النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، حِينَ ذَكَرَ الْخَوَارِجَ فَقَالَ: يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يمرُقُ السهمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثم نَظَرَ فِي قُذَذِ سَهْمِهِ فَتَمَارَى أَيَرى شَيْئًا أَمْ لَا.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: القُذَذُ رِيشُ السَّهْمِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا قُذَّة؛ أَراد أَنه أَنْفَذَ سَهْمَهُ فِي الرَّمِيَّةِ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا وَلَمْ يَعْلَقْ مِنْ دَمِهَا بِشَيْءٍ لِسُرْعَةِ مُرُوقِهِ. والمُقَذَّذُ مِنَ الرِّجَالِ: المُزَلَّم الْخَفِيفُ الْهَيْئَةِ، وَكَذَلِكَ المرأَة إِذا لَمْ تَكُنْ بِالطَّوِيلَةِ، وامرأَة مُقَذَّذَة وامرأَة مُزَلَّمَةٌ. وَرَجُلٌ مُقَذَّذٌ إِذا كَانَ ثَوْبُهُ نَظِيفًا يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ حَسَنٌ. وأُذُنٌ مُقَذَّذَةٌ وَمَقْذُوذَةٌ: مدوَّرة كأَنها بُرِيَتْ بَرْياً. وَكُلُّ مَا سوِّي وأُلْطِفَ، فَقَدْ قُذَّ. والقُذَّتان: الأُذنان مِنَ الإِنسان وَالْفَرَسِ. وقُذَّتا الْحَيَاءِ: جَانِبَاهُ اللَّذَانِ يُقَالُ لَهُمَا الإِسْكَتَان. والمَقَذُّ: أَصل الأُذن، والمقَذُّ، بِالْفَتْحِ: مَا بَيْنَ الأُذنين مِنْ خَلْفٍ. يُقَالُ: إِنه لَلَئِيمُ المَقَذَّين إِذا كَانَ هَجِينَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. وَيُقَالُ: إِنه لَحَسَنُ المقذَّينِ، وَلَيْسَ للإِنسان إِلا مَقَذٌّ وَاحِدٌ، وَلَكِنَّهُمْ ثَنَّوْا عَلَى نَحْوِ تَثْنِيَتِهِمْ رَامَتَين وصاحَتَينِ، وَهُوَ القُصاص أَيضاً. والمَقَذُّ: مُنْتَهَى مَنْبت الشَّعْرِ مِنْ مؤَخر الرأْس، وَقِيلَ: هُوَ مَجَزُّ الجَلَمِ مِنْ مؤَخر الرأْس؛ تَقُولُ: هُوَ مَقْذُوذُ الْقَفَا. وَرَجُلٌ مُقَذَّذ الشَّعْرِ إِذا كَانَ مُزَيَّنًا. والمَقَذُّ: مَقصُّ شَعْرِكَ مِنْ خَلْفِكَ وأَمامك؛ وَقَالَ ابْنُ لجإٍ يَصِفُ جَمَلًا:
كأَنَّ رُبًّا سائلَا أَو دِبْسا، ... بِحَيْثُ يَحْتافُ المَقَذُّ الرأْسا
وَيُقَالُ: قَذَّه يَقُذه إِذا ضَرَبَ مَقَذَّه فِي قَفَاهُ؛ وَقَالَ أَبو وَجْزَةَ:
قَامَ إِليها رَجُلٌ فِيهِ عُنُفْ، ... فَقَذَّها بينَ قَفَاهَا والكَتِفْ
والقُذَّةُ: كَلِمَةٌ يَقُولُهَا صِبْيَانُ الأَعراب؛ يُقَالُ: لَعِبْنَا شعاريرَ قُذَّةَ «1» وَتَقَذَّذَ الْقَوْمُ: تَفَرَّقُوا. والقِذَّانُ: الْمُتَفَرِّقُ. وَذَهَبُوا شعاريرَ قَذَّان وقذَّانَ، وَذَهَبُوا شعاريرَ نَقْذَانَ وقُذَّانَ أَي مُتَفَرِّقِينَ. والقِذَّانُ: الْبَرَاغِيثُ، وَاحِدَتُهُا قُذَّة وقُذَذٌ؛ وأَنشد الأَصمعي:
أَسْهَرَ لَيْلِي قُذَذٌ أَسَكُّ، ... أَحُكُّ، حَتَّى مِرْفَقِي مُنْفَكُ
وَقَالَ آخَرُ:
يؤَرقني قِذَّانُها وبَعُوضُها
والقَذُّ: الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ، وَبِكُلِّ شَيْءٍ غَلِيظٍ قَذَذْتُ بِهِ أَقُذُّ قَذًّا. وَمَا يَدَعُ شَاذًّا وَلَا قَاذًّا، وَذَلِكَ فِي الْقِتَالِ إِذا كَانَ شُجَاعًا لَا يَلْقَاهُ أَحد إِلَّا قَتَلَهُ. وَالتَّقَذْقُذُ: رُكُوبُ الرَّجُلِ رأْسه فِي الأَرض وَحْدَهُ أَو يَقَعُ فِي الركِيَّة؛ يُقَالُ: تَقَذْقَذَ فِي مَهْواةٍ فَهَلَكَ، وَتَقَطْقَطَ مِثْلُهُ. ابْنُ الأَعرابي: تَقَذْقَذَ فِي الْجَبَلِ إِذا صَعِدَ فِيهِ، وَاللَّهُ أَعلم.
قشذ: اللَّيْثُ: قَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: القِشْذَةُ هِيَ الزُّبْدَةُ الرَّقِيقَةُ. وَقَدِ اقْتَشَذْنَا سَمْناً أَي جَمَعْنَاهُ. وأَتيت بَنِي فُلَانٍ فسأَلتهم فَاقْتَشَذْتُ شَيْئًا أَي جَمَعْتُ شَيْئًا. قَالَ: والقِشْذَة أَنك تذيب الزبذة فإِذا نَضِجَتْ أَفرغتها وَتَرَكْتَ فِي الْقِدْرِ مِنْهَا شَيْئًا فِي أَسفلها ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهِ لَبَنًا مَحْضًا قَدْرَ مَا تُرِيدُ، فإِذا نَضِجَ اللَّبَنُ صببْتَ عَلَيْهِ سَمْنًا، بَعْدَ ذَلِكَ، تَسْمَنُ بِهِ الْجَوَارِي. وَقَدِ اقْتَشَذْنا قِشْذَةً أَي أَكلناها. قَالَ الأَزهري: أَرجو أَن يَكُونَ مَا رَوَى اللَّيْثُ عَنْ أَبي الدُّقَيْشِ فِي القِشْذَة، بِالذَّالِ، مَضْبُوطًا. قَالَ: وَالْمَحْفُوظُ عَنِ الثِّقَاتِ القِشْدَة، بِالدَّالِ، وَلَعَلَّ الذَّالَ فِيهَا لُغَةٌ لَمْ نعرفها.
__________
(1) . قوله [شعارير قذة إلخ] كذا في الأَصل بهذا الضبط والذي في القاموس شعارير قذة قذة، وقذان قذان ممنوعات انتهى. والقاف مضمومة في الكل وحذف الواو من قذان الثانية.(3/504)
قنفذ: القُنْفُذ والقُنْفَذ: الشَّيْهَمُ، مَعْرُوفٌ، والأُنثى قُنْفُذة وقُنْفَذَة. وتَقَنْفُذُهما: تَقَبُّضهما. وإِنه لقُنْفُذُ ليلٍ أَي أَنه لَا يَنَامُ كَمَا أَن القُنْفُذَ لَا يَنَامُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ النَّمَّامِ: مَا هُوَ إِلا قنفذُ ليلٍ وأَنَقَدُ لَيْلٍ. ومن الأَحاجي: ما أَبْيَضُ شَطْراً، أَسْوَدُ ظَهْراً، يَمْشِي قِمَطْراً، وَيَبُولُ قَطْراً؟ وَهُوَ القُنْفُذ، وَقَوْلُهُ يَمْشِي قِمَطْرًا أَي مُجْتَمِعًا. والقُنفذ: مَسِيلُ العَرَق مِنْ خَلْفِ أُذني الْبَعِيرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّ بَذَفْرَاها عَنِيَّةَ مُجْرِبٍ، ... لَهَا وَشَلٌ فِي قُنْفُذِ اللِّيتِ يَنْتَحُ
وَالْقُنْفُذُ: الْمَكَانُ الَّذِي يُنْبِتُ نَبْتًا مُلْتَفًّا؛ وَمِنْهُ قُنْفُذ الدُّرَّاجِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ. وَالْقُنْفُذَةُ: الفأْرة. وقُنْفُذ الْبَعِيرِ: ذِفْرَاه. وَالْقُنْفُذُ: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ. وقُنْفُذ الرَّمْلِ: كَثْرَةُ شَجَرِهِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْقُنْفُذُ يَكُونُ فِي الجَلَد بين القُفّ وَالرَّمْلِ. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: الْقُنْفُذُ مِنَ الرَّمْلِ مَا اجْتَمَعَ وَارْتَفَعَ شَيْئًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قُنفَذه، بِفَتْحِ الْفَاءِ، كَثْرَةُ شَجَرِهِ وإِشرافه. وَيُقَالُ لِلشَّجَرَةِ إِذا كَانَتْ فِي وَسَطِ الرَّمْلَةِ: القُنْفَذَة والقُنْفذ. وَيُقَالُ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي دُونَ القَمَحْدُوة مِنَ الرأْس: القُنْفُذَة. وَالْقَنَافِذُ: أَجبل غَيْرُ طِوَالٍ، وَقِيلَ: أَجبل رَمْلٍ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْقَنَافِذُ نَبَكٌ فِي الطَّرِيقِ؛ وأَنشد:
مَحَلًّا كَوَعْسَاءِ الْقَنَافِذِ ضَارِبًا ... بِهِ كَنَفاً، كالمُخْدِرِ المُتَأَجَّمِ
وَقَوْلُهُ مَحَلًّا كوعساءِ الْقَنَافِذِ أَي مَوْضِعًا لَا يَسْلُكُهُ أَحد أَي مَنْ أَرادهم لَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ، كَمَا لَا يُوصَلُ إِلى الأَسد فِي مَوْضِعِهِ، يَصِفُ أَنه طَرِيقٌ شَاقٌّ وَعْر.
فصل الكاف
كذذ: اللَّيْثُ: الكذَّان، بِالْفَتْحِ، حِجَارَةٌ كأَنها المدَر فِيهَا رَخَاوَةٌ وَرُبَّمَا كَانَتْ نَخِرَة، الْوَاحِدَةُ كَذَّانة، وَيُقَالُ هِيَ فَعّالة. الْمُحْكَمُ: الْكَذَّانُ الْحِجَارَةُ الرِّخْوة النَّخِرة، وَقَدْ قِيلَ: هِيَ فَعّال وَالنُّونُ أَصلية، وإِن قلَّ ذَلِكَ فِي الِاسْمِ، وَقِيلَ: هُوَ فَعْلان وَالنُّونُ زَائِدَةٌ. أَبو عَمْرٍو: الكَذان الْحِجَارَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بصُلبة. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَكَذَّ القومُ إِكذاذاً صَارُوا فِي كَذَّان مِنَ الأَرض؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ الرِّيَاحَ:
تَرامى بكَذَّانِ الإِكَامِ ومَرْوِها، ... تَراميَ وُلْدانِ الأَصارِمِ بالخَشْلِ
وَفِي حَدِيثِ بِنَاءِ الْبَصْرَةِ:
فَوَجَدُوا هَذَا الكَذّان، فَقَالُوا: مَا هَذِهِ الْبَصْرَةُ الكَذّان؟
وَالْبَصْرَةُ حِجَارَةٌ رَخْوَةٌ إِلى الْبَيَاضِ.
كغذ: الكاغَذُ: لُغَةٌ فِي الكاغَدِ.
كلذ: الكِلْوَاذ، بِكَسْرِ الْكَافِ: تَابُوتُ التَّوْرَاةِ؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي؛ وأَنشد:
كأَنَّ آثارَ السَّبِيجِ الشّاذِي ... دَيْرُ مَهَارِيقَ عَلَى الكِلْوَاذِ
وكَلواذ، بِفَتْحِ الْكَافِ: مَوْضِعٌ، وَهُوَ بِنَاءٌ أَعجمي. وكَلْواذَا: قَرْيَةٌ أَسفلَ بغذاذ.
كنبذ: وَجْهٌ كُنَابِذ: قَبِيحٌ. التَّهْذِيبُ: رَجُلٌ كُنَابذ غَلِيظُ الوجه جَهْمٌ.
كوذ: الْكَاذَةُ: مَا حَوْلَ الْحَيَاءِ مِنْ ظَاهِرِ الْفَخِذَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ لَحْمُ مُؤَخَّرِ الْفَخِذَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْفَخِذَيْنِ مَوْضِعُ الْكَيِّ مِنْ جَاعِرَةِ الْحِمَارِ يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ كَاذَاتٌ وكاذٌ. وشَمْلة مُكَوَّذة: تَبْلُغُ الْكَاذَةَ إِذا اشْتَمَلَ بِهَا. قَالَ أَعرابي: أَتمنى حُلة رَبُوضاً وَصِيصَةً سَلُوكاً وشمْلَةً مُكَوَّذة؛ يَعْنِي شَمْلَةً تَبْلُغُ الكاذَتين إِذا اتَّزَرَ. وَيُقَالُ للإِزار الَّذِي لَا يَبْلُغُ إِلَّا الْكَاذَةَ: مُكَوّذ؛(3/505)
وَقَدْ كَوَّذ تَكْوِيذًا. وَالْكَاذِيُّ: شجر طيب الريح يطيب الدُّهْنُ وَنَبَاتُهُ بِبِلَادِ عُمَان، وَهُوَ نَخْلَةٌ «1» فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ حِلْيَتِهَا؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وأَلفه وَاوٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ادَّهَنَ بِالْكَاذِيِّ
؛ قِيلَ: هُوَ شَجَرٌ طَيِّبُ الرِّيحِ يُطَيَّبُ بِهِ الدُّهْنُ. التَّهْذِيبُ: الْكَاذَتَانِ مِنْ فَخِذَيِ الْحِمَارِ فِي أَعلاهما وَهُمَا مَوْضِعُ الكيِّ مِنْ جاعِرَتي الْحِمَارِ لُحْمَتَانِ هُنَاكَ مُكْتَنِزَتَانِ بَيْنَ الْفَخِذِ وَالْوَرِكِ. الأَصمعي: الْكَاذَتَانِ لُحْمَتَا الْفَخِذِ مِنْ بَاطِنِهِمَا، وَالْوَاحِدَةُ كَاذَةٌ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الرَّبَلَة لَحْمُ بَاطِنِ الْفَخِذِ، وَالْكَاذَةُ لَحْمُ ظَاهِرِ الْفَخِذِ؛ وَالْكَاذُ لَحْمُ بَاطِنِ الْفَخِذِ؛ وأَنشد:
فاسْتَكْمَشَتْ وانْتَهَزْنَ الْكَاذَتَيْنِ مَعًا
قَالَ: هُمَا أَسفل مِنَ الْجَاعِرَتَيْنِ؛ قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْكَاذَتَانِ مَا نتأَ مِنَ اللَّحْمِ فِي أَعالي الْفَخِذِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ ثَوْرًا وَكِلَابًا:
فَلما دَنَتْ لِلْكَاذَتَيْنِ، وأَحْرَجَتْ ... بِهِ حَلْبَساً عِنْدَ اللِّقَاءِ حُلابِسا
أَحرجت، بِالْحَاءِ، مِنَ الحَرَج؛ يَقُولُ: لَمَّا دَنَتِ الْكِلَابُ مِنَ الثَّوْرِ أَلجأَته إِلى الرُّجُوعِ لِلطَّعْنِ، وَالضَّمِيرُ فِي دَنَتْ يَعُودُ عَلَى الْكِلَابِ، وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ أَحرجت بِهِ ضَمِيرُ الثَّوْرِ؛ أَحرجت مِنَ الْحَرَجِ أَي أَحرجته الْكِلَابُ إِلى أَن رَجَعَ فَطَعَنَ فِيهَا. وَالْحَلَابِسُ: الشُّجَاعُ، وَكَذَلِكَ الحلبس.
فصل اللام
لجذ: لَجَذَ الطعامَ لَجْذاً: أَكله. واللَّجْذُ: أَول الرَّعْيِ. وَاللَّجْذُ: الأَكل بِطَرَفِ اللِّسَانِ. ولَجَذَت الماشِيَةُ الكلأَ: أَكلته، وَقِيلَ: هُوَ أَن تأْكله بأَطراف أَلسنتها إِذا لَمْ يُمْكِنْهَا أَن تأْخذه بأَسنانها. ونبتٌ مَلْجُوذٌ إِذا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ السِّنُّ لِقِصَرِه فَلَسَّتْه الإِبل؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مِثْلُ الوَأَى المُبْتَقِلِ اللَّجّاذِ
وَيُقَالُ لِلْمَاشِيَةِ إِذا أَكلت الكلأَ: لَجَذَتِ الكلأَ. وَقَالَ الأَصمعي: لَجَذَه مِثْلَ لَسَّه. ولَجَذَه يَلْجُذُهُ لَجْذاً: سأَله وأَعطاه ثُمَّ سأَل فأَكثر. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا سأَلك الرَّجُلُ فأَعطيته ثُمَّ سأَلك قُلْتَ: لَجَذَني يَلْجُذُني لَجذاً. الْجَوْهَرِيُّ: لَجَذَني فُلَانٌ يَلْجُذَ، بِالضَّمِّ، لَجْذاً إِذا أَعطيته ثُمَّ سأَلك فأَكثر. ولَجِذَ لَجَذاً: أَخَذ أَخذاً يَسِيرًا. ولَجِذَ الكلبُ الإِناءَ، بِالْكَسْرِ، لَجْذاً ولَجَذاً أَي لَحِسَهُ مِنْ بَاطِنٍ. أَبو عَمْرٍو: لَجَذَ الكلبُ ولَجِذَ ولَجَنَ إِذا وَلَغَ فِي الإِناء.
لذذ: اللَّذَّةُ: نَقِيضُ الأَلم، وَاحِدَةُ اللَّذَّاتِ. لذَّه ولَذَّ بِهِ يَلَذُّ لَذًّا ولَذَاذَةً والْتَذَّهُ والْتَذّ بِهِ واسْتَلَذّه: عَدَّهُ لَذِيذاً. ولَذِذْتُ الشيءَ، بِالْكَسْرِ، لَذَاذاً ولَذَاذَةً أَي وَجَدْتُهُ لَذِيذًا. وَالْتَذَذْتُ بِهِ وَتَلَذَّذْتُ بِهِ بِمَعْنًى. واللَّذّة واللَّذَادَةُ واللَّذِيذُ واللَّذْوَى: كُلُّهُ الأَكل وَالشُّرْبُ بِنَعْمَةٍ وَكِفَايَةٍ. ولَذِذْتُ الشَّيْءَ أَلَذُّه إِذا استلْذَذْته وَكَذَلِكَ لَذِذْتُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وأَنا أَلَذُّ بِهِ لَذَاذَةً ولَذِذْته سَوَاءٌ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
تَقاكَ بِكَعْبٍ وَاحِدٍ وتَلَذّه ... يَدَاكَ، إِذا مَا هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ
ولَذَّ الشيءُ يَلَذُّ إِذا كَانَ لَذِيذًا؛ وَقَالَ رؤْبة:
لَذَّتْ أَحاديثُ الغَوِيِّ المُبْدِعِ
أَي اسْتُلِذ بِهَا؛ ويُجْمَعُ اللَّذيذُ لِذاذاً.
__________
(1) . قوله [وهو نخلة] أي الكاذي مثل النخلة فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنَ صفتها إلا أن الكاذي أقصر منها كما في ابن البيطار.(3/506)
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا رَكِبَ أَحدكم الدَّابَّةَ فَلْيَحْمِلْهَا عَلَى مَلاذِّها
أَي ليُجْرِها فِي السُّهولة لَا فِي الحُزُونة. والمَلاذُّ: جَمْعُ مَلَذٍّ، وَهُوَ مَوْضِعُ اللَّذَّةِ، مِنْ لَذَّ الشيءُ يَلَذُّ لَذاذة، فَهُوَ لَذِيذٌ أَي مُشْتَهًى. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنها ذَكَرَتْ الدُّنْيَا فَقَالَتْ: قَدْ مَضَى لَذْواها وَبَقِيَ بَلْواها
أَي لَذَّتُهَا، وَهُوَ فَعْلى مِنَ اللَّذَّةِ فَقُلِبَتْ إِحْدَى الذَّالَيْنِ يَاءً كَالتَّقَضِّي وَالتَّلَظِّي، وأَرادت بِذَهَابِ لَذْواها حَيَاةَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِالْبَلْوَى مَا حَدَثَ بَعْدَهُ مِنَ الْمِحَنِ. وَقَوْلُ الزُّبَيْرِ «1» . فِي الْحَدِيثِ حِينَ كَانَ يُرَقّص عبدَ اللَّهِ وَيَقُولُ:
أَبيضُ مِنْ آلِ أَبي عَتيقِ، ... مُبارَكٌ مِنْ ولَدِ الصِّدِّيقِ،
أَلَذُّه كَمَا أَلَذُّ رِيقي
قَالَ: تَقُولُ لَذِذْتُهُ، بِالْكَسْرِ، أَلذه، بِالْفَتْحِ. وَرَجُلٌ لَذٌّ: مُلْتذ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِابْنِ سَعْنَةَ:
فَراحَ أَصِيلُ الحَزْم لَذّاً مُرَزَّأً ... وباكَرَ مَمْلُوءاً مِنَ الرَّاح مُتْرَعا
واللَّذّ واللَّذيذ: يَجْرِيَانِ مَجرى وَاحِدًا فِي النَّعْتِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
أَي لَذِيذَةٍ، وَقِيلَ لَذَّةٍ أَي ذَاتِ لذةٍ؛ وَشَرَابٌ لَذٌّ مِنْ أَشربة لُذٍّ ولِذاذ، ولَذيذٌ مِنْ أَشربة لِذاذ. وكأْسٌ لَذَّةٌ: لَذِيذَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ
. وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ سَاعِدَةَ: لَذٌّ بِهَزِّ الكَفِّ؛ أَراد يَلْتَذُّ الْكَفُّ بِهِ، وَجَعَلَ اللَّذَّةَ للعَرَض الَّذِي هُوَ الْهَزُّ لِتَشَبُّثِهِ بِالْكَفِّ إِذا هَزَّتْهُ، وَالْمَعْرُوفُ لَدْنٌ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
حَتى اكْتَسى الرأْسُ قِناعاً أَشهبا ... أَمْلَحَ، لَا لَذًّا وَلَا مُحَبَّبا
فَنَفَى عَنْهُ أَن يَكُونَ لَذًّا، وَكَذَلِكَ لَوِ احْتَاجَ إِلى إِثباته وإِنجابه لِوَصْفِهِ بأَنه لَذٌّ؛ وَكَانَ يَقُولُ: [قِنَاعًا أَشهبا، أَملح لَذًّا مُحَبَّبَا] . ولَذَّ الشيءُ: صَارَ لَذِيذًا. ابْنُ الأَعرابي: اللَّذُّ النَّوْمُ؛ وأَنشد:
ولَذٍّ كَطَعْمِ الصَّرْخَدِيِّ، تركتُه ... بأَرْضِ العِدى، مِنْ خَشْيَةِ الحَدَثانِ
وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ هُنَا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
ولَذٍّ كَطَعْمِ الصّرْخَدِيّ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلرَّاعِي وَعَجْزُهُ:
......... دَفَعْتُهُ ... عَشيَّةَ خَمْسِ القومِ والعينُ عَاشِقُهُ
. أَراد أَنه لَمَّا دَخَلَ دِيَارَ أَعدائه لَمْ يَنَمْ حَذَارًا لَهُمْ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبّاً ثُمَّ لُذَّ لَذًّا
أَي قُرن بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ. واللَّذْلَذَةُ: السُّرْعَةُ والخِفَّةُ. ولَذْلاذٌ: الذئبُ لِسُرْعَتِهِ؛ هَكَذَا حُكِيَ لَذْلاذٌ بِغَيْرِ الأَلف وَاللَّامِ كأَوس ونَهْشَلٍ. الْجَوْهَرِيُّ: واللذِ واللذْ، بِكَسْرِ الذَّالِ وَتَسْكِينِهَا، لُغَةٌ فِي الَّذِي، وَالتَّثْنِيَةُ اللَّذَا بِحَذْفِ النُّونِ، وَالْجَمْعُ الَّذِينَ؛ وَرُبَّمَا قَالُوا فِي الْجَمْعِ اللَّذُونَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ هَذِهِ أَن تُذْكَرَ فِي فَصْلِ لِذَا مِنَ الْمُعْتَلِّ. قَالَ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وإِنما غَلَّطَهُ فِي جَعْلِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كونُه بِغَيْرِ يَاءٍ، قَالَ: وَهَذَا إِنما بَابُهُ الشِّعْرُ أَعني حَذْفَ الياء من الذي.
لمذ: لَمَذَ: لُغَةٌ فِي لمج.
لوذ: لاذَ بِهِ يَلوذ لَوْذاً ولِواذاً ولَواذاً ولُواذاً ولِياذاً: لَجَأَ إِليه وعاذَ بِهِ. ولاوَذَ مُلاوَذَةً ولِواذاً ولِياذاً: اسْتَتَرَ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: لُذْت بِهِ لِواذاً احتَضَنْتُ. ولاوَذَ القومُ مُلاوَذةً ولِواذاً أَي لاذَ بعضُهُم بِبَعْضٍ
__________
(1) . قوله [وقول الزبير إلخ] في شرح القاموس وفي الحديث كان الزبير يُرَقِّصُ عَبْدَ اللَّهِ وَيَقُولُ(3/507)
، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً
. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ بِكَ أَعوذ وَبِكَ أَلوذُ
، لَاذَ بِهِ إِذا التجأَ إِليه وَانْضَمَّ وَاسْتَغَاثَ. والمَلاذُ والمَلْوَذَةُ: الحِصن. ولاذَ بِهِ ولاوَذَ وأَلاذَ: امْتَنَعَ. ولاوَذَه لِواذاً: راوَغَهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً
، قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى لِوَاذًا هَاهُنَا خِلَافًا أَي يخالفون خلافاً، قَالَ: وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ وَقِيلَ: مَعْنَى يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا، يَلُوذُ هَذَا بِذَا وَيَسْتَتِرُ ذَا بِذَا وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
يَلُوذُ بِهِ الهُلَّاكُ
أَي يَسْتَتِرُ بِهِ الْهَالِكُونَ وَيَحْتَمُونَ، وإِنما قَالَ تَعَالَى لِوَاذًا لأَنه مَصْدَرُ لَاوَذْتُ، وَلَوْ كَانَ مَصْدَرًا للُذت لَقُلْتَ لُذْتُ بِهِ لِياذاً، كَمَا تَقُولُ قُمْتُ إِليه قِيَامًا وَقَاوَمْتُكَ قِواماً طَوِيلًا، وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ: وأَنا أَرميكم بطَرْفي وأَنتم تَتَسلَّلُون لِوَاذًا أَي مستخْفين وَمُسْتَتِرِينَ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ، وَهُوَ مَصْدَرُ لاوَذَ يُلاوِذُ مُلاوذَةً ولِواذاً. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: خيرُ بَنِي فُلَانٍ مُلاوِذٌ لَا يَجِيءُ إِلا بَعْدَ كَدٍّ، وأَنشد الْقُطَامِيُّ:
وَمَا ضَرَّها أَن لَمْ تَكُنْ رَعَتِ الحِمَى، ... وَلَمْ تَطْلُبِ الخيرَ المُلاوِذَ مِنْ بِشْرِ
الْجَوْهَرِيُّ: المُلاوِذ يَعْنِي الْقَلِيلَ، وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
يُلاوِذُ مِنْ حَرٍّ، كَأَنَّ أُوَارَهُ ... يُذيبُ دِماغَ الضَّبّ، وَهْوَ جَدوعُ
يُلَاوِذُ يَعْنِي بَقَرَ الْوَحْشِ أَي تلجأُ إِلى كُنُسِها. ولاذَ الطريقُ بِالدَّارِ وأَلاذَ إِلاذَةً، وَالطَّرِيقُ مُلِيذ بِالدَّارِ إِذا أَحاط بِهَا. وأَلاذت الدَّارُ بِالطَّرِيقِ إِذا أَحاطت بِهِ. ولُذْتُ بِالْقَوْمِ وأَلَذْتُ بِهِمْ، وَهِيَ الْمُدَاوَرَةُ مِنْ حَيْثُمَا كَانَ. ولاوَذَهُمْ: دَارَاهُمْ. واللَّوْذُ: حِصْنُ الْجَبَلِ وَجَانِبُهُ وَمَا يُطِيفُ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَلْوَاذٌ. ولَوْذُ الْوَادِي: مُنْعَطَفُه وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، وَيُقَالُ: هُوَ بِلَوْذِ كَذَا أَي بِنَاحِيَةِ كَذَا وبِلَوْذانِ كَذَا، قَالَ ابْنُ أَحمر:
كأَنّ وَقْعَتَهُ لَوْذانَ مِرْفَقِها ... صَلْقُ الصَّفَا بِأَديمٍ وَقْعُه تِيَرُ
تِيَرٌ أَي تاراتٌ. وَيُقَالُ: هُوَ لَوْذُه أَي قَرِيبٌ مِنْهُ. وَلِي مِنَ الإِبل وَالدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا مِائَةٌ أَو لِواذُها، يُرِيدُ أَو قُرَابَتُهَا، وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمِائَةِ مِنَ الْعَدَدِ أَي أَنقص مِنْهَا بِوَاحِدٍ أَو اثْنَيْنِ أَو أَكثر مِنْهَا بِذَلِكَ الْعَدَدِ. واللَّاذُ: ثيابُ حَرِيرٍ تُنْسَجُ بِالصِّينِ، وَاحِدَتُهُ لاذَة، وَهُوَ بِالْعَجَمِيَّةِ سَوَاءٌ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ اللَّاذَةُ. والمَلاوِذُ: الْمَآزِرُ، عَنْ ثَعْلَبٍ. ولَوْذانُ، بِالْفَتْحِ: اسْمُ رَجُلٍ، ولَوْذانُ: اسْمُ أَرض، قَالَ الرَّاعِي:
فَلَبَّثَها الرَّاعِي قَلِيلًا كَلا وَلَا ... بِلَوْذانَ، أَو مَا حَلَّلَتْ بالكراكِرِ
فصل الميم
متذ: مَتَذَ بِالْمَكَانِ يَمْتُذ مُتُوذاً: أَقام؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ.
مذذ: رَجُلٌ مَذْماذٌ: صيَّاح كَثِيرُ الْكَلَامِ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنْ أَبي ظَبْيَةَ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ وَعَنْهُ أَيضاً: رَجُلٌ مَذْماذٌ وَطْواطٌ إِذا كَانَ صَيَّاحاً؛ وَكَذَلِكَ بَرْبارٌ فَجْفاجٌ بَجْباجٌ عَجْعاجٌ. ومَذْمَذَ إِذا كذَب. والمَذيذُ والمِذْميذُ: الْكَذَّابُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: مَذْمَذيٌّ، وَهُوَ الظَّرِيفُ الْمُخْتَالُ، وَهُوَ المَذْماذ. ابْنُ بُزُرْجَ: يُقَالُ مَا رأَيته مُذْ عامِ الأَوَّلِ، وقال العوام: مُذْ عامٍ أَوَّلَ، وَقَالَ أَبو هِلَالٍ: مُذْ عَامًا أَول، وَقَالَ الْآخَرُ: مُذْ عامٌ أَوَّلُ، وَمُذْ عامُ(3/508)
الأَوَّلِ، وقال نجاد: مُذْ عامٌ أَوّلُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمْ أَره مُذُ يَوْمَانِ وَلَمْ أَره مُنْذُ يَوْمَيْنِ، يرفع بمذ ويخفض بمنذ، وسنذكره في منذ.
مرذ: الأَصمعي: حَذَوْتُ وَحَثَوْتُ، وَهُوَ الْقِيَامُ عَلَى أَطراف الأَصابع. قَالَ: ومَرَثَ فلانٌ الخُبز فِي الْمَاءِ ومَرَذَه إِذا ماثَهُ؛ وَرَوَاهُ الإِيادي مَرَذَهُ، بِالذَّالِ، وَغَيْرُهُ يَقُولُ مَرَدَهُ، بِالدَّالِ؛ وَرَوَى بَيْتَ النَّابِغَةِ:
فَلَمَّا أَبى أَنْ يَنْقُصَ القَوْدُ لحمَهُ، ... نَزَعْنا المَرِيذَ والمَدِيدَ لِيَضْمُرَا
وَيُقَالُ: امْرُذِ الثريدَ فتَفُتُّه ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهِ اللَّبَنَ ثُمَّ تَمَيّثُه وتَحسّاه.
ملذ: مَلَذَه يَمْلُذُه مَلْذاً: أَرضاه بِكَلَامٍ لَطِيفٍ وأَسمعه مَا يُسِرُّ وَلَا فِعْلَ لَهُ مَعَهُ؛ قَالَ أَبو إِسحق: الذَّالُ فِيهَا بَدَلٌ مِنَ الثَّاءِ. وَرَجُلٌ مَلَّاذٌ ومِلْوذ ومَلَذان ومَلَذانيٌّ: يَتَصَنَّعُ كَذُوبٌ لَا يَصِحُّ وُدُّهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَذَّابُ الَّذِي لَا يَصْدُقُ أَثره يُكَذِّبُكَ مِنْ أَين جَاءَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جئتُ فسلّمتُ عَلَى مُعاذِ، ... تسليمَ مَلَّاذٍ عَلَى مَلَّاذِ
والمَلْثُ: مِثْلُ المَلْذِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
إِني إِذا عَنَّ مِعَنٌّ مِتْيَحُ، ... ذُو نَخْوَةٍ أَو جَدِلٌ بَلَنْدَحُ،
أَو كَيْذُبانٌ مَلَذَانٌ مِمْسَحُ
والمِمْسَحُ: الْكَذَّابُ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ وَتَمَثَّلَتْ بِشِعْرِ لَبِيدٍ:
مُتَحدّثُون مَخانَةً ومَلاذَةً ... ويعاب قايِلُهُمْ، وإِن لم يَشْعَبِ
المَلاذَةُ: مَصْدَرُ مَلَذَه مَلْذاً ومَلاذَةً. والمِلْوذُ: الَّذِي لَا يَصْدُقُ فِي مَوَدَّتِهِ، وأَصل الملْذ السُّرْعَةُ فِي الْمَجِيءِ وَالذَّهَابِ. الْجَوْهَرِيُّ: المَلَّاذُ المُطَرْمِذ الْكَذَّابُ، لَهُ كَلَامٌ وَلَيْسَ لَهُ فِعَالٌ. ومَلَذَهُ بِالرُّمْحِ مَلْذاً: طَعَنَهُ. والمَلْذُ فِي عَدْوِ الْفَرَسِ: مَدٌّ ضَبُعَيْه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ حِمَارًا وأُتنه:
إِذا مَلَذَ التَّقْريبَ حاكَينَ مَلْذَهُ، ... وإِن هُوَ مِنْهُ آلَ أُلْنَ إِلى النَّقَلْ
وَمَلَذَ الفرسُ يَمْلُذُ مَلْذاً، وَهُوَ أَن يمدَّ ضَبُعَيْهِ حتى لا يجد مَزِيدًا لِلَّحَاقِ وَيَحْبِسَ رِجْلَيْهِ حَتَّى لَا يَجِدَ مَزِيدًا لِلَّحَاقِ فِي غَيْرِ اخْتِلَاطٍ. وَذِئْبٌ ملَّاذ: خَفِيُّ خَفِيفٌ. والمَلَذانُ: الَّذِي يُظهر النُّصْحَ ويضمر غيره.
منذ: قَالَ اللَّيْثُ: مُنْذُ النُّونِ وَالذَّالُ فِيهَا أَصليان، وَقِيلَ: إِن بِنَاءَ مُنْذُ مأْخوذ مِنْ قَوْلِكَ [مِنْ إِذ] وَكَذَلِكَ مَعْنَاهَا مِنَ الزَّمَانِ إِذا قُلْتَ مُنْذُ كَانَ مَعْنَاهُ [مِنْ إِذ] كَانَ ذَلِكَ. ومُنْذُ ومُذْ: مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي. ابْنُ بُزُرْجَ: يُقَالُ مَا رأَيته مُذْ عامِ الأَوّلِ، وَقَالَ العوام: مُذْ عامٍ أَوّلَ، وَقَالَ أَبو هِلَالٍ: مُذْ عَامًا أَوّل، وَقَالَ الْآخَرُ: مُذْ عامٌ أَوّلُ ومُذْ عامُ الأَوّلِ، وقال نَجاد: مُذْ عامٌ أَوّلُ، وقال غَيْرُهُ: لَمْ أَره مُذُ يَوْمَانِ وَلَمْ أَره مُنْذُ يومين، يرفع بمذ ويخفض بِمُنْذُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَذَذَ. ابْنُ سِيدَهْ: مُنْذُ تَحْدِيدُ غَايَةٍ زَمَانِيَّةٍ، النُّونُ فِيهَا أَصلية، رُفِعَتْ عَلَى تَوَهُّمِ الْغَايَةِ؛ قِيلَ: وأَصلها [مِنْ إِذ] وَقَدْ تُحْذَفُ النُّونُ فِي لُغَةٍ، وَلَمَّا كَثُرَتْ فِي الْكَلَامِ طُرِحَتْ هَمْزَتُهَا وَجُعِلَتْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، وَمُذْ مَحْذُوفَةٌ مِنْهَا تَحْدِيدُ غَايَةٍ زَمَانِيَّةٍ أَيضاً. وَقَوْلُهُمْ: مَا رأَيته مُذُ الْيَوْمِ، حَرَّكُوهَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَلَمْ يَكْسِرُوهَا لَكِنَّهُمْ ضَمُّوهَا لأَن أَصلها الضَّمُّ فِي مُنْذُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَكِنَّهُ الأَصل الأَقرب، أَلا تَرَى أَن أَوّل حَالِ هَذِهِ الذَّالِ أَن تَكُونَ سَاكِنَةً؟ وإِنما ضُمَّتْ لِالْتِقَاءِ(3/509)
السَّاكِنَيْنِ إِتباعاً لِضَمَّةِ الْمِيمِ، فَهَذَا عَلَى الْحَقِيقَةِ هُوَ الأَصل الأَوّل؛ قَالَ: فأَما ضَمُّ ذَالِ مُنْذُ فإِنما هُوَ فِي الرُّتْبَةِ بَعْدَ سُكُونِهَا الأَوّل الْمُقَدَّرِ، وَيَدُلُّكَ عَلَى أَن حَرَكَتَهَا إِنما هِيَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، أَنه لَمَّا زَالَ الْتِقَاؤُهُمَا سُكِّنَتِ الذَّالُ، فضمُّ الذَّالِ إِذاً فِي قَوْلِهِمْ مُذُ الْيَوْمِ وَمُذُ اللَّيْلَةِ، إِنما هُوَ رَدٌّ إِلى الأَصل الأَقرب الَّذِي هُوَ مُنْذُ دُونِ الأَصل، إِلا بَعْدَ الَّذِي هُوَ سُكُونُ الذَّالِ فِي مُنْذُ قَبْلَ أَن تُحَرَّكَ فِيمَا بَعْدُ؛ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْعَرَبُ فِي مُذْ وَمُنْذُ: فَبَعْضُهُمْ يَخْفِضُ بِمُذْ مَا مَضَى وَمَا لَمْ يَمْضِ، وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُ بِمُنْذُ مَا مَضَى وَمَا لَمْ يَمْضِ. وَالْكَلَامُ أَن يُخْفَضَ بِمُذْ مَا لَمْ يَمْضِ وَيُرْفَعَ مَا مَضَى، وَيُخْفَضُ بِمُنْذُ مَا لَمْ يَمْضِ وَمَا مَضَى، وَهُوَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَجمعت الْعَرَبُ عَلَى ضَمِّ الذَّالِ مِنْ مُنْذُ إِذا كَانَ بَعْدَهَا مُتَحَرِّكٌ أَو سَاكِنٌ كَقَوْلِكَ لَمْ أَره مُنْذُ يَوْمٍ وَمُنْذُ الْيَوْمِ، وَعَلَى إِسكان مُذْ إِذا كَانَ بَعْدَهَا مُتَحَرِّكٌ، وَتَحْرِيكُهَا بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ إِذا كَانَتْ بَعْدَهَا أَلف وَصْلٍ، وَمَثَّلَهُ الأَزهري فَقَالَ: كَقَوْلِكَ لَمْ أَره مُذُ يَوْمَانِ وَلَمْ أَره مُذُ الْيَوْمِ. وَسُئِلَ بَعْضُ الْعَرَبِ: لِمَ خَفَضُوا بِمُنْذُ وَرَفَعُوا بِمُذْ فَقَالَ: لأَن مُنْذُ كَانَتْ فِي الأَصل مِنْ إِذ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْكَلَامِ فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ وَضُمَّتِ الْمِيمُ، وَخَفَضُوا بِهَا عَلَى عِلَّةِ الأَصل، قَالَ: وأَما مُذْ فإِنهم لَمَّا حَذَفُوا مِنْهَا النُّونَ ذَهَبَتِ الْآلَةُ الْخَافِضَةُ وَضَمُّوا الْمِيمَ مِنْهَا لِيَكُونَ أَمتن لَهَا، وَرَفَعُوا بِهَا مَا مَضَى مَعَ سُكُونِ الذَّالِ لِيُفَرِّقُوا بِهَا بَيْنَ مَا مَضَى وَبَيْنَ مَا لَمْ يَمْضِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: مُنْذُ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ، وَمُذْ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصْلُحُ أَن يَكُونَ حَرْفَ جَرٍّ فَتَجُرَّ مَا بَعْدَهُمَا وَتُجْرِيهِمَا مَجْرَى فِي، وَلَا تُدْخِلْهُمَا حِينَئِذٍ إِلا عَلَى زَمَانٍ أَنت فِيهِ، فَتَقُولُ: مَا رأَيته مُنْذُ اللَّيْلَةِ، وَيَصْلُحُ أَن يَكُونَا اسْمَيْنِ فَتَرْفَعُ مَا بَعْدَهُمَا عَلَى التَّارِيخِ أَو عَلَى التَّوْقِيتِ، وَتَقُولُ فِي التَّارِيخِ: مَا رأَيته مُذْ يومُ الْجُمْعَةِ، وَتَقُولُ فِي التَّوْقِيتِ: مَا رأَيته مُذْ سنةٌ أَي أَمد ذَلِكَ سَنَةٌ، وَلَا يَقَعُ هَاهُنَا إِلا نَكِرَةً، فَلَا تَقُولُ مُذْ سنةُ كَذَا، وإِنما تَقُولُ مُذْ سنةٌ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: مُنْذُ لِلزَّمَانِ نَظِيرُهُ مِنْ لِلْمَكَانِ، وَنَاسٌ يَقُولُونَ إِن مُنْذُ فِي الأَصل كَلِمَتَانِ [مِنْ إِذ] جُعِلَتَا وَاحِدَةً، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَبَنُو عُبَيْدٍ مِنْ غَنِيٍّ يُحَرِّكُونَ الذَّالَ مِنْ مُنْذُ عِنْدِ الْمُتَحَرِّكِ وَالسَّاكِنِ، وَيَرْفَعُونَ مَا بَعْدَهَا فَيَقُولُونَ: مذُ اليومُ، وَبَعْضُهُمْ يَكْسِرُ عِنْدَ السَّاكِنِ فَيَقُولُ مذِ اليومُ. قَالَ: وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ. قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: وَوَجْهُ جَوَازِ هَذَا عِنْدِي عَلَى ضَعْفِهِ أَنه شبَّه ذَالَ مُذْ بِدَالِ قَدْ وَلَامِ هَلْ فَكَسَرَهَا حِينَ احْتَاجَ إِلى ذَلِكَ كَمَا كَسَرَ لَامَ هَلْ وَدَالَ قَدْ. وَحُكِيَ عَنْ بَنِي سُلَيْمٍ: مَا رأَيته مِنذ سِتٌّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ وَرَفْعِ مَا بَعْدَهُ. وَحُكِيَ عَنْ عَكْلٍ: مِذُ يَوْمَانِ، بِطَرْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَضَمِّ الذَّالِ. وَقَالَ بَنُو ضَبَّةَ: وَالرَّبَابُ يَخْفِضُونَ بِمُذْ كُلَّ شَيْءٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما مُذْ فَيَكُونُ ابْتِدَاءَ غَايَةِ الأَيام والأَحيان كَمَا كَانَتْ مِنْ فِيمَا ذَكَرْتُ لَكَ وَلَا تَدْخُلُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبَتِهَا، وَذَلِكَ قَوْلُكَ: مَا لَقِيتُهُ مُذْ يَوْمَ الْجُمْعَةِ إِلى الْيَوْمِ، وَمُذْ غدوةَ إِلى السَّاعَةِ، وَمَا لَقِيتُهُ مُذِ اليومِ إِلى سَاعَتِكَ هَذِهِ، فَجَعَلْتَ الْيَوْمَ أَول غَايَتِكَ وأَجْرَيْتَ فِي بَابِهَا كَمَا جَرَتْ مِنْ حَيْثُ قُلْتَ: مِنْ مَكَانِ كَذَا إِلى مَكَانِ كَذَا؛ وَتَقُولُ: مَا رأَيته مُذْ يَوْمَيْنِ فَجَعَلْتَهُ غَايَةً كَمَا قُلْتَ: أَخذته مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ فَجَعَلْتَهُ غَايَةً وَلَمْ تُرِدْ مُنْتَهًى؛ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَدْ تُحْذَفُ النُّونُ مِنَ الأَسماء عَيْنًا فِي قَوْلِهِمْ مُذْ وأَصله مُنْذُ، وَلَوْ صَغَّرْتَ مُذِ اسْمَ رَجُلٍ لَقُلْتَ مُنَيْذ، فَرَدَدْتَ النُّونَ الْمَحْذُوفَةَ لِيَصِحَّ لَكَ وَزَنُ فُعَيْل. التَّهْذِيبُ: وَفِي مُذْ وَمُنْذُ لُغَاتٌ شَاذَّةٌ تَكَلَّمَ بِهَا الخَطِيئَة مِنْ أَحياء الْعَرَبِ فَلَا يعبأُ بِهَا، وإِن جُمْهُورَ الْعَرَبِ عَلَى مَا بُيِّنَ فِي(3/510)
صَدْرِ التَّرْجَمَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي مُذْ وَمُنْذُ: هُمَا حَرْفَانِ مَبْنِيَّانِ مِنْ حَرْفَيْنِ مِنْ مِنْ وَمِنْ ذُو الَّتِي بِمَعْنَى الَّذِي فِي لغة طيء، فإِذا خُفِضَ بِهِمَا أُجريتا مُجْرى مِنْ، وإِذا رُفِعَ بِهِمَا مَا بَعْدَهُمَا بإِضمارٍ كَانَ فِي الصِّلَةِ، كأَنه قَالَ مِنَ الَّذِي هُوَ يَوْمَانِ، قَالَ وغلَّبوا الْخَفْضَ فِي مُنْذُ لِظُهُورِ النُّونِ.
موذ: مَاذَ إِذا كَذَب. والماذُ: الحَسَنُ الخُلُقِ الفَكِهُ النَّفْسِ الطَّيِّبُ الْكَلَامِ. قَالَ: وَالْمَادُّ، بِالدَّالِ، الذَّاهِبُ وَالْجَائِي فِي خِفَّةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الماذِيُّ العَسل الأَبيض؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْعَبَادِيُّ:
ومَلابٍ قَدْ تَلَهَّيْتُ بِهَا، ... وقَصَرْتُ اليومَ فِي بيتِ عِذَارْ
فِي سَمَاعٍ يَأْذَنُ الشيخُ لَهُ، ... وحديثٍ مثلِ ماذِيٍّ مُشَارْ
مُشَارٌ: مِنْ أَشرت الْعَسَلَ إِذا جَنَيْتَهُ. يُقَالُ: شُرْتُ الْعَسَلَ وأَشَرْتُه، وشُرْتُ أَكثر. وَالْمَاذِيَةُ: الدِّرْعُ اللَّيِّنَةُ السهلة. والماذية: الخمر.
موبذ: فِي حَدِيثِ
سَطِيحٍ: فأَرسل كِسْرَى إِلى المُوبَذانِ
؛ المُوبَذانُ لِلْمَجُوسِ: كَقَاضِي الْقُضَاةِ للمسلمين. والمُوبَذ: القاضي.
ميذ: اللَّيْثُ: المِيذُ جِيلٌ مِنَ الْهِنْدِ بِمَنْزِلَةِ التُّرْكِ يَغْزُونَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْبَحْرِ.
فصل النون
نبذ: النَّبْذُ: طَرْحُكَ الشَّيْءَ مِنْ يَدِكَ أَمامك أَو وَرَاءَكَ. نَبَذْتُ الشَّيْءَ أَنْبِذُه نَبْذاً إِذا أَلقيته مِنْ يَدِكَ، ونَبَّذته، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَنَبَذْتُ الشَّيْءَ أَيضاً إِذا رَمَيْتَهُ وأَبعدته؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَنَبَذَ خَاتَمَهُ، فَنَبَذَ النَّاسَ خَوَاتِيمَهُمْ
أَي أَلقاها مِنْ يَدِهِ. وكلُّ طرحٍ: نَبْذٌ؛ نَبَذه يَنْبِذُه نَبْذاً. وَالنَّبِيذُ: مَعْرُوفٌ، وَاحِدُ الأَنبذة. وَالنَّبِيذُ: الشَّيْءُ الْمَنْبُوذُ. وَالنَّبِيذُ: مَا نُبِذَ مِنْ عَصِيرٍ وَنَحْوِهِ. وَقَدْ نَبَذَ النَّبِيذَ وأَنبذه وانتبَذه ونَبَّذَه ونَبَذْتُ نَبِيذًا إِذا تَّخَذْتَهُ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ أَنْبَذْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَبَّذوا وانْتَبَذُوا.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: نَبَذَ تَمْرًا جَعَلَهُ نَبِيذًا، وَحَكَى أَيضاً: أَنبذ فُلَانٌ تَمْرًا؛ قَالَ: وَهِيَ قَلِيلَةٌ وإِنما سُمِّيَ نَبِيذًا لأَن الَّذِي يَتَّخِذُهُ يأْخذ تَمْرًا أَو زَبِيبًا فَيَنْبِذُهُ فِي وِعَاءٍ أَو سِقَاءٍ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَيَتْرُكُهُ حَتَّى يَفُورَ فَيَصِيرَ مُسْكِرًا. وَالنَّبْذُ: الطَّرْحُ، وَهُوَ مَا لَمْ يُسْكِرْ حَلَالٌ فإِذا أَسكر حَرُمَ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ النَّبِيذِ، وَهُوَ مَا يُعْمَلُ مِنَ الأَشربة مِنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. يُقَالُ: نَبَذْتُ التَّمْرَ وَالْعِنَبَ إِذا تَرَكْتَ عَلَيْهِ الْمَاءَ لِيَصِيرَ نَبِيذًا، فَصُرِفَ مِنْ مَفْعُولٍ إِلى فَعِيلٍ. وَانْتَبَذْتُهُ: اتَّخَذْتُهُ نَبِيذًا وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْكِرًا أَو غَيْرَ مُسْكِرٍ فإِنه يُقَالُ لَهُ نَبِيذٌ، وَيُقَالُ لِلْخَمْرِ المعتصَرة مِنَ الْعِنَبِ: نَبِيذٌ، كَمَا يُقَالُ لِلنَّبِيذِ خَمْرٌ. وَنَبَذَ الْكِتَابَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ: أَلقاه. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ
؛ وَكَذَلِكَ نَبَذَ إِليه الْقَوْلَ. وَالْمَنْبُوذُ: وَلَدُ الزِّنَا لأَنه يُنبذ عَلَى الطَّرِيقِ، وَهُمُ المَنَابذة، والأُنثى مَنْبُوذَةٌ وَنَبِيذَةٌ، وَهُمُ الْمَنْبُوذُونَ لأَنهم يُطْرحون. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْمَنْبُوذُ الَّذِي تَنْبِذُهُ وَالِدَتُهُ فِي الطَّرِيقِ حِينَ تَلِدُهُ فَيَلْتَقِطُهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيَقُومُ بأَمره، وَسَوَاءٌ حَمَلَتْهُ أُمّه مِنْ زِنًا أَو نِكَاحٍ لَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ لَهُ وَلَدُ الزِّنَا لِمَا أَمكن فِي نَسَبِهِ مِنَ الثَّبَاتِ.(3/511)
وَالنَّبِيذَةُ وَالْمَنْبُوذَةُ: الَّتِي لَا تُؤْكَلُ مِنَ الْهُزَالِ، شَاةً كَانَتْ أَو غَيْرَهَا، وَذَلِكَ لأَنها تُنْبَذُ. وَيُقَالُ لِلشَّاةِ الْمَهْزُولَةِ الَّتِي يُهْمِلُهَا أَهلوها: نَبِيذَةٌ. وَيُقَالُ لِمَا يُنْبَثُ مِنْ تُرَابِ الْحُفْرَةِ: نَبِيثَةٌ وَنَبِيذَةٌ، وَالْجَمْعُ النَّبَائِثُ وَالنَّبَائِذُ. وَجَلَسَ نَبْذةً ونُبْذَةً أَي نَاحِيَةً. وَانْتَبَذَ عَنْ قَوْمِهِ: تَنَحَّى. وَانْتَبَذَ فُلَانٌ إِلى نَاحِيَةٍ أَي تَنَحَّى نَاحِيَةً؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ مريم: انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا
. وَالْمُنْتَبِذُ: الْمُتَنَحِّي نَاحِيَةً؛ قَالَ لَبِيَدٌ:
يَجْتابُ أَصْلًا قَالِصًا، مُتَنَبّذاً ... بِعُجُوبِ أَنْقاءٍ، يَميلُ هَيَامُها «2»
وَانْتَبَذَ فُلَانٌ أَي ذَهَبَ نَاحِيَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ بِقَبْرٍ مُنْتَبِذ عَنِ الْقُبُورِ
أَي مُنْفَرِدٍ بَعِيدٍ عَنْهَا. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
انْتَهَى إِلى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ
؛ يُرْوَى بِتَنْوِينِ الْقَبْرِ وبالإِضافة، فَمَعَ التَّنْوِينِ هُوَ بِمَعْنَى الأَول، وَمَعَ الإِضافة يَكُونُ الْمَنْبُوذُ اللَّقِيطَ أَي بِقَبْرِ إِنسان مَنْبُوذٍ رَمَتْهُ أُمّه عَلَى الطَّرِيقِ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
تَلِدُهُ أُمّه وَهِيَ مَنْبُوذة فِي قَبْرِهَا
أَي مُلْقاة. وَالْمُنَابَذَةُ وَالِانْتِبَاذُ: تَحَيُّزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي الْحَرْبِ. وَقَدْ نَابَذَهُمُ الحربَ ونَبَذَ إِليهم عَلَى سَوَاءٍ يَنْبِذ أَي نَابَذَهُمُ الْحَرْبَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ
؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَلَى سَوَاءٍ أَي عَلَى الْحَقِّ وَالْعَدْلِ. وَنَابَذَهُ الْحَرْبَ: كَاشَفَهُ. والمُنابذة: انْتِبَاذُ الْفَرِيقَيْنِ لِلْحَقِّ؛ تَقُولُ: نَابَذْنَاهُمُ الْحَرْبَ وَنَبَذْنَا إِليهم الْحَرْبَ عَلَى سَوَاءٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْمُنَابَذَةُ أَن يَكُونَ بَيْنَ فَرِيقَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَهْدٌ وَهُدْنَةٌ بَعْدَ الْقِتَالِ، ثُمَّ أَرادا نَقْضَ ذَلِكَ الْعَهْدِ فَيَنْبِذُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا إِلى صَاحِبِهِ الْعَهْدَ الَّذِي تَهَادَنَا عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ
؛ الْمَعْنَى: إِن كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ قَوْمٍ هُدْنَةٌ فَخِفْتَ مِنْهُمْ نَقْضًا لِلْعَهْدِ فَلَا تُبَادِرُ إِلى النَّقْضِ حَتَّى تُلْقِيَ إِليهم أَنك قَدْ نَقَضْتَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، فَيَكُونُوا مَعَكَ فِي عِلْمِ النَّقْضِ وَالْعَوْدِ إِلى الْحَرْبِ مُسْتَوِينَ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ: وإِن أَبيتم نَابَذْنَاكُمْ عَلَى سَوَاءٍ
أَيْ كَاشَفْنَاكُمْ وَقَاتَلْنَاكُمْ عَلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ مُسْتَوْفِي الْعِلْمَ بِالْمُنَابَذَةِ مِنَّا وَمِنْكُمْ بأَن نُظْهِرَ لَهُمُ الْعَزْمَ عَلَى قِتَالِهِمْ وَنُخْبِرَهُمْ بِهِ إِخباراً مَكْشُوفًا. وَالنَّبْذُ: يَكُونُ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ فِي الأَجسام وَالْمَعَانِي؛ وَمِنْهُ نَبَذَ الْعَهْدَ إِذا نَقَضَهُ وأَلقاه إِلى مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنِهِ. وَالْمُنَابَذَةُ فِي التَّجْر: أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: انْبِذ إِليّ الثَّوْبَ أَو غَيْرَهُ مِنَ الْمَتَاعِ أَو أَنبذه إِليك فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ بِكَذَا وَكَذَا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْمُنَابَذَةُ أَن تَرْمِيَ إِليه بِالثَّوْبِ وَيَرْمِيَ إِليك بِمِثْلِهِ؛ وَالْمُنَابَذَةُ أَيضاً: أَن يَرْمِيَ إِليك بِحَصَاةٍ؛ عَنْهُ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنِ الْمُنَابَذَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْمُلَامَسَةِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمُنَابَذَةُ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ انْبِذْ إِليّ الثَّوْبَ أَو غَيْرَهُ مِنَ الْمَتَاعِ أَو أَنبذه إِليك وَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ بِكَذَا وَكَذَا. قَالَ: وَيُقَالُ إِنما هِيَ أَن تَقُولَ إِذا نَبَذْتُ الْحَصَاةَ إِليك فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ؛ وَمِمَّا يُحَقِّقُهُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
أَنه نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ
فَيَكُونُ الْبَيْعُ مُعَاطَاةً مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا يَصِحُّ. وَنَبِيذَةُ الْبِئْرِ: نَبِيثَتُها، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن الذَّالَ بَدَلٌ مِنَ الثاءِ. والنَّبْذ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ، وَالْجَمْعُ أَنباذ. وَيُقَالُ: فِي هَذَا العِذْق نَبْذٌ قَلِيلٌ مِنَ الرُّطَب ووخْرٌ قَلِيلٌ، وَهُوَ أَن يُرْطب فِي الْخَطِيئَةِ «3» بَعْدَ الْخَطِيئَةِ. ويقال:
__________
(2) . قوله [متنبذاً] هكذا بالأصل الذي بأيدينا، وهو كذلك في عدة من نسخ الصحاح المعتمدة في مواضع منه وهو لا يناسب المستشهد عليه، وهو قوله: والمنتبذ المتنحي إلخ، فلعله محرف عن المتنبذ وهو كذلك في شرح القاموس.
(3) . قوله [أَنْ يُرْطِبَ فِي الْخَطِيئَةِ] أَي أن يقع أرطابه أي العذق في الجماعة القائمة من شماريخه أَو بلحه فإن الخطيئة الْقَلِيلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.(3/512)
ذَهَبَ مَالُهُ وَبَقِيَ نَبْذٌ مِنْهُ ونُبْذَةٌ أَي شَيْءٌ يَسِيرٌ؛ وبأَرض كَذَا نَبْذٌ مِنْ مَالٍ وَمِنْ كلإٍ. وَفِي رأْسه نَبْذٌ مِنْ شَيْب. وأَصاب الأَرض نَبْذٌ مِنْ مَطَرٍ أَي شَيْءٌ يَسِيرٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: إِنما كَانَ الْبَيَاضُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَفِي الرأْس نَبْذٌ
أَي يَسِيرٌ مِنْ شَيْبٍ؛ يَعْنِي بِهِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ عطيَّة: نُبْذَةُ قُسْطٍ وأَظفارٍ
أَي قِطْعَةٌ مِنْهُ. ورأَيت فِي العِذْقِ نَبْذاً مِنْ خُضْرَة وَفِي اللِّحْيَةِ نَبْذاً مِنْ شَيْبٍ أَي قَلِيلًا؛ وَكَذَلِكَ الْقَلِيلُ مِنَ النَّاسِ والكلإِ. والمِنْبَذَةُ: الوِسادَةُ المُتَّكَأُ عَلَيْهَا؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَمر لَهُ لَمَّا أَتاه بِمِنْبَذَةٍ وَقَالَ: إِذا أَتاكم كريم قوم فأَكرموه
؛ وَسُمِّيَتِ الوِسادَةُ مِنْبَذَةً لأَنها تُنْبَذُ بالأَرض أَي تُطْرَحُ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فأَمر بالسِّتْرِ أَنْ يُقْطَعَ ويُجْعَلَ لَهُ مِنْهُ وِسَادَتَانِ مَنْبُوذَتَانِ.
ونَبَذَ العِرْقُ يَنْبِذُ نَبْذاً: ضَرَبَ، لُغَةٌ فِي نَبَضَ، وَفِي الصِّحَاحِ: يَنْبِذُ نَبَذاناً لُغَةٌ فِي نبض، والله أَعلم.
نجذ: النَّواجذ: أَقصى الأَضراس، وَهِيَ أَربعة فِي أَقصى الأَسنان بَعْدَ الأَرْحاءِ، وَتُسَمَّى ضِرْسَ الحلُم لأَنه يَنْبُتُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَمَالِ الْعَقْلِ؛ وَقِيلَ: النَّوَاجِذُ الَّتِي تَلِي الأَنْيابَ، وَقِيلَ: هِيَ الأَضراس كُلُّهَا نواجِذُ. وَيُقَالُ: ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ إِذا اسْتَغْرَقَ فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ تَكُونُ النَّوَاجِذُ لِلْفَرَسِ، وَهِيَ الأَنياب مِنَ الْخُفِّ والسّوالِغُ مِنَ الظِّلْف؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَذْكُرُ إِبلًا حِدَادَ الأَنياب:
يُبَاكِرْنَ العِضاهَ بِمُقْنَعَاتٍ، ... نَواجِذُهُنَّ كالحِدَإِ الوَقِيعِ
والنَّجْذُ: شِدَّةُ الْعَضِّ بِالنَّاجِذِ، وَهُوَ السِّنُّ بَيْنَ النَّابِ والأَضراس. وَقَوْلُ الْعَرَبِ: بَدَتْ نَوَاجِذُهُ إِذا أَظهرها غَضَبًا أَو ضَحِكًا. وعَضَّ عَلَى نَاجِذِهِ: تحَنَّكَ. وَرَجُلٌ مُنَجَّذٌ: مُجَرَّبٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أَصابته الْبَلَايَا، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي التَّهْذِيبِ: رَجُلٌ مُنَجَّذٌ ومُنَجِّذٌ الَّذِي جَرَّبَ الأُمور وَعَرَفَهَا وأَحكمها، وَهُوَ المجرَّب والمُجرِّب؛ قَالَ سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ:
وَمَاذَا يَدَّرِي الشعراءُ مِنِّي، ... وَقَدْ جاوزتُ حَدَّ الأَربعينِ؟
أَخُو خمْسِين مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي، ... ونَجَّذَني مُدَاوَرةُ الشُّؤون
مداورة الشؤون يَعْنِي مُدَاوَلَةَ الأُمور وَمُعَالَجَتَهَا. ويَدَّرِي: يَخْتِلُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا بَلَغَ أَشدّه: قَدْ عضَّ عَلَى نَاجِذِهِ، وَذَلِكَ أَن النَّاجِذَ يَطْلعُ إِذا أَسنَّ، وَهُوَ أَقصى الأَضراس. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي النَّوَاجِذِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي جاءَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَنه ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ.
وَرَوَى عَبْدُ خَيْرٍ عَنْ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن الْمَلَكَيْنِ قَاعِدَانِ عَلَى ناجذَي الْعَبْدِ يَكْتُبَانِ
، يَعْنِي سِنَّيْهِ الضَّاحِكَيْنِ وَهُمَا اللَّذَانِ بَيْنَ النَّابِ والأَضراس؛ وَقِيلَ: أَراد النَّابَيْنِ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَعْنَى النَّوَاجِذِ فِي قَوْلِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الأَنياب وَهُوَ أَحسن مَا قِيلَ فِي النَّوَاجِذِ لأَن الْخَبَرَ أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، كان جل ضَحِكُهُ تَبَسُّمًا. قَالَ ابْنُ الأَثير: النَّوَاجِذُ مِنَ الأَسنان الضَّوَاحِكُ، وَهِيَ الَّتِي تَبْدُو عِنْدَ الضَّحِكِ والأَكثر الأَشهر أَنها أَقصى الأَسنان؛ وَالْمُرَادُ الأَوّل أَنه مَا كَانَ يَبْلُغُ بِهِ الضَّحِكُ حَتَّى تبدُوَ أَواخر أَضراسه، كَيْفَ وَقَدْ جَاءَ فِي صِفَةِ ضَحِكِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ؟
وإِن أُريد بِهَا الأَواخر فَالْوَجْهُ فِيهِ أَن يُرِيدَ مُبَالَغَةَ مِثْلِهِ فِي ضَحِكِهِ مِنْ غَيْرِ أَن يُرَادَ ظُهُورُ نَوَاجِذِهِ فِي الضَّحِكِ.(3/513)
قَالَ: وَهُوَ أَقيس الْقَوْلَيْنِ لِاشْتِهَارِ النَّوَاجِذِ بأَواخر الأَسنان؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
العِرْباض: عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ
أَي تَمَسَّكُوا بِهَا كَمَا يَتَمَسَّكُ الْعَاضُّ بِجَمِيعِ أَضراسه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه: وَلَنْ يَلِيَ الناسَ كَقُرَشِيٍّ عَضَّ عَلَى نَاجِذِهِ
أَي صبَرَ وتَصَلَّبَ فِي الأُمور. والمَناجِذُ: الفَأْرُ العُمْيُ، وَاحِدُهَا جُلْذٌ كَمَا أَن المَخَاضَ مِنَ الإِبل إِنما وَاحِدُهَا خَلِفَةٌ، وَرُبَّ شَيْءٍ هَكَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الجُلْذِ، كَذَا قَالَ: الفأْر، ثُمَّ قَالَ: الْعُمْيُ، يَذْهَبُ فِي الفأْر إِلى الْجِنْسِ. والأَنْجُذانُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ، هَمْزَتُهُ زَائِدَةٌ لِكَثْرَةِ ذَلِكَ وَنُونُهَا أَصل وإِن لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ أَفْعُلٌ، لَكِنَّ الأَلف وَالنُّونَ مُسَهِّلتان لِلْبِنَاءِ كَالْهَاءِ، وَيَاءُ النَّسَبِ فِي أَسْنمَة وأَيْبُليّ.
نفذ: النَّفاذ: الْجَوَازُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: جوازُ الشَّيْءِ والخلوصُ مِنْهُ. تَقُولُ: نَفَذْت أَي جُزْت، وَقَدْ نَفَذَ يَنْفُذُ نَفَاذاً ونُفُوذاً. وَرَجُلٌ نافِذٌ فِي أَمره، ونَفُوذٌ ونَفَّاذٌ: ماضٍ فِي جَمِيعِ أَمره، وأَمره نَافِذٌ أَي مُطاع. وَفِي حَدِيثِ:
بِرُّ الْوَالِدَيْنِ الاستغفارُ لَهُمَا وإِنْفاذُ عَهْدِهِمَا
أَي إِمضاء وَصِيَّتِهِمَا وَمَا عَهِدا بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِمَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُحْرِمِ:
إِذا أَصاب أَهلَه يَنْفُذان لِوَجْهِهِمَا
؛ أَي يَمْضِيَانِ عَلَى حَالِهِمَا وَلَا يُبْطلان حَجَّهُمَا. يُقَالُ: رَجُلٌ نَافِذٌ فِي أَمره أَي مَاضٍ. ونَفَذَ السَّهْمُ الرَّمِيَّةَ ونَفَذَ فِيهَا يَنْفُذُها نَفْذاً ونَفَاذاً: خَالَطَ جَوْفَهَا ثُمَّ خَرَجَ طرَفُه مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ وَسَائِرُهُ فِيهِ. يُقَالُ: نَفَذَ السهمُ مِنَ الرَّمْيَةِ يَنْفُذُ نَفَاذاً ونَفَذَ الكتابُ إِلى فُلَانٍ نَفَاذاً ونُفُوذاً، وأَنْفَذْتُه أَنا، والتَّنْفِيذُ مِثْلُهُ. وَطَعْنَةٌ نَافِذَةٌ: مُنْتَظِمَةُ الشِّقَّيْنِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والنَّفاذ، عِنْدَ الأَخْفش، حَرَكَةُ هَاءِ الْوَصْلِ الَّتِي تَكُونُ للإِضمار وَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْ حُرُوفِ الْوَصْلِ غَيْرُهَا نَحْوُ فتحةِ الْهَاءِ مِنْ قَوْلِهِ:
رَحَلَتْ سُمَيَّةُ غُدْوَةً أَحمالَها
وَكَسْرَةُ هَاءِ:
تجرَّدَ الْمَجْنُونُ مِنْ كِسَائِهِ
وَضَمَّةُ هَاءِ:
وبلَدٍ عاميةٍ أَعماؤه
سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه أَنفذ حَرَكَةَ هَاءِ الْوَصْلِ إِلى حَرْفِ الْخُرُوجِ، وَقَدْ دَلَّتِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَن حَرَكَةَ هَاءِ الْوَصْلِ لَيْسَ لَهَا قُوَّةٌ فِي الْقِيَاسِ مِنْ قِبَلِ أَنّ حُرُوفَ الْوَصْلِ الْمُتَمَكِّنَةَ فِيهِ الَّتِي هِيَ «1» الْهَاءُ مَحْمُولَةٌ فِي الْوَصْلِ عَلَيْهَا، وَهِيَ الأَلف وَالْيَاءُ وَالْوَاوُ لَا يَكُنَّ فِي الْوَصْلِ إِلَّا سَوَاكِنَ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتْ هَاءُ الْوَصْلِ شَابَهَتْ بِذَلِكَ حُرُوفَ الرَّوِيِّ وَتَنَزَّلَتْ حُرُوفُ الْخُرُوجِ مِنْ هَاءِ الْوَصْلِ قَبْلَهَا مَنْزِلَةَ حُرُوفِ الْوَصْلِ مِنْ حَرْفِ الرَّوِيِّ قَبْلَهَا، فَكَمَا سُمِّيَتْ حَرَكَةُ هَاءِ الْوَصْلِ «2» نَفاذاً لأَن الصَّوْتَ جَرَى فِيهَا حَتَّى اسْتَطَالَ بِحُرُوفِ الْوَصْلِ وَتَمَكَّنَ بِهَا اللِّينُ، كَمَا سُمِّيَتْ حَرَكَةُ هَاءِ الْوَصْلِ نَفاذاً لأَن الصَّوْتَ نَفَذَ فِيهَا إِلى الْخُرُوجِ حَتَّى اسْتَطَالَ بِهَا وَتَمَكَّنَ الْمَدُّ فِيهَا. وَنُفُوذُ الشَّيْءِ إِلى الشَّيْءِ: نَحْوُ فِي الْمَعْنَى مِنْ جَرَيَانِهِ نَحْوَهُ، فإِن قُلْتَ: فَهَلَّا سُمِّيَتْ لِذَلِكَ نُفُوذاً لَا نَفَاذاً؟ قيل:
__________
(1) . قوله [التي هي] الضمير يعود إلى حروف الوصل، وقوله الهاء مبتدأ ثان.
(2) . قوله [فَكَمَا سُمِّيَتْ حَرَكَةُ هَاءِ الوصل إلخ] كذا بالأَصل وفيه تحريف ظاهر، والأولى أن يقال: فكما سميت حركة الروي مجرى لأَن الصوت جرى إلخ. وقوله وَتَمَكَّنَ بِهَا اللِّينُ كَمَا سميت إلخ الأَولى حذف لفظ كما هذه لأَنه لا معنى لها وقد اغتر صاحب شرح القاموس بهذه النسخة فنقل هذه العبارة بغير تأمل فوقع فيما وقع فيه المصنف.(3/514)
أَصله [ن ف ذ] وَمَعْنَى تَصَرُّفِهَا مَوْجُودٌ فِي النَّفَاذِ وَالنُّفُوذِ جَمِيعًا، أَلا تَرَى أَن النَّفَاذَ هُوَ الحِدَّةُ وَالْمَضَاءُ، وَالنُّفُوذُ هُوَ الْقَطْعُ وَالسُّلُوكُ؟ فَقَدْ تَرَى الْمَعْنَيَيْنِ مُقْتَرِبَيْنِ إِلا أَن النَّفَاذَ كَانَ هُنَا بِالِاسْتِعْمَالِ أَولى، أَلا تَرَى أَنّ أَبا الْحَسَنِ الأَخفش سَمَّى مَا هُوَ نَحْوُ هَذِهِ الْحَرَكَةِ تَعَدِّيًا، وَهُوَ حَرَكَةُ الْهَاءِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ:
قَرِيبَةٌ نُدْوَتُه مِنْ مَحْمَضهى
والنَّفَاذُ والحِدَّةُ والمَضَاءُ كُلُّهُ أَدنى إِلى التَّعَدِّي وَالْغُلُوِّ مِنَ الْجَرَيَانِ وَالسُّلُوكِ، لأَن كُلَّ مُتَعَدٍّ مُتَجَاوِزٌ وَسَالِكٌ، فَهُوَ جَارٍ إِلى مَدًى مَا وَلَيْسَ كُلُّ جَارٍ إِلى مَدًى مُتَعَدِّيًا، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْقِيَاسِ تَحْرِيكُ هَاءِ الْوَصْلِ سُمِّيَتْ حَرَكَتُهَا نَفَاذًا لِقُرْبِهِ مِنْ مَعْنَى الإِفراط وَالْحِدَّةِ، وَلَمَّا كَانَ الْقِيَاسُ فِي الرَّوِيِّ أَن يَكُونَ مُتَحَرِّكًا سُمِّيَتْ حَرَكَتُهُ الْمُجْرَى، لأَن ذَلِكَ عَلَى مَا بيَّنا أَخفض رُتْبَةً مِنَ النَّفَاذِ الْمَوْجُودِ فِيهِ مَعْنَى الْحِدَّةِ وَالْمَضَاءِ الْمُقَارَبِ لِلتَّعَدِّي والإِفراط، فَلِذَلِكَ اخْتِيرَ لِحَرَكَةِ الرَّوِيِّ الْمُجْرَى، وَلِحَرَكَةِ هَاءِ الْوَصْلِ النَّفَاذُ، وَكَمَا أَن الْوَصْلَ دُونَ الْخُرُوجِ فِي الْمَعْنَى لأَن الْوَصْلَ مَعْنَاهُ الْمُقَارَبَةُ وَالِاقْتِصَادُ، والخروج فيه مَعْنَى التَّجَاوُزِ والإِفراط، كَذَلِكَ الْحَرَكَتَانِ المؤدِّيتان أَيضاً إِلى هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ بَيْنَهُمَا مِنَ التَّقَارُبِ مَا بَيْنَ الْحَرْفَيْنِ الْحَادِثَيْنِ عَنْهُمَا، أَلا تَرَى أَن اسْتِعْمَالَهُمْ [ن ف ذ] بِحَيْثُ الإِفراط وَالْمُبَالَغَةُ؟ وأَنْفَذَ الأَمر: قَضَاهُ. والنَّفَذُ: اسْمُ الإِنْفَاذِ. وأَمر بِنَفَذِهِ أَي بإِنْفاذِهِ. التَّهْذِيبُ: وأَما النَّفَذُ فَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِ إِنْفاذِ الأَمر؛ تَقُولُ: قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِنَفَذِ الْكِتَابِ أَي بإِنفاذ مَا فِيهِ. وَطَعْنَةٌ لَهَا نَفَذٌ أَي نَافِذَةٌ؛ وَقَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
طَعَنْتُ ابنَ عَبْدِ الْقَيْسِ طَعْنَةَ ثائرٍ، ... لَهَا نَفَذٌ، لَوْلَا الشُّعاعُ أَضاءها
وَالشُّعَاعُ: مَا تَطَايَرَ مِنَ الدَّمِ؛ أَراد بِالنَّفْذِ المَنْفَذ. يَقُولُ: نَفَذَتِ الطَّعْنَةُ أَي جَاوَزَتِ الْجَانِبَ الْآخَرَ حَتَّى يُضيءَ نَفَذُها خرقَها، وَلَوْلَا انْتِشَارُ الدَّمِ الْفَائِرِ لأَبصر طَاعِنُهَا مَا وَرَاءَهَا. أَراد لَهَا نَفَذٌ أَضاءها لَوْلَا شُعَاعُ دَمِهَا؛ ونَفَذُها: نُفُوذُهَا إِلى الْجَانِبِ الْآخَرِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ دَوَائِرِ الْفَرَسِ دَائِرَةٌ نَافِذَةٌ وَذَلِكَ إِذا كَانَتِ الهَقْعَة فِي الشِّقَّين جَمِيعًا، فإِن كَانَتْ فِي شَقٍّ وَاحِدٍ فَهِيَ هَقْعَةٌ. وأَتى بِنَفَذ مَا قَالَ أَي بِالْمَخْرَجِ مِنْهُ. وَالنَّفَذُ، بِالتَّحْرِيكِ: المَخْرج والمَخْلص؛ وَيُقَالُ لِمَنْفَذِ الْجِرَاحَةِ: نفَذٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيما رَجُلٍ أَشادَ عَلَى مُسْلِمٍ بِمَا هُوَ بريءٌ مِنْهُ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَن يُعَذِّبَهُ أَو يأْتي بِنَفَذِ مَا قَالَ
أَي بالمَخْرَج مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنكم مَجْمُوعُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يَنْفُذُكم البصرُ
؛ يُقَالُ مِنْهُ: أَنفذت الْقَوْمَ إِذا خَرَقْتَهُمْ وَمَشَيْتَ فِي وَسَطِهِمْ، فإِن جُزْتَهُمْ حَتَّى تُخَلِّفَهم قُلْتَ: نفَذْتُهم بِلَا أَلف أَنْفُذُهم، قَالَ: وَيُقَالُ فِيهَا بالأَلف؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمَعْنَى أَنه يَنْفُذُهُمْ بَصَرُ الرَّحْمَنِ حَتَّى يأْتي عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ نفَذَني بصرُه يَنْفُذُني إِذا بَلَغَنِي وَجَاوَزَنِي؛ وَقِيلَ: أَراد يَنْفُذُهم بَصَرُ النَّاظِرِ لِاسْتِوَاءِ الصَّعِيدِ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: أَصحاب الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وإِنما هُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَي يَبْلُغُ أَولهم وَآخِرَهُمْ حَتَّى يَرَاهُمْ كُلَّهُمْ وَيَسْتَوْعِبَهُمْ، مِنْ نَفَدَ الشيءَ وأَنفَدْته؛ وحملُ الْحَدِيثِ عَلَى بَصَرِ الْمُبْصِرِ أَولى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى بَصَرِ الرَّحْمَنِ، لأَن اللَّهَ يَجْمَعُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَرض يَشْهَدُ جميعُ الْخَلَائِقِ فِيهَا مُحَاسَبَةَ الْعَبْدِ الْوَاحِدِ عَلَى انْفِرَادِهِ وَيَرَوْنَ مَا يَصِيرُ إِليه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَنس: جُمعوا فِي صَرْدَحٍ يَنْفُذُهم الْبَصَرَ وَيَسْمَعُهُمُ الصَّوْتَ.
وأَمرٌ نَفِيذٌ: مُوَطَّأٌ. والمُنْتَفَذُ: السَّعَةُ.(3/515)
ونَفَذَهم الْبَصَرُ وأَنْفَذَهْم: جَاوَزَهُمْ. وأَنْفَذَ القومَ: صَارَ بَيْنَهُمْ. ونَفَذَهم: جَازَهُمْ وتخلَّفهم لَا يُخَص بِهِ قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ. وَطَرِيقٌ نَافِذٌ: سَالِكٌ؛ وَقَدْ نَفَذَ إِلى مَوْضِعِ كَذَا يَنْفُذُ. وَالطَّرِيقُ النَّافِذُ: الَّذِي يُسلك وَلَيْسَ بِمَسْدُودٍ بَيْنَ خَاصَّةٍ دُونَ عَامَّةٍ يَسْلُكُونَهُ. وَيُقَالُ: هَذَا الطَّرِيقُ يَنْفُذُ إِلى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا وَفِيهِ مَنْفَذٌ لِلْقَوْمِ أَي مَجَازٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه طَافَ بِالْبَيْتِ مَعَ فُلَانٍ فَلَمَّا انْتَهَى إِلى الرُّكْنِ الْغَرْبِيِّ الَّذِي يَلِي الأَسود قَالَ لَهُ: أَلا تَسْتَلِم؟ فَقَالَ لَهُ: انْفُذ عَنْكَ فإِن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَسْتَلِمْه
أَي دَعْهُ وَتَجَاوَزْهُ. يُقَالُ: سِرْ عَنْكَ وانْفُذْ عَنْكَ أَي امْضِ عَنْ مَكَانِكَ وَجُزْهُ. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لِلْخُصُومِ إِذا ارْتَفَعُوا إِلى الْحَاكِمِ: قَدْ تَنَافَذُوا إِليه، بِالذَّالِ، أَي خَلَصوا إِليه، فإِذا أَدلى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحُجَّتِهِ قِيلَ: قَدْ تَنَافَذُوا، بِالذَّالِ، أَي أَنفذوا حُجَّتَهُمْ، وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: إِنْ نافَذْتهم نَافَذُوكَ
؛ نافَذْت الرَّجُلَ إِذا حَاكَمْتَهُ، أَي إِن قُلْتَ لَهُمْ قَالُوا لَكَ، وَيُرْوَى بِالْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَزرق: أَلا رَجُلٌ يُنْفذُ بَيْنَنَا؟
أَي يُحَكِّمُ ويُمْضي أَمرَه فِينَا. يُقَالُ: أَمره نَافِذٌ أَي مَاضٍ مُطَاعٍ. ابْنُ الأَعرابي: أَبو الْمَكَارِمِ: النَّوَافِذُ كلُّ سَمٍّ يُوَصِّلُ إِلى النَّفْسِ فَرَحاً أَو تَرَحاً، قُلْتُ لَهُ: سَمِّها، فَقَالَ: الأَصْرَانِ والخِنّابَتَانِ والفمُ والطِّبِّيجَة؛ قَالَ: والأَصْران ثُقْبَا الأُذنين، والخِنّابتان سَمّا الأَنْفِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سِرْ عَنْكَ أَي جُزْ وَامْضِ، ولا معنى لعنك.
نقذ: نَقَذَ يَنْقُذُ نَقْذاً: نَجَا؛ وأَنْقَذَه هُوَ وتنقَّذه وَاسْتَنْقَذَهُ. والنَّقَذُ، بِالتَّحْرِيكِ، وَالنَّقِيذُ وَالنَّقِيذَةُ: مَا استُنْقذ وَهُوَ فَعَل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِثْلُ نَفَضٍ وقَبَضٍ. الْجَوْهَرِيُّ: أَنقَذَه مِنْ فُلَانٍ وَاسْتَنْقَذَهُ مِنْهُ وتَنَقَّذه بِمَعْنًى أَي نَجَّاهُ وخلَّصه. وَفَرَسٌ نَقَذٌ إِذا أُخِذَ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ. وَخَيْلٌ نَقَائِذٌ: تُنُقِّذَتْ مِنْ أَيدي النَّاسِ أَو الْعَدُوِّ، وَاحِدُهَا نَقِيذٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
وزُفَّتْ لِقَوْمٍ آخرينَ كَأَنَّها ... نَقِيذٌ حَوَاها الرُّمحُ مِنْ تحتِ مُقْصِدِ
قَالَ لُقَيْمُ بْنُ أَوْسٍ الشَّيْباني:
أَو كَانَ شُكرك أَن زعَمْت نَفَاسَةً ... نَقْذِيكَ أَمسِ، وَلَيْتَنِي لَمْ أَشْهَدِ
نَقْذِيك: مِنَ الإِنقاذ كَمَا تَقُولُ ضَرْبِيكَ. قَالَ الأَزهري: تَقُولُ نَقَذْتُه وأَنقذته وَاسْتَنْقَذْتُهُ وتنقَّذته أَي خَلَّصْتَهُ وَنَجَّيْتَهُ. وَوَاحِدُ الْخَيْلِ النَّقَائِذِ: نَقِيذ، بِغَيْرِ هَاءٍ. وَالنَّقَائِذُ مِنَ الْخَيْلِ: مَا أَنقذته مِنَ العدوِّ وأَخذته مِنْهُمْ، وَقِيلَ: وَاحِدُهَا نَقِيذَةٌ. قَالَ الأَزهري: وقرأْت بِخَطِّ شَمِرٍ: النَّقِيذَةُ الدِّرْع المُسْتَنْقَذة مِنْ عَدُوٍّ؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الصَّعِقِ:
أَعْدَدْتُ للحِدْثانِ كلَّ نَقِيذَةٍ ... أُنُفٍ كلائِحَة المُضِلِّ جَرُور
أُنُف: لَمْ يَلْبَسْهَا غَيْرُهُ. كَلَائِحَةِ المُضِلِّ: يَعْنِي السَّرَابَ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: النَّقِيذَةُ الدِّرْعُ لأَن صَاحِبَهَا إِذا لَبِسَهَا أَنقذته مِنَ السُّيُوفِ. والأُنف الطَّوِيلَةُ جَعَلَهَا تَبْرُقُ كالسَّراب لحدَّتها. وَرَجُلٌ نَقَذٌ: مُسْتَنْقَذ. ومُنْقِذٌ: مِنْ أَسمائهم. ونَقَذَة: موضع.
نمرذ: نُمْروذ: مَلِكٌ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الدَّالِ المهملة.(3/516)
فصل الهاء
هبذ: هَبَذَ يَهْبِذُ «3» هَبْذاً: عَدَا، يَكُونُ ذَلِكَ لِلْفَرَسِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَعْدُو. وأَهْبَذَ واهْتَبَذَ وهابَذَ: أَسرع فِي مَشْيَتِه أَو طَيَرَانِهِ كهاذَبَ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
يُبادِرُ جُنْحَ اللَّيْلِ، فَهُوَ مُهابِذٌ ... يَحُتُّ الجناحَ بالتَّبَسُّطِ والقَبْضِ
والمُهابَذَة: الإِسراع؛ قَالَ:
مُهَابَذَةً لَمْ تَتَّرِك حِينَ لَمْ يَكُنْ ... لَهَا مَشْرَبٌ إِلا بِناءٍ مُنَضَّبِ
هذذ: الهَذّ والهَذَذُ: سُرْعَةُ الْقَطْعِ وَسُرْعَةُ الْقِرَاءَةِ؛ هَذَّ الْقُرْآنَ يَهُذُّه هَذًّا. يُقَالُ: هُوَ يَهُذُّ القرآنَ هَذًّا، ويهذُّ الْحَدِيثَ هَذًّا أَي يَسْرُده؛ وأَنشد:
كَهَذِّ الأَشاءَةِ بالمِخْلَبِ
وإِزْمِيلٌ هَذٌّ وهَذُوذٌ أَي حَادٌّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: قرأْت المُفَصَّل اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: أَهَذًّا كَهذِّ الشِّعْرِ؟
أَراد أَتَهُذُّ الْقُرْآنَ هَذًّا فَتُسْرِعُ فِيهِ كَمَا تُسْرِعُ فِي قِرَاءَةِ الشِّعْرِ، وَنَصَبَهُ عَلَى الْمَصْدَرِ. وشَفْرَة هَذُوذٌ: قَاطِعَةٌ. وَسِكِّينٌ هَذُوذٌ: قَطَّاع. وَضَرْبًا هَذَاذَيْك أَي هَذًّا بَعْدَ هَذٍّ، يَعْنِي قَطْعًا بَعْدَ قَطْعٍ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
ضَرْباً هَذَاذَيْك وطَعْناً وخْضَا
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِن شَاءَ حَمَلَهُ عَلَى أَن الْفِعْلَ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْحَالِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَبَاكَرَ مَخْتُوماً عَلَيْهِ سيَاعُه ... هذاذيْك حَتَّى أَنْفَدَ الدَّنَّ أَجْمَعَا
فَسَّرَهُ أَبو حَنِيفَةَ فَقَالَ: هَذَاذَيْك هَذًّا بَعْدَ هَذٍّ أَي شُرْبًا بَعْدَ شُرْبٍ. يَقُولُ: بَاكَرَ الدَّنُّ مَمْلُوءًا وَرَاحَ وَقَدْ فَرَّغَهُ. وَتَقُولُ لِلنَّاسِ إِذا أَردت أَن يكفُّوا عَنِ الشَّيْءِ: هذاذيكَ وهَجاجَيْك، عَلَى تَقْدِيرِ الْاثْنَيْنِ؛ قَالَ عَبْدُ بَنِي الْحَسْحَاسِ:
إِذا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بِالْبَرْدِ مثلُه، ... هَذَاذَيْكَ حَتَّى لَيْسَ للبُرْدِ لابِسُ
تَزْعُمُ النِّسَاءُ أَنه إِذا شَقَّ عِنْدَ البِضاع شَيْئًا مِنْ ثَوْبِ صَاحِبِهِ دَامَ الْوِدُّ بَيْنَهُمَا وإِلا تَهَاجَرَا. وَاهْتَذَذْتُ الشَّيْءَ: اقْتَطَعْتُهُ بِسُرْعَةٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وعَبْدُ يَغُوثٍ تَحْجِلُ الطيرُ حولَه، ... قَدِ اهْتَذَّ عَرْشَيْه الحُسامُ المُذَكَّرُ
وَيُرْوَى: قَدِ احْتَزَّ. يُرِيدُ بِعَبْدِ يغوثَ هَذَا عَبْدَ يَغُوثَ بْنُ وقَّاص الْحَارِثِيَّ وَلَمْ يُقْتَلْ فِي الْمَعْرَكَةِ، وإِنما قُتِلَ بَعْدَ الأَسر؛ أَلا تَرَاهُ يَقُولُ:
وتَضْحَكُ مِنِّي شَيخة عَبْشَمِيَّة، ... كأَنْ لَمْ تَرَ قَبْلي أَسيراً يمانِيَا
الأَزهري: يُقَالُ حَجَازَيْك وهَذَاذيك؛ قَالَ: وَهِيَ حُرُوفٌ خِلْقتها التَّثْنِيَةُ لَا تُغَيَّرُ. وَحَجَازَيْكَ: أَمره أَن يحجُز بَيْنَهُمْ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ كُفَّ نَفْسَكَ. قَالَ: وَهَذَاذَيْكَ يأْمره أَن يَقْطَعَ أَمر الْقَوْمِ. وهذَّه بِالسَّيْفِ هَذًّا: قَطَعَهُ كهَذَأَهُ. وَسَيْفٌ هَذْهاذٌ وهُذَاهِذٌ: قطَّاع. وقَرَبٌ هَذْهاذٌ: بَعيدٌ صَعْب.
هربذ: الهِرْبِذُ، بِالْكَسْرِ، وَاحِدُ الهَرابِذَة الْمَجُوسِ وَهُمْ قَوَمَة بَيْتِ النَّارِ الَّتِي لِلْهِنْدِ، فارسي معرب،
__________
(3) . قوله [يهبذ] ضبط في الأَصل بشكل القلم بكسرة تحت الباء ومقتضى صنيع القاموس أنه من باب كتب(3/517)
وَقِيلَ: عُظَمَاءُ الْهِنْدِ أَو علماؤُهم. والهِرْبِذَى: مِشْيَةٌ فِيهَا اخْتِيَالٌ كَمَشْي الْهَرَابِذَةِ وَهُمْ حُكَّامُ الْمَجُوسِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
مَشَى الهِرْبِذَى فِي دَفِّه ثُمَّ فَرْفَرَا
وَقِيلَ: هُوَ الِاخْتِيَالُ فِي الْمَشْيِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الهِرْبذى مِشْية تُشْبِهُ مِشْية الْهَرَابِذَةِ، حَكَاهُ فِي سَيْرِ الإِبل؛ قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لِهَذَا الْبِنَاءِ. والهَرْبَذة: سَيْرٌ دُونَ الخَبب. وَعَدَا الجملُ الهِرْبذى أَي في شَقّ [شِقّ] .
همذ: الهَماذِيّ: السُّرْعة فِي الْجَرْيِ، يُقَالُ: إِنه لَذُو هَماذِيّ فِي جَرْيِهِ؛ وَقِيلَ: هِيَ ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ غَيْرُ أَنه أَومأ بِهَا إِلى السَّرِيعَةِ. وَقَالَ شَمِرٌ: الهَماذِيُّ الجِدّ فِي السَّيْرِ. والهَماذِيُّ: الْبَعِيرُ السَّرِيعُ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ بِلَا هَاءٍ. وهَماذِيُّ الْمَطَرِ: شَدَّتُهُ. والهَماذِيُّ: تَارَاتٌ شِدَادٌ تَكُونُ فِي الْمَطَرِ والسِّباب والجَرْي، مَرَّةً يَشْتَدُّ وَمَرَّةً يَسْكُنُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْهُ هَماذِيٌّ إِذا حَرَّتْ وحَرْ
وحَرٌّ هَماذِيّ؛ وأَنشد الأَصمعي:
يُرْبِعُ شُذَّاذاً إِلى شُذاذِ، ... فِيهَا هَماذِيّ إِلى هَماذِي
وَيَوْمٌ ذُو هَماذِيّ وحُماذِيّ أَي شِدَّةِ حَرٍّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِهُمَامٍ أَخي ذِي الرُّمَّةِ:
قَطَعْتُ ويومٍ ذِي هَماذِيّ تَلْتَظي ... بِهِ القورُ، مِنْ وهْجِ اللظى، وفَراهِنُه «1»
هنبذ: الهَنْبَذَة: الأَمر الشَّدِيدُ.
هوذ: الهَوْذَةُ: الْقَطَاةُ الأُنثى، وَفِي الصِّحَاحِ: هَوْذة القطاةُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهَا الأُنثى، وَبِهَا سُمِّيَ الرجلُ هَوْذَةَ؛ قَالَ الأَعشى:
مَنْ يَلْقَ هَوْذَةَ يَسْجُدْ غَيْرَ مُتَّئِبٍ ... إِذا تَعَمَّمَ فَوْقَ التَّاجِ أَو وضَعَا
وَالْجَمْعُ هُوذ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مِنَ الهُوذِ كَدْراءُ السَّراةِ، ولَوْنُها ... خَصِيفٌ كَلَوْنِ الحَيْقُطانِ المُسَيَّح
وَقِيلَ: هَوْذَةُ ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ غَيْرُهَا. والهاذَة: شَجَرَةٌ لَهَا أَغصان سَبْطَةٌ لَا وَرَقَ لَهَا، وَجَمْعُهَا الْهَاذُ؛ قَالَ الأَزهري: رَوَى هَذَا النَّضْرُ، قَالَ: وَالْمَحْفُوظُ فِي بَابِ الأَشجار الحاذ.
فصل الواو
وجذ: الوَجْذُ، بِالْجِيمِ: النُّقْرَةُ فِي الْجَبَلِ تُمْسك الْمَاءَ وَيُسْتَنْقَعُ فِيهَا، وَقِيلَ هِيَ الْبِرْكَةُ، وَالْجَمْعُ وِجْذان ووِجاذٌ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ يَصِفُ الأَثافي:
غَيْرَ أَثافي مِرْجلٍ جَواذِي، ... كأَنّهنّ قِطَعُ الأَفلاذِ،
أُسُّ جَرامِيزَ عَلَى وِجاذِ
الأَثافي: حِجَارَةُ الْقِدْرِ. وَالْجَوَاذِي: جَمْعُ جَاذٍ، وَهُوَ الْمُنْتَصِبُ. والأَفْلاذ، جَمْعُ فِلْذ: الْقِطْعَةُ «2» مِنَ الْكَبِدِ. وَالْجَرَامِيزُ: الْحِيَاضُ، وَاحِدُهَا جُرْمُوزٌ. قَالَ سيبويه:
__________
(1) . قوله [فراهنه] كذا بالأصول التي بأيدينا وكذا في شرح القاموس
(2) . قوله [جمع فلذ القطعة] كذا بالأَصل، والذي في الصحاح: الفلذ كَبِدُ الْبَعِيرِ، وَالْجَمْعُ أَفْلَاذٌ، وَالْفِلْذَةُ الْقِطْعَةُ مِنَ الْكَبِدِ.(3/518)
وَسَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُقَالُ لَهُ: أَما تَعْرِفُ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وَجْذاً؟ وَهُوَ مَوْضِعٌ يُمْسك الْمَاءَ، فَقَالَ: بَلَى وِجاذاً أَي أَعرف بِهَا وِجاذاً. أَبو عَمْرٍو: أَوجَذته عَلَى الأَمر إِيجاذاً إِذا أَكْرَهته.
وذذ: الوَذْوَذَة: السُّرْعَةُ. وَرَجُلٌ وَذْواذٌ: سَرِيعُ الْمَشْيِ. وَمَرَّ الذِّئْبُ يُوَذْوِذُ: مَرّ مَرّاً سَرِيعًا. وَوَذْوَذُ المرأَة بُظارتها إِذا طَالَتْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِنَ اللَّائي اسْتَفاد بَنُو قُصَيٍّ، ... فَجَاءَ بِهَا وَوَذْوَذُها يَنُوس
ورذ: ورَذَ فِي جَانِبِهِ: أَبطأَ.
وقذ: الوقْذ: شِدَّةُ الضَّرْبِ. وَقَذه يَقِذُه وَقْذاً: ضَرَبَهُ حَتَّى استَرْخى وأَشرف عَلَى الْمَوْتِ. وَشَاةٌ مَوْقُوذَة: قُتِلَتْ بِالْخَشَبِ، وَقَدْ وقَذَ الشَّاةَ وقْذاً، وَهِيَ موْقُوذة ووقِيذٌ: قَتَلَهَا بِالْخَشَبِ؛ وَكَانَ يَفْعَلُهُ قَوْمٌ فَنَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: وقَذَه بِالضَّرْبِ، والمَوْقوذة والوَقِيذُ: الشَّاةُ تُضرب حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُؤْكَلُ. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ
؛ الْمَوْقُوذَةُ: الْمَضْرُوبَةُ حَتَّى تَمُوتَ وَلَمْ تُذَكّ؛ ووُقِذَ الرجلُ، فَهُوَ مَوْقُوذٌ وَوَقِيذٌ. وَالْوَقِيذُ مِنَ الرِّجَالِ: الْبَطِيءُ الثَّقِيلُ كأَنّ ثِقَلَهُ وَضَعْفَهُ وقَذَه. وَالْوَقِيذُ وَالْمَوْقُوذُ: الشَّدِيدُ الْمَرَضِ الذي قَدْ أَشرف عَلَى الْمَوْتِ؛ وَقَدْ وقَذَه المرضُ وَالْغَمُّ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: قرأْت عَلَى أَبي عَلِيٍّ عَنْ أَبي بَكْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصحاب يَعْقُوبَ عَنْهُ قَالَ: يُقَالُ تَرَكْتُهُ وَقيذاً ووَقِيظاً، قَالَ: قَالَ الْوَجْهُ عِنْدِي وَالْقِيَاسُ أَن يَكُونَ الذَّالُ بَدَلًا مِنَ الظَّاءِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ
، وَلِقَوْلِهِمْ وَقَذِّهِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع وقَظَه وَلَا مَوْقوظة، فَالذَّالُ إِذاً أَعم تَصَرُّفًا. قَالَ: وَلِذَلِكَ قَضَيْنَا عَلَى أَن الذَّالَ هِيَ الأَصل. وَقَالَ الأَحمر: ضَرَبَهُ فَوَقَظَهُ. اللَّيْثُ: حُمِلَ فلانٌ وَقِيذاً أَي ثَقِيلًا دَنِفاً مُشْفِياً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ أَنه قَالَ: إِني لأَعلمُ مَتَى تَهْلِكُ العربُ، إِذا سَاسَهَا مَنْ لَمْ يُدْرك الْجَاهِلِيَّةَ فيأْخُذ بأَخلاقها وَلَمْ يُدركه الإِسلامُ فَيَقِذه الْوَرَعُ
؛ قَوْلُهُ: فيَقِذُه أَي يُسكِّنُه ويُثْخِنُه وَيَبْلُغُ مِنْهُ مَبْلَغًا يَمْنَعُهُ مِنَ انْتِهَاكِ مَا لَا يَحِلُّ وَلَا يَجْمُل. وَيُقَالُ: وَقَذَهُ الْحُلْمُ إِذا سكّنَه، وَالْوَقْذُ فِي الأَصل: الضَّرْبُ المُثْخن وَالْكَسْرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فوقَذَ النِّفاقَ
، وَفِي روايةٍ
الشيطانَ
، أَي كسَرَه ودَمغَه؛ وَفِي حَدِيثِهَا أَيضاً:
وَكَانَ وَقِيذَ الْجَوَانِحِ
أَي مَحْزُونَ الْقَلْبِ كأَن الْحُزْنَ قَدْ كَسَرَهُ وَضَعَّفَهُ، وَالْجَوَانِحُ تَحْبِسُ الْقَلْبَ وتَحْويه فأَضاف الوُقُوذَ إِليها. وَقَالَ خَالِدٌ: الْوَقْذُ أَن يُضْرَب فائِقُه أَو خُشَّاؤُه مِنْ وَرَاءِ أُذنيه. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الوَقْذُ الضَّرْبُ عَلَى فَأْسِ القَفا فَتَصِيرُ هَدَّتُهَا إِلى الدِّمَاغَ فَيَذْهَبُ الْعَقْلُ، فَيُقَالُ: رَجُلٌ مَوْقُوذٌ. وَقَدْ وقَذَه الْحُلْمُ: سكَّنه. وَيُقَالُ: ضَرَبَهُ عَلَى مَوْقِذٍ من مَواقِذه وهي المِرْفق أَو طَرَفِ المَنْكِب أَو الْكَعْبِ؛ وأَنشد للأَعشى:
يَلْوينَني دَيْني النَّهَارَ وَأَقْتَضِي ... دَيْني إِذا وَقَذَ النُّعاس الرُّقَّدَا
أَي صَارُوا كأَنهم سُكارى مِنَ النُّعَاسِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الوَقِيذُ الَّذِي يُغشى عَلَيْهِ لَا يُدْرى أَميت أَم لَا. وَيُقَالُ: وقَذَه النعاسُ إِذا غَلَبَهُ. وَرَجُلٌ وَقِيذٌ أَي مَا بِهِ طِرْقٌ.(3/519)
وَنَاقَةٌ مُوَقَّذَة: أَثَّر الصِّرارُ فِي أَخْلافها مِنْ شَدِّه، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يَرْغَثُها وَلَدُهَا أَي يَرْضَعُها وَلَا يَخْرُجُ لَبَنُهَا إِلا نَزْرًا لِعِظَمِ ضَرْعِهَا فيُوقِذُها ذَلِكَ، ويأْخُذها لَهُ داءٌ وورمٌ فِي الضَّرْعِ. والوقائِذُ: حِجَارَةٌ مفروشة، واحدتها وَقيذَة.
وَلَذَ: ولَذَ ولْذاً: أَسرع المَشي. وَرَجُلٌ وَلَّاذ مَلَّاذ، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ، وَاللَّهُ أَعلم.
وَمَذَ: ابْنُ الأَعرابي: الوَمْذَةُ الْبَيَاضُ النَّقِيُّ، وَاللَّهُ أَعلم.(3/520)
الجزء الرابع
ر
حَرْفُ الرَّاءِ
الرَّاءُ: مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ، وَهِيَ مِنَ الْحُرُوفِ الذُّلْق، وَسُمِّيَتْ ذُلْقاً لأَن الذّلاقَة فِي الْمَنْطِقِ إِنما هِيَ بطَرَف أَسَلَةِ اللِّسَانِ، وَالْحُرُوفُ الذُّلْقُ ثَلَاثَةٌ: الرَّاءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ، وَهُنَّ فِي حَيْزٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوّل حَرْفِ الْبَاءِ دخولَ الْحُرُوفِ السِّتَّةِ الذُّلقِ والشفويةِ كَثرةَ دُخُولِهَا في أَبنية الكلام.
فصل الألف
أبر: أَبَرَ النخلَ والزرعَ يَأْبُره، ويأْبِرُه أَبْراً وإِباراً وإِبارَة وأَبّره: أَصلحه. وأْتَبَرتَ فُلَانًا: سأَلتَه أَن يأْبُر نَخْلَكَ؛ وَكَذَلِكَ فِي الزَّرْعِ إِذا سأَلته أَن يُصْلِحَهُ لَكَ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وَلِيَ الأَصلُ الَّذِي، فِي مثلِه، ... يُصلِحُ الآبِرُ زَرْعَ المؤتَبِرْ
وَالْآبِرُ: الْعَامِلُ. والمُؤْتَبرُ: رَبُّ الزَّرْعِ. والمأْبور: الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ المُصْلَح. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ فِي دُعَائِهِ عَلَى الْخَوَارِجِ: أَصابَكم حاصِبٌ وَلَا بقِيَ مِنْكُمْ آبرِ
أَي رَجُلٌ يَقُومُ بتأْبير النَّخْلِ وَإِصْلَاحِهَا، فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَبَر الْمُخَفَّفَةِ، وَيُرْوَى بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقَوْلُهُ:
أَنْ يأْبُروا زَرعاً لغيرِهِم، ... والأَمرُ تَحقِرُهُ وَقَدْ يَنْمي
قَالَ ثَعْلَبٌ: الْمَعْنَى أَنهم قَدْ حَالَفُوا أَعداءَهم لِيَسْتَعِينُوا بِهِمْ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ، وَزَمَنُ الإِبار زَمَن تَلْقِيحِ النَّخْلِ وإِصلاحِه، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كُلُّ إِصلاحٍ إِبارة؛ وأَنشد قَوْلَ حُمَيْدٍ:
إِنَّ الحِبالَةَ أَلْهَتْني إِبارَتُها، ... حَتَّى أَصيدَكُما فِي بعضِها قَنَصا
فَجَعَلَ إِصلاحَ الحِبالة إِبارَة. وَفِي الْخَبَرِ:
خَيْر الْمَالِ مُهْرة مَأْمُورة وسِكّة مَأْبُورة
؛ السِّكَّة الطَّرِيقَةُ المُصْطَفَّة مِنَ النَّخْلِ، والمأْبُورة: المُلَقَّحة؛ يُقَالُ: أَبَرْتُ النَّخْلَةَ وأَبّرْتها، فَهِيَ مأْبُورة ومُؤَبَّرة، وَقِيلَ: السِّكَّةُ سِكَّةُ الْحَرْثِ، والمأْبُورة المُصْلَحَة لَهُ؛ أَرادَ خَيرُ الْمَالِ نِتَاجٌ أَو زَرْعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرت فَثَمَرتُها لِلْبَائِعِ إِلَّا أَن يَشْتَرِطَ المُبْتاع.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَذَلِكَ أَنها لَا تُؤْبَرُ إِلا بَعْدَ(4/3)
ظُهُورِ ثَمَرَتِهَا وَانْشِقَاقُ طَلْعِهَا وكَوافِرِها مِنْ غَضِيضِها، وَشَبَّهَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِالْوِلَادَةِ فِي الإِماء إِذا أُبِيعَت حَامِلًا تَبِعها وَلَدُهَا، وإِن وَلَدَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ الْوَلَدُ لِلْبَائِعِ إِلا أَن يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ مَعَ الأُم؛ وَكَذَلِكَ النَّخْلُ إِذا أُبر أَو أُبيع «3» . عَلَى التأْبير فِي الْمَعْنَيَيْنِ. وتأْبير النَّخْلِ: تَلْقِيحُهُ؛ يُقَالُ: نَخْلَةٌ مُؤَبَّرة مِثْلَ مأْبُورة، وَالِاسْمُ مِنْهُ الإِبار عَلَى وَزْنِ الإِزار. وَيُقَالُ: تأَبَّر الفَسِيلُ إِذَا قَبِل الإِبار؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
تَأَبّري يَا خَيْرَةَ الفَسِيلِ، ... إِذْ ضَنَّ أَهلُ النَّخْلِ بالفُحول
يَقُولُ: تَلَقَّحي مِنْ غَيْرِ تأْبير؛ وَفِي قَوْلِ مَالِكِ بْنِ أَنس: يَشترِطُ صَاحِبُ الأَرض عَلَى الْمَسَاقِي كَذَا وَكَذَا، وإِبارَ النَّخْلِ. وَرَوَى أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: يُقَالُ نَخْلٌ قَدْ أُبِّرَت، ووُبِرَتْ وأُبِرَتْ ثَلَاثُ لُغَاتٍ، فَمَنْ قَالَ أُبِّرت، فَهِيَ مُؤَبَّرة، وَمَنْ قَالَ وُبِرَت، فَهِيَ مَوْبُورَة، وَمَنْ قَالَ أُبِرَت، فَهِيَ مَأْبُورة أَي مُلقّحة، وَقَالَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يُقَالُ لِكُلِّ مُصْلِحِ صَنْعَةٍ: هُوَ آبِرُها، وإِنما قِيلَ للملقِّح آبِرٌ لأَنه مُصْلِحٌ لَهُ؛ وأَنشد:
فَإِنْ أَنْتِ لَمْ تَرْضَيْ بِسَعْيِيَ فَاتْرُكي ... لِيَ البيتَ آبرْهُ، وكُوني مَكانِيا
أَي أُصلحه، ابْنُ الأَعرابي: أَبَرَ إِذا آذَى وأَبَرَ إِذا اغْتَابَ وأَبَرَ إِذا لَقَّحَ النَّخْلَ وأَبَرَ أَصْلَح، وَقَالَ: المَأْبَر والمِئْبَر الحشُّ «4» . تُلقّح بِهِ النَّخْلَةُ. وإِبرة الذِّرَاعِ: مُسْتَدَقُّها. ابْنُ سِيدَهْ: والإِبْرة عُظَيْم مستوٍ مَعَ طَرَف الزَّنْدِ مِنَ الذِّرَاعِ إِلى طَرَفِ الإِصبع؛ وَقِيلَ: الإِبرة مِنَ الإِنسان طَرَفُ الذِّرَاعِ الذي يَذْرَعُ منه الذراع؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: إِبرَةُ الذِّرَاعِ طَرَفُ الْعَظْمِ الَّذِي مِنْهُ يَذْرَع الذَّارِعُ، وَطَرَفُ عَظْمِ الْعَضُدِ الَّذِي يَلِي الْمِرْفَقَ يُقَالُ لَهُ الْقَبِيحُ، وزُجّ المِرْفق بَيْنَ القَبِيح وَبَيْنَ إِبرة الذراع، وأَنشد:
حَتَّى تُلاقي الإِبرةُ الْقَبِيحَا
وإِبرة الْفَرَسِ: شَظِيّة لَاصِقَةٌ بِالذِّرَاعِ لَيْسَتْ مِنْهَا. والإِبرة: عَظْمُ وَتَرة العُرْقوب، وَهُوَ عُظَيْم لَاصِقٌ بِالْكَعْبِ. وإِبرة الْفَرَسِ: مَا انْحَدّ مِنْ عُرْقُوبَيْهِ، وَفِي عُرْقُوبَيِ الْفَرَسِ إِبْرَتَانِ وَهُمَا حَدّ كُلِّ عُرْقُوبٍ مِنْ ظَاهِرٍ. والإِبْرة: مِسَلّة الْحَدِيدِ، وَالْجَمْعُ إِبَرٌ وإِبارٌ، قَالَ الْقُطَامِيُّ:
وقوْلُ الْمَرْءِ يَنْفُذُ بَعْدَ حِينٍ ... أَماكِنَ، لَا تُجاوِزُها الإِبارُ
وَصَانِعُهَا أَبّار. والإِبْرة: وَاحِدَةُ الإِبَر. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ للمِخْيط إِبْرَةٌ، وَجَمْعُهَا إِبَر، وَالَّذِي يُسوّي الإِبر يُقَالُ لَهُ الأَبّار، وأَنشد شَمِرٌ فِي صِفَةِ الرِّيَاحِ لِابْنِ أَحمر:
أَرَبَّتْ عَلَيْهَا كُلُّ هَوْجاء سَهْوةٍ، ... زَفُوفِ التَّوَالِي، رَحْبَةِ المُتَنَسِّم
«5» . إِبارِيّةٍ هَوْجاء مَوْعِدُهَا الضُّحَى، ... إِذا أَرْزَمَتْ جَاءَتْ بِورْدٍ غَشَمْشَمِ
رَفُوفِ نِيافٍ هَيْرَعٍ عَجْرَفيّةٍ، ... تَرى البِيدَ، مِنْ إِعْصافِها الجَرْي،
تَرْتَمِي تَحِنُّ وَلَمْ تَرْأَمْ فَصِيلًا، وإِن تَجِدْ ... فَيَافِيَ غِيطان تَهَدَّجْ وتَرْأَمِ
إِذا عَصَّبَتْ رَسْماً، فليْسَ بِدَائِمٍ ... بِهِ وَتِدٌ، إِلَّا تَحِلَّةَ مُقْسِمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
المؤمِنُ كالكلبِ المأْبور
، وَفِي حَدِيثِ
__________
(3) . قوله: [أباع] لغة في باع كما قال ابن القطاع
(4) . قوله: [الحش إلخ] كذا بالأَصل ولعله المحش
(5) . قوله: [هوجاء] وقع في البيتين في جميع النسخ التي بأيدينا بلفظ واحد هنا وفي مادة هرع وبينهما على هذا الجناس التام(4/4)
مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ: ومثَلُ الْمُؤْمِنِ مثَلُ الشَّاةِ المأْبورة
أَي الَّتِي أَكلت الإِبرة فِي عَلَفها فَنَشِبَت فِي جَوْفِهَا، فَهِيَ لَا تأْكل شَيْئًا، وإِن أَكلت لَمْ يَنْجَعْ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسمَة لَتُخْضَبَنَّ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، وأَشار إِلى لِحْيَتِهِ ورأْسه، فَقَالَ النَّاسُ: لَوْ عَرَّفْنَاهُ أَبَرْنا عِتْرته أَي أَهلكناهم
؛ وَهُوَ مِنْ أَبَرْت الْكَلْبَ إِذا أَطعمته الإِبرة فِي الْخُبْزِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخرجه الْحَافِظُ أَبو مُوسَى الأَصفهاني فِي حَرْفِ الْهَمْزَةِ وَعَادَ فأَخرجه فِي حَرْفِ الْبَاءِ وَجَعَلَهُ مِنَ البَوار الْهَلَاكِ، وَالْهَمْزَةُ فِي الأَوّل أَصلية، وَفِي الثَّانِي زَائِدَةٌ، وَسَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ أَيضاً. وَيُقَالُ لِلِّسَانِ: مِئْبر ومِذْرَبٌ ومِفْصَل ومِقْول. وإِبرة الْعَقْرَبِ: الَّتِي تلدَغُ بِهَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: طَرَفُ ذَنَبِهَا. وأَبَرتْه تَأْبُرُه وتَأْبِرُه أَبْراً: لِسَعَتِهِ أَي ضَرَبْتُهُ بإِبرتها. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء بِنْتِ عُمَيْس: قِيلَ لِعَلِيٍّ: أَلا تَتَزَوَّجَ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: مَا لي صَفْراء وَلَا بيضاءُ، وَلَسْتُ بِمأْبُور فِي دِينِي فيُوَرِّي بِهَا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِّي، إِنِّي لأَوّلُ مَنْ أَسلم
،؛ المأْبور: مَنْ أَبرته العقربُ أَي لَسَعَتْه بإِبرتها، يَعْنِي لَسْتُ غَيْرَ الصَّحِيحِ الدِّينِ وَلَا المُتّهَمَ فِي الإِسلام فيَتَأَلّفني عَلَيْهِ بِتَزْوِيجِهَا إِيَّايَ، وَيُرْوَى بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَسَنَذْكُرُهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَوْ رُوِيَ: لَسْتُ بمأْبون، بِالنُّونِ، لَكَانَ وَجْهًا. والإِبْرَة والمِئْبَرَة، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: النَّمِيمَةُ. والمآبِرُ: النَّمَائِمُ وَإِفْسَادُ ذاتِ الْبَيْنِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وَذَلِكَ مِنْ قَوْلٍ أَتاكَ أَقُولُه، ... ومِنْ دَسِّ أَعدائي إِليك الْمَآبِرَا
والإِبْرَةُ: فَسِيلُ المُقْل يَعْنِي صِغَارَهَا، وَجَمْعُهَا إِبَرٌ وإِبَرات؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه جَمْع جَمْعٍ كحُمُرات وطُرُقات. والمِئْبَر: مَا رَقّ مِنَ الرَّمْلِ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
إِلى المِئْبَر الرَّابِي مِنَ الرّملِ ذِي الغَضا ... تَراها؛ وَقَدْ أَقْوَتْ، حَدِيثًا قديمُها
وأَبَّرَ الأَثَر: عَفّى عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ. وَفِي حَدِيثِ الشُّورى:
أَنَّ السِّتَّةَ لَمَّا اجْتَمَعُوا تَكَلَّمُوا فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ فِي خُطْبَتِهِ: لَا تُؤَبِّروا آثارَكم فَتُولِتُوا دِينَكُمْ
؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رَوَاهُ الرِّيَاشِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَقَالَ الرِّيَاشِيُّ: التّأْبِيرُ التعْفية ومَحْو الأَثر، قَالَ: وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ يُؤَبِّر أَثره حَتَّى لَا يُعْرف طَرِيقُهُ إِلا التُّفَّة، وَهِيَ عَناق الأَرض؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. وَفِي تَرْجَمَةِ بأَر وابْتَأَر الحَرُّ قَدَمَيْهِ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِي الِابْتِئَارِ لُغَتَانِ يُقَالُ ابتأَرْتُ وأْتَبَرْت ابْتِئَارًا وأْتِباراً؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
فإِن لَمْ تَأْتَبِرْ رَشَداً قريشٌ، ... فَلَيْسَ لسائِرِ الناسِ ائتِبَارُ
يَعْنِي اصْطِنَاعَ الْخَيْرِ والمعروف وتقديمه.
أتر: الأُتْرُور: لُغَةٌ فِي التُّؤْرُور مقلوب عنه.
أثر: الأَثر: بَقِيَّةُ الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ آثَارٌ وأُثور. وَخَرَجْتُ فِي إِثْره وَفِي أَثَره أَي بَعْدَهُ. وأْتَثَرْتُه وتَأَثَّرْته: تَتَبَّعْتُ أَثره؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ. وَيُقَالُ: آثَرَ كَذَا وَكَذَا بِكَذَا وَكَذَا أَي أَتْبَعه إِياه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ يَصِفُ الْغَيْثَ:
فَآثَرَ سَيْلَ الوادِيَيْنِ بِدِيمَةٍ، ... تُرَشِّحُ وَسْمِيّاً، مِنَ النَّبْتِ، خِرْوعا
أَي أَتبع مَطَرًا تَقَدَّمَ بِدِيمَةٍ بَعْدَهُ. والأَثر، بِالتَّحْرِيكِ: مَا بَقِيَ مِنْ رَسْمِ الشَّيْءِ. والتأْثير: إِبْقاءُ الأَثر فِي الشَّيْءِ. وأَثَّرَ فِي الشَّيْءِ: تَرَكَ فِيهِ أَثراً. والآثارُ: الأَعْلام. والأَثِيرَةُ مِنَ الدَّوَابِّ: الْعَظِيمَةُ(4/5)
الأَثَر فِي الأَرض بِخُفِّهَا أَو حَافِرِهَا بَيّنَة الإِثارَة. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: مَا يُدْرى لَهُ أَيْنَ أَثرٌ وَمَا يُدْرَى لَهُ مَا أَثَرٌ أَي مَا يُدْرَى أَين أَصله وَلَا مَا أَصله. والإِثارُ: شِبْهُ الشِّمال يُشدّ عَلَى ضَرْع الْعَنْزِ شِبْه كِيس لِئَلَّا تُعانَ. والأُثْرَة، بِالضَّمِّ: أَن يُسْحَى بَاطِنُ خُفِّ الْبَعِيرِ بِحَدِيدَةٍ ليُقْتَصّ أَثرُهُ. وأَثَرَ خفَّ الْبَعِيرِ يأْثُرُه أَثْراً وأَثّرَه: حَزَّه. والأَثَرُ: سِمَة فِي بَاطِنِ خُفِّ الْبَعِيرِ يُقْتَفَرُ بِهَا أَثَرهُ، وَالْجَمْعُ أُثور. والمِئْثَرَة والثُّؤْرُور، عَلَى تُفعول بِالضَّمِّ: حَدِيدَةٌ يُؤْثَرُ بِهَا خُفُّ الْبَعِيرِ لِيُعْرَفَ أَثرهُ فِي الأَرض؛ وَقِيلَ: الأُثْرة والثُّؤْثور والثَّأْثور، كُلُّهَا: عَلَامَاتٌ تَجْعَلُهَا الأَعراب فِي بَاطِنِ خُفِّ الْبَعِيرِ؛ يُقَالُ مِنْهُ: أَثَرْتُ البعيرَ، فَهُوَ مأْثور، ورأَيت أُثرَتَهُ وثُؤْثُوره أَي مَوْضِعَ أَثَره مِنَ الأَرض. والأَثِيرَةُ مِنَ الدَّوَابِّ: الْعَظِيمَةُ الأَثرِ فِي الأَرض بِخُفِّهَا أَو حَافِرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَرّه أَن يَبْسُطَ اللهُ فِي رِزْقِهِ ويَنْسَأَ فِي أَثَرِه فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ
؛ الأَثَرُ: الأَجل، وَسُمِّيَ بِهِ لأَنه يَتْبَعُ الْعُمْرَ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
والمرءُ مَا عَاشَ ممدودٌ لَهُ أَمَلٌ، ... لَا يَنْتَهي العمْرُ حَتَّى يَنْتَهِيَ الأَثَرُ
وأَصله مَنْ أَثَّرَ مَشْيُه فِي الأَرض، فإِنَّ مَنْ مَاتَ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ وَلَا يُرى لأَقدامه فِي الأَرض أَثر؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ لِلَّذِي مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي: قَطَع صلاتَنا قَطَعَ اللَّهُ أَثره؛ دَعَا عَلَيْهِ بِالزَّمَانَةِ لأَنه إِذا زَمِنَ انْقَطَعَ مَشْيُهُ فَانْقَطَعَ أَثَرُه. وأَما مِيثَرَةُ السَّرْجِ فَغَيْرُ مَهْمُوزَةٍ. والأَثَر: الْخَبَرُ، وَالْجَمْعُ آثَارٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ
؛ أَي نَكْتُبُ مَا أَسلفوا مِنْ أَعمالهم وَنَكْتُبُ آثَارَهُمْ أَي مَن سَنَّ سُنَّة حَسَنة كُتِب لَهُ ثوابُها، ومَن سنَّ سُنَّة سَيِّئَةً كُتِبَ عَلَيْهِ عِقَابُهَا، وَسُنَنُ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، آثَارُهُ. والأَثْرُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ أَثَرْتُ الْحَدِيثَ آثُرُه إِذا ذَكَرْتُهُ عَنْ غَيْرِكَ. ابْنُ سِيدَهْ: وأَثَرَ الحديثَ عَنِ الْقَوْمِ يأْثُرُه ويَأْثِرُه أَثْراً وأَثارَةً وأُثْرَةً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: أَنبأَهم بِمَا سُبِقُوا فِيهِ مِنَ الأَثَر؛ وَقِيلَ: حَدَّثَ بِهِ عَنْهُمْ فِي آثَارِهِمْ؛ قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَن الأُثْرة الِاسْمُ وَهِيَ المَأْثَرَةُ والمَأْثُرَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ فِي دُعَائِهِ عَلَى الْخَوَارِجِ: وَلَا بَقِيَ مِنْكُمْ آثِرٌ
أَي مُخْبِرٌ يَرْوِي الْحَدِيثَ؛ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيضاً بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي سُفْيَانَ فِي حَدِيثِ قَيْصَرَ:
لَوْلَا أَن يَأْثُرُوا عَنِّي الْكَذِبَ
أَي يَرْوُون وَيَحْكُونَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه حَلَفَ بأَبيه فَنَهَاهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ ذَلِكَ، قَالَ عُمَرُ: فَمَا حَلَفْتُ بِهِ ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَما قَوْلُهُ ذَاكِرًا فَلَيْسَ مِنَ الذِّكْرِ بَعْدَ النِّسْيَانِ إِنما أَراد مُتَكَلِّمًا بِهِ كَقَوْلِكَ ذَكَرْتُ لِفُلَانٍ حَدِيثَ كَذَا وَكَذَا، وَقَوْلُهُ وَلَا آثِراً يُرِيدُ مُخْبِرًا عَنْ غَيْرِي أَنه حَلَفَ بِهِ؛ يَقُولُ: لَا أَقول إِن فُلَانًا قَالَ وأَبي لَا أَفعل كَذَا وَكَذَا أَي مَا حَلَفْتُ بِهِ مُبْتَدِئًا مِنْ نَفْسِي، وَلَا رَوَيْتُ عَنْ أَحد أَنه حَلَفَ بِهِ؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ: حَدِيثٌ مأْثور أَي يُخْبِر الناسُ بِهِ بعضُهم بَعْضًا أَي يَنْقُلُهُ خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ؛ يُقَالُ مِنْهُ: أَثَرْت الْحَدِيثَ، فَهُوَ مَأْثور وأَنا آثَرُ؛ قَالَ الأَعشى:
إِن الَّذِي فِيهِ تَمارَيْتُما ... بُيِّنَ للسَّامِعِ والآثِرِ
وَيُرْوَى بَيَّنَ. وَيُقَالُ: إِن المأْثُرة مَفْعُلة مِنْ هَذَا يَعْنِي الْمَكْرُمَةَ، وإِنما أُخذت مِنْ هَذَا لأَنها يأْثُرها قَرْنٌ عَنْ قَرْنٍ أَي يَتَحَدَّثُونَ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ،(4/6)
كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: ولَسْتُ بمأْثور فِي دِينِي
أَي لَسْتُ مِمَّنْ يُؤْثَرُ عَنِّي شَرٌّ وَتُهْمَةٌ فِي دِينِي، فَيَكُونُ قَدْ وُضِعَ المأْثور مَوْضع المأْثور عَنْهُ؛ وَرُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وأُثْرَةُ العِلْمِ وأَثَرَته وأَثارَتُه: بَقِيَّةٌ مِنْهُ تُؤْثَرُ أَي تُرْوَى وَتُذْكَرُ؛ وَقُرِئَ: «1» . أَو أَثْرَةٍ مِنْ عِلْم وأَثَرَةٍ مِنْ عِلْمٍ وأَثارَةٍ، والأَخيرة أَعلى؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَثارَةٌ فِي مَعْنَى عَلَامَةٍ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى مَعْنَى بَقِيَّةٍ مِنْ عِلْمٍ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى مَا يُؤْثَرُ مِنَ الْعِلْمِ. وَيُقَالُ: أَو شَيْءٌ مأْثور مِنْ كُتُبِ الأَوَّلين، فَمَنْ قرأَ: أَثارَةٍ، فَهُوَ الْمَصْدَرُ مِثْلَ السَّمَاحَةِ، وَمَنْ قرأَ: أَثَرةٍ فإِنه بَنَاهُ عَلَى الأَثر كَمَا قِيلَ قَتَرَةٌ، وَمَنْ قرأَ: أَثْرَةٍ فكأَنه أَراد مِثْلَ الخَطْفَة والرَّجْفَةِ. وسَمِنَتِ الإِبل وَالنَّاقَةُ عَلَى أَثارة أَي عَلَى عَتِيقِ شَحْمٍ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
وذاتِ أَثارَةٍ أَكَلَتْ عَلَيْهِ ... نَباتاً فِي أَكِمَّتِهِ فَفارا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ أَو أَثارة مِنْ عِلْمٍ مِنْ هَذَا لأَنها سَمِنَتْ عَلَى بَقِيَّةِ شَحْم كَانَتْ عَلَيْهَا، فكأَنها حَمَلَت شَحْمًا عَلَى بَقِيَّةِ شَحْمِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَو أَثارة مِنْ عِلْمٍ إِنه عِلْمُ الْخَطِّ الَّذِي كَانَ أُوتيَ بعضُ الأَنبياء.
وَسُئِلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الْخَطِّ فَقَالَ: قَدْ كَانَ نَبِيٌّ يَخُط فَمَنْ وَافَقَهُ خَطّه أَي عَلِمَ مَنْ وافَقَ خَطُّه مِنَ الخَطَّاطِين خَطَّ ذَلِكَ النَّبِيِّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَدْ علِمَ عِلْمَه. وغَضِبَ عَلَى أَثارَةٍ قَبْلَ ذَلِكَ
أَي قَدْ كَانَ «2» . قَبْلَ ذَلِكَ مِنْهُ غَضَبٌ ثُمَّ ازْدَادَ بَعْدَ ذَلِكَ غَضَبًا؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والأُثْرَة والمأْثَرَة والمأْثُرة، بِفَتْحِ الثَّاءِ وَضَمِّهَا: الْمَكْرَمَةُ لأَنها تُؤْثر أَي تُذْكَرُ ويأْثُرُها قَرْنٌ عَنْ قَرْنٍ يَتَحَدَّثُونَ بِهَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: المَكْرُمة الْمُتَوَارَثَةُ. أَبو زَيْدٍ: مأْثُرةٌ وَمَآثِرُ وَهِيَ الْقَدَمُ فِي الْحَسَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا إِنَّ كُلَّ دَمٍ ومأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فإِنها تَحْتَ قَدَمَيّ هَاتَيْنِ
؛ مآثِرُ الْعَرَبِ: مكارِمُها ومفاخِرُها الَّتِي تُؤْثَر عَنْهَا أَي تُذْكَر وَتُرْوَى، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وآثَرَه: أَكرمه. وَرَجُلٌ أَثِير: مَكِينٌ مُكْرَم، وَالْجَمْعُ أُثَرَاءُ والأُنثى أَثِيرَة. وآثَرَه عَلَيْهِ: فَضَّلَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا
. وأَثِرَ أَن يَفْعَلَ كَذَا أَثَراً وأَثَر وآثَرَ، كُلُّهُ: فَضّل وقَدّم. وآثَرْتُ فُلَانًا عَلَى نَفْسِي: مِنَ الإِيثار. الأَصمعي: آثَرْتُك إِيثاراً أَي فَضَّلْتُك. وَفُلَانٌ أَثِيرٌ عِنْدَ فُلَانٍ وذُو أُثْرَة إِذا كَانَ خَاصًّا. وَيُقَالُ: قَدْ أَخَذه بِلَا أَثَرَة وبِلا إِثْرَة وَبِلَا اسْتِئثارٍ أَي لَمْ يستأْثر عَلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يأْخذ الأَجود؛ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ يَمْدَحُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
مَا آثَرُوكَ بها إِذ قَدَّموكَ لَهَا، ... لكِنْ لأَنْفُسِهِمْ كانَتْ بِهَا الإِثَرُ
أَي الخِيَرَةُ والإِيثارُ، وكأَنَّ الإِثَرَ جَمْعُ الإِثْرَة وَهِيَ الأَثَرَة؛ وَقَوْلُ الأَعرج الطَّائِيِّ:
أَراني إِذا أَمْرٌ أَتَى فَقَضَيته، ... فَزِعْتُ إِلى أَمْرٍ عليَّ أَثِير
قَالَ: يُرِيدُ المأْثور الَّذِي أَخَذَ فِيهِ؛ قَالَ: وَهُوَ مِنْ
__________
(1) . قَوْلِهِ: [وقرئ إلخ] حاصل القراءات ست: أثارة بفتح أو كسر، وأثرة بفتحتين، وأثرة مثلثة الهمزة مع سكون الثاء، فالأَثارة، بالفتح، البقية أي بقية من علم بقيت لكم من علوم الأَولين، هل فيها ما يدل على استحقاقهم للعبادة أو الأمر به، وبالكسر من أثار الغبار أريد منها المناظرة لأنها تثير المعاني. والأثرة بفتحتين بمعنى الاستئثار والتفرد، والأثرة بالفتح مع السكون بناء مرة من رواية الحديث، وبكسرها معه بمعنى الأثرة بفتحتين وبضمها معه اسم للمأثور المرويّ كالخطبة انتهى ملخصاً من البيضاوي وزاده
(2) . قوله: [قد كان إلخ] كذا بالأصل، والذي في مادة خ ط ط منه: قَدْ كَانَ نَبِيٌّ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ علم مثل علمه، فلعل ما هنا رواية، وأي مقدمة على علم من مبيض المسودة(4/7)
قَوْلِهِمْ خُذْ هَذَا آثِراً. وَشَيْءٌ كَثِيرٌ أَثِيرٌ: إِتباع لَهُ مِثْلَ بَثِيرٍ. واسْتأْثَرَ بِالشَّيْءِ عَلَى غَيْرِهِ: خصَّ بِهِ نَفْسَهُ واستبدَّ بِهِ؛ قَالَ الأَعشى:
اسْتَأْثَرَ اللهُ بالوفاءِ و ... بالعدْلِ، ووَلَّى المَلامَة الرَّجُلَا
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا اسْتأْثر اللَّهُ بِشَيْءٍ فَالْهَ عَنْهُ.
وَرَجُلٌ أَثُرٌ، عَلَى فَعُل، وأَثِرٌ: يسْتَأْثر عَلَى أَصحابه فِي القَسْم. وَرَجُلٌ أَثْر، مِثَالُ فَعْلٍ: وَهُوَ الَّذِي يَسْتَأْثِر عَلَى أَصحابه، مُخَفَّفٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ أَي يَحْتَاجُ «1» . لِنَفْسِهِ أَفعالًا وأَخلاقاً حَسَنَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ للأَنصار: إِنكم ستَلْقَوْنَ بَعْدي أَثَرَةً فاصْبروا
؛ الأَثَرَة، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالثَّاءِ: الِاسْمُ مِنْ آثَرَ يُؤْثِر إِيثاراً إِذا أَعْطَى، أَراد أَنه يُسْتَأْثَرُ عَلَيْكُمْ فَيُفَضَّل غيرُكم فِي نَصِيبِهِ مِنَ الْفَيْءِ. والاستئثارُ: الِانْفِرَادُ بِالشَّيْءِ؛ ومنه حديث
عمر: فو الله مَا أَسْتَأْثِرُ بِهَا عَلَيْكُمْ وَلَا آخُذُها دُونَكُمْ
، وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ لَمَّا ذُكر لَهُ عُثْمَانُ لِلْخِلَافَةِ فَقَالَ: أَخْشَى حَفْدَه وأَثَرَتَه أَي إِيثارَه وَهِيَ الإِثْرَةُ، وَكَذَلِكَ الأُثْرَةُ والأَثْرَة؛ وأَنشد أَيضاً:
ما آثروك بها إِذ قدَّموك لَهَا، ... لَكِنْ بِهَا استأْثروا، إِذ كَانَتِ الإِثَرُ
وَهِيَ الأُثْرَى؛ قَالَ:
فَقُلْتُ لَهُ: يَا ذِئْبُ هَل لكَ فِي أَخٍ ... يُواسِي بِلا أُثْرَى عَلَيْكَ وَلَا بُخْلِ؟
وَفُلَانٌ أَثيري أَي خُلْصاني. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ قَدْ آثَرْت أَن أَقول ذَلِكَ أُؤَاثرُ أَثْراً. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِن آثَرْتَ أَنْ تأْتينا فأْتنا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، أَي إِن كَانَ لَا بُدَّ أَن تأْتينا فأْتنا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ: قَدْ أَثِرَ أَنْ يَفْعلَ ذَلِكَ الأَمر أَي فَرغ لَهُ وعَزَم عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لَقَدْ أَثِرْتُ بأَن أَفعل كَذَا وَكَذَا وَهُوَ هَمٌّ فِي عَزْمٍ. وَيُقَالُ: افْعَلْ هَذَا يَا فُلَانُ آثِراً مَّا؛ إِن اخْتَرْتَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَافْعَلْ هَذَا إِمَّا لَا. واسْتَأْثرَ اللَّهُ فُلَانًا وَبِفُلَانٍ إِذا مَاتَ، وَهُوَ مِمَّنْ يُرجى لَهُ الْجَنَّةُ ورُجِيَ لَهُ الغُفْرانُ. والأَثْرُ والإِثْرُ والأُثُرُ، عَلَى فُعُلٍ، وَهُوَ وَاحِدٌ لَيْسَ بِجَمْعٍ: فِرِنْدُ السَّيفِ ورَوْنَقُه، وَالْجَمْعُ أُثور؛ قَالَ عُبَيْدُ بْنُ الأَبرص:
ونَحْنُ صَبَحْنَا عامِراً يَوْمَ أَقْبَلوا ... سُيوفاً، عَلَيْهِنَّ الأُثورُ، بَواتِكا
وأَنشد الأَزهري:
كأَنَّهم أَسْيُفٌ بِيضٌ يَمانِيةٌ، ... عَضْبٌ مَضارِبُها باقٍ بِهَا الأُثُرُ
وأَثْرُ السَّيْفِ: تَسَلْسُلُه وديباجَتُه؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِهِ:
فإِنِّي إِن أَقَعْ بِكَ لَا أُهَلِّكْ، ... كَوَقْع السيفِ ذِي الأَثَرِ الفِرِنْدِ
فإِن ثَعْلَبًا قَالَ: إِنما أَراد ذِي الأَثْرِ فَحَرَّكَهُ لِلضَّرُورَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا عِنْدِي لأَنه لَوْ قَالَ ذِي الأَثْر فَسَكَّنَهُ عَلَى أَصله لَصَارَ مفاعَلَتُن إِلى مفاعِيلن، وَهَذَا لَا يَكْسِرُ الْبَيْتَ، لَكِنَّ الشَّاعِرَ إِنما أَراد تَوْفِيَةَ الْجُزْءِ فَحَرَّكَ لِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ، وأَبدل الفرنْدَ مِنَ الأَثَر. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ يَعْقُوبُ لَا يَعْرِفُ الأَصمعي الأَثْر إِلا بِالْفَتْحِ؛ قَالَ: وأَنشدني عِيسَى بْنُ عُمَرَ لِخِفَافِ بْنِ نُدْبَةَ وَنُدْبَةُ أُمّه:
جَلاهَا الصيْقَلُونَ فأَخْلَصُوها خِفافاً، ... كلُّها يَتْقي بأَثْر
__________
(1) . قوله: [أي يحتاج] كذا بالأصل. ونص الصحاح: رجل أثر، بالضم على فعل بضم العين، إذا كان يستأثر على أصحابه أي يختار لنفسه أخلاقاً إلخ(4/8)
أَي كُلُّهَا يَسْتَقْبِلُكَ بِفَرِنَدِهِ، ويَتْقِي مُخَفَّفٌ مِنْ يَتَّقي، أَي إِذا نَظَرَ النَّاظِرُ إِليها اتَّصَلَ شُعَاعُهَا بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ النَّظَرِ إِليها، وَيُقَالُ تَقَيْتُه أَتْقيه واتَّقَيْتُه أَتَّقِيه. وَسَيْفٌ مأْثور: فِي مَتْنِهِ أَثْر، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُقَالُ إِنه يَعْمَلُهُ الْجِنُّ وَلَيْسَ مِنَ الأَثْرِ الَّذِي هُوَ الْفِرِنْدُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
إِني أُقَيِّدُ بالمأْثُورِ راحِلَتي، ... وَلَا أُبالي، وَلَوْ كنَّا عَلَى سَفَر
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ المَأْثور مَفْعول لَا فِعْلَ لَهُ كَمَا ذَهَبَ إِليه أَبو عَلِيٍّ في المَفْؤُود الَّذِي هُوَ الْجَبَانُ. وأُثْر الْوَجْهِ وأُثُرُه: مَاؤُهُ ورَوْنَقُه وأَثَرُ السَّيْفِ: ضَرْبَته. وأُثْر الجُرْح: أَثَرهُ يبقى بعد ما يبرأُ. الصِّحَاحُ: والأُثْر، بِالضَّمِّ، أَثَر الْجُرْحِ يَبْقَى بَعْدَ البُرء، وَقَدْ يُثَقَّلُ مِثْلَ عُسْرٍ وعُسُرٍ؛ وأَنشد:
عَضْبٌ مَضَارِبُهَا باقٍ بِهَا الأُثر
هَذَا الْعَجُزُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
بيضٌ مَضَارِبُهَا باقٍ بِهَا الأَثر
وَالصَّحِيحُ مَا أَوردناه؛ قَالَ: وَفِي النَّاسِ مَنْ يَحْمِلُ هَذَا عَلَى الْفِرِنْدِ. والإِثْر والأُثْر: خُلاصة السمْن إِذا سُلِئَ وَهُوَ الخَلاص والخِلاص، وَقِيلَ: هُوَ اللَّبَنُ إِذا فَارَقَهُ السَّمْنُ؛ قَالَ:
والإِثْرَ والضَّرْبَ مَعًا كالآصِيَه
الآصِيَةُ: حُساءٌ يُصْنَعُ بِالتَّمْرِ؛ وَرَوَى الإِيادي عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه كَانَ يَقُولُ الإِثر، بِكَسْرَةِ الْهَمْزَةِ، لِخُلَاصَةِ السَّمْنِ؛ وأَما فِرِنْدُ السَّيْفِ فَكُلُّهُمْ يَقُولُ أُثْر. ابْنُ بُزُرج: جَاءَ فُلَانٌ عَلَى إِثْرِي وأَثَري؛ قَالُوا: أُثْر السَّيْفِ، مَضْمُومٌ: جُرْحه، وأَثَرُه، مَفْتُوحٌ: رَوْنَقُهُ الَّذِي فِيهِ. وأُثْرُ الْبَعِيرِ فِي ظَهْرِهِ، مَضْمُومٌ؛ وأَفْعَل ذَلِكَ آثِراً وأَثِراً. وَيُقَالُ: خَرَجْتُ فِي أَثَرِه وإِثْرِه، وَجَاءَ فِي أَثَرِهِ وإثِرِه، وَفِي وَجْهِهِ أَثْرٌ وأُثْرٌ؛ وَقَالَ الأَصمعي: الأُثْر، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، مِنَ الْجُرْحِ وَغَيْرِهِ فِي الْجَسَدِ يبرأُ وَيَبْقَى أَثَرُهُ. قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ فِي هَذَا أَثْرٌ وأُثْرٌ، وَالْجَمْعُ آثَارٌ، وَوَجْهُهُ إِثارٌ، بِكَسْرِ الأَلف. قَالَ: وَلَوْ قُلْتَ أُثُور كُنْتَ مُصِيبًا. وَيُقَالُ: أَثَّر بِوَجْهِهِ وَبِجَبِينِهِ السُّجُودُ وأَثَّر فِيهِ السَّيْفُ والضَّرْبة. الْفَرَّاءُ: ابدَأْ بِهَذَا آثِرًا مَّا، وآثِرَ ذِي أَثِير، وأَثيرَ ذِي أَثيرٍ أَي ابدَأْ بِهِ أَوَّل كُلِّ شَيْءٍ. وَيُقَالُ: افْعَلْه آثِراً مَا وأَثِراً مَا أَي إِن كُنْتَ لَا تَفْعَلُ غَيْرَهُ فَافْعَلْهُ، وَقِيلَ: افْعَلْهُ مُؤثراً له على غيره، وما زَائِدَةٌ وَهِيَ لَازِمَةٌ لَا يَجُوزُ حَذْفُهَا، لأَن مَعْنَاهُ افْعَلْهُ آثِراً مُخْتَارًا لَهُ مَعْنيّاً بِهِ، مِنْ قَوْلِكَ: آثَرْتُ أَن أَفعل كَذَا وَكَذَا. ابْنُ الأَعرابي: افْعَلْ هَذَا آثِرَا مَّا وَآثِرًا، بِلَا مَا، وَلَقِيتُهُ آثِراً مَّا، وأَثِرَ ذاتِ يَدَيْن وَذِي يَدَيْن وآثِرَ ذِي أَثِير أَي أَوَّل كُلِّ شَيْءٍ، وَلَقِيتُهُ أَوَّل ذِي أَثِيرٍ، وإِثْرَ ذِي أَثِيرٍ؛ وَقِيلَ: الأَثير الصُّبْحُ، وَذُو أَثيرٍ وَقْتُه؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:
فَقَالُوا: مَا تُرِيدُ؟ فَقُلْت: أَلْهُو ... إِلى الإِصْباحِ آثِرَ ذِي أَثِير
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِثْرَ ذِي أَثِيرَيْن وأَثَرَ ذِي أَثِيرَيْن وإِثْرَةً مَّا. الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِهِمْ: خُذْ هَذَا آثِراً مَا، قَالَ: كأَنه يُرِيدُ أَن يأْخُذَ مِنْهُ وَاحِدًا وَهُوَ يُسامُ عَلَى آخَرَ فَيَقُولُ: خُذْ هَذَا الْوَاحِدَ آثِراً أَي قَدْ آثَرْتُك بِهِ وَمَا فِيهِ حَشْوٌ ثُمَّ سَلْ آخَرَ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ أَثِرَ فُلانٌ بقَوْل كَذَا وَكَذَا وطَبِنَ وطَبِقَ ودَبِقَ ولَفِقَ وفَطِنَ، وَذَلِكَ إِذا أَبصر الشَّيْءَ وضَرِيَ بِمَعْرِفَتِهِ وحَذِقَه. والأُثْرَة: الْجَدْبُ وَالْحَالُ غَيْرُ الْمَرْضِيَّةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:(4/9)
إِذا خافَ مِنْ أَيْدِي الحوادِثِ أُثْرَةً، ... كفاهُ حمارٌ، مِنْ غَنِيٍّ، مُقَيَّدُ
وَمِنْهُ قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنكم ستَلْقَوْن بَعْدي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوني عَلَى الْحَوْضِ.
وأَثَر الفَحْلُ النَّاقَةَ يَأْثُرُها أَثْراً: أَكثَرَ ضِرابها.
أجر: الأَجْرُ: الْجَزَاءُ عَلَى الْعَمَلِ، وَالْجَمْعُ أُجور. والإِجارَة: مِنْ أَجَر يَأْجِرُ، وَهُوَ مَا أَعطيت مِنْ أَجْر فِي عَمَلٍ. والأَجْر: الثَّوَابُ؛ وَقَدْ أَجَرَه اللَّهُ يأْجُرُه ويأْجِرُه أَجْراً وآجَرَه اللَّهُ إِيجاراً. وأْتَجَرَ الرجلُ: تَصَدَّقَ وَطَلَبَ الأَجر. وَفِي الْحَدِيثِ فِي الأَضاحي:
كُلُوا وادَّخِرُوا وأْتَجِروا
أَي تَصَدَّقُوا طَالِبِينَ لِلأَجْرِ بِذَلِكَ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ فِيهِ اتَّجِروا بالإِدغام لأَن الْهَمْزَةَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ لأَنَّه مِنَ الأَجر لَا مِنَ التِّجَارَةِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ أَجازه الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِهِ وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
إِنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدِ وَقَدْ قَضَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، صلاتَه فَقَالَ: مَنْ يَتّجِر يَقُومُ فَيُصَلِّي مَعَهُ،
قَالَ: وَالرِّوَايَةُ إِنما هِيَ يأْتَجِر، فإِن صَحَّ فِيهَا يَتَّجِرُ فَيَكُونُ مِنَ التِّجَارَةِ لَا مِنَ الأَجر كأَنه بِصَلَاتِهِ مَعَهُ قَدْ حصَّل لِنَفْسِهِ تِجارة أَي مَكْسَباً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الزَّكَاةِ:
وَمَنْ أَعطاها مُؤْتَجِراً بِهَا.
وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: آجَرَني اللَّهُ فِي مُصِيبَتِي وأَخْلف لِي خَيْراً مِنْهَا
؛ آجَرَه يُؤْجِرُه إِذا أَثابه وأَعطاه الأَجر وَالْجَزَاءَ، وَكَذَلِكَ أَجَرَه يَأْجُرُه ويأْجِرُه، والأَمر مِنْهُمَا آجِرْني وأْجُرْني. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا
؛ قِيلَ: هُوَ الذِّكْر الْحَسَنُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ مِنْ أُمة مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى وَالْيَهُودِ وَالْمَجُوسِ إِلَّا وَهُمْ يُعَظِّمُونَ إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقِيلَ: أَجْرُه فِي الدُّنْيَا كونُ الأَنبياء مِنْ وَلَدِهِ، وَقِيلَ: أَجْرُه الولدُ الصَّالِحُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ
؛ الأَجر الكريمُ: الجنةُ. وأَجَرَ المملوكَ يأْجُرُه أَجراً، فَهُوَ مأْجور، وَآجِرُهُ، يُؤَجِّرُهُ إِيجاراً ومؤاجَرَةً، وكلٌّ حسَنٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَآجَرْتُ عَبْدِي أُوجِرُه إِيجاراً، فَهُوَ مُؤْجَرٌ. وأَجْرُ المرأَة: مَهْرُها؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ
. وآجرتِ الأَمَةُ البَغِيَّةُ نفسَها مؤاجَرَةً: أَباحَت نفسَها بأَجْرٍ؛ وَآجَرَ الإِنسانَ واستأْجره. والأَجيرُ: المستأْجَرُ، وَجَمْعُهُ أُجَراءُ؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
وجَوْنٍ تَزْلَقُ الحِدْثانُ فِيهِ، ... إِذا أُجَرَاؤُه نَحَطُوا أَجابا
وَالِاسْمُ مِنْهُ: الإِجارةُ. والأُجْرَةُ: الْكِرَاءُ. تَقُولُ: استأْجرتُ الرجلَ، فَهُوَ يأْجُرُني ثمانيَ حِجَجٍ أَي يَصِيرُ أَجيري. وأْتَجَرَ عَلَيْهِ بِكَذَا: مِنَ الأُجرة؛ وَقَالَ أَبو دَهْبَلٍ الجُمحِي، وَالصَّحِيحُ أَنه لِمُحَمَّدِ بْنِ بَشِيرٍ الْخَارِجِيِّ:
يَا أَحْسنَ الناسِ، إِلّا أَنّ نائلَها، ... قِدْماً لِمَنْ يَرْتَجي مَعْرُوفَهَا، عَسِرُ
وإِنما دَلُّها سِحْرٌ تَصيدُ بِهِ، ... وإِنما قَلْبُها لِلْمُشْتَكِي حَجَرُ
هَلْ تَذْكُريني؟ ولمَّا أَنْسَ عهدكُمُ، ... وقدْ يَدومُ لِعَهْدِ الخُلَّةِ الذِّكَرُ
قَوْلي، ورَكْبُكِ قَدْ مَالَتْ عمائمُهُم، ... وَقَدْ سَقَاهُمْ بكَأْس النَّومَةِ السهرُ:
يَا لَيْت أَني بأَثوابي وَرَاحِلَتِي ... عبدٌ لأَهلِكِ، هَذَا الشهرَ، مُؤْتَجَرُ
إِنْ كَانَ ذَا قَدَراً يُعطِيكِ نَافِلَةً ... منَّا ويَحْرِمُنا، مَا أَنْصَفَ القَدَرُ(4/10)
جِنِّيَّةٌ، أَوْ لَها جِنٌّ يُعَلِّمُها، ... تَرْمِي القلوبَ بقوسٍ مَا لَهَا وَتَرُ
قَوْلُهُ: يَا لَيْتَ أَني بأَثوابي وَرَاحِلَتِي أَي مَعَ أَثوابي. وَآجَرْتُهُ الدارَ: أَكريتُها، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ وأَجرْتُه. والأُجْرَةُ والإِجارَةُ والأُجارة: مَا أَعْطيتَ مِنْ أَجرٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى ثَعْلَبًا حَكَى فِيهِ الأَجارة، بِالْفَتْحِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ
؛ قَالَ الفرّاءُ: يَقُولُ أَن تَجْعَلَ ثَوَابِي أَن تَرْعَى عليَّ غَنمي ثَمَانِي حِجَج؛ وَرَوَى يُونُسُ: مَعْنَاهَا عَلَى أَن تُثِيبَني عَلَى الإِجارة؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ: آجركَ اللهُ أَي أَثابك اللَّهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: قالَتْ إِحْداهُما يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ
؛ أَي اتَّخِذْهُ أَجيراً؛ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ
؛ أَي خيرَ مَنِ اسْتَعْمَلْتَ مَنْ قَوِيَ عَلَى عَمَلِكَ وأَدَّى الأَمانة. قَالَ وَقَوْلُهُ: عَلَى أَن تأْجُرَني ثمانيَ حِجَج أَي تَكُونُ أَجيراً لِي. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أُجِرَ فلانٌ خَمْسَةً مِنْ وَلَدِه أَي مَاتُوا فَصَارُوا أَجْرَهُ. وأَجِرَتْ يدُه تأْجُر وتَأْجِرُ أَجْراً وإِجاراً وأُجوراً: جُبِرَتْ عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ فَبَقِيَ لَهَا عَثْمٌ، وَهُوَ مَشَشٌ كَهَيْئَةِ الْوَرَمِ فِيهِ أَوَدٌ؛ وآجَرَها هُوَ وآجَرْتُها أَنا إِيجاراً. الْجَوْهَرِيُّ: أَجَرَ العظمُ يأْجُر ويأْجِرُ أَجْراً وأُجوراً أَي برئَ عَلَى عَثْمٍ. وَقَدْ أُجِرَتْ يدُه أَي جُبِرَتْ، وآجَرَها اللهُ أَي جَبَرَهَا عَلَى عَثْمٍ. وَفِي حَدِيثِ ديَة التَّرْقُوَةِ:
إِذا كُسِرَت بَعيرانِ، فإِن كَانَ فِيهَا أُجورٌ فأَربعة أَبْعِرَة
؛ الأُجُورُ مصدرُ أُجِرَتْ يدُه تُؤْجَرُ أَجْراً وأُجوراً إِذا جُبرت عَلَى عُقْدَة وَغَيْرِ اسْتِوَاءٍ فَبَقِيَ لَهَا خُرُوجٌ عَنْ هَيْئَتِهَا. والمِئْجارُ: المِخْراقُ كأَنه فُتِلَ فَصَلُبَ كَمَا يَصْلُبُ الْعَظْمُ الْمَجْبُورُ؛ قَالَ الأَخطل:
والوَرْدُ يَرْدِي بِعُصْمٍ فِي شَرِيدِهِم، ... كأَنه لاعبٌ يَسْعَى بِمِئْجارِ
الْكِسَائِيُّ: الإِجارةُ فِي قَوْلِ الْخَلِيلِ: أَن تَكُونَ القافيةُ طَاءً والأُخرى دَالًا. وَهَذَا مِنْ أُجِرَ الكَسْرُ إِذا جُبِرَ عَلَى غَيْرِ استواءٍ؛ وَهُوَ فِعَالَةٌ مِنْ أَجَرَ يأْجُر كالإِمارةِ مِنْ أَمَرَ. والأَجُورُ واليَأْجُورُ والآجِرُون [الآجُرُون] والأُجُرُّ والآجُرُّ [الآجِرُّ] والآجُرُ [الآجِرُ] : طبيخُ الطِّينِ، الْوَاحِدَةُ، بِالْهَاءِ، أُجُرَّةٌ وآجُرَّةٌ وآجِرَّة؛ أَبو عَمْرٍو: هُوَ الآجُر، مُخَفَّفُ الرَّاءِ، وَهِيَ الآجُرَة. وَقَالَ غَيْرُهُ: آجِرٌ وآجُورٌ، عَلَى فاعُول، وَهُوَ الَّذِي يُبْنَى بِهِ، فَارِسِيُّ مُعَرَّبٌ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْعَرَبُ تَقُولُ آجُرَّة وآجُرٌّ لِلْجَمْعِ، وآجُرَةُ وَجَمْعُهَا آجُرٌ، وأَجُرَةٌ وَجَمْعُهَا أَجُرٌ، وآجُورةٌ وَجَمْعُهَا آجُورٌ. والإِجَّارُ: السَّطح، بِلُغَةِ الشَّامِ وَالْحِجَازِ، وَجَمْعُ الإِجَّار أَجاجِيرُ وأَجاجِرَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والإِجَّار والإِجَّارةُ سَطْحٌ لَيْسَ عَلَيْهِ سُتْرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ بَاتَ عَلَى إِجَّارٍ لَيْسَ حَوْلَهُ مَا يَرُدُّ قَدَمَيْهِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذمَّة.
الإِجَّارُ، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ: السَّطحُ الَّذِي لَيْسَ حَوْلَهُ مَا يَرُدُّ الساقِطَ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ:
فإِذا جَارِيَةٌ مِنَ الأَنصار عَلَى إِجَّارٍ لَهُمْ
؛ والإِنْجارُ، بِالنُّونِ: لُغَةٌ فِيهِ، وَالْجَمْعُ الأَناجِيرُ. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
فَتَلَقَّى الناسُ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي السوق وعلى الأَجاجيرِ والأَناجِيرِ
؛ يَعْنِي السطوحَ، والصوابُ فِي ذَلِكَ الإِجَّار. ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا زَالَ ذَلِكَ إِجِّيراهُ أَي عَادَتَهُ. وَيُقَالُ لأُم إِسماعيلَ: هاجَرُ وآجَرُ، عليهما السلام.
أخر: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: الآخِرُ والمؤخِّرُ، فالآخِرُ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خلقِه كُلِّهِ ناطقِه وصامتِه، والمؤخِّرُ(4/11)
هُوَ الَّذِي يُؤَخِّرُ الأَشياءَ فَيضعُها فِي مواضِعها، وَهُوَ ضِدُّ المُقَدِّمِ، والأُخُرُ ضِدُّ القُدُمِ. تَقُولُ: مَضَى قُدُماً وتَأَخَّرَ أُخُراً، والتأَخر ضِدُّ التَّقَدُّمِ؛ وَقَدْ تَأَخَّرَ عَنْهُ تَأَخُّراً وتَأَخُّرَةً وَاحِدَةً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وَهَذَا مُطَّرِدٌ، وإِنما ذَكَرْنَاهُ لأَن اطِّراد مِثْلِ هَذَا مِمَّا يَجْهَلُهُ مَنْ لَا دُرْبَة لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ. وأَخَّرْتُه فتأَخَّرَ، واستأْخَرَ كتأَخَّر. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ*
؛ وَفِيهِ أَيضاً: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ
؛ يَقُولُ: عَلِمْنَا مَنْ يَستقدِم مِنْكُمْ إِلى الْمَوْتِ وَمَنْ يَستأْخرُ عَنْهُ، وَقِيلَ:
عَلِمنا مُستقدمي الأُمم ومُسْتأْخِريها، وَقَالَ ثعلبٌ: عَلمنا مَنْ يأْتي مِنْكُمْ إِلى الْمَسْجِدِ متقدِّماً وَمَنْ يأْتي متأَخِّراً، وَقِيلَ: إِنها كَانَتِ امرأَةٌ حَسْنَاءُ تُصلي خَلْفَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَنْ يُصَلِّي فِي النِّسَاءِ، فَكَانَ بعضُ مَنْ يُصلي يَتأَخَّرُ فِي أَواخِرِ الصُّفُوفِ، فإِذا سَجَدَ اطَّلَعَ إِلَيْهَا مِنْ تَحْتِ إِبطه، وَالَّذِينَ لَا يقصِدون هَذَا المقصِدَ إِنما كَانُوا يَطْلُبُونَ التَّقَدُّمَ فِي الصُّفُوفِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: أَخِّرْ عَنِّي يَا عمرُ
؛ يُقَالُ: أَخَّرَ وتأَخَّرَ وقَدَّمَ وتقَدَّمَ بِمَعْنًى؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ أَي لَا تَتَقَدَّمُوا، وَقِيلَ: معناهُ أَخِّر عَنِّي رَأْيَكَ فاختُصِر إِيجازاً وَبَلَاغَةً. والتأْخيرُ: ضدُّ التَّقْدِيمِ. ومُؤَخَّرُ كُلِّ شَيْءٍ، بِالتَّشْدِيدِ: خِلَافُ مُقَدَّمِه. يُقَالُ: ضَرَبَ مُقَدَّمَ رأْسه ومؤَخَّره. وآخِرَةُ العينَ ومُؤْخِرُها ومؤْخِرَتُها: مَا وَليَ اللِّحاظَ، وَلَا يقالُ كَذَلِكَ إِلا فِي مؤَخَّرِ الْعَيْنِ. ومُؤْخِرُ الْعَيْنِ مِثْلُ مُؤمِنٍ: الَّذِي يَلِي الصُّدْغَ، ومُقْدِمُها: الَّذِي يَلِي الأَنفَ؛ يُقَالُ: نَظَرَ إِليه بِمُؤْخِرِ عَيْنِهِ وبمُقْدِمِ عَيْنِهِ؛ ومُؤْخِرُ الْعَيْنِ ومقدِمُها: جَاءَ فِي الْعَيْنِ بِالتَّخْفِيفِ خَاصَّةً. ومُؤْخِرَةُ الرَّحْل ومُؤَخَّرَتُه وآخِرَته وآخِره، كُلُّهُ: خِلَافُ قادِمته، وَهِيَ الَّتِي يَسْتنِدُ إِليها الرَّاكِبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا وضَعَ أَحدكُم بَيْنَ يَدَيْهِ مِثلَ آخِرة الرحلِ فَلَا يُبَالِي مَنْ مرَّ وراءَه
؛ هِيَ بِالْمَدِّ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَسْتنِدُ إِليها الرَّاكِبُ مِنْ كُورِ الْبَعِيرِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مِثْلَ مؤْخرة
؛ وَهِيَ بِالْهَمْزِ وَالسُّكُونِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ فِي آخِرَتِه، وَقَدْ مَنَعَ مِنْهَا بَعْضُهُمْ وَلَا يُشَدَّدُ. ومُؤْخِرَة السَّرْجِ: خلافُ قادِمتِه. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: واسِطُ الرَّحْلِ لِلَّذِي جَعَلَهُ اللَّيْثُ قادِمَه. وَيَقُولُونَ: مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ وآخِرَة الرَّحْلِ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا تَقُلْ مُؤْخِرَة. وَلِلنَّاقَةِ آخِرَان وَقَادِمَانِ: فخِلْفاها المقدَّمانِ قَادِمَاهَا، وخِلْفاها المؤَخَّران آخِراها، والآخِران مِنَ الأَخْلاف: اللَّذَانِ يَلِيَانِ الفخِذَين؛ والآخِرُ: خلافُ الأَوَّل، والأُنثَى آخِرَةٌ. حَكَى ثعلبٌ: هنَّ الأَوَّلاتُ دُخُولًا والآخِراتُ خُرُوجًا. الأَزهري: وأَمَّا الآخِرُ، بِكَسْرِ الْخَاءِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هُوَ الأَوَّل والآخِر وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ. رُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ وَهُوَ يُمَجِّد اللَّهَ: أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شيءٌ وأَنت الآخِرُ فَلَيْسَ بعدَك شَيْءٌ.
اللَّيْثُ: الآخِرُ وَالْآخِرَةُ نَقِيضُ الْمُتَقَدِّمِ والمتقدِّمة، والمستأْخِرُ نَقِيضُ الْمُسْتَقْدِمِ، والآخَر، بِالْفَتْحِ: أَحد الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ اسْمٌ عَلَى أَفْعَلَ، والأُنثى أُخْرَى، إِلَّا أَنَّ فِيهِ مَعْنَى الصِّفَةِ لأَنَّ أَفعل مِنْ كَذَا لَا يَكُونُ إِلا فِي الصِّفَةِ. والآخَرُ بِمَعْنَى غَير كَقَوْلِكَ رجلٌ آخَرُ وَثَوْبٌ آخَرُ، وأَصله أَفْعَلُ مِنَ التَّأَخُّر، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ هَمْزَتَانِ فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ استُثْقِلتا فأُبدلت الثَّانِيَةُ أَلفاً لِسُكُونِهَا وَانْفِتَاحِ الأُولى قَبْلَهَا. قَالَ الأَخفش: لو جعلْتَ في الشِّعْرِ آخِر مَعَ جَابِرٍ لَجَازَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا هُوَ(4/12)
الْوَجْهُ الْقَوِيُّ لأَنه لَا يحققُ أَحدٌ هَمْزَةَ آخِر، وَلَوْ كَانَ تَحْقِيقُهَا حَسَنًا لَكَانَ التحقيقُ حَقِيقًا بأَن يُسمع فِيهَا، وإِذا كَانَ بَدَلًا أَلْبَتَّةَ وَجَبَ أَن يُجْرى عَلَى مَا أَجرته عَلَيْهِ العربُ مِنْ مُرَاعَاةِ لَفْظِهِ وَتَنْزِيلِ هَذِهِ الْهَمْزَةِ منزلةَ الأَلِفِ الزَّائِدَةِ الَّتِي لَا حظَّ فِيهَا لِلْهَمْزِ نحو عالِم وصابِرٍ، أَلا تراهم لما كسَّروا قالوا آخِرٌ وأَواخِرُ، كَمَا قَالُوا جابِرٌ وجوابِرُ؛ وَقَدْ جَمَعَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بَيْنَ آخَرَ وقَيصرَ توهَّمَ الأَلِفَ هَمْزَةً قَالَ:
إِذا نحنُ صِرْنا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ... وراءَ الحِساءِ مِنْ مَدَافِعِ قَيْصَرَا
إِذا قُلتُ: هَذَا صاحبٌ قَدْ رَضِيتُه، ... وقَرَّتْ بِهِ العينانِ، بُدّلْتُ آخَرا
وتصغيرُ آخَر أُوَيْخِرٌ جَرَتِ الأَلِفُ المخففةُ عَنِ الْهَمْزَةِ مَجْرَى أَلِفِ ضَارِبٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما
؛ فسَّره ثعلبٌ فَقَالَ: فَمُسْلِمَانِ يقومانِ مقامَ النصرانيينِ يَحْلِفَانِ أَنهما اخْتَانا ثُمَّ يُرْتجَعُ عَلَى النصرانِيَّيْن، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ أَو آخَرانِ مِنْ غَيْرِ دِينِكُمْ مِنَ النَّصَارَى واليهودِ وَهَذَا لِلسَّفَرِ وَالضَّرُورَةِ لأَنه لَا تجوزُ شهادةُ كافرٍ عَلَى مسلمٍ فِي غَيْرِ هَذَا، وَالْجَمْعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، والأُنثى أُخرى. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى
؛ جَاءَ عَلَى لَفْظِ صفةِ الواحدِ لأَن مآربَ فِي مَعْنَى جماعةٍ أُخرى مِنَ الحاجاتِ ولأَنه رأُس آيَةٍ، وَالْجَمْعُ أُخْرَياتٌ وأُخَرُ. وَقَوْلُهُمْ: جَاءَ فِي أُخْرَيَاتِ الناسِ وأُخرى القومِ أَي فِي أَواخِرهِم؛ وأَنشد:
أَنا الَّذِي وُلِدْتُ فِي أُخرى الإِبلْ
وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ
؛ مِنَ العربِ مَنْ يَقولُ فِي أُخراتِكُمْ وَلَا يجوزُ فِي القراءةِ. اللَّيْثُ: يُقَالُ هَذَا آخَرُ وَهَذِهِ أُخْرَى فِي التَّذْكِيرِ والتأْنيثِ، قَالَ: وأُخَرُ جَمَاعَةٌ أُخْرَى. قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وأُخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزواجٌ؛ أُخَرُ لَا ينصرِفُ لأَن وحدانَها لَا تنصرِفُ، وَهُوَ أُخْرًى وآخَرُ، وَكَذَلِكَ كلُّ جَمْعٍ عَلَى فُعَل لَا ينصرِفُ إِذا كَانَتْ وُحدانُه لَا تنصرِفُ مِثلُ كُبَرَ وصُغَرَ؛ وَإِذَا كَانَ فُعَلٌ جَمْعًا لِفُعْلةٍ فإِنه ينصرِفُ نَحْوَ سُتْرَةٍ وسُتَرٍ وحُفْرَةٍ وحُفْرٍ، وَإِذَا كَانَ فُعَلٌ اسْمًا مَصْرُوفًا عَنْ فاعِلٍ لَمْ ينصرِفْ فِي الْمَعْرِفَةِ ويَنْصَرِفُ فِي النَّكِرَةِ، وَإِذَا كَانَ اسْمًا لِطائِرٍ أَو غَيْرِهِ فإِنه ينصرفُ نَحْوُ سُبَدٍ ومُرَعٍ، وَمَا أَشبههما. وَقُرِئَ: وآخَرُ مِنْ شكلِه أَزواجٌ؛ عَلَى الواحدِ. وَقَوْلُهُ: وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى
؛ تأْنيث الآخَر، وَمَعْنَى آخَرُ شيءٌ غيرُ الأَوّلِ؛ وقولُ أَبي العِيالِ:
إِذا سَنَنُ الكَتِيبَةِ صَدَّ، ... عَنْ أُخْراتِها، العُصَبُ
قَالَ السُّكَّريُّ: أَراد أُخْرَياتِها فَحَذَفَ؛ وَمِثْلُهُ مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ويتَّقي السَّيفَ بأُخْراتِه، ... مِنْ دونِ كَفِّ الجارِ والمِعْصَمِ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا مذهبُ البَغدادِيينَ، أَلا تَراهم يُجيزُون فِي تَثْنِيَةِ قِرْقِرَّى قِرْقِرَّانِ، وَفِي نَحْوِ صَلَخْدَى صَلَخْدانِ؟ إِلَّا أَنَّ هَذَا إِنَّما هُوَ فِيمَا طَالَ مِنَ الْكَلَامِ، وأُخْرَى لَيْسَتْ بطويلةٍ. قَالَ: وَقَدْ يمكنُ أَن تَكُونَ أُخْراتُه وَاحِدَةً إِلَّا أَنَّ الأَلِفَ مَعَ الهاءِ تكونُ لِغَيْرِ التأْنيثِ، فإِذا زَالَتِ الهاءُ صارتِ الأَلفُ حِينَئِذٍ للتأْنيثِ، ومثلُهُ بُهْمَاةٌ، وَلَا يُنكرُ أَن تقدَّرَ الأَلِفُ الواحدةُ فِي حالَتَيْنِ ثِنْتَيْنِ تقديرينِ اثنينِ، أَلَا تَرَى إِلى قَوْلِهِمْ عَلْقَاةٌ بِالتَّاءِ؟ ثُمَّ(4/13)
قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَحَطَّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُور
فَجَعَلَهَا للتأْنيث وَلَمْ يصرِفْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى أَصحابُنا أَنَّ أَبا عُبَيْدَةَ قَالَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ: أُراهم كأَصحابِ التصريفِ يَقُولُونَ إِنَّ عَلَامَةَ التأْنيثِ لَا تدخلُ عَلَى عَلَامَةِ التأْنيثِ؛ وَقَدْ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فَحَطَّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُورِ
فَلَمْ يصرِفْ، وَهُمْ مَعَ هَذَا يَقُولُونَ عَلْقَاة، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبا عثمانَ فَقَالَ: إنَّ أَبا عُبَيْدَةَ أَخفى مِن أَن يَعرِف مِثْلَ هَذَا؛ يُرِيدُ مَا تقدَّم ذكرهُ مِنِ اختلافِ التَّقْدِيرَيْنِ فِي حالَيْنِ مختلِفينِ. وقولُهُم: لَا أَفْعلهُ أُخْرَى اللَّيَالِي أَي أَبداً، وأُخْرَى المنونِ أَي آخِرَ الدهرِ؛ قَالَ:
وَمَا القومُ إِلَّا خمسةٌ أَو ثلاثةٌ، ... يَخُوتونَ أُخْرَى القومِ خَوْتَ الأَجادلِ
أَي مَنْ كَانَ فِي آخِرهم. والأَجادلُ: جَمْعُ أَجْدلٍ الصَّقْر. وخَوْتُ البازِي: انقضاضُهُ للصيدِ؛ قَالَ ابنُ بَرِّي: وَفِي الْحَاشِيَةِ بيتٌ شاهدٌ عَلَى أُخْرَى المنونِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ، وَهُوَ لِكَعْبِ بْنِ مالِكٍ الأَنصارِيّ، وهو:
أَن لَا تَزَالُوا، مَا تَغَرَّدَ طائِرٌ ... أُخْرَى المنونِ، مَوالياً إِخوانا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَبْلَهُ:
أَنَسيِتُمُ عَهْدَ النَّبيِّ إِليكُمُ، ... وَلَقَدْ أَلَظَّ وأَكَّدَ الأَيْمانا؟
وأُخَرُ: جَمْعُ أُخْرَى، وأُخْرَى: تأْنيثُ آخَرَ، وَهُوَ غيرُ مصروفٍ. وَقَالَ تَعَالَى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ*
، لأَن أَفْعَلَ الَّذِي مَعَهُ مِنْ لَا يُجْمَعُ وَلَا يؤنَّثُ مَا دامَ نَكِرَةً، تقولُ: مررتُ برجلٍ أَفضلَ مِنْكَ وبامرأَةٍ أَفضل مِنْكَ، فإِن أَدْخَلْتَ عَلَيْهِ الأَلِفَ واللَام أَو أَضفتَه ثَنَّيْتَ وجَمَعْتَ وأَنَّثْت، تقولُ: مررتُ بالرجلِ الأَفضلِ وَبِالرِّجَالِ الأَفضلِينَ وبالمرأَة الفُضْلى وبالنساءِ الفُضَلِ، ومررتُ بأَفضَلهِم وبأَفضَلِيهِم وبِفُضْلاهُنَّ وبفُضَلِهِنَّ؛ وَقَالَتِ امرأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ: صُغْراها مُرَّاها؛ وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ: مررتُ برجلٍ أَفضلَ وَلَا برجالٍ أَفضَلَ وَلَا بامرأَةٍ فُضْلَى حَتَّى تصلَه بمنْ أَو تُدْخِلَ عَلَيْهِ الأَلفَ واللامَ وَهُمَا يَتَعَاقَبَانِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ آخَرُ لأَنه يؤنَّثُ ويُجْمَعُ بغيرِ مِنْ، وَبِغَيْرِ الأَلف واللامِ، وَبِغَيْرِ الإِضافةِ، تقولُ: مررتُ بِرَجُلٍ آخَرَ وَبِرِجَالٍ أُخَرَ وآخَرِين، وبامرأَة أُخْرَى وَبِنِسْوَةٍ أُخَرَ، فَلَمَّا جَاءَ مَعْدُولًا، وَهُوَ صِفَةٌ، مُنِعَ الصرفَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ جمعٌ، فإِن سَمَّيْتَ بِهِ رَجُلًا صرفتَه فِي النَّكِرَة عِنْدَ الأَخفشِ، وَلَمْ تَصرفْه عِنْدَ سِيبَوَيْهِ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
وعُلِّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني، ... فاجْتَمَعَ الحُبُّ حُبٌّ كلُّه خَبَلُ
تصغيرُ أُخْرَى. والأُخْرَى والآخِرَةُ: دارُ البقاءِ، صفةٌ غَالِبَةٌ. والآخِرُ بعدَ الأَوَّلِ، وَهُوَ صِفَةٌ، يُقَالُ: جَاءَ أَخَرَةً وبِأَخَرَةٍ، بِفَتْحِ الخاءِ، وأُخَرَةً وبأُخَرةٍ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ بحرفٍ وَبِغَيْرِ حرفٍ أَي آخرَ كلِّ شيءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يقولُ: بِأَخَرَةٍ إِذا أَراد أَن يقومَ مِنَ المجلِسِ كَذَا وَكَذَا
أَي فِي آخِر جُلُوسِهِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي آخِرِ عمرِه، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ والخاءُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَمَّا كَانَ بِأَخَرَةٍ
وَمَا عَرَفْتُهُ إِلَّا بأَخَرَةٍ أَي أَخيراً. وَيُقَالُ: لقيتُه أَخيراً وَجَاءَ أُخُراً وأَخيراً وأُخْرِيّاً وإِخرِيّاً وآخِرِيّاً(4/14)
وبآخِرَةٍ، بِالْمَدِّ، أَي آخِرَ كلِّ شَيْءٍ، والأُنثى آخِرَةٌ، وَالْجَمْعُ أَواخِرُ. وأَتيتُكَ آخِر مرتينِ وآخِرَةَ مرتينِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَلَمْ يُفَسِّرِ آخِر مَرَّتَيْنِ وَلَا آخرَةَ مَرَّتَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها المرَّةُ الثانيةُ مِنَ المرَّتين. وشقَّ ثوبَه أُخُراً وَمِنْ أُخُرٍ أَي مِنْ خَلْفٍ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يصفُ فَرَسًا حِجْراً:
وعينٌ لَهَا حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ، ... شُقَّتْ مآقِيهِما مِنْ أُخُرْ
وَعَيْنٌ حَدْرَةٌ أَي مُكْتَنِزَةٌ صُلْبة. والبَدْرَةُ: الَّتِي تَبْدُر بِالنَّظَرِ، وَيُقَالُ: هِيَ التَّامَّةُ كالبَدْرِ. وَمَعْنَى شُقَّتْ مِنْ أُخُرٍ: يَعْنِي أَنها مَفْتُوحَةٌ كأَنها شُقَّتْ مِنْ مُؤْخِرِها. وبعتُه سِلْعَة بِأَخِرَةٍ أَي بنَظِرَةٍ وتأْخيرٍ وَنَسِيئَةٍ، وَلَا يقالُ: بِعْتُه المتاعَ إِخْرِيّاً. وَيُقَالُ فِي الشَّتْمِ: أَبْعَدَ اللهُ الأَخِرَ، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَقَصْرِ الأَلِف، والأَخِيرَ وَلَا تقولُه للأُنثى. وَحَكَى بَعْضُهُمْ: أَبْعَدَ اللهُ الآخِرَ، بِالْمَدِّ، والآخِرُ والأَخِيرُ الغائبُ. شَمِرٌ فِي قَوْلِهِمْ: إِنّ الأَخِرَ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَخِرُ المؤَخَّرُ المطروحُ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: مَعْنَى المؤَخَّرِ الأَبْعَدُ؛ قَالَ: أُراهم أَرادوا الأَخِيرَ فأَنْدَروا الْيَاءَ. وَفِي حَدِيثِ
ماعِزٍ: إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى
؛ الأَخِرُ، بِوَزْنِ الكَبِد، هُوَ الأَبعدُ المتأَخِّرُ عَنِ الْخَيْرِ. وَيُقَالُ: لَا مَرْحَبًا بالأَخِر أَي بالأَبعد؛ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ نَظَرَ إِليَّ بِمُؤْخِرِ عينِه. وضَرَبَ مُؤَخَّرَ رأْسِه، وَهِيَ آخِرَةُ الرحلِ. والمِئخارُ: النخلةُ الَّتِي يَبْقَى حملُها إِلَى آخِرِ الصِّرام: قَالَ:
تَرَى الغَضِيضَ المُوقَرَ المِئخارا، ... مِن وَقْعِه، يَنْتَثِرُ انْتِثَارَا
وَيُرْوَى: تَرَى العَضِيدَ والعَضِيضَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المئخارُ الَّتِي يَبْقَى حَمْلُها إِلى آخِرِ الشِّتَاءِ، وأَنشد الْبَيْتَ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
المسأَلةُ أَخِرُ كَسْبِ المرءِ
أَي أَرذَلُه وأَدناهُ؛ وَيُرْوَى بِالْمَدِّ، أَي أَنّ السؤالَ آخِرُ مَا يَكْتَسِبُ بِهِ المرءُ عِنْدَ العجز عن الكسب.
أدر: الأُدْرَةُ، بِالضَّمِّ: نفخةٌ فِي الخُصْيةِ؛ يُقَالُ: رَجُلٌ آدَرُ بَيِّنُ الأَدَرِ. غيرُه: الأَدَرُ والمأْدُورُ الَّذِي يَنْفَتِقُ صِفاقُهُ فيَقعُ قُصْبُه وَلَا يَنْفَتِقُ إِلَّا مِنْ جَانِبِهِ الأَيسرِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُصيبهُ فَتْقٌ فِي إِحدى الخُصْيتينِ، وَلَا يُقَالُ امرأَةٌ أَدْراءُ، إِما لأَنه لَمْ يُسْمَعْ، وإِما أَن يَكُونَ لِاخْتِلَافِ الخِلْقَة؛ وَقَدْ أَدِرَ يأْدَرُ أَدَراً، فَهُوَ آدَرُ، وَالِاسْمُ الأُدْرَةُ؛ وَقِيلَ: الأَدَرَةُ الخُصْيَةُ، والخُصْيَةُ الأَدْراءُ: العظيمةُ مِنْ غَيْرِ فَتْقٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رَجُلًا أَتاه وبه أُدْرَةٌ
، فقال: ائْتِ بِعُسٍّ، فحَسا مِنْهُ ثُمَّ مَجَّه فِيهِ، وَقَالَ: انْتَضِحْ بِهِ، فَذَهَبَتْ عَنْهُ الأُدْرَةُ. وَرَجُلٌ آدَرُ: بَيِّنُ الأَدَرَةِ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ، وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا الناسُ القَيْلَةَ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن بَنِي إِسرائيلَ كَانُوا يقولونَ إِن مُوسَى آدَرُ، مِنْ أَجل أَنه كَانَ لَا يغتَسل إِلَّا وحدَه.
وَفِيهِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى «2» . اللَّيْثُ: الأَدَرَةُ والأَدَرُ مَصْدَرَانِ، والأُدْرَةُ اسْمُ تِلْكَ المنْتَفِخَة، والآدَرُ نَعْتٌ.
أرر: الإِرَارُ والأَرُّ: غُصْنٌ مِنْ شَوْكٍ أَو قَتادٍ تُضْرَبُ بِهِ الأَرضُ حَتَّى تلينَ أَطرافُه ثُمَّ تَبُلُّه وتَذُرُّ عَلَيْهِ مِلحاً، ثُمَّ تُدخِلُه فِي رَحِم الناقةِ إِذا مارَنَتْ فَلَمْ تَلْقَحْ، وَقَدْ أَرَّها يَؤُرُّها أَرّاً. قَالَ اللَّيْثُ: الإِرارُ شِبهُ ظُؤْرَةٍ يَؤُرُّ بِهَا الرَّاعِي رَحِمَ الناقةِ إِذا مارَنَتْ، وممارَنَتُها أَن يَضْرِبَها الفَحلُ فلا تَلْقَحَ.
__________
(2) . الآية(4/15)
قَالَ: وتفسيرُ قَوْلِهِ يَؤُرُّها الرَّاعِي هُوَ أَن يُدْخِلَ يَدَه فِي رَحمِها أَو يَقْطَعَ مَا هُنَاكَ وَيُعَالِجَهُ. والأَرُّ: أَن يَأْخُذَ الرجلُ إِراراً، وَهُوَ غصنٌ مِنْ شَوْكِ القَتادِ وَغَيْرِهِ، ويفعَلَ بِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ. والأَرُّ: الْجِمَاعُ. وَفِي خِطْبَةِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: يُفْضي كإِفضْاءِ الدِّيَكةِ ويَؤُرُّ بِملاقِحِه
؛ الأَرُّ: الْجِمَاعُ. وأَرَّ المرأَةَ يَؤُرُّها أَرّاً: نَكحها. غَيْرُهُ: وأَرَّ فُلَانٌ إِذا شَفْتَنَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وَمَا النَّاسُ إِلَّا آئِرٌ ومَئِيرُ
قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: مَعْنَى شَفْتَنَ ناكَحَ وجامَع، جَعَلَ أَرَّ وآرَ بِمَعْنًى واحِد. أَبو عُبَيْدٍ: أَرَرْتُ المرأَةَ أَؤُرُّها أَرّاً إِذا نَكَحْتَهَا. وَرَجُلٌ مِئَرٌّ: كَثِيرُ النِّكَاحِ؛ قَالَتْ بِنْتُ الحُمارِس أَو الأَغْلب: بَلَّتْ بِهِ عُلابِطاً مِئَرّا، ضَخْمَ الكَراديس وَأًى زِبِرَّا أَبو عُبَيْدٍ: رَجُلٌ مِئَرٌّ أَي كَثِيرُ النِّكَاحِ مأْخوذ مِنَ الأَيْر؛ قَالَ الأَزهري: أَقرأَنيه الإِياديُّ عَنْ شَمِرٍ لأَبي عُبَيْدٍ، قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ مِيأَرٌ، بِوَزْنِ مِيعَرٍ، فَيَكُونُ حينئذٍ مِفْعَلًا مِنْ آرَها يَئِيرُها أَيْراً؛ وإِن جَعَلْتَهُ مِنَ الأَرِّ قُلْتَ: رَجُلٌ مِئَرُّ؛ وأَنشد أَبو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دُرَيْدٍ أَبيات بِنْتِ الْحَمَارِسِ أَو الأَغلب. واليُؤْرُورُ: الجِلْوازُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ أَبي عَلِيٍّ. والأَريرُ: حِكَايَةُ صَوْتِ الماجِن عِنْدَ القِمارِ والغَلَبة، يُقَالُ: أَرَّ يَأَرُّ أَريراً. أَبو زَيْدٍ: ائْتَرَّ الرَّجُلُ ائْتِراراً إِذا استَعْجل؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَا أَدري هُوَ بِالزَّايِ أَم بِالرَّاءِ؛ وَقَدْ أَرَّ يَؤُرُّ. الإِرَّة: النَّارُ. وأَرَّ سَلْحَه أَرّاً وأَرَّ هُوَ نَفْسُه إِذا اسْتَطْلَقَ حَتَّى يموتَ. وأَرْأَرْ: من دُعاءِ الغنم.
أزر: أَزَرَ بِهِ الشيءُ: أَحاطَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والإِزارُ: مَعْرُوفٌ. والإِزار: المِلْحَفَة، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَبَرَّأُ مِنْ دَمِ القَتيلِ وبَزِّه، ... وقَدْ عَلِقَتْ دَمَ القَتِيل إِزارُها
يَقُولُ: تَبَرَّأُ مِنْ دَمِ القَتِيل وتَتَحَرَّجُ ودمُ الْقَتِيلِ فِي ثَوْبِهَا. وَكَانُوا إِذا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا قِيلَ: دَمُ فُلَانٍ فِي ثَوْبِ فُلَانٍ أَي هُوَ قَتَلَهُ، وَالْجَمْعُ آزِرَةٌ مِثْلُ حِمار وأَحْمِرة، وأُزُر مِثْلُ حِمَارٍ وحُمُر، حِجَازِيَّةٌ؛ وأُزْر: تَمِيِمِيَّةٌ عَلَى مَا يُقارب الاطِّراد فِي هَذَا النَّحْوِ. والإِزارَةُ: الإِزار، كَمَا قَالُوا للوِساد وسادَة؛ قَالَ الأَعشى:
كَتَمايُلِ، النَّشْوانِ يَرْفُلُ ... فِي البَقيرَة والإِزارَه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وَقَدْ عَلِقَتْ دَمَ القَتِيلِ إِزارُها
يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى لُغَةِ مَنْ أَنَّث الإِزار، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد إِزارَتَها فَحَذَفَ الْهَاءَ كَمَا قَالُوا لَيْتَ شِعْري، أَرادوا ليت شِعْرتي، وَهُوَ أَبو عُذْرِها وَإِنَّمَا الْمَقُولُ ذَهَبَ بعُذْرتها. والإِزْرُ والمِئْزَرُ والمِئْزَرَةُ: الإِزارُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ الِاعْتِكَافِ:
كَانَ إِذا دَخَلَ العشرُ الأَواخرُ أَيقظ أَهله وشَدَّ المئْزَرَ
؛ المئزَرُ: الإِزار، وَكَنَّى بِشَدِّهِ عَنِ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ، وَقِيلَ: أَراد تَشْمِيرَهُ لِلْعِبَادَةِ. يُقَالُ: شَدَدْتُ لِهَذَا الأَمر مِئْزَري أَي تَشَمَّرْتُ لَهُ؛ وَقَدِ ائْتَزَرَ بِهِ وتأَزَّرَ. وائْتَزَرَ فلانٌ إزْرةً حَسَنَةً وتأَزَّرَ: لَبِسَ الْمِئْزَرَ، وَهُوَ مِثْلُ الجِلْسَةٍ والرِّكْبَةِ، وَيَجُوزُ أَن تقول: اتَّزَرَ بِالْمِئْزَرِ أَيضاً فِيمَنْ يُدْغِمُ الْهَمْزَةَ فِي التَّاءِ، كَمَا تَقُولُ: اتَّمَنْتُهُ، والأَصل ائْتَمَنْتُهُ. وَيُقَالُ: أَزَّرْتهُ تأْزيراً(4/16)
فَتَأَزَّرَ. وَفِي حَدِيثِ المْبعثَ:
قَالَ لَهُ وَرَقَةُ إِنْ يُدْرِكْني يومُك أَنْصُرْك نَصْراً مُؤَزَّراً
أَي بَالِغًا شَدِيدًا يُقَالُ: أَزَرَهُ وآزَرَهُ أَعانه وأَسعده، مِنَ الأَزْر: القُوَّةِ والشِّدّة؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ أَنه قَالَ للأَنصار يَوْمَ السَّقِيفَةِ: لَقَدْ نَصَرْتُم وآزَرْتُمْ وآسَيْتُمْ.
الْفَرَّاءُ: أَزَرْتُ فُلَانًا آزُرُه أَزْراً قَوَّيْتُهُ، وآزَرْتُه عَاوَنْتُهُ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: وازَرْتُه. وقرأَ ابْنُ عَامِرٍ: فَأَزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ، عَلَى فَعَلَهُ، وقرأَ سَائِرُ الْقُرَّاءِ: فَآزَرَهُ
. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: آزَرْتُ الرجلَ عَلَى فُلَانٍ إِذا أَعنته عَلَيْهِ وَقَوَّيْتَهُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ؛ أَي فآزَرَ الصغارُ الكِبارَ حَتَّى اسْتَوَى بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ. وإِنه لحَسَنُ الإِزْرَةِ: مِنَ الإِزارِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
مثلَ السِّنان نَكيراً عِنْدَ خِلَّتِهِ ... لِكُلِّ إِزْرَةِ هَذَا الدَّهْرِ ذَا إِزَرِ
. وجمعُ الإِزارِ أُزُرٌ. وأَزَرْتُ فُلَانًا إِذا أَلبسته إِزاراً فَتَأَزَّرَ تَأَزُّراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: العَظَمَة إِزاري والكِبْرياء رِدَائِي
؛ ضَرَبَ بِهِمَا مَثَلًا فِي انْفِرَادِهِ بِصِفَةِ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ أَي لَيْسَا كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الَّتِي قَدْ يَتَّصِفُ بِهَا الْخَلْقُ مَجَازًا كَالرَّحْمَةِ وَالْكَرَمِ وَغَيْرَهِمَا، وشَبَّهَهُما بالإِزار وَالرِّدَاءِ لأَن الْمُتَّصِفَ بِهِمَا يَشْتَمِلَانِهِ كَمَا يَشْتَمِلُ الرداءُ الإِنسان، وأَنه لَا يُشَارِكُهُ فِي إِزاره وَرِدَائِهِ أَحدٌ، فَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَن يشاركه اللهَ تَعَالَى فِي هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ أَحدٌ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
تَأَزَّرَ بالعَظَمَةِ وتَردّى بِالْكِبْرِيَاءِ وَتَسَرْبَلَ بِالْعِزِّ
؛ وَفِيهِ:
مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزارِ فَفِي النَّارِ
أَي مَا دُونَهُ مِنْ قدَم صَاحِبِهِ فِي النَّارِ عُقُوبَةً لَهُ، أَو عَلَى أَن هَذَا الْفِعْلَ مَعْدُودٌ فِي أَفعال أَهل النَّارِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ
؛ الإِزرة، بِالْكَسْرِ: الْحَالَةُ وَهَيْئَةُ الِائْتِزَارِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُثْمَانَ: قَالَ لَهُ أَبانُ بنُ سَعِيدٍ: مَا لِي أَراك مُتَحَشِّفاً؟ أَسْبِلْ، فقال: هَكَذَا كَانَ إِزْرَةُ صَاحِبِنَا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُبَاشِرُ بَعْضَ نِسَائِهِ وَهِيَ مُؤْتَزِرَةٌ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ
؛ أَي مَشْدُودَةُ الإِزار. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ
وَهِيَ مُتَّزِرَةٌ
، قال: وهو خطأٌ لأَن الْهَمْزَةَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ. والأُزْرُ: مَعْقِدُ الإِزارِ، وَقِيلَ: الإِزار كُلُّ مَا وَارَاكَ وسَتَرك؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: رأَيت السَّرَوِيَّ «3» يَمْشِي فِي دَارِهِ عُرْياناً، فَقُلْتُ لَهُ: عُرْيَانًا؟ فَقَالَ: دَارِي إِزاري. والإِزارُ: العَفافُ، عَلَى الْمِثْلِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
أَجْلِ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ ... فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بِإِزارِ
أَبو عُبَيْدٍ: فُلَانٌ عَفِيفُ المِئْزَر وَعَفِيفُ الإِزارِ إِذا وُصِفَ بِالْعِفَّةِ عَمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَ النِّسَاءِ، وَيُكَنَّى بالإِزار عَنِ النَّفْسِ وَعَنِ المرأَة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ نُفَيْلَةَ الأَكبر الأَشْجعيّ، وَكُنْيَتُهُ أَبو المِنْهالِ، وَكَانَ كَتَبَ إِلى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبياتاً مِنَ الشِّعْرِ يُشِيرُ فِيهَا إِلَى رَجُلٍ، كَانَ وَالِيًا عَلَى مَدِينَتِهِمْ، يُخْرِجُ الجواريَ إِلى سَلْعٍ عِنْدَ خُرُوجِ أَزواجهن إِلى الْغَزْوِ، فيَعْقِلُهُن وَيَقُولُ لَا يَمْشِي فِي العِقال إِلا الحِصَان، فَرُبَّمَا وَقَعَتْ فَتَكَشَّفَتْ، وَكَانَ اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ جَعْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيَّ؛ فَقَالَ:
أَلا أَبلِغْ، أَبا حَفْصٍ، رَسُولًا ... فِدىً لَكَ، مِنْ أَخي ثِقَةٍ، إِزاري
قَلائِصَنَا، هَدَاكَ اللَّهُ، إِنا ... شُغِلْنَا عنكُمُ زَمَنَ الحِصَارِ
__________
(3) . قوله [السروي] هكذا بضبط الأصل.(4/17)
فَمَا قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ، ... قَفَا سَلْعٍ، بِمُخْتَلَفِ النِّجار
قلائِصُ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو، ... وأَسْلَمَ أَو جُهَيْنَةَ أَو غِفَارِ
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ مِنْ سُلَيمٍ، ... غَوِيٌّ يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارِي
يُعَقّلُهُنَّ أَبيضُ شَيْظَمِيٌّ، ... وبِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الخِيَارِ
وَكَنَّى بِالْقَلَائِصِ عَنِ النِّسَاءِ وَنَصَبَهَا عَلَى الإِغراء، فَلَمَّا وَقَفَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى الأَبيات عَزَلَهُ وسأَله عَنْ ذَلِكَ الأَمر فَاعْتَرَفَ، فَجَلَدَهُ مِائَةً مَعْقُولًا وأَطْرَدَهُ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ سُئِلَ فِيهِ فأَخرجه مِنَ الشَّامِ وَلَمْ يأْذن لَهُ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ سُئِلَ فِيهِ أَن يَدْخُلَ لِيُجَمِّعَ، فَكَانَ إِذا رَآهُ عُمَرُ تَوَعَّدَهُ؛ فَقَالَ:
أَكُلَّ الدَّهرِ جَعْدَةُ مُسْتحِقٌّ، ... أَبا حَفْصٍ، لِشَتْمٍ أَو وَعِيدِ؟
فَمَا أَنا بالْبَريء بَرَاه عُذْرٌ، ... وَلَا بالخَالِعِ الرَّسَنِ الشَّرُودِ
وَقَوْلُ جعدة قوله «1» . بن عبد الله السلمي:
فِدىً لَكَ، مِنْ أَخي ثِقَةٍ، إِزاري
. أَي أَهلي ونفسي؛ وقال أَبو عَمْرٍو الجَرْمي: يُرِيدُ بالإِزار هاهنا المرأَة. وَفِي حَدِيثِ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ:
لَنَمْنَعَنَّك مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنا
أَي نِسَاءَنَا وأَهلنا، كَنَّى عَنْهُنَّ بالأُزر، وَقِيلَ: أَراد أَنفسنا. ابْنُ سِيدَهْ: والإِزارُ المرأَة، عَلَى التَّشْبِيهِ؛ أَنشد، الْفَارِسِيُّ:
كَانَ مِنْهَا بِحَيْثُ تُعْكَى الإِزارُ
وفرسٌ آزَرُ: أَبيض العَجُز، وَهُوَ مَوْضِعُ الإِزار مِنَ الإِنسان. أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ آزَرُ، وَهُوَ الأَبيض الفخذَين ولونُ مَقَادِيمِهِ أَسودُ أَو أَيُّ لَوْنٍ كَانَ. والأَزْرُ: الظهر والقوّة؛ وقال الْبُعَيْثُ:
شَدْدَتُ لَهُ أَزْري بِمِرَّةِ حازمٍ ... عَلَى مَوْقِعٍ مِنْ أَمره مَا يُعاجِلُهْ
ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اشْدُدْ بِهِ أَزري؛ قَالَ الأَزر الْقُوَّةُ، والأَزْرُ الظَّهْرُ، والأَزر الضَّعْفُ. والإِزْرُ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: الأَصل. قَالَ: فَمَنْ جَعَلَ الأَزْرَ الْقُوَّةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ اشْدُدْ بِهِ أَزري أَي اشْدُدْ بِهِ قُوَّتِي، وَمَنْ جَعَلَهُ الظَّهْرَ قَالَ شِدَّ بِهِ ظَهْرِي، وَمَنْ جَعَلَهُ الضَّعْف قَالَ شِدَّ بِهِ ضَعْفِي وقوِّ بِهِ ضَعْفِي؛ الْجَوْهَرِيُّ: اشدد به أَزري أَي ظَهْرِي وموضعَ الإِزار مِنَ الحَقْوَيْن. وآزَرَهُ ووازَرَهُ: أَعانه عَلَى الأَمر؛ الأَخيرة عَلَى الْبَدَلِ، وَهُوَ شَاذٌّ، والأَوّل أَفصح. وأَزَرَ الزَّرْعُ وتَأَزَّرَ: قَوَّى بَعْضُهُ بَعْضًا فَالْتَفَّ وَتَلَاحَقَ وَاشْتَدَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَأَزَّرَ فِيهِ النبتُ حَتَّى تَخايَلَتْ ... رُباه، وَحَتَّى مَا تُرى الشَّاءُ نُوَّما
وآزَر الشيءُ الشيءَ: ساواه وحاذاه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بِمَحْنِيَّةٍ قَدْ آزَرَ الضَّالَ نَبْتُها ... مَضَمِّ جُيوشٍ غانِمين، وخُيَّبِ «2»
. أَي سَاوَى نبتُها الضَّالَّ، وَهُوَ السِّدْر الْبَرِّيُّ، أَراد: فَآزَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَسَاوَى الفِراخُ الطِّوالَ فَاسْتَوَى طُولُهَا. وأَزَّرَ النبتُ الأَرضَ: غَطَّاهَا؛ قَالَ الأَعشى:
يُضاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كوكبٌ شَرِقٌ، ... مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
وآزَرُ: اسْمٌ أَعجمي، وَهُوَ اسْمُ أَبي إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا
__________
(1) . [وقول جعدة إلخ] هكذا في الأصل المعتمد عليه، ولعل الأولى أن يقول وقول نفيلة الأكبر الأشجعي إلخ لأنه هو الذي يقتضيه سياق الحكاية
(2) . قوله [مضمّ] في نسخة مجر كذا بهامش الأصل(4/18)
وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ
؛ قال أَبو إِسحق: يقرأُ بِالنَّصْبِ آزرَ، فَمَنْ نَصَبَ فَمَوْضِعُ آزَرَ خَفْضُ بَدَلٍ مِنْ أَبيه، وَمَنْ قرأَ آزرُ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ عَلَى النِّدَاءِ؛ قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ النسَّابين اخْتِلَافٌ أَن اسْمَ أَبيه كَانَ تارَخَ والذي في الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَن اسْمَهُ آزَرُ، وَقِيلَ: آزَرُ عِنْدَهُمْ ذمُّ فِي لُغَتِهِمْ كأَنه قَالَ وإِذ قَالَ: إِبراهيم لأَبيه الْخَاطِئِ، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: آزَرَ أَتتخذ أَصناماً، قَالَ لَمْ يَكُنْ بأَبيه وَلَكِنْ آزَرُ اسْمُ صَنَمٍ، وإِذا كَانَ اسْمَ صَنَمٍ فَمَوْضِعُهُ نصب كأَنه قَالَ إِبراهيم لأَبيه أَتتخذ آزَرَ إِلهاً، أَتتخذ أَصناماً آلهة؟.
أسر: الأُسْرَةُ: الدِّرْعُ الْحَصِينَةُ؛ وأَنشد:
والأُسْرَةُ الحَصْدَاءُ، و ... الْبَيْضُ المُكَلَّلُ، والرِّمَاح
وأَسَرَ قَتَبَهُ: شدَّه. ابْنُ سِيدَهْ: أَسَرَهُ يَأْسِرُه أَسْراً وإِسارَةً شَدَّه بالإِسار. والإِسارُ: مَا شُدّ بِهِ، وَالْجَمْعُ أُسُرٌ. الأَصمعي: مَا أَحسَنَ مَا أَسَرَ قَتَبَه أَي مَا أَحسَنَ مَا شَدَّهُ بالقِدِّ؛ والقِدُّ الَّذِي يُؤْسَرُ بِهِ القَتَبُ يُسَمَّى الإِسارَ، وَجَمْعُهُ أُسُرٌ؛ وقَتَبٌ مَأْسور وأَقْتابٌ مَآسِيرُ. والإِسارُ: الْقَيْدُ وَيَكُونُ حَبْلَ الكِتافِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الأَسير، وَكَانُوا يَشُدُّونَهُ بالقِدِّ فسُمي كُلُّ أَخِيذٍ أَسِيراً وَإِنْ لم يشدّ به. يقال: أَسَرْت الرجلَ أَسْراً وَإِسَارًا، فَهُوَ أَسير ومأْسور، وَالْجَمْعُ أَسْرى وأُسارى. وَتَقُولُ: اسْتَأْسِرْ أَي كُنْ أَسيراً لِي. والأَسيرُ: الأَخِيذُ، وأَصله مِنْ ذَلِكَ. وكلُّ مَحْبُوسٍ فِي قِدٍّ أَو سِجْنٍ: أَسيرٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً
؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: الأَسير الْمَسْجُونُ، وَالْجَمْعُ أُسَراءِ وأُسارى وأَسارى وأَسرى. قَالَ ثَعْلَبٌ: لَيْسَ الأَسْر بِعَاهَةٍ فَيُجْعَلُ أَسرى مِنْ بَابِ جَرْحى فِي الْمَعْنَى، وَلَكِنَّهُ لَمَّا أُصيب بالأَسر صَارَ كَالْجَرِيحِ وَاللَّدِيغِ، فكُسِّرَ عَلَى فَعْلى، كَمَا كُسِّرَ الْجَرِيحُ وَنَحْوُهُ؛ هذا مَعْنَى قَوْلِهِ. وَيُقَالُ للأَسير من العدوّ: أَسير لأَن آخِذَهُ يَسْتَوْثِقُ مِنْهُ بالإِسار، وَهُوَ القِدُّ لِئَلَّا يُفلِتَ. قَالَ أَبو إِسحاق: يُجْمَعُ الأَسير أَسرى، قَالَ: وفَعْلى جَمْعٌ لِكُلِّ مَا أُصيبوا بِهِ فِي أَبدانهم أَو عُقُولِهِمْ مِثْلُ مَرِيضٍ ومَرْضى وأَحمق وحمَقْى وَسَكْرَانَ وسَكْرى؛ قَالَ: وَمَنْ قرأَ أَسارى وأُسارى فَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ. يُقَالُ: أَسير وأَسْرَى ثُمَّ أَسارى جَمْعُ الْجَمْعِ. اللَّيْثُ: يقالُ أُسِرَ فلانٌ إِساراً وأُسِر بالإِسار، والإِسار الرِّباطُ، والإِسارُ الْمَصْدَرُ كالأَسْر. وجاءَ الْقَوْمُ بأَسْرِهم؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: مَعْنَاهُ جاؤُوا بِجَمِيعِهِمْ وخَلْقِهم. والأَسْرِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الخَلْقُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: أُسِرَ فلانٌ أَحسن الأَسر أَي أَحسن الْخَلْقِ، وأَسرَهَ اللَّهُ أَي خَلَقَهُ. وَهَذَا الشيءُ لَكَ بأَسره أَي بِقدِّه يَعْنِي جَمِيعَهُ كَمَا يُقَالُ برُمَّتِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَجْفُو الْقَبِيلَةُ بأَسْرِها
أَي جَمِيعِهَا. والأَسْرُ: شِدَّة الخَلْقِ. وَرَجُلٌ مأْسور ومأْطور: شديدُ عَقْد المفاصِل والأَوصال، وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ
؛ أَي شَدَدْنَا خَلْقهم، وَقِيلَ: أَسرهم مَفَاصِلُهُمْ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَصَرَّتَيِ البَوْل وَالْغَائِطِ إِذا خَرَجَ الأَذى تَقَبَّضَتا، أَو مَعْنَاهُ أَنهما لَا تَسْتَرْخِيَانِ قَبْلَ الإِرادة. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَسَرَه اللهُ أَحْسَنَ الأَسْر وأَطَره أَحسن الأَطْر، وَيُقَالُ: فلانٌ شديدُ أَسْرِ الخَلْقِ إِذا كَانَ مَعْصُوبَ الخَلْق غيرَ مُسْترْخٍ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَذْكُرُ رَجُلَيْنِ كَانَا مأْسورين فأُطلقا:(4/19)
فأَصْبَحا بنَجْوَةٍ بعدَ ضَرَرْ، ... مُسَلَّمَيْنِ منْ إِسارٍ وأَسَرْ
. يَعْنِي شُرِّفا بَعْدَ ضِيقٍ كَانَا فِيهِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ إِسارٍ وأَسَرٍ، أَراد: وأَسْرٍ، فَحُرِّكَ لِاحْتِيَاجِهِ إِليه، وَهُوَ مَصْدَرٌ. وَفِي حَدِيثِ
ثَابِتٍ البُناني: كَانَ دَاوُدُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذا ذَكَرَ عقابَ اللهِ تَخَلَّعَتْ أَوصالُه لَا يَشُدُّهَا إِلَّا الأَسْرُ
أَي الشَّدُّ والعَصْبُ. والأَسْرُ: الْقُوَّةُ وَالْحَبْسُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعاء:
فأَصْبَحَ طَلِيقَ عَفْوِكَ مِنْ إِسارِ غَضَبك
؛ الإِسارُ، بِالْكَسْرِ: مصدرُ أَسَرْتُه أَسْراً وإِساراً، وَهُوَ أَيضاً الْحَبْلُ والقِدُّ الَّذِي يُشدّ بِهِ الأَسير. وأُسْرَةُ الرَّجُلِ: عَشِيرَتُهُ ورهطُه الأَدْنَوْنَ لأَنه يَتَقَوَّى بِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
زَنَى رَجُلٌ فِي أُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ
؛ الأُسْرَةُ: عَشِيرَةُ الرَّجُلِ وأَهل بَيْتِهِ. وأُسِرَ بَوْلُه أَسْراً: احْتَبَسَ، وَالِاسْمُ الأَسْرُ والأُسْرُ، بِالضَّمِّ، وعُودُ أُسْرٍ، مِنْهُ. الأَحْمر: إِذا احْتَبَسَ الرَّجُلُ بَوْله قِيلَ: أَخَذَه الأُسْرُ، وإِذا احتَبَس الْغَائِطُ فَهُوَ الحُصْرُ. ابْنُ الأَعرابي: هَذَا عُودُ يُسْرٍ وأُسْرٍ، وَهُوَ الَّذِي يُعالَجُ بِهِ الإِنسانُ إِذا احْتَبَسَ بَوْلُه. قَالَ: والأُسْرُ تَقْطِيرُ الْبَوْلِ وحزٌّ فِي الْمَثَانَةِ وإضاضٌ مِثْلُ إِضاضِ الماخِضِ. يُقَالُ: أَنالَه اللهُ أُسْراً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قِيلَ عُودُ الأُسْر هو الَّذِي يُوضَعُ عَلَى بَطْنِ المأْسور الَّذِي احْتَبَسَ بَوْلُهُ، وَلَا تَقُلْ عُودُ اليُسْر، تَقُولُ مِنْهُ أُسِرَ الرَّجُلُ فَهُوَ مأْسور. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: أَن رَجُلًا قَالَ لَهُ: إِنَّ أَبي أَخَذه
الأُسر يَعْنِي احْتِبَاسَ الْبَوْلِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمر: لَا يُؤْسَر فِي الإِسلام أَحد بِشَهَادَةِ الزُّورِ، إِنا لَا نَقْبَلُ إِلَّا العُدول
، أَي لَا يُحْبس؛ وأَصْلُه مِنَ الآسِرَة القِدِّ، وَهِيَ قَدْر مَا يُشَدُّ بِهِ الأَسير. وتآسِيرُ السَّرْجِ: السُّيور الَّتِي يُؤْسَرُ بِهَا. أَبو زَيْدٍ: تَأَسَّرَ فلانٌ عليَّ تأَسُّراً إِذا اعْتَلَّ وأَبطأَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنٌ هَانِئٍ عَنْهُ، وأَما أَبو عُبَيْدٍ فإِنه رَوَاهُ عَنْهُ بِالنُّونِ: تأَسَّنَ، وَهُوَ وهمٌ وَالصَّوَابُ بالراءِ.
أشر: الأَشَرُ: المَرَح. والأَشَرُ: البَطَرُ. أَشِرَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يَأْشَرُ أَشَراً، فَهُوَ أَشِرٌ وأَشُرٌ وأَشْرانُ: مَرِحَ. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ وَذِكْرِ الْخَيْلِ:
ورجلٌ اتَّخَذَها أَشَراً ومَرَحاً
؛ الأَشَرُ: البَطَرُ. وَقِيلَ: أَشَدُّ البَطَر. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ أَيضاً:
كأَغَذِّ مَا كَانَتْ وأَسمنه وآشَرِهِ
أَي أَبْطَرِه وأَنْشَطِه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، وَالرِّوَايَةُ: وأَبْشَرِه. وَفِي حَدِيثِ الشعْبي:
اجْتَمَعَ جَوارٍ فأَرِنَّ وأَشِرْنَ.
ويُتْبعُ أَشِرٌ فَيُقَالُ: أَشِرٌ أَفِرٌ وأَشْرَانُ أَفْرانُ، وَجَمْعُ الأَشِر والأَشُر: أَشِرون وأَشُرون، وَلَا يكسَّران لأَن التَّكْسِيرَ فِي هَذَيْنِ البناءَين قَلِيلٌ، وَجَمْعُ أَشْرانَ أَشارى وأُشارى كسكران وسُكارى؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِمِيَّةَ بِنْتِ ضِرَارٍ الضَّبِّيِّ تَرْثِي أَخاها:
لِتَجْرِ الحَوادِثُ، بَعْدَ امْرِئٍ ... بِوَادِي أَشائِنَ، إِذْلالَها
كَريمٍ نثاهُ وآلاؤُه، ... وَكَافِي العشِيرَةِ مَا غالَها
تَراه عَلَى الخَيْلِ ذَا قُدْمَةٍ، ... إِذا سَرْبَلَ الدَّمُ أَكْفالهَا
وخَلَّتْ وُعُولًا أُشارى بِهَا، ... وقدْ أَزْهَفَ الطَّعْنُ أَبْطالَها
أَزْهَفَ الطَّعْنُ أَبْطالَها أَي صَرَعَها، وَهُوَ بِالزَّايِ(4/20)
، وغَلِطَ بَعْضُهُمْ فَرَوَاهُ بِالرَّاءِ. وإِذْلالها: مصدرُ مقدَّرٍ كأَنه قَالَ تُذِلُّ إِذْلالها. وَرَجُلٌ مِئْشِيرٌ وَكَذَلِكَ امرأَةٌ مِئْشيرٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ. وَنَاقَةٌ مِئْشِير وجَواد مِئْشِير: يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ والمؤَنث؛ وقول الحرث بْنِ حلِّزة:
إِذْ تُمَنُّوهُمُ غُروراً، فَساقَتْهُمْ ... إِلَيْكُمْ أُمْنِيَّةٌ أَشْراءُ
هِيَ فَعْلاءُ مِنَ الأَشَر وَلَا فِعْلَ لَهَا. وأَشِرَ النَّخْلُ أَشَراً كثُر شُرْبُه لِلْمَاءِ فَكَثُرَتْ فِرَاخُهُ. وأَشَرَ الخَشَبة بالمِئْشار، مَهْمُوزٌ: نَشَرها، وَالْمِئْشَارُ: مَا أُشِرَ بِهِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للمِئشار الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ الْخَشَبُ مِيشار، وَجَمْعُهُ مَواشِيرُ مِنْ وَشَرْتُ أَشِر، ومِئْشارٌ جَمْعُهُ مآشِيرُ مِنْ أَشَرْت آشِرُ. وَفِي حَدِيثِ صَاحِبِ الأُخْدود:
فَوَضَعَ المِئْشارَ عَلَى مَفْرِقِ رأْسه
؛ المِئْشارُ، بِالْهَمْزِ: هُوَ المِنْشارُ، بِالنُّونِ، قَالَ: وَقَدْ يُتْرَكُ الْهَمْزُ. يُقَالُ: أَشَرْتُ الخَشَبة أَشْراً، ووَشَرْتُهَا وَشْراً إِذا شَقَقْتَها مِثُلُ نَشَرْتُها نَشْرًا، وَيُجْمَعُ عَلَى مآشيرَ وموَاشير؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَقَطَّعُوهُمْ بِالْمَآشِيرِ
أَي بِالْمَنَاشِيرِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَقَدْ عَيَّلَ الأَيتامَ طَعْنَةُ ناشِرَه، ... أَناشِرَ لَا زالَتْ يَمِينُك آشرَه
أَراد: لَا زالتْ يَمينُك مأْشُورة أَو ذاتَ أَشْر كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ؛ أَي مَدْفُوقٍ. ومثلُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: عِيشَةٍ راضِيَةٍ*؛ أَي مَرْضِيَّة؛ وَذَلِكَ أَن الشَّاعِرَ إِنما دَعَا عَلَى نَاشِرَةٍ لَا لَهُ، بِذَلِكَ أَتى الْخَبَرُ، وإِياه حَكَتِ الرُّواةُ، وَذُو الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ مَفْعُولًا كَمَا يَكُونُ فَاعِلًا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيت لنائِحةِ هَمّام ابن مُرَّةَ بْنِ ذُهْل بْنِ شَيْبان وَكَانَ قَتَلَهُ نَاشِرَةُ، وَهُوَ الَّذِي رَبَّاهُ، قَتَلَهُ غَدْرًا؛ وَكَانَ هَمَّامٌ قَدْ أَبْلى فِي بَنِي تَغْلِبَ فِي حَرْبِ الْبَسُوسِ وَقَاتَلَ قِتَالًا شَدِيدًا ثُمَّ إِنه عَطِشَ فَجَاءَ إِلى رَحْلِهِ يَسْتَسْقِي، وَنَاشِرَةُ عِنْدَ رَحْلِهِ، فَلَمَّا رأَى غَفْلَتَهُ طَعَنَهُ بِحَرْبَةٍ فَقَتَلَهُ وهَرَب إِلى بَنِي تَغْلِبَ. وأُشُرُ الأَسنان وأُشَرُها: التحزيز الَّذِي فِيهَا يَكُونُ خِلْقة ومُسْتَعملًا، وَالْجَمْعُ أُشُور؛ قَالَ:
لَهَا بَشَرٌ صافٍ وَوَجْهٌ مُقَسَّمٌ، ... وغُرُّ ثَنَايا، لَمْ تُفَلَّلْ أُشُورُها
وأُشَرُ المِنْجَل: أَسنانُه، وَاسْتَعْمَلَهُ ثَعْلَبٌ فِي وَصْفِ المِعْضاد فَقَالَ: المِعْضاد مِثْلُ المنْجل لَيْسَتْ لَهُ أُشَر، وَهُمَا عَلَى التَّشْبِيهِ. وتأْشير الأَسنان: تَحْزيزُها وتَحْديدُ أَطرافها. وَيُقَالُ: بأَسنانه أُشُر وأُشَر، مِثَالُ شُطُب السَّيْفِ وشُطَبِه، وأُشُورٌ أَيضاً؛ قَالَ جَمِيلٌ:
سَبَتْكَ بمَصْقُولٍ تَرِفُّ أُشُوره
وَقَدْ أَشَرَتِ المرأَة أَسنْانها تأْشِرُها أَشْراً وأَشَّرَتْها: حَزَّزتها. والمُؤْتَشِرَة والمُسْتأْشِرَة كِلْتَاهُمَا: الَّتِي تَدْعُو إِلى أَشْر أَسنانها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لُعِنَت المأْشورةُ والمستأْشِرة.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الواشِرَةُ المرأَة الَّتِي تَشِرُ أَسنانها، وَذَلِكَ أَنها تُفَلِّجها وتُحَدِّدها حَتَّى يَكُونَ لَهَا أُشُر، والأُشُر: حِدَّة ورِقَّة فِي أَطراف الأَسنان؛ وَمِنْهُ قِيلَ: ثَغْر مُؤَشَّر، وإِنما يَكُونُ ذَلِكَ فِي أَسنان الأَحداث، تَفْعَلُهُ المرأَة الْكَبِيرَةُ تَتَشَبَّهُ بأُولئك؛ وَمِنْهُ الْمَثَلُ السَّائِرُ: أَعْيَيْتِني بأُشُرٍ فَكَيْفَ أَرْجُوكِ «3» . بِدُرْدُرٍ؟ وَذَلِكَ أَن رَجُلًا كَانَ لَهُ ابْنٌ مِنِ امرأَة كَبِرَت فأَخذ ابْنَهُ يَوْمًا يُرَقِّصُهُ وَيَقُولُ: يَا حَبَّذَا دَرَادِرُك فعَمَدت المرأَة إِلى حَجَر فَهَتَمَتْ أَسنانها ثُمَّ تَعَرَّضَتْ لِزَوْجِهَا فَقَالَ لَهَا: أَعْيَيْتِني بأُشُر فكيف
__________
(3) . قوله: [أرجوك] كذا بالأصل المعوّل عليه والذي في الصحاح والقاموس والميداني سقوطها وهو الصواب ويشهد له سقوطها في آخر العبارة(4/21)
بِدُرْدُر. والجُعَلُ: مُؤَشَّر العَضُدَيْن. وكلُّ مُرَقَّقٍ: مُؤَشَّرٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ يَصِفُ جُعلًا:
كأَنَّ مُؤَشَّر العَضُدَيْنِ حَجْلًا ... هَدُوجاً، بَيْنَ أَقْلِبَةٍ مِلاحِ
والتَّأْشِيرة: مَا تَعَضُّ بِهِ الجَرادةُ. والتَّأْشِير: شَوْكُ ساقَيْها. والتَّأْشِيرُ والمِئْشارُ: عُقْدة فِي رأْس ذَنَبِهَا كالمِخْلبين وَهُمَا الأُشْرَتان.
أصر: أَصَرَ الشيءَ يَأْصِرُه أَصْراً: كَسَرَهُ وعَطَفه. والأَصْرُ والإِصْرُ: مَا عَطَفك عَلَى شَيْءٍ. والآصِرَةُ: مَا عَطَفك عَلَى رَجُلٍ مِنْ رَحِم أَو قَرَابَةٍ أَو صِهْر أَو مَعْرُوفٍ، وَالْجَمْعُ الأَواصِرُ. والآصِرَةُ: الرَّحِمُ لأَنها تَعْطِفُك. وَيُقَالُ: مَا تَأْصِرُني عَلَى فُلَانٍ آصِرَة أَي مَا يَعْطِفُني عَلَيْهِ مِنَّةٌ وَلَا قَرَابة؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
عَطَفُوا عليّ بِغَير ... آصِرَةٍ فَقَدْ عَظُمَ الأَواصِرْ
أَي عَطَفُوا عَلَيَّ بِغَيْرِ عَهْد أَو قَرَابَةٍ. والمآصِرُ: هُوَ مأْخوذ مِنْ آصِرَةِ الْعَهْدِ إِنما هُوَ عَقْدٌ ليُحْبَس بِهِ؛ وَيُقَالَ لِلشَّيْءِ الَّذِي تُعْقَدُ بِهِ الأَشياء: الإِصارُ، مِنْ هَذَا. والإِصْرُ: العَهْد الثَّقِيلُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي
؛ وَفِيهِ: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ
؛ وَجَمْعُهُ آصْار لَا يُجَاوَزُ بِهِ أَدني الْعَدَدِ. أَبو زَيْدٍ: أَخَذْت عَلَيْهِ إِصْراً وأَخَذْتُ مِنْهُ إِصْراً أَي مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا
؛ الْفَرَّاءُ: الإِصْرُ الْعَهْدُ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي
؛ قَالَ: الإِصر هاهنا إِثْمُ العَقْد والعَهْدِ إِذا ضَيَّعوه كَمَا شَدَّدَ عَلَى بَنِي إِسرائيل. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
؛ أَي أَمْراً يَثْقُلُ عَلَيْنَا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا نَحْوُ مَا أُمِرَ بِهِ بَنُو إِسرائيل مِنْ قَتْلِ أَنفسهم أَي لَا تمتحنَّا بِمَا يَثْقُل عَلَيْنَا أَيضاً. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
، قَالَ: عَهْدًا لَا نَفِي بِهِ وتُعَذِّبُنا بِتَرْكِهِ ونَقْضِه.
وَقَوْلُهُ: وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي
، قَالَ: مِيثاقي وعَهْدي. قَالَ أَبو إِسحاق: كلُّ عَقْد مِنْ قَرابة أَو عَهْد، فَهُوَ إِصْر. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً
؛ أَي عُقُوبةَ ذَنْبٍ تَشُقُّ عَلَيْنَا. وَقَوْلُهُ: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ
؛ أَي مَا عُقِدَ مِنْ عَقْد ثَقِيلٍ عَلَيْهِمْ مِثْلُ قَتْلِهم أَنفسهم وَمَا أَشْبه ذَلِكَ مِنْ قَرض الْجِلْدِ إِذا أَصابته النَّجَاسَةُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَنْ حَلَف عَلَى يَمِينٍ فِيهَا إِصْر فَلَا كَفَّارَةَ لَهَا
؛ يُقَالُ: إِن الإِصْرَ أَنْ يَحْلف بِطَلَاقٍ أَو عَتاق أَو نَذْر. وأَصل الإِصْر: الثِّقْل والشَّدُّ لأَنها أَثْقَل الأَيمان وأَضْيَقُها مَخْرَجاً؛ يَعْنِي أَنه يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا وَلَا يُتَعَوَّضُ عَنْهَا بِالْكَفَّارَةِ. والعَهْدُ يُقَالُ لَهُ: إِصْر. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَسلم بْنِ أَبي أُمامَة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ واغْتَسلَ وَغَدَا وابْتَكر ودَنا فاستْمَع وأَنْصَت كَانَ لَهُ كِفْلانِ مِنَ الأَجْر، وَمَنْ غَسّل واغْتسل وَغَدَا وابْتَكر وَدَنَا ولَغَا كَانَ لَهُ كِفْلانِ مِنَ الإِصْر
؛ قَالَ شَمِرٌ: فِي الإِصْر إثْمُ العَقْد إِذَا ضَيَّعَه. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الإِصْرُ الْعَهْدُ الثقيلُ؛ وَمَا كَانَ عَنْ يَمِينٍ وعَهْد، فَهُوَ إِصْر؛ وَقِيلَ: الإِصْرُ الإِثْمُ والعقوبةُ لِلَغْوِه وتَضْيِيعهِ عَمَلَه، وأَصله مِنَ الضِّيقِ وَالْحَبْسِ. يُقَالُ: أَصَرَه يَأْصِرُه إِذا حَبَسه وضَيَّقَ عَلَيْهِ. والكِفْلُ: النَّصِيبُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَنْ كَسَب مَالًا مِنْ حَرام فَأَعْتَقَ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ إِصْراً
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
أَنه سُئِلَ عَنِ السُّلْطَانِ قَالَ: هُوَ ظلُّ اللَّهِ فِي الأَرض فإِذا أَحسَنَ فَلَهُ الأَجرُ وَعَلَيْكُمُ الشُّكْر، وإِذا أَساءَ فَعَلَيْهِ الإِصْرُ وَعَلَيْكُمُ الصَّبْر.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فِيهَا إِصْر
؛(4/22)
والإِصر: الذَّنْب والثِّقْلُ، وَجَمْعُهُ آصارٌ. والإِصارُ: الطُّنُبُ، وَجَمْعُهُ أُصُر، عَلَى فُعُل. والإِصارُ: وَتِدٌ قَصِيرُ الأَطْنَابِ، وَالْجَمْعُ أُصُرٌ وآصِرَةٌ، وكذلك الإِصارَةُ والآصِرَةُ. والأَيْصَرُ: جُبَيْلٌ صَغِيرٌ قَصِير يُشَدُّ بِهِ أَسفَلُ الْخِبَاءِ إِلى وَتِدٍ، وَفِيهِ لغةٌ أَصارٌ، وَجَمْعُ الأَيْصَر أَياصِرُ. والآصِرَةُ والإِصارُ: القِدُّ يَضُمُّ عَضُدَيِ الرَّجُلِ، وَالسِّينُ فِيهِ لُغَةٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي:
لَعَمْرُكَ لَا أَدْنُو لِوَصْلِ دَنِيَّة، ... وَلَا أَتَصَبَّى آصِراتِ خَلِيلِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: لَا أَرْضَى مِنَ الوُدّ بِالضَّعِيفِ، وَلَمْ يُفَسِّرِ الآصِرَةَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِنما عَنَى بِالْآصِرَةِ الحَبْلَ الصَّغِيرَ الَّذِي يُشدّ بِهِ أَسفلُ الخِباء، فَيَقُولُ: لَا أَتعرّض لِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ أَبْتَغي زوجةَ خليل وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعَرِّضَ بِهِ: لَا أَتَعَرَّضُ لِمَنْ كَانَ مِنْ قَرابة خَلِيلِي كَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ. الأَحمر: هو جَارِي مُكاسِري ومُؤَاصِري أَي كِسْرُ بَيْتِهِ إِلى جَنْب كِسْر بَيْتِي، وإِصارُ بَيْتِي إِلى جَنْبِ إِصار بَيْته، وَهُوَ الطُّنُبُ. وحَيٌّ مُتآصِرُون أَي مُتَجَاوِرُونَ. ابْنُ الأَعرابي: الإِصْرانِ ثَقْبَا الأُذنين؛ وأَنشد:
إِنَّ الأُحَيْمِرَ، حِينَ أَرْجُو رِفْدَه ... غَمْراً، لأَقْطَعُ سَيِءُ الإِصْرانِ
جُمِعَ عَلَى فِعْلان. قَالَ: الأَقْطَعُ الأَصَمُّ، والإِصرانُ جَمْعُ إِصْرٍ. والإِصار: مَا حَوَاهُ المِحَشُّ مِنَ الحَشِيش؛ قَالَ الأَعشى:
فَهذا يُعِدُّ لَهُنَّ الخَلا، ... ويَجْمَعُ ذَا بَيْنَهُنَّ الإِصارا
والأَيْصَر: كالإِصار؛ قَالَ:
تَذَكَّرَتِ الخَيْلُ الشِّعِيرَ فَأَجْفَلَتْ، ... وكُنَّا أُناساً يَعْلِفُون الأَياصِرا
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: الشَّعِيرَ عَشِيَّةً. والإِصارُ: كِساء يُحَشُّ فِيهِ. وأَصَر الشيءَ يأْصِرُه أَصْراً: حَبَسَهُ؛ قَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ:
عَيْرانَةٌ مَا تَشَكَّى الأَصْرَ والعَمَلا
وكَلأٌ آصِرٌ: حابِس لِمَنْ فِيهِ أَو يُنْتَهَى إِليه مِنْ كَثْرَتِهِ. الْكِسَائِيُّ: أَصَرني الشيءُ يأْصِرُني أَي حَبَسَنِي. وأَصَرْتُ الرجلَ عَلَى ذَلِكَ الأَمر أَي حَبَسْتُهُ. ابْنُ الأَعرابي: أَصَرْتُه عَنْ حَاجَتِهِ وَعَمَّا أَرَدْتُه أَي حَبَسْتُهُ، والموضعُ مَأْصِرٌ ومأْصَر، وَالْجَمْعُ مَآصِرُ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ مُعَاصِرُ. وشَعَرٌ أَصِير: مُلْتَفٌّ مُجْتَمِعٌ كَثِيرُ الأَصل؛ قَالَ الرَّاعِي:
ولأَتْرُكَنَّ بحاجِبَيْكَ عَلامةً، ... ثَبَتَتْ عَلَى شَعَرٍ أَلَفَّ أَصِيرِ
وَكَذَلِكَ الهُدْب، وَقِيلَ: هُوَ الطَّويلُ الْكَثِيفُ؛ قَالَ:
لِكُلِّ مَنامَةٍ هُدْبٌ أَصِيرُ
الْمَنَامَةُ هُنَا: القَطِيفةُ يُنام فِيهَا. والإِصارُ والأَيْصَر: الْحَشِيشُ الْمُجْتَمِعُ، وَجَمْعُهُ أَياصِر. والأَصِيرُ: الْمُتَقَارِبُ. وأْتَصَر النَّبْتُ ائْتِصاراً إِذا الْتَفَّ. وإِنَّهم لَمُؤْتَصِرُو العَدَدِ أَي عَدَدُهُمْ كَثِيرٌ؛ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الخُرْشُب يَصِفُ الْخَيْلَ:
يَسُدُّونَ أَبوابَ القِبابِ بِضُمَّر ... إِلَى عُنُنٍ، مُسْتَوثِقاتِ الأَواصِرِ
يُرِيدُ: خَيْلًا رُبِطَتْ بأَفنيتهم. والعُنُنُ: كُنُفٌ سُتِرَتْ بِهَا الخيلُ مِنَ الرِّيحِ وَالْبَرَدِ. والأَواصِرُ: الأَواخي والأَواري، واحِدَتُها آصِرَة؛ وَقَالَ آخَرُ:(4/23)
لَها بالصَّيْفِ آصِرَةٌ وَجُلٌّ، ... وسِتٌّ مِنْ كَرائِمِها غِرارُ
وَفِي كِتَابِ أَبي زَيْدٍ: الأَياصِرُ الأَكْسِيَة التي مَلَؤُوها مِنَ الكَلإِ وشَدُّوها، واحِدُها أَيْصَر. وَقَالَ: مَحَشٌّ لَا يُجَزُّ أَيْصَرُه أَي مِنْ كَثْرَتِهِ. قَالَ الأَصمعي: الأَيْصَرُ كِسَاءٌ فِيهِ حَشِيشٌ يُقَالُ لَهُ الأَيْصَر، وَلَا يُسَمَّى الكساءُ أَيْصَراً حِينَ لَا يكونُ فِيهِ الحَشِيش، وَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ الحَشِيشُ أَيْصَراً حَتَّى يَكُونَ فِي ذَلِكَ الْكِسَاءِ. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ مَحَشٌّ لا يُجَزُّ أَيصره أَي لَا يُقْطَع. والمَأْصِر: مَحْبِسٌ يُمَدُّ عَلَى طَرِيقٍ أَو نَهْرٍ يُؤْصَرُ بِهِ السُّفُنُ والسَّابِلَةُ أَي يُحْبَس لِتُؤْخَذَ منهم العُشور.
