشْبِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ. وقَضِيب ضامرٌ ومُنْضَمِرٌ وَقَدِ انْضَمَرَ إِذا ذَهَبَ ماؤُه. والضَّمِيرُ: العِنبُ الذابلُ. وضَمَّرْتُ الخيلَ: عَلفْتها القُوتَ بَعْدَ السِّمَنِ. والمِضْمارُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُضَمَّرُ فِيهِ الخيلُ، وتَضْميرُها: أَن تُعْلَف قُوتاً بَعْدَ سِمَنها. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيَكُونُ المِضْمارُ وَقْتًا للأَيام الَّتِي تُضَمَّر فِيهَا الخيلُ للسِّباقِ أَو للرَّكضِ إِلى العَدُوِّ، وتَضْميرُها أَن تُشَدّ عَلَيْهَا سُروجُها وتُجَلَّل بالأَجِلَّة حتَّى تَعْرق تَحْتَهَا، فَيَذْهَبَ رَهَلُها وَيَشْتَدَّ لَحْمُهَا ويُحْمل عَلَيْهَا غِلمانٌ خِفافٌ يُجْرُونها وَلَا يَعْنُفونَ بِهَا، فإِذا فُعل ذَلِكَ بِهَا أُمِنَ عَلَيْهَا البُهْرُ الشَّدِيدُ عِنْدَ حُضْرها وَلَمْ يَقْطَعْهَا الشَّدُّ؛ قَالَ: فَذَلِكَ التَّضْميرُ الَّذِي شاهدتُ الْعَرَبَ تَفْعله، يُسمّون ذَلِكَ مِضْماراً وتَضْمِيراً. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ أَضْمَرْتُه أَنا وضَمَّرْتُه تَضْمِيراً فاضْطَمَرَ هُوَ، قَالَ: وتَضْمِيرُ الْفَرَسِ أَيضاً أَن تَعْلِفَه حَتَّى يَسْمَن ثُمَّ تَرُدَّهُ إِلى القُوت، وَذَلِكَ فِي أَربعين يَوْمًا، وَهَذِهِ الْمُدَّةُ تُسَمَّى المِضْمَارَ، وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ صامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ باعَدَه اللهُ مِنَ النَّارِ سَبْعين(4/491)
خَريفاً للمُضَمِّرِ المُجِيدِ
؛ المُضَمِّرُ: الَّذِي يُضَمِّرُ خيلَه لغَزْوٍ أَو سِباقٍ. وتَضْمِيرُ الخيلِ: هُوَ أَن يُظاهِرَ عَلَيْهَا بالعَلفِ حَتَّى تَسْمَنَ ثُمَّ لَا تُعْلف إِلَّا قُوتاً. والمُجيدُ: صاحبُ الجِيادِ؛ وَالْمَعْنَى أَن اللَّهَ يُباعِدُه مِنَ النَّارِ مسافةَ سَبْعِينَ سَنَةً تَقْطعُها الْخَيْلُ المُضَمَّرةُ الجِيادُ رَكْضاً. ومِضْمارُ الْفَرَسِ: غايتُه فِي السِّباق. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: أَنه خَطَبَ فَقَالَ: اليَومَ المِضْمارُ وَغَدًا السِّباقُ
، والسابقُ مَنْ سَبَقَ إِلى الْجَنَّةِ؛ قَالَ شِمْرٌ: أَراد أَن الْيَوْمَ العملُ فِي الدُّنْيَا للاسْتِباق إِلى الْجَنَّةِ كَالْفَرَسِ يُضَمَّرُ قَبْلَ أَن يُسابَقَ عَلَيْهِ؛ وَيُرْوَى هَذَا الْكَلَامُ لِعَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ. ولُؤْلُؤٌ مُضْطَمِرٌ: مُنْضَمّ؛ وأَنشد الأَزهري بَيْتَ الرَّاعِي:
تَلأْلأَتِ الثُّرَيَّا، فاسْتنارَتْ، ... تَلأْلُؤَ لُؤْلُؤٍ فِيهِ اضْطِمارُ
وَاللُّؤْلُؤُ المُضْطَمِرُ: الَّذِي فِي وَسَطِهِ بعضُ الِانْضِمَامِ. وتَضَمّرَ وجهُه: انْضَمَّتْ جِلْدتُه مِنَ الْهُزَالِ. والضَّمِيرُ: السِّرُّ وداخِلُ الخاطرِ، وَالْجَمْعُ الضَّمائرُ. اللَّيْثُ: الضَّمِيرُ الشَّيْءُ الَّذِي تُضْمِره فِي قَلْبِكَ، تَقُولُ: أَضْمَرْت صَرْفَ الْحَرْفِ إِذا كَانَ مُتَحَرِّكًا فأَسْكَنْته، وأَضْمَرْتُ فِي نَفْسِي شيئاً، والاسم الضَّمِيرُ، وَالْجَمْعُ الضَّمَائِرُ. والمُضْمَرُ: الموضعُ والمَفْعولُ؛ وَقَالَ الأَحْوص بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنصاري:
سيَبْقَى لَهَا، فِي مُضْمَرِ القَلْب والحَشا، ... سَرِيرَةُ وُدٍ، يَوْمَ تُبْلى السَّرائِرُ
وكلُّ خَلِيطٍ لَا مَحالَةَ أَنه، ... إِلى فُرقةٍ، يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، صائرُ
ومَنْ يَحْذَرِ الأَمرَ الَّذِي هُوَ واقعٌ، ... يُصِبْهُ، وإِن لَمْ يَهْوَه مَا يُحاذِرُ
وأَضْمَرْتُ الشَّيْءَ: أَخْفَيته. وهَوًى مُضْمَرٌ وضَمْرٌ كأَنه اعْتُقد مَصدراً عَلَى حَذْفِ الزِّيَادَةِ: مَخْفِيٌّ؛ قَالَ طُريحٌ:
بِهِ دَخِيلُ هَوًى ضَمْرٍ، إِذا ذُكِرَتْ ... سَلْمَى لَهُ جاشَ فِي الأَحشاءِ والتَهبا
وأَضْمَرَتْه الأَرضُ: غَيَّبَتْه إِما بِمَوْتٍ وإِما بسَفَرٍ؛ قَالَ الأَعشى:
أُرانا، إِذا أَضْمَرَتْك البِلادُ، ... نُجْفى، وتُقْطَعُ مِنا الرَّحِم
أَراد إِذا غَيَّبَتْكَ البلادُ. والإِضْمارُ: سُكونُ التَّاءِ مِنْ مُتَفاعِلن فِي الْكَامِلِ حَتَّى يَصِيرَ مُتْفاعلن، وَهَذَا بناءٌ غَيْرُ مَعْقولٍ فنُقِل إِلى بناءٍ مَقُولٍ، مَعْقولٍ، وَهُوَ مُسْتَفْعِلن، كَقَوْلِ عَنْتَرَةَ:
إِني امْرُؤٌ مِنْ خيرِ عبْسٍ مَنْصِباً ... شَطْرِي، وأَحْمِي سَائِرِي بالمُنْصُلِ
فكلُّ جُزْءٍ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ مُسْتَفْعلن وأَصْلُه فِي الدَّائِرَةِ مُتَفاعلن، وَكَذَلِكَ تسكينُ الْعَيْنِ مِنْ فَعِلاتُنْ فِيهِ أَيضاً فَيْبقى فَعْلاتن فيُنْقَل فِي التَّقْطِيعِ إِلى مَفْعُولِنْ؛ وَبَيْتُهُ قَوْلُ الأَخطل:
وَلَقَدْ أَبِيتُ مِنَ الفَتاة بمَنْزِلِ، ... فأَبِيتُ لَا حَرِجٌ وَلَا مَحْرُوم
وإِنما قِيلَ لَهُ مُضْمَرٌ لأَن حَرَكَتَهُ كالمُضْمَر، إِن شِئْتَ جِئْتَ بِهَا، وإِن شِئْتَ سَكَّنْته، كَمَا أَن أَكثر المُضْمَر فِي الْعَرَبِيَّةِ إِن شِئْتَ جِئْتَ بِهِ، وإِن شِئْتَ لَمْ تأْتِ بِهِ. والضِّمارُ مِنَ الْمَالِ: الَّذِي لَا يُرْجَى رُجوعُه والضِّمَارُ مِنَ العِدَات: مَا كَانَ عَنْ تسْوِيف. الْجَوْهَرِيُّ: الضِّمَارُ مَا لَا يُرْجى مِنَ الدَّين والوَعْد وكلِّ مَا لَا تَكون مِنْهُ عَلَى ثِقةٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:(4/492)
وأَنْضاء أُنِخْنَ إِلى سَعِيدٍ ... طُرُوقاً، ثُمَّ عَجَّلْن ابْتِكارا
حَمِدْنَ مَزارَه، فأَصَبْنَ مِنْهُ ... عَطاءً لَمْ يَكُنْ عِدَةً ضِمارا
والضِّمَارُ مِنَ الدَّينِ: مَا كَانَ بِلَا أَجَل مَعْلُومٍ. الْفَرَّاءُ: ذَهَبُوا بِمَالِي ضِماراً مِثْلَ قِمَاراً، قَالَ: وَهُوَ النَّسِيئةُ أَيضاً. والضِّمارُ: خِلافُ العِيَانِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَذُمُّ رَجُلًا:
وعَيْنُه كالكَالِئ الضِّمَارِ
يَقُولُ: الحاضرُ مِنْ عَطِيّتِه كَالْغَائِبِ الَّذِي لَا يُرْتجى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي كِتَابِهِ إِلى مَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ فِي أَموال الْمَظَالِمِ الَّتِي كَانَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَن يَرُدّها وَلَا يَأْخذَ زكاتَها: فإِنه كَانَ مَالًا ضِماراً لَا يُرجى؛ وَفِي التَّهْذِيبِ وَالنِّهَايَةِ: أَن يَرُدَّها عَلَى أَرْبابها ويأْخُذَ مِنْهَا زكاةَ عامِها فإِنه كَانَ مَالًا ضِماراً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المالُ الضِّمارُ هُوَ الْغَائِبُ الَّذِي لَا يُرْجَى فإِذا رُجِيَ فَلَيْسَ بِضمارٍ مِنْ أَضْمَرْت الشَّيْءَ إِذا غَيَّبْتَه، فِعَالٌ بِمَعْنَى فاعِلٍ أَو مُفْعَلٍ، قَالَ: ومثلُه مِنَ الصِّفَاتِ ناقةٌ كِنازٌ، وإِنما أَخذَ مِنْهُ زَكَاةَ عامٍ وَاحِدٍ لأَن أَربابَه مَا كَانُوا يَرْجون رَدَّه عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ زكاةَ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ فِي بَيْتِ الْمَالِ. الأَصمعي: الضَّمِيرةُ والضَّفِيرة الغَدِيرةُ مِنْ ذَوَائِبِ الرأْس، وَجَمْعُهَا ضَمائرُ. والتَّضْمِيرُ؛ حُسْنُ ضَفْرِ الضَّميرة وحُسْنُ دَهْنِها. وضُمَيرٌ، مُصَغّرٌ: جَبَلٌ بِالشَّامِ. وضَمْرٌ: رمْلة بعَيْنِها؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
مِنْ حَبْلِ ضَمْرٍ حينَ هَابَا ودَجا
والضُّمْرانُ والضَّمْرانُ: مِنْ دِقِّ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الحَمْض؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَيْسَ الضُّمْران مِنْ دِقِّ الشجر لَهُ هَدَبٌ كَهَدبِ الأَرْطى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عُمر بْنِ لَجَإٍ:
بِحَسْبِ مُجْتَلِّ الإِماءِ الخُرَّمِ، ... مِنْ هَدَبِ الضَّمْرانِ لَمْ يُحَزَّمِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الضَّمْرانُ مِثْلُ الرِّمْثِ إِلَّا أَنه أَصغر وَلَهُ خَشَب قَلِيلٌ يُحْتَطَبُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نحنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ الحَلِيِّ، ... ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والنَّصِيِ
والضَّيْمُرانُ والضَّوْمَرانُ «1» . ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الضَّوْمَرُ والضَّوْمَرانُ والضَّيْمُرانُ مِنْ رَيحانِ الْبَرِّ، وَقَالَ بعضُ الرُّواة: هُوَ الشَّاهِسْفَرَمْ، وَقِيلَ: هُوَ مثلُ الحَوْكِ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: هُوَ طيِّب الرِّيحِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أُحِبُّ الكَرائنَ والضَّوْمَرانَ، ... وشُرْبَ العَتِيقَةِ بالسِّنْجِلاطْ
وضُمْرانُ وضَمْرانُ: مِنْ أَسماء الْكِلَابِ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِيمَا رَوَى ابْنِ السِّكِّيتِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
فهابَ ضَمْرانُ منهُ حَيْثُ يُوزِعُهُ «2»
. قَالَ: وَرَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ ضُمْرانُ، وَهُوَ اسْمُ كَلْبٍ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَعًا. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وضُمْرانُ، بِالضَّمِّ، الَّذِي فِي شِعْرِ النَّابِغَةِ اسْمُ كَلْبَةٍ. وَبَنُو ضَمْرَةَ: مِنْ كِنَانَةَ رَهْطُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ.
ضمخر: الضمَّخْرُ: الْعَظِيمُ مِنَ النَّاسِ الْمُتَكَبِّرُ وَفِي الإِبل؛ مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السيرافي. وفحل
__________
(1) . قوله: [والضيمران والضومران] ميمهما تضم وتفتح كما في المصباح
(2) . قوله [فهاب ضمران إلخ] عجزه:
[طعن المعارك عند المجحر النجد]
طعن فاعل يوزعه. والمجحر، بميم مضمومة فجيم ساكنة فحاء مهملة مفتوحة وتقديم الحاء غلط كما نبه عليه شارح القاموس. والنجد، بضم الجيم وكسرها كما نبه عليه أيضاً(4/493)
ضُمَّخْرٌ: جَسيم. وامرأَة ضُمَّخْرَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ شُمَّخْرٌ ضُمَّخْرٌ إِذا كَانَ مُتَكَبِّرًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِثْل الصَّفَايا ذُمِّمَتْ بهابرِ، ... تَأْوِي إِلى عَجَنَّسٍ ضُماخِرِ
ضمزر: نَاقَةٌ ضِمْزِرٌ: مُسِنَّة وَهِيَ فَوْقَ العَوْزَمِ، وَقِيلَ: كَبِيرَةٌ قَلِيلَةُ اللَّبَنِ. والضَّمْزَرُ مِنَ النِّسَاءِ: الْغَلِيظَةُ؛ قَالَ:
ثنَتْ عُنُقاً لَمْ تَثْنِها حَيْدَرِيَّةٌ ... عَضادٌ، وَلَا مَكْنوزَةُ اللَّحْم ضَمْزَرُ
وضَمْزَر: اسْمُ نَاقَةِ الشَّمَّاخ؛ قَالَ:
وكلُّ بَعِيرٍ أَحْسَنَ الناسُ نَعْتَهُ، ... وآخَرُ لَمْ يُنْعَتْ فِداءٌ لضَمْزَرا
وَبَعِيرٌ ضُمارِزٌ وضُمازِرٌ: صُلْبٌ شَدِيدٌ؛ قَالَ:
وشِعْب كلِّ بازِلٍ ضُمارِزِ
الأَصمعي: أَراد ضُمازِراً فَقَلَبَ. وَيُقَالُ: فِي خُلُقِهِ ضَمْزَرَةٌ وضُمازِرٌ أَي سُوء وغِلَظ؛ قَالَ جندلٌ:
إِني امْرُؤٌ فِي خُلُقِي ضُمازِرُ ... وعَجْرَفِيَّاتٌ، لَهَا بَوادِرُ
والضَّمْزَرُ: الْغَلِيظُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَن حَيْدَيْ رَأْسِهِ المُذَكَّرِ ... صَمْدانِ فِي ضَمْزَين فَوْقَ الضَّمْزَرِ
ضمطر: الضَّماطيرُ: أَذنابُ الأَودِيَةِ.
ضنبر: ضَنْبَرٌ: اسم.
ضهر: الضَّهْرُ: السُّلَحْفاةُ؛ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الحَرْبي. والضَّهْرُ: مُدْهُنٌ فِي الصَّفا يَكُونُ فِيهِ الْمَاءُ؛ وَقِيلَ: الضَّهْرُ خِلْقَةٌ فِي الْجَبَلِ مِنْ صَخْرَة تُخالف جِبِلَّتهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
رُبَّ عُصْمٍ رَأَيْتُ فِي وَسْطِ ضَهْرٍ
والضَّهْر: البُقْعَة مِنَ الْجَبَلِ يُخَالِفُ لونُها سائِرَ لَوْنِهِ، قَالَ: وَمِثْلُ الضَّهْرِ الوَعْثَةُ، وَقِيلَ: الضَّهْرُ أَعلى الْجَبَلِ، وَهُوَ الضَّاهِرُ؛ قَالَ:
حَنْظَلَةٌ فَوقَ صَفاً ضاهِرِ، ... مَا أَشْبَهَ الضَّاهِرَ بالنَّاضِرِ
النَّاضِر: الطُّحْلُبُ. والحَنْظَلَةُ: الْمَاءُ فِي الصَّخْرَةِ. والضَّاهِرُ أَيضاً: الوادي.
ضور: ضارَهُ الأَمْرُ يَضُورُه كيَضِيرُه ضَيْراً وضَوراً أَي ضَرَّه، وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ بَعْضَ أَهل الْعَالِيَةِ يَقُولُ: مَا يَنْفَعُنِي ذَلِكَ وَلَا يَضُورُني. والضَّيْرُ والضَّرُّ وَاحِدٌ. وَيُقَالُ: لَا ضَيْرَ وَلَا ضَوْر بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والضَّوْرَةُ: الجَوْعَةُ، والضَّوْرُ: شِدَّةُ الجُوعِ. والتَّضَوُّرُ: التَّلَوِّي والصِّياحُ مِنْ وَجَعِ الضَّرْب أَو الجُوعِ، وَهُوَ يَتَلَعْلَعُ مِنَ الْجُوعِ أَي يَتَضَوَّرُ. وتَضَوَّرَ الذئبُ والكلبُ والأَسد وَالثَّعْلَبُ: صَاحَ عِنْدَ الْجُوعِ. اللَّيْثُ: التَّضَوُّرُ صِياحٌ وتَلَوٍّ عِنْدَ الضَّرْبِ مِنَ الْوَجَعِ، قَالَ: وَالثَّعْلَبُ يَتَضَوَّرُ فِي صِيَاحِهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: تَرَكْتُهُ يَتَضَوَّرُ أَي يُظْهِرُ الضُّرَّ الَّذِي بِهِ ويَضْطَرِبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
دَخَلَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى امرأَة يُقَالُ لَهَا أُمُّ العَلاءِ وَهِيَ تَضَوَّرُ مِنْ شِدَّةِ الحُمَّى
أَي تَتَلَوَّى وتَضِجُّ وتَتَقَلَّبُ ظَهْراً لبَطْنٍ، وَقِيلَ: تَتَضَوَّرُ تُظْهِرُ الضَّوْرَ بِمَعْنَى الضُّرِّ. يُقَالُ: ضارَهُ يَضُورُهُ ويَضِيرُه، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الضَّوْرِ، وَهُوَ بِمَعْنَى الضُّرّ. يُقَالُ: ضَرَّني وضارَني يَضُورُني ضَوْراً وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: التَّضَوُّرُ التَّضَعُّفُ، مِنْ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ ضُورَةٌ وامرأَة ضُورَةٌ. والضُّورَةُ، بِالضَّمِّ،(4/494)
مِنَ الرِّجَالِ الصَّغِيرُ الْحَقِيرُ الشأْن، وَقِيلَ: هُوَ الذَّلِيلُ الْفَقِيرُ الَّذِي لَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَقْرَأَنِيه الإِيادِيُّ عَنْ شَمِرٍ بِالرَّاءِ، وأَقرأَنيه الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ الضُّؤْزَةُ بِالزَّايِ مَهْمُوزًا، فَقَالَ: كَذَلِكَ ضَبَطْتُهُ عَنْهُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ. ابْنُ الأَعرابي: الضُّورَةُ الضَّعِيفُ مِنَ الرِّجَالِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي عَامِرٍ يَقُولُ لِآخَرَ أَحَسِبْتَني ضُورَةً لَا أَرُدُّ عَنْ نَفْسِي؟ وَبَنُو ضَوْرٍ: حَيٌّ مِنْ هِزَّانَ بِنِ يَقْدُمَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ضَوْرِيَّة أُولِعْتُ باشْتِهارِها، ... ناصلَة الحَقْوَيْنِ مِنْ إِزارها
يُطرِقُ كَلْبُ الحيِّ مِنْ حِذارِها، ... أَعْطَيْتُ فِيهَا طَائِعًا أَو كارِها
حَدِيقَةً غَلْباءَ فِي جِدارِها، ... وفَرَساً أُنْثَى وعَبْداً فارِهَا
ضير: ضارَهُ ضَيْراً: ضَرَّه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَقِيلَ: تَحَمَّلْ فَوْقَ طَوْقِكَ إِنَّها ... مُطَبَّعَةٌ، مَنْ يَأْتِها لَا يَضِيرُها
أَي لَا يَضير أَهْلَها لِكَثْرَةِ مَا فِيهَا، وَيُرْوَى: نابَها؛ يُقَالُ: ضارَني يَضِيرُني ويَضُورُني ضَوْراً.
وَقَوْلُهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَتُضارُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ؟ فإِنكم لَا تُضارُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، هُوَ مِنْ هَذَا
؛ أَي لَا يَضِيرُ بعضُكم بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَقَدْ حَاضَتْ فِي الْحَجِّ: لَا يَضِيرُكِ
أَي لَا يَضُرُّكِ. الْفَرَّاءُ: قرأَ بَعْضُهُمْ
لَا يَضِرْكم كَيْدهم شَيْئًا
، يَجْعَلُهُ مِنَ الضَّيْرِ. قَالَ: وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ بَعْضَ أَهل الْعَالِيَةِ يَقُولُ: مَا يَنْفَعُنِي ذَلِكَ وَلَا يَضُورُني، والضَّيْرُ والضَّوْرُ وَاحِدٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ
؛ مَعْنَاهُ لَا ضَرَّ. يُقَالُ: لَا ضَيْرَ وَلَا ضَوْرَ وَلَا ضَرَّ وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضَارُورَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ الأَعرابي: هَذَا رَجُلٌ مَا يَضِيرُك عَلَيْهِ «3» . بَحْثًا مِثْلُهُ لِلشِّعْرِ أَي مَا يَزِيدُكَ عَلَى قوله الشعر.
فصل الطاء المهملة
طأر: مَا بِهَا طُؤْرِيٌّ أَي أَحَدٌ.
طبر: ابْنُ الأَعرابي: طَبَرَ الرجلُ إِذا قَفَزَ، وطَبَرَ إِذا اختبأَ. ووَقَعُوا فِي طَبَارِ أَي دَاهِيَةٍ؛ عَنْ يَعْقُوبَ واللِّحياني. وَوَقَعَ فُلَانٌ فِي بَنَاتِ طَبَارِ وطَمَارِ إِذا وَقَعَ فِي دَاهِيَةٍ. والطُّبَّار: ضَرْبٌ مِنَ التِّينِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ وحَلَّاهُ فَقَالَ: هُوَ أَكبر تِينٍ رَآهُ الناسُ أَحمر كُمَيْتٌ أَنَّى تَشَقَّقَ؛ وإِذا أُكل قُشِرَ لِغلَظِ لِحائه فَيَخْرُجُ أَبيضَ فَيَكْفِي الرجلَ مِنْهُ الثلاثُ والأَربع، تملأُ التينةُ مِنْهُ كَفَّ الرَّجُلِ، ويُزَبَّبُ أَيضاً، وَاحِدَتُهُ طُبَّارَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ غَرِيبِ شَجَرِ الضَّرِف الطُّبَّارُ، وَهُوَ عَلَى صُورَةِ التِّينِ إِلا أَنه أَرق. وطَبَرِيَّةُ: اسْمُ مَدِينَةٍ.
طثر: الطَّثْرَةُ: خُثُورَةُ اللَّبَنِ الَّتِي تَعْلُو رأْسه مِثْلَ الرَّغْوَةِ إِذا مُحِضَ فَلَا تَخْلُصُ زُبْدَتُه، والمُثَجَّجُ مثلُ المُطَثَّرِ، والكَثْأَةُ نَحْوٌ مَنِ الطَّثْرَةِ، وَكَذَلِكَ الكَثْعَة، وَقِيلَ: الطَّثْرَةُ اللَّبَنُ الْحَلِيبُ الْقَلِيلُ الرَّغْوَةِ، فَتِلْكَ الرَّغْوَةُ الطَّثْرَة تَكُونُ لِلَبَنِ الْحَلِيبِ أَو الْحَامِضِ أَيهما كَانَ. يُقَالُ: سَقَانِي طَثْرَةَ لَبَنِهِ، وَهِيَ شِبْهُ الزُّبْدِ الرَّقِيقِ وَاللَّبَنُ أَكثف مِنَ الزُّبْدِ،
__________
(3) . قوله: [رَجُلٌ مَا يَضِيرُكَ عَلَيْهِ إلخ] كذا بالأَصل(4/495)
وإِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ زُبْدٌ لَمْ نُسَمِّه طَثْرَةً إِلا بِزُبدة. الأَصمعي: إِذا عَلا اللبنَ دَسَمُه وخُثُورَتُه رأْسَه، فَهُوَ مُطَثَّر. يُقَالُ: خُذْ طَثْرَةَ سِفَائِك. ابْنُ سِيدَهْ: الطَّثْرَةُ خُثُورَةُ اللَّبَنِ وَمَا عَلَاهُ مِنَ الدَّسَمِ والجُلْبَةِ؛ طَثَر اللبنُ يَطْثُر طَثْراً وطُثُوراً وطَثَّرَ تَطْثِيراً. والطَّاثِرُ: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ؛ ولبن خاثِرٌ طاثِرٌ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ إِنهم لَفِي طَثْرَةِ عَيْشٍ إِذا كَانَ خَيْرُهم كَثِيرًا. وَقَالَ مَرَّةً: إِنهم لَفِي طَثْرَةٍ أَي فِي كَثْرَةٍ مِنَ اللَّبَنِ والسَّمْن والأَقِطِ؛ وأَنشد:
إِنَّ السَّلاءَ الَّذِي تَرْجِينَ طَثْرَتَهُ، ... قَدْ بِعْتُه بأُمُورٍ ذاتِ تَبْغِيلِ
والطَّثْرُ: الخيرُ الْكَثِيرُ، وَبِهِ سُمِّيَ ابنُ الطَّثَرِيَّة. والطَّثْرَةُ: مَا عَلَا الماءَ مِنَ الطُّحْلب. والطَّثْرَةُ: الحَمْأَةُ تَبْقَى أَسفلَ الْحَوْضِ والماءُ الغليظُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَتَتْكَ عِيسٌ تَحْمِلُ المَشِيَّا، ... مَاءً مِنَ الطَّثْرَة أَحْوَذِيَّا
فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ قَوْلِهِ:
أَصْدَرَها، عَنْ طَثْرَةِ الدَّآثي، ... صاحبُ لَيْلٍ خَرِشُ التَّبْعَاثِ
فَقِيلَ: الطَثْرَة مَا عَلَا الأَلبان مِنَ الدَّسَمِ، فَاسْتَعَارَهُ لِمَا عَلَا الماءَ مِنَ الطُّحْلُبِ، وَقِيلَ: هُوَ الطُّحْلُبُ نَفْسُهُ، وَقِيلَ: الحَمْأَةُ. وَرَجُلٌ طَيْثَارَةٌ: لَا يُبَالِي عَلَى مَنْ أَقدم، وَكَذَلِكَ الأَسد. وأَسد طَيْثَارٌ: لَا يُبَالِي عَلَى مَا أَغار. والطِّثَارُ: البَقُّ، وَاحِدَتُهَا طَثْرَةٌ. والطَّيْثَارُ: الْبَعُوضُ والأَسد. وطَثْرَةُ: بَطْنٌ مِنَ الأَزد. والطَّثْرَةُ: سَعَةُ الْعَيْشِ؛ يُقَالُ: إِنهم لَذَوو طَثْرَة. وَبَنُو طَثْرَةَ: حَيٌّ مِنْهُمْ يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيَّةِ الْجَوْهَرِيُّ: يَزِيدُ بْنُ الطَّثَرِيَّةِ الشَّاعِرُ قُشَيْرِيٌّ وأُمه طَثَرِيَّة. وطَيْثَرَةُ: اسم.
طحر: الأَزهري: الطَّحْرُ قَذْفُ الْعَيْنِ بقَذاها. ابْنُ سِيدَهْ: طَحَرَت العَيْنُ قَذَاهَا تَطْحَرُه طَحْراً رَمَتْ بِهِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
بِمُقْلَةٍ لَا تَغَرُّ صادِقَةٍ، ... يَطْحَرُ عَنْهَا القَذَاةَ حاجِبُها
قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بمقلة تتعلق بتراقب فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ هُوَ:
تُرَاقِبُ المُحْصَدَ المُمَرَّ، إِذا ... هاجِرَةٌ لَمْ تَقِلْ جَنادِبُها
المُحْصَدُ: السَّوْطُ. والمُمَرُّ: الَّذِي أُجيد فَتْلُهُ، أَي تُرَاقِبُ السَّوْطَ خَوْفًا أَن تُضْرَبَ بِهِ فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ الَّتِي لَمْ تَقِلْ فِيهِ جَنادِبُها، مِنَ الْقَائِلَةِ، لأَن الْجُنْدَبَ يُصَوِّتُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ. وَقَوْلُهُ لَا تَغَرُّ أَي لا تَلْحَقُهَا غِرَّةٌ فِي نَظَرِهَا أَي هِيَ صَادِقَةُ النَّظَرِ. وَقَوْلُهُ يَطْحَرُ عَنْهَا القذاةَ حاجِبُها أَي حاجِبُها مُشْرِفٌ عَلَى عَيْنِهَا فَلَا تَصِلُ إِليها قَذاةٌ. وطَحَرَتِ العينُ الغَمَصَ ونحوَه إِذا رمتْ بِهِ؛ وَعَيْنٌ طَحُورٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
طَحُورانِ عُوَّارَ القَذَى فَتَراهما، ... كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمّ فَرْقَدِ
وطَحَرَتِ العينُ العَرْمَضَ: قَذَفَتْهُ؛ وأَنشد الأَزهري يَصِفُ عَيْنَ مَاءٍ تَفُورُ بِالْمَاءِ:
تَرَى الشُّرَيْرِيغَ يَطْفُو فَوْقَ طاحِرَةٍ، ... مُسْحَنْطِراً ناظِراً نحوَ الشَّناغِيبِ(4/496)
الشُّرَيرِيغ: الضِّفْدَعُ الصَّغِيرُ. وَالطَّاحِرَةُ: الْعَيْنُ الَّتِي تَرْمِي مَا يُطرح فِيهَا لِشِدَّةِ جَمْزَةِ مَائِهَا مِنْ مَنْبَعِها وَقُوَّةِ فَوَرَانِهِ. وَالشَّنَاغِيبُ وَالشَّغَانِيبُ: الأَغصان الرَّطْبَةُ، وَاحِدُهَا شُنْغُوب وشُغْنُوب. قَالَ: والمُسْحَنْطِرُ المُشْرِفُ الْمُنْتَصِبُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْسٌ طَحُورٌ ومِطْحَرٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: مِطْحَرَةٌ، إِذا رَمَتْ بِسَهْمِهَا صُعُداً فَلَمْ تَقْصِد الرَّمِيَّةَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تُبْعِدُ السهمَ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
شَرِقَاتٍ بالسَّمِّ مِنْ صُلَّبِيٍّ، ... ورَكُوضاً مِنَ السَّرَاءِ طَحُورَا
الْجَوْهَرِيُّ: الطَّحُورُ الْقَوْسُ الْبَعِيدَةُ الرَّمْيِ. ابْنُ سِيدَهْ: المِطْحَرُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، السَّهْمُ الْبَعِيدُ الذَّهَابِ. وَسَهْمٌ مِطْحَرٌ. يُبْعِدُ إِذا رَمى؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَرَمَى فَأَنْفَذَ صاعِدِيّاً مِطْحَراً ... بالكَشْحِ، فاشْتَمَلَت عَلَيْهِ الأَضْلُعُ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَطْحَرَ سَهْمَهُ فَصَّهُ جِدّاً، وأَنشد بَيْتَ أَبي ذُؤَيْبٍ: صَاعِدِيًّا مُطْحَراً، بِالضَّمِّ. الأَزهري: وَقِيلَ المِطْحَرُ مِنَ السِّهَامِ الَّذِي قَدْ أُلْزِقَ قُذَذُهُ. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ: فإِنك تَطْحَرُها
أَي تُبْعِدُها وتُقْصِيها، وَقِيلَ: أَراد تَدْحَرُها، فَقَلَبَ الدَّالَ طَاءً، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: والدَّحْرُ الإِبعاد، والطَّحْرُ الْجِمَاعُ والتَّمَدُّدُ. وقِدْحٌ مِطْحَرٌ إِذا كَانَ يُسْرِعُ خروجُه فَائِزًا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ قِدْحاً:
فَشَذَّبَ عَنْهُ النِّسْعَ ثُمَّ غَدَا بِهِ ... مُحَلًّى مِنَ اللَّائي يُفَدِّينَ مِطْحَرَا
وقَنَاةٌ مِطْحَرَةٌ: مُلْتَوِيَةٌ فِي الثِّقافِ وَثَّابَةٌ. الأَزهري: القَنَاةُ إِذا الْتَوَتْ فِي الثِّقافِ فَوَثَبَتْ، فَهِيَ مِطْحَرَةٌ. الأَصمعي: خَتَنَ الخاتنُ الصَّبِيَّ فأَطْحَرَ قُلْفَته إِذا استأَصلها. قَالَ: وَقَالَ أَبو زَيْدٍ، اخْتِنْ هَذَا الغلامَ وَلَا تَطْحَرْ أَي لَا تَسْتأْصلْ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ طَحَرَه طَحْراً، وَهُوَ أَن يَبْلُغ بِالشَّيْءِ أَقْصاه. ابْنُ سِيدَهْ: طَحَرَ الحَجَّامُ الخِتانَ وأَطْحَرَه استأْصله. وطَحَرَت الرِّيحُ السَّحَابَ تَطْحَرُه طحْراً، وَهِيَ طَحُورٌ: فرّقَتْه فِي أَقطار السَّمَاءِ. الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: يُقَالُ مَا فِي السَّمَاءِ طَحْرَةٌ وَلَا غَيَايَةٌ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنِ الْبَاهِلِيِّ: مَا فِي السَّمَاءِ طَحَرَةٌ وطَخَرَةٌ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، أَي شيءٌ من غَيْم. الْجَوْهَرِيُّ: الطُّحْرورُ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، اللَّطْخُ مِنَ السَّحَابِ القليلُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ قِطَعٌ مستدقَّة رِقَاقٌ. يُقَالُ: مَا في السماء طَحْرةٌ وطَخْرَةٌ، وَقَدْ يُحَرَّكُ لِمَكَانِ حَرْفِ الْحَلْقِ؛ وطُحْرُورةٌ وطُخْرورةٌ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ. ابْنُ سِيدَهْ: الطَّحْرُ والطُّحَارُ النَّفَسُ الْعَالِي، وَفِي الصِّحَاحِ: والطَّحِيرُ النفَس الْعَالِي. ابْنُ سِيدَهْ: والطَّحِيرُ مِنَ الصَّوْتِ مثلُ الزَّحِير أَو فوقَه؛ طَحَرَ يَطْحَرُ طَحِيراً، وَقَيَّدَهُ الْجَوْهَرِيُّ يَطْحِرُ، بِالْكَسْرِ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّحْرُ عِنْدَ المَسَلَّة. وَفِي حَدِيثِ النَّاقَةِ القَصْواء:
فَسمِعنا لَهَا طَحِيراً
؛ هو النَّفَسُ الْعَالِي. وَمَا فِي النِّحْيِ طَحْرَةٌ أَي شَيْءٌ. وَمَا عَلَى العُرْيانِ طَحْرَةٌ أَي ثَوْبٌ. الأَزهري: قَالَ الْبَاهِلِيُّ مَا عَلَيْهِ طَحُورٌ أَي مَا عَلَيْهِ ثَوْبٌ «1» . وَكَذَلِكَ مَا عَلَيْهِ طُحْرُورٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وَمَا عَلَى فُلَانٍ طَحْرةٌ إِذا كَانَ عَارِيًا. وطِحْرِبةٌ مِثْلُ طِحْرِيةٍ، بِالْبَاءِ وَالْيَاءِ جَمِيعًا. وَمَا عَلَى الإِبلِ طَحْرَةٌ أَي شيءٌ من وَبَرٍ
__________
(1) . قوله: [طَحُورٌ أَي مَا عَلَيْهِ ثَوْبٌ] هكذا بالأَصل مضبوطاً(4/497)
إِذا نَسَلَت أَوْبَارُها. والطُّحْرُورُ: السحابةُ. والطَّحَارِيرُ: قِطَعُ السحابِ الْمُتَفَرِّقَةُ، وَاحِدَتُهَا طُحْرُورَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهِيَ الطَّحَارِيرُ والطَّخارِيرُ لِقَزَعِ السَّحَابِ. الْجَوْهَرِيُّ: الطَّحُورُ السريعُ. وحَرْبٌ مِطْحَرَةٌ: زَبُونٌ.
طحمر: طَحْمَرَ. وَثَبَ وَارْتَفَعَ. وطَحْمَرَ القَوْسَ: شَدَّ وَتَرَهَا. وَرَجُلٌ طُحَامِرٌ وطَحْمَرِيرٌ: عظيمُ الْجَوْفِ. وَمَا فِي السَّمَاءِ طَحْمَرِيرةٌ أَي شيءٌ مِنْ سَحَابٍ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي بَابِ مَا لَا يُتَكَلَّم بِهِ إِلا فِي الجَحْد. الْجَوْهَرِيُّ: مَا عَلَى السَّمَاءِ طَحْمَريرةٌ وطَخْمَرِيرةٌ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، أَي شَيْءٌ من غيم. وطَحْمَرَ السِّقاءَ: مَلأَه كطَحْرَمَه.
طخر: الطَّخْرُ: الغيمُ الرَّقِيقُ. والطُّخْرور والطُّخْرورةُ: السحابةُ، وَقِيلَ: الطَّخَارِيرُ مِنَ السَّحَابِ قِطَعٌ مُسْتَدِقّة رِقَاق، واحدُها طُخْرُورٌ وطُخْرُورَةٌ. والطَّخَارِيرُ: سحاباتٌ مُتَفَرِّقَةٌ، وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَطَرِ. والناسُ طَخارِيرُ إِذا تفرَّقوا. وَقَوْلُهُمْ: جَاءَنِي طَخَارِيرُ أَي أُشَابَةٌ مِنَ النَّاسِ مُتَفَرِّقُونَ. الْجَوْهَرِيُّ: الطُّخْرُورُ مثلُ الطُّحْرُورِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا كَاذِبِ النّوْءِ وَلَا طُخْرُورِه، ... جُونٌ تَعِجُّ المِيثُ مِنْ هَدِيرِه
وَالْجَمْعُ الطَّخارِيرُ؛ وأَنشد الأَصمعي:
إِنَّا إِذا قَلّت طَخَارِيرُ القَزَعْ، ... وصَدَرَ الشارِبُ مِنها عَنْ جُرَعْ،
نَفْحَلُها البِيضَ القَلِيلاتِ الطَّبَعْ
وَمَا عَلَى السَّمَاءِ طَخَرٌ وطَخَرَةٌ وطُخْرُورٌ وطُخْرُورةٌ أَي شيءٌ مِنْ غَيْمٍ. وَمَا عَلَيْهِ طُخْرُورٌ وَلَا طُحْرورٌ أَي قطْعَةٌ مِنْ خرْقة، وأَكثر ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي طَحَرَ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا لَمْ يَكُنْ جَلْداً وَلَا كَثِيفاً: إِنه لَطُخْرُورٌ وتُخْرُور بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والناسُ طَخَارِيرُ أَي مفْترقون. وأَتانٌ طُخارِيَّةٌ: فارِهةٌ عَتِيقةٌ. والطاخرُ: الغيمُ الأَسْود.
طخمر: مَا عَلَى السَّمَاءِ طَحْمَرِيرةٌ وطَخْمَرِيرةٌ، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، أَي شَيْءٌ من غيم.
طرر: طَرَّهم بِالسَّيْفِ يطُرُّهم طَرًّا، والطَّرُّ كالشَّلّ، وطَرّ الإِبلَ يطُرُّها طَرّاً: سَاقَهَا سَوْقًا شَدِيدًا وطردَها. وطَرَرْت الإِبلَ: مِثْلُ طَرَدْتها إِذا ضمَمْتها مِنْ نَوَاحِيهَا. قَالَ الأَصمعي: أَطَرَّه يُطِرُّه إِطْرَاراً إِذا طرَدَه؛ قَالَ أَوس:
حَتَّى أُتِيحَ لَهُ أَخُو قَنَص ... شَهْمٌ، يُطِرُّ ضَوارِياً كُثَبَا
وَيُقَالُ: طَرَّ الإِبلَ يَطُرّها طَرّاً إِذا مَشَى مِنْ أَحد جَانِبَيْهَا ثُمَّ مِنَ الجانبِ الْآخَرِ ليُقوِّمَها. وطُرَّ الرجلُ إِذا طُرِدَ. وقولُهم جاؤوا طُرّاً أَي جَمِيعًا؛ وَفِي حَدِيثِ قُسّ:
ومَزاداً لمَحْشَر الخلقِ طُرّا
أَي جَمِيعًا، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَو الْحَالِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا مَرَرْتُ بِهِمْ طُرّاً أَي جَمِيعًا؛ قَالَ: وَلَا تُسْتَعْمَلُ إِلا حَالًا وَاسْتَعْمَلَهَا خَصِيبٌ النَّصْرَانِيُّ المُتَطبِّب فِي غَيْرِ الْحَالِ، وَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَنت؟ فَقَالَ: أَحْمَدُ اللَّهَ إِلى طُرِّ خَلْقِه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنْبأَني بِذَلِكَ أَبو الْعَلَاءِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: رأَيت بَنِي فُلَانٍ بِطُرٍّ إِذا رأَيتهم بأَجْمَعِهم. قَالَ يُونُسُ:(4/498)
الطُّرُّ الجماعُة. وقولُهم: جَاءَنِي القومُ طُرّاً مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ. يُقَالُ: طَرَرْتُ القومَ أَي مَرَرْتُ بِهِمْ جَمِيعًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: طُرّاً أُقيم مُقامَ الْفَاعِلِ وَهُوَ مَصْدَرٌ، كَقَوْلِكَ: جَاءَنِي الْقَوْمُ جَمِيعًا. وطَرَّ الحديدةَ طَرّاً وطُرُوراً: أَحَدَّها. وسِنانٌ طَرِيرٌ ومَطْرُورٌ: مُحَدَّد. وطَرَرْت السِّنانَ: حَدَّدْته. وسَهْمٌ طَرِيرٌ: مَطْرُورٌ. ورجلٌ طَرِيرٌ: ذُو طُرّةٍ وهيئةٍ حسنَةٍ وجَمال. وَقِيلَ: هُوَ المُستقبل الشَّبَابَ؛ ابْنُ شُمَيْلٍ: رَجُلٌ جَمِيلٌ طَرِيرٌ. وَمَا أَطَرَّه أَي مَا أَجْمَلَه وَمَا كَانَ طَرِيراً وَلَقَدْ طَرَّ. وَيُقَالُ: رأَيت شَيْخًا جَمِيلًا طَرِيراً. وَقَوْمٌ طِرارٌ بَيِّنُو الطَّرَارةِ، والطَّرِيرُ: ذُو الرُّواء والمَنْظَرِ؛ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ، وَقِيلَ الْمُتَلَمِّسُ:
ويُعْجِبُك الطَّرِيرُ فَتَبْتَلِيه، ... فيُخْلِفُ ظَنَّكَ الرجلُ الطَّرِيرُ
وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
يَا رُبَّ ثَوْرٍ برِمالِ عالِجِ، ... كأَنه طُرَّةُ نجمٍ خارِجِ،
فِي رَبْرَبٍ مِثْلَ مُلاءِ الناسجِ
وَمِنْهُ يُقَالُ: رَجُلٌ طَرِيرٌ. وَيُقَالُ: اسْتَطَرَّ إِتْمام الشَّكِيرِ «2» .... الشَّعْرِ أَي أَنبته حَتَّى بَلَغَ تمامَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ إِبلًا أَجْهَضَتْ أَولادَها قَبْلَ طُرُور وبَرها:
والشَّدَنِيَّات يُساقِطْنَ النُّعَرْ، ... خُوصَ العُيونِ مُجْهَضات مَا اسْتَطَرْ،
مِنْهُنَّ إِتمامُ شَكِيرٍ فاشْتَكَرْ، ... بِحاجبٍ وَلَا قَفاً وَلَا ازْبأَرْ،
مِنْهُنَّ سِيسَاءُ وَلَا اسْتَغْشَى الوَبَرْ
اسْتَغْشَى: لَبِسَ الوَبَرَ، أَي وَلَا لَبِسَ الوبَرَ. وطَرَّ حَوْضَه أَي طَيّنَه. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: إِذا طَرَرْتَ مَسْجِدَكَ بِمَدَرٍ فِيهِ رَوْثٌ فَلَا تُصَلِّ فِيهِ حَتَّى تَغْسِلَه السماءُ
، أَي إِذا طَيَّنْته وزَيَّنْته، مِنْ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ طَرِيرٌ أَي جَمِيلُ الْوَجْهِ. وَيَكُونُ الطَّرُّ الشَّقَّ والقَطْعَ؛ وَمِنْهُ الطَّرَّارُ. والطَّرُّ: الْقَطْعُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّذِي يَقْطَعُ الهَمَايِينَ: طَرَّارٌ، وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَطُرُّ شارِبَه
؛ أَي يَقُصُّهُ. وَحَدِيثُ
الشَّعْبِيِّ: يُقْطَعُ الطَّرَّار
، وَهُوَ الَّذِي يَشُقُّ كُمَّ الرجلِ ويَسُلّ مَا فِيهِ، مِنَ الطَّرّ وَهُوَ الْقَطْعُ والشَّقُّ. يُقَالُ: أَطَرَّ اللهُ يَدَ فلانٍ وأَطَنَّهَا فَطَرَّتْ وطَنَّتْ أَي سَقَطَتْ. وَضَرَبَهُ فأَطَرَّ يدَه أَي قَطَعَهَا وأَنْدَرَهَا. وطَرَّ البُنيانَ: جَدَّده. وطَرَّ النبتُ والشاربُ والوَبَرُ يَطُرُّ، بِالضَّمِّ، طَرّاً وطُرُوراً: طلَع ونبَت؛ وَكَذَلِكَ شعرُ الْوَحْشِيِّ إِذا نَسَلَه ثُمَّ نَبَتَ؛ وَمِنْهُ طَرَّ شاربُ الغلامِ فَهُوَ طارٌّ. والطُّرَّى: الأَتانُ. والطُّرَّى: الحِمارُ النَّشِيطُ. اللَّيْثُ: الطُّرَّةُ طُرّةُ الثوبِ، وَهِيَ شِبْهُ عَلَمين يُخاطانِ بِجَانِبَيِ البُرْدِ عَلَى حاشيتِه. الْجَوْهَرِيُّ: الطُّرَّةُ كُفّةُ الثوبِ، وَهِيَ جانِبُه الَّذِي لَا هُدْبَ لَهُ. وَغُلَامٌ طارٌّ وطَرِيرٌ: كَمَا طَرَّ شاربُه. التَّهْذِيبِ: يُقَالُ طَرَّ شاربُه، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ طُرَّ شاربُه، والأَول أَفصح. اللَّيْثُ: فَتًى طارٌّ إِذا طَرَّ شاربُه. والطَّرُّ: مَا طلَع مِنَ الوَبَر وشعَرِ الحِمار بَعْدَ النُّسول. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه قَامَ مِنْ جَوْزِ اللَّيْلِ وَقَدْ طُرَّت النجومُ
أَي أَضاءت؛ وَمِنْهُ سَيْفٌ مَطْرُور أَي صَقِيل، وَمَنْ رَوَاهُ بفتح
__________
(2) . هنا بياض بالأَصل، وبهامشه مكتوباً بخط الناسخ: كذا وجدت وبإزائه مكتوباً ما نصه: العبارة صحيحة كتبه محمد مرتضى انتهى(4/499)
الطَّاءِ أَراد: طلَعت، مِنْ طَرَّ النباتُ يَطِرّ [يَطُرّ] إِذا نَبَتَ؛ وَكَذَلِكَ الشاربُ. وطُرَّةُ المَزادةِ والثوبِ: عَلَمُهما، وَقِيلَ: طُرَّةُ الثَّوْبِ موضعُ هُدْبه، وَهِيَ حَاشِيَتُهُ الَّتِي لَا هُدْبَ لَهَا. وطُرَّةُ الأَرض: حاشيتُها. وطُرَّةُ كُلِّ شَيْءٍ: حرفُه. وطُرّةُ الْجَارِيَةِ: أَن يُقْطَع لَهَا فِي مُقَدِّم نَاصِيَتِهَا كالعَلَم أَو كالطُّرّة تَحْتَ التَّاجِ، وَقَدْ تُتّخذ الطُّرَّة مِنْ رامِكٍ [رامَكٍ] ، وَالْجَمْعُ طُرَرٌ وطِرَارٌ، وَهِيَ الطُّرُورُ. وَيُقَالُ: طَرَّرَتِ الجاريةُ تَطْرِيراً إِذا اتخَذَت لِنَفْسِهَا طُرَّةً. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَهْدى أُكَيْدِرُ دُومةَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حُلَّةً سِيَراءَ فأَعطاها عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ عمرُ: أَتُعْطِينِيها وَقَدْ قلتَ أَمْسِ فِي حُلَّةِ عُطارِدٍ مَا قلتَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ أُعْطِكَها لتَلْبَسَها وإِنما أَعْطَيتُكَها لِتُعْطِيَها بَعْضَ نسائِكَ يَتّخِذْنها طُرَّاتٍ بَيْنَهُنَّ
؛ أَراد يُقَطِّعْنَهَا وَيَتَّخِذْنَهَا سُيوراً؛ وَفِي النِّهَايَةِ أَي يُقَطّعنها وَيَتَّخِذْنَهَا مَقانِع، وطُرّات جمعُ طُرّة؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ؛ يتخذْنها طُرّات أَي قِطَعاً، مِنَ الطَّرّ، وَهُوَ الْقَطْعُ. والطُّرَّةُ مِنَ الشَّعْرِ: سُمِّيَتْ طُرّةً لأَنها مَقْطُوعَةٌ مِنْ جُمْلَتِهِ. والطَّرَّةُ، بِفَتْحِ الطَّاءِ: المرّةُ، وَبِضَمِّ الطَّاءِ: اسمُ الشَّيْءِ الْمَقْطُوعِ بِمَنْزِلَةِ الغَرْفةِ والغُرْفة؛ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الأَنباري. والطُّرّتَانِ مِنَ الْحِمَارِ وَغَيْرِهِ: مَخَطُّ الجَنْبين؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ رَامِيًا رمَى عَيْراً وأُتُناً:
فَرَمَى فأَنْفَذَ مِنْ نَحُوصٍ عائطٍ ... سَهْماً، فأَنْفَذَ طُرّتيهِ المَنْزَعُ
والطُّرّة: النَّاصِيَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الطُّرّتَانِ مِنَ الْحِمَارِ خطَّان أَسْوَدانِ عَلَى كَتِفَيْهِ، وَقَدْ جَعَلَهُمَا أَبو ذُؤَيْبٍ لِلثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ أَيضاً؛ وَقَالَ يَصِفُ الثَّوْرَ وَالْكِلَابَ:
يَنْهَشْنه ويَذُودُهُنَّ ويَحْتَمِي، ... عَبْل الشَّوَى بالطُّرّتَيْنِ مُولّع
وطُرّةُ مَتْنِه: طريقتُه؛ وَكَذَلِكَ الطُّرّةُ مِنَ السَّحَابِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
بَعِيد الغَزاةِ، فَمَا إِنْ يَزالُ ... مُضْطَمِراً طُرّتاه طَلِيحَا
قَالَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ بالطُّرّتين إِلى الشَّعَر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطأٌ لأَن الشَّعَر لَا يَكُونُ مُضْطَمِراً وإِنما عَنَى ضُمْرَ كَشْحَيه، يَمْدَحُ بِذَلِكَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَيَجُوزُ أَيضاً أَن تَكُونَ طُرَّتاه بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُضْطَمِراً، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ؛ إِذا جعلتَ فِي مُفَتّحةً ضَمِيرًا وَجَعَلْتَ الأَبواب بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ الضَّمِيرِ، وَلَمْ تَكُنْ مُفَتّحةً الأَبوابُ مِنْهَا عَلَى أَن تُخْلِيَ مُفَتَّحَةً مِنْ ضَمِيرٍ. وطُرَرُ الوادِي وأَطْرارُه: نواحِيه، وَكَذَلِكَ أَطْرارُ البلادِ وَالطَّرِيقِ، وَاحِدُهَا طُرٌّ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الواحدةُ طُرّةٌ. وطُرّةُ كُلِّ شَيْءٍ: ناحيتُه. وطُرّةُ النهرِ وَالْوَادِي: شفيرُه. وأَطْرارُ البلادِ: أَطرافُها. وأَطَرّ أَي أَدَلّ. وَفِي الْمَثَلِ: أَطِرِّي إِنك ناعِلةٌ، وَقِيلَ: أَطِرِّي اجْمَعي الإِبل، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَدِلِّي: فإِن عَلَيْكِ نَعْلين، يُضْرَبُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ عَلَى لَفْظِ التأْنيث لأَن أَصل الْمَثَلِ خُوطِبَت بِهِ امرأَة فَيَجْرِي عَلَى ذَلِكَ. التَّهْذِيبِ: هَذَا الْمَثَلُ يُقَالُ فِي جَلادةِ الرجلِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَي ارْكَب الأَمرَ الشَّدِيدَ فإِنك قَوِيٌّ عَلَيْهِ. قَالَ: وأَصل هَذَا أَن رَجُلًا قَالَهُ لِرَاعيةٍ لَهُ، وَكَانَتْ تَرْعَى فِي السُّهولة وَتَتْرُكُ(4/500)
الحُزُونة، فَقَالَ لَهَا: أَطِرِّي أَي خُذي فِي أَطْرارِ الْوَادِي، وَهِيَ نَوَاحِيهِ، فإِنَّكِ ناعِلةٌ: فإِن عَلَيْكِ نَعْلَيْنِ، وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: أَطِرِّي أَي خُذي أَطْرارَ الإِبل أَي نواحيها، يقول: حُوطِيها مِنْ أَقاصيها وَاحْفَظِيهَا، يُقَالُ طِرِّي وأَطِرِّي؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَحسبه عَنى بالنَّعْلَين غِلَظَ جِلْدِ قَدَمَيْها. وجَلَبٌ مُطِرٌّ: جَاءَ مِنْ أَطْرار الْبِلَادِ. وغَضَبٌ مُطِرٌّ: فِيهِ بعضُ الإِدْلالِ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ. وَقَوْلُهُمْ: غَضَبٌ مُطِرٌّ إِذا كَانَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَفِيمَا لَا يُوجِبُ غَضَباً؛ قَالَ الحُطيئة:
غَضِبْتُمْ عَلَينا أَن قَتَلْنا بِخَالِدٍ، ... بَني مالِكٍ، هَا إِنَّ ذَا غَضَبٌ مُطِرْ
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَطَرَّ يُطِرُّ إِذا أَدَلَّ. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ مُطِرّاً أَي مُسْتَطِيلًا مُدِلًّا. والإِطْرارُ: الإِغْراءُ. والطَّرَّةُ: الإِلْقاحُ مِنْ ضَرْبة وَاحِدَةٍ. وطَرَّتْ يَدَاهُ تَطِرّ وتَطُرُّ: سقطَتْ، وتَرَّت تَتِرّ [تَتُرّ] وأَطَرَّها هُوَ وأَتَرَّها. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فنشَأَت طُرَيْرةٌ مِنَ السَّحَابِ
، وَهِيَ تَصْغِيرُ طُرَّةٍ، وَهِيَ قِطْعة مِنْهَا تَبْدُو مِنَ الأُفُق مُسْتَطِيلَةٌ. والطُّرَّةُ: السحابةُ تَبْدُو مِنَ الأُفُق مُسْتَطِيلَةً؛ وَمِنْهُ طُرَّةُ الشعَرِ والثوبِ أَي طَرَفُه. والطَّرُّ: الخَلْسُ، والطَّرُّ: اللَّطْمُ؛ كِلْتَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ. وَتَكَلَّمَ بِالشَّيْءِ مِنْ طِرَارِه إِذا اسْتَنْبَطَه مِنْ نَفْسِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَتْ صَفِيّةُ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَنْ فِيكُنَّ مِثْلي؟ أَبي نَبِيٌّ وعَمِّي نَبِيٌّ وزَوْجِي نَبِيٌّ؛ وَكَانَ عَلَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَلِكَ، فَقَالَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَيْسَ هَذَا الكلامُ مِنْ طِرارِكِ.
والطَّرْطَرةُ: كالطَّرْمذة مَعَ كَثْرَةِ كَلَامٍ. وَرَجُلٌ مُطَرْطِرٌ: مِنْ ذَلِكَ. وطَرْطَر: مَوْضِعٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَلا رُبَّ يَوْمٍ صالحٍ قَدْ شَهِدْته، ... بِتاذِفَ ذاتِ التَّلِّ مِنْ فَوقِ طَرْطَرَا
وَيُقَالُ: رأَيت طُرّة بَنِي فُلَانٍ إِذا نَظَرْتَ إِلَى حِلَّتِهم مِنْ بَعِيدٍ فآنَسْتَ بيوتَهم. أَبو زَيْدٍ: والمُطَرَّةُ العادةُ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مُخَفَّفَةُ الرَّاءِ. أَبو الْهَيْثَمِ: الأَيْطَلُ والطَّرّةُ والقُرُبُ الْخَاصِرَةُ، قَيَّدَهُ فِي كِتَابِهِ بِفَتْحِ الطَّاءِ. الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ: يُقَالُ للطَّبقِ الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ الطِّرِّيانُ بِوَزْنِ الصِّلِّيان، وَهِيَ فِعْليان مِنَ الطَّرّ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ طُرْطُرْ إِذا أَمَرْتَه بِالْمُجَاوَرَةِ لِبَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ والدوامِ عَلَى ذَلِكَ. والطُّرْطُورُ: الوَغْدُ الضعيفُ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْجَمْعُ الطَّراطِيرُ؛ وأَنشد:
قَدْ عَلِمتْ يَشْكُرُ مَنْ غُلامُها، ... إِذا الطَّراطِيرُ اقْشَعَرَّ هامُها
وَرَجُلٌ طُرْطُورٌ أَي دَقِيقٌ طَوِيلٌ. والطُّرْطورُ. قَلَنْسوة للأَعراب طويلة الرأْس.
طزر: الطَّزَرُ: النَّبْت الصَّيْفيّ، بلغة بعضهم.
طعر: طَعَرَ المرأَة طَعْراً: نَكَحَهَا، وَقِيلَ: هُوَ بِالزَّايِ والراءُ تَصْحِيفٌ. ابْنُ الأَعرابي: الطَّعْرُ إِجْبارُ الْقَاضِي الرجلَ عَلَى الحُكْم.
طغر: الطَّغْرُ: لُغَةٌ فِي الدَّغْر، طَغَرَه ودَغَرَه: دَفَعَه. وطَغَرَ عَلَيْهِمْ ودَغَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الطُّغَرُ، وجمعُه طِغْرانٌ، لِطَائِرٍ معروف.
طفر: الطَّفْرُ: وَثْبةٌ فِي ارْتِفَاعٍ كَمَا يَطْفِرُ الإِنسانُ حَائِطًا أَي يَثبُه. والطَّفْرَةُ: الوَثْبَةُ؛ وَقَدْ طَفَرَ(4/501)
يَطْفِرُ طَفْراً وطُفوراً: وَثَبَ فِي ارْتِفَاعٍ. وطَفَرَ الحائطَ: وَثَبَه إِلى مَا وَرَاءَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَطَفَرَ عَنْ راحلتِه
؛ الطَّفْرُ: الوُثوبُ. والطَّفْرةُ مِنَ اللَّبَنِ: كالطَّثْرة، وَهُوَ أَن يكثُف أَعلاه ويَرِقَّ أَسفلُه، وَقَدْ طَفَرَ. وطَيْفُورٌ: طُوَيْئرٌ صَغِير. وطَيْفُورٌ: اسْمٌ. وأَطْفَرَ الراكبُ بعيرَه إِطْفَاراً إِذا أَدخل قَدَمَيْهِ فِي رُفْغَيه إِذا رَكِبَه، وَهُوَ عَيْبٌ لِلرَّاكِبِ، وَذَلِكَ إِذا عَدَا البعيرُ.
طمر: طَمَرَ البئرَ طَمْراً: دفَنها. وطَمرَ نَفْسه وطَمَرَ الشَّيْءَ: خَبَأَه حَيْثُ لَا يُدْرى. وأَطْمَرَ الفرسُ غُرْمولَه فِي الحِجْر: أَوْعَبَه. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ عُقَيلِيّاً يَقُولُ لَفَحل ضَرَبَ نَاقَةً: قَدْ طَمَرَها، وإِنه لكثيرُ الطُّمُور، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إِذا وُصِفَ بِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ يُقَالُ إِنه لكثيرُ الطُّمُور. والمَطْمُورةُ: حفيرةٌ تَحْتَ الأَرض أَو مكانٌ تَحْتَ الأَرض قَدْ هُيِّئَ خَفيّاً يُطْمَرُ فِيهَا الطعامُ والمالُ أَي يُخْبأُ، وَقَدْ طَمَرْتها أَي مَلأْتها. غَيْرُهُ: والمطَامِيرُ حُفَرٌ تُحْفر فِي الأَرض تُوسّع أَسافِلُها تُخْبأُ فِيهَا الحبوبُ. وطَمَرَ يَطْمِر طَمْراً وطُمُوراً وطَمَرَاناً: وَثَبَ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الوُثُوب إِلى أَسفل، وَقِيلَ: الطُّمورُ شبْهُ الْوُثُوبِ فِي السَّمَاءِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ يَمْدَحُ تأَبط شَرًّا:
وإِذا قَذَفْتَ لَهُ الْحَصَاةَ رأَيتَه، ... يَنْزُو، لِوَقْعَتِها، طُمُورَ الأَخْيَلِ
وطَمَرَ فِي الأَرض طُمُوراً: ذَهَبَ. وطَمَرَ إِذا تَغيّبَ وَاسْتَخْفَى؛ وطَمَرَ الفرسُ والأَخْيَل يَطْمِرُ فِي طيرَانه. وَقَالُوا: هُوَ طامِرُ بنُ طَامِرٍ لِلْبَعِيدِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُعْرفُ وَلَا يُعْرف أَبوه وَلَمْ يُدْرَ مَن هُوَ. وَيُقَالُ لِلْبُرْغُوثِ: طَامِر بْنُ طامِر؛ مَعْرِفَةٌ عِنْدَ أَبي الْحَسَنِ الأَخفش. الطامِرُ: الْبُرْغُوثُ، والطوامرُ: الْبَرَاغِيثُ. وطمَرَ إِذا عَلا، وطَمَر إِذا سَفَل. والمَطْمُور: الْعَالِي والمَطْمُورُ: الأَسْفَلُ. وطَمَارِ وطَمَارُ: اسمٌ لِلْمَكَانِ المرتفع؛ يقال: انْصَبَّ عَلَيْهِمْ فلانٌ مِنْ طَمَارِ مِثَالِ قَطَامِ، وَهُوَ المكانُ الْعَالِي؛ قَالَ سُلَيْمُ بْنُ سَلَامٍ الْحَنَفِيُّ:
فإِن كُنْتِ لَا تَدْرِينَ مَا الموتُ، فانْظُرِي ... إِلى هانئٍ فِي السُّوق وابنِ عقيلِ
إِلى بَطَلٍ قَدْ عَقَّر السيفُ وجْهَه، ... وآخَرَ، يَهْوِي مِنْ طَمَارِ، قَتِيلِ
قَالَ: ويُنْشدُ مِنْ طَمَارَ وَمِنْ طَمَارِ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، مُجرًى وَغَيْرَ مُجْرًى. ويُروى: قَدْ كَدَّحَ السيفُ وجهَه. وَكَانَ عُبَيد اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ قَدْ قَتَل مُسْلَم بنَ عَقِيلِ بْنِ أَبي طَالِبٍ وَهَانِئَ بْنَ عُرْوَةَ المُرَاديّ ورمَى بِهِ مِنْ أَعلى الْقَصْرِ فوقَع فِي السُّوق، وَكَانَ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ قَدْ نَزل عِنْدَ هَانِئِ بْنِ عُرْوَةَ، وأَخْفَى أَمْرَه عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، ثُمَّ وَقَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَلَى مَا أَخفاه هَانِئٌ، فأَرْسل إِلى هانئ فأَحْضره وأَرسل إِلى دَارِهِ مَنْ يأْتيه بِمُسْلَمِ بْنِ عَقِيلٍ، فَلَمَّا أَتَوْه قَاتَلَهم حَتَّى قُتِل ثُمَّ قَتَل عبيدُ اللَّهِ هَانِئًا لإِجارتِه لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
مُطَرّف: مَنْ نامَ تحتَ صَدَفٍ مائلٍ وَهُوَ يَنْوِي التوكُّل فَلْيَرْمِ نفْسه مِنْ طَمَارِ
؛ هُوَ الْمَوْضِعُ الْعَالِي، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ، أَي لَا يَنْبَغِي أَن يُعَرِّضَ نفسَه لِلْمَهَالِكِ وَيَقُولُ قَدْ تَوَكّلْت. والطُّمَّرُ والطِّمَّوْرُ: الأَصل. يُقَالُ: لأَرُدّنّه إِلى طُمَّرِه أَي إِلى أَصله. وَجَاءَ فُلَانٌ عَلَى مِطْمار أَبيه أَي جَاءَ يُشْبهه فِي خَلْقِه وخُلُقِه؛ قَالَ أَبو وَجْزة(4/502)
يَمْدَحُ رَجُلًا:
يَسْعَى مَساعِيَ آباءٍ له سَلَفَتْ، ... مِنْ آلِ قَيْرٍ عَلَى مِطْمارِهمْ طَمَرُوا «1»
. وَقَالَ نَافِعُ بْنُ أَبي نُعَيْمٍ: كُنْتُ أَقول لِابْنِ دَأْب إِذا حدَّث: أَقِم المِطْمَرَ أَي قَوِّم الحديثَ ونَقِّح أَلفاظَه واصْدُقْ فِيهِ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ الأُولى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ، الخَيْطُ الَّذِي يُقَوَّم عَلَيْهِ البناءُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَعَ فُلَانٌ فِي بَنَاتِ طَمَارِ مَبنية أَي فِي دَاهِيَةٍ، وَقِيلَ: إِذا وَقَعَ فِي بَليَّة وشِدَّة. وَفِي حَدِيثِ الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:
فَيَقُولُ الْعَبْدُ عِنْدِي العَظائمُ المُطَمَّراتُ
؛ أَي المخبّآتُ مِنَ الذُّنُوبِ والأُمورُ المُطَمِّراتُ، بِالْكَسْرِ: المُهْلِكاتُ، وَهُوَ مِنْ طَمَرت الشيءَ إِذا أَخْفَيْتَه، وَمِنْهُ المَطْمورةُ الحَبْسُ. وطَمِرَت يَدُه: وَرِمَت. والطِّمِرُّ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، والطِّمْرِيرُ والطُّمْرورُ: الفرسُ الجَوادُ، وَقِيلَ: المُشَمَّر الخَلْق، وَقِيلَ: هُوَ المستفزُّ للوَثْبِ والعَدْوِ، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ الْقَوَائِمِ الْخَفِيفُ، وَقِيلَ: المستعدُّ للعَدْوِ، والأُنثى طِمِرَّةٌ؛ وَقَدْ يُسْتَعَارُ للأَتان؛ قَالَ:
كأَنّ الطِّمِرّةَ ذاتَ الطِّمَاح ... مِنْهَا، لِضَبْرتِه، فِي عِقَال
يَقُولُ: كأَنَّ الأَتانَ الطِّمِرّة الشديدةَ العَدْوِ إِذا ضَبَرَ هَذَا الفرسُ وَرَآهَا معقولةٌ حَتَّى يُدْرِكها. قَالَ السَّيْرَافِيُّ: الطِّمِرُّ مُشْتَقٌّ مِنَ الطُّمُور، وَهُوَ الوَثْب، وإِنما يَعْنِي بِذَلِكَ سُرْعَتُهُ. والطِّمِرَّة منَ الْخَيْلِ: المُشْرفةُ؛ وَقَوْلُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
سَمْحَج سَمْحة الْقَوَائِمِ حَقْباء ... مِنَ الجُونِ، طُمِّرَتْ تَطْمِيرا
قَالَ: أَي وُثِّقَ خَلْقُها وأُدْمِج كأَنها طُوِيَتْ طَيَّ الطَّوامِير. والطُّمْرور: الَّذِي لَا يَمْلِكُ شَيْئًا، لُغَةٌ فِي الطُّمُلولِ. والطِّمْرُ: الثَّوْبُ الخلَقُ، وَخَصَّ ابْنُ الأَعرابي بِهِ الكِساءَ الباليَ مِنْ غَيْرِ الصُّوف، وَالْجَمْعُ أَطْمارٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يجاوِزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تحسَبُ أَطْمارِي عليَّ جُلَبا
والطُّمْرورُ: كالطِّمْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
رُبَّ ذِي طِمْرَين لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرّه
؛ يَقُولُ: رُبَّ ذِي خَلَقَين أَطاعَ اللَّهَ حَتَّى لَوْ سأَل اللَّهَ تَعَالَى أَجابه. والمِطْمَرُ: الزِّيجُ الَّذِي يَكُونُ مَعَ البَنَّائين. والمِطْمَرُ والمِطْمارُ: الْخَيْطُ الَّذِي يُقدِّر بِهِ البَنّاء البِناءَ، يُقَالُ لَهُ التَّرْقال بِالْفَارِسِيَّةِ. والطُّومارُ: واحدُ المَطامِير «2» . ابْنُ سِيدَهْ: الطامُورُ والطُّومارُ الصحيفةُ، قِيلَ: هُوَ دَخِيل، قَالَ: وأُراه عَرَبِيًّا مَحْضًا لأَن سِيبَوَيْهِ قَدِ اعْتَدَّ بِهِ فِي الأَبنية فَقَالَ: هُوَ مُلْحَقٌ بفُسْطاط، وإِن كَانَتِ الْوَاوُ بَعْدَ الضَّمَّةِ، فإِنما كَانَ ذَلِكَ لأَن مَوْضِعَ الْمَدِّ إِنما هُوَ قُبَيل الطرَف مُجاوِراً لَهُ، كأَلِفِ عِمادٍ وَيَاءِ عَمِيد وَوَاوِ عَمُود، فأَما واوُ طُومار فَلَيْسَتْ لِلْمَدِّ لأَنها لَمْ تُجاوِر الطرَف، فَلَمَّا تَقَدَّمَتِ الْوَاوُ فِيهِ وَلَمْ تُجَاوِرْ طَرَفَهُ قَالَ: إِنه مُلْحق، فَلَوْ بَنَيْتَ عَلَى هَذَا مِنْ سأَلت مثلَ طُومار ودِيماسٍ لَقُلْت سُوآل وسِيآل، فإِن خَفَّفْتَ الْهَمْزَةَ أَلقيت حَرَكَتَهَا عَلَى
__________
(1) . قوله: [من آل قير] كذا في الأَصل
(2) . قوله: [والطومار واحد المطامير] هكذا في الأَصل والمناسب أَن يقول والمطمار واحد المطامير أو يقول والطومار واحد الطوامير(4/503)
الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَهَا، وَلَمْ تَخْشَ ذَلِكَ فَقُلْتَ سُوَال وسِيَال، وَلَمْ تُجْرِهما مُجْرى وَاوِ مَقْرُوءة وَيَاءِ خَطِيئة فِي إِبدالك الْهَمْزَةَ بَعْدَهُمَا إِلى لَفْظِهِمَا وإِدغامك إِيَّاهما فِيهِمَا، فِي نَحْوِ مَقْرُوّة وخَطِيّة، فَلِذَلِكَ لَمْ يُقَلْ سُوّال وَلَا سِيّال أَعْنِي لتقدُّمِها وبُعْدها عَلَى الطَّرفِ ومشابهةِ حَرْفِ الْمَدِّ. والطُّمْرُورُ: الشِّقْراق. ومَطامِيرُ: فرسُ القَعْقاع ابن شَوْرٍ.
