قَالَ: لَا يُسَبِّدُ ولكنَّه يُسَبِّدُ «2» . وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَبَّدَ شعرَه وسَمَّدَه إِذا استأْصله حَتَّى أَلحقه بِالْجِلْدِ. قَالَ: وسَبَّدَ شعرَه إِذا حَلَقَهُ ثُمَّ نَبَتَ مِنْهُ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: سَبَدَ شعرَه وسَبَّده وأَسْبَدَه وسَبَتَه وأَسبَتَه وسَبَّتَه إِذا حَلَقَهُ. والسُّبَدُ: طَائِرٌ إِذا قَطَرَ عَلَى ظَهْرِهِ قطرةٌ مِنْ مَاءٍ جَرى؛ وَقِيلَ: هُوَ طَائِرٌ لَيِّنُ الرِّيشِ إِذا قَطَرَ الْمَاءُ عَلَى ظَهْرِهِ جَرَى مِنْ فَوْقِهِ لِلِينِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَكُلَّ يَوْمٍ عرشُها مَقِيلي، ... حَتَّى تَرَى المِئْزَرَ ذَا الفُضولِ،
مِثلَ جناح السُّبَدِ الغسيلِ
والعرب تسمي الْفَرَسَ بِهِ إِذا عَرِقَ؛ وَقِيلَ: السُّبَدُ طَائِرٌ مِثْلُ العُقاب؛ وَقِيلَ: هُوَ ذَكَرُ الْعِقْبَانِ، وإِياه عَنَى سَاعِدَةُ بقوله:
كأَنَّ شُؤُونَه لَبَّاتُ بُدْنٍ، ... غَدَاةَ الوَبْلِ، أَو سُبَدٌ غَسِيلُ
وَجَمْعُهُ سِبْدانٌ؛ وَحَكَى أَبو مَنْجُوفٍ عَنِ الأَصمعي قَالَ: السُّبَدُ هُوَ الخُطَّاف البَرِّيُّ، وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: هُوَ مِثْلُ الْخُطَّافِ إِذا أَصابه الْمَاءُ جَرَى عَنْهُ سَرِيعًا، يَعْنِي الْمَاءَ؛ وَقَالَ طُفَيْلٌ الْغَنَوِيُّ:
تقريبُه المَرَطَى والجَوزُ مُعْتَدِلٌ، ... كأَنه سُبَدٌ بالماءِ مغسولُ
الْمَرَطَى: ضَرْبٌ مِنَ الْعَدْوِ. وَالْجَوْزُ: الْوَسَطُ. والسُّبَدُ: ثَوْبٌ يُسَدُّ بِهِ الحوضُ المَرْكُوُّ لِئَلَّا يَتَكَدَّرَ الْمَاءُ يُفْرَشُ فِيهِ وَتُسْقَى الإِبل عَلَيْهِ وإِياه عَنَى طُفَيْلٌ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ يُقَوِّي مَا قَالَ الأَصمعي:
حَتَّى تَرَى الْمِئْزَرَ ذَا الْفُضُولِ، ... مِثْلَ جَنَاحِ السُّبَدِ الْمَغْسُولِ
والسُّبَدَةُ: الْعَانَةُ «3» . والسِّبَدَةُ: الدَّاهِيَةُ. وإِنه لَسِبْدُ أَسباد أَي دَاهٍ فِي اللُّصُوصِيَّةِ. والسَّبَنْدَى والسِّبِنْدَى والسَّبَنْتى: النَّمِرُ، وَقِيلَ الأَسد؛ وأَنشد يَعْقُوبُ:
قَرْمٌ جَوادٌ مِنْ بَنِي الجُلُنْدى، ... يَمْشِي إِلى الأَقران كالسَّبَنْدَى
وَقِيلَ: السَّبْنَدَى الْجَرِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، هُذَلِيَّةٌ؛ قَالَ الزَّفَيَان:
لمَّا رأَيتُ الظُّعْنَ شالتْ تُحْدَى، ... أَتبعْتُهُنَّ أَرْحَبِيّاً مَعْدَا
أَعيَسَ جَوّابَ الضُّحَى سَبَنْدَى، ... يَدَّرِعُ الليلَ إِذا مَا اسْوَدَّا
وَقِيلَ: هُوَ الْجَرِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عَلَى كُلَّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هِيَ اللَّبْوَةُ الْجَرِيئَةُ، وَقِيلَ: هِيَ النَّاقَةُ الْجَرِيئَةُ الصَّدْرِ وَكَذَلِكَ الْجَمَلُ؛ قَالَ:
عَلَى سَبَنْدَى طَالَمَا اعْتَلى بِهِ
الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: السَّبَنْدى الْجَرِيءُ، وَفِي لُغَةِ هُذَيْلٍ: الطَّوِيلُ، وَكُلُّ جريء سَبَنْدى وسَبَنْتى. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: السَّبَنْتاةُ النَّمِرُ وَيُوصَفُ بِهَا السَّبُعُ؛ وَقَوْلُ المُعَذَّلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:
مِنَ السُّحِّ جَوَّالًا كأَنَّ غُلامَه ... يُصَرِّفُ سِبْداً، فِي العِيانِ، عَمَرَّدا
وَيُرْوَى سِيداً. قَوْلُهُ مِنَ السُّحِّ يُرِيدُ مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تَسِحُّ الْجَرْيَ أَي تَصُبُّ. والعمرَّد: الطَّوِيلُ، وظن
__________
(2) . قوله [لَا يُسَبِّدُ وَلَكِنَّهُ يُسَبِّدُ] كذا بالأَصل. ولعل معناه: لا يستأصل شعره بالحلق ولا يترك دهنه ولكنه يسرحه ويغسله ويتركه فيكون بينهما الجناس التام
(3) . قوله [والسبدة العانة] وكذلك السبد كصرد كما في القاموس وشرحه(3/203)
بَعْضُهُمْ أَن هَذَا الْبَيْتَ لِجَرِيرٍ وَلَيْسَ لَهُ، وَبَيْتُ جَرِيرٍ هُوَ قَوْلُهُ:
عَلَى سابِحٍ نَهْدٍ يُشَبَّهُ بالضُّحَى، ... إِذا عَادَ فِيهِ الركضُ سِيداً عَمرَّدا
سبرد: سَبْردَ شعرَه إِذا حَلَقَهُ، والناقةُ إِذا أَلقت وَلَدَهَا لَا شَعَرَ عَلَيْهِ، فهو المُسَبْرَدُ.
سجد: السَّاجِدُ: الْمُنْتَصِبُ فِي لُغَةِ طَيِّءٍ، قَالَ الأَزهري: وَلَا يُحْفَظُ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. ابْنُ سِيدَهْ: سَجَدَ يَسْجُدُ سُجُودًا وَضَعَ جَبْهَتَهُ بالأَرض، وَقَوْمٌ سُجَّدٌ وَسُجُودٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً
؛ هَذَا سُجُودُ إِعظام لَا سُجُودُ عِبَادَةٍ لأَن بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ يَكُونُوا يَسْجُدُونَ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنه كَانَ مِنْ سُنَّةِ التَّعْظِيمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَن يُسْجَد لِلْمُعَظَّمِ، قَالَ وَقِيلَ: خَرُّوا لَهُ سُجَّدًا أَي خَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ والأَشبه بِظَاهِرِ الْكِتَابِ أَنهم سَجَدُوا لِيُوسُفَ، دَلَّ عَلَيْهِ رؤْياه الأُولى الَّتِي رَآهَا حِينَ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ
؛ فَظَاهِرُ التِّلَاوَةِ أَنهم سَجَدُوا لِيُوسُفَ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ غَيْرِ أَن أَشركوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وكأَنهم لَمْ يَكُونُوا نُهُوا عَنِ السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَا يَجُوزُ لأَحد أَن يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ؛ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لأَهل الْعَرَبِيَّةِ: وَهُوَ أَن يُجْعَلَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً
، وَفِي قَوْلِهِ: رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ
، لَامَ مِنْ أَجل؛ الْمَعْنَى: وَخَرُّوا مِنْ أَجله سُجَّدًا لِلَّهِ شُكْرًا لِمَا أَنعم اللَّهُ عَلَيْهِمْ حَيْثُ جَمَعَ شَمْلَهُمْ وَتَابَ عَلَيْهِمْ وَغَفَرَ ذَنْبَهُمْ وأَعز جَانِبَهُمْ وَوَسَّعَ بِيُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ وَهَذَا كَقَوْلِكَ فَعَلْتُ ذَلِكَ لِعُيُونِ النَّاسِ أَي مِنْ أَجل عُيُونِهِمْ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
تَسْمَعُ لِلجَرْعِ، إِذا استُحِيرا، ... لِلْمَاءِ فِي أَجوافها، خَريرَا
أَراد تَسْمَعُ لِلْمَاءِ فِي أَجوافها خَرِيرَا مِنْ أَجل الْجَرْعِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ*
؛ قال أَبو إِسحق: السُّجُودُ عِبَادَةٌ لِلَّهِ لَا عِبَادَةٌ لِآدَمَ لأَن اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، إِنما خَلَقَ مَا يَعْقِلُ لِعِبَادَتِهِ. والمسجَد والمسجِد: الَّذِي يُسْجَدُ فِيهِ، وَفِي الصِّحَاحِ: وَاحِدُ الْمَسَاجِدِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَوْضِعٍ يُتَعَبَّدُ فِيهِ فَهُوَ مسجَد [مسجِد] ، أَلا تَرَى أَن
النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: جُعِلَتْ لِيَ الأَرض مَسْجِدًا وَطَهُورًا.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ
؛ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ أَنه مَنْ أَظلم مِمَّنْ خَالَفَ مِلَّةَ الإِسلام؟ قَالَ: وَقَدْ كَانَ حُكْمُهُ أَن لَا يَجِيءَ عَلَى مَفْعِل وَلَكِنَّهُ أَحد الْحُرُوفِ الَّتِي شَذَّتْ فجاءَت عَلَى مَفْعِل. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وأَما الْمَسْجِدُ فإِنهم جَعَلُوهُ اسْمًا لِلْبَيْتِ وَلَمْ يأْت عَلَى فَعَلَ يَفْعُلُ كَمَا قَالَ فِي المُدُقِّ إِنه اسْمٌ لِلْجُلْمُودِ، يَعْنِي أَنه لَيْسَ عَلَى الْفِعْلِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْفِعْلِ لَقِيلَ مِدَقٌّ لأَنه آلَةُ، وَالْآلَاتُ تَجِيءُ عَلَى مِفْعَلٍ كمِخْرَزٍ ومِكنَسٍ ومِكسَحٍ. ابْنُ الأَعرابي: مسجَد، بِفَتْحِ الْجِيمِ، مِحْرَابُ الْبُيُوتِ؛ وَمُصَلَّى الْجَمَاعَاتِ مسجِد، بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَالْمَسَاجِدُ جَمْعُهَا، وَالْمَسَاجِدُ أَيضاً: الْآرَابُ الَّتِي يُسْجَدُ عَلَيْهَا وَالْآرَابُ السَّبْعَةُ مَسَاجِدُ. وَيُقَالُ: سَجَدَ سَجْدَةً وَمَا أَحسن سِجْدَتَه أَي هَيْئَةَ سُجُودِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْفَرَّاءُ كُلُّ مَا كَانَ عَلَى فَعَلَ يَفْعُل مِثْلَ دَخَلَ يَدْخُلُ فَالْمَفْعَلُ مِنْهُ بِالْفَتْحِ، اسْمًا كَانَ أَو مَصْدَرًا، وَلَا يَقَعُ فِيهِ الْفَرْقُ مِثْلَ دَخَلَ مَدْخَلًا وَهَذَا مَدْخَلُه، إِلا أَحرفاً مِنَ الأَسماء أَلزموها كَسْرَ الْعَيْنِ، مِنْ ذَلِكَ المسجِد والمطلِع وَالْمَغْرِبُ وَالْمَشْرِقُ والمَسْقِط والمَفْرِق والمَجْزِر والمَسْكِن والمَرْفِق مِن رَفَقَ يَرْفُقُ والمَنْبِت والمَنْسِك مِنْ نَسَك ينسُك، فَجَعَلُوا الْكَسْرَ عَلَامَةَ الِاسْمِ، وَرُبَّمَا فَتَحَهُ بَعْضُ الْعَرَبِ فِي الِاسْمِ، فَقَدْ رُوِيَ(3/204)
مسكَن ومسكِن وَسُمِعَ المسجِد والمسجَد والمطلِع والمطلَع، قَالَ: وَالْفَتْحُ فِي كُلِّهِ جَائِزٌ وإِن لَمْ نَسْمَعْهُ. قَالَ: وَمَا كَانَ مِنْ بَابِ فَعَل يفعِل مِثْلُ جَلَسَ يجلِسُ فَالْمَوْضِعُ بِالْكَسْرِ وَالْمَصْدَرُ بِالْفَتْحِ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، تَقُولُ: نَزَلَ منزَلًا بِفَتْحِ الزَّايِ، تُرِيدُ نَزَلَ نُزُولًا، وَهَذَا منزِله، فَتَكْسِرُ، لأَنك تَعْنِي الدَّارَ؛ قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبٌ تَفَرَّدَ بِهِ هَذَا الْبَابُ مِنْ بَيْنِ أَخواته، وَذَلِكَ أَن الْمَوَاضِعَ وَالْمَصَادِرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ تُرَدُّ كُلُّهَا إِلى فَتْحِ الْعَيْنِ وَلَا يَقَعُ فِيهَا الْفَرْقُ، وَلَمْ يُكْسَرْ شَيْءٌ فِيمَا سِوَى الْمَذْكُورِ إِلا الأَحرف الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَالْمَسْجِدَانِ: مَسْجِدُ مَكَّةَ وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ، شَرَّفَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ بَنِي أُمية:
لَكُمْ مَسْجِدَا اللَّهِ المَزُورانِ، والحَصَى ... لَكُمْ قِبْصُه مِنْ بَيْنِ أَثرَى وأَقتَرا
القِبْصُ: الْعَدَدُ. وَقَوْلُهُ: مِنْ بَيْنِ أَثرى وأَقترا يُرِيدُ مِنْ بَيْنِ رَجُلٍ أَثرى وَرَجُلٍ أَقتر أَي لَكُمُ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ، المُثْري مِنْهُمْ والمُقْتِر. والمِسْجَدَةُ والسَّجَّادَةُ: الخُمْرَةُ الْمَسْجُودُ عَلَيْهَا. والسَّجَّادةُ: أَثر السُّجُودِ فِي الْوَجْهِ أَيضاً. والمَسْجَدُ، بِالْفَتْحِ: جَبْهَةُ الرَّجُلِ حَيْثُ يُصِيبُهُ نَدَبُ السُّجُودِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ
؛ قِيلَ: هِيَ مَوَاضِعُ السُّجُودِ مِنَ الإِنسان: الْجَبْهَةُ والأَنف وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالرِّجْلَانِ. وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ
، قَالَ: السُّجُودُ مَوَاضِعُهُ مِنَ الْجَسَدِ والأَرض مَسَاجِدُ، وَاحِدُهَا مسجَد، قَالَ: والمسجِد اسْمٌ جَامِعٌ حَيْثُ سُجِدَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ لَا يَسْجُدُ بَعْدَ أَن يَكُونَ اتَّخَذَ لِذَلِكَ، فأَما الْمَسْجِدُ مِنَ الأَرض فَمَوْضِعُ السُّجُودِ نَفْسِهِ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ
، أَراد أَن السُّجُودَ لِلَّهِ، وَهُوَ جَمْعُ مَسْجِدٍ كَقَوْلِكَ ضَرَبْتُ فِي الأَرض. أَبو بَكْرٍ: سَجَدَ إِذا انْحَنَى وَتَطَامَنَ إِلى الأَرض. وأَسجَدَ الرجلُ: طأْطأَ رأْسه وَانْحَنَى، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ؛ قَالَ الأَسدي أَنشده أَبو عبيد:
وقلنَ له أَسجِدْ لِلَيْلى فأَسجَدَا
يَعْنِي بَعِيرَهَا أَنه طأْطأَ رأْسه لِتَرْكَبَهُ؛ وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ نِسَاءً:
فُضولَ أَزِمَّتِها أَسجَدَتْ ... سجودَ النَّصَارَى لأَرْبابِها
يَقُولُ: لَمَّا ارْتَحَلْنَ وَلَوَيْنَ فُضُولَ أَزمَّة جِمَالِهِنَّ عَلَى مَعَاصِمِهِنَّ أَسْجدت لَهُنَّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنشاده:
فَلَمَّا لَوَيْنَ عَلَى مِعْصَمٍ، ... وكَفٍّ خضيبٍ وأَسوارِها،
فُضولَ أَزِمَّتِها، أَسْجدت ... سجودَ النَّصَارَى لأَحْبارِها
وسجدَت وأَسجدَتْ إِذا خَفَضَتْ رأْسها لتُرْكَبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ كِسْرَى يُسْجِدُ لِلطَّالِعِ
أَي يَتَطَامَنُ وَيَنْحَنِي؛ والطالِعُ: هُوَ السَّهْمُ الَّذِي يُجَاوِزُ الهَدَفَ مِنْ أَعلاه، وَكَانُوا يَعُدُّونَهُ كالمُقَرْطِسِ، وَالَّذِي يَقَعُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ يُقَالُ لَهُ عاصِدٌ؛ وَالْمَعْنَى: أَنه كَانَ يُسَلِّمُ لِرَامِيهِ وَيَسْتَسْلِمُ؛ وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ أَنه كَانَ يَخْفِضُ رأْسه إِذا شَخَصَ سَهْمُهُ، وَارْتَفَعَ عَنِ الرَّمِيَّة ليتَقَوَّم السَّهْمُ فَيُصِيبَ الدارَةَ. والإِسجادُ: فُتورُ الطرفِ. وَعَيْنٌ سَاجِدَةٌ إِذا كَانَتْ فَاتِرَةً. والإِسجادُ: إِدامة النَّظَرِ مَعَ سُكُونِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: إِدامة النَّظَرِ وإِمراضُ الأَجفان؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
أَغَرَّكِ مِنِّي أَنَّ دَلَّكِ، عِنْدَنَا، ... وإِسجادَ عيْنَيكِ الصَّيودَيْنِ، رابحُ
ابْنُ الأَعرابي: الإِسجاد، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، اليهودُ؛ وأَنشد(3/205)
الأَسود:
وافى بها كدراهم الإِسجاد «1»
. أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ اعْطُونَا الإِسجاد أَي الْجِزْيَةَ، وَرُوِيَ بَيْتُ الأَسود بِالْفَتْحِ كَدَرَاهِمِ الأَسجاد. قَالَ ابْنُ الأَنباري: دَرَاهِمُ الأَسجاد هِيَ دَرَاهِمُ ضَرَبَهَا الأَكاسرة وَكَانَ عَلَيْهَا صُوَرٌ، وَقِيلَ: كَانَ عَلَيْهَا صُورَةُ كِسْرَى فَمَنْ أَبصرها سَجَدَ لَهَا أَي طأْطأَ رأْسه لَهَا وأَظهر الْخُضُوعَ. قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ شِعْرِ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ رِوَايَةَ الْمُفَضَّلِ مَرْقُومٌ فِيهِ عَلَامَةٌ أَي «2» .... وَنَخْلَةٌ سَاجِدَةٌ إِذا أَمالها حِمْلُهَا. وَسَجَدَتِ النَّخْلَةُ إِذا مَالَتْ. وَنَخْلٌ سَوَاجِدُ: مَائِلَةٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِلَبِيدٍ:
بَيْنَ الصَّفا وخَلِيج العينِ ساكنةٌ ... غُلْبٌ سواجدُ، لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الخَصَرُ
قَالَ: وَزَعَمَ ابْنُ الأَعرابي أَن السَّوَاجِدَ هُنَا المتأَصلة الثَّابِتَةُ؛ قَالَ وأَنشد فِي وَصْفِ بَعِيرٍ سَانِيَةٍ:
لَوْلَا الزِّمامُ اقتَحَم الأَجارِدا ... بالغَرْبِ، أَوْ دَقَّ النَّعامَ السَّاجِدَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ لَمْ أُغير مِنْ حِكَايَتِهِ شَيْئًا. وَسَجَدَ: خَضَعَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَرَى الأُكْمَ فِيهَا سُجَّداً للحوافِرِ
وَمِنْهُ سُجُودُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ عَلَى الأَرض وَلَا خُضُوعَ أَعظم مِنْهُ. وَالِاسْمُ السِّجْدَةُ، بِالْكَسْرِ، وَسُورَةُ السَّجْدَةِ، بِالْفَتْحِ. وَكُلُّ مَنْ ذَلَّ وَخَضَعَ لِمَا أُمر بِهِ، فَقَدْ سَجَدَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ
أَي خُضَّعًا مُتَسَخِّرَةً لِمَا سُخِّرَتْ لَهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ
؛ مَعْنَاهُ يَسْتَقْبِلَانِ الشَّمْسَ وَيَمِيلَانِ مَعَهَا حَتَّى يَنْكَسِرَ الْفَيْءُ. وَيَكُونُ السُّجُودُ عَلَى جِهَةِ الْخُضُوعِ وَالتَّوَاضُعِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ
«3» وَيَكُونُ السُّجُودُ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ؛ وأَنشد:
مَلِكٌ تَدِينُ لَهُ الملوكُ وتَسْجُدُ
قَالَ وَمَنْ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً
، سُجُودَ تَحِيَّةٍ لَا عِبَادَةٍ؛ وَقَالَ الأَخفش: مَعْنَى الْخُرُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمُرُورُ لَا السُّقُوطُ وَالْوُقُوعُ. ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً*
، قَالَ: بَابٌ ضَيِّقٌ، وَقَالَ: سُجَّدًا رُكَّعًا، وَسُجُودُ الْمَوَاتِ مَحْمَلُهُ فِي الْقُرْآنِ طَاعَتُهُ لِمَا سُخِّرَ لَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ
، إِلى قَوْلِهِ: وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ؛ وَلَيْسَ سُجُودُ الْمَوَاتِ لِلَّهِ بأَعجب مِنْ هُبُوطِ الْحِجَارَةِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ لِلَّهِ والإِيمان بِمَا أَنزل مِنْ غَيْرِ تَطَلُّبِ كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ السُّجُودِ وَفِقْهِهِ، لأَن اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، لَمْ يُفَقِّهْنَاهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ تَسْبِيحُ الْمَوَاتِ مِنَ الْجِبَالِ وَغَيْرِهَا مِنَ الطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ يَلْزِمُنَا الإِيمان بِهِ وَالِاعْتِرَافُ بِقُصُورِ أَفهامنا عَنْ فَهْمِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ.
سخد: السُّخْدُ: دَمٌ وَمَاءٌ فِي السَّابِيَاء، وَهُوَ السَّلى الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ. ابْنُ أَحمر: السُّخْدُ الْمَاءُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى رأْس الْوَلَدِ. ابْنُ سِيدَهْ: السُّخْدُ مَاءٌ أَصفر ثَخِينٌ يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ، وَقِيلَ: هُوَ مَاءٌ يَخْرُجُ مَعَ الْمَشِيمَةِ، قِيلَ: هُوَ لِلنَّاسِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: هُوَ للإِنسان وَالْمَاشِيَةِ، وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ مُسَخَّدٌ. وَرَجُلٌ مُسَخِّدٌ: مورَّم مُصْفَرٌّ ثَقِيلٌ مِنْ مَرَضٍ أَو
__________
(1) . قوله [وافى بها إلخ] صدره كما في القاموس:
من خمر ذي نطق أغن منطق
(2) . قوله [علامة أي] في نسخة الأَصل التي بأيدينا بعد أي حروف لا يمكن أَن يهتدي اليها أحد
(3) . الآية(3/206)
غَيْرِهِ لأَن السُّخْدَ مَاءٌ ثَخِينٌ يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: كَانَ يُحْيِي لَيْلَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ رَمَضَانَ فَيُصْبِحُ وكأَن السُّخْدَ عَلَى وَجْهِهِ
؛ هُوَ الْمَاءُ الْغَلِيظُ الأَصفر الَّذِي يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ إِذا نُتخ، شَبَّهَ مَا بِوَجْهِهِ مِنَ التَّهَيُّج بالسُّخْدِ فِي غِلَظِهِ مِنَ السَّهَرِ. وأَصبح فُلَانٌ مُسَخَّداً إِذا أَصبح وَهُوَ مُصْفَرٌّ مُوَرَّمٌ. وَقِيلَ: السُّخْدُ هَنَة كَالْكَبِدِ أَو الطِّحَالِ مُجْتَمِعَةٌ تَكُونُ فِي السَّلى وَرُبَّمَا لَعِبَ بِهَا الصِّبْيَانُ؛ وَقِيلَ: هُوَ نَفْسُ السَّلى. والسُّخْدُ: بَوْلُ الْفَصِيلِ فِي بَطْنِ أُمه. والسُّخْدُ: الرَّهَلُ والصُّفرة فِي الْوَجْهِ، وَالصَّادُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ عَلَى المضارعة، والله أَعلم.
سدد: السَّدُّ: إِغلاق الخَلَلِ ورَدْمُ الثَّلْمِ. سَدَّه يَسُدُّه سَدّاً فَانْسَدَّ وَاسْتَدَّ وَسَدَّدَهُ: أَصلحه وأَوثقه، وَالِاسْمُ السُّدُّ. وَحَكَى الزَّجَّاجُ: مَا كَانَ مَسْدُودًا خِلْقَةً، فَهُوَ سُدٌّ، وَمَا كَانَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، فَهُوَ سَدٌّ، وَعَلَى ذَلِكَ وُجِّهت قراءَة مَنْ قرأَ بَيْنَ السُّدَّيْنِ والسَّدَّيْن. التَّهْذِيبِ: السَّدُّ مَصْدَرُ قَوْلِكَ سَدَدْتُ الشَّيْءَ سَدّاً. والسَّدُّ والسُّدّ: الْجَبَلُ وَالْحَاجِزُ. وَقُرِئَ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ
، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَنه قَالَ: بَيْنَ السُّدّين، مَضْمُومٌ، إِذا جَعَلُوهُ مَخْلُوقًا مِنْ فِعْلِ اللَّهِ، وإِن كَانَ مِنْ فِعْلِ الْآدَمِيِّينَ، فَهُوَ سَدٌّ، بِالْفَتْحِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ الأَخفش. وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو: بَيْنَ السَّدَّين وَبَيْنَهُمْ سَدّاً، بِفَتْحِ السِّينِ. وقرأَ فِي يس: مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا
، يضم السِّينِ، وقرأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وأَبو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَيَعْقُوبَ، بِضَمِّ السِّينِ، فِي الأَربعة الْمَوَاضِعِ، وقرأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بَيْنَ السُّدَّين، بِضَمِّ السِّينِ. غَيْرُهُ: ضَمُّ السِّينِ وَفَتْحُهَا، سَوَاءٌ السَّدُّ والسُّدُّ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا
، فتح السِّينِ وَضَمِّهَا. والسَّد، بِالْفَتْحِ والضم: الردم والجبل؛ ومنه سَدُّ الرَّوْحاءِ وَسَدُّ الصَّهْبَاءِ وَهُمَا مَوْضِعَانِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هَؤُلَاءِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْكُفَّارِ أَرادوا بِالنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُوءًا فَحَالَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَسَدَّ عَلَيْهِمُ الطَّرِيقَ الَّذِي سَلَكُوهُ فَجُعِلُوا بِمَنْزِلَةِ من غُلَّتْ يدُه وسُدَّ طَرِيقُهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وجُعل عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةٌ؛ وَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ قَوْلُ آخَرَ: إِن اللَّهَ وَصَفَ ضَلَالَ الْكُفَّارِ فَقَالَ سَددْنا عَلَيْهِمْ طريقَ الْهُدَى كَمَا قَالَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ. والسِّدادُ: مَا سُدَّ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَسِدَّة. وَقَالُوا: سِدادٌ مِنْ عَوَزٍ وسِدادٌ مِنْ عَيْشٍ أَي مَا تُسَدُّ بِهِ الْحَاجَةُ، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي السُّؤَالِ أَنه قَالَ: لَا تَحِلُّ المسأَلة إِلا لِثَلَاثَةٍ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا أَصابته جَائِحَةٌ فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ فيسأَل حَتَّى يُصِيبَ سِداداً من عَيْشٍ أَو قِواماً
أَي مَا يَكْفِي حَاجَتَهُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: قَوْلُهُ سِداداً مِنْ عَيْشٍ أَي قِوَامًا، هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ، وَكُلِّ شَيْءٍ سَدَدْتَ بِهِ خَلَلًا، فَهُوَ سِداد بِالْكَسْرِ، وَلِهَذَا سُمِّيَ سِداد الْقَارُورَةِ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ صِمامُها لأَنه يَسُدُّ رأْسَها؛ وَمِنْهَا سِدادُ الثَّغْرِ، بِالْكَسْرِ، إِذا سُدَّ بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ؛ وأَنشد الْعَرَجِيُّ:
أَضاعوني، وأَيَّ فَتًى أَضاعوا ... ليومِ كريهةٍ، وسِدادِ ثَغْرِ
بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ وَهُوَ سَدُّه بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ. الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُهُمْ فِيهِ سِدادٌ مِنْ عَوَز وأَصبت بِهِ سِداداً مِنْ عَيْش أَي مَا تُسَدُّ بِهِ الخَلَّةُ، فَيَكْسِرُ وَيَفْتَحُ، والكسر أَفصح. قال: وأَما السَّداد، بِالْفَتْحِ، فإِنما مَعْنَاهُ الإِصابة فِي(3/207)
الْمَنْطِقِ أَن يَكُونَ الرَّجُلُ مُسَدَّداً. وَيُقَالُ: إِنه لَذُو سَدادٍ فِي مَنْطِقِهِ وَتَدْبِيرِهِ، وكذلك في الرمي. يقال: سَدَّ السَّهْمُ يَسِدُّ إِذا اسْتَقَامَ. وسَدَّدْتُه تَسْدِيدًا. واسْتَدَّ الشيءُ إِذا اسْتَقَامَ؛ وَقَالَ:
أُعَلِّمُه الرِّمايَةَ كلَّ يومٍ، ... فَلَمَّا اسْتَدَّ ساعِدُه رَماني
قَالَ الأَصمعي: اشْتَدَّ، بِالشِّينِ المعجمة، لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ يُنْسَبُ إِلى مَعْن بْنِ أَوس قَالَهُ فِي ابْنِ أُخت لَهُ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ لِمَالِكِ بْنِ فَهْم الأَزْدِيِّ، وَكَانَ اسْمُ ابْنِهِ سُلَيْمَةَ، رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ فَقَالَ الْبَيْتِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ورأَيته فِي شِعْرِ عَقِيلِ بْنِ عُلَّفَةَ يَقُولُهُ فِي ابنه عُميس حِينَ رَمَاهُ بِسَهْمٍ، وَبَعْدِهِ:
فَلَا ظَفِرَتْ يَمِينُكَ حِينَ تَرْمي، ... وشَلَّتْ مِنْكَ حاملةُ البَنانِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لَهُ قَوْسٌ تُسَمَّى السَّدادَ
سُمِّيَتْ بِهِ تفاؤُلًا بإِصابة مَا رَمَى عَنْهَا. والسَّدُّ: الرَّدْمُ لأَنه يُسدُّ بِهِ، والسُّدُّ والسَّدُّ: كُلُّ بِنَاءٍ سُدَّ بِهِ مَوْضِعٌ، وَقَدْ قُرِئَ: تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا
وسُدّاً، وَالْجَمْعُ أَسِدَّةٌ وسُدودٌ، فأَما سُدودٌ فَعَلَى الْغَالِبِ وأَما أَسدة فَشَاذٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه جَمْعُ سِدَادٍ؛ وَقَوْلُهُ:
ضَرَبَتْ عليَّ الأَرضُ بالأَسْدادِ
يَقُولُ: سُدَّتْ عليَّ الطريقُ أَي عَمِيَتْ عليَّ مَذَاهِبِي، وَوَاحِدُ الأَسْدادِ سُدٌّ. والسُّدُّ: ذَهَابُ الْبَصَرِ، وَهُوَ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: السَّدُودُ العُيون الْمَفْتُوحَةُ وَلَا تُبْصِرُ بَصَرًا قَوِيًّا، يُقَالُ مِنْهُ: عَيْنٌ سادَّة. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: عَيْنٌ سادَّة وَقَائِمَةٌ إِذا ابْيَضَّتْ لَا يُبْصِرُ بِهَا صَاحِبَهَا وَلَمْ تَنْفَقِئْ بعدُ. أَبو زَيْدٍ: السُّدُّ مِنَ السَّحَابِ النَّشءُ الأَسود مِنْ أَي أَقطار السَّمَاءِ نشأَ. والسُّدُّ وَاحِدُ السُّدودِ، وَهُوَ السَّحَائِبُ السُّودُ. ابْنُ سِيدَهْ: والسُّدّ السَّحَابُ الْمُرْتَفِعُ السادُّ الأُفُق، وَالْجَمْعُ سُدودٌ؛ قَالَ:
قَعَدْتُ لَهُ وشَيَّعَني رجالٌ، ... وَقَدْ كَثُرَ المَخايلُ والسُّدودُ
وَقَدْ سَدَّ عَلَيْهِمْ وأَسدَّ. والسُّدُّ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْجَرَادِ تَسُدُّ الأُفُقَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
سَيْلُ الجَرادِ السُّدِّ يرتادُ الخُضَرْ
فإِما أَن يَكُونَ بَدَلًا مِنْ الْجَرَادِ فَيَكُونُ اسْمًا، وإِما أَن يَكُونَ جُمِعَ سَدودٍ، وَهُوَ الَّذِي يَسُدُّ الأُفُقَ فَيَكُونُ صِفَةً. وَيُقَالُ: جاءَنا سُدٌّ مِنْ جَرَادٍ. وجاءَنا جَرَادٌ سُدٌّ إِذَا سَدَّ الأُفق مِنْ كَثْرَتِهِ. وأَرض بِهَا سَدَدَةٌ، وَالْوَاحِدَةُ سُدَّةٌ: وهي أَودية فِيهَا حِجَارَةٌ وَصُخُورٌ يَبْقَى فِيهَا الماءُ زَمَانًا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الْوَاحِدُ سُدٌّ مِثْلَ جُحْرٍ وجِحَرَةٍ. والسُّدُّ والسَّدُّ: الْجَبَلُ، وَقِيلَ: مَا قَابَلَكَ فسَدَّ مَا وراءَه فَهُوَ سَدٌّ وسُدٌّ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي المِعْزَى: سَدٌّ يُرَى مِنْ وَرَائِهِ الْفَقْرُ، وسُدٌّ أَيضاً، أَي أَن الْمَعْنَى لَيْسَ إِلا مَنْظَرَهَا وَلَيْسَ لَهُ كَبِيرُ مَنْفَعَةٍ. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: رَمَاهُ فِي سَدِّ نَاقَتِهِ أَي فِي شَخْصِهَا. قَالَ: والسَّدُّ والدَّرِيئة والدَّرِيعةُ النَّاقَةُ الَّتِي يُسْتَتَرُ بِهَا الصَّائِدُ وَيَخْتَلُّ لِيَرْمِيَ الصَّيْدَ؛ وأَنشد لأَوس:
فَمَا جَبُنوا أَنَّا نَسُدُّ عليهمُ، ... وَلَكِنْ لَقُوا نَارًا تَحُسُّ وتَسْفَعُ
قَالَ الأَزهري: قرأْت بِخَطِّ شِمْرٍ فِي كِتَابِهِ: يُقَالُ سَدَّ عَلَيْكَ الرجلُ يَسِدُّ سَدّاً إِذا أَتى السَّدادَ. وَمَا كَانَ هَذَا الشَّيْءُ سَدِيدًا وَلَقَدْ سَدَّ يَسدُّ سَداداً وسُدوداً، وأَنشد بَيْتَ أَوس وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: لَمْ يَجْبُنُوا(3/208)
مِنَ الإِنصاف فِي الْقِتَالِ ولكن حشرنا عليهن فَلَقَوْنَا وَنَحْنُ كَالنَّارِ الَّتِي لَا تُبْقِي شَيْئًا؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي. والسَّدُّ: سَلَّة مِنْ قُضْبَانٍ، وَالْجُمَعُ سِدادٌ وسُدُدٌ. اللَّيْثُ: السُّدودُ السِّلالُ تُتَّخَذُ مِنْ قُضْبَانٍ لَهَا أَطباق، وَالْوَاحِدَةُ سَدَّة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّلَّة يُقَالُ لَهَا السَّدَّة وَالطَّبْلُ. والسُّدَّة أَمام بَابِ الدَّارِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّقِيفَةُ. التَّهْذِيبِ: والسُّدَّة بَابُ الدَّارِ وَالْبَيْتِ؛ يُقَالُ: رأَيته قَاعِدًا بَسُدَّةِ بَابِهِ وبسُدَّة دَارِهِ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: السُّدَّة فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الفِناء، يُقَالُ لِبَيْتِ الشَّعَر وَمَا أَشبهه، وَالَّذِينَ تَكَلَّمُوا بالسُّدَّة لَمْ يَكُونُوا أَصحاب أَبنية وَلَا مَدَرٍ، وَمِنْ جَعَلَ السُّدَّة كالصُّفَّة أَو كَالسَّقِيفَةِ فإِنما فَسَّرَهُ عَلَى مَذْهَبِ أَهل الحَضَر. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: السُّدَّة كالصُّفَّة تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ، والظُّلَّة تَكُونُ بِبَابِ الدَّارِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي الدَّرْدَاءِ أَنه أَتى بَابَ مُعَاوِيَةَ فَلَمْ يأْذن لَهُ، فَقَالَ: مَنْ يَغْشَ سُدَد السُّلْطَانِ يَقُمْ وَيَقْعُدْ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
الشُّعْثُ الرؤُوسِ الَّذِينَ لَا تُفتح لَهُمُ السُّدَدُ.
وسُدَّة الْمَسْجِدِ الأَعظم: مَا حَوْلَهُ مِنَ الرُّواق، وَسُمِّيَ إِسماعيل السُّدِّيُّ بِذَلِكَ لأَنه كَانَ تَاجِرًا يَبِيعُ الخُمُر وَالْمَقَانِعَ عَلَى بَابِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي سُدَّة مَسْجِدِ الْكُوفَةِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُ السُّدَّة الْبَابَ نَفْسَهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: السديُّ رَجُلٌ مَنْسُوبٌ إِلى قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ؛ قَالَ الأَزهري: إِنْ أَراد إِسماعيل السُّدِّيَّ فَقَدْ غَلِطَ، لَا نَعْرِفُ فِي قَبَائِلِ الْيَمَنِ سَدًّا وَلَا سُدَّةً. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنه كَانَ يُصَلِّي فِي سُدَّة الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ مَعَ الإِمام
، وَفِي رِوَايَةٍ:
كَانَ لَا يُصَلِّي
، وسُدَّة الْجَامِعِ: يَعْنِي الظِّلَالَ الَّتِي حَوْلَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قِيلَ لَهُ: هَذَا عليٌّ وفاطمة قَائِمِينَ بالسُّدَّة
؛ السُّدَّةُ: كَالظُّلَّةِ عَلَى الْبَابِ لِتَقِيَ الْبَابَ مِنَ الْمَطَرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْبَابُ نَفْسُهُ، وَقِيلَ: هِيَ السَّاحَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ وَارِدِي الْحَوْضِ:
هُمُ الَّذِينَ لَا تُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ وَلَا يَنكحِون المُنَعَّمات
أَي لَا تُفْتَحُ لَهُمُ الأَبواب. وَفِي حَدِيثِ أُم سَلَمَةَ:
أَنها قَالَتْ لِعَائِشَةَ لَمَّا أَرادت الْخُرُوجَ إِلى الْبَصْرَةِ: إِنك سُدَّة بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَيْنَ أُمته
أَي بَابٌ فَمَتَى أُصيب ذَلِكَ الْبَابُ بِشَيْءٍ فَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حريمه وحَوْنَته واستُبيحَ مَا حَمَاهُ، فَلَا تَكُونِي أَنت سَبَبَ ذَلِكَ بِالْخُرُوجِ الَّذِي لَا يَجِبُ عَلَيْكِ فتُحْوِجي النَّاسَ إِلى أَن يَفْعَلُوا مِثْلَكِ. والسُّدَّة جَرِيدٌ يُشدّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ يَنَامُ عَلَيْهِ. والسُّدَّة والسُّداد، مِثْلُ العُطاس والصُّداع: دَاءٌ يسدُّ الأَنف يأْخذ بالكَظَم وَيَمْنَعُ نَسِيمَ الرِّيحِ. والسَّدُّ: الْعَيْبُ، وَالْجَمْعُ أَسِدَّة، نَادِرٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقِيَاسُهُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ أَسُدٌّ أَو سُدود، وَفِي التَّهْذِيبِ: الْقِيَاسُ أَن يُجْمَعَ سَدٌّ أَسُدّاً أَو سُدُوداً. الْفَرَّاءُ: الوَدَس والسَّدُّ، بِالْفَتْحِ، الْعَيْبَ مِثْلَ العَمى والصمَم والبَكم وَكَذَلِكَ الأَيه والأَبه «1» أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ مَا بِفُلَانٍ سَدادة يَسُدُّ فَاهُ عَنِ الْكَلَامِ أَي مَا بِهِ عَيْبٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا تجعلنَّ بِجَنْبِك الأَسِدَّة أَي لَا تُضَيِّقَنَ صَدْرَكَ فَتَسْكُتَ عَنِ الْجَوَابِ كَمَنَ بِهِ صَمَمٌ وَبَكَمٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمَا بِجَنْبيَ مِنْ صَفْح وَعَائِدَةٍ، ... عِنْدَ الأَسِدَّةِ، إِنَّ العِيَّ كالعَضَب
يَقُولُ: لَيْسَ بِي عِيُّ وَلَا بَكَم عَنْ جَوَابِ الْكَاشِحِ، وَلَكِنِّي أَصفح عَنْهُ لأَن العِيَّ عَنِ الْجَوَابِ كالعَضْب، وَهُوَ قَطْعُ يَدٍ أَو ذَهَابُ عضو. والعائدة: العَطْف.
__________
(1) . قوله [وكذلك الأَيه والأَبه] كذا بالأصل ولعله محرف عن الآهة والماهة أَو نحو ذلك، والآهة والماهة الحصبة والجدري.(3/209)
وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: مَا سدَدْتُ على خصم قط
أَي مَا قَطَعْتُ عَلَيْهِ فأَسُدَّ كَلَامَهُ. وَصَبَبْتُ فِي الْقِرْبَةِ مَاءً فاسْتَدَّت بِهِ عُيون الخُرَز وَانْسَدَّتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والسَّدَد: القصْد فِي الْقَوْلِ والوَفْقُ والإِصابة، وَقَدْ تَسَدَّد لَهُ واستَدَّ. والسَّديدُ والسَّداد: الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ. يُقَالُ: إِنه لَيُسِدُّ فِي الْقَوْلِ وَهُوَ أَن يُصِيبَ السَّداد يَعْنِي الْقَصْدَ. وسَدَّ قَوْلُهُ يَسِدُّ، بِالْكَسْرِ، إِذا صَارَ سَدِيدًا. وإِنه لَيُسِدُّ فِي الْقَوْلِ فَهُوَ مُسِدٌّ إِذا كَانَ يُصِيبُ السَّدَادَ أَي الْقَصْدَ. والسَّدَد: مَقْصُورٌ، مِنَ السَّداد، يُقَالُ: قُلْ قَوْلًا سَدَداً وسَداداً وسَديداً أَي صَوَابًا؛ قَالَ الأَعشى:
مَاذَا عَلَيْهَا؟ وَمَاذَا كَانَ ينقُصها ... يومَ الترحُّل، لَوْ قَالَتْ لَنَا سَدَدا؟
وَقَدْ قَالَ سَداداً مِنَ الْقَوْلِ. والتَّسديدُ: التوفيقُ لِلسَّدَادِ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْقَصْدُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. وَرَجُلٌ سَديدٌ وأَسَدُّ: مِنَ السَّدَادِ وَقَصْدِ الطَّرِيقِ، وسدَّده اللَّهُ: وَفَّقَهُ. وأَمر سَدِيدٌ وأَسَدُّ أَي قَاصِدٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ الهَرِمَة سادَّةٌ وسَلِمَةٌ وسَدِرَةٌ وسَدِمَةٌ. والسِّدادُ: الشَّيْءُ مِنَ اللَّبَن يَيْبَسُ فِي إِحليل النَّاقَةِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه سأَل النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، عن الإِزار فَقَالَ: سَدِّدْ وقارِبْ
؛ قَالَ شِمْرٌ: سَدِّدْ مِنَ السَّدَادِ وَهُوَ المُوَفَّقُ الَّذِي لَا يُعَابُ، أَي اعْمَلْ بِهِ شَيْئًا لَا تُعَابُ عَلَى فِعْلِهِ، فَلَا تُفْرِط فِي إِرساله وَلَا تَشْميره، جَعَلَهُ الْهَرَوِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبي بكر، والزمخشري مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَن أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سأَله؛ والوَفْق: المِقْدار. اللَّهُمَّ سدِّدْنا لِلْخَيْرِ أَي وَفِّقْنا لَهُ؛ قَالَ: وَقَوْلُهُ وقارِب، القِرابُ فِي الإِبل أَن يُقارِبَها حَتَّى لَا تَتَبَدَّد. قَالَ الأَزهري: مَعْنَى قَوْلِهِ قارِبْ أَي لَا تُرْخِ الإِزارَ فَتُفْرِطَ فِي إِسباله، وَلَا تُقَلِّصه فَتُفَرِّطَ فِي تَشْمِيرِهِ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ. قَالَ شِمْرٌ: وَيُقَالُ سَدِّدْ صاحِبَكَ أَي عَلِّمْهُ واهده، وسَدِّد مَالَكَ أَي أَحسن الْعَمَلَ بِهِ. وَالتَّسْدِيدُ للإِبل: أَن تُيَسِّرَهَا لِكُلِّ مكانِ مَرْعى وَكُلِّ مَكَانٍ لَيانٍ وَكُلِّ مَكَانٍ رَقَاق. وَرَجُلٌ مُسَدَّدٌ: مُوَفَّق يَعْمَلُ بالسَّدادِ والقصْد. والمُسَدَّدُ: المُقوَّم. وسَدَّد رُمْحَهُ: وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِكَ عَرَّضَهُ. وَسَهْمٌ مُسَدَّد: قَوِيمٌ. وَيُقَالُ: أَسِدَّ يَا رَجُلُ وَقَدْ أَسدَدْتَ مَا شِئْتَ أَي طَلَبْتَ السَّدادَ والقصدَ، أَصبته أَو لَمْ تُصِبْه؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
أَسِدِّي يَا مَنِيُّ لِحِمْيَري ... يُطَوِّفُ حَوْلَنا، وَلَهُ زَئِيرُ
يَقُولُ: اقْصِدِي لَهُ يَا مَنِيَّةُ حَتَّى يَمُوتَ. والسَّداد، بِالْفَتْحِ: الِاسْتِقَامَةُ وَالصَّوَابُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
قَارِبُوا وسَدِّدوا
أَي اطْلُبُوا بأَعمالكم السَّداد وَالِاسْتِقَامَةَ، وَهُوَ الْقَصْدُ فِي الأَمر وَالْعَدْلُ فِيهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
قَالَ لِعَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: سلِ اللهَ السَّداد، وَاذْكُرْ بالسَّداد تَسديدَك السَّهْمَ
أَي إِصابةَ الْقَصْدِ بِهِ. وَفِي صِفَةِ مُتَعَلِّمِ الْقُرْآنِ:
يَغْفِرُ لأَبويه إِذا كَانَا مُسَدَّدَيْن
أَي لَازِمَيِ الطَّرِيقَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ؛ وَيُرْوَى بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ مؤْمن يؤْمن بِاللَّهِ ثُمَّ يُسَدِّدُ
أَي يَقْتَصِدُ فَلَا يَغْلُو وَلَا يُسْرِفُ. قَالَ أَبو عَدْنَانَ: قَالَ لِي جَابِرٌ البَذِخُ الَّذِي إِذا نَازَعَ قَوْمًا سَدَّد عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قَالُوهُ، قُلْتُ: وَكَيْفَ يُسَدِّدُ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: يَنْقُضُ عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قَالُوهُ. وَرَوَى الشَّعْبِيُّ أَنه قَالَ: ما سَددتُ على خَصْم قَطُّ؛ قَالَ شِمْرٌ: زَعْمٌ العِتْرِيفِيُّ أَن مَعْنَاهُ مَا قَطَعْتُ عَلَى(3/210)
خَصْمٍ قَطُّ. والسُّدُّ: الظِّلُّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
قعدْتُ لَهُ فِي سُدِّ نِقْضٍ مُعَوَّدٍ، ... لِذَلِكَ، فِي صَحْراءَ جِذْمٍ دَرِينُها
أَي جَعَلْتُهُ سُتْرَةً لِي مِنْ أَن يَرَانِي. وَقَوْلُهُ جِذْم دَرينها أَي قَدِيمٌ لأَن الْجَذْمَ الأَصل وَلَا أَقدم مِنَ الأَصل، وَجَعَلَهُ صِفَةً إِذ كَانَ فِي مَعْنَى الصِّفَةَ. وَالدَّرِينُ مِنَ النَّبَاتِ: الَّذِي قَدْ أَتى عَلَيْهِ عَامٌ. والمُسَدُّ: مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ عِنْدَ بُسْتَانِ ابْنِ عَامِرٍ وَذَلِكَ الْبُسْتَانُ مأْسَدَة؛ وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِقُرْبِ مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
أَلفَيْتُ أَغلَبَ مَنْ أُسْدِ المُسَدِّ حديدَ ... النَّابِ، أَخْذَتُه عَقْرٌ فَتَطْرِيحُ
قَالَ الأَصمعي: سأَلت ابْنَ أَبي طَرْفَةَ عَنِ المُسَدّ فَقَالَ: هُوَ بُسْتَانُ ابْنِ مَعْمَر الَّذِي يَقُولُ لَهُ النَّاسُ بُسْتَانَ ابْنِ عَامِرٍ. وسُدّ: قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ. والسُّد، بِالضَّمِّ: ماءُ سَماء عِنْدَ جَبَلٍ لغَطفان أَمر سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بسدّه.