أطر: الأَطْرُ: عَطْفُ الشيءِ تَقْبِضُ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ فَتُعَوِّجُه؛ أَطَرَه يأْطِرُهُ ويأْطُرُه أَطراً فَانْأَطَرَ انْئِطاراً وأَطَّرَه فَتَأَطَّر: عطَفه فَانْعَطَفَ كالعُود تَرَاهُ مُسْتَدِيرًا إِذا جَمَعَتْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ فَرَسًا:
كَبْداءُ قَعْسَاءُ عَلَى تَأْطِيرِها
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَبْنَاءَ التَّمِيمِيُّ:
وأَنْتُمْ أُناسٌ تَقْمِصُونَ مِنَ القَنا، ... إِذا مَا رَقَى أَكْتَافَكُمْ وتَأَطَّرا
أَي إِذا انْثنى؛ وَقَالَ:
تأَطَّرْنَ بالمِينَاءِ ثُمَّ جَزَعْنَه، ... وقدْ لَحَّ مِنْ أَحْمالِهنَّ شُجُون
وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه ذَكَرَ الْمَظَالِمَ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا بَنُو إِسرائيل وَالْمَعَاصِيَ فَقَالَ: لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى تأْخذوا عَلَى يَدَي الظَّالِمِ وتَأْطِرُوهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْراً
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو وَغَيْرُهُ: قَوْلُهُ تَأْطِرُوه عَلَى الْحَقِّ يَقُولُ تَعْطِفُوه عَلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مِنْ غَرِيبِ مَا يُحْكَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ نِفْطَوَيْهِ أَنه قَالَ: بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ بَابِ ظأَر، وَمِنْهُ الظِّئْرُ وَهِيَ المرضِعَة، وجَعَلَ الْكَلِمَةَ مَقْلُوبَةً فَقَدَّمَ الْهَمْزَةَ عَلَى الظَّاءِ وَكُلُّ شَيْءٍ عَطَفْتَهُ عَلَى شَيْءٍ، فَقَدْ أَطَرْته تَأْطِرُهُ أَطْراً؛ قَالَ طَرَفَةُ يَذْكُرُ نَاقَةً وَضُلُوعَهَا:
كأَنَّ كِناسَيْ ضالَةٍ يَكْنُفانِها، ... وأَطْرَ قِسِيٍّ، تحتَ صُلْبٍ مُؤَبَّد
شَبَّهَ انْحِنَاءَ الأَضلاع بِمَا حُني مِن طرَفي القَوْس؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الإِبل:
وباكَرَتْ ذَا جُمَّةٍ نَمِيرا، ... لَا آجِنَ الماءِ وَلَا مَأْطُورا
وعَايَنَتْ أَعْيُنُها تامُورَا، ... يُطِيرُ عَنْ أَكتافِها القَتِيرا
قَالَ: المأْطور الْبِئْرُ الَّتِي قَدْ ضَغَطَتْها بِئْرٌ إِلى جَنْبِهَا. قَالَ: تَامُورٌ جُبَيْل صَغير. والقَتِيرُ: مَا تَطَايَرَ مِنْ أَوْبارِها، يَطِيرُ مِنْ شِدَّة المزاحَمَة. وإِذا كَانَ حالُ البِئر سَهْلًا طُوي بِالشَّجَرِ لِئَلَّا يَنْهَدِمَ، فَهُوَ مأْطور. وتَأَطَّرَ الرُّمحُ: تَثَنَّى؛ وَمِنْهُ فِي صِفَةِ آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه كَانَ طُوالًا فَأَطَرَ اللهُ مِنْهُ أَي ثَنَاه وقَصَّره ونَقَصَ مِنْ طُوله. يُقَالُ: أَطَرْتُ الشَّيْءَ فَانْأَطَرَ وتَأَطَّرَ أَي انْثَنَى. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ:
أَتاه زِيَادُ بْنُ عَديّ فأَطَرَه إِلى الأَرض
أَي عَطَفَه؛ وَيُرْوَى: وَطَدَه، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وأَطْرُ القَوْسِ والسَّحاب: مُنحناهُما، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ:
وهاتِفَةٍ، لأَطْرَيْها حَفِيفٌ، ... وزُرْقٌ، فِي مُرَكَّبَةٍ، دِقاقُ
ثنَّاه وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا لأَنه جَعَلَهُ كَالِاسْمِ. أَبو زَيْدٍ:(4/24)
أَطَرْتُ القَوْسَ آطِرُها أَطْراً إِذا حَنَيْتَها. والأَطْرُ: كالاعْوِجاج تَرَاهُ فِي السَّحَابِ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
أَطْرُ السَّحاب بِهَا بَيَاضُ المِجْدَلِ
قَالَ: وَهُوَ مَصْدَرٌ فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ. وتَأَطَّرَ بِالْمَكَانِ: تَحَبَّسَ. وتَأَطَّرَتِ المرأَةُ تَأَطُّراً: لَزِمَتْ بَيْتَهَا وأَقامت فِيهِ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
تَأَطَّرْنَ حَتى قُلْنَ: لَسْنَ بَوارِحاً، ... وذُبْنَ كَمَا ذابَ السَّدِيفُ المُسَرْهَدُ
والمأْطورة: العُلْبَة يُؤْطَرُ لرأْسها عُودٌ ويُدارُ ثُمَّ يُلْبَسُ شَفَتَها، وَرُبَّمَا ثُنِيَ عَلَى الْعُودِ المأْطور أَطرافُ جِلْدِ الْعُلْبَةِ فَتَجِفُّ عَلَيْهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَوْرَثَكَ الرَّاعِي عُبَيْدٌ هِرَاوَةً، ... ومَأْطُورَةً فَوْقَ السَّوِيَّةِ مِنْ جِلدِ
قَالَ: وَالسَّوِيَّةُ مرْكبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: التأْطير أَن تَبْقَى الْجَارِيَةُ زَمَانًا فِي بَيْتِ أَبويها لَا تتزوَّج. والأُطْرَةُ: مَا أَحاط بالظُّفُرِ مِنَ اللَّحْمِ، والجمعُ أُطَرٌ وإِطارٌ؛ وكُلُّ مَا أَحاط بِشَيْءٍ، فَهُوَ لَهُ أُطْرَةٌ وإِطارٌ. وإِطارُ الشَّفَةِ: مَا يَفْصِلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ شَعَرَاتِ الشَّارِبِ، وَهُمَا إِطارانِ. وَسُئِلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ السُّنَّة فِي قَصِّ الشَّارِبِ، فَقَالَ: نَقُصُّهُ حَتَّى يَبْدُوَ الإِطارُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِطارُ الحَيْدُ الشَّاخِصُ مَا بَيْنَ مَقَصِّ الشَّارِبِ وَالشَّفَةِ المختلطُ بِالْفَمِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يَعْنِي حَرْفَ الشَّفَةِ الأَعلى الَّذِي يَحُولُ بَيْنَ مَنَابِتِ الشَّعْرِ وَالشَّفَةِ. وإِطارُ الذَّكَرِ وأُطْرَتُه: حَرْفُ حُوقِه. وإِطارُ السَّهْم وأُطْرتُه: عَقَبَةٌ تُلْوى عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هِيَ العَقَبَةُ الَّتِي تَجْمَعُ الفُوقَ. وأَطَرَه يَأْطِرُهُ أَطْراً: عَمِلَ لَهُ إِطاراً ولَفَّ عَلَى مَجْمَعِ الفُوقِ عَقَبَةً. والأُطْرَةُ، بِالضَّمِّ: العَقَبَةُ الَّتِي تُلَفُّ عَلَى مَجْمَعِ الفُوقِ. وإِطارُ البيتِ: كالمِنطَقَة حَوله. والإِطارُ: قُضْبانُ الْكَرَمِ تُلْوى لِلتَّعْرِيشِ. والإِطارُ: الْحَلْقَةُ مِنَ النَّاسِ لإِحاطتهم بِمَا حَلَّقُوا بِهِ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
وحَلَّ الحَيُّ، حَيُّ بَنِي سُبَيْعٍ، ... قُراضِبَةً، ونَحْنُ لَهم إِطارُ
أَي وَنَحْنُ مُحْدِقُون بهم. والأُطْرَةُ: طَرَفُ الأَبْهَرِ فِي رأْس الحَجَبَةِ إِلى مُنْتَهَى الْخَاصِرَةِ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْفَرَسِ طَرَفُ الأَبْهَرِ. أَبو عُبَيْدَةَ: الأُطْرَةُ طَفْطَفَة غَلِيظَةٌ كأَنها عَصَبَةٌ مُرَكَّبَةٌ فِي رأْس الحَجَبَةِ وضِلَعِ الخَلْفِ، وَعِنْدَ ضِلَعِ الخَلْفِ تَبِينُ الأُطْرَةُ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْفَرَسِ تَشنُّجُ أُطْرتِهِ؛ وَقَوْلُهُ:
كأَنَّ عَراقِيبَ القَطا أُطُرٌ لهَا، ... حَدِيثٌ نَواحِيها بِوَقْعٍ وصُلَّبِ
يَصِفُ النِّصَالَ. والأُطُرُ عَلَى الفُوقِ: مِثْلُ الرِّصافِ عَلَى الأَرْعاظِ. اللَّيْثُ: والإِطارُ إِطارُ الدُّفّ. وإِطارْ المُنْخُلِ: خَشَبُهُ. وإِطارُ الْحَافِرِ: مَا أَحاط بالأَشْعَرِ، وكلُّ شَيْءٍ أَحاط بِشَيْءٍ، فَهُوَ إِطارٌ لَهُ؛ وَمِنْهُ صِفَةُ شِعْرِ عَلِيٍّ: إِنما كَانَ لَهُ إِطارٌ أَي شِعْرٍ مُحِيطٍ برأْسه ووسطُه أَصلَعُ. وأُطْرَة الرَّمْلِ: كُفَّتُه. والأَطِيرُ: الذَّنْبُ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَلَامُ وَالشَّرُّ يَجِيءُ مِنْ بَعِيدٍ، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لإِحاطته بالعُنُق. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: أَخَذَني بأَطِيرِ غَيْرِي؛ وَقَالَ مِسْكِينُ الدَّارِمِيُّ:
أَبَصَّرْتَني بأَطِير الرِّجال، ... وكلَّفْتَني مَا يَقُولُ البَشَرْ؟(4/25)
وَقَالَ الأَصمعي: إِن بَيْنَهُمْ لأَواصِرَ رَحِمٍ وأَواطِرَ رَحِمٍ وعَواطِفَ رَحِمٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ الْوَاحِدَةُ آصِرةٌ وآطِرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فَأَطَرْتُها بَيْنَ نِسَائِي
أَي شَقَقْتُهَا وَقَسَّمْتُهَا بينهنُّ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ طَارَ لَهُ فِي الْقِسْمَةِ كَذَا أَي وَقَعَ فِي حِصَّتِهِ، فَيَكُونُ مِنْ فَصْلِ الطَّاءِ لَا الْهَمْزَةِ. والأُطْرَة: أَن يُؤخذ رمادٌ ودَمٌ يُلْطَخ بِهِ كَسْرُ القِدْرِ وَيُصْلَحَ؛ قَالَ:
قَدْ أَصْلَحَتْ قِدْراً لَهَا بأُطْرَهْ، ... وأَطْعَمَتْ كِرْدِيدَةً وفِدْرَهْ
أفر: الأَفْرُ: العَدْوُ. أَفَرَ يَأْفِرُ أَفْراً وأُفُوراً: عَدَا وَوَثَبَ؛ وأَفَرَ أَفْراً، وأَفِرَ أَفَراً: نَشِطَ. وَرَجُلٌ أَفَّارٌ ومِئفَرٌ إِذا كَانَ وَثَّاباً جَيِّدَ العَدْوِ. وأَفَرَ الظَّبْيُ وَغَيْرُهُ، بِالْفَتْحِ، يَأْفِرُ أُفُوراً أَي شَدَّ الإِحْضَارَ. وأَفَرَ الرَّجلُ أَيضاً أَي خَفَّ فِي الخِدْمَةِ. وأَفِرَتِ الإِبل أَفْراً واسْتَأْفَرَت اسْتِئْفَاراً إِذا نَشِطَتْ وسَمِنَتْ. وأَفِرَ البعيرُ، بِالْكَسْرِ، يأْفَرُ أَفَراً أَي سَمِنَ بَعْدَ الجَهْدِ. وأَفَرَتِ القِدْرُ تَأْفِرُ أَفْراً: اشْتَدَّ غَلَيَانُهَا حَتَّى كأَنها تنِزُّ؛ وقال الشَّاعِرُ:
بَاخُوا وقِدْرُ الحَرْبِ تَغلي أَفْرا
والمِئْفَرُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَسْعَى بَيْنَ يَدَيِ الرَّجُلِ ويَخْدمهُ، وإِنه لَيَأْفِرُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدِ اتَّخَذَهُ مِئفَراً. والمِئفَرُ: الْخَادِمُ. وَرَجُلٌ أَشِرٌ أَفِرٌ وأَشْرانُ أَفْرانُ أَي بَطِرٌ، وَهُوَ إِتباع. وأُفُرَّة الشَّرِّ «1» . والحَرِّ والشِّتاء، وأَفُرَّتُه: شدَّته. وقال الْفَرَّاءُ: أُفُرَّة الصَّيْفِ أَوّله. وَوَقَعَ فِي أُفُرَّةٍ أَي بلِية وَشَدَّةٍ. والأُفُرّة الْجَمَاعَةُ ذاتُ الجَلَبَةِ، وَالنَّاسُ فِي أُفُرَّة، يَعْنِي الاختلاطَ. وأَفَّارٌ: اسم.
أقر: الْجَوْهَرِيُّ: أُقُرٌ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وثَرْوَةٍ مِنْ رجالٍ لَوْ رأَيْتَهُمُ، ... لَقُلْتَ: إِحْدَى حِراج الجَرِّ من أُقُر
أكر: الأُكْرَة، بِالضَّمِّ: الحُفْرَةُ فِي الأَرض يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ فيُغْرَفُ صَافِيًا. وأَكَرَ يَأْكُرُ أَكْراً، وتَأَكَّرَ أُكَراً: حَفَرَ أُكْرَةً «2» ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ سَهْلِه ويَتَأَكَّرْنَ الأُكَرْ
والأُكَرُ: الحُفَرُ فِي الأَرض، واحِدَتُها أُكْرَةٌ. والأَكَّارُ: الحَرَّاثُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَكَرَةُ جمعُ أَكَّارٍ كأَنه جمعُ آكِرٍ فِي التَّقْدِيرِ. والمؤاكَرَةُ: الْمُخَابَرَةُ وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ
أَبي جَهْلٍ: فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِي
؛ الأَكَّارُ: الزَّرَّاعُ أَراد بِهِ احْتِقَارَهُ وَانْتِقَاصَهُ، كَيْفَ مِثْلُه يَقْتُلُ مِثْلَه وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ المؤاكَرَةِ
، يَعْنِي المزارعَةَ عَلَى نَصِيبٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يُزْرَعُ فِي الأَرض وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ. وَيُقَالُ: أَكَرْتُ الأَرض أَي حَفَرْتُهَا؛ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ لِلْكُرَةِ الَّتِي يُلْعَبُ بِهَا: أُكْرَةٌ، واللغةُ الجيدةُ الكُرَةُ؛ قَالَ:
حَزَاوِرَةٌ بأَبْطَحِهَا الكُرِينَا
أمر: الأَمْرُ: مَعْرُوفٌ، نَقِيضُ النَّهْيِ. أَمَرَه بِهِ وأَمَرَهُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ؛ وأَمره إِياه، على
__________
(1) . قوله [وأفرّة الشر إلخ] بضم أوله وثانيه وفتح ثالثه مشدداً، وبفتح الأَول وضم الثاني وفتح الثالث مشدداً أيضاً، وزاد في القاموس أفرَّة بفتحات مشدد الثالث على وزن شربة وجربة مشدد الباء فيهما
(2) . قوله [حفر أكرة] كذا بالأصل والمناسب حفر حفراً(4/26)
حَذْفِ الْحَرْفِ، يَأْمُرُه أَمْراً وإِماراً فأْتَمَرَ أَي قَبِلَ أَمْرَه؛ وَقَوْلُهُ:
ورَبْرَبٍ خِماصِ ... يَأْمُرْنَ باقْتِناصِ
إِنما أَراد أَنهنَّ يُشَوِّقْنَ مَنْ رَآهُنَّ إِلى تَصَيُّدِهَا وَاقْتِنَاصِهَا، وإِلا فَلَيْسَ لهنَّ أَمر. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ
؛ الْعَرَبُ تَقُولُ: أَمَرْتُك أَن تفْعَل ولِتَفْعَلَ وبأَن تفْعَل، فَمَنْ قَالَ: أَمرتك بأَن تَفْعَلَ فَالْبَاءُ للإِلصاق وَالْمَعْنَى وَقَعَ الأَمر بِهَذَا الْفِعْلِ، وَمَنْ قَالَ أَمرتُك أَن تَفْعَلَ فَعَلَى حَذْفِ الْبَاءِ، وَمَنْ قَالَ أَمرتك لِتَفْعَلَ فَقَدْ أَخبرنا بِالْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا وَقَعَ الأَمرُ، وَالْمَعْنَى أُمِرْنا للإِسلام. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَمْرُ اللهِ مَا وعَدهم بِهِ مِنَ الْمُجَازَاةِ عَلَى كُفْرِهِمْ مِنْ أَصناف الْعَذَابِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ
؛ أَي جَاءَ مَا وَعَدْنَاهُمْ بِهِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً
؛ وَذَلِكَ أَنهم اسْتَعْجَلُوا الْعَذَابَ واستبطؤوا أَمْرَ السَّاعَةِ، فأَعلم اللَّهُ أَن ذَلِكَ فِي قُرْبِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا قَدْ أَتى كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ؛ وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ
. وأَمرتُه بِكَذَا أَمراً، وَالْجَمْعُ الأَوامِرُ. والأَمِيرُ: ذُو الأَمْر. والأَميرُ: الآمِر؛ قَالَ:
والناسُ يَلْحَوْنَ الأَمِيرَ، إِذا هُمُ ... خَطِئُوا الصوابَ، وَلَا يُلامُ المُرْشِدُ
وإِذا أَمَرْتَ مِنْ أَمَر قُلْتَ: مُرْ، وأَصله أُؤْمُرْ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ هَمْزَتَانِ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْكَلِمَةِ حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ الأَصلية فَزَالَ السَّاكِنُ فَاسْتُغْنِيَ عَنِ الْهَمْزَةِ الزَّائِدَةِ، وَقَدْ جاءَ عَلَى الأَصل. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
؛ وَفِيهِ: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
. والأَمْرُ: واحدُ الأُمُور؛ يُقَالُ: أَمْرُ فلانٍ مستقيمٌ وأُمُورُهُ مستقيمةٌ. والأَمْرُ: الْحَادِثَةُ، وَالْجَمْعُ أُمورٌ، لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ
. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها
؛ قِيلَ: مَا يُصلحها، وَقِيلَ: ملائكتَهَا؛ كُلُّ هَذَا عَنِ الزَّجَّاجِ. والآمِرَةُ: الأَمرُ، وَهُوَ أَحد الْمَصَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى فاعِلَة كالعَافِيَةِ والعاقِبَةِ والجازيَةِ وَالْخَاتِمَةِ. وَقَالُوا فِي الأَمر: أُومُرْ ومُرْ، وَنَظِيرُهُ كُلْ وخُذْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ؛ وَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. التَّهْذِيبُ: قَالَ اللَّيْثُ: وَلَا يُقَالُ أُومُرْ، وَلَا أُوخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا أُوكُلْ، إِنما يُقَالُ مُرْ وكُلْ وخُذْ فِي الِابْتِدَاءِ بالأَمر اسْتِثْقَالًا لِلضَّمَّتَيْنِ، فإِذا تقدَّم قَبْلَ الْكَلَامِ واوٌ أَو فاءٌ قُلْتَ: وأْمُرْ فأْمُرْ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
؛ فأَما كُلْ مَنْ أَكَلَ يَأْكُلُ فَلَا يَكَادُ يُدْخِلُون فِيهِ الهمزةَ مَعَ الْفَاءِ وَالْوَاوِ، وَيَقُولُونَ: وكُلا وخُذَا وارْفَعاه فَكُلاه وَلَا يَقُولُونَ فَأْكُلاهُ؛ قَالَ: وَهَذِهِ أَحْرُفٌ جَاءَتْ عَنِ الْعَرَبِ نوادِرُ، وَذَلِكَ أَن أَكثر كَلَامِهَا فِي كُلِّ فِعْلٍ أَوله هَمْزَةٌ مِثْلَ أَبَلَ يَأْبِلُ وأَسَرَ يَأْسِرُ أَنْ يَكْسِرُوا يَفْعِلُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ أَبَقَ يَأْبِقُ، فإِذا كَانَ الْفِعْلُ الَّذِي أَوله هَمْزَةٌ ويَفْعِلُ مِنْهُ مَكْسُورًا مَرْدُودًا إِلى الأَمْرِ قِيلَ: إِيسِرْ يَا فلانُ، إِيْبِقْ يَا غلامُ، وكأَنَّ أَصله إِأْسِرْ بِهَمْزَتَيْنِ فَكَرِهُوا جَمْعًا بَيْنَ هَمْزَتَيْنِ فَحَوَّلُوا إِحداهما ياء إِذ كَانَ مَا قَبْلَهَا مَكْسُورًا، قَالَ: وَكَانَ حَقُّ الأَمر مِنْ أَمَرَ يَأْمُرُ أَن يُقَالَ أُؤْمُرْ أُؤْخُذْ أُؤْكُلْ بِهَمْزَتَيْنِ، فَتُرِكَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ وحوِّلت وَاوًا لِلضَّمَّةِ فَاجْتَمَعَ فِي الْحَرْفِ ضَمَّتَانِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ وَالضَّمَّةُ(4/27)
مِنْ جِنْسِ الْوَاوِ، فَاسْتَثْقَلَتِ الْعَرَبُ جَمْعًا بَيْنَ ضَمَّتَيْنِ وَوَاوٍ فَطَرَحُوا هَمْزَةَ الْوَاوِ لأَنه بَقِيَ بَعْدَ طَرْحها حَرْفَانِ فَقَالُوا: مُرْ فُلَانًا بِكَذَا وَكَذَا، وخُذْ مِنْ فُلَانٍ وكُلْ، وَلَمْ يَقُولُوا أُكُلْ وَلَا أُمُرْ وَلَا أُخُذْ، إِلا أَنهم قَالُوا فِي أَمَرَ يَأْمُرُ إِذا تَقَدَّمَ قَبْلَ أَلِفِ أَمْرِه وواو أَو فَاءٌ أَو كَلَامٌ يَتَّصِلُ بِهِ الأَمْرُ مِنْ أَمَرَ يَأْمُرُ فَقَالُوا: الْقَ فُلَانًا وأْمُرْهُ، فَرَدُّوهُ إِلى أَصله، وإِنما فَعَلُوا ذَلِكَ لأَن أَلف الأَمر إِذا اتَّصَلَتْ بِكَلَامٍ قَبْلَهَا سَقَطَتِ الأَلفُ فِي اللَّفْظِ، وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي كُلْ وخُذْ إِذا اتَّصَلَ الأَمْرُ بِهِمَا بِكَلَامٍ قَبْلَهُ فَقَالُوا: الْقَ فُلَانًا وخُذْ مِنْهُ كَذَا، وَلَمْ نسْمَعْ وأُوخُذْ كَمَا سَمِعْنَا وأْمُرْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكُلا مِنْها رَغَداً؛ وَلَمْ يَقُلْ: وأْكُلا؛ قَالَ: فإِن قِيلَ لِمَ رَدُّوا مُرْ إِلى أَصلها وَلَمْ يَرُدُّوا وكُلا وَلَا أُوخُذْ؟ قِيلَ: لِسَعَة كَلَامِ الْعَرَبِ رُبَّمَا ردُّوا الشَّيْءَ إِلَى أَصله، وَرُبَّمَا بَنَوْهُ عَلَى مَا سَبَقَ، وَرُبَّمَا كَتَبُوا الْحَرْفَ مَهْمُوزًا، وَرُبَّمَا تَرَكُوهُ عَلَى تَرْكِ الْهَمْزَةِ، وَرُبَّمَا كَتَبُوهُ عَلَى الإِدغام، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَاسِعٌ؛ وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها
؛ قرأَ أَكثر الْقُرَّاءِ: أَمَرْنا، وَرَوَى خَارِجَةُ عَنْ نَافِعٍ آمَرْنا، بِالْمَدِّ، وَسَائِرُ أَصحاب نَافِعٍ رَوَوْهُ عَنْهُ مَقْصُورًا، وَرُوِيَ عَنْ أَبي عَمْرٍو: أَمَّرْنا، بِالتَّشْدِيدِ، وَسَائِرُ أَصحابه رَوَوْهُ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَبِالْقَصْرِ، وَرَوَى هُدْبَةُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ: أَمَّرْنا، وَسَائِرُ النَّاسِ رَوَوْهُ عَنْهُ مُخَفَّفًا، وَرَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ مَن قَرأَ: أَمَرْنا، خَفِيفَةً، فسَّرها بَعْضُهُمْ أَمَرْنا مُتْرَفِيهَا بالطاعة ففسقوا فيها، إِن المُتْرَفَ إِذا أُمر بِالطَّاعَةِ خالَفَ إِلى الْفِسْقِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وقرأَ الْحَسَنُ: آمَرْنا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَمَرْنا، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْهُ أَنه بِمَعْنَى أَكْثَرنا، قَالَ: وَلَا نَرَى أَنها حُفِظَتْ عَنْهُ لأَنا لَا نَعْرِفُ مَعْنَاهَا هَاهُنَا، وَمَعْنَى آمَرْنا، بِالْمَدِّ، أَكْثَرْنا؛ قَالَ: وقرأَ أَبو الْعَالِيَةِ: أَمَّرْنا مُتْرَفِيهَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَذَلِكَ أَنه قَالَ: سَلَّطْنا رُؤَساءَها ففسقوا. وقال أَبو إِسحاق نَحْواً مِمَّا قَالَ الْفَرَّاءُ، قَالَ: مَنْ قرأَ أَمَرْنا، بِالتَّخْفِيفِ، فَالْمَعْنَى أَمرناهم بِالطَّاعَةِ فَفَسَقُوا. فإِن قَالَ قَائِلٌ: أَلست تَقُولُ أَمَرتُ زَيْدًا فَضَرَبَ عَمْرًا؟ وَالْمَعْنَى أَنك أَمَرْتَه أَن يَضْرِبَ عَمْرًا فَضَرَبَهُ فَهَذَا اللَّفْظُ لَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِ الضَّرْبِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها
، أَمَرْتُكَ فعصيتَني، فَقَدْ عُلِمَ أَن المعصيةَ مخالَفَةُ الأَمْرِ، وَذَلِكَ الفسقُ مخالفةُ أَمْرِ اللَّهِ. وقرأَ الْحَسَنُ: أَمِرْنا مُتْرَفِيهَا عَلَى مِثَالِ عَلِمْنَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعَسَى أَن تَكُونَ هَذِهِ لُغَةً ثَالِثَةً؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَعْنَاهُ أَمَرْناهم بِالطَّاعَةِ فَعَصَوْا؛ قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الإِمارَةِ؛ قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إِن مَعْنَى أَمِرْنا مُتْرَفِيهَا كَثَّرْنا مُتْرَفيها؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ خَيْرُ الْمَالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ أَو مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ؛ أَي مُكَثِّرَةٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَمِرَ بَنُو فُلَانٍ أَي كَثُرُوا. مُهَاجِرٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ: مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ أَي نَتُوجٌ وَلُود؛ وقال لَبِيدٌ:
إِنْ يَغْبِطُوا يَهْبِطُوا، وإِنْ أَمِرُوا، ... يَوْماً، يَصِيرُوا لِلْهُلْكِ والنَّكَدِ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: مُهْرَةٌ مَأْمورة: إِنها الْكَثِيرَةُ النِّتاج والنَّسْلِ؛ قَالَ: وَفِيهَا لُغَتَانِ: قَالَ أَمَرَها اللهُ فَهِيَ مَأْمُورَةٌ، وآمَرَها اللَّهُ فَهِيَ مُؤْمَرَة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما هُوَ مُهرة مَأْمُورة لِلِازْدِوَاجِ لأَنهم أَتْبَعُوها مأْبورة، فَلَمَّا ازْدَوَجَ اللفظان جاؤُوا بمأْمورة عَلَى وَزْنِ مَأْبُورَة كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ: إِني آتِيهِ بِالْغَدَايَا وَالْعَشَايَا، وإِنما تُجْمَعُ الغَدَاةُ غَدَوَاتٍ فجاؤُوا بِالْغَدَايَا عَلَى لَفْظِ الْعَشَايَا تَزْوِيجًا لِلَّفْظَيْنِ، وَلَهَا(4/28)
نَظَائِرُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والأَصل فِيهَا مُؤْمَرَةٌ عَلَى مُفْعَلَةٍ، كَمَا قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
ارْجِعْنَ مَأْزُورات غَيْرَ مَأْجورات
؛ وإِنما هُوَ مَوْزُورات مِنَ الوِزْرِ فَقِيلَ مأْزورات عَلَى لَفْظِ مأْجورات لِيَزْدَوِجا. وقال أَبو زَيْدٍ: مُهْرَةٌ مأْمورة هِيَ الَّتِي كَثُرَ نَسْلُهَا؛ يَقُولُونَ: أَمَرَ اللهُ المُهْرَةَ أَي كثَّرَ وَلَدَها. وأَمِرَ القومُ أَي كَثُرُوا؛ قَالَ الأَعشى:
طَرِفُونَ ولَّادُون كلَّ مُبَارَكٍ، ... أَمِرُونَ لَا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ
وَيُقَالُ: أَمَرَهم اللَّهُ فأَمِرُوا أَي كَثُرُوا، وَفِيهِ لُغَتَانِ: أَمَرَها فَهِيَ مأْمُورَة، وآمَرَها فَهِيَ مُؤْمَرَةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي سُفْيَانَ: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابنِ أَبي كَبْشَةَ وارْتَفَعَ شَأْنُه
؛ يَعْنِي النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: مَا لِي أَرى أَمْرَكَ يأْمَرُ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَيَأْمَرَنَ
أَي يَزِيدُ عَلَى مَا تَرَى؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: كُنَّا نَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ أَمِرَ بَنُو فُلَانٍ
أَي كَثُرُوا. وأَمِرَ الرجلُ، فَهُوَ أَمِرٌ: كَثُرَتْ مَاشِيَتُهُ. وآمَره اللَّهُ: كَثَّرَ نَسْلَه وماشيتَه، وَلَا يُقَالُ أَمَرَه؛ فأَما قَوْلُهُ: ومُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ فَعَلَى مَا قَدْ أُنِسَ بِهِ مِنَ الإِتباع، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ، وَقِيلَ: آمَرَه وأَمَرَه لُغَتَانِ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: آمَرْتُهُ، بِالْمَدِّ، وأَمَرْتُه لُغَتَانِ بِمَعْنَى كَثَّرْتُه. وأَمِرَ هُوَ أَي كَثُرَ فَخُرِّجَ عَلَى تَقْدِيرِ قَوْلِهِمْ عَلِمَ فُلَانٌ وأَعلمته أَنا ذَلِكَ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَمْ يَقُلْهُ أَحد غَيْرُهُ. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: أَمِرَ مالُه، بِالْكَسْرِ، أَي كَثُرَ. وأَمِرَ بَنُو فُلَانٍ إِيماراً: كَثُرَتْ أَموالهم. وَرَجُلٌ أَمُورٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدِ ائتُمِرَ بِخَيْرٍ: كأَنَّ نفسَه أَمَرَتْهُ بِهِ فَقَبِلَه. وتأَمَّروا عَلَى الأَمْرِ وائْتَمَرُوا: تَمَارَوْا وأَجْمَعُوا آراءَهم. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي يَتَشَاوَرُونَ عَلَيْكَ لِيَقْتُلُوكَ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
أَحَارُ بنَ عَمْرٍو فؤَادِي خَمِرْ، ... ويَعْدُو عَلَى المَرْءِ مَا يَأْتَمِرْ
قَالَ غَيْرُهُ: وَهَذَا الشِّعْرُ لِامْرِئِ الْقَيْسِ. والخَمِرُ: الَّذِي قَدْ خَالَطَهُ داءٌ أَو حُبٌّ. وَيَعْدُو عَلَى الْمَرْءِ مَا يأْتمر أَي إِذا ائْتَمَرَ أَمْراً غَيْرَ رَشَدٍ عَدَا عَلَيْهِ فأَهلكه. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هَذَا غَلَطٌ، كَيْفَ يَعْدُو عَلَى الْمَرْءِ مَا شَاوَرَ فِيهِ وَالْمُشَاوَرَةُ بَرَكَةٌ، وإِنما أَراد يَعْدُو عَلَى الْمَرْءِ مَا يَهُمُّ بِهِ مِنَ الشَّرِّ. قَالَ وَقَوْلُهُ: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ
؛ أَي يَهُمون بِكَ؛ وأَنشد:
اعْلمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ ... مُخْطِئٌ فِي الرَّأْي، أَحْيَانَا
قَالَ: يَقُولُ مَنْ رَكِبَ أَمْراً بِغَيْرِ مَشُورة أَخْطأَ أَحياناً. قَالَ وَقَوْلُهُ: وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ؛ أَي هُمُّوا بِهِ واعْتَزِمُوا عَلَيْهِ؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ لَقَالَ: يَتَأَمَّرُونَ بِكَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: يَأْتَمِرُونَ بِكَ
؛ يَأْمُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِقَتْلِكَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ائْتَمَرَ القومُ وتآمَرُوا إِذا أَمَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، كَمَا يُقَالُ اقْتَتَلَ الْقَوْمُ وَتَقَاتَلُوا وَاخْتَصَمُوا وَتَخَاصَمُوا، وَمَعْنَى يَأْتَمِرُونَ بِكَ أَي يُؤَامِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِقَتْلِكَ وَفِي قَتْلِكَ؛ قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يُقَالَ ائْتَمَرَ فُلَانٌ رَأْيَهُ إِذا شَاوَرَ عَقْلَهُ فِي الصَّوَابِ الَّذِي يأْتيه، وَقَدْ يُصِيبُ الَّذِي يَأْتَمِرُ رَأْيَهُ مرَّة ويخطئُ أُخرى. قَالَ: فَمَعْنَى قَوْلِهِ يَأْتَمِرُونَ بِكَ أَي يُؤَامِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِيكَ أَي فِي قَتْلِكَ أَحسن مِنْ قَوْلِ الْقُتَيْبِيِّ إِنه بِمَعْنَى يَهُمُّونَ بِكَ. قَالَ: وأَما قَوْلُهُ: وأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ؛ فَمَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، لِيَأْمُرْ بعضُكم بَعْضًا بِمَعْرُوفٍ؛ قَالَ وَقَوْلُهُ:
اعْلَمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ(4/29)
مَعْنَاهُ أَن مَنِ ائْتَمَرَ رَأْيَه فِي كُلِّ مَا يَنُوبُهُ يخطئُ أَحياناً؛ وقال الْعَجَّاجُ:
لَمّا رَأَى تَلْبِيسَ أَمْرٍ مُؤْتَمِرْ
تَلْبِيسَ أَمر أَي تَخْلِيطَ أَمر. مُؤْتَمِرْ أَي اتَّخَذَ أَمراً. يُقَالُ: بئسما ائْتَمَرْتَ لنفسك. وَقَالَ شَمِرٌ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الرجالُ ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نَزَلَ بِهِ أَمرٌ ائْتَمَرَ رَأْيَهُ
؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ ارْتَأَى وَشَاوَرَ نَفْسَهُ قَبْلَ أَن يُوَاقِعَ مَا يُرِيدُ؛ قَالَ وَقَوْلُهُ:
اعْلَمَنْ أَنْ كُلَّ مُؤْتَمِرٍ
أَي كُلَّ مَنْ عَمِلَ برأْيه فَلَا بُدَ أَن يُخْطِئَ الأَحيان. قَالَ وَقَوْلُهُ: وَلَا يأْتَمِرُ لِمُرْشِدٍ أَي لَا يُشَاوِرُهُ. وَيُقَالُ ائْتَمَرْتُ فُلَانًا فِي ذَلِكَ الأَمر، وائْتَمَرَ القومُ إِذا تَشَاوَرُوا؛ وَقَالَ الأَعشى:
فَعادَا لَهُنَّ وَزَادَا لَهُنَّ، ... واشْتَرَكَا عَمَلًا وأْتمارا
قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لَا يَدَّري المَكْذُوبُ كَيْفَ يَأْتَمِرْ
أَي كَيْفَ يَرْتَئِي رَأْياً وَيُشَاوِرُ نَفْسَهُ ويَعْقِدُ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ:
ويَعْدُو عَلَى المَرءِ مَا يَأْتَمِرْ
مَعْنَاهُ الرَّجُلُ يَعْمَلُ الشَّيْءَ بِغَيْرِ رَوِيَّةٍ وَلَا تثبُّت وَلَا نَظَرٍ فِي الْعَاقِبَةِ فيندَم عَلَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: وائْتَمَرَ الأَمرَ أَي امْتَثَلَهُ؛ قَالَ إمرؤٌ الْقَيْسِ:
وَيَعْدُو عَلَى المرءِ مَا يأْتمر
أَي مَا تأْمره بِهِ نَفْسُهُ فَيَرَى أَنه رَشَدَ فَرُبَّمَا كَانَ هَلَاكُهُ فِي ذَلِكَ. وَيُقَالُ: ائْتَمَرُوا بِهِ إِذا هَمُّوا بِهِ وَتَشَاوَرُوا فِيهِ. والائْتِمارُ والاسْتِئْمارُ: المشاوَرَةُ، وَكَذَلِكَ التَّآمُرُ، عَلَى وَزْنِ التَّفاعُل. والمُؤْتَمِرُ: المُسْتَبِدُّ برأْيه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَسْبِقُ إِلى الْقَوْلِ؛ قَالَ إمرؤٌ الْقَيْسِ فِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ؛
أَحارُ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ، ... ويَعْدُو عَلَى المرْءِ مَا يَأْتَمِرْ
وَيُقَالُ: بَلْ أَراد أَن الْمَرْءَ يَأْتَمِرُ لِغَيْرِهِ بِسُوءٍ فَيَرْجِعُ وبالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وآمَرَهُ فِي أَمْرِهِ ووامَرَهُ واسْتَأْمَرَهُ: شاوره. وقال غَيْرُهُ: آمَرْتُه فِي أَمْري مُؤامَرَةً إِذا شَاوَرْتَهُ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: وَامَرْتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَمِيري مِنَ الْمَلَائِكَةِ جبريلُ
أَي صاحبُ أَمْرِي ووَلِيِّي. وكلُّ مَنْ فَزَعْتَ إِلى مُشَاوَرَتِهِ ومُؤَامَرَته، فَهُوَ أَمِيرُكَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ؛ الرِّجَالُ ثلاثةٌ: رجلٌ إِذا نَزَلَ بِهِ أَمْرٌ ائْتَمَرَ رَأْيَه
أَي شَاوَرَ نَفْسَهُ وارْتأَى فِيهِ قَبْلَ مُواقَعَة الأَمر، وَقِيلَ: المُؤْتَمِرُ الَّذِي يَهُمُّ بأَمْرٍ يَفْعَلُه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
لَا يأْتَمِرُ رَشَداً
أَي لَا يأْتي بِرَشَدٍ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ. وَيُقَالُ لِكُلِّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا مِنْ غَيْرِ مُشَاوِرَةٍ: ائْتَمَرَ، كَأَنَّ نَفْسَه أَمرته بشيءِ فأْتَمَرَ أَي أَطاعها؛ وَمِنَ المُؤَامَرَةِ المشاورةُ، فِي الْحَدِيثِ:
آمِرُوا النساءَ فِي أَنْفُسِهِنَ
أَي شَاوِرُوهُنَّ فِي تَزْوِيجِهِنَّ قَالَ: وَيُقَالُ فِيهِ وَامَرْتُه، وَلَيْسَ بِفَصِيحٍ. قَالَ: وَهَذَا أَمْرُ نَدْبٍ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ مِثْلَ قَوْلِهِ: البِكر تُسْتَأْذَنُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِهِ الثَّيِّبَ دُونَ الْبِكْرِ، فإِنه لَا بُدَّ مِنْ إِذنهن فِي النِّكَاحِ، فإِن فِي ذَلِكَ بَقَاءً لِصُحْبَةِ الزَّوْجِ إِذا كَانَ بإِذنها. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: آمِرُوا النساءَ فِي بناتهنَ
، هُوَ مِنْ جِهَةِ اسْتِطَابَةِ أَنفسهن وَهُوَ أَدعى للأُلفة، وَخَوْفًا مِنْ وُقُوعِ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا، إِذا لَمْ يَكُنْ بِرِضَا الأُم إِذ الْبَنَاتُ إِلى الأُمَّهات أَميل وَفِي سَمَاعِ قولهنَّ أَرغب، ولأَن المرأَة رُبَّمَا عَلِمَتْ مِنْ حَالِ بِنْتِهَا الْخَافِي عَنْ أَبيها أَمراً(4/30)
لَا يَصْلُحُ مَعَهُ النِّكَاحُ، مِنْ عِلَّةٍ تَكُونُ بِهَا أَو سَبَبٍ يَمْنَعُ مِنْ وَفَاءِ حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَعَلَى نَحْوٍ مِنْ هَذَا يتأَول قَوْلُهُ: لَا تُزَوَّجُ الْبِكْرُ إِلا بإِذنها، وإِذْنُها سُكوتُها لأَنها قَدْ تَسْتَحِي أَن تُفْصِح بالإِذن وتُظهر الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ، فَيُسْتَدَلُّ بِسُكُوتِهَا عَلَى رِضَاهَا وَسَلَامَتِهَا مِنَ الْآفَةِ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
الْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ وَالثَّيِّبُ تُسْتَأْمَرُ
، لأَن الإِذن يُعْرَفُ بِالسُّكُوتِ والأَمر لَا يُعْرَفُ إِلا بِالنُّطْقِ. وَفِي حَدِيثِ الْمُتْعَةِ:
فآمَرَتْ نَفْسَها
أَي شَاوَرَتْهَا واستأْمرتها. وَرَجُلٌ إِمَّرٌ وإِمَّرَة «3» . وأَمَّارة: يَسْتَأْمِرُ كلَّ أَحد فِي أَمره. والأَميرُ: الملِكُ لنَفاذِ أَمْرِه بَيِّنُ الإِمارة والأَمارة، والجمعُ أُمَراءُ. وأَمَرَ عَلَيْنَا يَأْمُرُ أَمْراً وأَمُرَ وأَمِرَ: كوَليَ؛ قَالَ: قَدْ أَمِرَ المُهَلَّبُ، فكَرْنِبوا ودَوْلِبُوا وحيثُ شِئْتُم فاذْهَبوا. وأَمَرَ الرجلُ يأْمُرُ إِمارةً إِذا صَارَ عَلَيْهِمْ أَميراً. وأَمَّرَ أَمارَةً إِذا صَيَّرَ عَلَماً. وَيُقَالُ: مَا لَكَ فِي الإِمْرَة والإِمارَة خيرٌ، بِالْكَسْرِ. وأُمِّرَ فلانٌ إِذا صُيِّرَ أَميراً. وَقَدْ أَمِرَ فُلَانٌ وأَمُرَ، بِالضَّمِّ، أَي صارَ أَميراً، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّامٍ السَّلُولِيِّ:
ولو جاؤُوا برَمْلةَ أَو بهنْدٍ، ... لبايَعْنا أَميرةَ مُؤْمنينا
وَالْمُصْدَرُ الإِمْرَةُ والإِمارة، بِالْكَسْرِ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ الْفَرَّاءِ: كَانَ ذَلِكَ إِذ أَمَرَ عَلَيْنَا الحجاجُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهِيَ الإِمْرَة. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَما إِنَّ لَهُ إمْرَة كلَعْقَةِ الْكَلْبِ لَبَنَهُ
؛ الإِمْرَة، بِالْكَسْرِ: الإِمارة؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
طَلْحَةَ: لَعَلَّكَ ساءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ.
وقالوا: عَلَيْكَ أَمْرَةٌ مُطاعَةٌ، فَفَتَحُوا. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ: لَكَ عليَّ أَمْرَةٌ مُطَاعَةٌ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ، وَمَعْنَاهُ لَكَ عليَّ أَمْرَةٌ أُطيعك فِيهَا، وَهِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الأُمور، وَلَا تَقُلْ: إِمْرَةٌ، بِالْكَسْرِ، إِنما الإِمرة مِنَ الْوِلَايَةِ. والتَّأْميرُ: تَوْلية الإِمارة. وأَميرٌ مُؤَمَّرٌ: مُمَلَّكٌ. وأَمير الأَعمى: قَائِدُهُ لأَنه يَمْلِكُ أَمْرَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
إِذا كَانَ هَادِي الْفَتَى فِي البلادِ ... صدرَ القَناةِ أَطاعَ الأَميرا
وأُولوا الأَمْرِ: الرُّؤَساءُ وأَهل الْعِلْمِ. وأَمِرَ الشيءُ أَمَراً وأَمَرَةً، فَهُوَ أَمرٌ: كَثُرَ وتَمَّ؛ قَالَ:
أُمُّ عِيالٍ ضَنؤُها غيرُ أَمِرْ
وَالِاسْمُ: الإِمْرُ. وزرعٌ أَمِرٌ: كَثِيرٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَرَجُلٌ أَمِرٌ: مباركٌ يُقْبِلُ عَلَيْهِ المالُ. وامرأَة أَمِرَةٌ: مُبَارَكَةٌ عَلَى بَعْلِهَا، وكلُّه من الكَثرة. وقالوا: فِي وَجْهِ مالِكَ تعرفُ أَمَرَتَه؛ وَهُوَ الَّذِي تَعْرِفُ فِيهِ الْخَيْرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وأَمَرَتُه: زِيَادَتُهُ وَكَثْرَتُهُ. وَمَا أَحسن أَمارَتَهم أَي مَا يَكْثُرُونَ وَيَكْثُرُ أَوْلادُهم وَعَدَدُهُمْ. الْفَرَّاءُ: تَقُولُ الْعَرَبُ: فِي وَجْهِ الْمَالِ الأَمِر تَعْرِفُ أَمَرَتَه أَي زِيَادَتَهُ وَنَمَاءَهُ وَنَفَقَتَهُ. تَقُولُ: فِي إِقبال الأَمْرِ تَعْرِفُ صَلاحَه. والأَمَرَةُ: الزِّيَادَةُ والنماءُ وَالْبَرَكَةُ. وَيُقَالُ: لَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ أَمَرَةً أَي بَرَكَةً؛ مِنْ قَوْلِكَ: أَمِرَ المالُ إِذا كَثُرَ. قَالَ: وَوَجْهُ الأَمر أَول مَا تَرَاهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: تَعْرِفُ أَمْرَتَهُ مِنْ أَمِرَ المالُ إِذا كَثُرَ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: تَقُولُ الْعَرَبُ: فِي وَجْهِ الْمَالِ تَعْرِفُ أَمَرَتَه أَي نُقْصَانَهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالصَّوَابُ مَا قَالَ الْفَرَّاءُ فِي الأَمَرِ أَنه الزِّيادة. قال
__________
(3) . قوله [إمر وإمرة] هما بكسر الأول وفتحه كما في القاموس(4/31)
ابْنُ بُزُرْجَ: قَالُوا فِي وَجْهِ مَالِكَ تَعْرِفُ أَمَرَتَه أَي يُمنَه، وأَمارَتَهُ مِثْلُهُ وأَمْرَتَه. وَرَجُلٌ أَمِرٌ وامرأَة أَمِرَةٌ إِذا كَانَا مَيْمُونَيْنِ. والإِمَّرُ: الصغيرُ مِنَ الحُمْلان أَوْلادِ الضأْنِ، والأُنثى إِمَّرَةٌ، وَقِيلَ: هُمَا الصَّغِيرَانِ مِنْ أَولادِ الْمَعْزِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذا وَصَفُوهُ بالإِعدامِ: مَا لَهُ إِمَّرٌ وَلَا إِمَّرَةٌ أَي مَا لَهُ خَرُوفٌ وَلَا رِخْلٌ، وَقِيلَ: مَا لَهُ شَيْءٌ. والإِمَّرُ: الْخَرُوفُ. والإِمَّرَةُ: الرِّخْلُ، وَالْخَرُوفُ ذَكَرٌ، والرِّخْلُ أُنثى. قَالَ السَّاجِعُ: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سَفَراً فَلَا تَغْذُونَّ إِمَّرَةً وَلَا إِمَّراً. ورجلٌ إِمَّرٌ وإِمَّرَةٌ: أَحمق ضَعِيفٌ لَا رأْي لَهُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا عَقْلَ لَهُ إِلا مَا أَمرتَه بِهِ لحُمْقِهِ، مِثَالُ إِمَّعٍ وإِمَّعَةٍ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وَلَيْسَ بِذِي رَيْثَةٍ إِمَّرٍ، ... إِذا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحَبا
وَيُقَالُ: رَجُلٌ إِمَّرٌ لَا رأْي لَهُ فَهُوَ يأْتَمِرُ لِكُلِّ آمِرٍ وَيُطِيعُهُ. وأَنشد شَمِرٌ: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى سَفَرًا فَلَا تُرْسِلْ فِيهَا إِمَّرَةً وَلَا إِمَّراً؛ قَالَ: مَعْنَاهُ لَا تُرْسِلْ فِي الإِبل رَجُلًا لَا عَقْلَ لَهُ يُدَبِّرُها. وَفِي حَدِيثِ
آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَنْ يُطِعْ إِمَّرَةً لَا يأْكُلْ ثَمَرَةً.
الإِمَّرَةُ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ: تأْنيث الإِمَّرِ، وَهُوَ الأَحمق الضَّعِيفُ الرأْي الَّذِي يَقُولُ لِغَيْرِهِ: مُرْني بأَمرك، أَي مَنْ يُطِعِ امرأَة حَمْقَاءَ يُحْرَمِ الْخَيْرَ. قَالَ: وَقَدْ تُطْلَقُ الإِمَّرَة عَلَى الرَّجُلِ، وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. يُقَالُ: رَجُلٌ إِمَّعَةٌ. والإِمَّرَةُ أَيضاً: النَّعْجَةُ وَكَنَّى بِهَا عَنِ المرأَة كَمَا كُنِّيَ عَنْهَا بِالشَّاةِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ: رَجُلٌ إِمَّرٌ. قَالَ: يُشَبَّه بالجَدْي. والأَمَرُ: الْحِجَارَةُ، واحدتُها أَمَرَةٌ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ مِنْ قَصِيدَةٍ يَرْثِي فِيهَا عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
يَا لَهْفَ نَفْسيَ إِن كَانَ الَّذِي زَعَمُوا ... حَقًّا وَمَاذَا يردُّ اليومَ تَلْهِيفي؟
إِن كَانَ عثمانُ أَمْسَى فَوْقَهُ أَمَرٌ، ... كراقِب العُونِ فوقَ القُبَّةِ المُوفي
والعُونُ: جَمَعَ عَانَةٍ، وَهِيَ حُمُرُ الْوَحْشِ، وَنَظِيرُهَا مِنَ الْجَمْعِ قارَةٌ وقورٌ، وَسَاحَةٌ وسُوحٌ. وَجَوَابُ إِن الشَّرْطِيَّةِ أَغنى عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ؛ وشبَّه الأَمَرَ بِالْفَحْلِ يَرقُبُ عُونَ أُتُنِه. والأَمَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: جَمْعُ أَمَرَةٍ، وَهِيَ العَلَمُ الصَّغِيرُ مِنْ أَعلام الْمَفَاوِزِ من حجارة، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ. وقال الْفَرَّاءُ: يُقَالُ مَا بِهَا أَمَرٌ أَي عَلَمٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَمَرَاتُ الأَعلام، واحدتها أَمَرَةٌ. وقال غَيْرُهُ: وأَمارةٌ مِثْلُ أَمَرَةٍ؛ وقال حُمَيْدٌ:
بسَواءٍ مَجْمَعَةٍ كأَنَّ أَمارةً ... مِنْها، إِذا بَرَزَتْ فَنِيقٌ يَخْطُرُ
وكلُّ علامَةٍ تُعَدُّ، فَهِيَ أَمارةٌ. وَتَقُولُ: هِيَ أَمارةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَي عَلَامَةٌ؛ وأَنشد:
إِذا طلَعَتْ شَمْسُ النَّهَارِ، فإِنها ... أَمارةُ تَسْلِيمِي عليكِ، فسَلِّمي
ابْنُ سِيدَهْ: والأَمَرَةُ الْعَلَامَةُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، والأَمارُ: الْوَقْتُ وَالْعَلَامَةُ؛ قَالَ العجاجُ:
إِذ رَدَّها بِكَيْدِهِ فارْتَدَّت ... إِلى أَمارٍ، وأَمارٍ مُدَّتي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده وأَمارِ مُدَّتِي بالإِضافة، وَالضَّمِيرُ الْمُرْتَفِعُ فِي ردِّها يَعُودُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْهَاءُ فِي رَدَّهَا أَيضاً ضَمِيرُ نَفْسِ الْعَجَّاجِ؛ يَقُولُ: إِذ ردَّ اللَّهُ نَفْسِي بِكَيْدِهِ وَقُوَّتِهِ إِلى وَقْتِ انْتِهَاءِ مُدَّتِي. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: ابْعَثوا بالهَدْيِ واجْعَلوا بَيْنَكُمْ(4/32)
وَبَيْنَهُ يَوْمَ أَمارٍ
؛ الأَمارُ والأَمارةُ: الْعَلَامَةُ، وَقِيلَ: الأَمارُ جَمْعُ الأَمارَة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فَهَلْ للسَّفَر أَمارة؟
والأَمَرَةُ: الرَّابِيَةُ، وَالْجَمْعُ أَمَرٌ. والأَمارة والأَمارُ: المَوْعِدُ وَالْوَقْتُ الْمَحْدُودُ؛ وَهُوَ أَمارٌ لِكَذَا أَي عَلَمٌ. وعَمَّ ابنُ الأَعرابي بالأَمارَة الوقتَ فَقَالَ: الأَمارةُ الْوَقْتُ، وَلَمْ يُعَيِّنْ أَمحدود أَم غَيْرُ مَحْدُودٍ؟ ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَمَرةُ مِثْلُ الْمَنَارَةِ، فَوْقَ الْجَبَلِ، عَرِيضٌ مِثْلُ الْبَيْتِ وأَعظم، وَطُولُهُ فِي السَّمَاءِ أَربعون قَامَةً، صُنِعَتْ عَلَى عَهْدِ عَادٍ وإِرَمَ، وَرُبَّمَا كَانَ أَصل إِحداهن مِثْلَ الدَّارِ، وإِنما هِيَ حِجَارَةٌ مكوَّمة بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، قَدْ أُلزقَ مَا بَيْنَهَا بِالطِّينِ وأَنت تَرَاهَا كأَنها خِلْقَةٌ. الأَخفش: يُقَالُ أَمِرَ أَمْرُه يأْمَرُ أَمْراً أَي اشْتَدَّ، وَالِاسْمُ الإِمْرُ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ لَقيَ الأَقْرانُ مِنِّي نُكْرا، ... داهِيَةً دَهْياءَ إِدّاً إِمْرا
وَيُقَالُ: عَجَباً. وأَمْرٌ إِمْرٌ: عَجَبٌ مُنْكَرٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: أَي جِئْتَ شَيْئًا عَظِيمًا مِنَ الْمُنْكَرِ، وقيل: الإِمْرُ، بالكسر، والأَمْرُ الْعَظِيمُ الشَّنِيعُ، وَقِيلَ: الْعَجِيبُ، قال: ونُكْراً أَقلُّ مِنْ قَوْلِهِ إِمْراً، لأَن تَغْرِيقَ مَنْ فِي السَّفِينَةِ أَنكرُ مِنْ قَتْلِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَهَبَ الْكِسَائِيُّ إِلى أَن مَعْنَى إِمْراً شَيْئًا دَاهِيًا مُنْكَراً عَجَباً، وَاشْتَقَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَمِرَ الْقَوْمُ إِذا كثُروا. وأَمَّرَ القناةَ: جَعَلَ فِيهَا سِناناً. والمُؤَمَّرُ: المُحَدَّدُ، وَقِيلَ: الْمَوْسُومُ. وسِنانٌ مُؤَمَّرٌ أَي محدَّدٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وَقَدْ كَانَ فِينَا مَنْ يَحُوطُ ذِمارَنا، ... ويَحْذي الكَمِيَّ الزَّاعِبيَّ المُؤَمَّرا
والمُؤَمَّرُ أَيضاً: المُسَلَّطُ. وتَأَمَّرَ عليهم أَيَّ تَسَلَّطَ. وقال خَالِدٌ فِي تَفْسِيرِ الزَّاعِبِيَّ المؤَمر، قَالَ: هُوَ الْمُسَلَّطُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أمِّرْ قَنَاتَكَ أَي اجْعَلْ فِيهَا سِناناً. وَالزَّاعِبِيُّ: الرُّمْحُ الَّذِي إِذا هُزَّ تَدَافَعَ كُلُّه كأَنَّ مؤَخّره يَجْرِي فِي مُقدَّمه؛ وَمِنْهُ قِيلَ: مَرَّ يَزْعَبُ بحِملِه إِذا كَانَ يَتَدَافَعُ؛ حَكَاهُ عَنِ الأَصمعي. وَيُقَالُ: فلانٌ أُمِّرَ وأُمِّرَ عَلَيْهِ إِذا كَانَ وَالِيًا وَقَدْ كَانَ سُوقَةً أَي أَنه مجرَّب. وَمَا بِهَا أَمَرٌ أَي مَا بِهَا أَحدٌ. وأَنت أَعلم بِتَامُورِكَ؛ تامورهُ: وعاؤُه، يُرِيدُ أَنت أَعلم بِمَا عِنْدَكَ وَبِنَفْسِكَ. وَقِيلَ: التَّامورُ النَّفْس وَحَيَاتُهَا، وَقِيلَ الْعَقْلُ. والتَّامورُ أَيضاً: دمُ الْقَلْبِ وحَبَّتُه وَحَيَاتُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلْبُ نَفْسُهُ، وَرُبَّمَا جُعِلَ خَمْراً، وَرُبَّمَا جُعِلَ صِبغاً عَلَى التَّشْبِيهِ. وَالتَّامُورُ: الولدُ. وَالتَّامُورُ: وَزِيرُ الْمَلِكِ. وَالتَّامُورُ: نَامُوسُ الرَّاهِبِ. والتَّامورَةُ: عِرِّيسَة الأَسَدِ، وَقِيلَ: أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةَ سُرْيَانِيَّةٌ، والتَّامورة: الإِبريق؛ قَالَ الأَعشى:
وإِذا لَهَا تامُورَة مرفوعةٌ ... لِشَرَابِهَا......
والتَّامورة: الحُقَّة. والتَّاموريُّ والتأْمُرِيُّ والتُّؤْمُريُّ: الإِنسان؛ وَمَا رأَيتُ تامُرِيّاً أَحسن مِنْ هَذِهِ المرأَة. وَمَا بِالدَّارِ تأْمور أَي مَا بِهَا أَحد. وَمَا بِالرَّكِيَّةِ تامورٌ، يَعْنِي الماءَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهُوَ قِيَاسٌ عَلَى الأَوَّل؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَضَيْنَا عَلَيْهِ أَن التَّاءَ زَائِدَةٌ فِي هَذَا كُلِّهِ لِعَدَمِ فَعْلول فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. والتَّامور: مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ، وَقِيلَ: هِيَ دوَيبةٌ. والتَّامور: جِنْسٌ مِنَ الأَوعال أَو شَبِيهٌ بِهَا لَهُ قرنٌ واحدٌ مُتَشَعِّبٌ فِي وسَطِ رأْسه. وآمِرٌ: السَّادِسُ(4/33)
مِنْ أَيام الْعَجُوزِ، ومؤُتَمِرٌ: السَّابِعُ مِنْهَا؛ قَالَ أَبو شِبل الأَعرابي:
كُسِعَ الشتاءُ بسبعةٍ غُبْرِ: ... بالصِّنِّ والصِّنَّبْرِ والوَبْرِ
وبآمِرٍ وأَخيه مؤُتَمِرٍ، ... ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِئٍ الجَمْرِ
كأَنَّ الأَول مِنْهُمَا يأْمرُ النَّاسَ بِالْحَذَرِ، وَالْآخَرُ يُشَاوِرُهُمْ فِي الظَّعَن أَو الْمُقَامِ، وأَسماء أَيام الْعَجُوزِ مَجْمُوعَةٌ فِي مَوْضِعِهَا. قَالَ الأَزهري: قَالَ البُستْي: سُمي أَحد أَيام الْعَجُوزِ آمِراً لأَنه يأْمر النَّاسَ بِالْحَذَرِ مِنْهُ، وَسُمِّيَ الْآخَرُ مُؤْتَمَرًا. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا خطأٌ وإِنما سُمِّيَ آمِرًا لأَن النَّاسَ يُؤامِر فِيهِ بعضُهم بَعْضًا لِلظَّعْنِ أَو الْمُقَامِ فَجُعِلَ الْمُؤْتَمَرُ نَعْتًا لِلْيَوْمِ؛ وَالْمَعْنَى أَنه يؤْتَمرُ فِيهِ كَمَا يُقَالُ ليلٌ نَائِمٌ يُنام فِيهِ، وَيَوْمٌ عَاصِفٌ تَعْصِف فِيهِ الريحُ، وَنَهَارٌ صَائِمٌ إِذا كَانَ يَصُومُ فِيهِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ وَلَمْ يَقُلْ أَحد وَلَا سُمِعَ مِنْ عَرَبِيٍّ ائْتَمَرْتُه أَي آذنْتهُ فَهُوَ بَاطِلٌ. ومُؤْتَمِرٌ والمُؤْتَمِرُ: المُحَرَّمُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
نَحْنُ أَجَرْنا كلَّ ذَيَّالٍ قَتِرْ، ... فِي الحَجِّ مِنْ قَبْلِ دَآدي المُؤْتَمِرْ
أَنشده ثعلب وقال: القَتِرُ الْمُتَكَبِّرُ. وَالْجَمْعُ مَآمِرُ وَمَآمِيرُ. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كَانَتْ عَادٌ تسمِّي المحرَّم مُؤتَمِراً، وصَفَرَ ناجِراً، وَرَبِيعًا الأَول خُوَّاناً، وَرَبِيعًا الْآخَرَ بُصاناً، وَجُمَادَى الأُولى رُبَّى، وجمادى الآخرة حَنِينًا، ورَجَبَ الأَصمَّ، وَشَعْبَانَ عاذِلًا، وَرَمَضَانَ ناتِقاً، وَشَوَّالًا وعِلًا، وَذَا القَعْدَةِ وَرْنَةَ، وَذَا الْحِجَّةِ بُرَكَ. وإِمَّرَةُ: بَلَدٌ، قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الوَرْد:
وأَهْلُكَ بَيْنَ إِمَّرَةٍ وكِيرِ
وَوَادِي الأُمَيِّرِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وافْزَعْنَ فِي وادي الأُمَيِّرِ بَعْدَ ما ... كَسا البيدَ سَافِي القَيْظَةِ المُتَناصِرُ
ويومُ المَأْمور: يَوْمٌ لبني الحرث بْنِ كَعْبٍ عَلَى بَنِي دَارِمٍ؛ وإِياه عَنَى الْفَرَزْدَقُ بِقَوْلِهِ:
هَلْ تَذْكُرُون بَلاءَكُمْ يَوْمَ الصَّفا، ... أَو تَذْكُرونَ فَوارِسَ المَأْمورِ؟
وَفِي الْحَدِيثِ ذكرُ أَمَرَ، وَهُوَ بفتحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ، مَوْضِعٌ مِنْ دِيَارِ غَطَفان خَرَجَ إِليه رسولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِجَمْعٍ مُحَارِبٍ.
أهر: الأَهَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَتَاعُ الْبَيْتِ. اللَّيْثُ: أَهَرَةُ الْبَيْتِ ثيابه وفرشه ومتاعه؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: بيتٌ حَسَنُ الظَّهَرة والأَهَرَة والعَقار، وَهُوَ مَتَاعُهُ؛ والظَّهَرَةُ: مَا ظَهَرَ مِنْهُ، والأَهَرَة: مَا بَطَنَ، وَالْجَمْعُ أَهَرٌ وأَهَراتٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
عَهْدِي بجَنَّاحٍ إِذا مَا ارْتَزَّا، ... وأَذْرَتِ الرِّيحُ تُراباً نَزَّا
أَحْسَنَ بَيْتٍ أَهَراً وبَزَّا، ... كأَنما لُزَّ بصَخْرٍ لَزَّا
وأَحسن فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ سَادٌّ مَسَدَّ خَبَرٍ عَهْدِي، كَمَا تَقُولُ عَهْدِي بِزَيْدٍ قَائِمًا. وارْتَزَّ بِمَعْنَى ثَبَتَ. والترابُ النَّزُّ: هُوَ النَّديُّ. رأَيت فِي حَاشِيَةِ كِتَابِ ابْنِ بَرِّيٍّ مَا صُورَتُهُ: فِي الْمُحْكَمِ جَنَّاحٌ اسْمُ رَجُلٍ وجَنَّاحٌ اسْمُ خباءٍ مِنْ أَخبيتهم؛ وأَنشد:
عَهْدي بجَنَّاحٍ إِذا مَا اهْتَزَّا، ... وأَذْرَت الرِّيحُ تُرَابًا نَزَّا،
أَن سَوْفَ تَمْضِيه وَمَا ارْمأَزَّا
قَالَ: وَتَمْضِيهِ تَمْضِي عَلَيْهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والأَهَرَة الْهَيْئَةُ.(4/34)
أَوَرَ: الأُوارُ، بِالضَّمِّ: شدَّةُ حُرِّ الشَّمْسِ وَلَفْحُ النَّارِ وَوَهَجُهَا والعطشُ، وَقِيلَ: الدُّخان واللَّهَبُ. وَمِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فإِن طَاعَةَ اللَّهِ حِرْزٌ مَنْ أُوار نِيرَانٍ مُوقَدةٍ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأُوارُ أَرَقُّ مِنَ الدُّخَانِ وأَلطف؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
والنَّارُ قَدْ تَشْفي مِنَ الأُوارِ
النَّارُ هَاهُنَا السِّماتُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: الأُوار مقلوبٌ أَصله الوُآرُ ثُمَّ خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ فأُبدلت فِي اللَّفْظِ وَاوًا فَصَارَتْ وُواراً، فَلَمَّا الْتَقَتْ فِي أَول الْكَلِمَةِ وَاوَانِ وأُجْريَ غيرُ اللَّازِمِ مُجْرَى اللَّازِمِ أُبدلت الأُولى هَمْزَةً فَصَارَتْ أُواراً، وَالْجَمْعُ أُورٌ. وأَرض أَوِرَةٌ ووَيِرَةٌ، مَقْلُوبٌ: شَدِيدَةُ الأُوار. وَيَوْمٌ ذُو أُوارٍ أَي ذُو سَمُوم وَحَرٍّ شَدِيدٍ. وَرِيحٌ إِيرٌ وأُورٌ. باردةٌ. والأُوارُ أَيضاً: الجنوبُ. والمُسْتَأْوِرُ: الفَزِع؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنَّه بزوانٍ نامَ عَنْ غَنَمٍ، ... مُسْتَأْوِرٌ فِي سَوَادِ اللَّيل مَدْؤُوبُ
الفراءُ: يُقَالُ لِرِيحِ الشَّمال الجِرْبياءُ بِوَزْنِ رَجُلٌ نِفْرِجاءُ وَهُوَ الجبانُ. وَيُقَالُ للسَّماء إِيرٌ وأَيْرٌ وأَيِّرٌ وأَوُورٌ؛ قَالَ: وأَنشدني بَعْضُ بَنِي عُقَيْل:
شَآمِيَّة جُنْحَ الظَّلام أَوُورُ
قَالَ: والأَوُورُ عَلَى فَعُول. قَالَ: واسْتَأْوَرَتِ الإِبلُ نَفَرَتْ فِي السَّهْل، وَكَذَلِكَ الوحشُ. قَالَ الأَصمعي: اسْتَوْأَرَتِ الإِبِلُ إِذا تَرابَعتْ عَلَى نِفارٍ واحدٍ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: ذَاكَ إِذا نفرَتْ فصَعِدَت الجَبَلَ، فإِذا كَانَ نِفارُها فِي السَّهْلِ قِيلَ: اسْتَأْوَرَتْ؛ قَالَ: وَهَذَا كَلَامُ بَنِي عُقَيْلٍ. الشَّيْباني: المُسْتَأْوِرُ الفارُّ. واستَأْوَرَ الْبَعِيرُ إِذا تَهَيَّأَ للوُثوب وَهُوَ بَارِكٌ. غَيْرُهُ: وَيُقَالُ للحُفْرَة الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الماءُ أُورة وأُوقَةٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَرَبَّعَ بَيْنَ الأُورَتَيْنِ أَميرُها
وأَما قَوْلُ لَبِيدٍ:
يَسْلُبُ الكانِسَ، لَمْ يُورَ بِهَا، ... شُعْبَةَ السَّاقِ، إِذا الظِّلُّ عَقَلْ
وَرُوِيَ: لَمْ يُوأَرْ بِهَا؛ وَمَنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أُوار الشَّمْسِ، وَهُوَ شِدَّةُ حَرِّهَا، فَقَلَبَهُ، وَهُوَ مِنَ التَّنْفِيرِ. وَيُقَالُ: أَوْأَرْتُه فاسْتَوْأَر إِذا نَفَّرْتَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: آرَ الرجلُ حَلِيلَتَهُ يَؤُورُها، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَئِيرُها أَيْراً إِذا جامَعَها. وآرَةُ وأُوارَةُ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ:
عَداوِيَّةٌ هيهاتَ مِنْكِ مَحَلُّها، ... إِذا مَا هِيَ احْتَلَّتْ بقُدْسٍ وآرَةِ
وَيُرْوَى: بِقُدْسٍ أُوارَةِ. عَدَاوِيَّةٌ: مَنْسُوبَةٌ إِلَى عَدِيٍّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وأُوارَةُ: اسْمُ مَاءٍ. وأُورِياءُ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسرائيل، وَهُوَ زَوْجُ المرأَة الَّتِي فُتِنَ بِهَا دَاوُدُ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: أَبْشِري أُورى شَلَّمَ بِرَاكِبِ الْحِمَارِ
؛ يُرِيدُ بَيْتَ اللَّهِ المقدَّس؛ قَالَ الأَعشى:
وقَدْ طُفْتُ للمالِ آفاقَهُ: ... عُمانَ فَحِمْصَ فَأُورَى شَلَمْ
وَالْمَشْهُورُ أُورى شَلَّم، بِالتَّشْدِيدِ، فَخَفَّفَهُ لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ اسْمُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ؛ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسَرَ اللَّامَ كأَنه عرّبه وقال: مَعْنَاهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ بَيْتُ السَّلَامِ. وَرُوِيَ عَنْ كَعْبٍ أَن الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بِمِيزَانِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالصَّخْرَةِ وَلَوْ وَقَعَ حَجَرٌ مِنْهَا وقع على الصخرة؛ ولذلك دُعِيَتْ أُورَشلَّم ودُعيت الجنةُ دارَ السلام.(4/35)
أير: إِيْرٌ ولغةٌ أُخرى أَيْرٌ، مَفْتُوحَةُ الأَلف، وأَيِّرٌ، كُلُّ ذَلِكَ: مِنْ أَسماء الصَّبا، وَقِيلَ: الشَّمال، وَقِيلَ: الَّتِي بَيْنَ الصِّبَا وَالشِّمَالِ، وَهِيَ أَخبث النُّكْبِ. الْفَرَّاءُ: الأَصمعي فِي بابِ فِعْلٍ وفَعْلٍ: مِنْ أَسماء الصِّبَا إِيْرٌ وأَيْرٌ وهِيرٌ وهَيْرٌ وأَيِّر وهَيِّر، عَلَى مِثَالِ فَيْعِل؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:
وإِنَّا مَسامِيحٌ إِذا هَبَّتِ الصَّبا، ... وإِنَّا لأَيْسارٌ إِذا الإِيرُ هَبَّتِ
وَيُقَالُ لِلسَّمَاءِ: إِيرٌ وأَيْرٌ وأَيِّرٌ وأَوُورٌ. والإِيْرُ: ريحُ الجَنُوبِ، وَجَمْعُهُ إِيَرَةٌ. وَيُقَالُ: الإِيْرُ رِيحٌ حَارَّةٌ مِنَ الأُوارِ، وإِنما صَارَتْ وَاوُهُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا. وَرِيحٌ إِيرٌ وأُورٌ: بَارِدَةٌ. والأَيْرُ: مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ آيُرٌ عَلَى أَفْعُل وأُيُورٌ وآيارٌ وأُيُرٌ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ لِجَرِيرٍ الضَّبِّيِّ:
يَا أَضْبُعاً أَكَلَتْ آيارَ أَحْمِرَةٍ، ... فَفِي الْبُطُونِ، وَقَدْ راحَتُ، قَراقيرُ
هَلْ غَيْرُ أَنَّكُمُ جِعْلانُ مِمْدَرَةٍ ... دُسْمُ الْمَرَافِقِ، أَنْذالٌ عَواوِيرُ
وغَيْرُ هُمْزٍ ولُمْزٍ للصَّديقِ، وَلَا ... يُنْكي عَدُوَّكُمُ مِنْكُمْ أَظافيرُ
وأَنَّكْم مَا بَطُنْتُمُ، لَمْ يَزَلْ أَبَداً، ... مِنْكُمْ عَلَى الأَقْرَبِ الأَدْنى، زَنابيرُ
وَرَوَاهُ أَبو زَيْدٍ يَا ضَبُعاً عَلَى وَاحِدَةٍ وَيَا ضُبُعاً؛ وأَنشد أَيضاً:
أَنْعَتُ أَعْياراً رَعَيْنَ الخَنْزَرا، ... أَنْعَتُهُنَّ آيُراً وكَمَرا
ورجلٌ أُياريٌّ: عظيمُ الذَّكَرِ. وَرَجُلٌ أُنافيٌّ: عَظِيمُ الأَنف. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ يَوْمًا مُتَمَثِّلًا: مَنْ يَطُلْ أَيْرُ أَبيه يَنْتَطِقْ بِهِ
؛ مَعْنَاهُ أَن مَنْ كَثُرَتْ ذُكُورُ وَلَدِ أَبيه شَدَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كَانَ أَيْرُ أَبِيكُمُ ... طويلًا، كَأَيْرِ الحَرِث بْنِ سَدوسِ
قِيلَ: كَانَ لَهُ أَحد وَعِشْرُونَ ذَكَرَا. وصَخْرَةٌ يَرَّاءُ وَصَخْرَةٌ أَيَرٌ وحارٌّ يارٌّ: يُذْكَرُ فِي تَرْجَمَةِ يَرَرْ، إِن شَاءَ اللَّهُ. وإِيْرٌ: موضعٌ بِالْبَادِيَةِ. التَّهْذِيبُ: إِيْرٌ وهِيرٌ مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
عَلَى أَصْلابِ أَحْقَبَ أَخْدَرِيٍّ ... مِنَ اللَّائي تَضَمَّنَهُنَّ إِيرُ
وإِيرٌ: جَبَلٌ؛ قَالَ عَبَّاسُ بْنُ عَامِرٍ الأَصم:
عَلَى ماءِ الكُلابِ وَمَا أَلامُوا؛ ... وَلَكِنْ مَنْ يُزاحِمُ رُكْنَ إِيرِ؟
. والأَيارُ: الصُّفْرُ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرَّقَّاعِ:
تِلْكَ التِّجارةُ لَا تُجِيبُ لِمِثْلِها، ... ذَهَبٌ يُبَاعُ بآنُكٍ وأَيارِ
وآرَ الرجلُ حليلَتَهُ يَؤُورُها وآرَها يَئِيرُها أَيْراً إِذا جَامَعَهَا؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْيَزِيدِيُّ وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ الْمُبَارَكِ يَهْجُو عِنانَ جاريَةَ الناطِفِيِّ وأَبا ثَعْلَبٍ الأَعرج الشَّاعِرَ، وَهُوَ كُلَيْبُ بْنُ أَبي الْغُولِ وَكَانَ مِنَ الْعَرَجَانِ وَالشُّعَرَاءِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَمِنَ الْعَرَجَانِ أَبو مَالِكٍ الأَعرج؛ قَالَ الْجَاحِظُ وَفِي أَحدهما يَقُولُ الْيَزِيدِيُّ:
أَبو ثَعْلَبٍ للناطِفِيِّ مُؤازِرٌ، ... عَلَى خُبْثِهِ، والنَّاطِفيُّ غَيُورُ
وبالبَغْلَةِ الشَّهْباءِ رِقَّةُ حافرٍ، ... وصاحِبُنَا ماضِي الجَنانِ جَسُورُ
وَلَا غَرْوَ أَنْ كَانَ الأُعَيْرِجُ آرَها، ... وَمَا النَّاسُ إِلَّا آيِرٌ ومَئِيرُ
والآرُ: العارُ. والإِيارُ: اللُّوحُ، وَهُوَ الهواء.(4/36)
فصل الباء الموحدة
بأر: البِئْرُ: القَلِيبُ، أُنثى، وَالْجَمْعُ أَبْآرٌ، بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْبَاءِ، مَقْلُوبٌ عَنْ يَعْقُوبَ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقْلِبُ الْهَمْزَةَ فَيَقُولُ: آبارٌ، فإِذا كُثِّرَتْ، فَهِيَ البِئارُ، وَهِيَ فِي الْقِلَّةِ أَبْؤُرٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: اغْتَسِلي مِنْ ثَلَاثِ أَبْؤُرٍ يَمُدُّ بعضُها بَعْضًا
؛ أَبْؤُرٌ: جمعُ قِلَّةٍ لِلْبِئْرِ. وَمَدُّ بَعْضِهَا بَعْضًا: هُوَ أَن مِيَاهَهَا تَجْتَمِعُ فِي وَاحِدَةٍ كَمِيَاهِ الْقَنَاةِ، وَهِيَ البِئْرَةُ، وحافرُها: الأَبَّارُ، مَقْلُوبٌ وَلَمْ يُسمع عَلَى وَجْهِهِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وحافِرُها بأْآر؛ وَيُقَالُ: أَبَّارٌ؛ وَقَدْ بَأَرْتُ بِئْراً وبَأَرَها يَبْأَرُها وابْتَأَرَها: حَفَرَها. أَبو زَيْدٍ: بَأَرْتُ أَبْأَرُ بَأْراً حَفْرتُ بُؤْرَةً يُطْبَخُ فِيهَا، وَهِيَ الإِرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
البِئْرُ جبارٌ
قِيلَ هِيَ العادِيَّةُ الْقَدِيمَةُ لَا يُعْلَمُ لَهَا حَافِرٌ وَلَا مَالِكٌ، فَيَقَعُ فِيهَا الإِنسان أَو غَيْرُهُ، فَهُوَ جُبار أَي هَدَرٌ، وَقِيلَ: هُوَ الأَجير الَّذِي يَنْزِلُ الْبِئْرَ فَيُنَقِّيهَا أَو يُخْرِجُ مِنْهَا شَيْئًا وَقَعَ فِيهَا فَيَمُوتُ. والبُؤْرَةُ: كالزُّبْيَةِ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: هِيَ مَوْقِدُ النَّارِ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وبَأَرَ الشيءَ يَبْأَرُه بَأْراً وابْتَأَرَه، كِلَاهُمَا: خَبَأَهُ وادَّخَرَهُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للحُفرَةِ: البُؤْرَةُ. والبُؤْرَةُ والبِئْرَةُ والبَئِيرَةُ، عَلَى فَعِيلَةٍ: مَا خُبِئَ وادُّخِرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يَبْتَئِرْ خَيْرًا
: أَي لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ خَبِيئَةَ خَيْرٍ وَلَمْ يَدَّخِرْ. وابْتَأَرَ الخيرَ وبَأَرَهُ: قَدَّمَهُ، وَقِيلَ: عَمِلَهُ مَسْتُورًا. وَقَالَ الأُمَوِيُّ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ: هُوَ مِنَ الشَّيْءِ يُخْبَأُ كأَنه لَمْ يُقدِّم لِنَفْسِهِ خَيْرًا خَبَأَهُ لَهَا. وَيُقَالُ للذَّخيرة يَدَّخِرُهَا الإِنسان: بَئِيرَةٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِي الابْتِئار لُغَتَانِ: يُقَالُ ابْتَأَرْتُ وائْتَبَرْتُ ابْتِئاراً وائتِباراً؛ وَقَالَ الْقُطَامِيُّ:
فإِن لَمْ تَأْتَبِرْ رَشَداً قُرَيْشٌ، ... فليس لسائِر لناسِ ائْتِبارُ
يَعْنِي اصْطِنَاعَ الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ وَتَقْدِيمَهُ. وَيُقَالُ لإِرَةِ النارِ: بُؤْرَةٌ، وَجَمْعُهُ بُؤَرٌ.
ببر: البَبْرُ: واحدُ البُبُور، وَهُوَ الفُرانِقُ الَّذِي يُعَادِي الأَسد. غَيْرُهُ: البَبْرُ ضَرْبٌ مِنَ السِّبَاعِ، أَعجمي مُعَرَّبٌ.
بتر: البَتْرُ: اسْتِئْصالُ الشَّيْءِ قَطْعًا. غَيْرُهُ: البَتْرُ قَطْعُ الذَّنَبِ وَنَحْوِهِ إِذا استأْصله. بَتَرْتُ الشيءَ بَتْراً: قَطَعَتْهُ قَبْلَ الإِتمام. والانْبتارُ: الانْقِطاعُ. وَفِي حَدِيثِ
الضَّحَايَا: أَنه نَهَى عَنِ المبتورةِ
، وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ ذَنَبُهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ كُلُّ قَطْعٍ بَتْرٌ؛ بَتَرَهُ يَبْتُرُهُ بَتْراً فانْبَتَرَ وتَبَتَّر. وسَيْفٌ باتِرٌ وبَتُورٌ وبَتَّارٌ: قطَّاع. والباتِرُ: السيفُ القاطعُ. والأَبْتَرُ: المقطوعُ الذَّنَب مِنْ أَيّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ؛ وَقَدْ أَبْتَرَهُ فَبَتَر، وذَنَبٌ أَبْتَرُ. وَتَقُولُ مِنْهُ: بَتِرَ، بِالْكَسْرِ، يَبْتَرُ بَتَراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ البُتَيْراءِ
؛ هُوَ أَن يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي شَرَعَ فِي رَكْعَتَيْنِ فأَتم الأُولى وَقَطَعَ الثَّانِيَةَ: وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: أَنه أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَالَ: مَا هَذِهِ البَتْراءُ؟
وَكُلُّ أَمر انْقَطَعَ مِنَ الْخَيْرِ أَثَرُه، فَهُوَ أَبْتَرُ. والأَبْتَرانِ: العَيْرُ والعَبْدُ، سُمِّيا أَبْتَرَيْنِ لِقِلَّةِ خَيْرِهِمَا. وَقَدْ أَبْتَرَه اللهُ أَي صَيَّرَهُ أَبتر. وخطبةٌ بَتْراءُ إِذا لَمْ يُذكر اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا وَلَا صُلّيَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَخَطَبَ زِيَادٌ خُطْبَتَهُ البَتْراءَ: قِيلَ لَهَا البَتْراءُ لأَنه لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا(4/37)
وَلَمْ يصلِّ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لرسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دِرْعٌ يُقَالُ لهَا البَتْراءُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقِصَرِهَا.
والأَبْتَرُ مِنَ الْحَيَّاتِ: الَّذِي يُقَالُ لَهُ الشَّيْطَانُ قَصِيرُ الذَّنَبِ لَا يَرَاهُ أَحد إِلَّا فَرَّ مِنْهُ، وَلَا تُبْصِرُهُ حَامِلٌ إِلَّا أَسقطت، وإِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَصرِ ذَنَبه كأَنه بُتِرَ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ أَمْر ذِي بَالٍ لَا يُبدأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ
؛ أَي أَقطع. والبَتْرُ: القطعُ. والأَبْتَرُ مِنْ عَرُوض المُتَقَارَب: الرَّابِعُ مِنَ المثمَّن، كَقَوْلِهِ:
خَلِيليَّ عُوجَا عَلَى رَسْمِ دَارٍ، ... خَلَتْ مِنْ سُلَيْمى ومِنْ مَيَّهْ
وَالثَّانِي مِنَ المُسَدَّس، كَقَوْلِهِ:
تَعَفَّفْ وَلَا تَبْتَئِسْ، ... فَمَا يُقْضَ يَأْتيكَا
فَقَوْلُهُ يَهْ مِنْ مَيَّهْ وقوله كامِنْ يَأْتِيكا كِلَاهُمَا فُلُّ، وإِنما حُكْمُهُمَا فَعُولُنْ، فَحُذِفَتْ لُنْ فَبَقِيَ فَعُو ثُمَّ حُذِفَتِ الْوَاوُ وأُسكنت الْعَيْنُ فَبَقِيَ فُلُّ؛ وَسَمَّى قُطْرُبٌ الْبَيْتَ الرَّابِعَ مِنَ الْمَدِيدِ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
إِنما الذَّلْفاءُ ياقُوتَةٌ، ... أُخْرِجَتْ مِنْ كيسِ دِهْقانِ [دُهْقانِ]
سَمَّاهُ أَبْتَرَ. قَالَ أَبو إِسحاق: وَغَلِطَ قُطْرُبٌ، إِنما الأَبتر فِي الْمُتَقَارِبِ، فأَما هَذَا الَّذِي سَمَّاهُ قُطْرُبٌ الأَبْتَرَ فإِنما هُوَ الْمَقْطُوعُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والأَبْتَرُ: الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قولهُ تَعَالَى: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
؛ نَزَلَتْ فِي الْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ وَكَانَ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ جَالِسٌ فَقَالَ: هَذَا الأَبْتَرُ أَي هَذَا الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ، فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ شانِئَكَ يَا مُحَمَّدُ هُوَ الْأَبْتَرُ
أَي الْمُنْقَطِعُ الْعَقِبُ؛ وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ هُوَ الْمُنْقَطِعُ عَنْهُ كلُّ خَيْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِم ابنُ الأَشْرَفِ مكةَ قَالَتْ لَهُ قريشٌ: أَنت حَبْرُ أَهل الْمَدِينَةِ وسَيِّدُهم؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: أَلا تَرى هَذَا الصُّنَيْبِرَ الأُبَيْتِرَ مِنْ قَوْمِهِ؟ يَزْعُمُ أَنه خَيْرٌ مِنَّا وَنَحْنُ أَهلُ الحَجيج وأَهلُ السِّدانَةِ وأَهلُ السِّقاية؟ قَالَ: أَنتم خَيْرٌ مِنْهُ، فأُنزلت: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
، وأُنزلت: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا.
ابْنُ الأَثير: الأَبْتَرُ المُنْبَتِرُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ؛ قِيلَ: لَمْ يَكُنْ يومئذٍ وُلِدَ لَهُ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لأَنه وُلِدَ لَهُ قَبْلَ الْبَعْثِ وَالْوَحْيِ إِلَّا أَن يَكُونَ أَراد لَمْ يَعِشْ لَهُ وَلَدٌ ذَكَرٌ. والأَبْتَرُ: المُعْدِمُ. والأَبْتَرُ: الخاسرُ. والأَبْتَرُ: الَّذِي لَا عُرْوَةَ لَهُ مِنَ المَزادِ والدِّلاء. وتَبَتَّر لَحْمهُ: انْمارَ. وبَتَرَ رَحِمَهُ يَبْتُرُها بَتْراً: قَطَعَهَا. والأُباتِرُ، بِالضَّمِّ: الَّذِي يَبْتُرُ رَحِمَهُ وَيَقْطَعُهَا؛ قال أَبو الرئيس المازني واسمه عبادة بْنُ طَهْفَةَ يَهْجُو أَبا حِصْنٍ السُّلَمِيِّ:
لَئِيمٌ نَزَتْ فِي أَنْفِهِ خُنْزُوانَةٌ، ... عَلَى قَطْعِ ذِي القُرْبى أَحَذُّ أُباتِرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَذَا أَورده الْجَوْهَرِيُّ وَالْمَشْهُورُ فِي شِعْرِهِ:
شديدُ وِكاءٍ البَطْنِ ضَبُّ ضَغِينَةٍ
وَسَنَذْكُرُهُ هُنَا. وَقِيلَ: الأُباتِرُ الْقَصِيرُ كأَنه بُتِرَ عَنِ التَّمَامِ؛ وَقِيلَ؛ الأُباتِرُ الَّذِي لَا نَسْلَ لَه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
شديدُ وِكاءِ البَطْنِ ضَبُّ ضَغِينَةٍ، ... عَلَى قَطْعِ ذِي القُرْبى أَحَذُّ أُباتِرُ(4/38)
قَالَ: أُباتِرُ يُسْرِعُ فِي بَتْرِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَدِيقِهِ. وأَبْتَرَ الرجلُ إِذا أَعْطَى ومَنَعَ. والحُجَّةُ البَتْراءُ: النَّافِذَةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والبُتَيْراءُ: الشمسُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَسُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الأَضْحى أَو الضُّحى فَقَالَ: حِينَ تَبْهَرُ البُتَيْراءُ الأَرضَ
؛ أَراد حِينَ تَنْبَسِطُ الشَّمْسُ عَلَى وَجْهِ الأَرض وَتَرْتَفِعُ. وأَبْتَرَ الرجلُ: صَلَّى الضُّحَى، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَبْتَرَ الرجلُ إِذا صَلَّى الضُّحَى حِينَ تُقَضِّبُ الشمسُ، وتُقَضِّبُ الشَّمْسُ أَي تُخرجُ شعاعَها كالْقُضْبان. ابْنُ الأَعرابي: البُتَيْرَةُ تَصْغِيرُ البَتْرَةِ، وَهِيَ الأَتانُ. والبُتْرِيَّةُ: فِرْقَةٌ مِنَ الزَّيدية نُسِبُوا إِلى الْمُغِيرَةَ بْنِ سَعْدٍ وَلَقَبُهُ الأَبْتَرُ. والبُتْرُ والبَتْراءُ والأُباتِرُ: مَوَاضِعُ؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيِّ:
عَفَا النَّبْتُ بعدي فالعَرِيشَانِ فالبُتْرُ
وقال الرَّاعِي:
تَرَكْنَ رِجالَ العُنْظُوانِ تَنُوبُهُمْ ... ضِباعٌ خِفافٌ مِنْ وراءِ الأُباتِر
بثر: البَثْرُ والبَثَرُ والبُثُورُ: خُرَّاجٌ صِغارٌ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْوَجْهَ، وَاحِدَتُهُ بَثْرَةٌ وبَثَرَةٌ. وَقَدْ بَثَر جِلْدُه وَوَجْهُهُ يَبْثُرُ بَثْراً وبُثُوراً: وبَثِرَ، بِالْكَسْرِ، بَثَراً وبَثُرَ، بِالضَّمِّ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ، فَهُوَ وَجْهٌ بَثِرٌ. وتَبَثَّرَ وَجْهُه: بَثِرَ. وتَبَثَّرَ جلدُه: تَنَفَّط. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: البُثُور مِثْل الجُدَرِيِّ يَقْبُحُ عَلَى الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَدَنِ الإِنسان، وَجَمْعُهَا بَثْرٌ. ابْنُ الأَعرابي: البَثْرَةُ تَصْغِيرُهَا البُثَيْرَةُ، وَهِيَ النِّعْمَةُ التَّامَّةُ. والبَثْرَةُ: الحَرَّةُ. والبَثْرُ: أَرضٌ سَهْلَةٌ رِخْوَةٌ. والبَثْرُ: أَرضٌ حِجَارَتُهَا كَحِجَارَةِ الحَرَّةِ إِلَّا أَنها بِيضٌ. والبَثْرُ: الْكَثِيرُ. يُقَالُ: كَثيرٌ بَثِيرٌ، إِتباع لَهُ وَقَدْ يُفْرَدُ. وعطاءٌ بَثْرٌ: كَثِيرٌ وَقَلِيلٌ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وَمَاءٌ بَثْرٌ: بَقِيَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الأَرض شَيْءٌ قَلِيلٌ. وبَثْرٌ: مَاءٌ مَعْرُوفٌ بذاتِ عِرْقٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فافْتَنَّهُنَّ مِنَ السَّواءِ، وَمَاؤُهُ ... بَثْرٌ، وعانَدَهُ طَرِيقٌ مَهْيَعُ
وَالْمَعْرُوفُ فِي البَثْرِ: الكثيرُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هَذَا شَيْءٌ كثيرٌ بَثيرٌ بَذيرٌ وبَجيرٌ أَيضاً. الأَصمعي: البَثْرَة الحُفْرَةُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ورأَيت فِي الْبَادِيَةِ رَكِيَّةً غَيْرَ مَطْوِيَّةٍ يُقَالُ لَهَا بَثْرَةُ، وَكَانَتْ وَاسِعَةً كَثِيرَةَ الْمَاءِ. اللَّيْثُ: الماءُ البَثْرُ فِي الْغَدِيرِ إِذا ذَهَبَ وَبَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأَرض مِنْهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ، ثُمَّ نَشَّ وغَشَّى وجْهَ الأَرض مِنْهُ شِبْهُ عِرْمِضٍ؛ يُقَالُ: صَارَ مَاءُ الْغَدِيرِ بَثْراً. والبَثْرُ: الحِسْيُ [الحَسْيُ] . والبُثُور: الأَحْساءُ، وَهِيَ الكِرارُ؛ وَيُقَالُ: ماءٌ باثِرٌ إِذا كَانَ بَادِيًا مِنْ غَيْرِ حَفْرٍ، وَكَذَلِكَ ماءٌ نابعٌ ونَبَعٌ. والباثِرُ: الحَسُودُ. والبَثْرُ والمَبْثُور: المَحْسُودُ. والمَبْثُور: الغنيُّ التّامُّ الغِنى.
بثعر: ابْذَعَرَّتِ الخيلُ وابْثَعَرَّتْ إِذا رَكَضَتْ تُبادِرُ شَيْئًا تَطْلُبُه.
بجر: البَجَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: خروجُ السُّرَّة ونُتُوُّها وغِلَظُ أَصلِها. ابْنُ سِيدَهْ: البُجْرَةُ السُّرَّةُ مِنَ الإِنسان وَالْبَعِيرِ، عَظُمَتْ أَو لَمْ تَعْظُمْ. وبَجَرَ بَجْراً، فَهُوَ أَبْجَرُ إِذا غَلُظَ أَصلُ سُرَّتِهِ فالتَحَمَ مِنْ حَيْثُ دَقَّ وَبَقِيَ فِي ذَلِكَ الْعِظَمِ رِيحٌ، والمرأَةُ بَجْراءُ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ البَجَرَةُ والبُجْرَةُ. والأَبْجَرُ: الَّذِي خَرَجَتْ سُرَّتُهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ صِفَةِ قُرَيْش: أَشِحَّةٌ بَجَرَةٌ؛ هِيَ جَمْعٌ بَاجِرٌ، وَهُوَ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ. يُقَالُ: بَجِرَ يَبْجَرُ بَجَراً، فَهُوَ باجِرٌ(4/39)
وأَبْجَرُ، وَصَفَهُمْ بالبَطانَةِ ونُتُوءِ السُّرَرِ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ كِنَايَةً عَنْ كَنزهم الأَموال وَاقْتِنَائِهِمْ لَهَا، وَهُوَ أَشبه بِالْحَدِيثِ لأَنه قَرَنَهُ بِالشُّحِّ وَهُوَ أَشد الْبُخْلِ. والأَبْجَرُ: العظيمُ البَطْنِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بُجْرٌ وبُجْرانٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَلَا يَحْسَب البُجْرانُ أَنَّ دِماءَنا ... حَقِينٌ لهمْ فِي غيرِ مَرْبُوبَةٍ وُقْرِ
أَي لَا يَحْسَبْنَ أَن دماءَنا تَذْهَبُ فِرْغاً بَاطِلًا أَي عِنْدِنَا مِنْ حِفْظِنا لَهَا فِي أَسْقِيَةٍ مَرْبُوبَةٍ، وَهَذَا مَثَلٌ. ابْنُ الأَعرابي: الباجِرُ المُنْتَفِخُ الجَوْف، والهِرْدَبَّةُ الجَبانُ. الْفَرَّاءُ: الباحرُ، بِالْحَاءِ: الأَحمق؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا غَيْرُ الْبَاجِرِ، ولكلٍّ مَعْنًى. الْفَرَّاءُ: البَجْرُ والبَجَرُ انْتِفَاخُ الْبَطْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَثَ بَعْثاً فأَصْبَحُوا بأَرْضٍ بَجْراءَ
؛ أَي مرتفعةٍ صُلْبَةٍ. والأَبْجَرُ: الَّذِي ارْتَفَعَتْ سُرَّتُه وصَلُبَتْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
أَصْبَحْنا فِي أَرضٍ عَرُونَةٍ بَجْراءَ
، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا نباتَ بِهَا. والأَبْجَرُ: حَبْلُ السَّفِينَةِ لِعِظَمِهِ فِي نَوْعِ الْحِبَالِ، وَبِهِ سُمِّي أَبْجَرُ بنُ حَاجِزٍ. والبُجْرَةُ: العُقْدَةُ فِي الْبَطْنِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: البُجْرَةُ العُقْدَةُ تَكُونُ فِي الْوَجْهِ والعُنُقِ، وَهِيَ مثلُ العُجْرَةِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وبَجِرَ الرجلُ بَجَراً، فَهُوَ بَجِرٌ، ومَجَرَ مَجْراً: امتلأَ بطنُه مِنَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ الْحَامِضِ ولسانُه عطشانُ مِثْلُ نَجَرَ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَن يُكْثِرَ مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ أَو اللَّبَنِ وَلَا يَكَادُ يَرْوَى، وَهُوَ بَجِرٌ مَجِرٌ نَجِرٌ. وتَبَجَّر النبيذَ: أَلَحّ فِي شُرْبِهِ، مِنْهُ. والبَجَاري والبَجارى: الدَّوَاهِي والأُمور الْعِظَامُ، وَاحِدُهَا بُجْرِيٌّ وبُجْرِيَّةٌ. والأَباجِيرُ: كالبَجَاري وَلَا وَاحِدَ لَهُ. والبُجْرُ، بِالضَّمِّ: الشَّرُّ والأَمر الْعَظِيمُ. أَبو زَيْدٍ: لَقِيتُ مِنْهُ البَجَاري أَي الدَّوَاهِيَ، وَاحِدُهَا بُجْرِيٌّ مِثْلُ قُمْرِيٍّ وقَماري، وَهُوَ الشَّرُّ والأَمر الْعَظِيمُ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ إِنه ليجيءُ بالأَباجِرِ، وَهِيَ الدَّوَاهِي؛ قَالَ الأَزهري: فكأَنها جَمْعُ بُجْرٍ وأَبْجارٍ ثُمَّ أَباجِرُ جمعُ الْجَمْعِ. وأَمرٌ بُجْرٌ: عَظِيمٌ، وَجَمْعُهُ أَباجِيرُ «4» ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ نَادِرٌ كأَباطيل وَنَحْوِهِ. وَقَوْلُهُمْ: أَفْضَيْتُ إِليك بِعُجَرِي وبُجَري أَي بِعُيُوبِي يَعْنِي أَمري كُلِّهِ. الأَصمعي فِي بَابِ إِسرار الرَّجُلِ إِلى أَخيه مَا يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ: أَخبرته بِعُجَرِي وبُجَرِي أَي أَظهرته مِنْ ثِقَتِي بِهِ عَلَى مَعايبي. ابْنُ الأَعرابي: إِذا كَانَتْ فِي السُّرَّة نَفْخَةٌ فَهِيَ بُجْرَةٌ، وإِذا كَانَتْ فِي الظَّهْرِ فَهِيَ عُجْرَةٌ؛ قَالَ: ثُمَّ يُنْقَلَانِ إِلى الْهُمُومِ والأَحزان. قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَشْكُو إِلى اللَّهِ عُجَرِي وبُجَرِي أَي هُمُومِي وأَحزاني وَغُمُومِي. ابْنُ الأَثير: وأَصل العُجْرَةِ نَفْخَةٌ فِي الظَّهْرِ فإِذا كَانَتْ فِي السُّرَّةِ فَهِيَ بُجْرَةٌ؛ وَقِيلَ: العُجَرُ العروقُ المُتَعَقِّدَةُ فِي الظَّهْرِ، والبُجَرُ الْعُرُوقُ الْمُتَعَقِّدَةُ فِي الْبَطْنِ ثُمَّ نُقِلَا إِلَى الْهُمُومِ والأَحزان؛ أَراد أَنه يَشْكُو إِلى اللَّهِ تَعَالَى أُموره كُلَّهَا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. وَفِي حَدِيثِ أُم زَرْع:
إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وبُجَرَه
أَي أُموره كُلَّهَا بَادِيَهَا وَخَافِيَهَا، وَقِيلَ: أَسراره، وَقِيلَ: عُيُوبَهُ. وأَبْجَرَ الرجلُ إِذا اسْتَغْنَى غِنًى يَكَادُ يُطْغِيهِ بَعْدَ فَقْرٍ كَادَ يُكَفِّرُهُ. وَقَالَ: هُجْراً وبُجْراً أَي أَمراً عَجَبًا، والبُجْرُ: العَجَبُ؛ قال الشاعر:
__________
(4) . قوله: [وجمعه أباجير] عبارة القاموس الجمع أَباجر وجمع الجمع أَباجير(4/40)
أَرْمي عَلَيْهَا وَهِيَ شيءٌ بُجْرُ، ... والقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ حِبَجْرُ
وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الرَّجَزَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى البُجْرِ الشَّرِّ والأَمر الْعَظِيمِ، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: أَي دَاهِيَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنما هُوَ الفَجْرُ أَو البَجْرُ
؛ البَجْرُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: الدَّاهِيَةُ والأَمر الْعَظِيمُ، أَي إِن انْتَظَرْتَ حَتَّى يُضِيءَ الفجرُ أَبصرتَ الطريقَ، وإِن خبطت الظلماء أَفضتْ بك إِلى الْمَكْرُوهِ، وَيُرْوَى الْبَحْرُ، بِالْحَاءِ، يُرِيدُ غَمَرَاتِ الدُّنْيَا شَبَّهَهَا بِالْبَحْرِ لِتَحَيُّرِ أَهلها فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لمْ آتِ، لَا أَبا لَكُمْ، بُجْراً.
أَبو عَمْرٍو: البَجِيرُ المالُ الْكَثِيرُ. وكثيرٌ بَجِيرٌ: إِتباعٌ. وَمَكَانٌ عَمِيرٌ بَجِيرٌ: كَذَلِكَ. وأَبْجَرُ وبُجَيْرٌ: اسْمَانِ. وابنُ بُجْرَةَ: خَمَّارٌ كَانَ بِالطَّائِفِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَلَوْ أَنَّ مَا عِنْدَ ابنِ بُجْرَةَ عِنْدَها، ... مِنَ الخَمْرِ، لَمْ تَبْلُلْ لَهاتِي بناطِلِ
وباجَرٌ: صَنَمٌ كَانَ للأَزد فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ من طيء، وَقَالُوا باجِر، بِكَسْرِ الْجِيمِ. وَفِي نَوَادِرِ. الأَعراب: ابْجارَرْتُ عَنْ هَذَا الأَمر وابْثارَرْتُ وبَجِرْتُ ومَجِرْتُ أَي اسْتَرْخَيْتُ وَتَثَاقَلْتُ. وَفِي حَدِيثِ
مَازِنٍ: كَانَ لَهُمْ صَنَمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لْهُ بَاجِرٌ، تُكْسَرُ جِيمُهُ وَتُفْتَحُ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَانَ فِي الأَزد
؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ذَهَبَتْ فَشيِشَةُ بالأَباعِرِ حَوْلَنا ... سَرَقاً، فَصُبَّ عَلَى فَشِيشَةَ أَبْجَرُ
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ رَجُلًا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قَبِيلَةً، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الأُمور البَجَارى، أَي صُبَّتْ عَلَيْهِمْ داهيةٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَكُونُ خَبَرًا وَيَكُونُ دُعَاءً. وَمِنْ أَمثالهم: عَيَّرَ بُجَيْرٌ بُجَرَهْ، ونَسِيَ. بُجَيْرٌ خَبَرَهْ؛ يَعْنِي عُيُوبَهُ. قَالَ الأَزهري: قَالَ الْمُفَضَّلُ: بُجَيْرٌ وَبُجَرَةُ كَانَا أَخوين فِي الدَّهْرِ الْقَدِيمِ وَذَكَرَ قِصَّتَهُمَا، قَالَ: وَالَّذِي رأَيت عَلَيْهِ أَهل اللُّغَةِ أَنهم قَالُوا الْبُجَيْرُ تَصْغِيرُ الأَبجر، وَهُوَ النَّاتِئُ السُّرَّةِ، وَالْمَصْدَرُ الْبَجَرُ، فَالْمَعْنَى أَن ذَا بُجْرَةٍ فِي سُرَّتِه عَيَّرَ غَيْرَهُ بِمَا فِيهِ، كَمَا قِيلَ فِي امرأَة عَيَّرَتْ أُخرى بِعَيْبٍ فِيهَا: رَمَتْني بدائها وانْسَلَّتْ.
بحر: البَحْرُ: الماءُ الكثيرُ، مِلْحاً كَانَ أَو عَذْباً، وَهُوَ خِلَافُ البَرِّ، سُمِّيَ بذلك لعُمقِهِ واتساعه، قد غَلَبَ عَلَى المِلْح حَتَّى قَلّ فِي العَذْبِ، وَجَمْعُهُ أَبْحُرٌ وبُحُورٌ وبِحارٌ. وماءٌ بَحْرٌ: مِلْحٌ، قَلَّ أَو كَثُرَ؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
وَقَدْ عادَ ماءُ الأَرضِ بَحْراً فَزادَني، ... إِلى مَرَضي، أَنْ أَبْحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا القولُ هُوَ قولُ الأُمَوِيّ لأَنه كَانَ يَجْعَلُ الْبَحْرَ مِنَ الْمَاءِ الْمِلْحِ فَقَطْ. قَالَ: وَسُمِّيَ بَحْراً لِمُلُوحَتِهِ، يُقَالُ: ماءٌ بَحْرٌ أَي مِلْحٌ، وأَما غَيْرُهُ فَقَالَ: إِنما سُمِّيَ البَحْرُ بَحْراً لِسِعَتِهِ وَانْبِسَاطِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ إِن فُلَانًا لَبَحْرٌ أَي وَاسِعُ الْمَعْرُوفِ؛ قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ البحرُ للملْح والعَذْبِ؛ وشاهدُ الْعَذْبِ قولُ ابْنِ مُقْبِلٍ:
ونحنُ مَنَعْنا البحرَ أَنْ يَشْرَبُوا بِهِ، ... وَقَدْ كانَ مِنْكُمْ مَاؤُهُ بِمَكَانِ
وَقَالَ جَرِيرٌ:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ تَحْدُوها ثمانِيَةٌ، ... مَا فِي عطائِهِمُ مَنٌّ وَلَا سَرَفُ
كُوماً مَهارِيسَ مثلَ الهَضْبِ، لَوْ وَرَدَتْ ... ماءَ الفُراتِ، لَكادَ البَحْرُ يَنْتَزِفُ(4/41)
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
وتَذَكَّرْ رَبَّ الخَوَرْنَقِ إِذْ أَشْرَفَ ... يَوْمًا، وللْهُدَى تَذْكِيرُ
سَرَّه مالُهُ وكَثْرَةُ ما يَمْلِكُ، ... والبحرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ
أَراد بِالْبَحْرِ هَاهُنَا الْفُرَاتَ لأَن رَبَّ الْخَوَرْنَقِ كَانَ يشرِفُ عَلَى الْفُرَاتِ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أُناسٌ، إِذا وَرَدَتْ بَحْرَهُمْ ... صَوادِي العَرائِبِ، لَمْ تُضْرَبِ
وَقَدْ أَجمع أَهل اللُّغَةِ أَن اليَمَّ هُوَ الْبَحْرُ. وجاءَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ: فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ؛ قَالَ أَهل التَّفْسِيرِ: هُوَ نِيلُ مِصْرَ، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ سِيدَهْ: وأَبْحَرَ الماءُ صَارَ مِلْحاً؛ قَالَ: وَالنَّسَبُ إِلى الْبَحْرِ بَحْرانيٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالَ الْخَلِيلُ: كأَنهم بَنَوُا الِاسْمَ عَلَى فَعْلان. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: شَرْطِي فِي هَذَا الْكِتَابِ أَن أَذكر مَا قَالَهُ مُصَنِّفُو الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ عَيَّنْتُهُمْ فِي خُطْبَتِهِ، لَكِنَّ هَذِهِ نُكْتَةٌ لَمْ يَسَعْنِي إِهمالها. قَالَ السُّهَيْلِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: زَعَمَ ابْنُ سِيدَهْ فِي كِتَابِ الْمُحْكَمِ أَن الْعَرَبَ تَنْسُبُ إِلى الْبَحْرِ بَحْرانيّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وإِنه مِنْ شَوَاذِّ النِّسَبِ، وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْلَ إِلى سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلِ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَمَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ قَطُّ، وإِنما قَالَ فِي شَوَاذِّ النِّسَبِ: تَقُولُ فِي بَهْرَاءَ بَهْرَانِيٌّ وَفِي صَنْعَاءَ صَنْعَانِيٌّ، كَمَا تَقُولُ بَحْرَانِيٌّ فِي النَّسَبِ إِلَى الْبَحْرِينِ الَّتِي هِيَ مَدِينَةٌ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا تلقَّاه جَمِيعُ النُّحَاةِ وتأَوَّلوه مِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وإِنما اشْتَبَهَ عَلَى ابْنِ سِيدَهْ لِقَوْلِ الْخَلِيلِ فِي هَذِهِ المسأَلة أَعني مسأَلة النِّسَبِ إِلى الْبَحْرِينِ، كأَنهم بَنَوُا الْبَحْرَ عَلَى بَحْرَانَ، وإِنما أَراد لَفْظَ الْبَحْرِينِ، أَلا تَرَاهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ الْعَيْنِ: تَقُولُ بَحْرَانِيٌّ في النسب إِلى البحرين، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّسَبَ إِلى الْبَحْرِ أَصلًا، لِلْعِلْمِ بِهِ وأَنه عَلَى قِيَاسٍ جَارٍ. قَالَ: وَفِي الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ عَنِ الزَّيْدِيِّ أَنه قَالَ: إِنما قَالُوا بَحْرانيٌّ فِي النسب إِلى البَحْرَيْنِ، ولم يَقُولُوا بَحْرِيٌّ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّسَبِ إِلَى الْبَحْرِ. قَالَ: وَمَا زَالَ ابْنُ سِيدَهْ يَعْثَرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ عَثَرَاتٍ يَدْمَى مِنْهَا الأَظَلُّ، ويَدْحَضُ دَحَضَات تُخْرِجُهُ إِلى سَبِيلِ مَنْ ضَلَّ، أَلا تَرَاهُ قَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَذَكَرَ بُحَيْرَة طَبَرَيَّة فَقَالَ: هِيَ مِنْ أَعلام خُرُوجِ الدَّجَّالِ وأَنه يَيْبَسُ ماؤُها عِنْدَ خُرُوجِهِ، وَالْحَدِيثُ إِنما جَاءَ فِي غَوْرِ زُغَرَ، وإِنما ذُكِرَتْ طَبَرِيَّةُ فِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج وأَنهم يَشْرَبُونَ مَاءَهَا؛ قَالَ: وَقَالَ فِي الجِمَار فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ: إِنما هِيَ الَّتِي تُرْمَى بِعَرَفَةَ وَهَذِهِ هَفْوَةٌ لَا تُقَالُ، وَعَثْرَةٌ لَا لَعاً لَهَا؛ قَالَ: وَكَمْ لَهُ مِنْ هَذَا إِذا تَكَلَّمَ فِي النِّسَبِ وَغَيْرِهِ. هَذَا آخِرُ مَا رأَيته مَنْقُولًا عَنِ السُّهَيْلِيِّ. ابْنُ سِيدَهْ: وكلُّ نَهْرٍ عَظِيمٍ بَحْرٌ. الزَّجَّاجُ: وَكُلُّ نَهْرٍ لَا يَنْقَطِعُ ماؤُه، فَهُوَ بَحْرٌ. قَالَ الأَزهري: كُلُّ نَهْرٍ لَا يَنْقَطِعُ مَاؤُهُ مِثْلُ دِجْلَةَ والنِّيل وَمَا أَشبههما مِنَ الأَنهار الْعَذْبَةِ الْكِبَارِ، فَهُوَ بَحْرٌ. وأَما الْبَحْرُ الْكَبِيرُ الَّذِي هُوَ مَغِيضُ هَذِهِ الأَنهار فَلَا يَكُونُ ماؤُه إِلَّا مِلْحًا أُجاجاً، وَلَا يَكُونُ مَاؤُهُ إِلَّا رَاكِدًا؛ وأَما هَذِهِ الأَنهار الْعَذْبَةُ فماؤُها جَارٍ، وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الأَنهار بِحَارًا لأَنها مَشْقُوقَةٌ فِي الأَرض شَقًّا. وَيُسَمَّى الْفَرَسُ الْوَاسِعُ الجَرْي بَحْراً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبي طَلْحَةَ وَقَدْ رَكِبَهُ عُرْياً: إِني وَجَدْتُهُ بَحْراً أَي وَاسِعَ الجَرْي؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ لِلْفَرَسِ الْجَوَادُ إِنه لَبَحْرٌ لَا يُنْكَش حُضْرُه. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ فَرَسٌ بَحْرٌ وفَيضٌ وسَكْبٌ وحَتٌّ إِذا كَانَ جَوَادًا كثيرَ العَدْوِ وَفِي الْحَدِيثِ: أَبَى ذَلِكَ البَحرُ ابنُ عَبَّاسٍ؛ سُمِّيَ(4/42)
بَحْرًا لِسِعَةِ عِلْمِهِ وَكَثْرَتِهِ. والتَّبَحُّرُ والاستِبْحَارُ: الِانْبِسَاطُ والسَّعة. وَسُمِّيَ البَحْرُ بَحْراً لاسْتبحاره، وَهُوَ انْبِسَاطُهُ وَسِعَتُهُ. وَيُقَالُ: إِنما سُمِّيَ البَحْر بَحْراً لأَنه شَقَّ فِي الأَرض شَقًّا وَجَعَلَ ذَلِكَ الشَّقَّ لِمَائِهِ قَرَارًا. والبَحْرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الشَّقُّ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: وَحَفَرَ زَمْزَمَ ثُمَّ بَحَرَها بَحراً
أَي شقَّها ووسَّعها حَتَّى لَا تُنْزَفَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ الَّتِي كَانُوا يَشُقُّونَ فِي أُذنها شَقًّا: بَحِيرَةٌ. وبَحَرْتُ أُذنَ النَّاقَةِ بَحْرًا: شَقَّقْتُهَا وَخَرَقْتُهَا. ابْنُ سِيدَهْ: بَحَرَ الناقةَ والشاةَ يَبْحَرُها بَحْراً شقَّ أُذنها بِنِصْفَين، وَقِيلَ: بِنِصْفَيْنِ طُولًا، وَهِيَ البَحِيرَةُ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُ بِهِمَا ذَلِكَ إِذا نُتِجَتا عشرةَ أَبْطن فَلَا يُنْتَفَع مِنْهُمَا بِلَبَنٍ وَلَا ظَهْرٍ، وتُترك البَحِيرَةُ تَرْعَى وَتَرِدُ الْمَاءَ ويُحَرَّمُ لَحْمُهَا عَلَى النِّسَاءِ، ويُحَلَّلُ لِلرِّجَالِ، فَنَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ
؛ قَالَ: وَقِيلَ البَحِيرَة مِنَ الإِبل الَّتِي بُحِرَتْ أُذنُها أَي شُقت طُولًا، وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي خُلِّيَتْ بِلَا رَاعٍ، وَهِيَ أَيضاً الغَزِيرَةُ، وجَمْعُها بُحُرٌ، كأَنه يُوهِمُ حَذْفَ الْهَاءِ. قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو إِسحاق النَّحْوِيُّ: أَثْبَتُ مَا رَوَيْنَا عَنْ أَهل اللُّغَةِ فِي البَحِيرَة أَنها النَّاقَةُ كَانَتْ إِذا نُتِجَتْ خَمْسَةَ أَبطن فَكَانَ آخِرُهَا ذَكَرًا، بَحَرُوا أُذنها أَي شَقُّوهَا وأَعْفَوا ظَهْرَهَا مِنَ الرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ وَالذَّبْحِ، وَلَا تُحلأُ عَنْ مَاءٍ تَرِدُهُ وَلَا تُمْنَعُ مِنْ مَرْعًى، وإِذا لَقِيَهَا المُعْيي المُنْقَطَعُ بِهِ لَمْ يَرْكَبْهَا. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَن أَوَّل مَنْ بَحَرَ البحائرَ وحَمَى الحامِيَ وغَيَّرَ دِين إِسماعيل عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَة بنِ جُنْدُبٍ
؛ وَقِيلَ: البَحِيرَةُ الشَّاةُ إِذا وَلَدَتْ خَمْسَةَ أَبطُن فَكَانَ آخِرُهَا ذَكَرًا بَحَرُوا أُذنها أَي شَقُّوهَا وتُرِكَت فَلَا يَمَسُّها أَحدٌ. قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ هُوَ الأَوَّل لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عَنْ أَبيه أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: أَرَبُّ إِبلٍ أَنتَ أَم ربُّ غَنَمٍ؟ فَقَالَ: مِنْ كلٍّ قَدْ آتَانِي اللهُ فأَكْثَرَ، فَقَالَ: هَلْ تُنْتَجُ إِبلُك وَافِيَةً آذانُها فَتَشُقُّ فِيهَا وَتَقُولُ بُحُرٌ؟
يُرِيدُ بِهِ جَمْعَ البَحِيرة. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: البَحِيرَةُ هِيَ ابْنَةُ السَّائِبَةِ، وَقَدْ فَسَّرْتُ السَّائِبَةَ فِي مَكَانِهَا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَحُكْمُهَا حُكْمُ أُمها. وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ عَرَفَةَ: البَحيرة النَّاقَةُ إِذا نُتِجَتْ خمسةَ أَبطن وَالْخَامِسُ ذَكَرٌ نَحَرُوهُ فأَكله الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وإِن كَانَ الْخَامِسُ أُنثى بَحَروا أُذنها أَي شَقُّوهَا فَكَانَتْ حَرَامًا عَلَى النِّسَاءِ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا وَرُكُوبُهَا، فإِذا مَاتَتْ حَلَّتْ لِلنِّسَاءِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَتَقْطَعُ آذانَها فتقُولُ بُحُرٌ
؛ وأَنشد شَمِرٌ لِابْنِ مُقْبِلٍ:
فِيهِ مِنَ الأَخْرَجِ المُرْتَاعِ قَرْقَرَةٌ، ... هَدْرَ الدَّيامِيِّ وَسْطَ الهجْمَةِ البُحُرِ
البُحُرُ: الغِزارُ. والأَخرج: المرتاعُ المُكَّاءٌ. وَوَرَدَ ذِكْرُ البَحِيرة فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ: كَانُوا إِذا وَلَدَتْ إِبلهم سَقْباً بَحَروا أُذنه أَي شَقُّوهَا، وَقَالُوا: اللَّهُمَّ إِن عَاشَ فَقَنِيٌّ، وإِن مَاتَ فَذَكيٌّ؛ فإِذا مَاتَ أَكلوه وَسَمَّوْهُ الْبَحِيرَةَ، وَكَانُوا إِذا تَابَعَتِ النَّاقَةُ بَيْنَ عَشْرِ إِناث لَمْ يُرْكب ظهرُها، وَلَمْ يُجَزّ وَبَرُها، وَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ضَيْفٌ، فَتَرَكُوهَا مُسَيَّبَةً لِسَبِيلِهَا وسمُّوها السَّائِبَةَ، فَمَا وُلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أُنثى شَقُّوا أُذنها وخلَّوا سَبِيلَهَا، وَحَرُمَ مِنْهَا مَا حَرُمَ مِنْ أُمّها، وسَمّوْها البحِيرَةَ، وجمعُ البَحِيرَةِ عَلَى بُحُرٍ جمعٌ غريبٌ فِي الْمُؤَنَّثِ إِلا أَن يَكُونَ قَدْ حَمَلَهُ عَلَى الْمُذَكِّرِ، نَحْوَ نَذِيرٍ ونُذُرٍ، عَلَى أَن بَحِيرَةً فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى مُفَعْوِلَةٍ نَحْوَ قَتِيلَةٍ؛ قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ فِي جَمْعٍ مِثْلِهِ فُعُلٌ،(4/43)
وَحَكَى الزمَخْشري بَحِيرَةٌ وبُحُرٌ وصَريمَةٌ وصُرُمٌ، وَهِيَ الَّتِي صُرِمَتْ أُذنها أَي قُطِعَتْ. واسْتَبْحَرَ الرَّجُلُ فِي الْعِلْمِ وَالْمَالِ وتَبَحَّرَ: اتَّسَعَ وَكَثُرَ مَالُهُ. وتَبَحَّرَ فِي الْعِلْمِ: اتَّسَعَ. واسْتَبْحَرَ الشاعرُ إِذا اتَّسَعَ فِي القولِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
بِمِثْلِ ثَنائِكَ يَحْلُو الْمَدِيحُ، ... وتَسْتَبْحِرُ الأَلسُنُ المادِحَهْ
وَفِي حَدِيثِ
مَازِنٍ: كَانَ لَهُمْ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ باحَر
، بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ. وتَبَحَّر الرَّاعِي فِي رعْيٍ كَثِيرٍ: اتَّسَعَ، وكلُّه مِنَ البَحْرِ لِسِعَتِهِ. وبَحِرَ الرجلُ إِذا رأَى الْبَحْرَ فَفَرِقَ حَتَّى دَهِشَ، وَكَذَلِكَ بَرِقَ إِذا رأَى سَنا البَرْقِ فَتَحَيَّرَ، وبَقِرَ إِذا رأَى البَقَرَ الكثيرَ، وَمِثْلُهُ خَرِقَ وعَقِرَ. ابْنُ سِيدَهْ: أَبْحَرَ القومُ رَكِبُوا البَحْرَ. وَيُقَالُ للبَحْرِ الصَّغِيرِ: بُحَيْرَةٌ كأَنهم تَوَهَّمُوا بَحْرَةً وإِلا فَلَا وَجْهَ لِلْهَاءِ، وأَما البُحَيْرَةُ الَّتِي فِي طَبَرِيَّةَ وَفِي الأَزهري الَّتِي بِالطَّبَرِيَّةِ فإِنها بَحْرٌ عَظِيمٌ نَحْوَ عَشَرَةِ أَميال فِي سِتَّةِ أَميال وغَوْرُ مَائِهَا، وأَنه»
. عَلَامَةٌ لِخُرُوجِ الدَّجَّالِ تَيْبَس حَتَّى لَا يَبْقَى فِيهَا قَطْرَةُ مَاءٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَقَوْلُهُ: يَا هادِيَ الليلِ جُرْتَ إِنما هُوَ البَحْرُ أَو الفَجْرُ؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: إِنما هُوَ الْهَلَاكُ أَو تَرَى الْفَجْرَ، شَبَّهَ اللَّيْلَ بِالْبَحْرِ. وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنما هُوَ الفَجْرُ أَو البَجْرُ
، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَقَالَ: مَعْنَاهُ إِن انْتَظَرْتَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ أَبصرت الطريق، وإِن خبطت الظلماء أَفضت بِكَ إِلى الْمَكْرُوهِ. قَالَ: وَيُرْوَى الْبَحْرُ، بِالْحَاءِ، يُرِيدُ غَمَرَاتِ الدُّنْيَا شَبَّهَهَا بِالْبَحْرِ لِتَحَيُّرِ أَهلها فِيهَا. والبَحْرُ: الرجلُ الكريمُ الكثيرُ الْمَعْرُوفُ. وفَرسٌ بَحْرٌ: كَثِيرُ العَدوِ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْبَحْرِ. والبَحْرُ: الرِّيفُ، وَبِهِ فَسَّرَ أَبو عَلِيٍّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
؛ لأَن الْبَحْرَ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَسَادٌ وَلَا صَلَاحٌ؛ وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ أَجدب الْبَرُّ وَانْقَطَعَتْ مَادَّةُ الْبَحْرِ بِذُنُوبِهِمْ، كَانَ ذَلِكَ لِيَذُوقُوا الشدَّة بِذُنُوبِهِمْ فِي الْعَاجِلِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ الْجَدْبُ فِي الْبِرِّ وَالْقَحْطُ في مُدُنِ الْبَحْرِ الَّتِي عَلَى الأَنهار؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الأَغفال:
وأَدَمَتْ خُبْزِيَ مِنْ صُيَيْرِ، ... مِنْ صِيرِ مِصْرَيْنِ، أَو البُحَيْرِ
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَعْني بالبُحَيْرِ الْبَحْرَ الَّذِي هُوَ الرِّيفُ فَصَغَّرَهُ لِلْوَزْنِ وَإِقَامَةِ الْقَافِيَةِ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قَصَدَ البُحَيْرَةَ فَرَخَّمَ اضْطِرَارًا. وَقَوْلُهُ: مِنْ صُيَيْر مِن صِيرِ مِصْرَيْنِ يَجُوزُ أَن يَكُونَ صِيرِ بَدَلًا مِنْ صُيَيْر، بإِعادة حَرْفِ الْجَرِّ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ كأَنه أَراد مِنْ صُيَيْر كَائِنٍ مَنْ صِيرِ مِصْرَيْنِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ قَرْيَةٍ: هَذِهِ بَحْرَتُنا. والبَحْرَةُ: الأَرض وَالْبَلْدَةُ؛ يُقَالُ: هَذِهِ بَحْرَتُنا أَي أَرضنا. وَفِي حَدِيثِ القَسَامَةِ:
قَتَلَ رَجُلًا بِبَحْرَةِ الرِّعاءِ عَلَى شَطِّ لِيَّةَ
، البَحْرَةُ: البَلْدَةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبيّ: اصْطَلَحَ أَهلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ أَن يَعْصِبُوه بالعِصَابَةِ
؛ البُحَيْرَةُ: مَدِينَةُ سَيِّدِنَا رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ تَصْغِيرُ البَحْرَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ مُكَبَّرًا. والعربُ تُسَمِّي المُدُنَ وَالْقُرَى: البحارَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وكَتَبَ لَهُمْ بِبَحْرِهِم
؛ أَي بِبَلَدِهِمْ وأَرضهم. وأَما حَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبيّ فَرَوَاهُ الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ عُرْوَةَ أَن أُسامة بْنَ زَيْدٍ أَخبره: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَكِبَ حِمَارًا عَلَى إِكافٍ وَتَحْتَهُ قَطِيفةٌ فركبه وأَرْدَفَ
__________
(1) . قوله [وغور مائها وأنه إلخ] كذا بالأصل المنسوب للمؤلف وهو غير تام(4/44)
أُسامةَ، وَهُوَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبادَةَ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المجلسَ عَجاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبيّ أَنْفَه ثُمَّ قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَفَ وَدَعَاهُمْ إِلى اللَّهِ وقرأَ القرآنَ، فَقَالَ لَهُ عبدُ اللَّهِ: أَيها المَرْءُ إِن كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَلَا تُؤْذِنَا فِي مَجْلِسِنَا وارجعْ إِلى رَحْلك، فَمَنْ جاءَك منَّا فَقُصَّ عَلَيْهِ؛ ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ: أَي سَعْدُ أَلم تسمعْ مَا قَالَ أَبو حُباب؟ قَالَ كَذَا، فَقَالَ سعدٌ: اعْفُ واصفَحْ فو الله لَقَدْ أَعطاك اللهُ الَّذِي أَعطاك، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهلُ هَذِهِ البُحَيْرةِ عَلَى أَن يُتَوِّجُوه، يَعْنِي يُمَلِّكُوهُ فَيُعَصِّبوه بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا ردَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعطاكَ شَرِقَ لِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والبَحْرَةُ: الفَجْوَةُ مِنَ الأَرض تَتَّسِعُ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو نَصْرٍ البِحارُ الواسعةُ مِنَ الأَرض، الْوَاحِدَةُ بَحْرَةٌ؛ وأَنشد لِكُثَيِّرٍ فِي وَصْفِ مَطَرٍ:
يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ أَراكٍ وتَنْضُبٍ، ... وزُرْقاً بأَجوارِ البحارِ تُغادَرُ
وَقَالَ مُرَّةُ: البَحْرَةُ الْوَادِي الصَّغِيرُ يَكُونُ فِي الأَرض الْغَلِيظَةِ. والبَحْرةُ: الرَّوْضَةُ العظيمةُ مَعَ سَعَةٍ، وجَمْعُها بِحَرٌ وبِحارٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
وكأَنها دَقَرَى تُخايِلُ، نَبْتُها ... أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها «2»
. الأَزهري: يُقَالُ للرَّوْضَةِ بَحْرَةٌ. وَقَدْ أَبْحَرَتِ الأَرْضُ إِذا كَثُرَتْ مَنَاقِعُ الْمَاءِ فِيهَا. وَقَالَ شَمِرٌ: البَحْرَةُ الأُوقَةُ يُسْتَنْقَعُ فِيهَا الْمَاءُ. ابْنُ الأَعرابي: البُحَيْرَةُ الْمُنْخَفِضُ مِنَ الأَرض. وبَحِرَ الرجلُ والبعيرُ بَحَراً، فَهُوَ بَحِرٌ إِذا اجْتَهَدَ فِي العدوِ طَالِبًا أَو مَطْلُوبًا، فَانْقَطَعَ وَضَعُفَ وَلَمْ يَزَلْ بِشَرٍّ حَتَّى اسودَّ وَجْهُهُ وَتَغَيَّرَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: البَحَرُ أَن يَلْغَى البعيرُ بِالْمَاءِ فَيُكْثِرُ مِنْهُ حَتَّى يُصِيبَهُ مِنْهُ دَاءٌ. يُقَالُ: بَحِرَ يَبْحَرُ بَحَراً، فَهُوَ بَحِرٌ؛ وأَنشد:
لأَعْلِطَنَّه [لأَعْلُطَنَّه] وَسْماً لَا يُفارِقُه، ... كما يُحَزُّ بِحُمَّى المِيسَمِ البَحِرُ
قَالَ: وإِذا أَصابه الداءُ كُويَ فِي مَوَاضِعَ فَيَبْرأُ. قَالَ الأَزهري: الدَّاءُ الَّذِي يُصِيبُ الْبَعِيرَ فَلَا يَرْوَى مِنَ الْمَاءِ، هُوَ النَّجَرُ، بِالنُّونِ وَالْجِيمِ، والبَجَرُ، بِالْبَاءِ وَالْجِيمِ، وأَما البَحَرُ، فَهُوَ دَاءٌ يُورِثُ السِّلَّ. وأَبْحَرَ الرجلُ إِذا أَخذه السِّلُّ. ورجلٌ بَحِيرٌ وبَحِرٌ: مسْلُولٌ ذاهبُ اللَّحْمِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وأَنشد:
وغِلْمَتي مِنْهُمْ سَحِيرٌ وبَحِرْ، ... وآبقٌ، مِن جَذْبِ دَلْوَيْها، هَجِرْ
أَبو عَمْرٍو: البَحِيرُ والبَحِرُ الَّذِي بِهِ السِّلُّ، والسَّحِيرُ: الَّذِي انْقَطَعَتْ رِئَتُه، وَيُقَالُ: سَحِرٌ. وبَحِرَ الرجلُ. بُهِتَ. وأَبْحَرَ الرَّجُلُ إِذَا اشتدَّتْ حُمرةُ أَنفه. وأَبْحَرَ إِذا صَادَفَ إِنساناً عَلَى غَيْرِ اعتمادٍ وقَصدٍ لِرُؤْيَتِهِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَقِيتُهُ صَحْرَةَ بَحْرَةَ أَي بَارِزًا لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ. والباحِر، بِالْحَاءِ: الأَحمق الَّذِي إِذا كُلِّمَ بَحِرَ وَبَقِيَ كَالْمَبْهُوتِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَتَمالكُ حُمْقاً. الأَزهري: الباحِرُ الفُضولي، والباحرُ الْكَذَّابُ. وتَبَحَّر الخبرَ: تَطَلَّبه. والباحرُ: الأَحمرُ الشديدُ الحُمرة. يُقَالُ: أَحمر باحرٌ وبَحْرانيٌّ. ابن الأَعرابي:
__________
(2) . قوله [تخايل إلخ] سيأتي للمؤلف في مادّة دقر هذا البيت وفيه تخيل بدل تخايل وقال أَيْ تَلَوَّنُ بِالنَّوْرِ فَتُرِيكَ رُؤْيَا تُخَيَّلُ إِلَيْكَ أَنَّهَا لَوْنٌ ثُمَّ تَرَاهَا لَوْنًا آخَرَ، ثُمَّ قَطَعَ الْكَلَامَ الأَول فَقَالَ نَبْتُهَا أُنٌفٌ فَنَبْتُهَا مبتدأ إلخ ما قال(4/45)
يُقَالُ أَحْمَرُ قانِئٌ وأَحمرُ باحِرِيٌّ وذَرِيحِيٌّ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ المرأَة تُسْتَحَاضُ وَيَسْتَمِرُّ بِهَا الدَّمُ، فَقَالَ: تُصَلِّي وتتوضأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فإِذا رأَتِ الدَّمَ البَحْرانيَّ قَعَدَتْ عَنِ الصَّلَاةِ؛ دَمٌ بَحْرَانيٌّ: شَدِيدُ الْحُمْرَةِ كأَنه قَدْ نُسِبَ إِلى البَحْرِ، وَهُوَ اسْمُ قَعْرِ الرَّحِمِ، مَنْسُوبٌ إِلى قَعْرِ الرَّحِمِ وعُمْقِها، وَزَادُوهُ فِي النَّسَبِ أَلِفاً وَنُونًا لِلْمُبَالَغَةِ يُرِيدُ الدَّمَ الْغَلِيظَ الْوَاسِعَ؛ وَقِيلَ: نُسِبَ إِلى البَحْرِ لِكَثْرَتِهِ وَسِعَتِهِ؛ وَمِنَ الأَول قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
وَرْدٌ مِنَ الجَوْفِ وبَحْرانيُ
أَي عَبِيطٌ خالصٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: البَحْرُ عُمْقُ الرَّحِمِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلدَّمِ الْخَالِصِ الْحُمْرَةِ: باحِرٌ وبَحْرانيٌّ. ابْنُ سِيدَهْ: ودَمٌ باحِرٌ وبَحْرانيٌّ خَالِصُ الْحُمْرَةِ مِنْ دَمِ الْجَوْفِ، وَعَمَّ بعضُهم بِهِ فَقَالَ: أَحْمَرُ باحِرِيٌّ وبَحْرَانيٌّ، وَلَمْ يَخُصَّ بِهِ دَمَ الْجَوْفِ وَلَا غَيْرَهُ. وبَناتُ بَحْرٍ: سحائبُ يجئنَ قَبْلَ الصَّيْفِ مُنْتَصِبَاتٍ رِقَاقًا، بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، جَمِيعًا. قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ: بَناتُ بَحْرٍ ضَرْبٌ مِنَ السَّحَابِ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا تَصْحِيفٌ مُنْكَرٌ وَالصَّوَابُ بَناتُ بَخْرٍ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي: يُقَالُ لِسَحَائِبَ يأْتين قَبْلَ الصَّيْفِ مُنْتَصِبَاتٍ: بَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ، بِالْبَاءِ وَالْمِيمِ وَالْخَاءِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَسَنَذْكُرُ كُلًّا مِنْهُمَا فِي فَصْلِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: بَحِرَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يَبْحَرُ بَحَراً إِذا تَحَيَّرَ مِنَ الْفَزَعِ مِثْلَ بَطِرَ؛ وَيُقَالُ أَيضاً: بَحِرَ إِذا اشتدَّ عَطَشُه فَلَمْ يَرْوَ مِنَ الْمَاءِ. والبَحَرُ أَيضاً: داءٌ فِي الإِبل، وَقَدْ بَحِرَتْ. والأَطباء يُسَمَّوْنَ التَّغَيُّرَ الَّذِي يَحْدُثُ لِلْعَلِيلِ دُفْعَةً فِي الأَمراض الْحَادَّةِ: بُحْراناً، يَقُولُونَ: هَذَا يَوْمُ بُحْرَانٍ بالإِضافة، ويومٌ باحُوريٌّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، فكأَنه مَنْسُوبٌ إِلى باحُورٍ وباحُوراء مِثْلَ عَاشُورٍ وَعَاشُورَاءَ، وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ فِي تَمُّوزَ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ مُوَلَّدٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ: إِنه مُوَلَّدٌ وإِنه عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ: وَنَقِيضُ قَوْلِهِ إِن قِيَاسَهُ باحِرِيٌّ وَكَانَ حَقُّهُ أَن يَذْكُرَهُ لأَنه يُقَالُ دَمٌ باحِرِيٌّ أَي خَالِصُ الْحُمْرَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ المُثَقِّب العَبْدِي:
باحِريُّ الدَّمِ مُرٌّ لَحْمُهُ، ... يُبْرئُ الكَلْبَ، إِذا عَضَّ وهَرّ
والباحُورُ: القَمَرُ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ فِي الْبَصَرِيَّاتِ لَهُ. والبَحْرانِ: مَوْضِعٌ بَيْنَ الْبَصْرَةِ وعُمانَ، النَّسَبُ إِليه بَحْريٌّ وبَحْرانيٌّ؛ قَالَ الْيَزِيدِيُّ: كَرِهُوا أَن يَقُولُوا بَحْريٌّ فَتُشْبِهُ النسبةَ إِلى البَحْرِ؛ اللَّيْثُ: رَجُلٌ بَحْرانيٌّ مَنْسُوبٌ إِلى البَحْرَينِ؛ قَالَ: وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ الْبَصْرَةِ وعُمان؛ وَيُقَالُ: هَذِهِ البَحْرَينُ وَانْتَهَيْنَا إِلى البَحْرَينِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي مُحَمَّدٍ الْيَزِيدِيِّ قَالَ: سأَلني الْمَهْدِيُّ وسأَل الْكِسَائِيُّ عَنِ النِّسْبَةِ إِلى الْبَحْرِينِ وإِلى حِصْنَينِ: لِمَ قَالُوا حِصْنِيٌّ وبَحْرانيٌّ؟ فَقَالَ الْكِسَائِيُّ: كَرِهُوا أَن يَقُولُوا حِصْنانيٌّ لِاجْتِمَاعِ النُّونَيْنِ، قَالَ وَقُلْتُ أَنا: كَرِهُوا أَن يَقُولُوا بَحْريٌّ فَتُشْبِهُ النِّسْبَةَ إِلى الْبَحْرِ؛ قَالَ الأَزهري: وإِنما ثَنَوُا البَحْرَ لأَنَّ فِي نَاحِيَةِ قُرَاهَا بُحَيرَةً عَلَى بَابِ الأَحساء وَقُرَى هَجْرٍ، بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَحْرِ الأَخضر عَشْرَةَ فَرَاسِخَ، وقُدِّرَت البُحَيرَةُ ثلاثةَ أَميال فِي مِثْلِهَا وَلَا يَغِيضُ ماؤُها، وماؤُها رَاكِدٌ زُعاقٌ؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْفَرَزْدَقُ فَقَالَ:
كأَنَّ دِياراً بَيْنَ أَسْنِمَةِ النَّقا ... وبينَ هَذالِيلِ البُحَيرَةِ مُصْحَفُ
وَكَانَتْ أَسماء بِنْتُ عُمَيْسٍ يُقَالُ لَهَا البَحْرِيَّة لأَنها كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلى بِلَادِ النَّجَاشِيِّ فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ، وكلُّ مَا نُسِبَ إِلى البَحْرِ، فَهُوَ بَحْريٌّ.(4/46)
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ بَحْرانَ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَسُكُونِ الْحَاءِ، مَوْضِعٌ بِنَاحِيَةِ الفُرْعِ مِنَ الْحِجَازِ، لَهُ ذِكْرٌ فِي سَرِيَّة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ. وبَحْرٌ وبَحِيرٌ وبُحَيْرٌ وبَيْحَرٌ وبَيْحَرَةُ: أَسماء. وَبَنُو بَحْريّ: بَطْنٌ. وبَحْرَةُ ويَبْحُرُ: مَوْضِعَانِ. وبِحارٌ وَذُو بِحارٍ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
صَبَا صَبْوَةً مِن ذِي بِحارٍ، فَجاوَرَتْ، ... إِلى آلِ لَيْلى، بَطْنَ غَوْلٍ فَمَنْعَجِ
بحتر: البُحْتُر: بِالضَّمِّ: الْقَصِيرُ الْمُجْتَمِعُ الخَلْقِ، وَكَذَلِكَ الحُبْتُرُ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ، والأُنثى بُحْتُرَة وَالْجَمْعُ البحاتِرُ. وبُحْتُرٌ: أَبو بطن من طيّء، وَهُوَ بُحتُرُ بنُ عَتُود بْنِ عُنَين بْنِ سَلامانَ بْنِ ثُعَلَ بْنِ عَمْرو بْنِ الغَوْثِ بْنِ جَلْهَمَةَ بْنِ طَيّء بْنِ أُدَدَ وَهُوَ رَهْطُ الهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ. والبُحْتُرِيَّةُ مِنَ الإِبل: مَنْسُوبَةٌ إِليهم.
بحثر: بَحْثَرَ الشيءَ: بَحَثَه وبَدَّدَه كَبَعْثَرَهُ، وَقُرِئَ: إِذا بُحْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ؛ أَي بُعِثَ الْمَوْتَى. وبَحْثَرَ الْمَتَاعَ: فرَّقه. الأَزهري: بَحْثَرَ مَتَاعَهُ وبَعْثَرَه إِذا أَثاره وَقَلَبَهُ وفرَّقه وَقَلَبَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. الأَصمعي: إِذا انْقَطَعَ اللَّبَنُ وتَحَبَّبَ، فَهُوَ مُبَحْثَرٌ، فإِذا خَثُرَ أَعلاه وأَسفَلُه رقيقٌ، فَهُوَ هَادِرٌ. أَبو الْجَرَّاحِ: بَحْثَرْتُ الشيءَ وبَعْثَرْتُه إِذا اسْتَخْرَجْتُهُ وَكَشَفْتُهُ؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْعَامِرِيُّ:
ومَنْ لَا تَلِدْ أَسماءُ مِنْ آلِ عامِرٍ ... وكَبْشَة، تُكْرَهُ أُمُّهُ أَنْ تُبَحْثَرَا
بحدر: أَبو عَدْنَانَ قَالَ: البُهْدُرِيُّ والبُحْدُرِيُّ المُقَرْقَمُ الَّذِي لَا يَشِبُّ.
بخر: البَخَرُ: الرَّائِحَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ مِنَ الْفَمِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ. البَخَرُ النَّتْنُ يَكُونُ فِي الْفَمِ وَغَيْرِهِ. بَخِرَ بَخَراً، وَهُوَ أَبْخَرُ وَهِيَ بَخْرَاءُ. وأَبْخَرهُ الشيءُ: صَيَّرَه أَبْخَرَ. وبَخِرَ أَي نَتُنَ مِنْ بَخَرِ الفَم الْخَبِيثِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِياكم ونَوْمَةَ الغَداةِ فإِنها مَبْخَرَةٌ مَجْفَرَةٌ مَجْعَرَةٌ
؛ وَجَعَلَهُ الْقُتَيْبِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَوْلُهُ مِبْخَرَةٌ أَي مَظِنَّةٌ للبَخَرِ، وَهُوَ تَغَيُّرُ رِيحِ الْفَمِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: إِيَّاكَ وكلَّ مَجْفَرَةٍ مَبْخَرَةٍ
، يَعْنِي مِنَ النِّسَاءِ. والبَخْرَاءُ والبَخْرَةُ: عُشْبَةٌ تُشْبِهُ نباتَ الكُشْنَى وَلَهَا حَبٌّ مِثْلُ حَبِّهِ سَوْدَاءَ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها إِذا أُكِلت أَبْخَرَتِ الفَم؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَهِيَ مَرْعًى وتعلِفُها الْمَوَاشِي فَتُسْمِنُهَا وَمَنَابِتُهَا القِيعانُ. والبَخْراءُ: أَرض بِالشَّامِ لنَتْنِها بعُفونة تُرْبِها. وبُخارُ الفَسْوِ: رِيحُه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَشارِبُ قَهْوَةٍ وحَلِيفُ زِيرٍ، ... وصَرَّاءٌ، لِفَسْوَتِهِ بُخارُ
وكلُّ رَائِحَةٍ سَطَعَتْ مِنْ نَتْنٍ أَو غَيْرِهِ: بَخَرٌ وبُخارٌ. والبَخْرُ، مَجْزُومٌ: فِعْلُ البُخارِ. وبُخارُ القِدر: مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا؛ بَخَرَتْ تَبْخَرُ بَخْراً وبُخاراً، وَكَذَلِكَ بُخارُ الدُّخان، وكلُّ دُخَانٍ يَسْطَعُ مِنْ ماءٍ حَارٍّ، فَهُوَ بُخار، وَكَذَلِكَ مِنَ النَّدَى. وبُخارُ الْمَاءِ: مَا يَرْتَفِعُ مِنْهُ كَالدُّخَانِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: أَنه كَتَبَ إِلى مِلْكِ الرُّومِ: لأَجْعَلنَّ القُسْطَنْطِينِيَّةَ البَخْراءَ حُمَمَةً سَوْداءَ
؛ وَصَفَهَا بِذَلِكَ لبُخار الْبَحْرِ. وتَبَخَّر بِالطَّيِّبِ وَنَحْوَهُ: تَدَخَّنَ. والبَخُورُ، بِالْفَتْحِ: مَا يُتَبَخَّرُ بِهِ. وَيُقَالُ: بَخَّرَ عَلَيْنَا مِنْ بَخُور العُود أَي طَيَّبَ. وبَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ: سحابٌ يأْتين قَبْلَ(4/47)
الصَّيْفِ منتصبةٌ رِقاقٌ بيضٌ حسانٌ، وَقَدْ وَرَدَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيضاً فَقِيلَ: بَنَاتُ بَحْرٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمَبْخُورُ: المَخْمُورُ. ابْنُ الأَعرابي: الباخِرُ سَاقَيِ الزَّرْعِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الْمَعْرُوفُ الماخِر، فأَبدَل مِنَ الْمِيمِ بَاءً، كَقَوْلِكَ سَمَدَ رأْسَه وسَبَدَهُ، وَاللَّهُ أَعلم.
بختر: البَخْتَرَةُ، والتَّبَخْتُرُ: مِشْيَةٌ حَسَنَةٌ؛ وَقَدْ بَخْتَرَ وتَبَخْتَرَ، وفلانٌ يَمْشِي البَخْتَرِيَّةَ، وَفُلَانٌ يَتَبَخْتَرُ فِي مِشْيَتِهِ ويَتَبَخْتَى؛ وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ لَمَّا أُدخل عَلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ المُهَلَّبِ أَسيراً فَقَالَ الْحَجَّاجُ:
جَمِيلُ المُحَيَّا بَخْتَرِيٌّ إِذا مَشَى
فَقَالَ يَزِيدُ:
وَفِي الدِّرْعِ ضَخْمُ المَنْكِبَينِ شِناقُ
البَخْتَريُّ: المُتَبَخْتِرُ فِي مَشْيهِ، وَهِيَ مِشْيَةُ الْمُتَكَبِّرِ الْمُعْجَبُ بِنَفْسِهِ. وَرَجُلٌ بِخْتِيرٌ وبَخْتَرِيٌّ: صاحبُ تَبَخْتُرٍ، وَقِيلَ: حَسَنُ الْمَشْيِ وَالْجِسْمِ، والأُنثى بَخْتَرِيَّة. والبَخْتَريُّ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَتَبَخْتَرُ أَي يَخْتَالُ. وبَخْتَريٌّ: اسمُ رَجُلٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
جَزَى اللهُ عَنّا بَخْتَرِيّاً ورَهْطَهُ ... بَنِي عَبْدِ عَمْرٍو، مَا أَعَفَّ وأَمْجَدَا
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوت، لَا أَلْسَ فيهمُ، ... وهُمْ يَمْنَعُونَ جارَهُمْ أَن يُقَرَّدَا
وأَبو البَخْتَريّ: من كُناهم؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا كنتَ تَطْلُبُ شَأْوَ المُلُوكِ، ... فافْعَلْ فِعالَ أَبي البَخْتَرِي
تَتَبَّعَ إِخْوانَهُ فِي البِلاد، ... فأَغْنَى المُقِلَّ عَنِ المُكْثِرِ
وأَراد البختريَّ فَحَذَفَ إِحدى يَاءَيِ النَّسَبِ.
بخثر: البَخْثَرَةُ: الكُدْرَةُ فِي الماء أَو الثوب.
بدر: بَدَرْتُ إِلى الشَّيْءِ أَبْدُرُ بُدُوراً: أَسْرَعْتُ، وَكَذَلِكَ بادَرْتُ إِليه. وتَبادَرَ القومُ: أَسرعوا. وابْتَدَروا السلاحَ: تَبادَرُوا إِلى أَخذه. وبادَرَ الشيءَ مبادَرَةً وبِداراً وابْتَدَرَهُ وبَدَرَ غيرَه إِليه يَبْدُرُه: عاجَلَهُ؛ وَقَوْلُ أَبي المُثَلَّمِ:
فَيَبْدُرُها شَرائِعَها فَيَرْمي ... مَقاتِلَها، فَيَسْقِيها الزُّؤَامَا
أَراد إِلى شَرَائِعِهَا فَحَذَفَ وأَوصل. وبادَرَهُ إِليه: كَبَدَرَهُ. وبَدَرَني الأَمرُ وبَدَرَ إِليَّ: عَجِلَ إِليَّ وَاسْتَبَقَ. واسْتَبَقْنا البَدَرَى أَي مُبادِرِينَ. وأَبْدَرَ الوصيُّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ: بِمَعْنَى بادَرَ وبَدَرَ. وَيُقَالُ: ابْتَدَرَ القومُ أَمراً وتَبادَرُوهُ أَي بادَرَ بعضُهم بَعْضًا إِليه أَيُّهُمْ يَسْبِقُ إِليه فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ. وبادَرَ فلانٌ فُلَانًا مُوَلِّياً ذَاهِبًا فِي فِرَارِهِ. وَفِي حَدِيثِ
اعْتِزَالِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نساءَه قَالَ عُمَرُ: فابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ
؛ أَي سَالَتَا بِالدُّمُوعِ. وناقةٌ بَدْرِيَّةٌ: بَدَرَتْ أُمُّها الإِبلَ فِي النِّتاج فَجَاءَتْ بِهَا فِي أَول الزَّمَانِ، فَهُوَ أَغزر لَهَا وأَكرم. والبادِرَةُ: الحِدَّةُ، وَهُوَ مَا يَبْدُرُ مِنْ حِدَّةِ الرَّجُلِ عِنْدَ غَضَبِهِ مِنْ قَوْلٍ أَو فِعْلٍ. وبادِرَةُ الشَّرِّ: مَا يَبْدُرُكَ مِنْهُ؛ يُقَالُ: أَخشى عَلَيْكَ بادِرَتَهُ. وبَدَرَتْ مِنْهُ بَوادِرُ غضَبٍ أَي خَطَأٌ وسَقَطاتٌ عند ما احْتَدَّ. والبادِرَةُ: البَدِيهةُ. والبادِرَةُ مِنَ الْكَلَامِ: الَّتِي تَسْبِقُ مِنَ الإِنسان فِي الْغَضَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
وَلَا خَيْرَ فِي حِلْمٍ، إِذا لَمْ تَكُنْ لَهُ ... بَوادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا(4/48)
وبادِرَةُ السَّيْفِ: شَباتُه. وبادِرَةُ النَّبات: رأْسُه أَوَّل مَا يَنْفَطِرُ عَنْهُ. وبادِرَةُ الحِنَّاءِ: أَولُ مَا يَبْدأُ مِنْهُ. والبادِرَةُ: أَجْوَدُ الوَرْس وأَحْدَثُه نَبَاتًا. وعَيْنٌ حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ؛ وحَدْرَةٌ: مكْتَنِزَةٌ صُلْبَةٌ، وبَدْرَةٌ: تَبْدُرُ بِالنَّظَرِ، وَقِيلَ: حَدْرَةٌ واسعةٌ وبَدْرَةٌ تامةٌ كالبَدْرِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وعيْنٌ لَهَا حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ، ... شُقَّتْ مَآقِيهِما مِنْ أُخُرْ
وَقِيلَ: عَيْنٌ بَدْرَةٌ يَبْدُر نَظَرُهَا نظرَ الْخَيْلِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَقِيلَ: هِيَ الْحَدِيدَةُ النَّظَرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْمُدَوَّرَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالصَّحِيحُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي. والبَدْرُ: القَمَرُ إِذا امْتَلأَ، وإِنما سُمِّيَ بَدْراً لأَنه يُبَادِرُ بِالْغُرُوبِ طلوعَ الشَّمْسِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: لأَنه يُبَادِرُ بِطُلُوعِهِ غروبَ الشَّمْسِ لأَنهما يَتراقَبانِ فِي الأُفُقِ صُبْحاً؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سُمِّيَ بَدْراً لِمُبادرته الشَّمْسَ بالطُّلُوع كأَنَّه يُعَجِّلُها المَغِيبَ، وَسُمِّيَ بَدْرًا لِتَمَامِهِ، وَسُمِّيَتْ ليلةَ البَدْرِ لِتَمَامِ قَمَرِهَا. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ
عَنْ جَابِرٍ: إِن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتيَ بِبَدْرٍ فِيهِ خَضِراتٌ مِنَ البُقول
؛ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي بالبَدْرِ الطبقَ، شُبِّهَ بالبَدْرِ لِاسْتِدَارَتِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ صَحِيحٌ. قَالَ: وأَحسبه سُمي بَدْراً لأَنه مدوَّر، وجمعُ البَدْر بُدُورٌ. وأَبْدَرَ القومُ: طَلَعَ لَهُمُ البَدْرُ؛ وَنَحْنُ مُبْدِرُونَ. وأَبْدَرَ الرجلُ إِذا سَرَى فِي لَيْلَةِ البَدْرِ، وَسُمِّيَ بَدْراً لِامْتِلَائِهِ. وليلةُ البَدْر: ليلةُ أَربع عَشْرَةَ. وبَدْرُ القومِ: سَيِّدُهم، عَلَى التَّشْبِيهِ بالبَدْرِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَقَدْ نَضْرِبُ البَدْرَ اللَّجُوجَ بِكَفِّه ... عَلَيْهِ، ونُعْطِي رَغْبَةَ المُتَودِّدِ
وَيُرْوَى البَدْءَ. والبادِرُ: الْقَمَرُ. والبادِرَةُ: الكلمةُ العَوْراءُ. والبادِرَةُ: الغَضْبَةُ السَّرِيعَةُ؛ يُقَالُ: احْذَرُوا بادِرَتَهُ. والبَدْرُ: الغلامُ المبادِر. وغلامٌ بَدْرٌ: مُمْتَلِئٌ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: كُنَّا لَا نَبِيعُ الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُرَ
أَي يَبْلُغُ. يُقَالُ: بَدَرَ الغلامُ إِذا تَمَّ وَاسْتَدَارَ، تَشْبِيهًا بِالْبَدْرِ فِي تَمَامِهِ وَكَمَالِهِ، وَقِيلَ: إِذا احْمَرَّ البُسْرُ يُقَالُ لَهُ: قَدْ أَبْدَرَ. والبَدْرَةُ: جِلْدُ السَّخْلَة إِذا فُطِمَ، وَالْجَمْعُ بُدورٌ وبِدَرٌ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَلَا نَظِيرَ لبَدْرَةٍ وبِدَر إِلا بَضْعَةٌ وبِضَعٌ وهَضْبَةٌ وهِضَبٌ. الْجَوْهَرِيُّ: والبَدْرَةُ مَسْكُ السَّخْلَةِ لأَنها مَا دَامَتْ تَرْضَعُ فَمَسْكُها لِلَّبَنِ شَكْوَةٌ، وللسَّمْنِ عُكَّةٌ، فإِذا فُطمت فَمَسْكُها لِلَّبَنِ بَدْرَةٌ، وللسَّمنِ مِسْأَدٌ، فإِذا أَجذعت فَمَسْكُها لِلَّبَنِ وَطْبٌ، وَلِلسَّمْنِ نِحْيٌ. والبَدْرَةُ: كِيسٌ فِيهِ أَلف أَو عَشَرَةُ آلَافٍ، سُمِّيَتْ ببَدْرَةِ السَّخْلَةِ، وَالْجَمْعُ البُدورُ، وثلاثُ بَدرات. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِمَسْك السَّخْلَةِ مَا دَامَتْ تَرْضَعُ الشَّكْوَةُ، فإِذا فُطم فَمَسْكُهُ البَدْرَةُ، فإِذا أَجذع فَمَسكه السِّقاءُ. والبادِرَتانِ مِنَ الإِنسان: لَحْمتانِ فَوْقَ الرُّغَثاوَيْنِ وأَسفلَ الثُّنْدُوَةِ، وَقِيلَ: هُمَا جَانِبَا الكِرْكِرَةِ، وَقِيلَ: هُمَا عِرْقان يَكْتَنِفانِها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَمْري بَوادِرَها مِنْهَا فَوارِقُها
يَعْنِي فَوَارِقَ الإِبل، وَهِيَ الَّتِي أَخذها الْمَخَاضُ ففَرِقتْ نادَّةً، فَكُلَّمَا أَخذها وَجَعٌ فِي بَطْنِهَا مَرَتْ أَي ضَرَبَتْ بِخُفِّهَا بادرَةَ كِركِرَتِها وَقَدْ تَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَطَشِ. والبادِرَةُ مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ: اللَّحْمَةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَنْكِبِ والعُنق، والجمعُ البَوادِرُ؛ قَالَ خِراشَةُ بنُ عَمْرٍو العَبْسِيُّ:
هَلَّا سأَلْتِ، ابنةَ العَبْسِيِّ: مَا حَسَبي ... عِنْدَ الطِّعانِ، إِذا مَا غُصَّ بالرِّيقِ؟(4/49)
وجاءَت الخيلُ مُحَمَّراً بَوادِرُها، ... زُوراً، وَزَلَّتْ يَدُ الرَّامي عَنِ الفُوقِ
يَقُولُ: هلَّا سأَلت عَنِّي وَعَنْ شَجَاعَتِي إِذا اشْتَدَّتِ الْحَرْبُ وَاحْمَرَّتْ بَوَادِرُ الْخَيْلِ مِنَ الدَّمِ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ فُرْسَانِهَا عَلَيْهَا، وَلَمَّا يَقَعُ فِيهَا مِنْ زَلَلِ الرَّامِي عَنِ الْفَوْقِ فَلَا يَهْتَدِي لِوَضْعِهِ فِي الْوَتَرِ دَهَشاً وحَيْرَةً؛ وَقَوْلُهُ زُورًا يَعْنِي مَائِلَةً أَي تَمِيلُ لِشِدَّةِ مَا تُلَاقِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لَمَّا أُنزلت عَلَيْهِ سُورَةُ: اقرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ، جَاءَ بِهَا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تُرْعَدُ بَوادِرُه، فَقَالَ: زَمِّلُوني زَمِّلُوني
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: فِي هَذَا الْمَوْضِعِ البَوادِرُ مِنَ الإِنسان اللَّحْمَةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِصَوَابٍ، وَالصَّوَابُ أَن يَقُولَ الْبَوَادِرُ جَمْعُ بَادِرَةٍ: اللحمة التي بين المنكب وَالْعُنُقِ. والبَيْدَرُ: الأَنْدَرُ؛ وَخَصَّ كُراعٌ بِهِ أَنْدَرَ الْقَمْحِ يَعْنِي الكُدْسَ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. البَيْدَرُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُدَاسُ فِيهِ الطَّعَامُ. وبَدْرٌ: ماءٌ بِعَيْنِهِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. قَالَ الشَّعْبي: بَدْرٌ بِئْرٌ كَانَتْ لِرَجُلٍ يُدْعى بَدْراً؛ وَمِنْهُ يومُ بَدْرٍ. وبَدْرٌ: اسمُ رجل.
بذر: البَذْرُ والبُذْرُ: أَولُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الزَّرْعِ وَالْبَقْلِ وَالنَّبَاتِ لَا يَزَالُ ذَلِكَ اسمَهُ مَا دَامَ عَلَى وَرَقَتَينِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا عُزِلَ مِنَ الْحُبُوبِ للزَّرْعِ والزِّراعَةِ، وَقِيلَ: البَذْرُ جَمِيعُ النَّبَاتِ إِذا طَلَعَ مِنَ الأَرض فَنَجَمَ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَتَلَوَّنَ بلَوْنٍ أَو تُعْرَفَ وُجُوهُهُ، وَالْجَمْعُ بُذُورٌ وبِذارٌ. والبَذْرُ: مَصْدَرُ بَذَرْتُ، وَهُوَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِكَ نَثَرْتُ الحَبَّ. وبَذَرْتُ البَذْرَ: زَرَعْتَه. وبَذَرَتِ الأَرضُ تَبْذُرُ بَذْراً: خَرَجَ بَذْرُها؛ وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ أَن يَظْهَرَ نَبْتُهَا مُتَفَرِّقًا. وبَذَرَها بَذْراً وبَذَّرَها، كِلَاهُمَا، زَرَعَهَا. والبَذْرُ والبُذارَةُ: النَّسْلُ. وَيُقَالُ: إِن هَؤُلَاءِ لَبَذْرُ سَوْءٍ. وبَذَرَ الشيءَ بَذْراً: فرَّقه. وبَذَرَ اللَّهُ الْخَلْقَ بَذْراً: بَثَّهُمْ وَفَرَّقَهُمْ. وَتَفَرَّقَ القومُ شَذَرَ بَذَرَ وشِذَرَ بِذَرَ أَي فِي كُلِّ وَجهٍ، وَتَفَرَّقَتْ إِبله كَذَلِكَ؛ وبَذَرَ: إِتْباعٌ. وبُذُرَّى، فُعُلَّى: مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: مِنَ البَذْرِ الَّذِي هُوَ الزَّرْعُ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى التَّفْرِيقِ. والبُذُرَّى: الباطلُ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. وبَذَّرَ مالهُ: أَفسده وأَنفقه فِي السَّرَفِ. وكُلُّ مَا فَرَّقْتَهُ وأَفسدته، فَقَدْ بَذَّرْتَهُ. وَفِيهِ بَذارَّةٌ، مُشَدَّدَةَ الرَّاءِ، وبَذارَةٌ، مُخَفَّفَةَ الرَّاءِ، أَي تَبْذِيرٌ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَبْذيرُ الْمَالِ: تَفْرِيقُهُ إِسرافاً. ورجلٌ تِبْذارَةٌ: لِلَّذِي يُبَذِّرُ مالَه وَيُفْسِدُهُ. والتَّبْذِيرُ: إِفسادُ الْمَالِ وإِنفاقه فِي السَّرَفِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً
. وَقِيلَ: التَّبْذِيرُ أَن يُنْفِقَ الْمَالَ فِي الْمَعَاصِي، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَبْسُطَ يَدَهُ فِي إِنفاقه حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُ مَا يَقْتَاتُهُ، وَاعْتِبَارُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً. أَبو عَمْرٍو: البَيْذَرَةُ التَّبْذِيرُ. والنَّبْذَرَةُ، بِالنُّونِ وَالْبَاءِ: تفريقُ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ. وَفِي حَدِيثِ وَقْفِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَلِوَلِيِّه أَن يأْكلَ مِنْهُ غَيْرَ مُباذِرٍ
؛ المُباذِرُ والمُبَذِّرُ: المُسْرِفُ فِي النَّفَقَةِ؛ باذرَ وبَذَّرَ مُباذَرَةً وتَبْذِيراً؛ وَقَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ يَصِفُ سَحَابًا:
مُسْتَبْذِراً يَرْغَبُ قُدَّامَهُ، ... يَرْمِي بِعُمِّ السُّمُرِ الأَطْولِ
فَسَّرَهُ السُّكَّرِيُّ فَقَالَ: مُسْتَبْذِرٌ يفرِّق الْمَاءَ. والبَذيرُ مِنَ النَّاسِ: الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمْسِكَ سِرَّهُ. ورجلٌ بَيْذارَةٌ: يُبَذِّرُ مَالَهُ. وبَذُورٌ وبَذِيرٌ: يُذيعُ الأَسرارَ وَلَا يَكْتُمُ سِرًّا، وَالْجَمْعُ(4/50)
بُذُرٌ مِثْلِ صَبُورٍ وصُبُرٍ. وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ عِنْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ لِعَائِشَةَ: إِني إِذاً لَبَذِرَةٌ
؛ البَذِرُ: الَّذِي يُفْشِي السِّرَّ وَيُظْهِرُ مَا يَسْمَعُهُ، وَقَدْ بَذُرَ بَذارَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسُوا بالمَساييح البُذُرِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، فِي صِفَةِ الأَولياء: لَيْسُوا بالمَذاييع البُذْرِ
؛ جَمْعُ بَذُورٍ. يُقَالُ: بَذَرْتُ الْكَلَامَ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا تُبْذَرُ الحبُوبُ أَي أَفشيته وَفَرَّقْتَهُ. وبُذارَةُ الطَّعَامِ: نَزَلُه ورَيْعُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: طَعَامٌ كَثِيرُ البُذارَة أَي كثيرُ النَّزَل. وَهُوَ طَعَامٌ بَذَرٌ أَي نَزَلٌ؛ قَالَ:
ومِنَ العَطِيَّةِ مَا تُرى ... جَذْماءَ، لَيْس لَهَا بُذارَهْ
الأَصمعي: تَبَذَّر الماءُ إِذا تَغَيَّرَ واصْفَرَّ؛ وأَنشد لِابْنِ مُقْبِلٍ:
قُلْباً مُبَلِّيَةً جَوائِزَ عَرْشِها، ... تَنْفي الدِّلاءَ بآجنٍ مُتَبَذِّرِ
قَالَ: الْمُتَبَذِّرُ الْمُتَغَيِّرُ الأَصفر. وَلَوْ بَذَّرْتَ فُلَانًا لَوَجَدْتَهُ رَجُلًا أَي لَوْ جَرَّبْتَهُ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وكَثِيرٌ بَثِيرٌ وبَذِيرٌ: إِتْباعٌ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كَثيرٌ بَذِيرٌ مثلُ بَثِير لُغَةٌ أَو لُغَيَّة. وَرَجُلٌ هُذَرَةٌ بُذَرَةٌ وهَيْذارَةٌ بَيْذارَةٌ: كثيرُ الْكَلَامِ. وبَذَّرُ: موضعٌ، وَقِيلَ: مَاءٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
سَقى اللهُ أَمْواهاً عَرَفْتُ مَكانَها: ... جُراباً وَمَلْكوماً وبَذَّرَ والْغَمْرا
وَهَذِهِ كُلُّهَا آبَارٌ بِمَكَّةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذِهِ كُلُّهَا أَسماء مِيَاهٍ بِدَلِيلِ إِبدالها مِنْ قَوْلِهِ أَمواهاً، وَدَعَا بِالسُّقْيَا للأَمواه، وَهُوَ يُرِيدُ أَهلها النَّازِلِينَ بِهَا اتِّسَاعًا وَمَجَازًا. وَلَمْ يَجِئْ مِنَ الأَسماء عَلَى فَعَّلَ إِلَّا بَذَّرُ، وعَثَّرُ اسمُ مَوْضِعٍ، وخَضَّمُ اسْمُ العَنْبَرِ بْنِ تَمِيم، وشَلَّمُ اسمُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَهُوَ عِبْرَانِيٌّ، وبَقَّمُ وَهُوَ اسْمٌ أَعجمي، وَهِيَ شَجَرَةٌ، وكَتَّمُ اسْمُ مَوْضِعٍ أَيضاً؛ قَالَ الأَزهري: ومثلُ بَذَّر خَضَّمُ وعَثَّرُ وبَقَّمُ شَجَرَةٌ، قَالَ: وَلَا مِثْلَ لَهَا فِي كَلَامِهِمْ.
بذعر: ابْذَعَرَّ الناسُ: تَفَرَّقُوا: وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: ابْذَعَرَّ النِّفَاقُ
أَي تَفَرَّقَ وَتَبَدَّدَ. قَالَ أَبو السَّمَيْدَعِ: ابْذَعَرَّتِ الخيلُ وابْثَعَرَّتْ إِذا رَكَضَتْ تُبادِرُ شَيْئًا تَطْلُبُهُ؛ قَالَ زُفَرُ بنُ الْحَرْثِ:
فَلَا أَفْلَحَتْ قَيْسٌ، وَلَا عَزَّ ناصِرٌ ... لَها، بَعْدَ يَوْمِ المَرْحِ حينَ ابْذَعَرَّتِ «3»
. قَالَ الأَزهري: وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
فَطَارَتْ شَلَالًا وابْذَعَرَّتْ كَأَنَّها ... عِصَابَةُ سَبْيٍ، خافَ أَنْ تُتَقَسَّما
ابْذَعَرَّتْ أَي تَفَرَّقَتْ وجَفَلَتْ.
بذقر: ابْذَقَرَّ القومُ وابْذَعَرُّوا: تفرَّقوا، وَتُذْكَرُ فِي تَرْجَمَةِ مَذْقَرَ. فَمَا ابْذَقَرَّ دَمُه، وَهِيَ لُغَةٌ: مَعْنَاهُ مَا تَفَرَّقَ وَلَا تَمَذَّرَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ.
برر: البِرُّ: الصِّدْقُ والطاعةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
؛ أَراد ولكنَّ البِرَّ بِرُّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ولكنَّ ذَا الْبِرّ من آمن بالله؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: والأَول أَجود لأَن حَذْفَ الْمُضَافِ ضَرْبٌ مِنَ الِاتِّسَاعِ وَالْخَبَرُ أَولى مِنَ الْمُبْتَدَإِ لأَن الِاتِّسَاعَ بالأَعجاز أَولى مِنْهُ بِالصُّدُورِ. قَالَ: وأَما مَا يُرْوَى مِنْ أَن النَّمِرَ بنَ تَوْلَب قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى
__________
(3) . قوله [المرح] هو في الأَصل بالحاء المهملة(4/51)
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
يَقُولُ: لَيْسَ مِنَ امْبِرِّ امْصِيامُ فِي امْسَفَرِ
؛ يُرِيدُ: لَيْسَ من البر الصيام في السَّفَرِ، فإِنه أَبدل لَامَ الْمَعْرِفَةِ مِيمًا، وَهُوَ شَاذٌّ لَا يَسُوغُ؛ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ جِنِّي؛ قَالَ: وَيُقَالُ إِن النَّمِرَ بْنُ تَوْلَبٍ لَمْ يَرْوِ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ؛ قَالَ: وَنَظِيرُهُ فِي الشُّذُوذِ مَا قرأْته عَلَى أَبي عَلِيٍّ بإِسناده إِلى الأَصمعي، قَالَ: يُقَالُ بَناتُ مَخْرٍ وبَناتُ بَخْرٍ وَهُنَّ سَحَائِبُ يأْتين قَبْلَ الصَّيْفِ بيضٌ مُنْتَصِباتٌ فِي السَّمَاءِ. وَقَالَ شَمِرٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْكُمْ بالصِّدْق فإِنه يَهْدي إِلى البِرِّ؛ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ الْبِرِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْبِرُّ الصَّلَاحُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْبِرُّ الْخَيْرُ. قَالَ: وَلَا أَعلم تَفْسِيرًا أَجمع مِنْهُ لأَنه يُحِيطُ بِجَمِيعِ مَا قَالُوا؛ قَالَ: وَجَعَلَ لبيدٌ البِرَّ التُّقى حَيْثُ يَقُولُ:
وَمَا البِرُّ إِلا مُضْمَراتٌ مِنَ التُّقى
قَالَ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تُحَزُّ رؤُوسهم فِي غيرِ بِرّ
مَعْنَاهُ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ وَخَيْرٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ بَعْضُهُمْ كلُّ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ عَمَلِ خَيْرٍ، فَهُوَ إِنفاق. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والبِرُّ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَخَيْرُ الدُّنْيَا مَا يُيَسِّرُهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْعَبْدِ مِنَ الهُدى والنِّعْمَةِ والخيراتِ، وخَيْرُ الآخِرَةِ الفَوْزُ بِالنَّعِيمِ الدَّائِمِ فِي الْجَنَّةِ، جَمَعَ اللَّهُ لَنَا بَيْنَهُمَا بِكَرَمِهِ وَرَحْمَتِهِ. وبَرَّ يَبَرُّ إِذا صَلَحَ. وبَرَّ فِي يَمِينِهِ يَبَرُّ إِذا صَدَقَهُ وَلَمْ يَحْنَثْ. وبَرَّ رَحِمَهُ «1» . يَبَرُّ إِذا وَصَلَهُ. وَيُقَالُ: فلانٌ يَبَرُّ رَبَّهُ أَي يُطِيعَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يَبَرُّك الناسُ ويَفْجُرُونَكا
ورجلٌ بَرٌّ بِذِي قَرَابَتِهِ وبارٌّ مِنْ قَوْمٍ بَرَرَةٍ وأَبْرَارٍ، وَالْمَصْدَرُ البِرُّ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ
؛ أَراد وَلَكِنَّ البِرَّ بِرُّ من آمن بالله؛ قول الشَّاعِرِ:
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خِلالَتُهُ [خُلالَتُهُ] كأَبي مَرْحَبِ؟
أَي كخِلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ. وتَبارُّوا، تَفَاعَلُوا: مِنَ البِرّ. وَفِي حَدِيثِ
الِاعْتِكَافِ: الْبِرَّ تُرِدْنَ
؛ أَي الطاعةَ والعبادَةَ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ.
وَفِي كِتَابِ قُرَيْشٍ والأَنصار: وإِنَّ البِرَّ دُونَ الإِثم أَي أَنَّ الْوَفَاءَ بِمَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ الغَدْر والنَّكْث. وبَرَّةُ: اسْمٌ عَلَمٌ بِمَعْنَى البِر، مَعْرِفَةٌ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُصْرَفُ، لأَنه اجْتَمَعَ فِيهِ التَّعْرِيفُ والتأْنيث، وَسَنَذْكُرُهُ فِي فَجارِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْنَنا، ... فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجارِ
وَقَدْ بَرَّ رَبَّه. وبَرَّتْ يمينُه تَبَرُّ وتَبِرُّ بَرّاً وبِرّاً وبُرُوراً: صَدَقَتْ. وأَبَرَّها: أَمضاها عَلَى الصِّدْقِ والبَرُّ: الصادقُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ
. والبَرُّ، مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ: العَطُوفُ الرَّحِيمُ اللَّطِيفُ الْكَرِيمُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى البَرُّ دُونَ البارِّ، وَهُوَ العَطُوف عَلَى عِبَادِهِ بِبِرِّهِ وَلُطْفِهِ. والبَرُّ والبارُّ بِمَعْنَى، وإِنما جَاءَ فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى البَرُّ دُونَ الْبَارِّ. وبُرَّ عملُه وبَرَّ بَرّاً وبُرُوراً وأَبَرَّ وأَبَرَّه اللَّهُ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: بُرَّ حَجُّه، فإِذا قَالُوا: أَبَرَّ الله حَجَّك،
__________
(1) . قوله [وبرّ رحمه إلخ] بابه ضرب وعلم(4/52)
قَالُوهُ بالأَلف. الْجَوْهَرِيُّ: وأَبَرَّ اللهُ حَجَّك لُغَةٌ فِي بَرَّ اللهُ حَجَّك أَي قَبِلَه؛ قَالَ: والبِرُّ فِي الْيَمِينِ مثلُه. وَقَالُوا فِي الدُّعَاءِ: مَبْرُورٌ مَأْجُورٌ ومَبرُوراً مَأْجوراً؛ تميمٌ تَرْفَعُ عَلَى إِضمار أَنتَ، وأَهلُ الْحِجَازِ يَنْصِبُونَ عَلَى اذْهَبْ مَبْرُوراً. شَمِرٌ: الْحَجُّ المَبْرُورُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنَ الْمَآثِمِ، والبيعُ المبرورُ: الَّذِي لَا شُبهة فِيهِ وَلَا كَذِبَ وَلَا خِيَانَةَ. وَيُقَالُ: بَرَّ فلانٌ ذَا قَرَابَتِهِ يَبَرُّ بِرّاً، وَقَدْ برَرْتُه أَبِرُّه، وبَرَّ حَجُّكَ يَبَرُّ بُرُوراً، وبَرَّ الحجُّ يَبِرُّ بِرّاً، بِالْكَسْرِ، وبَرَّ اللهُ حَجَّهُ وبَرَّ حَجُّه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الحجُّ المبرورُ لَيْسَ لَهُ جزاءٌ إِلا الجنةُ
؛ قَالَ سُفْيَانُ: تَفْسِيرُ الْمَبْرُورِ طِيبُ الْكَلَامِ وإِطعام الطَّعَامِ، وَقِيلَ: هُوَ المقبولُ المقابَلُ بالبرِّ وَهُوَ الثَّوَابُ؛ يُقَالُ: بَرَّ اللهُ حَجَّه وأَبَرَّهُ بِرّاً، بِالْكَسْرِ، وإِبْرَاراً. وَقَالَ أَبو قِلابَةَ لِرَجُلٍ قَدِمَ مِنَ الْحَجِّ: بُرَّ العملُ؛ أَرادَ عملَ الْحَجِّ، دَعَا لَهُ أَن يَكُونَ مَبْرُوراً لَا مَأْثَمَ فِيهِ فَيَسْتَوْجِبُ ذَلِكَ الخروجَ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي اقْتَرَفَها.
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بِرُّ الحجِّ؟ قَالَ: إِطعامُ الطَّعَامِ وطِيبُ الْكَلَامِ.
ورجل بَرٌّ مَنْ قَوْمٍ أَبرارٍ، وبارٌّ من قوم بَرَرَة
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ: إِنما سَمَّاهُمُ اللَّهُ أَبْراراً لأَنهم بَرُّوا الآباءَ والأَبناءَ. وَقَالَ: كَمَا أَن لَكَ عَلَى وَلَدِكَ حَقًّا كَذَلِكَ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ.
وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ: حقُّ الولدِ عَلَى وَالِدِهِ أَن يُحْسِنَ اسْمَهُ وأَن يُزَوِّجَهُ إِذا بَلَغَ وأَن يُحِجَّه وأَن يُحْسِنَ أَدبه. وَيُقَالُ: قَدْ تَبَرَّرْتَ فِي أَمرنا أَي تَحَرَّجْتَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فقالتْ: تَبَرَّرْتَ فِي جَنْبِنا، ... وَمَا كنتَ فِينَا حَدِيثاً بِبِرْ
أَي تَحَرَّجْتَ فِي سَبْيِنا وقُرْبِنا. الأَحمَر: بَرَرْتُ قسَمي وبَرَرْتُ وَالِدِي؛ وَغَيْرُهُ لَا يَقُولُ هَذَا. وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ فِي كِتَابِ الْفَصِيحِ: يُقَالُ صَدَقْتُ وبَرِرْتُ، وَكَذَلِكَ بَرَرْتُ وَالِدِي أَبِرُّه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: بَرَرْتُ فِي قسَمِي وأَبَرَّ اللهُ قَسَمِي؛ وَقَالَ الأَعور الْكَلْبِيُّ:
سَقَيْناهم دِماءَهُمُ فَسالَتْ، ... فأَبْرَرْنَا إِلَيْه مُقْسِمِينا
وَقَالَ غَيْرُهُ: أَبَرَّ فلانٌ قَسَمَ فُلَانٍ وأَحْنَثَهُ، فأَما أَبَرَّه فَمَعْنَاهُ أَنه أَجابه إِلى مَا أَقسم عَلَيْهِ، وأَحنثه إِذا لَمْ يُجِبْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَرَّ اللهُ قَسَمَه وأَبَرَّه بِرّاً
، بِالْكَسْرِ، وإِبراراً أَي صَدَقَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ: لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ وَلَا بِرٍّ
أَي صِدْقٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ::
أُمِرْنا بِسَبْعٍ مِنْهَا إِبرارُ القَسَمِ.
أَبو سَعِيدٍ: بَرَّتْ سِلْعَتُه إِذا نَفَقَتْ، قَالَ والأَصل فِي ذَلِكَ أَن تُكافئه السِّلْعَةُ بِمَا حَفِظها وَقَامَ عَلَيْهَا، تُكَافِئُهُ بِالْغَلَاءِ فِي الثَّمَنِ؛ وَهُوَ مِنْ قَوْلِ الأَعشى يَصِفُ خَمْرًا:
تَخَيَّرَها أَخو عَانَاتَ شَهْراً، ... ورَجَّى بِرَّها عَامًا فَعَامَا
والبِرُّ: ضِدُّ العُقُوقُ، والمَبَرَّةُ مِثْلُهُ. وبَرِرْتُ وَالِدِي، بِالْكَسْرِ، أَبَرُّهُ بِرّاً وَقَدْ بَرَّ والدَه يَبَرُّه ويَبِرُّه بِرّاً، فَيَبَرُّ عَلَى بَرِرْتُ ويَبِرُّ عَلَى بَرَرْتُ عَلَى حَدِّ مَا تقدَّم فِي الْيَمِينِ؛ وَهُوَ بَرٌّ بِهِ وبارٌّ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وأَنكر بَعْضُهُمْ بارٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَمَسَّحُوا بالأَرضِ فإِنها بَرَّةٌ بِكُمْ
أَي تَكُونُ بُيُوتُكُمْ عَلَيْهَا وتُدْفَنُون فِيهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَوْلُهُ فَإِنَّهَا بِكُمْ بَرَّةٌ أَيْ مُشْفِقَةٌ عَلَيْكُمْ كَالْوَالِدَةِ البَرَّة بأَولادها يَعْنِي أَن مِنْهَا خَلْقَكُمْ وَفِيهَا مَعَاشَكُمْ وإِليها بَعْدُ الْمَوْتِ مَعَادَكُمْ؛(4/53)
وَفِي حَدِيثِ زَمْزَمَ:
أَتاه آتٍ فَقَالَ: احْفِرْ بَرَّة
؛ سَمَّاهَا بَرَّةً لِكَثْرَةِ مَنَافِعِهَا وسعَةِ مَائِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه غَيَّرَ اسْمَ امرأَةٍ كَانَتْ تُسَمَّى بَرَّةَ فَسَمَّاهَا زَيْنَبَ
، وَقَالَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا، كأَنه كَرِهَ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
حكِيم بْنِ حِزامٍ: أَرأَيتَ أُموراً كنتُ أَبْرَرْتُها
أَي أَطْلُبُ بِهَا البِرِّ والإِحسان إِلى النَّاسِ وَالتَّقَرُّبَ إِلى اللَّهِ تَعَالَى. وجمعُ البَرّ الأَبْرارُ، وجمعُ الْبَارِّ البَرَرَةُ. وفلانٌ يَبَرُّ خالقَه ويَتَبَرَّرهُ أَي يُطِيعُهُ؛ وامرأَة بَرّةٌ بِوَلَدِهَا وبارّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ، فِي بِرّ الْوَالِدَيْنِ: وَهُوَ فِي حَقِّهِمَا وَحَقِّ الأَقْرَبِين مِنَ الأَهل ضِدُّ العُقوق وَهُوَ الإِساءةُ إِليهم وَالتَّضْيِيعُ لِحَقِّهِمْ. وَجَمْعُ البَرِّ أَبْرارٌ، وَهُوَ كَثِيرًا مَا يُخَصُّ بالأَولياء، والزُّهَّاد والعُبَّادِ، وَفِي الْحَدِيثِ:
الماهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الكرامِ البَرَرَةِ أَي مَعَ الْمَلَائِكَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
الأَئمةُ مِنْ قُرَيْشٍ أَبْرارُها أُمراءُ أَبْرارِها وفُجَّارُها أُمراءُ فُجَّارها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا عَلَى جِهَةِ الإِخبار عَنْهُمْ لَا طريقِ الحُكْمِ فِيهِمْ أَي إِذا صَلَحَ النَّاسُ وبَرُّوا وَلِيَهُمُ الأَبْرارُ، وإِذا فَسَدوا وفجَرُوا وَلِيَهُمُ الأَشرارُ؛ وَهُوَ كَحَدِيثِهِ الْآخَرِ: كَمَا تَكُونُونَ يُوَلَّى عَلَيْكُمْ. وَاللَّهُ يَبَرُّ عبادَه: يَرحَمُهم، وَهُوَ البَرُّ. وبَرَرْتُه بِرّاً: وَصَلْتُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ
. وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ السَّائِرِ: فلانٌ مَا يَعْرِفُ هِرّاً مِنْ بِرٍّ؛ مَعْنَاهُ مَا يَعْرِفُ مَنْ يَهِرٌّه [يَهُرٌّه] أَي مِنْ يَكْرَهُه مِمَّنْ يَبِرُّه، وَقِيلَ: الهِرُّ السِّنَّوْرُ، والبِرُّ الفأْرةُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، أَو دُوَيْبَّةٌ تُشْبِهُهَا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا يَعْرِفُ الهَرْهَرَة مِنَ البَرْبَرَةِ، فالهَرْهَرة: صوتُ الضأْن، والبَرْبَرَةُ: صوتُ المِعْزى. وَقَالَ الْفَزَارِيُّ: البِرُّ اللُّطْفُ، والهِرُّ العُقُوق. وَقَالَ يُونُسُ: الهِرُّ سَوْقُ الْغَنَمِ، والبِرُّ دُعاءُ الغَنَمِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: البِرُّ فِعْلُ كُلِّ خَيْرٍ مِنْ أَي ضَرْبٍ كَانَ، والبِرُّ دُعاءُ الْغَنَمِ إِلى العَلَفِ، والبِرُّ الإِكرامُ، والهِرُّ الخصومةُ، وَرَوَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الهِرُّ دُعَاءُ الْغَنَمِ والبِرُّ سَوْقُها. التَّهْذِيبُ: وَمِنْ كَلَامِ سُلَيْمَانَ: مَنْ أَصْلَحَ جُوَّانِيَّتَهُ بَرَّ اللهُ بَرَّانِيَّته؛ الْمَعْنَى: مَنْ أَصلح سَرِيرَتَهُ أَصلح اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ؛ أُخذ مِنَ الجَوِّ والبَرِّ، فالجَوُّ كلُّ بَطْن غامضٍ، والبَرُّ المَتْنُ الظَّاهِرُ، فَهَاتَانِ الْكَلِمَتَانِ عَلَى النِّسْبَةِ إِليهما بالأَلف وَالنُّونِ. وَوَرَدَ:
مَنْ أَصْلحَ جُوَّانيَّهُ أَصْلح اللَّهُ بَرَّانِيَّهُ.
قَالُوا: البَرَّانيُّ الْعَلَانِيَةُ والأَلف وَالنُّونُ مِنْ زياداتِ النَّسبِ، كَمَا قَالُوا فِي صَنْعَاءَ صَنْعَانِيُّ، وأَصله مِنْ قَوْلِهِمْ: خَرَجَ فلانٌ بَرًّا إِذا خَرَجَ إِلى البَرِّ وَالصَّحْرَاءِ، وَلَيْسَ مِنْ قَدِيمِ الْكَلَامِ وَفَصِيحِهِ. والبِرُّ: الْفُؤَادُ، يُقَالُ هُوَ مُطْمَئِنُّ البِرِّ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَكُونُ مَكانَ البِرِّ مِنْهُ ودونَهُ، ... وأَجْعَلُ مَالِي دُونَه وأُؤَامِرُهْ
وأَبَرَّ الرجُلُ: كَثُرَ ولَدهُ. وأَبَرّ القومُ: كَثُرُوا وَكَذَلِكَ أَعَرُّوا، فَأَبَرُّوا فِي الْخَيْرِ وأَعَرُّوا فِي الشَّرِّ، وَسَنَذْكُرُ أَعَرُّوا فِي مَوْضِعِهِ. والبَرُّ، بِالْفَتْحِ: خِلَافُ البَحْرِ. والبَرِّيَّة مِنَ الأَرَضِين، بِفَتْحِ الْبَاءِ: خِلَافُ الرِّيفِيَّة. والبَرِّيَّةُ: الصحراءُ نُسِبَتْ إِلى البَرِّ، كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي، بِالْفَتْحِ، كَالَّذِي قَبْلَهُ. والبَرُّ: نَقِيضُ الكِنّ؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَالْعَرَبُ تستعمِله فِي النَّكِرَةِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: جَلَسْتُ بَرًّا وخَرَجْتُ بَرًّا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا مِنْ كَلَامِ المولَّدين وَمَا سَمِعْتُهُ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ الْبَادِيَةِ. وَيُقَالُ: أَفْصَحُ الْعَرَبِ أَبَرُّهم. مَعْنَاهُ أَبعدهم فِي البَرِّ والبَدْوِ دَارًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ظَهَرَ الْفَسادُ(4/54)
فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ الجَدْبُ فِي البَرِّ والقَحْطُ فِي الْبَحْرِ أَي فِي مُدُنِ الْبَحْرِ الَّتِي عَلَى الأَنهار. قَالَ شَمِرٌ: البَرِّيَّةُ الأَرض المنسوبةُ إِلى البَرِّ وَهِيَ بَرِّيَّةٌ إِذا كَانَتْ إِلى البرِّ أَقربَ مِنْهَا إِلى الْمَاءِ، والجمعُ البرَارِي. والبَرِّيتُ، بِوَزْنِ فَعْلِيتٍ: البَرِّيَّةُ فَلَمَّا سَكَنَتِ الْيَاءُ صَارَتِ الْهَاءُ تَاءً، مِثْل عِفرِيتٍ وعِفْرِية، وَالْجَمْعُ البَرَارِيتُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: البَرِّيتُ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ وَشَمِرٍ وَابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
؛ قَالَ: البَرُّ القِفارُ وَالْبَحْرُ كلُّ قَرْيَةٍ فِيهَا ماءٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَبَرَّ فلانٌ إِذا رَكِبَ البَر. ابْنُ سِيدَهْ: وإِنه لمُبِرٌّ بِذَلِكَ أَي ضابطٌ لَهُ. وأَبَرَّ عَلَيْهِمْ: غَلَبَهُمْ. والإِبرارُ: الغلبةُ؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:
يَكْشِفُونَ الضُّرَّ عَنْ ذِي ضُرِّهِمْ، ... ويُبِرُّونَ عَلَى الْآبِي المُبرّ
أَيْ يَغْلِبُونَ؛ يُقَالُ أَبَرَّ عَلَيْهِ أَي غَلَبَهُ. والمُبِرُّ: الْغَالِبُ. وَسُئِلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَد: أَتعرف الفَرَسَ الكريمَ؟ قَالَ: أَعرف الجوادَ المُبِرَّ مِنَ البَطِيءِ المُقْرِفِ؛ قَالَ: والجوادُ المُبِرُّ الَّذِي إِذا أُنِّف يَأْتَنِفُ السَّيْرَ، ولَهَزَ لَهْزَ العَيْرِ، الَّذِي إِذا عَدَا اسْلَهَبَّ، وإِذا قِيد اجْلَعَبَّ، وإِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ. وَيُقَالُ: أَبَرَّهُ يُبِرُّه إِذا قَهَره بفَعالٍ أَو غَيْرِهِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وأَبَرَّ عَلَيْهِمْ شَرّاً؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد:
إِذا كُنْتُ مِنْ حِمَّانَ فِي قَعْرِ دارِهِمْ، ... فَلَسْتُ أُبالي مَنْ أَبَرَّ ومَنْ فَجَرْ
ثُمَّ قَالَ: أَبرَّ مِنْ قَوْلِهِمْ أَبرَّ عَلَيْهِمْ شَرّاً، وأَبرَّ وفَجَرَ واحدٌ فَجَمْعَ بَيْنِهِمَا. وأَبرّ فلانٌ عَلَى أَصحابه أَي عَلَاهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ ناضِح فُلَانٍ قَدْ أَبرّ عَلَيْهِمْ
أَي اسْتَصْعَبَ وغَلَبَهُم. وابْتَرَّ الرَّجُلُ: انْتَصَبَ مُنْفَرِدًا مِنْ أَصحابه. ابْنُ الأَعرابي: البَرَابِيرُ أَن يأْتي الرَّاعِي إِذا جَاعَ إِلى السُّنْبُلِ فَيَفْرُكَ مِنْهُ مَا أَحبَّ وَيَنْزِعَه مِنْ قُنْبُعِه، وَهُوَ قِشْرُهُ، ثُمَّ يَصُبَّ عَلَيْهِ اللبنَ الحليبَ ويغْليَه حَتَّى يَنْضَجَ ثُمَّ يجعَله فِي إِناءِ وَاسِعٍ ثُمَّ يُسَمِّنَه أَي يُبَرِّدَه فَيَكُونَ أَطيب مِنَ السَّمِيذِ. قَالَ: وَهِيَ الغَديرَةُ، وَقَدِ اغْتَدَرنا. والبَريرُ: ثَمَرُ الأَراك عامَّةً، والمَرْدُ غَضُّه، والكَباثُ نَضِيجُه؛ وَقِيلَ: البريرُ أَوَّل مَا يَظْهَرُ مِنْ ثَمَرِ الأَراك وَهُوَ حُلْو؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: البَرِيرُ أَعظم حَبًّا مِنَ الكَبَاث وأَصغر عُنقُوداً مِنْهُ، وَلَهُ عَجَمَةٌ مُدَوّرَةٌ صَغِيرَةٌ صُلْبَة أَكبر مِنَ الحِمَّص قَلِيلًا، وعُنْقُوده يملأُ الْكَفَّ، الْوَاحِدَةُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ بَرِيرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ: وَنَسْتَصْعِدُ البَريرَ أَي نَجْنيه للأَكل؛ البَريرُ: ثَمَرُ الأَراك إِذا اسوَدَّ وبَلَغَ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
مَا لَنَا طعامٌ إِلَّا البَريرُ.
والبُرُّ: الحِنْطَةُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
لَا درَّ دَرِّيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَكُمْ ... قِرْفَ الحَتِيِّ، وَعِنْدِي البُرُّ مَكْنُوزُ
وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ: رَائِدَهُمْ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: البُرُّ أَفصَحُ مِنْ قَوْلِهِمُ القَمْحُ والحنطةُ، وَاحِدَتُهُ بُرَّةٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُقَالُ لِصَاحِبِهِ بَرَّارٌ عَلَى مَا يَغْلِبُ فِي هَذَا النَّحْوِ لأَن هَذَا الضَّرْبَ إِنما هُوَ سَمَاعِيٌّ لَا اطِّرَادِيٌّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَنَعَ سِيبَوَيْهِ أَن يُجْمَعَ البُرُّ عَلَى أَبْرارٍ وَجَوَّزَهُ الْمُبَرِّدُ قِيَاسًا. والبُرْبُورُ: الجشِيشُ مِنَ البُرِّ. والبَرْبَرَةُ: كَثْرَةُ الْكَلَامِ والجَلَبةُ بِاللِّسَانِ، وَقِيلَ:(4/55)
الصِّيَاحُ. ورجلٌ بَرْبارٌ إِذا كَانَ كَذَلِكَ؛ وَقَدْ بَرْبَر إِذا هَذَى. الْفَرَّاءُ: البَرْبرِيُّ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ بِلَا مَنْفَعَةٍ. وَقَدْ بَرْبَرَ فِي كَلَامِهِ بَرْبَرَةً إِذا أَكثر. والبَرْبَرَةُ: الصوتُ وكلامٌ مِنْ غَضَبٍ؛ وَقَدْ بَرْبَرَ مِثْلُ ثَرثَرَ، فَهُوَ ثرثارٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، لَمَّا طَلَبَ إِليه أَهل الطَّائِفِ أَن يَكْتُبَ لَهُمُ الأَمانَ عَلَى تَحْلِيلِ الزِّنَا وَالْخَمْرِ فَامْتَنَعَ: قَامُوا وَلَهُمْ تَغَذْمُرٌ وبَرْبَرةٌ
؛ البَرْبَرَةُ التَّخْلِيطُ فِي الْكَلَامِ مَعَ غَضَبٍ وَنُفُورٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُحُدٍ: فأَخَذَ اللِّواءَ غلامٌ أَسودُ فَنَصَبَه وبَرْبَرَ.
وبَرْبَرٌ: جِيلٌ مِنَ النَّاسِ يُقَالُ إِنهم مِنْ ولَدِ بَرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ، قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا، والبَرابِرَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنْهُمْ، زَادُوا الْهَاءَ فِيهِ إِما لِلْعُجْمَةِ وإِما لِلنَّسَبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِن شِئْتَ حَذَفْتَهَا. وبَرْبَرَ التَّيْسُ لِلهِياجِ: نَبَّ. ودَلْوٌ بَرْبارٌ: لَهَا فِي الْمَاءِ بَرْبَرَةٌ أَي صَوْتٌ، قَالَ رؤْبة:
أَرْوي بِبَرْبارَيْنِ فِي الغِطْماطِ
والبُرَيْراءُ، عَلَى لَفْظِ التَّصْغِيرِ: مَوْضِعٌ، قَالَ:
إِنَّ بِأَجْراعِ البُرَيْراءِ فالحِسَى ... فَوَكْزٍ إِلى النَّقْعَينِ مِن وَبِعانِ
ومَبَرَّةُ: أَكَمَةٌ دُونَ الجارِ إِلى الْمَدِينَةِ، قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
أَقْوَى الغَياطِلُ مِن حِراجِ مَبَرَّةٍ، ... فَجُنوبُ سَهْوَةَ «2» . قَدْ عَفَتْ، فَرِمالُها
وبَرِيرَةُ: اسْمُ امرأَة. وبَرَّةُ: بِنْتُ مُرٍّ أُخت تَمِيمِ بْنِ مُرٍّ وَهِيَ أُم النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ.
بزر: البَزْرُ: بَزْرُ البَقْلِ وَغَيْرِهِ. ودُهْنُ البَزْرِ والبِزْرِ، وَبِالْكَسْرِ أَفصح. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: البِزْرُ والبَزْرُ كُلُّ حَبٍّ يُبْزَرُ لِلنَّبَاتِ. وبَزَرَه بَزْراً: بَذَرَهُ. وَيُقَالُ: بَزَرْتُه وبَذَرْتُه. والبُزُورُ: الحُبُوبُ الصِّغَارُ مِثْلَ بُزُور الْبُقُولِ وَمَا أَشبهها. وَقِيلَ: البَزْرُ الحَبُّ عامَّةً. والمَبْزُورُ: الرَّجُلُ الْكَثِيرُ الولَدِ؛ يُقَالُ: مَا أَكثر بَزْرَه أَي وَلَدَهُ. والبَزْراءُ: المرأَة الْكَثِيرَةُ الوَلَدِ. والزَّبْراءُ: الصُّلْبة عَلَى السَّيْرِ. والبَزْرُ: المُخاط. والبَزْرُ: الأَولاد. والبَزْرُ والبِزْرُ: التَّابَلُ، قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا يَقُولُهُ الْفُصَحَاءُ إِلَّا بِالْكَسْرِ، وَجَمْعُهُ أَبْزارٌ، وأَبازيرُ جمعُ الْجَمْعِ. وبَزَرَ القِدْرَ: رَمى فِيهَا البَزْرَ. والبَزْرُ: الهَيْجُ بِالضَّرْبِ. وبَزَرَه بِالْعَصَا بَزْراً: ضَرَبَهُ بِهَا. وعَصاً بَيْزارَةٌ: عَظِيمَةٌ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْعَصَا البَيْزارَةُ والقَصيدَةُ؛ والبَيَازِرُ: العِصِيُّ الضِّخامُ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ يَوْمَ الجَمَلِ: مَا شَبَّهْتُ وَقْعَ السُّيُوفِ عَلَى الهَامِ إِلَّا بِوَقْعِ البَيَازِرِ عَلَى المَوَاجِنِ
؛ الْبَيَازِرُ: العِصِيُّ، وَالْمَوَاجِنُ: جمعُ مِيجَنةٍ وَهِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَدُقُّ بِهَا القَصّارُ الثوبَ والبَيْزارُ: الذكَرُ. وعِزٌّ بَزَرى: ضَخْمٌ؛ قَالَ:
قدْ لَقِيَتْ سِدْرَةُ جَمْعاً ذَا لَهاً، ... وعَدَداً فَخْماً وعِزًّا بَزَرَى،
مَنْ نَكَلَ الْيَومَ فَلَا رَعَى الحِمَى
سِدْرَةُ: قَبِيلَةٌ وَسَنَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا. وعِزَّةٌ بَزَرَى: قَعْساء؛ قَالَ:
أَبَتْ لِي عِزَّةٌ بَزَرَى بَذُوخُ، ... إِذا مَا رامَها عِزٌّ يَدُوخُ
__________
(2) . قوله: [فجنوب سهوة] كذا بالأَصل، وفي ياقوت فخبوت، بخاء معجمة فباء موحدة مضومتين فمثناة فوقية بعد الواو جمع خبت، بفتح الخاء المعجمة وسكون الموحدة، وهو المكان المتسع كما في القاموس(4/56)
وَقِيلَ: بَزَرَى عَدَدٌ كَثِيرٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِذا كَانَ ذَلِكَ فَلَا أَدري كَيْفَ يَكُونُ وَصْفًا للعِزَّة إِلَّا أَن يُرِيدَ ذُو عِزَّةٍ. ومِبْزَرُ القَصّارِ ومَبْزَرُه، كِلَاهُمَا: الَّذِي يَبْزُرُ بِهِ الثوبَ فِي الْمَاءِ. اللَّيْثُ: المِبْزَرُ مِثْلَ خَشَبَةِ القصَّارين تُبْزَرُ بِهِ الثيابُ فِي الْمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: البَيْزَرُ خَشَبُ الْقَصَّارِ الَّذِي يَدُقُّ بِهِ. والبَيْزارُ: الَّذِي يَحْمِلُ البازِيّ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيُقَالُ فِيهِ البازيارُ، وَكِلَاهُمَا دَخِيلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: البَيازِرَةُ جَمْعُ بَيْزار وَهُوَ مُعَرَّبُ بازْيار؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
كأَنَّ سَوَابِقَها، فِي الغُبار، ... صُقُورٌ تُعَارِضُ بَيْزارَها
وبَزَرَ يبْزُرُ: امْتَخَطَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَبَنُو البَزَرَى: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ يُنسبون إِلى أُمِّهم. الأَزهري: البَزَرَى لَقَبٌ لِبَنِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ؛ وتَبَزَّرَ الرجلُ: إِذا انْتَمَى إِليهم. وَقَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ: إِذا مَا تَجَعْفَرتمْ عَلَيْنَا، فإِنَّنا بَنُو البَزَرَى مِن عِزَّةٍ نَتَبَزَّرُ وبَزْرَةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ، قَالَ كُثَيِّرٌ:
يُعانِدْنَ فِي الأَرْسانِ أَجْوازَ بَزْرَةٍ، ... عتاقُ المَطايا مُسْنَفاتٌ حِبالُها
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ لَا تَقُومُ الساعةُ حَتَّى تُقاتلوا قَوْماً يَنْتَعِلُون الشَّعَرَ وهم البازِرُ
؛ قيل: بازِرُ نَاحِيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ كِرْمان بِهَا جِبَالٌ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ هُمُ الأَكراد، فإِن كَانَ مِنْ هَذَا فكأَنه أَراد أَهل الْبَازِرِ، أَو يَكُونُ سُمُّوا بِاسْمِ بِلَادِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخرجه أَبو مُوسَى بِالْبَاءِ والزاي من كتابه وشرحه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نِعالُهم الشَّعَرُ وَهُمْ هَذَا البارِزُ
؛ وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: هُمْ أَهل البارِز؛ يَعْنِي بأَهل البارِز أَهل فارس، هكذا قَالَ هُوَ بِلُغَتِهِمْ؛ قَالَ: وَهَكَذَا جَاءَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ كأَنه أَبدل السِّينَ زَايًا فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الزَّايِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ فِي فَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَكَذَلِكَ اختلف مع تقديم الزاي.
بسر: البَسْرُ: الإِعْجالُ. وبَسَرَ الفَحْلُ الناقةَ يَبْسُرُها بَسْراً وابْتَسَرَها: ضَرَبَهَا قَبْلَ الضَّبَعَةِ. الأَصمعي: إِذا ضُرِبَت الناقةُ عَلَى غَيْرِ ضَبَعَةٍ فَذَلِكَ البَسْرُ، وَقَدْ بَسَرَها الفحلُ، فَهِيَ مَبْسُورة؛ قَالَ شَمِرٌ: وَمِنْهُ يُقَالُ: بَسَرْتُ غَرِيمي إِذا تَقَاضَيْتُهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْمَالِ، وبَسَرْتُ الدُّمَّلَ إِذا عَصَرْتُهُ قَبْلَ أَن يَتَقَيَّحَ، وكأَنَّ البَسْرَ مِنْهُ. والمَبْسُورُ: طَالِبُ الْحَاجَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ قَالَ لِلْوَلِيدِ التَّيّاسِ: لَا تُبْسِرْ
؛ البَسْرُ ضَرْبُ الْفَحْلِ النَّاقَةَ قَبْلَ أَن تَطْلُب؛ يَقُولُ: لَا تَحْمِلْ عَلَى النَّاقَةِ وَالشَّاةِ قَبْلَ أَن تَطْلُبَ الفحلَ، وبَسَرَ حَاجَتَهُ يَبْسُرُها بَسْراً وبِساراً وابْتَسَرَها وتَبَسَّرَها: طَلَبَهَا فِي غَيْرِ أَوانها أَو فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلرَّاعِي:
إِذا احْتَجَبَتْ بناتُ الأَرضِ عَنْهُ، ... تَبَسَّرَ يَبْتَغِي فِيهَا البِسارَا
بَنَاتُ الأَرض: النَّبَاتُ. وَفِي الصِّحَاحِ: بناتُ الأَرضِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَخْفَى عَلَى الرَّاعِي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ وَهِمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ بَنَاتِ الأَرض بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي تَخْفَى عَلَى الرَّاعِي، وإِنما غَلَطُهُ فِي ذَلِكَ أَنه ظَنَّ أَن الْهَاءَ فِي عَنْهُ ضَمِيرُ الرَّاعِي، وأَن الْهَاءَ فِي قَوْلِهِ فِيهَا ضَمِيرُ الإِبل، فَحَمَلَ الْبَيْتَ عَلَى أَن شَاعِرَهُ وَصَفَ إِبلًا وَرَاعِيهَا، وَلَيْسَ(4/57)
كَمَا ظَنَّ وإِنما وَصَفَ الشَّاعِرُ حِمَارًا وأُتُنَه، وَالْهَاءُ فِي عَنْهُ تَعُودُ عَلَى حِمَارِ الْوَحْشِ، وَالْهَاءُ فِي فِيهَا تَعُودُ عَلَى أُتنه؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ قَبْلَ الْبَيْتِ بِبَيْتَيْنِ أَو نَحْوَهُمَا:
أَطَارَ نَسِيلَهُ الحَوْلِيَّ عَنْهُ، ... تَتَبُّعُه المَذانِبَ والقِفَارَا
وتَبَسَّرَ: طَلَبَ النَّبَاتِ أَي حَفَر عَنْهُ قَبْلَ أَن يَخْرُجَ؛ أَخبر أَن الحَرَّ انْقَطَعَ وَجَاءَ القيظُ، وبَسَرَ النَّخْلَةَ وابْتَسَرها: لَقَّحَها قَبْلَ أَوان التَّلْقِيحِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
طَافَتْ بِهِ العَجْمُ، حَتَّى نَدَّ ناهِضُها، ... عَمٌّ لُقِحْنَ لِقاحاً غَيرَ مُبْتَسَرِ
أَبو عُبَيْدَةَ: إِذا همَّت الفرسُ بالفَحْلِ وأَرادَتْ أَن تَسْتَودِقَ فَأَولُ وِداقِها المُباسَرَةُ، وَهِيَ مُباسِرَةٌ ثُمَّ تكونَ وَديقاً. والمُباسِرَةُ: الَّتِي هَمَّتْ بِالْفَحْلِ قَبْلَ تَمَامِ وِداقِها، فإِذا ضَرَبَهَا الحِصانُ فِي تِلْكَ الْحَالِ، فَهِيَ مَبْسُورَةٌ، وَقَدْ تَبسَّرَها وبَسَرَها. والبَسْرُ ظَلْمُ السّقاءِ. وبَسَرَ الحِبْنَ بَسْراً: نَكَأَه قَبْلَ وَقْتِهِ. وبَسَرَ وأَبْسَرَ إِذا عَصَرَ الحِبْنَ قبلَ أَوانه. الْجَوْهَرِيُّ: البَسْرُ أَن يَنْكَأَ الحِبْنَ قَبْلَ أَن يَنْضَجَ أَي يَقْرِفَ عَنْهُ قِشْرَهُ. وبَسَرَ القَرْحَةَ يَبْسُرُها بَسْراً: نكأَها قبلَ النُّضْجِ. والبَسْرُ: القَهْرُ. وبَسَرَ يَبْسُرُ بَسْراً وبُسُوراً: عَبَسَ. وَوَجْهٌ بَسْرٌ: باسِرٌ، وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ
؛ وَفِيهِ: ثُمَّ عَبَسَ. وَبَسَرَ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: بَسَرَ أَي نَظَرَ بِكَرَاهَةٍ شَدِيدَةٍ. وَقَوْلُهُ: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ
أَي مُقَطِّبَةٌ قَدْ أَيقنت أَن الْعَذَابَ نَازِلٌ بِهَا. وبَسَرَ الرجلُ وَجْهَه بُسُوراً أَي كَلَحَ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ قَالَ: لَمَّا أَسلمتُ رَاغَمَتْني أُمِّي فَكَانَتْ تَلْقَانِي مَرَّةً بالبِشْرِ ومَرَّةً بالبَسْرِ
؛ البِشْرُ، بِالْمُعْجَمَةِ: الطَّلَاقَةُ؛ والبَسْرُ، بِالْمُهْمَلَةِ: القُطُوبُ؛ بَسَرَ وَجْهَهُ يَبْسُرُه. وتَبَسَّرَ النهارُ: بَرَدَ. والبُسْرُ: الغَضُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والبُسْرُ: التَّمْرُ قَبْلَ أَن يُرْطِبَ لِغَضاضَتِه، وَاحِدَتُهُ بُسْرَةٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا تُكَسَّرُ البُسْرَةُ إِلَّا أَن تُجْمَعَ بالأَلف وَالتَّاءِ لِقِلَّةٍ هَذَا الْمِثَالُ فِي كَلَامِهِمْ، وأَجاز بُسْرانٌ وتُمْرانٌ يُرِيدُ بِهِمَا نَوْعَيْنِ مِنَ التَّمْرِ والبُسْرِ. وَقَدْ أَبْسَرَتِ النخلةُ وَنَخْلَةُ مُبْسِرٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، كُلُّهُ عَلَى النَّسَبِ، ومِبْسارٌ: لَا يَرْطُبُ ثَمَرُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ
فِي شَرْطِ مُشْتَرِي النَّخْلِ عَلَى الْبَائِعِ: لَيْسَ لَهُ مِبْسارٌ
، هُوَ الَّذِي لَا يَرْطُبُ بُسْرُه. وبَسَرَ التَّمْرَ يَبْسُرُه بَسْراً وبَسَّرَهُ إِذا نَبَذَ فَخَلَطَ البُسْرَ بِالتَّمْرِ. وَرُوِيَ عَنِ الأَشْجَع العَبْدِيِّ أَنه قَالَ: لَا تَبْسُرُوا وَلَا تَثْجُرُوا؛ فَأَما البَسْرُ. بِفَتْحِ الْبَاءِ، فَهُوَ خَلْطُ البُسْرِ بالرُّطَبِ أَو بِالتَّمْرِ وانتباذُهما جَمِيعًا، والثَّجْرُ: أَن يؤْخذ ثَجِيرُ البُسْرِ فَيُلْقَى مَعَ التَّمْرِ، وَكُرِهَ هَذَا حِذَارَ الْخَلِيطَيْنِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْهُمَا. وأَبْسَرَ وبَسَرَ إِذا خَلَطَ البُسْرَ بِالتَّمْرِ أَو الرُّطَبِ فَنَبَذَهُمَا. وَفِي الصِّحَاحِ: البَسْر أَن يُخلَط البُسْرُ مَعَ غَيْرِهِ فِي النَّبِيذِ. والبُسْرُ: مَا لَوَّنَ وَلِمَ يَنْضَجْ، وإِذا نضِجَ فَقَدْ أَرْطَبَ؛ الأَصمعي: إِذا اخْضَرَّ حَبُّه وَاسْتَدَارَ فَهُوَ خَلالٌ، فإِذا عَظُمَ فَهُوَ البُسْرُ، فإِذا احْمَرَّتْ فَهِيَ شِقْحَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: البُسْرُ «3» . أَوَّله طَلْعٌ ثُمَّ خَلالٌ ثُمَّ بَلَحٌ ثُمَّ بُسْرٌ ثُمَّ رُطَبٌ ثُمَّ تَمْرٌ، الْوَاحِدَةُ بُسْرَةٌ وبُسُرَةٌ وَجَمْعُهَا بُسْراتٌ وبُسُراتٌ وبُسْرٌ وبُسُرٌ. وأَبْسَرَ النَّخْلُ: صَارَ مَا عَلَيْهِ بُسْراً. والبُسْرَةُ مِنَ النَّبْتِ: مَا ارْتَفَعَ عَنْ وَجْهِ الأَرض وَلَمْ يَطُلْ لأَنه حينئذٍ غَضٌّ.
__________
(3) . قوله: [الجوهري البسر] إلخ ترك كثيراً من المراتب التي يؤول إليها الطلع حتى يصل إلى مرتبة التمر فانظرها في القاموس وشرحه(4/58)
قَالَ: وَهُوَ غَضّاً أَطيبُ مَا يَكُونُ. والبُسْرَةُ: الغَضُّ مِنَ البُهْمَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
رَعَتْ بَارِضَ البُهْمَى جَمِيعاً وبُسْرَةً، ... وصَمْعاءَ، حَتَّى آنَفَتْها نِصالُها.
أَي جَعَلَتْهَا تَشْتَكِي أُنُوفَها. الْجَوْهَرِيُّ: البُسْرَةُ مِنَ النَّبَاتِ أَوّلها البَارِضُ، وَهِيَ كَمَا تَبْدُو فِي الأَرض، ثُمَّ الجَمِيمُ ثُمَّ البُسْرَةُ ثُمَّ الصَّمْعَاءُ ثُمَّ الحشِيشُ ورَجُلٌ بُسْرٌ وامرأَةٌ بُسْرَةٌ: شَابَّانِ طَرِيَّانِ. والبُسْرُ والبَسْرُ: الماءُ الطَّرِيُّ الحديثُ العَهْدِ بِالْمَطَرِ ساعةَ يَنْزِلُ مَنِ المُزْنِ، وَالْجَمْعُ بِسارٌ، مِثْلَ رُمْحٍ وَرِمَاحٍ. والبَسْرُ: حَفْرُ الأَنهار إِذا عَرَا الماءُ أَوطانَهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ التَّبَسُّرُ؛ وأَنشد بَيْتَ الرَّاعِي:
إِذا احْتَجَبَتْ بَناتُ الأَرضِ عنهُ، ... تَبَسَّرَ يَبْتَغِي فِيهَا البِسارَا
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: بَنَاتُ الأَرض الأَنهار الصِّغَارُ وَهِيَ الغُدْرانُ فِيهَا بَقَايَا الْمَاءِ. وبَسَرَ النَّهْرَ إِذا حَفَرَ فِيهِ بِئْرًا وَهُوَ جافٌّ، وأَنشد بَيْتُ الرَّاعِي أَيضاً. وأَبْسَرَ إِذا حَفَرَ فِي أَرض مَظْلُومَةٍ. وابْتَسَرَ الشيءَ: أَخَذَه غَضًّا طَرِيًّا. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ أَنس قَالَ: لَمْ يَخْرُجْ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَفَرٍ قَطُّ إِلَّا قَالَ حِينَ يَنْهَضُ مِنْ جلوسِه: اللهمَّ بكَ ابْتَسَرْتُ وإِليكَ تَوَجَّهْتُ وبكَ اعْتَصَمْتُ، أَنتَ رَبِّي ورَجائي، اللهمَّ اكْفِني مَا أَهَمَّني وَمَا لَمْ أَهْتَمَّ بِهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، وزَوِّدْني التَّقْوَى واغْفِرْ لِي ذَنْبي وَوَجِّهْني للخَيرِ أَيْنَ تَوَجَّهْتُ، ثُمَّ يَخْرُجُ
؛ قولُه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بِكَ ابْتَسَرْتُ
أَي ابتدأْت سَفَرِي. وكلُّ شَيْءٍ أَخذتَه غَضّاً، فَقَدَ بَسَرْتَه وابتَسَرْتَه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ الأَزهري، وَالْمُحْدَثُونَ يَرْوُونَه بِالنُّونِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَي تحركتُ وسِرْتُ. وبَسَرْتُ النباتَ أَبْسُرُه بَسْراً إِذا رَعَيْتُهُ غَضّاً وكنتَ أَوَّلَ مَنْ رَعَاهُ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ غَيْثًا رَعَاهُ أُنُفاً:
بَسَرْتُ نَدَاهُ، لَمْ تُسَرَّبْ وُحُوشُه ... بِعِرْبٍ، كَجِذْعِ الهاجِرِيِّ المُشَذَّبِ.