طمحر: ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا فِي السَّمَاءِ طَمْحَرِيرةٌ وَمَا عَلَيْهَا طِهْلِئَة وَمَا عَلَيْهَا طَحْرةٌ أَي مَا عَلَيْهَا غَيم. وطَمْحَر السِّقاءَ: مَلأَه كطَحْرَمه. والمُطْمَحِرُّ: المُمْتلئ. وشَرِبَ حَتَّى اطْمَحَرَّ أَي امْتَلأَ وَلَمْ يَضْرُرْه، وَالْخَاءُ لُغَةٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. والمُطْمَحِرُّ: الإِناء الْمُمْتَلِئُ. وَرَجُلٌ طُماحِرٌ: عَظِيمُ الجوفِ كطُحامِر. وَمَا عَلَى رأْسه طَمْحَرَةٌ وطِحْطِحةٌ أَي ما عليه شعرة.
طمخر: رَجُلٌ طَمَخْرِيرٌ: عَظِيمُ الْجَوْفِ. والطُّماخِرُ: البعيرُ. وشَرِبَ حَتَّى اطْمَخَرَّ أَي امتلأَ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَمْتلئ مِنَ الشَّرَابِ وَلَا يَضُرّه، والحاء المهملة لغة.
طنبر: الطُّنْبُور: الطِّنْبَارَ مَعْرُوفٌ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ دَخِيلٌ، أَصله دُنْبَهِ بَرَهْ أَي يُشْبِه أَلْيةَ الحَمَل، فَقِيلَ: طُنْبور. اللَّيْثُ: الطُّنْبُورُ الَّذِي يُلْعب بِهِ، مُعَرَّبٌ وَقَدِ اسْتُعْمِلَ في لفظ العربية.
طنثر: الطَّنْثرةُ: أَكْلُ الدَّسَمِ حَتَّى يَثْقُلَ عَنْهُ جسمُه، وقد تطَنْثَر.
طهر: الطُّهْرُ: نَقِيضُ الحَيْض. والطُّهْر: نَقِيضُ النَّجَاسَةِ، وَالْجَمْعُ أَطْهار. وَقَدْ طَهَر يَطْهُر وطَهُرَ طُهْراً وطَهارةً؛ المصدرانِ عَنْ سِيبَوَيْهِ، وَفِي الصِّحَاحِ: طَهَر وطَهُر، بِالضَّمِّ، طَهارةً فِيهِمَا، وطَهَّرْته أَنا تَطْهِيرًا وتطَهَّرْت بِالْمَاءِ، وَرَجُلٌ طاهِر وطَهِرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وأَنشد:
أَضَعْتُ المالَ للأَحْساب، حَتَّى ... خَرجْت مُبَرّأً طَهِر الثِّيَابِ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: جَاءَ طاهِرٌ عَلَى طَهُر كَمَا جَاءَ شاعرٌ عَلَى شَعُر، ثُمَّ استغنَوْا بِفَاعِلٍ عَنْ فَعِيل، وَهُوَ فِي أَنفسهم وَعَلَى بَالٍ مَنْ تَصَوَّرَهُمْ، يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ تسكيرُهم شَاعِرًا عَلَى شُعَراء، لَمّا كَانَ فاعلٌ هُنَا وَاقِعًا مَوْقِعَ فَعِيل كُسِّر تكسِيرَه لِيَكُونَ ذَلِكَ أَمارةً وَدَلِيلًا عَلَى إِرادته وأَنه مُغْنٍ عَنْهُ وبَدَلٌ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ أَبو الْحَسَنِ: لَيْسَ كَمَا ذَكَرَ لأَن طَهِيراً قَدْ جَاءَ فِي شِعْرِ أَبي ذُؤَيْبٍ؛ قَالَ:
فإِن بَنِي، لِحْيان إِمَّا ذَكَرْتُهُمْ، ... نَثاهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، طَهِيرُ
قَالَ: كَذَا رَوَاهُ الأَصمعي بَالطَّاءِ وَيُرْوَى ظَهِيرُ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وسيُذكر فِي مَوْضِعِهِ، وَجَمْعُ الطاهرِ أَطْهار وطَهَارَى؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، وثيابٌ طَهارَى عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنهم جَمَعُوا طَهْرانَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ثِيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهارَى نَقِيَّةٌ، ... وأَوْجهُهم، عِنْدَ المَشَاهِد، غُرّانُ
وَجَمْعُ الطَّهِر طهِرُونَ وَلَا يُكسّر. والطُّهْر: نَقِيضُ الْحَيْضِ، والمرأَة طاهِرٌ مِنَ الْحَيْضِ وطاهِرةٌ مِنَ النَّجَاسَةِ وَمِنَ العُيوبِ، ورجلٌ طاهِرٌ وَرِجَالٌ طاهِرُون ونساءٌ طاهِراتٌ. ابْنُ سِيدَهْ: طَهَرت المرأَة وطهُرت وطَهِرت اغْتَسَلَتْ مِنَ الْحَيْضِ وغيرِه، وَالْفَتْحُ أَكثر عِنْدَ ثَعْلَبٍ، واسمُ أَيام طُهْرها «1» ... وطَهُرت المرأَة، وَهِيَ طاهرٌ: انْقَطَعَ عَنْهَا الدمُ ورأَت
__________
(1) . هنا بياض في الأَصل وبإزائه بالهامش لعله الأَطهار(4/504)
الطُّهْر، فإِذا اغْتَسَلَتْ قِيلَ: تَطَهَّرَت واطَّهَّرت؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا
. وَرَوَى
الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ
؛ وَقُرِئَ: حَتَّى يَطَّهَّرْن؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَالْقِرَاءَةُ يطَّهَّرن لأَن مَنْ قرأَ يَطْهُرن أَراد انْقِطَاعَ الدَّمِ، فإِذا تَطَهَّرْن اغْتَسَلْنَ
، فصَيَّر مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفًا، وَالْوَجْهُ أَن تَكُونَ الْكَلِمَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُريد بهما جَمِيعًا الْغُسْلَ وَلَا يَحِلُّ المَسِيسُ إِلا بِالِاغْتِسَالِ، ويُصَدِّق ذَلِكَ قراءةُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: حَتَّى يَتَطَهَّرْن
؛ وقال ابْنُ الأَعرابي: طَهَرت المرأَةُ، هُوَ الْكَلَامُ، قَالَ: وَيَجُوزُ طَهُرت، فإِذا تَطَهَّرْن اغتسلْنَ، وَقَدْ تَطَهَّرت المرأَةُ وَاطَّهَرَتْ، فإِذا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ قِيلَ: طَهُرت تَطْهُر، فَهِيَ طاهرٌ، بِلَا هَاءٍ، وَذَلِكَ إِذا طَهُرَت مِنَ المَحِيض. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا
؛ فإِن مَعْنَاهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ، نَزَلَتْ فِي الأَنصار وَكَانُوا إِذا أَحْدَثوا أَتْبَعُوا الْحِجَارَةَ بِالْمَاءِ فأَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ
؛ أَي أَحَلُّ لَكُمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ
؛ يَعْنِي مِنَ الْحَيْضِ وَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ؛ قَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ أَنهنّ لَا يَحْتَجْنَ إِلى مَا يَحْتاجُ إِليه نِساءُ أَهل الدُّنْيَا بَعْدَ الأَكل وَالشُّرْبِ، وَلَا يَحِضْن وَلَا يَحْتَجْنَ إِلى مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ، وهُنَّ مَعَ ذَلِكَ طاهراتٌ طَهارَةَ الأَخْلاقِ والعِفَّة، فمُطَهَّرة تَجْمع الطهارةَ كُلَّهَا لأَن مُطَهَّرة أَبلغ فِي الْكَلَامِ مِنْ طَاهِرَةٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ
؛ قال أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ طَهِّراهُ مِنْ تَعْلِيقِ الأَصْنام عَلَيْهِ؛ الأَزهري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ
، يَعْنِي مِنَ الْمَعَاصِي والأَفعال المُحَرَّمة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً
؛ مِنَ الأَدْناس وَالْبَاطِلِ. وَاسْتَعْمَلَ اللِّحْيَانِيُّ الطُّهْرَ فِي الشَّاةِ فَقَالَ: إِن الشَّاةَ تَقْذَى عَشْراً ثُمَّ تَطْهُر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا طَريفٌ جِدّاً، لَا أَدْرِي عَنِ الْعَرَبِ حَكَاهُ أَمْ هُوَ أَقْدَمَ عَلَيْهِ. وتَطَهَّرت المرأَة: اغْتَسَلَتْ. وطَهَّره بِالْمَاءِ: غَسَلَه، واسمُ الْمَاءِ الطَّهُور. وكلُّ مَاءٍ نَظِيفٍ: طَهُورٌ، وَمَاءٌ طَهُور أَي يُتَطَهَّرُ بِهِ، وكلُّ طَهورٍ طاهرٌ، وَلَيْسَ كلُّ طاهرٍ طَهوراً. قَالَ الأَزهري: وَكُلُّ مَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً طَهُوراً
؛ فإِن الطَّهُورَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الطاهرُ المُطَهِّرُ، لأَنه لَا يَكُونُ طَهوراً إِلا وَهُوَ يُتَطهّر بِهِ، كالوَضُوء هُوَ الْمَاءُ الَّذِي يُتَوضَّأُ بِهِ، والنَّشُوق مَا يُسْتَنْشق بِهِ، والفَطُور مَا يُفْطَر عَلَيْهِ منْ شَرَابٍ أَو طَعَامٍ.
وسُئِل رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، عن مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: هُوَ الطَّهُور مَاؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُه
؛ أَي المُطَهِّر، أَراد أَنه طَاهِرٌ يُطَهِّر. وَقَالَ
الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كلُّ مَاءٍ خَلَقَه اللَّهُ نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ أَو نَابِعًا مِنْ عَيْنٍ فِي الأَرض أَو بحْرٍ لَا صَنْعة فِيهِ لآدَميٍّ غَيْرَ الاسْتِقاء، وَلَمْ يُغَيِّر لَوْنَه شيءٌ يخالِطُه وَلَمْ يَتَغَيَّرْ طعمُه مِنْهُ، فَهُوَ طَهُور، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ مَاءِ وَرْدٍ أَو وَرَقٍ شجرٍ أَو ماءٍ يَسيل مِنْ كَرْم فإِنه، وإِن كَانَ طَاهِرًا، فَلَيْسَ بطَهُور.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: الطُّهور، بِالضَّمِّ، التطهُّرُ، وَبِالْفَتْحِ: الماءُ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ كالوَضُوء. والوُضوء والسَّحُور والسُّحُور؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الطَّهور، بِالْفَتْحِ، يَقَعُ عَلَى الْمَاءِ والمَصْدر مَعًا، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ الْحَدِيثُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا، وَالْمُرَادُ بِهِمَا التَّطَهُّرُ. وَالْمَاءُ الطَّهُور، بِالْفَتْحِ: هُوَ الَّذِي يَرْفَعُ الحدَث ويُزِيل النجَسَ لأَن فَعُولًا(4/505)
مِنْ أَبنية المُبالَغة فكأَنه تَنَاهى فِي الطَّهَارَةِ. والماءُ الطاهر غير الطَّهُور، وهو الذي لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس كالمُسْتَعْمَل فِي الوُضوء والغُسْل. والمِطْهَرةُ: الإِناءُ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ ويُتَطَهَّر بِهِ. والمِطْهَرةُ: الإِداوةُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ، وَالْجَمْعُ المَطَاهِرُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ الْقَطَا:
يَحْمِلْنَ قُدَّامَ الجَآجِي ... فِي أَساقٍ كالمَطاهِرْ
وكلُّ إِناء يُتَطَهَّر مِنْهُ مِثْلُ سَطْل أَو رَكْوة، فَهُوَ مِطْهَرةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: والمَطْهَرَةُ والمِطْهَرة الإِداوةُ، وَالْفَتْحُ أَعلى. والمِطْهَرَةُ: الْبَيْتُ الَّذِي يُتَطَهّر فِيهِ. والطَّهارةُ، اسمٌ يَقُومُ مَقَامَ التَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ: الاستنجاءُ والوُضوءُ. والطُّهارةُ: فَضْلُ مَا تَطَهَّرت بِهِ. والتَّطَهُّرُ: التنزُّه والكَفُّ عَنِ الإِثم وَمَا لَا يَجْمُل. وَرَجُلٌ طاهرُ الثِّيَابِ أَي مُنَزَّه؛ وَمِنْهُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذِكْرِ قَوْمِ لُوطٍ وقَوْلِهم فِي مُؤمِني قومِ لُوطٍ: إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ*
؛ أَي يتنزَّهُون عَنْ إِتْيان الذُّكُورِ، وَقِيلَ: يَتَنَزَّهُونَ عَنْ أَدْبار الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ قالهُ قَوْمُ لُوطٍ تهكُّماً. والتطَهُّر: التنزُّه عَمَّا لَا يَحِلُّ؛ وَهُمْ قَوْمٌ يَتَطَهَّرون أَي يتنزَّهُون مِنَ الأَدناسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
السِّواكُ مَطْهرةٌ لِلْفَمِ.
وَرَجُلٌ طَهِرُ الخُلُقِ وطاهرُه، والأُنثى طَاهِرَةٌ، وإِنه لَطاهرُ الثيابِ أَي لَيْسَ بِذِي دَنَسٍ فِي الأَخْلاق. وَيُقَالُ: فُلَانٌ طَاهِرُ الثِّياب إِذا لَمْ يَكُنْ دَنِسَ الأَخْلاق؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ثِيابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيّةٌ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
؛ مَعْنَاهُ وقَلْبَك فَطهِّر؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:
فَشَكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابَه، ... لَيْسَ الكَريمُ عَلَى القَنا بِمُحَرَّمِ
أَي قَلْبَه، وَقِيلَ: مَعْنَى وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ، أَي نَفْسَك؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَكُنْ غادِراً فتُدَنِّسَ ثيابَك فإِن الْغَادِرَ دَنِسُ الثِّياب. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيُقَالُ لِلْغَادِرِ دَنِسُ الثِّيَابِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَثِيَابُكَ فقَصِّر فإِن تَقْصِيرَ الثِّيَابِ طُهْرٌ لأَن الثَّوْبَ إِذا انْجرَّ عَلَى الأَرض لَمْ يُؤْمَنْ أَن تصيبَه نجاسةٌ، وقِصَرُه يُبْعِدُه مِنَ النَّجَاسَةِ؛ والتَّوْبةُ الَّتِي تَكُونُ بإِقامة الْحَدِّ كالرَّجْمِ وَغَيْرِهِ: طَهُورٌ للمُذْنِب؛ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
، يَقُولُ: عَملَك فأَصْلِح؛
وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ
، يَقُولُ: لَا تَلْبَسْ ثِيابَك عَلَى مَعْصِيَةٍ وَلَا عَلَى فجُورٍ وكُفْرٍ
؛ وأَنشد قَوْلَ غَيْلَانَ:
إِني بِحَمْد اللَّهِ، لَا ثوبَ غادِرٍ ... لَبِستُ، وَلَا مِنْ خِزْيةٍ أَتَقَنَّع
اللَّيْثُ: والتوبةُ الَّتِي تَكُونُ بإِقامة الحُدُود نَحْوِ الرَّجْم وَغَيْرِهِ طَهُورٌ للمُذنب تُطَهِّرُه تَطْهيراً، وَقَدْ طَهّرَه الحدُّ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ
؛ يَعْنِي بِهِ الكِتَابَ لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ عَنَى بِهِ الْمَلَائِكَةَ، وكلُّه عَلَى المَثَل، وَقِيلَ: لَا يمسُّه فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلا الْمَلَائِكَةُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ
؛ أَي أَن يَهدِيَهم. وأَما قَوْلُهُ: طَهَرَه إِذا أَبْعَدَه، فَالْهَاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْحَاءِ فِي طَحَره؛ كَمَا قَالُوا مدَهَه فِي مَعْنَى مَدَحَه. وطهَّر فلانٌ ولَدَه إِذا أَقام سُنَّةَ خِتانه، وإِنما سَمَّاهُ الْمُسْلِمُونَ تَطْهِيرًا لأَن النَّصَارَى لَمَّا تَرَكُوا سُنَّةَ الخِتانِ(4/506)
غَمَسُوا أَوْلادَهم فِي مَاءٍ صُبِغَ بِصُفْرةٍ يُصَفّرُ لونَ الْمَوْلُودِ وَقَالُوا: هَذِهِ طُهْرَةُ أَوْلادِنا الَّتِي أُمِرْنا بِهَا، فأَنْزل اللَّهُ تَعَالَى: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً؛ أَي اتَّبِعُوا دِينَ اللهِ وفِطْرَتَه وأَمْرَه لَا صِبْغَةَ النَّصَارَى، فالخِتانُ هُوَ التطهِيرُ لَا مَا أَحْدَثَه النَّصَارَى مِنْ صِبْغَةِ الأَوْلادِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: إِني أُطِيلُ ذَيْلي وأَمْشِي فِي الْمَكَانِ القَذِر، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُطَهِّرُه مَا بَعْدَهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ خَاصٌّ فِيمَا كَانَ يَابِسًا لَا يَعْلَقُ بِالثَّوْبِ مِنْهُ شَيْءٌ، فأَما إِذا كَانَ رَطْباً فَلَا يَطْهُر إِلا بالغَسْل؛ وَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ أَن يَطَأَ الأَرضَ القَذِرَة ثُمَّ يَطأَ الأَرضَ اليابسةَ النَّظِيفةَ فإِنَّ بَعْضَهَا يُطَهِّرُ بَعْضاً، فأَما النجاسةُ مِثْلُ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ تُصِيب الثَّوْبَ أَو بعضَ الْجَسَدِ، فإِن ذَلِكَ لَا يُطَهَّرُه إِلا الماءُ إِجماعاً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي إِسناد هَذَا الْحَدِيثِ مَقالٌ.
طور: الطَّوْرُ: التارَةُ، تَقُولُ: طَوْراً بَعْدَ طَوْرٍ أَي تَارَةً بَعْدَ تَارَةٍ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي وَصْفِ السَّلِيم:
تُراجِعُه طَوْراً وطَوْراً تُطَلِّقُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ:
تُطَلِّقُه طَوْراً وطَوْراً تُراجِعُ
وَالْبَيْتُ لِلنَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ، وَهُوَ بِكَمَالِهِ:
تَناذَرها الراقُونَ مِنْ سُوءِ سَمِّها، ... تُطَلِّقُه طَوْراً وطَوْراً تُراجِعُ
وَقَبْلَهُ:
فبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئِيلةٌ ... مِنَ الرُّقْشِ، فِي أَنيابِها السُّمُّ ناقعُ
يُرِيدُ: أَنه بَاتَ مِنْ تَوَعُّدِ النُّعْمَانِ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَانَ حَلَف للنُّعْمان أَنه لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بهِجاءٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا:
فإِن كنتُ، لَا ذُو الضِّغْنِ عَنِّي مُكَذَّبٌ، ... وَلَا حَلِفي عَلَى البراءةِ نافعُ
وَلَا أَنا مأْمونٌ بِشَيْءٍ أَقُولُه، ... وأَنْتَ بأَمْرٍ لَا محالَة واقعُ
فإِنكَ كالليلِ الَّذِي هُوَ مُدْرِكي، ... وإِن خِلْتُ أَن المُنْتأَى عنكَ واسِعُ
وَجَمْعُ الطَّوْرِ أَطْوارٌ. والناسُ أَطْوَارٌ أَي أَخْيافٌ عَلَى حَالَاتٍ شتَّى. والطَّوْر: الحالُ، وَجَمْعُهُ أَطْوارٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً
؛ مَعْنَاهُ ضُرُوباً وأَحوالًا مُخْتَلِفَةً؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: أَطْواراً أَي خِلَقاً مختلفة كلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: خَلَقَكُمْ أَطْواراً
، قَالَ: نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عظْماً؛ وَقَالَ الأَخفش: طَوْراً عَلَقَةً وطَوْراً مُضْغَةً، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَراد اختلافَ المَناظِر والأَخْلاقِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والمرْءُ يَخْلَقُ طَوْراً بعْدَ أَطْوارِ
وَفِي حَدِيثِ سَطِيحٍ:
فإِنّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوارٌ دَهاريرُ
الأَطْوارُ: الحالاتُ المختلفةُ والتاراتُ والحدودُ، واحدُها طَوْرٌ، أَي مَرّةً مُلْكٌ ومَرَّةً هُلْكٌ ومَرّةً بُؤْسٌ ومَرّةً نُعْم. والطَّوْرُ والطَّوارُ «1» : مَا كَانَ عَلَى حَذْوِ الشَّيْءِ أَو بِحِذائِه. ورأَيت حَبْلًا بطَوارِ هَذَا الْحَائِطِ أَي بِطُوله. وَيُقَالُ: هَذِهِ الدَّارُ عَلَى طَوَارِ هَذِهِ الدَّارِ أَي حائطُها متصلٌ بحائطها عَلَى نَسق واحدٍ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَكُلُّ شَيْءٍ ساوَى شَيْئًا، فَهُوَ طَوْرُه
__________
(1) . قوله: [والطور والطوار] بالفتح والضم(4/507)
وطُوَارُه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي الطَّوَارِ بِمَعْنَى الحَدِّ أَو الطُّولِ:
وطَعْنَة خَلْسٍ، قَدْ طَعَنْتُ، مُرِشّة ... كعطِّ الرداءِ، مَا يُشَكُّ طَوَارُها
قَالَ: طَوارُها طُولُها. وَيُقَالُ: جَانِبَا فَمِها. وطَوَارُ الدارِ وطِوَارُها: مَا كَانَ مُمْتدّاً معَها مِنَ الفِنَاء. والطَّوْرةُ: فِنَاءُ الدَّارِ. والطَّوْرةُ: الأَبْنِيةُ. وَفُلَانٌ لَا يَطُورُني أَي لَا يَقْرَبُ طَوَارِي. وَيُقَالُ: لَا تَطُر حَرَانا أَي لَا تَقْرَبْ مَا حَوْلَنا. وَفُلَانٌ يَطُورُ بِفُلَانٍ أَي كأَنه يَحُوم حَوالَيْه ويَدْنُو مِنْهُ. وَيُقَالُ: لَا أَطُورُ بِهِ أَي لَا أَقْرَبُه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: وَاللَّهِ لَا أَطُورُ بِهِ مَا سَمَر سَمِيرٌ
أَي لَا أَقْرَبُه أَبداً. والطَّوْرُ: الحدُّ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. وَعَدَا طَوْرَه أَي جاوَزَ حَدَّه وقَدْرَه. وَبَلَغَ أَطْوَرَيْهِ أَي غايةَ مَا يُحاوِلُه. أَبو زَيْدٍ: مِنْ أَمثالهم فِي بُلُوغِ الرَّجُلِ النهايةَ فِي العِلْم: بَلَغَ فلانٌ أَطْوَرِيه، بِكَسْرِ الرَّاءِ، أَي أَقْصاه. وَبَلَغَ فُلَانٌ فِي الْعِلْمِ أَطْوَرَيْهِ أَي حدَّيْه: أَولَه وآخرَه. وَقَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: بَلَغَ فُلَانٌ أَطورِيه، بِخَفْضِ الرَّاءِ، غايتَه وهِمَّتَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: بَلَغْتُ مِنْ فُلَانٍ أَطْوَرَيْه أَي الجَهْدَ والغَايةَ فِي أَمْرِه. وَقَالَ الأَصمعي: لَقِيتُ مِنْهُ الأَمَرِّينَ والأَطْوَرِينَ والأَقْوَرِينَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: رَكِبَ فُلَانٌ الدَّهْرَ وأَطْوَرَيه أَي طَرَفَيْه. وَفِي حَدِيثِ النَّبِيذ:
تعَدَّى طَوْرَه
أَي حَدَّه وحالَه الَّذِي يَخُصُّه ويَحِلُّ فِيهِ شُرْبُه. وطارَ حَوْلَ الشَّيْءِ طَوْراً وطَوَرَاناً: حَامَ، والطّوَارُ مَصْدَرُ طارَ يَطُورُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا بالدارِ طُورِيٌّ وَلَا دُورِيٌّ أَي أَحدٌ، وَلَا طُورَانِيٌّ مِثلُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وبَلْدة لَيْسَ بِهَا طُورِيُ
والطُّورُ: الجبَلُ. وطُورُ سِينَاءَ [سَينَاءَ] : جَبل بِالشَّامِ، وَهُوَ بالسُّرْيانية طُورَى، والنسبُ إِليه طُورِيٌّ وطُورانِيٌّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ
؛ الطُّورُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الجَبلُ، وَقِيلَ: إِن سَيناء حِجَارَةٌ، وَقِيلَ: إِنه اسْمُ الْمَكَانِ، وحَمَامٌ طُورانِيٌّ وطُورِيٌّ مَنْسُوبٌ إِليه، وَقِيلَ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى جبل يقال لَهُ طُرْآن نَسَبٌ شَاذٌّ، وَيُقَالُ: جَاءَ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ
؛ أَقْسَم اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، قَالَ: وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِمَدْيَنَ الَّذِي كَلّم اللهُ تَعَالَى مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَيْهِ تَكْلِيمًا. والطُّورِيُّ: الوَحْشِيُّ: مِنَ الطَّيرِ والناسِ؛ وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
أَعارِيبُ طُورِيّون، عَنْ كُلِّ قَريةٍ، ... حِذارَ الْمَنَايَا أَو حِذَارَ المقَادِرِ
قَالَ: طُورِيّون أَي وَحْشِيّون يَحِيدُون عَنِ القُرَى حِذارَ الْوَبَاءِ والتَّلَفِ كأَنهم نُسِبُوا إِلى الطُّورِ، وَهُوَ جَبَلٌ بِالشَّامِ. وَرَجُلٌ طُورِي أَي غَرِيبٌ.
طير: الطَّيَرانُ: حركةُ ذِي الجَناح فِي الْهَوَاءِ بِجَنَاحِهِ، طارَ الطائرُ يَطِيرُ طَيْراً وطَيراناً وطَيْرورة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَكُرَاعٍ وَابْنِ قُتَيْبَةَ، وأَطارَه وطيَّره وطارَ بِه، يُعَدى بِالْهَمْزَةِ وَبِالتَّضْعِيفِ وَبِحَرْفِ الْجَرِّ. الصِّحَاحُ: وأَطارَه غيرُه وطيَّره وطايَرَه بِمَعْنًى. والطَّيرُ: مَعْرُوفٌ اسْمٌ لِجَماعةِ مَا يَطِيرُ، مُؤَنَّثٌ، وَالْوَاحِدُ طائِرٌ والأُنثى طائرةٌ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ؛ التَّهْذِيبُ: وقَلَّما يَقُولُونَ طَائِرَةً للأُنثى؛ فاَّما قَوْلُهُ أَنشده(4/508)
الْفَارِسِيُّ:
هُمُ أَنْشَبُوا صُمَّ القَنا فِي نُحورِهمْ، ... وبِيضاً تقِيضُ البَيْضَ مِنْ حيثُ طائرُ
فإِنه عَنى بالطائرِ الدِّماغَ وَذَلِكَ مِنْ حيثُ قِيلَ لَهُ فرخٌ؛ قَالَ:
ونحنُ كَشَفْنا، عَنْ مُعاوِيةَ، الَّتِي ... هِيَ الأُمُّ تَغْشَى كُلَّ فَرْخٍ مُنَقْنِق
عَنى بالفرْخ الدماغَ كَمَا قُلْنَا. وَقَوْلُهُ مُنَقْنِق إِفراطاً مِنَ الْقَوْلِ: وَمِثْلُهُ قولُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
كأَنَّ نَزْوَ فِراخِ الهَامِ، بَيْنهُمُ، ... نَزْوُ القُلاتِ، زَهاها قالُ قالِينا
وأَرضٌ مَطَارةٌ: كَثيرةُ الطَّيْرِ. فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى:
إِنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كهَيْئَةِ الطَّيْرِ فأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَائِرًا بإِذن اللَّهِ
؛ فإِن مَعْنَاهُ أَخلُق خَلْقاً أَو جِرْماً؛ وَقَوْلُهُ: فأَنفخ فِيهِ، الْهَاءُ عَائِدَةٌ إِلى الطَّيْرِ، وَلَا يَكُونُ مُنْصَرِفًا إِلى الْهَيْئَةَ لِوَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن الهَيْئَةَ أُنثى وَالضَّمِيرَ مُذَكَّرٌ، وَالْآخَرُ أَنَّ النَّفْخَ لَا يَقَعُ فِي الْهَيْئَةِ لأَنها نوْعٌ مِنْ أَنواع العَرَضِ، والعَرَضُ لَا يُنْفَخُ فِيهِ، وإِنما يَقَعُ النَّفْخُ فِي الجَوْهَر؛ قَالَ: وَجَمِيعُ هَذَا قَوْلُ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الطائرُ اسْمًا للجَمْع كَالْجَامِلِ وَالْبَاقِرِ، وجمعُ الطَّائِرِ أَطْيارٌ، وَهُوَ أَحدُ مَا كُسِّرَ عَلَى مَا يُكَسَّرُ عَلَيْهِ مثلُه؛ فأَما الطُّيُورُ فَقَدْ تَكُونُ جمعَ طَائِرٍ كساجِدٍ وسُجُودٍ، وَقَدْ تَكُونُ جَمْعَ طَيْرٍ الَّذِي هُوَ اسمٌ للجَمع، وَزَعَمَ قُطْرُبٌ أَن الطَّيْرَ يقَعُ لِلْوَاحِدِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ إِلا أَن يَعْني بِهِ المصدرَ، وَقُرِئَ: فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ
، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الناسُ كلُّهم يَقُولُونَ لِلْوَاحِدِ طائرٌ وأَبو عُبَيْدَةَ معَهم، ثُمَّ انْفَرد فأَجازَ أَن يُقَالَ طَيْر لِلْوَاحِدِ وَجَمَعَهُ عَلَى طُيُور، قَالَ الأَزهري: وَهُوَ ثِقَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الطائرُ جمعُه طَيرٌ مِثْلُ صاحبٍ وصَحْبٍ وَجَمْعُ الطَّيْر طُيُورٌ وأَطْيارٌ مِثْلُ فَرْخ وأَفْراخ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرُّؤْيا لأَوَّلِ عابِرٍ وَهِيَ عَلَى رِجْلِ طائرٍ
؛ قَالَ: كلُّ حَرَكَةٍ مِنْ كَلِمَةٍ أَو جارٍ يَجْرِي، فَهُوَ طائرٌ مَجازاً، أَرادَ: عَلَى رِجْل قَدَرٍ جَارٍ، وقضاءٍ ماضٍ، مِنْ خيرٍ أَو شرٍّ، وَهِيَ لأَوَّلِ عابِرٍ يُعَبّرُها، أَي أَنها إِذا احْتَمَلَتْ تأْوِيلَين أَو أَكثر فَعَبَّرَهَا مَنْ يَعْرِفُ عَباراتها، وقَعَتْ عَلَى مَا أَوّلَها وانْتَفَى عَنْهَا غيرُه مِنَ التأْويل؛ وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
الرُّؤْيا عَلَى رِجْل طائرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ
أَي لَا يستقِرُّ تأْوِيلُها حَتَّى تُعَبَّر؛ يُرِيد أَنها سَرِيعةُ السقُوط إِذا عُبِّرت كَمَا أَن الطيرَ لَا يستَقِرُّ فِي أَكثر أَحوالِه، فَكَيْفَ مَا يَكُونُ عَلَى رِجْلِه؟ وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ وَالنَّسَّابَةِ: فَمِنْكُمْ شَيْبةُ الحمدِ مُطْعِم طَيْر السماءِ لأَنه لَمَّا نَحَرَ فِدَاءَ ابنهِ عبدِ اللهِ أَبي سيِّدِنا رَسُولِ اللَّهِ، [صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] مائةَ بَعِيرٍ فَرّقَها عَلَى رُؤُوس الجِبالِ فأَكَلَتْها الطيرُ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: تَرَكَنَا رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْه إِلَّا عِنْدَنا مِنْهُ عِلْمٌ
، يَعْنِي أَنه اسْتَوْفَى بَيانَ الشَّرِيعةِ وَمَا يُحتاج إِليه في الدِّين حَتَّى لَمْ يَبْقَ مُشْكِلٌ، فضَرَبَ ذَلِكَ مَثَلًا، وَقِيلَ: أَراد أَنه لَمْ يَتْرك شَيْئًا إِلا بَيَّنه حَتَّى بَيَّن لَهُمْ أَحكامَ الطَّيْرِ وَمَا يَحِلّ مِنْهُ وَمَا يَحْرُم وَكَيْفَ يُذْبَحُ، وَمَا الَّذِي يفْدِي مِنْهُ المُحْرِمُ إِذا أَصابه، وأَشْباه ذَلِكَ، وَلَمْ يُرِدْ أَن فِي الطيرِ عِلْماً سِوى ذَلِكَ عَلَّمهم إِيّاه ورَخّصَ لَهُمْ أَن يَتَعاطَوا زَجْرَ الطَّيْرِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهلُ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ
؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي:(4/509)
هُوَ مِنَ التَّطَوُّعِ المُشَامِ لِلتَّوْكِيدِ لأَنه قَدْ عُلِم أَن الطَّيَرانَ لَا يَكُونُ إِلا بالجَناحَيْنِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ بِجناحَيْه مُفِيداً، وَذَلِكَ أَنه قَدْ قالوا:
طارُوا عَلاهُنَّ فَشُكْ عَلاها
وَقَالَ الْعَنْبَرِيُّ:
طارُوا إِليه زَرَافاتٍ ووُحْدانا
وَمِنْ أَبيات الْكِتَابِ:
وطِرْتُ بمُنْصُلي فِي يَعْمَلاتٍ
فَاسْتَعْمَلُوا الطَّيَرانَ فِي غَيْرِ ذِي الْجَنَاحِ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ
؛ عَلَى هَذَا مُفِيدٌ، أَي لَيْسَ الغرَضُ تَشْبِيهَه بِالطَّائِرِ ذِي الجناحَيْنِ بَلْ هُوَ الطائرُ بِجَناحَيْه البَتَّةَ. والتَّطايُرُ: التَّفَرُّقُ والذهابُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَمِعَتْ مَنْ يَقُول إِن الشؤْم فِي الدَّارِ والمرأَةِ فطارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وشِقَّةٌ فِي الأَرض
أَي كأَنها تفَرَّقَتْ وتقَطَّعَتْ قِطَعاً مِنْ شِدّة الغَضَبِ. وَفِي حَدِيثِ
عُرْوة: حتى تَطَايرتْ شُؤُون رَأْسه
أَي تَفَرَّقَتْ فَصَارَتْ قِطَعاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: فَقَدْنا رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقُلْنا اغْتِيلَ أَو اسْتُطِيرَ
أَي ذُهِبَ بِهِ بسُرْعَةٍ كأَنَّ الطيرَ حَمَلَتْه أَو اغْتالَهُ أَحَدٌ. والاسْتِطارَةُ والتَّطايُرُ: التفرُّقُ والذهابُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهُهُ: فأَطَرْتُ الحُلَّةَ بَيْنَ نِسَائي
أَي فَرَّقْتُها بَيْنهن وقَسّمتها فِيهِنَّ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ الْهَمْزَةُ أَصلية، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وتطايَرَ الشيءُ: طارَ وتفرَّقَ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذا كَانُوا هادئينَ ساكِنينَ: كأَنما على رؤوسهم الطَّيْرُ؛ وأَصله أَن الطَّيرَ لَا يَقَع إِلا عَلَى شَيْءٍ سَاكِنٍ مِنَ المَوَاتِ فضُرِبَ مثَلًا للإِنسان ووَقارِه وسكُونِه. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كأَنَّ على رؤوسِهم الطَّيرَ، إِذا سَكَنُوا مِنْ هَيْبةٍ، وأَصله أَن الغُراب يقَعُ عَلَى رأْسِ البَعيرِ فَيَلْتَقِطُ مِنْهُ الحَلَمَةَ والحَمْنانة، فَلَا يُحَرِّكُ البعيرُ رأْسَه لئلَّا يَنْفِر عَنْهُ الغُرابُ. ومن أَمثالهم في الخصْب وكثرةِ الْخَيْرِ قَوْلُهُمْ: هُوَ فِي شَيْءٍ لَا يَطِيرُ غُرَابُه. وَيُقَالُ: أُطِيرَ الغُرابُ، فَهُوَ مُطارٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقِدٍّ سَوْرةٌ ... فِي المَجْدِ، لَيْسَ غرابُها بمُطارِ
وَفُلَانٌ ساكنُ الطائِر أَي أَنه وَقُورٌ لَا حَرَكَةَ لَهُ مِنْ وَقارِه، حَتَّى كأَنه لَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ طائرٌ لَسَكَنَ ذَلِكَ الطائرُ، وَذَلِكَ أَن الإِنسان لَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ طائرٌ فَتَحَرَّكَ أَدْنى حركةٍ لفَرَّ ذَلِكَ الطائرُ وَلَمْ يسْكُن؛ وَمِنْهُ قَوْلِ
بَعْضِ أَصحاب النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنّا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكأَنَّ الطير فوقَ رؤوسِنا
أَي كأَنَّ الطيرَ وقَعَتْ فوق رؤوسِنا فنحْن نَسْكُن وَلَا نَتَحَرَّكَ خَشْيةً مِنْ نِفارِ ذَلِكَ الطَّيْرِ. والطَّيْرُ: الاسمُ مِنَ التَّطَيّر، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُ اللهِ، كَمَا يُقَالُ: لَا أَمْرَ إِلَّا أَمْرُ اللَّهِ؛ وأَنشد الأَصمعي، قَالَ: أَنشدناه الأَحْمر:
تَعَلَّمْ أَنه لَا طَيرَ إِلَّا ... عَلَى مُتَطيِّرٍ، وَهُوَ الثُّبورُ
بَلَى شَيءٌ يُوافِقُ بَعْضَ شيءٍ، ... أَحايِيناً، وباطلُه كَثِيرُ
وَفِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: كأَن على رؤوسهم الطَّيْرَ؛ وصَفَهم بالسُّكون وَالْوَقَارِ وأَنهم لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ طَيْشٌ وَلَا خِفَّةٌ. وَفِي فُلَانٍ طَيْرةٌ وطَيْرُورةٌ أَي خِفَّةٌ وطَيْشٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:(4/510)
وحِلْمُك عِزٌّ، إِذا مَا حَلُمْت، ... وطَيْرتُك الصابُ والحَنْظَلُ
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ازجُرْ أَحْناءَ طَيْرِك أَي جوانبَ خِفّتِك وطَيْشِك. والطائرُ: مَا تيمَّنْتَ بِهِ أَو تَشاءَمْت، وأَصله فِي ذِي الْجَنَاحِ. وَقَالُوا لِلشَّيْءِ يُتَطَيَّرُ بِهِ مِنَ الإِنسان وغيرِه. طائرُ اللهِ لَا طائرُك، فرَفَعُوه عَلَى إِرادة: هَذَا طائرُ اللَّهِ، وَفِيهِ مَعْنَى الدُّعَاءِ، وإِن شِئْتَ نَصَبْتَ أَيضاً؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَاهُ فِعْلُ اللهِ وحُكْمُه لَا فِعْلُك وَمَا تَتخوّفُه؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ طَيْرُ اللهِ لَا طَيْرُك وطَيْرَ اللَّهِ لَا طَيرَك وطائرَ اللَّهِ لَا طائرَك وصباحَ اللهِ لَا صَباحَك، قَالَ: يَقُولُونَ هَذَا كلَّه إِذا تَطَيَّرُوا مِنَ الإِنسانِ، النصبُ عَلَى مَعْنَى نُحِبّ طائرَ اللَّهِ، وَقِيلَ بِنَصْبِهِمَا عَلَى مَعْنَى أَسْأَلُ اللهَ طائرَ اللهِ لَا طائِرَك؛ قَالَ: والمصدرُ مِنْهُ الطِّيَرَة؛ وجَرَى لَهُ الطائرُ بأَمرِ كَذَا؛ وَجَاءَ فِي الشَّرِّ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ
؛ الْمَعْنَى أَلا إِنَّما الشُّؤْم الَّذِي يَلْحَقُهم هُوَ الَّذِي وُعِدُوا بِهِ فِي الْآخِرَةِ لَا مَا يَنالُهم فِي الدُّنْيا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: طائرُهم حَظُّهم قَالَ الأَعشى:
جَرَتْ لَهُمْ طَيرُ النُّحوسِ بأَشْأَم
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
زَجَرْت لَهُمْ طَيْرَ الشمالِ، فإِن تَكُن ... هَواكَ الَّذِي تَهْوى، يُصِبْك اجْتِنابُها
وَقَدْ تَطَيَّر بِهِ، وَالِاسْمُ الطيَرَةُ والطِّيْرَةُ والطُّورةُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الطائرُ عِنْدَ الْعَرَبِ الحَظُّ، وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ البَخْتَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الطائرُ مَعْنَاهُ عِنْدَهُمُ العمَلُ، وطائرُ الإِنسانِ عَمَلُه الَّذِي قُلِّدَه، وَقِيلَ رِزْقُه، والطائرُ الحَظُّ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ العَلاء الأَنصارية: اقْتَسَمْنا الْمُهَاجِرِينَ فطارَ لَنَا عثمانُ بْنُ مَظْعُون
أَي حَصَل نَصِيبنا مِنْهُمْ عثمانُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
رُوَيْفِعٍ: إِنْ كَانَ أَحَدُنا فِي زَمَانِ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيَطِير لَهُ النَّصْلُ وللآخَر القِدْح
؛ مَعْنَاهُ أَن الرجُلين كَانَا يَقْتَسِمانِ السَّهْمَ فَيَقَعُ لأَحدهما نَصْلُه وَلِلْآخَرِ قِدْحُه. وطائرُ الإِنسانِ: مَا حصَلَ لَهُ فِي علْمِ اللَّهِ مِمَّا قُدّرَ لَهُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
بالمَيْمونِ طائِرُه
؛ أَي بالمُبارَكِ حَظُّه؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَصله مِنَ الطَّيْرِ السانحِ والبارِحِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ
؛ قيل حَظُّه، وَقِيلَ عَمَلُه، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَا عَمِل مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ أَلْزَمْناه عُنُقَه إِنْ خَيْرًا فَخَيْرًا وإِن شَرًّا فَشَرًّا، وَالْمَعْنَى فِيمَا يَرَى أَهلُ النَّظَرِ: أَن لِكُلِّ امْرِئٍ الخيرَ والشرَّ قَدْ قَضاه اللَّهُ فَهُوَ لازمٌ عُنُقَه، وإِنما قِيلَ للحظِّ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ طائرٌ لِقَوْلِ الْعَرَبِ: جَرَى لَهُ الطائرُ بِكَذَا مِنَ الشَّرِّ، عَلَى طَرِيقِ الفَأْلِ والطِّيَرَةِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا كَانَ لَهُ سَبَبًا، فخاطَبَهُم اللهُ بِمَا يَسْتَعْمِلُونَ وأَعْلَمَهم أَن ذَلِكَ الأَمرَ الَّذِي يُسَمّونه
بِالطَّائِرِ يَلْزَمُه؛ وَقُرِئَ طائرَه وطَيْرَه، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا قِيلَ: عملُه خيرُه وشرُّه، وَقِيلَ: شَقاؤه وسَعادتُه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والأَصل فِي هَذَا كُلِّهِ أَن اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدمَ عَلِم قبْل خَلْقِه ذُرِّيَّتَه أَنه يأْمرهم بِتَوْحِيدِهِ وطاعتِه وَيَنْهَاهُمْ عَنْ معْصيته، وعَلِم المُطِيعَ مِنْهُمْ والعاصيَ الظالمَ لِنفْسه، فكتَبَ مَا علِمَه مِنْهُمْ أَجمعين وَقَضَى بِسَعَادَةِ مَنْ عَلِمَه مُطِيعاً، وشَقاوةِ مَنْ عَلِمَه عَاصِيًا، فَصَارَ لكلِّ مَنْ عَلِمه مَا هُوَ صائرٌ إِليه عِنْدَ حِسَابِه، فَذَلِكَ قولُه عَزَّ وَجَلَّ: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ
؛ أَي مَا طار له بَدْأً فِي عِلْم اللَّهِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ(4/511)
وعِلْمُ الشَّهادةِ عِنْدَ كَوْنِهم يُوافقُ علْمَ الْغَيْبِ، والحجةُ تَلْزَمهُم بِالَّذِي يَعْمَلُونَ، وَهُوَ غيرُ مُخالف لِمَا عَلِمَه اللهُ مِنْهُمْ قَبْلَ كَوْنِهم. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَطَرْتُ الْمَالَ وطَيَّرْتُه بينَ القومِ فطارَ لكلٍّ مِنْهُمْ سَهْمُه أَي صارَ لَهُ وَخَرَجَ لَدَيْه سَهْمُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يذكرُ ميراثَ أَخيه بَيْنَ ورَثَتِه وحِيازةَ كُلِّ ذِي سهمٍ مِنْهُ سَهْمَه:
تَطيرُ عَدائِد الأَشْراكِ شَفْعاً ... ووَتْراً، والزَّعامةُ لِلْغُلام
والأَشْرَاكُ: الأَنْصباءُ، واحدُها شِرْكٌ. وَقَوْلُهُ شَفْعًا وَوَتْرًا أَي قُسِم لَهُمْ لِلذَّكَرِ مثلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وخَلَصَت الرِّياسةُ والسِّلاحُ لِلذُّكُورِ مِنْ أَولاده. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ ثَمُودَ وتَشاؤُمهم بِنَبِيّهم الْمَبْعُوثِ إِليهم صالحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ، قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ
؛ مَعْنَاهُ مَا أَصابَكم مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ فَمِنَ اللَّهِ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ اطَّيَّرْنا تَشَاءَمْنا، وَهُوَ فِي الأَصل تَطَيَّرنا، فأَجابَهم اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: طائِرُكُمْ مَعَكُمْ
؛ أَي شُؤْمُكم معَكم، وَهُوَ كُفْرُهم، وَقِيلَ للشُؤْم طائرٌ وطَيْرٌ وطِيَرَة لأَن الْعَرَبَ كَانَ مِنْ شأْنها عِيافةُ الطَّيْرِ وزَجْرُها، والتَّطَيُّرُ بِبَارِحها ونَعِيقِ غُرابِها وأَخْذِها ذَاتَ اليَسارِ إِذا أَثارُوها، فَسَمَّوُا الشُّؤْمَ طَيْراً وَطَائِرًا وطِيرَةً لتشَاؤُمهم بِهَا، ثُمَّ أَعْلَم اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى لِسَانِ
رَسُولِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن طِيَرَتَهم بِهَا باطِلَةٌ. وَقَالَ: لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هامةَ
؛ وَكَانَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتفاءَلُ وَلَا يَتَطَيَّرُ
، وأَصْلُ الفَأْلِ الكلمةُ الحسَنةُ يَسْمعُها عَلِيلٌ فَيَتأَوَّلُ مِنْهَا مَا يَدُلّ عَلَى بُرْئِه كأَن سَمِع مُنَادِيًا نَادَى رَجُلًا اسْمُهُ سَالِمٌ، وَهُوَ عَليل، فأَوْهَمَه سلامَتَه مِنْ عِلّته، وَكَذَلِكَ المُضِلّ يَسْمع رَجُلًا يَقُولُ يَا واجدُ فيَجِدُ ضَالَّتَهُ؛ والطِّيَرَةُ مُضادّةٌ للفَأْلِ، وَكَانَتِ العربُ مَذهبُها فِي الفَأْلِ والطِّيَرَةِ واحدٌ فأَثبت النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الفَأْلَ واسْتَحْسَنه وأَبْطَلَ الطِّيَرَةَ ونَهَى عَنْهَا. والطِّيَرَةُ مِنِ اطَّيَّرْت وتطَيَّرت، وَمِثْلُ الطِّيَرة الخِيَرَةُ. الْجَوْهَرِيُّ تطَيَّرْت مِنَ الشَّيْءِ وَبِالشَّيْءِ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الطِّيَرَةُ، بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ، مِثَالُ العِنَبةِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ الياءُ، وَهُوَ مَا يُتَشاءمُ بِهِ مِنَ الفَأْل الردِيء. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُحِبُّ الفأْلَ ويَكْرَهُ الطِّيَرَةَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ مصدرُ تطَيَّر طِيَرَةً وتخَيَّر خِيَرَةً، قَالَ: وَلَمْ يَجِئْ مِنَ الْمَصَادِرِ هَكَذَا غَيْرُهُمَا، قَالَ: وأَصله فِيمَا يُقَالُ التطَيُّرُ بِالسَّوَانِحِ والبوارِح مِنَ الظبَاءِ والطَّيْرِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَانَ ذَلِكَ يَصُدُّهم عَنْ مقاصِدِهم فنَفاه الشرْعُ وأَبْطَلَه وَنَهَى عَنْهُ وأَخْبَر أَنه لَيْسَ لَهُ تأْثيرٌ فِي جَلْب نَفْع وَلَا دَفْع ضَرَرٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ثَلَاثَةٌ لَا يَسْلَم مِنْهَا أَحَدٌ: الطِّيَرَةُ والحَسَدُ: والظنُّ، قِيلَ: فَمَا نصْنعُ؟ قَالَ: إِذا تَطَيَّرْتَ فامْضِ، وإِذا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ، وإِذا ظَنَنْتَ فَلَا تُصَحِّحْ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ
؛ أَصله تَطَيّرنا فأُدْغمَتِ التَّاءُ فِي الطَّاءِ واجْتُلِبَت الأَلفُ لِيصحَّ الابتداءُ بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَمَا مِنّا إِلَّا ... وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُه بالتَّوَكُّل
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ الْحَدِيثُ مَقْطُوعًا وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُسْتَثْنَى أَي إِلا قَدْ يَعْتَرِيه التَّطيُّرُ ويَسْبِقُ إِلى قَلْبه الكراهةُ، فَحُذِفَ اخْتِصَارًا وَاعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِ السَّامِعِ؛ وَهَذَا كَحَدِيثِهِ الْآخَرِ:
مَا فِينَا إِلا مَنْ هَمَّ أَوْ لَمَّ إِلا يَحْيَى بْنَ زكَرِيّا
، فأَظْهَر الْمُسْتَثْنَى، وَقِيلَ: إِن قولَه
وَمَا مِنَّا إِلا
مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَدْرَجَه فِي الْحَدِيثِ،(4/512)
وإِنما جَعَل الطِّيَرَة مِنَ الشِّرك لأَنهم كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَن الطَّيْرَ تجْلُب لَهُمْ نَفْعًا أَو تَدْفَعُ عَنْهُمْ ضرَراً إِذا عَمِلُوا بِمُوجَبه، فكأَنهم أَشركوه مَعَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ، وقولُه: وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهبُه بِالتَّوَكُّلِ مَعْنَاهُ أَنه إِذا خَطَرَ لَهُ عارضُ التَّطيُّرِ فَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَسَلَّمَ إِليه وَلَمْ يَعْمَلْ بِذَلِكَ الخاطرِ غفَره اللَّهُ لَهُ وَلَمْ يُؤاخِذْه بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إياكَ وطِيراتِ الشَّباب
؛ أَي زلَّاتهم وعَثَراتهِم؛ جَمْعُ طِيرَة. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الحَدِيد السَّرِيعِ الفَيْئَةِ: إِنه لَطَيُّورٌ فَيُّورٌ. وَفَرَسٌ مُطارٌ: حديدُ الفُؤاد ماضٍ. والتَّطايُر والاسْتِطارةُ: التفرُّق. واسْتَطارَ الغُبارُ إِذا انْتَشر فِي الْهَوَاءِ. وغُبار طَيَّارٌ ومُسْتَطِير: مُنْتَشر. وصُبْحٌ مُسْتَطِير. ساطِعٌ مُنْتَشِرٌ، وَكَذَلِكَ البَرْق والشَّيْب والشرُّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً
. واسْتَطارَ الفجرُ وَغَيْرُهُ إِذا انْتَشَرَ فِي الأُفُق ضَوءُهُ، فَهُوَ مُسْتَطِير، وَهُوَ الصُّبْح الصَّادِقُ البيّنُ الَّذِي يُحَرِّم عَلَى الصَّائِمِ الأَكلَ والشربَ والجماعَ، وَبِهِ تَحُلُّ صَلَاةُ الْفَجْرَ، وَهُوَ الْخَيْطُ الأَبيض الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وأَما الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، بِاللَّامِ، فَهُوَ المُسْتَدقّ الَّذِي يُشَبَّه بذَنب السِّرْحان، وَهُوَ الْخَيْطُ الأَسود وَلَا يُحَرِّم عَلَى الصَّائِمِ شَيْئًا، وَهُوَ الصُّبْحُ الْكَاذِبُ عِنْدَ الْعَرَبِ. وَفِي حَدِيثِ السُّجُودِ وَالصَّلَاةِ ذكرُ الْفَجْرِ المُسْتَطِير، هُوَ الَّذِي انْتَشَرَ ضَوْءُهُ واعْتَرض فِي الأُفُقِ خِلَافَ الْمُسْتَطِيلِ؛ وَفِي حَدِيثِ
بَنِي قُرَيْظَةَ:
وهانَ عَلَى سَراةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ، بالبُوَيْرةِ، مُسْتَطِيرُ
أَي مُنْتَشِرٌ مُتَفَرِّقٌ كأَنه طارَ فِي نَوَاحِيهَا. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا ثارَ غضبُه: ثارَ ثائِرُه وطارَ طائِرُه وفارَ فائِرُه. وَقَدِ اسْتطارَ البِلى فِي الثَّوْبِ والصَّدْعُ فِي الزُّجاجة: تَبَيّن فِي أَجزائهما. واسْتَطارَت الزُّجاجةُ: تَبَيَّنَ فِيهَا الانصداعُ مِنْ أَوّلها إِلى آخِرِهَا. واسْتطارَ الحائطُ: انْصدَع مِنْ أَوله إِلى آخِرِهِ؛ واسْتطارَ فِيهِ الشَّقّ: ارْتَفَعَ. وَيُقَالُ: اسْتطارَ فلانٌ سَيْفَه إِذَا انْتَزَعه مِنْ غِمْدِه مُسْرعاً؛ وأَنشد:
إِذا اسْتُطِيرَتْ مِنْ جُفون الأَغْمادْ، ... فَقَأْنَ بالصَّقْع يَرابِيعَ الصادْ
واسْتطارَ الصَّدْعُ فِي الْحَائِطِ إِذا انْتَشَرَ فِيهِ. واسْتطارَ البَرْقُ إِذا انْتَشَرَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ. يُقَالُ: اسْتُطِيرَ فلانٌ يُسْتَطارُ اسْتِطارةً، فَهُوَ مُسْتَطار إِذا ذُغِرَ؛ وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
مَتَى مَا تَلْقَني، فَرْدَينِ، تَرْجُفْ ... رَوانِفُ أَلْيَتَيكَ وتُسْتطارا
واسْتُطِير الفرسُ، فَهُوَ مُسْتَطارٌ إِذا أَسْرَع الجَرْيَ؛ وَقَوْلُ عَدِيٍّ:
كأَنَّ رَيِّقَه شُؤْبُوبُ غادِيةٍ، ... لَمَّا تَقَفَّى رَقِيبَ النَّقْعِ مُسْطارا
قِيلَ: أَراد مُسْتَطاراً فَحَذَفَ التَّاءَ، كَمَا قَالُوا اسْطَعْت واسْتَطَعْت. وتَطايَرَ الشيءُ: طَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خُذْ مَا تَطايَرَ مِنْ شَعرِك
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ شَعرِ رأْسِك
؛ أَي طَالَ وَتَفَرَّقَ. واسْتُطِير الشيءُ أَي طُيِّر؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا الغُبارُ المُسْتطارُ انْعَقّا
وكلبٌ مُسْتَطِير كَمَا يُقَالُ فَحْلٌ هائِجٌ. وَيُقَالُ أَجْعَلَت الكلبةُ واسْتطارت إِذا أَرادت الفحلَ. وَبِئْرٌ مَطارةٌ: واسعةُ الفَمِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:(4/513)
كأَنّ حَفِيفَها، إِذ بَرّكوها، ... هُوِيّ الرِّيحِ فِي جَفْرٍ مَطارِ
وطَيّر الفحلُ الإِبلَ: أَلْقَحها كلَّها، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ إِذا أَعْجَلت اللَّقَحَ؛ وَقَدْ طَيَّرَت هِيَ لَقَحاً ولَقاحاً كَذَلِكَ أَي عَجِلت باللِّقاح، وَقَدْ طارَتْ بِآذَانِهَا إِذا لَقِحَتْ، وإِذا كَانَ فِي بَطْنِ النَّاقَةِ حَمْل، فَهِيَ ضامِنٌ ومِضْمان وضَوامِنُ ومَضامِينُ، وَالَّذِي فِي بَطْنِهَا ملقوحةٌ وَمَلْقُوحٌ؛ وأَنشد:
طَيّرها تعَلُّقُ الإِلْقاح، ... فِي الهَيْجِ، قَبْلَ كلَبِ الرِّياحِ
وطارُوا سِراعاً أَي ذَهَبُوا. ومَطارِ ومُطارٌ، كِلَاهُمَا: مَوْضِعٌ؛ وَاخْتَارَ ابْنُ حَمْزَةَ مُطاراً، بِضَمِّ الْمِيمِ، وَهَكَذَا أَنشد، هَذَا الْبَيْتَ:
حَتَّى إِذا كَانَ عَلَى مُطار
وَالرِّوَايَتَانِ جَائِزَتَانِ مَطارِ ومُطار، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَطَرَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مُطار وَادٍ فِيمَا بَيْنَ السَّراة وَبَيْنَ الطَّائِفِ. والمُسْطارُ مِنَ الْخَمْرِ: أَصله مُسْتَطار فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ. وتَطايَرَ السحابُ فِي السَّمَاءِ إِذا عَمّها. والمُطَيَّرُ: ضَرْبٌ مِنَ البُرود؛ وَقَوْلُ العُجَير السَّلُولِيِّ:
إِذا مَا مَشَتْ، نَادَى بِمَا فِي ثِيابها، ... ذَكِيٌّ الشَّذا، والمَنْدَليُّ المُطيَّرُ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُطَيَّر هُنَا ضربٌ مِنْ صَنْعَتِهِ، وَذَهَبَ ابْنُ جِنِّي إِلى أَن المُطَيَّر الْعُودُ، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ بَدَلًا مِنَ المَنْدليِّ لأَن الْمَنْدَلِيَّ العُود الْهِنْدِيُّ أَيضاً، وَقِيلَ: هُوَ مَقْلُوبٌ عَنِ المُطَرَّى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبني؛ وَقِيلَ: المُطَيَّر المشقَّق المكسَّر، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المَنْدَليّ مَنْسُوبٌ إِلى مَنْدَل بَلَدٌ بِالْهِنْدِ يُجْلَبُ مِنْهُ الْعُودُ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَة:
أُحِبُّ الليلَ أَنّ خَيالَ سَلْمى، ... إِذا نِمْنا، أَلمَّ بِنَا فَزارا
كأَنّ الرَّكْبَ، إِذ طَرَقَتْكَ، بَاتُوا ... بمَنْدَلَ أَو بِقارِعَتَيْ قِمَارا
وقِمار أَيضاً: مَوْضِعٌ بِالْهِنْدِ يُجْلَبُ مِنْهُ العُود. وطارَ الشَّعْرُ: طالَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
طِيرِي بِمِخْراقٍ أَشَمَّ كأَنه ... سَلِيمُ رِماحٍ، لَمْ تَنَلْه الزَّعانِفُ
طِيرِي أَي اعْلَقي بِهِ. ومِخْراق: كَرِيمٌ لَمْ تَنَلْهُ الزَّعَانِفُ أَي النِّسَاءُ الزَّعَانِفُ، أَي لَمْ يَتزوّج لَئِيمَةً قَطُّ. سَلِيم رِماح أَي قَدْ أَصابته رماحٌ مِثْلُ سَلِيم الْحَيَّةِ. والطائرُ: فَرَسُ قَتَادَةَ بْنِ جَرِيرٍ. وَذُو المَطارة: جَبَلٌ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
رَجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنانِ فَرسه فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَطِير عَلَى مَتْنِه
؛ أَي يُجْرِيه فِي الْجِهَادِ فَاسْتَعَارَ لَهُ الطَيرانَ. وَفِي حَدِيثِ
وابِصَة: فَلَمَّا قُتل عُثْمَانُ طارَ قَلْبي مَطارَه
أَي مَالَ إِلى جِهَةٍ يَهواها وَتَعَلَّقَ بِهَا. والمَطارُ: مَوْضِعُ الطيَرانِ.
فصل الظار المعجمة
ظأر: الظِّئْرُ، مَهْمُوزٌ: العاطفةُ عَلَى غَيْرِ وَلَدِهَا المرْضِعةُ لَهُ مِنَ النَّاسِ والإِبل، الذكرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَالْجَمْعُ أَظْؤُرٌ وأَظْآرٌ وظُؤُورٌ وظُؤَار، عَلَى فُعال بِالضَّمِّ؛ الأَخيرة مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ، وظُؤْرةٌ وَهُوَ عِنْدُ سِيبَوَيْهِ اسْمٌ لِلْجَمْعِ كفُرْهةٍ لأَن فِعْلًا لَيْسَ مِمَّا يُكَسَّر عَلَى فُعْلةٍ عِنْدَهُ؛ وَقِيلَ: جَمْعُ الظِّئْر مِنَ الإِبل ظُؤارٌ، ومن النساء ظُؤُورة. وناقةٌ ظَؤُور: لَازِمَةٌ للفَصِيل أَو البَوِّ؛ وَقِيلَ:(4/514)
مَعْطُوفَةٌ عَلَى غَيْرِ وَلَدِهَا، وَالْجَمْعُ ظُؤَارٌ، وَقَدْ ظَأَرها عَلَيْهِ يَظْأَرُها ظَأْراً وظِئاراً فاظّأَرَت، وقد تكون الظُّؤُورةُ الَّتِي هِيَ الْمَصْدَرُ فِي المرأَة؛ وَتَفْسِيرُ يَعْقُوبَ لِقَوْلِ رُؤْبَةُ:
إِن تَمِيماً لَمْ يُراضَع مُسْبَعا
بأَنه لَمْ يُدْفَع إِلى الظُّؤُورة، يجوز أَن تكون الظؤورة هُنَا مَصْدَرًا وأَن تَكُونَ جَمْعَ ظِئْرٍ، كَمَا قَالُوا الفُحُولة والبُعُولة. وَتَقُولُ: هَذِهِ ظِئْرِي، قَالَ: والظِّئْرُ سواءٌ فِي الذَّكَرِ والأُنثى مِنَ النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ذَكَر ابنَه إِبراهيم، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: إِن لَهُ ظِئْراً فِي الْجَنَّةِ
؛ الظِّئْرُ: المُرْضِعة غَيْرَ وَلدها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سَيْفٍ القَيْنِ: ظِئْر إِبراهيم ابْنِ النَّبِيِّ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَالصَّلَاةُ
، وَهُوَ زَوْجُ مُرْضِعته؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الشَّهيدُ تَبْتَدِرهُ زَوْجَتاه كظِئْرَيْنِ أَضَلَّتا فَصِيلَيهما.
وفي حديث
عمرو: سأَله رَجُلٌ فأَعطاه رُبَعَةً مِنَ الصَّدَقَةِ يَتْبَعُها ظِئْراها
أَي أُمُّها وأَبوها. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الظأْرُ أَن تُعْطَفَ الناقةُ وَالنَّاقَتَانِ وأَكثرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى فَصِيل وَاحِدٍ حَتَّى تَرْأَمَه وَلَا أَوْلادَ لَهَا وإِنما يَفْعَلُونَ ذَلِكَ ليَستَدرُّوها بِهِ وإِلا لَمْ تَدِرّ؛ وَبَيْنَهُمَا مُظاءَرةٌ أَي أَن كلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ظِئْرٌ لِصَاحِبِهِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: ظَأَرْتُ الناقةَ عَلَى وَلَدِهَا ظَأْراً، وَهِيَ ناقة مَظْؤُورة إِذا عَطَفْتَهَا عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
ظَأَرَتْهمُ بِعَصاً، ويا ... عَجَباً لِمَظْؤُورٍ وظائرْ
قَالَ: والظِّئْرُ فِعْل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، والظَّأْر مَصْدَرٌ كالثِّنْيِ والثَّنْي، فالثِّنْيُ اسْمٌ للمَثْنِيّ، والثَّنْيُ فِعْل الثَّانِي، وَكَذَلِكَ القِطْفُ، والقَطْفُ والحِمْلُ والحَمْل. الْجَوْهَرِيُّ: وظأَرَت الناقةُ أَيضاً إِذا عَطفَت عَلَى البَوِّ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى، فهي ظَؤُورٌ. وظاءَرَت المرأَةُ، بِوَزْنِ فاعَلَت: اتَّخَذَتْ وَلَدًا تُرْضِعه؛ واظّأَرَ لِوَلَدِهِ ظِئْراً: اتَّخَذَهَا. وَيُقَالُ لأَبي الْوَلَدِ لِصُلْبه: هُوَ مُظائرٌ لِتِلْكَ المرأَة. وَيُقَالُ: اظّأَرْتُ لِولدي ظئْراً أَي اتَّخَذْتُ، وَهُوَ افْتَعَلْتُ، فأُدْغِمت الطَّاءُ فِي بَابِ الِافْتِعَالِ فحُوِّلَت ظَاءً لأَن الظَّاءَ مِنْ فِخام حُرُوفِ الشجْر الَّتِي قُلِبَتْ مَخَارِجُهَا مِنَ التَّاءِ، فضَمُّوا إِليها حَرْفًا فَخْماً مِثْلَهَا لِيَكُونَ أَيسر عَلَى اللِّسَانِ لتَبايُنِ مَدْرجة الْحُرُوفِ الفِخام مِنْ مَدَارِجِ الْحُرُوفِ الفُخْتِ، وَكَذَلِكَ تَحْوِيلُ تِلْكَ التَّاءِ مَعَ الضَّادِ وَالصَّادِ طَاءً لأَنهما مِنَ الْحُرُوفِ الفِخَام، وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي اظّلَم. وَيُقَالُ: ظَأَرَني فُلَانٌ عَلَى أَمر كَذَا وأَظْأَرَني وظاءَرَني عَلَى فاعَلني أَي عطفَني. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَنْ أَمثالهم فِي الإِعطاء مِنَ الْخَوْفِ قَوْلُهُمْ: الطَّعْنُ يَظْأَرُ أَي يَعْطِف عَلَى الصُّلْح. يَقُولُ: إِذا خافَك أَن تَطْعَنَه فَتَقْتُلَه، عطفَه ذَلِكَ عليكَ فجادَ بمالِه لِلْخَوْفِ حِينَئِذٍ. أَبو زَيْدٍ: ظأَرْت مُظاءرةً إِذا اتخذْت ظِئْراً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَالُوا الطَّعْنُ ظِئارُ قومٍ، مُشْتَقّ مِنَ النَّاقَةِ يُؤْخَذُ عَنْهَا ولدُها فتُظْأَرُ عَلَيْهِ إِذا عَطفوها عَلَيْهِ فتُحِبّه وتَرْأَمُه؛ يَقُولُ: فأَخِفْهُمْ حَتَّى يُحِبّوك. الْجَوْهَرِيُّ: وَفِي الْمَثَلِ: الطَّعْنُ يُظْئِرُه أَي يَعْطِفه عَلَى الصُّلْح. قَالَ الأَصمعي: عَدْوٌ ظَأْرٌ إِذا كَانَ مَعَهُ مثلُه، قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ مَعَ شَيْءٍ مِثْلِهِ، فَهُوَ ظَأْرٌ؛ وَقَوْلُ الأَرقط يَصِفُ حُمُراً:
تَأْنيفُهُنَّ نَقَلٌ وأَفْرُ، ... والشَّدُّ تاراتٍ وعَدْوٌ ظَأْرُ
التأْنيف: طلبُ أُنُفِ الكَلإِ؛ أَراد: عِنْدَهَا صَوْنٌ مِنَ العَدْوِ لَمْ تَبْذِله كلَّه، وَيُقَالُ للرُّكْن مِنْ أَركان(4/515)
القَصْر: ظِئْرٌ، والدِّعامةُ تُبنى إِلى جَنْب حائطٍ ليُدْعَم عَلَيْهَا: ظِئرةٌ. وَيُقَالُ للظئْرِ: ظَؤُورٌ، فَعُول بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَقَدْ يُوصَفُ بالظُّؤَارِ الأَثافيّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والظُّؤَار الأَثافيُّ شُبِّهَت بالإِبِل لتعطُّفِها حَوْلَ الرماد؛ قال:
سُفْعاً ظُؤَاراً حَوْلَ أَوْرَقَ جاثمٍ، ... لَعِلَ الرِّياحُ بتُرْبِه أَحْوالا
وظأَرَني عَلَى الأَمر راوَدَني. اللَّيْثُ: الظَّؤُورُ مِنَ النُّوقِ الَّتِي تَعْطِف عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا أَو عَلَى بَوٍّ؛ تَقُولُ: ظُئِرت فاظَّأَرتْ، بالظاء، فهي ظَؤُورٌ ومَظْؤُورةٌ، وجمع الظَّؤُور أَظْآرٌ وظُؤَارٌ؛ قَالَ مُتَمِّمٌ:
فَمَا وَجْدُ أَظْآرٍ ثلاثٍ رَوائمٍ، ... رَأَينَ مَخَرّاً مِنْ حُوَارٍ ومَصْرَعا
وَقَالَ آخَرُ فِي الظُّؤَار:
يُعَقِّلُهنّ جَعْدةُ مِنْ سُلَيمٍ، ... وبِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الظؤارِ
والظِّئَارُ: أَن تعالِجَ الناقةَ بالغِمامةِ فِي أَنفِها لِكيْ تَظْأَر. ورُوي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنه اشْتَرَى نَاقَةً فرأَى فِيهَا تَشْريمَ الظِّئارِ فرَدَّها؛ وَالتَّشْرِيمُ: التَّشْقِيقُ. والظِّئارُ: أَن تُعْطَفَ الناقةُ عَلَى وَلَدِ غَيْرِهَا، وَذَلِكَ أَن يُشَدَّ أَنْفُ النَّاقَةِ وعَيْناها وتُدَسَّ دُرْجةٌ مِنَ الخِرَق مَجْمُوعَةٌ فِي رَحِمِها، ويَخُلُّوه بِخلالَين، وتُجَلّل بغِمامة تَسْتُر رأْسها، وتُتْرَك كَذَلِكَ حَتَّى تَغُمَّها، وتَظُنَّ أَنها قَدْ مُخِضَت لِلْوِلَادَةِ ثُمَّ تُنْزع الدُّرْجة مِنْ حَيَائِهَا، ويُدْنى حُوارُ ناقةٍ أُخرى مِنْهَا قَدْ لُوِّثَ رأْسُه وجلدُه بِمَا خَرَجَ مَعَ الدُّرْجة مِنْ أَذى الرحِم؛ ثُمَّ يَفْتَحُونَ أَنفَها وعينَها، فإِذا رأَت الحُوارَ وشَمَّته ظنَّت أَنها ولدَتْه إِذا شافَتْه فَتَدِرّ عَلَيْهِ وتَرْأَمُه، وإِذا دُسَّت الدُّرجةُ فِي رَحِمِهَا ضُمَّ مَا بَيْنَ شُفْرَي حَيَائِهَا بسَيْرٍ، فأَراد بِالتَّشْرِيمِ مَا تخرَّق من شُفْريها؛ قال الشَّاعِرُ:
وَلَمْ تَجْعَلْ لَهَا دُرَج الظِّئَارِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
وَمَنْ ظَأَرَه الإِسلامُ
؛ أَي عطفَه عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَظأَرُكم إِلى الحَقّ وأَنتم تفِرّون مِنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ
صَعْصَعَةَ بْنِ نَاجِيَةَ جَدِّ الْفَرَزْدَقِ: قَدْ أَصَبْنا ناقَتيْك ونَتَجْناهما وظَأَرْناهما عَلَى أَولادهما.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه كَتَبَ إِلى هُنَيّ وَهُوَ فِي نَعَمِ الصَّدَقَةِ: أَن ظاوِر؛ قَالَ: فَكُنَّا نَجْمَعُ النَّاقَتَيْنِ والثلاثَ عَلَى الرُّبَعِ الْوَاحِدِ ثُمَّ نَحْدُرها إِليه.