سرد: السَّرْدُ فِي اللُّغَةِ: تَقْدِمَةُ شَيْءٍ إِلى شَيْءٍ تأْتي بِهِ متَّسقاً بعضُه فِي أَثر بَعْضٍ مُتَتَابِعًا. سَرَد الْحَدِيثَ وَنَحْوَهُ يَسْرُدُه سَرْداً إِذا تَابَعَهُ. وَفُلَانٌ يَسْرُد الْحَدِيثَ سَرْدًا إِذا كَانَ جَيِّد السِّيَاقِ لَهُ. وَفِي صِفَةِ كَلَامِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
لَمْ يَكُنْ يَسْرُد الْحَدِيثَ سَرْدًا
أَي يُتَابِعُهُ وَيَسْتَعْجِلُ فِيهِ. وسَرَد الْقُرْآنَ: تَابِعٌ قراءَته في حَدْر منه. والسَّرَد: المُتتابع. وَسَرَدَ فُلَانٌ الصَّوْمَ إِذا وَالَاهُ وَتَابَعَهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كَانَ يَسْرُد الصَّوْمَ سَرْداً
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِني أَسْرُد الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: إِن شِئْتَ فصم وإِن شئت فأَفطر.
وَقِيلَ لأَعرابي: أَتعرف الأَشهر الْحُرُمَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَاحِدٌ فَرْدٌ وَثَلَاثَةٌ سَرْد، فَالْفَرْدُ رجَبٌ وَصَارَ فَرْدًا لأَنه يأْتي بَعْدَهُ شعبانُ وَشَهْرُ رمضانَ وشوّالٌ، وَالثَّلَاثَةُ السَّرْد: ذُو القَعْدة وَذُو الْحِجَّةِ والمُحرّم. وسَرَد الشَّيْءَ سَرْداً وسرَّده وأَسْرَده: ثقبه. والسِّراد والمِسْرَد: المِثْقَب. والمِسْرَدُ: اللسان. والمِسْرَدُ: النعل المخصوفة اللسان. والسَّرْدُ: الخرزُ في الأَديم، والتَّسْريد مثله. والسِّراد والمِسْرَد: المِخْصَف وَمَا يُخْرز بِهِ، والخرز مَسْرودٌ ومُسَرَّد، وَقِيلَ: سَرْدُها «2» نَسْجُها، وَهُوَ تَدَاخُلُ الحَلَق بَعْضِها فِي بَعْضٍ. وسَرَدَ خُفَّ الْبَعِيرِ سَرْداً: خَصَفَهُ بالقِدِّ. والسَّرد: اسْمٌ جَامِعٌ لِلدُّرُوعِ وَسَائِرِ الحَلَق وَمَا أَشبهها مِنْ عَمَلِ الْخَلْقِ، وَسُمِّيَ سَرْداً لأَنه يُسْرَد فَيَثْقُبُ طَرَفَا كُلِّ حَلْقَةٍ بِالْمِسْمَارِ فَذَلِكَ الحَلَق المِسْرَد. والمِسْرَد: هُوَ المِثْقَب، وَهُوَ السِّراد؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
كَمَا خَرَجَ السِّرادُ مِنَ النِّقال
أَراد النِّعال؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:
حِفافَيْه شُكَّا فِي العَسِيبِ بِمسْرَد
والسَّرْد: الثَّقْب. وَالْمَسْرُودَةُ: الدِّرْعُ الْمَثْقُوبَةُ؛ وَقِيلَ: السَّرْد السَّمْر. والسَّرْد: الحَلَق. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
وقدِّر فِي السَّرد
؛ قِيلَ: هُوَ أَن لَا يَجْعَلَ الْمِسْمَارَ غَلِيظًا والثقْب دَقِيقًا فيَفْصِم الْحِلَقَ، وَلَا يَجْعَلَ الْمِسْمَارَ دَقِيقًا والثقبَ وَاسِعًا فَيَتَقَلْقَلُ أَو يَنْخَلِعُ أَو يَتَقَصَّفُ، اجْعَلْه عَلَى الْقَصْدِ وقَدْر الْحَاجَةِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: السرْد السمْر، وَهُوَ غَيْرُ خَارِجٍ مِنَ اللُّغَةِ لأَن السَّرْد تَقْدِيرُكَ طرَف الحَلْقة إِلى طرفها الآخر.
__________
(2) . قوله [والخزز مسرود إلخ] كذا بالأَصل. وعبارة الصحاح: والخرز مسرود ومسرد، وكذلك الدرع مسرود ومسردة، وقيل سردها إلخ انتهى.(3/211)
والسَّرادة: الخَلالة الصُّلْبة. والسَّرَّاد: الزرَّاد. والسَّرادَةُ: البُسْرة تَحْلو قَبْلَ أَن تُزْهِيَ وَهِيَ بلَحة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّراد الَّذِي يَسْقُطُ مِنَ البُسْر قيل أَن يُدْرِكَ وَهُوَ أَخضر، الواحدة سَرادة. والسَّراد مِنَ الثَّمَرِ: مَا أَضرَّ بِهِ الْعَطَشُ فَيَبِسَ قَبْلَ يَنْعِه، وَقَدْ أَسرَدَ النخلُ. أَبو عَمْرٍو: السارِدُ الخَرَّاز والإِشْفى يُقَالُ لَهُ السِّراد والمِسْرَد والمِخْصَف. والسَّرْد: مَوْضِعٌ. وسُرْدُد: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مُتَمَثِّلًا بِهِ بِضَمِّ الدَّالِّ وَعَدْلِهِ بشُرْنُب، قَالَ: وأَما ابْنُ جِنِّيٍّ فَقَالَ سُرْدَد، بِفَتْحِ الدَّالِّ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
تَصَيَّفْتُ نَعمانَ، واصَّيَفَتْ ... جبالَ شَرَوْرَى إِلى سُرْدَد
قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِنما ظَهَرَ تَضْعِيفُ سُرْدَد لأَنه مُلْحَقٌ بِمَا لَمْ يَجِئْ وَقَدْ عَلِمْنَا أَن الإِلحاق إِنما هُوَ صَنْعَةٌ لَفْظِيَّةٌ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَظْهَرُ ذَلِكَ الَّذِي قَدَّرَهُ هَذَا مُلْحَقًا فِيهِ، فَلَوْلَا أَن مَا يَقُومُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ بِمَا لَمْ يَظهر إِلى النُّطْقِ بِمَنْزِلَةِ الْمَلْفُوظِ بِهِ لَمَا أَلحقوا سُرْدَداً وسودَداً بِمَا لَمْ يُفَوَّهُوا بِهِ وَلَا تَجَشَّمُوا اسْتِعْمَالَهُ. والسَّرَنْدى: الْجَرِيءُ، وَقِيلَ: الشَّدِيدُ، والأُنثى سَرَنداة. والسَّرَنْدى: اسْمَ رَجُلٍ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
فَخَرَّ وجالَ المُهْرُ ذاتَ شِمالِه، ... كَسَيْفِ السَّرَنْدى لاحَ فِي كَفِّ صاقِل
قَالَ سِيبَوَيْهِ: رَجُلٌ سَرَنْدى مُشْتَقٌّ مِنَ السَّرْدِ وَمَعْنَاهُ الَّذِي يَمْضِي قُدُماً. قَالَ: والسَّرَد الحَلَق، وَهُوَ الزَّرَد وَمِنْهُ قِيلَ لِصَانِعِهَا: سَرَّاد وزَرَّاد. والمُسْرَنْدي: الَّذِي يَعْلُوكَ ويَغْلِبك. واسْرَنداه الشيءُ: غَلَبَهُ وَعَلَاهُ؛ قَالَ:
قَدْ جَعل النعاسُ يَغْرَنْديني، ... أَدْفعه عنِّي ويَسْرَنْديني
والاسْرِنْداء والاغْرِنْداء وَاحِدٌ، والياء للإِلحاق بافْعَنْلل.
سربد: حَاجِبٌ مُسَرْبَدٌ: لَا شِعْرَ عَلَيْهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ.
سرمد: السرْمَدُ: دَوَامُ الزَّمَانِ مِنْ لَيْلٍ أَو نَهَارٍ. وَلَيْلٌ سَرْمَدٌ: طَوِيلٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً
؟ قَالَ الزَّجَّاجُ: السَّرْمَدُ الدَّائِمُ فِي اللُّغَةِ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ: جَوّابُ لَيْلٍ سَرْمَد
؛ السَّرْمَدُ: الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ.
سرند: السرَنْدى: الشديد. والسرَنْدى: الْجَرِيءُ عَلَى أَمره لَا يَفْرَق مِنْ شَيْءٍ. وَقَدْ اسْرَنْداه وَأَغْرَنْدَاهُ إِذا جَهِلَ عَلَيْهِ. وَسَيْفٌ سرَنْدَى: مَاضٍ فِي الضَّرِيبَةِ وَلَا يَنْبُو؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ رَجُلًا صَرَعَ فَخَرَّ قَتِيلًا:
فَخَرَّ وَجَالَ المُهْرُ ذاتَ يمِينه، ... كسيفٍ سَرَنْدى لَاحَ فِي كَفٍّ صَيْقلِ
وَمَنْ جَعَلَ سَرَنْدى فَعَنْللًا صَرَفَهُ، وَمَنْ جَعَلَهُ فَعَنْلَى لَمْ يَصْرِفْهُ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اسْرَنْداه واغْرَنْداه إِذا عَلَاهُ وَغَلَبَهُ. والسَّرَنْدى: القويُّ الْجَرِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والأُنثى بالهاء. والمُسْرندي: الَّذِي يَغْلِبُكَ وَيَعْلُوكَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ جُعِلَ النُّعَاسُ يَغْرَنْدِينِي، ... أَدفعه عني ويسرنديني
سرهد: المُسَرْهَد: المُنَعَّم المُغَذَّى. وامرأَة مُسَرْهَدة: سَمِينَةٌ مَصْنُوعَةٌ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. وسنَام مُسَرْهَدٌ: مُقَطَّعٌ قَطْعًا، وَقِيلَ: سَنَامٌ مُسَرهد أَي سَمِينٌ. وَمَاءٌ سَرْهد أَي كثير. وسَرهدت الصبيَّ سَرْهَدَة: أَحسنت غِذَاءَهُ والمُسَرْهَدُ: الحسنُ الغِذاء، وَرُبَّمَا قِيلَ لِشَحْمِ السَّنَامِ سَرْهَد.(3/212)
سعد: السَّعْد: اليُمْن، وَهُوَ نَقِيضُ النَّحْس، والسُّعودة: خِلَافُ النُّحُوسَةِ، وَالسَّعَادَةِ: خِلَافُ الشَّقَاوَةِ. يُقَالُ: يَوْمُ سَعْد وَيَوْمُ نَحْسٍ. وَفِي الْمَثَلِ: فِي الْبَاطِلِ دُهْدُرَّيْنْ سَعْدُ القَيْنْ، وَمَعْنَاهُمَا عِنْدَهُمُ الْبَاطِلُ؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَدري مَا أَصله؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كأَنه قَالَ بَطَلَ سعدُ القينِ، فَدُهْدُرَّيْن اسْمٌ لِبَطَلَ وَسَعْدٌ مُرْتَفِعٌ بِهِ وَجَمْعُهُ سُعود. وَفِي حَدِيثِ
خَلَفٍ: أَنه سَمِعَ أَعرابيّاً يَقُولُ دُهْدُرَّيْنْ سَاعَدَ الْقَيْنْ
؛ يُرِيدُ سَعْدَ الْقَيْنْ فَغَيَّرَهُ وَجَعَلَهُ سَاعِدًا. وَقَدْ سَعِدَ يَسْعَدُ سَعْداً وسَعادَة، فَهُوَ سَعِيدٌ: نَقِيضُ شَقي مِثْلَ سَلِم فَهُوَ سَليم، وسُعِد، بِالضَّمِّ، فَهُوَ مَسْعُودٌ، وَالْجَمْعُ سُعداء والأُنثى بِالْهَاءِ. قَالَ الأَزهري: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ سَعِيدٌ بِمَعْنَى مَسْعُودٍ مَنْ سَعَده اللَّهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ سَعِد يَسْعَد، فَهُوَ سَعِيدٌ. وَقَدْ سعَده اللَّهُ وأَسعده وسَعِد جَدُّه وأَسعَده: أَنماه. ويومٌ سَعْد وكوكبٌ سَعْدٌ وُصِفا بِالْمَصْدَرِ؛ وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: يومٌ سَعْد وليلةٌ سعدة، قال: وليسا مِنْ بَابِ الأَسْعد والسُّعْدى، بَلْ مِنْ قَبِيلِ أَن سَعْداً وسَعْدَةً صِفَتَانِ مَسُوقَتَانِ عَلَى مِنْهَاجٍ وَاسْتِمْرَارٍ، فسَعْدٌ مِنْ سَعْدَة كجَلْد مِنْ جَلْدة ونَدْب مِنْ نَدْبة، أَلا تُرَاكَ تَقُولُ هَذَا يَوْمٌ سَعْدٌ وَلَيْلَةٌ سُعْدَةٌ، كَمَا تَقُولُ هَذَا شَعر جَعْد وجُمَّة جَعْدَةٌ؟ وَتَقُولُ: سَعَدَ يومُنا، بِالْفَتْحِ، يَسْعَد سُعودا. وأَسعده اللَّهُ فَهُوَ مَسْعُودٌ، وَلَا يُقَالُ مُسْعَد كأَنهم استَغْنَوا عَنْهُ بِمَسْعُودٍ. والسُّعُد والسُّعود، الأَخيرة أَشهر وأَقيس: كِلَاهُمَا سُعُودُ النُّجُومِ، وَهِيَ الْكَوَاكِبُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهَا سَعْدُ كَذَا، وَهِيَ عَشْرَةٌ أَنجم كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهَا سَعْدٌ: أَربعة مِنْهَا منازلُ يَنْزِلُ بِهَا القمر، وهي: سعدُ الذابِح وسعدُ بُلَع وَسَعْدُ السُّعود وسعدُ الأَخْبِيَة، وَهِيَ فِي بُرْجِي الْجِدِّيِّ وَالدَّلْوِ، وَسِتَّةٌ لَا يَنْزِلُ بِهَا الْقَمَرُ، وَهِيَ: سَعْدٌ ناشِرَة وَسَعْدُ المَلِك وسعْدُ البِهامِ وسعدُ الهُمامِ وَسَعْدُ البارِع وَسَعْدُ مَطَر، وَكُلُّ سَعْدٍ مِنْهَا كَوْكَبَانِ بَيْنَ كُلِّ كَوْكَبَيْنِ فِي رأْي الْعَيْنِ قَدْرُ ذِرَاعٍ وَهِيَ مُتَنَاسِقَةٌ؛ قَالَ ابْنُ كُنَاسَةَ: سَعْدُ الذَّابِحِ كَوْكَبَانِ مُتَقَارِبَانِ سُمِّيَ أَحدهما ذَابِحًا لأَن مَعَهُ كَوْكَبًا صَغِيرًا غَامِضًا، يَكَادُ يَلْزَقُ بِهِ فكأَنه مُكِبٌّ عَلَيْهِ يَذْبَحُهُ، وَالذَّابِحُ أَنور مِنْهُ قَلِيلًا؛ قَالَ: وسعدُ بُلَع نَجْمَانِ معترِضان خَفِيَّانِ. قَالَ أَبو يَحْيَى: وَزَعَمَتِ الْعَرَبُ أَنه طَلَعَ حِينَ قَالَ اللَّهُ: يَا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي؛ وَيُقَالُ إِنما سُمِّيَ بُلَعاً لأَنه كَانَ لِقُرْبِ صَاحِبِهِ مِنْهُ يَكَادُ أَن يَبْلَعَه؛ قَالَ: وَسَعْدُ السُّعُودِ كَوْكَبَانِ، وَهُوَ أَحمد السُّعُودِ وَلِذَلِكَ أُضيف إِليها، وَهُوَ يُشْبِهُ سَعْدَ الذَّابِحِ فِي مَطْلَعِه؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ كَوْكَبٌ نَيِّرٌ مُنْفَرِدٌ. وَسَعْدُ الأَخبية ثَلَاثَةُ كَوَاكِبَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ السُّعُودِ مَائِلَةٌ عَنْهَا وَفِيهَا اخْتِلَافٌ، وَلَيْسَتْ بِخُفْيَةٍ غَامِضَةٍ وَلَا مُضِيئَةٍ مُنِيرَةٍ، سُمِّيَتْ سَعْدَ الأَخبية لأَنها إِذا طَلَعَتْ خَرَجَتْ حشَراتُ الأَرض وهوامُّها مِنْ جِحَرتها، جُعِلَتْ جِحَرتُها لَهَا كالأَخبية؛ وَفِيهَا يَقُولُ الرَّاجِزُ:
قَدْ جَاءَ سعدٌ مُقْبِلًا بِحَرِّه، ... واكِدَةً جُنودُه لِشَرِّه
فَجَعَلَ هوامَّ والأَرض جُنُودًا لِسَعْدِ الأَخبية؛ وَقِيلَ: سَعِدُ الأَخبية ثَلَاثَةُ أَنجم كأَنها أَثافٍ وَرَابِعٌ تَحْتَ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ، وَهِيَ السُّعُودُ، كُلُّهَا ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ مِنْ نُجُومِ الصَّيْفِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ تَطَلَّعَ فِي آخِرِ الرَّبِيعِ وَقَدْ سَكَنَتْ رِيَاحُ الشِّتَاءِ وَلَمْ يأْت سُلْطَانُ رِيَاحِ الصَّيْفِ فأَحسن مَا تَكُونُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ فِي أَيامها، لأَنك لَا تَرَى فِيهَا غُبْرة، وَقَدْ ذَكَرَهَا الذُّبْيَانِيُّ فَقَالَ:(3/213)
قَامَتْ تَراءَى بَيْنَ سِجْفَيْ كِلَّةٍ، ... كالشمسِ يَوْمَ طُلوعِها بالأَسعَد
والإِسْعاد: الْمَعُونَةُ. والمُساعَدة: المُعاونة. وساعَدَه مُساعدة وسِعاداً وأَسعده: أَعانه. واستَسْعد الرجلُ بِرُؤْيَةِ فُلَانٍ أَي عَدَّهُ سَعْداً. وسعْدَيك من قَوْلِهِ لَبَّيك وَسَعْدَيْكَ أَي إِسعاداً لَكَ بَعْدَ إِسعادٍ. رُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ يَقُولُ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ في يديك والشر لَيْسَ إِليك
؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ خَبَرٌ صَحِيحٌ وَحَاجَةُ أَهل الْعِلْمِ إِلى مَعْرِفَةِ تَفْسِيرِهِ مَاسَّةٌ، فأَما لبَّيْك فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ لبَّ بِالْمَكَانِ وأَلبَّ أَي أَقام بِهِ لَبّاً وإِلباباً، كأَنه يَقُولُ أَنا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكَ إِقامةً بَعْدَ إِقامةٍ ومُجيب لَكَ إِجابة بَعْدَ إِجابة؛ وَحُكِيَ عَنِ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ تأْويله إِلباباً بِكَ بَعْدَ إِلباب أَي لُزُومًا لطاعتك بعد لزوم وإِسعاداً بَعْدَ إِسعاد، وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: سَعْدَيْكَ أَي مُساعدةً لَكَ ثُمَّ مُسَاعِدَةً وإِسعاداً لأَمرك بَعْدَ إِسعاد، قَالَ ابْنُ الأَثير أَي سَاعَدْتُ طَاعَتَكَ مُسَاعَدَةً بَعْدَ مُسَاعَدَةٍ وإِسعاداً بَعْدَ إِسعاد وَلِهَذَا ثُنِّيَ، وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الْمَنْصُوبَةِ بِفِعْلٍ لَا يَظْهَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ؛ قَالَ الجَرْميّ: وَلَمْ نَسْمَع لِسَعْدَيْكَ مُفْرَدًا. قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا وَاحِدَ لِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ عَلَى صِحَّةٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَى سَعْدَيْكَ أَسعدك اللَّهُ إِسعاداً بَعْدَ إِسعاد؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وحنَانَيْك رحِمَك اللَّهُ رَحْمَةً بَعْدَ رَحْمَةٍ، وأَصل الإِسعاد والمساعدة متابعةُ الْعَبْدِ أَمرَ رَبِّهِ وَرِضَاهُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: كَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى الْمُسَاعَدَةِ والإِسعاد، غَيْرَ أَن هَذَا الْحَرْفَ جَاءَ مُثَنًّى عَلَى سَعْدَيْكَ وَلَا فِعْلَ لَهُ عَلَى سَعْدٍ، قَالَ الأَزهري: وَقَدْ قُرِئَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا
؛ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلا مِنَ سعَدَه اللهُ وأَسعَدَه «1» أَي أَعانه ووفَّقَه، لَا مَنْ أَسعده اللَّهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ مَسْعُودًا. وَقَالَ أَبو طَالِبٍ النَّحْوِيُّ: مَعْنَى قَوْلِهِ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ أَي أَسعَدَني اللَّهُ إِسعاداً بَعْدَ إِسعاد؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وأَبو الْعَبَّاسِ لأَن الْعَبْدَ يُخَاطِبُ رَبَّهُ وَيَذْكُرُ طَاعَتَهُ وَلُزُومَهُ أَمره فَيَقُولُ سَعْدَيْكَ، كَمَا يَقُولُ لَبَّيْكَ أَي مُسَاعَدَةً لأَمرك بَعْدَ مُسَاعَدَةٍ، وإِذا قِيلَ أَسعَدَ اللَّهُ الْعَبْدَ وسعَدَه فَمَعْنَاهُ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِمَا يُرْضِيهِ عَنْهُ فَيَسْعَد بِذَلِكَ سَعَادَةً. وساعِدَةُ السَّاقِ: شَظِيَّتُها. وَالسَّاعِدُ: مُلْتَقى الزَّنْدَين مِنْ لَدُنِ المِرْفَق إِلى الرُّسْغ. والساعِدُ: الأَعلى مِنَ الزَّنْدَيْنِ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، وَالذِّرَاعِ: الأَسفلُ مِنْهُمَا؛ قَالَ الأَزهري: والساعد سَاعِدُ الذِّرَاعِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الزَّنْدَيْنِ وَالْمِرْفَقِ، سُمِّيَ سَاعِدًا لِمُسَاعَدَتِهِ الْكَفَّ إِذا بَطَشَت شَيْئًا أَو تَنَاوَلَتْهُ، وَجَمْعُ السَّاعِدِ سَواعد. وَالسَّاعِدُ: مَجرى الْمُخِّ فِي الْعِظَامِ؛ وَقَوْلُ الأَعلم يَصِفُ ظَلِيمًا:
عَلَى حَتِّ البُرايَةِ زَمْخَرِيِّ السَّواعِدِ، ... ظَلَّ فِي شَريٍ طِوالِ
عَنَى بِالسَّوَاعِدِ مَجْرَى الْمُخِّ مِنَ الْعِظَامِ، وَزَعَمُوا أَن النَّعَامَ وَالْكَرَى لَا مُخَّ لَهُمَا؛ وَقَالَ الأَزهري فِي شَرْحِ هَذَا الْبَيْتِ: سَوَاعِدُ الظليم أَجنحة لأَن جَنَاحَيْهِ لَيْسَا كَالْيَدَيْنِ. والزَّمْخَرِيُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ: الأَجْوف مِثْلُ الْقَصَبِ وَعِظَامُ النَّعَامِ جُوف لَا مُخَّ فِيهَا. والحتُّ: السَّرِيعُ. والبُرَايَةُ: البقِية؛ يَقُولُ: هُوَ سَرِيعٌ عِنْدَ ذَهَابِ بُرَايَتِهِ أَي عِنْدَ انْحِسَارِ لَحْمِهِ وَشَحْمِهِ. وَالسَّوَاعِدُ: مَجَارِي الْمَاءِ إِلى النَّهر أَو البَحْر. وَالسَّاعِدَةُ:
__________
(1) . قوله [إِلَّا مِنْ سَعَدَهُ اللَّهُ وأسعده إلخ] كذا بالأَصل ولعل الأَولى إِلَّا مِنْ سَعَدَهُ اللَّهُ بمعنى أسعده.(3/214)
خَشَبَةٌ تَنْصَبُّ لِتُمْسِكَ البَكْرَة، وَجَمْعُهَا السَّوَاعِدُ. وَالسَّاعِدُ: إِحْلِيلُ خِلْف النَّاقَةِ وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ اللَّبَنُ؛ وَقِيلَ: السَّوَاعِدُ عُرُوقٌ فِي الضَّرْع يَجِيءُ مِنْهَا اللَّبَنُ إِلى الإِحليل؛ وَقَالَ الأَصمعي: السَّوَاعِدُ قَصَب الضَّرْعِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الْعُرُوقُ الَّتِي يَجِيءُ مِنْهَا اللَّبَنُ شُبِّهَتْ بِسَوَاعِدِ الْبَحْرِ وَهِيَ مَجَارِيهِ. وَسَاعِدُ الدَّرّ: عِرْقٌ يَنْزِلُ الدَّرُّ مِنْهُ إِلى الضَّرْعِ مِنَ النَّاقَةِ وَكَذَلِكَ الْعِرْقُ الَّذِي يُؤَدِّي الدَّرَّ إِلى ثَدْيِ المرأَة يُسَمَّى سَاعِدًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَلم تَعْلَمِي أَنَّ الأَحاديثَ فِي غَدٍ ... وَبَعْدَ غَدٍ يَا لُبن، أَلْبُ الطَّرائدِ
وَكُنْتُمْ كأُمٍّ لَبَّةٍ ظعَنَ ابنُها ... إِليها، فَمَا دَرَّتْ عَلَيْهِ بساعِدِ
رَوَاهُ الْمُفَضَّلُ: ظَعَنَ ابْنُهَا، بِالظَّاءِ، أَي شَخَصَ برأْسه إِلى ثَدْيِهَا، كَمَا يُقَالُ ظعن هَذَا الْحَائِطَ فِي دَارِ فُلَانٍ أَي شَخَصَ فِيهَا. وسَعِيدُ المَزْرَعَة: نَهْرُهَا الَّذِي يَسْقِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنَّا نُزَارِعُ عَلَى السَّعِيدِ.
والساعِدُ: مَسِيلُ الماء لى الْوَادِي وَالْبَحْرِ، وَقِيلَ: هُوَ مَجْرَى الْبَحْرِ إِلى الأَنهار. وَسَوَاعِدُ الْبِئْرِ: مَخَارِجُ مَائِهَا وَمَجَارِي عُيُونِهَا. وَالسَّعِيدُ: النَّهْرُ الَّذِي يَسْقِي الأَرض بِظَوَاهِرِهَا إِذا كَانَ مُفْرِدًا لَهَا، وَقِيلَ: هُوَ النَّهْرُ، وَقِيلَ: النَّهْرُ الصَّغِيرُ، وَجَمْعُهُ سُعُدٌ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، مُقَفِّيَةً، ... نخلٌ مَواقِرُ بَيْنَهَا السُّعُد
وَيُرْوَى: حَوْلَهُ. أَبو عَمْرٍو: السَّوَاعِدُ مَجَارِي الْبَحْرِ الَّتِي تَصُبُّ إِليه الْمَاءَ، وَاحِدُهَا سَاعَدَ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وأَنشد شِمْرٌ:
تأَبَّدَ لأْيٌ منهمُ فَعُتائِدُه، ... فَذُو سَلَمٍ أَنشاجُه فسواعِدُه
والأَنشاجُ أَيضاً: مَجَارِي الْمَاءِ، وَاحِدُهَا نَشَجٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: كُنَّا نَكْرِي الأَرض بِمَا عَلَى السَّواقي وَمَا سَعِدَ مِنَ الْمَاءِ فِيهَا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ ذَلِكَ
؛ قَوْلُهُ: مَا سَعِدَ مِنَ الْمَاءِ أَي مَا جَاءَ مِنَ الْمَاءِ سَيْحاً لَا يَحْتَاجُ إِلى دَالِيَةٍ يَجِيئُه الْمَاءُ سَيْحًا، لأَن مَعْنَى مَا سَعِدَ: مَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ. والسَّعيدة: اللِّبْنَةُ لِبْنةُ الْقَمِيصِ. وَالسَّعِيدَةُ: بَيْتٌ كَانَ يَحُجه رَبِيعَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. والسَّعْدانة: الْحَمَامَةُ؛ قَالَ:
إِذا سَعْدانَةُ الشَّعَفاتِ نَاحَتْ
والسَّعدانة: الثَّنْدُوَة، وَهُوَ مَا اسْتَدَارَ مِنَ السَّوَادِ حَوْلَ الحَلَمةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَعْدَانَةُ الثَّدْيِ مَا أَطاف بِهِ كالفَلْكَة. والسَّعْدانة: كِرْكِرَةُ الْبَعِيرِ، سُمِّيَتْ سَعْدَانَةً لاستدارتها. والسعدانة: مَدْخل الجُرْدان مِنْ ظَبْيَةِ الْفَرَسِ. والسَّعْدانة: الِاسْتُ وَمَا تَقبَّضَ مِنْ حَتَارِها. وَالسَّعْدَانَةُ: عُقْدة الشِّسع مِمَّا يَلِي الأَرض والقِبالَ مثلُ الزِّمام بَيْنَ الإِصبع الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا. وَالسَّعْدَانَةُ: الْعُقْدَةُ فِي أَسفل كفَّة الْمِيزَانِ وَهِيَ السَّعْدَانَاتُ. والسَّعْدانُ: شَوْكُ النَّخْلِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ: هُوَ بَقْلَةُ. والسعدان: نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ كأَنه فَلْكَةٌ يَسْتَلْقِي فَيَنْظُرُ إِلى شَوْكِهِ كَالِحًا إِذا يَبِسَ، ومَنْبتُهُ سُهول الأَرض، وَهُوَ مِنْ أَطيب مَرَاعِي الإِبل مَا دَامَ رَطْبًا، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَطيب الإِبل لَبَنًا مَا أَكلَ السَّعْدانَ والحُرْبُثَ. وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ صَفَعَ: والإِبل تُسَمَّنُ عَلَى السَّعْدَانِ وَتُطِيبُ عَلَيْهِ أَلبانها، وَاحِدَتُهُ سَعْدانَة؛ وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ وَالنُّونُ فِيهِ زَائِدَةً لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلال غَيْرُ خَزْعَالٍ وقَهْقار إِلا مِنَ الْمُضَاعَفِ، وَلِهَذَا النَّبْتِ شَوْكٌ يُقَالُ لَهُ حَسَكَةُ السَّعْدَانِ وَيُشَبَّهُ بِهِ حَلَمَةُ الثَّدْيِ،(3/215)
يُقَالُ سَعْدَانَةٌ الثُّنْدُوَة. وأَسفلَ العُجايَة هنَاتٌ كأَنها الأَظفار تُسَمَّى: السَّعْدَانَاتُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنَ الأَحرار السَّعْدَانُ وَهِيَ غَبْرَاءُ اللَّوْنِ حُلْوَةٌ يأْكلها كُلُّ شَيْءٍ وَلَيْسَتْ بكبيرة، ولها إِذا يَبِسَتْ شَوْكَةٌ مُفَلطَحَة كأَنها دِرْهَمٌ، وَهُوَ مِنْ أَنجع الْمَرْعَى؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْمَثَلِ: مَرْعًى وَلَا كالسَّعدان؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
الواهِب المائَة الأَبكار، زَيَّنها ... سَعدانُ تُوضَح فِي أَوبارها اللِّبَد
قال: وقال الأَعرابي لأَعرابي أَما تُرِيدُ الْبَادِيَةَ؟ فَقَالَ: أَما مَا دَامَ السَّعْدَانُ مُسْتَلْقِيًا فَلَا؛ كأَنه قَالَ: لَا أُريدها أَبداً. وَسُئِلَتِ امرأَة تَزَوَّجَتْ عَنْ زَوْجِهَا الثَّانِي: أَين هُوَ مِنَ الأَول؟ فَقَالَتْ: مَرْعًى وَلَا كَالسَّعْدَانِ، فَذَهَبَتْ مَثَلًا، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْمَثَلِ أَن السَّعْدَانَ مِنْ أَفضل مَرَاعِيهِمْ. وَخَلَّطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ السَّعْدَانِ فَجَعَلَ الحَلَمَة ثمرَ السَّعْدَانِ وَجَعَلَ لَهُ حَسَكاً كالقُطْب؛ وَهَذَا كُلُّهُ غَلَطٌ، وَالْقُطْبُ شَوْكُ غَيْرِ السَّعْدَانِ يُشْبِهُ الحسَك؛ وأَما الحَلَمة فَهِيَ شَجَرَةٌ أُخرى وَلَيْسَتْ مِنَ السَّعْدَانِ فِي شَيْءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ:
يَهْتَزُّ كأَنه سَعدانة
؛ هُوَ نَبْتٌ ذُو شَوْكٍ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ وَالصِّرَاطِ:
عَلَيْهَا خَطاطيف وكلاليبُ وحَسَكَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ
؛ شَبَّه الْخَطَاطِيفَ بشوك السعدان. والسُّعْد، بِالضَّمِّ: مِنَ الطِّيبِ، والسُّعادى مِثْلُهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السُّعدة مِنَ الْعُرُوقِ الطَّيِّبَةِ الريح وهي أَرُومَة مُدحرجة سَوْدَاءُ صُلْبَة، كأَنها عُقْدَةٌ تَقَعُ فِي العِطر وَفِي الأَدوية، وَالْجَمْعِ سُعْد؛ قَالَ: وَيُقَالُ لِنَبَاتِهِ السُّعَادَى وَالْجَمْعُ سُعادَيات. قَالَ الأَزهري: السُّعد نَبْتٌ لَهُ أَصل تَحْتَ الأَرض أَسود طَيِّبُ الرِّيحِ، والسُّعادى نَبْتٌ آخَرُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: السُّعادَى نَبْتُ السُّعد. وَيُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ يَتَسَعَّدون أَي يَرْتَادُونَ مَرْعَى السَّعْدَانِ. قَالَ الأَزهري: وَالسَّعْدَانُ بَقْلٌ لَهُ ثَمَرٌ مُسْتَدِيرٌ مُشَوَّكُ الْوَجْهِ إِذا يَبِسَ سَقَطَ عَلَى الأَرض مُسْتَلْقِيًا، فإِذا وَطِئَهُ الْمَاشِي عقَر رِجْلَهُ شوْكُه، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَرَاعِيهِمْ أَيام الرَّبِيعِ، وأَلبان الإِبل تَحْلُو إِذا رَعَتِ السَّعْدانَ لأَنه مَا دَامَ رَطْبًا حُلْوٌ يَتَمَصَّصُهُ الإِنسان رَطْبًا ويأْكله. والسُّعُد: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ قَالَ:
وكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، مُدْبِرةً، ... نَخْلٌ بِزارَةَ حَمْله السُّعُدُ
وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ: انْجُ سَعْدُ فَقَدْ قُتِلَ سُعَيْد؛ هَذَا مَثَلٌ سَائِرٌ وأَصله أَنه كَانَ لِضَبَّة بْنِ أُدٍّ ابْنَانِ: سَعْدٌ وسُعَيْدٌ، فَخَرَجَا يَطْلُبَانِ إِبلًا لَهُمَا فَرَجَعَ سَعْدٌ وَلَمْ يَرْجِعْ سُعَيْدٌ، فَكَانَ ضبةُ إِذا رأَى سَوَادًا تَحْتَ اللَّيْلِ قَالَ: سَعْد أَم سُعَيْد؟ هَذَا أَصل الْمَثَلِ فأُخذ ذَلِكَ اللَّفْظُ مِنْهُ وَصَارَ مِمَّا يتشاءَم بِهِ، وَهُوَ يُضْرَبُ مَثَلًا فِي الْعِنَايَةِ بِذِي الرَّحِمِ وَيُضْرَبُ فِي الِاسْتِخْبَارِ عَنِ الأَمرين الْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَيهما وَقَعَ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ: وَفِي الْمَثَلِ: أَسعد أَم سُعَيْدٌ إِذا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ أَهو مِمَّا يُحَبّ أَو يُكْرَه. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ:
لَا إِسعادَ وَلَا عُفْرَ فِي الإِسلام
؛ هُوَ إِسعاد النِّسَاءِ فِي المَناحات تَقُومُ المرأَة فَتَقُومُ مَعَهَا أُخرى مِنْ جَارَاتِهَا فَتُسَاعِدُهَا عَلَى النِّيَاحَةِ تَأْوِيلُهُ أَنَّ نِسَاءَ الْجَاهِلِيَّةِ كنَّ إِذا أُصيبت إِحداهنَّ بِمُصِيبَةٍ فِيمَنْ يَعِزُّ عَلَيْهَا بكت حولًا، وأَسْعَدها عَلَى ذَلِكَ جَارَاتُهَا وذواتُ قِرَابَاتِهَا فَيَجْتَمِعْنَ مَعَهَا فِي عِداد النِّيَاحَةِ وأَوقاتها ويُتابِعْنها ويُساعِدْنها مَا دَامَتْ تَنُوحُ عَلَيْهِ وتَبْكيه، فإِذا أُصيبت صَوَاحِبَاتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمُصِيبَةٍ أَسعدتهن فَنَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، عن هَذَا(3/216)
الإِسعاد. وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ آخَرُ:
قَالَتْ لَهُ أُم عَطِيَّةَ: إِنَّ فُلَانَةً أَسْعَدَتْني فأُريد أُسْعِدُها، فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَيْئًا.
وَفِي رِوَايَةٍ
قَالَ: فاذْهَبي فأَسْعِدِيها ثُمَّ بَايِعِينِي
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَما الإِسعاد فَخَاصٌّ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وأَما المُساعَدَة فعامَّة فِي كُلِّ مَعُونَةٍ. يُقَالُ إِنما سُمِّيَ المُساعَدَةَ المُعاونَةُ مِنْ وَضْعِ الرَّجُلِ يدَه عَلَى سَاعِدِ صَاحِبِهِ، إِذا تَمَاشَيَا فِي حَاجَةٍ وَتَعَاوَنَا عَلَى أَمر. وَيُقَالُ: لَيْسَ لِبَنِي فُلَانٍ ساعدٌ أَي لَيْسَ لَهُمْ رَئِيسٌ يَعْتَمِدُونَهُ. وساعِدُ الْقَوْمِ: رَئِيسُهُمْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا خَيرُ كفٍّ لَا تَنُوءُ بِسَاعِدٍ
وَسَاعِدَا الإِنسان: عَضُداه. وَسَاعَدَا الطَّائِرِ: جَنَاحَاهُ. وساعِدَةُ: قَبِيلَةٌ. وساعِدَةُ: مِنْ أَسماء الأَسد مَعْرِفَةٌ لَا يَنْصَرِفُ مِثْلُ أُسامَةَ. وسَعِيدٌ وسُعَيْد وسَعْد ومَسْعُود وأَسْعَدُ وساعِدَةُ ومَسْعَدَة وسَعْدان: أَسماءُ رِجَالٍ، وَمِنْ أَسماءِ النِّسَاءِ مَسْعَدَةُ. وبنو سَعْد وبنو سَعِيدٍ: بَطْنَانِ. وَبَنُو سَعْدٍ: قَبَائِلُ شَتَّى فِي تَمِيمٍ وقيس وَغَيْرِهِمَا؛ قَالَ طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ:
رأَيتُ سُعوداً مِنْ شُعوبٍ كَثيرة، ... فَلَمْ ترَ عَيْني مثلَ سَعدِ بنِ مَالِكِ
الْجَوْهَرِيِّ: وَفِي الْعَرَبِ سُعُودُ قَبَائِلٍ شَتَّى مِنْهَا سَعْدُ تَميم وسَعْد هُذيل وسعد قَيْس وسَعد بَكر، وأَنشد بَيْتَ طَرَفَةَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُعُودٌ جَمْعُ سُعد اسْمُ رَجُلٍ، يَقُولُ: لَمْ أَرَ فِيمَنْ سُمِّيَ سَعْدًا أَكرم مِنْ سَعْدُ بْنِ مَالِكِ بْنِ ضَبيعة بْنِ قيَس بْنِ ثَعْلبة بْنِ عُكابَة، والشُّعوبُ جَمْعُ شَعْب وَهُوَ أَكبر مِنَ الْقَبِيلَةِ. قَالَ الأَزهري: والسعود فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ وأَكثرها عَدَدًا سَعْدُ بْنِ زَيْدِ مَناةَ بْنِ تَميم بْنِ ضُبَيعة بْنِ قَيْسٍ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وسَعْدُ بن قيس عَيْلان، وسعدُ بنُ ذُبْيانَ بْنِ بَغِيضٍ، وسعدُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ فَزارةَ، وسعدُ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوازِنَ وَهُمُ الَّذِينَ أَرضعوا النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسعد بْنُ مَالِكِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ؛ وَفِي بني أَسد سَعْدُ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودان، وسَعْد بن الحرث بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودان؛ قَالَ ثَابِتٌ: كَانَ بَنُو سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ لَا يُرى مثلُهم فِي بِرِّهم وَوَفَائِهِمْ، وهؤُلاء أَرِبَّاءُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهَا بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ فِي قَيْسِ عَيلان، وَمِنْهَا بَنُو سَعْدِ هُذَيم فِي قُضاعة، وَمِنْهَا سَعْدُ الْعَشِيرَةِ. وَفِي الْمَثَلِ: فِي كُلِّ وَادٍ بَنُو سَعْدٍ؛ قَالَهُ الأَضْبطُ بْنُ قُريع السَّعدي لَمَّا تحوَّل عَنْ قَوْمِهِ وَانْتَقَلَ فِي الْقَبَائِلِ فَلَمَّا لَمْ يُحْمِدهم رَجَعَ إِلى قَوْمِهِ وَقَالَ: فِي كُلِّ وادٍ بَنُو سَعْدٍ، يَعْنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ. وأَما سَعْدُ بَكْرٍ فَهُمْ أَظآر سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وجمعُ سَعِيد سَعِيدون وأَساعِدُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَعَنى له الِاسْمَ أَم الصِّفَةَ غَيْرَ أَن جَمْعَ سَعيدٍ عَلَى أَساعد شاذ. وبنو أَسعَد: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَهُوَ تَذْكِيرُ سُعْدَى. وسعُادُ: اسْمُ امرأَة، وَكَذَلِكَ سُعْدى. وأَسعدُ: بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ سُعْدى كالأَكبر مِنَ الْكُبْرَى والأَصغر مِنَ الصُّغْرَى، وَذَلِكَ أَن هَذَا إِنما هُوَ تَقاوُدُ الصِّفَةِ وأَنت لَا تَقُولُ مَرَرْتُ بالمرأَة السُّعْدَى وَلَا بِالرَّجُلِ الأَسعد، فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَن يَكُونَ أَسعدُ مِنْ سُعْدى كأَسْلَمَ مِنْ بُشْرى، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى أَن أَسعد مُذَكَّرُ سُعْدَى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ حَريَ أَن يجيءَ بِهِ سَمَاعٌ وَلَمْ نَسْمَعْهُمْ قَطُّ وَصَفُوا بِسُعْدَى، وإِنما هَذَا تَلاقٍ وَقَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَرْفَيْنِ الْمُتَّفِقَيِ اللَّفْظِ كَمَا يَقَعُ هَذَانِ الْمِثَالَانِ فِي(3/217)
المُخْتَلِفَيْه نَحْوَ أَسلم وَبُشْرَى. وسَعْدٌ: صَنَمٌ كَانَتْ تَعْبُدُهُ هُذَيْلٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وسُعْدٌ: مَوْضِعٌ بِنَجْدٍ، وَقِيلَ وادٍ، وَالصَّحِيحُ الأَول، وَجَعَلَهُ أَوْسُ بْنُ حَجَر اسْمًا لِلْبُقْعَةِ، فَقَالَ:
تَلَقَّيْنَني يَوْمَ العُجَيرِ بِمَنْطِقٍ، ... تَرَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ مِنْهُ، وضَالُها
والسَّعْدِيَّةُ: ماءٌ لِعَمْرِو بْنِ سَلَمَة؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَمْرَو بْنَ سَلَمَةَ هَذَا لَمَّا وَفَد عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتَقْطَعَهُ مَا بَيْنَ السَّعدية والشَّقْراء.
والسَّعْدان: مَاءٌ لَبَنِي فَزَارَةَ؛ قَالَ الْقَتَّالُ الْكِلَابِيُّ:
رَفَعْنَ مِنَ السَّعدينِ حَتَّى تفَاضَلَت ... قَنابِلُ، مِنْ أَولادِ أَعوَجَ، قُرَّحُ
والسَّعِيدِيَّة: مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ. وَبَنُو ساعدَةَ: قَوْمٌ مِنَ الْخَزْرَجِ لَهُمْ سَقِيفَةٌ بَنِي سَاعِدَةَ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ دَارٍ لَهُمْ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَهَلْ سَعدُ إِلَّا صخرةٌ بتَنُوفَةٍ ... مِنَ الأَرضِ، لَا تَدْعُو لِغَيٍّ وَلَا رُشْدِ؟
فَهُوَ اسْمُ صَنَمٍ كَانَ لَبَنِي مِلْكانَ بْنِ كِنَانَةَ. وَفِي حَدِيثِ
البَحِيرة: ساعدُ اللهِ أَشَدُّ ومُوسَاه أَحدُّ
أَي لَوْ أَراد اللَّهُ تَحْرِيمَهَا بشقِّ آذَانِهَا لِخُلُقِهَا كَذَلِكَ فإِنه يَقُولُ لَهَا: كوني فتكون.
سغد: السُّغْدُ: جيل مَعْرُوفٌ. التَّهْذِيبُ: فِي النَّوَادِرِ فِصالٌ مُمْغَدَةٌ ومَماغِيدُ ومُسْمَغِدَّةٌ ومُسْغَدَةٌ ومُساغَدَةٌ إِذا كَانَتْ رِواء مِنَ اللَّبَنِ؛ وَقَدْ سَغَدَت أُمَّهاتها ومَغَدَتها إِذا رضعتها، والله أَعلم.
سفد: السِّفادُ: نَزْوُ الذَّكَرِ عَلَى الأُنثى. الأَصمعي: يُقَالُ لِلسِّبَاعِ كُلِّهَا: سَفَدَ وسَفِدَ أُنْثاه، وَلِلتَّيْسِ وَالثَّوْرِ وَالْبَعِيرِ وَالطَّيْرِ مِثْلُهَا. وَتَسَافَدَتِ السِّبَاعُ وَقَدْ سَفِدَها، بِالْكَسْرِ، يَسْفَدُها وسَفَدَها، بِالْفَتْحِ، يَسْفِدُها سَفْداً وسِفاداً فِيهِمَا جَمِيعًا، يَكُونُ فِي الْمَاشِي وَالطَّائِرِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ فِي السَّابِحِ. وأَسْفَدَه غيرُه وأَسْفِدْني تَيْسَك؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي أَعِرْني إِياه ليُسْفِدَ عَنزي؛ وَاسْتَعَارَهُ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ لِلزَّنْدِ فَقَالَ:
والأَرض صَيَّرها الإِلهُ طَرُوقةً ... لِلْمَاءِ، حَتَّى كلُّ زَنْدٍ مُسْفِدُ
وَفِي تَرْجَمَةِ جَعَرَ لُعْبة يقال لها سَفْدُ اللِّفاح، وَذَلِكَ انْتِظَامُ الصِّبْيَانِ بَعْضُهُمْ فِي إِثر بَعْضٍ كلُّ وَاحِدٍ آخِذٌ بحُجْزة صَاحِبِهِ مِنْ خَلْفِهِ. الأَصمعي: إِذا ضَرَبَ الْجَمَلُ النَّاقَةَ قِيلَ: قَعَا وقاعَ وسَفِدَ يَسْفَدُ، وأَجاز غَيْرُهُ سَفَدَ يَسْفِدُ. ابْنُ الأَعرابي: اسْتَسْفَدَ فلانٌ بَعِيرَهُ إِذا أَتاه مِنْ خَلْفِهِ فَرَكِبَهُ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَتاه فَتَسَفَّده وتعَرْقَبَه مِثْلُهُ. والسُّفُود مِنَ الْخَيْلِ: الَّتِي قُطِعَ عَنْهَا السِّفادُ حَتَّى تَمَّتْ مُنْيَتُها، ومُنيتها عِشْرُونَ يَوْمًا؛ عَنْ كُرَاعٍ. وتَسَفَّدَ فرسَه واسْتسْفَدها؛ الأَخيرة عَنِ الْفَارِسِيِّ: رَكِبَهَا مِنْ خَلْفٍ. والسَّفُّودُ والسُّفُّود، بِالتَّشْدِيدِ: حَدِيدَةٌ ذَاتَ شُعَب مُعَقَّفَة مَعْرُوفٌ يُشْوى بِهِ اللَّحْمُ، وجمعه سفافيد.
سقد: السّقْدُ: الفرَسُ المُضَمَّر. وَقَدْ أَسقَد فرَسَه وَسَقَدَهُ يَسْقِدُهُ سَقْداً وسَقَّده: ضَمَّره؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَائِلٍ: فَخَرَجَتْ فِي السَّحَرِ أَسْقِدُ فَرَسًا
أَي أُضَمِّرُهُ، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مُعَيزٍ: خَرَجَتْ بِفَرَسٍ لأُسَقِّدَه
أَي لأُضَمِّرَه.
سَقْدَدَ: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: السُّقْدُد الْفَرَسُ المُضَمَّر؛ وَقَدْ أَسقَد فرسَه.(3/218)
سلغد: رَجُلٌ سِلَّغْدٌ: لَئِيمٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والسِّلَّغْدُ مِنَ الرِّجَالِ: الرِّخْو. وأَحمر سِلَّغْد: شَدِيدُ الْحُمْرَةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَمِنَ الْخَيْلِ أَشقر سِلَّغْد، وَهُوَ الَّذِي خَلَصَتْ شُقْرته؛ وأَنشد:
أَشقَرُ سِلَّغْد وأَحْوَى أَدعَجُ
والأُنثى سِلَّغْدة. والسِّلَّغد: الأَحمق، وَيُقَالُ الذئبُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَهْجُو بَعْضَ الْوُلَاةِ.