والبَيَاسِرَةُ: قَوْمٌ بالسِّنْدِ، وَقِيلَ: جِيلٌ مِنَ السَّنَدِ يُؤَاجِرُونَ أَنفسهم مِنْ أَهل السُّفُنِ لِحَرْبِ عَدُوِّهِمْ؛ وَرَجُلٌ بَيْسَرِيٌّ. والبسارُ: مَطَرٌ يَدُومُ عَلَى أَهل السِّنْدِ وَفِي الصَّيْفِ لَا يُقْلِعُ عَنْهُمْ سَاعَةً فَتِلْكَ أَيام الْبِسَارِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الْبِسَارُ مَطَرُ يَوْمٍ فِي الصَّيْفِ يَدُومُ عَلَى البَيَاسِرَةِ وَلَا يُقْلِعُ. والمُبْسِرَاتُ: رِيَاحٌ يُسْتَدَلُّ بِهُبُوبِهَا عَلَى الْمَطَرِ. وَيُقَالُ لِلشَّمْسِ: بُسْرَةٌ إِذا كَانَتْ حَمْرَاءَ لَمْ تَصْفُ؛ وَقَالَ الْبَعِيثُ يَذْكُرُهَا:
فَصَبَّحَها، والشَّمسُ حَمْرَاءُ بُسْرَةٌ ... بِسائِفَةِ الأَنْقاءِ، مَوْتٌ مُغَلِّسُ
الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِلشَّمْسِ فِي أَوَّل طُلُوعِهَا بُسْرَةٌ. والبُسْرَةُ: رأْس قَضِيبِ الكَلْبِ. وأَبْسَرَ المركَبُ فِي الْبَحْرِ أَي وَقَفَ. والباسُور، كالنَّاسُور، أَعجمي: دَاءٌ مَعْرُوفٌ ويُجْمَعُ البَوَاسِيرَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ عِلَّةٌ تَحْدُثُ فِي الْمُقْعَدَةِ وَفِي دَاخِلِ الأَنف أَيضاً، نسأَل اللَّهَ الْعَافِيَةَ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ. وَفِي حَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي صَلَاةِ الْقَاعِدِ: وَكَانَ مَبْسُوراً
أَي بِهِ بَوَاسِيرُ، وَهِيَ الْمَرَضُ الْمَعْرُوفُ. وبُسْرَةُ: اسْمٌ. وبُسْرٌ: اسْمٌ؛ قَالَ:
ويُدْعَى ابنَ مَنْجُوفٍ سُلَيْمٌ وأَشْيَمٌ، ... ولَوْ كانَ بُسْرٌ رَاءَ ذلِكَ أَنْكَرَا
بشر: البَشَرُ: الخَلْقُ يَقَعُ عَلَى الأُنثى وَالذَّكَرِ وَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ؛ يُقَالُ: هِيَ بَشَرٌ(4/59)
وَهُوَ بَشَرٌ وَهُمَا بَشَرٌ وَهُمْ بَشَرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: البَشَرُ الإِنسان الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَقَدْ يُثَنَّى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا
؟ وَالْجَمْعُ أَبشارٌ. والبَشَرَةُ: أَعلى جِلْدَةِ الرأْس وَالْوَجْهِ وَالْجَسَدِ مِنَ الإِنسان، وَهِيَ الَّتِي عَلَيْهَا الشَّعْرُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَلِي اللَّحْمَ. وَفِي الْمَثَلِ: إِنما يُعاتَبُ الأَديمُ ذُو البَشَرَةِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مَعْنَاهُ أَن يُعادَ إِلى الدِّباغ، يَقُولُ: إِنما يعاتَبُ مَن يُرْجَى ومَنْ لَهُ مُسْكَةُ عَقْلٍ، وَالْجَمْعُ بَشَرٌ. ابْنُ بُزُرْجَ: والبَشَرُ جَمْعُ بَشَرَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْجِلْدِ. اللَّيْثُ: البَشَرَةُ أَعلى جِلْدَةِ الْوَجْهِ وَالْجَسَدِ مِنَ الإِنسان، ويُعْنى بِهِ اللَّوْنُ والرِّقَّةُ، وَمِنْهُ اشْتُقَّتْ مُباشَرَةُ الرَّجُلِ المرأَةَ لِتَضامِّ أَبْشارِهِما. والبَشَرَةُ والبَشَرُ: ظَاهِرُ جِلْدِ الإِنسان؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ أَبْعَثْ عُمَّالي لِيَضْرِبُوا أَبْشاركم
؛ وأَما قَوْلُهُ:
تُدَرِّي فَوْقَ مَتْنَيْها قُرُوناً ... عَلَى بَشَرٍ، وآنَسَهُ لَبابُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَدْ يَكُونُ جَمْعُ بَشَرَةٍ كَشَجَرَةٍ وَشَجَرٍ وَثَمَرَةٍ وَثَمَرٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد الْهَاءَ فَحَذَفَهَا كَقَوْلِ أَبي ذؤَيب:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هَلْ تَنَظَّرَ خالِدٌ ... عِنادي عَلَى الهِجْرانِ، أَم هُوَ يائِسُ؟
قَالَ: وَجَمْعُهُ أَيضاً أَبْشارٌ، قَالَ: وَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ. والبَشَرُ: بَشَرُ الأَديمِ. وبَشَرَ الأَديمَ يَبْشُرُه بَشْراً وأَبْشَرَهُ: قَشَرَ بَشَرَتَهُ الَّتِي يَنْبُتُ عَلَيْهَا الشَّعَرُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يأْخذ باطنَه بِشَفْرَةٍ. ابْنُ بُزُرْجَ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ بَشَرْتُ الأَديم أَبْشِرهُ، بِكَسْرِ الشِّينِ، إِذا أَخذت بَشَرَتَهُ. والبُشارَةُ: مَا بُشِرَ مِنْهُ. وأَبْشَرَه؛ أَظهر بَشَرَتَهُ. وأَبْشَرْتُ الأَديمَ، فَهُوَ مُبْشَرٌ إِذا ظهرتْ بَشَرَتُه الَّتِي تَلِي اللَّحْمَ، وآدَمْتُه إِذا أَظهرت أَدَمَتَهُ الَّتِي يَنْبُتُ عَلَيْهَا الشَّعَرُ. اللِّحْيَانِيُّ: البُشارَةُ مَا قَشَرْتَ مِنْ بطن الأَديم، والتِّحْلئُ مَا قَشرْتَ عَنْ ظَهْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: مَنْ أَحَبَّ القُرْآنَ فَليَبْشَرْ
أَي فَلْيَفْرَحْ ولَيُسَرَّ؛ أَراد أَن مَحَبَّةَ الْقُرْآنِ دَلِيلٌ عَلَى مَحْضِ الإِيمان مِنْ بَشِرَ يَبْشَرُ، بِالْفَتْحِ، وَمَنْ رَوَاهُ بِالضَّمِّ، فَهُوَ مَنْ بَشَرْتُ الأَديم أَبْشُرُه إِذا أَخذت بَاطِنَهُ بالشَّفْرَةِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ فَلْيُضَمِّرْ نَفْسَهُ لِلْقُرْآنِ فإِن الِاسْتِكْثَارَ مِنَ الطَّعَامِ يُنْسِيهِ الْقُرْآنَ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أُمرنا أَن نَبْشُرَ الشَّوارِبَ بَشْراً
أَي نَحُفّها حَتَّى تَبِينَ بَشَرَتُها، وَهِيَ ظَاهِرُ الْجِلْدِ، وَتُجْمَعُ عَلَى أَبْشارٍ. أَبو صَفْوَانَ: يُقَالُ لِظَاهِرِ جِلْدَةِ الرأْس الَّذِي يَنْبُتُ فِيهِ الشَّعَرُ البَشَرَةُ والأَدَمَةُ والشَّواةُ. الأَصمعي: رَجُلٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ لِيناً وشِدَّةً مَعَ الْمَعْرِفَةِ بالأُمور، قَالَ: وأَصله مِنْ أَدَمَةِ الْجِلْدِ وبَشَرَتِهِ، فالبَشَرَةُ ظَاهِرُهُ، وَهُوَ مَنْبَتُ الشَّعْرِ، والأَدَمَةُ بَاطِنُهُ، وَهُوَ الَّذِي يَلِي اللَّحْمَ؛ قَالَ وَالَّذِي يُرَادُ مِنْهُ أَنه قَدْ جَمع بَيْنَ لِينِ الأَدَمَةِ وخُشونة البَشَرَةِ وَجَرَّبَ الأُمور. وَفِي الصِّحَاحِ: فلانٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ إِذا كَانَ كَامِلًا مِنَ الرِّجَالِ، وامرأَة مُؤْدَمَةٌ مُبْشَرَةٌ: تامَّةٌ فِي كُلّ وَجْهٍ. وَفِي حَدِيثِ
بِحَنَّةَ: ابْنَتُكِ المُؤْدَمَةُ المُبْشَرَة
؛ يَصِفُ حُسْنَ بَشَرَتها وشِدَّتَها. وبَشْرُ الجرادِ الأَرْضَ: أَكْلُه مَا عَلَيْهَا. وبَشَرَ الجرادُ الأَرضَ يَبْشُرُها بَشراً: قَشَرَها وأَكل مَا عَلَيْهَا كأَن ظَاهِرَ الأَرض بَشَرَتُها. وَمَا أَحْسَنَ بَشَرَتَه أَي سَحْناءَه وهَيْئَتَه. وأَبْشَرَتِ الأَرْضُ إِذا أَخرجت نَبَاتَهَا. وأَبْشَرَتِ الأَرضُ(4/60)
إِبْشاراً: بُذِرتْ فَظَهَر نَباتُها حَسَناً، فَيُقَالُ عِنْدَ ذَلِكَ: ما أَحْسَنَ بَشَرَتَها؛ وقال أَبو زِيَادٍ الأَحمر: أَمْشَرَتِ الأَرضُ وَمَا أَحْسَنَ مَشَرَتَها. وبَشَرَةُ الأَرضِ: مَا ظَهَرَ مِنْ نَبَاتِهَا. والبَشَرَةُ: البَقْلُ والعُشْبُ وكُلُّه مِنَ البَشَرَةِ. وباشَرَ الرجلُ امرأَتَهُ مُباشَرَةً وبِشاراً: كَانَ مَعَهَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَوَلِيَتْ بَشَرَتُهُ بَشَرَتَها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ
؛ مَعْنَى الْمُبَاشَرَةِ الْجِمَاعُ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مُعْتَكِفٌ، فَيُجَامِعُ ثُمَّ يَعُودُ إِلى الْمَسْجِدِ. ومُباشرةُ المرأَةِ: مُلامَسَتُها. والحِجْرُ المُباشِرُ: الَّتِي تَهُمُّ بالفَحْلِ. والبَشْرُ أَيضاً: المُباشَرَةُ؛ قَالَ الأَفوه:
لَمَّا رَأَتْ شَيْبي تَغَيَّر، وانْثَنى ... مِنْ دونِ نَهْمَةِ بَشْرِها حينَ انْثَنَى
أَي مُبَاشَرَتِي إِياها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُقَبِّلُ ويُباشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ
؛ أَراد بالمباشَرَةِ المُلامَسَةَ وأَصله مِنْ لَمْس بَشَرَةِ الرَّجُلِ بَشَرَةَ المرأَة، وَقَدْ يَرِدُ بِمَعْنَى الْوَطْءِ فِي الْفَرَجِ وَخَارِجًا مِنْهُ. وباشَرَ الأَمْرَ: وَلِيَهُ بِنَفْسِهِ؛ وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ لأَنه لَا بَشَرَةَ للأَمر إِذْ لَيْسَ بِعَيْنٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: فَباشِرُوا رُوحَ الْيَقِينِ
، فَاسْتَعَارَهُ لِرُوحِ الْيَقِينِ لأَنّ رُوحَ الْيَقِينِ عَرَضٌ، وبيِّن أَنَّ العَرَضَ لَيْسَتْ لَهُ بَشَرَةٌ. ومُباشَرَةُ الأَمر: أَن تَحْضُرَهُ بِنَفْسِكَ وتَلِيَه بِنَفْسِكَ. والبِشْرُ: الطَّلاقَةُ، وَقَدْ بَشَرَه بالأَمر يَبْشُرُه، بِالضَّمِّ، بَشْراً وبُشُوراً وبِشْراً [بُشْراً] ، وبَشَرَهُ بِهِ بَشْراً؛ كُلُّهُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وبَشَّرَهُ وأَبْشَرَهُ فَبَشِرَ بِهِ، وبَشَرَ يَبْشُرُ بَشْراً وبُشُوراً. يُقَالُ: بَشَرْتُه فَأَبْشَرَ واسْتَبْشَر وتَبشَّرَ وبَشِرَ: فَرِحَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ
؛ وَفِيهِ أَيضاً: وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ
. واسْتَبْشَرَه كَبَشَّرَهُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
فَبَيْنا تَنُوحُ اسْتَبْشَرُوها بِحِبِّها، ... عَلى حِينِ أَن كُلَّ المَرامِ تَرومُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ طَلَبُوا مِنْهَا البُشْرى على إِخبارهم إِياهم بِمَجِيءِ ابْنِهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَا بُشْرايَ هَذَا غُلامٌ؛ كَقَوْلِكَ عَصايَ. وَتَقُولُ في التثنية: يا بُشْرَبيَّ. والبِشارَةُ المُطْلَقَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا بِالْخَيْرِ، وإِنما تَكُونُ بِالشَّرِّ إِذا كَانَتْ مُقَيَّدَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ*
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والتَّبْشِيرُ يَكُونُ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ*
؛ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمْ: تَحِيَّتُكَ الضَّرْبُ وَعِتَابُكَ السَّيْفُ، وَالِاسْمُ البُشْرى. وقوله تعالى: هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
؛ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقوال: أَحدها أَن بُشْراهم فِي الدُّنْيَا مَا بُشِّرُوا بِهِ مِنَ الثَّوَابِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ*
؛ وبُشْراهُمْ فِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ، وَقِيلَ بُشْراهم فِي الدُّنْيَا الرؤْيا الصَّالِحَةُ يَراها المؤْمن فِي مَنَامِهِ أَو تُرَى لَهُ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ بُشْراهم فِي الدُّنْيَا أَن الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَا تُخْرَجُ رُوحُهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى يَرَى مَوْضِعَهُ مِنَ الْجَنَّةِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
. الْجَوْهَرِيُّ: بَشَرْتُ الرجلَ أَبْشُرُه، بِالضَّمِّ، بَشْراً وبُشُوراً مِنَ البُشْرَى، وَكَذَلِكَ الإِبشارُ والتَّبْشِيرُ ثلاثُ لُغَاتٍ، وَالِاسْمُ البِشارَةُ والبُشارَةُ، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ. يُقَالُ: بَشَرْتُه بِمَوْلُودٍ فَأَبْشَرَ إِبْشاراً أَي سُرَّ. وَتَقُولُ: أَبْشِرْ بِخَيْرٍ، بِقَطْعِ الأَلف. وبَشِرْتُ بِكَذَا، بِالْكَسْرِ، أَبْشَرُ أَي اسْتَبْشَرْتُ بِهِ؛ قَالَ عَطِيَّةُ بْنُ زَيْدٍ جَاهِلِيٌّ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ هُوَ لِعَبْدِ الْقَيْسِ بْنِ خُفَافٍ البُرْجُميّ:(4/61)
وإِذا رَأَيْتَ الباهِشِينَ إِلى العلى ... غُبْراً أَكُفُّهُمُ بِقاعٍ مُمْحِلِ،
فَأَعِنْهُمُ وابْشَرْ بِمَا بَشِرُوا بِهِ، ... وإِذا هُمُ نَزَلُوا بَضَنْكٍ فانْزِلِ
وَيُرْوَى: وايْسِرْ بِمَا يَسِرُوا بِهِ. وأَتاني أَمْرٌ بَشِرْتُ بِهِ أَي سُرِرْتُ بِهِ. وبَشَرَني فلانٌ بِوَجْهٍ حَسَنٍ أَي لَقِيَنِي. وَهُوَ حَسَنُ البِشْرِ، بِالْكَسْرِ، أَي طَلقُ الْوَجْهِ. والبِشارَةُ: مَا بُشِّرْتَ بِهِ. والبِشارة: تَباشُرُ الْقَوْمُ بأَمر، والتَّباشِيرُ: البُشْرَى. وتَبَاشَرَ القومُ أَي بَشَّرَ بعضُهم بَعْضًا. والبِشارة والبُشارة أَيضاً: مَا يُعْطَاهُ المبَشِّرُ بالأَمر. وَفِي حَدِيثِ
تَوْبَةِ كَعْبٍ: فأَعطيته ثَوْبِي بُشارَةً
؛ الْبُشَارَةُ، بِالضَّمِّ: مَا يُعْطَى الْبَشِيرَ كالعُمَالَةِ لِلْعَامِلِ، وَبِالْكَسْرِ: الِاسْمُ لأَنها تُظْهِرُ طَلاقَةَ الإِنسان. وَالْبَشِيرُ: المبَشِّرُ الَّذِي يُبَشِّرُ الْقَوْمَ بأَمر خَيْرٍ أَو شرٍ. وَهُمْ يَتَبَاشَرُونَ بِذَلِكَ الأَمر أَي يُبَشرُ بضعهم بَعْضًا. والمبَشِّراتُ: الرِّيَاحُ الَّتِي تَهُبُّ بِالسَّحَابِ وتُبَشِّرُ بِالْغَيْثِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ
؛ وَفِيهِ: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً
؛ وبُشُراً وبُشْرَى وبَشْراً، فَبُشُراً جَمعُ بَشُورٍ، وبُشْراً مُخَفَّفٌ مِنْهُ، وبُشْرَى بِمَعْنَى بِشارَةٍ، وبَشْراً مَصْدَرُ بَشَرَهُ بَشْراً إِذا بَشَّرَهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّ اللَّهَ: يُبَشِّرُكَ*
؛ وَقُرِئَ: يَبْشُرُك؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كأَن الْمُشَدَّدَ مِنْهُ عَلَى بِشاراتِ البُشَرَاء، وكأَن الْمُخَفَّفَ مِنْ وَجْهِ الإِفْراحِ والسُّرُورِ، وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ المَشْيَخَةُ يَقُولُونَهُ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَبْشَرْتُ، قَالَ: وَلَعَلَّهَا لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ. وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَذْكُرُهَا فَلْيُبْشِرْ، وبَشَرْتُ لُغَةٌ رَوَاهَا الْكِسَائِيُّ. يُقَالُ: بَشَرَني بوَجْهٍ حَسَنٍ يَبْشُرُني. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى يَبْشُرُك يَسُرُّك ويُفْرِحُك. وبَشَرْتُ الرجلَ أَبْشُرُه إِذا أَفرحته. وبَشِرَ يَبْشَرُ إِذا فَرِحَ. قَالَ: وَمَعْنَى يَبْشُرُك ويُبَشِّرُك مِنَ البِشارة [البُشارة] . قَالَ: وأَصل هَذَا كُلِّهِ أَن بَشَرَةَ الإِنسان تَنْبَسِطُ عِنْدَ السُّرُورِ؛ وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يَلْقَانِي بِبِشْرٍ أَي بِوَجْهٍ مُنْبَسِطٍ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ بَشَرْتُه وبَشَّرْتُه وأَبْشَرْتُه وبَشَرْتُ بِكَذَا وَكَذَا وبَشِرْت وأَبْشَرْتُ إِذا فَرِحْتَ بِه. ابْنُ سِيدَهْ: أَبْشَرَ الرجلُ فَرِحَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ثُمَّ أَبْشَرْتُ إِذْ رَأَيْتُ سَواماً، ... وبُيُوتاً مَبْثُوثَةً وجِلالا
وبَشَّرَتِ الناقةُ باللِّقاحِ، وَهُوَ حِينَ يُعْلَمُ ذَلِكَ عِنْدَ أَوَّل مَا تَلْقَحُ. التَّهْذِيبُ. يُقَالُ أَبْشَرَتِ الناقَةُ إِذا لَقِحَتْ فكأَنها بَشَّرَتْ بالِّلقاحِ؛ قَالَ وَقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ يُحَقِّقُ ذَلِكَ:
عَنْسَلٌ تَلْوِي، إِذا أَبْشَرَتْ، ... بِخَوافِي أَخْدَرِيٍّ سُخام
وتَباشِيرُ كُلّ شَيْءٍ: أَوّله كَتَبَاشِيرِ الصَّبَاح والنَّوْرِ، لَا وَاحِدَ لَهُ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ صَاحِبًا لَهُ عَرَّسَ فِي السَّفَرِ فأَيقظه:
فَلَمَّا عَرَّسَ، حَتَّى هِجْتُهُ ... بالتَّباشِيرِ مِنَ الصُّبْحِ الأُوَلْ
والتباشيرُ: طرائقُ ضَوْءِ الصُّبْحِ فِي اللَّيْلِ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلطَّرَائِقِ الَّتِي تَرَاهَا عَلَى وَجْهِ الأَرض مِنْ آثَارِ الرِّيَاحِ إِذا هِيَ خَوَّتْهُ: التباشيرُ. وَيُقَالُ لِآثَارِ جَنَبِ الدَّابَّةِ مِنَ الدَّبَرِ: تَباشِيرُ؛ وأَنشد:
نِضْوَةُ أَسْفارٍ، إِذا حُطَّ رَحْلُها، ... رَأَيت بِدِفْأَيْها تَباشِيرَ تَبْرُقُ.
الْجَوْهَرِيُّ: تَباشِيرُ الصُّبْحِ أَوائلُه، وَكَذَلِكَ أَوائل(4/62)
كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَكُونُ مِنْهُ فِعلٌ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: كَيْفَ كَانَ المطرُ وتَبْشِيرُه
أَي مَبْدَؤُه وأَوَّلُه وتَبِاشِيرُ: لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحرف: تَعاشِيبُ الأَرض، وتَعاجِيبُ الدَّهرِ، وتَفاطِيرُ النَّباتِ مَا يَنْفَطر مِنْهُ، وَهُوَ أَيضاً مَا يَخْرُجُ عَلَى وَجْهِ الغِلْمَان وَالْفَتَيَاتِ؛ قَالَ:
تَفاطِيرُ الجُنُونِ بِوَجْهِ سَلْمَى ... قَدِيماً، لَا تَفاطِيرُ الشَّبابِ.
وَيُرْوَى نَفَاطِيرُ، بِالنُّونِ. وَتَبَاشِيرُ النَّخْلِ: فِي أَوَّل مَا يُرْطِبُ. وَالْبَشَارَةُ، بِالْفَتْحِ: الْجَمَالُ والحُسْنُ؛ قَالَ الأَعشى فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي أَوَّلها:
بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفارَهْ، ... يَا جارَتا، مَا أَنْتِ جارهْ.
قَالَ مِنْهَا:
وَرَأَتْ بِأَنَّ الشَّيْبَ ... جَانَبَه البَشاشةُ والبَشارَهْ
ورجلٌ بَشِيرُ الْوَجْهِ إِذا كَانَ جَمِيلَهُ؛ وامرأَةٌ بَشِيرةُ الْوَجْهِ، ورجلٌ بَشِيرٌ وامرأَة بَشِيرَةٌ، ووجهٌ بَشيرٌ: حَسَنٌ؛ قَالَ دُكَيْنُ بْنُ رَجَاءٍ:
تَعْرِفُ، فِي أَوجُهِها البَشائِرِ، ... آسانَ كُلِّ آفِقٍ مُشاجِرِ
والآسانُ: جَمْعَ أُسُنٍ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالسِّينِ، وَقَدْ قِيلَ أَسن بِفَتْحِهِمَا أَيضاً، وَهُوَ الشَّبَهُ. وَالْآفِقُ: الْفَاضِلُ. والمُشَاجِرُ: الَّذِي يَرْعَى الشَّجَرَ. ابْنُ الأَعرابي: المَبْشُورَةُ الْجَارِيَةُ الْحَسَنَةُ الْخَلْقِ وَاللَّوْنِ، وَمَا أَحْسَنَ بَشَرَتَها. والبَشِيرُ: الْجَمِيلُ، والمرأَة بَشِيرَة. والبَشِيرُ: الحَسَنُ الْوَجْهِ. وأَبْشَرَ الأَمرُ وَجْهَهُ: حَسَّنَه ونَضَّرَه؛ وَعَلَيْهِ وَجَّهَ أَبو عَمْرٍو قراءَةَ مَنْ قرأَ: ذَلِكَ الَّذِي يَبْشُرُ اللهُ عِبادَه؛ قَالَ: إِنما قُرِئَتْ بِالتَّخْفِيفِ لأَنه لَيْسَ فِيهِ بِكَذَا إِنما تَقْدِيرُهُ ذَلِكَ الَّذِي يُنَضِّرُ اللهُ بِهِ وُجوهَهم. اللِّحْيَانِيُّ: وَنَاقَةٌ بَشِيرَةٌ أَي حَسَنَةٌ؛ وَنَاقَةٌ بَشِيرَةٌ: لَيْسَتْ بِمَهْزُولَةٍ وَلَا سَمِينَةٍ؛ وَحُكِيَ عَنْ أَبي هِلَالٍ قَالَ: هِيَ الَّتِي لَيْسَتْ بِالْكَرِيمَةِ وَلَا الْخَسِيسَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ رَجُلٍ لَهُ إِبِلٌ وبَقَرٌ لَا يُؤَدِّي حَقَّها إِلَّا بُطِحَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاع قَرْقَرٍ كأَكْثَرِ مَا كانَتْ وأَبْشَرِه
أَي أَحْسَنِه، مِنَ البِشر، وَهُوَ طَلَاقَةُ الْوَجْهِ وَبَشَاشَتُهُ، وَيُرْوَى: وآشَره مِنَ النَّشَاطِ «4» . وَالْبَطَرِ. ابْنُ الأَعرابي: هُمُ البُشَارُ والقُشَارُ والخُشَارُ لِسِقاطِ الناسِ. والتُّبُشِّرُ والتُّبَشِّرُ: طَائِرٌ يُقَالُ هُوَ الصُّفارِيَّة، وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا التُّنَوِّطُ، وَهُوَ طَائِرٌ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وقولُهم: وَقَعَ فِي وَادِي تُهُلِّكَ، وَوَادِي تُضُلِّلَ، وَوَادِي تُخُيِّبَ. والناقةُ البَشِيرَةُ: الصالحةُ الَّتِي عَلَى النِّصْفِ مِنْ شَحْمِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي بَيْنَ ذَلِكَ لَيْسَتْ بِالْكَرِيمَةِ وَلَا بِالْخَسِيسَةِ. وبِشْرٌ وبِشْرَةُ: اسْمَانِ؛ أَنشد أَبو عَلِيٍّ:
وبِشْرَةُ يَأْبَوْنا، كَأَنَّ خِبَاءَنَا ... جَنَاحُ سُمَانَى فِي السَّماءِ تَطِيرُ
وَكَذَلِكَ بُشَيْرٌ وبَشِيرٌ وبَشَّار ومُبَشِّر. وبُشْرَى: اسْمُ رَجُلٍ لَا يَنْصَرِفُ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ، للتأْنيث وَلُزُومِ حَرْفِ التأْنيث لَهُ، وإِن لَمْ يَكُنْ صِفَةً لأَن هَذِهِ الأَلف يُبْنَى الِاسْمُ لَهَا فَصَارَتْ كأَنها مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ، وَلَيْسَتْ كَالْهَاءِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الِاسْمِ بَعْدَ التَّذْكِيرِ. والبِشْرُ: اسْمُ مَاءٍ لِبَنِي تَغْلِبَ. والبِشْرُ: اسْمُ جَبَلٍ، وَقِيلَ: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ؛ قَالَ الشاعر:
__________
(4) . قوله [من النشاط] كذا بالأصل والأحسن من الأشر وهو للنشاط(4/63)
فَلَنْ تَشْرَبي إِلَّا بِرَنْقٍ، وَلَنْ تَرَيْ ... سَواماً وحَيّاً في القُصَيْبَةِ فالبِشْرِ
بصر: ابْنُ الأَثير: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى البَصِيرُ، هُوَ الَّذِي يُشَاهِدُ الأَشياء كُلَّهَا ظَاهِرَهَا وَخَافِيَهَا بِغَيْرِ جَارِحَةٍ، والبَصَرُ عِبَارَةٌ فِي حَقِّهِ عَنِ الصِّفَةِ الَّتِي يَنْكَشِفُ بِهَا كمالُ نُعُوتِ المُبْصَراتِ. اللَّيْثُ: البَصَرُ العَيْنُ إِلَّا أَنه مُذَكَّرٌ، وَقِيلَ: البَصَرُ حَاسَّةُ الرؤْية. ابْنُ سِيدَهْ: البَصَرُ حِسُّ العَين وَالْجَمْعُ أَبْصارٌ. بَصُرَ بِهِ بَصَراً وبَصارَةً وبِصارَةً وأَبْصَرَهُ وتَبَصَّرَهُ: نَظَرَ إِليه هَلْ يُبْصِرُه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: بَصُرَ صَارَ مُبْصِراً، وأَبصره إِذا أَخبر بِالَّذِي وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَلَيْهِ، وَحَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ بَصِرَ بِهِ، بِكَسْرِ الصَّادِ، أَي أَبْصَرَهُ. وأَبْصَرْتُ الشيءَ: رأَيته. وباصَرَه: نَظَرَ مَعَهُ إِلى شَيْءٍ أَيُّهما يُبْصِرُه قَبْلَ صَاحِبِهِ. وباصَرَه أَيضاً: أَبْصَرَهُ؛ قَالَ سُكَيْنُ بنُ نَصْرَةَ البَجَلي:
فَبِتُّ عَلى رَحْلِي وباتَ مَكانَه، ... أُراقبُ رِدْفِي تارَةً، وأُباصِرُه
الْجَوْهَرِيُّ: باصَرْتُه إِذا أَشْرَفتَ تَنْظُرُ إِليه مِنْ بَعِيدٍ. وتَباصَرَ القومُ: أَبْصَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَرَجُلٌ بَصِيرٌ مُبْصِرٌ: خِلَافُ الضَّرِيرِ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، وجَمْعُه بُصَراءُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَبَصِيرٌ بِالْعَيْنَيْنِ. والبَصارَةُ مَصْدَرٌ: كالبَصر، وَالْفِعْلُ بَصُرَ يَبْصُرُ، وَيُقَالُ بَصِرْتُ وتَبَصَّرْتُ الشيءَ: شِبْهُ رَمَقْتُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ
؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: أَعْلَمَ اللهُ أَنهُ يُدْرِك الأَبصارَ وَفِي هَذَا الإِعلام دَلِيلٌ أَن خَلْقَهُ لَا يُدْرِكُونَ الأَبصارَ أَي لَا يَعْرِفُونَ كَيْفَ حَقِيقَةُ البَصَرَ وَمَا الشَّيْءُ الَّذِي بِهِ صَارَ الإِنسان يُبْصِرُ مِنْ عَيْنَيْهِ دُونَ أَن يُبْصِرَ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ أَعضائه، فَأَعْلَم أَن خَلْقاً مِنْ خَلْقِهِ لَا يُدْرِك الْمَخْلُوقُونَ كُنْهَهُ وَلَا يُحيطون بِعِلْمِهِ، فَكَيْفَ بِهِ تَعَالَى والأَبصار لَا تُحِيطُ بِهِ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ. فأَمَّا مَا جَاءَ مِنَ الأَخبار فِي الرؤْية، وَصَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَيْرُ مَدْفُوعٍ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى دَفْعِهَا، لأَن مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ إِدراك الشَّيْءِ والإِحاطة بِحَقِيقَتِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَهل السنَّة وَالْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ
؛ أَي قَدْ جاءَكم الْقُرْآنُ الَّذِي فِيهِ الْبَيَانُ والبصائرُ، فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ نَفْعُ ذَلِكَ، وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها ضَرَرُ ذَلِكَ، لأَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ غَنِيٌّ عَنْ خَلْقِهِ. ابْنُ الأَعرابي: أَبْصَرَ الرجلُ إِذا خَرَجَ مِنَ الْكُفْرِ إِلى بَصِيرَةِ الإِيمان؛ وأَنشد:
قَحْطَانُ تَضْرِبُ رَأْسَ كُلِّ مُتَوَّجٍ، ... وَعَلَى بَصائِرِها، وإِنْ لَمْ تُبْصِر
قَالَ: بَصَائِرُهَا إِسْلَامُهَا وإِن لَمْ تُبْصِرْ فِي كُفْرِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: أَراه لَمْحاً باصِراً أَي نَظَرًا بِتَحْدِيقٍ شَدِيدٍ، قَالَ: فإِما أَن يَكُونَ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، وإِما أَن يَكُونَ عَلَى النَّسَبِ، وَالْآخَرُ مَذْهَبُ يَعْقُوبَ. وَلَقِيَ مِنْهُ لَمْحاً باصِراً أَي أَمراً وَاضِحًا. قَالَ: ومَخْرَجُ باصِرٍ مِنْ مَخْرَجِ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ تامِرٌ ولابِنٌ أَي ذُو لَبَنٍ وَتَمْرٍ، فَمَعْنَى بَاصِرٍ ذُو بَصَرَ، وَهُوَ مِنْ أَبصرت، مِثْلُ مَوْتٌ مائِتٌ مِنْ أَمَتُّ، أَي أَرَيْتُه أَمْراً شَدِيدًا يُبْصِرُه. وَقَالَ اللَّيْثُ: رأَى فُلَانٌ لَمْحاً باصِراً أَي أَمراً مَفْرُوغًا مِنْهُ. قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ هُوَ الأَوَّل؛ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ وَاضِحَةً؛ قَالَ: وَيَجُوزُ مُبْصَرَةً أَي مُتَبَيِّنَةً تُبْصَرُ وتُرَى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: جَعَلَ الْفِعْلَ لَهَا، وَمَعْنَى مُبْصِرَة مُضِيئَةً، كَمَا قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: وَالنَّهارَ(4/64)
مُبْصِراً*؛ أَي مُضِيئًا. وَقَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى مُبْصِرَة تُبَصِّرُهم أَي تُبَيِّنُ لَهُمْ، ومن قرأَ مُبْصِرَةً فالمعنى بَيِّنَة، وَمَنْ قرأَ مُبْصَرَةً فَالْمَعْنَى مُتَبَيَّنَةً فَظَلَمُوا بِهَا أَي ظَلَمُوا بِتَكْذِيبِهَا. وَقَالَ الأَخفش: مُبْصَرَة أَي مُبْصَراً بِهَا؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْفَرَّاءُ أَراد آتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ آيَةً مُبْصِرَة أَي مُضِيئَةً. الْجَوْهَرِيُّ: المُبْصِرَةُ الْمُضِيئَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً
؛ قَالَ الأَخفش: إِنها تُبَصِّرهم أَي تَجْعَلُهُمْ بُصَراء. والمَبْصَرَةُ، بِالْفَتْحِ: الحُجَّة. والبَصِيرَةُ: الحجةُ وَالِاسْتِبْصَارُ فِي الشَّيْءِ. وبَصَّرَ الجَرْوُ تَبْصِيرًا: فَتَحَ عَيْنَيْهِ. وَلَقِيَهُ بَصَراً أَي حِينَ تَبَاصَرَتِ الأَعْيانُ ورأَى بعضها بَعْضًا، وَقِيلَ: هُوَ فِي أَوَّل الظَّلَامِ إِذا بَقِيَ مِنَ الضَّوْءِ قَدْرُ مَا تَتَبَايَنُ بِهِ الأَشباح، لَا يُستعمل إِلَّا ظَرْفًا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: فَأُرْسِلَتْ إِليه شَاةٌ فرأَى فِيهَا بُصْرَةً مِنْ لَبَنٍ
؛ يُرِيدُ أَثراً قَلِيلًا يُبْصِرُه الناظرُ إِليه، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ يُصَلِّي بِنَا صلاةَ البَصَرِ حَتَّى لَوْ أَن إِنساناً رَمَى بنَبْلَةٍ أَبصرها
؛ قِيلَ: هِيَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ، وَقِيلَ: الْفَجْرُ لأَنهما تؤَدَّيان وَقَدِ اخْتَلَطَ الظَّلَامُ بِالضِّيَاءِ. والبَصَر هَاهُنَا: بِمَعْنَى الإِبصار، يُقَالُ بَصِرَ بِهِ بَصَراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِعَ أُذني
، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ فَرُوِيَ بَصُرَ وسَمِعَ وبَصَرُ وسَمْعُ عَلَى أَنهما اسْمَانِ. والبَصَرُ: نَفاذٌ فِي الْقَلْبِ. وبَصرُ الْقَلْبِ: نَظَرَهُ وَخَاطِرُهُ. والبَصِيرَةُ: عَقِيدَةُ الْقَلْبِ. قَالَ اللَّيْثُ: البَصيرة اسْمٌ لِمَا اعْتُقِدَ فِي الْقَلْبِ مِنَ الدِّينِ وَتَحْقِيقِ الأَمر؛ وَقِيلَ: البَصيرة الْفِطْنَةُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَعمى اللَّهُ بَصَائِرَهُ أَي فِطَنَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن مُعَاوِيَةَ لَمَّا قَالَ لَهُمْ: يَا بَنِي هَاشِمٍ تُصابون فِي أَبصاركم، قَالُوا لَهُ: وأَنتم يَا بَنِي أُمية تُصَابُونَ فِي بَصَائِرِكُمْ. وفَعَلَ ذَلِكَ عَلَى بَصِيرَةٍ
أَي عَلَى عَمْدٍ. وَعَلَى غَيْرِ بَصيرة أَي عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: ولتَخْتَلِفُنَّ عَلَى بَصِيرَةٍ
أَي عَلَى مَعْرِفَةٍ مِنْ أَمركم وَيَقِينٍ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: أَليس الطريقُ يَجْمَعُ التاجِرَ وابنَ السَّبِيلِ والمُسْتَبْصِرَ والمَجْبورَ
أَي المُسْتَبِينَ لِلشَّيْءِ؛ يَعْنِي أَنهم كَانُوا عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ، أَرادت أَن تِلْكَ الرُّفْقَةَ قَدْ جَمَعَتِ الأَخيار والأَشرار. وإِنه لَذُو بَصَرٍ وَبَصِيرَةٍ فِي الْعِبَادَةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وإِنه لَبَصِيرٌ بالأَشياء أَي عَالِمٌ بِهَا؛ عَنْهُ أَيضاً. وَيُقَالُ للفِراسَةِ الصَّادِقَةِ: فِراسَةٌ ذاتُ بَصِيرة. وَالْبَصِيرَةُ: العِبْرَةُ؛ يُقَالُ: أَمَا لَكَ بَصِيرةٌ فِي هَذَا؟ أَي عِبْرَةٌ تَعْتَبِرُ بِهَا؛ وأَنشد:
فِي الذَّاهِبِين الأَوَّلِينَ ... مِن القُرُونِ، لَنا بَصائرْ
أَي عِبَرٌ: والبَصَرُ: الْعِلْمُ. وبَصُرْتُ بِالشَّيْءِ: عَلِمْتُهُ؛ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
. وَالْبَصِيرُ: الْعَالِمُ، وَقَدْ بَصُرَ بَصارَةً. والتَّبَصُّر: التَّأَمُّل والتَّعَرُّفُ. والتَّبْصِيرُ: التَّعْرِيفُ والإِيضاح. ورجلٌ بَصِيرٌ بِالْعِلْمِ: عَالِمٌ بِهِ. وَقَوْلُهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: اذهبْ بِنَا إِلى فلانٍ البصيرِ، وَكَانَ أَعمى؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُرِيدُ بِهِ الْمُؤْمِنَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِنما ذَهَبَ إِلى التَّفؤل «1»
. إِلى لَفْظِ الْبَصَرُ أَحسن مِنْ لَفْظِ الْعَمَى، أَلا تَرَى إِلى قَوْلِ مُعَاوِيَةَ: وَالْبَصِيرُ خَيْرٌ مِنَ الأَعمى؟ وتَبَصَّرَ فِي رأْيِه واسْتَبْصَرَ: تَبَيَّنَ مَا يأْتيه مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ. وَاسْتَبْصَرَ فِي أَمره وَدِينِهِ إِذا كَانَ ذَا بَصيرة. والبَصيرة: الثَّبَاتُ فِي الدِّينِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
__________
(1) . قَوْلُهُ [إِنَّمَا ذَهَبَ إِلَى التَّفَؤُّلِ إلخ] كذا بالأصل(4/65)
وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ
: أَي أَتَوْا مَا أَتوه وَهُمْ قَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ أَن عَاقِبَتَهُ عَذَابُهُمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ؛ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ عَاقِبَةُ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ كَانَ مَا فَعَلَ بِهِمْ عَدْلًا وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ؛ وَقِيلَ أَي كَانُوا فِي دِينِهِمْ ذَوِي بَصَائِرَ، وَقِيلَ: كَانُوا مُعْجَبِينَ بِضَلَالَتِهِمْ. وبَصُرَ بَصارَةً: صَارَ ذَا بَصِيرَةٍ. وبَصَّرَهُ الأَمْرَ تَبْصِيراً وتَبْصِرَةً: فَهَّمَهُ إِياه. وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ: بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
؛ أَي عَلِمْتُ مَا لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ مِنَ الْبَصِيرَةِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَصُرْتُ أَي أَبصرت، قَالَ: وَلُغَةٌ أُخرى بَصِرْتُ بِهِ أَبْصَرْته. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: أَبْصِرْ إِليَّ أَي انْظر إِليّ، وَقِيلَ: أَبْصِرْ إِليَّ أَي التفتْ إِليَّ. وَالْبَصِيرَةُ: الشاهدُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَحُكِيَ: اجْعَلْنِي بَصِيرَةً عَلَيْهِمْ؛ بِمَنْزِلَةِ الشَّهِيدِ. قَالَ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَهُ مَعْنَيَانِ: إِن شِئْتَ كَانَ الإِنسان هُوَ البَصيرة عَلَى نَفْسِهِ أَي الشَّاهِدَ، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَ الْبَصِيرَةَ هُنَا غَيْرَهُ فَعَنَيْتَ بِهِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَلِسَانَهُ لأَن كُلَّ ذَلِكَ شَاهِدٌ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَقَالَ الأَخفش: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
، جَعَلَهُ هُوَ الْبَصِيرَةَ كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ: أَنت حُجة عَلَى نَفْسِكَ؛ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، أَي عَلَيْهَا شَاهِدٌ بِعَمَلِهَا وَلَوِ اعْتَذَرَ بِكُلِّ عُذْرٍ، يَقُولُ: جوارحُه بَصيرةٌ عَلَيْهِ أَي شُهُودٌ؛ قَالَ الأَزهري: يَقُولُ بَلِ الإِنسان يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نَفْسِهِ جوارحُه بَصِيرَةٌ بِمَا جَنَى عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ؛ قَالَ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ بَصِيرَةٌ عَلَيْهِ بِمَا جَنَى عَلَيْهَا، وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
؛ أَي وَلَوْ أَدْلى بِكُلِ حُجَّةٍ. وَقِيلَ: وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
، سُتُورَه. والمِعْذَارُ: السِّتْرُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ عَلَى الإِنسان مِنْ نَفْسِهِ شُهُودٌ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْعَيْنَانِ وَالذَّكَرُ؛ وأَنشد:
كأَنَّ عَلَى ذِي الظَّبْيِ عَيْناً بَصِيرَةً ... بِمَقْعَدِهِ، أَو مَنظَرٍ هُوَ ناظِرُهْ
يُحاذِرُ حَتَّى يَحْسَبَ النَّاسَ كُلَّهُمْ، ... مِنَ الخَوْفِ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِمْ سَرائرُهْ
وَقَوْلُهُ:
قَرَنْتُ بِحِقُوَيْهِ ثَلَاثًا فَلَمْ تَزُغْ ... عَنِ القَصْدِ، حَتَّى بُصِّرَتْ بِدِمامِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ قُوِّيَتْ أَي لَمَّا هَمَّ هَذَا الرِّيشُ بِالزَّوَالِ عَنِ السَّهْمِ لِكَثْرَةِ الرَّمْيِ بِهِ أَلزقه بالغِراء فَثَبَتَ. والباصِرُ: المُلَفِّقُ بَيْنَ شُقَّتين أَو خِرْقَتَين. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ: يَعْنِي طَلَى رِيشَ السَّهْمِ بالبَصِيرَةِ وَهِيَ الدَّمُ. والبَصِيرَةُ: مَا بَيْنَ شُقَّتَي البيتِ وَهِيَ الْبَصَائِرُ. والبَصْرُ: أَن تُضَمَّ حَاشِيَتَا أَديمين يُخَاطَانِ كَمَا تُخَاطُ حَاشِيَتَا الثَّوْبِ. وَيُقَالُ: رأَيت عَلَيْهِ بَصِيرَةً مِنَ الْفَقْرِ أَي شُقَّةً مُلَفَّقَةً. الْجَوْهَرِيُّ: والبَصْرُ أَن يُضَمَّ أَدِيمٌ إِلى أَديم، فَيُخْرَزَانِ كَمَا تُخَاطُ حَاشِيَتَا الثَّوْبِ فَتُوضَعُ إِحداهما فَوْقَ الأُخرى، وَهُوَ خِلَافُ خِيَاطَةِ الثَّوْبِ قَبْلَ أَن يُكَفَّ. والبَصِيرَةُ: الشُّقَّةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْخِبَاءِ. وأَبْصَر إِذا عَلَّق عَلَى بَابِ رَحْلِهِ بَصِيرَةً، وَهِيَ شُقَّةٌ مِنْ قُطْنٍ أَو غَيْرِهِ؛ وَقَوْلُ تَوْبَةَ:
وأُشْرِفُ بالقُورِ اليَفاعِ لَعَلَّنِي ... أَرَى نارَ لَيْلَى، أَو يَراني بَصِيرُها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَعْنِي كَلْبَهَا لأَن الْكَلْبَ مِنْ أَحَدّ العيونِ بَصَراً. والبُصْرُ: الناحيةُ مَقْلُوبٌ عَنِ الصُّبْرِ. وبُصْرُ الكَمْأَة وبَصَرُها: حُمْرَتُها؛ قَالَ:
ونَفَّضَ الكَمْءَ فأَبْدَى بَصَرَهْ
وبُصْرُ السَّمَاءِ وبُصْرُ الأَرض: غِلَظُها، وبُصْرُ كُلّ شَيْءٍ: غِلَظُهُ. وبُصْرُه وبَصْرُه: جِلْدُهُ؛(4/66)
حَكَاهُمَا اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى جِلْدِ الْوَجْهِ. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لمَعْضُوب البُصْرِ إِذا أَصاب جلدَه عُضابٌ، وَهُوَ دَاءٌ يَخْرُجُ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: والبُصْرُ، بِالضَّمِّ، الجانبُ والحَرْفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: بُصْرُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ
، يُرِيدُ غِلَظَها وسَمْكَها، وَهُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
بُصْرُ جِلْد الْكَافِرِ فِي النَّارِ أَربعون ذِرَاعًا.
وثوبٌ جَيّدُ البُصْرِ: قويٌّ وَثِيجٌ. والبَصْرُ والبِصْرُ والبَصْرَةُ: الْحَجَرُ الأَبيض الرِّخْوُ، وَقِيلَ: هو الكَذَّانُ فإِذا جاؤُوا بِالْهَاءِ قَالُوا بَصْرَة لَا غَيْرُ، وَجَمْعُهَا بِصار؛ التَّهْذِيبُ: البَصْرُ الْحِجَارَةُ إِلى الْبَيَاضِ فإِذا جاؤُوا بِالْهَاءِ قَالُوا البَصْرَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْبَصْرَةُ حِجَارَةٌ رَخْوَةٌ إِلى الْبَيَاضِ مَا هِيَ، وَبِهَا سُمِّيَتِ الْبَصْرَةُ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ إِبلًا شَرِبَتْ مِنْ مَاءٍ:
تَداعَيْن بِاسْمِ الشِّيبِ فِي مُتَثَلِّمٍ، ... جَوانِبُه مِنْ بَصْرَةٍ وسِلامِ
قَالَ: فإِذا أَسقطت مِنْهُ الْهَاءَ قُلْتَ بِصْرٌ، بِالْكَسْرِ. والشِّيب: حِكَايَةُ صَوْتِ مَشَافِرِهَا عِنْدَ رَشْفِ الْمَاءِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرَّاعِي:
إِذا مَا دَعَتْ شِيباً، بِجَنْبَيْ عُنَيْزَةٍ، ... مَشافِرُها فِي ماءِ مُزْنٍ وباقِلِ
وأَراد ذُو الرُّمَّةِ بِالْمُتَثَلِّمِ حَوْضًا قَدْ تَهَدَّمَ أَكثره لِقِدَمِهِ وَقِلَّةِ عَهْدِ النَّاسِ بِهِ؛ وَقَالَ عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ:
إِنْ تَكُ جُلْمُودَ بَصْرٍ لَا أُوَبِّسُه، ... أُوقِدْ عَلَيْهِ فَأَحْمِيهِ فَيَنْصَدِعُ
أَبو عَمْرٍو: البَصْرَةُ والكَذَّانُ، كِلَاهُمَا: الْحِجَارَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بصُلبة. وأَرض فُلَانٍ بُصُرة، بِضَمِّ الصَّادِ، إِذا كَانَتْ حَمْرَاءَ طَيِّبَةً. وأَرض بَصِرَةٌ إِذا كَانَتْ فِيهَا حِجَارَةٌ تُقَطِّعُ حَوَافِرَ الدَّوَابِّ. ابْنُ سِيدَهْ: والبُصْرُ الأَرض الطَّيِّبَةُ الحمراءُ. والبَصْرَةُ والبَصَرَةُ والبَصِرَة: أَرض حِجَارَتُهَا جِصٌّ، قَالَ: وَبِهَا سُمِّيَتِ البَصْرَةُ، والبَصْرَةُ أَعم، والبَصِرَةُ كأَنها صِفَةٌ، وَالنَّسَبُ إِلى البَصْرَةِ بِصْرِيٌّ وبَصْرِيٌّ، الأُولى شَاذَّةٌ؛ قَالَ عُذَافِرٌ:
بَصْرِيَّةٌ تزوَّجَتْ بَصْرِيّا، ... يُطْعِمُها المالِحَ والطَّرِيَّا
وبَصَّرَ القومُ تَبْصِيراً: أَتوا البَصْرَة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أُخَبِّرُ مَنْ لاقَيْتُ أَنِّي مُبَصِّرٌ، ... وكائِنْ تَرَى قَبْلِي مِنَ النَّاسِ بَصَّرَا
وَفِي البَصْرَةِ ثلاثُ لُغَاتٍ: بَصْرَة وبِصْرَة وبُصْرَة، وَاللُّغَةُ الْعَالِيَةُ البَصْرَةُ. الْفَرَّاءُ: البِصْرُ والبَصْرَةُ الْحِجَارَةُ الْبَرَّاقَةُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: البَصْرَة أَرْض كأَنها جَبَلٌ مِنْ جِصٍّ وَهِيَ الَّتِي بُنِيَتْ بالمِرْبَدِ، وإِنما سُمِّيَتِ البَصْرَةُ بَصْرَةً بِهَا. والبَصْرَتان: الكوفةُ وَالْبَصْرَةُ. والبَصْرَةُ: الطِّين العَلِكُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: البَصْرُ الطِّينُ العَلِكُ الجَيِّدُ الَّذِي فِيهِ حَصًى. والبَصِيرَةُ: التُّرْسُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اسْتَطَالَ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَزِقَ بالأَرض مِنَ الْجَسَدِ، وَقِيلَ: هُوَ قَدْرُ فِرْسِنِ الْبَعِيرِ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى الرَّمِيَّةِ. وَيُقَالُ: هَذِهِ بَصِيرَةٌ مِنْ دَمٍ، وَهِيَ الجَدِيَّةُ مِنْهَا عَلَى الأَرض. والبَصِيرَةُ: مِقْدَارُ الدِّرْهَم مِنَ الدَّمِ. والبَصِيرَةُ: الثَّأْرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأُمِرَ بِهِ فَبُصِرَ رَأْسُه
أَي قُطِعَ. يُقَالُ: بَصَرَهُ بِسَيْفِهِ إِذا قَطَعَهُ، وَقِيلَ: الْبَصِيرَةُ مِنَ الدَّمِ مَا لَمْ يُسَلَّ، وَقِيلَ: هُوَ الدُّفْعَةُ مِنْهُ، وَقِيلَ: البَصِيرَةُ دَمُ البِكْرِ؛ قَالَ:(4/67)
رَاحُوا، بَصائِرُهُمْ عَلَى أَكْتَافِهِمْ، ... وبَصِيرَتِي يَعْدُو بِها عَتَدٌ وَأَى
يَعْنِي بِالْبَصَائِرِ دَمَ أَبيهم؛ يَقُولُ: تَرَكُوا دَمَ أَبيهم خَلْفَهُمْ وَلَمْ يَثْأَرُوا بِهِ وطَلَبْتُه أَنا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وأَنا طَلَبْتُ ثَأْرِي. وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: البَصِيرَةُ فِي هَذَا الْبَيْتِ الترْسُ أَو الدِّرْعُ، وَكَانَ يَرْوِيهِ: حَمَلُوا بَصَائِرَهُمْ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَاحُوا بصائرُهم يَعْنِي ثِقْل دِمَائِهِمْ عَلَى أَكتافهم لَمْ يَثْأَرُوا بِهَا. والبَصِيرَة: الدِّيَةُ. وَالْبَصَائِرُ: الدِّيَاتُ فِي أَوَّل الْبَيْتِ، قَالَ أَخذوا الدِّيَاتِ فَصَارَتْ عَارًا، وَبَصِيرَتِي أَي ثَأْرِي قَدْ حملته على فرسي لأُطالب بِهِ فَبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَرْقٌ. أَبو زَيْدٍ: البَصيرة مِنَ الدَّمِ مَا كَانَ عَلَى الأَرض. والجَدِيَّةُ: مَا لَزِقَ بِالْجَسَدِ. وَقَالَ الأَصمعي: البَصيرة شَيْءٌ مِنَ الدَّمِ يستدل به على الرَّمِيَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
الْخَوَارِجِ: ويَنْظُر فِي النَّصْلِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً
أَي شَيْئًا مِنَ الدم يستدل به على الرَّمِيَّةِ وَيَسْتَبِينُهَا بِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو حَنِيفَةَ:
وَفِي اليَدِ اليُمْنَى لِمُسْتَعِيرها ... شَهْبَاءُ، تُرْوِي الرِّيشَ مِنْ بَصِيرِها
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ الْبَصِيرَةِ مِنَ الدَّمِ كشَعِيرة وشَعِير وَنَحْوِهَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد مِنْ بَصِيرَتِهَا فَحَذَفَ الْهَاءَ ضَرُورَةً، كَمَا ذَهَبَ إِليه بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَنَظَّرَ خالِدٌ ... عِيادِي عَلى الهِجْرانِ، أَمْ هُوَ يائِسُ؟ «2»
. وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ البَصِيرُ لُغَةً فِي البَصِيرَة، كَقَوْلِكَ حُقٌّ وحُقَّةٌ وَبَيَاضٌ وَبَيَاضَةٌ. والبَصيرَةُ: الدِّرْعُ، وكلُّ مَا لُبِسَ جُنَّةً بَصِيرةٌ. والبَصِيرَةُ: التُّرس، وَكُلُّ مَا لُبِسَ مِنَ السِّلَاحِ فَهُوَ بَصَائِرُ السِّلَاحِ. والباصَرُ: قَتَبٌ صَغِيرٌ مُسْتَدِيرٌ مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَهِيَ الْبَوَاصِرُ. وأَبو بَصِير: الأَعْشَى، عَلَى التَّطَيُّرِ. وبَصير: اسْمُ رَجُلٍ. وبُصْرَى: قَرْيَةٌ بِالشَّامِ، صَانَهَا اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَوْ أُعْطِيتُ مَنْ ببلادِ بُصْرَى ... وقِنَّسْرِينَ مِنْ عَرَبٍ وعُجْمِ
وَتُنْسَبُ إِليها السُّيُوفُ البُصْرِيَّة؛ وَقَالَ:
يَفْلُونَ بالقَلَعِ البُصْرِيّ هامَهُمُ «3»
. وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلْحُصَيْنِ بْنِ الحُمامِ المُرّي:
صَفائح بُصْرَى أَخْلَصَتْها قُيُونُها، ... ومُطَّرِداً مِنْ نَسْج دَاودَ مُحْكَمَا
والنسَبُ إِليها بُصْرِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَحسبه دَخِيلًا. والأَباصِرُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ؛ وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: تُمسك النار يوم القيامة حَتَّى تَبِصَّ كأَنَّها مَتْنُ إِهالَةٍ
أَي تَبْرُقَ ويتلأْلأَ ضوؤُها.
بضر: الْفَرَّاءُ: البَضْرُ نَوْفُ الجاريةِ قَبْلَ أَن تُخْفَضَ. وَقَالَ الْمُفَضِّلُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ البَضْرُ، وَيُبْدِلُ الظَّاءَ ضَادًا، وَيَقُولُ: قَدِ اشْتَكَى ضَهْرِي، وَمِنْهُمْ مَنْ يُبْدِلُ الضَّادَ ظَاءً فَيَقُولُ: قَدْ عَظَّتِ الحربُ بَنِي تَمِيمٍ. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: البُضَيْرَةُ تَصْغِيرُ البَضْرَة وَهِيَ بُطلان الشَّيْءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: ذَهَبَ دَمُهُ بِضْراً مِضْراً «4» . خِضْراً أَي هَدَراً، وذَهَبَ بِطْراً، بِالطَّاءِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ.
وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِيِّ: ذَهَبَ دَمُهُ مَضِراً.
بطر: البَطَرُ: النَّشَاطُ، وَقِيلَ: التَّبَخْتُرُ، وَقِيلَ: قِلَّةُ احْتِمَالِ النِّعمة، وَقِيلَ: الدَّهَشُ والحَيْرَةُ. وأَبْطَرهُ أَي أَدهشه؛ وَقِيلَ: البَطَرُ الطُّغيان فِي النِّعْمَةِ،
__________
(2) . وَرَدَ هَذَا الشِّعْرُ فِي صفحة 60 وفيه لفظة عنادي بدلًا من عيادي ولعلَّ ما هنا أَكثر مناسبة للمعنى مما هنالك
(3) . في أساس البلاغة: يَعلون بالقَلَع إلخ
(4) . قوله [بضراً مضراً إلخ] بكسر فسكون وككتف كما في القاموس(4/68)
وَقِيلَ: هُوَ كَرَاهَةُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ أَن يَسْتَحِقَّ الْكَرَاهِيَةَ. بَطِرَ بَطَراً، فَهُوَ بَطِرٌ. والبَطَرُ: الأَشَر، وَهُوَ شِدَّةُ المَرَح. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلى مَنْ جرَّ إِزَارَه بَطَراً
؛ البَطَر: الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ وَطُولِ الْغِنَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
الكِبْرُ بَطَرُ الحَقّ
؛ هُوَ أَن يَجْعَلَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ حَقًّا مِنْ تَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ بَاطِلًا، وقيل: هو أَن يتخير عِنْدَ الْحَقِّ فَلَا يَرَاهُ حَقًّا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَتَكَبَّرَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَقْبَلَهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها
؛ أَراد بَطِرت فِي مَعِيشَتِهَا فَحَذَفَ وأَوصل؛ قَالَ أَبو إِسحاق: نَصَبَ مَعِيشَتَهَا بِإِسْقَاطِ فِي وَعَمَلِ الْفِعْلِ، وتأْويله بَطِرَتْ فِي مَعِيشَتِهَا. وبَطِرَ الرجلُ وبَهِتَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: البَطَرُ كالحَيْرَة والدَّهَشِ، والبَطَرُ كالأَشَرِ وغَمْطِ النِّعْمَةِ. وبَطِرَ، بِالْكَسْرِ، يَبْطَرُ وأَبْطَرَه المالُ وبَطِرَ بالأَمر: ثَقُل بِهِ ودَهِشَ فَلَمْ يَدْرِ مَا يُقَدِّم وَلَا مَا يُؤَخِّرُ. وأَبْطَرَه حِلْمَهُ: أَدْهَشَهُ وبَهَتَهُ عَنْهُ. وأَبْطَرَه ذَرْعَهُ: حَمَّلَهُ فَوْقَ مَا يُطيق، وَقِيلَ: قَطَعَ عَلَيْهِ مَعَاشَهُ وأَبْلَى بَدَنَه؛ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي، وَزَعَمَ أَن الذَّرْعَ البَدَنُ، وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ القَطُوفِ إِذا جَارَى بَعِيرًا وَسَاعَ الخطْوِ فَقَصُرَتْ خُطاه عَنْ مُباراته: قَدْ أَبْطَرَه ذَرْعَهُ أَي حَمَّلَهُ أَكثر مِنْ طَوْقِه؛ والهُبَعُ إِذا مَاشَى الرُّبَعَ أَبْطَرَه ذَرْعَه فَهَبَعَ أَي اسْتَعَانَ بِعُنُقه ليَلْحَقَهُ. وَيُقَالُ لِكُلِّ مَنْ أَرْهَقَ إِنساناً فحمَّلَه مَا لَا يُطِيقُهُ: قَدْ أَبْطَرَه ذَرْعَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّه قَالَ: الكِبْرُ بَطَرُ الحقِّ وغَمْصُ النَّاس
؛ وبَطَرُ الحقِّ أَن لَا يَرَاهُ حَقًّا وَيَتَكَبَّرُ عَنْ قَبُولِهِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ: بَطِرَ فلانٌ هَدْيَةَ [هِدْيَةَ] أَمْرِه إِذا لَمْ يَهْتَدِ لَهُ وَجَهِلَهُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ؛ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ ذَهَبَ دَمُهُ بِطْراً وبِطْلًا وفِرْغاً إِذا بَطَلَ، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ بَطْرُ الحقِّ أَن يَرَاهُ بَاطِلًا، وَمِنْ جَعْلِهِ مِنْ قَوْلِكَ بَطِرَ إِذا تَحَيَّرَ ودَهِشَ، أَراد أَنه تَحَيَّرَ فِي الْحَقِّ فَلَا يَرَاهُ حَقًّا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: البَطَرُ الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ. وبَطَرُ الحقِّ عَلَى قَوْلِهِ: أَن يَطْغَى عِنْدَ الْحَقِّ أَي يَتَكَبَّرَ فَلَا يَقْبَلُهُ. وبَطِرَ النِّعْمَةَ بَطَراً، فَهُوَ بَطِرٌ: لَمْ يَشْكُرْهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: بَطِرَتْ مَعِيشَتَها
. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَطِرْتَ عَيْشَك لَيْسَ عَلَى التَّعَدِّي وَلَكِنْ عَلَى قَوْلِهِمْ: أَلِمْتَ بَطْنَك ورَشِدْتَ أَمْرَكَ وسَفِهْتَ نَفْسَك وَنَحْوَهَا مِمَّا لَفَظُهُ لَفْظِ الْفَاعِلِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الْمَفْعُولِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: وأَوقعت الْعَرَبُ هَذِهِ الأَفعال عَلَى هَذِهِ الْمَعَارِفِ الَّتِي خَرَجَتْ مُفَسَّرَةً لِتَحْوِيلِ الْفِعْلِ عَنْهَا وَهُوَ لَهَا، وإِنما الْمَعْنَى بَطِرَتْ مَعِيشَتُها وَكَذَلِكَ أَخواتها، وَيُقَالُ: لَا يُبْطِرَنَّ جهلُ فُلَانٍ حلْمَكَ أَي لَا يُدْهِشْكَ عَنْهُ. وذهب دَمُه بَطْراً [بِطْراً] أَي هَدَراً؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: أَصله أَن يَكُونَ طُلَّابُه حُرَّاصاً بِاقْتِدَارٍ وبَطَر فَيُحَرِّمُوا إِدراك الثَّأْر. الْجَوْهَرِيُّ: وَذَهَبَ دَمُهُ بِطْراً، بِالْكَسْرِ، أَي هَدَراً. وبَطَرَ الشيءَ يَبْطُرُه ويَبْطِرُه بَطْراً، فَهُوَ مَبْطُورٌ وَبِطَيْرٌ: شَقَّهُ. والبَطْرُ: الشَّقُّ؛ وَبِهِ سُمِّي البَيْطارُ بَيْطاراً والبَطِيرُ والبَيْطَرُ والبَيْطارُ والبِيَطْرُ، مِثْلَ هِزَبْرٍ، والمُبَيْطِرُ، مُعالجُ الدوابِّ: مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
يُساقِطُها تَتْرَى بِكُلِّ خَميلَةٍ، ... كبَزْغِ الِبيَطْرِ الثِّقْفِ رَهْصَ الكَوادِنِ
وَيُرْوَى البَطِير؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها، ... طَعْنَ المُبَيْطِرِ إِذْ يَشْفِي مِنَ العَضَد(4/69)
الْمِدْرَى هُنَا قَرْنُ الثَّوْرِ؛ يُرِيدُ أَنه ضَرَبَ بِقَرْنِهِ فَرِيصَةَ الْكَلْبِ وَهِيَ اللُّحْمَةُ الَّتِي تَحْتَ الْكَتِفِ الَّتِي تُرْعَدُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ فأَنفذها. والعَضَدُ: دَاءٌ يأْخذ فِي العَضُد. وَهُوَ يُبَيْطِرُ الدَّوَابَّ أَي يُعَالِجُهَا، وَمُعَالَجَتُهُ البَيْطَرَةُ. والبِيَطْرُ: الخَيَّاط؛ قَالَ:
شَقَّ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ
وَفِي التَّهْذِيبِ:
باتَتْ تَجيبُ أَدْعَجَ الظَّلَامِ، ... جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ
قَالَ شَمِرٌ: صَيَّر الْبَيْطَارُ خَيَّاطاً كَمَا صُير الرجلُ الحاذقُ إِسْكافاً. وَرَجُلٌ بِطْرِيرٌ: متمادٍ فِي غَيِّه، والأُنثى بِطْرِيرَةٌ وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النِّسَاءِ. قَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: إِذا بَطِرَت وَتَمَادَتْ فِي الغَيّ.
بظر: البَظْرُ: مَا بَيْنَ الإِسْكَتَيْنِ مِنَ المرأَة، وَفِي الصِّحَاحِ: هَنَةٌ بَيْنَ الإِسْكَتَيْن لَمْ تُخْفَضْ، وَالْجَمْعُ بُظور، وَهُوَ البَيْظَرُ والبُنْظُر والبُنظارة والبَظَارَةُ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي غَسَّانَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَا ابنَ مُقَطِّعَة البُظُور
، جَمْعُ بَظْر، وَدَعَاهُ بِذَلِكَ لأَن أُمه كَانَتْ تَخْتنُ النساءَ، وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ هَذَا اللَّفْظَ فِي مَعْرِضِ الذَّم وإِن لَمْ تَكُنْ أُمُّ مَنْ يُقَالُ لَهُ هَذَا خَاتِنَةً، وَزَادَ فِيهَا اللِّحْيَانِيُّ فَقَالَ: والكَيْنُ والنَّوْفُ والرَّفْرَف، قَالَ: وَيُقَالُ لِلنَّاتِئِ فِي أَسفل حَيَاءِ النَّاقَةِ البُظارة أَيضاً. وبُظارة الشَّاةِ: هَنَةٌ فِي طَرَفِ حَيَائِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: والبُظارة طَرَفُ حَيَاءِ الشَّاةِ وَجَمِيعِ الْمَوَاشِي مِنْ أَسفله؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الناتئُ فِي أَسفل حَيَاءِ الشَّاةِ؛ وَاسْتَعَارَهُ جَرِيرٌ للمرأَة فَقَالَ:
تُبَرِّئُهُمْ مِنْ عَقْرِ جِعْثِنَ، بَعد ما ... أَتَتْكَ بِمَسْلوخِ البُظارَةِ وارِمِ
وَرَوَاهُ أَبو غَسَّانَ البَظارة، بِالْفَتْحِ. وأَمَةٌ بَظْرَاءُ: بَيِّنَةُ البَظْرِ طَوِيلَةُ البَظْرِ، وَالِاسْمُ البَظَرُ وَلَا فِعْلَ لَهُ، وَالْجَمْعُ بُظْرٌ، والبَظَرُ الْمَصْدَرُ مِنْ غَيْرِ أَن يُقَالَ بَظِرَتْ تَبْظَرُ لأَنه لَيْسَ بِحَادِثٍ وَلَكِنَّهُ لَازِمٌ. وَيُقَالُ لِلَّتِي تَخْفضُ الجواريَ: مُبَظِّرَة. والمُبَظِّرُ: الخَتَّانُ كأَنه عَلَى السَّلْبِ. وَرَجُلٌ أَبْظَرُ: لَمْ يُخْتَنْ. والبُظْرَةُ: نُتُوءٌ فِي الشَّفَةِ، وَتَصْغِيرُهَا بُظَيْرَةٌ. والأَبْظَرُ: النَّاتئُ الشفةِ الْعُلْيَا مَعَ طُولِهَا، ونُتُوء فِي وَسَطِهَا مُحَاذٍ للأَنف. أَبو الدُّقَيْشِ: امرأَة بِظْريرٌ، بِالظَّاءِ، طَوِيلَةُ اللِّسَانِ صَخَّابَةٌ. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: بِظْرِيرٌ شُبِّه لِسانُها بالبَظْرِ. قَالَ اللَّيْثُ: قَوْلُ أَبي الدُّقَيْشِ أَحب إِلَيْنَا، وَنَظِيرُهَا مَعْرُوفٌ؛ وَرَوَى بَعْضُهُمْ بِطْرِيرٌ، بِالطَّاءِ، أَي أَنها بَطِرَتْ وأَشِرَتْ. والبُظْرَةُ والبُظَارَةُ: الهَنَةُ الناتِئَة فِي وَسَطِ الشَّفَةِ الْعُلْيَا إِذا عَظُمَتْ قَلِيلًا. وَرَجُلٌ أَبْظَر: فِي شَفَتِهِ الْعُلْيَا طُولٌ مَعَ نُتُوء فِي وَسَطِهَا، وَهِيَ الحِثْرِمَةُ مَا لَمْ تُطِلْ، فإِذا طَالَتْ قَلِيلًا فَالرَّجُلُ حِينَئِذٍ أَبْظر. وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ أَنه أَتى فِي فَرِيضَةٍ وَعِنْدَهُ شُرَيْحٌ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: مَا تَقُولُ فِيهَا أَيها الْعَبْدُ الأَبْظَر؟
وَقَدْ بَظِرَ الرجلُ بَظَراً وَقِيلَ: الأَبْظَرُ الَّذِي فِي شَفَتِهِ الْعُلْيَا طُولٌ مَعَ نُتُوء. وَفُلَانٌ يُمِصُّ «5» . فُلَانًا ويُبَظِّره. وَذَهَبَ دَمُه بِظْراً أَي هَدَراً، وَالطَّاءُ فِيهِ لُغَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والبَظْرُ الخاتمُ، حِمْيَرِيَّة، وَجَمْعُهُ بُظُور؛ قَالَ شَاعِرُهُمْ:
كَمَا سَلَّ البُظُورَ مِن الشَّناتِرْ
الشَّنَاتِرُ: الأَصابع. التَّهْذِيبُ: والبَظْرةُ، بِسُكُونِ الظَّاءِ، حَلْقَةُ الْخَاتَمِ بِلَا كُرْسِيٍّ، وَتَصْغِيرُهَا بُظَيْرة أَيضاً، قَالَ: والبُظَيْرَةُ تَصْغِيرُ البَظْرَة وهي القليل من
__________
(5) . قوله [وفلان يمص إلخ] أي قال له امصص بظر فلانة كما في القاموس(4/70)
الشَّعْرِ فِي الإِبط يَتَوَانَى الرَّجُلُ عَنْ نَتْفِهِ، فَيُقَالُ: تَحْتَ إِبطه بُظَيْرَة. قَالَ: والبَضْرُ: بِالضَّادِ، نَوْفُ الْجَارِيَةِ قَبْلَ أَن تُخْفَضَ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُبْدِلُ الظَّاءَ ضَادًا فَيَقُولُ: البَضْرُ، وَقَدِ اشْتَكَى ضَهْرِي، وَمِنْهُمْ مَنْ يُبْدِلُ الضَّادَ ظَاءً، فَيَقُولُ: قَدْ عَظَّتِ الحربُ بَنِي تميم.
بعر: البَعيرُ: الجَمَل البازِلُ، وَقِيلَ: الجَذَعُ، وَقَدْ يَكُونُ للأُنثى، حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ: شَرِبْتُ مِنْ لَبَنِ بَعيري وصَرَعَتْني بَعيري أَي نَاقَتِي، وَالْجَمْعُ أَبْعِرَةٌ فِي الْجَمْعِ الأَقل، وأَباعِرُ وأَباعيرُ وبُعْرانٌ وبِعْرانٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَباعِرُ جَمْعُ أَبْعِرةٍ، وأَبْعِرَةٌ جَمْعُ بَعير، وأَباعِرُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَلَيْسَ جَمْعًا لِبَعِيرٍ، وَشَاهِدُ الأَباعر قَوْلُ يَزِيدَ بْنِ الصِّقّيل العُقَيْلي أَحد اللُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ بِالْبَادِيَةِ وَكَانَ قَدْ تَابَ:
أَلا قُلْ لرُعْيانِ الأَباعِرِ: أَهْمِلوا، ... فَقَدْ تابَ عَمّا تَعْلَمونَ يَزيدُ
وإِنَّ امْرَأً يَنْجو من النار، بَعْدَ ما ... تَزَوَّدَ منْ أَعْمالِها، لسَعيدُ
قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهِ النَّاسُ وَلَا يَعْرِفُونَ قَائِلَهُ، وَكَانَ سَبَبُ تَوْبَةِ يَزِيدَ هَذَا أَن عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَجَّه إِلى الشَّامِ جَيْشًا غَازِيًا، وَكَانَ يَزِيدُ هَذَا فِي بَعْضِ بَوَادِي الْحِجَازِ يَسْرِقُ الشَّاةَ وَالْبَعِيرَ وإِذا طُلب لَمْ يُوجَدْ، فَلَمَّا أَبصر الْجَيْشَ مُتَوَجِّهًا إِلى الْغَزْوِ أَخلص التَّوْبَةَ وَسَارَ مَعَهُمْ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْبَعِيرُ مِنَ الإِبل بِمَنْزِلَةِ الإِنسان مِنَ النَّاسِ، يُقَالُ لِلْجُمَلِ بَعيرٌ وَلِلنَّاقَةِ بَعيرٌ. قَالَ: وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ بَعِيرٌ إِذا أَجذع. يُقَالُ: رأَيت بَعِيرًا مِنْ بَعِيدٍ، وَلَا يُبَالِي ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى. وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ بِعير، بِكَسْرِ الْبَاءِ، وشِعير، وَسَائِرُ الْعَرَبِ يَقُولُونَ بَعير، وَهُوَ أَفصح اللُّغَتَيْنِ؛ وَقَوْلُ خَالِدِ بْنِ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيِّ:
فإِن كنتَ تَبْغِي للظُّلامَةِ مَرْكَباً ... ذَلُولًا، فإِني ليسَ عِنْدِي بَعِيرُها
يَقُولُ: إِن كُنْتَ تُرِيدُ أَن أَكون لَكَ رَاحِلَةً تَرْكَبُنِي بِالظُّلْمِ لَمْ أُقرّ لَكَ بِذَلِكَ وَلَمْ أَحتمله لَكَ كَاحْتِمَالِ الْبَعِيرِ مَا حُمّلَ. وبَعِرَ الجَمَلُ بَعَراً: صَارَ بَعِيرًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي الْبَعِيرِ سُؤَالٌ جَرَى فِي مَجْلِسِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ، وَكَانَ السَّائِلُ ابْنُ خالويه والمسؤُول الْمُتَنَبِي، قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: وَالْبَعِيرُ أَيضاً الْحِمَارُ وَهُوَ حَرْفٌ نَادِرٌ أَلقيته عَلَى الْمُتَنَبِّي بَيْنَ يَدَيْ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَتْ فِيهِ خُنْزُوانَةٌ وعُنْجُهِيَّة، فَاضْطَرَبَ فَقُلْتُ: الْمُرَادُ بِالْبَعِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ
، الحمارُ فَكَسَرَتْ مِنْ عِزَّتِهِ، وَهُوَ أَن الْبَعِيرَ فِي الْقُرْآنِ الْحِمَارُ، وَذَلِكَ أَن يَعْقُوبَ وَأُخْوَةَ يُوسُفَ، عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَانُوا بِأَرْضِ كَنْعَانَ وَلَيْسَ هُنَاكَ إِبل وَإِنَّمَا كَانُوا يَمْتَارُونَ عَلَى الْحَمِيرِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ
، أَي حِمْلُ حِمَارٍ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي تَفْسِيرِهِ. وَفِي زَبُورِ دَاوُدَ: أَن الْبَعِيرَ كُلُّ مَا يُحْمَلُ، وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا يُحْمَلُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ بِعِيرٌ، وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: اسْتَغْفَرَ لِي رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْلَةَ الْبَعِيرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً
؛ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي اشْتَرَى فِيهَا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ جَابِرٍ جَمَلَهُ وَهُوَ فِي السَّفَرِ. وَحَدِيثُ الْجَمَلِ مَشْهُورٌ. والبَعْرَة: وَاحِدَةُ البَعْرِ. والبَعْرُ والبَعَرُ: رَجِيعُ الخُف والظِّلف مِنَ الإِبل وَالشَّاءِ وَبَقْرِ الْوَحْشِ وَالظِّبَاءِ إِلَّا الْبَقَرَ الأَهلية فَإِنَّهَا تَخْثي وَهُوَ خَثْيُها، وَالْجَمْعُ أَبْعَارٌ، والأَرنب تَبْعَرُ أَيضاً، وَقَدْ بَعَرَتِ الشاةُ وَالْبَعِيرُ يَبْعَرُ بَعْراً. والمِبْعَرُ والمَبْعَرُ: مكانُ البَعَرِ مِنْ كُلِّ ذِي أَربع،(4/71)
وَالْجَمْعُ مَباعِرُ. والمِبْعارُ: الشَّاةُ وَالنَّاقَةُ تُباعِرُ حالِبَها. وباعَرَتِ الشاةُ وَالنَّاقَةُ إِلى حَالِبِهَا: أَسْرَعَتْ، والاسمُ البِعارُ، ويُعَدُّ عَيْبًا لأَنها رُبَّمَا أَلقت بَعَرَها فِي المِحْلَب. والبَعْرُ: الْفَقْرُ التَّامُّ الدَّائِمُ، والبَعَرَةُ: الكَمَرَةُ. والبُعَيْرَةُ: تَصْغِيرُ البَعْرَة، وَهِيَ الغَضْبَةُ فِي اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ. وَمِنْ أَمثالهم: أَنت كَصَاحِبِ البَعْرَة؛ وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِ أَن رَجُلًا كَانَتْ لَهُ ظِنَّة فِي قَوْمِهِ فَجَمَعَهُمْ يَسْتَبْرِئُهُمْ وأَخذ بَعْرَة فَقَالَ: إِني رَامٍ بِبَعْرَتِي هَذِهِ صَاحِبَ ظِنِّتي، فَجَفَلَ لَهَا أَحَدُهُم وَقَالَ: لَا تَرْمِنِي بِهَا، فأَقرّ عَلَى نَفْسِهِ. والبَعَّارُ: لَقَبُ رَجُلٍ. والبَيْعَرَة: مَوْضِعٌ. وأَبناء الْبَعِيرِ: قَوْمٌ. وَبَنُو بُعْرَان: حَيٌّ.
بعثر: الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ
؛ قَالَ: خَرَجَ مَا فِي بَطْنِهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وخروج الموتى بعد ذلك؛ قَالَ: وَهُوَ مِنْ أَشراط السَّاعَةِ أَن تُخرج الأَرض أَفْلَاذَ كَبِدِها. قَالَ: وبُعْثِرَتْ وبُحْثِرَتْ لُغَتَانِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: بُعْثِرَتْ أَي قلب ترابها وَبُعِثَ الْمَوْتَى الَّذِينَ فِيهَا. وَقَالَ: بَعْثَرُوا مَتَاعَهُمْ وبَحْثَرُوه إِذا قَلَبُوه وفَرَّقُوه وبَدَّدُوه وَقَلَبُوا بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِني إِذا لَمْ أَرك تَبَعْثَرَتْ نَفْسي
أَي جَاشَتْ وَانْقَلَبَتْ وغَثَتْ. وبَعْثَرَ الشيءَ: فرَّقه. وبَعْثَر الترابَ وَالْمَتَاعَ: قَلَبَهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن عَيْنَهَا بَدَلٌ مِنْ غَيْنِ بَغْثَرَ أَو غَيْنُ بَغْثَرَ بَدَلٌ مِنْهَا. وبَعْثَرَ الْخَبَرَ بَحَثَهُ، وَيُقَالُ: بَعْثَرْتُ الشيءَ وبَحْثَرْتهُ إِذا اسْتَخْرَجْتَهُ وَكَشَفْتَهُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ
؛ أُثِيرَ وأُخْرِجَ، قَالَ: وَتَقُولُ بَعْثَرْتُ حَوْضي أَي هَدَمْتُهُ وَجَعَلْتُ أَسفله أَعلاه.
بعذر: بَعْذَرَه: حَرَّكه ونفَضَه.
بعكر: بعْكَرَ الشَّيْءَ. قَطَعَهُ كَكَعْبرَهُ.
بغر: ابْنُ الأَعرابي: البَغَرُ والبَغْرُ الشُّرْبُ بِلَا رِيّ. الْبَغَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: دَاءٌ أَو عَطَشٌ؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ دَاءٌ يأْخذ الإِبل فَتَشْرَبُ فَلَا تَرْوَى وتَمْرضُ عَنْهُ فَتَمُوتُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَقُلْتُ: مَا هو إِلا السَّامُ تَرْكَبُه، ... كَأَنَّما المَوْتُ فِي أَجْنَادِهِ البَغَرُ
والبَحَرُ مِثْلُهُ؛ وأَنشد:
وسِرْتَ بِقِيقاةٍ، فَأَنْتَ بَغِيرُ
الْيَزِيدِيُّ: بَغِرَ بَغَراً إِذا أَكثر مِنَ الْمَاءِ فَلَمْ يَرْوَ، وَكَذَلِكَ مَجَرَ مَجْراً. وبَغَرَ الرجلُ بَغْراً وبَغِرَ، فَهُوَ بَغِرٌ وبَغِيرٌ: لَمْ يَرْوَ، وأَخذه مِنْ كَثْرَةِ الشُّرْبِ دَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ، وَالْجَمْعُ بَغارَى وبُغارَى. وماءٌ مَبْغَرَةٌ: يُصِيبُ عَنْهُ البَغَرُ. والبَغْرَةُ: قُوَّةُ الْمَاءِ. وبَغَرَ النجمُ يَبْغُرُ بُغوراً أَي سَقَطَ وَهَاجَ بِالْمَطَرِ، يَعْنِي بِالنَّجْمِ الثريا. وبَغَرَ النَّوُّ إِذا هَاجَ بِالْمَطَرِ؛ وأَنشد:
بَغْرَة نَجْمٍ هَاجَ لَيْلًا فَبَغَرْ
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هَذِهِ بَغْرَةُ نَجْمِ كَذَا، وَلَا تَكُونُ البَغْرَةُ إِلا مَعَ كَثْرَةِ الْمَطَرِ. والبَغْرُ والبَغَرُ والبَغْرَةُ: الدُّفْعَةُ الشَّدِيدَةُ مِنَ الْمَطَرِ؛ بَغِرَتِ السَّمَاءُ بَغَراً. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: بُغِرَتِ الأَرْضُ أَصابها الْمَطَرُ فَلَيَّنَها قَبْلَ أَن تُحْرَثَ، وإِن سَقَاهَا أَهلها قَالُوا: بَغَرْناها بَغْراً. والبَغْرَةُ: الزَّرْعُ يُزْرَعُ بَعْدَ الْمَطَرِ فَيَبْقَى فِيهِ الثَّرَى حَتَّى يُحْقِلَ. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ بَغْرَةٌ من العطاء لا تَعِيضُ إِذا دَامَ عَطَاؤُهُ؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ؛(4/72)
سَحَّتْ لأَبْناءِ الزُّبَيْرِ مآثِرٌ ... فِي المَكْرُمَاتِ، وبَغْرَةٌ لَا تُنْجِمُ
وَيُقَالُ: تَفَرَّقَتِ الإِبل وَذَهَبَ الْقَوْمُ شَغَرَ بَغَرَ، وَذَهَبَ الْقَوْمُ شَغَرَ مَغَرَ وشِغَرَ بِغَرَ وشِغَرَ مِغَرَ أَي مُتَفَرِّقِينَ فِي كُلِّ وَجْهٍ. وعُيِّرَ رجلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقِيلَ لَهُ: مَاتَ أَبوكَ بَشَماً، وَمَاتَتْ أُمُّكَ بَغَراً.
بغبر: ابْنُ الأَعرابي: البُغْبُور الحجَر الَّذِي يُذْبَحُ عَلَيْهِ الْقُرْبَانُ لِلصَّنَمِ. والبُغبُورُ: مَلِكُ الصِّين.
بغثر: بَغْثَرَ طعامَه: فَرَّقَه. وَتَقُولُ: رَكِبَ الْقَوْمُ فِي بَغْثَرَةٍ أَي فِي هَيْجٍ واختلاطٍ. وبَغْثَرَ مَتَاعَهُ وبَعْثَرَهُ إِذا قَلَبَهُ. والبَغْثَرَةُ: خُبْثُ النَّفْسِ. تَقُولُ: مَا لِي أَراك مُبَغْثِرًا وَقَدْ تَبَغْثَرَتْ نَفْسُه أَي خَبُثَتْ وغَثَتْ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا لَمْ أَرك تَبَغْثَرَتْ نَفْسِي
أَي غَثَتْ، وَيُرْوَى تَبَعْثَرَتْ، بِالْعَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وأَصبح فلانٌ مُتَبَغْثِراً أَي مُتَمَقِّساً، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالْعَيْنِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا أَرويه عَنْ أَحد. والبَغْثَرُ: الأَحمق الضَّعِيفُ، والأُنثى بَغْثَرَةٌ. التَّهْذِيبُ: والبَغْثَرُ مِنَ الرِّجَالِ الثَّقِيلُ الوخِمُ؛ وأَنشد:
وَلَمْ نَجِدْ بَغْثَراً كَهَاماً
وبَغْثَرٌ: اسْمُ شَاعِرٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَنَسَبَهُ فَقَالَ: وَهُوَ بَغْثَرُ بْنُ لَقِيطِ بْنِ خَالِدِ بن نضلة.
بقر: البَقَرُ: اسْمُ جِنْسٍ. ابْنُ سِيدَهْ: البَقَرَةُ مِنَ الأَهلي وَالْوَحْشِيِّ يَكُونُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى؛ قَالَ غَيْرُهُ: وإِنما دَخَلَتْهُ الْهَاءُ عَلَى أَنه وَاحِدٌ مِنْ جِنْسٍ، وَالْجَمْعُ البَقَراتُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْجَمْعُ بَقَرٌ وَجَمْعُ البَقَرِ أَبْقُرُ كزَمَنٍ وأَزْمُنٍ؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ، وأَنشد لِمُقْبِلِ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْهُذَلِيِّ:
كأَنَّ عَرُوضَيْهِ مَحَجَّةُ أَبْقُرٍ ... لَهُنَّ، إِذا مَا رُحْنَ فِيهَا، مَذاعِقُ
فأَما بَقَرٌ وباقِرٌ وبَقِيرٌ وبَيْقُورٌ وباقُورٌ وباقُورةٌ فأَسماء لِلْجَمْعِ؛ زَادَ الأَزهري: وبَواقِر؛ عَنِ الأَصمعي، قَالَ: وأَنشدني ابْنُ أَبي طَرَفَةَ:
وسَكَّنْتُهُمْ بالقَوْلِ، حَتَّى كَأَنَّهُمْ ... بَواقِرُ جُلْحٌ أَسْكَنَتْها المَراتِعُ
وأَنشد غَيْرُ الأَصمعي فِي بَيْقُورٍ:
سَلَعٌ مَّا، ومِثلُه عُشَرٌ مَّا، ... عائلٌ مَّا، وعالَتِ البَيْقُورا
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلْوَرَلِ الطَّائِيِّ:
لَا دَرَّ دَرُّ رِجَالٍ خَابَ سَعْيُهُمُ، ... يَسْتَمْطِرُونَ لَدَى الأَزمَات بالعُشَرِ
أَجاعِلٌ أَنْتَ بَيْقُوراً مُسَلَّعَةً، ... ذَرِيعَةً لَكَ بَيْنَ اللهِ والْمَطَرِ؟
وإِنما قَالَ ذَلِكَ لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذا اسْتَسْقَوْا جَعَلُوا السَّلَعَةَ والعُشَرَ فِي أَذناب الْبَقَرِ وأَشعلوا فِيهِ النَّارَ فَتَضِجُّ الْبَقَرُ مِنْ ذَلِكَ وَيُمْطَرُونَ. وأَهل الْيَمَنِ يُسَمُّونَ البَقَرَ: باقُورَةً. وَكَتَبَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ لأَهل الْيَمَنِ: فِي ثَلَاثِينَ بَاقُورَةً بَقَرَةٌ. اللَّيْثُ: الْبَاقِرُ جَمَاعَةُ الْبَقَرِ مَعَ رُعَاتِهَا، وَالْجَامِلُ جَمَاعَةُ الْجِمَالِ مَعَ رَاعِيهَا. ورجلٌ بَقَّارٌ: صَاحِبُ بَقْرٍ. وعُيونُ البَقَرِ: ضَرْبٌ مِنَ الْعِنَبِ. وبَقِرَ: رَأَى بَقَرَ الْوَحْشِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَرِحًا بِهِنَّ.(4/73)
وبَقِرَ بَقَراً وبَقْراً، «1» . فَهُوَ مَبْقُور وبَقِيرٌ: شُقه. وَنَاقَةٌ بَقِيرٌ: شُقَّ بَطْنُهَا عَنْ وَلَدِهَا أَيَّ شَقٍّ؛ وَقَدْ تَبَقَّر وابْتَقَر وانْبَقَر؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
تُنْتَجُ يَوْمَ تُلْقِحُ انْبِقَارا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي حَدِيثٍ لَهُ:
فَجَاءَتِ المرأَة فإِذا الْبَيْتُ مَبْقُورٌ
أَي مُنْتَثِرٌ عَتَبَتُهُ وعِكْمُه الَّذِي فِيهِ طَعَامُهُ وَكُلُّ مَا فِيهِ. والبِقِيرُ والبَقِيرةُ: بُرْدٌ يُشَقُّ فَيُلْبَسُ بِلَا كُمَّيْنِ وَلَا جَيْب، وَقِيلَ: هُوَ الإِتْبُ. الأَصمعي: البَقِيرةُ أَن يؤْخذ بُرد فَيُشَقُّ ثُمَّ تُلْقِيهِ المرأَة فِي عُنُقِهَا مِنْ غَيْرِ كُمَّيْنِ وَلَا جَيْبٍ، والإِتْبُ قَمِيصٌ لَا كُمَيْنِ لَهُ تَلْبَسُهُ النِّسَاءُ. التَّهْذِيبُ:
رَوَى الأَعمش عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ هُدْهُدِ سُلَيْمَانَ قَالَ: بَيْنَمَا سُلَيْمَانُ فِي فَلَاةٍ احْتَاجَ إِلى الْمَاءِ فَدَعَا الْهُدْهُدَ فَبَقَر الأَرضَ فأَصاب الْمَاءَ، فَدَعَا الشَّيَاطِينَ فَسَلَخُوا مَوَاضِعَ الْمَاءِ كَمَا يُسْلَخُ الإِهاب فَخَرَجَ الْمَاءُ؛ قَالَ الأَزهري
: قَالَ شَمِرٌ فِيمَا قرأْت بِخَطِّهِ مَعْنَى بَقَرَ نَظَرَ مَوْضِعَ الْمَاءِ فرأَى الْمَاءَ تَحْتَ الأَرض فأَعلم سُلَيْمَانَ حَتَّى أَمر بِحَفْرِهِ؛ وَقَوْلُهُ فَسَلَخُوا أَي حَفَرُوا حَتَّى وَجَدُوا الْمَاءَ. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ عَنِ ابْنِ نَبَاتَةَ: المُبَقِّرُ الَّذِي يَخُطُّ فِي الأَرض دَارَةً قَدْرَ حَافِرِ الْفَرَسِ، وَتُدْعَى تِلْكَ الدَّارَةُ البَقْرَةَ؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
بِها مِثْلُ آثَارِ المُبَقِّر مَلْعَب
وَقَالَ الأَصمعي: بَقَّرَ القومُ مَا حَوْلَهُمْ أَيْ حَفَرُوا وَاتَّخَذُوا الرَّكَايَا. وَالتَّبَقُّرُ: التَّوَسُّعُ فِي الْعِلْمِ وَالْمَالِ. وَكَانَ يُقَالُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، لأَنه بَقَرَ الْعِلْمَ وَعَرَفَ أَصله وَاسْتَنْبَطَ فَرْعَهُ وتَبقَّر فِي الْعِلْمِ. وأَصل الْبَقَرِ: الشَّقُّ وَالْفَتْحُ وَالتَّوْسِعَةُ. بَقَرْتُ الشيءَ بَقْراً: فَتَحْتُهُ وَوَسَّعْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبْقُرونَ بُيُوتَنَا
أَي يَفْتَحُونَهَا وَيُوَسِّعُونَهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الإِفك: فَبَقَرْتُ لَهَا الْحَدِيثَ
أَيْ فَتَحْتُهُ وَكَشَفْتُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَمر بِبَقَرَةٍ مِنْ نُحَاسٍ فأُحميت
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْحَافِظُ أَبو مُوسَى: الَّذِي يَقَعُ لِي فِي مَعْنَاهُ أَنه لَا يُرِيدُ شَيْئًا مَصُوغًا عَلَى صُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَلَكِنَّهُ رُبَّمَا كَانَتْ قِدْراً كَبِيرَةً وَاسِعَةً فَسَمَّاهَا بَقَرَةً مأْخوذاً مِنَ التَّبَقُّرِ التَّوَسُّع، أَو كَانَ شَيْئًا يَسَعُ بَقَرَةً تَامَّةً بِتَوابلها فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ. وَقَوْلُهُمْ: ابْقُرْها عَنْ جَنينها أَي شُقَّ بَطْنُهَا عَنْ وَلَدِهَا، وبَقِرَ الرَّجُلُ يَبْقَرُ بَقَراً وبَقْراً، وَهُوَ أَن يَحْسِرَ فَلَا يَكَادُ يُبصر؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ أَنكر أَبو الْهَيْثَمِ فَمَا أَخبرني عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ بَقْراً، بِسُكُونِ الْقَافِ؛ وَقَالَ: الْقِيَاسُ بَقَراً عَلَى فَعَلًا لأَنه لَازِمٌ غَيْرُ وَاقِعٍ. الأَصمعي: بَيْقَرَ الفرسُ إِذا خَامَ بِيَدِهِ كَمَا يَصْفِنُ بِرِجْلِهِ. والبَقِير: المُهْرُ يُولَدُ فِي ماسكَةٍ أَو سَلًى لأَنه يَشُقُّ عَلَيْهِ. والبَقَرُ: الْعِيَالُ. وَعَلَيْهِ بَقَرَةٌ مِنْ عيالٍ ومالٍ أَي جماعةٌ. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ يَجُرُّ بَقَرَةً أَي عِيَالًا. وتَبَقَّرَ فِيهَا وتَبَيْقَرَ: تَوَسَّعَ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهَى عَنِ التَّبَقُّر فِي الأَهل وَالْمَالِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ الأَصمعي يُرِيدُ الْكَثْرَةَ والسَّعة، قَالَ: وأَصل التَّبَقُّرِ التوسعُ والتَّفَتُّح؛ وَمِنْهُ قِيلَ: بَقَرْتُ بَطْنَهُ إِنَّمَا هُوَ شْققته وَفَتَحْتُهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُم سُلَيْمٍ: إِنْ دَنَا مِنِّي أَحد مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بَطْنَهُ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ هذا
__________
(1) . قوله؛ [وبقر بقراً وبقراً] سيأتي قريباً التنبيه على ما فيه بنقل عبارة الْأَزْهَرِيُّ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ والحاصل كما يؤخذ من القاموس والصحاح والمصباح أنه من باب فرح فيكون لازماً ومن باب قتل ومنع فيكون متعدياً(4/74)
حَدِيثُ
أَبي مُوسَى حِينَ أَقبلت الْفِتْنَةُ بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ إِن هَذِهِ الْفِتْنَةَ بَاقِرَةٌ كَدَاءِ الْبَطْنِ لَا يُدْرَى أَنَّى يُؤْتى لَهُ
؛ إِنما أَراد أَنها مُفْسِدَةٌ لِلدِّينِ وَمُفَرِّقَةٌ بَيْنَ النَّاسِ ومُشَتِّتَةٌ أُمورهم، وَشَبَّهَهَا بِوَجَعِ الْبَطْنِ لأَنه لَا يُدْرَى مَا هَاجَهُ وَكَيْفَ يُدَاوَى ويتأَتى لَهُ. وبَيْقَرَ الرجلُ: هَاجَرَ مِنْ أَرض إِلى أَرض. وبَيْقَرَ: خَرَجَ إِلَى حَيْثُ لَا يَدْرِي. وبَيْقَرَ: نَزَلَ الحَضَرَ وأَقام هُنَاكَ وَتَرَكَ قَوْمَهُ بِالْبَادِيَةِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْعِرَاقَ، وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَلا هَلْ أَتَاهَا، والحوادثُ جَمَّةٌ، ... بأَنَّ إمْرَأَ القَيْسِ بِنَ تَمْلِكَ بَيْقَرا؟
يَحْتَمِلُ جَمِيعَ ذَلِكَ. وبَيْقَرَ: أَعْيَا. وبَيْقَر: هلَك. وَبَيْقَرَ: مشَى مِشْيَةَ المُنَكِّسِ. وبَيْقَرَ: أَفسد؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَبِهِ فَسَّرَ قوله:
وَقَدْ كانَ زَيْدٌ، والقُعُودُ بأَرْضِهِ، ... كَرَاعِي أُنَاسٍ أَرْسَلُوه فَبَيْقرَا
وَالْبَيْقَرَةُ: الْفَسَادُ. وَقَوْلُهُ: كَرَاعِي أُناس أَي ضَيَّعَ غَنَمَهُ لِلذِّئْبِ؛ وَكَذَلِكَ فُسِّرَ بِالْفَسَادِ قَوْلُهُ:
يَا مَنْ رَأَى النُّعْمانَ كانَ حِيَرَا، ... فَسُلَّ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ بَيْقَرَا
أَي يَوْمَ فَسَادٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي جَعَلَهُ اسْمًا؛ قَالَ: وَلَا أَدري لِتَرْكِ صَرْفِهِ وَجْهًا إِلَّا أَن يضمنه الضمير وَيَجْعَلَهُ حِكَايَةً، كَمَا قَالَ:
نُبِّئْتُ أَخْوالي بَني يَزِيدُ ... بَغيْاً عَلَيْنَا لَهُمُ فَدِيدُ
ضَمَّنَ يَزِيدُ الضَّمِيرَ فَصَارَ جُمْلَةً فَسُمِّيَ بِهَا فَحُكِيَ؛ وَيُرْوَى: يَوْمًا بَيْقَرًا أَي يَوْمًا هَلَكَ أَو فَسَدَ فِيهِ مُلْكُهُ. وبَقِرَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، إِذا أَعيا وحَسَرَ، وبَيْقَرَ مِثْلُهُ. ابْنُ الأَعرابي: بَيْقَرَ إِذا تَحَيَّرَ. يُقَالُ: بَقِرَ الْكَلْبُ وبَيْقَر إِذا رأَى البَقَرَ فَتَحَيَّرَ، كَمَا يُقَالُ غَزِلَ إِذا رأَى الْغَزَالَ فَلَهِيَ. وبَيْقَرَ: خَرَجَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ. وبَيْقَر إِذا شَكَّ، وبَيْقَرَ إِذا حَرَصَ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ وَمَنْعِهِ. وبَيْقَر إِذا مَاتَ، وأَصْلُ البَيْقَرَة الْفَسَادُ. وبَيْقَرَ الرَّجُلُ فِي مَالِهِ إِذا أَسرع فِيهِ وأَفسده. وَرَوَى عَمْرٌو عَنْ أَبيه: البَيْقَرَة كَثْرَةُ الْمَتَاعِ وَالْمَالِ. أَبو عُبَيْدَةَ: بَيْقَرَ الرَّجُلُ فِي العَدْو إِذا اعْتَمَدَ فِيهِ. وبَيْقَر الدَّارَ إِذا نَزَلَهَا وَاتَّخَذَهَا مَنْزِلًا. وَيُقَالُ: فِتْنَةٌ بَاقِرَةٌ كَدَاءِ الْبَطْنِ، وَهُوَ الْمَاءُ الأَصفر. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: سيأْتي عَلَى النَّاسِ فتْنَةٌ باقِرَةٌ تَدَعُ الحليمَ حَيْرانَ
؛ أَي واسعَةٌ عظيمةٌ. كَفَانَا اللَّهُ شَرَّهَا. والبُقَّيْرَى، مِثَالُ السُّمَّيْهى: لِعْبَةُ الصِّبْيَانِ، وَهِيَ كَوْمَةٌ مِنْ تُرَابٍ وَحَوْلَهَا خُطُوطٌ. وبَقَّرَ الصبيانُ: لَعِبُوا البُقَّيْرَى، يأْتون إِلى مَوْضِعٍ قَدْ خُبِّئَ لَهُمْ فِيهِ شَيْءٌ فَيَضْرِبُونَ بأَيديهم بِلَا حَفْرٍ يَطْلُبُونَهُ؛ قَالَ طُفَيْلٌ الغَنَوِيُّ يَصِفُ فَرَسًا:
أَبَنَّتْ فَمَا تَنْفَكُّ حَوْلَ مُتَالِعٍ، ... لَهَا مِثلُ آثارِ المُبَقِّرِ مَلْعَبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: فِي هَذَا الْبَيْتِ يَصِفُ فَرَسًا، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ سَهْوٌ وإِنما هُوَ يَصِفُ خَيْلًا تَلْعَبُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَهُوَ مَا حَوْلَ مُتَالِعٍ، وَمُتَالِعٌ: اسْمُ جَبَلٍ. والبُقَّارُ: تُرَابٌ يُجْمَعُ بالأَيدي فَيُجْعَلُ قُمَزاً قُمَزاً وَيُلْعَبُ بِهِ، جَعَلُوهُ اسْمًا كالقِذَافِ؛ والقُمَزُ كأَنها صَوَامِعُ، وَهُوَ البُقَّيْرَى؛ وأَنشد:
نِيطَ بِحَقْوَيها خَمِيسٌ أَقْمَرُ ... جَهْمٌ، كبُقَّارِ الوليدِ، أَشْعَرُ(4/75)
والبَقَّار: اسْمُ وَادٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَبَاتَ السَّيلُ يَرْكبُ جانِبَيْهِ ... مِنَ البَقَّارِ، كالعَمِدِ الثَّقَال
والبَقَّارُ: مَوْضِعٌ. والبَيْقَرَةُ: إِسْرَاعٌ يطأْطئ الرَّجُلُ فِيهِ رأْسه؛ قَالَ المثَقِّبُ العَبْدِيّ، وَيُرْوَى لِعَدِيِّ بْنِ وَدَاع:
فَباتَ يَجْتَابُ شُقارَى، كَمَا ... بَيْقَرَ منْ يَمْشِي إِلى الجَلْسَدِ
وشُقارَى، مُخَفَّفٌ مِنْ شُقَّارَى: نَبْتٌ، خَفَّفَهُ لِلضَّرُورَةِ، وَرَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِهِ النَّبَاتِ: مَنْ يَمْشِي إِلَى الخَلَصَة، قَالَ: والخَلَصَةُ الوَثَنُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ جَسَدَ. والبَيْقَرانُ: نَبْتٌ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ. وبَيْقُور: مَوْضِعٌ، وَذُو بَقَرٍ: مَوْضِعٌ. وَجَاءَ بالشُّقَّارَى والبُقَّارَى أَي الداهية.
بكر: البُكْرَةُ: الغُدْوَةُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ أَتيتك بُكْرَةً؛ نَكِرَةٌ مُنَوَّنٌ، وَهُوَ يُرِيدُ فِي يَوْمِهِ أَو غَدِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا
. التَّهْذِيبُ: والبُكْرَةُ مِنَ الْغَدِ، وَيُجْمَعُ بُكَراً وأَبْكاراً، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ
؛ بُكْرَةٌ وغُدْوَةٌ إِذا كَانَتَا نَكِرَتَيْنِ نُوِّنَتَا وَصُرِفَتَا، وَإِذَا أَرادوا بِهِمَا بُكْرَةَ يَوْمِكَ وَغَدَاةَ يَوْمِكَ لَمْ تصرفهما، فبكرة هاهنا نَكِرَةٌ. والبُكُور والتَّبْكيرُ: الْخُرُوجُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. والإِبْكارُ: الدُّخُولُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. الجوهري: وسِيرَ عَلَى فَرَسِكَ بُكْرَةً وبَكَراً كَمَا تَقُولُ سَحَراً. والبَكَرُ: البُكْرَةُ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُستعمل إِلَّا ظَرْفًا. والإِبْكارُ: اسْمُ البُكْرَةِ كالإِصباح، هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، وَعِنْدِي أَنه مَصْدَرُ أَبْكَرَ. وبَكَرَ عَلَى الشَّيْءِ وإِليه يَبْكُرُ بُكُوراً وبكَّرَ تَبْكِيراً وابْتَكَرَ وأَبْكَرَ وباكَرَهُ: أَتاهُ بُكْرةً، كُلُّهُ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: باكَرْتُ الشَّيْءَ إِذا بكَّرْت لَهُ؛ قال لبيد:
باكَرْتُ جاجَتَها الدجاجَ بِسُحْرَةٍ
مَعْنَاهُ بَادَرْتُ صَقِيعَ الدِّيكِ سَحَرًا إِلى حَاجَتِي. وَيُقَالُ: أَتيته بَاكِرًا، فَمَنْ جَعَلَ الْبَاكِرَ نَعْتاً قَالَ للأُنثى باكِرَةٌ، وَلَا يقال بَكُرَ ولا بَكِرَ إِذا بَكَّرَ، وَيُقَالُ: أَتيته بُكرة، بِالضَّمِّ، أَي باكِراً، فإِن أَردت بِهِ بُكْرَةَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ، قُلْتَ: أَتيته بُكْرَةَ، غَيْرَ مَصْرُوفٍ، وَهِيَ مِنَ الظُّرُوفِ الَّتِي لَا تَتَمَكَّنُ. وَكُلُّ مَنْ بَادَرَ إِلَى شَيْءٍ، فَقَدَ أَبكر عَلَيْهِ وبَكَّرَ أَيَّ وَقْتٍ كانَ. يُقَالُ: بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَي صَلُّوها عِنْدَ سُقُوطِ القُرْص. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ*
؛ جَعَلَ الإِبكار وَهُوَ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْوَقْتِ وَهُوَ البُكْرَةُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ*؛ جَعَلَ الْغُدُوَّ وَهُوَ مَصْدَرٌ يَدُلُّ عَلَى الْغَدَاةِ. وَرَجُلٌ بَكُرٌ فِي حَاجَتِهِ وبَكِرٌ، مِثْلَ حَذُرٍ وحَذِرٍ، وبَكِيرٌ؛ صَاحِبُ بُكُورٍ قَوِيٌّ عَلَى ذَلِكَ؛ وبَكِرٌ وبَكِيرٌ: كِلَاهُمَا عَلَى النَّسَبِ إِذ لَا فِعْلَ لَهُ ثُلَاثِيًّا بَسِيطًا. وبَكَرَ الرجلُ: بَكَّرَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: جِيرانُك باكِرٌ؛ وأَنشد:
يَا عَمْرُو جِيرانُكُمُ باكِرُ، ... فالقلبُ لَا لاهٍ وَلَا صابِرُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراهم يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلى مَعْنَى الْقَوْمِ وَالْجَمْعِ لأَن لَفْظَ الْجَمْعِ وَاحِدٌ، إِلَّا أَن هَذَا إِنما يُسْتَعْمَلُ إِذا كَانَ الْمَوْصُوفُ مَعْرِفَةً لَا يَقُولُونَ جِيرانٌ باكِرٌ؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَنه لَا(4/76)
يَمْتَنِعُ جِيرانٌ باكِرٌ كَمَا لَا يَمْتَنِعُ جِيرانُكُمْ باكِرٌ. وأَبْكَرَ الوِرْدَ والغَداءَ إِبْكاراً: عاجَلَهُما. وبَكَرْتُ عَلَى الْحَاجَةِ بُكُوراً وغَدَوْتُ عَلَيْهَا غُدُوّاً مِثْلَ البُكُورِ، وأَبْكَرْتُ غَيْرِي وأَبْكَرْتُ الرجلَ عَلَى صَاحِبِهِ إِبكاراً حَتَّى بَكَرَ إِليه بُكُوراً. أَبو زَيْدٍ: أَبْكَرْتُ عَلَى الوِرْدِ إِبْكاراً، وَكَذَلِكَ أَبكرت الْغَدَاءَ. وأَبْكَرَ الرجلُ: وَرَدَتْ إِبله بُكْرَةً. ابْنُ سِيدَهْ: وبَكَّرَهُ عَلَى أَصحابه وأَبْكَرَهُ عَلَيْهِمْ جَعَلَهُ يَبْكُرُ عَلَيْهِمْ. وبَكِرَ: عَجِلَ. وبَكَّرَ وتَبَكَّرَ وأَبْكَرَ: تَقَدَّمَ. والمُبْكِرُ والباكُورُ جَمِيعًا، مِنَ الْمَطَرِ: مَا جَاءَ فِي أَوَّل الوَسْمِيِّ. والباكُورُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: المعَجَّلُ الْمَجِيءِ والإِدراك، والأُنثى بَاكُورَةٌ؛ وَبَاكُورَةُ الثَّمَرَةِ مِنْهُ. وَالْبَاكُورَةُ: أَوَّل الْفَاكِهَةِ. وَقَدِ ابْتَكَرْتُ الشيءَ إِذا اسْتَوْلَيْتُ عَلَى بَاكُورَتِهِ. وابْتَكَرَ الرجلُ: أَكل باكُورَةَ الْفَاكِهَةِ. وَفِي حَدِيثِ
الْجُمُعَةِ: مَنْ بَكَّرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وابْتَكَرَ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا
؛ قَالُوا: بَكَّرَ أَسرع وَخَرَجَ إِلى الْمَسْجِدِ بَاكِرًا وأَتى الصَّلَاةَ فِي أَوّل وَقْتِهَا؛ وَكُلُّ مَنْ أَسرع إِلى شَيْءٍ، فَقَدْ بَكَّرَ إِليه. وابْتَكَرَ: أَدرك الخُطْبَةَ مِنْ أَوَّلها، وَهُوَ مِنَ الْبَاكُورَةِ. وأَوَّلُ كُلِّ شَيْءٍ: باكُورَتُه. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ الْجُمُعَةِ: مَعْنَاهُ مَنْ بَكَّرَ إِلى الْجُمُعَةِ قَبْلَ الأَذان، وإِن لَمْ يأْتها بَاكِرًا، فَقَدْ بَكَّرَ؛ وأَما ابْتِكارُها فأَنْ يُدْرِكَ أَوَّلَ وَقْتِهَا، وأَصلُه مِنِ ابْتِكارِ الْجَارِيَةِ وَهُوَ أَخْذُ عُذْرَتها، وَقِيلَ: مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ وَاحِدٌ مِثْلَ فَعَلَ وافْتَعَلَ، وإِنما كُرِّرَ لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّوْكِيدِ كَمَا قَالُوا: جادٌّ مُجِدٌ. قَالَ: وَقَوْلُهُ غَسَلَ واغْتَسَلَ، غَسَل أَي غَسَلَ مَوَاضِعَ الْوُضُوءِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ؛ وَاغْتَسَلَ أَي غَسَلَ الْبَدَنَ. وَالْبَاكُورُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: هُوَ المُبَكِّرُ السَّرِيعُ الإِدْراكِ، والأُنثى باكُورَةٌ. وَغَيْثٌ بَكُورٌ: وَهُوَ المُبَكِّرُ فِي أَوَّل الوَسْمِيّ، وَيُقَالُ أَيضاً: هُوَ السَّارِي فِي آخِرِ اللَّيْلِ وأَول النَّهَارِ؛ وأَنشد:
جَرَّرَ السَّيْلُ بِهَا عُثْنُونَهُ، ... وتَهادَتْها مَداليجٌ بُكُرْ
وَسَحَابَةٌ مِدْلاجٌ بَكُورٌ. وأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ: أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقْطَفُ؛ قَالَ: وَاحِدُهَا بِكْرٌ وَهُوَ الكَرْمُ الَّذِي حَمَلَ أَوّل حَمْلِهِ. وعَسَلٌ أَبْكارٌ: تُعَسِّلُه أَبْكارُ النَّحْلِ أَي أَفتاؤها وَيُقَالُ: بَلْ أَبْكارُ الْجَوَارِي تَلِينَهُ. وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلى عَامِلٍ لَهُ: ابعثْ إِلَيَّ بِعَسَلِ خُلَّار، مِنَ النَّحْلِ الأَبكار، مِنَ الدِّسْتِفْشَارِ، الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ؛ يُرِيدُ بالأَبكار أَفراخ النَّحْلِ لأَن عَسَلَهَا أَطيب وأَصفى، وَخُلَّارُ: موضع بفارس، والدستفشار: كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعْنَاهَا مَا عَصَرَتْهُ الأَيْدِي؛ وَقَالَ الأَعشى:
تَنَحَّلَها، مِنْ بَكارِ القِطاف، ... أُزَيْرقُ آمِنُ إِكْسَادِهَا
بِكَارِ الْقِطَافِ: جَمْعُ بَاكِرٍ كَمَا يُقَالُ صاحِبٌ وصِحابٌ، وَهُوَ أَول مَا يُدْرِك. الأَصمعي: نَارٌ بِكْرٌ لَمْ تُقْبَسْ مِنْ نَارٍ، وَحَاجَةٌ بِكْرٌ طُلبت حَدِيثًا. وأَنا آتِيكَ العَشِيَّةَ فأُبَكِّر أَي أُعجل ذَلِكَ؛ قَالَ:
بَكَرَتْ تَلُومُكَ، بَعْدَ وَهْنٍ فِي النَّدَى؛ ... بَسْلٌ عَلَيْكِ مَلامَتِي وعِتابي
فَجُعِلَ الْبُكُورُ بَعْدَ وَهْنٍ؛ وَقِيلَ: إِنما عَنَى أَوَّل اللَّيْلِ فَشَبَّهَهُ بِالْبُكُورِ فِي أَول النَّهَارِ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: أَصل [ب ك ر] إِنما هُوَ التَّقَدُّمُ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَو نَهَارٍ، فأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[بَكَرَتْ تَلُومُكَ بَعْدَ وَهْنٍ](4/77)
فَوَجْهُهُ أَنه اضْطُرَّ فَاسْتَعْمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَصل وَضْعِهِ الأَول فِي اللُّغَةِ، وَتَرَكَ مَا وَرَدَ بِهِ الِاسْتِعْمَالُ الْآنَ مِنَ الِاقْتِصَارِ بِهِ عَلَى أَول النَّهَارِ دُونَ آخِرِهِ، وإِنما يَفْعَلُ الشَّاعِرُ ذَلِكَ تَعَمُّدًا لَهُ أَو اتِّفَاقًا وَبَدِيهَةَ تَهَجُّمٍ عَلَى طَبْعِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ؛
لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا بَكَّرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ
؛ مَعْنَاهُ مَا صلَّوها فِي أَول وَقْتِهَا؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
مَا تَزَالُ أُمتي عَلَى سُنَّتي مَا بَكَّرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
بَكِّرُوا بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الْغَيْمِ، فإِنه مَن تَرَكَ الْعَصْرَ حَبِطَ عَمَلُهُ
؛ أَي حَافِظُوا عَلَيْهَا وَقَدِّمُوهَا. والبِكِيرَةُ والباكُورَةُ والبَكُورُ مِنَ النَّخْلِ، مِثْلُ البَكِيرَةِ: الَّتِي تُدْرَكُ فِي أَول النَّخْلِ، وَجَمْعُ البَكُورِ بُكُرٌ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
ذَلِكَ مَا دِينُك، إِذ جُنِّبَتْ ... أَحْمالُها كالبُكُرِ المُبْتِلِ
وَصَفَ الْجَمْعَ بِالْوَاحِدِ كأَنه أَراد المُبْتِلَةَ فَحُذِفَ لأَن الْبِنَاءَ قَدِ انْتَهَى، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ المُبْتِل جَمْعَ مُبْتِلَة، وإِن قَلَّ نَظِيرُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بالبُكُرِ هاهنا الْوَاحِدَةَ لأَنه إِنما نَعَتَ حُدوجاً كَثِيرَةً فَشَبَّهَهَا بِنَخِيلٍ كَثِيرَةٍ، وَهِيَ المِبْكارُ؛ وأَرْضٌ مِبْكار: سَرِيعَةُ الإِنبات؛ وَسَحَابَةٌ مِبكار وبَكُورٌ: مِدْلاجٌ مِنْ آخَرِ اللَّيْلِ؛ وَقَوْلُهُ:
إِذا وَلَدَتْ قَرَائبُ أُمِّ نَبْلٍ، ... فذاكَ اللُّؤْمُ واللَّقَحُ البَكُورُ «2»
. أَي إِنما عَجَّلَتْ بِجَمْعِ اللؤْم كَمَا تُعَجِّلُ النَّخْلَةُ وَالسَّحَابَةُ. وبِكرُ كُلِّ شَيْءٍ: أَوّله؛ وكُلُّ فَعْلَةٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا مِثْلُهَا، بِكْرٌ. والبِكْرُ: أَوَّل وَلَدِ الرَّجُلِ، غُلَامًا كَانَ أَو جَارِيَةً. وَهَذَا بِكْرُ أَبويه أَي أَول وَلَدٍ يُولَدُ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَجَمْعُهُمَا جَمِيعًا أَبكار. وكِبْرَةُ وَلَدِ أَبويه: أَكبرهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُعَلِّمُوا أَبْكارَ أَولادكم كُتُبَ النَّصَارَى
؛ يَعْنِي أَحداثكم. وبِكْرُ الرَّجُلِ بِالْكَسْرِ: أَوّل وَلَدِهِ، وَقَدْ يَكُونُ البِكْرُ مِنَ الأَولاد فِي غَيْرِ النَّاسِ كَقَوْلِهِمْ بِكْرُ الحَيَّةِ. وَقَالُوا: أَشدّ النَّاسِ بِكْرٌ ابنُ بِكْرَيْن، وَفِي الْمُحْكَمِ: بِكْرُ بِكْرَيْن؛ قَالَ:
يَا بِكْرَ بِكْرَيْنِ، وَيَا خِلْبَ الكَبِدْ، ... أَصبَحتَ مِنِّي كَذِرَاعٍ مِنْ عَضُدْ
والبِكْرُ: الْجَارِيَةُ الَّتِي لَمْ تُفْتَضَّ، وَجَمْعُهَا أَبْكارٌ. والبِكْرُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي لَمْ يَقْرَبْهَا رَجُلٌ، وَمِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَمْ يَقْرُبِ امرأَة بَعْدُ؛ وَالْجَمْعُ أَبْكارٌ. ومَرَةٌ بِكْرٌ: حَمَلَتْ بَطْنًا وَاحِدًا. والبِكْرُ: العَذْراءُ، وَالْمَصْدَرُ البَكارَةُ، بِالْفَتْحِ. والبِكْرُ: المرأَة الَّتِي وَلَدَتْ بَطْنًا وَاحِدًا، وبِكْرُها وَلَدُهَا، وَالذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ؛ وَكَذَلِكَ البِكْرُ مِنَ الإِبل. أَبو الْهَيْثَمِ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الَّتِي وَلِدَتْ بَطْنًا وَاحِدًا بِكْراً بِوَلَدِهَا الَّذِي تَبْتَكرُ بِهِ، وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً بِكْرٌ مَا لَمْ تَلِدْ، وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الأَصمعي: إِذا كَانَ أَوّل وَلَدٍ وَلَدَتْهُ النَّاقَةُ فَهِيَ بِكْرٌ. وَبَقَرَةٌ بِكْرٌ: فَتِيَّةٌ لَمْ تَحْمِلْ. وَيُقَالُ: مَا هَذَا الأَمر مِنْكَ بِكْراً وَلَا ثِنْياً؛ عَلَى مَعْنَى مَا هُوَ بأَوّل وَلَا ثَانٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وقُوفاً لَدَى الأَبْوابِ، طُلابَ حاجَةٍ، ... عَوانٍ مِنَ الحاجاتِ، أَو حاجَةً بِكْرَا
أَبو الْبَيْدَاءِ: ابْتَكَرَتِ الحاملُ إِذا وَلَدَتْ بِكْرَها، وأَثنت فِي الثَّانِي، وثَلَّثَتْ فِي الثَّالِثِ، وَرَبَّعَتْ وَخَمَّسَتْ وَعَشَّرَتْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَسبعت وأَعشرت وأَثمنت فِي الثَّامِنِ وَالسَّابِعِ وَالْعَاشِرِ. وَفِي نَوَادِرِ
__________
(2) . قوله: [نبل] بالنون والباء الموحدة كذا في الأَصل(4/78)
الأَعراب: ابْتَكَرَتِ المرأَةُ وَلَدًا إِذا كَانَ أَول وَلَدِهَا ذَكَرًا، واثْتَنَيَتْ جَاءَتْ بولدٍ ثِنْيٍ، واثْتَلَثَتْ وَلَدَها الثَّالِثَ، وابْتَكَرْتُ أَنا واثْتَنَيْتُ واثْتَلَثْتُ. والبِكْرُ: النَّاقَةُ الَّتِي وَلَدَتْ بَطْنًا وَاحِدًا، وَالْجَمْعُ أَبْكارٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
وإِنَّ حَدِيثاً مِنْكِ لَوْ تَبْذُلِينَهُ، ... جَنَى النَّحْلِ فِي أَلْبانِ عُوذٍ مَطافِلِ
مَطافِيلِ أَبْكارٍ حَدِيثٍ نِتَاجُها، ... تُشابُ بماءٍ مثلِ ماءِ المَفَاصِلِ
وبِكْرُها أَيضاً: وَلَدُها، وَالْجَمْعُ أَبْكارٌ وبِكارٌ. وَبَقَرَةٌ بِكْرٌ: لَمْ تَحْمِلْ، وَقِيلَ: هِيَ الفَتِيَّةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ
؛ أَي لَيْسَتْ بِكَبِيرَةٍ وَلَا صَغِيرَةٍ، وَمَعْنَى ذَلِكَ: بَيْنَ البِكْرِ والفارِضِ؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَدِيثَ، كَأَنَّهُ ... جَنَى النَّحْل أَوْ أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ
عَنَى الكَرْمَ البِكْرَ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْ قَبْلَ ذَلِكَ؛ وَكَذَلِكَ عَمَلُ أَبْكار، وَهُوَ الَّذِي عَمِلَتْهُ أَبْكار النَّحْلِ. وَسَحَابَةٌ بكْرٌ: غَزيرَةٌ بِمَنْزِلَةِ البكْرِ مِنَ النِّسَاءِ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: لأَن دَمَهَا أَكثر مِنْ دَمِ الثيِّب، وَرُبَّمَا قِيلَ: سَحابٌ بكْرٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
ولَقَدْ نَظَرْتُ إِلى أَغَرَّ مُشَهَّرٍ، ... بِكْرٍ تَوَسَّنَ فِي الخَمِيلَةِ عُونَا
وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وبِكْرٍ كُلَّمَا مُسَّتْ أَصَاتَتْ، ... تَرَنُّمَ نَغْمِ ذِي الشُّرُعِ العَتِيقِ
إِنما عَنَى قَوْسًا أَوَّل مَا يُرْمَى عَنْهَا، شَبَّهَ تَرَنُّمَهَا بِنَغَمِ ذِي الشُّرُع وَهُوَ الْعُودُ الَّذِي عَلَيْهِ أَوتار. والبِكْرُ: الفَتِيُّ مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: هُوَ الثَّنيُّ إِلى أَن يُجْذِعَ، وَقِيلَ: هُوَ ابْنُ الْمَخَاضِ إِلى أَن يُثْنِيَ، وَقِيلَ: هُوَ ابْنُ اللَّبُونِ، والحِقُّ والجَذَعُ، فإِذا أَثْنى فَهُوَ جَمَلٌ وَهِيَ نَاقَةٌ، وَهُوَ بَعِيرٌ حَتَّى يَبْزُلَ، وَلَيْسَ بَعْدَ الْبَازِلِ سِنٌّ يُسَمَّى، وَلَا قَبْلَ الثَّنيِّ سَنٌّ يُسَمَّى؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي وَهُوَ صَحِيحٌ؛ قَالَ: وَعَلَيْهِ شَاهَدْتُ كَلَامَ الْعَرَبِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَمْ يَبْزُلْ، والأُنثى بِكْرَةٌ، فإِذا بَزَلا فَجَمَلٌ وَنَاقَةٌ، وَقِيلَ: البِكْرُ وَلَدُ النَّاقَةِ فَلَمَّ يُحَدَّ وَلَا وُقِّتَ، وَقِيلَ: البِكْرُ مِنَ الإِبل بِمَنْزِلَةِ الفَتِيِّ مِنَ النَّاسِ، والبِكْرَةُ بِمَنْزِلَةِ الْفَتَاةِ، والقَلُوصُ بِمَنْزِلَةِ الْجَارِيَةِ، والبَعِيرُ بِمَنْزِلَةِ الإِنسان، والجملُ بمنزلةِ الرجلِ، والناقةُ بمنزلةِ المرأَةِ، وَيُجْمَعُ فِي الْقِلَّةِ عَلَى أَبْكُرٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ صَغَّرَهُ الرَّاجِزُ وَجَمَعَهُ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ فَقَالَ:
قَدْ شَرِبَتْ إِلَّا الدُّهَيْدِهِينَا ... قُلَيِّصَاتٍ وأُبَيْكِرِينَا
وَقِيلَ فِي الأُنثى أَيضاً: بِكْرٌ، بِلَا هَاءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اسْتَسْلَفَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ رَجُلٍ بَكْراً
؛ البَكر، بِالْفَتْحِ: الفَتِيُّ مِنَ الإِبل بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ مِنَ النَّاسِ، والأُنثى بَكْرَةٌ، وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِلنَّاسِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْمُتْعَةِ: كأَنها بَكْرَةٌ عَيْطاء
أَي شَابَّةٌ طَوِيلَةُ الْعُنُقِ فِي اعْتِدَالٍ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: وَسَقَطَ الأُملوج مِنَ الْبِكَارَةِ
؛ البِكارة، بِالْكَسْرِ: جَمْعُ البَكْرِ، بِالْفَتْحِ؛ يُرِيدُ أَن السِّمَنَ الَّذِي قَدْ عَلَا بِكَارَةَ الإِبل بِمَا رَعَتْ مِنْ هَذَا الشَّجَرِ قَدْ سَقَطَ عَنْهَا فَسَمَّاهُ بِاسْمِ الْمَرْعَى إِذ كَانَ سَبَبًا لَهُ؛ وَرَوَى بَيْتَ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:
ذِراعَيْ عَيْطَلٍ أَدْماءَ بَكْرٍ، ... غَذَاهَا الخَفْضُ لَمْ تَحْمِلْ جَنِينَا(4/79)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَصح الرِّوَايَتَيْنِ بِكر، بِالْكَسْرِ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَبْكارٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَجَمْعُ البَكْرِ بِكارٌ مِثْلَ فَرْخٍ وفِرَاخٍ، وبِكارَةٌ أَيضاً مِثْلَ فَحْلٍ وفِحالَةٍ؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:
قليِّصات وأُبيكرينا
جمعُ الأَبْكُرِ كَمَا تُجْمَعُ الجُزُرَ والطُّرُقَ، فَتَقُولُ: طُرُقاتٌ وجُزُراتٌ، وَلَكِنَّهُ أَدخل الْيَاءَ وَالنُّونَ كَمَا أَدخلهما فِي الدُّهَيْدِهِينِ، وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ بُكْرانٌ وبِكارٌ وبَكارَةٌ [بِكارَةٌ] ، والأُنثى بَكْرَةٌ وَالْجَمْعُ بِكارٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، كعَيْلَةٍ وعِيالٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: البَكارَةُ للذكور خَاصَّةً، والبَكارُ، بِغَيْرِ هَاءٍ للإِناث. وبَكْرَةُ الْبِئْرِ: مَا يُسْتَقَى عَلَيْهَا، وَجَمْعُهَا بَكَرٌ بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ مِنْ شَوَاذِّ الْجَمْعِ لأَن فَعْلَةً لَا تُجْمَعُ عَلَى فَعَلٍ إِلَّا أَحرفاً مِثْلُ حَلْقَةٍ وحَلَقٍ وحَمْأَةٍ وحَمَإٍ وبَكْرَةٍ وبَكَرٍ وبَكَرات أَيضاً؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
والبَكَرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائِمَهْ
يَعْنِي الَّتِي لَا تَدُورُ. ابْنُ سِيدَهْ: والبَكْرَةُ والبَكَرَةُ لُغَتَانِ لِلَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا وَهِيَ خَشَبَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ فِي وَسَطِهَا مَحْزُّ لِلْحَبْلِ وَفِي جَوْفِهَا مِحْوَرٌ تَدُورُ عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: هِيَ المَحَالَةُ السَّريعة. والبَكَراتُ أَيضاً: الحَلَقُ الَّتِي فِي حِلْيَةِ السَّيْفِ شَبِيهَةٌ بِفَتَخِ النساء. وجاؤوا عَلَى بَكْرَةِ أَبيهم إِذا جاؤوا جَمِيعًا عَلَى آخِرِهِمْ؛ وَقَالَ الأَصمعي: جاؤوا عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ وَقَالَ أَبو عمرو: جاؤوا بأَجمعهم؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَتْ هوازنُ عَلَى بَكْرَةِ أَبيها
؛ هَذِهِ كَلِمَةٌ لِلْعَرَبِ يُرِيدُونَ بِهَا الْكَثْرَةُ وَتَوْفِيرُ الْعَدَدِ وأَنهم جاؤوا جَمِيعًا لَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ أَحد. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: معناه جاؤوا بَعْضُهُمْ فِي إِثر بَعْضٍ وَلَيْسَ هُنَاكَ بَكْرَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهِيَ الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا الْمَاءُ الْعَذْبُ، فَاسْتُعِيرَتْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وإِنما هِيَ مَثَلٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: عندي أَن قولهم جاؤوا عَلَى بَكَرَةِ أَبيهم بِمَعْنَى جاؤوا بأَجمعهم، هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ بَكَرْتُ فِي كَذَا أَي تقدّمت فيه، ومعناه جاؤوا عَلَى أَوليتهم أَي لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحد بَلْ جاؤوا مِنْ أَولهم إِلى آخِرِهِمْ. وَضَرْبَةٌ بِكْرٌ، بِالْكَسْرِ، أَي قَاطِعَةٌ لَا تُثْنَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتْ ضَرَبَاتُ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَبْكاراً إِذا اعْتَلَى قَدَّ وإِذا اعْتَرَضَ قَطَّ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
كَانَتْ ضَرَبَاتُ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مُبْتَكَرَاتٍ لَا عُوناً
أَي أَن ضَرْبَتَهُ كَانَتْ بِكراً يَقْتُلُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا لَا يَحْتَاجُ أَن يُعِيدَ الضَّرْبَةَ ثَانِيًا؛ والعُون: جَمْعُ عَوانٍ هِيَ فِي الأَصل الْكَهْلَةُ مِنَ النِّسَاءِ وَيُرِيدُ بِهَا هاهنا المثناة. وبَكْرٌ: اسْمٌ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فِي جمعه أَبْكُرٌ وبُكُورٌ. وبُكَيْرٌ وبَكَّارٌ ومُبَكِّر: أَسماء. وبَنُو بَكْرٍ: حَيٌّ مِنْهُمْ؛ وَقَوْلُهُ:
إِنَّ الذِّئَابَ قَدِ اخْضَرَّتْ بَراثِنُها، ... والناسُ كُلُّهُمُ بَكْرٌ إِذا شَبِعُوا
أَراد إِذا شَبِعُوا تَعَادَوْا وَتَغَاوَرُوا لأَن بَكْرًا كَذَا فِعْلُهَا. التَّهْذِيبُ: وبنو بَكْرٍ فِي الْعَرَبِ قَبِيلَتَانِ: إِحداهما بَنُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ كِنَانَةَ، والأُخرى بَكْرُ بْنُ وَائِلِ بْنِ قَاسِطٍ، وإِذا نُسِبَ إِليهما قَالُوا بَكْرِيُّ. وأَما بَنُو بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ فَالنِّسْبَةُ إِليهم بَكْراوِيُّونَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِذا نَسَبْتَ إِلى أَبي بَكْرٍ قُلْتَ بَكْرِيٌّ، تَحْذِفُ مِنْهُ الِاسْمَ الأَول، وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ كُنْيَةٍ.
بلر: البِلَّوْرُ عَلَى مِثَالِ عِجَّوْل: المَهَا مِنَ الْحَجَرِ، وَاحِدَتُهُ بِلَّوْرَةٌ. التَّهْذِيبُ: البِلَّوْرُ الرَّجُلُ الضَّخْمُ(4/80)
الشُّجَاعُ، بِتَشْدِيدِ اللَّامِ. قَالَ: وأَما البِلَوْرُ الْمَعْرُوفُ، فَهُوَ مُخَفَّفُ اللَّامِ. وَفِي حَدِيثِ
جَعْفَرٍ الصَّادِقِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا يُحِبُّنَا، أَهلَ الْبَيْتِ، الأَحْدَبُ المُوَجَّهُ وَلَا الأَعْوَرُ البِلَوْرَةُ
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو الزَّاهِدُ: هُوَ الَّذِي عَيْنُهُ نَاتِئَةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا شَرَحَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَصله.
بلهر: كُلُّ عَظِيمٍ مِنْ مُلُوكِ الْهِنْدِ: بَلَهْوَرٌ؛ مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
بندر: البَنادِرَةُ، دَخِيلٌ: وَهُمُ التُّجَّارُ الَّذِينَ يَلْزَمُونَ الْمَعَادِنَ، وَاحِدُهُمْ بُنْدارٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: رَجُلٌ بَنْدَرِيٌّ ومُبَنْدِرٌ ومُتَبَنْدِرٌ، وهو الكثير المال.
بنصر: البِنْصِرُ: الأُصبع الَّتِي بَيْنَ الْوُسْطَى والخنصِر، مُؤَنَّثَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والجمع البَناصِرُ.
بهر: البُهْرُ: مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض. والبُهْرَةُ: الأَرضُ السَّهْلَةُ، وَقِيلَ هِيَ الأَرض الْوَاسِعَةُ بَيْنَ الأَجْبُلِ. وبُهْرَةُ الْوَادِي: سَرارَتُه وَخَيْرُهُ. وبُهْرَةُ كُلِّ شَيْءٍ: وسطُه. وبُهْرَةُ الرَّحْلِ كزُفْرَتِه أَي وَسَطِهِ. وبُهْرَةُ اللَّيْلِ وَالْوَادِي وَالْفَرَسِ: وَسَطُهُ. وابْهارَّ النهارُ: وَذَلِكَ حِينَ تَرْتَفِعُ الشَّمْسُ. وابْهارَّ الليلُ وابْهِيراراً إِذا انْتَصَفَ؛ وَقِيلَ: ابْهارَّ تَرَاكَبَتْ ظُلْمَتُهُ، وَقِيلَ: ابْهارَّ ذَهَبَتْ عَامَّتُهُ وأَكثره وَبَقِيَ نَحْوٌ مِنْ ثُلْثِهِ. وابْهارَّ عَلَيْنَا اللَّيْلُ أَي طَالَ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه سَارَ لَيْلَةً حَتَّى ابْهارَّ الليلُ.
قَالَ الأَصمعي: ابْهارَّ الليلُ يَعْنِي انْتَصَفَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ بُهْرَةِ الشَّيْءِ وَهُوَ وَسَطُهُ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: ابْهِيرارُ اللَّيْلِ طلوعُ نُجُومِهِ إِذا تَتَامَّتْ وَاسْتَنَارَتْ، لأَن اللَّيْلَ إِذا أَقبل أَقبلت فَحْمَتُه، وإِذا اسْتَنَارَتِ النُّجُومُ ذَهَبَتْ تِلْكَ الْفَحْمَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمَّا أَبْهَرَ القومُ احْتَرَقُوا
أَي صَارُوا فِي بُهْرَةِ النَّهَارِ وَهُوَ وَسَطُهُ. وتَبَهَّرَتِ السحابةُ: أَضاءت. قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَعراب وَقَدْ كَبُرَ وَكَانَ فِي دَاخِلِ بينه فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ: كَيْفَ تَرَاهَا يَا بُنَيَّ؟ فَقَالَ: أَراها قَدْ نَكَّبتْ وتَبَهَّرَتْ؛ نَكَّبَتْ: عَدَلَتْ. والبُهْرُ: الْغَلَبَةُ. وبَهَرَهُ يَبْهَرُهُ بَهْراً: قَهَرَهُ وَعَلَاهُ وَغَلَبَهُ. وبَهَرَتْ فُلانةُ النِّسَاءَ: غَلَبَتْهُنَّ حُسْناً. وبَهَرَ القمرُ النجومَ بُهُوراً: غَمَرَها بِضَوْئِهِ؛ قال:
غَمَّ النجومَ ضَوؤُه حِينَ بَهَرْ، ... فَغَمَرَ النَّجْمَ الَّذِي كَانَ ازْدَهَرْ
وَهِيَ لَيْلَةُ البُهْرِ. وَالثَّلَاثُ البُهْرُ: الَّتِي يَغْلِبُ فِيهَا ضوءُ الْقَمَرِ النجومَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ. يُقَالُ: قَمَرٌ بَاهِرٌ إِذا عَلَا الكواكبَ ضَوؤه وَغَلَبَ ضوؤُه ضوأَها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ:
مَا زِلْتَ فِي دَرَجاتِ الأَمْرِ مُرْتَقِياً، ... تَنْمي وتَسْمُو بِكَ الفُرْعانُ مِنْ مُضَرَا
«3» . حَتَّى بَهَرْتَ فَمَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، ... إِلَّا عَلَى أَكْمَهٍ، لَا يَعْرِفُ القَمَرَا.
أَي عَلَوْتَ كُلَّ مَنْ يُفَاخِرُكَ فَظَهَرْتَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي أَورده الْجَوْهَرِيُّ وَقَدْ بَهرْتَ، وَصَوَابُهُ حَتَّى بَهرْتَ كَمَا أَوردناه، وَقَوْلُهُ: عَلَى أَحد؛ أَحد هاهنا بِمَعْنَى وَاحِدٍ لأَن أَحداً الْمُسْتَعْمَلُ بَعْدَ النَّفْيِ فِي قَوْلِكَ مَا أَحد فِي الدَّارِ لَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْوَاجِبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلَاةُ الضُّحَى إِذا بَهَرَت الشَّمسُ الأَرضَ
أَي غَلَبَهَا نُورُهَا وضوْؤُها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قَالَ له
__________
(3) . قوله الفرعان هكذا في الأصل، ولعلها القُرعان: ويريد بهم الأَقرع بن حابس الصحابي وأَخاه مرثداً وكانا من سادات العرب(4/81)
عَبْدُ خَيْرٍ: أُصَلِّي الضُّحَى إِذا بَزَغَتِ الشمسُ؟ قَالَ: لَا، حَتَّى تَبْهَرَ البُتَيْراءُ
أَي يَسْتَبِينَ ضوؤُها. وَفِي حَدِيثِ الْفِتْنَةِ:
إِنْ خَشِيتَ أَن يَبْهَرَك شُعاعُ السَّيْفِ.
وَيُقَالُ لِلَّيَالِي الْبِيضِ: بُهْرٌ، جَمْعُ بَاهِرٍ. وَيُقَالُ: بُهَرٌ بوزن ظُلَمٍ بُهْرَةٍ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وبَهَرَ الرجلُ: بَرَعَ؛ وأَنشد الْبَيْتَ أَيضاً:
حَتَّى بهرتَ فَمَا تَخْفَى عَلَى أَحد
وبَهْراً لَهُ أَي تَعْساً وغَلَبَةً؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
تَفَاقَدَ قَوْمي إِذ يَبِيعُونَ مُهْجَتي ... بجاريةٍ، بَهْراً لَهُمْ بَعْدَها بَهْرا
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
ثُمَّ قَالُوا: تُحِبُّها؟ قُلْتُ: بَهْراً ... عَدَدَ الرَّمْلِ والحَصَى والتُّرابِ
وَقِيلَ: مَعْنَى بَهْراً فِي هَذَا الْبَيْتِ جَمًّا، وَقِيلَ: عَجَباً. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا فِعْلَ لِقَوْلِهِمْ بَهْراً لَهُ فِي حَدِّ الدُّعَاءِ وَإِنَّمَا نُصِبَ عَلَى تَوَهُّمِ الْفِعْلِ وَهُوَ مِمَّا يَنْتَصِبُ عَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ غَيْرِ المُسْتَعْمَلِ إِظهارُه. وبَهَرَهُم اللَّهُ بَهْراً: كَرَبَهُم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وبَهْراً لَهُ أَي عَجَباً. وأَبْهَرَ إِذا جَاءَ بالعَجَبِ. ابْنُ الأَعرابي: البَهْرُ الْغَلَبَةُ. والبَهْرُ: المَلْءُ، والبَهْرُ: البُعْدُ، والبَهْرُ: الْمُبَاعَدَةُ مِنَ الْخَيْرِ، والبَهْرُ: الخَيْبَةُ، والبَهْرُ: الفَخْرُ. وأَنشد بَيْتَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ كُلُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي فِي وَجُوهِ البَهْرِ أَن يَكُونَ مَعْنًى لِمَا قَالَ عُمَرُ وأَحسنها العَجَبُ. والبِهارُ: الْمُفَاخَرَةُ. شَمِرٌ: البَهْرُ التَعْسُ، قَالَ: وَهُوَ الْهَلَاكُ. وأَبْهَرَ إِذا اسْتَغْنَى بَعْدَ فَقْرٍ. وأَبْهَرَ: تَزَوَّجَ سَيِّدَةً، وَهِيَ البَهِيرَةُ. وَيُقَالُ: فُلَانَةٌ بَهِيرَةٌ مَهِيرَةٌ. وأَبْهَرَ إِذا تَلَوَّنَ فِي أَخلاقه دَماثَةً مَرّةً وخُبْثاً أُخْرى. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الأَزواج ثَلَاثَةٌ: زوجُ مَهْرٍ، وزوجُ بَهْرٍ، وَزَوْجُ دَهْرٍ؛ فأَما زَوْجُ مهرٍ فَرَجُلٌ لَا شَرَفَ لَهُ فَهُوَ يُسنْي المهرَ لِيَرْغَبَ فِيهِ، وأَما زَوْجُ بَهْرٍ فَالشَّرِيفُ وإِن قَلَّ مَالُهُ تَتَزَوَّجُهُ المرأَة لِتَفْخَرَ بِهِ، وَزَوْجُ دَهْرٍ كُفْؤُهَا؛ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِمْ: يَبْهَرُ الْعُيُونَ بِحُسْنِهِ أَو يُعدّ لِنَوَائِبِ الدَّهْرِ أَو يُؤْخَذُ مِنْهُ الْمَهْرُ. والبُهْرُ: انْقِطَاعُ النَّفَسِ مِنَ الإِعياء؛ وَقَدِ انْبَهَرَ وبُهِرَ فَهُوَ مَبْهُورٌ وبَهِيرٌ؛ قَالَ الأَعشى:
إِذا مَا تَأَتَّى يُرِيدُ الْقِيَامِ ... تَهادى، كَمَا قَدْ رَأَيْتَ البَهِيرَا
والبُهْرُ بِالضَّمِّ: تَتَابُعُ النَّفَسِ مِنَ الإِعياء، وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ؛ بَهَرَهُ الحِمْلُ يَبْهَرُهُ بَهْراً أَي أَوقع عَلَيْهِ البُهْرَ فانْبَهَرَ أَي تَتَابَعَ نَفَسُهُ. وَيُقَالُ: بُهِرَ الرَّجُلُ إِذا عَدَا حَتَّى غَلَبَهُ البُهْرُ وَهُوَ الرَّبْوُ، فَهُوَ مَبْهُورٌ وَبَهِيرٌ. شَمِرٌ: بَهَرْت فَلَانًا إِذا غَلَبْتَهُ بِبَطْشٍ أَو لِسَانٍ. وبَهَرْتُ البعيرَ إِذا مَا رَكَضْتَهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ؛ وأَنشد بَيْتَ ابْنِ مَيَّادَةَ:
أَلا يَا لِقَوْمِي إِذ يَبِيعُونَ مُهْجَتي ... بجاريةٍ، بَهْراً لَهُمْ بَعْدَها بَهْرَا
ابْنُ شُمَيْلٍ: البَهْرُ تَكَلُّف الجُهْدِ إِذا كُلِّفَ فَوْقَ ذَرْعِهِ؛ يُقَالُ بَهَرَه إِذا قَطَعَ بُهْرَهُ إِذا قَطَعَ نَفَسَه بِضَرْبٍ أَو خَنْقٍ أَو مَا كَانَ؛ وأَنشد:
إِنَّ الْبَخِيلَ إِذَا سَأَلْتَ بَهَرْتَهُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
وقع عليه البُهْرُ
، هو بِالضَّمِّ مَا يَعْتَرِي الإِنسان عِنْدَ السَّعْيِ الشَّدِيدِ وَالْعَدْوِ مِنَ النَّهِيجِ وَتَتَابُعِ النَّفَس؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إِنه أَصابه قَطْعٌ أَو بُهْرٌ.(4/82)
وبَهَرَه: عَالَجَهُ حَتَّى انْبَهَرَ. وَيُقَالُ: انْبَهَرَ فُلَانٌ إِذا بَالَغَ فِي الشَّيْءِ وَلَمْ يَدَعْ جُهْداً. وَيُقَالُ: انْبَهَرَ فِي الدُّعَاءِ إِذا تَحَوَّبَ وَجَهَدَ، وابْتَهَرَ فُلانٌ فِي فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ إِذا لَمْ يَدَعْ جَهْدًا مِمَّا لِفُلَانٍ أَو عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ ابْتَهَلَ فِي الدُّعَاءِ؛ قَالَ: وَهَذَا مِمَّا جُعِلَتِ اللَّامُ فِيهِ رَاءً. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنَبَةَ: ابْتَهَلَ فِي الدُّعَاءِ إِذا كَانَ لَا يُفَرِّطُ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَثْجُو، قَالَ: لَا يَثْجُو لَا يَسْكُتُ عَنْهُ؛ قَالَ: وأَنشد عَجُوزٌ مَنْ بَنِي دَارِمٍ لِشَيْخٍ مِنَ الْحَيِّ فِي قَعِيدَتِهِ:
وَلَا ينامُ الضَّيْفُ مِنْ حِذَارِها، ... وقَوْلِها الباطِلِ وابْتِهارِها
وَقَالَ: الابْتِهارُ قَوْلُ الْكَذِبِ وَالْحَلِفُ عَلَيْهِ. وَالِابْتِهَارُ: ادِّعَاءُ الشَّيْءِ كَذِبًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا بِي إِنْ مَدَحْتُهُمُ ابْتِهارُ
وابْتُهر فُلانٌ بفلانَةَ: شُهِرَ بِهَا. والأَبْهرُ: عِرْق فِي الظَّهْرِ، يُقَالُ هُوَ الوَرِيدُ فِي العُنق، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهُ عرْقاً مُسْتَبْطِنَ الصُّلْب؛ وَقِيلَ: الأَبْهَرانِ الأَكْحَلانِ، وَفُلَانٌ شَدِيدُ الأَبْهَرِ أَي الظَّهْرِ. والأَبْهَرُ: عِرْقٌ إِذا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ؛ وَهُمَا أَبْهَرانِ يَخْرُجَانِ مِنَ الْقَلْبِ ثُمَّ يَتَشَعَّبُ مِنْهُمَا سَائِرُ الشَّرايين. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَا زَالَتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَاوِدُنِي فَهَذَا أَوان قَطَعَتْ أَبْهَرِي؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَبْهَرُ عِرْقٌ مُسْتَبْطَنٌ فِي الصُّلْبِ وَالْقَلْبِ مُتَّصِلٌ بِهِ فإِذا انْقَطَعَ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ حَيَاةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي لِابْنِ مُقْبِلٍ:
وللفؤادِ وَجِيبٌ تَحْتَ أَبهَرِه، ... لَدْمَ الغُلامِ وراءَ الغَيْبِ بالحَجَرِ
الْوَجِيبُ: تحرُّك الْقَلْبِ تَحْتَ أَبهره. واللَّدْمُ: الضَّرْب. وَالْغَيْبُ: مَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ؛ يُرِيدُ أَن لِلْفُؤَادِ صَوْتًا يَسْمَعُهُ وَلَا يَرَاهُ كَمَا يَسْمَعُ صَوْتَ الْحَجَرِ الَّذِي يَرْمِي بِهِ الصَّبِيُّ وَلَا يَرَاهُ، وَخَصَّ الْوَلِيدَ لأَن الصِّبْيَانَ كَثِيرًا مَا يَلْعَبُونَ بِرَمْيِ الْحِجَارَةِ، وَفِي شِعْرِهِ لَدْمَ الْوَلِيدِ بَدَلَ لَدْمَ الْغُلَامِ. ابْنُ الأَثير: الأَبهر عِرْقٌ فِي الظَّهْرِ وَهُمَا أَبهران، وَقِيلَ: هُمَا الأَكحلان اللَّذَانِ فِي الذِّرَاعَيْنِ، وَقِيلَ: الأَبهر عِرْقٌ مَنْشَؤُهُ مِنَ الرأْس وَيَمْتَدُّ إِلى الْقَدَمِ وَلَهُ شَرَايِينٌ تَتَّصِلُ بِأَكْثَرِ الأَطراف وَالْبَدَنِ، فَالَّذِي فِي الرأْس مِنْهُ يُسَمَّى النَّأْمَةَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَسْكَتَ اللهُ نَأْمَتَه أَي أَماته، ويمتدُ إِلى الْحَلْقِ فَيُسَمَّى فِيهِ الْوَرِيدَ، وَيَمْتَدُّ إِلى الصَّدْرِ فَيُسَمَّى الأَبهر، وَيَمْتَدُّ إِلى الظَّهْرِ فَيُسَمَّى الْوَتِينَ وَالْفُؤَادُ مُعَلَّقٌ بِهِ، وَيَمْتَدُّ إِلى الْفَخِذِ فَيُسَمَّى النَّسَا، وَيَمْتَدُّ إِلى السَّاقِ فَيُسَمَّى الصَّافِنَ، وَالْهَمْزَةُ فِي الأَبهر زَائِدَةٌ، قَالَ: وَيَجُوزُ فِي أَوان الضَّمُّ وَالْفَتْحُ، فَالضَّمُّ لأَنه خَبَرُ المبتدإِ، وَالْفَتْحُ عَلَى الْبِنَاءِ لإِضافته إِلى مَبْنِيٍّ كَقَوْلِهِ:
عَلَى حِينَ عاتبتُ المَشيبَ عَلى الصِّبا ... وقلتُ: أَلمَّا تَصْحُ والشَّيْبُ وازِعُ؟
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: فيُلْقى بِالْفَضَاءِ مُنْقَطِعًا أَبْهَراهُ.
والأَبْهَرُ مِنَ الْقَوْسِ: مَا بَيْنَ الطَّائِفِ والكُلْية. الأَصمعي: الأَبهر مِنَ الْقَوْسِ كَبِدُهَا وَهُوَ مَا بَيْنَ طَرَفِي العِلاقَةِ ثُمَّ الْكُلْيَةُ تَلِي ذَلِكَ ثُمَّ الأَبهر يَلِي ذَلِكَ ثُمَّ الطَّائِفُ ثُمَّ السِّيَةُ وَهُوَ مَا عُطِفَ مِنْ طَرَفَيْهَا. ابْنُ سِيدَهْ: والأَبهر مِنَ الْقَوْسِ مَا دُونَ الطَّائِفِ وَهُمَا أَبهَران، وَقِيلَ: الأَبهر ظَهْرُ سِيَةِ الْقَوْسِ، والأَبهر الْجَانِبُ الأَقصر مِنَ الرِّيشِ، والأَباهر مِنْ رِيشِ الطَّائِرِ مَا يَلِي الكُلَى أَوّلها القَوادِمُ ثُمَّ المَنَاكِبُ ثُمَّ الخَوافي ثُمَّ الأَباهِرُ ثُمَّ الْكُلَى؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لأَربع رِيشَاتٍ مِنْ مُقَدَّمِ الْجَنَاحِ(4/83)
الْقَوَادِمُ، ولأَربع تَلِيهِنَّ الْمَنَاكِبُ، ولأَربع بَعْدَ الْمَنَاكِبِ الْخَوَافِي، ولأَربع بَعْدَ الْخَوَافِي الأَباهر. وَيُقَالُ: رأَيت فُلَانًا بَهْرَةً أَي جَهْرَةً عَلَانِيَةً؛ وأَنشد:
وكَمْ مِنْ شُجاع بادَرَ المَوْتَ بَهْرَةً، ... يَمُوتُ عَلَى ظَهْرِ الفِراشِ ويَهْرَمُ
وتَبَهَّر الإِناءُ: امْتَلأَ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
مُتَبَهّراتٌ بالسِّجالِ مِلاؤُها، ... يَخْرُجْنَ مِنْ لَجَفٍ لهَا مُتَلَقَّمِ
والبُهار: الحِمْلُ، وقيل: هو ثلاثمائة رِطْلٍ بِالْقِبْطِيَّةِ، وَقِيلَ: أَربعمائة رِطْلٍ، وَقِيلَ: سِتُّمِائَةِ رِطْلٍ، عَنْ أَبي عَمْرٍو، وَقِيلَ: أَلف رِطْلٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْبُهَارُ، بِالضَّمِّ، شَيْءٌ يُوزَنُ به وهو ثلاثمائة رِطْلٍ. وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنه قَالَ: إِنّ ابْنَ الصَّعْبَةِ، يَعْنِي طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، كَانَ يُقَالُ لأُمه الصَّعْبَةُ؛ قَالَ: إِنّ ابْنَ الصَّعْبَةِ تَرَكَ مِائَةَ بُهار فِي كُلِّ بُهار ثَلَاثَةُ قَنَاطِيرَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَجَعَلَهُ وِعَاءً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: بُهار أَحسبها كَلِمَةً غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ وَأُرَاهَا قِبْطِيَّةً. الْفَرَّاءُ: البُهارُ ثُلُثُمِائَةِ رِطْلِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الأَعرابي، قَالَ: والمُجَلَّدُ سِتُّمِائَةِ رِطْلٍ، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن البُهار عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ وَهُوَ مَا يُحْمَلُ عَلَى الْبَعِيرِ بِلُغَةِ أَهل الشأْم؛ قَالَ بُرَيْقٌ الهُذَليّ يَصِفُ سَحَابًا ثَقِيلًا:
بِمُرْتَجِزٍ كَأَنَّ عَلَى ذُرَاهُ ... رِكاب الشَّأْمِ، يَحْمِلْنَ البُهارا
قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: كَيْفَ يُخْلفُ فِي كُلِّ ثُلُثِمِائَةِ رِطْلٍ ثَلَاثَةَ قَنَاطِيرَ؟ وَلَكِنَّ البُهار الحِمْلُ؛ وأَنشد بَيْتَ الْهُذَلِيِّ. وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ يَحْمِلْنَ الْبُهَارَا: يَحْمِلْنَ الأَحمال مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ؛ قَالَ: وأَراد أَنه تَرَكَ مِائَةَ حِمْلٍ. قَالَ: مِقْدَارُ الْحِمْلِ مِنْهَا ثَلَاثَةُ قَنَاطِيرَ، قَالَ: وَالْقِنْطَارُ مِائَةُ رِطْلٍ فَكَانَ كُلُّ حِمْلٍ مِنْهَا ثُلُثُمِائَةِ رِطْلٍ. والبُهارُ: إِناءٌ كالإِبْريق؛ وأَنشد:
عَلَى العَلْياءِ كُوبٌ أَو بُهارُ
قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف البُهارَ بِهَذَا الْمَعْنَى. ابْنُ سِيدَهْ: والبَهارُ كُلُّ شَيْءٍ حَسَنٍ مُنِيرٍ. والبَهارُ: نَبْتٌ طَيِّبُ الرِّيحِ. الْجَوْهَرِيُّ: البَهارُ العَرارُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ عَيْنُ الْبَقَرِ وَهُوَ بَهارُ البَرِّ، وَهُوَ نَبْتٌ جَعْدٌ لَهُ فُقَّاحَةٌ صَفْرَاءُ يَنْبُتُ أَيام الرَّبِيعِ يُقَالُ لَهُ الْعَرَارَةُ. الأَصمعي: العَرارُ بَهارُ الْبَرِّ. قَالَ الأَزهري: الْعَرَارَةُ الحَنْوَةُ، قَالَ: وأُرى البَهار فَارِسِيَّةً. والبَهارُ: الْبَيَاضُ فِي لَبَبِ الْفَرَسِ. والبُهارُ: الخُطَّاف الَّذِي يَطِيرُ تَدْعُوهُ الْعَامَّةُ عُصْفُورُ الْجَنَّةِ. وامرأَة بَهِيرَةٌ: صَغِيرَةُ الخَلْقِ ضَعِيفَةٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وامرأَةٌ بَهِيرَةٌ وَهِيَ الْقَصِيرَةُ الذَّلِيلَةُ الْخِلْقَةِ، وَيُقَالُ: هِيَ الضَّعِيفَةُ الْمَشْيِ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا خطأٌ وَالَّذِي أَراد اللَّيْثُ البُهْتُرَةُ بِمَعْنَى الْقَصِيرَةِ، وأَما البَهِيرَةُ مِنَ النِّسَاءِ فَهِيَ السَّيِّدَةُ الشَّرِيفَةُ؛ وَيُقَالُ للمرأَة إِذا ثَقُلَتْ أَردافها فإِذا مَشَتْ وَقْعَ عَلَيْهَا البَهْرُ والرَّبْوُ: بَهِيرَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
تَهادَى كَمَا قَدْ رأَيتَ البَهِيرَا
وبَهَرَها بِبُهْتانٍ: قَذَفَهَا بِهِ. وَالِابْتِهَارُ: أَن تَرْمِيَ المرأَة بِنَفْسِكَ وأَنت كَاذِبٌ، وَقِيلَ: الابْتِهارُ أَن تَرْمِيَ الرَّجُلَ بِمَا فِيهِ، والابْتِيارُ أَن تَرْمِيَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه رُفِعَ إِليه غُلَامٌ ابْتَهَرَ جَارِيَةً فِي شِعْرِهِ فَلَمْ يُوجَدِ الثَّبَتُ فدرأَ عَنْهُ الْحَدَّ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الِابْتِهَارُ أَن يَقْذِفَهَا بِنَفْسِهِ فَيَقُولُ فَعَلْتُ بِهَا كَاذِبًا، فإِن كَانَ صَادِقًا قَدْ فَعَلَ فَهُوَ الِابْتِيَارُ عَلَى قَلْبِ الْهَاءِ يَاءً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:(4/84)
قَبيحٌ بِمِثْلِيَ نَعْتُ الفَتَاة، ... إِمَّا ابْتِهاراً وإِمَّا ابْتِيارَا
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْعَوَّامِ:
الِابْتِهَارُ بِالذَّنْبِ أَعظم مِنْ رُكُوبِهِ
وَهُوَ أَن يَقُولَ فَعَلْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ لأَنه لَمْ يَدَّعِهِ لِنَفْسِهِ إِلَّا وَهُوَ لَوْ قَدَرَ فَعَلَ، فَهُوَ كَفَاعِلِهِ بِالنِّيَّةِ وَزَادَ عَلَيْهِ بِقُبْحِهِ وَهَتْكِ سِتْرِهِ وَتَبَجُّحِهِ بِذَنْبٍ لَمْ يَفْعَلْهُ. وبَهْراءُ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ. قَالَ كُرَاعٌ: بَهْرَاءُ، مَمْدُودَةٌ، قَبِيلَةٌ، وَقَدْ تُقْصَرُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَعلم أَحداً حَكَى فِيهِ الْقَصْرَ إِلا هُوَ وإِنما الْمَعْرُوفُ فِيهِ الْمَدُّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَقَدْ عَلِمَتْ بَهْرَاءُ أَنَّ سُيوفَنا ... سُيوفُ النَّصارَى لَا يَلِيقُ بِهَا الدَّمُ
وَقَالَ مَعْنَاهُ: لَا يَلِيقُ بِنَا أَن نَقْتُلَ مُسْلِمًا لأَنهم نَصَارَى مُعَاهِدُونَ، وَالنَّسَبُ إِلى بَهْرَاءَ بَهْراوِيٌّ، بِالْوَاوِ عَلَى الْقِيَاسِ، وبَهْرَانِيٌّ مثلُ بَحْرانِيّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، النُّونُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: مِنْ حُذَّاقِ أَصحابنا مَنْ يَذْهَبُ إِلى أَن النُّونَ فِي بَهْرَانِيٍّ إِنما هِيَ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ الَّتِي تُبْدَلُ مِنْ هَمْزَةِ التأْنيث فِي النَّسَبِ، وأَن الأَصل بَهْرَاوِيٌّ وأَن النُّونَ هُنَاكَ بَدَلٌ مِنْ هَذِهِ الْوَاوِ، كَمَا أَبدلت الْوَاوَ مِنَ النُّونِ فِي قَوْلِكَ؛ مِنْ وَافِدٍ، وإِن وَقَفْتَ وَقَفْتُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَكَيْفَ تَصَرَّفَتِ الْحَالُ فَالنُّونُ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ: وإِنما ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلى هَذَا لأَنه لَمْ يَرَ النُّونَ أُبدلت مِنَ الْهَمْزَةِ فِي غَيْرِ هَذَا، وَكَانَ يَحْتَجُّ فِي قَوْلِهِمْ إِن نُونَ فَعْلَانَ بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ فَعْلَاءَ، فَيَقُولُ لَيْسَ غَرَضَهُمْ هُنَا الْبَدَلُ الَّذِي هُوَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ فِي ذِئْبٍ ذِيبٌ وَفِي جؤْنة جُونَةٍ، إِنما يُرِيدُونَ أَن النُّونَ تُعَاقِبُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْهَمْزَةَ كَمَا تُعَاقِبُ لَامُ الْمَعْرِفَةِ التَّنْوِينَ أَي لَا تَجْتَمِعُ مَعَهُ فَلَمَّا لَمْ تُجَامِعْهُ قِيلَ: إِنها بَدَلٌ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ النُّونُ وَالْهَمْزَةُ؛ قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبٌ لَيْسَ بقصد.
بهتر: البُهْتُر: الْقَصِيرُ، والأُنثى بُهْتُرٌ وبُهْتُرَةٌ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَن الْهَاءَ فِي بُهْتُرٍ بَدَلٌ مِنَ الْحَاءِ فِي بُحْتُرٍ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِنِجَادٍ الخبيري:
عِضٌّ لَئِيمٌ المُنْتَمَى والعُنْصُرِ، ... لَيْسَ بِجِلْحَابٍ وَلَا هَقَوَّرِ،
لَكِنَّهُ البُهْتُر وابنُ البُهْتُرِ
العِضُّ: الرَّجُلُ الدَّاهِي الْمُنْكَرُ. وَالْجِلْحَابُ: الطَّوِيلُ، وَكَذَلِكَ الْهَقَوَّرُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْقَصِيرَ مِنَ الإِبل، وَجَمْعُهُ البَهاتِرُ والبَحاتِرُ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ قَوْلَ كُثَيِّرٌ:
وأَنتِ الَّتِي حَبَّبْتِ كُلَّ قَصِيرَةٍ ... إِليَّ، وَمَا تَدْرِي بِذَاكَ القَصائِرُ
عَنَيْتُ قصيراتِ الحِجالِ، وَلَمْ أُردْ ... قِصارَ الخُطَى، شَرُّ النساءِ البَهاتِرُ
أَنشده الْفَرَّاءُ: الْبَهَاتِرُ، بالهاء.
بهدر: أَبو عَدْنَانَ قَالَ: البُهْدُرِيُّ والبُحْدُرِيُّ المُقَرْقَمُ الَّذِي لَا يَشِبُّ.
بهزر: البُهْزُرَةُ: النَّاقَةُ الْعَظِيمَةُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: الناقةُ الجسيمةُ الضَّخْمة الصَّفِيَّة، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ النخلِ، وَالْجَمْعُ البَهازِر، وَهِيَ مِنَ النِّسَاءِ الطَّوِيلَةِ. والبُهْزُرَةُ: النَّخْلَةُ الَّتِي تَناوَلُها بيدِكَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
بَهازِراً لَمْ تَتَّخِذْ مآزِرا، ... فَهِيَ تُسامي حَوْلَ جِلْفٍ جازِرا
يَعْنِي بالجلْفِ هُنَا الفُحَّال مِنَ النَّخْلِ. ابْنُ الأَعرابي: البَهازِرُ الإِبل وَالنَّخِيلُ الْعِظَامُ المَواقِيرُ؛ وأَنشد:
أَعْطاكَ يَا بَحْرُ الَّذِي يُعطي النِّعَمْ، ... مِنْ غيرِ لَا تَمَنُّنٍ وَلَا عَدَمْ،(4/85)
بَهازِراً لَمْ تَنْتَجِعْ مَعَ الغَنَمْ، ... وَلَمْ تكنْ مَأْوَى القُرادِ والْجَلَمْ،
بينَ نواصِيهنَّ والأَرضِ قِيَمْ
وأَنشد الأَزهري للكميت:
إِلَّا لِهَمْهَمَةِ الصَّهيلِ، ... وحَنَّةِ الْكُومِ البَهازِر
بور: الْبَوارُ: الْهَلَاكُ، بارَ بَوْراً وبَواراً وأَبارهم اللَّهُ، وَرَجُلٌ بُورٌ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرى السَّهْمي:
يَا رسولَ الإِلهِ، إِنَّ لِساني ... رَاتِقٌ مَا فَتَقْتُ، إِذْ أَنا بُورُ
وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ والجمعُ وَالْمُؤَنَّثُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً
؛ وَقَدْ يَكُونُ بُورٌ هُنَا جَمْعَ بائرٍ مِثْلَ حُولٍ وحائلٍ؛ وَحَكَى الأَخفش عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه لُغَةٌ وَلَيْسَ بجمعٍ لِبائرٍ كَمَا يُقَالُ أَنت بَشَرٌ وأَنتم بَشَرٌ؛ وَقِيلَ: رَجُلٌ بائرٌ وَقَوْمٌ بَوْرٌ، بِفَتْحِ الْبَاءِ، فَهُوَ عَلَى هَذَا اسْمٌ لِلْجَمْعِ كَنَائِمٍ ونَوْمٍ وَصَائِمٍ وصَوْمٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً
، قَالَ: البُورُ مصدَرٌ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا. يُقَالُ: أَصبحت مَنَازِلُهُمْ بُوراً أَي لَا شَيْءَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ أَعمال الْكُفَّارِ تبطُلُ. أَبو عُبَيْدَةَ: رَجُلٌ بُورٌ وَرَجُلَانِ بُورٌ وَقَوْمٌ بُورٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، وَمَعْنَاهُ هَالِكٌ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: البائِرُ الْهَالِكُ، وَالْبَائِرُ المجرِّب، وَالْبَائِرُ الْكَاسِدُ، وسُوقٌ بَائِرَةٌ أَي كَاسِدَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: البُورُ الرَّجُلُ الْفَاسِدُ الْهَالِكُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ. وَقَدْ بارَ فلانٌ أَي هَلَكَ. وأَباره اللَّهُ: أَهلكه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأُولئك قومٌ بُورٌ
؛ أَي هَلْكَى، جَمْعُ بَائِرٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عليٍّ: لَوْ عَرَفْناه أَبَرْنا عِتْرَتَه
، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي فَصْلِ الْهَمْزَةِ فِي أَبر. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء فِي ثَقِيفٍ: كَذَّابٌ ومُبِيرٌ
؛ أَي مُهْلِكٌ يُسْرِفُ فِي إِهلاك النَّاسِ؛ يُقَالُ: بارَ الرَّجُلُ يَبُور بَوْراً، وأَبارَ غَيْرَهُ، فَهُوَ مُبِير. ودارُ البَوارِ: دارُ الهَلاك. ونزلتْ بَوارِ عَلَى النَّاسِ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، مِثْلُ قَطَامِ اسْمُ الهَلَكَةِ؛ قَالَ أَبو مُكْعِتٍ الأَسدي، وَاسْمُهُ مُنْقِذ بْنُ خُنَيْسٍ، وَقَدْ ذُكِرَ أَن ابْنَ الصَّاغَانِيِّ قَالَ أَبو معكت اسمه الحرث بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: وَقِيلَ هُوَ لِمُنْقِذِ بْنِ خُنَيْسٍ:
قُتِلَتْ فَكَانَ تَباغِياً وتَظالُماً؛ ... إِنَّ التَّظالُمَ فِي الصَّدِيقِ بَوارُ
وَالضَّمِيرُ فِي قُتِلَتْ ضَمِيرُ جَارِيَةٍ اسْمُهَا أَنيسة قَتَلَهَا بَنُو سَلَامَةَ، وَكَانَتِ الْجَارِيَةُ لِضِرَارِ بْنِ فَضَالَةَ، واحترب بنو الحرث وَبَنُو سَلَامَةَ مِنْ أَجلها، وَاسْمُ كَانَ مُضْمَرٌ فِيهَا تَقْدِيرُهُ: فَكَانَ قَتْلُهَا تَبَاغِيًا، فأَضمر الْقَتْلُ لِتَقَدُّمِ قُتِلَتْ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ: مَنْ كَذَبَ كَانَ شَرًّا لَهُ أَي كَانَ الْكَذِبُ شَرًّا لَهُ. الأَصمعي: بارَ يَبُورُ بَوراً إِذا جَرَّبَ. والبَوارُ: الكَسَادُ. وبارَتِ السُّوقُ وبارَتِ البِياعاتُ إِذا كَسَدَتْ تَبُورُ؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ بَوارِ الأَيِّمِ أَي كَسَادِها، وَهُوَ أَن تَبْقَى المرأَة فِي بَيْتِهَا لَا يَخْطُبُهَا خَاطِبٌ، مِنْ بَارَتِ السُّوقُ إِذا كَسَدَتْ، والأَيِّم الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَرْغَبُ فِيهَا أَحد. والبُورُ: الأَرض الَّتِي لَمْ تُزْرَعُ والمَعَامي الْمَجْهُولَةُ والأَغفال وَنَحْوُهَا. وَفِي
كِتَابِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأُكَيْدِرِ دُومَةَ: ولكُمُ البَوْر وَالْمَعَامِي وأَغفال الأَرض
؛ وَهُوَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ، وَيُرْوَى بِالضَّمِّ، وَهُوَ جَمْعُ البَوارِ، وَهِيَ الأَرض الْخَرَابُ الَّتِي لَمْ تُزْرَعْ. وبارَ المتاعُ: كَسَدَ. وبارَ عَمَلُه: بَطَلَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ
. وبُورُ الأَرض، بِالضَّمِّ: مَا بَارَ مِنْهَا وَلَمْ(4/86)
يُعْمَرْ بِالزَّرْعِ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْبَائِرُ فِي اللُّغَةِ الْفَاسِدُ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ أَرض بَائِرَةٌ مَتْرُوكَةٌ مِنْ أَن يَزْرَعَ فِيهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: البَوْرُ، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، الأَرض كُلُّهَا قَبْلَ أَن تُسْتَخْرَجَ حَتَّى تَصْلُحَ لِلزَّرْعِ أَو الْغَرْسِ. والبُورُ: الأَرض الَّتِي لَمْ تُزْرَعْ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ. وَرَجُلٌ حَائِرٌ بَائِرٌ: يَكُونُ مِنَ الْكَسَلِ وَيَكُونُ مِنَ الْهَلَاكِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: رَجُلٌ حَائِرٌ بَائِرٌ، لَا يَتَّجِهُ لِشَيءٍ ضَالٌّ تائِهٌ، وَهُوَ إِتباع، وَالِابْتِيَارُ مِثْلَهُ. وَفِي حَدِيثُ
عُمَرَ: الرِّجَالُ ثَلَاثَةٌ، فَرَجُلٌ حَائِرٌ بَائِرٌ إِذا لَمْ يَتَّجِهْ لِشَيْءٍ.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا قَذَفَ امرأَة بِنَفْسِهِ: إِنه فَجَرَ بِهَا، فإِن كَانَ كَاذِبًا فَقَدَ ابْتَهَرَها، وإِن كَانَ صَادِقًا فَهُوَ الابْتِيَارُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، افْتِعَالٌ مِنْ بُرْتُ الشيءَ أَبُورُه إِذا خَبَرْتَه؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
قَبِيحٌ بِمِثْليَ نَعْتُ الفَتَاةِ، ... إِمَّا ابْتِهَاراً وإِمَّا ابْتِيارا
يَقُولُ: إِما بُهْتَانًا وإِما اخْتِبَارًا بِالصِّدْقِ لِاسْتِخْرَاجِ مَا عِنْدَهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَهَرَ. وبارَهُ بَوْراً وابْتَارَهُ، كِلَاهُمَا: اخْتَبَرَهُ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ زُغْبَةَ:
بِضَربٍ كآذانِ الفِراءِ فُضُولُه، ... وطَعْنٍ كَإِيزاغِ المَخاضِ تَبُورُها
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كإِيزاغ الْمَخَاضِ يَعْنِي قَذْفَهَا بأَبوالها، وَذَلِكَ إِذا كَانَتْ حَوَامِلَ، شَبَّهَ خُرُوجَ الدَّمِ بِرَمْيِ الْمَخَاضِ أَبوالها. وَقَوْلُهُ: تَبُورُهَا تَخْتَبِرُهَا أَنت حَتَّى تَعْرِضَهَا عَلَى الْفَحْلِ، أَلاقح هِيَ أَم لَا؟ وَبَارَ الْفَحْلُ النَّاقَةَ يَبُورها بَوْراً ويَبْتَارُها وابْتَارَها: جَعَلَ يَتَشَمَّمُهَا لِيَنْظُرَ أَلاقح هِيَ أَم حَائِلٌ، وأَنشد بَيْتَ مَالِكِ بْنِ زُغْبَةَ أَيضاً. الْجَوْهَرِيُّ: بُرْتُ الناقةَ أَبورُها بَوْراً عَرَضتَها عَلَى الْفَحْلِ تَنْظُرُ أَلاقح هِيَ أَم لَا، لأَنها إِذا كَانَتْ لَاقِحًا بَالَتْ فِي وَجْهِ الْفَحْلِ إِذا تَشَمَّمَهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: بُرْ لِي مَا عِنْدَ فُلَانٍ أَي اعْلَمْهُ وَامْتَحِنْ لِي مَا فِي نَفْسِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن دَاوُدَ سأَل سُلَيْمَانَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَهُوَ يَبْتَارُ عِلْمَهُ
أَي يَخْتَبِرُهُ وَيَمْتَحِنُهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كُنَّا نَبُورُ أَوْلادَنا بِحُبِّ عَليٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيِّ: حَتَّى وَاللَّهِ مَا نَحْسَبُ إِلَّا أَن ذَلِكَ شَيْءٌ يُبْتارُ بِهِ إِسلامنا.
وفَحْلٌ مِبْوَرٌ: عَالِمٌ بِالْحَالَيْنِ مِنَ النَّاقَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وابنُ بُورٍ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّيٍّ فِي الإِمالة، وَالَّذِي ثَبَتَ فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ ابْنُ نُور، بِالنُّونِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والبُورِيُّ والبُورِيَّةُ والبُورِيَاءُ والباريُّ والبارِياءُ والبارِيَّةُ: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، قِيلَ: هُوَ الطَّرِيقُ، وَقِيلَ: الْحَصِيرُ الْمَنْسُوجُ، وَفِي الصِّحَاحِ: الَّتِي مِنَ الْقَصَبِ. قَالَ الأَصمعي: الْبُورْيَاءُ بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ بارِيٌّ وبورِيٌّ؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ يَصِفُ كِنَاسَ الثَّوْرِ:
كالخُصّ إِذْ جَلَّلَهُ البَارِيُ
قَالَ: وَكَذَلِكَ البَارِيَّةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لَا يَرَى بأْساً بِالصَّلَاةِ عَلَى البُورِيّ
؛ هِيَ الْحَصِيرُ الْمَعْمُولُ مِنَ الْقَصَبِ، وَيُقَالُ فيها بارِيَّةٌ وبُورِياء.
فصل التاء المثناة
تأر: أَتأَر إِليه النَّظَرَ: أَحَدَّه. وأَتْأَره بَصَرَهُ: أَتْبَعَه إِياه، بِهَمْزِ الأَلفين غَيْرَ مَمْدُودَةٍ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال: وأَتْأَرَتْني نَظْرَة الشَّفير. وأَتْأَرتُه بَصَرِي: أَتْبَعْته إِياه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا أَتاه فَأَتْأَرَ إِليه النَّظَرَ
أَي أَحَدَّه إِليه وحَقَّقَه؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ؛(4/87)
أَتْأَرْتُهُمْ بَصَري، والآلُ يَرْفَعُهُمْ، ... حَتَّى اسْمَدَرَّ بِطَرْفِ العَيْنِ إِتْآري
وَمَنْ تَرَكَ الْهَمْزَ قَالَ: أَتَرْتُ إِليه النَّظَرَ والرَّمْيَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي تَوَرَ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذا اجْتَمَعُوا عَلَيَّ وأَشْقَذُوني، ... فَصِرْت كَأَنَّني فَرَأٌ مُتَارُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فإِنه أَراد مُتْأَرٌ فَنَقَلَ حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ إِلى التَّاءِ وأَبدل مِنْهَا أَلفاً لِسُكُونِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا فَصَارَ مُتارٌ. والتُّؤْرُورُ: العَوْن يَكُونُ مَعَ السُّلْطَانِ بِلَا رِزْقٍ، وَقِيلَ: هُوَ الجِلوازُ، وَذَهَبَ الْفَارِسِيُّ إِلى أَنه تُفْعُول مِنَ الأَرِّ وَهُوَ الدَّفْعُ؛ وأَنشد ابْنُ السَّكِّيتِ:
تَاللَّهَ لَوْلا خَشْيَةُ الأَمِيرِ، ... وخشيةُ الشُّرْطيِّ والتُّؤْرورِ
قَالَ: التُّؤْرُورُ أَتْباع الشُّرَطِ. ابْنُ الأَعرابي: التَّائرُ الْمُدَاوِمُ عَلَى الْعَمَلِ بَعْدَ فُتُورٍ. الأَزهري فِي التَّأْرَةِ: الْحِينُ. عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: تأْرَةٌ، مَهْمُوزٌ، فَلَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لَهَا تَرَكُوا هَمْزَهَا؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ غَيْرُهُ وَجَمْعُهَا تِئَرٌ، مَهْمُوزَةٌ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: أَتأَرْتُ إِليه النَّظَرَ أَي أَدمته تارَةً بعد تارَةٍ.
تبر: التِّبْرُ: الذهبُ كُلُّه، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجَمِيعِ جَوَاهِرِ الأَرض مِنَ النُّحَاسِ والصُّفْرِ والشَّبَهِ والزُّجاج وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا اسْتُخْرِجَ مِنَ الْمَعْدَنِ قَبْلَ أَن يُصَاغَ وَيُسْتَعْمَلَ؛ وَقِيلَ: هُوَ الذَّهَبُ الْمَكْسُورُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كُلُّ قَوْمٍ صِيغةٌ مِنْ تِبْرِهِمْ، ... وبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ مِنْ ذَهَبْ
ابْنُ الأَعرابي: التِّبْرُ الفُتاتُ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَبْلَ أَن يُصَاغَا فإِذا صِيغَا فَهُمَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: التِّبْرُ مَا كَانَ مِنَ الذَّهَبِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ فإِذا ضُرِبَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَيْنٌ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ تِبْرٌ إِلا لِلذَّهَبِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ لِلْفِضَّةِ أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرِها وعَيْنِها، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ تِبْرِهَا وَعَيْنِهَا.
قَالَ: وَقَدْ يُطْلَقُ التِّبْرُ عَلَى غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنَ الْمَعْدِنِيَّاتِ كَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ والرَّصاص، وأَكثر اخْتِصَاصِهِ بِالذَّهَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ فِي الذَّهَبِ أَصلًا وَفِي غَيْرِهِ فَرْعًا وَمَجَازًا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَا يُقَالُ لَهُ تِبْرٌ حَتَّى يَكُونَ فِي تُرَابِ مَعْدِنِهِ أَو مَكْسُورًا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَمِنْهُ قِيلَ لِمُكَسَّرِ الزُّجَاجِ تِبْرٌ. والتَّبَارُ: الْهَلَاكُ. وتَبَّرَه تَتْبِيراً أَي كَسَّرَه وأَهلكه. وهؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ
أَي مُكَسَّرٌ مُهْلَكٌ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: عَجْزٌ حَاضِرٌ ورَأْيٌ مُتَبَّر
، أَي مهلَك. وتَبَّرَهُ هُوَ: كَسَّرَهُ وأَذهبه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُّ: مَعْنَاهُ إِلَّا هَلَاكًا، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ كُلُّ مُكَسَّرٍ تِبْراً. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَكُلًّا تَبَّرْنا تَتْبِيراً
، قَالَ: التَّتْبِيرُ التَّدْمِيرُ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ كَسَّرْتَهُ وَفَتَّتْتَهُ، فَقَدَ تَبَّرْتَهُ، وَيُقَالُ: تَبِرَ «4» . الشيءُ يَتْبَرُ تَباراً. ابْنُ الأَعرابي: الْمَتْبُورُ الْهَالِكُ، وَالْمَبْتُورُ النَّاقِصُ. قَالَ: والتَّبْراءُ الحَسَنَةُ اللَّوْنِ مِنَ النُّوق. وَمَا أَصبتُ مِنْهُ تَبْرِيراً أَي شَيْئًا، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ فِي رأْسه تِبْرِيَةٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: لُغَةٌ فِي الهِبْرِيَةِ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي أُصول الشِّعْرِ مِثْلُ النُّخَالَةِ.
__________
(4) . قوله [تبر] من باب ضرب على ما في القاموس ومن بابي تعب وقتل كما في المصباح(4/88)
تثر: ابْنُ الأَعرابي: التَّواثِيرُ الجَلَاوِزَةُ.
تجر: تَجَرَ يَتْجُرُ تَجْراً وتِجَارَةً؛ بَاعَ وَشَرَى، وَكَذَلِكَ اتَّجَرَ وَهُوَ افْتَعَل، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الخَمَّار قَالَ الأَعشى:
ولَقَدْ شَهِدْتُ التَّاجِرَ ... الأُمَّانَ، مَوْرُوداً شَرَابُهْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ يَتَّجِرُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ يَفْتَعِلُ مِنَ التِّجَارَةِ لأَنه يَشْتَرِي بِعَمَلِهِ الثَّوَابَ وَلَا يَكُونُ مِنَ الأَجر عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لأَن الْهَمْزَةَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ وإِنما يُقَالُ فِيهِ يأْتَجِرُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي بَائِعَ الْخَمْرِ تَاجِرًا؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
ولَقَدْ أَروحُ عَلَى التِّجَارِ مُرَجَّلًا، ... مَذِلًا بِمالي، لَيِّناً أَجْيادي
أَي مَائِلًا عُنُقي مِنَ السُّكْرِ. ورجلٌ تاجِرٌ، وَالْجَمْعُ تِجارٌ، بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ، وتُجَّارٌ وتَجْرٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وصَحْبٍ؛ فأَما قَوْلُهُ:
إِذا ذُقْتَ فَاهَا قلتَ: طَعمُ مُدامَةٍ ... مُعَتَّقَةٍ، مِمَّا يَجِيءُ بِهِ التُّجُرْ
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ تِجَارٍ، عَلَى أَن سِيبَوَيْهِ لَا يَطْرُدُ جَمْعَ الْجَمْعِ؛ وَنَظِيرُهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ: فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ؛ قَالَ: هُوَ جَمْعُ رهانٍ الَّذِي هُوَ جَمْعُ رَهْنٍ وَحَمَلَهُ أَبو عليُّ عَلَى أَنه جَمْعُ رَهْن كَسَحْل وسُحُلٍ، وإِنما ذَلِكَ لِمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ مِنَ التَّحْجِيرِ عَلَى جَمْعِ الْجَمْعِ إِلا فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ التُّجُرُ فِي الْبَيْتِ مِنْ بَابِ:
أَنا ابنُ ماويَّةَ إِذْ جَدَّ النَّقُرْ
عَلَى نَقْلِ الْحَرَكَةِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ التُّجُرُ جَمْعُ تَاجِرٍ كَشَارِفٍ وشُرُفٍ وَبَازِلٍ وبُزُلٍ، إِلا أَنه لَمْ يُسْمَعْ إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن التُّجَّار يُبعثون يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّاراً إِلا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وبَرَّ وصَدَقَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: سَمَّاهُمْ فُجَّارًا لِمَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنَ الأَيمان الْكَاذِبَةِ وَالْغَبَنِ وَالتَّدْلِيسِ وَالرِّبَا الَّذِي لَا يَتَحَاشَاهُ أَكثرهم أَو لَا يَفْطِنُونَ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ فِي تَمَامِهِ: إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ؛ وَقِيلَ: أَصل التَّاجِرِ عِنْدَهُمُ الخمَّار يَخُصُّونَهُ بِهِ مِنْ بَيْنِ التُّجَّارِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي ذَرٍّ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَن التَّاجِرَ فَاجِرٌ
؛ والتَّجْرُ: اسمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ؛ وَقَوْلُ الأَخطل:
كَأَنَّ فَأْرَةَ مِسْكٍ غارَ تاجِرُها، ... حَتَّى اشْتَراها بِأَغْلَى بَيْعِهِ التَّجِرُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه عَلَى التَّشْبِيهِ كَطَهِرٍ فِي قَوْلِ الْآخَرِ:
خَرَجْت مُبَرَّأً طَهِرَ الثِّيابِ
وأَرضَ مَتْجَرَةٌ: يُتَّجَرُ إِليها؛ وَفِي الصِّحَاحِ: يَتَّجِرُ فِيهَا. وَنَاقَةٌ تَاجِرٌ: نَافِقَةٌ فِي التِّجَارَةِ وَالسُّوقِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
عِفَاءٌ قِلاصٍ طَارَ عَنْهَا تَواجِر
وَهَذَا كَمَا قَالُوا فِي ضِدِّهَا كَاسِدَةٌ. التَّهْذِيبُ: الْعَرَبُ تَقُولُ نَاقَةٌ تَاجِرَةٌ إِذا كَانَتْ تَنْفُقُ إِذا عُرِضَتْ عَلَى الْبَيْعِ لِنَجَابَتِهَا، وَنُوقٌ تَوَاجِرُ؛ وأَنشد الأَصمعي:
مَجَالِحٌ فِي سِرِّها التَّواجِرُ
وَيُقَالُ: ناقةٌ تاجِرَةٌ وأُخرى كَاسِدَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: تَقُولُ الْعَرَبُ إِنه لَتَاجِرٌ بِذَلِكَ الأَمر أَي حَاذِقٌ؛ وأَنشد:
لَيْسَتْ لِقَوْمِي بالكَتِيفِ تِجارَةٌ، ... لكِنَّ قَوْمِي بالطِّعانِ تِجَارُ
وَيُقَالُ: رَبِحَ فلانٌ فِي تِجارَتِهِ إِذا أَفْضَلَ، وأَرْبَحَ إِذا صَادَفَ سُوقاً ذاتَ رِبْحٍ.
ترر: تَرَّ الشَّيْءُ يَتِرُّ ويَتُرُّ تَرّاً وتُروراً: بَانَ وَانْقَطَعَ بِضَرْبِهِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْعَظْمَ؛ وتَرَّتْ يَدُه(4/89)
تَتِرُّ وتَتُرُّ تُروراً وأَتَرَّها هُوَ وتَرَّها تَرّاً؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ كَلُّ عُضْوٍ قُطِعَ بِضَرْبِهِ فَقَدْ تُرَّ تَرّاً؛ وأَنشد لِطَرَفَةَ يَصِفُ بَعِيرًا عَقَرَهُ:
تَقُولُ، وَقَدْ تُرَّ الوَظِيفُ وساقُها: ... أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ؟
تُرَّ الوظيفُ أَي انْقَطَعَ فَبَانَ وَسَقَطَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّوَابُ أَتَرَّ الشَّيْءَ وتَرَّ هُوَ نَفْسُه؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الأَصمعي:
تَقُولُ، وَقَدْ تَرَّ الوَظِيفُ وساقُها
بِالرَّفْعِ. وَيُقَالُ: ضَرَبَ فُلَانٌ يَدَ فُلَانٍ بِالسَّيْفِ فأَتَرَّها وأَطَرَّها وأَطَنَّها أَي قَطَعَهَا وأَنْدَرَها. وتَرَّ الرجلُ عَنْ بِلَادِهِ تُروراً: بَعُدَ. وأَتَرَّه القضاءُ إِتْراراً: أَبعده. والتُّرُورُ: وَثْبَةُ النَّواة مِنَ الحَيْس. وتَرَّت النَّواةُ منْ مِرْضاخِها تَتِرُّ وتَتُرُّ تُروراً: وثَبَتْ ونَدَرَتْ. وأَتَرَّ الغلامُ القُلَةَ بِمِقْلاتِه والغلامُ يُتِرُّ القُلَةَ بالمِقْلَى: نَزَّاها. والتَّرارَةُ: السِّمَنُ والبَضَاضَةُ؛ يُقَالُ مِنْهُ: تَرِرْتَ، بِالْكَسْرِ، أَي صِرْتُ تَارَّا وَهُوَ الْمُمْتَلِئُ والتَّرارَةُ: امْتِلَاءُ الْجِسْمِ مِنَ اللَّحْمِ ورَيُّ الْعَظْمِ؛ يُقَالُ لِلْغُلَامِ الشَّابِّ الْمُمْتَلِئِ: تارٌّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ زِمْلٍ: رَبْعَةٌ مِنَ الرِّجَالِ تارٌّ
؛ التارُّ: الْمُمْتَلِئُ الْبَدَنِ، وتَرَّ الرجلُ يَتِرُّ ويَتُرُّ تَرّاً وتَرارةً وتُروراً: امتلأَ جِسْمُهُ وتَرَوَّى عَظْمُهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
بِسَلْهَبٍ لُيِّنَ فِي تُرُورِ
وَقَالَ:
ونُصْبِحُ بالغَدَاةِ أَتَرَّ شَيْءٍ، ... ونُمْسِي بالعَشِيِّ طَلَنْفَحِينَا
ورجلٌ تارٌّ وتَرٌّ: طَوِيلٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرَى تَرّاً فَعِلًا، وَقَدْ تَرَّ تَرارَةً، وقَصَرَةٌ تارَّةٌ. والتَّرَّةُ: الْجَارِيَةُ الْحَسْنَاءُ الرَّعْناءُ. ابْنُ الأَعرابي: التَّرَاتِيرُ الْجَوَارِي الرُّعْنُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأُتْرُورُ الْغُلَامُ الصَّغِيرُ. اللَّيْثُ: الأُتْرُورُ الشُّرَطِيُّ؛ وأَنشد:
أَعوذُ باللهِ وبالأَمِيرِ ... مِنْ صاحِبِ الشُّرْطةِ والأُتْرُورِ
وَقِيلَ: الأُتْرُورُ غلامُ الشُّرَطِيِّ لَا يَلْبَسُ السَّوادَ؛ قَالَتِ الدَّهْنَاءُ امرأَة الْعَجَّاجِ:
وَاللَّهِ لَوْلَا خَشْيَةُ الأَمِيرِ، ... وخَشْيَةُ الشُّرْطِيِّ والأُترورِ،
لَجُلْتُ بِالشَّيْخِ مِنَ البَقِيرِ، ... كَجَوَلانِ صَعْبَةٍ عَسِيرِ
وتَرَّ بسَلْحِه وهَذَّ بِهِ وهَرَّ بِهِ إِذَا رَمَى بِهِ. وتَرَّ بِسَلْحِه يَتِرُّ: قَذَفَ بِهِ. وتَرَّ النَّعامُ: أَلقى مَا فِي بَطْنِهِ. وتُرَّ فِي يَدِهِ: دَفَعَ. والتُّرُّ: الأَصل. يُقَالُ: لأَضْطَرَّنَّكَ إِلى تُرِّكَ وقُحاحِكَ. ابْنُ سِيدَهْ: لأَضْطَرَّنَّكَ إِلى تُرِّكَ أَي إِلى مَجْهُودِكَ. والتُّرُّ، بِالضَّمِّ: الْخَيْطُ الَّذِي يُقَدَّرُ بِهِ البِناءُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يُمَدُّ عَلَى الْبِنَاءِ فَيُبْنَى عَلَيْهِ وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ الإِمام، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ: التُّرُّ كَلِمَةٌ يَتَكَلَّمُ بِهَا الْعَرَبُ، إِذا غَضِبَ أَحدهم عَلَى الْآخَرِ قَالَ: وَاللَّهِ لأُقيمنك عَلَى التُّرِّ. قَالَ الأَصمعي: المِطْمَرُ هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يقدَّر بِهِ الْبِنَاءُ يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ التُّرُّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: التُّرُّ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. وَفِي النَّوَادِرِ: بِرْذَوْنٌ تَرٌّ ومُنْتَرٌّ وَعَرِبٌ وقَزَعٌ ودُفاقٌ [دِفاقٌ] إِذا كَانَ سريعَ الرَّكْضِ، وَقَالُوا: التَّرُّ مِنَ الْخَيْلِ الْمُعْتَدِلُ الأَعضاء الْخَفِيفُ الدَّرِيرُ؛ وأَنشد:(4/90)
وقَدْ أَغْدُو مَعَ الفِتْيَانِ ... بالمُنْجَرِدِ التَّرِّ «1» .
وذِي البِرْكَةِ كالتَّابُوتِ، ... والمِحْزَمِ كالقَرِّ،
مَعَ قَاضِيهِ في متنيه ... كالدر
وقال الأَصمعي: التَّارُّ الْمُنْفَرِدُ عَنْ قَوْمِهِ، تَرَّ عَنْهُمْ إِذا انْفَرَدَ وَقَدْ أَتَرُّوه إِتْراراً. ابْنُ الأَعرابي: تَرْتَرَ إِذا اسْتَرْخَى فِي بَدَنِهِ وَكَلَامِهِ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: التَّارُّ الْمُسْتَرْخِي مِنْ جُوعٍ أَو غَيْرِهِ؛ وأَنشد:
ونُصْبِحُ بالغَداةِ أَتَرَّ شَيْءٍ
قَوْلُهُ: أَترّ شَيْءٍ أَي أَرخى شَيْءٍ مِنِ امْتِلَاءِ الْجَوْفِ، وَنُمْسِي بِالْعَشِيِّ جِيَاعًا قَدْ خَلَتْ أَجوافنا؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَتَرَّ شَيْءٍ أَمْلأَ شَيْءٍ مِنَ الْغُلَامِ التَّارّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: أَتَرَّ شَيْءٍ أَرخى شَيْءٍ مِنَ التَّعَبِ. يُقَالُ: تُرَّ يَا رَجُلُ. والتَّرْتَرَةُ: تَحْرِيكُ الشَّيْءِ. اللَّيْثُ: التَّرْتَرَةُ أَن تَقْبِضَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ تُتَرْتِرُه أَي تُحَرِّكُهُ. وتَرْتَرَ الرجُلَ: تَعْتَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الرَّجُلِ الَّذِي ظُنَّ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ فَقَالَ: تَرْتِرُوه ومَزْمِزُوه
أَي حَرِّكُوهُ ليُسْتَنْكَهَ هَلْ يُوجَدُ مِنْهُ رِيحُ الْخَمْرِ أَم لَا؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ أَن يُحَرَّكَ ويُزَعْزَعَ ويُسْتَنْكَهَ حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ الرِّيحُ لِيُعْلَمَ مَا شَرِبَ، وَهِيَ التَّرْتَرَةُ والمَزْمَزَةُ والتَّلْتَلَةُ؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
تَلْتِلُوه
، وَمَعْنَى الْكُلِّ التَّحْرِيكُ؛ وَقَوْلُ زِيدِ الْفَوَارِسِ:
أَلم تَعْلَمِي أَنِّي إِذا الدَّهْرُ مَسَّنِي ... بنائِبَةٍ، زَلَّتْ وَلَمْ أَتَتَرْتَرِ
أَي لَمْ أَتزلزل وَلَمْ أَتقلقل. وتَرْتَرَ: تَكَلَّمَ فأَكثر؛ قَالَ:
قُلْتُ لِزَيْدٍ: لَا تُتَرْتِرْ، فإِنَّهُمْ ... يَرَوْنَ الْمَنَايَا دونَ قَتْلِكَ أَوْ قَتْلِي
وَيُرْوَى: تُثَرْثِرْ وتُبَرْبِرْ. والتَّراتِرُ: الشَّدَائِدُ والأُمور الْعِظَامُ. والتُّرَّى: اليد المقطوعة.
تشر: التَّهْذِيبُ عَنِ اللَّيْثِ: تِشْرينُ اسْمُ شَهْرٍ مِنْ شُهُورِ الْخَرِيفِ بِالرُّومِيَّةِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُمَا تِشْرِينان تِشْرِينُ الأَول وَتِشْرِينُ الثَّانِي وهما قبل الكانونين.
تعر: جُرْحٌ تَعَّارٌ وتَغَّارٌ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ، إِذا كَانَ يَسِيلُ مِنْهُ الدَّمُ، وَقِيلَ: جُرْحٌ نَعَّار، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ؛ قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهل الْعَرَبِيَّةِ بِهَراةَ يَزْعُمُ أَن تَغَّارَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ تَصْحِيفٌ، قَالَ: وقرأْت فِي كِتَابِ أَبي عُمَرَ الزَّاهِدِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: جُرْحٌ تَعَّارٌ، بِالْعَيْنِ وَالتَّاءِ، وَتَغَّارُ بِالْغَيْنِ وَالتَّاءِ، وَنَعَّارٌ بِالنُّونِ وَالْعَيْنِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَرْقَأُ، فَجَعَلَهَا كُلَّهَا لُغَاتٍ وَصَحَّحَهَا، وَالْعَيْنُ وَالْغَيْنُ فِي تَعَّار وتَغَّار تَعَاقَبًا كَمَا قَالُوا العَبِيثَةُ والغَبِيثَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ الأَعرابي: التَّعَرُ اشْتِعَالُ الْحَرْبِ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: مَا طَمَا الْبَحْرُ وَقَامَ تِعَارٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: تِعار، بِكَسْرِ التَّاءِ، جَبَلٌ مَعْرُوفٌ، يَنْصَرِفُ وَلَا يَنْصَرِفُ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِكُثَيِّرٍ:
وَمَا هَبَّتِ الأَرْوَاحُ تَجْرِي، وَمَا ثَوَى ... مُقِيمًا بنَجْدٍ عَوْفُها وتِعارُها
وَقَيَّدَهُ الأَزهري فَقَالَ: تِعَارُ جَبَلٌ بِبِلَادِ قَيْسٍ؛ وَقَدْ ذكره لبيد «2» :
__________
(1) . قوله [وقد أغدو إلخ] هذه ثلاثة أبيات من الهزج كما لا يخفى، لكن البيت الثالث ناقص وبمحل النقص بياض بالأصل
(2) . قوله [وقد ذكره لبيد] أي في قصيدته التي منها:
عشت دهراً ولا يعيش مع الأَيام ... إِلَّا يَرَمْرَمٌ أَوْ تِعَارُ
كما في ياقوت(4/91)
إِلَّا يَرَمْرَمٌ أَو تِعَارُ
وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي كِتَابِ النِّهَايَةِ: منْ تَعَارَّ مِنَ الليلِ، فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، وَقَالَ: أَي هَبَّ مِنْ نومِه وَاسْتَيْقَظَ، قَالَ: وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ وَلَيْسَ بَابَهُ.
تغر: تَغَرَتِ القِدْرُ تَتْغَرُ، بِالْفَتْحِ فِيهِمَا: لُغَةٌ فِي تَغِرَتْ تَتْغَرُ تَغَراناً إِذا غَلَتْ؛ وأَنشد:
وصَهْباءَ مَيْسَانِيَّةٍ لَمْ يَقُمْ بِها ... حَنِيفٌ، وَلَمْ تَتْغَرْ بِها ساعَةً قِدْرُ
قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ نَغَرَتْ، بِالنُّونِ، وَسَنَذْكُرُهُ؛ وأَما تَغَرَ، بِالتَّاءِ، فإِن أَبا عُبَيْدَةَ رَوَى فِي بَابِ الْجِرَاحِ قَالَ: فإِن سَالَ مِنْهُ الدَّمُ قِيلَ جُرح تَغَّارٌ وَدَمٌ تَغَّارٌ، قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: جُرْحٌ نَعَّارٌ، بِالْعَيْنِ وَالنُّونِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: جُرْحٌ تَغَّارٌ وَنَغَّارٌ، فَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ فَصَحَّتَا مَعًا، وَرَوَاهُمَا شَمِرٌ عَنْ أَبي مَالِكٍ تَغَرَ ونغر ونعر.
تفر: التِّفْرَةُ «1» : الدَّائِرَةُ تَحْتَ الأَنف فِي وَسَطِ الشَّفَةِ الْعُلْيَا، زَادَ فِي التَّهْذِيبِ: مِنْ الإِنسان، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِهَذِهِ الدَّائِرَةِ تِفْرَةٌ وتَفِرَةٌ وتُفَرَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: التَّفِرة، بِكَسْرِ الْفَاءِ، النُّقْرَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّفَةِ الْعُلْيَا، والتَّفِرَةُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ: الْوَتِيرَةُ. والتَّفِيرَةُ: كُلُّ مَا اكْتَسَبَتْهُ الْمَاشِيَةُ مِنْ حَلَاوَاتِ الخُضَرِ وأَكثر مَا تَرْعاه الضأْن وَصِغَارُ الْمَاشِيَةِ، وَهِيَ أَقل مِنْ حَظِّ الإِبل. والتَّفِرَةُ: تَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الشَّجَرِ وَالْبَقَرِ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الجَنَبَةِ. والتَّفِرَةُ: مَا ابْتَدَأَ مِنَ الطَّرِيفَةِ يَنْبُتُ لَيِّنًا صَغِيرًا، وَهُوَ أَحب الْمَرْعَى إِلى الْمَالِ إِذا عَدِمَتِ الْبَقْلَ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ القَرْنُونَةِ «2» . والمَكْرِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ نَاقَةً تأْكل المَشْرَةَ، وَهِيَ شَجَرَةٌ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى أَكل النَّبَاتِ لِصِغَرِهِ:
لَهَا تَفِراتٌ تَحْتَها، وَقَصارُها ... إِلى مَشْرَةٍ لَمْ تُتَّلَقْ بالمَحاجِنِ
وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا تَعْتلِقْ بِالْمَحَاجِنِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّفِراتُ مِنَ النَّبَاتِ مَا لَا تَسْتَمْكِنُ مِنْهُ الرَّاعِيَةُ لِصِغَرِهَا، وأَرض مُتْفِرَةٌ. والتَّفِرُ: النَّبَاتُ الْقَصِيرُ الزَّمِرُ. ابْنُ الأَعرابي: التَّافِرُ الوَسِخُ مِنَ النَّاسِ، وَرَجُلٌ تَفِرٌ وتَفْران. قَالَ: وأَتْفَرَ الرجلُ إِذا خَرَجَ شَعْرُ أَنفه إِلى تِفْرَتِهِ، وهو عيب.
تفتر: التَّفْتَرُ: لُغَةٌ فِي الدَّفْتَرِ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه عجميّاً.
تفطر: الأَزهري فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ تَفْطَرَ: التَّفَاطِيرُ النَّباتُ، قَالَ: وَالتَّفَاطِيرُ، بِالتَّاءِ، النَّوْرُ. قَالَ: وَفِي نَوَادِرِ اللِّحْيَانِيِّ عَنِ الإِيادي فِي الأَرض تَفَاطِيرُ مِنْ عُشْبٍ، بِالتَّاءِ، أَي نَبْذٌ مُتَفَرِّقٌ، وَلَيْسَ له واحد.
تقر: التَّقِرُ والتَّقِرَةُ: التَّابَلُ [التَّابِلُ] ، وَقِيلَ: التَّقِر الْكَرَوْيَا، والتَّقِرَةُ: جَمَاعَةُ التَّوَابِلِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهِيَ بِالدَّالِ أَعلى.
تكر: التَّكُّرِيُّ: الْقَائِدُ مِنْ قُوَّادِ السِّند، والجمعُ تَكاتِرَةٌ، أَلحقوا الْهَاءَ لِلْعُجْمَةِ؛ قَالَ:
لَقَدْ عَلِمَتْ تَكاتِرَةُ ابْنِ تِيرِي، ... غَداةَ البُدِّ، أَنِّي هِبْرِزِيُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: الْجَمْعُ تَكَاكِرَةُ، وَبِذَلِكَ أَنشد الْبَيْتَ: لقد علمت تكاكرة.
تمر: التَّمْرُ: حَمْلُ النَّخْلِ، اسْمُ جِنْسٍ، وَاحِدَتُهُ تَمْرَةٌ وَجَمْعُهَا تَمَرَاتٌ، بِالتَّحْرِيكِ. والتُّمْرانُ والتُّمورُ، بِالضَّمِّ: جَمْعُ التَّمْرِ؛ الأَوَّل عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ تَكْسِيرُ الأَسماء الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الجموع
__________
(1) . قوله [التفرة] بكسر التاء وضمها وككلمة وتؤدة كما في القاموس
(2) . قوله [من القرنونة] في القاموس القرنوة هي الهرنوة والقرانيا وليس فيه القرنونة(4/92)
بِمُطَّرِدٍ، أَلا تَرَى أَنهم لَمْ يَقُولُوا أَبرار فِي جَمْعِ بُرٍّ؟ الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُ التَّمر تُمُورٌ وتُمْرانٌ، بِالضَّمِّ، فَتُرَادُ بِهِ الأَنواع لأَن الْجِنْسَ لَا يُجْمَعُ فِي الْحَقِيقَةِ. وتَمَّرَ الرُّطَبُ وأَتْمَرَ، كِلَاهُمَا: صَارَ فِي حَدِّ التَّمْرِ. وتَمَّرَتِ النَّخْلَةُ وأَتْمَرَت، كِلَاهُمَا: حَمَلَتِ التَّمْرَ. وتَمَرَ القَوْمَ يَتْمُرُهُمْ تَمْراً وتَمَّرَهُمْ وأَتْمَرَهُمْ: أَطعمهم التَّمْرَ. وتَمَّرَني فُلَانٌ: أَطعمني تَمْراً. وأَتْمَرُوا، وَهُمْ تامِرُونَ: كَثُرَ تَمْرُهم؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن تامِراً عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا إِذا أَردت أَطعمتهم أَو وَهَبْتَ لَهُمْ قُلْتَهُ بِغَيْرِ أَلف، وإِذا أَردت أَن ذَلِكَ قَدْ كَثُرَ عِنْدَهُمْ قُلْتَ أَفْعَلُوا. وَرَجُلٌ تامِرٌ: ذُو تَمْرٍ. يُقَالُ: رَجُلٌ تَامِرٌ وَلَابِنٌ أَي ذُو تَمْرٍ وَذُو لَبَنٍ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ قولِكَ تَمَرْتُهم فأَنا تامِرٌ أَي أَطعمتهم التَّمْرَ. والتَّمَّار: الَّذِي يَبِيعُ التَّمْرَ. والتَّمْرِيُّ: الَّذِي يُحِبُّهُ. والمُتْمِرُ: الْكَثِيرُ التَّمْرِ. وأَتْمَرَ الرجلُ إِذا كَثُرَ عِنْدَهُ التَّمْرُ. والمَتْمُورُ: المُزَوَّدُ تَمْراً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
لَسْنَا مِنَ القَوْمِ الَّذِينَ، إِذا ... جاءَ الشتاءُ، فَجارُهم تَمْرُ
يَعْنِي أَنهم يأْكلون مَالَ جَارِهِمْ ويَسْتَحلُونه كَمَا تَسْتَحْلي الناسُ التَّمْرَ فِي الشِّتَاءِ؛ وَيُرْوَى:
لَسْنَا كَأَقْوَامٍ، إِذا كَحَلَتْ ... إِحدى السِّنِينَ، فجارُهُمْ تَمْرُ
والتَّتْمِيرُ: التَّقْدِيدُ. يُقَالُ: تَمَّرْتُ القَدِيدَ، فَهُوَ مُتَمَّرٌ؛ وَقَالَ أَبو كَاهِلٍ الْيَشْكُرِيُّ يَصِفُ فَرْخَةَ عُقَابٍ تُسَمَّى غُبَّة، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَصِفُ عُقاباً شَبَّهَ رَاحِلَتَهُ بِهَا:
كأَنَّ رَحْلي عَلَى شَغْواءَ حادِرَةٍ ... ظَمْياءَ، قَدْ بُلَّ مِنْ طَلٍّ خَوافيها
لَهَا أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ ... مِنَ الثَّعالي، وَوَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها
أَراد الأَرانب وَالثَّعَالِبَ أَي تُقَدِّدُهُ؛ يَقُولُ: إِنها تَصِيدُ الأَرانب وَالثَّعَالِبَ فأَبدل مِنَ الْبَاءِ فِيهِمَا يَاءً، شَبَّهَ رَاحِلَتَهُ فِي سُرْعَتِهَا بِالْعُقَابِ، وَهِيَ الشَّغْوَاءُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لاعوجاجِ مِنْقَارِهَا. والشَّغاء: العِوَجُ. وَالظَّمْيَاءُ: الْعَطْشَى إِلى الدَّمِ. وَالْخَوَافِي: قِصَارُ رِيشِ جَنَاحِهَا. وَالْوَخْزُ: شَيْءٌ لَيْسَ بِالْكَثِيرِ. والأَشارير: جَمْعُ إِشرارة: وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْقَدِيدِ. وَالثَّعَالِي: يُرِيدُ الثَّعَالِبَ، وَكَذَلِكَ الأَراني يُرِيدُ الأَرانب فأَبدل مِنَ الْبَاءِ فِيهِمَا يَاءً لِلضَّرُورَةِ. والتَّتْمِيرُ: التَّيْبِيسُ. والتَّتْمير: أَن يَقْطَعَ اللَّحْمَ صِغَارًا وَيُجَفِّفَ. وتَتْمِيرُ اللَّحْمِ وَالتَّمْرِ: تَجْفِيفُهما. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: كَانَ لَا يَرَى بِالتَّتْمِيرِ بأْساً
؛ التَّتْمِيرُ: تَقْطِيعُ اللَّحْمِ صِغَارًا كَالتَّمْرِ وَتَجْفِيفِهِ وَتَنْشِيفِهِ، أَراد لَا بأْس أَن يَتَزَوَّدَهُ المُحْرِمُ، وَقِيلَ: أَراد مَا قُدِّدَ مِنْ لُحُومِ الْوُحُوشِ قَبْلَ الإِحرام. واللحمُ المُتَمَّرُ: المُقَطَّع. وَالتَّامُورُ والتَّامُورة جَمِيعًا: الإِبريق؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ خَمَّارة:
وإِذا لَها تامُورَةٌ ... مرفوعةٌ لِشَرابِها
وَلَمْ يَهْمِزْهُ، وَقِيلَ: حُقَّة يُجْعَلُ فِيهَا الْخَمْرُ: وَقِيلَ: التَّامُورُ وَالتَّامُورَةُ الْخَمْرُ نَفْسُهَا. الأَصمعي: التَّامُورُ الدَّمُ وَالْخَمْرُ وَالزَّعْفَرَانُ. وَالتَّامُورُ: وَزِيرُ الْمَلِكِ. وَالتَّامُورُ: النَّفْسُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لَقَدْ عَلِمَ تمامورُك ذَلِكَ أَي قَدْ عَلِمَتْ نفسُك ذَلِكَ. وَالتَّامُورُ: دَمُ الْقَلْبِ، وعمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ كُلَّ دَمٍ؛ وَقَوْلُ أَوْسِ بْنِ حَجَرٍ:
أُنْبِئْتُ أَنَّ بَني سُحَيْمٍ أَوْلَجُوا ... أَبْيَاتَهُمْ تامورَ نَفْسِ المُنذِرِ(4/93)
قَالَ الأَصمعي: أَي مُهْجَةَ نَفْسه، وَكَانُوا قَتَلُوهُ؛ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ قُنْعاسٍ الْمُرَادِيُّ، وَيُقَالُ قُعاس:
وتامُورٍ هَرَقْتُ، وَلَيْسَ خَمْراً، ... وحَبَّةِ غَيْرِ طاحيَةٍ طَحَيْتُ
وأَورده الْجَوْهَرِيُّ:
وَحَبَّةِ غَيْرِ طَاحِنَةٍ طَحَنْتُ
بِالنُّونِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: وَحَبَّةِ غَيْرِ طَاحِيَةٍ طَحَيْتُ، بِالْيَاءِ فِيهِمَا، لأَن الْقَصِيدَةَ مُرْدِفَةٌ بِيَاءٍ وأَوّلها:
أَلا يَا بَيْتُ بالعَلْيَاءِ بَيْتُ، ... ولولا حُبُّ أَهْلِكَ مَا أَتَيْتُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ورأَيته بِخَطِّ الْجَوْهَرِيِّ فِي نُسْخَتِهِ طَاحِنَةٍ طَحَنْتُ، بِالنُّونِ فِيهِمَا. وَقَدْ غَيَّرَهُ مَنْ رَوَاهُ طَحَيْتُ، بِالْيَاءِ، عَلَى الصَّوَابِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: حَبَّةٍ غَيْرِ طَاحِيَةٍ، بِالْيَاءِ، حَبَّةُ الْقَلْبِ أَي رُبَّ عَلَقَةِ قَلْبٍ مُجْتَمِعَةٍ غَيْرِ طَاحِيَةٍ هَرَقْتُهَا وَبَسَطْتُهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِهَا. الْجَوْهَرِيُّ: والتَّامُورَةُ غِلافُ الْقَلْبِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَالتَّامُورُ غِلَافُ الْقَلْبِ، وَالتَّامُورُ حَبَّةُ الْقَلْبِ، وَتَامُورُ الرَّجُلِ قَلْبُهُ. يُقَالُ: حَرْفٌ فِي تامُورك خَيْرٌ مِنْ عَشْرَةٍ فِي وِعَائِكَ. وعَرَّفْتُه بِتامُوري أَي عَقْلي. والتَّامُور: وِعَاءُ الْوَلَدِ. والتَّامُور: لَعِبُ الْجَوَارِي، وَقِيلَ: لَعِبُ الصِّبْيَانِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والتَّامُور: صَوْمَعَةُ الرَّاهِبِ. وَفِي الصِّحَاحِ: التَّامُورَةُ الصَّوْمَعَةُ؛ قَالَ رَبِيعَةُ بْنُ مَقْرومٍ الضَّبّيُّ:
لَدَنا لبَهْجَتِها وحُسْنِ حَدِيثِها، ... ولَهَمَّ مِنْ تامُورِهِ يَتَنَزَّلُ
وَيُقَالُ: أَكل الذئبُ الشاةَ فَمَا تَرَكَ مِنْهَا تَامُورًا؛ وأَكلنا جَزَرَةً، وَهِيَ الشَّاةُ السَّمِينَةُ، فَمَا تَرَكْنَا مِنْهَا تَامُورًا أَي شَيْئًا. وَقَالُوا: مَا فِي الرَّكِيَّةِ تامُورٌ يَعْنِي الْمَاءَ أَي شَيْءٌ مِنَ الْمَاءِ؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ فِيمَا يُهْمَزُ وَفِيمَا لَا يُهْمَزُ. والتَّامُورُ: خِيسُ الأَسد، وَهُوَ التَّامُورَةُ أَيضاً؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَيُقَالُ: احْذَرِ الأَسد فِي تَامُورِهِ ومِحْرابِهِ وغِيلِهِ وعِرْزاله. وسأَل عُمَرُ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عَنْهُ، عَمْرَو بْنَ مَعْدِيَكْرِبَ عَنْ سَعْدٍ فَقَالَ: أَسد فِي تَامُورَتِهِ أَي فِي عَرِينِهِ، وَهُوَ بَيْتُ الأَسد الَّذِي يَكُونُ فِيهِ، وَهِيَ فِي الأَصل الصَّوْمَعَةُ فَاسْتَعَارَهَا للأَسد. والتَّامُورَةُ وَالتَّامُورُ: عَلَقَةُ الْقَلْبِ ودَمُه، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد أَنه أَسَدٌ فِي شِدَّةِ قَلْبِهِ وَشَجَاعَتِهِ. وَمَا فِي الدَّارِ تامُورٌ وتُومُور وَمَا بِهَا تُومُريٌّ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، أَي لَيْسَ بِهَا أَحد. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: مَا بِهَا تأْمور، مَهْمُوزٌ، أَي مَا بِهَا أَحد. وبلادٌ خَلاءٌ لَيْسَ بِهَا تُومُرِيٌّ أَي أَحد. وَمَا رأَيت تُومُرِيّاً أَحْسَنَ مِنْ هَذِهِ المرأَة أَي إِنسيّاً وخَلْقاً. وَمَا رأَيت تُومُرِيّاً أَحْسنَ مِنْهُ. والتُّمارِيُّ: شَجَرَةٌ لَهَا مُصَعٌ كَمُصَعِ العَوْسَجِ إِلَّا أَنها أَطيب مِنْهَا، وَهِيَ تُشْبِهُ النَّبْعَ؛ قَالَ:
كَقِدْحِ التُّماري أَخْطَأَ النَّبْعَ قاضبُهْ
والتُّمَّرَةُ: طَائِرٌ أَصغر مِنَ الْعُصْفُورِ، وَالْجَمْعُ تُمَّرٌ، وَقِيلَ: التُّمَّرُ طَائِرٌ يقال له ابن تَمْرَة وَذَلِكَ أَنك لَا تَرَاهُ أَبداً إِلا وَفِي فِيهِ تَمْرَةٌ. وتَيْمَرى: مَوْضِعٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسَ:
لَدَى جانِب الأَفْلاج مِنْ جَنْبِ تَيْمَرى
واتْمَأَرَّ الرُّمْحُ اتْمِئْراراً، فَهُوَ مُتْمَئِرٌّ إِذا كَانَ غَلِيظًا مُسْتَقِيمًا. ابْنُ سِيدَهْ: واتْمَأَرَّ الرُّمْحُ وَالْحَبْلُ صَلُبَ، وَكَذَلِكَ الذَّكَرُ إِذا اشتدَّ نَعْظُه. الْجَوْهَرِيُّ: اتْمَأَرَّ الشيءُ طَالَ وَاشْتَدَّ مِثْلُ اتْمَهَلَّ واتْمَأَلَّ؛ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ مَسْعُودٍ الضَّبِّيُّ:(4/94)
ثَنَّى لَهَا يَهْتِكُ أَسْحَارَها ... بِمْتمَئِرٍّ فيه تَحْزِيبُ
تنر: التَّنُّورُ: نَوْعٌ مِنَ الْكَوَانِينِ. الْجَوْهَرِيُّ: التِّنُّورُ الَّذِي يُخْبَزُ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لِرَجُلٍ عَلَيْهِ ثَوْبٌ مُعَصْفَرٌ: لَوْ أَن ثَوْبَك فِي تَنُّورِ أَهْلِكَ أَو تَحْتَ قدْرِهم كَانَ خَيْرًا؛ فَذَهَبَ فأَحرقه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما أَراد أَنك لَوْ صَرَفْتَ ثَمَنَهُ إِلى دَقِيقٍ تَخْبِزُهُ أَو حَطَبٍ تَطْبُخُ بِهِ كَانَ خَيْرًا لَكَ، كأَنه كَرِهَ الثَّوْبَ الْمُعَصْفَرَ. والتَّنُّور: الَّذِي يُخْبَزُ فِيهِ؛ يُقَالُ: هُوَ فِي جَمِيعِ اللُّغَاتِ كَذَلِكَ. وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: التَّنُّور تَفْعُول مِنَ النَّارُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مِنَ الْفَسَادِ بِحَيْثُ تَرَاهُ وإِنما هُوَ أَصل لَمْ يُسْتَعْمَلْ إِلَّا فِي هَذَا الْحَرْفِ وَبِالزِّيَادَةِ، وَصَاحِبُهُ تَنَّارٌ. والتَّنُّور: وَجْهُ الأَرض، فَارِسِيٌّ معرَّب، وَقِيلَ: هُوَ بِكُلِّ لُغَةٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ
؛
قَالَ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: هُوَ وَجْهُ الأَرض
، وَكُلُّ مَفْجَرِ ماءٍ تَنُّورٌ. قَالَ أَبو إِسحاق: أَعلم اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَن وَقْتَ هَلَاكِهِمْ فَوْرُ التَّنُّورِ، وَقِيلَ فِي التَّنُّورِ أَقوال: قِيلَ التَّنُّورُ وَجْهُ الأَرض، وَيُقَالُ: أَراد أَن الْمَاءَ إِذا فَارَ مِنْ نَاحِيَةِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَقِيلَ: إِن الْمَاءَ فَارَ مِنْ تَنُّورِ الْخَابِزَةِ، وَقِيلَ أَيضاً: إِن التَّنُّور تَنْوِيرُ الصُّبْح. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: التَّنُّورُ الَّذِي بِالْجَزِيرَةِ وَهِيَ عَيْنُ الوَرْدِ، وَاللَّهُ أَعلم بِمَا أَراد. قَالَ اللَّيْثُ: التَّنُّورُ عَمَّتْ بِكُلِّ لِسَانٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِن التَّنُّورَ عَمَّتْ بِكُلِّ لِسَانٍ يَدُلُّ عَلَى أَن الِاسْمَ فِي الأَصل أَعجمي فَعَرَّبَتْهَا الْعَرَبُ فَصَارَ عربيّاً على بنار فَعُّول، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَن أَصل بِنَائِهِ تَنَرَ، قَالَ: وَلَا نَعْرِفُهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لأَنه مُهْمَلٌ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا دَخَلَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ كَلَامِ الْعَجَمِ مِثْلُ الدِّيبَاجِ وَالدِّينَارِ وَالسُّنْدُسِ وَالْإِسْتَبْرَقِ وَمَا أَشبهها وَلَمَّا تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ صَارَتْ عَرَبِيَّةً. وَتَنَانِيرُ الْوَادِي: مَحَافِلُهُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَلَمَّا عَلَا ذَاتَ التِّنَانِيرِ صَوْتُهُ، ... تَكَشَّفَ عَنْ بَرْقٍ قَليلٍ صَواعِقُهْ
وَقِيلَ: ذَاتَ التَّنَانِيرِ هُنَا مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَذَاتُ التَّنَانِيرِ عَقَبَةٌ بِحْذاء زُبَالة مِمَّا يلي المغرب منها.
تهر: التَّيْهُورُ: مَوْجُ الْبَحْرِ إِذا ارْتَفَعَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كالبَحْرِ يَقْذِفُ بالتَّيْهُورِ تَيهورا
وَالتَّيْهُورَ: مَا بَيْنَ قُلَّةِ الْجَبَلِ وأَسفله؛ قَالَ بَعْضُ الْهُذَلِيِّينَ:
وطَلَعْتُ مِنْ شِمْراخِهِ تَيْهُورَةً، ... شَمَّاءَ مُشْرِفَةً كرأْس الأَصْلَعِ
والتَّيْهُورُ: مَا اطمأَنَّ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ أَعلى شَفِيرِ الْوَادِي وأَسفله الْعَمِيقِ، نَجْدِيَّةٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ أَعلى الْجَبَلِ وأَسفله، هَذَلِيَّةٌ؛ وَهِيَ التَّيْهُورةُ، وُضِعَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ عَلَى مَا وَضَعَهَا عَلَيْهِ أَهل التَّجْنِيسِ. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: التَّيْهُورُ مَا اطمأَن مِنَ الرَّمْل. الْجَوْهَرِيُّ: التَّيْهُورُ مِنَ الرَّمْلِ مَا لَهُ جُرُفٌ، وَالْجَمْعُ تَيَاهِيرُ وتَياهِرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَيْفَ اهْتَدَتْ ودُونَها الجَزائِرُ، ... وعَقِصٌ مِنْ عالِجٍ تَياهِرُ؟
وَقِيلَ: التَّيْهورُ مِنَ الرَّمْلِ المُشْرفُ، وأَنشد الرَّجِزُ أَيضاً. والتَّوْهَرِيُّ: السِّنام الطَّوِيلُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ قَميئَة:
فَأَرْسَلْتُ الغُلامَ، وَلَمْ أُلبِّثْ، ... إِلى خَيْرِ البوارِك تَوْهَرِيّا(4/95)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَثْبُتُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي هَذَا الْبَابِ لأَن التَّاءَ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ أَوّلًا إِلَّا بِثَبَتٍ. قَالَ الأَزهري: التَّيْهُورُ فَيْعُول مِنَ الوَهْرِ قُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً وأَصله وَيْهُورٌ مِثْلُ التَّيْقُور وأَصله وَيْقُور؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
إِلى أَرَاطَى ونَقاً تَيْهُورِ
قَالَ: أَراد بِهِ فَيْعُول مِنَ الْوَهْرِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ ذَاهِبًا بِنَفْسِهِ: بِهِ تِيهٌ تَيْهُورٌ أَي تَائِهٌ.
تور: التَّوْرُ مِنَ الأَواني: مُذَكَّرٌ، قِيلَ: هُوَ عَرَبِيٌّ، وَقِيلَ: دَخِيلٌ. الأَزهري: التَّوْرُ إِناء مَعْرُوفٌ تُذَكِّرُهُ الْعَرَبُ تَشْرَبُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم سُلَيْمٍ: أَنها صَنَعَتْ حَيْساً فِي تَوْرٍ
؛ هُوَ إِناء مِنْ صُفْرٍ أَو حِجَارَةٍ كالإِجَّانَةِ وَقَدْ يتوضأُ مِنْهُ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
سَلْمَانَ: لَمَّا احْتُضِرَ دَعَا بِمِسْكٍ ثُمَّ قَالَ لامرأَته أَوْخِفِيهِ فِي تَوْرٍ
أَي اضْرِبِيهِ بِالْمَاءِ. والتَّوْرُ: الرَّسُولُ بَيْنَ الْقَوْمِ، عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ؛ قَالَ:
والتَّوْرُ فِيمَا بَيْنَنَا مُعْمَلُ، ... يَرْضَى بهِ الآتيُّ والمُرْسِلُ
وَفِي الصِّحَاحِ: يَرْضَى بِهِ المأْتيُّ وَالْمُرْسَلُ. ابْنُ الأَعرابي: التَّورَةُ الْجَارِيَةُ الَّتِي تُرسَلُ بَيْنَ العُشَّاق. والتَّارَةُ: الْحِينُ والمَرَّة، أَلفها وَاوٌ، جَمْعُها تاراتٌ وتِيَرٌ؛ قَالَ:
يَقُومُ تاراتٍ ويَمْشي تِيَرا
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
ضَرْباً، إِذا مَا مِرْجَلُ المَوْتِ أَفَرْ ... بالْغَلْي، أَحْمَوهُ وأَحْنَوه التِّيَرْ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: تأْرة مَهْمُوزٌ فَلَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لَهَا تَرَكُوا هَمْزَهَا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: جَمْعُ تَأْرَةٍ تِئَرٌ، مَهْمُوزَةٌ؛ قَالَ: وَمِنْهُ يُقَالُ أَتْأَرْتُ النَّظَرَ إِليه أَي أَدمته تَارَةً بَعْدَ تارةٍ. وأَتَرْتُ الشيءَ: جِئْتُ بِهِ تَارَةً أُخرى أَي مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ عَيْراً يُدِيمُ صَوْتَهُ وَنَهِيقَهُ:
يَجِدُّ سَحِيلَةً ويُتِيرُ فِيهَا، ... ويُتْبِعها خِنَاقاً فِي زَمالِ
وَيُرْوَى: ويُبِيرُ، وَيُرْوَى: ويُبِين؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. التَّهْذِيبُ فِي قَوْلِهِ أَتْأَرْتُ النَّظَرَ إِذا حَدَدْتَهُ قَالَ: بِهَمْزِ الأَلفين غَيْرِ مَمْدُودَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ تَرَكَ الْهَمْزَ قَالَ: أَتَرْتُ إِليه النَّظَرَ وَالرَّمْيَ أُتِيرُ تارَةً. وأَتَرْتُ إِليه الرَّمْيَ إِذا رَمَيْتُهُ تَارَةً بَعْدَ تَارَةٍ، فَهُوَ مُتَارٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَظَلُّ كأَنه فَرأٌ مُتَارُ
ابْنُ الأَعرابي: التَّائر الْمُدَاوِمُ عَلَى الْعَمَلِ بَعْدَ فُتور. أَبو عَمْرٍو: فُلَانٌ يُتارُ عَلَى أَن يُؤْخَذَ أَي يُدار عَلَى أَن يؤْخذ؛ وأَنشد لِعَامِرِ بْنِ كَثِيرٍ الْمُحَارِبِيِّ:
لَقَدْ غَضِبُوا عَليَّ وأَشْقَذوني، ... فَصِرْتُ كَأَنَّني فَرَأٌ يتارُ
وَيُرْوَى: مُتارُ، وَحُكِيَ: يَا تَارَاتِ فُلَانٍ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ وأَنشد قَوْلَ حَسَّانَ:
لتَسْمَعُنَّ وَشيكاً فِي دِيارِكُمُ: ... اللهُ أَكْبرُ، يَا تاراتِ عُثمَانَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه مَقْلُوبٌ مِنَ الوَتْرِ الَّذِي هُوَ الدَّمُ وإِن كَانَ غَيْرَ مُوَازَنٍ بِهِ. وتِيرَ الرجلُ: أُصيب التَّارُ مِنْهُ، هَكَذَا جَاءَ عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
حَييٌّ تَقِيٌّ ساكنُ القَوْلِ وَادِعٌ ... إِذا لَمْ يُتَرْ، شَهْمٌ، إِذا تِيرَ، مانِعُ
وتارَاءُ: مِنْ مَسَاجِدِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَتَبُوكَ؛ ورأَيت فِي حَوَاشِي ابْنِ(4/96)
بَرِّيٍّ بِخَطِّ الشَّيْخِ الْفَاضِلِ رَضِيُّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ، وأَظنه نَسَبَهُ إِلَى ابْنِ سِيدَهْ، قَوْلَهُ:
وَمَا الدَّهْرُ إِلّا تارتانِ: فَمِنْهما ... أَمُوتُ، وأُخرى أَبْتَغِي العَيْشَ أَكْدَحُ
أَراد: فَمِنْهُمَا تَارَةٌ أَموتها أَي أَموت فيها.
تير: التِّير: الحاجز بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. والتَّيَّارُ: المَوْجُ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَوْجَ الْبَحْرِ، وَهُوَ آذِيُّه ومَوْجُه؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
عَفُّ المكاسِبِ مَا تُكْدى حُسافَتُه، ... كالبَحْرِ يَقْذِفُ بالتَّيَّارِ تَيَّارا
وَيُرْوَى: حَسيفَتُه أَي غَيْظُهُ وَعَدَاوَتُهُ. والحُسافَةُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ، وأَصله مَا تَسَاقَطَ مِنَ التَّمْرِ؛ يَقُولُ: إِن كَانَ عطاؤُه قَلِيلًا فَهُوَ كَثِيرٌ بالإِضافة إِلى غَيْرِهِ، وَصَوَابُ إِنشاده: يُلحق بِالتَّيَّارِ تَيَارًا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: ثُمَّ أَقبل مُزْبِداً كالتَّيَّار
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْجُ الْبَحْرِ ولُجَّتُه. والتَّيَّار فَيْعالٌ مِنْ تَارَ يَتُورُ مِثْلُ الْقِيَامِ مَنْ قَامَ يَقُومُ غَيْرَ أَن فِعْلَهُ مُماتٌ. وَيُقَالُ: قَطَعَ عِرْقاً تَيَّاراً أَي سَرِيعَ الجَرْيَةِ. وفَعَلَ ذَلِكَ تارَةً بَعْدَ تَارَةٍ أَي مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَالْجَمْعُ تاراتٌ وتِيَرٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ مَقْصُورٌ مِنْ تِيَارٍ كَمَا قَالُوا قاماتٌ وقِيَمٌ وإِنما غُيِّرَ لأَجل حَرْفِ الْعِلَّةِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا غُيِّرَ، أَلا تَرَى أَنهم قَالُوا فِي جَمْعِ رَحَبَةٍ رحابٌ وَلَمْ يَقُولُوا رِحَبٌ؟ وَرُبَّمَا قَالُوهُ بِحَذْفِ الْهَاءِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بالْوَيْلِ تَارًا والثُّبُورِ تَارَا
وأَتاره: أَعاده مَرَّةً بعد مرة.