قَالَ شَمِرٌ: الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ظائِرْ، بِالْهَمْزِ، وَهِيَ المُظاءَرةُ. والظِّئارُ: أَن تُعْطَفَ الناقةُ إِذا مَاتَ ولدُها أَو ذُبِح عَلَى وَلَدِ الأُخرى. قَالَ الأَصمعي: كَانَتِ الْعَرَبُ إِذا أَرادت أَن تُغِيرَ ظاءَرَت، بِتَقْدِيرِ فاعَلَت، وَذَلِكَ أَنهم يُبْقُون اللبنَ ليَسْقوه الخيلَ. قَالَ الأَزهري: قرأْت بِخَطِّ أَبي الْهَيْثَمِ لأَبي حَاتِمٍ فِي بَابِ الْبَقَرِ: قَالَ الطائِفِيّون إِذا أَرادت البقرةُ الفحلَ، فَهِيَ ضَبِعَة كَالنَّاقَةِ، وَهِيَ ظُؤْرَى، قَالَ: وَلَا فِعْلَ للظُّؤْرَى. ابْنُ الأَعرابي: الظُّؤْرةُ الدايةُ، والظُّؤْرةُ المُرْضِعة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قرأْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ اسْتَظْأَرَت الْكَلْبَةُ، بِالظَّاءِ، أَي أَجْعَلَت واسْتَحْرَمت؛ وَفِي كِتَابِ أَبي الْهَيْثَمِ فِي الْبَقَرِ: الظُّؤْرى مِنَ الْبَقَرِ وَهِيَ الضَّبِعةُ. قَالَ الأَزهري: وَرَوَى لَنَا الْمُنْذِرِيُّ فِي كِتَابِ الْفُرُوقِ: اسْتَظْأَرت الكلبةُ إِذا هَاجَتْ، فَهِيَ مُسْتَظْئرة، قَالَ: وأَنا وَاقِفٌ فِي هَذَا.(4/516)
ظرر: الظِّرُّ والظُّرَرَةُ والظُّرَرُ: الحَجَرُ عَامَّةً، وَقِيلَ: هُوَ الْحَجَرُ المُدَوّر، وَقِيلَ: قِطْعَةُ حَجَرٍ لَهُ حَدّ كحدِّ السِّكِّينِ، وَالْجَمْعُ ظِرَّان وظُرَّان. قَالَ ثَعْلَبٌ: ظُرَر وظِرَّان كجُرَذٍ وجِرْذانٍ، وَقَدْ يَكُونُ ظِرّان وظُرّان جَمْعُ ظِرٍّ كَصِنْوٍ وصِنْوان وذِئْب وَذُؤْبَانٍ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن عدِيّ بْنَ حَاتِمٍ سأَله فَقَالَ: إِنَّا نَصيدُ الصَّيْدَ وَلَا نَجِدُ مَا نُذَكِّي بِهِ إِلَّا الظِّرَارَ وشِقّةَ العَصا، قَالَ: امْرِ الدمَ بِمَا شئْت.
قَالَ الأَصمعي: الظِّرَارُ وَاحِدُهَا ظُرَرٌ، وَهُوَ حَجَرٌ مُحَدَّدٌ صُلْب، وجمعُه ظِرَارٌ، مِثْلُ رُطَب ورِطَابٍ، وظِرَّانٌ مِثْلُ صُرَدٍ وصِرْدان؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بجَسْرةٍ تَنْجُل الظِّرَّانَ ناجِيةً، ... إِذا تَوقَّدَ فِي الدَّيْموسةِ الظُّرَرُ
وَفِي حَدِيثِ
عَدِيٍّ أَيضاً: لَا سكِّينَ إِلَّا الظِّرَّانُ
، وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى أَظِرَّة؛ وَمِنْهُ:
فأَخذت ظُرَراً مِنَ الأَظِرَّة فذَبَحْتُها بِهِ.
شَمِرٌ: المَظَرّة فلْقة مِنَ الظِّرَّان يُقْطَعُ بِهَا، وَقَالَ: ظَرِير وأَظِرَّة، وَيُقَالُ ظُرَرَةٌ واحدةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الظِّرُّ حَجَر أَمْلَس عَرِيضٌ يَكسره الرجل فيَجْزِر الجَزورَ وَعَلَى كُلِّ لَوْنٍ يَكُونُ الظُّرَر، وَهُوَ قَبْلَ أَن يُكسر ظُرَرٌ أَيضاً، وَهِيَ فِي الأَرض سَلِيل وصَفائحُ مِثْلُ السُّيُوفِ. والسَّلِيل الْحَجَرُ الْعَرِيضُ؛ وأَنشد:
تَقِيه مَظارِيرَ الصُّوى مِنْ نِعَالِهِ؛ ... بسورٍ تُلحِّيه الْحَصَى، كنَوى القَسْبِ
وأَرض مَظِرَّة، بِكَسْرِ الظَّاءِ: ذاتُ حِجَارَةٍ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: ذَاتُ ظِرَّان. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ: أَرى أَرضاً مَظَرَّةً، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالظَّاءِ، ذَاتَ ظِرَّان. والظَّرِيرُ: نَعْتُ الْمَكَانِ الحَزْن. والظَّرِيرُ: الْمَكَانُ الْكَثِيرُ الْحِجَارَةِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والظَّرِيرُ: العلَمُ الَّذِي يُهْتدَى بِهِ، وَالْجَمْعُ أَظِرَّةٌ وظُرَّانٌ، مِثْلُ أَرْغْفِة ورُغْفانٍ. التَّهْذِيبَ: والأَظِرَّةُ مِنَ الأَعلام الَّتِي يُهْتَدَى بِهَا مِثْلُ الأَمِرَّة، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مَمْطوراً «2» . صُلْباً يُتَّخذُ مِنْهُ الرَّحى. والظُّرَرُ والمَظَرَّةُ: الْحَجَرُ يُقْطَعُ بِهِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ ظَرَرْتُ مَظَرَّةً، وَذَلِكَ أَن النَّاقَةَ إِذا أَبْلَمت، وَهُوَ دَاءٌ يأْخذها فِي حَلْقة الرَّحِمِ، فيَضِيق فيأْخذ الرَّاعِي مَظَرَّةً ويُدْخل يدَه فِي بَطْنِهَا مِنْ ظَبْيَتها ثُمَّ يَقْطَعُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كالثُّؤْلولِ، وَهُوَ مَا أَبْلم فِي بَطْنِ النَّاقَةِ، وظَرَّ مَظَرَّةً: قَطَعَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْمَثَلِ: أَظِرِّي فإِنك نَاعِلَةٌ أَي ارْكَبِي الظُّرَرَ، وَالْمَعْرُوفُ بِالطَّاءِ، وَقَدْ تقدم.
ظفر: الظُّفْرُ والظُّفُرُ: مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ أَظْفارٌ وأُظْفورٌ وأَظافيرُ، يَكُونُ للإِنسان وَغَيْرِهِ، وأَما قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:
كُلُّ ذِي ظِفْر
، بِالْكَسْرِ، فَشَاذٌّ غَيْرُ مأْنوسٍ بِهِ إِذ لَا يُعْرف ظِفْر، بالكسر، وقالوا: الظُّفْر لِمَا لَا يَصِيد، والمِخْلَبُ لِمَا يَصِيد؛ كُلُّهُ مُذَكَّرٌ صَرَّحَ بِهِ اللِّحْيَانِيُّ، وَالْجَمْعُ أَظفار، وَهُوَ الأُظْفُورُ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ أَظافيرُ، لَا عَلَى أَنه جَمْعُ أَظفار الَّذِي هُوَ جَمْعُ ظُفْر لأَنه لَيْسَ كُلُّ جَمْعٍ يُجْمَعُ، وَلِهَذَا حَمَلَ الأَخفش قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:
فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ
، عَلَى أَنه جَمْعُ رَهْن ويُجَوّز قِلَّته لِئَلَّا يضْطَرَّه إِلى ذَلِكَ أَن يَكُونَ جمعَ رِهانٍ الَّذِي هُوَ جمعُ رَهْنٍ، وأَما مَنْ لَمْ يَقُلْ إِلَّا ظُفْر فإِن أَظافِيرَ عِنْدَهُ مُلْحَقةٌ بِبَابِ دُمْلوج، بِدَلِيلِ مَا انْضَافَ إِليها مِنْ زِيَادَةِ الْوَاوِ مَعَهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا مَذْهَبُ بَعْضِهِمْ. اللَّيْثُ: الظُّفْر ظُفْر الأُصبع وظُفْر الطَّائِرِ، والجمع الأَظفار، وجماعة
__________
(2) . قوله: [ممطوراً] بهامش الأَصل ما نصه: صوابه ممطولًا(4/517)
الأَظْفار أَظافِيرُ، لأَن أَظفاراً بِوَزْنِ إِعْصارٍ، تَقُولُ أَظافِيرُ وأَعاصيرُ، وإِنْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الأَشعار جَازَ وَلَا يُتَكلّم بِهِ بِالْقِيَاسِ فِي كُلِّ ذَلِكَ سَوَاءٌ غَيْرَ أَن السَّمْعَ آنَسُ، فإِذا وَرَدَ عَلَى الإِنسان شَيْءٌ لَمْ يَسْمَعْهُ مُسْتَعْمَلًا فِي الْكَلَامِ اسْتوحَشَ مِنْهُ فَنَفَر، وَهُوَ فِي الأَشعار جيّدٌ جَائِزٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ
؛ دَخَلَ فِي ذِي الظُّفْرِ ذواتُ الْمَنَاسِمِ مِنَ الإِبل والنعامِ لأَنها كالأَظْفار لَهَا. وَرَجُلٌ أَظْفَرُ: طَوِيلُ الأَظفار عريضُها، وَلَا فَعْلاء لَهَا مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ، ومَنْسِم أَظْفَرُ كَذَلِكَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بأَظْفَرَ كالعَمُودِ إِذا اصْمَعَدّتْ ... عَلَى وَهَلٍ، وأَصفَرَ كالعَمُودِ
والتَّظْفيرُ: غَمْزُ الظُّفْرِ فِي التُّفَّاحة وَغَيْرِهَا. وظَفَرَه يَظْفِرُه وظَفَّرَه واظَّفَرَه: غرزَ فِي وَجْهه ظُفْرَه. ويقال: ظَفَّرَ فلانٌ فِي وَجْهِ فلانٍ إِذا غَرَزَ ظُفْرَه فِي لَحْمِهِ فعَقَره، وَكَذَلِكَ التَّظْفِيرُ فِي القِثَّاء والبطِّيخ. وكلُّ مَا غَرَزْت فِيهِ ظُفْرَك فشَدَخْتَه أَو أَثّرْتَ فِيهِ، فَقَدْ ظَفَرْته؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لخَنْدَق بْنِ إِياد:
وَلَا تُوَقّ الحَلْقَ أَن تَظَفّرَا
واظّفَرَ الرجلُ واطَّفَر أَي أَعْلَقَ ظُفْرَه، وَهُوَ افْتَعَلَ فأَدغم؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ بَازِيًا:
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ ... أَبْصَرَ خِرْبانَ فَضاءٍ فَانْكَدَرْ
شاكِي الكَلالِيبِ إِذا أَهْوَى اظَّفَرْ
الكَلالِيبُ: مَخالِيبُ الْبَازِي، الْوَاحِدُ كَلّوب. وَالشَّاكِي: مأْخوذ مِنَ الشَّوْكةِ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ، أَي حادُّ المَخالِيبِ. واظّفَرَ أَيضاً: بِمَعْنَى ظَفِرَ بِهِمْ. وَرَجُلٌ مُقلَّم الظُّفْرِ عَنِ الأَذَى وكَلِيل الظُّفْرِ عَنِ العِدَى، وَكَذَلِكَ عَلَى الْمَثَلِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِنه لمَقْلُومُ الظُّفُرِ أَي لَا يُنْكي عَدُوّاً؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:
لَسْتُ بالفَانِي وَلَا كَلِّ الظُّفُرْ
وَيُقَالُ للمَهين: هُوَ كَليلُ الظُّفُرِ. وَرَجُلٌ أَظْفَرُ بَيِّن الظُّفُرِ إِذا كَانَ طويلَ الأَظْفارِ، كَمَا تَقُولُ رَجُلٌ أَشْعَرُ طَوِيلُ الشَّعْرِ. ابْنُ سِيدَهْ: والظُّفْرُ ضَرْبٌ مِنَ العِطْر أَسْوَدُ مُقْتَلَفٌ مِنْ أَصله عَلَى شَكْلِ ظُفْر الإِنسان، يُوضَعُ فِي الدُّخْنَةِ، وَالْجَمْعُ أَظْفارٌ وأَظافِيرُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: لَا وَاحِدَ لَهُ، وَقَالَ الأَزهري: لَا يُفْرَدُ مِنْهُ الْوَاحِدُ، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَظْفارةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ بِجَائِزٍ فِي الْقِيَاسِ، وَيَجْمَعُونَهَا عَلَى أَظافِيرَ، وَهَذَا فِي الطِّيب، وإِذا أُفرد شَيْءٌ مِنْ نَحْوِهَا يَنْبَغِي أَن يَكُونَ ظُفْراً وفُوهاً، وَهُمْ يَقُولُونَ أَظفارٌ وأَظافِيرُ وأَفْواهٌ وأَفاوِيهُ لِهَذَيْنِ العِطْرَينِ. وظَفَّرَ ثَوبه: طيَّبَه بالظُّفْر. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ عَطِيَّةَ: لَا تَمَسّ المُحِدّ إِلَّا نُبْذَةً مِنْ قُسْطِ أَظفارٍ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ قُسْطٍ وأَظفار
؛ قَالَ: الأَظْفارُ جِنْسٌ مِنَ الطِّيب، لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَقِيلَ: وَاحِدَةُ ظُفْر، وَهُوَ شَيْءٌ مِنَ العِطْر أَسود والقطعةُ مِنْهُ شبيهةٌ بالظُّفْرِ. وظَفَّرَت الأَرض: أَخْرجت مِنَ النَّبَاتِ مَا يُمْكِنُ احْتِفَارُهُ بالظُّفْرِ. وظَفَّرَ العَرْفَجُ والأَرْطى: خَرَجَ مِنْهُ شِبهُ الأَظفار وَذَلِكَ حِينَ يُخَوِّصُ. وظَفَّرَ البَقْلُ: خَرَجَ كأَنه أَظفارُ الطَّائِرِ. وظَفَّرَ النَّصِيُّ والوَشِيجُ والبَرْدِيُّ والثُّمامُ والصِّلِّيَانُ والعَرَزُ والهَدَبُ إِذا خَرَجَ لَهُ عُنْقُرٌ أَصفر كالظُّفْرِ، وَهِيَ خُوصَةٌ تَنْدُرُ مِنْهُ فِيهَا نَوْرٌ أَغبر. الْكِسَائِيُّ: إِذا طَلَعَ النَّبْتُ قِيلَ: قَدْ ظَفَّرَ تَظْفِيراً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ مأْخوذ مِنَ الأَظْفارِ.(4/518)
الْجَوْهَرِيُّ: والظَّفَرُ مَا اطْمَأَنَّ مِنَ الأَرض وأَنبت. وَيُقَالُ: ظَفَّرَ النبتُ إِذا طَلَعَ مِقْدَارَ الظُّفْرِ. والظُّفْرُ والظَّفَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: دَاءٌ يَكُونُ فِي الْعَيْنِ يَتَجَلَّلُها مِنْهُ غاشِيةٌ كالظُّفْرِ، وَقِيلَ: هِيَ لُحْمَةٌ تَنْبُتُ عِنْدَ المَآقي حَتَّى تَبْلُغَ السَّوَادَ وَرُبَّمَا أَخَذَت فِيهِ، وَقِيلَ: الظَّفَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ، جُلَيْدَة تُغَشِّي العينَ تَنْبُتُ تِلْقَاءَ المَآقي وَرُبَّمَا قُطعت، وإِن تُركت غَشِيَتْ بَصر الْعَيْنِ حَتَّى تَكِلَّ، وَفِي الصِّحَاحِ: جُلَيْدة تُغَشِّي الْعَيْنَ نَابتة مِنَ الْجَانِبِ الَّذِي يَلِي الأَنف عَلَى بَيَاضِ الْعَيْنِ إِلى سوادهَا، قَالَ: وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا ظُفْرٌ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. وَفِي
صِفَةِ الدَّجَّالِ: وَعَلَى عَيْنِهِ ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ
، بِفَتْحِ الظَّاءِ وَالْفَاءِ، وَهِيَ لَحْمَةٌ تَنْبُتُ عِنْدَ المَآقي وَقَدْ تَمْتَدُّ إِلى السَّوَادِ فتُغَشِّيه؛ وَقَدْ ظَفِرَتْ عينُه، بِالْكَسْرِ، تَظْفَرُ ظَفَراً، فَهِيَ ظَفِرَةٌ. وَيُقَالُ ظُفِرَ فلانٌ، فَهُوَ مَظْفُورٌ؛ وَعَيْنٌ ظَفِرَةٌ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ:
مَا القولُ فِي عُجَيِّزٍ كالحُمّره، ... بِعَيْنها مِنَ البُكاء ظَفَرَه،
حَلَّ ابنُها فِي السِّجْن وَسْطَ الكَفَرَه؟
الْفَرَّاءُ: الظَّفَرَةُ لَحْمَةٌ تَنْبُتُ فِي الحَدَقَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الظُّفْر لَحْمٌ يَنْبُتُ فِي بَيَاضِ الْعَيْنِ وَرُبَّمَا جَلَّلَ الحَدَقَةَ. وأَظْفَارُ الْجِلْدِ: مَا تَكَسَّرَ مِنْهُ فَصَارَتْ لَهُ غُضُونٌ. وظَفَّرَ الجلدَ: دَلَكَهُ لِتَمْلاسَّ أَظْفارُه. الأَصمعي: فِي السِّيَةِ الظُّفْرُ وَهُوَ مَا وَرَاءَ معْقِدِ الوتَرِ إِلى طرَف القَوْس، وَالْجَمْعُ ظِفَرَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: هُنَا يُقَالُ للظُّفْرِ أُظْفُورٌ، وَجَمْعُهُ أَظافير؛ وأَنشد:
مَا بَيْنَ لُقْمَتِها الأُولى، إِذا ازْدَرَدتْ، ... وبَيْنَ أُخْرَى تَلِيها، قِيسُ أُظْفُورِ
والظَّفَرُ، بِالْفَتْحِ: الْفَوْزُ بِالْمَطْلُوبِ. اللَّيْثُ: الظَّفَرُ الْفَوْزُ بِمَا طلبتَ والفَلْجُ عَلَى مَنْ خَاصَمْتَ؛ وَقَدْ ظَفِرَ بِهِ وَعَلَيْهِ وظَفِرَهُ ظَفَراً، مِثْلَ لَحِقَ بِهِ ولَحِقَهُ فَهُوَ ظَفِرٌ، وأَظْفَرَهُ اللَّهُ بِهِ وَعَلَيْهِ وظَفَّرَهُ بِهِ تَظْفِيراً. وَيُقَالُ: ظَفِرَ اللهُ فُلاناً عَلَى فُلَانٍ، وَكَذَلِكَ أَظْفَرَهُ اللهُ. وَرَجُلٌ مُظَفَّرٌ وظَفِرٌ وظِفِّيرٌ: لَا يُحَاوِلُ أَمراً إِلَّا ظَفِرَ بِهِ؛ قَالَ الْعُجَيْرُ السَّلُولِيُّ يَمْدَحُ رَجُلًا:
هُوَ الظَّفِرُ المَيْمُونُ، إِنْ رَاحَ أَو غَدَا ... بِهِ الركْبُ، والتِّلْعابةُ المُتَحَبِّبُ
وَرَجُلٌ مُظَفَّرٌ: صَاحِبُ دَوْلَةٍ فِي الْحَرْبِ. وَفُلَانٌ مُظَفَّرٌ: لا يَؤُوب إِلَّا بالظَّفَر فثُقِّلَ نعتُه لِلْكَثْرَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. وإِن قِيلَ: ظَفَّرَ اللَّهُ فُلَانًا أَي جَعَلَهُ مُظَفَّراً جَازَ وحسُن أَيضاً. وَتَقُولُ: ظَفَّره اللَّهُ عَلَيْهِ أَي غَلّبه عَلَيْهِ؛ وَكَذَلِكَ إِذا سُئِلَ: أَيهما أَظْفَرُ، فأَخْبِرْ عَنْ وَاحِدٍ غلَب الْآخَرَ؛ وَقَدْ ظَفّره. قَالَ الأَخفش: وَتَقُولُ الْعَرَبُ: ظَفِرْت عَلَيْهِ فِي مَعْنَى ظَفِرْت بِهِ. وَمَا ظَفَرتْكَ عَيْني مُنْذ زمانٍ أَي مَا رَأَتْك، وَكَذَلِكَ مَا أَخَذَتْكَ عيني مند حِينٍ. وظَفَّرَه: دَعا لَه بالظَّفَر؛ وظَفِرْت بِهِ، فأَنا ظافرٌ وَهُوَ مَظْفُورٌ بِهِ. وَيُقَالُ: أَظْفَرَنيَ اللَّهُ بِهِ. وتَظَافَرَ القومُ عَلَيْهِ وتظاهَرُوا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وظَفارِ مِثْلَ قَطَامِ مَبْنِيَّةٌ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: هِيَ قَرْية مِنْ قُرَى حِمْير إِليها يُنْسَبُ الجَزْع الظَّفارِيّ، وَقَدْ جَاءَتْ مَرْفُوعَةً أُجْرِيَت مُجْرَى رَبابِ إِذا سَمّيْتَ بِهَا. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ جَزْعٌ ظَفارِيّ مَنْسُوبٌ إِلى ظَفارِ أَسد مَدِينَةٍ بِالْيَمَنِ، وَكَذَلِكَ عُودٌ ظَفارِيّ مَنْسُوبٌ، وَهُوَ الْعُودُ الَّذِي يُتَبَخّر بِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَنْ دَخل ظَفارِ حَمّرَ أَي تَعَلَّمَ الحِمْيَريّة؛ وَقِيلَ: كُلُّ أَرض ذَاتِ مَغَرّةٍ ظَفارِ.(4/519)
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لباسُ آدَم، عَلَيْهِ السَّلَامُ، الظُّفُرَ
؛ أَي شَيْءٌ يُشْبِه الظُّفُرَ فِي بَيَاضِهِ وَصَفَائِهِ وكثافِته. وَفِي حَدِيثِ الإِفْكِ:
عِقد مِنْ جَزْع أَظفار
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ وأُريد بِهَا العطْرُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا كأَنه يُؤْخَذُ فيُثْقَبُ ويُجْعل فِي العِقْد وَالْقِلَادَةِ؛ قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِي الرِّوَايَةِ أَنه
مِنْ جَزْعِ ظَفارِ
مَدِينَةٍ لحِمْير بِالْيَمَنِ. والأَظْفارُ: كِبارُ القِرْدانِ وكواكبُ صِغارٌ. وظَفْرٌ ومُظَفَّرٌ ومِظْفارٌ: أَسماء. وَبَنُو ظَفَر: بَطْنانِ بَطْنٌ فِي الأَنصار.، وَبَطْنٌ فِي بني سليم.
ظهر: الظَّهْر مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: خِلافُ البَطْن. والظَّهْر مِنَ الإِنسان: مِنْ لَدُن مُؤخَّرِ الْكَاهِلِ إِلى أَدنى الْعَجُزِ عِنْدَ آخِرِهِ، مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ، صَرَّحَ بِذَلِكَ اللِّحْيَانِيُّ، وَهُوَ مِنَ الأَسماء الَّتِي وُضِعَت مَوْضِعَ الظُّرُوفِ، وَالْجَمْعُ أَظْهُرٌ وظُهور وظُهْرانٌ. أَبو الْهَيْثَمِ: الظَّهْرُ سِتُّ فقارات، والكاهلُ والكَتِدُ [الكَتَدُ] ستُّ فَقَارَاتٍ، وَهُمَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ، وَفِي الرَّقبَة سِتُّ فقارات؛ قال أَبو الهيثم: الظَّهْر الَّذِي هُوَ سِتُّ فِقَرٍ يكْتَنِفُها المَتْنانِ، قَالَ الأَزهري: هَذَا فِي الْبَعِيرِ؛ وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ:
وَلَمْ يَنْسَ حقَّ اللَّهِ فِي رِقابِها وَلَا ظُهورها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: حَقُّ الظهورِ أَن يَحْمِلَ عَلَيْهَا مُنْقَطِعاً أَو يُجاهدَ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
ومِنْ حَقِّها إِفْقارُ ظَهْرِها.
وقَلَّبَ الأَمرَ ظَهْراً لِبَطْنٍ: أَنْعَمَ تَدْبِيرَه، وَكَذَلِكَ يَقُولُ المُدَبِّرُ للأَمر. وقَلَّبَ فُلَانٌ أَمْره ظَهْرًا لِبَطْنٍ وظهرَه لِبَطْنه وظهرَه لِلْبَطْنِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
كَيْفَ تَرَانِي قَالِبًا مِجَنّي، ... أَقْلِبُ أَمْرِي ظَهْرَه لِلْبَطْنِ
وإِنما اخْتَارَ الْفَرَزْدَقُ هَاهُنَا لِلْبَطْنِ عَلَى قَوْلِهِ لِبَطْنٍ لأَن قَوْلَهُ ظَهْرَه مَعْرِفَةٌ، فأَراد أَن يَعْطِفَ عَلَيْهِ مَعْرِفَةً مِثْلَهُ، وإِن اخْتَلَفَ وَجْهُ التَّعْرِيفِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَذَا بَابُ مِنَ الْفِعْلِ يُبْدَل فِيهِ الْآخِرُ مِنَ الأَول يَجْرِي عَلَى الِاسْمِ كَمَا يَجْرِي أَجْمعون عَلَى الِاسْمِ، ويُنْصَبُ بِالْفِعْلِ لأَنه مَفْعُولٌ، فَالْبَدَلُ أَن يَقُولَ: ضُرب عبدُ اللَّهِ ظَهرُه وبَطنُه، وضُرِبَ زَيدٌ الظهرُ والبطنُ، وقُلِبَ عَمْرٌو ظَهْرُه وبطنُه، فَهَذَا كُلُّهُ عَلَى الْبَدَلِ؛ قَالَ: وإِن شِئْتَ كَانَ عَلَى الِاسْمِ بِمَنْزِلَةِ أَجمعين، يَقُولُ: يَصِيرُ الظَّهْرُ وَالْبَطْنُ تَوْكِيدًا لِعَبْدِ اللَّهِ كَمَا يَصِيرُ أَجمعون تَوْكِيدًا لِلْقَوْمِ، كأَنك قُلْتَ: ضُرِبَ كُلّه؛ قَالَ: وإِن شِئْتَ نَصَبْتَ فَقُلْتَ ضُرِب زيدٌ الظَّهرَ والبطنَ، قَالَ: وَلَكِنَّهُمْ أَجازوا هَذَا كَمَا أَجازوا دَخَلْتُ البيتَ، وإِنما مَعْنَاهُ دَخَلْتُ فِي الْبَيْتِ وَالْعَامِلُ فِيهِ الْفِعْلُ، قَالَ: وَلَيْسَ المنتصبُ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الظُّرُوفِ لأَنك لَوْ قُلْتَ: هُوَ ظَهْرَه وبَطْنَه وأَنت تَعْنِي شَيْئًا عَلَى ظَهْرِهِ لَمْ يَجُزْ، وَلَمْ يُجِيزُوهُ فِي غَيْرِ الظَّهْر والبَطْن والسَّهْل والجَبَلِ، كَمَا لَمْ يَجُزْ دخلتُ عبدَ اللَّهِ، وَكَمَا لَمْ يَجُزْ حَذْفُ حَرْفِ الْجَرِّ إِلَّا فِي أَماكن مِثْلِ دَخَلْتُ البيتَ، وَاخْتَصَّ قَوْلُهُمْ الظهرَ والبطنَ والسهلَ والجبلَ بِهَذَا، كَمَا أَن لَدُنْ مَعَ غُدْوَةٍ لَهَا حَالٌ لَيْسَتْ فِي غَيْرِهَا مِنَ الأَسماء.
وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةٌ إِلَّا لَهَا ظَهْرٌ وبَطْنٌ وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ وَلِكُلِّ حَدّ مُطَّلَعٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ بَعْضُهُمْ الظَّهْرُ لَفْظُ الْقُرْآنِ وَالْبَطْنُ تأْويله، وَقِيلَ: الظَّهْرُ الْحَدِيثُ وَالْخَبَرُ، وَالْبَطْنُ مَا فِيهِ مِنَ الْوَعْظِ وَالتَّحْذِيرِ وَالتَّنْبِيهِ، والمُطَّلَعُ مَأْتى الْحَدِّ ومَصْعَدُه، أَي قَدْ عَمِلَ بِهَا قَوْمٌ أَو سَيَعْمَلُونَ؛ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ
لَهَا ظَهْرٌ وبَطْن
قِيلَ: ظَهْرُهَا لَفْظُهَا وَبَطْنُهَا مَعْنَاهَا وَقِيلَ: أَراد بِالظَّهْرِ مَا ظَهَرَ تأْويله وَعُرِفَ مَعْنَاهُ، وَبِالْبَطْنِ مَا بَطَنَ تَفْسِيرُهُ، وَقِيلَ: قِصَصُه(4/520)
فِي الظَّاهِرِ أَخبار وَفِي الْبَاطِنِ عَبْرَةٌ وَتَنْبِيهٌ وَتَحْذِيرٌ، وَقِيلَ: أَراد بِالظَّهْرِ التِّلَاوَةَ وَبِالْبَطْنِ التَّفَهُّمَ وَالتَّعَلُّمَ. والمُظَهَّرُ، بِفَتْحِ الْهَاءِ مُشَدَّدَةً: الرَّجُلُ الشَّدِيدُ الظَّهْرِ. وظَهَره يَظْهَرُه ظَهْراً: ضَرَبَ ظَهْره. وظَهِرَ ظَهَراً: اشْتَكَى ظَهْره. وَرَجُلٌ ظَهِيرٌ: يَشْتَكِي ظَهْرَه. والظَّهَرُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ ظَهِرَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، إِذا اشْتَكَى ظَهْره. الأَزهري: الظُّهارُ وَجَعُ الظَّهْرِ، وَرَجُلٌ مَظْهُورٌ. وظَهَرْتُ فُلَانًا: أَصبت ظَهْره. وَبَعِيرٌ ظَهِير: لَا يُنْتَفَع بظَهْره مِنَ الدَّبَرِ، وَقِيلَ: هُوَ الْفَاسِدُ الظَّهْر مِنْ دَبَرٍ أَو غيره؛ قال ابن سيده: رَوَاهُ ثَعْلَبٌ. وَرَجُلٌ ظَهيرٌ ومُظَهَّرٌ: قويُّ الظَّهْرِ وَرَجُلٌ مُصَدَّر: شَدِيدُ الصَّدْر، ومَصْدُور: يَشْتَكِي صَدْرَه؛ وَقِيلَ: هُوَ الصُّلْبُ الشَّدِيدُ مِنْ غَيْرِ أَن يُعَيَّن مِنْهُ ظَهْرٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَقَدْ ظَهَرَ ظَهَارَةً. وَرَجُلٌ خَفِيفُ الظَّهْر: قَلِيلُ الْعِيَالِ، وَثَقِيلُ الظَّهْرِ كَثِيرُ الْعِيَالِ، وَكِلَاهُمَا عَلَى المَثَل. وأَكَل الرجُل أَكْلَةً ظَهَرَ مِنْهَا ظَهْرَةً أَي سَمِنَ مِنْهَا. قَالَ: وأَكل أَكْلَةً إِن أَصبح مِنْهَا لَنَاتِيًّا، وَلَقَدْ نَتَوْتُ مِنْ أَكلة أَكلتها؛ يَقُولُ: سَمِنْتُ مِنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنى
أَي مَا كَانَ عَفْواً قَدْ فَضَلَ عَنْ غِنًى، وَقِيلَ: أَراد مَا فَضَلَ عَنِ العِيَال؛ والظَّهْرُ قَدْ يُزَادُ فِي مِثْلِ هَذَا إِشباعاً لِلْكَلَامِ وَتَمْكِينًا كأَنَّ صَدَقَتَهُ إِلى ظَهْرٍ قَويٍّ مِنَ الْمَالِ. قَالَ مَعْمَرٌ: قلتُ لأَيُّوبَ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، مَا ظَهْرُ غِنًى؟ قَالَ أَيوب: مَا كَانَ عَنْ فَضْلِ عِيَالٍ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: مَا رأَيتُ أَحداً أَعطى لجَزِيلٍ عَنْ ظَهْرِ يَدٍ مِنْ طَلْحَةَ
، قِيلَ: عَنْ ظَهْرِ يَدٍ ابْتدَاءً مِنْ غَيْرِ مكافأَة. وفلانٌ يأْكل عَنْ ظَهْرِ يَدِ فُلانٍ إِذا كَانَ هُوَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ. والفُقَراء يأْكلون عَنْ ظَهْرِ أَيدي النَّاسِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ: هَذَا ظَهْرُ السَّمَاءِ وَهَذَا بَطْنُ السَّمَاءِ لِظَاهِرِهَا الَّذِي تَرَاهُ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا جَاءَ فِي الشَّيْءِ ذِي الْوَجْهَيْنِ الَّذِي ظَهْرُه كَبَطْنه، كَالْحَائِطِ الْقَائِمِ لِمَا وَلِيَك يُقَالُ بطنُه، وَلِمَا وَلِيَ غَيْرَك ظَهْرُه. فأَما ظِهارَة الثَّوْبِ وبِطانَتُه، فالبطانَةُ مَا وَلِيَ مِنْهُ الجسدَ وَكَانَ دَاخِلًا، والظِّهارَةُ مَا عَلَا وظَهَرَ وَلَمْ يَل الجسدَ؛ وَكَذَلِكَ ظِهارَة البِسَاطِ؛ وَبِطَانَتُهُ مِمَّا يَلِي الأَرضَ. وَيُقَالُ: ظَهَرْتُ الثوبَ إِذا جعلتَ لَهُ ظِهَارَة وبَطَنْتُه إِذَا جعلتَ لَهُ بِطانَةً، وَجَمْعُ الظِّهارَة ظَهَائِر، وَجَمْعُ البِطَانَة بَطَائِنُ والظِّهَارَةُ، بِالْكَسْرِ: نَقِيضُ البِطانة. وَظَهَرْتُ الْبَيْتَ: عَلَوْتُه. وأَظْهَرْتُ بِفُلَانٍ: أَعليت بِهِ. وَتَظَاهَرَ القومُ: تَدابَرُوا كأَنه ولَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ظَهْرَه إِلى صَاحِبِهِ. وأَقْرانُ الظَّهْرِ: الَّذِينَ يَجِيئُونَكَ مِنْ وَرَائِكَ أَو مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِك فِي الْحَرْبِ، مأْخوذ مِنَ الظَّهْرِ؛ قَالَ أَبو خِراشٍ:
لكانَ جَمِيلٌ أَسْوَأَ الناسِ تِلَّةً، ... وَلَكُنَّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مقَاتِلُ
الأَصمعي: فُلَانٌ قِرْنُ الظَّهْر، وَهُوَ الَّذِي يأْتيه مِنْ وَرَائِهِ وَلَا يَعْلَمُ؛ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد:
فَلَوْ كَانَ قِرْني وَاحِدًا لكُفِيتُه، ... ولكنَّ أَقْرانَ الظُّهُورِ مقَاتِلُ
وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه أَنشده:
فَلَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا لقُونا بِمثْلِنَا، ... ولَكنَّ أَقْرانَ الظُّهورِ مُغالِبُ
قَالَ: أَقران الظُّهُورِ أَن يَتَظَاهَرُوا عَلَيْهِ، إِذا جَاءَ اثْنَانِ وأَنت وَاحِدٌ غَلَبَاكَ.(4/521)
وشَدَّه الظُّهاريَّةَ إِذا شَدَّه إِلى خَلْف، وَهُوَ مِنَ الظَّهْر. ابْنُ بُزُرج. أَوْثَقَهُ الظُّهارِيَّة أَي كَتَّفَه. والظَّهْرُ: الرِّكابُ الَّتِي تَحْمِلُ الأَثقال فِي السَّفَرِ لِحَمْلِهَا إِياها عَلَى ظُهُورها. وَبَنُو فُلَانٍ مُظْهِرون إِذا كَانَ لَهُمْ ظَهْر يَنْقُلُون عَلَيْهِ، كَمَا يُقَالُ مُنْجِبُون إِذا كَانُوا أَصحاب نَجائِبَ. وَفِي حَدِيثِ
عَرْفَجَة: فَتَنَاوَلَ السَّيْفَ مِنَ الظَّهْر فَحذَفَهُ بِهِ
؛ الظَّهْر: الإِبل الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا وَيُرْكَبُ. يُقَالُ: عِنْدَ فُلَانٍ ظَهْر أَي إِبل؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَتأْذن لَنَا فِي نَحْر ظَهْرنا؟
أَي إِبِلِنَا الَّتِي نَرْكَبُهَا؛ وتُجْمَعُ عَلَى ظُهْران، بِالضَّمِّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَجَعَلَ رجالٌ يستأْذنونه فِي ظُهْرانهم فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ.
وفلانٌ عَلَى ظَهْرٍ أَي مُزْمِعٌ لِلسَّفَرِ غَيْرُ مُطَمْئِنٍّ كأَنه قَدْ رَكِبَ ظَهْراً لِذَلِكَ؛ قَالَ يَصِفُ أَمواتاً:
وَلَوْ يَسْتَطِيعُون الرَّواحَ، تَرَوَّحُوا ... مَعِي، أَو غَدَوْا فِي المُصْبِحِين عَلَى ظَهْرِ
وَالْبَعِيرُ الظِّهْرِيُّ، بِالْكَسْرِ: هُوَ العُدَّة لِلْحَاجَةِ إِن احْتِيجَ إِليه، نُسِبَ إِلى الظَّهْر نَسَباً عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. يُقَالُ: اتَّخِذْ مَعَكَ بَعِيرًا أَو بَعِيرَيْنِ ظِهْرِيَّيْنِ أَي عُدَّةً، وَالْجَمْعُ ظَهارِيٌّ وظَهَارِيُّ، وَفِي الصِّحَاحِ: ظَهَارِيُّ غَيْرُ مَصْرُوفٍ لأَن يَاءَ النِّسْبَةِ ثَابِتَةٌ فِي الْوَاحِدِ. وبَعير ظَهِيرٌ بَيِّنُ الظَّهارَة إِذا كَانَ شَدِيدًا قَوِيًّا، وَنَاقَةٌ ظَهِيرَةٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الظَّهِيرُ مِنَ الإِبل الْقَوِيُّ الظَّهْر صَحِيحُهُ، وَالْفِعْلُ ظَهَرَ ظَهارَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَعَمَدَ إِلى بَعِيرٍ ظَهِير فأَمَرَ بِهِ فَرُحِلَ
، يَعْنِي شَدِيدَ الظَّهْرِ قَوِيًّا عَلَى الرِّحْلَةِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى الظَّهْرِ؛ وَقَدْ ظَهَّر بِهِ واسْتَظَهْرَهُ. وظَهَرَ بحاجةِ الرَّجُلِ وظَهَّرها وأَظْهَرها: جَعَلَهَا بظَهْرٍ وَاسْتَخَفَّ بِهَا وَلَمْ يَخِفَّ لَهَا، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنه جَعَلَ حَاجَتَهُ وَرَاءَ ظَهْرِه تَهَاوُنًا بِهَا كأَنه أَزالها وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِليها. وَجَعَلَهَا ظِهْرِيَّةً أَي خَلْفَ ظَهْر، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ
، بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ وَاجَهَ إِرادَتَهُ إِذا أَقْبَلَ عَلَيْهَا بِقَضَائِهَا، وجَعَلَ حاجَتَه بظَهْرٍ كَذَلِكَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَمِيمُ بنَ قَيْسٍ لا تَمُونَنَّ حاجَتِي ... بظَهْرٍ، فَلَا يَعْيا عَليَّ جَوابُها
والظِّهْرِيُّ: الَّذِي تَجْعَلُه بظَهْر أَي تَنْسَاهُ. والظِّهْرِيُّ: الَّذِي تَنْساه وتَغْفُلُ عَنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
؛ أَي لَمْ تَلْتَفِتوا إِليه. ابْنُ سِيدَهْ: وَاتَّخَذَ حَاجَتَهُ ظِهْرِيّاً اسْتَهان بِهَا كأَنه نَسَبها إِلى الظَّهْر، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَمَا قَالُوا فِي النَّسَبِ إِلى البَصْرَة بِصْريُّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: اتَّخَذْتُموه وَرَاءَكم ظِهْرِيّاً حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الغاراتُ
أَي جَعَلْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، قَالَ: وَكَسْرُ الظَّاءِ مِنْ تَغْيِيرَاتِ النَّسَب؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
: نَبَذْتُمْ ذِكْرَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ تَرَكْتُمْ أَمر اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، يَقُولُ
شُعَيْبٌ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: عَظَّمْتُمْ أَمْرَ رَهْطي وَتَرَكْتُمْ تَعْظِيمَ اللَّهِ وَخَوْفَهُ.
وَقَالَ فِي أَثناء التَّرْجَمَةِ: أَي وَاتَّخَذْتُمُ الرَّهْطَ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً تَسْتَظْهِرُون بِهِ عليَّ، وَذَلِكَ لَا يُنْجِيكُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. يُقَالُ: اتَّخَذَ بَعِيرًا ظِهْرِيّاً أَي عُدَّةً. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الَّذِي لَا يُعْنَى بِهِ: قَدْ جَعَلْتُ هَذَا الأَمر بظَهْرٍ ورَميته بظَهْرٍ. وقولهم. ولا تَجْعَلْ حَاجَتِي بظَهْر أَي لَا تَنْسَها. وحاجتُه عِنْدَكَ ظاهرةٌ أَي مُطَّرَحَة وَرَاءَ الظَّهْرِ. وأَظْهَرَ بِحَاجَتِهِ واظَّهَرَ: جَعَلَهَا وَرَاءَ ظَهْرِه، أَصله اظْتَهر. أَبو عُبَيْدَةَ: جَعَلْتُ حاجته بظَهْرٍ أَي بظَهْرِي خَلْفِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
، وَهُوَ اسْتِهَانَتُكَ بِحَاجَةِ الرَّجُلِ. وَجَعَلَنِي بظَهْرٍ أَي طَرَحَنِي.(4/522)
وظَهَرَ بِهِ وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ: قَوِيَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ
؛ أَي لَمْ يَبْلُغُوا أَن يُطِيقُوا إِتيانَ النِّسَاءِ؛ وَقَوْلُهُ:
خَلَّفْتَنا بَيْنَ قَوْم يَظْهَرُون بِنَا، ... أَموالُهُمْ عازِبٌ عَنَّا ومَشْغُولُ
هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ مِنْ قَوْلِكَ ظَهَرَ بِهِ إِذا جَعَلَهُ وَرَاءَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وأَراد مِنْهَا عَازِبٌ وَمِنْهَا مَشْغُولُ، وَكُلُّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى الظَّهْر. وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْها
؛ رَوَى
الأَزهري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الكَفُّ والخاتَمُ والوَجْهُ
، وَقَالَتْ
عَائِشَةُ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ القُلْبُ والفَتَخة
، وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ الثِّيَابُ.
والظَّهْرُ: طَرِيقُ البَرِّ. ابْنُ سِيدَهْ: وَطَرِيقُ الظَّهْر طَرِيقُ البَرِّ، وَذَلِكَ حِينَ يَكُونُ فِيهِ مَسْلَك فِي الْبَرِّ وَمَسْلَكٌ فِي الْبَحْرِ. والظَّهْرُ مِنَ الأَرض: مَا غَلُظَ وَارْتَفَعَ، وَالْبَطْنُ مَا لانَ مِنْهَا وسَهُلَ ورَقَّ واطْمأَنَّ. وَسَالَ الْوَادِي ظَهْراً إِذَا سَالَ بمَطَرِ نَفْسِهِ، فَإِنْ سَالَ بِمَطَرِ غَيْرِهِ قِيلَ: سَالَ دُرْأً؛ وَقَالَ مَرَّةً: سَالَ الْوَادِي ظُهْراً كَقَوْلِكَ ظَهْراً؛ قَالَ الأَزهري: وأَحْسِبُ الظُّهْر، بِالضَّمِّ، أَجْودَ لأَنه أَنشد:
وَلَوْ دَرَى أَنَّ مَا جاهَرتَني ظُهُراً، ... مَا عُدْتُ مَا لأْلأَتْ أَذنابَها الفُؤَرُ
وظَهَرت الطيرُ مِنْ بَلَدِ كَذَا إِلى بَلَدِ كَذَا: انْحَدَرَتْ مِنْهُ إِليه، وَخَصَّ أَبو حَنِيفَةَ بِهِ النَّسْرَ فَقَالَ يَذْكُر النُّسُورَ: إِذا كَانَ آخِرُ الشِّتَاءِ ظَهَرَتْ إِلى نَجْدٍ تَتَحيَّنُ نِتاجَ الْغَنَمِ فتأْكل أَشْلاءَها. وَفِي كِتَابِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلى أَبي عُبيدة: فاظْهَرْ بِمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِليها
يَعْنِي إِلى أَرض ذَكَرَهَا، أَي اخْرُجْ بِهِمْ إِلى ظَاهِرِهَا وأَبْرِزْهم. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كَانَ يُصَلِّي العَصْر فِي حُجْرتي قَبْلَ أَن تَظْهَرَ
، تَعْنِي الشَّمْسَ، أَي تَعْلُوَ السَّطْحَ، وَفِي رِوَايَةٍ:
وَلَمْ تَظْهَر الشمسُ بَعْدُ مِنْ حُجْرتها
أَي لَمْ تَرْتَفِعْ وَلَمْ تَخْرُجْ إِلى ظَهْرها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وإِنا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرا
يَعْنِي مَصْعَداً. والظاهِرُ: خِلَافُ الْبَاطِنِ؛ ظَهَرَ يَظْهَرُ ظُهُوراً، فَهُوَ ظَاهِرٌ وظهِير؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فإِنَّ بَنِي لِحْيَانَ، إِمَّا ذَكَرْتُهُم، ... ثَناهُمْ، إِذا أَخْنَى اللِّئامُ، ظَهِيرُ
وَيُرْوَى طَهِيرُ، بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ
؛ قِيلَ: ظَاهَرَهُ المُخالَّةُ عَلَى جِهَةِ الرِّيبَةِ، وَبَاطِنِهِ الزِّنَا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَن الْمَعْنَى اتْرُكُوا الإِثم ظَهْراً وبَطْناً أَي لَا تَقْرَبُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ جَهْراً وَلَا سِرًّا. والظاهرُ: مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي ظَهَرَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَعَلَا عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: عُرِفَ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ الْعَقْلِيِّ بِمَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنْ آثَارِ أَفعاله وأَوصافه. وَهُوَ نَازِلٌ بَيْنَ ظَهْرَيْهم وظَهْرانَيْهِم، بِفَتْحِ النُّونِ وَلَا يُكْسَرُ: بَيْنَ أَظْهُرِهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَقاموا بَيْنَ ظَهْرانيهم وَبَيْنَ أَظْهرهم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ وَالْمُرَادُ بِهَا أَنهم أَقاموا بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِظْهَارِ وَالِاسْتِنَادِ لَهُمْ، وَزِيدَتْ فِيهِ أَلف وَنُونٌ مَفْتُوحَةٌ تأْكيداً، وَمَعْنَاهُ أَن ظَهْراً مِنْهُمْ قُدَّامَهُ وَظَهْرًا وَرَاءَهُ فَهُوَ مَكْنُوف مِنْ جَانِبَيْهِ، وَمِنْ جَوَانِبِهِ إِذا قِيلَ بَيْنَ أَظْهُرِهم، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِي الإِقامة بَيْنَ الْقَوْمِ مُطْلَقًا.(4/523)
وَلَقِيتُهُ بَيْنَ الظَّهْرَيْنِ والظَّهْرانَيْنِ أَي فِي الْيَوْمَيْنِ أَو الثَّلَاثَةِ أَو فِي الأَيام، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَكُلُّ مَا كَانَ فِي وَسَطِ شَيْءٍ ومُعْظَمِه، فَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه. وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ الإِناء أَي مُمْكِنٌ لَكَ لَا يُحَالُ بَيْنَكُمَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ: فلانٌ بَيْنَ ظَهْرَيْنا وظَهْرانَيْنا وأَظهُرِنا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ بَيْنَ ظَهْرانِينا، بِكَسْرِ النُّونِ. وَيُقَالُ: رأَيته بَيْنَ ظَهْرانَي اللَّيْلِ أَي بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلى الْفَجْرِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَتيته مَرَّةً بَيْنَ الظَّهْرَيْنِ يَوْمًا فِي الأَيام. قَالَ: وَقَالَ أَبو فَقْعَسٍ إِنما هُوَ يَوْمٌ بَيْنَ عَامَيْنِ. وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذا كَانَ فِي وَسَطِ شَيْءٍ: هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْه وظَهْرانَيْه؛ وأَنشد:
أَلَيْسَ دِعْصاً بَيْنَ ظَهْرَيْ أَوْعَسا
والظَّواهِرُ: أَشراف الأَرض. الأَصمعي: يُقَالُ هاجَتْ ظُهُورُ الأَرض وَذَلِكَ مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا، وَمَعْنَى هاجَتْ يَبِسَ بَقْلُها. وَيُقَالُ: هاجَتْ ظَواهِرُ الأَرض. ابْنُ شُمَيْلٍ: ظَاهِرُ الْجَبَلِ أَعلاه، وظاهِرَةُ كُلِّ شَيْءٍ أَعلاه، أَسْتَوَى أَو لَمْ يَسْتَوِ ظَاهِرُهُ، وإِذا عَلَوْتَ ظَهْره فأَنت فَوْقَ ظاهِرَته؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
وخَيْل تَكَدَّسُ بالدَّارِعِين، ... كَمْشيِ الوُعُولِ عَلَى الظَّاهِره
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
فَحَلَلْتَ مُعْتَلِجَ البِطاحِ، ... وحَلَّ غَيْرُك بالظَّوَاهِرْ
قَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُوم: مُعْتَلِجُ الْبِطَاحِ بَطْنُ مَكَّةَ وَالْبَطْحَاءُ الرَّمْلُ، وَذَلِكَ أَن بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي أُمية وَسَادَةَ قُرَيْشٍ نُزول بِبَطْنِ مَكَّةَ وَمَنْ كَانَ دُونَهُمْ فَهُمْ نُزُولٌ بِظَوَاهِرَ جِبَالِهَا؛ وَيُقَالُ: أَراد بِالظَّوَاهِرِ أَعلى مَكَّةَ. وَفِي الْحَدِيثِ
ذِكر قريشِ الظَّواهِرِ
، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قُرَيْشُ الظواهرِ الَّذِينَ نَزَلُوا بظُهور جِبَالِ مَكَّةَ، قَالَ: وقُرَيْشُ البِطاحِ أَكرمُ وأَشرف مِنْ قُرَيْشِ الظَّوَاهِرِ، وَقُرَيْشُ الْبِطَاحِ هُمُ الَّذِينَ نَزَلُوا بِطَاحَ مَكَّةَ. والظُّهارُ: الرّيشُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الظُّهْرانُ الرِّيشُ الَّذِي يَلِي الشَّمْسَ والمَطَرَ مِنَ الجَناح، وَقِيلَ: الظُّهار، بِالضَّمِّ، والظُّهْران مِنْ رِيشِ السَّهْمِ مَا جُعِلَ مِنْ ظَهْر عَسِيبِ الرِّيشَةِ، وَهُوَ الشَّقُّ الأَقْصَرُ، وَهُوَ أَجود الرِّيشِ، الْوَاحِدُ ظَهْرٌ، فأَما ظُهْرانٌ فَعَلَى الْقِيَاسِ، وأَما ظُهار فَنَادِرٌ؛ قَالَ: وَنَظِيرُهُ عَرْقٌ وعُراقٌ وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ رِيشٌ ظُهارٌ وظُهْرانٌ، والبُطْنانُ مَا كَانَ مِنْ تَحْتِ العَسِيب، واللُّؤَامُ أَن يَلْتَقِيَ بَطْنُ قُذَّةٍ وظَهرُ أُخْرَى، وَهُوَ أَجود مَا يَكُونُ، فإِذا الْتَقَى بَطْنانِ أَو ظَهْرانِ، فَهُوَ لُغابٌ ولَغْبٌ. وَقَالَ اللَّيْثَ: الظُّهارُ مِنَ الرِّيشِ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ رِيشِ الطَّائِرِ وَهُوَ فِي الْجَنَاحِ، قَالَ: وَيُقَالُ: الظُّهارُ جَمَاعَةٌ وَاحِدُهَا ظَهْرٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى الظُّهْرانِ، وَهُوَ أَفضل مَا يُراشُ بِهِ السَّهْمُ فإِذا ريشَ بالبُطْنانِ فَهُوَ عَيْبٌ، والظَّهْرُ الْجَانِبُ الْقَصِيرُ مِنَ الرِّيشِ، وَالْجَمْعُ الظُّهْرانُ، والبُطْنان الْجَانِبُ الطَّوِيلُ، الْوَاحِدُ بَطْنٌ؛ يُقَالُ: رِشْ سَهْمَك بظُهْرانٍ وَلَا تَرِشْهُ ببُطْنانٍ، وَاحِدُهُمَا ظَهْر وبَطْنٌ، مِثْلَ عَبْد وعُبْدانٍ؛ وَقَدْ ظَهَّرت الرِّيشُ السهمَ. والظَّهْرانِ: جَنَاحَا الْجَرَادَةِ الأَعْلَيانِ الْغَلِيظَانِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ: للقَوْسِ ظَهْرٌ وبَطْنٌ، فَالْبَطْنُ مَا يَلِي مِنْهَا الوَتَر، وظَهْرُها الآخرُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ وتَرٌ. وظاهَرَ بَيْنَ نَعْلين وَثَوْبَيْنِ: لَبِسَ أَحدهما عَلَى الْآخَرِ وَذَلِكَ إِذا طَارَقَ بَيْنَهُمَا وطابقَ، وَكَذَلِكَ ظاهَرَ بينَ دِرْعَيْن، وَقِيلَ: ظاهَرَ الدرعَ لأَمَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.(4/524)
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ظاهرَ بَيْنَ دِرْعَيْن يَوْمَ أُحُد
أَي جَمَعَ وَلَبِسَ إِحداهما فَوْقَ الأُخرى، وكأَنه مِنَ التظاهر التعاون وَالتَّسَاعُدِ؛ وَقَوْلُ وَرْقاء بْنِ زُهَير:
رَأَيَتُ زُهَيْراً تَحْتَ كَلْكَلِ خالِدٍ، ... فَجِئْتُ إِليه كالعَجُولِ أُبادِرُ
فَشُلَّتْ يَمِينِي يَوْمَ أَضْرِبُ خَالِدًا، ... ويَمْنَعهُ مِنِّي الحديدُ المُظاهرُ
إِنما عَنَى بِالْحَدِيدِ هُنَا الدِّرْعَ، فَسَمَّى النَّوْعَ الَّذِي هُوَ الدِّرْعُ بِاسْمِ الْجِنْسِ الَّذِي هُوَ الْحَدِيدُ؛ وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:
سُبِّي الحَماةَ وادْرَهِي عَلَيْهَا، ... ثُمَّ اقْرَعِي بالوَدّ مَنْكِبَيْها،
وظاهِري بِجَلِفٍ عَلَيْهَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مِنْ هَذَا، وَقَدْ قِيلَ: مَعْنَاهُ اسْتَظْهِري، قَالَ: وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. واسْتَظَهْرَ بِهِ أَي اسْتَعَانَ. وظَهَرْتُ عَلَيْهِ: أَعنته. وظَهَرَ عَليَّ: أَعانني؛ كِلَاهُمَا عَنْ ثَعْلَبٍ. وتَظاهرُوا عَلَيْهِ: تَعَاوَنُوا، وأَظهره اللَّهُ عَلَى عَدُوِّه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ
. وظاهَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا: أَعانه، والتَّظاهُرُ: التعاوُن. وظاهَرَ فُلَانٌ فُلَانًا: عَاوَنَهُ. والمُظاهَرَة: الْمُعَاوَنَةُ، وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السلام: أَنه بارَزَ يَوْمَ بَدْرٍ
وظاهَرَ أَي نَصَر وأَعان. والظَّهِيرُ: العَوْنُ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وإِنما لَمْ يُجْمَعْ ظَهِير لأَن فَعيلًا وفَعُولًا قَدِ يَسْتَوِي فِيهِمَا الْمُذَكَّرُ والمؤُنث وَالْجَمْعُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: نَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً
؛ يَعْنِي بِالْكَافِرِ الجِنْسَ، وَلِذَلِكَ أَفرد؛ وَفِيهِ أَيضاً: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْجَمَاعَةِ: هُمْ صَدِيقٌ وَهُمْ فَرِيقٌ؛ والظَّهِيرُ: المُعِين. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ
، قَالَ: يُرِيدُ أَعواناً فَقَالَ ظَهِير وَلَمْ يَقُلْ ظُهَراء. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إِن الظَّهير لِجِبْرِيلَ وَصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةِ كَانَ صَوَابًا، وَلَكِنْ حَسُنَ أَن يُجعَلَ الظَّهِيرُ لِلْمَلَائِكَةِ خَاصَّةً لِقَوْلِهِ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ، أَي مَعَ نُصْرَةِ هَؤُلَاءِ، ظَهِيرٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ
، فِي مَعْنَى ظُهَراء، أَراد: وَالْمَلَائِكَةُ أَيضاً نُصَّارٌ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي أَعوان النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا قَالَ: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً؛ أَي رُفَقاء، فَهُوَ مِثْلُ ظَهِير في معنى ظُهَراء، أَفرد فِي مَوْضِعِ الْجَمْعِ كَمَا أَفرده الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ:
يَا عاذِلاتي لَا تَزِدْنَ مَلامَتِي، ... إِن العَواذِلَ لَسْنَ لِي بأَمِيرِ
يَعْنِي لَسْنَ لِي بأُمَراء. وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً
؛ قَالَ ابْنُ عَرفة: أَي مُظاهِراً لأَعداء اللَّهِ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ
؛ أَي عاوَنُوا. وَقَوْلُهُ: تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ
؛ أَي تَتَعاونُونَ. والظِّهْرَةُ: الأَعْوانُ؛ قَالَ تَمِيمٌ:
أَلَهْفِي عَلَى عِزٍّ عَزِيزٍ وظِهْرَةٍ، ... وظِلِّ شَبابٍ كنتُ فيه فأَدْبرا
والظُّهْرَةُ والظِّهْرَةُ: الْكَسْرُ عَنْ كُرَاعٍ: كالظَّهْرِ. وَهُمْ ظِهْرَةٌ وَاحِدَةٌ أَي يَتَظَاهرون عَلَى الأَعداء وَجَاءَنَا فِي ظُهْرَته وظَهَرَتِه وظاهِرَتِهِ أَي فِي عَشِيرَتِهِ وَقَوْمِهِ وناهِضَتِهِ الَّذِينَ يُعِينُونَهُ. وظَاهرَ عَلَيْهِ: أَعان. واسْتَظْهَره عَلَيْهِ: اسْتَعَانَهُ. واسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ بالأَمر: اسْتَعَانَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهه: يُسْتَظْهَرُ بحُجَج اللَّهِ وَبِنِعْمَتِهِ عَلَى كِتَابِهِ.
وَفُلَانٌ ظِهْرَتي عَلَى فُلَانٍ وأَنا ظِهْرَتُكَ عَلَى هَذَا أَي عَوْنُكَ الأَصمعي: هُوَ ابْنُ عَمِّهِ دِنْياً فإِذا تَبَاعَدَ فَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ(4/525)
ظَهْراً، بِجَزْمِ الْهَاءِ، وأَما الظِّهْرَةُ فَهُمْ ظَهْرُ الرَّجُلِ وأَنْصاره، بِكَسْرِ الظَّاءِ. اللَّيْثُ: رَجُلٌ ظِهْرِيٌّ مِنْ أَهل الظَّهْرِ، وَلَوْ نَسَبْتَ رَجُلًا إِلى ظَهْرِ الْكُوفَةِ لَقُلْتَ ظِهْريٌّ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَسَبْتَ جِلْداً إِلى الظَّهْر لَقُلْتَ جِلْدٌ ظِهْرِيٌّ. والظُّهُور: الظَّفَرُ بِالشَّيْءِ وَالِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ. ابْنُ سِيدَهْ: الظُّهور الظَّفَرُ؛ ظَهَر عَلَيْهِ يَظْهَر ظُهُوراً وأَظْهَره اللَّهُ عَلَيْهِ. وَلَهُ ظَهْرٌ أَي مَالٌ مِنْ إِبل وَغَنَمٍ. وظَهَر بِالشَّيْءِ ظَهْراً: فَخَرَ؛ وَقَوْلُهُ:
واظْهَرْ بِبِزَّتِه وعَقْدِ لوائِهِ
أَي افْخَرْ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ. وظَهَرْتُ بِهِ: افْتَخَرْتُ بِهِ وظَهَرْتُ عَلَيْهِ: قَوِيتُ عَلَيْهِ يُقَالُ: ظَهَر فلانٌ عَلَى فُلَانٍ أَي قَوِيَ عَلَيْهِ. وَفُلَانٌ ظاهِرٌ عَلَى فُلَانٍ أَي غَالِبٌ عَلَيْهِ. وظَهَرْتُ عَلَى الرَّجُلِ: غَلَبْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فظَهَر الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَهْدٌ فَقَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَيْهِمْ
؛ أَي غَلَبُوهم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، قَالُوا: والأَشبه أَن يَكُونَ مُغَيَّراً كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الأُخرى:
فَغَدَرُوا بِهِمْ.
وَفُلَانٌ مِنْ وَلَدِ الظَّهْر أَي لَيْسَ مِنَّا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه لَا يَلْتَفِتُ إِليهم؛ قَالَ أَرْطاةُ بنُ سُهَيَّة:
فَمَنْ مُبْلِغٌ أَبْناءَ مُرَّةَ أَنَّنا ... وَجْدْنَا بَني البَرْصاءِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ؟
أَي مِنَ الَّذِينَ يَظْهَرُون بِهِمْ وَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلى أَرحامهم. وَفُلَانٌ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَحد أَي لَا يُسَلِّم. والظَّهَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا فِي الْبَيْتِ مِنَ الْمَتَاعِ وَالثِّيَابِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: بَيْتٌ حَسَنُ الظَّهَرَةِ والأَهَرَة، فالظَّهَرَةُ مَا ظَهَر مِنْهُ، والأَهَرَةُ مَا بَطَنَ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: بَيْتٌ حَسَنُ الأَهَرة والظَّهَرَةِ والعَقارِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وظَهَرَةُ الْمَالِ: كَثْرَتُه. وأَظْهَرَنَا اللَّهُ عَلَى الأَمر: أَطْلَعَ. وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ
؛ أَي مَا قَدَرُوا أَن يَعْلُوا عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِهِ. يُقَالُ: ظَهَرَ عَلَى الْحَائِطِ وَعَلَى السَّطْح صَارَ فَوْقَهُ. وظَهَرَ عَلَى الشَّيْءِ إِذا غَلَبَهُ وَعَلَاهُ. وَيُقَالُ: ظَهَرَ فلانٌ الجَبَلَ إِذا عَلَاهُ. وظَهَر السَّطْحَ ظُهُوراً: عَلَاهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ
أَي يَعْلُون، وَالْمَعَارِجُ الدَّرَجُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ
؛ أَي غَالِبِينَ عَالِينَ، مِنْ قَوْلِكَ: ظَهَرْتُ عَلَى فُلَانٍ أَي عَلَوْتُه وَغَلَبْتُهُ. يُقَالُ: أَظْهَر اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ أَي أَعلاهم عَلَيْهِمْ. والظَّهْرُ: مَا غَابَ عَنْكَ. يُقَالُ: تَكَلَّمْتُ بِذَلِكَ عَنْ ظَهْرِ غَيْبِ، والظَّهْر فِيمَا غَابَ عَنْكَ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيسُ سَقَامُها
وَيُقَالُ: حَمَلَ فلانٌ القرآنَ عَلَى ظَهْرِ لِسَانِهِ، كَمَا يُقَالُ: حَفِظَه عَنْ ظَهْر قَلْبِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قرأَ الْقُرْآنَ فاسْتَظْهره
؛ أَي حَفِظَهُ؛ تَقُولُ: قرأْت الْقُرْآنَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِي أَي قرأْته مِنْ حِفْظِي. وظَهْرُ القَلْب: حِفْظُه عَنْ غَيْرِ كِتَابٍ. وَقَدْ قرأَه ظاهِراً واسْتَظْهره أَي حَفِظَهُ وقرأَه ظاهِراً. والظاهرةُ: العَين الجاحِظَةُ. النَّضْرُ: الْعَيْنُ الظَّاهرَةُ الَّتِي ملأَت نُقْرَة العَيْن، وَهِيَ خِلَافُ الْغَائِرَةِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَيْنُ الظَّاهِرَةُ هِيَ الْجَاحِظَةُ الوَخْشَةُ. وقِدْرٌ ظَهْرٌ: قَدِيمَةٌ كأَنها تُلقى وراءَ الظَّهْرِ لِقِدَمِها؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
فَتَغَيَّرَتْ إِلَّا دَعائِمَها، ... ومُعَرَّساً مِنْ جَوفه ظَهْرُ
وتَظَاهر القومُ؛ تَدابَرُوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنه التعاوُنُ،(4/526)
فَهُوَ ضِدٌّ. وَقَتَلَهُ ظَهْراً أَي غِيْلَةً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وظَهَر الشيءُ بِالْفَتْحِ، ظُهُوراً: تَبَيَّن. وأَظْهَرْتُ الشَّيْءَ: بَيَّنْته. والظُّهور: بُدُوّ الشَّيْءِ الْخَفِيِّ. يُقَالُ: أَظْهَرني اللَّهُ عَلَى مَا سُرِقَ مِنِّي أَي أَطلعني عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ لَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ أَحد أَي لَا يُسَلِّمُ عليه أَحد. وقوله: إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ*
؛ أَي يَطَّلِعوا ويَعْثرُوا. يُقَالُ: ظَهَرْت عَلَى الأَمر. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا
؛ أَي مَا يَتَصَرَّفُونَ مِنْ مَعَاشِهِمْ. الأَزهري: والظَّهَارُ ظاهرُ الحَرَّة. ابْنُ شُمَيْلٍ: الظُّهَارِيَّة أَن يَعْتَقِلَه الشَّغْزَبِيَّةَ فَيَصْرَعَه. يُقَالُ: أَخذه الظُّهارِيَّةَ والشَّغْزَبِيَّةَ بِمَعْنًى. والظُّهْرُ: سَاعَةُ الزَّوَالِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: صَلَاةُ الظُّهْرِ، وَقَدْ يَحْذِفُونَ عَلَى السَّعَة فَيَقُولُونَ: هَذِهِ الظُّهْر، يُرِيدُونَ صَلَاةَ الظُّهْرِ. الْجَوْهَرِيُّ: الظُّهْرُ، بِالضَّمِّ، بَعْدَ الزَّوَالِ، وَمِنْهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ. والظَّهِيرةُ: الْهَاجِرَةُ. يُقَالُ: أَتيته حَدَّ الظَّهِيرة وَحِينَ قامَ قَائِمُ الظَّهِيرة. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ صَلَاةِ الظُّهْر؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ اسْمٌ لِنِصْفِ النَّهَارِ، سُمِّيَ بِهِ مِنْ ظَهِيرة الشَّمْسِ، وَهُوَ شِدَّةُ حَرِّهَا، وَقِيلَ: أُضيفت إِليه لأَنه أَظْهَرُ أَوقات الصَّلَوَاتِ للأَبْصارِ، وَقِيلَ: أَظْهَرُها حَرّاً، وَقِيلَ: لأَنها أَوَّل صَلَاةٍ أُظهرت وَصُلِّيَتْ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الظَّهِيرة فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ نِصْفَ النَّهَارِ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِي الشِّتَاءِ ظَهِيرَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الظَّهِيرَةُ حَدُّ انْتِصَافِ النَّهَارِ، وَقَالَ الأَزهري: هُمَا وَاحِدٌ، وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ فِي القَيْظِ مُشْتَقٌّ. وأَتاني مُظَهِّراً ومُظْهِراً أَي فِي الظَّهِيرَةِ، قَالَ: ومُظْهِراً، بِالتَّخْفِيفِ، هُوَ الْوَجْهُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ مُظْهِراً. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ أَتانا بالظَّهِيرة وأَتانا ظُهْراً بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: أَظْهَرْتَ يَا رَجُلُ إِذا دَخَلْتَ فِي حَدِّ الظُّهْر. وأَظْهَرْنا أَي سِرْنا فِي وَقْتِ الظُّهْر. وأَظْهر القومُ: دَخَلُوا فِي الظَّهِيرة. وأَظْهَرْنا. دَخَلْنَا فِي وَقْتِ الظُّهْر كأَصْبَحْنا وأَمْسَيْنا فِي الصَّباح والمَساء، وَتُجْمَعُ الظَّهيرة عَلَى ظَهائِرَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَتاه رَجُلٌ يَشْكُو النِّقْرِسَ فَقَالَ: كَذَبَتْكَ الظَّهائِرُ
أَي عَلَيْكَ بِالْمَشْيِ فِي الظَّهائِر فِي حَرِّ الْهَوَاجِرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَحِينَ تُظْهِرُونَ
؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وأَظْهَرَ فِي عِلانِ رَقْدٍ، وسَيْلُه ... عَلاجِيمُ، لَا ضَحْلٌ وَلَا مُتَضَحْضِحُ
يَعْنِي أَن السَّحَابَ أَتى هَذَا الْمَوْضِعَ ظُهْراً؛ أَلا تَرَى أَن قَبْلَ هَذَا:
فأَضْحَى لَهُ جِلْبٌ، بأَكنافِ شُرْمَةٍ، ... أَجَشُّ سِمَاكِيٌّ مِنَ الوَبْلِ أَفْصَحُ
وَيُقَالُ: هَذَا أَمرٌ ظاهرٌ عَنْكَ عارُه أَي زَائِلٌ، وَقِيلَ: ظاهرٌ عَنْكَ أَي لَيْسَ بِلَازِمٍ لَكَ عَيْبُه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
أَبى القَلْبُ إِلا أُمَّ عَمْرٍو، فأَصْبَحتْ ... تحرَّقُ نارِي بالشَّكاةِ ونارُها
وعَيَّرَها الواشُونَ أَنِّي أُحِبُّها، ... وتلكَ شَكاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُها
وَمَعْنَى تحرَّق نَارِي بِالشَّكَاةِ أَي قَدْ شاعَ خبرِي وخبرُها وَانْتَشَرَ بالشَّكاة والذكرِ الْقَبِيحِ. وَيُقَالُ: ظهرَ عَنِّي هَذَا العيبُ إِذا لَمْ يَعْلَق بِي وَنَبَا عَنِّي، وَفِي النِّهَايَةِ: إِذا ارْتَفَعَ عَنْكَ وَلَمْ يَنَلْك مِنْهُ شَيْءٌ؛ وَقِيلَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: يَا ابنَ ذاتِ النِّطاقَين تَعْييراً لَهُ بِهَا؛ فَقَالَ مُتَمَثِّلًا:
وَتِلْكَ شَكاة ظاهرٌ عَنْكَ عارُها
أَراد أَن نِطاقَها لَا يَغُضُّ مِنْهَا وَلَا مِنْهُ فيُعَيَّرا بِهِ(4/527)
وَلَكِنَّهُ يَرْفَعُهُ فيَزيدُه نُبْلًا. وَهَذَا أَمْرٌ أَنت بِهِ ظاهِرٌ أَي أَنت قويٌّ عَلَيْهِ. وَهَذَا أَمر ظاهرٌ بِكَ أَي غَالِبٌ عَلَيْكَ. والظِّهارُ مِنَ النِّسَاءِ، وظاهَرَ الرجلُ امرأَته، وَمِنْهَا، مُظاهَرَةً وظِهاراً إِذا قَالَ: هِيَ عَلَيَّ كظَهْرِ ذاتِ رَحِمٍ، وَقَدْ تَظَهَّر مِنْهَا وتَظاهَر، وظَهَّرَ مِنَ امرأَته تَظْهِيراً كُلُّهُ بِمَعْنًى. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالَّذِينَ يَظَّهَّرُون مِنْ نِسائهم؛ قُرئ: يُظاهِرُونَ
، وَقُرِئَ: يَظَّهَّرُون، والأَصل يَتَظَهَّرُون، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَهُوَ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لامرأَته: أَنتِ عَلَيَّ كظَهْر أُمِّي. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُطلِّق نِسَاءَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَكَانَ الظِّهارُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ طَلَاقًا فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام نُهوا عَنْهُ وأُوجبَت الكفَّارةُ عَلَى مَنْ ظاهَرَ مِنَ امرأَته، وَهُوَ الظِّهارُ، وأَصله مأْخوذ مِنَ الظَّهْر، وإِنما خَصُّوا الظَّهْرَ دُونَ الْبَطْنِ والفَخذِ وَالْفَرْجِ، وَهَذِهِ أَولى بِالتَّحْرِيمِ، لأَن الظَّهْرَ موضعُ الرُّكُوبِ، والمرأَةُ مركوبةٌ إِذا غُشُيَت، فكأَنه إِذا قَالَ: أَنت عَلَيَّ كظَهْر أُمِّي، أَراد: رُكوبُكِ لِلنِّكَاحِ عَلَيَّ حَرَامٌ كركُوب أُمي لِلنِّكَاحِ، فأَقام الظَّهْرَ مُقامَ الرُّكُوبِ لأَنه مَرْكُوبٌ، وأَقام الركوبَ مُقام النِّكَاحِ لأَن النَّاكِحَ رَاكِبٌ، وَهَذَا مِنْ لَطِيف الِاسْتِعَارَاتِ لِلْكِنَايَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ أَرادوا أَنتِ عَلَيَّ كَبَطْنِ أُمي أَي كَجِمَاعِهَا، فكَنَوْا بِالظَّهْرِ عَنِ الْبَطْنِ للمُجاورة، قَالَ: وَقِيلَ إِن إِتْيانَ المرأَة وظهرُها إِلى السَّمَاءِ كَانَ حَرَامًا عِنْدَهُمْ، وَكَانَ أَهلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: إِذا أُتِيت المرأَةُ ووجهُها إِلى الأَرض جَاءَ الولدُ أَحْولَ، فلِقَصْدِ الرَّجُلِ المُطَلِّق مِنْهُمْ إِلى التَّغْلِيظِ فِي تَحْرِيمِ امرأَته عَلَيْهِ شبَّهها بِالظَّهْرِ، ثُمَّ لَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ حَتَّى جَعَلَهَا كظَهْر أُمه؛ قَالَ: وإِنما عُدِّي الظهارُ بِمِنْ لأَنهم كَانُوا إِذا ظَاهَرُوا المرأَةَ تجَنّبُوها كَمَا يتجنّبُونَ المُطَلَّقةَ وَيَحْتَرِزُونَ مِنْهَا، فَكَانَ قَوْلُهُ ظاهَرَ مِنَ امرأَته أَي بعُد وَاحْتَرَزَ مِنْهَا، كَمَا قِيلَ: آلَى مِنَ امرأَته، لمَّا ضُمِّنَ مَعْنَى التَّبَاعُدِ عُدِّيَ بِمِنْ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِ فُقَهَاءِ أَهل الْمَدِينَةِ: إِذا استُحيضت المرأَةُ وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فإِنها تَقْعُدُ أَيامها لِلْحَيْضِ، فإِذا انْقَضَتْ أَيَّامُها اسْتَظْهَرت بِثَلَاثَةِ أَيام تَقْعُدُ فِيهَا لِلْحَيْضِ وَلَا تُصلي ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي؛ قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَى الِاسْتِظْهَارِ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا الاحتياطُ وَالِاسْتِيثَاقُ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الظِّهْرِيّ، وَهُوَ مَا جَعَلْتَه عُدَّةً لِحَاجَتِكَ، قَالَ الأَزهري: واتخاذُ الظِّهْرِيّ مِنَ الدَّوَابِّ عُدَّةً لِلْحَاجَةِ إِليه احتياطٌ لأَنه زِيَادَةٌ عَلَى قَدَرِ حَاجَةِ صاحبِه إِليه، وإِنما الظِّهْرِيّ الرجلُ يَكُونُ مَعَهُ حاجتُه مِنَ الرِّكاب لِحُمُولَتِهِ، فيَحْتاطُ لِسَفِرِهِ ويُعِدُّ بَعيراً أَو بَعِيرَيْنِ أَو أَكثر فُرَّغاً تَكُونُ مُعدَّةً لِاحْتِمَالِ مَا انقَطَع مِنْ رِكَابِهِ أَو ظَلَع أَو أَصابته آفَةٌ، ثُمَّ يُقَالُ: استَظْهَر بِبَعِيرَيْنِ ظِهْرِيّيْنِ مُحْتَاطًا بِهِمَا ثُمَّ أُقيم الاستظهارُ مُقامَ الِاحْتِيَاطِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَ ذَلِكَ البعيرُ ظِهْرِيّاً لأَن صاحبَه جعلَه وَرَاءَ ظَهْرِه فَلَمْ يَرْكَبْهُ وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَيْهِ وَتَرَكَهُ عُدّةً لِحَاجَتِهِ إِن مَسَّت إِليه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ حِكَايَةً عَنْ شُعَيْبٍ: وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَمَرَ خُرّاصَ النَّخْلِ أَن يَسْتَظْهِرُوا
؛ أَي يَحْتَاطُوا لأَرْبابها ويدَعُوا لَهُمْ قدرَ مَا ينُوبُهم ويَنْزِل بِهِمْ مِنَ الأَضْياف وأَبناءِ السَّبِيلِ. والظاهِرةُ مِنَ الوِرْدِ: أَن تَرِدَ الإِبلُ كُلَّ يَوْمٍ نِصف النَّهَارِ. وَيُقَالُ: إِبِلُ فُلَانٍ تَرِدُ الظاهرةَ إِذا ورَدَت كلَّ يَوْمٍ نِصْفَ النَّهَارِ. وَقَالَ شَمِرٌ: الظَّاهِرَةُ الَّتِي تَرِدُ كلَّ يَوْمٍ نِصْفَ النَّهَارِ وتَصْدُرُ عِنْدَ الْعَصْرِ؛ يُقَالُ: شاؤُهم ظَواهِرُ، والظاهرةُ: أَن تَردَ كُلَّ يَوْمٍ(4/528)
ظُهْراً. وظاهرةُ الغِبِّ: هِيَ لِلْغَنَمِ لَا تَكَادُ تَكُونُ للإِبل، وَظَاهِرَةُ الغِبِّ أَقْصَرُ مِنَ الغِبِّ قَلِيلًا. وظُهَيْرٌ: اسْمٌ. والمُظْهِرُ، بِكَسْرِ الْهَاءِ: اسمُ رَجُلٍ. ابْنُ سِيدَهْ: ومُظْهِرُ بنُ رَباح أَحدُ فُرْسان الْعَرَبِ وشُعرائهم. والظَّهْرانُ ومَرُّ الظَّهْرانِ: مَوْضِعٌ مِنْ مَنَازِلِ مَكَّةَ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
وَلَقَدْ حَلَفْتُ لَهَا يَمِيناً صَادِقًا ... بِاللَّهِ، عِنْدَ مَحارِم الرحمنِ
بالراقِصات عَلَى الْكَلَالِ عَشِيَّةً، ... تَغْشَى مَنابِتَ عَرْمَضِ الظَّهْرانِ
العَرْمَضُ هَاهُنَا: صغارُ الأَراك؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: وَرَوَى ابْنُ سِيرِينَ: أَن أَبا مُوسَى كَسَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ثوبَينِ ظَهْرانِيّاً ومُعَقَّداً؛ قَالَ النَّضْرُ: الظَّهْرانيّ ثوبٌ يُجاءُ بِهِ مِن مَرِّ الظَّهْرانِ، وَقِيلَ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى ظَهْران قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ. والمُعَقَّدُ: بُرْدٌ مِنْ بُرود هَجَر، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ مَرّ الظَّهْران، وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وعُسْفان، وَاسْمُ الْقَرْيَةِ الْمُضَافَةِ إِليه مَرٌّ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ؛ وَفِي حَدِيثِ
النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ أَنه أَنشده، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بَلَغْنا السماءَ مَجْدُنا وسَناؤنا، ... وإِنّا لَنَرْجُو فوق ذلك مَظْهَرا
فغَضِبَ وَقَالَ: إِلى أَين المَظْهرُ يَا أَبا لَيْلى؟ قَالَ: إِلى الْجَنَّةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَجَلْ إِن شَاءَ اللَّهُ.