وِلايَةُ سِلَّغْدٍ أَلفَّ كأَنه، ... مِنَ الرَّهَقِ المخلوطِ بالنُّوكِ، أَثْوَلُ
وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ السِّلْغَدُّ؛ يَقُولُ: كأَنه مِنْ حُمْقه وَمَا يَتَنَاوَلُهُ مِنَ الْخَمْرِ تَيْسٌ مَجْنُونٌ. ابْنُ الأَعرابي: السِّلَّغْدُ الأَكول الشَّرُوب الأَحمق من الرجال.
سلقد: التَّهْذِيبِ فِي الرُّبَاعِيِّ: السِّلْقِدُ الضَّاوِي المَهزول؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُعيز: خرجْتُ أُسَلْقِدُ فَرَسِي أَي أُضمِّره.
سمد: سَمَدَ يَسْمُد سُموداً: عَلَا. وسَمَدت الإِبل تَسْمُدُ سُموداً: لَمْ تعرِف الإِعياء. وَيُقَالُ لِلْفَحْلِ إِذا اغْتَلَمَ. قَدْ سمَد. والسَّمْد مِنَ السَّير: الدأْب. والسَّمْدُ: السَّيْرُ الدائم. وسَمَدت الإِبل في سَيْرِهَا: جَدَّت. وسَمَدَ: ثَبَتَ فِي الأَرض وَدَامَ عَلَيْهِ. وَهُوَ لَكَ أَبداً سَمْداً سَرْمَداً؛ عَنْ ثَعْلَبٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَلَا أَفعل ذَلِكَ أَبداً سَمْدًا سَرْمَدًا. والسُّمود: اللَّهْوُ. وسَمَد سُمُوداً: لَهَا. وسمَّده: أَلهاه.
وسمَد سُموداً: غَنَّى؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَهِيَ قَلِيلَةٌ؛ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنْتُمْ سامِدُونَ
؛ فُسِّرَ بِاللَّهْوِ وَفُسِّرَ بالغِناء؛ وَقِيلَ: سَامِدُونَ لاهُون؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَامِدُونَ مُسْتَكْبِرُونَ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: سَامِدُونَ سَاهُونَ. والسُّمود فِي النَّاسِ: الْغَفْلَةُ والسَّهْوُ عَنِ الشَّيْءِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: السُّمود الْغِنَاءُ بِلُغَةِ حِمْيَر؛ يُقَالُ: اسْمُدي لَنَا أَي غَنِّي لَنَا. وَيُقَالُ لِلقَيْنَةِ: أَسمِدِينا أَي أَلهِينا بِالْغِنَاءِ؛ وَقِيلَ: السُّمود يَكُونُ سُرُورًا وَحُزْنًا؛ وأَنشد:
رمَى الحِدْثانُ نِسْوَةَ آلِ حَزْبٍ ... بأَمْرٍ، قَدْ سَمَدْنَ لَهُ سُمودا
فَرَدَّ شُعورَهُنَّ السُّودَ بِيضاً، ... ورَدَّ وُجوهَهُن البِيضَ سُودا
ابْنُ الأَعرابي: السامِدُ اللاهي، والسامِدُ الغافلُ، والسامد الساهي، والسامد المُتَكَبِّر، والسامد القائم، والسامد المُتَحير بَطَراً وأَشَراً، والسامد الغبيُّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ أَنه خَرَجَ إِلى الْمَسْجِدِ والناسُ يَنْتَظِرُونَهُ لِلصَّلَاةِ قِيَامًا فَقَالَ مَا لِي أَراكم سَامِدِينَ
، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ قَوْلُهُ سَامِدِينَ يَعْنِي الْقِيَامَ؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: السَّامِدُ الْقَائِمُ فِي تَحيُّر، وأَنشد:
قِيلَ: قُمْ فانظُرْ إِليهم، ... ثم دَعْ عَنْكَ السُّمودا
قَالَ ابْنُ الأَثير: السَّامِدُ الْمُنْتَصِبُ إِذا كَانَ رَافِعًا رأْسه نَاصِبًا صَدْرَهُ، أَنكر عَلَيْهِمْ قِيَامَهُمْ قَبْلَ أَن يَرَوا إِمامهم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
مَا هَذَا السُّمودُ
؛ وَقِيلَ: هُوَ الْغَفْلَةُ والذَّهابُ عَنِ الشَّيْءِ. وسَمَدَ سُموداً: رَفَعَ رأْسه تكبُّراً. وكلُّ رافعٍ رأْسَه، فَهُوَ سَامِدٌ. وَقَدْ سَمِدَ يَسْمَدُ ويَسْمُد سُمُودًا؛ قَالَ رؤْبة بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ إِبلًا.
سَوامِدُ الليلِ خِفافُ الأَزوادْ
أَي دَوائبُ. وَقَوْلُهُ خِفافُ الأَزواد أَي لَيْسَ فِي بُطُونِهَا علَف؛ وَقِيلَ: لَيْسَ عَلَى ظُهُورِهَا زَادٌ لِلرَّاكِبِ، وسَمَدَ الرجلُ سُموداً: بُهِتَ، وسَمَدَه سَمْداً: قَصَدَهُ كصَمَده.(3/219)
وتسميدُ الأَرض: أَن يُجْعَل فِيهَا السَّمادُ وَهُوَ سِرجِينٌ ورَماد. وسَمَدَ الأَرض سَمْداً: سَهَّلَهَا. وسمَّدها: زبَّلها. والسَّمادُ: تُرَابٌ قَوِيٌّ يُسَمَّدُ بِهِ النَّبَاتُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَن رَجُلًا كَانَ يُسَمِّدُ أَرضَه بعَذِرَة النَّاسِ، فَقَالَ: أَما يَرضى أَحدُكم حَتَّى يُطِعمَ النَّاسَ مَا يَخرج مِنْهُ؟
السَّماد مَا يُطرح فِي أُصول الزَّرْعِ والخُضَر مِنَ الْعُذْرَةِ والزِّبْل ليَجود نَباتُه. والمِسْمَد: الزَّبيلُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ وتَسْميدُ الرأْس: استئصالُ شَعَره، لُغَةٌ فِي التسبيدِ. وسَمَّد شَعَرَهُ: استأْصله وأَخذه كُلَّهُ. والسَّميدُ: الطَّعَامُ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ: هِيَ بِالدَّالِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ. والإِسميدُ: الَّذِي يُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ سَمِدْ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري أَهو هَذَا الَّذِي حَكَاهُ كُرَاعٌ أَم لَا. والمُسْمَئِدُّ: الْوَارِمُ. واسْمَأَدَّ، بِالْهَمْزِ، اسمِئْداداً: وَرِمَ؛ وَقِيلَ: ورِمَ غَضَبًا. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: وَرِمَ ورَماً شَدِيدًا. واسمأَدَّت يَدُهُ: ورِمَت. وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ: اسمأَدَّت رِجْلُهَا أَي انَتَفَخَت وورِمَت. وكلُّ شيءٍ ذَهَبَ أَو هَلَك، فَقَدِ اسْمدَّ واسمَأَدَّ. واسْمادَّ مِنَ الْغَضَبِ كَذَلِكَ. واسْمادَّ الشيءُ: ذهب.
سَمْعَدَ: الأَزهري: اسمَعَدَّ الرجلُ واسمَغَدَّ إِذا امتلأَ غَضَباً، وَكَذَلِكَ اسْمَعَطَّ واشمَعَطَّ، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي ذَكَر الرَّجُلِ إِذا اتمَهَلَّ.
سمغد: السِّمَّغْدُ «2» الطويلُ. والسِّمَّغْدُ: الأَحْمق الضَّعِيفُ. والمُسمَغِدُّ: المُنَتَفخ، وَقِيلَ: النَّاعم، وَقِيلَ: الذَّاهِبُ. والمُسْمَغِدُّ: الشَّدِيدُ القَبْض حَتَّى تَنْتَفِخَ. الأَنامل. والمُسْمَغِدُّ: الْوَارِمُ، بِالْغَيْنِ مُعْجَمَةً. يُقَالُ: اسْمَغَدَّت أَنامله إِذا تَوَرَّمَت. واسمَغَدَّ الرَّجُلُ أَي امتلأَ غَضَبًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه صَلَّى حَتَّى اسمَغَدَّت رِجْلَاهُ
أَي تورَّمَتا وَانْتَفَخَتَا. والمُسْمَغِدُّ: الْمُتَكَبِّرُ المنتفِخُ غَضَبًا. واسْمَغَدَّ الْجُرْحُ إِذا وَرِمَ. وَقِيلَ: المُسْمَغِدُّ مِنَ الرِّجَالِ الطويلُ الشديدُ الأَركان؛ قَالَهُ أَبو عَمْرٍو وأَنشد:
حَتَّى رأَيت العَزَبَ السِّمَّغْدا، ... وَكَانَ قَدْ شبَّ شَباباً مَغْداً
ابْنُ السِّكِّيتِ: رأَيته مُغِدّاً مُسْمَغِدّاً إِذا رأَيته وَارِمًا مِنَ الغضَب؛ وَقَالَ أَبو سُوَاجٍ:
إِنَّ المَنِيَّ، إِذا سَرى ... فِي الْعَبْدِ، أَصْبَحَ مُسْمَغِدّا
سمهد: السَّمْهَدُ: الْكَثِيرُ اللَّحْمِ الْجَسِيمُ مِنَ الإِبل. واسمَهَدَّ سنَامُه إِذا عَظُم. والسَّمْهَدُ: الشيءُ الصُّلْب اليابس.
سند: السَّنَدُ: مَا ارتَفَعَ مِنَ الأَرض فِي قُبُل الْجَبَلِ أَو الْوَادِي، وَالْجَمْعُ أَسْنادٌ، لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وكلُّ شيءٍ أَسندتَ إِليه شَيْئًا، فَهُوَ مُسْنَد. وَقَدْ سنَدَ إِلى الشيءِ يَسْنُدُ سُنوداً واستَنَدَ وتسانَد وأَسْنَد وأَسنَدَ غيرَه. وَيُقَالُ: سانَدته إِلى الشَّيْءِ فَهُوَ يتَسانَدُ إِليه أَي أَسنَدتُه إِليه؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ:
سانَدُوه، حَتَّى إِذا لَمْ يَرَوْه ... شُدَّ أَجلادُه عَلَى التَّسْنِيدِ
وَمَا يُسْنَدُ إِليه يُسَمَّى مِسْنَداً ومُسْنَداً، وَجَمْعُهُ المَسانِدُ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّنَدُ مَا قَابَلَكَ مِنَ الْجَبَلِ وَعَلَا عَنِ السَّفْحِ. والسَّنَدُ: سُنُودُ الْقَوْمِ فِي الْجَبَلِ. وَفِي حَدِيثِ أُحُد:
رأَيت النساءَ يُسْنِدْن فِي الْجَبَلِ
__________
(2) . قوله [السمغد إلخ] هو كقرشب بضبط القلم في الأَصل وصوّبه شارح القاموس معترضاً على جعله كحضجر، وعزاه لخط الصاغاني.(3/220)
أَي يُصَعِّدْن، وَيُرْوَى بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسَنَذْكُرُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنيس: ثُمَّ أَسنَدوا إِليه فِي مَشْرُبة
أَي صَعِدوا. وخُشُبٌ مُسَنَّدة: شُدِّد لِلْكَثْرَةِ. وتَسانَدْتُ إِليه: استَنَدْتُ. وساندْت الرجلَ مسانَدَةً إِذَا عاضَدْتَهُ وكانَفْتَه. وسَنَدَ فِي الْجَبَلِ يَسْنُدُ سُنوداً وأَسنَد: رَقِيَ. وَفِي خَبَرِ أَبي عَامِرٍ: حَتَّى يُسْنِدَ عَنْ يَمِينِ النُّمَيرةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ. والمُسْنَد والسَّنِيد: الدَّعِيُّ. وَيُقَالُ للدعِيِّ: سَنِيدٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
كريمٌ لَا أَجدُّ وَلَا سَنِيدُ
وسَنَد فِي الْخَمْسِينَ مثلَ سُنود الْجَبَلِ أَي رَقيَ، وفلانٌ سَنَدٌ أَي معتَمَدٌ. وأَسنَد فِي العَدْو: اشْتَدَّ وجَمَّد. وأَسنَد الحديثَ: رَفَعَهُ. الأَزهري: والمُسْنَد مِنَ الْحَدِيثِ مَا اتَّصَلَ إِسنادُه حَتَّى يُسْنَد إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمُرْسَل والمُنْقَطِع مَا لَمْ يَتَّصِلْ. والإِسنادِ فِي الْحَدِيثِ: رَفْعُه إِلى قَائِلِهِ. والمُسْنَدُ: الدَّهْرُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لَا آتِيهِ يَدَ الدَّهْرِ ويَدَ المُسْنَد أَي لَا آتِيهِ أَبداً. وَنَاقَةٌ سِنادٌ: طَوِيلَةُ الْقَوَائِمِ مُسْنَدَةُ السَّنام، وَقِيلَ: ضَامِرَةٌ؛ أَبو عُبَيْدَةَ: الهَبِيطُ الضَّامِرَةُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: السِّنادُ مِثْلُهُ، وأَنكره شَمِرٌ. وَنَاقَةٌ مُسانَدةُ القَرى: صُلْبَتُه مُلاحِكَتُه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
مُذَكَّرَةُ الثُّنْيا مُسانِدَةُ القَرَى، ... جُمالِيَّة تَخْتَبُّ ثُمَّ تُنيبُ
وَيُرْوَى مُذَكِّرة ثُنْيَا. أَبو عَمْرٍو: نَاقَةٌ سِنَادٌ شَدِيدَةُ الخَلْق؛ وَقَالَ ابن برزج: السِّنَادُ مِنْ صِفَةِ الإِبل أَن يُشْرِفَ حارِكُها. وَقَالَ الأَصمعي في المُشْرِفة الصَّدْرِ والمُقَدَّم وَهِيَ المُسانِدَة، وَقَالَ شَمِرٌ أَي يُساند بَعْضُ خَلْقِهَا بَعْضًا؛ الْجَوْهَرِيُّ: السِّناد النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ الْخَلْقِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
جُمالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنادٌ، يُشِلُّها ... وظِيفٌ أَزَجُّ الخَطوِ، ظَمآنُ سَهْوَقُ
جُمالِيَّة: نَاقَةٌ عَظِيمَةُ الخَلْق مُشَبَّهَة بِالْجَمَلِ لعُظْم خَلْقِهَا. والحَرْفُ: النَّاقَةُ الضَّامِرَةُ الصُّلبة مُشَبَّهَةٌ بالحَرْف مِنَ الْجَبَلِ. وأَزَجُّ الخَطْوِ: واسِعُه. وظَمآنُ: لَيْسَ بِرَهِلٍ، وَيُرْوَى رَيَّانُ مَكَانَ ظمآنُ، وَهُوَ الْكَثِيرُ الْمُخِّ، والوَظِيفُ: عَظْمُ السَّاقِ، والسَّهْوَقُ: الطَّوِيلُ. والإِسنادُ: إِسناد الرَّاحِلَةِ فِي سَيْرِهَا وَهُوَ سَيْرٌ بَيْنَ الذّمِيلِ والهَمْلَجَة. وَيُقَالُ: سَنَدْنا فِي الجَبل وأَسنَدْنا جَبَلَها فِيهَا «1» . وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنيس: ثُمَّ أَسنَدُوا إِليه فِي مَشْرُبَة
أَي صَعِدوا إِليه. يُقَالُ: أَسنَدَ فِي الْجَبَلِ إِذا مَا صَعَّدَه. والسنَدُ: أَن يَلْبَسَ قَمِيصًا طَوِيلًا تَحْتَ قَمِيصٍ أَقصَرَ مِنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: السَّنَدُ ضُروبٌ مِنَ الْبُرُودِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى عَلَى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَربعة أَثواب سَنَدٍ
، وَهُوَ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ؛ قَالَ اللَّيْثُ: السَّندُ ضَرْبٌ مِنَ الثِّيَابِ قَمِيصٌ ثُمَّ فَوْقَهُ قَمِيصٌ أَقصر مِنْهُ، وَكَذَلِكَ قُمُص قِصَارٌ مِنْ خِرَق مُغَيَّب بَعْضُهَا تَحْتَ بَعْضٍ، وكلُّ مَا ظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ يُسَمَّى: سِمْطاً؛ قَالَ الْعَجَّاجِ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
كَتَّانُها أَو سنَدٌ أَسماطُ
وَقَالَ ابْنُ بُزُرج: السنَدُ الأَسنادُ «2» مِنَ الثِّيَابِ وَهِيَ
__________
(1) . قوله [جبلها فيها] كذا بالأَصل المعوّل عليه ولعله محرف عن خيلنا فيه أو غير ذلك
(2) . قوله [السند الأَسناد] كذا بالأَصل ولعله جمعه الأسناد أي بناء على أن السند مفرد، وحينئذ فقوله: جبة أسناد أي من أسناد.(3/221)
مِنَ الْبُرُودِ، وأَنشد:
جُبَّةُ أَسنادٍ نَقِيٌّ لونُها، ... لَمْ يَضْرِبِ الخيَّاطُ فِيهَا بالإِبَرْ
قَالَ: وَهِيَ الْحَمْرَاءُ مِنْ جِبابِ الْبُرُودِ. ابْنُ الأَعرابي: سَنَّدَ الرجلُ إِذا لَبِس السَّنَد وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ. وَخَرَجُوا مُتسانِدينَ إِذا خَرَجُوا عَلَى راياتٍ شَتَّى. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: خَرَجَ ثُمامة بْنُ أُثال وَفُلَانٌ مُتسانِدَين
أَي مُتعاوِنَين، كأَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسْنِدُ عَلَى الْآخَرِ وَيَسْتَعِينُ بِهِ. والمُسْنَدُ: خَطٌّ لِحِمْيَرَ مُخَالِفٌ لِخَطِّنَا هَذَا، كَانُوا يَكْتُبُونَهُ أَيام مُلْكِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، قَالَ أَبو حَاتِمٍ: هُوَ فِي أَيديهم إِلى الْيَوْمِ بِالْيَمَنِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: أَن حَجَراً وُجد عَلَيْهِ كِتَابٌ بِالْمُسْنَدِ
؛ قَالَ: هِيَ كِتَابَةٌ قَدِيمَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ خَطُّ حِمْيَرَ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: المُسْنَدُ كَلَامُ أَولاد شِيثٍ. والسِّنْد: جِيلٌ مِنَ النَّاسِ تُتاخم بلادُهم بلادَ أَهل الْهِنْدِ، وَالنِّسْبَةُ إِليهم سِنْديّ. أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ عُيُوبِ الشِّعْرِ السِّنادُ وهو اختلاف الأَرْدادِ، كَقَوْلِ عَبِيد بْنِ الأَبرص:
فَقَدْ أَلِجُ الخِباءَ عَلَى جَوارٍ، ... كأَنَّ عُيونَهُنَّ عُيونُ عِينِ
ثُمَّ قَالَ:
فإِنْ يكُ فاتَني أَسَفاً شَبابي ... وأَضْحَى الرأْسُ مِني كاللُّجَينِ
وَهَذَا الْعَجُزُ الأَخير غَيَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ:
وأَصبح رأْسُه مِثلَ اللُّجَينِ
وَالصَّوَابُ فِي إِنشادهما تَقْدِيمُ الْبَيْتِ الثَّانِي عَلَى الأَول. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سَلَامٍ أَنه قَالَ: السِّنادُ فِي الْقَوَافِي مِثْلُ شَيْبٍ وشِيبٍ؛ وساندَ فُلَانٌ فِي شِعْرِهِ. وَمِنْ هَذَا يُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ مُتسانِدين أَي عَلَى رَايَاتٍ شَتى إِذا خَرَجَ كُلُّ بَنِي أَب عَلَى رَايَةٍ، وَلَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى رَايَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا تَحْتَ رَايَةِ أَمير وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ أَسنَد فِي الشِّعْرِ إِسناداً بِمَعْنَى سانَدَ مِثْلَ إِسناد الْخَبَرِ، وَيُقَالُ سانَدَ الشَّاعِرُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وشِعْرٍ، قَدْ أَرِقْتُ لَهُ، غَريبٍ ... أُجانِبُه المَسانِدَ والمُحالا
ابْنُ سِيدَهْ: سانَدَ شعره سِناداً وسانَدَ فِيهِ كِلَاهُمَا: خَالَفَ بَيْنَ الْحَرَكَاتِ الَّتِي تَلِي الأَرْدافَ فِي الرَّوِيِّ، كَقَوْلِهِ:
شَرِبنا مِن دِماءِ بَني تَميمٍ ... بأَطرافِ القَنا، حَتَّى رَوِينا
وَقَوْلِهِ فِيهَا:
أَلم تَرَ أَنَّ تَغْلِبَ بَيْتُ عِزٍّ، ... جبالُ مَعاقِلٍ مَا يُرْتَقَيْنا؟
فَكَسَرَ مَا قَبْلَ الْيَاءِ فِي رَوِينا وَفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فِي يُرْتَقَيْنا، فَصَارَتْ قَيْنا مَعَ وِينا وَهُوَ عَيْبٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: بِالْجُمْلَةِ إِنَّ اخْتِلَافَ الْكَسْرَةِ وَالْفَتْحَةِ قَبْلَ الرِّدْفِ عَيْبٌ، إِلَّا أَنَّ الَّذِي اسْتَهْوَى فِي اسْتِجَازَتِهِمْ إِياه أَن الْفَتْحَةَ عِنْدَهُمْ قَدْ أُجريَتْ مُجْرى الْكَسْرَةِ وعاقَبتها فِي كَثِيرٍ مِنَ الْكَلَامِ، وَكَذَلِكَ الْيَاءُ الْمَفْتُوحُ مَا قَبْلَهَا قَدْ أُجريت مُجْرَى الْيَاءِ الْمَكْسُورِ مَا قَبْلَهَا، أَما تَعاقُبُ الْحَرَكَتَيْنِ فَفِي مَوَاضِعَ: مِنْهَا أَنهم عَدَلوا لَفْظَ الْمَجْرُورِ فِيمَا لَا يَنْصَرِفُ إِلى لَفْظِ الْمَنْصُوبِ، فَقَالُوا مَرَرْتُ بعُمَر كَمَا قَالُوا ضَرَبْتُ عُمر، فكأَن فَتْحَةَ رَاءِ عُمَر عَاقَبَتْ مَا كَانَ يَجِبُ فِيهَا مِنَ الْكَسْرَةِ لَوْ صُرِفَ الِاسْمُ فَقِيلَ مَرَرْتُ بعُمرٍ، وأَما مُشَابَهَةُ الْيَاءِ الْمَكْسُورِ مَا قَبْلَهَا لِلْيَاءِ الْمَفْتُوحِ مَا قَبْلَهَا فلأَنهم قَالُوا(3/222)
هَذَا جَيْب بَّكر فأَدغموا مَعَ الْفَتْحَةِ، كَمَا قَالُوا هذا سعيد دَّاود، وقالوا شَيْبَانُ وَقَيْسُ عِيلَانَ فأَمالوا كَمَا أَمالوا سِيحان وتِيحان، وقال الأَحفش بَعْدَ أَن خَصَّصَ كَيْفِيَّةَ السِّنَادِ: أَما مَا سَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ فِي السِّنَادِ فإِنهم يَجْعَلُونَهُ كُلَّ فَسَادٍ فِي آخِرِ الشِّعْرِ وَلَا يَحُدُّونَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَهُوَ عِنْدَهُمْ عَيْبٌ، قَالَ: وَلَا أَعلم إِلَّا أَني قَدْ سَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يَجْعَلُ الإِقواءَ سِنَادًا؛ وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِيهِ سِنادٌ وإِقْواءٌ وتحْريدُ
فَجَعَلَ السِّنَادَ غَيْرَ الإِقْواء وَجَعَلَهُ عَيْبًا. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَجْهُ مَا قَالَهُ أَبو الْحَسَنِ أَنه إِذا كَانَ الأَصل السِّناد إِنما هُوَ لأَن الْبَيْتَ الْمُخَالِفَ لِبَقِيَّةِ الأَبيات كَالْمُسْنَدِ إِليها لَمْ يَمْتَنِعْ أَن يَشِيعَ ذَلِكَ فِي كُلِّ فَسَادٍ فِي آخِرِ الْبَيْتِ فَيُسَمَّى بِهِ، كَمَا أَن الْقَائِمَ لَمَّا كَانَ إِنما سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لِمَكَانِ قِيَامِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ أَن يُسَمِّي كُلَّ مَنْ حَدَثَ عَنْهُ الْقِيَامُ قَائِمًا؛ قَالَ: وَوَجْهُ مَنْ خَصَّ بَعْضَ عُيُوبِ الْقَافِيَةِ بِالسِّنَادِ أَنه جَارٍ مَجْرَى الِاشْتِقَاقِ، وَالِاشْتِقَاقُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ غَيْرُ مَقِيسٍ، إِنما يُسْتَعْمَلُ بِحَيْثُ وُضِعَ إِلَّا أَن يَكُونَ اسْمَ فَاعِلٍ أَو مَفْعُولٍ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي ضَارِبٍ وَمَضْرُوبٍ؛ قَالَ وَقَوْلُهُ:
فِيهِ سِنَادٌ وإِقواءٌ وَتَحْرِيدُ
الظَّاهِرُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الأَخفش مِنْ أَن السِّنَادَ غَيْرُ الإِقواء لِعَطْفِهِ إِياه عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مُمْتَنِعًا فِي الْقِيَاسِ أَن يَكُونَ السِّنَادُ يَعْنِي بِهِ هَذَا الشاعرُ الإِقواءَ نفْسَه، إِلَّا أَنه عَطَفَ الإِقواءَ عَلَى السِّنَادِ لِاخْتِلَافِ لَفْظَيْهِمَا كَقَوْلِ الْحُطَيْئَةِ:
وهِنْد أَتى مِن دونِها النَّأْيُ والبُعْدُ
قَالَ: وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. قَالَ: وَقَوْلُ سِيبَوَيْهِ هَذَا بَابُ المُسْنَد والمُسْنَد إِليه؛ الْمُسْنَدُ هُوَ الْجُزْءُ الأَول مِنَ الْجُمْلَةِ، وَالْمُسْنَدُ إِليه الْجُزْءُ الثَّانِي مِنْهَا، وَالْهَاءُ مِنْ إِليه تَعُودَ عَلَى اللَّامِ فِي الْمُسْنَدِ الأَول، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ والمسند إِليه وَهُوَ الجزءُ الثَّانِي يَعُودُ عَلَيْهَا ضَمِيرٌ مَرْفُوعٌ فِي نَفْسِ الْمُسْنَدِ، لأَنه أُقيم مُقام الْفَاعِلِ، فإِن أَكدت ذَلِكَ الضَّمِيرَ قُلْتَ: هَذَا بَابُ المُسْنَدِ والمُسْنَدِ هُو إِليه. قَالَ الْخَلِيلُ: الْكَلَامُ سَنَدٌ ومُسْنَدٌ، فالسَّنَدُ كَقَوْلِكَ «3» . عَبْدُ اللهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَعَبْدُ اللَّهِ سَنَدٌ، وَرَجُلٌ صَالِحٌ مُسْنَدٌ إِليه؛ التهذيب في ترجمة قسم قَالَ الرِّيَاشِيُّ: أَنشدني الأَصمعي فِي النُّونِ مَعَ الْمِيمِ:
تَطْعُنُها بخَنْجرٍ مِن لَحْم، ... تحتَ الذُّنابى، فِي مكانٍ سُخْن
قَالَ: وَيُسَمَّى هَذَا السِّنَادُ. قَالَ الفراءُ: سَمَّى الدَّالَ وَالْجِيمَ الإِجادة؛ رَوَاهُ عَنِ الْخَلِيلِ. الْكِسَائِيُّ: رَجُلٌ سِنْدَأْوَةٌ وقِنْدَأْوةٌ وَهُوَ الخفيفُ؛ وَقَالَ الفراءُ: هِيَ مِنَ النُّوق الجريئَة. أَبو سَعِيدٍ: السِّنْدَأْوَةُ خِرْقَة تَكُونُ وقايَةً تَحْتَ الْعِمَامَةِ مِنَ الدُّهْن. والأَسْنادُ: شَجَرٌ. والسَّندانُ: الصَّلاءَةُ. والسِّنْدُ: جِيل مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ سُنودٌ وأَسْنادٌ. وسِنْدٌ: بلادٌ، تَقُولُ سِنْديٌّ لِلْوَاحِدِ وسِندٌ لِلْجَمَاعَةِ، مِثْلُ زِنجيٍّ وزِنْجٍ. والمُسَنَّدَةُ والمِسْنَديَّةُ: ضَرْب مِنَ الثِّيَابِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنه رأَى عَلَيْهَا أَربعة أَثواب سَنَد
؛ قِيلَ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبُرُودِ اليمانِية وَفِيهِ لُغَتَانِ: سَنَدٌ وسَنْد، وَالْجُمَعُ أَسناد. وسَنْدادٌ [سِنْدادٌ] : مَوْضِعٌ. والسَّنَدُ: بَلَدٌ مَعْرُوفٌ فِي الْبَادِيَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يَا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ
والعَلياءُ: اسْمُ بَلَدٍ آخَرَ. وسِنداد: اسْمُ نَهْرٍ؛ ومنه
__________
(3) . قوله [فالسند كقولك إلخ] كذا بالأَصل المعوّل عليه ولعل الأَحسن سقوط فالسند أَو زيادة والمسند(3/223)
قَوْلُ الأَسْوَدِ بنِ يَعْفُر:
والقَصْرِ ذِي الشُّرُفاتِ مِن سِنداد
سهد: اللَّيْثُ: السُّهْدُ والسُّهادُ نَقيضُ الرُّقاد؛ قَالَ الأَعشى:
أَرِقتُ وَمَا هَذَا السُّهادُ المُؤَرِّقُ
الْجَوْهَرِيُّ: السُّهادُ الأَرَقُ. والسُّهُدُ، بِضَمِّ السِّينِ وَالْهَاءِ: الْقَلِيلُ مِنَ النَّوْمِ. وسَهِدَ، بِالْكَسْرِ، يَسْهَدُ سَهَداً وسُهْداً وسُهاداً: لَمْ يَنَمْ. وَرَجُلٌ سُهُدٌ: قليلُ النَّوْمِ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
فَأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤادِ مُبَطَّناً، ... سُهُداً، إِذا مَا نامَ ليلُ الهَوْجَلِ
وَعَينٌ سُهُدٌ كَذَلِكَ. وَقَدْ سَهَّدَه الهمُّ والوجعُ. وَمَا رأَيتُ مِنْ فُلَانٍ سَهْدَةً أَي أَمراً أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ أَو بَرَكَةٍ أَو خَبرٍ أَو كَلَامٍ مُقْنِع. وَفُلَانٌ ذُو سَهْدَةٍ أَي ذُو يَقَظَةٍ. وَهُوَ أَسْهَدُ رَأْياً مِنْكَ. وَفِي بَابِ الإِتباع: شيءٌ سَهْدٌ مَهْدٌ أَي حَسَن. والسَّهْوَدُ: الطويلُ الشَّدِيدُ؛ شَمِرٌ: يُقَالُ غُلَامٌ سَهْوَدٌ إِذا كَانَ غَضّاً حَدَثاً؛ وأَنشد:
ولَيْتَه كَانَ غُلَامًا سَهْوَدا، ... إِذا عَسَت أَغصانُه تَجدّدا
وسَهَّدْتُه أَنا فَهُوَ مُسَهَّدٌ. وَفُلَانٌ يُسَهَّدُ أَي لَا يُتْرَكُ أَن يَنَامَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
يُسَهَّدُ مِنْ نومِ العشاءِ سَليمُها، ... لِحَلْيِ النساءِ فِي يَدَيْهِ قَعاقِعُ
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للمرأَة إِذا ولَدَت ولَدَها بزَحْرة وَاحِدَةٍ: قَدْ أَمْصَعَتْ بِهِ وأَخْفَدَتْ بِهِ وأَسْهَدَتْ بِهِ وأَمْهَدَتْ بِهِ وحَطَأَتْ بِهِ. وسُهْدُد: اسْمُ جَبَلٍ لَا يَنْصَرِفُ كأَنهم يَذْهَبُونَ بِهِ إِلى الصَّخْرَةِ أَو البقعة.
سود: السَّواد: نقيضُ الْبَيَاضِ؛ سَوِدَ وَسادَ واسودَّ اسْوِداداً واسْوادّ اسْوِيداداً، وَيَجُوزُ فِي الشِّعْرِ اسْوَأَدَّ، تُحَرَّكُ الأَلف لئلَّا يُجْمَعَ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ؛ وَهُوَ أَسودُ، وَالْجَمْعُ سُودٌ وسُودانٌ. وسَوَّده: جَعْلَهُ أَسودَ، والأَمر مِنْهُ اسْوادَدْ، وإِن شِئْتَ أَدغمْتَ، وتصغيرُ الأَسود أُسَيِّدٌ، وإِن شِئْتَ أُسَيْوِدٌ أَي قَدْ قَارَبَ السَّوادَ، والنسْبَةُ إِليه أُسَيْدِيٌّ، بِحَذْفِ الْيَاءِ الْمُتَحَرِّكَةِ، وتَصغير التَّرْخِيمِ سُوَيْدٌ. وساوَدْتُ فُلَانًا فَسُدْتُه أَي غَلَبْتُه بِالسَّوَادِ مِنْ سَوَادِ اللونِ والسُّودَدِ جَمِيعًا. وسَوِدَ الرجلُ: كَمَا تَقُولُ عَوِرَت عَيْنُه وَسَوِدْتُ أَنا؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
سَوِدْتُ فَلَمْ أَمْلِكْ سَوادي، وتحتَه ... قَمِيصٌ مِنَ القُوهِيِّ، بيضٌ بَنائقُهْ
ويُرْوَى:
سَوِدْتُ فَلَمْ أَملك وتحتَ سَوادِه
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: سُدْتُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَنشد أَعرابي لِعنترةَ يَصِفُ نفسَه بأَنه أَبيضُ الخُلُق وإِن كَانَ أَسودَ الجلدِ:
عَلَيَّ قميصٌ مِنْ سَوادٍ وتحتَه ... قميصُ بَياضٍ، ... بنَائقُه «1»
وَكَانَ عنترةُ أَسْوَدَ اللَّوْنِ، وأَراد بقميصِ البياضِ قَلْبَه. وسَوَّدْتُ الشيءَ إِذا غَيَّرْتَ بَياضَه سَوَاداً. وأَسوَدَ الرجُلُ وأَسأَدَ: وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَسود. وساوَدَه سِواداً: لَقِيَه فِي سَوادِ الليلِ. وسَوادُ القومِ: مُعْظَمُهم. وسوادُ الناسِ:
__________
(1) . لم نجد هذا البيت في ما لدينا من شعر عنترة المطبوع.(3/224)
عَوامُّهُم وكلُّ عددٍ كَثِيرٍ. وَيُقَالُ: أَتاني القومُ أَسوَدُهم وأَحمرُهم أَي عَرَبُهم وعَجَمُهم. وَيُقَالُ: كَلَّمُتُه فَمَا رَدَّ عليَّ سوداءَ وَلَا بيضاءَ أَي كَلِمَةً قَبِيحَةً وَلَا حَسَنَةً أَي مَا رَدَّ عَلَيَّ شَيْئًا. وَالسَّوَادُ: جماعةُ النخلِ والشجرِ لِخُضْرَته واسْوِدادِه؛ وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ لأَنَّ الخُضْرَةَ تُقارِبُ السوادَ. وسوادُ كلِّ شيءٍ: كُورَةُ مَا حولَ القُرَى والرَّساتيق. والسَّوادُ: مَا حَوالَي الكوفةِ مِنَ القُرَى والرَّساتيقِ وَقَدْ يُقَالُ كُورةُ كذا وكذا وسوادُها إِلى مَا حَوالَيْ قَصَبَتِها وفُسْطاطِها مِنْ قُراها ورَساتيقِها. وسوادُ الكوفةِ والبَصْرَة: قُراهُما. والسَّوادُ والأَسْوِداتُ والأَساوِدُ: جَماعةٌ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: هُم الضُّروبُ المتفرِّقُون. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: انْظُرْ إِلى هَؤُلَاءِ الأَساوِدِ حَوْلَكَ
أَي الجماعاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ. وَيُقَالُ: مَرَّتْ بِنَا أَساودُ مِنَ الناسِ وأَسْوِداتٌ كأَنها جُمَعُ أَسْوِدَةٍ، وَهِيَ جمعُ قِلَّةٍ لسَوادٍ، وَهُوَ الشَّخْصُ لأَنه يُرَى مِنْ بعيدٍ أَسْوَدَ. والسوادُ: الشَّخْصُ؛ وَصَرَّحَ أَبو عُبَيْدٍ بأَنه شَخْصُ كلِّ شَيْءٍ مِنْ مَتَاعٍ وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ أَسْودةٌ، وأَساوِدُ جمعُ الجمعِ. وَيُقَالُ: رأَيتُ سَوادَ القومِ أَي مُعْظَمَهم. وسوادُ العسكرِ: مَا يَشتملُ عَلَيْهِ مِنَ المضاربِ وَالْآلَاتِ والدوابِّ وغيرِها. وَيُقَالُ: مَرَّتْ بِنَا أَسْوِداتٌ مِنَ النَّاسِ وأَساوِدُ أَي جماعاتٌ. والسَّوادُ الأَعظمُ مِنَ النَّاسِ: هُمُ الجمهورُ الأَعْظمُ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ تَجمعوا عَلَى طَاعَةِ الإِمام وَهُوَ السُّلْطَانُ. وسَوادُ الأَمير: ثَقَلُه. ولفلانٍ سَوادٌ أَي مَالٌ كثيرٌ. والسِّوادُ: السِّرارُ، وسادَ الرجلُ سَوْداً وساوَدَه سِواداً، كِلَاهُمَا: سارَّه فأَدْنى سوادَه مِنْ سَوادِه، وَالِاسْمُ السِّوادُ والسُّوادُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَلِكَ أَطلقه أَبو عُبَيْدٍ، قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي أَن السِّوادَ مَصْدَرُ ساوَد وأَن السُّوادَ الِاسْمُ كَمَا تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مِزاحٍ ومُزاحٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُ: أُذُنَكَ عَلَى أَن تَرْفَعَ الْحِجَابَ وتَسْمَعَ سِوادِي حَتَّى أَنهاك
؛ قَالَ الأَصمَعي: السِّوادُ، بِكَسْرِ السِّينِ، السِّرارُ، يُقَالُ مِنْهُ: ساوَدْتُه مُساودَة وسِواداً إِذا سارَرْتَه، قَالَ: وَلَمْ نَعْرِفْها بِرَفْع السِّينِ سُواداً؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَيَجُوزُ الرَّفْعُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ جِوارٍ وجُوارٍ، فالجُوارُ الاسمُ والجِوارُ المصدرُ. قَالَ: وَقَالَ الأَحمر: هُوَ مِنْ إِدْناء سَوادِكَ مِنْ سَوادِه وَهُوَ الشخْص أَي شخْصِكَ مِنْ شَخْصِهِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَهَذَا مِنَ السِّرارِ لأَنَّ السِّرارَ لَا يَكُونُ إِلا مِنَ إِدْناءِ السَّوادِ؛ وأَنشد الأَحمر:
مَن يَكُنْ في السِّوادِ والدَّدِ والإِعْرامِ ... زِيرًا، فإِنني غيرُ زِيرِ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِمْ لَا يُزايِلُ سَوادي بَياضَكَ: قَالَ الأَصمعي مَعْنَاهُ لَا يُزايِلُ شَخْصِي شخصَكَ. السَّوادُ عِنْدَ الْعَرَبِ: الشخصُ، وَكَذَلِكَ البياضُ. وَقِيلَ لابنَةِ الخُسِّ: مَا أَزناكِ؟ أَو قِيلَ لَهَا: لِمَ حَمَلْتِ؟ أَو قِيلَ لَهَا: لِمَ زَنَيْتِ وأَنتِ سيِّدَةُ قَوْمِكِ؟ فَقَالَتْ: قُرْبُ الوِساد، وطُولُ السِّواد؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السِّوادُ هُنَا المُسارَّةُ، وَقِيلَ: المُراوَدَةُ، وَقِيلَ: الجِماعُ بِعَيْنِهِ، وَكُلُّهُ مِنَ السَّوادِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْبَيَاضِ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدٌ يَعُودُهُ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ: لَا أَبكي خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ أَو حُزْنًا عَلَى الدُّنْيَا، فَقَالَ: مَا يُبْكِيك؟ فَقَالَ: عَهِد إِلينا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليَكْف أَحدَكم مثلُ زَادِ الرَّاكِبِ(3/225)
وَهَذِهِ الأَساوِدُ حَوْلي؛ قَالَ: وَمَا حَوْلَه إِلَّا مِطْهَرَةٌ وإِجَّانَةٌ وجَفْنَةٌ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد بالأَساودِ الشخوصَ مِنَ الْمَتَاعِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، وكلُّ شَخْصٍ مِنْ مَتَاعٍ أَو إِنسان أَو غيرِه: سوادٌ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يُريدَ بالأَساودِ الحياتِ، جَمْعَ أَسودَ، شَبَّهَها بِهَا لاسْتضرارِه بِمَكَانِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا رأَى أَحدكم سَوَادًا بِلَيْلٍ فَلَا يَكُنْ أَجْبنَ السَّوادَينِ فإِنه يخافُك كَمَا تخافُه
أَي شَخْصًا. قَالَ: وَجَمْعُ السَّوادِ أَسوِدةٌ ثُمَّ الأَساودُ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ وأَنشد الأَعشى:
تناهَيْتُمُ عَنَّا، وَقَدْ كَانَ فيكُمُ ... أَساوِدُ صَرْعَى، لم يُسَوَّدْ قَتِيلها
يَعْنِي بالأَساوِدِ شُخوصَ القَتْلى. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَ بعُودٍ وجاءَ بِبَعرةٍ حَتَّى زَعَمُوا فَصَارَ سَوَادًا
أَي شَخْصًا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وَجَعَلُوا سَواداً حَيْساً
أَي شَيْئًا مُجْتَمِعًا يَعْنِي الأَزْوِدَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا رأَيتم الِاخْتِلَافَ فَعَلَيْكُمْ بالسَّواد الأَعظم
؛ قِيلَ: السَّوَادُ الأَعظمُ جُمْلَة النَّاسِ ومُعْظَمُهم الَّتِي اجْتَمَعَتْ عَلَى طَاعَةِ السُّلْطَانِ وَسُلُوكِ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ؛ وَقِيلَ: الَّتِي اجْتَمَعَتْ عَلَى طَاعَةِ السُّلْطَانِ وبَخِعَت لَهَا، بَرّاً كَانَ أَو فَاجِرًا، مَا أَقام الصلاةَ؛ وَقِيلَ لأَنَس: أَين الْجَمَاعَةُ؟ فَقَالَ: مَعَ أُمرائكم. والأَسْوَدُ: العظيمُ مِنَ الحيَّات وَفِيهِ سوادٌ، وَالْجَمْعُ أَسْوَدات وأَساوِدُ وأَساويدُ، غَلَبَ غَلَبَةَ الأَسماء، والأُنثى أَسْوَدَة نادرٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِ الأَسود أَساوِد قَالَ: لأَنه اسْمٌ وَلَوْ كَانَ صِفَةً لَجُمِع عَلَى فُعْلٍ. يُقَالُ: أَسْوَدُ سالِخٌ غَيْرُ مُضَافٍ، والأُنثى أَسْوَدَة ولا توصف بسالخةٍ.
وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ ذَكَرَ الفِتَنَ: لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساوِدَ صُبّاً يَضِربُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ
؛ قَالَ الزُّهْرِيُّ: الأَساودُ الحياتُ؛ يَقُولُ: يَنْصَبُّ بِالسَّيْفِ عَلَى رأْس صاحِبِه كَمَا تفعلُ الحيةُ إِذا ارْتَفَعَتْ فَلَسعت مَنْ فَوْقُ، وإِنما قِيلَ للأَسود أَسْودُ سالِخٌ لأَنه يَسْلُخُ جِلْدَه فِي كلِّ عَامٍ؛ وأَما الأَرقم فَهُوَ الَّذِي فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَذُو الطُّفْيَتَيْنِ الَّذِي لَهُ خَطَّان أَسودان. قَالَ شَمِر: الأَسودُ أَخْبثُ الْحَيَّاتِ وأَعظمها وأَنكاها وَهِيَ مِنَ الصِّفَةِ الْغَالِبَةِ حَتَّى استُعْمِل استِعْمال الأَسماءِ وجُمِعَ جَمْعَها، وَلَيْسَ شيءٌ مِنَ الْحَيَّاتِ أَجْرَأَ مِنْهُ، وَرُبَّمَا عَارَضَ الرُّفْقَةَ وتَبَعَ [تَبِعَ] الصَّوْتَ، وَهُوَ الَّذِي يطلُبُ بالذَّحْلِ وَلَا يَنْجُو سَلِيمُه، وَيُقَالُ: هَذَا أَسود غَيْرُ مُجْرًى؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراد بِقَوْلِهِ لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساوِدَ صُبّاً يَعْنِي جماعاتٍ، وَهِيَ جَمْعُ سوادٍ مِنَ النَّاسِ أَي جَمَاعَةٌ ثُمَّ أَسْوِدَة، ثُمَّ أَساوِدُ جَمْعُ الْجَمْعِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَمر بِقَتْلِ الأَسوَدَين فِي الصَّلَاةِ
؛ قَالَ شَمِر: أَراد بالأَسْوَدَينِ الحيةَ والعقربَ. والأَسْوَدان: التَّمْرُ وَالْمَاءُ، وَقِيلَ: الْمَاءُ وَاللَّبَنُ وَجَعَلَهُمَا بَعْضُ الرُّجَّاز الماءَ والفَثَّ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْبَقْلِ يُختَبَزُ فَيُؤْكَلُ؛ قَالَ:
الأَسْودانِ أَبرَدا عِظامي، ... الماءُ والفَثُّ دَوا أَسقامي
والأَسْودانِ: الحَرَّةُ وَاللَّيْلُ لاسْوِدادهما، وضافَ مُزَبِّداً المَدَنيَّ قومٌ فَقَالَ لَهُمْ: مَا لَكَمَ عِنْدَنَا إِلا الأَسْوَدانِ فَقَالُوا: إِن فِي ذَلِكَ لمَقْنَعا التَّمْرِ والماءِ، فَقَالَ: مَا ذَاكَ عَنَيْتُ إِنما أَردت الحَرَّةَ وَاللَّيْلَ. فأَما قَوْلُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَقَدْ رأَيْتُنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلا الأَسْودان
؛ فَفَسَّرَهُ أَهل اللُّغَةِ بأَنه التَّمْرُ والماءُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنها إِنما أَرادت الْحَرَّةَ والليلَ، وَذَلِكَ أَن وُجُودَ التَّمْرِ وَالْمَاءِ عِنْدَهُمْ شِبَعٌ ورِيٌ(3/226)
وخِصْبٌ لَا شِصْبٌ، وإِنما أَرادت عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَن تُبَالِغَ فِي شِدَّةِ الْحَالِ وتَنْتَهيَ فِي ذَلِكَ بأَن لَا يَكُونَ مَعَهَا إِلا الْحَرَّةُ وَاللَّيْلُ أَذْهَبَ فِي سُوءِ الْحَالِ مِنْ وُجُودِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَلا إِنني شَرِبتُ أَسوَدَ حالِكاً، ... أَلا بَجَلي مِنَ الشرابِ، أَلا بَجَلْ
قَالَ: أَراد الْمَاءَ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَقِيلَ أَراد سُقِيتُ سُمَّ أَسوَدَ. قَالَ الأَصمعي والأَحمر: الأَسودان الْمَاءُ وَالتَّمْرُ، وإِنما الأَسود التَّمْرُ دُونَ الماءِ وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى تَمْرِ الْمَدِينَةِ، فأُضيف الماءُ إِليه وَنُعِتَا جَمِيعًا بِنَعْتٍ وَاحِدٍ إِتباعاً، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الشَّيْئَيْنِ يُصْطَحَبَانِ يُسَمَّيان مَعًا بِالِاسْمِ الأَشهر مِنْهُمَا كَمَا قَالُوا العُمَران لأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَالْقَمَرَانِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. والوَطْأَة السَّوْداءُ: الدارسة، وَالْحَمْرَاءُ: الْجَدِيدَةُ. وَمَا ذُقْتُ عِنْدَهُ مِنْ سُوَيْدٍ قَطْرَةً، وَمَا سَقَاهُمْ مِنْ سُوَيْدٍ قَطْرةً، وَهُوَ الماءُ نَفْسُهُ لَا يُسْتَعْمَلُ كَذَا إِلا فِي النَّفْيِ. وَيُقَالُ للأَعداءِ: سُودُ الأَكباد؛ قَالَ:
فَمَا أَجْشَمْتُ مِنْ إِتْيان قَوْمٍ، ... هُمُ الأَعداءُ فالأَكبادُ سُودُ
وَيُقَالُ للأَعداء: صُهْبُ السِّبال وَسُودُ الأَكباد، وإِن لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ يُقَالُ لَهُمْ. وسَواد الْقَلْبِ وسَوادِيُّه وأَسْوَده وسَوْداؤُه: حَبَّتُه، وَقِيلَ: دَمُهُ. يُقَالُ: رَمَيْتُهُ فأَصبت سَوَادَ قَلْبِهِ؛ وإِذا صَغَّروه رَدُّوهُ إِلى سُوَيْداء، وَلَا يَقُولُونَ سَوْداء قَلْبه، كَمَا يَقُولُونَ حَلَّق الطَّائِرُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَفِي كُبَيْد السَّمَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَمر بِسَوَادِ البَطن فشُوِيَ لَهُ الْكَبِدُ.