فصل الثاء المثلثة
ثأر: الثَّأْر والثُّؤْرَةُ: الذَّحْلُ. ابْنُ سِيدَهْ: الثَّأْرُ الطَّلَبُ بالدَّمِ، وَقِيلَ: الدَّمُ نَفْسَهُ، وَالْجَمْعُ أَثْآرٌ وآثارٌ، عَلَى الْقَلْبِ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. وَقِيلَ: الثَّأْرُ قاتلُ حَمِيمكَ، وَالِاسْمُ الثُّؤْرَةُ. الأَصمعي: أَدرك فلانٌ ثُؤْرَتَهُ إِذا أَدرك مَنْ يطلب ثَأْرَهُ. والثُّؤُورة: كالثُّؤْرة؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: ثَأَرْتُ القتيلَ وَبِالْقَتِيلِ ثَأْراً وثُؤْرَةً، فأَنا ثائرٌ، أَي قَتَلْتُ قاتلَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شَفَيْتُ بِهِ نفْسِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتي، ... بَني مالِكٍ، هَلْ كُنْتُ فِي ثُؤْرَتي نِكْسا؟
والثَّائِرُ: الَّذِي لَا يُبْقِي عَلَى شَيْءٍ حَتَّى يُدْرِك ثَأْرَهُ. وأَثْأَرَ الرجلُ واثَّأَرَ: أَدرك ثَأْرَهُ. وثَأَرَ بِهِ وثَأَرَهُ: طَلَبَ دَمَهُ. وَيُقَالُ: ثَأَرْتُك بِكَذَا أَي أَدركت بِهِ ثَأْري مِنْكَ. وَيُقَالُ: ثَأَرْتُ فُلَانًا واثَّأَرْتُ بِهِ إِذا طَلَبْتَ قَاتِلَهُ. وَالثَّائِرُ: الطَّالِبُ. وَالثَّائِرُ: الْمَطْلُوبُ، وَيُجْمَعُ الأَثْآرَ؛ والثُّؤْرَةُ الْمَصْدَرُ. وثَأَرْتُ الْقَوْمَ ثَأْراً إِذَا طَلَبْتَ بثَأْرِهِم. ابْنُ السِّكِّيتِ: ثَأَرْتُ فُلَانًا وثَأَرْتُ بِفُلَانٍ إِذا قَتَلْتَ قَاتِلَهُ. وثَأْرُكَ: الرَّجُلُ الَّذِي أَصاب حَمِيمَكَ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
قَتَلْتُ بِهِ ثَأْري وأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتي «3»
. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
طَعَنْتُ ابنَ عَبْدِ القَيْسِ طَعْنَةَ ثائِرٍ، ... لهَا نَفَذٌ، لَوْلا الشُّعاعُ أَضاءَها
وَقَالَ آخَرُ:
حَلَفْتُ، فَلَمْ تَأْثَمْ يمِيني: لأَثْأَرَنْ ... عَدِيّاً ونُعْمانَ بنَ قَيْلٍ وأَيْهَما
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مِنْ بَنِي يَرْبُوعَ قَتَلَهُمْ بَنُو شَيْبَانَ يَوْمَ مَلِيحَةٍ فَحَلَفَ أَن يَطْلُبَ بثأْرهم. وَيُقَالُ: هُوَ ثَأْرُهُ أَي قَاتِلُ حَمِيمِهِ؛ قَالَ جرير:
__________
(3) . يظهر أن هذه رواية ثانية للبيت الذي مرّ ذكره قبل هذا الكلام(4/97)
وامْدَحْ سَراةَ بَني فُقَيْمٍ، إِنَّهُمْ ... قَتَلُوا أَباكَ، وثَأْرُهُ لَمْ يُقْتَلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ يُخَاطِبُ بِهَذَا الشِّعْرِ الْفَرَزْدَقَ، وَذَلِكَ أَن رَكْبًا مِنْ فُقَيْمٍ خَرَجُوا يُرِيدُونَ الْبَصْرَةَ وَفِيهِمُ امرأَة مِنْ بَنِي يَرْبُوعَ بْنِ حَنْظَلَةَ مَعَهَا صَبِيٌّ مِنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي فُقَيْمٍ، فَمَرُّوا بِخَابِيَةٍ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَعَلَيْهَا أَمة تَحْفَظُهَا، فأَشرعوا فِيهَا إِبلهم فَنَهَتْهُمُ الأَمة فَضَرَبُوهَا وَاسْتَقَوْا فِي أَسقيتهم، فَجَاءَتِ الأَمة أَهلها فأَخبرتهم، فَرَكِبَ الْفَرَزْدَقُ فَرَسًا لَهُ وأَخذ رُمْحًا فأَدرك الْقَوْمَ فَشَقَّ أَسقيتهم، فَلَمَّا قَدِمَتِ المرأَة الْبَصْرَةَ أَراد قَوْمُهَا أَن يثأَروا لَهَا فأَمرتهم أَن لَا يَفْعَلُوا، وَكَانَ لَهَا وَلَدٌ يُقَالُ لَهُ ذَكْوَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بْنِ فُقَيْمٍ، فَلَمَّا شَبَّ راضَ الإِبل بِالْبَصْرَةِ فَخَرَجَ يَوْمَ عِيدٍ فَرَكِبَ نَاقَةً لَهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ: مَا أَحسن هَيْئَتَكَ يَا ذَكْوَانُ لَوْ كُنْتَ أَدركت مَا صُنع بأُمّك. فَاسْتَنْجَدَ ذَكْوَانُ ابْنَ عَمٍّ لَهُ فَخَرَجَ حَتَّى أَتيا غَالِبًا أَبا الْفَرَزْدَقِ بالحَزْنِ مُتَنَكِّرِينَ يَطْلُبَانِ لَهُ غِرَّةً، فَلَمْ يَقْدِرَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تحمَّل غَالِبٌ إِلى كَاظِمَةَ، فَعَرَضَ لَهُ ذَكْوَانُ وَابْنُ عَمِّهِ فَقَالَا: هَلْ مِنْ بَعِيرٍ يُبَاعُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَكَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ عَلَيْهِ مَعَالِيقُ كَثِيرَةٌ فَعَرَضَهُ عَلَيْهِمَا فَقَالَا: حُطَّ لَنَا حَتَّى نَنْظُرَ إِليه، فَفَعَلَ غَالِبٌ ذَلِكَ وَتَخَلَّفَ مَعَهُ الْفَرَزْدَقُ وأَعوان لَهُ، فَلَمَّا حَطَّ عَنِ الْبَعِيرِ نَظَرَا إِليه وَقَالَا لَهُ: لَا يُعْجِبُنَا، فَتَخَلَّفَ الْفَرَزْدَقُ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى الْبَعِيرِ يَحْمِلُونَ عَلَيْهِ وَلَحِقَ ذَكْوَانُ وَابْنُ عَمِّهِ غَالِبًا، وَهُوَ عَدِيلُ أُم الْفَرَزْدَقِ، عَلَى بَعِيرٍ فِي مَحْمَلٍ فَعُقِرَ الْبَعِيرُ فَخَرَّ غَالِبٌ وامرأَته ثُمَّ شَدَّا عَلَى بَعِيرِ جِعْثِنَ أُخت الْفَرَزْدَقِ فَعَقَرَاهُ ثُمَّ هَرَبَا، فَذَكَرُوا أَن غَالِبًا لَمْ يَزَلْ وجِعاً مِنْ تِلْكَ السَّقْطَةِ حَتَّى مَاتَ بِكَاظِمَةَ. والمثْؤُور بِهِ: المقتولُ. وَتَقُولُ: يَا ثاراتِ فُلَانٍ أَي يَا قَتَلَةَ فُلَانٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَا ثاراتِ عُثْمَانَ
أَي يَا أَهل ثَارَاتِهِ، وَيَا أَيها الطَّالِبُونَ بِدَمِهِ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مَقَامَهُ؛ وَقَالَ حَسَّانُ:
لَتَسْمَعَنَّ وَشِيكاً فِي دِيارِهِمُ: ... اللهُ أَكْبَرُ، يَا ثاراتِ عُثْمانا
الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ يَا ثَارَاتِ فُلَانٍ أَي يَا قَتَلَتَهُ، فَعَلَى الأَوّل يَكُونُ قَدْ نَادَى طَالِبِي الثأْر لِيُعِينُوهُ عَلَى اسْتِيفَائِهِ وأَخذه، وَالثَّانِي يَكُونُ قَدْ نَادَى الْقَتَلَةَ تَعْرِيفًا لَهُمْ وَتَقْرِيعًا وَتَفْظِيعًا للأَمر عَلَيْهِمْ حَتَّى يَجْمَعَ لَهُمْ عِنْدَ أَخذ الثَّأْرِ بَيْنَ الْقَتْلِ وَبَيْنَ تَعْرِيفِ الجُرْمِ؛ وتسميتُه وقَرْعُ أَسماعهم بِهِ ليَصْدَعَ قُلُوبَهُمْ فَيَكُونَ أَنْكَأَ فِيهِمْ وأَشفى لِلنَّاسِ. وَيُقَالُ: اثَّأَرَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ إِذا أَدرك ثَأْرَه، وَكَذَلِكَ إِذا قَتَلَ قَاتِلَ وليِّه؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
والنِّيبُ إِنْ تَعْرُ مِنّي رِمَّةً خَلَقاً، ... بَعْدَ الْمَماتِ، فإِنّي كُنْتُ أَثَّئِرُ
أَي كُنْتُ أَنحرها لِلضِّيفَانِ، فَقَدْ أَدركت مِنْهَا ثَأْري فِي حَيَاتِي مُجَازَاةً لتَقَضُّمِها عِظَامِيَ النَّخِرَةَ بَعْدَ مَمَاتِي، وَذَلِكَ أَن الإِبل إِذا لَمْ تَجِدْ حَمْضاً ارْتَمَّتْ عِظَامَ الموتَى وعِظامَ الإِبل تُحْمِضُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَوْمَ الشُّورَى: لَا تَغْمِدُوا سُيُوفَكُمْ عَنْ أَعدائكم فَتُوتِروا ثأْرَكُمْ
؛ الثَّأْرُ هَاهُنَا: الْعَدُوُّ لأَنه مَوْضِعُ الثأْر، أَراد أَنَّكُمْ تُمَكِّنُونَ عَدُوَّكُمْ مِنْ أَخذ وَتْرِهِ عِنْدَكُمْ. يُقَالُ: وَتَرْتُه إِذا أَصبته بِوَترٍ، وأَوْتَرْتُه إِذا أَوْجَدْتَهُ وَتْرَهُ وَمَكَّنْتَهُ مِنْهُ. واثَّأَر: كَانَ الأَصل فِيهِ اثْتَأَرَ فأُدغمت فِي الثَّاءِ وَشُدِّدَتْ، وَهُوَ افْتِعَالٌ «4» مِنْ ثأَرَ. والثَّأْرُ المُنِيمُ: الَّذِي يَكُونُ كُفُؤاً لِدَمِ وَلِيِّكَ.
__________
(4) . قوله: [وهو افتعال إِلخ] أَي مصدر اثتأَر الاثتئار افتعال من ثأَر(4/98)
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الثَّأْرُ المُنِيمُ الَّذِي إِذا أَصابه الطالبُ رَضِيَ بِهِ فَنَامَ بَعْدَهُ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: اسْتَثْأَرَ فُلَانٌ فَهُوَ مُسْتَثْئِرٌ إِذا اسْتَغَاثَ لِيَثْأَرَ بِمَقْتُولِهِ:
إِذا جَاءَهُمْ مُسْتَثْئِرٌ كانَ نَصْره ... دُعَاءً: أَلا طِيرُوا بِكُلِّ وَأًى نَهْدِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنه يَسْتَغِيثُ بِمَنْ يُنْجِدُه عَلَى ثَأْرِه. وَفِي حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ: أَنا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ المَوْتُور الثَّائرُ
أَي طَالِبُ الثَّأْر، وهو طلب الدم. والثُّؤْرُورُ: الجلْوازُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ التَّاءِ أَنه التُّؤْرُورُ بالتاء؛ عن الفارسي.
ثبر: ثَبَرَهُ يَثْبُرُه ثَبْراً وثَبْرَةً، كِلَاهُمَا: حَبَسَهُ؛ قَالَ:
بنَعْمانَ لَمْ يُخْلَقْ ضَعِيفًا مُثَبَّراً
وثَبَرَهُ عَلَى الأَمر يَثْبُرُه: صَرَفَهُ. والمُثَابَرَةُ عَلَى الأَمر: الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ ثابَرَ عَلَى ثنْتي عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ السُّنَّةِ
؛ المثابَرةُ: الحِرْصُ عَلَى الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَمُلَازَمَتُهُمَا. وثابَرَ عَلَى الشَّيْءِ: وَاظَبَ. أَبو زَيْدٍ: ثَبَرْتُ فُلَانًا عَنِ الشَّيْءِ أَثْبُرُهُ رَدَدْتُه عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: أَتَدْرِي مَا ثَبَرَ النَّاسَ
؟ أَي مَا الَّذِي صَدَّهُمْ وَمَنَعَهُمْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَقِيلَ: مَا أَبطأَ بِهِمْ عَنْهَا. والثَّبْرُ: الحَبْسُ. وَقَوْلُهُ تعالى: وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَي مَغْلُوبًا مَمْنُوعًا مِنَ الْخَيْرِ؛ ابْنُ الأَعرابي: الْمَثْبُورُ الْمَلْعُونُ الْمَطْرُودُ الْمُعَذَّبُ. وثَبَرَهُ عَنْ كَذَا يَثْبُرُه، بِالضَّمِّ، ثَبْراً أَي حَبَسَهُ؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا ثَبَرَك عَنْ هَذَا أَي مَا مَنَعَكَ مِنْهُ وَمَا صَرَفَكَ عَنْهُ؟ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَثْبُوراً أَي هَالِكًا. وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: هُنالِكَ ثُبُوراً
؛ قَالَ: وَيْلًا وَهَلَاكًا. ومَثَلُ العَرَبِ: إِلى أُمِّهِ يَأْوِي مَن ثُبِرَ أَي مَنْ أُهْلِكَ. والثُّبُورُ: الْهَلَاكُ وَالْخُسْرَانُ وَالْوَيْلُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ورَأَتْ قُضاعَةُ، فِي الأَيامِنِ، ... رَأْيَ مَثْبُورٍ وثابِرْ
أَي مَخْسُورٍ وَخَاسِرٍ، يَعْنِي فِي انْتِسَابِهَا إِلى الْيَمَنِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
أَعوذ بِكَ مِنْ دَعْوَة الثُّبُورِ
؛ هُوَ الْهَلَاكُ، وَقَدْ ثَبَرَ يَثْبُرُ ثُبُوراً. وثَبَرَهُ اللَّهُ: أَهلكه إِهلاكاً لَا يَنْتَعِشُ، فَمِنْ هُنَالِكَ يَدْعُو أَهل النَّارِ: وا ثُبُوراه فَيُقَالُ لَهُمْ: لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً
. قَالَ الْفَرَّاءُ: الثُّبُور مَصْدَرٌ وَلِذَلِكَ قَالَ ثُبُوراً كَثِيراً
لأَن الْمَصَادِرَ لَا تُجْمَعُ، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ قَعَدْتُ قُعُودًا طَوِيلًا وَضَرَبْتُهُ ضَرْبًا كَثِيرًا؟ قَالَ: وكأَنهم دَعَوْا بِمَا فَعَلُوا كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ: وَا نَدامتَاهْ وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً
؛ بِمَعْنَى هَلَاكًا، وَنَصْبُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ كأَنهم قَالُوا ثَبَرْنَا ثُبُورًا، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً
، مَصْدَرٌ فَهُوَ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ. وثَبَرَ البحرُ: جَزَرَ. وتَثَابَرَتِ الرجالُ فِي الْحَرْبِ: تَوَاثَبَتْ. والمَثْبِرُ، مِثَالُ الْمَجْلِسِ: الموضعُ الَّذِي تَلِدُ فِيهِ المرأَةُ وَتَضَعُ الناقةُ، مِنَ الأَرض، وَلَيْسَ لَهُ فِعَلٌّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُرى أَنما هُوَ مِنْ بَابِ المخْدَع. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنهم وَجَدُوا النَّاقَةَ المُنْتِجَةَ تَفْحَصُ فِي مَثْبَرِهَا
؛ وَقَالَ نُصَير: مَثْبِرُ النَّاقَةِ أَيضاً حَيْثُ تُعَضَّى وتُنْحَرُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَمِنَ الْعَرَبِ مَسْمُوعٌ، وَرُبَّمَا قِيلَ لِمَجْلِسِ الرَّجُلِ: مَثْبِرٌ. وَفِي حَدِيثِ
حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: أَنَّ أُمه وَلَدَتْهُ فِي الْكَعْبَةِ وأَنه حُمِلَ فِي نِطَعٍ وأُخذ مَا تَحْتَ مَثْبِرِها فَغُسِلَ عِنْدَ حَوْضِ زَمْزَمَ
؛ المَثْبِرُ: مَسْقَطُ(4/99)
الْوَلَدِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَكثر مَا يُقَالُ فِي الإِبل. وثَبِرَتِ القَرْحَةُ: انْفَتَحَتْ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: أَن أَبا بُرْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ حِينَ أَصابته قَرْحَةٌ، فَقَالَ: هَلُمَّ يَا ابْنَ أَخي فَانْظُرْ، قَالَ: فَنَظَرْتُ فإِذا هِيَ قَدْ ثَبِرَتْ، فَقُلْتُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بأْس يَا أَمير المؤْمنين
؛ ثَبِرَتْ أَي انْفَتَحَتْ. والثَّبْرَةُ: تُرَابٌ شَبِيهٌ بالنُّورة يَكُونُ بَيْنَ ظَهْرَيِ الأَرض فإِذا بَلَغَ عِرْقُ النَّخْلَةِ إِليه وَقَفَ. يُقَالُ: لقيتْ عروقُ النَّخْلَةِ ثَبْرَةً فَرَدَّتها؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ:
أَيُّ فَتًى غادَرْتُمُ بِثَبْرَرَهْ
إِنما أَراد بِثَبْرَةٍ فَزَادَ رَاءً ثَانِيَةً لِلْوَزْنِ. والثَّبْرَةُ: أَرضٌ رِخْوَةٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ بِيضٍ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ حِجَارَةٌ بِيضٌ تقوَّم وَيُبْنَى بِهَا، وَلَمْ يَقُلْ إِنها أَرض ذَاتُ حِجَارَةٍ. والثَّبْرَةُ: الأَرض السَّهْلَةُ؛ يُقَالُ: بَالَغَتِ النَّخْلَةُ إِلى ثَبْرَةٍ مِنَ الأَرض. والثَّبْرَةُ: الْحُفْرَةُ فِي الأَرض. والثَّبْرَةُ: النُّقْرَةُ تَكُونُ فِي الْجَبَلِ تُمْسِكُ الْمَاءَ يَصْفُو فِيهَا كالصِّهْرِيجِ، إِذا دَخَلَهَا الْمَاءُ خَرَجَ فِيهَا عَنْ غُثائه وَصَفَا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَثَجَّ بِهَا ثَبَراتِ الرَّصافِ، ... حَتَّى تَزَيَّلَ رَنْقُ الكَدَرْ «1»
. أَراد بِالثَّبَرَاتِ نِقَاراً يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ مِنَ السماءِ فَيَصْفُو فِيهَا. التَّهْذِيبُ: والثَّبْرَةُ النُّقْرَةُ فِي الشَّيْءِ والهَزْمَةُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلنُّقْرَةِ فِي الْجَبَلِ يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ: ثَبْرَةٌ. وَيُقَالُ: هُوَ عَلَى صِيرِ أَمْرٍ وثِبَارِ أَمر بِمَعْنًى وَاحِدٍ «2» . وثَبْرَةُ: مَوْضِعٌ، وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فَأَعْشَيْتُه، مِنْ بَعْدِ مَا راثَ عِشْيَهُ، ... بِسَهْمٍ كَسَيْرِ الثَّابِرِيَّةِ لَهْوَقِ
قِيلَ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى أَرض أَو حَيٍّ، وَرُوِيَ التَّابِرِيَّةُ، بِالتَّاءِ. وثَبِيرٌ: جَبَلٌ بِمَكَّةَ. وَيُقَالُ: أَشْرِقْ ثَبير كَيْمَا نُغِير، وَهِيَ أَربعةُ أَثْبِرَةٍ: ثَبِيرُ غَيناء، وثَبِيرُ الأَعْرَجِ، وثَبِيرُ الأَحْدَبِ، وثَبِيرُ حِراء. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ ثَبِيرٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ الْجَبَلُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ مَكَّةَ، وَهُوَ أَيضاً اسْمُ مَاءٍ فِي دِيَارِ مُزَيْنَةَ أَقطعه النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَرِيسَ بنَ ضَمْرَةَ. ويَثْبِرَةُ: اسْمُ أَرض؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَوْ رَعْلَةٍ مِنْ قَطَا فَيْحانَ حَلَّأَها، ... عَنْ مَاءِ يَثْبِرَةَ، الشُّبَّاكُ والرَّصدُ
ثبجر: اثْبَجَرَّ الرجلُ: ارْتَعَدَ عِنْدَ الْفَزَعِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الْحِمَارَ والأَتان:
إِذا اثْبَجَرَّا مِنْ سَوادٍ خَدَجَا
اثْبَجَرَّا أَي نَفَرَا وَجَفَلَا، وَهُوَ الاثْبِجارُ. واثْبَجَرَّ: تَحَيَّرَ فِي أَمره. واثْبَجَرَّ الْمَاءُ: سَالَ وَانْصَبَّ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مِنْ مُرْجَحِنٍّ لَجِبٍ إِذا اثْبَجَرْ
يَعْنِي الْجَيْشَ شَبَّهَهُ بِالسَّيْلِ إِذا انْدَفَعَ وَانْبَعَثَ لِقُوَّتِهِ. أَبو زَيْدٍ: اثْبَجَرَّ فِي أَمره إِذا لَمْ يَصْرِمُهُ وَضَعُفَ. واثْبَجَرَّ: رَجَعَ على ظهره.
ثجر: اللَّيْثُ: الثَّجِيرُ مَا عُصِرَ مِنَ الْعِنَبِ فُجِّرَتْ سُلافته وَبَقِيَتْ عُصارته فَهُوَ الثَّجِيرُ «3» . وَيُقَالُ: الثَّجِيرُ ثُفْلُ البُسْرِ يُخْلَطُ بِالتَّمْرِ فَيُنْتَبَذُ. وَفِي حَدِيثِ
الأَشَجِّ: لَا تَتْجُروا وَلَا تَبْسُروا
أَي لَا تَخلطوا ثَجِيرَ التَّمْرِ مَعَ غَيْرِهِ فِي النَّبِيذِ، فَنَهَاهُمْ عن انتباذه. والثَّجِيرُ:
__________
(1) . قوله: [حَتَّى تَزَيَّلَ رَنْقُ الْكَدَرْ] كذا بالأَصل وفي شرح القاموس حتى تفرق رنق المدر
(2) . قوله: [بمعنى واحد] أَي على إِشراف من قضائه كما في القاموس
(3) . قوله: [فهو الثجير] كذا بالأَصل ولا حاجة له كما لا يخفى(4/100)
ثُفْلُ كُلِّ شَيْءٍ يُعْصَرُ، والعامَّةُ تَقُولُهُ بِالتَّاءِ. ابْنُ الأَعرابي: الثُّجْرَةُ وَهْدَةٌ مِنَ الأَرض مُنْخَفِضَةٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: ثُجْرَةُ الْوَادِي أَوّلُ مَا تَنْفَرِجُ عَنْهُ الْمَضَايِقُ قَبْلَ أَن يَنْبَسِطَ فِي السَّعَةِ، ويُشَبَّه ذَلِكَ الموضعُ مِنَ الإِنسان بثُجْرَةِ النَّحْرِ، وثُجْرَةُ النَّحْرِ: وسَطُه. الأَصمعي: الثُّجَرُ الأَوساط، وَاحِدَتُهَا ثُجْرَةٌ؛ والثُّجْرَةُ، بِالضَّمِّ: وسَطُ الْوَادِي ومُتَّسَعُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَخذ بثُجْرَة صَبِيٍّ بِهِ جُنُونٌ، وَقَالَ: اخْرُجْ أَنا محمدٌ
؛ ثُجْرَةُ النَّحْرِ: وَسَطُهُ، وَهُوَ مَا حَوْلَ الوَهْدَةِ فِي اللَّبَّةِ مِنْ أَدنى الحَلْقِ. اللَّيْثُ: ثُجْرَةُ الحَشا مُجْتَمَعُ أَعلى السَّحْرِ بقَصَب الرِّئَةِ. وَوَرقٌ ثَجْرٌ، بِالْفَتْحِ، أَي عَرِيضٌ. والثُّجَرُ: سِهَامٌ غِلَاظُ الأُصول عِراضٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَجاوَبَ مِنْهَا الخَيْزُرانُ المُثَجَّرُ
أَي المعرَّض خُوطاً؛ وأَما قَوْلُ تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ:
والعَيْرُ يَنْفُخُ فِي المِكْتانِ، قَدْ كَتِنَتْ ... مِنْهُ جَحافِلُهُ. والعِضْرِسِ الثَّجِرِ
فَمَعْنَاهُ الْمُجْتَمِعُ، وَيُرْوَى الثُّجَر، وَهُوَ جَمْعُ الثُّجْرَةِ، وَهُوَ مَا يَجْتَمِعُ فِي نَبَاتِهِ. أَبو عَمْرٍو: ثُجْرة مِنْ نَجْمٍ أَي قِطْعَةٌ. الأَصمعي: الثُّجَرُ جَمَاعَاتٌ متفرقة، والثَّجْرُ [الثَّجِرُ] : الْعَرِيضُ. ابْنُ الأَعرابي: انْثَجَر الجُرْحُ وانْفَجَر إِذا سَالَ مَا فِيهِ. الْجَوْهَرِيُّ: انْثَجَر الدَّمُ لُغَةً فِي انْفَجَرَ.
ثرر: عَيْنٌ ثَرَّةٌ وثَرَّارَةٌ وثَرْثارَةٌ: غَزيرَة الْمَاءِ، وَقَدْ ثَرَّتْ تَثُرُّ وتَثِرُّ ثَرارَةً، وَكَذَلِكَ السَّحَابَةُ. وسحابٌ ثَرٌّ أَي كَثِيرُ الْمَاءِ. وَعَيْنٌ ثَرَّةٌ: كَثِيرَةُ الدُّمُوعِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ يُسْمَعْ فِيهَا ثَرْثارةٌ؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
يَا مَنْ لِعَيْنٍ ثَرَّةِ المَدامِعِ ... يَحْفِشُها الوَجْدُ بِدَمْعٍ هامِعِ
يَحْفِشُهَا: يَسْتَخْرِجُ كُلَّ مَا فِيهَا. الْجَوْهَرِيُّ: وَعَيْنٌ ثَرَّةٌ، قَالَ: وَهِيَ سَحَابَةٌ تأْتي مِنْ قِبَلِ قِبْلَةِ أَهل الْعِرَاقِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
جادتْ عَلَيْهَا كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ، ... فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرارَةٍ كالدّرْهَمِ
وَطَعْنَةٌ ثَرَّةٌ أَي وَاسِعَةٌ، وَقِيلَ: ثَرَّةٌ كَثِيرَةُ الدَّمِ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْعَيْنِ، وَكَذَلِكَ عَيْنُ السَّحَابِ. قَالَ: وَكُلُّ نَعْتٍ فِي حَدِّ الْمُدْغَمِ إِذا كَانَ عَلَى تَقْدِيرِ فَعَلَ فأَكثره عَلَى تَقْدِيرِ يَفْعِل، نَحْوَ طَبَّ يَطِبُّ وثَرَّ يَثِرُّ، وَقَدْ يُخْتَلَفُ فِي نَحْوِ خَبَّ يَخِبُّ [يَخُبُ] «1» . فهو خَبُّ [خِبُ] ، قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ فِي بَابِ التَّضْعِيفِ فِعْلُهُ مِنْ يفَعل مَفْتُوحٌ فَهُوَ، فِي فَعِيلٍ، مَكْسُورٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، نَحْوَ شَحَّ يَشِحُّ وضَنَّ يَضِنُّ، فَهُوَ شَحِيحٌ وَضَنِينٌ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: شحَّ يَشُحُّ وضَنَّ يَضُنُّ؛ وَمَا كَانَ مِنْ أَفعل وَفَعْلَاءَ مِنْ ذَوَاتِ التَّضْعِيفِ، فإِنَّ فَعِلْتُ مِنْهُ مَكْسُورُ الْعَيْنِ وَيَفْعَلُ مَفْتُوحٌ، نَحْوُ أَصم وَصَمَّاءَ وأَشم وَشَمَّاءَ؛ تَقُولُ: صَمِمْتَ يَا رَجُلٌ تَصَمُّ، وجَمِمتَ يَا كَبْشُ تَجَمُّ، وَمَا كَانَ عَلَى فَعلْت مِنْ ذَوَاتِ التَّضْعِيفِ غَيْرُ وَاقِعٍ، فإِن يَفْعِلُ مِنْهُ مَكْسُورُ الْعَيْنِ، نَحْوُ عَفَّ يَعِفُّ وخَفَّ يَخِفُّ، وَمَا كَانَ مِنْهُ وَاقِعًا نَحْوَ رَدَّ يَرُدُّ ومَدَّ يَمُدُّ، فإِن يَفْعُلُ مِنْهُ مَضْمُومٌ إِلَّا أَحرفاً جَاءَتْ نَادِرَةً وَهِيَ: شَدَّه يَشُدُه ويَشِدُّه وعَلَّه يَعُلُّه ويَعِلُّه ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمهُّ وهَرَّ الشيءَ إِذا كَرِهَهُ يَهُرُّه ويَهِرُّه؛ قَالَ: هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ النَّحْوِيِّينَ؛ ابن سيدة:
__________
(1) . وقوله: [وَقَدْ يُخْتَلَفُ فِي نَحْوِ خب يخب] يقتضي أَنه لم يتخلف فيما قبله وليس كذلك(4/101)
وَالْمَصْدَرُ الثَّرارَةُ والثُّرُورَةُ. وَسَحَابَةٌ ثَرَّةٌ: كَثِيرَةُ الْمَاءِ. وَمَطَرٌ ثَرُّ: واسعُ القَطْر مُتَدارَكُه. وَمَطَرٌ ثَرٌّ: بَيِّنُ الثَّرارَةِ. وَشَاةٌ ثَرَّةٌ وثَرُورٌ: وَاسِعَةُ الإِحليل غَزِيرَةُ اللَّبَنِ إِذا حُلِبَتْ، وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ، وَالْجَمْعُ ثُرُرٌ وثِرارٌ، وَقَدْ ثَرَّتْ تثُرُّ وتَثِرُّ ثَرّاً وثُروراً وثُرورَةً وثَرارَةً. وإِحْليل ثَرٌّ: وَاسِعٌ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ وَذَكَرَ السُّنَّةِ: غاضتْ لَهَا الدَّرَّةُ وَنَقَصَتْ لَهَا الثَّرَّةُ
؛ الثَّرَّةُ، بِالْفَتْحِ: كَثْرَةُ اللَّبَنِ. يُقَالُ: نَاقَةٌ ثَرَّة وَاسِعَةُ الإِحليل، وَهُوَ مَخْرَجُ اللَّبَنِ مِنَ الضَّرْعِ، قَالَ: وَقَدْ تُكْسَرُ الثَّاءُ. وَبَوْلٌ ثَرُّ: غَزِيرٌ. وثَرَّ يَثِرُّ ويَثُرُّ إِذا اتَّسَعَ، وثَرَّ يَثُرُّ إِذا بَلَّ سَويقاً أَو غَيْرَهُ. وَرَجُلٌ ثَرُّ وثَرثارٌ: مُتَشَدِّق كَثِيرُ الْكَلَامِ، والأُنثى ثَرَّةٌ وثَرْثارَةٌ. والثَّرْثارُ أَيضاً: الصَّيَّاحُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِي. والثَّرْثَرَةُ فِي الْكَلَامِ: الكَثْرةُ وَالتَّرْدِيدُ، وَفِي الأَكل: الإِكثار فِي تَخْلِيطٍ. تَقُولُ: رَجُلٌ ثَرْثارٌ وامرأَة ثَرثارَةٌ وَقَوْمٌ ثَرْثارُونَ؛
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: أَبْغَضُكُمْ إِليَّ الثَّرْثارُون المُتَفَيْهِقُونَ
؛ هُمُ الَّذِينَ يُكْثِرُونَ الْكَلَامَ تَكَلُّفاً وَخُرُوجًا عَنِ الْحَقِّ. وَبِنَاحِيَةِ الْجَزِيرَةِ عَيْنٌ غَزِيرَةُ الْمَاءِ يُقَالُ لَهَا: الثَّرْثارُ. والثَّرْثارُ: نَهْرٌ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ الأَخطل:
لَعَمْري لَقَدْ لاقتْ سُلَيْمٌ وعامِرٌ، ... عَلَى جَانِبِ الثَّرْثارِ، رَاغِيَةَ البَكْرِ
وثَرْثارٌ: وَادٍ مَعْرُوفٌ. وثَراثِرُ: مَوْضِعٌ: قَالَ الشَّمَّاخُ:
وأَحْمَى عَلَيْهَا ابْنَا زُمَيْعٍ وهَيْثَمٍ ... مُشَاشَ المَراضِ، اعْتادها مِنْ ثَراثِر
والثَّرْثَرةُ: كَثْرَةُ الأَكل وَالْكَلَامِ فِي تَخْلِيطٍ وَتَرْدِيدٍ، وَقَدْ ثَرْثَر الرجُل، فَهُوَ ثَرْثارٌ مهْذارٌ. وثَرَّ الشيءَ مِنْ يَدِهِ يَثُرُّه ثَرّاً وثَرْثَرَةً: بَدَّدَهُ. وَحَكَى ابنُ دُرَيْدٍ: ثَرْثَرَهُ بَدَّدَه، وَلَمْ يَخُصَّ اليدَ. والإِثْرارَةُ: نَبْتٌ يسمى بالفارسية الزريك؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَجَمْعُهَا إِثْرارٌ. وثَرَّرْت المكانَ مِثْلَ ثَرَّيْتُه أَي نَدَّيْتُه. وثُرَيْرٌ، بِضَمِّ الثَّاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ: مَوْضِعٌ مِنَ الْحِجَازِ كَانَ بِهِ مَالٌ لِابْنِ الزُّبَيْرِ لَهُ ذِكْرٌ في حديثه.
ثعر: الثَّعْرُ والثُّعْرُ والثَّعَرُ، جَمِيعًا: لَثىً يَخْرُجُ مِنْ أَصل السَّمُرِ، يُقَالُ إِنه سَمُّ قَاتِلٌ، إِذا قُطِّرَ فِي الْعَيْنِ مِنْهُ شَيْءٌ مَاتَ الإِنسان وَجَعًا. والثَّعَر: كَثْرَةُ الثَّآلِيلِ. والثُّعْرُور: ثَمَرُ الذُّؤْنُونِ وَهِيَ شَجَرَةٌ مُرَّةٌ، وَيُقَالُ لرأْس الطُّرْثُوثِ ثُعْرُورٌ كأَنه كَمَرَةُ ذَكَرِ الرَّجُلِ فِي أَعلاه. والثُّعْرُور: الطُّرْثُوثُ، وَقِيلَ: طَرَفُه، وَهُوَ نَبْتٌ يؤْكل، والثَّعارِيرُ: الثَّآلِيلُ وحَمْلُ الطَّراثيث أَيضاً، وَاحِدُهَا ثُعْرور. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: إِذا مُيِّزَ أَهلُ الْجَنَّةِ مِنَ النَّارِ أُخرجوا قَدِ امْتُحِشُوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهْرِ الْحَيَاةِ فَيَخْرُجُونَ بِيضًا مِثْلَ الثَّعارير
، وَفِي رِوَايَةٍ:
يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الثَّعَارِيرُ
، قِيلَ: الثَّعَارِيرُ في هذا الحديث رؤوس الطَّرَاثِيثِ تَرَاهَا إِذا خَرَجَتْ مِنَ الأَرض بِيضًا شُبِّهُوا فِي الْبَيَاضِ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الثَّعَارِيرُ هِيَ الْقِثَّاءُ الصِّغَارُ شُبِّهُوا بِهَا لأَن الْقِثَّاءَ يَنْمِي سَرِيعًا. والثُّعْرورانِ: كالحَلَمَتَيْنِ يكتنفان غُرْمُولَ الْفَرَسِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ، وَفِي الصِّحَاحِ:(4/102)
يَكْتَنِفَانِ القَتَبَ مِنْ خَارِجٍ، وَهُمَا أَيضاً الزَّائِدَانِ عَلَى ضَرْعِ الشَّاةِ. والثُّعْرُورُ: الرَّجُلُ الغليظ القصير.
ثعجر: الثَّعْجَرَةُ: انْصباب الدمعِ. ثَعْجَرَ الشيءَ والدمَ وَغَيْرَهُ فاثْعَنْجَرَ: صَبّه فانصبَّ؛ وَقِيلَ: المُثْعَنْجِرُ السَّائِلُ مِنَ الْمَاءِ وَالدَّمْعِ. وجَفْنَةٌ مُثْعَنْجِرَةٌ: مُمْتَلِئَةٌ ثَرِيدًا؛ واثْعَنْجَر دَمْعُهُ، واثْعَنْجَرت الْعَيْنُ دَمْعًا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ حِينَ أَدركه الْمَوْتُ: رُبَّ جَفْنَة مُثْعَنْجِرَة، وطَعْنَةٍ مُسْحَنْفِرَة، تَبْقَى غَدًا بِأَنْقِرَة؛ والمُثْعَنْجِرَة: المَلأَى تُفِيضُ ودَكَها. والمُثْعَنْجِرُ والمُسْحَنْفِرُ: السَّيْلُ الْكَثِيرُ؛ واثْعَنْجَرَتِ السَّحَابَةُ بِقَطْرها واثْعَنْجَرَ الْمَطَرُ نَفْسُهُ يَثْعَنْجِرُ اثْعِنْجاراً. ابْنُ الأَعرابي: المُثْعَنْجَرُ والعَرانِيَةُ وَسَطُ الْبَحْرِ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: لَيْسَ فِي الْبَحْرِ مَا يُشْبِهُهُ كَثْرَةً. وَتَصْغِيرُ المُثْعَنْجِر مُثَيْعِجٌ ومُثَيْعيجٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا خطأٌ وَصَوَابُهُ ثُعَيْجِر وثُعَيْجِيرٌ، تَسْقُطُ الْمِيمُ وَالنُّونُ لأَنهما زَائِدَتَانِ، وَالتَّصْغِيرُ وَالتَّكْثِيرُ وَالْجَمْعُ يَرُدُّ الأَشياء إِلى أُصولها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: يَحْمِلُهَا الأَخْضَرُ المُثْعَنْجِرُ
؛ هُوَ أَكثر مَوْضِعٍ فِي الْبَحْرِ مَاءً، وَالْمِيمُ وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فإِذا عِلْمِي بِالْقُرْآنِ فِي عِلْمِ عَلِيٍّ كالقَرارَة فِي المُثْعَنْجِر
؛ والقَرارَةُ: الغَدِيرُ الصَّغِيرُ.
ثغر: الثَّغْرُ والثَّغْرَةُ: كُلُّ فُرْجَةٍ فِي جَبَلٍ أَو بَطْنِ وَادٍ أَو طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ؛ وَقَالَ طَلْقُ بْنُ عَدِيٍّ يَصِفُ ظَلِيمًا ورِئَالَهُ:
صَعْلٌ لَجُوجٌ وَلَهَا مُلِجُّ، ... بِهنَّ كُلَّ ثَغْرَةٍ يَشُجُّ،
كَأَنه قُدَّامَهُنَّ بُرْجُ،
ابْنُ سِيدَهْ: الثَّغْرُ كُلُّ جَوْبَةٍ مُنْفَتِحَةٍ أَو عَوْرة. غَيْرُهُ: والثَّغْرَةُ الثُّلْمَةُ، يُقَالُ: ثَغَرْناهُم أَي سَدَدْنَا عَلَيْهِمْ ثَلْمَ الْجَبَلِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وهُمْ ثَغَروا أَقرانَهُمْ بِمُضَرَّسٍ ... وعَضْبٍ، وحارُوا القومَ حَتَّى تَزَحْزَحوا
وَهَذِهِ مَدِينَةٌ فِيهَا ثَغْرٌ وثَلْمٌ، والثَّغْرُ: مَا يَلِي دَارَ الْحَرْبِ. والثَّغْرُ: مَوْضِعُ المَخافَة مِنْ فُروج البُلْدانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمَّا مَرَّ الأَجَلُ قَفَلَ أَهلُ ذَلِكَ الثَّغرِ
؛ قَالَ: الثَّغْرُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَكُونُ حَدًّا فَاصِلًا بَيْنَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْمَخَافَةِ مِنْ أَطراف الْبِلَادِ. وَفِي حَدِيثِ فَتْحِ قَيْسارِيَةَ:
وَقَدْ ثَغَروا مِنْهَا ثَغْرَةً وَاحِدَةً
؛ الثَّغْرَةُ: الثُّلْمَةُ. والثَّغْرُ: الفَمُ وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ الأَسنان كُلِّهَا مَا دَامَتْ فِي مَنَابِتِهَا قَبْلَ أَن تَسْقُطَ، وَقِيلَ: هِيَ الأَسنان كُلُّهَا، كُنَّ فِي مَنَابِتِهَا أَو لَمْ يَكُنَّ، وَقِيلَ: هُوَ مُقَدَّمُ الأَسنان؛ قَالَ:
لَهَا ثَنايا أَربعٌ حِسَانُ ... وأَرْبَعٌ، فَثَغْرُها ثَمانُ
جَعَلَ الثَّغْرَ ثَمَانِيًا، أَربعاً فِي أَعلى الْفَمِ وأَربعاً فِي أَسفله، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ثُغُور. وثَغَرَه: كَسَرَ أَسنانه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد لِجَرِيرٍ:
مَتَى أَلْقَ مَثْغُوراً عَلَى سُوءِ ثَغْرِهِ، ... أَضَعْ فَوْقَ مَا أَبْقَى الرِّياحِيُّ مِبْرَدَا
وَقِيلَ: ثُغِرَ وأُثغِرَ دُقَّ فَمُه. وثُغِرَ الغلامُ ثَغْراً: سَقَطَتْ أَسنانه الرَّوَاضِعُ، فَهُوَ مَثْغُورٌ. واثَّغَرَ واتَّغَرَ وادَّغَرَ، عَلَى الْبَدَلِ: نَبَتَتْ أَسنانه، والأَصل فِي اتَّغَرَ اثْتَغَرَ، قُلِبَتِ الثاء تاء ثُمَّ أُدغمت، وإِن شِئْتَ قلت اثَّغَرَ بِجَعْلِ الْحَرْفِ الأَصلي هُوَ(4/103)
الظَّاهِرُ. أَبو زَيْدٍ: إِذا سَقَطَتْ رَوَاضِعُ الصَّبِيِّ قِيلَ: ثُغِرَ، فَهُوَ مَثْغُور، فإِذا نَبَتَتْ أَسنانه بَعْدَ السُّقُوطِ قِيلَ: اثَّغَر، بِتَشْدِيدِ الثَّاءِ، واتَّغَر، بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، وَرُوِيَ اثْتَغَر وَهُوَ افْتَعَلَ مِنَ الثَّغْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْلِبُ تَاءَ الِافْتِعَالِ ثَاءً وَيُدْغَمُ فِيهَا الثَّاءُ الأَصلية، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْلِبُ الثَّاءَ الأَصلية تَاءً وَيُدْغِمُهَا فِي تَاءِ الِافْتِعَالِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بالاثِّغار والاتِّغار الْبَهِيمَةَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ فَرَسٍ:
قارحٌ قَدْ فَرَّ عَنْهُ جانِبٌ، ... ورَباعٌ جانبٌ لم يَتَّغِرْ
وَقِيلَ: اثَّغَرَ الغلامُ نَبَتَ ثَغْرُه، واثَّغَرَ: أَلقى ثَغْرَه، وثَغَرْتُه: كَسَرْتُ ثَغْرَهُ. وَقَالَ شِمْرٌ: الإِثِّغارُ يَكُونُ فِي النَّبَاتِ وَالسُّقُوطُ، وَمِنَ النَّبَاتِ حَدِيثُ
الضَّحَّاكِ: أَنه وُلِدَ وَهُوَ مُثَّغِرٌ
، وَمِنَ السُّقُوطِ حَدِيثُ
إِبراهيم: كَانُوا يُحِبُّونَ أَن يعلِّموا الصَّبِيَّ الصلاةَ إِذا اثَّغَرَ
، الإِثِّغارُ: سُقُوطُ سِنِّ الصَّبِيِّ وَنَبَاتُهَا، وَالْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا السُّقُوطُ؛ وَقَالَ شِمْرٌ: هُوَ عِنْدِي فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى السُّقُوطِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ
ابْنُ الْمُبَارَكِ بإِسناده عَنْ إِبراهيم إِذا ثُغِرَ
، وثُغِرَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَعْنَى السُّقُوطِ. وَقَالَ: وَرُوِيَ عَنْ
جَابِرٍ لَيْسَ فِي سِنِّ الصَّبِيِّ شَيْءٌ إِذا لَمْ يَثَّغِرْ
؛ قَالَ: وَمَعْنَاهُ عِنْدَهُ النَّبَاتُ بَعْدَ السُّقُوطِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَفتنا فِي دَابَّةٍ تَرْعَى الشَّجَرَ فِي كَرِشٍ لَمْ تَثَّغِرْ
أَي لَمْ تَسْقُطْ أَسنانها. وَحُكِيَ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: إِذا وَقَعَ مُقَدَّم الْفَمِ مِنَ الصَّبِيِّ قِيلَ: اتَّغَر، بِالتَّاءِ، فإِذا قُلِعَ مِنَ الرَّجُلِ بعد ما يُسِنُّ قِيلَ: قَدْ ثُغِر، بِالثَّاءِ، فَهُوَ مَثْغُورٌ. الهُجَيْميُّ: ثَغَرْتُ سنَّه نَزَعْتها. واتَّغَرَ: نَبَتَ، واثَّغَرَ: سَقَط ونَبَتَ جَمِيعًا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
تَبَيَّنَ فِيهِ الناسُ، قَبْلَ اتّغارِه، ... مَكارِمَ أَرْبَى فَوْقَ مِثْلٍ مِثالُها
قَالَ شِمْرٌ: اتِّغارُه سُقُوطُ أَسنانه، قَالَ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يَتَّغِرُ أَبداً؛ رُوِيَ أَن عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ لَمْ يَتَّغِرْ قَطُّ، وأَنه دَخَلَ قَبْرَهُ بأَسنان الصِّبَا وَمَا نَغَضَ لَهُ سِنُّ قَطُّ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا مَعَ مَا بَلَغَ مِنَ الْعُمُرِ؛ وَقَالَ المَرَّارُ العَدَوِيُّ:
قارِحٌ قَدْ مرَّ مِنْهُ جانِبٌ، ... ورَباعٌ جانِبٌ لم يَتَّغِرْ
وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ يَصِفُ أَنياب الأَسد:
شِبالًا وأَشبْاه الزُّجاج مَغاوِلًا ... مَطَلْنَ، وَلَمْ يَلْقَيْنَ فِي الرأْس مَثْغَرَا
قَالَ: مَثْغَرًا مَنْفَذًا فَأَقَمْنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ فَمِهِ؛ يَقُولُ: إِنه لَمْ يَتَّغِرْ فَيُخْلِفَ سِنّاً بَعْدَ سِنٍّ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ. قَالَ الأَزهري: أَصل الثَّغْرِ الْكَسْرُ وَالْهَدْمُ. وثَغَرْتُ الْجِدَارَ إِذا هَدَمْتَهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي تَخَافُ أَن يأْتيك الْعَدُوُّ مِنْهُ فِي جَبَلٍ أَو حِصْنٍ: ثَغْرٌ، لِانْثِلَامِهِ وإِمكان دُخُولِ الْعَدُوِّ مِنْهُ. والثُّغْرَةُ: نُقْرَة النَّحْرِ. والثُّغَيْرَةُ: النَّاحِيَةُ مِنَ الأَرض. يُقَالُ: مَا بِتِلْكَ الثُّغْرة مِثْلُهُ. وثُغَرُ المجدِ: طُرُقه، وَاحِدَتُهَا ثُغْرَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَكُلُّ طَرِيقٍ يَلْتَحِبُه الناسُ بِسُهُولَةٍ، فَهُوَ ثُغْرَةٌ، وَذَلِكَ أَن سَالِكِيهِ يَثْغَرُون وَجْهَهُ ويَجِدُون فِيهِ شَرَكاً محفورَةً. والثُّغْرَةُ، بِالضَّمِّ: نُقْرَةُ النَّحْرِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: والثُّغْرَةُ مِنَ النَّحْرِ الهَزْمَةُ الَّتِي بَيْنَ التَّرْقُوَتَيْنِ، وَقِيلَ: الَّتِي فِي الْمَنْحَرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْهَزْمَةُ الَّتِي يُنْحَرُ مِنْهَا الْبَعِيرُ، وَهِيَ مِنَ الْفَرَسِ فَوْقَ الجُؤْجُؤِ، والجُؤْجُؤُ: مَا نَتأَ مِنْ نَحْرِهِ بَيْنَ أَعالي الفَهْدتينِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: تَسْتَبِقُ إِلى ثُغْرَةِ(4/104)
ثَنِيَّةٍ.
وَحَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ وَالنَّسَّابَةِ: أَمكنتَ مِنْ سَوَاءِ الثُّغْرَةِ
أَي وَسَطَ الثُّغْرَةِ، وَهِيَ نُقْرَةُ النَّحْرِ فَوْقَ الصَّدْرِ. وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
بادِرُوا ثُغَرَ الْمَسْجِدِ
؛ أَي طَرَائِقَهُ، وَقِيلَ: ثُغْرَةُ الْمَسْجِدِ أَعلاه. والثَّغْرَةُ: مِنْ خِيَارِ العُشْبِ، وَهِيَ خَضْرَاءُ، وَقِيلَ: غَبْرَاءُ تَضْخُمُ حَتَّى تَصِيرَ كأَنها زِنْبِيلٌ مُكْفَأٌ مِمَّا يَرْكَبُهَا مِنَ الْوَرَقِ والغِصَنَةِ، وَوَرَقُهَا عَلَى طُولِ الأَظافير وعَرْضِها، وَفِيهَا مُلْحَةٌ قَلِيلَةٌ مَعَ خُضْرَتِها، وزَهْرتَها بَيْضَاءُ، يَنْبُتُ لَهَا غِصَنَةٌ فِي أَصل وَاحِدٍ، وَهِيَ تَنْبُتُ فِي جَلَدِ الأَرض وَلَا تَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ، والإِبل تأْكلها أَكلًا شَدِيدًا وَلَهَا أَرْكٌ أَي تُقِيمُ الإِبل فِيهَا وَتُعَاوِدُ أَكلها، وَجَمْعُهَا ثَغْرٌ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
وفاضتْ دُمُوعُ العَيْن حَتَّى كأَنَّما ... بُرادُ القَذَى، مِنْ يَابِسِ الثَّغْرِ، يُكْحَلُ
وأَنشد فِي التَّهْذِيبِ:
وكُحْلٌ بِهَا مِنْ يَابِسِ الثَّغْرِ مُولَعٌ، ... وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنْ نَآها خَلِيلُها
قَالَ: وَلَهَا زَغَبٌ خَشِنٌ، وَكَذَلِكَ الخِمْخِمُ أَي لَهُ زَغَبٌ خَشِنٌ، وَيُوضَعُ الثَّغْر والخِمْخِمُ فِي الْعَيْنِ. قَالَ الأَزهري: ورأَيت فِي الْبَادِيَةِ نَبَاتًا يُقَالُ لَهُ الثَّغَر وَرُبَّمَا خُفِّفَ فَيُقَالُ ثَغْرٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَفانياً ثَعْداً وثَغْراً ناعِما
ثفر: الثَّفَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: ثَفَرُ الدَّابَّةِ. ابْنُ سِيدَهْ: الثَّفَرُ السَّيْرُ الَّذِي فِي مؤَخر السَّرْج، وثَفَر الْبَعِيرِ وَالْحِمَارِ وَالدَّابَّةِ مُثَقَّلٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَا حِمْيَرِيٌّ وفَى وَلَا عَدَسٌ، ... وَلَا اسْتُ عَيْرٍ يَحُكُّها ثَفَرُهْ
وأَثْفَرَ الدَّابَّةَ: عَمِلَ لَهَا ثفَراً أَو شَدَّهَا بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمر الْمُسْتَحَاضَةَ أَن تَسْتَثْفِرَ وتُلْجِمَ إِذا غَلَبَهَا سَيَلَانُ الدَّمِ، وَهُوَ أَنْ تَشُدَّ فَرْجَهَا بِخِرْقَةٍ عَرِيضَةٍ أَو قُطْنَةٍ تَحْتَشِي بِهَا وتُوثِقَ طَرَفَيْهَا فِي شَيْءٍ تَشُدُّه عَلَى وَسَطِهَا فَتَمْنَعُ سَيَلَانَ الدَّمِ
، وهو مأْخود مِنْ ثَفَرِ الدَّابَّةِ الَّذِي يُجْعَلُ تَحْتَ ذَنَبِهَا؛ وَفِي نُسْخَةٍ: وَتُوثِقُ طَرَفَيْهَا ثُمَّ تَرْبُطُ فَوْقَ ذَلِكَ رِبَاطًا تَشُدُّ طَرَفَيْهِ إِلى حَقَبٍ تَشُدُّه كَمَا تَشُدُّ الثَّفَرَ تَحْتَ ذَنَبِ الدَّابَّةِ؛ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مأْخوذاً مِنَ الثَّفْرِ، أُريد بِهِ فَرْجُهَا وإِن كَانَ أَصله لِلسِّبَاعِ، وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
لَا سَلَّم اللهُ عَلَى سَلَامَهْ ... زِنْجِيَّةٍ، كَأَنَّها نَعامَهْ
مُثْفَرَةٌ بِرِيشَتَيْ حَمامَهْ
أَي كَأَنَّ أَسْكَتَيْها قَدْ أُثْفِرتا بِرِيشَتَيْ حَمَامَةٍ. والمِثْفَارُ مِنَ الدَّوَابِّ: الَّتِي تَرْمِي بِسَرْجِهَا إِلى مُؤَخَّرِهَا. وَالِاسْتِثْفَارُ: أَن يُدْخِلَ الإِنسان إِزاره بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا ثُمَّ يُخْرِجَهُ. وَالرَّجُلُ يَسْتَثْفِرُ بإِزاره عِنْدَ الصِّراع إِذا هُوَ لَوَاهُ عَلَى فَخِذَيْهِ ثُمَّ أَخرجه بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَشَدَّ طَرَفَيْهِ فِي حُجْزَتِه. واسْتَثْفَرَ الرجلُ بِثَوْبِهِ إِذا ردَّ طَرَفَهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ إِلى حُجْزَتِهِ. واسْتَثْفَرَ الْكَلْبُ إِذا أَدخل ذَنَبَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ حَتَّى يُلْزِقَهُ بِبَطْنِهِ، وَهُوَ الِاسْتِثْفَارُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
تَعْدُو الذِّئابُ عَلَى مَنْ لَا كِلابَ لَهُ، ... وتَتَّقِي مَرْبِضَ المُسْتَثْفِرِ الحامِي
وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي صِفَةِ الْجِنِّ: فإِذا نَحْنُ برجالٍ طِوالٍ كأَنهم الرِّماح مُسْتَثْفِرينَ ثِيَابَهُمْ
، قَالَ: هُوَ أَن يُدْخِلَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ كَمَا يَفْعَلُ الْكَلْبُ بِذَنَبِهِ. والثُّفْرُ والثَّفْرُ، بِسُكُونِ الْفَاءِ أَيضاً، لِجَمِيعِ ضُرُوبِ السِّبَاعِ وَلِكُلِّ ذاتِ مِخْلَبٍ كالحياءِ لِلنَّاقَةِ،(4/105)
وَفِي الْمُحْكَمِ: كَالْحَيَاءِ لِلشَّاةِ، وَقِيلَ: هُوَ مَسْلَكُ الْقَضِيبِ فِيهَا، وَاسْتَعَارَهُ الأَخطل فَجَعَلَهُ لِلْبَقَرَةِ فَقَالَ:
جَزَى اللهُ فِيهَا الأَعْوَرَيْنِ مَلامَةً، ... وفَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ المُتَضَاجِمِ
الْمُتَضَاجِمُ: الْمَائِلُ؛ قَالَ: إِنما هُوَ شَيْءٌ اسْتَعَارَهُ فأَدخله فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَقَوْلِهِمْ مَشَافِرُ الحَبَشِ وإِنما المِشْفَرُ للإِبل؛ وَفَرْوَةُ: اسْمُ رَجُلٍ، وَنُصِبَ الثَّفْر عَلَى الْبَدَلِ مِنْهُ، وَهُوَ لَقَبُهُ، كَقَوْلِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ قُفَّةُ وإِنما خُفِضَ الْمُتَضَاجِمُ، وَهُوَ مِنْ صِفَةِ الثَّفْرِ عَلَى الْجِوَارِ، كَقَوْلِكَ جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ؛ وَاسْتَعَارَهُ الْجَعْدِيُّ أَيضاً لِلْبِرْذَوْنَةِ فَقَالَ:
بُرَيْذِينَةٌ بَلَّ البَراذِينُ ثَفْرَها، ... وَقَدْ شَرِبَتْ مِنْ آخرِ الصَّيْفِ إِبَّلا
وَاسْتَعَارَهُ آخَرُ فَجَعَلَهُ لِلنَّعْجَةِ فَقَالَ:
وَمَا عَمْرُو إِلَّا نَعْجَةٌ ساجِسِيَّةٌ، ... تُخَزَّلُ تحتَ الكبشِ، والثَّفْرُ وارِدُ
سَاجِسِيَّةٌ: مَنْسُوبَةٌ، وَهِيَ غَنَمٌ شَامِيَّةٌ حُمْرٌ صِغَارُ الرؤوس؛ وَاسْتَعَارَهُ آخَرُ للمرأَة فَقَالَ:
نَحْنُ بَنُو عَمْرَةَ فِي انْتِسابِ، ... بِنْتِ سُوَيْدٍ أَكْرَمِ الضِّبابِ،
جاءتْ بِنَا مِنْ ثَفْرِها المُنْجَابِ
وَقِيلَ: الثُّفْر والثَّفْر لِلْبَقَرَةِ أَصل لَا مُسْتَعَارٌ. وَرَجُلٌ مِثْفَرٌ ومِثْفار: ثَنَاءٌ قَبِيحٌ ونَعْتُ سَوْء، وَزَادَ فِي الْمُحْكَمِ: وَهُوَ الذي يُؤْتى.
ثقر: التَّثَقُّر: التَّرَدُّدُ والجزَع؛ وأَنشد:
إِذا بُلِيتَ بِقِرْنٍ، ... فاصْبِرْ ولا تَتَثَقَّرْ
ثمر: الثَّمَرُ: حَمْلُ الشَّجَرِ. وأَنواع الْمَالِ وَالْوَلَدِ: ثَمَرَةُ الْقَلْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَاده، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ
؛ قِيلَ لِلْوَلَدِ ثَمَرَةٌ لأَن الثَّمَرَةَ مَا يُنْتِجُهُ الشَّجَرُ وَالْوَلَدُ يُنْتِجُهُ الأَب. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: مَا تسأَل عَمَّنْ ذَبُلَتْ بَشَرَتُه وقُطِعَتْ ثَمَرَتُه
، يَعْنِي نَسْلَهَ، وَقِيلَ: انْقِطَاعُ شَهْوَتِهِ لِلْجِمَاعِ. وَفِي حَدِيثِ الْمُبَايَعَةِ:
فأَعطاه صَفْقَةَ يَدِهِ وثَمَرَةَ قَلْبِهِ
أَي خَالِصَ عَهْدِهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه أَخذ بِثَمَرَةِ لِسَانِهِ
أَي طَرَفَهُ الَّذِي يَكُونُ فِي أَسفله. وَالثَّمَرُ: أَنواع الْمَالِ، وجمعُ الثَّمَرِ ثمارٌ، وثُمُرٌ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الثُّمُر جَمْعَ ثَمَرَةٍ كخَشَبَةٍ وخُشُب وأَن لَا يَكُونَ جمعَ ثِمارٍ لأَن بَابَ خشبةٍ وخُشُبٍ أَكثر مِنْ بَابِ رِهان ورُهُن؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَعني أَن جَمْعَ الْجَمْعِ قَلِيلٌ فِي كَلَامِهِمْ؛ وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فِي الثَّمَر ثَمُرَةً، وَجَمْعُهَا ثَمُرٌ كَسَمُرَة وسَمُرٍ؛ قَالَ: وَلَا تُكَسَّرُ لِقِلَّةِ فَعُلَةٍ فِي كَلَامِهِمْ، وَلَمْ يَحْكِ الثَّمُرَة أَحد غَيْرَهُ. والثَّيْمارُ: كالثَّمَر؛ قَالَ الطِّرْمَاحُ:
حَتَّى تركتُ جَنابَهُمْ ذَا بَهْجَةٍ، ... وَرْدَ الثَّرَى مُتَلَمِّعَ الثَّيْمار
وأَثْمَر الشَّجَرُ: خَرَجَ ثمَره. ابْنُ سِيدَهْ: وثمَرَ الشَّجَرُ وأَثْمَر: صَارَ فِيهِ الثَّمَرُ، وَقِيلَ: الثَّامِرُ الَّذِي بَلَغَ أَوان أَن يُثْمِر. والمُثْمِر: الَّذِي فِيهِ ثَمَر، وَقِيلَ: ثَمَرٌ مُثْمِرٌ لَمْ يَنْضَجْ، وثامِرٌ قَدْ نَضِج. ابْنُ الأَعرابي: أَثْمَرَ الشجرُ إِذا طَلَعَ ثَمَرُه قَبْلَ أَن يَنْضَجَ، فَهُوَ مُثْمِر، وَقَدْ ثَمَر الثَّمَرُ يَثْمُر، فَهُوَ ثامِرٌ، وَشَجَرٌ ثامِر إِذا أَدْرَك ثَمَرُهُ. وَشَجَرَةٌ ثَمْراءُ أَي ذَاتُ ثَمَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ
؛ الثَّمَرُ: هُوَ الرَّطْبُ فِي رأْس النَّخْلَةِ فإِذا كَبُرَ فَهُوَ التَّمْرُ، والكَثَرُ: الجُمَّارُ؛ وَيَقَعُ الثَّمَرُ عَلَى كُلِّ الثِّمارِ وَيَغْلِبُ عَلَى ثَمَرِ النَّخْلِ.(4/106)
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: زَاكِيًا نَبتُها ثامِراً فَرْعُها
؛ يُقَالُ: شَجَرٌ ثامِرٌ إِذا أَدرك ثَمَرُه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
والخمرُ لَيْسَتْ مِنْ أَخيكَ، ولكنْ ... قَدْ، تَغُرُّ بِثامِرِ الحِلْمِ
قَالَ: ثَامِرُهُ تامُّه كثامِرِ الثَّمَرَةِ، وَهُوَ النَّضِيج مِنْهُ، وَيُرْوَى: بِآمِنِ الحِلْمِ، وَقِيلَ: الثامرُ كُلُّ شَيْءٍ خَرَجَ ثَمَره، والمُثْمِر: الَّذِي بَلَغَ أَن يُجْنَى؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
تَجْتَنِي ثامرَ جُدَّادِهِ، ... بَيْنَ فُرادَى بَرَمٍ أَو تُؤَامْ
وَقَدْ أَخطأَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لأَنه قَالَ بَيْنَ فُرَادَى فَجَعَلَ النِّصْفَ الأَوّل مِنَ الْمَدِيدِ وَالنِّصْفَ الثَّانِيَ مِنَ السَّرِيعِ، وإِنما الرِّوَايَةُ مِنْ فُرَادَى وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ. وَالثَّمَرَةُ: الشَّجَرَةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَرض ثَمِيرة كَثِيرَةُ الثَّمَر، وَشَجَرَةٌ ثَمِيرة وَنَخْلَةٌ ثَمِيرَةٌ مُثْمِرة؛ وَقِيلَ: هُمَا الْكَثِيرَا الثَّمَر، وَالْجَمْعُ ثُمُرٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا كَثُرَ حِمْلُ الشَّجَرَةِ أَو ثَمَرُ الأَرض فَهِيَ ثَمْراء. والثَّمْراء: جَمْعُ الثَّمَرة مِثْلُ الشَّجْراءِ جمعُ الشَّجَرَة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ فِي صِفَةِ نَحْلٍ:
تَظَلُّ عَلَى الثَّمْراءِ مِنْهَا جوارِسٌ، ... مَراضِيعُ صُهْبُ الرِّيشِ، زُغْبٌ رِقابُها
الْجَوَارِسُ: النَّحْلُ الَّتِي تَجْرِس وَرَقَ الشَّجَرِ أَي تأْكله، وَالْمَرَاضِيعُ هُنَا: الصِّغَارُ مِنَ النَّحْلِ. وَصُهْبُ الرِّيشِ يُرِيدُ أَجنحتها، وَقِيلَ: الثَّمْراء فِي بَيْتِ أَبي ذُؤَيْبٍ اسْمُ جَبَلٍ، وَقِيلَ: شَجَرَةٌ بِعَيْنِهَا. وثَمَّرَ النباتُ: نَفَض نَوْرُه وعَقَدَ ثَمَرُه؛ رَوَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والثُّمُرُ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ يَرْفَعُهُ إِلى مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ
؛ فِيمَنْ قرأَ بِهِ، قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ. التَّهْذِيبِ: قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ
؛ قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ ثُمُرٍ فَهُوَ مَالٌ وَمَا كَانَ مِنْ ثَمَر فَهُوَ مِنَ الثِّمار.
وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ قَالَ: قَالَ سَلَّامُ أَبو الْمُنْذِرِ الْقَارِئُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ
؛ مَفْتُوحٌ جَمْعُ ثَمَرة، وَمَنْ قرأَ ثُمُر قَالَ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ، قَالَ: فأَخبرت بِذَلِكَ يُونُسَ فَلَمْ يَقْبَلْهُ كأَنهما كَانَا عِنْدَهُ سَوَاءً. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبا الْهَيْثَمِ يَقُولُ ثَمَرة ثُمَّ ثَمَر ثُمَّ ثُمُر جَمْعُ الْجَمْعِ، وَجَمْعُ الثُّمُر أَثمار مِثْلُ عُنُقٍ وأَعناق.
الْجَوْهَرِيُّ: الثَّمَرة وَاحِدَةُ الثَّمَر والثَّمَرات، والثُّمُر الْمَالُ المُثَمَّر، يُخَفَّفُ وَيُثَقَّلُ. وقرأَ أَبو عَمْرٍو: وَكَانَ لَهُ ثُمْرٌ، وَفَسَّرَهُ بأَنواع الأَموال. وثَمَّرَ مَالَهُ: نمَّاه. يُقَالُ: ثَمَّر اللَّهُ مَالَكَ أَي كثَّره. وأَثمَر الرجلُ: كَثُرَ مَالُهُ. وَالْعَقْلُ المُثْمِر: عَقْلُ الْمُسْلِمِ، وَالْعَقْلُ الْعَقِيمُ: عَقْلُ الْكَافِرِ. والثَّامِرُ: نَوْرُ الحُمَّاضِ، وَهُوَ أَحمر؛ قَالَ:
مِنْ عَلَقٍ كثامِرِ الحُمَّاض
وَيُقَالُ: هُوَ اسْمٌ لثَمَره وحَمْلِه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بِهِ حُمْرَة ثَمَره عِنْدَ إِيناعه، كَمَا قَالَ:
كأَنَّما عُلِّقَ بالأَسْدانِ ... يانِعُ حُمَّاضٍ وأُرْجُوانِ
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه أَخذ بِثَمَرَةِ لِسَانِهِ وَقَالَ: قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ أَو أَمسك عَنْ سُوءٍ تَسْلَمْ؛ قَالَ شِمْرٌ: يُرِيدُ أَنه أَخذ بِطَرَفِ لِسَانِهِ؛ وَكَذَلِكَ ثَمَرَةُ السَّوْطِ طَرَفُهُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: ثَمَرة الرأْس جِلْدَتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه دَقَّ ثمَرة السَّوْطِ حَتَّى أُخِذَتْ لَهُ
؛ مُخَفَّفَةً، يَعْنِي طَرَفَ السَّوْطِ. وثَمَر السِّيَاطِ: عُقَدُ أَطرافها. وَفِي حَدِيثِ الْحَدِّ:(4/107)
فأَتى بِسَوْطٍ لَمْ تُقْطَعْ ثَمَرته
أَي طَرَفُهُ، وإِنما دَقَّ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثَمَرَةَ السَّوْطِ لِتَلِينَ تَخْفِيفًا عَلَى الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ. والثَّامر: اللُّوبِياءُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَكِلَاهُمَا اسْمٌ. والثَّمِير مِنَ اللَّبَنِ: مَا لَمْ يَخْرُجْ زُبْدُه؛ وَقِيلَ: الثَّمِير والثَّمِيرة الَّذِي ظَهَرَ زُبْدُه؛ وَقِيلَ: الثَّمِيرَةُ أَن يَظْهَرَ الزُّبْدُ قَبْلَ أَن يَجْتَمِعَ وَيَبْلُغَ إِناهُ مِنَ الصُّلوح؛ وَقَدْ ثَمَّر السِّقاءُ تَثْمِيرًا وأَثْمَر، وَقِيلَ: المُثْمِر مِنَ اللَّبَنِ الَّذِي ظَهَرَ عَلَيْهِ تَحَبُّبٌ وزُبْدٌ وَذَلِكَ عند الرُّؤوب. وأَثْمَر الزُّبْدُ: اجْتَمَعَ؛ الأَصمعي: إِذا أَدرك ليُمْخَضَ فَظَهَرَ عَلَيْهِ تَحَبُّبٌ وزُبْدٌ، فَهُوَ المُثْمِر. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هُوَ الثَّمير، وَكَانَ إِذا كان مُخِضَ فرؤي عَلَيْهِ أَمثال الحَصَفِ فِي الْجِلْدِ ثُمَّ يَجْتَمِعُ فَيَصِيرُ زُبْدًا، وَمَا دَامَتْ صِغَارًا فَهُوَ ثَمِير؛ وَقَدْ ثَمَّر السقاءُ وأَثْمَر، وَإِنَّ لَبَنَكَ لَحَسَنُ الثَّمَر، وَقَدْ أَثْمَر مِخاضُك؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهِيَ ثَمِيرة اللَّبَنِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ قَالَ لِجَارِيَةٍ: هَلْ عِنْدَكِ قِرًى؟ قَالَتْ: نَعَمْ، خُبزٌ خَميرٌ ولَبَن ثَمِير وحَيْسٌ جَمِير
؛ الثَّمير: الَّذِي قَدْ تَحَبَّبَ زُبْدُهُ وَظَهَرَتْ ثَمِيرته أَي زُبْدُهُ. وَالْجَمِيرُ: الْمُجْتَمِعُ. وَابْنُ ثَمِيرٍ: الليلُ المُقْمِرُ؛ قَالَ:
وإِني لَمِنْ عَبْسٍ، وإِن قَالَ قائِلٌ ... عَلَى رَغْمِهمْ: مَا أَثْمَرَ ابنُ ثَمِير
أَراد: وإِني لَمِنْ عَبْسٍ مَا أَثمر. وثامرٌ ومُثْمرُ: اسمان.
ثنجر: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الثِّنْجارُ نُقْرَةٌ مِنَ الأَرض يَدُومُ نَداها وَتُنْبِتُ، والثِّنْجارَةُ إِلا أَنها تُنْبِتُ العَضْرَس. ابْنُ الأَعرابي: الثِّنْجارَةُ والثِّبْجارَةُ: الْحُفْرَةُ الَّتِي يَحْفِرُهَا مَاءُ المَرازِب.
ثور: ثارَ الشيءُ ثَوْراً وثُؤوراً وثَوَراناً وتَثَوَّرَ: هَاجَ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
يَأْوي إِلى عُظُمِ الغَرِيف، ونَبْلُه ... كَسَوامِ دَبْرِ الخَشْرَمِ المُتَثَوِّرِ
وأَثَرْتُه وهَثَرْتُهُ عَلَى الْبَدَلِ وثَوَّرْتهُ، وثَورُ الغَضَب: حِدَّته. والثَّائر: الْغَضْبَانُ، وَيُقَالُ لِلْغَضْبَانِ أَهْيَجَ مَا يكونُ: قَدْ ثَارَ ثائِرُه وفارَ فائِرُه إِذا غَضِبَ وَهَاجَ غَضَبُهُ. وثارَ إِليه ثَوْراً وثُؤوراً وثَوَراناً: وَثَبَ. والمُثاوَرَةُ: المواثَبَةُ. وثاوَرَه مُثاوَرَة وثِوَاراً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: واثبَه وساوَرَه. وَيُقَالُ: انْتَظِرْ حَتَّى تَسْكُنَ هَذِهِ الثَّوْرَةُ، وَهِيَ الهَيْجُ. وَثَارَ الدُّخَانُ والغُبار وَغَيْرُهُمَا يَثُور ثَوْراً وثُؤوراً وثَوَراناً: ظَهَرَ وَسَطَعَ، وأَثارَهُ هُوَ؛ قَالَ:
يُثِرْنَ مِنْ أَكْدرِها بالدَّقْعَاءْ، ... مُنْتَصِباً مِثْلَ حَرِيقِ القَصْبَاءِ
الأَصمعي: رأَيت فُلَانًا ثائِرَ الرأْس إِذا رأَيته قَدِ اشْعانَّ شَعْرُهُ أَي انْتَشَرَ وَتَفَرَّقَ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَهُ رجلٌ مِنْ أَهل نَجْدٍ ثائرَ الرأْس يسأَله عَنِ الإِيمان
؛ أَي مُنْتَشِرَ شَعر الرأْس قائمَهُ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
يَقُومُ إِلى أَخيه ثَائِرًا فَرِيصَتُهُ
؛ أَي مُنْتَفِخَ الْفَرِيصَةِ قَائِمَهَا غَضَباً، وَالْفَرِيصَةُ: اللَّحْمَةُ الَّتِي بَيْنَ الْجَنْبِ وَالْكَتِفِ لَا تَزَالُ تُرْعَدُ مِنَ الدَّابَّةِ، وأَراد بِهَا هَاهُنَا عَصَبَ الرَّقَبَةِ وَعُرُوقَهَا لأَنها هِيَ الَّتِي تَثُورُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَقِيلَ: أَراد شَعْرَ الْفَرِيصَةِ، عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ. وَيُقَالُ: ثارَتْ نَفْسُهُ إِذا جَشَأَتْ وإِن شئتَ جاشَت؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَشَأَتْ أَي ارتَفعت، وَجَاشَتْ أَي فَارَتْ. وَيُقَالُ: مَرَرْتُ بِأَرانِبَ فأَثَرْتُها. وَيُقَالُ: كَيْفَ الدَّبى؟ فَيُقَالُ: ثائِرٌ وناقِرٌ، فالثَّائِرُ ساعَةَ مَا يَخْرُجُ مِنَ التُّرَابِ، وَالنَّاقِرُ حِينَ يَنْقُرُ أَي(4/108)
يَثِبُ مِنَ الأَرض. وثارَ بِهِ الدَّمُ وثارَ بِه الناسُ أَي وَثَبُوا عَلَيْهِ. وثَوَّرَ البَرْكَ وَاسْتَثَارَهَا أَي أَزعجها وأَنهضها. وَفِي الْحَدِيثِ:
فرأَيت الْمَاءَ يَثُور مِنْ بَيْنِ أَصابعه
أَي يَنْبُعُ بِقُوَّةٍ وَشِدَّةٍ؛ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
بَلْ هِيَ حُمَّى تَثُورُ أَو تَفُور.
وثارَ القَطَا مِنْ مَجْثَمِه وثارَ الجَرادُ ثَوْراً وانْثار: ظَهَرَ. والثَّوْرُ: حُمْرَةُ الشَّفَقِ الثَّائِرَةُ فِيهِ، وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِذا سَقَط ثَوْرُ الشَّفَقِ
، وَهُوَ انْتِشَارُ الشَّفَقِ، وثَوَرانهُ حُمْرَته ومُعْظَمُه. وَيُقَالُ: قَدْ ثارَ يَثُورُ ثَوْراً وثَوَراناً إِذا انْتَشَرَ فِي الأُفُقِ وَارْتَفَعَ، فإِذا غَابَ حَلَّتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ: مَا لَمْ يَسْقُطْ ثَوْرُ الشَّفَقِ. والثَّوْرُ: ثَوَرَانُ الحَصْبَةِ. وثارَتِ الحَصْبَةُ بفلان ثَوْراً وثُؤوراً وثُؤَاراً وثَوَراناً: انْتَشَرَتْ: وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا ظَهَرَ، فَقَدْ ثارَ يَثُور ثَوْراً وثَوَراناً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: ثارَ الرَّجُلُ ثورَاناً ظَهَرَتْ فِيهِ الحَصْبَةُ. وَيُقَالُ: ثَوَّرَ فلانٌ عَلَيْهِمْ شَرًّا إِذا هَيَّجَهُ وأَظهره. والثَّوْرُ: الطُّحْلُبُ وَمَا أَشبهه عَلَى رأْس الْمَاءِ. ابْنُ سِيدَهْ: والثَّوْرُ مَا عَلَا الْمَاءَ مِنَ الطُّحْلُبِ والعِرْمِضِ والغَلْفَقِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ ثارَ الطُّحْلُب ثَوْراً وثَوَراناً وثَوَّرْتُه وأَثَرْتُه. وَكُلُّ مَا اسْتَخْرَجْتَهُ أَو هِجْتَه، فَقَدْ أَثَرْتَه إِثارَةً وإِثاراً؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وثَوَّرْتُه واسْتَثَرْتُه كَمَا تَسْتَثِيرُ الأَسَدَ والصَّيْدَ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
لَكَالثَّوْرِ، والجنِّيُّ يَضْرِب ظَهْرَه، ... وَمَا ذَنْبُه أَنْ عافَتِ الماءَ مَشْربا؟
أَراد بالجِنّي اسْمَ رَاعٍ، وأَراد بِالثَّوْرِ هَاهُنَا مَا عَلَا الْمَاءَ مِنَ القِمَاسِ يَضْرِبُهُ الرَّاعِي لِيَصْفُوَ الْمَاءُ لِلْبَقَرِ؛ وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: يَقُولُ ثَوْرُ الْبَقَرِ أَجرأُ فَيُقَدَّمُ لِلشُّرْبِ لِتَتْبَعَهُ إِناث الْبَقَرِ؛ وأَنشد:
أَبَصَّرْتَني بأَطِيرِ الرِّجال، ... وكَلَّفْتَني مَا يَقُول البَشَرْ
كَمَا الثورِ يَضْرِبُه الرَّاعيان، ... وَمَا ذَنْبُه أَنْ تَعافَ البَقَرْ؟
والثَّوْرُ: السَّيِّدُ، وَبِهِ كُنِّيَ عَمْرُو بْنُ معديكرب أَبا ثَوْرٍ. وَقَوْلُ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: إِنما أُكِلْتُ يومَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ
؛ عَنَى بِهِ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لأَنه كَانَ سَيِّداً، وَجَعَلَهُ أَبيض لأَنه كَانَ أَشيب، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي بِهِ الشُّهْرَةَ؛ وأَنشد لأَنس بْنِ مُدْرِكٍ الْخَثْعَمِيِّ:
إِنِّي وقَتْلي سُلَيْكاً ثُمَّ أَعْقِلَهُ، ... كالثورِ يُضْرَبُ لَمَّا عافَتِ البَقَرُ
غَضِبْتُ لِلمَرْءِ إِذ يَنْكُتْ حَلِيلَتَه، ... وإِذْ يُشَدُّ عَلَى وَجْعائِها الثَّفَرُ
قِيلَ: عَنَى الثَّوْرَ الَّذِي هُوَ الذَّكَرُ مِنَ الْبَقَرِ لأَن الْبَقَرَ تَتْبَعُهُ فإِذا عَافَ الْمَاءَ عَافَتْهُ، فَيُضْرَبُ لِيَرِدَ فَتَرِدَ مَعَهُ، وَقِيلَ: عَنَى بالثَّوْرِ الطُّحْلُبَ لأَن البَقَّارَ إِذا أَورد الْقِطْعَةَ مِنَ الْبَقَرِ فَعَافَتِ الْمَاءَ وَصَدَّهَا عَنْهُ الطُّحْلُبُ ضَرَبَهُ لِيَفْحَصَ عَنِ الْمَاءِ فَتَشْرَبَهُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ الشِّعْرِ: إِن الْبَقَرَ إِذا امْتَنَعَتْ مِنْ شُرُوعِهَا فِي الْمَاءِ لَا تُضْرَبُ لأَنها ذَاتُ لَبَنٍ، وإِنما يُضْرَبُ الثَّوْرُ لِتَفْزَعَ هِيَ فَتَشْرَبَ، وَيُقَالُ لِلطُّحْلُبِ: ثَوْرُ الْمَاءِ؛ حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْمَطَرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى هَذَا الشِّعْرُ:
إِنِّي وعَقْلي سُلَيْكاً بعدَ مَقْتَلِه
قَالَ: وَسَبَبُ هَذَا الشِّعْرِ أَن السُّلَيْكَ خَرَجَ فِي تَيْمِ الرِّباب يَتْبَعُ الأَرياف فَلَقِيَ فِي طَرِيقِهِ رَجُلًا مَنْ خَثْعَمٍ(4/109)
يُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ عُمَيْرٍ فأَخذه وَمَعَهُ امرأَة مِنْ خَفاجَة يُقَالُ لَهَا نَوَارُ، فَقَالَ الخَثْعَمِيُّ: أَنا أَفدي نَفْسِي مِنْكَ، فَقَالَ لَهُ السُّلَيْكُ: ذَلِكَ لَكَ عَلَى أَن لَا تَخِيسَ بِعَهْدِي وَلَا تُطْلِعُ عَلَيَّ أَحداً مِنْ خَثْعَمَ، فأَعطاه ذَلِكَ وَخَرَجَ إِلى قَوْمِهِ وَخَلَفَ السُّلَيْكُ عَلَى امرأَته فَنَكَحَهَا، وَجَعَلَتْ تَقُولُ لَهُ: احْذَرْ خَثْعَمَ فَقَالَ:
وَمَا خَثْعَمٌ إِلَّا لِئامٌ أَذِلَّةٌ، ... إِلى الذُّلِّ والإِسْخاف تُنْمى وتَنْتَمي
فَبَلَغَ الخبرُ أَنسَ بْنَ مُدْرِكَةَ الْخَثْعَمِيَّ وشبْلَ بْنَ قِلادَةَ فَحَالَفَا الخَثْعَمِيَّ زوجَ المرأَة وَلَمْ يَعْلَمِ السُّلَيْكُ حَتَّى طَرَقَاهُ، فَقَالَ أَنس لِشِبْلٍ: إِن شِئت كَفَيْتُكَ الْقَوْمَ وَتَكْفِينِي الرَّجُلَ، فَقَالَ: لَا بَلِ اكْفِنِي الرَّجُلَ وأَكفيك الْقَوْمَ، فشدَّ أَنس عَلَى السُّلَيْكِ فَقَتَلَهُ وشدَّ شِبْلٌ وأَصحابه عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ عَوْفُ بْنُ يَرْبُوعٍ الْخَثْعَمِيُّ وَهُوَ عَمُّ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: وَاللَّهِ لأَقتلن أَنساً لإِخفاره ذِمَّةَ ابْنِ عَمِّي وَجَرَى بَيْنَهُمَا أَمر وأَلزموه دِيَتَهُ فأَبى فَقَالَ هَذَا الشِّعْرَ؛ وَقَوْلُهُ:
كَالثَّوْرِ يُضْرَبُ لَمَّا عَافَتِ الْبَقَرُ
هُوَ مَثَلٌ يُقَالُ عِنْدَ عُقُوبَةِ الإِنسان بِذَنْبِ غَيْرِهِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذا أَوردوا الْبَقَرَ فَلَمْ تَشْرَبْ لِكَدَرِ الْمَاءِ أَو لِقِلَّةِ الْعَطَشِ ضَرَبُوا الثَّوْرَ لِيَقْتَحِمَ الْمَاءَ فَتَتْبَعُهُ الْبَقَرُ؛ وَلِذَلِكَ يَقُولُ الأَعشى:
وما ذَنْبُه إِن عافَتِ الماءَ باقِرٌ، ... وَمَا أَن يَعَاف الماءَ إِلَّا لِيُضْرَبا
وَقَوْلُهُ:
وإِذ يُشَدُّ عَلَى وَجْعَائِهَا الثُّفَرُ
الْوَجْعَاءُ: السَّافِلَةُ، وَهِيَ الدُّبُرُ. وَالثُّفَرُ: هُوَ الَّذِي يُشَدُّ عَلَى مَوْضِعِ الثَّفْرِ، وَهُوَ الْفَرَجُ، وأَصله لِلسِّبَاعِ ثُمَّ يُسْتَعَارُ للإِنسان. وَيُقَالُ: ثَوَّرْتُ كُدُورَةَ الْمَاءِ فَثارَ. وأَثَرْتُ السَّبُعَ والصَّيْدَ إِذا هِجْتَه. وأَثَرْتُ فُلَانًا إِذا هَيَّجْتَهُ لأَمر. واسْتَثَرْتُ الصَّيْدَ إِذا أَثَرْتَهُ أَيضاً. وثَوَّرْتُ الأَمر: بَحَثْتُه وثَوَّرَ القرآنَ: بَحَثَ عَنْ مَعَانِيهِ وَعَنْ عِلْمِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: أَثِيرُوا الْقُرْآنَ فإِن فِيهِ خَبَرَ الأَولين وَالْآخِرِينَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
عِلْمَ الأَوَّلين وَالْآخِرِينَ
؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَنْ أَراد الْعِلْمَ فليُثَوِّر الْقُرْآنَ
؛ قَالَ شِمْرٌ: تَثْوِيرُ الْقُرْآنِ قِرَاءَتُهُ وَمُفَاتَشَةُ الْعُلَمَاءِ بِهِ فِي تَفْسِيرِهِ وَمَعَانِيهِ، وَقِيلَ: لِيُنَقِّرْ عَنْهُ ويُفَكِّرْ فِي مَعَانِيهِ وَتَفْسِيرِهِ وَقِرَاءَتِهِ، وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: قَالَ مُحَارِبٌ صَاحِبُ الْخَلِيلِ لَا تَقْطَعْنَا فإِنك إِذا جِئْتَ أَثَرْتَ الْعَرَبِيَّةَ؛ وَمِنْهُ قوله:
يُثَوِّرُها العينانِ زَيدٌ ودَغْفَلٌ
وأَثَرْتُ الْبَعِيرَ أُثيرُه إِثارةً فَثارَ يَثُورُ وتَثَوَّرَ تَثَوُّراً إِذا كَانَ بَارِكًا وَبَعَثَهُ فَانْبَعَثَ. وأَثارَ الترابَ بقوائمهِ إِثارَةً: بَحَثه؛ قَالَ:
يُثِيرُ ويُذْري تُرْبَها ويَهيلُه، ... إِثارَةَ نَبَّاثِ الهَواجِرِ مُخْمِسِ
قَوْلُهُ: نَبَاثُّ الْهَوَاجِرِ يَعْنِي الرَّجُلَ الَّذِي إِذا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْحَرُّ هَالَ التُّرَابَ لِيَصِلَ إِلى ثَرَاهُ، وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ. وَقَالُوا: ثَورَة رِجَالٍ كَثروَةِ رِجَالٍ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وثَوْرَةٍ مِنْ رِجالِ لَوْ رأَيْتَهُمُ، ... لقُلْتَ: إِحدى حِراجِ الجَرَّ مِن أُقُرِ
وَيُرْوَى وثَرْوةٍ. وَلَا يُقَالُ ثَوْرَةُ مالٍ إِنما هُوَ ثَرْوَةُ مالٍ فَقَطْ. وَفِي التَّهْذِيبِ: ثَوْرَةٌ مِنْ رِجَالٍ وثَوْرَةٌ مِنْ مَالٍ لِلْكَثِيرِ. وَيُقَالُ: ثَرْوَةٌ مِنْ رِجَالٍ وثَرْوَةٌ مِنْ مَالٍ بِهَذَا الْمَعْنَى. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: ثَوْرَةٌ مِنْ رِجَالٍ وثَرْوَةٌ يعني عَدَدٍ كَثِيرٍ، وثَرْوَةٌ مِنْ(4/110)
مالٍ لَا غَيْرُ. والثَّوْرُ: القِطْعَةُ الْعَظِيمَةُ مِنَ الأَقِطِ، وَالْجَمْعُ أَثْوَارٌ وثِوَرَةٌ، عَلَى الْقِيَاسِ. وَيُقَالُ: أَعطاه ثِوَرَةً عِظَامًا مِنَ الأَقِطِ جَمْعُ ثَوْرٍ. وفي الحديث:
توضؤوا مِمَّا غَيَّرتِ النارُ وَلَوْ مِنْ ثَوْرَ أَقِطٍ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَذَلِكَ فِي أَوّل الإِسلام ثُمَّ نُسِخَ بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَقِيلَ: يُرِيدُ غَسْلَ الْيَدِ وَالْفَمِ مِنْهُ، ومَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ وُجُوبَ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ أَنه قَالَ: أَتيت بَنِي فُلَانٍ فأَتوني بثَوْرٍ وقَوْسٍ وكَعْبٍ
؛ فَالثَّوْرُ الْقِطْعَةُ مِنَ الأَقط، وَالْقَوْسُ الْبَقِيَّةُ مِنَ التَّمْرِ تَبْقَى فِي أَسفل الجُلَّةِ، وَالْكَعْبُ الكُتْلَةُ مِنَ السَّمْنِ الحَامِسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَكلَ أَثْوَارَ أَقِطٍ
؛ الْأَثْوَارُ جَمْعُ ثَوْرٍ، وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنَ الأَقط، وَهُوَ لَبَنٌ جَامِدٌ مُسْتَحْجِرٌ. والثَّوْرُ: الأَحمق؛ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْبَلِيدِ الْفَهْمِ: مَا هُوَ إِلا ثَوْرٌ. والثَّوْرُ: الذَّكَرُ مِنَ الْبَقَرِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو عَلِيٍّ عَنْ أَبي عُثْمَانَ:
أَثَوْرَ مَا أَصِيدُكُمْ أَو ثَوْريْنْ ... أَمْ تِيكُمُ الجمَّاءَ ذاتَ القَرْنَيْنْ؟
فإِن فَتْحَةَ الرَّاءِ مِنْهُ فَتْحَةُ تَرْكِيبِ ثَوْرٍ مَعَ مَا بَعْدَهُ كَفَتْحَةِ رَاءِ حَضْرَمَوْتَ، وَلَوْ كَانَتْ فَتْحَةَ إِعراب لَوَجَبَ التَّنْوِينُ لَا مَحَالَةَ لأَنه مَصْرُوفٌ، وَبُنِيَتْ مَا مَعَ الِاسْمِ وَهِيَ مُبْقَاةٌ عَلَى حَرْفِيَّتِهَا كَمَا بُنِيَتْ لَا مَعَ النَّكِرَةِ فِي نَحْوِ لَا رَجُلَ، وَلَوْ جَعَلْتَ مَا مَعَ ثَوْرٍ اسْمًا ضَمَمْتَ إِليه ثَوْرًا لَوَجَبَ مَدُّهَا لأَنها قَدْ صَارَتِ اسْمًا فَقُلْتَ أَثور مَاءَ أَصيدكم؛ كَمَا أَنك لَوْ جَعَلْتَ حَامِيمَ مِنْ قَوْلِهِ:
يُذَكِّرُني حامِيمَ والرُّمْحُ شاجِرٌ
اسْمَيْنِ مَضْمُومًا أَحدهما إِلى صَاحِبِهِ لَمَدَدْتَ حَا فَقُلْتَ حَاءَ مِيمَ لِيَصِيرَ كَحَضْرَمَوْتَ، كَذَا أَنشده الْجَمَّاءَ جَعَلَهَا جَمَّاءَ ذَاتَ قَرْنَيْنِ عَلَى الهُزْءِ، وأَنشدها بَعْضُهُمُ الحَمَّاءَ؛ وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي وَيْحَمَا مِنْ قَوْلِهِ:
أَلا هَيَّما مِمَّا لَقِيتُ وهَيَّما، ... وَوَيْحاً لمَنْ لَمْ يَلْقَ مِنْهُنَّ ويْحَمَا
وَالْجَمْعُ أَثْوارٌ وثِيارٌ وثِيارَةٌ وثِوَرَةٌ وثِيَرَةٌ وثِيرانٌ وثِيْرَةٌ، عَلَى أَن أَبا عَلِيٍّ قَالَ فِي ثِيَرَةٍ إِنه مَحْذُوفٌ مِنْ ثِيَارَةٍ فَتَرَكُوا الإِعلال فِي الْعَيْنِ أَمارة لِمَا نَوَوْهُ مِنَ الأَلف، كَمَا جَعَلُوا الصَّحِيحَ نَحْوَ اجْتَوَرُوا واعْتَوَنُوا دَلِيلًا عَلَى أَنه فِي مَعْنَى مَا لَا بُدَّ مِنْ صِحَّتِهِ، وَهُوَ تَجاوَروا وتَعاونُوا؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ شَاذٌّ وكأَنهم فَرَّقُوا بِالْقَلْبِ بَيْنَ جَمْعِ ثَوْرٍ مِنَ الْحَيَوَانِ وَبَيْنَ جَمْعِ ثَوْرٍ مِنَ الأَقِطِ لأَنهم يَقُولُونَ فِي ثَوْر الأَقط ثِوَرةٌ فَقَطْ وللأُنثى ثَوْرَةٌ؛ قَالَ الأَخطل:
وفَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ المُتَضاجِمِ
وأَرض مَثْوَرَةٌ: كَثِيرَةُ الثَّيرانِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. الْجَوْهَرِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي جَمْعِ ثِيَرَةٍ: قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَلَبُوا الْوَاوَ يَاءً حَيْثُ كَانَتْ بَعْدَ كَسْرَةٍ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِمُطَّرَدٍ. وَقَالَ الْمُبَرَّدُ: إِنما قَالُوا ثِيَرَةٌ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثِوَرَة الأَقط، وَبَنَوْهُ عَلَى فِعْلَةٍ ثُمَّ حَرَّكُوهُ، وَيُقَالُ: مَرَرْتُ بِثِيَرَةٍ لِجَمَاعَةِ الثَّوْرِ. وَيُقَالُ: هَذِهِ ثِيَرَةٌ مُثِيرَة أَي تُثِيرُ الأَرضَ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ بَقَرَةِ بَنِي إِسرائيل: تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ
؛ أَرض مُثارَةٌ إِذا أُثيرت بالسِّنِّ وَهِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي تُحْرَثُ بِهَا الأَرض. وأَثارَ الأَرضَ: قَلَبَها عَلَى الْحَبِّ بعد ما فُتحت مَرَّةً، وَحُكِيَ أَثْوَرَها عَلَى التَّصْحِيحِ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَثارُوا الْأَرْضَ
؛ أَي حَرَثُوهَا وَزَرَعُوهَا وَاسْتَخْرَجُوا مِنْهَا بَرَكَاتِهَا وأَنْزال زَرْعِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَتَبَ لأَهل جُرَش بالحمَى الَّذِي حَمَاهُ لَهُمْ للفَرَس والرَّاحِلَةِ والمُثِيرَةِ
؛ أَراد بِالْمُثِيرَةِ بَقَرَ الحَرْث(4/111)
لأَنها تُثيرُ الأَرض. والثّورُ: بُرْجٌ مِنْ بُرُوجِ السَّمَاءِ، عَلَى التَّشْبِيهِ. والثَّوْرُ: الْبَيَاضُ الَّذِي فِي أَسفل ظُفْرِ الإِنسان. وثَوْرٌ: حيٌّ مِنْ تَمِيمٍ. وبَنُو ثَورٍ: بَطنٌ مِنَ الرَّبابِ وإِليهم نُسِبَ سُفْيَانُ الثَّوري. الْجَوْهَرِيُّ: ثَوْر أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ مُضَر وَهُوَ ثَوْرُ بْنِ عَبْدِ منَاةَ بْنِ أُدِّ بْنُ طابِخَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَر وَهُمْ رَهْطُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وثَوْرٌ بِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ: جَبَلٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ يُسَمَّى ثَوْرَ أَطْحَل. غَيْرُهُ: ثَوْرٌ جَبَلٌ بِمَكَّةَ وَفِيهِ الْغَارُ نُسِبَ إِليه ثَوْرُ بنُ عَبْدِ مَنَاةَ لأَنه نَزَلَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّهُ حَرَّمَ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلى ثَوْرٍ.
ابْنُ الأَثير قَالَ: هُمَا جَبَلَانِ، أَما عَيْرٌ فَجَبَلٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ، وأَما ثَوْرٌ فَالْمَعْرُوفُ أَنه بِمَكَّةَ، وَفِيهِ الْغَارُ الَّذِي بَاتَ فِيهِ سَيِّدُنَا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا هَاجَرَ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ؛ وَفِي رِوَايَةٍ قَلِيلَةٍ مَا بَيْنَ عَيْرٍ وأُحُد، وأُحد بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: فَيَكُونُ ثَوْرٌ غَلَطًا مِنَ الرَّاوِي وإِن كَانَ هُوَ الأَشهر فِي الرِّوَايَةِ والأَكثر، وَقِيلَ: إِنَّ عَيْراً جَبَلٌ بِمَكَّةَ وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنه حَرَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ قَدْرَ مَا بَيْنَ عَيْرٍ وَثَوْرٍ مِنْ مَكَّةَ أَو حَرَّمَ الْمَدِينَةَ تَحْرِيمًا مِثْلَ تَحْرِيمِ مَا بَيْنَ عَيْرٍ وَثَوْرٍ بِمَكَّةَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَوَصْفِ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَهل الْمَدِينَةِ لَا يَعْرِفُونَ بِالْمَدِينَةِ جَبَلًا يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ «2» . وإِنما ثَوْرٌ بِمَكَّةَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إِلى بِمَعْنَى مَعَ كأَنه جَعَلَ الْمَدِينَةَ مُضَافَةً إِلى مَكَّةَ فِي التَّحْرِيمِ.
فصل الجيم
جأر: جَأَرَ يَجْأَرُ جَأْراً وجُؤَاراً: رَفَعَ صَوْتَهُ مَعَ تَضَرُّعٍ وَاسْتِغَاثَةٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ
؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ إِليه بِالدُّعَاءِ. وجَأَر الرجلُ إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذا تَضَرَّعَ بالدعاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَني أَنظر إِلى مُوسَى لَهُ جُؤَارُ إِلى رَبِّهِ بِالتَّلْبِيَةِ
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
لَخَرَجْتُمْ إِلى الصُّعدَاتِ تَجْأَرُون إِلى اللَّهِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ: إِذا هُمْ يَجأَرُون؛ قَالَ: إِذا هُمْ يَجْزعُون، وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَصِيحُونَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَضْرَعُونَ دُعَاءً، وجأَرَ القومُ جُؤَاراً: وَهُوَ أَن يَرْفَعُوا أَصواتهم بِالدُّعَاءِ متضرِّعين. قَالَ: وجأَرَ بِالدُّعَاءِ إِذا رَفَعَ صَوْتَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الجُؤَارُ مِثْلُ الخُوَار، جأَر الثَّوْرُ وَالْبَقَرَةُ يَجْأَرُ جُؤَاراً: صَاحَا، وخَارَ يَخور بِمَعْنًى وَاحِدٍ: رَفَعَا صَوْتَهُمَا؛ وقرأَ بَعْضُهُمْ: عِجْلًا جَسَدًا لَهُ جُؤَارٌ، حَكَاهُ الأَخفش؛ وَغَيْثٌ جُؤَرٌ مِثْلَ نُغَرٍ أَي مُصَوّتٌ، مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي غَزِيرٌ كَثِيرُ الْمَطَرِ؛ وأَنشد لِجَنْدَلِ بْنِ المُثَنَّى:
يَا رَبَّ رَبَّ الْمُسْلِمِينَ بالسُّوَرْ، ... لَا تَسقِهِ صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرْ
دَعَا عَلَيْهِ أَن لَا تُمْطَرَ أَرضه حَتَّى تَكُونَ مُجْدِبةً لَا نَبْتَ بِهَا، والصَّيّبُ: الْمَطَرُ الشَّدِيدُ، والعزَّافُ: الَّذِي فِيهِ رَعْدٌ. والعَزْفُ: الصَّوْتُ، وَقِيلَ: غَيْثٌ جُؤَرٌ طَالَ نَبْتُهُ وَارْتَفَعَ. وجَأَرَ النبتُ: طَالَ وَارْتَفَعَ، وجَأَرَت الأَرض بِالنَّبَاتِ كَذَلِكَ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَبْشرْ فَهذي خُوصَةٌ وجَدْرُ ... وعُشُبٌ، إِذا أَكَلْتَ، جَوأَرُ «3»
. وعُشْبٌ جَأْرٌ وغَمْرٌ أَي كَثِيرٌ. وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ: غَيْثٌ جِوَرُّ فِي جَوَرَ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والجأْرُ مِنَ النَّبْتِ: الغَضُّ الرَّيَّانُ؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
وكُلِّلَتْ بأُقْحوانٍ جأْرِ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي التَّهْذِيبِ مُعَرَّفٌ:
وَكُلِّلَتْ بالأُقحوان الجأْر
__________
(2) . قَوْلَهُ [وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ إلخ] رده في القاموس بأن حذاء أحد جانحاً إلى ورائه جبلًا صغيراً يقال له ثور
(3) . قوله [جوأر] كذا بالأصل، والصواب: جَأرُ(4/112)
قَالَ: وَهُوَ الَّذِي طَالَ وَاكْتَهَلَ. وَرَجُلٌ جَأْرٌ: ضَخْمٌ، والأُنثى جَأْرةٌ. وَالْجَائِرُ: جَيَشانُ النَّفْس، وَقَدْ جُئِرَ. والجائرُ أَيضاً: الغَصَصُ، والجائرُ: حَرٌّ في الحَلْقِ.
جبر: الجَبَّارُ: اللَّهُ عَزَّ اسْمُهُ الْقَاهِرُ خَلْقَهُ عَلَى مَا أَراد مِنْ أَمر وَنَهْيٍ. ابْنُ الأَنباري: الْجَبَّارُ فِي صِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي لَا يُنالُ، وَمِنْهُ جَبَّارُ النَّخْلِ. الْفَرَّاءُ: لَمْ أَسمع فَعَّالًا مِنْ أَفعل إِلا فِي حَرْفَيْنِ وَهُوَ جَبَّار مِنْ أَجْبَرْتُ، ودَرَّاك مِنْ أَدركْتُ، قَالَ الأَزهري: جَعَلَ جَبَّاراً فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَو فِي صِفَةِ الْعِبَادِ مِنَ الإِجْبار وَهُوَ الْقَهْرُ والإِكراه لَا مِنْ جَبَرَ. ابْنُ الأَثير: وَيُقَالُ جَبَرَ الخلقَ وأَجْبَرَهُمْ، وأَجْبَرَ أَكْثَرُ، وَقِيلَ: الجَبَّار الْعَالِي فَوْقَ خَلْقِهِ، وفَعَّال مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: نَخْلَةٌ جَبَّارة، وَهِيَ الْعَظِيمَةُ الَّتِي تَفُوتُ يَدَ الْمُتَنَاوِلِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: يَا أَمَةَ الجَبَّار
إِنما أَضافها إِلى الْجَبَّارِ دُونَ بَاقِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى لِاخْتِصَاصِ الْحَالِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا مِنْ إِظهار العِطْرِ والبَخُورِ وَالتَّبَاهِي وَالتَّبَخْتُرِ فِي الْمَشْيِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ النَّارِ:
حَتَّى يَضَعَ الجَبَّار فِيهَا قَدَمَهُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الْمَشْهُورُ فِي تأْويله أَن الْمُرَادَ بِالْجَبَّارِ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعِزَّةِ قَدَمَهُ
؛ وَالْمُرَادُ بِالْقَدَمِ أَهل النَّارِ الَّذِينَ قدَّمهم اللَّهُ لَهَا مِنْ شِرَارِ خَلْقِهُ كَمَا أَن الْمُؤْمِنِينَ قَدَمُه الَّذِينَ قدَّمهم إِلى الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: أَراد بِالْجَبَّارِ هَاهُنَا الْمُتَمَرِّدَ الْعَاتِيَ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
إِن النَّارَ قَالَتْ: وُكّلْتُ بِثَلَاثَةٍ: بِمَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ، وَبِكُلِّ جَبَّار عَنِيدٍ، وبالمصوِّرين.
والجَبَّارُ: الْمُتَكَبِّرُ الَّذِي لَا يَرَى لأَحد عَلَيْهِ حَقًّا. يُقَالُ: جَبَّارٌ بَيِّنُ الجَبَرِيَّة والجِبِرِيَّة، بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْبَاءِ، والجَبْرِيَّةِ والجَبْرُوَّةِ والجَبَرُوَّةِ والجُبُرُوتِ والجَبَرُوتِ والجُبُّورَةِ والجَبُّورَة، مِثْلِ الفَرُّوجة، والجِبْرِياءُ والتَّجْبَارُ: هُوَ بِمَعْنَى الكِبْرِ؛ وأَنشد الأَحمر لمُغَلِّسِ بْنِ لَقِيطٍ الأَسَدِيّ يُعَاتِبُ رَجُلًا كَانَ وَالِيًا عَلَى أُوضَاخ:
فإِنك إِنْ عادَيْتَني غَضِبِ الْحَصَى ... عَلَيْكَ، وذُو الجَبُّورَةِ المُتَغَطْرفُ
يَقُولُ: إِن عَادَيْتَنِي غَضِبَ عَلَيْكَ الْخَلِيقَةُ وَمَا هُوَ فِي الْعَدَدِ كَالْحَصَى. وَالْمُتَغَطْرِفُ: الْمُتَكَبِّرُ. وَيُرْوَى الْمُتَغَتْرِفُ، بِالتَّاءِ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. وتَجَبَّرَ الرَّجُلُ: تَكَبَّرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُبْحَانَ ذِي الجَبَرُوت والمَلَكُوت
؛ هو فَعَلُوتٌ مِنَ الجَبْر والقَهْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
ثُمَّ يَكُونُ مُلْكٌ وجَبَرُوتٌ
أَي عُتُوٌّ وقَهْرٌ. اللِّحْيَانِيُّ: الجَبَّار الْمُتَكَبِّرُ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا
؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا
؛ أَي مُتَكَبِّرًا عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَضَرَتْهُ امرأَة فأَمرها بأَمر فَتَأَبَّتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: دَعُوها فإِنها جَبَّارَة
أَي عَاتِيَةٌ مُتَكَبِّرَةٌ. والجبِّيرُ، مِثَالُ الفِسِّيق: الشَّدِيدُ التَّجَبُّرِ. والجَبَّارُ مِنَ الْمُلُوكِ: الْعَاتِي، وَقِيلَ: كُلُّ عاتٍ جَبَّارٌ وجِبِّيرٌ. وقَلْبٌ جَبَّارٌ: لَا تَدْخُلُهُ الرَّحْمَةُ. وقَلْبٌ جَبَّارٌ: ذُو كِبْرٍ لَا يَقْبَلُ مَوْعِظَةً. وَرَجُلٌ جَبَّار: مُسَلَّط قَاهِرٌ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ
؛ أَي بِمُسَلَّطٍ فَتَقْهَرَهم عَلَى الإِسلام. والجَبَّارُ: الَّذِي يَقْتُلُ عَلَى الغَضَبِ. والجَبَّارُ: القَتَّال فِي غَيْرِ حَقٍّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ
؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِمُوسَى فِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ
؛ أَي قتَّالًا(4/113)
فِي غَيْرِ الْحَقِّ، وَكُلُّهُ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى التَّكَبُّرِ. والجَبَّارُ: العظيمُ القَوِيُّ الطويلُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ
؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَراد الطُّولَ وَالْقُوَّةَ والعِظَمَ؛ قَالَ الأَزهري: كأَنه ذَهَبَ بِهِ إِلى الجَبَّار مِنَ النَّخِيلِ وَهُوَ الطَّوِيلُ الَّذِي فَاتَ يَدَ المُتَناول. وَيُقَالُ: رَجُلٌ جَبَّار إِذا كَانَ طَوِيلًا عَظِيمًا قَوِيًّا، تَشْبِيهًا بالجَبَّارِ مِنَ النَّخْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: الجَبَّارُ مِنَ النَّخْلِ مَا طَالَ وَفَاتَ الْيَدَ؛ قَالَ الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُه، ... عَلَيْهِ أَبابِيلٌ مِنَ الطَّيْرِ تَنْعَبُ
وَنَخْلَةٌ جَبَّارَة أَي عَظِيمَةٌ سَمِينَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَثافَةُ جِلْدِ الْكَافِرِ أَربعون ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الجَبَّار
؛ أَراد بِهِ هَاهُنَا الطَّوِيلَ، وَقِيلَ: الْمَلِكُ، كَمَا يُقَالُ بِذِرَاعِ الْمَلِكِ، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: وأَحسبه مَلِكاً مِنْ مُلُوكِ الأَعاجم كَانَ تَامَّ الذِّرَاعِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَنَخْلَةٌ جَبَّارة فَتِيَّة قَدْ بَلَغَتْ غَايَةَ الطُّولِ وَحَمَلَتْ، وَالْجَمْعُ جَبَّار؛ قَالَ:
فاخِراتٌ ضُلُوعها فِي ذُراها، ... وأَنَاضَ العَيْدانُ والجَبَّارُ
وَحَكَى السِّيرَافِيُّ: نَخْلَةٌ جَبَّارٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الجَبَّارُ الَّذِي قَدِ ارْتُقِيَ فِيهِ وَلَمْ يَسْقُطْ كَرْمُه، قَالَ: وَهُوَ أَفْتَى النَّخْلِ وأَكْرَمُه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والجَبْرُ المَلِكُ، قَالَ: وَلَا أَعرف مِمَّ اشْتُقَّ إِلا أَن ابْنَ جِنِّيٍّ قَالَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَجْبُر بِجُوده، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
اسْلَمْ بِراوُوقٍ حُيِيتَ بِهِ، ... وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ
قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ بالجَبْرِ المَلِكِ إِلا فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر؛ قَالَ: حَكَى ذَلِكَ ابْنُ جِنِّيٍّ قَالَ: وَلَهُ فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر نَظَائِرُ كُلُّهَا مَذْكُورٌ فِي مَوَاضِعِهِ. التَّهْذِيبُ: أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْمَلِك جَبْرٌ. قَالَ: والجَبْرُ الشُّجاعُ وإِن لَمْ يَكُنْ مَلِكاً. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الجَبْرُ الرَّجُلُ؛ وأَنشد قَوْلَ ابْنِ أَحمر:
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ
أَي أَيها الرَّجُلُ. والجَبْرُ: العَبْدُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ: كَقَوْلِكَ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ؛ الأَصمعي: مَعْنَى إِيل هُوَ الرُّبُوبِيَّةُ فأُضيف جَبْرَ وَمِيكَا إِليه؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فكأَنَّ مَعْنَاهُ عَبْدُ إِيل، رَجُلُ إِيل. وَيُقَالُ: جَبْرَ عَبْدُ، وإِيل هُوَ اللَّهُ. الْجَوْهَرِيُّ: جَبْرَئيل اسْمٌ، يُقَالُ هُوَ جَبْرَ أُضيف إِلى إِيل؛ وَفِيهِ لُغَاتٌ: جَبْرَئِيلُ مِثَالُ جَبْرَعِيل، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ؛ وأَنشد الأَخفش لكعب ابن مَالِكٍ:
شَهِدْنا فَمَا تَلْقى لَنَا مِنْ كَتِيبَةٍ، ... يَدَ الدَّهرِ، إِلا جَبْرَئِيلٌ أَمامُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَفَعَ أَمامها عَلَى الإِتباع بِنَقْلِهِ مِنَ الظُّرُوفِ إِلى الأَسماء؛ وَكَذَلِكَ الْبَيْتُ الَّذِي لِحَسَّانَ شَاهِدًا عَلَى جِبْرِيلَ بِالْكَسْرِ وَحَذْفِ الْهَمْزَةِ فإِنه قَالَ: وَيُقَالُ جِبريل، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ حَسَّانُ:
وجِبْرِيلٌ رسولُ اللهِ فِينا، ... ورُوحُ القُدْسِ ليسَ لَهُ كِفاءُ
وجَبْرَئِل، مَقْصُورٌ: مِثَالُ جَبْرَعِلٍ وجَبْرِين وجِبْرِين، بِالنُّونِ. والجَبْرُ: خِلَافُ الْكَسْرِ، جَبَر الْعَظْمَ وَالْفَقِيرَ وَالْيَتِيمَ يَجْبُرُه جَبْراً وجُبُوراً وجِبَارَةٍ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وجَبَّرَهُ فَجَبر يَجْبُرُ جَبْراً وجُبُوراً وانْجَبَرَ واجْتَبَر وتَجَبَّرَ. وَيُقَالُ: جَبَّرْتُ الكَسِير أُجَبِّره تَجْبيراً وجَبَرْتُه جَبْراً؛ وأَنشد:(4/114)
لَهَا رِجْلٌ مجَبَّرَةٌ تَخُبُّ، ... وأُخْرَى مَا يُسَتِّرُها وجاحُ
وَيُقَالُ: جَبَرْتُ الْعَظْمَ جَبْراً وجَبَرَ العظمُ بِنَفْسِهِ جُبُوراً أَي انجَبَر؛ وَقَدْ جَمَعَ الْعَجَّاجُ بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَاللَّازِمِ فَقَالَ:
قَدْ جَبَر الدِّينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
واجْتَبَر الْعَظْمُ: مِثْلُ انْجَبَر؛ يُقَالُ: جَبَرَ اللهُ فُلَانًا فاجْتَبَر أَي سَدَّ مَفَاقِرَهُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
مَنْ عالَ مِنَّا بَعدَها فَلَا اجْتَبَرْ، ... وَلَا سَقَى الماءَ، وَلَا راءَ الشَّجَرْ
مَعْنَى عَالَ جَارَ وَمَالَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا؛ أَي لَا تَجُورُوا وَتَمِيلُوا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
واجْبُرْني وَاهْدِنِي
أَي أَغنني؛ مِنْ جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَهُ أَي رَدَّ عَلَيْهِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ أَو عَوَّضَه عَنْهُ، وأَصله مِنْ جَبْرِ الْكَسْرِ. وقِدْرٌ إِجْبارٌ: ضِدُّ قَوْلِهِمْ قِدْرٌ إِكْسارٌ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ جَابِرًا فِي نَفْسِهِ، أَو أَرادوا جَمْعَ قِدْرٍ جَبْرٍ وإِن لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ، كَمَا قَالُوا قِدْرٌ كَسْرٌ؛ حَكَاهَا اللِّحْيَانِيُّ. والجَبائر: الْعِيدَانُ الَّتِي تَشُدُّهَا عَلَى الْعَظْمِ لتَجْبُرَه بِهَا عَلَى اسْتِوَاءٍ، وَاحِدَتُهَا جِبارَة وجَبِيرةٌ. والمُجَبِّرُ: الَّذِي يَجْبُر الْعِظَامَ الْمَكْسُورَةَ. والجِبارَةُ والجَبيرَة: اليارَقَةُ، وَقَالَ فِي حَرْفِ الْقَافِ: اليارَقُ الجَبِيرَةُ والجِبارَةُ وَالْجَبِيرَةُ أَيضاً: الْعِيدَانُ الَّتِي تُجْبَرُ بِهَا الْعِظَامُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ: وجَبَّار الْقُلُوبِ عَلَى فِطراتِها
؛ هُوَ مِنْ جَبْرِ الْعَظْمِ الْمَكْسُورِ كأَنه أَقام الْقُلُوبَ وأَثبتها عَلَى مَا فَطَرَهَا عَلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ والإِقرار بِهِ شَقِيُّهَا وَسَعِيدُهَا. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَمْ أَجعله مِنْ أَجْبَرْتُ لأَن أَفعل لَا يُقَالُ فِيهِ فَعَّال، قَالَ: يَكُونُ مِنَ اللُّغَةِ الأُخْرَى. يُقَالُ: جَبَرْت وأَجْبَرْتُ بِمَعْنَى قَهَرْتُ. وَفِي حَدِيثِ خَسْفِ جَيْشِ البَيْدَاء:
فِيهِمُ المُسْتَبْصِرُ والمَجْبُور وَابْنُ السَّبِيلِ
؛ وَهَذَا مِنْ جَبَرْتُ لَا أَجْبَرْتُ. أَبو عُبَيْدٍ: الجَبائر الأَسْوِرَة مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَاحِدَتُهَا جِبَارة وجَبِيرَةٌ؛ وَقَالَ الأَعشى:
فَأَرَتْكَ كَفّاً فِي الخِضَابِ ... ومِعصماً، مِثْلَ الجِبَارَهْ
وجَبَرَ اللَّهُ الدِّينَ جَبْراً فَجَبَر جُبُوراً؛ حَكَاهَا اللِّحْيَانِيُّ، وأَنشد قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجبَرْ
والجَبْرُ أَن تُغْنِيَ الرجلَ مِنَ الْفَقْرِ أَو تَجْبُرَ عظمَه مِنَ الْكَسْرِ. أَبو الْهَيْثَمِ: جَبَرْتُ فاقةَ الرَّجُلِ إِذا أَغنيته. ابْنُ سِيدَهْ: وجَبَرَ الرجلَ أَحسن إِليه. قَالَ الْفَارِسِيُّ: جَبَرَه أَغناه بَعْدَ فَقْرٍ، وَهَذِهِ أَليق الْعِبَارَتَيْنِ. وَقَدِ استَجْبَرَ واجْتَبَرَ وأَصابته مُصِيبَةٌ لَا يَجْتَبِرُها أَي لَا مَجْبَرَ مِنْهَا. وتَجَبَّرَ النبتُ وَالشَّجَرُ: اخْضَرَّ وأَوْرَقَ وَظَهَرَتْ فِيهِ المَشْرَةُ وَهُوَ يابس، وأَنشد اللحياني لإمرئ الْقَيْسِ:
ويأْكُلْنَ مِنْ قوٍّ لَعَاعاً وَرِبَّةً، ... تَجَبَّرَ بعدَ الأَكْلِ، فَهْوَ نَمِيصُ
قَوٌّ: مَوْضِعٌ. وَاللَّعَاعُ: الرَّقِيقُ مِنَ النَّبَاتِ فِي أَوّل مَا يَنْبُتُ. والرِّبَّةُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ. والنَّمِيصُ: النَّبَاتُ حِينَ طَلَعَ وَرَقُهُ؛ وَقِيلَ: مَعْنَى هَذَا الْبَيْتِ أَنه عَادَ نابتاً مخضرّاً بعد ما كَانَ رُعِيَ، يَعْنِي الرَّوْضَ. وتَجَبَّرَ النَّبْتُ أَي نَبَتَ بَعْدَ الأَكل. وتَجَبَّر النَّبْتُ وَالشَّجَرُ إِذا نَبَتَ فِي يَابِسِهِ الرَّطْبُ. وتَجَبَّرَ الكَلأُ أُكل ثُمَّ صَلَحَ قَلِيلًا بَعْدَ الأَكل. قَالَ: وَيُقَالُ لِلْمَرِيضِ: يَوْمًا(4/115)
تَرَاهُ مُتَجَبِّراً وَيَوْمًا تَيْأَسُ مِنْهُ؛ مَعْنَى قَوْلِهِ مُتَجَبِّرًا أَي صَالِحَ الْحَالِ. وتَجَبَّرَ الرجُل مَالًا: أَصابه، وَقِيلَ: عَادَ إِليه مَا ذَهَبَ مِنْهُ؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: تَجَبَّرَ الرجُل، فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَلَمْ يُعَدِّه. التَّهْذِيبُ: تَجَبَّر فُلَانٌ إِذا عَادَ إِليه مِنْ مَالِهِ بعضُ مَا ذَهَبَ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الخُبْزَ جابِراً، وَكُنْيَتُهُ أَيضاً أَبو جَابِرٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وجابرُ بنُ حَبَّة اسْمٌ لِلْخُبْزِ مَعْرِفَةٌ؛ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الجَبْرِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْكَسْرِ. وجابِرَةُ: اسْمُ مَدِينَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، كأَنها جَبَرَتِ الإِيمانَ. وَسَمَّى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمَدِينَةَ بِعِدَّةِ أَسماء: مِنْهَا الجابِرَةُ والمَجْبُورَةُ. وجَبَرَ الرجلَ عَلَى الأَمر يَجْبُرُه جَبْراً وجُبُوراً وأَجْبَرَه: أَكرهه، والأَخيرة أَعلى. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: جَبَرَه لُغَةُ تَمِيمٍ وَحْدَهَا؛ قَالَ: وَعَامَّةُ الْعَرَبِ يَقُولُونَ: أَجْبَرَهُ. والجَبْرُ: تَثْبِيتُ وُقُوعِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ. والإِجْبارُ فِي الْحُكْمِ، يُقَالُ: أَجْبَرَ الْقَاضِي الرجلَ عَلَى الْحُكْمِ إِذا أَكرهه عَلَيْهِ. أَبو الْهَيْثَمِ: والجَبْرِيَّةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ أَجْبَرَ اللهُ العبادَ عَلَى الذُّنُوبِ أَي أَكرههم، وَمَعَاذَ اللَّهِ أَن يُكره أَحداً عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَلَكِنَّهُ عَلِمَ مَا العبادُ. وأَجْبَرْتُهُ: نَسَبْتُهُ إِلَى الجَبْرِ، كَمَا يُقَالُ أَكفرته: نَسَبْتُهُ إِلى الكُفْرِ. اللِّحْيَانِيُّ: أَجْبَرْتُ فُلَانًا عَلَى كَذَا فَهُوَ مُجْبَرٌ، وَهُوَ كَلَامُ عَامَّةِ الْعَرَبِ، أَي أَكرهته عَلَيْهِ. وَتَمِيمٌ تَقُولُ: جَبَرْتُه عَلَى الأَمر أَجْبرُهُ جَبْراً وجُبُوراً؛ قَالَ الأَزهري: وَهِيَ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: جَبَرَ السلطانُ، وَهُوَ حِجَازِيٌّ فَصِيحٌ. وَقِيلَ للجَبْرِيَّةِ جَبْرِيَّةٌ لأَنهم نُسِبُوا إِلى الْقَوْلِ بالجَبْرِ، فَهُمَا لُغَتَانِ جَيِّدَتَانِ: جَبَرْتُه وأَجْبَرْته، غَيْرَ أَن النَّحْوِيِّينَ اسْتَحَبُّوا أَن يَجْعَلُوا جَبَرْتُ لجَبْرِ الْعَظْمِ بَعْدَ كَسْرِهِ وجَبْرِ الْفَقِيرِ بَعْدَ فَاقَتِهِ، وأَن يَكُونَ الإِجْبارُ مَقْصُورًا عَلَى الإِكْراه، وَلِذَلِكَ جَعَلَ الْفَرَّاءُ الجَبَّارَ مِنْ أَجْبَرْتُ لَا مَنْ جَبَرْتُ، قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ الجَبَّارُ فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ جَبْرِه الفَقْرَ بالغِنَى، وَهُوَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَابِرُ كُلِّ كَسِيرٍ وَفَقِيرٍ، وَهُوَ جابِرُ دِينِه الَّذِي ارْتَضَاهُ، كَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ:
قَدْ جَبَرَ الدينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
والجَبْرُ: خلافُ القَدَرِ. وَالْجَبَرِيَّةُ، بِالتَّحْرِيكِ: خِلَافُ القَدَرِيَّة، وَهُوَ كَلَامٌ مولَّد. وحربٌ جُبَارٌ: لَا قَوَدَ فِيهَا وَلَا دِيَةَ. والجُبَارُ مِنَ الدَّمِ: الهَدَرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المَعْدِنُ جُبَارٌ والبِئْرُ جُبَارٌ والعَجْماءُ جُبَارٌ
؛ قَالَ:
حَتَمَ الدَّهْرُ عَلَيْنَا أَنَّهُ ... ظَلَفٌ، مَا زَالَ منَّا، وجُبَار
وَقَالَ تَأَبَّط شَرّاً:
بِهِ مِنْ نَجاءِ الصَّيْفِ بِيضٌ أَقَرَّها ... جُبَارٌ، لِصُمِّ الصَّخْرِ فِيهِ قَراقِرُ
جُبَارٌ يَعْنِي سَيْلًا. كُلُّ مَا أَهْلَكَ وأَفْسَدَ: جُبَارٌ. التَّهْذِيبُ: والجُبارُ الهَدَرُ. يُقَالُ: ذَهَبَ دَمُه جُبَاراً. وَمَعْنَى الأَحاديث: أَنْ تَنْفَلِتَ الْبَهِيمَةُ الْعَجْمَاءُ فَتُصِيبَ فِي انْفِلَاتِهَا إِنساناً أَو شَيْئًا فَجُرْحُهَا هدَر، وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ العادِيَّة يَسْقُطُ فِيهَا إِنسان فَيَهْلِكُ فَدَمُه هَدَرٌ، والمَعْدِن إِذا انهارَ عَلَى حَافِرِهِ فَقَتَلَهُ فَدَمُهُ هَدَرٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا انْهَارَ عَلَى مَنْ يَعْمَلُ فِيهِ فَهَلَكَ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ مُستَأْجرُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
السائمةُ جُبَار
؛ أَي الدَّابَّةُ المرسَلة فِي رَعْيِهَا. ونارُ إِجْبِيرَ، غَيْرُ مَصْرُوفٍ: نَارُ الحُباحِبِ؛ حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ عَنْ أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ. وجُبَارٌ [جِبَارٌ] : اسْمُ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَسمائهم الْقَدِيمَةِ؛ قَالَ:(4/116)
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي ... بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
أَو التَّالي دُبارِ، فإِنْ يَفُتْني، ... فمُؤنِس أَو عَرُوبةَ أَو شِيَارِ
الْفَرَّاءُ عَنِ المُفَضَّل: الجُبَارُ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ. والجَبَارُ: فِناءُ الجَبَّان. والجِبَارُ: الْمُلُوكُ، وَاحِدُهُمْ جَبْرٌ. والجَبَابِرَةُ: الْمُلُوكُ، وَقَدْ تقدّمَ بذراعِ الجَبَّار. قِيلَ: الجَبَّارُ المَلِكُ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ هُوَ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْمَلِكِ، وأَحسبه مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ الْعَجَمِ يُنْسَبُ إِليه الذِّرَاعُ. وجَبْرٌ وجابِرٌ وجُبَيْرٌ وجُبَيْرَةُ وجَبِيرَةُ: أَسماء، وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: جِنْبَارٌ مِنَ الجَبْرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا نَصُّ لَفْظِهِ فَلَا أَدري مِنْ أَيِّ جَبْرٍ عَنَى، أَمن الجَبْرِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْكَسْرِ وَمَا فِي طَرِيقِهِ أَم مِنَ الجَبْرِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ القَدَرِ؟ قَالَ: وَكَذَلِكَ لَا أَدري مَا جِنْبَارٌ، أَوَصْفٌ أَم عَلَم أَم نَوْعٌ أَم شَخْصٌ؟ وَلَوْلَا أَنه قَالَ جِنْبَارٌ، مِنَ الجَبْرِ لأَلحقته بِالرُّبَاعِيِّ وَلَقُلْتُ: إِنها لُغَةٌ فِي الجِنِبَّارِ الَّذِي هُوَ فَرْخُ الحُبَارَى أَو مُخَفَّفٌ عَنْهُ، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ مِنَ الجَبْرِ تصريحٌ بأَنه ثُلَاثِيٌّ، وَاللَّهُ أَعلم.
جثر: ورَقٌ جِثْرٌ: وَاسِعٌ. وثَجَّرَ الشيءَ «4» . وَسَّعَه. وانثَجر الْمَاءُ: صَارَ كَثِيرًا. وانْثَجَر الدَّمُ: خَرَجَ دُفَعاً، وَقِيلَ: انْثَجَر كانْفَجَر؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فإِما أَن يَكُونَ ذَهَبَ إِلى تَسْوِيَتِهِمَا فِي الْمَعْنَى فَقَطْ، وإِما أَن يَكُونَ أَراد أَنهما سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى، وأَن الثَّاءَ مَعَ ذَلِكَ بَدَلٌ مِنَ الْفَاءِ. وثُجْرَةُ الْوَادِي: حَيْثُ يَتَفَرَّقُ الْمَاءُ وَيَتَّسِعُ، وَهُوَ مُعْظَمُهُ. وثُجْرَةُ الإِنسان وَغَيْرِهِ: وسَطُه، وَقِيلَ: مُجْتَمَعُ أَعلى جَسَدِهِ، وَقِيلَ: هِيَ اللَّبَّةُ وَهِيَ مِنَ الْبَعِيرِ السَّبَلَةُ. وَسَهْمٌ أَثْجَرُ: عَرِيضٌ وَاسِعُ الجَرْحِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد الهذلي وَذَكَرَ رَجُلًا احْتَمَى بِنُبْلِهِ:
وأَحْصَنَه ثُجْرُ الظُّبَاتِ كأَنَّها، ... إِذا لَمْ يُغَيِّبْها الجَفِيرُ، جَحِيمُ
وَقِيلَ: سهامٌ ثُجْرٌ غِلاظ الأُصول قِصَارٌ. والثُجْرَة: القِطْعَةُ المتفرِّقة مِنَ النَّبَاتِ. والثَّجِيرُ: ثُفْلُ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ، وَقِيلَ: هُوَ ثُفْلُ التَّمْرِ وَقِشْرُ الْعِنَبِ إِذا عُصِرَ. وثَجَر التمرَ: خَلَطَهُ بِثَجِير البُسْرِ. وثَجْرٌ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ نجْرانَ؛ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ، وأَنشد:
هَيْهَاتَ، حَتَّى غَدَوْا مِنْ ثَجْرَ، مَنْهَلُهم ... حِسْيٌ بِنَجْرانَ، صاحَ الدِّيكُ فاحْتَملُوا
جَعَلَهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ فَتَرَكَ صَرْفَهُ. وَمَكَانٌ جَثْرٌ: فِيهِ ترابٌ يخالطه سَبَخٌ.
جحر: الجُحْرُ: لِكُلِّ شَيْءٍ يُحْتَفَرُ فِي الأَرض إِذا لَمْ يَكُنْ مِنْ عِظَامِ الْخَلْقِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الجُحْرُ كُلُّ شَيْءٍ تَحْتَفِرُه الهَوامُّ وَالسِّبَاعُ لأَنفسها، وَالْجَمْعُ أَجْحارٌ وجِحَرَةٌ؛ وَقَوْلُهُ:
مُقَبِّضاً نَفْسِيَ فِي طُمَيْرِي، ... تَجَمُّعَ القُنْفُذِ فِي الجُحَيْرِ
فإِنه يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ شَوْكَهُ لِيُقَابِلَ قَوْلَهُ مُقَبِّضًا نَفْسِي فِي طُمَيْرِي، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي جُحْره الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ، وَهُوَ المَجْحَرُ. ومَجاحِرُ الْقَوْمِ: مَكامِنُهُمْ. وأَجْحَرَهُ فانْجَحرَ: أَدخله الجُحْرَ فدخَله. وأَجْحَرْتُه
__________
(4) . قوله: [وثجر الشيء إلخ] من هنا إلى قوله ومكان جثر حَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ فِي ثجر بل ذكر معظمه هناك(4/117)
أَي أَلجأْته إِلى أَن دخلَ جُحْرَهُ. وجَحَرَ الضَّبُّ: «1» . دَخَلَ جُحْرَهُ. وأَجْحَرَهُ إِلى كَذَا: أَلجأَه. والمُجْحَرُ: المضطرُّ المُلْجَأُ؛ وأَنشد:
يَحمِي المُجْحَرِينا
وَيُقَالُ: جَحَرَ عنَّا خَيْرُكَ أَي تَخَلَّفَ فَلَمْ يُصِبنا. واجْتَحَرَ لِنَفْسِهِ جُحْراً أَي اتَّخَذَهُ. قَالَ الأَزهري: وَيَجُوزُ فِي الشِّعْرِ جَحَرَتِ الهَناةُ فِي جِحَرَتها. والجُحْرانُ: الجُحْرُ، وَنَظِيرُهُ: جِئْتُ فِي عُقْبِ الشَّهْرِ وَفِي عُقْبانِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا حَاضَتِ المرأَة حَرُمَ الجُحْران
؛ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، رَوَاهُ بَعْضُ النَّاسِ بِكَسْرِ النُّونِ عَلَى التَّثْنِيَةِ يُرِيدُ الْفَرْجَ وَالدُّبُرَ. وَقَالَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ: إِنما هُوَ الجُحْرانُ، بِضَمِّ النُّونِ، اسْمُ القُبُل خَاصَّةً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ اسْمٌ لِلْفَرْجِ، بِزِيَادَةِ الأَلف وَالنُّونِ، تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ غَيْرِهِ مِنَ الجِحَرَةِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَن أَحدهما حَرَامٌ قَبْلَ الْحَيْضِ، فإِذا حَاضَتْ حُرِّمَا جَمِيعًا. والجَواحِرُ: الْمُتَخَلِّفَاتُ مِنَ الْوَحْشِ وَغَيْرِهَا؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
فَأَلْحَقَنا بالْهَادِياتِ، ودُونَهُ ... جَواحِرُها، فِي صَرَّةٍ لَمْ تَزَيَّلِ
وَقِيلَ: الْجَاحِرُ مِنَ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا الْمُتَخَلِّفُ الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ. والجَحْرَةُ، بِالْفَتْحِ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ الْمُجْدِبَةُ الْقَلِيلَةُ الْمَطَرِ؛ قَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبي سُلْمَى:
إِذا السَّنَةُ الشَّهْبَاءُ بالناسِ أَجْحَفَتْ، ... ونالَ كِرامَ المالِ فِي الجَحْرَةِ الأَكْلُ
الجَحْرَةُ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ لأَنها تَجْحَرُ الناسَ فِي الْبُيُوتِ. وَالشَّهْبَاءُ: الْبَيْضَاءُ لِكَثْرَةِ الثَّلْجِ وَعَدَمِ النَّبَاتِ. وأَجْحَفَتْ: أَضَرَّتْ بِهِمْ وأَهلكت أَموالهم. وَنَالَ كرامَ الْمَالِ يَعْنِي كَرَائِمَ الإِبل، يُرِيدُ أَنها تُنْحَرُ وَتُؤْكَلُ لأَنهم لَا يَجِدُونَ لَبَنًا يُغْنِيهِمْ عَنْ أَكلها. والجَحَرَةُ: السَّنة «2» . الَّتِي تَجْحَرُ الناسَ فِي الْبُيُوتِ، سُمِّيَتْ جَحَرَةً لِذَلِكَ. الأَزهري: وأَجْحَرَتْ نُجُومُ الشِّتَاءِ إِذا لَمْ تُمْطِرْ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا الشِّتاءُ أَجْحَرَتْ نُجُومُهُ، ... واشْتَدَّ فِي غيرِ ثَرًى أُرُومُهُ
وجَحَرَ الربيعُ إِذا لَمْ يُصِبْكَ مَطَرُهُ. وجَحَرَتْ عَيْنُهُ: غَارت. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الدَّجال:
لَيْسَتْ عَيْنُهُ بِناتئَةٍ وَلَا جَحْراءَ
؛ أَي غَائِرَةٍ مُنْجَحِرَة فِي نُقْرَتها؛ وَقَالَ الأَزهري: هِيَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وأَنكر الْحَاءَ، وَسَنَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا. وبَعِير جُحارِيَةٌ: مُجْتَمَعُ الخَلْقِ. والجَحْرَمَةُ: الضِّيقُ وسُوءُ الخُلق، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. وجَحَرَ فلانٌ: تأَخر. والجَواحِرُ: الدَّواخل فِي الجِحَرَةِ والمَكامِنِ، وجَحَرَتِ الشمسُ لِلْغُيوب، وجَحَرَتِ الشَّمْسُ إِذا ارْتَفَعَتْ فأَزِيَ الظلُّ.
جحدر: الجَحْدَرُ: الرَّجُلُ الجَعْدُ القَصِيرُ، والأُنثى جَحْدَرَةٌ، وَالِاسْمُ الجَحْدَرَةُ. وَيُقَالُ: جَحْدَرَ صاحبَه وجَحْدَلَهُ إِذا صَرَعَهُ. وجَحْدَرٌ: اسم رجل.
جحشر: الجُحاشِرُ: الضَّخْمُ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ إِبل لِبَعْضِ الرُّجَّازِ:
تَسْتَلُّ مَا تَحْتَ الإِزارِ الحاجِرِ، ... بِمُقْنِعٍ مِنْ رأْسِها جُحاشِرِ
قَالَ: والمُقْنِعُ مِنَ الإِبل الَّذِي يَرْفَعُ رأْسه وَهُوَ كالخِلْقَةِ والرأْسُ مُقْنِعٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: الجَحشَرُ مِنْ صِفَاتِ الْخَيْلِ، والأُنثى جَحْشَرَةٌ، قال: وإِن
__________
(1) . قوله: [وجحر الضب إلخ] من باب منع كما في القاموس
(2) . قوله: [والجحرة السنة إلخ] بالتحريك، وبسكون الحاء كما في القاموس(4/118)
شِئْتَ قُلْتَ جُحَاشِرٌ، والأُنثى جُحاشِرَةٌ، وَهُوَ الَّذِي فِي ضُلُوعِهِ قِصَرٌ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُجْفِرٌ كإِجْفارِ الجُرْشُعِ؛ وأَنشد:
جُحاشِرَة صَتْمٌ طِمِرٌّ كأَنَّها ... عُقابٌ، زَفَتْها الرِّيحُ، فَتْخاءُ كاسِرُ
قَالَ: والصَّتْمُ والصَّتَمُ الَّذِي شَخَصَتْ مَحَانِي ضُلُوعِهِ حَتَّى سَاوَتْ بِمَتْنِهِ وغَرِضَتْ شَهْوَتُهُ، وَهُوَ أَصْتَمُ الْعِظَامِ، والأُنثى صَتْمَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الجَحْشَرُ والجُحاشِرُ والجَحْرَشُ الحادِرُ الخَلْقِ العظيمُ الجِسْمِ العَبْلُ الْمَفَاصِلِ، وَكَذَلِكَ الجُحَاشِرَةُ؛ قَالَ:
جُحاشِرَةٌ هِمٌّ، كأَنَّ عِظامَهُ ... عَوَاثِمُ كَسْرٍ، أَو أَسيلٌ مُطَهَّمُ
وجَحْشَرٌ: اسْمٌ.
جحنبر: الْفَرَّاءُ: الجِحِنْبارُ: الرجلُ الضَّخْمُ؛ وأَنشد:
فَهْوَ جِحِنْبارٌ مُبِينُ الدَّعْرَمَهْ
جخر: جَخِرَ الفرسُ جَخَراً: امتلأَ بَطْنُهُ فَذَهَبَ نَشَاطُهُ وَانْكَسَرَ. وجَخِرَ الفرسُ «1» . جَخَراً: جَزِعَ مِنَ الْجُوعِ وَانْكَسَرَ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ جَخِرٌ: جَبَانٌ أَكولٌ، والأُنثى جَخِرَةٌ. وجَخِرَ جَوْفُ الْبِئْرِ، بِالْكَسْرِ: اتَّسَعَ، وتَجْخِيرها: تَوْسِيعُهَا، وأَجْخَر فُلَانٌ إِذا وَسَّعَ رأْسَ بِئْرِهِ. وأَجْخَرَ إِذا أَنْبَعَ مَاءً كَثِيرًا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ بِئْرٍ. وأَجْخَرَ إِذا تَزَوَّج جَخْراء، وَهِيَ الْوَاسِعَةُ. وأَجْخَرَ إِذا غَسَلَ دُبُرَهُ وَلَمْ يُنْقِها فَبَقِيَ نَتْنُه. الْجَوْهَرِيُّ: الجَخَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، الِاتِّسَاعُ فِي الْبِئْرِ. وجَخَرَ البئرَ يَجْخَرُها جَخْراً وجَخَّرها: وَسَّعَهَا. والجَخَرُ: قُبْحُ رَائِحَةِ الرَّحِمِ. وامرأَة جَخْراءُ: وَاسِعَةُ الْبَطْنِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الجَخْراء مِنَ النِّسَاءِ المُنْتِنَةُ التَّفِلَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ عَيْنِ الدَّجَّالِ:
أَعْورُ مطموسُ الْعَيْنِ لَيْسَتْ بِناتِئَةٍ وَلَا جَخْراءَ
؛ قَالَ: يَعْنِي الضَّيِّقَةَ الَّتِي فِيهَا غَمْصٌ ورَمَصٌ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للمرأَة جَخْراءُ إِذا لَمْ تَكُنْ نظيفةَ المكانِ، وَرُوِيَ بِالْحَاءِ المهمَلة، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقَالَ الأَزهري: هِيَ بِالْخَاءِ وأَنكر الْحَاءَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الجَخَرُ فِي الْغَنَمِ أَن تَشْرَبَ الْمَاءَ وَلَيْسَ فِي بَطْنِهَا شَيْءٌ فيَتَخَضْخَضَ الماءُ فِي بُطُونِهَا فَتَرَاهَا جَخِرَةً خاسِفَة»
؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ:
بِبَطْنِهِ يَعْدُو الذَّكَرْ
قَالَ: الذَّكَرُ مِنَ الْخَيْلِ لَا يَعْدُو إِلا إِذا كَانَ بَيْنَ الْمُمْتَلِئِ وَالطَّاوِي، فَهُوَ أَقل احْتِمَالًا للجَخَرِ مِنَ الأُنثى. والجَخَرُ: الْخَلَاءُ، وَالذَّكَرُ إِذا خَلَا بَطْنُهُ انْكَسَرَ وَذَهَبَ نَشَاطُهُ. والجاخِرُ: الْوَادِي الْوَاسِعُ. وتَجَخَّرَ الْحَوْضُ إِذا تَفَلَّقَ طِينُهُ وَانْفَجَرَ مَاؤُهُ. الأَزهري: والجُخَيرة تَصْغِيرُ الجَخَرة، وَهِيَ نَفْحَة تَبْقَى فِي الْقُنْدُودَةِ إِذا لم تنق.
جخدر: ابْنُ دُرَيْدٍ: الجَخْدَرُ والجَخْدرِيُّ الضَّخْمُ.
جدر: هُوَ جَدِيرٌ بِكَذَا وَلِكَذَا أَي خَلِيقٌ لَهُ، وَالْجَمْعُ جَدِيرُونَ وجُدَراءُ، والأُنثى جَدِيرَةٌ. وَقَدْ جَدُرَ جَدارَة، وإِنه لمَجْدَرَةٌ أَن يَفْعَلَ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ، وَإِنَّهَا لمَجْدَرَةٌ بِذَلِكَ وبأَن تَفْعَلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الِاثْنَتَانِ وَالْجَمْعُ؛ كُلُّهُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَعَنْهُ أَيضاً: إنه لَجدِير أَن يَفْعَلَ ذَلِكَ وإِنهما لجَدِيرانِ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:
جَدِيرُونَ يَوْمًا أَن يَنالوا فَيَسْتَعْلُوا
وَيُقَالُ للمرأَة: إِنها لجَدِيرَةٌ أَن تَفْعَلَ ذَلِكَ وخليقة،
__________
(1) . قوله: [جخر الفرس] هذا والذي بعده من باب فرح، وقوله وجخر البئر إلخ من باب منع كما في القاموس
(2) . قوله: [خاسفة] كذا بالأصل بالسين المهملة والفاء أي مهزولة، وفي القاموس خاشعة بالمعجمة والعين(4/119)
وَأَنَّهُنَّ جَدِيراتٌ وجَدائِرُ؛ وَهَذَا الأَمر مَجْدَرَةٌ لِذَلِكَ ومَجْدَرَةٌ مِنْهُ أَي مَخْلَقَةٌ. ومَجْدَرَةٌ مِنْهُ أَن يَفْعَل كَذَا أَي هُوَ جَدِيرٌ بِفِعْلِهِ؛ وأَجْدِرْ بِهِ أَن يَفْعَلَ ذَلِكَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنْ أَبي جَعْفَرٍ الرَّوَاسي: إِنه لمَجْدُورٌ أَن يَفْعَلَ ذَلِكَ، جَاءَ بِهِ عَلَى لَفْظِ الْمَفْعُولِ وَلَا فِعْلَ لَهُ. وَحَكَى: مَا رأَيت مِنْ جَدَارتِهِ، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. والجُدَرِيُّ «1» . والجَدَرِيُّ، بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَبِفَتْحِهِمَا لُغَتَانِ: قُروحٌ فِي الْبَدَنِ تَنَفَّطُ عَنِ الْجِلْدِ مُمْتَلِئَة مَاءً، وتَقَيَّحُ، وَقَدْ جُدِرَ جَدْراً وجُدِّرَ وَصَاحِبُهَا جَدِيرٌ مُجَدَّرٌ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: جَدِرَ يَجْدَرُ جَدَراً. وأَرضٌ مَجْدَرَة: ذَاتُ جُدَرِيّ. والجَدَرُ والجُدَرُ: سِلَعٌ تَكُونُ فِي الْبَدَنِ خِلْقَةً وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الضَّرْبِ وَالْجِرَاحَاتِ، وَاحِدَتُهَا جَدَرَة وجُدَرَةٌ، وَهِيَ الأَجْدارُ. وَقِيلَ: الجُدَرُ إِذا ارْتَفَعَتْ عَنِ الْجِلْدِ وإِذا لَمْ تَرْتَفِعْ فَهِيَ نَدَبٌ، وَقَدْ يُدْعَى النَّدَبُ جُدَراً وَلَا يُدْعَى الجُدَرُ نَدَباً. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الجُدَرُ السِّلَع تَكُونُ بالإِنسان أَو البُثُورُ النَّاتِئَةُ، وَاحِدَتُهَا جُدَرَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الجَدَرَةُ خُرَاجٌ، وَهِيَ السِّلْعَةُ، وَالْجَمْعُ جَدَرٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَا قاتَلَ اللهُ ذُقَيْلًا ذَا الجَدَرْ
والجُدَرُ: آثارُ ضربٍ مرتفعةٌ عَلَى جِلْدِ الإِنسان، الْوَاحِدَةُ جُدَرَةٌ، فَمَنْ قَالَ الجُدَرِيُّ نَسَبَه إِلى الجُدَرِ، وَمَنْ قَالَ الجَدَريُّ نَسَبَهُ إِلى الجَدَر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَلَيْسَ بِالْحَسَنِ. وجَدِرَ ظهرهُ جَدَراً: ظَهَرَتْ فِيهِ جُدَرٌ. والجُدَرَةُ فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ: السِّلْعَةُ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْبَعِيرِ جُدَرَةٌ وَمِنَ الإِنسان سِلْعَةٌ وضَواةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الجَدَرَةُ الوَرْمَةُ فِي أَصل لَحْيِ الْبَعِيرِ النَّضِرِ. الجَدَرَةُ: غُدَدٌ تَكُونُ فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ يَسْقِيهَا عِرْقٌ فِي أَصلها نَحْوُ السِّلْعَةِ برأْس الإِنسان. وجَمَلٌ أَجْدَرُ وَنَاقَةٌ جَدْراء. والجَدَرُ: وَرَمٌ يأْخذ فِي الْحَلْقِ. وَشَاةٌ جَدْراء: تَقَوَّب جِلْدُهَا عَنْ دَاءٍ يُصِيبُهَا وليسَ مِنْ جُدَرِيّ. والجُدَرُ: انْتِبارٌ فِي عُنُقِ الْحِمَارِ وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ آثَارِ الكَدْمِ، وَقَدْ جَدَرَتْ عُنُقُهُ جُدُوراً. وَفِي التَّهْذِيبِ: جَدِرَتْ عُنُقُهُ جَدَراً إِذا انْتَبَرَتْ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:
أَو جادِرُ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنَقْ
ابْنُ بُزُرج: جَدِرَتْ يدَهُ تَجْدَرُ ونَفِطَتْ ومَجِلَتْ، كُلُّ ذَلِكَ مَفْتُوحٌ، وَهِيَ تَمْجَلُ وَهُوَ المَجْلُ؛ وأَنشد:
إِنِّي لَساقٍ أُمَّ عَمْرٍو سَجْلا، ... وَإِنْ وجَدْتُ فِي يَدَيَّ مَجْلا
وَفِي الْحَدِيثِ:
الكَمْأَةُ جُدَرِيُّ الأَرض
، شَبَّهَهَا بالجُدَرِيِّ، وَهُوَ الْحَبُّ الَّذِي يَظْهَرُ فِي جَسَدِ الصَّبِيِّ لِظُهُورِهَا مِنْ بَطْنِ الأَرض، كَمَا يَظْهَرُ الجُدَرِيُّ مِنْ بَاطِنِ الْجِلْدِ، وأَراد بِهِ ذَمَّهَا. وَمِنْهُ حَدِيثُ
مَسْرُوق: أَتينا عَبْدَ اللَّهِ فِي مُجَدَّرِينَ ومُحَصَّبِينَ
أَي جَمَاعَةٌ أَصابهم الجُدَرِيُّ والحَصْبَةُ. والحَصْبَةُ: شِبْه الجُدَرِيّ يَظْهَرُ فِي جِلْدِ الصَّغِيرِ. وعامِرُ الأَجْدَارِ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ كَلْبٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِسِلَعٍ كَانَتْ فِي بَدَنِهِ. وجَدَرَ النَّبْتُ وَالشَّجَرُ وجَدُرَ جَدارَةً وجَدَّرَ
__________
(1) . قوله: [والجدري] هو داء معروف يأخذ الناس مرة في العمر غالباً. قالوا: أول من عذب به قوم فرعون ثم بقي بعدهم، وقال عكرمة: أوّل جدري ظهر ما أصيب به أبرهة، أفاده شارح القاموس(4/120)
وأَجْدَرَ: طلعت رؤوسه فِي أَوّل الرَّبِيعِ وَذَلِكَ يَكُونُ عَشْراً أَو نِصْفَ شَهْرٍ، وأَجْدَرَتِ الأَرض كَذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَجْدَرَ الشجرُ وجَدَّرَ إِذا أَخرج ثَمَرَهُ كالحِمَّصِ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وأَجْدَرَ مِنْ وَادِي نَطاةَ وَلِيعُ
وَشَجَرٌ جَدَرٌ. وجَدَرَ العَرْفَجُ والثُّمامُ يَجْدُر إِذا خَرَجَ فِي كُعُوبه ومُتَفَرّق عِيدانِه مثلُ أَظافير الطَّيْرِ. وأَجْدَرَ الوَلِيعُ وجادَرَ: اسْمَرَّ وَتَغَيَّرَ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، يَعْنِي بِالْوَلِيعِ طَلْعَ النَّخْلِ والجَدَرَةُ: الحَبَّةُ مِنَ الطَّلْعِ. وجَدَّرَ العنَبُ: صَارَ حَبُّهُ فُوَيْقَ النَّفَض. وَيُقَالُ: جَدِرَ الكَرْمُ يَجْدَرُ جَدَراً إِذا حَبَّبَ وهَمَّ بالإِيراق. والجِدْرَ: نَبْتٌ؛ وَقَدْ أَجْدَرَ المكانُ. والجَدَرَةُ، بِفَتْحِ الدَّالِ: حَظِيرة تُصْنَعُ لِلْغَنَمِ مِنْ حِجَارَةٍ، وَالْجَمْعُ جَدَرٌ. والجَدِيرَة: زَرْبُ الغَنم. والجَدِيرَة: كَنِيفٌ يُتَّخَذُ مِنْ حِجَارَةٍ يَكُونُ لِلْبَهْم وَغَيْرِهَا. أَبو زَيْدٍ: كَنِيفُ البيت مثل الجُحْرَة يُجْمَعُ مِنَ الشَّجَرِ، وَهِيَ الْحَظِيرَةُ أَيضاً. والحِظَارُ: مَا حُظِرَ عَلَى نَبَاتِ شَجَرٍ، فإِن كَانَتِ الْحَظِيرَةُ مِنْ حِجَارَةٍ فَهِيَ جَدِيرَة، وإِن كَانَ مِنْ طِينٍ فَهُوَ جِدارٌ. والجِدارُ: الْحَائِطُ، وَالْجَمْعُ جُدُرٌ، وجُدْرانٌ جَمْعُ الْجَمْعِ مِثْلُ بَطْنٍ وبُطْنانٍ «2» ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَهُوَ مِمَّا اسْتَغْنَوْا فِيهِ بِبِنَاءِ أَكثر الْعَدَدِ عَنْ بِنَاءِ أَقله، فَقَالُوا ثَلَاثَةُ جُدُرٍ؛ وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَو غَيْرِهِ: إِذا اشْتَرَيْتَ اللَّحْمَ يَضْحَكُ جَدْرُ الْبَيْتِ؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَدْرٌ لُغَةً فِي جِدارٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّوَابُ عِنْدِي تَضْحَكُ جُدُرُ الْبَيْتِ، وَهُوَ جَمْعُ جِدارٍ، وَهَذَا مَثَلٌ وإِنما يُرِيدُ أَن أَهل الدَّارِ يَفْرَحُونَ. الْجَوْهَرِيُّ: الجَدْرُ والجِدَارُ الْحَائِطُ. وجَدَرَه يَجْدُرُه جَدْراً: حَوَّطه. واجْتَدَرَهُ: بَنَاهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تَشْيِيد أَعْضادِ البِناء المُجْتَدَرْ
وجَدَّرَهُ: شَيَّدَهُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وآخَرُون كالحَمِيرِ الجُشَّرِ، ... كأَنَّهُمْ فِي السَّطْحِ ذِي المُجَدَّرِ
إِنما أَراد ذِي الْحَائِطِ الْمُجَدَّرِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد ذِي التَّجْدِيرِ أَي الَّذِي جُدّر وشُيِّدَ فأَقام المُفَعَّل مقامَ التَّفْعيل لأَنهما جَمِيعًا مَصْدَرَانِ لفَعَّلَ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
إِنَّ المُوَقَّى مِثْلُ مَا لَقِيتُ
أَي إِن التَّوْقِيَةَ. وجَدَرَ الرجلُ: تَوَارَى بالجِدارِ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وأَنشد:
إِنَّ صُبَيْحَ بْنَ الزُّبَيْرِ فأَرَا ... فِي الرَّضْمِ، لَا يَتْرُك مِنْهُ حَجَرا
إِلَّا مَلاه حِنْطَةً وجَدَرا
قَالَ: وَيُرْوَى حَشَاهُ. وفأَر: حَفَرَ. قَالَ: هَذَا سَرَقَ حِنْطَةً وخبأَها. والجَدَرَةُ: حَيٌّ مِنَ الأَزد بَنَوْا جِدارَ الْكَعْبَةِ فسُمُّوا الجَدَرَة لِذَلِكَ. والجَدْرُ: أَصلُ الجِدارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ جَدْرَهُ
أَي أَصله، وَالْجَمْعُ جُدُورٌ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الْجَوَانِبُ؛ وأَنشد:
تَسْقي مَذانِبَ قَدْ طالَتْ عَصِيفتُها، ... جُدُورُها مِنْ أَتِيِّ الْمَاءِ مَطْمُومُ
قَالَ: أَفرد مَطْمُومًا لأَنه أَراد ما حول الجُدُورِ،
__________
(2) . قوله: [مثل بطن وبطنان] كذا في الصحاح. ولعل التمثيل: إنما هو بين جدران وبطنان فقط بقطع النظر عن المفرد فيهما. وفي المصباح: وَالْجِدَارُ الْحَائِطُ وَالْجَمْعُ جُدُرٌ مثل كتاب وكتب والجدر لغة في الجدار وجمعه جدران(4/121)
وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالَ مَطْمُومَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ حِينَ اخْتَصَمَ هُوَ والأَنصاري إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فِي سُيول شِراجِ الحَرَّةِ: اسْقِ أَرْضَكَ حَتَّى يَبْلُغَ الماءُ الجَدْرَ
؛ أَراد مَا رُفِعَ مِنْ أَعضاد الْمَزْرَعَةِ لتُمْسكَ الْمَاءَ كَالْجِدَارِ، وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ لَهُ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يبلغَ الجُدَّ؛ هِيَ المُسنَّاةُ وَهُوَ مَا رُفِعَ حَوْلَ الْمَزْرَعَةِ كالجِدارِ، وَقِيلَ: هُوَ لُغَةٌ فِي الْجِدَارِ، وَرُوِيَ الجُدُر، بِالضَّمِّ، جَمْعُ جِدَارٍ، وَيُرْوَى بِالذَّالِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ
لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَخاف أَن يَدْخُلَ قُلُوبَهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الجَذْرَ فِي الْبَيْتِ
؛ يُرِيدُ الحِجْرَ لِمَا فِيهِ مِنْ أُصول حَائِطِ الْبَيْتِ. والجُدُرُ: الْحَوَاجِزُ الَّتِي بَيْنَ الدِّبارِ الْمُمْسِكَةِ الْمَاءَ. والجَدِيرُ: الْمَكَانُ يُبْنَى حَوْلَهُ جِدارٌ. اللَّيْثُ: الجَدِيرُ مَكَانٌ قَدْ بُنِيَ حَوَالَيْهِ مَجْدورٌ؛ قَالَ الأَعشى:
ويَبْنُونَ فِي كُلِّ وادٍ جَدِيرا
وَيُقَالُ لِلْحَظِيرَةِ مِنْ صَخْرٍ: جَدِيرَةٌ. وجُدُورُ الْعِنَبِ: حَوَائِطُهُ، وَاحِدُهَا جَدْرٌ. وجَدْراءُ الكَظَامَة: حَافَّاتُهَا، وَقِيلَ: طِينُ حَافَّتَيْهَا. والجِدْرُ: نَبَاتٌ «1» . وَاحِدَتُهُ جِدْرَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الجَدْرُ كَالْحَلَمَةِ غَيْرَ أَنه صَغِيرٌ يَتَرَبَّلُ وَهُوَ مِنْ نَبَاتِ الرَّمْلِ يَنْبُتُ مَعَ المَكْرِ، وَجَمْعُهُ جُدُورٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ وَوَصَفَ ثَوْرًا:
أَمْسَى بذاتِ الحاذِ والجُدُورِ
التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ: الجَدْرُ ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ، الْوَاحِدَةُ جَدْرَةٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
مَكْراً وجَدْراً واكْتَسَى النَّصِيُ
قَالَ: وَمِنْ شَجَرِ الدِّقِّ ضُرُوبٌ تَنْبُتُ فِي القِفاف والصِّلابِ، فإِذا أَطلعت رؤوسها فِي أَول الرَّبِيعِ قِيلَ: أَجْدَرَتِ الأَرْضُ. وأَجْدَرَ الشَّجَرُ، فَهُوَ جَدْرٌ، حَتَّى يَطُولَ، فإِذا طَالَ تَفَرَّقَتْ أَسماؤه. وجَدَرٌ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ، وَفِي الصِّحَاحِ: قَرْيَةٌ بِالشَّامِ تُنْسَبُ إِليها الْخَمْرُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَمَا إِنْ رَحيقٌ سَبَتْها التِّجَارُ ... مِنْ أَذْرِعَاتٍ، فَوَادي جَدَرْ
وَخَمْرٌ جَيْدَرِيَّةٌ: مَنْسُوبٌ إِليها، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ مَعْبَدُ بْنُ سَعْنَةَ:
أَلا يَا اصْبَحَاني قَبْلَ لَوْمِ العَواذِلِ، ... وقَبْلَ وَدَاعٍ مِنْ رُبَيْبَةَ عاجِلِ
أَلا يَا اصْبَحَاني فَيْهَجاً جَيْدَرِيَّةً، ... بماءٍ سَحَابٍ، يَسْبِقِ الحَقَّ باطِلي
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ أَلا يَا اصْبَحِينا، وَالصَّوَابُ مَا أَوردناه لأَنه يُخَاطِبُ صَاحِبَيْهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْفَيْهَجُ هُنَا الْخَمْرُ وأَصله مَا يُكَالُ بِهِ الْخَمْرُ، وَيَعْنِي بِالْحَقِّ الْمَوْتَ وَالْقِيَامَةَ، وَقَدْ قِيلَ: إِن جَيْدَراً مَوْضِعٌ هُنَالِكَ أَيضاً فإِن كَانَتِ الْخَمْرُ الْجَيْدَرِيَّةُ مَنْسُوبَةً إِليه فَهُوَ نَسَبٌ قِيَاسِيٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ ذِي الجَدْرِ، بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونُ الدَّالِ، مَسْرَحٌ عَلَى سِتَّةِ أَميال مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَتْ فِيهِ لِقاحُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا أُغير عَلَيْهَا. والجَيْدَرُ والجَيْدَرِيُّ والجَيْدَرانُ: القصِير، وَقَدْ يُقَالُ لَهُ جَيْدَرَةٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وَقَالَ الْفَارِسِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالُوا لَهُ دَحْداحة ودِنَّبَةٌ وحِنْزَقْرَة. وامرأَة جَيْدَرَةٌ وجَيْدَرِيَّةٌ؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
ثَنَتْ عُنُقاً لَمْ تَثْنِها جَيْدرِيَّةٌ ... عَضَادٌ، وَلَا مَكْنُوزة اللحمِ ضَمْزَرُ
والتَّجْدِيرُ: القِصَرُ، وَلَا فِعْلَ لَهُ؛ قَالَ:
__________
(1) . قوله: [والجدر نبات إلخ] هو بكسر الجيم وأما الذي من نبات الرمل فبفتحها كما في القاموس(4/122)
إِني لأَعْظُمُ فِي صَدْرِ الكَمِيِّ، عَلَى ... مَا كانَ فيَّ مِنَ التَّجْدِيرِ والقِصَرِ
أَعاد الْمَعْنَيَيْنِ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ، كَمَا قَالَ:
وهِنْدٌ أَتَى مِنْ دونِها النَّأْيُ والبُعْدُ
الْجَوْهَرِيُّ: وجَنْدَرْتُ الْكِتَابَ إِذا أَمررت القَلَم عَلَى مَا دَرَسَ مِنْهُ لِيَتَبَيَّنَ؛ وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ إِذا أَعدت وَشْيَه بعد ما كَانَ ذَهَبَ، قَالَ: وأَظنه معرّباً.
جذر: جَذَرَ الشيءَ يَجْذُرُه جَذْراً: قَطَعَهُ واستأْصله. وجَذْرُ كُلِّ شَيْءٍ: أَصلُه. والجَذْرُ: أَصل اللِّسَانِ وأَصلُ الذَّكَرِ وأَصل كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ شَمِرٌ: إِنه لَشَدِيدُ جَذْرِ [جِذْرِ] اللِّسَانِ وَشَدِيدُ جَذْرِ الذكَر أَي أَصله؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
رَأَتْ كَمَراً مِثْلَ الجَلامِيد أَفْتَحَتْ ... أَحالِيلَها، حَتَّى اسْمَأَدَّتْ جُذورُها
وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: نَزَلَتِ الأَمانَةُ فِي جَذْر قُلُوبِ الرِّجَالِ
أَي فِي أَصلها؛ الجَذْرُ [الجِذْرُ] : الأَصلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ بَقَرَةً وَحْشِيَّةً:
وسامِعتَيْنِ تَعْرِفُ العِتْقَ فِيهِمَا، ... إِلى جَذْرِ مَدْلُوكِ الكُعُوبِ مُحَدَّدِ
يَعْنِي قَرْنَهَا. وأَصلُ كُلِّ شَيْءٍ: جَذْرُه، بِالْفَتْحِ؛ عَنِ الأَصمعي، وجِذره، بِالْكَسْرِ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو. أَبو عَمْرٍو: الْجِذْرُ، بِالْكَسْرِ، والأَصمعي بِالْفَتْحِ. وَقَالَ ابْنُ جَبَلَةَ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْهُ فَقَالَ: هُوَ جَذْرٌ، قَالَ: وَلَا أَقول جِذْرٌ، قَالَ: والجَذْر أَصل حِسابٍ ونَسَبٍ. والجَذْرُ: أَصلُ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: وجَذْرُ [جِذْرُ] كُلِّ شَيْءٍ أَصله، وجَذْرُ العُنُقِ: مَغْرِزُها؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ وأَنشد:
تَمُجُّ ذَفَارِيهنَّ مَاءً كَأَنَّهُ ... عَصِيمٌ، عَلَى جَذْرِ السَّوالِفِ، مُغْفُرُ
وَالْجَمْعُ جُذُورٌ. والحسابُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَة وَكَذَا فِي كَذَا تَقُولُ: مَا جَذْرُه أَي مَا يَبْلُغُ تَمَامُهُ؟ فَتَقُولُ: عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةِ مائةٌ، وَخَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ خمسةٌ وَعِشْرُونَ، أَي فَجَذْرُ مِائَةٍ عَشَرَةٌ وجَذْرُ خمسةٍ وَعِشْرِينَ خمسةٌ. وعشرةٌ فِي حِسَابِ الضَّرْبِ: جَذْرُ مِائَةٍ ابنُ جَنَبَةَ. الجَذْرُ جَذْرُ الْكَلَامِ وَهُوَ أَن يَكُونَ الرَّجُلُ مُحْكِمًا لَا يَسْتَعِينُ بأَحد وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَحد وَلَا يُعَابُ فَيُقَالُ: قاتَلَهُ اللهُ كَيْفَ يَجْذِرُ فِي الْمُجَادَلَةِ؟ وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ: احْبِس الماءَ حَتَّى يَبْلُغَ الجَذْرَ
؛ يُرِيدُ مَبْلَغَ تمامِ الشُّرْبِ مِنْ جَذْرِ الْحِسَابِ وَهُوَ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، أَصل كُلِّ شَيْءٍ؛ وَقِيلَ: أَراد أَصل الْحَائِطِ، وَالْمَحْفُوظُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: سأَلتُهُ عَنِ الجَذْرِ، قَالَ: هُوَ الشَّاذَرْوانُ الفارِغُ مِنَ الْبِنَاءِ حولَ الْكَعْبَةِ.
والمُجَذَّرُ: الْقَصِيرُ الغليظُ الشَّثْنُ الأَطرافِ، وَزَادَ التَّهْذِيبُ: مِنَ الرِّجَالِ؛ قَالَ:
إِنَّ الخِلافةَ لَمْ تَزَلْ مَجْعُولَةً ... أَبداً عَلَى جاذِي اليَدَيْنِ مُجَذَّرِ
وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
البُحْتُر المُجَذَّر الزَّوَّال
يُرِيدُ فِي مِشْيَتِهِ، والأُنثى بِالْهَاءِ، والجَيْذَرُ مِثْلُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْعَجُزُ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ وَزَعَمَ أَن أَبا عَمْرٍو أَنشده، قَالَ: وَالْبَيْتُ كُلُّهُ مُغَيَّرٌ وَالَّذِي أَنشده أَبو عَمْرٍو لأَبي السَّوداءِ العِجْلِيِّ وَهُوَ:
البُهْتُرِ المُجَدَّرِ الزَّوَّاكِ
وَقَبْلَهُ:
تَعَرَّضَتْ مُرَيْئَةُ الحَيَّاكِ ... لِناشِئٍ دَمَكْمَكٍ نَيَّاكِ،
البُهْتُرِ المُجَدَّرِ الزَّوَّاكِ،(4/123)
فأَرَّها بقاسِحٍ بَكَّاكِ، ... فَأَوْزَكَتْ لِطَعْنِهِ الدَّرَّاكِ،
عِنْدَ الخِلاطِ، أَيَّما إِيزاكِ ... وبَرَكَتْ لِشَبِقٍ بَرَّاكِ،
مِنها عَلَى الكَعْثَبِ والمَناكِ، ... فَداكَها بِمُنْعِظٍ دَوَّاكِ،
يَدْلُكُها، فِي ذَلِكَ العِراكِ، ... بالقَنْفَرِيشِ أَيَّما تَدْلاكِ
الْحَيَّاكُ: الَّذِي يَحِيكُ فِي مِشْيَتِهِ فَيُقَارِبُهَا. وَالْبُهْتُرُ: الْقَصِيرُ. وَالْمُجَدَّرُ: الْغَلِيظُ، وَكَذَلِكَ الْجَادِرُ. وَالدَّمَكْمَكُ: الشَّدِيدُ. وأَرّها: نَكَحَهَا. وَالْقَاسِحُ: الصُّلْبُ. وَالْبَكَّاكُ: مِنَ البَكِّ، وَهُوَ الزَّحْمُ. وَدَاكَهَا: مِنَ الدَّوْك، وَهُوَ السَّحْقُ. يُقَالُ: دُكْتُ الطِّيبَ بالفِهْرِ عَلَى المَدَاكِ. وَالْقَنْفَرِيشُ: الأَير الْغَلِيظُ، وَيُقَالُ: الْقَنْفَرِشُ أَيضاً، بِغَيْرِ يَاءٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ قَرَنُوني بِعَجُوزٍ جَحْمَرِشْ، ... تُحِبُّ أَنْ يُغْمَزَ فِيهَا القَنْفَرِشْ
وَنَاقَةٌ مُجَذَّرَةٌ: قَصِيرَةٌ شَدِيدَةٌ. أَبو زَيْدٍ: جَذَرْتُ الشَّيْءَ جَذْراً وأَجْذَرْتُه استأْصلته. الأَصمعي: جَذَرْتُ الشَّيْءَ أَجْذُرُه قَطَعْتُهُ. وَقَالَ أَبو أُسَيْدٍ: الجَذْرُ الِانْقِطَاعُ أَيضاً مِنَ الحَبْلِ وَالصَّاحِبِ والرُّفْقَة مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وأَنشد:
يَا طِيبَ حالٍ قَضَاهُ اللَّهُ دُونَكُمُ، ... واسْتَحْصَدَ الحَبْلُ مِنْكِ اليومَ فانَجذَرا
أَي انْقَطَعَ. والجُؤْذُرُ والجُوذَرُ: وَلَدُ الْبَقَرَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْبَقَرَةُ الْوَحْشِيَّةُ، وَالْجَمْعُ جآذِرُ. وَبَقَرَةٌ مُجْذِرٌ: ذَاتُ جُؤْذَر؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلِذَلِكَ حَكَمْنَا بِزِيَادَةِ هَمْزَةِ جُؤْذُر ولأَنها قَدْ تُزَادُ ثَانِيَةً كَثِيرًا. وَحَكَى ابْنُ جِنِّيٍّ جُؤْذُراً وجُؤْذَراً فِي هَذَا الْمَعْنَى، وكَسَّرَه عَلَى جَواذِرَ. قَالَ: فإِن كَانَ ذَلِكَ فَجُؤْذُر فُؤْعُلٌ وجُؤْذَرٌ فُؤْعَلٌ. وَيَكُونُ جُوذُرٌ وجوذَرٌ مُخَفَّفًا مِنْ ذَلِكَ تَخْفِيفًا بَدَلِيًّا أَو لُغَةً فِيهِ. وَحَكَى ابْنُ جِنِّيٍّ أَن جَوْذَراً عَلَى مِثَالِ كَوْثَرٍ لُغَةٌ فِي جُوذَرٍ، وَهَذَا مِمَّا يَشْهَدُ لَهُ أَيضاً بِالزِّيَادَةِ لأَن الْوَاوَ ثانِيةً لَا تَكُونُ أَصلًا فِي بَنَاتِ الأَربعة. والجَيْذَرُ: لُغَةٌ فِي الجَوْذَرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الجَيْذَرَ والجَوْذَر عَرَبِيَّانِ، والجُؤْذُر والجُؤْذَر فارسيان.
جذأر: اللَّيْثُ: المُجْذَئِرُّ الْمُنْتَصِبُ للسِّبَابِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
تَبِيتُ عَلَى أَطرافِها مُجْذَئِرَّةً، ... تُكابِدُ هَمّاً مِثْلَ هَمِّ المُخاطِرِ
ابْنُ بُزُرْج: المُجْذَئِرُّ الْمُنْتَصِبُ الَّذِي لَا يبرحُ. والمُجْذَئِرُّ مِنَ النَّبَاتِ الَّذِي نَبَتَ وَلَمْ يَطُلْ، وَمِنَ الْقُرُونِ حِينَ يُجَاوِزُ النجومَ وَلَمْ يَغْلُظْ.
جذمر: الجِذْمارُ والجُذْمُورُ: أَصل الشَّيْءِ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا قُطعت السَّعَفَةُ فَبَقِيَتْ مِنْهَا قِطْعَةٌ مِنْ أَصل السعَفة فِي الجِذْعِ، بِزِيَادَةِ الْمِيمِ، وَكَذَلِكَ إِذا قُطِعَتِ النَّبْعَةُ فَبَقِيَتْ مِنْهَا قِطْعَةٌ، وَمِثْلُهُ الْيَدُ إِذا قُطِعَتْ إِلَّا أَقَلَّها. التَّهْذِيبُ: وَمَا بَقِيَ مِنْ يَدِ الأَقطع عِنْدَ رأْس الزَّنْدَيْنِ جُذْمُورٌ؛ يُقَالُ: ضَرَبَهُ بِجُذْموره وَبِقِطْعَتِهِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبْرَةَ يَرْثِي يَدَهُ:
فإِن يَكُنْ أَطربُونُ الرُّومِ قَطَّعَها، ... فإِنَّ فِيهَا بحمدِ اللَّهِ مُنْتَفَعَا
بَنَانَتانِ وجُذْمُورٌ أُقِيمُ بِهَا ... صَدْرَ القَناةِ، إِذا مَا صارِخٌ فَزِعا
وَيُرْوَى إِذا مَا آنَسُوا فَزَعا. ابْنُ الأَعرابي: الجُذْمُورُ بَقِيَّةُ كُلِّ شَيْءٍ مَقْطُوعٍ، وَمِنْهُ جُذْمُورُ الكِباسَةِ. وَرَجُلٌ جُذامِرٌ: قَطَّاعٌ لِلْعَهْدِ والرَّحِم؛(4/124)
قَالَ تأَبَّطَ شَرّاً:
فإِن تَصْرِمِينِي أَو تُسِيئِي جَنابَتِي، ... فإِنِّي لَصَرَّامُ المُهِينِ جُذامِرُ
وأَخذ الشيءَ بِجُذْمُورِه وبجَذامِيرِه أَي بِجَمِيعِهِ، وَقِيلَ: أَخذه بِجُذْمُورِه أَي بِحِدْثانِهِ. الْفَرَّاءُ: خُذْهُ بجِذْمِيرِه وجِذْمارِه وجُذْمُورِه؛ وأَنشد:
لَعَلَّكَ إِنْ أَرْدَدْتَ مِنْهَا حَلِيَّةً ... بِجُذْمُورِ مَا أَبَقْىَ لَكَ السَّيْفُ، تَغْضَبُ
جرر: الجَرُّ: الجَذْبُ، جَرَّهُ يَجُرُّه جَرّاً، وجَرَرْتُ الْحَبْلَ وَغَيْرَهُ أَجُرُّه جَرّاً. وانْجَرَّ الشيءُ: انْجَذَب. واجْتَرَّ واجْدَرَّ قَلَبُوا التَّاءَ دَالًا، وَذَلِكَ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ؛ قَالَ:
فقلتُ لِصاحِبي: لَا تَحْبِسَنَّا ... بِنَزْعِ أُصُولِه واجْدَرَّ شِيحَا
وَلَا يُقَاسُ ذَلِكَ. لَا يُقَالُ فِي اجْتَرَأَ اجْدَرَأَ وَلَا فِي اجْتَرَحَ اجْدَرَحَ؛ واسْتَجَرَّه وجَرَّرَهُ وجَرَّرَ بِهِ؛ قَالَ:
فَقُلْتُ لَهَا: عِيشِي جَعَارِ، وجَرِّرِي ... بِلَحْمِ امْرِئٍ لَمْ يَشْهَدِ الْيَوْمَ ناصِرُهْ
وتَجِرَّة: تَفْعِلَةٌ مِنْهُ. وجارُّ الضَّبُعِ: المطرُ الَّذِي يَجُرُّ الضبعَ عَنْ وجارِها مِنْ شِدَّتِهِ، وَرُبَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ السَّيْلُ الْعَظِيمِ لأَنه يَجُرُّ الضباعَ مِنْ وُجُرِها أَيضاً، وَقِيلَ: جارُّ الضَّبُعِ أَشدّ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَطَرِ كأَنه لَا يَدَعُ شَيْئًا إِلَّا جَرَّهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْمَطَرِ الَّذِي لَا يَدَعُ شَيْئًا إلَّا أَساله وجَرَّهُ: جاءَنا جارُّ الضَّبُعِ، وَلَا يَجُرُّ الضبعَ إِلَّا سَيْلٌ غالبٌ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: جِئْتُكَ فِي مِثْلِ مَجَرِّ الضَّبُعِ؛ يُرِيدُ السَّيْلَ قَدْ خَرَقَ الأَرض فكأَنَّ الضَّبُعَ جُرَّتْ فِيهِ؛ وأَصابتنا السَّمَاءُ بجارِّ الضَّبُعِ. أَبو زَيْدٍ: غَنَّاه فَأَجَرَّه أَغانِيَّ كَثِيرَةً إِذا أَتبَعَه صَوْتًا بَعْدَ صَوْت؛ وأَنشد:
فَلَمَّا قَضَى مِنِّي القَضَاءَ أَجَرَّني ... أَغانِيَّ لَا يَعْيَا بِهَا المُتَرَنِّمُ
والجارُورُ: نَهَرَ يَشُقُّهُ السَّيْلُ فيجرُّه. وجَرَّت المرأَة وَلَدَهَا جَرّاً وجَرَّت بِهِ: وَهُوَ أَن يَجُوزَ وِلادُها عَنْ تِسْعَةِ أَشهر فَيُجَاوِزُهَا بأَربعة أَيام أَو ثَلَاثَةٍ فَيَنْضَج وَيَتِمُّ فِي الرَّحِمِ. والجَرُّ: أَن تَجُرَّ. الناقّةُ ولدَها بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ شَهْرًا أَو شَهْرَيْنِ أَو أَربعين يَوْمًا فَقَطْ. والجَرُورُ: مِنَ الْحَوَامِلِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: مِنَ الإِبل الَّتِي تَجُرُّ ولدَها إِلى أَقصى الْغَايَةِ أَو تُجَاوِزُهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جَرَّتْ تَمَامًا لَمْ تُخَنِّقْ جَهْضا
وجَرَّت النَّاقَةُ تَجُرُّ جَرّاً إِذا أَتت عَلَى مَضْرَبِها ثُمَّ جَاوَزَتْهُ بأَيام وَلَمْ تُنْتَجْ. والجَرُّ: أَن تَزِيدَ النَّاقَةُ عَلَى عَدَدِ شُهُورِهَا. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: النَّاقَةُ تَجُرُّ ولدَها شَهْرًا. وَقَالَ: يُقَالُ أَتم مَا يَكُونُ الْوَلَدُ إِذا جَرَّتْ بِهِ أُمّه. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الجَرُورُ الَّتِي تَجُرُّ ثَلَاثَةَ أَشهر بَعْدَ السَّنَةِ وَهِيَ أَكرم الإِبل. قَالَ: وَلَا تَجُرُّ إِلَّا مَرابيعُ الإِبل فأَما المصاييفُ فَلَا تَجُرُّ. قَالَ: وإِنما تَجُرُّ مِنَ الإِبل حُمْرُها وصُهْبُها ورُمْكُها وَلَا يَجُرُّ دُهْمُها لِغِلَظِ جُلُودِهَا وَضِيقِ أَجوافها. قَالَ: وَلَا يَكَادُ شَيْءٌ مِنْهَا يَجُرُّ لِشِدَّةِ لُحُومِهَا وجُسْأَتِها، والحُمْرُ والصُّهْبُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَقَفَّصَ وَلَدُهَا فَتُوثَقُ يَدَاهُ إِلى عُنُقِهِ عِنْدَ نِتاجِه فَيُجَرُّ بَيْنَ يَدَيْهَا ويُسْتَلُّ فصِيلُها، فَيُخَافُ عَلَيْهِ أَن يَمُوتَ، فَيُلْبَسُ الخرقةَ حَتَّى تَعْرِفَهَا أُمُّهُ عَلَيْهِ، فإِذا مَاتَ أَلبسوا تِلْكَ الخرقةَ فَصِيلًا آخَرَ ثُمَّ ظَأَرُوها عَلَيْهِ وسَدّوا مَنَاخِرَهَا فَلَا تُفْتَحُ حَتَّى يَرْضَعَها ذَلِكَ الفصيلُ فَتَجِدَ رِيحَ لَبَنِهَا مِنْهُ فَتَرْأَمَه. وجَرَّت الفرسُ تَجُرُّ جَرّاً، وَهِيَ جَرُورٌ إِذا(4/125)
زَادَتْ عَلَى أَحد عَشَرَ شَهْرًا وَلَمْ تَضَعْ مَا فِي بَطْنِهَا، وَكُلَّمَا جَرَّتْ كَانَ أَقوى لِوَلَدِهَا، وأَكثرُ زَمَنِ جَرِّها بَعْدَ أَحد عَشَرَ شَهْرًا خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَهَذَا أَكثر أَوقاتها. أَبو عُبَيْدَةَ: وَقْتُ حَمْلِ الْفَرَسِ مِنْ لَدُنْ أَن يقطعوا عنها السِّقادَ إِلى أَن تَضَعَهُ أَحد عَشَرَ شَهْرًا، فإِن زَادَتْ عَلَيْهَا شَيْئًا قَالُوا: جَرَّتْ. التَّهْذِيبُ: وأَما الإِبل الجارَّةُ فَهِيَ الْعَوَامِلُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الجارَّةُ الإِبل الَّتِي تُجَرُّ بالأَزِمَّةِ، وَهِيَ فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، مِثْلُ عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ بِمَعْنَى مَرَضِيَّةٍ، وَمَاءٌ دَافِقٌ بِمَعْنَى مَدْفُوقٍ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ جارَّةً فِي سَيْرِهَا. وجَرُّها: أَن تُبْطِئَ وتَرْتَع. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ فِي الإِبل الجارَّةِ صَدَقَةٌ
، وَهِيَ الْعَوَامِلُ، سُمِّيَتْ جارَّةً لأَنها تُجَرُّ جَرّاً بِأَزِمَّتِها أَي تُقاد بخُطُمِها وأَزِمَّتِها كأَنها مَجْرُورَةٌ فَقَالَ جارَّة، فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، كأَرض عَامِرَةٍ أَي معمورة بِالْمَاءِ، أَراد لَيْسَ فِي الإِبل الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهِيَ رَكَائِبُ الْقَوْمِ لأَن الصَّدَقَةَ فِي السَّوَائِمِ دُونَ الْعَوَامِلِ. وفلانٌ يَجُرُّ الإِبل أَي يَسُوقُهَا سَوْقاً رُوَيْداً؛ قَالَ ابْنُ لجَأ:
تَجُرُّ بالأَهْوَنِ مِنْ إِدْنائِها، ... جَرَّ العَجُوزِ جانِبَيْ خَفَائِها
وَقَالَ:
إِن كُنْتَ يَا رَبَّ الجِمالِ حُرَّا، ... فارْفَعْ إِذا مَا لَمْ تَجِدْ مَجَرَّا
يَقُولُ: إِذا لَمْ تجد الإِبل مرتعاً فارفع في سيرها، وهذا كقوله: إِذا سَافَرْتُمْ فِي الجدْبِ فاسْتَنْجُوا؛ وقال الآخر:
أَطْلَقَها نِضْوَ بِلَى طُلَّحِ، ... جَرّاً عَلَى أَفْواهِهِنَّ السُّجُحِ «2»
. أَراد أَنها طِوال الْخَرَاطِيمِ. وجَرَّ النَّوْءُ المكانَ: أَدامَ المَطَرَ؛ قَالَ حُطَامٌ المُجاشِعِيُّ:
جَرَّ بِهَا نَوْءٌ مِنَ السِّماكَيْن
والجَرُورُ مِنَ الرَّكايا وَالْآبَارِ: البعيدةُ القَعْرِ. الأَصمعي: بِئْرٌ جَرُورٌ وَهِيَ الَّتِي يُسْتَقَى مِنْهَا عَلَى بَعِيرٍ، وإِنما قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لأَن دَلْوها تُجَرُّ عَلَى شَفِيرها لبُعْدِ قَعْرِها. شَمِرٌ: امرأَة جَرُورٌ مُقْعَدَةٌ، ورَكِيَّةٌ جَرُورٌ: بَعِيدَةُ الْقَعْرِ؛ ابْنُ بُزُرْجٍ: مَا كَانَتْ جَرُوراً وَلَقَدْ أَجَرَّتْ، وَلَا جُدّاً وَلَقَدْ أَجَدَّتْ، وَلَا عِدّاً وَلَقَدْ أَعَدَّتْ. وَبَعِيرٌ جَرُورٌ: يُسْنى بِهِ، وَجَمْعُهُ جُرُرٌ. وجَرَّ الفصيلَ جَرّاً وأَجَرَّه: شَقَّ لِسَانَهُ لِئَلَّا يَرْضَعَ؛ قَالَ:
عَلَى دِفِقَّى المَشْيِ عَيْسَجُورِ، ... لَمْ تَلْتَفِتْ لِوَلَدٍ مَجْرُورِ
وَقِيلَ: الإِجْرارُ كالتَّفْلِيك وَهُوَ أَن يَجْعَلَ الرَّاعِيَ مِنَ الهُلْبِ مِثْلَ فَلْكَةِ المِغْزَل ثُمَّ يَثْقُب لسانَ الْبَعِيرِ فَيَجْعَلَهُ فِيهِ لِئَلَّا يَرْضَعَ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ الْكِلَابَ وَالثَّوْرِ:
فَكَرَّ إِليها بِمْبراتِهِ، ... كَمَا خَلَّ ظَهْرَ اللسانِ المُجِرّ
واسْتَجَرَّ الفصِيلُ عَنِ الرَّضاع: أَخذته قَرْحَةٌ فِي فِيهِ أَو فِي سَائِرِ جَسَدِهِ فَكَفَّ عَنْهُ لِذَلِكَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَجْرَرْتُ الْفَصِيلَ إِذا شَقَقْتَ لِسَانَهُ لِئَلَّا يَرْضَع؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ:
فَلَوْ أَنَّ قَوْمِي أَنْطَقَتْنِي رِماحُهُمْ، ... نَطَقْتُ، ولكِنَّ الرِّماحَ أَجَرَّتِ
أَي لَوْ قَاتَلُوا وأَبلوا لَذَكَرْتُ ذَلِكَ وفَخَرْتُ بِهِمْ، وَلَكِنَّ رِمَاحَهُمْ أَجَرَّتْنِي أَي قَطَعَتْ لِسَانِي عَنِ الْكَلَامِ بِفِرارِهم، أَراد أَنهم لَمْ يُقَاتِلُوا. الأَصمعي: يُقَالُ
__________
(2) . قوله: [بلى طلح] كذا بالأصل(4/126)
جُرَّ الفَصِيلُ فَهُوَ مَجْرُورٌ، وأُجِرَّ فَهُوَ مُجَرٌّ؛ وأَنشد:
وإِنِّي غَيْرُ مَجْرُورِ اللِّسَانِ
اللَّيْثُ: الجَرِيرُ حَبْلُ الزِّمامِ، وَقِيلَ: الجَرِيرُ حَبْلٌ مِنْ أَدَمٍ يُخْطَمُ بِهِ البعيرُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَنْ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ وِتْرٍ أَصْبَحَ وَعَلَى رأْسِهِ جَرِيرٌ سَبْعُونَ ذِراعاً
؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الجَرِيرُ الحَبْلُ وجَمْعُه أَجِرَّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا كَانَ يَجُرُّ الجَرِيرَ فأَصاب صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ فَتَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا
؛ يُرِيدُ، أَنه كَانَ يَسْتَقِي الْمَاءَ بِالْحَبْلِ. وزِمامُ النَّاقَةِ أَيضاً: جَرِيرٌ؛ وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ جَنَابٍ فِي الجَرِيرِ فَجَعَلَهُ حَبْلًا:
فَلِكُلِّهِمْ أَعْدَدْتُ تَيْياحاً ... تُغَازِلُهُ الأَجِرَّهْ
وَقَالَ الْهَوَازِنِيُّ: الجَرِيرُ مِنْ أَدَمٍ مُلَيَّنٍ يُثْنَى عَلَى أَنف الْبَعِيرِ النَّجِيبةِ والفرسِ. ابْنُ سَمعانَ: أَوْرَطْتُ الجَرِيرَ فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ إِذا جَعَلْتَ طَرَفَهُ فِي حَلْقَتِه وَهُوَ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ جَذَبْتَهُ وَهُوَ حينئذٍ يَخْنُقُ الْبَعِيرَ؛ وأَنشد:
حَتَّى تَراها فِي الجَرِيرِ المُورَطِ، ... سَرْحِ القِيَادِ سَمْحَةَ التَّهَبُّطِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْلَا أَن تَغْلِبَكُمُ الناسُ عَلَيْهَا
، يَعْنِي زَمْزَمَ، لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ حَتَّى يُؤَثِّرَ الجَرِيرُ بظَهْرِي؛ هُوَ حَبْلٌ مِنْ أَدَمٍ نحوُ الزِّمام وَيُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْحِبَالِ الْمَضْفُورَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا مسلمةٍ ذكرٍ وَلَا أُنثى يَنَامُ بِاللَّيْلِ إِلَّا عَلَى رأْسه جَرِيرٌ معقودٌ، فإِن هُوَ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإِن قَامَ وتوضأَ انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا، وأَصْبَح نَشِيطاً قَدْ أَصاب خَيْرًا، وإِن هُوَ نَامَ لَا يَذْكُرُ اللَّهَ أَصبح عَلَيْهِ عُقَدُهُ ثَقِيلًا
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
وإِن لَمْ يُذْكَرِ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى يُصْبِحَ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذنيه
والجَرِيرُ: حَبْلٌ مَفْتُولٌ مِنْ أَدَمٍ يَكُونُ فِي أَعناق الإِبل، وَالْجَمْعُ أَجِرَّةٌ وَجُرَّانٌ. وأَجَرَّهُ: تَرَكَ الجَرِيرَ عَلَى عُنُقه. وأَجَرَّهُ جَرِيرة: خَلَّاهُ وسَوْمَهُ، وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ. وَيُقَالُ: قَدْ أَجْرَرْتُه رَسَنَهُ إِذا تَرَكْتَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ. الْجَوْهَرِيُّ: الجَرِيرُ حَبْلٌ يُجْعَلُ لِلْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ العِذَارِ لِلدَّابَّةِ غَيْرُ الزِّمام، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ جَرِيراً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الصَّحَابَةَ نَازَعُوا جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ زِمامَه فَقَالَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَلُّوا بَيْنَ جَرِيرٍ والجَرِيرِ
: أَي دَعُوا لَهُ زمامَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لَهُ نُقَادَةُ الأَسدي: إِني رَجُلٌ مُغْفِلٌ فأَيْنَ أَسِمُ؟ قَالَ: فِي مَوْضِعِ الجَرِيرَ مِنَ السَّالِفَةِ
؛ أَي فِي مُقَدَّم صَفْحَةِ الْعُنُقِ؛ والمُغْفِلُ: الَّذِي لَا وَسْمَ عَلَى إِبله. وَقَدْ جَرَرْتُ الشَّيْءَ أَجُرُّهُ جَرّاً. وأَجْرَرَتُه الدِّين إِذا أَخرته لَهُ. وأَجَرَّني أَغانيَّ إِذا تَابَعَهَا. وَفُلَانٌ يُجَارُّ فُلَانًا أَي يُطَاوِلُهُ. والتَّجْرِيرُ: الجَرُّ، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ وَالْمُبَالَغَةِ. واجْتَرَّه أَي جَرَّهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: طَعَنْتُ مُسَيْلِمَة وَمَشَى فِي الرُّمْحِ فَنَادَانِي رَجُلٌ أَنْ أَجْرِرْه الرُّمْحَ فَلَمْ أَفهم، فَنَادَانِي أَن أَلْقِ الرُّمْحَ مِنْ يَدَيْكَ
أَي اتْرُكِ الرُّمْحَ فِيهِ. يُقَالُ: أَجْرَرْتُه الرُّمْحَ إِذا طَعَنْتَهُ بِهِ فَمَشَى وَهُوَ يَجُرُّهُ كأَنك أَنت جَعَلْتَهُ يَجُرُّهُ. وَزَعَمُوا أَن عَمْرَو بْنَ بِشْرِ بْنِ مَرْثَدٍ حِينَ قَتَلَهُ الأَسَدِيُّ قَالَ لَهُ: أَجِرَّ لِي سَرَاوِيلِي فإِني لَمْ أَسْتَعِنْ «1» . قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَجْرَرْتُه رَسَنَهُ وأَجررته الرُّمْحَ إِذا طَعَنْتَهُ وَتَرَكْتَ الرُّمْحَ فِيهِ، أَي دَع السَّرَاوِيلَ عَلَيَّ أَجُرَّه، فَأَظهر الإِدغام عَلَى لُغَةِ أَهل الْحِجَازِ وَهَذَا أَدغم عَلَى لُغَةِ غَيْرِهِمْ؛ ويجوز أَن
__________
(1) . قوله: [لم أستعن] فعل من استعان أَي حلق عانته(4/127)
يَكُونَ لَمَّا سَلَبَهُ ثِيَابَهُ وأَراد أَن يأْخذ سَرَاوِيلَهُ قَالَ: أَجِرْ لِي سَرَاوِيلِي، مِنَ الإِجَارَةِ وَهُوَ الأَمانُ، أَي أَبقه عليَّ فَيَكُونُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ. وأَجَرَّه الرُّمْحَ: طَعَنَهُ بِهِ وَتَرَكَهُ فِيهِ: قَالَ عَنْتَرَةَ:
وآخَرُ مِنْهُمُ أَجْرَرْتُ رُمْحِي، ... وَفِي البَجْلِيِّ مِعْبَلَةٌ وقِيعُ
يُقَالُ: أَجَرَّه إِذا طَعَنَهُ وَتَرَكَ الرُّمْحَ فِيهِ يَجُرُّه. وَيُقَالُ: أَجَرَّ الرمحَ إِذا طَعَنَهُ وَتَرَكَ الرُّمْحَ فِيهِ؛ قَالَ الحَادِرَةُ وَاسْمُهُ قُطْبَةُ بْنُ أَوس:
ونَقِي بِصَالِحِ مَالِنَا أَحْسَابَنَا، ... ونَجُرُّ فِي الهَيْجَا الرِّماحَ ونَدَّعِي
ابْنُ السِّكِّيتِ: سُئِلَ ابنُ لِسَان الحُمَّرَة عَنِ الضأْن، فَقَالَ: مَالٌ صِدْقٌ قَرْيَةٌ لَا حِمَى لَهَا إِذا أُفْلِتَتْ مِنْ جَرَّتَيْها؛ قَالَ: يَعْنِي بِجَرَّتَيْها المَجَرَ فِي الدَّهْرِ الشَّدِيدِ والنَّشَرَ وَهُوَ أَن تَنْتَشِرَ بِاللَّيْلِ فتأْتي عَلَيْهَا السِّبَاعُ؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ المَجَرَ لَهَا جَرَّتَيْنِ أَي حِبَالَتَيْنِ تَقَعُ فِيهِمَا فَتَهْلِكُ. والجارَّةُ: الطَّرِيقُ إِلى الْمَاءِ. والجَرُّ: الحَبْلُ الَّذِي فِي وَسَطِهِ اللُّؤَمَةُ إِلى المَضْمَدَةِ؛ قَالَ:
وكَلَّفُوني الجَرَّ، والجَرُّ عَمَلْ
والجَرَّةُ: خَشَبة «1» . نَحْوُ الذِّرَاعِ يُجْعَلُ فِي رأْسها كِفَّةٌ وَفِي وَسَطِهَا حَبْلٌ يَحْبِلُ الظَّبْيَ ويُصَادُ بِهَا الظِّبَاءُ، فإِذا نَشِبَ فِيهَا الظَّبْيُ وَوَقَعَ فِيهَا نَاوَصَها سَاعَةً وَاضْطَرَبَ فِيهَا وَمَارَسَهَا لِيَنْفَلِتَ، فإِذا غَلَبَتْهُ وأَعيته سَكَنَ وَاسْتَقَرَّ فِيهَا، فَتِلْكَ المُسالَمَةُ. وَفِي الْمَثَلِ: نَاوَصَ الجَرَّةَ ثُمَّ سَالَمَها؛ يُضْرَبُ ذَلِكَ لِلَّذِي يُخَالِفُ الْقَوْمَ عَنْ رأْيهم ثُمَّ يَرْجِعُ إِلى قَوْلِهِمْ وَيُضْطَرُّ إِلى الوِفَاقِ؛ وَقِيلَ: يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يَقَعُ فِي أَمر فَيَضْطَرِبُ فِيهِ ثُمَّ يَسْكُنُ. قَالَ: وَالْمُنَاوَصَةُ أَن يَضْطَرِبَ فإِذا أَعياه الْخَلَاصُ سَكَنَ. أَبو الْهَيْثَمِ: مِنْ أَمثالهم: هُوَ كَالْبَاحِثِ عَنِ الجَرَّةِ؛ قَالَ: وَهِيَ عَصَا تُرْبَطُ إِلى حِبَالَةٍ تُغَيَّبُ فِي التُّرَابِ لِلظَّبْيِ يُصْطَاد بِهَا فِيهَا وَتَرٌ، فِإِذا دَخَلَتْ يَدُهُ فِي الْحِبَالَةِ انْعَقَدَتِ الأَوتار فِي يَدِهِ، فإِذا وَثَبَ ليُفْلِتَ فمدَّ يَدَهُ ضَرَبَ بِتِلْكَ الْعَصَا يَدَهُ الأُخْرَى وَرِجْلَهُ فَكَسَرَهَا، فَتِلْكَ الْعَصَا هِيَ الجَرَّةُ. والجَرَّةُ أَيضاً: الخُبْزْةُ الَّتِي فِي المَلَّةِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
داوَيْتُه، لَمَّا تَشَكَّى وَوَجِعْ، ... بِجَرَّةٍ مثلِ الحِصَانِ المُضْطَجِعْ
شَبَّهَهَا بِالْفَرَسِ لِعِظَمِهَا. وجَرَّ يَجُرُّ إِذا رَكِبَ نَاقَةً وَتَرَكَهَا تَرْعَى. وجَرَّتِ الإِبل تَجُرُّ جَرّاً: رَعَتْ وَهِيَ تَسِيرُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَا تُعْجِلَاها أَنْ تَجُرَّ جَرّاً، ... تَحْدُرُ صُفْراً وتُعَلِّي بُرّاً
أَي تُعَلِّي إِلى الْبَادِيَةِ البُرَّ وتَحْدُر إِلى الْحَاضِرَةِ الصُّفْرَ أَي الذَّهَبَ، فإِما أَن يَعْنِيَ بالصُّفْر الدَّنَانِيرَ الصُّفْرَ، وإِما أَن يَكُونَ سَمَّاهُ بِالصُّفْرِ الَّذِي تُعْمَلُ مِنْهُ الْآنِيَةُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُشَابَهَةِ حَتَّى سُمِّيَ اللاطُونُ شَبَهاً. والجَرُّ: أَن تَسِيرَ النَّاقَةُ وَتَرْعَى وَرَاكِبُهَا عَلَيْهَا وَهُوَ الِانْجِرَارُ؛ وأَنشد:
إِنِّي، عَلَى أَوْنِيَ وانْجِرارِي، ... أَؤُمُّ بالمَنْزِلِ وَالذَّرَارِي
أَراد بِالْمَنْزِلِ الثُّرَيَّا، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه شَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ وَمَعَهُ فَرَسٌ حَرُونٌ وَجَمَلٌ جَرُورٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْجَمَلُ الْجَرُورُ الَّذِي لَا يَنْقَادُ وَلَا يكاد يتبع
__________
(1) . قوله: [والجرة خشبة] بفتح الجيم وضمها، وأما التي بمعنى الخبزة الآتية، فبالفتح لا غير كما يستفاد من القاموس(4/128)
صَاحِبَهُ؛ وَقَالَ الأَزهري: هُوَ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. أَبو عُبَيْدٍ: الجَرُورُ مِنَ الْخَيْلِ الْبَطِيءُ وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ إِعياء وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ قِطَافٍ؛ وأَنشد لِلْعُقَيْلِيِّ:
جَرُورُ الضُّحَى مِنْ نَهْكَةٍ وسَآمِ
وَجَمْعُهُ جُرُرٌ، وأَنشد:
أَخَادِيدُ جَرَّتْها السَّنَابِكُ، غَادَرَتْ ... بِهَا كُلَّ مَشْقُوقِ القَمِيصِ مُجَدَّلِ
قِيلَ للأَصمعي: جَرَّتْهَا مِنَ الجَرِيرَةِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ مِنَ الجَرِّ فِي الأَرض والتأْثير فِيهَا، كَقَوْلِهِ:
مَجَرّ جُيوشٍ غَانِمِينَ وخُيَّبِ
وَفَرَسٌ جَرُورٌ: يَمْنَعُ الْقِيَادَ. والمَجَرَّةُ: السَّمْنَةُ الجامِدَةُ، وَكَذَلِكَ الكَعْبُ. والمَجَرَّةُ: شَرَجُ السَّمَاءِ، يُقَالُ هِيَ بَابُهَا وَهِيَ كَهَيْئَةِ الْقُبَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: المَجَرَّةُ بَابُ السَّمَاءِ وَهِيَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ فِي السَّمَاءِ والنِّسْرَان مِنْ جَانِبَيْهَا.
والمَجَرُّ: المَجَرَّةُ. وَمِنْ أَمثالهم: سَطِي مَجَر تُرْطِبْ هَجَر؛ يُرِيدُ تَوَسَّطِي يَا مَجَرَّةُ كَبِدَ السَّمَاءِ فإِن ذَلِكَ وَقْتَ إِرطاب النَّخِيلِ بِهَجَرَ. الْجَوْهَرِيُّ: المَجَرَّةُ فِي السَّمَاءِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها كأَثَرِ المَجَرَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: نَصَبْتُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي عَبَاءَةً وَعَلَى مَجَرّ بَيْتِي سِتْراً
؛ المَجَرُّ: هُوَ الْمَوْضِعُ المُعْتَرِضُ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَيْهِ أَطراف الْعَوَارِضِ وَتُسَمَّى الجائزَة. وَأَجْرَرْتُ لسانَ الْفَصِيلِ أَي شَقَقْتُهُ لِئَلَّا يَرْتَضِعَ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ ثَوْرًا وَكَلْبًا:
فَكَرَّ إِليه بِمِبْرَاتِهِ، ... كَمَا خَلَّ ظَهْرَ اللِّسَانِ المُجِرّ
أَي كَرَّ الثَّوْرُ عَلَى الْكَلْبِ بِمِبْرَاتِهِ أَي بِقَرْنِهِ فَشَقَّ بَطْنَ الْكَلْبِ كَمَا شَقَّ المُجِرُّ لِسَانَ الْفَصِيلِ لِئَلَّا يَرْتَضِعَ. وجَرَّ يَجُرُّ إِذا جَنَى جِنَايَةً. والجُرُّ: الجَرِيرَةُ، والجَرِيرةُ: الذَّنْبُ وَالْجِنَايَةُ يَجْنِيهَا الرَّجُلُ. وَقَدْ جَرَّ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ جَرِيرَةً يَجُرُّها جَرّاً أَي جَنَى عَلَيْهِمْ جِنَايَةً: قَالَ:
إِذا جَرَّ مَوْلانا عَلَيْنَا جَرِيرةً، ... صَبَرْنا لَهَا، إِنَّا كِرامٌ دعائِمُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ يَا محمدُ بِمَ أَخَذْتَني؟ قَالَ: بِجَريرَةِ حُلفَائك
؛ الجَرِيرَةُ: الْجِنَايَةُ وَالذَّنْبُ، وَذَلِكَ أَنه كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ ثَقِيفٍ مُوَادعةٌ، فَلَمَّا نَقَضُوهَا وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ بَنُو عَقِيلٍ وَكَانُوا مَعَهُمْ فِي الْعَهْدِ صَارُوا مِثْلَهم فِي نَقْضِ الْعَهْدِ فأَخذه بِجَريرَتهم؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أُخِذْتَ لِتُدْفَعَ بِكَ جَرِيرَةُ حُلَفَائِكَ مِنْ ثَقِيفٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنه فُدِيَ بعدُ بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْهُما ثَقِيفٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
لَقِيطٍ: ثُمَّ بايَعَهُ على أَن لا يَجُرَّ إِلَّا نَفْسَهُ
أَي لَا يُؤْخَذَ بجَرِيرةِ غَيْرِهِ مِنْ وَلَدٍ أَو وَالِدٍ أَو عَشِيرَةٍ؛ وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
لَا تُجارِّ أَخاك وَلَا تُشَارِّهِ
؛ أَي لَا تَجْنِ عَلَيْهِ وتُلْحِقْ بِهِ جَرِيرَةً، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تُماطِلْه، مِنَ الجَرِّ وَهُوَ أَن تَلْوِيَهُ بِحَقِّهِ وتَجُرَّه مِنْ مَحَلّهِ إِلى وَقْتٍ آخَرَ؛ وَيُرْوَى بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، مِنَ الجَرْي وَالْمُسَابَقَةِ، أَي لَا تُطَاوِلْهُ وَلَا تُغَالِبْهُ وفعلتُ ذَلِكَ مِنْ جَرِيرتَكِ وَمِنْ جَرَّاك وَمِنْ جَرَّائك أَي من أَجلك؛ أَنشد اللِّحْياني:
أَمِن جَرَّا بَنِي أَسَدٍ غَضِبْتُمْ؟ ... ولَوْ شِئْتُمْ لكانَ لَكُمْ جِوَارُ
ومِنْ جَرَّائِنَا صِرْتُمْ عَبِيداً ... لِقَوْمٍ، بَعْدَ ما وُطِئَ الخِيَارُ(4/129)
وأَنشد الأَزهري لأَبي النَّجْمِ:
فَاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ مِنْ جَرَّاها، ... وَاهاً لِرَيَّا ثُمَّ وَاهاً وَاها
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَةً دَخَلَتِ النارَ مِنْ جَرَّا هرَّةٍ
أَي مِنْ أَجلها. الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ فَعْلَى. وَلَا تَقُلْ مِجْراكَ؛ وَقَالَ:
أُحِبُّ السَّبْتَ مِنْ جَرَّاكِ لَيْلَى، ... كَأَنِّي، يَا سَلَامُ، مِنَ اليَهُودِ
قَالَ: وَرُبَّمَا قَالُوا مِنْ جَرَاك، غَيْرِ مُشَدَّدٍ، وَمِنْ جَرَائِكَ، بِالْمَدِّ مِنَ الْمُعْتَلِّ. والجِرَّةُ: جِرَّةُ الْبَعِيرِ حِينَ يَجْتَرُّها فَيَقْرِضُها ثُمَّ يَكْظِمُها. الْجَوْهَرِيُّ: الجِرَّةُ، بِالْكَسْرِ، مَا يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ للاجْتِرار. واجْتَرَّ الْبَعِيرُ: مِنَ الجِرَّةِ، وَكُلُّ ذِي كَرِشٍ يَجْتَرُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه خَطَبَ عَلَى نَاقَتِهِ وَهِيَ تَقْصَعُ بِجِرَّتها
؛ الجِرَّةُ: مَا يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ مِنْ بَطْنِهِ ليَمْضَغه ثُمَّ يَبْلَعَهُ، والقَصْعُ: شدَّةُ الْمَضْغِ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ مَعْبَدٍ: فَضَرَبَ ظهْرَ الشَّاةِ فاجْتَرَّتْ ودَرَّتْ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: لَا يَصْلُح هَذَا الأَمرُ إِلَّا لِمَنْ لَا يَحْنَقُ عَلَى جِرَّتِهِ
أَي لَا يَحْقِدُ عَلَى رَعِيَّتِهِ فَضَرَب الجِرَّةَ لِذَلِكَ مَثَلًا. ابْنُ سِيدَهْ: والجِرَّةُ مَا يُفِيضُ بِهِ البعيرُ مِنْ كَرِشه فيأْكله ثَانِيَةً. وَقَدِ اجْتَرَّت النَّاقَةُ وَالشَّاةُ وأَجَرَّتْ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وفلانٌ لَا يَحْنَقُ عَلَى جِرَّتِه أَي لَا يَكْتُمُ سِرًّا، وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ. وَلَا أَفْعَلُه مَا اخْتَلَفَ الدِّرَّةُ والجِرَّة، وَمَا خَالَفَتْ دِرَّةٌ جِرَّةً، وَاخْتِلَافُهُمَا أَن الدِّرَّة تَسْفُلُ إِلى الرِّجْلَين والجِرَّةَ تَعْلُو إِلى الرأْس.
وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي: أَن الحَجَّاجَ سأَل رَجُلًا قَدِمَ مِنَ الْحِجَازِ عَنِ الْمَطَرِ فَقَالَ: تَتَابَعَتْ عَلَيْنَا الأَسْمِيَةُ حَتَّى مَنَعت السِّفَارَ وتَظَالَمَتِ المِعزَى واجْتُلِبَتِ الدِّرَّة بالجِرَّة.
اجْتِلابُ الدِّرَّة بِالْجِرَّةِ: أَن الْمَوَاشِيَ تَتَملَّأُ ثُمَّ تَبْرُكُ أَو تَرْبِضُ فَلَا تَزَالُ تَجْتَرُّ إِلى حِينِ الحَلْبِ. والجِرَّة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ يُقِيمُونَ ويَظْعَنُون. وعَسْكَرٌ جَرّارٌ: كَثِيرٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَسِيرُ إِلَّا زَحْفاً لِكَثْرَتِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَرْعَنَ جَرَّاراً إِذا جَرَّ الأَثَرْ
قَوْلُهُ: جَرَّ الأَثَر يَعْنِي أَنه لَيْسَ بِقَلِيلٍ تَسْتَبِينُ فِيهِ آثَارًا وفَجْوَاتٍ. الأَصمعي: كَتِيبَةٌ جَرَّارَةٌ أَي ثَقِيلَةُ السَّيرِ لَا تَقْدِرُ عَلَى السَّيرِ إِلَّا رُوَيْداً مِنْ كَثْرَتِهَا. والجَرَّارَةُ: عَقْرَبٌ صَفْرَاءُ صَغِيرةٌ عَلَى شَكْلِ التِّبْنَةِ، سُمِّيَتْ جَرَّارَةً لِجَرّها ذَنَبَها، وَهِيَ مِنْ أَخبث الْعَقَارِبِ وأَقتلها لِمَنْ تَلْدَغُه. ابْنُ الأَعرابي: الجُرُّ جَمْعُ الجُرَّةِ، وَهُوَ المَكُّوكُ الَّذِي يُثْقَبُ أَسفله، يَكُونُ فِيهِ البَذْرُ وَيَمْشِي بِهِ الأَكَّارُ والفَدَّان وَهُوَ يَنْهَالُ فِي الأَرض. والجَرُّ: أَصْلُ الجبَل «2» . وسَفْحُهُ، وَالْجَمْعُ جِرارٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وقَدْ قَطَعْتُ وادِياً وجَرّا
. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ: رأَيته يَوْمَ أُحُد عندَ جَرِّ الْجَبَلِ
أَي أَسفله؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ حَيْثُ عَلَا مِنَ السَّهْلِ إِلى الغِلَظ؛ قَالَ:
كَمْ تَرى بالجَرّ مِنْ جُمْجُمَةٍ، ... وأَكُفٍّ قَدْ أُتِرّتْ، وجَرَلْ
__________
(2) . قوله: [والجر أصل الجبل] كذا بهذا الضبط بالأصل المعوّل عليه. قال في القاموس: والجرّ أصل الجبل أَو هو تصحيف للفراء، والصواب الجرّ أصل كعلابط الجبل؛ قال شارحه: والعجب من المصنف حيث لم يذكر الجر أصل في كتابه هذا بل ولا تعرض له أحد من أئمة الغريب، فإذاً لا تصحيف كما لا يخفى(4/130)
والجَرُّ: الوَهْدَةُ مِنَ الأَرض. والجَرُّ أَيضاً: جُحْرُ الضّبُع وَالثَّعْلَبِ واليَربُوع والجُرَذِ؛ وَحَكَى كُرَاعٌ فِيهِمَا جَمِيعًا الجُرّ، بِالضَّمِّ، قَالَ: والجُرُّ أَيضاً الْمَسِيلُ. والجَرَّةُ: إِناء مِنْ خَزَفٍ كالفَخَّار، وَجَمْعُهَا جَرٌّ وجِرَارٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ شُرْبِ نَبِيذِ الجَرِّ.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ أَنه مَا اتُّخِذَ مِنَ الطِّينِ، وفي رواية: عن نَبِيذِ الجِرَارِ، وَقِيلَ: أَراد مَا يَنْبِذُ فِي الْجِرَارِ الضَّارِيَةِ يُدْخَلُ فِيهَا الحَنَاتِمُ وَغَيْرُهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد النَّهْيَ عَنِ الْجِرَارِ الْمَدْهُونَةِ لأَنها أَسرع فِي الشِّدَّةِ وَالتَّخْمِيرِ. التَّهْذِيبُ: الجَرُّ آنِيَةٌ مِنْ خَزَفٍ، الْوَاحِدَةُ جَرَّةٌ، وَالْجَمْعُ جَرٌّ وجِرَارٌ. والجِرَارَةُ: حِرْفَةُ الجَرَّارِ. وَقَوْلُهُمْ: هَلُمَّ جَرّاً؛ مَعْنَاهُ عَلَى هِينَتِكَ. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي قَوْلِهِمْ: هَلُمَّ جَرُّوا أَي تَعَالَوْا عَلَى هِينَتِكُمْ كَمَا يَسْهُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ غَيْرِ شِدَّةٍ وَلَا صُعُوبَةٍ، وأَصل ذَلِكَ مِنَ الجَرِّ فِي السَّوْقِ، وَهُوَ أَن يَتْرُكَ الإِبل وَالْغَنَمُ تَرْعَى فِي مَسِيرِهَا؛ وأَنشد:
لَطَالَمَا جَرَرْتُكُنَّ جَرَّا، ... حَتَّى نَوَى الأَعْجَفُ واسْتَمَرَّا،
فالَيْومَ لَا آلُو الرِّكابَ شَرَّا
يُقَالُ: جُرَّها عَلَى أَفواهها أَي سُقْها وَهِيَ تَرْتَعُ وَتُصِيبُ مِنَ الكلإِ؛ وَقَوْلُهُ:
فارْفَعْ إِذا مَا لَمْ تَجِدْ مَجَرَّا
يَقُولُ: إِذا لَمْ تَجِدِ الإِبل مَرْتَعًا. وَيُقَالُ: كَانَ عَاماً أَوَّلَ كَذَا وَكَذَا فَهَلُمَّ جَرّاً إِلى الْيَوْمِ أَي امْتَدَّ ذَلِكَ إِلى الْيَوْمِ؛ وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْحَدِيثِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَمَعْنَاهَا اسْتِدَامَةُ الأَمر وَاتِّصَالُهُ، وأَصله مِنَ الجَرِّ السَّحْبِ، وَانْتَصَبَ جَرّاً عَلَى الْمَصْدَرِ أَو الْحَالِ. وَجَاءَ بِجَيْشِ الأَجَرَّيْنِ أَي الثَّقَلَيْنِ: الْجِنُّ والإِنس؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والجَرْجَرَةُ: الصوتُ. والجَرْجَرَةُ: تَرَدُّدُ هَدِيرِ الْفَحْلِ، وَهُوَ صَوْتٌ يُرَدِّدُهُ الْبَعِيرُ فِي حَنْجَرَته، وَقَدْ جَرْجَرَ؛ قَالَ الأَغلب الْعِجْلِيُّ يَصِفُ فَحْلًا:
وَهْوَ إِذا جَرْجَرَ بَعْدَ الْهَبِّ، ... جَرْجَرَ فِي حَنْجَرَةٍ كالحُبِّ،
وهامَةٍ كالْمِرجَلِ المُنْكَبِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
ثُمَّتَ خَلَّهُ المُمَرَّ الأَسْمَرا، ... لَوْ مَسَّ جَنْبَيْ بازِلٍ لَجَرْجَرا
قَالَ: جَرْجَرَ ضَجَّ وَصَاحَ. وفَحْلٌ جُراجِرٌ: كَثِيرُ الجَرْجَرَة، وَهُوَ بَعِيرٌ جَرْجارٌ، كَمَا تَقُولُ: ثَرْثَرَ الرجلُ، فَهُوَ ثَرْثارٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الَّذِي يَشْرَبُ فِي الإِناء الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ إِنما يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ
؛ أَي يَحْدُرُ فِيهِ، فَجَعَلَ الشُّرْبَ والجَرْعَ جَرْجَرَةً، وَهُوَ صَوْتُ وُقُوعِ الْمَاءِ فِي الْجَوْفِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يُرْوَى بِرَفْعِ النَّارِ والأَكثر النَّصْبُ. قَالَ: وَهَذَا الْكَلَامُ مَجَازٌ لأَن نَارَ جَهَنَّمَ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا تُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ. والجَرْجَرَةُ: صَوْتُ الْبَعِيرِ عِنْدَ الضَّجَرِ وَلَكِنَّهُ جَعَلَ صَوْتَ جَرْعِ الإِنسان لِلْمَاءِ فِي هَذِهِ الأَواني الْمَخْصُوصَةِ لِوُقُوعِ النَّهْيِ عَنْهَا وَاسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ عَلَى اسْتِعْمَالِهَا، كَجَرْجَرَةِ نَارِ جَهَنَّمَ فِي بَطْنِهِ مِنْ طَرِيقِ الْمَجَازِ، هَذَا وَجْهُ رَفْعِ النَّارِ وَيَكُونُ قَدْ ذَكَرَ يُجَرْجِرُ بِالْيَاءِ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ، وأَما عَلَى النَّصْبِ فَالشَّارِبُ هُوَ الْفَاعِلُ وَالنَّارُ مَفْعُولُهُ، وجَرْجَرَ فُلَانٌ الْمَاءَ إِذا جَرَعَهُ جَرْعاً مُتَوَاتِرًا لَهُ صَوْتٌ، فَالْمَعْنَى: كأَنما يَجْرَع نَارَ جَهَنَّمَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ: يأْتي الحُبَ(4/131)
فَيَكْتَازُ مِنْهُ ثُمَّ يُجَرْجِرُ قَائِمًا
أَي يَغْرِفُ بِالْكُوزِ مِنَ الحُبِّ ثُمَّ يَشْرَبُهُ وَهُوَ قَائِمٌ. وَقَوْلُهُ فِي الحديث:
قوم يقرؤون الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ جَراجِرَهُمْ
؛ أَي حُلُوقَهم؛ سَمَّاهَا جَراجِرَ لجَرْجَرَة الْمَاءِ. أَبو عُبَيْدٍ: الجَراجِرُ والجَراجِبُ الْعِظَامُ مِنَ الإِبل، الْوَاحِدُ جُرْجُورٌ. وَيُقَالُ: بَلْ إِبل جُرْجُورٌ عِظَامُ الأَجواف. والجُرْجُورُ: الْكِرَامُ مِنَ الإِبل، وَقِيلَ: هِيَ جَمَاعَتُهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْعِظَامُ مِنْهَا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ومُقِلٍّ أَسَقْتُمُوهُ فَأَثْرَى ... مِائَةً، مِنْ عَطَائِكُمْ، جُرْجُورا
وَجَمْعُهَا جَراجِرُ بِغَيْرِ يَاءٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ، وَالْقِيَاسُ يُوجِبُ ثَبَاتَهَا إِلى أَن يُضْطَرَّ إِلى حَذْفِهَا شَاعِرٌ؛ قَالَ الأَعشى:
يَهَبُ الجِلَّةَ الجَرَاجِرَ، كالْبُستانِ ... تَحْنُو لِدَرْدَقٍ أَطْفَالِ
ومائةٌ مِنَ الإِبل جُرْجُورٌ أَي كَامِلَةٌ. والتَّجَرْجُرُ: صَبُّ الْمَاءِ فِي الْحَلْقِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَجْرَعَه جَرْعاً مُتَدَارِكًا حَتَّى يُسْمَعَ صوتُ جَرْعِه؛ وَقَدْ جَرْجَرَ الشرابَ فِي حَلْقِهِ، وَيُقَالُ لِلْحُلُوقِ: الجَراجِرُ لِمَا يُسْمَعُ لَهَا مِنْ صَوْتِ وُقُوعِ الْمَاءِ فِيهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ: لَهَامِيمُ يَسْتَلْهُونَها فِي الجَراجِرِ قَالَ أَبو عَمْرٍو: أَصلُ الجَرْجَرَةِ الصوتُ. وَمِنْهُ قِيلَ للعَيْرِ إِذا صَوَّتَ: هُوَ يُجَرْجِرُ. قَالَ الأَزهري: أَراد بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ
يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ
أَي يَحْدُر فِيهِ نَارَ جَهَنَّمَ إِذا شَرِبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ، فَجَعَلَ شُرْبَ الْمَاءِ وجَرْعَه جَرْجَرَةً لِصَوْتِ وُقُوعِ الْمَاءِ فِي الْجَوْفِ عِنْدَ شِدَّةِ الشُّرْبِ، وَهَذَا كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا؛ فَجَعَلَ أَكل مَالِ الْيَتِيمِ مِثْلَ أَكل النَّارِ لأَن ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلى النَّارِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ أَي يُردِّدُها فِي جَوْفِهِ كَمَا يُرَدِّدُ الفحلُ هَدِيرَه فِي شِقْشِقَتِه، وَقِيلَ: التَّجَرْجُرُ والجَرْجَرَةُ صَبُّ الْمَاءِ فِي الْحَلْقِ. وجَرْجَرَهُ الْمَاءَ: سَقَاهُ إِياه عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَقَدْ جَرْجَرَتْهُ الماءَ، حَتَّى كأَنَّها ... تُعالِجُ فِي أَقْصَى وِجارَيْنِ أَضْبُعا
يَعْنِي بِالْمَاءِ هُنَا المَنِيَّ، وَالْهَاءُ فِي جَرْجَرَتِهِ عَائِدَةٌ إِلى الْحَيَاءِ. وإِبِلٌ جُراجِرَةٌ: كَثِيرَةُ الشُّرْبِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
أَوْدَى بِمَاءِ حَوْضِكَ الرَّشِيفُ، ... أَوْدَى بِهِ جُراجِراتٌ هِيفُ
وَمَاءٌ جُراجِرٌ: مُصَوِّت، مِنْهُ. والجُراجِرُ: الجوفُ. والجَرْجَرُ: مَا يُدَاسُ بِهِ الكُدْسُ، وَهُوَ مِنْ حَدِيدٍ. والجِرْجِرُ، بِالْكَسْرِ: الْفُولُ فِي كَلَامِ أَهل الْعِرَاقِ. وَفِي كِتَابِ النَّبَاتِ: الجِرْجِرُ، بِالْكَسْرِ، والجَرْجَرُ والجِرْجيرُ والجَرْجار نَبْتَانِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الجَرْجارُ عُشْبَةٌ لَهَا زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ وَوَصَفَ خَيْلًا:
يَتَحَلَّبُ اليَعْضِيدُ مِنْ أَشْداقِها ... صُفْراً، مَناخِرُها مِنَ الجَرْجارِ
اللَّيْثُ: الجَرْجارُ نَبْتٌ؛ زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: طَيِّبُ الرِّيحِ. والجِرْجِيرُ: نَبْتٌ آخَرُ مَعْرُوفٌ، وَفِي الصِّحَاحِ: الجِرْجِيرُ بَقْلٌ. قَالَ الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: وأَصابهم غَيْثٌ جِوَرٌّ(4/132)
أَي يَجُرُّ كُلَّ شَيْءٍ. وَيُقَالُ: غَيْثٌ جِوَرٌّ إِذا طَالَ نَبْتُهُ وَارْتَفَعَ. أَبو عُبَيْدَةَ غَرْبٌ جِوَرٌّ فارضٌ ثَقِيلٌ. غَيْرُهُ: جَمَلٌ جِوَرٌّ أَي ضَخْمٌ، وَنَعْجَةٌ جِوَرَّة؛ وأَنشد:
فاعْتامَ مِنّا نَعْجَةً جِوَرَّهْ، ... كأَنَّ صَوْتَ شَخْبها للدِّرَّهْ
هَرْهَرَة الهِرِّ دَنَا لِلْهِرَّهْ
قَالَ الْفَرَّاءُ: جِوَرُّ إِن شِئْتَ جَعَلْتَ الْوَاوَ فِيهِ زَائِدَةً مِنْ جَرَرْت، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَهُ فِعَلًّا مِنَ الجَوْرِ، وَيَصِيرُ التَّشْدِيدُ فِي الرَّاءِ زِيَادَةً كَمَا يُقَالُ حَمارَّةٌ. التَّهْذِيبُ: أَبو عُبَيْدَةَ: المَجَرُّ الَّذِي تُنْتَجُه أُمه يُنْتابُ مِنْ أَسفل فَلَا يَجْهَدُ الرَّضاعَ، إِنما يَرِفُّ رَفّاً حَتَّى يُوضَعَ خِلفُها فِي فِيهِ. وَيُقَالُ: جوادٌ مُجَرٌّ، وَقَدْ جَرَرْتُ الشَّيْءَ أَجُرُّه جَرّاً؛ وَيُقَالُ فِي قَوْلِهِ:
أَعْيَا فَنُطْنَاهُ مَناطَ الجَرِّ
أَراد بالجَرِّ الزَّبِيلَ يُعَلَّق مِنَ الْبَعِيرِ، وَهُوَ النَّوْطُ كالجُلَّة الصَّغِيرَةِ. الصِّحَاحُ: والجِرِّيُّ ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ. والجِرِّيَّةُ: الحَوْصَلَةُ؛ أَبو زَيْدٍ: هِيَ القِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ لِلْحَوْصَلَةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه سُئِلَ عَنْ أَكل الجِرِّيِّ، فَقَالَ: إِنما هُوَ شَيْءٌ حَرَّمَهُ الْيَهُودُ
؛ الجِرِّيُّ، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ: نَوْعٌ مِنَ السَّمَكِ يُشْبِهُ الْحَيَّةَ وَيُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ مَارْماهي، وَيُقَالُ: الجِرِّيُّ لُغَةٌ فِي الجِرِّيت مِنَ السَّمَكِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه كَانَ يَنْهَى عَنْ أَكل الجِرِّيّ والجِرِّيت.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دُلَّ عَلَى أُم سَلَمَةَ فرأَى عِنْدَهَا الشُّبْرُمَ وَهِيَ تُرِيدُ أَن تَشْرَبَهُ فَقَالَ: إِنه حارٌّ جارٌّ، وأَمرها بالسَّنَا والسَّنُّوتِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ حارٌّ يارٌّ، بِالْيَاءِ، وَهُوَ إِتباع؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وجارٌّ بِالْجِيمِ صَحِيحٌ أَيضاً. الْجَوْهَرِيُّ: حارٌّ جارٌّ إِتباع لَهُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَكثر كَلَامِهِمْ حارٌّ يارٌّ، بِالْيَاءِ. وَفِي تَرْجَمَةِ حَفَزَ: وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذا قَادَ أَلفاً: جَرَّاراً. ابْنُ الأَعرابي: جُرْجُرْ إِذا أَمرته بالاستعداد لِلْعَدُوِّ؛ ذَكَرَهُ الأَزهري آخِرَ تَرْجَمَةِ جَوَرَ، وأَما قَوْلُهُمْ لَا جَرَّ بِمَعْنَى لَا جَرَمَ فَسَنَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَةِ جَرَمَ، إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
جَزَرَ: الجَزْرُ: ضِدُّ المَدِّ، وَهُوَ رُجُوعُ الْمَاءِ إِلَى خَلْفٍ. قَالَ اللَّيْثُ: الجَزْرُ، مَجْزُومٌ، انقطاعُ المَدِّ، يُقَالُ مَدَّ البحرُ والنهرُ فِي كَثْرَةِ الْمَاءِ وَفِي الِانْقِطَاعِ «1» . ابْنُ سِيدَهْ: جَزَرَ البحرُ وَالنَّهْرُ يَجْزِرُ جَزْراً وانْجَزَرَ. الصِّحَاحُ: جَزُرَ الماءُ يَجْزُرُ ويَجْزِرُ جَزْراً أَي نَضَب. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: مَا جَزَرَ عَنْهُ البحرُ فَكُلْ
، أَي مَا انْكَشَفَ عَنْهُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ. يُقَالُ: جَزَرَ الماءُ يَجْزِرُ [يَجْزُرُ] جَزْراً إِذا ذَهَبَ وَنَقَصَ؛ وَمِنْهُ الجَزْر والمَدُّ وَهُوَ رُجُوعُ الْمَاءِ إِلى خَلْف. والجزِيرةُ: أَرضٌ يَنْجَزِرُ عَنْهَا المدُّ. التَّهْذِيبُ: الجزِيرةُ أَرض فِي الْبَحْرِ يَنْفَرِجُ مِنْهَا مَاءُ الْبَحْرِ فَتَبْدُو، وَكَذَلِكَ الأَرض الَّتِي لَا يَعْلُوهَا السَّيْلُ ويُحْدقُ بِهَا، فَهِيَ جَزِيرَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الْجَزِيرَةُ وَاحِدَةُ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْقِطَاعِهَا عَنْ مُعْظَمِ الأَرض. وَالْجَزِيرَةُ: مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ دِجْلَة والفُرات. وَالْجَزِيرَةُ: مَوْضِعٌ بِالْبَصْرَةِ أَرض نَخْلٍ بَيْنَ الْبَصْرَةَ والأُبُلَّة خُصَّتْ بِهَذَا الِاسْمِ. وَالْجَزِيرَةُ أَيضاً: كُورَةٌ تُتَاخِمُ كُوَرَ الشَّامِ وَحُدُودِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: وَالْجَزِيرَةُ إِلى جَنْبِ الشَّامِ. وَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَا بين
__________
(1) . قوله: [وفي الانقطاع] لعل هنا حذفاً والتقدير وجزر في الانقطاع أي انقطاع المد لأن الجزر ضد المد(4/133)
عَدَنِ أَبْيَنَ إِلى أَطوارِ الشَّامِ، وَقِيلَ: إِلى أَقصى الْيَمَنِ فِي الطُّول، وأَما فِي العَرْضِ فَمِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ شَاطِئِ الْبَحْرِ إِلى رِيف الْعِرَاقِ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ حَفْرِ أَبي مُوسَى إِلى أَقصى تِهَامَةَ فِي الطُّولِ، وأَما الْعَرْضُ فَمَا بَيْنَ رَمْلِ يَبْرِين إِلى مُنْقَطَعِ السَّماوة، وَكُلُّ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ إِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن بَحْرَ فَارِسَ وَبَحْرَ الْحَبَشِ وَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ قَدْ أَحاط بِهَا. التَّهْذِيبُ: وَجَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَحَالُّها، سُمِّيَتْ جَزِيرَةً لأَن الْبَحْرَيْنَ بَحْرَ فَارِسَ وَبَحْرَ السُّودَانِ أَحاطا بِنَاحِيَتَيْهَا وأَحاط بِجَانِبِ الشَّمَالِ دِجْلَةُ وَالْفُرَاتُ، وَهِيَ أَرض الْعَرَبِ وَمَعْدِنُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الشَّيْطَانَ يَئِسَ أَن يُعْبَدَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ اسْمُ صُقْع مِنَ الأَرض وَفَسَّرَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنس: أَراد بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ الْمَدِينَةَ نَفْسَهَا، إِذا أَطلقت الْجَزِيرَةُ فِي الْحَدِيثِ وَلَمْ تُضَفْ إِلى الْعَرَبِ فإِنما يُرَادُ بِهَا مَا بَيْنَ دِجْلَة والفُرات. وَالْجَزِيرَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الأَرض؛ عَنْ كُرَاعٍ. وجَزَرَ الشيءَ «1» . يَجْزُرُه ويَجْزِرُه جَزراً: قَطَعَهُ. والجَزْرُ: نَحْرُ الجَزَّارِ الجَزُورَ. وجَزَرْتُ الجَزُورَ أَجْزُرُها، بِالضَّمِّ، واجْتَزَرْتُها إِذا نَحَرْتُهَا وجَلَّدْتَها. وجَزَرَ النَّاقَةَ يَجْزُرها، بِالضَّمِّ، جَزْراً: نَحَرَهَا وَقَطَعَهَا. والجَزُورُ: النَّاقَةُ المَجْزُورَةُ، وَالْجَمْعُ جَزَائِرُ وجُزُرٌ، وجُزُرات جَمْعُ الْجَمْعِ، كطُرُق وطُرُقات. وأَجْزَرَ القومَ: أَعطاهم جَزُوراً؛ الجَزُورُ: يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى وَهُوَ يُؤَنَّثُ لأَن اللَّفْظَةَ مُؤَنَّثَةٌ، تَقُولُ: هَذِهِ الْجَزُورُ، وإِن أَردت ذَكَرًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عُمَرَ أَعطى رَجُلًا شَكَا إِليه سُوءَ الْحَالِ ثَلَاثَةَ أَنْيابٍ جَزائرَ
؛ اللَّيْثُ: الجَزُورُ إِذا أُفرد أُنث لأَن أَكثر مَا يَنْحَرُونَ النُّوقُ. وَقَدِ اجْتَزَرَ القومَ جَزُوراً إِذا جَزَرَ لَهُمْ. وأَجْزَرْتُ فُلَانًا جَزُوراً إِذا جَعَلْتَهَا لَهُ. قَالَ: والجَزَرُ كُلُّ شَيْءٍ مُبَاحٍ لِلذَّبْحِ، وَالْوَاحِدُ جَزَرَةٌ، وإِذا قُلْتَ أَعطيته جَزَرَةً فَهِيَ شَاةً، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، لأَن الشَّاةَ لَيْسَتْ إِلَّا لِلذَّبْحِ خَاصَّةً وَلَا تَقَعُ الجَزَرَةُ عَلَى النَّاقَةِ وَالْجَمَلِ لأَنهما لِسَائِرِ الْعَمَلِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَجْزَرْتُه شَاةً إِذا دَفَعْتَ إِليه شَاةً فَذَبَحَهَا، نَعْجَةً أَو كَبْشًا أَو عَنْزًا، وَهِيَ الجَزَرَةُ إِذا كَانَتْ سَمِينَةً، وَالْجَمْعُ الجَزَرُ، وَلَا تَكُونُ الجَزَرَةُ إِلَّا مِنَ الْغَنَمِ. وَلَا يُقَالُ أَجْزَرْتُه نَاقَةً لأَنها قَدْ تَصْلُحُ لِغَيْرِ الذَّبْحِ. والجَزَرُ: الشِّيَاهُ السَّمِينَةُ، الواحدة جَزَرَةٌ وَيُقَالُ: أَجزرت القومَ إِذا أَعطيتهم شَاةً يَذْبَحُونَهَا، نَعْجَةً أَو كَبْشًا أَو عَنْزًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَثَ بَعْثًا فَمَرُّوا بأَعرابي لَهُ غَنَمٌ فَقَالُوا: أَجْزِرْنا
؛ أَي أَعطنا شَاةً تَصْلُحُ لِلذَّبْحِ؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فَقَالَ يَا رَاعِي أَجْزِرْني شَاةً
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَرأَيتَ إِن لَقِيتُ غَنَمَ ابن عَمِّي أَأَجْتَزِرُ مِنْهَا شَاةً
؟ أَي آخُذُ مِنْهَا شَاةً وأَذبحها. وَفِي حَدِيثِ
خَوَّاتٍ: أَبْشِرْ بِجزَرَةٍ سَمِينَةٍ
أَي شَاةٍ صَالِحَةٍ لأَنْ تُجْزَرَ أَي تُذْبَحَ للأَكل، وَفِي حَدِيثِ
الضَّحِيَّةِ: فإِنما هِيَ جَزَرَةٌ أَطَعَمَها أَهله
؛ وَتُجْمَعُ عَلَى جَزَرٍ، بِالْفَتْحِ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ والسحَرةِ: حَتَّى صَارَتْ حِبَالُهُمْ للثُّعبان جَزَراً
، وَقَدْ تُكْسَرُ الْجِيمُ. وَمِنْ غَرِيبِ مَا يُرْوَى فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
لَا تأْخذوا مِنْ جَزَراتِ أَموال النَّاسِ
؛ أَي مَا يَكُونُ أُعدّ للأَكل، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: والجَزَرُ مَا يُذْبَحُ مِنَ الشَّاءِ، ذَكَرًا كَانَ أَو أُنثى، جَزَرَةٌ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الشَّاةَ الَّتِي يَقُومُ إِليها أَهلها فَيَذْبَحُونَهَا؛ وَقَدْ أَجْزَرَه إِياها. قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُقَالُ أَجْزَرَه
__________
(1) . قوله: [وجزر الشيء إلخ] من بابي ضرب وقتل كما في المصباح وغيره(4/134)
جَزُوراً إِنما يُقَالُ أَجْزَرَه جَزَرَةً. والجَزَّارُ والجِزِّيرُ: الَّذِي يَجْزُر الجَزورَ، وَحِرْفَتُهُ الجِزارَةُ، والمَجْزِرُ، بِكَسْرِ الزَّايِ: مَوْضِعُ الجَزْر. والجُزارَةُ: حَقُّ الجَزَّار. وَفِي حَدِيثِ
الضَّحِيَّةِ: لَا أُعطي مِنْهَا شَيْئًا فِي جُزارَتها
؛ الْجُزَارَةُ، بِالضَّمِّ: مَا يأْخذ الجَزَّارُ مِنَ الذَّبِيحَةِ عَنْ أُجرته فَمُنِعَ أَن يؤْخذ مِنَ الضَّحِيَّةِ جُزْءٌ فِي مُقَابَلَةِ الأُجرة، وَتُسَمَّى قَوَائِمُ الْبَعِيرِ ورأْسه جُزارَةً لأَنها كَانَتْ لَا تُقَسَّمُ فِي الْمَيْسِرِ وتُعْطَى الجَزَّارَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سَحْبَ الجُزارَة مِثلَ البَيْتِ، سائرُهُ ... مِنَ المُسُوح، خِدَبٌّ شَوْقَبٌ خَشَبُ
ابْنُ سِيدَهْ: والجُزارَةُ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْعُنُقُ لأَنها لَا تَدْخُلُ فِي أَنصباء الْمَيْسِرِ وإِنما يأْخذها الجَزَّارُ جُزارَتَه، فَخَرَجَ عَلَى بِنَاءِ العُمالة وَهِيَ أَجْرُ الْعَامِلِ، وإِذا قَالُوا فِي الْفَرَسِ ضَخْمُ الجُزارَةِ فإِنما يُرِيدُونَ غِلَظَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وكَثْرَةَ عَصَبهما، وَلَا يُرِيدُونَ رأْسه لأَن عِظَمَ الرأْس فِي الْخَيْلِ هُجْنَةٌ؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَا نُقاتِلُ بالعِصِيِّ، ... وَلَا نُرامِي بالحجارَه،
إِلَّا عُلالَةَ أَو بُدَاهَةَ ... قارِحٍ، نَهْدِ الجُزارَه
واجْتَزَر القومُ فِي الْقِتَالِ وتَجَزَّرُوا. وَيُقَالُ: صَارَ القَوم جَزَراً لِعَدُوِّهِمْ إِذا اقْتَتَلُوا. وجَزَرُ السِّباعِ: اللحمُ الَّذِي تأْكله. يُقَالُ: تَرَكُوهُمْ جَزَراً، بِالتَّحْرِيكِ، إِذا قَتَلُوهُمْ. وَتَرَكَهُمْ جَزَراً لِلسِّبَاعِ وَالطَّيْرِ أَي قِطَعاً؛ قَالَ:
إِنْ يَفْعَلا، فلَقَدْ تَرَكْتُ أَباهُما ... جَزَرَ السِّباعِ، وكُلِّ نَسْرٍ قَشْعَمِ
وتَجَازَرُوا: تَشَاتَمُوا. وَتَجَازَرَا تَشَاتَمَا، فكأَنما جَزَرَا بَيْنَهُمَا ظَرِبَّاءَ أَي قَطَعَاهَا فَاشْتَدَّ نَتْنُها؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلْمُتَشَاتِمِينَ الْمُتَبَالِغِينَ. والجِزارُ: صِرامُ النَّخْلِ، جَزَرَهُ يَجْزُرُه ويَجْزِرُه جَزْراً وجِزاراً وجَزَاراً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: صَرَمَه. وأَجْزَرَ النخلُ: حَانَ جِزارُه كأَصْرَم حَانَ صِرامُه، وجَزَرَ النخلَ يَجْزِرُهَا، بِالْكَسْرِ، جَزْراً: صَرَمها، وَقِيلَ: أَفسدها عِنْدَ التَّلْقِيحِ. الْيَزِيدِيُّ: أَجْزَرَ القومُ مِنَ الجِزار، وَهُوَ وَقْتُ صِرَامِ النَّخْلِ مثلُ الجَزازِ. يُقَالُ: جَزُّوا نَخْلَهُمْ إِذا صَرَمُوهُ. وَيُقَالُ: أَجْزَرَ الرجلُ إِذا أَسَنَّ وَدَنَا فَنَاؤه كَمَا يُجْزِرُ النخلُ. وَكَانَ فِتْيانٌ يَقُولُونَ لِشَيْخٍ: أَجْزَرْتَ يَا شيخُ أَي حَانَ لَكَ أَن تَمُوتَ فَيَقُولُ: أَي بَنِيَّ، وتُحْتَضَرُونَ أَي تَمُوتُونَ شَبَابًا وَيُرْوَى: أَجْزَزْتَ مِنْ أَجَزَّ البُسْرُ أَي حَانَ لَهُ أَن يُجَزَّ. الأَحمر: جَزَرَ النخلَ يَجْزِرُه إِذا صَرَمَهُ وحَزَرَهُ يَحْزِرُهُ إِذا خَرَصَهُ. وأَجْزَرَ القومُ مِنَ الجِزارِ والجَزَار. وأَجَزُّوا أَي صَرُمُوا، مِنَ الجِزَازِ [الجَزَازِ] فِي الْغَنَمِ. وأَجْزَرَ النخلُ أَي أَصْرَمَ. وأَجْزَرَ البعيرُ: حَانَ لَهُ أَن يُجْزَرَ. وَيُقَالُ: جَزَرْتُ الْعَسَلَ إِذا شُرتَهُ وَاسْتَخْرَجْتَهُ مِنْ خَلِيَّتِه، وإِذا كَانَ غَلِيظًا سَهُلَ استخراجُه. وتَوَعَّدَ الحجاجُ بْنُ يُوسُفَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ: لأَجْزُرَنَّك جَزْرَ الضَّرَبِ أَي لأَسْتَأْصِلَنَّك، وَالْعَسَلُ يُسَمَّى ضَرَباً إِذا غَلُظَ. يُقَالُ: اسْتَضْرَبَ سَهُلَ اشْتِيارُه عَلَى العاسِل لأَنه إِذا رَقَّ سَالَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: اتَّقوا هَذِهِ المجازِرَ فإِن لَهَا ضَراوَةً كضَراوةِ الخمرِ
؛ أَراد مَوْضِعَ الجَزَّارين الَّتِي تُنْحَرُ فِيهَا الإِبل وَتُذْبَحُ الْبَقَرَ وَالشَّاءَ وَتُبَاعُ لُحْمانُها لأَجل النَّجَاسَةِ الَّتِي فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ دِمَاءِ الذَّبَائِحِ وأَرواثها، وَاحِدُهَا مَجْزَرَةٌ «2» . ومَجْزِرَةٌ،
__________
(2) . قوله: [واحدها مجزرة إلخ] أي بفتح عين مفعل وكسرها إذ الفعل من باب قتل وضرب(4/135)
وإِنما نَهَاهُمْ عَنْهَا لأَنه كَرِهَ لَهُمْ إِدْمانَ أَكل اللُّحُومَ وجعلَ لَهَا ضَراوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ أَي عَادَةً كَعَادَتِهَا، لأَن مَنِ اعْتَادَ أَكل اللُّحُومَ أَسرف فِي النَّفَقَةِ، فَجَعَلَ الْعَادَةَ فِي أَكل اللُّحُومِ كَالْعَادَةِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ، لِمَا فِي الدَّوَامِ عَلَيْهَا مِنْ سَرَفِ النَّفَقَةِ وَالْفَسَادِ. يُقَالُ: أَضْرَى فُلَانٌ فِي الصَّيْدِ وَفِي أَكل اللَّحْمِ إِذا اعْتَادَهُ ضَرَاوَةً. وَفِي الصِّحَاحِ: المَجازِرُ يَعْنِي نَدِيَّ الْقَوْمِ وَهُوَ مُجْتَمَعُهُم لأَن الجَزُورَ إِنما تُنْحَرُ عِنْدَ جَمْعِ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: نَهَى عَنْ أَماكن الذَّبْحِ لأَن إِلْفَها ومُداوَمَةَ النَّظَرِ إِليها وَمُشَاهَدَةَ ذَبْحِ الْحَيَوَانَاتِ مِمَّا يُقَسِّي الْقَلْبَ وَيُذْهِبُ الرَّحْمَةَ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَنه نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ فِي المَجْزَرَةِ والمَقْبُرَة.