المَظْهَرُ: المَصْعَدُ. وَالظَّوَاهِرُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
عفَا رابِغٌ مِنْ أَهلِه فالظَّواهرُ، ... فأَكْنافُ تُبْنى قَدْ عَفَت، فالأَصافِرُ
ظور: التَّهْذِيبُ فِي أَثناء تَرْجَمَةِ قَضَبَ: وَيُقَالُ لِلْبَقَرَةِ إِذا أَرادت الفحلَ فَهِيَ ظُؤْرَى، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعُ الظُّورَى فُعْلَى، وَيُقَالُ لَهَا إِذا ضَرَبَهَا الْفَحْلُ: قَدْ عَلِقَت، فإِذا اسْتَوَى لَقاحُها قِيلَ: مُخضت، فإِذا كَانَ قَبْلَ نِتَاجِهَا بِيَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ، فَهِيَ حائشٌ، لأَنها تَنْحاشُ مِنَ الْبَقَرِ فَتَعْتَزِلُهُنّ.
فصل العين المهملة
عبر: عَبَرَ الرُؤيا يَعْبُرُها عَبْراً وعِبارةً وعبَّرها: فسَّرها وأَخبر بما يؤول إِليه أَمرُها. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ
؛ أَي إِن كُنْتُمْ تعْبُرون الرُّؤْيَا فَعَدَّاهَا بِاللَّامِ، كما قال: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ؛ أَي رَدِفَكم؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ اللَّامُ أُدْخِلت عَلَى الْمَفْعُولِ للتَّبْيين، وَالْمَعْنَى إِن كُنْتُمْ تَعْبُرون وَعَابِرِينَ، ثُمَّ بَيَّنَ بِاللَّامِ فَقَالَ: لِلرُّؤْيَا، قَالَ: وَتُسَمَّى هَذِهِ اللَّامُ لامَ التَّعْقِيبِ لأَنها عَقَّبَت الإِضافةَ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَوصَل الْفِعْلَ بِاللَّامِ، كَمَا يُقَالُ إِن كُنْتَ لِلْمَالِ جَامِعًا. واسْتعْبَرَه إِياها: سأَله تَعْبِيرَها. وَالْعَابِرُ: الَّذِي يَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ فيَعْبُره أَي يَعْتَبِرُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ حَتَّى يَقَعَ فهمُه عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: عبَر الرؤْيا واعتَبَر فُلَانٌ كَذَا، وَقِيلَ: أُخذ هَذَا كُلُّهُ مِنَ العِبْرِ، وَهُوَ جانبُ النَّهْرِ، وعِبْرُ الْوَادِي وعَبْرُه؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: شَاطِئُهُ وَنَاحِيَتُهُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ يَمْدَحُ النُّعْمَانَ:
وَمَا الفُراتُ إِذا جاشَت غَوارِبهُ، ... ترْمي أَواذِيُّه العِبْرَينِ بالزَّبَدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَخَبَرُ مَا النَّافِيَةِ فِي بَيْتٍ بَعْدَهُ، وَهُوَ:
يَوْمًا، بأَطيبَ مِنْهُ سَيْبَ نافلةٍ، ... وَلَا يَحُول عطاءُ الْيَوْمِ دُون غَدِ
والسَّيْب: العطاءُ. وَالنَّافِلَةُ: الزِّيَادَةُ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً. وَقَوْلُهُ:(4/529)
وَلَا يَحُول عطاءُ الْيَوْمِ دون غد إِذا أَعْطى الْيَوْمَ لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ أَن يُعْطِي فِي غدٍ. وغواربُه: مَا عَلَا مِنْهُ. والأَوَاذيُّ: الأَمواج، واحدُها آذِيٌّ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي ذَلِكَ العِبر أَي فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ. وعَبَرْت النهرَ وَالطَّرِيقَ أَعْبُره عَبْراً وعُبوراً إِذا قَطَعْتَهُ مِنْ هَذَا العِبْر إِلى ذَلِكَ العِبر، فَقِيلَ لِعَابِرِ الرُّؤْيَا: عَابِرٌ لأَنه يتأَمل ناحيَتي الرُّؤْيَا فَيَتَفَكَّرُ فِي أَطرافها، ويتدبَّر كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا وَيَمْضِي بِفِكْرِهِ فِيهَا مِنْ أَول مَا رأَى النَّائِمُ إِلى آخِرِ مَا رأَى. وَرُوِيَ عَنْ
أَبي رَزِين الْعَقِيلِيِّ: أَنه سَمِعَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: الرُّؤْيا عَلَى رِجْل طَائِرٍ، فإِذا عُبِّرت وقَعَت فَلَا تَقُصَّها إِلا عَلَى وادٍّ أَو ذِي رَأْيٍ
، لأَن الوادَّ لَا يُحبّ أَن يَسْتَقْبِلَكَ فِي تَفْسِيرِهَا إِلا بِمَا تُحِبّ، وإِن لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْعِبَارَةِ لَمْ يَعْجَل لَكَ بِمَا يَغُمُّك لَا أَن تَعْبِيرَه يُزِيلُها عَمَّا جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، وأَما ذُو الرأْي فَمَعْنَاهُ ذُو الْعِلْمِ بِعِبَارَتِهَا، فَهُوَ يُخْبِرُك بِحَقِيقَةِ تَفْسِيرِهَا أَو بأَقْرَب مَا يَعْلَمُهُ مِنْهَا، وَلَعَلَّهُ أَن يَكُونَ فِي تَفْسِيرِهَا موعظةٌ تَرْدَعُك عَنْ قَبِيحٍ أَنت عَلَيْهِ أَو يَكُونَ فِيهَا بُشْرَى فَتَحْمَد اللَّهَ عَلَى النِّعْمَةِ فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: الرُّؤْيَا لأَول عَابِرٍ؛ الْعَابِرُ: النَّاظِرُ فِي الشَّيْءِ، والمُعْتَبِرُ: الْمُسْتَدِلُّ بِالشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ. وَفِي الحَديث:
لِلرُّؤْيَا كُنًى وأَسماءٌ فكنُّوها بكُناها واعتَبروها بأَسمائها.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: كَانَ يَقُولُ إِني أَعْتَبرُ الْحَدِيثَ
؛ الْمَعْنَى فِيهِ أَنه يُعَبِّر الرُّؤْيَا عَلَى الْحَدِيثِ ويَعْتَبِرُ بِهِ كَمَا يَعْتبرها بِالْقُرْآنِ فِي تأْويلها، مِثْلُ أَن يُعَبِّر الغُرابَ بِالرَّجُلِ الْفَاسِقِ، والضِّلَعَ بالمرأَة، لأَن
النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، سَمَّىَ الغُرابَ فَاسِقًا
وَجَعَلَ المرأَة كالضِّلَع
، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْكُنَى والأَسماء. وَيُقَالُ: عَبَرْت الطَّيْرَ أَعْبُرها إِذا زجَرْتها. وعَبَّر عمَّا فِي نَفْسِهِ: أَعْرَبَ وَبَيَّنَ. وعَبّر عَنْهُ غيرُه: عيِيَ فأَعْرَب عَنْهُ، وَالِاسْمُ العِبْرةُ «3» . والعِبارة والعَبارة. وعَبّر عَنْ فُلَانٍ: تكلَّم عَنْهُ؛ وَاللِّسَانُ يُعَبّر عَمَّا فِي الضَّمِيرِ. وعَبَرَ بِفُلَانٍ الماءَ وعَبَّرَهُ بِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمِعْبَرُ: مَا عُبِرَ بِهِ النَّهْرُ مِنْ فُلْكٍ أَو قَنْطَرة أَو غَيْرِهِ. والمَعْبَرُ: الشطُّ المُهَيّأُ للعُبور. قَالَ الأَزهري: والمِعْبَرَةُ سَفِينَةٌ يُعْبَرُ عَلَيْهَا النَّهْرُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: عَبَرْت مَتاعي أَي باعَدْته. وَالْوَادِي يَعْبرُ السيلَ عَنّا أَي يُباعِدُه. والعُبْرِيّ مِنَ السِّدْر: مَا نَبَتَ عَلَى عِبْر النَّهْرِ وعَظُم، مَنْسُوبٌ إِليه نَادِرٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَا ساقَ لَهُ مِنْهُ، وإِنما يَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا قارَب العِبْرَ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: العُبْرِيّ والعُمْرِيُّ مِنْهُ مَا شَرِبَ الْمَاءَ؛ وأَنشد:
لَاثَ بِهِ الأَشاءُ والعُبْرِيُ
قَالَ: وَالَّذِي لَا يَشْرَبُ يَكُونُ بَرِّيّاً وَهُوَ الضالُ. قَالَ وَإِنْ كَانَ عِذْياً فَهُوَ الضَّالُّ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ للسدْر وَمَا عظُم مِنَ الْعَوْسَجِ العُبْريّ. والعُمْرِيُّ: القديمُ مِنَ السِّدْرِ؛ وأَنشد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
قَطَعْت، إِذا تَخَوَّفْتَ العَواطِي، ... ضُروبَ السدْرِ عُبْرِيّاً وَضَالَا
وَرَجُلٌ عابرُ سبيلٍ أَي مَارُّ الطَّرِيقِ. وعَبرَ السبيلَ يَعْبُرُها عُبوراً: شَقَّها؛ وَهُمْ عابرُو سبيلٍ وعُبّارُ سَبِيلٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ
؛ فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَن تَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الْمَسْجِدِ وبيتُه بالبُعد فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَيَخْرُجُ مُسْرِعاً. وَقَالَ الأَزهري: إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ
، مَعْنَاهُ إِلا مُسَافِرِينَ، لأَن
__________
(3) . قوله: [والاسم العبرة] هكذا ضبط في الأَصل وعبارة القاموس وشرحه: والاسم العبرة، بالفتح كما هو مضبوط في بعض النسخ وفي بعضها بالكسر(4/530)
الْمُسَافِرَ يُعْوِزُه الْمَاءُ، وَقِيلَ: إِلا مَارِّينَ فِي الْمَسْجِدِ غَير مُرِيدين الصَّلَاةَ. وَعَبَرَ السَّفَر يعبُره عَبراً: شَقّة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والشِّعْرَى العَبور، وَهُمَا شِعْريانِ: أَحدُهما الغُمَيصاء، وَهُوَ أَحدُ كوكَبَي الذِّرَاعَيْنِ، وأَما العَبور فَهِيَ مَعَ الجوْزاء تكونُ نيِّرةً، سُمّيت عَبوراً لأَنها عَبَرت المَجَرَّةَ، وَهِيَ شَامِيَّةٌ، وَتَزْعُمُ الْعَرَبُ أَن الأُخرى بَكَتْ عَلَى إِثْرِها حَتَّى غَمِصَت فسُمّيت الغُمَيْصاءَ. وَجَمَلٌ عُبْرُ أَسفارٍ وَجِمَالٌ عُبْرُ أَسفارٍ، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ مِثْلُ الفُلك الَّذِي لَا يَزَالُ يُسافَر عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ عِبْر أَسفار، بِالْكَسْرِ. وَنَاقَةٌ عُبْر أَسْفارٍ وسفَرٍ وعَبْرٌ وعِبْرٌ: قويَّةٌ عَلَى السَّفَرِ تشُقُّ مَا مَرَّتْ بِهِ وتُقْطعُ الأَسفارُ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ الْجَرِيءُ عَلَى الأَسفَارِ الْمَاضِي فِيهَا الْقَوِيُّ عَلَيْهَا. والعِبَارُ: الإِبل الْقَوِيَّةُ عَلَى السَّيْرِ. والعَبَّار: الْجَمَلُ الْقَوِيُّ عَلَى السَّيْرِ. وعَبَر الكتابَ يعبُره عَبْراً: تدبَّره فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ بِقِرَاءَتِهِ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ فِي الْكَلَامِ لَقَدْ أَسرعت اسْتِعبارَك لِلدَّرَاهِمِ أَي اسْتِخْرَاجَكَ إِياها. وعَبَرَ المتاعَ وَالدَّرَاهِمَ يَعْبُرُهَا: نَظر كَمْ وزْنُها وَمَا هِيَ، وعبَّرها: وزنَها دِينَارًا دِينَارًا، وَقِيلَ عَبَّرَ الشيءَ إِذا لَمْ يُبَالِغْ فِي وَزْنِهِ أَو كَيْلِهِ، وَتَعْبِيرُ الدَّرَاهِمِ وزنُها جُمْلَةً بَعْدَ التَّفَارِيقِ. والعِبْرة: الْعَجَبُ. واعْتَبَر مِنْهُ: تَعَجَّبَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصارِ
؛ أَي تَدَبَّرُوا وانظُروا فِيمَا نَزَلَ بقُرَيْظةَ وَالنَّضِيرِ، فقايِسوا فِعالَهم واتّعِظُوا بِالْعَذَابِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى؟ قَالَ: كَانَتْ عِبَراً كلُّها
؛ العِبَرُ: جمعُ عِبْرة، وَهِيَ كالمَوْعِظة مِمَّا يَتّعِظُ بِهِ الإِنسان ويَعمَلُ بِهِ ويَعتبِر لِيَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ. والعِبْرة: الاعتبارُ بِمَا مَضَى، وَقِيلَ: العِبْرة الِاسْمُ مِنَ الِاعْتِبَارِ. الْفَرَّاءُ: العَبَرُ الِاعْتِبَارُ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ يَعبَرُ الدُّنْيَا وَلَا يَعْبُرها أَي مِمَّنْ يَعْتَبِرُ بِهَا وَلَا يَمُوتُ سَرِيعًا حَتَّى يُرْضيَك بِالطَّاعَةِ. والعَبورُ: الْجَذَعَةُ مِنَ الْغَنَمِ أَو أَصغر؛ وعيَّنَ اللِّحْيَانِيُّ ذَلِكَ الصِّغَرَ فَقَالَ: الْعَبُورُ مِنَ الْغَنَمِ فَوْقَ الفَطيم مِنْ إِنَاثِ الْغَنَمِ، وَقِيلَ: هِيَ أَيضاً الَّتِي لَمْ تَجُز عامَها، وَالْجَمْعُ عَبَائِرُ. وَحُكِيَ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: لِي نَعْجَتَانِ وَثَلَاثُ عبائرَ. والعَبِير: أَخْلاطٌ مِنَ الطِّيبِ تُجْمَع بِالزَّعْفَرَانِ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّعْفَرَانُ وَحْدَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّعْفَرَانُ عِنْدَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ الأَعشى:
وتَبْرُدُ بَرْدَ رِداءِ العَروس، ... فِي الصَّيْفِ، رَقْرَقْت فِيهِ العَبيرا
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وسِرْب تَطَلَّى بالعَبير، كأَنه ... دِماءُ ظِبَاءٍ بِالنُّحُورِ ذَبِيحُ
ابْنُ الأَعرابي: العبيرُ الزَّعْفَرَانَةُ، وَقِيلَ: العبيرُ ضرْبٌ مِنَ الطِّيبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتَعْجَزُ إِحْداكُنّ أَن تَتَّخِذَ تُومَتينِ ثُمَّ تَلْطَخَهما بِعَبِيرٍ أَو زَعْفَرَانٍ؟
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَن الْعَبِيرَ غيرُ الزَّعْفَرَانِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَبيرُ نوعٌ مِنَ الطِّيبِ ذُو لَوْنٍ يُجْمع مِنْ أَخْلاطٍ. والعَبْرة: الدَّمْعة، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَنْهَمِل الدَّمْعُ وَلَا يُسْمَعَ الْبُكَاءُ، وَقِيلَ: هِيَ الدَّمْعَةُ قَبْلَ أَن تَفيض، وَقِيلَ: هِيَ تردُّد الْبُكَاءِ فِي الصَّدْرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْحُزْنُ بِغَيْرِ بُكَاءٍ، وَالصَّحِيحُ الأَول؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:(4/531)
وإِنّ شِفائي عَبْرةٌ لَوْ سَفَحْتُها
الأَصمعي: وَمِنْ أَمثالهم فِي عِنَايَةِ الرَّجُلِ بأَخيه وإِيثارِه إِياه عَلَى نَفْسِهِ قَوْلُهُمْ: لَكَ مَا أَبْكِي وَلَا عَبْرَةَ بِي؛ يُضْرَب مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَشْتَدُّ اهْتِمَامُهُ بشأْن أَخيه، ويُرْوَى: وَلَا عَبْرَة لِي، أَي أَبكي مِنْ أَجْلِك وَلَا حُزْن لِي فِي خَاصَّةِ نَفْسِي، وَالْجَمْعُ عَبَرات وعِبَر؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي. وعَبْرةُ الدمعِ: جرْيُه. وعَبَرَتْ عينُه واسْتَعْبَرت: دمَعَتْ. وعَبَر عَبْراً واسْتَعْبَر: جرَتْ عَبْرتُه وَحَزِنَ. وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ: عَبِر الرجلُ يعبَرُ عَبَراً إِذا حَزِنَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه ذكَرَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، ثُمَّ اسْتَعْبَر فَبَكَى
؛ هُوَ استفْعل مِنَ العَبْرة، وَهِيَ تحلُّب الدَّمْعِ. وَمِنْ دُعاء الْعَرَبِ عَلَى الإِنسان: مَا لَهُ سَهِر وعَبِر. وامرأَة عابرٌ وعَبْرى وعَبِرةٌ: حَزِينَةٌ، والجمع عَبارى؛ قال الحرث بْنُ وعْلةَ الجَرْمي، وَيُقَالُ هُوَ لِابْنِ عَابِسٍ الْجَرْمِيِّ:
يَقُولُ لِيَ النَّهْديُّ: هَلْ أَنتَ مُرْدِفي؟ ... وَكَيْفَ ردافُ الفَرِّ؟ أُمُّك عابرُ
أَي ثَاكِلٌ
يُذَكّرُني بالرُّحْمِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ... وَقَدْ كَانَ فِي نَهْدٍ وجَرْمٍ تدارُ
أَي تُقَاطَعُ
نجوْت نَجَاءً لَمْ يَرَ الناسُ مثلَه، ... كأَني عُقابٌ عِنْدَ تَيْمَنَ كاسِرُ
والنَّهْديّ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي نَهْد يُقَالُ لَهُ سَلِيط، سأَل الحرث أَن يُرْدِفَه خَلْفه لينجُوَ بِهِ فأَبى أَن يُرْدِفَه، وأَدركت بَنُو سَعْدٍ النَّهْدِيّ فَقَتَلُوهُ. وعينٌ عَبْرى أَي بَاكِيَةٌ. وَرَجُلٌ عَبرانُ وعَبِرٌ: حزِينٌ. والعُبْرُ: الثَّكْلى. والعُبْرُ: الْبُكَاءُ بالحُزْن؛ يُقَالُ: لأُمِّه العُبْرُ والعَبَرُ. والعَبِرُ والعَبْرانُ: الْبَاكِي. والعُبْر والعَبَر: سُخْنةُ الْعَيْنِ مِنْ ذَلِكَ كأَنه يَبْكي لِمَا بِهِ. والعَبَر، بِالتَّحْرِيكِ: سُخنة فِي الْعَيْنِ تُبكيها. ورأَى فُلَانٌ عُبْرَ عَيْنِهِ فِي ذَلِكَ الأَمر وأَراه عُبْرَ عَيْنِهِ أَي مَا يُبْكِيهَا أَو يُسْخِنها. وعَبَّر بِهِ: أَراه عُبْرَ عَيْنِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومِنْ أَزْمَة حَصَّاءَ تَطْرَحُ أَهلَها ... عَلَى مَلَقِيَّات يُعَبِّرْنَ بالغُفْر
وَفِي حَدِيثِ
أُمْ زَرْعٍ: وعُبْر جارتِها
أَي أَن ضَرَّتَها تَرَى مِنْ عِفَّتِها مَا تَعْتَبِرُ بِهِ، وَقِيلَ: إِنها تَرَى مِنْ جَمالِها مَا يُعَبِّرُ عَيْنَهَا أَي يُبكيها. وامرأَة مُسْتَعْبِرة ومُسْتَعْبَرَة: غَيْرُ حَظِيَّةٍ؛ قَالَ القُطامي:
لَهَا روْضة فِي الْقَلْبِ لَمْ تَرْعَ مِثْلَها ... فَرُوكٌ، وَلَا المُسْتَعْبِرات الصَّلائف
والعُبْر، بِالضَّمِّ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ. والعُبْر: جَمَاعَةُ الْقَوْمِ؛ هُذَلِيَّةٌ عَنْ كُرَاعٍ. وَمَجْلِسٌ عِبْر وعَبْر: كَثِيرُ الأَهل. وَقَوْمٌ عَبِير: كَثِيرٌ. والعُبْر: السَّحَائِبُ الَّتِي تَسِيرُ سَيْرًا شَدِيدًا. يُقَالُ: عَبَّرَ بِفُلَانٍ هَذَا الأَمرُ أَي اشْتَدَّ عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
مَا أَنا والسَّيْرَ فِي مَتْلَفٍ، ... يُعَبِّرُ بالذَّكَر الضَّابِط
وَيُقَالُ: عَبَرَ فُلَانٌ إِذا مَاتَ، فَهُوَ عَابِرٌ، كأَنه عَبَرَ سبيلَ الْحَيَاةِ. وعبَرَ القومُ أَي مَاتُوا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فإِنْ نَعْبُرْ فإِنَّ لَنَا لُمَاتٍ، ... وإِنْ نَعْبُرْ فَنَحْنُ عَلَى نُذُور(4/532)
يقول: إِن متنا قلنا أَقرانٌ، وإِن بَقينا فَنَحْنُ نَنْتَظِرُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كأَن لَنَا فِي إِتيانه نَذْرًا. وَقَوْلُهُمْ: لُغَةٌ عابِرَة أَي جَائِزَةٌ. وَجَارِيَةٌ مُعْبَرَة: لَمْ تُخْفَض. وأَعبَر الشَّاةَ: وفَّر صُوفَهَا. وَجَمَلٌ مُعْبَر: كَثِيرُ الوبَر كأَن وَبَرَهُ وُفِّر عَلَيْهِ وإِن لَمْ يَقُولُوا أَعْبَرْته؛ قَالَ:
أَو مُعْبَرُ الظَّهْر يُنْبى عَنْ وَلِيَّتِهِ، ... مَا حَجَّ رَبُّه فِي الدُّنْيَا وَلَا اعْتَمَرَا
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَبَرَ الكَبشَ تَرَكَ صُوفَهُ عَلَيْهِ سَنَةً. وأَكْبُشٌ عُبرٌ إِذا تَرَكَ صُوفَهَا عَلَيْهَا، وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا الْجَمْعُ. الْكِسَائِيُّ: أَعْبَرْت الْغَنَمَ إِذا تَرَكْتَهَا عَامًا لَا تُجزّها إِعْباراً. وَقَدْ أَعْبَرْت الشَّاةَ، فَهِيَ مُعْبَرَة. والمُعْبَر: التَّيْسُ الَّذِي تُرِكَ عَلَيْهِ شَعْرُهُ سَنَوَاتٌ فَلَمْ يُجَزَّ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازم يَصِفُ كَبْشًا:
جَزيزُ القَفا شَبْعانُ يَرْبِضُ حَجْرة، ... حديثُ الخِصَاء وارمُ العَفْل مُعْبَرُ
أَي غَيْرُ مَجْزُوزٍ. وَسَهْمٌ مُعْبَرٌ وعَبِرٌ: مَوْفُور الرِّيشِ كالمُعْبَر مِنَ الشَّاءِ والإِبل. ابْنُ الأَعرابي: العُبْرُ مِنَ النَّاسِ القُلْف، وَاحِدُهُمْ عَبُورٌ. وَغُلَامٌ مُعْبَرٌ: كادَ يَحْتلم وَلَمْ يُخْتَن بَعْدُ؛ قَالَ:
فَهْوَ يُلَوِّي باللِّحاءِ الأَقْشَرِ، ... تَلْويَةَ الخاتِن زُبَّ المُعْبَرِ
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يُخْتَن، قارَب الِاحْتِلَامَ أَو لَمْ يُقارِب. قَالَ الأَزهري: غُلَامٌ مُعْبَرٌ إِذا كادَ يحتلم ولم يُخْتَن. وقالوا فِي الشَّتْمِ: يَا ابْنَ المُعْبَرَة أَي العَفْلاء، وأَصله مِنْ ذَلِكَ. والعُبْرُ: العُقاب، وَقَدْ قِيلَ: إِنه العُثْرُ، بِالثَّاءِ، وَسَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ. وَبَنَاتُ عِبْرٍ: الْبَاطِلُ؛ قَالَ:
إِذا مَا جِئْتَ جَاءَ بناتُ عِبْرٍ، ... وإِن ولَّيْتَ أَسْرَعْنَ الذَّهابا
وأَبو بناتِ عِبْرٍ: الكَذَّاب. والعُبَيْراءُ، مَمْدُودٌ: نَبْتٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ حَكَاهُ مَعَ الغُبَيْراء. والعَوْبَرُ: جِرْوُ الفَهْد؛ عَنْ كُرَاعٍ أَيضاً. والعَبْرُ وَبَنُو عَبْرَة، كِلَاهُمَا: قَبِيلَتَانِ. والعُبْرُ: قَبِيلَةٌ. وعابَرُ بنُ أَرْفَخْشَذ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. والعِبْرانية: لُغَةُ الْيَهُودِ. والعِبْري، بِالْكَسْرِ: العِبْراني، لُغَةُ الْيَهُودِ.
عبثر: العَبَوْثَرانُ والعَبَيْثَرانُ: نَبَاتٌ كالقَيْصوم فِي الغُبْرة إِلا أَنه طَيِّب للأَكل، لَهُ قُضْبان دِقاق طَيِّبُ الرِّيحِ، وَتُفْتَحُ الثَّاءُ فِيهِمَا وَتُضَمُّ أَربع لُغَاتٍ. وَقَالَ الأَزهري: هُوَ نَبَاتٌ ذَفِرُ الرِّيحِ؛ وأَنشد:
يَا رِيَّها إِذا بَدَا صُناني، ... كأَنني جَاني عَبَيْثَرَانِ
قَالَ الأَزهري: شَبَّهَ ذَفَرَ صُنانه بذَفَر هَذِهِ الشَّجَرَةِ. والذَّفَر: شِدَّةُ ذَكَاءِ الرَّائِحَةِ، طَيِّبَةً كَانَتْ أَو خَبِيثَةٌ، وأَما الدَّفَر، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فَلَا يَكُونُ إِلا لِلْمُنْتِنِ. وَالْوَاحِدَةُ عَبَوْثَرانة وعَبَيْثَرانة، فإِذا يَبِسَتْ ثَمَرَتُهَا عَادَتْ صَفْرَاءَ كَدْراء. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: ذاتُ حَوْذَان وَعَبَيْثَران
، وَهُوَ نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ مِنْ نَبَاتِ الْبَادِيَةِ. وَيُقَالُ: عَبَوْثَران، بِالْوَاوِ وَتَفْتَحُ الْعَيْنُ وَتُضَمُّ. وعَباثِرُ: مَوْضِعٌ، وَهُوَ فِي أَنه جَمْعُ اسْمٍ لِلْوَاحِدِ كحَضَاجر؛ قَالَ كُثَيِّر:
ومَرّ فأَرْوى يَنْبُعاً فَجُنُوبَه، ... وَقَدْ جِيدَ مِنْهُ حَيْدَةٌ فَعَباثِرُ
وعَبْثَرٌ: اسْمٌ. وَوَقَعَ فُلَانٌ فِي عَبَيْثَرانِ شَرٍّ(4/533)
وعَبَوْثَران شَرٍّ وعُبَيْثَرة شَرٍّ إِذا وَقَعَ فِي أَمر شَدِيدٍ. قَالَ: والعَبَيثرانُ شَجَرَةٌ طَيِّبَةُ الرِّيحِ كَثِيرَةُ الشَّوْكِ لَا يَكادُ يَتَخلص مِنْهَا مَنْ شَاكَهَا، يُضْرَبُ مَثَلًا لكل أَمر شديد.
عبجر: العَبَنْجَر: الغليظ.
عبسر: العُبْسور مِنَ النُّوق: السَّرِيعَةُ. الأَزهري: العُبْسور الصلْبة.
عبقر: عَبْقَر: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ كَثِيرُ الْجِنِّ. يُقَالُ فِي الْمَثَلِ: كأَنهم جِنُّ عَبْقَر؛ فأَما قَوْلُ مَرَّار بْنِ مُنْقِذٍ العَدَوي:
هَلْ عَرَفْتَ الدارَ أَم أَنكرتَهَا ... بَيْنَ تِبْراكٍ فَشَمَّيْ عَبَقُرْ؟
وَفِي الصِّحَاحِ: فَشَسَّيْ عَبَقُرْ، فإِن أَبا عُثْمَانَ ذَهَبَ إِلى أَنه أَراد عَبْقَر فَغَيَّرَ الصِّيغَةَ؛ وَيُقَالُ: أَراد عبَيْقُر فَحَذَفَ الْيَاءَ، وَهُوَ وَاسِعٌ جِدًّا؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه تَوَهَّمَ تَثْقِيلَ الرَّاءِ وَذَلِكَ أَنه احْتَاجَ إِلى تَحْرِيكِ الْبَاءِ لإِقامة الْوَزْنِ، فَلَوْ تَرَكَ الْقَافَ عَلَى حَالِهَا مَفْتُوحَةً لَتَحَوَّلَ الْبِنَاءُ إِلى لَفْظٍ لَمْ يَجِئْ مِثْلُهُ، وَهُوَ عَبَقَر، لَمْ يَجِئْ عَلَى بِنَائِهِ مَمْدُودٌ وَلَا مُثَقَّل، فَلَمَّا ضَمَّ الْقَافَ تَوَهَّمَ بِهِ بِنَاءَ قَرَبوسٍ وَنَحْوِهِ وَالشَّاعِرُ يَجُوزُ لَهُ أَن يَقْصِر [يَقْصُر] قَرْبُوسَ فِي اضْطِرَارِ الشِّعْرِ فَيَقُولُ قَرَبُس، وأَحسن مَا يَكُونُ هَذَا الْبِنَاءُ إِذا ذَهَبَ حَرْفُ الْمَدِّ مِنْهُ أَن يُثْقِلَ آخِرَهُ لأَن التَّثْقِيلَ كَالْمَدِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنه لَمَّا احْتَاجَ إِلى تَحْرِيكِ الْبَاءِ لإِقامة الْوَزْنِ وتَوَهَّمَ تَشْدِيدَ الرَّاءِ ضَمَّ الْقَافَ لِئَلَّا يَخْرُجَ إِلى بِنَاءٍ لَمْ يَجِئْ مِثْلُهُ فأَلحقه ببناءٍ جَاءَ فِي المَثَل، وَهُوَ قَوْلِهِمْ هُوَ أَبْردُ مِنْ عَبَقُرٍّ، وَيُقَالُ: حَبَقُرٍّ كأَنهما كَلِمَتَانِ جُعِلَتا وَاحِدَةً لأَن أَبا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ يَرْوِيهِ أَبرد مِنْ عَبِّ قُرٍ؛ قَالَ: والعَبُّ اسْمٌ للبَرَد الَّذِي يَنْزِلُ مِنَ المُزْن، وَهُوَ حَبُّ الغَمام، فَالْعَيْنُ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْحَاءِ. والقُرُّ: البَردُ؛ وأَنشد:
كأَنَّ فَاهَا عَبُّ قُرٍ باردٌ، ... أَو ريحُ مِسْكٍ مَسَّه تَنْضاحُ رِكْ
وَيُرْوَى:
كأَنَّ فَاهَا عَبْقَرِيٌّ بَارِدٌ
والرِّكُّ: الْمَطَرُ الضَّعِيفُ، وتَنْضاحُهُ: ترشُّشه. الأَزهري: يُقَالُ إِنه لأَبْرَدُ مِنْ عَبَقُرٍّ وأَبرد مِنْ حَبَقُرٍّ وأَبرد مِنْ عَضْرَسٍ؛ قَالَ: والحَبَقُرُّ والعَبَقُرُّ والعَضْرَسُ البَرَدُ. الأَزهري: قَالَ الْمُبَرِّدُ عَبَقُرٌّ والعَبَقُرُّ البَرَد. الْجَوْهَرِيُّ: العَبْقَرُ مَوْضِعٌ تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنه مِنْ أَرض الْجِنِّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ومَنْ فادَ مِنْ إِخوانِهِم وبَنِيهِمُ، ... كُهُول وشُبَّان كجنَّةِ عَبْقَرِ
مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السبيلِ عليهمُ ... بَهيّاً مِنَ السُّلَّافِ، لَيْسَ بِجَيْدَر
أَي قَصِيرٌ؛ وَمِنْهَا:
أَقي العِرضَ بِالْمَالِ التِّلادِ، وأَشْتَري ... بِهِ الحمدَ، إِن الطالبَ الْحَمْدَ مُشْتَري
وَكَمْ مُشْتَرٍ من ماله حُسْنَ صِيته ... لِآبائِهِ فِي كُلِّ مَبْدًى ومَحْضَرِ
ثُمَّ نَسَبُوا إِليه كُلَّ شَيْءٍ تَعَجَّبُوا مِنْ حِذْقِهِ أَو جَوْدة صَنْعَتِهِ وَقُوَّتِهِ فَقَالُوا: عَبْقَرِيٌّ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ، والأُنثى عَبْقَرِيَّةٌ؛ يُقَالُ: ثِيَابٌ عَبْقَرِيَّةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ العَبْقرُ مَوْضِعٌ صَوَابُهُ أَن يَقُولَ عَبْقَرٌ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ لأَنه اسْمُ عَلَمٍ لِمَوْضِعٍ؛ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَنّ صَليلَ المَرْوِ، حِينَ تشدُّهُ، ... صَليلُ زُيُوفٍ يُنْتَقَدْنَ بعَبْقَرا(4/534)
وَكَذَلِكَ قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
حَتَّى كأَنَّ رِياض القُفِّ أَلْبَسَها، ... مِنْ وشْيِ عَبْقَر، تَجْليلٌ وتَنْجِيدُ
قَالَ ابْنُ الأَثير: عَبْقَر قَرْيَةٌ تَسْكُنُهَا الْجِنُّ فِيمَا زَعَمُوا، فكلَّما رأَوا شَيئاً فَائِقًا غَرِيبًا مِمَّا يَصْعُبُ عملُه ويَدِقُّ أَو شَيْئًا عَظِيمًا فِي نَفْسِهِ نَسَبُوهُ إِليها فَقَالُوا: عَبْقَرِيٌّ، اتُّسِعَ فِيهِ حَتَّى سُمِّيَ بِهِ السَّيِّدُ وَالْكَبِيرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَسْجُدُ عَلَى عَبْقَرِيٍ
؛ وَهِيَ هَذِهِ البُسُط الَّتِي فِيهَا الأَصْباغ والنُّقوش، حَتَّى قَالُوا ظُلْمٌ عَبْقَرِيٌّ، وَهَذَا عبقريُّ قَوْمٌ لِلرَّجُلِ الْقَوِيِّ، ثُمَّ خَاطَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا تعارَفوه: فقال عَبْقَرِيٍّ حِسانٍ
؛ وقرأَه بَعْضُهُمْ: عَباقِريّ، وَقَالَ: أَراد جَمْعَ عَبْقَرِيٍّ، وَهَذَا خطأٌ لأَن الْمَنْسُوبَ لَا يُجْمَعُ عَلَى نِسْبَتِهِ ولا سيما الرُّبَاعِيُّ، لَا يُجْمَع الخَثْعَمِيُّ بالخَثاعِمِيّ وَلَا المُهَلَّبِيُّ بالمَهالِبِيّ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا أَن يَكُونَ نُسِب إِلى اسْمٍ عَلَى بِنَاءِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ تَمَامِ الِاسْمِ نَحْوَ شَيْءٍ تَنْسُبُهُ إِلى حَضاجِر فَتَقُولُ حضاجِرِيّ، فَيُنْسَبُ كَذَلِكَ إِلى عباقِر فَيُقَالُ عباقِرِيّ، والسراويلُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ حُذَّاق النَّحْوِيِّينَ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَالْكِسَائِيِّ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَالَ شِمْرٌ قُرِئَ
عباقَريّ
، بِنَصْبِ الْقَافِ، وكأَنه مَنْسُوبٌ إِلى عباقِر. قَالَ الْفَرَّاءُ: العَبْقَرِيّ الطنافِس الثخانُ، وَاحِدَتُهَا عَبقريّة، والعَبْقَرِيّ الدِّيبَاجُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه كَانَ يَسْجُدُ عَلَى عَبْقَرِيّ.
قِيلَ: هُوَ الدِّيبَاجُ، وَقِيلَ: البسُط المَوْشِيّة، وَقِيلَ: الطَّنَافِسُ الثِّخَانُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الزَّرابيّ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ عِتاقُ الزَّرَابِيِّ، وَقَدْ قَالُوا عَباقِر مَاءٌ لِبَنِي فَزَارَةَ؛ وأَنشد لِابْنِ عَنمة:
أَهْلي بِنَجْدٍ ورحْلي فِي بيوتكمُ، ... عَلَى عباقِرَ مِنْ غَوْريّة العلَم
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعَبْقَرِيّ والعَباقري ضَرْبٌ مِنَ الْبُسُطِ، الْوَاحِدَةُ عَبْقَرِيّة. قَالَ: وعَبْقَر قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ تُوَشَّى فِيهَا الثِّيَابُ وَالْبُسُطُ، فَثِيَابُهَا أَجود الثِّيَابِ فَصَارَتْ مَثَلًا لِكُلِّ مَنْسُوبٍ إِلى شَيْءٍ رَفِيعٍ، فَكُلَّمَا بَالَغُوا فِي نَعْتِ شَيْءٍ مُتَناهٍ نَسَبُوهُ إِليه، وَقِيلَ: إِنما يُنْسَب إِلى عَبْقَر الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْجِنِّ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَا وَجَدْنَا أَحداً يَدْرِي أَين هَذِهِ الْبِلَادُ وَلَا مَتَى كَانَتْ. وَيُقَالُ: ظُلْمٌ عَبْقَرِيّ ومالٌ عَبْقَرِيّ وَرَجُلٌ عَبْقَرِيّ كَامِلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قصَّ رُؤيا رَآهَا وَذَكَرَ عمرَ فِيهَا فَقَالَ: فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيّاً يَفْرِي فَرِيَّه
؛ قَالَ الأَصمعي: سأَلت أَبا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ عَنِ العَبْقَرِيّ، فَقَالَ: يُقَالُ هَذَا عَبْقَرِيُّ قومٍ، كَقَوْلِكَ هَذَا سيدُ قَوْمٍ وَكَبِيرُهُمْ وَشَدِيدُهُمْ وقويُّهم وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وإِنما أَصل هَذَا فِيمَا يُقَالُ أَنه نُسِبَ إِلى عَبْقَر، وَهِيَ أَرض يَسْكُنُهَا الجنُّ، فَصَارَتْ مَثَلًا لِكُلِّ مَنْسُوبٍ إِلى شَيْءٍ رَفِيعٍ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:
بِخَيْلٍ عَلَيْهَا جِنَّةٌ عَبْقَريةٌ، ... جَديرون يَوْمًا أَن يَنالوا فيَسْتَعْلُوا
وَقَالَ: أَصل العَبْقَرِيّ صفةٌ لِكُلِّ مَا بُولِغَ فِي وَصْفِهِ، وأَصله أَن عَبْقَرَ بَلَدٌ يُوشَّى فِيهِ البسُط وغيرُها، فنُسب كُلُّ شَيْءٍ جَيِّدٍ إِلى عَبْقَر. وعَبْقَريُّ القومِ: سيدُهم، وَقِيلَ: العَبْقَريّ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ، والعَبْقَريّ: الشَّدِيدُ، والعَبْقَرِيُّ: السَّيِّدُ مِنَ الرِّجَالِ، وَهُوَ الْفَاخِرُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْجَوْهَرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما عَبَقُرٌ فَقِيلَ أَصله عَبَيْقُرٌ، وَقِيلَ: عَبَقُور فَحُذِفَتِ الْوَاوُ، وَقَالَ: وَهُوَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ نَفْسُهُ.(4/535)
والعَبْقَرُ والعَبْقَرةُ مِنَ النِّسَاءِ: المرأَة التَّارَّةُ الْجَمِيلَةُ؛ قَالَ:
تَبَدَّلَ حِصْنٌ بأَزواجه ... عِشاراً، وعَبقرةً عَبْقَرا
أَراد عَبْقَرَةً عَبْقَرَةً فأَبدل مِنَ الْهَاءِ أَلفاً لِلْوَصْلِ، وعَبْقَر: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عِصَامٍ: عينُ الظَّبْية العَبْقَرةِ
؛ يُقَالُ: جَارِيَةٌ عَبْقَرةٌ أَي ناصِعَةُ اللَّوْنِ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ واحدةَ العَبْقَرِ، وَهُوَ النرْجِسُ تُشَبَّهُ بِهِ الْعَيْنُ. والعَبْقَرِيّ: البساطُ المُنَقّش. والعَبْقَرةُ: تَلأْلُؤُ السَّرَابِ. وعَبْقَرَ السرابُ: تَلأْلأَ. والعَبَوْقَرة: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الْهَجَرِيُّ: هُوَ جَبَلٌ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ مِنَ السَّيالة قَبْلَ مَللٍ بِمَيْلَيْنِ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
أَهاجَك بالعَبَوْقَرةِ الدِّيارُ؟ ... نَعَمْ مِنَّا مَنازِلُها قِفارُ
والعَبْقَرِيّ: الْكَذِبُ الْبَحْتُ. كَذِبٌ عَبْقَرِيٌّ وسُمَاقٌ أَي خَالِصٌ لَا يَشوبُه صِدْق. قَالَ اللَّيْثُ: والعَبْقَرُ أَول مَا يَنْبُتُ مِنْ أُصول الْقَصَبِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ غضٌّ رَخْصٌ قَبْلَ أَن يَظْهَرَ مِنَ الأَرض، الْوَاحِدَةُ عَبْقَرة؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كَعَبْقَراتِ الحائرِ المَسْحور
قَالَ: وأَولادُ الدهاقِين يُقَالُ لَهُمْ عَبْقر، شبَّههمِ لتَرارتِهم ونَعْمتِهم بالعَبْقَر؛ هَكَذَا رأَيت فِي نُسَخِ التَّهْذِيبِ، وَفِي الصِّحَاحِ: عُنْقُرُ القَصَب أَصْلُه، بِزِيَادَةِ النُّونِ، وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلى نَظَرٍ، والله أَعلم بالصواب.
عبهر: العَبْهَرُ: الْمُمْتَلِئُ شِدَّةً وغِلَظاً. وَرَجُلٌ عَبْهَرٌ: مُمْتَلِئُ الْجِسْمِ. وامرأَة عَبْهَرٌ وعَبْهَرة. وقَوْس عَبْهَر: مُمْتَلِئَةُ العَجْس؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ يَصِفُ قَوْسًا:
وعُراضةُ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ بَرْيُها، ... تأْوِي طوائفُها بعَجْسٍ عَبْهَر
والعَبْهَرَةُ: الرقيقةُ الْبَشَرَةِ الناصعةُ الْبَيَاضِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي جَمَعَتِ الحُسْنَ وَالْجِسْمَ والخُلُق، وَقِيلَ: هِيَ الْمُمْتَلِئَةُ، جَارِيَةٌ عَبْهَرة؛ وأَنشد الأَزهري:
قَامَتْ تُرائِيكَ قَواماً عَبْهَرَا ... مِنْهَا، ووَجْهاً وَاضِحًا وبَشَرَا،
لَوْ يَدْرُج الذَّرُّ عَلَيْهِ أَثّرا
والعَبْهرة: الْحَسَنَةُ الخَلْق؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَبْهَرَةُ الخَلْقِ لُبَاخِيَّةٌ، ... تَزِينُهُ بالخُلُقِ الظَّاهِرِ
وَقَالَ:
مِنْ نِسْوةٍ بِيضِ الوُجوهِ، ... نَواعِمٍ غِيدٍ عَباهِرْ
والعَبْهر والعُباهِر: الْعَظِيمُ، وقيلَ: هُمَا النَّاعِمُ الطَّوِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَالَ الأَزهري: مِنَ الرِّجَالِ. والعَبْهر: الياسمينُ، سُمِّيَ بِهِ لنَعْمتِه. والعَبْهَر: النَّرْجِسُ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ، وَلَمْ يُحَلِّ. الْجَوْهَرِيُّ: العَبْهَر بِالْفَارِسِيَّةِ بُسْتان أَفْرُوز.
عتر: عتَرَ الرُّمْحُ وَغَيْرُهُ يَعْتِر عَتْراً وعتَراناً: اشْتَدَّ وَاضْطَرَبَ وَاهْتَزَّ؛ قَالَ:
وَكُلُّ خَطِّيٍّ إِذا هُزَّ عَتَرْ
والرُّمْحُ العاترُ: الْمُضْطَرِبُ مِثْلُ العاسِل، وَقَدْ عَتَرَ وعَسَلَ وعَرَتَ وعَرَصَ. قَالَ الأَزهري: قَدْ صَحَّ عَتَر وعرتَ ودلَّ اختلافُ بِنَائِهَا عَلَى أَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا غَيْرُ الْآخَرِ. وعَتَر الذكَرُ يَعْتِر عَتْراً وعُتُوراً: اشْتَدَّ إِنعاظُه وَاهْتَزَّ؛ قَالَ:
تَقُولُ إِذْ أَعْجَبَها عُتُورُه،(4/536)
وغابَ في فقْرتِها جُذْمورُه: ... أَسْتَقْدِرُ اللهَ وأَسْتَخِيرُه
والعُتُر: الفروجُ المُنْعِظة، وَاحِدُهَا عاتِرٌ وعَتُور. والعَتْر والعِتْر: الذَّكَر. وَرَجُلٌ مُعَتَّر: غليظٌ كَثِيرُ اللَّحْمِ. والعَتَّار: الرَّجُلُ الشُّجَاعُ، وَالْفَرَسُ الْقَوِيُّ عَلَى السَّيْرِ، وَمِنَ الْمَوَاضِعِ الوَحْش الْخَشِنُ؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: جَاءَ فِعْوَل مِنَ الأَسماء خِرْوَع وعِتْوَر، وَهُوَ الْوَادِي الْخَشِنُ التُّرْبَةِ. والعِتْر: العَتِيرة، وَهِيَ شَاةٌ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي رَجَبٍ لِآلِهَتِهِمْ مِثْلُ ذِبح وذَبِيحة. وعَتَرَ الشاةَ وَالظَّبْيَةَ وَنَحْوَهُمَا يَعْتِرُها عَتْراً، وَهِيَ عَتِيرة: ذَبَحها. والعَتِيرةُ: أَول مَا يُنْتَج كَانُوا يَذْبَحُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ؛ فأَما قَوله:
فَخَرَّ صَرِيعاً مثلَ عاتِرَة النُّسُكْ
فإِنه وَضَعَ فَاعِلًا مَوْضِعَ مَفْعُولٍ، وَلَهُ نَظَائِرُ، وَقَدْ يَكُونُ عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَإِنَّمَا هِيَ مَعْتُورةٌ، وَهِيَ مِثْلُ عِيشَة رَاضِيَةٍ وإِنما هِيَ مَرْضِيّة. والعِتْر: الْمَذْبُوحُ. والعِتْر: مَا عُتِرَ كالذِّبْح. والعِتْرُ: الصَنم يُعْتَرُ لَهُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
فَزَلّ عَنْهَا وأَوْفى رأْس مَرْقَبَةٍ، ... كناصِبِ العِتْر دَمَّى رأْسَه النُّسُكُ
وَيُرْوَى: كمَنْصِب العِتْر؛ يُرِيدُ كَمَنْصِبِ ذَلِكَ الصَّنَمِ أَو الْحَجَرِ الَّذِي يُدَمَّى رأْسُه بِدَمِ العَتِيرة، وَهَذَا الصَّنَمُ كَانَ يُقَرَّب لَهُ عِتْرٌ أَي ذِبْح فَيُذْبَحُ لَهُ ويُصيب رأْسه مِنْ دَمِ العِتْر؛ وقول الحرث بْنِ حِلِّزة يَذْكُرُ قَوْمًا أَخذوهم بِذَنْبِ غَيْرِهِمْ:
عَنَناً بَاطِلًا وظُلْماً، كَمَا تُعْتَرُ ... عَنْ حَجْرة الرَّبِيضِ الظِّبَاءُ
مَعْنَاهُ أَن الرَّجُلَ كَانَ يَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: إِن بَلَغَتْ إِبلي مِائَةً عَتَرْت عَنْهَا عَتِيرةً، فإِذا بَلَغَتْ مِائَةً ضَنَّ بِالْغَنَمِ فَصَادَ ظَبْيًا فَذَبَحَهُ؛ يَقُولُ فَهَذَا الَّذِي تَسَلُوننا اعتراضٌ وَبَاطِلٌ وَظُلْمٌ كَمَا يُعْتَر الظبيُ عَنْ رَبِيض الْغَنَمِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَفْسِيرِ اللَّيْثِ: قَوْلُهُ كَمَا تُعْتَر يَعْنِي العَتِيرة فِي رَجَبٍ، وَذَلِكَ أَن الْعَرَبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ إِذا طَلَبَ أَحدُهم أَمراً نَذَرَ لَئِنْ ظَفِرَ بِهِ ليذبَحَنَّ مِنْ غَنَمِهِ فِي رَجَبٍ كَذَا وَكَذَا، وَهِيَ العَتائر أَيضاً فَإِذَا ظَفر بِهِ فَرُبَّمَا ضَاقَتْ نفسُه عَنْ ذَلِكَ وضَنّ بِغَنَمِهِ، وَهِيَ الرَّبِيض، فيأْخذ عددَها ظِبَاءً، فَيَذْبَحُهَا فِي رَجَبٍ مَكَانَ تِلْكَ الْغَنَمِ، فكأَن تِلْكَ عتائرُه، فَضَرَبَ هَذَا مَثَلًا، يَقُولُ: أَخَذْتمونا بذنبِ غيرِنا كَمَا أُخِذَت الظباءُ مكانَ الْغَنَمِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ: لَا فَرَعةَ وَلَا عَتِيرَة
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العَتِيرة هِيَ الرَّجَبِيَّة، وَهِيَ ذَبِيحَةٌ كَانَتْ تُذْبَح فِي رَجَبٍ يتَقَرَّب بِهَا أَهلُ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ جَاءَ الإِسلام فَكَانَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى نُسخَ بَعْدُ؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ
مِخْنَفِ بْنِ سُلَيم قَالَ: سَمِعْتُ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ إِنّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحاةً وعَتِيرَةً
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْحَدِيثُ الأَول أَصح، يُقَالُ مِنْهُ: عَتَرْت أَعْتِرُ عَتْراً، بِالْفَتْحِ، إِذا ذَبح العَتِيرة؛ يُقَالُ: هَذِهِ أَيام تَرْجِيبٍ وتَعْتارٍ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: العَتيرةُ فِي الْحَدِيثِ شَاةٌ تُذْبَح فِي رَجَبٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُشْبِه مَعْنَى الْحَدِيثِ ويَلِيق بِحُكْمِ الدِّين، وأَما العَتِيرة الَّتِي كَانَتْ تَعْتِرُها الْجَاهِلِيَّةُ فَهِيَ الذَّبِيحَةُ الَّتِي كَانَتْ تُذْبَح للأَصنام ويُصَبُّ دَمُها عَلَى رأْسها. وعِتْرُ الشَّيْءِ: نصابُه، وعِتْرةُ المِسْحاة: نِصابُها، وَقِيلَ: هِيَ الْخَشَبَةُ الْمُعْتَرِضَةُ فِيهِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا الحافِرُ بِرِجْلِهِ، وَقِيلَ: عِتْرتُها خشبتُها الَّتِي تُسَمَّى يَدَ المِسْحاة.(4/537)
وعِتْرةُ الرَّجُلِ: أَقْرِباؤه مِنْ ولدٍ وغيرهِ، وَقِيلَ: هُمْ قومُهُ دِنْياً، وَقِيلَ: هُمْ رَهْطُهُ وَعَشِيرَتُهُ الأَدْنَون مَنْ مَضى مِنْهُمْ ومَن غَبَر؛ وَمِنْهُ
قَوْلُ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَحْنُ عِتْرةُ رسولِ الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا وبَيْضَتُه الَّتِي تَفَقَّأَتْ عَنْهُ، وإِنما جِيبَت العرَبُ عَنَّا كَمَا جِيَبت الرَّحَى عَنْ قُطْبها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: لأَنهم مِنْ قُرَيْشٍ؛ وَالْعَامَّةُ تَظُنُّ أَنها ولدُ الرَّجُلِ خَاصَّةً وأَن عترة رسولِ الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولدُ فَاطِمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ، وَقَالَ الأَزهري، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِني تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَينِ خَلْفي: كتابَ اللَّهِ وعتْرتي فإِنهما لن يتفرّقا حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الْحَوْضَ
؛ وَقَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسحق وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ورفعَه نحوَه زيدُ بْنُ أَرقم وأَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَفِي بَعْضِهَا:
إِنِّي تاركٌ فِيكُمُ الثَّقَليْن: كتابَ اللَّهِ وعِتْرَتي أَهلَ بَيْتِي
، فَجَعَلَ الْعِتْرَةَ أَهلَ الْبَيْتِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ: عِتْرةُ الرَّجُلِ وأُسْرَتُه وفَصِيلتُه رَهْطُهُ الأَدْنَون. ابْنُ الأَثير: عِتْرةُ الرَّجُلِ أَخَصُّ أَقارِبه. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العِتْرة ولدُ الرَّجُلِ وَذُرِّيَّتُهُ وعَقِبُه مِنْ صُلْبه، قَالَ: فعِتْرةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولدُ فَاطِمَةَ البَتُول، عَلَيْهَا السَّلَامُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي سَعِيدٍ قَالَ: العِتْرةُ ساقُ الشَّجَرَةِ، قَالَ: وعِتْرةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عبدُ الْمَطَّلِبِ وَوَلَدُهُ، وَقِيلَ: عِتْرتُه أَهل بَيْتِهِ الأَقربون وَهُمْ أَولاده وعليٌّ وأَولاده، وَقِيلَ: عِتْرتُه الأَقربون والأَبعدون مِنْهُمْ، وَقِيلَ: عِتْرةُ الرَّجُلِ أَقرباؤُه مِنْ وَلَدِ عَمِّهِ دِنْياً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ شاوَرَ أَصحابَه فِي أَسَارَى بِدْرٍ: عتْرتُك وقَوْمُك
؛ أَراد بِعِتْرتِه العباسَ وَمَنْ كَانَ فِيهِمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَبِقَوْمِهِ قُرَيشاً. وَالْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ أَن عتْرتَه أَهلُ بَيْتِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ حُرّمَت عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ وَالصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ، وَهُمْ ذَوُو الْقُرْبَى الَّذِينَ لَهُمْ خُمُسُ الخُمُسِ الْمَذْكُورُ فِي سُورَةِ الأَنفال. والعِتْرُ، بِالْكَسْرِ: الأَصل، وَفِي الْمَثَلِ: عادَتْ إِلى عِتْرِها لَمِيس أَي رَجَعَتْ إِلى أَصلها؛ يُضْرَب لِمَنْ رَجَعَ إِلى خُلُق كَانَ قَدْ تَرَكَهُ. وعِتْرة الثَّغْرِ: دِقَّةٌ فِي غُروبِه ونقاءٌ وماءٌ يَجْرِي عَلَيْهِ. يُقَالُ: إِن ثَغْرَهَا لَذُو أُشْرة وعِتْرةٍ. والعِتْرةُ: الرِّيقةُ الْعَذْبَةُ. وعِتْرةُ الأَسنان: أُشَرُها. والعِتْرُ: بَقْلَةٌ إِذا طَالَتْ قُطِعَ أَصلها فَخَرَجَ مِنْهُ اللَّبن؛ قَالَ البُرَيْق الْهُذَلِيُّ:
فَمَا كنتُ أَخْشَى أَن أُقِيمَ خِلافَهم، ... لِستّة أَبياتٍ، كَمَا نَبَتَ العِتْرُ
يَقُولُ: هَذِهِ الأَبيات مُتَفَرِّقَةٌ مَعَ قِلَّتِهَا كَتَفَرُّقِ العِتْر فِي مَنْبِته، وَقَالَ: لِسِتَّةِ أَبيات كَمَا نَبَتَ، لأَنه إِذا قُطع نبتَ مِنْ حَوَالَيْهِ شُعَبٌ سِتٌّ أَو ثَلَاثٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ نَبَاتٌ مُتَفَرِّقٌ، قَالَ: وإِنما بَكَى قومَه فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَخشى أَن يَمُوتُوا وأَبقى بَيْنَ سِتَّةِ أَبيات مِثْلِ نَبْتِ العِتْر؛ قَالَ غَيْرُهُ: هَذَا الشاعرُ لَمْ يَبْكِ قَوْمًا ماتُوا كَمَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي، وإِنما هَاجَرُوا إِلى الشَّامِ فِي أَيام مُعَاوِيَةَ فاستأْجرهم لِقِتَالِ الرُّومِ، فإِنما بَكَى قَوْمًا غُيَّباً مُتَبَاعِدِينَ؛ أَلا تَرَى أَن قَبْلَ هَذَا:
فإِن أَكُ شَيْخًا بالرَّجِيع وصِبْية، ... ويُصْبِحُ قومِي دُونَ دارِهمُ مِصْر
فَمَا كُنْتُ أَخشى......
والعِتْر إِنما يَنْبُتُ مِنْهُ سِتٌّ مِنْ هُنَا وَسِتٌّ مِنْ هُنَالِكَ لَا(4/538)
يَجْتَمِعُ مِنْهُ أَكثر مِنْ سِتٍّ فَشَبَّهَ نفسَه فِي بَقَائِهِ مَعَ سِتَّةِ أَبيات مَعَ أَهله بِنَبَاتِ العِتْر وَقِيلَ: العِتْر الغَضّ، وَاحِدَتُهُ عِتْرة، وَقِيلَ: العِتْرُ بقلةٌ، وَهِيَ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ فِي جِرْم الْعَرْفَجِ شاكةٌ كَثِيرَةُ اللبَن، ومنَبْتُها نجدٌ وَتِهَامَةُ، وَهِيَ غُبَيراء فَطحاء الْوَرَقِ كأَن وَرِقَهَا الدراهمُ، تَنْبُتُ فِيهَا جِراءٌ صغارٌ أَصغر مِنْ جِراء الْقُطْنِ، تُؤْكَلُ جِرَاؤُهَا مَا دَامَتْ غَضَّةً؛ وَقِيلَ: العِتْر ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ، وَقِيلَ: العِتْر شَجَرٌ صِغَار، وَاحِدَتُهَا عِتْرةٌ، وَقِيلَ: العِتْر نَبْتٌ يَنْبُتُ مِثْلَ المَرْزَنْجوش مُتَفَرِّقًا، فإِذا طَالَ وقُطِعَ أَصله خَرَجَ مِنْهُ شَبِيهُ اللَّبَنِ، وَقِيلَ: هُوَ المَرْزَنْجوش، قِيلَ: إِنه يُتَداوَى بِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: لَا بأْس للمُحْرِم أَن يَتَداوى بالسَّنا والعِتْر
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أُهْدِي إِليه عتْرٌ فَسُرَّ بِهَذَا النَّبْتِ
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
يُفْلغُ رأْسي كَمَا تُفْلغُ العِتْرةُ
؛ هِيَ وَاحِدَةُ العِتْرُ؛ وَقِيلَ: هُوَ شَجَرَةُ الْعَرْفَجِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العِتْرُ شَجَرٌ صِغَارٌ لَهُ جِرَاء نَحْوَ جِراء الخَشْخَاش، وَهُوَ المَرزَنجوش. قَالَ: وَقَالَ أَعرابي مِنْ رَبِيعَةَ: العِتْرةُ شُجَيرة تَرْتفعُ ذِرَاعًا ذَاتُ أَغصان كَثِيرَةٍ وَوَرَقٍ أَخضر مُدَوّر كَوَرَقِ التَّنُّوم، والعِتْرة: قثَّاء اللَّصَف، وَهُوَ الكَبَر، والعِتْرة: شَجَرَةٌ تَنْبُتُ عِنْدَ وِجَارِ الضَّبِّ فَهُوَ يُمَرّسُها فَلَا تَنْمِي، وَيُقَالُ: هُوَ أَذلُّ مِنْ عِتْرة الضَّبِّ. والعِتْر المُمَسَّكُ: قلائدُ يُعْجَنَّ بِالْمِسْكِ والأَفاويهِ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. والعِتْرةُ والعِتْوارةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْمِسْكِ. وعِتْوَارة وعُتْوارة؛ الضمُّ عَنْ سِيبَوَيْهِ: حَيٌّ مِنْ كِنَانَةَ؛ وأَنشد:
مِن حَيّ عِتْوارٍ ومَنْ تَعَتْوَرا
قَالَ الْمُبَرِّدُ: العَتْوَرةُ الشِّدَّةُ فِي الْحَرْبِ، وَبَنُو عِتْوارة سُمِّيَتْ بِهَذَا لِقُوَّتِهَا في جميع الحيوان، وَكَانُوا أُولِي صَبْرٍ وخُشونةٍ فِي الْحَرْبِ. وعِتْر: قَبِيلَةٌ. وعاتِرُ: اسْمُ امرأَة. ومِعْتَر وعُتَير: اسْمَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذكرُ العِتْر، وَهُوَ جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ القِبْلة.
عثر: عَثَر يعثِرُ ويَعْثُرُ عَثْراً وعِثَاراً وتَعَثَّرَ: كَبا؛ وأَرى اللِّحْيَانِيَّ حَكَى عَثِرَ فِي ثَوْبِهِ يعْثَرُ عِثَاراً وعَثُر وأَعْثَره وعَثَّره؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فخرجْتُ أُعْثَرُ فِي مَقادِم جَبَّتِي، ... لَوْلَا الحَياءُ أَطَرْتُها إِحْضارا
هَكَذَا أَنشده أُعْثَر عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. قَالَ: وَيُرْوَى أَعْثُر، والعَثْرةُ: الزلَّةُ، وَيُقَالُ: عَثَرَ بِهِ فرسُهُ فَسَقَطَ، وتَعَثّر لِسانُه: تَلَعْثَم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا حَلِيم إِلَّا ذُو عَثْرةٍ
؛ أَي لَا يَحْصُلُ لَهُ الحِلم وَيُوصَفُ بِهِ حَتَّى يَرْكَبَ الأُمور وتَنْخَرِقَ عَلَيْهِ ويَعْثُر فِيهَا فَيَعْتَبِرُ بِهَا ويَسْتَبين مَوَاضِعَ الخطإِ فَيَجْتَنِبُهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَهُ:
وَلَا حليمَ إِلَّا ذُو تَجْرِبة.