والسُّوَيْداءُ: الاسْت. والسَّوَيْداء: حَبَّةُ الشُّونيز؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الصَّوَابُ الشِّينِيز. قَالَ: كَذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِهِ الْحَبَّةَ الْخَضْرَاءَ لأَن الْعَرَبَ تُسَمِّي الأَسود أَخضر والأَخضر أَسود. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ داءٍ إِلا فِي الْحَبَّةِ السوداءِ لَهُ شِفَاءٌ إِلا السَّامُ
؛ أَراد بِهِ الشُّونِيزَ. والسَّوْدُ: سَفْحٌ مِنَ الْجَبَلِ مُسْتَدِقٌّ فِي الأَرض خَشِنٌ أَسود، وَالْجَمْعُ أَسوادٌ، والقِطْعَةُ مِنْهُ سَوْدةٌ وَبِهَا سُمِّيَتِ المرأَة سَوْدَةَ. اللَّيْثُ: السَّوْدُ سَفْحٌ مُسْتَوٍ بالأَرض كَثِيرُ الْحِجَارَةِ خَشِنُهَا، وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا أَلوان السَّوَادِ وَقَلَّمَا يَكُونُ إِلا عِنْدَ جَبَلٍ فِيهِ مَعْدِن؛ والسَّود، بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، فِي شِعْرِ خِدَاشِ بْنِ زُهَيْرٍ:
لَهُمْ حَبَقٌ، والسَّوْدُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، ... يَدِي لكُمُ، والزائراتِ المُحَصَّبا
هُوَ جِبَالُ قَيْسٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَوَاهُ الجرميُّ يَدِي لَكُمْ، بإِسكان الياءِ عَلَى الإِفراد وَقَالَ: مَعْنَاهُ يَدَيَّ لَكُمْ رَهْنٌ بالوفاءِ، وَرَوَاهُ غيرهُ يُديَّ لَكُمْ جَمْعُ يَدٍّ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَنْ أَذكُرَ النُّعمانَ إِلا بِصَالِحٍ، ... فإِن لَهُ عِنْدِي يُدِيّاً وأَنعُما
وَرَوَاهُ أَبو شَرِيكٍ وَغَيْرُهُ: يَديّ بكم مثنى بالياءِ بَدَلَ اللَّامِ، قَالَ: وَهُوَ الأَكثر فِي الرِّوَايَةِ أَي أَوقع اللَّهُ يَدَيَّ بِكُمْ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مِجْلَزٍ: وَخَرَجَ إِلى الْجُمُعَةِ وَفِي الطَّرِيقِ عَذِرات يَابِسَةٌ فَجَعَلَ يَتَخَطَّاهَا وَيَقُولُ: مَا هَذِهِ الأَسْوَدات؟
هِيَ جَمْعُ سَوْداتٍ، وسَوْداتٌ جَمْعُ سودةٍ، وَهِيَ القِطعة مِنَ الأَرض فِيهَا حِجَارَةٌ سُودٌ خَشِنَةٌ، شَبَّهَ العَذِرةَ الْيَابِسَةَ بِالْحِجَارَةِ السُّودِ. والسَّوادِيُّ: السُّهْريزُ. والسُّوادُ: وجَع يأْخُذُ الْكَبِدَ مِنْ أَكل التَّمْرِ وَرُبَّمَا(3/227)
قَتل، وَقَدْ سُئِدَ. وماءٌ مَسْوَدَةٌ يأْخذ عَلَيْهِ السُّوادُ، وَقَدْ سادَ يسودُ: شَرِبَ المَسْوَدَةَ. وسَوَّدَ الإِبل تَسْوِيدًا إِذا دَقَّ المِسْحَ الباليَ مِنْ شَعَر فَدَاوَى بِهِ أَدْبارَها، يَعْنِي جَمْعَ دَبَر؛ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. والسُّودَدُ: الشَّرَفُ، مَعْرُوفٌ، وَقَدْ يُهْمَز وتُضم الدَّالُ، طَائِيَّةٌ. الأَزهري: السُّؤدُدُ، بِضَمِّ الدَّالِ الأُولى، لغة طيء؛ وَقَدْ سَادَهُمْ سُوداً وسُودُداً وسِيادةً وسَيْدُودة، وَاسْتَادَهُمْ كَسَادَهُمْ وسوَّدهم هُوَ. والمسُودُ: الَّذِي سَادَهُ غَيْرُهُ. والمُسَوَّدُ: السَّيّدُ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: اتقوا الله وسَوِّدوا أَكبَرَكم.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: مَا رأَيت بَعْدَ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ؛ قِيلَ: وَلَا عُمَر؟ قَالَ: كَانَ عُمَرُ خَيْرًا مِنْهُ، وَكَانَ هُوَ أَسودَ مِنْ عُمَرَ
؛ قِيلَ: أَراد أَسخى وأَعطى لِلْمَالِ، وَقِيلَ: أَحلم مِنْهُ. قَالَ: والسَّيِّدُ يُطْلَقُ عَلَى الرَّبِّ وَالْمَالِكِ وَالشَّرِيفِ وَالْفَاضِلِ وَالْكَرِيمِ وَالْحَلِيمِ ومُحْتَمِل أَذى قَوْمِهِ وَالزَّوْجِ وَالرَّئِيسِ والمقدَّم، وأَصله مِنْ سادَ يَسُودُ فَهُوَ سَيْوِد، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لأَجل الياءِ السَّاكِنَةِ قَبْلَهَا ثُمَّ أُدغمت. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّداً، فَهُوَ إِن كَانَ سَيِّدَكم وَهُوَ مُنَافِقٌ، فَحَالُكُمْ دُونَ حَالِهِ وَاللَّهُ لَا يَرْضَى لَكُمْ ذَلِكَ.
أَبو زَيْدٍ: اسْتادَ القومُ اسْتِياداً إِذا قَتَلُوا سَيِّدَهُمْ أَو خَطَبُوا إِليه. ابْنُ الأَعرابي: اسْتَادَ فُلَانٌ فِي بَنِي فُلَانٍ إِذا تَزَوَّجَ سَيِّدَةً مِنْ عَقَائِلِهِمْ. وَاسْتَادَ الْقَوْمُ بَنِي فُلَانٍ: قَتَلُوا سَيِّدَهُمْ أَو أَسروه أَو خَطَبُوا إِليه. واستادَ القومَ وَاسْتَادَ فِيهِمْ: خَطَبَ فِيهِمْ سَيِّدَةً؛ قَالَ:
تَمنَّى ابنُ كُوزٍ، والسَّفاهةُ كاسْمِها، ... لِيَسْتادَ مِنا أَن شَتَوْنا لَيالِيا
أَي أَراد يتزوجُ مِنَّا سَيِّدَةً لأَن أَصابتنا سَنَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَفَقَّهوا قَبْلَ أَن تُسَوَّدوا
؛ قَالَ شَمِر: مَعْنَاهُ تعلَّموا الْفِقْهَ قَبْلَ أَن تُزَوَّجوا فَتَصِيرُوا أَرباب بُيُوتٍ فَتُشْغَلوا بِالزَّوَاجِ عَنِ الْعِلْمِ، مِنْ قَوْلِهِمُ اسْتَادَ الرجلُ، يَقُولُ: إِذا تَزوّج فِي سَادَةٍ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَقُولُ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ مَا دُمْتُمْ صِغاراً قَبْلَ أَن تَصِيرُوا سادَةً رُؤَساءَ مَنْظُورًا إِليهم، فإِن لَمْ تَعَلَّموا قَبْلَ ذَلِكَ اسْتَحَيْتُمْ أَن تَعَلَّموا بَعْدَ الْكِبَرِ، فبقِيتم جُهَّالًا تأْخذونه مِنَ الأَصاغر، فَيُزْرِي ذَلِكَ بِكُمْ؛ وَهَذَا شَبِيهٌ بِحَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا أَخذوا الْعِلْمَ عَنْ أَكابرهم، فإِذا أَتاهم مِنْ أَصاغرهم فَقَدْ هَلَكُوا
، والأَكابر أَوْفَرُ الأَسنان والأَصاغرُ الأَحْداث؛ وَقِيلَ: الأَكابر أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم، والأَصاغر مَنْ بَعْدَهم مِنَ التَّابِعِينَ؛ وَقِيلَ: الأَكابر أَهل السُّنَّةِ والأَصاغر أَهل الْبِدَعِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَلَا أُرى عَبْدَ اللَّهِ أَراد إِلا هَذَا. والسَّيِّدُ: الرَّئِيسُ؛ وَقَالَ كُراع: وَجَمْعُهُ سادةٌ، ونظَّره بقَيِّم وَقَامَةٍ وعَيِّل وعالةٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن سَادَةً جَمْعُ سَائِدٍ عَلَى مَا يَكْثُرُ فِي هَذَا النَّحْوِ، وأَما قامةٌ وعالةٌ فجمْع قَائِمٍ وَعَائِلٍ لَا جمعُ قَيِّمٍ وعيِّلٍ كَمَا زَعَمَ هُوَ، وَذَلِكَ لأَنَّ فَعِيلًا لَا يُجْمَع عَلَى فَعَلةٍ إِنما بَابُهُ الْوَاوُ وَالنُّونُ، وَرُبَّمَا كُسِّر مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى غَيْرِ فَعَلة كأَموات وأَهْوِناء؛ وَاسْتَعْمَلَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ السَّيِّدَ لِلْجِنِّ فَقَالَ:
جِنٌّ هَتَفْنَ بليلٍ، ... يَنْدُبْنَ سَيِّدَهُنَّهْ
قَالَ الأَخفش: هَذَا الْبَيْتُ مَعْرُوفٌ مِنْ شِعْرِ الْعَرَبِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنه مِنْ شِعْرِ الْوَلِيدِ وَالَّذِي زَعَمَ ذَلِكَ أَيضاً. «2» .... ابْنُ شُمَيْلٍ: السَّيِّدُ الذي فاق غيره
__________
(2) . بياض بالأَصل المعول عليه قبل ابن شميل بقدر ثلاث كلمات(3/228)
بِالْعَقْلِ وَالْمَالِ وَالدَّفْعِ وَالنَّفْعِ، المعطي مَالَهُ فِي حُقُوقِهِ الْمُعِينُ بِنَفْسِهِ، فَذَلِكَ السَّيِّدُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: السَّيِّدُ الَّذِي لَا يَغْلِبُهُ غَضَبه. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ الْعَابِدُ الوَرِع الْحَلِيمُ. وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: سُمِّيَ سَيِّدًا لأَنه يَسُودُ سَوَادَ النَّاسِ أَي عُظْمهم. الأَصمعي: الْعَرَبُ تَقُولُ: السَّيِّدُ كُلُّ مَقْهور مَغْمُور بِحُلْمِهِ، وَقِيلَ: السَّيِّدُ الْكَرِيمُ. وَرَوَى
مُطَرِّفٌ عَنْ أَبيه قَالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنت سَيِّدُ قُرَيْشٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: السيدُ اللَّهُ، فَقَالَ: أَنت أَفضلُها قَوْلًا وأَعْظَمُها فِيهَا طَوْلًا، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِيَقُلْ أَحدكم بِقَوْلِهِ وَلَا يَسْتَجْرِئَنَّكُم
؛ معناهُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ السِّيَادَةُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كَرِهَ النَّبِيُّ، صَلَّى الله عليه وسلم، أَن يُمْدَحَ فِي وَجْهِهِ وأَحَبَّ التَّواضع لِلَّهِ تَعَالَى، وجَعَلَ السِّيَادَةَ لِلَّذِي سَادَ الْخَلْقَ أَجمعين، وَلَيْسَ هَذَا بِمُخَالِفٍ
لِقَوْلِهِ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ حِينَ قَالَ لِقَوْمِهِ الأَنصار: قُومُوا إِلى سَيِّدِكُمْ
، أَراد أَنه أَفضلكم رَجُلًا وأَكرمكم، وأَما صِفَةُ اللَّهِ، جَلَّ ذِكْرُهُ، بِالسَّيِّدِ فَمَعْنَاهُ أَنه مَالِكُ الْخَلْقِ وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ عُبَيْدُهُ، وَكَذَلِكَ
قَوْلُهُ: أَنا سيّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ
، أَراد أَنه أَوَّل شَفِيعٍ وأَول مَنْ يُفتح لَهُ بَابُ الْجَنَّةِ، قَالَ ذَلِكَ إِخباراً عَمَّا أَكرمه اللَّهُ بِهِ من الفضل والسودد، وتحدُّثاً بِنِعْمَةِ اللَّهِ عِنْدَهُ، وإِعلاماً مِنْهُ لِيَكُونَ إِيمانهم بِهِ عَلَى حَسَبهِ ومُوجَبهِ، وَلِهَذَا أَتبعه بِقَوْلِهِ وَلَا فَخْرَ أَي أَن هَذِهِ الْفَضِيلَةَ الَّتِي نِلْتُهَا كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ، لَمْ أَنلها مِنْ قِبَلِ نَفْسِي وَلَا بَلَغْتُهَا بقوَّتي، فَلَيْسَ لِي أَن أَفْتَخِرَ بِهَا؛ وَقِيلَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ لَهُمْ
لَمَّا قَالُوا لَهُ أَنت سَيِّدُنا: قُولُوا بِقَوْلِكُم
أَي ادْعوني نَبِيًّا وَرَسُولًا كَمَا سَمَّانِي اللَّهُ، وَلَا تُسَمُّوني سَيِّداً كَمَا تُسَمُّونَ رؤَساءكم، فإِني لَسْتُ كأَحدهم مِمَّنْ يَسُودُكُمْ فِي أَسباب الدُّنْيَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَا رسولَ اللَّهِ مَنِ السيِّد؟ قَالَ: يوسفُ بن إِسحقَ بْنِ يعقوبَ بْنِ إِبراهيم، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالُوا: فَمَا فِي أُمَّتِك مِنْ سَيِّدٍ؟ قَالَ: بَلَى مَنْ أَتَاهُ اللَّهُ مَالًا ورُزِقَ سَماحَةً، فأَدّى شُكْرَهُ وقلَّتْ شِكايَتهُ فِي النَّاس.
وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلُّ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، فَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهل بَيْتِهِ، والمرأَة سَيِّدَةُ أَهل بَيْتِهَا.
وَفِي حَدِيثِهِ للأَنصار
قَالَ: مَنْ سَيِّدُكُمْ؟ قَالُوا: الجَدُّ بنُ قَيس عَلَى أَنا نُبَخِّلُه، قَالَ: وأَي داءٍ أَدْوى مِنَ الْبُخْلِ؟
وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِن ابْني هَذَا سيدٌ
؛ قِيلَ: أَراد بِهِ الحَليم لأَنه قَالَ فِي تَمَامِهِ:
وإِن اللَّهَ يُصْلِحُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَفِي حَدِيثٍ:
قَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: انْظُرُوا إِلى سَيِّدِنَا هَذَا مَا يَقُولُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ الْخَطَّابِيُّ. وَقِيلَ: انْظُرُوا إِلى مَنْ سَوَّدْناه عَلَى قَوْمِهِ ورأَّسْناه عَلَيْهِمْ كَمَا يَقُولُ السلطانُ الأَعظم: فُلَانٌ أَميرُنا قائدُنا أَي مَنْ أَمَّرناه عَلَى النَّاسِ وَرَتَّبْنَاهُ لقَوْد الْجُيُوشِ. وَفِي رِوَايَةٍ: انْظُرُوا إِلى سَيِّدِكُمْ أَي مُقَدَّمِكُم. وَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى يَحْيَى سَيِّدًا وَحَصُورًا؛ أَراد أَنه فَاقَ غَيْرَهُ عِفَّة وَنَزَاهَةً عَنِ الذُّنُوبِ. الْفَرَّاءُ: السَّيِّدُ الْمَلِكُ وَالسَّيِّدُ الرَّئِيسُ وَالسَّيِّدُ السخيُّ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ مَوْلَاهُ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِالْهَاءِ. وَسَيِّدُ المرأَة: زَوْجُهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ
؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَنَظُنُّ ذَلِكَ مِمَّا أَحدثه النَّاسِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا عِنْدِي فَاحِشٌ، كَيْفَ يَكُونُ فِي الْقُرْآنِ ثُمَّ يَقُولُ اللِّحْيَانِيُّ: وَنَظُنُّهُ مِمَّا أَحدثه النَّاسُ؛ إِلا أَن تَكُونَ مُراوِدَةُ يُوسُفَ مَمْلُوكَةً؛ فإِن قُلْتَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ وَهُوَ يَقُولُ: وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ؟ فَهِيَ إِذاً حُرَّةٌ، فإِنه «1» . قد
__________
(1) . قوله [فإنه إلخ] كذا بالأَصل المعوّل عليه ولعله سقط من قلم مبيض مسودة المؤلف قلت لا ورود فإنه إلخ أو نحو ذلك والخطب سهل(3/229)
يَجُوزُ أَن تَكُونَ مَمْلُوكَةً ثُمَّ يُعْتِقُها وَيَتَزَوَّجَهَا بَعْدُ كَمَا نَفْعَلُ نَحْنُ ذَلِكَ كَثِيرًا بأُمهات الأَولاد؛ قَالَ الأَعشى:
فكنتَ الخليفةَ مِنْ بَعْلِها، ... وسَيِّدَتِيَّا، ومُسْتادَها
أَي مِنْ بَعْلِهَا، فَكَيْفَ يَقُولُ الأَعشى هَذَا وَيَقُولُ اللِّحْيَانِيُّ بَعْدُ: إِنَّا نَظُنُّهُ مِمَّا أَحدثه النَّاسُ؟ التَّهْذِيبُ: وأَلفيا سَيِّدَهَا مَعْنَاهُ أَلفيا زَوْجَهَا، يُقَالُ: هُوَ سَيِّدُهَا وَبَعْلُهَا أَي زَوْجُهَا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَن امرأَة سأَلتها عَنِ الْخِضَابِ فَقَالَتْ: كَانَ سَيِّدِي رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَكْرَهُ رِيحَهُ
؛ أَرادت مَعْنَى السِّيَادَةَ تَعْظِيمًا لَهُ أَو مَلِكِ الزَّوْجِيَّةِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُم الدَّرْدَاءِ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَبو الدَّرْدَاءِ.
أَبو مَالِكٍ: السَّوادُ الْمَالُ والسَّوادُ الْحَدِيثُ وَالسَّوَادُ صُفْرَةٌ فِي اللَّوْنِ وَخُضْرَةٌ فِي الظُّفْرِ تُصِيبُ الْقَوْمَ مِنَ الْمَاءِ الملح؛ وأَنشد:
فإِنْ أَنتُمُ لَمْ تَثْأَرُوا وتسَوِّدوا، ... فَكُونُوا نَعَايَا فِي الأَكُفِّ عِيابُها «1»
يَعْنِي عَيْبَةَ الثِّيَابِ؛ قَالَ: تُسَوِّدُوا تَقْتلُوا. وسيِّد كلِّ شَيْءٍ: أَشرفُه وأَرفَعُه؛ وَاسْتَعْمَلَ أَبو إِسحق الزَّجَّاجُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ: لأَنه سَيِّدُ الْكَلَامِ نَتْلُوهُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَسَيِّداً وَحَصُوراً
، السَّيِّدُ: الَّذِي يَفُوقُ فِي الْخَيْرِ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: إِن قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ سَمَّى اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، يَحْيَى سَيِّدًا وَحَصُورًا، وَالسَّيِّدُ هُوَ اللَّهُ إِذ كَانَ مَالِكَ الْخَلْقِ أَجمعين وَلَا مَالِكَ لَهُمْ سِوَاهُ؟ قِيلَ لَهُ: لَمْ يُرِد بِالسَّيِّدِ هَاهُنَا الْمَالِكَ وإِنما أَراد الرئيسَ والإِمامَ فِي الْخَيْرِ، كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ فُلَانٌ سَيِّدُنَا أَي رَئِيسُنَا وَالَّذِي نُعَظِّمُهُ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
سَوَّارُ سيِّدُنا وسَيِّدُ غيرِنا، ... صَدْقُ الْحَدِيثِ فَلَيْسَ فِيهِ تَماري
وسادَ قومَه يَسُودُهم سيادَةً وسُوْدَداً وسَيْدُودَةً، فَهُوَ سيِّدٌ، وَهُمْ سادَةٌ، تَقْدِيرُهُ فَعَلَةٌ، بِالتَّحْرِيكِ، لأَن تَقْدِيرَ سَيِّدٍ فَعْيِلٌ، وَهُوَ مِثْلُ سَرِيٍّ وسَراةٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُمَا، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنه يُجمعُ عَلَى سيائدَ، بِالْهَمْزِ، مثلَ أَفيل وأَفائلَ وتَبيعٍ وتَبائعَ؛ وَقَالَ أَهل الْبَصْرَةِ: تَقْدِيرُ سَيِّدٍ فَيْعِلٌ وجُمِعَ عَلَى فَعَلَةٍ كأَنهم جَمَعُوا سَائِدًا، مِثلَ قائدٍ وقادةٍ وذائدٍ وذادةٍ؛ وَقَالُوا: إِنما جَمَعَتِ العربُ الجَيِّد والسَّيِّدَ عَلَى جَيائِدَ وسَيائدَ، بِالْهَمْزِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، لأَنّ جَمْعَ فَيْعِلٍ فياعلُ بِلَا هَمْزٍ، وَالدَّالُ فِي سُودَدٍ زائدةٌ للإِلحاق بِبِنَاءِ فُعْلَلٍ، مِثلِ جُندَبٍ وَبُرْقُعٍ. وَتَقُولُ: سَوَّدَه قَوْمُهُ وَهُوَ أَسودُ مِنْ فُلَانٍ أَي أَجلُّ مِنْهُ: قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ هَذَا سَيِّدُ قومِه الْيَوْمَ، فإِذا أَخبرت أَنه عَنْ قَلِيلٍ يَكُونُ سيدَهم قُلْتَ: هُوَ سائدُ قومِه عَنْ قَلِيلٍ. وَسَيِّدٌ «2» ... وأَساد الرجلُ وأَسْوَدَ بِمَعْنًى أَي وَلدَ غُلَامًا سَيِّدًا؛ وَكَذَلِكَ إِذا وَلَدَ غُلَامًا أَسود اللَّوْنِ. والسَّيِّد مِنَ الْمَعِزِ: المُسِنُّ؛ عَنِ الْكِسَائِيِّ. قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ثَنِيٌّ مِنَ الضأْن خَيْرٌ مِنَ السَّيِّدِ مِنَ الْمَعِزِ
؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَوَاءٌ عَلَيْهِ: شاةُ عامٍ دَنَتْ لَهُ ... لِيَذْبَحَها لِلضَّيْفِ، أَم شاةُ سَيِّدِ
كَذَا رَوَاهُ أَبو عَلِيٍّ عَنْهُ؛ المُسِنُّ مِنَ الْمَعِزِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُسِنُّ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَلِيلُ وإِن لَمْ يَكُنْ مُسِنًّا. وَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَن جِبْرِيلَ قَالَ لِي: اعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ أَن ثَنْيَةً مِنَ الضأْن خَيْرٌ مِنَ السيِّد مِنَ الإِبل وَالْبَقَرِ
، يدل على أَنه
__________
(1) . قوله [فكونوا نعايا] هذا ما في الأَصل المعوّل عليه وفي شرح القاموس بغايا
(2) . هنا بياض بالأَصل المعوّل عليه.(3/230)
مَعْمُومٌ بِهِ. قَالَ: وَعِنْدَ أَبي عَلِيٍّ فَعْيِل مِنْ [س ود] قَالَ: وَلَا يمتَنع أَن يَكُونَ فَعِّلًا مِنَ السَّيِّد إِلا أَن السيدَ لَا مَعْنَى لَهُ هَاهُنَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُتِيَ بِكَبْشٍ يطَأُ فِي سَوَادٍ وينْظرُ فِي سَوَادٍ ويَبْرُكُ فِي سَوَادٍ لِيُضَحِّيَ بِهِ
؛ قَوْلُهُ: يَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، أَراد أَنَّ حَدَقَتَهُ سَوْدَاءُ لأَن إِنسان الْعَيْنِ فِيهَا؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
وَعَنْ نَجْلاءَ تَدْمَعُ فِي بياضٍ، ... إِذا دَمَعَتْ وتَنظُرُ فِي سوادِ
قَوْلُهُ: تَدْمَعُ فِي بَيَاضٍ وَتَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، يُرِيدُ أَن دُمُوعَهَا تَسِيلُ عَلَى خدٍّ أَبيض وَنَظَرَهَا مِنْ حَدَقَةٍ سَوْدَاءَ، يُرِيدُ أَنه أَسوَدُ الْقَوَائِمِ «1» ، ويَبْرُك فِي سَوَادٍ يُرِيدُ أَن مَا يَلِي الأَرض مِنْهُ إِذا بَرَكَ أَسْودُ؛ وَالْمَعْنَى أَنه أَسود الْقَوَائِمِ والمَرابض وَالْمَحَاجِرِ. الأَصمعيُّ: يُقَالُ جاءَ فُلَانٌ بِغَنَمَهِ سُودَ الْبُطُونِ، وجاءَ بِهَا حُمرَ الكُلَى؛ مَعْنَاهُمَا مهازِيل. والحمارُ الوحْشِيُّ سَيِّد عانَته، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إِذا كَثُرَ الْبَيَاضُ قلَّ السَّوَادُ؛ يَعْنُونَ بِالْبَيَاضِ اللَّبَنَ وَبِالسَّوَادِ التَّمْرَ؛ وَكُلُّ عَامٍ يَكْثُرُ فِيهِ الرِّسْلُ يَقِلُّ فِيهِ التَّمْرُ. وَفِي الْمَثَلِ: قَالَ لِي الشَّرُّ أَقِمْ سوادَك أَي اصْبِرْ. وأُمُّ سُويْدٍ: هِيَ الطِّبِّيجَةُ. والمِسْأَدُ: نِحْيُ السَّمْنِ أَو الْعَسَلِ، يُهْمَز وَلَا يُهمز، فَيُقَالُ مِسادٌ، فإِذا هُمِزَ، فَهُوَ مِفْعَلٌ، وإِذا لم يُهْمَز، فهو فِعَالٌ؛ وَيُقَالُ: رَمَى فُلَانٌ بِسَهْمِهِ الأَسودِ وَبِسَهْمِهِ المُدْمَى وَهُوَ السَّهْمُ الَّذِي رُمِيَ بِهِ فأَصاب الرمِيَّةَ حَتَّى اسْوَدَّ مِنَ الدَّمِ وَهُمْ يَتَبَرَّكُونَ بِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرَ:
قالَتْ خُلَيْدَةُ لمَّا جِئْتُ زائِرَها: ... هَلَّا رَمَيْتَ ببَعْضِ الأَسْهُمِ السُّودِ؟
قَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد بالأَسهم السُّودِ هَاهُنَا النُّشَّابَ، وَقِيلَ: هِيَ سِهَامُ القَنَا؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: الَّذِي صَحَّ عِنْدِي فِي هَذَا أَن الجَمُوحَ أَخا بَنِي ظَفَر بَيَّتَ بَنِي لِحْيان فَهُزم أَصحابُه، وَفِي كِنَانَتِهِ نَبْلٌ مُعَلَّمٌ بِسَوَادٍ، فَقَالَتْ لَهُ امرأَته: أَين النَّبْلُ الَّذِي كنتَ تَرْمِي بِهِ؟ فَقَالَ هَذَا الْبَيْتَ: قَالَتْ خُلَيْدَةُ. والسُّودانيَّةُ والسُّودانةُ: طَائِرٌ مِنَ الطَّيْرِ الَّذِي يأْكل الْعِنَبَ وَالْجَرَادَ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهَا السُّوادِيَّةَ. ابْنُ الأَعرابي: المُسَوَّدُ أَن تُؤْخَذَ المُصْرانُ فتُفْصَدَ فِيهَا الناقةُ وتُشَدّ رأْسُها وتُشْوَى وَتُؤْكَلَ. وأَسْوَدُ: اسْمُ جَبَلٍ. وأَسْوَدَةُ: اسْمُ جَبَلٍ آخَرَ. والأَسودُ: عَلَمٌ فِي رأْس جَبَلٍ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
كَلَّا، يَمِينُ اللَّهِ حَتَّى تُنزِلوا، ... مِنْ رأْس شاهقةٍ إِلينا، الأَسْوَدا
وأَسْودُ العَيْنِ: جَبَلٌ؛ قَالَ:
إِذا مَا فَقَدْتُمْ أَسْوَدَ العينِ كنْتُمُ ... كِراماً، وأَنتم مَا أَقامَ أَلائِمُ
قَالَ الهَجَرِيُّ: أَسْوَدُ العينِ فِي الجَنُوب مِنْ شُعَبَى. وأَسْوَدَةُ: بِئر. وأَسوَدُ والسَّودُ: مَوْضِعَانِ. والسُّوَيْداء: موضعٌ بالحِجاز. وأَسْوَدُ الدَّم: مَوْضِعٍ؛ قَالَ النابغةُ الْجَعْدِيُّ:
تَبَصَّرْ خَلِيلِي، هَلْ تَرَى مِنْ ظعائنٍ ... خَرَجْنَ بِنِصْفِ الليلِ، مِنْ أَسْوَدِ الدَّمِ؟
والسُّوَيْداءُ: طائرٌ. وأَسْودانُ: أَبو قَبِيلَةٍ وَهُوَ نَبْهانُ. وسُوَيْدٌ وسَوادةُ: اسْمَانِ. والأَسْوَدُ: رجل.
سيد: السِّيدُ: الذئبُ، وَيُقَالُ: سِيدُ رمْل، وَفِي لُغَةِ هُذَيْل: الأَسَدُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
كالسِّيدِ ذي اللِّبْدَةِ المُستَأْسِدِ الضَّارِي
__________
(1) . قوله [يُرِيدُ أَنَّهُ أَسْوَدُ الْقَوَائِمِ] كذا بالأَصل المعوّل عليه ولعله سقط قبله ويطأ في سواد كما هو واضح(3/231)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَمَلَهُ سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّ عَيْنَهُ يَاءٌ فَقَالَ فِي تَحْقِيرِهِ سُيَيْد كَذُيَيْلٍ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ عَيْنَ الْفِعْلِ لَا يُنْكَر أَن تَكُونَ يَاءً وَقَدْ وُجِدَتْ فِي سَيْدَيَاءَ، فَهِيَ عَلَى ظَاهِرِ أَمرها إِلى أَن يَرِدَ مَا يَسْتَنْزِلُ عَنْ بَادِئِ حَالِهَا، فإِن قِيلَ: فإِنا لَا نَعْرِفُ فِي الْكَلَامِ تَرْكِيبٌ" س ي د" فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ حُمِلت الكَلِمَةُ عَلَى مَا فِي الْكَلَامِ مثلُه وَهُوَ مِمَّا عَيْنُهُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ وَاوٌ، وَهُوَ السَّوادُ والسُّود وَنَحْوُ ذَلِكَ، قِيلَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الظَّاهِرِ عِنْدَهُمْ، وأَنه إِذَا كَانَ مِمَّا تَحْتَمِلُهُ الْقِسْمَةُ وَتَنْتَظِمُهُ الْقَضِيَّةُ حُكِمَ بِهِ وَصَارَ أَصلًا عَلَى بَابِهِ، فإِن قِيلَ: فإِن سِيدًا مِمَّا يُمْكِنُ أَن يَكُونَ مِنْ بَابِ رِيح ودِيمَة فَهَلَّا توَقفت عَنِ الْحُكْمِ بِكَوْنِ عَيْنِهِ يَاءً لأَنه لَا يُؤْمَنُ أَن يَكُونَ مِنَ الْوَاوِ؟ وأَما الظَّاهِرُ «1» فَهُوَ مَا تَرَاهُ وَلَسْنَا نَدَعُ حَاضِرًا لَهُ وَجْهٌ مِنَ الْقِيَاسِ لِغَائِبٍ مجَوَّز لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، قَالَ: فإِن قِيلَ كَثْرَةُ عَيْنِ الْفِعْلِ وَاوًا تَقُودُ إِلى الْحُكْمِ بِذَلِكَ، قِيلَ: إِنما يُحْكَمُ بِذَلِكَ مَعَ عَدَمِ الظَّاهِرِ، فأَما وَالظَّاهِرُ مَعَكَ فَلَا مَعْدِلَ عَنْهُ بِذَا، لَكِنْ لَعَمْرِي إِن لَمْ يَكُنْ مَعَكَ ظَاهِرٌ احْتَجْتَ إِلى التَّعْدِيلِ، وَالْحُكْمِ بالأَليق وَالْحُكْمِ عَلَى الأَكثر، وَذَلِكَ إِذا كَانَتِ الْعَيْنُ أَلفاً مَجْهُولَةً فَحِينَئِذٍ مَا يحتاج إِلى [كذا بياض بالأصل.] الأَمر فَيُحْمَلُ عَلَى الأَكثر، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ سَوَدَ، وَالْجَمْعُ سِيدانٌ والأُنثى سِيدةٌ. وَفِي حَدِيثِ
مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو: لَكَأَنِّي بِجُنْدَبِ بْنِ عَمْرٍو أَقبل كالسِّيد
أَي الذِّئْبِ. قَالَ: وَقَدْ يُسَمَّى بِهِ الأَسد. وامرأَة سِيدانَةٌ: جريئَة. والسِّيدانُ: اسْمُ أَكمة، قَالَ ابْنُ الدُّمَيْنَة:
كأَن قَرَى السِّيدانِ فِي الآلِ غُدْوَةً، ... قَرَى حَبَشِيٍّ فِي رِكابَيْنِ واقِفِ
وَبَنُو السِّيد: بطنٌ مِنْ ضَبَّة. وسِيدانُ: اسْمُ رَجُلٍ.
فصل الشين المعجمة
شحد: الليث: الشُّحْدُودُ السَّيّءُ الخُلُقِ. قَالَتْ أَعرابية وأَرادَتْ أَنْ تَرْكَبَ بَغْلًا: لَعَلَّهُ حَيُوصٌ أَو قَمُوصٌ أَو شُحْدُودٌ؛ قَالَ: وَجَاءَ بِهِ غير الليث.
شدد: الشِّدَّةُ: الصَّلابةُ، وَهِيَ نَقِيضُ اللِّينِ تَكُونُ فِي الْجَوَاهِرِ والأَعراض، وَالْجَمْعُ شِدَدٌ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: جَاءَ عَلَى الأَصل لأَنه لَمْ يُشْبِهِ الْفِعْلَ، وَقَدْ شَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّه شَدّاً فاشْتَدَّ؛ وكلُّ مَا أُحْكِمَ، فَقَدَ شُدَّ وشُدِّدَ؛ وشَدَّدَ هُوَ وتشَادّ: وَشَيْءٌ شَدِيدٌ: بَيِّنُ الشِّدَّةِ. وَشَيْءٌ شَديدٌ: مُشتَدٌّ قَوِيٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَبيعُوا الحَبَّ حَتَّى يَشْتَدَّ
؛ أَراد بِالْحَبِّ الطَّعَامَ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، واشتدَادُه قُوَّتُه وصلابَتُه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ كَلَامِ يَعْقُوبَ فِي صِفَةِ الْمَاءِ: وأَما مَا كَانَ شَدِيدًا سَقْيُهُ غَلِيظًا أَمرُهُ؛ إِنما يرِيدُ بِهِ مُشْتَدّاً سَقْيُه أَي صَعْبًا. وَتَقُولُ: شَدَّ اللَّهُ مُلْكَه: وشَدَّدَه: قَوَّاه. وَالتَّشْدِيدُ: خِلَافُ التَّخْفِيفِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَشَدَدْنا مُلْكَهُ
أَي قوَّيناه، وَكَانَ مِنْ تَقْوِيَةِ ملكِه أَنه كَانَ يَحْرسُ مِحْرَابَهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلفاً مِنَ الرِّجَالِ؛ وَقِيلَ: إِن رَجُلًا اسْتَعْدَى إِليه عَلَى رَجُلٍ، فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنه أَخذ مِنْهُ بَقَرًا فأَنكر المدّعَى عَلَيْهِ، فسأَل داودُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، المدّعيَ الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يُقِمْها، فرأَى داودُ فِي مَنَامِهِ أَن اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، يأْمره أَن يقتل
__________
(1) . قوله" وأَما الظاهر إلخ" كذا بالأصل المعوّل عليه ولا يخفى أنه من روح الجواب، فهنا سقط ولعل الأصل قيل أما الظاهر إلخ.(3/232)
المَدّعَى عَلَيْهِ، فَتَثَبَّتَ دَاوُدُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ: هُوَ الْمَنَامُ، فأَتاه الْوَحْيُ بَعْدَ ذَلِكَ أَن يَقْتُلَهُ فأَحضره ثُمَّ أَعلمه أَن اللَّهَ يأْمرُه بِقَتْلِهِ، فَقَالَ المدّعَى عَلَيْهِ: إِن اللَّهَ مَا أَخَذَني بِهَذَا الذَّنْبِ وإِني قَتَلْتُ أَبا هَذَا غِيلَة، فَقَتَلَهُ دَاوُدُ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَذَلِكَ مِمَّا عظَّمَ اللَّهُ بِهِ هَيْبَتَه وشدَّدَ ملْكه. وشدَّ عَلَى يَدِهِ: قوَّاه وأَعانه؛ قَالَ:
فإِني، بحَمْدِ اللَّهِ، لَا سَمَّ حَيَّةٍ ... سَقَتْني، وَلَا شَدَّتْ عَلَى كفِّ ذَابِحِ
وشَدَدْتُ الشيءَ أَشُدُّه شَدّاً إِذا أَوثَقْتَه. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَشُدُّوا الْوَثاقَ
. وَقَالَ تَعَالَى: اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي
. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ حَلَبْتَ بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي استعَنْتَ بِمَنْ يقومُ بأَمرك ويُعْنى بِحَاجَتِكَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ حَلَبْتُها بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي حِينَ لَمْ أَقْدِر عَلَى الرِّفْق أَخَذْتُه بالقُوَّةِ والشِّدَّةِ؛ ومثلُه قَوْلُهُ مُجاهرَةً إِذا لَمْ أَجِدْ مُخْتَلى. وَمِنْ أَمثالهم فِي الرَّجُلِ يُحْرِزُ بَعْضَ حَاجَتِهِ ويَعْجِز عَنْ تَمَامِهَا: بَقِيَ أَشَدُّه. قَالَ أَبو طَالِبٍ: يُقَالُ إِنه كَانَ فِيمَا يُحْكَى عَنِ الْبَهَائِمِ أَن هِرًّا كَانَ قَدْ أَفنى الجُرْذان، فَاجْتَمَعَ بَقِيَّتُهَا وَقُلْنَ: تعالَيْن نَحْتَالُ بِحِيلَةٍ لِهَذَا الْهِرِّ، فأَجمع رأْيُهن عَلَى تَعْلِيقِ جُلْجُل فِي رَقَبَتِهِ، فإِذا رَآهُنَّ سَمِعْنَ صَوْتَ الْجُلْجُلِ فَهَرَبْنَ مِنْهُ، فَجِئْنَ بِجُلْجُلٍ وَشَدَدْنَهُ فِي خَيْطٍ ثُمَّ قُلْنَ: مَنْ يُعَلِّقُهُ فِي عُنُقِهِ؟ فَقَالَ بَعْضُهُنَّ: بَقِيَ أَشَدُّه؛ وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ:
أَلا امْرُؤٌ يَعْقِدُ خَيْطَ الجُلْجُلِ
وَرَجُلٌ شديدٌ: قويٌّ، وَالْجَمْعُ أَشِدّاءُ وشِدادٌ وشُددٌ: عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: جَاءَ عَلَى الأَصل لأَنه لَمْ يُشْبِهِ الْفِعْلَ. وَقَدْ شَدَّ يشِدّ، بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ، شِدَّةً إِذا كَانَ قَوِيًّا، وشادَّه مُشادَّة وشِداداً: غَالَبَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن يُشادّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبُه
؛ أَراد يَغْلِبُه الدينُ، أَي مَنْ يُقاويه ويُقاوِمُه ويُكَلِّف نَفْسَهُ مِنَ الْعِبَادَةِ فَوْقَ طَاقَتِهِ. والمُشادَدَة: المُغالَبَة، وَهُوَ مِثْلُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
إِن هَذَا الدينَ مَتِينٌ فأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ.
وأَشَدَّ الرجلُ إِذا كَانَتْ دوابُّه شِداداً. والمُشادَّة فِي الشَّيْءِ: التَّشَدُّد فِيهِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ «2» إِذا كُلِّفَ عَمَلًا: مَا أَملك شَدّاً وَلَا إِرخاءً أَي لَا أَقدر عَلَى شَيْءٍ. وشَدَّ عَضُدَه أَي قَوَّاه. واشْتَدَّ الشيءُ: مِنَ الشِّدَّة. أَبو زَيْدٍ: أَصابَتْني شُدَّى عَلَى فُعْلَى أَي شِدَّة. وأَشَدَّ الرَّجُلُ إِذا كَانَتْ مَعَهُ دَابَّةٌ شَدِيدَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَرُدُّ مُشِدُّهُمْ عَلَى مُضْعِفِهِمْ
؛ المُشِدُّ: الَّذِي دَوَابُّهُ شَديدة قَوِيَّةٌ، والمُضْعِفُ: الَّذِي دَوَابُّهُ ضَعِيفَةٌ. يُرِيدُ أَن الْقَوِيَّ مِنَ الغُزاة يُساهِمُ الضَّعِيفَ فِيمَا يَكْسِبه مِنَ الْغَنِيمَةِ. والشَّديدُ مِنَ الْحُرُوفِ ثَمَانِيَةُ أَحرف وَهِيَ: الْهَمْزَةُ وَالْقَافُ وَالْكَافُ وَالْجِيمُ وَالطَّاءُ وَالدَّالُ وَالتَّاءُ وَالْبَاءُ، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَيَجْمَعُهَا في اللفظ قولك: [أَجَدْتَ طَبَقَكَ، وأَجِدُكَ طَبَقْتَ] . وَالْحُرُوفُ الَّتِي بَيْنَ الشَّدِيدَةِ وَالرَّخْوَةِ ثَمَانِيَةٌ وَهِيَ: الأَلف وَالْعَيْنُ وَالْيَاءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ وَالرَّاءُ وَالْمِيمُ وَالْوَاوُ يَجْمَعُهَا فِي اللَّفْظِ قَوْلُكَ: [لَمْ يُرَوِّعْنا] وإِن شِئْتَ قُلْتَ [لَمْ يَرَ عَوْناً] وَمَعْنَى الشَّدِيدِ أَنه الْحَرْفُ الَّذِي يَمْنَعُ الصَّوْتَ أَن يجْرِيَ فِيهِ، أَلا تَرَى أَنك لَوْ قُلْتَ الْحَقَّ وَالشَّرْطَ ثُمَّ رُمْتَ مَدَّ صَوْتِكَ فِي الْقَافِ وَالطَّاءِ لَكَانَ مُمْتَنِعًا؟ ومِسْكٌ شَديدُ الرَّائِحَةِ: قَوِيُّهَا ذَكِيُّها. وَرَجُلٌ شَدِيدُ الْعَيْنِ: لَا يَغْلِبُهُ النَّوْمُ، وَقَدْ يُسْتَعَارُ ذَلِكَ فِي النَّاقَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
باتَ يُقَاسِي كلَّ نابٍ ضِرِزَّةٍ، ... شَديدةِ جَفْنِ العَينِ، ذاتِ ضَرِيرِ
__________
(2) . قوله [ويقال للرجل] كذا بالأَصل ولعل الأَولى ويقول الرجل(3/233)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ
؛ أَي اطْبَعْ عَلَى قُلُوبِهِمْ. والشِّدَّة: المَجاعة. والشَّدائِدُ: الهَزاهِزُ. والشِّدَّة: صُعُوبَةُ الزَّمَنِ؛ وَقَدِ اشتدَّ عَلَيْهِمْ. والشِّدَّة والشَّدِيدَةُ مِنْ مَكَارِهِ الدَّهْرِ، وَجَمْعُهَا شَدائد، فإِذا كَانَ جَمْعَ شَدِيدَةٍ فَهُوَ عَلَى الْقِيَاسِ، وإِذا كَانَ جَمْعَ شِدَّةٍ فَهُوَ نَادِرٌ. وشِدَّة العيْش: شَظَفُه. وَرَجُلٌ شَدِيد: شَحِيحٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: إِنه مِنْ أَجل حُبِّ الْمَالِ لَبَخِيلٌ. والمُتَشَدِّدُ: الْبَخِيلُ كَالشَّدِيدِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَرى المَوْتَ يَعْتامُ الكِرامَ، ويَصْطَفي ... عَقِيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ
وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
حَدَرْناهُ بالأَثوابِ فِي قَعْرِ هُوَّةٍ ... شديدٍ، عَلَى مَا ضُمَّ فِي اللَّحْدِ، جُولُها
أَراد شَحِيحٍ عَلَى ذَلِكَ. وشَدَّدَ الضَّرْبَ وكلَّ شَيْءٍ: بالَغَ فِيهِ. والشَّدُّ: الحُضْرُ والعَدْوُ، وَالْفِعْلُ اشْتَدَّ أَي عَدَا. قَالَ ابْنُ رُمَيْضٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَيُقَالُ رُمَيْصٍ، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ:
هَذَا أَوانُ الشَّدِّ فاشْتَدِّي زِيَمْ
. وزِيَم: اسْمُ فَرَسِهِ؛ وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ:
هَذَا أَوانُ الْحَرْبِ فاشْتَدِّي زِيَمْ
هُوَ اسْمُ نَاقَتِهِ أَو فَرَسِهِ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
كحُضْرِ الفَرَس ثُمَّ كشَدِّ الرَّجُلِ الشَّديدِ العَدْوِ
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ السَّعْي:
لَا يَقْطَع الْوَادِيَ إِلَّا شَدّاً
أَي عَدْواً. وَفِي حَدِيثِ أُحد:
حَتَّى رأَيت النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الْجَبَلِ
أَي يَعْدُون؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَتِ اللَّفْظَةُ فِي كِتَابِ الْحُمَيْدِيِّ، وَالَّذِي جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ يشْتَدْنَ، بِدَالٍ وَاحِدَةٍ، وَالَّذِي جَاءَ فِي غَيْرِهِمَا يُسْنِدْنَ، بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ، أَي يُصَعِّدْنَ فِيهِ، فإِن صَحَّتِ الْكَلِمَةُ عَلَى مَا فِي الْبُخَارِيِّ، وَكَثِيرًا مَا يجيءُ أَمثالها فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ قَبِيحٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ لأَن الإِدغام إِنما جَازَ فِي الْحَرْفِ المُضَعَّفِ، لَمَّا سَكَنَ الأَول وَتَحَرَّكَ الثَّانِي، فأَما مَعَ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ فإِن التَّضْعِيفَ يَظْهَرُ لأَن مَا قَبْلَ نُونِ النِّسَاءِ لَا يَكُونُ إِلا سَاكِنًا فَيَلْتَقِي سَاكِنَانِ، فَيُحَرَّكُ الأَوّل وَيَنْفَكُّ الإِدغام فَتَقُولُ يَشْتَدِدْنَ، فَيُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى لُغَةِ بَعْضِ الْعَرَبِ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، يَقُولُونَ رَدْتُ ورَدْتِ وَرَدْنَ، يُرِيدُونَ رَدَدْتُ ورَدَدْتِ ورَدَدْنَ، قَالَ الْخَلِيلُ: كأَنهم قَدَّرُوا الإِدغام قَبْلَ دُخُولِ التَّاءِ وَالنُّونِ، فَيَكُونُ لَفْظُ الْحَدِيثِ يَشْتَدْنَ. وَشَدَّ فِي العَدْوِ شَدًّا واشْتَدَّ: أَسْرَعَ وعَدَا. وَفِي الْمَثَلِ: رُبَّ شَدٍّ فِي الكُرْزِ؛ وَذَلِكَ أَنّ رَجُلًا خَرَجَ يَرْكُضُ فَرَسًا لَهُ فَرَمَتْ بِسَخْلَتِها فأَلقاها فِي كُرْزٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْكُرْزُ الجُوالِقُ، فَقَالَ لَهُ إِنسان: لِمَ تَحْمِلُهُ، مَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقَالَ: رُبَّ شَدٍّ فِي الكُرْزِ؛ يَقُولُ: هُوَ سَرِيعُ الشدِّ كأُمه؛ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ يُحْتَقَرُ عِنْدَكَ وَلَهُ خَبَرٌ قَدْ عَلِمْتَهُ أَنت؛ قَالَ عَمْرُو ذُو الْكَلْبِ:
فَقُمْتُ لَا يَشْتَدُّ شَدِّي ذُو قَدَم
جَاءَ بِالْمَصْدَرِ عَلَى غَيْرِ الْفِعْلِ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ؛ وَقَوْلُ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الخُناعي:
بأَسَرعِ الشَّدِّ مِنِّي، يومَ لَا نِيَةٌ، ... لَمَّا عَرَفْتُهم، واهْتَزَّتِ اللِّمَمُ
يُرِيدُ بأَسَرعَ شَدًّا مِنِّي، فَزَادَ اللَّامَ كَزيادتها فِي بَنَاتِ الأَوبر، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ بأَسرعَ فِي الشَّدِّ فَحَذَفَ الْجَارَّ وأَوصَلَ الفِعْلَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا شَدَّ مَا(3/234)
أَنَّكَ ذَاهِبٌ، كَقَوْلِكَ: حَقّاً أَنك ذَاهِبٌ، قَالَ: وإِن شِئْتَ جَعَلْتَ شَدَّ بِمَنْزِلَةِ نِعْمَ كَمَا تَقُولُ: نِعْمَ العملُ أَنك تقولُ الحَقَّ. والشِّدَّة: النَّجْدَة وثَباتُ الْقَلْبِ. وكلُّ شَديدٍ شُجاعٌ. والشَّدة، بِالْفَتْحِ: الْحَمْلَةُ الْوَاحِدَةُ. والشَّدُّ. الحَمْل. وشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ فِي الْقِتَالِ يَشِدُّ ويَشُدُّ شَدّاً وشُدوداً: حَمَلَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا تَشِدُّ فَنَشِدَّ مَعَكَ؟
يُقَالُ: شَدَّ فِي الْحَرْبِ يَشِد، بِالْكَسْرِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَانَ كأَمْسِ الذَّاهِبِ
أَي حَمَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ. وشَدَّ فُلَانٌ عَلَى العدوِّ شَدَّة وَاحِدَةً، وشدَّ شَدَّاتٍ كَثِيرَةً. أَبو زَيْدٍ: خِفْتُ شُدَّى فلانٍ أَي شِدَّته؛ وأَنشد:
فإِني لَا أَلِينُ لِقَوْلِ شُدَّى، ... وَلَوْ كانتْ أَشَدَّ مِنَ الحَديدِ
وَيُقَالُ: أَصابَتْني شُدَّى بَعْدَكَ أَي الشِّدَّةُ مُدَّةً. وشَدَّ الذِّئْبُ عَلَى الْغَنَمِ شَدّاً وشُدُوداً: كَذَلِكَ. ورُؤِيَ فَارِسٌ يومَ الكُلابِ من بني الحرث يَشِدُّ عَلَى الْقَوْمِ فَيَرُدُّهُمْ وَيَقُولُ: أَنا أَبو شَدّادٍ، فإِذا كرُّوا عليه رَدَّهم وَقَالَ: أَنا أَبو رَدَّاد. وَفِي حَدِيثِ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ:
أَحْيا الليلَ وشَدَّ المِئْزر
؛ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اجْتِنَابِ النِّسَاءِ، أَو عَنِ الجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْعَمَلِ أَو عَنْهُمَا مَعًا. والأَشُدُّ: مَبْلَغُ الرَّجُلِ الحُنْكَةَ والمَعْرِفَةَ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الأَشُدُّ وَاحِدُهَا شَدٌّ فِي الْقِيَاسِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع لَهَا بِوَاحِدٍ؛ وأَنشد:
قَدْ سادَ، وهْو فَتىً، حَتَّى إِذا بَلَغَتْ ... أَشُدُّه، وعَلا فِي الأَمْرِ واجْتَمَعا
أَبو الْهَيْثَمِ: وَاحِدَةُ الأَنْعُم نعْمَةٌ وَوَاحِدَةُ الأَشُدِّ شِدَّة. قَالَ: والشِّدَّة القُوَّة والجَلادَة. والشَّديدُ: الرَّجُلُ القَوِيّ، وكأَنّ الْهَاءَ فِي النِّعْمَةِ والشِّدَّة لَمْ تَكُنْ فِي الْحَرْفِ إِذ كَانَتْ زَائِدَةً، وكأَنّ الأَصلَ نِعْمَ وشَدَّ فَجُمِعَا عَلَى أَفْعُل كَمَا قَالُوا: رجُل وأَرجُل، وقَدَح وأَقْدُح، وضِرْسٌ وأَضْرُس. ابْنُ سِيدَهْ: وَبَلَغَ الرَّجُلُ أَشُدَّهُ إِذا اكْتَهَل. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مِنْ نَحْوِ سَبْعَ عَشْرَةَ إِلى الأَربعين. وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِينَ والأَربعين، وَهُوَ يُذَكَّرُ ويؤَنث؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَاحِدُهَا شَدٌّ فِي الْقِيَاسِ؛ قَالَ: وَلَمْ أَسمع لَهَا بِوَاحِدَةٍ؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَاحِدَتُهَا شِدَّة كنِعْمَة وأَنْعُم؛ ابْنُ جِنِّي: جَاءَ عَلَى حَذْفِ التَّاءِ كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي نِعْمَة وأَنْعُم. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ جَمْعُ أَشَدّ عَلَى حَذْفِ الزِّيَادَةِ؛ قَالَ: وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: رُبَّمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَى حَذْفِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي الْوَاحِدِ؛ وأَنشد بَيْتَ عَنْتَرَةَ:
عَهْدِي بِهِ شَدَّ النَّهارِ، كأَنَّما ... خُضِبَ اللَّبانُ ورأْسُه بالعِظْلِمِ
أَي أَشَدَّ النَّهَارِ، يَعْنِي أَعلاه وأَمْتَعَه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَهَبَ أَبو عُثْمَانَ فِيمَا رَوَيْنَاهُ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى عَنْهُ أَنه جَمْعٌ لَا وَاحِدٌ لَهُ. وَقَالَ السِّيرَافِيُّ: الْقِيَاسُ شَدٌّ وأَشُدّ كَمَا يُقَالُ قَدٌّ وأَقُدٌّ، وَقَالَ مَرَّةً أُخرى: هُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ، وَقَدْ يُقَالُ بَلَغَ أَشَدَّه، وَهِيَ قَلِيلَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: الأَشُدُّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي ثَلَاثَةِ مَعَانٍ يَقْرُبُ اخْتِلَافُهَا، فأَما قوله فِي قِصَّةِ يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ
؛ فَمَعْنَاهُ الإِدْراكُ وَالْبُلُوغُ وَحِينَئِذٍ رَاوَدَتْهُ امرأَة الْعَزِيزِ عَنْ نَفْسِهِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ*
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ احْفَظُوا عَلَيْهِ مَالَهُ حَتَّى يبلغَ أَشُدَّه فإِذا بَلَغَ أَشُدَّه فَادْفَعُوا إِليه مَالَهُ؛ قَالَ: وبُلُوغُه أَشُدَّه أَن يُؤْنَسَ مِنْهُ الرُّشْدُ مَعَ(3/235)
أَن يَكُونَ بَالِغًا؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَتَّى يَبْلُغَ أَشده؛ حَتَّى يَبْلُغَ ثمانيَ عَشْرَة سَنَةً؛ قَالَ أَبو إِسحاق: لَسْتُ أَعرف مَا وَجْهُ ذَلِكَ لأَنه إِن أَدْرَكَ قَبْلَ ثَمَانِيَ عَشْرَة سَنَةً وَقَدْ أُونِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ فطلَبَ دفْعَ مَالِهِ إِليه وَجَبَ لَهُ ذَلِكَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا صَحِيحٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلُ أَكثر أَهل الْعِلْمِ. وَفِي الصِّحَاحِ: حَتَّى يَبْلُغَ أَشدّه أَي قُوَّتَهُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ ثَمَانِيَ عَشْرة إِلى ثَلَاثِينَ، وَهُوَ وَاحِدٌ جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْجَمْعِ مِثْلَ آنْكٍ وَهُوَ الأُسْرُبُّ، وَلَا نَظِيرَ لَهُمَا، وَيُقَالُ: هُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، مِثْلُ آسالٍ وأَبابِيلَ وعَبادِيدَ ومَذاكِيرَ. وَكَانَ سِيبَوَيْهِ يَقُولُ: وَاحِدُهُ شِدَّة وَهُوَ حَسَنٌ فِي الْمَعْنَى لأَنه يُقَالُ بَلَغَ الْغُلَامُ شِدَّته، وَلَكِنْ لَا تُجْمَعُ فِعْلة عَلَى أَفْعُل؛ وأَما أَنْعُم فإِنه جَمْعُ نُعْم مِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمٌ بُؤْس ويومُ نُعْم. وأَما مَنْ قَالَ وَاحِدُهُ شَدٌّ مِثْلُ كَلْبٍ وأَكْلُب أَو شِدٌّ مِثْلُ ذِئْبٍ وأَذؤب فإِنما هُوَ قِيَاسٌ، كَمَا يَقُولُونَ فِي وَاحِدِ الأَبابيلِ إِبَّوْل قِيَاسًا عَلَى عِجَّولٍ، وَلَيْسَ هُوَ شَيْئًا سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ. وأَما قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ مُوسَى، صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى
؛ فإِنه قَرَنَ بُلُوغَ الأَشُدِّ بالاستواءِ، وَهُوَ أَن يَجْتَمِعَ أَمره وَقُوَّتُهُ وَيَكْتَهِلَ ويَنْتَهِيَ شَبابُه. وأَما قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الأَحقاف: حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً
؛ فَهُوَ أَقصى نِهَايَةِ بُلُوغِ الأَشُدِّ وَعِنْدَ تَمَامِهَا بُعِثَ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَبِيًّا وَقَدِ اجْتَمَعَتْ حُنْكَتُه وتمامُ عَقْلِه، فَبُلوغُ الأَشُدِّ مَحصورُ الأَول مَحْصُورُ النِّهايةِ غَيْرُ مَحْصُورِ مَا بَيْنَ ذَلِكَ. وشَدَّ النهارُ أَي ارْتَفَعَ. وشَدُّ النَّهَارِ: ارتفاعُه، وَكَذَلِكَ شَدُّ الضُّحَى. يُقَالُ: جِئْتُكَ شَدَّ النهارِ وَفِي شَدِّ النهارِ، وشَدَّ الضُّحَى وَفِي شَدِّ الضُّحَى. وَيُقَالُ: لقِيتُه شَدَّ النَّهَارِ وَهُوَ حِينَ يَرْتَفِعُ، وَكَذَلِكَ امتدَّ. وأَتانا مَدَّ النَّهَارِ أَي قَبْلَ الزَّوَالِ حِينَ مَضَى مِنَ النَّهَارِ خَمْسَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عِتْبانَ بنِ مَالِكٍ: فَغَدا عليَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعْدَ ما اشْتَدَّ النهارُ
أَي عَلَا وَارْتَفَعَتْ شَمْسُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبٍ:
شَدَّ النهارِ ذراعَيْ عَيْطَلٍ نَصَفٍ ... قامَتْ، فَجاوَبَها نُكْدٌ مَثَاكِيلُ
أَي وقْتَ ارتفاعِه وعُلُوِّه. وشَدَّه أَي أَوثقه، يَشُدُّه ويَشِدُّه أَيضاً، وَهُوَ مِنَ النَّوَادِرِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا كَانَ مِنَ الْمُضَاعَفِ عَلَى فَعَلْتُ غيرَ وَاقِعٍ، فإِنّ يَفْعِلُ مِنْهُ مَكْسُورُ الْعَيْنِ، مِثْلُ عفَّ يعِفُّ وخَفَّ يَخِفُّ وَمَا أَشبهه، وَمَا كَانَ وَاقِعًا مِثْلَ مَدَدْتُ فإِنَّ يَفْعُل مِنْهُ مَضْمُومٌ إِلا ثَلَاثَةَ أَحرف، شَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّهُ، وعَلَّه يَعُلُّه ويَعِلُّه مِنَ العَلَلِ وَهُوَ الشُّرْب الثَّانِي، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه، فإِنْ جَاءَ مِثْلَ هَذَا أَيضاً مِمَّا لَمْ نَسْمَعُهُ فَهُوَ قَلِيلُ، وأَصله الضَّمُّ. قَالَ: وَقَدْ جَاءَ حَرْفٌ وَاحِدٌ بِالْكَسْرِ مِنْ غَيْرِ أَن يَشْركَه الضَّمُّ، وَهُوَ حَبَّهُ يَحِبُّهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: شَدَّ فُلَانٌ فِي حُضْرِه. وتَشَدَّدَتِ القَيْنَةُ إِذا جَهَدَتْ نفسَها عِنْدَ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْغِنَاءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:
إِذا نحنُ قُلْنا: أَسْمِعِينا، انْبَرَتْ لَنَا ... عَلَى رِسْلِها مَطْرُوقَةً، لم تَشَدَّدِ
وشَدَّاد: اسْمٌ. وَبَنُو شَدَّادٍ وَبَنُو الأَشَدِّ: بطنان.