والجِزَرُ والجَزَرُ: مَعْرُوفٌ، هَذِهِ الأَرُومَةُ الَّتِي تُؤْكَلُ، وَاحِدَتُهَا جِزَرَةٌ وجَزَرَةٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبها عَرَبِيَّةً، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَصله فَارِسِيٌّ. الْفَرَّاءُ: هُوَ الجَزَرُ والجِزَرُ لِلَّذِي يُؤْكَلُ، وَلَا يُقَالُ فِي الشَّاءِ إِلا الجَزَرُ، بِالْفَتْحِ. اللَّيْثُ: الجَزيرُ، بِلُغَةِ أَهل السَّوَادِ، رَجُلٌ يَخْتَارُهُ أَهل الْقَرْيَةِ لِمَا يَنُوبُهُمْ مِنْ نَفَقَاتِ مَنْ يَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ قِبَل السُّلْطَانِ؛ وأَنشد:
إِذا مَا رأَونا قَلَّسوا مِنْ مَهابَةٍ، ... ويَسْعى علينا بالطعامِ جَزِيرُها
جَسَرَ: جَسَرَ يَجْسُرُ جُسُوراً وجَسارَةً: مَضَى ونفَذ. وجَسَرَ عَلَى كَذَا يَجْسُر جَسارَةً وتَجاسَر عَلَيْهِ؛ أَقدم. والجَسُورُ: المِقْدامُ. وَرَجُلٌ جَسْر وجَسُورٌ: ماضٍ شجاعٌ، والأُنثى جَسْرَةٌ وجَسُورٌ وجَسُورَةٌ. وَرَجُلٌ جَسْرٌ: جسيمٌ جَسُورٌ شُجَاعٌ. وإِن فُلَانًا لَيُجَسِّرُ فُلَانًا أَي يُشَجِّعُه. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: أَنه كَانَ يَقُولُ لِسَيْفِهِ: اجْسُرْ جَسَّارُ
، هُوَ فعَّال مِنَ الجَسَارة وَهِيَ الجَراءَةُ والإِقدام عَلَى الشَّيْءِ. وجَمَلٌ جَسْرٌ وَنَاقَةٌ جَسْرَة ومُتَجاسِرَة: مَاضِيَةٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وقَلّما يُقَالُ جَمَلٌ جَسْرٌ؛ قَالَ:
وخَرَجَت مائِلَةَ التَّجاسُرِ
وَقِيلَ: جَمَلٌ جَسْرٌ طَوِيلٌ، وَنَاقَةٌ جَسْرَة طَوِيلَةٌ ضَخْمَةٌ كَذَلِكَ. والجَسْرُ، بِالْفَتْحِ: الْعَظِيمُ مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا، والأُنثى جَسْرَة، وكلُّ عضْوٍ ضَخْمٍ: جَسْرٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
هَوْجاءُ مَوْضِعُ رَحْلِها جَسْرُ
أَي ضَخْمٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا عَزَاهُ أَبو عُبَيْدٍ إِلى ابْنِ مُقْبِلٍ، قَالَ: وَلَمْ نَجِدْهُ فِي شِعْرِهِ. وتَجاسَرَ الْقَوْمُ فِي سَيْرِهِمْ؛ وأَنشد:
بَكَرَتْ تَجاسَرُ عَنْ بُطونِ عُنَيْزَةٍ
أَي تَسِيرُ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
وأَجْدَرَ إِنْ تَجاسَرَ ثُمَّ نادَى ... بِدَعْوَى: يَا لَ خِنْدِفَ أَن يُجَابا
قَالَ: تَجاسَرَ تَطَاوُلَ ثُمَّ رَفَعَ رأْسه. وَفِي النَّوَادِرِ: تَجَاسَر فُلَانٌ لِفُلَانٍ بِالْعَصَا إِذا تَحَرَّكَ لَهُ. وَرَجُلٌ جَسْرٌ: طَوِيلٌ ضَخْمٌ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّاقَةِ: جَسْرٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: جَسَرَ الفَحْلُ وفَدَرَ وجَفَرَ إِذا تَرَكَ الضِّراب؛ قَالَ الراعي:
تَرَى الطَّرِفَاتِ الغُبْطَ مِنْ بَكَراتِها، ... يَرُعْنَ إِلى أَلواحِ أَعْيَسَ جاسِرِ
وَجَارِيَةٌ جَسْرَةُ السَّاعِدَيْنِ أَي مُمْتَلِئَتُهُمَا؛ وأَنشد:
دارٌ لِخَوْدٍ جَسْرَةِ المُخَدَّمِ
والجَسْرُ والجِسْرُ: لُغَتَانِ، وَهُوَ الْقَنْطَرَةُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُعْبَرُ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَجْسُرٌ؛ قَالَ:
إِن فِرَاخاً كَفِراخِ الأَوْكُرِ، ... بِأَرْضِ بَغْدادَ، وَراءَ الأَجْسُرِ(4/136)
وَالْكَثِيرُ جُسُورٌ. وَفِي حَدِيثِ
نَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: فَوَقَعَ عُوجٌ عَلَى نِيلِ مِصْرَ فجسَرَهُمْ سَنَةً
أَي صار لهم جِسْراً [جَسْراً] يَعْبُرونَ عَلَيْهِ، وَتُفْتَحُ جِيمُهُ وَتُكْسَرُ. وجَسْرٌ: حَيٌّ مِنْ قَيْسِ عَيْلان. وَبَنُو القَيْنِ بْنُ جُسَير: قَوْمٌ أَيضاً. وَفِي قُضاعَة جَسْرٌ مِنْ بَنِي عِمْرَانَ بْنِ الحَافِ، وَفِي قَيْسٍ جَسْرٌ آخرُ وَهُوَ جَسْرُ بْنُ مُحارب بْنِ خَصَفَةَ؛ وَذَكَرَهُمَا الْكُمَيْتُ فَقَالَ:
تَقَشَّفَ أَوْباشُ الزَّعانِفِ حَوْلَنا ... قَصِيفاً، كأَنَّا مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ جَسْرِ
وَمَا جَسْرَ قَيْسٍ قَيْسِ عَيْلانَ أَبْتَغِي، ... ولكِنْ أَبا القَيْنِ اعْتَدَلْنا إِلى الجَسرِ
جَشَرَ: الجَشَر: بَقْلُ الرَّبِيعِ. وجَشَرُوا الخَيْلَ وجَشَّروها: أَرْسَلُوها فِي الجَشْرِ. والجَشْرُ: أَن يَخْرُجُوا بِخَيْلِهِمْ فَيَرْعَوْها أَمام بُيُوتِهِمْ. وأَصبحوا جَشْراً وجَشَراً إِذا كَانُوا يَبِيتُون مَكَانَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ إِلى أَهليهم. والجَشَّار: صاحبُ الجَشَرِ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: لَا يَغُرَّنَّكُمْ جَشَرُكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ فإِنما يَقْصُرُ الصلاةَ مَنْ كَانَ شَاخِصًا أَو يَحْضُرُهُ عَدُوٌّ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الجَشَرُ القومُ يَخْرُجُونَ بِدَوَابِّهِمْ إِلى الْمَرْعَى وَيَبِيتُونَ مَكَانَهُمْ وَلَا يأْوون إِلى الْبُيُوتِ، وَرُبَّمَا رأَوه سَفَرًا فَقَصَرُوا الصَّلَاةَ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ لأَن المُقَامَ فِي الْمَرْعَى وإِن طَالَ فَلَيْسَ بِسَفَرٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: يَا مَعْشَرَ الجُشَّارِ لَا تَغْتَرُّوا بِصَلَاتِكُمْ
؛ الجُشَّار جَمْعُ جاشِرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشْرَةٍ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: مَنْ تَرَكَ الْقُرْآنَ شَهْرَيْنِ فَلَمْ يقرأْه فَقَدْ جَشَرَهُ
أَي تَبَاعَدَ عَنْهُ. يُقَالُ: جَشَرَ عَنْ أَهله أَي غَابَ عَنْهُمْ. الأَصمعي: بَنُو فُلَانٍ جَشَرٌ إِذا كَانُوا يَبِيتُونَ مَكَانَهُمْ لَا يأْوون بُيُوتَهُمْ، وَكَذَلِكَ مَالٌ جَشَرٌ لَا يأْوي إِلى أَهله. وَمَالٌ جَشَرٌ: يَرْعَى فِي مكانه لا يؤوب إِلى أَهله. وإِبل جُشَّرٌ: تَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَتْ، وَكَذَلِكَ الحُمُرُ؛ قَالَ:
وآخرونَ كَالْحَمِيرِ الجُشَّرِ
وَقَوْمٌ جُشْرٌ وجُشَّرٌ: عُزَّابٌ فِي إِبلهم. وجَشَرْنا دوابَّنا: أَخرجناها إِلى الْمَرْعَى نَجْشُرُها جَشْراً، بالإِسكان، وَلَا نَرُوحُ. وَخَيْلٌ مُجَشَّرةٌ بالحِمَى أَي مَرْعِيَّة. ابْنُ الأَعرابي: المُجَشَّرُ الَّذِي لَا يَرْعَى قُرْبَ الماء؛ والمنذري: الَّذِي يَرْعَى قُرْبَ الْمَاءِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِابْنِ أَحمر فِي الجَشْرِ:
إِنَّكَ لَوْ رأَيتَني والقَسْرَا، ... مُجَشِّرِينَ قَدْ رَعَينا شَهْرَا
لَمْ تَرَ فِي الناسِ رِعاءً جَشْرَا، ... أَتَمَّ مِنَّا قَصَباً وسَيْرَا
قَالَ الأَزهري: أَنشدنيه الْمُنْذِرِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ عَنْهُ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ: أَصبح بَنُو فُلَانٍ جَشَراً إِذا كَانُوا يَبِيتُونَ فِي مَكَانِهِمْ فِي الإِبل وَلَا يَرْجِعُونَ إِلى بُيُوتِهِمْ؛ قَالَ الأَخطل:
تَسْأَلُه الصُّبْرُ مِنْ غَسَّانَ، إِذْ حَضَرُوا، ... والحَزْنُ كَيْفَ قَراهُ الغِلْمَةُ الجَشَرُ
الصُّبْرُ والحَزْنُ: قَبِيلَتَانِ مِنْ غَسَّانَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: كَيْفَ قَرَاكَ، بِالْكَافِ، لأَنه يَصِفُ قَتْلَ عُمَيْرِ بْنِ الحُبَابِ وكَوْنَ الصُّبْر والحَزْنِ، وَهُمَا بَطْنَانِ مِنْ غَسَّانَ، يَقُولُونَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَدْ طَافُوا برأْسه: كَيْفَ قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟ وَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ: إِنما أَنتم جَشَرٌ لَا أُبالي بِكُمْ، وَلِهَذَا يَقُولُ فِيهَا مُخَاطِبًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ:(4/137)
يُعَرِّفُونَكَ رَأْسَ ابنِ الحُبابِ وَقَدْ ... أَضْحَى، وللسَّيْفِ فِي خَيْشُومِهِ أَثَرُ
لَا يَسْمَعُ الصَّوْتَ مُسْتَكّاً مسامِعُه، ... وَلَيْسَ يَنْطِقُ حَتَّى يَنْطِقَ الحَجَرُ
وَهَذِهِ الْقَصِيدَةُ مِنْ غُرَرِ قَصَائِدِ الأَخطل يُخَاطِبُ فِيهَا عَبْدَ الملِك بْنَ مَرْوان يَقُولُ فِيهَا:
نَفْسِي فِداءُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ إِذا ... أَبْدَى النَّواجِذَ يَوْمٌ باسِلٌ ذَكَرُ
الخائِضِ الغَمْرِ والمَيْمُونِ طائِرُهُ، ... خَلِيفَةِ اللهِ يُسْتَسْقَى بِهِ المَطَرُ
فِي نَبْعَةٍ مِن قُرَيشٍ يَعْصِبُونَ بِهَا، ... مَا إِنْ يُوازى بأَعْلَى نَبتِها الشَّجَرُ
حُشْدٌ عَلَى الْحَقِّ عَيَّافو الخَنَا أُنُفٌ، ... إِذا أَلَمَّتْ بِهِمْ مَكْرُوهَةٌ صَبَرُوا
شُمْسُ العَداوَةِ حَتَّى يُسْتَقَادَ لَهُمْ، ... وأَعظمُ الناسِ أَحْلاماً، إِذا قَدَرُوا
مِنْهَا:
إِنَّ الضَّغِينَةَ تَلْقَاها، وإِن قَدُمَتْ، ... كالعُرِّ يَكْمُنُ حِيناً ثُمَّ يَنْتَشِرُ
والجَشْرُ والجَشَرُ: حِجَارَةٌ تَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسبها مُعَرَّبَةً. شِمْرٌ: يُقَالُ مَكَانٌ جَشِر أَي كَثِيرُ الجَشَر، بِتَحْرِيكِ الشِّينِ. وَقَالَ الرِّياشي: الجَشَرُ حِجَارَةٌ فِي الْبَحْرِ خَشِنَةٌ. أَبو نَصْرٍ: جَشَرَ الساحلُ يَجْشُرُ جَشْرًا. اللَّيْثُ: الجَشَرُ مَا يَكُونُ فِي سَوَاحِلِ الْبَحْرِ وَقَرَارِهِ مِنَ الْحَصَى والأَصداف، يَلْزَقُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَتَصِيرَ حَجَرًا تُنْحَتُ مِنْهُ الأَرْحِيَةُ بِالْبَصْرَةِ لَا تَصْلُحُ لِلطَّحْنِ، وَلَكِنَّهَا تُسَوَّى لرؤوس الْبَلَالِيعِ. والجَشَرُ: وَسَخُ الوَطْبِ مِنَ اللَّبِنِ؛ يُقَالُ: وَطْبٌ جَشِرٌ أَي وَسِخٌ. والجَشَرَةُ: القِشْرَةُ السُّفْلَى الَّتِي عَلَى حَبَّةِ الْحِنْطَةِ. والجَشَرُ والجُشْرَةُ: خُشُونة فِي الصَّدْرِ وغِلَظٌ فِي الصَّوْتِ وسُعال؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: بَحَحٌ فِي الصَّوْتِ. يُقَالُ: بِهِ جُشْرَةٌ وَقَدْ جَشِرَ «1» . وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: جُشِرَ جُشْرَةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا نَادِرٌ، قَالَ: وَعِنْدِي أَن مَصْدَرَ هَذَا إِنما هُوَ الجَشَرُ؛ وَرَجُلٌ مَجْشُورٌ. وَبَعِيرٌ أَجْشَرُ وَنَاقَةٌ جَشْراءُ: بِهِمَا جُشْرَةٌ. الأَصمعي: بَعِيرٌ مَجْشُورٌ بِهِ سُعال جافٌّ. غَيْرُهُ: جُشِرَ، فَهُوَ مَجْشُورٌ، وجَشِرَ يَجْشَرُ جَشَراً، وَهِيَ الجُشْرَةُ، وَقَدْ جُشِرَ يُجْشَرُ عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ؛ وَقَالَ حَجَرٌ:
رُبَّ هَمٍّ جَشَمْتُهُ فِي هَواكُمْ، ... وبَعِيرٍ مُنَفَّهٍ مَجْشُورِ
ورجلٌ مَجْشُورٌ: بِهِ سُعال؛ وأَنشد:
وسَاعِلٍ كَسَعَلِ المَجْشُورِ
والجُشَّةُ والجَشَشُ: انْتِشَارُ الصَّوْتِ فِي بُحَّةٍ. ابْنُ الأَعرابي: الجُشْرَةُ الزُّكامُ. وجَشرَ الساحلُ، بِالْكَسْرِ، يَجْشَرُ جَشْراً إِذا خَشُنَ طِينُهُ ويَبِسَ كالحجَر. والجَشِيرُ: الجُوالِقُ الضَّخْمُ، وَالْجَمْعُ أَجْشِرَةٌ وجُشُرٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يُعْجلُ إِضْجاعَ الجَشِيرِ القَاعِدِ
والجَفِيرُ والجَشِيرُ: الوَفْضَةُ، وَهِيَ الكِنانَةُ. ابْنُ سِيدَهْ: والجَشِيرُ الْوَفْضَةُ وَهِيَ الجَعْبَةُ مِنْ جُلُودٍ تَكُونُ مَشْقُوقَةً فِي جَنْبها، يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا لِيَدْخُلَهَا الرِّيحُ فَلَا يأْتكل الرِّيشُ. وجَنْبٌ جاشِرٌ: مُنْتَفِخٌ. وتَجَشَّرَ بَطْنُهُ: انْتَفَخَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
__________
(1) . قوله [وقد جشر] كفرح وعني كما في القاموس(4/138)
فقامَ وَثَّابٌ نَبِيلٌ مَحْزِمُهْ. ... لَمْ يَتَجَشَّرْ مِنْ طَعامٍ يُبْشِمُهْ
وجَشَرَ الصُّبْحُ يَجْشُرُ جُشُوراً: طَلَعَ وَانْفَلَقَ. والجاشِرِيَّةُ: الشُّرْبُ مَعَ الصُّبْحِ، وَيُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ: شَرْبَةٌ جاشِرِيَّةٌ؛ قَالَ:
ونَدْمانٍ يَزِيدُ الكأْسَ طِيباً، ... سَقَيْتُ الجاشِرِيَّةَ أَو سَقَانِي
وَيُقَالُ: اصْطَبَحْتُ الجاشِرِيَّةَ، وَلَا يَتَصَرَّفُ لَهُ فِعْلٌ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا مَا شَرِبْنَا الجاشِرِيَّةَ لَمْ نُبَلْ ... أَمِيراً، وإِن كانَ الأَمِيرُ مِنَ الأَزْدِ
والجاشِرِيَّةُ: قَبِيلَةٌ فِي رَبِيعَةَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما الْجَاشِرَيَّةُ الَّتِي فِي شِعْرِ الأَعشى فَهِيَ قَبِيلَةٌ من قبائل الْعَرَبِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: أَنه كَتَبَ إِلى عَامِلِهِ أَن ابْعَثْ إِليَّ بالجَشِيرِ اللُّؤْلُؤِيّ
؛ الجَشِيرُ: الجِرابُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَهُ الزمخشري.
جَظَرَ: المُجْظَئِرُّ كمُقْشَعِرٍّ: المُعِدُّ شَرَّه كأَنه مُنْتَصِبٌ. يُقَالُ: ما لَكَ مُجْظَئِرّاً؟
جَعَرَ: الجِعَارُ: حَبْلٌ يَشُدُّ بِهِ المُسْتَقِي وَسَطَهُ إِذا نَزَلَ فِي الْبِئْرِ لِئَلَّا يَقَعَ فِيهَا، وَطَرَفُهُ فِي يَدِ رَجُلٍ فإِن سَقَطَ مَدَّه بِهِ؛ وَقِيلَ: هُوَ حَبْلٌ يَشُدُّهُ السَّاقِي إِلى وَتَدٍ ثُمَّ يَشُدُّهُ فِي حِقْوِه وَقَدْ تَجَعَّرَ بِهِ؛ قَالَ:
لَيْسَ الجِعارُ مانِعي مِنَ القَدَرْ، ... وَلَوْ تَجَعَّرْتُ بِمَحْبُوكٍ مُمَر
والجُعْرَةُ: الأَثَرُ الَّذِي يَكُونُ فِي وَسَطِ الرَّجُلِ مِنَ الجِعارِ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وأَنشد:
لَوْ كُنْتَ سَيْفاً، كانَ أَثْرُكَ جُعْرَةً، ... وكُنْتَ حَرًى أَنْ لا يُغَيِّرَكَ الصَّقْلُ
والجُعْرَةُ: شَعِيرٌ غَلِيظُ القَصَبِ عَرِيضٌ ضَخْمُ السَّنابل كأَنَّ سَنَابِلَهُ جِراءُ الخَشْخَاشِ، وَلِسُنْبُلِهِ حُرُوفٌ عِدَّةٌ، وَحَبُّهُ طَوِيلٌ عَظِيمٌ أَبيض، وَكَذَلِكَ سُنبله وسَفاه، وَهُوَ رقيق خفيف المَؤُونة فِي الدِّياسِ، وَالْآفَةُ إِليه سَرِيعَةٌ، وَهُوَ كَثِيرُ الرَّيْعِ طَيِّبُ الخُبْزِ؛ كُلُّهُ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والجُعْرورانِ: خَبْرَاوانِ إِحداهما لَبَنِي نَهْشَلٍ والأُخرى لِبَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَارِمٍ، يَمْلَؤُهُمَا جَمِيعًا الْغَيْثُ الْوَاحِدُ، فإِذا مُلِئَتِ الجُعْرُورانِ وَثِقُوا بِكَرْعِ شَائِهِمْ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
إِذا أَرَدْتَ الحَفْرَ بالجُعْرُورِ، ... فَاعْمَلْ بِكُلِّ مارِنٍ صَبُورِ
لَا غَرْفَ بالدِّرْحابَةِ القَصِير، ... وَلَا الَّذِي لوّحَ بالقَتِيرِ
الدِّرْحابَةُ: العَرِيضُ الْقَصِيرُ؛ يَقُولُ: إِذا غرف الدِّرْحابة مَعَ الطَّوِيلِ الضَّخْمِ بالحَفْنَةِ مِنَ الْغَدِيرِ، غَدِيرُ الخَبْراءِ، لم يلبث الدّرْحابَةُ أَن يَزْكُتَه الرَّبْوُ فَيَسْقُطُ. زَكَتَه الرَّبْوُ: مَلأَ جَوْفَه. وَفِي التَّهْذِيبِ: والجَعُور خَبْراءُ لَبَنِي نَهْشَلٍ، والجَعُورُ الأُخرى خَبْراءُ لِبَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دارِمٍ. وجَعَارِ: اسْمٌ للضَّبُعِ لِكَثْرَةِ جَعْرها، وإِنما بُنِيَتْ عَلَى الْكَسْرِ لأَنه حَصَلَ فِيهَا الْعَدْلُ والتأْنيث وَالصِّفَةُ الْغَالِبَةُ، وَمَعْنَى قَوْلِنَا غَالِبَةٌ أَنها غَلَبَتْ عَلَى الْمَوْصُوفِ حَتَّى صَارَ يُعْرَفُ بِهَا كَمَا يُعْرَفُ بِاسْمِهِ، وَهِيَ مَعْدُولَةٌ عَنْ جاعِرَة، فإِذا مُنِعَ مِنَ الصَّرْفِ بِعِلَّتَيْنِ وَجَبَ الْبِنَاءُ بِثَلَاثٍ لأَنه لَيْسَ بَعْدَ مَنْعِ الصَّرْفِ إِلا مَنْعَ الإِعراب؛ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي حَلَاقِ اسْم للمَنِيَّةِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ الْهُذَلِيِّ فِي صِفَةِ الضَّبُعِ:
عَشَنْزَرَةٌ جَواعِرُها ثَمانٌ، ... فُوَيْقَ زماعِهَا خَدَمٌ حُجُولُ(4/139)
تَرَاها الضَّبْعَ أَعْظَمَهُنَّ رَأْساً، ... جُراهِمَةً لها حِرَةٌ وَثِيلُ
قِيلَ: ذَهَبَ إِلى تَفْخِيمِهَا كَمَا سُمِّيَتْ حضَاجِر؛ وَقِيلَ: هِيَ أَولادها وَجَعَلَهَا الشَّاعِرُ خُنْثَى لَهَا حِرَةٌ وَثِيلُ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: جَوَاعِرُهَا ثَمَانٍ لأَن لِلضَّبُعِ خُرُوقًا كَثِيرَةً. وَالْجَرَاهِمَةُ: الْمُغْتَلِمَةُ. قَالَ الأَزهري: الَّذِي عِنْدِي فِي تَفْسِيرِ جَوَاعِرُهَا ثَمَانٍ كَثْرَةُ جَعْرها. والجَواعِرُ: جَمْعُ الجاعِرَة وَهُوَ الجَعْر أَخرجه عَلَى فَاعِلَةٍ وَفَوَاعِلَ وَمَعْنَاهُ الْمَصْدَرُ، كَقَوْلِ الْعَرَبِ: سَمِعْتُ رَواغِيَ الإِبل أَي رُغاءَها، وثَواغِيَ الشَّاءِ أَي ثُغاءها؛ وَكَذَلِكَ الْعَافِيَةُ مَصْدَرٌ وَجَمْعُهَا عَوافٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ؛ أَي لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِهِ عَزَّ وَجَلَّ كَشْفٌ وَظُهُورٌ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً؛ أَي لَغْواً، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يُرِدْ عَدَدًا مَحْصُورًا بِقَوْلِهِ جَوَاعِرُهَا ثَمَانٍ، وَلَكِنَّهُ وَصَفَهَا بِكَثْرَةِ الأَكْل والجَعْرِ، وَهِيَ مِنْ آكِلِ الدَّوَابِّ؛ وَقِيلَ: وَصَفَهَا بِكَثْرَةِ الْجَعْرِ كأَنّ لَهَا جَوَاعِرَ كَثِيرَةً كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ يأْكل فِي سَبْعَةِ أَمعاء وإِن كَانَ لَهُ مِعىً واحدٌ، وَهُوَ مَثَلٌ لِكَثْرَةِ أَكله؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ الْبَيْتُ أَعني:
عَشَنْزَرَةٌ جَوَاعِرُهَا ثَمَانٍ
لِحَبِيبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَعلم. وَلِلضَّبُعِ جَاعِرَتَانِ، فَجَعَلَ لِكُلِّ جَاعِرَةٍ أَربعة غُضون، وَسَمَّى كُلَّ غَضَنٍ مِنْهَا جَاعِرَةً بِاسْمِ مَا هِيَ فِيهِ. وجَيْعَرٌ وجَعَارِ وأُمُّ جَعارِ، كُلُّه: الضَّبُعُ لِكَثْرَةِ جَعْرِها. وَفِي الْمَثَلِ: روعِي جَعارِ وانْظُري أَيْنَ المَفَرُّ؛ يُضْرَبُ لِمَنْ يَرُومُ أَن يُفْلِتَ وَلَا يَقْدِرَ عَلَى ذَلِكَ؛ وَهَذَا الْمَثَلُ فِي التَّهْذِيبِ يُضْرَبُ فِي فِرَارِ الْجَبَانِ وَخُضُوعِهِ. ابْنُ السَّكَّيتِ: تُشْتَمُ المرأَةُ فَيُقَالُ لَهَا: قُومي جَعارِ، تُشَبَّهُ بِالضَّبْعِ. وَيُقَالُ لِلضَّبْعِ: تِيسِي أَو عِيثي جَعَار؛ وأَنشد:
فَقُلْتُ لهَا: عِيثِي جَعَار وجَرِّرِي ... بِلَحْمِ امرئٍ، لَمْ يَشْهَدِ القومَ ناصِرُهْ
والمَجْعَرُ: الدُّبُر. وَيُقَالُ للدُّبُر: الجاعِرَةُ والجَعْراءُ. والجَعْرُ: نَجْوُ كُلِّ ذَاتِ مِخْلَبٍ مِنَ السِّبَاعِ. والجَعْرُ: مَا تَيَبَّسَ فِي الدُّبُرِ مِنَ الْعَذِرَةِ. والجَعْرُ: يُبْسُ الطَّبِيعَةِ، وَخَصَّ ابْنُ الأَعرابي بِهِ جَعْرَ الإِنسان إِذا كَانَ يَابِسًا، وَالْجَمْعُ جُعُورٌ؛ وَرَجُلٌ مِجْعارٌ إِذا كَانَ كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو ابن دِينَارٍ: كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: دَعُوا الصَّرُورَةَ بجَهْلِهِ وإِن رَمَى بِجَعْرِه فِي رَحْلِهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الجَعْرُ مَا يَبِسَ مِنَ الثُّفْل فِي الدُّبُرِ أَو خَرَجَ يَابِسًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: إِنِّي مِجْعارُ البَطْن
أَي يَابِسُ الطَّبِيعَةِ؛ وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرَ: إِياكم وَنَوْمَةُ الغَداة فإِنها مَجْعَرَةٌ؛ يُرِيدُ يُبْسَ الطَّبِيعَةِ أَي أَنها مَظِنَّة لِذَلِكَ. وجَعَر الضَّبْعُ وَالْكَلْبُ والسِّنَّوْرُ يَجْعَرُ جَعْراً: خَرِئَ. والجَعْرَاء: الاسْتُ، وَقَالَ كراعٌ: الجِعِرَّى، قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لَهَا إِلا الجِعِبَّى، وَهِيَ الِاسْتُ أَيضاً، والزِّمِكّى والزِّمِجَّى وَكِلَاهُمَا أَصل الذَّنَبِ مِنَ الطَّائِرِ والقِمِصَّى الوُثُوب، والعِبِدَّى العَبيد، والجِرِشَّى النَّفْسُ؛ والجِعِرَّى أَيضاً: كَلِمَةٌ يُلَامُ بِهَا الإِنسان كأَنه يُنْسَبُ إِلى الِاسْتِ. وبَنُو الجَعْراء: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ يُعَيَّرون بِذَلِكَ؛ قَالَ:
دَعَتْ كِنْدَةُ الجَعْراءُ بِالخَرْجِ مالِكاً، ... ونَدْعُو لِعَوْفٍ تَحْتَ ظِلِّ القَواصِلِ
والجَعْراءُ: دُغَةٌ بِنْتُ مَغْنَجٍ «2» ولَدَتْ فِي بَلْعَنْبرِ، وَذَلِكَ أَنها خَرَجَتْ وَقَدْ ضَرَبَهَا المخاض
__________
(2) . قوله: [مغنج] كذا بالأَصل بالغين المعجمة، وعبارة القاموس وشرحه بنت مغنج، وفي بعض النسخ منعج، قال المغفل بن سلمة: من أعجم العين فتح الميم، ومن أهملها كسر الميم؛ قاله البكري في شرح أمالي القالي(4/140)
فَظَنَّتْهُ غَائِطًا، فَلَمَّا جَلَسَتْ لِلْحَدَثِ وَلَدَتْ فأَتت أُمّها فَقَالَتْ: يَا أُمّتَ هَلْ يَفْتَحُ الجَعْرُ فَاهُ؟ فَفَهِمَتْ عَنْهَا فَقَالَتْ: نعَمْ وَيَدْعُو أَباه؛ فَتَمِيمٌ تُسَمَّى بلْعَنْبر الجعراءَ لِذَلِكَ. والجاعِرَةُ: مِثْلُ الرَّوَثِ مِنَ الفَرس. والجاعِرَتانِ: حَرْفَا الوَرِكَين المُشْرِفان عَلَى الْفَخِذَيْنِ، وَهُمَا الْمَوْضِعَانِ اللَّذَانِ يَرْقُمُهما البَيْطارُ، وَقِيلَ: الْجَاعِرَتَانِ مَوْضِعُ الرَّقمتين مِنِ اسْتِ الْحِمَارِ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ يَذْكُرُ الْحِمَارَ والأُتن:
إِذا مَا انْتَحاهُنَّ شُؤْبُوبُهُ، ... رَأَيْتَ لِجاعِرَتَيْهِ غُضُونا
وَقِيلَ: هُمَا مَا اطمأَنَّ مِنَ الورك والفخذ في موضوع المفصل، وقيل: هما رؤوس أَعالي الْفَخِذَيْنِ، وَقِيلَ: هُمَا مَضْرَبُ الْفَرَسِ بِذَنَبِهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقِيلَ: هُمَا حَيْثُ يُكْوَى الْحِمَارُ فِي مؤَخره عَلَى كاذَتَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: أَنه وَسَمَ الْجَاعِرَتَيْنِ
؛ هُمَا لُحْمَتَانِ تَكْتَنِفَانِ أَصل الذَّنَبِ، وَهُمَا مِنَ الإِنسان فِي مَوْضِعِ رَقْمَتي الحمارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَوَى حِمَارًا فِي جاعِرَتَيْه.
وَفِي كِتَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلى الْحَجَّاجِ: قَاتَلَكَ اللَّهُ، أَسْوَدَ الْجَاعِرَتَيْنِ قِيلَ: هُمَا اللَّذَانِ يَبْتَدِئانِ الذَّنَبَ. والجِعَارُ: مِنْ سِمات الإِبل وَسْمٌ فِي الجاعِرَة؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. والجِعْرانَةُ: مَوْضِعٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَزَلَ الجِعْرانَةَ
، وَتَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ، وَهِيَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ، وَهِيَ فِي الْحَلِّ وَمِيقَاتِ الإِحرام، وَهِيَ بِتَسْكِينِ الْعَيْنِ وَالتَّخْفِيفِ، وَقَدْ تُكْسَرُ الْعَيْنُ وَتُشَدَّدُ الرَّاءُ. والجُعْرُورُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ صِغَارٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ لَوْنَيْنِ فِي الصَّدَقَةِ مِنَ التَّمْرِ
: الجُعْرُورِ ولَوْنِ الحُبَيْق؛ قَالَ الأَصمعي: الجُعْرُورُ ضَرْبٌ مِنَ الدَّقَلِ يَحْمِلُ رُطَباً صِغَارًا لَا خَيْرَ فِيهِ، ولَوْنُ الحُبَيْقِ مِنْ أَرْدَإِ التُّمْرانِ أَيضاً. والجُعْرُورُ: دُوَيْبَّةٌ مِنْ أَحناش الأَرض. وَلِصِبْيَانِ الأَعراب لُعْبَةٌ يُقَالُ لَهَا الجِعِرَّى، الرَّاءُ شَدِيدَةٌ، وَذَلِكَ أَن يُحْمَلَ الصَّبِيُّ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى أَيديهما؛ وَلُعْبَةٌ أُخرى يُقَالُ لَهَا سَفْدُ اللِّقَاحِ وَذَلِكَ انْتِظَامُ الصِّبْيَانِ بَعْضُهُمْ فِي إِثر بَعْضٍ، كلُّ وَاحِدٍ آخِذٌ بِحُجْزَةِ صَاحِبِهِ مِنْ خَلْفِه. وأَبو جِعْرانَ: الجُعَلُ عامَّةً، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الجِعْلانِ. وأُم جِعْران: الرَّخَمَةُ؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ.
جَعْبَرَ: الجَعْبَرُ: القَعْب الْغَلِيظُ الَّذِي لَمْ يُحْكَمْ نَحْتُه. والجَعْبَرَةُ والجَعْبَرِيَّة: الْقَصِيرَةُ الدَّمِيمَةُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ نِسَاءً:
يُمْسِينَ عَنْ قَسِّ الأَذَى غَوافِلا، ... لَا جَعْبَرِيَّاتٍ وَلَا طَهَامِلا «1»
. القَسُّ: النَّمِيمَةُ. والطَّهامِلُ: الضِّخامُ. وَرَجُلٌ جَعْبَرٌ وجَعْبَريٌّ: قَصِيرٌ مُتَدَاخِلٌ؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: قَصِيرٌ غَلِيظٌ؛ والمرأَة جَعْبَرَةٌ. وضَرَبَهُ فَجَعْبَرَهُ أَي صرعه.
جَعْثَرَ: جَعْثَرَ الْمَتَاعَ: جَمَعَهُ.
جَعْظَرَ: الجِعْظارُ والجِعْظارَةُ، بِكَسْرِ الْجِيمِ، والجِعِنْظار، كُلُّهُ: الْقَصِيرُ الرِّجْلَيْنِ الْغَلِيظُ الْجِسْمِ، فإِذا كَانَ مَعَ غِلَظِ جِسْمِهِ أَكولًا قَوِيًّا سُمِّيَ جَعْظَرِيّاً؛ وَقِيلَ: الجعْظارُ الْقَلِيلُ الْعَقْلِ، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي يَنْتَفِخُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ مَعَ قِصَرٍ، وأَيضاً الَّذِي لَا يَأْلَمُ رَأْسُه،
__________
(1) . قوله: [يمسين] كذا هو أَيضاً في هذه المادة من الصحاح. وفي مادة قس اسْتَشْهَدَ بِهِ عَلَى أَن القس التتبع فقال: يصبحن إِلخ بدل يمسين، ثم قول المؤلف: القس النميمة، هو وإِن كان كذلك لكن الأَولى تفسير القس في البيت بالتتبع كما فعل الصحاح(4/141)
وقيل: هو الأَكول السَّيِءُ الخُلُقِ الَّذِي يَتَسَخَّطُ عِنْدَ الطَّعَامِ. والجَعْظَرِيّ: الْقَصِيرُ الرِّجْلَيْنِ الْعَظِيمُ الْجِسْمِ مَعَ قُوَّةٍ وَشِدَّةِ أَكل. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الجَعْظَرِيُّ الْمُتَكَبِّرُ الْجَافِي عَنِ الْمَوْعِظَةِ؛ وَقَالَ مُرَّةُ: هُوَ الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الجَعْظَرِيُّ الفَظُّ الْغَلِيظُ. الْفَرَّاءُ: الجَظُّ والجَوَّاظ الطَّوِيلُ الْجِسْمِ الأَكول الشَّرُوبُ البَطِرُ الكَفُورُ؛ قَالَ: وَهُوَ الجِعْظارُ أَيضاً، والجَعْظَرِيُّ مِثْلُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا أُخبركم بأَهل النَّارِ؟ كُلُّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ مَنَّاعٍ جَمَّاعٍ
؛ الجَعْظَرِيُّ: الفَظُّ الْغَلِيظُ الْمُتَكَبِّرُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَنْتَفِخُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى: هُمُ الذين لا تُصَدَّعُ رؤوسهم. الأَزهري: الجَعْظَريُّ الطَّوِيلُ الْجِسْمِ الأَكول الشروب البَطِرُ الكافر، وَهُوَ الجِعْظارَةُ والجِعْظارُ. قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الجَعْظَريُّ الْقَصِيرُ السَّمِينُ الأَشِرُ الْجَافِي عن الموعظة.
جَعْفَرَ: الجَعْفَرُ: النَّهْرُ عامَّةً؛ حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي، وأَنشد:
إِلى بَلَدٍ لَا بَقَّ فِيهِ وَلَا أَذًى، ... وَلَا نَبَطِيَّات يُفَجِّرْنَ جَعْفَرَا
وَقِيلَ: الْجَعْفَرُ النَّهْرُ الْمَلْآنُ، وَبِهِ شُبِّهَتِ النَّاقَةُ الْغَزِيرَةُ؛ قَالَ الأَزهري: أَنشدني الْمُفَضَّلُ:
مَنْ للجَعافِرِ يَا قَوْمي؟ فَقَدْ صُرِيَتْ، ... وقَدْ يُسَاقُ لِذاتِ الصَّرْيَةِ الحَلَبُ
ابْنُ الأَعرابي: الجَعْفَرُ النَّهْرُ الصَّغِيرُ فَوْقَ الجَدْوَلِ، وَقِيلَ: الجَعْفَرُ النَّهْرُ الْكَبِيرُ الْوَاسِعُ؛ وأَنشد:
تَأَوَّدَ عُسْلُوجٌ عَلى شَطِّ جَعفَر
وَبِهِ سُمِّي الرَّجُلُ. وجَعْفَرٌ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنْ عَامِرٍ، وهم الجَعَافِرَةُ.
جَعْمَرَ: الجَعْمَرَةُ: أَن يَجْمَعَ الْحِمَارُ نَفَسَهُ وجَرامِيزَه ثُمَّ يَحْمِلَ عَلَى العَانَةِ أَو عَلَى الشَّيْءِ إِذا أَراد كَدْمَهُ. الأَزهري: الجَعْمَرَةُ والجَمْعَرَة القَارَةُ الْمُرْتَفِعَةُ الْمُشْرِفَةُ الْغَلِيظَةُ.
جَعَنْظَرَ: الجَعَنْظَرُ والجِعِنْظَارُ: الْقَصِيرُ الرِّجْلَيْنِ الْغَلِيظُ الْجِسْمِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَرَجُلٌ جِعِنْظَار إِذا كَانَ أَكولًا قَوِيًّا عَظِيمًا جسيماً.
جَفَرَ: الجَفْرُ: مِنْ أَولاد الشَّاءِ إِذا عَظُمَ واستكرشَ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِذا بَلَغَ وَلَدُ الْمِعْزَى أَربعة أَشهر وجَفَرَ جَنْبَاه وفُصِلَ عَنْ أُمه وأَخَذَ فِي الرَّعْي، فَهُوَ جَفْرٌ، وَالْجَمْعُ أَجْفَار وجِفَار وجَفَرَةٌ، والأُنثى جَفْرَةٌ؛ وَقَدْ جَفَرَ واسْتَجفَرَ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنما ذَلِكَ لأَربعة أَشهر أَو خَمْسَةٍ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه قَضَى فِي اليَرْبُوع إِذا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ بجَفْرَةٍ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ: قَضَى فِي الأَرنب يُصِيبُهَا الْمُحْرِمُ جَفْرَةً. ابْنُ الأَعرابي: الجَفْرُ الجَمَلُ الصَّغِيرُ والجَديُ بعد ما يُفْطَمُ ابْنُ سِتَّةِ أَشهر. قَالَ: وَالْغُلَامُ جَفْرٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الجَفْرَةُ العَناق الَّتِي شَبِعَتْ مِنَ البَقْلِ وَالشَّجَرِ وَاسْتَغْنَتْ عَنْ أُمِّها، وَقَدْ تَجَفَّرَتْ واسْتَجْفَرَتْ. وَفِي حَدِيثِ
حَلِيمَةَ ظِئْرِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: كَانَ يَشِبُّ فِي الْيَوْمِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي الشَّهْرِ فَبَلَغَ سِتًّا وَهُوَ جَفرٌ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: اسْتَجْفَر الصَّبيُّ إِذا قَوِيَ عَلَى الأَكل. وَفِي حَدِيثِ
أَبي اليَسَرِ: فَخَرَجَ «1» . إِليَّ ابنٌ لَهُ جَفْرٌ.
وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: يَكْفِيهِ ذراعُ الجَفْرَةِ
؛ مَدَحَتْهُ بِقِلَّةِ الأَكل. والجَفْرُ: الصَّبِيُّ إِذا انْتَفَخَ لَحْمُهُ وأَكل وَصَارَتْ لَهُ كِرْشٌ، والأُنثى جَفْرَةٌ، وَقَدِ استَجْفَر وتَجَفَّرَ.
__________
(1) . قوله [فخرج إِلخ] كذا بضبط القلم في نسخة من النهاية يظن بها الصحة والعهدة عليها(4/142)
والمُجْفَرُ: الْعَظِيمُ الْجَنْبَيْنِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. واسْتَجْفَرَ إِذا عَظُمَ؛ حَكَاهُ شِمْرٌ وَقَالَ: جُفْرَةُ الْبَطْنِ باطِنُ المُجْرَئِشِّ. والجُفْرَةُ: جَوْفُ الصَّدْرِ، وَقِيلَ: مَا يَجْمَعُ الْبَطْنَ وَالْجَنْبَيْنَ، وَقِيلَ: هُوَ مُنحَنَى الضُّلُوعِ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الْفَرَسِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: جُفْرَةُ الْفَرَسِ وسَطُه، وَالْجَمْعُ جُفَرٌ وجِفَارٌ. وجُفْرَةُ كُلِّ شَيْءٍ: وَسَطُهُ وَمُعْظَمُهُ. وفَرَسٌ مُجْفَرٌ وَنَاقَةٌ مُجْفَرَة أَي عَظِيمَةُ الجُفْرةِ، وَهِيَ وَسَطُهُ؛ قَالَ الجَعْدِيُّ:
فَتَآيا بِطَرِير مُرْهَفٍ ... جُفْرَةَ المَحْزِمِ مِنْهُ فَسَعَلْ
والجُفْرَةُ: الحُفْرَةُ الْوَاسِعَةُ الْمُسْتَدِيرَةُ. والجُفَرُ: خُروق الدَّعَائِمِ الَّتِي تُحْفَرُ لَهَا تَحْتَ الأَرض. والجَفْرُ: الْبِئْرُ الْوَاسِعَةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي طُوِيَ بَعْضُهَا وَلَمْ يُطْوَ بَعْضٌ، وَالْجَمْعُ جِفَارٌ؛ وَمِنْهُ جَفْرُ الهَبَاءَةِ، وَهُوَ مُسْتَنْقَع بِبِلَادِ غَطَفَان. والجُفْرَةُ، بِالضَّمِّ: سَعَةٌ فِي الأَرض مُسْتَدِيرَةٌ، والجمعُ جِفَارٌ مِثْلُ بُرْمَةٍ وَبِرَامٍ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجَوْفِ: جُفْرةٌ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: فَوَجَدْنَاهُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الجِفَارِ
، وَهُوَ جَمْعُ جُفْرة، بِالضَّمِّ. وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ جُفرة، بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ، جُفْرَةُ خَالِدٍ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ تُنْسَبُ إِلى خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسِيدٍ، لَهَا ذِكْرٌ فِي حَدِيثُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ. والجَفِيرُ: جَعْبَة مِنْ جُلُودٍ لَا خَشَبَ فِيهَا أَو مِنْ خَشَبٍ لَا جَلْدَ فِيهَا. والجَفِيرُ أَيضاً: جَعْبَةٌ مِنْ جُلُودٍ مشقوقة في جنبها، يُفعل ذَلِكَ بِهَا لِيَدْخُلَهَا الرِّيحُ فَلَا يأْتكل الرِّيشُ. الأَحمر: الجَفِير والجَعْبَةُ الكِنَانة. اللَّيْثُ: الجَفِير شِبْهُ الْكِنَانَةِ إِلا أَنه واسعٌ أَوسعُ مِنْهَا يُجْعَلُ فِيهِ نُشَّابٌ كَثِيرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اتَّخَذَ قَوْسًا عَرَبِيَّةً وجَفِيرَها نَفَى اللَّهُ عَنْهُ الْفَقْرَ
؛ الجَفير: الْكِنَانَةُ والجَعْبة الَّتِي تُجْعَلُ فِيهَا السِّهَامُ، وتخصيصُ القِسِيِّ الْعَرَبِيَّةِ كراهيةَ زِيِّ الْعَجَمِ. وجَفَرَ الفحلُ يَجْفُر، بِالضَّمِّ، جُفُوراً: انْقَطَعَ عَنِ الضِّراب وقَلَّ مَاؤُهُ، وَذَلِكَ إِذا أَكثر الضِّرَابَ حَتَّى حَسَرَ [حَسِرَ] وَانْقَطَعَ وعَدَلَ عَنْهُ. وَيُقَالُ فِي الْكَبْشِ: رَبَضَ وَلَا يُقَالُ جَفَرَ. ابْنُ الأَعرابي: أَجْفَرَ الرجلُ وجَفَرَ وجَفَّرَ واجْتَفَرَ إِذا انْقَطَعَ عَنِ الْجِمَاعِ، وإِذا ذَلَّ قِيلَ: قَدِ اجْتَفَرَ. وأَجْفَرَ الرجلُ عَنِ المرأَة: انْقَطَعَ. وجَفَّرَه الأَمرُ عَنْهُ: قَطَعَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
وتُجْفِروا عَنْ نِسَاءٍ قَدْ تَحِلُّ لَكُمْ، ... وَفِي الرُّدَيْنِيِّ والْهِنْدِيِّ تَجْفِيرُ
أَي أَن فِيهِمَا مِنْ أَلم الْجِرَاحِ مَا يُجَفِّرُ الرجلَ عَنِ المرأَة، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي بِهِ إِماتتهما إِياهم لأَنه إِذا مَاتَ فَقَدْ جَفَرَ. وَطَعَامٌ مَجْفَرٌ ومَجْفَرَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: يَقْطَعُ عَنِ الْجِمَاعِ. وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: أَكلُ البِطِّيخ مَجْفَرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ: عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فإِنه مَجْفَرَةٌ
؛ أَي مَقْطَعَةٌ لِلنِّكَاحِ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
صُوموا وَوَفِّرُوا أَشْعاركم
«1» . فإِنها مَجْفَرَةٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي مَقْطَعَة لِلنِّكَاحِ وَنَقْصًا لِلْمَاءِ. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا أَكثر الضِّرَابَ حَتَّى يَنْقَطِعَ: قَدْ جَفَرَ يَجْفِرُ جُفُوراً، فَهُوَ جَافِرٌ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي ذَلِكَ:
وَقَدْ عَارَضَ الشِّعْرى سُهَيْلٌ، كَأَنَّهُ ... قَرِيعُ هِجانٍ، عَارَضَ الشَّوْلَ جَافِرُ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه رأَى رجلًا
__________
(1) . قوله: [ووفروا أشعاركم] يعني شعر العانة. وفي رواية فإِنه أَي الصوم مجفر، بصيغة اسم الفاعل من أجفر، وهذا أَمر لمن لا يجد أهبة النكاح من معشر الشباب، كذا بهامش النهاية(4/143)
فِي الشَّمْسِ فَقَالَ: قُمْ عَنْهَا فإِنها مَجْفَرَةٌ
أَي تُذْهِبُ شَهْوَةَ النِّكَاحِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِياكم وَنَوْمَةَ الغَدَاةِ فإِنها مَجْفَرَةٌ
؛ وَجَعَلَهُ الْقُتَيْبِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ. والمُجْفِرُ: الْمُتَغَيِّرُ رِيحِ الْجَسَدِ. وَفِي حَدِيثِ
المُغِيرةِ: إِياكم وكلَّ مُجْفِرَةٍ
أَي مُتَغَيِّرة رِيحِ الْجَسَدِ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ أَجْفَر. قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ من قَوْلِهِمُ امرأَة مُجْفِرَةُ الْجَنْبَيْنِ أَي عَظِيمَتُهُمَا. وجَفَرَ جَنْبَاهُ إِذا اتَّسَعَا، كأَنه كَرِهَ السِّمَنَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكَنَهْبَلُ صِنْفٌ مِنَ الطَّلْحِ جَفْرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه عَنَى بِهِ قَبِيحَ الرَّائِحَةِ مِنَ النَّبَاتِ. الْفَرَّاءُ: كُنْتُ آتِيكُمْ فَقَد أَجْفَرْتُكم أَي تَرَكْتُ زِيَارَتَكُمْ وَقَطَعْتُهَا. ويقالُ: أَجْفَرْتُ مَا كنتُ فِيهِ أَي تَرَكْتُهُ. وأَجْفَرْتُ فُلَانًا: قَطَعْتُهُ وَتَرَكْتُ زِيَارَتَهُ. وأَجْفَرَ الشيءُ: غَابَ عَنْكَ. وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: أَجْفَرَنا هَذَا الذئبُ فَمَا حَسَسْناه مُنْذُ أَيام. وفعلتُ ذَلِكَ مِنْ جَفْرِ كَذَا «2» . أَي مِنْ أَجله. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ: إِنه لَمُنْهَدِمُ الْحَالِ ومُنْهَدِمُ الجَفْرِ. والجُفُرَّى والكُفُرَّى: وِعاء الطَّلْعِ. وإِبِلٌ جِفَارٌ إِذا كَانَتْ غِزاراً، شُبِّهَتْ بِجِفَارِ الرَّكايا. والجُفُرَّاء والجُفُرَّاةُ: الْكَافُورُ مِنَ النَّخْلِ؛ حَكَاهُمَا أَبو حَنِيفَةَ. وجَيْفَرٌ ومُجَفَّر: اسْمَانِ: والجَفْرُ: مَوْضِعٌ بِنَجْدٍ. والجِفَارُ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ لِبَنِي تَمِيمٍ، قَالَ: وَمِنْهُ يَوْمُ الجِفَارِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَيَوْمُ الجِفَارِ وَيَوْمُ النِّسارِ ... كَانَا عَذَاباً، وَكَانَا غَرَامَا
أَي هَلَاكًا. والجَفَائِرُ: رِمَالٌ مَعْرُوفَةٌ؛ أَنشد الْفَارِسِيُّ:
أَلِمَّا عَلَى وَحْشِ الجَفَائِر فانْظُرا ... إِليها، وإِنْ لَمْ تُمْكِنِ الوَحْشُ رامِيَا
والأَجْفَرُ: مَوْضِعٌ.
جَكِرَ: ابْنُ الأَعرابي: الجُكَيْرَةُ تَصْغِيرُ الجَكْرَةِ وَهِيَ اللَّجَاجَة، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَجْكَرَ الرجلُ إِذا لَجَّ فِي الْبَيْعِ، وَقَدْ جَكِرَ يَجْكَرُ جَكَراً.
جلنر: الجُلَّنارُ: معروف.
جَمَرَ: الجَمْر: النَّارُ الْمُتَّقِدَةُ، وَاحِدَتُهُ جَمْرَةٌ. فإِذا بَرَدَ فَهُوَ فَحْمٌ. والمِجْمَرُ والمِجْمَرَةُ: الَّتِي يُوضَعُ فِيهَا الجَمْرُ مَعَ الدُّخْنَةِ وَقَدِ اجْتَمَرَ بِهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: المِجْمَرُ قَدْ تُؤَنَّثُ، وَهِيَ الَّتِي تُدَخَّنُ بِهَا الثيابُ. قَالَ الأَزهري: مَنْ أَنثه ذَهَبَ بِهِ إِلى النَّارِ، وَمَنْ ذكَّره عَنَى بِهِ الْمَوْضِعَ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
لَا يَصْطَلي النَّارَ إِلا مِجْمَراً أَرِجا
أَراد إِلا عُوداً أَرِجاً عَلَى النَّارِ. وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ومَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وبَخُورُهُمُ العُودُ الهِنْدِيُّ غَيْرَ مُطَرًّى. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المِجْمَرُ نَفْسُ الْعُودِ. واسْتَجْمَرَ بالمِجْمَرِ إِذا تَبَخَّرَ بِالْعُودِ. الْجَوْهَرِيُّ: المِجْمَرَةُ واحدةُ المَجَامِرِ، يُقَالُ: أَجْمَرْتُ النَّارَ مِجْمَراً إِذا هَيَّأْتَ الجَمْرَ؛ قَالَ: وَيُنْشَدُ هَذَا الْبَيْتُ بِالْوَجْهَيْنِ مُجْمِراً ومِجْمَراً وَهُوَ لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ الْهِلَالِيِّ يَصِفُ امرأَة ملازمة للطيب:
__________
(2) . قوله: [من جفر كذا إلخ] بفتح فسكون وبالتحريك وجفرة كذا بفتح فسكون كُلُّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ دريد أفاده شارح القاموس(4/144)
لَا تَصْطَلي النَّارَ إلَّا مُجْمِراً أَرِجاً، ... قدْ كَسَّرَت مِنْ يَلَنْجُوجٍ لَه وَقَصَا
وَالْيَلَنْجُوجُ: الْعُودُ. والوَقَصُ: كِسَارُ الْعِيدَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا أَجْمَرْتُمْ الْمَيْتَ فَجَمِّرُوه ثَلَاثًا
؛ أَي إِذا بَخَّرْتُمُوهُ بِالطِّيبِ. وَيُقَالُ: ثَوْبٌ مُجْمَرٌ ومُجَمَّرٌ. وأَجْمَرْتُ الثوبَ وَجَمَّرْتُه إِذا بَخَّرْتَهُ بِالطِّيبِ، وَالَّذِي يَتَوَلَّى ذَلِكَ مُجْمِرٌ ومُجَمِّرٌ؛ وَمِنْهُ نُعَيْمٌ المُجْمِرُ الَّذِي كَانَ يَلِي إِجْمَارَ مَسْجِدِ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمَجَامِر: جَمْعُ مِجْمَرٍ ومُجْمِرٍ، فَبِالْكَسْرِ هُوَ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ النَّارُ وَالْبَخُورُ، وَبِالضَّمِّ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ وأُعِدَّ لَهُ الجَمْرُ؛ قَالَ: وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ بَخُورُهم الأَلُوَّةُ، وَهُوَ الْعُودُ. وَثَوْبٌ مُجَمَّرٌ: مُكَبًّى إِذا دُخِّنَ عَلَيْهِ، والجامِرُ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ إِنما هُوَ عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ:
وَرِيحُ يَلَنْجُوجٍ يُذَكِّيهِ جَامِرُهْ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تُجَمِّروا
«1» وجَمَّرَ ثَوْبَهُ إِذا بَخَّرَهُ. والجَمْرَةُ: الْقَبِيلَةُ لَا تَنْضَمُّ إِلى أَحد؛ وَقِيلَ: هِيَ الْقَبِيلَةُ تُقَاتِلُ جماعةَ قَبائلَ، وَقِيلَ: هِيَ الْقَبِيلَةُ يكون فيها ثلثمائة فَارِسٍ أَو نَحْوُهَا. والجَمْرَةُ: أَلف فَارِسٍ، يُقَالُ: جَمْرَة كالجَمْرَةِ. وَكُلُّ قُبَيْلٍ انْضَمُّوا فَصَارُوا يَدًا وَاحِدَةً وَلَمْ يُحَالِفوا غَيْرَهُمْ، فَهُمْ جَمْرَةٌ. اللَّيْثُ: الجَمْرَةُ كُلُّ قَوْمٍ يَصْبِرُونَ لِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُمْ لَا يُحَالِفُونَ أَحداً وَلَا يَنْضَمُّونَ إِلى أَحد، تَكُونُ الْقَبِيلَةُ نَفْسُهَا جَمْرَة تَصْبِرُ لِقِرَاعِ الْقَبَائِلِ كَمَا صَبَرَتْ عَبْسٌ لِقَبَائِلِ قَيْسٍ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ عُمَرَ: أَنه سأَل الحُطَيْئَةَ عَنْ عَبْسٍ وَمُقَاوَمَتِهَا قَبَائِلَ قَيْسٍ فَقَالَ: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ كُنَّا أَلف فَارِسٍ كأَننا ذَهَبَةٌ حَمْرَاءُ لَا نَسْتَجْمِرُ وَلَا نُحَالِفُ
أَي لَا نسأَل غَيْرَنَا أَن يَجْتَمِعُوا إِلينا لِاسْتِغْنَائِنَا عَنْهُمْ. والجَمْرَةُ: اجْتِمَاعُ الْقَبِيلَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى مَنْ ناوأَها مِنْ سَائِرِ الْقَبَائِلِ؛ وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِمَوَاضِعِ الجِمَارِ الَّتِي تُرْمَى بِمِنًى جَمَراتٌ لأَن كلَّ مَجْمَعِ حَصًى مِنْهَا جَمْرَةٌ وَهِيَ ثَلَاثُ جَمَراتٍ. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ: يُقَالُ لعَبْسٍ وضَبَّةَ ونُمير الجَمَرات؛ وأَنشد لأَبي حَيَّةَ النُّمَيري:
لَنَا جَمَراتٌ لَيْسَ فِي الأَرض مِثْلُها؛ ... كِرامٌ، وَقَدْ جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ:
نُمَيْرٌ وعبْسٌ يُتَّقَى نَفَيَانُها، ... وضَبَّةُ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ «2»
. وجَمَرَات العرب: بَنُو الْحَرْثِ بْنِ كَعْبٍ وَبَنُو نُمير بْنِ عَامِرٍ وَبَنُو عَبْسٍ؛ وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: هِيَ أَربع جَمَرَاتٍ، وَيَزِيدُ فِيهَا بَنِي ضَبَّةَ بْنَ أُدٍّ، وَكَانَ يَقُولُ: ضَبَّةُ أَشبه بِالْجَمْرَةِ مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ، ثُمَّ قَالَ: فَطَفِئتْ مِنْهُمْ جَمْرَتَانِ وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ، طَفِئتْ بنو الحرث لِمُحَالَفَتِهِمْ نَهْداً، وَطَفِئَتْ بَنُو عَبْسٍ لِانْتِقَالِهِمْ إِلى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ يَوْمَ جَبَلَةَ، وَقِيلَ: جَمَراتُ مَعَدٍّ ضَبَّةُ وعبس والحرثُ ويَرْبُوع، سُمُّوا بِذَلِكَ لِجَمْعِهِمْ. أَبو عُبَيْدَةَ: جَمَرَاتُ الْعَرَبِ ثَلَاثٌ: بَنُو ضَبَّةَ بْنُ أُد وَبَنُو الْحَرَثِ بْنِ كَعْبٍ وَبَنُو نُمَيْرِ بْنِ عَامِرٍ، وَطَفِئَتْ مِنْهُمْ جَمْرَتَانِ: طَفِئَتْ ضَبَّةُ لأَنها حَالَفَتِ الرِّبابَ، وَطَفِئَتْ بَنُو الحرث لأَنها حَالَفَتْ مَذْحِجَ، وَبَقِيَتْ نُمير لَمْ تُطْفَأْ لأَنها لم
__________
(1) . قَوْلِهِ: [وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ لَا تجمروا
] عبارة النهاية: لَا تُجَمِّرُوا الْجَيْشَ فَتَفْتِنُوهُمْ؛ تَجْمِيرُ الْجَيْشِ جَمْعُهُمْ فِي الثُّغُورِ وَحَبْسُهُمْ عَنِ الْعَوْدِ إِلى أَهليهم
(2) . قوله: [يتقى نفيانها] النفيان ما تنفيه الريح في أصول الشجر من التراب ونحوه، وَيُشَبَّهُ بِهِ مَا يَتَطَرَّفُ من معظم الجيش كما في الصحاح(4/145)
تُحالِفْ. وَيُقَالُ: الْجَمَرَاتُ عَبْسٌ والحرث وَضَبَّةُ، وَهُمْ إِخوة لأُم، وَذَلِكَ أَن امرأَة مِنَ الْيَمَنِ رأَت فِي الْمَنَامِ أَنه يَخْرُجُ مِنْ فَرْجِهَا ثَلَاثُ جَمَرَاتٍ، فَتَزَوَّجَهَا كَعْبُ بْنُ عَبْدِ المَدَانِ فَوَلَدَتْ له الحرث بْنَ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ الْمَدَانِ وَهُمْ أَشراف الْيَمَنِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَغِيضُ بْنُ رَيْثٍ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْساً وَهُمْ فُرْسَان الْعَرَبِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أُدّ فَوَلَدَتْ لَهُ ضَبَّةَ، فَجَمْرَتَانِ فِي مُضَرَ وَجَمْرَةٌ فِي الْيَمَنِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لأُلْحِقَنَّ كُلُّ قَوْمٍ بِجَمْرَتهِم
أَي بِجَمَاعَتِهِمُ الَّتِي هُمْ مِنْهَا. وأَجْمَرُوا عَلَى الأَمر وتَجَمَّرُوا: تَجَمَّعُوا عَلَيْهِ وَانْضَمُّوا. وجَمَّرَهُمُ الأَمر: أَحوجهم إِلى ذَلِكَ. وجَمَّرَ الشَّيءَ: جَمَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي إِدريس: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ والناسُ أَجْمَرُ مَا كَانُوا
أَي أَجمع مَا كَانُوا. وجَمَّرَتِ المرأَةُ شَعْرَهَا وأَجْمَرَتْهُ: جَمَعَتْهُ وَعَقَدَتْهُ فِي قَفَاهَا وَلَمْ تُرْسِلْهُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: إِذا ضَفَرَتْهُ جَمائِرَ، واحدتُها جَمِيرَةٌ، وَهِيَ الضَّفَائِرُ والضَّمائِرُ والجَمَائِرُ. وتَجْمِيرُ المرأَة شَعْرَهَا: ضَفْرُه. والجَميرَةُ: الخُصْلَةُ مِنَ الشَّعْرِ: وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّخَعِيِّ: الضَّافِرُ والمُلَبِّدُ والمُجْمِرُ عَلَيْهِمُ الحَلْقُ
؛ أَي الَّذِي يَضْفِرُ رأْسه وَهُوَ مُحْرِمٌ يَجِبُ عَلَيْهِ حَلْقُهُ، وَرَوَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ بِالتَّشْدِيدِ وَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَجْمَعُ شَعْرَهُ ويَعْقِدُهُ فِي قَفَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَجْمَرْتُ رأْسي إِجْماراً
أَي جَمَعْتُهُ وَضَفَّرْتُهُ؛ يُقَالُ: أَجْمَرَ شعرَه إِذا جَعَلَهُ ذُؤابَةً، والذؤابَةُ: الجَمِيرَةُ لأَنها جُمِّرَتْ أَي جُمِعَتْ. وجَمِيرُ الشَّعَرِ: مَا جُمِّرَ مِنْهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
كَأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا مَا ... حَمِسْنَا، والوقَايَةُ بالخِناق
والجَمِيرُ: مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ. وجَمَّرَ الجُنْدَ: أَبقاهم فِي ثَغْرِ الْعَدُوِّ وَلَمْ يُقْفِلْهم، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ. وتَجْمِيرُ الجُنْد: أَن يَحْبِسَهُمْ فِي أَرض الْعَدُوِّ وَلَا يُقْفِلَهُمْ مِنَ الثَّغْرِ. وتَجَمَّرُوا هُمْ أَي تَحَبَّسُوا؛ وَمِنْهُ التَّجْمِيرُ فِي الشَعَرِ. الأَصمعي وَغَيْرُهُ: جَمَّرَ الأَميرُ الجيشَ إِذا أَطال حَبْسَهُمْ بِالثَّغْرِ وَلَمْ يأْذن لَهُمْ فِي القَفْلِ إِلى أَهليهم، وَهُوَ التَّجْمِيرُ؛ وَرَوَى الرَّبِيعُ أَن الشَّافِعِيَّ أَنشده:
وجَمَّرْتَنَا تَجْمِيرَ كِسْرى جُنُودَهُ، ... ومَنَّيْتَنا حَتَّى نَسينَا الأَمَانِيا
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: لَا تُجَمِّرُوا الْجَيْشَ فَتَفْتِنُوهم
؛ تَجْمِيرُ الْجَيْشِ: جَمْعُهم في الثُّغور وجَبْسُهم عَنِ الْعَوْدِ إِلى أَهليهم؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الهُرْمُزانِ: أَن كِسْرى جَمَّرَ بُعُوثَ فارِسَ.
وَجَاءَ القومُ جُمارَى وجُماراً أَي بأَجمعهم؛ حَكَى الأَخيرة ثَعْلَبٌ؛ وَقَالَ: الجَمَارُ الْمُجْتَمِعُونَ؛ وأَنشد بَيْتَ الأَعشى:
فَمَنْ مُبْلِغٌ وائِلًا قَوْمَنَا، ... وأَعْني بِذَلِكَ بَكْراً جَمارَا؟
. الأَصمعي: جَمَّرَ بَنُو فُلَانٍ إِذا اجْتَمَعُوا وَصَارُوا أَلْباً وَاحِدًا. وَبَنُو فُلَانٍ جَمْرَةٌ إِذا كَانُوا أَهل مَنَعَةٍ وَشِدَّةٍ. وتَجَمَّرتِ القبائلُ إِذا تَجَمَّعَتْ؛ وأَنشد:
إِذا الجَمارُ جَعَلَتْ تَجَمَّرُ
وخُفٌّ مُجْمِرٌ [مُجْمَرٌ] : صُلْبٌ شَدِيدٌ مُجْتَمِعٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي نَكَبَتْهُ الْحِجَارَةُ وصَلُبَ. أَبو عَمْرٍو: حافِرٌ مُجْمِرٌ [مُجْمَرٌ] وقَاحٌ صُلْبٌ. والمُفِجُّ: المُقَبَّبُ مِنَ الْحَوَافِرِ، وَهُوَ مَحْمُودٌ. والجَمَراتُ والجِمارُ: الحَصياتُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا فِي مَكَّةَ، وَاحِدَتُهَا جَمْرَةٌ. والمُجَمَّرُ: مَوْضِعُ رَمْيِ الْجِمَارِ هُنَالِكَ؛ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ أَنس الهُذَليُّ:(4/146)
لأَدْركُهْم شُعْثَ النَّواصي، كَأَنَّهُمْ ... سَوابِقُ حُجَّاجٍ تُوافي المُجَمَّرا
وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ الجِمارِ بِمِنًى فَقَالَ: أَصْلُها مَنْ جَمَرْتُه ودَهَرْتُه إِذا نَحَّيْتَهُ. والجَمْرَةُ: واحدةُ جَمَراتِ الْمَنَاسِكِ وَهِيَ ثَلَاثُ جَمَرات يُرْمَيْنَ بالجِمارِ. والجَمْرَةُ: الْحَصَاةُ. والتَّجْمِيرُ: رمْيُ الجِمارِ. وأَما موضعُ الجِمارِ بِمِنًى فَسُمِّيَ جَمْرَةً لأَنها تُرْمي بالجِمارِ، وَقِيلَ: لأَنها مَجْمَعُ الْحَصَى الَّتِي تُرْمَى بِهَا مِنَ الجَمْرَة، وَهِيَ اجْتِمَاعُ الْقَبِيلَةِ عَلَى مَنْ ناوأَها، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَجْمَرَ إِذا أَسرع؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِن آدَمَ رَمَى بِمِنًى فأَجْمرَ إِبليسُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
والاسْتِجْمارُ: الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحِجَارَةِ، كأَنه مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذا توضأْتَ فانْثُرْ، وإِذا اسْتَجْمَرْتَ فأَوْتِرْ
؛ أَبو زَيْدٍ: الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحِجَارَةِ، وَقِيلَ: هو الاستنجاء، واستجمر واستنجى وَاحِدٌ إِذا تَمَسَّحَ بِالْجِمَارِ، وَهِيَ الأَحجار الصِّغَارُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ جِمَارُ الْحَجِّ لِلْحَصَى الَّتِي تُرْمَى بِهَا. وَيُقَالُ لِلْخَارِصِ: قَدْ أَجْمَرَ النخلَ إِذا خَرَصَها. والجُمَّارُ: مَعْرُوفٌ، شَحْمُ النَّخْلِ، وَاحِدَتُهُ جُمَّارَةٌ. وجُمَّارَةُ النَّخْلِ: شَحْمَتُهُ الَّتِي فِي قِمَّةِ رأْسه تُقْطَعُ قمَّتُه ثُمَّ تُكْشَطُ عَنْ جُمَّارَةٍ فِي جَوْفِهَا بَيْضَاءَ كأَنها قطعةُ سَنَامٍ ضَخْمَةٌ، وَهِيَ رَخْصَةٌ تُؤْكَلُ بِالْعَسَلِ، والكافورُ يَخْرُجُ مِنَ الجُمَّارَة بَيْنَ مَشَقِّ السَّعَفَتَيْنِ وَهِيَ الكُفُرَّى [الكِفِرَّى] ، والجمعُ جمَّارٌ أَيضاً. والجَامُورُ: كالجُمَّارِ. وجَمَرَ النَّخْلَةَ: قَطَعَ جُمَّارَها أَو جامُورَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَني أَنظر إِلى سَاقِهِ فِي غَرْزه كأَنها جُمَّارَةٌ
؛ الجُمَّارَةُ: قَلْبُ النَّخْلَةِ وَشَحْمَتُهَا، شَبَّهَ سَاقَهُ بِبَيَاضِهَا،؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أَتى بِجُمَّارٍ
؛ هُوَ جمعُ جُمَّارة. والجَمْرَةُ: الظُّلْمة الشَّدِيدَةُ. وابنُ جَمِير: الظُّلمة. وَقِيلَ: لظُلمة لَيْلَةٍ «1» . فِي الشَّهْرِ. وابْنَا جَمِيرٍ: الليلتانِ يَسْتَسِرُّ فِيهِمَا القَمَرُ. وأَجْمَرَتِ الليلةُ: اسْتَسَرَّ فِيهَا الهلالُ. وابْنُ جَمِيرٍ: هلالُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ: قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي صِفَةِ ذِئْبٍ:
وإِنْ أَطافَ، وَلَمْ يَظْفَرْ بِطائِلةٍ ... فِي ظُلْمة ابنِ جَمِيرٍ، سَاوَرَ الفُطُمَا
يَقُولُ: إِذا لَمْ يُصِبْ شَاةً ضَخْمَةً أَخذ فَطِيمَةً. والفُطُمُ: السِّخَالُ الَّتِي فُطِمَتْ، وَاحِدَتُهَا فَطِيمَةٌ. وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: ابنُ جُمَيْرٍ، عَلَى لَفْظِ التَّصْغِيرِ، فِي كُلِّ ذَلِكَ. قَالَ: يُقَالُ جَاءَنَا فَحْمَةَ بْنَ جُمَيْرٍ؛ وأَنشد:
عَنْدَ دَيْجُورِ فَحْمَةِ بْنِ جُمَيْرٍ ... طَرَقَتْنا، واللَّيْلُ دَاجٍ بَهِيمُ
وَقِيلَ: ظُلْمَةُ بْنُ جَميرٍ آخرُ الشَّهْرِ كأَنه سَمَّوْهُ ظُلْمَةً ثُمَّ نَسَبُوهُ إِلى جَمِير، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا أَفعل ذَلِكَ مَا جَمَرَ ابْنُ جَمير؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي التَّهْذِيبِ: لا أَفعل ذاك مَا أَجْمَرَ ابْنُ جَمِيرٍ وَمَا أَسْمَرَ ابْنُ سَمِير؛ الْجَوْهَرِيُّ: وَابْنَا جَمِيرٍ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، سُمِّيَا بِذَلِكَ لِلِاجْتِمَاعِ كَمَا سُمِّيَا ابْنَيْ سَمِير لأَنه يُسْمَرُ فِيهِمَا. قَالَ: والجَمِيرُ اللَّيْلُ الْمُظْلِمُ، وابنُ جَمِيرٍ: اللَّيْلُ الْمُظْلِمُ؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ أَحمر الْبَاهِلِيِّ:
نَهارُهُمُ ظَمْآنُ ضَاحٍ، ولَيْلُهُمْ، ... وإِن كَانَ بَدْراً، ظُلْمَةُ ابْنِ جَمِيرِ
وَيُرْوَى:
نهارُهُمُ ليلٌ بَهِيمٌ ولَيْلُهُمْ
ابْنُ جَمِيرٍ: اللَّيْلَةُ الَّتِي لَا يَطْلُعُ فِيهَا الْقَمَرُ فِي أُولاها وَلَا فِي أُخراها؛ قَالَ أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ: هو آخر ليلة
__________
(1) . قوله: [لظلمة ليلة إلخ] هكذا بالأصل ولعله ظلمة آخر ليلة إلخ كما يعلم مما يأتي(4/147)
مِنَ الشَّهْرِ؛ وَقَالَ:
وكأَنّي فِي فَحْمَةِ ابنِ جَمِيرٍ ... فِي نِقابِ الأُسَامَةِ السِّرْداحِ
قَالَ: السِّرْدَاحُ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ التَّامُّ. نِقَابٌ: جِلْدٌ. والأُسامة: الأَسد. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: ابْنُ جَمِير الهلالُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْقَمَرِ فِي آخِرِ الشَّهْرِ ابْنُ جَمِيرٍ لأَن الشَّمْسَ تَجْمُرُه أَي تُوَارِيهِ. وأَجْمَرَ الرجلُ والبعيرُ: أَسرع وَعَدَا، وَلَا تَقُلْ أَجمز، بِالزَّايِ؛ قَالَ لَبِيدٍ:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ، ... أَوْ قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ
وأَجْمَرْنا الْخَيْلَ أَي ضَمَّرْناها وَجَمَّعْنَاهَا. وَبَنُو جَمْرَةَ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ. ابْنُ الْكَلْبِيِّ: الجِمارُ طُهَيَّةُ وبَلْعَدَوِيَّة وَهُوَ مِنْ بَنِي يَرْبُوعَ بْنِ حَنْظَلَةَ. والجامُور: القَبْرُ. وجامُورُ السَّفِينَةِ: مَعْرُوفٌ. والجامُور: الرأْس تَشْبِيهًا بِجَامُورِ السَّفِينَةِ؛ قَالَ كُرَاعٌ: إِنما تُسَمِّيهِ بِذَلِكَ الْعَامَّةُ. وَفُلَانٌ لَا يَعْرِفُ الجَمْرَةَ مِنَ التَّمْرَةِ. وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ سُقُوطِ الجَمْرَةِ. والمُجَيْمِرُ: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: اسْمُ جَبَلٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الأَنباري:
ورُكوبُ الخَيْلِ تَعْدُو المَرَطَى، ... قَدْ عَلَاها نَجَدٌ فِيهِ اجْمِرار
قَالَ: رَوَاهُ يَعْقُوبُ بِالْحَاءِ، أَي اخْتَلَطَ عَرَقُهَا بِالدَّمِ الَّذِي أَصابها فِي الْحَرْبِ، وَرَوَاهُ أَبو جَعْفَرٍ اجْمِرَارُ، بِالْجِيمِ، لأَنه يَصِفُ تَجَعُّدَ عَرَقِهَا وَتَجَمُّعَهُ. الأَصمعي: عدَّ فُلَانٌ إِبله جَماراً إِذا عَدَّهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
وظَلَّ رعاؤُها يَلْقَونَ مِنْهَا، ... إِذا عُدَّتْ، نَظَائِر أَو جَمَارَا
وَالنَّظَائِرُ: أَن تُعَدَّ مَثْنَى مَثْنَى، والجَمارُ: أَن تُعَدَّ جَمَاعَةً؛ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي عَنِ الْمُفَضَّلِ فِي قَوْلِهِ:
أَلم تَرَ أَنَّني لاقَيْتُ، يَومْاً، ... مَعاشِرَ فيهمُ رَجُلًا جَمَارا
فَقِيرَ الليْلِ تَلْقاه غنِيّاً، ... إِذا مَا آنَسَ الليلُ النهارَا
هَذَا مُقَدَّمٌ أُريد بِهِ «2» . وَفُلَانٌ غَنِيُّ اللَّيْلِ إِذا كَانَتْ لَهُ إِبل سُودٌ تَرْعَى بِاللَّيْلِ.
جَمْخَرَ: الجُمْخُور: الْوَاسِعُ الجَوْفِ
جمزر: يُقَالُ: جَمْزَرْتَ يَا فلانُ أَي نَكَصْتَ وفَرَرْتَ.
جمعر: الجَمْعَرَةُ: الأَرض الْغَلِيظَةُ الْمُرْتَفِعَةُ، وَهِيَ القَارَةُ الْمُشْرِفَةُ الْغَلِيظَةُ؛ وأَنشد:
وانْجَبْنَ عَنْ حَدَبِ الإِكامِ، ... وَعَنْ جَماعِير الجَراوِلْ
يُقَالُ: أَشْرَفَ تِلْكَ الجَمْعَرَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. والجُمْعُورُ: الجمعُ الْعَظِيمُ. وجَمْعَرَ الحمارُ إِذا جمعَ نَفْسه ليَكْدُمَ. قَالَ: والجَمْعَرَة الحَرَّةُ وَالْجَمَاعَةُ؛ قَالَ: وَلَا يُعَدُّ سَنَدُ الجَبَل جَمْعَرَةً. ابْنُ الأَعرابي: الجَمَاعِيرُ تَجَمُّعُ الْقَبَائِلِ عَلَى حَرْبِ الْمَلِكِ؛ قَالَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
تَحُفُّهُمْ أَسافَةٌ وجَمْعَرُ، ... إِذا الجَمارُ جَعَلَتْ تَجَمَّرُ
أَسافَةُ وجَمْعَرُ: قَبِيلَتَانِ. وَيُقَالُ لِلْحِجَارَةِ الْمَجْمُوعَةِ: جَمْعَرٌ؛ وأَنشد أَيضاً:
تَحُفُّها أَسافَةٌ وجَمْعَرُ، ... وخَلَّةٌ قِرْدانُها تَنَسَّرُ
وجَمْعَرٌ: غَلِيظَةٌ يَابِسَةٌ.
__________
(2) . هكذا في الأَصل(4/148)
جمهر: جَمْهَرَ لَهُ الخبرَ: أَخْبَرَهُ بطَرَفٍ لَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ وَتَرَكَ الَّذِي يُرِيدُ. الْكِسَائِيُّ: إِذا أَخبرت الرَّجُلَ بِطَرَفٍ مِنَ الْخَبَرِ وَكَتَمْتَهُ الَّذِي تُرِيدُ قُلْتَ: جَمْهَرْتُ عَلَيْهِ الخبرَ. اللَّيْثُ: الجُمْهُورُ الرَّمْلُ الْكَثِيرُ الْمُتَرَاكِمُ الْوَاسِعُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: هِيَ الرَّمْلَةُ الْمُشْرِفَةُ عَلَى مَا حَوْلَهَا الْمُجْتَمِعَةُ. والجُمْهُورُ والجُمْهُورَةُ مِنَ الرَّمْلِ: مَا تعقَّد وَانْقَادَ، وَقِيلَ: هُوَ مَا أَشرف مِنْهُ. والجُمْهُور: الأَرض الْمُشْرِفَةُ عَلَى مَا حَوْلَهَا. والجُمْهُورَة: حَرَّةٌ لِبَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ. ابْنُ الأَعرابي: نَاقَةٌ مُجَمْهَرَةٌ. إِذا كَانَتْ مُداخَلَة الخَلْقِ كأَنها جُمهور الرَّمْلِ. وجُمهورُ كُلِّ شَيْءٍ: معظمُه، وَقَدْ جَمْهَرَهُ. وجُمهورُ النَّاسِ: جُلُّهُم. وجَماهير الْقَوْمِ: أَشرافهم. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنا لَا ندَعْ مَروانَ يَرمي جَماهيرَ قُرَيْشٍ بمَشَاقِصِه
أَي جَمَاعَاتِهَا، واحدُها جُمْهُورٌ. وجَمْهَرْتُ القومَ إِذا جَمَعْتَهُمْ، وجَمْهَرْتُ الشَّيْءَ إِذا جَمَعْتَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
النَّخَعِيِّ: أَنه أُهْدِيَ لَهُ بُخْتَجٌ
، قَالَ: هُوَ الجُمْهُورِيُّ وَهُوَ الْعَصِيرُ الْمَطْبُوخُ الحلالُ، وَقِيلَ لَهُ الْجُمْهُورِيُّ لأَن جُمْهُورَ النَّاسِ يَسْتَعْمِلُونَهُ أَي أَكثرهم. وعددٌ مُجَمْهَرٌ: مُكَثَّرٌ. والجَمْهَرَةُ: الْمُجْتَمَعُ. والجُمْهُورِيُّ: شَرَابٌ مُحْدَثٌ، رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ قَالَ: وأَصله أَن يُعَادَ عَلَى البُخْتَجِ الماءُ الَّذِي ذَهَبَ مِنْهُ ثُمَّ يُطْبَخُ وَيُودَعُ فِي الأَوعية فيأْخذ أَخذاً شَدِيدًا. أَبو عُبَيْدٍ: الجُمْهُوريُّ اسْمُ شَرَابٍ يُسْكِرُ. والجُماهِرُ: الضَّخْمُ. وَفُلَانٌ يَتَجَمْهَرُ عَلَيْنَا أَي يَسْتَطِيلُ ويُحَقِّرُنا. وجَمْهَرَ القَبْرَ: جَمَعَ عَلَيْهِ التُّرَابَ وَلَمْ يُطَيِّنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ: أَنه شَهِدَ دَفْنَ رَجُلٍ فَقَالَ: جَمْهِروا قَبْرَهُ جَمْهَرَةً
أَي اجْمَعُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ جَمْعًا وَلَا تُطَيِّنوه وَلَا تُسوُّوهُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: جَمْهَرَ الترابَ إِذا جَمَعَ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ وَلَمْ يُخَصِّصْ به القبرَ.
جنبر: الجَنْبَرُ: فَرْخُ الحُبارَى؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ. والجِنِبَّارُ: كالجَنْبَرِ مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ. فأَما جِنْبارٌ، بِالتَّخْفِيفِ، فَزَعَمَ ابْنُ الأَعرابي أَنه مِنَ الجَبْرِ لَمْ يُفَسِّرْهُ بأَكثر مِنْ ذَلِكَ، فإِن كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ ثُلَاثِيٌّ وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن الجِنْبَارَ بِالتَّخْفِيفِ لُغَةٌ فِي الجِنِبَّارِ الَّذِي هُوَ فَرْخُ الْحُبَارَى وَلَيْسَ قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي حينئذٍ إِن جِنْباراً مِنَ الجَبْر بِشَيْءٍ. وَرَجُلٌ جَنْبَرٌ: قَصِيرٌ. أَبو عَمْرٍو: الجَنْبَرُ الرَّجُلُ الضَّخْمُ. وجَنْبَرُ: فَرَسُ جَعْدَة بْنِ مِرْداسٍ.
جنثر: الجَنْثَرُ مِنِ الإِبل: الطَّوِيلُ الْعَظِيمُ. أَبو عَمْرٍو: الجُنْثُرُ الجَمَلُ الضَّخْمُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: هِيَ الجَناثِرُ؛ وأَنشد:
كُومٌ إِذا مَا فُصِلَتْ جَناثِرُ
جنسر: الجُنَاسِرِيَّةُ: أَشدُّ نخلةٍ بالبَصْرَةِ تَأَخُّراً.
جنفر: أَبو عَمْرٍو: الجَنافِيرُ القبورُ العادِيَّةُ، وَاحِدُهَا جُنْفُورٌ.
جهر: الجَهْرَةُ: مَا ظَهَرَ. وَرَآهُ جَهْرَةً: لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا سِترٌ؛ ورأَيته جَهْرَةً وكلمتُه جَهْرَةً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً
؛ أَي غيرَ مُسْتَتِر عَنَّا بِشَيْءٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: حَتَّى نَرى اللهَ جَهْرَةً؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَي غَيْرَ محتَجب عَنَّا، وَقِيلَ: أَي عَيَانًا يَكْشِفُ مَا بيننا وبينه. يقال: جَهَرْتُ الشَّيْءَ إِذا كَشَفْتَهُ. وجَهَرْتُه واجْتَهَرْته أَي رأَيته بِلَا حِجَابٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً
؛ هُوَ أَن يأْتيهم وَهُمْ يَرَوْنَهُ. والجَهْرُ: الْعَلَانِيَةُ. وَفِي(4/149)
حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه كَانَ مِجْهَراً
أَي صاحبَ جَهْرٍ ورَفْع لِصَوْتِهِ. يُقَالُ: جَهَرَ بالقول إِذ رَفَعَ بِهِ صَوْتَهُ، فَهُوَ جَهِيرٌ، وأَجْهَرَ، فَهُوَ مُجْهِرٌ إِذا عُرِفَ بِشِدَّةِ الصَّوْتَ وجَهَرَ الشيءُ: عَلَنَ وبَدا؛ وجَهَرَ بِكَلَامِهِ وَدُعَائِهِ وَصَوْتِهِ وَصِلَاتِهِ وَقِرَاءَتِهِ يَجْهَرُ جَهْراً وجِهاراً، وأَجْهَرَ بِقِرَاءَتِهِ لُغَةٌ. وأَجْهَرَ وجَهْوَرَ: أَعلن بِهِ وأَظهره، ويُعَدَّيانِ بِغَيْرِ حَرْفٍ، فَيُقَالُ: جَهَرَ الكلامَ وأَجْهَرَهُ أَعلنه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَهَرَ أَعْلى الصوْتَ. وأَجْهَرَ: أَعْلَنَ. وكلُّ إِعْلانٍ: جَهْرٌ. وجَهَرتُ بِالْقَوْلِ أَجْهَرُ بِهِ إِذا أَعْلَنْتَهُ. ورجلٌ جَهيرُ الصوتِ أَي عَالِي الصَّوْتِ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ جَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ رفيعُه. والجَهْوَرِيُّ: هُوَ الصَّوْتُ الْعَالِي. وفرسٌ جَهْوَرٌ: وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ بأَجَشِّ الصوتِ وَلَا أَغَنَّ. وإِجْهارُ الْكَلَامِ: إِعْلانُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِذا امرأَةٌ جَهِيرَةٌ
؛ أَي عَالِيَةُ الصَّوْتِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ حُسْنِ المَنْظَرِ. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: أَنه نَادَى بصوتٍ لَهُ جَهْوَرِيٍ
أَي شديدٍ عالٍ، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى جَهْوَرَ بِصَوْتِهِ. وصوتٌ جَهِيرٌ وكلامٌ جَهِيرٌ، كِلَاهُمَا: عالِنٌ عَالٍ؛ قَالَ:
ويَقْصُر دونَه الصوتُ الجَهِيرُ
وَقَدْ جَهُر الرَّجُلُ، بِالضَّمِّ، جَهَارَةً وَكَذَلِكَ المُجْهَرُ والجَهْورِيُّ. والحروفُ المَجْهُورَةُ: ضِدُّ الْمَهْمُوسَةِ: وَهِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: مَعْنَى الجَهْرِ فِي الْحُرُوفِ أَنها حُرُوفٌ أُشْبِعَ الاعتمادُ فِي مَوْضِعِهَا حَتَّى مَنَعَ النَّفَس أَن يَجْرِيَ مَعَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الِاعْتِمَادُ وَيَجْرِي الصَّوْتُ، غَيْرَ أَن الْمِيمَ وَالنُّونَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَجْهُورَةِ وَقَدْ يُعْتَمَدُ لَهَا فِي الْفَمِ وَالْخَيَاشِيمِ فَيَصِيرُ فِيهَا غُنَّةٌ فَهَذِهِ صِفَةُ الْمَجْهُورَةِ وَيَجْمَعُهَا قَوْلُكَ: [ظِلُّ قَوٍّ رَبَض إِذْ غَزَا جُنْدٌ مُطيع] . وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَدْ بَالَغُوا فِي تَجْهِير صَوْتِ القَوْس؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَسمعه مِنَ الْعَرَبِ أَو رَوَاهُ عَنْ شُيُوخِهِ أَم هُوَ إِدْلال مِنْهُ وتَزَيُّدٌ، فإِنه ذُو زَوَائِدٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِ. وجَاهَرَهُمْ بالأَمر مُجاهَرَةً وجِهاراً: عالَنَهُمْ. وَيُقَالُ: جاهَرَني فلانٌ جِهاراً أَي عَلَانِيَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ أُمّتي مُعافىً إِلَّا المُجاهِرينَ
؛ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ جَاهَرُوا بِمَعَاصِيهِمْ وأَظهروها وَكَشَفُوا مَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا فَيَتَحَدَّثُونَ بِهِ. يُقَالُ: جَهَرَ وأَجْهَرَ وجاهَرَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وإِن مِنَ الإِجهار كَذَا وَكَذَا
، وَفِي رِوَايَةٍ: مِنَ الجِهار؛ وَهُمَا بِمَعْنَى الْمُجَاهَرَةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا غِيبَةَ لفاسِقٍ وَلَا مُجاهِرٍ.
وَلَقِيَهُ نَهاراً جِهاراً، بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وأَبى ابْنُ الأَعرابي فَتْحَهَا. واجْتَهَرَ الْقَوْمُ فُلَانًا: نَظَرُوا إِليه جِهاراً. وجَهَرَ الجَيشَ والقومَ يَجْهَرُهُمْ جَهْراً وَاجْتَهَرَهُمْ: كَثُرُوا فِي عَيْنِهِ؛ قَالَ يَصِفُ عَسْكَرًا:
كأَنَّما زُهاؤُهُ لِمَنْ جَهَرْ ... لَيْلٌ، ورِزُّ وَغْرِه إِذا وَغَرْ
وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ تَرَاهُ عَظِيمًا فِي عَيْنِكَ. وَمَا فِي الْحَيِّ أَحد تَجْهَرُه عَيْنِي أَي تأْخذه عَيْنِي. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: إِذا رأَيناكم جَهَرْناكم
أَي أَعجبنا أَجسامكم. والجُهْرُ: حُسْنُ المَنْظَرِ. ووجهٌ جَهيرٌ: ظاهرُ الوَضاءة. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه وَصَفَ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ قَصِيرًا وَلَا طَوِيلًا وَهُوَ إِلى الطُّولِ أَقربُ، مَنْ رَآهُ جَهَرَهُ
؛ مَعْنَى جَهَرَهُ أَي عَظُمَ فِي عَيْنِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: جَهَرْتُ الرجلَ واجْتَهَرْتُه إِذا رأَيته(4/150)
عَظِيمَ المَرْآة. وَمَا أَحْسَنَ جُهْرَ فُلَانٍ، بِالضَّمِّ، أَي مَا يُجْتَهَرُ مِنْ هَيْئَتِهِ وَحُسْنِ مَنْظَره. وَيُقَالُ: كَيْفَ جَهْراؤكُمْ أَي جَمَاعَتُكُمْ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
لَا تَجْهَرِيني نَظَراً وَرُدِّي، ... فَقَدْ أَرُدُّ حِينَ لَا مَرَدِّ
وَقَدْ أَرُدُّ، والجِيادُ تُرْدِي، ... نِعْمَ المِجَشُّ ساعةَ التَّنَدِّي
يَقُولُ: إِن استعظمتِ مَنْظَرِي فإِني مَعَ مَا تَرَيْنَ مِنْ مَنْظَرِي شُجَاعٌ أَردّ الْفُرْسَانَ الَّذِينَ لَا يَرُدُّهُمْ إِلَّا مِثْلِي. وَرَجُلٌ جَهِيرٌ: بَيِّنُ الجُهُورةِ والجَهَارَة ذُو مَنْظر. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ حَسَنُ الجَهارَةِ والجُهْر إِذا كَانَ ذَا مَنْظَرٍ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وأَرَى البياضَ عَلَى النِّساءِ جَهارَةً ... والْعِتْقُ أَعْرِفُه عَلَى الأَدْماءِ
والأُنثى جَهِيرَةٌ وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الجُهْرُ؛ قَالَ القَطامِي:
شَنِئْتُك إِذْ أَبْصَرْتُ جُهْرَكَ سَيّئاً، ... وَمَا غَيَّبَ الأَقْوامُ تابِعَةُ الجُهْر
قَالَ: مَا بِمَعْنَى الَّذِي: يَقُولُ: مَا غَابَ عَنْكَ مِنْ خُبْرِ الرَّجُلِ فإِنه تَابَعٌ لِمَنْظَرِهِ، وأَنث تَابِعَةُ فِي الْبَيْتِ لِلْمُبَالَغَةِ. وجَهَرتُ الرَّجُلَ إِذا رأَيت هَيْئَتَهُ وَحُسْنَ مَنْظَرِهِ. وجُهْرُ الرَّجُلِ: هَيْئَتُهُ وَحُسْنُ مَنْظَرِهِ. وجَهَرَني الشَّيْءُ واجْتَهَرَني: رَاعَنِي جَمَالُهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كنتُ إِذا رأَيتُ فُلَانًا جَهَرْتُه واجْتَهَرْتُه أَي رَاعَكَ. ابْنُ الأَعرابي: أَجْهَرَ الرجلُ جَاءَ بِبَنِينَ ذَوِي جَهارَةٍ وَهُمُ الحَسَنُو القُدُود الحَسَنُو المَنْظَرَ. وأَجْهَرَ: جَاءَ بِابْنٍ أَحْوَلَ. أَبو عَمْرٍو: الأَجْهَرُ الحسنُ المَنظَرِ الحَسنُ الجسمِ التامُّهُ. والأَجْهَرُ: الأَحولُ الْمَلِيحُ الحَوَلَةِ. والأَجْهَرُ: الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ، وَضِدُّهُ الأَعشى. وجَهْراءُ الْقَوْمِ: جَمَاعَتُهُمْ. وَقِيلَ لأَعرابي: أَبَنُو جَعْفَرٍ أَشرفُ أَم بَنُو أَبي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ؟ فَقَالَ: أَما خَواصَّ رِجَالٍ فَبَنُو أَبي بَكْرٍ، وأَما جَهْرَاءَ الحيِّ فَبَنُو جَعْفَرٍ؛ نَصَبَ خَوَاصَّ عَلَى حَذْفِ الْوَسِيطِ أَي فِي خَوَاصِّ رِجَالٍ وَكَذَلِكَ جَهْراء، وَقِيلَ: نَصَبَهُمَا عَلَى التَّفْسِيرِ. وجَهَرْتُ فُلَانًا بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ: وَهُوَ أَن يَخْتَلِفَ مَا ظَنَنْتُ بِهِ مِنَ الخُلُقِ أَو الْمَالِ أَو فِي مَنْظَرِه. والجَهْراء: الرَّابِيَةُ السَّهْلَةُ الْعَرِيضَةُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الجَهْراء الرَّابِيَةُ المِحْلالُ لَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ الإِشراف وَلَيْسَتْ بِرَمْلَةٍ وَلَا قُفٍّ. والجَهْراء: مَا اسْتَوَى مِنْ ظَهْرِ الأَرض لَيْسَ بِهَا شَجَرٌ وَلَا آكَامٌ وَلَا رِمَالٌ إِنما هِيَ فَضَاءٌ، وَكَذَلِكَ العَراءُ. يُقَالُ: وَطِئْنا أَعْرِيةً وجَهْراواتٍ؛ قَالَ: وَهَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ شُمَيْلٍ. وَفُلَانٌ جَهِير للمعروفِ أَي خليقٌ لَهُ. وهمُ جُهَراءُ لِلْمَعْرُوفِ أَي خُلَقاءُ لَهُ، وَقِيلَ ذَلِكَ لأَن مَنِ اجْتَهَره طَمِعَ فِي مَعْرُوفِهِ؛ قَالَ الأَخطل:
جُهَراءُ لِلْمَعْرُوفِ حينَ تَراهُمُ، ... خُلَقاءُ غَيْرُ تَنابِلٍ أَشْرارِ
وأَمر مُجْهَر أَي وَاضِحٌ بَيِّنٌ. وَقَدْ أَجْهَرته أَنا إِجْهاراً أَي شهَّرْته، فَهُوَ مَجْهور بِهِ مَشْهور. والمَجْهُورة مِنَ الْآبَارِ: الْمَعْمُورَةُ، عَذْبَةً كَانَتْ أَو مِلحة. وجَهَر البئرَ يَجْهَرُها جَهْرًا واجْتَهَرَها: نَزَحَهَا؛ وأَنشد:
إِذا ورَدْنا آجِناً جَهَرْناهْ، ... أَو خَالِيًا مِنْ أَهْلِهِ عَمَرْناهْ
أَي مِنْ كَثْرَتِنَا نَزَفْنا البئَار وعَمَرْنا الخرابَ. وحَفَر(4/151)
البئرَ حَتَّى جَهَر أَي بَلَغ الماءَ، وَقِيلَ: جَهَرها أَخرج مَا فِيهَا مِنَ الحَمْأَةِ وَالْمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: جَهَرْتُ الْبِئْرَ واجْتَهَرْتُها أَي نَقَّيْتُها وأَخرجتُ مَا فِيهَا مِنَ الحمأَة، قَالَ الأَخفش: تَقُولُ الْعَرَبُ جَهَرْتُ الرَّكِيَّةَ إِذا كَانَ ماؤُها قَدْ غُطِّيَ بالطِّين فَنُقِّي ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ الْمَاءُ وَيَصْفُوَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، وَوَصَفَتْ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَتْ: اجْتَهَرَ دَفْنَ الرَّواء
؛ الاجْتِهارُ: الِاسْتِخْرَاجُ، تُرِيدُ أَنه كَسَحَها. يُقَالُ: جَهَرْتُ البئرَ واجْتَهَرْتها إِذا كَسَحْتها إِذا كَانَتْ مُنْدَفِنَةً؛ يُقَالُ: ركيةٌ دَفينٌ ورَكايا دُفُنٌ، والرَّواءُ: الماءُ الْكَثِيرُ، وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَتْهُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، لإِحكامه الأَمر بَعْدَ انْتِشَارِهِ، شَبَّهَتْهُ بِرَجُلٍ أَتى عَلَى آبَارٍ مُنْدَفِنَةٍ وَقَدِ انْدَفَنَ ماؤُها، فَنَزَحَهَا وَكَسَحَهَا وأَخرج مَا فِيهَا مِنَ الدَّفْنِ حَتَّى نَبَعَ الْمَاءُ. وَفِي حَدِيثِ
خَيْبَرَ: وَجَدَ الناسُ بِهَا بَصَلًا وثُوماً فَجَهَرُوه
؛ أَي اسْتَخْرَجُوهُ وأَكلوه. وجَهَرْتُ الْبِئْرَ إِذا كَانَتْ مُنْدَفِنَةً فأَخرجت مَا فِيهَا. والمَجْهُورُ: الْمَاءُ الَّذِي كَانَ سُدْماً فَاسْتَسْقَى مِنْهُ حَتَّى طَابَ؛ قَالَ أَوسُ بنُ حَجَرٍ:
قَدْ حَلأَتْ ناقَتِي بَرْدٌ وصِيحَ بِهَا ... عَنْ ماءِ بَصْوَةَ يَوْمًا، وهْوَ مَجْهُورُ
وحَفَرُوا بِئْرًا فَأَجْهَرُوا: لَمْ يُصِيبُوا خَيْرًا. والعينُ الجَهْراءُ: كالجاحظَة؛ رَجُلٌ أَجْهَرُ وامرأَة جَهْراءُ. والأَجْهَرُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا يُبْصِرُ فِي الشَّمْسِ، جَهِرَ جَهَراً، وجَهَرَتْهُ الشمسُ: أَسْدَرَتْ بَصَرَهُ. وكبشٌ أَجْهَرُ ونَعْجَةٌ جَهْراءُ: وَهِيَ الَّتِي لَا تُبْصِرُ فِي الشَّمْسِ؛ قَالَ أَبو الْعِيَالِ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ مَنيحَةً مَنْحَهُ إِياها بَدْرُ بنُ عَمَّارٍ الهُذَليُّ:
جَهْراءُ لَا تأْلو إِذا هِيَ أَظْهَرَتْ ... بَصَراً، وَلَا مِنْ عَيْلَةٍ تُغْنيني
هَذَا نَصُّ ابْنِ سِيدَهْ وأَورده الأَزهري عَنِ الأَصمعي وَمَا عَزَاهُ لأَحد وَقَالَ: قَالَ يَصِفُ فَرَسًا يَعْنِي الجَهْراءَ؛ وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أُرى هَذَا الْبَيْتَ لِبَعْضِ الهُذَلِيين يَصِفُ نَعْجَةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: كُلُّ ضَعِيفِ الْبَصَرِ فِي الشَّمْسِ أَجْهَرُ؛ وَقِيلَ: الأَجهر بِالنَّهَارِ والأَعشى بِاللَّيْلِ. والجُهْرَةُ: الحَوَلَةُ، والأَجْهَرُ: الأَحْوَلُ. رجلٌ أَجْهَرُ وامرأَة جَهْراءُ، وَالِاسْمُ الجُهْرَةُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِلطِّرِمَّاحِ:
عَلَى جُهْرَةٍ فِي العينِ وَهْوَ خَدوجُ
والمُتَجاهر: الَّذِي يُرِيكَ أَنه أَجْهَرُ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
كالنَّاظِر المُتَجاهر
وَفَرَسٌ أَجْهَرُ: غَشَّتْ غُرَّتُه وَجْهَه. والجَهْوَرُ: الجَريءُ المُقْدِمُ الْمَاضِي. وجَهَرْنا الأَرض إِذا سَلَكْنَاهَا مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ. وجَهَرْنا بَنِي فُلَانٍ أَي صَبَّحْناهُم عَلَى غِرَّةٍ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ: جَهَرْتُ السِّقَاءَ إِذا مَخَضْته. ولَبَنٌ جَهِيرٌ: لَمْ يُمْذَقْ بِمَاءٍ. والجَهِيرُ: اللَّبَنُ الَّذِي أُخرج زُبْدُه، والثَّمِيرُ: الَّذِي لَمْ يُخْرَجْ زُبْدُهُ، وَهُوَ التَّثْمِير. وَرَجُلٌ مِجْهَرٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، إِذا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَن يَجْهَر بِكَلَامِهِ. والمُجاهَرَةُ بِالْعَدَاوَةِ: المُبادَأَةُ بِهَا. ابْنُ الأَعرابي: الجَهْرُ قِطْعَةٌ مِنَ الدهرِ، والجَهْرُ السَّنَةُ التامَّةُ؛ قَالَ: وَحَاكَمَ أَعرابي رَجُلًا إِلى الْقَاضِي فَقَالَ: بِعْتُ منه غُنْجُداً مُذْ جَهْرٍ فَغَابَ عَنِّي؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مُذْ قِطْعَةٍ مِنَ الدَّهْرِ. والجَوْهَرُ: مَعْرُوفٌ، الواحدةُ جَوْهَرَةٌ. والجَوْهَرُ: كُلُّ حَجَرٍ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ شَيْءٌ يُنْتَفَعُ بِهِ. وجَوْهَرُ كُلِّ شَيْءٍ: مَا خُلِقَتْ عَلَيْهِ جِبِلَّتُه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَهُ تَحْدِيدٌ لَا يَلِيقُ بِهَذَا الْكِتَابِ،(4/152)
وَقِيلَ: الْجَوْهَرُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَقَدْ سمَّت أَجْهَرَ وجَهِيراً وجَهْرانَ وجَوْهَراً.
جهبر: التَّهْذِيبُ: الجَيْهَبُور خُرْءُ الفأْر.
جهدر: بُسْرُ الجُهَنْدَرِ: ضربٌ مِنَ التَّمْرِ؛ عَنْ أَبي حنيفة.
جور: الجَوْرُ: نقيضُ العَدْلِ، جارَ يَجُورُ جَوْراً. وَقَوْمٌ جَوَرَةٌ وجارَةٌ أَي ظَلَمَةٌ. والجَوْرُ: ضِدُّ القصدِ. والجَوْرُ: تركُ القصدِ فِي السَّيْرِ، وَالْفِعْلُ جارَ يَجُورُ، وَكُلُّ مَا مَالَ، فَقَدْ جارَ. وجارَ عَنِ الطَّرِيقِ: عَدَلَ. والجَوْرُ: المَيْلُ عَنِ القصدِ. وَجَارَ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ وجَوَّرَهُ تَجْويراً: نسَبه إِلى الجَوْرِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ: «3» .
فإِنَّ الَّتِي فِينَا زَعَمْتَ ومِثْلَها ... لَفِيكَ، ولكِنِّي أَراكَ تَجُورُها
إِنما أَراد: تَجُورُ عَنْهَا فَحَذَفَ وعدَّى، وأَجارَ غيرَهُ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ عَجْلان:
وقُولا لَهَا: لَيْسَ الطَّريقُ أَجارَنا، ... ولكِنَّنا جُرْنا لِنَلْقاكُمُ عَمْدا
وطَريقٌ جَوْرٌ: جَائِرٌ، وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ. وَفِي
حَدِيثِ مِيقَاتِ الْحَجِّ: وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا
؛ أَي مَائِلٌ عَنْهُ لَيْسَ عَلَى جادَّته، مِنْ جارَ يَجُورُ إِذا مَالَ وَضَلَّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
حَتَّى يَسِيرَ الراكبُ بينَ النُّطْفَتَيْنِ لَا يَخْشَى إِلّا جَوْراً
؛ أَي ضَلَالًا عَنِ الطَّرِيقِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَى الأَزهري، وَشَرَحَ: وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَخْشَى جَوْراً، بِحَذْفٍ إِلَّا، فإِن صَحَّ فَيَكُونُ الْجَوْرُ بِمَعْنَى الظُّلْمِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْها جائِرٌ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَعْنِي الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى. والجِوارُ: المُجاوَرَةُ والجارُ الَّذِي يُجاوِرُك وجاوَرَ الرجلَ مُجاوَرَةً وجِواراً وجُواراً، وَالْكَسْرُ أَفصح: ساكَنَهُ. وإِنه لحسَنُ الجِيرَةِ: لحالٍ مِنِ الجِوار وضَرْب مِنْهُ. وجاوَرَ بَنِي فُلَانٍ وَفِيهِمْ مُجاوَرَةً وجِواراً: تَحَرَّمَ بِجِوارِهم، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَالِاسْمُ الجِوارُ والجُوارُ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْع: مِلْءُ كِسائها وغَيظُ جارَتها
؛ الْجَارَةُ: الضَّرَّةُ مِنَ المُجاورة بَيْنَهُمَا أَي أَنها تَرَى حُسْنَها فَتَغِيظُها بِذَلِكَ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كنتُ بينَ جارَتَيْنِ لِي
؛ أَي امرأَتين ضَرَّتَيْنِ. وَحَدِيثُ
عُمَرَ قَالَ لِحَفْصَةَ: لَا يَغُركِ أَن كَانَتْ جارَتُك هِيَ أَوْسَم وأَحَبّ إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْكِ
؛ يَعْنِي عَائِشَةَ؛ وَاذْهَبْ فِي جُوارِ [جِوارِ] اللَّهِ. وجارُكَ: الَّذِي يُجاوِرُك، والجَمع أَجْوارٌ وجِيرَةٌ وجِيرانٌ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا قاعٌ وأَقْواعٌ وقِيعانٌ وقِيعَةٌ؛ وأَنشد:
ورَسْمِ دَارٍ دَارِس الأَجْوارِ
وتَجاوَرُوا واجْتَوَرُوا بِمَعْنَى وَاحِدٍ: جاوَرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ أَصَحُّوا اجْتَوَرُوا إِذا كَانَتْ فِي مَعْنَى تَجاوَرُوا، فَجَعَلُوا تَرْكَ الإِعلال دَلِيلًا عَلَى أَنه فِي مَعْنَى مَا لَا بُدَّ مِنْ صِحَّتِهِ وَهُوَ تَجاوَرُوا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: اجْتَوَرُوا تَجاوُراً وتَجاوَرُوا اجْتِواراً، وَضَعُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَصْدَرَيْنِ مَوْضِعَ صَاحِبِهِ، لِتَسَاوِي الْفِعْلَيْنِ فِي الْمَعْنَى وَكَثْرَةِ دُخُولِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنِ الْبِنَاءَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما صَحَّتِ الْوَاوُ فِي اجْتَوَرُوا لأَنه فِي مَعْنَى مَا لَا بُدَّ لَهُ أَن يُخَرَّجَ عَلَى الأَصل لِسُكُونِ مَا قَبْلُهُ، وَهُوَ تَجَاوَرُوا، فَبُنِيَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا لَاعْتَلَتْ؛ وَقَدْ جَاءَ: اجْتَارُوا مُعَلًّا؛ قَالَ مُليح الهُذلي:
__________
(3) . قوله: [وقول أَبي ذؤيب] نقل المؤلف في مادة س ي ر عن ابن بري أَنه لِخَالِدٍ ابْنِ أُخت أَبي ذؤيب(4/153)
كدَلَخِ الشَّرَبِ المُجْتارِ زَيَّنَهُ ... حَمْلُ عَثَاكِيلَ، فَهْوَ الواثِنُ الرَّكِدُ «1»
. التَّهْذِيبُ: عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الجارُ الَّذِي يُجاوِرُك بَيْتَ بَيْتَ. والجارُ النِّفِّيح: هُوَ الْغَرِيبُ. وَالْجَارُ: الشَّرِيكُ فِي العَقار. والجارُ: المُقاسِمُ. وَالْجَارُ: الْحَلِيفُ. وَالْجَارُ: النَّاصِرُ. وَالْجَارُ: الشَّرِيكُ فِي التِّجَارَةِ، فَوْضَى كَانَتِ الشَّرِكَةُ أَو عِناناً. وَالْجَارَةُ: امرأَة الرَّجُلِ، وَهُوَ جارُها. والجَارُ: فَرْجُ المرأَة. والجارَةُ: الطِّبِّيجَةُ، وَهِيَ الِاسْتُ. والجارُ: مَا قَرُبَ مِنَ الْمَنَازِلِ مِنَ السَّاحِلِ. والجارُ: الصِّنَارَةُ السَّيِءُ الجِوارِ. والجارُ: الدَّمِثُ الحَسَنُ الجِوارِ. والجارُ: اليَرْبُوعِيُّ. وَالْجَارُ: الْمُنَافِقُ. والجَار: البَراقِشِيُّ المُتَلَوِّنُ فِي أَفعاله. والجارُ: الحَسْدَلِيُّ الَّذِي عَيْنُهُ تَرَاكَ وَقَلْبُهُ يَرْعَاكَ. قَالَ الأَزهري: لَمَّا كَانَ الْجَارُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مُحْتَمِلًا لِجَمِيعِ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ الأَعرابي لَمْ يُجِزْ أَن يُفَسَّرَ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: الجارُ أَحَقُّ بصَقَبِهِ، أَنه الْجَارُ الْمُلَاصِقُ إِلَّا بِدَلَالَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ طَلَبُ الدَّلَالَةِ عَلَى مَا أُريد بِهِ، فَقَامَتِ الدَّلَالَةُ فِي سُنَنٍ أُخرى مُفَسِّرَةٍ أَن الْمُرَادَ بِالْجَارِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَن يُجْعَلَ الْمُقَاسِمُ مِثْلَ الشَّرِيكِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ
؛ فَالْجَارُ ذُو الْقُرْبَى هُوَ نَسِيبُكَ النَّازِلُ مَعَكَ فِي الحِواءِ وَيَكُونُ نَازِلًا فِي بَلْدَةٍ وأَنت فِي أُخْرَى فَلَهُ حُرَمَةُ جِوارِ الْقُرَابَةِ، وَالْجَارُ الْجُنُبِ أَن لَا يَكُونُ لَهُ مُنَاسِبًا فَيَجِيءُ إِليه ويسأَله أَن يُجِيرَهُ أَي يَمْنَعُهُ فَيَنْزِلُ مَعَهُ، فَهَذَا الْجَارُ الْجُنُبُ لَهُ حُرْمَةُ نُزُولِهِ فِي جِوَارِهِ ومَنَعَتِه ورُكونه إِلى أَمانه وَعَهْدِهِ. والمرأَةُ جارَةُ زَوْجِهَا لأَنه مُؤْتَمَرٌ عَلَيْهَا، وأُمرنا أَن نُحْسِنَ إِليها وأَن لَا نَعْتَدِي عَلَيْهَا لأَنها تَمَسَّكَتْ بعَقْدِ حُرْمَةِ الصِّهْرِ، وَصَارَ زَوْجُهَا جَارُّهَا لأَنه يُجِيرُهَا وَيَمْنَعُهَا وَلَا يَعْتَدِي عَلَيْهَا؛ وَقَدْ سَمَّى الأَعشى فِي الْجَاهِلِيَّةِ امرأَته جَارَةً فَقَالَ:
أَيا جارَتَا بِينِي فإِنَّكِ طالِقَهْ ... ومَوْمُوقَةٌ، مَا دُمْتِ فِينَا، ووَامِقَهْ
وَهَذَا الْبَيْتُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَصَدْرُهُ:
أَجارَتَنَا بِينِي فإِنك طَالِقَهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ:
أَيا جَارَتَا بِينِي فإِنك طَالِقَهْ، ... كذَاكِ أُمُورُ النَّاسِ: عادٍ وطارِقَهْ
ابْنُ سِيدَهْ: وَجَارَةُ الرَّجُلِ امرأَته، وَقِيلَ: هَوَاهُ؛ وَقَالَ الأَعشى:
يَا جَارَتَا مَا أَنْتِ جَارَهْ، ... بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفَارَهْ
وجَاوَرْتُ فِي بَني هِلالٍ إِذا جَاوَرْتُهُمْ. وأَجارَ الرجلَ إِجَارَةً وجَارَةً؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: خَفَرَهُ. واسْتَجَارَهُ: سأَله أَن يُجِيرَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى إِن طَلَبَ مِنْكَ أَحد مِنْ أَهل الْحَرْبِ أَن تُجِيرَهُ مِنَ الْقَتْلِ إِلى أَن يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ فأَجره أَي أَمّنه، وَعَرِّفْهُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَن يَعْرِفَهُ مِنْ أَمر اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي يَتَبَيَّنُ بِهِ الإِسلام، ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ لِئَلَّا يُصَابَ بِسُوءٍ قَبْلَ انْتِهَائِهِ إِلى مأْمنه. وَيُقَالُ لِلَّذِي يَسْتَجِيرُ بِكَ: جارٌ، وَلِلَّذِي يُجِيرُ: جَارٌ. وَالْجَارُ: الَّذِي أَجرته مِنْ أَن يَظْلِمَهُ ظَالِمٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
وكُنْتُ، إِذا جَارِي دَعَا لِمَضُوفَةٍ، ... أُشَمِّرُ حَتَّى يُنْصِفَ السَّاقَ مِئْزَرِي
وجارُك: المستجيرُ بِكَ. وَهُمْ جارَةٌ مِنْ ذلك الأَمر؛
__________
(1) . قوله: [كدلخ إلخ] كذا في الأَصل(4/154)
حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، أَي مُجِيرُونَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ، إِلَّا أَن يَكُونَ عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الزَّائِدِ حَتَّى يَكُونَ الْوَاحِدُ كأَنه جَائِرٌ ثُمَّ يُكْسَرُ عَلَى فَعَلةٍ، وإِلَّا فَلا وَجْهَ لَهُ. أَبو الْهَيْثَمِ: الجارُ والمُجِيرُ والمُعِيذُ واحدٌ. وَمَنْ عَاذَ بِاللَّهِ أَي اسْتَجَارَ بِهِ أَجاره اللَّهُ، وَمَنْ أَجاره اللَّهُ لَمْ يُوصَلْ إِليه، وَهُوَ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ أَي يُعِيذُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ
؛ أَي لَنْ يَمْنَعَنِي مِنَ اللَّهِ أَحد. والجارُ والمُجِيرُ: هُوَ الَّذِي يَمْنَعُكَ ويُجْيرُك. واستْجَارَهُ مِنْ فُلَانٍ فَأَجَارَهُ مِنْهُ. وأَجارَهُ اللَّهُ مِنَ الْعَذَابِ: أَنقذه. وَفِي الْحَدِيثِ:
ويُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَدناهم
؛ أَي إِذا أَجار واحدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حُرٌّ أَو عَبْدٌ أَو امرأَة وَاحِدًا أَو جَمَاعَةً مِنَ الْكُفَّارِ وخَفَرَهُمْ وأَمنَّهم، جَازِ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُنْقَضُ عَلَيْهِ جِوارُه وأَمانُه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ:
كَمَا تُجِيرُ بَيْنَ الْبُحُورِ
؛ أَي تَفْصِلُ بَيْنَهَا وَتَمْنَعُ أَحدها مِنَ الِاخْتِلَاطِ بِالْآخَرِ وَالْبَغْيِ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ الْقَسَامَةِ:
أُحب أَن تُجِيرَ ابْنِي هَذَا بَرَجُلٍ مِنَ الْخَمْسِينَ
أَي تُؤَمِّنُهُ مِنْهَا وَلَا تَسْتَحْلِفُهُ وَتَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ بِالزَّايِ، أَي تأْذن لَهُ فِي تَرْكِ الْيَمِينِ وَتُجِيزُهُ. التَّهْذِيبُ: وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لَا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا إِبليس تَمَثَّلَ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ؛ قَالَ وقوله: إِنِّي جارٌ لَكُمْ
؛ يُرِيدُ أَجِيركُمْ أَي إِنِّي مُجِيركم ومُعيذُكم مِنْ قَوْمِي بَنِي كِنَانَةَ فَلَا يَعْرِضُون لَكُمْ، وأَن يَكُونُوا مَعَكُمْ عَلَى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا عَايَنَ إِبليس الْمَلَائِكَةَ عَرَفَهُمْ فَنَكَصَ هَارِبًا، فَقَالَ له الحرثُ بن هِشَامٍ: أَفراراً مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ؟ فَقَالَ: إِني بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِني أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِني أَخافُ اللَّهَ واللهُ شديدُ الْعِقَابِ. قَالَ: وَكَانَ سَيِّدَ الْعَشِيرَةِ إِذا أَجار عَلَيْهَا إِنساناً لَمْ يخْفِرُوه. وجِوارُ الدارِ: طَوَارُها. وجَوَّرَ البناءَ والخِبَاءَ وَغَيْرَهُمَا: صَرَعَهُ وقَلَبهَ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الوَرْدِ:
قَلِيلُ التِماسِ الزَّادِ إِلا لِنَفْسِهِ، ... إِذا هُوَ أَضْحَى كالعَرِيشِ المُجَوَّرِ
وتَجَوَّرَ هُوَ: تَهَدَّمَ. وضَرَبَهُ ضَرْبَةً تَجَوَّرَ مِنْهَا أَي سَقَطَ. وتَجَوَّرَ عَلَى فِرَاشه: اضْطَجَعَ. وَضَرَبَهُ فَجَوَّرَهُ أَي صَرَعَهُ مِثْلُ كَوَّرَهُ فَتَجَوَّرَ؛ وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ رَبِيعةِ الجُوعِ:
فَقَلَّما طَارَدَ حَتَّى أَغْدَرَا، ... وَسْطَ الغُبارِ، خَرِباً مُجَوَّرَا
وَقَوْلُ الأَعلم الْهُذَلِيِّ يَصِفُ رَحِمَ امرأَةٍ هَجَاهَا:
مُتَغَضِّفٌ كالجَفْرِ باكَرَهُ ... وِرْدُ الجَميعِ بِجائرٍ ضَخْمِ
قَالَ السُّكَّريُّ: عَنَى بِالْجَائِرِ الْعَظِيمَ مِنَ الدِّلَاءِ. والجَوَارُ: الماءُ الْكَثِيرُ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ سَفِينَةَ نُوحٌ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
وَلَوْلا اللهُ جَارَ بِهَا الجَوَارُ
أَي الْمَاءُ الْكَثِيرُ. وغَيْثٌ جِوَرٌّ: غَزِيرٌ كَثِيرُ الْمَطَرِ، مأْخوذ مِنْ هَذَا، وَرَوَاهُ الأَصمعي: جُؤَرٌّ لَهُ صَوْتٌ؛ قَالَ:
لَا تَسْقِهِ صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرّ
وَيُرْوَى غَرَّافٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وغَيْثٌ جِوَرٌّ مِثَالُ هِجَفٍّ أَي شَدِيدُ صَوْتِ الرَّعْدِ، وبازِلٌ جِوَرٌّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
زَوْجُكِ يَا ذاتَ الثَّنَايا الغُرِّ، ... أَعْيَا فَنُطْنَاهُ مَنَاطَ الجَرِّ(4/155)
دُوَيْنَ عِكْمَيْ بازِلٍ جِوَرِّ، ... ثُمَّ شَدَدْنا فَوْقَهُ بِمَرِّ
والجِوَرُّ: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ. وَبَعِيرٌ جِوَرٌّ أَي ضَخَّمٌ؛ وأَنشد:
بَيْنَ خِشَاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ
والجَوَّارُ: الأَكَّارُ: التَّهْذِيبُ: الجَوَّارُ الَّذِي يَعْمَلُ لَكَ فِي كَرْمٍ أَو بُسْتَانٍ أَكَّاراً. والمُجَاوَرَةُ: الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُجَاوِرُ بِحِراءٍ، وَكَانَ يُجَاوِرُ فِي الْعَشْرِ الأَواخر مِنْ رَمَضَانٍ
أَي يَعْتَكِفُ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءَ: وَسُئِلَ عَنِ المُجَاوِرِ يَذْهَبُ لِلْخَلَاءِ
يَعْنِي الْمُعْتَكِفَ. فأَما المُجاوَرَةُ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَيُرَادُ بِهَا المُقَامُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُلْتَزِمٍ بِشَرَائِطَ الِاعْتِكَافِ الشَّرْعِيِّ. والإِجارَةُ، فِي قَوْلِ الْخَلِيلِ: أَن تَكُونَ الْقَافِيَةُ طَاءً والأُخرى دَالًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَغَيْرُهُ يُسَمِّيهِ الإِكْفاءَ. وَفِي الْمُصَنَّفِ: الإِجازة، بِالزَّايِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَجز. ابن الأَعرابي: جُرْ جُرْ إِذا أَمرته بالاستعداد للعدو. والجارُ: مَوْضِعٌ بِسَاحِلِ عُمانَ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الجارِ، هُوَ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، مَدِينَةٌ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَدِينَةِ الرَّسُولِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يوم وَلَيْلَةٌ. وجيرانُ: مَوْضِعٌ «1» ؛ قَالَ الرَّاعِي:
كأَنها ناشِطٌ حُمٌّ قَوائِمُهُ ... مِنْ وَحْشِ جِيرانَ، بَينَ القُفِّ والضَّفْرِ
وجُورُ: مَدِينَةٌ، لَمْ تُصْرَفْ لِمَكَانِ الْعُجْمَةِ. الصِّحَاحُ: جُورُ اسْمُ بلد يذكر ويؤنث.
جير: جَيْرِ: بِمَعْنَى أَجَلْ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:
قَالَتْ: أَراكَ هارِباً لِلْجَوْرِ ... مِنْ هَدَّةِ السُّلْطانِ؟ قُلْتُ: جَيْرِ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: حَرَّكُوهُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وإِلا فَحُكْمُهُ السُّكُونُ لأَنه كَالصَّوْتِ. وجَيْرِ: بِمَعْنَى الْيَمِينِ، يُقَالُ: جَيْرِ لَا أَفعل كَذَا وَكَذَا. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جَيْرَ، بِالنَّصْبِ، مَعْنَاهَا نَعَمْ وأَجَلْ، وَهِيَ خَفْضٌ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ. قَالَ الْكِسَائِيُّ فِي الْخَفْضِ بِلَا تَنْوِينٍ. شَمِرٌ: لَا جَيْرِ لَا حَقّاً. يُقَالُ: جَيْرِ لَا أَفعل ذَلِكَ وَلَا جَيْر لَا أَفعل ذَلِكَ، وَهِيَ كَسْرَةٌ لَا تَنْتَقِلُ؛ وأَنشد:
جَامِعُ قَدْ أَسْمَعْتَ مَنْ يَدْعُو جَيْرِ، ... وَلَيْسَ يَدْعُو جَامِعٌ إِلى جَيْرِ
قَالَ ابْنُ الأَنباري: جَيْرِ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْيَمِينِ. الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ جَيْرِ لَا آتِيكَ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، يَمِينٌ لِلْعَرَبِ وَمَعْنَاهَا حَقًّا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وقُلْنَ عَلى الفِرْدَوْسِ أَوَّلَ مَشْرَبٍ: ... أَجَلْ جَيْرِ أَنْ كَانَتْ أُبِيحَتْ دَعاثِرُهْ
والجَيَّارُ: الصَّارُوجُ. وَقَدْ جَيَّرَ الحوضَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا مَا شَتَتْ لَمْ تَسْتُرِيها، وإِنْ تَقِظْ ... تُباشرْ بِصُبْحِ المازِنِيِّ المُجَيَّرا «2»
. ابْنُ الأَعرابي: إِذا خُلط. الرَّمادُ بالنُّورَةِ والجِصِّ فَهُوَ الجَيَّارُ؛ وَقَالَ الأَخطل يَصِفُ بَيْتًا:
بحُرَّةَ كأَتانِ الضَّحْلِ أَضْمَرَهَا، ... بَعْدَ الرَّبالَةِ، تَرْحالي وتَسْيَارِي
كأَنها بُرْجُ رُومِيٍّ يُشَيِّدُهُ، ... لُزَّ بِطِينٍ وآجُرٍّ وجَيَّارِ
وَالْهَاءُ فِي كأَنها ضَمِيرُ نَاقَتِهِ، شَبَّهَهَا بِالْبُرْجِ فِي صَلَابَتِهَا وقُوَّتها. والحُرَّةُ: النَّاقَةُ الْكَرِيمَةُ. وأَتانُ الضَّحْلِ:
__________
(1) . قوله: [وجيران موضع] في ياقوت جيران، بفتح الجيم وسكون الياء: قرية بينها وبين أَصبهان فرسخان؛ وجيران، بكسر الجيم: جزيرة في البحر بين البصرة وسيراف، وقيل صقع من أَعمال سيراف بينها وبين عمان. انتهى. باختصار
(2) . قوله: [إِذا ما شتت إلخ] كذا في الأصل(4/156)
الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ المُلَمْلَمَةُ. وَالضَّحْلُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ. والرَّبالة: السِّمَن. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه مَرَّ بِصَاحِبِ جِير قَدْ سَقَطَ فأَعانه
؛ الجِيرُ: الجِصُّ فإِذا خُلِطَ بِالنُّورَةِ فَهُوَ الجَيَّارُ، وَقِيلَ: الجَيَّار النُّورَةُ وَحْدَهَا. والجَيَّارُ: الَّذِي يَجِدُ فِي جَوْفِهِ حَرّاً شَدِيدًا. والجائِرُ والجَيَّارُ: حَرٌّ فِي الحَلْقِ والصَّدْرِ مِنْ غَيْظٍ أَو جُوعٍ؛ قَالَ المُتَنَخِّلُ الهُذَلِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ لأَبي ذُؤَيْبٍ:
كأَنما بَيْنَ لَحْيَيْهِ ولَبَّتِهِ، ... مِن جُلْبَةِ الجُوعِ، جَيَّارٌ وإِرْزِيزُ
وَفِي الصِّحَاحِ:
قَدْ حَالَ بَيْنَ تَراقِيهِ ولَبَّتِهِ
وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي الْجَائِرِ:
فَلَمَّا رأَيتُ القَوْمَ نادَوْا مُقاعِساً، ... تَعَرَّضَ لِي دونَ التَّرائبِ جَائرُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: الظَّاهِرُ فِي جَيَّارٍ أَن يَكُونَ فَعَّالًا كالكَلَّاءِ والجَبَّانِ؛ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ فَيْعالًا كخَيْتامٍ وأَن يَكُونَ فَوْعالًا كَتَوْرابٍ. والجَيَّارُ: الشِّدَّةُ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ بَيْتَ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ جَيَّارٌ وإِرْزِيزُ.
فصل الحاء المهملة
حبر: الحِبْرُ: الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ وَمَوْضِعُهُ المِحْبَرَةُ، بِالْكَسْرِ «1» . ابْنُ سِيدَهْ: الحِبْرُ الْمِدَادُ. والحِبْرُ والحَبْرُ: العالِم، ذِمِّيًّا كَانَ أَو مُسْلِمًا، بَعْدَ أَن يَكُونَ مِنْ أَهل الْكِتَابِ. قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ الحِبْرُ والحَبْرُ فِي الجَمالِ والبَهاء. وسأَل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ كَعْبًا عَنِ الحِبْرِ فَقَالَ: هُوَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، وَجَمْعُهُ أَحْبَارٌ وحُبُورٌ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ:
لَقَدْ جُزِيَتْ بِغَدْرَتِها الحُبُورُ، ... كذاكَ الدَّهْرُ ذُو صَرْفٍ يَدُورُ
وَكُلُّ مَا حَسُنَ مِنْ خَطٍّ أَو كَلَامٍ أَو شِعْرٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَدْ حُبِرَ حَبْراً وحُبِّرَ. وَكَانَ يُقَالُ لطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: مُحَبِّرٌ، لِتَحْسِينِهِ الشِّعْرَ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ التَّحْبِيرِ وحُسْنِ الخَطِّ والمَنْطِقِ. وَتَحْبِيرُ الْخَطِّ والشِّعرِ وَغَيْرِهِمَا: تَحْسِينُهُ. اللَّيْثُ: حَبَّرْتُ الشِّعْر والكلامَ حَسَّنْتُه، وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: لَوْ عَلِمْتُ أَنك تَسْمَعُ لِقِرَاءَتِي لحَبَّرْتُها لَكَ تَحْبِيراً
؛ يُرِيدُ تَحْسِينَ الصَّوْتِ. وحَبَّرتُ الشَّيْءَ تَحْبِيراً إِذا حَسَّنْتَه. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَما الأَحْبارُ والرُّهْبان فإِن الْفُقَهَاءَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِمْ، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ حَبْرٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ حِبْرٌ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنما هُوَ حِبْرٌ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ أَفصح، لأَنه يُجْمَعُ عَلَى أَفْعالٍ دُونَ فَعْلٍ، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلْعَالِمِ، وإِنما قِيلَ كَعْبُ الحِبْرِ لِمَكَانِ هَذَا الحِبْرِ الَّذِي يَكْتُبُ بِهِ، وَذَلِكَ أَنه كَانَ صَاحِبَ كُتُبٍ. قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي لَا أَدري أَهو الحِبْرُ أَو الحَبْر لِلرَّجُلِ الْعَالِمِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنه الحَبر، بِالْفَتْحِ، وَمَعْنَاهُ الْعَالِمُ بِتَحْبِيرِ الْكَلَامِ وَالْعِلْمِ وَتَحْسِينِهِ. قَالَ: وَهَكَذَا يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ كُلُّهُمْ، بِالْفَتْحِ. وَكَانَ أَبو الْهَيْثَمِ يَقُولُ: وَاحِدُ الأَحْبَارِ حَبْرٌ لَا غَيْرُ، وَيُنْكِرُ الحِبْرَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: حِبْرٌ وحَبْرٌ لِلْعَالِمِ، وَمِثْلُهُ بِزرٌ وبَزْرٌ وسِجْفٌ وسَجْفٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الحِبْرُ والحَبْرُ وَاحِدُ أَحبار الْيَهُودِ، وَبِالْكَسْرِ أَفصح؛ وَرَجُلٌ حِبْرٌ نِبْرٌ؛ وقال الشماخ:
__________
(1) . قوله: [وموضعه المحبرة بالكسر] عبارة المصباح: وفيها ثلاث لغات أجودها فتح الميم والباء، والثانية ضم الباء، والثالثة كسر الميم لأَنها آلة مع فتح الباء(4/157)
كَمَا خَطَّ عِبْرانِيَّةً بِيَمِينِهِ ... بِتَيْماءَ حَبْرٌ، ثُمَّ عَرَّضَ أَسْطُرَا
رَوَاهُ الرُّوَاةُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ الْحَبْرُ، بِالْفَتْحِ، وَمَعْنَاهُ الْعَالِمُ بِتَحْبِيرِ الْكَلَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُمِّيَتْ سُورةَ الْمَائِدَةِ وسُورَةَ الأَحبار لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهَا: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ
؛ وَهُمُ الْعُلَمَاءُ، جَمْعُ حِبْرٍ وحَبْر، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، وَكَانَ يُقَالُ لِابْنِ عَبَّاسٍ الحَبْرُ والبَحْرُ لِعِلْمِهِ؛ وَفِي شِعْرِ جَرِيرٍ:
إِنَّ البَعِيثَ وعَبْدَ آلِ مُقَاعِسٍ ... لَا يَقْرآنِ بِسُورَةِ الأَحْبَارِ
أَي لَا يَفِيانِ بِالْعُهُودِ، يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. والتَّحْبِيرُ: حُسْنُ الْخَطِّ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ فِيمَا رَوَى سَلَمَةُ عَنْهُ:
كَتَحْبِيرِ الكتابِ بِخَطِّ، يَوْماً، ... يَهُودِيٍّ يقارِبُ أَوْ يَزِيلُ
ابْنُ سِيدَهْ: وَكَعْبُ الحِبْرِ كأَنه مِنْ تَحْبِيرِ الْعِلْمِ وَتَحْسِينِهِ. وسَهْمٌ مُحَبَّر: حَسَنُ البَرْي. والحَبْرُ والسَّبْرُ والحِبْرُ والسِّبْرُ، كُلُّ ذَلِكَ: الحُسْنُ وَالْبَهَاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهل الْبَهَاءِ قَدْ ذَهَبَ حِبْرُه وسِبْرُه
؛ أَي لَوْنُهُ وَهَيْئَتُهُ، وَقِيلَ: هَيْئَتُهُ وسَحْنَاؤُه، مِنْ قَوْلِهِمْ جَاءَتِ الإِبل حَسَنَةَ الأَحْبَارِ والأَسْبَارِ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَمَالُ وَالْبَهَاءُ وأَثَرُ النِّعْمَةِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ الحِبْر والسَّبْرِ والسِّبْرِ إِذا كَانَ جَمِيلًا حَسَنَ الْهَيْئَةِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر وَذَكَرَ زَمَانًا:
لَبِسْنا حِبْرَه، حَتَّى اقْتُضِينَا ... لأَعْمَالٍ وآجالٍ قُضِينَا
أَي لَبِسْنَا جَمَالَهُ وَهَيْئَتَهُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ الحَبْر والسَّبْرِ، بِالْفَتْحِ أَيضاً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَهُوَ عِنْدِي بالحَبْرِ أَشْبَهُ لأَنه مَصْدَرُ حَبَرْتُه حَبْراً إِذا حَسَّنْتَهُ، والأَوّل اسْمٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ حَسَنُ الحِبْر والسِّبْر أَي حَسَنُ الْبَشَرَةِ. أَبو عَمْرٍو: الحِبْرُ مِنَ النَّاسِ الدَّاهِيَةُ وَكَذَلِكَ السِّبْرُ. والحَبْرُ والحَبَرُ والحَبْرَة والحُبُور، كُلُّهُ: السُّرور؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
الحمدُ للهِ الَّذِي أَعْطى الحَبَرْ
وَيُرْوَى الشَّبَرْ مِن قَوْلِهِمْ حَبَرَني هَذَا الأَمْرُ حَبْراً أَي سَرَّنِي، وَقَدْ حُرِّكَ الْبَاءُ فِيهِمَا وأَصله التَّسْكِينُ؛ وَمِنْهُ الحَابُورُ: وَهُوَ مَجْلِسُ الفُسَّاق. وأَحْبَرَني الأَمرُ: سَرَّني. والحَبْرُ والحَبْرَةُ: النَّعْمَةُ، وَقَدْ حُبِرَ حَبْراً. وَرَجُلٌ يَحْبُورٌ يَفْعُولٌ مِنَ الحُبُورِ. أَبو عَمْرٍو: اليَحْبُورُ النَّاعِمُ مِنَ الرِّجَالِ، وَجَمْعُهُ اليَحابِيرُ مأْخوذ مِنَ الحَبْرَةِ وَهِيَ النِّعْمَةُ؛ وحَبَرَه يَحْبُره، بِالضَّمِّ، حَبْراً وحَبْرَةً، فَهُوَ مَحْبُور. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ
؛ أَي يُسَرُّونَ، وَقَالَ اللَّيْثُ: يُحْبَرُونَ يُنَعَّمُونَ وَيُكْرَمُونَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ إِن الحَبْرَةَ هَاهُنَا السَّمَاعُ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَ: الحَبْرَةُ فِي اللُّغَةِ كُلُّ نَغْمَةٍ حَسَنَةٍ مُحَسَّنَةٍ. وَقَالَ الأَزهري: الحَبْرَةُ فِي اللُّغَةِ النَّعمَةُ التَّامَّةُ. وَفِي الْحَدِيثِ
فِي ذِكْرِ أَهل الْجَنَّةِ: فرأَى مَا فِيهَا مِنَ الحَبْرَة وَالسُّرُورِ
؛ الحَبْرَةُ، بِالْفَتْحِ: النَّعْمَةُ وسعَةُ العَيْشِ، وَكَذَلِكَ الحُبُورُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَبْدِ اللَّهِ: آلُ عِمْرَانَ غِنًى والنِّساءُ مَحْبَرَة
أَي مَظِنَّةٌ للحُبُورِ وَالسُّرُورِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ
؛ مَعْنَاهُ تُكْرَمُونَ إِكراماً يُبَالَغُ فِيهِ. والحَبْرَة: الْمُبَالَغَةُ فِيمَا وُصِفَ بِجَمِيلٍ، هَذَا نَصُّ قَوْلِهِ. وشَيْءٌ حِبرٌ: ناعمٌ؛ قَالَ المَرَّارُ العَدَوِيُّ:(4/158)
قَدْ لَبِسْتُ الدَّهْرَ مِنْ أَفْنَانِهِ، ... كُلَّ فَنٍّ ناعِمٍ مِنْهُ حَبِرْ
وَثَوْبٌ حَبِيرٌ: جَدِيدٌ نَاعِمٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ قَوْسًا كَرِيمَةً عَلَى أَهلها:
إِذا سَقَطَ الأَنْدَاءُ صِينَت وأُشْعِرَتْ ... حَبِيراً، وَلَمْ تُدْرَجْ عَلَيْهَا المَعَاوِزُ
وَالْجَمْعُ كَالْوَاحِدِ. والحَبِيرُ: السَّحَابُ، وَقِيلَ: الحَبِيرُ مِنَ السَّحَابِ الَّذِي ترى فيه كالتَّثْمِيرِ مِنْ كَثْرَةِ مَائِهِ. قَالَ الرِّياشي: وأَما الحَبِيرُ بِمَعْنَى السَّحَابِ فَلَا أَعرفه؛ قَالَ فإِن كَانَ أَخذه مِنْ قَوْلِ الْهُذَلِيِّ:
تَغَذَّمْنَ فِي جَانِبَيْهِ الخَبِيرَ ... لَمَّا وَهَى مُزْنُه واسْتُبيحَا
فَهُوَ بِالْخَاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَكَانِهِ. والحِبَرَةُ، والحَبَرَةُ: ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ مُنَمَّر، وَالْجَمْعُ حِبَرٌ وحِبَرات. اللَّيْثُ: بُرُودٌ حِبَرةٌ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ الْيَمَانِيَةِ. يُقَالُ: بُرْدٌ حَبِيرٌ وبُرْدُ حِبَرَة، مِثْلُ عِنَبَةٍ، عَلَى الْوَصْفِ والإِضافة؛ وبُرُود حِبَرَةٌ. قَالَ: وَلَيْسَ حِبَرَةٌ مَوْضِعًا أَو شَيْئًا مَعْلُومًا إِنما هُوَ وَشْيٌ كَقَوْلِكَ ثَوْب قِرْمِزٌ، والقِرْمِزُ صِبْغُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا خَطَبَ خَدِيجَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وأَجابته استأْذنت أَباها فِي أَن تَتَزَوَّجَهُ، وَهُوَ ثَمِلٌ، فأَذن لَهَا فِي ذَلِكَ وَقَالَ: هُوَ الفحْلُ لَا يُقْرَعُ أَنفُهُ، فَنَحَرَتْ بَعِيرًا وخَلَّقَتْ أَباها بالعَبيرِ وكَسَتْهُ بُرْداً أَحْمَرَ، فَلَمَّا صَحَا مِنْ سُكْرِهِ قَالَ: مَا هَذَا الحَبِيرُ وَهَذَا العَبِيرُ وَهَذَا العَقِيرُ
؟ أَراد بِالْحَبِيرِ الْبُرْدَ الَّذِي كَسَتْهُ، وَبِالْعَبِيرِ الخَلُوقَ الَّذِي خَلَّقَتْهُ، وَبِالْعَقِيرِ البعيرَ المَنْحُورَ وَكَانَ عُقِرَ ساقُه. وَالْحَبِيرُ مِنَ الْبُرُودِ: مَا كَانَ مَوْشِيّاً مُخَطَّطاً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطعمنا الخَمِير وأَلبسنا الْحَبِيرَ.
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: حِينَ لَا أَلْبَسُ الحَبيرَ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلُ الْحَوَامِيمِ فِي الْقُرْآنِ كَمَثَلِ الحِبَرَاتِ فِي الثِّيَابِ.
والحِبْرُ: بِالْكَسْرِ: الوَشْيُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والحِبْرُ والحَبَرُ: الأَثَرُ مِنَ الضَّرْبَة إِذا لَمْ يَدُمْ، وَالْجَمْعُ أَحْبَارٌ وحُبُورٌ، وَهُوَ الحَبَارُ والحِبار. الْجَوْهَرِيُّ: والحَبارُ الأَثَرُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَا تَمْلإِ الدَّلْوَ وَعَرِّقْ فِيهَا، ... أَلا تَرى حِبَارَ [حَبَارَ] مَنْ يَسْقِيها؟
وَقَالَ حميد الأَرقط:
وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطَارُ، ... وَلَا لِحَبْلَيْهِ بِهَا حَبَارُ
والجمعُ حَبَاراتٌ وَلَا يُكَسَّرُ. وأَحْبَرَتِ الضَّرْبَةُ جِلْدَهُ وَبِجِلْدِهِ: أَثرت فِيهِ. وحُبِرَ جِلْدُه حَبْراً إِذا بَقِيَتْ لِلْجُرْحِ آثَارٌ بَعْدَ البُرْء. والحِبَارُ والحِبْرُ: أَثر الشَّيْءِ. الأَزهري: رَجُلٌ مُحَبَّرٌ إِذا أَكلت الْبَرَاغِيثُ جِلْدَه فَصَارَ لَهُ آثَارٌ فِي جِلْدِهِ؛ وَيُقَالُ: بِهِ حُبُورٌ أَي آثَارٌ. وَقَدْ أَحْبَرَ بِهِ أَي تَرَكَ بِهِ أَثراً؛ وأَنشد لمُصَبِّحِ بْنِ مَنْظُورٍ الأَسَدِي، وَكَانَ قَدْ حَلَقَ شَعْرَ رأْس امرأَته، فَرَفَعَتْهُ إِلى الْوَالِي فَجَلَدَهُ وَاعْتَقَلَهُ، وَكَانَ لَهُ حِمَارٌ وجُبَّة فَدَفَعَهُمَا لِلْوَالِي فَسَرَّحَهُ:
لَقَدْ أَشْمَتَتْ بِي أَهْلَ فَيْدٍ، وغادَرَتْ ... بِجِسْمِيَ حِبْراً، بِنْتُ مَصَّانَ، بادِيَا
وَمَا فَعَلتْ بِي ذَاكَ، حَتَّى تَرَكْتُها ... تُقَلِّبُ رَأْساً، مِثْلَ جُمْعِيَ، عَارِيَا
وأَفْلَتَني مِنْهَا حِماري وَجُبَّتي، ... جَزَى اللهُ خَيْراً جُبَّتي وحِمارِيَا(4/159)
وثوبٌ حَبِيرٌ أَي جَدِيدٌ. والحِبْرُ والحَبْرُ والحَبْرَةُ والحُبْرَةُ والحِبِرُ والحِبِرَةُ، كُلُّ ذَلِكَ: صُفْرة تَشُوبُ بياضَ الأَسْنَان؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَجْلُو بأَخْضَرَ مِنْ نَعْمَانَ ذَا أُشُرٍ، ... كَعارِضِ البَرْق لَمْ يَسْتَشْرِبِ الحِبِرَا
قَالَ شَمِرٌ: أَوّله الحِبْرُ [الحَبْرُ] وَهِيَ صُفْرَةٌ، فإِذا اخْضَرَّ، فَهُوَ القَلَحُ، فإِذا أَلَحَّ عَلَى اللِّثَةِ حَتَّى تَظْهَرَ الأَسْناخ، فَهُوَ الحَفَرُ والحَفْرُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحِبِرَة، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ، القَلَح فِي الأَسنان، وَالْجَمْعُ بِطَرْحِ الْهَاءِ فِي الْقِيَاسِ، وأَما اسْمُ الْبَلَدِ فَهُوَ حِبِرٌّ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ. وَقَدْ حَبِرتْ أَسنانه تَحْبَرُ حَبَراً مِثَالُ تَعِبَ تَعَباً أَي قَلِحَتْ، وَقِيلَ: الحبْرُ الْوَسَخُ عَلَى الأَسنان. وحُبِرَ الجُرْحُ حَبْراً أَي نُكسَ وغَفَرَ، وَقِيلَ: أَي بَرِئَ وَبَقِيَتْ لَهُ آثَارٌ. والحَبِيرُ: اللُّغام إِذا صَارَ عَلَى رأْس الْبَعِيرِ، وَالْخَاءُ أَعلى؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَبِيرُ لُغامُ الْبَعِيرِ. وَقَالَ الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الحَبِيرُ مِنْ زَبَدِ اللُّغامِ إِذا صار عَلَى رأْس الْبَعِيرِ، ثُمَّ قَالَ الأَزهري: صَحَّفَ اللَّيْثُ هَذَا الْحَرْفَ، قَالَ: وَصَوَابُهُ الْخَبِيرُ، بِالْخَاءِ، لِزَبَدِ أَفواه الإِبل، وَقَالَ: هَكَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ. وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ الرِّياشِي قَالَ: الْخَبِيرُ الزَّبَدُ، بِالْخَاءِ. وأَرض مِحْبَارٌ: سَرِيعَةُ النَّبَاتِ حَسَنَتُهُ كَثِيرَةُ الكلإِ؛ قَالَ:
لَنَا جِبَالٌ وحِمًى مِحْبَارُ، ... وطُرُقٌ يُبْنَى بِهَا المَنارُ
ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَرض السريعةُ النباتِ السهلةُ الدَّفِئَةُ الَّتِي بِبُطُونِ الأَرض وسَرَارتِها وأَراضَتِها، فَتِلْكَ المَحابِيرُ. وَقَدْ حَبِرَت الأَرض، بِكَسْرِ الْبَاءِ، وأَحْبَرَتْ؛ والحَبَارُ: هَيْئَةُ الرَّجُلِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، حَكَاهُ عَنْ أَبي صَفْوانَ؛ وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلَهُ:
أَلا تَرى حَبَارَ مَنْ يَسْقيها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ حَبَارُ هُنَا اسْمُ نَاقَةٍ، قَالَ: وَلَا يُعْجِبُنِي. والحُبْرَةُ: السِّلْعَةُ تَخْرُجُ فِي الشَّجَرِ أَي العُقْدَةُ تُقْطَعُ ويُخْرَطُ مِنْهَا الْآنِيَةُ. والحُبَارَى: ذَكَرُ الخَرَبِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحُبَارَى طَائِرٌ، وَالْجَمْعُ حُبَارَيات «2» . وأَنشد بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ فِي صِفَةِ صَقْرٍ:
حَتْف الحُبَارَياتِ والكَراوين
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَمْ يُكَسَّرْ عَلَى حَبَارِيَّ وَلَا حَبَائِرَ ليَفْرُقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ فَعْلاء وفَعَالَةٍ وأَخواتها. الْجَوْهَرِيُّ: الحُبَارَى طَائِرٌ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى، وَاحِدُهَا وَجَمْعُهَا سَوَاءٌ. وَفِي الْمَثَلِ: كُلُّ شَيْءٍ يُحِبُّ ولَدَهُ حَتَّى الحُبَارَى، لأَنها يُضْرَبُ بِهَا المَثلُ فِي المُوقِ فَهِيَ عَلَى مُوقها تُحِبُّ وَلَدَهَا وَتُعَلِّمُهُ الطَّيَرَانَ، وأَلفه لَيْسَتْ للتأْنيث «3» . وَلَا للإِلحاق، وإِنما بُنِيَ الِاسْمُ عَلَيْهَا فَصَارَتْ كأَنها مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ لَا تَنْصَرِفُ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ أَي لَا تُنَوَّنُ. والحبْرِيرُ والحُبْرور والحَبَرْبَرُ والحُبُرْبُورُ واليَحْبُورُ: وَلَدُ الحُبَارَى؛ وَقَوْلُ أَبي بردة:
__________
(2) . عبارة المصباح: الحبارى طائر معروف، وهو على شكل الأوزة، برأسه وبطنه غبرة ولون ظهره وجناحيه كلون السماني غالباً، والجمع حبابير وحباريات على لفظه أَيضاً
(3) . قوله: [وألفه ليست للتأنيث] قال الدميري في حياة الحيوان بعد أن ساق عبارة الجوهري هذه، قلت: وهذا سهو منه بل ألفها للتأنيث كسماني، ولو لم تكن له لانصرفت انتهى. ومثله في القاموس. قال شارحه: ودعواه أنها صارت من الكلمة من غرائب التعبير، والجواب عنه عسير(4/160)
بازٌ جَرِيءٌ عَلَى الخَزَّانِ مُقْتَدِرٌ، ... وَمِنْ حَبَابِيرِ ذِي مَاوَانَ يَرْتَزِقُهْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ جَمْعُ الحُبَارَى، وَالْقِيَاسُ يَرُدُّهُ، إِلا أَن يَكُونَ اسْمًا لِلْجَمْعِ. الأَزهري: وَلِلْعَرَبِ فِيهَا أَمثال جَمَّةٌ، مِنْهَا قَوْلُهُمْ: أَذْرَقُ مِنْ حُبَارَى، وأَسْلَحُ مِنْ حُبَارَى، لأَنها تَرْمِي الصَّقْرَ بسَلْحها إِذا أَراغها لِيَصِيدَهَا فَتُلَوِّثُ رِيشَهُ بِلَثَقِ سَلْحِها، وَيُقَالُ: إِن ذَلِكَ يَشْتَدُّ عَلَى الصَّقْرِ لِمَنْعِهِ إِياه مِنَ الطَّيَرَانِ؛ وَمِنْ أَمثالهم فِي الْحُبَارَى: أَمْوَقُ مِنَ الحُبَارَى؛ ذَلِكَ أَنَّهَا تأْخذ فَرْخَهَا قَبْلَ نَبَاتِ جَنَاحِهِ فَتَطِيرُ مُعَارِضَةً لَهُ لِيَتَعَلَّمَ مِنْهَا الطَّيَرَانَ، وَمِنْهُ الْمَثَلُ السَّائِرُ فِي الْعَرَبِ: كُلُّ شَيْءٍ يُحِبُّ وَلَدَهُ حَتَّى الْحُبَارَى ويَذِفُّ عَنَدَهُ. وَوَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ يَذِفُّ عَنَدَهُ أَي تَطِيرُ عَنَدَهُ أَي تُعَارِضُهُ بِالطَّيَرَانِ، وَلَا طَيَرَانَ لَهُ لِضَعْفِ خَوَافِيهِ وَقَوَائِمِهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: خَصَّ الْحُبَارَى بِالذِّكْرِ فِي قَوْلِهِ حَتَّى الْحُبَارَى لأَنها يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي الحُمْق، فَهِيَ عَلَى حُمْقِهَا تُحِبُّ وَلَدَهَا فَتُطْعِمُهُ وَتُعَلِّمُهُ الطَّيَرَانَ كَغَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ. وَقَالَ الأَصمعي: فُلَانٌ يُعَانِدُ فُلَانًا أَي يَفْعَلُ فِعْلَهُ وَيُبَارِيهِ؛ وَمِنْ أَمثالهم فِي الْحُبَارَى: فلانٌ مَيِّتٌ كَمَدَ الحُبارَى، وَذَلِكَ أَنها تَحْسِرُ مَعَ الطَّيْرِ أَيام التَّحْسير، وَذَلِكَ أَن تُلْقِيَ الرِّيشَ ثُمَّ يُبْطِئُ نَبَاتُ رِيشِهَا، فإِذا طَارَ سَائِرُ الطَّيْرِ عَجَزَتْ عَنِ الطَّيَرَانِ فَتَمُوتُ كَمَدًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي الأَسود الدُّؤَلي:
يَزِيدُ مَيّتٌ كَمَدَ الحُبَارَى، ... إِذا طُعِنَتْ أُمَيَّةُ أَوْ يُلِمُ
أَي يَمُوتُ أَو يَقْرُبُ مِنَ الْمَوْتِ. قَالَ الأَزهري: وَالْحُبَارَى لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ وَيَبِيضُ فِي الرِّمَالِ النَّائِيَةِ؛ قَالَ: وَكُنَّا إِذا ظَعَنَّا نَسِيرُ فِي جِبَالِ الدَّهْنَاءِ فَرُبَّمَا الْتَقَطْنَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ بَيْضِهَا مَا بَيْنَ الأَربع إِلى الثَّمَانِي، وَهِيَ تَبِيضُ أَربع بَيْضَاتٍ، وَيَضْرِبُ لَوْنُهَا إِلى الزُّرْقَةِ، وَطَعْمُهَا أَلذ مِنْ طَعْمِ بَيْضِ الدَّجَاجِ وَبَيْضِ النَّعَامِ، قَالَ: وَالنَّعَامُ أَيضاً لَا تَرِدُ الْمَاءَ وَلَا تَشْرَبُهُ إِذا وَجَدَتْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: إِن الْحُبَارَى لَتَمُوتُ هُزالًا بِذَنْبِ بَنِي آدَمَ
؛ يَعْنِي أَن اللَّهَ تَعَالَى يَحْبِسُ عَنْهَا الْقَطْرُ بِشُؤْمِ ذُنُوبِهِمْ، وإِنما خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لأَنها أَبعد الطَّيْرِ نُجْعَةً، فَرُبَّمَا تُذْبَحُ بِالْبَصْرَةِ فَتُوجَدُ فِي حَوْصَلَتِهَا الْحَبَّةُ الْخَضْرَاءُ، وَبَيْنَ الْبَصْرَةِ وَبَيْنَ مَنَابِتِهَا مَسِيرَةُ أَيام كَثِيرَةٍ. واليَحبُورُ: طَائِرٌ. ويُحابِرٌ: أَبو مُرَاد ثُمَّ سُمِّيَتِ الْقَبِيلَةُ يُحَابِرُ؛ قَالَ:
وَقَدْ أَمَّنَتْني، بَعْدَ ذَاكَ، يُحابِرٌ ... بِمَا كنتُ أُغْشي المُنْدِيات يُحابِرا
وحِبِرٌّ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: اسْمُ بَلَدٍ، وَكَذَلِكَ حِبْرٌ. وحِبْرِيرٌ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ. وَمَا أَصبت مِنْهُ حَبَرْبَراً أَي شَيْئًا، لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النَّفْيِ؛ التَّمْثِيلُ لِسِيبَوَيْهِ وَالتَّفْسِيرُ لِلسِّيرَافِيِّ. وَمَا أَغنى فلانٌ عَنِّي حَبَرْبَراً أَي شَيْئًا؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر الْبَاهِلِيُّ:
أَمانِيُّ لَا يُغْنِينَ عَنِّي حَبَرْبَرا
وَمَا عَلَى رأْسه حَبَرْبَرَةٌ أَي مَا عَلَى رأْسه شَعْرَةٌ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: مَا أَصاب مِنْهُ حَبَرْبَراً وَلَا تَبَرْبَراً وَلَا حَوَرْوَراً أَي مَا أَصاب مِنْهُ شَيْئًا. وَيُقَالُ: مَا فِي الَّذِي تَحَدَّثْنَا بِهِ حَبَرْبَرٌ أَي شَيْءٌ. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ مَا لَهُ حَبَرْبَرٌ وَلَا حَوَرْوَرٌ. وَقَالَ الأَصمعي: مَا أَصبت مِنْهُ حَبَرْبَراً وَلَا حَبَنْبَراً أَي مَا أَصبت مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: مَا فِيهِ حَبَرْبَرٌ وَلَا حَبَنْبَرٌ، وَهُوَ أَن يُخْبِرَكَ بِشَيْءٍ فَتَقُولُ: مَا فِيهِ حَبَنْبَرٌ. وَيُقَالُ لِلْآنِيَةِ الَّتِي يُجْعَلُ فِيهَا الحِبْرُ مِنْ خَزَفٍ كَانَ(4/161)
أَو مِنْ قَوارِير: مَحْبَرَةٌ ومَحْبُرَةٌ كَمَا يُقَالُ مَزْرَعَة ومَزْرُعَة ومَقْبَرَة ومَقْبُرَة ومَخْبَزَة ومَخْبُزَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: مَوْضِعُ الحِبْرِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ المِحْبَرَة، بِالْكَسْرِ. وحِبِرٌّ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ فِي الْبَادِيَةِ. وأَنشد شَمِرٌ عَجُزَ بَيْتٍ: فَقَفا حِبِرّ. الأَزهري: فِي الْخُمَاسِيِّ الحَبَرْبَرَةُ القَمِيئَةُ المُنافِرَةُ، وَقَالَ: هَذِهِ ثُلَاثِيَّةُ الأَصل أُلحقت بِالْخُمَاسِيِّ لِتَكْرِيرِ بَعْضِ حُرُوفِهَا. والمُحَبَّرُ: فَرَسُ ضِرَارِ بْنِ الأَزوَرِ الأَسَدِيِّ. أَبو عَمْرٍو: الحَبَرْبَرُ والحَبْحَبِيُّ الجمل الصغير.
حبتر: الحَبْتَرُ والحُباتِرُ: الْقَصِيرُ كالحَتْرَبِ، وَكَذَلِكَ البُحْتُر، والأُنثى حَبْتَرَة. والحَبْتَرُ: مِنْ أَسماء الثَّعَالِبِ. وحَبْتَرٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فأَومأْتُ إِيماءً خَفِيّاً لحَبْتَرٍ، ... ولِلَّهِ عَيْنا حَبْتَرٍ أَيَّما فَتَى
حبجر: الحِبَجْرُ والحِبْجَرُ: الوَتَرُ الْغَلِيظُ؛ قَالَ:
أَرْمِي عَلَيْهَا وهْيَ شيءٌ بُجْرُ، ... والقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ حِبَجْرُ،
وهْيَ ثلاثُ أَذْرُعٍ وشِبْرُ
والحُباجِرُ كَذَلِكَ، وَلَمْ يُعَيِّن أَبو عُبَيْدٍ الحِبَجْرَ مِنْ أَي نَوْعٍ هُوَ إِنما قَالَ: الحِبَجْرُ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، الغليظُ؛ وَقَدِ احْبَجَرَّ؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِهِ:
يُخْرِجُ مِنْهَا ذَنَباً حُناجِرا
بِالنُّونِ، فَلَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي ذَنَباً حُباجراً، بِالْبَاءِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْغَلِيظُ. والحُبْجُرُ والحُباجِرُ: ذَكَرُ الحُبارَى. والمُحْبَنْجِرُ: الْمُنْتَفِخُ غَضَبًا. واحْبَنْجَرَ أَي انْتَفَخَ من الغضب.
حبقر: الأَزهري: يُقَالُ إِنه لأَبْرَد مِنْ عَبْقُرٍّ وأَبْرَدُ مِنْ حَبْقُرٍّ وأَبرد مِنْ عَضْرَسٍ؛ قَالَ: والعَبْقُرُّ والحَبْقُرُّ والعَضْرَسُ البَرَدُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عبقر عَمَّا جَاءَ فِي الْمَثَلِ مِنْ قَوْلِهِمْ: هُوَ أَبْرَدُ مِنْ عَبْقُرٍّ، قَالَ: وَيُقَالُ حَبْقُرّ كأَنهما كَلِمَتَانِ جُعِلَتَا وَاحِدَةً، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ عبقر.
حبكر: حَبَوْكَرَى والحَبَوْكَرَى وحَبَوْكَرٌ وأُمُّ حَبَوْكَرٍ وأُم حَبَوكَرَى، وأُم حَبَوْكَرَان: الدَّاهِيَةُ. وَجَاءَ فلانٌ بأُمِّ حَبَوْكَرَى أَي بِالدَّاهِيَةِ؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ أَحمر الْبَاهِلِيِّ:
فَلَمَّا غَسَا لَيْلِي، وأَيْقَنْتُ أَنها ... هِيَ الأُرَبَى، جاءتْ بأُمِّ حَبَوْكَرَى
الْفَرَّاءُ: وَقَعَ فُلَانٌ فِي أُم حَبَوْكَرَى وَأُمِّ حَبَوْكَرٍ وحَبَوْكَرَان، ويُلقى مِنْهَا أُمّ فَيُقَالُ: وَقَعُوا فِي حَبَوْكَرٍ. الْجَوْهَرِيُّ: أُمُّ حَبَوْكَرَى هُوَ أَعظم الدَّوَاهِي. والحَبَوكَرُ: رملٌ يَضِلُّ فِيهِ السَّالِكُ. والحَبَوْكَرَى: الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ. والحَبَوْكَرَى أَيضاً: مَعْرَكَةُ الْحَرْبِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا. وَيُقَالُ: مررتُ عَلَى حَبَوْكَرَى مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَاتٍ مِنْ أُمَم شَتَّى لَا نحور فِيهِمْ شَيْءٌ وَلَا بَسَرَ «4» . بِهِمْ شَيْءٌ. اللَّيْثُ: حَبَوْكَرٌ دَاهِيَةٌ وَكَذَلِكَ الحَبَوْكَرَى. وَيُقَالُ: جَمَلٌ حَبَوْكَرَى، والأَلف زَائِدَةٌ، بُنِيَ الِاسْمُ عَلَيْهَا لأَنك تَقُولُ للأُنثى حَبَوْكَراة، وَكُلُّ أَلف للتأْنيث لَا يَصِحُّ دُخُولُ هَاءِ التأْنيث عَلَيْهَا، وَلَيْسَتْ أَيضاً للإِلحاق لأَنه لَيْسَ لَهُ مِثَالٌ مِنَ الأُصول فَيَلْحَقُ بِهِ. وَفِي النَّوَادِرِ. يُقَالُ تَحَبْكَرُوا فِي الأَرض إِذا تَحَيَّرُوا. وتَحبْكَرَ الرَّجُلُ فِي طَرِيقِهِ: مِثْلُهُ، إِذا تَحَيَّرَ. اللَّيْثُ فِي
__________
(4) . قوله: [نحور إلخ ولا بسر إلخ] كذا بالأصل بدون نقط(4/162)
النَّوَادِرِ: كَمْهَلْتُ المالَ كَمْهَلَةً وحَبْكَرْتُه حَبْكَرَة ودَبْكَلْتُهُ دَبْكَلَةً وحَبْحَبْتُه حَبْحَبَةً وزَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً وصَرْصَرْتُه وكَرْكَرْتُهُ إِذا جَمَعْتَهُ وَرَدَدْتَ أَطراف مَا انْتَشَرَ منه وكذلك كَبْكَبْتُه.
حبنبر: الأَزهري عَنِ الأَصمعي: مَا أَصبت مِنْهُ حَبَرْبَراً وَلَا حَبَنْبَراً أَي مَا أَصبت مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: مَا فِيهِ حَبَرْبَرٌ وَلَا حَبَنْبَرٌ وَهُوَ أَن يُخْبِرَكَ بِشَيْءٍ فَتَقُولُ: مَا فِيهِ حَبَنْبَرٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
حتر: حَتارُ كُلِّ شَيْءٍ: كِفَافُه وَحَرْفُهُ وَمَا اسْتَدَارَ بِهِ كَحَتَارِ الأُذن وَهُوَ كِفافُ حُرُوفِ غَراضِيفِها. وحَتارُ الْعَيْنِ: وَهِيَ حُرُوفُ أَجفانها الَّتِي تَلْتَقِي عِنْدَ التَّغْمِيضِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَتارُ مَا اسْتَدَارَ بِالْعَيْنِ مِنْ زِيقِ الجَفْنِ مِنْ بَاطِنٍ. وحَتارُ الظُّفْر: وَهُوَ مَا يُحِيطُ بِهِ مِنَ اللَّحْمِ، وَكَذَلِكَ مَا يُحِيطُ بالخِباء، وَكَذَلِكَ حَتارُ الغِربالِ والمُنْخُلِ. وحَتارُ الاسْتِ: أَطراف جِلْدَتِهَا، وَهُوَ مُلْتَقَى الْجِلْدَةِ الظَّاهِرَةِ وأَطرَاف الخَوْرانِ، وَقِيلَ: هِيَ حُرُوفُ الدُّبُرِ؛ وأَراد أَعرابيّ امرأَته فَقَالَتْ لَهُ: إِني حَائِضٌ، قَالَ: فأَين الهَنَةُ الأُخرَى؟ قَالَتْ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فَقَالَ:
كلَّا وَرَبِّ البَيْتِ ذِي الأَستارِ، ... لأَهْتِكَنَّ حَلَقَ الحَتَارِ،
قَدْ يُؤْخَذُ الجَارُ بِجُرْمِ الجَارِ
وحَتَارُ الدُّبُرِ: حَلْقَتُه. والحَتارُ: مَعْقِدُ الطُّنُبِ فِي الطَّرِيقة، وَقِيلَ: هُوَ خَيْطٌ يُشَدُّ بِهِ الطِّرافُ، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ حُتُرٌ. والحَتارُ والحِتْرُ: مَا يُوصَلُ بأَسفل الْخِبَاءِ إِذا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض وقَلَصَ لِيَكُونَ سِتْراً؛ وَهِيَ الحُتْرَةُ أَيضاً. وحَتَر البيتَ حَتْراً: جَعَلَ لَهُ حَتاراً أَو حُتْرَةً. الأَزهري عَنِ الأَصمعي قَالَ: الحُتُرُ أَكِفَّةُ الشِّقاقِ، كلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا حَتارٌ، يَعْنِي شِقاقَ الْبَيْتِ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَتارُ الكِفافُ وَكُلُّ مَا أَحاط بِالشَّيْءِ وَاسْتَدَارَ بِهِ فَهُوَ حَتارُه وكِفافُه. وحَتَرَ الشيءَ وأَحْتَرَه: أَحكمه. الأَزهري: أَحْتَرْتُ العُقْدَةَ إِحْتاراً إِذا أَحكمتها فَهِيَ مُحْتَرَةٌ. وَبَيْنَهُمْ عَقْدٌ مُحْتَرٌ: قَدِ اسْتُوثِقَ مِنْهُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وبالسَّفْحِ مِنْ شَرْقِيِّ سَلْمَى مُحاربٌ ... شُجاعٌ، وذُو عَقْدٍ مِنَ القومِ مُحْتَرِ
وحَتَرَ العُقْدَة أَيضاً: أَحكم عَقْدَها. وكلُّ شَدٍّ: حَتْرٌ؛ وَاسْتَعَارَهُ أَبو كَبِيرٍ للدَّيْنِ فَقَالَ:
هَابوا لِقَوْمِهِمُ السَّلامَ كَأَنَّهُمْ، ... لَمَّا أُصيِبُوا، أَهْلُ دَيْنٍ مُحْتَرِ
وحَتَره يَحْتِرُه ويَحْتُرُه حَتْراً: أَحَدَّ النَّظَرَ إِليه. والحَتْر: الأَكلُ الشديدُ. وَمَا حَتَرَ شَيْئًا أَي مَا أَكل. وحَتَرَ أَهله يَحْتِرُهُم ويَحْتُرُهُم حَتْراً وحُتُوراً: قَتَّرَ عَلَيْهِمُ النَّفقة، وَقِيلَ: كَساهم ومانَهُمْ. والحِتْرُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ. وحَتَرَ الرجلَ حَتْراً: أَعطاه وأَطعمه، وَقِيلَ: قَلَّلَ عطاءَه أَو إِطعامه. وحَتَرَ لَهُ شَيْئًا: أَعطاه يَسِيرًا. وَمَا حَتَرَهُ شَيْئًا أَي مَا أَعطاه قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا. وأَحْتَرَ الرجلُ: قلَّ عَطَاؤُهُ. وأَحْتَرَ: قَلَّ خَيْرُهُ؛ حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ، وأَنشد:
إِذا مَا كنتَ مُلْتَمِساً أَيامَى، ... فَنَكِّبْ كُلَّ مُحْتِرَةٍ صَناعِ
أَي تَنَكَّبْ، وَالِاسْمُ الحِتْرُ. الأَصمعي عَنْ أَبي زَيْدٍ: حَتَرْتُ لَهُ شَيْئًا، بِغَيْرِ أَلف، فإِذا قَالَ: أَقَلَّ الرجلُ وأَحْتَرَ، قَالَهُ بالأَلف؛ قَالَ: وَالِاسْمُ مِنْهُ الحِتْرُ؛ وأَنشد للأَعْلَمِ الهُذَلِيِّ:(4/163)
إِذا النُّفَساءُ لَمْ تُخَرَّسْ بِبِكْرِها ... غُلاماً، وَلَمْ يُسْكَتْ بِحِتْرٍ فَطِيمُها
قَالَ: وأَخبرني الإِيادِيُّ عَنْ شَمِرٍ: الحَاتِرُ المُعْطي؛ وأَنشد:
إِذ لَا تَبِضُّ، إِلى الترائِكِ ... والضَّرَائِكِ، كَفُّ حاتِرْ
قَالَ: وحَتَرْتُ أَعطيت. وَيُقَالُ: كَانَ عَطَاؤُكَ إِياه حَقْراً حَتْراً أَي قَلِيلًا؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
إِلَّا قَليلًا مِنْ قَليلٍ حَتْرِ
وأَحْتَرَ عَلَيْنَا رِزْقَنا أَي أَقَلَّه وحَبَسَهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حَتَرَهُ يَحْتِرُه ويَحْتُرُه إِذا كَسَاهُ وأَعطاه؛ قَالَ الشَّنْفَرَى:
وأُمَّ عِيالٍ قَدْ شَهِدْتُ تَقُوتُهم، ... إِذا حَتَرَتْهُمْ أَتْفَهَتْ وأَقَلَّتِ
والمُحْتِرُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا يُعْطِي خَيْرًا وَلَا يُفْضِل عَلَى أَحد، إِنما هُوَ كَفَافٌ بكَفافٍ لَا يَنْفَلِتُ مِنْهُ شَيْءٌ. وأَحْتَرَ عَلَى نَفْسِهِ وأَهله أَي ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ وَمَنَعَهُمْ. غَيْرُهُ: وأَحْتَرَ القومَ فَوَّتَ عَلَيْهِمْ طَعَامُهُمْ. والحِتْرُ، بِالْكَسْرِ: العَطِيَّةُ الْيَسِيرَةُ، وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ. تَقُولُ: حَتَرْتُ لَهُ شَيْئًا أَحْتِرُ حَتْراً، فإِذا قَالُوا: أَقلّ وأَحْتَرَ، قَالُوهُ بالأَلف؛ قَالَ الشَّنْفَرَى:
وأُم عِيَالٍ قَدْ شهدتُ تَقُوتُهُمْ، ... إِذا أَطْعَمَتْهُمْ أَحْتَرَتْ وأَقَلَّتِ
تَخافُ عَلَيْنَا العَيْلَ، إِن هِيَ أَكْثَرَتْ، ... ونَحْنُ جِيَاعٌ، أَيَّ أَوْلٍ تأَلَّتِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَشْهُورُ فِي شِعْرِ الشَّنْفَرَى: وأُمَّ عِيَالٍ، بِالنَّصْبِ، وَالنَّاصِبُ لَهُ شَهِدْتُ؛ وَيُرْوَى: وأُمِّ، بِالْخَفْضِ، عَلَى وَاوِ رُبَّ، وأَراد بأُم عِيَالٍ تأَبط شَرًّا، وَكَانَ طَعَامُهُمْ عَلَى يَدِهِ، وإِنما قَتَّرَ عَلَيْهِمْ خَوْفًا أَن تَطُولَ بِهِمُ الغَزاة فَيَفْنَى زَادُهُمْ، فَصَارَ لَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الأُم وَصَارُوا لَهُ بِمَنْزِلَةِ الأَولاد. وَالْعَيْلُ: الْفَقْرُ وَكَذَلِكَ الْعَيْلَةُ. والأَوْلُ: السِّيَاسَةُ. وتأَلت: تَفَعَّلَتْ مِنَ الأَوْلِ إِلا أَنه قُلِبَ فَصُيِّرَتِ الْوَاوُ فِي مَوْضِعِ اللَّامِ. والحُتْرَةُ والحَتِيرَةُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: الوكِيرَةُ، وَهُوَ طَعَامٌ يُصْنَعُ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ، وَقَدْ حَتَّرَ لَهُمْ. قَالَ الأَزهري: وأَنا وَاقِفٌ فِي هَذَا الْحَرْفِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ حَثيرَةٌ، بِالثَّاءِ. وَيُقَالُ: حَتِّرْ لَنا أَي وَكِّرْ لَنَا، وَمَا حَتَرْتُ الْيَوْمَ شَيْئًا أَي مَا ذُقْتُ. والحَتْرَةُ، بِالْفَتْحِ: الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ. والحَتْرُ: الذَّكَرُ مِنَ الثَّعَالِبِ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع الحَتْرَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ اللَّيْثِ وَهُوَ منكر.
حثر: الأَزهري: الحَثَرَةُ انْسِلاقُ العَيْنِ، وَتَصْغِيرُهَا حُثَيْرَةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الحَثَرُ خُشُونَةٌ يَجِدُهَا الرَّجُلُ فِي عَيْنِهِ مِنَ الرَّمَصِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَخْرُجَ فِيهَا حَبٌّ أَحمر، وَهُوَ بَثْرٌ يَخْرُجُ فِي الأَجفان، وَقَدْ حَثِرَتْ عَيْنُهُ تَحْثَرُ. وحَثِرَ العَسَلُ حَثَراً: تحبب، وهو عسل حائِرٌ وحَثِرٌ. وحَثِرَ الدِّبْسُ حَثَراً: خَثُرَ وتَحَبَّبَ. وَطَعَامٌ حَثِرٌ: مُنْتَثِر لَا خَيْرَ فِيهِ إِذا جُمِعَ بِالْمَاءِ انْتَثَرَ مِنْ نَوَاحِيهِ، وَقَدْ حَثِرَ حَثَراً. الأَزهري: الدَّوَاءُ إِذا بُلَّ وعُجِنَ فَلَمْ يَجْتَمِعْ وَتَنَاثَرَ، فَهُوَ حَثِرٌ. ابْنُ الأَعرابي: حَثَّرَ الدَّواءَ إِذا حَبَّبَهُ، وحَثِرَ إِذا تَحَبَّبَ. وَفُؤَادٌ حَثِرٌ: لَا يَعِي شَيْئًا، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. وأُذُنٌ حَثِرَةٌ إِذا لَمْ تَسْمَعْ سَمْعًا جَيِّداً. وَلِسَانٌ حَثِرٌ: لَا يَجِدُ طَعْمَ الطَّعَامِ. وحَثِرَ الشيءُ حَثَراً، فَهُوَ حَثِرٌ وحَثْرٌ: اتَّسَعَ. وحَثَرَةُ الغَضَا: ثَمَرَةٌ تَخْرُجُ فِيهِ أَيامَ الصَّفَرِيَّةِ تَسْمَنُ عَلَيْهَا الإِبل وتُلْبِنُ. وحَثَرَةُ الكَرم:(4/164)
زَمَعَتُه بَعْدَ الإِكْماخِ. والحَثَرُ: حَبُّ العُنْقُود إِذا تَبَيَّنَ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والحَثَرُ مِنَ الْعِنَبِ: مَا لَمْ يُونِعْ وَهُوَ حَامِضٌ صُلْبٌ لَمْ يُشْكِلْ وَلَمْ يَتَمَوَّه. والحَثَرُ: حَبُّ الْعِنَبِ وَذَلِكَ بَعْدَ البَرَمِ حِينَ يَصِيرُ كالجُلْجُلانِ. والحَثَرُ: نَوْرُ الْعِنَبِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وحُثَارَةُ التِّبْنِ: حُطامه، لُغَةٌ فِي الحُثالَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ بِثَبَتٍ. والحَوْثَرَةُ: الكَمَرَة. الْجَوْهَرِيُّ: الحَوْثَرَةُ الفيْشَةُ الضَّخْمَةُ، وَهِيَ الكَوْشَلَةُ والفَيْشَلَةُ؛ والحَثَرَةُ مِنَ الجِبَأَةِ كأَنها تُرَابٌ مَجْمُوعٌ فإِذا قُلِعَتْ رأَيت الرَّمْلَ حَوْلَهَا. والحَثَرُ: ثَمَرُ الأَراك، وَهُوَ البَرِيرُ. وحَثِرَ الْجِلْدُ: بَثِرَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رَأَتْهُ شَيْخاً حَثِرَ المَلامِح
وَهِيَ مَا حَوْلَ الْفَمِ «1» . وَيُقَالُ: أَحْثَرَ النخلُ إِذا تَشَقَّقَ طَلْعُه وَكَانَ حَبُّهُ كالحَثَراتِ الصِّغَارِ قَبْلَ أَن تَصِيرَ حَصَلًا. وحَوْثَرَةُ: اسْمٌ. وَبَنُو حَوْثَرَةَ: بَطْنٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسَ، وَيُقَالُ لَهُمُ الْحَوَاثِرُ، وَهُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ الْمُتَلَمِّسُ بِقَوْلِهِ:
لَنْ يَرْحَضَ السَّوْآتِ عَنْ أَحْسابِكُمْ ... نَعَمُ الحَواثِر، إِذ تُساقُ لمَعْبَدِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ: إِذ تُسَاقُ بِمَعْبَدِ. وَصَوَابُ إِنشاده: لِمَعْبَدِ، بِاللَّامِ، كَمَا أَنشدناه، ومَعْبَدٌ: هُوَ أَخو طَرَفَةَ وَكَانَ عَمْرُو بْنُ هِنْدٍ لَمَّا قَتَلَ طَرَفَةَ ودَاهُ بِنَعَمٍ أَصابها مِنَ الحَواثِر وَسِيقَتْ إِلى مَعْبَدٍ. وحَوْثَرَةُ: هُوَ رَبِيعَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ أَنْمَارِ بْنِ وَدِيعَةَ بْنِ لُكَيْزِ بْنِ أَفْصَى بْنِ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِ أَن امرأَة أَتته بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ فَاسْتَامَتْ فِيهِ سِيمَةً غَالِيَةً، فَقَالَ لَهَا: لَوْ وضعتُ فِيهِ حَوْثَرَتي لَمَلَأَتْهُ، فَسُمِّيَ حَوْثَرَةَ. والحَوْثَرة: الحَشَفةُ رَأْسُ الذَّكَرِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حتر: الحَتِيرَة الْوَكِيرَةُ، وَهُوَ طَعَامٌ يُصْنَعُ عِنْدَ بِنَاءِ الْبَيْتِ؛ قَالَ الأَزهري: وأَنا وَاقِفٌ فِي هَذَا الْحَرْفِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ حَثِيرَةٌ، بِالثَّاءِ.
حجر: الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، وَالْجَمْعُ فِي الْقِلَّةِ أَحجارٌ، وَفِي الْكَثْرَةِ حِجارٌ وحجارَةٌ؛ وَقَالَ:
كأَنها مِنْ حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها ... مَضارِبُ الْمَاءِ لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ
وَفِي التَّنْزِيلِ: وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ*
؛ أَلحقوا الْهَاءَ لتأْنيث الْجَمْعِ كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي البُعُولة والفُحولة. اللَّيْثُ: الحَجَرُ جَمْعُهُ الحِجارَةُ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ لأَن الحَجَرَ وَمَا أَشبهه يُجْمَعُ عَلَى أَحجار وَلَكِنْ يَجُوزُ الِاسْتِحْسَانُ فِي الْعَرَبِيَّةِ كَمَا أَنه يَجُوزُ فِي الْفِقْهِ وتَرْكُ الْقِيَاسِ لَهُ كَمَا قَالَ الأَعشى يَمْدَحُ قَوْمًا:
لَا نَاقِصِي حَسَبٍ وَلَا ... أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ
قَالَ: وَمِثْلُهُ المِهارَةُ والبِكارَةُ لِجَمْعِ المُهْرِ والبَكْرِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: الْعَرَبُ تُدْخِلُ الْهَاءَ فِي كُلِّ جَمْعٍ عَلَى فِعَال أَو فُعُولٍ، وإِنما زَادُوا هَذِهِ الْهَاءَ فِيهَا لأَنه إِذا سُكِتَ عَلَيْهِ اجْتَمَعَ فِيهِ عِنْدَ السَّكْتِ سَاكِنَانِ: أَحدهما الأَلف الَّتِي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ فِي فِعال، وَالثَّانِي آخرُ فِعال المسكوتُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: عِظامٌ وعَظامةٌ ونِفارٌ ونِفارةٌ، وَقَالُوا: فِحالَةٌ وحِبالَةٌ وذِكارَةٌ وذُكُورة وفُحولَةٌ وحُمُولَةٌ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الْعِلَّةُ الَّتِي عَلَّلَهَا النَّحْوِيُّونَ، فأَما الِاسْتِحْسَانُ الَّذِي شَبَّهَهُ بِالِاسْتِحْسَانِ فِي الْفِقْهِ فإِنه بَاطِلٌ. الْجَوْهَرِيُّ: حَجَرٌ وحِجارةٌ كَقَوْلِكَ جَمَلٌ وجِمالَةٌ وذَكَرٌ وذِكارَةٌ؛ قال:
__________
(1) . هي: عائدة إِلى الملامح(4/165)
وَهُوَ نَادِرٌ. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ الحَجَرُ الأُحْجُرُّ عَلَى أُفْعُلٍّ؛ وأَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: ومثله هو أُكْبُرُّهم وَفَرَسٌ أُطْمُرٌّ وأُتْرُجٌّ، يُشَدِّدُونَ آخِرَ الْحَرْفِ. وَيُقَالُ: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رُمِيَ بِدَاهِيَةٍ مِنَ الرِّجَالِ. وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف بْنِ قَيْسٍ أَنه قَالَ لِعَلِيٍّ حِينَ سمَّى معاويةُ أَحَدَ الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قَدْ رُميت بِحَجر الأَرض فَاجْعَلْ مَعَهُ ابْنَ عَبَّاسٍ فإِنه لَا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلَّا حَلَّهَا
؛ أَي بِدَاهِيَةٍ عَظِيمَةٍ تَثْبُتُ ثبوتَ الحَجَرِ فِي الأَرض. وَفِي حَدِيثِ الجَسَّاسَةِ والدَّجالِ:
تَبِعَهُ أَهل الحَجَرِ وأَهل المَدَرِ
؛ يُرِيدُ أَهل البَوادِي الَّذِينَ يَسْكُنُونَ مَوَاضِعَ الأَحجار وَالرِّمَالِ، وأَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وللعاهِرِ الحَجَرُ
؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الْوَلَدَ لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ مِنَ السَّيِّدِ أَو الزَّوْجِ، وَلِلزَّانِي الخيبةُ وَالْحِرْمَانُ، كَقَوْلِكَ مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ غَيْرَ التُّرَابِ وَمَا بِيَدِكَ غَيْرُ الحَجَرِ؛ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلى أَنه كَنَّى بِالْحَجَرِ عَنِ الرَّجْمِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَيْسَ كَذَلِكَ لأَنه لَيْسَ كُلُّ زَانٍ يُرْجَمُ. والحَجَر الأَسود، كَرَّمَهُ اللَّهُ: هُوَ حَجَر الْبَيْتِ، حَرَسَهُ اللَّهُ، وَرُبَّمَا أَفردوه فَقَالُوا الحَجَر إِعظاماً لَهُ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَاللَّهِ إِنك حَجَرٌ، وَلَوْلَا أَني رأَيتُ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَفْعَلُ كَذَا مَا فَعَلْتُ؛ فأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
وإِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ، ... أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ
فإِنه جَعَلَ كُلَّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ حَجَراً، أَلا تَرَى أَنك لَوْ مَسِسْتَ كُلَّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ لَجَازَ أَن تَقُولَ مَسِسْتُ الْحَجَرَ؟ وَقَوْلُهُ: أَمَا كَفَاهَا انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها، فِي عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟. فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَعْنِي جَبَلًا لَا يُوصَلُ إِليه. واسْتَحْجَرَ الطينُ: صَارَ حَجَراً، كَمَا تَقُولُ: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِمَا إِلَّا مَزِيدَيْنِ وَلَهُمَا نَظَائِرُ. وأَرضٌ حَجِرَةٌ وحَجِيرَةٌ ومُتَحَجِّرة: كَثِيرَةُ الْحِجَارَةِ، وَرُبَّمَا كُنِّيَ بالحَجَر عَنِ الرَّمْلِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وَبِذَلِكَ فَسَّرَ قَوْلَهُ:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ
قَالَ: أَراد عَشِيَّةَ رَمْلِ الْكِنَاسِ، وَرَمْلُ الْكِنَاسِ: مِنْ بِلَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِلَابٍ. والحَجْرُ والحِجْرُ والحُجْرُ والمَحْجِرُ، كُلُّ ذَلِكَ: الحرامُ، وَالْكَسْرُ أَفصح، وَقُرِئَ بِهِنَّ: وحَرْثٌ حَجْرٌ؛ وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً، ... ولَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ
يَقُولُ: لَمِثْلُها يُؤْتَى إِليه الْحَرَامُ. وَرَوَى الأَزهري عَنِ الصَّيْداوِي أَنه سَمِعَ عَبْوَيْهِ يَقُولُ: المَحْجَر، بِفَتْحِ الْجِيمِ، الحُرْمةُ؛ وأَنشد:
وهَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
وَيُقَالُ: تَحَجَّرَ عَلَى مَا وَسَّعه اللهُ أَي حَرَّمَهُ وضَيَّقَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا
؛ أَي ضَيَّقْتَ مَا وَسَّعَهُ اللَّهُ وَخَصَّصْتَ بِهِ نَفْسَكَ دُونَ غَيْرِكَ، وَقَدْ حَجَرَهُ وحَجَّرَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً
؛ أَي حَرَامًا مُحَرَّماً. والحاجُور: كالمَحْجر؛ قَالَ:
حَتَّى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لَنَا سَلَفَتْ، ... وقالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُورِ(4/166)
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أَتفعل كَذَا وَكَذَا يَا فُلَانُ؟ فَيَقُولُ: حِجْراً [حُجْراً] أَي سِتْرًا وَبَرَاءَةً مِنْ هَذَا الأَمر، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى التَّحْرِيمِ وَالْحُرْمَةِ. اللَّيْثُ: كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَلْقَى الرَّجُلَ يَخَافُهُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فيقول: حِجْراً حُجْراً مَحجُوراً أَي حرام محرم عَلَيْكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَلَا يَبْدَؤُهُ مِنْهُ شَرٌّ. قَالَ: فإِذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ورأَى الْمُشْرِكُونَ مَلَائِكَةَ الْعَذَابِ قَالُوا: حِجْراً مَحْجُوراً، وَظَنُّوا أَن ذَلِكَ يَنْفَعُهُمْ كَفِعْلِهِمْ فِي الدُّنْيَا؛ وأَنشد:
حَتَّى دَعَوْنَا بأَرحام لَهَا سَلَفَتْ، ... وَقَالَ قَائِلُهُمْ: إِني بِحَاجُورِ
يَعْنِي بِمَعاذ؛ يَقُولُ: أَنا مُتَمَسِّكٌ بِمَا يُعِيذُنِي مِنْكَ ويَحْجُرك عَنِّي؛ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ العاثُورُ وَهُوَ المَتْلَفُ. قَالَ الأَزهري. أَما مَا قَالَهُ اللَّيْثُ مِنْ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً
؛ إِنه مِنْ قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ لِلْمَلَائِكَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فإِن أَهل التَّفْسِيرِ الَّذِينَ يُعتمدون مِثْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وأَصحابه فَسَّرُوهُ عَلَى غَيْرِ مَا فَسَّرَهُ اللَّيْثُ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا كُلُّهُ مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ، قَالُوا لِلْمُشْرِكِينَ حِجْرًا مَحْجُورًا أَي حُجِرَتْ عَلَيْكُمُ البُشْرَى فَلَا تُبَشَّرُون بِخَيْرٍ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ: [وَيَقُولُونَ حِجْرًا] تَمَّ الْكَلَامُ. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمُجْرِمِينَ فَقَالَ اللَّهُ مَحْجُوَرًا عَلَيْهِمْ أَن يُعَاذُوا وأَن يُجَارُوا كَمَا كَانُوا يُعَاذُونَ فِي الدُّنْيَا وَيُجَارُونَ، فَحَجَرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ وَقَالَ أَحمد اللُّؤْلُؤِيُّ: بَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: هَذَا كُلُّهُ مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا أَشبه بِنَظْمِ الْقُرْآنِ الْمُنَزَّلِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، وأَحرى أَن يَكُونَ قَوْلُهُ حِجْرًا مَحْجُورًا كَلَامًا وَاحِدًا لَا كَلَامَيْنِ مَعَ إِضمار كَلَامٍ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حجرا محجورا أَي حراما مُحَرَّمًا، كَمَا تَقُولُ: حَجَرَ التاجرُ عَلَى غُلَامِهِ، وحَجَرَ الرَّجُلُ عَلَى أَهله. وَقُرِئَتْ حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراما مُحَرَّمًا عَلَيْهِمُ البُشْرَى. قَالَ: وأَصل الحُجْرِ فِي اللُّغَةِ مَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ أَي مَنَعْتَهُ مِنْ أَن يُوصَلَ إِليه. وَكُلُّ مَا مَنَعْتَ مِنْهُ، فَقَدْ حَجَرْتَ عَلَيْهِ؛ وَكَذَلِكَ حَجْرُ الحُكَّامِ عَلَى الأَيتام: مَنْعُهم؛ وَكَذَلِكَ الحُجْرَةُ الَّتِي يَنْزِلُهَا النَّاسُ، وَهُوَ مَا حَوَّطُوا عَلَيْهِ. والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عَلَيْهِ الْقَاضِي يَحْجُر حَجْراً إِذا مَنَعَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَن أَحْجُرَ عَلَيْهَا
؛ هُوَ مِنَ الحَجْر المَنْعِ، وَمِنْهُ حَجْرُ الْقَاضِي عَلَى الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ إِذا مَنَعَهُمَا مِنَ التصرف في مالها. أَبو زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ وَحَرْثٌ حِجْرٌ
حرامٌ وَيَقُولُونَ حِجْراً حَرَامًا، قَالَ: وَالْحَاءُ فِي الْحَرْفَيْنِ بِالضَّمَّةِ وَالْكَسْرَةِ لُغَتَانِ. وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: حِضْنُه. وَفِي سُورَةِ النِّسَاءِ: فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ
؛ وَاحِدُهَا حَجْرٌ، بِفَتْحِ الْحَاءِ. يُقَالُ: حَجْرُ المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، وَالْجَمْعُ الحُجُورُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْر وَلِيِّها
، وَيَجُوزُ مِنْ حِجْرِ [حَجْرِ] الثَّوْبِ وَهُوَ طَرَفُهُ الْمُتَقَدِّمُ لأَن الإِنسان يَرَى وَلَدَهُ فِي حِجْرِه؛ والوليُّ: الْقَائِمُ بأَمر الْيَتِيمِ. وَالْحِجْرُ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الثَّوْبُ والحِضْنُ، وَالْمَصْدَرُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ. ابْنُ سِيدَهْ: الحَجْرُ الْمَنْعُ، حَجَرَ عَلَيْهِ يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ مِنْهُ. وَلَا حُجْرَ عَنْهُ أَي لَا دَفْعَ وَلَا مَنْعَ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ عِنْدَ الأَمر تُنْكِرُهُ: حُجْراً لَهُ، بِالضَّمِّ، أَي دَفْعًا، وهو استعارة مِنَ الأَمر؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
قالتْ وَفِيهَا حَيْدَةٌ وذُعْرُ: ... عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ(4/167)
وأَنت في حِجْرَتِي [حَجْرَتِي] أَي مَنَعَتِي. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ هُمْ فِي حِجْرِ [حَجْرِ] فلانٍ أَي فِي كَنَفِه ومَنَعَتِه ومَنْعِهِ، كُلُّهُ وَاحِدٌ؛ قَالَهُ أَبو زَيْدٍ، وأَنشد لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
أُولئك قَوْمٌ، لَوْ لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا ... أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ
أَي أُولي مَنَعَةٍ. والحُجْرَةُ مِنَ الْبُيُوتِ: مَعْرُوفَةٌ لِمَنْعِهَا الْمَالَ، والحَجارُ: حَائِطُهَا، وَالْجَمْعُ حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لُغَاتٌ كُلُّهَا. والحُجْرَةُ: حَظِيرَةُ الإِبل، وَمِنْهُ حُجْرَةُ الدَّارِ. تَقُولُ: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي اتَّخَذْتُهَا، وَالْجَمْعُ حُجَرٌ مِثْلُ غُرْفَةٍ وغُرَفٍ. وحُجُرات، بِضَمِّ الْجِيمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير
؛ الْحُجَيْرَةُ: تَصْغِيرُ الحُجْرَةِ، وَهِيَ الْمَوْضِعُ الْمُنْفَرِدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ نَامَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ عَلَيْهِ حِجارٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ
؛ الْحِجَارُ جَمْعُ حِجْرٍ، بِالْكَسْرِ، أَو مِنَ الحُجْرَةِ وَهِيَ حَظِيرَةُ الإِبل وحُجْرَةُ الدَّارِ، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النَّائِمَ وَيَمْنَعُهُ مِنَ الْوُقُوعِ وَالسُّقُوطِ. وَيُرْوَى حِجاب، بِالْبَاءِ، وَهُوَ كُلُّ مانع من السقوط، ورواه الْخَطَّابِيُّ حِجًى، بِالْيَاءِ، وَسَنَذْكُرُهُ؛ وَمَعْنَى بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهُ لأَنه عَرَّض نَفْسَهُ لِلْهَلَاكِ ولم يحترز لَهَا. وَفِي حَدِيثِ
وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: مَزاهِرُ وعُرْمانٌ ومِحْجَرٌ
؛ مِحجر، بِكَسْرِ الْمِيمِ: قَرْيَةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ هِيَ بِالنُّونِ؛ قَالَ: وَهِيَ حَظَائِرُ حَوْلَ النَّخْلِ، وَقِيلَ حَدَائِقُ. واستَحجَرَ القومُ واحْتَجَرُوا: اتَّخَذُوا حُجْرة. والحَجْرَةُ والحَجْرُ، جَمِيعًا: لِلنَّاحِيَةِ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. وَقَعَدَ حَجْرَةً وحَجْراً أَي نَاحِيَةً؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
سَقانا فَلَمْ نَهْجَا مِنَ الجُوع نَقْرَةً ... سَماراً، كإِبط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْ ثَعْلَبٌ الْحَوَاجِرَ. قَالَ: وَعِنْدِي أَنه جَمَعَ الحَجْرَةِ الَّتِي هِيَ النَّاحِيَةُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَلَهُ نَظَائِرُ. وحُجْرَتا الْعَسْكَرِ: جَانِبَاهُ مِنَ الْمَيْمَنَةِ وَالْمَيْسَرَةِ؛ وَقَالَ:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ، ... ونَجْمَعُهُمْ إِذا كَانُوا بَدَادِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لِلنِّسَاءِ حَجْرتا الطَّرِيقِ
؛ أَي نَاحِيَتَاهُ؛ وَقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ يَصِفُ الْخَمْرَ:
فَلَمَّا فُتَّ عَنْهَا الطِّينُ فاحَتْ، ... وصَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صَافِي
اسْتَعَارَ الحُجْرانَ لِلْخَمْرِ لأَنها جَوْهَرٌ سَيَّالٌ كَالْمَاءِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: فِي الْحَدِيثِ
حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الْحُكْمُ لِلَّهِ
: ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَراتِهِ
قَالَ: هُوَ مَثَلٌ لِلْعَرَبِ يُضْرَبُ لِمَنْ ذَهَبَ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ ثُمَّ ذَهَبَ بَعْدَهُ مَا هُوَ أَجلُّ مِنْهُ، وَهُوَ صَدْرُ بَيْتٍ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَراتِه، ... ولكِنْ حَدِيثاً مَا حَدِيثُ الرَّواحِلِ
أَي دَعِ النَّهْبَ الَّذِي نَهَبَ مِنْ نَوَاحِيكَ وَحَدِّثْنِي حَدِيثَ الرَّوَاحِلِ وَهِيَ الإِبل الَّتِي ذهبتَ بِهَا مَا فعَلت. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ أَمسى المالُ مُحْتَجِرَةً بُطُونُهُ ونَجِرَةً؛ ومالٌ مُتَشدِّدٌ ومُتَحَجِّرٌ. وَيُقَالُ: احْتَجَرَ البعيرُ احْتِجاراً. والمُحْتَجِرُ مِنَ الْمَالِ: كلُّ مَا كَرِشَ وَلَمْ يَبْلُغْ نِصْفَ البِطْنَة وَلَمْ يَبْلُغِ الشِّبَع كُلَّهُ، فإِذا بَلَغَ نِصْفَ الْبِطْنَةِ لَمْ يُقَلْ، فإِذا رَجَعَ بَعْدَ سُوءِ حَالٍ وعَجَفٍ، فَقَدِ اجْرَوَّشَ؛(4/168)
وَنَاسٌ مُجْرَوِّشُون. والحُجُرُ: مَا يُحِيطُ بالظُّفر مِنَ اللَّحْمِ. والمَحْجِرُ: الْحَدِيقَةُ، مِثَالُ الْمَجْلِسِ. والمَحاجِرُ: الْحَدَائِقُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
بَكَرَتْ بِهِ جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ، ... تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَراد بِقَوْلِهِ جُرَشِيَّةٌ نَاقَةً مَنْسُوبَةً إِلى جُرَش، وَهُوَ مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ. وَمَقْطُورَةٌ: مَطْلِيَّةٌ بالقَطِران. وعُلْكُوم: ضَخْمَةٌ، وَالْهَاءُ فِي بِهِ تَعُودُ عَلَى غَرْب تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى الْمُنْخَفِضُ، قَالَ: وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ: أَيُّ الإِبل أَبقى عَلَى السَّنَةِ؟ فَقَالَ: ابنةُ لَبُونٍ، قِيلَ: لِمَهْ؟ قَالَ: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً وَتَتْرُكُ وَسَطاً؛ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: المَحْجِرُ هَاهُنَا النَّاحِيَةُ. وحَجْرَةُ الْقَوْمِ: نَاحِيَةُ دَارِهِمْ؛ وَمَثَلُ الْعَرَبِ: فُلَانٌ يَرْعَى وَسَطاً: ويَرْبُضُ حَجْرَةً أَي نَاحِيَةً. والحَجرَةُ: النَّاحِيَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الحرث بْنِ حلِّزَةَ:
عَنَناً بَاطِلًا وظُلْماً، كَمَا تُعْتَرُ ... عَنْ حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
والجمع جَحْرٌ وحَجَراتٌ مِثْلُ جَمْرَةٍ وجَمْرٍ وجَمَراتٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا مَثَلٌ وَهُوَ أَن يَكُونَ الرَّجُلُ وَسَطَ الْقَوْمِ إِذا كَانُوا فِي خَيْرٍ، وإِذا صَارُوا إِلى شَرٍّ تَرَكَهُمْ وَرَبَضَ نَاحِيَةً؛ قَالَ: وَيُقَالُ إِن هَذَا المَثَلَ لعَيْلانَ بْنِ مُضَرَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: رأَيت رَجُلًا مِنَ الْقَوْمِ يَسِيرُ حَجْرَةً
أَي نَاحِيَةً مُنْفَرِدًا، وَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ. ومَحْجِرُ الْعَيْنِ: مَا دَارَ بِهَا وَبَدَا مِنَ البُرْقُعِ مِنْ جَمِيعِ الْعَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا يَظْهَرُ مِنْ نِقاب المرأَة وَعِمَامَةِ الرَّجُلِ إِذا اعْتَمَّ، وَقِيلَ: هُوَ مَا دَارَ بِالْعَيْنِ مِنَ الْعَظْمِ الَّذِي فِي أَسفل الْجَفْنِ؛ كُلُّ ذَلِكَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا؛ وَقَوْلُ الأَخطل:
ويُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ، ... فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ ومِنْ حَجْرِ
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: أَراد مَحْجِرَ الْعَيْنِ. الأَزهري: المَحْجِرُ الْعَيْنُ. الْجَوْهَرِيُّ: مَحْجِرُ الْعَيْنِ مَا يَبْدُو مِنَ النِّقَابِ. الأَزهري: المَحْجِرُ مِنَ الْوَجْهِ حَيْثُ يَقَعُ عَلَيْهِ النِّقَابُ، قَالَ: وَمَا بَدَا لَكَ مِنَ النِّقَابِ مَحْجِرٌ وأَنشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وحَجَّرَ القمرُ: اسْتَدَارَ بِخَطٍّ دَقِيقٍ مِنْ غَيْرِ أَن يَغْلُظ، وَكَذَلِكَ إِذا صَارَتْ حَوْلَهُ دَارَةٌ فِي الغَيْم. وحَجَّرَ عينَ الدَّابَّةِ وحَوْلَها: حَلَّقَ لِدَاءٍ يُصِيبُهَا. وَالتَّحْجِيرُ: أَن يَسِم حَوْلَ عَيْنِ الْبَعِيرِ بِميسَمٍ مُسْتَدِيرٍ. الأَزهري: والحاجِرُ مِنْ مَسَايِلِ الْمِيَاهِ وَمَنَابِتِ العُشْب مَا اسْتَدَارَ بِهِ سَنَدٌ أَو نَهْرٌ مُرْتَفِعٌ، وَالْجَمْعُ حُجْرانٌ مِثْلُ حَائِرٍ وحُوران وشابٍّ وشُبَّانٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى إِذا مَا هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ
قَالَ الأَزهري: وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِهَذَا الْمَنْزِلِ الَّذِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ: حَاجِرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الْحَاجِرُ مَا يُمْسِكُ الْمَاءَ مِنْ شَفَة الْوَادِي وَيُحِيطُ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْحَاجِرُ وَالْحَاجُورُ مَا يُمْسِكُ الْمَاءَ مِنْ شَفَةِ الْوَادِي، وَهُوَ فَاعُولٌ مِنَ الحَجْرِ، وَهُوَ الْمَنْعُ. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ وَهُوَ مُطْمئنٌّ لَهُ حُرُوفٌ مُشْرِفَة تَحْبِسُ عَلَيْهِ الماءَ، وَبِذَلِكَ سُمِّيَ حَاجِرًا، وَالْجَمْعُ حُجْرانٌ. والحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْثِ ومُجْتَمَعُه ومُسْتَدارُه. والحاجِرُ أَيضاً: الجِدْرُ [الجَدْرُ] الَّذِي يُمسك الْمَاءَ بَيْنَ الدِّيَارِ لِاسْتِدَارَتِهِ أَيضاً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَجَارَةُ الْبَيْتِ لَهَا حُجْرِيُ(4/169)
فَمَعْنَاهُ لَهَا خَاصَّةً. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: لَمَّا تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ انْفَجَر
أَي اجْتَمَعَ والتأَم وَقَرُبَ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. والحِجْرُ، بِالْكَسْرِ: الْعَقْلُ وَاللُّبُّ لإِمساكه وَمَنْعِهِ وإِحاطته بِالتَّمْيِيزِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْقَبِيلَيْنِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ
؛ فأَما قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
فَأَخْفَيْتُ مَا بِي مِنْ صَدِيقي، وإِنَّهُ ... لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ وَذُو حِجْرِ
فَقَدْ قِيلَ: الحِجْرُ هَاهُنَا الْعَقْلُ، وَقِيلَ: الْقَرَابَةُ. والحِجْرُ: الفَرَسُ الأُنثى، لَمْ يُدْخِلُوا فِيهِ الْهَاءَ لأَنه اسْمٌ لَا يُشْرِكُهَا فِيهِ الْمُذَكَّرُ، وَالْجَمْعُ أَحْجارٌ وحُجُورَةٌ وحُجُورٌ. وأَحْجارُ الْخَيْلِ: مَا يُتَّخَذُ مِنْهَا لِلنَّسْلِ، لَا يُفْرَدُ لَهَا وَاحِدٌ. قَالَ الأَزهري: بَلَى يُقَالُ هَذِهِ حِجْرٌ مِنْ أَحْجار خَيْلي؛ يُرِيدُ بالحِجْرِ الفرسَ الأُنثى خَاصَّةً جَعَلُوهَا كالمحرَّمة الرحِمِ إِلَّا عَلَى حِصانٍ كَرِيمٍ. قَالَ وَقَالَ أَعرابي مِنْ بَنِي مُضَرِّسٍ وأَشار إِلى فَرَسٍ لَهُ أُنثى فَقَالَ: هَذِهِ الحِجْرُ مِنْ جِيَادِ خَيْلِنَا. وحِجْرُ الإِنسان وحَجْرُه: مَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ ثَوْبِهِ. وحِجْرُ الرَّجُلِ والمرأَة وحَجْرُهما: مَتَاعُهُمَا، وَالْفَتْحُ أَعلى. ونَشَأَ فُلَانٌ فِي حَجْرِ فُلَانٍ وحِجْرِه أَي حِفْظِهِ وسِتْرِه. والحِجْرُ: حِجْرُ الْكَعْبَةِ. قَالَ الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مَكَّةَ، كأَنه حُجْرَةٌ مِمَّا يَلِي المَثْعَبَ مِنَ الْبَيْتِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحِجْرُ حِجْرُ الْكَعْبَةِ، وَهُوَ مَا حَوَاهُ الْحَطِيمُ الْمُدَارُ بِالْبَيْتِ جانبَ الشَّمالِ؛ وكُلُّ مَا حَجَرْتَهُ مِنْ حائطٍ، فَهُوَ حِجْرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
ذِكْرُ الحِجْرِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ اسْمُ الْحَائِطِ الْمُسْتَدِيرِ إِلى جَانِبِ الْكَعْبَةِ الْغَرْبِيِّ. والحِجْرُ: دِيَارُ ثَمُودَ نَاحِيَةَ الشَّامِ عِنْدَ، وَادِي القُرَى، وَهُمْ قَوْمُ صَالِحٍ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَجَاءَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ
؛ والحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سِوَى ذَلِكَ. وحَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مَفْتُوحُ الْحَاءِ، مُذَكَّرٌ مَصْرُوفٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤَنِّثُ وَلَا يَصْرِفُ كامرأَة اسْمُهَا سَهْلُ، وَقِيلَ: هِيَ سُوقُها؛ وَفِي الصِّحَاحِ: والحَجْرُ قَصَبَةُ الْيَمَامَةِ، بِالتَّعْرِيفِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثُمَّ تَشاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حَجْرِيَّةٌ
، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: يَجُوزُ أَن تَكُونَ مَنْسُوبَةً إِلى الحَجْرِ قَصَبَةِ الْيَمَامَةِ أَو إِلى حَجْرَةِ الْقَوْمِ وَهِيَ نَاحِيَتُهُمْ، وَالْجَمْعُ حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ وجَمْرٍ. وإِن كَانَتْ بِكَسْرِ الْحَاءِ فَهِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى أَرض ثَمُودَ الحِجْرِ؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي وَوَصَفَ صَائِدًا:
تَوَخَّى، حيثُ قَالَ القَلْبُ مِنْهُ، ... بِحَجْرِيٍّ تَرى فِيهِ اضْطِمارَا
إِنما عَنَى نَصْلًا مَنْسُوبًا إِلى حَجْرٍ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وحدائدُ حَجْرٍ مُقدَّمة فِي الجَوْدَة؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
حَتَّى إِذا تَوَقَّدَتْ مِنَ الزَّرَقْ ... حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ مِنْ سَنِّ الدَّلَقْ
وأَما قَوْلُ زُهَيْرٍ:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عَمْرٍو لَمْ يَعْرِفْهُ فِي الأَمكنة وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ قَصَبَةَ الْيَمَامَةِ وَلَا سُوقها لأَنها حينئذٍ مَعْرِفَةٌ، إِلَّا أَن تَكُونَ الأَلف وَاللَّامُ زَائِدَتَيْنِ، كَمَا ذَهَبَ إِليه أَبو عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ:
ولَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلًا، ... ولَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بناتِ الأَوْبَرِ
وإِنما هِيَ بَنَاتُ أَوبر؛ وَكَمَا رَوَى أَحمد بْنُ يَحْيَى مِنْ قَوْلِهِ:
يَا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي(4/170)
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذِي التَّمايُلِ، ... حَجْرِيَّةً خِيضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ
يَعْنِي: قَوْسًا أَو نَبْلًا مَنْسُوبَةً إِلى حَجْرٍ هَذِهِ. والحَجَرانِ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَثُرَ مَالُهُ وَعَدَدُهُ: قَدِ انْتَشَرَتْ حَجْرَتُه وَقَدِ ارْتَعَجَ مالهُ وارْتَعَجَ عَدَدُه. والحاجِرُ: مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِ الْحَاجِّ فِي الْبَادِيَةِ. والحَجُّورة: لُعْبَةٌ يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ يخطُّون خَطًّا مُسْتَدِيرًا وَيَقِفُ فِيهِ صَبِيٌّ وَهُنَالِكَ الصِّبْيَانُ مَعَهُ. والمَحْجَرُ، بِالْفَتْحِ: مَا حَوْلَ الْقَرْيَةِ؛ وَمِنْهُ محاجِرُ أَقيال الْيَمَنِ وَهِيَ الأَحْماءُ، كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِمًى لَا يَرْعَاهُ غَيْرُهُ. الأَزهري؛ مَحْجَرُ القَيْلِ مِنْ أَقيال الْيَمَنِ حَوْزَتُه وَنَاحِيَتُهُ الَّتِي لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِيهَا غَيْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ لَهُ حَصِيرٌ يَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ ويَحْجُره بِاللَّيْلِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
يَحْتَجِرُهُ
أَي يَجْعَلُهُ لِنَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ حَجَرْتُ الأَرضَ واحْتَجَرْتُها إِذا ضَرَبْتَ عَلَيْهَا مَنَارًا تَمْنَعُهَا بِهِ عَنْ غَيْرِكَ. ومُحَجَّرٌ، بِالتَّشْدِيدِ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِعَيْنِهِ. والأَصمعي يَقُولُهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَغَيْرُهُ يَفْتَحُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ شَاهِدًا عَلَى هَذَا الْمَكَانِ؛ قَالَ: وَفِي الْحَاشِيَةِ بَيْتٌ شَاهِدٌ عَلَيْهِ لِطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كَمَا ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ، ... مِنَ الغَيْظِ فِي أَكْبادِنا والتَّحَوُّبِ
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ هُنَا حِكَايَةً لَطِيفَةً عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبو عَمْرٍو الزَّاهِدُ عَنْ ثَعْلَبٍ عَنْ عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قَالَ: قَالَ الْجَارُودُ، وَهُوَ الْقَارِئُ وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ: غَسَّلْتُ ابْنًا لِلْحَجَّاجِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلى شَيْخٍ كَانَ الْحَجَّاجُ قَتَلَ ابْنَهُ فَقُلْتُ لَهُ: مَاتَ ابْنُ الْحَجَّاجِ فَلَوْ رأَيت جَزَعَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:
فَذُوقُوا كَمَا ذُقْنَا غَدَاةَ محجَّر
الْبَيْتَ. وحَجَّارٌ، بِالتَّشْدِيدِ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ سَمَّوْا حُجْراً وحَجْراً وحَجَّاراً وحَجَراً وحُجَيْراً. الْجَوْهَرِيُّ: حَجَرٌ اسْمُ رَجُلٍ، وَمِنْهُ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشَّاعِرُ؛ وحُجْرٌ: اسْمُ رَجُلٍ وَهُوَ حُجْرٌ الكِنْديُّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ آكِلُ المُرَارِ؛ وحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الأَدْبَرُ، وَيَجُوزُ حُجُرٌ مِثْلُ عُسْر وعُسُر؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ ... مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍو وحُجُرْ؟
يَعْنِي حُجُرَ بْنَ النُّعْمَانِ بن الْحَرْثَ بْنُ أَبي شَمِرٍ الغَسَّاني. والأَحجار: بُطُونٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سُمُّوا بِذَلِكَ لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ وجَرْوَلٌ وصَخْر؛ وإِياهم عَنَى الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ:
وكُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يَعْنِي أُمه، وَقِيلَ: هِيَ الْمَنْجَنِيقُ. وحَجُورٌ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي سَعْدٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
لَوْ كنتَ تَدْري مَا بِرمْلِ مُقَيِّدٍ، ... فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَلْقَى جِبْرِيلَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، بأَحجار المِرَاءِ
؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ قُبَاءٌ. وَفِي حَدِيثِ الْفِتَنِ:
عِنْدَ أَحجار الزَّيْتِ
: هُوَ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ:
مَطْمُوسُ الْعَيْنِ لَيْسَتْ بِنَاتِئَةٍ وَلَا حَجْراءَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْهَرَوِيُّ إِن كَانَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ مَحْفُوظَةً فَمَعْنَاهَا لَيْسَتْ بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَتْ جَحْراءَ، بِتَقْدِيمِ(4/171)
الْجِيمِ،، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والحَنْجَرَةُ والحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.