والعَثْرة: الْمَرَّةُ مِنَ العِثار فِي الْمَشْيِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَبْدَأْهم بالعَثْرة
؛ أَي بِالْجِهَادِ وَالْحَرْبِ لأَن الْحَرْبَ كثيرةُ العِثَار، فَسَمَّاهَا بالعَثْرة نفسِها أَو عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَي بِذِي العَثْرة، يَعْنِي: ادْعُهم إِلى الإِسلام أَوّلًا أَو الجزْيةِ، فإِن لَمْ يُجيبُوا فَبِالْجِهَادِ. وعَثَرَ جَدُّه يَعْثُر ويَعْثِر: تَعِسَ، عَلَى الْمَثَلِ. وأَعْثَره اللَّهُ: أَتْعَسَه، قَالَ الأَزهري: عَثرَ الرَّجُلُ يَعْثُرُ عَثْرَةً وعَثَر الْفَرَسُ عِثَاراً، قَالَ: وعُيوب الدَّوَابِّ تَجِيءُ عَلَى فِعَال مِثْلُ العِضَاضِ والعِثَار والخِرَاط والضِّرَاح والرِّمَاح وَمَا شَاكَلَهَا. وَيُقَالُ: لَقِيتُ مِنْهُ عَاثُورًا أَي شِدَّةً. والعِثَارُ والعاثورُ: مَا عُثِر بِهِ. وَوَقَعُوا فِي عاثورِ شرٍّ أَي فِي اخْتِلَاطٍ مِنْ شرٍّ وَشِدَّةٍ، عَلَى الْمَثَلِ أَيضاً. والعاثورُ:(4/539)
مَا أَعدّه ليُوقع فِيهِ آخرَ. والعاثُور مِنَ الأَرضين: المَهْلَكة؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومَرْهوبةِ العاثورِ تَرْمي بِرَكْبِها ... إِلى مِثْله، حَرْف بَعِيد مَناهِلُه
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
وبَلْدَةَ كَثيرَة العَاثُورِ
يَعْنِي المَتَالفَ، وَيُرْوَى: مَرْهُوبة العاثُور، وَهَذَا الْبَيْتُ نَسَبَهُ الْجَوْهَرِيُّ لِرُؤْبَةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِلْعَجَّاجِ، وأَول الْقَصِيدَةِ:
جَاريَ لَا تَسْتَنكِرِي عَذِيرِي
وَبَعْدَهُ:
زَوْرَاء تَمْطُو فِي بلادٍ زُورِ
والزَّوْرَاءُ: الطَّرِيقُ المُعْوَجّة، وَذَهَبَ يَعْقُوبُ إِلى أَن الْفَاءَ فِي عَافُور بَدَلٌ مِنَ الثَّاءِ فِي عَاثُور، وَلِلَّذِي ذَهَبَ إِليه وَجْهٌ، قَالَ: إِلَّا أَنَّا إِذا وَجَدْنَا لِلْفَاءِ وَجْهًا نَحْمِلُهَا فِيهِ عَلَى أَنه أَصل لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ بِكَوْنِهَا بَدَلًا فِيهِ إِلَّا عَلَى قُبْحٍ وضَعْفِ تجويزٍ وَذَلِكَ أَنه يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُمْ وَقَعُوا فِي عَافُور. فَاعُولًا مِنَ العَفْر، لأَن الْعَفْرَ مِنَ الشِّدَّةِ أَيضاً، وَلِذَلِكَ قَالُوا عِفْرِيتٌ لِشَدَّتِهِ. والعَاثُورُ: حُفْرَةٌ تُحْفَرُ للأَسد لِيَقَعَ فِيهَا لِلصَّيْدِ أَو غَيْرِهِ. والعَاثُورُ: الْبِئْرُ، وَرُبَّمَا وُصِفَ بِهِ؛ قَالَ بَعْضُ الْحِجَازِيِّينَ:
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً، ... وذكْرُكِ لَا يَسْرِي إِليَّ كَما يَسْرِي؟
وَهَلْ يَدَعُ الوَاشونَ إِفْسَادَ بَيْنِنَا، ... وحَفْرَ الثَّأَى العَاثُورِ مِنْ حَيْثُ لَا نَدْرِي؟
وَفِي الصِّحَاحِ: وحَفْراً لَنَا العَاثُورَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَكُونُ صِفَةً وَيَكُونُ بَدَلًا. الأَزهري: يَقُولُ هَلْ أَسْلُو عَنْكَ حَتَّى لَا أَذكرك لَيْلًا إِذا خَلَوْتُ وأَسْلَمْتُ لِمَا بِي؟ والعَاثُورُ ضَرْبُهُ مَثَلًا لِمَا يُوقِعُهُ فِيهِ الواشِي مِنَ الشَّرِّ؛ وأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فَهَلْ تَفْعَلُ الأَعداءُ إِلَّا كَفِعْلِهِمْ، ... هَوَان السَّرَاة وابتغَاء العَواثِرِ؟
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ عَاثُورٍ وَحَذْفُ الْيَاءِ لِلضَّرُورَةِ، وَيَكُونُ جَمْعَ خَدٍّ عَاثر. والعَثْرُ: الإِطلاع عَلَى سِرّ الرَّجُلِ. وعَثَر عَلَى الأَمر يَعْثُرُ عَثْراً وعُثُوراً: اطَّلَعَ. وأَعْثَرْتُه عَلَيْهِ: أَطلعته. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ
؛ أَي أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ غيرَهم، فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ؛ وَقَالَ تَعَالَى: فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً
؛ مَعْنَاهُ فإِن اطّلعَ عَلَى أَنهما قَدْ خَانَا. وَقَالَ اللَّيْثُ: عَثَرَ الرجلُ يَعْثُرُ عُثُوراً إِذا هَجَمَ عَلَى أَمر لَمْ يَهْجِمْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وعَثَرَ العِرْقُ، بِتَخْفِيفِ الثَّاءِ: ضَرَب؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعِثْيَرُ، بِتَسْكِينِ الثَّاءِ، والعِثْيَرَةُ: العَجَاجُ السَّاطِعُ؛ قَالَ:
تَرَى لَهُمْ حَوْلَ الصِّقَعْلِ عِثْيرَه
يَعْنِي الْغُبَارَ، والعِثْيَرَاتُ: التُّرَابُ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وَلَا تَقُلْ فِي العِثْيَر التُّرَابِ عَثْيَراً لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْيَل، بِفَتْحِ الْفَاءِ، إِلَّا ضَهْيَد، وَهُوَ مَصْنُوعٌ، مَعْنَاهُ الصُّلْب الشَّدِيدُ. والعَيْثَر: كالعِثْيَر، وَقِيلَ: هُوَ كلُّ مَا قَلَبْتَ مِنْ تُرَابٍ أَو مَدَرٍ أَو طِينٍ بأَطراف أَصابع رِجْلَيْكَ، إِذا مَشَيْتَ لَا يُرَى مِنَ الْقَدَمِ أَثر غَيْرُهُ، فَيُقَالُ: مَا رأَيت لَهُ أَثَراً وَلَا عَيْثَراً. والعَيْثَرُ والعَثْيَرُ: الأَثر الْخَفِيُّ، مِثَالُ الغَيْهَب. وَفِي الْمَثَلِ: مَا لَهُ أَثَرٌ وَلَا عَثْيَرٌ، وَيُقَالُ: وَلَا عَيْثَرٌ، مِثَالُ فَيْعَلٍ، أَي لَا يَعْرِفُ رَاجِلًا فَيَتَبَيَّنَ أَثره ولا فارساً فيُثِيرُ الغبارَ فَرَسُهُ، وَقِيلَ: العَيْثَر أَخفى(4/540)
مِنَ الأَثر. وعَيْثَرَ الطيرَ: رَآهَا جَارِيَةً فَزَجَرَهَا؛ قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَبْنَاء التَّمِيمِيُّ:
لَعَمْرُ أَبيك يَا صَخْرُ بنَ لَيْلى، ... لَقَدْ عَيْثَرْتَ طَيركَ لَوْ تَعِيفُ
يُرِيدُ: لَقَدْ أَبصرتَ وعاينتَ. وَرَوَى الأَصمعي عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ أَنه قَالَ: بُنِيَتْ سَلْحُون مَدِينَةٌ بِالْيَمَنِ فِي ثَمَانِينَ أَو سَبْعِينَ سَنَةً، وبُنِيَتْ بَرَاقش ومَعِين بِغُسَالَةِ أَيديهم، فَلَا يُرَى لسَلْحِين أَثر وَلَا عَيْثَرٌ، وَهَاتَانِ قَائِمَتَانِ؛ وأَنشد قَوْلَ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ:
دَعانا مِنْ بَراقِشَ أَو مَعينٍ، ... فَأَسْمَعَ واتْلأَبَّ بِنَا مَلِيعُ
ومَليعٌ: اسْمُ طَرِيقٍ. وَقَالَ الأَصمعي: العَيْثَرُ تَبَعٌ لأَثَرٍ. وَيُقَالُ: العَيْثَرُ عَيْنُ الشَّيْءِ وَشَخْصُهُ فِي قَوْلِهِ: مَا لَهُ أَثَرٌ وَلَا عَيْثر. وَيُقَالُ: كَانَتْ بَيْنَ الْقَوْمِ عَيْثَرَةٌ وغَيْثَرَةٌ وكأَن العَيْثَرة دُونَ الغَيْثرةِ. وَتَرَكْتُ الْقَوْمَ فِي عَيْثرَةٍ وغَيْثرةٍ أَي فِي قِتَالٍ دُونَ قِتَالٍ. والعُثْر: العُقَاب؛ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
مَا كَانَ بَعْلًا أَو عَثَريّاً فَفِيهِ العُشْر
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنَ النَّخْلِ الَّذِي يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ مَاءِ الْمَطَرِ يَجْتَمِعُ فِي حُفَيْرَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ العِذْي [العَذْي] ، وَقِيلَ: مَا يُسْقَى سَيْحاً، والأَول أَشهر، قَالَ الأَزهري: والعَثْرُ والعَثَرِيّ العِذْيُ، وَهُوَ مَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ مِنَ النَّخْلِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الزَّرْعِ مَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّيْلِ وَالْمَطَرِ وأُجري إِليه الْمَاءُ مِنَ المَسَايل وحُفر لَهُ عَاثُورٌ أَيْ أَتِيٌّ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ إِليه، وَجَمْعُ الْعَاثُورِ عَواثير؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ العَثَّرِي، بِتَشْدِيدِ الثَّاءِ، وردَّ ذَلِكَ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: إِنما هُوَ بِتَخْفِيفِهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْ هَذَا يُقَالُ فُلَانٌ وَقَعَ فِي عَاثورِ شرٍّ وعَافور شَرٍّ إِذا وَقَعَ فِي وَرْطة لَمْ يَحْتَسِبْهَا وَلَا شعرَ بِهَا، وأَصله الرَّجُلُ يَمْشِي فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فيَتَعَثَّر بِعاثور المَسِيل أَو فِي خَدٍّ خَدَّه سيلُ الْمَطَرِ فَرُبَّمَا أَصابه مِنْهُ وَثءٌ أَو عَنَتٌ أَو كَسْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن قُرَيْشًا أَهل أَمانة مَنْ بَغاها العَوَاثيرَ كبَّه اللَّهُ لمُنْخُرَيْه
، وَيُرْوَى: العَواثر، أَي بَغَى لَهَا الْمَكَايِدَ الَّتِي يُعْثَر بِهَا كَالْعَاثُورِ الَّذِي يَخُدُّ فِي الأَرض فَيَتَعَثَّر بِهِ الإِنسان إِذا مَرَّ لَيْلًا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ فربما أَعْنَتَهُ. والعَواثِر: جَمْعُ عَاثُورٍ، وَهُوَ الْمَكَانُ الوعْث الخَشِن لأَنه يُعْثَر فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ الْحُفْرَةَ الَّتِي تُحْفَر للأَسد، وَاسْتُعِيرَ هُنَا للوَرْطة والخُطَّة المُهْلِكة. قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَما عَواثِر فَهِيَ جَمْعُ عاثِرٍ، وَهِيَ حِبالَة الصَّائِدِ، أَو جَمْعُ عَاثِرَةٍ، وَهِيَ الْحَادِثَةُ الَّتِي تَعْثُر بِصَاحِبِهَا، مِنْ قَوْلِهِمْ: عَثَر بِهِمُ الزمانُ إِذا أَخْنَى عَلَيْهِمْ. والعُثْر والعَثَر: الْكَذِبُ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وَعثَرَ عَثْراً: كَذَب؛ عَنْ كُرَاعٍ. يُقَالُ: فُلَانٌ فِي العَثْر وَالْبَائِنِ؛ يُرِيدُ فِي الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. والعَاثِر: الكَذّاب. والعَثَرِيّ: الَّذِي لَا يَجِدّ فِي طَلَبِ دُنْيَا وَلَا آخِرَةٍ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ العَثَّرِيُّ عَلَى لَفْظِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَبغض النَّاسِ إِلى اللَّهِ تَعَالَى العَثَرِيّ
؛ قِيلَ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ فِي أَمر الدُّنْيَا وَلَا فِي أَمر الْآخِرَةِ. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ عَثَرِيًّا إِذا جَاءَ فَارِغًا، وَجَاءَ عَثَّريًّا أَيضاً، بِشَدِّ الثَّاءِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ عَثَرِيّ النَّخْلِ، سُمِّيَ بِهِ لأَنه لَا يَحْتَاجُ فِي سَقْيِهِ إِلى تَعَبٍ بدالِيَة وَغَيْرِهَا، كأَنه عَثَر عَلَى الْمَاءِ عَثْراً بِلَا عَمَلٍ مِنْ صَاحِبِهِ، فكأَنه نُسِبَ إِلى العَثْر، وحركةُ الثَّاءِ مِنْ تَغْيِيرَاتِ النَّسَبِ. وَقَالَ مُرَّةُ: جَاءَ رائِقاً عَثَّرِيًّا أَي فَارِغًا دُونَ شَيْءٍ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ:(4/541)
وَهُوَ غَيْرُ العَثَرِي الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مخففَ الثَّاءِ، وَهَذَا مُشَدَّدُ الثَّاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بأَرض تُسَمَّى عَثِرةً فَسَمَّاهَا خَضِرةً
؛ العَثِرةُ مِنَ العِثْيَرِ، وَهُوَ الغُبار، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ، وَالْمُرَادُ بِهَا الصَّعِيدُ الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ. وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
هِيَ أَرض عِثْيَرةٌ.
وعَثَّر: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ: هِيَ أَرض مَأْسَدَةٌ بِنَاحِيَةِ تَبَالَةَ عَلَى فَعَّل، وَلَا نَظِيرَ لَهَا إِلَّا خَضَّمٌ وبَقَّمٌ وبَذَّرٌ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيُوثِ الأُسْدِ، مَسْكَنُهُ ... بِبَطْنِ عَثَّرَ، غِيلٌ دونَه غِيلُ
وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبي سُلْمى:
لَيْثٌ بِعَثَّرَ يَصطادُ الرجالَ، إِذا ... مَا الليثُ كَذّبَ عَنْ أَقرانه صَدَقا
وعَثْر، مُخَفَّفَةٌ: بَلَدٌ بِالْيَمَنِ؛ وأَنشد الأَزهري فِي آخِرِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ للأَعشى:
فبَاتَتْ، وَقَدْ أَوْرَثَتْ في الفُؤاد ... صَدْعاً يُخَالِط عَثَّارَها «4» .
عجر: العَجَر، بِالتَّحْرِيكِ: الحَجْم والنُّتُوُّ. يُقَالُ: رَجُلٌ أَعْجَرُ بَيِّن العَجَر أَي عَظِيمُ الْبَطْنِ. وعَجِر الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يعْجَر عَجَراً أَي غلُظ وسَمِن. وتَعَجَّر بطنُه: تَعَكَّنَ. وعَجِر عَجَراً: ضَخُم بطنُه. والعُجْرةُ: مَوْضِعُ العَجَر.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ، أَنه طَافَ ليلةَ وقعةِ الْجَمَلِ عَلَى القَتْلى مَعَ مَوْلاه قَنْبَرٍ فَوَقَفَ عَلَى طلحةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَهُوَ صَريع، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: عَزَّ عَلَيَّ أَبا مُحَمَّدٍ أَن أَراك مُعَفَّراً تَحْتَ نُجُومِ السَّمَاءِ؛ إِلى اللَّهِ أَشكو عُجَرِي وبُجَرِي
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: مَعْنَاهُ هُمُومِي وأَحزاني، وَقِيلَ: مَا أُبْدِي وأُخْفِي، وَكُلُّهُ عَلَى المَثَل. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَيُقَالُ أَفضيت إِليه بعُجَرِي وبُجَرِي أَي أَطلعتُه مِنْ ثِقتي بِهِ عَلَى مَعَايِبي. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِن مِنَ النَّاسِ مَنْ أُحَدِّثه بعُجَرِي وبُجَري أَي أُحدثه بمَساوِيَّ، يُقَالُ هَذَا فِي إِفشاء السِّرِّ. قَالَ: وأَصل العُجَر العُرُوق الْمُتَعَقِّدَةُ فِي الْجَسَدِ، والبُجَر الْعُرُوقُ الْمُتَعَقِّدَةُ فِي الْبَطْنِ خَاصَّةً. وَقَالَ الأَصمعي: العُجْرَة الشَّيْءُ يَجْتَمِعُ فِي الْجَسَدِ كالسِّلعة، والبُجْرة نَحْوُهَا، فَيُرَادُ: أَخْبرته بِكُلِّ شَيْءٍ عِنْدِي لَمْ أَستر عَنْهُ شَيْئًا مِنْ أَمري. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: إِن أَذكُرْه أَذكُرْ عُجَرَهُ وبُجَرَه
؛ الْمَعْنَى إِنْ أَذكُرْه أَذكر مَعايِبَه الَّتِي لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا مَن خَبَرَه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العُجَر جمع عُجْرة، هو الشَّيْءُ يَجْتَمِعُ فِي الْجَسَدِ كالسِّلعة والعُقْدة، وَقِيلَ: هُوَ خَرَز الظَّهْرِ، قَالَ: أَرادت ظاهرَ أَمره وباطنَه وَمَا يُظْهِرُه ويُخفيه. والعُجْرَة: نَفْخَة فِي الظَّهْرِ، فإِذا كَانَتْ فِي السُّرَّةِ فَهِيَ بُجْرة، ثُمَّ يُنْقَلانِ إِلى الْهُمُومِ والأَحزان. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: العُجَر فِي الظَّهْرِ والبُجر فِي الْبَطْنِ. وعَجَرَ الفرسُ يَعْجِرُ إِذا مدَّ ذَنَبَهُ نَحْوَ عَجُزِه فِي العَدْو؛ وقال أَبو زيد:
وهَبَّتْ مَطاياهُمْ، فَمِنْ بَيْنِ عاتبٍ، ... ومِنْ بَيْنِ مُودٍ بالبَسِيطَةِ يَعْجِرُ
أَي هَالِكٌ قَدْ مَدَّ ذَنَبَهُ. وعَجَر الفرسُ يَعْجِرُ عَجْراً وعَجَرَاناً وعاجَرَ إِذا مَرَّ مَرّاً سَرِيعًا مِنْ خَوْفٍ وَنَحْوِهِ. وَيُقَالُ: فَرَسٌ عاجِر، وَهُوَ الَّذِي يَعْجِر بِرِجْلَيْهِ كقِماص الحِمار، وَالْمَصْدَرُ العَجَران؛ وعَجَرَ الحمارُ يَعْجِر عَجْراً: قَمصَ؛ وأَما قول
__________
(4) . قوله: [يخالط عثارها] العثار ككتان: قرحة لا تجف، وقيل: عثارها هو الأَعشى عثر بها فابتلى وتزود منها صدعاً في الفؤاد، أَفاده شارح القاموس(4/542)
تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ:
أَما الأَداةُ ففِينا ضُمَّرٌ صُنُعٌ، ... جُرْدٌ عَواجِرُ بالأَلْبادِ واللُّجُمِ
فإِنها رُوِيَتْ بِالْحَاءِ وَالْجِيمِ فِي اللُّجُمِ، وَمَعْنَاهُ عَلَيْهَا أَلبادها ولحمُها، يَصِفُهَا بالسِّمَن وَهِيَ رافعةٌ أَذنابها مِنْ نَشَاطِهَا. وَيُقَالُ: عَجَرَ الرِّيقُ عَلَى أَنيابه إِذا عَصَبَ بِهِ ولزِقَ كَمَا يَعْجِرُ الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ عَلَى رأْسه؛ قَالَ مُزَرِّد بْنُ ضِرَارٍ أَخو الشَّمَّاخِ:
إِذ لَا يَزَالُ يابِساً لُعابُه ... بالطَّلَوَان، عَاجِرًا أَنْيابُه
والعَجَرُ: الْقُوَّةُ مَعَ عِظَم الْجَسَدِ. وَالْفَحْلُ الأَعْجَرُ: الضَّخْم. وعَجِرَ الفرسُ: صلُب لحمُه. وَوَظِيفٌ عَجِرٌ وعَجُرٌ، بِكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا: صُلْبٌ شَدِيدٌ، وَكَذَلِكَ الْحَافِرُ؛ قَالَ المَرَّارُ:
سَلِط السُّنْبُكِ ذِي رُسْغٍ عَجِرْ
والأَعْجَر: كُلُّ شَيْءٍ تَرَى فِيهِ عُقَداً. وكِيسٌ أَعْجَر وهِمْيان أَعْجَر: وهو الْمُمْتَلِئُ. وبَطْنٌ أَعْجرُ: مَلآن، وَجَمْعُهُ عُجْر؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
أَبَنِي زَبِيبةَ، مَا لِمُهْرِكُمُ ... مُتَخَدِّداً، وبُطونكُمْ عُجْر؟
والعُجْرة، بِالضَّمِّ: كُلُّ عُقْدَةٍ فِي الْخَشَبَةِ، وَقِيلَ: العُجْرة الْعُقْدَةُ فِي الْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا أَو فِي عُرُوقِ الْجَسَدِ. والخَلَنْج فِي وشْبِه عُجَر، وَالسَّيْفُ فِي فِرِنْدِه عُجَر؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
فأَوَّلُ مَنْ لاقَى يجُول بسَيْفهِ ... عَظِيم الْحَوَاشِي قَدْ شَتا، وَهُوَ أَعْجَرُ
الأَعْجَر: الْكَثِيرُ العُجَر. وَسَيْفٌ ذُو مَعْجَرٍ: فِي مَتْنِه كَالتَّعْقِيدِ. والعَجِير: الَّذِي لَا يأْتي النِّسَاءَ، يُقَالُ لَهُ عَجِير وعِجِّير، وَقَدْ رُوِيَتْ بِالزَّايِ أَيضاً. ابْنُ الأَعرابي: العَجِير، بِالرَّاءِ غَيْرُ مُعْجَمَةٍ، والقَحُول والحَرِيك وَالضَّعِيفُ والحَصُور العِنِّين، والعَجِير العِنِّين مِنَ الرِّجَالِ وَالْخَيْلِ. الْفَرَّاءُ: الأَعْجَر الأَحْدَب، وَهُوَ الأَفْزَرُ والأَفْرَصُ والأَفْرَسُ والأَدَنّ والأَثْبَج. والعَجّارُ: الَّذِي يأْكل العَجاجِير، وَهِيَ كُتَلُ الْعَجِينِ تُلقى عَلَى النَّارِ ثُمَّ تُؤْكَلُ. ابْنُ الأَعرابي: إِذا قُطِّع العَجين كُتَلًا عَلَى الخِوَان قَبْلَ أَن يُبْسَطَ فَهُوَ المُشَنَّق. والعَجاجِيرُ والعَجّارُ: الصِّرِّيعُ الَّذِي لَا يُطاق جنبُه فِي الصِّراع المُشَغْزب لِصَريعه. والعَجْرُ: لَيُّك عُنُقِ الرَّجُلِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: عَجَر عُنُقَهُ إِلى كَذَا وَكَذَا يَعْجِره إِذا كَانَ عَلَى وَجْهٍ فأَراد أَن يَرْجِعَ عَنْهُ إِلى شَيْءٍ خَلْفَهُ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، أَو أَمَرْته بِالشَّيْءِ فَعَجَر عُنُقَهُ وَلَمْ يُرِدْ أَن يَذْهَبَ إِليه لأَمرك. وعَجَر عنقَه يَعْجِرها عَجْراً: ثَنَاهَا. وَعَجَر بِهِ بَعِيرُه عَجَراناً: كأَنه أَراد أَن يَرْكَبَ بِهِ وَجْهًا فَرَجَعَ بِهِ قِبَل أُلَّافِه وأَهِله مِثْلَ عكَر بِهِ؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ:
فَلَوْ كُنتَ سَيْفًا كَانَ أَثْرُكَ عُجْرَةً، ... وَكُنْتَ دَداناً لَا يُؤَيِّسُه الصَّقْل
يَقُولُ: لَوْ كنتَ سَيْفًا كُنْتَ كَهاماً بِمَنْزِلَةِ عُجْرَةِ التِّكَّة. كَهاماً: لَا يَقْطَعُ شَيْئًا. قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ عَجَرْت عَلَيْهِ وحَظَرْت عَلَيْهِ وحَجَرْت عَلَيْهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وعَجَر عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ أَي شَدَّ عَلَيْهِ. وعُجِرَ عَلَى الرَّجُلِ: أُلِحَّ عَلَيْهِ فِي أَخذ مَالِهِ. وَرَجُلٌ مَعْجورٌ عَلَيْهِ: كَثُر سُؤَالُهُ حَتَّى قلَّ، كمَثْمودٍ. الْفَرَّاءُ: جَاءَ فُلَانٌ بالعُجرِ والبُجَرِ أَي جَاءَ بِالْكَذِبِ، وَقِيلَ: هُوَ الأَمر الْعَظِيمُ. وَجَاءَ بالعَجارِيّ والبَجاريّ، وَهِيَ(4/543)
الدَّوَاهِي. وعَجَرَه بِالْعَصَا وبَجَرَه إِذا ضَرَبه بِهَا فَانْتَفَخَ مَوْضِعُ الضَّرْبِ مِنْهُ. والعَجارِيُّ: رؤوس الْعِظَامِ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
ومِنْ عَجارِيهنَّ كلَّ جِنْجِن
فَخَفَّفَ ياءَ العَجارِي، وَهِيَ مُشَدَّدَةٌ. والمِعْجَر والعِجارُ: ثَوْبٌ تَلُفُّه المرأَة عَلَى اسْتِدَارَةِ رأْسها ثُمَّ تَجَلْبَبُ فَوْقَهُ بجلِبابِها، وَالْجَمْعُ المَعاجرُ؛ وَمِنْهُ أُخذ الاعْتِجارُ، وَهُوَ لَيُّ الثَّوْبِ عَلَى الرأْس مِنْ غَيْرِ إِدارة تَحْتَ الحنَك. وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ: الاعْتِجارُ لَفُّ الْعِمَامَةِ دُونَ التَّلَحِّي.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ مُعْتَجِراً بعمامةٍ سَوْداءَ
؛ الْمَعْنَى أَنه لَفَّها عَلَى رأْسه وَلَمْ يَتَلَحَّ بِهَا؛ وَقَالَ دُكَيْنٌ يَمْدَحُ عَمْرَو بْنَ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيَّ أَمِيرَ الْعِرَاقِ وَكَانَ رَاكِبًا عَلَى بَغْلَةٍ حَسْنَاءَ فَقَالَ يَمْدَحُهُ بَدِيهًا:
جَاءَتْ بِهِ، مُعْتَجِراً بِبُرْدِه، ... سَفْواءُ تَرْدِي بنَسِيج وَحْدِه
مُسْتَقْبِلًا خَدَّ الصَّبَّا بخدِّه، ... كالسَّيفِ سُلَّ نَصْلُه مِنْ غِمْدِه
خَيرُ أَميرٍ جَاءَ مِنْ مَعَدِّه، ... مِنْ قَبْلِهِ، أَو رَافِداً مِن بَعْدِه
فَكُلُّ قَلْسٍ قادِحٌ بِزَنْدِه، ... يَرْجُون رَفْعَ جَدِّهم بِجَدِّه
«5» . فَإِنْ ثَوَى ثَوى النَّدَى فِي لَحْدِه، ... واخْتَشَعَتْ أُمَّتُه لِفَقْدِه
فَدَفَعَ إِليه البغلةَ وثيابَه والبُرْدة الَّتِي عَلَيْهِ. والسَّفْواء: الخَفِيفةُ الناصِيةِ، وَهُوَ يُسْتَحَبُّ فِي البِغال وَيُكْرَهُ فِي الْخَيْلِ. والسَّفْواء أَيضاً: السَّرِيعَةُ. وَالرَّافِدُ: هُوَ الَّذِي يَلي المَلِك وَيَقُومُ مَقَامَهُ إِذا غَابَ. والعِجْرة، بِالْكَسْرِ: نَوْعٌ مِنَ العِمَّة. يُقَالُ: فُلَانٌ حسَنُ العِجْرة. وَفِي حَدِيثِ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ: وَجَاءَ وَهُوَ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ مَا يَرَى وَحْشِيٌّ مِنْهُ إِلَّا عَيْنَيْهِ ورِجْلَيْه
؛ الاعْتِجارُ بِالْعِمَامَةِ: هُوَ أَن يَلُفَّها عَلَى رأْسِه ويردَّ طَرَفَهَا عَلَى وَجْهِهِ وَلَا يَعْمَلَ مِنْهَا شَيْئًا تَحْتَ ذَفَنِه. والاعْتِجارُ: لِبسة كالالْتِحافِ؛ قَالَ الشاعر:
فما لَيْلى بِتَاشِزَة القُصَيْرَى، ... وَلَا وَقْصاءَ لِبْستُها اعْتجِارُ
والمِعْجَر: ثوبٌ تَعْتَجِر بِهِ المرأَة أَصغَر مِنَ الرِّدَاءِ وأَكبر مِنَ المِقْنَعة. والمِعْجر والمَعاجِرُ: ضَرْبٌ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ. والمِعْجَر: مَا ينْسَج مِنَ اللِّيف كالجُوالقِ. والعَجْراء: الْعَصَا الَّتِي فِيهَا أُبَنٌ؛ يُقَالُ: ضَرَبَهُ بعَجْراءَ مِنْ سَلَمٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَيَّاشِ بْنِ أَبي رَبِيعَةَ لَمَّا بَعَثَه إِلى الْيَمَنِ: وقَضيب ذُو عُجَرٍ كأَنه مِنْ خَيزُرانٍ
أَي ذُو عُقَدٍ. وَكَعْبُ بْنُ عُجْرة: مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وعاجِرٌ وعُجَيرٌ والعُجَير وعُجْرة، كُلُّهَا: أَسماء. وَبَنُو عُجْرة: بَطْنٌ مِنْهُمْ. والعُجَير: مَوْضِعٍ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
تَلَقَّيْنَني يَوْمَ العُجَيرِ بمنْطِقٍ، ... ترَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ مِنْهُ وضالُها
عجهر: عَنْجَهورُ: اسْمُ امرأَة، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ العَجْهرةِ، وَهِيَ الجفاء.
عدر: العَدْرُ والعُدْرُ: الْمَطَرُ الْكَثِيرُ. وأَرض مَعْدُورةٌ: مَمْطُورَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَالَ شَمِرٌ: واعْتَدَرَ المطرُ، فَهُوَ مُعْتَدِرٌ؛ وأَنشد:
مُهْدَوْدِراً مُعْتَدِراً جُفالا
__________
(5) . قوله [قلس] هكذا هو في الأَصل ولعله ناس أو نحوه(4/544)
والعادِرُ: الكذابُ، قَالَ: وَهُوَ العاثِرُ أَيضاً. وعَدِرَ الْمَكَانَ عَدَراً واعْتَدَرَ: كَثُرَ مَاؤُهُ. والعُدْرةُ: الجُرْأَة والإِقدام. وعُدّار: اسْمٌ. والعَدَّار: الملَّاح. والعَدَرُ: القَيْلَةُ الكَبِيرةُ؛ قَالَ الأَزهري: أَراد بِالْقَيْلَةِ الأَدَرَ، وكأَن الْهَمْزَةَ قُلِبَتْ عَيْنًا فَقِيلَ: عَدِرَ عَدَراً: والأَصل أَدِرَ أَدَراً.
عذر: العُذْر: الْحُجَّةُ الَّتِي يُعْتَذر بِهَا؛ وَالْجَمْعُ أَعذارٌ. يُقَالُ: اعْتَذَر فُلَانٌ اعْتِذاراً وعِذْرةً ومَعْذُرة [مَعْذِرة] مِنْ دَيْنهِ فعَذَرْته، وعذَرَه يَعْذُرُهُ [يَعْذِرُهُ] فِيمَا صَنَعَ عُذْراً وعِذْرةً وعُذْرَى ومَعْذُرة [مَعْذِرة] ، والاسم المعذَرة [المعذِرة] «1» . وَلِي فِي هَذَا الأَمر عُذْرٌ وعُذْرَى ومَعْذرةٌ أَي خروجٌ مِنَ الذَّنْبِ؛ قَالَ الجَمُوح الظَّفَرِيُّ:
قَالَتْ أُمامةُ لَمَّا جِئْتُ زائَرها: ... هلَّا رَمَيْتَ بَبَعْض الأَسْهُم السُّودِ؟
لِلَّهِ دَرُّكِ إِني قد رَمَيْتُهُمُ، ... لولا حُدِدْتُ، وَلَا عُذْرَى لِمَحْدودِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَورد الْجَوْهَرِيُّ نِصْفَ هَذَا الْبَيْتِ: إِني حُدِدْتُ، قَالَ وَصَوَابُ إِنشاده: لَوْلَا؛ قَالَ: والأَسْهُم السُّود قِيلَ كِنَايَةٌ عَنِ الأَسْطر الْمَكْتُوبَةِ، أَي هلَّا كتبْتَ لِي كِتَابًا، وَقِيلَ: أَرادت بالأَسْهُم السودِ نَظَرَ مُقْلَتيه، فَقَالَ: قَدْ رَمَيتُهم لَوْلَا حُدِدْتُ أَي مُنِعت. وَيُقَالُ: هَذَا الشِّعْرُ لِرَاشِدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَكَانَ اسْمُهُ غاوِياً، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَاشِدًا؛ وَقَوْلُهُ: لَوْلَا حُدِدْتُ هُوَ عَلَى إِرادة أَن تَقْدِيرَهُ لَوْلَا أَن حُدِدْتُ لأَنَّ لَوْلَا الَّتِي مَعْنَاهَا امتناعُ الشَّيْءِ لِوُجُودِ غَيْرِهِ هِيَ مَخْصُوصَةٌ بالأَسماء، وَقَدْ تَقَعُ بَعْدَهَا الأَفعال عَلَى تَقْدِيرِ أَن، كَقَوْلِ الْآخَرِ:
أَلا زَعَمَتْ أَسْماءُ أَن لَا أُحِبّها، ... فقلتُ: بَلى، لَوْلَا يُنازِعُني شَغْلي
وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ؛ وشاهدُ العِذْرةِ مِثْلُ الرِّكبةِ والجِلْسةِ قولُ النَّابِغَةُ:
هَا إِنّ تَا عِذْرة إِلَّا تَكُنْ نَفَعَتْ، ... فإِن صاحِبَها قَدْ تاهَ فِي البَلَدِ «2»
. وأَعْذَرَه كعذَرَه؛ قَالَ الأَخطل:
فَإِنْ تكُ حَرْبُ ابْنَيْ نِزارٍ تَوَاضَعَتْ، ... فَقَدْ أَعْذَرَتْنا فِي طِلابكمُ العُذْر
وأَعْذَرَ إِعْذاراً وعُذْراً: أَبْدَى عُذْراً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَعْذَرَ فلانٌ أَي كَانَ مِنْهُ مَا يُعْذَرُ بِهِ، وَالصَّحِيحُ أَن العُذْرَ الِاسْمُ، والإِعْذار الْمَصْدَرُ، وَفِي الْمَثَلِ: أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ؛ وَيَكُونُ أَعْذَرَ بِمَعْنَى اعْتَذَر اعْتِذَارًا يُعْذَرُ بِهِ وَصَارَ ذَا عُذْرٍ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يُخَاطِبُ بِنْتَيْهِ وَيَقُولُ: إِذا متُّ فنُوحا وابْكِيا عَلَيَّ حَوْلًا:
فقُوما فقُولا بِالَّذِي قَدْ عَلِمْتُما، ... وَلَا تَخْمِشَا وَجْهاً وَلَا تَحْلِقا الشَّعَرْ
وَقُولَا: هُوَ المَرْءُ الَّذِي لَا خَلِيلَه ... أَضاعَ، وَلَا خَانَ الصديقَ، وَلَا غَدَرْ
إِلى الحولِ، ثُمَّ اسمُ السلامِ عَلَيْكُمَا، ... ومَنْ يَبْكِ حَوْلًا كامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرْ
أَي أَتى بعُذْر، فَجَعَلَ الاعْتِذارَ بِمَعْنَى الإِعْذارِ، والمُعْتَذِرُ يَكُونُ مُحِقّاً وَيَكُونُ غَيْرَ مُحِقٍّ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: اعْتَذَرَ الرَّجُلُ إِذا أَتى بعُذْرٍ، واعْتَذَرَ إِذا لَمْ يأْت بعُذْرٍ؛ وأَنشد:
وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعتذر
__________
(1) . قوله: [والاسم المعذرة] مثلث الذال كما في القاموس
(2) . في ديوان النابغة:
ها إِنّ ذي عِذْرةٌ إِلَّا تكن تفعت ... فإِنّ صاحبها مشاركُ النَّكَد(4/545)
أَي أَتى بعُذْرٍ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ، قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ
؛ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا
يَعْنِي أَنه لَا عُذْرَ لَهُمْ، والمعَاذِيرُ يَشُوبُها الكذبُ. واعتذرَ رجلٌ إِلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ لَهُ: عَذَرْتُكَ غيرَ مُعْتَذِرٍ؛ يَقُولُ: عَذَرْتُك دُونَ أَن تَعْتَذِرَ لأَنّ المُعْتَذِرَ يَكُونُ مُحِقّاً وَغَيْرَ مُحِقٍّ؛ والمُعَذِّر أَيضاً: كَذَلِكَ. واعْتَذَرَ منْ ذَنْبِهِ وتَعَذّر: تَنَصَّلَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فإِنك منها والتعَذّر بعد ما ... لَجَجتَ، وشطَّتْ مِن فُطَيمةَ دارُها
وَتَعَذَّرَ: اعْتَذَرَ واحتجَّ لِنَفْسِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنّ يَدَيْها، حِينَ يُفْلَقُ ضَفْرُها، ... يَدَا نَصَفٍ غَيْرَى تَعَذّرُ مِنْ جُرْمِ
وعَذَّرَ فِي الأَمر: قَصَّر بَعْدَ جُهْد. والتَّعْذِيرُ فِي الأَمر: التقصيرُ فِيهِ. وأَعْذَرَ: قَصَّر وَلَمْ يُبالِغ وَهُوَ يُرِي أَنه مُبالِغٌ. وأَعْذَرَ فِيهِ: بالَغَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلى مَنْ بَلَغ مِنَ العُمْرِ سِتِّينَ سَنَةً
؛ أَي لَمْ يُبْقِ فِيهِ مَوْضِعًا للاعْتِذارِ، حَيْثُ أَمْهَلَه طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَعْتَذِر. يُقَالُ: أَعْذَرَ الرَّجُلُ إِذا بَلَغ أَقْصى الغايةِ فِي العُذْر. وَفِي حَدِيثِ
المِقْداد: لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِليك
أَي عَذَرَكَ وجَعَلَك موضعَ العُذْر، فأَسْقَط عَنْكَ الْجِهَادَ ورَخّصَ لَكَ فِي تَرْكِهِ لأَنه كَانَ قَدْ تَناهَى فِي السِّمَنِ وعَجَزَ عَنِ الْقِتَالِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إِذا وُضِعَت المائدةُ فلْيأْكلِ الرجلُ مِمَّا عِنْدَهُ وَلَا يَرْفَعْ يَدَهُ وإِن شَبِعَ ولْيُعذِرْ فإِن ذَلِكَ يُخَجِّلُ جَلِيسَه
؛ الإِعْذارُ: الْمُبَالَغَةُ فِي الأَمر، أَي ليُبالِغْ فِي الأَكل؛ مِثْلُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
إِنه كَانَ إِذا أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ كانَ آخرَهم أَكْلًا
؛ وَقِيلَ: إِنما هُوَ
وليُعَذِّرْ
مِنَ التَّعْذِيرِ التَّقْصِير أَي ليُقَصِّرْ فِي الأَكل لِيَتَوفَّرَ عَلَى الْبَاقِينَ ولْيُرِ أَنه بالغَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
جاءَنا بطعامٍ جَشْبٍ فَكُنَّا نُعَذِّرُ
؛ أَي نُقَصِّر ونُرِي أَننا مُجْتَهِدُونَ. وعَذّرَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُعَذّرُ إِذا اعْتَذَرَ وَلَمْ يأْت بِعُذرٍ. وعَذَّرَ: لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عُذْرٌ. وأَعْذَرَ: ثَبَتَ لَهُ عُذْرٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ
، بِالتَّثْقِيلِ؛ هُمُ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ وَلَكِنْ يتكلَّفُون عُذْراً. وَقُرِئَ:
المُعْذِرون
بِالتَّخْفِيفِ، وَهُمُ الَّذِينَ لَهُمْ عُذْرٌ، قرأَها ابْنُ عَبَّاسٍ ساكنةَ الْعَيْنِ وَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَكَذَا أُنْزِلَت. وَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ المُعَذِّرِينَ. قَالَ الأَزهري: ذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلى أَن المُعْذِرينَ الَّذِينَ لَهُمُ العُذْر؛ والمُعَذِّرِينَ، بِالتَّشْدِيدِ: الَّذِينَ يَعْتذِرون بِلَا عُذْرٍ كأَنهم المُقَصِّرون الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ، فكأَنَّ الأَمرَ عِنْدَهُ أَن المُعَذِّرَ، بِالتَّشْدِيدِ، هُوَ المُظْهِرُ للعُذْرِ اعْتِلَالًا مِنْ غَيْرِ حَقِيقَةٍ لَهُ فِي العُذْر وَهُوَ لَا عُذْرَ لَهُ، والمُعْذِر الَّذِي لَهُ عُذْرٌ، والمُعَذِّرُ الَّذِي لَيْسَ بمُحقٍّ عَلَى جِهَةِ المُفَعِّل لأَنه المُمَرِّض والمُقَصِّر يَعْتَذِرُ بِغَيْرِ عُذْرٍ. قَالَ الأَزهري: وقرأَ يَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ وَحْدَهُ:
وَجَاءَ المُعْذِرُون
، سَاكِنَةَ الْعَيْنِ، وقرأَ سائرُ قُرّاء الأَمْصارِ: الْمُعَذِّرُونَ
، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ، قَالَ: فَمَنْ قرأَ الْمُعَذِّرُونَ
فَهُوَ فِي الأَصل المُعْتَذِرُون فأُدْغِمَت التَّاءُ فِي الذَّالِ لِقُرْب المَخْرَجين، وَمَعْنَى المُعْتَذِرُون الَّذِينَ يَعْتَذِرُون، كَانَ لَهُمْ عُذْرٌ أَو لَمْ يَكُنْ، وَهُوَ هَاهُنَا شَبِيهٌ بأَنْ يَكُونَ لَهم عُذْرٌ، وَيَجُوزُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ المُعِذِّرُون، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، لأَن الأَصل المُعْتَذِرُون فأُسكنت التَّاءُ وأُبدل مِنْهَا ذَالٌ وأُدغمت فِي الذَّالِ ونُقِلَت حَرَكَتُهَا إِلى الْعَيْنِ فَصَارَ الْفَتْحُ فِي الْعَيْنِ أَوْلى الأَشياء، ومَنْ كَسَرَ الْعَيْنَ(4/546)
جَرّه لِالتقاء السَّاكِنَيْنِ، قَالَ: وَلَمْ يُقْرَأْ بِهَذَا، قَالَ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ المُعَذِّرُون الَّذِينَ يُعَذِّرُون يُوهِمُون أَنَّ لَهُمْ عُذْراً وَلَا عُذْرَ لَهُمْ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: فَفِي المُعَذِّرِينَ وجْهان: إِذا كَانَ المُعَذِّرُون مِنْ عَذّرَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مُعَذِّر، فَهُمْ لَا عُذْرَ لَهُمْ، وإِذا كَانَ المُعَذِّرُون أَصلهم المُعْتَذِرُون فأُلْقِيَت فتحةُ التَّاءِ عَلَى العين وأُبْدِلَ منها دالٌ وأُدغمت فِي الذَّالِ الَّتِي بَعْدَهَا فَلَهُمْ عُذْرٌ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ الجُمَحِي: سأَلت يُونُسَ عَنْ قَوْلِهِ: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ
، فَقُلْتُ لَهُ: المُعْذِرُون، مُخَفَّفَةً، كأَنها أَقْيَسُ لأَن المُعْذِرَ الَّذِي لَهُ عُذْرٌ، والمُعَذِّر الَّذِي يَعْتَذِر وَلَا عُذْر لَهُ، فَقَالَ يُونُسُ: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ كَانَ مُسيِئاً جَاءَ قَوْمٌ فَعذَّرُوا وجَلَّحَ آخَرُونَ فَقَعَدُوا. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ
، قَالَ: مَعْنَاهُ المُعْتَذِرُون. يُقَالُ: عَذَّر يَعَذِّر عِذّاراً فِي مَعْنَى اعْتَذَرَ، وَيَجُوزُ عِذَّرَ الرَّجُلُ يَعِذِّر، فَهُوَ مُعِذِّر، وَاللُّغَةُ الأُولى أَجودهما. قَالَ: وَمِثْلُهُ هَدّى يَهَدِّي هِدّاءً إِذا اهْتَدَى وهِدَّى يَهِدِّي؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى؛ وَمِثْلُهُ قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ
يَخَصِّمُون
، بِفَتْحِ الْخَاءِ، قَالَ الأَزهري: وَيَكُونُ المُعَذِّرُون بِمَعْنَى المُقَصِّرِينَ عَلَى مُفَعِّليِن مِنَ التَّعْذير وَهُوَ التَّقْصِيرُ. يُقَالُ: قَامَ فُلَانٌ قِيَامَ تَعْذِيرٍ فِيمَا اسْتَكْفَيْتُه إِذا لَمْ يُبالغْ وقَصَّرَ فِيمَا اعْتُمِدَ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثُ:
أَن بَنِي إِسرائيل كَانُوا إِذا عُمِلَ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي نَهاهُم أَحْبارُهم تَعْذِيراً فعمَّهم اللَّهُ بالعِقاب، وَذَلِكَ إِذا لَمْ يُبالِغُوا فِي نَهْيِهم عَنِ الْمَعَاصِي، وداهَنُوهم وَلَمْ يُنْكِرُوا أَعْمالَهم بِالْمَعَاصِي حَقَّ الإِنْكارِ
، أَي نَهَوْهم نَهْياً قَصَّروا فِيهِ وَلَمْ يُبالغُوا؛ وضَعَ المصدرَ مَوْضِعَ اسْمِ الْفَاعِلِ حَالًا، كَقَوْلِهِمْ: جَاءَ مَشْياً. وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ:
وتَعاطى مَا نَهَيْتُ عَنْهُ تَعْذِيراً.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَنْ يَهْلِكَ الناسُ حَتَّى يُعذِرُوا مِنْ أَنفسهم
؛ يُقَالُ: أَعْذَرَ مِنْ نَفْسِهِ إِذا أَمْكَن مِنْهَا، يَعْنِي أَنهم لَا يَهْلِكون حَتَّى تَكْثُرَ ذُنُوبُهُمْ وَعُيُوبُهُمْ، فيُعْذِرُوا مِنْ أَنْفُسِهم وَيَسْتَوْجِبُوا الْعُقُوبَةَ وَيَكُونَ لِمَنْ يُعَذِّبُهم عُذْرٌ، كأَنهم قَامُوا بعُذْرِه فِي ذَلِكَ، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْيَاءِ، مِنْ عَذَرْته، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، وَحَقِيقَةُ عَذَرْت مَحَوْتُ الإِساءَةَ وطَمَسْتها، وَفِيهِ لُغَتَانِ؛ يُقَالُ أَعْذَرَ إِعذَاراً إِذا كَثُرَتْ عيوبُه وَذُنُوبُهُ وَصَارَ ذَا عَيْبٍ وَفَسَادٍ. قَالَ الأَزهري: وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: عَذَر يَعْذِرُ بِمَعْنَاهُ، وَلَمْ يَعْرفه الأَصمعي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَخطل:
فإِن تَكُ حَرْبُ ابنَيْ نِزارٍ تواضَعَتْ، ... فَقَدْ عَذَرَتْنا فِي كِلاب وَفِي كَعَبِ «1»
. وَيُرْوَى: أَعْذَرَتْنا أَي جَعَلَتْ لَنَا عُذْراً فِيمَا صَنَعْنَاهُ؛ وَهَذَا كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ:
لَنْ يَهْلِك عَلَى اللَّهِ إِلا هَالِكٌ
؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ: مَن يَعْذِرُني مِنْ فُلَانٍ؛ قَالَ ذُو الإِصْبَع العَدْوانيّ:
عَذِيرَ الحَيِّ مِن عَدْوَانَ، ... كانُوا حَيَّةَ الأَرضِ
بَغَى بَعْضٌ عَلَى بَعْضِ، ... فَلَمْ يَرْعَوْا عَلَى بَعْضِ
فَقَدْ أَضْحَوْا أَحادِيثَ، ... بِرَفْعِ القَولِ والخَفْضِ
يَقُولُ: هاتِ عُذْراً فِيمَا فَعَل بعضُهم بِبَعْضٍ مِنَ التباعُد والتباغُض وَالْقَتْلِ وَلَمْ يَرْعَ بعضُهم عَلَى بَعْضٍ، بَعْدِ ما كَانُوا حيَّةَ الأَرض الَّتِي يَحْذَرُها كلُّ أَحد، فَقَدْ صَارُوا أَحاديثَ لِلنَّاسِ يَرْفَعُونَهَا ويخفضونها، ومعنى
__________
(1) . هذا البيت في صفحة 545 مرويّ في صورة تختلف عما هو عليه في هذه الصفحة، وما في هذه الصفحة يتفق وما في ديوان الأَخطل(4/547)
يَخْفِضُونَهَا يُسِرّونها، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ هاتِ مَن يَعْذِرُني؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ يَنْظُرُ إِلى ابْنِ مُلْجَم:
عَذِيرَك مِن خَلِيلك مِن مُرادِ
يُقَالُ: عَذِيرَك مِن فُلَانٍ، بِالنَّصْبِ، أَي هاتِ مَن يَعْذِرُك، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ، يُقَالُ: عَذِيري مِن فُلان أَي مَن يَعْذِرني، ونصبُه عَلَى إِضمار هَلُمَّ مَعْذِرَتَك إِيَّاي؛ وَيُقَالُ: مَا عِنْدَهُمْ عَذِيرةٌ أَي لَا يَعْذِرون، وَمَا عِنْدَهُمْ غفيرةٌ أَي لَا يَغْفِرُون. والعَذِيرُ: النَّصِيرُ؛ يُقَالُ: مَن عَذِيرِي مِن فُلَانٍ أَي مَن نَصِيرِي. وعَذِيرُ الرَّجُلِ: مَا يَرُومُ وَمَا يُحاوِلُ مِمَّا يُعْذَرُ عَلَيْهِ إِذا فَعَلَه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يُخَاطِبُ امرأَته:
جارِيَ لَا تَسْتَنْكِري عَذِيرِي، ... سَيْرِي، وإِشْفاقي عَلَى بَعِيرِي
يُرِيدُ يَا جَارِيَةُ فَرَخَّمَ، وَيُرْوَى: سَعْيِي، وَذَلِكَ أَنه عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ فكانَ يرُمُّ رَحْل نَاقَتِهِ لِسَفَرِهِ فَقَالَتْ لَهُ امرأَته: مَا هَذَا الَّذِي ترُمُّ؟ فَخَاطَبَهَا بِهَذَا الشِّعْرِ، أَي لَا تُنْكِري مَا أُحاوِلُ. والعَذِيرُ: الْحَالُ؛ وأَنشد:
لَا تَسْتَنْكِرِي عَذِيرِي
وَجَمْعُهُ عُذُرٌ مِثْلُ سَرِيرٍ وسُرُرٍ، وإِنما خُفِّفَ فَقِيلَ عُذْر؛ وَقَالَ حَاتِمٌ:
أَماوِيَّ قَدْ طَالَ التجنُّبُ والهجْرُ، ... وَقَدْ عَذَرَتْنِي فِي طِلابِكُمُ العُذْرُ
أَماوِيَّ إِن الْمَالَ غادٍ ورائحٌ، ... ويَبْقَى مِنَ الْمَالِ الأَحاديثُ والذِّكْرُ
وَقَدْ عَلِمَ الأَقوامُ لَوْ أَن حَاتِمًا ... أَرادَ ثَراءَ المالِ، كَانَ لَهُ وَفْرُ
وَفِي الصِّحَاحِ:
وَقَدْ عَذَرَتْنِي فِي طِلَابِكُمُ عُذْرُ
قَالَ أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ أَعرابيين تَمِيمِيًّا وَقَيْسِيًّا يَقُولَانِ: تَعَذَّرْت إِلى الرَّجُلِ تَعَذُّراً، فِي مَعْنَى اعْتَذَرْت اعْتِذاراً؛ قَالَ الأَحْوَص بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنصاري:
طَرِيد تَلافاهُ يَزِيدُ برَحْمَةٍ، ... فَلَمْ يُلْفَ مِنْ نَعْمائهِ يَتَعَذَّرُ
أَي يَعْتَذر؛ يَقُولُ: أَنعم عَلَيْهِ نِعْمَةً لَمْ يَحْتَجْ إِلى أَن يَعْتذر مِنْهَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ يَتَعَذَّر أَي يَذْهَبُ عَنْهَا. وتَعَذَّر: تأَخَّر؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بِسَيْر يَضِجُّ العَوْدُ مِنْهُ، يَمُنّه ... أَخُو الجَهْدِ، لَا يَلْوِي عَلَى مَنْ تَعَذَّرا
والعَذِيرُ: العاذرُ. وعَذَرْته مِنْ فُلَانٍ أَي لُمْت فُلَانًا وَلَمْ أَلُمْه؛ وعَذِيرَك إِيَّايَ مِنْهُ أَي هَلُمَّ مَعْذِرَتك إِيَّايَّ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: يُقَالُ أَما تُعذرني مِنْ هَذَا؟ بِمَعْنَى أَما تُنْصِفُني مِنْهُ. يُقَالُ: أَعْذِرْني مِنْ هَذَا أَي أَنْصِفْني مِنْهُ. وَيُقَالُ: لَا يُعْذِرُك مِنْ هَذَا الرَّجُلِ أَحدٌ؛ مَعْنَاهُ لَا يُلْزِمُه الذَّنْبَ فِيمَا تُضِيفُ إِليه وَتَشْكُوهُ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّاسِ: مَنْ يَعْذِرُني مِنْ فُلَانٍ أَي مَنْ يَقُومُ بعُذْرِي إِن أَنا جَازَيْتُهُ بسُوءِ صَنِيعِهِ، وَلَا يُلْزِمُني لوْماً عَلَى مَا يَكُونُ مِنِّي إِليه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الإِفك:
فاسْتَعْذَرَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيّ وَقَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَنْ يَعْذِرُني مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ سَعْدٌ: أَنا أَعْذِرُك مِنْهُ
، أَي مَنْ يَقُومُ بعُذري إِن كافأْته عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِ فَلَا يلومُني؟ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، استعذرَ أَبا بَكْرٍ مِنْ عَائِشَةَ، كَانَ(4/548)
عَتَبَ عَلَيْهَا فِي شَيْءٍ فَقَالَ لأَبي بَكْرٍ: أَعْذِرْني مِنْهَا إِن أَدَّبْتُها
؛ أَي قُمْ بعُذْري فِي ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: مَنْ يَعْذِرُني مِنْ مُعَاوِيَةَ؟ أَنا أُخْبِرُه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُخْبِرُنِي عَنْ نَفْسِهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ: مَنْ يَعْذرني مِنْ هَؤُلَاءِ الضَّياطِرة؟
وأَعْذر فُلَانٌ مِنْ نفسه أَي أَتى من قبَل نَفْسِهِ. قَالَ: وعَذّر يُعذّر نَفْسَهُ أَي أَتي مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ؛ قَالَ يُونُسُ: هِيَ لُغَةُ الْعَرَبِ. وتَعَذَّر عَلَيْهِ الأَمر: لَمْ يَسْتَقِمْ. وتَعَذَّر عَلَيْهِ الأَمر إِذا صَعُبَ وَتَعَسَّرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يتعَذَّر فِي مَرَضِهِ
؛ أَي يَتَمَنَّعُ وَيَتَعَسَّرُ. وأَعْذَرَ وعَذَرَ: كَثُرت ذُنُوبُهُ وَعُيُوبُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ:
قَالُوا مَعْذِرةٌ إِلى رَبِّكُمْ
؛ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ بَنِي إِسرائيلَ وعَظُوا الَّذِينَ اعتدَوْا فِي السَّبْتِ مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ؟ فَقَالُوا، يَعْنِي الْوَاعِظِينَ:
مَعْذِرةٌ إِلى رَبِّكُمْ
، فَالْمَعْنَى أَنهم قَالُوا: الأَمرُ بِالْمَعْرُوفِ واجبٌ عَلَيْنَا فَعَلَيْنَا موعظةُ هَؤُلَاءِ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ، وَيَجُوزُ النَّصْبُ فِي مَعْذِرة فَيَكُونُ الْمَعْنَى نَعْتَذِرُ مَعْذِرَةً بوَعْظِنا إِيَّاهم إِلى رَبِّنَا؛ والمَعْذِرةُ: اسمٌ عَلَى مَفْعِلة مِنْ عَذَرَ يَعْذِر أُقِيم مُقام الِاعْتِذَارِ؛ وَقَوْلُ زُهَيْرُ بْنُ أَبي سُلْمَى:
عَلَى رِسْلِكمْ إِنا سَنُعْدِي ورَاءكم، ... فتمنعُكم أَرْماحُنا أَو سَنُعْذَر
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ أَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَهُ وأَنشد: سَتَمْنَعُكُمْ، وَصَوَابُهُ: فَتَمْنَعُكُمْ، بِالْفَاءِ، وَهَذَا الشِّعْرُ يُخَاطِبُ بِهِ آلَ عكرمة، وهم سُلَيم وغَطفان»
وَسُلَيْمٌ هُوَ سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ، وَهَوَازِنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفة بْنِ قَيْس عَيْلان، وَغَطَفَانُ هُوَ غَطَفَانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسِ عَيْلَانَ، وَكَانَ بَلَغَ زُهَيْرًا أَن هَوَازِنَ وَبَنِي سُلَيْمٍ يُرِيدُونَ غَزْوَ غَطَفَانَ، فذكَّرهم مَا بَيْنَ غَطَفَانَ وَبَيْنَهُمْ مِنَ الرَّحِم، وأَنهم يَجْتَمِعُونَ فِي النَّسَبِ إِلى قَيْسٍ؛ وَقَبْلَ الْبَيْتِ:
خُذُوا حظَّكم يَا آلَ عِكْرِمَ، واذْكُروا ... أَواصِرَنا، والرِّحْمُ بِالْغَيْبِ يُذْكَرُ
فإِنَّا وإِيَّاكم إِلى مَا نَسُومُكم ... لَمِثْلانِ، بَلْ أَنتم إِلى الصُّلْح أَفْقَرُ
مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى رِسْلِكم أَي عَلَى مَهْلِكم أَي أَمْهِلوا قَلِيلًا. وَقَوْلُهُ: سَنُعْدِي وَرَاءَكُمْ أَي سَنُعْدِي الْخَيْلَ وَرَاءَكُمْ. وَقَوْلُهُ: أَو سَنُعْذَرُ أَي نأْتي بالعُذْر فِي الذبِّ عَنْكُمْ وَنَصْنَعُ مَا نُعْذَر فِيهِ. والأَوَاصِرُ: الْقَرَابَاتُ. والعِذَارُ مِنَ اللِّجَامِ: مَا سَالَ عَلَى خَدِّ الْفَرَسِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وعِذَارُ اللِّجَامِ مَا وَقَعَ مِنْهُ عَلَى خَدي الدَّابَّةِ، وَقِيلَ: عذَارُ اللِّجَامِ السَّيْرانِ اللَّذَانِ يَجْتَمِعَانِ عِنْدَ القَفا، وَالْجَمْعُ عُذُرٌ. وعَذَرَه يَعْذِرُهُ عَذْراً وأَعْذَرَه وعَذَّرَه: أَلْجَمه، وَقِيلَ: عَذَّره جَعَلَ لَهُ عِذَاراً لا غير؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فإِني إِذا مَا خُلّةٌ رَثَّ وصلُها، ... وجَدَّتْ لصَرْمٍ وَاسْتَمَرَّ عِذارُها
لَمْ يُفَسِّرْهُ الأَصمعي، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ عِذَار اللِّجَامِ، وأَن يَكُونَ مِنَ التَعَذُّر الَّذِي هُوَ الِامْتِنَاعُ؛ وَفَرَسٌ قصيرُ العِذَار وقصيرُ العِنان. وَفِي الْحَدِيثِ:
الفَقْرُ أَزْيَنُ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ عِذَارٍ حسَنٍ عَلَى خَدِّ فَرَسٍ
؛ العِذَارانِ مِنَ الْفَرَسِ: كالعارِضَين مِنْ وَجْهِ الإِنسان، ثُمَّ سُمِّيَ السَّيْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ مِنَ اللِّجَامِ عِذاراً بِاسْمِ مَوْضِعِهِ. وعَذَرْت الفرس بالعِذَار
__________
(2) . قوله: [وهم سليم وغطفان] كذا بالأَصل، والمناسب وهوازن بدل وغطفان كما يعلم مما بعد(4/549)
أَعْذِره وأَعْذُره إِذا شَدَدْت عِذَارَه. والعِذَاران: جَانِبَا اللِّحْيَةِ لأَن ذَلِكَ مَوْضِعُ الْعِذَارِ مِنَ الدَّابَّةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى رَأَيْنَ الشَّيْبَ ذَا التَّلَهْوُقِ ... يَغْشَى عِذَارَي لحْيَتي ويَرْتَقي
وعِذَارُ الرَّجُلِ: شعرُه النَّابِتُ فِي مَوْضِعِ العِذَار. والعِذَارُ: اسْتِوَاءُ شَعْرِ الْغُلَامِ. يُقَالُ: مَا أَحْسَنَ عِذَارَه أَي خطَّ لِحْيَتِهِ. والعِذَارُ: الَّذِي يضُمّ حبلَ الْخِطَامِ إِلى رأْس الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ. وأَعْذَرَ النَّاقَةَ: جَعَلَ لَهَا عِذَاراً. والعِذَارُ والمُعَذَّر: المَقَذُّ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مَوْضِعُ العِذَار مِنَ الدَّابَّةِ. وعَذَّرَ الغلامُ: نَبَتَ شعرُ عِذَاره يَعْنِي خَدَّهُ. وخَلَعَ العِذَارَ أَي الْحَيَاءَ؛ وَهَذَا مَثَلٌ لِلشَّابِّ المُنْهَمِك فِي غَيِّه، يُقَالُ: أَلْقَى عَنْهُ جِلْبابَ الْحَيَاءِ كَمَا خلَع الفرسُ العِذارَ فَجَمَعَ وطَمَّح. قَالَ الأَصمعي: خلَع فُلَانٌ مُعَذَّرَه إِذا لَمْ يُطِعْ مُرْشِداً، وأَراد بالمُعَذَّر الرَّسن ذَا العِذَارين، وَيُقَالُ لِلْمُنْهَمِكِ فِي الْغَيِّ: خلَع عِذَارَه؛ وَمِنْهُ كِتَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلى الْحَجَّاجِ: اسْتَعْمَلْتُك عَلَى الْعِرَاقَيْنِ فاخْرُجْ إِليهما كَمِيشَ الإِزار شديدَ العِذَارِ؛ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا عَزَمَ عَلَى الأَمر: هُوَ شَدِيدُ العِذَار، كَمَا يُقَالُ فِي خِلَافِهِ: فُلَانٌ خَليع الْعِذَارِ كَالْفَرَسِ الَّذِي لَا لِجَامَ عَلَيْهِ، فَهُوَ يَعِيرُ عَلَى وَجْهِهِ لأَن اللِّجَامَ يُمْسِكُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: خَلَعَ عِذارَه أَي خَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ وَانْهَمَكَ فِي الْغَيِّ. والعِذَارُ: سِمةٌ فِي مَوْضِعِ العِذَار؛ وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: العِذَارُ سِمةٌ عَلَى الْقَفَا إِلى الصُّدْغَين. والأَول أَعرف. وَقَالَ الأَحمر: مِنَ السِّمَاتِ العُذْرُ. وَقَدْ عُذِرَ الْبَعِيرُ، فَهُوَ مَعْذورٌ، والعُذْرةُ: سِمَةٌ كالعِذار؛ وَقَوْلُ أَبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ وَاسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ أَبي عُبَيد يَصِفُ أَياماً لَهُ مَضَتْ وطِيبَها مِنْ خَيْرٍ وَاجْتِمَاعٍ عَلَى عَيْشٍ صَالِحٍ:
إِذِ الحَيُّ والحَوْمُ المُيَسِّرُ وَسْطَنا، ... وإِذ نَحْنُ فِي حالٍ مِنَ العَيْشِ صالحِ
وَذُو حَلَقٍ تُقْضَى العَواذِيرُ بينَه، ... يلُوحُ بأَخْطارٍ عِظَام اللَّقائِحِ
قَالَ الأَصمعي: الحَوْم الإِبل الْكَثِيرَةُ. والمُيَسِّر: الَّذِي قَدْ جَاءَ لبنُه. وَذُو حَلَقٍ: يَعْنِي إِبلًا مِيسَمُها الحَلَقُ: يُقَالُ: إِبلٌ محَلَّقة إِذا كَانَ سِمَتُها الحَلَق. والأَخْطَارُ: جَمْعُ خِطْر، وَهِيَ الإِبل الْكَثِيرَةُ. والعَواذِيرُ: جَمْعُ عاذُور، وَهُوَ أَن يَكُونَ بَنُو الأَب مِيسَمُهم وَاحِدًا، فإِذا اقْتَسَمُوا مَالَهُمْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَعْذِرْ عَنِّي، فيخُطّ فِي المِيسَم خَطًّا أَو غَيْرَهُ لِتُعْرَفَ بِذَلِكَ سِمَةُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ. وَيُقَالُ: عَذِّرْ عَينَ بَعِيرك أَي سِمْه بِغَيْرِ سِمَة بَعِيرِي لِتَتَعَارَفَ إِبلُنا. والعاذُورُ: سِمَةٌ كَالْخَطِّ، وَالْجَمْعُ العَواذِيرُ. والعُذْرةُ: الْعَلَامَةُ. والعُذْر: الْعَلَّامَةُ. يُقَالُ: أَعْذِر عَلَى نَصِيبِكَ أَي أَعْلِمْ عَلَيْهِ. والعُذْرةُ: النَّاصِيَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الخُصْلة مِنَ الشَّعْرِ وعُرْفُ الْفَرَسِ وَنَاصِيَتُهُ، والجمعُ عُذَر؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
مَشْيَ العَذارى الشُّعْثِ يَنْفُضْن العُذَرْ
وَقَالَ طَرَفَةُ:
وهِضَبّات إِذا ابْتَلَّ العُذَرْ
وَقِيلَ: عُذْر الْفَرَسِ مَا عَلَى المِنْسَج مِنَ الشَّعْرِ، وَقِيلَ: العُذْرة الشَّعْرُ الَّذِي عَلَى كَاهِلِ الْفَرَسِ. والعُذَرُ: شَعَرَاتٌ مِنَ الْقَفَا إِلى وَسَطِ الْعُنُقِ. والعِذار مِنَ الأَرض: غِلَظٌ يَعْتَرِضُ فِي فَضَاءٍ وَاسِعٍ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الرَّمْلِ، وَالْجَمْعُ عُذْرٌ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ لِذِي الرُّمَّةِ:
ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها، ... عِذارَينِ مِنْ جَرْداءَ وعْثٍ خُصُورُها(4/550)
أَي حَبْلين مُسْتَطِيلَيْنِ مِنَ الرَّمْلِ، وَيُقَالُ: طَرِيقَيْنِ؛ هَذَا يَصِفُ نَاقَةً يَقُولُ: كَمْ جَاوَزَتْ هَذِهِ النَّاقَةُ مِنْ رَمْلَةٍ عَاقِرٍ لَا تَنْبُتُ شَيْئًا، وَلِذَلِكَ جَعَلَهَا عَاقِرًا كالمرأَة الْعَاقِرِ. والأَلاءُ: شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ وإِنما يَنْبُتُ فِي جَانِبَيِ الرَّمْلَةِ، وَهُمَا العِذَارانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا. وجَرْداء: مُنْجَرِدة مِنَ النَّبْتِ الَّذِي تَرْعَاهُ الإِبل. والوَعْثُ: السَّهْلُ. وخُصورُها: جَوَانِبُهَا. والعُذْرُ: جَمْعُ عِذار، وَهُوَ الْمُسْتَطِيلُ مِنَ الأَرض. وعِذارُ الْعِرَاقِ: مَا انْفَسَح عَنِ الطَّفِّ. وعِذارا النَّصْلِ: شَفْرَتاه. وعِذارا الحائطِ وَالْوَادِي: جَانِبَاهُ. وَيُقَالُ: اتَّخَذَ فُلَانٌ فِي كَرْمِهِ عِذاراً مِنَ الشَّجَرِ أَي سِكّة مُصْطَفَّةٌ. والعُذْرة: البَظْر؛ قَالَ:
تَبْتَلُّ عُذْرتُها فِي كُلِّ هاجِرةٍ، ... كَمَا تَنَزَّل بالصَّفْوانةِ الوَشَلُ
والعُذْرةُ: الخِتَانُ والعُذْرة: الْجِلْدَةُ يَقْطَعُهَا الْخَاتِنُ. وعَذَرَ الغلامَ وَالْجَارِيَةَ يَعْذِرُهما عَذْراً وأَعْذَرَهما: خَتَنَهما؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِي فتْيَةٍ جَعَلُوا الصَّلِيبَ إِلَهَهُمْ، ... حَاشايَ، إِنِّي مُسْلِمٌ مَعْذُورُ
والأَكثر خَفَضْتُ الْجَارِيَةَ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
تَلْوِيَةَ الخَاتِن زُبَّ المَعْذُور
والعِذَار والإِعْذار والعَذِيرة والعَذِيرُ، كُلُّهُ: طَعَامُ الْخِتَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْوَلِيمَةُ فِي الإِعْذار حقٌ
؛ الإِعْذار: الْخِتَانُ. يُقَالُ: عَذَرته وأَعْذَرته فَهُوَ مَعْذُورٌ ومُعْذَرٌ، ثُمَّ قِيلَ لِلطَّعَامِ الَّذِي يُطْعم فِي الْخِتَانِ إِعْذار. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنَّا إِعْذارَ عامٍ وَاحِدٍ
؛ أَي خُتِنّا فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَكَانُوا يُخْتَنُونَ لِسِنٍّ مَعْلُومَةٍ فِيمَا بَيْنَ عَشْرِ سِنِينَ وخمسَ عَشْرَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وُلِدَ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعْذوراً مَسْروراً
؛ أَي مَخْتُونًا مَقْطُوعَ السُّرَّةِ. وأَعْذَرُوا لِلْقَوْمِ: عَمِلوا ذَلِكَ الطَّعَامَ لَهم وأَعَدّوه. والإِعْذارُ والعِذارُ والعَذِيرةُ والعَذِيرُ: طعامُ المأْدُبة. وعَذَّرَ الرجلُ: دَعَا إِليه. يُقَالُ: عَذَّرَ تَعْذِيراً للخِتَان وَنَحْوِهِ. أَبو زَيْدٍ: مَا صُنِع عِنْدَ الْخِتَانِ الإِعْذار، وَقَدْ أَعْذَرْت؛ وأَنشد:
كُلَّ الطعامِ تَشْتَهِي رَبِيعَهْ: ... الخُرْس والإِعْذار والنَّقِيعَهْ
والعِذَار: طَعَامُ البِنَاء وأَن يَسْتَفِيدَ الرجلُ شَيْئًا جَدِيدًا يُتَّخَذُ طَعَامًا يَدْعُو إِليه إِخوانه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العُذْرة قُلْفةُ الصَّبِيِّ وَلَمْ يَقُل إِن ذَلِكَ اسْمٌ لَهَا قَبْلَ الْقَطْعِ أَو بَعْدَهُ. والعُذْرة: البَكارةُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العُذْرة مَا لِلْبِكْر مِنَ الِالْتِحَامِ قَبْلَ الِافْتِضَاضِ. وَجَارِيَةٌ عَذْراء: بِكْرٌ لَمْ يمسَّها رَجُلٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ: سُمِّيت البكرُ عَذْراء لضِيقِها، مِنْ قَوْلِكَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الأَمرُ، وَجَمْعُهَا عَذارٍ وعَذارى وعَذْراوات وعَذارِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي صَحارى. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ:
إِن الرَّجُلَ لَيُفْضِي فِي الغَداةِ الْوَاحِدَةِ إِلى مِائَةِ عَذْراء
؛ وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
أَتَيْناكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبانُها
أَي يَدْمَى صدرُها مِنْ شِدَّةِ الجَدْب؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ إِنه لَمْ يَجد امرأَتَه عَذْراءَ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لأَن العُذْرةَ قَدْ تُذْهِبُها الحيضةُ والوثْبةُ وطولُ التَّعْنِيس.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: مَا لَكَ ولِلْعَذَارَى ولِعَابهنّ
أَي مُلاعَبتِهنّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ:
مُعِيداً يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارَى
وعُذْرةُ الجاريةِ: اقْتِضاضُها. والاعْتذارُ:(4/551)
الاقْتِضاضُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَبو عُذْر فُلَانَةٍ إِذا كَانَ افْتَرَعَها وَاقْتَضَّهَا، وأَبو عُذْرَتها. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَنت بِذِي عُذْرِ هَذَا الكلامِ أَي لسْتَ بأَوَّلِ مَنِ اقْتضّه. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لِلْجَارِيَةِ عُذْرتانِ إِحداهما الَّتِي تَكُونُ بِهَا بِكْرًا والأُخرى فِعْلُها؛ وَقَالَ الأَزهري عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: لَهَا عُذْرتانِ إِحداهما مَخْفِضُها، وَهُوَ مَوْضِعُ الْخَفْضِ مِنَ الْجَارِيَةِ، والعُذْرةُ الثَّانِيَةُ قضّتُها، سُمِّيَتْ عُذْرةً بالعَذْر، وَهُوَ الْقَطْعُ، لأَنها إِذا خُفِضت قُطِعَتْ نَواتُها، وإِذا افْتُرِعَت انْقَطَعَ خاتمُ عُذْرتِها. والعاذُورُ: مَا يُقْطع مِنْ مَخْفِض الْجَارِيَةِ. ابْنُ الأَعرابي: وَقَوْلُهُمُ اعْتَذَرْت إِليه هُوَ قَطْعُ مَا فِي قَلْبِهِ. وَيُقَالُ: اعْتَذَرَت المياهُ إِذا انْقَطَعَتْ. والاعْتِذارُ: قطعُ الرجلِ عَنْ حَاجَتِهِ وقطعُه عَمَّا أَمْسَك فِي قَلْبِهِ. واعْتَذَرت المنازلُ إِذا دَرَسَت؛ وَمَرَرْتُ بِمَنْزِلٍ مُعْتَذرٍ بالٍ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
شُهُورُ الصَّيْفِ، واعْتَذَرَتْ إِلَيْهِ ... نِطَاف الشيِّطَين مِن الشِّمال
وتَعَذَرَّ الرَّسْمُ واعْتَذَر: تَغَيَّر؛ قَالَ أَوس:
فبطن السُّلَيِّ فالسّجال تَعَذَّرَت، ... فمَعْقُلة إِلى مَطارِ فوَاحِف
وَقَالَ ابْنُ ميّادةَ وَاسْمُهُ الرَّمَّاحُ بْنُ أَبرد «1» :
مَا هاجَ قَلْبك مِنْ مَعَارِفِ دِمْنَةٍ، ... بالبَرْقِ بَيْنَ أَصَالِفٍ وفَدَافِدِ
لَعِبَتْ بِهَا هُوجُ الرِّياح فأَصْبَحَتْ ... قَفْراً تَعَذَّر، غَيْرَ أَوْرَقَ هَامِدِ
البَرْق: جَمْعُ بَرْقَةٍ، وَهِيَ حِجَارَةٌ ورملٌ وَطِينٌ مُخْتَلِطَةٌ. والأَصالِفُ والفَدافِدُ: الأَماكن الْغَلِيظَةُ الصُّلْبَةُ؛ يَقُولُ: دَرَسَتْ هَذِهِ الْآثَارُ غَيْرَ الأَوْرَقِ الهامِد، وَهُوَ الرَّمَادُ؛ وَهَذِهِ الْقَصِيدَةُ يَمْدَحُ بِهَا عَبْدَ الْوَاحِدِ بن سليمان ابن عَبْدِ الْمَلِكِ وَيَقُولُ فِيهَا:
مَنْ كَانَ أَخْطَأَه الربيعُ، فإِنه ... نُصِرَ الحجازُ بغَيْثِ عَبْدِ الواحدِ
سَبَقَتْ أَوائِلَه أَواخِرُه، ... بمُشَرَّعِ عَذبٍ ونَبْتٍ واعِدِ «2»
. نُصِرَ أَي أُمْطِر. وأَرض مَنْصُورَةٌ: مَمْطُورَةٌ. والمُشَرَّعُ: شَرِيعَةُ الْمَاءِ. ونَبْت واعِد أَي يُرْجى خيرُه، وَكَذَلِكَ أَرضٌ واعِدةٌ يُرْجى نباتُها؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر الْبَاهِلِيُّ فِي الِاعْتِذَارِ بِمَعْنَى الدُّرُوس:
بانَ الشَّبابُ وأَفْنى ضِعْفَه العمُرُ، ... لِلَّهِ دَرُّك أَيَّ العَيْشِ تَنْتَظِرُ؟
هَلْ أَنتَ طالبُ شيءٍ لسْتَ مُدْرِكه؟ ... أَمْ هَلْ لِقَلْبِك عَنْ أُلَّافِه وطَرُ؟
أَمْ كُنْتَ تَعْرِفُ آيَاتٍ، فَقَدْ جَعَلَتْ ... أَطْلالُ إِلْفِك بالوَدْكاءِ تَعْتَذِرُ؟
ضِعْفُ الشَّيْءِ: مثلهُ؛ يَقُولُ: عِشْت عمرَ رَجُلَيْنِ وأَفناه الْعُمُرُ. وَقَوْلُهُ: أَم هَلْ لِقَلْبِكَ أَي هَلْ لِقَلْبِكَ حَاجَةٌ غَيْرَ أُلَّافِه أَي هَلْ لَهُ وَطَرٌ غَيْرَهُمْ. وَقَوْلُهُ: أَم كُنْتَ تَعْرِفُ آيَاتٍ؛ الْآيَاتُ: الْعَلَامَاتُ، وأَطْلالُ إِلْفك قَدْ دَرَسَت، وأُخِذ الاعْتِذارُ مِنَ الذَّنْبِ مِنْ هَذَا لأَن مَن اعْتَذَرَ شابَ اعتذارَه بكذِبٍ يُعَفِّي عَلَى ذَنْبِهِ. والاعتِذارُ: مَحْوُ أَثر المَوْجِدة، مِنْ قَوْلِهِمُ: اعْتَذَرَت المنازلُ إِذا دَرَسَت. والمَعاذِرُ: جَمْعُ مَعْذِرة. وَمِنْ أَمثالهم: المَعاذِرُ مكاذِبُ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
؛ قِيلَ: الْمَعَاذِيرُ الحُجَجُ، أَي
__________
(1) . قوله: [ابن أَبرد] هكذا في الأَصل
(2) . قوله:
[سبقت أَوائله أواخره]
هو هكذا في الأَصل والشطر ناقص(4/552)
لَوْ جادَلَ عَنْهَا وَلَوْ أَدْلى بِكُلِ حُجَّةٍ يَعْتَذِرُ بِهَا؛ وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: المَعاذير السُّتور بِلُغَةِ الْيَمَنِ، وَاحِدُهَا مِعْذارٌ، أَي وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
. وَيُقَالُ: تَعَذَّرُوا عَلَيْهِ أَي فَرُّوا عَنْهُ وَخَذَلُوهُ. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ عَمْرُو ابن كِرْكِرَة: يُقَالُ ضَرَبُوهُ فأَعْذَروه أَي ضَرَبُوهُ فأَثْقَلُوه. وضُرِبَ فلانٌ فأُعْذِرَ أَي أُشْرف بِهِ عَلَى الْهَلَاكِ. وَيُقَالُ: أَعْذَرَ فُلَانٌ فِي ظَهْرِ فُلَانٍ بالسيَاط إِعْذاراً إِذا ضرَبه فأَثَّر فِيهِ، وشَتَمه فبالغَ فِيهِ حَتَّى أَثَّر بِهِ فِي سبِّه؛ وَقَالَ الأَخطل:
وَقَدْ أَعْذَرْن فِي وَضَحِ العِجَانِ
والعَذْراء: جامِعةٌ تُوضَعُ فِي حَلْق الإِنسان لَمْ تُوضَعْ فِي عُنُقِ أَحد قَبْلَهُ، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ مِنْ حَدِيدٍ يعذَّب بِهِ الإِنسانُ لِاسْتِخْرَاجِ مَالٍ أَو لإِقرارٍ بأَمر. قَالَ الأَزهري: والعَذَارى هِيَ الْجَوَامِعُ كالأَغْلال تُجْمَع بِهَا الأَيدي إِلى الأَعناق. والعَذْراء: الرَّمْلَةُ الَّتِي لَمْ تُوطَأْ. ورَمْلة عَذْراء: لَمْ يَرْكَبْها أَحدٌ لِارْتِفَاعِهَا. ودُرَّة عَذْراءُ. لَمْ تُثْقب. وأَصابعُ العَذارَى: صِنْف مِنَ العِنَب أَسود طِوَالٌ كأَنه البَلُّوط، يُشَبَّه بأَصابع العَذارى المُخَضَّبَةِ. والعَذْراء: اسْمُ مَدِينَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُراها سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها لَمْ تُنْكَ. والعَذْراءُ: برْجٌ مِنْ بُرُوجِ السَّمَاءِ. وَقَالَ النَّجَّامون: هِيَ السّنْبُلة، وَقِيلَ: هِيَ الجَوْزاء. وعَذْراء: قَرْيَةٌ بِالشَّامِ مَعْرُوفَةٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ أَرض بِنَاحِيَةِ دِمَشْقَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراها سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها لَمْ تُنْكَ بِمَكْرُوهٍ وَلَا أُصِيبَ سُكّانُها بأَداة عدُوّ؛ قال الأَخطل:
ويا مَنَّ عَنْ نَجْدِ العُقابِ، وياسَرَتْ ... بنَا العِيسُ عَنْ عَذْراءَ دارِ بَنِي الشَّجْب
والعُذْرةُ: نجْمٌ إِذا طلَع اشْتَدَّ غَمُّ الْحَرِّ، وَهِيَ تَطْلُعُ بَعْدَ الشِّعْرى، وَلَهَا وَقْدة وَلَا رِيحَ لَهَا وتأْخذ بالنفَس، ثُمَّ يطلُع سُهَيلٌ بَعْدَهَا، وَقِيلَ: العُذْرة كواكبُ فِي آخِرِ المَجَرَّة خَمْسَةٌ. والعُذْرةُ والعاذورُ: داءٌ فِي الْحَلْقِ؛ وَرَجُلٌ مَعْذورٌ: أَصابَه ذَلِكَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
غَمَزَ ابنُ مُرَّةَ يَا فَرَزْدَقُ كَيْنَها، ... غَمْزَ الطَّبِيبِ نَغانِغَ المَعْذُورِ
الكَيْنُ: لَحْمُ الْفَرْجِ. والعُذْرة: وَجَعُ الْحَلْقِ مِنَ الدَّمِ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ أَيضاً يُسَمَّى عُذْرة، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ اللَّهاةِ. وعُذِرَ، فَهُوَ مَعْذورٌ: هاجَ بِهِ وجعُ الحلقِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى صَبِيًّا أُعْلِقَ عَلَيْهِ مِنَ العُذْرةِ
؛ هُوَ وَجَعٌ فِي الْحَلْقِ يهيجُ مِنَ الدَّمِ، وَقِيلَ: هِيَ قُرْحة تَخْرُجُ فِي الحَزْم الَّذِي بَيْنَ الْحَلْقِ والأَنف يَعْرِض لِلصِّبْيَانِ عِنْدَ طُلُوعِ العُذْرة، فتَعْمِد المرأَة إِلى خِرْقةٍ فَتَفْتِلُها فَتْلًا شَدِيدًا، وتُدْخِلُها فِي أَنْفِه فتطعَن ذَلِكَ الموضعَ، فينفجرُ مِنْهُ دمٌ أَسْودُ رُبَّمَا أَقْرحَه، وَذَلِكَ الطعنُ يُسَمَّى الدَّغْر. يُقَالُ: عَذَرَت المرأَةُ الصبيَّ إِذا غَمَزَت حلْقَه مِنَ العُذْرة، إِن فَعَلَتْ بِهِ ذَلِكَ، وَكَانُوا بَعْدَ ذَلِكَ يُعَلِّقون عَلَيْهِ عِلاقاً كالعُوذة. وَقَوْلُهُ: عِنْدَ طُلُوعِ العُذْرة؛ هِيَ خمسةُ كواكبَ تَحْتَ الشِّعْرى العَبُور، وَتُسَمَّى العَذارى، وَتَطْلُعُ فِي وَسَطِ الْحَرِّ، وَقَوْلُهُ: مِنَ العُذْرة أَي مِنْ أَجْلِها. والعاذِرُ: أَثرُ الجُرْح؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أُزاحِمُهم بِالْبَابِ إِذ يَدْفَعُونَني، ... وبالظهرِ، مِنِّي مِنْ قَرَا الْبَابِ عاذِرُ
تَقُولُ مِنْهُ: أَعْذَرَ بِهِ أَي تَرَكَ بِهِ عاذِراً، والعَذِيرُ مِثْلُهُ. ابْنُ الأَعرابي: العَذْر جَمْع العَاذِر، وَهُوَ الإِبداء. يُقَالُ: قَدْ ظَهَرَ عاذِره، وَهُوَ دَبُوقاؤه.(4/553)
وأَعْذَرَ الرجلُ: أَحْدَثَ. والعاذِرُ والعَذِرةُ: الْغَائِطُ الَّذِي هُوَ السَّلح. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَرِهَ السُّلْت الَّذِي يُزْرَعُ بالعَذِرة
؛ يُرِيدُ الغائطَ الَّذِي يُلْقِيهِ الإِنسان. والعَذِرةُ: فِنَاءُ الدَّارِ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: أَنه عاتَب قَوْمًا فَقَالَ: مَا لَكَمَ لَا تُنَظِّفُون عَذِراتِكم؟
أَي أَفْنِيَتكم. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبّ النَّظافةَ فَنَظِّفُوا عَذِراتكم وَلَا تَشَبَّهوا بِالْيَهُودِ.