شرد: شَرَدَ البعيرُ وَالدَّابَّةُ يَشْرُدُ شَرْداً وشِراداً وشُروداً: نَفَرَ، فَهُوَ شارِدٌ، وَالْجَمْعُ شَرَدٌ. وشَرُودٌ فِي الْمُذَكَّرِ والمؤَنث، والجمع شُرُودٌ؛ قَالَ:
وَلَا أُطيق البَكَراتِ الشَّرَدا(3/236)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جِنِّي شَرَدا عَلَى مِثَالِ عَجَلٍ وكُتُبٍ استَعْصَى وذَهَبَ عَلَى وجْهه؛ الْجَوْهَرِيُّ: الْجَمْعُ شَرَدٌ عَلَى مِثَالِ خادِمٍ وخَدَم وغائِب وغَيَب، وَجَمْعُ الشَّرُود شُرُدٌ مِثْلُ زَبُورٍ وَزُبُر؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِعَبْدِ مَنَافِ بْنِ رَبِيعٍ الْهُذَلِيِّ:
حَتَّى إِذا أَسْلَكوهُمْ فِي قُتائِدَةٍ ... شَلًّا، كَمَا تَطْرُد الجمَّالةُ الشُّرُدا
وَيُرْوَى الشَّرَدا. والتَّشْريدُ: الطَّرْد. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَتَدْخُلُنَّ الجنةَ أَجمعون أَكتعون إِلا مَنْ شَرَدَ عَلَى اللَّهِ
أَي خَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ مِنْ شَرَدَ البعيرُ إِذا نَفَرَ وَذَهَبَ فِي الأَرض. وَفَرَسٌ شَرُود: وَهُوَ المُسْتَعْصي عَلَى صَاحِبِهِ. وقافِيَةٌ شَرُودٌ: عائِرَةٌ سائِرَةٌ فِي الْبِلَادِ تَشْرُدُ كَمَا يَشْرُدُ الْبَعِيرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شَرُودٌ، إِذا الرَّاؤُونَ حَلُّوا عِقالَها، ... مُحَجَّلةٌ، فِيهَا كلامٌ مُحَجَّلُ
وشَرَدَ الْجَمَلُ شُروداً، فَهُوَ شَارِدٌ، فإِذا كَانَ مُشَرَّداً فَهُوَ شَريد طَريد. وَتَقُولُ: أَشْرَدْتُه وأَطْرَدْتُهُ إِذا جَعَلْتَهُ شَريداً طَريداً لَا يُؤْوى. وشَرَدَ الرجلُ شُروداً: ذَهَبَ مَطْرُوداً. وأَشْرَدَه وشَرَّدَه: طَردَه. وشَرَّدَ بِهِ: سَمَّع بِعُيُوبِهِ؛ قَالَ:
أُطَوِّفُ بالأَباطِحِ كُلَّ يَوْم، ... مَخافةَ أَنْ يُشَرِّدَ بِي حَكِيمُ
مَعْنَاهُ أَن يُسَمِّعَ بِي. وأُطَوِّفُ: أَطُوفُ. وحَكِيمٌ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْم كَانَتْ قُرَيْشٌ وَلَّتْهُ الأَخذ عَلَى أَيدي السُّفَهَاءِ. وَرَجُلٌ شَريدٌ: طَرِيدٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ
؛ أَي فَرِّق وبَدِّدْ جَمْعَهُمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ إِن أَسرتهم يَا مُحَمَّدُ فَنَكِّلْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهم مِمَّنْ تَخافُ نَقْضَهُ الْعَهْدَ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ فَلَا يَنْقُضُونَ الْعَهْدَ. وأَصل التَّشْرِيدِ التَّطْريدُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سَمِّعْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهم، وَقِيلَ: فَزِّعْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ طَرِيدٌ شَرِيدٌ: أَمَّا الطَّريدُ فَمَعْنَاهُ المَطْرود، وَالشَّرِيدُ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما الْهَارِبُ مِنْ قَوْلِهِمْ شَرَدَ الْبَعِيرُ وغيرُه إِذا هَرَبَ؛ وَقَالَ الأَصمعي: الشَّرِيدُ المُفْرَدُ؛ وأَنشد الْيَمَامِيُّ:
تَراهُ أَمامَ النَّاجِياتِ كأَنه ... شَريدُ نَعامٍ، شَذَّ عَنه صَواحِبُه
قَالَ: وتَشَرَّدَ القَوْمُ ذَهبوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لخَوَّات بْنِ جُبَيْر: مَا فَعَلَ شِرادُك؟
يُعَرِّضُ بقضيّته مع ذَاتَ النِّحْيَيْن فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وأَراد بشِراده أَنه لَمَّا فَزِعَ تَشَرَّد فِي الأَرض خَوْفًا مِنَ التَّبَعة؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ الهرويّ والجوهريّ فِي الصِّحَاحِ وَذَكَرَ الْقِصَّةَ؛ وَقِيلَ: إِن هَذَا وهمٌ مِنَ الْهَرَوِيِّ وَالْجَوْهَرِيِّ، وَمَنْ فَسَّرَه بِذَلِكَ قَالَ: وَالْحَدِيثُ لَهُ قِصَّةٌ مَرْويَّةٌ عَنْ
خَوَّات أَنه قَالَ: نَزَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَرِّ الظَّهْرانِ فَخَرَجْتُ مِنْ خِبائي فإِذا نِسْوَةٌ يتَحَدّثن فأَعجبنني، فَرَجَعْتُ فأَخرجت حُلَّةً مِنْ عَيْبَتي فَلبسْتُها ثُمَّ جَلَسْتُ إِليهن، فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهِبتُه فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَمَلٌ لِي شَرُود وأَنا أَبْتَغِي لَهُ قَيْداً فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتَبِعْتُه فأَلقى إِليَّ رِدَاءَهُ ثُمَّ دَخَلَ الأَراكَ فَقَضَى حَاجَتَهُ وتوضأَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ مَا فَعَلَ شَرُودُك؟ ثُمَّ ارْتَحَلْنَا فَجَعَلَ لَا يَلْحَقُنِي إِلا قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ، مَا فَعَلَ شِرادُ جَملك؟ قَالَ: فَتَعَجَّلْتُ إِلى الْمَدِينَةِ وَاجْتَنَبْتُ(3/237)
المسجدَ ومُجالَسة رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيَّ تَحَيّنْتُ ساعةَ خَلْوَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ أَتيت الْمَسْجِدَ فَجَعَلْتُ أُصلي، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ بَعْضِ حُجَرِه فَجَاءَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَطَوَّلْتُ الصَّلَاةَ رجاءَ أَن يذهبَ ويدَعَني، فَقَالَ: طوِّلْ يَا أَبا عَبْدِ اللَّهِ مَا شِئْتَ فلستُ بِقَائِمٍ حَتَّى تَنْصَرِفَ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَعتذرن إِليه، فَانْصَرَفْتُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَبا عَبْدِ اللَّهِ مَا فَعَلَ شِرادُ الْجَمَلِ؟ فَقُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا شَرَدَ ذَلِكَ الْجَمَلُ مُنْذُ أَسلمت، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ مَرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثُمَّ أَمسك عَنِّي فَلَمْ يَعُدْ.
والشَّريدُ: الْبَقِيَّةُ مِنَ الشيء. ويقال: في إِداواهُمْ شَريدٌ مِنْ مَاءٍ أَي بَقِيَّةٌ. وأَبْقَتِ السَّنَةُ عَلَيْهِمْ شَرائِدَ مِنْ أَموالهم أَي بَقَايَا، فإِما أَن يَكُونَ شَرائِدُ جَمْعَ شَريد عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَفيلٍ «3» وأَفائِلَ، وإِما أَن يَكُونَ شَريدَةٌ لُغَةً فِي شَريد. وَبَنُو الشَّريدِ: حَيٌّ، مِنْهُمْ صَخْرٌ أَخو الْخَنْسَاءِ؛ وَفِيهِمْ يَقُولُ:
أَبَعْدَ ابنِ عَمْرٍو مِنَ آلِ الشَّريدِ، ... حَلَّتْ بِهِ الأَرضُ أَثْقالَها
وبنو الشَّريدِ: بَطْنٌ مِنْ سُلَيْم.
شعبد: المُشَعْبِدُ: الهازِيءُ كالمُشَعْوِذ.
شقد: اللَّيْثُ: الشِّقْدَةُ حَشِيشَةٌ كَثِيرَةُ اللَّبَنِ والإِهالة كالقِشْدَةِ، إِما مَقْلُوبَةٌ وإِما لُغَةٌ. قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع الشِّقْدَةَ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، قَالَ: وكأَنه فِي الأَصل القِشْدَة والقِلْدَة.
شكد: الشُّكْدُ، بِالضَّمِّ: العَطاءُ، وَبِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ، شَكَدَه يَشْكُدُه ويَشْكِدُه شَكْداً: أَعطاه أَو مَنَحَهُ، وأَشْكَدَ لُغَةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَتْ بِالْعَالِيَةِ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الْعَرَبُ تَقُولُ مِنَّا مَنْ يَشْكُدُ ويَشْكُمُ، وَالِاسْمُ الشُّكْد وَجَمْعُهُ أَشْكادٌ. والشُّكْدُ: مَا يُزَوَّدُه الإِنسان مِنْ لَبَنٍ أَو أَقط أَو سَمْنٍ أَو تَمْرٍ فَيَخْرُجُ بِهِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ. وَجَاءَ يَسْتَشْكِدُ أَي يَطْلُبُ الشُّكْدَ. وأَشْكَدَ الرجلَ: أَطْعمه أَو سَقَاهُ مِنَ اللَّبَنِ بَعْدَ أَن يَكُونَ مَوْضُوعًا. والشُّكْدُ: مَا كَانَ مَوْضُوعًا فِي الْبَيْتِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. والشُّكْدُ: مَا يُعْطَى مِنَ التَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِهِ، وَمِنَ الْبُرِّ عِنْدَ حَصادِه، والفِعْلُ كالفِعْل. والشُّكْدُ: الْجَزَاءُ. والشُّكْدُ: كالشُّكْرِ، يَمَانِيَّةٌ. يُقَالُ: إِنه لَشَاكِرٌ شَاكِدٌ. قَالَ: والشُّكْد بِلُغَتِهِمْ أَيضاً مَا أَعْطَيْتَ مِنَ الكُدْس عِنْدَ الْكَيْلِ، وَمِنَ الحُزُم عِنْدَ الحَصْدِ. يُقَالُ: جَاءَ يَسْتَشْكِدُني فأَشْكَدْتُه. ابْنُ الأَعرابي: أَشْكَدَ الرجلُ إِذا اقْتَنَى رديءَ المالِ؛ وَكَذَلِكَ أَسْوَكَ وأَكْوَسَ وأَقْمَزَ وأَغْمَزَ.
شمعد: الأَزهري: اسْمَعَدَّ الرجلُ واشْمَعَدَّ إِذا امتلأَ غَضَبًا، وَكَذَلِكَ اسْمَعَطَّ واشْمَعَطَّ، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي ذَكَرِ الرَّجُلِ إِذا اتْمَهَلَّ.
شمهد: الشَّمْهَدُ مِنَ الْكَلَامِ: الخَفيفُ؛ وَقِيلَ: الحَديدُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَصِفُ الْكِلَابَ:
شَمْهَدٌ أَطْرافُ أَنْيابِها، ... كمَنَاشيلِ طُهاةِ اللِّحام
أَبو سَعِيدٍ: كَلْبَةٌ شَمْهَدٌ أَي خَفِيفةٌ حَديدَةُ أَطْراف الأَنْيابِ. والشَّمْهَدَةُ: التَّحْديدُ. يُقَالُ شَمْهَدَ حَدِيدَتَهُ إِذا رَقَّقَها وحَدَّدَها.
شهد: مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: الشَّهِيدُ. قَالَ أَبو إِسحق: الشَّهِيدُ مِنْ أَسماء اللَّهِ الأَمين فِي شَهَادَتِهِ. قَالَ: وَقِيلَ الشهيدُ الَّذِي لَا يَغيب عَنْ عِلْمه شَيْءٌ. والشهيد:
__________
(3) . قوله [كفيل] كذا بالأَصل المعوّل عليه، ولعل الأَولى كأفيل بالهمز، وهو الفصيل من الإِبل كما في القاموس.(3/238)
الْحَاضِرُ. وفَعِيلٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالِغَةِ فِي فَاعِلٍ فإِذا اعْتُبِرَ العِلم مُطْلَقًا، فَهُوَ العليم، وإِذا أُضيف في الأُمور الْبَاطِنَةِ، فَهُوَ الْخَبِيرُ، وإِذا أُضيف إِلى الأُمور الظَّاهِرَةِ، فَهُوَ الشَّهِيدُ، وَقَدْ يُعْتَبَرُ مَعَ هَذَا أَن يَشْهَدَ عَلَى الْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّاهِدُ العالم الذي يُبَيِّنُ ما عَلِمَهُ، شَهِدَ شَهَادَةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ
؛ أَي الشهادةُ بَيْنَكُمْ شهادَةُ اثْنَيْنِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مَقَامَهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِن شِئْتَ رَفَعْتَ اثْنَيْنِ بِحِينَ الْوَصِيَّةِ أَي لِيَشْهَدْ مِنْكُمُ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ أَو آخَرَانِ مِنْ غَيْرِ دِينِكُمْ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، هَذَا لِلسَّفَرِ وَالضَّرُورَةِ إِذ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ إِلا فِي هَذَا. وَرَجُلٌ شاهِدٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى لأَنَّ أَعْرَفَ ذَلِكَ إِنما هُوَ فِي الْمُذَكَّرِ، وَالْجَمْعُ أَشْهاد وشُهود، وشَهيدٌ وَالْجَمْعُ شُهَداء. والشَّهْدُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ الأَخفش: هُوَ جَمْعٌ. وأَشْهَدْتُهُم عَلَيْهِ. واسْتَشْهَدَه: سأَله الشَّهَادَةَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ
. والشَّهادَة خَبرٌ قاطعٌ تقولُ مِنْهُ: شَهِدَ الرجلُ عَلَى كَذَا، وَرُبَّمَا قَالُوا شَهْدَ الرجلُ، بِسُكُونِ الْهَاءِ لِلتَّخْفِيفِ؛ عَنِ الأَخفش. وَقَوْلُهُمُ: اشْهَدْ بِكَذَا أَي احْلِف. والتَّشَهُّد فِي الصَّلَاةِ: مَعْرُوفٌ؛ ابْنُ سِيدَهْ: والتَّشَهُّد قراءَة التحياتُ للهِ واشتقاقه من [أَشهد أَن لَا إِله إِلا اللَّهُ وأَشهد أَن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ] وَهُوَ تَفَعُّلٌ مِنَ الشَّهَادَةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: كَانَ يُعَلِّمُنا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ
؛ يُرِيدُ تَشَهُّدَ الصَّلَاةِ التحياتُ. وَقَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنباري فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ أَشهد أَن لَا إِله إِلا اللَّهُ: أَعْلَمُ أَن لَا إِله إِلا اللَّهُ وأُبَيِّنُ أَن لَا إِله إِلا اللَّهُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ أَشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَعلم وأُبيِّن أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مَعْنَى شَهِدَ اللَّهُ قَضَى اللَّهُ أَنه لَا إِله إِلا هُوَ، وَحَقِيقَتُهُ عَلِمَ اللهُ وبَيَّنَ اللهُ لأَن الشَّاهِدَ هُوَ الْعَالِمُ الَّذِي يُبَيِّنَ مَا عَلِمَهُ، فَاللَّهُ قَدْ دَلَّ عَلَى تَوْحِيدِهِ بِجَمِيعِ مَا خَلَق، فبيَّن أَنه لَا يَقْدِرُ أَحد أَن يُنْشِئَ شَيْئًا وَاحِدًا مِمَّا أَنشأَ، وشَهِدَتِ الملائكةُ لِما عَايَنَتْ مِنْ عَظِيمِ قُدْرَتِهِ، وشَهِدَ أُولو الْعِلْمِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ وتَبَيَّنَ مِنْ خَلْقِهِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: شَهِدَ اللَّهُ، بيَّن اللَّهُ وأَظهر. وشَهِدَ الشاهِدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَي بَيَّنَ مَا يَعْلَمُهُ وأَظهره، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ
؛ وَذَلِكَ أَنهم يُؤْمِنُونَ بأَنبياءٍ شعَروا بمحمد وحَثُّوا عَلَى اتِّبَاعِهِ، ثُمَّ خالَفوهم فَكَذَّبُوه، فَبَيَّنُوا بِذَلِكَ الْكُفْرَ عَلَى أَنفسهم وإِن لَمْ يَقُولُوا نَحْنُ كُفَّارٌ؛ وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفسهم بِالْكُفْرِ مَعْنَاهُ: أَن كُلَّ فِرْقة تُنسب إِلى دِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ سِوَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ فإِنهم كَانُوا لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ هَذَا الِاسْمِ، فَقَبُولهم إِياه شَهادَتهم عَلَى أَنفسهم بِالشِّرْكِ، وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي تَلْبِيَتِهِمْ: لبَّيْكَ لَا شَريكَ لَكَ إِلَّا شريكٌ هُوَ لكَ تَمْلِكُه وَمَا مَلَكَ. وسأَل الْمُنْذِرِيُّ أَحمدَ بْنُ يَحْيَى عَنِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ
، فَقَالَ: كُلُّ مَا كَانَ شَهِدَ اللَّهُ فإِنه بِمَعْنَى عَلِمَ اللَّهُ. قَالَ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ قَالَ اللَّهُ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ عَلِمَ اللَّهُ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ كَتَبَ اللَّهُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَاهُ بيَّن اللَّهُ أَن لَا إِله إِلا هُوَ. وشَهِدَ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ بِحَقٍّ، فَهُوَ شَاهِدٌ وَشَهِيدٌ. واسْتُشْهِدَ فُلَانٌ، فَهُوَ شَهِيدٌ. والمُشاهَدَةُ: الْمُعَايَنَةُ. وشَهِدَه شُهوداً أَي حَضَره، فَهُوَ شاهدٌ. وقَوْم شُهُود أَي حُضور، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ، وشُهَّدٌ أَيضاً مِثْلُ راكِع ورُكّع. وشَهِدَ لَهُ(3/239)
بِكَذَا شَهادةً أَي أَدّى مَا عِنْدَهُ مِنَ الشَّهادة، فَهُوَ شاهِد، وَالْجَمْعُ شَهْدٌ مِثْلُ صاحِب وصَحْب وَسَافِرٍ وسَفْرٍ، وَبَعْضُهُمْ يُنْكره، وَجَمْعُ الشَّهْدِ شُهود وأَشْهاد. والشَّهِيدُ: الشَّاهِدُ، وَالْجَمْعُ الشُّهَداء. وأَشْهَدْتُه عَلَى كَذَا فَشَهِدَ عَلَيْهِ أَي صَارَ شَاهِدًا عَلَيْهِ. وأَشْهَدْتُ الرَّجُلَ عَلَى إِقرار الْغَرِيمِ واسْتَشْهَدتُه بِمَعْنًى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ
؛ أَي أَشْهِدُوا شاهِدَيْن. يُقَالُ لِلشَّاهِدِ: شَهيد ويُجمع شُهَداءَ. وأَشْهَدَني إِمْلاكَه: أَحْضَرني. واسْتَشْهَدْتُ فُلَانًا عَلَى فُلَانٍ إِذا سأَلته إِقامة شَهَادَةٍ احْتَمَلَهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ الشُّهَداءِ الَّذِي يأْتي بِشهَادَتِه قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ الَّذِي لَا يَعْلَمُ صاحبُ الْحَقِّ أَنَّ لَهُ مَعَهُ شَهادةً؛ وَقِيلَ: هِيَ فِي الأَمانة والوَديعَة وَمَا لَا يَعْلَمُه غَيْرُهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مثَلٌ فِي سُرْعَةِ إِجابة الشَّاهِدِ إِذا اسْتُشْهِدَ أَن لَا يُؤَخِّرَها ويَمْنَعَها؛ وأَصل الشَّهَادَةِ: الإِخْبار بِمَا شاهَدَه. وَمِنْهُ: يأْتي قَوْمٌ يَشْهَدون وَلَا يُسْتَشْهَدون، هَذَا عَامٌّ فِي الَّذِي يُؤدّي الشهادَةَ قَبْلَ أَن يَطْلُبها صاحبُ الْحَقِّ مِنْهُ وَلَا تُقبل شهادَتُه وَلَا يُعْمَلُ بِهَا، وَالَّذِي قَبْلَهُ خَاصٌّ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ هُمُ الَّذِينَ يَشْهَدون بِالْبَاطِلِ الَّذِي لَمْ يَحْمِلُوا الشهادَةَ عَلَيْهِ وَلَا كَانَتْ عِنْدَهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللّعَّانون لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ
أَي لَا تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ؛ وَقِيلَ: لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الأُمم الْخَالِيَةِ. وَفِي حَدِيثِ اللُّقَطَةِ:
فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْل
؛ الأَمْرُ بِالشَّهَادَةِ أَمْرُ تأْديب وإِرْشادٍ لِمَا يُخافُ مِنْ تسويلِ النَّفْسِ وانْبِعاثِ الرَّغْبة فِيهَا، فَيَدْعُوهُ إِلى الخِيانة بَعْدَ الأَمانة، وربما نزله بِهِ حادِثُ الْمَوْتِ فَادَّعَاهَا ورثَتُه وَجَعَلُوهَا فِي جُمْلَةِ تَرِكَتِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَاهِدَاكَ أَو يَمِينُه
؛ ارْتَفَعَ شَاهِدَاكَ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ مَعْنَاهُ مَا قَالَ شاهِداكَ؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّ الشَّهادةَ ليَشْهَدونَ بِكَذَا أَي أَهلَ الشَّهادَة، كَمَا يُقَالُ: إِن الْمَجْلِسَ لَيَشْهَدُ بِكَذَا أَي أَهلَ الْمَجْلِسِ. ابْنُ بُزُرج: شَهِدْتُ عَلَى شَهادَة سَوْءٍ؛ يُرِيدُ شُهَداءَ سَوْءٍ. وكُلًّا تَكُونُ الشَّهادَة كَلاماً يُؤَدَّى وَقَوْمًا يَشْهَدُون. والشاهِدُ والشَّهيد: الْحَاضِرُ، وَالْجَمْعُ شُهَداء وشُهَّدٌ وأَشْهادٌ وشُهودٌ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
كأَني، وإِن كانَتْ شُهوداً عَشِيرَتي، ... إِذا غِبْتَ عَنّي يَا عُثَيْمُ، غَريبُ
أَي إِذا غِبْتَ عَنِّي فإِني لَا أُكلِّم عَشِيرَتِي وَلَا آنَسُ بِهِمْ حَتَّى كأَني غَرِيبٌ. اللَّيْثُ: لُغَةُ تَمِيمٍ شِهيد، بِكَسْرِ الشِّينِ، يَكْسِرُونَ فِعِيلًا فِي كُلِّ شَيْءٍ كَانَ ثَانِيهِ أَحد حُرُوفِ الْحَلْقِ، وَكَذَلِكَ سُفْلى مُضَر يَقُولُونَ فِعِيلًا، قَالَ: وَلُغَةٌ شَنْعاءُ يَكْسِرُونَ كُلَّ فِعِيل، وَالنَّصْبُ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ. وشَهِدَ الأَمرَ والمِصْرَ شَهادَةً، فَهُوَ شاهدٌ، مِنْ قوْم شُهَّد، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ
، أَي مَحْضُورٌ يَحضُره أَهل السماءِ والأَرض. وَمِثْلُهُ: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً
؛ يَعْنِي صَلَاةَ الْفَجْرِ يَحْضُرها مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
؛ أَي أَحْضَرَ سَمْعَهُ وقلبُهُ شاهدٌ لِذَلِكَ غَيْرُ غَائِبٍ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: وشَهِيدُكَ عَلَى أُمَّتِك يَوْمَ الْقِيَامَةِ
أَي شاهِدُك. وَفِي الْحَدِيثِ:
سيدُ الأَيام يَوْمُ الْجُمُعَةِ هُوَ شَاهِدٌ
أَي يَشْهَدُ لِمَنْ حضر صلاتَه. وقوله: فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ
؛ الشَّهَادَةُ مَعْنَاهَا الْيَمِينُ هَاهُنَا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً*
؛ أَي عَلَى أُمتك بالإِبْلاغ وَالرِّسَالَةِ، وَقِيلَ: مُبَيِّناً. وَقَوْلُهُ: وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً
؛ أَي اخْتَرْنا مِنْهَا نَبِيًّا، وكلُّ نَبِيٍّ شَهِيدُ أُمَّتِه. وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ:(3/240)
تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ
؛ أَيْ أَنتم تَشْهَدُونَ وَتَعْلَمُونَ أَن نبوة مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَقٌّ لأَن اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ بَيَّنَهُ فِي كِتَابِكُمْ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ
؛ يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ، والأَشهادُ: جَمْعُ شَاهِدٍ مِثْلُ نَاصِرٍ وأَنصار وَصَاحِبٍ وأَصحاب، وَقِيلَ: إِن الأَشْهاد هُمُ الأَنبياءُ وَالْمُؤْمِنُونَ يَشْهدُون عَلَى الْمُكَذِّبِينَ بِمُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ
أَي حافظٌ مَلَكٌ. وَرَوَى شمِر فِي حَدِيثِ
أَبي أَيوب الأَنصاري: أَنه ذكَرَ صَلَاةَ الْعَصْرِ ثُمَّ قَالَ: وَلَا صَلاةَ بَعْدَهَا حَتَّى يُرى الشَّاهِدُ قَالَ: قُلْنَا لأَبي أَيوب: مَا الشَّاهِدُ؟ قَالَ: النَّجمُ كأَنه يَشْهَدُ فِي اللَّيْلِ
أَي يحْضُرُ ويَظْهَر. وصلاةُ الشاهِدِ: صلاةُ الْمَغْرِبِ، وَهُوَ اسْمُهَا؛ قَالَ شَمِرٌ: هُوَ رَاجِعٌ إِلى مَا فَسَّرَهُ أَبو أَيوب أَنه النَّجْمُ؛ قَالَ غَيْرُهُ: وَتُسَمَّى هَذِهِ الصلاةُ صلاةَ البَصَرِ لأَنه تُبْصَرُ فِي وَقْتِهِ نُجُومُ السَّمَاءِ فالبَصَرُ يُدْرِكُ رؤْيةَ النَّجْمِ؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهُ «4» صلاةُ الْبَصَرِ، وَقِيلَ فِي صلاةِ الشَّاهِدِ: إِنها صلاةُ الْفَجْرِ لأَنَّ الْمُسَافِرَ يُصَلِّيهَا كَالشَّاهِدِ لَا يَقْصُرُ مِنْهَا؛ قَالَ:
فَصَبَّحَتْ قبلَ أَذانِ الأَوَّلِ ... تَيْماء، والصُّبْحُ كَسَيْفِ الصَّيْقَل،
قَبْلَ صلاةِ الشاهِدِ المُسْتَعْجل
وَرُوِيَ عَنْ
أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ أَنه قَالَ: صَلَاةُ الْمَغْرِبِ تُسَمَّى شَاهِدًا
لاستواءِ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ فِيهَا وأَنها لَا تُقْصَر؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والقَوْلُ الأَوَّل، لأَن صَلَاةَ الْفَجْرِ لَا تُقْصَر أَيضاً وَيَسْتَوِي فِيهَا الْحَاضِرُ وَالْمُسَافِرُ وَلَمْ تُسَمَّ شَاهِدًا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ
؛ مَعْنَاهُ مَنْ شَهِد مِنْكُمُ المِصْرَ فِي الشَّهْرِ لَا يَكُونُ إِلا ذَلِكَ لأَن الشَّهْرَ يَشْهَدُهُ كلُّ حَيٍّ فِيهِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: نَصَبَ الشَّهْرَ بِنَزْعِ الصِّفَةِ وَلَمْ يَنْصِبْهُ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ؛ الْمَعْنَى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ فِي الشَّهْرِ أَي كَانَ حَاضِرًا غَيْرَ غَائِبٍ فِي سَفَرِهِ. وشاهَدَ الأَمرَ والمِصر: كَشهِدَه. وامرأَة مُشْهِدٌ: حَاضِرَةُ الْبَعْلِ، بِغَيْرِ هاءٍ. وامرأَة مُغِيبَة: غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا. وَهَذِهِ بالهاءِ، هَكَذَا حُفِظَ عَنِ الْعَرَبِ لَا عَلَى مَذْهَبِ الْقِيَاسِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: قَالَتْ لامرأَة عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُون وَقَدْ تَرَكَت الْخِضَابَ والطِّيبَ: أَمُشْهِدٌ أَم مُغِيبٌ؟ قَالَتْ: مُشْهِدٌ كَمُغِيبٍ
؛ يُقَالُ: امرأَة مُشْهِدٌ إِذا كَانَ زَوْجُهَا حَاضِرًا عِنْدَهَا، ومُغِيبٌ إِذا كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا عَنْهَا. وَيُقَالُ فِيهِ: مُغِيبَة وَلَا يُقَالُ مُشْهِدَةٌ؛ أَرادت أَن زَوْجَهَا حَاضِرٌ لَكِنَّهُ لَا يَقْرَبُها فَهُوَ كَالْغَائِبِ عَنْهَا. وَالشَّهَادَةُ والمَشْهَدُ: المَجْمَعُ مِنَ النَّاسِ. والمَشْهَد: مَحْضَرُ النَّاسِ. ومَشاهِدُ مَكَّةَ: المَواطِنُ الَّتِي يَجْتَمِعُونَ بِهَا، مِنْ هَذَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ
؛ الشاهِدُ: النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمَشْهودُ: يومُ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ الفراءُ: الشاهِدُ يومُ الْجُمُعَةِ، وَالْمَشْهُودُ يَوْمُ عرفةَ لأَن النَّاسَ يَشْهَدونه ويَحْضُرونه وَيَجْتَمِعُونَ فِيهِ. قَالَ: وَيُقَالُ أَيضاً: الشَّاهِدُ يومُ الْقِيَامَةِ فكأَنه قَالَ: واليَوْمِ الموعودِ وَالشَّاهِدِ، فَجَعَلَ الشَّاهِدَ مِنْ صِلَةِ الْمَوْعُودِ يَتْبَعُهُ فِي خَفْضِهِ. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
فإِنها مَشْهودة مَكْتُوبَةٌ
أَي تَشْهَدُها الْمَلَائِكَةُ وتَكتُبُ أَجرها لِلْمُصَلِّي. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْفَجْرِ:
فإِنها مَشْهودة مَحْضورة يَحْضُرها مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، هَذِهِ صاعِدةٌ وَهَذِهِ نازِلَةٌ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والشاهِدُ مِنَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ؛ لَمْ يُفَسِّرْهُ كُرَاعٌ بأَكثر من هذا.
__________
(4) . قوله [قيل له] أي المذكور صلاة إلخ فالتذكير صحيح وهو الموجود في الأَصل المعول عليه.(3/241)
والشَّهِيدُ: المقْتول فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْجَمْعُ شُهَداء. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَرواحُ الشهَداءِ فِي حَواصِل طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ مِنْ وَرَق «1» الْجَنَّةِ
، وَالِاسْمُ الشَّهَادَةُ. واسْتُشْهِدَ: قُتِلَ شهِيداً. وتَشَهَّدَ: طَلَبَ الشَّهَادَةَ. والشَّهِيدُ: الحيُّ؛ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ فِي تَفْسِيرِ الشَّهِيدِ الَّذِي يُسْتَشْهَدُ: الْحَيُّ أَي هُوَ عِنْدَ رَبِّهِ حَيٌّ. ذَكَرَهُ أَبو دَاوُدَ «2» أَنه سأَل النَّضْرَ عَنِ الشَّهِيدِ فُلَانٌ شَهِيد يُقال: فُلَانٌ حَيٌّ أَي هُوَ عِنْدَ رَبِّهِ حَيٌّ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أُراه تأَول قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ؛ كأَنَّ أَرواحهم أُحْضِرَتْ دارَ السَّلَامِ أَحياءً، وأَرواح غَيْرِهِم أُخِّرَتْ إِلى الْبَعْثِ؛ قَالَ: وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: سُمِّيَ الشَّهِيدُ شَهِيدًا لأَن اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ شُهودٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ؛ وَقِيلَ: سُمُّوا شُهَدَاءَ لأَنهم مِمَّنْ يُسْتَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى الأُمم الْخَالِيَةِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً
؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق الزَّجَّاجُ: جاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن أُمم الأَنبياء تُكَذِّبُ فِي الْآخِرَةِ مَنْ أُرْسِلَ إِليهم فَيَجْحَدُونَ أَنبياءَهم، هَذَا فِيمَنْ جَحَدَ فِي الدُّنْيَا مِنْهُمْ أَمْرَ الرُّسُلِ، فتشهَدُ أُمة مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِصِدْقِ الأَنبياء وَتَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِتَكْذِيبِهِمْ، ويَشْهَدُ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِهَذِهِ بِصِدْقِهِمْ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالشَّهَادَةُ تَكُونُ للأَفضل فالأَفضل مِنَ الأُمة، فأَفضلهم مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مُيِّزوا عَنِ الخَلْقِ بالفَضْلِ وبيَّن اللَّهُ أَنهم أَحياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزقون فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ؛ ثُمَّ يَتْلُوهُمْ فِي الْفَضْلِ مَنْ عَدَّهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَهِيدًا فإِنه قَالَ:
المَبْطُونُ شَهيد، والمَطْعُون شَهِيد. قَالَ: وَمِنْهُمْ أَن تَمُوتَ المرأَةُ بِجُمْع.
وَدَلَّ خَبَرُ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ مُنْكَراً وأَقام حَقّاً وَلَمْ يَخَفْ فِي اللَّهِ لَومَة لَائِمٍ أَنه فِي جُمْلَةِ الشُّهَدَاءِ، لِقَوْلِهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا لَكَمَ إِذا رأَيتم الرَّجُلَ يَخْرِقُ أَعْراضَ النَّاسِ أَن لَا تَعْزِمُوا عَلَيْهِ؟ قَالُوا: نَخافُ لِسَانَهُ، فَقَالَ: ذَلِكَ أَحْرَى أَن لَا تَكُونُوا شُهَدَاءَ.
قَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، أَنَّكم إِذا لَمْ تَعْزِموا وتُقَبِّحوا عَلَى مَنْ يَقْرِضُ أَعْراضَ الْمُسْلِمِينَ مَخَافَةَ لِسَانِهِ، لَمْ تَكُونُوا فِي جُمْلَةِ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ يُسْتَشهَدُون يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الأُمم الَّتِي كَذَّبَتْ أَنبياءَها فِي الدُّنْيَا. الْكِسَائِيُّ: أُشْهِدَ الرجلُ إِذا استُشهد فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ مُشْهَدٌ، بِفَتْحِ الهاءِ؛ وأَنشد:
أَنا أَقولُ سَأَموتُ مُشْهَداً
وَفِي الْحَدِيثِ:
المبْطُونُ شَهِيدٌ والغَريقُ شَهيدٌ
؛ قَالَ: الشهيدُ فِي الأَصل مَنْ قُتِلَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ فأُطلق عَلَى مَنْ سَمَّاهُ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، مِنَ المَبْطُون والغَرِق والحَرِق وَصَاحِبِ الهَدْمِ وَذَاتِ الجَنْب وغيرِهم، وسُمِّيَ شَهيداً لأَن مَلَائِكَتَهُ شُهُودٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ؛ وَقِيلَ: لأَنه حَيُّ لَمْ يَمُتْ كأَنه شَاهِدٌ أَي حَاضِرٌ، وَقِيلَ: لأَن مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ تَشْهَدُه، وَقِيلَ: لِقِيَامِهِ بشهادَة الْحَقِّ فِي أَمْرِ اللَّهِ حَتَّى قُتِلَ، وقيل: لأَنه يَشْهَدُ
__________
(1) . قوله [تعلق من ورق إلخ] في المصباح علقت الإِبل من الشجر علقاً من باب قتل وعلوقاً: أكلت منها بأفواهها. وعلقت في الوادي من باب تعب: سرحت. وقوله، عليه السلام: أرواح الشهداء تَعْلُقُ مِنْ وَرَقَ الْجَنَّةِ، قيل: يروى من الأَول، وهو الوجه إذ لو كان من الثاني لقيل تعلق في ورق، وقيل من الثاني، قال القرطبي وهو الأَكثر.
(2) . قوله [ذكره أبو داود إلى قوله قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ] كَذَا بالأَصل المعول عليه ولا يخفى ما فيه من غموض. وقوله [كأن أرواحهم] كذا به أيضاً ولعله محرف عن لأن أرواحهم.(3/242)
مَا أَعدّ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ بِالْقَتْلِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، فَهُوَ فَعيل بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَبِمَعْنَى مَفْعُولٍ عَلَى اخْتِلَافِ التأْويل. والشَّهْدُ والشُّهْد: العَسَل مَا دَامَ لَمْ يُعْصَرْ مِنْ شمَعِه، وَاحِدَتُهُ شَهْدَة وشُهْدَة ويُكَسَّر عَلَى الشِّهادِ؛ قَالَ أُمية:
إِلى رُدُحٍ، مِنَ الشِّيزى، مِلاءٍ ... لُبابَ البُرِّ، يُلْبَكُ بالشِّهادِ «1»
أَي مِنْ لُبَابِ الْبِرِّ يَعْنِي الفالوذَق. وَقِيلَ: الشَّهْدُ والشُّهْدُ والشَّهْدَة والشُّهْدَة العَسَلُ مَا كَانَ. وأَشْهَدَ الرجُل: بَلَغَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وأَشْهَدَ: اشْقَرَّ واخْضَرَّ مِئْزَرُه. وأَشْهَدَ: أَمْذَى، والمَذْيُ: عُسَيْلَةٌ. أَبو عَمْرٍو: أَشْهَدَ الْغُلَامُ إِذا أَمْذَى وأَدرَك. وأَشْهَدت الجاريةُ إِذا حَاضَتْ وأَدْركتْ؛ وأَنشد:
قامَتْ تُناجِي عامِراً فأَشْهَدا، ... فَداسَها لَيْلَتَه حَتَّى اغْتَدَى
والشَّاهِدُ: الَّذِي يَخْرُجُ مَعَ الْوَلَدِ كأَنه مُخاط؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والشُّهودُ مَا يخرجُ عَلَى رأْس الْوَلَدِ، واحِدُها شَاهِدٌ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ:
فجاءَتْ بِمثْلِ السَّابِرِيِّ، تَعَجَّبوا ... لَهُ، والثَّرى مَا جَفَّ عَنْهُ شُهودُها
وَنَسَبَهُ أَبو عُبَيْدٍ إِلى الهُذَلي وَهُوَ تَصْحِيفٌ. وَقِيلَ: الشُّهودُ الأَغراس الَّتِي تَكُونُ عَلَى رأْس الحُوار. وشُهودُ النَّاقَةِ: آثَارُ مَوْضِعِ مَنْتَجِها مِنْ سَلًى أَو دَمٍ. والشَّاهِدُ: اللِّسَانُ مِنْ قَوْلِهِمْ: لِفُلَانٍ شَاهِدٌ حَسَنٌ أَي عِبَارَةٌ جَمِيلَةٌ. وَالشَّاهِدُ: المَلَك؛ قَالَ الأَعشى:
فَلَا تَحْسَبَنِّي كافِراً لَكَ نَعْمَةً ... عَلَى شاهِدي، يَا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ
وَقَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ مَا لِفُلَانٍ رُواءٌ وَلَا شاهِدٌ: مَعْنَاهُ مَا لَهُ مَنْظَرٌ وَلَا لِسَانٌ، والرُّواءُ المَنظَر، وَكَذَلِكَ الرِّئْيُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لِلَّهِ دَرُّ أَبيكَ رَبّ عَمَيْدَرٍ، ... حَسَن الرُّواءِ، وقلْبُه مَدْكُوكُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَنشدني أَعرابي فِي صِفَةِ فَرَسٍ:
لَهُ غائِبٌ لَمْ يَبْتَذِلْه وشاهِدُ
قَالَ: الشاهِدُ مِن جَرْيِهِ مَا يَشْهَدُ لَهُ عَلَى سَبْقِه وجَوْدَتِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: شاهِدُه بَذْلُهُ جَرْيَه وغائبه مصونُ جَرْيه.