حدر: الأَزهري: الحَدْرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ تَحْدُرُه مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ، وَالْمُطَاوَعَةُ مِنْهُ الانْحدارُ. والحَدُورُ: اسْمُ مِقْدَارِ الْمَاءِ فِي انْحِدَارِ صَببَهِ، وَكَذَلِكَ الحَدُورُ فِي سَفْحِ جَبَلٍ وَكُلِّ مَوْضِعٍ مُنْحَدِرٍ. وَيُقَالُ: وَقَعْنَا فِي حَدُورٍ مُنْكَرَة، وَهِيَ الهَبُوطُ. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لَهُ الحَدْراءُ بِوَزْنِ الصَّفْراء؛ والحَدُورُ والهَبُوط، وَهُوَ الْمَكَانُ يَنْحَدِرُ مِنْهُ. والحُدُورُ، بِالضَّمِّ: فِعْلُكَ. ابْنُ سِيدَهْ: حَدَرَ الشيءَ يَحْدِرُه ويَحْدُرُه حَدْراً وحُدُوراً فانَحَدَرَ: حَطَّهُ مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ. الأَزهري: وَكُلُّ شَيْءٍ أَرسلته إِلى أَسفل، فَقَدْ حَدَرْتَه حَدْراً وحُدُوراً. قَالَ: وَلَمْ أَسمعه بالأَلف أَحْدَرْتُ؛ قَالَ: وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْقِرَاءَةُ السَّرِيعَةُ الحَدْرَ لأَن صَاحِبَهَا يَحْدُرُها حَدْراً. والحَدَرُ، مِثْلُ الصَّبَبِ: وَهُوَ مَا انْحَدَرَ مِنَ الأَرض. يُقَالُ: كأَنما يَنْحَطُّ فِي حَدَر. والانْحِدارُ: الانهِباط، وَالْمَوْضِعُ مُنْحَدَرٌ. والحَدْرُ: الإِسراع فِي الْقِرَاءَةِ. قَالَ: وأَما الحَدُورُ فَهُوَ الْمَوْضِعُ المُنْحَدِرُ. وَهَذَا مُنْحَدَرٌ مِنَ الْجَبَلِ ومُنْحَدُرٌ، أَتبعوا الضَّمَّةَ كَمَا قَالُوا: أُنْبِيك وأُنْبُوك، وَرَوَى بَعْضُهُمْ مُنْحَدَرٌ. وحادُورُهُما وأُحْدُورُهُما: كَحَدُورِهِما. وحَدَرْتُ السَّفِينَةَ: أَرسلتها إِلى أَسفل، وَلَا يُقَالُ أَحْدَرْتُها؛ وحَدَرَ السَّفِينَةَ فِي الْمَاءِ وَالْمَتَاعَ يَحْدُرُهما حَدْراً، وَكَذَلِكَ حَدَرَ الْقُرْآنَ وَالْقِرَاءَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: وحَدَرَ فِي قِرَاءَتِهِ وَفِي أَذانه حَدْراً أَي أَسرع. وَفِي حَدِيثِ الأَذان:
إِذا أَذَّنتَ فَتَرَسَّلْ وإِذا أَقمتَ فاحْدُرْ
أَي أَسرع. وَهُوَ مِنَ الحُدُور ضِدِّ الصُّعُود، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وحَدَرَ الدمعَ يَحْدُرُه حَدْراً وحُدُوراً وحَدَّرَهُ فانْحَدَرَ وتَحَدَّرَ أَي تَنَزَّلَ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
رأَيت الْمَطَرَ يَتَحادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ
أَي يَنْزِلُ وَيَقْطُرُ، وَهُوَ يَتَفاعَلُ مِنَ الحُدُور. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَدَرَتِ العَيْنُ بِالدَّمْعِ تَحْدُرُ وتَحْدِرُ حَدْراً، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الحُدُورَةُ والحَدُورَةُ والحادُورَةُ. وحَدَرَ اللِّثَامَ عَنْ حَنَكِهِ: أَماله. وحَدَرَ الدواءُ بَطْنَهُ يَحْدُرُه حَدْراً: مَشَّاه، وَاسْمُ الدَّوَاءِ الحادُورُ. الأَزهري: اللَّيْثُ: الحادِرُ الْمُمْتَلِئُ لَحْمًا وشَحْماً مَعَ تَرَارَةٍ، وَالْفِعْلُ حَدُرَ حَدارَة. والحادِرُ والحادِرَةُ: الْغُلَامُ الْمُمْتَلِئُ الشَّبَابِ. الْجَوْهَرِيُّ: والحادِرُ مِنَ الرِّجَالِ الْمُجْتَمِعُ الخَلْق؛ عَنِ الأَصمعي. تَقُولُ مِنْهُ: حَدُرَ بِالضَّمِّ، يَحْدُرُ حَدْراً. ابْنُ سِيدَهْ: وَغُلَامٌ حادِرٌ جَمِيل صَبيحٌ. والحادرُ: السَّمِينُ الْغَلِيظُ، وَالْجَمْعُ حَدَرَةٌ، وَقَدْ حَدَرَ يَحْدُرُ وحَدُرَ. وفَتًى حادِرٌ أَي غَلِيظٌ مُجْتَمِعٌ، وَقَدْ حَدَرَ يَحْدُرُ حَدارَةً، والحادِرَةُ: الْغَلِيظَةُ؛ وَفِي تَرْجَمَةِ رنب قَالَ أَبو كَاهِلٍ الْيَشْكُرِيُّ يَصِفُ نَاقَتَهُ وَيُشَبِّهُهَا بِالْعُقَابِ:
كأَنَّ رِجْلِي عَلَى شَعْواءَ حادِرَةٍ ... ظَمْياءَ، قَدْ بُلَّ مِنْ طَلٍّ خَوافيها
وَفِي حَدِيثِ
أُم عَطِيَّةَ: وُلِدَ لَنَا غُلَامٌ أَحدَرُ شَيء
أَي أَسمن شَيْءٍ وأَغلظ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ: كَانَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَرِثِ بْنِ نَوْفَلٍ غُلَامًا حادِراً
وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبْرَهَةَ صَاحِبِ الْفِيلِ: كَانَ رَجُلًا قَصِيرًا حادِراً دَحْداحاً.
ورُمْحٌ حادِرٌ: غَلِيظٌ. والحَوادِرُ مِنْ كُعُوب الرِّمَاحِ: الْغِلَاظُ الْمُسْتَدِيرَةُ. وجَبَلٌ حادِرٌ: مُرْتَفِعٌ. وحَيٌّ حادِرٌ: مُجْتَمِعٌ. وعَدَدٌ حادِرٌ: كَثِيرٌ وحَبْلٌ حادِرٌ: شَدِيدُ الْفَتْلِ؛ قَالَ:(4/172)
فَمَا رَوِيَتْ حَتَّى اسْتبانَ سُقاتُها، ... قُطُوعاً لمَحْبُوكٍ مِنَ اللِّيفِ حادِرِ
وحَدُر الوَتَرُ حُدُورَةً: غَلُظَ وَاشْتَدَّ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا كَانَ الْوَتَرُ قَوِيًّا مُمْتَلِئًا قِيلَ وَتَرٌ حادِرٌ؛ وأَنشد:
أُحِبُّ الصَّبِيَّ السَّوْءَ مِنْ أَجْلِ أُمِّه، ... وأُبْغِضُهُ مِنْ بُغْضِها، وَهْوَ حادِرُ
وَقَدْ حَدُرَ حُدُورَةً. وَنَاقَةٌ حادِرَةُ الْعَيْنَيْنِ إِذا امتلأَتا نِقْياً وَاسْتَوَتَا وَحَسُنَتَا؛ قَالَ الأَعشى:
وعَسِيرٌ أَدْماءُ حادِرَةُ العَيْنِ ... خَنُوفٌ عَيْرانَةٌ شِمْلالُ
وكلُّ رَيَّانَ حَسَنِ الخَلْقِ: حادِرٌ. وعَيْنٌ حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ: عَظِيمَةٌ؛ وَقِيلَ: حادَّةُ النَّظَرِ: وَقِيلَ: حَدْرَةٌ وَاسِعَةٌ، وبَدْرَة يُبادِرُ نظرُها نَظَرَ الْخَيْلِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وعَيْن حَدْراءُ: حَسَنَةٌ، وَقَدْ حَدَرَتْ. الأَزهري: الأَصمعي: أَما قَوْلُهُمْ عَيْنٌ حَدْرَة فَمَعْنَاهُ مُكْتَنِزَةٌ صُلْبَة وبَدْرَةٌ بِالنَّظَرِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وعينٌ لَهَا حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ، ... شُقَّتْ مَآقيهما مِنْ أُخُرْ
الأَزْهَرِيُّ: الحَدْرَةُ الْعَيْنُ الْوَاسِعَةُ الْجَاحِظَةُ، والحَدْرَةُ: جِرْمُ قَرْحَةٍ تَخْرُجُ بِجَفْنِ الْعَيْنِ؛ وَقِيلَ: بِبَاطِنِ جَفْنِ الْعَيْنِ فَتَرِمُ وتَغْلُظُ، وَقَدْ حَدَرَتْ عَيْنُهُ حَدْراً؛ وحَدَرَ جِلْدُهُ عَنِ الضَّرْبِ يَحْدِرُ ويَحْدُرُ حَدْراً وحُدوراً: غَلُظَ وَانْتَفَخَ وَوَرِمَ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
لَوْ دَبَّ ذَرٌّ فَوْقَ ضَاحِي جِلْدِها، ... لأَبانَ مِنْ آثارِهِنَّ حُدُورَا
يَعْنِي الوَرَمَ؛ وأَحْدَرَه الضربُ وحَدَرَهُ يَحْدُرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه ضَرَبَ رَجُلًا ثَلَاثِينَ سَوْطًا كُلُّهَا يَبْضَعُ ويَحْدُرُ
؛ يَعْنِي السِّيَاطَ، الْمَعْنَى أَن السِّيَاطَ بَضَعَتْ جِلْدَهُ وأَورمته؛ قَالَ الأَصمعي: يَبْضَعُ يَعْنِي يَشُقُّ الْجِلْدَ، ويَحْدُرُ يَعْنِي يُوَرِّمُ وَلَا يَشُقُّ؛ قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِي إِعرابه؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُحْدر إِحداراً مِنْ أَحدرت؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحْدُرُ حُدُوراً مِنْ حَدَرْتُ؛ قَالَ الأَزهري: وأَظنهما لُغَتَيْنِ إِذا جَعَلْتَ الْفِعْلَ لِلضَّرْبِ، فأَما إِذا كَانَ الْفِعْلُ لِلْجِلْدِ أَنه الَّذِي يَرِمُ فإِنهم يَقُولُونَ: قَدْ حَدَرَ جِلْدُه يَحْدُرُ حُدُوراً، لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَعلمه. الْجَوْهَرِيُّ: انْحَدَر جِلْدُهُ تَوَرَّمَ، وحَدَرَ جِلْدَه حَدْراً وأَحْدَرَ: ضَرَبَ. والحَدْرُ: الشَّق. والحَدْرُ: الوَرَمُ «2» . بِلَا شَقٍّ. يُقَالُ: حَدَرَ جِلْدُه وحَدَّرَ زَيْدٌ جِلْدَهُ. والحَدْرُ: النَّشْزُ الْغَلِيظُ مِنَ الأَرض. وحَدَرَ الثوبَ يَحْدُرُه حَدْراً وأَحْدَرَهُ يُحْدِرُه إِحداراً: فَتَلَ أَطراف هُدْبِه وكَفَّهُ كَمَا يُفْعَلُ بأَطراف الأَكسية. والحَدْرَةُ: الفَتْلَةُ مِنْ فِتَل الأَكْسِيَةِ. وحَدَرَتْهُم السِّنَةُ تَحْدُرُهُمْ: جَاءَتْ بِهِمْ إِلى الحَضَرِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
جاءَتْ بِهِ مِنْ بلادِ الطُّورِ، تَحْدُرُهُ ... حَصَّاءُ لَمْ تَتَّرِكْ، دُونَ العَصا، شَذَبا
الأَزهري: حَدَرَتْهُمُ السَّنَةُ تَحْدُرُهُمْ حَدْراً إِذا حَطَّتْهُمْ وَجَاءَتْ بِهِمْ حُدُوراً. والحُدْرَةُ مِنَ الإِبل: مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين، فإِذا بَلَغَتِ السِّتِّينَ فَهِيَ الصِّدْعَةُ. والحُدْرَةُ مِنَ الإِبل، بِالضَّمِّ، نَحْوُ الصِّرْمَة. ومالٌ حَوادِرُ: مُكْتَنِزَةٌ ضخامٌ. وَعَلَيْهِ حُدْرَة مِنْ غَنَمٍ وحَدْرَة
__________
(2) . قوله: [والحدر الشق والحدر والورم] يشير بذلك إِلى أَنه يتعدى ولا يتعدى وبه صرح الجوهري(4/173)
أَي قِطْعَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وحَيْدارُ الْحَصَى: مَا اسْتَدَارَ مِنْهُ. وحَيْدَرَةُ: الأَسَدُ؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى لَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ فِي أَن هَذِهِ الأَبيات لِعَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ:
أَنا الَّذِي سَمَّتْني أمِّي الحَيْدَرَهْ، ... كَلَيْثِ غاباتٍ غَليظِ القَصَرَهْ،
أَكِيلُكُم بالسيفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ
وَقَالَ: السَّنْدَرَةُ الجرأَة. وَرَجُلٌ سِنَدْرٌ، عَلَى فِعَنْلٍ إِذا كَانَ جَرِيئًا. والحَيْدَرَةُ: الأَسد؛ قَالَ: والسَّنْدَرَةُ مِكْيَالٌ كَبِيرٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَيْدَرَة فِي الأُسْدِ مِثْلُ المَلِكِ فِي النَّاسِ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: يَعْنِي لِغِلَظِ عُنُقِهِ وَقُوَّةِ سَاعِدَيْهِ؛ وَمِنْهُ غُلَامٌ حَادِرٌ إِذا كَانَ مُمْتَلِئَ الْبَدَنِ شَدِيدَ الْبَطْشِ؛ قَالَ وَالْيَاءُ وَالْهَاءُ زَائِدَتَانِ، زَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الرَّجَزِ قبلَ:
أَكيلكم بِالسَّيْفِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ ... أَضرب بِالسَّيْفِ رِقَابَ الْكَفَرَهْ
وَقَالَ: أَراد بِقَوْلِهِ:
[أَنا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمي الْحَيْدَرَهْ]
أَنا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمي أَسداً، فَلَمْ يُمْكِنْهُ ذِكْرُ الأَسد لأَجل الْقَافِيَةِ، فَعَبَّرَ بِحَيْدَرَةَ لأَن أُمه لَمْ تُسَمِّهِ حَيْدَرَةَ، وإِنما سَمَّتْهُ أَسداً بَاسِمِ أَبيها لأَنها فَاطِمَةُ بِنْتُ أَسد، وَكَانَ أَبو طَالِبٍ غَائِبًا حِينَ وَلَدَتْهُ وَسَمَّتْهُ أَسداً، فَلَمَّا قَدِمَ كَرِهَ أَسداً وَسَمَّاهُ عَلِيًّا، فَلَمَّا رَجَزَ عَلِيٌّ هَذَا الرَّجَزَ يَوْمَ خَيْبَرَ سَمَّى نَفْسَهُ بِمَا سَمَّتْهُ بِهِ أُمه؛ قُلْتُ: وَهَذَا الْعُذْرُ مِنِ ابْنِ بَرِّيٍّ لَا يَتِمُّ لَهُ إِلَّا أَن كَانَ الرَّجَزُ أَكثر مِنْ هَذِهِ الأَبيات وَلَمْ يَكُنْ أَيضاً ابتدأَ بِقَوْلِهِ:
[أَنا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمي الْحَيْدَرَهْ]
وإِلَّا فإِذا كَانَ هَذَا الْبَيْتُ ابْتِدَاءَ الرَّجَزِ وَكَانَ كَثِيرًا أَو قَلِيلًا كَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مُخَيَّرًا فِي إِطلاق الْقَوَافِي عَلَى أَي حَرْفٍ شَاءَ مِمَّا يَسْتَقِيمُ الْوَزْنُ لَهُ بِهِ كَقَوْلِهِ: [أَنا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمي الأَسدا] أَو أَسداً، وَلَهُ فِي هَذِهِ الْقَافِيَةِ مَجَالٌ وَاسِعٌ، فَنُطْقُهُ بِهَذَا الِاسْمِ عَلَى هَذِهِ الْقَافِيَةِ مِنْ غَيْرِ قَافِيَةٍ تَقَدَّمَتْ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا وَلَا ضَرُورَةَ صَرَفَتْهُ إِليه، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنه سُمِّيَ حَيْدَرَةَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ بَلْ سَمَّتْهُ أُمه حَيْدَرَةَ. والقَصَرَة: أَصل الْعُنُقِ. قَالَ: وَذَكَرَ أَبو عَمْرٍو الْمُطَرِّزُ أَن السَّنْدَرَةَ اسْمُ امرأَة؛ وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ: السَّنْدَرَةُ شَجَرَةٌ يُعْمَلُ مِنْهَا القِسِيُّ والنَّبْلُ، فَيُحْتَمَلُ أَن تَكُونَ السَّنْدَرَةُ مِكْيَالًا يُتَّخَذُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ كَمَا سُمِّيَ الْقَوْسُ نَبْعَةً بِاسْمِ الشَّجَرَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَن تَكُونَ السَّنْدَرَةُ امرأَة كَانَتْ تَكِيلُ كَيْلًا وَافِيًا. وحَيْدَرٌ وحَيْدَرَةُ: اسْمَانِ. والحُوَيْدُرَة: اسْمُ شَاعِرٍ وَرُبَّمَا قَالُوا الْحَادِرَةَ. والحادُورُ: القُرْطُ فِي الأُذن وَجَمْعُهُ حَوادِير؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ الْعِجْلِيُّ يَصِفُ امرأَة:
خِدَبَّةُ الخَلْقِ عَلَى تَخْصِيرها، ... بائِنَةُ المَنْكِبِ مِنْ حادُورِها
أَراد أَنها لَيْسَتْ بِوَقْصاء أَي بَعِيدَةِ الْمَنْكِبِ مِنَ القُرْط لِطُولِ عُنُقِهَا، وَلَوْ كَانَتْ وَقْصَاءَ لَكَانَتْ قَرِيبَةَ الْمَنْكِبِ مِنْهُ. وخِدَبَّةُ الخلق على تحصيرها أَي عَظِيمَةُ الْعَجُزِ عَلَى دِقَّةِ خَصْرِهَا:
يَزِينُها أَزْهَرُ فِي سُفُورِها، ... فَضَّلَها الخالِقُ فِي تَصْوِيرِها
الأَزهر: الْوَجْهُ. ورَغِيفٌ حادِرٌ أَي تامٌّ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْغَلِيظُ الْحُرُوفِ؛ وأَنشد:
كَأَنَّكِ حادِرَةُ المَنْكِبَيْنِ ... رَصْعاءُ تَسْتَنُّ فِي حائِرِ
يَعْنِي ضُفْدَعَةً مُمْتَلِئَةَ الْمَنْكِبَيْنِ. الأَزهري: وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنه قرأَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنَّا(4/174)
لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ؛ بِالدَّالِ، وَقَالَ مُؤْدُونَ فِي الكُراعِ والسِّلاح؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقِرَاءَةُ بِالذَّالِ لَا غَيْرُ، وَالدَّالُ شَاذَّةٌ لَا تَجُوزُ عِنْدِي الْقِرَاءَةُ بِهَا، وقرأَ عَاصِمٌ وَسَائِرُ الْقُرَّاءِ بِالذَّالِ. وَرَجُلٌ حَدْرَدٌ: مُسْتَعْجِلٌ. والحَيْدارُ مِنَ الْحَصَى: مَا صَلُبَ وَاكْتَنَزَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ تَمِيمِ بْنِ أَبي مُقْبِلٍ:
يَرْمِي النِّجادَ بِحَيْدارِ الحَصى قُمَزاً، ... فِي مِشْيَةٍ سُرُحٍ خَلْطٍ أَفانِينَا
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: رَمَاهُ اللَّهُ بالحَيْدَرَةِ أَي بالهَلَكَةِ وحَيٌّ ذُو حَدُورَةٍ أَي ذُو اجْتِمَاعٍ وَكَثْرَةٍ. وَرَوَى الأَزهري عَنِ المُؤَرِّج: يُقَالُ حَدَرُوا حَوْلَهُ ويَحْدُرُون بِهِ إِذا أَطافوا بِهِ؛ قَالَ الأَخطل:
ونَفْسُ المَرْءِ تَرْصُدُها المَنَايا، ... وتَحْدُرُ حَوْلَه حَتَّى يُصارَا
الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ: امرأَة حَدْراءُ وَرَجُلٌ أَحدر؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
عَزَفْتَ بأَعْشاشٍ، وَمَا كِدْتَ تَعْزِفُ، ... وأَنْكَرْتَ مِنْ حَدْراءَ مَا كنتَ تَعْرِفُ
قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْحَدْرَاءُ فِي نَعْتِ الْفَرَسِ فِي حُسْنِهَا خَاصَّةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أُبيّ بْنَ خَلَفٍ كَانَ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ وَهُوَ يَقُولُ: يَا حَدْرَاها
؛ يُرِيدُ: هَلْ رأَى أَحد مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ يَا حَدْراءَ الإِبل، فَقَصَرَ، وَهِيَ تأْنيث الأَحدر، وَهُوَ الْمُمْتَلِئُ الْفَخِذِ وَالْعَجُزِ الدَّقِيقُ الأَعلى، وأَراد بِالْبَعِيرِ هَاهُنَا النَّاقَةَ وَهُوَ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى كالإِنسان. وتَحَدُّرُ الشَّيْءِ: إِقبالهُ؛ وَقَدْ تَحَدَّرَ تَحَدُّراً؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
فَلَمَّا ارْعَوَتْ فِي السَّيْرِ قَضَّيْنَ سَيْرَها، ... تَحَدُّرَ أَحْوَى، يَرْكَبُ الدّرَّ، مُظْلِم
الأَحوى: اللَّيْلُ. وَتَحَدُّرُهُ: إِقباله. وَارْعَوَتْ أَي كَفَّتْ. وَفِي تَرْجَمَةِ قلع: الِانْحِدَارُ وَالتَّقَلُّعُ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ، أَراد أَنه كَانَ يَسْتَعْمِلُ التثبيت وَلَا يَبِينُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ اسْتِعْجَالٌ وَمُبَادَرَةٌ شَدِيدَةٌ. وحَدْراءُ: اسْمُ امرأَة.
حدبر: الحِدْبارُ: العَجْفاءُ الظَّهْرِ. وَدَابَّةٌ حِدْبِيرٌ: بَدَتْ حراقِيفُه ويَبِسَ مِنَ الْهُزَالِ. وَنَاقَةٌ حِدْبارٌ وحِدْبيرٌ، وَجَمْعُهَا حَدابِيرُ، إِذا انْحَنَى ظَهْرُهَا مِنَ الْهُزَالِ ودَبِرَ، الْجَوْهَرِيُّ: الحِدْبار مِنَ النُّوقِ الضَّامِرَةُ الَّتِي قَدْ يَبِسَ لَحْمُهَا مِنَ الْهُزَالِ وَبَدَتْ حَرَاقِفُهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي الِاسْتِسْقَاءِ: اللَّهُمَّ إِنا خَرَجْنَا إِليك حِينَ اعْتَكَرَتْ عَلَيْنَا حَدابِيرُ السِّنِين
؛ الحدابِيرُ: جمعُ حِدْبار وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي بَدَا عَظْمُ ظَهْرِهَا ونَشَزَتْ حَرَاقِيفُهَا مِنَ الْهُزَالِ، فَشَبَّهَ بِهَا السِّنِينَ الَّتِي كَثُرَ فِيهَا الْجَدْبُ وَالْقَحْطُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الأَشعث أَنه كَتَبَ إِلى الْحَجَّاجِ: سأَحملك عَلَى صَعْبٍ حِدْباءَ حِدْبَارٍ يَنِجُّ ظَهْرُهَا
؛ ضُرِبَ ذَلِكَ مَثَلًا للأَمر الصَّعْبِ والخُطَّةِ الشديدة.
حذر: الحِذْرُ والحَذَرُ: الْخِيفَةُ. حَذِرَهُ يَحْذَرُهُ حَذَراً واحْتَذَرَهُ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
قلتُ لقومٍ خَرجُوا هَذالِيلْ: ... احْتَذِرُوا لَا يَلْقَكُمْ طَمالِيلْ
ورجلُ حَذِرٌ وحَذُرٌ «1» وحاذُورَةٌ وحِذْرِيانٌ: مُتَيَقِّظٌ شَدِيدُ الحَذَرِ والفَزَعِ، مُتَحَرِّزٌ؛ وحاذِرٌ: متأَهب مُعِدٌّ كأَنه يَحْذَرُ أَن يفاجَأَ؛ وَالْجَمْعُ حَذِرُونَ وحَذارَى. الْجَوْهَرِيُّ: الحَذَرُ والحِذْرُ التَّحَرُّزُ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ فِي تعدِّيه:
__________
(1) . قوله: [وحذر] بفتح الحاء وضم الذال كما هو مضبوط بالأصل، وجرى عليه شارح القاموس خلافاً لما في نسخ القاموس من ضبطه بالشكل بسكون الذال(4/175)
حَذِرٌ أُمُوراً لَا تُخافُ، وآمِنٌ ... مَا ليسَ مُنْجِيهِ مِنَ الأَقْدارِ
وَهَذَا نَادِرٌ لأَن النَّعْتَ إِذا جَاءَ عَلَى فَعِلٍ لَا يَتَعَدَّى إِلى مَفْعُولٍ. وَالتَّحْذِيرُ: التَّخْوِيفُ. والحذارُ: المُحاذَرَةُ. وَقَوْلُهُمْ: إِنه لابْنُ أَحْذارٍ أَي لابْنُ حَزْمٍ وحَذَرٍ. والمَحْذُورَةُ: الْفَزَعُ بِعَيْنِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ
، وَقُرِئَ: حَذِرُونَ وحَذُرونَ أَيضاً، بِضَمِّ الذَّالِ، حَكَاهُ الأَخفش؛ وَمَعْنَى حَاذِرُونَ متأَهبون، وَمَعْنَى حَذِرُونِ خَائِفُونَ، وَقِيلَ: مَعْنَى حَذِرُونِ مُعِدُّونَ. الأَزهري: الحَذَرُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ حَذِرْتُ أَحْذَرُ حَذَراً، فَأَنا حاذِرٌ وحَذِرٌ، قَالَ: وَمَنْ قرأَ: وإِنا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ؛ أَي مُسْتَعِدُّونَ. وَمَنْ قرأَ: حَذِرُونَ، فَمَعْنَاهُ إِنا نَخَافُ شَرَّهُمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: حَاذِرُونَ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ مُؤْدُونَ: ذَوُو أَداةٍ مِنَ السِّلَاحِ. قَالَ: وكأَنَّ الحاذِرَ الَّذِي يَحْذَرُكَ الْآنَ. وكَأَنَّ الحَذِرَ المَخْلُوقُ حَذِراً لَا تَلْقَاهُ إِلَّا حَذِراً. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الحاذِرُ المستعدُّ، والحَذِرُ الْمُتَيَقِّظُ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الحاذِرُ المُؤْدِي الشَّاكُّ فِي السِّلَاحِ؛ وأَنشد:
وبِزَّةٍ مِن فَوْقِ كُمَّيْ حاذِرِ، ... ونَثْرَةٍ سَلَبْتُها عَنْ عامِرِ،
وحَرْبَةٍ مِثْلِ قُدَامَى الطَّائِرِ
وَرَجُلٌ حِذْرِيانٌ إِذا كَانَ حَذِراً، عَلَى فِعْليانٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ*
؛ أَي يُحَذِّرُكُمْ إِياه. أَبو زَيْدٍ: فِي الْعَيْنِ الحَذَرُ، وَهُوَ ثِقَلٌ فِيهَا مِنْ قَذىً يُصِيبُهَا؛ والحَذَلُ بِاللَّامِ، طُولُ الْبُكَاءِ وأَن لَا تَجِفَّ عَيْنُ الإِنسان. وَقَدْ حَذَّرَهُ الأَمَر وأَنا حَذِيرُكَ مِنْهُ مُحَذِّرك مِنْهُ أُحَذِّرُكَهُ. قَالَ الأَصمعي: لَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وكأَنه جَاءَ بِهِ عَلَى لَفْظِ نَذِيرُكَ وعَذِيرُكَ. وَتَقُولُ: حَذَارِ يَا فُلَانُ أَي احْذرْ؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
حَذارِ مِنْ أَرْماحِنا حَذارِ ... أَوْ تَجْعَلُوا دُونَكُمُ وَبارِ
وَتَقُولُ: سُمِعَتْ حَذارِ فِي عَسْكَرِهِمْ ودُعِيَتْ نَزال بَيْنَهُمْ. والمَحْذُورَةُ: كالحَذَرِ مَصْدَرٌ كالمَصْدُوقَةِ والمَلْزُومَة، وَقِيلَ: هِيَ الْحَرْبُ. وَيُقَالُ: حَذارِ مِثْلُ قَطامِ أَي احْذرْ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ حَذار وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
حَذارِ حَذارٍ مِنْ فَوارِسِ دارِمٍ، ... أَبا خالِدٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتَنَدَّما
فَنَوَّنَ الأَخيرة وَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ غَيْرَ أَن الشَّاعِرَ أَراد أَن يُتِمَّ بِهِ الْجُزْءَ. وَقَالُوا. حَذارَيْكَ، جَعَلُوهُ بَدَلًا مِنَ اللَّفْظِ بِالْفِعْلِ، وَمَعْنَى التَّثْنِيَةِ أَنه يُرِيدُ: لِيَكُنْ مِنْكَ حَذَرٌ بَعْدَ حَذَرٍ. وَمِنْ أَسماء الْفِعْلِ قَوْلُهُمْ: حَذَرَكَ زَيْداً وحَذَارَكَ زَيْدًا إِذا كُنْتَ تُحَذِّرُه مِنْهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: حَذارِك، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وحُذُرَّى صِيغَةٌ مَبْنِيَّةٌ مِنَ الحَذَرِ؛ وَهِيَ اسْمٌ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ. وأَبو حَذَرٍ: كُنْيَةُ الحِرْباء. والحِذْرِيَةُ والحِذْرِياءُ: الأَرضُ الخَشِنَةُ؛ وَيُقَالُ لَهَا حَذارِ اسْمُ مَعْرِفَةٍ. النَّضْرُ: الحِذْرِيَةُ الأَرض الْغَلِيظَةُ مِنَ القُفِّ الخَشِنَةُ، وَالْجَمْعُ الحَذارَى. وَقَالَ أَبو الخَيْرَةِ: أَعلى الْجَبَلِ إِذا كَانَ صُلْباً غَلِيظًا مُسْتَوِيًا، فَهُوَ حِذْرِيةٌ، والحِذْرِيَةُ عَلَى فِعْليَةٍ قِطْعَةٌ مِنَ الأَرض غَلِيظَةٌ، وَالْجَمْعُ الحَذارَى، وَتُسَمَّى إِحدى حَرَّتَيْ بَنِي سُلَيْمٍ الحِذْرِيَةَ. واحْذَأَرَّ الرجلُ: غَضِبَ فاحْرَنْفَشَ وتَقَبَّضَ. والإِحْذارُ: الإِنذار. والحُذارِياتُ: الْمَنْذُورُونَ.(4/176)
ونَفَشَ الديكُ حِذْرِيَتَهُ أَي عِفْرِيَتَهُ. وَقَدْ سمَّتْ مَحْذُوراً وحُذَيْراً. وأَبو مَحْذُورَةَ: مُؤَذِّنُ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَوْسُ بْنُ مِعْيَرٍ أَحد بَنِي جُمَحٍ؛ وابنُ حُذارٍ حِذارٍ: حَكَمُ بْنُ أَسَدٍ، وَهُوَ أَحد بَنِي سَعْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ ذَوْدَانَ يَقُولُ فِيهِ الأَعشى:
وإِذا طَلَبْتَ المَجْدَ أَيْنَ مَحَلُّهُ، ... فاعْمِدْ لبيتِ رَبيعَةَ بنِ حُذارِ [حِذارِ]
قَالَ الأَزهري: وحُذارُ [حِذارِ] اسْمُ أَبي رَبِيعَةَ بْنِ حُذارٍ قَاضِي الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي أَسد بْنِ خُزَيْمَةَ.
حذفر: حَذافِيرُ الشَّيْءِ: أَعالِيهِ ونواحِيه. الْفَرَّاءُ: حُذْفُورٌ وحِذْفارٌ؛ أَبو الْعَبَّاسِ: الحِذْفارُ جَنَبَةُ الشَّيْءِ. وَقَدْ بَلَغَ الْمَاءُ حِذْفارَها: جَانِبَهَا. الحَذافِيرُ: الأَعالي، وَاحِدُهَا حُذْفُورٌ وحِذْفارٌ. وحِذْفارُ الأَرض: نَاحِيَتُهَا؛ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. وأَخَذَهُ بِحَذافِيرِه أَي بِجَمِيعِهِ. وَيُقَالُ: أَعطاه الدُّنْيَا بِحَذافِيرها أَي بأَسْرِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
فكأَنما حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا
؛ هِيَ الْجَوَانِبُ، وَقِيلَ: الأَعالي، أَي فكأَنما أُعطي الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا أَي بأَسرها. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
فإِذا نَحْنُ بالحَيِّ قَدْ جاؤوا بِحَذَافِيرِهِمْ
أَي جَمِيعِهِمْ. وَيُقَالُ: أَخَذَ الشيءَ بِجُزْمُورِه وجَزامِيرِه وحُذْفُورِه وحَذافِيرهِ أَي بِجَمِيعِهِ وَجَوَانِبِهِ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِذا لَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا. وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ جَزْمَرْتُ العِدْلَ والعَيْبَةَ والثيابَ والقِرْبَةَ وحَذْفَرْتُ وحَزْفَرْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كُلُّهَا بِمَعْنَى ملأْت. والحُذْفُورُ: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ. والحَذافِيرُ: الأَشْرافُ، وَقِيلَ: هُمُ المتهيئون للحرب.
حرر: الحَرُّ: ضِدُّ البَرْدِ، وَالْجَمْعُ حُرُورٌ وأَحارِرُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما بِنَاؤُهُ، وَالْآخَرُ إِظهار تَضْعِيفِهِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَعرف مَا صِحَّتُهُ. والحارُّ: نَقِيضُ الْبَارِدِ. والحَرارَةُ: ضِدُّ البُرُودَةِ. أَبو عُبَيْدَةَ: السَّمُومُ الرِّيحُ الْحَارَّةُ بِالنَّهَارِ وَقَدْ تَكُونُ بِاللَّيْلِ، والحَرُورُ: الرِّيحُ الحارَّة بِاللَّيْلِ وَقَدْ تَكُونُ بِالنَّهَارِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ونَسَجَتْ لَوافِحُ الحَرُورِ ... سَبائِباً، كَسَرَقِ الحَريرِ
الْجَوْهَرِيُّ: الحَرُورُ الرِّيحُ الحارَّة، وَهِيَ بِاللَّيْلِ كالسَّمُوم بِالنَّهَارِ؛ وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ لِجَرِيرٍ:
ظَلِلْنا بِمُسْتَنِّ الحَرُورِ، كأَنَّنا ... لَدَى فَرَسٍ مُسْتَقْبِلِ الرِّيحِ صَائِمِ
مُسْتَنُّ الْحَرُورِ: مُشْتَدُّ حَرِّهَا أَي الْمَوْضِعُ الَّذِي اشْتَدَّ فِيهِ؛ يَقُولُ: نَزَلْنَا هُنَالِكَ فَبَنَيْنَا خِباءً عَالِيًا تَرْفَعُهُ الرِّيحُ مِنْ جَوَانِبِهِ فكأَنه فَرَسٌ صَائِمٌ أَي وَاقِفٌ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ الذُّبَابَ وَالْبَعُوضَ بسَبِيبِ ذَنَبِهِ، شَبَّهَ رَفْرَفَ الفُسْطاطِ عِنْدَ تَحَرُّكِهِ لِهُبُوبِ الرِّيحِ بسَبِيبِ هَذَا الْفَرَسِ. والحَرُورُ: حَرُّ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: الحَرُورُ اسْتِيقَادُ الْحَرِّ ولَفْحُه، وَهُوَ يَكُونُ بِالنَّهَارِ وَاللَّيْلِ، والسَّمُوم لَا يَكُونُ إِلا بِالنَّهَارِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الظِّلُّ هَاهُنَا الْجَنَّةُ وَالْحَرُورُ النَّارُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالَّذِي عِنْدِي أَن الظِّلَّ هُوَ الظِّلُّ بِعَيْنِهِ، وَالْحَرُورَ الْحَرُّ بِعَيْنِهِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ لَا يَسْتَوِي أَصحاب الْحَقِّ الَّذِينَ هُمْ فِي ظِلٍّ مِنَ الْحَقِّ، وأَصحاب الْبَاطِلِ الَّذِينَ هُمْ فِي حَرُورٍ أَي حَرٍّ دَائِمٍ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَجَمْعُ الحَرُور حَرائِرُ؛ قَالَ مُضَرِّسٌ:
بِلَمَّاعَةٍ قَدْ صادَفَ الصَّيْفُ ماءَها، ... وفاضَتْ عَلَيْهَا شَمْسُهُ وحَرائِرُهْ(4/177)
وَتَقُولُ «2» : حَرَّ النهارُ وَهُوَ يَحِرُّ حَرّاً وَقَدْ حَرَرْتَ يَا يَوْمُ تَحُرُّ، وحَرِرْتَ تَحِرُّ، بِالْكَسْرِ، وتَحَرُّ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، حَرّاً وحَرَّةً وحَرارَةً وحُرُوراً أَي اشتدَّ حَرُّكَ؛ وَقَدْ تَكُونُ الحَرارَةُ لِلِاسْمِ، وَجَمْعُهَا حِينَئِذٍ حَراراتٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِدَمْعٍ ذِي حَراراتٍ، ... عَلَى الخَدَّيْنِ، ذِي هَيْدَبْ
وَقَدْ تَكُونُ الحَراراتُ هُنَا جَمْعُ حَرَارَةٍ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ إِلا أَن الأَوَّل أَقرب. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَحَرَّ النهارُ لُغَةٌ سَمِعَهَا الْكِسَائِيُّ. الْكِسَائِيُّ: شَيْءٌ حارٌّ يارٌّ جارٌّ وَهُوَ حَرَّانُ يَرَّانُ جَرَّانُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَرِرْت يَا رَجُلٌ تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه إِنما يَعْنِي الحَرَّ لَا الحُرِّيَّةَ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: حَرِرْتَ تَحَرُّ مِنَ الحُرِّيَّةِ لَا غَيْرُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: حَرَّ يَحَرُّ حَراراً إِذا عَتَقَ، وحَرَّ يَحَرُّ حُرِّيَّةً مِنْ حُرِّيَّة الأَصل، وحَرَّ الرجلُ يَحَرُّ حَرَّةً عَطِشَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَفَتْحِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: أَنه بَاعَ مُعْتَقاً فِي حَرارِه
؛ الْحَرَارُ، بِالْفَتْحِ: مَصْدَرٌ مِنْ حَرَّ يَحَرُّ إِذا صَارَ حُرّاً، وَالِاسْمُ الحُرِّيَّةُ. وحَرَّ يَحِرُّ إِذا سَخُنَ مَاءٌ أَو غَيْرِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: وإِني لأَجد حِرَّةً وقِرَّة لله أَي حَرّاً وقُرّاً؛ والحِرَّةُ والحَرارَةُ: العَطَشُ، وَقِيلَ: شِدَّتُهُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ أَشَدُّ الْعَطَشِ حِرَّةٌ عَلَى قِرَّةٍ إِذا عَطِشَ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ، وَيُقَالُ: إِنما كَسَرُوا الْحِرَّةَ لِمَكَانِ القرَّة. وَرَجُلٌ حَرَّانُ: عَطْشَانُ مِنْ قَوْمٍ حِرَارٍ وحَرارَى وحُرارَى؛ الأَخيرتان عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وامرأَة حَرَّى مِنْ نِسْوَةٍ حِرَارٍ وحَرارَى: عَطْشى. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ
؛ الحَرَّى، فَعْلَى، مِنَ الحَرِّ وَهِيَ تأْنيث حَرَّان وَهُمَا لِلْمُبَالَغَةِ يُرِيدُ أَنها لِشِدَّةِ حَرِّها قَدْ عَطِشَتْ ويَبِسَتْ مِنَ العَطَشِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْمَعْنَى أَن فِي سَقْي كُلِّ ذِي كَبِدٍ حَرَّى أَجراً، وَقِيلَ: أَراد بِالْكَبِدِ الْحَرَّى حَيَاةَ صَاحِبِهَا لأَنه إِنما تَكُونُ كَبِدُهُ حَرَّى إِذا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ يَعْنِي فِي سَقْيِ كُلِّ ذِي رُوحٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
فِي كُلِّ كَبِدٍ حَارَّةٍ أَجر
، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
مَا دَخَلَ جَوْفي مَا يَدْخُلُ جَوْفَ حَرَّانِ كَبِدٍ
، وَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه نَهَى مضارِبه أَن يَشْتَرِيَ بِمَالِهِ ذَا كَبِدٍ رَطْبَةٍ
، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّى رَطْبَةٍ أَجر
؛ قَالَ: وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ضَعْفٌ، فأَما مَعْنَى رَطْبَةٍ فَقِيلَ: إِن الْكَبِدَ إِذا ظَمِئَتْ تَرَطَّبَتْ، وَكَذَا إِذا أُلقيت عَلَى النَّارِ، وَقِيلَ: كَنَّى بِالرُّطُوبَةِ عَنِ الْحَيَاةِ فإِن الْمَيِّتَ يَابِسُ الْكَبِدِ، وقيل: وصفها بما يؤول أَمرها إِليه. ابْنُ سِيدَهْ: حَرَّتْ كَبِدُهُ وَصَدْرُهُ وَهِيَ تَحَرُّ حَرَّةً وحَرارَةً وحَراراً؛ قَالَ:
وحَرَّ صَدْرُ الشَّيْخِ حَتَّى صَلَّا
أَي التهبتِ الحَرَارَةُ فِي صَدْرِهِ حَتَّى سُمِعَ لَهَا صَليلٌ، واسْتَحَرَّتْ، كِلَاهُمَا: يَبِسَتْ كَبِدُهُ مِنْ عَطَشٍ أَو حُزْنٍ، وَمَصْدَرُهُ الحَرَرُ. وَفِي حَدِيثِ
عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ: حَتَّى أُذِيقَ نَسَاهُ مِنَ الحَرِّ مِثْلَ مَا أَذَاقَ نَسايَ
؛ يَعْنِي حُرْقَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْوَجَعِ وَالْغَيْظِ وَالْمَشَقَّةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُم الْمُهَاجِرِ: لَمَّا نُعِيَ عُمَرُ قالت: وا حَرَّاه فَقَالَ الْغُلَامُ: حَرٌّ انْتَشَر فملأَ البَشَرَ، وأَحَرَّها اللهُ.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ فِي دُعَائِهَا عَلَى الإِنسان: مَا لَهُ أَحَرَّ اللهُ
__________
(2) . قوله: [وتقول إِلخ] حاصله أنه من باب ضرب وقعد وعلم كما في القاموس والمصباح وغيرهما، وقد انفرد المؤلف بواحدة وهي كسر العين في الماضي والمضارع(4/178)
صَدْرَه أَي أَعطشه وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَعْطَشَ اللَّهُ هامَتَه. وأَحَرَّ الرجلُ، فَهُوَ مُحِرٌّ أَي صَارَتْ إِبله حِرَاراً أَي عِطاشاً. وَرَجُلٌ مُحِرٌّ: عَطِشَتْ إِبله. وَفِي الدُّعَاءِ: سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ الحِرَّةَ تَحْتَ القِرَّةِ يُرِيدُ الْعَطَشَ مَعَ الْبَرْدِ؛ وأَورده ابْنُ سِيدَهْ مُنْكِرًا فَقَالَ: وَمِنْ كَلَامِهِمْ حِرَّةٌ تَحْتَ قِرَّةٍ أَي عطشٌ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ دُعَاءٌ مَعْنَاهُ رَمَاهُ اللَّهُ بِالْعَطَشِ وَالْبَرْدِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الحِرَّةُ حَرَارَةُ الْعَطَشِ وَالْتِهَابُهُ. قَالَ: وَمِنْ دُعَائِهِمْ: رَمَاهُ اللَّهُ بالحِرَّةِ والقِرَّةِ أَي بِالْعَطَشِ وَالْبَرْدِ. وَيُقَالُ: إِني لأَجد لِهَذَا الطَّعَامِ حَرْوَةً فِي فَمِي أَي حَرارةً ولَذْعاً. والحَرارَةُ: حُرْقَة فِي الْفَمِ مَنْ طَعْمِ الشَّيْءِ، وَفِي الْقَلْبِ مِنَ التَّوَجُّعِ، والأَعْرَفُ الحَرْوَةُ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الفُلْفُلُ لَهُ حَرارَة وحَراوَةٌ، بِالرَّاءِ وَالْوَاوِ. والحَرَّة: حَرَارَةٌ فِي الْحَلْقِ، فإِن زَادَتْ فَهِيَ الحَرْوَةُ ثُمَّ الثَّحْثَحَة ثُمَّ الجَأْزُ ثُمَّ الشَّرَقُ ثُمَّ الْفُؤُقُ ثُمَّ الحَرَضُ ثُمَّ العَسْفُ، وَهُوَ عِنْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ. وامرأَة حَرِيرَةٌ: حَزِينَةٌ مُحْرَقَةُ الْكَبِدِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَصِفُ نِسَاءً سُبِينَ فَضُرِبَتْ عَلَيْهِنَّ المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ وَهِيَ القِدَاحُ:
خَرَجْنَ حَرِيراتٍ وأَبْدَيْنَ مِجْلَداً، ... ودارَتْ عَلَيْهِنَّ المُقَرَّمَةُ الصُّفْرُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: المُكَتَّبَةُ الصُّفْرُ؛ وحَرِيراتٌ أَي مَحْرُورَاتٌ يَجِدْنَ حَرارَة فِي صُدُورِهِنَّ، وحَرِيرَة فِي مَعْنَى مَحْرُورَة، وإِنما دَخَلَتْهَا الْهَاءُ لَمَّا كَانَتْ فِي مَعْنَى حَزِينَةٍ، كَمَا أُدخلت فِي حَمِيدَةٍ لأَنها فِي مَعْنَى رَشِيدَة. قَالَ: والمِجْلَدُ قِطْعَةٌ مِنْ جِلْدٍ تَلْتَدِمُ بِهَا المرأَة عِنْدَ الْمُصِيبَةِ. والمُكَتَّبَةُ: السِّهَامُ الَّتِي أُجِيلَتْ عَلَيْهِنَّ حِينَ اقْتُسِمْنَ وَاسْتُهِمَّ عَلَيْهِنَّ. واسْتَحَرَّ القتلُ وحَرَّ بِمَعْنَى اشتدَّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وجَمْع الْقُرْآنِ: إِن الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ
؛ أَي اشتدَّ وَكَثُرَ، وَهُوَ اسْتَفْعَلَ مِنَ الحَرِّ: الشِّدَّةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عليٍّ: حَمِسَ الوَغَى واسْتَحَرَّ الموتُ.
وأَما مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنه قَالَ لِفَاطِمَةَ: لَوْ أَتَيْتِ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأَلته خَادِمًا يَقِيكِ حَرَّ مَا أَنتِ فِيهِ مِنَ الْعَمَلِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
حارَّ مَا أَنت فِيهِ
، يَعْنِي التَّعَبَ وَالْمَشَقَّةَ مِنْ خِدْمَةِ الْبَيْتِ لأَن الحَرارَةَ مَقْرُونَةٌ بِهِمَا، كَمَا أَن الْبَرْدَ مَقْرُونٌ بِالرَّاحَةِ وَالسُّكُونِ. والحارُّ: الشَّاقُّ المُتْعِبُ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ لأَبيه لَمَّا أَمره بِجَلْدِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ: وَلِّ حارَّها مَنْ تَوَلَّى قارَّها
أَي وَلِّ الجَلْدَ مَنْ يَلْزَمُ الوليدَ أَمْرُه وَيَعْنِيهِ شأْنُه، وَالْقَارُّ: ضِدُّ الْحَارِّ. والحَرِيرُ: المَحْرُورُ الَّذِي تَدَاخَلَتْهُ حَرارَةُ الْغَيْظِ وَغَيْرِهِ. والحَرَّةُ: أَرض ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ نَخِراتٍ كأَنها أُحرقت بِالنَّارِ. والحَرَّةُ مِنَ الأَرضين: الصُّلبة الْغَلِيظَةُ الَّتِي أَلبستها حِجَارَةٌ سُودٌ نَخِرَةٌ كأَنها مُطِرَتْ، وَالْجَمْعُ حَرَّاتٌ وحِرَارٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَزَعَمَ يُونُسُ أَنهم يَقُولُونَ حَرَّةٌ وحَرُّونَ، جَمَعُوهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، يُشَبِّهُونَهُ بِقَوْلِهِمْ أَرض وأَرَضُونَ لأَنها مُؤَنَّثَةٌ مِثْلُهَا؛ قَالَ: وَزَعَمَ يُونُسُ أَيضاً أَنهم يَقُولُونَ حَرَّةٌ وإِحَرُّونَ يَعْنِي الحِرارَ كأَنه جَمْعُ إِحَرَّةٍ وَلَكِنْ لَا يُتَكَلَّمُ بِهَا؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِزَيْدِ بْنِ عَتاهِيَةَ التَّمِيمِيِّ، وَكَانَ زَيْدٌ الْمَذْكُورُ لَمَّا عَظُمَ الْبَلَاءُ بصِفِّين قَدِ انْهَزَمَ وَلَحِقَ بِالْكُوفَةِ، وَكَانَ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَدْ أَعطى أَصحابه يَوْمَ الْجَمَلِ خَمْسَمِائَةِ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْبَصْرَةِ،(4/179)
فَلَمَّا قَدِمَ زَيْدٌ عَلَى أَهله قَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ: أَين خَمْسُ الْمِائَةِ؟ فَقَالَ:
إِنَّ أَباكِ فَرَّ يَوْمَ صِفِّينْ، ... لَمَّا رأَى عَكّاً والأشعَرِيين،
وقَيْسَ عَيْلانَ الهَوازِنيين، ... وابنَ نُمَيرٍ فِي سراةِ الكِنْدِين،
وَذَا الكَلاعِ سَيِّدَ الْيَمَانِينْ، ... وَحَابِسًا يَسْتَنُّ فِي الطَّائِيِينْ،
قالَ لِنَفْسِ السُّوءِ: هَلْ تَفِرِّين؟ ... لَا خَمْسَ إِلا جَنْدَلُ الإِحَرِّين،
والخَمْسُ قَدْ جَشَّمْنَكِ الأَمَرِّين، ... جَمْزاً إِلى الكُوفةِ مِنْ قِنِّسْرِينْ
وَيُرْوَى: قَدْ تُجْشِمُكِ وَقَدْ يُجْشِمْنَكِ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَى لَا خَمْسَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ صِفِّينَ
أَن مُعَاوِيَةَ زَادَ أَصحابه يَوْمَ صِفِّينَ خَمْسَمِائَةٍ فَلَمَّا التَقَوْا بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ أَصحاب عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ:
لَا خَمْسَ إِلا جَنْدَلُ الإِحرِّين
أَرادوا: لَا خَمْسَمِائَةٍ؛ وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ أَن حَبَّةَ العُرَنيَّ قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ الجَمَلِ فَقَسَّمَ مَا فِي الْعَسْكَرِ بَيْنَنَا فأَصاب كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا خَمْسَمِائَةِ خَمْسَمِائَةٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَوْمَ صِفِّينَ الأَبيات. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ لَا خِمس، بِكَسْرِ الْخَاءِ، مِنْ وِردِ الإِبل. قَالَ: وَالْفَتْحُ أَشبه بِالْحَدِيثِ، وَمَعْنَاهُ لَيْسَ لَكَ الْيَوْمَ إِلا الْحِجَارَةُ وَالْخَيْبَةُ، والإِحَرِّينَ: جَمْعُ الحَرَّةِ. قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: إِن قَالَ قَائِلٌ مَا بَالُهُمْ قَالُوا فِي جَمْعِ حَرَّةٍ وإِحَرَّةَ حَرُّونَ وإِحَرُّون، وإِنما يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْمَحْذُوفِ نَحْوُ ظُبَةٍ وثُبة، وَلَيْسَتْ حَرَّة وَلَا إِحَرَّة مِمَّا حُذِفَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ أُصوله، وَلَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ أَرض فِي أَنه مُؤَنَّثٌ بِغَيْرِ هَاءٍ؟ فَالْجَوَابُ: إِنَّ الْأَصْلَ فِي إِحَرَّة إِحْرَرَةٌ، وَهِيَ إِفْعَلَة، ثُمَّ إِنَّهُمْ كَرِهُوا اجْتِمَاعَ حَرْفَيْنِ مُتَحَرِّكَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فأَسكنوا الأَوَّل مِنْهُمَا وَنَقَلُوا حَرَكَتَهُ إِلى مَا قَبْلَهُ وأَدغموه فِي الَّذِي بَعْدَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الْكَلِمَةِ هَذَا الإِعلال وَالتَّوْهِينُ، عَوَّضُوهَا مِنْهُ أَن جَمَعُوهَا بِالْوَاوِ وَالنُّونِ فَقَالُوا: إِحَرُّونَ، وَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي إِحَرَّة أَجروا عَلَيْهَا حَرَّة، فَقَالُوا: حَرُّونَ، وإِن لَمْ يَكُنْ لَحِقَهَا تَغْيِيرٌ وَلَا حَذْفٌ لأَنها أُخت إِحَرَّة مِنْ لَفْظِهَا وَمَعْنَاهَا، وإِن شِئْتَ قُلْتَ: إِنهم قَدْ أَدغموا عَيْنَ حَرَّة فِي لَامِهَا، وَذَلِكَ ضَرْبٌ مِنَ الإِعلال لَحِقَهَا؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ الأَحَرِّينَ، قَالَ: جَاءَ بِهِ عَلَى أَحَرَّ كأَنه أَراد هَذَا الْمَوْضِعَ الأَحَرَّ أَي الَّذِي هُوَ أَحَرُّ مِنْ غَيْرِهِ فَصَيَّرَهُ كالأَكرمين والأَرحمين. والحَرَّةُ: أَرض بِظَاهِرِ الْمَدِينَةِ بِهَا حِجَارَةٌ سُودٌ كَبِيرَةٌ كَانَتْ بِهَا وَقْعَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَكَانَتْ زِيَادَةُ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعِي لَا تُفَارِقُنِي حَتَّى ذهبتْ مِنِّي يَوْمَ الحَرَّةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْحَرَّةِ وَيَوْمِهَا فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي الإِسلام أَيام يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، لَمَّا انْتَهَبَ الْمَدِينَةَ عَسْكَرُهُ مِنْ أَهل الشَّامِ الَّذِينَ نَدَبَهُمْ لِقِتَالِ أَهل الْمَدِينَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وأَمَّر عَلَيْهِمْ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ الْمُرِّيَّ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَعَقِيبَهَا هَلَكَ يَزِيدُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الحَرَّة أَرض ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ نَخِرَةٌ كأَنما أُحرقت بِالنَّارِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَرَّة الأَرض مَسِيرَةَ لَيْلَتَيْنِ سَرِيعَتَيْنِ أَو ثَلَاثٍ فِيهَا حِجَارَةٌ أَمثال الإِبل البُروك كأَنما شُيِّطَتْ بِالنَّارِ، وَمَا تَحْتَهَا أَرض غَلِيظَةٌ مِنْ قَاعٍ لَيْسَ بأَسود، وإِنما سوَّدها كَثْرَةُ حِجَارَتِهَا وَتَدَانِيهَا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْحَرَّةُ الرَّجْلَاءُ الصُّلْبَةُ الشَّدِيدَةُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الَّتِي أَعلاها سُودٌ وأَسفلها بِيضٌ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: تَكُونُ الْحَرَّةُ مُسْتَدِيرَةً فإِذا كَانَ مِنْهَا شَيْءٌ مُسْتَطِيلًا لَيْسَ بِوَاسِعٍ فَذَلِكَ(4/180)
الكُرَاعُ. وأَرض حَرِّيَّة: رَمْلِيَّةٌ لَيِّنَةٌ. وَبَعِيرٌ حَرِّيٌّ: يَرْعَى فِي الحَرَّةِ، وَلِلْعَرَبِ حِرارٌ مَعْرُوفَةٌ ذَوَاتُ عَدَدٍ، حَرَّةُ النَّارِ لِبَنِي سُليم، وَهِيَ تُسَمَّى أُم صَبَّار، وحَرَّة ليلَى وَحَرَّةُ راجِل وَحَرَّةُ واقِم بِالْمَدِينَةِ وَحَرَّةُ النَّارِ لِبَنِي عَبْس وَحَرَّةُ غَلَّاس؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَدُنْ غُدْوَةٍ حَتَّى اسْتَغَاثَ شَريدُهُمْ، ... بِحَرَّةِ غَلَّاسٍ وشِلْوٍ مُمزَّقِ
والحُرُّ، بِالضَّمِّ: نَقِيضُ الْعَبْدِ، وَالْجَمْعُ أَحْرَارٌ وحِرارٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي. والحُرَّة: نَقِيضُ الأَمة، وَالْجَمْعُ حَرائِرُ، شَاذٌّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ قَالَ لِلنِّسَاءِ اللَّاتِي كنَّ يَخْرُجْنَ إِلى الْمَسْجِدِ: لأَرُدَّنَّكُنَّ حَرائِرَ
أَي لأُلزمنكنّ الْبُيُوتَ فَلَا تَخْرُجْنَ إِلى الْمَسْجِدِ لأَن الْحِجَابَ إِنما ضُرِبَ عَلَى الْحَرَائِرِ دُونَ الإِماء. وحَرَّرَهُ: أَعتقه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ عَدْل [عِدْل] مُحَرَّرٍ
؛ أَي أَجر مُعْتَق؛ المحرَّر: الَّذِي جُعل مِنَ الْعَبِيدِ حُرًّا فأُعتق. يُقَالُ: حَرَّ العبدُ يَحَرُّ حَرارَةً، بِالْفَتْحِ، أَي صَارَ حُرّاً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: فأَنا أَبو هُرَيْرَةَ المُحَرَّرُ
أَي المُعْتَقُ، وَحَدِيثُ
أَبي الدَّرْدَاءِ: شِرَارُكُمُ الَّذِينَ لَا يُعْتَقُ مُحَرَّرُهم
أَي أَنهم إِذا أَعتقوه اسْتَخْدَمُوهُ فإِذا أَراد فِرَاقَهُمُ ادَّعَوْا رِقَّهُ «3» . وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: فَمِنْكُمْ عَوْفٌ الَّذِي يُقَالُ فِيهِ لَا حُرَّ بِوَادِي عَوْفٍ
؛ قَالَ: هُوَ عَوْفُ بنُ مُحَلِّمِ بْنِ ذُهْلٍ الشَّيْباني، كَانَ يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ لِشَرَفِهِ وَعِزِّهِ، وإِن مَنْ حَلَّ وَادِيهِ مِنَ النَّاسِ كَانُوا لَهُ كَالْعَبِيدِ والخَوَل، وَسَنَذْكُرُ قِصَّتَهُ فِي تَرْجَمَةِ عوف، وأَما مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنه قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: حَاجَتِي عَطاءُ المُحَرَّرينَ، فإِن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذا جَاءَهُ شَيْءٌ لَمْ يبدأْ بأَوّل مِنْهُمْ
؛ أَراد بِالْمُحَرَّرِينَ الْمَوَالِي وَذَلِكَ أَنهم قَوْمٌ لَا دِيوَانَ لَهُمْ وإِنما يَدْخُلُونَ فِي جُمْلَةِ مَوَالِيهِمْ، وَالدِّيوَانُ إِنما كَانَ فِي بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ فِي الْقَرَابَةِ وَالسَّابِقَةِ والإِيمان، وَكَانَ هَؤُلَاءِ مُؤَخَّرِينَ فِي الذِّكْرِ فَذَكَرَهُمُ ابْنُ عُمَرَ وَتَشَفَّعَ فِي تَقْدِيمِ إِعطائهم لِمَا عَلِمَ مِنْ ضَعْفِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ وتأَلفاً لَهُمْ عَلَى الإِسلام. وتَحْرِيرُ الْوَلَدِ: أَن يُفْرِدَهُ لِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا قَوْلُ امرأَة عِمْرَانَ وَمَعْنَاهُ جَعَلْتُهُ خَادِمًا يَخْدِمُ فِي مُتَعَبَّداتك، وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُمْ، وَكَانَ عَلَى أَولادهم فَرْضًا أَن يُطِيعُوهُمْ فِي نَذْرِهِمْ، فَكَانَ الرَّجُلُ يُنْذِرُ فِي وَلَدِهِ أَن يَكُونَ خَادِمًا يَخْدِمُهُمْ فِي مُتَعَبَّدِهِمْ ولعُبَّادِهم، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ النَّذْرُ فِي النِّسَاءِ إِنما كَانَ فِي الذُّكُورِ، فَلَمَّا وَلَدَتِ امرأَة عِمْرَانَ مَرْيَمَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى، وَلَيْسَتِ الأُنثى مِمَّا تَصْلُحُ لِلنَّذْرِ، فَجَعَلَ اللَّهُ مِنَ الْآيَاتِ فِي مَرْيَمَ لِمَا أَراده مِنْ أَمر عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَن جَعَلَهَا متقبَّلة فِي النَّذْرِ فَقَالَ تَعَالَى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ. والمُحَرَّرُ: النَّذِيرُ. والمُحَرَّرُ: النَّذِيرَةُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بَنُو إِسرائيل، كَانَ أَحدهم رُبَّمَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَرُبَّمَا حَرَّرَه أَي جَعَلَهُ نَذِيرَةً فِي خِدْمَةِ الْكَنِيسَةِ مَا عَاشَ لَا يَسَعُهُ تَرْكُهَا فِي دِينِهِ. وإِنه لَحُرٌّ: بَيِّنُ الحُرِّية والحَرورَةِ والحَرُورِيَّةِ والحَرارَة والحَرارِ، بِفَتْحِ الْحَاءِ؛ قَالَ:
فَلَوْ أَنْكِ فِي يَوْمِ الرَّخاء سأَلْتِني ... فراقَكِ، لَمْ أَبْخَلْ، وأَنتِ صَدِيقُ
__________
(3) . قوله: [ادّعوا رقه] فهو محرر في معنى مسترق. وقيل إِن الْعَرَبَ كَانُوا إِذا أَعتقوا عبداً باعوا ولاءه ووهبوه وتناقلوه تناقل الملك، قال الشاعر:
فباعوه عبداً ثم باعوه معتقاً، ... فليس له حتى الممات خلاص
كذا بهامش النهاية(4/181)
فَمَا رُدَّ تزوِيجٌ عَلَيْهِ شَهادَةٌ، ... وَلَا رُدَّ مِنْ بَعْدِ الحَرارِ عَتِيقُ
وَالْكَافُ فِي أَنك فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لأَنه أَراد تَثْقِيلَ أَن فَخَفَّفَهَا؛ قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ هَذَا الْبَيْتَ مِنْ شَيْخِ بَاهِلَةَ وَمَا عَلِمْتُ أَن أَحداً جَاءَ بِهِ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ أَعرابيّ لَيْسَ لَهَا أَعْراقٌ فِي حَرارٍ ولكنْ أَعْراقُها فِي الإِماء. والحُرُّ مِنَ النَّاسِ: أَخيارهم وأَفاضلهم. وحُرِّيَّةُ الْعَرَبِ: أَشرافهم؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَصَارَ حَياً، وطَبَّقَ بَعْدَ خَوْفٍ ... عَلَى حُرِّيَّةِ العَرَبِ الهُزالى
أَي عَلَى أَشرافهم. قَالَ: والهزالَى مِثْلُ السُّكارى، وَقِيلَ: أَراد الْهُزَالَ بِغَيْرِ إِمالة؛ وَيُقَالُ: هُوَ مِنْ حُرِّيَّةِ قَوْمِهِ أَي مِنْ خَالِصِهِمْ. والحُرُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: أَعْتَقُه. وَفَرَسٌ حُرٌّ: عَتِيقٌ. وحُرُّ الفاكهةِ: خِيارُها. والحُرُّ: رُطَبُ الأَزَاذ. والحُرُّ: كلُّ شَيْءٍ فاخِرٍ مِنْ شِعْرٍ أَو غَيْرِهِ. وحُرُّ كُلِّ أَرض: وسَطُها وأَطيبها. والحُرَّةُ والحُرُّ: الطِّينُ الطَّيِّبُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وتَبْسِمُ عَنْ أَلْمَى كأَنَّ مُنَوِّراً، ... تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ، دِعْصٌ لَهُ نَدُّ
وحُرُّ الرَّمْلِ وحُرُّ الدَّارِ: وَسَطُهَا وَخَيْرُهَا؛ قَالَ طَرَفَةُ أَيضاً:
تُعَيِّرُني طَوْفِي البِلادَ ورِحْلَتِي، ... أَلا رُبَّ يومٍ لِي سِوَى حُرّ دارِك
وطينٌ حُرٌّ: لَا رَمْلَ فِيهِ. وَرَمْلَةٌ حُرَّة: لَا طِينَ فِيهَا، وَالْجَمْعُ حَرائِرُ. والحُرُّ: الْفِعْلُ الْحَسَنُ. يُقَالُ: مَا هَذَا مِنْكَ بِحُرٍّ أَي بِحَسَنٍ وَلَا جَمِيلٍ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَا يَكُنْ حُبُّكِ دَاءً قاتِلًا، ... لَيْسَ هَذَا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرّ
أَي بِفِعْلٍ حَسَنٍ. والحُرَّةُ: الْكَرِيمَةُ مِنَ النِّسَاءِ؛ قَالَ الأَعشى:
حُرَّةٌ طَفْلَةُ الأَنامِلِ تَرْتَبُّ ... سُخاماً، تَكُفُّه بِخِلالِ
قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
لَعَمْرُكَ مَا قَلْبِي إِلى أَهله بِحُرْ، ... وَلَا مُقْصِرٍ، يَوْمًا، فَيَأْتِيَنِي بِقُرْ
إِلى أَهله أَي صَاحِبِهِ. بِحُرٍّ: بِكَرِيمٍ لأَنه لَا يَصْبِرُ وَلَا يَكُفُّ عَنْ هَوَاهُ؛ وَالْمَعْنَى أَن قَلْبَهُ يَنْبُو عَنْ أَهله ويَصْبُو إِلى غَيْرِ أَهله فَلَيْسَ هُوَ بِكَرِيمٍ فِي فِعْلِهِ؛ وَيُقَالُ لأَوّل لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ: ليلةُ حُرَّةٍ، وليلةٌ حُرَّةٌ، وَلِآخِرِ لَيْلَةٍ: شَيْباءُ. وَبَاتَتْ فُلَانَةٌ بليلةِ حُرَّةٍ إِذا لَمْ تُقْتَضَّ لَيْلَةَ زِفَافِهَا وَلَمْ يَقْدِرْ بَعْلُهَا عَلَى اقْتِضاضِها؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ نِسَاءً:
شُمْسٌ مَوانِعُ كلِّ ليلةٍ حُرَّةٍ، ... يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيارِ
الأَزهري: اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلَّيْلَةِ الَّتِي تُزَفُّ فِيهَا المرأَة إِلى زَوْجِهَا فَلَا يَقْدِرُ فِيهَا عَلَى اقْتضاضها ليلةُ حُرَّةٍ؛ يُقَالُ: بَاتَتْ فلانةُ بِلَيْلَةٍ حُرَّةٍ؛ وَقَالَ غَيْرُ اللَّيْثِ: فإِن اقْتَضَّها زَوْجُهَا فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي زُفَّتْ إِليه فَهِيَ بِلَيْلَةٍ شَيْبَاءَ. وسحابةٌ حُرَّةٌ: بِكْرٌ يَصِفُهَا بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُرَّةُ الْكَرِيمَةُ؛ يُقَالُ: نَاقَةٌ حُرَّةٌ وَسَحَابَةٌ حُرَّة أَي كَثِيرَةُ الْمَطَرِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
جادَتْ عَلَيْهَا كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ، ... فَتَرَكْنَ كلَّ قَرارَةٍ كالدِّرْهَمِ
أَراد كُلَّ سَحَابَةٍ غَزِيرَةِ الْمَطَرِ كَرِيمَةٍ. وحُرُّ البَقْلِ وَالْفَاكِهَةِ وَالطِّينِ: جَيِّدُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا رأَيت أَشْبَهَ برسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ الحَسن إِلا أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ أَحَرَّ(4/182)
حُسْناً مِنْهُ
؛ يَعْنِي أَرَقَّ مِنْهُ رِقَّةَ حُسْنٍ. وأَحْرارُ البُقُول: مَا أُكل غَيْرَ مَطْبُوخٍ، وَاحِدُهَا حُرٌّ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا خَشُنَ مِنْهَا، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: النَّفَلُ والحُرْبُثُ والقَفْعَاءُ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَحْرَارُ البُقُول مَا رَقَّ مِنْهَا ورَطُبَ، وذُكُورُها مَا غَلُظَ مِنْهَا وخَشُنَ؛ وَقِيلَ: الحُرُّ نَبَاتٌ مِنْ نَجِيلِ السِّباخِ. وحُرُّ الْوَجْهِ: مَا أَقبل عَلَيْكَ مِنْهُ؛ قَالَ:
جَلا الحُزْنَ عَنْ حُرِّ الوُجُوهِ فأَسْفَرَتْ، ... وَكَانَ عَلَيْهَا هَبْوَةٌ لَا تَبَلَّجُ
وَقِيلَ: حُرُّ الْوَجْهِ مَسَايِلُ أَربعة مَدَامِعِ الْعَيْنَيْنِ مِنْ مُقَدَّمِهِمَا وَمُؤَخَّرِهِمَا؛ وَقِيلَ: حُرُّ الْوَجْهِ الخَدُّ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: لَطَمَ حُرَّ وَجْهِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا لَطَمَ وَجْهَ جَارِيَةٍ فَقَالَ لَهُ: أَعَجَزَ عَلَيْكَ إِلَّا حُرُّ وَجْهِها؟
والحُرَّةُ: الوَجْنَةُ. وحُرُّ الْوَجْهِ: مَا بَدَا مِنَ الْوَجْنَةِ. والحُرَّتانِ: الأُذُنانِ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
قَنْواءُ فِي حُرَّتَيْها، للبَصِير بِهَا ... عِتْقٌ مُبينٌ، وَفِي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
وحُرَّةُ الذِّفْرَى: موضعُ مَجالِ القُرْطِ مِنْهَا؛ وأَنشد:
فِي خُشَشَاوَيْ حُرَّةِ التَّحْرِيرِ
يَعْنِي حُرَّةَ الذِّفْرَى، وَقِيلَ: حُرَّةُ الذِّفْرَى صِفَةٌ أَي أَنها حَسَنَةُ الذِّفْرَى أَسيلتها، يَكُونُ ذَلِكَ للمرأَة وَالنَّاقَةِ. والحُرُّ: سَوَادٌ فِي ظَاهِرِ أُذن الْفَرَسِ؛ قَالَ:
بَيِّنُ الحُرِّ ذُو مِراحٍ سَبُوقُ
والحُرَّانِ: السَّودان فِي أَعلى الأُذنين. وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زهير:
قَنْوَاءُ فِي حُرَّتَيْهَا
الْبَيْتُ؛ أَراد بِالْحُرَّتَيْنِ الأُذنين كأَنه نَسَبَهَا إِلى الحُرِّيَّةِ وَكَرَمِ الأَصل. والحُرُّ: حَيَّة دَقِيقَةٌ مِثْلُ الجانِّ أَبيضُ، والجانُّ فِي هَذِهِ الصِّفَةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ وَلَدُ الْحَيَّةِ اللَّطِيفَةِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مُنْطَوٍ فِي جَوْفِ نامُوسِهِ، ... كانْطِواءِ الحُرِّ بَيْنَ السِّلامْ
وَزَعَمُوا أَنه الأَبيض مِنَ الْحَيَّاتِ، وأَنكر ابْنُ الأَعرابي أَنْ يَكُونَ الحُرُّ فِي هَذَا الْبَيْتِ الْحَيَّةَ، وَقَالَ: الْحُرُّ هَاهُنَا الصَّقْر؛ قَالَ الأَزهري: وسأَلت عَنْهُ أَعرابيّاً فَصِيحًا فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَقِيلَ: الْحُرُّ الجانُّ مِنَ الْحَيَّاتِ، وَعَمَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْحَيَّةَ. والحُرُّ: طَائِرٌ صَغِيرٌ؛ الأَزهري عَنْ شَمِرٍ: يُقَالُ لِهَذَا الطَّائِرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْعِرَاقِ بَاذِنْجَانٌ لأَصْغَرِ مَا يكونُ جُمَيِّلُ حُرٍّ. والحُرُّ: الصَّقْرُ، وَقِيلَ: هُوَ طَائِرٌ نَحْوَهُ، وَلَيْسَ بِهِ، أَنْمَرُ أَصْقَعُ قَصِيرُ الذَّنَبِ عَظِيمُ الْمَنْكِبَيْنِ والرأْس؛ وَقِيلَ: إِنه يَضْرِبُ إِلى الْخُضْرَةِ وَهُوَ يَصِيدُ. والحُرُّ: فَرْخُ الْحَمَامِ؛ وَقِيلَ: الذَّكَرُ مِنْهَا. وساقُ حُرٍّ: الذَّكَرُ مِنَ القَمَارِيِّ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
وَمَا هاجَ هَذَا الشَّوْقَ إِلَّا حَمامَةٌ، ... دَعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وتَرَنُّما
وَقِيلَ: السَّاقُ الْحَمَامُ، وحُرٌّ فَرْخُهَا؛ وَيُقَالُ: ساقُ حُرٍّ صَوْتُ القَمارِي؛ وَرَوَاهُ أَبو عَدْنَانَ: سَاقَ حَرّ، بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَهُوَ طَائِرٌ تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ سَاقَ حَرٍّ، بِفَتْحِ الْحَاءِ، لأَنه إِذا هَدَرَ كأَنه يقول: ساق حر، وَبَنَاهُ صَخْرُ الغَيّ فَجَعَلَ الِاسْمَيْنِ اسْمًا وَاحِدًا فَقَالَ:
تُنادي سَاقَ حُرَّ، وظَلْتُ أَبْكي، ... تَلِيدٌ مَا أَبِينُ لَهَا كَلَامَا(4/183)
وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ ذَكَرَ القَماري ساقَ حُرٍّ لِصَوْتِهِ كأَنه يقول: ساق حر سَاقَ حُرٍّ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَرَّأَ صَخْرَ الْغَيِّ عَلَى بِنَائِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ سِيدَهْ، وَعَلَّلَهُ فَقَالَ: لأَن الأَصوات مَبْنِيَّةٌ إِذ بَنَوْا مِنَ الأَسماء مَا ضَارَعَهَا. وَقَالَ الأَصمعي: ظَنَّ أَن سَاقَ حُرٍّ وَلَدُهَا وإِنما هُوَ صَوْتُهَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَشْهَدُ عِنْدِي بِصِحَّةِ قَوْلِ الأَصمعي أَنه لَمْ يُعْرَبْ وَلَوْ أَعرب لَصُرِفَ سَاقَ حُرٍّ، فَقَالَ: سَاقَ حُرٍّ إِن كَانَ مُضَافًا، أَو ساقَ حُرّاً إِن كَانَ مُرَكَّبًا فَيَصْرِفُهُ لأَنه نَكِرَةٌ، فَتَرْكُهُ إِعرابه يَدُلُّ عَلَى أَنه حَكَى الصَّوْتَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ صِيَاحُهُ سَاقَ حُرٍّ سَاقَ حُرٍّ؛ وأَما قَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
وَمَا هَاجَ هَذَا الشوقَ إِلا حمامةٌ، ... دَعَتْ سَاقَ حُرٍّ تَرْحَةَ وتَرَنُّما
الْبَيْتُ؛ فَلَا يَدُلُّ إِعرابه عَلَى أَنه لَيْسَ بِصَوْتٍ، وَلَكِنَّ الصَّوْتَ قَدْ يُضَافُ أَوّله إِلى آخِرِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ خازِ بازِ، وَذَلِكَ أَنه فِي اللَّفْظِ أَشْبه بابَ دارٍ؛ قَالَ وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ فِي شِعْرِ حُمَيْدٍ:
وَمَا هَاجَ هَذَا الشوقَ إِلا حمامةٌ، ... دَعَتْ سَاقَ حُرٍّ فِي حَمَامٍ تَرَنَّما
وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: يَعْنُونَ بِسَاقَ حُرٍّ لَحْنَ الْحَمَامَةِ. أَبو عَمْرٍو: الحَرَّةُ البَثْرَةُ الصَّغِيرَةُ؛ والحُرُّ: وَلَدُ الظَّبْيِ فِي بَيْتِ طَرَفَةَ:
بَيْنَ أَكْنافِ خُفَافٍ فاللِّوَى ... مُخْرِفٌ، تَحْنُو لِرَخْص الظِّلْفِ، حُرّ
والحَرِيرَةُ بِالنَّصْبِ «1» : وَاحِدَةُ الْحَرِيرِ مِنَ الثِّيَابِ. والحَرِيرُ: ثِيَابٌ مِنْ إِبْرَيْسَمٍ. والحَرِيرَةُ: الحَسَا مِنَ الدَّسَمِ وَالدَّقِيقِ، وَقِيلَ: هُوَ الدَّقِيقُ الَّذِي يُطْبَخُ بِلَبَنٍ، وَقَالَ شَمِرٌ: الحَرِيرة مِنَ الدَّقِيقِ، والخَزِيرَةُ مِنَ النُّخَال؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ العَصِيدَة ثُمَّ النَّخِيرَةُ ثُمَّ الحَرِيرَة ثُمَّ الحَسْوُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: ذُرِّي وأَنا أَحَرُّ لَكِ
؛ يَقُولُ ذرِّي الدَّقِيقَ لأَتخذ لَكَ مِنْهُ حَرِيرَةً. وحَرَّ الأَرض يَحَرُّها حَرّاً: سَوَّاها. والمِحَرُّ: شَبَحَةٌ فِيهَا أَسنان وَفِي طَرَفِهَا نَقْرانِ يَكُونُ فِيهِمَا حَبْلَانِ، وَفِي أَعلى الشَّبَحَةِ نَقْرَانِ فِيهِمَا عُود مَعْطُوفٌ، وَفِي وَسَطِهَا عُودٌ يَقْبِضُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُوثَقُ بِالثَّوْرَيْنِ فَتُغْرَزُ الأَسنان فِي الأَرض حَتَّى تَحْمِلَ مَا أُثير مِنَ التُّرَابِ إِلى أَن يأْتيا بِهِ الْمَكَانَ الْمُنْخَفِضَ. وَتَحْرِيرُ الْكِتَابَةِ: إِقامة حُرُوفِهَا وإِصلاح السَّقَطِ. وتَحْرِيرُ الْحِسَابِ: إِثباته مُسْتَوِيًا لَا غَلَثَ فِيهِ وَلَا سَقَطَ وَلَا مَحْوَ. وتَحْرِيرُ الرَّقَبَةِ: عِتْقُهَا. ابْنُ الأَعرابي: الحَرَّةُ الظُّلمة الْكَثِيرَةُ، والحَرَّةُ: الْعَذَابُ الْمُوجِعُ. والحُرَّانِ: نَجْمَانِ عَنْ يَمِينِ النَّاظِرِ إِلى الفَرْقَدَيْنِ إِذا انْتَصَبَ الْفَرْقَدَانِ اعْتَرَضَا، فإِذا اعْتَرَضَ الْفَرْقَدَانِ انْتَصَبَا. والحُرَّانِ: الحُرُّ وأَخوه أُبَيٌّ، قَالَ: هُمَا أَخوان وإِذا كَانَ أَخوان أَو صَاحِبَانِ وَكَانَ أَحدهما أَشهر مِنَ الْآخَرِ سُمِيَّا جَمِيعًا بَاسِمِ الأَشهر؛ قَالَ الْمُنَخَّلُ الْيَشْكُرِيُّ:
أَلا مَنْ مُبْلِغُ الحُرَّيْنِ عَني ... مُغَلْغَلَةً، وخصَّ بِهَا أُبَيَّا
فإِن لَمْ تَثْأَرَا لِي مِنْ عِكَبٍّ، ... فَلَا أَرْوَيْتُما أَبداً صَدَيَّا
يُطَوِّفُ بِي عِكَبٌّ فِي مَعَدٍّ، ... ويَطْعَنُ بالصُّمُلَّةِ فِي قَفَيَّا
قَالَ: وَسَبَبُ هَذَا الشِّعْرِ أَن الْمُتَجَرِّدَةَ امرأَة النُّعْمَانِ كَانَتْ تَهْوى الْمُنَخَّلَ الْيَشْكُرِيَّ، وَكَانَ يأْتيها إِذا رَكِبَ النُّعْمَانُ، فَلَاعَبَتْهُ يَوْمًا بِقَيْدٍ جَعَلَتْهُ في رجله
__________
(1) . قوله: [بالنصب] أراد به فتح الحاء(4/184)
وَرِجْلِهَا، فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا النُّعْمَانُ وَهُمَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فأَخذ الْمُنَخَّلَ وَدَفَعَهُ إِلى عِكَبٍّ اللَّخْميّ صَاحِبِ سِجْنِهِ، فَتَسَلَّمَهُ فَجَعَلَ يَطْعَنُ فِي قَفَاهُ بالصُّمُلَّةِ، وَهِيَ حَرْبَةٌ كَانَتْ فِي يَدِهِ. وحَرَّانُ: بَلَدٌ مَعْرُوفٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حرَّان بَلَدٌ بِالْجَزِيرَةِ، هَذَا إِذا كَانَ فَعْلاناً فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وإِن كَانَ فَعَّالًا فَهُوَ مِنْ بَابِ النُّونِ. وحَرُوراءُ: مَوْضِعٌ بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ تُنْسَبُ إِليه الحَرُورِيَّةُ مِنَ الْخَوَارِجِ لأَنه كَانَ أَوَّل اجْتِمَاعِهِمْ بِهَا وَتَحْكِيمِهِمْ حِينَ خَالَفُوا عَلِيًّا، وَهُوَ مِنْ نَادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ، إِنما قِيَاسُهُ حَرُوراوِيٌّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَرُوراءُ اسْمُ قَرْيَةٍ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، وَيُقَالُ: حَرُورويٌّ بَيِّنُ الحَرُورِيَّةِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ وسُئِلَتْ عَنْ قَضَاءِ صَلَاةِ الْحَائِضِ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟
هُمُ الحَرُورِيَّةُ مِنَ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ قَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ، وَكَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ التَّشَدُّدِ فِي الدِّينِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ، فَلَمَّا رأَت عَائِشَةُ هَذِهِ المرأَة تُشَدِّدُ فِي أَمر الْحَيْضِ شَبَّهَتْهَا بِالْحَرُورِيَّةِ، وَتَشَدُّدِهِمْ فِي أَمرهم وَكَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ وَتَعَنُّتِهِمْ بِهَا؛ وَقِيلَ: أَرادت أَنها خَالَفَتِ السنَّة وَخَرَجَتْ عَنِ الْجَمَاعَةِ كَمَا خَرَجُوا عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الأَزهري: ورأَيت بالدَّهْناءِ رَمْلَةً وَعْثَةً يُقَالُ لَهَا رملةُ حَرُوراءَ. وحَرِّيٌّ: اسْمٌ؛ ونَهْشَلُ بْنُ حَرِّيٍّ. والحُرَّانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
فَسَاقانُ فالحُرَّانُ فالصِّنْعُ فالرَّجا، ... فَجَنْبَا حِمًى، فالخانِقان فَحَبْحَبُ
وحُرَّيَات: مَوْضِعٌ؛ قَالَ مُلَيْحٌ:
فَراقَبْتُه حَتَّى تَيامَنَ، واحْتَوَتْ ... مطَافِيلَ مِنْهُ حُرَّيَاتُ فأَغْرُبُ
والحَرِيرُ: فَحْلٌ مِنْ فُحُولِ الْخَيْلِ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَرَفْتُ مِنْ ضَرْب الحَرِيرِ عِتْقا ... فِيهِ، إِذا السَّهْبُ بِهِنَّ ارْمَقَّا
الحَرِيرُ: جَدُّ هَذَا الْفَرَسِ، وضَرْبُه: نَسْلُه. وحَرِّ: زجْرٌ لِلْمَعِزِ؛ قَالَ:
شَمْطاءُ جَاءَتْ مِنْ بلادِ البَرِّ، ... قَدْ تَرَكَتْ حَيَّهْ، وَقَالَتْ: حَرِّ
ثُمَّ أَمالتْ جانِبَ الخِمَرِّ، ... عَمْداً، عَلَى جانِبِها الأَيْسَرِّ
قَالَ: وحَيَّهْ زَجْرٌ للضأْن، وَفِي المحكَم: وحَرِّ زَجْرٌ لِلْحِمَارِ، وأَنشد الرَّجَزَ. وأَما الَّذِي فِي أَشراط السَّاعَةِ يُسْتَحَلُّ: الحِرُ والحَرِيرُ: قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى فِي حَرْفِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ وَقَالَ: الحِرُ، بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، الْفَرْجُ وأَصله حِرْحٌ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُشَدِّدُ الرَّاءَ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، فَعَلَى التَّخْفِيفِ يَكُونُ فِي حَرِحَ لَا فِي حَرِرَ، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى اخْتِلَافِ طُرُقِهِ يستحلُّون الخَزَّ، بِالْخَاءِ وَالزَّايِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ ثِيَابِ الإِبريسم مَعْرُوفٌ، وَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وأَبي دَاوُدَ، وَلَعَلَّهُ حَدِيثٌ آخَرُ كَمَا ذَكَرَهُ أَبو مُوسَى، وَهُوَ حَافِظٌ عَارِفٌ بِمَا رَوَى وَشَرَحَ فَلَا يُتَّهَمُ.
حزر: الحَزْرُ حَزْرُك عَدَدَ الشَّيْءِ بالحَدْس. الْجَوْهَرِيُّ: الحَزْرُ التَّقْدِيرُ والخَرْصُ. والحازِرُ: الْخَارِصُ. ابْنُ سِيدَهْ: حَزَرَ الشَّيْءَ يَحْزُرُه ويَحْزِرُهُ حَزْراً: قَدَّرَه بالحَدْسِ. تَقُولُ: أَنا أَحْزُرُ [أَحْزِرُ] هَذَا الطَّعَامَ كَذَا وَكَذَا قَفِيزًا. والمَحْزَرَةُ: الحَزْرُ، عَنْ ثَعْلَبٍ. والحَزْرُ مِنَ اللَّبَنِ: فَوْقَ الْحَامِضِ. ابْنُ الأَعرابي: هُوَ حازِرٌ وحامِزٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَدْ(4/185)
حَزَرَ اللبنُ وَالنَّبِيذُ أَي حَمُضَ؛ ابْنُ سِيدَهْ: حَزَرَ اللبنُ يَحْزُرُ حَزْراً وحُزُوراً؛ قَالَ:
وارْضَوْا بِإِحْلَابَةِ وَطْبٍ قَدْ حَزَرْ
وحَزُرَ كَحَزَرَ وَهُوَ «2» . الحَزْرَةُ؛ وَقِيلَ: الحَزْرَةُ مَا حَزَرَ بأَيدي الْقَوْمِ مِنْ خِيَارِ أَموالهم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ يُفَسِّرْ حَزَرَ غَيْرَ أَني أَظنه زَكا أَو ثَبَتَ فَنَمَى. وحَزْرَةُ الْمَالِ: خيارُه، وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ، وحَزِيرتُهُ كَذَلِكَ، وَيُقَالُ: هَذَا حَزْرَةُ نَفْسي أَي خَيْرُ مَا عِنْدِي، وَالْجَمْعُ حَزَراتٌ، بِالتَّحْرِيكِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه بُعِثَ مُصَدِّقاً فَقَالَ لَهُ: لَا تأْخذ مِنْ حَزَرات أَنْفسِ النَّاسِ شَيْئًا، خُذِ الشَّارِفَ والبَكْرَ
، يَعْنِي فِي الصَّدَقَةِ؛ الحَزَرات، جَمْعُ حَزْرَة، بِسُكُونِ الزَّايِ: خِيَارُ مَالِ الرَّجُلِ، سُمِّيَتْ حَزْرَةً لأَن صَاحِبَهَا لَمْ يَزَلْ يَحْزُرُها فِي نَفْسِهِ كُلَّمَا رَآهَا، سُمِّيَتْ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ الحَزْرِ. قَالَ: وَلِهَذَا أُضيفت إِلى الأَنْفُسِ؛ وأَنشد الأَزهري:
الحَزَراتُ حَزَارتُ النَّفْسِ
أَي هِيَ مِمَّا تودُّها النَّفْسُ؛ وَقَالَ آخَرُ:
وحَزْرَةُ القلبِ خِيارُ المالِ
قَالَ: وأَنشد شَمِرٌ:
الحَزَراتُ حَزَراتُ القلبِ، ... اللُّبُنُ الغِزَارُ غيرُ اللَّحْبِ،
حِقاقُها الجِلادُ عِنْدَ اللَّزْبِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تأْخذوا حَزَراتِ أَموال النَّاسِ ونَكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ
، وَيُرْوَى بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: حَزَراتُ الأَموال هِيَ الَّتِي يُؤَدِّيهَا أَربابها، وَلَيْسَ كلُّ الْمَالِ الحَزْرَة، قَالَ: وَهِيَ الْعَلَائِقُ؛ وَفِي مثل العرب:
وا حَزْرَتِي وأَبْتَغِي النَّوافِلا
أَبو عُبَيْدَةَ: الحَزَراتُ نَقَاوَةُ الْمَالِ، الذَّكَرُ والأُنثى سَوَاءٌ؛ يُقَالُ: هِيَ حَزْرَةُ مَالِهِ وَهِيَ حَزْرَة قَلْبِهِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
نُدافِعُ عَنْهُمْ كلَّ يومِ كريهةٍ، ... ونَبْذِلُ [نَبْذُلُ] حَزْراتِ النُّفُوسِ ونَصْبِرُ
وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: عَدَا القَارِصُ فَحزَرْ؛ يُضْرَبُ للأَمر إِذا بَلَغَ غَايَتَهُ وأَفْعَم. ابْنُ شُمَيْلٍ عَنِ المُنْتَجِع: الحازِرُ دَقِيقُ الشَّعِيرِ وَلَهُ رِيحٌ لَيْسَ بِطَيِّبٍ. والحَزْرَةُ: مَوْتُ الأَفاضل. والحَزْوَرَةُ: الرَّابِيَةُ الصَّغِيرَةُ، وَالْجَمْعُ الحَزاوِرُ، وَهُوَ تلٌّ صَغِيرٌ. الأَزهري: الحَزْوَرُ الْمَكَانُ الْغَلِيظُ؛ وأَنشد:
فِي عَوْسَجِ الوادِي ورَضْمِ الحَزْوَرِ
وَقَالَ عباسُ بْنُ مِرْداسٍ:
وذَابَ لُعابُ الشمسِ فِيهِ، وأُزِّرَتْ ... بِهِ قامِساتٌ مِنْ رِعانٍ وحَزْوَرِ
ووجْهٌ حازِرٌ: عَابِسٌ باسِرٌ. والحَزْوَرُ والحَزَوَّرُ، بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ: الْغُلَامُ الَّذِي قَدْ شَبَّ وَقَوِيَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَنْ يَعْدَمَ المَطِيُّ مِنِّي مِسْفَرا، ... شَيْخاً بَجَالًا وغُلاماً حَزْوَرَا
وَقَالَ:
لَنْ يَبْعَثُوا شَيْخاً وَلَا حَزَوَّرَا ... بالفاسِ، إِلَّا الأَرْقَبَ المُصَدَّرَا
وَالْجَمْعُ حَزاوِرُ وحَزَاوِرَةٌ، زَادُوا الْهَاءَ لتأْنيث الْجَمْعِ. والحَزَوَّرُ: الَّذِي قَدِ انْتَهَى إِدراكه؛ قَالَ
__________
(2) . قوله: [وهو] أي اللبن الحامض(4/186)
بَعْضُ نِسَاءِ الْعَرَبِ:
إِنَّ حِرِي حَزَوَّرٌ حَزابِيَه، ... كَوَطْبَةِ الظَّبْيَةِ فَوْقَ الرَّابِيَه
قَدْ جاءَ مِنْهُ غِلْمَةٌ ثَمَانِيَهْ، ... وبَقِيَتْ ثَقْبَتُه كَمَا هِيَه
الْجَوْهَرِيُّ: الحَزَوَّرُ الْغُلَامُ إِذا اشْتَدَّ وَقَوِيَ وخَدَمَ؛ وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ الَّذِي كَادَ يُدْرِكُ وَلَمْ يَفْعَلْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنَّا مَعَ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غِلْماناً حَزاوِرَةً
؛ هُوَ الَّذِي قَارَبَ الْبُلُوغَ، وَالتَّاءُ لتأْنيث الْجَمْعِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الأَرنب: كُنْتُ غُلَامًا حَزَوَّراً فَصِدْتُ أَرنباً
، وَلَعَلَّهُ شَبَّهَهُ بحَزْوَرَةِ الأَرض وَهِيَ الرَّابِيَةُ الصَّغِيرَةُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لِلْغُلَامِ إِذا رَاهَقَ وَلَمْ يُدْرِكْ بعدُ حَزَوَّرٌ، وإِذا أَدرك وَقَوِيَ وَاشْتَدَّ، فَهُوَ حَزَوَّر أَيضاً؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
نَزْعَ الحَزَوَّرِ بالرِّشاءِ المُحْصَدِ
قَالَ: أَراد الْبَالِغَ الْقَوِيَّ. قَالَ: وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ فِي الأَضداد الحَزَوَّرُ الْغُلَامُ إِذا اشْتَدَّ وَقَوِيَ؛ والحَزَوَّرُ: الضَّعِيفُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وأَنشد:
وَمَا أَنا، إِن دَافَعْتُ مِصْراعَ بابِه، ... بِذِي صَوْلَةٍ فانٍ، وَلَا بِحَزَوَّرِ
وَقَالَ آخَرُ:
إِنَّ أَحقَّ النَّاسِ بالمَنِيَّه ... حَزَوَّرٌ لَيْسَتْ لَهُ ذُرِّيَّه
قَالَ: أَراد بالحَزَوَّرِ هَاهُنَا رَجُلًا بَالِغًا ضَعِيفًا؛ وَحَكَى الأَزهري عَنِ الأَصمعي وَعَنِ الْمُفَضَّلِ قَالَ: الحَزَوَّرُ، عَنِ الْعَرَبِ، الصَّغِيرُ غَيْرُ الْبَالِغِ؛ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ الحَزْوَرَ الْبَالِغَ القويَّ الْبَدَنِ الَّذِي قَدْ حَمَلَ السِّلَاحَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْقَوْلُ هُوَ هَذَا. ابْنُ الأَعرابي: الحَزْرَةُ النَّبِقَةُ الْمُرَّةُ، وَتُصَغَّرُ حُزَيْرَةً. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَمْراءِ: أَنه سَمِعَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ وَاقِفٌ بالحَزْوَرَةِ مِنْ مَكَّةَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْضِعٌ عِنْدَ بَابِ الحَنَّاطِينَ وَهُوَ بِوَزْنِ قَسْوَرَةٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: النَّاسُ يُشَدِّدُونَ الحَزْوَرَةَ والحُدَيْبِيَةَ، وَهُمَا مُخَفَّفَتَانِ. وحَزِيرانُ بِالرُّومِيَّةِ: اسْمُ شَهْرٍ قبل تموز.
حسر: الحَسْرُ: كَشْطُكَ الشَّيْءَ عَنِ الشَّيْءِ. حَسَرَ الشيءَ عَنِ الشَّيْءِ يَحْسُرُه ويَحْسِرُه حَسْراً وحُسُوراً فانْحَسَرَ: كَشَطَهُ، وَقَدْ يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ حَسَرَ لَازِمًا مِثْلُ انْحَسَر عَلَى الْمُضَارَعَةِ. والحاسِرُ: خِلَافُ الدَّارِع. والحاسِرُ: الَّذِي لَا بَيْضَةَ عَلَى رأْسه؛ قَالَ الأَعشى:
فِي فَيْلَقٍ جَأْواءَ مَلْمُومَةٍ، ... تَقْذِفُ بالدَّارِعِ والحاسِرِ
وَيُرْوَى: تَعْصِفُ؛ وَالْجَمْعُ حُسَّرٌ، وَجَمْعُ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ حُسَّراً عَلَى حُسَّرِينَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
بِشَهْباءَ تَنْفِي الحُسَّرِينَ كأَنَّها ... إِذا مَا بَدَتْ، قَرْنٌ مِنَ الشمسِ طالِعُ
وَيُقَالُ للرَّجَّالَةِ فِي الْحَرْبِ: الحُسَّرُ، وَذَلِكَ أَنهم يَحْسِرُون [يَحْسُرُون] عَنْ أَيديهم وأَرجلهم، وَقِيلَ: سُمُّوا حُسَّراً لأَنه لَا دُرُوعَ عَلَيْهِمْ وَلَا بَيْضَ. وَفِي حَدِيثِ
فَتْحِ مَكَّةَ: أَن أَبا عُبَيْدَةَ كَانَ يَوْمَ الْفَتْحِ عَلَى الحُسَّرِ
؛ هُمُ الرَّجَّالَةُ، وَقِيلَ هُمُ الَّذِينَ لَا دُرُوعَ لَهُمْ. وَرَجُلٌ حاسِرٌ: لَا عِمَامَةَ عَلَى رأْسه. وامرأَة حاسِرٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، إِذا حَسَرَتْ عَنْهَا ثِيَابَهَا. وَرَجُلٌ حَاسِرٌ: لَا دِرْعَ عَلَيْهِ وَلَا بَيْضَةَ عَلَى رأْسه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَحَسَر عَنْ ذِرَاعَيْهِ أَي أَخرجهما مِنْ كُمَّيْهِ.
وَفِي حَدِيثِ(4/187)
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: وسئلتْ عَنِ امرأَة طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ فَتَحَسَّرَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ
أَي قَعَدَتْ حَاسِرَةً مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ. ابْنُ سِيدَهْ: امرأَة حاسِرٌ حَسَرَتْ عَنْهَا دِرْعَهَا. وكلُّ مَكْشُوفَةِ الرأْس وَالذِّرَاعَيْنِ: حاسِرٌ، وَالْجَمْعُ حُسَّرٌ وحَواسِر؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وقامَ بَناتي بالنّعالِ حَواسِراً، ... فأَلْصَقْنَ وَقْعَ السِّبْتِ تحتَ القَلائدِ
وَيُقَالُ: حَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، وحَسَرَ البَيْضَةَ عَنْ رأْسه، وحَسَرَتِ الريحُ السحابَ حَسْراً. الْجَوْهَرِيُّ: الِانْحِسَارُ الِانْكِشَافُ. حَسَرْتُ كُمِّي عَنْ ذِرَاعِي أَحْسِرُه حَسْراً: كَشَفْتُ. والحَسْرُ والحَسَرُ والحُسُورُ: الإِعْياءُ والتَّعَبُ. حَسَرَتِ الدابةُ وَالنَّاقَةُ حَسْراً واسْتَحْسَرَتْ: أَعْيَتْ وكَلَّتْ، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ وحَسَرَها السَّيْرُ يَحْسِرُها ويَحْسُرها حَسْراً وحُسُوراً وأَحْسَرَها وحَسَّرَها؛ قَالَ:
إِلَّا كَمُعْرِضِ المُحَسِّر بَكْرَهُ، ... عَمْداً يُسَيِّبُنِي عَلَى الظُّلْمِ
أَراد إِلَّا مُعرضاً فَزَادَ الكاف؛ ودابة حاسِرٌ حاسِرَةٌ وحَسِيرٌ، الذَّكَرُ والأُنثى سَوَاءٌ، وَالْجَمْعُ حَسْرَى مِثْلُ قَتِيلٍ وقَتْلَى. وأَحْسَرَ القومُ: نَزَلَ بِهِمُ الحَسَرُ. أَبو الْهَيْثَمِ: حَسِرَتِ الدَّابَّةُ حَسَراً إِذا تَعِبَتْ حَتَّى تُنْقَى، واسْتَحْسَرَتْ إِذا أَعْيَتْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا يَسْتَحْسِرُونَ
. وَفِي الْحَدِيثِ:
ادْعُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا تَسْتَخْسِرُوا
؛ أَي لَا تَمَلُّوا؛ قَالَ: وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنْ حَسَرَ [حَسِرَ] إِذا أَعيا وَتَعِبَ. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: وَلَا يَحْسِرُ [يَحْسَرُ] صَائِحُهَا
أَي لَا يَتْعَبُ سَائِقُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحَسِيرُ لَا يُعْقَرُ
؛ أَي لَا يَجُوزُ لِلْغَازِي إِذا حَسِرَتْ دَابَّتُهُ وأَعيت أَن يَعْقِرَها، مَخَافَةَ أَن يأْخذها الْعَدُوُّ وَلَكِنْ يُسَيِّبُهَا، قَالَ: وَيَكُونُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَسَرَ أَخي فَرَسًا لَهُ
؛ يَعْنِي النَّمِرَ وَهُوَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. وَيُقَالُ فِيهِ: أَحْسَرَ أَيضاً. وحَسِرَتِ الْعَيْنُ: كَلَّتْ. وحَسَرَها بُعْدُ مَا حَدَّقَتْ إِليه أَو خفاؤُه يَحْسُرُها: أَكَلَّها؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَحْسُرُ طَرْفَ عَيْنِه فَضاؤُه
وحَسَرَ بَصَرُه يَحْسِرُ حُسُوراً أَي كَلَّ وَانْقَطَعَ نَظَرُهُ مِنْ طُولِ مَدًى وَمَا أَشبه ذَلِكَ، فَهُوَ حَسِير ومَحْسُورٌ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ نَاقَةً:
إِنَّ العَسِيرَ بِهَا دَاءٌ مُخامِرُها، ... فَشَطْرَها نَظَرُ العينينِ مَحْسُورُ
الْعَسِيرُ: النَّاقَةُ الَّتِي لَمْ تُرَضْ، وَنَصَبَ شَطْرَهَا عَلَى الظَّرْفِ أَي نَحْوَها. وبَصَرٌ حَسير: كَلِيلٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ يَنْقَلِبُ صَاغِرًا وَهُوَ حَسِيرٌ أَي كَلِيلٌ كَمَا تَحْسِرُ الإِبلُ إِذا قُوِّمَتْ عَنْ هُزال وكَلالٍ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً
؛ قَالَ: نَهَاهُ أَن يُعْطِيَ كُلَّ مَا عِنْدَهُ حَتَّى يَبْقَى مَحْسُورًا لَا شَيْءَ عِنْدَهُ؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ حَسَرْتُ الدَّابَّةَ إِذا سَيَّرتها حَتَّى يَنْقَطِعَ سَيْرُها؛ وأَما الْبَصَرُ فإِنه يَحْسِرُ [يَحْسَرُ] عِنْدَ أَقصى بُلُوغِ النَّظَرِ؛ وحَسِرَ يَحْسَرُ حَسَراً وحَسْرَةً وحَسَراناً، فَهُوَ حَسِيرٌ وحَسْرانُ إِذا اشْتَدَّتْ نَدَامَتُهُ عَلَى أَمرٍ فَاتَهُ؛ وَقَالَ الْمَرَّارُ:
مَا أَنا اليومَ عَلَى شَيْءٍ خَلا، ... يَا ابْنَة القَيْن، تَوَلَّى بِحَسِرْ
والتَّحَسُّر: التَّلَهُّفُ. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ
؛(4/188)
قَالَ: هَذَا أَصعب مسأَلة فِي الْقُرْآنِ إِذا قَالَ الْقَائِلُ: مَا الْفَائِدَةُ فِي مُنَادَاةِ الْحَسْرَةِ، وَالْحَسْرَةُ مِمَّا لَا يُجِيبُ؟ قَالَ: وَالْفَائِدَةُ فِي مُنَادَاتِهَا كَالْفَائِدَةِ فِي مُنَادَاةِ مَا يَعْقِلُ لأَن النِّدَاءَ بَابُ تَنْبِيهٍ، إِذا قُلْتَ يَا زَيْدُ فإِن لَمْ تَكُنْ دَعَوْتَهُ لِتُخَاطِبَهُ بِغَيْرِ النِّدَاءِ فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ، وإِنما تَقُولُ يَا زَيْدُ لِتُنَبِّهَهُ بِالنِّدَاءِ، ثُمَّ تَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا، أَلا تَرَى أَنك إِذا قُلْتَ لِمَنْ هُوَ مُقْبِلٌ عَلَيْكَ: يَا زَيْدُ، مَا أَحسن مَا صَنَعْتَ؛ فَهُوَ أَوكد مِنْ أَن تَقُولَ لَهُ: مَا أَحسن مَا صَنَعْتَ، بِغَيْرِ نِدَاءٍ؛ وَكَذَلِكَ إِذا قُلْتَ للمخاطَب: أَنا أَعجب مِمَّا فَعَلْتَ، فَقَدْ أَفدته أَنك مُتَعَجِّبٌ، وَلَوْ قُلْتَ: وا عجباه مِمَّا فَعَلْتَ، وَيَا عَجَبَاهُ أَن تَفْعَلَ كَذَا كَانَ دعاؤُك العَجَبَ أَبلغ فِي الْفَائِدَةِ، وَالْمَعْنَى يَا عَجَبًا أَقبل فإِنه مِنْ أَوقاتك، وإِنما النِّدَاءُ تَنْبِيهٌ للمتعجَّب مِنْهُ لَا لِلْعَجَبِ. والحَسْرَةُ: أَشدَّ النَّدَمِ حَتَّى يَبْقَى النَّادِمُ كالحَسِيرِ مِنَ الدَّوَابِّ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ
؛ أَي حَسْرَةً وَتَحَسُّرًا. وحَسَرَ البحرُ عَنِ العِراقِ والساحلِ يَحْسُرُ [يَحْسِرُ] : نَضَبَ عَنْهُ حَتَّى بَدَا مَا تَحْتَ الْمَاءِ مِنَ الأَرض. قَالَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ انْحَسَرَ البحرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقُومُ الساعة حتى يَحْسُرُ [يَحْسِرُ] الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ
؛ أَي يَكْشِفَ. يُقَالُ: حَسَرْتُ الْعِمَامَةَ عَنْ رأْسي وَالثَّوْبَ عَنْ بَدَنِي أَي كَشَفْتُهُمَا؛ وأَنشد:
حَتَّى يقالَ حاسِرٌ وَمَا حَسَرْ
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: حَسَرَ الماءُ ونَضَبَ وجَزَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ فِي الحُسُورِ بِمَعْنَى الِانْكِشَافِ:
إِذا مَا القَلاسِي والعَمائِمُ أُخْنِسَتْ، ... فَفِيهنَّ عَنْ صُلْعِ الرجالِ حُسُورُ
قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
كَجَمَلِ الْبَحْرِ، إِذا خاضَ جَسَرْ ... غَوارِبَ اليَمِّ إِذا اليَمُّ هَدَرْ،
حَتَّى يقالَ: حاسِرٌ وَمَا حَسَرْ «1»
. يَعْنِي الْيَمَّ. يُقَالُ: حاسِرٌ إِذا جَزَرَ، وَقَوْلُهُ إِذا خَاضَ جَسَرَ، بِالْجِيمِ، أَي اجترأَ وَخَاضَ مُعْظَمَ الْبَحْرِ وَلَمْ تَهُلْهُ اللُّجَجُ. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ: مَا مِنْ لَيْلَةٍ إِلَّا مَلَكٌ يَحْسِرُ عَنْ دوابِّ الغُزاةِ الكَلالَ
أَي يَكْشِفُ، وَيُرْوَى: يَحُسُّ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: ابْنُوا المساجدَ حُسَّراً فإِن ذَلِكَ سِيَّمَا الْمُسْلِمِينَ
؛ أَي مَكْشُوفَةَ الجُدُرِ لَا شُرَفَ لَهَا؛ وَمِثْلُهُ حَدِيثِ
أَنس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ابْنُوا الْمَسَاجِدَ جُمّاً.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فأَخذتُ حَجَراً فَكَسَرْتُهُ وحَسَرْتُه
؛ يُرِيدُ غُصْنًا مِنْ أَغصان الشَّجَرَةِ أَي قَشَرْتُهُ بِالْحَجَرِ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عرا، عِنْدَ قَوْلِهِ جَارِيَةٌ حَسَنَةُ المُعَرَّى وَالْجَمْعُ المَعارِي، قَالَ: والمَحاسِرُ مِنَ المرأَة مِثْلُ المَعارِي. قَالَ: وَفَلَاةٌ عَارِيَةُ الْمَحَاسِرِ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا كِنٌّ مِنْ شَجَرٍ، ومَحاسِرُها: مُتُونُها الَّتِي تَنْحَسِرُ عَنِ النَّبَاتِ. وانْحَسَرتِ الطَّيْرُ: خَرَجَتْ مِنَ الرِّيشِ الْعَتِيقِ إِلى الْحَدِيثِ. وحَسَّرَها إِبَّانُ ذَلِكَ: ثَقَّلَها، لأَنه فُعِلَ فِي مُهْلَةٍ. قَالَ الأَزهري: وَالْبَازِي يَكْرِزُ للتَّحْسِيرِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْجَوَارِحِ تَتَحَسَّرُ. وتَحَسَّر الوَبَرُ عَنِ الْبَعِيرِ والشعرُ عَنِ الْحِمَارِ إِذا سَقَطَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عَنْهُ فَأَنْسَلَها، ... واجْتَابَ أُخْرَى حَدِيداً بعدَ ما ابْتَقَلا
وتَحَسَّرَتِ النَّاقَةُ وَالْجَارِيَةُ إِذا صَارَ لَحْمُهَا فِي مواضعه؛
__________
(1) . قوله: [كجمل البحر إلخ] الجمل؛ بالتحريك: سمكة طولها ثلاثون ذراعاً(4/189)
قَالَ لَبِيدٌ:
فإِذا تَغالى لَحْمُها وتَحَسَّرَتْ، ... وتَقَطَّعَتْ، بَعْدَ الكَلالِ، خِدامُها
قَالَ الأَزهري: وتَحَسُّرُ لحمِ الْبَعِيرِ أَن يَكُونَ لِلْبَعِيرِ سِمْنَةٌ حَتَّى كَثُرَ شَحْمُهُ وتَمَكَ سَنامُه، فإِذا رُكب أَياماً فَذَهَبَ رَهَلُ لحمه واشتدّ بعد ما تَزَيَّمَ مِنْهُ فِي مَوَاضِعِهِ، فَقَدْ تَحَسَّرَ. وَرَجُلٌ مُحَسَّر: مُؤْذًى محتقر. وفي الْحَدِيثُ:
يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رجلٌ يُسَمَّى أَمِيرَ العُصَبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسَمَّى أَمير الغَضَبِ. أَصحابه مُحَسَّرُونَ مُحَقَّرُونَ مُقْصَوْنَ عَنْ أَبواب السُّلْطَانِ وَمَجَالِسِ الْمُلُوكِ، يأْتونه مِنْ كُلِّ أَوْبٍ كأَنهم قَزَعُ الْخَرِيفِ يُوَرِّثُهُم اللَّهُ مشارقَ الأَرض ومغاربَها
؛ مُحَسَّرُونَ مُحَقَّرُونَ أَي مؤْذون مَحْمُولُونَ عَلَى الْحَسْرَةِ أَو مَطْرُودُونَ مُتْعَبُونَ مِنْ حَسَرَ الدَّابَّةَ إِذا أَتعبها. أَبو زَيْدٍ: فَحْلٌ حاسِرٌ وفادرٌ وجافِرٌ إِذا أَلْقَحَ شَوْلَه فَعَدَل عَنْهَا وَتَرَكَهَا؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رُوِيَ هَذَا الْحَرْفُ فَحْلٌ جَاسِرٌ، بِالْجِيمِ، أَي فَادِرٌ، قَالَ: وأَظنه الصَّوَابَ. والمِحْسَرَة: المِكْنَسَةُ. وحَسَرُوه يَحْسِرُونَه حَسْراً وحُسْراً: سأَلوه فأَعطاهم حَتَّى لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ شَيْءٌ. والحَسارُ: نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي الْقِيعَانِ والجَلَد وَلَهُ سُنْبُل وَهُوَ مِنْ دِقّ المُرَّيْقِ وقُفُّهُ خَيْرٌ مِنْ رَطْبِه، وَهُوَ يَسْتَقِلُّ عَنِ الأَرض شَيْئًا قَلِيلًا يُشْبِهُ الزُّبَّادَ إِلَّا أَنه أَضخم مِنْهُ وَرَقًا؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَسارُ عُشْبَةٌ خَضْرَاءُ تُسَطَّحُ عَلَى الأَرض وتأْكلها الْمَاشِيَةُ أَكلًا شَدِيدًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ حِمَارًا وأُتنه:
يأْكلنَ مِنْ بُهْمَى وَمِنْ حَسارِ، ... ونَفَلًا لَيْسَ بِذِي آثارِ
يَقُولُ: هَذَا الْمَكَانُ قَفْرٌ لَيْسَ بِهِ آثَارٌ مِنَ النَّاسِ وَلَا الْمَوَاشِي. قَالَ: وأَخبرني بَعْضُ أَعراب كَلْبٍ أَن الحَسَار شَبِيهٌ بالحُرْفِ فِي نَبَاتِهِ وَطَعْمِهِ يَنْبُتُ حِبَالًا عَلَى الأَرض؛ قَالَ: وَزَعَمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنه شَبِيهٌ بِنَبَاتِ الجَزَرِ. اللَّيْثُ: الحَسار ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ يُسْلِحُ الإِبلَ. الأَزهري: الحَسَارُ مِنَ الْعُشْبِ يَنْبُتُ فِي الرِّيَاضِ، الْوَاحِدَةُ حَسَارَةٌ. قَالَ: ورجْلُ الْغُرَابِ نَبْتٌ آخَرُ، والتَّأْوِيلُ عُشْبٌ آخَرُ. وَفُلَانٌ كَرِيمُ المَحْسَرِ أَي كِرِيمُ المَخْبَرِ. وَبَطْنٌ مُحَسِّر، بِكَسْرِ السِّينِ: مَوْضِعٌ بِمِنَى وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُهُ، وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ، وَقِيلَ: هُوَ وَادٍ بَيْنَ عرفات ومنى.
حشر: حَشَرَهُم يَحْشُرُهم ويَحْشِرُهم حَشْراً: جَمَعَهُمْ؛ وَمِنْهُ يَوْمُ المَحْشَرِ. والحَشْرُ: جَمْعُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. والحَشْرُ: حَشْرُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ. والمَحْشَرُ: الْمَجْمَعُ الَّذِي يُحْشَرُ إِليه الْقَوْمُ، وَكَذَلِكَ إِذا حُشِرُوا إِلى بَلَدٍ أَو مُعَسْكَر أَو نَحْوِهِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا
؛ نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِير، وَكَانُوا قَوْمًا مِنَ الْيَهُودِ عَاقَدُوا النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لَمَّا نَزَلَ الْمَدِينَةَ أَن لَا يَكُونُوا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، ثُمَّ نَقَضُوا العهد ومايلوا كُفَّارَ أَهل مَكَّةَ، فَقَصَدَهُمُ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَفَارَقُوهُ عَلَى الجَلاءِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ فَجَلَوْا إِلى الشَّامِ. قَالَ الأَزهري: وَهُوَ أَول حَشْرٍ حُشِر إِلى أَرض الْمَحْشَرِ ثُمَّ يُحْشَرُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِليها، قَالَ: وَلِذَلِكَ قِيلَ: لِأَوَّلِ الْحَشْرِ
، وَقِيلَ: إِنهم أَول مَنْ أُجْلِيَ مِنْ أَهل الذِّمَّةِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ثُمَّ أُجلي آخِرُهُمْ أَيام عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مِنْهُمْ نَصَارَى نَجْرَانَ ويهودُ خَيْبَرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: جِهَادٌ أَو نيَّة أَو حَشْرٍ
، أَي جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَو نِيَّةٌ(4/190)
يُفَارِقُ بِهَا الرَّجُلُ الْفِسْقَ وَالْفُجُورَ إِذا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَغْيِيرِهِ، أَو جَلاءٍ يَنَالُ الناسَ فَيَخْرُجُونَ عَنْ دِيَارِهِمْ. والحَشْرُ: هُوَ الجَلاءُ عَنِ الأَوطان؛ وَقِيلَ: أَراد بِالْحَشْرِ الْخُرُوجَ مِنَ النَّفِيرِ إِذا عَمَّ. الْجَوْهَرِيُّ: المَحْشِرُ، بِكَسْرِ الشِّينِ، مَوْضِعُ الحَشْرِ. وَالْحَاشِرُ: مِنْ أَسماء سَيِّدِنَا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَنه
قَالَ: أَحْشُر الناسَ عَلَى قَدَمِي
؛
وَقَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِي خَمْسَةُ أَسماء: أَنا مُحَمَّدٌ وأَحمد وَالْمَاحِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَالْحَاشِرُ أَحشر النَّاسَ عَلَى قَدَمِي، وَالْعَاقِبُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: فِي أَسماء النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْحَاشِرُ الَّذِي يَحْشُر النَّاسَ خَلْفَهُ وَعَلَى مِلَّتِهِ دُونَ مِلَّةِ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِني لِي أَسماء
؛ أَراد أَن هَذِهِ الأَسماء الَّتِي عَدَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الأُمم الَّتِي كَذَّبَتْ بنبوَّته حُجَّةً عَلَيْهِمْ. وحَشَرَ الإِبلَ: جَمْعُهَا؛ فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
؛ فَقِيلَ: إِن الْحَشْرَ هَاهُنَا الْمَوْتُ، وَقِيلَ: النَّشْرُ، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ لأَنه كُلَّهُ كَفْتٌ وجَمْعٌ. الأَزهري: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ
، وَقَالَ: ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
؛ قَالَ: أَكثر الْمُفَسِّرِينَ تُحْشَرُ الْوُحُوشُ كُلُّهَا وَسَائِرُ الدَّوَابِّ حَتَّى الذُّبَابُ لِلْقِصَاصِ، وأَسندوا ذَلِكَ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَشْرُها مَوْتُهَا فِي الدُّنْيَا. قَالَ اللَّيْثُ: إِذا أَصابت الناسَ سَنَةٌ شَدِيدَةٌ فأَجحفت بِالْمَالِ وأَهلكت ذَوَاتُ الأَربع، قِيلَ: قَدْ حَشَرَتْهُم السَّنَةُ تَحْشُرهم وتَحْشِرهم، وَذَلِكَ أَنها تَضُمُّهُمْ مِنَ النَّوَاحِي إِلى الأَمصار. وحَشَرَتِ السنةُ مَالَ فُلَانٍ: أَهلكته؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَمَا نَجا، مِنْ حَشْرِها المَحْشُوشِ، ... وَحْشٌ، وَلَا طَمْشٌ مِنَ الطُّموشِ
والحَشَرَةُ: وَاحِدَةُ صِغَارِ دَوَابِّ الأَرض كَالْيَرَابِيعِ وَالْقَنَافِذِ والضِّبابِ وَنَحْوِهَا، وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لَا يُفْرَدُ الْوَاحِدُ إِلَّا أَن يَقُولُوا: هَذَا مِنَ الحَشَرَةِ، ويُجْمَعُ مُسَلَّماً؛ قَالَ:
يَا أُمَّ عَمْرٍو مَنْ يَكُنْ عُقْرَ حوَّاء ... عَدِيٍّ يأَكُلُ الحَشَراتِ «2»
. وَقِيلَ: الحَشَراتُ هَوامُّ الأَرض مِمَّا لَا اسْمَ لَهُ. الأَصمعي: الحَشَراتُ والأَحْراشُ والأَحْناشُ وَاحِدٌ، وَهِيَ هَوَامُّ الأَرض. وَفِي حَدِيثِ الهِرَّةِ:
لَمْ تَدَعْها فتأْكل مِنْ حَشَراتِ الأَرض
؛ وَهِيَ هَوَامُّ الأَرض، وَمِنْهُ حَدِيثُ
التِّلِبِّ: لَمْ أَسمع لحَشَرَةِ الأَرضِ تَحْرِيمًا
؛ وَقِيلَ: الصَّيْدُ كُلُّهُ حَشَرَةٌ، مَا تَعَاظَمَ مِنْهُ وَتَصَاغَرَ؛ وَقِيلَ: كُلُّ مَا أُكِلَ مِنْ بَقْل الأَرضِ حَشَرَةٌ. والحَشَرَةُ أَيضاً: كُلُّ مَا أُكِلَ مِنْ بَقْلِ الأَرض كالدُّعاعِ والفَثِّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَشَرَةُ القِشْرَةُ الَّتِي تَلِي الحَبَّة، وَالْجَمْعُ حَشَرٌ. وَرَوَى ابْنُ شُمَيْلٍ عَنِ ابْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: الحَبَّة عَلَيْهَا قِشْرَتَانِ، فَالَّتِي تَلِي الْحَبَّةَ الحَشَرَةُ، وَالْجَمْعُ الحَشَرُ، وَالَّتِي فَوْقَ الحَشَرَةِ القَصَرَةُ. قَالَ الأَزهري: والمَحْشَرَةُ فِي لُغَةِ أَهل الْيَمَنِ مَا بَقِيَ فِي الأَرض وَمَا فِيهَا مِنْ نَبَاتٍ بَعْدَ مَا يُحْصَدُ الزَّرْعُ، فَرُبَّمَا ظَهَرَ مِنْ تَحْتِهِ نَبَاتٌ أَخضر فَتِلْكَ المَحْشَرَةُ. يُقَالُ: أَرسلوا دَوَابَّهُمْ فِي المَحْشَرَةِ. وحَشَرَ السِّكِّينَ والسِّنانَ حَشْراً: أَحَدَّهُ فَأَرَقَّهُ وأَلْطَفَهُ؛ قَالَ:
لَدْنُ الكُعُوبِ ومَحْشُورٌ حَدِيدَتُهُ، ... وأَصْمَعٌ غَيْرُ مَجْلُوزٍ عَلَى قَضَمِ
الْمَجْلُوزُ: المُشدَّدُ تَرْكِيبُهُ مِنَ الجَلْزِ الَّذِي هُوَ الليُ
__________
(2) . قوله: [يا أم عمرو] إلخ كذا في نسخة المؤلف(4/191)
والطَّيُّ. وسِنانٌ حَشْرٌ: دَقِيقٌ؛ وَقَدْ حَشَرْتُه حَشْراً. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فأَخذتُ حَجَراً مِنَ الأَرض فَكَسَرْتُهُ وحَشَرْتُه
، قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ مِنْ حَشَرْتُ السِّنان إِذا دَقَّقْته، وَالْمَشْهُورُ بِالسِّينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وحَرْبَةٌ حَشْرَةٌ: حَدِيدَةٌ. الأَزهري فِي النَّوَادِرِ: حُشِرَ فُلَانٌ فِي ذَكَرِهِ وَفِي بَطْنِهِ، وأُحْثِلَ فِيهِمَا إِذا كَانَا ضَخْمَيْنِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَارٌ تَطْرُدُ الناسَ إِلى مَحْشَرهم
؛ يُرِيدُ بِهِ الشَّامَ لأَن بِهَا يُحْشَرُ النَّاسُ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
وتَحْشُرُ بَقِيَّتُهُمْ إِلى النَّارِ
؛ أَي تَجْمَعُهُمْ وَتَسُوقُهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن وَفْدَ ثَقِيفٍ اشْتَرَطُوا أَن لَا يُعْشَرُوا وَلَا يُحْشرُوا
؛ أَي لَا يُنْدَبُونَ إِلى الْمَغَازِي وَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِمُ البُعُوث، وَقِيلَ: لَا يُحْشَرُونَ إِلى عَامِلِ الزَّكَاةِ ليأْخذ صَدَقَةَ أَموالهم بَلْ يأْخذها فِي أَماكنهم؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
صُلْحِ أَهلِ نَجْرانَ: عَلَى أَن لَا يُحْشَرُوا
؛ وَحَدِيثُ النِّسَاءِ:
لَا يُعْشَرْنَ وَلَا يُحْشَرْنَ
؛ يَعْنِي للغَزَاةِ فإِن الغَزْوَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ. والحَشْرُ مِنَ القُذَذِ وَالْآذَانِ: المُؤَلَّلَةُ الحَدِيدَةُ، والجمعُ حُشُورٌ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ:
مَطارِيحُ بالوَعْثِ مُرُّ الحُشُورِ، ... هاجَرْنَ رَمَّاحَةً زَيْزَفُونا
والمَحْشُورَةُ: كالحَشْرِ. اللَّيْثُ: الحَشْرُ مِنَ الآذان ومن قُذَدِ رِيشِ السِّهامِ مَا لَطُفَ كأَنما بُرِيَ بَرْياً. وأُذُنٌ حَشْرَةٌ وحَشْرٌ: صَغِيرَةٌ لَطِيفَةٌ مُسْتَدِيرَةٌ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: دَقِيقَةُ الطَّرَفِ، سُمِّيَتْ فِي الأَخيرة بِالْمَصْدَرِ لأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي صُغِّرَتْ وأُلطفت. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي بُرِيَتْ وحُدِّدَتْ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا؛ فَرَسٌ حَشْوَرٌ، والأُنثى حَشْوَرَةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَنْ أَفرده فِي الْجَمْعِ وَلَمْ يؤَنث فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ؛ كَمَا قَالُوا: رَجُلٌ عَدْلٌ وَنِسْوَةٌ عَدْلٌ، وَمَنْ قَالَ حَشْراتٌ فَعَلَى حَشْرَةٍ، وَقِيلَ: كلُّ لَطِيفٍ دَقِيقٍ حَشْرٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُسْتَحَبُّ فِي الْبَعِيرِ أَن يَكُونَ حَشْرَ الأُذن، وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ فِي النَّاقَةِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَهَا أُذُنٌ حَشْرٌ وذِفْرَى لَطيفَةٌ، ... وخَدٌّ كَمِرآةِ الغَرِيبَة أَسْجَحُ «1»
. الْجَوْهَرِيُّ: آذَانُ حَشْرٌ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ لأَنه مَصْدَرٌ فِي الأَصل مِثْلُ قَوْلِهِمْ مَاءٌ غَوْرٌ وَمَاءٌ سَكْبٌ، وَقَدْ قِيلَ: أُذن حَشْرَةٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
لَهَا أُذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ، ... كإِعْلِيط مَرْخٍ إِذا مَا صَفِرْ
وَسَهْمٌ مَحْشُورٌ وحَشْرٌ: مُسْتَوِي قُذَذِ الرِّيشِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: سَهْمٌ حَشْرٌ وَسِهَامٌ حَشْرٌ؛ وَفِي شِعْرِ هُذَيْلٍ: سَهْمٌ حَشِرٌ، فإِما أَن يَكُونَ عَلَى النَّسَبِ كطَعِمٍ، وإِما أَن يَكُونَ عَلَى الْفِعْلِ تَوَهَّمُوهُ وإِن لَمْ يَقُولُوا حَشِرَ؛ قَالَ أَبو عِمَارَةَ الْهُذَلِيُّ:
وكلُّ سهمٍ حَشِرٍ مَشُوفِ
الْمَشُوفُ: المَجْلُوُّ. وَسَهْمٌ حَشْرٌ: مُلْزَقٌ جَيِّدُ القُذَذِ، وَكَذَلِكَ الرِّيشُ. وحَشَرَ العودَ حَشْراً: بَرَاهُ. والحَشْرُ: اللَّزجُ فِي القَدَحِ مِنْ دَسَمِ اللبنِ؛ وَقِيلَ: الحَشْرُ اللَّزِجُ مِنَ اللَّبَنِ كالحَشَنِ. وحُشِرَ عَنِ الوَطْبِ إِذَا كَثُرَ وَسَخُ اللَّبَنِ عَلَيْهِ فَقُشِرَ عَنْهُ؛ رَوَاهُ ابْنِ الأَعرابي؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ حُشِنَ، وَكِلَاهُمَا عَلَى صِيغَةِ فِعْلِ الْمَفْعُولِ.
__________
(1) . قوله: [وخد كمرآة الغريبة] في الأساس: يقال وجه كمرآة الغريبة لأَنها في غير قومها، فمرآتها مجلوّة أَبداً لأَنه لا ناصح لها في وجهها(4/192)
وأَبو حَشْرٍ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ. والحَشْوَرُ مِنَ الدَّوَابِّ: المُلَزَّزُ الخَلْقِ، وَمِنَ الرِّجَالِ: الْعَظِيمُ الْبَطْنِ؛ وأَنشد:
حَشْوَرَةُ الجَنْبَيْنِ مَعْطاءُ القَفا
وَقِيلَ: الحَشْوَرُ مِثَالُ الجَرْوَلِ الْمُنْتَفِخُ الْجَنْبَيْنِ، والأُنثى بِالْهَاءِ، وَاللَّهُ أَعلم.
حصر: الحَصَرُ: ضربٌ مِنَ العِيِّ. حَصِرَ الرجلُ حَصَراً مِثْلَ تَعِبَ تَعَباً، فَهُوَ حَصِرٌ: عَيِيَ فِي مَنْطِقِهِ؛ وَقِيلَ: حَصِرَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ. وحَصِرَ صدرُه: ضَاقَ. والحَصَرُ: ضِيقُ الصَّدْرِ. وإِذا ضَاقَ الْمَرْءُ عَنْ أَمر قِيلَ: حَصِرَ صَدْرُ الْمَرْءِ عَنْ أَهله يَحْصَرُ حَصَراً؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ
؛ مَعْنَاهُ ضَاقَتْ صُدُورُهُمْ عَنْ قِتَالِكُمْ وَقِتَالِ قَوْمِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ تَقْدِيرُهُ وَقَدْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ؛ وَقِيلَ: تقديره أَو جاؤوكم رِجَالًا أَو قَوْمًا فَحَصِرَتْ صُدُورُهُمُ الْآنَ، فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ لأَنه صِفَةٌ حَلَّتْ مَحَلَّ مَوْصُوفٍ مَنْصُوبٍ عَلَى الْحَالِ، وَفِيهِ بَعْضُ صَنْعَةٍ لإِقامتك الصِّفَةَ مُقَامَ الْمَوْصُوفِ وَهَذَا مِمَّا «1» .... وَمَوْضِعُ الِاضْطِرَارِ أَولى بِهِ مِنَ النَّثْرِ «2» . وَحَالِ الِاخْتِيَارِ. وَكُلُّ مَنْ بَعِلَ بشيءٍ أَو ضَاقَ صَدْرُهُ بأَمر، فَقَدْ حَصِرَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ نَخْلَةً طَالَتْ، فحَصِرَ صدرُ صارِمِ ثَمَرِهَا حِينَ نَظَرَ إِلى أَعاليها، وَضَاقَ صَدْرُهُ أَن رَقِيَ إِليها لِطُولِهَا:
أَعْرَضْتُ وانْتَصَبَتْ كَجِذْع مُنِيفةٍ ... جَرْداءَ يَحْصَرُ دونَها صُرَّامُها
أَي تَضِيقُ صُدُورُهُمْ بِطُولِ هَذِهِ النَّخْلَةِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ
؛ الْعَرَبُ تَقُولُ: أَتاني فُلَانٌ ذَهَبَ عَقْلُهُ؛ يُرِيدُونَ قَدْ ذَهَبَ عَقْلُهُ؛ قَالَ: وَسَمِعَ الْكِسَائِيُّ رَجُلًا يَقُولُ فأَصبحتُ نظرتُ إِلى ذَاتِ التَّنَانِيرِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: جَعَلَ الْفَرَّاءُ قَوْلَهُ حَصِرَتْ حَالًا وَلَا يَكُونُ حَالًا إِلَّا بِقَدْ؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ كأَنه قَالَ أَو جاؤوكم ثُمَّ أَخبر بعدُ، قَالَ: حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ؛ وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: إِذا أَضمرت قَدْ قُرِّبَتْ مِنَ الْحَالِ وَصَارَتْ كَالِاسْمِ، وَبِهَا قرأَ مَنْ قرأَ حَصِرَةً صُدورُهُمْ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَلَا يَكُونُ جَاءَنِي الْقَوْمُ ضَاقَتْ صُدُورُهُمْ إِلَّا أَن تَصِلَهُ بِوَاوٍ أَو بِقَدْ، كأَنك قُلْتَ: جَاءَنِي الْقَوْمُ وَضَاقَتْ صُدُورُهُمْ أَو قَدْ ضَاقَتْ صُدُورُهُمْ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُهُ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ
، فأَجاز الأَخفش وَالْكُوفِيُّونَ أَن يَكُونَ الْمَاضِي حَالًا، وَلَمْ يُجِزْهُ سِيبَوَيْهِ إِلَّا مَعَ قَدْ، وَجَعَلَ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ عَلَى جِهَةِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
زَوَاجِ فَاطِمَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: فَلَمَّا رأَت عَلِيًّا جَالِسًا إِلى جَنْبِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَصِرَتْ وَبَكَتْ
؛ أَي اسْتَحَتْ وَانْقَطَعَتْ كأَن الأَمر ضَاقَ بِهَا كَمَا يَضِيقُ الْحَبْسُ عَلَى الْمَحْبُوسِ. والحَصُورُ مِنَ الإِبل: الضَّيِّقَةُ الأَحاليل، وَقَدْ حَصَرَتْ، بِالْفَتْحِ، وأَحْصَرَتْ؛ وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ: إِنها لحَصِرَةُ الشَّخْب نَشِبَةُ الدَّرِّ؛ والحَصَرُ: نَشَبُ الدِّرَّةِ فِي الْعُرُوقِ مِنْ خُبْثِ النَّفْسِ وَكَرَاهَةِ الدِّرَّةِ، وحَصَرَهُ يَحْصُرُهُ حَصْراً، فَهُوَ مَحْصُورٌ وحَصِيرٌ، وأَحْصَرَهُ. كِلَاهُمَا: حَبَسَهُ عَنِ السَّفَرِ. وأَحْصَرَهُ الْمَرَضُ: مَنَعَهُ مِنَ السَّفَرِ أَو مِنْ حَاجَةٍ يُرِيدُهَا؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ
. وأَحْصَرَني بَوْلي وأَحْصَرني مَرَضِي أَي جَعَلَنِي أَحْصُرُ نَفْسِي؛ وَقِيلَ: حَصَرَني الشَّيْءُ وأَحْصَرَني أَي حَبَسَنِي. وحَصَرَهُ
__________
(1) . كذا بياض بالأصل
(2) . قوله النثر: هكذا في الأصل(4/193)
يَحصُرُهُ [يَحصِرُهُ] حَصْراً: ضَيَّقَ عَلَيْهِ وأَحاط بِهِ. والحَصِيرُ: الملِكُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه مَحصُورٌ أَي مَحْجُوبٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وقَماقِمٍ غُلْبِ الرِّقاب كأَنَّهُمْ ... جِنٌّ، عَلَى بَابِ الحَصِير، قِيامُ
الْجَوْهَرِيُّ: وَيُرْوَى ومَقامَةٍ غُلْبِ الرقابِ عَلَى أَن يَكُونَ غُلْبُ الرِّقَابِ بَدَلًا مِنْ مَقامَةٍ كأَنه قَالَ ورُبَّ غُلْبِ الرِّقَابِ، وَرُوِيَ
لَدى طَرَفِ الْحَصِيرِ قِيَامٌ
. والحَصِيرُ: المَحْبِسُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً
؛ وَقَالَ الْقَتِيبِيُّ: هُوَ مِنْ حَصَرْته أَي حَبَسْتُهُ، فَهُوَ مَحْصُورٌ. وَهَذَا حَصِيرُه أَي مَحْبِسُه، وحَصَرَهُ الْمَرَضُ: حَبَسَهُ، عَلَى الْمَثَلِ. وحَصِيرَةُ التَّمْرِ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْصَرُ فِيهِ وَهُوَ الجَرِينُ، وَذَكَرَهُ الأَزهري بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. والحِصارُ: المَحْبِس كالحَصِيرِ. والحُصْرُ والحُصُرُ: احْتِبَاسُ الْبَطْنِ. وَقَدْ حُصِرَ غَائِطُهُ، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، وأُحْصِرَ. الأَصمعي واليزيدي: الحُصْرُ مِنَ الْغَائِطِ، والأُسْرُ مِنَ الْبَوْلِ. الْكِسَائِيُّ: حُصِرَ بِغَائِطِهِ وأُحْصِرَ، بِضَمِّ الأَلف. ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ لِلَّذِي بِهِ الحُصْرُ: مَحْصُورٌ: وَقَدْ حُصِرَ عَلَيْهِ بولُه يُحْصَرُ حَصْراً أَشَدَّ الحصْرِ؛ وَقَدْ أَخذه الحُصْرُ وأَخذه الأُسْرُ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَن يُمْسَكَ بِبَوْلِهِ يَحْصُرُ حَصْراً فَلَا يَبُولُ؛ قَالَ: وَيَقُولُونَ حُصِرَ عَلَيْهِ بولُه وخلاؤُه. وَرَجُلٌ حَصِرٌ: كَتُومٌ لِلسِّرِّ حَابِسٌ لَهُ لَا يَبُوحُ بِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَلَقَدْ تَسَقَّطني الوُشاةُ فَصادفوا ... حَصِراً بِسرِّكِ، يَا أُمَيْم، ضَنِينا
وَهُمْ مِمَّنْ يُفَضِّلُونَ الحَصُورَ الَّذِي يَكْتُمُ السِّرَّ فِي نَفْسِهِ، وَهُوَ الحَصِرُ. والحَصِيرُ والحَصورُ: المُمْسِكُ الْبَخِيلُ الضَّيِّقُ؛ وَرَجُلٌ حَصِرٌ بِالْعَطَاءِ؛ وَرُوِيَ بَيْتُ الأَخطل بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا:
وَشَارِبٍ مُرْبِحٍ بِالْكَاسِ نادَمَنيِ، ... لَا بالحَصُورِ وَلَا فِيهَا بِسَوَّارِ
وحَصِرَ: بِمَعْنَى بَخِلَ. والحَصُور: الَّذِي لَا يُنْفِقُ عَلَى النَّدامَى. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا رأَيت أَحداً أَخْلَقَ للمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ، كَانَ النَّاسُ يَرِدُونَ مِنْهُ أَرْجاءَ وادٍ رَحْبٍ، لَيْسَ مثلَ الحَصِرِ العَقِصِ
؛ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ. الحَصِرُ: الْبَخِيلُ، والعَقِصُ: الْمُلْتَوِي الصَّعْبُ الأَخلاق. وَيُقَالُ: شَرِبَ الْقَوْمُ فَحَصِرَ عَلَيْهِمْ فُلَانٌ أَي بَخِلَ. وَكُلُّ مَنِ امْتَنَعَ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقَدْ حَصِرَ عَنْهُ؛ وَلِهَذَا قِيلَ: حَصِرَ فِي الْقِرَاءَةِ وحَصِر عَنْ أَهله. والحَصُورُ: الهَيُوبُ المُحْجِمُ عَنِ الشَّيْءِ، وَعَلَى هَذَا فَسَّرَ بَعْضُهُمْ بَيْتَ الأَخطل: وَشَارِبٌ مُرْبِحٌ. والحَصُور أَيضاً: الَّذِي لَا إِرْبَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ، وَكِلَاهُمَا مِنْ ذَلِكَ أَي مِنَ الإِمساك وَالْمَنْعِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَسَيِّداً وَحَصُوراً
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الَّذِي لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَلَا يَقْرَبُهُنَّ. الأَزهري: رَجُلٌ حَصُورٌ إِذا حُصِرَ عَنِ النِّسَاءِ فَلَا يَسْتَطِيعُهُنَّ والحَصُورُ: الَّذِي لَا يأْتي النِّسَاءَ. وامرأَة حَصْراءُ أَي رَتْقاء. وَفِي حَدِيثِ
القِبْطِيِّ الَّذِي أَمر النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلِيًّا بِقَتْلِهِ، قَالَ: فَرَفَعَتِ الريحُ ثوبَهُ فإِذا هُوَ حَصُورٌ
؛ هُوَ الَّذِي لَا يأْتي النِّسَاءَ لأَنه حُبِسَ عَنِ النِّكَاحِ وَمُنِعَ، وَهُوَ فَعُول بِمَعْنَى مَفْعُول، وَهُوَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمَجْبُوبُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ، وَذَلِكَ أَبلغ فِي الحَصَرِ لِعَدَمِ آلَةِ النِّكَاحِ، وأَما الْعَاقِرُ فَهُوَ الَّذِي يأْتيهنّ وَلَا يُوَلَدُ لَهُ، وَكُلُّهُ مِنَ الحَبْسِ وَالِاحْتِبَاسِ.(4/194)
وَيُقَالُ: قَوْمٌ مُحْصَرُون إِذا حُوصِرُوا فِي حِصْنٍ، وَكَذَلِكَ هُمْ مُحْصَرُون فِي الْحَجِّ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ
. والحِصارُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْصَرُ فِيهِ الإِنسان؛ تَقُولُ: حَصَرُوه حَصْراً وحاصَرُوه؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
مِدْحَةَ مَحْصُورٍ تَشَكَّى الحَصْرَا
قَالَ يَعْنِي بِالْمَحْصُورِ الْمَحْبُوسَ. والإِحصارُ: أَن يُحْصَر الْحَاجُّ عَنْ بُلُوغِ الْمَنَاسِكِ بِمَرَضٍ أَو نَحْوِهِ. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
المُحْصَرُ بِمَرَضٍ لَا يُحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ
؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ الإِحْصارُ الْمَنْعُ وَالْحَبْسُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يَمْنَعُهُ خَوْفٌ أَو مَرَضٌ مِنَ الْوُصُولِ إِلى تَمَامِ حَجِّهِ أَو عُمْرَتِهِ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَكُنْ مَقْهُورًا كَالْحَبْسِ وَالسِّحْرِ وأَشباه ذَلِكَ، يُقَالُ فِي الْمَرَضِ: قَدْ أُحْصِرَ، وَفِي الْحَبْسِ إِذا حَبَسَهُ سُلْطَانٌ أَو قَاهِرٌ مَانِعٌ: قَدْ حُصِرَ، فَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَهُمَا؛ وَلَوْ نَوَيْتَ بِقَهْرِ السُّلْطَانِ أَنها عِلَّةٌ مَانِعَةٌ وَلَمْ تَذْهَبْ إِلى فِعْلِ الْفَاعِلِ جَازَ لَكَ أَن تَقُولَ قَدْ أُحْصِرَ الرَّجُلُ، وَلَوْ قُلْتَ فِي أُحْصِرَ مِنَ الوجع والمرض إِن المرض حَصَره أَو الْخَوْفِ جَازَ أَن تَقُولَ حُصِرَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَسَيِّداً وَحَصُوراً
: يُقَالُ: إِنه المُحْصَرُ عَنِ النِّسَاءِ لأَنها عِلَّةٌ فَلَيْسَ بِمَحْبُوسٍ فَعَلَى هَذَا فابْنِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ حَصُورًا لأَنه حُبِسَ عَمَّا يَكُونُ مِنَ الرِّجَالِ. وحَصَرَني الشَّيْءُ وأَحْصَرَني: حَبَسَنِي؛ وأَنشد لِابْنِ مَيَّادَةَ:
وَمَا هجرُ لَيْلَى أَن تكونَ تَباعَدَتْ ... عليكَ، وَلَا أَنْ أَحْصَرَتْكَ شُغُولُ
فِي بَابِ فَعَلَ وأَفْعَلَ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ يُونُسَ أَنه قَالَ: إِذا رُدَّ الرَّجُلُ عَنْ وَجْهٍ يُرِيدُهُ فَقَدْ أُحْصِرَ، وإِذا حُبِسَ فَقَدْ حُصِرَ. أَبو عُبَيْدَةَ: حُصِرَ الرَّجُلُ فِي الْحَبْسِ وأُحْصِرَ فِي السَّفَرِ مِنْ مَرَضٍ أَو انْقِطَاعٍ بِهِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَحصره الْمَرَضُ إِذا مَنَعَهُ مِنَ السَّفَرِ أَو مِنْ حَاجَةٍ يُرِيدُهَا وأَحصره الْعَدُوُّ إِذا ضَيَّقَ عَلَيْهِ فَحصِرَ أَي ضَاقَ صَدْرُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: وحَصَرَهُ العدوّ يَحْصُرُونه [يَحْصِرُونه] إِذا ضَيَّقُوا عَلَيْهِ وأَحاطوا بِهِ وحاصَرُوه مُحاصَرَةً وحِصاراً. وَقَالَ أَبو إِسحاق: النَّحْوِيُّ: الرِّوَايَةُ عَنْ أَهل اللُّغَةِ أَن يُقَالَ لِلَّذِي يَمْنَعُهُ الْخَوْفُ وَالْمَرَضُ أُحْصِرَ، قَالَ: وَيُقَالُ لِلْمَحْبُوسِ حُصِرَ؛ وإِنما كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لأَن الرَّجُلَ إِذا امْتَنَعَ مِنَ التَّصَرُّفِ فَقَدْ حَصَرَ نَفْسَه فكَأَنَّ الْمَرَضَ أَحبسه أَي جَعَلَهُ يَحْبِسُ نَفْسَهُ، وَقَوْلُكَ حَصَرْتُه إِنَّمَا هُوَ حَبَسْتُهُ لَا أَنه أَحبس نَفْسَهُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ أَحصر؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: لَا حَصْرَ إِلَّا حَصْرُ الْعَدُوِّ
، فَجَعَلَهُ بِغَيْرِ أَلف جَائِزًا بِمَعْنَى قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
؛ قَالَ: وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً
؛ أَي مَحْبِساً ومَحْصَراً [مَحْصِراً] . وَيُقَالُ: حَصَرْتُ القومَ فِي مَدِينَةٍ، بِغَيْرِ أَلف، وَقَدْ أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ أَي مَنَعَهُ مِنَ السَّفَرِ. وأَصلُ الحَصْرِ والإِحْصارِ: المنعُ؛ وأَحْصَرَهُ المرضُ. وحُصِرَ فِي الْحَبْسِ: أَقوى مِنْ أُحْصِرَ لأَن الْقُرْآنَ جَاءَ بِهَا. والحَصِيرُ: الطَّرِيقُ، وَالْجَمْعُ حُصُرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
لَمَّا رأَيتُ فِجاجَ البِيدِ قَدْ وَضَحَتْ، ... ولاحَ مِنْ نُجُدٍ عادِيَّةٌ حُصُرُ
نُجُدٌ: جَمْعُ نَجْدٍ كَسَحْلٍ وسُحُلٍ. وَعَادِيَّةٌ: قَدِيمَةٌ. وحَصَرَ الشيءَ يَحْصُرُه حَصْراً: اسْتَوْعَبَهُ. والحَصِيرُ: وَجْهُ الأَرض، وَالْجَمْعُ أَحْصِرَةٌ وحُصُر. والحَصِيرُ: سَقيفَة تُصنع مِنْ بَرْديٍّ وأَسَلٍ ثُمَّ(4/195)
تُفْرَشُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَلِي وَجْهَ الأَرض، وَقِيلَ: الحَصِيرُ المنسوجُ، سُمِّيَ حَصِيراً لأَنه حُصِرَتْ طَاقَتُهُ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ. والحَصِيرُ: الباريَّةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفضلُ الْجِهَادِ وأَكملُه حجُّ مَبْرُورٌ ثُمَّ لزومُ الحَصِيرِ
؛
وَفِي رِوَايَةٍ أَنه قَالَ لأَزواجه هَذِهِ ثُمَّ قَالَ لزومُ الحُصُرِ
أَي أَنكنَّ لَا تَعُدْنَ تَخْرُجْنَ مِنْ بُيُوتِكُنَّ وَتَلْزَمْنَ الحُصُرَ؛ وهو جمع حَصِير الَّذِي يُبْسَطُ فِي الْبُيُوتِ، وَتُضَمُّ الصَّادُ وَتُسَكَّنُ تَخْفِيفًا؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ مَاءً مُزِجَ بِهِ خَمْرٌ:
تَحَدَّرَ عن شاهِقٍ كالحَصِيرِ، ... مُسْتَقْبِلَ الريحِ، والفَيْءُ قَرّ
يَقُولُ: تَنَزَّلَ الماءُ مِنْ جَبَلٍ شَاهِقٍ لَهُ طَرَائِقُ كشُطَب الْحَصِيرِ. والحَصِيرُ: البِساطُ الصَّغِيرُ مِنَ النَّبَاتِ. والحَصِيرُ: الجَنْبُ، والحَصِيرانِ: الجَنْبانِ. الأَزهري: الجَنْبُ يُقَالُ لَهُ الحَصِيرُ لأَن بَعْضَ الأَضلاع مَحْصُورٌ مَعَ بَعْضٍ؛ وَقِيلَ: الحَصِيرُ مَا بَيْنَ العِرْقِ الَّذِي يَظْهَرُ فِي جَنْبِ الْبَعِيرِ وَالْفَرَسِ مُعْتَرِضًا فَمَا فَوْقَهُ إِلى مُنْقَطَعِ الجَنْبِ. والحَصِيرُ: لحمُ مَا بَيْنَ الْكَتِفِ إِلى الْخَاصِرَةِ؛ وأَما قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
وَقَالُوا: تَرَكْنَا القومَ قَدْ حَصَرُوا بِهِ، ... وَلَا غَرْوَ أَنْ قَدْ كانَ ثَمَّ لَحيمُ
قَالُوا: مَعْنَى حَصَرُوا بِهِ أَي أَحاطوا بِهِ. وحَصِيرا السَّيْفِ: جَانِبَاهُ. وحَصِيرُه: فِرِنْدُه الَّذِي تَرَاهُ كَأَنه مَدَبُّ النملِ؛ قَالَ زهير:
بِرَجْمٍ كَوَقْعِ الهُنْدُوانِيِّ، أَخْلَصَ الصَّياقِلُ ... مِنْهُ عَنْ حَصِيرٍ ورَوْنَقِ
وأَرض مَحْصُورة وَمَنْصُورَةٌ وَمَضْبُوطَةٌ أَي مَمْطُورَةٌ. والحِصارُ والمِحْصَرَةُ: حَقيبَةٌ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وسادَةٌ تُلْقَى عَلَى الْبَعِيرِ وَيُرْفَعُ مُؤَخَّرُهَا فَتُجْعَلُ كآخِرَةِ الرَّحْلِ وَيُحْشَى مُقَدَّمُهَا، فَيَكُونُ كقادِمَةِ الرَّحْلِ، وَقِيلَ: هُوَ مَرْكَبٌ يَرْكَبُ بِهِ الرَّاضَةُ؛ وَقِيلَ: هُوَ كِسَاءٌ يُطْرَحُ عَلَى ظَهْرِهِ يُكْتَفَلُ بِهِ. وأَحْصَرْتُ الجملَ وحَصَرْتُه: جَعَلْتُ لَهُ حِصاراً، وَهُوَ كِسَاءٌ يُجْعَلُ حَوْلَ سَنامِهِ. وحَصَرَ البعيرَ يَحْصُرُه ويحْصِرُه حَصْراً واحْتَصَرَهُ: شَدَّه بالحِصار. والمِحْصَرَةُ: قَتَبٌ صَغِيرٌ يُحْصَرُ بِهِ الْبَعِيرُ وَيُلْقَى عَلَيْهِ أَداة الرَّاكِبِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَن سَعْداً الأَسْلَمِيَّ قَالَ: رأَيته بالخَذَواتِ وَقَدْ حَلَّ سُفْرَةً مُعَلَّقَةً فِي مؤَخَّرَةِ الحِصَارِ [الحَصَارِ]
؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ حذيفةَ: تُعْرَضُ الفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الْحَصِيرِ أَي تُحِيطُ بِالْقُلُوبِ؛ يُقَالُ: حَصَرَ بِهِ القومُ أَي أَطافوا؛ وَقِيلَ: هُوَ عِرْقٌ يَمْتَدُّ معترِضاً عَلَى جَنْبِ الدَّابَّةِ إِلى نَاحِيَةِ بَطْنِهَا فَشَبَّهَ الْفِتَنَ بِذَلِكَ؛ وَقِيلَ: هُوَ ثَوْبٌ مُزَخْرَفٌ مَنْقُوشٌ إِذا نُشِرَ أَخذ القلوب بحسن صنعته، كذلك الْفِتْنَةُ تُزَيَّنُ وَتُزَخْرَفُ لِلنَّاسِ، وَعَاقِبَةُ ذَلِكَ إِلى غُرُورٍ.
حضر: الحُضورُ: نَقِيضُ المَغيب والغَيْبةِ؛ حَضَرَ يَحْضُرُ حُضُوراً وحِضَارَةً؛ ويُعَدَّى فَيُقَالُ: حَضَرَه وحَضِرَه «3» . يَحْضُرُه، وَهُوَ شَاذٌّ، وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. وأَحْضَرَ الشيءَ وأَحْضَرَه إِياه، وَكَانَ ذَلِكَ بِحَضْرةِ فلان وحِضْرَتِه وحُضْرَتِه وحَضَرِه ومَحْضَرِه، وكلَّمتُه بِحَضْرَةِ فُلَانٍ وبمَحْضَرٍ مِنْهُ أَي بِمَشْهَدٍ مِنْهُ، وَكَلَّمْتُهُ أَيضاً بِحَضَرِ فُلَانٍ، بِالتَّحْرِيكِ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ: بِحَضَرِ فُلَانٍ، بِالتَّحْرِيكِ. الْجَوْهَرِيُّ: حَضْرَةُ الرَّجُلِ قُرْبهُ وفِناؤه. وَفِي حَدِيثِ
عمرو
__________
(3) . قوله: [فيقال حضره وحضره إلخ] أَي فهو من بابي نصر وعلم كما في القاموس(4/196)
ابن سَلِمَة «1» . الجَرْمِيِّ: كُنَّا بِحَضْرَةِ ماءٍ
أَي عِنْدَهُ؛ وَرَجُلٌ حاضِرٌ وَقَوْمٌ حُضَّرٌ وحُضُورٌ. وإِنه لحَسنُ الحُضْرَةِ والحِضْرَةِ إِذَا حَضَرَ بِخَيْرٍ. وَفُلَانٌ حَسَنُ المَحْضَرِ إِذا كَانَ مِمَّنْ يَذْكُرُ الغائبَ بِخَيْرٍ. أَبو زَيْدٍ: هُوَ رَجُلٌ حَضِرٌ إِذا حَضَرَ بِخَيْرٍ. وَيُقَالُ: إِنه لَيَعْرِفُ مَنْ بِحَضْرَتِهِ ومَنْ بِعَقْوَتِه. الأَزهري: الحَضْرَةُ قُرْبُ الشَّيْءِ، تَقُولُ: كنتُ بِحَضْرَةِ الدَّارِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
فَشَلَّتْ يَدَاهُ يومَ يَحْمِلُ رايَةً ... إِلى نَهْشَلٍ، والقومُ حَضْرَة نَهْشَلِ
وَيُقَالُ: ضَرَبْتُ فُلَانًا بِحَضْرَةِ فُلَانٍ وبمَحْضَرِه. اللَّيْثُ: يُقَالُ حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وأَهل الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: حَضِرَتْ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ تَحْضَرُ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ حَضِرَ القاضِيَ امرأَةٌ تَحْضَرُ؛ قَالَ: وإِنما أُنْدِرَتِ التَّاءُ لِوُقُوعِ الْقَاضِي بَيْنَ الْفِعْلِ والمرأَة؛ قَالَ الأَزهري: وَاللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ حَضَرَتْ تَحْضُرُ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ تَحْضُرُ، بِالضَّمِّ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَنشدنا أَبو ثَرْوانَ العُكْلِيُّ لِجَرِيرٍ عَلَى لُغَةِ حَضِرَتْ:
مَا مَنْ جَفانا إِذا حاجاتُنا حَضِرَتْ، ... كَمَنْ لَنَا عندَه التَّكْريمُ واللَّطَفُ
والحَضَرُ: خلافُ البَدْوِ. والحاضِرُ: خِلَافُ الْبَادِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَبِعْ حاضِرٌ لِبادٍ
؛ الْحَاضِرُ: الْمُقِيمُ فِي المُدُنِ والقُرَى، وَالْبَادِي: الْمُقِيمُ بِالْبَادِيَةِ، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَن يأْتي البَدَوِيُّ الْبَلْدَةَ وَمَعَهُ قُوتٌ يَبْغِي التَّسارُعَ إِلى بَيْعِهِ رَخِيصًا، فَيَقُولُ لَهُ الحَضَرِيُّ: اتْرُكْهُ عِنْدِي لأُغالِيَ فِي بَيْعِهِ، فَهَذَا الصَّنِيعُ مُحَرَّمٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِضرار بِالْغَيْرِ، وَالْبَيْعُ إِذا جَرَى مَعَ الْمُغَالَاةِ مُنْعَقِدٌ، وَهَذَا إِذا كَانَتِ السِّلْعَةُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إِليها كالأَقوات، فإِن كانت لا تَعُمُّ أَو كَثُرَتِ الأَقواتُ وَاسْتُغْنِيَ عَنْهَا فَفِي التَّحْرِيمِ تردُّد يُعَوَّلُ فِي أَحدهما عَلَى عُمُومِ ظَاهِرِ النَّهْيِ وحَسْمِ بابِ الضِّرارِ، وَفِي الثَّانِي عَلَى مَعْنَى الضَّرُورَةِ. وَقَدْ جَاءَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه سُئِلَ لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْساراً
؛ وَيُقَالُ: فُلَانٌ مَنْ أَهل الْحَاضِرَةِ وَفُلَانٌ مَنْ أَهل الْبَادِيَةِ، وَفُلَانٌ حَضَرِيٌّ وَفُلَانٌ بَدَوِيٌّ. والحِضارَةُ: الإِقامة فِي الحَضَرِ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُ: الحَضارَةُ، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
فَمَنْ تَكُنِ الحَضَارَةُ أَعْجَبَتْه، ... فأَيَّ رجالِ بادِيَةٍ تَرانَا
وَرَجُلٌ حَضِرٌ: لَا يَصْلُحُ لِلسَّفَرِ. وَهُمْ حُضُورٌ أَي حاضِرُونَ، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ. والحَضَرُ والحَضْرَةُ والحاضِرَةُ: خِلَافُ الْبَادِيَةِ، وَهِيَ المُدُنُ والقُرَى والرِّيفُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن أَهلها حَضَرُوا الأَمصارَ ومَساكِنَ الديار التي لا يَكُونُ لَهُمْ بِهَا قَرارٌ، وَالْبَادِيَةُ يُمْكِنُ أَن يَكُونَ اشتقاقُ اسمِها مِنْ بَدا يَبْدُو أَي بَرَزَ وَظَهَرَ وَلَكِنَّهُ اسْمٌ لَزِمَ ذَلِكَ الموضعَ خَاصَّةً دونَ مَا سِوَاهُ؛ وأَهل الحَضَرِ وأَهل البَدْوِ. والحاضِرَةُ والحاضِرُ: الحَيُّ الْعَظِيمُ أَو القومُ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحَيُّ إِذا حَضَرُوا الدارَ الَّتِي بِهَا مُجْتَمَعُهُمْ؛ قَالَ:
فِي حاضِرٍ لَجِبٍ بالليلِ سامِرُهُ، ... فيهِ الصَّواهِلُ والرَّاياتُ والعَكَرُ
فَصَارَ الْحَاضِرُ اسْمًا جَامِعًا كالحاجِّ والسَّامِرِ والجامِل
__________
(1) . قوله: [عمرو بن سلمة] كان يؤمّ قومه وهو صغير، وكان أبوه فقيراً، وكان عليه ثوب خلق حتى قالوا غطوا عنا است قارئكم، فكسوه جبة. وكان يتلقى الوفد ويتلقف منهم القرآن فكان أكثر قومه قرآناً، وأَمَّ بقومه فِي عَهْدِ، النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، ولم يثبت له منه سماع، وأبو سلمة بكسر اللام، وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، كذا بهامش النهاية(4/197)
وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ كَمَا يُقَالُ حاضِرُ طَيِءٍ، وَهُوَ جَمْعٌ، كَمَا يُقَالُ سامِرٌ للسُّمَّار وحاجٌّ للحُجَّاج؛ قَالَ حَسَّانُ:
لَنَا حاضِرٌ فَعْمٌ وبادٍ، كَأَنَّهُ ... قطِينُ الإِلهِ عِزَّةً وتَكَرُّما
وَفِي حَدِيثِ
أُسامة: وَقَدْ، أَحاطوا بِحَاضِرٍ فَعْمٍ.
الأَزهري: الْعَرَبُ تَقُولُ حَيٌّ حاضِرٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، إِذا كَانُوا نَازِلِينَ عَلَى ماءٍ عِدٍّ، يُقَالُ: حاضِرُ بَنِي فلانٍ عَلَى ماءِ كَذَا وَكَذَا، وَيُقَالُ لِلْمُقِيمِ عَلَى الْمَاءِ: حاضرٌ، وَجَمْعُهُ حُضُورٌ، وَهُوَ ضِدُّ الْمُسَافِرِ، وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِلْمُقِيمِ: شاهدٌ وخافِضٌ. وَفُلَانٌ حاضِرٌ بِمَوْضِعِ كَذَا أَي مُقِيمٌ بِهِ. وَيُقَالُ: عَلَى الْمَاءِ حاضِرٌ وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ حُضَّارٌ إِذا حَضَرُوا الْمِيَاهَ، ومَحاضِرُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فالوادِيانِ وكلُّ مَغْنًى مِنْهُمُ، ... وَعَلَى المياهِ مَحاضِرٌ وخِيامُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ مَرْفُوعٌ بِالْعَطْفِ عَلَى بَيْتٍ قَبْلَهُ وَهُوَ:
أَقْوَى وعُرِّيَ واسِطٌ فَبِرامُ، ... مِنْ أَهلِهِ، فَصُوائِقٌ فَخُزامُ
وَبَعْدَهُ:
عَهْدِي بِهَا الحَيَّ الجميعَ، وفيهمُ، ... قبلَ التَّفَرُّقِ، مَيْسِرٌ ونِدامُ
وَهَذِهِ كُلُّهَا أَسماء مَوَاضِعَ. وَقَوْلُهُ: عَهْدِي رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ، وَالْحَيُّ مَفْعُولٌ بِعَهْدِي وَالْجَمِيعُ نَعْتُهُ، وفيهم قبل التفرق ميسر: جُمْلَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَقَدْ سَدَّتْ مَسَدَّ خَبَرِ المبتدإِ الَّذِي هُوَ عَهْدِي عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ: عَهْدِي بِزَيْدٍ قَائِمًا؛ وَنِدَامِ: يَجُوزُ أَن يَكُونُ جَمْعُ نَدِيمٍ كَظَرِيفٍ وَظِرَافٍ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ نَدْمَانَ كَغَرْثَانَ وَغِرَاثٍ. قَالَ: وحَضَرَةٌ مِثْلُ كَافِرٍ وكَفَرَةٍ. وَفِي حَدِيثِ
آكِلِ الضَّبِّ: أَنَّى تَحضُرُنِي منَ اللهِ حاضِرَةٌ
؛ أَراد الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَهُ. وحاضِرَةٌ: صِفَةُ طَائِفَةٍ أَو جَمَاعَةٍ. وَفِي حَدِيثِ الصُّبْحِ:
فإِنها مَشْهُودَة مَحْضُورَةٌ
؛ أَي يَحْضُرُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وحاضِرُو المِياهِ وحُضَّارُها: الْكَائِنُونَ عَلَيْهَا قَرِيبًا مِنْهَا لأَنهم يَحْضُرُونها أَبداً. والمَحْضَرُ: المَرْجِعُ إِلى الْمِيَاهِ. الأَزهري: المحضَر عِنْدَ الْعَرَبِ الْمَرْجِعُ إِلى أَعداد الْمِيَاهِ، والمُنْتَجَعُ: المذهبُ فِي طَلَبِ الكَلإِ، وَكُلُّ مُنْتَجَعٍ مَبْدًى، وَجَمْعُ المَبْدَى مَبادٍ، وَهُوَ البَدْوُ؛ والبادِيَةُ أَيضاً: الَّذِينَ يَتَبَاعَدُونَ عَنْ أَعداد الْمِيَاهِ ذَاهِبِينَ فِي النُّجَعِ إِلى مَساقِط الْغَيْثِ وَمَنَابِتِ الكلإِ. والحاضِرُون: الَّذِينَ يَرْجِعُونَ إِلى المَحاضِرِ فِي الْقَيْظِ وَيَنْزِلُونَ على الماء العِدِّ ولا يفارقونه إِلى أَن يَقَعَ رَبِيعٌ بالأَرض يملأُ الغُدْرانَ فَيَنْتَجِعُونَهُ، وَقَوْمٌ ناجِعَةٌ ونواجِعُ وبادِيَةٌ وبوادٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَكُلُّ مَنْ نَزَلَ عَلَى ماءٍ عِدٍّ وَلَمْ يَتَحَوَّلْ عَنْهُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا، فَهُوَ حَاضِرٌ، سَوَاءٌ نَزَلُوا فِي القُرَى والأَرْياف والدُّورِ المَدَرِيَّة أَو بَنَوُا الأَخْبِيَةَ عَلَى الْمِيَاهِ فَقَرُّوا بِهَا ورَعَوْا مَا حَوَالَيْهَا مِنَ الكلإِ. وأَما الأَعراب الَّذِينَ هُمْ بَادِيَةٌ فإِنما يَحْضُرُونَ الْمَاءَ العِدَّ شُهُورَ الْقَيْظِ لِحَاجَةِ النَّعَمِ إِلى الوِرْدِ غِبّاً ورَفْهاً وافْتَلَوُا الفَلَوَات المُكْلِئَةَ، فإِن وَقَعَ لَهُمْ رَبِيعٌ بالأَرض شَرِبُوا مِنْهُ فِي مَبْدَاهُمْ الَّذِي انْتَوَوْهُ، فإِن استأْخر القَطْرُ ارْتَوَوْا عَلَى ظُهُورِ الإِبل بِشِفاهِهِمْ وَخَيْلِهِمْ مِنْ أَقرب ماءٍ عِدٍّ يَلِيهِمْ، وَرَفَعُوا أَظْماءَهُمْ إِلى السِّبْعِ والثِّمْنِ والعِشْرِ، فإِن كَثُرَتْ فِيهِ الأَمطار والْتَفَّ العُشْبُ وأَخْصَبَتِ الرياضُ وأَمْرَعَتِ البلادُ جَزَأَ النَّعَمُ بالرَّطْبِ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ، وإِذا عَطِشَ المالُ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَرَدَتِ الغُدْرانَ والتَّناهِيَ فشربتْ كَرْعاً وَرُبَّمَا سَقَوْها مِنَ الدُّحْلانِ. وَفِي حَدِيثِ(4/198)
عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ الجَرْمِيّ: كُنَّا بحاضِرٍ يَمُرُّ بِنَا الناسُ
؛ الحاضِرُ: القومُ النُّزُولُ عَلَى مَاءٍ يُقِيمُونَ بِهِ وَلَا يَرْحَلُونَ عَنْهُ. وَيُقَالُ للمَناهِل: المَحاضِر لِلِاجْتِمَاعِ وَالْحُضُورِ عَلَيْهَا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: رُبَّمَا جَعَلُوا الحاضِرَ اسْمًا لِلْمَكَانِ الْمَحْضُورِ. يُقَالُ: نَزَلْنَا حاضِرَ بَنِي فُلَانٍ، فَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
هِجْرَةُ الحاضِرِ
؛ أَي الْمَكَانُ الْمَحْضُورُ. وَرَجُلٌ حَضِرٌ وحَضُرٌ: يَتَحَيَّنُ طَعَامَ النَّاسِ حَتَّى يَحْضُرَهُ. الأَزهري عَنِ الأَصمعي: الْعَرَبُ تَقُولُ: اللَّبَنُ مُحْتَضَرٌ ومَحْضُورٌ فَغَطِّهِ أَي كَثِيرُ الْآفَةِ يَعْنِي يَحْتَضِرُه الْجِنُّ وَالدَّوَابُّ وَغَيْرُهَا مِنْ أَهل الأَرض، والكُنُفُ مَحْضُورَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن هَذِهِ الحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ
؛ أَي يحضُرها الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ
؛ أَي أَن تُصِيبَنِي الشَّيَاطِينُ بِسُوءٍ. وحُضِرَ الْمَرِيضُ واحْتُضِرَ إِذا نَزَلَ بِهِ الموتُ؛ وحَضَرَنِي الهَمُّ واحْتَضَرَنِي وتَحَضَّرَنِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، ذَكَرَ الأَيامَ وَمَا فِي كُلٍّ مِنْهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ثُمَّ قَالَ: والسَّبْتُ أَحْضَرُ إِلا أَن له أَشْطُراً
؛ أَي هُوَ أَكثر شَرًّا، وَهُوَ أَفْعَلُ مِنَ الحُضُورِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حُضِرَ فُلَانٌ واحْتُضِرَ إِذا دَنَا مَوْتُهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَرُوِيَ بالخاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَقِيلَ: هُوَ تَصْحِيفٌ، وَقَوْلُهُ: إِلا أَن لَهُ أَشْطُراً أَي خَيْرًا مَعَ شَرِّهِ؛ وَمِنْهُ: حَلَبَ الدهرَ أَشْطُرَهُ أَي نَالَ خَيْرَهُ وشَرَّه. وَفِي الْحَدِيثِ:
قُولُوا مَا يَحْضُرُكُمْ
«2» ؛ أَي مَا هُوَ حَاضِرٌ عِنْدَكُمْ مَوْجُودٌ ولا تتكلفوا غَيْرَهُ. والحَضِيرَةُ: مَوْضِعُ التَّمْرِ، وأَهل الفَلْحِ «3» . يُسَمُّونها الصُّوبَةَ، وَتُسَمَّى أَيضاً الجُرْنَ والجَرِينَ. والحَضِيرَةُ: جَمَاعَةُ الْقَوْمِ، وَقِيلَ: الحَضِيرَةُ مِنَ الرِّجَالِ السبعةُ أَو الثمانيةُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ أَو شِهَابٌ ابْنُهُ:
رِجالُ حُرُوبٍ يَسْعَرُونَ، وحَلْقَةٌ ... مِنَ الدَّارِ، لَا يأْتي عَلَيْهَا الحضائِرُ
وَقِيلَ: الحَضِيرَةُ الأَربعة وَالْخَمْسَةُ يَغْزُونَ، وَقِيلَ: هُمُ النَّفَرُ يُغْزَى بِهِمْ، وَقِيلَ: هُمُ الْعَشَرَةُ فَمَنْ دُونَهُمْ؛ الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِ سَلْمَى الجُهَنِيَّةِ تَمْدَحُ رَجُلًا وَقِيلَ تَرْثِيهِ:
يَرِدُ المِياهَ حَضِيرَةً ونَفِيضَةً، ... وِرْدَ القَطاةِ إِذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
اخْتُلِفَ فِي اسْمِ الْجُهَنِيَّةِ هَذِهِ فَقِيلَ: هِيَ سَلْمَى بِنْتُ مَخْدَعَةَ الْجُهَنِيَّةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَالَ الْجَاحِظُ: هِيَ سُعْدَى بِنْتُ الشَّمَرْدَل الْجُهَنِيَّةُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الحَضِيرَةُ مَا بَيْنَ سَبْعَةِ رِجَالٍ إِلى ثَمَانِيَةٍ، والنَّفِيضَةُ: الْجَمَاعَةُ وَهُمُ الَّذِينَ يَنْفُضُونَ. وَرَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: حَضِيرَةُ النَّاسِ ونَفِيضَتُهم الجماعَةُ. قَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ حَضِيرَةً وَنَفِيضَةً، قَالَ: حَضِيرَةٌ يَحْضُرُهَا النَّاسُ يَعْنِي الْمِيَاهَ وَنَفِيضَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا أَحد؛ حُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَنَصْبُ حَضِيرَةً وَنَفِيضَةً عَلَى الْحَالِ أَي خَارِجَةً مِنَ الْمِيَاهِ؛ وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي: الْحَضِيرَةُ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ الْمِيَاهَ، وَالنَّفِيضَةُ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ الْخَيْلَ وَهُمُ الطَّلَائِعُ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ ابْنِ الأَعرابي أَحسن. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: النَّفِيضَةُ جَمَاعَةٌ يُبْعَثُونَ لِيَكْشِفُوا هَلْ ثَمَّ عَدُوٌّ أَو خَوْفٌ. والتُّبَّعُ: الظِّلُّ. واسْمَأَلَّ: قَصُرَ، وَذَلِكَ عِنْدَ نِصْفِ النَّهَارِ؛ وَقَبْلَهُ:
سَبَّاقُ عادِيةٍ ورأْسُ سَرِيَّةٍ، ... ومُقاتِلٌ بَطَلٌ وَهادٍ مِسْلَعُ
__________
(2) . قوله: [قولوا ما يحضركم] الذي في النهاية قولوا ما بحضرتكم
(3) . قوله: [وأهل الفلح] بالحاء المهملة والجيم أي شق الأرض للزراعة(4/199)
المِسْلَعُ: الَّذِي يَشُقُّ الْفَلَاةَ شَقًّا، وَاسْمُ المَرْثِيِّ أَسْعَدُ وَهُوَ أَخو سَلْمَى؛ وَلِهَذَا تَقُولُ بَعْدَ الْبَيْتِ:
أَجَعَلْتَ أَسْعَدَ لِلرِّماحِ دَرِيئَةً، ... هَبَلَتْكَ أُمُّكَ أَيَّ جَرْدٍ تَرْقَعُ؟
الدَّرِيئَةُ: الحَلْقَةُ الَّتِي يُتَعَلَّمُ عَلَيْهَا الطَّعْنُ؛ وَالْجَمْعُ الْحَضَائِرُ؛ قَالَ أَبو شِهَابٍ الْهُذَلِيُّ:
رِجالُ حُرُوبٍ يَسْعَرُونَ، وحَلْقَةٌ ... مِنَ الدَّارِ، لَا تَمْضِي عَلَيْهَا الحضائِرُ
وَقَوْلُهُ رِجَالٌ بَدَلٌ مِنْ مَعْقِلٍ فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ وَهُوَ:
فَلَوْ أَنهمْ لَمْ يُنْكِرُوا الحَقَّ، لَمْ يَزَلْ ... لَهُمْ مَعْقِلٌ مِنَّا عَزيزٌ وناصِرُ
يَقُولُ: لَوْ أَنهم عَرَفُوا لَنَا مُحَافَظَتَنَا لَهُمْ وذبَّنا عَنْهُمْ لَكَانَ لَهُمْ مِنَّا مَعْقِلٌ يلجؤُون إِليه وَعِزٌّ يَنْتَهِضُونَ بِهِ. والحَلْقَةُ: الجماعة. وقوله: لَا تَمْضِي عَلَيْهَا الْحَضَائِرُ أَي لا تَجُوزُ الْحَضَائِرُ عَلَى هَذِهِ الْحَلْقَةِ لِخَوْفِهِمْ مِنْهَا. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ الْفَارِسِيُّ حَضيرَة الْعَسْكَرِ مُقَدِّمَتُهُمْ. والحَضِيرَةُ: مَا تُلْقِيهِ المرأَة مِنْ وِلادِها. وحَضِيرةُ النَّاقَةِ: مَا أَلقته بَعْدَ الْوِلَادَةِ. والحَضِيرَةُ: انْقِطَاعُ دَمِهَا. والحَضِيرُ: دمٌ غَلِيظٌ يَجْتَمِعُ فِي السَّلَى. والحَضِيرُ: مَا اجْتَمَعَ فِي الجُرْحِ مِنْ جاسِئَةِ المادَّةِ، وَفِي السَّلَى مِنَ السُّخْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. يُقَالُ: أَلقت الشاةُ حَضِيرتَها، وَهِيَ مَا تُلْقِيهِ بَعْدَ الوَلَدِ مِنَ السُّخْدِ والقَذَى. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الحَضِيرَةُ الصَّاءَةُ تَتْبَعُ السَّلَى وَهِيَ لِفَافَةُ الْوَلَدِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يُصِيبُهُ اللَّمَمُ والجُنُونُ: فُلَانٌ مُحْتَضَرٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
وانْهَمْ بِدَلْوَيْكَ نَهِيمَ المُحْتَضَرْ، ... فَقَدْ أَتتكَ زُمَراً بَعْدَ زُمَرْ
والمُحْتَضِرُ: الَّذِي يأْتي الحَضَرَ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لأُذُنِ الْفِيلِ: الحاضِرَةُ وَلِعَيْنِهِ الْحُفَاصَةُ «1» . وَقَالَ: الحَضْرُ التَّطْفِيلُ وَهُوَ الشَّوْلَقِيُّ وَهُوَ القِرْواشُ والواغِلُ، والحَضْرُ: الرَّجُلُ الواغِلُ الرَّاشِنُ. والحَضْرَةُ: الشِّدَّةُ. والمَحْضَرُ: السِّجِلُّ. والمُحاضَرَةُ: الْمُجَالَدَةُ، وَهُوَ أَن يُغَالِبَكَ عَلَى حَقِّكَ فَيَغْلِبَكَ عَلَيْهِ وَيَذْهَبَ بِهِ. قَالَ اللَّيْثُ: المُحاضَرَةُ أَن يُحاضِرَك إِنسان بِحَقِّكَ فَيَذْهَبَ بِهِ مُغَالَبَةً أَو مُكَابَرَةً. وحاضَرْتُه: جَاثَيْتُهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَهُوَ كَالْمُغَالَبَةِ وَالْمُكَاثَرَةِ. وَرَجُلٌ حَضْرٌ: ذُو بَيَانٍ. وَتَقُولُ: حَضَارِ بِمَعْنَى احْضُرْ، وحَضَارِ، مَبْنِيَّةٌ مُؤَنَّثَةٌ مَجْرُورَةٌ أَبداً: اسْمُ كَوْكَبٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ نَجْمٌ يَطْلُعُ قَبْلَ سُهَيْلٍ فَتَظُنُّ النَّاسُ بِهِ أَنه سُهَيْلٌ وَهُوَ أَحد المُحْلِفَيْنِ. الأَزهري: قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ يُقَالُ طَلَعَتْ حَضَارِ والوَزْنُ، وَهُمَا كَوْكَبَانِ يَطْلُعانِ قَبْلَ سُهَيْلٍ، فإِذا طَلَعَ أَحدهما ظُنَّ أَنه سُهَيْلٌ للشبه، وكذلك الوزن إِذا طَلَعَ، وَهُمَا مُحْلِفانِ عِنْدَ الْعَرَبِ، سُمِّيَا مُحْلِفَيْنِ لاخْتِلافِ النَّاظِرِينَ لَهُمَا إِذا طَلَعَا، فَيَحْلِفُ أَحدهما أَنه سُهَيْلٌ وَيَحْلِفُ الْآخَرُ أَنه لَيْسَ بِسُهَيْلٍ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: حَضَارِ نَجْمٌ خَفِيٌّ فِي بُعْدٍ؛ وأَنشد:
أَرَى نارَ لَيْلَى بالعَقِيقِ كأَنَّها ... حَضَارِ، إِذا مَا أَعْرَضَتْ، وفُرُودُها
الفُرُودُ: نُجُومٌ تَخْفَى حَوْلَ حَضَارِ؛ يُرِيدُ أَن النَّارَ تُخْفَى لِبُعْدِهَا كَهَذَا النَّجْمِ الَّذِي يَخْفَى فِي بُعْدٍ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما مَا كَانَ آخِرُهُ رَاءً فَإِنَّ أَهل الحجاز وبني تَمِيمٍ مُتَّفِقُونَ فِيهِ، وَيَخْتَارُ فِيهِ بَنُو تَمِيمٍ لُغَةَ أَهل الْحِجَازِ، كَمَا اتَّفَقُوا فِي تَرَاكِ الْحِجَازِيَّةِ لأَنها هِيَ اللُّغَةُ الأُولى القُدْمَى، وَزَعَمَ الْخَلِيلُ أَن إِجْناحَ الأَلف أَخفُ
__________
(1) . قوله: [الحفاصة] كذا بالأصل بدون نقط وكتب بهامشه بدلها الفاصة(4/200)
عَلَيْهِمْ يَعْنِي الإِمالةَ لِيَكُونَ الْعَمَلُ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، فَكَرِهُوا تركَ الخِفَّةِ وَعَلِمُوا أَنهم إِن كَسَرُوا الرَّاءَ وَصَلُوا إِلى ذَلِكَ وأَنهم إِن رَفَعُوا لَمْ يَصِلُوا؛ قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَرْفَعَ وَتَنْصِبَ مَا كَانَ فِي آخِرِهِ الرَّاءُ، قَالَ: فَمِنْ ذَلِكَ حَضَارِ لِهَذَا الْكَوْكَبِ، وسَفَارِ اسْمُ مَاءٍ، وَلَكِنَّهُمَا مُؤَنَّثَانِ كماوِيَّةَ؛ وَقَالَ: فكأَنَّ تِلْكَ اسْمُ الْمَاءَةِ وَهَذِهِ اسْمُ الْكَوْكَبَةِ. والحِضارُ مِنَ الإِبل: الْبَيْضَاءُ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: الحِضارُ مِنَ الإِبل الهِجانُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الْخَمْرَ:
فَمَا تُشْتَرَى إِلَّا بِرِبْحٍ، سِباؤُها ... بَناتُ المَخاضِ: شُؤمُها وحِضارُها
شُومُهَا: سُودُهَا؛ يَقُولُ: هَذِهِ الْخَمْرُ لَا تُشْتَرَى إِلا بالإِبل السُّودِ مِنْهَا وَالْبِيضِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالشُّومُ بِلَا هَمْزٍ جَمْعُ أَشيم وَكَانَ قِيَاسُهُ أَن يُقَالَ شِيمٌ كأَبيض وبِيضٍ، وأَما أَبو عَمْرٍو الشَّيْباني فَرَوَاهُ شِيمُهَا عَلَى الْقِيَاسِ وَهُمَا بِمَعْنًى، الواحدُ أَشْيَمُ؛ وأَما الأَصمعي فَقَالَ: لَا وَاحِدَ لَهُ، وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي: يَجُوزُ أَن يُجْمَعَ أَشْيَمُ عَلَى شُومٍ وَقِيَاسُهُ شِيمٌ، كَمَا قَالُوا نَاقَةً عَائِطٌ لِلَّتِي لَمْ تَحْمِلْ وَنُوقٌ عُوط وعِيط، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ إِن الْوَاحِدَ مِنَ الحِضَارِ والجمعَ سَوَاءٌ فَفِيهِ عِنْدُ النَّحْوِيِّينَ شَرْحٌ، وَذَلِكَ أَنه قَدْ يَتَّفِقُ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ عَلَى وَزْنٍ وَاحِدٍ إِلا أَنك تُقَدِّرُ الْبِنَاءَ الَّذِي يَكُونُ لِلْجَمْعِ غَيْرِ الْبَنَاءِ الَّذِي يَكُونُ لِلْوَاحِدِ، وَعَلَى ذَلِكَ قَالُوا نَاقَةٌ هِجانٌ وَنُوقٌ هِجانٌ، فَهِجَانٌ الَّذِي هُوَ جَمْعٌ يُقَدَّرُ عَلَى فِعَالٍ الَّذِي هُوَ جمعٌ مِثْلُ ظِرافٍ، وَالَّذِي يَكُونُ مِنْ صِفَةِ الْمُفْرَدِ تُقَدِّرُهُ مُفْرَدًا مِثْلَ كِتَابٍ، وَالْكَسْرَةُ فِي أَول مُفْرَدِهِ غَيْرُ الْكَسْرَةِ الَّتِي فِي أَوَّل جَمْعِهِ، وَكَذَلِكَ نَاقَةٌ حِضار وَنُوقٌ حِضار، وَكَذَلِكَ الضَّمَّةُ فِي الفُلْكِ إِذا كَانَ المفردَ غَيْرُ الضَّمَّةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْفُلْكِ إِذا كَانَ جَمْعًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ*؛ هَذِهِ الضَّمَّةُ بإِزاء ضَمَّةِ الْقَافِ فِي قَوْلِكَ القُفْل لأَنه وَاحِدٌ، وأَما ضَمَّةُ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ: فَهِيَ بإِزاء ضَمَّةِ الْهَمْزَةِ فِي أُسْدٍ، فَهَذِهِ تُقَدِّرُهَا بأَنها فُعْلٌ الَّتِي تَكُونُ جَمْعًا، وَفِي الأَوَّل تُقَدِّرُهَا فُعْلًا الَّتِي هِيَ لِلْمُفْرَدِ. الأَزهري: والحِضارُ مِنَ الإِبل الْبِيضُ اسْمٌ جَامِعٌ كالهِجانِ؛ وَقَالَ الأُمَوِيُّ: نَاقَةٌ حِضارٌ إِذا جَمَعَتْ قُوَّةً ورِحْلَةً يَعْنِي جَوْدَةَ الْمَشْيِ؛ وَقَالَ شِمْرٌ: لَمْ أَسمع الحِضارَ بِهَذَا الْمَعْنَى إِنما الحِضارُ بِيضُ الإِبل، وأَنشد بَيْتَ أَبي ذُؤَيْبٍ شُومُها وحِضارُها أَي سُودُهَا وَبِيضُهَا. والحَضْراءُ مِنَ النُّوقِ وَغَيْرِهَا: المُبادِرَةُ فِي الأَكل وَالشُّرْبِ. وحَضارٌ: اسْمٌ لِلثَّوْرِ الأَبيض. والحَضْرُ: شَحْمَةٌ فِي الْعَانَةِ وَفَوْقَهَا. والحُضْرُ والإِحْضارُ: ارْتِفَاعُ الْفَرَسِ فِي عَدْوِه؛ عَنِ الثَّعْلَبِيَّةِ، فالحُضْرُ الِاسْمُ والإِحْضارُ الْمَصْدَرُ. الأَزهري: الحُضْرُ والحِضارُ مِنْ عَدْوِ الدَّوَابِّ وَالْفِعْلُ الإِحْضارُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
وُرُودِ النَّارِ: ثُمَّ يَصْدُرُونَ عَنْهَا بأَعمالهم كَلَمْحِ الْبَرْقِ ثُمَّ كَالرِّيحِ ثُمَّ كحُضْرِ الْفَرَسِ
؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ
أَنه أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ حُضْرَ فَرَسِهِ بأَرض الْمَدِينَةِ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
كعبِ بْنِ عُجْرَةَ: فانطلقتُ مُسْرِعاً أَو مُحْضِراً فأَخذتُ بِضَبُعِهِ.
وَقَالَ كُرَاعٌ: أَحْضَرَ الفرسُ إِحْضَاراً وحُضْراً، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ، وَعِنْدِي أَن الحُضْرَ الِاسْمُ والإِحْضارَ المصدرُ. واحْتَضَرَ الفرسُ إِذا عَدَا، واسْتَحْضَرْتُه: أَعْدَيْتُه؛ وَفَرَسٌ مِحْضِيرٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَفَرَسٌ مِحْضِيرٌ ومِحْضارٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ للأُنثى، إِذا كَانَ شَدِيدَ الحُضْرِ، وَهُوَ العَدْوُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ مِحْضار، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ، وَهَذَا فَرَسٌ مِحْضير وَهَذِهِ فَرَسٌ مِحْضِيرٌ. وحاضَرْتُهُ حِضاراً:(4/201)
عَدَوْتُ مَعَهُ. وحُضَيْرُ الكتائِب: رجلٌ مِنْ سَادَاتِ الْعَرَبِ، وَقَدْ سَمَّتْ حاضِراً ومُحاضِراً وحُضَيْراً. والحَضْرُ: مَوْضِعٌ. الأَزهري: الحَضْرُ مَدِينَةٌ بُنِيَتْ قَدِيمًا بَيْنَ دِجْلَةَ والفُراتِ. والحَضْرُ: بلد بإِزاء مَسْكِنٍ. وحَضْرَمَوْتُ: اسْمُ بَلَدٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَبِيلَةٌ أَيضاً، وَهُمَا اسْمَانِ جُعِلَا وَاحِدًا، إِن شِئْتَ بَنَيْتَ الِاسْمِ الأَول عَلَى الْفَتْحِ وأَعربت الثَّانِي إِعراب ما لا يَنْصَرِفُ فَقُلْتَ: هَذَا حَضْرَمَوْتُ، وإِن شِئْتَ أَضفت الأَول إِلى الثَّانِي فَقُلْتَ: هَذَا حَضْرُمَوْتٍ، أَعربت حَضْرًا وَخَفَضْتَ مَوْتًا، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَامِّ أَبْرَص ورَامَهُرْمُز، وَالنِّسْبَةُ إِليه حَضْرَمِيُّ، وَالتَّصْغِيرُ حُضَيْرُمَوْتٍ، تُصَغِّرُ الصَّدْرَ مِنْهُمَا؛ وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ تَقُولُ: فُلَانٌ مِنَ الحَضارِمَةِ. وَفِي حَدِيثِ
مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ: أَنه كَانَ يَمْشِي فِي الحَضْرَمِيِ
؛ هُوَ النَّعْلُ الْمَنْسُوبَةُ إِلى حَضْرَمَوْتَ المتخذة بها. وحَضُورٌ: جَبَلٌ بِالْيَمَنِ أَو بَلَدٌ بِالْيَمَنِ، بِفَتْحِ الْحَاءِ؛ وَقَالَ غَامِدٌ:
تَغَمَّدْتُ شَرّاً كَانَ بَيْنَ عَشِيرَتِي، ... فَأَسْمَانِيَ القَيْلُ الحَضُورِيُّ غامِدَا
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها: كُفِّنَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ثَوْبَيْنِ حَضُورِيَّيْن
؛ هُمَا مَنْسُوبَانِ إِلى حَضُورٍ قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ حَضِيرٍ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ، قَاعٌ يَسِيلُ عَلَيْهِ فَيْضُ النَّقِيع، بالنون.
حضجر: الحِضَجْرُ: الْعَظِيمُ الْبَطْنِ الواسِعُهُ؛ قَالَ:
حِضَجْرٌ كأُمِّ التَّوْأَمَيْنِ تَوَكَّأَتْ ... عَلَى مِرْفَقَيْها، مُسْتَهِلَّةَ عاشِرِ
وحَضاجِرُ: اسْمٌ لِلذَّكَرِ والأُنثى مِنَ الضِّباعِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسِعَةِ بَطْنِهَا وَعِظَمِهِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
هَلَّا غَضِبْتَ لِرَحْلِ جارِكَ، ... إِذْ تَنَبَّذَهُ حَضاجِرْ
وحَضاجِرُ مَعْرِفَةٌ وَلَا يَنْصَرِفُ فِي مَعْرِفَةٍ وَلَا نَكِرَةٍ لأَنه اسْمٌ لِلْوَاحِدِ عَلَى بِنْيَةِ الْجَمْعِ لأَنهم يَقُولُونَ وَطْبٌ حِضَجْرٌ وأَوْطُبٌ حَضاجِرُ، يَعْنِي وَاسِعَةً عَظِيمَةً؛ قَالَ السِّيرَافِيُّ: وإِنما جُعِلَ اسْمًا لَهَا عَلَى لَفْظِ الْجَمْعِ إِرادة لِلْمُبَالَغَةِ، قَالُوا حَضاجِرُ فَجَعَلُوهَا جَمْعًا مِثْلَ قَوْلِهِمْ مُغَيْرِبات الشَّمْسِ ومُشَيْرِقات الشَّمْسِ، وَمِثْلُهُ جَاءَ البعيرُ يَجُرُّ عَثانِينَهُ. وإِبل حَضاجِرُ: قَدْ شَرِبَتْ وأَكلت الحَمْضَ فَانْتَفَخَتْ خَوَاصِرُهَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِنِّي سَتَرْوِي عَيْمَتِي، يَا سالِما، ... حَضاجِرٌ لَا تَقْرَبُ المَواسِما
الأَزهري: الحِضَجْرُ الوَطْبُ ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الضَّبْعُ لِسِعَةِ جَوْفِهَا. الأَزهري: الحِضَجْرُ السِّقاء الضَّخْمُ، والحِضَجْرَةُ: الإِبل الْمُتَفَرِّقَةُ عَلَى رعائها من كثرتها.
حطر: الأَزهري: أَهمل اللَّيْثُ حَطَرَ وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ حُطِرَ بِهِ وكُلِتَ بِهِ وجُلِدَ بِهِ إِذا صُرِعَ؛ وَفِيهَا: سَيْفٌ حالُوقٌ وحالُوقَةٌ وحاطُورَةٌ. قَالَ: وحَطَرْتُ فُلَانًا بالنَّبْلِ مِثْلُ نَضَدْتُه نَضْداً.
حظر: الحَظْرُ: الحَجْرُ، وَهُوَ خِلَافُ الإِباحَةِ. والمَحْظُورُ: المُحَرَّمُ. حَظَرَ الشيءَ يَحْظُرُه حَظْراً وحِظاراً وحَظَرَ عَلَيْهِ: مَنَعَهُ، وكلُّ مَا حَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ شَيْءٍ، فَقَدْ حَظَرَهُ عَلَيْكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً
. وَقَوْلُ الْعَرَبِ: لَا حِظارَ عَلَى الأَسماء يَعْنِي أَنه لَا يُمْنَعُ أَحد أَن يُسَمِّيَ بِمَا شَاءَ أَو يَتَسَمَّى بِهِ. وحَظَرَ عَلَيْهِ حَظْراً: حَجَرَ ومَنَعَ.(4/202)
والحَظِيرَة: جَرِينُ التَّمْرِ، نَجْدِيَّة، لأَنه يَحْظُرُه ويَحْصُرُه. والحَظِيرَةُ: مَا أَحاط بِالشَّيْءِ، وَهِيَ تَكُونُ مِنْ قَصَبٍ وخَشب؛ قَالَ المَرَّارُ بْنُ مُنْقِذٍ العَدَوِيُّ:
فإِنَّ لَنَا حَظائِرَ ناعِماتٍ، ... عَطاء اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَا
فَاسْتَعَارَهُ لِلنَّخْلِ. والحِظَارُ الحَظَارُ: حائطها وصاحبها مُحْتَظِرٌ إِذا اتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ، فإِذا لَمْ تَخُصَّهُ بِهَا فَهُوَ مُحْظِرٌ. وَكُلُّ مَا حَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ شَيْءٍ، فَهُوَ حِظار وحَظَارٌ. وَكُلُّ شَيْءٍ حَجَرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، فَهُوَ حِظارٌ وحِجارٌ. والحِظارُ: الحَظِيرَةُ تُعْمَلُ للإِبل مِنْ شَجَرٍ لِتَقِيَهَا البَرْد والريحَ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الحَظارُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ. وَقَالَ الأَزهري: وَجَدْتُهُ بِخَطِّ شَمِرٍ الحِظار، بِكَسْرِ الْحَاءِ. والمُحْتَظِرُ: الَّذِي يَعْمَلُ الحَظِيرَةَ، وَقُرِئَ: كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
؛ فَمَنْ كَسَرَهُ جَعَلَهُ الْفَاعِلَ، وَمَنْ فَتَحَهُ جَعَلَهُ الْمَفْعُولَ بِهِ. واحْتَظَرَ القومُ وحَظَرُوا: اتَّخَذُوا حَظِيرَةً. وحَظَرُوا أَموالهم: حَبَسُوها فِي الْحَظَائِرِ مِنْ تَضْيِيقٍ. والحَظِرُ: الشيءُ المُحْتَظَرُ بِهِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْقَلِيلِ الْخَيْرِ: إِنه لَنكِدُ الحَظِيرَةِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أُراه سَمَّى أَمواله حَظِيرَةً لأَنه حَظَرَها عِنْدَهُ وَمَنَعَهَا، وَهِيَ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ. والحَظِرُ: الشَّجَرُ المُحْتَظَرُ بِهِ، وَقِيلَ الشَّوْكُ الرَّطْبُ؛ وَوَقَعَ فِي الحَظِرِ الرَّطْبِ إِذا وَقَعَ فِيمَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ، وأَصله أَن الْعَرَبَ تَجْمَعُ الشَّوْكَ الرَّطْبَ فَتُحَظِّرُ بِهِ فَرُبَّمَا وَقَعَ فِيهِ الرَّجُلُ فَنَشِب فِيهِ فَشَبَّهُوهُ بِهَذَا. وَجَاءَ بالحَظِرِ الرَّطْبِ أَي بِكَثْرَةٍ مِنَ الْمَالِ وَالنَّاسِ، وَقِيلَ بِالْكَذِبِ المُسْتَشْنَعِ. وأَوْقَدَ فِي الحَظِرِ الرطْبِ: نَمَّ. الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلْجِدَارِ مِنَ الشَّجَرِ يُوضَعُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ لِيَكُونَ ذَرًى لِلْمَالِ يَرُدُّ عَنْهُ بَرْدَ الشَّمالِ فِي الشِّتَاءِ: حَظارٌ، بِفَتْحِ الْحَاءِ؛ وَقَدْ حَظَرَ فلانٌ عَلَى نَعَمِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
؛ وَقُرِئَ: المحتظَر؛ أَراد كَالْهَشِيمِ الَّذِي جَمَعَهُ صَاحِبُ الْحَظِيرَةِ؛ وَمَنْ قرأَ المحتظَر، بِالْفَتْحِ، فالمحتظَر اسْمٌ لِلْحَظِيرَةِ، الْمَعْنَى كَهَشِيمِ الْمَكَانِ الَّذِي يُحْتَظَرُ فِيهِ الْهَشِيمُ، وَالْهَشِيمُ: مَا يَبِسَ مِنَ المُحْتَظَرَاتِ فارْفَتَّ وتَكَسَّر؛ الْمَعْنَى أَنهم بَادُوا وَهَلَكُوا فَصَارُوا كَيَبيس الشَّجَرِ إِذا تَحَطَّمَ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى قَوْلِهِ كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
أَي كَهَشِيمِ الَّذِي يَحْظُرُ عَلَى هَشِيمِهِ، أَراد أَنه حَظَرَ حِظاراً رَطْباً عَلَى حِظارٍ قَدِيمٍ قَدْ يَبِسَ. وَيُقَالُ للحَطَبِ الرَّطْبِ الَّذِي يُحْظَرُ بِهِ: الحَظِرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَمْ يَمْشِ بَيْنَ الحَيِّ بالحَظِرِ الرَّطْبِ
أَي لَمْ يَمْشِ بِالنَّمِيمَةِ. والحَظْرُ: المنعُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً
؛ وَكَثِيرًا مَا يَرِدُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ المَحْظُور وَيُرَادُ بِهِ الْحَرَامُ. وَقَدْ حَظَرْتُ الشيءَ إِذا حَرَّمْتَهُ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلى الْمَنْعِ. وَفِي حَدِيثِ
أُكَيْدِرِ دُوْمَةَ: لَا يُحْظَرُ عَلَيْكُمُ النَّباتُ
؛ يَقُولُ: لَا تُمْنَعُونَ مِنَ الزراعةِ حَيْثُ شِئْتُمْ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ لَا يُحْمَى عَلَيْكُمُ المَرْتَعُ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَا حِمَى فِي الأَراكِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَراكةٌ فِي حِظارِي، فَقَالَ: لَا حِمَى فِي الأَراك
؛ رَوَاهُ شَمِرٌ وَقَيَّدَهُ بِخَطِّهِ فِي حِظاري، بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَقَالَ: أَراد الأَرض الَّتِي فِيهَا الزعر المُحاطُ عَلَيْهَا كالحَظِيرَةِ، وَتُفْتَحُ الْحَاءُ وَتُكْسَرُ، وَكَانَتْ تِلْكَ الأَراكة الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الأَرض الَّتِي أَحياها قَبْلَ أَن يُحْيِيَهَا فَلَمْ يَمْلِكْهَا بالإِحياء وَمَلَكَ الأَرض دُونَهَا أَو كَانَتْ مَرْعَى السَّارِحَةِ.(4/203)
والمِحْظارُ: ذُبابٌ أَخْضَرُ يَلْسَعُ كَذُبَابِ الْآجَامِ. وحَظِيرَةُ القُدْسِ: الجَنَّةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَلِجُ حَظِيرَةَ القُدْسِ مُدْمِنُ خَمْرٍ
؛ أَراد بِحَظِيرَةِ الْقُدْسِ الْجَنَّةَ، وَهِيَ فِي الأَصل الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحاطُ عَلَيْهِ لتأْوي إِليه الْغَنَمُ والإِبل يَقِيهَا الْبَرْدَ وَالرِّيحَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتته امرأَة فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، ادْعُ اللهَ لِي فَلَقَدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَةً، فَقَالَ: لَقَدِ احْتَظَرْت بِحِظارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ
؛ والاحْتِظارُ: فِعْلُ الحِظارِ، أَراد لَقَدِ احْتَمَيْتِ بِحِمًى عَظِيمٍ مِنَ النَّارِ يَقِيكِ حَرَّهَا وَيُؤَمِّنُكِ دُخولَها. وَفِي حَدِيثِ
مَالِكِ بْنِ أَنس: يَشْتَرِطُ صاحبُ الأَرض عَلَى المُساقِي سَدَّ الحِظارِ
يُرِيدُ بِهِ حائط البستان.
حفر: حَفَرَ الشيءَ يَحْفِرُه حَفْراً واحْتَفَرَهُ: نَقَّاهُ كَمَا تُحْفَرُ الأَرض بِالْحَدِيدَةِ، وَاسْمُ المُحْتَفَرِ الحُفْرَةُ. واسْتَحْفَرَ النَّهْرُ: حانَ لَهُ أَن يُحْفَرَ. والحَفِيرَةُ والحَفَرُ والحَفِيرُ: الْبِئْرُ المُوَسَّعَةُ فَوْقَ قَدْرِهَا، والحَفَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: التُّرَابُ المُخْرَجُ مِنَ الشَّيْءِ المَحْفُور، وَهُوَ مِثْلُ الهَدَمِ، وَيُقَالُ: هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي حُفِرَ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
قَالُوا: انْتَهَيْنا، وَهَذَا الخَنْدَقُ الحَفَرُ
وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَحْفارٌ، وأَحافِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
جُوبَ لَهَا مِنْ جَبلٍ هِرْشَمِّ، ... مُسْقَى الأَحافِيرِ ثَبِيتِ الأُمِ
وَقَدْ تَكُونُ الأَحافير جمعَ حَفِيرٍ كقَطِيعٍ وأَقاطيعَ. وَفِي الأَحاديث: ذِكْرُ حَفَرِ أَبي مُوسَى، وَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْفَاءِ، وَهِيَ رَكايا احْتَفَرها عَلَى جادَّةِ الطَّرِيقِ مِنَ البَصْرَةِ إِلى مَكَّةَ، وَفِيهِ ذِكْرُ الحَفِيرة، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، نَهْرٌ بالأُردنِّ نَزَلَ عِنْدَهُ النُّعْمَانُ بنُ بَشِير، وأَما بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ فَمَنْزِلٌ بَيْنَ ذِي الحُلَيْفَةِ ومِلْكٍ يَسْلُكُه الحاجُّ. والمِحْفَرُ والمِحْفَرَةُ والمِحْفَارُ: المِسْحاةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا يُحْتَفَرُ بِهِ، ورَكِيَّةٌ حَفِيرَةٌ، وحَفَرٌ بديعٌ، وَجَمْعُ الحَفَرِ أَحفار؛ وأَتى يَرْبُوعاً مُقَصِّعاً أَو مُرَهِّطاً فَحَفَرَهُ وحَفَرَ عَنْهُ واحْتَفَرَهُ. الأَزهري: قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يُقَالُ حافِرٌ مُحافِرَةٌ، وَفُلَانٌ أَرْوَغُ مِنْ يَرْبُوعٍ مُحافِرٍ، وَذَلِكَ أَن يَحْفِرَ فِي لُغْزٍ مِنْ أَلْغازِهِ فيذهبَ سُفْلًا ويَحْفِر الإِنسانُ حَتَّى يَعْيَا فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيُشْتَبَهُ عَلَيْهِ الجُحْرُ فَلَا يَعْرِفُهُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَدَعُهُ، فإِذا فَعَلَ اليَرْبُوعُ ذَلِكَ قِيلَ لِمَنْ يَطْلُبُهُ؛ دَعْهُ فَقَدْ حافَرَ فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحد؛ وَيُقَالُ إِنه إِذا حافَرَ وأَبى أَن يَحْفِرَ الترابَ ولا يَنْبُثَه ولا يُذَرِّي وَجْهَ جُحْرِه يُقَالُ: قَدْ جَثا فَتَرَى الجُحْرَ مَمْلُوءًا تُرَابًا مُسْتَوِيًا مَعَ مَا سِوَاهُ إِذا جَثا، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الجاثِياءَ، مَمْدُودًا؛ يُقَالُ: مَا أَشدَّ اشتباهَ جَاثِيائِه. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: رَجُلٌ مُحافِرٌ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ؛ وأَنشد:
مُحافِرُ العَيْشِ أَتَى جِوارِي، ... لَيْسَ لَهُ، مِمَّا أَفاءَ الشَّارِي،
غَيْرُ مُدًى وبُرْمَةٍ أَعْشَارِ
وَكَانَتْ سُورَةُ بَرَاءَةَ تُسَمَّى الحافِرَةَ، وَذَلِكَ أَنها حَفَرَتْ عَنْ قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ، وَذَلِكَ أَنه لَمَّا فُرِضَ الْقِتَالُ تَبَيَّنَ الْمُنَافِقُ مِنْ غَيْرِهِ وَمَنْ يُوَالِي الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ يُوَالِي أَعداءَهم. والحَفْرُ والحَفَرُ: سُلاقٌ فِي أُصول الأَسْنانِ، وَقِيلَ: هِيَ صُفْرة تَعْلُو الأَسنان. الأَزهري: الحَفْرُ والحَفَرُ، جَزْمٌ وفَتْحٌ لُغَتَانِ، وَهُوَ مَا يَلْزَقُ بالأَسنان مِنْ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ، نقول: حَفَرَتْ أَسنانُه تَحْفِرُ حَفْراً. وَيُقَالُ: فِي أَسنانه حَفْرٌ، وبنو أَسد تَقُولُ:(4/204)
فِي أَسنانه حَفَرٌ، بِالتَّحْرِيكِ؛ وَقَدْ حَفَرَتْ تَحْفِرُ حَفْراً، مَثَّالُ كَسَرَ يَكْسِرُ كَسْراً: فَسَدَتْ أُصولها؛ وَيُقَالُ أَيضاً: حَفِرَتْ مِثَالَ تَعِبَ تَعَباً، قَالَ: وَهِيَ أَردأُ اللُّغَتَيْنِ؛ وَسُئِلَ شَمِرٌ عَنِ الحَفَرِ فِي الأَسنان فَقَالَ: هُوَ أَن يَحْفِرَ القَلَحُ أُصولَ الأَسنان بَيْنَ اللِّثَةِ وأَصلِ السِّنِّ مِنْ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ، يُلِحُّ عَلَى الْعَظْمِ حَتَّى يَنْقَشِرَ الْعَظْمُ إِن لَمْ يُدْرَكْ سَرِيعاً. وَيُقَالُ: أَخذ فَمَهُ حَفَرٌ وحَفْرٌ. وَيُقَالُ: أَصبح فَمُ فُلَانٍ مَحْفُوراً، وَقَدْ حُفِرَ فُوه، وحَفَرَ يَحْفِرُ حَفْراً، وحَفِرَ حَفَراً فِيهِمَا. وأَحْفَرَ الصَّبِيُّ: سَقَطَتْ لَهُ الثَّنِيَّتانِ العُلْيَيان والسُّفْلَيانِ، فإِذا سَقَطَتْ رَواضِعُه قِيلَ: حَفَرَتْ. وأَحْفَرَ المُهْرُ للإِثْناء والإِرْباعِ والقُروحِ: سَقَطَتْ ثَنَايَاهُ لِذَلِكَ. وأَفَرَّتِ الإِبل للإِثناء إِذا ذَهَبَتْ رَواضِعُها وَطَلَعَ غَيْرُهَا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ: يُقَالُ أَحْفَرَ المُهْرُ إِحْفاراً، فَهُوَ مُحْفِرٌ، قَالَ: وإِحْفارُهُ أَن تَتَحَرَّكَ الثَّنِيَّتانِ السُّفْلَيانِ والعُلْيَيانِ مِنْ رَوَاضِعِهِ، فإِذا تَحَرَّكْنَ قَالُوا: قَدْ أَحْفَرَتْ ثَنَايَا رَوَاضِعِهِ فَسَقَطْنَ؛ قَالَ: وأَوَّل مَا يَحْفِرُ فِيمَا بَيْنَ ثَلَاثِينَ شَهْرًا أَدنى ذَلِكَ إِلى ثَلَاثَةِ أَعوام ثُمَّ يَسْقُطْنَ فَيَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الإِبداء، ثُمَّ تُبْدِي فَيَخْرُجُ لَهُ ثَنِيَّتَانِ سُفْلَيَانِ وَثَنِيَّتَانِ علييان مكان ثَنَايَاهُ الرَّوَاضِعُ اللَّوَاتِي سَقَطْنَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَعوام، فَهُوَ مُبْدٍ؛ قَالَ: ثُمَّ يُثْنِي فَلَا يَزَالُ ثَنِيّاً حَتَّى يُحْفِرَ إِحْفاراً، وإِحْفارُه أَن تحرَّك لَهُ الرَّباعِيَتانِ السُّفْلَيَانِ وَالرَّبَاعِيَتَانِ الْعُلْيَيَانِ مِنْ رَوَاضِعِهِ، وإِذا تَحَرَّكْنَ قِيلَ: قَدْ أَحْفَرَتْ رَباعِياتُ رَوَاضِعِهِ، فَيَسْقُطْنَ أَول مَا يُحْفِرْنَ فِي اسْتِيفَائِهِ أَربعة أَعوام ثُمَّ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الإِبداء، ثُمَّ لَا يَزَالُ رَباعِياً حَتَّى يُحْفِرَ لِلْقُرُوحِ وَهُوَ أَن يتحرَّك قَارِحَاهُ وَذَلِكَ إِذا اسْتَوْفَى خَمْسَةَ أَعوام؛ ثُمَّ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الإِبداء عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ ثُمَّ هُوَ قَارِحٌ. ابْنُ الأَعرابي: إِذا اسْتَتَمَّ الْمُهْرُ سنتين فهو جَذَغٌ ثُمَّ إِذا اسْتَتَمَّ الثَّالِثَةَ فَهُوَ ثَنِيٌّ، فإِذا أَثنى أَلقى رَوَاضِعَهُ فَيُقَالُ: أَثنى وأَدْرَمَ للإِثناء؛ ثُمَّ هُوَ رَباع إِذا اسْتَتَمَّ الرَّابِعَةَ مِنَ السِّنِينَ يُقَالُ: أَهْضَمَ للإِرباع، وإِذا دَخَلَ فِي الْخَامِسَةِ فَهُوَ قَارِحٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَصَوَابُهُ إِذا اسْتَتَمَّ الْخَامِسَةَ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ أَبي عُبَيْدَةَ قَالَ: وكأَنه سَقَطَ شَيْءٌ. وأَحْفَرَ المُهْرُ للإِثْنَاءِ والإِرْباعِ والقُروحِ إِذا ذَهَبَتْ رَوَاضِعُهُ وَطَلَعَ غَيْرُهَا. والْتَقَى القومُ فَاقْتَتَلُوا عِنْدَ الحافِرَةِ أَي عِنْدَ أَوَّل مَا الْتَقَوْا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَتيت فُلَانًا ثُمَّ رجعتُ عَلَى حافِرَتِي أَي طَرِيقِي الَّذِي أَصْعَدْتُ فِيهِ خَاصَّةً فإِن رَجَعَ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي رَجَعْتُ مِنْ حيثُ جئتُ. وَرَجَعَ عَلَى حَافِرَتِهِ أَي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ. والحافِرَةُ: الْخِلْقَةُ الأُولى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ
؛ أَي فِي أَول أَمرنا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَحافِرَةً عَلَى صَلَعٍ وشَيْبٍ؟ ... مَعاذَ اللهِ مِنْ سَفَهٍ وعارِ
يَقُولُ: أَأَرجع إِلى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ فِي شَبَابِي وأَمري الأَول مِنَ الغَزَلِ والصِّبَا بعد ما شِبْتُ وصَلِعْتُ؟ وَالْحَافِرَةُ: العَوْدَةُ فِي الشَّيْءِ حَتَّى يُرَدَّ آخِره عَلَى أَوّله. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن هَذَا الأَمر لا يُترك عَلَى حَالِهِ حَتَّى يُرَدَّ عَلَى حافِرَتِه
؛ أَي عَلَى أَوّل تأْسيسه. وَفِي حَدِيثِ
سُراقَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرأَيتَ أَعمالنا الَّتِي نَعْمَلُ؟ أَمُؤَاخَذُونَ بِهَا عِنْدَ الحافِرَةِ خَيْرٌ فَخَيْرٌ أَو شَرٌّ فَشَرٌّ أَو شَيْءٌ سَبَقَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ وجَفَّت بِهِ الأَقلام؟
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي الْحافِرَةِ
: مَعْنَاهُ أَئنا لَمَرْدُودُونَ إِلى أَمرنا الأَوّل أَي الْحَيَاةِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: فِي الْحَافِرَةِ، أَي فِي الدُّنْيَا كَمَا كُنَّا؛ وقيل معنى قوله أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ
أَي في الخلق(4/205)
الأَول بعد ما نَمُوتُ. وَقَالُوا فِي الْمَثَلِ: النَّقْدُ عِنْدَ الحافِرَةِ والحافِرِ أَي عِنْدِ أَول كَلِمَةٍ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مَعْنَاهُ إِذا قَالَ قَدْ بعتُك رجعتَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَهُمَا فِي الْمَعْنَى وَاحِدٌ؛ قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ النَّقْدُ عِنْدَ الحافِرِ يُرِيدُ حَافِرَ الْفَرَسِ، وكأَنَّ هَذَا الْمَثَلَ جَرَى فِي الْخَيْلِ، وَقِيلَ: الحافِرَةُ الأَرضُ الَّتِي تُحْفَرُ فِيهَا قُبُورُهُمْ فَسَمَّاهَا الْحَافِرَةَ وَالْمَعْنَى يُرِيدُ الْمَحْفُورَةَ كَمَا قَالَ ماءٍ دافِقٍ يُرِيدُ مَدْفُوقٌ؛ وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه قَالَ: هَذِهِ كَلِمَةٌ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِهَا عِنْدَ السَّبْقِ، قَالَ: وَالْحَافِرَةُ الأَرض الْمَحْفُورَةُ، يُقَالُ أَوَّل مَا يَقَعُ حَافِرُ الْفَرَسِ عَلَى الْحَافِرَةِ فَقَدْ وَجَبَ النَّقْدُ يَعْنِي فِي الرِّهانِ أَي كَمَا يَسْبِقُ فَيَقَعُ حَافِرُهُ؛ يَقُولُ: هاتِ النَّقْدَ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: النَّقْدُ عِنْدَ الْحَافِرِ معناه إِذا اشتريته لن تَبْرَحَ حَتَّى تَنْقُدَ. وَفِي حَدِيثِ
أُبيّ قَالَ: سأَلت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ، قَالَ: هُوَ النَّدَمُ عَلَى الذَّنْبِ حِينَ يَفْرُطُ مِنْكَ وَتَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بِنَدَامَتِكَ عندَ الحافِرِ لا تَعُودُ إِليه أَبداً
؛ قِيلَ: كَانُوا لِنَفَاسَةِ الْفَرَسِ عِنْدَهُمْ وَنَفَاسَتِهِمْ بِهَا لَا يَبِيعُونَهَا إِلا بِالنَّقْدِ، فَقَالُوا: النَّقْدُ عِنْدَ الْحَافِرِ أَي عِنْدِ بَيْعِ ذَاتِ الْحَافِرِ وَصَيَّرُوهُ مَثَلًا، وَمَنْ قَالَ عِنْدَ الْحَافِرَةِ فإِنه لَمَّا جَعَلَ الْحَافِرَةَ فِي مَعْنَى الدَّابَّةِ نَفْسِهَا وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الذَّاتِ، أُلحقت بِهِ عَلَامَةُ التأْنيث إِشعاراً بِتَسْمِيَةِ الذَّاتِ بِهَا أَو هِيَ فَاعِلَةٌ مِنَ الحَفْرِ، لأَن الْفَرَسَ بِشِدَّةِ دَوْسِها تَحْفِرُ الأَرض؛ قَالَ: هَذَا هُوَ الأَصل ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ أَوَّلية فَقِيلَ: رَجَعَ إِلى حافِرِه وحافِرَته، وَفَعَلَ كَذَا عِنْدَ الحافِرَة والحافِرِ، وَالْمَعْنَى يَتَخَيَّرُ النَّدَامَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ عِنْدَ مُوَاقَعَةِ الذَّنْبِ مِنْ غَيْرِ تأْخير لأَن التأْخير مِنَ الإِصرار، وَالْبَاءُ فِي بِنَدَامَتِهِ بِمَعْنَى مَعَ أَو لِلِاسْتِعَانَةِ أَي تَطْلُبُ مَغْفِرَةَ اللَّهِ بأَن تَنْدَمَ، وَالْوَاوُ فِي وَتَسْتَغْفِرُ لِلْحَالِ أَو لِلْعَطْفِ عَلَى مَعْنَى النَّدَمِ. والحافِرُ مِنَ الدَّوَابِّ يَكُونُ لِلْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ: اسْمٌ كَالْكَاهِلِ وَالْغَارِبِ، وَالْجَمْعُ حَوافِرُ؛ قَالَ:
أَوْلَى فَأَوْلَى يَا إمْرَأَ القَيْسِ، بعد ما ... خَصَفْنَ بِآثَارِ المَطِيِّ الحَوافِرَا
أَراد: خَصَفْنَ بِالْحَوَافِرِ آثَارَ الْمَطِيِّ، يَعْنِي آثَارَ أَخفافه فَحَذَفَ الْبَاءَ الْمُوَحَّدَةَ مِنَ الْحَوَافِرِ وَزَادَ أُخرى عِوَضًا مِنْهَا فِي آثَارِ الْمَطِيِّ، هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدِ الْقَلْبَ، وَهُوَ أَمثل، فَمَا وَجَدْتُ مَنْدُوحَةً عَنِ الْقَلْبِ لَمْ تَرْتَكِبْهُ؛ وَمِنْ هُنَا قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَى قَوْلِهِمُ النَّقْدُ عِنْدَ الحافِر أَن الْخَيْلَ كَانَتْ أَعز مَا يُبَاعُ فَكَانُوا لا يُبارِحُونَ مَنِ اشْتَرَاهَا حَتَّى يَنْقُدَ البائِعَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَوِيٍّ. وَيَقُولُونَ للقَدَمِ حَافِرًا إِذا أَرادوا تَقْبِيحَهَا؛ قَالَ:
أَعُوذُ باللهِ مِنْ غُولٍ مُغَوِّلَةٍ ... كأَنَّ حافِرَها فِي ... ظُنْبوُبِ «2»
. الْجَوْهَرِيُّ: الحافِرُ وَاحِدُ حَوَافِر الدَّابَّةِ وَقَدِ اسْتَعَارَهُ الشَّاعِرُ فِي الْقَدَمِ؛ قَالَ جُبَيْها الأَسدي يَصِفُ ضَيْفًا طَارِقًا أَسرع إِليه:
فأَبْصَرَ نارِي، وهْيَ شَقْرَاءُ، أُوقِدَتْ ... بِلَيْلٍ فَلَاحَتْ للعُيونِ النَّواظِرِ
فَمَا رَقَدَ الوِلْدانُ، حَتَّى رَأَيْتُه ... عَلَى البَكْرِ يَمْرِيه بساقٍ وحافِرِ
وَمَعْنَى يَمْرِيهِ يَسْتَخْرِجُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الجَرْيِ. والحُفْرَةُ: وَاحِدَةُ الحُفَرِ. والحُفْرَةُ: مَا يُحْفَرُ فِي الأَرض. والحَفَرُ: اسْمُ الْمَكَانِ الَّذِي حُفِر كَخَنْدَقٍ أَو بِئْرٍ. والحَفْرُ: الهُزال؛ عَنْ كراع. وحَفَرَ الغَرَزُ
__________
(2) . كذا بياض بالأصل(4/206)
العَنْزَ يَحْفِرُها حَفْراً: أَهْزَلَها. وَهَذَا غَيْثٌ لَا يَحْفِرهُ أَحد أَيْ لَا يَعْلَمُ أَحد أَين أَقصاه، والحِفْرَى، مِثَالُ الشِّعْرَى: نَبْتٌ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الرَّمْلِ لَا يَزَالُ أَخضر، وَهُوَ مِنْ نَبَاتِ الرَّبِيعِ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحِفْرَى ذاتُ ورَقٍ وشَوْكٍ صغارٍ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الأَرض الْغَلِيظَةِ وَلَهَا زَهْرَةٌ بَيْضَاءُ، وَهِيَ تَكُونُ مثلَ جُثَّةِ الْحَمَامَةِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ فِي وَصْفِهَا:
يَظَلُّ حِفْراهُ، مِنَ التَّهَدُّلِ، ... فِي رَوْضِ ذَفْراءَ ورُعْلٍ مُخْجِلِ
الْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حِفْراةٌ، وناسٌ مِنْ أَهل الْيَمَنِ يُسَمُّونَ الْخَشَبَةَ ذَاتَ الأَصابع الَّتِي يُذَرَّى بِهَا الكُدْسُ المَدُوسُ ويُنَقَّى بِهَا البُرُّ مِنَ التِّبْنِ: الحِفراةَ ابْنُ الأَعرابي: أَحْفَرَ الرجلُ إِذا رعَت إِبله الحِفْرَى، وَهُوَ نَبْتٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ مِنْ أَردإِ الْمَرَاعِي. قَالَ: وأَحْفَرَ إِذا عَمِلَ بالحِفْراةِ، وَهِيَ الرَّفْشُ الَّذِي يذرَّى بِهِ الْحِنْطَةُ وَهِيَ الْخَشَبَةُ المُصْمَتَةُ الرأْس، فأَما المُفَرَّج فَهُوَ العَضْمُ، بِالضَّادِ، والمِعْزَقَةَ؛ قَالَ: والمِعْزَقَةُ فِي غَيْرِ هَذَا: المَرُّ؛ قَالَ: والرَّفْشُ فِي غَيْرِ هَذَا: الأَكلُ الكثيرُ. وَيُقَالُ: حَفَرْتُ ثرَى فُلَانٍ إِذا فَتَّشْتَ عَنْ أَمره وَوَقَفْتَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: حَفَرَ إِذا جَامَعَ، وحَفِرَ إِذا فَسَد. والحَفِيرُ: الْقَبْرُ. وحَفَرَهُ حَفْراً: هَزَلَهُ؛ يُقَالُ: مَا حَامِلٌ إِلا والحَمْلُ يَحْفِرُها إِلَّا الناقةَ فإِنها تَسْمَنُ عَلَيْهِ. وحُفْرَةُ وحُفَيْرَةُ، وحُفَيْرٌ، وحَفَرٌ، وَيُقَالَانِ بالأَلف وَاللَّامِ: مَوَاضِعُ، وَكَذَلِكَ أَحْفارٌ والأَحْفارُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فَيَا ليتَ دَارِيَ بالمدينةِ أَصبَحَتْ ... بأَحْفارِ فَلْجٍ، أَو بِسيفِ الكَواظِمِ
وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: أَراد الحَفَرَ وَكَاظِمَةَ فَجَمَعَهُمَا ضَرُورَةً. الأَزهري: حَفْرٌ وحَفِيرَةُ اسْمَا مَوْضِعَيْنِ ذَكَرَهُمَا الشُّعَرَاءُ الْقُدَمَاءُ. قَالَ الأَزهري: والأَحْفارُ الْمَعْرُوفَةُ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ ثَلَاثَةٌ: فَمِنْهَا حَفَرُ أَبي مُوسَى، وَهِيَ رَكَايَا احْتَفَرَهَا أَبو مُوسَى الأَشعري عَلَى جادَّة الْبَصْرَةِ، قَالَ: وَقَدْ نَزَلْتُ بِهَا وَاسْتَقَيْتُ مِنْ رَكَايَاهَا وَهِيَ مَا بَيْنَ ماوِيَّةَ والمَنْجَشانِيَّاتِ، وَرَكَايَا الحَفَرِ مُسْتَوِيَةٌ بَعِيدَةُ الرِّشاءِ عَذْبَةُ الْمَاءِ؛ وَمِنْهَا حَفَرُ ضَبَّةَ، وَهِيَ رَكَايَا بِنَاحِيَةِ الشَّواجِنِ بَعِيدَةُ القَعْرِ عَذْبَةُ الْمَاءِ؛ وَمِنْهَا حَفَرُ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَناةَ بْنِ تَمِيمٍ، وَهِيَ بِحِذَاءِ العَرَمَةِ وَرَاءَ الدَّهْناءِ يُسْتَقَى مِنْهَا بالسَّانِيَةِ عِنْدَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ الدَّهْنَاءِ يُقَالُ لَهُ جبل الحاضر.
حقر: الحَقْرُ فِي كُلِّ الْمَعَانِي: الذِّلَّة؛ حَقَرَ يَحْقِرُ حَقْراً وحُقْرِيَّةً، وَكَذَلِكَ الاحْتِقارُ. والحَقِيرُ: الصَّغِيرُ الذَّلِيلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَطَسَ عِنْدَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: حَقِرْتَ ونَقِرْتَ
؛ حَقِرَ إِذا صَارَ حَقِيرًا أَي ذَلِيلًا. وتَحاقَرَتْ إِليه نَفْسُهُ؛ تَصاغَرَتْ. والتَّحْقِيرُ: التصغيرُ. والمُحَقَّراتُ: الصَّغَائِرُ. وَيُقَالُ: هَذَا الأَمر مَحْقَرَةٌ بِكَ أَي حَقارَةٌ. والحَقِيرُ: ضِدُّ الخَطِير، وَيُؤَكَّدُ فَيُقَالُ: حَقِيرٌ نَقِيرٌ وحَقْرٌ نَقْرٌ. وَقَدْ حَقُرَ، بِالضَّمِّ، حَقْراً وحَقارةً وحَقَرَ الشيءَ يَحْقِرُهُ حَقْراً ومَحْقَرَةً وحَقارَةً وحَقَّرَهُ واحْتَقَرَهُ واسْتَحقَرهُ: اسْتَصْغَرَه وَرَآهُ حقِيراً. وحَقَّرَهُ: صَيَّرَهُ حَقِيراً؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:
حُقِّرْتِ أَلَّا يَوْمَ قُدَّ سَيْرِي، ... إِذ أَنَا مِثْلُ الفَلَتانِ العَيْرِ
حُقِّرْتِ أَي صَيَّرَكِ اللَّهُ حَقِيرَةً هلَّا تعرَّضت إِذْ أَنَا فَتًى. وَتَحْقِيرُ الْكَلِمَةِ: تَصْغِيرُهَا. وحَقَّرَ الكلامَ:(4/207)
صَغَّرَه. وَالْحُرُوفُ المَحْقورةُ هِيَ: الْقَافُ وَالْجِيمُ وَالطَّاءُ وَالدَّالُ وَالْبَاءُ يَجْمَعُهَا [جَدُّ قُطْبٍ] سُمِّيتَ بِذَلِكَ لأَنها تُحَقَّرُ في الوقت وتُضْغَطُ عَنْ مَوَاضِعِهَا، وَهِيَ حُرُوفُ الْقَلْقَلَةِ، لأَنك لَا تَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ عَلَيْهَا إِلَّا بِصَوْتٍ وَذَلِكَ لشدَّة الحَقْر والضَّغْطِ، وَذَلِكَ نَحْوَ الحَقْ واذْهَبْ واخرُج، وَبَعْضُ الْعَرَبِ أَشدَّ تَصْوِيتًا مِنْ بَعْضٍ. وَفِي الدُّعَاءِ: حَقْراً ومَحْقَرَةً وحَقارَةً، وَكُلُّهُ رَاجِعٌ إِلى مَعْنَى الصِّغَرِ. وَرَجُلٌ حَيْقَرٌ: ضَعِيفٌ؛ وَقِيلَ: لَئِيمُ الأَصل.