وَفِي حَدِيثِ
رُقَيقة: وَهَذِهِ عِبِدَّاؤُك بعَذِراتِ حَرَمِك
، وَقِيلَ: العَذِرةُ أَصلها فِناءُ الدَّارِ، وإِيَّاها أَرادَ عليٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِقَوْلِهِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وإِنما سُمِّيَتْ عَذِراتُ النَّاسِ بِهَذَا لأَنها كَانَتْ تُلْقَى بالأَفْنِية، فكُنِيَ عَنْهَا بِاسْمِ الْفَنَاءِ كَمَا كُنِيَ بِالْغَائِطِ وَهِيَ الأَرض الْمُطْمَئِنَّةُ عَنْهَا؛ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ يَهْجُو قَوْمَهُ وَيَذْكُرُ الأَفنية:
لعَمْرِي لَقَدْ جَرَّبْتُكم، فوَجَدْتُكم ... قِباحَ الوُجوهِ سَيِّئِي العَذِراتِ
أَراد: سَيِّئِينَ فَحَذَفَ النُّونَ للإِضافة؛ وَمَدَحَ فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ إِبِلَهُ فَقَالَ:
مَهارِيس يُرْوِي رِسْلُها ضَيْفَ أَهْلِها، ... إِذا النارُ أَبْدَتْ أَوْجُهَ الخفِراتِ
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: بِئْسَ الرَّجُلُ أَنت تَمْدَحُ إبِلَكَ وَتَهْجُو قومَك وَفِي الْحَدِيثِ:
اليهودُ أَنْتَنُ خَلْقِ اللَّهِ عَذِرةً
؛ يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ الفِناءَ وأَن يَعْنِيَ بِهِ ذَا بطونِهم، وَالْجَمْعُ عَذِرات؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما ذَكَّرْتُهَا لأَن الْعَذِرَةَ لَا تُكَسَّرُ؛ وإِنه لَبَرِيءُ العَذِرة مِنْ ذَلِكَ عَلَى المثَل، كَقَوْلِهِمْ بَرِيءُ الساحةِ. وأَعْذَرَت الدارُ أَي كَثُرَ فِيهَا العَذِرةُ. وتعَذَّرَ مِنَ العَذِرَة أَي تلَطَّخ. وعَذّره تَعْذيراً: لطَّخَه بالعَذِرَة. والعَذِرة أَيضاً: المَجْلِسُ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ الْقَوْمُ. وعَذِرةُ الطعامِ: أَرْدَأُ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ فيُرْمَى بِهِ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ العَذِرة والعَذِبة. والعُذْرُ: النُّجْحُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد لِمِسْكِينٍ الدَّارِمِيِّ:
ومُخاصِم خاصَمْتُ فِي كَبَدٍ، ... مِثْلِ الدِّهان، فَكَانَ لِيَ العُذْرُ
أَي قاوَمْتُه فِي مزلّةٍ فَثَبَتَتْ قَدَمِي وَلَمْ تَثْبُتْ قدمُه فَكَانَ النُّجْحُ لِي. وَيُقَالُ فِي الْحَرْبِ: لِمَنِ العُذْرُ؟ أَي النَّجْحُ وَالْغَلَبَةُ. الأَصمعي: لَقِيتُ مِنْهُ عاذُوراً أَي شَرًّا، وَهُوَ لُغَةٌ فِي العاثُور أَو لُثْغَةٍ. وَتَرَكَ المطرُ بِهِ عاذِراً أَي أَثراً. والعواذِيرُ: جَمْعُ العاذِرِ، وَهُوَ الأَثر. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمْ يَبْقَ لَهُمْ عاذِرٌ
أَي أَثر. والعاذِرُ: العِرْقُ الَّذِي يخرُج مِنْهُ دمُ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَاللَّامُ أَعرف «3» . والعاذِرةُ: المرأَة الْمُسْتَحَاضَةُ، فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، مِنْ إِقامة العُذْر؛ وَلَوْ قَالَ إِن العاذِرَ هُوَ الْعِرْقُ نَفْسُهُ لأَنه يَقُومُ بِعُذْرِ المرأَة لَكَانَ وَجْهًا، وَالْمَحْفُوظُ الْعَاذِلُ، بِاللَّامِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: العُذْرُ والنُّذْر وَاحِدٌ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَبَعْضُهُمْ يُثَقِّل، قَالَ أَبو جَعْفَرٍ: مَن ثَقَّل أَراد عُذْراً أَو نُذْراً، كَمَا تَقُولُ رُسُل فِي رُسْل؛ وَقَالَ الأَزهري فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: عُذْراً أَوْ نُذْراً
، فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ فالمُلْقِيات ذِكْراً للإِعْذار والإِنذار، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنهما نُصِبَا عَلَى الْبَدَلِ مِنْ قَوْلِهِ ذِكْراً، وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَن تنصِبَهما بِقَوْلِهِ ذِكْراً؛ الْمَعْنَى فَالْمُلْقِيَاتِ إِن ذَكَرَتْ عُذْرًا أَو نُذْرًا، وَهُمَا اسْمَانِ يَقُومَانِ مَقَامَ الإِعْذار والإِنْذار، وَيَجُوزُ تخفيفُهما وتثقيلُهما معاً.
__________
(3) . يريد أن العاذل، باللام، أعرف من العاذر، بالراء(4/554)
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا عاتَبَك عَلَى أَمر قَبْلَ التقدُّم إِليك فِيهِ: وَاللَّهِ مَا استْتَعْذَرْتَ إِليَّ ما اسْتَنْذَرْت أَي لَمْ تُقَدِّمْ إِليَّ المَعْذِرةَ والإِنذارَ. والاستعذارُ: أَن تَقُولَ لَهُ أَعْذِرْني مِنْكَ. وحمارٌ عَذَوَّرٌ: واسعُ الْجَوْفِ فحّاشٌ. والعَذَوَّرُ أَيضاً: السيء الخلُق الشَّدِيدُ النفْس؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حُلْو حَلال الْمَاءِ غَيْرُ عَذَوّر
أَي مَاؤُهُ وحوضُه مُبَاحٌ. ومُلْكٌ عَذَوَّرٌ: وَاسْعٌ عَرِيضٌ، وَقِيلَ شَدِيدٌ؛ قَالَ كَثِيرُ بْنُ سَعْدٍ:
أَرَى خَاليَ اللَّخْمِيَّ نُوحاً يَسُرُّني ... كَرِيماً، إِذا مَا ذَاحَ مُلْكاً عَذَوَّرا
ذَاحَ وحاذَ: جَمَعَ، وأَصل ذَلِكَ فِي الإِبل. وعُذْرة: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ؛ وَقَوْلُ زَيْنَبَ بِنْتِ الطَّثَرِيَّةَ تَرْثِي أَخاها يَزِيدَ:
يُعِينُك مَظْلوماً ويُنْجِيك ظَالِمًا، ... وكلُّ الَّذِي حَمَّلْتَه فَهُوَ حامِلُهْ
إِذا نَزلَ الأَضْيافُ كَانَ عَذَوَّراً ... عَلَى الحَيِّ، حَتَّى تَسْتَقلَّ مَراجِلُه
قَوْلُهُ: وَيُنْجِيكَ ظَالِمًا أَي إِن ظَلَمْتَ فطُولِبْت بظُلْمِكَ حَماكَ ومَنَعَ مِنْكَ. والعَذوَّر: السَّيِّءُ الْخُلُقِ، وإِنما جعلَتْه عَذوَّراً لِشِدَّةِ تَهَمُّمِه بأَمر الأَضياف وحِرْصِه عَلَى تَعْجِيلِ قِراهم حَتَّى تَسْتَقِلَّ الْمَرَاجِلُ عَلَى الأَثافيّ. والمَراجلُ: الْقُدُورُ، واحدها مِرْجَل.
عذفر: جَمَلٌ عُذافِرٌ وعَذَوْفَرٌ: صُلْبٌ عَظِيمٌ شَدِيدٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ. الأَزهري: العُذافِرةُ النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ الأَمِينةُ الوَثِيقة الظَّهِيرةُ وَهِيَ الأَمُون. والعُذافِرُ: الأَسد لِشِدَّتِهِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وعُذافِرٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وعُذافرٌ: اسْمُ كَوْكَبِ الذَّنَبِ. قَالَ الأَصمعي: العُذافِرةُ النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ، وَكَذَلِكَ الدَّوسَرة؛ قَالَ لَبِيدٌ:
عُذَافِرة تَقَمَّصُ بالرُّدَافَى، ... تَخَوَّنَها نزُولي وارْتِحالي
وفي قصيدة كَعْبٍ: وَلَنْ يَبْلُغَهَا إِلا عُذافِرة؛ هِيَ النَّاقَةُ الصُّلْبة القوية.
عذمهر: بَلَدٌ عَذَمْهَرٌ: رَحْبٌ واسع.
عرر: العَرُّ والعُرُّ والعُرَّةُ: الجربُ، وَقِيلَ: العَرُّ، بِالْفَتْحِ، الْجَرَبُ، وَبِالضَّمِّ، قُروحٌ بأَعناق الفُصلان. يُقَالُ: عُرَّت، فَهِيَ مَعْرُورة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولانَ جِلْدُ الأَرضِ بَعْدَ عَرِّه
أَي جَرَبِه، وَيُرْوَى غَرّه، وسيأْتي ذِكْرُهُ؛ وَقِيلَ: العُرُّ داءٌ يأْخذ الْبَعِيرَ فَيَتَمَعَّطُ عَنْهُ وَبَرُه حَتَّى يَبْدُوَ الجلدُ ويَبْرُقَ؛ وَقَدْ عَرَّت الإِبلُ تَعُرُّ وتَعِرُّ عَرّاً، فَهِيَ عَارَّةٌ، وعُرَّتْ. واستعَرَّهم الجربُ: فَشَا فِيهِمْ. وَجَمَلٌ أَعَرُّ وعارٌّ أَي جَرِبٌ. والعُرُّ، بِالضَّمِّ: قُرُوحٌ مِثْلُ القُوَباء تَخْرُجُ بالإِبل مُتَفَرِّقَةً فِي مَشَافِرِهَا وَقَوَائِمِهَا يَسِيلُ مِنْهَا مثلُ الْمَاءِ الأَصفر، فتُكْوَى الصِّحاحُ لِئَلَّا تُعْدِيها المِراضُ؛ تَقُولُ مِنْهُ: عُرَّت الإِبلُ، فَهِيَ مَعْرُورة؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فحَمَّلْتَنِي ذَنْبَ امْرِئٍ وتَرَكْتَه، ... كذِي العُرِّ يُكْوَى غيرُه، وَهْوَ راتِعْ
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: مَنْ رَوَاهُ بِالْفَتْحِ فَقَدْ غَلِطَ لأَن الجرَب لَا يُكْوى مِنْهُ؛ وَيُقَالُ: بِهِ عُرَّةٌ، وَهُوَ مَا اعْتَراه مِنَ الْجُنُونِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ويَخْضِدُ فِي الآرِيّ حَتَّى كأَنما ... بِهِ عُرَّةٌ، أَو طائِفٌ غيرُ مُعْقِب(4/555)
وَرَجُلٌ أَعَرُّ بيّنُ العَرَرِ والعُرُورِ: أَجْرَبُ، وَقِيلَ: العَرَرُ والعُرُورُ الجرَبُ نَفْسُهُ كالعَرِّ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
خَلِيلي الَّذِي دَلَّى لِغَيٍّ خَلِيلَتي ... جِهاراً، فكلٌّ قَدْ أَصابَ عُرُورَها
والمِعْرارُ مِنَ النَّخْلِ: الَّتِي يُصِيبُهَا مِثْلُ العَرّ وَهُوَ الْجَرَبُ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ التَّوَّزِيّ؛ وَاسْتَعَارَ العَرّ وَالْجَرَبَ جَمِيعًا لِلنَّخْلِ وإِنما هُمَا فِي الإِبل. قَالَ: وَحَكَى التَّوَّزِيُّ إِذا ابْتَاعَ الرَّجُلُ نَخْلًا اشْتَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَالَ: لَيْسَ لِي مِقْمارٌ وَلَا مِئْخارٌ وَلَا مِبْسارٌ وَلَا مِعْرارٌ وَلَا مِغْبارٌ؛ فالمِقْمارُ: البيضاءُ البُسْر الَّتِي يَبْقَى بُسْرُها لَا يُرْطِبُ، والمِئْخارُ: الَّتِي تُؤَخِّرُ إِلى الشِّتَاءِ، والمِغْبارُ: الَّتِي يَعْلُوها غُبارٌ، والمِعْرار: مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا سأَل آخَرَ عَنْ مَنْزِلِهِ فأَخْبَره أَنه يَنْزِلُ بَيْنَ حَيّين مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ: نَزَلْتَ بَيْنَ المَعَرّة والمَجَرّة
؛ المَجرّةُ
الَّتِي فِي السَّمَاءِ البياضُ الْمَعْرُوفُ،
والمَعَرَّة
مَا وراءَها مِنْ نَاحِيَةِ الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ؛ سُمِّيَتْ مَعَرّة لِكَثْرَةِ النُّجُومِ فِيهَا، أَراد بَيْنَ حَيَّيْنِ عَظِيمَيْنِ لِكَثْرَةِ النُّجُومِ. وأَصل المَعَرَّة: مَوْضِعُ العَرّ وَهُوَ الجرَبُ وَلِهَذَا سَمَّوا السماءَ الجَرْباءَ لِكَثْرَةِ النُّجُومِ فِيهَا، تَشْبِيهًا بالجَرَبِ فِي بَدَنِ الإِنسان. وعارَّه مُعارّة وعِراراً: قاتَلَه وَآذَاهُ. أَبو عَمْرٍو: العِرارُ القِتالُ، يُقَالُ: عارَرْتُه إِذا قَاتَلْتَهُ. والعَرَّةُ والمَعُرَّةُ: الشِّدَّةُ، وَقِيلَ: الشِّدَّةُ فِي الْحَرْبِ. والمَعَرَّةُ: الإِثم. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ مِنْ الْجَرَبِ، أَي يُصِيبُكُمْ مِنْهُمْ أَمر تَكْرَهُونه فِي الدِّيات، وَقِيلَ: المَعَرَّة الجنايةُ أَي جِنايَتُه كَجِنَايَةِ العَرِّ وَهُوَ الْجَرَبُ؛ وأَنشد:
قُلْ لِلْفوارِس مِنْ غُزَيّة إِنهم، ... عِنْدَ الْقِتَالِ، مَعَرّةُ الأَبْطالِ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسحاق بْنِ يَسَارٍ: المَعَرَّةُ الغُرْم؛ يَقُولُ: لَوْلَا أَن تُصِيبُوا مِنْهُمْ مُؤْمِنًا بِغَيْرِ عِلْم فتَغْرموا دِيَته فأَما إِثمه فإِنه لَمْ يخْشَه عَلَيْهِمْ. وَقَالَ شَمِرٌ: المَعَرّةُ الأَذَى. ومَعَرَّةُ الجيشِ: أَن يَنْزِلُوا بِقَوْمٍ فيأْكلوا مِنْ زُروعِهم شَيْئًا بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ وَهَذَا الَّذِي أَراده
عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ إِني أَبْرَأُ إِليك مِنْ مَعَرّةِ الجَيْش
، وَقِيلَ: هُوَ قِتَالُ الْجَيْشِ دُونَ إِذْن الأَمير. وأَما قَوْلُهُ تعالى: لَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
؛ فالمَعَرَّةُ الَّتِي كَانَتْ تُصِيب الْمُؤْمِنِينَ أَنهم لَوْ كَبَسُوا أَهلَ مَكَّةَ وَبَيْنَ ظَهْرانَيْهم قومٌ مُؤْمِنُونَ لَمْ يَتَمَيَّزُوا مِنَ الكُفّار، لَمْ يأْمنوا أَن يَطَأُوا الْمُؤْمِنِينَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَقْتُلُوهُمْ، فَتَلْزَمُهُمْ دِيَاتُهُمْ وَتَلْحَقُهُمْ سُبّةٌ بأَنهم قَتَلُوا مَنْ هُوَ عَلَى دِينِهِمْ إِذ كَانُوا مُخْتَلِطِينَ بِهِمْ. يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: لَوْ تميزَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الكُفّار لسَلّطْناكم عَلَيْهِمْ وَعَذَّبْنَاهُمْ عَذَابًا أَلِيماً؛ فَهَذِهِ المَعَرّةُ الَّتِي صانَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْهَا هِيَ غُرْم الدِّيَاتِ ومَسَبّة الكُفار إِياهم، وأَما مَعَرّةُ الجيشِ الَّتِي تبرّأَ مِنْهَا عُمر، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَهِيَ وطْأَتُهم مَنْ مَرُّوا بِهِ مِنْ مُسْلِمٍ أَو معاهَدٍ، وإِصابتُهم إِياهم فِي حَرِيمِهم وأَمْوالِهم وزُروعِهم بِمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِيهِ. والمَعَرّة: كوكبٌ دُونَ المَجَرَّة. والمَعَرّةُ: تلوُّنُ الْوَجْهِ مِن الْغَضَبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَاءَ أَبو الْعَبَّاسِ بِهَذَا الْحَرْفِ مُشَدَّدَ الرَّاءِ، فإِن كَانَ مِنْ تَمَعّرَ وجهُه فَلَا تَشْدِيدَ فِيهِ، وإِن كَانَ مَفْعَلة مِنَ العَرّ فَاللَّهُ أَعلم. وحِمارٌ أَعَرُّ: سَمينُ الصَّدْرِ والعُنُقِ، وَقِيلَ: إِذا كَانَ السِّمَنُ فِي صَدْرِهِ وعُنُقِه أَكثرَ مِنْهُ فِي سَائِرِ(4/556)
خَلْقِهِ. وعَرَّ الظليمُ يَعِرُّ عِراراً، وعارَّ يُعارُّ مُعارَّةً وعِراراً، وَهُوَ صَوْتُهُ: صاحَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تحَمَّلَ أَهُلها إِلَّا عِرَاراً ... وعَزْفاً بَعْدَ أَحْياء حِلال
وزمَرَت النعامةُ زِماراً، وَفِي الصِّحَاحِ: زَمَرَ النعامُ يَزْمِرُ زِماراً. والتَّعارُّ: السَّهَرُ والتقلُّبُ عَلَى الْفِرَاشِ لَيْلًا مَعَ كَلَامٍ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ: أَنه كَانَ إِذا تعارَّ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّ النبيِّين
، وَلَا يَكُونُ إِلا يَقَظَةً مَعَ كلامٍ وصوتٍ، وَقِيلَ: تَمَطَّى وأَنَّ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَانَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ يَجْعَلُهُ مأْخُوذاً مِنْ عِرارِ الظَّلِيمِ، وَهُوَ صَوْتُهُ، قَالَ: وَلَا أَدري أَهو مِنْ ذَلِكَ أَم لَا. والعَرُّ: الغلامُ. والعَرّةُ: الْجَارِيَةُ. والعَرارُ والعَرارة: المُعجَّلانِ عَنْ وَقْتِ الْفِطَامِ. والمُعْتَرُّ: الْفَقِيرُ، وَقِيلَ: المتعَرِّضُ لِلْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ أَن يَسأَل. وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فإِن فِيهِمْ قانِعاً ومُعْتَرًّا.
عَراه واعْتَراه وَعَرَّهُ يعُرُّه عَرّاً واعْتَرَّه واعْتَرَّ بِهِ إِذا أَتاه فَطَلَبَ مَعْرُوفَهُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
تَرْعَى القَطاةُ الخِمْسَ قَفُّورَها، ... ثُمَّ تَعُرُّ الماءَ فِيمَنْ يَعُرُّ
أَي تأْتي الْمَاءَ وَتَرِدُهُ. القَفُّور: مَا يُوجَدُ فِي القَفْر، وَلَمْ يُسْمَع القَفّورُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِلا فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ
. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَكَلَ وأَطْعَمَ القانعَ والمُعْتَرَّ.
قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: القانعُ الَّذِي يسأْل، والمُعْتَرُّ الَّذِي يُطِيف بِكَ يَطْلُب مَا عِنْدَكَ، سأَلَك أَو سَكَتَ عَنِ السُّؤَالِ. وَفِي حَدِيثِ
حَاطِبُ بْنُ أَبي بَلْتَعة: أَنه لَمَّا كَتَب إِلى أَهل مَكَّةَ كِتَابًا يُنْذِرُهم فِيهِ بِسَيْرِ سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِليهم أَطْلَع اللهُ رسولَه عَلَى الْكِتَابِ، فَلَمَّا عُوتِبَ فِيهِ قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا عَريراً فِي أَهل مَكَّةَ فأَحْبَبْت أَن أَتقربَ إِليهم ليحْفَظُوني فِي عَيْلاتي عِنْدَهُمْ
؛ أَراد بِقَوْلِهِ
عَريراً
أَي غَريباً مُجاوِراً لَهُمْ دَخيلًا وَلَمْ أَكن مِنْ صَميمهم وَلَا لِي فِيهِمْ شُبْكَةُ رَحِمٍ. والعَرِيرُ، فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وأَصله مِنْ قَوْلِكَ عَرَرْته عَرّاً، فأَنا عارٌّ، إِذا أَتيته تَطْلُبُ مَعْرُوفَهُ، واعْتَرَرْته بِمَعْنَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَن أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَعطاه سَيْفاً مُحَلًّى فنزَعَ عُمَرُ الحِلْيةَ وأَتاه بِهَا وَقَالَ: أَتيتك بِهَذَا لِمَا يَعْرُرُك مِنْ أُمور النَّاسِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَصل فِيهِ يَعُرُّك، ففَكّ الإِدغامَ، وَلَا يَجِيءُ مِثْلُ هَذَا الاتساعِ إِلا فِي الشَّعَرِ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا أَحسبه مَحْفُوظًا ولكنه عِنْدِي: لِمَا يَعْرُوك، بِالْوَاوِ، أَي لِمَا يَنُوبُك مِنْ أَمر النَّاسِ وَيَلْزَمُكَ مِنْ حَوَائِجِهِمْ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَوْ كَانَ مِنَ العَرّ لَقَالَ لِمَا يعُرُّك. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: قَالَ لَهُ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ جَاءَ يَعُودُ ابنَه الحَسَنَ: مَا عَرَّنا بِكَ أَيّها الشَّيْخُ؟
أَي مَا جَاءَنَا بِكَ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: عُرَّ فَقْرَه بفِيه لَعَلَّهُ يُلْهِيه؛ يَقُولُ: دَعْه ونَفْسَه لَا تُعِنْه لَعَلَّ ذَلِكَ يَشْغَلُه عَمَّا يَصْنَعُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ خَلِّه وغَيِّه إِذا لَمْ يُطِعْكَ فِي الإِرشاد فَلَعَلَّهُ يَقَعُ فِي هَلَكة تُلْهيه وَتَشْغَلُهُ عَنْكَ. والمَعْرورُ أَيضاً: الْمَقْرُورُ، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ. وَرَجُلٌ مَعْرورٌ: أَتاه مَا لَا قِوَام لَهُ مَعَهُ. وعُرّا الْوَادِي: شاطِئاه. والعُرُّ والعُرّةُ: ذَرْقُ الطَّيْرِ. والعُرّةُ أَيضاً: عَذِرةُ النَّاسِ والبعرُ والسِّرْجِينُ؛ تَقُولُ مِنْهُ: أَعَرَّت الدارُ. وعَرَّ الطيرُ يَعُرُّ عَرَّةً: سَلَحَ. وَفِي الْحَدِيثِ
إِيَّاكم ومُشارّةَ النَّاسِ فإِنها تُظْهِرُ(4/557)
العُرّةَ
، وَهِيَ القذَر وعَذِرة النَّاسِ، فاستعِير للمَساوِئِ والمَثالب. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: أَنه كَانَ يُدْمِلُ أَرْضَه بالعُرّة فَيَقُولُ: مِكْتَلُ عُرّةٍ مكْتَلُ بُرٍّ.
قَالَ الأَصمعي: العُرّةُ عَذِرةُ النَّاسِ، ويُدْمِلُها: يُصْلِحها، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه كَانَ يَحْمِل مكيالَ عُرّةٍ إِلى أَرض لَهُ بِمَكَّةَ.
وعَرَّ أَرْضه يَعُرُّها أَي سَمَّدَها، والتَّعْرِيرُ مِثْلُهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ: كَانَ لَا يَعُرُّ أَرْضَه
أَي لَا يُزَبِّلُها بالعُرَّة. وَفِي حَدِيثِ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كُلْ سَبْعَ تَمَراتٍ مِنْ نَخْلةٍ غيرِ مَعْرورةٍ
أَي غَيْرِ مُزَبَّلة بالعُرّة، وَمِنْهُ قِيلَ: عَرَّ فلانٌ قومَه بشرٍّ إِذا لَطَّخَهُمْ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَدْ يَكُونُ عَرَّهُمْ بشرٍّ مِنَ العَرّ وَهُوَ الجَربُ أَي أَعْداهم شرُّه؛ وَقَالَ الأَخطل:
ونَعْرُرْ بِقَوْمٍ عُرَّةً يَكْرَهُونَهَا، ... ونَحْيا جَمِيعًا أَو نَمُوت فنُقْتَل
وفلانٌ عُرّةٌ وعارُورٌ وعارُورةٌ أَي قَذِرٌ. والعُرّةُ: الأُبْنةُ فِي العَصا وَجَمْعُهَا عُرَرٌ. وجَزورٌ عُراعِرٌ، بِالضَّمِّ، أَي سَمِينة. وعُرَّةُ السَّنَامِ: الشحمةُ العُليا، والعَرَرُ: صِغَرُ السَّنَامِ، وَقِيلَ: قصرُه، وَقِيلَ: ذهابُه وَهُوَ مِنْ عُيُوبِ الإِبل، جَمَلٌ أَعرُّ وَنَاقَةٌ عَرَّاءُ وَعَرَّةٌ؛ قَالَ:
تَمَعُّكَ الأَعَرّ لاقَى العَرّاء
أَي تَمَعَّك كَمَا يَتَمَعَّكُ الأَعَرُّ، والأَعَرُّ يُحِبُّ التمعُّكَ لِذَهَابِ سَنَامِهِ يَلْتَذُّ بِذَلِكَ؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَكَانُوا السَّنامَ اجتُثَّ أَمْسِ، فقومُهم ... كعرّاءَ، بَعْدَ النَّيّ، راثَ رَبِيعُها
وعَرَّ إِذا نَقَصَ. وَقَدْ عَرَّ يَعَرُّ: نَقَصَ سنامُه. وكَبْشٌ أَعَرُّ. لَا أَلْية لَهُ، وَنَعْجَةٌ عَرّاء. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الأَجَبُّ الَّذِي لَا سَنَامَ لَهُ مِنْ حادِثٍ، والأَعَرُّ الَّذِي لَا سَنَامَ لَهُ مِنْ خلْقة. وَفِي كِتَابِ التأْنيث وَالتَّذْكِيرِ لِابْنِ السِّكِّيتِ: رَجُلٌ عارُورةٌ إِذا كان مشؤوماً، وَجَمَلٌ عارُورةٌ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَنَامٌ، وَفِي هَذَا الْبَابِ رَجَلٌ صارُورةٌ. وَيُقَالُ: لَقِيتُ مِنْهُ شَرًّا وعَرّاً وأَنت شرٌّ مِنْهُ وأَعَرُّ، والمَعَرَّةُ: الأَمر الْقَبِيحُ الْمَكْرُوهُ والأَذى، وَهِيَ مَفْعلة مِنَ العَرّ. وعَرَّه بشرٍّ أَي ظلَمه وَسَبَّهُ وأَخذ مالَه، فَهُوَ مَعْرُورٌ. وعَرَّه بِمَكْرُوهٍ يعُرُّه عَرّاً: أَصابَه بِهِ، وَالِاسْمُ العُرَّة. وعَرَّه أَي سَاءَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مَا آيبٌ سَرَّكَ إِلا سرَّني ... نُصحاً، وَلَا عَرَّك إِلا عَرَّني
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لِرُؤْبَةَ بْنِ الْعَجَّاجِ وَلَيْسَ لِلْعَجَّاجِ كَمَا أَورده الْجَوْهَرِيُّ؛ قَالَهُ يُخَاطِبُ بِلَالَ بْنَ أَبي بُرْدَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:
أَمْسى بِلالٌ كالرَّبِيعِ المُدْجِنِ ... أَمْطَرَ فِي أَكْنافِ غَيْمٍ مُغْيِنِ،
ورُبَّ وَجْهٍ مِنْ حِرَاءٍ مُنْحَنِ
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ:
يَا قَوْمَنا لَا تَعُرُّونا بداهيَةٍ، ... يَا قومَنا، واذكُروا الآباءَ والقُدمَا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: عُرَّ فلانٌ إِذا لُقِّبَ بِلَقَبٍ يعُرُّه؛ وعَرَّه يعُرُّهُ إِذا لَقَّبه بِمَا يَشِينُه؛ وعَرَّهم يعُرُّهم: شانَهُم. وَفُلَانٌ عُرّةُ أَهله أَي يَشِينُهم. وعَرَّ يعُرُّ إِذا صادَفَ نَوْبَتَهُ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ، والعُرَّى: المَعِيبةُ مِنَ النِّسَاءِ. ابْنُ الأَعرابي: العَرَّةُ الخَلّةُ الْقَبِيحَةُ. وعُرّةُ الجربِ وعُرّةُ النِّسَاءِ: فَضيحَتُهنّ وسُوءُ(4/558)
عشْرتهنّ. وعُرّةُ الرِّجَالِ: شرُّهم. قال إِسحق: قُلْتُ لأَحمد سَمِعْتُ سُفْيَانَ ذكَر العُرّةَ فَقَالَ: أَكْرَهُ بيعَه وشراءَه، فَقَالَ أَحمد: أَحْسَنَ؛ وَقَالَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ كَمَا قَالَ، وإِن احْتَاجَ فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ أَهْون لأَنه يُمْنَحُ. وكلُّ شيءٍ باءَ بشيءٍ، فَهُوَ لَهُ عَرَار؛ وأَنشدَ للأَعشى:
فَقَدْ كَانَ لَهُمْ عَرار
وَقِيلَ: العَرارُ القَوَدُ. وعَرارِ، مِثْلُ قَطَامِ: اسْمُ بَقَرَةٍ. وَفِي الْمَثَلِ: باءَتْ عَرَارِ بِكَحْلَ، وَهُمَا بَقَرَتَانِ انْتَطَحَتَا فَمَاتَتَا جَمِيعًا؛ بَاءَتْ هَذِهِ بِهَذِهِ؛ يُضْرَب هَذَا لِكُلِّ مُسْتَوِيَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ عَنْقَاءَ الْفَزَارِيُّ فِيمَنْ أَجراهما:
باءَتْ عَرارٌ بكَحْلٍ والرِّفاق مَعًا، ... فَلَا تَمَنَّوا أَمانيَّ الأَباطِيل
وَفِي التَّهْذِيبِ: وَقَالَ الْآخَرُ فِيمَا لَمْ يُجْرِهما:
باءَتْ عَرارِ بكَحْلَ فِيمَا بَيْنَنَا، ... والحقُّ يَعْرفُه ذَوُو الأَلْباب
قَالَ: وكَحْل وعَرارِ ثورٌ وَبَقَرَةٌ كَانَا فِي سِبْطَينِ مِنْ بَنِي إِسرائيل، فعُقِر كَحْل وعُقِرت بِهِ عَرارِ فَوَقَعَتْ حَرْبٌ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَفانَوْا، فضُربا مَثَلًا فِي التَّسَاوِي. وتزوّجَ فِي عَرارة نِساءٍ أَي فِي نساءٍ يَلِدْن الذُّكُورَ، وَفِي شَرِيَّةِ نِسَاءٍ يَلِدْنَ الإِناث. والعَرَارةُ: الشِّدَّةُ؛ قَالَ الأَخطل:
إِن العَرارةَ والنُّبُوحَ لِدارِمٍ، ... والمُسْتَخِفُّ أَخُوهمُ الأَثْقالا
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ للأَخطل وَذَكَرَ عَجُزَهُ:
والعِزُّ عِنْدَ تكامُلِ الأَحْساب
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَدْرُ الْبَيْتِ للأَخطل وَعَجُزُهُ لِلطِّرِمَّاحِ، فَإِنَّ بَيْتَ الأَخطل كَمَا أَوردناه أَولًا؛ وَبَيْتُ الطِّرِمَّاحِ:
إِن الْعَرَارَةَ وَالنُّبُوحَ لِطَيِءٍ، ... وَالْعِزُّ عِنْدَ تَكَامُلِ الأَحساب
وَقَبْلَهُ:
يَا أَيها الرَّجُلُ الْمُفَاخِرُ طَيِّئًا، ... أَعْزَبْت لُبَّك أَيَّما إِعْزاب
وفي حديث
طاووس: إِذا اسْتَعَرَّ عَلَيْكُمْ شيءٌ مِنَ الغَنم
أَي نَدَّ واسْتَعْصَى، مِنَ العَرارة وَهِيَ الشِّدَّةُ وَسُوءُ الْخُلُقِ، والعَرَارةُ: الرِّفْعة والسُودَدُ. وَرَجُلٌ عُراعِرٌ: شَرِيفٌ؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
خَلَعَ المُلوكَ، وسارَ تَحْتَ لِوائِه ... شجرُ العُرا، وعُراعِرُ الأَقْوامِ
شَجَرُ الْعُرَا: الَّذِي يَبْقَى عَلَى الْجَدْبِ، وَقِيلَ: هُمْ سُوقة النَّاسِ. والعُراعِرُ هُنَا: اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: هُوَ لِلْجِنْسِ، وَيُرْوَى عَراعِر، بِالْفَتْحِ، جَمْعُ عُراعِر، وعَراعِرُ الْقَوْمِ: ساداتُهم، مأْخوذ مِنْ عُرْعُرة الْجَبَلِ، والعُراعِرُ: السَّيِّدُ، وَالْجَمْعُ عَراعِرُ، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
مَا أَنْتَ مِنْ شَجَر العُرا، ... عِنْدَ الأُمورِ، وَلَا العَراعِرْ
وعُرْعُرة الْجَبَلِ: غِلَظُهُ وَمُعْظَمُهُ وأَعلاه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَتَبَ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ إِلى الْحَجَّاجِ: إِنا نَزَلْنَا بعُرْعُرةِ الْجَبَلِ والعدوُّ بحَضِيضِه
؛ فعُرْعُرتُه رأْسه، وحَضِيضُه أَسفلُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنه قَالَ: أَجْمِلوا فِي الطَلب فَلَوْ أَن رِزْقَ أَحدِكم فِي عُرْعُرةِ جبلٍ أَو حَضِيض أَرض لأَتاه قَبْلَ أَن يَمُوتَ.
وعُرْعُرةُ كُلِّ شيءٍ، بِالضَّمِّ: رأْسُه وأَعلاه. وعَرْعَرةُ الإِنسان: جلدةُ رأْسِه. وعُرْعرةُ السنامِ: رأْسُه وأَعلاه(4/559)
وغارِبُه، وَكَذَلِكَ عُرْعُرةُ الأَنف وعُرْعُرةُ الثورِ كَذَلِكَ؛ والعراعِرُ: أَطراف الأَسْمِنة فِي قَوْلِ الْكُمَيْتِ:
سَلَفي نِزار، إِذْ تحوّلت ... المَناسمُ كالعَراعرْ
وعَرْعَرَ عينَه: فقأَها، وَقِيلَ: اقْتَلَعَهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وعَرْعَرَ صِمامَ الْقَارُورَةِ عَرْعرةً: اسْتَخْرَجَهُ وَحَرَّكَهُ وَفَرَّقَهُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: عَرْعَرْت القارورةَ إِذا نَزَعْتَ مِنْهَا سِدادَها، وَيُقَالُ إِذا سَدَدْتها، وسِدادُها عُرعُرُها، وعَرعَرَتُها وِكاؤها. وَفِي التَّهْذِيبِ: غَرْغَرَ رأْسَ الْقَارُورَةِ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، والعَرْعَرةُ التَّحْرِيكُ والزَّعْزعةُ، وَقَالَ يَعْنِي قَارُورَةً صفْراء مِنَ الطِّيبِ:
وصَفْراء فِي وَكْرَيْن عَرْعَرْتُ رأْسَها، ... لأُبْلِي إِذا فارَقْتُ فِي صاحبِي عُذْرا
وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ العَذْراء: عَرَّاء. والعَرْعَر: شجرٌ يُقَالُ لَهُ الساسَم، وَيُقَالُ لَهُ الشِّيزَى، وَيُقَالُ: هُوَ شَجَرٌ يُعْمل بِهِ القَطِران، وَيُقَالُ: هُوَ شَجَرٌ عَظِيمٌ جَبَليّ لَا يَزَالُ أَخضرَ تُسَمِّيهِ الفُرْسُ السَّرْوُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: للعَرْعَر ثمرٌ أَمثال النَّبْقِ يَبْدُو أَخضر ثُمَّ يَبْيَضُّ ثُمَّ يَسْوَدُّ حَتَّى يَكُونَ كالحُمَم ويحلُو فَيُؤْكَلُ، وَاحِدَتُهُ عَرْعَرةٌ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. والعَرَارُ: بَهارُ البَرِّ، وَهُوَ نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهُوَ النَّرْجِسُ البَرِّي؛ قَالَ الصِّمَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُشَيْرِيُّ:
أَقولُ لصاحِبي والعِيسُ تَخْدِي ... بِنَا بَيْنَ المُنِيفة فالضِّمَارِ
«4» : تمَتَّعْ مِن شَمِيمِ عَرَارِ نَجْدٍ، ... فَمَا بَعْدَ العَشِيَّة مِن عَرارِ
أَلا يَا حَبّذا نَفَحاتُ نَجْدٍ، ... ورَيّا رَوْضه بَعْدَ القِطَار
شهورٌ يَنْقَضِينَ، وَمَا شَعَرْنا ... بأَنْصافٍ لَهُنَّ، وَلَا سِرَار [سَرَار]
وَاحِدَتُهُ عَرارة؛ قَالَ الأَعشى:
بَيْضاء غُدْوَتها، وصَفْراء ... العَشِيّة كالعَراره
مَعْنَاهُ أَن المرأَة الناصعةَ الْبَيَاضِ الرقيقةَ الْبَشَرَةِ تَبْيَضّ بِالْغَدَاةِ بِبَيَاضِ الشَّمْسِ، وتَصْفَرّ بِالْعَشِيِّ بِاصْفِرَارِهَا. والعَرَارةُ: الحَنْوةُ الَّتِي يَتَيَمّن بِهَا الفُرْسُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَرى أَن فرَس كَلْحَبةَ اليَرْبوعي سُمِّيَتْ عَرَارة بِهَا، وَاسْمُ كَلْحَبَةَ هُبَيرة بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ؛ وَهُوَ الْقَائِلُ فِي فَرَسِهِ عَرَارَةَ هَذِهِ:
تُسائِلُني بَنُو جُشَمَ بنِ بكْرٍ: ... أَغَرّاءُ العَرارةُ أَمْ يَهِيمُ؟
كُمَيتٌ غيرُ مُحْلفةٍ، وَلَكِنْ ... كلَوْنِ الصِّرْفِ، عُلَّ بِهِ الأَدِيمُ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: تُسَائِلُنِي بَنُو جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ أَي عَلَى جِهَةِ الِاسْتِخْبَارِ وَعِنْدَهُمْ مِنْهَا أَخبار، وَذَلِكَ أَن بَنِي جُشَمَ أَغارت عَلَى بَلِيٍّ وأَخذوا أَموالهم، وَكَانَ الكَلْحَبةُ نَازِلًا عِنْدَهُمْ فقاتَلَ هُوَ وابنُه حَتَّى رَدُّوا أَموال بَلِيٍّ عَلَيْهِمْ وقُتِلَ ابنُه، وَقَوْلُهُ: كُمَيْتٌ غَيْرُ مُحْلِفَةٍ، الْكُمَيْتُ الْمُحْلِفُ هُوَ الأَحَمُّ والأَحْوى وَهُمَا يَتَشَابَهَانِ فِي اللَّوْنِ حَتَّى يَشُكّ فِيهِمَا البَصِيران، فَيَحْلِفُ أَحدُهما أَنه كُمَيْتٌ أَحَمُّ، وَيَحْلِفَ الآخرُ أَنه كُمَيت أَحْوَى، فَيَقُولُ الْكَلْحَبَةُ: فرسِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَيْنِ اللَّوْنَيْنِ وَلَكِنَّهَا كَلَوْنِ الصِّرْف، وَهُوَ صِبْغٌ أَحمر تُصْبَغُ بِهِ الْجُلُودُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده أَغَرّاءُ العَرادةُ، بِالدَّالِ، وَهُوَ اسْمُ فَرَسِهِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي فَصْلِ عرد، وأَنشد
__________
(4) . قوله: [والعيس تخدي] في ياقوت: تهوي بدل تخدي(4/560)
الْبَيْتَ أَيضاً، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ وَقِيلَ: العَرَارةُ الجَرادةُ، وَبِهَا سُمِّيَتِ الْفَرَسُ؛ قَالَ بِشْرٌ:
عَرارةُ هَبْوة فِيهَا اصْفِرارُ
وَيُقَالُ: هُوَ فِي عَرارة خيرٍ أَي فِي أَصل خَيْرٍ. والعَرَارةُ: سوءُ الْخُلُقِ. وَيُقَالُ: رَكِبَ عُرْعُرَه إِذا ساءَ خُلُقه، كَمَا يُقَالُ: رَكِبَ رَأْسَه؛ وَقَالَ أَبو عَمْرِو فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ يَذْكُرُ امرأَة:
ورَكِبَتْ صَوْمَها وعُرْعُرَها
أَي سَاءَ خُلُقها، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَاهُ رَكِبَتِ القَذِرَ مِنْ أَفْعالها. وأَراد بعُرْعُرها عُرَّتَها، وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ عُرَّةُ النَّعَامِ. وَنَخْلَةٌ مِعْرارٌ أَي محْشافٌ. الْفَرَّاءُ: عَرَرْت بِكَ حَاجَتِي أَي أَنْزَلْتها. والعَرِيرُ فِي الْحَدِيثِ: الغَرِيبُ؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ:
وبَلْدة لَا يَنالُ الذئْبُ أَفْرُخَها، ... وَلَا وَحَى الوِلْدةِ الدَّاعِين عَرْعارِ
أَي لَيْسَ بِهَا ذِئْبٌ لبُعْدِها عَنِ النَّاسِ. وعِرَار: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ عِرَار بْنُ عَمْرُو بْنُ شَاسٍ الأَسدي؛ قَالَ فِيهِ أَبوه:
وإِنَّ عِرَاراً إِن يَكُنْ غيرَ واضحٍ، ... فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ ذَا المَنكِب العَمَمْ
وعُرَاعِر وعَرْعَرٌ والعَرَارةُ، كُلُّهَا: مَوَاضِعُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
سَمَا لَكَ شَوْقٌ بعد ما كَانَ أَقْصرَا، ... وحَلَّت سُلَيْمى بَطْنَ ظَبْيٍ فعَرْعَرَا
وَيُرْوَى: بَطْنَ قَوٍّ؛ يُخَاطِبُ نَفْسَهُ يَقُولُ: سَمَا شوقُك أَي ارْتَفَعَ وَذَهَبَ بِكَ كلَّ مَذْهَبٍ لِبُعْدِ مَن تُحِبُّه بعد ما كَانَ أَقصر عَنْكَ الشَّوْقُ لقُرْب المُحِبّ ودُنوِّه؛ وَقَالَ النابغة:
زيدُ بن زيد حاضِرٌ بعُراعِرٍ، ... وَعَلَى كُنَيْب مالِكُ بْنُ حِمَار
وَمِنْهُ مِلْحٌ عُراعِرِيّ. وعَرْعارِ: لُعْبة لِلصِّبْيَانِ، صِبْيانِ الأَعراب، بُنِيَ عَلَى الْكَسْرَةِ وَهُوَ مَعْدُولٌ مِنْ عَرْعَرَة مِثْلُ قَرْقارٍ مِنْ قَرْقَرة. والعَرْعَرة أَيضاً: لُعْبةٌ للصبيان؛ قال النابعة:
يَدْعُو ولِيدُهُم بِهَا عَرْعارِ
لأَن الصَّبِيَّ إِذا لَمْ يَجِدْ أَحداً رفَع صوتَه فَقَالَ: عَرْعارِ، فإِذا سَمِعُوه خَرَجُوا إِليه فلَعِبوا تِلْكَ اللُّعْبَةَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مِنْ بَنَاتِ الأَربع، وَهُوَ عِنْدِي نَادِرٌ، لأَن فَعالِ إِنما عَدَلَتْ عَنِ افْعل فِي الثُّلَاثِيِّ ومَكّنَ غيرُه عَرْعار فِي الِاسْمِيَّةِ. قَالُوا: سَمِعْتُ عَرْعارَ الصِّبْيَانِ أَي اختلاطَ أَصواتهم، وأَدخل أَبو عُبَيْدَةَ عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ فَقَالَ: العَرْعارُ لُعْبةٌ لِلصِّبْيَانِ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: عَرْعارُ لُعْبَةٌ لِلصِّبْيَانِ فأَعْرَبه، أَجراه مُجْرَى زَيْنَبَ وسُعاد.
عزر: العَزْر: اللَّوْم. وعَزَرَهُ يَعْزِره عَزْراً وعَزَّرَه: ردَّه. والعَزْرُ والتَّعْزِيرُ: ضَرْبٌ دُونَ الْحَدِّ لِمَنْعِه الجانِيَ مِنَ المُعاودَة ورَدْعِه عَنِ الْمَعْصِيَةِ؛ قَالَ:
وَلَيْسَ بتعزيرِ الأَميرِ خَزايةٌ ... عليَّ، إِذا مَا كنتُ غَيرَ مُرِيبِ
وَقِيلَ: هُوَ أَشدُّ الضَّرْبِ. وعَزَرَه: ضَربَه ذَلِكَ الضَّرْب. والعَزْرُ: الْمَنْعُ. والعَزْرُ: التَّوْقِيفُ عَلَى بَابِ الدِّين. قَالَ الأَزهري: وَحَدِيثُ سَعْدٍ يَدُلُّ عَلَى أَن التَّعْزِيرَ هُوَ التَّوْقِيفُ عَلَى الدِّينِ لأَنه قَالَ: لَقَدْ رأَيْتُني مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا لَنَا طعامٌ إِلَّا الحُبْلَةَ ووَرقَ السَّمُر، ثُمَّ أَصبَحتْ بَنُو سَعْدٍ تُعَزِّرُني(4/561)
عَلَى الإِسلام، لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وخابَ عَمَلي؛ تُعَزِّرُني عَلَى الإِسلام أَي تُوَقِّفُني عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تُوَبِّخُني عَلَى التَّقْصِيرِ فِيهِ. والتَّعْزِيرُ: التوقيفُ عَلَى الْفَرَائِضِ والأَحكام. وأَصل التَّعْزير: التأْديب، وَلِهَذَا يُسَمَّى الضربُ دُونَ الْحَدِّ تَعْزيراً إِنما هُوَ أَدَبٌ. يُقَالُ: عَزَرْتُه وعَزَّرْتُه، فَهُوَ مِنَ الأَضداد، وعَزَّرَه: فخَّمه وعظَّمه، فَهُوَ نحْوُ الضِّدِّ. والعَزْرُ: النَّصْرُ بِالسَّيْفِ. وعَزَرَه عَزْراً وعَزَّرَه: أَعانَه وقوَّاه وَنَصَرَهُ. قال الله تعالى: تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ
، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعَزَّرْتُمُوهُمْ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَي لِتَنْصُروه بِالسَّيْفِ، وَمَنْ نَصَرَ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ نَصَرَ اللَّهَ عزَّ وَجَلَّ. وَعَزَّرْتُمُوهُمْ
: عَظَّمْتموهم، وَقِيلَ: نصَرْتُموهم؛ قَالَ إِبراهيم بْنُ السَّريّ: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم، وَذَلِكَ أَن العَزْرَ فِي اللُّغَةِ الرَّدُّ وَالْمَنْعُ، وتأْويل عَزَرْت فُلَانًا أَي أَدَّبْتُه إِنما تأْويله فَعَلْتُ بِهِ مَا يَرْدَعُه عَنِ الْقَبِيحِ، كَمَا أَنَّ نَكَّلْت بِهِ تأْويله فَعَلْتُ بِهِ مَا يَجِبُ أَن يَنْكَل مَعَهُ عَنِ المُعاودة؛ فتأْويل عَزَّرْتُموهم نصَرْتُموهم بأَن تردُّوا عَنْهُمْ أَعداءَهم، وَلَوْ كَانَ التَّعْزيرُ هُوَ التَّوْقِير لَكَانَ الأَجْوَدُ فِي اللُّغَةِ الاستغناءَ بِهِ، والنُّصْرةُ إِذا وَجَبَتْ فالتعظيمُ داخلٌ فِيهَا لأَن نُصْرَةَ الأَنبياء هِيَ الْمُدَافَعَةُ عنهم والذب عن دِينِم وتعظيمُهم وتوقيرُهم؛ قَالَ: وَيَجُوزُ تَعْزِرُوه، مِنْ عَزَرْتُه عَزْراً بِمَعْنَى عَزَّرْته تَعْزِيرًا. وَالتَّعْزِيرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: التوقيرُ، والتَّعْزِيرُ: النَّصْرُ بِاللِّسَانِ وَالسَّيْفِ. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: إِنْ بُعِثَ وأَنا حيٌّ فسَأُعَزِّرهُ وأَنْصُرُه
؛ التَّعْزيرُ هَاهُنَا: الإِعانةُ والتوقيرُ والنصرُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وأَصل التَّعْزِيرِ: المنعُ والردُّ، فكأَن مَن نصَرْتَه قَدْ رَدَدْتَ عَنْهُ أَعداءَه وَمَنَعْتَهُمْ مِنْ أَذاه، وَلِهَذَا قِيلَ للتأْديب الَّذِي هُوَ دُونَ الْحَدِّ: تَعْزير، لأَنه يَمْنَعُ الجانيَ أَن يُعاوِدَ الذَّنْبَ. وعَزَرَ المرأَةَ عَزْراً: نكَحَها. وعَزَرَه عَنِ الشَّيْءِ: منَعَه. والعَزْرُ والعَزيرُ: ثمنُ الكلإِ إِذا حُصِدَ وبِيعَتْ مَزارِعُه سَواديّة، وَالْجَمْعُ العَزائرُ؛ يَقُولُونَ: هَلْ أَخذتَ عَزيرَ هَذَا الْحَصِيدِ؟ أَي هَلْ أَخذت ثَمَنَ مَرَاعِيهَا، لأَنهم إِذا حَصَدُوا بَاعُوا مراعِيَها. والعَزائِرُ والعَيازِرُ: دُونَ العِضَاه وَفَوْقَ الدِّق كالثُّمام والصَّفْراء والسَّخْبر، وَقِيلَ: أُصول مَا يَرْعَوْنَه مِنْ سِرّ الكلإِ كالعَرفَج والثُّمام والضَّعَة والوَشِيج والسَّخْبَر وَالطَّرِيفَةِ والسَّبَطِ، وَهُوَ سِرُّ مَا يَرْعَوْنَه. والعَيزارُ: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. ومَحالةٌ عَيْزارَةٌ: شديدةُ الأَسْرِ، وَقَدْ عَيْزَرَها صاحِبُها؛ وأَنشد:
فَابْتَغِ ذاتَ عَجَلٍ عَيَازِرَا، ... صَرَّافةَ الصوتِ دَمُوكاً عاقِرَا
والعَزَوَّرُ: السيء الخلُق. والعَيزار: الغلامُ الْخَفِيفُ الرُّوحِ النشيطُ، وَهُوَ اللَّقِنُ الثَّقِفُ اللَّقِفُ، وَهُوَ الرِّيشَةُ «5» . والمُماحِل والمُماني. والعَيزارُ والعَيزارِيَّةُ: ضَرْبٌ مِنْ أَقداح الزُّجاج. والعَيازِرُ: العِيدانُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: والعَيزارُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، الْوَاحِدَةُ عَيزارةٌ. والعَوْزَرُ: نَصِيُّ الْجَبَلِ؛ عَنْ أَبي حنيفة. وعازَرٌ [عازِرٌ] وعَزْرة وعَيزارٌ وعَيزارة وعَزْرانُ: أَسماء. والكُرْكيّ يُكْنَى أَبا العَيزار؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَبو العَيزار كُنْيَةُ طَائِرٍ طَوِيلِ الْعُنُقِ تَرَاهُ أَبداً فِي الْمَاءِ الضَّحْضاح يُسَمَّى السَّبَيْطَر. وعَزَرْتُ الحِمارَ:
__________
(5) . قوله: [وهو الريشة] كذا بالأَصل بهذا الضبط. وفي القاموس: والورش ككتف النشيط الخفيف، والأنثى وريشة(4/562)
أَوْقَرْته. وعُزَيرٌ: اسْمُ نَبِيٍّ. وعُزَيرٌ: اسْمٌ يَنْصَرِفُ لِخِفَّتِهِ وإِن كَانَ أَعجميّاً مِثْلَ نُوحٍ وَلُوطٍ لأَنه تَصْغِيرُ عَزْر. ابْنُ الأَعرابي: هِيَ العَزْوَرةُ والحَزْوَرةُ والسَّرْوَعةُ والقائِدةُ: للأَكَمة. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ عَزْوَر، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْوَاوِ، ثَنِيَّةُ الجُحْفَة وَعَلَيْهَا الطَّرِيقُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلى مَكَّةَ، وَيُقَالُ فيه عَزُورا.
عسر: العسْر والعُسُر: ضِدُّ اليُسْر، وَهُوَ الضَّيِّقُ والشدَّة وَالصُّعُوبَةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً
، وَقَالَ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً
؛ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قرأَ ذَلِكَ وَقَالَ: لَا يَغْلِبُ عُسْرٌ يُسْرَينِ؛ وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ ومُرادِه مِنْ هَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ الْعَرَبُ إِذا ذَكَرَتْ نَكِرَةً ثُمَّ أَعادتها بِنَكِرَةٍ مِثْلِهَا صَارَتَا اثْنَتَيْنِ وإِذا أَعادتها بِمَعْرِفَةٍ فَهِيَ هِيَ، تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: إِذا كَسَبْت دِرْهماً فأَنْفِقْ دِرْهماً فَالثَّانِي غَيْرُ الأَول، وإِذا أَعَدْتَه بالأَلف وَاللَّامِ فَهِيَ هِيَ، تَقُولُ مِنْ ذَلِكَ: إِذا كَسَبْتَ دِرْهَمًا فأَنْفِق الدِّرْهَمَ فَالثَّانِي هُوَ الأَول. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ لأَن اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ العُسْر ثُمَّ أَعاده بالأَلف وَاللَّامِ عُلِمَ أَنه هُوَ، وَلَمَّا ذَكَرَ يُسْرًا ثُمَّ أَعاده بِلَا أَلف وَلَامٍ عُلِم أَن الثَّانِي غَيْرُ الأَول، فَصَارَ الْعُسْرُ الثَّانِي الْعُسْرَ الأَول وَصَارَ يُسْرٌ ثانٍ غَيْرَ يُسرٍ بدأَ بذِكْرِه، وَيُقَالُ: إِن اللَّهَ جلَّ ذِكْرُه أَراد بالعُسْر فِي الدُّنْيَا عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنه يُبْدِلهُ يُسْراً فِي الدُّنْيَا وَيُسْرًا فِي الْآخِرَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: العُسْرُ بَيْنَ اليُسْرَينِ إِمّا فَرَجٌ عاجلٌ فِي الدُّنْيَا، وإِما ثوابٌ آجِلٌ فِي الْآخِرَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَر أَنه كَتَبَ إِلى أَبي عُبَيْدَةَ وَهُوَ مَحْصُورٌ: مَهْمَا تنزلْ بامرِئٍ شَدِيدةٍ يَجْعَلِ اللَّهُ بعدَها فَرَجاً فإِنه لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَينِ.