شود: أَشاد بالضالَّة: عَرَّفَ. وأَشَدْتُ بِهَا: عَرَّفْتُها. وأَشَدْتُ بالشيءِ: عَرَّفْتُه. وأَشادَ ذِكْرَه وبذِكْرِه: أَشاعَه. والإِشادَةُ: التَّنْديدُ بِالْمَكْرُوهِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الإِشادَة شِبْه التَّنْدِيدِ وَهُوَ رَفْعُك الصَّوْتَ بِمَا يَكره صاحبُكَ. وَيُقَالُ: أَشادَ فُلَانٌ بذكْر فُلَانٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْمَدْحِ وَالذَّمِّ إِذا شَهَّرَه وَرَفَعَهُ، وأَفْرَدَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ الخيرَ فَقَالَ: أَشاد بِذِكْرِهِ أَي رَفَعَ مِنْ قَدْره. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَشادَ عَلَى مُسْلِمٍ عَوْرَةً يَشِينُه بِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ شَانَهُ اللَّهُ يومَ الْقِيَامَةِ.
وَيُقَالُ: أَشادَه وأَشادَ بِهِ إِذا أَشاعَه ورفَعَ ذِكره مَنْ أَشَدْتُ الْبُنْيَانَ، فَهُوَ مُشادٌ. وشَيَّدْتُه إِذا طَوَّلْتَه فَاسْتُعِيرَ لِرَفْعِ صَوْتِكَ بِمَا يَكْرَهُهُ صَاحِبُكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: أَيُّما رجُلٍ أَشاد عَلَى مُسْلِمٍ كَلِمَةً هُوَ مِنْهَا بَرِيء
، وَسَنَذْكُرُ شَيَّدَ. وَقَالَ الأَصمعي: كلُّ شَيْءٍ رفَعْتَ بِهِ صَوْتَك، فَقَدْ أَشدتَ بِهِ، ضَالَّةً كَانَتْ أَو غير ذلك.
__________
(1) . قوله [ملاء] ككتاب، وروي بدله عليها.(3/243)
وَقَالَ اللَّيْثُ: التَّشْويدُ طُلُوعُ الشَّمْسِ وارتفاعُها. الصِّحَاحُ: الإِشادة رَفْعُ الصَّوْتِ بالشيءِ. وشَوَّدَتِ الشمسُ: ارْتَفَعَتْ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، مِنَ المِشْوَذ وَهُوَ الْعِمَامَةُ، وَعَلَيْهِ بَيْتُ أُمية وَسَنَذْكُرُهُ فِي حَرْفِ الذال المعجمة.
شيد: الشِّيدُ، بِالْكَسْرِ: كلُّ مَا طُليَ بِهِ الحائطُ من جِصٍّ أَو بَلاط، وَبِالْفَتْحِ: الْمَصْدَرُ، تَقُولُ: شَادَّهُ يَشِيدُه شَيْداً: جَصَّصَه. وبناءٌ مَشِيدٌ: مَعْمُولٌ بالشِّيد. وَكُلُّ مَا أُحْكِمَ مِنَ البناءِ، فَقَدْ شُيِّدَ. وتَشْييدُ الْبِنَاءِ: إِحكامُه ورَفْعُه. قَالَ: وَقَدْ يُسَمِّي بَعْضُ الْعَرَبِ الحَضَرَ شَيْداً. والمَشِيدُ: الْمَبْنِيُّ بالشِّيد؛ وأَنشد:
شادَه مَرْمَراً، وَجَلَّلَه كِلْساً، ... فللطَّيْرِ فِي ذَراهُ وكُورُ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْبِنَاءُ المشَيَّد، بِالتَّشْدِيدِ، الْمُطَوَّلُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: المَشِيدُ لِلْوَاحِدِ، والمُشَيَّد لِلْجَمْعِ؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْكِسَائِيُّ يَجِلُّ عَنْ هَذَا. غَيْرُهُ: المَشِيدُ الْمَعْمُولِ بالشِّيد. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَصْرٍ مَشِيدٍ
. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُشَدَّدُ مَا كَانَ فِي جَمْعٍ مِثْلَ قَوْلِكَ مَرَرْتُ بِثِيَابٍ مُصَبَّغة وَكِبَاشٍ مُذَبَّحة، فَجَازَ التَّشْدِيدُ لأَن الْفِعْلَ مُتَفَرِّقٌ فِي جَمْعٍ، فإِذا أَفردت الْوَاحِدَ مِنْ ذَلِكَ، فإِن كَانَ الْفِعْلُ يترددُ فِي الْوَاحِدِ وَيَكْثُرُ جاز فيه التشديد والتخفيف، مِثْلَ قَوْلِكَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ مُشَجَّج وَبِثَوْبٍ مُخَرَّق، وَجَازَ التشديد لأَن الفعل قَدْ تردَّد فِيهِ وكَثُر. وَيُقَالُ: مَرَرْتُ بِكَبْشٍ مَذْبُوحٍ، وَلَا تَقُلْ مُذَبَّح، فإِن الذَّبْحَ لَا يَتَرَدَّدُ كتردُّد التَّخَرُّق. وَقَوْلُهُ: وَقَصْرٍ مَشِيدٍ
؛ يَجُوزُ فِيهِ التَّشْدِيدُ لأَن التَّشْيِيدَ بِنَاءٌ وَالْبِنَاءُ يَتَطَاوَلُ وَيَتَرَدَّدُ، وَيُقَاسُ عَلَى هَذَا مَا وَرَدَ. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ أَيضاً قَوْلَ الْكِسَائِيِّ فِي أَن المَشيدَ لِلْوَاحِدِ والمُشَيَّد لِلْجَمْعِ، وَذَكَرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَقَصْرٍ مَشِيدٍ
للواحد، وبُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ
لِلْجَمْعِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا وهمٌ مِنَ الْجَوْهَرِيِّ عَلَى الْكِسَائِيِّ لأَنه إِنما قَالَ مُشَيَّدة، بِالْهَاءِ، فأَما مُشَيَّد فَهُوَ مِنْ صِفَةِ الْوَاحِدِ وَلَيْسَ مِنْ صِفَةِ الْجَمْعِ؛ قَالَ: وَقَدْ غَلِطَ الْكِسَائِيُّ فِي هَذَا الْقَوْلِ فَقِيلَ المَشِيدُ الْمَعْمُولُ بالشِّيد، وأَما المُشَيَّدُ فَهُوَ الْمُطَوَّلُ؛ يُقَالُ: شَيَّدت الْبِنَاءَ إِذا طَوَّلْتَهُ؛ قَالَ: فالمُشَيَّدَة عَلَى هَذَا جَمْعُ مَشِيد لَا مُشَيَّد؛ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّادُّ عَلَى الْكِسَائِيِّ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ؛ قَالَ: وَقَدْ يَتَّجِهُ عِنْدِي قَوْلُ الْكِسَائِيِّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَن قَوْلَهُمْ مُشَيَّدَة أَي مُجَصَّصَة بالشِّيد فَيَكُونُ مُشَيَّدٌ ومَشِيدٌ بِمَعْنًى، إِلا أَن مَشِيداً لَا تَدْخُلُهُ الْهَاءُ لِلْجَمَاعَةِ فَيُقَالُ قُصُورٌ مَشيدة، وإِنما يُقَالُ قُصُورٌ مُشَيَّدَة، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ مَا يُسْتَغْنَى فِيهِ عَنِ اللَّفْظَةِ بِغَيْرِهَا، كَاسْتِغْنَائِهِمْ بتَرَك عَنْ وَدَعَ، وَكَاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ وَاحِدَةِ المَخاضِ بِقَوْلِهِمْ خَلِفَة، فَعَلَى هَذَا يَتَّجِهُ قول الكسائي.
فصل الصاد المهملة
صخد: الصَّخْدُ: صَوْتُ الْهَامِّ والصُّرَد. وَقَدْ صَخَدَ الهامُ والصُّرد يَصْخَدُ صَخْداً وصَخِيداً: صَوَّت؛ وأَنشد:
وصاحَ مِنَ الإِفراطِ هامٌ صَواخِدُ
والصَّيْخَدُ: عَيْنُ الشَّمْسِ، سُمِّيَ بِهِ لِشِدَّةِ حَرِّهَا؛ وأَنشد:
بَعْدَ الهَجِير إِذا اسْتَذابَ الصَّيْخَدُ
وحَرٌّ صاخِدٌ: شَديد. وَيُقَالُ: أَصْخَدْنا كَمَا يُقَالُ أَظْهَرْنا، وصَهَدَهم الْحَرُّ وصَخَدَهم. والإِصْخادُ(3/244)
والصَّخَدانُ: شِدَّةُ الْحَرِّ. وَقَدْ صَخَدَ يومُنا يَصْخَدُ صَخَداناً، وصَخِدَ صَخَداً، فَهُوَ صاخِدٌ وصَيْخُود. وصَيْخَد وصَخَدان وصَخْدان، الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ: شَديدُ الْحَرِّ، وَلَيْلَةٌ صَخْدانةٌ. وصَخَدَتْه الشَّمْسُ تَصْخَدُه صَخْداً: أَصابته وأَحرقته أَو حَميت عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: أَتيته فِي صَخَدان الْحَرِّ وصَخْدانِه أَي فِي شدَّته. والصَّاخِدَة: الْهَاجِرَةُ. وَهَاجِرَةٌ صَيْخُودٌ: مُتَّقِدة. وأَصْخَدَ الحِرْباءُ: تَصَلَّى بحرِّ الشَّمْسِ وَاسْتَقْبَلَهَا؛ وَقَوْلُ كَعْبٍ:
يَوْمًا يَظَلُّ بِهِ الحِرْباءُ مُصْطَخِداً، ... كأَنَّ ضاحِيَه بالنارِ مَمْلُول
المصْطَخِدُ: الْمُنْتَصِبُ؛ وَكَذَلِكَ المصْطَخِم، يَصِفُ انْتِصَابَ الْحِرْبَاءِ إِلى الشَّمْسِ فِي شِدَّةِ الحرِّ. وصَخْرة صَيْخُودٌ: صَمَّاء راسِيَة شَدِيدَةٌ. والصَّيْخُود: الصَّخْرَةُ الْمَلْسَاءُ الصُّلْبة لَا تحرَّك مِنْ مَكَانِهَا وَلَا يُعْمَلُ فِيهَا الْحَدِيدُ؛ وأَنشد:
حمراءُ مِثْلُ الصَّخْرَة الصَّيْخُود
وَهِيَ الصَّلُود. والصَّيْخُود: الصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي لَا يَرْفَعُهَا شَيْءٌ وَلَا يأْخُذ فِيهَا مِنْقارٌ وَلَا شَيْءٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يَتْبَعْنَ مِثْلَ الصَّخْرَةِ الصَّيْخودِ
وَقِيلَ: صَخْرَةٌ صَيْخود وَهِيَ الصُّلبة الَّتِي يَشْتَدُّ حَرُّهَا إِذا حَمِيَتْ عَلَيْهَا الشَّمْسُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كرَّم اللَّهُ وَجْهَهُ: ذَوَاتُ الشَّناخِيب الصُّمِّ مِنْ صَياخِيدِها
، جَمْعُ صَيْخُود وَهِيَ الصَّخْرَةُ الشَّدِيدَةُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وصَخَد فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ يَصْخَد صُخوداً إِذا استَمع مِنْهُ وَمَالَ إِليه، فَهُوَ صَاخِدٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
هلَّا عَلِمْتَ، أَبا إِياسٍ، مَشْهَدي، ... أَيَّامَ أَنتَ إِلى المَوالي تَصْخَدُ؟
والسُّخْدُ: دَمٌ وَمَا فِي السَّابِياءِ، وَهُوَ السَّلَى الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْوَلَدُ. والسَّخْد: الرَّهَل والصُّفْرَة فِي الْوَجْهِ، وَالصَّادُ فِيهِ لُغَةٌ على المضارعة.
صدد: الصَّدّ: الإِعْراضُ والصُّدُوف. صَدَّ عَنْهُ يَصِدُّ ويَصُدُّ صَدّاً وصُدُوداً: أَعرض. وَرَجُلٌ صادٌّ مِنْ قَوْمٍ صُدَّاد،، وامرأَة صادَّةٌ مِنْ نِسوة صَوادَّ وصُدَّادٍ أَيضاً؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
أَبْصارُهُنَّ إِلى الشُّبَّانِ مائِلَةٌ، ... وَقَدْ أَراهُنَّ عَنْهُمْ غَيْرَ صُدَّادِ «2»
. وَيُقَالُ: صَدَّهُ عَنِ الأَمر يَصُدُّه صَدّاً مَنَعَهُ وَصَرَفَهُ عَنْهُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَصَدَّها مَا كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
؛ يُقَالُ عَنِ الإِيمان، العادةُ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا لأَنها نشأَت وَلَمْ تَعْرِفْ إِلا قَوْمًا يَعْبُدُونَ الشَّمْسَ، فصَدَّتها العادةُ، وَهِيَ عَادَتُهَا، بِقَوْلِهِ: إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ؛ الْمَعْنَى صَدَّها كونُها مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ عَنِ الإِيمان. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَا يَصُدَّنَّكم ذَلِكَ.
وصدَّه عَنْهُ وأَصَدَّه: صَرَفَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ*
؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَصَدَّ نِشاصَ ذِي القَرْنَيْنِ، حَتَّى ... تَوَلَّى عارِضُ المَلِكِ الهُمام
وصَدَّدَه: كأَصَدَّه؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ لِذِي الرُّمَّةِ:
أُناسٌ أَصَدُّوا الناسَ بالسَّيْفِ عنهمُ، ... صُدُود السَّواقي عَنْ أُنوفِ الحَوائِمِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى هَذَا النَّصِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده:
صُدُودَ السَّواقي عن رؤُوسِ المخارِم
والسَّواقي: مَجاري الْمَاءِ. والمَخْرِم: مُنْقَطَعُ
__________
(2) . قوله [وقد أراهن عنهم] المشهور: عني(3/245)
أَنفِ الْجَبَلِ. يَقُولُ: صَدُّوا الناسَ عَنْهُمْ بالسيفِ كَمَا صُدَّتْ هَذِهِ الأَنهارُ عَنِ المَخارِم فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَن تَرْتَفِعَ إِليها. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: لَا صَدَّ عَنْ ذَلِكَ؛ قَالَ: والتأْويل حَقّاً أَنت فَعَلْتَ ذَاكَ. وصَدَّ يَصِدُّ صَدّاً: اسْتَغْرَب ضَحِكاً. وصَدَّ يَصِدُّ صَدّاً: ضَجَّ وعَجَّ. وَفِي التَّنْزِيلِ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ
؛ وَقُرِئَ: يَصُدُّون، فَيَصِدُّون يَضِجُّون ويَعِجُّون كَمَا قدَّمنا، ويَصُدُّون يُعْرِضون، وَاللَّهُ أَعلم. الأَزهري: تَقُولُ صَدَّ يَصِدُّ ويَصُدُّ مِثْلَ شدَّ يَشِدُّ ويَشُدُّ، وَالِاخْتِيَارُ يصِدون، بِالْكَسْرِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ،. وَفَسَّرَهُ يَضِجُّون ويَعِجُّون [يَعُجُّون] . وقال الليث: إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّون، أَي يَضْحَكُونَ؛ قَالَ الأَزهري: وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِهِ الْعَمَلُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ صَدَدْتُ فُلَانًا عَنْ أَمره أَصُدُّه صَدّاً فَصَدَّ يَصُدُّ، يَسْتَوِي فِيهِ لَفْظُ الْوَاقِعِ وَاللَّازِمِ، فإِذا كَانَ الْمَعْنَى يَضِجُّ ويَعِجُّ فَالْوَجْهُ الْجَيِّدُ صَدَّ يَصِدَّ مِثْلَ ضَجَّ يَضِجُّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً
، فالمُكاءُ الصَّفِير والتَّصْدية التَّصْفِيقُ، وَقِيلَ للتَّصْفِيق تَصْديَةٌ لأَن الْيَدَيْنِ تَتَصَافَقَانِ فَيُقَابِلُ صَفْقُ هَذِهِ صَفْقَ الأُخرى، وصدُّ هَذِهِ صَدَّ الأُخرى وَهُمَا وَجْهاها. والصَّدُّ: الهِجْرانُ؛ وَمِنْهُ فَيَصدُّ هَذَا ويَصُدُّ هَذَا أَي يُعرِض بِوَجْهِهِ عَنْهُ. ابْنُ سِيدَهْ: التَّصْدِيَةُ التَّصفيقُ والصَّوتُ عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ. قَالَ: وَنَظِيرُهُ قَصَّيْتُ أَظفاري فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ. قَالَ: وَقَدْ عَمِلَ فِيهِ سِيبَوَيْهِ بَابًا، وَقَدْ ذَكَرَ مِنْهُ يعقوبُ وأَبو عُبَيْدٍ أَحرفاً. الأَزهري: يُقَالُ صَدَّى يُصَدِّي تَصْدِيَةً إِذا صَفَّق، وأَصله صَدَّدَ يُصَدِّد فَكَثُرَتِ الدَّالَاتُ فَقُلِبَتْ إِحداهن يَاءً، كَمَا قَالُوا قَصَّيْتُ أَظفاري والأَصل قصَّصتُ أَظفاري. قَالَ: قَالَ ذَلِكَ أَبو عُبَيْدٍ وَابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُمَا. وصَدِيدُ الجُرْحِ: ماؤُه الرقيقُ الْمُخْتَلِطُ بِالدَّمِ قَبْلَ أَن تَغْلُظ المِدَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
يُسْقَى مِنْ صَدِيدِ أَهلِ النارِ
؛ هُوَ الدَّمُ وَالْقَيْحُ الَّذِي يَسِيلُ مِنَ الْجَسَدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الصدِّيق فِي الْكَفَنِ: إِنما هُوَ للمُهْلِ والصَّدِيدِ
؛ ابْنُ سِيدَهْ: الصَّدِيدُ القَيْح الَّذِي كأَنه مَاءٌ وَفِيهِ شُكْلةٌ. وَقَدْ أَصَدَّ الجرحُ وصَدَّدَ أَي صَارَ فِيهِ المِدَّة. والصَّدِيدُ فِي الْقُرْآنِ: مَا يَسِيلُ مِنْ جُلُودِ أَهل النَّارِ، وَقِيلَ: هُوَ الحَمِيم إِذا أُغْلِيَ حَتَّى خَثُرَ. وَصَدِيدُ الفِضَّةِ: ذؤابَتُها، عَلَى التَّشْبِيهِ، وَبِذَلِكَ سُمِّي المُهْلَةُ. وَقَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ
: يَتَجَرَّعُه؛ قَالَ: الصَّدِيدُ مَا يَسِيلُ مِنْ أَهل النَّارِ مِنَ الدَّمِ وَالْقَيْحِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّدِيدُ الدمُ الْمُخْتَلِطُ بِالْقَيْحِ فِي الجُرْح. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: الصِّدادُ مَا اضْطَرَبَ «1» . وَهُوَ السِّتْرُ. ابنُ بُزُرج: الصَّدُودُ مَا دَلَكْتَه عَلَى مِرْآةٍ ثُمَّ كَحَلْتَ بِهِ عَيْنًا. والصَّدُّ والصُّدُّ: الْجَبَلُ؛ قَالَتْ لَيْلَى الأَخيلية:
أَنابِغَ، لَمْ تَنْبَغْ وَلَمْ تَكُ أَوّلا، ... وكنتَ صُنَيّاً بَيْنَ صَدَّين، مَجْهَلا
وَالْجَمْعُ أَصْداد وصُدُود، وَالسِّينُ فِيهِ لُغَةٌ. والصَّدُّ: الْمُرْتَفِعُ مِنَ السَّحَابِ تَرَاهُ كَالْجَبَلِ، وَالسِّينُ فِيهِ أَعلى. وصُدَّا الْجَبَلِ: نَاحِيَتَاهُ فِي مَشْعَبِه. والصَّدَّان: نَاحِيَتَا الشِّعْب أَو الْجَبَلِ أَو الْوَادِي، الْوَاحِدُ صَدٌّ، وَهُمَا الصَّدَفان أَيضاً؛ وَقَالَ حُمَيْدٌ:
تَقَلْقَلَ قِدْحٌ، بَيْنَ صَدَّين، أَشْخَصَتْ ... لَهُ كَفُّ رامٍ وِجْهَةً لَا يُريدُها
قَالَ: وَيُقَالُ لِلْجَبَلِ صَدٌّ وسَدٌّ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ
__________
(1) . قوله [ما اضطرب إلخ] صوابه ما اصطدت به المرأة وهو إلخ كتبه السيد مرتضى بهامش الأَصل المعول عليه وهو نص القاموس(3/246)
لِكُلِّ جَبَلٍ صَدٌّ وصُدٌّ وسَدٌّ وسُدٌّ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الصُّدَّان الْجَبَلَانِ، وأَنشد بَيْتَ لَيْلَى الأَخيلية. وَقَالَ: الصُّنَيُّ شِعْبٌ صَغِيرٌ يَسِيل فِيهِ الْمَاءُ، والصَّدُّ الْجَانِبُ. والصَّدَدُ: النَّاحِيَةُ. والصَّدَدُ: مَا اسْتَقْبَلك. وَهَذَا صَدَدَ هَذَا وبصَدَدِه وَعَلَى صَدَده أَي قُبَالَتَه. والصَّدَدُ: القُرْب. والصَّدَدُ: القَصْد. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ هُوَ صَدَدُك وَمَعْنَاهُ القصْدُ. قَالَ: وَهِيَ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي عَزَلَها ليفسر معانيها لأَنها غرائب. وَيُقَالُ: صَدَّ السبيلُ «1» إِذا اسْتَقْبَلَكَ عَقَبَةٌ صَعْبَةٌ فتركتَها وأَخَذتَ غَيْرَهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا رأَيْنَ علَماً مُقْوَدَّا، ... صَدَدْنَ عَنْ خَيْشُومِها وصَدَّا
وَقَوْلُ أَبي الهَيْثم:
فكُلُّ ذلكَ مِنَّا والمَطِيُّ بِنَا، ... إِليكَ أَعْناقُها مِن واسِطٍ صَدَدُ
قَالَ: صَدَدٌ قَصْدٌ. وصَدَدُ الطَّرِيقِ: مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْهُ. وأَما قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى
؛ فَمَعْنَاهُ تَتَعَرَّضُ لَهُ وتَمِيل إِليه وتُقْبِل عَلَيْهِ. يُقَالُ: تَصَدّى فُلَانٌ لِفُلَانٍ يَتَصَدّى إِذا تَعَرَّض لَهُ، والأَصل فِيهِ أَيضاً تَصَدَّد يتَصَدَّد. يُقَالُ: تَصَدَّيت لَهُ أَي أَقْبَلْتُ عَلَيْهِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
لمَّا رَأَيْتُ وَلَدي فِيهِمْ مَيَلْ ... إِلى البُيوتِ، وتَصَدَّوْا لِلحَجَلْ
قَالَ الأَزهري: وأَصله مِنَ الصَّدَد وَهُوَ مَا اسْتَقبلكَ وَصَارَ قُبالَتَكَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى
؛ أَي أَنت تُقْبِلُ عَلَيْهِ، جَعَلَهُ مِنَ الصَّدَدِ وَهُوَ القُبالَةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ هَذِهِ الدارُ عَلَى صَدَدِ هَذِهِ أَي قُبالَتَها. وَدَارِي صَدَدَ دارِه أَي قُبالَتَها، نَصْب عَلَى الظَّرْفِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الصَّدَدُ والصَّقَبُ القُرْبُ. قَالَ الأَزهري: فَجَائِزٌ أَن يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى
؛ أَي تَتَقَرَّب إِليه عَلَى هَذَا التأْويل. والصُّدّاد، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: دُوَيْبَّةٌ وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الجُرْذانِ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: هُوَ فِي كَلَامِ قَيْسٍ سامُّ أَبْرَصَ. ابْنُ سِيدَهْ: الصُّدَّادُ سامُّ أَبْرَصَ، وَقِيلَ: الوَزَغ؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
مُنْجَحِراً مُنْجَحَرَ الصُّدّادِ
ثُمَّ فَسَّرَهُ بِالْوَزَغِ، وَالْجَمْعُ مِنْهُمَا الصَّدائدُ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ وأَنشد الأَزهري:
إِذا مَا رَأَى إِشْرافَهُنَّ انْطَوَى لَها ... خَفِيٌّ، كَصُدَّادِ الجَديرَةِ، أَطْلَسُ
والصَّدّى، مقصورٌ: تِينٌ أَبيضُ الظَّاهِرِ أَكحلُ الجوفِ إِذا أُريدَ تزبيبهُ فُلْطِح، فيجيءُ كأَنه الفَلَكُ، وَهُوَ صَادِقُ الْحَلَاوَةِ؛ هَذَا قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ. وصَدّاءُ: اسْمُ بِئْرٍ، وَقِيلَ: اسْمُ رَكِيَّة عَذْبَةِ الْمَاءِ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا المَثَل: ماءٌ وَلَا كَصَدَّاء؛ أَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
وإِنِّي وتَهْيامِي بِزَيْنَبَ كَالَّذِي ... يُحاوِلُ، مِنْ أَحْواضِ صَدَّاءَ، مَشْرَبا
وَقِيلَ لأَبي عَلِيٍّ النَّحْوِيِّ: هُوَ فَعْلاءُ مِنَ الْمُضَاعَفِ، فَقَالَ: نَعَمْ؛ وأَنشد لِضِرَارِ بْنِ عُتْبَةَ الْعَبْشَمِيِّ:
كأَنِّيَ، مِنْ وَجْدٍ بزَيْنَبَ، هائمٌ، ... يُخالسُ مِنْ أَحْواض صَدَّاءَ مَشْرَبا
يَرَى دُونَ بَرْدِ الماءِ هَوْلًا وذادَةً، ... إِذا شَدَّ صَاحُوا قَبْلَ أَنْ يَتَحَبَّبَا
__________
(1) . قوله [صد السبيل إلخ] عبارة الأَساس صد السبيل إذا اعترض دونه مانع من عقبة أَو غيرها فأخذت في غيره(3/247)
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: صَدْآءُ، بِالْهَمْزِ، مِثْلَ صَدْعاءَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: سأَلت عَنْهُ رَجُلًا فِي الْبَادِيَةِ فَلَمْ يَهْمِزْهُ. والصُّدَّادُ: «1» : الطريق إِلى الماء.
صدصد: صَدْصَدُ: اسْمُ امْرأَة. والصَّدْصَدَةُ: ضَرْبُ المُنْخُلِ بِيَدِكَ «2»
صرد: الصَّرْدُ والصَّرَدُ: البَرْدُ، وَقِيلَ: شِدَّتُهُ، صَرِدَ، بِالْكَسْرِ، يَصْرَدُ صَرَداً، فَهُوَ صَرِدٌ، مِنْ قَوْمٍ صَرْدَى. اللَّيْثُ: الصَّرَدُ مَصْدَرُ الصَّرِدِ مِنَ الْبَرْدِ. قَالَ: وَالِاسْمُ الصَّرْد مَجْزُومٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بِمَطَرٍ لَيْسَ بِثَلْجٍ صَرْد
وَفِي الْحَدِيثِ:
ذاكِرُ اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ مثلُ الشَّجَرة الخَضْراء وسَطَ الشَّجر الَّذِي تَحَاتَّ وَرَقه مِنَ الصَّرِيد
؛ هُوَ الْبَرْدُ، وَيُرْوَى: مِنَ الجَلِيد. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَمَّا يَمُوتُ فِي الْبَحْرِ صَرْداً، فَقَالَ: لَا بأْس بِهِ
، يَعْنِي السَّمَكَ الَّذِي يَمُوتُ فِيهِ مِنَ البَرْد. ويومٌ صَرِدٌ ولَيلَةٌ صَرِدَةٌ: شَدِيدَةُ الْبَرْدِ. أَبو عَمْرٍو: الصَّرْد مَكَانٌ مُرْتَفع مِنَ الْجِبَالِ وَهُوَ أَبردها؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
أَسَدِيَّةٌ تُدْعَى الصِّرادَ، إِذا ... نَشِبوا، وتَحْضُر جانِبَيْ شِعْر «3»
قَالَ: شِعْر جَبَل: الْجَوْهَرِيُّ: الصَّرْدُ الْبَرْدُ، فَارِسِيٌّ معرَّب. والصُّرُودُ مِن الْبِلَادِ: خِلَافُ الجُرُوم أَي الحارَّة. ورَجُلٌ مِصْراد: لَا يَصْبِرُ عَلَى الْبَرْدِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ الَّذِي يَشْتَدُّ عَلَيْهِ الْبَرْدُ وَيَقِلُّ صَبْرُه عَلَيْهِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ الَّذِي يَجِدُ الْبَرْدَ سَرِيعًا؛ قَالَ السَّاجِعُ:
أَصْبَحَ قَلْبي صَرِدا، ... لَا يَشْتَهي أَن يَرِدَا
وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ سأَله رَجُلٌ فَقَالَ: إِني رَجُلٌ مِصْرادٌ
؛ هُوَ الَّذِي يَشْتَدُّ عَلَيْهِ الْبَرْدُ وَلَا يُطيقُه. والمِصرادُ أَيضاً: القَويُّ عَلَى الْبَرْدِ؛ فَهُوَ مِنَ الأَضداد. والصُّرَّادُ: رِيحٌ بارِدَةٌ مَعَ نَدًى. وريحٌ مِصرادٌ: ذاتُ صَرَد أَو صُرَّادٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا رأَيْنَ حَرْجَفاً مِصرادَا، ... وَلَّيْنَها أَكْسِيَةً حِدادا
والصُّرَّادُ والصُّرَّيْدُ والصَّرْدَى: سَحَابٌ بَارِدٌ تسْفِرُه الرِّيحُ. الأَصمعي: الصُّرَّادُ سَحَابٌ بَارِدٌ نَدِيٌّ لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: غَيْم رَقِيقٌ لَا مَاءَ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّرِيدَة النَّعْجَةُ الَّتِي قَدْ أَنحلها الْبَرْدُ وأَضَرَّ بِهَا، وَجَمْعُهَا الصَّرائِدُ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: الصَّرِيدَة الَّتِي أَنحلها الْبَرْدُ وأَضَرَّ بِهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَعَمْرُكَ، إِني والهِزَبْرَ وَعَارِمًا ... وثَوْرَةَ عِشْنا فِي لُحوم الصَّرائدِ
وَيُرْوَى:
[فَيا لَيْتَ أَنِّي وَالْهِزَبْرَ]
وأَرضٌ صَرْدٌ: بَارِدَةٌ، وَالْجَمْعُ صُرُود. وصَرِدَ عَنِ الشيءِ صَرَداً وَهُوَ صَرِدٌ: انْتَهَى؛ الأَزهري: إِذا انْتَهَى الْقَلْبُ عَنْ شَيْءٍ صَرِدَ عَنْهُ، كَمَا قَالَ:
أَصْبَحَ قَلْبِي صَرِدا
قَالَ: وَقَدْ يُوصَفُ الْجَيْشُ بالصَّرَد. وجيشٌ صَرَدٌ
__________
(1) . هو كرمان وكتاب كما في القاموس.
(2) . زاد في القاموس الصداصد كعلابط جبل لهذيل.
(3) . قوله [تدعى] ولعله تدع أي تترك. وقوله [شعر جبل] كذا بالأَصل، بكسر الشين، وسكون العين، وإن صح هذا الضبط فهو جبل ببلاد بني جشم، أما بفتح الشين، فهو جبل لبني سليم أو بني كلاب كما في القاموس. وهناك شعر، بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ أيضاً، جبل آخر ذكره ياقوت.(3/248)
وصَرْدٌ، مَجْزُومٌ: تَرَاهُ مِنْ تُؤَدَتِه كأَنه «1» سَيْرُه جَامِدٌ، وَذَلِكَ لِكَثْرَتِهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ:
بأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تحْسَبُ أَنَّهُم ... وُقُوفٌ لِحَاجٍ، والرِّكابُ تُهَمْلِج
وَقَالَ خُفَافُ بنُ نُدْبَةَ:
صَرَدٌ تَوَقَّصَ بالأَبْدان جُمْهُور
والتَّوَقُّصُ: ثِقَل الوَطْءِ عَلَى الأَرض. والتَّصريدُ: سَقْيٌ دُونَ الرَّيِّ؛ وَقَالَ عُمَرُ يَرْثِي عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ:
يُسْقَوْنَ مِنْهَا شَراباً غَيْرَ تَصْرِيد
وَفِي التَّهْذِيبِ: شُرْبٌ دُونَ الرَّيِّ. يُقَالُ: صَرَّدَ شُرْبه أَي قطعَه. وصَرِدَ السِّقاءُ صَرَداً أَي خرج زُبْدُه متقطعاً فَيُداوى بِالْمَاءِ الحارِّ، وَمِنْ ذَلِكَ أُخِذَ صَرْدُ الْبَرْدِ. والتَّصْرِيدُ فِي الْعَطَاءِ: تَقْليله، وَشَرَابٌ مُصَرَّدٌ أَي مُقَلَّل، وَكَذَلِكَ الَّذِي يُسقَى قَلِيلًا أَو يُعْطى قَلِيلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا تَصرِيداً
أَي قَلِيلًا. وصَرَّدَ الْعَطَاءَ: قَلَّله. والصَّرْدُ: الطعنُ النافذُ. وصَرِد الرمحُ والسَّهم يَصْرَدُ صَرَداً: نَفَذَ حدُّه. وصَرَدَه هُوَ وأَصْرده: أَنْفَذَه مِنَ الرَّميَّة، وأَنا أَصْرَدْتُه؛ وَقَالَ اللَّعِينُ المِنْقَريُّ يُخَاطِبُ جَريراً وَالْفَرَزْدَقَ:
فَمَا بُقْيا عليَّ تَرَكْتُماني، ... ولكِنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبال
وأَصْرَدَ السهمُ: أَخْطَأَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي بَيْتِ اللَّعِينِ: مَنْ أَراد الصَّوَابَ قَالَ: خِفْتُمَا أَن تُصِيبَ نِبالي، وَمَنْ أَراد الخَطَأَ قَالَ: خفْتما إِخْطاءَ نِبَالِكُمَا. والصَّرَدُ والصَّرْدُ: الخَطَأُ فِي الرُّمْحِ وَالسَّهْمِ وَنَحْوِهُمَا، فَهُوَ عَلَى هَذَا ضِدٌّ. وَسَهْمٌ مِصْرادٌ وصاردٌ أَي نَافِذٌ. وَقَالَ قُطْرُبٌ: سَهْمٌ مُصَرِّد مُصِيبٌ، وَسَهْمٌ مُصْرِدٌ أَي مُخْطِئ؛ وأَنشد فِي الإِصابة:
عَلَى ظَهْرِ مِرْنانٍ بسَهْمٍ مُصَرِّد
أَي مُصِيب؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
أَصْرَدَه الموتُ وَقَدْ أَطَلَّا
أَي أَخْطَأَه. والصُّرَدُ: طَائِرٌ فَوْقَ الْعُصْفُورِ، وَقَالَ الأَزهري: يَصِيدُ الْعَصَافِيرَ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
حَتَّى اسْتَبانتْ مَعَ الإِصْباحِ رَامَتُها، ... كأَنَّه فِي حَواشِي ثَوْبِه صُرَد
أَراد: أَنه بَيْنَ حاشِيتي ثَوْبِهِ صُرَدٌ مِنْ خِفته وَتَضَاؤُلِهِ، وَالْجَمْعُ صِرْدانٌ؛ قَالَ حُمَيْدٌ الْهِلَالِيُّ:
كأَنّ، وَحَى الصِّرْدانِ فِي جَوْفِ ضَالَةٍ، ... تَلَهْجُمَ لَحْيَيْهِ، إِذا مَا تَلَهْجَما «2»
وَفِي الْحَدِيثِ:
نُهِي المحرِمُ عَنْ قَتْلِ الصُّرَدِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
نَهى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قَتْلِ أَربع: النملةِ وَالنَّحْلَةِ والصُّرَدِ والهُدهد
؛ وَرُوِيَ عَنْ إِبراهيم الحَرْبي أَنه قَالَ: أَراد بِالنَّمْلَةِ الكُبَّارَ الطَّوِيلَةَ الْقَوَائِمِ الَّتِي تَكُونُ فِي الخَرِبات وَهِيَ لَا تُؤْذِي وَلَا تَضُرُّ، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النَّحْلَةِ لأَنها تُعَسِّلُ شَرَابًا فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ وَمِنْهُ الشَّمْعُ، ونَهَى عَنْ قَتْلِ الصُّرَدِ لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَطَّيَّرُ مِنْ صَوْتِهِ وتتشاءَم بِصَوْتِهِ وشَخْصِه؛ وَقِيلَ: إِنما كَرِهُوهُ مِنِ اسْمِهِ مِنَ التَّصْرِيدِ وَهُوَ التَّقْلِيلُ، وَهُوَ الواقِي عِنْدَهُمْ، ونهى عن
__________
(1) . قوله [من تؤدته كأَنه إلخ] عبارة الأَساس كأَنه من تؤدة سيره جامد.
(2) . قوله [كأن وحى إلخ] وحى خبر كأن مقدم وتلهجم اسمها مؤخر كما هو صريح حل الصحاح في مادة لهجم.(3/249)
قَتْلِهِ رَدّاً للطِّيَرة، وَنَهَى عَنْ قَتْلِ الْهُدْهُدِ لأَنه أَطاع نَبِيًّا مِنَ الأَنبياءِ وأَعانه؛ وَفِي النِّهَايَةِ: أَما نَهْيُهُ عَنْ قَتْلِ الْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ فَلِتَحْرِيمِ لَحْمِهِمَا لأَن الْحَيَوَانَ إِذا نُهِي عَنْ قَتْلِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِاحْتِرَامِهِ أَو لِضَرَرٍ فِيهِ، كَانَ لِتَحْرِيمِ لَحْمِهِ، أَلا تَرَى أَنه نُهِيَ عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مأْكلة؟ وَيُقَالُ: إِن الْهُدْهُدَ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَصَارَ فِي مَعْنَى الجَلَّالَةِ؛ وَقِيلَ: الصُّرَدُ طَائِرٌ أَبقع ضَخْمُ الرأْس يَكُونُ فِي الشَّجَرِ، نَصِفُهُ أَبيض وَنَصِفُهُ أَسود؛ ضَخْمُ المِنقار لَهُ بُرْثُنٌ عَظِيمٌ نَحْوٌ مِنَ القارِية فِي العِظَمِ وَيُقَالُ لَهُ الأَخْطَب «1» لِاخْتِلَافِ لَوْنَيْهِ، والصُّرَد لَا تَرَاهُ إِلا فِي شُعْبَة أَو شَجَرَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحد. قَالَ سُكَيْنٌ النُّمَيري: الصُّرَدُ صُرَدان: أَحدهما أَسْبَدُ يُسَمِّيهِ أَهل الْعِرَاقِ العَقْعَقَ، وأَما الصُّرَدُ الهَمْام، فَهُوَ البَرِّيُّ الَّذِي يَكُونُ بِنَجْدٍ فِي الْعِضَاهِ، لَا تَرَاهُ إِلا فِي الأَرض يَقْفِزُ مِنْ شَجَرٍ إِلى شَجَرٍ، قَالَ: وإِن أَصْحَر وطُرِدَ فأُخذَ؛ يَقُولُ: لَوْ وَقَعَ إِلى الأَرض لَمْ يَسْتَقِلَّ حَتَّى يُؤْخَذَ، قَالَ: وَيُصَرْصِرُ كَالصَّقْرِ؛ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَا يُصاد بِكَلْبِ مجوسيٍّ وَلَا يُؤْكَلُ مِنْ صَيْدِ الْمَجُوسِيِّ إِلا السَّمَكُ، وكُرِه لَحْمُ الصُّرَد، وَهُوَ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله: سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ، قَالَ: أَقبلت السَّكِينَةُ وَالصُّرَدُ وَجِبْرِيلُ مَعَ إِبراهيم مِنَ الشَّامِ. والصَّرْدُ: البَحْتُ الخالصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ أُحِبُّكَ حُبّاً صَرْداً أَي خَالِصًا، وَشَرَابٌ صَرْدٌ. وَسَقَاهُ الْخَمْرَ صَرْداً أَي صِرفاً؛ وأَنشد:
فإِنَّ النَبِيذَ الصَّرْدَ إِنْ شُرْبَ وَحْدَهُ، ... عَلَى غَيْرِ شَيءٍ، أَوجَعَ الكِبْدَ جُوعها
وذهَبٌ صَرْدٌ: خَالِصٌ. وَجَيْشٌ صَرْدٌ: بَنُو أَب وَاحِدٍ لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ مَعَهُ جَيْش صَرْدٌ أَي كُلُّهُمْ بَنُو عَمِّهِ؛ وكَذِبٌ صَرْدٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: الصَّرَدُ أَن يَخْرُجَ وبَرٌ أَبيضُ فِي مَوْضِعِ الدَّبَرَةِ إِذا بَرَأَتْ، فَيُقَالُ لِذَلِكَ الموضِع صُرَدٌ وَجَمْعُهُ صِرْدانٌ؛ وإِياهما عَنَى الرَّاعِي يَصِفُ إِبلًا:
كأَنَّ مَوَاضِعَ الصِّرْدانِ مِنْهَا ... مناراتٌ بُدِينَ عَلَى خِمارِ
جَعَلَ الدَّبَرَ فِي أَسنمة شَبَّهَهَا بِالْمَنَارِ. الْجَوْهَرِيُّ: الصُّرَدُ بَيَاضٌ يَكُونُ عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ مِنْ أَثر الدَّبَرِ. ابْنُ سِيدَهْ: والصُّرَدُ بَيَاضٌ يَكُونُ فِي سَنَامِ الْبَعِيرِ وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والصُّرَدُ كَالْبَيَاضِ يَكُونُ عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ مِنَ السَّرْج. يُقَالُ: فرسٌ صَرِدٌ إِذا كَانَ بِمَوْضِعِ السَّرْجِ مِنْهُ بياضٌ مِنْ دَبَر أَصابه يُقَالُ لَهُ الصُّرَدُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: الصُّرَدُ مِنَ الفرسِ عِرْقٌ تَحْتَ لِسَانِهِ؛ وأَنشد:
خَفِيفُ النَّعامَةِ ذُو مَيْعَة، ... كَثِيفُ الفَراشَةِ ناتِي الصُّرَدْ
ابْنُ سِيدَهْ: والصُّرَدُ عِرْقٌ فِي أَسْفل لِسَانِ الْفَرَسِ. والصُّرَدَانِ: عِرْقان أَخضران يَسْتَبْطِنَانِ اللسانَ، وَقِيلَ: هُمَا عَظْمَانِ يُقِيمَانِهِ، وَقِيلَ: الصُّرَدَانِ عِرْقَانِ مُكْتَنِفانِ اللسانَ؛ وأَنشد لِيَزِيدَ بْنِ الصَّعِق:
وأَيُّ الناسِ أَعْذَرُ مِنْ شَآمٍ، ... لَهُ صُرَدانِ مُنْطَلِقا اللِّسانِ؟
أَي ذَرِبانِ. قَالَ اللَّيْثُ: الصُّرَدانِ عِرْقانِ أَخضران أَسْفَلَ اللِّسَانِ فِيهِمَا يَدُورُ اللِّسَانُ؛ قَالَهُ الْكِسَائِيُّ. والصُّرَدُ: مِسْمَارٌ يَكُونُ فِي سِنان الرُّمح؛ قَالَ الرَّاعِي:
مِنْهَا صَريعٌ وضاغٍ فوقَ حَرْبَتِهِ، ... كَمَا ضَغا تَحْتَ حَدِّ العامِلِ الصُّرَدُ
__________
(1) . قوله [ويقال له الأَخطب إلخ] عبارة المصباح: ويسمى المجوّف لبياض بطنه، والأَخطب لخضرة ظهره، والأخيل لاختلاف لونه.(3/250)
وصَرَّدَ الشَّعِيرُ والبُرُّ: طَلَعَ سَفاهما وَلَمْ يَطْلُع سُنْبُلُهما وَقَدْ كَادَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ عَنِ الهَجَريّ. قَالَ شَمِرٌ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ: افْتَحْ صُرَدَك «2» تَعْرِفْ عُجَرَك وبُجَرَك؛ قَالَ: صُرَدُه نَفْسُهُ، يَقُولُ: افْتَحْ صُردَكَ تَعْرِفْ لُؤمَكَ مِنْ كَرَمِكَ وَخَيْرَكَ مِنْ شَرِّك. وَيُقَالُ: لَوْ فَتَحَ صُرَدَه عَرَفَ عُجَره وبُجَره أَي عَرَفَ أَسرار مَا يَكْتُمُ. الْجَوْهَرِيُّ: والصِّمْرِدُ، بِالْكَسْرِ، النَّاقَةُ الْقَلِيلَةُ اللَّبَنِ. وَبَنُو الصارِدِ: حيٌّ مِنْ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ غطفان.