حكر: الحَكْرُ: ادِّخارُ الطَّعَامِ للتَّرَبُّضِ، وصاحبُه مُحْتَكِرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: الاحْتِكارُ جَمْعُ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُؤْكَلُ واحتباسُه انْتِظارَ وَقْتِ الغَلاء بِه؛ وأَنشد:
نَعَّمَتْها أُم صِدْقٍ بَرَّةٌ، ... وأَبٌ يُكْرِمُها غَيْرُ حَكِرْ
والحَكَرُ والحُكَرُ جَمِيعًا: مَا احْتُكِرَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: إِنهم ليَتَحَكَّرونَ فِي بَيْعِهِمْ يَنْظُرُونَ وَيَتَرَبَّصُونَ، وإِنه لحَكِرٌ لَا يَزَالُ يَحْبِسُ سِلْعَتَهُ والسُّوقُ مادَّةٌ حَتَّى يَبِيعَ بِالْكَثِيرِ مِنْ شِدَّة حَكْرِه أَي مِنْ شِدَّةِ احْتِبَاسِهِ وتَرَبُّصِه؛ قَالَ: وَالسُّوقُ مادَّة أَي مَلأَى رِجَالًا وبُيوعاً، وَقَدْ مَدَّتِ السوقُ تَمُدُّ مَدًّا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ احْتَكَرَ طَعَامًا فَهُوَ كَذَا
؛ أَي اشْتَرَاهُ وَحَبَسَهُ ليَقِلَّ فَيَغْلُوَ، والحُكْرُ والحُكْرَةُ الِاسْمُ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ الحُكْرَةِ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُثْمَانَ: أَنه كَانَ يَشْتَرِي حُكْرَةً
أَي جُمْلَةً؛ وَقِيلَ: جِزافاً. وأَصل الحُكْرَةِ: الجمعُ والإِمساك. وحَكَرَه يَحْكِرُه حَكْراً: ظَلَمَهُ وتَنَقَّصَه وأَساء مُعَاشَرَتَهُ؛ قَالَ الأَزهري: الحَكْرُ الظُّلْمُ والتنَقُّصُ وسُوءُ العِشْرَةِ؛ وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَحْكِرُ فُلَانًا إِذا أَدخل عَلَيْهِ مَشَقَّةً ومَضَرَّة فِي مُعاشَرَته ومُعايَشَتِه، والنَّعْتُ حَكِرٌ، وَرَجُلٌ حَكِرٌ عَلَى النَّسَب؛ قَالَ الشَّاعِرُ وأَورد الْبَيْتَ الْمُتَقَدِّمَ:
وأَب يُكْرِمُهَا غَيْرُ حَكِرْ
والحَكْرُ: اللَّجاجَةُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ فِي الْكِلَابِ: إِذا وَرَدَتِ الحَكَرَ القليلَ فَلَا تَطعَمهُ
؛ الْحَكَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ الْمُجْتَمِعُ، وَكَذَلِكَ الْقَلِيلُ مِنَ الطَّعَامِ وَاللَّبَنِ، وَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَي مَجْمُوعٌ، وَلَا تَطْعَمْهُ أَي لَا تَشْرَبْهُ.
حمر: الحُمْرَةُ: مِنَ الأَلوان الْمُتَوَسِّطَةِ مَعْرُوفَةٌ. لونُ الأَحْمَرِ يَكُونُ فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْبَلُهُ، وَحَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي فِي الْمَاءِ أَيضاً. وَقَدِ احْمَرَّ الشَّيْءُ واحْمَارَّ بِمَعْنًى، وكلُّ افْعَلَّ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ فَمَحْذُوفٌ مِنِ افْعَالَّ، وافْعَلَّ فِيهِ أَكثر لِخِفَّتِهِ. وَيُقَالُ: احْمَرَّ الشيءُ احْمِراراً إِذا لَزِمَ لَوْنَه فَلَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ، واحْمارَّ يَحْمارُّ احْمِيراراً إِذا كَانَ عَرَضاً حَادِثًا لَا يَثْبُتُ كَقَوْلِكَ: جَعَلَ يَحْمارُّ مَرَّةً ويَصْفارُّ أُخْرَى؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما جَازَ إِدغام احْمارَّ لأَنه لَيْسَ بِمُلْحَقٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي الرُّبَاعِيِّ مِثَالٌ لَمَا جَازَ إِدغامه كَمَا لَا يَجُوزُ إِدغام اقْعَنْسَسَ لَمَّا كَانَ مُلْحَقًا باحْرَنْجَمَ. والأَحْمَرُ مِنَ الأَبدان: مَا كَانَ لَوْنُهُ الحُمْرَةَ. الأَزهري فِي قَوْلِهِمْ: أَهلك النساءَ الأَحْمرانِ، يَعْنُونَ الذَّهَبَ وَالزَّعْفَرَانَ، أَي أَهلكهن حُبُّ الْحِلَى وَالطِّيبِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَهلك الرجالَ الأَحمرانِ: اللَّحْمُ وَالْخَمْرُ. غَيْرُهُ: يُقَالُ لِلذَّهَبِ وَالزَّعْفَرَانِ الأَصفران، وَلِلْمَاءِ وَاللَّبَنِ الأَبيضان، وَلِلتَّمْرِ وَالْمَاءِ الأَسودان. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُعطيت الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ والأَبْيَضَ
؛ هِيَ مَا أَفاء اللَّهُ عَلَى أُمته مِنْ كُنُوزِ الْمُلُوكِ. والأَحمر: الذَّهَبُ، والأَبيض: الْفِضَّةُ،(4/208)
وَالذَّهَبُ كُنُوزُ الرُّومِ لأَنه الْغَالِبُ عَلَى نُقُودِهِمْ، وَقِيلَ: أَراد الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ جَمَعَهُمُ اللَّهُ عَلَى دِينِهِ وَمِلَّتِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: الأَحمران الذَّهَبُ وَالزَّعْفَرَانُ، وَقِيلَ: الْخَمْرُ وَاللَّحْمُ فإِذا قُلْتَ الأَحامِرَةَ فَفِيهَا الخَلُوقُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ اللَّحْمُ وَالشَّرَابُ والخَلُوقُ؛ قَالَ الأَعشى:
إِن الأَحامِرَةَ الثَّلاثَةَ أَهْلَكَتْ ... مَالِي، وكنتُ بِهَا قَدِيمًا مُولَعا
ثُمَّ أَبدل بَدَلَ الْبَيَانِ فَقَالَ:
الخَمْرَ واللَّحْمَ السَّمينَ، وأَطَّلِي ... بالزَّعْفَرانِ، فَلَنْ أَزَالَ مُوَلَّعَا «3»
. جَعَلَ قولَه وأَطَّلي بِالزَّعْفَرَانِ كَقَوْلِهِ وَالزَّعْفَرَانِ. وَهَذَا الضَّرْبُ كَثِيرٌ، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:
الْخَمْرَ وَاللَّحْمَ السَّمِينَ أُدِيمُهُ ... والزعفرانَ.........
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الأَصفران الذَّهَبُ وَالزَّعْفَرَانُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الأَحمران النَّبِيذُ وَاللَّحْمُ؛ وأَنشد:
الأَحْمَرينَ الرَّاحَ والمُحَبَّرا
قَالَ شَمِرٌ: أَراد الْخَمْرَ وَالْبُرُودَ. والأَحمرُ الأَبيض: تَطَيُّراً بالأَبرص؛ يُقَالُ: أَتاني كُلُّ أَسود مِنْهُمْ وأَحمر، وَلَا يُقَالُ أَبيض؛ مَعْنَاهُ جَمِيعُ النَّاسِ عَرَبُهُمْ وَعَجَمُهُمْ؛ يَحْكِيهَا عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بُعِثْتُ إِلى الأَحمر والأَسود.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ
عَنِ أَبي ذَرٍّ: أَنه سَمِعَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: أُوتيتُ خَمْساً لَمْ يؤتَهُن نَبِيٌّ قَبْلِي، أُرسلت إِلى الأَحمر والأَسود وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ
؛ قَالَ شَمِرٌ: يَعْنِي الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ وَالْغَالِبُ عَلَى أَلوان الْعَرَبِ السُّمرة والأُدْمَة وَعَلَى أَلوان الْعَجَمِ الْبَيَاضُ وَالْحُمْرَةُ، وَقِيلَ: أَراد الإِنس وَالْجِنَّ، وَرُوِيَ عَنْ أَبي مَسْحَلٍ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ بُعِثْتُ إِلى الأَحمر والأَسود: يُرِيدُ بالأَسود الْجِنَّ وبالأَحمر الإِنس، سُمِّيَ الإِنس الأَحمر لِلدَّمِ الَّذِي فِيهِمْ، وَقِيلَ أَراد بالأَحمر الأَبيض مُطْلَقًا؛ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: امرأَة حَمْرَاءُ أَي بَيْضَاءُ. وَسُئِلَ ثَعْلَبٌ: لِمَ خَصَّ الأَحمرَ دُونَ الأَبيض؟ فَقَالَ: لأَن الْعَرَبَ لَا تَقُولُ رَجُلٌ أَبيض مِنْ بَيَاضِ اللَّوْنِ، إِنما الأَبيض عِنْدَهُمُ الطَّاهِرُ النقيُّ مِنَ الْعُيُوبِ، فإِذا أَرادوا الأَبيض مِنَ اللَّوْنِ قَالُوا أَحمر: قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ فإِنهم قَدِ اسْتَعْمَلُوا الأَبيض فِي أَلوان النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ؛
وَقَالَ عَلِيٌّ، عليه السلام، لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِياك أَن تَكُونيها يَا حُمَيْراءُ
أَي يَا بَيْضَاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ مِنَ الحُمَيْراءِ
؛ يَعْنِي عَائِشَةَ، كَانَ يَقُولُ لَهَا أَحياناً يَا حُمَيْرَاءُ تَصْغِيرُ الْحَمْرَاءِ يُرِيدُ الْبَيْضَاءَ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ فِي الأَسود والأَحمر إِنهما الأَسود والأَبيض لأَن هَذَيْنِ النَّعْتَيْنِ يَعُمَّانِ الْآدَمِيِّينَ أَجمعين، وَهَذَا كَقَوْلِهِ
بُعِثْتُ إِلى النَّاسِ كَافَّةً
؛ وقوله:
جَمَعْتُم فأَوْعَيْتُم، وجِئْتُم بِمَعْشَرٍ ... تَوافَتْ بِهِ حُمرانُ عَبْدٍ وسُودُها
يُرِيدُ بِعَبْدٍ عَبْدَ بنِ بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنَشده ثَعْلَبٌ:
نَضْخَ العُلوجِ الحُمْرِ فِي حَمَّامِها
إِنما عَنَى البيضَ، وَقِيلَ: أَراد المحَمَّرين بِالطِّيبِ. وَحُكِيَ عَنِ الأَصمعي: يُقَالُ أَتاني كُلُّ أَسود مِنْهُمْ وأَحمر، وَلَا يُقَالُ أَبيض. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: أَراكَ أَحْمَرَ قَرِفاً
؛ قَالَ: الحُسْنُ أَحْمَرُ، يَعْنِي أَن الحُسْنَ فِي الْحُمْرَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فإِذا ظَهَرْتِ تَقَنَّعي ... بالحُمْرِ، إِن الحُسْنَ أَحْمَر
__________
(3) . قوله: [فلن أزال مولعا] التوليع: البلق، وهو سواد وبياض؛ وفي نسخة بدله مبقعاً؛ وفي الأَساس مردّعاً(4/209)
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ كَنَّى بالأَحمر عَنِ الْمَشَقَّةِ وَالشِّدَّةِ أَي مَنْ أَراد الْحُسْنَ صَبَرَ عَلَى أَشياء يَكْرَهُهَا. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ أَحمر، وَالْجَمْعُ الأَحامر، فإِن أَردت الْمَصْبُوغَ بالحُمْرَة قَلْتَ: أَحمر، وَالْجَمْعُ حُمْر. ومُضَرُ الحَمْراءِ، بالإِضافة: نَذْكُرُهَا فِي مُضَرَ. وبَعير أَحمر: لَوْنُهُ مِثْلُ لَوْنِ الزَّعْفَرَانِ إِذا أُجْسِدَ الثوبُ بِهِ، وَقِيلَ بَعِيرٌ أَحمر إِذا لَمْ يُخَالِطْ حمرتَه شيءٌ؛ قَالَ:
قَامَ إِلى حَمْراءَ مِنْ كِرامِها، ... بازِلَ عامٍ أَو سَدِيسَ عامِها
وَهِيَ أَصبر الإِبل عَلَى الْهَوَاجِرِ. قَالَ أَبو نَصْرٍ النَّعامِيُّ: هَجِّرْ بِحَمْرَاءَ، واسْرِ بوَرْقاءَ، وصَبِّحِ القومَ عَلَى صَهْباء؛ قِيلَ لَهُ: ولِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لأَن الْحَمْرَاءَ أَصبر عَلَى الْهَوَاجِرِ، وَالْوَرْقَاءَ أَصبر عَلَى طُولِ السُّرى، وَالصَّهْبَاءَ أَشهر وأَحسن حِينَ يُنْظَرُ إِليها. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: خَيْرُ الإِبل حُمْرها وصُهْبها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِمَعَارِيضِ الْكَلِمَ حُمْرَ النَّعَمِ. وَالْحَمْرَاءُ مِنَ الْمَعْزِ: الْخَالِصَةُ اللَّوْنِ. وَالْحَمْرَاءُ: الْعَجَمُ لِبَيَاضِهِمْ ولأَن الشُّقْرَةَ أَغلب الأَلوان عَلَيْهِمْ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ لِلْعَجَمِ الَّذِينَ يَكُونُ الْبَيَاضُ غَالِبًا عَلَى أَلوانهم مِثْلَ الرُّومِ وَالْفُرْسِ وَمَنْ صَاقَبَهُمْ: إِنَّهُمُ الْحَمْرَاءُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ قَالَ لَهُ سَرَاةٌ مِنْ أَصحابه الْعَرَبِ: غَلَبَتْنَا عَلَيْكَ هَذِهِ الْحَمْرَاءُ؛ فَقَالَ: لَنَضْرِبَنَّكُمْ عَلَى الدِّينِ عَوْداً كَمَا ضَرَبْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ بَدْءاً
؛ أَراد بِالْحَمْرَاءِ الفُرْسَ وَالرُّومَ. وَالْعَرَبُ إِذا قَالُوا: فُلَانٌ أَبيض وَفُلَانَةٌ بَيْضَاءُ فَمَعْنَاهُ الْكَرَمُ فِي الأَخلاق لَا لَوْنُ الْخِلْقَةِ، وإِذا قَالُوا: فُلَانٌ أَحمر وَفُلَانَةٌ حَمْرَاءُ عَنُوا بَيَاضَ اللَّوْنِ؛ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي المَوَاليَ الْحَمْرَاءَ. والأَحامرة: قَوْمٌ مِنَ الْعَجَمِ نَزَلُوا الْبَصْرَةَ وتَبَنَّكُوا بِالْكُوفَةِ. والأَحمر: الَّذِي لَا سِلَاحَ مَعَهُ. والسَّنَةُ الْحَمْرَاءُ: الشَّدِيدَةُ لأَنها وَاسِطَةٌ بَيْنَ السَّوْدَاءِ وَالْبَيْضَاءِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا أَخْلَفَتِ الجَبْهَةُ فَهِيَ السَّنَةُ الحمراءُ؛ وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ:
أَصابتنا سَنَةٌ حَمْرَاءُ
أَي شَدِيدَةُ الجَدْبِ لأَن آفَاقَ السَّمَاءِ تَحْمَرُّ فِي سِنِي الْجَدَبِ وَالْقَحْطِ؛ وَفِي حَدِيثِ
حَلِيمَةَ: أَنها خَرَجَتْ فِي سَنَةٍ حَمْرَاءَ قَدْ بَرَتِ الْمَالَ
الأَزهري: سَنَةٌ حَمْرَاءُ شَدِيدَةٌ؛ وأَنشد:
أَشْكُو إِليكَ سَنَواتٍ حُمْرَا
قَالَ: أَخرج نَعْتَهُ عَلَى الأَعوام فذكَّر، وَلَوْ أَخرجه عَلَى السَّنَوَاتِ لقال حَمْراواتٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: قِيلَ لِسِني الْقَحْطِ حَمْراوات لِاحْمِرَارِ الْآفَاقِ فيه ومنه قول أُمية:
وسُوِّدَتْ شَمْسُهُمْ إِذا طَلَعَتْ ... بالجِلبِ [بالجُلبِ] هِفّاً، كأَنه كَتَمُ
وَالْكَتَمُ: صِبْغٌ أَحمر يُخْتَضَبُ بِهِ. وَالْجُلْبُ: السَّحَابُ الرَّقِيقُ الَّذِي لَا مَاءَ فِيهِ. وَالْهَفُّ: الرَّقِيقُ أَيضاً، وَنَصَبَهُ عَلَى الْحَالِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ، أَنه قَالَ: كُنَّا إِذا احْمَرَّ البَأْس اتَّقينا بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ إِذَا اشْتَدَّتِ الْحَرْبُ اسْتَقْبَلْنَا الْعَدُوَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلْنَاهُ لَنَا وِقَايَةً.
قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ هُوَ الْمَوْتُ الأَحمر وَالْمَوْتُ الأَسود؛ قَالَ: وَمَعْنَاهُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ: وأُرى ذَلِكَ مِنْ أَلوان السِّبَاعِ كأَنه مَنْ شِدَّتِهِ سَبُعٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فكأَنه أَراد بِقَوْلِهِ احْمَرَّ البأْسُ أَي صَارَ فِي الشِّدَّةِ وَالْهَوْلِ مِثْلَ ذَلِكَ. والمُحَمِّرَةُ: الَّذِينَ عَلَامَتُهُمُ الْحُمْرَةُ كالمُبَيِّضَةِ والمُسَوِّدَةِ، وَهُمْ فرقة من الخُرَّمِيَّةِ، الواحد مِنْهُمْ مُحَمِّرٌ، وَهُمْ يُخَالِفُونَ المُبَيِّضَةَ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِلَّذِينِ يُحَمِّرون راياتِهم خِلَافَ زِيِّ المُسَوِّدَةِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ: المُحَمِّرَةُ، كَمَا يُقَالُ للحَرُورِيَّة المُبَيِّضَة، لأَن رَايَاتِهِمْ فِي الْحُرُوبِ كَانَتْ بِيضًا.(4/210)
ومَوْتٌ أَحمر: يُوصَفُ بالشدَّة؛ وَمِنْهُ:
لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي هَذِهِ الأُمة مِنَ الْمَوْتِ الأَحمر
، يَعْنِي الْقَتْلَ لِمَا فِيهِ مِنْ حُمْرَةِ الدَّمِ، أَو لِشِدَّتِهِ. يُقَالُ: مَوْتٌ أَحمر أَي شَدِيدٌ. وَالْمَوْتُ الأَحمر: مَوْتُ الْقَتْلِ، وَذَلِكَ لِمَا يَحْدُثُ عَنِ الْقَتْلِ مِنَ الدَّمِ، وَرُبَّمَا كَنَوْا بِهِ عَنِ الْمَوْتِ الشَّدِيدِ كأَنه يلْقَى مِنْهُ مَا يلْقَى مِنَ الْحَرْبِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ يصف الأَسد:
إِذا عَلَّقَتْ قِرْناً خطاطِيفُ كَفِّهِ، ... رَأَى الموتَ رَأْيَ العَيْنِ أَسْوَدَ أَحْمَرا
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي مَعْنَى قَوْلِهِمْ: هُوَ الْمَوْتُ الأَحمر يَسْمَدِرُّ بَصَرُ الرجلِ مِنَ الْهَوْلِ فَيَرَى الدُّنْيَا فِي عَيْنَيْهِ حَمْرَاءَ وَسَوْدَاءَ، وأَنشد بَيْتَ أَبي زُبَيْدٍ. قَالَ الأَصمعي: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ وَطْأَةٌ حَمْرَاءُ إِذا كَانَتْ طَرِيَّةً لَمْ تدرُس، فَمَعْنَى قَوْلِهِمُ الْمَوْتُ الأَحمر الْجَدِيدُ الطَّرِيُّ. الأَزهري: وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ أَنه قَالَ: أَسرع الأَرض خَرَابًا الْبَصْرَةُ، قِيلَ: وَمَا يُخَرِّبُهَا؟ قَالَ: الْقَتْلُ الأَحمر وَالْجُوعُ الأَغبر. وَقَالُوا: الحُسْنُ أَحْمرُ أَي شاقٌّ أَي مَنْ أَحب الحُسْنَ احْتَمَلَ الْمَشَقَّةَ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ أَي أَنه يَلْقَى مِنْهُ مَا يَلْقَى صَاحِبُ الحَرْبِ مِنَ الحَرْب. قَالَ الأَزهري: وَكَذَلِكَ مَوْتٌ أَحمر. قَالَ: الحُمْرَةُ فِي الدَّمِ وَالْقِتَالِ، يَقُولُ يَلْقَى مِنْهُ الْمَشَقَّةَ وَالشِّدَّةَ كَمَا يَلْقَى مِنَ الْقِتَالِ. وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي قَوْلِهِمُ الحُسْنُ أَحمر: يُرِيدُونَ إِنْ تكلفتَ الْحُسْنَ وَالْجَمَالَ فَاصْبِرْ فِيهِ عَلَى الأَذى وَالْمَشَقَّةِ؛ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ يَمِيلُ إِلى هَوَاهُ وَيَخْتَصُّ بِمَنْ يُحِبُّ، كَمَا يُقَالُ: الْهَوَى غَالِبٌ، وَكَمَا يُقَالُ: إِن الْهَوَى يميلُ باسْتِ الراكبِ إِذا آثَرَ مَنْ يَهْوَاهُ عَلَى غَيْرِهِ. والحُمْرَةُ: داءٌ يَعْتَرِي النَّاسَ فَيَحْمَرُّ مَوْضِعُهَا، وتُغالَبُ بالرُّقْيَة. قَالَ الأَزهري: الحُمْرَةُ مِنْ جِنْسِ الطَّوَّاعِينَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا. الأَصمعي: يُقَالُ هَذِهِ وَطْأَةٌ حَمْراءُ إِذا كَانَتْ جَدِيدَةً، وَوَطْأَةٌ دَهْماء إِذا كَانَتْ دَارِسَةً، والوطْأَة الحَمْراءُ: الْجَدِيدَةُ. وحَمْراءُ الظَّهِيرَةِ: شِدَّتُهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كُنَّا إِذا احْمَرَّ البأْسُ اتَّقَيْنَاهُ بِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُنْ أَحدٌ أَقربَ إِليه مِنْهُ
؛ حَكَى ذَلِكَ أَبو عُبَيْدٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بِالْمَثَلِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ إِذا اشْتَدَّتِ الْحَرْبُ اسْتَقْبَلْنَا الْعَدُوَّ بِهِ وَجَعَلْنَاهُ لَنَا وِقَايَةً، وَقِيلَ: أَراد إِذا اضْطَرَمَتْ نَارُ الْحَرْبِ وَتَسَعَّرَتْ، كَمَا يُقَالُ فِي الشَّرِّ بَيْنَ الْقَوْمِ: اضْطَرَمَتْ نَارُهُمْ تَشْبِيهًا بحُمْرة النَّارِ؛ وَكَثِيرًا مَا يُطْلِقُونَ الحُمْرَة عَلَى الشِّدّة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الأَحمرُ والأَسودُ مِنْ صِفَاتِ الْمَوْتِ: مأْخوذ مَنْ لَوْنِ السَّبُع كأَنه مَنْ شِدَّتِهِ سَبُعٌ، وَقِيلَ: شُبه بالوطْأَة الْحَمْرَاءِ لجِدَّتها وكأَن الْمَوْتَ جَدِيدٌ. وحَمارَّة الْقَيْظِ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وحَمارَتُه: شِدَّةُ حَرِّهِ؛ التَّخْفِيفُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقَدْ حُكِيَتْ فِي الشِّتَاءِ وَهِيَ قَلِيلَةٌ، وَالْجَمْعُ حَمَارٌّ. وحِمِرَّةُ الصَّيف: كَحَمَارَّتِه. وحِمِرَّةُ كُلِّ شَيْءٍ وحِمِرُّهُ: شِدَّتُهُ. وحِمِرُّ القَيْظِ وَالشِّتَاءِ: أَشدّه. قَالَ: وَالْعَرَبُ إِذَا ذَكَرَتْ شَيْئًا بِالْمَشَقَّةِ وَالشِّدَّةِ وصفَته بالحُمْرَةِ، وَمِنْهُ قِيلَ: سَنَةٌ حَمْرَاء لِلْجَدْبَةِ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: حَمَارَّة الصَّيْفِ شِدَّةُ وَقْتِ حَرِّهِ؛ قَالَ: وَلَمْ أَسمع كَلِمَةً عَلَى تَقْدِيرِ الفَعَالَّةِ غَيْرَ الحمارَّة والزَّعارَّة؛ قَالَ: هَكَذَا قَالَ الْخَلِيلُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: وَسَمِعْتُ ذَلِكَ بِخُرَاسَانَ سَبارَّةُ الشِّتَاءِ، وَسَمِعْتُ: إِن وَرَاءَكَ لَقُرّاً حِمِرّاً؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ جَاءَتْ أَحرف أُخر عَلَى وَزْنِ فَعَالَّة؛ وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِيِّ: أَتيته فِي حَمارَّة القَيْظِ وَفِي صَبَارَّةِ الشِّتَاءِ، بِالصَّادِ،(4/211)
وَهُمَا شِدَّةُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ. قَالَ: وَقَالَ الأُمَوِيُّ أَتيته عَلَى حَبَالَّةِ ذَلِكَ أَي عَلَى حِين ذَلِكَ، وأَلقى فلانٌ عَلَيَّ عَبَالَّتَهُ أَي ثِقْلَه؛ قاله اليزيدي والأَحمر. وَقَالَ القَنَاني «4» . أَتوني بِزَرَافَّتِهِمْ أَي جَمَاعَتِهِمْ، وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: كُنَّا فِي حَمْرَاءِ الْقَيْظِ عَلَى ماءِ شُفَيَّةَ «5» . وَهِيَ رَكِيَّةٌ عَذْبَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فِي حَمارَّةِ الْقَيْظِ
أَي فِي شِدَّةِ الْحَرِّ. وَقَدْ تُخَفَّفُ الرَّاءُ. وقَرَبٌ حِمِرٌّ: شَدِيدٌ. وحِمِرُّ الغَيْثِ: مُعْظَمُهُ وَشِدَّتُهُ. وَغَيْثٌ حِمِرٌّ، مِثْلَ فِلِزٍّ: شَدِيدٌ يَقْشِرُ وَجْهَ الأَرض. وأَتاهم اللَّهُ بِغَيْثٍ حِمِرٍّ: يَحْمُرُ الأَرضَ حَمْراً أَي يَقْشِرُهَا. والحَمْرُ: النَّتْقُ. وحَمَرَ الشَّاةَ يَحْمُرُها حَمْراً: نَتَقَها أَي سَلَخَهَا. وحَمَرَ الخارزُ سَيْرَه يَحْمُره، بِالضَّمِّ، حَمْراً: سَحَا بَطْنَهُ بِحَدِيدَةٍ ثُمَّ لَيَّنَه بِالدُّهْنِ ثُمَّ خَرَزَ بِهِ فَسَهُلَ. والحَمِيرُ والحَمِيرَةُ: الأُشْكُزُّ، وَهُوَ سَيْرٌ أَبيض مَقْشُورٌ ظَاهِرُهُ تُؤَكَّدُ بِهِ السُّرُوجُ؛ الأَزهري: الأُشكز مُعَرَّبٌ وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، قَالَ: وَسُمِّيَتْ حَمِيرة لأَنها تُحْمَرُ أَي تُقْشَرُ؛ وَكُلُّ شَيْءٍ قَشَرْتَهُ، فَقَدْ حَمَرْتَه، فَهُوَ مَحْمُورٌ وحَمِيرٌ. والحَمْرُ بِمَعْنَى القَشْر: يَكُونُ بِاللِّسَانِ وَالسَّوْطِ وَالْحَدِيدِ. والمِحْمَرُ والمِحْلأُ: هُوَ الْحَدِيدُ وَالْحَجَرُ الَّذِي يُحْلأُ بِهِ الإِهابُ وَيُنْتَقُ بِهِ. وحَمَرْتُ الْجِلْدَ إِذَا قَشَرْتَهُ وَحَلَقْتَهُ؛ وحَمَرَتِ المرأَةُ جلدَها تَحْمُرُه. والحَمْرُ فِي الْوَبَرِ وَالصُّوفِ، وَقَدِ انْحَمَر مَا عَلَى الْجِلْدِ. وحَمَرَ رأْسه: حَلَقَهُ. والحِمارُ: النَّهَّاقُ مِنْ ذَوَاتِ الأَربع، أَهليّاً كَانَ أَو وحْشِيّاً. وَقَالَ الأَزهري: الحِمارُ العَيْرُ الأَهْلِيُّ وَالْوَحْشِيُّ، وَجَمْعُهُ أَحْمِرَة وحُمُرٌ وحَمِيرٌ وحُمْرٌ وحُمُورٌ، وحُمُرَاتٌ جَمْعُ الْجَمْعِ، كَجُزُراتٍ وطُرُقاتٍ، والأُنثى حِمارة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: قَدَمْنا رسولَ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليلةَ جَمْعٍ عَلَى حُمُرَاتٍ
؛ هِيَ جَمْعُ صحةٍ لحُمُرٍ، وحُمُرٌ جمعُ حِمارٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فأَدْنَى حِمارَيْكِ ازْجُرِي إِن أَرَدْتِنا، ... وَلَا تَذْهَبِي فِي رَنْقِ لُبٍّ مُضَلَّلِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: هُوَ مِثْلُ ضَرْبِهِ؛ يَقُولُ: عَلَيْكِ بزوجكِ وَلَا يَطْمَحْ بَصَرُك إِلى آخَرَ، وَكَانَ لَهَا حِمَارَانِ أَحدهما قَدْ نأَى عَنْهَا؛ يَقُولُ: ازْجُرِي هَذَا لئلَّا يَلْحَقَ بِذَلِكَ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَقبلي عليَّ وَاتْرُكِي غَيْرِي. ومُقَيِّدَةُ الحِمَارِ: الحَرَّةُ لأَن الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ يُعْتَقَلُ فيها فكأَنه مُقَيَّدٌ. وَبَنُو مُقَيِّدَةِ الْحِمَارِ: الْعَقَارِبُ لأَن أَكثر مَا تَكُونُ فِي الحَرَّةِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَعَمْرُكَ مَا خَشِيتُ عَلَى أُبَيٍّ ... رِماحَ بَنِي مُقَيِّدَةِ الحِمارِ
ولكِنِّي خَشِيتُ عَلَى أُبَيٍّ ... رِماحَ الجِنِّ، أَو إِيَّاكَ حارِ
وَرَجُلٌ حامِرٌ وحَمَّارٌ: ذُو حِمَارٍ، كَمَا يُقَالُ فارسٌ لِذِي الفَرَسِ. والحَمَّارَةُ: أَصحاب الْحَمِيرِ فِي السَّفَرِ. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: أَنه كَانَ يَرُدُّ الحَمَّارَةَ مِنَ الْخَيْلِ
؛ الحَمَّارة: أَصحاب الْحَمِيرِ أَي لَمْ يُلْحِقْهم بأَصحاب الْخَيْلِ فِي السِّهَامِ مِنَ الْغَنِيمَةِ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِيهِ أَيضاً: إِنه أَراد بالحَمَّارَةِ الخيلَ التي تَعْدُو عَدْوَ
__________
(4) . قوله: [وقال القناني] نسبة إِلى بئر قنان، بفتح القاف والنون، وهو أُستاذ الفراء: انظر ياقوت
(5) . قوله: [على ماء شفية إلخ] كذا بالأصل. وفي ياقوت ما نصه: سقية، بالسين المهملة المضمومة والقاف المفتوحة، قال: وقد رواها قوم: شفية، بالشين المعجمة والفاء مصغراً أَيضاً، وهي بئر كانت بمكة، قال أَبو عبيدة: وحفرت بنو أَسد شفية، قال الزبير وخالفه عمي فقال إنما هي سقية(4/212)
الْحَمِيرِ. وَقَوْمٌ حَمَّارَة وحامِرَةٌ: أَصحاب حَمِيرٍ، وَالْوَاحِدُ حَمَّار مِثْلَ جَمَّال وبَغَّال، ومسجدُ الحامِرَةِ مِنْهُ. وَفَرَسٌ مِحْمَرٌ: لَئِيمٌ يُشْبِهُ الحِمَارَ فِي جَرْيِه مِنْ بُطْئِه، وَالْجَمْعُ المَحامِرُ والمَحامِيرُ؛ وَيُقَالُ لِلْهَجِينِ: مِحْمَرٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بَالَانِي؛ وَيُقَالُ لمَطِيَّةِ السَّوْءِ مِحْمَرٌ. التَّهْذِيبُ: الْخَيْلُ الحَمَّارَةُ مِثْلُ المَحامِرِ سَوَاءً، وَقَدْ يُقَالُ لأَصحاب الْبِغَالِ بَغَّالَةٌ، ولأَصحاب الْجِمَالِ الجَمَّالَة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
شَلًّا كَمَا تَطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشَّرَدَا
وَتُسَمَّى الْفَرِيضَةُ الْمُشْتَرَكَةُ: الحِمَارِيَّة؛ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنهم قَالُوا: هَبْ أَبانا كَانَ حِمَاراً. وَرَجُلٌ مِحْمَرٌ: لَئِيمٌ؛ وَقَوْلُهُ:
نَدْبٌ إِذا نَكَّسَ الفُحْجُ المَحامِيرُ
وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ مِحْمَرٍ فَاضْطَرَّ، وأَن يَكُونَ جَمْعُ مِحْمارٍ. وحَمِرَ الْفَرَسُ حَمَراً، فَهُوَ حَمِرٌ: سَنِقَ مِنْ أَكل الشَّعِيرِ؛ وَقِيلَ: تَغَيَّرَتْ رَائِحَةُ فِيهِ مِنْهُ. اللَّيْثُ: الحَمَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، دَاءٌ يَعْتَرِي الدَّابَّةَ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعِيرِ فَيُنْتِنُ فُوهُ، وَقَدْ حَمِرَ البِرْذَوْنُ يَحْمَرُ حَمَراً؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لعَمْرِي لَسَعْدُ بْنُ الضِّبابِ إِذا غَدا ... أَحَبُّ إِلينا مِنكَ، فَا فَرَسٍ حَمِرْ
يُعَيِّره بالبَخَرِ، أَراد: يَا فَا فَرَسٍ حَمِرٍ، لَقَّبَهُ بِفِي فَرَسٍ حَمِرٍ لِنَتْنِ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سَلَمَةَ: كَانَتْ لَنَا داجِنٌ فَحَمِرَتْ مِنْ عَجِينٍ
: هُوَ مِنْ حَمَرِ الدَّابَّةِ. وَرَجُلٌ مِحْمَرٌ: لَا يعطِي إِلَّا عَلَى الكَدِّ والإِلْحاحِ عَلَيْهِ. وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ حَمِرَ فُلَانٌ عَلَيَّ يَحْمَرُ حَمَراً إِذا تَحَرَّقَ عَلَيْكَ غَضَبًا وَغَيْظًا، وَهُوَ رَجُلٌ حَمِرٌ مِنْ قَوْمٍ حَمِرينَ. وحِمَارَّةُ القَدَمِ: المُشْرِفَةُ بَيْنَ أَصابعها وَمَفَاصِلِهَا مِنْ فَوْقَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: ويُقْطَعُ السارقُ مِنْ حِمَارَّةِ القَدَمِ
؛ هِيَ مَا أَشرف بَيْنَ مَفْصِلِها وأَصابعها مِنْ فَوْقَ. وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ: أَنه كَانَ يَغْسِلُ رِجْلَهُ مِنْ حِمَارَّةِ الْقَدَمِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ. الأَصمعي: الحَمائِرُ حِجَارَةٌ تُنْصَبُ حَوْلَ قُتْرَةِ الصَّائِدِ، وَاحِدُهَا حِمَارَةٌ، والحِمَارَةُ أَيضاً: الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَالْحَمَّارَةُ حِجَارَةٌ تُنْصَبُ حَوْلَ الْحَوْضِ لِئَلَّا يَسِيلَ مَاؤُهُ، وَحَوْلَ بَيْتِ الصَّائِدِ أَيضاً؛ قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط يَذْكُرُ بَيْتَ صَائِدٍ:
بَيْتُ حُتُوفٍ أُرْدِحَتْ حَمَائِرُهْ
أُردحت أَي زِيدَتْ فِيهَا بَنِيقَةٌ وسُتِرَتْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِ هَذَا الْبَيْتِ: بيتَ حُتُوفٍ، بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَهُ:
أَعَدَّ لِلْبَيْتِ الَّذِي يُسامِرُهْ
قَالَ: وأَما قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ الحِمَارَةُ حِجَارَةٌ تُنْصَبُ حَوْلَ الْحَوْضِ وَتُنْصَبُ أَيضاً حَوْلَ بَيْتِ الصَّائِدِ فَصَوَابُهُ أَن يَقُولَ: الْحَمَائِرُ حِجَارَةٌ، الْوَاحِدُ حِمَارَةٌ، وَهُوَ كُلُّ حَجَرٍ عَرِيضٍ. وَالْحَمَائِرُ: حِجَارَةٌ تُجْعَلُ حَوْلَ الْحَوْضِ تَرَدُّ الْمَاءَ إِذا طَغَى؛ وأَنشد:
كأَنَّما الشَّحْطُ، فِي أَعْلَى حَمائِرِهِ، ... سَبائِبُ القَزِّ مِن رَيْطٍ وكَتَّانِ
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فَوَضَعْتُهُ «1» . عَلَى حِمارَةٍ مِنْ جَرِيدٍ،
هِيَ ثَلَاثَةُ أَعواد يُشَدَّ بَعْضُ أَطْرَافِهَا إِلَى بَعْضٍ ويخالَفُ بَيْنَ أَرجلها تُعَلَّقُ عَلَيْهَا الإِداوَةُ لتُبَرِّدَ الماءَ،
__________
(1) . قوله: [فوضعته إلخ] ليس هو الواضع،
وإنما رجل كان يبرد الماء لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، على حمارة، فأرسله النبي يطلب عنده ماء لما لم يجد في الركب ماء.
كذا بهامش النهاية(4/213)
وَيُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ سِهْبَايْ، وَالْحَمَائِرُ ثَلَاثُ خَشَبَاتٍ يُوَثَّقْنَ وَيُجْعَلُ عَلَيْهِنَّ الوَطْبُ لِئَلَّا يَقْرِضَه الحُرْقُوصُ، وَاحِدَتُهَا حِمارَةٌ؛ والحِمارَةُ: خَشَبَةٌ تَكُونُ فِي الْهَوْدَجِ. والحِمارُ خَشَبَةٌ فِي مُقَدَّم الرَّحْلِ تَقْبِضُ عَلَيْهَا المرأَة وَهِيَ فِي مقدَّم الإِكاف؛ قَالَ الأَعشى:
وقَيَّدَنِي الشِّعْرُ فِي بَيْتهِ، ... كَمَا قَيَّدَ الآسِراتُ الحِمارا
الأَزهري: والحِمارُ ثَلَاثُ خَشَبَاتٍ أَو أَربع تَعْتَرِضُ عَلَيْهَا خَشَبَةٌ وتُؤْسَرُ بِهَا. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الحِمارُ العُود الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهِ الأَقتاب، وَالْآسِرَاتُ: النِّسَاءُ اللَّوَاتِي يُؤَكِّدْنَ الرِّحَالَ بالقِدِّ ويُوثِقنها. وَالْحِمَارُ: خَشَبَةٌ يَعْمَلُ عَلَيْهَا الصَّيْقَلُ. اللَّيْثُ: حِمارُ الصَّيْقَلِ خَشَبَتُهُ الَّتِي يَصْقُلُ عَلَيْهَا الْحَدِيدُ. وحِمَار الطُّنْبُورِ: مَعْرُوفٌ. وحِمارُ قَبَّانٍ: دُوَيْبَّةٌ صَغِيرَةٌ لَازِقَةٌ بالأَرض ذَاتُ قَوَائِمَ كَثِيرَةٍ؛ قَالَ:
يَا عَجَبا لَقَدْ رَأَيْتُ العَجَبَا: ... حِمَارَ قَبَّانٍ يَسُوقُ الأَرْنَبا
وَالْحِمَارَانِ: حَجَرَانِ يُنْصَبَانِ يُطْرَحُ عَلَيْهِمَا حَجَرٌ رَقِيقٌ يُسَمَّى العَلاةَ يُجَفَّفُ عَلَيْهِ الأَقِطُ؛ قَالَ مُبَشِّرُ بْنُ هُذَيْل بْنِ فَزارَةَ الشَّمْخِيُّ يَصِفُ جَدْبَ الزَّمَانِ:
لَا يَنْفَعُ الشَّاوِيَّ فِيهَا شاتُهُ، ... وَلَا حِماراه وَلَا عَلَاتُه
يَقُولُ: إِن صَاحِبَ الشَّاءِ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا لِقِلَّةِ لَبَنِهَا، وَلَا يَنْفَعُهُ حِمَارَاهُ وَلَا عَلَاته لأَنه لَيْسَ لَهَا لَبَنٌ فيُتخذ مِنْهُ أَقِط. والحمَائر: حِجَارَةٌ تُنْصَبُ عَلَى الْقَبْرِ، وَاحِدَتُهَا حِمارَةٌ. وَيُقَالُ: جَاءَ بِغَنَمِهِ حُمْرَ الكُلَى، وَجَاءَ بِهَا سُودَ الْبُطُونِ، مَعْنَاهُمَا الْمَهَازِيلُ. والحُمَرُ والحَوْمَرُ، والأَوَّل أَعلى: التَّمْرُ الْهِنْدِيُّ، وَهُوَ بالسَّراةِ كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ بِبِلَادِ عُمان، وَوَرَقُهُ مِثْلُ وَرَقِ الخِلافِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ البَلْخِيّ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَدْ رأَيته فِيمَا بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ وَيَطْبُخُ بِهِ النَّاسُ، وَشَجَرُهُ عِظَامٌ مِثْلَ شَجَرِ الْجَوْزِ، وَثَمَرُهُ قُرُونٌ مِثْلَ ثَمَرِ القَرَظِ. والحُمَّرَةُ والحُمَرَةُ: طَائِرٌ مِنَ الْعَصَافِيرِ. وَفِي الصِّحَاحِ: الحُمَّرة ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ كَالْعَصَافِيرِ، وَجَمْعُهَا الحُمَرُ والحُمَّرُ، وَالتَّشْدِيدُ أَعلى؛ قَالَ أَبو الْمُهَوِّشِ الأَسدي يَهْجُو تَمِيمًا:
قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُكُمْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ، ... فإِذا لَصَافِ تَبِيضُ فِيهِ الحُمَّرُ
يَقُولُ: قَدْ كُنْتُ أَحسبكم شُجْعَانًا فإِذا أَنتم جُبَنَاءُ. وَخَفِيَّةٌ: مَوْضِعٌ تُنْسَبُ إِليه الأُسد. وَلِصَافٌ: مَوْضِعٌ مِنْ مَنَازِلِ بَنِي تَمِيمٍ، فَجَعَلَهُمْ فِي لِصَافٍ بِمَنْزِلَةِ الحُمَّر، مَتَى وَرَدَ عَلَيْهَا أَدنى وَارِدٍ طَارَتْ فَتَرَكَتْ بَيْضَهَا لِجُبْنِهَا وَخَوْفِهَا عَلَى نَفْسِهَا. الأَزهري: يُقَالُ للحُمَّرِ، وَهِيَ طَائِرٌ: حُمَّرٌ، بِالتَّخْفِيفِ، الواحدةُ حُمَّرَة وحُمَرَة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وحُمَّرات شُرْبُهُنَّ غِبُ
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَحْمَر يُخَاطِبُ يَحْيَى بْنَ الحَكَم بْنِ أَبي الْعَاصِ وَيَشْكُو إِليه ظُلْمَ السُّعاة:
إِن نَحْنُ إِلَّا أُناسٌ أَهلُ سائِمَةٍ؛ ... مَا إِن لَنَا دُونَها حَرْثٌ وَلَا غُرَرُ
الغُرَرُ: لِجَمْعِ الْعَبِيدِ، وَاحِدُهَا غُرَّةٌ.
مَلُّوا البلادَ ومَلَّتْهُمْ، وأَحْرَقَهُمْ ... ظُلْمُ السُّعاةِ، وبادَ الماءُ والشَّجَرُ
إِنْ لَا تُدارِكْهُمُ تُصْبِحْ مَنازِلُهُمْ ... قَفْراً، تَبِيضُ عَلَى أَرْجائها الحُمَرُ
فَخَفَّفَهَا ضَرُورَةً؛ وَفِي الصِّحَاحِ: إِن لَا تُلَافِهِمْ؛ وَقِيلَ:(4/214)
الحُمَّرَةُ القُبَّرَةُ، وحُمَّراتٌ جَمْعٌ؛ قَالَ: وأَنشد الْهِلَالِيُّ والكِلابِيُّ بيتَ الرَّاجِزِ:
عَلَّقَ حَوْضِي نُغَرٌ مُكِبُّ، ... إِذا غَفِلْتُ غَفْلَةً يَغُبُّ،
وحُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُ
قَالَ: وَهِيَ القُبَّرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَزَلْنَا مَعَ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَتْ حُمَّرَةٌ
؛ هِيَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَقَدْ تُخَفَّفُ، طَائِرٌ صَغِيرٌ كَالْعُصْفُورِ. واليَحْمُورُ: طَائِرٌ. وَالْيَحْمُورُ أَيضاً: دَابَّةٌ تُشْبِهُ العَنْزَ؛ وَقِيلَ: الْيَحْمُورُ حِمَارُ الْوَحْشِ. وحامِرٌ وأُحامِر، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ: مَوْضِعَانِ، لَا نَظِيرَ لَهُ مِنَ الأَسماء إِلَّا أُجارِدُ، وَهُوَ مَوْضِعٌ. وحَمْراءُ الْأَسَدِ: أَسماء مَوَاضِعَ. والحِمَارَةُ: حَرَّةٌ مَعْرُوفَةٌ. وحِمْيَرٌ: أَبو قَبِيلَةٍ، ذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ أَنه كَانَ يَلْبَسُ حُلَلًا حُمْراً، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَوِيٍّ. الْجَوْهَرِيُّ: حِمْيَر أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ حِمْيَرُ بْنُ سَبَإ بْنُ يَشْجُب بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ، وَمِنْهُمْ كَانَتِ الْمُلُوكُ فِي الدَّهْرِ الأَوَّل، وَاسْمُ حِمْيَر العَرَنْجَجُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أَرَيْتَكَ مَوْلايَ الَّذِي لسْتُ شاتِماً ... وَلَا حارِماً، مَا بالُه يَتَحَمَّرُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ حَتَّى كأَنه مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرٍ. التَّهْذِيبُ: حِمْيَرٌ اسْمٌ، وَهُوَ قَيْلٌ أَبو مُلُوكِ الْيَمَنِ وإِليه تَنْتَمِي الْقَبِيلَةُ، وَمَدِينَةُ ظَفَارِ كَانَتْ لِحِمْيَرَ. وحَمَّرَ الرجلُ: تَكَلَّمَ بِكَلَامِ حِمْيَر، وَلَهُمْ أَلفاظ وَلُغَاتٌ تُخَالِفُ لُغَاتِ سَائِرِ الْعَرَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَلِكِ الحِمْيَرِيِّ مَلِك ظَفارِ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: ثِبْ، وثِبْ بِالْحِمْيَرِيَّةِ: اجْلِسْ، فَوَثَبَ الرَّجُلُ فانْدَقَّتْ رِجْلَاهُ فَضَحِكَ الْمَلِكُ وَقَالَ: ليستْ عِنْدَنَا عَرَبِيَّتْ، مَنْ دَخَلَ ظَفارِ حَمَّر أَي تَعَلَّم الحِمْيَرِيَّةَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ حِكَايَةُ ابْنِ جِنِّي يَرْفَعُ ذَلِكَ إِلى الأَصمعي، وأَما ابْنُ السِّكِّيتِ فإِنه قَالَ: فَوَثَبَ الرَّجُلُ فَتَكَسَّرَ بَدَلَ قَوْلِهِ فَانْدَقَّتْ رِجْلَاهُ، وَهَذَا أَمر أُخرج مَخْرَجَ الْخَبَرِ أَي فلْيُحَمِّرْ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الحُمْرة، بِسُكُونِ الْمِيمِ، نَبْتٌ. التَّهْذِيبُ: وأُذْنُ الحِمَار نَبْتٌ عَرِيضُ الْوَرَقِ كأَنه شُبِّه بأُذُنِ الْحِمَارِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا تَذْكُر مِنْ عَجُوزٍ حَمْراءَ الشِّدقَيْنِ
؛ وَصَفَتْهَا بالدَّرَدِ وَهُوَ سُقُوطُ الأَسنان مِنَ الكِبَرِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا حُمْرَةُ اللَّثَاةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: عارَضَه رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي فَقَالَ: اسْكُتْ يَا ابْنَ حَمْراء العِجانِ
أَي يَا ابْنَ الأَمة، وَالْعِجَانُ: مَا بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ فِي السَّبِّ والذمِّ. وأَحْمَرُ ثَمُودَ: لَقَبُ قُدارِ بْنِ سالِفٍ عاقِرِ ناقَةِ صَالِحٍ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وإِنما قَالَ زُهَيْرٌ كأَحمر عَادٍ لإِقامة الْوَزْنِ لِمَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَن يَقُولَ كأَحمر ثَمُودَ أَو وَهِمَ فِيهْ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَالَ بَعْضُ النُّسَّابِ إِن ثَمُودًا مِنْ عادٍ. وتَوْبَةُ بْنُ الحُمَيِّرِ: صَاحِبُ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةِ، وَهُوَ فِي الأَصل تَصْغِيرُ الْحِمَارِ. وَقَوْلُهُمْ: أَكْفَرُ مِنْ حِمَارٍ، هُوَ رَجُلٌ مِنْ عَادٍ مَاتَ لَهُ أَولاد فَكَفَرَ كُفْرًا عَظِيمًا فَلَا يَمُرُّ بأَرضه أَحد إِلَّا دَعَاهُ إِلى الْكُفْرِ فإِن أَجابه وإِلَّا قَتَلَهُ. وأَحْمَرُ وحُمَيْرٌ وحُمْرانُ وحَمْراءُ وحِمَارٌ: أَسماء. وَبَنُو حِمِرَّى: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَرُبَّمَا قَالُوا: بَنِي حِمْيَريّ. وابنُ لِسانِ الحُمَّرةِ: مِنْ خُطَبَاءِ الْعَرَبِ. وحِمِرُّ: موضع.(4/215)
حنر: الحَنِيرَةُ: عَقْدٌ مَضْرُوبٌ لَيْسَ بِذَلِكَ الْعَرِيضِ. والحَنِيرَةُ: الطَّاقُ الْمَعْقُودُ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الحَنِيرَةُ عَقْدُ الطَّاقِ المَبْنِيِّ. والحَنِيرَةُ: مِنْدَفَةُ القُطْنِ. والحَنِيرَةُ: القَوْسُ، وَقِيلَ: الْقَوْسُ بِلَا وَتَرٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الْجَوْهَرِيُّ: الحَنِيرَةُ الْقَوْسُ، وَهِيَ مِنْدَفَةُ النِّسَاءِ، وَجَمْعُهَا حَنِيرٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: جَمْعُهَا حَنائِرُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: لَوْ صَلَّيْتُمْ حَتَّى تَكُونُوا كالحَنائِر مَا نَفَعَكُمْ ذَلِكَ حَتَّى تُحِبّوا آلَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، هِيَ جَمْعُ حَنِيرَة، وَهِيَ الْقَوْسُ بِلَا وَتَرٍ، وَقِيلَ: الطَّاقُ الْمَعْقُودُ، وكلُّ مُنْحَنٍ، فَهُوَ حَنِيرَةٌ، أَي لَوْ تَعَبَّدْتُمْ حَتَّى تَنْحَنِيَ ظهورُكم؛ وَذَكَرَ الأَزهري هَذَا الْحَدِيثَ
فَقَالَ: لَوْ صَلَّيْتُمْ حَتَّى تَكُونُوا كالأَوْتارِ أَو صُمْتم حَتَّى تَكُونُوا كَالْحَنَائِرِ مَا نَفَعَكُمْ ذَلِكَ إِلَّا بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ ووَرَعٍ صَادِقٍ.
ابْنُ الأَعرابي: الحُنَيرَةُ تَصْغِيرُ حَنْرَةٍ، وَهِيَ العَطْفَةُ المُحْكَمَةُ لِلْقَوْسِ. وحَنَرَ الحَنِيرَةَ: بَنَاهَا «1» . والحِنَّوْرَةُ: دُوَيْبَّةٌ دَمِيمَةٌ يُشَبَّهُ بِهَا الإِنسانُ فَيُقَالُ: يَا حِنَّوْرَةُ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فِي بابِ فِعَّوْلٍ: الحِنَّوْرُ دَابَّةٌ تُشْبِهُ العظاءَ.
حنبتر: الحِنْبَتْرُ: الشّدَّةُ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
حنتر: الحَنْتَرُ: الضِّيقُ. والحِنْتَرُ: الْقَصِيرُ. والحِنْتارُ: الصَّغِيرُ. ابْنُ دُرَيْدٍ: الحَنْتَرَةُ الضِّيقُ، وَاللَّهُ أَعلم.
حنثر: رَجُلٌ حَنْثَرٌ وحَنْثَرِيُّ: مُحَمَّقٌ. والحَنْثَرَةُ: الضِّيقُ قَالَ الأَزهري فِي حنثر: هَذَا الْحَرْفُ فِي كِتَابِ الْجَمْهَرَةِ لِابْنِ دُرَيْدٍ مَعَ غَيْرِهِ وَمَا وَجَدْتُ لأَكثرها صِحَّةً لأَحدٍ مِنَ الثِّقَاتِ، وَيَنْبَغِي لِلنَّاظِرِ أَن يَفْحَصَ عَنْهَا، وَمَا وَجَدَهُ مِنْهَا لِثِقَةٍ أَلحقه بِالرُّبَاعِيِّ وَمَا لَمْ يَجِدْ مِنْهَا لِثِقَةٍ كَانَ مِنْهَا عَلَى رِيبَةٍ وحَذَرٍ.
حنجر: الحُنْجُورُ: الحَلْقُ. والحَنْجَرَةُ: طَبَقَانِ مِنْ أَطباق الحُلْقُوم مِمَّا يَلِي الغَلْصَمَةَ، وَقِيلَ: الحَنْجَرَةُ رأْس الغَلْصَمَةِ حَيْثُ يُحَدَّدُ، وَقِيلَ: هُوَ جَوْفُ الْحُلْقُومِ، وَهُوَ الحُنْجُورُ، وَالْجَمْعُ حَنْجَرٌ؛ قَالَ:
مُنِعَتْ تَمِيمٌ واللَّهازِمُ كُلُّها ... تَمْرَ العِراقِ، وَمَا يَلَذُّ الحَنْجَرُ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ
؛ أَراد أَن الفَزَع يُشخِصُ قُلُوبَهُمْ أَي تَقْلِصُ إِلى حَنَاجِرِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ ضَرَبَ حَنْجَرَةَ رَجُلٍ فَذَهَبَ صَوْتُهُ؛ قَالَ: عَلَيْهِ الدِّيَةُ
؛ الْحَنْجَرَةُ: رأْس الْغَلْصَمَةِ حَيْثُ تَرَاهُ نَاتِئًا مِنْ خَارِجِ الْحَلْقِ، وَالْجَمْعُ حَنَاجِرُ؛ وَمِنْهُ: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ؛ أَي صَعَدَتْ عَنْ مَوَاضِعِهَا مِنَ الْخَوْفِ إِليها. الأَزهري قَالَ فِي الحُلْقُوم والحُنْجُور وَهُوَ مَخْرَجُ النَّفَسِ: لَا يَجْرِي فِيهِ الطعامُ والشرابُ المَرِيءُ، وتمامُ الذَّكَاةِ قَطْعُ الْحُلْقُومِ والمَرِيءِ والوَدَجَيْنِ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
مِنَ الوارِداتِ الماءِ بالقَاعِ تَسْتَقِي ... بأَعْجازِها قَبْلَ اسْتِقاءِ الحَناجِرِ
إِنما جَعَلَ لِلنَّخْلِ حَنَاجِرَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْحَيَوَانِ. وحَنْجَرَ الرجلَ: ذَبَحَهُ. والمُحَنْجِرُ: دَاءٌ يُصِيبُ فِي الْبَطْنِ، وَقِيلَ: المُحَنْجِرُ دَاءُ التَّشَيْدُقِ «2» . يُقَالُ: حَنْجَرَ الرجلُ فَهُوَ مُحَنْجِرٌ، وَيُقَالُ للتَّحَيْدُقِ العِلَّوْصُ والمُحَنْجِرُ. وحَنْجَرَتْ عَيْنُهُ: غارتْ، الأَزهري عَنْ ثَعْلَبٍ أَن
__________
(1) . قوله: [بناها] كذا بالأصل بالباء الموحدة، وأفاد الشارح أنه كذلك في التكملة، والذي في القاموس: ثناها، بالمثلثة
(2) . قوله: [التشيدق] وقوله: [للتحيدق] كذا بالأصل(4/216)
ابْنَ الأَعرابي أَنشده:
لَوْ كَانَ خَزُّ واسِطٍ وسَقَطُهْ: ... حُنْجُورُهُ وحُقُّهُ وسَفَطُهْ
تَأْوِي إِليها، أَصْبَحَتْ تُقَسِّطُهْ.
ابْنُ الأَعرابي: الحُنْجُورَةُ شِبْهُ البُرْمَةِ مِنْ زُجَاجٍ يُجْعَلُ فِيهِ الطِّيبُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ قَارُورَةٌ طَوِيلَةٌ يُجْعَلُ فِيهَا الذَّرِيرَةُ.
حندر: الحِنْدِيرُ والحِنْدِيرَةُ والحُنْدورُ والحِنْدَوْرُ والحِنْدَوْرَةُ والحِنْدُورَةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّ الدَّالِّ، كُلُّهُ: الحَدَقَةُ، والحِنْدِيرةُ أَجودُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جَعَلَنِي عَلَى حُنْدُرِ عَيْنِهِ. وإِنه لَحُنادِرُ الْعَيْنِ أَي حَدِيدُ النَّظَرِ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُنْدُرُ والحُنْدورُ والحُنْدُورَة الْحَدَقَةُ؛ يُقَالُ: هُوَ عَلَى حُنْدُرِ عَيْنِهِ وحُنْدُورِ عَيْنِهِ وحُنْدُورَة عَيْنِهِ إِذا كَانَ يَسْتَثْقِلُهُ وَلَا يَقْدِرُ أَن يَنْظُرَ إِليه بُغْضًا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ جَعَلْتُهُ عَلَى حِنْدِيرَةِ عَيْنِي وحُنْدُورَةِ عَيْنِي إِذا جَعَلْتَهُ نُصْبَ عينك.
حنزر: الحُنْزُرَةُ «1» : شُعْبَةٌ مِنَ الجبل؛ عن كراع.
حنزقر: الحِنْزَقْرُ: والحِنْزَقْرَةُ: الْقَصِيرُ الدَّمِيمُ مِنَ النَّاسِ؛ وأَنشد شِمْرٌ:
لَوْ كنتَ أَجْمَلَ مِنْ ملكٍ، ... رَأَوْكَ أُقَيْدِرَ حِنْزَقْرَهْ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: النُّونُ إِذا كَانَتْ ثَانِيَةً سَاكِنَةً لَا تُجْعَلُ زَائِدَةً إِلا بِثَبَتٍ.
حور: الحَوْرُ: الرُّجُوعُ عَنِ الشَّيْءِ وإِلى الشَّيْءِ، حارَ إِلى الشَّيْءِ وَعَنْهُ حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُوراً: رَجَعَ عَنْهُ وإِليه؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
فِي بِئْرِ لَا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ
أَراد: فِي بِئْرٍ لَا حُؤُورٍ، فأَسكن الْوَاوَ الأُولى وَحَذَفَهَا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا صِلَةَ فِي قَوْلِهِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا قَائِمَةَ فِي هَذَا الْبَيْتِ صَحِيحَةٌ، أَراد فِي بِئْرِ مَاءٍ لَا يُحِيرُ عَلَيْهِ شَيْئًا. الْجَوْهَرِيُّ: حارَ يَحُورُ حَوْراً وحُؤُوراً رَجَعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حارَ عَلَيْهِ
؛ أَي رَجَعَ إِليه مَا نُسِبَ إِليه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ: فَغَسلْتها ثُمَّ أَجْففتها ثُمَّ أَحَرْتها إِليه
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ بَعْضِ السَّلَفِ:
لَوْ عَيَّرْتُ رَجُلًا بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بِي دَاؤُهُ
أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه. وَكُلُّ شَيْءٍ تَغَيَّرَ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ، فَقَدْ حارَ يَحُور حَوْراً؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَمَا المَرْءُ إِلَّا كالشِّهابِ وضَوْئِهِ، ... يَحُورُ رَماداً بَعْدَ إِذْ هُوَ ساطِعُ
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رَجَعَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا، وأَحارَها صاحِبُها؛ قَالَ جَرِيرٌ:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى ... يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لَا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهري:
وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لَا أُحِيرُها
أَبو عَمْرٍو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرُّجُوعُ. يُقَالُ: حارَ بعد ما كارَ. والحَوْرُ: النُّقْصَانُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ لأَنه رُجُوعٌ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ
؛ مَعْنَاهُ مِنَ النُّقْصَانِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مِنْ فَسَادِ أُمورنا بَعْدَ صَلَاحِهَا، وأَصله مِنْ نَقْضِ الْعِمَامَةِ بَعْدَ لَفِّهَا، مأْخوذ مِنْ كَوْرِ الْعِمَامَةِ إِذا انْتَقَضَ لَيُّها وَبَعْضُهُ يَقْرُبُ مِنْ بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ الحُورُ، بِالضَّمِّ. وَفِي رواية: بعد
__________
(1) . قوله: [الخنزرة] كذا بالأصل بهذا الضبط، وضبطت في القاموس بالشكل بفتح الحاء وسكون النون وفتح الراء(4/217)
الكَوْن؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سُئِلَ عَاصِمٌ عَنْ هَذَا فَقَالَ: أَلم تَسْمَعْ إِلى قولهم: حارَ بعد ما كَانَ؟ يَقُولُ إِنه كَانَ عَلَى حَالَةٍ جَمِيلَةٍ فَحَارَ عَنْ ذَلِكَ أَي رَجَعَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَقِيلَ مَعْنَاهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الرُّجُوعِ والخُروج عَنِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الكَوْرِ، مَعْنَاهُ بَعْدَ أَن كُنَّا فِي الكَوْرِ أَي فِي الْجَمَاعَةِ؛ يُقَالُ كارَ عِمامَتَهُ عَلَى رأْسه إِذا لَفَّها، وحارَ عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها. وَفِي الْمَثَلِ: حَوْرٌ فِي مَحَارَةٍ؛ مَعْنَاهُ نُقْصَانٌ فِي نُقْصَانٍ وَرُجُوعٌ فِي رُجُوعٍ، يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ أَمره يُدْبِرُ. والمَحارُ: الْمَرْجِعُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نَحْنُ بَنُو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّاسُ ... كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ
وَقَالَ سُبَيْعُ بْنُ الخَطِيم، وَكَانَ بَنُو صُبْح أَغاروا عَلَى إِبله فَاسْتَغَاثَ بِزَيْدِ الْفَوَارِسِ الضَّبِّيّ فَانْتَزَعَهَا مِنْهُمْ، فَقَالَ يَمْدَحُهُ:
لَوْلَا الإِلهُ وَلَوْلَا مَجْدُ طالِبِها، ... لَلَهْوَجُوها كَمَا نَالُوا مِن الْعِيرِ
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا، ... والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ فِي حُورِ
اللَّهْوَجَة: أَن لَا يُبالغ فِي إِنضاج اللَّحْمِ أَي أَكلوا لَحْمَهَا مِنْ قَبْلِ أَن يَنْضَجَ وَابْتَلَعُوهُ؛ وَقَوْلُهُ:
وَالذَّمُّ يَبْقَى وزاد القوم في حور
يُرِيدُ: الأَكْلُ يَذْهَبُ وَالذَّمُّ يَبْقَى. ابْنُ الأَعرابي: فُلَانٌ حَوْرٌ فِي مَحارَةٍ؛ قَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ، يُضْرَبُ مَثَلًا لِلشَّيْءِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ أَو كَانَ صَالِحًا فَفَسَدَ. والمَحارة: الْمَكَانُ الَّذِي يَحُور أَو يُحارُ فِيهِ. وَالْبَاطِلُ فِي حُورٍ أَي فِي نَقْصٍ وَرُجُوعٍ. وإِنك لَفِي حُورٍ وبُورٍ أَي فِي غَيْرِ صَنْعَةٍ وَلَا إِجادة. ابْنُ هَانِئٍ: يُقَالُ عِنْدَ تأْكيد المَرْزِئَةِ عَلَيْهِ بِقِلَّةِ النَّمَاءِ: مَا يَحُور فُلَانٌ وَمَا يَبُورُ، وَذَهَبَ فُلَانٌ فِي الحَوَارِ والبَوَارِ، بِفَتْحِ الأَول، وَذَهَبَ فِي الحُورِ والبُورِ أَي فِي النُّقْصَانِ وَالْفَسَادِ. وَرَجُلٌ حَائِرٌ بَائِرٌ، وَقَدْ حارَ وبارَ، والحُورُ الْهَلَاكُ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي النُّقْصَانِ وَالرُّجُوعِ. والحَوْرُ: مَا تَحْتَ الكَوْرِ مِنَ الْعِمَامَةِ لأَنه رُجُوعٌ عَنْ تَكْوِيرِهَا؛ وكلَّمته فَمَا رَجَعَ إِلَيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُحاوَرَةً وحَوِيراً ومَحُورَة، بِضَمِّ الْحَاءِ، بِوَزْنِ مَشُورَة أَي جَوَابًا. وأَحارَ عَلَيْهِ جَوَابَهُ: ردَّه. وأَحَرْتُ لَهُ جَوَابًا وَمَا أَحارَ بِكَلِمَةٍ، وَالِاسْمُ مِنَ المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تَقُولُ: سَمِعْتُ حَوِيرَهما وحِوَارَهما. والمُحاوَرَة: الْمُجَاوَبَةُ. والتَّحاوُرُ: التَّجَاوُبُ؛ وَتَقُولُ: كلَّمته فَمَا أَحار إِليَّ جَوَابًا وَمَا رَجَعَ إِليَّ خَوِيراً وَلَا حَوِيرَةً وَلَا مَحُورَةً ولا حِوَاراً [حَوَاراً] أَي مَا ردَّ جَوَابًا. وَاسْتَحَارَهُ أَي اسْتَنْطَقَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: يَرْجِعُ إِليكما ابْنَاكُمَا بِحَوْرِ مَا بَعَثْتُما بِه
أَي بِجَوَابِ ذَلِكَ؛ يُقَالُ: كلَّمته فَمَا رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جَوَابًا؛ وَقِيلَ: أَراد بِهِ الْخَيْبَةَ والإِخْفَاقَ. وأَصل الحَوْرِ: الرُّجُوعُ إِلى النَّقْصِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُبادة: يُوشِك أَن يُرَى الرجُل مِنْ ثَبَجِ الْمُسْلِمِينَ قُرَّاء الْقُرْآنِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَعاده وأَبْدَأَه لَا يَحُورُ فِيكُمْ إِلا كَمَا يَحُور صاحبُ الْحِمَارِ الْمَيِّتِ
أَي لَا يَرْجِعُ فِيكُمْ بِخَيْرٍ وَلَا يَنْتَفِعُ بِمَا حَفِظَهُ مِنَ الْقُرْآنِ كَمَا لَا يَنْتَفِعُ بِالْحِمَارِ الْمَيِّتِ صَاحِبُهُ. وَفِي حَدِيثِ
سَطِيحٍ: فَلَمْ يُحِرْ جَوَابًا
أَي لَمْ يَرْجِعْ وَلَمْ يَرُدَّ. وَهُمْ يَتَحاوَرُون أَي يَتَرَاجَعُونَ الْكَلَامَ. والمُحاوَرَةُ: مُرَاجَعَةُ الْمَنْطِقِ وَالْكَلَامِ فِي الْمُخَاطَبَةِ، وَقَدْ حَاوَرَهُ. والمَحُورَةُ: مِنَ المُحاوَرةِ مَصْدَرٌ كالمَشُورَةِ مِنَ المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛ وأَنشد:(4/218)
لِحاجَةِ ذِي بَثٍّ ومَحْوَرَةٍ لَهُ، ... كَفَى رَجْعُها مِنْ قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
وَمَا جَاءَتْنِي عَنْهُ مَحُورَة أَي مَا رَجَعَ إِليَّ عَنْهُ خَبَرٌ. وإِنه لَضَعِيفُ الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وَقَوْلُهُ:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَوارَهُ [حِوارَهُ] ... عَلَى النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
وَيُرْوَى: حَوِيرَه، إِنما يَعْنِي بِحِوَارِهِ وَحَوِيرِهِ خروجَ القِدْحِ مِنَ النَّارِ أَي نَظَرْتُ الفَلَجَ والفَوْزَ. واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، مِنَ الحِوَارِ [الحَوَارِ] الَّذِي هُوَ الرُّجُوعُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. أَبو عَمْرٍو: الأَحْوَرُ الْعَقْلُ، وَمَا يَعِيشُ فلانٌ بأَحْوَرَ أَي مَا يَعِيشُ بِعَقْلٍ يَرْجِعُ إِليه؛ قَالَ هُدْبَةُ وَنَسَبَهُ ابْنُ سِيدَهْ لِابْنِ أَحمر:
وَمَا أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لَا أَنْسَ قَوْلَها ... لجارَتِها: مَا إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا
أَراد: مِنَ الأَشياء. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الَّذِي أَنت فِيهِ. والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ الْعَيْنِ وسَوادُ سَوادِها وَتَسْتَدِيرَ حَدَقَتُهَا وَتَرِقَّ جُفُونُهَا ويبيضَّ مَا حَوَالَيْهَا؛ وَقِيلَ: الحَوَرُ شِدَّةُ سَوَادِ المُقْلَةِ فِي شِدَّةِ بَيَاضِهَا فِي شِدَّةِ بَيَاضِ الْجَسَدِ، وَلَا تَكُونُ الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قَالَ الأَزهري: لَا تُسَمَّى حَوْرَاءَ حَتَّى تَكُونَ مَعَ حَوَرِ عَيْنَيْهَا بيضاءَ لَوْنِ الجَسَدِ؛ قَالَ الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْن ... فِي المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وَبِالِاحْوِرَارِ بياضَ الإِهالة وَالشَّحْمِ؛ وَقِيلَ: الحَوَرُ أَن تَسْوَدَّ الْعَيْنُ كُلُّهَا مِثْلَ أَعين الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ، وَلَيْسَ فِي بَنِي آدَمَ حَوَرٌ، وإِنما قِيلَ لِلنِّسَاءِ حُورُ العِينِ لأَنهن شُبِّهْنَ بِالظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ. وَقَالَ كُرَاعٌ: الحَوَرُ أَن يَكُونَ الْبَيَاضُ مُحْدِقًا بِالسَّوَادِ كُلِّهِ وإِنما يَكُونُ هَذَا فِي الْبَقَرِ وَالظِّبَاءِ ثُمَّ يُسْتَعَارُ لِلنَّاسِ؛ وَهَذَا إِنما حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي البَرَج غَيْرَ أَنه لَمْ يَقُلْ إِنما يَكُونُ فِي الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ. وَقَالَ الأَصمعي: لَا أَدري مَا الحَوَرُ فِي الْعَيْنِ وَقَدْ حَوِرَ حَوَراً واحْوَرَّ، وَهُوَ أَحْوَرُ. وامرأَة حَوْراءُ: بَيِّنَةُ الحَوَرِ. وعَيْنٌ حَوْراءٌ، وَالْجَمْعُ حُورٌ، وَيُقَالُ: احْوَرَّتْ عَيْنُهُ احْوِرَاراً؛ فأَما قَوْلُهُ:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير
فَعَلَى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: الْبَيْضَاءُ، لَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ حَوَر عَيْنِهَا. والأَعْرابُ تُسَمِّي نِسَاءَ الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لِبَيَاضِهِنَّ وَتَبَاعُدِهِنَّ عَنْ قَشَفِ الأَعراب بِنَظَافَتِهِنَّ؛ قَالَ:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ، ... إِذا تَفَتَّلْنَ مِنْ تَحْتِ الجَلابِيبِ
يَعْنِي النِّسَاءَ؛ وَقَالَ أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا، ... وَلَا تَبْكِنا إِلَّا الكِلابُ النَّوابِحُ
بكَيْنَ إِلينا خِيفَةً أَنْ تُبِيحَها ... رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ
جَعَلَ أَهل الشأْم نَصَارَى لأَنها تَلِي الرُّومَ وَهِيَ بِلَادُهَا. والحَوارِيَّاتُ مِنَ النِّسَاءِ: النَّقِيَّاتُ الأَلوان وَالْجُلُودِ لِبَيَاضِهِنَّ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِصَاحِبِ الحُوَّارَى: مُحَوِّرٌ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ
يَعْنِي الأَعين النَّقِيَّاتِ الْبَيَاضِ الشَّدِيدَاتِ سَوَادِ الحَدَقِ. وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ الْجَنَّةِ:
إِن فِي الْجَنَّةِ لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
والتَّحْوِيرُ: التَّبْيِيضُ. والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ(4/219)
لِتَبْيِيضِهِمْ لأَنهم كَانُوا قَصَّارِينَ ثُمَّ غَلَبَ حَتَّى صَارَ كُلُّ نَاصِرٍ وَكُلُّ حَمِيمٍ حَوارِيّاً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الَّذِينَ قَدْ خَلَصُوا لَهُمْ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْحَوَارِيُّونَ خُلْصَانُ الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَصَفْوَتُهُمْ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي وحَوارِيَّ مِنْ أُمَّتِي؛ أَي خَاصَّتِي مِنْ أَصحابي وَنَاصِرِي. قَالَ: وأَصحاب النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَوَارِيُّونَ، وتأْويل الْحَوَارِيِّينَ فِي اللُّغَةِ الَّذِينَ أُخْلِصُوا ونُقُّوا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ؛ وَكَذَلِكَ الحُوَّارَى مِنَ الدَّقِيقِ سُمِّيَ بِهِ لأَنه يُنَقَّى مِنْ لُباب البُرِّ؛ قَالَ: وتأْويله فِي النَّاسِ الَّذِي قَدْ رُوجِعَ فِي اختِياره مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَوُجِدَ نَقِيّاً مِنَ الْعُيُوبِ. قَالَ: وأَصل التَّحْوِيرِ فِي اللُّغَةِ مِنْ حارَ يَحُورُ، وَهُوَ الرُّجُوعُ. والتَّحْوِيرُ: التَّرْجِيعُ، قَالَ: فَهَذَا تأْويله، وَاللَّهُ أَعلم. ابْنُ سِيدَهْ: وكلُّ مُبالِغٍ فِي نُصْرَةِ آخَرَ حوَارِيٌّ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ أَنصار الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ، ... ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يَعْنِي بالحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وَعَنَى بِابْنِهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ. وَقِيلَ لأَصحاب عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْحَوَارِيُّونَ لِلْبَيَاضِ، لأَنهم كَانُوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ: البَيَّاضُ، وَهَذَا أَصل قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الزُّبَيْرِ: حَوارِيَّ مِنْ أُمَّتي، وَهَذَا كَانَ بدأَه لأَنهم كَانُوا خُلَصَاءَ عِيسَى وأَنصاره، وأَصله مِنَ التَّحْوِيرِ التَّبْيِيضُ، وإِنما سُمُّوا حَوَارِيِّينَ لأَنهم كَانُوا يَغْسِلُونَ الثِّيَابَ أَي يُحَوِّرُونَها، وَهُوَ التَّبْيِيضُ؛ وَمِنْهُ الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: امرأَة حَوارِيَّةٌ إِذا كَانَتْ بَيْضَاءَ. قَالَ: فَلَمَّا كان عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، نَصَرَهُ هَؤُلَاءِ الْحَوَارِيُّونَ وَكَانُوا أَنصاره دُونَ النَّاسِ قِيلَ لِنَاصِرِ نَبِيِّهِ حَوارِيُّ إِذا بَالَغَ فِي نُصْرَتِه تَشْبِيهًا بأُولئك. والحَوارِيُّونَ: الأَنصار وَهُمْ خَاصَّةُ أَصحابه. وَرَوَى شَمِرٌ أَنه قَالَ: الحَوارِيُّ النَّاصِحُ وأَصله الشَّيْءُ الْخَالِصُ، وَكُلُّ شَيْءٍ خَلَصَ لَوْنُه، فَهُوَ حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض النَّاعِمُ؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتُ:
ومَرْضُوفَةٍ لَمْ تُؤْنِ فِي الطَّبْخِ طاهِياً، ... عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا
يُرِيدُ بَيَاضَ زَبَدِ القِدْرِ. وَالْمَرْضُوفَةُ: الْقِدْرُ الَّتِي أُنضجت بالرَّضْفِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ بِالنَّارِ. وَلَمْ تؤْن أَي لَمْ تُحْبَسْ. والاحْوِرَارُ: الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قَالَ أَبو الْمُهَوَّشِ الأَسدي:
يَا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ، ... فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟
يَعْنِي المُبْيَضَّةَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَوَرَدَ تَرْخِيمُ وَرْدَة، وَهِيَ امرأَته، وَكَانَتْ تَنْهَاهُ عَنْ إِضاعة مَالِهِ وَنَحْرِ إِبله فَقَالَ ذَلِكَ: الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: الحَوَرْوَرَةُ الْبَيْضَاءُ. قَالَ: هو ثُلَاثِيُّ الأَصل أُلحق بِالْخُمَاسِيِّ لِتَكْرَارِ بَعْضِ حُرُوفِهَا. والحَوَرُ: خَشَبَةٌ يُقَالُ لَهَا البَيْضاءُ. والحُوَّارَى: الدَّقِيقُ الأَبيض، وَهُوَ لُبَابُ الدَّقِيقِ وأَجوده وأَخلصه. الْجَوْهَرِيُّ: الحُوَّارَى، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالرَّاءُ مَفْتُوحَةٌ، مَا حُوِّرَ مِنَ الطَّعَامِ أَي بُيّصَ. وَهَذَا دَقِيقٌ حُوَّارَى، وَقَدْ حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وَعَجِينٌ مُحَوَّر، وَهُوَ الَّذِي مُسِحَ وَجْهُهُ بِالْمَاءِ حَتَّى صَفَا. والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض النَّاعِمُ مِنْ أَهل الْقُرَى؛ قَالَ عُتَيْبَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:(4/220)
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ مِنْهَا بِمِشْفَرٍ ... خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ
والحَوَرُ: البَقَرُ لِبَيَاضِهَا، وَجَمْعُهُ أَحْوارٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنازِل، ... إِنَّا بُلِينَ بِهَا وَلَا الأَحْوارُ
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل مِنْهَا الأَسْفَاطُ، وَقِيلَ: السُّلْفَةُ، وَقِيلَ: الحَوَرُ الأَديم الْمَصْبُوغُ بِحُمْرَةٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ الْجُلُودُ الحُمْرُ الَّتِي لَيْسَتْ بِقَرَظِيَّةٍ، وَالْجَمْعُ أَحْوَارٌ؛ وَقَدْ حَوَّرَهُ. وخُفٌّ مُحَوَّرٌ بِطَانَتُهُ بِحَوَرٍ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ، ... كأَنَّما قُدَّ فِي أَثْوابِه الحَوَرُ
الْجَوْهَرِيُّ: الحَوَرُ جُلُودٌ حُمْرٌ يُغَشَّى بِهَا السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ مَخَالِبَ الْبَازِي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ، ... كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ
وَفِي كِتَابِهِ لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لَهُمْ مِنَ الصَّدَقَةِ الثِّلْبُ والنَّابُ والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَنْسُوبٌ إِلى الحَوَرِ، وَهِيَ جُلُودٌ تُتَّخَذُ مِنْ جُلُودِ الضأْن، وَقِيلَ: هُوَ مَا دُبِغَ مِنَ الْجُلُودِ بِغَيْرِ القَرَظِ، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ عَلَى أَصله وَلَمْ يُعَلَّ كَمَا أُعلَّ نَابٌ. والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رَدِيئَةٌ عِنْدَ يَعْقُوبَ: وَلَدُ النَّاقَةِ مِنْ حِينِ يُوضَعُ إِلى أَن يُفْطَمَ وَيُفْصَلَ، فإِذا فَصَلَ عَنْ أُمه فَهُوَ فَصِيلٌ، وَقِيلَ: هُوَ حُوَارٌ ساعةَ تَضَعُهُ أُمه خَاصَّةً، وَالْجَمْعُ أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فِيهِمَا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَفَّقُوا بَيْنَ فُعَالٍ وفِعَال كَمَا وَفَّقُوا بَيْنَ فُعالٍ وفَعِيلٍ، قَالَ: وَقَدْ قَالُوا حُورَانٌ، وَلَهُ نَظِيرٌ، سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي التَّهْذِيبِ: الحُوَارُ الْفَصِيلُ أَوَّلَ مَا يُنْتَجُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: اللَّهُمَّ أَحِرْ رِباعَنا أَي اجْعَلْ رِبَاعَنَا حِيراناً؛ وَقَوْلُهُ:
أَلا تَخافُونَ يَوْمًا، قَدْ أَظَلَّكُمُ ... فِيهِ حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: هُوَ يوم مَشْؤُوم عَلَيْكُمْ كَشُؤْم حُوارِ نَاقَةِ ثَمُودَ عَلَى ثَمُودَ. والمِحْوَرُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وَهِيَ أَيضاً الْخَشَبَةُ الَّتِي تَجْمَعُ المَحَالَةَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ بَعْضُهُمْ قِيلَ لَهُ مِحْوَرٌ للدَّوَرَانِ لأَنه يَرْجِعُ إِلى الْمَكَانِ الَّذِي زَالَ عَنْهُ، وَقِيلَ: إِنما قِيلَ لَهُ مِحْوَرٌ لأَنه بِدَوَرَانِهِ يَنْصَقِلُ حَتَّى يَبْيَضَّ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا اضْطَرَبَ أَمره: قَدْ قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يَا مَيُّ مَا لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي، ... وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟
يَقُولُ: اضْطَرَبَتْ عَلَيَّ أُموري فَكَنَّى عَنْهَا بِالْمَحَاوِرِ. وَالْحَدِيدَةُ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا الْبَكَرَةُ يُقَالُ لَهَا: مِحْورٌ. الْجَوْهَرِيُّ: المِحْوَرُ العُودُ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ الْبَكَرَةُ وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ. والمِحْوَرُ: الهَنَةُ وَالْحَدِيدَةُ الَّتِي يَدُورُ فِيهَا لِسانُ الإِبْزِيمِ فِي طَرَفِ المِنْطَقَةِ وَغَيْرِهَا. والمِحْوَرُ: عُودُ الخَبَّازِ. والمِحْوَرُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي يَبْسُطُ بِهَا الْعَجِينَ يُحَوّرُ بِهَا الْخُبْزَ تَحْوِيراً. قَالَ الأَزهري: سُمِّيَ مِحْوَراً لِدَوَرَانِهِ عَلَى الْعَجِينِ تَشْبِيهًا بِمِحْوَرِ الْبَكَرَةِ وَاسْتِدَارَتِهِ. وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها وأَدارها لِيَضَعَهَا فِي المَلَّةِ. وحَوَّرَ عَيْنَ الدَّابَّةِ: حَجَّرَ حَوْلَهَا(4/221)
بِكَيٍّ وَذَلِكَ مِنْ دَاءٍ يُصِيبُهَا، والكَيَّةُ يُقَالُ لَهَا الحَوْراءُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن مَوْضِعَهَا يبيضُّ؛ وَيُقَالُ: حَوِّرْ عينَ بَعِيرِكَ أَي حَجِّرْ حَوْلَهَا بِكَيٍّ. وحَوَّرَ عَيْنَ الْبَعِيرِ: أَدار حَوْلَهَا مِيسَماً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ عَلَى عَاتِقِهِ حَوْراءَ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ: وَجَدَ وَجَعًا فِي رَقَبَتِهِ فَحَوَّرَهُ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِحَدِيدَةٍ؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وَهِيَ مِنْ حارَ يَحُورُ إِذا رَجَعَ. وحَوَّرَه: كَوَاهُ كَيَّةً فأَدارها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لَمَّا أُخْبِرَ بِقَتْلِ أَبي جَهْلٍ قَالَ: إِن عَهْدِي بِهِ وَفِي رُكْبَتَيْهِ حَوْراءُ فانظروا ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ
؛ يَعْنِي أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بِهَا. وإِنه لَذُو حَوِيرٍ أَي عَدَاوَةٍ ومُضَادَّةٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُسَمِّي النَّجْمُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ المُشْتَري: الأَحْوَرَ. والحَوَرُ: أَحد النُّجُومِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَتْبَعُ بَنَاتِ نَعْشٍ، وَقِيلَ: هُوَ الثَّالِثُ مِنْ بَنَاتِ نَعْشٍ الْكُبْرَى اللَّاصِقُ بِالنَّعْشِ. والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو نَحْوُهَا مِنَ الْعَظْمِ، وَالْجَمْعُ مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قَالَ السُّلَيْكُ بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النَّخَّامِ، لَمَّا ... تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلًا، مَحارُ
أَي كأَنها صَدَفٌ تَمُرُّ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ وَذَكَرَ الأَزهري هَذِهِ التَّرْجَمَةَ أَيضاً فِي بَابِ مَحَرَ، وَسَنَذْكُرُهَا أَيضاً هُنَاكَ. والمَحارَةُ: مَرْجِعُ الْكَتِفِ. ومَحَارَةُ الحَنَكِ: فُوَيْقَ مَوْضِعِ تَحْنيك البَيْطار. والمَحارَةُ: بَاطِنُ الْحَنَكِ. والمَحارَةُ: مَنْسِمُ الْبَعِيرِ؛ كِلَاهُمَا عَنْ أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي. التَّهْذِيبِ: المَحارَةُ النُّقْصَانُ، والمَحارَةُ: الرُّجُوعُ، والمَحارَةُ: الصَّدَفة. والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ. والحُورُ: الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ: طَحَنَتِ الطاحنةُ فَمَا أَحارتْ شَيْئًا أَي مَا رَدَّتْ شَيْئًا مِنَ الدَّقِيقِ؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
فِي بِئْرٍ لَا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي فِي بِئْرٍ حُورٍ، وَلَا زَيادَةٌ. وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ: هَذَا قَدْ يَكُونُ مِنَ الْهَلَاكِ وَمِنَ الكَسادِ. وَالْحَائِرُ: الرَّاجِعُ مِنْ حَالٍ كَانَ عَلَيْهَا إِلى حَالٍ دُونَهَا، وَالْبَائِرُ: الْهَالِكُ؛ وَيُقَالُ: حَوَّرَ اللَّهُ فُلَانًا أَي خَيَّبَهُ ورَجَعَهُ إِلى النَّقْصِ. والحَوَر، بِفَتْحِ الْوَاوِ: نَبْتٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ وَلَمْ يُحَلِّه. وحَوْرانُ، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ. وَمَا أَصبت مِنْهُ حَوْراً وحَوَرْوَراً أَي شَيْئًا. وحَوَّارُونَ: مَدِينَةٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ فِي مُشْمَخِرَّةٍ، ... تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وحَوْرِيتُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: دَخَلْتُ عَلَى أَبي عَلِيٍّ فَحِينَ رَآنِي قَالَ: أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: مَا تَقُولُ فِي حَوْرِيتٍ؟ فَخُضْنَا فِيهِ فرأَيناه خَارِجًا عَنِ الْكِتَابِ، وصَانَعَ أَبو عَلِيٍّ عَنْهُ فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ لُغَةِ ابْنَيْ نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ بِهِ لِذَلِكَ؛ قَالَ: وأَقرب مَا يُنْسَبُ إِليه أَن يَكُونَ فَعْلِيتاً لِقُرْبِهِ مِنْ فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ مَوْجُودٌ.
حير: حَارَ بَصَرُه يَحارُ حَيْرَةً وحَيْراً وحَيَراناً وتَحيَّر إِذا نَظَرَ إِلى الشَّيْءِ فَعَشيَ بَصَرُهُ. وتَحَيَّرَ واسْتَحَارَ وحارَ: لَمْ يَهْتَدِ لِسَبِيلِهِ. وحارَ يَحَارُ حَيْرَةً وحَيْراً أَي تَحَيَّرَ فِي أَمره؛ وحَيَّرْتُه أَنا فَتَحَيَّرَ. وَرَجُلٌ حائِرٌ بائِرٌ إِذا لَمْ يَتَّجِهْ لِشَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الرِّجَالُ ثَلَاثَةٌ، فَرَجُلٌ حَائِرٌ بَائِرٌ
أَي مُتَحَيِّرٌ فِي أَمره لَا يَدْرِي كَيْفَ يَهْتَدِي(4/222)
فِيهِ. وَهُوَ حائِرٌ وحَيْرانُ: تائهٌ مِنْ قَوْمٍ حَيَارَى، والأُنثى حَيْرى. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لَا تَفْعَلْ ذَلِكَ أُمُّكَ حَيْرَى أَي مُتَحَيِّرة، كَقَوْلِكَ أُمُّكَ ثَكْلَى وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ؛ يُقَالُ: لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ أُمَّهاتُكُمْ حَيْرَى؛ وَقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
يَطْوِي البَعِيدَ كَطَيِّ الثَّوْبِ هِزَّتُهُ، ... كَمَا تَرَدَّدَ بالدَّيْمُومَةِ الحَارُ
أَراد الْحَائِرَ كَمَا قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ: وَهِيَ أَدْماءُ سارُها؛ يُرِيدُ سَائِرَهَا. وَقَدْ حَيَّرَهُ الأَمر. والحَيَرُ: التَّحَيُّرُ؛ قَالَ:
حَيْرانُ لَا يُبْرِئُه مِنَ الحَيَرْ
وحارَ الماءُ، فَهُوَ حَائِرٌ. وتَحَيَّرَ: تَرَدَّدَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فَهُنَّ يَروَيْنَ بِظِمْءٍ قاصِرِ، ... فِي رَبَبِ الطِّينِ، بماءٍ حائِرِ
وتَحَيَّر الماءُ: اجْتَمع وَدَارَ. والحائِرُ: مُجْتَمَعُ الْمَاءِ؛ وأَنشد:
مِمَّا تَرَبَّبَ حائِرَ البَحْرِ
قَالَ: وَالْحَاجِرُ نَحْوٌ مِنْهُ، وَجَمْعُهُ حُجْرانٌ. والحائِرُ: حَوْضٌ يُسَيَّبُ إِليه مَسِيلُ الْمَاءِ مِنَ الأَمطار، يُسَمَّى هَذَا الِاسْمُ بِالْمَاءِ. وتَحَيَّر الرجلُ إِذا ضَلَّ فَلَمْ يَهْتَدِ لِسَبِيلِهِ وتَحَيَّر فِي أَمره. وَبِالْبَصْرَةِ حائِرُ الحَجَّاجِ مَعْرُوفٌ: يَابِسٌ لَا مَاءَ فِيهِ، وأَكثر النَّاسِ يُسَمِّيهِ الحَيْرَ كَمَا يَقُولُونَ لِعَائِشَةَ عَيْشَةُ، يَسْتَحْسِنُونَ التَّخْفِيفَ وَطَرْحَ الأَلف؛ وَقِيلَ: الْحَائِرُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ فَيَتَحَيَّرُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ؛ قَالَ:
صَعْدَةٌ نابِتَةٌ فِي حائِر، ... أَيْنَما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنْ مُطْمَئِنَّاتِ الأَرض الحائِرُ، وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ الوَسَطِ المرتفعُ الحروفِ، وَجَمْعُهُ حِيرانٌ وحُورانٌ، وَلَا يُقَالُ حَيْرٌ إِلا أَن أَبا عُبَيْدٍ قَالَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ رُؤْبَةُ:
حَتَّى إِذا مَا هاجَ حِيرانُ الدَّرَقْ
الحِيران جَمْعُ حَيْرٍ، لَمْ يَقُلْهَا أَحد غَيْرُهُ وَلَا قَالَهَا هُوَ إِلا فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيضاً فِي كُلِّ نُسْخَةٍ؛ وَاسْتَعْمَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْحَائِرَ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ:
ولأَنتِ أَحْسَنُ إِذْ بَرَزْت لَنا، ... يومَ الخُروجِ، بِسَاحَة العَقْرِ
مِنْ دُرَّةٍ أَغْلَى بِهَا مَلِكٌ، ... مِمَّا تَرَبَّبَ حائِرَ البَحْرِ
وَالْجَمْعُ حِيرَانٌ وحُورَانٌ. وَقَالُوا: لِهَذِهِ الدَّارِ حائِرٌ واسعٌ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: حَيْرٌ، وَهُوَ خطأٌ. والحائِرُ: كَرْبَلاءُ، سُميت بأَحدِ هَذِهِ الأَشياء. واسْتحارَ الْمَكَانُ بِالْمَاءِ وتَحَيَّر: تَمَلَّأَ. وتَحَيَّر فِيهِ الْمَاءُ: اجتمعَ. وتَحَيَّرَ الماءُ فِي الْغَيْمِ: اجْتَمَعَ، وإِنما سُمِّيَ مُجْتَمَعُ الْمَاءِ حَائِرًا لأَنه يَتَحَيَّرُ الْمَاءُ فِيهِ يَرْجِعُ أَقصاه إِلى أَدناه؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
سَقَاهُ رِيّاً حائِرٌ رَوِيُ
وتَحَيَّرَتِ الأَرضُ بِالْمَاءِ إِذا امتلأَتْ. وتَحَيَّرَتِ الأَرضُ بِالْمَاءِ لِكَثْرَتِهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حَتَّى تَحَيَّرَتِ الدِّبارُ كأَنَّها ... زَلَفٌ، وأُلْقِيَ قِتْبُها المَحْزُومُ
يَقُولُ: امتلأَت مَاءً. وَالدِّبَارُ: المَشَارات «2» . والزَّلَفُ: المَصانِعُ. واسْتَحار شَبَابُ المرأَة وتَحَيَّرَ: امتلأَ وَبَلَغَ الغاية؛
__________
(2) . قوله: [المشارات] أي مجاري الماء في المزرعة كما في شرح القاموس(4/223)
قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَقَدْ طُفْتُ مِنْ أَحْوالِهَا وأَرَدْتُها ... لِوَصْلٍ، فأَخْشَى بَعْلَها وأَهَابُها
ثلاثةَ أَعْوَامٍ، فَلَمَّا تَجَرَّمَتْ ... تَقَضَّى شَبابِي، واسْتَحارَ شبابُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَجَرَّمَتْ تكملت السُّنُونَ. وَاسْتَحَارَ شَبَابُهَا: جَرَى فِيهَا مَاءُ الشَّبَابِ؛ قَالَ الأَصمعي: اسْتَحَارَ شَبَابُهَا اجْتَمَعَ وَتَرَدَّدَ فِيهَا كَمَا يَتَحَيَّرُ الْمَاءُ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ وَذَكَرَ فَرْجَ المرأَة:
وإِذا لَمَسْتَ، لَمَسْتَ أَجْثَمَ جاثِماً ... مُتَحَيِّراً بِمكانِه، مِلْءَ اليَدِ «1»
. والحَيْرُ: الْغَيْمُ ينشأُ مَعَ الْمَطَرِ فَيَتَحَيَّرُ فِي السَّمَاءِ. وتَحَيَّر السحابُ: لَمْ يَتَّجِهْ جِهَةً. الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ شَيْءٍ ثَابِتٍ دَائِمٍ لَا يَكَادُ يَنْقَطِعُ: مُسْتَحِيرٌ ومُتَحَيِّرٌ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
يَا رُبَّما قُذِفَ العَدُوُّ بِعَارِضٍ ... فَخْمِ الكَتائِبِ، مُسْتَحِيرِ الكَوْكَبِ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْمُسْتَحِيرُ الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ. قَالَ: وَكَوْكَبُ الْحَدِيدِ بَرِيقُهُ. والمُتَحيِّرُ مِنَ السَّحَابِ: الدائمُ الَّذِي لَا يَبْرَحُ مَكَانَهُ يَصُبُّ الْمَاءَ صَبًّا وَلَا تَسُوقُهُ الرِّيحُ؛ وأَنشد:
كَأَنَّهُمُ غَيْثٌ تَحَيَّر وَابِلُهْ
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
فِي مُسْتَحِيرِ رَدَى المَنُونِ، ... ومُلْتَقَى الأَسَل النَّواهِل
قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُرِيدُ يَتَحَيَّرُ الرَّدَى فَلَا يَبْرَحُ. وَالْحَائِرُ: الوَدَكُ: ومَرَقَةٌ مُتَحَيِّرَةٌ: كَثِيرَةُ الإِهالَةِ والدَّسَمِ. وتَحَيَّرَتِ الجَفْنَةُ: امتلأَت طَعَامًا وَدَسَمًا؛ فأَما ما أَنشده الْفَارِسِيُّ لِبَعْضِ الْهُذَلِيِّينِ:
إِمَّا صَرَمْتِ جَدِيدَ الحِبالِ ... مِنِّي، وغَيَّرَكِ الأَشْيَبُ
فَيَا رُبَّ حَيْرَى جَمادِيَّةٍ، ... تَحَدَّرَ فِيهَا النَّدَى السَّاكِبُ
فإِنه عَنَى رَوْضَةً مُتَحَيِّرَةً بِالْمَاءِ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ، وَجَمْعُهَا مَحارٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ
فَأَلأَمُ مُرْضَعٍ نُشِغَ المَحَارَا
أَراد: مَا فِي الْمَحَارِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ: يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْ سِدْرٍ فَيُجْعَلُ فِي مَحارَةٍ أَو سُكُرُّجَةٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المَحارَةُ وَالْحَائِرُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ، وأَصل المَحْارَةِ الصَّدَفَةُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. ومَحارَةُ الأُذن: صَدَفَتُهَا، وَقِيلَ: هِيَ مَا أَحاط بِسُمُومِ الأُذُنِ مِنْ قَعْرِ صَحْنَيْها، وَقِيلَ: مَحارَةُ الأُذن جَوْفُهَا الظَّاهِرُ المُتَقَعِّرُ؛ وَالْمَحَارَةُ أَيضاً: مَا تَحْتَ الإِطارِ، وَقِيلَ: الْمَحَارَةُ جَوْفُ الأُذن، وَهُوَ مَا حَوْلَ الصِّماخ المُتَّسِعِ. والمَحارَةُ: الحَنَكُ وَمَا خَلْفَ الفَراشَةِ مِنْ أَعلى الفم. والمحارة: مَنْفَذُ النَّفَسِ إِلى الخياشيم. والمَحارَةُ: النُّقْرَةُ الَّتِي فِي كُعْبُرَةِ الكَتِف. والمَحارَةُ: نُقْرَةُ الوَرِكِ. والمَحارَتانِ: رأْسا الْوَرِكَ الْمُسْتَدِيرَانِ اللَّذَانِ يدور فيهما رؤوس الْفَخِذَيْنِ. والمَحارُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، مِنَ الإِنسان: الحَنَكُ، وَمِنَ الدَّابَّةِ حَيْثُ يُحَنِّكُ البَيْطارُ. ابْنُ الأَعرابي: مَحارَةُ الْفَرَسِ أَعلى فَمِهِ مِنْ بَاطِنٍ. وَطَرِيقٌ مُسْتَحِيرٌ: يأْخذ فِي عُرْضِ مَسَافَةٍ لَا يُدرى أَين مَنْفَذُه؛ قَالَ:
ضاحِي الأَخادِيدِ ومُسْتَحِيرِهِ، ... فِي لاحِبٍ يَرْكَبْنَ ضِيفَيْ نِيرِهِ
وَاسْتَحَارَ الرَّجُلُ بِمَكَانِ كَذَا وَمَكَانِ كذا: نزله أَياماً.
__________
(1) . في ديوان النابغة: متحيِّزاً(4/224)
والحِيَرُ والحَيَرُ: الْكَثِيرُ مِنَ الْمَالِ والأَهل؛ قَالَ:
أَعُوذُ بالرَّحْمَنِ مِنْ مالٍ حِيَرْ، ... يُصْلِينِيَ اللهُ بِهِ حَرَّ سَقَرْ
وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يَا مَنْ رَأَى النُّعْمان كانَ حِيَرَا
قَالَ ثَعْلَبٌ: أَي كَانَ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ وخَوَلٍ وأَهل؛ قَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: سَمِعْتُ امرأَة مِنْ حِمْيَر تُرَقِّصُ ابْنَهَا وَتَقُولُ:
يَا رَبَّنا مَنْ سَرَّهُ أَن يَكْبَرَا، ... فَهَبْ لَهُ أَهْلًا وَمَالًا حِيَرَا
وَفِي رِوَايَةٍ:
فَسُقْ إِليه رَبِّ مَالًا حِيَرَا
. والحَيَرُ: الْكَثِيرُ مِنْ أَهل وَمَالٍ؛ وَحَكَى ابْنُ خَالَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَحْدَهُ: مَالٌ حِيَرٌ، بِكَسْرِ الْحَاءِ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو عَنْ ثَعْلَبٍ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ ابْنِ الأَعرابي:
حَتَّى إِذا مَا رَبا صَغِيرُهُمُ، ... وأَصْبَحَ المالُ فِيهِمُ حِيَرَا
صَدَّ جُوَيْنٌ فَمَا يُكَلِّمُنا، ... كأَنَّ فِي خَدِّه لَنَا صَعَرا
وَيُقَالُ: هَذِهِ أَنعام حِيراتٌ أَي مُتَحَيِّرَة كَثِيرَةٌ، وَكَذَلِكَ النَّاسُ إِذا كَثُرُوا. والحَارَة: كُلُّ مَحَلَّةٍ دَنَتْ مَنازِلُهم فَهُمْ أَهل حارَةٍ. والحِيرةُ، بِالْكَسْرِ: بَلَدٌ بِجَنْبِ الْكُوفَةِ يَنْزِلُهَا نَصَارَى العِبَاد، وَالنِّسْبَةُ إِليها حِيرِيٌّ وحاريٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ مِنَ نَادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ قُلِبَتِ الْيَاءُ فِيهِ أَلفاً، وَهُوَ قَلْبٌ شَاذٌّ غَيْرُ مَقِيسٍ عَلَيْهِ غَيْرُهُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: النِّسْبَةُ إِليها حارِيٌّ كَمَا نَسَبُوا إِلى التَّمْرِ تَمْرِيٌّ فأَراد أَن يَقُولَ حَيْرِيٌّ، فَسَكَّنَ الْيَاءَ فَصَارَتْ أَلفاً سَاكِنَةً، وَتَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ الْبَلَدُ الْقَدِيمُ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ ومَحَلَّةٌ مَعْرُوفَةٌ بِنَيْسَابُورَ. وَالسُّيُوفُ الحارِيَّةُ: الْمَعْمُولَةُ بالحِيرَةِ؛ قَالَ:
فلمَّا دخلناهُ أَضَفْنا ظُهُورَنا ... إِلى كُلِّ حارِيٍّ قَشِيبٍ مُشَطَّبِ
يَقُولُ: إِنهم احْتَبَوْا بِالسُّيُوفِ، وَكَذَلِكَ الرِّحَالُ الحارِيَّاتُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
يَسْرِي إِذا نَامَ بَنُو السَّريَّاتِ، ... يَنامُ بَيْنَ شُعَبِ الحارِيَّاتِ
والحارِيُّ: أَنْماطُ نُطُوعٍ تُعمل بالحِيرَةِ تُزَيَّنُ بِهَا الرِّحالُ؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
عَقْماً ورَقْماً وحارِيّاً نُضاعِفُهُ ... عَلَى قَلائِصَ أَمثالِ الهَجانِيعِ
والمُسْتَحِيرَة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الخُناعِيُّ:
ويمَّمْتُ قاعَ المُسْتَحِيرَةِ، إِنِّني، ... بأَن يَتَلاحَوْا آخِرَ اليومِ، آرِبُ
وَلَا أَفعل ذَلِكَ حَيْرِيْ دَهْرٍ وحَيْرِيَّ دَهْرٍ أَي أَمَدَ الدَّهْرِ. وحَيْرِيَ دَهْرٍ: مُخَفَّفَةٌ مِنْ حَيْرِيّ، كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تأَمَّلْتُ نَسْراً والسِّماكَيْنِ أَيْهُمَا، ... عَلَيَّ مِنَ الغَيْثِ، اسْتَهَلَّتْ مَواطِرُهْ
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ وَزْنُهُ فَعْلِيَ؛ فإِن قِيلَ: كَيْفَ ذَلِكَ وَالْهَاءُ لَازِمَةٌ لِهَذَا الْبِنَاءِ فِيمَا زَعَمَ سِيبَوَيْهِ؟ فإِن كَانَ هَذَا فَيَكُونُ نَادِرًا مِنْ بَابِ إِنْقَحْلٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَا آتِيكَ حِيْرِيَّ الدَّهْرِ أَي طُولَ الدَّهْرِ، وحِيَرَ الدَّهْرِ؛ قَالَ: وَهُوَ جَمْعُ حِيْرِيّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا؛ قَالَ الأَزهري: وَرَوَى شَمِرٌ بإِسناده عَنْ الرَّبِيع بْنِ قُرَيْعٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: أَسْلِفُوا ذَاكُمُ الَّذِي يوجبُ اللَّهُ أَجْرَهُ ويرُدُّ إِليه مالَهُ، وَلَمْ يُعْطَ(4/225)
الرجلُ شَيْئًا أَفضلَ مِنَ الطَّرْق، الرجلُ يُطْرِقُ عَلَى الْفَحْلِ أَو عَلَى الْفَرَسِ فَيَذْهَبُ حَيْرِيَّ الدَّهْرِ، فَقَالَ له رجل: ما حَيْرِيُّ الدَّهْرِ؟ قَالَ: لَا يُحْسَبُ، فَقَالَ الرجلُ: ابنُ وابِصَةَ وَلَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فقال: أَوليس فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ هَكَذَا رَوَاهُ حَيْرِيَّ الدَّهْرِ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ وَفَتْحِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى حَيْرِيْ دَهْرٍ، بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ، وحَيْرِيَ دَهْرٍ، بِيَاءٍ مُخَفَّفَةٍ، وَالْكُلُّ مِنْ تَحَيُّرِ الدَّهْرِ وَبَقَائِهِ، وَمَعْنَاهُ مُدَّةَ الدَّهْرِ وَدَوَامُهُ أَي مَا أَقام الدهرُ. قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ:
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا حَيْرِيُّ الدَّهْرِ؟ فَقَالَ: لَا يُحْسَبُ
؛ أَي لَا يُعْرَفُ حِسَابُهُ لِكَثْرَتِهِ؛ يُرِيدُ أَن أَجر ذَلِكَ دَائِمٌ أَبداً لِمَوْضِعِ دَوَامِ النَّسْلِ؛ قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهِ الْعَرَبُ تَقُولُ: لَا أَفعل ذَلِكَ حَيْرِيْ دَهْرٍ أَي أَبداً. وَزَعَمُوا أَن بَعْضَهُمْ يَنْصِبُ الْيَاءَ فِي حَيْرِيَ دَهْرٍ؛ وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ: سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ لَا أَفعل ذَلِكَ حِيْرِيَّ دَهْرٍ، مُثَقَّلَةً؛ قَالَ: والحِيْرِيُّ الدَّهْرُ كُلُّهُ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ حِيْرِيَّ دَهْرٍ يُرِيدُ أَبداً؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ ذَهَبَ ذَاكَ حارِيَّ الدَّهْرِ وحَيْرِيَّ الدَّهْرِ أَي أَبداً. ويَبْقَى حارِيَّ دَهْرٍ أَي أَبداً. وَيَبْقَى حارِيَّ الدَّهْرِ وحَيْرِيَّ الدَّهْرِ أَي أَبداً؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: حِيْرِيَّ الدَّهْرِ، بِكَسْرِ الْحَاءِ، مِثْلَ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ والأَخفش؛ قَالَ شَمِرٌ: وَالَّذِي فَسَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِهَذَا إِنما أَراد لَا يُحْسَبُ أَي لَا يُمْكِنُ أَن يُعْرَفَ قَدْرُهُ وَحِسَابُهُ لِكَثْرَتِهِ وَدَوَامِهِ عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ؛ وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: لَا آتِيهِ حَيْرِيْ دهر وحِيْرِيَّ دهر وحِيَرَ الدَّهْرِ؛ يُرِيدُ: مَا تَحَيَّرَ مِنَ الدَّهْرِ. وحِيَرُ الدهرِ: جماعةُ حِيْرِيَّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للأَغلب الْعِجْلِيِّ شَاهِدًا عَلَى مآلِ حَيَر، بِفَتْحِ الْحَاءِ، أَي كَثِيرٌ:
يَا مَنْ رَأَى النُّعْمانَ كانَ حَيَرَا، ... مِنْ كُلِّ شيءٍ صالحٍ قَدْ أَكْثَرَا
واسْتُحِيرَ الشرابُ: أُسِيغَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
تَسْمَعُ لِلْجَرْعِ، إِذا اسْتُحِيرَا، ... للماءِ فِي أَجْوافِها خَرِيرَا
والمُسْتَحِيرُ: سَحَابٌ ثَقِيلٌ مُتَرَدِّدٌ لَيْسَ لَهُ رِيحٌ تَسُوقُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَمْدَحُ رَجُلًا:
كأَنَّ أَصحابَهُ بالقَفْرِ يُمْطِرُهُمْ، ... مِنْ مُسْتَحِيرٍ، غَزِيرٌ صَوْبُهُ دِيَمُ
ابْنُ شُمَيْلٍ: يَقُولُ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ: وَاللَّهِ مَا تَحُورُ وَلَا تَحُولُ أَي مَا تَزْدَادُ خَيْرًا. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وَاللَّهِ مَا تَحُور وَلَا تَحُول أَي مَا تَزْدَادُ خَيْرًا. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِجِلْدِ الفِيلِ الحَوْرانُ وَلِبَاطِنِ جِلْدِهِ الحِرْصِيانُ. أَبو زَيْدٍ: الحَيِّرُ الغَيْمُ يَنْشَأُ مَعَ الْمَطَرِ فَيَتَحَيَّرُ فِي السَّمَاءِ. والحَيْرُ، بِالْفَتْحِ: شِبْهُ الحَظِيرَة أَو الحِمَى،، وَمِنْهُ الحَيْرُ بِكَرْبَلاء. والحِيَارانِ: موضع؛ قَالَ الحرثُ بنُ حِلِّزَةَ:
وهُوَ الرَّبُّ والشَّهِيدُ عَلَى يوم ... الحِيارَيْنِ، والبلاءُ بَلاءُ
فصل الخاء المعجمة
خبر: الخَبِيرُ: مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعَالِمُ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ. وخَبُرْتُ بالأَمر «2» . أَي عَلِمْتُهُ. وخَبَرْتُ الأَمرَ أَخْبُرُهُ إِذا عَرَفْتَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ. وَقَوْلُهُ تعالى:
__________
(2) . قوله: [وخبرت بالأَمر] ككرم. وقوله: وخبرت الأَمر من باب قتل كما في القاموس والمصباح(4/226)
فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً
؛ أَي اسأَل عَنْهُ خَبِيرًا يَخْبُرُ. والخَبَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: وَاحِدُ الأَخبْار. والخَبَرُ: مَا أَتاك مِنْ نَبإٍ عَمَّنْ تَسْتَخْبِرُ. ابْنُ سِيدَهْ: الخَبَرُ النَّبَأُ، وَالْجَمْعُ أَخْبَارٌ، وأَخابِير جَمْعُ الْجَمْعِ. فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها
؛ فَمَعْنَاهُ يَوْمَ تُزَلْزَلُ تُخْبِرُ بِمَا عُمِلَ عَلَيْهَا. وخَبَّرَه بِكَذَا وأَخْبَرَه: نَبَّأَهُ. واسْتَخْبَرَه: سأَله عَنِ الخَبَرِ وَطَلَبَ أَن يُخْبِرَهُ؛ وَيُقَالُ: تَخَبَّرْتُ الخَبَرَ واسْتَخْبَرْتُه؛ وَمِثْلُهُ تَضَعَّفْتُ الرَّجُلَ واسْتَضْعَفْتُه، وتَخَبَّرْتُ الْجَوَابَ واسْتَخْبَرْتُه. والاسْتِخْبارُ والتَّخَبُّرُ: السُّؤَالُ عَنِ الخَبَر. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
أَنه بَعَثَ عَيْناً مِنْ خُزَاعَةَ يَتَخَبَّر لَهُ خَبَرَ قُرَيْشٍ أَي يَتَعَرَّفُ
؛ يُقَالُ: تَخَبَّرَ الخَبَرَ واسْتَخْبَر إِذا سأَل عَنِ الأَخبْارِ لِيَعْرِفَهَا. والخابِرُ: المُخْتَبِرُ المُجَرِّبُ وَرَجُلٌ خَابِرٌ وخَبِير: عَالِمٌ بالخَبَرِ. والخَبِيرُ: المُخْبِرُ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ فِي وَصْفِ شَجَرٍ: أَخْبَرَني بِذَلِكَ الخَبِرُ، فَجَاءَ بِهِ عَلَى مِثَالِ فَعِلٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ إِلَّا أَن يَكُونَ عَلَى النَّسَبِ. وأَخْبَرَهُ خُبُورَهُ: أَنْبأَهُ مَا عِنْدَهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: مَا يُدْرَى لَهُ أَيْنَ خَبَرٌ وَمَا يُدْرَى لَهُ مَا خَبَرٌ أَي مَا يُدْرَى، وأَين صِلَةٌ وَمَا صِلَةٌ. والمَخْبَرُ: خِلَافُ المَنْظَرِ، وَكَذَلِكَ المَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ، بِضَمِّ الْبَاءِ، وَهُوَ نَقِيضُ المَرْآةِ والخِبْرُ والخُبْرُ والخِبْرَةُ والخُبْرَةُ والمَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ، كُلُّهُ: العِلْمُ بِالشَّيْءِ؛ تَقُولُ: لِي بِهِ خِبْرٌ، وَقَدْ خَبَرَهُ يَخْبُره خُبْراً وخُبْرَةً [خِبْرَةً] وخِبْراً واخْتَبَره وتَخَبَّرهُ؛ يُقَالُ: مَنْ أَين خَبَرْتَ هَذَا الأَمر أَي مِنْ أَين عَلِمْتَ؟ وَقَوْلُهُمْ: لأَخْبُرَنَّ خُبْرَكَ أَي لأَعْلَمَنَّ عِلْمَك؛ يُقَالُ: صَدَّقَ الخَبَرَ الخُبْرُ. وأَما قَوْلُ أَبي الدَّرْدَاءِ: وجدتُ الناسَ اخْبُرْ نَقْلَه؛ فَيُرِيدُ أَنك إِذا خَبَرْتَهُم قَلَيْتَهُمْ، فأَخرج الْكَلَامَ عَلَى لَفْظِ الأَمر، وَمَعْنَاهُ الخَبَرُ. والخُبْرُ: مَخْبُرَةُ الإِنسان. والخِبْرَةُ: الاختبارُ؛ وخَبَرْتُ الرَّجُلَ أَخْبُرُه خُبْراً [خِبْراً] وخُبْرَةً [خِبْرَةً] . والخَبِيرُ: الْعَالِمُ؛ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ سَمِعْتُ ثَعْلَبًا يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:
كَفَى قَوْماً بِصاحِبِهمْ خَبِيرا
فَقَالَ: هَذَا مَقْلُوبٌ إِنما يَنْبَغِي أَن يَقُولَ كَفَى قَوْمًا بِصَاحِبِهِمْ خُبْراً؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: يَقُولُ كَفَى قَوْمٌ. والخَبِيرُ: الَّذِي يَخْبُرُ الشَّيْءَ بِعِلْمِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وشِفَاءُ عِيِّكِ خابِراً أَنْ تَسْأَلي
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مَا تَجِدِينَ فِي نَفْسِكَ مِنَ الْعِيِّ أَن تَسْتَخْبِرِي. وَرَجُلٌ مَخْبَرانِيٌّ: ذُو مَخْبَرٍ، كَمَا قَالُوا مَنْظَرانِيّ أَي ذُو مَنْظَرٍ. والخَبْرُ والخِبْرُ: المَزادَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالْجَمْعُ خُبُورٌ، وَهِيَ الخَبْرَاءُ أَيضاً؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَيُقَالُ: الخِبْرُ، إِلَّا أَنه بِالْفَتْحِ أَجود؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الخَبْرُ، بِالْفَتْحِ، الْمَزَادَةُ، وأَنكر فِيهِ الْكَسْرَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: نَاقَةٌ خَبْرٌ إِذا كَانَتْ غَزِيرَةً. والخَبْرُ والخِبْرُ: النَّاقَةُ الْغَزِيرَةُ اللَّبَنِ. شُبِّهَتْ بِالْمَزَادَةِ فِي غُزْرِها، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ وَقَدْ خَبَرَتْ خُبُوراً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والخَبْراءُ: المجرَّبة بالغُزْرِ. والخَبِرَةُ: الْقَاعُ يُنْبِتُ السِّدْرَ، وَجَمْعُهُ خَبِرٌ، وَهِيَ الخَبْراءُ أَيضاً، وَالْجَمْعُ خَبْراوَاتٌ وخَبَارٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وخَبَارٌ كَسَّرُوها تَكْسِيرَ الأَسماء وَسَلَّموها عَلَى ذَلِكَ وإِن كَانَتْ فِي الأَصل صِفَةً لأَنها قَدْ جَرَتْ مَجْرَى الأَسماء. والخَبْراءُ: مَنْقَعُ الْمَاءِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَنْقَعَ الْمَاءِ فِي أُصول السِّدْرِ، وَقِيلَ: الخَبْراءُ الْقَاعُ يُنْبِتُ السِّدْرَ، وَالْجَمْعُ الخَبَارَى(4/227)
والخَبارِي مِثْلُ الصحارَى والصحارِي وَالْخَبْرَاوَاتُ؛ يُقَالُ: خَبِرَ الموضعُ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ خَبِرٌ؛ وأَرض خَبِرَةٌ. والخَبْرُ: شَجَرُ السِّدْرِ والأَراك وَمَا حَوْلَهُمَا مِنَ العُشْبِ؛ وَاحِدَتُهُ خَبْرَةٌ. وخَبْراءُ الخَبِرَةِ: شَجَرُهَا؛ وَقِيلَ: الخَبْرُ مَنْبِتُ السِّدْرِ فِي القِيعانِ. والخَبْرَاءُ: قَاعٌ مُسْتَدِيرٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ، وَجَمْعُهُ خَبَارَى وخَبَاري. وَفِي تَرْجَمَةِ نَقَعَ: النَّقائعُ خَبَارَى فِي بِلَادِ تَمِيمٍ. اللَّيْثُ: الخَبْراءُ شَجْراءُ فِي بَطْنِ رَوْضَةٍ يَبْقَى فِيهَا الْمَاءُ إِلى الْقَيْظِ وَفِيهَا ينْبت الخَبْرُ، وَهُوَ شَجَرُ السِّدْرِ والأَراك وَحَوَالَيْهَا عُشْبٌ كَثِيرٌ، وَتُسَمَّى الخَبِرَةَ، وَالْجَمْعُ الخَبِرُ. وخَبْرُ الخَبِرَةِ: شجرُها قَالَ الشَّاعِرُ:
فَجادَتْكَ أَنْواءُ الرَّبيعِ، وهَلَّلَتْ ... عليكَ رِياضٌ مِنْ سَلامٍ وَمِنْ خَبْرِ
والخَبْرُ مِنْ مَوَاقِعِ الْمَاءِ: مَا خَبِرَ المَسِيلُ فِي الرُّؤُوسِ فَتَخُوضُ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَدَفعنا فِي خَبَارٍ مِنَ الأَرض
؛ أَي سَهْلَةٍ لَيِّنَةٍ. والخَبارُ مِنَ الأَرض: مَا لانَ واسْتَرخَى وَكَانَتْ فِيهِ جِحَرَةٌ. والخَبارُ: الجَراثيم وجِحَرَةُ الجُرْذانِ، وَاحِدَتُهُ خَبارَةٌ. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ تَجَنَّبَ الخَبَارَ أَمِنَ العِثارَ. والخَبارُ: أَرض رِخْوَةٌ تَتَعْتَعُ فِيهِ الدوابُّ؛ وأَنشد:
تَتَعْتَع فِي الخَبارِ إِذا عَلاهُ، ... ويَعْثُر فِي الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ
ابْنُ الأَعرابي: والخَبارُ مَا اسْتَرْخَى مِنَ الأَرض وتَحَفَّرَ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ مَا تَهَوَّرَ وساخَتْ فِيهِ الْقَوَائِمُ. وخَبِرَتِ الأَرضُ خَبَراً: كَثُرَ خَبارُها. والخَبْرُ: أَن تُزْرَعَ عَلَى النِّصْفِ أَو الثُّلْثِ مِنْ هَذَا، وَهِيَ المُخابَرَةُ، وَاشْتُقَّتْ مِنْ خَيْبَرَ لأَنها أَول مَا أُقْطِعَتْ كَذَلِكَ. والمُخابَرَةُ: الْمُزَارَعَةُ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الأَرض، وَهُوَ الخِبْرُ أَيضاً، بِالْكَسْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنَّا نُخابر وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بأْساً حَتَّى أَخْبَرَ رافعٌ أَن رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن المُخابرة
؛ قِيلَ: هِيَ الْمُزَارَعَةُ عَلَى نَصِيبٍ مُعَيَّنٍ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَغَيْرِهِمَا؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الخَبارِ، الأَرض اللَّيِّنَةُ، وَقِيلَ: أَصل المُخابرة مِنْ خَيْبر،
لأَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقرها فِي أَيدي أَهلها عَلَى النِّصْفِ مِنْ مَحْصُولِهَا
؛ فَقِيلَ: خابَرَهُمْ أَي عَامَلَهُمْ فِي خَيْبَرَ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الْمُزَارَعَةُ فَعَمَّ بِهَا. والمُخَابَرَةُ أَيضاً: الْمُؤَاكَرَةُ. والخَبِيرُ: الأَكَّارُ؛ قَالَ:
تَجُزُّ رؤُوس الأَوْسِ مِنْ كلِّ جانِبٍ، ... كَجَزِّ عَقاقِيلِ الكُرومِ خَبِيرُها
رَفَعَ خَبِيرَهَا عَلَى تَكْرِيرِ الْفِعْلِ، أَراد جَزَّه خَبِيرُها أَي أَكَّارُها. والخَبْرُ الزَّرْعُ. والخَبِيرُ: النَّبَاتُ. وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ:
نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ
أَي نَقْطَعُ النَّبَاتَ وَالْعُشْبَ ونأْكله؛ شُبّهَ بِخَبِيرِ الإِبل، وَهُوَ وبَرُها لأَنه يَنْبُتُ كَمَا يَنْبُتُ الْوَبَرُ. وَاسْتِخْلَابُهُ: احْتِشاشُه بالمِخْلَبِ، وَهُوَ المِنْجَلُ. والخَبِيرُ: يَقَعُ عَلَى الْوَبَرِ وَالزَّرْعِ والأَكَّار. والخَبِيرُ: الوَبَرُ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ حَمِيرَ وَحْشٍ:
حَتَّى إِذَا مَا طَارَ مِنْ خَبِيرِها
والخَبِيرُ: نُسَالة الشِّعْرِ، والخَبِيرَةُ: الطَّائِفَةُ مِنْهُ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
فَآبُوا بالرماحِ، وهُنَّ عُوجٌ، ... بِهِنَّ خَبائِرُ الشَّعَرِ السِّقَاطُ(4/228)
والمَخْبُورُ: الطَّيِّب الأَدام. والخَبِيرُ: الزَّبَدُ؛ وَقِيلَ: زَبَدُ أَفواه الإِبل؛ وأَنشد الْهُذَلِيِّ:
تَغَذّمْنَ، فِي جانِبيهِ، الخَبِيرَ ... لَمَّا وَهَى مُزنُهُ واسْتُبِيحَا
تَغَذَّمْنَ يَعْنِي الْفُحُولَ أَي مَضَغْنَ الزَّبَدَ وعَمَيْنَهُ. والخُبْرُ والخُبْرَةُ: اللَّحْمُ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ لأَهله؛ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا اختَبَرْتَ لأَهلك؟ والخُبْرَةُ: الشَّاةُ يَشْتَرِيهَا الْقَوْمُ بأَثمان مُخْتَلِفَةٍ ثُمَّ يَقْتَسِمُونَهَا فَيُسْهِمُونَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ مَا نَقَدَ. وتَخَبَّرُوا خُبْرَةً: اشْتَرَوْا شَاةً فَذَبَحُوهَا وَاقْتَسَمُوهَا. وَشَاةٌ خَبِيرَةٌ: مُقْتَسَمَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ. والخُبْرَةُ، بِالضَّمِّ: النَّصِيبُ تأْخذه مِنْ لَحْمٍ أَو سَمَكٍ؛ وأَنشد:
باتَ الرَّبِيعِيُّ والخامِيز خُبْرَتُه، ... وطاحَ طَيُّ بَنِي عَمْرِو بْنِ يَرْبُوعِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: حِينَ لَا آكلُ الخَبِيرَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَي المَأْدُومَ. والخَبير والخُبْرَةُ: الأَدام؛ وَقِيلَ: هُوَ الطَّعَامُ مِنَ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ؛ وَيُقَالُ: اخْبُرْ طَعَامَكَ أَي دَسِّمْهُ؛ وأَتانا بِخُبْزَةٍ وَلَمْ يأْتنا بخُبْرَةٍ. وَجَمَلٌ مُخْتَبِرٌ: كَثِيرُ اللَّحْمِ. والخُبْرَةُ: الطَّعَامُ وَمَا قُدِّم مِنْ شَيْءٍ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَنه سَمِعَ الْعَرَبَ تَقُولُ: اجْتَمَعُوا عَلَى خُبْرَتِه، يَعْنُونَ ذَلِكَ. والخُبْرَةُ: الثَّرِيدَةُ الضَّخْمَةُ. وخَبَرَ الطعامَ يَخْبُرُه خَبْراً: دَسَّمَهُ. والخابُور: نَبْتٌ أَو شَجَرٌ؛ قَالَ:
أَيا شَجَرَ الخابُورِ مَا لَكَ مُورِقاً؟ ... كأَنَّكَ لَمْ تَجْزَعْ عَلَى ابنِ طَرِيفِ
والخابُور: نَهْرٌ أَو وَادٍ بِالْجَزِيرَةِ؛ وَقِيلَ: مَوْضِعٌ بِنَاحِيَةِ الشَّامِ. وخَيْبَرُ: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ قَرْيَةٌ مَعْرُوفَةٌ. وَيُقَالُ: عَلَيْهِ الدَّبَرَى «1» . وحُمَّى خَيْبَرى.
خبجر: خَبْجَرٌ وخُباجِرٌ: مُسْتَرْخٍ غليظ عظيم البطن.
ختر: الخَتْرُ: شَبِيهٌ بالغَدْرِ وَالْخَدِيعَةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْخَدِيعَةُ بِعَيْنِهَا؛ وَقِيلَ: هُوَ أَسوأُ الْغَدْرِ وأَقبحه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ. وَيُقَالُ: خَتَرَهُ فَهُوَ خَتَّارٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا خَتَرَ قومٌ بِالْعَهْدِ إِلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمُ الْعَدُوُّ
؛ الخَتْرُ: الغَدْرُ؛ خَتَرَ يَخْتِر؛ فَهُوَ خاتِرٌ، وخَتَّارٌ لِلْمُبَالَغَةِ. وَفِي الْخَبَرِ:
لَنْ تَمُدَّ لَنَا شِبْراً مِنْ غَدْرٍ إِلَّا مَدَدْنا لَكَ بَاعًا مِنْ خَتْرٍ
؛ خَتَرَ يَخْتُر خَتْراً وخُتُوراً، فَهُوَ خَاتِرٌ وخَتَّار وخِتِّيرٌ وخَتُورٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: الخَتْرُ الْفَسَادُ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْغَدْرِ وَغَيْرِهِ؛ يُقَالُ: خَتَّرَهُ الشرابُ إِذا فَسَدَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَهُ مُسْتَرْخِيًا. والخَتَرُ: كالخَدَرِ، وَهُوَ مَا يأْخذ عِنْدَ شُرْبِ دَوَاءٍ أَو سُمٍّ حَتَّى يَضْعُفَ ويَسْكَرَ. والتَّختُّر: التَّفَتُّر وَالِاسْتِرْخَاءُ؛ يُقَالُ: شَرِبَ اللَّبَنَ حَتَّى تَخَتَّر. وتَخَتَّر: فَتَرَ بدنُه مِنْ مَرَضٍ أَو غَيْرِهِ. ابْنُ الأَعرابي: خَتَرَتْ نَفْسُهُ أَي خَبُثَتْ وتَختَّرَتْ وَنَحْوُ ذَلِكَ، بِالتَّاءِ، أَي استرختْ.
ختعر: الخَيْتَعُورُ: السَّرَابُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا يَبْقَى من السَّرَابِ لَا يَلْبَثُ أَن يَضْمَحِلَّ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ مَا يَبْقَى مِنْ آخِرِ السَّرَابِ حِينَ يَتَفَرَّقُ فَلَا يَلْبَثُ أَن يَضْمَحِلَّ، وخَتْعَرَتُه: اضمِحْلالُه. والخَيْتَعُور: الَّذِي يَنْزِلُ مِنَ الْهَوَاءِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ أَبيضَ الخُيوطِ أَو كَنَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ. والخَيْتَعُور: الغادِرُ. والخَيْتَعورُ: الدُّنْيَا، عَلَى المَثَلِ، وَقِيلَ: الذِّئْبُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه لَا عَهْدَ لَهُ وَلَا وَفَاءَ، وَقِيلَ: الغُولُ
__________
(1) . قوله: [عليه الدبرى إلخ] كذا بالأَصل وشرح القاموس. وسيأتي في خ س ر يقول: بفيه البرى(4/229)
لِتَلَوُّنِهَا. وامرأَة خَيْتَعُورٌ: لَا يَدُومُ وُدُّها، مُشَبَّهَةٌ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: كُلُّ شَيْءٍ يَتَلَوَّنُ وَلَا يَدُومُ عَلَى حَالٍ خَيْتَعُورٌ؛ قَالَ:
كلُّ أُنْثَى، وإِن بَدا لَكَ مِنْهَا ... آيةُ الحُبِّ، حُبُّها خَيْتَعُورُ
كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِتَاءٍ ذَاتِ نُقْطَتَيْنِ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لِلسُّلْطَانِ الخَيْتَعُورُ. والخَيْتَعُورُ: دُوَيْبَّةٌ سَوْدَاءُ تَكُونُ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ لَا تَلْبَثُ فِي مَوْضِعٍ إِلَّا رَيْثَما تَطْرِفُ. والخَيْتَعُور: الدَّاهِيَةُ. ونَوًى خَيْتَعُورٌ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْتَقِيمُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ:
أَقولُ، وَقَدْ نَأَتْ بِهِمْ غُرْبَةُ النِّوَى: ... نَوًى خَيْتَعُورٌ لَا تَشِطُّ دِيارُك
يَجُوزُ أَن تَكُونَ الدَّاهِيَةَ، وأَن تَكُونَ الْكَاذِبَةَ، وأَن تَكُونَ الَّتِي لَا تَبْقَى. ابْنُ الأَثير: ذِئْبُ الْعَقَبَةِ يُقَالُ لَهُ الخَيْتَعُورُ؛ يُرِيدُ شَيْطَانَ العَقَبَةِ فَجَعَلَ الخَيْتَعُورُ اسْمًا لَهُ، وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَضْمَحِلُّ وَلَا يَدُومُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ أَو لَا يَكُونُ لَهُ حَقِيقَةٌ كَالسَّرَابِ وَنَحْوِهِ، وَالْيَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ.
خثر: الخُثُورَةُ: نَقِيضُ الرِّقَّةِ. والخُثُورَةُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ الْخَاثِرِ، خَثَرَ اللَّبَنُ وَالْعَسَلُ وَنَحْوُهُمَا، بِالْفَتْحِ، يَخْثُر. وخَثِرَ وخَثُرَ، بِالضَّمِّ، خَثْراً وخُثُوراً وخَثارَةً وخُثُورَةً وخَثَراناً؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: خَثُرَ بِالضَّمِّ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ؛ قَالَ: وَسَمِعَ الْكِسَائِيُّ خَثِرَ، بِالْكَسْرِ؛ وأَخْثَرَه هُوَ وخَثَّرَهُ. الأَصمعي: أَخْثَرْتُ الزُّبْدَ تَرَكْتُهُ خَاثِرًا وَذَلِكَ إِذا لَمْ تُذِبْهُ. وَفِي الْمَثَلِ: مَا يَدْرِي «1» . أَيُخْثِرُ أَم يُذِيبُ. وخُثارَةُ الشَّيْءِ: بَقِيَّتُهُ. والخُثارُ: مَا يَبْقَى عَلَى الْمَائِدَةِ. وخَثَرَتْ نَفْسُهُ، بِالْفَتْحِ: غَثَتْ وخَبُثَتْ وثَقُلَتْ واخْتَلَطَتْ. ابْنُ الأَعرابي: خَثَرَ إِذا لَقِسَتْ نَفْسُهُ، وخَثِرَ إِذا اسْتَحْيَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَصبح رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ خَاثِرُ النَّفْسِ
؛ أَي ثَقِيلَهَا غَيْرَ طَيِّبٍ وَلَا نَشِيطٍ؛ وَمِنْهُ قَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا لِي أَرى ابْنَكِ خاثِر النَّفْسِ؟ قَالَتْ: ماتَتْ صَعْوَتُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ. فَذَكَرْنَا لَهُ الَّذِي رأَينا مِنْ خُثُورِه.
وقومٌ خُثَراءُ الأَنْفُسِ وخَثْرَى الأَنفس أَي مُخْتَلِطُونَ. والخَاثِرُ والمُخْثِرُ: الَّذِي يَجِدُ الشَّيْءَ الْقَلِيلَ مِنَ الْوَجَعِ وَالْفَتْرَةِ. وخَثِرَ فُلَانٌ أَي أَقام فِي الحَيِّ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَ الْقَوْمِ إِلى المِيرةِ.
خجر: الخَجَرُ: نَتْنُ السَّفِلَةِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، يَعْنِي بالسَّفِلَةِ الدُّبُرَ. قَالَ اللَّيْثُ: رَجُلٌ خِجِرٌّ، وَالْجَمْعُ الخِجِرُّونَ، وَهُوَ الشَّدِيدُ الأَكل الْجَبَانُ الصَّدَّادُ عَنِ الْحَرْبِ. أَبو عَمْرٍو: الخاجِرُ صَوْتُ الْمَاءِ عَلَى سَفْحِ الْجَبَلِ. ابْنُ الأَعرابي: الخُجَيْرَةُ تَصْغِيرُ الخَجْرَةِ، وَهِيَ الْوَاسِعَةُ مِنَ الإِماء. والخَجْرَةُ أَيضاً: سَعَةُ رأْسِ الحُبِّ.
خدر: الخِدْرُ: سِتْرٌ يُمَدُّ لِلْجَارِيَةِ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ ثُمَّ صَارَ كلُّ مَا وَارَاكَ مِنْ بَيْتِ وَنَحْوِهِ خِدْراً.، وَالْجَمْعُ خُدُورٌ وأَخْدارٌ، وأَخادِيرُ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ وأَنشد:
حَتَّى تَغَامَزَ رَبَّاتُ الأَخادِيرِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ كَانَ إِذا خُطِبَ إِليه إِحدى بَنَاتِهِ أَتى الخِدْرَ [فَقَالَ] : إِن فُلَانًا يَخْطُبُ، فإِن طَعَنَتْ فِي الخِدْرِ لَمْ يُزَوِّجْهَا
؛ مَعْنَى طَعَنَتْ فِي الْخِدْرِ دَخَلَتْ وَذَهَبَتْ كَمَا يُقَالُ طعن في
__________
(1) . قوله: [وَفِي الْمَثَلِ مَا يَدْرِي إلخ] يضرب للمتحير المتردد في الأَمر، وأَصله أَن المرأَة تسلأُ السمن أَي تذيبه فيختلط خاثره أَي غليظه برقيقه فلا يصفو فتبرم بأَمرها فلا تدري أَتوقد تحته حتى يصفو وتخشى إِن هي أوقدت أَن يحترق فتحار لذلك، كذا في القاموس وشرحه(4/230)
الْمَفَازَةِ إِذا دَخَلَ فِيهَا؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ضَرَبَتْ بِيَدِهَا عَلَى الخِدْرِ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: نَقَرَت الخِدْرَ مكانَ طَعَنَتْ. وَجَارِيَةٌ مُخَدَّرَةٌ إِذا أُلزمت الخِدْرَ، ومَخْدُورَة. والخِدْرُ: خَشَبَاتٌ تَنْصَبُّ فَوْقَ قَتَبِ الْبَعِيرِ مَسْتُورَةٌ بِثَوْبٍ، وَهُوَ الهَوْدَجُ؛ وَهَوْدَجٌ مَخْدُورٌ ومُخَدَّر: ذُو خِدْرٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
صَوَّى لَهَا ذَا كَدْنَةٍ فِي ظَهْرِه، ... كأَنه مُخَدَّرٌ فِي خِدْرِهِ
أَراد فِي ظَهْرِهِ سَنامٌ تَامِكٌ. كأَنه هَوْدَجٌ مُخَدَّرٌ، فأَقام الصِّفَةَ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ كأَنه مُخَدَّر مَقَامَ الْمَوْصُوفِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ سَنَامٌ، كَمَا قَالَ:
كأَنَّكَ مِنْ جِمالِ بَني أُقَيْشٍ، ... يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِ
أَي كأَنك جَمَلٌ مِنْ جِمَالِ بَنِي أُقيش، فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ واجتزأَ مِنْهُ بِالصِّفَةِ لِعِلْمِ الْمُخَاطَبِ بِمَا يَعْنِي. وَقَدْ أَخْدَرَ الجاريةَ إِخْداراً وخَدَّرَها وخَدَرَتْ فِي خِدْرِها وتَخَدَّرَتْ هِيَ واخْتَدَرَتْ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر؛
وضَعْنَ بِذِي الجَذاءِ فُصُولَ رَيْطٍ، ... لكَيْمَا يَخْتَدِرْنَ ويَرْتَدِينا
وَيُرْوَى: بِذِي الجذاةِ. واخْتَدَرَتِ القارَةُ بالسَّرَابِ: اسْتَتَرَتْ بِهِ فَصَارَ لَهَا كالخِدْرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَتَّى أَتى فَلَكَ الدَّهْناءُ دُونَهُمُ، ... واعْتَمَّ قُورُ الضُّخعى بالآلِ واخْتَدَرا
وخَدَّرَت الظبيةُ خِشْفَها فِي الخَمَرِ والهَبَطِ: سَتَرَتْهُ هُنَالِكَ. وخِدْرُ الأَسدِ: أَجَمَتُه. وخَدَرَ الأَسدُ خُدُوراً وأَخْدَرَ: لَزِمَ خِدْرَه وأَقام، وأَخْدَرَه عَرِينُه: وَارَاهُ. والمُخْدِرُ: الَّذِي اتَّخَذَ الأَجَمَةَ خِدْراً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
مَحَلًّا كَوَعْثاء القَنافِذِ ضارِباً ... بِهِ كَنَفاً، كالمُخْدِرِ المُتَأَجِّمِ
والخادِرُ: الَّذِي خَدَرَ فِيهَا. وأَسَدٌ خادِرٌ: مُقِيمٌ فِي عَرِينهِ داخلٌ فِي الخِدْرِ، ومُخْدِرٌ أَيضاً. وخَدَرَ الأَسدُ فِي عَرِينهِ، وَيَعْنِي بالخِدْرِ الأَجَمَةَ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيُوثِ الأُسْدِ، مَسْكَنُهُ، ... بِبَطْنِ عَثَّرَ، غِيلٌ دُونَهُ غِيلُ
خَدَرَ الأَسَدُ وأَخْدَرَ، فَهُوَ خادِرٌ ومُخْدِرٌ إِذا كَانَ فِي خِدْرِه، وَهُوَ بَيْتُهُ، وخَدَرَ بِالْمَكَانِ وأَخْدَرَ: أَقام؛ قَالَ:
إِنِّي لأَرْجو مِنْ شَبِيبٍ بِرّاً ... والجَزْءَ إِنْ أَخْدَرْتُ يَوْمًا قَرَّا
وأَخْدَرَ فُلَانٌ فِي أَهله أَي أَقام فِيهِمْ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
كأَنَّ تَحْتِي بازِياً رَكَّاضَا، ... أَخْدَرَ خَمْساً لَمْ يَذُقْ عَضَاضَا
يَعْنِي أَقام فِي وَكْرِه. والخَدَرُ: المَطَرُ لأَنه يُخَدِّرُ الناسَ فِي بُيُوتِهِمْ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ويَسْتُرونَ النَّارَ مِنْ غيرِ خَدَرْ
والخَدْرَةُ: المَطْرَةُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الخَدَرُ الْغَيْمُ وَالْمَطَرُ؛ وأَنشد الرَّاجِزُ أَيضاً:
لَا يُوقِدُونَ النَّارَ إِلَّا لِسَحَرْ، ... ثُمَّتَ لَا تُوقَدُ إِلَّا بالبَعَرْ،
ويَسْتُرون النَّارَ مِنْ غيرِ خَدَرْ
يَقُولُ: يَسْتُرُونَ النَّارَ مَخَافَةَ الأَضياف مِنْ غَيْرِ غَيْمٍ وَلَا مَطَرٍ. وَقَدْ أَخْدَرَ الْقَوْمُ: أَظلهم الْمَطَرُ؛ وَقَالَ:
شمسُ النَّهارِ أَلاحَهَا الإِخْدارُ(4/231)
وَيَوْمٌ خَدِرٌ: بارِدٌ نَدٍ، وَلَيْلَةٌ خَدِرَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ شَاهِدًا عَلَى ذَلِكَ؛ قَالَ: وَفِي الْحَاشِيَةِ بَيْتٌ شَاهِدٌ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ:
وبِلاد زَعِل ظُلمْانُها [ظِلمْانُها] ، ... كالمَخاضِ الجُرْبِ فِي اليومِ الخَدِرْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِطَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ. وَالظُّلْمَانُ: ذُكُورُ النَّعَامِ، الْوَاحِدُ ظَلِيمٌ. والزَّعِلُ: النَّشِيطُ والمَرِحُ. وَالْمَخَاضُ: الْحَوَامِلُ؛ شَبَّهَ النَّعَامَ بِالْمَخَاضِ الجُرْبِ لأَن الجُرْبَ تُطْلَى بالقَطِرانِ وَيَصِيرُ لَوْنُهَا كَلَوْنِ النَّعَامِ، وَخَصَّ اليومَ النَّدِيَّ الْبَارِدَ لأَن الجَرْبَى يَجْتَمِعُ فِيهِ بعضُها إِلى بَعْضٍ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للعُقابِ: خُدارِيَّة لِشِدَّةِ سَوَادِهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وخَدَرَ اللَّيْلُ فَيجْتابُ الخَدَر
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَصل الخُداري أَن اللَّيْلَ يُخَدِّرُ النَّاسَ أَي يُلْبِسهُم؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: [والدَّجْنُ مُخْدِرٌ] . أَي مُلْبِسٌ؛ وَمِنْهُ قِيلَ للأَسد. خَادِرٌ؛ قَالَ الأَزهري: وأَنشدني عُمَارَةُ لِنَفْسِهِ:
فِيهِنَّ جائِلَةُ الوِشَاحِ كأَنَّها ... شَمسُ النَّهارِ، أَكَلَّها الإِخْدارُ
أَكلها: أَبرزها، وأَصله مِنَ الانكِلالِ وَهُوَ التَّبَسُّمُ. والخَدَرُ والخَدِرُ: الظُّلْمَةُ. والخُدْرَةُ: الظُّلْمَةُ الشَّدِيدَةُ، وَلَيْلٌ أَخْدَرُ وخَدِرٌ وخَدُرٌ وخُدارِيٌّ: مُظْلِمٌ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اللَّيْلُ خَمْسَةُ أَجزاء: سُدْفَةٌ وسُتْفَةٌ وهَجْمَةٌ ويَعْفُورٌ وخُدْرَةٌ؛ فالخُدْرَةُ عَلَى هَذَا آخِرُ اللَّيْلِ. وأَخْدَرَ القومُ: كأَلْيَلُوا. وأَخْدَرَهُ الليلُ إِذا حَبَسَهُ، وَاللَّيْلُ مُخْدِرٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ اللَّيْلَ:
ومُخْدِرُ الأَخْدارِ أَخْدَرِيُ
والخُدارِيُّ: السَّحَابُ الأَسودُ. وَبَعِيرٌ خُدارِيٌّ أَي شَدِيدُ السَّوَادِ، وناقةٌ خُدارِيَّة والعُقابُ الخُدارِيَّةُ وَالْجَارِيَةُ الخُدارِيَّةُ الشَّعَرِ. وعُقابٌ خُدارِيَّةٌ: سَوْدَاءُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَمْ يَلْفِظِ الغَرْثَى الخُدارِيَّةَ الوَكْرُ
قَالَ شَمِرٌ: يَعْنِي الْوَكْرَ لَمْ يَلْفِظِ العُقابَ، جَعَلَ خُرُوجَهَا مِنَ الْوَكْرِ لَفْظًا مِثْلَ خُرُوجِ الْكَلَامِ مِنَ الْفَمِ، يَقُولُ: بَكَرَتْ هَذِهِ المرأَة قَبْلَ أَن تَطِيرَ العُقابُ مِنْ وَكْرِها؛ وَقَوْلُهُ:
كأَنَّ عُقاباً خُدارِيَّةً ... تُنَشِّرُ فِي الجَوِّ مِنْهَا جَناحَا
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: تَكُونُ العُقابُ الطَّائِرَةَ، وَتَكُونُ الرايَةَ لأَن الرَّايَةَ يُقَالُ لَهَا عُقابٌ. وَتَكُونُ أَبْراداً أَي أَنهم يَبْسُطُونَ أَبْرادَهُمْ فَوْقَهُمْ. وشَعَرٌ خُدارِيٌّ: أَسود. وَكُلُّ مَا مَنَعَ بَصَرًا عَنْ شَيْءٍ، فَقَدْ أَخْدَرَهُ. والخَدَرُ: الْمَكَانُ الْمُظْلِمُ الْغَامِضُ؛ قَالَ هُدْبَةُ؛
إِنِّي إِذا اسْتَخَفَى الجَبانُ بالخَدَرْ
والخَدَرُ: امْذِلالٌ يَغْشَى الأَعضاء: الرِّجلَ واليدَ والجسدَ. وَقَدْ خَدِرَتِ الرِّجْلُ تَخْدَرُ؛ والخَدَرُ مِنَ الشَّرَابِ وَالدَّوَاءِ: فُتُورٌ يَعْتَرِي الشاربَ وضَعْفٌ. ابْنُ الأَعرابي: الخُدْرَةُ ثِقَلُ الرِّجل وَامْتِنَاعُهَا مِنَ الْمَشْيِ. خَدِرَ خَدَراً، فَهُوَ خَدِرٌ، وأَخْدَرَهُ ذَلِكَ. والخَدَرُ فِي الْعَيْنِ: فُتُورُهَا، وَقِيلَ: هُوَ ثِقَلٌ فِيهَا مِنْ قَذًى يُصِيبُهَا؛ وَعَيْنٌ خَدْراءُ: خَدِرَةٌ. والخَدَرُ: الكسَلُ والفُتور؛ وخَدِرَتْ عِظَامُهُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
جازَتِ البِيدَ إِلى أَرْحُلِنَا، ... آخِرَ الليلِ، بِيَعْفُورٍ خَدِرْ(4/232)
خَدِرٌ: كأَنه نَاعِسٌ. والخَدِرُ مِنَ الظِّبَاءِ: الْفَاتِرُ الْعِظَامِ. والخادِرُ: الفاتِرُ الكَسْلانُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: أَنه رَزَقَ الناسَ الطِّلاءَ فَشَرِبَهُ رَجُلٌ فَتَخَدَّر
أَي ضَعُفَ وفَتَرَ كَمَا يُصِيبُ الشاربَ قَبْلَ السُّكْرِ، وَمِنْهُ خَدَرُ اليدِ والرِّجْلِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنه خَدِرَتْ رِجْلُه فَقِيلَ لَهُ: مَا لرجْلكَ؟ قَالَ: اجْتَمَعَ عَصَبُها، قِيلَ: اذْكُرْ أَحَبَّ الناسِ إِليك، قَالَ: يَا محمدُ، فَبَسَطَها.
والخادِرُ: المُتَحَيِّرُ. والخادِرُ والخَدُورُ مِنَ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا: المُتَخَلِّفُ الَّذِي لَمْ يَلْحَقْ، وَقَدْ خَدَرَ. وخَدَرَتِ الظَّبْيَةُ خَدْراً: تَخَلَّفَتْ عَنِ الْقَطِيعِ مِثْلَ خَذَلَتْ. والخَدُورُ مِنَ الظِّبَاءِ والإِبل: الْمُتَخَلِّفَةُ عَنِ القَطِيع. والخَدُورُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تَكُونُ فِي آخِرِ الإِبل؛ وَقَوْلُ طَرَفَةَ:
وتَقْصِير يومِ الدَّجْنِ، والدَّجْنُ مُخْدِرٌ، ... بِبَهْكَنَةٍ تحتَ الخِباءِ المُمَدَّدِ «2»
. أَراد: تَقْصِيرَ يَوْمِ الدَّجْنِ، والدَّجْنُ مُخْدِرٌ، الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ أَي فِي حَالِ إِخْدارِ الدَّجْنِ؛ وَقَوْلُهُ:
ومَرَّتْ عَلَى ذاتِ التَّنانِيرِ غُدْوَةً، ... وَقَدْ رَفَعَتْ أَذْيالَ كُلِّ خَدُورِ
الخَدُورُ: الَّتِي تَخَلَّفَتْ عَنِ الإِبل فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلى الَّتِي تَسِيرُ سَارَتْ مَعَهَا؛ قَالَ وَمِثْلُهُ:
واحْتَثَّ مُحْتَثَّاتُها الخَدُورَا
قَالَ: وَمِثلُهُ:
إِذْ حُثَّ كُلُّ بازِلٍ دَفُونِ، ... حَتَّى رَفَعْنَ سَيْرَةَ اللَّجُونِ
وخَدِرَ النهارُ خَدَراً، فَهُوَ خَدِرٌ: اشْتَدَّ حره وسكنت رِيحُهُ وَلَمْ تَتَحَرَّكْ فِيهِ رِيحٌ وَلَا يُوجَدُ فِيهِ رَوْحٌ. اللَّيْثُ: يَوْمٌ خَدِرٌ شَدِيدُ الْحَرِّ؛ وأَنشد:
كالمَخاضِ الجُرْبِ فِي الْيَوْمِ الخَدِرْ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بِالْيَوْمِ الخَدِرِ المَطِيرَ ذَا الْغَيْمِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وإِنما خَصَّ الْيَوْمَ الْمَطِيرَ بِالْمَخَاضِ الجُرْبِ لأَنها إِذا جَرِبَتْ تَوَسَّفَتْ أَوبارُها فالبَرْدُ إِليها أَسرع. والخِدارُ: عُودٌ يَجْمَعُ الدُّجْرَيْن إِلى اللُّؤَمَةِ. وخُدارُ: اسْمُ فَرَسٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلقَتَّالِ الكِلابِيِّ:
وتَحْمِلُني وبِزَّةَ مَضْرَحِيٍّ، ... إِذا مَا ثَوَّبَ الدَّاعِي، خُدارُ
وأَخْدَرُ: فَحْلٌ مِنَ الْخَيْلِ أُفْلِتَ فَتَوَحَّشَ وحَمَى عدَّةَ غاباتٍ وضَرَبَ فِيهَا، قِيلَ إِنه كَانَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدُ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ والأَخْدَرِيَّةُ مِنَ الْخَيْلِ: مَنْسُوبَةٌ إِليه. والأَخْدَرِيَّةُ مِنَ الحُمُرِ: مَنْسُوبَةٌ إِلى فَحْلٍ يُقَالُ لَهُ الأَخْدَرُ: قِيلَ: هُوَ فَرَسٌ، وَقِيلَ: هُوَ حِمَارٌ، وَقِيلَ: الأَخْدَرِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلى الْعِرَاقِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ. وَيُقَالُ للأَخْدَرِيَّة مِنَ الحُمُرِ: بناتُ الأَخْدَرِ. والأَخْدَرِيُّ: الحمارُ الوَحْشِيُّ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: والأَخْدَريُّ مِنْ نَعْتِ حِمَارِ الوحشِ كأَنه نُسِبَ إِلى فَحْلٍ اسْمُهُ أَخْدَرُ؛ قَالَ: والخُدْرَةُ اسْمُ أَتان كَانَتْ قَدِيمَةً فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الأَخْدَرِيُّ مَنْسُوبًا إِليها. الأَصمعي: إِذا تَخَلَّفَ الْوَحْشِيُّ عَنِ الْقَطِيعِ قِيلَ: خَدَرَ وخَذَلَ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الخُدَرِيُّ الْحِمَارُ الأَسود. الأَصمعي: يَقُولُ عاملُ الصَّدَقَاتِ: لَيْسَ لِي حَشَفَةٌ وَلَا خَدِرَةٌ؛ فَالْحَشَفَةُ: الْيَابِسَةُ، والخَدِرَةُ: الَّتِي
__________
(2) . رواية ديوان طرفة لهذا البيت:
وتقصيرُ يومِ الدَّجْنِ والدَّجنُ مُعْجِبٌ ... ببَهكَنةٍ تحتَ الطَّرافِ المعَمَّدِ(4/233)
تَقَعُ مِنَ النَّخْلِ قَبْلَ أَن تَنْضَجَ. وَفِي حَدِيثِ
الأَنصار: اشْتَرَطَ أَن لَا يأْخذ تَمْرَةً خَدِرَةً
؛ أَي عَفِنَةً، وَهِيَ الَّتِي اسْوَدَّ بَاطِنُهَا. وَبَنُو خُدْرَةَ: بَطْنٌ مِنَ الأَنصار مِنْهُمْ أَبو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ. وخَدُورَةُ: مَوْضِعٌ ببلاد بني الحرث بْنِ كَعْبٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
دَعَتْني، وفاضَتْ عَيْنُها بِخَدُورَةٍ، ... فَجِئتُ غِشاشاً، إِذْ دَعَتْ أُمُّ طارِقِ
خذر: الأَزهري أَبو عَمْرٍو: الخاذِرُ الْمُسْتَتِرُ مِنْ سُلْطَانٍ أَو غَرِيمٍ. ابْنُ الأَعرابي: الخُذْرَةُ الخُذْرُوفُ، وَتَصْغِيرُهَا خُذَيْرَةٌ.
خذفر: الخَذَنْفَرَةُ: الخَفْخافَةُ الصَّوْتِ كأَنَّ صَوْتَهَا يَخْرُجُ مِنْ مَنْخَرَيْها، ذَكَرَهُ الأَزهري فِي الخماسي.
خرر: الخَرِيرُ: صَوْتُ الْمَاءِ وَالرِّيحِ والعُقاب إِذا حَفَّتْ، خَرَّ يَخِرُّ ويَخُرُّ خَرِيراً وخَرْخَرَ، فَهُوَ خارٌّ؛ قَالَ اللَّيْثُ: خَرِيرُ العُقاب حَفِيفُه؛ قَالَ: وَقَدْ يُضَاعَفُ إِذا تُوُهِّمَ سُرْعَة الخَرِيرِ فِي القَصَبِ وَنَحْوِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الخَرْخَرَةِ، وأَما فِي الْمَاءِ فَلَا يُقَالُ إِلَّا خَرْخَرَةً. والخَرَّارَةُ: عَيْنُ الماءِ الجارِيَةُ، سُمِّيَتْ خَرَّارَةً لِخَرِيرِ مَائِهَا، وَهُوَ صَوْتُهُ. وَيُقَالُ لِلْمَاءِ الَّذِي جَرَى جَرْياً شَدِيدًا: خَرَّ يَخِرُّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: خَرَّ الماءُ يَخِرُّ، بِالْكَسْرِ، خَرّاً إِذا اشْتَدَّ جَرْيُه؛ وعينٌ خَرَّارَةٌ، وخَرَّ الْمَاءُ الأَرضَ خَرّاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ. مَنْ أَدخل أُصْبُعَيْهِ فِي أُذنيه سَمِعَ خَرِيرَ الكَوْثَرِ
؛ خَرِيرُ الْمَاءِ: صَوْتُه، أَراد مِثْلَ صَوْتِ خَرِيرِ الْكَوْثَرِ. وَفِي حَدِيثٍ
قُسٍّ: وإِذا أَنا بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ أَي كَثِيرَةِ الجَرَيانِ.
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الخَرَّارِ، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الأُولى، مَوْضِعٌ قُرْبَ الجُحْفَةِ بَعَثَ إِليه رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَعْدَ بْنَ أَبي وَقَّاصٍ فِي سَرِيَّةٍ. وخَرَّ الرجلُ فِي نَوْمِهِ: غَطَّ، وَكَذَلِكَ الهِرَّةُ والنَّمِرُ، وَهِيَ الخَرْخَرَةُ. والخَرْخَرَةُ: صوتُ النائِم والمُخْتَنِقِ؛ يُقَالُ: خَرَّ عِنْدَ النَّوْمِ وخَرْخَرَ بِمَعْنًى. وهِرَّةٌ خَرُورٌ: كَثِيرَةُ الخَرِيرِ فِي نَوْمِهَا؛ وَيُقَالُ: للهِرَّةِ خُرُورٌ فِي نَوْمِهَا. والخَرْخَرَةُ: صوتُ النَّمِر فِي نَوْمِهِ، يُخَرْخِرُ خَرْخَرَةً ويَخِرُّ خَرِيراً؛ وَيُقَالُ لِصَوْتِهِ: الخَرِيرُ والهَرِيرُ والغَطِيطُ. والخَرْخَرَةُ: سُرْعَةُ الخَرِير فِي القَصَب وَنَحْوِهَا. والخَرَّارَةُ: عُودٌ نَحْوَ نِصْفِ النَّعْلِ يُوثَقُ بِخَيْطٍ فَيُحَرَّكُ الخَيْطُ وتُجَرُّ الخَشَبَةُ فَتُصَوِّتُ تِلْكَ الخَرَّارَةُ؛ وَيُقَالُ لخُذْرُوف الصَّبِي الَّتِي يُدِيرُها: خَرَّارَةٌ، وَهُوَ حِكَايَةُ صَوْتِهَا: خِرْخِرْ. والخَرَّارَةُ: طَائِرٌ أَعظم مِنَ الصُّرَدِ وأَغلظ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ فِي الصَّوْتِ، وَالْجَمْعُ خَرَّارٌ؛ وَقِيلَ: الخَرَّارُ واحِدٌ؛ وإِليه ذَهَبَ كُرَاعٌ. وخَرَّ الحَجَرُ يَخُرُّ خُرُوراً: صَوَّتَ فِي انْحِدَارِهِ، بِضَمِّ الْخَاءِ، مِنْ يَخُرُّ. وخَرَّ الرجلُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْجَبَلِ خُرُوراً. وخَرَّ الحَجَرُ إِذا تَدَهْدَى مِنَ الْجَبَلِ. وخَرَّ الرجلُ يَخُرُّ إِذا تَنَعَّمَ. وخَرَّ يَخُرُّ إِذا سَقَطَ، قَالَهُ بِضَمِّ الْخَاءِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: يَقُولُ خَرَّ يَخِرُّ، بِكَسْرِ الْخَاءِ. والخُرْخُورُ: الرَّجُلُ النَّاعِمُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَلِبَاسِهِ وَفِرَاشِهِ. والخارُّ: الَّذِي يَهْجُمُ عَلَيْكَ مِنْ مَكَانٍ لَا تَعْرِفُهُ؛ يُقَالُ: خَرَّ عَلَيْنَا ناسٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ. وخَرَّ الرجلُ: هَجَمَ عَلَيْكَ مِنْ مَكَانٍ لَا تَعْرِفُهُ. وخَرَّ القومُ: جَاؤُوا مِنْ بَلَدٍ إِلى آخَرَ، وَهُمُ الخَرَّارُ والخَرَّارَةُ. وخَرُّوا(4/234)
أَيضاً: مَرُّوا، وَهُمُ الخَرَّارَةُ لِذَلِكَ. وخَرَّ الناسُ مِنَ الْبَادِيَةِ فِي الجَدْبِ: أَتوا. وخَرَّ الْبِنَاءُ: سَقَطَ. وخَرَّ يَخِرُّ خَرّاً: هَوَى مِنْ عُلْوٍ إِلى أَسفل. غَيْرُهُ: خَرَّ يَخِرُّ ويَخُرُّ، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، إِذا سَقَطَ مِنْ عُلْوٍ. وَفِي حَدِيثِ الْوُضُوءِ:
إِلَّا خَرَّت خَطَايَاهُ
؛ أَي سَقَطَتْ وَذَهَبَتْ، وَيُرْوَى جَرَتْ، بِالْجِيمِ، أَي جَرَتْ مَعَ مَاءِ الْوُضُوءِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ الْحَرْثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: خَرِرْتَ مِنْ يَدَيْكَ
أَي سَقَطْتَ مِنْ أَجل مَكْرُوهٍ يُصِيبُ يَدَيْكَ مِنْ قَطْعٍ أَو وَجَعٍ، وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الخجلِ؛ يُقَالُ: خَرِرْتُ عَنْ يدِي أَي خَجِلْتُ، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سَقَطْتَ إِلى الأَرض مِنْ سَبَبِ يَدَيْكَ أَي مِنْ جِنَايَتِهِمَا، كَمَا يُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ فِي مَكْرُوهٍ: إِنما أَصابه ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ أَي مِنْ أَمر عَمِلَهُ، وَحَيْثُ كَانَ الْعَمَلُ بِالْيَدِ أُضيف إِلَيْهَا. وخَرَّ لِوَجْهِهِ يَخِرُّ خَرّاً وخُرُوراً: وَقَعَ كَذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ
. وخَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا يَخِرُّ خُرُوراً أَي سَقَطَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً
؛ قيل: خَرُّوا لله سُجَّدًا، وَقِيلَ: إِنهم إِنما خَرُّوا لِيُوسُفَ لِقَوْلِهِ فِي أَوّل السُّورَةِ: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ؛ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً
؛ تأْويله: إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا سَامِعِينَ مُبْصِرِينَ لِمَا أُمروا بِهِ وَنُهُوا عَنْهُ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بأَيْدِي رِجالٍ لَمْ يَشِيمُوا سُيوفَهُمْ، ... وَلَمْ تَكْثُر القَتْلَى بِهَا حِينَ سُلَّتِ
أَي شَامُوا سُيُوفَهُمْ وَقَدْ كَثُرَتِ الْقَتْلَى. وخَرَّ أَيضاً: مَاتَ، وَذَلِكَ لأَن الرَّجُلَ إِذا ماتَ خَرَّ. وَقَوْلُهُ:
بايعتُ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ لَا أَخرَّ إِلَّا قَائِمًا
؛ مَعْنَاهُ أَنْ لَا أَمُوتَ لأَنه إِذا مَاتَ فَقَدْ خَرَّ وَسَقَطَ، وَقَوْلُهُ
إِلَّا قَائِمًا
أَي ثَابِتًا عَلَى الإِسلام؛ وَسُئِلَ إِبراهيم الحَرْبِيُّ عَنْ قَوْلِهِ:
أَنْ لَا أَخِرَّ إِلَّا قَائِمًا
، فَقَالَ: إِني لَا أَقع فِي شَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِي وأُموري إِلَّا قمتُ بِهَا مُنْتَصِبًا لَهَا. الأَزهري: وَرُوِيَ
عَنْ حَكِيم بنِ حِزامٍ أَنه أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أُبايعك أَنْ لَا أَخِرَّ إِلَّا قَائِمًا
، قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ أَن لَا أُغبن وَلَا أَغبن،
فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لستَ تُغْبَنُ فِي دِينِ اللَّهِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ قِبَلِنا وَلَا بَيْعٍ
؛ قَالَ:
وَقَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَما مِنْ قِبَلِنَا فَلَسْتَ تَخِرُّ إِلَّا قَائِمًا
أَي لَسْنَا نَدْعُوكَ وَلَا نُبَايِعُكَ إِلَّا قَائِمًا أَي عَلَى الْحَقِّ؛ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: لَا أَموت إِلَّا مُتَمَسِّكًا بالإِسلام، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا أَقع فِي شَيْءٍ مِنْ تِجَارَتِي وأُموري إِلَّا قمتُ مُنْتَصِبًا لَهُ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا أُغبن وَلَا أَغبن؛ وخَرَّ الميتُ يَخِرُّ خَرِيراً، فَهُوَ خارٌّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ الأَخفش: خَرَّ صَارَ فِي حَالِ سُجُودِهِ؛ قَالَ: وَنَحْنُ نَقُولُ، يَعْنِي الْكُوفِيِّينَ، بِضَرْبَيْنِ بِمَعْنَى سَجَدَ وَبِمَعْنَى مَرَّ مِنَ الْقَوْمِ الخَرَّارَةِ الَّذِينَ هُمُ المارَّةُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُ
؛ ويَجُوزُ أَن تَكُونَ خَرَّ هُنَا بِمَعْنَى وَقَعَ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ بِمَعْنَى مَاتَ. وخُرَّ إِذا أُجْرِيَ. وَرَجُلٌ خارٌّ: عاثِرٌ بَعْدَ استقامةٍ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهُوَ الَّذِي عَسَا بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ. والخِرِّيانُ: الجَبَانُ، فِعْلِيانٌ مِنْهُ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ. والخَرِيرُ: الْمَكَانُ الْمُطَمْئِنُ بَيْنَ الرَّبْوَتَيْنِ يَنْقَادُ، وَالْجَمْعُ أَخِرَّةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:(4/235)
بأَخِرَّةِ الثَّلَبُوتِ، يَرْبأُ فَوْقَها ... قَفْرَ المراقِبِ خَوْفُها آرامُها «3»
. فأَما الْعَامَّةُ فَتَقُولُ أَحزَّة، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وإِنما هُوَ بِالْخَاءِ. والخُرُّ: أَصل الأُذن فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. والخُرُّ أَيضاً: حَبَّةٌ مدوّرةُ صفَيْراءُ فِيهَا عُلَيْقِمَةٌ يَسِيرَةٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ فَارِسِيَّةٌ. وتَخَرْخَرَ بَطْنُه إِذا اضْطَرَبَ مَعَ العِظَمِ، وَقِيلَ: هُوَ اضْطِرَابُهُ مِنَ الْهُزَالِ؛ وأَنشد قَوْلَ الْجَعْدِيِّ:
فأَصْبَحَ صِفْراً بَطْنُه قَدْ تَخَرْخَرَا
وَضَرَبَ يَدَهُ بِالسَّيْفِ فأَخَرَّها أَي أَسقطها؛ عَنْ يَعْقُوبَ. والخُرُّ مِنَ الرَّحَى: اللَّهْوَةُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُلْقِي فِيهِ الْحِنْطَةَ بِيَدِكَ كالخُرِّيِّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وخُذْ بِقَعْسَرِيِّها، ... وأَلْهِ فِي خُرِّيّها،
تُطْعِمْكَ مِنْ نَفِيِّها
والنَّفِيُّ، بِالْفَاءِ: الطَّحِينُ، وَعَنَى بالقَعْسَرِيّ الْخَشَبَةَ الَّتِي تُدَارُ بِهَا الرَّحَى.
خزر: الخَزَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: كسْرُ الْعَيْنِ بَصَرَها خِلْقَةً وَقِيلَ: هُوَ ضِيقُ الْعَيْنِ وَصِغَرُهَا، وَقِيلَ: هُوَ النَّظَرُ الَّذِي كأَنه فِي أَحد الشِّقَّينِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَفْتَحَ عَيْنَهُ وَيُغْمِضَهَا، وَقِيلَ: الخَزَرُ هُوَ حَوَلُ إِحدى الْعَيْنَيْنِ، والأَحْوَلُ: الَّذِي حَوِلَتْ عَيْنَاهُ جَميعاً، وَقِيلَ: الأَخْزَرُ الَّذِي أَقبلت حَدَقَتاه إِلى أَنفه، والأَحول: الَّذِي ارْتَفَعَتْ حَدَقَتَاهُ إِلى حَاجِبَيْهِ؛ وَقَدْ خَزِرَ خَزَراً، وَهُوَ أَخْزَرُ بَيِّنُ الخَزَرِ، وَقَوْمٌ خُزْرٌ؛ وَيُقَالُ: هُوَ أَن يَكُونَ الإِنسان كأَنه يَنْظُرُ بمُؤْخُرِها؛ قَالَ حَاتِمٌ:
ودُعيتُ فِي أُولى النَّدِيِّ، وَلَمْ ... يُنْظَرْ إِلَيَّ بِأَعْيُنٍ خُزْرِ
وتَخازَرَ: نَظَرَ بمُؤْخُرِ عَيْنِهِ. والتَّخازُرُ: استعمالُ الخَزَرِ عَلَى مَا اسْتَعْمَلَهُ سِيبَوَيْهِ فِي بَعْضِ قَوَانِينِ تَفاعَلَ؛ قَالَ:
إِذا تَخازَرْتُ وَمَا بِي مِنْ خَزَرْ
فَقَوْلُهُ وَمَا بِي مِنْ خَزَرٍ يَدُلُّكَ عَلَى أَن التَّخازُرَ هَاهُنَا إِظهار الخَزرِ وَاسْتِعْمَالُهُ. وتَخازَرَ الرجلُ إِذا ضَيَّقَ جَفْنَهُ لِيُحَدِّدَ النَّظَرَ، كَقَوْلِكَ: تعامَى وتَجاهَلَ. ابْنُ الأَعرابي: الشيخ يُخَزِّرُ عَيْنَيْهِ لِيَجْمَعَ الضَّوْءَ حَتَّى كأَنهما خِيطَتَا، والشابُّ إِذا خَزَّرَ عَيْنَيْهِ فإِنه يَتَداهَى بِذَلِكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا وَيْحَ هَذَا الرأْسِ كَيْفَ اهْتَزَّا، ... وحِيصَ مُوقاهُ وقادَ العَنْزَا؟
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا انْحَنَى مِنَ الكِبَرِ: قادَ العَنْزَ، لأَن قَائِدَهَا يَنْحَنِي. والخَزَرُ: جِيلٌ خُزْرُ الْعُيُونِ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: كأَني بِهِمْ خُنْسُ الأُنُوف خُزْرُ الْعُيُونِ.
والخُزْرَةُ: انقلابُ الْحَدَقَةِ نَحْوَ اللِّحاظ، وَهُوَ أَقبح الحَوَلِ؛ وَرَجُلٌ خَزَرِي وَقَوْمٌ خُزْرٌ. وخَزَرَهَ يَخْزُرُه خَزْراً: نَظَرَهُ بِلِحاظِ عَيْنِهِ؛ وأَنشد:
لَا تَخْزُرِ القومَ شَزْراً عَنْ مُعارَضَةٍ
وعدوٌّ أَخْزَرُ الْعَيْنِ: يَنْظُرُ عَنْ مُعَارَضَةٍ كالأَخْزَرِ الْعَيْنِ. أَبو عَمْرٍو: الخازِرُ الدَّاهِيَةُ مِنَ الرِّجَالِ. ابْنُ الأَعرابي:
__________
(3) . قوله: [بأَخرة الثلبوت] بفتح المثلثة واللام وضم الموحدة وسكون الواو فمثناة فوقية: واد فيه مياه كثيرة لبني نصر بن قعين كما في ياقوت(4/236)
خَزَر «1» . إِذا تَداهَى، وخَزِرَ إِذا هَرَبَ. والخِنْزِيرُ: مِنَ الْوَحْشِ الْعَادِيِّ مَعْرُوفٌ، مأْخوذ مِنَ الخَزَرِ لأَن ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ رُبَاعِيٌّ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَتِهِ. والخَزِيرَةُ والخَزِيرُ: اللَّحْمُ الغابُّ يؤْخذ فَيُقَطَّعُ صِغَارًا فِي القِدْرِ ثُمَّ يُطْبَخُ بِالْمَاءِ الْكَثِيرِ وَالْمِلْحِ، فإِذا أُميت طَبْخاً ذرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيقَ فَعُصِدَ بِهِ ثُمَّ أُدِمَ بأَيِّ أَدَامٍ شِيءَ، وَلَا تَكُونُ الخَزِيرَةُ إِلا وَفِيهَا لَحْمٌ، فإِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَحْمٌ فَهِيَ عَصِيدَة، قَالَ جَرِيرٌ:
وُضِعَ الخَزِيرُ فَقِيلَ: أَيْنَ مُجاشِعُ؟ ... فَشَحَا جَحافِلَهُ جُرافٌ هِبْلَعُ
وَقِيلَ: الخَزِيرَةُ مَرَقَة، وَهِيَ أَن تُصَفَّى بُلالَةُ النُّخالة ثُمَّ تُطْبَخَ، وَقِيلَ: الخَزِيرَةُ والخَزِيرُ الحَسَا مِنَ الدَّسَمِ وَالدَّقِيقِ، وَقِيلَ: الحَسَا مِنَ الدَّسَمِ؛ قَالَ:
فَتَدْخُلُ أَيْدٍ فِي حَناحِرَ أُقْنِعَتْ، ... لِعادَتِها، مِنَ الخَزِيرِ المُعَرَّفِ
أَبو الْهَيْثَمِ: أَنه كَتَبَ عَنْ أَعرابي قَالَ: السَّخِينَةُ دَقِيقٌ يُلْقَى عَلَى مَاءٍ أَو عَلَى لَبَنٍ فَيُطْبَخُ ثُمَّ يُؤْكَلُ بِتَمْرٍ أَو بحَساً، وَهُوَ الحَسَاء، قَالَ: وَهِيَ السَّخُونَةُ أَيضاً، وَهِيَ النَّفِيتَةُ والحُدْرُقَّةُ والخَزِيرَةُ، والحَرِيرَةُ أَرَقُّ مِنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
عِتْبان «2» : أَنه حَبَسَ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، عَلَى خَزِيرَةٍ تُصْنَعُ لَهُ
، وَهُوَ مَا فَسَّرْنَاهُ، وَقِيلَ: إِذا كَانَتْ مِنْ لَحْمٍ فَهِيَ خَزِيرَةٌ، وَقِيلَ: إِن كَانَتْ مِنْ دَقِيقٍ فَهِيَ حَرِيرَةٌ، وإِن كَانَتْ مِنْ نُخَالَةٍ فَهِيَ خَزِيرَةٌ. والخُزرَةُ، مِثْلُ الهُمَزة، وَذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ فُعَلةٍ: دَاءٌ يأْخذ فِي مُسْتَدَقِّ الظَّهْرِ بِفَقْرَةِ القَطَنِ؛ قَالَ يَصِفُ دَلْوًا:
دَاوِ بِهَا ظَهْرَكَ مِنْ تَوْجاعِه، ... مِنْ خُزَراتٍ فِيهِ وانْقِطَاعِه
وَقَالَ: بِهَا يَعْنِي الدَّلْوَ، أَمره أَن يَنْزِعَ بِهَا عَلَى إِبله، وَهَذَا لَعِبٌ منه وهزؤ. والخَيْزَرَى والخَوْزَرَى والخَيْزَلى والخَوْزَلى: مِشْيَةٌ فِيهَا ظَلَعٌ أَو تَفَكُّكٌ أَو تَبَخْتُرٌ؛ قَالَ عُرْوَةُ بنُ الوَرْدِ:
والنَّاشِئات المَاشِيات الخَوْزَرَى، ... كَعُنُقِ الآرامِ أَوْفَى أَوْ صَرَى
مَعْنَى أَوفى: أَشرف، وصَرَى: رَفَعَ رأْسه. والخَيْزُرانُ: عُودٌ مَعْرُوفٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الخَيْزُرَانُ نَبَاتٌ لَيِّنُ القُضْبَانِ أَمْلَسُ الْعِيدَانِ لَا يَنْبُتُ بِبِلَادِ الْعَرَبِ إِنما يَنْبُتُ بِبِلَادِ الرُّومِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
أَتَاني نَصْرُهُمْ، وهُمُ بَعِيدٌ، ... بِلادُهُمُ بِلادُ الخَيْزُرانِ
وَذَلِكَ أَنه كَانَ بِالْبَادِيَةِ وَقَوْمُهُ الَّذِينَ نَصَرُوهُ بالأَرياف وَالْحَوَاضِرِ، وَقِيلَ: أَراد أَنهم بَعِيدٌ مِنْهُ كَبُعْدِ بِلَادِ الرُّومِ، وَقِيلَ: كلُّ عُودٍ لَدْنٍ مُتَثَنٍّ خَيْزُرانٌ، وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ، وَهُوَ عُرُوقُ القَنَاةِ، وَالْجَمْعُ الخَيازِرُ. والخَيْزُرانُ: الْقَصَبُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ سَحَابًا:
كأَنَّ المَطافِيلَ المَوالِيهَ وَسْطَهُ، ... يُجاوِبُهُنَّ الخَيْزُرانُ المُثَقَّبُ
__________
(1) . قوله: [ابن الأَعرابي خزر إلخ] الأولى من باب كتب، والثانية من باب فرح لا كما يقتضيه صنيع القاموس من أَنهما من باب كتب، فقد نقل شارحه عن الصاغاني ما ذكرنا
(2) . قوله: [عتبان] هو ابن مالك، كان إمام قومه فأَنكر بصره، فسأَل النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، أن يصلي في مكان من بيته يتخذه مصلى، ففعل وحبسه على خزيرة صنعها له، كذا بهامش النهاية(4/237)
وَقَدْ جَعَلَهُ الرَّاجِزُ خَيْزُوراً فَقَالَ:
مُنْطَوِياً كالطَّبقِ الخَيْزُورِ
والخَيْزُرانُ: الرِّمَاحُ لتثنِّيها وَلِينِهَا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
جَهِلْتُ مِنْ سَعْدٍ وَمِنْ شُبَّانِها، ... تَخْطِرُ أَيْدِيها بِخَيْزُرانها
يَعْنِي رِمَاحَهَا. وأَراد جَمَاعَةً تَخْطِرُ أَو عُصْبَةً تَخْطِرُ فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ وأَقام الصِّفَةَ مَقَامَهُ. والخَيْزُرانَةُ: السُّكَّانُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ الفُراتَ وَقْتَ مَدِّهِ:
يَظَلُّ مِنْ خَوْفِهِ المَلَّاحُ مُعْتَصِماً ... بالخَيْزُرانَةِ، بعدَ الأَيْنِ والنَّجَدِ
أَبو عُبَيْدٍ: الخَيْزُرانُ السُّكَّانُ، وَهُوَ كَوْثَلُ السَّفِينَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الشَّيْطَانَ لَمَّا دَخَلَ سَفِينَةَ نُوحٌ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ: اخْرُجْ يَا عَدُوَّ اللهِ مِنْ جَوْفِها فَصَعِدَ عَلَى خَيْزُرانِ السَّفِينَةِ
؛ هُوَ سُكَّانُها، وَيُقَالُ لَهُ خَيْزُرانَةٌ، وكلُّ غُصْنٍ مُتَثَنٍّ: خَيْزُرانٌ؛ وَمِنْهُ شِعْرُ الْفَرَزْدَقِ فِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ زَيْنَ الْعَابِدِينَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
فِي كَفِّه خَيْزُرانٌ، رِيحُهُ عَبِقٌ ... مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ، فِي عِرْنِينِهِ شَمَمُ
المُبَرِّدُ: الخَيْزُرانُ المُرْدِيُّ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ المَلَّاحِ:
والخَيْزُرانَةُ فِي يَدِ المَلَّاحِ
يَعْنِي المُرْدِيَّ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: والخَيْزُرانُ كُلُّ غُصْنٍ لَيِّنٍ يَتَثَنَّى. قَالَ: وَيُقَالُ للمُرْدِيِّ خَيْزُران إِذا كَانَ يَتَثَنَّى؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ، فَجُعِلَ المِزمار خَيْزُراناً لأَنه مِنَ الْيَرَاعِ، يَصِفُ الأَسد:
كأَنَّ اهْتِزامَ الرَّعْدِ خالَطَ جَوْفَهُ، ... إِذا جَنَّ فِيهِ الخَيْزُرانُ المُثَجَّرُ
والمُثَجَّرُ: المُثَقَّبُ المُفَجَّرُ؛ يَقُولُ: كأَنَّ فِي جَوْفِهِ الْمَزَامِيرَ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: كُلُّ لَيِّنٍ مِنْ كُلِّ خَشَبَةٍ خَيْزُران. قَالَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ: الخَيْزُرانُ لِجَامُ السَّفِينَةِ الَّتِي بِهَا يَقُومُ السُّكَّانُ، وَهُوَ فِي الذَّنَبِ. وخَيْزَرٌ: اسْمٌ. وخَزَارَى: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
ونَحْنُ غَداةَ أُوقِدَ فِي خَزَارَى، ... رَفَدْنا فوقَ رَفْدِ الرَّافِدِينا
»
. وخازِرٌ: كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ بَيْنَ إِبراهيم بْنِ الأَشتر وَبَيْنَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَيَوْمَئِذٍ قُتِلَ ابْنُ زياد.
خزبزر: خَزَبْزَرٌ: سَيِّءُ الخُلُقِ.
خسر: خَسِرَ خَسَرَ خَسْراً «2» . وخَسَراً وخُسْراناً وخَسَارَةً وخَسَاراً، فَهُوَ خاسِر وخَسِرٌ، كُلُّهُ: ضَلَّ. والخَسَار والخَسارة والخَيْسَرَى: الضَّلَالُ وَالْهَلَاكُ، وَالْيَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ
؛ الْفَرَّاءُ: لَفِي عُقُوبَةٍ بِذَنْبِهِ وأَن يَخْسَر أَهله وَمَنْزِلَهُ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ
. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنَ مُؤْمِنٍ وَلَا كَافِرٍ إِلا وَلَهُ مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وأَهل وأَزواج، فَمَنْ أَسلم سَعِدَ وَصَارَ إِلى مَنْزِلِهِ، وَمَنْ كَفَرَ صَارَ مَنْزِلُهُ وأَزواجه إِلى مَنْ أَسلم وَسَعِدَ
، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ؛ يَقُولُ: يَرِثُونَ مَنَازِلَ الْكُفَّارِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ*
؛ يَقُولُ: أَهلكوهما؛ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ غَبِنُوهما. ابْنُ الأَعرابي: الْخَاسِرُ الَّذِي ذَهَبَ مَالُهُ وَعَقْلُهُ أَي خَسِرَهُمَا. وخَسِرَ التَّاجِرُ: وُضِعَ فِي تِجَارَتِهِ أَو غَبِنَ،
__________
(1) . ويروى: خَزازى في معلقة عمرو بن كلثوم
(2) . قوله: [خسر خسراً إلخ] ترك مصدرين خسراً، بضم فسكون، وخسراً، بضمتين كما في القاموس(4/238)
والأَوّل هُوَ الأَصل. وأَخْسَرَ الرجلُ إِذا وَافَقَ خُسْراً فِي تِجَارَتِهِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا
؛ قَالَ الأَخفش: وَاحِدُهُمُ الأَخْسَرُ مِثْلُ الأَكْبَرِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ
؛ ابْنُ الأَعرابي: أَي غَيْرَ إِبعاد مِنَ الْخَيْرِ أَي غَيْرَ تَخْسِيرٍ لَكُمْ لَا لِي. وَرَجُلٌ خَيْسَرَى: خاسِرٌ، وَفِي بَعْضِ الأَسجاع: بفِيهِ البَرَى، وحُمَّى خَيْبَرَى، وشَرُّ مَا يُرَى، فإِنه خَيْسَرَى؛ وَقِيلَ: أَراد خَيْسَرٌ فَزَادَ للإِتباع؛ وَقِيلَ: لَا يُقَالُ خَيْسَرَى إِلا فِي هَذَا السَّجْعِ؛ وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ ذُكِرَ الخَيْسَرَى، وَهُوَ الَّذِي لَا يُجِيبُ إِلى الطَّعَامِ لِئَلَّا يَحْتَاجُ إِلى المكافأَة، وَهُوَ مِنَ الخَسَارِ. والخَسْرُ والخُسْرانُ: النَّقْصُ، وَهُوَ مِثْلُ الفَرْقِ والفُرْقانِ، خَسِرَ يَخْسَرُ «1» . خُسْراناً وخَسَرْتُ الشيءَ، بِالْفَتْحِ، وأَخْسَرْتُه: نَقَصْتُه. وخَسَرَ الوَزْنَ والكيلَ خَسْراً وأَخْسَرَهُ: نَقَصَهُ. وَيُقَالُ: كِلْتُه ووَزَنْتُه فأَخْسَرْته أَي نَقَصْتُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
؛ الزَّجَّاجُ: أَي يَنْقُصُون فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ. قَالَ: وَيَجُوزُ فِي اللُّغَةِ يَخْسِرُون، تَقُولُ: أَخْسَرْتُ الميزانَ وخَسَرْتُه، قَالَ: وَلَا أَعلم أَحداً قرأَ يَخْسِرُونَ. أَبو عَمْرٍو: الْخَاسِرُ الَّذِي يُنْقِصُ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِذا أَعطى، وَيَسْتَزِيدُ إِذا أَخذ. ابْنُ الأَعرابي: خَسَرَ إِذا نَقَصَ مِيزَانًا أَو غَيْرَهُ، وخَسِرَ إِذا هَلَكَ. أَبو عُبَيْدٍ: خَسَرْتُ الْمِيزَانَ وأَخْسَرْتُه أَي نَقَصْتُهُ. اللَّيْثُ: الخاسِرُ الَّذِي وُضِعَ فِي تِجَارَتِهِ، وَمَصْدَرُهُ الخَسَارَةُ والخَسْرُ، وَيُقَالُ: خَسِرَتْ تِجَارَتُهُ أَي خَسِرَ فِيهَا، ورَبِحَتْ أَي رَبِحَ فِيهَا. وصَفْقَةٌ خَاسِرَةٌ: غَيْرُ رَابِحَةٍ، وكَرَّةٌ خَاسِرَةٌ: غَيْرُ نَافِعَةٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وصَفَقَ صَفْقَةً خاسِرَةً أَي غَيْرَ مُرْبِحَةٍ، وكَرَّ كَرَّةً خاسِرَةً أَي غَيْرَ نَافِعَةٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ
. وقوله عزل وَجَلَّ: وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ
. وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ
؛ الْمَعْنَى: تَبَيَّنَ لَهُمْ خُسْرانُهم لَمَّا رأَوا الْعَذَابَ وإِلَّا فَهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ فِي كُلِّ وَقْتٍ. والتَّخْسِيرُ: الإِهلاك. والخَنَاسِيرُ: الهُلَّاكُ، وَلَا وَاحِدَ لَهُ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
إِذا مَا نُتِجْنا أَرْبَعاً عامَ كَفْأَةٍ، ... بَغَاها خَنَاسِيراً، فأَهْلَكَ أَرْبَعا
وَفِي بَغَاهَا ضَمِيرٌ مِنَ الجَدِّ هُوَ الْفَاعِلُ، يَقُولُ: إِنه شَقِيُّ الجَدِّ إِذا نُتِجَتْ أَربعٌ مِنْ إِبله أَربعَةَ أَولادٍ هَلَكَتْ مِنْ إِبله الكِبار أَربع غَيْرُ هَذِهِ، فَيَكُونُ مَا هَلَكَ أَكثر مِمَّا أَصاب.
خشر: الخُشَارُ والخُشَارَةُ: الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَخَصَّ اللِّحْيَانِيُّ بِهِ رَدِيءَ الْمَتَاعِ. وخَشَرَ يَخْشِرُ خَشْراً: نَقَّى الرَّدِيءَ مِنْهُ. ومَخاشِرُ المِنْجَلِ: أَسْنانُه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
تُرَى لَهَا، بعْدَ إِبارَ الآبِرِ، ... صُفْرٌ وحُمْرٌ كَبُرُودِ التَّاجِرِ
مآزِرٌ تُطْوَى عَلَى مآزِرِ، ... وأَثَرُ المِخْلَبِ ذِي المَخَاشِرِ
يَعْنِي الحَمْلَ. وخَشَرَ خَشْراً: أَبقى عَلَى الْمَائِدَةِ الخُشَارَةَ. والخُشَارَةُ: مَا يَبْقَى عَلَى الْمَائِدَةِ مِمَّا لَا خَيْرَ فِيهِ. وخَشَرْتُ الشَّيْءَ أَخْشِرُه خَشْراً إِذا نَقَّيْتَ مِنْهُ خُشَارَتَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا ذَهَبَ الْخِيَارُ وَبَقِيَتْ خُشارَةٌ كخُشارَةِ الشَّعِيرِ لَا يُبالِي
__________
(1) . قوله: [خسر يخسر] من باب فرح، وقوله وخسرت الشيء إلخ من باب ضرب، كما في القاموس(4/239)
بِهِمُ اللهُ بالَةً
؛ هِيَ الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والخُشارَةُ والخُشارُ مِنَ الشَّعِيرِ: مَا لَا لُبَّ لَهُ. وخُشارَةُ النَّاسِ: سَفَلَتُهم، وَفُلَانٌ مِنَ الخُشارَةِ إِذا كَانَ دُونًا؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
وباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشَارَةٍ، ... وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بِمَالِكَا
يَقُولُ: اشْتَرَيْتَ لِقَوْمِكَ الشَّرَفَ بأَموالك؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بِمَالِكِ، بِكَسْرِ الْكَافِ، وَهُوَ اسْمُ ابْنٍ لِعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ قَتَلَهُ بَنُو عَامِرٍ فَغَزَاهُمْ عُيَيْنَةُ فأَدرك بثأْره وَغَنِمَ؛ فَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
فِدًى لابنِ حِصْنٍ مَا أُرِيحَ فإِنه ... ثِمالُ اليتامَى، عِصْمَةٌ لِلْمَهَالِكِ
وباعَ بَنِيهِ بعضُهم بِخُشارَةٍ، ... وبِعْتَ لِذُبْيانَ العَلاءَ بِمالِكِ
وخَشَرْتُ الشيءَ إِذا أَرْذَلْتَهُ، فَهُوَ مَخْشُورٌ. أَبو عَمْرٍو: الخاشِرَةُ السَّفَلَةُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي وَزَادَ فَقَالَ: هُمُ الخُشار والبُشارُ والقُشارُ والسُّقاطُ والبُقاطُ والمُقاطُ. ابْنُ الأَعرابي: خَشِرَ إِذا شَرِهَ، وخَشِرَ إِذا هرب جُبْناً.
خصر: الخَصْرُ: وَسَطُ الإِنسان، وَجَمْعُهُ خُصُورٌ. والخَصْرانِ والخاصِرَتانِ: مَا بَيْنَ الحَرْقَفَةِ والقُصَيْرَى، وَهُوَ مَا قَلَصَ عَنْهُ القَصَرَتانِ وَتَقَدَّمَ مِنَ الحَجَبَتَيْنِ، وَمَا فَوْقَ الخَصْرِ مِنَ الْجِلْدَةِ الرقيقةِ: الطِّفْطِفَةِ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ ضَخْمُ الْخَوَاصِرِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنها لمُنْتَفِخَةُ الخَواصِر، كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ خاصِرَةً ثُمَّ جَمَعَ عَلَى هَذَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا سَقَيْناها العَكِيسَ تَمَذَّحَتْ ... خَواصِرُها، وازْدادَ رَشْحاً وَرِيدُها
وكَشْحٌ مُخَصَّرٌ أَي دَقِيقٌ. وَرَجُلٌ مَخْصُورُ الْبَطْنِ وَالْقَدَمِ وَرَجُلٌ مُخَصَّرٌ: ضَامِرُ الخَصْرِ أَو الخاصِرَةِ. ومَخْصُورٌ: يَشْتَكِي خَصْرَهُ أَو خاصِرَتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَصابني خاصِرَةٌ
؛ أَي وَجَعٌ فِي خَاصِرَتِي، وَقِيلَ: وَجَعٌ فِي الكُلْيَتَيْنِ. والاخْتِصارُ والتَّخاصُرُ: أَن يَضْرِبَ الرَّجُلُ يَدَهُ إِلى خَصْرِه فِي الصَّلَاةِ. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهَى أَن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُخْتَصِراً، وَقِيلَ: مُتَخَصِّراً؛ قِيلَ: هُوَ مِنَ المَخْصَرَة؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ وَهُوَ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى خَصْرِه. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
الاخْتِصارُ فِي الصَّلَاةِ راحَةُ أَهل النَّارِ
؛ أَي أَنه فِعْلُ الْيَهُودِ فِي صَلَاتِهِمْ، وَهُمْ أَهل النَّارِ، عَلَى أَنه لَيْسَ لأَهل النَّارِ الَّذِينَ هُمْ خَالِدُونَ فِيهَا رَاحَةٌ؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَثير. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: لَيْسَ الرَّاحَةُ الْمَنْسُوبَةُ لأَهل النَّارِ هِيَ رَاحَتَهُمْ فِي النَّارِ، وإِنما هِيَ رَاحَتُهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ فِي الدُّنْيَا، يَعْنِي أَنه إِذا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى خَصْرِه كأَنه اسْتَرَاحَ بِذَلِكَ، وَسَمَّاهُمْ أَهل النَّارِ لِمَصِيرِهِمْ إِليها لَا لأَن ذَلِكَ رَاحَتُهُمْ فِي النَّارِ. وَقَالَ الأَزهري فِي الْحَدِيثِ الأَوّل: لَا أَدري أَرُوي مُخْتَصِراً أَو مُتَخَصِّراً، وَرَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ مُخْتَصِرًا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ؛ قَالَ: هُوَ أَن يُصَلِّيَ وَهُوَ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى خَصْرِهِ؛ قَالَ: وَيُرْوَى فِي كَرَاهِيَتِهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ، قَالَ: وَيُرْوَى فِيهِ الْكَرَاهَةُ عَنْ عَائِشَةَ وأَبي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَن يأْخذ بِيَدِهِ عَصًا يَتَّكِئُ عَلَيْهَا؛ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَن يقرأَ آيَةً مِنْ آخِرِ السُّورَةِ أَو آيَتَيْنِ وَلَا يقرأْ سُورَةً بِكَمَالِهَا فِي فَرْضِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
المُتَخَصِّرُون يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمُ النورُ
؛ مَعْنَاهُ الْمُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ فإِذا تَعِبُوا وَضَعُوا أَيديهم عَلَى خَوَاصِرِهِمْ مِنَ التَّعَبِ؛(4/240)
قَالَ: وَمَعْنَاهُ يَكُونُ أَن يأْتوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَعَهُمْ أَعمال لَهُمْ صَالِحَةٌ يَتَّكِئُونَ عَلَيْهَا، مأْخوذ مِنَ المَخْصَرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ اخْتِصارِ السَّجْدَةِ
؛ وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن يَخْتَصِرَ الْآيَةَ الَّتِي فِيهَا السُّجُودُ فَيَسْجُدَ بِهَا، وَالثَّانِي أَنْ يقرأَ السُّورَةَ فإِذا انْتَهَى إِلى السَّجْدَةِ جَاوَزَهَا وَلَمْ يَسْجُدْ لَهَا. والمُخاصَرَةُ فِي البُضْعِ: أَن يَضْرِبَ بِيَدِهِ إِلى خَصْرها. وخَصْرُ القَدَمِ: أَخْمَصُها. وقَدَمٌ مُخَصَّرَةٌ ومَخْصُورَةٌ: فِي رُسْغِها تَخْصِير، كأَنه مَرْبُوطٌ أَو فِيهِ مَحَزٌّ مُسْتَدِيرٌ كالحَزِّ، وَكَذَلِكَ اليدُ. وَرَجُلٌ مُخَصَّرُ الْقَدَمَيْنِ إِذا كَانَتْ قَدَمُهُ تَمَسُّ الأَرض مِنْ مُقَدَّمِها وعَقِبها ويَخْوَى أَخْمَصُها مَعَ دِقَّةٍ فِيهِ. وخَصْرُ الرَّمْلِ: طَرِيقٌ بَيْنَ أَعلاه وأَسفله فِي الرِّمَالِ خَاصَّةً، وَجَمْعُهُ خُصُورٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
أَضَرَّ بِهِ ضاحٍ فَنَبْطا أُسَالَةٍ، ... فَمَرٌّ فَأَعْلَى حَوْزِها فَخُصُورُها
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَخَذْنَ خُصُورَ الرَّمْلِ ثُمَّ جَزَعْنَهُ
وخَصْرُ النَّعْلِ: مَا اسْتَدَقَّ مِنْ قُدَّامِ الأُذنين مِنْهَا. ابْنُ الأَعرابي: الخَصْرانِ مِنَ النَّعْلِ مُسْتَدَقُّها. وَنَعْلٌ مُخَصَّرَةٌ: لَهَا خَصْرانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن نَعْلَهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَتْ مُخَصَّرَةً
أَي قُطِعَ خَصْراها حَتَّى صَارَا مُسْتَدِقَّيْنِ. والخاصِرَةُ: الشَّاكِلَةُ. والخَصْرُ مِنَ السَّهْمِ: مَا بَيْنَ أَصل الفُوقِ وَبَيْنَ الرِّيشِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والخَصْرُ: مَوْضِعُ بُيُوتِ الأَعراب، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ خُصُورٌ. غَيْرُهُ: والخَصْرُ مِنْ بُيُوتِ الأَعراب مَوْضِعٌ لَطِيفٌ. وخاصَرَ الرجلَ: مَشَى إِلى جَنْبِهِ. والمُخاصَرَةُ: المُخازَمَةُ، وَهُوَ أَن يأْخذ الرجلُ فِي طَرِيقٍ ويأْخذ الْآخَرُ فِي غَيْرِهِ حَتَّى يَلْتَقِيَا فِي مَكَانٍ. واخْتِصارُ الطَّرِيقِ: سلوكُ أَقْرَبِه. ومُخْتَصَراتُ الطُّرُقِ: الَّتِي تَقْرُبُ فِي وُعُورِها وإِذا سَلَكَ الطَّرِيقَ الأَبعد كَانَ أَسهل. وخاصَرَ الرجلُ صَاحِبَهُ إِذا أَخذ بِيَدِهِ فِي الْمَشْيِ. والمُخاصَرَةُ: أَخْذُ الرَّجُلِ بِيَدِ الرَّجُلِ؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ:
ثُمَّ خاصَرْتُها إِلى القُبَّةِ الخَضْراءِ ... تَمْشِي فِي مَرْمَرٍ مَسْنُونِ
أَي أَخذت بِيَدِهَا، تَمْشِي فِي مَرْمَرٍ أَي عَلَى مَرْمَرٍ مَسْنُونٍ أَي مُمَلَّسٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ؛ أَي عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ يُرْوَى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ مَا ذَهَبَ إِليه ثَعْلَبٌ أَنه لأَبي دهْبَلٍ الجُمَحِيِّ، وَرَوَى ثَعْلَبٌ بِسَنَدِهِ إِلى إِبراهيم بْنِ أَبي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجَ أَبو دَهْبَلٍ الْجُمَحِيُّ يُرِيدُ الْغَزْوَ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا جَمِيلًا، فَلَمَّا كَانَ بِجَيْرُونَ جَاءَتْهُ امرأَة فأَعطته كِتَابًا، فَقَالَتْ: اقرأْ لِي هَذَا الْكِتَابَ، فقرأَه لَهَا ثُمَّ ذَهَبَتْ فَدَخَلَتْ قَصراً، ثُمَّ خَرَجَتْ إِليه فَقَالَتْ: لَوْ تَبَلَّغْتَ مَعِي إِلى هَذَا الْقَصْرِ فقرأْت هَذَا الْكِتَابَ عَلَى امرأَة فِيهِ كَانَ لَكَ فِي ذَلِكَ حَسَنَةٌ، إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فإِنه أَتاها مِنْ غَائِبٍ يَعْنِيهَا أَمره. فَبَلَغَ مَعَهَا الْقَصْرَ فَلَمَّا دَخَلَهُ إِذا فِيهِ جوارٍ كَثِيرَةٌ، فأَغلقن عَلَيْهِ الْقَصْرَ، وإِذا امرأَة وَضِيئَةٌ فَدَعَتْهُ إِلى نَفْسِهَا فأَبى، فحُبس وَضُيِّقَ عَلَيْهِ حَتَّى كَادَ يَمُوتُ، ثُمَّ دَعَتْهُ إِلى نَفْسِهَا، فَقَالَ: أَما الْحَرَامُ فو الله لَا يَكُونُ ذَلِكَ وَلَكِنْ أَتزوّجك. فَتَزَوَّجَتْهُ وأَقام مَعَهَا زَمَانًا طَوِيلًا لَا يَخْرُجُ مِنَ الْقَصْرِ حَتَّى يُئس مِنْهُ، وَتَزَوَّجَ بَنُوهُ وَبَنَاتُهُ وَاقْتَسَمُوا مَالَهُ وأَقامت زَوْجَتُهُ تَبْكِي عَلَيْهِ حَتَّى عَمِشَتْ، ثُمَّ إِن أَبا دَهْبَلٍ قَالَ لامرأَته: إِنك قَدْ أَثمت فِيَّ وَفِي وَلَدِي وأَهلي، فأْذني لِي فِي الْمَصِيرِ إِليهم(4/241)
وأَعود إِليك. فأَخذت عَلَيْهِ الْعُهُودَ أَن لَا يُقِيمَ إِلا سَنَةً، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَقَدْ أَعطته مَالًا كَثِيرًا حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَهله، فرأَى حَالَ زَوْجَتِهِ وَمَا صَارَتْ إِليه مِنَ الضُّرِّ، فَقَالَ لأَولاده: أَنتم قَدْ وَرِثْتُمُونِي وأَنا حَيٌّ، وَهُوَ حَظُّكُمْ وَاللَّهِ لَا يُشْرِكُ زَوْجَتِي فِيمَا قَدِمْتُ بِهِ مِنْكُمْ أَحد، فَتَسَلَّمَتْ جَمِيعَ مَا أَتى بِهِ، ثُمَّ إِنه اشْتَاقَ إِلى زَوْجَتِهِ الشَّامِيَّةِ وأَراد الْخُرُوجَ إِليها، فَبَلَغَهُ مَوْتُهَا فأَقام وَقَالَ:
صاحِ حَيَّا الإِلَهُ حَيّاً ودُوراً، ... عِنْدَ أَصْلِ القَناةِ مِنْ جَيْرُونِ،
طالَ لَيْلِي وبِتُّ كالمَجْنُونِ، ... واعْتَرَتْنِي الهُمُومُ بالماطِرُونِ
عَنْ يَسارِي إِذا دَخَلْتُ من البابِ، ... وإِن كنتُ خَارِجًا عَنْ يَميني
فَلِتِلْكَ اغْتَرَبْتُ بالشَّامِ حَتَّى ... ظَنَّ أَهْلي مُرَجَّماتِ الظُّنُونِ
وهْيَ زَهْرَاءُ، مِثْلُ لُؤْلُؤَةِ ... الغَوَّاصِ، مِيْزَتْ مِنْ جوهرٍ مَكنُونِ
وإِذا مَا نَسَبْتَها، لَمْ تَجِدْها ... فِي سنَاءٍ مِنَ المَكارِم دونِ
تَجْعَلُ المِسْكَ واليَلَنْجُوجَ والنَّدَّ ... صِلاءً لَهَا عَلَى الكانُونِ
ثُمَّ خاصَرْتُها إِلى القُبَّةِ الخَضْراءِ ... تَمْشِي فِي مَرْمَرٍ مَسْنُونِ
قُبَّةٌ مِنْ مَراجِلٍ ضَرَبَتْها، ... عِنْدَ حدِّ الشِّتاء فِي قَيْطُونِ
ثُمَّ فارَقْتُها عَلَى خَيْرِ ما كانَ ... قَرِينٌ مُفارِقاً لِقَرِينِ
فبَكَتْ خَشْيَةَ التَّفَرُّقِ للبَيْنِ، ... بُكاءَ الحَزِين إِثْرَ الحَزِينِ
قَالَ: وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى مَا يَشْهَدُ أَيضاً بأَنه لأَبي دَهْبَلٍ أَن يَزِيدَ قَالَ لأَبيه مُعَاوِيَةَ: إِن أَبا دَهْبَلٍ ذَكَرَ رَمَلَةَ ابْنَتَكَ فَاقْتُلْهُ، فَقَالَ: أَيّ شَيْءٍ قَالَ؟ فَقَالَ: قَالَ:
وهي زهراء، مثل لؤلؤة ... الغَوّاص، مِيزَتْ مِنْ جَوْهَرٍ مَكْنُونِ
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَحسن، قَالَ: فَقَدْ قَالَ:
وإِذا مَا نَسَبْتَهَا، لَمْ تَجِدْهَا ... فِي سَنَاءٍ مِنَ الْمَكَارِمِ دُونِ
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: صَدَقَ؛ قَالَ: فَقَدْ قَالَ:
ثُمَّ خَاصَرْتُهَا إِلى الْقُبَّةِ الخضراء ... تَمْشِي فِي مَرْمَرٍ مَسْنُونِ
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: كَذَبَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ وَذِكْرِ صَلَاةِ الْعِيدِ
: فَخَرَجَ مُخاصِراً مَرْوانَ؛ الْمُخَاصَرَةُ: أَن يأْخذ الرَّجُلُ بِيَدِ رَجُلٍ آخَرَ يَتَمَاشَيَانِ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ خَصْرِ صَاحِبِهِ. وتَخَاصَرَ القومُ: أَخذ بَعْضُهُمْ بِيَدِ بَعْضٍ. وَخَرَجَ الْقَوْمُ مُتَخَاصِرِينَ إِذا كَانَ بَعْضُهُمْ آخِذًا بِيَدِ بَعْضٍ. والمِخْصَرَةُ: كَالسَّوْطِ، وَقِيلَ: الْمِخَصَرَةُ شَيْءٌ يأْخذه الرَّجُلُ بِيَدِهِ لِيَتَوَكَّأَ عَلَيْهِ مِثْلَ الْعَصَا وَنَحْوِهَا، وَهُوَ أَيضاً مِمَّا يأْخذه الملك يشير بِهِ إِذا خَطَبَ؛ قَالَ:
يَكادُ يُزِيلُ الأَرضَ وَقْعُ خِطابِهِمْ، ... إِذا وصَلُوا أَيْمانَهُمْ بالمَخاصِرِ
واخْتَصَرَ الرَّجُلُ: أَمسك المِخْصَرَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ إِلى الْبَقِيعِ وَبِيَدِهِ مِخْصَرَةٌ لَهُ فَجَلَسَ فَنَكَتَ بِهَا فِي الأَرض
؛ أَبو عُبَيْدٍ: المِخْصَرَةُ مَا اخْتَصَر الإِنسانُ بِيَدِهِ(4/242)
فأَمسكه مِنْ عَصًا أَو مِقْرَعَةٍ أَو عَنَزَةٍ أَو عُكَّازَةٍ أَو قَضِيبٍ وَمَا أَشبهها، وَقَدْ يتكأُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فإِذا أَسلموا فاسْأَلْهُمْ قُضُبَهُمُ الثلاثةَ الَّتِي إِذا تَخَصَّرُوا بِهَا سُجِدَ لَهُمْ
؛ أَي كَانُوا إِذا أَمسكوها بأَيديهم سَجَدَ لَهُمْ أَصحابهم، لأَنهم إِنما يُمْسِكُونَهَا إِذا ظَهَرُوا لِلنَّاسِ. والمِخْصَرَةُ: كَانَتْ مِنْ شِعَارِ الْمُلُوكِ، وَالْجَمْعُ الْمَخَاصِرُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ وَذَكَرَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: واخْتَصَرَ عَنَزَتَهُ
؛ الْعَنَزَةُ شِبْهَ الْعُكَّازَةِ. وَيُقَالُ: خاصَرْتُ الرجلَ وخازَمْتُه، وَهُوَ أَن تأْخذ فِي طَرِيقٍ ويأْخذ هُوَ فِي غَيْرِهِ حَتَّى تَلْتَقِيَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ. ابْنُ الأَعرابي: المُخَاصَرَةُ أَن يَمْشِيَ الرَّجُلَانِ ثُمَّ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَلْتَقِيَا عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ. واخْتِصارُ الْكَلَامِ: إِيجازه. وَالِاخْتِصَارُ فِي الْكَلَامِ: أَن تَدَعَ الْفُضُولَ وتَسْتَوْجِزَ الَّذِي يأْتي عَلَى الْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ الِاخْتِصَارُ فِي الطَّرِيقِ. وَالِاخْتِصَارُ فِي الجَزِّ: أَن لَا تستأْصله. والاختصارُ: حذفُ الْفُضُولِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والخُصَيْرَى: كَالِاخْتِصَارِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَفِي الخُصَيْرَى، أَنت عِنْدَ الوُدِّ ... كَهْفُ تَمِيم كُلِّها وسَعْدِ
والخَصَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: البَرْدُ يَجِدُهُ الإِنسان فِي أَطرافه. أَبو عُبَيْدٍ: الخَصِرُ الَّذِي يَجِدُ الْبَرْدَ، فإِذا كَانَ مَعَهُ جُوعٌ فَهُوَ خَرِصٌ. والخَصِرُ: البارِدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وثَغْرٌ بَارِدُ المُخَصَّرِ: المُقَبَّلِ. وخَصِرَ الرجلُ إِذا آلَمَهُ الْبَرْدُ فِي أَطرافه؛ يقال: خَصِرَتْ يَدِي. وخَصِرَ يَوْمُنَا: اشْتَدَّ برده؛ قال الشاعر:
رُبَّ خالٍ ليَ، لَوْ أَبْصَرْتَهُ، ... سَبِط المِشْيَةِ فِي اليومِ الخَصِر
وَمَاءٌ خَصِرٌ: بارِدٌ.
خضر: الخُضْرَةُ مِنَ الأَلوان: لَوْنُ الأَخْضَرِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَقْبَلُهُ، وَحَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي فِي الْمَاءِ أَيضاً، وَقَدِ اخْضَرَّ، وَهُوَ أَخْضَرُ وخَضُورٌ وخَضِرٌ وخَضِيرٌ ويَخْضِيرٌ ويَخْضُورٌ؛ واليَخْضُورُ: الأَخْضَرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ كِنَاسَ الوَحْشِ:
بالخُشْبِ، دونَ الهَدَبِ اليَخْضُورِ، ... مَثْواةُ عَطَّارِينَ بالعُطُورِ
والخَضْرُ والمَخْضُورُ: اسْمَانِ للرَّخْصِ مِنَ الشَّجَرِ إِذا قُطِعَ وخُضِرَ. أَبو عُبَيْدٍ: الأَخْضَرُ مِنَ الْخَيْلِ الدَّيْزَجُ فِي كَلَامِ الْعَجَمِ؛ قَالَ: وَمِنَ الخُضْرَةِ فِي أَلوان الْخَيْلِ أَخْضَرُ أَحَمُّ، وَهُوَ أَدنى اللخُضْرَةِ إِلى الدُّهْمَةِ وأَشَدُّ الخُضْرَةِ سَواداً غَيْرَ أَنَّ أَقْرابَهُ وَبَطْنَهُ وأُذنيه مُخْضَرَّةٌ؛ وأَنشد:
خَضْراء حَمَّاء كَلَوْنِ العَوْهَقِ
قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ الأَخضر الأَحمّ وَبَيْنَ الأَحوى إِلَّا خُضْرَةُ مَنْخَرَيْهِ وَشَاكِلَتُهُ، لأَن الأَحوى تَحْمَرُّ مَنَاخِرُهُ وَتَصْفَرُّ شَاكِلَتُهُ صُفْرَةً مُشَاكَلَةً لِلْحُمْرَةِ؛ قَالَ: وَمِنَ الْخَيْلِ أَخضر أَدغم وأَخضر أَطحل وأَخضر أَورق. والحمامُ الوُرْقُ يُقَالُ لَهَا: الخُضْرُ. واخْضَرَّ الشَّيْءُ اخْضِراراً واخْضَوْضَرَ وخَضَّرْتُه أَنا، وكلُّ غَضٍّ خَضِرٌ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً
؛ قال: خَضِراً هاهنا بِمَعْنَى أَخْضَر. يُقَالُ: اخْضَرَّ، فَهُوَ أَخْضَرُ وخَضِرٌ، مِثْلُ اعْوَرَّ فَهُوَ أَعور وعَوِرٌ؛ وَقَالَ الأَخفش: يُرِيدُ الأَخضر، كَقَوْلِ الْعَرَبِ: أَرِنِيها نَمِرةً أُرِكْها مَطِرَةً؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الخَضِرُ هاهنا الزَّرْعُ الأَخضر. وشَجَرَةٌ خَضْراءُ: خَضِرَةٌ غَضَّةٌ. وأَرض خَضِرَةٌ ويَخْضُورُ: كَثِيرَةُ(4/243)
الخُضْرَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الخُضَيْرَةُ تَصْغِيرُ الخُضْرَةِ، وَهِيَ النَّعْمَةُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: لَيْسَتْ لِفُلَانٍ بخَضِرَةٍ أَي لَيْسَتْ لَهُ بِحَشِيشَةٍ رَطْبَةٍ يأْكلها سَرِيعًا. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ أَخْضَرَ الشَّمَط، كَانَتِ الشَّعَرَاتُ الَّتِي شَابَتْ مِنْهُ قَدِ اخْضَرَّتْ بِالطِّيبِ والدُّهْن المُرَوَّح. وخَضِرَ الزرعُ خَضَراً: نَعِمَ؛ وأَخْضَرَهُ الرِّيُّ. وأَرضٌ مَخْضَرَةٌ، عَلَى مِثَالِ مَبْقَلَة: ذَاتُ خُضْرَةٍ؛ وَقُرِئَ: فتُصْبِحُ الأَرضُ مَخْضَرَةً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنه خَطَبَ بِالْكُوفَةِ فِي آخِرِ عُمْرِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ فَتَى ثَقِيفٍ الذّيَّالَ المَيَّالَ يَلْبَسُ فَرْوَتَهَا ويأْكل خَضِرَتَها
، يَعْنِي غَضَّها وناعِمَها وهَنِيئَها. وَفِي حَدِيثِ الْقَبْرِ:
يُملأُ عَلَيْهِ خَضِراً
؛ أَي نِعَماً غَضَّةً. واخْتَضَرْتُ الكَلأَ إِذا جَزَزْتَهُ وَهُوَ أَخْضَرُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ إِذا مَاتَ شَابًّا غَضّاً: قَدِ اخْتُضِرَ، لأَنه يُؤْخَذُ فِي وَقْتِ الحُسْنِ والإِشراق. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: مُدْهامَّتانِ؛ قَالُوا: خَضْراوَانِ لأَنهما تَضْرِبَانِ إِلى السَّوَادِ مِنْ شِدَّةِ الرِّيِّ، وَسَمِّيَتْ قُرَى الْعِرَاقِ سَواداً لِكَثْرَةِ شَجَرِهَا وَنَخِيلِهَا وَزَرْعِهَا. وَقَوْلُهُمْ: أَباد اللهُ خَضْراءَهُمْ أَي سوادَهم ومُعظَمَهُمْ، وأَنكره الأَصمعي وَقَالَ: إِنما يُقَالُ: أَباد اللَّهُ غَضْرَاءَهُمْ أَي خَيْرَهُمْ وغَضَارَتَهُمْ. واخْتُضِرَ الشيءُ: أُخذ طَرِيًّا غَضًّا. وشابٌّ مُخْتَضَرٌ: مَاتَ فَتِيًّا. وَفِي بَعْضِ الأَخبار: أَن شَابًّا مِنَ الْعَرَبِ أُولِعَ بِشَيْخٍ فَكَانَ كُلَّمَا رَآهُ قال: أَجْزَرْتَ يَا أَبا فُلَانٍ فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: أَي بُنَيَّ، وتُخْتَضَرُونَ أَي تُتَوَفَّوْنَ شَبَابًا؛ وَمَعْنَى أَجْزَزْتَ: أَنَى لَكَ أَن تُجَزَّ فَتَمُوتَ، وأَصل ذَلِكَ فِي النَّبَاتِ الْغَضِّ يُرْعى ويُخْتَضَرُ ويُجَزُّ فَيُؤْكَلُ قَبْلَ تَنَاهِي طُولِهِ. وَيُقَالُ: اخْتَضَرْتُ الْفَاكِهَةَ إِذا أَكلتها قَبْلَ أَناها. واخْتَضَرَ البعيرَ: أَخذه من الإِبل وهو صَعْبٌ لَمْ يُذَلَّل فَخَطَمَهُ وَسَاقَهُ. وَمَاءٌ أَخْضَرُ: يَضْرِبُ إِلى الخُضْرَةِ مِنْ صَفائه. وخُضارَةُ، بِالضَّمِّ: الْبَحْرُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِخُضْرَةِ مَائِهِ، وَهُوَ مُعْرِفَةٌ لَا يُجْرَى، تَقُولُ: هَذَا خُضَارَةُ طامِياً. ابْنُ السِّكِّيتِ: خُضارُ مَعْرِفَةٌ لَا يَنْصَرِفُ، اسْمُ الْبَحْرِ. والخُضْرَةُ والخَضِرُ والخَضِيرُ: اسْمٌ لِلْبَقْلَةِ الخَضْراءِ؛ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ رُؤْبَةَ:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا، ... نأْكُلُ بَعْدَ الخُضْرَةِ اليَبِيسَا
وَقَدْ قِيلَ إِنه وضع الاسم هاهنا مَوْضِعَ الصِّفَةِ لأَن الخُضْرَةَ لَا تُؤْكَلُ، إِنما يُؤْكَلُ الْجِسْمُ الْقَابِلُ لَهَا. وَالْبُقُولُ يُقَالُ لَهَا الخُضَارَةُ والخَضْرَاءُ، بالأَلف وَاللَّامِ؛ وَقَدْ ذَكَرَ طَرَفَةُ الخَضِرَ فَقَالَ:
كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا ... أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ
وَفِي فَصْلِ الصَّيْفِ تَنْبُتُ عَسالِيجُ الخَضِرِ مِنَ الجَنْبَةِ، لَهَا خَضَرٌ فِي الْخَرِيفِ إِذا بَرُدَ اللَّيْلُ وَتَرَوَّحَتِ الدَّابَّةُ، وَهِيَ الرَّيَّحَةُ والخِلْفَةُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ للخَضِرِ مِنَ الْبُقُولِ: الخَضْراءُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
تَجَنَّبُوا مِنْ خَضْرائكم ذَواتِ الرِّيحِ
؛ يَعْنِي الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ وَمَا أَشبهها. والخَضِرَةُ أَيضاً: الخَضْراءُ مِنَ النَّبَاتِ، وَالْجَمْعُ خَضِرٌ. والأَخْضارُ: جَمْعُ الخَضِرِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وَيُقَالُ للأَسود أَخْضَرُ. والخُضْرُ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، سُمُّوا بِذَلِكَ لخُضْرَةِ أَلوانهم؛ وإِياهم عَنَى الشَّمَّاخُ بِقَوْلِهِ:
وحَلَّأَها عَنْ ذِي الأَراكَةِ عامِرٌ، ... أَخُو الخُضْرِ يَرْمي حيثُ تُكْوَى النَّواحِزُ(4/244)
والخُضْرَةُ فِي أَلوان النَّاسِ: السُّمْرَةُ؛ قَالَ اللَّهَبِيُّ:
وأَنا الأَخْضَرُ، مَنْ يَعْرِفُني؟ ... أَخْضَرُ الجِلْدَةِ في بيتِ العَرَبْ
يَقُولُ: أَنا خَالِصٌ لأَن أَلوان الْعَرَبِ السُّمْرَةُ؛ التَّهْذِيبُ: فِي هَذَا الْبَيْتِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه أَراد أَسود الْجِلْدَةِ؛ قَالَ: قَالَهُ أَبو طَالِبٍ النَّحْوِيُّ، وَقِيلَ: أَراد أَنه مِنْ خَالِصِ الْعَرَبِ وَصَمِيمِهِمْ لأَن الْغَالِبَ عَلَى أَلوان الْعَرَبِ الأُدْمَةُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: نَسَبَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ لِلَّهَبِيِّ، وَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عُتْبَة بْنِ أَبي لَهَبٍ، وأَراد بِالْخُضْرَةِ سُمْرَةَ لَوْنِهِ، وإِنما يُرِيدُ بِذَلِكَ خُلُوصَ نَسَبِهِ وأَنه عَرَبِيٌّ مَحْضٌ، لأَن الْعَرَبَ تَصِفُ أَلوانها بِالسَّوَادِ وَتَصِفُ أَلوان الْعَجَمِ بِالْحُمْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بُعثت إِلى الأَحمر والأَسود
؛ وَهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي أَراده مِسْكِينُ الدَّارِمِيُّ فِي قَوْلِهِ:
أَنا مِسْكِينٌ لِمَنْ يَعْرِفُني، ... لَوْنِيَ السُّمْرَةُ أَلوانُ العَرَبْ
وَمِثْلُهُ قَوْلُ مَعْبَدِ بْنِ أَخْضَرَ، وَكَانَ يُنْسَبُ إِلى أَخْضَرَ، وَلَمْ يَكُنْ أَباه بَلْ كَانَ زَوْجَ أُمه، وإِنما هُوَ مَعْبَدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ:
سَأَحْمِي حِماءَ الأَخْضَرِيِّينَ، إِنَّهُ ... أَبى الناسُ إِلا أَن يَقُولُوا ابْنَ أَخْضَرا
وَهَلْ لِيَ فِي الحُمْرِ الأَعاجِمِ نِسْبَةٌ، ... فآنَفَ مِمَّا يَزْعُمُونَ وأُنْكِرا؟
وَقَدْ نَحَا هَذَا النَّحْوَ أَبو نُوَاسٍ فِي هِجَائِهِ الرَّقَاشِيَّ وَكَوْنِهِ دَعِيّاً:
قلتُ يوماً للرَّقاشِيِّ، ... وَقَدْ سَبَّ الْمَوَالِيَ:
مَا الذي نَحَّاكَ عن ... أَصْلِكَ مِنْ عَمٍّ وخالِ؟
قَالَ لِي: قَدْ كنتُ مَوْلًى ... زَمَناً ثُمَّ بَدَا لِي
أَنا بالبَصْرَةِ مَوْلًى، ... عَرَبِيٌّ بالجبالِ
أَنا حَقّاً أَدَّعِيهِمْ ... بِسَوادِي وهُزالي
والخَضِيرَةُ مِنَ النَّخْلِ: الَّتِي يَنْتَثِرُ بُسْرُها وَهُوَ أَخضر؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ اشْتِرَاطِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ:
أَنه لَيْسَ لَهُ مِخْضَارٌ
؛ المِخضارُ: أَن يَنْتَثِرَ الْبُسْرُ أَخْضَرَ. والخَضِيرَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي لَا تَكَادُ تُتِمُّ حَمْلًا حَتَّى تُسْقِطَه؛ قَالَ:
تَزَوَّجْتَ مِصْلاخاً رَقُوباً خَضِيرَةً، ... فَخُذْها عَلَى ذَا النَّعْتِ، إِن شِئتَ، أَوْ دَعِ
والأُخَيْضِرُ: ذبابٌ أَخْضَرُ عَلَى قَدْرِ الذِّبَّان السُّودِ. والخَضْراءُ مِنَ الْكَتَائِبِ نَحْوَ الجَأْواءِ، وَيُقَالُ: كَتِيبَةٌ خَضْراءٌ لِلَّتِي يَعْلُوهَا سَوَادُ الْحَدِيدِ. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:
مَرَّ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي كَتِيبَتِهِ الْخَضْرَاءِ
؛ يُقَالُ: كَتِيبَةٌ خَضْرَاءُ إِذا غَلَبَ عَلَيْهَا لِبْسُ الْحَدِيدِ، شَبَّهَ سَوَادَهُ بالخُضْرَةِ، وَالْعَرَبُ تُطْلِقُ الْخُضْرَةَ عَلَى السَّوَادِ. وفي حديث
الحرث بْنِ الحَكَمِ: أَنه تَزَوَّجَ امرأَة فَرَآهَا خَضْراءَ فَطَلَّقَهَا
أَي سَوْدَاءَ. وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ:
أُبيدَتْ خَضْراءُ قُرَيْشٍ
؛ أَي دُهَمَاؤُهُمْ وسوادُهم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فَأُبِيدَتْ خَضْراؤهُمْ.
والخَضْراءُ: السَّمَاءُ لخُضْرَتِها؛ صِفَةٌ غَلَبَتْ غَلَبَةَ الأَسماء. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَظَلَّتِ الخَضْراءُ وَلَا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبي ذَرٍّ
؛ الخَضْراءُ: السَّمَاءُ، وَالْغَبْرَاءُ: الأَرض.(4/245)
التَّهْذِيبُ: وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الْحَدِيدَ أَخضر وَالسَّمَاءَ خَضْرَاءَ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ أَخْضَرُ الْقَفَا، يَعْنُونَ أَنه وَلَدَتْهُ سَوْدَاءُ. وَيَقُولُونَ لِلْحَائِكِ: أَخْضَرُ الْبَطْنِ لأَن بَطْنَهُ يَلْزَقُ بِخَشَبَتِهِ فَتُسَوِّدُه. وَيُقَالُ لِلَّذِي يأْكل الْبَصَلَ وَالْكُرَّاثَ: أَخْضَرُ النَّواجِذِ. وخُضْرُ غَسَّانَ وخُضْرُ مُحارِبٍ: يُرِيدُونَ سَوَادَ لَونهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ خُضِّرَ لَهُ فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْه
؛ أَي بِوِرْكَ لَهُ فِيهِ وَرُزِقَ مِنْهُ، وَحَقِيقَتُهُ أَن تَجْعَلَ حَالَتَهُ خَضْرَاءَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِذا أَراد اللَّهُ بِعَبْدٍ شَرًّا أَخْضَرَ لَهُ فِي اللَّبِنِ وَالطِّينِ حَتَّى يَبْنِيَ.