وَقِيلَ: لَوْ دخلَ العُسْرُ جُحْراً لَدَخَل اليُسْرُ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ أَن أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانُوا فِي ضِيقٍ شَدِيدٍ فأَعْلَمَهم اللَّهُ أَنه سيَفْتَحُ عَلَيْهِمْ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الفُتوحَ وأَبْدَلَهم بالعُسْر الَّذِي كَانُوا فِيهِ اليُسْرَ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى، أَي للأَمر السَّهْلِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلا الْمُؤْمِنُونَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى
؛ قَالُوا: العُسْرَى العذابُ والأَمرُ العَسِيرُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ الْقَائِلُ كَيْفَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى؟
وَهَلْ فِي العُسْرَى تَيْسيرٌ؟ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهَذَا فِي جَوَازِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ؛ والبِشارةُ فِي الأَصل تَقَعُ على المُفَرِّحِ السَّارِّ، فإِذا جمعتَ كلَّ أَمرٍ فِي خَيْرٍ وَشَرٍّ جَازَ التبشيرُ فِيهِمَا جَمِيعًا. قَالَ الأَزهري: وَتَقُولُ قابِلْ غَرْبَ السَّانِيَةِ لِقَائِدِهَا إِذا انْتَهَى الغَرْب طَالِعًا مِنَ الْبِئْرِ إِلى أَيدي الْقَابِلِ، وتَمَكَّنَ مِنْ عَراقِيها، أَلا ويَسِّر السانيةَ أَي اعْطِفْ رأْسَها كَيْ لَا يُجاوِر المَنْحاة فَيَرْتَفِعَ الغرْبُ إِلى المَحالة والمِحْورِ فَيَنْخَرِقُ، ورأَيتهم يُسَمُّون عَطْفَ السانيةِ تَيْسِيراً لِمَا فِي خِلَافِهِ مِنَ التَّعْسير؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَبي تُذَكِّرُنِيهِ كلُّ نائبةٍ، ... والخيرُ والشرُّ والإِيسارُ والعُسُرُ
وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ العُسُر لُغَةً فِي العُسْر، كَمَا قَالُوا: القُفُل فِي القُفْل، والقُبُل فِي القُبْل، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ احْتَاجَ فَثَقَّلَ، وَحَسَّنَ لَهُ ذَلِكَ إِتباعُ الضمِّ الضمَّ. قَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: كُلُّ اسْمٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرف أَوله مَضْمُومٌ وأَوسطُه سَاكِنٌ، فَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُثَقِّلُه وَمِنْهُمْ مَنْ يُخَفِّفُهُ، مِثْلُ عُسْر وعُسُر وحُلْم وحُلُم. والعُسْرةُ والمَعْسَرةُ والمَعْسُرةُ والعُسْرَى: خِلَافَ(4/563)
المَيْسَرة، وَهِيَ الأُمور الَّتِي تَعْسُر وَلَا تَتَيَسَّرُ، واليُسْرَى مَا اسْتَيْسَرَ مِنْهَا، والعُسْرى تأْنيث الأَعْسَر مِنَ الأُمور. والعرَبُ تَضَعُ المَعْسورَ مَوْضِعَ العُسْرِ، والمَيْسورَ موضعَ اليُسْر، ويجعل الْمَفْعُولَ فِي الْحَرْفَيْنِ كَالْمَصْدَرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمَعْسورُ كالعُسْر، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنَ الْمَصَادِرِ عَلَى مِثَالِ مَفْعُولٍ. وَيُقَالُ: بلغْتُ مَعْسورَ فلانٍ إِذا لَمْ تَرْفُقْ بِهِ. وَقَدْ عَسِرَ الأَمرُ يَعْسَر عَسَراً، فَهُوَ عَسِرٌ، وعَسُرَ يَعْسُر عُسْراً وعَسارَةً، فَهُوَ عَسِير: الْتاثَ. وَيَوْمٌ عَسِرٌ وعَسِيرٌ: شديدٌ ذُو عُسْرٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ: فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ
. وَيَوْمٌ أَعْسَر أَي مَشْؤُومٌ؛ قَالَ مَعْقِلٌ الْهُذَلِيُّ:
ورُحْنا بقومٍ مِنْ بُدالة قُرّنوا، ... وَظَلَّ لَهُمْ يومٌ مِنَ الشَّرِّ أَعْسَرُ
فسَّر أَنه أَراد بِهِ أَنه مشؤوم. وَحَاجَةٌ عَسِير وعَسِيرة: مُتَعَسِّرة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
قَدْ أَنْتَحِي لِلْحَاجَةِ العَسِيرِ، ... إِذ الشَّبابُ لَيّنُ الكُسورِ
قَالَ: مَعْنَاهُ لِلْحَاجَةِ الَّتِي تَعَسُرُ عَلَى غيري؛ وقوله:
إِذ الشاب لَيِّنُ الْكُسُورِ
أَي إِذ أَعضائي تُمَكِّنُني وتُطاوِعُني، وأَراد قَدِ انْتَحَيْتُ فَوَضَعَ الْآتِي مَوْضِعَ الْمَاضِي. وتعسَّر الأَمر وتعاسَرَ، واسْتَعْسَرَ: اشْتَدَّ والْتَوَى وَصَارَ عَسِيراً. واعْتَسَرْت الكلامَ إِذا اقْتَضَبْته قَبْلَ أَن تُزَوِّرَه وتُهَيِّئَه؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَذَرْ ذَا وعَدِّ إِلى غيرِه، ... فشَرُّ المَقالةِ مَا يُعْتَسَرْ
قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ اعْتِسارِ الْبَعِيرِ ورُكوبه قَبْلَ تَذْلِيلِهِ. وَيُقَالُ: ذَهَبَتِ الإِبلُ عُسارَياتٍ وعُسارَى، تَقْدِيرُ سُكارَى، أَي بعضُها فِي إِثر بَعْضٍ. وأَعْسَرَ الرجلُ: أَضاق. والمُعْسِر: نَقِيضُ المُوسِر. وأَعْسَر، فَهُوَ مُعْسِر: صَارَ ذَا عُسْرَةٍ وقلَّةِ ذاتِ يَدٍ، وَقِيلَ: افْتَقَرَ. وَحَكَى كُراع: أَعْسَرَ إِعْساراً وعُسْراً، وَالصَّحِيحُ أَن الإِعْسارَ المصدرُ وأَن العُسْرة الِاسْمُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ
؛ والعُسْرةُ: قِلّة ذَاتِ الْيَدِ، وَكَذَلِكَ الإِعْسارُ. واسْتَعْسَرَه. طَلَبَ مَعْسورَه. وعَسَرَ الغريمَ يَعْسِرُه ويَعْسُره عُسْراً وأَعْسَرَه: طَلَبَ مِنْهُ الدَّيْنَ عَلَى عُسْرة وأَخذه عَلَى عُسْرة وَلَمْ يرفُق بِهِ إِلى مَيْسَرَتِه. والعُسْرُ: مَصْدَرٌ عَسَرْتُه أَي أَخذته عَلَى عُسْرة. والعُسْر، بِالضَّمِّ: مِنَ الإِعْسار، وَهُوَ الضِّيقُ. والمِعْسَر: الَّذِي يُقَعِّطُ عَلَى غَرِيمِهِ. وَرَجُلٌ عَسِرٌ بيِّن العَسَرِ: شَكسٌ، وَقَدْ عاسَرَه؛ قَالَ:
بِشْرٌ أَبو مَرْوانَ إِن عاسَرْتَه ... عَسِرٌ، وَعِنْدَ يَسارِه مَيْسورُ
وتَعَاسَرَ البَيِّعان: لَمْ يتَّفِقا، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَانِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى
. وأَعْسَرت المرأَةُ وعَسَرَتْ: عَسُرَ عَلَيْهَا وِلادُها، وإِذا دُعِيَ عَلَيْهَا قِيلَ: أَعْسَرت وآنَثَتْ، وإِذا دُعِيَ لَهَا قِيلَ: أَيْسَرَت وأَذْكَرَتْ أَي وَضَعَتْ ذَكَراً وتيسَّر عَلَيْهَا الولادُ. وعَسَرَ الزمانُ: اشْتَدَّ عَلَيْنَا. وعَسَّرَ عَلَيْهِ: ضَيَّق؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ. وعَسَر عَلَيْهِ مَا فِي بَطْنِهِ: لَمْ يَخْرُجْ. وتَعَسَّر: التَبَسَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ، وَالْغَيْنُ الْمُعْجَمَةُ لُغَةٌ. قَالَ ابْنُ المُظَفَّرِ: يُقَالُ لِلْغَزَلِ إِذا الْتَبَسَ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ قَدْ تغَسَّر، بَالْغَيْنِ، وَلَا يُقَالُ بِالْعَيْنِ إِلَّا تحشُّماً؛ قَالَ(4/564)
الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْمُظَفَّرِ صَحِيحٌ وَكَلَامُ الْعَرَبِ عَلَيْهِ، سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وعَسَرَ عَلَيْهِ عُسْراً وعَسَّرَ: خالَفَه. والعُسْرَى: نَقِيضُ اليُسْرَى. وَرَجُلٌ أَعْسَرُ يَسَرٌ. يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا فإِن عَمِل بِيَدِهِ الشِّمال خَاصَّةً، فَهُوَ أَعْسَرُ بَيِّنُ العَسَر، والمرأَة عَسْراء، وَقَدْ عَسَرَتْ عَسَراً «1» ؛ قَالَ:
لَهَا مَنْسِمٌ مثلُ المَحارةِ خُفُّه، ... كأَن الحَصى، مِن خَلْفِه، خَذْفُ أَعْسَرا
وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَعْسَرُ وامرأَة عَسْراء إِذا كَانَتْ قوّتُهما فِي أَشْمُلِهما ويَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَمَالِهِ مَا يعمَلُه غيرُه بِيَمِينِهِ. وَيُقَالُ للمرأَة عَسْراء يَسَرَةٌ إِذا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدَيْهَا جَمِيعًا، وَلَا يُقَالُ أَعْسَرُ أَيْسَرُ وَلَا عَسْراء يَسْراء للأُنثى، وَعَلَى هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ. وَيُقَالُ مِنَ اليُسر: فِي فُلَانٍ يَسَرة. وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَعْسَرَ يَسَراً. وَفِي حَدِيثِ
رَافِعِ بْنِ سَالِمٍ: إِنا لِنَرْتَمِيَ فِي الجَبّانةِ وَفِينَا قومٌ عُسْرانٌ يَنْزِعُونَ نَزْعاً شدِيداً
؛ العُسْرانُ جَمْعُ الأَعْسَر وَهُوَ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَدِهِ اليُسْرَى كأَسْودَ وسُودانٍ. يُقَالُ: لَيْسَ شَيْءٌ أَشَدُّ رَمْياً مِنَ الأَعْسَرِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
الزَّهْري: أَنه كَانَ يَدَّعِمُ عَلَى عَسْرائِه
؛ العَسْراء تأْنيث الأَعْسَر: الْيَدُ العَسْراء، وَيُحْتَمَلُ أَنه كَانَ أَعْسَرَ. وعُقابٌ عَسْراءُ: رِيشُها مِنَ الْجَانِبِ الأَيْسر أَكثر مِنَ الأَيمن، وَقِيلَ: فِي جَنَاحِهَا قَوادِمُ بيضٌ. والعَسْراء: القادمةُ الْبَيْضَاءُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
وعَمَّى عليه الموتَ يأْتي طَرِيقَه ... سِنانٌ، كَعَسْراء العُقابِ، ومِنْهَبُ
ويروى: يأْبى طريقه يعني عُيَيْنة. ومِنْهَبٌ: فَرَسٌ يَنْتَهِبُ الْجَرْيَ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لِهَذَا الْفَرَسِ. وحَمامٌ أَعْسَرُ: بجناحهِ مِنْ يَسارِه بياضٌ. والمُعاسَرةُ: ضدُّ المُياسَرة، والتعاسُر، ضِدُّ التياسُر، والمَعْسورُ: ضِدُّ المَيْسور، وَهُمَا مَصْدَرَانِ، وَسِيبَوَيْهِ يَقُولُ: هُمَا صِفَتَانِ وَلَا يَجِيءُ عِنْدَهُ المصدرُ عَلَى وَزْنِ مَفْعُولٍ أَلْبَتَّةَ، ويتأَول قَوْلَهُمْ: دَعْه إِلى مَيْسورِه وإِلى مَعْسورِه. يَقُولُ: كأَنه قَالَ دَعْهُ إِلى أَمر يُوسِرُ فِيهِ وإِلى أَمر يُعْسِرُ فِيهِ، ويتأَول الْمَعْقُولَ أَيضاً. والعَسَرةُ: القادمةُ الْبَيْضَاءُ، وَيُقَالُ: عُقابٌ عَسْراء فِي يدِها قَوادِم بِيضٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرةِ
؛ هُوَ جَيْشُ غَزْوَةِ تَبوك، سُمِّيَ بِهَا لأَنه نَدَبَ الناسَ إِلى الغَزْوِ فِي شِدَّةِ الْقَيْظِ، وَكَانَ وَقْتَ إِيناع الثَّمَرَةِ وطِيب الظِّلال، فعَسُر ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وشقَّ. وعَسَّرَني فلانٌ وعَسَرَني يَعْسِرْني عَسْراً إِذا جَاءَ عَنْ يَسارِي. وعَسَرْتُ الناقةَ عَسْراً إِذا أَخذتها مِنَ الإِبل. واعْتَسَرَ النَّاقَةَ: أَخذَها رَيِّضاً قَبْلَ أَن تُذَلَّلَ بخَطْمِها ورَكِبَها، وَنَاقَةٌ عَسِيرٌ: اعْتُسِرت مِنَ الإِبل فرُكِبَت أَو حُمِلَ عَلَيْهَا وَلَمْ تُلَيَّنْ قَبْلُ، وَهَذَا عَلَى حَذْفِ الزَّائِدِ، وَكَذَلِكَ نَاقَةٌ عَيْسَرٌ وعَوْسَرانةٌ وعَيْسَرانةٌ؛ وَبَعِيرٌ عَسِيرٌ وعَيْسُرانٌ «2» . وعَيْسُرانيٌّ. قَالَ الأَزهري: وَزَعَمَ اللَّيْثُ أَن العَوْسَرانيّة والعَيْسَارنِيَّة مِنَ النُّوقِ الَّتِي تُركَب قَبْلَ أَن تُراضَ؛ قَالَ: وَكَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِ مَا قَالَ اللَّيْثُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَجَمَلٌ عَوْسَرانيّ. والعَسِيرُ: النَّاقَةُ الَّتِي لَمْ تُرَضْ. والعَسِيرُ: النَّاقَةُ الَّتِي لَمْ تَحْمِل سَنَتها. والعَسِيرةُ: النَّاقَةُ إِذا اعْتاطت فَلَمْ تَحْمِلْ عامها، وفي
__________
(1) . قوله: [وقد عسرت عسراً] كذا بالأَصل بهذا الضبط. وعبارة شارح القاموس؛ وقد عسرت، بالفتح، عسراً، بالتحريك، هكذا هو مضبوط في سائر النسخ انتهى. وعبارة المصباح: ورجل أَعسر يعمل بيساره، والمصدر عسر من باب تعب
(2) . قوله: [وعيسران] هو بضم السين وما بعده بضمها وفتحها كما في شرح القاموس(4/565)
التَّهْذِيبِ بِغَيْرِ هَاءٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: العَسِيرُ النَّاقَةُ الَّتِي اعْتَاطَتْ فَلَمْ تَحْمِلْ سَنَتَهَا، وَقَدْ أَعْسَرتْ وعُسِرَت؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
وعَسِيرٍ أَدْماءَ حادرةِ العينِ ... خَنُوفٍ عَيْرانةٍ شِمْلال
قَالَ الأَزهري: تفسيرُ اللَّيْثِ للعَسِير أَنها النَّاقَةُ الَّتِي اعْتَاطَتْ غيرُ صَحِيحٍ، والعَسِيرُ مِنِ الإِبل، عِنْدَ الْعَرَبِ: الَّتِي اعْتُسِرت فرُكِبَت وَلَمْ تَكُنْ ذُلِّلَت قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا رِيضَت، وَكَذَا فَسَّرَهُ الأَصمعي؛ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ:
ورَوْحَةِ دُنْيا بَيْنَ حَيَّيْنِ رُحْتُها، ... أَسِيرُ عَسِيراً أَو عَروضاً أَرُوضُها
قَالَ: العَسِيرُ الناقةُ الَّتِي رُكِبَت قَبْلَ تَذْلِيلِهَا. وعَسَرت الناقةُ تَعْسِر عَسْراً وعَسَراناً، وَهِيَ عاسِرٌ وعَسيرٌ: رَفَعت ذَنبها فِي عَدْوِها؛ قَالَ الأَعشى:
بِناجِيةٍ، كأَتان الثَّمِيل، ... تُقَضِّي السُّرَى بَعْدَ أَيْنٍ عَسِيرَا
وعَسَرَت، فَهِيَ عاسِرٌ، رفَعَت ذَنَبَهَا بَعْدَ اللَّقَاحِ. والعَسْرُ: أَن تَعْسِرَ النَّاقَةُ بِذَنَبِهَا أَي تَشُولَ بِهِ. يُقَالُ: عَسَرت بِهِ تَعْسِر عَسْراً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا هِيَ لَمْ تَعْسِرْ بِهِ ذَنَّبَتْ بِهِ، ... تُحاكي بِهِ سَدْوَ النَّجاءِ الهَمَرْجَلِ
والعَسَرانُ: أَن تَشولَ الناقةُ بِذَنَبِهَا لتُرِي الفحلَ أَنها لَاقِحٌ، وإِذا لَمْ تَعْسِرْ وذنَّبَت بِهِ فَهِيَ غيرُ لَاقِحٍ. والهَمَرْجَلُ: الْجَمَلُ الَّذِي كأَنه يدحُو بِيَدَيْهِ دَحْواً. قَالَ الأَزهري: وأَما العاسِرةُ مِنَ النُّوقِ فَهِيَ الَّتِي إِذا عَدَتْ رَفَعَتْ ذَنَبَهَا، وَتَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ نَشَاطِهَا، والذِّئب يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِلَّا عَواسِرَ، كالقِداحِ، مُعِيدة ... بِاللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ
أَرَادَ بالعَواسِر الذئابَ الَّتِي تَعْسِرُ فِي عَدْوِها وتُكَسِّر أَذنابها. وَنَاقَةٌ عَوْسَرانِيَّة إِذا كَانَ مِنْ دَأْبِها تَكْسِيرُ ذنبِها ورَفْعُه إِذا عَدَتْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
عَوْسَرانِيّة إِذا انْتَقَضَ الخِمْسُ ... نَفاضَ الفَضِيض أَيَّ انْتِفاض
الفَضِيضُ: الْمَاءُ السَّائِلُ؛ أَراد أَنها تَرْفَعُ ذَنَبَهَا مِنَ النَّشَاطِ وتعدُو بَعْدَ عَطَشِهَا وَآخِرُ ظَمَئِهَا فِي الْخَمْسِ. والعَسْرَى والعُسْرَى: بَقْلة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ الْبَقْلَةُ إِذا يَبِسَتْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا مَنعاها الماءَ إِلا ضَنانَةً ... بأَطْرافِ عَسْرى، شَوْكُها قَدْ تَخَدَّدا
والعَيْسُرانُ: نَبْتٌ. والعَسْراء: بِنْتُ جَرِيرِ بْنِ سَعِيدٍ الرِّياحِيّ. واعْتَسَرَه: مِثْلُ اقْتَسَرَه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أُناسٌ أَهْلَكُوا الرُّؤَساءَ قَتْلًا، ... وقادُوا الناسَ طَوْعاً واعْتِسارا
قَالَ الأَصمعي: عَسَرَه وقَسَرَه واحدٌ. واعْتَسرَ الرجلُ مِنْ مالِ وَلَدِهِ إِذا أَخذ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ كَارِهٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: يَعْتَسِرُ الوالدُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ
أَي يأْخذُه مِنْهُ وَهُوَ كَارِهٌ، مِنْ الاعْتِسارِ وَهُوَ الاقْتِسارُ والقَهْر، وَيُرْوَى بِالصَّادِ؛ قَالَ النَّضْرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ بِالسِّينِ وَقَالَ: مَعْنَاهُ وَهُوَ كارهٌ؛ وأَنشد:
مُعْتَسِر الصُّرْم أَو مُذِلّ
والعُسُرُ: أَصحابُ البُتْرِيّة فِي التقاضِي والعملِ. والعِسْرُ: قَبِيلَةٌ مِنْ قَبَائِلِ الْجِنِّ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِ(4/566)
ابْنُ أَحمر:
وفِتْيان كجِنّة آلِ عِسْرِ
إِنّ عِسْرَ قَبِيلَةٌ مِنَ الْجِنِّ، وَقِيلَ: عِسْر أَرض تَسْكُنُهَا الْجِنُّ. وعِسْر فِي قَوْلِ زُهَيْرٍ: مَوْضِعٌ:
كأَنّ عليهمُ بِجُنوبٍ عِسْر
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ العَسِير، هو بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ السِّينِ، بِئْرٌ بِالْمَدِينَةِ كَانَتْ لأَبي أُمَيَّة الْمَخْزُومِيِّ سَمَّاهَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِيَسِيرة، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
عسبر: العُسْبرُ: النَّمِرُ، والأُنثى بِالْهَاءِ. والعُسْبُور والعُسْبُورةُ: وَلَدُ الْكَلْبِ مِنَ الذِّئْبَةِ. والعِسْبارُ والعِسْبارةُ: وَلَدُ الضَّبْعِ مِنَ الذِّئْبِ، وَجَمْعُهُ عَسابِرُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العِسْبارةُ وَلَدُ الضَّبْعِ، الذكرُ والأُنثى فِيهِ سواءٌ. والعِسْبارُ: ولدُ الذئبِ؛ فأَما قول الكميت:
وتَجَمَّع المُتَفَرِّقُون ... مِنَ الفَراعِل والعَسابِرْ
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ العُسْبُر، وَهُوَ النَّمِرُ، وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ عِسْبار، وَحُذِفَتِ الْيَاءُ لِلضَّرُورَةِ. والفُرْعُلُ: وَلَدُ الضَّبْعِ مِنَ الضِّبْعان، قَالَ ابْنُ بَحْر: رَماهم بأَنهم أَخْلاطٌ مُعَلْهَجُون. والعُسْبُرة والعُسْبُورة: الناقةُ النَّجِيبَةُ، وَقِيلَ: السَّرِيعَةُ مِنَ النَّجَائِبِ؛ وأَنشد:
لَقَدْ أَرانِيَ، والأَيَّامُ تُعْجِبُني، ... والمُقْفِراتُ بِهَا الخُورُ العسابِيرُ
قَالَ الأَزهري: وَالصَّحِيحُ العُبْسُورة، الباء قيل السِّينِ، فِي نَعْتِ النَّاقَةِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ أَصحابه. ابْنُ سِيدَهْ: وَنَاقَةٌ عُسْبُرٌ وعُسْبُورٌ شديدة سريعة.
عسجر: العَيْسَجُور: النَّاقَةُ الصُّلْبة، وَقِيلَ: هِيَ النَّاقَةُ السَّرِيعَةُ القَوِيَّة، وَالِاسْمُ العَسْجَرة. والعَيْسَجُور: السِّعلاة، وعَسْجَرتُها خُبْثُها، وإِبل عَساجِيرُ: وَهِيَ الْمُتَتَابِعَةُ فِي سَيْرِهَا. والعَسْجَرُ: المِلْحُ. وعَسْجَرَ عَسْجَرَةً إِذا نَظَرَ نَظَرًا شَدِيدًا. وعَسْجَرَت الإِبلُ: اسْتَمَرَّتْ فِي سَيْرِهَا. والعَيْسَجُور: الناقةُ الْكَرِيمَةُ النَّسَبِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَمْ تُنْتَج قَطُّ، وهو أَقوى لها.
عسقر: الأَزهري: قَالَ الْمُؤَرِّجُ رَجُلٌ مُتَعَسْقرٌ إِذا كَانَ جَلْداً صبُوراً؛ وأَنشد:
وصِرْتَ مَمْلُوكًا بقاعٍ قَرْقَرِ، ... يَجْرِي عَلَيْكَ المُورُ بالتَّهَرْهُرِ
يَا لَك مِنْ قُنْبُرةٍ وقُنْبُرِ ... كنْت عَلَى الأَيَّامِ فِي تعَسْقُرِ
أَي صَبْرٍ وجَلادةٍ. والتَّهَرْهُرُ: صَوَّتَ الرِّيحِ، تَهَرْهَرت وهَرْهَرت واحدٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري مَنْ رَوَى هَذَا عَنِ الْمُؤَرِّجِ وَلَا أَثق به.
عسكر: العَسْكَرةُ: الشِّدَّةُ وَالْجَدْبُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
ظلَّ فِي عَسْكَرةٍ مِنْ حُبِّها، ... ونأَتْ شَحْطَ مَزارِ المُدَّكِرْ
أَي ظَلَّ فِي شِدَّةٍ مِنْ حُبّها، وَالضَّمِيرُ فِي نأَت يَعُودُ عَلَى مَحْبُوبَتِهِ، وَقَوْلُهُ: شَحْطَ مَزارِ المُدَّكر أَراد يَا شحطَ مَزَارِ المُدّكر. والعَسْكَرُ: الْجَمْعُ، فَارِسِيٌّ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يُقَالُ العَسْكَرُ مُقْبِلٌ ومُقْبِلون، فَالتَّوْحِيدُ عَلَى الشَّخْصِ، كأَنك قُلْتَ: هَذَا الشَّخْصُ مُقْبِلٌ، وَالْجَمْعُ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ، وَعِنْدِي أَن الإِفراد عَلَى اللَّفْظِ وَالْجَمْعَ عَلَى الْمَعْنَى.(4/567)
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَسْكر الكثيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. يُقَالُ: عَسْكَرٌ مِنْ رِجَالٍ وَخَيْلٍ وَكِلَابٍ. وَقَالَ الأَزهري: عَسْكَرُ الرجلِ جماعةُ مالِه ونَعَمِه؛ وأَنشد:
هَلْ لَك فِي أَجْرٍ عَظِيمٍ تُؤْجَرُهْ، ... تُعِينُ مِسْكِيناً قَلِيلًا عَسْكَرُهْ؟
عَشْرُ شِيَاهٍ سَمْعُه وبَصَرُهْ، ... قَدْ حدَّثَ النَّفسَ بِمصْرٍ يَحْضُرُهُ
وعَساكِرُ الهَمِّ: مَا رَكِبَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَتَتَابَعَ. وإِذا كَانَ الرجلُ قليلَ الْمَاشِيَةِ قِيلَ: إِنه لَقَلِيلُ العَسْكَرِ. وعَسْكَرُ الليلِ: ظُلْمَتُهُ؛ وأَنشد:
قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُ بَنِي العجَّاجِ، ... كأَنها عَسْكَرُ لَيْلٍ داجِ
وعَسْكَرَ الليلُ: تَراكَمَتْ ظُلْمتُه. وعَسْكَرَ بِالْمَكَانِ: تجمَّع. والعَسْكَر: مُجْتَمَعُ الْجَيْشِ. والعَسْكَرانِ: عرفةُ ومِنى. والعَسْكَرُ: الجَيْش؛ وعَسْكَرَ الرجلُ، فَهُوَ مُعَسْكِرٌ، وَالْمَوْضِعُ مُعَسْكَرٌ، بِفَتْحِ الْكَافِ. والعَسْكَرُ والمُعَسْكَر: مَوْضِعَانِ. وعَسْكَر مُكْرَم: اسْمُ بَلَدٍ معروف، وكأَنه معرب.
عشر: العَشَرة: أَول العُقود. والعَشْر: عَدَدُ الْمُؤَنَّثِ، والعَشَرةُ: عَدَدُ الْمُذَكَّرِ. تَقُولُ: عَشْرُ نِسْوة وعَشَرةُ رِجَالٍ، فإِذا جاوَزْتَ العِشْرين اسْتَوَى الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فَقُلْتَ: عِشْرون رَجُلًا وعِشْرون امرأَة، وَمَا كَانَ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلى العَشَرة فَالْهَاءُ تَلْحَقُهُ فِيمَا واحدُه مُذَكَّرٌ، وَتُحْذَفُ فِيمَا واحدُه مُؤَنَّثٌ، فإِذا جاوَزْتَ العَشَرة أَنَّثْت المذكرَ وَذَكَّرْتَ الْمُؤَنَّثَ، وَحَذَفْتَ الْهَاءَ فِي الْمُذَكَّرِ فِي العَشَرة وأَلْحَقْتها فِي الصَّدْر، فِيمَا بَيْنَ ثلاثةَ عشَر إِلى تِسْعَةَ عشَر، وَفَتَحْتَ الشِّينَ وَجَعَلْتَ الِاسْمَيْنِ اسْمًا وَاحِدًا مَبْنِيًّا عَلَى الْفَتْحِ، فإِذا صِرْت إِلى الْمُؤَنَّثِ أَلحقت الْهَاءَ فِي الْعَجُزِ وَحَذَفْتَهَا مِنَ الصَّدْرِ، وأَسكنت الشِّينَ مِنْ عَشْرة، وإِن شِئْتَ كَسَرْتها، وَلَا يُنْسَبُ إِلى الِاسْمَيْنِ جُعِلا اسْمًا وَاحِدًا، وإِن نَسَبْتَ إِلى أَحدهما لَمْ يُعْلَمْ أَنك تُرِيدُ الآخر، فإن اضطُرّ إِلَى ذَلِكَ نَسَبْتَهُ إِلَى أَحدهما ثُمَّ نَسَبْتَهُ إِلَى الْآخَرِ، وَمَنْ قَالَ أَرْبَعَ عَشْرة قَالَ: أَرْبَعِيٌّ عَشَرِيٌّ، بِفَتْحِ الشِّينِ، ومِنَ الشَّاذِّ فِي الْقِرَاءَةِ:
فانْفَجَرَت مِنْهُ اثْنَتَا عَشَرة عَيْناً
، بِفَتْحِ الشِّينِ؛ ابْنُ جِنِّي: وجهُ ذَلِكَ أَن أَلفاظ الْعَدَدِ تُغَيَّر كَثِيرًا فِي حَدِّ التَّرْكِيبِ، أَلا تَرَاهُمْ قَالُوا فِي البَسِيط: إِحْدى عَشْرة، وَقَالُوا: عَشِرة وعَشَرة، ثُمَّ قَالُوا فِي التَّرْكِيبِ: عِشْرون؟ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ ثَلَاثُونَ فَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْعُقُودِ إِلى التِّسْعِينَ، فَجَمَعُوا بَيْنَ لَفْظِ الْمُؤَنَّثِ وَالْمُذَكَّرِ فِي التَّرْكِيبِ، وَالْوَاوُ لِلتَّذْكِيرِ وَكَذَلِكَ أُخْتُها، وَسُقُوطُ الْهَاءِ للتأْنيث، وَتَقُولُ: إِحْدى عَشِرة امرأَة، بِكَسْرِ الشِّينِ، وإِن شِئْتَ سَكَّنْتَ إِلى تسعَ عَشْرة، والكسرُ لأَهل نَجْدٍ والتسكينُ لأَهل الْحِجَازِ. قَالَ الأَزهري: وأَهل اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ لَا يَعْرِفُونَ فَتْحَ الشِّينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَرُوِيَ عَنِ الأَعمش أَنه قرأَ:
وقَطَّعْناهم اثْنَتَيْ عَشَرة
، بِفَتْحِ الشِّينِ، قَالَ: وَقَدْ قرأَ القُرّاء بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِهَا، وأَهل اللُّغَةِ لَا يَعْرِفُونَهُ، وَلِلْمُذَكَّرِ أَحَدَ عَشَر لَا غَيْرَ. وعِشْرون: اسْمٌ مَوْضُوعٌ لِهَذَا الْعَدَدِ، وَلَيْسَ بِجَمْعِ العَشَرة لأَنه لَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ، فإِذا أَضَفْت أَسْقَطْت النُّونَ قُلْتَ: هَذِهِ عِشْرُوك وعِشْرِيَّ، بِقَلْبِ الْوَاوِ يَاءً لِلَّتِي بَعْدَهَا فَتُدْغَمُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُسَكّن الْعَيْنَ فَيَقُولُ: أَحَدَ عْشَر، وَكَذَلِكَ يُسَكّنها إِلى تِسْعَةَ عْشَر(4/568)
إِلا اثْنَيْ عَشَر فإِن الْعَيْنَ لَا تُسَكَّنُ لِسُكُونِ الأَلف وَالْيَاءِ قَبْلَهَا. وَقَالَ الأَخفش: إِنما سكَّنوا الْعَيْنَ لَمَّا طَالَ الِاسْمُ وكَثُرت حركاتُه، والعددُ منصوبٌ مَا بَيْنَ أَحَدَ عَشَرَ إِلى تِسْعَةَ عَشَرَ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْخَفْضِ، إِلا اثْنَيْ عَشَرَ فإِن اثْنَيْ وَاثْنَتَيْ يُعْرَبَانِ لأَنهما عَلَى هِجَاءَيْن، قَالَ: وإِنما نُصِبَ أَحَدَ عَشَرَ وأَخواتُها لأَن الأَصل أَحدٌ وعَشَرة، فأُسْقِطَت الواوُ وصُيِّرا جَمِيعًا اسْمًا وَاحِدًا، كَمَا تَقُولُ: هُوَ جَارِي بَيْتَ بَيْتَ وكِفّةَ كِفّةَ، والأَصلُ بيْتٌ لبَيْتٍ وكِفَّةٌ لِكِفَّةٍ، فصُيِّرَتا اسْمًا وَاحِدًا. وَتَقُولُ: هَذَا الْوَاحِدُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ إِلى الْعَاشِرِ فِي الْمُذَكَّرِ، وَفِي الْمُؤَنَّثِ الْوَاحِدَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالْعَاشِرَةُ. وَتَقُولُ: هُوَ عاشرُ عَشَرة وغَلَّبْتَ الْمُذَكَّرَ، وَتَقُولُ: هُوَ ثالثُ ثَلاثةَ عَشَرَ أَي هُوَ أَحدُهم، وَفِي الْمُؤَنَّثِ هِيَ ثالثةُ ثَلاثَ عَشْرة لَا غَيْرُ، الرَّفْعُ فِي الأَول، وَتَقُولُ: هُوَ ثالثُ عَشَرَ يَا هَذَا، وَهُوَ ثالثَ عَشَرَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، وَكَذَلِكَ إِلى تِسْعَةَ عَشَرَ، فَمَنْ رَفَعَ قَالَ: أَردت هُوَ ثالثُ ثلاثةَ عَشَرَ فأَلْقَيت الثَّلَاثَةَ وتركتُ ثَالِثَ عَلَى إِعرابه، ومَن نَصَب قَالَ: أَردت ثالثَ ثَلاثةَ عَشَرَ فَلَمَّا أَسْقَطْت الثلاثةَ أَلْزَمْت إِعْرابَها الأَوّلَ لِيُعْلَمَ أَن هَاهُنَا شَيْئًا مَحْذُوفًا، وَتَقُولُ فِي الْمُؤَنَّثِ: هِيَ ثالثةُ عَشْرةَ وَهِيَ ثالثةَ عَشْرةَ، وتفسيرُه مِثْلُ تَفْسِيرِ الْمُذَكَّرِ، وَتَقُولُ: هُوَ الْحَادِي عَشَر وَهَذَا الثَّانِي عَشَر والثالثَ عَشَرَ إِلى العِشْرِين مَفْتُوحٌ كُلُّهُ، وَفِي الْمُؤَنَّثِ: هَذِهِ الحاديةَ عَشْرةَ والثانيةَ عَشْرَةَ إِلى الْعِشْرِينَ تَدْخُلُ الْهَاءُ فِيهَا جَمِيعًا. قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِذا أَدْخَلْتَ فِي الْعَدَدِ الأَلفَ واللامَ فأَدْخِلْهما فِي الْعَدَدِ كلِّه فَتَقُولُ: مَا فَعَلَتِ الأَحَدَ العَشَرَ الأَلْفَ دِرْهمٍ، وَالْبَصْرِيُّونَ يُدْخِلون الأَلفَ وَاللَّامَ فِي أَوله فَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَتِ الأَحَدَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهمٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَيالٍ عَشْرٍ
؛ أَي عَشْرِ ذِي الحِجَّة. وعَشَرَ القومَ يَعْشِرُهم، بِالْكَسْرِ، عَشْراً: صَارَ عاشرَهم، وَكَانَ عاشِرَ عَشَرةٍ. وعَشَرَ: أَخذَ وَاحِدًا مِنْ عَشَرة. وعَشَرَ: زَادَ وَاحِدًا عَلَى تِسْعَةٍ. وعَشَّرْت الشَّيْءَ تَعْشِيراً: كَانَ تِسْعَةً فَزِدْتُ وَاحِدًا حَتَّى تَمَّ عَشَرة. وعَشَرْت، بِالتَّخْفِيفِ: أَخذت وَاحِدًا مِنْ عَشَرة فَصَارَ تِسْعَةً. والعُشورُ: نُقْصَانُ، والتَّعْشيرُ زِيَادَةٌ وتمامٌ. وأَعْشَرَ القومُ: صَارُوا عَشَرة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ
؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَذْهَبُ الْعَرَبِ إِذا ذَكَرُوا عَدَدين أَن يُجْمِلُوهما؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
توهَّمْتُ آياتٍ لَهَا، فَعرَفْتُها ... لِسِتَّةِ أَعْوامِ، وَذَا العامُ سابِعُ «3»
. وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ثَلاثٌ واثْنتانِ فهُنّ خَمْسٌ، ... وثالِثةٌ تَميلُ إِلى السِّهَام
وَقَالَ آخَرُ:
فسِرْتُ إِليهمُ عِشرينَ شَهْراً ... وأَرْبعةً، فَذَلِكَ حِجّتانِ
وإِنما تَفْعَلُ ذَلِكَ لِقِلَّةِ الحِسَاب فِيهِمْ. وثوبٌ عُشارِيٌّ: طُولُهُ عَشْرُ أَذرع. وَغُلَامٌ عُشارِيٌّ: ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، والأُنثى بِالْهَاءِ. وعاشُوراءُ وعَشُوراءُ، مَمْدُودَانِ: اليومُ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَقِيلَ: التَّاسِعُ. قَالَ الأَزهري: وَلَمْ يُسْمَعْ فِي أَمثلة الأَسماء اسْمًا عَلَى فاعُولاءَ إِلا أَحْرُفٌ قَلِيلَةٌ. قَالَ ابْنُ بُزُرج: الضّارُوراءُ الضَّرّاءُ، والسارُوراءُ
__________
(3) . قوله: [توهمت آيات إلخ] تأمل شاهده(4/569)
السَّرَّاءُ، والدَّالُولاء الدَّلال. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الخابُوراءُ مَوْضِعٌ، وَقَدْ أُلْحِقَ بِهِ تاسُوعاء. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ فِي صَوْمِ عَاشُورَاءَ: لَئِنْ سَلِمْت إِلى قابلٍ لأَصُومَنَّ اليومَ التاسِعَ
؛ قَالَ الأَزهري: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ عدّةٌ مِنَ التأْويلات أَحدُها أَنه كَرِه مُوَافَقَةَ الْيَهُودِ لأَنهم يَصُومُونَ اليومَ العاشرَ، وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: صُوموا التاسِعَ والعاشِرَ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ
؛ قَالَ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَا قَالَهُ الْمُزَنِيُّ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ التاسعُ هُوَ الْعَاشِرَ؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه تأَول فِيهِ عِشْر الوِرْدِ أَنها تِسْعَةُ أَيام، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ اللَّيْثُ عَنِ الْخَلِيلِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ عَنِ الصَّوَابِ. والعِشْرون: عَشَرة مُضَافَةٌ إِلى مِثْلِهَا وُضِعَت عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ وكَسَرُوا أَولها لِعِلَّةٍ. وعَشْرَنْت الشَّيْءَ: جَعَلْتُهُ عِشْرينَ، نَادِرٌ لِلْفَرْقِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَشَرْت. والعُشْرُ والعَشِيرُ: جُزْءٌ مِنْ عَشَرة، يَطَّرِدُ هَذَانِ الْبِنَاءَانِ فِي جَمِيعِ الْكُسُورِ، وَالْجَمْعُ أَعْشارٌ وعُشُورٌ، وَهُوَ المِعْشار؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما بَلَغُوا مِعْشارَ مَا آتَيْناهُمْ
؛ أَي مَا بلَغ مُشْرِكُو أَهل مَكَّةَ مِعْشارَ مَا أُوتِيَ مَن قَبْلَهم مِنَ القُدْرة والقُوّة. والعَشِيرُ: الجزءُ مِنْ أَجْزاء العَشرة، وَجَمْعُ العَشِير أَعْشِراء مِثْلُ نَصِيب وأَنْصِباء، وَلَا يَقُولُونَ هَذَا فِي شَيْءٍ سِوَى العُشْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
تِسعةُ أَعْشِراء الرِّزْق فِي التِّجَارَةِ وجُزْءٌ مِنْهَا فِي السَّابِياء
؛ أَراد تِسْعَةَ أَعْشار الرِّزْقِ. والعَشِير والعُشْرُ: واحدٌ مِثْلٌ الثَّمِين والثُّمْن والسَّدِيس والسُّدْسِ. والعَشِيرُ فِي مِسَاحَةِ الأَرَضين: عُشْرُ القَفِيز، والقَفِيز: عُشْر الجَرِيب. وَالَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: لَوْ بَلَغَ ابنُ عَبَّاسٍ أَسْنانَنا مَا عاشَرَه مِنَّا رجلٌ
، أَي لَوْ كانَ فِي السِّنِّ مِثْلَنا مَا بَلَغَ أَحدٌ مِنَّا عُشْرَ عِلْمِهِ. وعَشَر القومَ يَعْشُرُهم عُشْراً، بِالضَّمِّ، وعُشُوراً وعَشَّرَهم: أَخذ عُشْرَ أَموالهم؛ وعَشَرَ المالَ نَفْسَه وعَشَّرَه: كَذَلِكَ، وَبِهِ سُمِّي العَشّار؛ وَمِنْهُ العاشِرُ. والعَشَّارُ: قَابِضُ العُشْرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عِيسَى بْنِ عُمَرَ لِابْنِ هُبَيْرة وَهُوَ يُضرَب بَيْنَ يَدَيْهِ بِالسِّيَاطِ: تَاللَّهِ إِن كُنْتَ إِلا أُثَيّاباً فِي أُسَيْفاط قَبَضَهَا عَشّاروك. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لَقِيتم عاشِراً فاقْتُلُوه
؛ أَي إِن وَجَدْتُمْ مَن يأْخذ العُشْر عَلَى مَا كَانَ يأْخذه أَهل الْجَاهِلِيَّةِ مُقِيمًا عَلَى دِينه، فَاقْتُلُوهُ لكُفْرِه أَو لِاسْتِحْلَالِهِ لِذَلِكَ إِن كَانَ مُسْلِمًا وأَخَذَه مُسْتَحِلًّا وَتَارِكًا فَرْضَ اللَّهِ، وَهُوَ رُبعُ العُشْر، فأَما مَنْ يَعْشُرهم عَلَى مَا فَرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فحَسَنٌ جَمِيلٌ. وَقَدْ عَشَر جماعةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، فَيَجُوزُ أَن يُسمَّى آخذُ ذَلِكَ: عَاشِرًا لإِضافة مَا يأْخذه إِلى العُشْرِ كرُبع العُشْرِ ونِصْفِ العُشْرِ، كَيْفَ وَهُوَ يأْخذ العُشْرَ جَمِيعَهُ، وَهُوَ مَا سَقَتْه السَّمَاءُ. وعُشْرُ أَموالِ أَهل الذِّمَّةِ فِي التِّجَارَاتِ، يُقَالُ: عَشَرْت مالَه أَعْشُره عُشْراً، فأَنا عاشرٌ، وعَشَّرْته، فأَنا مُعَشِّرٌ وعَشَّارٌ إِذا أَخذت عُشْرَه. وَكُلُّ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ عُقُوبَةِ العَشّار مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التأْويل. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ عَلَى المُسْلِمين عُشورٌ إِنما العُشور عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى
؛ العُشُورُ: جَمْع عُشْرٍ، يَعْنِي مَا كَانَ مِنْ أَموالهم لِلتِّجَارَاتِ دُونَ الصَّدَقَاتِ، وَالَّذِي يَلْزَمُهُمْ مِنْ ذَلِكَ، عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ وقتَ الْعَهْدِ، فإِن لَمْ يُصالَحُوا عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إِلا الجِزْيةُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِن أَخَذُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذا دَخَلُوا بِلادَهم أَخَذْنا مِنْهُمْ إِذا دَخَلُوا بِلادَنا لِلتِّجَارَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
احْمَدُوا اللَّهَ إِذْ رَفَعَ عَنْكُمُ العُشورَ
؛ يَعْنِي مَا كَانَتِ المُلوكُ تأْخذه مِنْهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن(4/570)
وَفْدَ ثَقِيف اشْتَرَطُوا أَن لَا يُحشَرُوا وَلَا يُعْشَروا وَلَا يُجَبُّوا
؛ أَي لَا يُؤْخَذُ عُشْرُ أَموالهم، وَقِيلَ: أَرادوا بِهِ الصدقةَ الْوَاجِبَةَ، وإِنما فَسَّح لَهُمْ فِي تَرْكِهَا لأَنها لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً يَوْمَئِذٍ عَلَيْهِمْ، إِنما تَجِب بِتَمَامِ الحَوْل. وَسُئِلَ جابرٌ عَنِ اشْتِرَاطِ ثَقِيف: أَن لَا صَدَقَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا جهادَ، فَقَالَ: عَلِم أَنهم سَيُصدِّقون ويُجاهدون إِذا أَسلموا، وأَما حَدِيثِ
بَشِيرِ بْنِ الْخَصَّاصِيَّةِ حِينَ ذَكر لَهُ شَرَائِعَ الإِسلام فَقَالَ: أَما اثْنَانِ مِنْهَا فَلَا أُطِيقُهما: أَما الصدقةُ فإِنما لِي ذَوْدٌ هُنَّ رِسْلُ أَهلي وحَمولتُهم، وأَما الْجِهَادُ فأَخافُ إِذا حَضَرْتُ خَشَعَتْ نفسِي، فكَفَّ يَدَهُ وَقَالَ: لَا صدقةَ وَلَا جهادَ فبِمَ تدخلُ الْجَنَّةَ؟
فَلَمْ يَحْتَمِل لِبَشِيرٍ مَا احْتَمَلَ لِثَقِيفٍ؛ ويُشْبِه أَن يَكُونَ إِنما لَمْ يَسْمَعْ لَهُ لعِلْمِه أَنه يَقْبَل إِذا قِيلَ لَهُ، وثَقِيفٌ كَانَتْ لَا تَقْبَلُهُ فِي الْحَالِ وَهُوَ وَاحِدٌ وَهُمْ جَمَاعَةٌ، فأَراد أَن يتأَلَّفَهم ويُدَرِّجَهم عَلَيْهِ شَيْئًا فَشَيْئًا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
النِّسَاءِ لَا يُعشَرْنَ وَلَا يُحْشَرْن
: أَي لَا يُؤْخَذُ عُشْرُ أَموالهن، وَقِيلَ: لَا يُؤْخَذُ العُشْرُ مِنْ حَلْيِهِنّ وإِلا فَلَا يُؤخذ عُشْرُ أَموالهن وَلَا أَموالِ الرِّجَالِ. والعِشْرُ: وِرْدُ الإِبل اليومَ العاشرَ. وَفِي حِسَابِهِمْ: العِشْر التَّاسِعُ فإِذا جَاوَزُوهَا بِمِثْلِهَا فظِمْؤُها عِشْران، والإِبل فِي كُلِّ ذَلِكَ عَواشِرُ أَي تَرِدُ الْمَاءَ عِشْراً، وَكَذَلِكَ الثَّوَامِنُ وَالسَّوَابِعُ وَالْخَوَامِسُ. قَالَ الأَصمعي: إِذا وَرَدَتِ الإِبل كلَّ يَوْمٍ قِيلَ قَدْ وَرَدَتْ رِفْهاً، فَإِذَا وَرَدَتْ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا، قِيلَ: وَرَدَتْ غِبًّا، فإِذا ارْتَفَعَتْ عَنِ الغِبّ فَالظِّمْءُ الرِّبْعُ، وَلَيْسَ فِي الْوِرْدِ ثِلْث ثُمَّ الخِمْس إِلى العِشْر، فإِذا زَادَتْ فَلَيْسَ لَهَا تَسْمِيَةُ وِرْد، وَلَكِنْ يُقَالُ: هِيَ تَرِدُ عِشْراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبْعاً إِلى العِشرَين، فَيُقَالُ حِينَئِذٍ: ظِمْؤُها عِشْرانِ، فإِذا جَاوَزَتِ العِشْرَيْنِ فَهِيَ جَوازِئُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذا زَادَتْ عَلَى العَشَرة قَالُوا: زِدْنا رِفْهاً بَعْدَ عِشْرٍ. قَالَ اللَّيْثُ: قُلْتُ لِلْخَلِيلِ مَا مَعْنَى العِشْرِين؟ قَالَ: جَمَاعَةُ عِشْر، قُلْتُ: فالعِشْرُ كَمْ يَكُونُ؟ قَالَ: تِسعةُ أَيام، قُلْتُ: فعِشْرون لَيْسَ بِتَمَامٍ إِنما هُوَ عِشْران وَيَوْمَانِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ مِنَ العِشْر الثَّالِثِ يَوْمَانِ جَمَعْتُهُ بالعِشْرين، قُلْتُ: وإِن لَمْ يَسْتَوْعِبِ الْجُزْءَ الثَّالِثَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَلا تَرَى قَوْلَ أَبي حَنِيفَةَ: إِذا طَلَّقها تَطْلِيقَتَيْنِ وعُشْرَ تَطْلِيقَةٍ فإِنه يَجْعَلُهَا ثَلَاثًا وإِنما مِنَ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ فِيهِ جُزْءٌ، فالعِشْرون هَذَا قِيَاسُهُ، قُلْتُ: لَا يُشْبِهُ العِشْرُ «4» . التطليقةَ لأَن بَعْضَ التَّطْلِيقَةِ تَطْلِيقَةٌ تَامَّةٌ، وَلَا يَكُونُ بَعْضُ العِشْرِ عِشْراً كَامِلًا، أَلا تَرَى أَنه لَوْ قَالَ لامرأَته أَنت طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ أَو جُزْءًا مِنْ مِائَةِ تَطْلِيقَةٍ كَانَتْ تَطْلِيقَةً تَامَّةً، وَلَا يَكُونُ نِصْفُ العِشْر وثُلُث العِشْرِ عِشْراً كَامِلًا؟ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعِشْرُ مَا بَيْنَ الوِرْدَين، وَهِيَ ثَمَانِيَةُ أَيام لأَنها تَرِدُ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ، وَكَذَلِكَ الأَظْماء، كُلُّهَا بِالْكَسْرِ، وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ العِشْر اسْمٌ إِلا فِي العِشْرَينِ، فإِذا وَرَدَتْ يَوْمَ العِشْرِين قِيلَ: ظِمْؤُها عِشْرانِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَر يَوْمًا، فإِذا جَاوَزَتِ العِشْرَينِ فَلَيْسَ لَهَا تَسْمِيَةٌ، وَهِيَ جَوازِئُ. وأَعْشَرَ الرجلُ إِذا وَرَدت إِبلُه عِشْراً، وَهَذِهِ إِبل عَواشِرُ. وَيُقَالُ: أَعْشَرْنا مُذْ لَمْ نَلْتقِ أَي أَتى عَلَيْنَا عَشْرُ لَيَالٍ. وعَواشِرُ الْقُرْآنِ: الآيُ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا العَشْرُ. والعاشِرةُ: حَلْقةُ التَّعْشِير مِنْ عَواشِر الْمُصْحَفِ، وهي لفظة مولَّدة.
__________
(4) . [قوله: قُلْتُ لَا يُشْبِهُ الْعِشْرُ إلخ] نقل شارح القاموس عن شيخه أن الصحيح أن القياس لا يدخل اللغة وما ذكره الخليل ليس إلا لمجرد البيان والإيضاح لا للقياس حتى يرد ما فهمه الليث(4/571)
وعُشَار، بِالضَّمِّ: مَعْدُولٌ مِنْ عَشَرة. وَجَاءَ الْقَوْمُ عُشارَ عُشارَ ومَعْشَرَ مَعْشَرَ وعُشار ومَعْشَر أَي عَشَرة عَشَرة، كما تقول: جاؤوا أُحَادَ أُحَادَ وثُناءَ ثُناءَ ومَثْنى مَثْنى؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَمْ يُسْمع أَكثرُ مِنْ أُحاد وثُناء وثُلاث ورُباع إِلا فِي قَوْلِ الْكُمَيْتِ:
وَلَمْ يَسْتَرِيثوك حَتَّى رَمَيْت، ... فَوْقَ الرِّجَالِ، خِصَالًا عُشَارا
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ذَهَبَ الْقَوْمُ عُشَارَياتٍ وعُسَارَياتٍ إِذا ذَهَبُوا أَيادِيَ سَبَا مُتَفَرِّقِينَ فِي كُلِّ وَجْهٍ. وَوَاحِدُ العُشاريَات: عُشارَى مِثْلُ حُبارَى وحُبَارَيات. والعُشَارة: القطعةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَوْمٌ عُشَارة وعُشَارات؛ قَالَ حَاتِمُ طَيِّءٍ يَذْكُرُ طَيِّئًا وتفرُّقَهم:
فصارُوا عُشَاراتٍ بِكُلِّ مكانِ
وعَشَّر الْحِمَارُ: تابَعَ النَّهِيقَ عَشْرَ نَهَقاتٍ وَوَالَى بَيْنَ عَشْرِ تَرْجِيعات فِي نَهِيقه، فَهُوَ مُعَشِّرٌ، ونَهِيقُه يُقَالُ لَهُ التَّعْشِير؛ يُقَالُ: عَشَّرَ يُعَشِّرُ تَعْشِيراً؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:
وإِنِّي وإِن عَشَّرْتُ مِنْ خَشْيةِ الرَّدَى ... نُهاقَ حِمارٍ، إِنني لجَزُوعُ
وَمَعْنَاهُ: إِنهم يَزْعُمُونَ أَن الرَّجُلَ إِذا وَرَدَ أَرضَ وَباءٍ وضَعَ يدَه خَلْفَ أُذنهِ فنَهَق عَشْرَ نَهقاتٍ نَهيقَ الحِمار ثُمَّ دَخَلَهَا أَمِنَ مِنَ الوَباء؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ: فِي أَرض مالِكٍ، مَكَانَ قَوْلِهِ: مِنْ خَشْيَةِ الرَّدَى، وأَنشد: نُهاق الْحِمَارِ، مَكَانَ نُهاق حِمَارٍ. وعَشَّرَ الغُرابُ: نَعبَ عَشْرَ نَعَبَاتٍ. وَقَدْ عَشَّرَ الحِمارُ: نَهَقَ، وعَشَّرَ الغُرابُ: نَعَقَ، مِنْ غَيْرِ أَن يُشْتَقّا مِنَ العَشَرة. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: اللهمَّ عشِّرْ خُطايَ أَي اكتُبْ لِكُلِّ خُطْوة عَشْرَ حَسَنَاتٍ. والعَشِيرُ: صَوْتُ الضَّبُع؛ غَيْرُ مُشْتَقٍّ أَيضاً؛ قَالَ:
جاءَتْ بِهِ أُصُلًا إِلى أَوْلادِها، ... تَمْشي بِهِ مَعَهَا لهمْ تَعْشِيرُ
وناقة عُشَراء: مصى لِحَمْلِهَا عَشَرةُ أَشهر، وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ، والأَولُ أَولى لِمَكَانِ لَفْظِهِ، فإِذا وَضَعَتْ لِتَمَامِ سَنَةٍ فَهِيَ عُشَراء أَيضاً عَلَى ذَلِكَ كالرائبِ مِنَ اللَّبَنِ «1» . وَقِيلَ: إِذا وَضَعت فَهِيَ عائدٌ وَجَمْعُهَا عَوْدٌ؛ قال الأَزهري: وَالْعَرَبُ يُسَمُّونَهَا عِشَاراً بعد ما تَضَعُ مَا فِي بُطُونِهَا لِلُزُومِ الِاسْمِ بَعْدَ الْوَضْعِ كَمَا يُسَمُّونَهَا لِقَاحاً، وَقِيلَ العُشَراء مِنِ الإِبل كَالنُّفَسَاءِ مِنَ النِّسَاءِ، وَيُقَالُ: نَاقَتَانِ عُشَراوانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ صَعْصعة بْنُ نَاجِيَةَ: اشْتَرَيْت مَوءُودةً بناقَتَينِ عُشَرَاوَيْنِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ اتُّسِعَ فِي هَذَا حَتَّى قِيلَ لكل حامل عُشَراء وأَكثر مَا يُطْلَقُ عَلَى الْخَيْلِ والإِبل، وَالْجَمْعُ عُشَراواتٌ، يُبْدِلون مِنْ هَمْزَةِ التأْنيث وَاوًا، وعِشَارٌ كَسَّرُوه عَلَى ذَلِكَ، كَمَا قَالُوا: رُبَعة ورُبَعاتٌ ورِباعٌ، أَجْرَوْا فُعلاء مُجْرَى فُعَلة كَمَا أَجْرَوْا فُعْلَى مُجْرَى فُعْلَة، شَبَّهُوهَا بِهَا لأَن الْبِنَاءَ وَاحِدٌ ولأَن آخِرَهُ عَلَامَةُ التأْنيث؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العِشَارُ مِنَ الإِبل الَّتِي قَدْ أَتى عَلَيْهَا عَشَرَةُ أَشهر؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: لُقَّحُ الإِبلِ عَطَّلَها أَهلُها لِاشْتِغَالِهِمْ بأَنْفُسِهم وَلَا يُعَطِّلُها قومُها إِلا فِي حَالِ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: العِشارُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى النُّوقِ حتى يُتْتج بعضُها، وبعضُها يُنْتَظَرُ نِتاجُها؛ قال
__________
(1) . قوله: [كالرائب من اللبن] في شرح القاموس في مادة راب ما نصه: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ إِذا خَثُرَ اللَّبَنُ، فَهُوَ الرَّائِبُ ولا يَزَالُ ذَلِكَ اسْمُهُ حَتَّى يُنْزَعَ زُبْدُهُ، وَاسْمُهُ عَلَى حَالِهِ بِمَنْزِلَةِ الْعُشَرَاءِ مِنَ الإِبل وَهِيَ الْحَامِلُ ثُمَّ تضع وهي اسمها(4/572)
الْفَرَزْدَقُ:
كَمْ عَمَّة لَكَ يَا جَرِيرُ وَخَالَةٍ ... فَدْعاء، قَدْ حَلَبَتْ عَلَيّ عِشَارِي
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَيْسَ للعِشَارِ لَبَنٌ وإِنما سَمَّاهَا عِشاراً لأَنها حَدِيثَةُ الْعَهْدِ بالنِّتاج وَقَدْ وَضَعَتْ أَولادها. وأَحْسَن مَا تَكُونُ الإِبل وأَنْفَسُها عِنْدَ أَهلها إِذا كَانَتْ عِشَاراً. وعَشَّرَت الناقةُ تَعْشِيراً وأَعْشَرَت: صَارَتْ عُشَراء، وأَعْشَرت أَيضاً: أَتى عَلَيْهَا عَشَرَةُ أَشهر مِنْ نِتَاجِهَا. وامرأَة مُعْشِرٌ: مُتِمٌّ، عَلَى الِاسْتِعَارَةِ. وَنَاقَةٌ مِعْشارٌ: يَغْزُر لبنُها لَيَالِيَ تُنْتَج. ونَعتَ أَعرابي نَاقَةً فَقَالَ: إِنها مِعْشارٌ مِشْكارٌ مِغْبَارٌ؛ مِعْشَارٌ مَا تَقَدَّمَ، ومِشكارٌ تَغْزُر فِي أَول نَبْتِ الرَّبِيعِ، ومِغْبارٌ لَبِنةٌ بَعْدَ مَا تَغْزُرُ اللَّوَاتِي يُنْتَجْن مَعَهَا؛ وأَما قَوْلُ لَبِيدٍ يَذْكُرُ مَرْتَعاً:
هَمَلٌ عَشائِرُه عَلَى أَوْلادِها، ... مِن رَاشِحٍ مُتَقَوّب وفَطِيم
فإِنه أَراد بالعَشائِر هُنَا الظباءَ الحدِيثات الْعَهْدِ بِالنِّتَاجِ؛ قَالَ الأَزهري: كأَنَّ العَشائرَ هُنَا فِي هَذَا الْمَعْنَى جَمْعُ عِشَار، وعَشائرُ هُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ، كَمَا يُقَالُ جِمال وجَمائِل وحِبَال وحَبائِل. والمُعَشِّرُ: الَّذِي صَارَتْ إِبلُه عِشَاراً؛ قَالَ مَقّاس بْنُ عَمْرٍو:
ليَخْتَلِطَنَّ العامَ راعٍ مُجَنِّبٌ، ... إِذا مَا تلاقَيْنا براعٍ مُعَشِّر
والعُشْرُ: النُّوقُ الَّتِي تُنْزِل الدِّرَّة الْقَلِيلَةَ مِنْ غَيْرِ أَن تَجْتَمِعَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَلُوبٌ لعُشْرِ الشُّولِ فِي لَيْلةِ الصَّبا، ... سَريعٌ إِلى الأَضْيافِ قَبْلَ التأَمُّلِ
وأَعْشارُ الجَزورِ: الأَنْصِباء. والعِشْرُ: قِطْعَةٌ تنكَسِرُ مِنَ القَدَح أَو البُرْمة كأَنها قِطْعَةٌ مِنْ عَشْر قِطَعِ، وَالْجَمْعُ أَعْشارٌ. وقَدَحٌ أَعْشارٌ وقِدْرٌ أَعْشَارٌ وقُدورٌ أَعاشِيرُ: مكسَّرَة عَلَى عَشْرِ قِطَعٍ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي عَشِيقَتِهِ:
وَمَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتَقدَحِي ... بِسَهْمَيكِ فِي أَعْشارِ قَلْب مُقَتَّلِ
أَراد أَن قَلْبَهُ كُسِّرَ ثُمَّ شُعِّبَ كَمَا تُشَعَّبُ القِدْرُ؛ قَالَ الأَزهري: وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَعجب إِليّ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: أَراد بِقَوْلِهِ بسَهْمَيْكِ هَاهُنَا سَهْمَيْ قِداح المَيْسِر، وَهُمَا المُعَلَّى والرَّقيب، فللمُعَلَّى سَبْعَةُ أَنْصِباء وَلِلرَّقِيبِ ثَلَاثَةٌ، فإِذا فَازَ الرَّجُلُ بِهِمَا غلَب عَلَى جَزورِ المَيْسرِ كُلِّهَا وَلَمْ يَطْمَعْ غيرُه فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَهِيَ تُقْسَم عَلَى عَشَرة أَجزاء، فَالْمَعْنَى أَنها ضَربت بِسِهَامِهَا عَلَى قَلْبِهِ فَخَرَجَ لَهَا السَّهْمَانِ فغَلبته عَلَى قَلْبه كلِّه وفَتَنته فَمَلَكَتْه؛ وَيُقَالُ: أَراد بسهْمَيْها عَيْنَيْها، وَجَعَلَ أَبو الْهَيْثَمِ اسْمَ السَّهْمِ الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةَ أَنْصِباء الضَّرِيبَ، وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ ثَعْلَبٌ الرَّقِيب؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَعْضُ الْعَرَبِ يُسمّيه الضَّرِيبَ وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهِ الرَّقِيبَ، قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِي هَذَا الْبَيْتِ هُوَ الصَّحِيحُ. ومُقَتَّل: مُذَلَّل. وقَلْبٌ أَعْشارٌ: جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْجَمْعِ كَمَا قَالُوا رُمْح أَقْصادٌ. وعَشّرَ الحُبُّ قَلْبَه إِذا أَضْناه. وعَشَّرْت القَدَحَ تَعْشِيراً إِذا كسَّرته فصيَّرته أَعْشاراً؛ وَقِيلَ: قِدْرٌ أَعشارٌ عَظِيمَةٌ كأَنها لَا يَحْمِلُهَا إِلا عَشْرٌ أَو عَشَرةٌ، وَقِيلَ: قِدْرٌ أَعْشارٌ متكسِّرة فَلَمْ يُشْتَقَّ مِنْ شَيْءٍ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قِدر أَعشارٌ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي فُرِّقَ ثُمَّ جُمِع كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ عُشْراً.(4/573)
والعواشِرُ: قوادمُ رِيشِ الطَّائِرِ، وَكَذَلِكَ الأَعْشار؛ قَالَ الأَعشى:
وإِذا مَا طَغَا بِهَا الجَرْيُ، فالعِقْبانُ ... تَهْوِي كَواسِرَ الأَعْشارِ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ إِن الْبَيْتَ:
إِن تَكُنْ كالعُقَابِ فِي الجَوّ، فالعِقْبانُ ... تَهْوِي كَواسِرَ الأَعْشار
والعِشْرَةُ: الْمُخَالَطَةُ؛ عاشَرْتُه مُعَاشَرَةً، واعْتَشَرُوا وتَعاشَرُوا: تَخَالَطُوا؛ قَالَ طَرَفة:
ولَئِنْ شَطَّتْ نَوَاهَا مَرَّةَ، ... لَعَلَى عَهْد حَبيب مُعْتَشِرْ
جَعَلَ الحَبيب جَمْعًا كالخَلِيط والفَرِيق. وعَشِيرَة الرَّجُلِ: بَنُو أَبيه الأَدْنَونَ، وَقِيلَ: هُمُ الْقَبِيلَةُ، وَالْجَمْعُ عَشَائر. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَلَمْ يُجْمَع جَمْعَ السَّلَامَةِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العَشِيرَةُ الْعَامَّةُ مِثْلُ بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، والعَشِيرُ الْقَبِيلَةُ، والعَشِيرُ المُعَاشِرُ، والعَشِيرُ: الْقَرِيبُ وَالصَّدِيقُ، وَالْجَمْعُ عُشَراء، وعَشِيرُ المرأَة: زوجُها لأَنه يُعاشِرها وتُعاشِرُه كَالصَّدِيقِ والمُصَادِق؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
رأَتْه عَلَى يَأْسٍ، وَقَدْ شابَ رَأْسُها، ... وحِينَ تَصَدَّى لِلْهوَانِ عَشِيرُها
أَراد لإِهانَتِها وَهِيَ عَشِيرته.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكُنّ أَكْثَرُ أَهل النَّارِ، فَقِيلَ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لأَنَّكُنّ تُكْثِرْن اللَّعْنَ وتَكْفُرْنَ العَشِيرَ
؛ العَشِيرُ: الزَّوْجُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ
؛ أَي لَبِئْسَ المُعاشِر. ومَعْشَرُ الرَّجُلِ: أَهله. والمَعْشَرُ: الْجَمَاعَةُ، مُتَخَالِطِينَ كَانُوا أَو غَيْرُ ذَلِكَ؛ قَالَ ذُو الإِصبع العَدْوانيّ:
وأَنْتُمُ مَعْشَرٌ زيْدٌ عَلَى مِائَةٍ، ... فأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ طُرّاً فكِيدُوني
والمَعْشَر والنَّفَر والقَوْم والرَّهْط مَعْنَاهُمُ: الْجَمْعُ، لَا وَاحِدَ لَهُمْ مِنْ لَفْظِهِمْ، لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ. قَالَ: والعَشِيرة أَيضاً الرِّجَالُ والعالَم أَيضاً لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المَعْشَرُ كُلُّ جَمَاعَةٍ أَمرُهم وَاحِدٌ نَحْوَ مَعْشر الْمُسْلِمِينَ ومَعْشَر الْمُشْرِكِينَ. والمَعاشِرُ: جماعاتُ النَّاسِ. والمَعْشَرُ: الْجِنُّ والإِنس. وَفِي التَّنْزِيلِ: امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ*
. والعُشَرُ: شَجَرٌ لَهُ صَمْغٌ وَفِيهِ حُرّاقٌ مِثْلُ الْقُطْنِ يُقْتَدَح بِهِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُشر مِنِ العِضاه وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الشَّجَرِ، وَلَهُ صَمْغٌ حُلْوٌ، وَهُوَ عَرِيضُ الْوَرَقِ يَنْبُتُ صُعُداً فِي السَّمَاءِ، وَلَهُ سُكّر يَخْرُجُ مِنْ شُعَبِه وَمَوَاضِعِ زَهْرِه، يُقَالُ لَهُ سُكّرُ العُشَر، وَفِي سُكّرِه شيءٌ مِنْ مَرَارَةٍ، وَيَخْرُجُ لَهُ نُفّاخٌ كأَنها شَقاشِقُ الْجِمَالِ الَّتِي تَهْدِرُ فِيهَا، وَلَهُ نَوْرٌ مِثْلُ نُورِ الدِّفْلى مُشْربٌ مُشرق حَسَنُ المنظَر وَلَهُ ثَمَرٌ. وَفِي حَدِيثِ
مَرْحب: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَلَمَةَ بارَزَه فَدَخَلَتْ بَيْنَهُمَا شجرةٌ مِنْ شَجَرِ العُشر.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَيْرٍ: وقُرْصٌ بُرِّيٌّ بلبنٍ عُشَريّ
أَي لَبَن إِبلٍ تَرْعَى العُشَرَ، وَهُوَ هَذَا الشَّجَرُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الظَّلِيمَ:
كأَنّ رِجْلَيه، مِمَّا كَانَ مِنْ عُشَر، ... صَقْبانِ لَمْ يَتَقَشَّرْ عَنْهُمَا النَّجَبُ
الْوَاحِدَةُ عُشَرة وَلَا يُكْسَرُ، إِلا أَن يُجْمَعَ بِالتَّاءِ لِقِلَّةِ فُعَلة فِي الأَسماء. وَرَجُلٌ أَعْشَر أَي أَحْمَقُ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ يَرْوِه(4/574)
لِي ثقةٌ أَعتمده. وَيُقَالُ لِثَلَاثٍ مِنْ لَيَالِي الشَّهْرِ: عُشَر، وَهِيَ بَعْدَ التُّسَع، وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يُبْطِل التُّسَعَ والعُشَرَ إِلا أَشياء مِنْهُ مَعْرُوفَةً؛ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ أَبو عُبَيْدٍ. وَالطَّائِفِيُّونَ يَقُولُونَ: مِنْ أَلوان الْبَقَرِ الأَهليّ أَحمرُ وأَصفرُ وأَغْبَرُ وأَسْودُ وأَصْدأُ وأَبْرَقُ وأَمْشَرُ وأَبْيَضُ وأَعْرَمُ وأَحْقَبُ وأَصْبَغُ وأَكْلَفُ وعُشَر وعِرْسِيّ وَذُو الشَّرَرِ والأَعْصم والأَوْشَح؛ فالأَصْدَأُ: الأَسود العينِ والعنقِ والظهرِ وسائرُ جَسَدِهِ أَحمر، والعُشَرُ: المُرَقَّع بِالْبَيَاضِ والحمرةِ، والعِرْسِيّ: الأَخضر، وأَما ذُو الشَّرَرِ فَالَّذِي عَلَى لَوْنٍ وَاحِدٍ، فِي صدرِهِ وعنُقِه لُمَعٌ عَلَى غَيْرِ لَوْنِهِ. وسَعْدُ العَشِيرة: أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ مَذْحِجٍ. وَبَنُو العُشَراء: قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ. وَبَنُو عُشَراء: قَوْمٌ مَنْ بَنِي فَزارةَ. وَذُو العُشَيْرة: مَوْضِعٌ بالصَّمّان مَعْرُوفٌ يُنْسَبُ إِلى عُشَرةٍ نَابِتَةٍ فِيهِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
صَعْل يَعُودُ بِذِي العُشَيْرة بَيْضَه، ... كالعَبْدِ ذِي الفَرْوِ الطَّوِيلِ الأَصْلَمِ
شبَّهه بالأَصْلم، وَهُوَ الْمَقْطُوعُ الأُذن، لأَن الظَّلِيمَ لَا أُذُنَين لَهُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ غَزْوَةِ العُشَيرة. وَيُقَالُ: العُشَيْر وذاتُ العُشَيرة، وَهُوَ مَوْضِعٌ مِنْ بَطْنِ يَنْبُع. وعِشَار وعَشُوراء: مَوْضِعٌ. وتِعْشار: مَوْضِعٌ بالدَّهناء، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
غَلَبُوا عَلَى خَبْتٍ إِلى تِعْشارِ
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لَنَا إِبلٌ لَمْ تَعْرِف الذُّعْرَ بَيْنَها ... بتِعْشارَ مَرْعاها قَسَا فصَرائمُهْ
عشزر: العَشَنْزَرُ: الشَّدِيدُ الخلْق الْعَظِيمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ضَرْباً وطَعْناً نَافِذًا عَشَنْزَرا
والأُنثى بِالْهَاءِ. قَالَ الأَزهري: العَشَنْزَرُ والعَشَوْزَنُ مِنَ الرِّجَالِ الشَّدِيدُ. وسَيْرٌ عَشَنْزَرٌ: شَدِيدٌ. والعَشَنْزَرُ: الشَّدِيدُ؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو لأَبي الزحف الكليني:
ودُونَ لَيْلى بلَدٌ سَمَهْدَرُ، ... جَدْبُ المُنَدَّى عَنْ هَوانا أَزْوَرُ،
يُنْضِي الْمَطَايَا خِمْسُه العَشَنْزَرُ
المُنَدَّى: حَيْثُ يُرْتَعُ، والأُنثى عَشَنْزَرة؛ قَالَ حَبِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بالأَعلم الْهُذَلِيِّ فِي صِفَةِ الضَّبُعِ:
عَشَنْزَرة جَواعِرُها ثَمانٌ، ... فُوَيْقَ زِماعِها وَشْمٌ حُجُولُ
أَراد بالعَشَنْزَرَة الضبُعَ، وَلَهَا جاعِرَتانِ، فَجَعَلَ لِكُلِّ جَاعِرَةٍ أَربعة غُضونٍ وَسَمَّى كُلَّ غَضْنٍ مِنْهَا جاعِرةً بِاسْمِ مَا هِيَ فِيهِ. والزِّمَاعُ، بِكَسْرِ الزَّايِ: جَمْعُ زَمَعة وَهِيَ شَعَرَاتُ مُجْتَمِعَاتٍ خَلْفَ ظِلْف الشَّاةِ وَنَحْوِهَا. والوَشْمُ: خُطُوطٌ تُخالِف مُعْظَمَ اللَّوْنِ. والحُجول: جَمْعُ حِجْل لِلْبَيَاضِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جمعَ حِجْلٍ، وأَصله الْقَيْدُ. وقَرَبٌ عَشَنْزَرٌ: مُتْعِبٌ. وضبُعٌ عَشَنْزَرَة: سَيِّئَةُ الخلُق. والعَشَنْزَر: الشَّدِيدُ، وَهُوَ نَعْتٌ يَرْجِعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلى الشِّدَّةِ.