صرخد: صَرْخَدُ: مَوْضِعٌ نُسِبَ إِليه الشَّرَابُ فِي قَوْلِ الرَّاعِي:
ولَذٍّ كَطَعْمِ الصَّرْخَديِّ طَرَحْتُه، ... عَشِيَّةَ خِمْسِ القومِ، والعينُ عاشِقُه
واللَّذُّ: النومُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَطَّاعِ وَالْعَيْنَ عاشقَه؛ قَالَ: وَالرَّفْعُ أَصح لأَن قَبْلَهُ:
وسِرْبالِ كَتَّانٍ لَبِسْتُ جَدِيدَه ... عَلَى الرَّحْلِ، حَتَّى أَسْلَمَتْه بَنَائِقُهْ
وَقَوْلُهُ: ولَذٍّ، يُرِيدُ وَرُبَّ نَوْمٍ لَذِيذٍ، وَالْهَاءُ فِي عَاشِقِهِ تَعُودُ عَلَى النَّوْمِ، وذكَّرَ العينَ عَلَى مَعْنَى الطَّرْف، كَقَوْلِ طفيل:
إِذ هِيَ أَحْوى مِنَ الرِّبْعيِّ خاذِلَةٌ، ... والعينُ بالإِثمدِ الحارِيِّ مَكْحُولُ
صعد: صَعِدَ المكانَ وَفِيهِ صُعُوداً وأَصْعَدَ وصَعَّدَ: ارْتَقَى مُشْرِفاً؛ وَاسْتَعَارَهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ للعرَض الَّذِي هُوَ الْهَوَى فَقَالَ:
فأَصْبَحْنَ لَا يَسْأَلْنَهُ عنْ بِما بِهِ، ... أَصَعَّدَ، فِي عُلْوَ، الهَوَى أَمْ تَصَوَّبَا
أَراد عَمَّا بِهِ، فَزَادَ الْبَاءَ وفَصَل بِهَا بَيْنَ عَنْ وَمَا جرَّته، وَهَذَا مِنْ غَرِيبِ مَوَاضِعِهَا، وأَراد أَصَعَّدَ أَم صَوَّبَ فَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ وَضَعَ تَصوَّب مَوْضِعَ صَوَّبَ. وجَبَلٌ مُصَعِّد: مُرْتَفِعٌ عَالٍ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
يأْوِي إِلى مُشْمَخِرَّاتٍ مُصَعِّدَةٍ ... شُمٍّ، بِهِنَّ فُرُوعُ القَانِ والنَّشَمِ
والصَّعُودُ: الطَّرِيقُ صَاعِدًا، مُؤَنَّثَةٌ، وَالْجَمْعُ أَصْعِدةٌ وصُعُدٌ. والصَّعُودُ والصَّعُوداءُ، مَمْدُودٌ: العَقَبة الشَّاقَّةُ، قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
وحَدَّثَهُ أَن السبيلَ ثَنِيَّةٌ ... صَعُودَاءُ، تَدْعُو كلَّ كَهْلٍ وأَمْرَدا
وأَكَمَة صَعُودٌ وذاتُ صَعْداءَ: يَشتدّ صُعودها عَلَى الرَّاقِي؛ قَالَ:
وإِنَّ سِياسَةَ الأَقْوامِ، فاعْلَم، ... لهَا صَعْدَاءُ، مَطْلَعُها طَوِيلُ
والصَّعُودُ: الْمَشَقَّةُ، عَلَى الْمِثْلِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً
؛ أَي عَلَى مَشَقَّةٍ مِنَ الْعَذَابِ. قَالَ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ: الصَّعُودُ ضِدُّ الهَبُوط، وَالْجَمْعُ صعائدُ وصُعُدٌ مِثْلَ عَجُوزٍ وَعَجَائِزَ وعُجُز. والصَّعُودُ: العقبة الكؤود، وَجَمْعُهَا الأَصْعِدَةُ. وَيُقَالُ: لأُرْهِقَنَّكَ صَعُوداً أَي لأُجَشِّمَنَّكَ مَشَقَّةً مِنَ الأَمر، وإِنما اشْتَقُّوا ذَلِكَ لأَن الِارْتِفَاعَ فِي صَعُود أَشَقُّ مِنَ الِانْحِدَارِ فِي هَبُوط؛ وَقِيلَ فِيهِ: يَعْنِي مَشَقَّةً مِنَ الْعَذَابِ، وَيُقَالُ بَلْ جَبَلٌ فِي النَّارِ مِنْ جَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ يُكَلَّفُ الكافرُ ارتقاءَه ويُضرب بِالْمَقَامِعِ، فَكُلَّمَا وَضَعَ عَلَيْهِ رِجْلَهُ ذَابَتْ إِلى أَسفلِ وَرِكِهِ ثُمَّ تَعُودُ مَكَانَهَا صَحِيحَةً؛ قَالَ: وَمِنْهُ اشْتُقَّ تَصَعَّدَني ذَلِكَ الأَمرُ أَي شق عليّ. وقال
__________
(2) . قوله [افتح صردك] هكذا بالأَصل المعتمد عليه بأَيدينا والذي في الميداني صررك، بالراء، جمع صرة.(3/251)
أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا تَصَعَّدَني شيءٌ مَا تَصَعَّدَتْني خِطْبَةُ النِّكَاحِ
أَي مَا تكاءَدتْني وَمَا بَلَغَتْ مِنِّي وَمَا جَهَدَتْني، وأَصله مِنَ الصَّعُود، وَهِيَ الْعَقَبَةُ الشَّاقَّةُ. يُقَالُ: تَصَعَّدَهُ الأَمْرُ إِذا شَقَّ عَلَيْهِ وصَعُبَ؛ قِيلَ: إِنما تَصَعَّبُ عَلَيْهِ لِقُرْبِ الْوُجُوهِ مِنَ الْوُجُوهِ ونظَرِ بَعْضِهِمْ إِلى بَعْضٍ، ولأَنهم إِذا كَانَ جَالِسًا مَعَهُمْ كَانُوا نُظَراءَ وأَكْفاءً، وإِذا كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَانُوا سُوقَةً وَرَعِيَّةً. والصَّعَدُ: الْمَشَقَّةُ. وَعَذَابٌ صَعَدٌ، بِالتَّحْرِيكِ، أَي شَدِيدٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً
؛ مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، عَذَابًا شَاقًّا أَي ذَا صَعَد ومَشَقَّة. وصَعَّدَ فِي الْجَبَلِ وَعَلَيْهِ وَعَلَى الدَّرَجَةِ: رَقِيَ، وَلَمْ يَعْرِفُوا فِيهِ صَعِدَ. وأَصْعَد فِي الأَرض أَو الْوَادِي لَا غَيْرُ: ذَهَبَ مِنْ حَيْثُ يَجِيءُ السَّيْلُ وَلَمْ يَذْهَبْ إِلى أَسفل الْوَادِي؛ فأَما مَا أَنشده سِيبَوَيْهِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنُ هَمَّامٍ السَّلُولِيُّ:
فإِمَّا تَرَيْني اليومَ مُزْجِي مَطِيَّتي، ... أُصَعِّدُ سَيْراً فِي البلادِ وأُفْرِعُ
فإِنما ذَهَبَ إِلى الصُّعود فِي الأَماكن العالية. وأُفْرِعُ هاهنا: أَنْحَدِرُ لأَنّ الإِفْراع مِنَ الأَضْداد، فَقَابَلَ التَّصَعُّدَ بالتَّسَفُّل؛ هَذَا قَوْلُ أَبي زَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما جَعَلَ أُصَعِّدُ بِمَعْنَى أَنحدر لِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْبَيْتِ وأُفرع، وَهَذَا الَّذِي حَمَلَ الأَخفشَ عَلَى اعْتِقَادِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ لأَن الإِفراع مِنَ الأَضداد يَكُونُ بِمَعْنَى الِانْحِدَارِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الإِصعاد؛ وَكَذَلِكَ صَعَّدَ أَيضاً يَجِيءُ بِالْمَعْنَيَيْنِ. يُقَالُ: صَعَّدَ فِي الْجَبَلِ إِذا طَلَعَ وإِذا انْحَدَرَ مِنْهُ، فَمَنْ جَعَلَ قَوْلَهُ. أُصَعِّدُ فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ بِمَعْنَى الإِصعاد كان قوله أُفْرِعُ بمعنى الِانْحِدَارِ، وَمَنْ جَعَلَهُ بِمَعْنَى الِانْحِدَارِ كَانَ قَوْلُهُ أُفرع بِمَعْنَى الإِصعاد؛ وَشَاهِدُ الإِفراع بمعنى الإِصعاد قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِني امْرُؤٌ مِن يَمانٍ حِينَ تَنْسُبُني، ... وَفِي أُمَيَّةَ إِفْراعِي وتَصْويبي
فالإِفراع هاهنا: الإِصعاد لِاقْتِرَانِهِ بِالتَّصْوِيبِ. قَالَ: وَحُكِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ أَنه قَالَ: أَصْعَدَ فِي الْجَبَلِ، وصَعَّدَ فِي الأَرض، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَعْنَى فِي الْبَيْتِ أُصَعِّدُ طَوْراً في الأَرض وطَوْراً أُفْرِعُ في الجبل، ويروى: [وإِذ مَا تُرِينِي الْيَوْمَ] وَكِلَاهُمَا مِنْ أَدوات الشَّرْطِ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ إِمَّا تَرَيْنِي فِي الْبَيْتِ الثَّانِي:
فَإِنيَ مِنْ قَوْمٍ سِواكُمْ، وإِنما ... رِجاليَ فَهْمٌ بِالْحِجَازِ وأَشْجَعُ
وإِنما انْتَسَبَ إِلى فَهْمٍ وأَشجع، وَهُوَ مِنْ سَلول بْنِ عَامِرٍ، لأَنهم كَانُوا كُلُّهُمْ مِنْ قَيْسِ عَيْلَانَ بْنِ مُضَرَ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
فإِنْ كَرِهْتَ هِجائي فاجْتَنِبْ سَخَطِي، ... لَا يَدْهَمَنَّكَ إِفْراعِي وتَصْعِيدِي
وَفِي الْحَدِيثِ فِي رَجَزٍ:
فَهُوَ يُنَمِّي صُعُداً
أَي يزيدُ صُعوداً وَارْتِفَاعًا. يُقَالُ: صَعِدَ إِليه وَفِيهِ وَعَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ وصَوَّبه
أَي نَظَرَ إِلى أَعلاي وأَسفلي يتأَملني. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
كأَنما يَنْحَطُّ فِي صَعَد
؛ هَكَذَا جاءَ فِي رِوَايَةٍ يَعْنِي مَوْضِعًا عَالِيًا يَصْعَدُ فِيهِ وَيَنْحَطُّ، وَالْمَشْهُورُ: كأَنما يَنْحَطُّ فِي صَبَبٍ. والصُّعُدُ، بِضَمَّتَيْنِ: جَمْعُ صَعُود، وَهُوَ خِلَافُ الهَبُوط، وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ، خِلَافُ الصَّبَبِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: صَعِدَ فِي الْجَبَلِ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ
؛ وَقَدْ رَجَعَ أَبو زَيْدٍ إِلى ذَلِكَ فَقَالَ: اسْتَوْأَرَتِ الإِبلُ إِذا نَفَرَت(3/252)
فَصَعِدَتِ الْجِبَالَ، ذَكره فِي الْهَمْزِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الإِصْعادُ فِي ابْتِدَاءِ الأَسفار وَالْمَخَارِجِ، تَقُولُ: أَصْعَدْنا مِنْ مَكَّةَ، وأَصْعَدْنا مِنَ الْكُوفَةِ إِلى خُراسان وأَشباه ذَلِكَ، فإِذا صَعِدْتَ فِي السُّلَّمِ وَفِي الدَّرَجَةِ وأَشباهه قُلْتَ: صَعِدْتُ، وَلَمْ تَقُلْ أَصْعَدْتُ. وقرأَ الْحَسَنُ: إِذ تَصْعَدُون؛ جَعَلَ الصُّعودَ فِي الْجَبَلِ كالصُّعُود فِي السُّلَّمِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: يقال صَعِدَ في الجبل وأَصْعَدَ فِي الْبِلَادِ. وَيُقَالُ: مَا زِلْنَا فِي صَعود، وَهُوَ الْمَكَانُ فِيهِ ارْتِفَاعٌ. وَقَالَ أَبو صَخْرٍ: يَكُونُ النَّاسُ فِي مَباديهم، فإِذا يَبِسَ الْبَقْلُ وَدَخَلَ الْحَرُّ أَخذوا إِلى حاضِرِهِم، فَمَنْ أَمَّ الْقِبْلَةَ فَهُوَ مُصْعِدٌ، وَمَنْ أَمَّ الْعِرَاقَ فَهُوَ مُنْحَدِرٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو صَخْرٍ كَلَامٌ عَرَبِيٌّ فَصِيحٌ، سَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: عارَضْنا الحاجَّ فِي مَصْعَدِهم أَي فِي قَصْدِهم مكةَ، وعارَضْناهم فِي مُنْحَدَرِهم أَي فِي مَرْجِعهم إِلى الْكُوفَةِ مِنْ مَكَّةَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَقَالَ لِي عُمارَة: الإِصْعادُ إِلى نَجْدٍ وَالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ، وَالِانْحِدَارُ إِلى الْعِرَاقِ وَالشَّامِ وعُمان. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: كُلُّ مُبْتَدِئٍ وجْهاً فِي سَفَرٍ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ مُصْعِدٌ فِي ابْتِدَائِهِ مُنْحَدِرٌ فِي رُجُوعِهِ مِنْ أَيّ بَلَدٍ كَانَ. وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الإِصْعادُ الذَّهَابُ فِي الأَرض؛ وَفِي شِعْرُ حَسَّانَ:
يُبارينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِداتٍ
أَي مُقْبِلَاتٍ مُتَوَجِّهَاتٍ نحوَكم. وَقَالَ الأَخفش: أَصْعَدَ فِي الْبِلَادِ سَارَ وَمَضَى وَذَهَبَ؛ قَالَ الأَعشى:
فإِنْ تَسْأَلي عَنِّي، فَيَا رُبَّ سائِلٍ ... حَفِيٍّ عَن الأَعشى، بِهِ حَيْثُ أَصْعَدا
وأَصْعَدَ فِي الْوَادِي: انْحَدَرَ فِيهِ، وأَما صَعِدَ فَهُوَ ارْتَقَى. وَيُقَالُ: أَصْعَدَ الرجلُ فِي الْبِلَادِ حَيْثُ تَوَجَّهَ. وأَصْعَدَتِ السفينةُ إِصْعاداً إِذا مَدَّت شِراعَها فَذَهَبَتْ بِهَا الرِّيحُ صَعَداً. وَقَالَ اللَّيْثُ: صَعِدَ إِذا ارْتَقَى، وأَصْعَدَ يُصْعِدُ إِصْعاداً، فَهُوَ مُصْعِدٌ إِذا صَارَ مُسْتَقْبِلَ حَدُورٍ أَو نَهَر أَو وَادٍ، أَو أَرْفَعَ «1» : مِنَ الأُخرى؛ قَالَ: وصَعَّدَ فِي الْوَادِي يُصَعّدُ تَصْعِيداً وأَصْعَدَ إِذا انْحَدَرَ فِيهِ. قَالَ الأَزهري: والاصِّعَّادُ عِنْدِي مِثْلُ الصُّعُود. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ
. يُقَالُ: صَعِدَ واصَّعَّدَ واصَّاعَدَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ورَكَبٌ مُصْعِدٌ: ومُصَّعِّدٌ: مُرْتَفِعٌ فِي الْبَطْنِ مُنْتَصِبٌ؛ قَالَ:
تَقُولُ ذاتُ الرَّكَبِ المُرَفَّدِ: ... لَا خافضٍ جِدّاً، وَلَا مُصَّعِّد
وتصَعَّدني الأَمرُ وتَصاعَدني: شَقَّ عليَّ. والصُّعَداءُ، بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ: تَنَفُّسٌ مَمْدُودٌ. وتصَعَّدَ النَّفَسُ: صَعُبَ مَخْرَجُه، وَهُوَ الصُّعَداءُ؛ وَقِيلَ: الصُّعَداءُ النفَسُ إِلى فَوْقٍ مَمْدُودٌ، وَقِيلَ: هُوَ النفَسُ بِتَوَجُّعٍ، وَهُوَ يَتَنَفَّسُ الصُّعَداء وَيَتَنَفَّسُ صُعُداً. والصُّعَداءُ: هِيَ الْمَشَقَّةُ أَيضاً. وَقَوْلُهُمْ: صَنَعَ أَو بَلَغَ كَذَا وَكَذَا فَصاعِداً أَي فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا صلاةَ لِمَنْ لَمْ يقرأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَصاعِداً
أَي فَمَا زَادَ عَلَيْهَا، كَقَوْلِهِمْ: اشْتَرَيْتُهُ بِدِرْهَمٍ فَصَاعِدًا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا أَخذته بِدِرْهَمٍ فَصَاعِدًا؛ حَذَفُوا الْفِعْلَ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ إِياه، ولأَنهم أَمِنوا أَن يَكُونَ عَلَى الْبَاءِ، لأَنك لَوْ قُلْتَ أَخذته بِصاعِدٍ كَانَ قَبِيحًا، لأَنه صِفَةٌ وَلَا يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الِاسْمِ، كأَنه قَالَ أَخذته بِدِرْهَمٍ فَزَادَ الثمنُ صاعِداً
__________
(1) . قوله [أو أرفع إلخ] كذا بالأصل المعوّل عليه، ولعل فيه سقطاً والأَصل أو أرض أَرفع بقرينة قوله الأخرى وقال الأَساس أصعد في الأَرض مستقبل أرض أخرى(3/253)
أَو فَذَهَبَ صَاعِدًا. وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ: وَصَاعِدًا لأَنك لَا تُرِيدُ أَن تُخْبِرَ أَن الدرهَم مَعَ صاعِدٍ ثَمَنٌ لِشَيْءٍ كَقَوْلِكَ بِدِرْهَمٍ وَزِيَادَةٍ، وَلَكِنَّكَ أَخبرت بأَدنى الثَّمَنِ فَجَعَلْتَهُ أَولًا ثُمَّ قَرَّرْتَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لأَثْمانٍ شَتَّى؛ قَالَ: وَلَمْ يُرَدْ فِيهَا هَذَا الْمَعْنَى وَلَمْ يُلْزِم الواوُ الشَّيْئَيْنِ أَن يَكُونَ أَحدهما بَعْدَ الْآخَرِ؛ وصاعِدٌ بَدَلٌ مِنْ زَادَ وَيَزِيدُ، وَثُمَّ مِثْلُ الْفَاءِ إِلَّا أَنّ الْفَاءَ أَكثر فِي كَلَامِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَصَاعِدًا حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ، أَلا تَرَى أَن تَقْدِيرَهُ فَزَادَ الثمنُ صاعِداً؟ وَمَعْلُومٌ أَنه إِذا زاد الثمنُ لم يمكن إِلا صاعِداً؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:
كَفى بالنَّأْيِ مِنْ أَسْماءَ كافٍ
غَيْرَ أَن لِلْحَالِ هُنَا مَزِيَّةً أَي فِي قَوْلِهِ فَصَاعِدًا لأَن صَاعِدًا نَابَ فِي اللَّفْظِ عَنِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ زَادَ، وَكَافٍ لَيْسَ نَائِبًا فِي اللَّفْظِ عَنْ شَيْءٍ، أَلا تَرَى أَن الْفِعْلَ النَّاصِبَ لَهُ، الَّذِي هُوَ كَفَى مَلْفُوظٌ بِهِ مَعَهُ؟ والصعيدُ: المرتفعُ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: الأَرض الْمُرْتَفِعَةُ مِنَ الأَرض المنخفضةِ، وَقِيلَ: مَا لَمْ يُخَالِطْهُ رَمْلٌ وَلَا سَبَخَةٌ، وَقِيلَ: وَجْهُ الأَرض لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً
؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
إِذا تَيْمٌ ثَوَتْ بِصَعِيد أَرْضٍ، ... بَكَتْ مِنْ خُبْثِ لُؤْمِهِم الصَّعيدُ
وَقَالَ فِي آخَرِينَ:
والأَطْيَبِينَ مِنَ التُّرَابِ صَعيدا
وَقِيلَ: الصَّعِيدُ الأَرضُ، وَقِيلَ: الأَرض الطَّيِّبَةُ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ تُرَابٍ طَيِّبٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً*
؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: صَعِيداً جُرُزاً
: الصَّعِيدُ التُّرَابُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الأَرض المستوية؛ وقال الشافعي: لا يَقع اسْمُ صَعيد إِلّا عَلَى تُرَابٍ ذِي غُبار، فأَما البَطْحاءُ الْغَلِيظَةُ وَالرَّقِيقَةُ والكَثِيبُ الْغَلِيظُ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَعِيدٍ، وإِن خَالَطَهُ تُرَابٌ أَو صَعِيدٌ «1» أَو مَدَرٌ يَكُونُ لَهُ غُبار كَانَ الَّذِي خَالَطَهُ الصعيدَ، وَلَا يُتَيَمَّمُ بِالنَّوْرَةِ وَبِالْكُحْلِ وبالزِّرْنيخ وَكُلُّ هَذَا حِجَارَةٌ. وَقَالَ أَبو إِسحاق: الصعيد وجه الأَرض. قال: وَعَلَى الإِنسان أَن يَضْرِبَ بِيَدَيْهِ وَجْهَ الأَرض وَلَا يُبَالِيَ أَكان فِي الْمَوْضِعِ ترابٌ أَو لَمْ يَكُنْ لأَن الصَّعِيدَ لَيْسَ هُوَ الترابَ، إِنما هُوَ وَجْهُ الأَرض، تُرَابًا كَانَ أَو غَيْرِهِ. قَالَ: وَلَوْ أَن أَرضاً كَانَتْ كُلُّهَا صَخْرًا لَا تُرَابَ عَلَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ الْمُتَيَمِّمُ يدَه عَلَى ذَلِكَ الصَّخْرِ لَكَانَ ذَلِكَ طَهُوراً إِذا مَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَتُصْبِحَ صَعِيداً
؛ لأَنه نِهَايَةُ مَا يَصْعَدُ إِليه مِنْ بَاطِنِ الأَرض، لَا أَعلم بَيْنَ أَهل اللُّغَةِ خِلَافًا فِيهِ أَن الصَّعِيدَ وَجْهُ الأَرض؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو إِسحاق أَحسَبه مذهَبَ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ وَلَا أَسْتَيْقِنُه. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ للحَديقَةِ إِذا خَرِبت وَذَهَبَ شَجْراؤُها: قَدْ صَارَتْ صَعِيدًا أَي أَرضاً مُسْتَوِيَةً لَا شَجَرَ فِيهَا. ابْنُ الأَعرابي: الصعيدُ الأَرضُ بِعَيْنِهَا. والصعيدُ: الطريقُ، سُمِّيَ بِالصَّعِيدِ مِنَ التُّرَابِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ صُعْدانٌ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
وتِيهٍ تَشابَهَ صُعْدانُه، ... ويَفْنى بهِ الماءُ إِلَّا السَّمَلْ
وصُعُدٌ كَذَلِكَ، وصُعُداتٌ جَمْعُ الْجَمْعِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: إِياكم والقُعُودَ بالصُّعُداتِ إِلَّا مَنْ أَدَّى حَقَّها
؛ هِيَ الطُّرُقُ، وَهِيَ جَمْعُ صُعُدٍ وصُعُدٌ جمعُ صَعِيد، كَطَرِيقٍ وطرُق وطُرُقات، مأْخوذ مِنَ الصَّعيدِ وَهُوَ التُّرَابُ؛ وَقِيلَ: هِيَ جَمْعُ صُعْدَةٍ كظُلْمة، وَهِيَ فِناءُ بَابِ الدَّارِ
__________
(1) . قوله [تراب أو صعيد إلخ] كذا بالأَصل ولعل الأَولى تراب أو رمل أو نحو ذلك(3/254)
ومَمَرُّ النَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
ولَخَرَجْتم إِلى الصُّعْداتِ تَجْأَرُونَ إِلى اللَّهِ.
والصَّعِيدُ: الطريقُ يَكُونُ وَاسِعًا وضَيِّقاً. والصَّعيدُ: الموضعُ العريضُ الواسعُ. والصَّعيدُ: الْقَبْرُ. وأَصْعَدَ فِي العَدْو: اشْتَدَّ. وَيُقَالُ: هذا النَّبَاتُ يَنْمي صُعُداً أَي يَزْدَادُ طُولًا. وعُنُقٌ صاعِدٌ أَي طَوِيلٌ. وَيُقَالُ فُلَانٌ يَتَتَبَّعُ صُعَداءَه أَي يَرْفَعُ رأْسه وَلَا يُطأْطِئُه. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ: إِنها لَفِي صَعِيدَةِ بازِلَيْها أَي قَدْ دَنَتْ ولمَّا تَبْزُل؛ وأَنشد:
سَديسٌ فِي صَعِيدَةِ بازِلَيْها، ... عَبَنَّاةٌ، وَلَمْ تَسْقِ الجَنِينا
والصَّعْدَةُ: القَناة، وَقِيلَ: الْقَنَاةُ الْمُسْتَوِيَةُ تَنْبُتُ كَذَلِكَ لَا تَحْتَاجُ إِلى التَّثْقِيفِ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْل يَصِفُ امرأَةً شَبَّهَ قَدَّها بالقَناة:
فإِذا قامتْ إِلى جاراتِها، ... لاحَتِ السَّاقُ بِخَلْخالٍ زجِلْ
صَعْدَةٌ نابِتَةٌ فِي حائرٍ، ... أَيْنَما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
وَقَالَ آخَرُ:
خَريرُ الرِّيحِ فِي قَصَبِ الصِّعادِ
وَكَذَلِكَ القَصَبَةُ، وَالْجَمْعُ صِعادٌ، وَقِيلَ: هِيَ نَحْوٌ مِنَ الأَلَّةِ، والأَلَّةُ أَصغر مِنَ الحَرْبَةِ؛ وَفِي حَدِيثِ
الأَحنف:
إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيسٍ حَقَّا. ... أَن يَخْضِبَ الصَّعْدَةَ أَو تَنْدَقَّا
قَالَ: الصَّعْدةُ الْقَنَاةُ الَّتِي تَنْبُتُ مُسْتَقِيمَةً. والصَّعْدَةُ مِنَ النِّسَاءِ: المستقيمةُ الْقَامَةِ كأَنها صَعْدَةُ قَناةٍ. وجوارٍ صَعْداتٌ، خفيفةٌ لأَنه نَعْتٌ، وثلاثُ صَعَداتٍ لِلْقَنَا، مُثَقَّلة لأَنه اسْمٌ. والصَّعُودُ مِنَ الإِبل: الَّتِي وَلَدَتْ لِغَيْرِ تَمَامٍ وَلَكِنَّهَا خَدَجَتْ لِسِتَّةِ أَشهر أَو سَبْعَةٍ فَعَطَفَتْ عَلَى ولدِ عامِ أَوَّلَ، وَقِيلَ: الصَّعُود النَّاقَةُ تُلْقي ولَدها بعد ما يُشْعِرُ، ثُمَّ تَرْأَمُ ولدَها الأَوّل أَو وَلَدَ غَيْرِهَا فَتَدِرُّ عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّعُود النَّاقَةُ يَمُوتُ حُوارُها فَتَرْجِعُ إِلى فَصِيلِهَا فَتَدِرُّ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: هُوَ أَطيب لِلَبَنِهَا؛ وأَنشد لِخَالِدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْكِلَابِيِّ يَصِفُ فَرَسًا:
أَمَرْتُ لَهَا الرِّعاءَ، ليُكْرِمُوها، ... لَهَا لَبَنُ الخلِيَّةِ والصَّعُودِ
قَالَ الأَصمعي: وَلَا تَكُونُ صَعُوداً حَتَّى تَكُونَ خادِجاً. والخَلِيَّةُ: النَّاقَةُ تَعْطِف مَعَ أُخرى عَلَى وَلَدٍ وَاحِدٍ فَتَدِرَّانِ عَلَيْهِ، فَيَتَخلى أَهلُ الْبَيْتِ بِوَاحِدَةٍ يَحْلُبُونها، وَالْجَمْعُ صَعائد وصُعُدٌ؛ فأَما سِيبَوَيْهِ فأَنكر الصُّعُدَ. وأَصْعَدَتِ الناقةُ وأَصْعَدَها، بالأَلف، وصَعَّدَها: جَعَلَهَا صَعُوداً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والصُّعُد: شَجَرٌ يُذاب مِنْهُ القارُ. والتَّصْعِيدُ: الإِذابة، وَمِنْهُ قِيلَ: خلٌّ مُصَعَّدٌ وشرابٌ مُصَعَّدٌ إِذا عُولج بِالنَّارِ حَتَّى يُحَوَّلَ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ طَعْمًا وَلَوْنًا. وبَناتُ صَعْدَةَ: حَميرُ الوَحْش، وَالنِّسْبَةُ إِليها صاعِديّ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
فَرَمَى فأَلحَق صاعِدِيّاً مِطْحَراً ... بالكَشْحِ، فاشتملتْ عَلَيْهِ الأَضْلُعُ
وَقِيلَ: الصَّعْدَةُ الأَتان. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه خَرَجَ عَلَى صَعْدَةٍ يَتْبَعُها حُذاقيٌّ، عَلَيْهَا قَوْصَفٌ لَمْ يَبْق مِنْهَا إِلا قَرْقَرُها
؛ الصَّعْدَةُ: الأَتان الطَّوِيلَةُ الظَّهْرِ. والحُذاقِيُّ: الجَحْشُ. والقَوْصَفُ: القَطيفة.(3/255)
وقَرْقَرُها: ظَهْرُها. وصعَيدُ مِصْرَ: موضعٌ بِهَا. وصَعْدَةُ: مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ، مُعَرَّفَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الأَلف وَاللَّامُ. وصُعادى وصُعائدُ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
عَلِهَتْ تَبَلَّدُ، فِي نِهاءِ صُعائِدٍ، ... سَبْعاً تؤَاماً كَامِلًا أَيامُها
صغد: الصُّغْدُ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ؛ وأَنشد أَبو إِسحق:
ووَتَّرَ الأَساوِرُ القِياسا ... صُغْدِيَّةً، تَنْتَزِعُ الأَنْفاسا
صفد: الصَّفَدُ والصَّفْدُ: العَطاءُ، وَقَدْ أَصْفَدَهُ، ويُعَدَّى إِلى مَفْعُولَيْنِ؛ قَالَ الأَعشى فِي العطِية يَمْدح رَجُلًا:
تضَيَّفْتُه يَوْماً فَقَرَّبَ مَقْعَدِي، ... وأَصْفَدَني عَلَى الزَّمانةِ قائِدا
يُريد وهَبَ لِي قَائِدًا يَقُودُني. والصَّفْد والصَّفادُ: الشَّدُّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبي عَمَّارٍ: لقَدْ أَرَدْتُ أَن آتيَ بِهِ مَصْفُوداً
أَي مُقَيَّداً. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهى عَنْ صَلَاةِ الصَّافِدِ
؛ هُوَ أَنْ يَقْرُنَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ مَعًا كأَنهما فِي قَيد. وصَفَده يَصْفِدُه صَفْداً وصُفُوداً وصَفَّدَه: أَوْثَقَه وَشَدَّهُ وقَيَّده في الحديث وَغَيْرِهِ، وَيَكُونُ مِنْ نِسْع أَو قِدٍّ؛ وأَنشد:
هَلَّا كرَرتَ عَلَى ابْنِ أُمِّك مَعْبَدٍ، ... والعامريُّ يَقُودُهُ بصِفادِ
وَكَذَلِكَ التَّصفِيد. والصَّفد: الوَثاقُ، وَالِاسْمُ الصَّفادُ. والصِّفادُ: حَبْلٌ يُوثَقُ بِهِ أَو غُلٌّ، وَهُوَ الصَّفْد والصَّفَدُ، وَالْجَمْعُ الأَصْفادُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا نَعْلَمُهُ كُسِّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، قَصَرُوهُ عَلَى بِنَاءِ أَدنى الْعَدَدِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ
، قِيلَ: هِيَ الأَغلال، وقيل: القيود، واحدها صَفَد. يقال: صَفَدْتُه بِالْحَدِيدِ وَفِي الْحَدِيدِ وصَفَّدْتُه، مُخَفَّفٌ وَمُثَقَّلٌ؛ وَقِيلَ: الصَّفَد الْقَيْدُ، وَجَمْعُهَا أَصفاد. الْجَوْهَرِيُّ: الصِّفادُ مَا يُوثَقُ بِهِ الأَسير مِنْ قِدٍّ وقَيْدٍ وغُلٍّ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: إِذا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ صُفِّدَت الشَّيَاطِينُ
؛ صُفِّدَت يَعْنِي شُدَّت وأُوثِقَت بالأَغْلال. يُقَالُ مِنْهُ: صَفَدْت الرَّجُلَ، فَهُوَ مَصْفود، وصَفَّدْته فَهُوَ مُصَفَّد، فأَما أَصْفَدْته، بالأَلف، إِصْفاداً فَهُوَ أَن تُعْطِيَه وتَصِلَه، وَالِاسْمُ مِنَ الْعَطِيَّةِ الصَّفَد وَكَذَلِكَ مِنَ الوَثاق؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فَلَمْ أُعَرِّضْ، أَبَيْتَ اللَّعْنَ، بالصَّفَدِ
يَقُولُ: لَمْ أَمْدَحْك لتُعطِيَني، وَالْجَمْعُ مِنْهَا أَصْفاد، وَالْمَصْدَرُ مِنَ العَطِيَّةِ الإِصْفاد، وَمِنَ الوَثاق الصَّفْد والتَّصْفيدُ. وأَصْفَدْته إِصْفاداً أَي أَعْطَيْتُه مَالًا أَو وَهَبْت لَهُ عَبْدًا؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ رَوْضَةً:
وبَدا لكَوْكَبِها سَعِيطٌ، مِثْلَ مَا ... كُبِسَ العَبِيرُ عَلَى المَلابِ الأَصْفَد
قَالَ: إِنما أَراد الإِصْفَنْط
صفرد: الصِّفْرِدُ: طَائِرٌ أَعظم مِنَ العُصفور. وَفِي الْمَثَلِ: أَجْبَنُ مِنْ صِفْرِدٍ؛ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ طَائِرٌ جَبان يَفْزَعُ مِنَ الصَّعْوَة وَغَيْرِهَا؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ طَائِرٌ يَأْلَفُ الْبُيُوتَ وَهُوَ أَجْبَنُ طائر، والله أَعلم.
صلد: حَجر صَلْد وصَلُود: بيِّن الصَّلادة والصُّلُودِ صُلْب أَمْلَسُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَصْلاد. وَحَجَرٌ أَصْلَد: كَذَلِكَ؛ قَالَ المُثَقَّبُ العَبْدي:
يَنْمِي بنُهَّاضٍ إِلى حارِكٍ ... ثَمَّ، كَرُكْنِ الحجَر الأَصْلدِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَتَرَكَهُ صَلْداً
؛ قَالَ اللَّيْثُ:(3/256)
يُقَالُ حَجَرٌ صَلْد وجَبين صَلْدٌ أَي أَمْلَسُ يَابِسٌ، فإِذا قُلْتَ صَلْت فَهُوَ مُسْتَوٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الصَّفا العَريضُ منَ الْحِجَارَةِ الأَمْلَسُ. قَالَ: والصَّلْداء والصَّلْداءَةُ الأَرض الغَليظة الصُّلْبة. قَالَ: وكلُّ حَجَر صُلْبٍ فَكُلُّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ صَلْدٌ، وأَصْلادٌ جَمْعُ صَلْد؛ وأَنشَد لِرُؤْبَةَ:
بَرَّاق أَصْلادِ الجَبينِ الأَجْلَه
أَبو الْهَيْثَمِ: أَصلادُ الْجَبِينِ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا شَعْرَ عَلَيْهِ، شُبِّهَ بِالْحَجَرِ الأَملس. وجَبين صَلْد ورأْس صَلْد ورأْس صُلادِمٌ كَصَلْد، فُعالِمٌ عِنْدَ الْخَلِيلِ وفُعالِلٌ عِنْدَ غَيْرِهِ؛ وَكَذَلِكَ حَافِرٌ صَلْد وصُلادِمٌ وَسَنَذْكُرُهُ فِي الْمِيمِ. وَمَكَانٌ صَلْد: لَا يُنْبِت، وَقَدْ صَلَد الْمَكَانُ وأَصْلَدَ. وأَرض صَلْد وصَلَدَت الأَرضُ وأَصْلَدَتْ. وَمَكَانٌ صَلْدٌ: صُلْبٌ شديدٌ. وامرأَة صَلُود: قَلِيلَةُ الْخَيْرِ؛ قَالَ جَمِيلٌ:
أَلَمْ تَعْلَمِي، يَا أُمَّ ذِي الوَدْعِ، أَنَّني ... أُضاحِكُ ذِكْراكُمْ، وأَنت صَلُود؟
وقيل: صَلُود هاهنا صُلْبة لَا رَحْمَة فِي فؤَادِها. وَرَجُلٌ صَلْد وصَلُود وأَصْلَدُ: بخيل جدّاً؛ صَلَدَ يَصْلِدُ صَلْداً، وصلُدَ صَلادَةً. والأَصْلَدُ: الْبَخِيلُ. أَبو عَمْرٍو: وَيُقَالُ لِلْبَخِيلِ صَلَدَتْ زِنادُه؛ وأَنشد:
صَلَدَتْ زِنادُكَ يَا يَزيدُ، وطالَما ... ثَقَبَتْ زِنادُكَ للضَّريكِ المُرْمِلِ
وناقةٌ صَلُودٌ ومِصْلاد أَي بكيئَة. وبئْرٌ صَلُود: غَلَبَ جَبَلُها فامْتَنَعَتْ عَلَى حافِرها؛ وَقَدْ صَلَدَ عَلَيْهِ يَصْلِدُ صَلْداً وصَلُد صَلادَة وصُلُودَة وصُلُوداً، وسأَله فأَصْلَدَ أَي وجَدَه صَلْداً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي هَكَذَا حَكَاهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قِيَاسُهُ فأَصْلَدْتُه كَمَا قَالُوا أَبْخَلْتُه وأَجْبَنْتُه أَي صادَفْتُه بَخِيلًا وَجَبَانًا. وَفَرَسٌ صَلُودٌ: بَطيءُ الإِلْقاحِ، وَهُوَ أَيضاً القَليلُ الماءِ، وَقِيلَ: هُوَ البَطيءُ العَرَق؛ وَكَذَلِكَ القِدْرُ إِذا أَبطأَ غَلْيُها. التَّهْذِيبُ: فَرَسٌ صَلُود وصَلَدٌ إِذا لَمْ يَعْرَقْ، وَهُوَ مَذْمُومٌ. ويقالُ: عُودٌ صَلَّادٌ لَا يَنْقَدِحُ مِنْهُ النارُ. وصَلَد الزَّنْدُ يَصْلِدُ صَلْداً، فَهُوَ صَالِدٌ وصَلَّاد وصَلُود ومِصْلاد، وأَصْلَدَ: صوَّتَ وَلَمْ يُورِ، وأَصْلَدَه هُوَ وأَصْلَدْتُه أَنا، وقَدَحَ فُلان فأَصْلَدَ. وحَجَرٌ صَلْدٌ: لَا يُوري نَارًا، وحَجَر صَلُود مِثْلُهُ. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ: صَلِدَ الزَّنْدُ، بِكَسْرِ اللَّامِ «2» يَصْلَدُ صُلُوداً إِذا صَوَّتَ وَلَمْ يُخْرِجْ نَارًا. وأَصْلَدَ الرجلُ أَي صَلَدَ زَنْدُه. وصَلَدَ المَسْؤُولُ السائِلَ إِذا لَمْ يُعْطه شَيْئاً؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
تَسْمَعُ، فِي عُصْلٍ لَهَا صَوالِدا، ... صَلَّ خطاطِيفَ عَلَى جَلامِدا
وَيُقَالُ: صَلَدَتْ أَنْيابه، فَهِيَ صَالِدَةٌ وصوَالِدُ إِذا سُمِعَ صَوْتُ صَريفِها. وصَلَدَ الوَعِلُ يَصْلِدُ صَلْداً، فَهُوَ صَلُودٌ: تَرَقَّى فِي الْجَبَلِ. وصَلَدَ الرَّجُلُ بيَدَيْه صَلْداً: مِثْلُ صَفَقَ سَوَاءً. والصَّلُود الصُّلْب: بِنَاءٌ نَادِرٌ. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ صَلَتَ: وجاءَ بِمَرَقٍ يَصْلِتُ ولَبَنٍ يَصْلِتُ إِذا كَانَ قَلِيلَ الدَّسَم كَثِيرَ الْمَاءِ، وَيَجُوزُ يَصْلِدُ بِهَذَا الْمَعْنَى. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه لَمَّا طُعِنَ سَقَاهُ الطبيبُ لَبَنًا فَخَرَجَ مِنْ مَوْضِعِ الطعنة أَبيضَ
__________
(2) . قوله [صَلِدَ الزَّنْدُ بِكَسْرِ اللَّامِ إلخ] كذا بالأَصل المنقول من مسودة المؤلف، والذي في نسخ بأيدينا من الصحاح طبع وخط: صلد الزند يصلد، بكسر اللام، فمفاده أنه من باب جلس.(3/257)
يصْلِد
أَي يَبْرُق ويَبِصُّ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَقسمت عَلَيْكَ لَمَّا تَقَيَّأْتَ، فقاءَ لَبناً يَصْلد.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ يَرْفَعُهُ: ثُمَّ لَحا قَضيبَه فإِذا هُوَ أَبيضُ يَصْلِد.
وصَلَدَت صَلَعة الرَّجُلِ إِذا بَرَقَت؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ بَقَرَةً وَحْشِيَّةً:
وشَقَّتْ مقَاطِيعُ الرُّماةِ فُؤَادَها، ... إِذا سَمِعَتْ صَوْتَ المُغَرِّد تَصْلِدُ
والمقَاطِيع: النِّصالُ. وَقَوْلُهُ تَصْلِدُ أَي تَنْتَصِبُ. والصَّلُودُ: المُنْفَرد؛ قَالَ ذَلِكَ الأَصمعي، وأَنشد:
تَاللَّهِ يَبْقى عَلَى الأَيامِ ذُو حِيَدٍ، ... إِذْ مَا صَلُودٌ مِنَ الأَوْعالِ ذُو خَذَمِ
أَراد بالحِيَدِ عُقَد قَرْنه، الواحدة حَيْدَة.
صلخد: الصَّلْخَدُ والصِّلَخْدُ والصِّلْخَدُّ والصُّلاخِدُ والصِّلْخادُ والصَّلَخْدى كُلُّهُ: الْجَمَلُ المُسِنُّ الشَّديدُ الطَّويلُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَاضِي مِنَ الإِبل، وَقِيلَ للفحْل الشَّدِيدِ صَلَخْدًى، بِالتَّنْوِينِ، والأُنثى صَلَخْداة وصَيْلَخود. والمُصْلَخِدُّ: المُنْتَصِبُ الْقَائِمُ. واصْلَخَدَّ اصْلِخْداداً: انتَصَبَ قَائِمًا. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّلَخْدى الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ مِثْلُ الصَّلَخْدم، الْيَاءُ وَالْمِيمُ زَائِدَتَانِ. وَيُقَالُ: جَمَلٌ صَلَخْدًى، بِتَحْرِيكِ اللَّامِ، وَنَاقَةٌ صَلْخَداة وَجَمَلٌ صُلاخِدٌ، بِالضَّمِّ، وَالْجَمْعُ صَلاخِدُ، بالفتح.
صلغد: الصِّلْغَدُّ مِنَ الرِّجَالِ: اللَّئِيمُ، وَقِيلَ: الطَّوِيلُ، وَقِيلَ: اللَّحِمُ الأَحمر الأَقْشَر، وَقِيلَ: الأَحْمَق المُضْطربُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يأْكل مَا قَدَرَ عَلَيْهِ.
صمد: صَمَدَه يَصْمِدُه صَمْداً وصَمَد إِليه كِلَاهُمَا: قَصَدَه. وصَمَدَ صَمْدَ الأَمْر: قَصَدَ قَصْدَه وَاعْتَمَدَهُ. وتَصَمَّد لَهُ بِالْعَصَا: قَصَدَ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذِ بْنِ الجَمُوح فِي قَتْلِ أَبي جَهْلٍ: فَصَمَدْت لَهُ حَتَّى أَمكنَتني مِنْهُ غِرَّة
أَي وثَبْتُ لَهُ وقَصَدْته وَانْتَظَرْتُ غَفْلَتَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فَصَمْداً صَمْداً حَتَّى يَتَجلى لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ.
وَبَيْتٌ مُصَمَّد، بِالتَّشْدِيدِ، أَي مَقْصود. وتَصَمَّدَ رأْسَه بِالْعَصَا: عَمَد لمعْظَمه. وصَمَده بالعَصا صَمْداً إِذا ضَرَبَهُ بِهَا. وصَمَّدَ رأْسه تَصْميداً: وَذَلِكَ إِذا لَفَّ رأْسه بِخِرْقَةٍ أَو ثَوْبٍ أَو مِنْديلٍ مَا خَلَا العمامةَ، وَهِيَ الصِّمادُ. والصِّمادُ: عِفاصُ الْقَارُورَةِ؛ وَقَدْ صَمَدَها يَصْمِدُها. ابْنُ الأَعرابي: الصِّمادُ سِدادُ القارُورة؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الصمادَةُ عِفاص الْقَارُورَةِ. وأَصْمَدَ إِليه الأَمرَ: أَسْنَدَه. والصَّمَد، بِالتَّحْرِيكِ: السَّيِّدُ المُطاع الَّذِي لَا يُقْضى دُونَهُ أَمر، وَقِيلَ: الَّذِي يُصْمَدُ إِليه فِي الْحَوَائِجِ أَي يُقْصَدُ؛ قَالَ:
أَلا بَكَّرَ النَّاعي بخَيْرَيْ بَني أَسَدْ، ... بعَمْرو بنِ مَسْعُود، وبالسَّيد الصَّمَدْ
وَيُرْوَى بِخَيْرِ بَنِي أَسد؛ وأَنشد الجوهري:
عَلَوْتُه بِجُسامٍ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: ... خُذْها حُذَيفُ، فأَنْتَ السَّيِّدُ الصَّمَدُ
والصَّمَد: مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ لأَنه أُصْمِدَتْ إِليه الأُمور فَلَمْ يَقْضِ فِيهَا غيره؛ وقيل: هو المُصْمَتُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ. والمُصْمَدُ: لُغَةٌ فِي المُصْمَت وَهُوَ الَّذِي لَا جَوف لَهُ، وَقِيلَ: الصَّمد الَّذِي لَا يَطْعَم، وَقِيلَ: الصَّمَدُ السيِّد الَّذِي يَنْتَهِي إِليه السُّودَد، وَقِيلَ: الصَّمَدُ السَّيِّدُ الَّذِي قَدِ انْتَهَى سُودَدُه؛ قَالَ الأَزهري:(3/258)
أَما اللَّهُ تَعَالَى فَلَا نِهَايَةَ لسُودَدِه لأَن سُودَدَه غَيْرُ مَحْدود؛ وَقِيلَ: الصَّمَدُ الدائم الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلقه؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُصمَد إِليه الأَمر فَلَا يُقْضَى دُونَهُ، وَهُوَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ أَحد، وَقِيلَ: الصَّمَدُ الَّذِي صَمَد إِليه كُلُّ شَيْءٍ أَي الَّذِي خَلق الأَشياءَ كُلَّهَا لَا يَسْتَغْني عَنْهُ شَيْءٌ وَكُلُّهَا دَالٌّ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ. وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ أَنه قَالَ: أَيها النَّاسُ إِياكم وتَعَلُّمَ الأَنساب والطَّعْن فِيهَا، فوَالذي نفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قُلْتُ: لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِلا صَمَدٌ، مَا خَرَجَ إِلا أَقَلُّكم
؛ وَقِيلَ: الصَّمَد هُوَ الَّذِي انْتَهَى فِي سَوْدَدِه وَالَّذِي يُقْصَد فِي الْحَوَائِجِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الصَّمَدُ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَا يَعْطَشُ وَلَا يَجوع فِي الْحَرْبِ؛ وأَنشد:
وسَاريةٍ فَوْقَها أَسْوَدُ ... بِكَفِّ سَبَنْتَى ذَفيفٍ صَمَدْ
قَالَ: السَّارِيَةُ الْجَبَلُ المُرْتَفِعُ الذاهبُ فِي السَّمَاءِ كأَنه عَمُودٌ. والأَسود: الْعَلَمُ بِكَفِّ رَجُلٍ جَرِيء. والصمَد: الرَّفِيعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والصَّمْدُ: المَكانُ الْغَلِيظُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَرض لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ جَبَلًا، وَجَمْعُهُ أَصْمادٌ وصِماد؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يُغادِرُ الصَّمْدَ كَظَهْر الأَجْزَل
والمُصَمَّدُ: الصُّلْب الَّذِي لَيْسَ فِيهِ خَوَر. أَبو خِيرَةَ: الصَّمْد والصِّماد مَا دَقَّ مِنْ غلَظِ الْجَبَلِ وتواضَعَ واطْمأَنَّ ونَبَتَ فِيهِ الشَّجَرُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الصَّمْدُ الشَّدِيدُ مِنَ الأَرض. بناءٌ مُصْمَدٌ أَي مُعَلًّى. وَيُقَالُ لِمَا أَشرَفَ مِنَ الأَرض الصَّمْدُ، بإِسكان الْمِيمِ. ورَوْضاتُ بَنِي عُقَيْل يُقَالُ لَهَا الصِّمادُ والرّبابُ. والصَّمْدَة والصُّمْدة: صَخْرة رَاسِيَةٌ فِي الأَرض مُسْتَوِيَةٌ بِمَتْنِ الأَرض وَرُبَّمَا ارْتَفَعَتْ شَيْئًا؛ قَالَ:
مُخالِفُ صُمْدَةٍ وقَرِينُ أُخرى، ... تَجُرُّ عَلَيْهِ حاصِبَهَا الشَّمالُ
وَنَاقَةٌ صَمْدَة وصَمَدة: حُمِلَ عَلَيْهَا فَلَمْ تَلْقَحْ؛ الْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ مِصْمادٌ وَهِيَ الْبَاقِيَةُ عَلَى القُرِّ والجَدْبِ الدائمةُ الرِّسْلِ؛ ونوقٌ مَصامِدُ ومَصامِيدُ؛ قَالَ الأَغلب:
بَيْنَ طَرِيِّ سَمَكٍ ومالحِ، ... ولُقَّحٍ مَصامِدٍ مَجالِحِ
والصَّمْدُ: مَاءٌ لِلرَّبَابِ وَهُوَ فِي شاكلةٍ فِي شقِّ ضَرِيَّةَ الجنوبيِّ.
صمخد: الصَّمَخْدَدُ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ.
صمرد: الصِّمْرِدُ، بِالْكَسْرِ، مِنَ الإِبل: النَّاقَةُ الْقَلِيلَةُ اللَّبَنِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأُرى الْمِيمُ زَائِدَةً. غَيْرُهُ: والصِّمْرِدُ النَّاقَةُ الغَزيرة اللَّبَنِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الصَّمارِدُ الغَنم المهازِيل. والصَّمارِيدُ: الْغَنَمُ السِّمانُ. والصَّمارِيدُ: الأَرَضُون الصِّلاب. وبئرٌ صِمْرِدٌ: قلية الْمَاءِ؛ وأَنشد:
جُمَّةُ بِئر مِنْ بِئارٍ مُتَّحِ، ... ليْسَتْ بِثَمْدٍ للشِّباك الرُّشَّحِ
وَلَا الصَّمارِيدِ البِكاءِ البُلَّحِ
صمعد: رَجُلٌ صِمَعْدٌ: صُلب، وَالْغَيْنُ لُغَةٌ. والمُصْمَعِدُّ: الذَّاهِبُ. واصْمَعَدّ فِي الأَرض: ذهَبَ فِيهَا وأَمْعَن؛ قَالَ الأَزهري: الأَصل أَصْعَد فَزَادُوا الْمِيمَ وَقَالُوا اصْمَعَدّ فَشَدَّدُوا. والمُصْمَعِدُّ: الْوَارِمُ إِمَّا مِنْ شَحْمٍ وإِما مِنْ مَرَضٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَصْبَحَ وَقَدِ اصْمَعَدَّتْ قدماهُ
أَي انتفَختا ووَرِمَتا. والمُصْمَعِدُّ: الْمُسْتَقِيمُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
عَلَى ضَحُوك النَّقْبِ مُصْمَعِدّ(3/259)
والاصْمِعْداد: الِانْطِلَاقُ السَّرِيعُ؛ قَالَ الزَّفَيانُ:
تَسْمَعُ للرِّيح إِذا اصْمَعَدّا، ... بَيْنَ الخُطى مِنْهُ إِذا مَا ارْقَدّا،
مِثلَ عَزِيفِ الجِنِّ هَدَّتْ هَدّا
صمغد: رَجُلٌ صِمَغْدٌ: صُلْب، لُغَةٌ فِي صِمَعْد بِالْعَيْنِ المهملة.
صند: الصِّنْدِيدُ: الْمَلِكُ الضَّخْم الشَّرِيفُ. الأَصمعي: الصِّنْدِيدُ والصِّنْتِيتُ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ، وَقِيلَ: السَّيِّدُ الشُّجَاعُ. والصَّنادِيدُ: الشَّدَائِدُ مِنَ الأُمور وَالدَّوَاهِي. وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ صنَادِيدِ القَدَر أَي مِنْ دَواهيه ونَوائبه العِظامِ الغوالِبِ، وَمِنْ جُنون الْعَمَلِ وَهُوَ الإِعْجاب، وَمِنْ مَلْخِ الْبَاطِلِ وَهُوَ التَّبَخْتُرُ فِيهِ. وصنادِيدُ السَّحَابِ: مَا كَثُرَ وَبْلُه. وَصَنَادِيدُ السَّحَابِ: عِظامه؛ قَالَ أَبو وَجْزة السَّعْدِيُّ:
دَعَتْنا بِمَسْرَى ليْلةٍ رَحَبِيَّة، ... جَلا بَرْقُها جَوْنَ الصناديدِ مُظْلِما
وبَرْدٌ صِنْدِيدٌ: شَدِيدٌ. وَمَطَرٌ صِنْدِيدٌ: وَابِلٌ. وغَيْثٌ صِندِيدٌ: عَظِيمُ الْقَطْرِ؛ وَحُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ: يومٌ حَامِي الصِّنْديد أَي شَديدُ الْحَرِّ؛ قَالَ:
لاقَيْنَ مِن أَعْفَرَ يَوْمًا صَيْهَبَا، ... حَامِيَ الصَّنادِيدِ يُعَنِّي الجُندبا
والصِّنْدد: السَّيِّدُ؛ وأَنشد الأَزهري لِجَنْدَلٍ فِي تَرْجَمَةِ جَلْعَدَ:
كَانُوا، إِذا مَا عايَنُوني، جُلْعِدُوا، ... وضَمَّهُم ذُو نَقِماتٍ صِنْدِدُ
ابْنُ الأَعرابي: الصَّنادِيدُ الساداتُ وَهُمُ الأَجواد وَهُمُ الحُلَماء وَهُمْ حُماة الْعَسْكَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ وَهُمْ أَشْرافُهُم وعُظماؤُهم، الْوَاحِدُ صِنْدِيدٌ. وَكُلُّ عَظِيمٍ غَالِبٍ: صِنْدِيد. وصِنْدِيدٌ «3» : اسم جَبَل معروف.