والخَضْرَاءُ مِنَ الحَمَامِ: الدَّواجِنُ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلوانها، لأَن أَكثر أَلوانها الْخُضْرَةُ. التَّهْذِيبُ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الدَّوَاجِنُ الخُضْرَ، وإِن اخْتَلَفَتْ أَلوانها، خُصُوصًا بِهَذَا الِاسْمِ لِغَلَبَةِ الوُرْقَةِ عَلَيْهَا. التَّهْذِيبُ: وَمِنَ الْحَمَامِ مَا يَكُونُ أَخضر مُصْمَتاً، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ أَحمر مُصْمَتًا، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ أَبيض مُصْمَتًا، وضُروبٌ مِنْ ذَلِكَ كُلُّها مُصْمَتٌ إِلا أَن الْهِدَايَةَ للخُضْرِ والنُّمْرِ، وسُودُها دُونَ الخُضْرِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَعْرِفَةِ. وأَصلُ الخُضْرَةِ للرَّيْحان وَالْبُقُولِ ثُمَّ قَالُوا لَلَيْلٌ أَخضر، وأَما بِيضُ الْحَمَامِ فَمَثَلُهَا مَثَلُ الصِّقْلابيِّ الَّذِي هُوَ فَطِيرٌ خامٌ لَمْ تُنْضِجْهُ الأَرحام، والزَّنْجُ جازَتْ حَدَّ الإِنضاج حَتَّى فَسَدَتْ عُقُولُهُمْ. وخَضْرَاءُ كُلِّ شَيْءٍ: أَصلُه. واخْتَضَرَ الشيءَ: قَطَعَهُ مِنْ أَصله. واخْتَضَرَ أُذُنَهُ: قَطَعَهَا مِنْ أَصلها. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: اخْتَضَرَ أُذنه قَطَعَهَا. وَلَمْ يَقُلْ مِنْ أَصلها. الأَصمعي: أَبادَ اللهُ «2» . خَضْراءَهُم أَي خَيْرَهُمْ وغَضَارَتَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَباد اللَّهُ خَضْرَاءَهُم، قَالَ: وأَنكرها الأَصمعي وَقَالَ إِنما هِيَ غَضْراؤُهم. الأَصمعي: أَباد اللَّهُ خَضْراءَهم، بِالْخَاءِ، أَي خِصْبَهُمْ وسَعَتَهُمْ؛ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ:
بِخالِصَةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ
أَراد بِهِ سَعَةَ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الخِصْبِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَذهب اللَّهُ نَعِيمَهُمْ وخِصْبَهم؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ عُتبة بْنِ أَبي لَهَبٍ:
وأَنا الأَخضر، مَنْ يَعْرِفُنِي؟ ... أَخضر الْجِلْدَةِ فِي بَيْتِ الْعَرَبِ
قَالَ: يُرِيدُ بِاخْضِرَارِ الْجِلْدَةِ الْخِصْبُ وَالسَّعَةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَباد اللَّهُ خَضْرَاءَهُمْ أَي سَوَادَهُمْ وَمُعْظَمَهُمْ. والخُضْرَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ: سَوَادٌ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
يَا ناقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا، ... وقَلِّبي مَنْسِمَكِ المُغْبَرَّا،
وعارِضِي الليلَ إِذا مَا اخْضَرَّا
أَراد أَنه إِذا مَا أَظلم. الْفَرَّاءُ: أَباد اللَّهُ خَضْرَاءَهُمْ أَي دُنْيَاهُمْ، يُرِيدُ قَطَعَ عَنْهُمُ الْحَيَاةَ. والخُضَّارَى: الرِّمْثُ إِذا طَالَ نَبَاتُهُ، وإِذا طَالَ الثُّمامُ عَنِ الحُجَنِ سُمِّيَ خَضِرَ الثُّمامِ ثُمَّ يَكُونُ خَضِراً شَهْرًا. والخَضِرَةُ: بُقَيْلَةٌ، وَالْجَمْعُ خَضِرٌ؛ قَالَ ابنُ مُقْبل:
يَعْتادُها فُرُجٌ مَلْبُونَةٌ خُنُفٌ، ... يَنْفُخْنَ فِي بُرْعُمِ الحَوْذَانِ والخَضِرِ
والخَضِرَةُ: بَقْلَةٌ خَضْرَاءُ خَشْنَاءُ وَرَقُهَا مِثْلُ وَرَقِ الدُّخْنِ وَكَذَلِكَ ثَمَرَتُهَا، وَتَرْتَفِعُ ذِرَاعًا، وَهِيَ تملأُ فَمَ الْبَعِيرِ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن أَخْوَفَ مَا أَخاف عَلَيْكُمُ بَعْدِي مَا يَخْرُجُ لَكُمْ مِنْ
__________
(2) . قوله: [الأصمعي أباد الله إلخ] هكذا بالأصل، وعبارة شرح القاموس: ومنه قولهم أَبَادَ اللَّهُ خَضْرَاءَهُمْ أَي سَوَادَهُمْ وَمُعْظَمَهُمْ، وَأَنْكَرَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَقَالَ: إِنَّمَا يُقَالُ أَبَادَ اللَّهُ غَضْرَاءَهُمْ أَيْ خَيْرَهُمْ وغضارتهم. وقال الزمخشري: أَبَادَ اللَّهُ خَضْرَاءَهُمْ أَيْ شجرتهم التي منها تفرعوا، وجعله من المجاز، وقال الفراء أَيْ دُنْيَاهُمْ، يُرِيدُ قَطَعَ عنهم الحياة؛ وقال غيره أَذْهَبَ اللَّهُ نَعِيمَهُمْ وَخِصْبَهُمْ(4/246)
زَهْرَةِ الدُّنْيَا، وإِن مِمَّا يُنْبِتُ الربيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الخَضِرِ، فإِنها أَكَلَتْ حَتَّى إِذا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ، وإِنما هَذَا المالُ خَضِرٌ حُلْوٌ، ونِعْمَ صاحبُ المُسْلِمِ هُوَ أَن أَعطى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ
؛ وَتَفْسِيرُهُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، قَالَ: والخَضِرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ضَرْبٌ مِنَ الجَنْبَةِ، وَاحِدَتُهُ خَضِرَةٌ، والجَنْبَةُ مِنَ الكلإِ: مَا لَهُ أَصل غَامِضٌ فِي الأَرض مِثْلُ النَّصِيّ والصِّلِّيانِ، وَلَيْسَ الخَضِرُ مِنْ أَحْرَارِ البُقُول الَّتِي تَهِيج فِي الصَّيْفِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا حَدِيثٌ يَحْتَاجُ إِلى شَرْحِ أَلفاظه مُجْتَمِعَةً، فإِنه إِذا فُرِّقَ لَا يَكَادُ يُفْهَمُ الْغَرَضَ مِنْهُ. الحبَط، بِالتَّحْرِيكِ: الْهَلَاكُ، يُقَالُ: حَبِطَ يَحْبَطُ حَبَطاً، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَاءِ؛ ويُلِمُّ: يَقْرُبُ وَيَدْنُو مِنَ الْهَلَاكِ، والخَضِرُ، بِكَسْرِ الضَّادِ: نَوْعٌ مِنَ الْبُقُولِ لَيْسَ مِنْ أَحرارها وجَيِّدها؛ وثَلَطَ البعيرُ يَثْلِطُ إِذا أَلقى رَجِيعَهُ سَهْلًا رَقِيقًا؛ قَالَ: ضَرَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَثَلَيْنِ: أَحدهما للمُفْرِط فِي جَمْعِ الدُّنْيَا وَالْمَنْعِ مِنْ حَقِّهَا، وَالْآخَرُ لِلْمُقْتَصِدِ فِي أَخذها وَالنَّفْعِ بِهَا، فَقَوْلُهُ
إِن مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَو يلمُ
فإِنه مَثَلٌ لِلْمُفَرِطِ الَّذِي يأْخذ الدُّنْيَا بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَذَلِكَ لأَن الرَّبِيعَ يُنْبِتُ أَحرار الْبُقُولِ فَتَسْتَكْثِرُ الْمَاشِيَةُ مِنْهُ لَاسْتَطَابَتِهَا إِياه حَتَّى تَنْتَفِخَ بُطُونُهَا عِنْدَ مُجَاوَزَتِهَا حَدَّ الِاحْتِمَالِ، فَتَنْشَقُّ أَمعاؤها مِنْ ذَلِكَ فَتَهْلِكُ أَو تُقَارِبُ الْهَلَاكَ، وَكَذَلِكَ الَّذِي يَجْمَعُ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا وَيَمْنَعُهَا مُسْتَحِقَّهَا، قَدْ تَعَرَّضَ لِلْهَلَاكِ فِي الْآخِرَةِ بِدُخُولِ النَّارِ، وَفِي الدُّنْيَا بأَذى النَّاسِ لَهُ وَحَسَدِهِمْ إِياه وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنواع الأَذى؛ وأَما قَوْلُهُ
إِلا آكِلَةَ الْخَضِرِ
فإِنه مَثَلٌ لِلْمُقْتَصِدِ وَذَلِكَ أَن الخَضِرَ لَيْسَ مِنْ أَحرار الْبُقُولِ وَجَيِّدِهَا الَّتِي يُنْبِتُهَا الرَّبِيعُ بِتَوَالِي أَمطاره فَتَحْسُنُ وتَنْعُمُ، وَلَكِنَّهُ مِنَ الْبُقُولِ الَّتِي تَرْعَاهَا الْمَوَاشِي بَعْدَ هَيْجِ البُقُول ويُبْسِها حَيْثُ لَا تَجِدُ سِوَاهَا، وَتُسَمِّيهَا العربُ الجَنْبَةَ فَلَا تَرَى الْمَاشِيَةَ تُكْثِرُ مِنْ أَكلها وَلَا تَسْتَمْرِيها، فَضَرَبَ آكلةَ الخَضِرِ مِنَ الْمَوَاشِي مَثَلًا لِمَنْ يَقْتَصِرُ فِي أَخذ الدُّنْيَا وَجَمْعِهَا، وَلَا يَحْمِلُهُ الْحِرْصُ عَلَى أَخذها بِغَيْرِ حَقِّهَا، فَهُوَ يَنْجُو مِنْ وَبَالِهَا كَمَا نَجَتْ آكِلَةُ الْخَضِرِ، أَلا تَرَاهُ قَالَ:
أَكَلَتْ حَتَّى إِذا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ؟
أَراد أَنها إِذا شَبِعَتْ مِنْهَا بَرَكَتْ مُسْتَقْبِلَةً عَيْنَ الشَّمْسِ تَسْتَمِرِّي بِذَلِكَ مَا أَكلت وتَجْتَرُّ وتَثْلِطُ، فإِذا ثَلَطَتْ فَقَدْ زَالَ عَنْهَا الحَبَطُ، وإِنما تَحْبَطُ الْمَاشِيَةُ لأَنها تَمْتَلِئُ بُطُونُهَا وَلَا تَثْلِطُ وَلَا تَبُولُ فَتَنْتَفِخُ أَجوافها فَيَعْرِضُ لَهَا المَرَضُ فَتَهْلِكُ، وأَراد بِزَهْرَةِ الدُّنْيَا حُسْنَهَا وَبَهْجَتَهَا، وَبِبَرَكَاتِ الأَرض نماءَها وَمَا تُخْرِجُ مِنْ نَبَاتِهَا. والخُضْرَةُ فِي شِيات الْخَيْلِ: غُبْرَةٌ تُخَالِطُ دُهْمَةً، وَكَذَلِكَ فِي الإِبل؛ يُقَالُ: فَرَسٌ أَخْضَرُ، وَهُوَ الدَّيْزَجُ. والخُضَارِيُّ: طَيْرٌ خُضْرٌ يُقَالُ لَهَا القارِيَّةُ، زَعَمَ أَبو عُبَيْدٍ أَن الْعَرَبَ تُحِبُّهَا، يُشَبِّهُونَ الرَّجُلَ السَّخِيَّ بِهَا؛ وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ عَنْ صَاحِبِ الْعَيْنِ أَنهم يَتَشَاءَمُونَ بِهَا. والخُضَّارُ: طَائِرٌ مَعْرُوفٌ، والخُضَارِيُّ: طَائِرٌ يُسَمَّى الأَخْيَلَ يُتَشَاءَمُ بِهِ إِذا سَقَطَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرٍ، وَهُوَ أَخضر، فِي حَنَكِه حُمْرَةٌ، وَهُوَ أَعظم مِنَ القَطا. وَوَادٍ خُضَارٌ: كَثِيرُ الشَّجَرِ. وَقَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِياكم وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، قِيلَ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: المرأَة الْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ السَّوْءِ
؛ شَبَّهَهَا بِالشَّجَرَةِ النَّاضِرَةِ فِي دِمْنَةِ البَعَرِ، وأَكلُها داءٌ، وَكُلُّ مَا يَنْبُتُ فِي الدِّمْنَةِ وإِن كَانَ(4/247)
نَاضِرًا، لَا يَكُونُ ثَامِرًا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد فَسَادَ النَّسَبِ إِذا خِيفَ أَن تَكُونَ لِغَيْرِ رِشْدَةٍ، وأَصلُ الدِّمَنِ مَا تُدَمِّنُهُ الإِبل وَالْغَنَمُ مِنْ أَبعارها وأَبوالها، فَرُبَّمَا نَبَتَ فِيهَا النَّبَاتُ الحَسَنُ النَّاضِرُ وأَصله فِي دِمْنَةٍ قَذِرَةٍ؛ يَقُولُ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ: فَمَنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ ومَنْبِتُها فاسدٌ؛ قَالَ زُفَرُ بنُ الْحَرْثِ:
وَقَدْ يَنْبُتُ المَرْعَى عَلَى دِمَنِ الثَّرى، ... وتَبْقَى حَزَازاتُ النّفُوس كَمَا هِيا
ضَرَبَهُ مَثَلًا لِلَّذِي تَظْهَرُ مَوَدَّتُهُ، وَقَلْبُهُ نَغِلٌ بِالْعَدَاوَةِ، وضَرَبَ الشجرةَ الَّتِي تَنْبُتُ فِي الْمَزْبَلَةِ فَتَجِيءُ خَضِرَةً نَاضِرَةً، ومَنْبِتُها خَبِيثٌ قَذِرٌ، مثلَا للمرأَة الْجَمِيلَةِ الْوَجْهِ اللَّئِيمَةِ المَنْصِب. والخُضَّارَى، بِتَشْدِيدِ الضَّادِ: نَبْتٌ، كَمَا يَقُولُونَ شُقَّارَى لنَبْتٍ وخُبَّازَى وَكَذَلِكَ الحُوَّارَى. الأَصمعي: زُبَّادَى نَبْتٌ، فَشَدَّدَهُ الأَزهري، وَيُقَالُ زُبَّادٌ أَيضاً. وبَيْعُ المُخاضَرَةِ المَنْهِيِّ عَنْهَا: بيعُ الثِّمارِ وَهِيَ خُضْرٌ لَمْ يَبْدُ صلاحُها، سُمِّيَ ذَلِكَ مُخاضَرَةً لأَن الْمُتَبَايِعَيْنِ تَبَايَعَا شَيْئًا أَخْضَرَ بَيْنَهُمَا، مأْخوذٌ مِنَ الخُضْرَةِ. والمخاضرةُ: بيعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَن يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَهِيَ خُضْرٌ بَعْدُ، وَنَهَى عَنْهُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ بَيْعُ الرِّطابِ والبُقُولِ وأَشباهها وَلِهَذَا كَرِهَ بَعْضُهُمْ بَيْعَ الرِّطاب أَكثَرَ مِنْ جَزِّه وأَخْذِهِ. وَيُقَالُ لِلزَّرْعِ: الخُضَّارَى، بِتَشْدِيدِ الضَّادِ، مِثْلُ الشُّقَّارَى. وَالْمُخَاضَرَةُ: أَن يَبِيعَ الثِّمَارَ خُضْراً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا. والخَضَارَةُ، بِالْفَتْحِ: اللَّبَنُ أُكْثِرَ ماؤُه؛ أَبو زَيْدٍ: الخَضَارُ مِنَ اللَّبَنِ مِثْلَ السَّمَارِ الَّذِي مُذِقَ بِمَاءٍ كَثِيرٍ حَتَّى اخْضَرَّ، كَمَا قال الراجز:
جاؤوا بِضَيْحٍ، هَلْ رأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟
أَراد اللَّبَنَ أَنه أَورق كَلَوْنِ الذِّئْبِ لِكَثْرَةِ مَائِهِ حَتَّى غَلَبَ بياضَ لَوْنِ اللَّبَنِ. وَيُقَالُ: رَمَى اللهُ فِي عَيْنِ فُلَانٍ بالأَخْضَرِ، وَهُوَ دَاءٌ يأْخذ الْعَيْنَ. وَذَهَبَ دَمُهُ خِضْراً مِضْراً، وَذَهَبَ دَمُهُ بِطْراً أَي ذَهَبَ دَمُهُ بَاطِلًا هَدَراً، وَهُوَ لَكَ خَضِراً مَضِراً أَي هَنِيئًا مَرِيئًا، وخَضْراً لَكَ ومَضْراً أَي سُقْيًا لَكَ ورَعْياً؛ وَقِيلَ: الخِضْرُ الغَضُّ والمِضْرُ إِتباع. وَالدُّنْيَا خَضِرَةٌ مَضِرَة أَي نَاعِمَةٌ غَضةٌ طَرِيَّةٌ طَيِّبَةٌ، وَقِيلَ: مُونِقَة مُعْجِبَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ مَضِرَةٌ فَمَنْ أَخذها بِحَقِّهَا بُورِكَ لَهُ فِيهَا
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عُمَرَ: اغْزُوا والغَزْوُ حُلْوٌ خَضِرٌ
أَي طريُّ محبوبٌ لِمَا يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ النَّصْرِ وَيُسَهِّلُ مِنَ الْغَنَائِمِ. والخَضَارُ: اللَّبَنُ الَّذِي ثُلْثَاهُ مَاءٌ وَثُلْثُهُ لَبَنٌ، يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ اللَّبَنِ حَقِينِهِ وَحَلِيبِهِ، وَمِنْ جَمِيعِ الْمَوَاشِي، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَضْرِبُ إِلى الْخُضْرَةِ، وَقِيلَ: الخَضَارُ جَمْعٌ، وَاحِدَتُهُ خَضَارَةٌ، والخَضَارُ: البَقْلُ الأَول، وَقَدْ سَمَّتْ أَخْضَرَ وخُضَيْراً. والخَضِرُ: نَبيُّ مُعَمَّرٌ مَحْجُوبٌ عَنِ الأَبصار.
ابْنُ عَبَّاسٍ: الخَضِرُ نَبِيٌّ مِنْ بَنِي إِسرائيل، وَهُوَ صَاحِبُ مُوسَى، صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ، الَّذِي الْتَقَى مَعَهُ بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ.
ابْنُ الأَنباري: الخَضِرُ عَبْدٌ صَالِحٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى. أَهلُ الْعَرَبِيَّةِ: الخَضِرُ، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ؛ وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: جَلَسَ عَلَى فَرْوَةٍ بَيْضَاءَ فإِذا هِيَ تَهْتَزُّ خَضْرَاءَ
، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ إِذا جَلَسَ فِي مَوْضِعٍ قَامَ وَتَحْتَهُ رَوْضَةٌ تَهْتَزُّ؛
وَعَنْ مُجَاهِدٍ: كَانَ إِذا صَلَّى فِي مَوْضِعٍ اخْضَرَّ مَا حَوْلَهُ
، وَقِيلَ: مَا تَحْتَهُ، وَقِيلَ: سُمِّيَ خَضِرًا لِحُسْنِهِ وإِشراق وَجْهِهِ(4/248)
تَشْبِيهًا بِالنَّبَاتِ الأَخضر الْغَضِّ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ الخِضْر، كَمَا يُقَالُ كَبِدٌ وكِبْدٌ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ أَفصح. وَقِيلَ فِي الْخَبَرِ:
مَنْ خُضِّرَ لَهُ فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْهُ
؛ مَعْنَاهُ مَنْ بُورِكَ لَهُ فِي صِنَاعَةٍ أَو حِرْفَةٍ أَو تِجَارَةٍ فَلْيَلْزَمْهَا. وَيُقَالُ للدَّلْوِ إِذا اسْتُقِيَ بِهَا زَمَانًا طَوِيلًا حَتَّى اخْضَرَّتْ: خَضْراءُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تمطَّى مِلَاطاه بخَضْراءَ فَرِي، ... وإِن تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الأَمْرُ بَيْنَنَا أَخْضَرُ أَي جَدِيدٌ لَمْ تَخْلَقِ المَوَدَّةُ بَيْنَنَا، وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَدْ أَعْسَفَ النَّازِحُ المَجْهُولُ مَعْسَفُهُ، ... فِي ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ
والخُضْرِيَّةُ: نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ أَخضر كأَنه زُجَاجَةٌ يَسْتَظْرِفُ لِلَوْنِهِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. التَّهْذِيبُ: الخُضْرِيَّةُ نَخْلَةٌ طَيِّبَةُ التَّمْرِ خَضْرَاءُ؛ وأَنشد:
إِذا حَمَلَتْ خُضْريَّةٌ فَوْقَ طابَةٍ، ... ولِلشُّهْبِ قَصْلٌ عِنْدَها والبَهازِرِ
قَالَ الْفَرَّاءُ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ لسَعَفِ النَّخْلِ وَجَرِيدِهِ الأَخْضَرِ: الخَضَرُ؛ وأَنشد: «1» .
تَظَلُّ يومَ وِرْدِها مُزَعْفَرَا، ... وَهِيَ خَنَاطِيلُ تَجُوسُ الخَضَرَا
وَيُقَالُ: خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النخلِ بِمِخْلَبِهِ يَخْضُرُه خَضْراً واخْتَضَرَهُ يَخْتَضِرُه إِذا قَطَعَهُ. وَيُقَالُ: اخْتَضَرَ فلانٌ الجاريةَ وابْتَسَرها وابْتَكَرَها وَذَلِكَ إِذا اقْتَضَّها قَبْلَ بُلُوغِهَا. وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ فِي الخَضْرَاواتِ صَدَقَةً؛ يَعْنِي بِهِ الْفَاكِهَةَ الرَّطْبَةَ وَالْبُقُولَ، وَقِيَاسُ مَا كَانَ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ مِنَ الصِّفَاتِ أَن لَا يُجْمَعُ هَذَا الْجَمْعَ، وإِنما يُجْمَعُ بِهِ مَا كَانَ اسْمًا لَا صِفَةً، نَحْوُ صَحْراء وخُنْفُسَاءَ، وإِنما جَمَعَهُ هَذَا الْجَمْعَ لأَنه قَدْ صَارَ اسْمًا لِهَذِهِ الْبُقُولِ لَا صِفَةً، تَقُولُ الْعَرَبُ لِهَذِهِ الْبُقُولِ: الخَضْراء، لَا تُرِيدُ لَوْنَهَا؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: جَمَعَهُ جَمْعَ الأَسماء كَوَرْقَاءَ ووَرْقاواتٍ وبَطْحاءَ وبَطْحاوَاتٍ، لأَنها صِفَةٌ غَالِبَةٌ غَلَبَتْ غلبةَ الأَسماء. وَفِي الْحَدِيثِ: أُتَي بِقِدْر فِيهِ خَضِرَاتٌ؛ بِكَسْرِ الضَّادِ، أَي بُقُول، وَاحِدُهَا خَضِر. والإِخْضِيرُ: مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ الْمَدِينَةِ وتَبُوك. وأَخْضَرُ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ: منزلٌ قرِيب مِنْ تَبُوكَ نَزَلَهُ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عِنْدَ مسيره إِليها.
خطر: الخاطِرُ: مَا يَخْطُرُ فِي الْقَلْبِ مِنْ تَدْبِيرٍ أَو أَمْرٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الْخَاطِرُ الْهَاجِسُ، وَالْجَمْعُ الْخَوَاطِرُ، وَقَدْ خَطَرَ بِبَالِهِ وَعَلَيْهِ يَخْطِرُ ويَخْطُرُ، بِالضَّمِّ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، خُطُوراً إِذا ذَكَرَهُ بَعْدَ نِسْيَانٍ. وأَخْطَرَ اللَّهُ بِبَالِهِ أَمْرَ كَذَا، وَمَا وَجَدَ لَهُ ذِكْراً إِلَّا خَطْرَةً؛ وَيُقَالُ: خَطَر بِبَالِي وَعَلَى بَالِي كَذَا وَكَذَا يَخْطُر خُطُوراً إِذا وَقَعَ ذَلِكَ فِي بَالِكَ ووَهْمِك. وأَخْطَرَهُ اللهُ بِبَالِي؛ وخَطَرَ الشيطانُ بَيْنَ الإِنسان وَقَلْبِهِ: أَوصل وَسْواسَهُ إِلى قَلْبِهِ. وَمَا أَلقاه إِلَّا خَطْرَةً بَعْدَ خَطْرَةٍ أَي فِي الأَحيان بَعْدَ الأَحيان، وَمَا ذَكَرْتُهُ إِلَّا خَطْرَةً وَاحِدَةً. ولَعِبَ الخَطْرَةَ بالمِخْراق. والخَطْرُ: مَصْدَرُ خَطَرَ الفحلُ بِذَنْبِهِ يَخْطِرُ خَطْراً وخَطَراناً وخَطِيراً: رَفَعَهُ مَرَّةً بعد مرة، وضرب به حاذيْهِ، وَهُمَا مَا ظَهَرَ مِنَ فَخِذيْه حيث
__________
(1) . قوله: [وأَنشد إلخ] هو لِسَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ، يُخَاطِبُ أَخاه مالكاً كما في الصحاح(4/249)
يَقَعُ شَعَرُ الذَّنَبِ، وَقِيلَ: ضَرَبَ بِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا. وناقةٌ خَطَّارَةٌ: تَخْطِرُ بِذَنْبِهَا. والخَطِيرُ والخِطَارُ: وَقْعُ ذَنَبِ الْجَمَلِ بَيْنَ وَرِكَيْهِ إِذا خَطَرَ؛ وأَنشد:
رَدَدْنَ فَأَنْشَفْنَ الأَزِمَّةَ بعد ما ... تَحَوَّبَ، عَنْ أَوْراكِهِنَّ، خَطِيرُ
والخاطِرُ: المُتَبَخْتِرُ؛ يُقَالُ: خَطَرَ يَخْطِرُ إِذا تَبَخْتَرَ. والخَطِيرُ والخَطَرَانُ عِنْدَ الصَّوْلَةِ والنَّشَاطِ، وَهُوَ التَّصَاوُل وَالْوَعِيدُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
بالُوا مَخافَتَهُمْ عَلَى نِيرانِهِمْ، ... واسْتَسْلَمُوا، بَعْدَ الخَطِيرِ، فَأُخْمِدُوا
التَّهْذِيبُ: وَالْفَحْلُ يَخْطِرُ بِذَنَبِهِ عِنْدَ الْوَعِيدِ مِنَ الخُيَلاءِ. وَفِي حَدِيثِ مَرْحَبٍ: فَخَرَجَ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ أَي يَهُزُّهُ مُعْجباً بِنَفْسِهِ مُتَعَرِّضاً لِلْمُبَارَزَةِ، أَو أَنه كَانَ يَخْطِرُ فِي مَشْيِهِ أَي يَتَمَايَلُ وَيَمْشِي مِشْيَةَ المُعْجبِ وَسَيْفُهُ فِي يَدِهِ، يَعْنِي كَانَ يَخْطِرُ وَسَيْفُهُ مَعَهُ، وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ. والناقةُ الخَطَّارَةُ: تَخْطِرُ بِذَنَبِهَا فِي السَّيْرِ نَشَاطًا. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ: وَاللَّهِ مَا يَخْطِرُ لَنَا جُمَلٌ؛ أَي مَا يُحَرِّكُ ذَنَبَهُ هُزَالًا لِشِدَّةِ القَحْطِ والجَدْبِ؛ يُقَالُ: خَطَرَ البعيرُ بِذَنَبِهِ يَخْطِرُ إِذا رَفَعَهُ وحَطَّهُ، وإِنما يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّبَعِ والسِّمَنِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدُ الْمَلِكِ لَمَّا قَتَلَ عَمْرو بْنَ سَعِيدٍ: وَاللَّهِ: لَقَدْ قَتَلْتُه، وإِنه لأَعز عَلَيَّ مِنْ جِلْدَةِ مَا بَيْنَ عَيْنَيَّ، وَلَكِنْ لَا يَخْطِرُ فحلانِ فِي شَوْلٍ؛ وَفِي قَوْلِ الْحَجَّاجِ لَمَّا نَصَبَ المِنْجَنيقَ عَلَى مَكَّةَ:
خَطَّارَةٌ كالجَمَلِ الفَنِيقِ
شَبَّهَ رَمْيَهَا بِخَطَرَانِ الْفَحْلِ. وَفِي حَدِيثِ سُجُودِ السَّهْوِ:
حَتَّى يَخْطِرَ الشيطانُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ
؛ يُرِيدُ الْوَسْوَسَةَ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
قَامَ نَبِيُّ اللَّهِ يَوْمًا يُصَلِّي فَخَطَر خَطْرَةً، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: إِن لَهُ قَلْبَيْنِ.
والخَطِيرُ: الْوَعِيدُ وَالنَّشَاطُ؛ وَقَوْلُهُ:
هُمُ الجَبَلُ الأَعْلَى، إِذا مَا تَنَاكَرَتْ ... مُلُوكُ الرِّجالِ، أَو تَخاطَرَتِ البُزْلُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ الْخَطِيرِ الَّذِي هُوَ الْوَعِيدُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ خَطَرَ الْبَعِيرُ بِذَنَبِهِ إِذا ضَرَبَ بِهِ. وخَطَرَانُ الْفَحْلِ مِنْ نَشَاطِهِ، وأَما خَطَرَانُ النَّاقَةِ فَهُوَ إِعلام لِلْفَحْلِ أَنها لَاقِحٌ. وخَطَرَ الْبَعِيرُ بِذَنَبِهِ يَخْطِرُ، بِالْكَسْرِ، خَطْراً، سَاكِنٌ، وخَطَرَاناً إِذا رَفَعَهُ مرة بعد مرة وضرب بِهِ فَخِذَيْهِ. وخَطَرَانُ الرجلِ: اهتزازُه فِي الْمَشْيِ وتَبَخْتُرُه. وخَطَر بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ وَقَضِيبِهِ وَسَوْطِهِ يَخْطِرُ خَطَراناً إِذا رَفَعَهُ مَرَّةً وَوَضَعَهُ أُخْرَى. وخَطَرَ فِي مِشْيَتِه يَخْطِرُ خَطِيراً وخَطَراناً: رَفَعَ يَدَيْهِ وَوَضَعَهُمَا. وَقِيلَ: إِنه مُشْتَقٌّ مِنْ خَطَرانِ الْبَعِيرِ بِذَنَبِهِ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَدْ أَبدلوا مِنْ خَائِهِ غَيْنًا فَقَالُوا: غَطَرَ بِذَنَبِهِ يَغْطِرُ، فَالْغَيْنُ بَدَلٌ مِنَ الْخَاءِ لِكَثْرَةِ الْخَاءِ وَقِلَّةِ الْغَيْنِ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَا أَصلين إِلَّا أَنهم لأَحدهما أَقلُّ اسْتِعْمَالًا مِنْهُمْ لِلْآخَرِ. وخَطَرَ الرجلُ بالرَّبِيعَةِ يَخْطُر خَطْراً: رَفَعَهَا وَهَزَّهَا عِنْدَ الإِشالَةِ؛ والرَّبِيعَةُ: الحَجَرُ الَّذِي يَرْفَعُهُ النَّاسُ يَخْتَبِرُونَ بِذَلِكَ قُواهُمْ. الْفَرَّاءُ: الخَطَّارَةُ حَظِيرَةُ الإِبل. والخَطَّارِ: العطَّار؛ يُقَالُ: اشْتَرَيْتُ بَنَفْسَجاً مِنَ الخَطَّارِ. والخَطَّارُ: المِقْلاعُ؛ وأَنشد:
جُلْمُودُ خَطَّارٍ أُمِرَّ مِجْذَبُهْ
وَرَجُلٌ خَطَّارٌ بالرمحِ: طَعَّانٌ بِهِ؛ وَقَالَ:(4/250)
مَصالِيتُ خَطَّارونَ بالرُّمْحِ فِي الوَغَى
وَرُمْحٌ خَطَّارٌ: ذُو اهْتِزَازٍ شَدِيدٍ يَخْطِرُ خَطَراناً، وَكَذَلِكَ الإِنسان إِذا مَشَى يَخْطِرُ بِيَدَيْهِ كَثِيرًا. وخَطَرَ الرُّمْحُ يَخْطِرُ: اهْتَزَّ، وَقَدْ خَطَرَ يَخْطِرُ خَطَراناً. والخَطَرُ: ارتفاعُ القَدْرِ والمالُ والشرفُ وَالْمَنْزِلَةُ. ورجلٌ خَطِيرٌ أَي لَهُ قَدْرٌ وخَطَرٌ، وَقَدْ خَطُرَ، بِالضَّمِّ، خُطُورَةً. وَيُقَالُ: خَطَرانُ الرُّمْحِ ارْتِفَاعُهُ وَانْخِفَاضُهُ لِلطَّعْنِ. وَيُقَالُ: إِنه لِرَفِيعُ الخَطَرِ وَلَئِيمُهُ. وَيُقَالُ: إِنه لِعَظِيمُ الخَطَرِ وَصَغِيرُ الخَطَرِ فِي حُسْنِ فِعَالِهِ وَشَرَفِهِ وَسُوءِ فِعَالِهِ وَلُؤْمِهِ. وخَطَرُ الرجلِ: قَدْرُه وَمَنْزِلَتُهُ، وَخَصَّ بَعْضَهُمْ بِهِ الرِّفْعَةَ، وَجَمْعُهُ أَخْطارٌ. وأَمْرٌ خَطِيرٌ: رفيعٌ. وخَطُرَ يَخْطُرُ خَطَراً وخُطُوراً إِذا جَلَّ بَعْدَ دِقَّةٍ. والخَطِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: النَّبِيلُ. وَهَذَا خَطِيرٌ لِهَذَا وخَطَرٌ لَهُ أَي مِثْلٌ لَهُ فِي القَدْرِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِي الشَّيْءِ المَزِيزِ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلدُّونِ إِلَّا لِلشَّيْءِ السَّرِيِّ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الشَّرِيفُ: هُوَ عَظِيمُ الخَطَرِ. والخَطِيرُ: النَّظِيرُ. وأَخْطَرَ بِهِ: سَوَّى. وأَخْطَرَهُ: صَارَ مِثْلَهُ فِي الخَطَرِ. اللَّيْثُ: أُخْطِرْتُ لِفُلَانٍ أَي صُيِّرْتُ نَظِيرَهُ فِي الخَطَرِ. وأَخْطَرَني فلانٌ، فَهُوَ مُخْطِرٌ إِذا صَارَ مِثْلَكَ فِي الخَطَرِ. وفلانٌ لَيْسَ لَهُ خَطِيرٌ أَي لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ وَلَا مِثْلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا هَلْ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ فإِن الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا
؛ أَي لَا عِوَضَ عَنْهَا وَلَا مِثْلَ لَهَا؛ وَمِنْهُ: أَلا رَجُلٌ يُخاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ؛ أَي يُلْقِيهَا فِي الهَلَكَةِ بِالْجِهَادِ. والخَطَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: فِي الأَصل الرَّهْنُ، وَمَا يُخاطَرُ عَلَيْهِ ومِثْلُ الشيء وَعَدْلُهُ [عِدْلُهُ] ، وَلَا يُقَالُ إِلَّا فِي الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ قَدْرٌ وَمَزِيَّةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ فِي قِسْمَةِ وادِي القُرَى: وَكَانَ لِعُثْمَانَ فِيهِ خَطَرٌ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ خَطَرٌ أَي حَظٌّ وَنَصِيبٌ
؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
فِي ظِلِّ عَيْشٍ هَنِيٍّ مَا لَهُ خَطَرُ
أَي ليس له عَدْلٌ [عِدْلٌ] . والخَطَرُ: العَدْلُ [العِدْلُ] ؛ يُقَالُ: لَا تَجْعَلْ نَفْسَكَ خَطَراً لِفُلَانٍ وأَنت أَوْزَنُ مِنْهُ. والخَطَرُ: السَّبَقُ الَّذِي يُتَرَامَى عَلَيْهِ فِي التَّرَاهُنِ، وَالْجَمْعُ أَخْطارٌ. وأَخْطَرَهُمْ خَطَراً وأَخْطَرَه لَهُمْ: بَذْلٌ لَهُمْ مِنَ الخَطَرِ مَا أَرضاهم. وأَخْطَرَ المالَ أَي جَعَلَهُ خَطَراً بَيْنَ الْمُتَرَاهِنِينَ. وتَخاطَرُوا عَلَى الأَمر: تَرَاهَنُوا؛ وخاطَرَهم عَلَيْهِ: رَاهَنَهُمْ. والخَطَرُ؛ الرَّهْنُ بِعَيْنِهِ. والخَطَرُ: مَا يُخاطَرُ عَلَيْهِ؛ تَقُولُ: وَضَعُوا لِي خَطَراً ثَوْبًا وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ وَالسَّابِقُ إِذا تَنَاوَلَ القَصَبَةَ عُلِمَ أَنه قَدْ أَحْرَزَ الخَطَرَ. والخَطَرُ والسَّبَقُ والنَّدَبُ واحدٌ، وَهُوَ كُلُّهُ الَّذِي يُوضَعُ فِي النِّضالِ والرِّهانِ، فَمَنْ سَبَقَ أَخذه، وَيُقَالُ فِيهِ كُلُّهُ: فَعَّلَ، مُشَدَّدًا، إِذا أَخذه؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وزَيْدٌ، وَلَمْ أَقُمْ ... عَلَى نَدَبٍ يَوْمًا، وَلِي نَفْسُ مُخْطِرِ؟
والمُخْطِرُ: الَّذِي يَجْعَلُ نَفْسَهُ خَطَراً لِقِرْنِه فَيُبَارِزُهُ وَيُقَاتِلُهُ؛ وَقَالَ:
وقلتُ لِمَنْ قَدْ أَخْطَرَ الموتَ نَفْسَه: ... أَلا مَنْ لأَمْرٍ حازِمٍ قَدْ بَدَا لِيَا؟
وَقَالَ أَيضاً:
أَين عَنَّا إِخْطارُنا المالَ والأَنْفُسَ، ... إِذ ناهَدُوا لِيَوْمِ المِحَالِ؟
وَفِي حَدِيثِ
النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ أَنه قَالَ يَوْمَ نَهاوَنْدَ، حِينَ الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ: إِن هَؤُلَاءِ قَدْ(4/251)
أَخْطَرُوا لَكُمْ رِثَةً ومَتاعاً، وأَخْطَرتم لَهُمُ الدِّينَ، فَنافِحُوا عَنِ الدِّينِ
؛ الرِّثَةُ: رَدِيء الْمَتَاعِ، يَقُولُ: شَرَطُوها لَكُمْ وَجَعَلُوهَا خَطَراً أَي عِدْلًا عَنْ دِينِكُمْ، أَراد أَنهم لَمْ يُعَرِّضُوا لِلْهَلَاكِ إِلَّا مَتَاعًا يَهُونُ عَلَيْهِمْ وأَنتم قَدْ عَرَّضْتُمْ لَهُمْ أَعظم الأَشياء قَدْراً، وَهُوَ الإِسلام. والأَخطارُ مِنَ الجَوْزِ فِي لَعِب الصِّبْيَانِ هِيَ الأَحْرازُ، وَاحِدُهَا خَطَرٌ. والأَخْطارُ: الأَحْرازُ فِي لَعِبِ الجَوْز. والخَطَرُ: الإِشْرافُ عَلَى هَلَكَة. وخاطَرَ بِنَفْسِهِ يُخاطِرُ: أَشْفَى بِهَا عَلَى خَطَرِ هُلْكٍ أَو نَيْلِ مُلْكٍ. والمَخاطِرُ: الْمَرَاقِي. وخَطَرَ الدهرُ خَطَرانَهُ، كَمَا يُقَالُ: ضَرَبَ الدهرُ ضَرَبانَهُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: يُقَالُ خَطَرَ الدهرُ مِنْ خَطَرانِهِ كَمَا يُقَالُ ضَرَبَ مِنْ ضَرَبانِه. والجُنْدُ يَخْطِرُونَ حَوْلَ قَائِدِهِمْ يُرُونَهُ مِنْهُمُ الجِدَّ، وَكَذَلِكَ إِذا احْتَشَدُوا فِي الْحَرْبِ. والخَطْرَةُ: مِنْ سِماتِ الإِبل؛ خَطَرَهُ بالمِيسَمِ فِي بَاطِنِ السَّاقِ؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ كَذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والخَطْرُ مَا لَصِقَ «2» . بالوَرِكَيْنِ مِنَ الْبَوْلِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائِلَ. بَعْدَ مَا ... تَقَوَّبَ، عَنْ غِرْبانِ أَوْرَاكِها، الخَطْرُ
قَوْلُهُ: تَقَوَّبَ يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى قَوَّبَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ؛ أَي قَطَعُوا، وَتَقَسَّمْتُ الشَّيْءَ أَي قَسَمْتُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد تَقَوَّبَتْ غِرْبَانُهَا عَنِ الْخَطَرِ فَقَلَبَهُ. والخَطْرُ [الخِطْرُ] : الإِبل الْكَثِيرَةُ؛ وَالْجَمْعُ أَخطار، وقيل الخَطْرُ [الخِطْرُ] مِائَتَانِ مِنَ الْغَنَمِ والإِبل، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الإِبل أَربعون، وَقِيلَ: أَلف وَزِيَادَةٌ؛ قَالَ:
رَأَتْ لأَقْوامٍ سَوَاماً دَثْراً، ... يُرِيحُ رَاعُوهُنَّ أَلْفاً خَطْرا [خِطْرا] ،
وبَعْلُها يَسُوقُ مِعْزَى عَشْرا
وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: إِذا بَلَغَتِ الإِبل مِائَتَيْنِ، فهي خَطْرٌ [خِطْرٌ] ، فإِذا جَاوَزَتْ ذَلِكَ وَقَارَبَتِ الأَلف، فَهِيَ عَرْجٌ [عِرْجٌ] . وخَطِيرُ النَّاقَةِ: زمامُها؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنه أَشار لعَمَّارٍ وَقَالَ: جُرُّوا لَهُ الخَطِيرَ مَا انْجَرَّ لَكُمْ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَا جَرَّهُ لَكُمْ
؛ مَعْنَاهُ اتَّبِعُوه مَا كَانَ فِيهِ مَوْضِعٌ مُتَّبَعٌ، وتَوَقَّوْا مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْضِعٌ؛ قَالَ: الْخَطِيرُ زِمَامُ الْبَعِيرِ، وَقَالَ شَمِرٌ فِي الْخَطِيرِ: قَالَ بَعْضُهُمُ الخَطِير الحَبْلُ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَذْهَبُ بِهِ إِلى إِخْطارِ النَّفْسِ وإِشْرَاطِهَا فِي الْحَرْبِ؛ الْمَعْنَى اصْبِرُوا لعمَّار مَا صَبَرَ لَكُمْ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: بَيْنِي وَبَيْنَهُ خَطْرَةُ رَحِمٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وأُراه يَعْنِي شُبْكَةَ رَحِمٍ، وَيُقَالُ: لَا جَعَلَها اللهُ خَطْرَتَه وَلَا جَعْلِهَا آخِرَ مَخْطَرٍ مِنْهُ أَي آخِرَ عَهْدٍ مِنْهُ، وَلَا جَعَلَهَا اللَّهُ آخِرَ دَشْنَةٍ «3» . وَآخِرَ دَسْمَةٍ وطَيَّةٍ ودَسَّةٍ، كلُّ ذَلِكَ: آخِرَ عَهْدٍ؛ وَرُوِيَ بَيْتُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
وبِعَيْنَيْكَ كُلُّ ذاك تَخَطْراكَ، ... ويمْضِيكَ نَبْلُهُمْ فِي النِّضَالِ
قَالُوا: تَخَطْراكَ وتَخَطَّاكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكَانَ أَبو سَعِيدٍ يَرْوِيهِ تَخَطَّاكَ وَلَا يُعْرَفُ تَخَطْرَاكَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَخَطْرَاني شَرُّ فُلَانٍ وَتَخَطَّانِي أَي جازني.
__________
(2) . قوله: [والخطر ما لصق إلخ] بفتح الخاء وكسرها مع سكون الطاء كما في القاموس
(3) . قوله: [آخر دشنة إلخ] كذا بالأصل وشرح القاموس(4/252)
والخِطْرَةُ: نَبْتٌ فِي السَّهْلِ وَالرَّمْلِ يُشْبِهُ المَكْرَ، وَقِيلَ: هِيَ بَقْلَةٌ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: تَنْبُتُ الخِطْرَةُ مَعَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ، وَهِيَ غَبْراءُ حُلْوَةٌ طَيِّبَةٌ يَرَاهَا مَنْ لَا يَعْرِفُهَا فَيَظُنُّ أَنها بَقْلَةٌ، وإِنما تَنْبُتُ فِي أَصل قَدْ كَانَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَيْسَتْ بأَكثر مِمَّا يَنْتَهِسُ الدابةُ بِفَمِهِ، وَلَيْسَ لَهَا وَرَقٌ، وإِنما هِيَ قُضْبانٌ دِقَاقٌ خُضْرٌ، وَقَدْ تُحْتَبَلُ بِهَا الظِّباءُ، وَجَمْعُهَا خِطَرٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وسِدَرٍ. غَيْرُهُ: الخِطْرَةُ عُشْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ لَهَا قَضْبَةٌ يَجْهَدُها المالُ ويَغْزُرُ عَلَيْهَا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَعَيْنا خَطَرات الوَسْمِيّ، وَهِيَ اللُّمَعُ مِنَ المَراتِعِ والبُقَعِ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَهَا خَطَراتُ العَهْدِ مِنْ كُلِّ بَلْدَةٍ ... لِقَوْمٍ، وَلَوْ هاجَتْ لَهُمْ حَرْبُ مَنْشَمِ [مَنْشِمِ]
والخِطَرَةُ: أَغصان الشَّجَرَةِ، وَاحِدَتُهَا خِطْرٌ، نَادِرٌ أَو عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الْهَاءِ. والخِطْرُ، بِالْكَسْرِ: نَبَاتٌ يُجْعَلُ وَرَقُهُ فِي الْخِضَابِ الأَسود يُخْتَضَبُ بِهِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ شَبِيهٌ بالْكَتَمِ، قَالَ: وَكَثِيرًا مَا يَنْبُتُ مَعَهُ يَخْتَضِبُ بِهِ الشُّيُوخُ؛ وَلِحْيَةٌ مَخْطُورَةٌ ومُخَطَّرَةٌ: مَخْضُوبَةٌ بِهِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّبَنِ الْكَثِيرِ الْمَاءِ: خِطْرٌ. والخَطَّارُ: دُهْنٌ مِنَ الزَّيْتِ ذُو أَفاويه، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ مِنَ الأَسماء عَلَى فَعَّال. والخَطْرُ: مِكْيَالٌ ضَخْمٌ لأَهل الشَّامِ. والخَطَّارُ: اسْمُ فرس حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الفَزارِيِّ.
خعر: الخَيْعَرَةُ: خِفَّةٌ وطَيْشٌ.
خفر: الخَفَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: شِدَّةُ الْحَيَاءِ؛ تَقُولُ مِنْهُ: خَفِرَ، بِالْكَسْرِ، وخَفِرَتِ المرأَةُ خَفَراً وخَفارَةً، الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فَهِيَ خَفِرَةٌ، عَلَى الْفِعْلِ، ومُتَخَفِّرَةٌ وخَفِيرٌ مِنْ نِسْوَةٍ خَفائِرَ، ومِخْفارٌ عَلَى النَّسَبِ أَو الْكَثْرَةِ؛ قَالَ:
دارٌ لِجَمَّاءِ العِظامِ مِخْفار
وتَخَفَّرَتْ: اشْتَدَّ حَيَاؤُهَا. والتَّخْفِيرُ: التَّسْوِير. وخَفَرَ الرجلَ وخَفَرَ بِهِ وَعَلَيْهِ يَخْفِرُ خَفْراً: أَجاره وَمَنَعَهُ وأَمَّنَهُ، وَكَانَ لَهُ خَفِيرًا يَمْنَعُهُ، وَكَذَلِكَ تَخَفَّرَ بِهِ. وخَفَرَه: اسْتَجَارَ بِهِ وسأَله أَن يَكُونَ لَهُ خَفِيرًا، وخَفَّرَه تَخْفِيراً؛ قَالَ أَبو جُنْدبٍ الهُذَلِيُّ:
ولكِنَّنِي جَمْرُ الغَضَا، مِنْ ورائِهِ ... يُخَفِّرُنِي سَيْفي، إِذا لَمْ أُخَفَّرِ
وفلانٌ خَفِيري أَي الَّذِي أُجيره. والخَفِيرُ: الْمُجِيرُ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَفِيرٌ لِصَاحِبِهِ، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الخُفْرَةُ والخَفارَةُ والخُفارَةُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَقِيلَ: الخُفْرَةُ والخُفارَةُ والخَفارَةُ والخِفارَةُ الأَمانُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ الأَوَّل. والخُفَرَةُ أَيضاً: «1» . الخَفِيرُ الَّذِي هُوَ الْمُجِيرُ. اللَّيْثُ: خَفِيرُ الْقَوْمِ مُجيرهم الَّذِي يَكُونُونَ فِي ضَمَانِهِ مَا دَامُوا فِي بِلَادِهِ، وَهُوَ يَخفِر القومَ خَفارَةً. والخَفارَةُ: الذِّمَّةُ، وَانْتِهَاكُهَا إِخْفارٌ. والخُفارة والخِفارة والخَفارة أَيضاً: جُعْلُ الخَفِير؛ وخَفَرْتُه خَفْراً وخُفُوراً. وَيُقَالُ: أَخْفَرْته إِذا بَعَثْتَ مَعَهُ خَفِيراً؛ قَالَهُ أَبو الْجَرَّاحِ الْعُقَيْلِيُّ، وَالِاسْمُ الخُفْرَةُ، بِالضَّمِّ، وَهِيَ الذِّمَّةُ. يُقَالُ: وَفَتْ خُفْرَتُك، وَكَذَلِكَ الخُفارة، بِالضَّمِّ، والخِفارَة، بِالْكَسْرِ. وأَخْفَرَه: نَقَضَ عَهْدَهُ وخاسَ بِهِ وغَدَره. وأَخْفَرَ الذِّمَّةَ: لَمْ يَفِ بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ: مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فإِنه فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا تُخْفِرُنَّ اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ؛ أَي لَا تُؤْذُوا الْمُؤْمِنَ؛ قال زهير:
__________
(1) . قوله: [والخفرة أَيضاً] لفظ أَيضاً زائد إذ الخفرة كهمزة غير ما قبله أَعني الخفرة بضم فسكون كما في القاموس وغيره(4/253)
فإِنَّكُمُ، وقَوْماً أَخْفَرُوكُمْ، ... لكالدِّيباجِ مالَ بِهِ العَبَاءُ
والخُفُورُ: هُوَ الإِخْفارُ نفسُه مِنْ قِبَلِ المُخْفِر، مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ، عَلَى خَفَر يَخْفُر. شَمِرٌ: خَفَرَتْ ذِمَّةُ فُلَانٍ خُفُوراً إِذا لَمْ يُوفَ بِهَا وَلَمْ تَتِمَّ؛ وأَخْفَرَها الرجلُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَواعَدنِي وأَخْلَفَ ثَمَّ ظَنِّي، ... وبِئْسَ خَليقَةُ المرءِ الخُفُورُ.
وَهَذَا مِنْ خَفَرَتْ ذِمَّتُه خُفُوراً. وخَفَرْتُ الرجلَ: أَجَرْتُه وحَفِظْتُه. وخَفَرْتُه إِذا كُنْتُ لَهُ خَفِيراً أَي حَامِيًا وَكَفِيلًا. وتَخَفَّرْتُ بِهِ إِذا اسْتَجَرْتُ به. والخِفارةُ [الخُفارةُ] بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ: الذِّمام. وأَخْفَرْتُ الرَّجُلَ إِذا نَقَضْتَ عَهْدَهُ وَذِمَامَهُ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ للإِزالة أَي أَزلت خِفارَته [خُفارَته] ، كأَشكيته إِذا أَزلت شَكْوَاهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ ظَلَمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحداً فَقَدْ أَخْفَرَ اللَّهَ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
ذِمَّةَ اللَّهِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي خُفْرَةِ اللَّهِ
أَي فِي ذِمَّتِهِ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
الدُّمُوعُ خُفَرُ العُيون
؛ الخُفَرُ جَمْعُ خُفْرَةٍ، وَهِيَ الذِّمَّةُ أَي أَن الدُّمُوعَ الَّتِي تَجْرِي خَوْفًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تُجِيرُ الْعُيُونَ مِنَ النَّارِ؛ كَقَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عَيْنانِ لَا تَمَسُّهُما النارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ: حَيٌّ خَفِرٌ
أَي كَثِيرُ الْحَيَاءِ والخَفَرِ. والخَفَرُ، بِالْفَتْحِ: الْحَيَاءُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: غَضُّ الأَطْرافِ وخَفَرُ الإِعْراضِ [الأَعْراضِ]
أَي الْحَيَاءُ مِنْ كُلِّ مَا يُكْرَهُ لَهُنَّ أَن يَنْظُرْنَ إِليه، فأَضافت الخَفَر إِلى الإِعْراضِ [الأَعْراضِ] أَي الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ لأَجل الإِعراض؛ وَيُرْوَى: الأَعراض، بِالْفَتْحِ، جَمْعُ العِرْضِ أَي أَنهن يَسْتَحْيِينَ وَيَتَسَتَّرْنَ لأَجل أَعراضهن وَصَوْنِهَا. والخَافُورُ: نَبْتٌ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ نَبَاتٌ تَجْمَعُهُ النَّمْلُ فِي بُيُوتِهَا؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وأَتَت النملُ القُرَى بِعِيرِها، ... مِنْ حَسَكِ التَّلْعِ، وَمِنْ خافُورِها
خفتر: قَالَ أَبو نَصْرٍ فِي قَوْلِ عَدِيٍّ:
وغُصْنَ عَلَى الخَفْتارِ، وَسْطَ جُنُودِه، ... وبَيَّتْنَ فِي لَذَّاتِه رَبَّ مارِدِ
قَالَ: الخَفْتَارُ مَلِكُ الحبشة.
خلر: الخُلَّرُ، مِثَالُ السُّكَّرِ، قِيلَ: هُوَ نَبَاتٌ أَعجمي، قِيلَ: هُوَ الجُلْبانُ، وَقِيلَ: هُوَ الفُولُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الخُلَّرُ الماشُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْحُبُوبِ الَّتِي تُقْتاتُ. وخُلَّار: مَوْضِعٌ يَكْثُرُ بِهِ الْعَسَلُ الْجَيِّدُ؛ وَمِنْهُ كِتَابُ الْحَجَّاجِ إِلى بَعْضِ عُمَّاله بِفَارِسَ: أَن ابْعَثْ إِليّ بِعَسَلٍ مِنْ عَسَلِ خُلَّار، مِنَ النَّحْلِ الأَبكار، مِنَ الدَّسْتِفْشارِ، الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ نَارٌ.
خمر: خامَرَ الشيءَ: قَارَبَهُ وَخَالَطَهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
هامَ الفُؤادُ بِذِكْراها وخامَرَهُ ... مِنْهَا، عَلَى عُدَواءِ الدَّارِ. تَسْقِيمُ
وَرَجُلٌ خَمِرٌ: خَالَطَهُ دَاءٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَحارِ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ، ... ويَعْدُو عَلَى المَرْءِ مَا يأْتَمِرْ
وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي خَامَرَهُ الدَّاءُ. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ خَمِرٌ أَي مُخامَرٌ؛ وأَنشد أَيضاً:
أَحار بْنَ عَمْرٍو كأَني خَمِرْ
أَي مُخامَرٌ؛ قَالَ: هَكَذَا قَيَّدَهُ شَمِرٌ بِخَطِّهِ، قَالَ:(4/254)
وأَما المُخامِرُ فَهُوَ المُخالِطُ، مِن خامَرَهُ الداءُ إِذا خَالَطَهُ؛ وأَنشد:
وإِذا تُباشِرْكَ الهُمُومُ، ... فإِنها داءٌ مُخامِرْ
قَالَ: وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ اللَّيْثُ فِي خامَرَهُ الداءُ إِذا خَالَطَ جَوْفَهُ. والخَمْرُ: مَا أَسْكَرَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ لأَنها خَامَرَتِ الْعَقْلَ. والتَّخْمِيرُ: التَّغْطِيَةُ، يُقَالُ: خَمَّرَ وجْهَهُ وخَمِّرْ إِناءك. والمُخامَرَةُ: الْمُخَالَطَةُ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَدْ تَكُونُ الخَمْرُ مِنَ الْحُبُوبِ فَجَعَلَ الْخَمْرَ مِنَ الْحُبُوبِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَظنه تَسَمُّحاً مِنْهُ لأَن حَقِيقَةَ الْخَمْرِ إِنما هِيَ الْعِنَبُ دُونَ سَائِرِ الأَشياء، والأَعْرَفُ فِي الخَمْرِ التأْنيث؛ يُقَالُ: خَمْرَةٌ صِرْفٌ، وَقَدْ يذكَّر، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْعِنَبَ خَمْرًا؛ قَالَ: وأَظن ذَلِكَ لِكَوْنِهَا مِنْهُ؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً
؛ إِن الْخَمْرَ هُنَا الْعِنَبُ؛ قَالَ: وأُراه سَمَّاهَا بِاسْمِ مَا فِي الإِمكان أَن تؤول إِليه، فكأَنه قَالَ: إِني أَعصر عِنَبًا؛ قَالَ الرَّاعِي:
يُنازِعُنِي بِهَا نُدْمانُ صِدْقٍ ... شِواءَ الطَّيرِ، والعِنَبَ الحَقِينا
يُرِيدُ الْخَمْرَ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَعْصِرُ خَمْراً
أَي أَستخرج الْخَمْرَ، وإِذا عُصِرَ الْعِنَبُ فإِنما يُسْتَخْرَجُ بِهِ الْخَمْرُ، فَلِذَلِكَ قَالَ: أَعْصِرُ خَمْراً
. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَزَعَمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنه رأَى يَمَانِيًّا قَدْ حَمَلَ عِنَبًا فَقَالَ لَهُ: مَا تَحْمِلُ؟ فَقَالَ: خَمْرًا، فَسَمَّى الْعِنَبَ خَمْرًا، وَالْجَمْعُ خُمور، وَهِيَ الخَمْرَةُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَسُمِّيَتِ الْخَمْرُ خَمْرًا لأَنها تُرِكَتْ فاخْتَمَرَتْ، واخْتِمارُها تَغَيُّرُ رِيحِهَا؛ وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُخَامَرَتِهَا الْعَقْلَ. وَرَوَى الأَصمعي عَنْ مَعْمَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: لَقِيتُ أَعرابياً فَقُلْتُ: مَا مَعَكَ؟ قَالَ: خَمْرٌ. والخَمْرُ: مَا خَمَر العَقْلَ، وَهُوَ الْمُسْكِرُ مِنَ الشَّرَابِ، وَهِيَ خَمْرَةٌ وخَمْرٌ وخُمُورٌ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَتُمُورٍ. وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ: أَنه بَاعَ خَمْرًا فَقَالَ عُمَرُ: قاتَلَ اللهُ سَمُرَةَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنما بَاعَ عَصِيرًا مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا فسماه باسم ما يؤول إِليه مَجَازًا، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً
، فَلِهَذَا نَقَمَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَيْهِ لأَنه مَكْرُوهٌ؛ وإِما أَن يَكُونَ سَمُرَةُ بَاعَ خَمْرًا فَلَا لأَنه لَا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ مَعَ اشْتِهَارِهِ. وخَمَر الرجلَ والدابةَ يَخْمُره خَمْراً: سَقَاهُ الْخَمْرَ، والمُخَمِّرُ: مُتَّخِذُ الْخَمْرِ، والخَمَّارُ: بَائِعُهَا. وعنبٌ خَمْرِيٌّ: يَصْلُحُ لِلْخَمْرِ. ولَوْنٌ خَمْرِيٌّ: يُشْبِهُ لَوْنَ الخَمر. واخْتِمارُ الخَمْرِ: إِدْراكُها وَغَلَيَانُهَا. وخُمْرَتُها وخُمارُها: مَا خَالَطَ مِنْ سُكْرِهَا، وَقِيلَ: خُمْرَتُها وخُمارُها مَا أَصابك مِنْ أَلمها وَصُدَاعِهَا وأَذاها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَذٌّ أَصابَتْ حُمَيَّاها مَقاتِلَهُ، ... فَلَمْ تَكَدْ تَنْجَلِي عَنْ قلبِهِ الخُمَرُ
وَقِيلَ: الخُمارُ بَقِيَّةُ السُّكْرِ، تَقُولُ مِنْهُ: رَجُلٌ خَمِرٌ أَي فِي عَقِبِ خُمارٍ؛ وَيُنْشِدُ قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَحار بْنَ عَمْرٍو فُؤَادِي خَمِرْ
وَرَجُلٌ مَخْمُورٌ: بِهِ خُمارٌ، وَقَدْ خُمِرَ خَمْراً وخَمِرَ. وَرَجُلٌ مُخَمَّرٌ: كمَخْمُور. وتَخَمَّرَ بالخَمْرِ: تَسَكَّرَ بِهِ، ومُسْتَخْمِرٌ وخِمِّيرٌ: شِرِّيبٌ لِلْخَمْرِ دَائِمًا. وَمَا فلانٌ بِخَلٍّ ولا خَمْرٍ أَي لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا شَرَّ عِنْدَهُ. وَيُقَالُ أَيضاً: مَا عِنْدَ فُلَانٍ خَلٌّ وَلَا خمر أَي لَا خَيْرٌ وَلَا شَرٌّ. والخُمْرَةُ والخَمَرَةُ: مَا خامَرَك مِنَ الرِّيحِ،(4/255)
وَقَدْ خَمَرَتْهُ؛ وَقِيلَ: الخُمْرَةُ والخَمَرَةُ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؛ يُقَالُ: وَجَدْتُ خَمَرَة الطِّيبِ أَي رِيحَهُ، وامرأَة طَيِّبَةُ الخِمْرَةِ بالطِّيبِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والخَمِيرُ والخَمِيرَةُ: الَّتِي تُجْعَلُ فِي الطِّينِ. وخَمَرَ العجينَ والطِّيبَ وَنَحْوَهُمَا يَخْمُره ويَخْمِرُه خَمْراً، فَهُوَ خَمِيرٌ، وخَمَّرَه: تَرَكَ اسْتِعْمَالَهُ حَتَّى يَجُودَ، وَقِيلَ: جَعَلَ فِيهِ الْخَمِيرَ. وخُمْرَةُ الْعَجِينِ: مَا يُجْعَلُ فِيهِ مِنَ الْخَمِيرَةِ. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ خَمَرْتُ الْعَجِينَ وفَطَرْتُه، وَهِيَ الخُمْرَةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْعَجِينِ تُسَمِّيهَا النَّاسُ الخَمِيرَ، وَكَذَلِكَ خُمْرَةُ النَّبِيذِ وَالطِّيبِ. وخُبْزٌ خَمِيرٌ وَخُبْزَةٌ خَمِيرٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كِلَاهُمَا بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقَدِ اخْتَمَر الطيبُ وَالْعَجِينُ. وَاسْمُ مَا خُمِرَ بِهِ: الخُمْرَةُ، يُقَالُ: عِنْدِي خُبْزٌ خَمِير وحَيسٌ فَطِير أَي خُبْزٌ بَائِتٌ. وخُمْرةُ اللَّبَنِ: رَوْبَتُه الَّتِي تُصَبُّ عَلَيْهِ لِيَرُوبَ سَرِيعًا؛ وَقَالَ شَمِرٌ: الخَمِيرُ الخُبْزُ فِي قَوْلِهِ:
وَلَا حِنْطَة الشَّامِ الهَرِيت خَمِيرُها
أَي خُبْزُهَا الَّذِي خُمِّرَ عجينُه فَذَهَبَتْ فُطُورَتُه؛ وَطَعَامٌ خَمِيرٌ ومَخْمورٌ فِي أَطعمة خَمْرَى. والخَمِيرُ والخَمِيرَةُ: الخُمْرَةُ. وخُمْرَةُ النَّبِيذِ وَالطِّيبِ: مَا يُجْعَلُ فِيهِ مِنَ الخَمْرِ والدُّرْدِيِّ. وخُمْرَةُ النَّبِيذِ: عَكَرُه، ووجدتُ مِنْهُ خُمْرَةً طَيِّبَةً «2» . إِذا اخْتَمَرَ الطيِّبُ أَي وجدتُ رِيحَهُ. وَوَصَفَ أَبو ثَرْوَانَ مأْدُبَةً وبَخُورَ مِجْمَرها قَالَ: فَتَخَمَّرَتْ أَطْنابُنا أَي طَابَتْ رَوَائِحُ أَبداننا بالبَخُور. أَبو زَيْدٍ: وَجَدْتُ مِنْهُ خَمَرَةَ الطِّيبِ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، يَعْنِي رِيحَهُ. وخامَرَ الرجلُ بيتَه وخَمَّرَهُ: لَزِمَهُ فَلَمْ يَبْرَحْهُ، وَكَذَلِكَ خامَرَ المكانَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وشاعِرٍ يُقالُ خَمِّرْ فِي دَعَهْ
وَيُقَالُ للضَّبُعِ: خامِرِي أُمَّ عامِرٍ أَي اسْتَتِري. أَبو عَمْرٍو: خَمَرْتُ الرجلَ أَخْمُرُه إِذا اسْتَحْيَتْ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: الخِمْرَةُ الِاسْتِخْفَاءُ «3» . قَالَ ابْنُ أَحمر:
مِنْ طارِقٍ أَتى عَلَى خِمْرَةِ، ... أَو حِسْبَةٍ تَنْفَعُ مَنْ يَعْتَبِرْ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: عَلَى غَفْلَةٍ مِنْكَ. وخَمَرَ الشيءَ يَخْمُرُه خَمْراً وأَخْمَرَهُ: سَتَرَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَجِدُ المؤمنَ إِلَّا فِي إِحدى ثلاثٍ: فِي مَسْجِدٍ يَعْمُرُه، أَو بَيْتٍ يَخْمُرُه، أَو مَعِيشَةٍ يُدَبِّرُها
؛ يَخْمُره أَي يَسْتُرُهُ وَيُصْلِحُ مِنْ شأْنه. وخَمَرَ فلانٌ شَهَادَتَهُ وأَخْمَرَها: كَتَمَهَا. وأَخْرَجَ مِنْ سِرِّ خَمِيرِهِ سِرّاً أَي بَاحَ بِهِ. واجْعَلْهُ فِي سرِّ خَمِيرِك أَي اكْتُمْهُ. وأَخْمَرْتُ الشَّيْءَ: أَضمرته؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَلِفْتُكِ حَتَّى أَخْمَرَ القومُ ظِنَّةً ... عَليَّ، بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَكابِرُ
الأَزهري: وأَخْمَرَ فلانٌ عَليَّ ظِنَّةً أَي أَضمرها، وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ. والخَمَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا وَارَاكَ مِنَ الشَّجَرِ وَالْجِبَالِ وَنَحْوِهَا. يُقَالُ: تَوَارَى الصيدُ عَنِّي فِي خَمَرِ الْوَادِي، وخَمَرُه: مَا وَارَاهُ مِنْ جُرُفٍ أَو حَبْلٍ مِنْ حِبَالِ الرَّمْلِ أَو غَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: دَخَلَ فُلَانٌ في خُمارِ الناسِ أَي فِيمَا يُوَارِيهِ وَيَسْتُرُهُ مِنْهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: انْطَلَقْتُ أَنا وَفُلَانٌ نَلْتَمِسُ الخَمَر
، هُوَ بِالتَّحْرِيكِ: كُلُّ مَا سَتَرَكَ مِنْ شَجَرٍ أَو بناءِ أَو غَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي قَتَادَةَ: فابْغِنَا مَكاناً
__________
(2) . قوله: [خمرة طيبة] خاؤها مثلثة كالخمرة محركة كما في القاموس
(3) . قوله: [الخمرة الاستخفاء] ومثلها الخمر محركاً خمر خمراً كفرح توارى واستخفى كما في القاموس(4/256)
خَمَراً
أَي سَاتِرًا بِتَكَاثُفِ شَجَرِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الدَّجَّالِ: حَتَّى تَنْتَهُوا إِلى جَبَلِ الخَمَرِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِالْفَتْحِ، يَعْنِي الشَّجَرَ الْمُلْتَفَّ، وَفُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ أَنه جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِكَثْرَةِ شَجَرِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
سَلْمَانَ: أَنه كَتَبَ إِلى أَبي الدَّرْدَاءِ: يَا أَخي، إِن بَعُدَتِ الدَّارُ مِنَ الدَّارِ فإِن الرُّوح مِنَ الرُّوح قَريبٌ، وطَيْرُ السماءٍ عَلَى أَرْفَهِ خَمَرِ الأَرض يَقَعُ الأَرْفَهُ الأَخصبُ
؛ يُرِيدُ أَن وَطَنَهُ أَرفق بِهِ وأَرفه لَهُ فَلَا يُفَارِقُهُ، وَكَانَ أَبو الدَّرْدَاءِ كَتَبَ إِليه يَدْعُوهُ إِلى الأَرض الْمُقَدَّسَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي إِدريس الخَوْلانِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالنَّاسُ أَخْمَرُ مَا كَانُوا
أَي أَوْفَرُ. وَيُقَالُ: دَخَلَ فِي خَمَار النَّاسِ «1» . أَي فِي دَهْمَائِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ: أَكون فِي خَمَارِ النَّاسِ أَي فِي زَحْمَتِهِمْ حَيْثُ أَخْفَى وَلَا أُعْرَفُ.
وَقَدْ خَمِرَ عَنِّي يَخْمَرُ خَمَراً أَي خَفِيَ وَتَوَارَى، فَهُوَ خَمِرٌ. وأَخْمَرَتْه الأَرضُ عَنِّي وَمِنِّي وعَلَيَّ: وَارَتْهُ. وأَخْمَرَ القومُ: تَوارَوْا بالخَمَرِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا خَتَلَ صَاحِبَهُ: هُوَ يَدِبُّ «2» . لَهُ الضَّراءَ ويَمْشِي لَهُ الخَمَرَ. وَمَكَانٌ خَمِرٌ: كَثِيرُ الخَمَرِ، عَلَى النَّسَبِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد لِضِبَابِ بْنِ وَاقِدٍ الطُّهَوِيِّ:
وجَرَّ المَخاضُ عَثَانِينَها ... إِذا بَرَكَتْ بالمكانِ الخَمِرْ
وأَخْمَرَتِ الأَرضُ: كَثُرَ خَمَرُها. وَمَكَانٌ خَمِرٌ إِذا كَانَ كَثِيرَ الخَمَرِ. والخَمَرُ: وَهْدَةٌ يَخْتَفِي فِيهَا الذِّئْبُ؛ وأَنشد:
فَقَدْ جاوَزْتُما خَمَرَ الطَّرِيقِ
وَقَوْلُ طَرَفَةَ:
سَأَحْلُبُ عَنْساً صَحْنَ سَمٍّ فَأَبْتَغِي ... بِهِ جِيرَتي، إِن لَمْ يُجَلُّوا لِيَ الخَمَرْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَاهُ إِن لَمْ يُبَيِّنُوا لِيَ الخبرَ، وَيُرْوَى يُخَلُّوا، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الخَمَرُ هَاهُنَا الشَّجَرَ بِعَيْنِهِ. يَقُولُ: إِن لَمْ يَخْلُوا لِيَ الشَّجَرَ أَرعاها بإِبلي هَجَوْتُهُمْ فَكَانَ هجائي لم سَمًّا، وَيُرْوَى: سأَحلب عَيْساً، وَهُوَ مَاءُ الْفَحْلِ، وَيَزْعُمُونَ أَنه سَمٌّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
مَلِّكْهُ عَلَى عُرْبِهِمْ وخُمُورِهِمْ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي أَهل الْقُرَى لأَنهم مَغْلُوبُونَ مَغْمُورُونَ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْخَرَاجِ والكُلَفِ والأَثقال، وَقَالَ: كَذَا شَرَحَهُ أَبو مُوسَى. وخَمَرُ النَّاسِ وخَمَرَتُهُمْ وخَمَارُهم وخُمَارُهم: جَمَاعَتُهُمْ وَكَثْرَتُهُمْ، لغةٌ فِي غَمار النَّاسِ وغُمارهم أَي فِي زَحْمتهم؛ يُقَالُ: دَخَلْتُ فِي خَمْرتهم وغَمْرتهم أَي فِي جَمَاعَتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ. والخِمَارُ للمرأَة، وَهُوَ النَّصِيفُ، وَقِيلَ: الْخِمَارُ مَا تُغَطِّي بِهِ المرأَة رأْسها، وَجَمْعُهُ أَخْمِرَةٌ وخُمْرٌ وخُمُرٌ. والخِمِرُّ، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ: لُغَةٌ فِي الْخِمَارِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَنشد:
ثُمَّ أَمالَتْ جانِبَ الخِمِرِّ
والخِمْرَةُ: مِنَ الخِمار كاللِّحْفَةِ مِنَ اللِّحَافِ. يُقَالُ: إِنها لَحَسَنَةُ الخِمْرَةِ. وَفِي الْمَثَلِ: إِنَّ الْعَوَانَ لَا تُعَلَّمُ الخِمْرَةَ أَي إِن المرأَة الْمُجَرِّبَةَ لَا تُعَلَّمُ كَيْفَ تَفْعَلُ. وتَخَمَّرَتْ بالخِمار واخْتَمَرَتْ: لَبِسَتْه، وخَمَّرَتْ بِهِ رأْسَها: غَطَّتْه. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: أَنه كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الخُفِّ والخِمار
؛
__________
(1) . قوله: [في خمار الناس] بضم الخاء وفتحها كما في القاموس
(2) . قوله: [يدب إلخ] ذكره الميداني في مجمع الأمثال وفسر الضراء بالشجر الملتف وبما انخفض مِنَ الْأَرْضِ، عَنِ ابْنِ الأعرابي؛ والخمر بما واراك مِنْ جُرُفٍ أَوْ حَبْلٍ رمل؛ ثم قال: يضرب للرجل يختل صاحبه. وذكر هذا المثل أيضاً اللسان والصحاح وغيرهما في ض ر ي وضبطوه بوزن سماء(4/257)
أَرادت بِالْخِمَارِ الْعِمَامَةَ لأَن الرَّجُلَ يُغَطِّي بِهَا رأْسه كَمَا أَن المرأَة تُغَطِّيهِ بِخِمَارِهَا، وَذَلِكَ إِذا كَانَ قَدِ اعْتَمَّ عِمَّةَ الْعَرَبِ فأَرادها تَحْتَ الْحَنَكِ فَلَا يَسْتَطِيعُ نَزْعَهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ فَتَصِيرُ كَالْخُفَّيْنِ،، غَيْرَ أَنه يَحْتَاجُ إِلى مَسْحِ الْقَلِيلِ مِنَ الرأْس ثُمَّ يَمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ بَدَلَ الِاسْتِيعَابِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِمُعَاوِيَةَ: مَا أَشبه عَيْنَك بِخِمْرَةِ هِنْدٍ
؛ الخمرةُ: هَيْئَةُ الِاخْتِمَارِ؛ وَكُلُّ مُغَطًّى: مُخَمَّرٌ. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: خَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّخْمِيرُ التَّغْطِيَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ: خَمِّرُوا الإِناء وأَوْكُوا السِّقَاءَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه أُتِيَ بإِناءِ مِنْ لَبَنِ فَقَالَ: هلَّا خَمَّرْتَه وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرِضُه عَلَيْهِ.
والمُخَمَّرَةُ مِنَ الشِّيَاهِ: البيضاءُ الرأْسِ، وَقِيلَ: هِيَ النَّعْجَةُ السَّوْدَاءُ ورأْسها أَبيض مِثْلُ الرَّخْماءِ، مُشْتَقٌّ مِنْ خِمار المرأَة؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا ابْيَضَّ رأْس النَّعْجَةِ مِنْ بَيْنِ جَسَدِهَا، فَهِيَ مُخَمَّرة ورَخْماءُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هِيَ الْمُخْتَمِرَةُ مِنَ الضأْن والمِعْزَى. وَفَرَسٌ مُخَمَّرٌ: أَبيضٌ الرأْس وَسَائِرُ لَوْنِهِ مَا كَانَ. وَيُقَالُ: مَا شَمَّ خِمارَكَ أَي مَا أَصابَكَ، يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ إِذا تَغَيَّرَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ. وخَمِرَ عَلَيْهِ خَمَراً وأَخْمَرَ: حَقَدَ. وخَمَرَ الرجلَ يَخْمِرُهُ: اسْتَحْيَا مِنْهُ. والخَمَرُ: أَن تُخْرَزَ نَاحِيَتَا أَديم المَزَادَة ثُمَّ تُعَلَّى بِخَرْزٍ آخَر. والخُمْرَةُ: حَصِيرَةٌ أَو سَجَّادَةٌ صَغِيرَةٌ تُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ وتُرَمَّلُ بِالْخُيُوطِ، وَقِيلَ: حَصِيرَةُ أَصغر مِنَ المُصَلَّى، وَقِيلَ: الخُمْرَة الْحَصِيرُ الصَّغِيرُ الَّذِي يُسْجَدُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَسْجُدُ عَلَى الخُمْرَةِ
؛ وَهُوَ حَصِيرٌ صَغِيرٌ قَدْرُ مَا يُسْجَدُ عَلَيْهِ يُنْسَجُ مِنَ السَّعَفِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: سُمِّيَتْ خُمْرة لأَنها تَسْتُرُ الْوَجْهَ مِنَ الأَرض. وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ قَالَ لَهَا وَهِيَ حَائِضٌ: نَاوِلِينِي الخُمْرَةَ
؛ وَهِيَ مِقْدَارُ مَا يَضَعُ الرَّجُلُ عَلَيْهِ وَجْهَهُ فِي سُجُودِهِ مِنْ حَصِيرٍ أَو نَسِيجَةِ خُوصٍ وَنَحْوِهِ مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ: وَلَا تَكُونُ خُمْرَةً إِلَّا فِي هَذَا الْمِقْدَارِ، وَسُمِّيَتْ خُمْرَةً لأَن خُيُوطَهَا مَسْتُورَةٌ بِسَعَفِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ وَهَكَذَا فُسِّرَتْ.
وَقَدْ جَاءَ فِي سُنَنِ أَبي دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتْ فأْرة فأَخذت تَجُرُّ الفَتِيلَة فجاءتْ بِهَا فأَلقتها بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على الخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا فأَحرقت مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ دِرْهَمٍ
، قَالَ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِطلاق الخُمْرَةِ عَلَى الْكَبِيرِ مِنْ نَوْعِهَا. قَالَ: وَقِيلَ الْعَجِينُ اخْتَمَرَ لأَن فَطُورَتَهُ قَدْ غَطَّاهَا الخَمَرُ، وَهُوَ الِاخْتِمَارُ. وَيُقَالُ: قَدْ خَمَرْتُ الْعَجِينَ وأَخْمَرْته وفَطَرْتُه وأَفْطَرْتُه، قَالَ: وَسُمِّيَ الخَمْرُ خَمْراً لأَنه يُغَطِّي الْعَقْلَ، وَيُقَالُ لِكُلِّ مَا يَسْتُرُ مِنْ شَجَرٍ أَو غَيْرِهِ: خَمَرٌ، وَمَا سَتَرَهُ مِنْ شَجَرٍ خَاصَّةً، فَهُوَ الضَّرَاءُ. والخُمْرَةُ: الوَرْسُ وأَشياء مِنَ الطِّيبِ تَطْلي بِهِ المرأَة وَجْهَهَا لِيَحْسُنَ لَوْنُهَا، وَقَدْ تَخَمَّرَتْ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الغُمْرَةِ. والخُمْرَةُ: بِزْرُ العَكَابِرِ «3» . الَّتِي تَكُونُ فِي عِيدَانِ الشَّجَرِ. واسْتَخْمَر الرجلَ: اسْتَعْبَدَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاذٍ: مَنِ اسْتَخْمَرَ قَوْمًا أَوَّلُهُمْ أَحْرارٌ وجِيرانٌ مُسْتَضْعَفُونَ فَلَهُ مَا قَصَرَ فِي بَيْتِهِ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ
مَنِ اسْتَخْمَرَ قَوْمًا
أَي اسْتَعْبَدَهُمْ، بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ، يَقُولُ: أَخذهم قَهْرًا وَتَمَلَّكَ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ: فَمَا وَهَبَ المَلِكُ من هؤلاء
__________
(3) . قوله: [العكابر] كذا بالأصل ولعله الكعابر(4/258)
لِرَجُلٍ فَقَصَرَهُ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ أَي احْتَبَسَهُ وَاخْتَارَهُ وَاسْتَجْرَاهُ فِي خِدْمَتِهِ حَتَّى جَاءَ الإِسلام وَهُوَ عِنْدَهُ عَبْدٌ فَهُوَ لَهُ. ابْنُ الأَعرابي: المُخامَرَةُ أَن يَبِيعَ الرَّجُلُ غُلَامًا حُرّاً عَلَى أَنه عَبْدُهُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُ مُعَاذٍ مِنْ هَذَا أُخذ، أَراد مَنِ اسْتَعْبَدَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ جَاءَ الإِسلام، فَلَهُ مَا حَازَهُ فِي بَيْتِهِ لَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ، وَقَوْلُهُ: وَجِيرَانٌ مُسْتَضْعَفُونَ أَراد رُبَّمَا اسْتَجَارَ بِهِ قَوْمٌ أَو جَاوَرُوهُ فَاسْتَضْعَفَهُمْ وَاسْتَعْبَدَهُمْ، فَلِذَلِكَ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ يَدِهِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى إِقرار النَّاسِ عَلَى مَا فِي أَيديهم. وأَخْمَرَهُ الشيءَ: أَعطاه إِياه أَو مَلَّكَهُ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: هَذَا كَلَامٌ عِنْدَنَا مَعْرُوفٌ بِالْيَمَنِ لَا يَكَادُ يُتكلم بِغَيْرِهِ؛ يَقُولُ الرَّجُلُ: أَخْمِرني كَذَا وَكَذَا أَي أَعطنيه هِبَةً لِي، مَلِّكْنِي إِياه، وَنَحْوَ هَذَا. وأَخْمَر الشيءَ: أَغفله؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. واليَخْمُورُ: الأَجْوَفُ الْمُضْطَرِبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. واليَخْمُورُ أَيضاً: الْوَدَعُ، وَاحِدَتُهُ يَخْمُورَةٌ. ومِخْمَرٌ وخُمَيْرٌ: اسْمَانِ. وَذُو الخِمَار: اسْمُ فَرَسِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ شَهِدَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْجَمَلِ. وباخَمْرَى: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ، وَبِهَا قَبْرُ إِبراهيم «1» . بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، عليهم السلام.
خمجر: مَاءٌ خَمْجَرٌ وخُماجِرٌ وخَمْجَرِيرٌ: ثَقِيلٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَشْرَبُهُ الْمَالُ وَلَا يَشْرَبُهُ النَّاسُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رُبَّمَا قَتَلَ الدَّابَّةَ وَلَا سِيَّمَا إِنِ اعْتَادَتِ الْعَذْبَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ مِلْحًا أُجاجاً، وَقِيلَ: هُوَ الْمِلْحُ جِدًّا؛ وأَنشد:
لَوْ كنتَ مَاءً كُنْتَ خَمْجَرِيرا
خمطر: مَاءٌ خَمْطَرِيرٌ: كَخَمْجَرِيرٍ.
خنر: أُم خِنَّوْر وخَنُّورٍ، عَلَى وَزْنِ تَنُّورٍ: الضَّبُعُ وَالْبَقَرَةُ؛ عَنْ أَبي رِيَاشٍ؛ وَقِيلَ: الدَّاهِيَةُ. وَيُقَالُ: وَقَعَ الْقَوْمُ فِي أُم خِنَّورٍ أَي فِي دَاهِيَةٍ. والخِنَّوْرُ: الضَّبُعُ، وَقِيلَ: أُم خَنُّورٍ مِنْ كُنَى الضَّبُعِ، وَقِيلَ: هِيَ أُم خِنَّوْر، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ، وَقِيلَ: هِيَ خَنُّور، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّ النُّونِ. وأُم خَنُّور: الصَّحارى. وأُم خَنُّور وخَنَوَّرٍ وخِنَّوْرٍ: الدُّنْيَا. قَالَ: قَالَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: وطِئْنَا أُمَّ خَنُّورٍ بِقُوَّةٍ، فَمَا مَضَتْ جُمْعَةٌ حَتَّى مَاتَ، وأُمُّ خَنُّورٍ: مِصْرَ، صَانَهَا اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُمُّ خَنُّورٍ يُسَاقُ إِليها القِصَارُ الأَعمار
؛ رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ الدِّيْنَوَريُّ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَفِي الْخَنُّورِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: خِنَّورٌ مِثْلُ بِلَّوْر، وخَنُّورُ مِثْلُ سَفُّود، وخَنَوَّر مِثْلُ عَذَوَّر. والخَنُّور: النِّعْمة الظَّاهِرَةُ، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَتْ مِصْرُ بِذَلِكَ لِنِعْمَتِهَا، وَذَلِكَ ضَعِيفٌ. وَيُقَالُ: وَقَعُوا فِي أُم خِنَّوْر إِذا وَقَعُوا فِي خِصْب وَلِينٍ مِنَ العَيْشِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الدُّنْيَا أُم خِنَّوْرٍ. وأُمُّ خَنُّور: الاسْتُ؛ وَشَكَّ أَبو حَاتِمٍ فِي شَدِّ النُّونِ، وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً: أُم خِنَّوْرٍ؛ قَالَ أَبو سَهْلٍ: وأَما أُم خِنَّوْرٍ، بِكَسْرِ الْخَاءِ، فَهُوَ اسْمُ الِاسْتِ؛ وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: هِيَ اسْمٌ لِاسْتِ الْكَلْبَةِ. والخَنَوَّر: قَصَبُ النُّشَّاب، وَرَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ الخَنُّور، وَقَالَ مَرَّةً: خَنَوَّرٌ أَو خَنُّور، فأَفْصَحَ بِالشَّكِّ؛ وأَنشد:
يَرْمُونَ بالنُّشَّاب ذِي الآذان ... في القَصَبِ الخَنَوَّرْ
__________
(1) . قوله: [وبها قبر إِبراهيم إلخ] عبارة القاموس وشرحه: بها قَبْرُ إِبراهيم بْنِ عَبْدِ الله المحض بن الحسن المثني بن الحسن السبط الشهيد بن علي إلخ. ثم قال: خرج أي إبراهيم بالبصرة سنة 145 وبايعه وجوه الناس، وتلقب بأمير المؤمنين فقلق لذلك أَبو جعفر المنصور فأرسل إليه عيسى بن موسى لقتاله فاستشهد السيد إبراهيم وحمل رأسه إلى مصر انتهى. باختصار(4/259)
وَقِيلَ: كُلُّ شَجَرَةٍ رِخْوَةٍ خَوَّارَةٍ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كُلُّ شَجَرَةٍ رِخْوَة خَوَّارَة، فَهِيَ خَنُّورة، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِقَصَبِ النَّشَّابِ: خَنُّور، بِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّ النُّونِ. أَبو الْعَبَّاسِ: الخانِرُ الصَّديق المُصافي، وَجَمْعُهُ خُنُرٌ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ لَيْسَ مِنْ خُنُرِي أَي ليس من أَصفيائي.
خنتر: الْجُوعُ الخِنْتَارُ: الشديدُ، وهو الخُنْتُور أَيضاً.
خنثر: الخَنْثَرُ والخَنَثِرُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: الشَّيْءُ الْخَسِيسُ يَبْقَى مِنْ مَتَاعِ الْقَوْمِ فِي الدَّارِ إِذا تَحَمَّلُوا. ابْنُ الأَعرابي: الخَناشِير والخَناثِير الدَّوَاهِي، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْخَنَاثِيرُ قُمَاشُ الْبَيْتِ.
خنجر: الخَنْجَرُ والخَنْجَرَةُ والخُنجُورُ، كُلُّهُ: النَّاقَةُ الْغَزِيرَةُ، وَالْجَمْعُ الخَناجِرُ. الأَصمعي: الخُنْجُور واللُّهْمُوم والرُّهْشُوشُ الْغَزِيرَةُ اللَّبَنِ مِنَ الإِبل. اللَّيْثُ: الخَنْجَرَةُ مِنَ الْحَدِيدِ، والخَنْجَرُ والخِنجَرُ: السِّكِّينُ. وَمِنْ مَسَائِلِ الْكِتَابِ: الْمَرْءُ مَقْتُولٌ بِمَا قَتَلَ بِهِ، إِن خَنْجَرًا فَخَنْجَرٌ، وَإِنْ سَيْفًا فَسَيْفٌ؛ قَالَ:
يَطْعُنُها بِخَنْجَرٍ مِنْ لَحْمِ، ... تحتَ الذُّنَابى، فِي مكانٍ سُخْنِ
جَمَعَ بَيْنَ النُّونِ وَالْمِيمِ وَهَذَا مِنَ الإِكفاء. والخَنْجَرُ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ الخَنْجَرُ بنُ صَخْر الأَسدي. والخَنجَرِيرُ: الْمَاءُ الثَّقِيلُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ مِلْحًا، وَقِيلَ: هُوَ الملح جدّاً.
خنزر: الخَنْزَرَةُ: الغِلَظُ. والخَنْزَرَةُ: الفأْس الْغَلِيظَةُ. وخَنْزَرَةُ والخَنْزَرُ: مَوْضِعَانِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
أَنْعَتُ عَيراً مِنْ حَمِيرِ خَنْزَرَهْ، ... فِي كُلِّ عَيْرٍ مِائَتَانِ كَمَرَهْ
وأَنشد أَيضاً:
أَنْعَتُ أَعْيَاراً رَعَيْنَ الخَنَزَرا، ... أَنْعَتُهُنَّ آيُراً وكَمَرَا
ودارَةُ خَنْزَرٍ: مَوْضِعٌ هُنَاكَ؛ عَنْ كُرَاعٍ التَّهْذِيبُ: وخَنْزَرٌ اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
أَلَمَّ خَيَالٌ مِنْ أُمَيْمَةَ مَوْهِناً ... طَرُوقاً، وأَصحابي بدارَةِ خَنْزَرِ
وَقَالَ الرَّاعِي فِي خَنْزَرٍ:
يَعْنِي لِتَبْلُغَنِي خَنْزَرٌ «1»
. وَخِنْزِيرٌ: مَوْضِعُ ذَكَرَهُ لَبِيدٌ:
بالغُرابات فَزَرَّافاتِها، ... فبخنْزِيرٍ، فأَطْرَافِ حُبَلْ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَنْزَرَ الرجلُ إِذا نَظَرَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنِهِ، جَعَلَهُ فَنْعَلَ مِنَ الأَخْزَرِ، وَكُلُّ مُومِسةٍ: أَخْزَر. أَبو عَمْرٍو: الخَنْزُوانُ الخِنْزِير، ذَكَرَهُ فِي بَابِ الهَيْلُمَان والنَّيْدُلان والكَيْذُبان والخَنْزُوان «2» . ابْنُ سِيدَهْ: خَنْزَرٌ اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ الحَلالُ بن عَمِّ الرَّاعِي يَتَهَاجَيَانِ، وَزَعَمُوا أَن الرَّاعِي هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ خَنْزَراً. والخِنْزِيرُ مِنَ الْوَحْشِ الْعَادِيِّ: مَعْرُوفٌ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ كُرَاعٌ: هُوَ مِنَ الخَزَرِ فِي الْعَيْنِ لأَن ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ، قَالَ: فَهُوَ عَلَى هَذَا ثُلَاثِيٌّ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي تَرْجَمَةِ خَزَرَ. وخَنْزَرَ: فَعَلَ فِعْلَ الْخِنْزِيرِ. وخِنْزِيرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَعشى يصف الغيث:
__________
(1) . قوله: [يعني إلخ] كذا بالأَصل
(2) . قوله: [الخنزوان] بفتح الخاء وضمها كما في القاموس(4/260)
فالسَّفْحُ يَجْري فَخِنْزِيرٌ فَبُرْقَتُه، ... حَتَّى تَدَافَعَ مِنْهُ السَّهْلُ والجَبَلُ
وخِنْزِير: اسْمُ ابْنِ أَسْلَم بْنِ هُنَاءَةَ الأَسَديِّ؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ وَقَالَ: فِيمَا أُرَى. وَالْخَنَازِيرُ: عِلَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ قُرُوحٌ صُلْبَة تحدث في الرقبة.
خنسر: الخَناسِيرُ: الهُلَّاك؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
إِذا مَا نُتِجْنَا أَربعاً عامَ كَفْأَةٍ ... بَغَاهَا خَناسِيراً، فَأَهْلَكَ أَرْبَعا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْخَنَاسِيرُ الدَّوَاهِي، وَقِيلَ: الخَناسِيرُ الغَدْرُ واللُّؤْمُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فإِنَّكَ لَوْ أَشْبَهْتَ عَمِّي حَمَلْتَنِي، ... وَلَكِنَّهُ قَدْ أَدْرَكَتْكَ الخَناسِرُ
أَي أَدركتك مَلائم أُمِّكَ. وخَناسِرُ النَّاسِ: صِغارهم. والخِنْسِرُ: اللئيمُ: والخِنْسِرُ: الدَّاهِيَةُ.
خنشفر: الخَنْشَفِيرُ: الداهية.
خنصر: فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ: الخِنْصِرُ، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَالصَّادِ، والخِنْصَرُ: الإِصبع الصُّغْرَى، وَقِيلَ الْوُسْطَى، أُنْثَى، وَالْجَمْعُ خَناصِرُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُجْمَعُ بالأَلف وَالتَّاءِ اسْتِغْنَاءً بِالتَّكْسِيرِ، وَلَهَا نَظَائِرُ نَحْوُ فِرْسِنٍ وفَرَاسِن، وَعَكْسُهَا كَثِيرٌ؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنه لَعَظِيمُ الخَناصِر وإِنها لِعَظِيمَةُ الخَناصِر، كأَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ خِنْصَراً ثُمَّ جَمَعَ عَلَى هَذَا؛ وأَنشد:
فَشَلَّتْ يَمِينِي يومَ أَعْلُو ابْنَ جَعْفَرٍ، ... وشَلَّ بَناناها وشَلَّ الخَناصِرُ
وَيُقَالُ: بِفُلَانٍ تُثْنَى الخَناصِرُ أَي تُبْتَدَأُ بِهِ إِذا ذُكِرَ أَشكالهُ. وخُناصِرَةُ، بِضَمِّ الخاء: بلد بالشام.
خنظر: الخِنْظِيرُ: العَجُوزُ المُسْتَرْخِيَةُ الجُفُونِ ولحم الوجه.
خنفر: خُنافِرٌ: اسْمُ رَجُلٍ.
خور: اللَّيْثُ: الخُوَارُ صوتُ الثَّوْر وَمَا اشْتَدَّ مِنْ صَوْتِ الْبَقَرَةِ وَالْعِجْلِ. ابْنُ سِيدَهْ: الخُوار مِنْ أَصوات الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ وَالسِّهَامِ. وَقَدْ خارَ يَخُور خُواراً: صَاحَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ
؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَيْتَ لَنَا، مكانَ المَلْكِ عَمْرو، ... رَغُوثاً حَوْلَ قُبَّتِنا تَخُورُ
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
يَحْمِلُ بَعِيراً لَهُ رُغاءٌ أَو بَقَرَةٌ لَهَا خُوارٌ
؛ هُوَ صَوْتُ الْبَقَرِ. وَفِي حَدِيثِ مَقْتَلِ
أُبيِّ بْنِ خَلَفٍ: فَخَرَّ يخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ
؛ وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ:
يَخُرْنَ إِذا أُنْفِذْن فِي ساقِطِ النَّدى، ... وإِن كانَ يَوْمًا ذَا أَهاضِيبَ مُخْضِلا
خُوَارَ المَطَافِيلِ المُلَمَّعَة الشَّوَى ... وأَطْلائِها، صَادَفْنَ عِرْنَانَ مُبْقِلا
يَقُولُ: إِذا أُنْفِذَتِ السِّهَامُ خارَتْ خُوارَ هَذِهِ الْوَحْشِ. الْمَطَافِيلُ: الَّتِي تَثْغُو إِلى أَطلائها وَقَدْ أَنشطها المَرْعَى المُخْصِبُ، فأَصواتُ هَذِهِ النَّبَالِ كأَصوات تِلْكَ الْوُحُوشِ ذَوَاتِ الأَطفال، وإِن أُنْفِذَتْ فِي يَوْمِ مَطَرٍ مُخْضِلٍ، أَي فَلِهَذِهِ النَّبْلِ فَضْلٌ مِنْ أَجل إِحكام الصَّنْعَةِ وَكَرْمِ الْعِيدَانِ. والاسْتِخارَةُ: الاستعطافُ. واسْتَخَارَ الرجلَ: اسْتَعْطَفَهُ؛ يُقَالُ: هُوَ مِنَ الخُوَار وَالصَّوْتِ، وأَصله أَن الصَّائِدَ يأْتي وَلَدَ الظَّبْيَةِ فِي كِنَاسِهِ فيَعْرُك أُذنه فَيَخُور أَي يَصِيحُ، يَسْتَعْطِفُ بِذَلِكَ أُمه كَيْ يَصِيدَهَا؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:(4/261)
لَعَلَّكَ، إِمَّا أُمُّ عَمْرٍو تَبَدَّلَتْ ... سِواكَ خَلِيلًا، شاتِمِي تَسْتَخِيرُها «1»
. وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
ولَن يَسْتَخِيرَ رُسُومَ الدِّيار، ... لِعَوْلَتِهِ، ذُو الصِّبا المُعْوِلُ
فَعَيْنُ اسْتَخَرْتُ عَلَى هَذَا وَاوٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْيَاءِ، لأَنك إِذا اسْتَعْطَفْتَهُ وَدَعَوْتَهُ فإِنك إِنَّمَا تَطْلُبُ خَيْرَهُ. وَيُقَالُ: أَخَرْنَا الْمَطَايَا إِلى مَوْضِعِ كَذَا نُخِيرُها إِخارَةً صَرَفْنَاهَا وَعَطَفْنَاهَا. والخَوَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: الضَّعْفُ. وخارَ الرجلُ والحَرُّ يَخُور خُؤوراً وخَوِرَ خَوَراً وخَوَّرَ: ضَعُفَ وَانْكَسَرَ؛ وَرَجُلٌ خَوَّارٌ: ضَعِيفٌ. وَرُمْحٌ خَوَّارٌ وَسَهْمٌ خَوَّار؛ وَكُلُّ مَا ضَعُفَ، فَقَدْ خَارَ. اللَّيْثُ: الخَوَّار الضَّعِيفُ الَّذِي لَا بَقَاءَ لَهُ عَلَى الشِّدَّةِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَنْ تَخُورَ قُوًى مَا دَامَ صَاحِبُهَا يَنْزِعُ ويَنْزُو
، خَارَ يَخور إِذا ضَعُفَتْ قوَّته ووَهَتْ، أَي لَنْ يَضْعُفَ صَاحِبُ قوَّة يَقْدِرُ أَن يَنْزِعَ فِي قَوْسِهِ ويَثِبَ إِلى دَابَّتِهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَجَبانٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وخَوَّارٌ فِي الإِسلام؟
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: لَيْسَ أَخو الحَرْبِ مَنْ يَضَعُ خُورَ الحَشايا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ
أَي يَضَعُ لِيَانَ الفُرُشِ والأَوْطِيَة وضِعافَها عِنْدَهُ، وَهِيَ الَّتِي لَا تُحْشَى بالأَشْياء الصُّلْبَةِ. وخَوَّرَه: نَسَبَهُ إِلى الخَوَرِ؛ قَالَ:
لَقَدْ عَلِمْت، فاعْذُليني أَوْ ذَرِي، ... أَنَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ، مَنْ لَا يَصْبرِ
عَلَى المُلِمَّات، بِهَا يُخَوَّرِ
وخارَ الرجلُ يَخُور، فَهُوَ خَائِرٌ. والخُوَارُ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَيْبٌ إِلَّا فِي هَذِهِ الأَشياء: نَاقَةٌ خَوَّارة وَشَاةٌ خَوَّارة إِذا كَانَتَا غَزِيرَتَيْنِ بِاللَّبَنِ، وَبَعِيرٌ خَوَّار رَقِيقٌ حَسَنٌ، وَفَرَسٌ خَوَّار لَيِّنُ العَطْف، وَالْجَمْعُ خُورٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، والعَدَدُ خَوَّاراتٌ. والخَوَّارَةُ: الاستُ لِضَعْفِهَا. وسهمٌ خَوَّار وخَؤورٌ: ضَعِيفٌ. والخُورُ مِنَ النِّسَاءِ: الْكَثِيرَاتُ الرِّيَبِ لِفَسَادِهِنَّ وَضَعْفِ أَحلامهن، لَا وَاحِدَ لَهُ؛ قَالَ الأَخطل:
يَبِيتُ يَسُوفُ الخُورَ، وهْيَ رَواكِد، ... كَمَا سَافَ أَبْكَارَ الهِجَانِ فَنِيقُ
وَنَاقَةٌ خَوَّارة: غَزِيرَةُ اللَّبَنِ، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ، وَالْجَمْعُ خُورٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
رَشُوفٌ وَرَاءَ الخُورِ، لَوْ تَنْدَرِئ لَهَا ... صَباً وشَمالٌ حَرْجَفٌ، لَمْ تقَلَّبِ
وأَرض خَوَّارة: لَيِّنَةٌ سَهْلَةٌ، وَالْجَمْعُ خُورٌ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ لَجَإٍ يَهْجُو جَرِيرًا مُجَاوِبًا لَهُ عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ:
أَحِينَ كنتُ سَمَاماً يَا بَني لَجَإٍ، ... وخاطَرَتْ بِيَ عَنْ أَحْسابِها مُضَرُ،
تَعَرَّضَتْ تَيْمُ عَمْداً لِي لأَهْجُوَها، ... كَمَا تَعَرَّضَ لاسْتِ الخَارِئ الحَجَرُ؟
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ لجإٍ يُجَاوِبُهُ:
لَقَدْ كَذَبْتَ، وشَرُّ القَوْلِ أَكْذَبُهُ، ... مَا خاطَرَتْ بِكَ عَنْ أَحْسابِها مُضَرُ،
بَلْ أَنتَ نَزْوَة خَوَّارٍ عَلَى أَمَةٍ، ... لَا يَسْبِقُ الحَلَبَاتِ اللُّؤْمُ والخَوَرُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وشاهدُ الخُور جَمْعِ خَوَّارٍ قول
__________
(1) . قوله: [شَاتِمِي تَسْتَخِيرُهَا] قَالَ السُّكَّرِيُّ شارح الديوان: أَيْ تَسْتَعْطِفُهَا بِشَتْمِكَ إِيَّايَ(4/262)
الطِّرِمَّاحِ:
أَنا ابنُ حُماةِ المَجْدِ مِنْ آلِ مالِكٍ، ... إِذا جَعَلَتْ خُورُ الرِّجالِ تَهِيعُ
قَالَ: وَمِثْلُهُ لغَسَّانَ السَّلِيطِيِّ:
قَبَحَ الإِلَهُ بَني كُلَيْبٍ إِنَّهُمْ ... خُورُ القُلُوبِ، أَخِفَّةُ الأَحْلامِ
وَنَخْلَةٌ خَوَّارة: غَزِيرَةُ الْحَمْلِ؛ قَالَ الأَنصاري:
أَدِينُ وَمَا دَيني عَلَيْكُمْ بِمَغْرَمٍ، ... ولكنْ عَلَى الجُرْدِ الجِلادِ القَرَاوِحِ
عَلَى كُلِّ خَوَّارٍ، كأَنَّ جُذُوعَهُ ... طُلِينَ بِقارٍ، أَو بِحَمْأَةِ مائِحِ
وبَكْرَةٌ خَوَّارَةٌ إِذا كَانَتْ سَهْلَةَ جَرْيِ المِحْوَرِ فِي القَعْرِ؛ وأَنشد:
عَلِّقْ عَلَى بَكْرِكَ مَا تُعَلِّقُ، ... بَكْرُكَ خَوَّارٌ، وبَكْرِي أَوْرَقُ
قَالَ: احْتِجَاجُهُ بِهَذَا الرَّجَزِ للبَكْرَةِ الخَوَّارَةِ غَلَطٌ لأَن البَكْرَ فِي الرَّجَزِ بَكْرُ الإِبل، وَهُوَ الذَّكَرُ مِنْهَا الفَتِيُّ. وَفَرَسٌ خَوَّارُ العِنانِ: سَهْلُ المَعْطِفِ لَيِّنُه كَثِيرُ الجَرْيِ؛ وخَيْلٌ خُورٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
مُلِحٌّ إِذا الخُورُ اللَّهامِيمُ هَرْوَلَتْ، ... تَوَثَّبَ أَوْسَاطَ الخَبَارِ عَلَى الفَتَرْ
وَجَمَلٌ خَوَّار: رَقِيقٌ حَسَنٌ، وَالْجَمْعُ خَوَّاراتٌ، وَنَظِيرُهُ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ جَمَلٌ سِبَحْلٌ وجِمالٌ سِبَحْلاتٌ أَي أَنه لَا يُجْمَعُ إلَّا بالأَلف وَالتَّاءِ. وَنَاقَةٌ خَوَّارة: سَبِطَةُ اللَّحْمِ هَشَّةُ العَظْمِ. وَيُقَالُ: إِن فِي بَعِيرِكَ هَذَا لَشَارِبَ خَوَرٍ، يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا: فَالْمَدْحُ أَن يَكُونَ صَبُورًا عَلَى الْعَطَشِ وَالتَّعَبِ، وَالذَّمُّ أَن يَكُونَ غَيْرَ صَبُورٍ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الخُورُ الإِبل الحُمْرُ إِلى الغُبْرَةِ رقيقاتُ الْجُلُودِ طِوالُ الأَوْبارِ، لَهَا شَعْرٌ يَنْفُذُ وَوَبَرُهَا أَطول مِنْ سَائِرِ الْوَبَرِ. والخُورُ: أَضعف مِنَ الجَلَدِ، وإِذا كَانَتْ كَذَلِكَ فَهِيَ غِزارٌ. أَبو الْهَيْثَمِ: رَجُلٌ خَوَّار وقوم خَوَّارون ورجل خَؤُورٌ وَقَوْمٌ خَوَرَةٌ وَنَاقَةٌ خَوَّارة رَقِيقَةُ الْجِلْدِ غَزِيرَة. وزَنْدٌ خَوَّار: قَدَّاحٌ. وخَوَّارُ الصَّفَا: الَّذِي لَهُ صَوْتٌ مِنْ صَلَابَتِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
يَتْرُكُ خَوَّارَ الصَّفَا رَكُوبَا
والخَوْرُ: مَصَبُّ الْمَاءِ فِي الْبَحْرِ، وَقِيلَ: هُوَ مَصَبُّ الْمِيَاهِ الْجَارِيَةِ فِي الْبَحْرِ إِذا اتَّسَعَ وعَرُضَ. وَقَالَ شَمِرٌ: الخَوْرُ عُنُقٌ مِنَ الْبَحْرِ يَدْخُلُ فِي الأَرض، وَقِيلَ: هُوَ خَلِيجٌ من البحر، وجمعه خُؤُورٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ السَّفِينَةَ:
إِذا انْتَحَى بِجُؤْجُؤٍ مَسْمُورِ، ... وتارَةً يَنْقَضُّ في الخُؤُورِ،
تَقَضِّيَ البازِي مِنَ الصُّقُورِ
والخَوْرُ، مِثْلُ الغَوْرِ: المنخفضُ المُطمَئِنُّ مِنَ الأَرض بَيْنَ النَّشْزَيْنِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ للدُّبُرِ: خَوْرانُ لأَنه كالهَبْطَةِ بَيْنَ رَبْوَتَيْنِ، وَيُقَالُ لِلدُّبُرِ الخَوْرانُ والخَوَّارَةُ، لضَعْفِ فَقْحَتِها سُمِّيَتْ بِهِ، والخَوْرانُ: مَجْرَى الرَّوْثِ، وَقِيلَ: الخَوْرانُ المَبْعَرُ الَّذِي يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ حَتارُ الصُّلْب مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: رأْس المبعرِ، وَقِيلَ: الخَوْرانُ الَّذِي فِيهِ الدُّبُرُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ خَوْراناتٌ وخَوَارِينُ، قَالَ فِي جَمْعِهِ عَلَى خَوْرانات: وَكَذَلِكَ كَلُّ اسْمٍ كَانَ مُذَكَّرًا لِغَيْرِ النَّاسِ جَمْعُهُ عَلَى لَفْظِ تَاءَاتِ(4/263)
الْجَمْعِ جَائِزٌ نَحْوُ حَمَّامات وسُرادِقاتٍ وَمَا أَشبههما. وطَعَنَه فخارَه خَوْراً: أَصاب خَوْرانَهُ، وَهُوَ الْهَوَاءُ الَّذِي فِيهِ الدُّبُرُ مِنَ الرَّجُلِ، وَالْقُبُلِ مِنَ المرأَة. وخارَ البَرْدُ يَخُورُ خُؤُوراً إِذا فَتَر وسَكَنَ. والخَوَّارُ العُذْرِيُّ: رَجُلٌ كَانَ عَالِمًا بِالنَّسَبِ. والخُوَارُ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
خَرَجْنَ مِنَ الخُوَارِ وعُدْنَ فِيهِ، ... وقَدْ وَازَنَّ مِنْ أَجَلَى بِرَعْنِ
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ نَحَرَ خِيرَةَ إِبله وخُورَةَ إِبله، وَكَذَلِكَ الخُورَى والخُورَةُ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لَكَ خَوَّارُها أَي خِيَارُهَا، وَفِي بَنِي فُلَانٍ خُورَى مِنَ الإِبل الْكِرَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ خُوزِ كِرْمانَ، والخُوزُ: جبل معروف في العجم، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ، وَهُوَ مِنْ أَرض فَارِسَ، وَصَوَّبَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقِيلَ: إِذا أَردت الإِضافة فَبِالرَّاءِ، وإِذا عَطَفْتَ فَبِالزَّايِ
خير: الخَيْرُ: ضِدُّ الشَّرِّ، وَجَمْعُهُ خُيور؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
ولاقَيْتُ الخُيُورَ، وأَخْطَأَتْني ... خُطوبٌ جَمَّةٌ، وعَلَوْتُ قِرْني
تَقُولُ مِنْهُ: خِرْتَ يَا رَجُلُ، فأَنتَ خائِرٌ، وخارَ اللهُ لَكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَا كِنانَةُ فِي خَيْرٍ بِخَائِرَةٍ، ... وَلَا كِنانَةُ فِي شَرٍّ بِأَشْرارِ
وَهُوَ خَيْرٌ مِنْكَ وأَخْيَرُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً
؛ أَي تَجِدُوهُ خَيْرًا لَكُمْ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا. وَفُلَانَةُ الخَيْرَةُ مِنَ المرأَتين، وَهِيَ الخَيْرَةُ والخِيَرَةُ والخُوْرَى والخِيرى. وخارَهُ عَلَى صَاحِبِهِ خَيْراً وخِيَرَةً وخَيَّرَهُ: فَضَّله؛ وَرَجُلٌ خَيْرٌ وخَيِّرٌ، مُشَدَّدٌ وَمُخَفَّفٌ، وامرأَة خَيْرَةٌ وخَيِّرَةٌ، وَالْجَمْعُ أَخْيارٌ وخِيَارٌ. وقال تعالى: أُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ
؛ جَمْعُ خَيْرَةٍ، وَهِيَ الْفَاضِلَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ
؛ قَالَ الأَخفش: إِنه لَمَّا وُصِفَ بِهِ؛ وَقِيلَ: فُلَانٌ خَيْرٌ، أَشبه الصِّفَاتِ فأَدخلوا فِيهِ الْهَاءَ لِلْمُؤَنَّثِ وَلَمْ يُرِيدُوا بِهِ أَفعل؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عَدِيّ تَيْمِ تَمِيمٍ جَاهِلِيٌّ:
وَلَقَدْ طَعَنْتُ مَجامِعَ الرَّبَلَاتِ، ... رَبَلَاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ المَلَكاتِ
فإِن أَردت مَعْنَى التَّفْضِيلِ قُلْتَ: فُلَانَةُ خَيْرُ الناسِ وَلَمْ تَقُلْ خَيْرَةُ، وفلانٌ خَيْرُ النَّاسِ وَلَمْ تَقُلْ أَخْيَرُ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ لأَنه فِي مَعْنَى أَفعل. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ
؛ قَالَ: الْمَعْنَى أَنهن خَيْرَاتُ الأَخلاق حِسَانُ الخَلْقِ، قَالَ: وَقُرِئَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ. قَالَ اللَّيْثُ: رَجُلٌ خَيِّر وامرأَة خَيِّرَةٌ فَاضِلَةٌ فِي صَلَاحِهَا، وامرأَة خَيْرَةٌ فِي جَمَالِهَا ومِيسَمِها، فَفَرَّقَ بَيْنَ الخَيِّرة والخَيْرَةِ وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الخَيِّرَة والخَيْرَة عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ، وَقَالَ: يُقَالُ هِيَ خَيْرَة النِّسَاءِ وشَرَّةُ النِّسَاءِ؛ وَاسْتَشْهَدَ بِمَا أَنشده أَبو عُبَيْدَةَ:
رَبَلَاتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ الرَّبَلَاتِ
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنَبَةَ: الخَيْرَةُ مِنَ النِّسَاءِ الْكَرِيمَةُ النَّسَبِ الشَّرِيفَةُ الحَسَبِ الحَسَنَةُ الْوَجْهِ الحَسَنَةُ الخُلُقِ الْكَثِيرَةُ الْمَالِ الَّتِي إِذا وَلَدَتْ أَنْجَبَتْ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ النَّاسِ خَيْرُهم لِنَفْسِهِ
؛ مَعْنَاهُ إِذا جامَلَ الناسَ جَامَلُوهُ وإِذا أَحسن إِليهم كافأُوه بِمِثْلِهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
خَيْرُكم خَيْرُكم(4/264)
لأَهله
؛ هُوَ إِشارة إِلى صِلَةِ الرَّحِمِ وَالْحَثِّ عَلَيْهَا. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ الخِيارُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ. والخِيارُ: خِلَافُ الْأَشْرَارِ والخِيارُ: الِاسْمُ مِنَ الاخْتِيارِ. وخايَرَهُ فَخَارَهُ خَيْراً: كَانَ خَيْراً مِنْهُ، وَمَا أَخْيَرَه وَمَا خَيْرَه؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ. وَيُقَالُ: مَا أَخْيَرَه وخَيْرَه وأَشَرَّه وشرَّه، وَهَذَا خَيْرٌ مِنْهُ وأَخْيَرُ مِنْهُ. ابْنُ بُزُرج: قَالُوا هُمُ الأَشَرُّونَ والأَخْيَرونَ مِنَ الشَّرَارَة والخَيَارَةِ، وَهُوَ أَخْير مِنْكَ وأَشر مِنْكَ فِي الخَيَارَة والشَّرَارَة، بإِثبات الأَلف. وَقَالُوا فِي الخَيْر والشَّرِّ: هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ وشَرٌّ مِنْكَ، وشُرَيْرٌ مِنْكَ وخُيَيْرٌ مِنْكَ، وَهُوَ شُرَيْرُ أَهلهِ وخُيَيْرُ أَهله. وخارَ خَيْراً: صَارَ ذَا خَيْر؛ وإِنَّكَ مَا وخَيْراً أَي إِنك مَعَ خَيْرٍ؛ مَعْنَاهُ: سَتُصِيبُ خَيْرًا، وَهُوَ مَثَلٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً
؛ مَعْنَاهُ إِن عَلِمْتُمْ أَنهم يَكْسِبُونَ مَا يُؤَدُّونَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً
؛ أَي مَالًا. وَقَالُوا: لَعَمْرُ أَبيك الخيرِ أَي الأَفضل أَو ذِي الخَيْرِ. وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي: لَعَمْرُ أَبيك الخيرُ بِرَفْعِ الخير على الصفة للعَمْرِ، قَالَ: وَالْوَجْهُ الْجَرُّ، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي الشَّرِّ. وَخَارَ الشيءَ وَاخْتَارَهُ: انْتَقَاهُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
إِنَّ الكِرامَ، عَلَى مَا كانَ منْ خُلُقٍ، ... رَهْطُ امْرِئ، خارَه للدِّينِ مُخْتارُ
وَقَالَ: خَارَهُ مُخْتَارٌ لأَن خَارَ فِي قُوَّةِ اخْتَارَ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
ومِنَّا الَّذِي اخْتِيرَ الرِّجالَ سَماحَةً ... وجُوداً، إِذا هَبَّ الرياحُ الزَّعازِعُ
أَراد: مِنَ الرِّجَالِ لأَن اخْتَارَ مِمَّا يَتَعَدَّى إِلى مَفْعُولَيْنِ بِحَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ، تَقُولُ: اخْتَرْتُهُ مِنَ الرِّجَالِ وَاخْتَرْتُهُ الرجالَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا
؛ وَلَيْسَ هَذَا بِمُطَّرِدٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: التَّفْسِيرُ أَنَّه اخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعِينَ رَجُلًا، وإِنما اسْتَجَازُوا وُقُوعَ الْفِعْلِ عَلَيْهِمْ إِذا طُرِحَتْ مِنْ لأَنه مأْخوذ مِنْ قَوْلِكَ هَؤُلَاءِ خَيْرُ الْقَوْمِ وَخَيْرٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا جَازَتِ الإِضافة مَكَانَ مِنْ وَلَمْ يَتَغَيَّرِ الْمَعْنَى اسْتَجَازُوا أَن يَقُولُوا: اخْتَرْتُكم رَجُلًا وَاخْتَرْتُ مِنْكُمْ رَجُلًا؛ وأَنشد:
تَحْتَ الَّتِي اخْتَارَ لَهُ اللهُ الشجرْ
يُرِيدُ: اخْتَارَ لَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّجَرِ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: إِنما جَازَ هَذَا لأَن الِاخْتِيَارَ يَدُلُّ عَلَى التَّبْعِيضِ وَلِذَلِكَ حُذِفَتْ مِنْ. قَالَ أَعرابي: قُلْتُ لِخَلَفٍ الأَحْمَرِ: مَا خَيْرَ اللَّبَنَ «2» . لِلْمَرِيضِ بِمَحْضَرٍ مِنْ أَبي زَيْدٍ، فَقَالَ لَهُ خَلَفٌ: مَا أَحسنها مِنْ كَلِمَةٍ لَوْ لَمْ تُدَنِّسْها بإِسْماعِها لِلنَّاسِ، وَكَانَ ضَنِيناً، فَرَجَعَ أَبو زَيْدٍ إِلى أَصحابه فَقَالَ لَهُمْ: إِذا أَقبل خَلَفٌ الأَحمر فَقُولُوا بأَجمعكم: مَا خَيْرَ اللَّبَنَ لِلْمَرِيضِ؟ فَفَعَلُوا ذَلِكَ عِنْدَ إِقباله فَعَلِمَ أَنه مِنْ فِعْلِ أَبي زَيْدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيت الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَلَمْ أَر مثلَ الخَيْرِ والشَّرِّ
؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، لَمْ أَر مِثْلَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، لَا يُمَيَّزُ بَيْنَهُمَا فَيُبَالَغُ فِي طَلَبِ الْجَنَّةِ وَالْهَرَبِ مِنَ النَّارِ. الأَصمعي: يُقَالُ فِي مَثَلٍ لِلْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ: خَيْرَ مَا رُدَّ فِي أَهل وَمَالٍ قَالَ: أَي جعلَ اللَّهُ مَا جِئْتَ خَيْرَ مَا رَجَعَ بِهِ الغائبُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْ دُعَائِهِمْ فِي النِّكَاحِ: عَلَى يَدَي الخَيْرِ واليُمْنِ قَالَ: وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْكَلَامَ فِي حَدِيثٍ
عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللِّيثِيِّ فِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ أَن أَخاه أُنَيْساً نافَرَ رَجُلًا
__________
(2) . قوله: [ما خير اللبن إلخ] أي بنصب الراء والنون، فهو تعجب كما في القاموس(4/265)
عَنْ صِرْمَةٍ لَهُ وَعَنْ مِثْلِهَا فَخُيِّرَ أُنَيْسٌ فَأَخذ الصِّرْمَةَ
؛ مَعْنَى خُيِّرَ أَي نُفِّرَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي فُضِّل وغُلِّبَ. يُقَالُ: نافَرْتُه فَنَفَرْتُه أَي غَلَبْتُهُ، وخايَرْتُه فَخِرْتُه أَي غَلَبْتُهُ، وفاخَرْتُه فَفَخَرْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وناجَبْتُه فَنَجَبْتُهُ؛ قَالَ الأَعشى:
واعْتَرَفَ المَنْفُورُ للنافِرِ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى رَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَرَبُّكَ يَخْتَارُ وَلَيْسَ لَهُمُ الْخِيرَةُ وَمَا كَانَتْ لَهُمُ الْخِيرَةُ أَي لَيْسَ لَهُمْ أَن يَخْتَارُوا عَلَى اللَّهِ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَا فِي مَعْنَى الَّذِي فَيَكُونَ الْمَعْنَى وَيَخْتَارُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ فِيهِ الْخِيرَةُ، وَهُوَ مَا تَعَبَّدَهم بِهِ، أَي وَيَخْتَارُ فِيمَا يَدْعُوهُمْ إِليه مِنْ عِبَادَتِهِ مَا لَهُمْ فِيهِ الخِيَرَةُ. واخْتَرْتُ فُلَانًا عَلَى فُلَانٍ: عُدِّيَ بِعَلَى لأَنه فِي مَعْنَى فَضَّلْتُ؛ وَقَوْلُ قَيْسِ بْنِ ذريحٍ:
لَعَمْرِي لَمَنْ أَمْسَى وأَنتِ ضَجِيعُه، ... مِنَ الناسِ، مَا اخْتِيرَتْ عَلَيْهِ المَضاجِعُ
مَعْنَاهُ: مَا اخْتِيرَتْ عَلَى مَضْجَعِه المضاجعُ، وَقِيلَ: مَا اخْتِيرَتْ دُونَهُ، وَتَصْغِيرُ مُخْتَارٍ مُخَيِّر، حُذِفَتْ مِنْهُ التَّاءُ لأَنها زَائِدَةٌ، فأُبدلت مِنَ الْيَاءِ لأَنها أُبدلت مِنْهَا فِي حَالِ التَّكْبِيرِ. وخَيَّرْتُه بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أَي فَوَّضْتُ إِليه الخِيارَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَخَيَّرُوا لنُطَفِكُمْ
، أَي اطْلُبُوا مَا هُوَ خَيْرُ الْمُنَاكِحِ وأَزكاها وأَبعد مِنَ الخُبْثِ وَالْفُجُورِ. وَفِي حَدِيثِ
عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ: أَنه خَيَّر فِي ثَلَاثٍ
أَي جَعَلَ لَهُ أَن يَخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدَةً، قَالَ: وَهُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
بَرِيرة: أَنها خُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا
، بِالضَّمِّ. فأَما قَوْلُهُ: خَيَّرَ بَيْنَ دُورِ الأَنصار فَيُرِيدُ فَضَّلَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ. وتَخَيَّر الشيءَ: اخْتَارَهُ، وَالِاسْمُ الخِيرَة والخِيَرَة كَالْعِنَبَةِ، والأَخيرة أَعرف، وَهِيَ الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ: اخْتَارَهُ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
محمدٌ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ وخِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ
؛ والخِيَرَة: الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: هَذَا وَهَذِهِ وَهَؤُلَاءِ خِيرَتي، وَهُوَ مَا يَخْتَارُهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخِيرةُ، خَفِيفَةٌ، مَصْدَرُ اخْتارَ خِيرة مِثْلُ ارْتابَ رِيبَةً، قَالَ: وَكُلُّ مَصْدَرٍ يَكُونُ لأَفعل فَاسْمُ مَصْدَرِهِ فَعَال مِثْلُ أَفاق يُفِيقُ فَوَاقاً، وأَصاب يُصيب صَوَاباً، وأَجاب يُجيب جَواباً، أُقيم الِاسْمُ مَكَانَ الْمَصْدَرِ، وَكَذَلِكَ عَذَّبَ عَذاباً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وقرأَ القراء: أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
، بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَمِثْلُهُ سَبْيٌ طِيَبَةٌ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الخِيَرَة التَّخْيِيرُ. وَتَقُولُ: إِياك والطِّيَرَةَ، وسَبْيٌ طِيَبَةٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ مَا كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
؛ أَي ليس لَهُمْ أَن يَخْتَارُوا عَلَى اللَّهِ. يُقَالُ: الخِيرَةُ والخِيَرَةُ كُلُّ ذَلِكَ لِمَا تَخْتَارُهُ مِنْ رَجُلٍ أَو بَهِيمَةٍ يَصْلُحُ إِحدى «1» هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ. وَالِاخْتِيَارُ: الِاصْطِفَاءُ وَكَذَلِكَ التَّخَيُّرُ. وَلَكَ خِيرَةُ هَذِهِ الإِبل وَالْغَنَمِ وخِيارُها، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: الْخِيَارُ مِنَ النَّاسِ وَالْمَالِ وَغَيْرُ ذَلِكَ النُّضَارُ. وَجَمَلٌ خِيَار وَنَاقَةٌ خِيَارٌ: كَرِيمَةٌ فَارِهَةٌ؛ وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ:
أَعطوه جَمَلًا رَباعِياً خِيَاراً
؛ جَمَلٌ خِيَارٌ وَنَاقَةٌ خِيَارٌ أَي مُخْتَارٌ وَمُخْتَارَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: نَحَرَ خِيرَةَ إِبله وخُورَةَ إِبله، وأَنت بالخِيارِ وبالمُخْتارِ سواءٌ، أَي اخْتَرْ مَا شِئْتَ. والاسْتِخارَةُ: طلَبُ الخِيرَة فِي الشَّيْءِ، وهو
__________
(1) . قوله: [يصلح إحدى إلخ] كذا بالأَصل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سقط فلعل الثالث لفظ ما تختاره(4/266)
اسْتِفْعَالٌ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
وخارَ اللهُ لَكَ أَي أَعطاك مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ، والخِيْرَةُ، بِسُكُونِ الْيَاءِ: الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ دُعَاءُ الِاسْتِخَارَةِ: اللَّهُمَّ خِرْ لِي أَي اخْتَرْ لِي أَصْلَحَ الأَمرين وَاجْعَلْ لِي الخِيْرَة فِيهِ. وَاسْتَخَارَ اللهَ: طَلَبَ مِنْهُ الخِيَرَةَ. وَخَارَ لَكَ فِي ذَلِكَ: جَعَلَ لَكَ فِيهِ الخِيَرَة؛ والخِيْرَةُ الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ: خَارَ اللَّهُ لَكَ فِي هَذَا الأَمر. وَالِاخْتِيَارُ: الِاصْطِفَاءُ، وَكَذَلِكَ التَّخَيُّرُ. وَيُقَالُ: اسْتَخِرِ اللَّهَ يَخِرْ لَكَ، وَاللَّهُ يَخِير لِلْعَبْدِ إِذا اسْتَخارَهُ. والخِيرُ، بِالْكَسْرِ: الكَرَمُ. والخِيرُ: الشَّرَفُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والخِيرُ: الْهَيْئَةُ. والخِيرُ: الأَصل؛ عَنِ اللحياني. وفلان خَيْرِيَّ [خِيْرِيَ] مِنَ النَّاسِ أَي صَفِيِّي. واسْتَخَارَ المنزلَ: اسْتَنْظَفَهُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ولَنْ يَسْتَخِيرَ رُسُومَ الدِّيار، ... بِعَوْلَتِهِ، ذُو الصِّبَا المُعْوِلُ
واستخارَ الرجلَ: اسْتَعْطَفَهُ وَدَعَاهُ إِليه؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ زُهَيْرٍ الْهُذَلِيِّ:
لَعَلَّك، إِمَّا أُمُّ عَمْرٍو تَبَدَّلَتْ ... سِواكَ خَلِيلًا، شاتِمي تَسْتَخِيرُها
قَالَ السُّكَّرِيُّ: أَي تَسْتَعْطِفُهَا بِشَتْمِكَ إِياي. الأَزهري: اسْتَخَرْتُ فُلَانًا أَي اسْتَعْطَفْتَهُ فَمَا خَارَ لِي أَي مَا عَطَفَ؛ والأَصل فِي هَذَا أَن الصَّائِدَ يأْتي الْمَوْضِعَ الَّذِي يَظُنُّ فِيهِ وَلَدَ الظَّبْيَةِ أَو الْبَقَرَةِ فَيَخُورُ خُوارَ الْغَزَالِ فَتَسْمَعُ الأُم، فإِن كَانَ لَهَا وَلَدٌ ظَنَّتْ أَن الصَّوْتَ صَوْتُ وَلَدِهَا فَتَتْبَعُ الصَّوْتَ فَيَعْلَمُ الصَّائِدُ حينئذٍ أَن لَهَا وَلَدًا فَتَطْلُبُ مَوْضِعَهُ، فَيُقَالُ: اسْتَخَارَها أَي خَارَ لِتَخُورَ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ مَنِ اسْتَعْطَفَ: اسْتَخَارَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي خور لأَن ابْنَ سِيدَهْ قَالَ: إِن عَيْنَهُ وَاوٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
البَيِّعانِ بالخِيارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا
؛ الخيارُ: الِاسْمُ مِنَ الاخْتِيَارِ، وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الأَمرين: إِما إِمضاء الْبَيْعِ أَو فَسْخُهُ، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضرب: خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ النَّقِيصَةِ، أَما خِيَارُ الْمَجْلِسِ فالأَصل فِيهِ قَوْلُهُ:
البيِّعان بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الخِيارِ
أَي إِلا بَيْعًا شُرط فِيهِ الْخِيَارُ فَلَمْ يَلْزَمْ بِالتَّفَرُّقِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِلا بَيْعًا شُرِطَ فِيهِ نَفْيُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فَلَزِمَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ قَوْمٍ، وأَما خِيَارُ الشَّرْطِ فَلَا تَزِيدُ مُدَّتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيام عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَوَّلها مِنْ حَالِ الْعَقْدِ أَو مِنْ حَالِ التَّفَرُّقِ، وأَما خِيَارُ النَّقِيصَةِ فأَن يَظْهَرَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ أَو يَلْتَزِمُ الْبَائِعُ فِيهِ شَرْطًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. واسْتَخار الضَّبُعَ واليَرْبُوعَ: جَعَلَ خَشَبَةً فِي مَوْضِعِ النَّافِقَاءِ فَخَرَجَ مِنَ القاصِعاء. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَجَعَلَ اللَّيْثُ الِاسْتِخَارَةَ لِلضَّبُعِ وَالْيَرْبُوعِ وَهُوَ بَاطِلٌ. والخِيارُ: نَبَاتٌ يُشْبِهُ القِثَّاءَ، وَقِيلَ هُوَ الْقِثَّاءُ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. وخِيار شَنْبَر: ضَرْبٌ مِنَ الخَرُّوبِ شَجَرَةٌ مِثْلُ كِبَارِ شَجَرِ الخَوْخِ. وَبَنُو الْخِيَارِ: قَبِيلَةٌ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَلا بَكَرَ النَّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أَسَدْ: ... بِعَمْرِو بْنِ مَسعودٍ، وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
فإِنما ثَنَّاهُ لأَنه أَراد خَيِّرَيْ فَخَفَّفَهُ، مِثْلُ مَيّتٍ ومَيْتٍ وهَيِّنٍ وهَيْنٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الشِّعْرُ لسَبْرَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسدي يَرْثِي عَمْرَو بْنَ مَسْعُودٍ وخالدَ بْنَ نَضْلَةَ وَكَانَ النُّعْمَانُ قَتَلَهُمَا، وَيُرْوَى بِخَيْرِ بَني أَسَد عَلَى الإِفراد، قَالَ: وَهُوَ أَجود؛ قَالَ: وَمِثْلُ هَذَا الْبَيْتِ فِي التَّثْنِيَةِ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
وَقَدْ ماتَ خَيْرَاهُمْ فَلَمْ يُخْزَ رَهْطُهُ، ... عَشِيَّةَ بانَا، رَهْطُ كَعْبٍ وحاتم
والخَيْرِيُّ معرَّب.(4/267)
فصل الدال المهملة
دبر: الدُّبُرُ والدُّبْرُ: نَقِيضُ القُبُل. ودُبُرُ كُلِّ شَيْءٍ: عَقِبُه ومُؤخَّرُه؛ وَجَمْعُهُمَا أَدْبارٌ. ودُبُرُ كلِّ شَيْءٍ: خِلَافُ قُبُلِه فِي كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا قَوْلَهُمْ «2» . جَعَلَ فُلَانٌ قَوْلَكَ دُبُرَ أُذنه أَي خَلْفَ أُذنه. الْجَوْهَرِيُّ: الدُّبْرُ والدُّبُرُ خِلَافُ القُبُل، ودُبُرُ الشَّهْرِ: آخِرُهُ، عَلَى الْمِثْلِ؛ يُقَالُ: جِئْتُكَ دُبُرَ الشَّهْرِ وَفِي دُبُرِه وَعَلَى دُبُرِه، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَدبار؛ يُقَالُ: جِئْتُكَ أَدْبار الشَّهْرِ وَفِي أَدْباره. والأَدْبار لِذَوَاتِ الْحَوَافِرِ والظِّلْفِ والمِخْلَبِ: مَا يَجْمَعُ الاسْتَ والحَياءَ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ ذَوَاتَ الخُفِّ، والحياءُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ وَحْدَهُ دُبُرٌ. ودُبُرُ الْبَيْتِ: مُؤَخَّرُهُ وَزَاوِيَتُهُ. وإِدبارُ النُّجُومِ: تُوَالِيهَا، وأَدبارُها: أَخذها إِلى الغَرْبِ للغُرُوب آخِرَ اللَّيْلِ؛ هَذِهِ حِكَايَةُ أَهل اللُّغَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا لأَن الأَدْبارَ لَا يَكُونُ الأَخْذَ إِذ الأَخذ مَصْدَرٌ، والأَدْبارُ أَسماء. وأَدبار السُّجُودِ وإِدباره. أَواخر الصَّلَوَاتِ، وَقَدْ قُرِئَ: وأَدبار وإِدبار، فَمَنْ قرأَ وأَدبار فمن باب خَلْفَ وَوَرَاءَ، وَمَنْ قرأَ وإِدبار فَمِنْ بَابِ خُفُوقِ النَّجْمِ. قَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِدْبارَ النُّجُومِ
وَأَدْبارَ السُّجُودِ
؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِدْبارَ النُّجُومِ
أَن لَهَا دُبُراً وَاحِدًا فِي وَقْتِ السحَر، وَأَدْبارَ السُّجُودِ
لأَن مَعَ كُلِّ سَجْدَةٍ إِدْبَارًا؛ التَّهْذِيبُ: مَنْ قرأَ وَأَدْبارَ السُّجُودِ
، بِفَتْحِ الأَلف، جَمَعَ عَلَى دُبُرٍ وأَدبار، وَهُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ وإِدبار النُّجُومِ فِي سُورَةِ الطُّورِ فَهُمَا الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ، قَالَ: وَيُكْسَرَانِ جَمِيعًا وَيُنْصَبَانِ؛ جَائِزَانِ. ودَبَرَهُ يَدْبُرُه دُبُوراً: تَبِعَهُ مِنْ وَرَائِهِ. ودابِرُ الشَّيْءِ: آخِرُهُ. الشَّيْبانِيُّ. الدَّابِرَةُ آخِرُ الرَّمْلِ. وَقَطَعَ اللَّهُ دابِرَهم أَي آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا
؛ أَي اسْتُؤْصِلَ آخرُهم؛ ودَابِرَةُ الشَّيْءِ: كَدَابِرِه. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ
. قولُهم: قَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُ؛ قَالَ الأَصمعي وَغَيْرُهُ: الدَّابِرُ الأَصل أَي أَذهب اللَّهُ أَصله؛ وأَنشد لِوَعْلَةَ:
فِدًى لَكُمَا رِجْلَيَّ أُمِّي وخالَتِي، ... غَداةَ الكُلابِ، إِذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ
أَي يُقْتَلُ الْقَوْمُ فَتَذْهَبُ أُصولهم وَلَا يَبْقَى لَهُمْ أَثر. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجٍ: دَابِرُ الأَمر آخِرُهُ، وَهُوَ عَلَى هَذَا كأَنه يَدْعُو عَلَيْهِ بِانْقِطَاعِ العَقِبِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحد يَخْلُفُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: ودُبُرُ الأَمر ودُبْرُه آخِرُهُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَعَهْدَكَ مِنْ أُولَى الشَّبِيبَةِ تَطْلُبُ ... عَلَى دُبُرٍ؟ هَيْهَاتَ شأْوٌ مُغَرِّبُ
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
وابْعَثْ عَلَيْهِمْ بأْساً تَقْطَعُ بِهِ دابِرَهُمْ
؛ أَي جَمِيعِهِمْ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحد. ودابِرُ الْقَوْمِ: آخِرُ مَنْ يَبْقَى مِنْهُمْ وَيَجِيءُ فِي آخِرِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَيُّما مُسْلِمٍ خَلَف غَازِيًا فِي دابِرَتِه
؛ أَي مَنْ يَبْقَى بَعْدَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: كُنْتُ أَرجو أَن يَعِيشَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يَدْبُرَنا
أَي يَخْلُفَنا بَعْدَ مَوْتِنَا. يُقَالُ: دَبَرْتُ الرجلَ إِذا بَقِيتَ بَعْدَهُ. وعَقِبُ الرَّجُلِ: دَابِرُه. والدُّبُرُ والدُّبْرُ: الظهر. وقوله تعالى:
__________
(2) . قوله: [مَا خَلَا قَوْلَهُمْ جَعَلَ فلان إلخ] ظاهره أن دبر في قولهم ذلك بضم الدال والباء، وضبط في القاموس ونسخة من الصحاح بفتح الدال وسكون الموحدة(4/268)
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ
؛ جَعَلَهُ لِلْجَمَاعَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانَ هَذَا يومَ بَدْرٍ وَقَالَ الدُّبُرَ فوَحَّدَ وَلَمْ يَقُلِ الأَدْبارَ، وكلٌّ جَائِزٌ صوابٌ، تَقُولُ: ضَرَبْنَا مِنْهُمُ الرُّؤُوسَ وَضَرَبْنَا مِنْهُمُ الرأْس، كَمَا تَقُولُ: فُلَانٌ كَثِيرُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
الكاسِرِينَ القَنَا فِي عَوْرَةِ الدُّبُرِ
ودابِرَةُ الْحَافِرِ: مُؤَخَّرُه، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَلِي مُؤَخَّرَ الرُّسْغِ، وَجَمْعُهَا الدَّوَابِرُ. الْجَوْهَرِيُّ: دَابِرَة الْحَافِرِ مَا حَاذَى مَوْضِعَ الرُّسْغِ، وَدَابِرَةُ الإِنسان عُرْقُوبه؛ قَالَ وَعْلَةُ: إِذ تَحُزُّ الدَّوَابِرُ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّابِرَةُ المَشْؤُومَةُ، وَالدَّابِرَةُ الْهَزِيمَةُ. والدَّبْرَةُ، بالإِسكان وَالتَّحْرِيكِ: الْهَزِيمَةُ فِي الْقِتَالِ، وَهُوَ اسْمٌ مِنَ الإِدْبار. وَيُقَالُ: جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّبْرَةَ، أَي الْهَزِيمَةَ، وَجَعَلَ لَهُمُ الدَّبْرَةَ عَلَى فُلَانٍ أَي الظَّفَر والنُّصْرَةَ. وَقَالَ أَبو جَهْلٍ لِابْنِ مَسْعُودٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ مُثْبَتٌ جَريح صَرِيعٌ: لِمَنِ الدَّبْرَةُ؟ فَقَالَ: لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ؛ قَوْلُهُ لِمَنِ الدَّبْرَةُ أَي لِمَنِ الدَّوْلَةُ وَالظَّفَرُ، وَتُفْتَحُ الْبَاءُ وَتُسَكَّنُ؛ وَيُقَالُ: عَلَى مَنِ الدَّبْرَةُ أَيضاً أَي الْهَزِيمَةُ. والدَّابِرَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّغْزَبِيَّة فِي الصِّرَاعِ. والدَّابِرَةُ: صِيصِيَةُ الدِّيك. ابْنُ سِيدَهْ: دَابِرَةُ الطَّائِرِ الأُصْبُعُ الَّتِي مِنْ وَرَاءِ رِجْلِهِ وَبِهَا يَضْرِبُ البَازِي، وَهِيَ لِلدِّيكِ أَسفل مِنَ الصِّيصِيَةِ يطأُ بِهَا. وَجَاءَ دَبَرِيّاً أَي أَخِيراً. وَفُلَانٌ لَا يُصَلِّي الصَّلَاةَ إِلَّا دَبَرِيّاً، بِالْفَتْحِ، أَي فِي آخِرِ وَقْتِهَا؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: أَي أَخيراً؛ رَوَاهُ أَبو عُبَيْدِ عَنِ الأَصمعي، قَالَ: والمُحَدِّثُون يَقُولُونَ دُبُرِيّاً، بِالضَّمِّ، أَي فِي آخِرِ وَقْتِهَا؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: دَبْرِيّاً، بِفَتْحِ الدَّالِ وإِسكان الْبَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً: رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، وَرَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحرَّراً، ورجلٌ أَمَّ قَوْمًا هُمْ لَهُ كَارِهُونَ
؛ قَالَ الإِفْرِيقيُّ رَاوِيَ هَذَا الْحَدِيثِ: مَعْنَى قَوْلُهُ دِبَارًا أَي بعد ما يَفُوتُ الْوَقْتُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: [إِن] لِلْمُنَافِقِينَ عَلَامَاتٍ يُعرفون بِهَا: تَحِيَّتُهم لَعْنَةٌ، وَطَعَامُهُمْ نُهْبَةٌ، لَا يَقْرَبُون الْمَسَاجِدَ إِلا هَجْراً، وَلَا يأْتون الصَّلَاةَ إِلا دَبْراً، مُسْتَكْبِرِينَ لَا يأْلَفُون وَلَا يُؤْلَفُونَ، خُشُبٌ بِاللَّيْلِ، صُخُبٌ بِالنَّهَارِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَوْلُهُ دِبَارًا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّل جَمْعُ دَبْرٍ ودَبَرٍ، وَهُوَ آخَرُ أَوقات الشَّيْءِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا؛ قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ
لَا يأْتي الصَّلَاةَ إِلا دبْراً
، يُرْوَى بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَا يأْتي الصَّلَاةَ إِلا دَبَرِيّاً
، بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى الدَّبْرِ آخِرِ الشَّيْءِ، وَفَتْحُ الْبَاءِ مِنْ تَغْيِيرَاتِ النَّسَبِ، وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يأْتي، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ العِلم قَبْلِيٌّ وَلَيْسَ بالدَّبَرِيِّ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَعْنَاهُ أَن الْعَالِمَ الْمُتْقِنَ يُجِيبُكَ سَرِيعًا وَالْمُتَخَلِّفُ يَقُولُ لِي فِيهَا نَظَرٌ. ابْنُ سِيدَهْ: تَبِعْتُ صَاحِبِي دَبَرِيّاً إِذا كُنْتَ مَعَهُ فَتَخَلَّفْتَ عَنْهُ ثُمَّ تَبِعْتَهُ وأَنت تَحْذَرُ أَن يَفُوتَكَ. ودَبَرَهُ يَدْبِرُه ويَدْبُرُه: تَلا دُبُرَه. والدَّابِرُ: التَّابِعُ. وَجَاءَ يَدْبُرُهم أَي يَتْبَعُهُمْ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وأَدْبَرَ إِدْباراً ودُبْراً: ولَّى؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَالصَّحِيحُ أَن الإِدْبارَ الْمَصْدَرُ والدُّبْر الِاسْمُ. وأَدْبَرَ أَمْرُ الْقَوْمِ: ولَّى لِفَسادٍ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ
؛ هَذَا حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ لأَنه قَدْ عَلِمَ أَن مَعَ كُلِّ تَوْلِيَةٍ إِدباراً فَقَالَ مُدْبِرِينَ*
مُؤَكِّدًا؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ دَارَةَ:
أَنا ابْنُ دَارَةَ مَعروفاً لَهَا نسَبي، ... وهَلْ بدارَةَ، يَا لَلنَّاسِ، مِنْ عارِ؟(4/269)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا أَنشده ابْنُ جِنِّي لَهَا نَسَبِي وَقَالَ لَهَا يَعْنِي النِّسْبَةَ، قَالَ: وَرِوَايَتِي لَهُ نَسَبِي. والمَدْبَرَةُ: الإِدْبارُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
هَذَا يُصادِيكَ إِقْبالًا بِمَدْبَرَةٍ؛ ... وَذَا يُنادِيكَ إِدْباراً بِإِدْبارِ
ودَبَرَ بِالشَّيْءِ: ذَهَبَ بِهِ. ودَبَرَ الرجلُ: ولَّى وشَيَّخَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَاللَّيْلِ إِذا دَبَرَ
؛ أَي تَبِعَ النهارَ قَبْلَه، وقرأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: وَاللَّيْلِ إِذ أَدْبَرَ
، وقرأَها
كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: وَاللَّيْلِ إِذا دَبَرَ
، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُمَا لُغَتَانِ: دَبَرَ النَّهَارُ وأَدْبَرَ، ودَبَرَ الصَّيْفُ وأَدْبَرَ، وَكَذَلِكَ قَبَلَ وأَقْبَلَ، فإِذا قَالُوا أَقبل الرَّاكِبُ أَو أَدبر لَمْ يَقُولُوا إِلا بالأَلف، قَالَ: وإِنهما عِنْدِي فِي الْمَعْنَى لَواحدٌ لَا أُبْعِدُ أَنْ يأْتي فِي الرِّجَالِ مَا أَتى فِي الأَزمنة، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ:
وَاللَّيْلِ إِذا دَبَرَ
، جَاءَ بَعْدَ النَّهَارِ، كَمَا تَقُولُ خَلَفَ. يُقَالُ: دَبَرَنِي فُلَانٌ وخَلَفَنِي أَي جَاءَ بَعْدِي، وَمَنْ قرأَ:
والليل إِذ أَدْبَرَ
؛ فَمَعْنَاهُ ولَّى لِيَذْهَبَ. ودَابِرُ العَيْشِ: آخِرُهُ؛ قَالَ مَعْقِلُ بنُ خُوَيْلِدٍ الهُذَلِيُّ:
وَمَا عَرَّيْتُ ذَا الحَيَّاتِ، إِلَّا ... لأَقْطَعَ دَابِرَ العَيْشِ الحُبَابِ
وَذَا الْحَيَّاتِ: اسْمُ سَيْفِهِ. وَدَابِرُ الْعَيْشِ: آخِرُهُ؛ يَقُولُ: مَا عَرَّيْتُهُ إِلا لأَقتلك. ودَبَرَ النَّهَارُ وأَدْبَرَ: ذَهَبَ. وأَمْسِ الدَّابِرُ: الذَّاهِبُ؛ وَقَالُوا: مَضَى أَمْسِ الدَّابِرُ وأَمْسِ الْمُدْبِرُ، وَهَذَا مِنَ التَّطَوُّعِ المُشامِّ للتأْكيد لأَن الْيَوْمَ إِذا قِيلَ فِيهِ أَمْسِ فَمَعْلُومٌ أَنه دَبَرَ، لَكِنَّهُ أَكده بِقَوْلِهِ الدَّابِرُ كَمَا بَيَّنَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَبِي الَّذِي تَرَكَ الملوكَ وجَمْعَهُمْ ... بِصُهَابَ هامِدَةً، كأَمْسِ الدَّابِرِ
وَقَالَ صَخْرُ بْنُ عَمْرٍو الشَّرِيد السُّلَمِي:
وَلَقَدْ قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً، ... وتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ الدَّابِرِ
وَيُرْوَى المُدْبِرِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ فِي إِنشاده مِثْلَ أَمس الْمُدْبِرِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ أَنشده أَبو عُبَيْدَةَ فِي مَقَاتِلِ الْفُرْسَانِ؛ وأَنشد قَبْلَهُ:
وَلَقَدْ دَفَعْتُ إِلى دُرَيْدٍ طَعْنَةً ... نَجْلاءَ تُزْغِلُ مِثْلَ عَطِّ المَنْحَرِ
تُزْغِلُ: تُخْرِجُ الدَّمَ قِطَعاً قِطَعاً. والعَطُّ: الشَّقُّ. وَالنَّجْلَاءُ: الْوَاسِعَةُ. وَيُقَالُ: هَيْهَاتَ، ذَهَبَ فُلَانٌ كَمَا ذَهَبَ أَمْسِ الدابِرُ، وَهُوَ الْمَاضِي لَا يَرْجِعُ أَبداً. وَرَجُلٌ خاسِرٌ دابِرٌ إِتْبَاعٌ، وسيأْتي خاسِرٌ دابِرٌ، وَيُقَالُ خاسِرٌ دامِرٌ، عَلَى الْبَدَلِ، وإِن لَمْ يَلْزَمْ أَن يَكُونَ بَدَلًا. واسْتَدْبَرَهُ: أَتاه مِنْ وَرَائِهِ؛ وَقَوْلُ الأَعشى يَصِفُ الْخَمْرَ أَنشده أَبو عُبَيْدَةَ:
تَمَزَّزْتُها غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ، ... عَلَى الشُّرْبِ، أَو مُنْكِرٍ مَا عُلِمْ
قَالَ: قَوْلُهُ غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ فُسِّرَ غَيْرَ مستأْثر، وإِنما قِيلَ للمستأْثر مُسْتَدْبِرٌ لأَنه إِذا استأْثر بِشُرْبِهَا اسْتَدْبَرَ عَنْهُمْ وَلَمْ يَسْتَقْبِلْهُمْ لأَنه يَشْرَبُهَا دُونَهُمْ وَيُوَلِّي عَنْهُمْ. والدَّابِرُ مِنَ الْقِدَاحِ: خِلَافُ القَابِلِ، وَصَاحِبُهُ مُدَابِرٌ؛ قَالَ صَخْر الغَيّ الهُذَلِيُّ يَصِفُ مَاءً وَرَدَهُ:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ فِي جَمِّهِ، ... خِيَاضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
المُدابِرُ: الْمَقْمُورُ فِي الْمَيْسِرِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي(4/270)
قُمِرَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَيُعَاوِدُ لِيَقْمُرَ؛ وَقَالَ الأَصمعي: الْمُدَابِرُ المُوَلِّي المُعْرِض عَنْ صَاحِبِهِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمُدَابِرُ الَّذِي يَضْرِبُ بِالْقِدَاحِ. ودَابَرْتُ فُلَانًا: عَادَيْتُهُ. وَقَوْلُهُمْ: مَا يَعْرِفُ قَبيلَهُ مِنْ دَبِيرِه، وَفُلَانٌ مَا يَدْرِي قَبِيلًا مِنْ دَبِيرٍ؛ الْمَعْنَى مَا يَدْرِي شَيْئًا. وَقَالَ اللَّيْثُ: القَبِيلُ فَتْلُ القُطْنِ، والدَّبِيرُ: فَتْلُ الكَتَّانِ والصُّوف. وَيُقَالُ: القَبِيلُ مَا وَلِيَكَ والدَّبِيرُ مَا خَالَفَكَ. ابْنُ الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا عَرَفَ دَبِيره مِنْ قَبيله. قَالَ الأَصمعي: القَبيل مَا أَقبل مِنَ الْفَاتِلِ إِلى حِقْوِه، والدَّبِيرُ مَا أَدبر بِهِ الْفَاتِلُ إِلى رُكْبَتِهِ. وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: الْقَبِيلُ فَوْزُ القِدح فِي القِمَارِ، والدَّبِيرُ خَيْبَةُ القِدْحِ. وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: القَبيل طَاعَةُ الرَّبِّ والدَّبير مَعْصِيَتُهُ. الصِّحَاحُ: الدَّبير مَا أَدبرتْ بِهِ المرأَة مِنْ غَزْلها حِينَ تَفْتِلُه. قَالَ يَعْقُوبُ: القَبيلُ مَا أَقْبلتَ بِهِ إِلى صَدْرِكَ، والدَّبير مَا أَدبرتَ بِهِ عَنْ صَدْرِكَ. يُقَالُ: فُلَانٌ مَا يَعْرِفُ قَبيلًا مِنْ دَبير، وَسَنَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ أَشياء فِي ترجمةِ قَبَلَ، إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. والدِّبْرَةُ: خِلافُ القِبْلَة؛ يُقَالُ: فُلَانٌ مَا لَهُ قِبْلَةٌ وَلَا دِبْرَةٌ إِذا لَمْ يَهْتَدِ لِجِهَةِ أَمره، وَلَيْسَ لِهَذَا الأَمر قِبْلَةٌ وَلَا دِبْرَةٌ إِذا لَمْ يُعْرَفْ وَجْهُهُ؛ وَيُقَالُ: قَبَّحَ اللَّهُ مَا قَبَلَ مِنْهُ وَمَا دَبَرَ. وأَدْبَرَ الرجلَ: جَعَلَهُ وَرَاءَهُ. ودَبَرَ السَّهْمُ أَي خَرَجَ مِنَ الهَدَفِ. وَفِي الْمُحْكَمِ: دَبَرَ السهمُ الهَدَفَ يَدْبُرُه دَبْراً ودُبُوراً جَاوَزَهُ وَسَقَطَ وَرَاءَهُ. والدَّابِرُ مِنَ السِّهَامِ: الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الهَدَفِ. ابْنُ الأَعرابي: دَبَرَ ردَّ، ودَبَرَ تأَخر، وأَدْبَرَ إِذا انْقَلَبَتْ فَتْلَةُ أُذن النَّاقَةِ إِذا نُحِرَتْ إِلى نَاحِيَةِ القَفَا، وأَقْبَلَ إِذا صَارَتْ هَذِهِ الفَتْلَةُ إِلى نَاحِيَةِ الْوَجْهِ. والدَّبَرَانُ: نَجْمٌ بَيْنَ الثُّرَيَّا والجَوْزاءِ وَيُقَالُ لَهُ التَّابِعُ والتُّوَيْبِعُ، وَهُوَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ، سُمِّيَ دَبَرَاناً لأَنه يَدْبُرُ الثُّرَيَّا أَي يَتْبَعُها. ابْنُ سِيدَهْ: الدَّبَرانُ نَجْمٌ يَدْبُرُ الثُّرَيَّا، لَزِمَتْهُ الأَلف وَاللَّامُ لأَنهم جَعَلُوهُ الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: فإِن قِيلَ: أَيقال لِكُلِّ شَيْءٍ صَارَ خَلْفَ شَيْءٍ دَبَرانٌ؟ فإِنك قَائِلٌ لَهُ: لَا، وَلَكِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ العِدْل والعَدِيلِ، وَهَذَا الضَّرْبُ كَثِيرٌ أَو مُعْتَادٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الدَّبَرانُ خَمْسَةُ كَوَاكِبَ مِنَ الثَّوْرِ يُقَالُ إِنه سَنَامُه، وَهُوَ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ. وجعلتُ الكلامَ دَبْرَ أُذني وكلامَه دَبْرَ أُذني أَي خَلْفِي لَمْ أَعْبَأْ بِهِ، وتَصَامَمْتُ عَنْهُ وأَغضيت عَنْهُ وَلَمْ أَلتفت إِليه، قَالَ:
يَدَاها كأَوْبِ الماتِحِينَ إِذا مَشَتْ، ... ورِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ اليَدَيْنِ طَرُوحُ
وَقَالُوا: إِذا رأَيت الثُّرَيَّا تُدْبِرُ فَشَهْر نَتَاج وشَهْر مَطَر، أَي إِذا بدأَت لِلْغُرُوبِ مَعَ الْمَغْرِبِ فَذَلِكَ وَقْتُ الْمَطَرِ وَوَقْتُ نَتاج الإِبل، وإِذا رأَيت الشِّعْرَى تُقْبِلُ فمَجْدُ فَتًى ومَجْدُ حَمْلٍ، أَي إِذا رأَيت الشِّعْرَى مَعَ الْمَغْرِبِ فَذَلِكَ صَمِيمُ القُرِّ، فَلَا يَصْبِرُ عَلَى القِرَى وَفِعْلِ الْخَيْرِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَيْرُ الْفَتَى الْكَرِيمِ الْمَاجِدِ الْحُرِّ، وَقَوْلُهُ: وَمَجْدُ حَمْلٍ أَي لَا يَحْمِلُ فِيهِ الثِّقْلَ إِلا الجَمَلُ الشَّدِيدُ لأَن الْجِمَالَ تُهْزَلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتَقِلُّ الْمَرَاعِي. والدَّبُورُ: رِيحٌ تأْتي مِنْ دُبُرِ الْكَعْبَةِ مِمَّا يَذْهَبُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تأْتي مِنْ خَلْفِكَ إِذا وَقَفْتَ فِي الْقِبْلَةِ. التَّهْذِيبُ: والدَّبُور بِالْفَتْحِ، الرِّيحُ الَّتِي تُقَابِلُ الصَّبَا والقَبُولَ، وَهِيَ رِيحٌ تَهُبُّ مِنْ نَحْوِ الْمَغْرِبِ، وَالصَّبَا تُقَابِلُهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ سُمِّيَتْ بِهِ لأَنها تأْتي مِنْ دُبُرِ(4/271)
الْكَعْبَةِ لَيْسَ بِشَيْءٍ. ودَبَرَتِ الريحُ أَي تَحَوَّلَتْ دَبُوراً؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَهَبُّ الدَّبُور مِنْ مَسْقَطِ النَّسْر الطَّائِرِ إِلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ مِنَ التَّذْكِرَةِ، يَكُونُ اسْمًا وَصِفَةً، فَمِنَ الصِّفَةِ قَوْلُ الأَعشى:
لَهَا زَجَلٌ كَحَفِيفِ الحَصاد، ... صادَفَ باللَّيْلِ رِيحاً دَبُورا
وَمِنَ الِاسْمِ قَوْلُهُ أَنشده سِيبَوَيْهِ لِرَجُلٍ مِنْ بَاهِلَةَ:
رِيحُ الدَّبُورِ مَعَ الشَّمَالِ، وتارَةً ... رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائبُ التَّهْتانِ
قَالَ: وَكَوْنُهَا صِفَةً أَكثر، وَالْجُمَعُ دُبُرٌ ودَبائِرُ، وَقَدْ دَبَرَتْ تَدْبُرُ دُبُوراً. ودُبِرَ القومُ، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فاعله، فهم مَدْبُورُون: أَصابتهم رِيحُ الدَّبُور؛ وأَدْبَرُوا: دَخَلُوا فِي الدَّبور، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الرِّيَاحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نُصِرْتُ بالصَّبَا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُورِ.
وَرَجُلٌ أُدابِرٌ: لِلَّذِي يَقْطَعُ رَحِمَهُ مِثْلُ أُباتِرٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا زَوَّقْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ وحَلَّيْتُمْ مَصاحِفَكُمْ فالدَّبارُ عَلَيْكُمْ
، بِالْفَتْحِ، أَي الْهَلَاكُ. وَرَجُلٌ أُدابِرٌ: لَا يَقْبَلُ قَوْلَ أَحد وَلَا يَلْوِي عَلَى شَيْءٍ. قَالَ السِّيرَافِيُّ: وَحَكَى سِيبَوَيْهِ أُدابِراً فِي الأَسماء وَلَمْ يُفَسِّرْهُ أَحد عَلَى أَنه اسْمٌ، لَكِنَّهُ قَدْ قَرَنَهُ بأُحامِرٍ وأُجارِدٍ، وَهُمَا مَوْضِعَانِ، فَعَسَى أَن يَكُونَ أُدابِرٌ مَوْضِعًا. قَالَ الأَزهري: وَرَجُلٌ أُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحِمَهُ فَيَقْطَعُهَا، وَرَجُلٌ أُخايِلٌ وَهُوَ المُخْتالُ. وأُذن مُدابَرَةٌ: قُطِعَتْ مِنْ خَلْفِهَا وَشُقَّتْ. وَنَاقَةٌ مُدابَرَة: شُقت مِنْ قِبَلِ قَفاها، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقْرِضَ مِنْهَا قَرْضَةً مِنْ جَانِبِهَا مِمَّا يَلِي قَفَاهَا، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ. وَنَاقَةٌ ذَاتُ إِقْبالَةٍ وإِدْبارة إِذا شُقَّ مُقَدَّمُ أُذنها ومُؤَخَّرُها وفُتِلَتْ كأَنها زَنَمَةٌ؛ وَذَكَرَ الأَزهري ذَلِكَ فِي الشَّاةِ أَيضاً. والإِدْبارُ: نقيضُ الإِقْبال؛ والاسْتِدْبارُ: خلافُ الِاسْتِقْبَالِ. وَرَجُلٌ مُقابَلٌ ومُدابَرٌ: مَحْضٌ مِنْ أَبويه كَرِيمُ الطَّرَفَيْنِ. وَفُلَانٌ مُسْتَدْبَرُ المَجْدِ مُسْتَقْبَلٌ أَي كِرِيمٌ أَوَّل مَجْدِهِ وآخِرِه؛ قَالَ الأَصمعي: وَذَلِكَ مِنَ الإِقْبالة والإِدْبارَة، وَهُوَ شَقٌّ فِي الأُذن ثُمَّ يُفْتَلُ ذَلِكَ، فإِذا أُقْبِلَ بِهِ فَهُوَ الإِقْبالَةُ، وإِذا أُدْبِرَ بِهِ فَهُوَ الإِدْبارة، والجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ مِنَ الأُذن هِيَ الإِقبالة والإِدبارة كأَنها زَنَمَةٌ، وَالشَّاةُ مُدابَرَةٌ ومُقابَلَةٌ، وَقَدْ أَدْبَرْتُها وقابَلْتُها. وَنَاقَةٌ ذَاتُ إِقبالة وإِدبارة وَنَاقَةٌ مُقابَلَة مُدابَرَةٌ أَي كَرِيمَةُ الطَّرَفَيْنِ مِنْ قِبَل أَبيها وأُمها. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بمقابَلَةٍ أَو مُدابَرَةٍ
؛ قَالَ الأَصمعي: الْمُقَابَلَةُ أَن يُقْطَعَ مِنْ طَرَفِ أُذنها شَيْءٌ ثُمَّ يَتْرُكُ مُعَلَّقًا لَا يَبِين كأَنه زَنَمَةٌ؛ وَيُقَالُ لِمِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الإِبل: المُزَنَّمُ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ المُعَلَّقُ الرَّعْلَ. والمُدابَرَةُ: أَن يَفْعَلَ ذَلِكَ بِمُؤَخَّرِ الأُذن مِنَ الشَّاةِ؛ قَالَ الأَصمعي: وَكَذَلِكَ إِن بَانَ ذَلِكَ مِنَ الأُذن فَهِيَ مُقابَلَةٌ ومُدابَرَةٌ بَعْدَ أَن كَانَ قُطِعَ. والمُدَابَرُ مِنَ الْمَنَازِلِ: خلافُ المُقابَلِ. وتَدابَرَ الْقَوْمُ: تَعادَوْا وتَقاطَعُوا، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا فِي بَنِي الأَب. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَدَابَرُوا وَلَا تَقاطَعُوا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّدَابُرُ المُصارَمَةُ والهِجْرانُ، مأْخوذ مِنْ أَن يُوَلِّيَ الرجلُ صاحِبَه دُبُرَه وَقَفَاهُ ويُعْرِضَ عَنْهُ بِوَجْهِهِ ويَهْجُرَه؛ وأَنشد:
أَأَوْصَى أَبو قَيْسٍ بأَن تَتَواصَلُوا، ... وأَوْصَى أَبوكُمْ، ويْحَكُمْ أَن تَدَابَرُوا؟(4/272)
ودَبَرَ القومُ يَدْبُرُونَ دِباراً: هَلَكُوا. وأَدْبَرُوا إِذا وَلَّى أَمرُهم إِلى آخِرِهِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ بَاقِيَةٌ. وَيُقَالُ: عَلَيْهِ الدَّبارُ أَي العَفَاءُ إِذا دَعَوْا عَلَيْهِ بأَن يَدْبُرَ فَلَا يَرْجِعُ؛ وَمِثْلُهُ: عَلَيْهِ الْعَفَاءُ أَي الدُّرُوس وَالْهَلَاكُ. وَقَالَ الأَصمعي: الدَّبارُ الْهَلَاكُ، بِالْفَتْحِ، مِثْلُ الدَّمار. والدَّبْرَة: نقيضُ الدَّوْلَة، فالدَّوْلَةُ فِي الْخَيْرِ والدَّبْرَةُ فِي الشَّرِّ. يُقَالُ: جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الدَّبْرَة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا أَحسن مَا رأَيته فِي شَرْحِ الدَّبْرَة؛ وَقِيلَ: الدَّبْرَةُ الْعَاقِبَةُ. ودَبَّرَ الأَمْرَ وتَدَبَّره: نَظَرَ فِي عَاقِبَتِهِ، واسْتَدْبَرَه: رأَى فِي عَاقِبَتِهِ مَا لَمْ يَرَ فِي صَدْرِهِ؛ وعَرَفَ الأَمْرَ تَدَبُّراً أَي بأَخَرَةٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَلَا تَتَّقُونَ الشَّرَّ حَتَّى يُصِيبَكُمْ، ... وَلَا تَعْرِفُونَ الأَمرَ إِلا تَدَبُّرَا
والتَّدْبِيرُ فِي الأَمر: أَن تَنْظُرَ إِلى ما تَؤُول إِليه عَاقِبَتُهُ، والتَّدَبُّر: التَّفَكُّرُ فِيهِ. وَفُلَانٌ مَا يَدْرِي قِبَالَ الأَمْرِ مِنْ دِباره أَي أَوَّله مِنْ آخِرِهِ. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لَوِ اسْتَقْبَلَ مِنْ أَمره مَا اسْتَدْبَرَهُ لَهُدِيَ لِوِجْهَةِ أَمْرِه أَي لَوْ عَلِمَ فِي بَدْءِ أَمره مَا عَلِمَهُ فِي آخِرِهِ لاسْتَرْشَدَ لأَمره. وَقَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ لَا تَتَدَبَّرُوا أَعجاز أُمور قَدْ وَلَّتْ صُدُورُها. والتَّدْبِيرُ: أَن يَتَدَبَّرَ الرجلُ أَمره ويُدَبِّرَه أَي يَنْظُرَ فِي عَوَاقِبِهِ. والتَّدْبِيرُ: أَن يُعتق الرَّجُلُ عَبْدَهُ عَنْ دُبُرٍ، وَهُوَ أَن يُعْتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَيَقُولُ: أَنت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَهُوَ مُدَبَّرٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن فُلَانًا أَعتق غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ
؛ أَي بَعْدَ مَوْتِهِ. ودَبَّرْتُ العبدَ إِذا عَلَّقْتَ عِتْقَهُ بِمَوْتِكَ، وَهُوَ التَّدْبِيرُ أَي أَنه يُعْتِقُ بَعْدَمَا يُدَبِّرُهُ سَيِّدُهُ وَيَمُوتُ. ودَبَّرَ الْعَبْدَ: أَعتقه بَعْدَ الْمَوْتِ. ودَبَّرَ الحديثَ عَنْهُ: رَوَاهُ. وَيُقَالُ: دَبَّرْتُ الْحَدِيثَ عَنْ فُلَانٍ حَدَّثْتُ بِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَهُوَ يُدَبِّرُ حَدِيثَ فُلَانٍ أَي يَرْوِيهِ. ودَبَّرْتُ الْحَدِيثَ أَي حَدَّثَتْ بِهِ عَنْ غَيْرِي. قَالَ شَمِرٌ: دبَّرْتُ الْحَدِيثَ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَمَا سَمِعْتَهُ مِنْ مُعَاذٍ يُدَبِّرُه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
أَي يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُ؛ وَقَالَ: إِنما هُوَ يُذَبِّرُه، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ، أَي يُتْقِنُه؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الذَّبْر القراءةُ، وأَما أَبو عُبَيْدٍ فإِن أَصحابه رَوَوْا عَنْهُ يُدَبِّرُه كَمَا تَرَى، وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ إِلى
سَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ فُلَانٍ، يَرْوِيهِ عَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ، يُدَبِّرُه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا شَرَقَتْ شمسٌ قَطُّ إِلا بِجَنْبَيْها مَلَكَانِ يُنادِيانِ أَنهما يُسْمِعَانِ الخلائقَ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ الجن والإِنس، أَلا هَلُمُّوا إِلى رَبِّكُمْ فإِنَّ مَا قَلَّ وكفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وأَلْهَى، اللَّهُمَّ عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً وعَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفاً.
ابْنُ سِيدَهْ: ودَبَرَ الكتابَ يَدْبُرُه دَبْراً كَتَبَهُ؛ عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ ذَبَرَه وَلَمْ يَقُلْ دَبَره إِلا هُوَ. والرَّأْيُ الدَّبَرِيُّ: الَّذِي يُمْعَنُ النَّظَرُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الجوابُ الدَّبَرِيُّ؛ يُقَالُ: شَرُّ الرَّأْيِ الدَّبَرِيُّ وَهُوَ الَّذِي يَسْنَحُ أَخيراً عِنْدَ فَوْتِ الْحَاجَةِ، أَي شَرُّهُ إِذا أَدْبَرَ الأَمْرُ وَفَاتَ. والدَّبَرَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: قَرْحَةُ الدَّابَّةِ وَالْبَعِيرِ، وَالْجَمْعُ دَبَرٌ وأَدْبارٌ مِثْلُ شَجَرَةٍ وشَجَرٍ وأَشجار. ودَبِرَ البعيرُ، بِالْكَسْرِ، يَدْبَرُ دَبَراً، فَهُوَ دَبِرٌ وأَدْبَرُ، والأُنثى دَبِرَةٌ ودَبْراءُ، وإِبل دَبْرَى وَقَدْ أَدْبَرَها الحِمْلُ والقَتَبُ، وأَدْبَرْتُ الْبَعِيرَ فَدَبِرَ؛ وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا دَبِرَ بَعِيرَهُ، وأَنْقَبَ(4/273)
إِذا حَفِيَ خُفُّ بَعِيرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذا بَرَأَ الدَّبَرُ وَعَفَا الأَثَرُ
؛ الدَّبَرُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْجُرْحُ الَّذِي يَكُونُ فِي ظَهْرِ الدَّابَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقْرَحَ خُفُّ الْبَعِيرِ، وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لامرأَة أَدْبَرْتِ وأَنْقَبْتِ
أَي دَبِرَ بَعِيرُكِ وحَفِيَ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: إِني لأُفْقِرُ البَكْرَ الضَّرْعَ والنَّابَ المُدْبِرَ
أَي الَّتِي أَدْبَرَ خَيْرُها. والأَدْبَرُ: لَقَبُ حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ نُبِزَ بِهِ لأَن السِّلَاحَ أَدْبَرَ ظَهْرَهُ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لأَنه طُعِنَ مُوَلِّياً؛ ودُبَيْرٌ الأَسَدِيُّ: مِنْهُ كأَنه تَصْغِيرُ أَدْبَرَ مُرَخَّمًا. والدَّبْرَةُ: السَّاقِيَةُ بَيْنَ الْمَزَارِعِ، وَقِيلَ: هِيَ المَشَارَةُ فِي المَزْرَعَةِ، وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ كُرْدَه، وَجَمْعُهَا دَبْرٌ ودِبارٌ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
تَحَدَّرَ ماءُ البِئْرِ عَنْ جُرَشِيَّةٍ، ... عَلَى جِرْبَةٍ، يَعْلُو الدِّبارَ غُرُوبُها
وَقِيلَ: الدِّبارُ الكُرْدُ مِنَ الْمَزْرَعَةِ، وَاحِدَتُهَا دِبارَةٌ. والدَّبْرَةُ: الكُرْدَةُ مِنَ الْمَزْرَعَةِ، وَالْجَمْعُ الدِّبارُ. والدِّباراتُ: الأَنهار الصِّغَارُ الَّتِي تَتَفَجَّرُ فِي أَرض الزَّرْعِ، وَاحِدَتُهَا دَبْرَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف كَيْفَ هَذَا إِلا أَن يَكُونَ جَمْعُ دَبْرَة عَلَى دِبارٍ ثُمَّ أُلحقت الْهَاءُ لِلْجَمْعِ، كَمَا قَالُوا الفِحَالَةُ ثُمَّ جُمِعَ الجَمْعُ جَمْعَ السَّلامة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدَّبْرَة الْبُقْعَةُ مِنَ الأَرض تُزْرَعُ، وَالْجَمْعُ دِبارٌ. والدَّبْرُ والدِّبْرُ: الْمَالُ الْكَثِيرُ الَّذِي لَا يُحْصَى كَثْرَةً، وَاحِدُهُ وَجَمْعُهُ سَوَاءٌ؛ يُقَالُ: مالٌ دَبْرٌ وَمَالَانِ دَبْرٌ وأَموال دَبْرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا الأَعرف، قَالَ: وَقَدْ كُسِّرَ عَلَى دُبُورٍ، وَمِثْلُهُ مَالٌ دَثْرٌ. الْفَرَّاءُ: الدَّبْرُ والدِّبْرُ الْكَثِيرُ مِنَ الضَّيْعَة وَالْمَالِ، يُقَالُ: رَجُلٌ كَثِيرُ الدَّبْرِ إِذا كَانَ فاشِيَ الضَّيْعَةِ، وَرَجُلٌ ذُو دَبْرٍ كَثِيرُ الضَّيْعَةِ وَالْمَالِ؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ. والمَدْبُور: الْمَجْرُوحُ. والمَدْبُور: الْكَثِيرُ الْمَالِ. والدَّبْرُ، بِالْفَتْحِ: النَّحْلُ وَالزَّنَابِيرُ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ النَّحْلِ مَا لَا يَأْرِي، وَلَا وَاحِدَ لَهَا، وَقِيلَ: وَاحِدَتُهُ دَبْرَةٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وهَبْتُهُ مِنْ وَثَبَى قَمِطْرَهْ ... مَصْرُورَةِ الحَقْوَيْنِ مِثْلِ الدَّبْرَهْ
وجمعُ الدَّبْرِ أَدْبُرٌ ودُبُورٌ؛ قال زيد الخيل:
بِأَبْيَضَ مِنْ أَبْكَارِ مُزْنِ سَحابَةٍ، ... وأَرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ
أَراد: شَارَهُ مِنَ النَّحْلِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ قَالَ لَبِيدٌ:
بأَشهب مِنْ أَبكار مُزْنِ سَحَابَةٍ، ... وأَري دُبُورٍ شَارَهُ النحلَ عَاسِلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ يَصِفُ خَمْرًا مُزِجَتْ بِمَاءٍ أَبيض، وَهُوَ الأَشهب. وأَبكار: جَمْعُ بِكْرٍ. وَالْمُزْنُ: السَّحَابُ الأَبيض، الْوَاحِدَةُ مُزْنَةٌ. والأَرْيُ: الْعَسَلُ. وشارَهُ: جَنَاهُ، وَالنَّحْلَ مَنْصُوبٌ بإِسقاط مِنْ أَي جَنَاهُ مِنَ النَّحْلِ عَاسِلُ؛ وَقَبْلَهُ:
عَتِيق سُلافاتٍ سَبَتْها سَفِينَةٌ، ... يَكُرُّ عَلَيْهَا بالمِزاجِ النَّياطِلُ
وَالنَّيَاطِلُ: مَكَايِيلُ الْخَمْرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الدُّبُورُ جَمْعَ دَبْرَةٍ كصخرة وصخور، ومَأْنة ومُؤُونٍ. والدَّبُورُ، بِفَتْحِ الدَّالِ: النَّحْلُ، لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَيُقَالُ لِلزَّنَابِيرِ أَيضاً دَبْرٌ. وحَمِيُّ الدَّبْرِ: عَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبي الأَفلح الأَنصاري مِنْ أَصحاب سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ(4/274)
وَسَلَّمَ، أُصيب يَوْمَ أُحد فَمَنَعَتِ النَّحْلُ الْكُفَّارَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَن الْمُشْرِكِينَ لَمَّا قَتَلُوهُ أَرادوا أَن يُمَثِّلُوا بِهِ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمُ الزَّنَابِيرَ الْكِبَارَ تَأْبِرُ الدَّارِعَ فَارْتَدَعُوا عَنْهُ حَتَّى أَخذه الْمُسْلِمُونَ فَدَفَنُوهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدِّبْرُ النَّحْلُ، بِالْكَسْرِ، كالدَّبْرِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
بِأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّبْرِ أُفْرِدَ خِشْفها، ... وَقَدْ طُرِدَتْ يَوْمَيْنِ، فهْي خَلُوجُ
عَنَى شُعْبَةً فِيهَا دَبْرٌ [دِبْرٌ] ، وَيُرْوَى: وَقَدْ وَلَهَتْ. والدَّبْرُ والدِّبْرُ أَيضاً: أَولاد الْجَرَادِ؛ عَنْهُ.
وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ: الخَافِقَانِ مَا بَيْنَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ إِلى مَغْرِبِهَا.
والدَّبْرُ: الزَّنَابِيرُ؛ قَالَ: وَمَنْ قَالَ النَّحْلُ فَقَدْ أَخطأَ؛ وأَنشد لامرأَة قَالَتْ لِزَوْجِهَا:
إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لَمْ يَخْشَ لَسْعَها، ... وخالَفَها فِي بَيْتِ نَوْبٍ عَوامِلُ
شَبَّهَ خُرُوجَهَا وَدُخُولَهَا بِالنَّوَائِبِ. قَالَ الأَصمعي: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّحْلِ يُقَالُ لَهَا الثَّوْلُ، قَالَ: وَهُوَ الدَّبْرُ والخَشْرَمُ، وَلَا وَاحِدَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا؟ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا قَالَ مُصْعَبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَرسل اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ
؛ هُوَ بِسُكُونِ الْبَاءِ النَّحْلُ، وَقِيلَ: الزَّنَابِيرُ. وَالظُّلَّةُ: السَّحَابُ. وَفِي حَدِيثِ
بَعْضِ النِّسَاءِ «3» . جَاءَتْ إِلى أُمها وهي صغيرة تَبْكِي فَقَالَتْ لَهَا: مَا لَكِ؟ فَقَالَتْ: مَرَّتْ بِي دُبَيْرَةٌ فَلَسَعَتْنِي بأُبَيْرَةٍ
؛ هُوَ تَصْغِيرُ الدَّبْرَةِ النَّحْلَةِ. والدَّبْرُ: رُقادُ كُلِّ سَاعَةٍ، وَهُوَ نَحْوُ التَّسْبِيخ. والدَّبْرُ: الْمَوْتُ. ودَابَرَ الرجلُ: مَاتَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وأَنشد لأُمية بْنِ أَبي الصَّلْتِ:
زَعَمَ ابْنُ جُدْعانَ بنِ عَمْروٍ ... أَنَّنِي يَوْماً مُدابِرْ،
ومُسافِرٌ سَفَراً بَعِيداً، ... لَا يَؤُوبُ لَهُ مُسافِرْ
وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا مَاتَ، وأَدْبَرَ إِذا تَغَافَلَ عَنْ حَاجَةِ صَدِيقِهِ، وأَدْبَرَ: صَارَ له دِبْرٌ [دَبْرٌ] ، وَهُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ. ودُبارٌ، بِالضَّمِّ: لَيْلَةُ الأَربعاء، وَقِيلَ: يَوْمُ الأَربعاء عادِيَّةٌ مِنْ أَسمائهم الْقَدِيمَةِ، وَقَالَ كُرَاعٌ: جَاهِلِيَّةٌ؛ وأَنشد:
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي. ... بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبارِ
أَو التَّالِي دُبارِ، فإِن أَفُتْهُ ... فَمُؤْنِس أَو عَرُوبَةَ أَوْ شِيارِ
أَول: الأَحَدُ. وشِيارٌ: السبتُ، وَكُلٌّ مِنْهَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ابْنُ الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا سَافَرَ فِي دُبارٍ. وَسُئِلَ مُجَاهِدٌ عَنْ يَوْمِ النَّحْسِ فَقَالَ: هُوَ الأَربعاء لَا يَدُورُ فِي شَهْرِهِ. والدَّبْرُ: قِطْعَةٌ تَغْلُظُ فِي الْبَحْرِ كَالْجَزِيرَةِ يَعْلُوهَا الْمَاءُ ويَنْضُبُ عَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
النَّجَاشِيِّ أَنه قَالَ: مَا أُحِبُّ أَن تَكُونَ دَبْرَى لِي ذَهَباً وأَنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
؛ وفُسِّرَ الدَّبْرَى بِالْجَبَلِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِالْقَصْرِ اسْمُ جَبَلٍ، قَالَ: وَفِي رِوَايَةٍ
مَا أُحب أَن لِي دَبْراً مِنْ ذَهَبٍ
، والدَّبْرُ بِلِسَانِهِمْ: الْجَبَلُ؛ قَالَ: هَكَذَا فُسِّر، قَالَ: فَهُوَ فِي الأُولى مَعْرِفَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ نَكِرَةٌ، قَالَ: وَلَا أَدري أَعربي هُوَ أَم لَا. ودَبَرٌ: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، وَمِنْهُ فُلَانٌ الدَّبَرِيُّ. وذاتُ الدَّبْرِ: اسْمُ ثَنِيَّةٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي:
__________
(3) . قَوْلُهُ: [وَفِي حَدِيثِ بَعْضِ النِّسَاءِ] عبارة النهاية: وفي حديث سكينة انتهى. قال السيد مرتضى: هي سكينة بنت الحسين، كما صرح به الصفدي وغيره انتهى. وسكينة بالتصغير كما في القاموس(4/275)
وَقَدْ صَحَّفَهُ الأَصمعي فَقَالَ: ذَاتُ الدَّيْرِ. ودُبَيْرٌ: قَبِيلَةٌ مِنْ بَنِي أَسد. والأُدَيْبِرُ: دُوَيْبَّة. وبَنُو الدُّبَيْرِ: بَطْنٌ؛ قَالَ:
وَفِي بَنِي أُمِّ دُبَيْرٍ كَيْسُ ... عَلَى الطعَّامِ مَا غَبا غُبَيْسُ
دثر: الدُّثُورُ: الدُّرُوسُ. وَقَدْ دَثَرَ الرَّسْمُ وتَداثَرَ ودَثَرَ الشيءُ يَدْثُرُ دُثُوراً وانْدَثَر: قَدُمَ ودَرَسَ؛ وَاسْتَعَارَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ ذَلِكَ للحَسَبِ اتِّسَاعًا فَقَالَ:
فِي فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسَامِحٍ، ... عِنْدَ القِتالِ قَدِيمُهُمْ لَمْ يَدْثُرِ
أَي حَسَبُهُمْ لَمْ يَبْلَ وَلَا دَرَسَ. وسيفٌ داثِرٌ: بِعِيدُ الْعَهْدِ، بالصِّقالِ. وَرَجُلٌ خاسِرٌ داثِرٌ: إِتباع، وَقِيلَ: الدَّاثِرُ هُنَا الْهَالِكُ، وَرُوِيَ
عَنِ الْحَسَنِ أَنه قَالَ: حادِثُوا هَذِهِ الْقُلُوبَ بِذِكْرِ اللَّهِ فإِنها سَرِيعَةُ الدُّثُورِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَرِيعَةُ الدُّثُور يَعْنِي دُرُوس ذِكْرِ اللَّهِ وامِّحاءَهُ مِنْهَا، يَقُولُ: اجْلُوها وَاغْسِلُوا الرَّيْنَ والطَّبَعَ الَّذِي عَلَاهَا بِذِكْرِ اللَّهِ. ودُثُورُ النُّفُوسِ: سُرْعَةُ نِسْيانِها، تَقُولُ لِلْمَنْزِلِ وَغَيْرِهِ إِذا عَفَا ودَرَسَ: قَدْ دَثَرَ دُثُوراً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَشاقَتْكَ أَخْلاقُ الرُّسُومِ الدَّواثِرِ
وَقَالَ شَمِرٌ: دُثُورُ الْقُلُوبِ امِّحاءُ الذِّكْرِ مِنْهَا ودُرُوسُها، ودُثُورُ النُّفُوسِ: سُرْعَةُ نِسْيَانِهَا. ودَثَرَ الرجلُ إِذا عَلَتْهُ كَبْرَةٌ واسْتِسْنانٌ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الدَّثَرُ الوَسَخُ. وَقَدْ دَثَرَ دُثُوراً إِذا اتَّسَخَ. ودَثَرَ السيفُ إِذا صَدِئَ. وَسَيْفٌ داثِرٌ: وَهُوَ الْبَعِيدُ الْعَهْدِ بالصِّقالِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الثواب يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
حادِثُوا هَذِهِ القلوبَ
أَي اجْلُوها وَاغْسِلُوا عَنْهَا الدَّثَرَ والطَّبَعَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُحادَثُ السيفُ إِذا صُقِلَ وجُلِيَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
كَمِثْلِ السَّيْفِ حُودِثَ بالصِّقالِ
أَي جُلِيَ وصُقِلَ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: أَن الْقَلْبَ يَدْثُرُ كَمَا يَدْثُرُ السَّيْفُ فَجَلَاؤُهُ ذِكْرُ اللَّهِ
أَي يَصْدَأُ كَمَا يصدأُ السَّيْفُ، وأَصل الدُّثُورِ الدُّرُوسُ، وَهُوَ أَن تَهُبَّ الرياحُ عَلَى الْمَنْزِلِ فَتُغَشِّي رُسُومَهُ الرملَ وَتُغَطِّيهَا بِالتُّرَابِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: دَثَرَ مكانُ الْبَيْتِ فَلَمْ يَحُجَّهُ هُودٌ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
ودَثَرَ الطائرُ تَدْثِيراً: أَصلح عُشَّهُ. وتَدَثَّرَ بِالثَّوْبِ: اشْتَمَلَ بِهِ داخلَا فِيهِ. والدِّثارُ: مَا يُتَدَثَّرُ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مَا فَوْقَ الشِّعارِ. وَفِي الصِّحَاحِ: الدِّثار كُلُّ مَا كَانَ فَوْقَ الثِّيَابِ مِنَ الشِّعَارِ. وَقَدْ تَدَثَّرَ أَي تَلَفَّفَ فِي الدِّثار. وَفِي حَدِيثِ
الأَنصار: أَنتم الشِّعارُ والناس الدِّثارُ
؛ الدِّثارُ: هُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ الشِّعارِ، يَعْنِي أَنتم الخاصَّةُ والناسُ العامَّةُ. وَرَجُلٌ دَثُورٌ: مُتَدَثِّرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَلم تَعْلَمِي أَنَّ الصَّعالِيكَ نَوْمُهُمْ ... قليلٌ، إِذا نامَ الدَّثُورُ المُسالِمُ؟
والدِّثارُ: الثَّوْبُ الَّذِي يُسْتَدْفَأُ بِهِ مِنْ فَوْقِ الشِّعارِ. يُقَالُ: تَدَثَّرَ فلانٌ بالدِّثارِ تَدَثُّراً وادَّثَرَ ادِّثاراً، فَهُوَ مُدَّثِّرٌ، والأَصل مُتَدَثِّر أُدغمت التَّاءُ فِي الدَّالِ وَشُدِّدَتْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ
؛ يَعْنِي المُتَدَثِّر بِثِيَابِهِ إِذا نَامَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يَقُولُ دثِّرُوني دَثِّرُوني
؛ أَي غَطُّوني بِمَا أَدْفَأُ بِهِ. والدَّثُورُ: الكَسْلان؛ عَنْ كُرَاعٍ. والدَّثُور أَيضاً:(4/276)
الخامل النَّؤُوم. والدَّثْرُ، بِالْفَتْحِ: الْمَالُ الْكَثِيرُ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، يُقَالُ: مَالٌ دَثْرٌ ومالانِ دَثْرٌ وأَموالٌ دَثْرٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قِيلَ لَهُ: ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَاحِدُ الدُّثُور دَثْرٌ، وَهُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ؛ يُقَالُ: هُمْ أَهلُ دَثْرٍ ودُثُورٍ، ومالٌ دَثْرٌ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
لَعَمْرِي لَقَوْمٌ قَدْ تَرَى فِي دِيارِهِمْ ... مَرَابِطَ لِلأَمْهارِ والعَكَرِ الدَّثِرْ
يَعْنِي الإِبل الْكَثِيرَةَ فَقَالَ الدَّثِرْ والأَصل الدَّثْر فَحَرَّكَ الثَّاءَ لِيَسْتَقِيمَ لَهُ الشِّعْرُ. الْجَوْهَرِيُّ: وعَسْكَرٌ دَثْرٌ أَي كَثِيرٌ إِلَّا أَنه جَاءَ بِالتَّحْرِيكِ. وَفِي حَدِيثٍ طَهْفَةَ:
وابْعَثْ راعِيَها فِي الدَّثْرِ
؛ أَراد بالدَّثْرِ هَاهُنَا الخِصْبَ والنباتَ الْكَثِيرَ. أَبو عَمْرٍو: المُتَدَثِّر مِنَ الرِّجَالِ المَأْبُونُ، قَالَ: وَهُوَ المُتَدَأَّمُ والمُتَدَهَّمُ والمِثْفَرُ والمِثْفَارُ. وَرَجُلٌ دَثْرٌ: غَافِلٌ، وداثِرٌ مِثْلُهُ؛ وَقَوْلُ طُفَيْلٍ:
إِذا سَاقَها الرّاعِي الدَّثُورُ حَسِبْتَها ... رِكابَ عِرَاقِيٍّ، مَواقِيرَ تَدْفَعُ
الدَّثُور: الْبَطِيءُ الثَّقِيلُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَبْرَحُ مكانَهُ. ودَثَرَ الشجرُ: أَوْرَقَ وتَشَعَّبَتْ خِطْرَتُه. ودَاثِرٌ: اسْمٌ؛ قَالَ السِّيرَافِيُّ: لَا أَعرفه إِلَّا دِثاراً. وتَدَثَّرَ فَرَسَه: وَثَبَ عَلَيْهَا فَرَكِبَهَا، وَفِي الْمُحْكَمِ: رَكِبَهَا وَجَالَ فِي مَتْنِها، وَقِيلَ: رَكِبَهَا مِنْ خَلْفِهَا؛ وَيُسْتَعَارُ فِي مِثْلِ هَذَا، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ غَيْثًا:
أَصَاخَتْ له فُدْرُ اليَمامَةِ، بعد ما ... تَدَثَّرَها مِنْ وَبْلِهِ مَا تَدَثَّرا
وتَدَثَّرَ الفحلُ النَّاقَةَ أَي تَسَنَّمَها.
دجر: الدَّجَرُ: الحَيْرَةُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: شِبْهُ الْحَيْرَةِ، وَهُوَ أَيضاً المَرَجُ. دَجِرَ، بِالْكَسْرِ، دَجَراً، فَهُوَ دَجِرٌ ودَجْرانُ فِيهِمَا أَي حَيْران فِي أَمره؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
دَجْرَان لَمْ يَشْرَبْ هُناك الخَمْرَا
وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
دَجْرَان لَا يَشْعُرُ مِنْ حَيْثُ أَتَى
وَجَمْعُهُمَا دَجَارَى. وَرَجُلٌ دَجِرٌ ودَجْرانُ: وَهُوَ النَّشِيطُ الَّذِي فيه مع نشاطه أَثر. أَبو زَيْدٍ: دَجِرَ الرجلُ دَجَراً، وَهُوَ الأَحمق الَّذِي يَذْهَبُ لِغَيْرِ وَجْهِهِ. والدِّجْرُ، بِكَسْرِ الدَّالِ: اللُّوبياء، هَذِهِ اللُّغَةُ الْفُصْحَى، وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ الدِّجْرَ والدَّجْرَ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ يَحْكِهَا غَيْرُهُ إِلَّا بِالْكَسْرِ، وَحَكَى هُوَ وكراع فِيهِ الدُّجْر، بِضَمِّ الدَّالِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قُرِئَ بِخَطِّ شَمِرٍ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ ضَرْبَانِ أَبيض وأَحمر. والدَّجر والدُّجْرُ والدُّجُورُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي تُشَدُّ عَلَيْهَا حَدِيدَةُ الْفَدَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا دُجْرَيْنِ كأَنهما أُذنان، وَالْحَدِيدَةُ اسْمُهَا السُّنْبَة، وَالْفَدَانُ اسْمٌ لِجَمِيعِ أَدواته، وَالْخَشَبَةُ الَّتِي عَلَى عُنُقِ الثَّوْرِ هِيَ النِّيرُ، والسَّمِيقَانِ: خَشَبَتَانِ قَدْ شُدَّتَا فِي الْعُنُقِ وَالْخَشَبَةُ الَّتِي فِي وَسَطِهِ يُشَدُّ بِهَا عِنانُ الوَيْجِ، وَهُوَ القُنَّاحَةُ، والوَيْجُ والمَيْسُ، بِالْيَمَانِيَةِ: اسْمُ الْخَشَبَةِ الطَّوِيلَةِ بَيْنَ الثَّوْرَيْنِ، وَالْخَشَبَةُ الَّتِي يُمْسِكُهَا الْحَرَّاثُ هِيَ المِقْوَمُ، قَالَ: والمِمْلَقَةُ والعِرْصافُ الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي رأْس المَيْسِ يُعَلَّقُ بِهَا الْقَيْدُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذِهِ حُرُوفٌ صَحِيحَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ شُمَيْلٍ وَذَكَرَ بَعْضَهَا ابْنِ الأَعرابي. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ قَالَ: اشْتَرِ لَنَا بالنَّوَى دَجْراً
؛ الدَّجْرُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: اللُّوبياء، وَقِيلَ: هُوَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وأَما(4/277)
بِالضَّمِّ فَهُوَ خَشَبَةٌ يُشَدُّ عَلَيْهَا حَدِيدَةُ الْفَدَانِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه أَكل الدُّجْرَ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ بالثِّفَالِ.
وحَبْلٌ مُنْدَجِرٌ: رِخْوٌ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ: وَتَرٌ مُنْدَجِرٌ رِخْوٌ. والدَّيْجُورُ: الظُّلْمَةُ، وَوَصَفُوا بِهِ فَقَالُوا: لَيْلٌ دَيْجُورٌ وَلَيْلَةٌ دَيْجُورٌ ودَيْجُوجٌ مُظْلِمَةٌ. ودِيمَةٌ دَيْجُورٌ: مُظْلِمَةٌ بِمَا تَحْمِلُهُ مِنَ الْمَاءِ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
كأَنَّ هَتْفَ القِطْقِطِ المَنْثُورِ، ... بَعْدَ رَذاذِ الدِّيمَةِ الدَّيْجُورِ
عَلَى قَراهُ، فِلَقُ الشُّذُورِ
وَفِي كَلَامِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَغْرِيدُ ذواتِ المَنْطِقِ فِي ديَاجِيرِ الأَوْكارِ
؛ الدياجيرُ: جمعُ دَيْجُور، وَهُوَ الظَّلَامُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ زَائِدَتَانِ، قَالَ: والدَّيْجُور الْكَثِيرُ الْمُتَرَاكِمُ مِنَ اليَبِيس. شَمِرٌ: الدَّيْجُورُ التُّرَابُ نَفْسُهُ، وَالْجَمْعُ الدَّياجِيرُ. وَيُقَالُ: تُرَابٌ دَيْجُورٌ أَغْبَرُ يَضْرِبُ إِلى السَّوَادِ كَلَوْنِ الرَّمَادِ، وإِذا كَثُرَ يَبِيسُ النَّبَاتُ فَهُوَ الدَّيْجُور لِسَوَادِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الدَّيْجُور الْكَثِيرُ مِنَ الكلإِ. والدِّجْرَانُ، بِكَسْرِ الدَّالِ: الخَشَبُ الْمَنْصُوبُ لِلتَّعْرِيشِ، الْوَاحِدَةُ دِجْرَانَةٌ.
دحر: دَحَرَهُ يَدْحَرُهُ دَحْراً ودُحُوراً: دَفَعَهُ وأَبعده. الأَزهري: الدَّحْرُ تَبْعِيدُكَ الشَّيْءَ عَنِ الشَّيْءِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَ النَّاسُ بِالنَّصْبِ وَالضَّمِّ، فَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهَا مَصْدَرًا كَقَوْلِكَ دَحْرتُه دُحُوراً، وَمَنْ فَتَحَهَا جَعَلَهَا اسْمًا كأَنه قَالَ يُقْذَفُونَ بِداحِرٍ وَبِمَا يَدْحَرُ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَسْتُ أَشتهي الْفَتْحَ لأَنه لَوْ وُجِّهَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى صِحَّةٍ لَكَانَ فِيهَا الْبَاءُ كَمَا تَقُولُ يُقْذَفُونَ بِالْحِجَارَةِ، وَلَا يُقَالُ يُقْذَفُونَ الْحِجَارَةَ، وَهُوَ جَائِزٌ؛ قَالَ: وَقَالَ الزَّجَّاجُ مَعْنَى قَوْلِهِ دُحُوراً أَي يُدْحَرُونَ أَي يُباعَدُونَ. وَفِي حَدِيثِ عَرَفَةَ:
مَا مِنْ يَوْمٍ إِبليس فِيهِ أَدْحَرُ وَلَا أَدْحَقُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ
؛ الدَّحْرُ: الدَّفْعُ بِعُنْفٍ عَلَى سَبِيلِ الإِهانة والإِذلال، والدَّحْقُ: الطَّرْدُ والإِبعاد، وأَفعل الَّتِي لِلتَّفْضِيلِ مِنْ دُحِرَ ودُحِقَ كأَشْهَرَ وأَجَنَّ مِنْ شُهِرَ وَجُنَّ، وَقَدْ نَزَلَ وَصْفُ الشَّيْطَانِ بأَنه أَدحر وأَدحق مَنْزِلَةً وَصَفَ الْيَوْمَ بِهِ لِوُقُوعِ ذَلِكَ فِيهِ فَلِذَلِكَ قَالَ: مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، كأَنّ الْيَوْمَ نَفْسَهُ هُوَ الأَدْحَرُ والأَدْحَقُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَنَ: ويُدحَرُ الشيطانُ
؛ وَفِي الدُّعَاءِ:
اللَّهُمَّ ادْحَرْ عَنَّا الشَّيْطَانَ
أَي ادْفَعْهُ واطْرُدْهُ ونَحِّهِ. والدُّحُورُ: الطَّرْدُ والإِبعاد، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً
؛ أَي مُقْصًى وَقِيلَ مطروداً.
دحمر: دَحْمَرَ القِرْبَةَ: ملأَها. ودَحْمُورٌ: دُوَيْبَّةٌ.
دخر: دَخَرَ الرجلُ، بِالْفَتْحِ، يَدْخَرُ دُخُوراً، فَهُوَ دَاخِرٌ، ودَخِرَ دَخَراً: ذَلَّ وصَغُرَ يَصْغُرُ صَغَاراً، وَهُوَ الَّذِي يَفْعَلُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ، شَاءَ أَو أَبى صاغِراً قَمِيئاً. والدَّخَرُ: التَّحَيُّرُ. والدُّخُورُ: الصَّغَارُ وَالذُّلُّ، وأَدْخَرَهُ غَيْرُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَهُمْ داخِرُونَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي صَاغِرُونَ، قَالَ: وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَولم يَرَوْا إِلى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ؛ إِن كُلَّ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ جِسْمٍ وَعَظْمٍ وَلَحْمٍ وَشَجَرٍ وَنَجْمٍ خَاضِعٌ سَاجِدٌ لِلَّهِ، قَالَ: وَالْكَافِرُ وإِن كَفَرَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ فَنَفْسُ جِسْمِهِ وَعَظْمِهِ وَلَحْمِهِ وَجَمِيعُ الشَّجَرِ وَالْحَيَوَانَاتِ(4/278)
خاضعة لله سَاجِدَةٌ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: الْكَافِرُ يَسْجُدُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَظِلِّهُ يَسْجُدُ لِلَّهِ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: وتأْويلُ الظِّلِّ الجِسْمُ الَّذِي عَنْهُ الظِّلُّ. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ
؛ قَالَ فِي الْحَدِيثِ: الدَّاخِرُ الذليل المُهان.
دخدر: الدَّخْدَارُ: ثَوْبٌ أَبيض مَصُونٌ. وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ تَخْتَ دَار أَي يُمْسِكُه التَّخْتُ أَي ذُو تَخْتٍ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ سَحَابًا:
تَجْلُو البَوارِقُ عَنْهُ صَفْحَ دَخْدَارِ
والدَّخْدَارُ: ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ نَفِيسٌ، وَهُوَ مُعَرَّبُ الأَصل فِيهِ تَخْتَارُ أَي صَيْنٍ فِي التَّخْتِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ القديم.
ددر: الدَّوْدَرَى: الْعَظِيمُ الْخُصْيَتَيْنِ، لَمْ يُسْتَعْمَلْ إِلَّا مَزِيدًا إِذ لَا يُعْرَفُ فِي الكلام مثل دَدَرَ.
درر: دَرَّ اللبنُ وَالدَّمْعُ وَنَحْوُهُمَا يَدِرُّ ويَدُرُّ دَرّاً ودُرُوراً؛ وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ. إِذَا حُلِبَتْ فأَقبل مِنْهَا عَلَى الْحَالِبِ شَيْءٌ كَثِيرٌ قِيلَ: دَرَّتْ، وإِذا اجْتَمَعَ فِي الضَّرْعِ مِنَ الْعُرُوقِ وَسَائِرِ الْجَسَدِ قِيلَ: دَرَّ اللبنُ. والدِّرَّةُ، بِالْكَسْرِ: كَثْرَةُ اللَّبَنِ وَسَيَلَانُهُ. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيْمَةَ: غَاضَتْ لَهَا الدِّرَةُ
، وَهِيَ اللَّبَنُ إِذا كَثُرَ وَسَالَ؛ واسْتَدَرَّ اللبنُ وَالدَّمْعُ وَنَحْوُهُمَا: كَثُرَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
إِذا نَهَضَتْ فيهِ تَصَعَّدَ نَفْرُها، ... كَقِتْر الغلاءِ، مُسْتَدِرٌّ صِيابُها
اسْتَعَارَ الدَّرَّ لِشِدَّةِ دَفْعِ السِّهَامِ، وَالِاسْمُ الدِّرَّةُ والدَّرَّة؛ وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ مَا اخْتَلَفَتِ الدِّرَّةُ والجِرَّةُ، وَاخْتِلَافُهُمَا أَن الدِّرَّةَ تَسْفُلُ والجِرَّةَ تَعْلُو. والدَّرُّ: اللَّبَنُ مَا كَانَ؛ قَالَ:
طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ، حَتَّى كأَنها ... فَلافِلُ هِندِيٍّ، فَهُنَّ لُزُوقُ
أُمهاتُ الدَّر: الأَطْباءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عن ذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ
أَي ذَوَاتِ اللَّبَنِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مصدرَ دَرَّ اللَّبَنَ إِذا جَرَى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا يُحْبَسُ دَرُّكُم
؛ أَي ذواتُ الدَّرِّ، أَراد أَنها لَا تُحْشَرُ إِلى المُصَدِّقِ وَلَا تُحْبَسُ عَنِ المَرْعَى إِلى أَن تَجْتَمِعَ الْمَاشِيَةُ ثُمَّ تُعَدُّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الإِضرار بِهَا. ابْنُ الأَعرابي: الدَّرُّ الْعَمَلُ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لِلَّهِ دَرُّكَ، يَكُونُ مَدْحًا وَيَكُونُ ذَمًّا، كَقَوْلِهِمْ: قَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَكفره وَمَا أَشعره. وَقَالُوا: لِلَّهِ دَرُّكَ أَي لِلَّهِ عَمَلُكَ يُقَالُ هَذَا لِمَنْ يُمْدَحُ وَيُتَعَجَّبُ مِنْ عَمَلِهِ، فإِذا ذُمَّ عَمَلُهُ قِيلَ: لَا دَرَّ دَرُّهُ وَقِيلَ: لِلَّهِ دَرُّك مِنْ رَجُلٍ مَعْنَاهُ لِلَّهِ خَيْرُكَ وَفِعَالُكَ، وإِذا شَتَمُوا قَالُوا: لَا دَرَّ دَرُّه أَي لَا كَثُرَ خَيْرُهُ، وَقِيلَ: لِلَّهِ دَرُّك أَي لِلَّهِ مَا خَرَجَ مِنْكَ مِنْ خَيْرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَصله أَن رَجُلًا رأَى آخَرَ يَحْلِبُ إِبلًا فَتَعَجَّبَ مِنْ كَثْرَةٍ لِبَنْهَا فَقَالَ: لِلَّهِ دَرُّك، وَقِيلَ: أَراد لِلَّهِ صَالِحُ عَمَلِكَ لأَن الدَّرَّ أَفضل مَا يُحْتَلَبُ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: وأَحسبهم خَصُّوا اللَّبَنَ لأَنهم كَانُوا يَفْصِدُون النَّاقَةَ فيشربون دمها ويَقْتَطُّونَها فَيَشْرَبُونَ مَاءَ كِرْشِهَا فَكَانَ اللبنُ أَفضلَ مَا يَحْتَلِبُونَ، وَقَوْلُهُمْ: لَا دَرَّ دَرُّه لَا زَكَا عَمَلُهُ، عَلَى الْمَثَلِ، وَقِيلَ: لَا دَرَّ دَرُّه أَي لَا كَثُرَ خَيْرُهُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَقَالَ أَهل اللُّغَةِ فِي قَوْلِهِمْ لِلَّهِ دَرُّه؛ الأَصل فِيهِ أَن الرَّجُلَ إِذا كَثُرَ خَيْرُهُ وَعَطَاؤُهُ وإِنالته النَّاسَ قِيلَ: لِلَّهِ درُّه أَي عَطَاؤُهُ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، فَشَبَّهُوا عَطَاءَهُ بِدَرِّ النَّاقَةِ ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ حَتَّى صَارُوا يَقُولُونَهُ لِكُلِّ مُتَعَجِّبٍ مِنْهُ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وربما استعملوه مِنْ غَيْرِ أَن يَقُولُوا لِلَّهِ فَيَقُولُونَ: دَرَّ دَرُّ فُلَانٍ وَلَا دَرَّ دَرُّه؛ وأَنشد:(4/279)
دَرَّ دَرُّ الشَّبابِ والشَّعَرِ الأَسْود........
وَقَالَ آخَر:
لَا دَرَّ دَرِّيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَهُمْ ... قِرْفَ الحَتِيِّ، وَعِنْدِي البُرُّ مَكْنُوزُ
وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
بانَ الشَّبابُ وأَفْنَى ضِعفَهُ العُمُرُ، ... للهِ دَرِّي فَأَيَّ العَيْشِ أَنْتَظِرُ؟
تَعْجَّبَ مِنْ نَفْسِهِ أَيّ عَيْشٍ مُنْتَظَرٍ، ودَرَّت النَّاقَةُ بِلَبَنِهَا وأَدَرَّتْهُ. وَيُقَالُ: درَّت النَّاقَةُ تَدِرُّ وتَدُرُّ دُرُوراً ودَرّاً وأَدَرَّها فَصِيلُها وأَدَرَّها مارِيها دُونَ الْفَصِيلِ إِذا مَسَحَ ضَرْعَها. وأَدَرَّت النَّاقَةُ، فَهِيَ مُدِرٌّ إِذا دَرَّ لَبَنُهَا. وَنَاقَةٌ دَرُورٌ: كثيرةُ الدَّرِّ، ودَارٌّ أَيضاً؛ وضَرَّةٌ دَرُورٌ كَذَلِكَ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
مِنَ الزَّمِرَاتِ أَسبل قادِماها، ... وضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرُورُ
وَكَذَلِكَ ضَرْعٌ دَرُورٌ، وإِبل دُرُرٌ ودُرَرٌ ودُرَّارٌ مِثل كَافِرٍ وكُفَّارٍ؛ قَالَ:
كانَ ابْنُ أَسْمَاءَ يَعْشُوها ويَصْبَحُها ... مِنْ هَجْمَةٍ، كَفَسِيلِ النَّخْلِ دُرَّارِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن دُرَّاراً جَمْعُ دَارَّةٍ عَلَى طَرْحِ الْهَاءِ. واسْتَدَرَّ الحَلُوبَةَ: طَلَبَ دَرَّها. والاسْتِدْرَارُ أَيضاً: أَن تَمْسَحَ الضَّرْعَ بِيَدِكَ ثُمَّ يَدِرَّ اللبنُ. ودَرَّ الضَّرْعُ بِاللَّبَنِ يَدُرُّ دُروراً، ودَرَّت لِقْحَةُ الْمُسْلِمِينَ وحَلُوبَتُهُمْ يَعْنِي فَيْئَهم وخَرَاجَهم، وَأَدَرَّهُ عُمَّالُه، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الدِّرَّةُ. ودَرَّ الخَرَاجُ يَدِرُّ إِذا كَثُرَ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه أَوصى إِلى عُمَّالِهِ حِينَ بَعَثَهُمْ فَقَالَ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُمْ: أَدِرُّوا لِقْحَةَ الْمُسْلِمِينَ؛ قَالَ اللَّيْثُ: أَراد بِذَلِكَ فَيْئَهُمْ وَخَرَاجَهُمْ فَاسْتَعَارَ لَهُ اللِّقْحَةَ والدِّرَّةَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا طَلَبَ الْحَاجَةَ فَأَلَحَّ فِيهَا: أَدَرَّها وإِن أَبَتْ أَي عَالَجَهَا حَتَّى تَدِرَّ، يُكَنَّى بالدَّرِّ هُنَا عَنِ التَّيْسِيرِ. ودَرَّت العروقُ إِذا امتلأَت دَمًا أَو لَبَنًا. ودَرَّ العِرْقُ: سَالَ. قَالَ: وَيَكُونُ دُرورُ العِرْقِ تَتَابُعُ ضَرَبانه كَتَتَابُعِ دُرُورِ العَدْوِ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: فَرَسٌ دَرِيرٌ. وَفِي صِفَةِ سَيِّدِنَا رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ذِكْرِ حَاجِبَيْهِ: بَيْنَهُمَا عِرْقٌ يُدِرُّه الْغَضَبُ؛ يَقُولُ: إِذا غَضِبَ دَرَّ العِرْقُ الَّذِي بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ، وَدُرُورُهُ غِلَظُهُ وَامْتِلَاؤُهُ؛ وَفِي قَوْلِهِمْ: بَيْنَ عَيْنَيْهِ عِرْقٌ يُدِرُّه الْغَضَبُ، وَيُقَالُ يُحَرِّكُهُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ أَي يَمْتَلِئُ دَمًا إِذا غَضِبَ كَمَا يَمْتَلِئُ الضَّرْعُ لَبَنًا إِذا دَرَّ. ودَرَّت السَّمَاءُ بِالْمَطَرِ دَرّاً ودُرُوراً إِذا كَثُرَ مَطَرُهَا؛ وَسَمَاءٌ مِدْرَارٌ وَسَحَابَةٌ مِدْرَارٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلسَّمَاءِ إِذا أَخالت: دُرِّي دُبَس، بِضَمِّ الدَّالِ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي، وَهُوَ مِنْ دَرَّ يَدُرُّ. والدِّرَّةُ فِي الأَمطار: أَن يَتْبَعَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَجَمْعُهَا دِرَرٌ. وَلِلسَّحَابِ دِرَّةٌ أَي صَبٌّ، وَالْجَمْعُ دِرَرٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
سَلامُ الإِلهِ ورَيْحانُه، ... ورَحْمَتُهُ وسَمَاءٌ دِرَرْ
غَمامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ، ... فَأَحْيَا البِلَاد وطَابَ الشَّجَرْ
سماءٌ دِرَرٌ أَي ذاتُ دِرَرٍ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
دِيَماً دِرَراً
: هُوَ جَمْعُ دِرَّةٍ. يُقَالُ لِلسَّحَابِ دِرَّة أَي صَبٌّ وَانْدِفَاقٌ، وَقِيلَ: الدِّرَرُ الدارُّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: دِيناً قِيَماً؛ أَي قَائِمًا. وَسَمَاءٌ مِدْرارٌ أَي(4/280)
تَدِرُّ بِالْمَطَرِ. والريحُ تُدِرُّ السَّحابَ وتَسْتَدِرُّه أَي تَسْتَجْلبه؛ وَقَالَ الحادِرَةُ وَاسْمُهُ قُطْبَةُ بْنُ أَوس الغَطَفَانِيُّ:
فَكأَنَّ فَاهَا بَعْدَ أَوَّلِ رَقْدَةٍ ... ثَغَبٌ بِرابِيَةٍ، لَذيذُ المَكْرَعِ
بِغَرِيضِ سارِيَةٍ أَدَرَّتْهُ الصَّبَا، ... مِنْ مَاءِ أَسْحَرَ، طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ
وَالثَّغَبُ: الْغَدِيرُ فِي ظِلِّ جَبَلٍ لَا تُصِيبُهُ الشَّمْسُ، فَهُوَ أَبرد لَهُ. وَالْغَرِيضُ: الْمَاءُ الطَّرِيُّ وَقْتَ نُزُولِهِ مِنَ السَّحَابِ. وأَسحرُ: غديرٌ حُرُّ الطِّين؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُمِّيَ هَذَا الشَّاعِرُ بِالْحَادِرَةِ لِقَوْلِ زَبَّانَ بنَ سَيَّارٍ فِيهِ:
كأَنَّكَ حادِرَةُ المَنْكِبَيْنِ، ... رَصْعَاءُ تُنْقِضُ فِي حادِرِ
قَالَ: شَبَّهَهُ بِضفْدَعَةٍ تُنْقِضُ فِي حَائِرٍ، وإِنقاضها: صَوْتُهَا. وَالْحَائِرُ: مُجْتَمَعُ الْمَاءِ فِي مُنْخَفِضٍ مِنَ الأَرض لَا يَجِدُ مَسْرَباً. وَالْحَادِرَةُ: الضَّخْمَةُ الْمَنْكِبَيْنِ. وَالرَّصْعَاءُ وَالرَّسْحَاءُ: الْمَمْسُوحَةُ الْعَجِيزَةِ. وللسَّاقِ دِرَّةٌ: اسْتِدْرَارٌ لِلْجَرْيِ. وللسُّوقِ دِرَّة أَي نَفَاقٌ. ودَرَّت السُّوقُ: نَفَقَ مَتَاعُهَا، وَالِاسْمُ الدِّرَّة. ودَرَّ الشَّيْءُ: لانَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا اسْتَدْبَرَتْنا الشمسُ دَرَّتْ مُتُونُنا، ... كأَنَّ عُرُوقَ الجَوفِ يَنْضَحْنَ عَنْدَما
وَذَلِكَ لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ: إِن اسْتِدْبَارَ الشَّمْسِ مَصَحَّةٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
تَخْبِطُ بالأَخْفَافِ والمَنَاسِمِ ... عَنْ دِرَّةٍ تَخْضِبُ كَفَّ الهاشِمِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: هَذِهِ حَرْبٌ شَبَّهَهَا بِالنَّاقَةِ، ودِرَّتُها: دَمُها. ودَرَّ النباتُ: الْتَفَّ. ودَرَّ السِّراجُ إِذا أَضاء؛ وَسِرَاجٌ دارٌّ ودَرِيرٌ. ودَرَّ الشيءُ إِذا جُمِعَ، ودَرَّ إِذا عُمِلَ. والإِدْرارُ فِي الْخَيْلِ: أَن يُقِلَّ الفرسُ يَدَهُ حِينَ يَعْتِقُ فَيَرْفَعُهَا وَقَدْ يَضَعُهَا. ودَرَّ الفرسُ يَدِرٌ دَرِيراً ودِرَّةً: عَدَا عَدْواً شَدِيدًا. ومَرَّ عَلَى دِرَّتِهِ أَي لَا يَثْنِيهِ شَيْءٌ. وَفَرَسٌ دَرِيرٌ: مُكْتَنِزُ الخَلْقِ مُقْتَدِرٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
دَرِيرٌ كَخُذْرُوف الوَليدِ، أَمَرَّهُ ... تَتابُعُ كَفَّيهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
وَيُرْوَى: تَقَلُّبُ كَفَّيْهِ، وَقِيلَ: الدَّرِير مِنَ الْخَيْلِ السَّرِيعُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ السَّرِيعُ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الإِدْرَارُ فِي الْخَيْلِ أَن يَعْتِقَ فَيَرْفَعَ يَدًا وَيَضَعُهَا فِي الْخَبَبِ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:
لَمَّا رَأَتْ شَيْخًا لَهَا دَرْدَرَّى ... فِي مِثلِ خَيطِ العِهِنِ المُعَرَّى
قَالَ: الدَّرْدَرَّى مِنْ قَوْلِهِمْ فَرَسٌ دَرِيرٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
فِي مِثْلِ خَيْطِ الْعِهِنِ الْمُعَرَّى
يُرِيدُ بِهِ الْخُذْرُوفَ، وَالْمُعَرَّى جُعِلَتْ لَهُ عُرْوَةٌ. وَفِي حَدِيثِ أَبي قِلابَةَ: صَلَّيْتُ الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَتْ حِمَارًا دَرِيراً؛ الدَّرِيرُ: السَّرِيعُ الْعَدْوِ مِنَ الدَّوَابِّ الْمُكْتَنِزُ الْخَلْقِ، وأَصل الدَّرِّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ اللبنُ. ودَرَّ وَجْهُ الرَّجُلِ يَدِرُّ إِذا حَسُنَ وَجْهُهُ بَعْدَ الْعِلَّةِ. الْفَرَّاءُ: والدَّرْدَرَّى الَّذِي يَذْهَبُ وَيَجِيءُ فِي غَيْرِ حَاجَّةٍ. وأَدَرَّت المرأَةُ المِغْزَلَ، وَهِيَ مُدِرَّةٌ ومُدِرٌّ؛ الأَخيرة عَلَى النَّسَب، إِذا فَتَلْتَهُ فَتْلًا شَدِيدًا فرأَيته كأَنه وَاقِفٌ مِنْ شِدَّةِ دَوَرَانِهِ. قَالَ: وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْجَمْهَرَةِ الْمَوْثُوقِ بِهَا: إِذا رأَيته وَاقِفًا لَا يَتَحَرَّكُ مِنْ(4/281)
شِدَّةِ دَوَرَانِهِ. والدَّرَّارَةُ: المِغْزَلُ الَّذِي يَغْزِلُ بِهِ الرَّاعِي الصوفَ؛ قَالَ:
جَحَنْفَلٌ يَغْزِلُ بالدَّرَّارَة
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنه قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: أَتيتك وأَمْرُك أَشدُّ انْفِضاحاً مِنْ حُقِّ الكَهُولِ فَمَا زلتُ أَرُمُّه حَتَّى تَرَكْتُه مِثْلَ فَلْكَةِ المُدِرِّ
؛ قَالَ: وَذَكَرَ الْقُتَيْبِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فَغَلِطَ فِي لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، وحُقُّ الكَهُول بَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ، وأَما الْمُدِرُّ، فَهُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، الغَزَّالُ؛ وَيُقَالُ للمِغزَلِ نَفْسِهِ الدَّرَّارَةُ والمِدَرَّةُ، وَقَدْ أَدرّت الْغَازِلَةُ دَرَّارَتَها إِذا أَدارتها لِتَسْتَحْكِمَ قُوَّةَ مَا تَغْزِلُهُ مِنْ قُطْنٍ أَو صُوفٍ، وَضُرِبَ فَلْكَةُ الْمُدِرِّ مَثَلًا لإِحكامه أَمره بَعْدَ اسْتِرْخَائِهِ وَاتِّسَاقِهِ بَعْدَ اضْطِرَابِهِ، وَذَلِكَ لأَن الغَزَّال لا يأْلو إِحكاماً وَتَثْبِيتًا لِفَلْكَةِ مِغْزَلِه لأَنه إِذا قَلِقَ لَمْ تَدِرَّ الدَّرَّارَةُ؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَراد بِالْمُدِرِّ الْجَارِيَةَ إِذا فَلَكَ ثَدْيَاهَا ودَرَّ فِيهِمَا الْمَاءُ، يَقُولُ: كَانَ أَمرك مُسْتَرْخِيًا فأَقمته حَتَّى صَارَ كأَنه حَلَمَةُ ثَدْيٍ قَدْ أَدَرَّ، قَالَ: والأَول الْوَجْهُ. ودَرَّ السَّهْمُ دُرُوراً: دَارَ دَوَرَاناً جَيِّدًا، وأَدَرَّه صاحِبُه، وَذَلِكَ إِذا وَضَعَ السَّهْمَ عَلَى ظُفْرِ إِبهام الْيَدِ الْيُسْرَى ثُمَّ أَداره بإِبهام الْيَدِ الْيُمْنَى وَسَبَّابَتِهَا؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ دُرُورُ السَّهْمِ وَلَا حَنِينُهُ إِلا مِنِ اكْتِنَازِ عُودِه وَحُسْنِ اسْتِقَامَتِهِ وَالْتِئَامِ صَنْعَتِهِ. والدِّرَّة، بِالْكَسْرِ: الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا، عَرَبِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: الدِّرَّة دِرَّةُ السُّلْطَانِ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا. والدُّرَّةُ: اللُّؤْلُؤَةُ الْعَظِيمَةُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مَا عَظُمَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، وَالْجَمْعُ دُرٌّ ودُرَّاتٌ ودُرَرٌ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِلرَّبِيعِ بْنِ ضَبْعٍ الْفَزَارِيِّ:
أَقْفَرَ مِنْ مَيَّةَ الجَريبُ إِلى الزُّجَّيْنِ، ... إِلَّا الظِّبَاءَ والبَقَرَا
كأَنَّها دُرَّةٌ مُنَعَّمَةٌ، ... فِي نِسْوَةٍ كُنَّ قَبْلَها دُرَرَا
وكَوْكَبٌ دُرِّيُّ ودِرِّيٌّ: ثاقِبٌ مُضِيءٌ، فأَما دُرِّيٌّ فَمَنْسُوبٌ إِلى الدُّرِّ، قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فُعِّيْلًا عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ قَلْبًا لأَن سِيبَوَيْهِ حَكَى عَنِ ابْنِ الْخَطَّابِ كَوْكَبٌ دُرِّيءٌ، قَالَ: فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا مُخَفَّفًا مِنْهُ، وأَما دِرِّيٌّ فَيَكُونُ عَلَى التَّضْعِيفِ أَيضاً، وأَما دَرِّيٌّ فَعَلَى النِّسْبَةِ إِلى الدُّرِّ فَيَكُونُ مِنَ الْمَنْسُوبِ الَّذِي عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَلَا يَكُونُ عَلَى التَّخْفِيفِ الَّذِي تَقَدَّمَ لأَن فَعِّيْلًا لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ إِلَّا مَا حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ سَكِّينةٌ؛ فِي السِّكِّينَةِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَنْ قرأَه بِغَيْرِ هَمْزَةٍ نَسَبَهُ إِلى الدُّر فِي صَفَائِهِ وَحُسْنِهِ وَبَيَاضِهِ، وَقُرِئَتْ دِرِّيٌّ، بِالْكَسْرِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ دِرِّيٌّ يَنْسُبُهُ إِلى الدُّرِّ، كَمَا قَالُوا بَحْرٌ لُجِّيُّ ولِجِّيٌّ وسُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ، وَقُرِئَ دُرِّيء، بِالْهَمْزَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَجَمْعُ الْكَوَاكِبِ دَرَارِيّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ
؛ أَي الشَّدِيدَ الإِنارَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ الْعَظِيمُ الْمِقْدَارِ، وَقِيلَ: هُوَ أَحد الْكَوَاكِبِ الْخَمْسَةِ السَّيَّارة. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
إِحدى عَيْنَيْهِ كأَنها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ.
ودُرِّيُّ السَّيْفِ: تَلأْلُؤُه وإِشراقُه، إِما أَن يَكُونَ مَنْسُوبًا إِلى الدُّرّ بِصَفَائِهِ وَنَقَائِهِ، وإِما أَن يَكُونَ مُشَبَّهًا بِالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبْرَةَ:
كلُّ يَنُوءُ بماضِي الحَدِّ ذِي شُطَبٍ ... عَضْبٍ، جَلا القَيْنُ عَنْ دُرِّيِّه الطَّبَعَا(4/282)
وَيُرْوَى عَنْ ذَرِّيِّه يَعْنِي فِرِنْدَهُ مَنْسُوبٌ إِلى الذَّرِّ الَّذِي هُوَ النَّمْلُ الصِّغَارُ، لأَن فِرِنْدَ السَّيْفِ يُشَبَّهُ بِآثَارِ الذَّرِّ؛ وَبَيْتُ دُرَيْد يُرْوَى عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا:
وتُخْرِجُ مِنْهُ ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً، ... وطُول السُّرَى دُرِّيَّ عَضْب مُهَنَّدِ
وذَرِّيَّ عَضْبٍ. ودَرَرُ الطَّرِيقِ: قَصْدُهُ وَمَتْنُهُ، وَيُقَالُ: هُوَ عَلَى دَرَرِ الطَّرِيقِ أَي عَلَى مَدْرَجَتِه، وَفِي الصِّحَاحِ: أَي عَلَى قَصْدِهِ. وَيُقَالُ: دَارِي بِدَرَر دَارِك أَي بِحِذَائِهَا. إِذا تَقَابَلَتَا، وَيُقَالُ: هُمَا عَلَى دَرَرٍ وَاحِدٍ، بِالْفَتْحِ، أَي عَلَى قَصْدٍ وَاحِدٍ. ودَرَرُ الرِّيحِ: مَهَبُّها؛ وَهُوَ دَرَرُك أَي حِذاؤك وقُبالَتُكَ. وَيُقَالُ: دَرَرَك أَي قُبالَتَكَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
كانَتْ مَنَاجِعَها الدَّهْنَا وجانِبُها، ... والقُفُّ مِمَّا تَرَاهُ فَوْقَه دَرَرَا
واسْتَدَرَّتِ المِعْزَى: أَرادت الْفَحْلَ. الأُمَوِيُّ: يُقَالُ لِلْمِعْزَى إِذا أَرادت الْفَحْلَ: قَدِ اسْتَدَرَّت اسْتِدْراراً، وللضأْن: قَدِ اسْتوْبَلَتِ اسِتيبالًا، وَيُقَالُ أَيضاً: اسْتَذْرَتِ المِعْزَى اسْتِذْرَاءً مِنَ الْمُعْتَلِّ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. والدَّرُّ: النَّفْسُ، وَدَفَعَ اللَّهُ عَنْ دَرِّه أَي عَنْ نَفْسه؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ. ودَرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
أَلا يَا لَهْفَ نَفْسِي بعدَ عَيْشٍ ... لَنَا، بِجُنُوبِ دَرَّ فَذي نَهِيقِ
والدَّرْدَرَةُ: حِكَايَةُ صَوْتِ الْمَاءِ إِذا انْدَفَعَ فِي بُطُونِ الأَودية. والدُّرْدُورُ: مَوْضِعٌ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ يَجِيشُ ماؤُه لَا تَكَادُ تَسْلَمُ مِنْهُ السَّفِينَةُ؛ يُقَالُ: لَجَّجُوا فَوَقَعُوا فِي الدُّرْدُورِ. الْجَوْهَرِيُّ: الدُّرْدُور الْمَاءُ الَّذِي يَدُورُ وَيُخَافُ مِنْهُ الْغَرَقُ. والدُّرْدُرُ: مَنْبِتُ الأَسنان عَامَّةً، وَقِيلَ: مَنْبِتُهَا قَبْلَ نَبَاتِهَا وَبَعْدَ سُقُوطِهَا، وَقِيلَ: هِيَ مَغَارِزُهَا مِنَ الصَّبِيِّ، وَالْجَمْعُ الدَّرَادِر؛ وَفِي الْمَثَلِ: أَعْيَيْتِني بأُشُرٍ فَكَيْفَ أَرجوك بِدُرْدُرٍ؟ قَالَ أَبو زَيْدٍ: هَذَا رَجُلٌ يُخَاطِبُ امرأَته يَقُولُ: لَمْ تَقْبَلِي الأَدَبَ وأَنت شَابَّةٌ ذَاتُ أُشُرٍ فِي ثَغْرِكِ، فَكَيْفَ الْآنَ وَقَدْ أَسْنَنْتِ حَتَّى بَدَتْ دَرَادِرُكِ، وَهِيَ مَغَارِزُ الأَسنان؟. ودَرِدَ الرجلُ إِذا سَقَطَتْ أَسنانه وَظَهَرَتْ دَرادِرُها، وَجَمْعُهُ الدُّرُدُ، وَمِثْلُهُ: أَعْيَيْتَني مِنْ شُبَّ إِلى دُبَّ أَي مِنْ لَدُنْ شَبَبْتَ إِلى أَن دَبَبْتَ. وَفِي حَدِيثِ ذِي الثُدَيَّةِ المقتولِ بالنَّهْروان: كَانَتْ لَهُ ثُدَيَّةٌ مِثْلَ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ أَي تَمَزْمَزُ وتَرَجْرَج تَجِيءُ وَتَذْهَبُ، والأَصل تَتَدَرْدَرُ فَحَذَفَتْ إِحدى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا؛ وَيُقَالُ للمرأَة إِذا كَانَتْ عَظِيمَةَ الأَليتين فإِذا مَشَتْ رَجَفَتَا: هِيَ تُدَرْدِرُ؛ وأَنشد:
أُقْسِمُ، إِن لَمْ تأْتِنا تَدَرْدَرُ، ... لَيُقْطَعَنَّ مِنْ لِسانٍ دُرْدُرُ
قَالَ: والدُّرْدُرُ هَاهُنَا طَرف اللِّسَانِ، وَيُقَالُ: هُوَ أَصل اللِّسَانِ، وَهُوَ مَغْرِز السِّنِّ فِي أَكثر الْكَلَامِ. ودَرْدَرَ البُسْرَةَ: دَلَكَهَا بدُرْدُرِه ولاكَها؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الْعَرَبِ وَقَدْ جَاءَهُ الأَصمعي: أَتيتني وأَنا أُدَرْدِرُ بُسْرَة. ودَرَّايَةُ: مِنْ أَسماء النِّسَاءِ. والدَّرْدَارُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ «4» مَعْرُوفٌ. وَقَوْلُهُمْ: دُهْ دُرَّيْنِ وسعدُ القَيْنُ، مِنْ أَسماء الْكَذِبِ وَالْبَاطِلِ، وَيُقَالُ: أَصله أَن سَعْدَ القَيْنَ
__________
(4) . قوله: [ضرب من الشجر] ويطلق أَيضاً على صوت الطبل كما في القاموس(4/283)