عصر: العَصْر والعِصْر والعُصْر والعُصُر؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: الدَّهْرُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَصْرِ
الدهرُ، أَقسم اللَّهُ تَعَالَى بِهِ؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْعَصْرِ
مَا يَلِي الْمَغْرِبَ مِنَ النَّهَارِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ سَاعَةٌ مِنْ سَاعَاتِ(4/575)
النَّهَارِ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي العُصُر:
وَهَلْ يَعِمَنْ مَن كَانَ فِي العُصُر الْخَالِي؟
وَالْجَمْعُ أَعْصُرٌ وأَعْصار وعُصُرٌ وعُصورٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
والعَصْر قَبْل هَذِهِ العُصورِ ... مُجَرِّساتٍ غِرّةَ الغَرِيرِ
والعَصْران: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. والعَصْر: اللَّيْلَةُ. والعَصْر: الْيَوْمُ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
وَلَنْ يَلْبَثَ العَصْرَانِ يومٌ وَلَيْلَةٌ، ... إِذا طَلَبَا أَن يُدْرِكا مَا تَيَمَّما
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ مَا جَاءَ مُثْنى: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، يُقَالُ لَهُمَا العَصْران، قَالَ: وَيُقَالُ العَصْران الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ؛ وأَنشد:
وأَمْطُلُه العَصْرَينِ حَتَّى يَمَلَّني، ... ويَرضى بنِصْفِ الدَّيْنِ، والأَنْفُ راغمُ
يَقُولُ: إِذا جَاءَ فِي أَول النَّهَارِ وعَدْتُه آخِرَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حافظْ عَلَى العَصْرَيْنِ
؛ يُرِيدُ صلاةَ الْفَجْرِ وَصَلَاةَ الْعَصْرِ، سَمَّاهُمَا العَصْرَينِ لأَنهما يَقَعَانِ فِي طَرَفَيِ العَصْرَين، وَهُمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، والأَشْبَهُ أَنه غلَّب أَحد الِاسْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ كالعُمَرَيْن لأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَالْقَمَرَيْنِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَقَدْ جَاءَ تَفْسِيرُهُمَا فِي الْحَدِيثِ،
قِيلَ: وَمَا العَصْران؟ قَالَ: صلاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وصلاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ صلَّى العَصْرَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ
، وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ذَكِّرْهم بأَيَّام اللَّهِ واجْلِسْ لَهُمُ العَصْرَيْن
أَي بَكَرَةً وَعَشِيًّا. وَيُقَالُ: لَا أَفعل ذَلِكَ مَا اخْتَلَفَ العَصْران. والعَصْر: الْعَشِيُّ إِلى احْمِرَارِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةُ العَصْر مُضَافَةٌ إِلى ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَبِهِ سُمِّيَتْ؛ قَالَ:
تَرَوَّحْ بِنَا يَا عَمْرو، قَدْ قَصُرَ العَصْرُ، ... وَفِي الرَّوْحةِ الأُولى الغَنيمةُ والأَجْرُ
وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الصَّلَاةُ الوُسْطى صلاةُ العَصْرِ، وَذَلِكَ لأَنها بَيْنَ صلاتَي النَّهَارِ وَصَلَاتَيِ اللَّيْلِ، قَالَ: والعَصْرُ الحَبْسُ، وَسُمِّيَتْ عَصْراً لأَنها تَعْصِر أَي تَحْبِس عَنِ الأُولى، وَقَالُوا: هَذِهِ العَصْر عَلَى سَعة الْكَلَامِ، يُرِيدُونَ صَلَاةَ العَصْر. وأَعْصَرْنا: دَخَلْنَا فِي العَصْر. وأَعْصَرْنا أَيضاً: كأَقْصَرْنا، وَجَاءَ فلانٌ عَصْراً أَي بَطيئاً. والعِصارُ: الحِينُ؛ يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ عَلَى عِصارٍ مِنَ الدَّهْرِ أَي حِينٍ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ نَامَ فلانٌ وَمَا نَامَ العُصْرَ أَي وَمَا نَامَ عُصْراً، أَي لَمْ يَكَدْ يَنَامُ. وَجَاءَ وَلَمْ يَجِئْ لِعُصْرٍ أَي لَمْ يَجِئْ حِينَ الْمَجِيءِ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
يَدْعون جارَهُمُ وذِمَّتَه ... عَلَهاً، وَمَا يَدْعُون مِنْ عُصْر
أَراد مِنْ عُصُر، فَخَفَّفَ، وَهُوَ الْمَلْجَأُ. والمُعْصِر: الَّتِي بَلَغَتْ عَصْرَ شَبَابِهَا وأَدركت، وَقِيلَ: أَول مَا أَدركت وَحَاضَتْ، يُقَالُ: أَعْصَرَت، كأَنها دَخَلَتْ عَصْرَ شَبَابِهَا؛ قَالَ مَنْصُورُ بْنُ مَرْثَدٍ الأَسدي:
جَارِيَةٌ بسَفَوانَ دارُها ... تَمْشي الهُوَيْنا ساقِطاً خِمارُها،
قَدْ أَعْصَرَت أَو قَدْ دَنا إِعْصارُها
وَالْجَمْعُ مَعاصِرُ ومَعاصِيرُ؛ وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي قَارَبَتِ الْحَيْضَ لأَنّ الإِعصارَ فِي الْجَارِيَةِ كالمُراهَقة فِي الغُلام، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبي الْغَوْثِ الأَعرابي؛ وَقِيلَ: المُعْصِرُ هِيَ الَّتِي رَاهَقَتِ العِشْرِين، وَقِيلَ: المُعْصِر سَاعَةَ(4/576)
تَطْمِث أَي تَحِيضُ لأَنها تُحْبَسُ فِي الْبَيْتِ، يُجْعَلُ لَهَا عَصَراً، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي قَدْ وَلَدَتْ؛ الأَخيرة أَزْديّة، وَقَدْ عَصَّرَت وأَعْصَرَت، وَقِيلَ: سُمِّيَتِ المُعْصِرَ لانْعِصارِ دَمِ حَيْضِهَا وَنُزُولِ مَاءِ تَرِيبَتِها لِلْجِمَاعِ. وَيُقَالُ: أَعْصَرَت الْجَارِيَةُ وأَشْهَدَت وتَوضَّأَت إِذا أَدْرَكَت. قَالَ اللَّيْثُ: وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ إِذا حَرُمت عَلَيْهَا الصلاةُ ورأَت فِي نَفْسِهَا زيادةَ الشَّبَابِ قَدْ أَعْصَرت، فَهِيَ مُعْصِرٌ: بَلَغَتْ عُصْرةَ شبابِها وإِدْراكِها؛ يقال بَلَغَتْ عَصْرَها وعُصورَها؛ وأَنشد:
وفَنَّقَها المَراضِعُ والعُصورُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ إِذا قَدِمَ دِحْيةُ لَمْ يَبْقَ مُعْصِرٌ إِلا خَرَجَتْ تَنْظُرُ إِليه مِنْ حُسْنِه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المُعْصِرُ الْجَارِيَةُ أَول مَا تَحِيضُ لانْعِصار رَحِمها، وإِنما خصَّ المُعْصِرَ بالذِّكر لِلْمُبَالَغَةِ فِي خُرُوجِ غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ. وعَصَرَ العِنَبَ ونحوَه مِمَّا لَهُ دُهْن أَو شَرَابٌ أَو عَسَلٌ يَعْصِرُه عَصْراً، فَهُوَ مَعْصُور، وعَصِير، واعْتَصَرَه: اسْتَخْرَجَ مَا فِيهِ، وَقِيلَ: عَصَرَه وَليَ عَصْرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، واعْتَصَره إِذا عُصِرَ لَهُ خَاصَّةً، واعْتَصَر عَصِيراً اتَّخَذَهُ، وَقَدِ انْعَصَر وتَعَصَّر، وعُصارةُ الشَّيْءِ وعُصارهُ وعَصِيرُه: مَا تحلَّب مِنْهُ إِذا عَصَرْته؛ قَالَ:
فإِن العَذَارى قَدْ خَلَطْنَ لِلِمَّتي ... عُصارةَ حِنَّاءٍ مَعًا وصَبِيب
وَقَالَ:
حَتَّى إِذا مَا أَنْضَجَتْه شَمْسُه، ... وأَنى فَلَيْسَ عُصارهُ كعُصارِ
وَقِيلَ: العُصارُ جَمْعُ عُصارة، والعُصارةُ: مَا سالَ عَنِ العَصْر وَمَا بَقِيَ مِنَ الثُّفْل أَيضاً بَعْدَ العَصْر؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
عُصارة الخُبْزِ الَّذِي تَحَلَّبا
وَيُرْوَى: تُحُلِّبا؛ يُقَالُ تَحَلَّبت الْمَاشِيَةُ بقيَّة الْعُشْبِ وتَلَزَّجَته أَي أَكلته، يَعْنِي بَقِيَّةَ الرَّطْب فِي أَجواف حُمْرِ الْوَحْشِ. وَكُلُّ شَيْءٍ عُصِرَ مَاؤُهُ، فَهُوَ عَصِير؛ وأَنشد قَوْلَ الرَّاجِزِ:
وَصَارَ مَا فِي الخُبْزِ مِنْ عَصِيرِه ... إِلى سَرَار الأَرض، أَو قُعُورِه
يَعْنِي بِالْعَصِيرِ الخبزَ وَمَا بَقِيَ مِنَ الرَّطْب فِي بُطُونِ الأَرض ويَبِسَ مَا سِوَاهُ. والمَعْصَرة: الَّتِي يُعْصَر فِيهَا الْعِنَبُ. والمَعْصَرة: مَوْضِعُ العَصْر. والمِعْصارُ: الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الشَّيْءُ ثُمَّ يُعْصَر حَتَّى يتحلَّب مَاؤُهُ. والعَواصِرُ: ثَلَاثَةُ أَحجار يَعْصِرون الْعِنَبَ بِهَا يَجْعَلُونَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَقَوْلُهُمْ: لَا أَفعله مَا دَامَ لِلزَّيْتِ عاصِرٌ، يَذْهَبُ إِلى الأَبَدِ. والمُعْصِرات: السَّحَابُ فِيهَا الْمَطَرُ، وَقِيلَ: السَّحَائِبُ تُعْتَصَر بِالْمَطَرِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ مَاءً ثَجَّاجاً
. وأُعْصِرَ الناسُ: أُمْطِرُوا؛ وَبِذَلِكَ قرأَ بَعْضُهُمْ:
فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يُعْصَرُون
؛ أَي يُمْطَرُون، وَمَنْ قرأَ: يَعْصِرُونَ
، قَالَ أَبو الْغَوْثِ: يستغِلُّون، وَهُوَ مِن عَصر الْعِنَبِ وَالزَّيْتِ، وَقُرِئَ:
وَفِيهِ تَعْصِرُون
، مِنَ العَصْر أَيضاً، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ مِنَ العَصَر وَهُوَ المَنْجاة والعُصْرة والمُعْتَصَر والمُعَصَّر؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَمَا كَانَ وَقَّافاً بِدَارٍ مُعَصَّرٍ(4/577)
وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
صادِياً يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغاثٍ، ... وَلَقَدْ كَانَ عُصْرة المَنْجود
أَي كَانَ ملجأَ الْمَكْرُوبِ. قَالَ الأَزهري: مَا عَلِمْتُ أَحداً مِنَ القُرَّاء الْمَشْهُورِينَ قرأَ
يُعْصَرون
، وَلَا أَدري مِنْ أَين جَاءَ بِهِ اللَّيْثُ، فإِنه حَكَاهُ؛ وَقِيلَ: المُعْصِر السَّحَابَةُ الَّتِي قَدْ آنَ لَهَا أَن تصُبّ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَجَارِيَةٌ مُعْصِرٌ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: السَّحَابَةُ المُعْصِر الَّتِي تتحلَّب بِالْمَطَرِ ولمَّا تَجْتَمِعْ مِثْلُ الْجَارِيَةِ المُعْصِر قَدْ كَادَتْ تَحِيضُ وَلَمَّا تَحِضْ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَالَ قَوْمٌ: إِن المُعْصِرات الرِّياحُ ذَوَاتُ الأَعاصِير، وَهُوَ الرَّهَج والغُبار؛ وَاسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وكأَنَّ سُهْكَ المُعْصِرات كَسَوْتَها ... تُرْبَ الفَدافِدِ وَالْبِقَاعِ بمُنْخُلِ
وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَن قَالَ: المُعْصِراتُ الرِّياحُ
وَزَعَمُوا أَن مَعْنَى مِن، مِنْ قَوْلِهِ: مِنَ المُعْصِرات، مَعْنَى الْبَاءِ الزَّائِدَةِ «2» . كأَنه قَالَ: وأَنزلنا بالمُعْصِرات مَاءً ثَجَّاجًا، وَقِيلَ: بَلِ المُعْصِراتُ الغُيُومُ أَنفُسُها؛ وَفَسَّرَ بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ:
تَبَسَّمَ لَمْحُ البَرْقِ عَنْ مُتَوَضِّحٍ، ... كنَوْرِ الأَقاحي، شافَ أَلوانَها العَصْرُ
فَقِيلَ: العَصْر الْمَطَرُ مِنَ المُعْصِرات، والأَكثر والأَعرف: شافَ أَلوانها القَطْرُ. قَالَ الأَزهري: وقولُ مَنْ فَسَّر المُعْصِرات بالسَّحاب أَشْبَهُ بِمَا أَراد اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لأَن الأَعاصِير مِنَ الرِّيَاحِ ليستْ مِن رِياح الْمَطَرِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنه يُنْزِل مِنْهَا مَاءً ثَجَّاجًا. وَقَالَ أَبو إِسحق: المُعْصِرات السَّحَائِبُ لأَنها تُعْصِرُ الْمَاءَ، وَقِيلَ: مُعْصِرات كَمَا يُقَالُ أَجَنَّ الزرعُ إِذا صارَ إِلى أَن يُجنّ، وَكَذَلِكَ صارَ السحابُ إِلى أَنْ يُمْطِر فيُعْصِر؛ وَقَالَ البَعِيث فِي المُعْصِرات فَجَعَلَهَا سَحَائِبَ ذَوَاتِ الْمَطَرِ:
وَذِي أُشُرٍ كالأُقْحُوانِ تَشُوفُه ... ذِهابُ الصَّبا، والمعْصِراتُ الدَّوالِحُ
والدوالحُ: مِنْ نَعْتِ السَّحَابِ لَا مِنْ نَعْتِ الرِّيَاحِ، وَهِيَ الَّتِي أَثقلها الْمَاءُ، فَهِيَ تَدْلَحُ أَي تَمِشي مَشْيَ المُثْقَل. والذِّهابُ: الأَمْطار، وَيُقَالُ: إِن الْخَيْرَ بِهَذَا الْبَلَدِ عَصْرٌ مَصْرٌ أَي يُقَلَّل ويُقطَّع. والإِعْصارُ: الرِّيحُ تُثِير السَّحَابَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي فِيهَا نارٌ، مُذَكَّر. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ
، والإِعْصارُ: رِيحٌ تُثِير سَحَابًا ذَاتَ رَعْدٍ وَبَرْقٍ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي فِيهَا غُبَارٌ شَدِيدٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الإِعْصارُ الرِّيَاحُ الَّتِي تَهُبُّ مِنَ الأَرض وتُثِير الْغُبَارَ فَتَرْتَفِعُ كَالْعَمُودِ إِلى نَحْوِ السَّمَاءِ، وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيها النَّاسُ الزَّوْبَعَة، وَهِيَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ لَا يُقَالُ لَهَا إِعْصارٌ حَتَّى تَهُبّ كَذَلِكَ بِشِدَّةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ فِي أَمثالها: إِن كنتَ رِيحاً فَقَدْ لَاقَيْتَ إِعْصاراً؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَلْقَى قِرْنه فِي النَّجْدة وَالْبَسَالَةِ. والإِعْصارُ والعِصارُ: أَن تُهَيِّج الرِّيحُ التُّرَابَ فَتَرْفَعُهُ. والعِصَارُ: الْغُبَارُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
إِذا مَا جَدَّ واسْتَذْكى عَلَيْهَا، ... أَثَرْنَ عَلَيْهِ مِنْ رَهَجٍ عِصَارَا
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الإِعْصارُ الرِّيحُ الَّتِي تَسْطَع فِي السَّمَاءِ؛ وَجَمْعُ الإِعْصارِ أَعاصيرُ؛ أَنشد الأَصمعي:
وَبَيْنَمَا المرءُ فِي الأَحْياء مُغْتَبِطٌ، ... إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفوه الأَعاصِيرُ
__________
(2) . قوله: [الزائدة] كذا بالأَصل ولعل المراد بالزائدة التي ليست للتعدية وإن كانت للسببية(4/578)
والعَصَر والعَصَرةُ: الغُبار. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنّ امرأَة مرَّت بِهِ مُتَطَيِّبة بذَيْلِها عَصَرَةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِعْصار، فَقَالَ: أَينَ تُرِيدين يَا أَمَةَ الجَبّارِ؟ فَقَالَتْ: أُريدُ المَسْجِد
؛ أَراد الغُبار أَنه ثارَ مِنْ سَحْبِها، وَهُوَ الإِعْصار، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ العَصَرة مِنْ فَوْحِ الطِّيب وهَيْجه، فَشَبَّهَهُ بِمَا تُثِير الرِّيَاحُ، وَبَعْضُ أَهل الْحَدِيثِ يَرْوِيهِ عُصْرة والعَصْرُ: العَطِيَّة؛ عَصَرَه يَعْصِرُه: أَعطاه؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَوْ كَانَ فِي أَمْلاكنا واحدٌ، ... يَعْصِر فِينَا كَالَّذِي تَعْصِرُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَي يُتَّخَذُ فِينَا الأَيادِيَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَي يُعْطِينا كَالَّذِي تُعْطِينا، وَكَانَ أَبو سَعِيدٍ يَرْوِيهِ: يُعْصَرُ فِينَا كَالَّذِي يُعْصَرُ أَي يُصابُ مِنْهُ، وأَنكر تَعْصِر. والاعْتِصَارُ: انْتِجَاعُ الْعَطِيَّةِ. واعْتَصَرَ مِنَ الشَّيْءِ: أَخَذَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وإِنما العَيْشُ بِرُبَّانِهِ، ... وأَنْتَ مِن أَفْنانِه مُعْتَصِرْ
والمُعْتَصِر: الَّذِي يُصِيبُ مِنَ الشَّيْءِ ويأْخذ مِنْهُ. وَرَجُلٌ كَريمُ المُعْتَصَرِ والمَعْصَرِ والعُصارَةِ أَي جَوَاد عِنْدَ المسأَلة كَرِيمٌ. والاعْتِصارُ: أَن تُخْرِجَ مِنْ إِنسان مَالًا بغُرْم أَو بوجهٍ غيرِه؛ قَالَ:
فَمَنَّ واسْتَبْقَى وَلَمْ يَعْتَصِرْ
وَكُلُّ شَيْءٍ منعتَه، فَقَدْ عَصَرْتَه. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ: أَنه سُئِلَ عَنِ العُصْرَةِ للمرأَة، فَقَالَ: لَا أَعلم رُخِّصَ فِيهَا إِلا لِلشَّيْخِ المَعْقُوفِ المُنْحَنِي
؛ العُصْرَةُ هَاهُنَا: مَنْعُ الْبِنْتِ مِنَ التَّزْوِيجِ، وَهُوَ مِنْ الاعْتِصارِ المَنْع، أَراد لَيْسَ لأَحد منعُ امرأَة مِنَ التَّزْوِيجِ إِلا شَيْخٌ كَبِيرٌ أَعْقَفُ لَهُ بِنْتٌ وَهُوَ مُضْطَرٌّ إِلى اسْتِخْدَامِهَا. واعْتَصَرَ عَلَيْهِ: بَخِلَ عَلَيْهِ بِمَا عِنْدَهُ وَمَنَعَهُ. واعْتَصَر مالَه: اسْتَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه قَضَى أَن الْوَالِدَ يَعْتَصِرُ ولَدَه فِيمَا أَعطاه وَلَيْسَ للولَد أَن يَعتَصِرَ مِنْ وَالِدِهِ، لِفَضْلِ الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ
؛ قَوْلُهُ
يَعْتَصِرُ وَلَدَهُ
أَي لَهُ أَن يَحْبِسَهُ عَنِ الإِعطاء وَيَمْنَعَهُ إِياه. وَكُلُّ شَيْءٍ مَنَعْتَهُ وَحَبَسْتَهُ فَقَدِ اعْتَصَرْتَه؛ وَقِيلَ: يَعْتَصِرُ يَرْتَجِعُ. واعْتَصَرَ العَطِيَّة: ارْتَجعها، وَالْمَعْنَى أَن الْوَالِدَ إِذا أَعطى وَلَدَهُ شَيْئًا فَلَهُ أَن يأْخذه مِنْهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الشَّعْبي: يَعْتَصِرُ الْوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ فِي مَالِهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما عَدَاهُ بِعَلَى لأَنه فِي مَعْنَى يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَيَعُودُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُعْتَصِرُ الَّذِي يُصِيبُ مِنَ الشَّيْءِ يأْخذ مِنْهُ وَيَحْبِسُهُ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ
. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي كَلَامٍ لَهُ: قومٌ يَعْتَصِرُونَ الْعَطَاءَ ويَعِيرون النِّسَاءَ؛ قَالَ: يَعْتَصِرونَه يَسْترجعونه بِثَوَابِهِ. تَقُولُ: أَخذت عُصْرَتَه أَي ثَوَابَهُ أَو الشَّيْءَ نَفسَه. قَالَ: والعاصِرُ والعَصُورُ هُوَ الَّذِي يَعْتَصِرُ ويَعْصِرُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذنه. قَالَ العِتريفِيُّ: الاعْتِصَار أَن يأْخذ الرَّجُلُ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ أَو يُبْقِيَهُ عَلَى وَلَدِهِ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ اعْتَصَرَ فلانٌ مالَ فُلَانٍ إِلا أَن يَكُونَ قَرِيبًا لَهُ. قَالَ: وَيُقَالُ لِلْغُلَامِ أَيْضاً اعْتَصَرَ مَالَ أَبيه إِذا أَخذه. قَالَ: وَيُقَالُ فُلَانٌ عاصِرٌ إِذا كَانَ مُمْسِكًا، وَيُقَالُ: هُوَ عَاصِرٌ قَلِيلُ الْخَيْرِ، وَقِيلَ: الاعْتِصَارُ عَلَى وَجْهَيْنِ: يُقَالُ اعْتَصَرْتُ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا إِذا أَصبتَه مِنْهُ، وَالْآخَرُ أَن تَقُولَ أَعطيت فُلَانًا عَطِيَّةً فاعْتَصَرْتُها أَي رَجَعْتُ فِيهَا؛ وأَنشد:
نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ مَضَى فَاعْتَصَرْتُه، ... وللنِّحْلَةُ الأُولى أَعَفُّ وأَكْرَمُ(4/579)
فَهَذَا ارْتِجَاعٌ. قَالَ: فأَما الَّذِي يَمْنَعُ فإِنما يُقَالُ لَهُ تَعَصَّرَ أَي تَعَسَّر، فَجَعَلَ مَكَانَ السِّينِ صَادًا. وَيُقَالُ: مَا عَصَرك وثَبَرَكَ وغَصَنَكَ وشَجَرَكَ أَي مَا مَنَعَك. وَكَتَبَ
عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلى المُغِيرَةِ: إِنَّ النِّسَاءَ يُعْطِينَ عَلَى الرَّغْبة والرَّهْبة، وأَيُّمَا امرأَةٍ نَحَلَتْ زَوجَها فأَرادت أَن تَعْتَصِرَ فَهُوَ لَهَا
أَي تَرْجِعَ. وَيُقَالُ: أَعطاهم شَيْئًا ثُمَّ اعْتَصَره إِذا رَجَعَ فِيهِ. والعَصَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، والعُصْرُ والعُصْرَةُ: المَلْجَأُ والمَنْجَاة. وعَصَرَ بِالشَّيْءِ واعْتَصَرَ بِهِ: لجأَ إِليه. وأَما الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمر بِلَالًا أَن يُؤَذِّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ لِيَعْتَصِرَ مُعْتَصِرُهُمْ
؛ فإِنه أَراد الَّذِي يُرِيدُ أَن يَضْرِبَ الْغَائِطَ، وَهُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلى الْغَائِطِ ليَتَأَهَّبَ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَهُوَ مِنَ العَصْر أَو العَصَر، وَهُوَ المَلْجأُ أَو المُسْتَخْفَى، وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ
: إِنه مِنْ هَذَا، أَي يَنْجُون مِنَ الْبَلَاءِ ويَعْتَصِمون بالخِصْب، وَهُوَ مِنَ العُصْرَة، وَهِيَ المَنْجاة. والاعْتِصَارُ: الِالْتِجَاءُ؛ وَقَالَ عَدِي بْنُ زَيْدٍ:
لَوْ بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ، ... كنتُ كالغَصَّانِ بالماءِ اعْتِصَارِي
والاعْتِصار: أَن يَغَصَّ الإِنسان بِالطَّعَامِ فَيَعْتَصِر بِالْمَاءِ، وَهُوَ أَن يَشْرَبَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، ويُسْتَشْهد عَلَيْهِ بِهَذَا الْبَيْتِ، أَعني بَيْتَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ. وعَصَّرَ الزرعُ: نَبَتَتْ أَكْمامُ سُنْبُلِه، كأَنه مأَخوذ مِنَ العَصَر الَّذِي هُوَ الملجأُ والحِرْز؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، أَي تَحَرَّزَ فِي غُلُفِه، وأَوْعِيَةُ السُّنْبُلِ أَخْبِيَتُه ولَفائِفُه وأَغْشِيَتُه وأَكِمَّتُه وقبائِعُهُ، وَقَدْ قَنْبَعَت السُّنبلة وَهِيَ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ صَمْعَاءُ، ثُمَّ تَنْفَقِئُ. وَكُلُّ حِصْن يُتحصن بِهِ، فَهُوَ عَصَرٌ. والعَصَّارُ: الْمَلِكُ الملجأُ. والمُعْتَصَر: العُمْر والهَرَم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
أَدركتُ مُعْتَصَرِي وأَدْرَكَني ... حِلْمِي، ويَسَّرَ قائِدِي نَعْلِي
مُعْتَصَري: عُمْرِي وهَرَمي، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا كَانَ فِي الشَّبَابِ مِنَ اللَّهْوِ أَدركته ولَهَوْت بِهِ، يَذْهَبُ إِلى الاعْتِصَار الَّذِي هُوَ الإِصابة لِلشَّيْءِ والأَخذ مِنْهُ، والأَول أَحسن. وعَصْرُ الرجلِ: عَصَبته ورَهْطه. والعُصْرَة: الدِّنْية، وَهُمْ مَوَالِينَا عُصْرَةً أَي دِنْيَةً دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ؛ قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ قُصْرَة بِهَذَا الْمَعْنَى، وَيُقَالُ: فُلَانٌ كَرِيمُ العَصِير أَي كِرِيمُ النَّسَبِ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَجَرَّدَ مِنْهَا كلُّ صَهْبَاءَ حُرَّةٍ، ... لِعَوْهَجٍ أوِ لِلدَّاعِرِيِّ عَصِيرُها
وَيُقَالُ: مَا بَيْنَهُمَا عَصَرٌ وَلَا يَصَرٌ وَلَا أَعْصَرُ وَلَا أَيْصَرُ أَي مَا بَيْنَهُمَا مَوَدَّةٌ وَلَا قَرَابَةٌ. وَيُقَالُ: تَوَلَّى عَصْرُك أَي رَهْطك وعَشِيرتك. والمَعْصُور: اللِّسان الْيَابِسُ عَطَشًا؛ قَالَ الطِّرِمَّاحِ:
يَبُلُّ بمَعْصُورٍ جَنَاحَيْ ضَئِيلَةٍ ... أَفَاوِيق، مِنْهَا هَلَّةٌ ونُقُوعُ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
أَيام أَعْرَقَ بِي عَامُ المَعَاصِيرِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: بَلَغَ الوسخُ إِلى مَعَاصِمِي، وَهَذَا مِنَ الجَدْب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا هَذَا التَّفْسِيرُ. والعِصَارُ: الفُسَاء؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا تَعَشَّى عَتِيقَ التَّمْرِ، قَامَ لَهُ ... تَحْتَ الخَمِيلِ عِصَارٌ ذُو أَضَامِيمِ
وأَصل العِصَار: مَا عَصَرَتْ بِهِ الرِّيحُ مِنَ التُّرَابِ فِي(4/580)
الْهَوَاءِ وَبَنُو عَصَر: حَيّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، مِنْهُمْ مَرْجُوم العَصَريّ. ويَعْصُرُ وأَعْصُرُ: قَبِيلَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ رَجُلٍ لَا يَنْصَرِفُ لأَنه مِثْلُ يَقْتُل وأَقتل، وَهُوَ أَبو قَبِيلَةٍ مِنْهَا باهِلَةُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا باهِلَةُ بْنُ أَعْصُر وإِنما سُمِّيَ بِجَمْعِ عَصْرٍ، وأَما يَعْصُر فَعَلَى بَدَلِ الْيَاءِ مِنَ الْهَمْزَةِ، وَيَشْهَدُ بِذَلِكَ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ مِنْ أَنه إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
أَبُنَيّ، إِنّ أَباك غَيَّرَ لَوْنَه ... كَرُّ اللَّيَالِي، واخْتِلافُ الأَعْصُرِ
وعَوْصَرة: اسْمٌ. وعَصَوْصَر وعَصَيْصَر وعَصَنْصَر، كُلُّهُ: مَوْضِعٌ؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
لَوْ عُصْرَ مِنْهُ البانُ والمِسْكُ انْعَصَرْ
يُرِيدُ عُصِرَ، فَخَفَّفَ. والعُنْصُرُ والعُنْصَرُ: الأَصل وَالْحَسَبُ. وعَصَرٌ: مَوْضِعٌ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
سَلَكَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَسِيرِه إِليها عَلَى عَصَرٍ
؛ هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ، جَبَلٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَوَادِي الفُرْع، وَعِنْدَهُ مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
عصفر: الأَزهري: العُصْفُر نَبَاتٌ سُلافَتُه الجِرْيالُ، وَهِيَ مُعَرَّبَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: العُصْفُر هَذَا الذي يصبغ به، ومنه رِيفِيٌّ وَمِنْهُ بَرِّيٌّ، وَكِلَاهُمَا نبتٌ بأَرض الْعَرَبِ. وَقَدْ عَصْفَرْت الثَّوْبَ فتَعَصْفَرَ. والعُصْفور: السيِّد. والعُصُفور: طَائِرٌ ذَكَرٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ. والعُصْفور: الذَّكَرُ مِنَ الْجَرَادِ. والعُصْفور: خَشَبَةٌ فِي الْهَوْدَجِ تجمَع أَطراف خَشَبَاتٍ فِيهَا، وَهِيَ كَهَيْئَةِ الإِكاف، وَهِيَ أَيضاً الْخَشَبَاتِ الَّتِي تَكُونُ فِي الرَّحْل يُشَدّ بها رؤوس الأَحْناء. والعُصْفور: الْخَشَبُ الَّذِي تشدُّ به رؤوسُ الأَقْتاب. وعُصْفورُ الإِكاف عِنْدَ مُقَدَّمِهِ فِي أَصل الدَّأْيةِ، وَهُوَ قِطْعَةُ خَشَبَةٍ قَدْرُ جُمْعِ الْكَفِّ أَو أُعَيْظِم مِنْهُ شَيْئًا مشدودٌ بَيْنَ الحِنْوَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ الغَبِيط أَو الْهَوْدَجَ:
كُلُّ مَشْكوكٍ عَصافِيرُه، ... قَانِئُ اللَّوْنِ حَدِيث الزِّمام
يَعْنِي أَنه شُكَّ فَشَدَّ العُصْفور مِنَ الْهَوْدَجِ فِي مَوَاضِعَ بِالْمَسَامِيرِ. وعُصْفورُ الإِكاف: عُرْصُوفُه عَلَى الْقَلْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدْ حرَّمت الْمَدِينَةَ أَن تُعْضَد أَو تُخْبَط إِلا لِعُصْفورِ قَتَبٍ أَو شَدَّ مَحالةٍ أَو عَصا حديدةٍ
؛ عُصْفورُ القتَبِ: أَحدُ عِيدانِه، وَجَمْعُهُ عَصافِيرُ. قَالَ: وعصافِير الْقَتَبِ أَربعة أَوْتادٍ يُجْعَلْن بين رؤوس أَحناء الْقَتَبِ فِي رأْس كُلِّ حِنْوٍ وَتِدَانِ مَشْدُودَانِ بالعَقَب أَو بِجُلُودِ الإِبل فِيهِ الظَّلِفات. والعُصْفور: عَظُمَ نَاتِئٌ فِي جَبين الْفَرَسِ، وَهُمَا عُصْفورانِ يَمْنَةً ويَسْرة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عُصْفور النَّاصِيَةِ أَصلُ منبتِها، وَقِيلَ: هُوَ العُظيم الَّذِي تَحْتَ نَاصِيَةِ الْفَرَسِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ. والعُصْفور: قُطَيْعة مِنَ الدِّمَاغِ تَحْتَ فَرْخ الدِّمَاغِ كأَنه بائِنٌ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدِّمَاغِ جُلَيْدةٌ تَفْصِلها؛ وأَنشد:
ضَرْباً يُزيلُ الْهَامَ عَنْ سَرِيرِهِ، ... عَنْ أُمّ فَرْخ الرَّأْس أَو عُصْفوره
والعُصْفور: الشِّمْراخُ السَّائِلُ مِنْ غُرّة الْفَرَسِ لَا يَبْلُغُ الخَطْمَ. والعَصافِيرُ: مَا عَلَى السَّناسِن مِنَ الْعَصَبِ والعُصْفورُ: الْوَلَدُ، يَمَانِيَةٌ. وتَعَصْفَرت عُنُقُه تَعَصْفُراً: الْتَوَتْ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا جَاعَ: نَقَّت عَصافيرُ بَطْنِه، كَمَا يُقَالُ: نَقَّت ضفادعُ بَطْنِهِ. الأَزهري: العَصافيرُ ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ لَهُ صُورَةٌ كَصُورَةِ العُصْفور، يُسَمُّونَ هَذَا(4/581)
الشَّجَرَ: مَنْ رَأَى مِثْلي. وأَما مَا رُوي
أَن النُّعْمَانَ أَمَرَ لِلنَّابِغَةِ بِمِائَةِ نَاقَةٍ مِنْ عَصافِيرِه
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَظنّه أَرادَ مِن فَتايا نُوقِه؛ قَالَ الأَزهري: كَانَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ نجائبُ يُقَالُ لَهَا عَصافير النُّعْمَانِ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْجَمَلِ ذِي السَّنَامَيْنِ عُصْفورِيٌّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَصافيرُ المُنْذِرِ إِبلٌ كَانَتْ لِلْمُلُوكِ نَجَائِبُ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: فَمَا حَسَدْت أَحداً حَسَدي لِلنَّابِغَةِ حِينَ أَمَرَ لَهُ النعمانُ بْنُ الْمُنْذِرِ بِمِائَةِ نَاقَةٍ برِيشِها مِنْ عَصافِيرِه وحُسَامٍ وآنِيةٍ مِنْ فِضَّةٍ؛ قَوْلُهُ: بِرِيشِهَا كَانَ عَلَيْهَا رِيشٌ لِيُعْلَمَ أَنها من عطايا الملوك.
عصمر: العُصْمورُ: الدُّولابُ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الضَّادِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: العَصامير دلاءُ المَنْجَنون، وَاحِدُهَا عُصْمور. ابْنُ الأَعرابي: العُصْمورُ دَلْوُ الدُّولاب. والصُّمْعُورُ: الْقَصِيرُ الشجاع.
عصنصر: الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: عَصَنْصَر موضع.
عضر: عَضْرٌ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ. والعاضِرُ: المانِعُ، وَكَذَلِكَ الغاضِرُ، بالعين والغين، وعَضَرَ بِكَلِمَةٍ أَي باحَ بها.
عضمر: العَضَمَّرُ: الْبَخِيلُ الضّيِّق. والعُضْمورُ: دَلْوُ المَنْجَنون. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: العُصْمور، بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
عطر: العِطْرُ: اسْمٌ جَامِعٌ للطِّيب، وَالْجَمْعُ عُطورٌ. وَالْعَطَّارُ: بائعُه، وحِرْفَتُه العِطَارةُ. وَرَجُلٌ عاطرٌ وعَطِرٌ ومِعْطِير ومِعْطارٌ وامرأَة عَطِرةٌ ومِعْطيرٌ ومُعَطَّرة: يَتَعَهَّدَانِ أَنفُسهما بِالطِّيبِ ويُكْثِران مِنْهُ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ مِنْ عادتِها، فَهِيَ مِعْطار ومِعْطارة؛ قَالَ:
عُلِّقَ خَوْداً طَفْلةً مِعْطارَهْ، ... إِياكِ أَعْني، فاسْمَعِي يَا جارهْ
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا كَانَ على مِفْعال فإِنّ كَلَامَ الْعَرَبِ والمجتمعَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ هَاءٍ، فِي الْمُذَكَّرِ والمؤَنث، إِلا أَحْرُفاً جَاءَتْ نوادِرَ قيلَ فِيهَا بِالْهَاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهَا، وَقِيلَ: رَجلٌ عَطِرٌ وامرأَة عَطِرة إِذا كَانَا طَيّبَيْنِ رِيحَ الجِرْم، وإِن لَمْ يَتَعَطَّرا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ عاطِرٌ، وَجَمْعُهُ عُطُرٌ، وَهُوَ المُحِبُّ للطِّيب. وعَطِرت المرأَة، بِالْكَسْرِ، تَعْطَرُ عَطَراً: تَطيّبتْ. وامرأَة عَطِرة مَطِرةٌ بَضّة مَضّة، قَالَ: والمَطِرة الْكَثِيرَةُ السِّواك. أَبو عَمْرٍو: تَعَطَّرت المرأَةُ وتأَطَّرت إِذا أَقامت فِي بَيْتِ أَبَوَيْها وَلَمْ تَتَزَوَّجْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَكْرَهُ تَعَطُّرَ النِّسَاءِ وتشبُّهَهُنَّ بِالرِّجَالِ
؛ أَراد العِطْرَ الَّذِي تَظْهَرُ ريحُه كَمَا يَظْهَرُ عِطْرُ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: أَراد تَعَطُّلَ النِّسَاءِ، بِاللَّامِ، وَهِيَ الَّتِي لَا حَلْيَ عَلَيْهَا وَلَا خِضابَ، وَاللَّامُ وَالرَّاءُ يَتَعَاقَبَانِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: المرأَةُ إِذا اسْتَعْطَرت ومَرَّت عَلَى الْقَوْمِ ليَجِدُوا رِيحَها
أَي اسْتَعْمَلَتِ العِطْرَ وَهُوَ الطِّيبُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبِ بْنِ الأَشرف: وَعِنْدِي أَعْطَرُ العربِ
أَي أَطْيَبُها عِطْراً. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ بَطْني أَعْطِري «3» . وسائرِي فذَرِي؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ يُعْطِيك مَا لا تَحْتَاجُ إِليه، كأَنه فِي التمثُّل رَجُلٌ جَائِعٌ أَتى قَوْمًا فَطَيَّبُوهُ. وَنَاقَةٌ عَطِرةٌ ومِعْطارةٌ وعَطّارةٌ إِذَا كَانَتْ نافِقةً فِي السُّوقِ تَبِيعُ نفسَها لحُسْنها. أَبو حَنِيفَةَ: المُعْطِرات مِنِ الإِبل الَّتِي كأَنَّ عَلَى أَوبارِها صِبْغاً مِنْ حُسْنها، وأَصله مِنِ العطْرِ؛ قَالَ الْمَرَّارُ بْنُ مُنْقِذٍ:
هِجاناً وحُمْراً مُعْطِراتٍ كأَنها ... حَصى مَغْرةٍ، أَلْوانُها كالمَجاسِد
__________
(3) . قوله: [بطني أعطري] هكذا في الأَصل، والذي في الأَمثال: عطري، بفتح العين وتشديد الطاء. وفي شرح القاموس وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ يُقَالُ: بَطْنِي عطري؛ هكذا في سائر النسخ، والذي في أمهات اللغة: أعطري وسائري فذري(4/582)
وناقةٌ مِعْطارٌ ومُعْطِرٌ: شَدِيدَةٌ؛ ابْنِ الأَعرابي: ومِعْطِيرٌ: حَمْرَاءُ طَيِّبَةُ العَرَق؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
كَوْماء مِعْطِير كَلَوْنِ البَهْرَمِ
قَالَ الأَزهري: وقرأْت فِي كِتَابِ الْمَعَانِي لِلْبَاهِلِيِّ:
أَبكي عَلَى عَنْزَيْنِ لَا أَنْساهُما، ... كأَنَّ ظِلَّ حَجَرٍ صُغْراهما،
وصالغٌ مُعْطِرةٌ كُبْراهُما
قَالَ: مُعْطِرة حَمْرَاءُ. قَالَ عَمْرٌو: مأْخوذ مِنِ العِطْر، وجَعَلَ الأُخْرى ظِلَّ حَجَرٍ لأَنها سَوْداء، وَنَاقَةٌ عَطِرة ومِعْطارٌ ومُعْطِرة وعِرْمِسٌ أَي كَرِيمَةٌ؛ وأَما قَوْلُ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الْحِمَارَ والأُتن:
يَتْبَعْنَ جأْباً كمُدُقِّ المِعْطِير
فإِنه يُرِيدُ الْعَطَّارَ. وعُطَيْرٌ وعُطْرانُ: اسمان.
عظر: عَظِرَ الرَّجُلُ: كَرِهَ الشيءَ، وَلَا يَكَادُونَ يَتَكَلَّمُونَ بِهِ. والعِظَارُ: الامتِلاء مِنَ الشَّرَابِ. وأَعْظَرَه الشرابُ: كَظّه وثَقُل فِي جَوْفِهِ، وَهُوَ الإِعْظارُ. والعُظُرُ: جَمْعُ عَظُورٍ، وَهُوَ الْمُمْتَلِئُ مِنْ أَيّ الشَّرَابِ كَانَ. وَرَجُلٌ عِظْيَرٌّ: سَيِّءُ الخلُق وَقِيلَ مُتظاهِرٌ «1» ... مَرْبُوعٌ. وعِظْيَرٌ، مُخَفَّفُ الرَّاءِ: غَلِيظٌ قَصِيرٌ، وَقِيلَ: قَصِيرٌ، وَقِيلَ: كَزٌّ مُتَقَارِبُ الأَعضاء، وَقِيلَ: العِظْيَرُ الْقَوِيُّ الْغَلِيظُ؛ وأَنشد:
تُطَلِّحُ العِظْيَرَ ذَا اللَّوْثِ الضَّبِثْ
والعَظارِيُّ: ذكورُ الْجَرَادِ؛ وأَنشد:
غَدَا كالعَمَلَّس، فِي حُذْلِه ... رُؤوسُ العَظارِيّ كالعُنْجُدِ
العَمَلّس: الذِّئْبُ. وحُذْلُه: حُجْزة إِزاره. والعُنْجُد: الزَّبِيبُ.
عفر: العَفْرُ والعَفَرُ: ظَاهِرُ التُّرَابِ، وَالْجَمْعُ أَعفارٌ. وعَفَرَه فِي التُّراب يَعْفِره عَفْراً وعَفَّره تَعْفِيراً فانْعَفَر وتَعَفَّرَ: مَرَّغَه فِيهِ أَو دَسَّه. والعَفَر: التُّرَابُ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي جَهْلٍ: هَلْ يُعَفِّرُ مُحمدٌ وَجْهَه بَيْنَ أَظْهُرِكم؟
يُرِيدُ بِهِ سجودَه فِي التُّرابِ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي آخِرِهِ:
لأَطَأَنّ عَلَى رَقَبَتِهِ أَو لأُعَفِّرَنّ وجْهَه فِي التُّرَابِ
؛ يُرِيدُ إِذلاله؛ وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
وسارَ لبَكْرٍ نُخْبةٌ مِنْ مُجاشِعٍ، ... فَلَمَّا رَأَى شَيْبانَ والخيلَ عَفّرا
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَراد تَعَفَّر. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَن يَكُونَ أَراد عَفّرَ جَنْبَه، فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ. وعَفَرَه واعْتَفَرَه: ضرَبَ بِهِ الأَرض؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
أَلْفَيْتُ أَغْلَب مِنْ أُسْد المُسَدِّ حَدِيدَ ... النَّابِ، أَخْذتُه عَفْرٌ فتَطْرِيحُ
قَالَ السُّكَّرِيُّ: عَفْر أَي يَعْفِرُه فِي التُّرَابِ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: عَفْرٌ جَذْب؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: قَوْلُ أَبي نَصْرٍ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ، وَذَلِكَ أَن الْفَاءَ مُرَتِّبة، وإِنما يَكُونُ التَّعْفِير فِي التُّرَابِ بَعْدَ الطَّرْح لَا قَبْلَهُ، فالعَفْرُ إِذاً هَاهُنَا هُوَ الجَذْب، فإِن قُلْتَ: فَكَيْفَ جَازَ أَن يُسمّي الْجَذْبَ عَفْراً؟ قِيلَ: جَازَ ذَلِكَ لِتَصَوُّرِ مَعْنَى التَّعْفِير بَعْدَ الجَذْب، وأَنه إِنما يَصِير إِلى العَفَر الَّذِي هُوَ التُّرَابُ بَعْدَ أَن يَجْذِبَه ويُساوِرَه؛ أَلا تَرَى مَا أَنشده الأَصمعي:
وهُنَّ مَدّا غَضَنَ الأَفِيق «2»
. فسَمَّى جلودَها، وَهِيَ حيةٌ، أَفِيقاً؛ وإِنما الأَفِيقُ الْجِلْدُ مَا دَامَ فِي الدِّبَاغِ، وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ جِلْدٌ وإِهاب وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ قَدْ يَصِيرُ إِلى الدباغ سَمَّاه
__________
(1) . كذا بياض بالأَصل
(2) . قوله: [وهن مدا إلخ] هكذا في الأَصل(4/583)
أَفِيقاً وأَطلق ذَلِكَ عَلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إِليه عَلَى وَجْهِ تُصَوِّرِ الْحَالِ الْمُتَوَقَّعَةِ. ونحوٌ مِنْهُ قولُه تَعَالَى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذا مَا ماتَ مَيْتٌ مِن تمِيمٍ، ... فسَرَّك أَن يَعِيشَ، فجِئْ بزادِ
فَسَمَّاهُ مَيْتًا وَهُوَ حَيٌّ لأَنه سَيموت لَا مَحَالَةَ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى أَيضاً: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ؛ أَي إِنكم سَتَمُوتُونَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
قَتَلْتَ قَتِيلًا لَمْ يَرَ الناسُ مِثْلَه، ... أُقَلِّبُه ذَا تُومَتَيْنِ مُسَوَّرا
وإِذ جاز أَن يسمي الجَذْبُ عَفْراً لأَنه يَصِيرُ إِلى العَفْر، وَقَدْ يُمْكِنُ أَن لَا يَصِيرَ الجذبُ إِلى العَفْر، كَانَ تسميةُ الحيِّ مَيْتًا لأَنه مَيِّتٌ لَا مَحَالَةَ أَجْدَرَ بِالْجَوَازِ. واعْتَفَرَ ثَوْبَه فِي التُّرَابِ: كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: عَفّرْت فُلَانًا فِي التُّرَابِ إِذا مَرَّغْته فِيهِ تَعْفِيراً. وانْعَفَرَ الشَّيْءُ: تَتَرَّبَ، واعْتَفَرَ مِثْلَهُ، وَهُوَ مُنْعَفِر الْوَجْهِ فِي التُّرَابِ ومُعَفَّرُ الْوَجْهِ. وَيُقَالُ: اعْتَفَرْتُه اعْتِفاراً إِذا ضَرَبْتَ بِهِ الأَرض فمَغَثْتَه؛ قَالَ الْمَرَّارُ يَصِفُ امرأَة طَالَ شعرُها وكَثُفَ حَتَّى مسَّ الأَرض:
تَهْلِك المِدْراةُ فِي أَكْنافِه، ... وإِذا مَا أَرْسَلَتْه يَعْتَفِرْ
أَي سَقَطَ شَعْرُهَا عَلَى الأَرض؛ جعَلَه مِنْ عَفَّرْته فاعْتَفَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ عَلَى أَرضٍ تُسَمَّى عَفِرةً فسماَّها خَضِرَةً
؛ هُوَ مِنَ العُفْرة لَوْنِ الأَرض، وَيُرْوَى بِالْقَافِ وَالثَّاءِ وَالدَّالِ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
يَعْدُو فيَلْحَمُ ضِرْغامَيْنِ، عَيْشُهما ... لَحْمٌ، مِنَ الْقَوْمِ، مَعْفُورٌ خَراذِيلُ
المَعْفورُ: المُترَّبُ المُعَفَّرُ بِالتُّرَابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
العافِر الوجْهِ فِي الصَّلَاةِ
؛ أَي المُترّب. والعُفْرة: غُبْرة فِي حُمْرة، عَفِرَ عَفَراً، وَهُوَ أَعْفَرُ. والأَعْفَر مِنَ الظِّبَاءِ: الَّذِي تَعْلو بياضَه حُمْرَةٌ، وَقِيلَ: الأَعْفَرُ مِنْهَا الَّذِي فِي سَراتِه حُمْرةٌ وأَقرابُه بِيضٌ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: مِنَ الظِّبَاءِ العُفْر، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ القفافَ وَصَلَابَةَ الأَرض. وَهِيَ حُمْر، والعُفْر مِنَ الظِّبَاءِ: الَّتِي تَعْلُو بياضَها حُمْرَةٌ، قِصار الأَعناق، وَهِيَ أَضعف الظِّبَاءِ عَدْواً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَكُنَّا إِذا جَبّارُ قومٍ أَرادَنا ... بكَيْدٍ، حَمَلْناه عَلَى قَرْنِ أَعْفَرا
يَقُولُ: نَقْتُلُهُ ونَحْمِل رأْسَه عَلَى السِّنَان، وكانت تكون الأَسِنَّة فِيمَا مَضَى مِنَ الْقُرُونِ. وَيُقَالُ: رَمَانِي عَنْ قَرْن أَعْفَرَ أَي رَمَانِي بِدَاهِيَةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
وأَصْبَحَ يَرْمِي الناسَ عَنْ قَرْنِ أَعْفَرا
وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يَتَّخِذُونَ القُرونَ مكانَ الأَسِنّة فَصَارَ مَثَلًا عِنْدَهُمْ فِي الشِّدَّةِ تَنْزِلُ بِهِمْ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا بَاتَ ليلَته فِي شِدَّةٍ تُقْلِقُه: كنتَ عَلَى قَرْن أَعْفَرَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
كأَني وأَصْحابي عَلَى قَرْنِ أَعْفَرا
وثَرِيدٌ أَعْفَرُ: مُبْيَضٌّ، وَقَدْ تعافَرَ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ «1» ... هُمْ وَوَصَفَ الحَرُوقة فَقَالَ: حَتَّى تعافرَ مِنْ نَفْثها أَي تَبَيَّض. والأَعْفَرُ: الرَّمْل الأَحمر؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الأَغفال:
وجَرْدَبَت فِي سَمِلٍ عُفَيْر
يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَصْغِيرُ أَعْفَر عَلَى تَصْغِيرِ التَّرْخِيمِ أَي مَصْبُوغٍ بِصِبْغ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ. والأَعْفَر:
__________
(1) . كذا بياض في الأَصل(4/584)
الأَبْيضُ وَلَيْسَ بِالشَّدِيدِ الْبَيَاضِ. وماعِزةٌ عَفْراء: خَالِصَةُ الْبَيَاضِ. وأَرض عَفْراء: بَيْضَاءُ لَمْ تُوطأْ كقولهم فيها بيحان اللَّوْنِ «1» . وَفِي الْحَدِيثِ:
يُحْشَرُ الناسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرض عَفْراء.
والعُفْرُ مِنْ لَيالي الشَّهْرِ: السابعةُ والثامنةُ والتاسعةُ، وَذَلِكَ لِبَيَاضِ الْقَمَرِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العُفْرُ مِنْهَا البِيضُ، وَلَمْ يُعَيِّنْ؛ وَقَالَ أَبو رِزْمَةَ:
مَا عُفُرُ اللَّيالي كالدَّآدِي، ... وَلَا تَوالي الخيلِ كالهَوادِي
تَوَالِيهَا: أَواخرها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ عُفر اللَّيَالِي كالدَّآدِي
؛ أَي اللَّيَالِي المقمرةُ كَالسُّودِ، وَقِيلَ: هُوَ مثَل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ إِذا سَجَدَ جَافَى عَضُدَيْهِ حَتَّى يُرى مِنْ خَلْفِهِ عُفْرَة إِبْطَيْهِ
؛ أَبو زَيْدٍ والأَصمعي: العُفْرَةُ بَيَاضٌ وَلَكِنْ لَيْسَ بِالْبَيَاضِ النَّاصِعِ الشَّدِيدِ. وَلَكِنَّهُ كَلَوْنِ عَفَر الأَرض وَهُوَ وَجْهُهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
كأَني أَنظر إِلى عُفْرَتَيْ إِبْطَيْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ وَمِنْهُ قِيلَ للظِّباء عُفْر إِذا كَانَتْ أَلوانها كَذَلِكَ، وإِنما سُميت بعَفَر الأَرض. وَيُقَالُ: مَا عَلَى عَفَرِ الأَرض مِثْلَهُ أَي مَا عَلَى وَجْهِهَا. وعَفَّر الرجلُ: خلَط سُودَ غنمِه وإِبلِه بعُفْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: فِي الضَّحِيَّةِ: لَدَمُ عَفْرَاء أَحَبُّ إِليّ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ
والتَّعْفِير: التَّبْيِيضُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة شَكَتْ إِليه قِلَّةَ نَسْل غَنَمِهَا وإِبلها ورِسْلِها وأَن مَالَهَا لَا يَزْكُو، فَقَالَ: مَا أَلوانُها؟ قَالَتْ: سُودٌ. فَقَالَ: عَفِّرِي
أَي اخْلِطيها بِغَنَمٍ عُفْرٍ، وَقِيلَ: أَي اسْتَبْدِلي أَغناماً بِيضًا فإِن الْبَرَكَةَ فِيهَا. والعَفْراءُ مِنَ اللَّيَالِي: لَيْلَةُ ثلاثَ عشْرة. والمَعْفُورةُ: الأَرض الَّتِي أُكِل نبتُها. واليَعْفور واليُعْفور: الظَّبْيُ الَّذِي لَوْنُهُ كَلَوْنِ العَفَر وَهُوَ التُّرَابُ، وَقِيلَ: هُوَ الظَّبْيُ عَامَّةً، والأُنثى يَعْفورة، وقيل: اليَعْفور الخِشْف [الخَشْف] ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِصِغَرِهِ وَكَثْرَةِ لُزوقِه بالأَرض، وَقِيلَ: اليَعْفُور وَلَدُ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَقِيلَ: اليَعَافيرُ تُيُوس الظِّبَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا جَرَى اليَعْفُورُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الخِشْف [الخَشْف] ، وَهُوَ وَلَدُ الْبَقَرَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَقِيلَ: تَيْس الظِّبَاءِ، وَالْجَمْعُ اليَعافِرُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. واليَعفور أَيضاً: جُزْءٌ مِنْ أَجزاء اللَّيْلِ الْخَمْسَةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: سُدْفة وسُتْفة وهَجْمة ويَعْفور وخُدْرة؛ وَقَوْلُ طَرَفَةُ:
جَازَتِ البِيدَ إِلى أَرْحُلِنا، ... آخرَ اللَّيْلِ، بيَعْفورٍ خَدِرْ
أَراد بشخصِ إِنسانٍ مِثْلِ اليَعْفور، فالخَدِرُ عَلَى هَذَا الْمُتَخَلِّفُ عَنِ الْقَطِيعِ، وَقِيلَ: أَراد باليَعْفُورِ الْجُزْءَ مِنْ أَجزاء اللَّيْلِ، فالخَدِرُ عَلَى هَذَا المُظْلِمُ. وعَفَّرت الْوَحْشِيَّةَ ولدَها تُعَفِّرُه: قَطَعَتْ عَنْهُ الرَّضاعَ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ، فإِن خَافَتْ أَنْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ رَدَّتْهُ إِلى الرِّضَاعِ أَياماً ثُمَّ أَعادته إِلى الفِطام، تَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّاتٍ حَتَّى يَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ التَّعْفير، وَالْوَلَدُ مُعَفَّر، وَذَلِكَ إِذا أَرادت فِطامَه؛ وَحَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي المرأَة وَالنَّاقَةِ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: والأُمُّ تَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ بِوَلَدِهَا الإِنْسِيّ؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ يَذْكُرُ بَقَرَةً وَحْشِيَّةً وولدَها:
لمُعَفَّر قَهْدٍ، تَنَازَعُ شِلْوَه ... غُبْسٌ كَواسِبُ مَا يُمَنُّ طَعامُها
قَالَ الأَزهري: وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ المُعَفَّر فِي بَيْتِ لَبِيدٍ إِنه وَلَدُهَا الَّذِي افْتَرَسَتْه الذئابُ الغُبْسُ فعَفَّرته فِي التُّرَابِ أَي مَرَّغَتْهُ. قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي أَشْبَه بِمَعْنَى الْبَيْتِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والتَّعْفِيرُ فِي الفِطام أَن تَمْسَحَ المرأَةُ ثَدْيَها بِشَيْءٍ مِنَ التراب تنفيراً للصبي.
__________
(1) . قوله: [بيحان اللون] هو هكذا في الأَصل(4/585)
وَيُقَالُ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ لَقِيتُ فُلَانًا عَنْ عُفْر، بِالضَّمِّ، أَي بَعْدِ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ لأَنها تُرْضِعُهُ بَيْنَ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ تَبْلو بِذَلِكَ صَبْرَه، وَهَذَا الْمَعْنَى أَراد لَبِيدٌ بِقَوْلِهِ: لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ. أَبو سَعِيدٍ: تَعَفَّر الوحشيُّ تَعَفُّراً إِذا سَمِن؛ وأَنشد:
ومَجَرُّ مُنْتَحِر الطَّلِيِّ تَعَفَّرتْ ... فِيهِ الفِراءُ بجِزْع وادٍ مُمْكِنِ
قَالَ: هَذَا سَحَابٌ يَمُرُّ مَرًّا بَطِيئًا لِكَثْرَةِ مَائِهِ كأَنه قَدِ انْتَحَر لِكَثْرَةِ مَائِهِ. وطَلِيُّه: مَناتحُ مَائِهِ، بِمَنْزِلَةِ أَطْلاءِ الْوَحْشِ. وتَعَفَّرت: سَمِنَت. والفِراءُ: حُمُر الْوَحْشِ. والمُمْكِنُ: الَّذِي أَمكن مَرْعاه؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراد بالطَّلِيّ نَوْءَ الحمَل، ونَوءُ الطَّلِيّ والحمَلِ واحدٌ عِنْدَهُ. قَالَ: وَمُنْتَحِرٌ أَراد بِهِ نَحْرَهُ فَكَانَ النَّوْءُ بِذَلِكَ الْمَكَانِ مِنَ الْحَمْلِ. قَالَ: وَقَوْلُهُ وَادٍ مُمْكِن يُنْبِت المَكْنان، وَهُوَ نبتٌ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ. واعْتَفَرَه الأَسد إِذا افْتَرَسَه. وَرَجُلٌ عِفْرٌ وعِفْرِيةٌ ونِفْرِيةٌ وعُفارِيةٌ وعِفْرِيتٌ بَيِّنُ العَفارةِ: خَبِيثٌ مُنْكَر داهٍ، والعُفارِيةُ مِثْلُ العِفْريت، وَهُوَ وَاحِدٌ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
قَرَنْتُ الظالمِين بمَرْمَرِيسٍ، ... يَذِلّ لَهَا العُفارِيةُ المَرِيدُ
قَالَ الْخَلِيلُ: شَيْطَانٌ عِفْرِيةٌ وعِفْريتٌ، وَهُمُ العَفارِيَةُ والعَفارِيت، إِذا سَكّنْتَ الْيَاءَ صَيَّرت الْهَاءَ تَاءً، وإِذا حَرَّكَتْهَا فَالتَّاءُ هَاءٌ فِي الْوَقْفِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنّه كَوْكَبٌ فِي إِثْرِ عِفْرِية، ... مُسَوّمٌ فِي سوادِ اللَّيْلِ مُنْقَضِب
والعِفْرِيةُ: الدَّاهِيَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَول دِينِكُمْ نُبُوَّةٌ ورَحْمة ثُمَّ مُلْكٌ أَعْفَرُ
؛ أَي مُلْكٌ يُسَاسُ بالدَّهاء والنُّكْر، مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْخَبِيثِ المُنْكَر: عِفْر. والعَفارةُ: الخُبْث والشَّيْطنةُ؛ وامرأَة عِفِرَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ: قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ
؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: العِفْرِيت مِنَ الرِّجَالِ النافذُ فِي الأَمر الْمُبَالِغُ فِيهِ مَعَ خُبْثٍ ودَهاءٍ، وَقَدْ تَعَفْرَت، وَهَذَا مِمَّا تَحَمَّلُوا فِيهِ تَبْقِيةَ الزائدَ مَعَ الأَصل فِي حَالِ الِاشْتِقَاقِ تَوْفِيةً لِلْمَعْنَى وَدَلَالَةً عَلَيْهِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: امرأَة عِفْرِيتةٌ ورجلٌ عِفرِينٌ وعِفِرّينٌ كَعِفْرِيت. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قَالَ عِفْرِية فَجَمْعُهُ عَفارِي كَقَوْلِهِمْ فِي جَمْعِ الطاغوت طَواغِيت وطَواغِي، وَمَنْ قَالَ عِفْرِيتٌ فَجَمْعُهُ عَفارِيت. وَقَالَ شَمِرٌ: امرأَة عِفِرّة وَرَجُلٌ عِفِرٌّ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ امرأَة غَيْرِ مَحْمُودَةِ الصِّفَةِ:
وضِبِرّة مِثْل الأَتانِ عِفِرّة، ... ثَجْلاء ذَاتُ خواصِرٍ مَا تَشْبَعُ
قَالَ اللَّيْثُ: وَيُقَالُ لِلْخَبِيثِ عفَرْنى أَي عِفْرٌ، وَهُمُ العَفَرْنَوْنَ. والعِفْرِيت مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الْمَبَالِغُ. يُقَالُ: فُلَانٌ عِفْرِيتٌ نِفْرِيتٌ وعِفرِيةٌ نِفْرِية. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ يُبْغِضُ العِفْرَيةَ النِّفْرِيةَ الَّذِي لَا يُرْزَأُ فِي أَهلٍ وَلَا مالٍ
؛ قِيلَ: هُوَ الدَّاهِي الخبيثُ الشِّرِّيرُ، وَمِنْهُ العِفْرِيت، وَقِيلَ: هُوَ الجَمُوع المَنُوع، وَقِيلَ: الظَّلُوم. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: العِفْر والعِفْريةُ والعِفْرِيت والعُفارِيةُ الْقَوِيُّ المُتَشيْطِن الَّذِي يَعْفِر قِرْنَه، وَالْيَاءُ فِي عِفْرِيةٍ وعُفارِيةٍ للإِلحاق بِشِرْذِمَةٍ وعُذافِرة، وَالْهَاءُ فِيهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَالتَّاءُ فِي عِفْرِيتٍ للإِلحاق بِقِنْدِيل. وَفِي كِتَابِ أَبي مُوسَى: غَشِيَهم يومَ بَدْرٍ لَيْثاً عِفِرِّيّاً أَي قَوِيّاً دَاهِيًا. يُقَالُ: أَسدٌ عِفْرٌ وعِفِرٌّ(4/586)
بِوَزْنِ طِمِرّ أَي قَوِيٌّ عَظِيمٌ. والعِفْرِيةُ المُصَحَّحُ والنِّفْرِية إِتباع؛ الأَزهري: التَّاءُ زَائِدَةٌ وأَصلها هَاءٌ، وَالْكَلِمَةُ ثُلاثِيّة أَصلها عِفْرٌ وعِفْرِية، وَقَدْ ذَكَرَهَا الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ أَيضاً، وَمِمَّا وَضَعَ بِهِ ابنُ سِيدَهْ مِنْ أَبي عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ قَوْلُهُ فِي الْمُصَنَّفِ: العِفْرِية مِثَالُ فِعْلِلة، فَجَعَلَ الْيَاءَ أَصلًا، وَالْيَاءُ لَا تَكُونُ أَصلًا فِي بَنَاتِ الأَربعة. والعُفْرُ: الشُّجَاعُ الجَلْدُ، وَقِيلَ: الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ، وَالْجَمْعُ أَعْفارٌ وعِفارٌ؛ قَالَ:
خَلَا الجَوْفُ مِنْ أَعْفارِ سَعْدٍ فَمَا بِهِ، ... لمُسْتَصْرِخٍ يَشْكُو التُّبولَ، نَصِيرُ
والعَفَرْنى: الأَسَدُ، وَهُوَ فَعَلْنى، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشِدَّتِهِ. ولَبْوةٌ عَفَرْنى أَيضاً أَي شَدِيدَةٌ، وَالنُّونُ للإِلحاق بِسَفَرْجَلٍ. وَنَاقَةٌ عَفَرناة أَي قَوِيَّةٌ؛ قال عمر ابن لجإِ التَّيْمِيُّ يَصِفُ إِبلًا:
حَمَّلْتُ أَثْقالي مُصَمِّماتِها ... غُلْبَ الذَّفارى وعَفَرْنَياتِها
الأَزهري: وَلَا يُقَالُ جَمَلٌ عَفَرْنى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَبْلَ هَذِهِ الأَبيات:
فوَرَدَتْ قَبْل إِنَى ضَحَائِها، ... تفَرّش الْحَيَّاتِ فِي خِرْشائِها
تُجَرُّ بالأَهْونِ مِنْ إِدْنائِها، ... جَرَّ العجوزِ جانِبَيْ خِفَائِها
قَالَ: وَلَمَّا سَمِعَهُ جَرِيرٌ يُنْشِدُ هَذِهِ الأُرجوزة إِلى أَن بَلَغَ هَذَا الْبَيْتَ قَالَ لَهُ: أَسأْت وأَخْفَقْتَ قَالَ لَهُ عُمَرُ: فَكَيْفَ أَقول؟ قَالَ: قُلْ:
جرَّ الْعَرُوسِ الثِّنْيَ مِنْ رِدائِها
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنت أَسْوَأُ حَالًا مِنِّي حَيْثُ تَقُولُ:
لَقَوْمِي أَحْمى للحَقِيقَة مِنْكُم، ... وأَضْرَبُ للجبّارِ، والنقعُ ساطِعُ
وأَوْثَقُ عِنْدَ المُرْدَفات عَشِيّةً ... لَحاقاً، إِذا مَا جَرَّدَ السيفَ لامِعُ
وَاللَّهِ إِن كُنَّ مَا أُدْرِكْنَ إِلا عِشاءً مَا أُدْرِكْن حَتَّى نُكِحْنَ، وَالَّذِي قَالَهُ جَرِيرٌ: عِنْدَ المُرْهَفات، فَغَيَّرَهُ عُمَر، وَهَذَا الْبَيْتُ هُوَ سَبَبُ التَّهاجي بَيْنَهُمَا؛ هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ وَقَدْ تَرَى قَافِيَةَ هَذِهِ الأُرجوزة كَيْفَ هِيَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم. وأَسد عِفْرٌ وعِفْرِيةٌ وعُفارِيةٌ وعِفْرِيت وعَفَرْنى: شديد قويّ، ولَبُوءَة عِفِرْناة إِذا كَانَا جَرِيئين، وَقِيلَ: العِفِرْناة الذَّكَرُ والأُنثى؛ إِما أَن يَكُونَ مِنَ العَفَر الَّذِي هُوَ التُّرَابُ، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ العَفْر الَّذِي هُوَ الاعتِفَار، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ الْقُوَّةِ والجلَدِ. وَيُقَالُ: اعْتَفَرَه الأَسد إِذا فَرَسَه. وليثُ عِفِرِّينَ تُسَمِّي بِهِ العربُ دُوَيْبّة مأْواها التُّرَابُ السَّهْلُ فِي أُصول الحِيطان، تُدَوِّرُ دُوّارةً ثُمَّ تَنْدَسّ فِي جَوْفِهَا، فإِذا هِيجَت رَمَتْ بِالتُّرَابِ صُعُداً. وَهِيَ مِنَ المُثُل الَّتِي لَمْ يَجِدْهَا سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما عِفِرِّين فَقَدْ ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ فِعِلًّا كطِمِرٍّ وحِبِرٍّ فكأَنه أَلحق عَلَمَ الْجَمْعِ كالبِرَحِين والفِتَكْرِين إِلا أَن بَيْنَهُمَا فَرْقًا، وَذَلِكَ أَن هَذَا يُقَالُ فِيهِ البِرَحُون والفِتَكْرون، ولم يسمع في عِفِرِّين فِي الرَّفْعِ، بِالْيَاءِ، وإِنما سُمِعَ فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: ليثُ عِفِرِّينَ، فَيَجُوزُ أَن يُقَالَ فِيهِ فِي الرَّفْعِ هَذَا عِفِرُّون، لَكِنْ لَوْ سُمِعَ فِي مَوْضِعِ الرَّفْعِ بِالْيَاءِ لَكَانَ أَشبه بأَن يَكُونَ فِيهِ النَّظَرُ، فأَما وَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ فَلَا تُسْتَنْكرُ فِيهِ الْيَاءُ. ولَيْثُ عِفِرِّين: الرجلُ الْكَامِلُ ابْنُ الخَمْسِين، وَيُقَالُ:(4/587)
ابْنُ عَشْر لَعّابٌ بالقُلِينَ، وابن عشْرين باعي نَسِّينَ «2» . وَابْنُ الثَّلاثين أَسْعى الساعِينَ، وَابْنُ الأَرْبَعِين أَبْطَشُ الأَبْطَشِين، وَابْنُ الْخَمْسِينَ لَيْثُ عِفِرِّين، وَابْنُ السِّتِّين مُؤْنِسُ الجَلِيسِين، وَابْنُ السَّبْعِين أَحْكمُ الحاكِمينَ، وَابْنُ الثَمَانِينَ أَسرعُ الحاسِبين، وَابْنُ التِّسْعِين وَاحِدُ الأَرْذَلين، وَابْنُ الْمِائَةِ لَا جَا وَلَا سَا؛ يَقُولُ: لَا رَجُلٌ وَلَا امرأَة وَلَا جِنٌّ وَلَا إِنس. وَيُقَالُ: إِنه لأَشْجَع مِنْ لَيْثِ عِفِرِّين، وَهَكَذَا قَالَ الأَصمعي وأَبو عَمْرٍو فِي حِكَايَةِ الْمَثَلِ وَاخْتَلَفَا فِي التَّفْسِيرِ، فَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ الأَسد، وقال أَبو عمر: هُوَ دابّةٌ مِثْلُ الحِرْباء تَتَعَرَّضُ لِلرَّاكِبِ، قَالَ: وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى عِفِرِّين اسْمِ بَلَدٍ؛ وَرَوَى أَبو حَاتِمٍ عَنِ الأَصمعي أَنه دَابَّةٌ مِثْلُ الحِرْباء يَتَصَدّى لِلرَّاكِبِ ويَضْرِبُ بِذَنَبِهِ. وعِفِرِّين: مَأْسَدة، وَقِيلَ لِكُلِّ ضَابِطٍ قَوِيٍّ: لَيْثُ عِفِرِّين، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَالرَّاءُ مُشَدَّدَةٌ. وَقَالَ الأَصمعي: عِفِرِّين اسْمُ بَلَدٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعِفِرُّون بَلَدٌ. وعِفْرِيةُ الدِّيكِ: رِيشُ عُنُقِه، وعِفْريةُ الرأْس، خَفِيفَةٌ عَلَى مثال فِعْلِلة، وعَفْراة [عِفْراة] الرأْس: شَعْرُهُ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الإِنسان شَعْرُ النَّاصِيَةِ، وَمِنَ الدَّابَّةِ شعرُ الْقَفَا؛ وقيل: العِفْرِيةُ والعِفْراة [العَفْراة] الشَّعَرَاتُ النَّابِتَاتُ فِي وَسَطِ الرأْس يَقْشَعرِرن عِنْدَ الْفَزَعِ؛ وَذَكَرَ ابْنُ سِيدَهْ فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ فِيمَا قَصَدَ بِهِ الْوَضْعَ مِنْ أَبي عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ قَالَ: وأَي شَيْءٍ أَدلّ عَلَى ضَعْفِ المُنَّة وَسَخَافَةِ الجُنَّة مِنْ قَوْلِ أَبي عُبَيْدٍ فِي كِتَابِهِ الْمُصَنَّفِ: العِفْرِية مِثَالُ فِعْلِلَة، فَجَعَلَ الْيَاءَ أَصلًا وَالْيَاءُ لَا تَكُونُ أَصلًا فِي بَنَاتِ الأَربعة. والعُفْرة، بِالضَّمِّ: شَعْرَةُ القَفا مِنَ الأَسد وَالدِّيكِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ الَّتِي يُرَدِّدُها إِلى يافوخِه عِنْدَ الهِراش؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ العِفْرِية والعِفْراة، فِيهِمَا بِالْكَسْرِ. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ نَافِشًا عِفْرِيَته إِذا جَاءَ غَضْبان. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ جَاءَ ناشِراً عِفْرِيَته وعِفْراتَه أَي نَاشِرًا شعرَه مِنَ الطَّمَع والحِرْص والعِفْر، بِالْكَسْرِ: الذَّكَرُ الْفَحْلُ مِنَ الْخَنَازِيرِ. والعُفْر: البُعْد. والعُفْر: قلَّة الزِّيَارَةِ. يُقَالُ: ما تأْتينا إِلا عن عُفْرٍ أَي بَعْدَ قِلَّةِ زِيَارَةٍ. والعُفْرُ: طولُ الْعَهْدِ. يُقَالُ: مَا أَلقاه إِلا عَنْ عُفْرٍ وعُفُرٍ أَي بَعْدَ حِينٍ، وَقِيلَ: بَعْدَ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
دِيارَ جميعِ الصَّالِحِينَ بِذِي السِّدْرِ، ... أَبِيني لَنا، إِن التحيةَ عَنْ عُفْرِ
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فَلَئِنْ طَأْطَأْتُ فِي قَتْلِهمُ، ... لَتُهاضَنَّ عِظامِي عَنْ عُفُرْ
عَنْ عُفُرٍ أَي عَنْ بُعْد مِنْ أَخوالي، لأَنهم وإِن كَانُوا أَقْرِباءَ، فَلَيْسُوا فِي القُرْب مِثْلَ الأَعمام؛ وَيَدُلُّ عَلَى أَنه عَنَى أَخوالَه قولُه قَبْلَ هَذَا:
إِنَّ أَخوالي جَمِيعًا مِنْ شَقِرْ، ... لَبِسُوا لِي عَمَساً جِلْدَ النَّمِرْ
العَمَسُ هَاهُنَا، كالحَمَسِ: وَهِيَ الشِّدَّةُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى الْبَيْتَ لِضِبَابِ بْنِ وَاقِدٍ الطُّهَوِي؛ وأَما قَوْلُ الْمَرَّارِ:
عَلَى عُفُرٍ مِنْ عَنْ تَناءٍ، وإِنما ... تَداني الهَوَى مِن عَن تَناءٍ وَعَنْ عُفْرِ
وَكَانَ هَجَرَ أَخاه فِي الحبْس بِالْمَدِينَةِ فَيَقُولُ: هَجَرْتُ أَخي عَلَى عُفْرٍ أَي عَلَى بُعْدٍ مِنَ الْحَيِّ وَالْقَرَابَاتِ أَي وَعَنْ غَيْرِنَا، وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لِي أَن أَهجره وَنَحْنُ عَلَى هذه الحالة.
__________
(2) . قوله: [باعي نسين] كذا بالأَصل(4/588)