صهد: صَهَدَتُه الشمسُ: لُغَةٌ فِي صَخَدَتْه. ابْنُ سِيدَهْ: صَهَدَتْه الشَّمْسُ تَصْهَدُه صَهْداً وصَهَداناً: أَصابَتْه وحَمِيَتْ عَلَيْهِ. والصَّيْهَدُ: شِدَّةُ الحَرِّ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
فأَوْرَدَها فَيْحُ نَجْمِ الفُرُوعِ، ... مِنْ صَيْهَدِ الصَّيفِ، بَردَ الشَّمَالِ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصَّيْهَد هُنَا السَّرابُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ خطأٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الصَّيْهَدُ السرابُ الْجَارِي؛ وأَورد بَيْتَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الهذلي:
مِنْ صَيْهَدِ الصَّيْفِ بَرْدَ الشَّمَالِ
قَالَ: وأَنكَرَ شَمِرٌ الصَّيْهَد السَّرَابُ، وَقَالَ: صَيْهَدُ الْحَرِّ شَدَّتُهُ؛ وَيَوْمٌ صَيْهَدٌ وصَيْهَبٌ وصَيْخُود. وَقَدْ صَهَدَهم الْحَرُّ وصَخَدَهم بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وهاجِرَةٌ صَيْهَدٌ وصَيْهُود: حارَّة. والصَّيْهَدُ: الطَّوِيلُ. والصَّيْهُود: الجَسيم. وَفَلَاةٌ صَيْهَدٌ: لَا يُنالُ ماؤُها؛ وَقَالَ مُزاحِمٌ العُقَيْلي:
إِذا عَرَضَتْ مَجْهُولة صَيْهَدِيَّةٌ، ... مَخُوفٌ رَدَاها مِنْ سَرابٍ ومِغْوَل
وَمَا غالَك وأَهْلَكَكَ، فهو مِغْوَل.
صود: الصَّادُ حَرْفُ هِجَاءٍ وَهُوَ حَرْفٌ مَهْمُوسٌ يَكُونُ أَصلًا وَبَدَلًا لَا زَائِدًا، وَالصَّادُ أَحد الْحُرُوفِ الْمُسْتَعْلِيَةِ الَّتِي تَمْنَعُ الإِمالة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَلفها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لأَن عَيْنَهَا أَلف.
صيد: صَادَ الصَّيْدَ يَصِيدُه ويَصادُه صَيْداً إِذا أَخذه وتَصَيَّدَه واصْطادَه وصادَه إِياه. يقال: صِدْتُ
__________
(3) . قوله [وصنديد] كذا بالأَصل المعول عليه، وهو صريح شارح القاموس، وقد استدرك عليه بأنه في الجمهرة كزبرج، والذي في معجم البلدان لياقوت كما في الجمهرة واستشهد عليه بعدة شواهد(3/260)
فُلَانًا صَيْداً إِذا صِدْتَه لَهُ، كَقَوْلِكَ بَغيتُه حَاجَةٌ أَي بَغَيْتُها لَهُ. صادَ المكانَ واصْطادَه: صادَ فِيهِ؛ قَالَ:
أَحَبُّ مَا اصْطادَ مكانُ تَخْلِيَه
وَقِيلَ: إِنه جَعَلَ المكانَ مُصْطاداً كَمَا يُصْطادُ الوَحْش. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ صِدْنا قَنَوَيْن؛ يُرِيدُ صِدْنَا وحْشَ قَنَوَيْن، وإِنما قَنوان اسْمُ أَرض. والصَّيْدُ: مَا تُصُيِّدَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ
؛ يَجُوزُ أَن يُعْنَى بِهِ عَيْنُ المُتَصيَّد، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى قَوْلِهِ صِدْنا قَنَوَين أَي صِدْنا وَحش قَنَوَيْنِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: وُضِعَ المَصْدَرُ مَوْضِعَ المَفْعُول، وَقِيلَ: كلُّ وَحْشٍ صَيْدٌ، صِيدَ أَو لَمْ يُصَدْ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْر الصَّيْد اسْمًا وفِعْلًا وَمَصْدَرًا، يُقَالُ: صادَ يَصِيدُ صَيْداً، فَهُوَ صائِد ومَصِيد. وَقَدْ يَقَعُ الصَّيْدُ عَلَى المَصِيد نَفْسِه تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
؛ قِيلَ: لَا يُقَالُ لِلشَّيْءِ صَيْدٌ حَتَّى يَكُونَ مُمْتَنَعًا حَلَالًا لَا مَالِكَ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي قَتَادَةَ قَالَ لَهُ: أَصَدْتُمْ
؛ يُقَالُ: أَصَدْتُ غَيْرِي إِذا حَمَلْتَه عَلَى الصَّيْدِ وأَغْرَيْتَه بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنا اصَّدْنا حِمار وَحْش
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِصَادٍ مُشَدَّدَةٍ، وأَصلُه اصْطَدنْا فَقُلِبَتِ الطَّاءُ صَادًا وأُدغمت مِثْلَ اصَّبَر فِي اصْطَبر، وأَصل الطَّاءِ مُبْدَلَةٌ مِنْ تَاءِ افْتَعَل. والمَصِيدَةُ والمِصْيَدَةُ والمَصْيَدَة كُلُّهُ: الَّتِي يُصادُ بِهَا، وَهِيَ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ الْمُعْتَلَّةِ، وَجَمْعُهَا مَصايِدُ، بِلَا هَمْزٍ، مِثْلُ معايِشَ جَمْعُ مَعِيشَة. المِصيَدُ والمِصْيَدة، بِالْكَسْرِ: مَا يُصادُ بِهِ. وَبِخَطِّ الأَزهري: المَصْيَدُ والمَصْيَدَة، بِالْفَتْحِ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: صِدْنا كَمْأَةً، قَالَ: وَهُوَ مِنْ جَيِّدِ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه يُرِيدُ استَثَرْنا كَمَا يُسْتَثارُ الْوَحْشُ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: صِدْنا ماءَ السماءِ أَي أَخَدْناه. التَّهْذِيبُ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ خَرَجْنا نَصِيدُ بَيْضَ النَّعَامِ ونَصِيدُ الكَمْأَةَ والافْتِعالُ مِنْهُ الاصْطِيادُ. يُقَالُ: اصْطادَ يَصْطادُ فَهُوَ مُصْطاد، والمَصِيدُ مُصْطادٌ أَيضاً. وَخَرَجَ فُلَانٌ يَتَصَيَّدُ الوَحْش أَي يَطْلُبُ صَيْدَهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِلى العَلَمَيْن أَدْهَمَ الهَمُّ والمُنى، ... يُرِيدُ الفُؤَادُ وَحْشَها فُيصَادُها
قَالَ: فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: العَلَمان اسْمُ امرأَة؛ يَقُولُ: أُريد أَن أَنساها فَلَا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ. وَكَلْبٌ وَصَقْرٌ صَيُود وَكَذَلِكَ الأُنثى وَالْجَمْعُ صُيُد. قَالَ: وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَنْ يُونُسَ صِيدٌ أَيضاً، وَكَذَلِكَ فِيمَنْ قَالَ رُسْل مُخَفَّفًا؛ قَالَ: وَهِيَ اللُّغَةُ التَّمِيمِيَّةُ وتُكْسَرُ الصَّادُ لِتَسْلَمَ الْيَاءُ. والصَّيُودُ مِنَ النِّسَاءِ: السَّيِّئَةُ الخُلُق. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: قَالَ لامرأَةٍ: إِنَّك كَنُونٌ كَفُوتٌ صَيُودٌ
؛ أَراد أَنها تَصِيدُ شَيْئًا مِنْ زَوْجِهَا، وفَعُولٌ مِنْ أَبْنِية المُبالغة. والأَصْيَد: الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الالتفاتَ، وَقَدْ صَيِدَ صَيَداً وصادَ، ومَلِكٌ أَصْيَدُ، وأَصْيَدَ اللَّهُ بَعيرَهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُعِلُّوا الْيَاءَ حِينَ لَحِقَتْهُ الزِّيَادَةُ وإِن لَمْ يَقُولُوا اصْيَدَّ تَشْبِيهًا لَهُ بعَوِرَ. والصادُ: عِرْق بَيْنَ الأَنف وَالْعَيْنِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الصادُ والصِّيد والصَّيَدُ داءٌ يُصِيبُ الإِبل فِي رؤُوسها فيسيل من أُنوفِها مِثْلُ الزَّبَد وتَسْمُو عند ذلك(3/261)
برؤُوسها. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لِعَلِيٍّ: أَنتَ الذائِدُ عَنْ حَوْضِي يومَ القيامةِ، تَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يُذادُ البَعِيرُ الصادُ
؛ يَعْنِي الَّذِي بِهِ الصَّيَدُ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الإِبل فِي رؤُوسها فَتَسِيلُ أُنوفها وترفَعُ رؤُوسَهَا وَلَا تَقْدِرُ أَن تَلْوِيَ مَعَهُ أَعناقها. يُقَالُ: بَعِيرٌ صادٌ أَي ذُو صادٍ، كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ مالٌ ويومٌ راحٌ أَي ذُو مالٍ وَرِيحٍ. وَقِيلَ: أَصلُ صادٍ صَيِد، بِالْكَسْرِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يُرْوَى صادٍ، بِالْكَسْرِ، عَلَى أَنه اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الصَّدَى الْعَطَشُ. قَالَ: والصِّيدُ أَيضاً جَمْعُ الأَصْيَدِ. وَقَالَ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ: الصَّيَدُ مصْدَر الأَصْيَد، وَهُوَ الَّذِي يَرْفَعُ رأْسه كِبْراً؛ وَمِنْهُ قِيلَ للمَلِك: أَصْيَدُ لأَنه لَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا، وَكَذَلِكَ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الِالْتِفَاتَ مِنْ دَاءٍ، وَالْفِعْلُ صَيِدَ، بِالْكَسْرِ، يَصْيدُ؛ قَالَ: وأَهل الْحِجَازِ يُثْبتون الْيَاءَ وَالْوَاوَ نَحْوَ صَيِدَ وعَوِرَ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ صادَ يَصادُ وَعَارَ يَعَارُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِنما صَحَّتِ الْيَاءُ فِيهِ لِصِحَّتِهَا فِي أَصله لِتَدُلَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ اصْيَدَّ، بِالتَّشْدِيدِ، وَكَذَلِكَ اعْوَرَّ لأَن عَوِرَ واعْوَرَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وإِنما حُذِفَتْ مِنْهُ الزَّوَائِدُ لِلتَّخْفِيفِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقُلْتَ صادَ وعارَ وقَلَبْتَ الْوَاوَ أَلفاً كَمَا قَلَبْتَهَا فِي خَافَ؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه افْعَلَّ مجيءُ أَخواته عَلَى هَذَا فِي الأَلوان وَالْعُيُوبِ نَحْوَ اسْوَدَّ واحْمَرَّ، وَلِذَا قَالُوا عَوِرَ وعَرِجَ لِلتَّخْفِيفِ، وَكَذَلِكَ قِيَاسُ عَمِيَ وإِن لَمْ يَسْمَعْ، وَلِهَذَا لَا يُقَالُ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا أَفعله فِي التَّعَجُّبِ، لأَن أَصله يَزِيدُ عَلَى الثُّلَاثِيِّ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الرُّبَاعِيِّ مِنَ الرُّبَاعِيِّ، وإِنما يُبْنَى الْوَزْنُ الأَكثر مِنَ الأَقل. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَكوع: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِني رَجُلٌ أَصْيَدُ، أَفَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: نَعَمْ وازْرُره عَلَيْكَ وَلَوْ بشَوْكَةٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ الَّذِي فِي رَقَبَتِهِ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ الِالْتِفَاتُ مَعَهَا. قَالَ: وَالْمَشْهُورُ إِني رَجُلٌ أَصْيَدُ مِنَ الِاصْطِيَادِ. قَالَ: ودواءُ الصَّيَد أَن يُكْوَى مَوْضِعٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَيَذْهَبُ الصَّيَد؛ وأَنشد:
أَشْفي المَجانِينَ وأَكْوي الأَصْيَدا
والصَّادُ: النحاسُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصادُ قدُور الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
رَأَيْتُ قُدوُرَ الصادِ حَوْلَ بُيُوتِنا، ... قبَائِلَ سُحْماً فِي المَحِلة صُيَّما «1»
وَالْجَمْعُ صِيدانٌ، والصادِيُّ مَنْسُوبٌ إِليه، وَقِيلَ: الصادُ الصُّفْرُ نَفْسُه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّيْدانُ النُّحاس؛ وَقَالَ كَعْبٌ:
وقِدْراً تَغْرَقُ الأَوْصالُ فِيه، ... مِنَ الصَّيْدانِ، مُتْرَعَةً رَكودا
والصَّيْدانُ والصَّيْداءُ: حَجَرٌ أَبيض تُعْمَلُ مِنْهُ البِرامُ. غَيْرُهُ: والصَّيْدان، بِالْفَتْحِ، بِرامُ الْحِجَارَةِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وسُودٍ منَ الصَّيْدانِ فِيهَا مَذانِبٌ ... نُضارٌ، إِذا لَمْ نَسْتَفِدها نُعارُها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ بِفَتْحِ الصَّادِ مِنَ الصَّيْدان وَكَسْرِهَا، فَمَنْ فَتَحَهَا جَعَلَ الصَّيْدان جَمْعَ صَيْدانة، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَمْرٍ وَتَمْرَةٍ، وَمَنْ كَسَرَهَا جَعَلَهَا جَمْعَ صَادٍّ لِلنُّحَاسِ، وَيَكُونُ صادٌ وصيدانٌ بِمَنْزِلَةِ تَاجٍ وَتِيجَانٍ. وَقَوْلُهُ فِيهَا مذانِبُ نُضارٌ، يُرِيدُ فِيهَا مغارِفُ مَعْمُولَةٌ مِنَ النُّضار، وَهُوَ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ. قَالَ: وأَما الْحِجَارَةُ الَّتِي تُعمل منها القُدور فهي
__________
(1) . قوله [قبائل] في الأَساس قنابل.(3/262)
الصَّيْداءُ، بِالْمَدِّ. وَقَالَ النَّضْرُ: الصَّيداءُ الأَرض الَّتِي تُرْبتها حَمْرَاءُ غَلِيظَةُ الْحِجَارَةِ مُسْتَوِيَةٌ بالأَرض. وَقَالَ أَبو وَجْزةَ: الصَّيْداء الْحَصَى؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
حَذاها مِنَ الصَّيْداءِ نَعْلًا طِراقُها ... حَوامي الكُراع المُؤْيَداتِ الْمَعَاوِرِ
أَي حَذَاهَا حُوَّةَ «1» نِعالها الصُّخُورُ. أَبو عَمْرٍو: الصَّيْداءُ الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ إِذا كان فيها حصر فَهِيَ قَاعٌ؛ قَالَ: وَيَكُونُ فِي البُرْمَةِ صَيْدانٌ وَصَيْدَاءٌ يَكُونُ فِيهَا كَهَيْئَةِ بَرِيقِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وأَجوده مَا كَانَ كَالذَّهَبِ؛ وأَنشد:
طِلْحٌ كَضاحِيَة الصَّيْداء مَهْزُولُ
وصَيْدان الْحَصَى: صِغَارُهَا. والصَّيْداء: أَرْضٌ غَليظَةٌ ذاتُ حِجَارَةٍ. وَبَنُو الصَّيْداءِ: حَيٌّ مِنْ بَنِي أَسَد. وصَيْداء: مَوْضِعٌ؛ وَقِيلَ: مَاءٌ بِعَيْنِهِ. وَالصَّائِدُ: السّاقُ بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: والصَّيْدانَةُ الْغُولُ. والصَّيْدانَةُ مِنَ النِّسَاءِ: السَّيّئَةُ الخُلُق الْكَثِيرَةُ الْكَلَامِ. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: كَانَ يَحْلِفُ أَنَّ ابنَ صَيَّادٍ الدجالُ
، وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ كَثِيرًا. وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ أَو دَخِيلٌ فِيهِمْ، وَاسْمُهُ صافُ فِيمَا قِيلَ، وَكَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ الكَهانَة أَو السِّحْر، وَجُمْلَةُ أَمره أَنه كَانَ فِتْنَةً امْتَحَن اللهُ بِهِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ ليَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيّنَة وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ، ثُمَّ إِنه مَاتَ بِالْمَدِينَةِ فِي الأَكثر، وَقِيلَ إِنه فُقِدَ يَوْمَ الحَرَّة فَلَمْ يَجِدُوهُ، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الضاد المعجمة
ضأد: الضُّؤْد والضُّؤْدة: الزُّكَامُ. ضُئِدَ الرجلُ ضُؤْاداً وضؤْوداً: زُكِمَ، والاسْم الضّؤْدَةُ. وَقَدْ أَضْأَدَه اللَّهُ أَي أَزْكَمَه، فَهُوَ مَضْؤُودٌ ومُضْأَدٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى مَضْؤُوداً عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ أَو كأَنه جَعَلَ فِيهِ ضَأَدَ. قَالَ: وأَباها أَبو عُبَيْدٍ، وَحَكَى أَبو زَيْدٍ ضَأَدْتُ الرجلَ ضَأْداً إِذا خَصَمْتَه. وضَئِيدَةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
جَعَلْنَ حُبَيّا باليَمِينِ، ونَكَّبَتْ ... كُبَيْشاً لِوِرْدٍ، مِنْ ضَئِيدَةَ، بَاكِرِ
ضبد: الضَّبَدُ: الغَيْظ. وضَبَدْتُه: ذكرته بما يَغِيظُه.
ضدد: اللَّيْثُ: الضِّدُّ كُلُّ شيءٍ ضادَّ شَيْئًا لِيَغْلِبَهُ، والسّوادُ ضِدّ الْبَيَاضِ، والموتُ ضِدُّ الْحَيَاةِ، وَاللَّيْلُ ضِدُّ النَّهَارِ إِذا جَاءَ هَذَا ذَهَبَ ذَلِكَ. ابْنُ سِيدَهْ: ضدُّ الشيءِ وضدَيدُه وضَديدَتُه خلافُه؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وضِدُّه أَيضاً مِثْلُه؛ عَنْهُ وحْدَه، وَالْجَمْعُ أَضداد. وَقَدْ ضادَّه وَهُمَا متضادّانِ، وَقَدْ يَكُونُ الضِّدُّ جَمَاعَةً، وَالْقَوْمُ عَلَى ضِدٍّ واحِدٍ إِذا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْخُصُومَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ عَوْناً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يَعْنِي الأَصْنامَ الَّتِي عَبَدَها الكُفَّار تَكُونُ أَعْواناً عَلَى عابِديها يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَرُوِيَ عَنْ عِكْرمة: يَكُونُونَ عَلَيْهِمْ أَعداء، وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ: وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا
؛ قَالَ: الضِّدّ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمَاعَةً مِثْلُ الرَّصَدِ والأَرْصاد، والرَّصَدُ يَكُونُ لِلْجَمَاعَةِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ فِي التَّفْسِيرِ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ عَوْناً فَلِذَلِكَ وَحَّدَ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: حَكَى لَنَا أَبو عَمْرٍو الضِّدُّ مِثْلُ الشيءِ، والضّدُّ خِلَافُهُ. والضَّدُّ المملوءُ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الضَّدُّ، بِالْفَتْحِ، المَلْء؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو. يُقَالُ: ضَدَّ القِرْبَةَ يَضُدُّها أَي مَلأَها. وأَضَدَّ الرجلُ: غَضِبَ. أَبو زيد:
__________
(1) . قوله [حوة] كذا بالأصل المعوّل عليه والذي لياقوت في معجمه حرة، بالراء.(3/263)
ضَدَدْتُ فُلَانًا ضَدّاً أَي غَلَبْتُه وخَصَمْتُه. وَيُقَالُ: لَقِيَ القومُ أَضْدادَهُم وأَنْدادَهُم أَي أَقْرانَهُم. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ ضادَّني فُلَانٌ إِذا خَالَفَكَ، فأَرَدْتَ طُولًا وأَراد قِصَراً، وأَردْتَ ظُلْمة وأَراد نُورًا، فَهُوَ ضِدُّك وضَديدُك، وَقَدْ يُقَالُ إِذا خَالَفَكَ فأَردت وَجْهًا تَذْهَبُ فِيهِ وَنَازَعَكَ فِي ضِدِّهِ. وَفُلَانٌ نِدِّي ونَديدي: لِلَّذِي يُرِيدُ خلافَ الوجْه الَّذِي تُريده، وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مِنْ ذَلِكَ بِمِثْلِ مَا تَسْتَقِلُّ بِهِ. الأَخفش: النِّدُّ الضِّدُّ والشِّبْهُ؛ وَيَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً أَي أَضداداً وأَشْباهاً. ابْنُ الأَعرابي: نِدُّ الشَّيْءِ مِثْلُه وضِدُّه خِلافُه. وَيُقَالُ: لَا ضِدَّ لَهُ وَلَا ضَدِيدَ لَهُ أَي لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا كُفْءَ لَهُ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ زَائِدَةَ يَقُولُ: صَدَّه عَنِ الأَمْر وضَدَّه أَي صَرَفَه عَنْهُ بِرِفْقٍ. أَبو عَمْرٍو: الضُّدَدُ الَّذِينَ يَمْلؤُون لِلنَّاسِ الآنِيةَ إِذا طَلَبُوا الْمَاءَ، واحِدُهم ضادٌّ؛ وَيُقَالُ: ضادِدٌ وضَدَد. وَبَنُو ضِدٍّ: بَطْنٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُمْ قَبِيلَةٌ مِنْ عَادٍ؛ وأَنشد:
وذُو النُّونَيْنِ مِنْ عَهْدِ ابْنِ ضِدٍّ، ... تَخَيَّرَه الفَتى مِنْ قَوْمِ عادِ
يعني سيفاً.
ضرغد: قَالَ فِي تَرْجَمَةِ ضَرْغَطَ: ضَرْغَطُ اسْمُ جَبَلٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعُ مَاءٍ وَنَخْلٍ، وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً: ذُو ضَرْغَد؛ قَالَ:
إِذا نَزَلُوا ذَا ضَرْغَدٍ فَقُتائِداً، ... يُغَنِّيهِمُ فِيهَا نَقِيقُ الضَّفادِعِ
وَقِيلَ: ضَرْغَد جَبَلٌ؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ:
فَلأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوارِضاً، ... ولأُقْبِلَنَّ الخَيْلَ لابَةَ ضَرْغَدِ
وَيُقَالُ: مَقْبُرَةٌ تُصْرفُ مِنَ الأَوّل وَلَا تُصْرفُ مِنَ الثَّانِي. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: لأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوارِضاً أَي لأَطْلُبَنَّكُم بِقَناً وعُوارِضٍ، وَهُمَا مَكَانَانِ مَعْرُوفَانِ، فأَسقط الْبَاءَ فَلَمَّا سَقَط الخافضُ تَعَدَّى الفعلُ إِليهما فَنصبهما، وأُقْبِلُ فِعْل يَتَعَدَّى إِلى مَفْعُولَيْنِ مَنْقُولٌ مِنْ قَوْلِهِمْ قَبَلَ الدابةُ الوادِيَ إِذا اسْتَقْبَلَهُ. واللَّابَةُ: الحَرَّة. التَّهْذِيبَ: اللَّيْثُ: ضَرْغَد اسْمُ جَبَلٍ.
ضغد: الضَّغْدُ مِثْلُ الزَّغْد: وَهُوَ عَصْر الحَلْق وَقَدْ ضَغَده.
ضفد: ضَفَدْتُه أَضْفِدُه ضَفْداً: ضَرَبْتَه بِبَطْنِ كَفِّكَ. والضَّفْدُ: الكَسْعُ، وَهُوَ ضَرْبُكَ اسْتَه بباطنِ رِجْلَيْك. وامرأَة ضَفَنْدَدٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: ضَخْمَة الخاصرةُ مُسترخية اللَّحْمِ. وَرَجُلٌ ضَفَنْدَد: كثيرُ اللَّحْمِ ثقيلٌ مَعَ حُمْق؛ وضَفِدَ واضْفَأَدَّ: صَارَ كَذَلِكَ، وَجَعَلَ ابْنُ جِنِّي اضْفَأَدّ رُبَاعِيًّا؛ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المُضْفَئِدُّ مِنَ النَّاسِ والإِبل المُنْزَوي الجِلْد البَطِينُ البادِنُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: اضفأَدّ الرَّجُلُ يَضْفَئِدُّ اضْفِئْداداً إِذا انْتَفَخَ مِنَ الغَضَب. الْجَوْهَرِيُّ: الضَّفَنْدَدُ الضَّخْم الأَحمق، قَالَ: وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْخُمَاسِيِّ بِتَكْرِيرِ آخره.
ضفند: التَّهْذِيبَ فِي الرُّبَاعِيِّ: امرأَة ضَفَنْدَدَة رَخْوَةٌ، وَالذَّكَرُ ضَفَنْدَد. الْفَرَّاءُ: إِذا كَانَ مَعَ الحُمْقِ فِي الرَّجُلِ كَثْرَةُ لَحْمٍ وثِقَلٌ قِيلَ: رَجُلٌ ضَفَنْدَدٌ ضِفَنٌّ خُجَأَة. وَقَالَ اللَّيْثُ: رَجُلٌ ضَفَنَّدٌ رِخْو ضَخْم، وَقَدْ ذُكِرَ عَامَّةُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ ضفد.
ضمد: ضَمَدْتُ الْجُرْحَ وَغَيْرَهُ أَضْمِدُه ضَمْداً، بالإِسكان: شَدَدْتُه بالضِّمادِ والضِّمادَة، وَهِيَ العِصابَةُ، وعَصَّبْتُه وَكَذَلِكَ الرأْس إِذا مَسَحْت عَلَيْهِ بِدُهْن أَو مَاءٍ ثُمَّ(3/264)
لَفَفْتَ عَلَيْهِ خِرْقَة، وَاسْمُ مَا يَلْزَقُ بِهِمَا الضِّمَادُ؛ وَقَدْ تَضَمَّد. اللَّيْثُ: ضَمَّدْت رأْسه بالضِّماد، وَهِيَ خِرْقَةٌ تُلَفُّ عَلَى الرأْس عِنْدَ الادّهانِ والغَسْل وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ يُوضَعُ الضِّمادُ عَلَى الرأْس للصُّداع يُضَمَّد بِهِ، والمِضَدُّ لُغَةٌ يَمَانِيَةٌ. وضَمَّدَ فُلَانٌ رأْسَه تَضْمِيداً أَي شَدَّه بِعِصَابَةٍ أَو ثَوْبٍ مَا خَلَا الْعِمَامَةَ، وَقَدْ ضُمِّدَ بِهِ فَتَضَمَّد. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: أَنه ضَمَّدَ عَيْنَيْه بالصَّبِرِ وَهُوَ مُحْرم
أَي جَعَلَهُ عَلَيْهِمَا وَدَاوَاهُمَا بِهِ. وأَصل الضَّمْد الشَّدُّ مِنْ ضَمَدَ رأْسَه وجُرْحَه إِذا شَدَّهُ بالضِّماد، وَهِيَ خِرْقَةٌ يُشَدّ بِهَا العُضْو المَؤُوفُ، ثُمَّ قِيلَ لِوَضْع الدواءِ عَلَى الجُرح وَغَيْرِهِ، وإِنْ لَمْ يُشدّ. وَيُقَالُ: ضَمَّدْت الْجُرْحَ إِذا جَعَلْتَ عَلَيْهِ الدَّوَاءَ. قَالَ: وضَمَّدْتُه بالزَّعْفَران والصَّبِرِ أَي لَطَخْتُه. وضَمَّدت رأْسه إِذا لفَفْته بِخِرْقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ: هَذَا ضِماد، وَهُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُضَمَّدُ بِهِ الجرحُ، وَجَمْعُهُ ضَمائِدُ. وَيُقَالُ: ضَمِدَ الدّمُ عَلَيْهِ أَي يَبِسَ وَقَرَتَ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وَمَا هُريقَ عَلَى غَرِيِّكَ الضَّمَدُ
فَقَدْ فَسَّرَهُ فَقَالَ: الضَّمَدُ الَّذِي ضُمِّدَ بِالدَّمِ؛ وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: يُقَالُ ضَمدَ الدمُ عَلَى حَلْقِ الشَّاةِ إِذا ذُبحت فسالَ الدمُ ويَبِس عَلَى جِلْدها. وَيُقَالُ: رأَيت عَلَى الدَّابَّةِ ضَمَداً مِنَ الدَّم، وَهُوَ الَّذِي قَرَتَ عَلَيْهِ وجَفَّ، وَلَا يُقَالُ الضَّمَدُ إِلا عَلَى الدَّابَّةِ لأَنه يَجِيءُ مِنْهُ فَيَجْمُد عَلَيْهِ. قَالَ: والغَرِيُّ فِي بَيْتِ النَّابِغَةِ مُشَبَّه بِالدَّابَّةِ. أَبو مالك: اضْمُدْ [اضْمِدْ] عَلَيْكَ ثيابَك أَي شُدَّها. وأَجِدْ ضَمْدَ هَذَا العِدْلِ. وضَمَدْتُ رأْسَه بِالْعَصَا: ضَرَبْتُهُ وعَمَّمْتُه بِالسَّيْفِ. والضَّمْدُ: الظُّلْم. والضَّمَدُ، بِالتَّحْرِيكِ: الحِقْدُ اللازِقُ بِالْقَلْبِ، وَقِيلَ: هُوَ الحِقْدُ مَا كَانَ. وَقَدْ ضَمِدَ عَلَيْهِ، بِالْكَسْرِ، ضَمَداً أَي أَحِنَ عَلَيْهِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
ومَنْ عَصاكَ فَعاقِبْهُ مُعاقَبَةً ... تَنْهى الظَّلومَ، وَلَا تَقْعُدْ على الضَّمَد
وأَنشده الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَقْعُدْ عَلَى ضَمَد، بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقِيلَ لَهُ: أَنت أَمَرْتَ بقتلِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَضَمِدَ
أَي اغْتَاظَ. يُقَالُ: ضَمِدَ يَضْمَدُ ضَمَداً، بِالتَّحْرِيكِ، إِذا اشْتَدَّ غَيْظُه وَغَضَبُهُ. وفَرَق قَوْمٌ بَيْنَ الضَّمَد والغَيْظِ فَقَالُوا: الضَّمَد أَن يَغْتَاظَ عَلَى مَنْ يَقْدِر عَلَيْهِ، والغيظُ أَن يَغتاط عَلَى مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا يقدِرُ. يُقَالُ: ضَمِدَ عَلَيْهِ إِذا غَضِبَ عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: الضَّمَدُ شِدَّةُ الْغَيْظِ. وأَنا عَلَى ضِمادَةٍ مِنَ الأَمْر أَي أَشْرَفْتُ عَلَيْهِ. والضَّمْدُ: المُداجاةُ. والضَّمْدُ: رَطْبُ الشَّجَرِ ويابسُه قَديمُه وحَديثُه؛ وَقِيلَ: الضَّمْدُ رَطْبُ النَّبْتِ وَيَابِسُهُ إِذا اخْتَلَطَا. يُقَالُ: الإِبل تأْكل مِنْ ضَمْدِ الْوَادِي أَي مِنْ رَطْبِه ويابسهِ إِذا اخْتَلَطا. وَفِي صِفَةِ مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى: مِنْ خُوصٍ وضَمْدٍ؛ الضَّمدُ، بِالسُّكُونِ، رَطْبُ الشَّجَرِ ويابسُه. وَقَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: فِيمَ تَرَكْتَ أَرْضَكَ؟ قَالَ: تَرَكْتُهمْ فِي أَرض قَدْ شَبِعَتْ غَنَمُها مِنْ سَوادِ نَبْتها، وشبِعت إِبلُها مِنْ ضَمْدها ولَقِحَ نَعَمُها؛ قَوْلُهُ ضَمْدها قَالَ: لَيْسَ فِيهَا عُود إِلَّا وَقَدْ ثَقَبَه النبْت أَي أَوْرَق. وأَضْمَدَ العَرْفَجُ: تَجَوَّفَتْه الخُوصَةُ وَلَمْ تَبْدُرْ مِنْهُ أَي كَانَتْ فِي جَوْفِهِ وَلَمْ تَظْهَرْ. والضَّمْدُ: خِيارُ الغَنمِ ورُذالُها. وأُعطيكَ مِنْ ضَمْدِ هَذِهِ الْغَنَمِ أَي مِنْ صَغيرَتِها وكبيرتِها وصالِحَتها وطالِحَتِها ودَقِيقها وجَلِيلها. والضَّمْدُ: أَنْ يُخالَّ الرجلُ المرأَة وَمَعَهَا زَوْجٌ؛ وَقَدْ ضَمَدَتْه تَضْمِدُه وتَضْمُده. والضَّمْد أَيضاً: أَن يُخالَّها خَلِيلانِ، والفِعْل كالفِعل؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:(3/265)
تُريدينَ كَيْما تَضْمُديني وَخَالِدًا، ... وَهَلْ يُجْمَعُ السَّيْفانِ ويْحَكِ فِي غِمْدِ؟
والضِّمادُ كالضَّمْد. قَالَ: والضَّمْد أَن تُخالَّ المرأَةُ ذاتُ الزَّوْجِ رَجُلًا غَيْرَ زَوْجِهَا أَو رَجُلَيْنِ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو؛ قَالَ مُدْرِكٌ:
لَا يُخْلِصُ، الدَّهْرَ، خَلِيلٌ عَشْرَا ... ذاتَ الضِّماد أَو يَزُورَ القَبْرا،
إِني رَأَيْتُ الضَّمْدَ شَيْئًا نُكْرا
قَالَ: لَا يَدومُ رَجُلٌ عَلَى امرأَته وَلَا امرأَةٌ عَلَى زَوْجِهَا إِلا قَدْرَ عَشْرِ لَيَالٍ للعُذْر فِي النَّاسِ فِي هَذَا الْعَامِ، فَوَصَفَ مَا رأَى لأَنه رأَى النَّاسَ كَذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ؛ وأَنشد:
أَرَدْتِ لِكَيْما تَضْمُديني وصاحِبي، ... أَلا لَا، أَحِبِّي صاحِبي ودَعِيني
الْفَرَّاءُ: الضِّمادُ أَن تُصادِقَ المرأَةُ اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَةً فِي الْقَحْطِ لتأْكل عِنْدَ هَذَا وَهَذَا لِتَشْبَعَ. قَالَ أَبو يُوسُفَ: سَمِعْتُ مُنْتَجِعًا الْكِلَابِيَّ وأَبا مَهْدِيّ يَقُولَانِ: الضَّمَدُ الْغَابِرُ الْبَاقِي مِنَ الْحَقِّ؛ تَقُولُ: لَنَا عِنْدَ بَنِي فُلَانٍ ضَمَد أَي غابِرٌ مِنْ حقٍّ مِنْ مَعْقُلَةٍ أَو دَيْن. والمِضْمَدَةُ: خَشَبَة تُجْعَلُ عَلَى أَعْناقِ الثَّوْرَيْنِ فِي طَرَفِها ثَقبانِ، فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا ثُقْبَة بَيْنَهُمَا فَرْضٌ فِي ظَهْرِهَا ثُمَّ يُجْعَلُ فِي الثُّقْبَيْنِ خَيْطٌ يُخْرج طَرَفَاهُ مِنْ بَاطِنِ المِضْمَدَة، ويُوثَقُ فِي طَرفِ كلِّ خَيْطٍ عُودٌ يُجْعَلُ عُنُقُ الثَّوْرِ بَيْنَ العُودَيْنِ. والضَّامِدُ: اللَّازِمُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وعَبْدٌ ضَمَدَة: ضَخْمٌ غلِيظٌ؛ عَنِ الهَجَريِّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا سأَل رَسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ البَداوَة، فَقَالَ: اتَّقِ اللهَ وَلَا يَضُرُّك أَن تَكُونَ بجانِب ضَمَدٍ
؛ هُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ وَالْمِيمِ: مَوْضِعٌ باليمن.
ضهد: ضَهَدَه يَضْهَدُه ضَهْداً واضْطَهَدَه: ظَلَمه وقَهرَه. وأَضْهَدَ بِهِ: جارَ عَلَيْهِ. ورجلٌ مَضْهُودٌ ومُضْطَهَد: مَقْهُور ذَلِيلٌ مُضْطَرٌّ. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: كَانَ لَا يُجيزُ الاضْطِهادَ
؛ هُوَ الظلمُ والقَهْرُ. يُقَالُ: ضَهَدَه واضْطَهَده، وَالطَّاءُ بَدَلٌ مِنْ تَاءِ الِافْتِعَالِ؛ الْمَعْنَى: كَانَ لَا يُجيزُ الْبَيْعَ واليمِينَ وَغَيْرَهَا فِي الإِكْراه والقَهْر. وَرَوَى ابْنُ الْفَرَجِ لأَبي زَيْدٍ: أَضْهَدتُ بِالرَّجُلِ إِضْهاداً، وأَلْهَدْتُ بِهِ إِلهاداً، وَهُوَ أَنْ تَجُورَ عَلَيْهِ وتسْتَأْثِرَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: اضْطَهَدَ فلانٌ فُلَانًا إِذا اضْطَعَفَه وقَسَرَه. وَهِيَ الضُّهْدَة؛ يُقَالُ: مَا نَخَافُ بِهَذَا البَلَدِ الضُّهْدَة أَي الغَلَبَة والقَهْر. وَفُلَانٌ ضُهْدَة لِكُلِّ أَحَدٍ أَي كلُّ مَنْ شاءَ أَن يَقْهَرَه فَعَلَ. وَرَجُلٌ ضَهِيدٌ: صُلْبٌ شديدٌ. وضَهْيَدٌ: مَوْضِعٌ، لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْيَلٌ غيرُه، وَذَكَرَ الْخَلِيلُ أَنه مصنوع.
ضود: الضَّادُ حَرْفُ هِجَاءٍ وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُور، وَهُوَ أَحد الْحُرُوفِ المُسْتَعْلية يَكُونُ أَصلًا لَا بَدَلًا وَلَا زَائِدًا. وَالضَّادُ للعَرَب خَاصَّةً وَلَا تُوجَدُ فِي كَلَامِ الْعَجَمِ إِلا فِي الْقَلِيلِ؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي قَوْلِ أَبي الطَّيِّبِ:
وبِهِمْ فَخرُ كلِّ مَنْ نَطَقَ الضَّادَ، ... وعَوْذُ الْجَانِي، وغَوْثُ الطَّريدِ
ذَهَبَ بِهِ إِلى أَنها لِلْعَرَبِ خَاصَّةً. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَلَا يُعْتَرَضُ بِمِثْلِ هَذَا عَلَى أَصحابنا؛ قَالَ: وَعَيْنُهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ. والضَّوادي: مَا يُتَعَلَّلُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ وَلَا يُحَقَّقُ لَهُ فِعْلٌ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
وَمَا لِيَ لَا أُحَيِّيه، وَعِنْدِي ... قَلائِصُ يَطَّلِعْنَ مِنَ النِّجادِ؟(3/266)
إِليَّ وإِنَّه للناسِ نَهْيٌ، ... وَلَا يُعْتَلُّ بالكَلِمِ الضَّوادِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ الْكَلِمُ لَمْ يَحْكِهَا إِلا ابْنُ دَرَسْتُوَيْهِ، قَالَ: وَلَا أَصل لَهَا فِي اللُّغَةِ. التَّهْذِيبِ: ابْنُ الأَعرابي: الضَّوادِي الفُحْش. وَقَالَ ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ ضادَى فلانٌ فُلَانًا، وضادَّه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وإِنه لصاحِبُ ضَدًى مِثْلُ قَفاً: مِنَ المُضَادَّة أَخرجه مِنَ التضعيف.
فصل الطاء المهملة
طرد: الطَّرْدُ: الشَّلُّ؛ طَرَدَه يَطْرُدُه طَرْداً وطَرَداً وطَرَّده؛ قَالَ:
فأُقْسِمُ لَوْلَا أَنَّ حُدْباً تَتابَعَتْ ... عليَّ، وَلَمْ أَبْرَحْ بِدَيْنٍ مُطَرَّدا
حُدْباً: يَعْنِي دَواهِيَ، وَكَذَلِكَ اطَّرَدَه؛ قَالَ طُرَيْحٌ:
أَمْسَتْ تُصَفِّقُها الجَنُوب، وأَصْبَحَتْ ... زَرْقاءَ تَطَّرِدُ القَذَى بِحِباب
والطَّرِيدُ: المَطْرُودُ مِنَ النَّاسِ، وَفِي الْمُحْكَمِ المَطْرُود، والأُنثى طَريدٌ وطَريدة؛ وَجَمْعُهُمَا مَعاً طَرائِدُ. وَنَاقَةٌ طَريدٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ: طُرِدَتْ فَذُهِبَ بِهَا كَذَلِكَ، وَجَمْعُهَا طَرائِدُ. وَيُقَالُ: طَردْتُ فُلَانًا فَذَهَبَ، وَلَا يُقَالُ فاطَّرَدَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَا يُقالُ مِن هَذَا انْفَعَلَ وَلَا افْتَعَلَ إِلا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ. والطَّرْدُ: الإِبْعَادُ، وَكَذَلِكَ الطَّرَدُ، بِالتَّحْرِيكِ. وَالرَّجُلُ مَطْرُودٌ وطَريدٌ. ومرَّ فُلانٌ يَطْرُدُهم أَي يَشُلُّهم ويَكْسَؤهُمْ. وطَرَدْتُ الإِبِلَ طَرْداً وطَرَداً أَي ضَمَمْتُها مِنْ نَوَاحِيهَا، وأَطْرَدْتُها أَي أَمرتُ بِطَرْدِها. وفلانٌ أَطْرَدَه السُّلْطَانُ إِذا أَمر بإِخْراجه عَنْ بَلَده. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَطْرَدْتُه إِذا صَيَّرْتَه طَرِيدًا، وطَرَدْتُه إِذا نَفَيْتَه عَنْكَ وقلتَ لَهُ: اذْهَبْ عَنَّا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: أَطْرَدْنا المُعْتَرفِينَ.
يُقَالُ: أَطْرَدَه السلطانُ وطَرَدَه أَخرجه عَنْ بَلدِه، وحَقِيقَتُه أَنه صيَّره طَرِيدًا. وطَرَدْتُ الرَّجُلَ طَرْداً إِذا أَبْعَدته، وطَرَدْتُ القومَ إِذا أَتَيْتَ عَلَيْهِمْ وجُزْتَهُم. وَفِي حَدِيثِ قِيَامِ اللَّيْلِ:
هُوَ قُرْبَةٌ إِلى اللَّهِ تَعَالَى ومَطْرَدَةُ الدَّاءِ عَنِ الجَسَد
أَي أَنها حالةٌ مِنْ شأْنها إِبْعادُ الدَّاءِ أَو مكانٌ يَخْتَصُّ بِهِ ويُعْرَفُ، وَهِيَ مَفْعَلة مِنَ الطَّرْدِ. والطَّريدُ: الرَّجُلُ يُولَدُ بعدَ أَخيه فَالثَّانِي طَريدُ الأَول؛ يُقَالُ: هُوَ طريدُه. وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ طَريدان، كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَرِيدُ صَاحِبِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يُعيدانِ لِي مَا أَمضيا، وَهُمَا مَعًا ... طَريدانِ لَا يَسْتَلْهِيان قَرارِي
وبَعِيرٌ مُطَّرِدٌ: وَهُوَ الْمُتَتَابِعُ فِي سَيْرِهِ وَلَا يَكْبو؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
فَعُجْتُ مِنْ مُطَّرِدٍ مَهْديّ
وطَرَدْتُ الرَّجُلَ إِذا نَحَّيْتَهُ. وأَطْرَدَ الرجلَ: جَعَلَهُ طَريداً وَنَفَاهُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَطرَدْتُ الرَّجُلَ جَعَلْتُهُ طَرِيدًا لَا يأْمن. وطَرَدْتُه: نَحَّيْتُه ثُمَّ يَأْمَنُ. وطَرَدَتِ الكِلابُ الصَّيْدَ طَرْداً: نَحَّتْه وأَرهَقَتْه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: يُقَالُ طَرَدْتُه فَذَهَبَ، لَا مُضَارِعَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَالطَّرِيدَةُ: مَا طَرَدْتَ مِنْ صَيْدٍ وَغَيْرِهِ. وبَلَد طَرَّادٌ: وَاسِعٌ يَطَّرِدُ فِيهِ السَّرابُ. وَمَكَانُ طَرَّادٌ أَي واسعٌ. وسَطْحُ طَرَّادٌ: مُسْتَوٍ وَاسِعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجُ:
وَكَمْ قَطَعْنا مِنْ خِفافٍ حُمْسِ،(3/267)
غُبْرِ الرِّعانِ ورِمالٍ دُهْسِ، ... وصَحْصَحَانٍ قَذَفٍ كالتُّرْسِ،
وعْرٍ، نُسامِيها بِسَيْرٍ وَهْسِ، ... والوَعْسِ والطَّرَّادِ بَعْدَ الوَعْسِ
قَوْلُهُ نُسامِيها أَي نُغالبها. بسَيْرٍ وهْسٍ أَي ذِي وَطْءٍ شَدِيدٍ. يُقَالُ: وَهَسَهُ أَي وَطِئَه وَطْأً شَدِيدًا يَهِسُه وَكَذَلِكَ وعَسَه؛ وخَرَج فُلَانٌ يَطْرُد حُمُرَ الْوَحْشِ. وَالرِّيحُ تَطْرُد الحصَى والجَوْلانَ عَلَى وجْه الأَرض، وَهُوَ عَصْفُها وذَهابُها بِها. والأَرضُ ذاتُ الآلِ تَطْرُد السَّرابَ طَرْداً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنه، والرَّهاءُ المَرْتُ يَطْرُدُه، ... أَغراسُ أَزْهَر تحتَ الرِّيحِ مَنْتوج
واطَّرَدَ الشيءُ: تَبِعَ بعضُه بَعْضًا وَجَرَى. واطَّرَدَ الأَمرُ: استقامَ. واطَّرَدَتِ الأَشياءُ إِذا تَبِعَ بعضُها بَعْضًا. واطَّرَدَ الكلامُ إِذا تتابَع. واطَّرَدَ الماءُ إِذا تتابَع سَيَلانُه؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
أَتَعْرِفُ رَسْماً كاطِّرادِ المَذاهِبِ
أَراد بالمَذاهب جُلُودًا مُذْهَبَةً بِخُطُوطٍ يُرَى بَعْضُهَا فِي إِثر بَعْضٍ فكأَنها مُتَتابعَة؛ وقولُ الرَّاعِي يَصِفُ الإِبل واتِّباعَها مَوَاضِعَ الْقَطْرِ:
سيكفيكَ الإِلهُ ومُسْنَماتٌ، ... كَجَنْدَلِ لُبْنَ، تَطّرِدُ الصِّلالا
أَي تَتَتابَعُ إِلى الأَرَضِين الْمَمْطُورَةِ لِتَشْرَبَ مِنْهَا فَهِيَ تُسْرِعُ وتَسْتَمرُّ إِليها، وحذَفَ فأَوْصَلَ الْفِعْلَ وأَعْمَلَه. والماءُ الطَّرِدُ: الَّذِي تَخُوضه الدوابُّ لأَنها تَطَّرِدُ فِيهِ وَتَدْفَعُهُ أَي تَتَتَابَعُ. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ فِي الرَّجُلِ يَتَوَضَّأُ بالماءِ الرَّمَلِ والماءِ الطَّرِدِ
؛ هُوَ الَّذِي تَخُوضه الدوابُّ. ورَمْلٌ مُتَطارِد: يَطْرُدُ بعضُه بَعْضًا وَيَتْبَعُهُ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
ذَكَرتُ ابنَ ليْلى والسَّماحَةَ، بعدَ ما ... جَرَى بينَنا مُورُ النَّقَا المُتطَارِد
وجَدْوَلٌ مُطَّرِدٌ: سريعُ الجَرْيَة. والأَنهارُ تطَّرِدُ أَي تَجْري. وَفِي حَدِيثِ الإِسراء:
وإِذا نَهْران يَطَّرِدان
أَي يَجْرِيان وَهُمَا يَفْتَعِلان. وأَمرٌ مُطَّردٌ: مُسْتَقِيمٌ عَلَى جِهَتِهِ. وَفُلَانٌ يَمْشي مَشْياً طِراداً أَي مُسْتَقِيمًا. والمُطارَدَة فِي الْقِتَالِ: أَن يَطْرُدَ بعضُهم بَعْضًا. وَالْفَارِسُ يَسْتَطْرِدُ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ قِرْنُه ثُمَّ يَكُرُّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنه يَتَحَيَّزُ فِي اسْتِطْرادِه إِلى فِئَتِهِ وَهُوَ يَنْتَهِزُ الفُرْصة لِمُطَارَدَتِهِ، وَقَدِ اسْتَطْرَدَ لَهُ وَذَلِكَ ضَرْب مِنَ المَكِيدَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُنْتُ أُطارِدُ حيَّةً
أَي أَخْدَعُها لأَصِيدَها؛ وَمِنْهُ طِرادُ الصَّيْد. ومُطارَدَة الأَقران والفُرْسان وطِرادُهم: هُوَ أَن يَحْمِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا. يُقَالُ: هُمْ فُرْسَانُ الطِّرادِ. والمِطْرَدُ: رُمْحٌ قَصِيرٌ تُطْعَنُ بِهِ حُمُر الْوَحْشِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المِطْرَد، بِالْكَسْرِ، رُمْحٌ قَصِيرٌ يُطْرَد بِهِ، وَقِيلَ: يُطْرَد بِهِ الْوَحْشُ. والطِّرادُ: الرُّمْحُ الْقَصِيرُ لأَن صَاحِبَهُ يُطارِدُ بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والمِطْرَدُ مِنَ الرُّمْحِ مَا بَيْنَ الجُبَّةِ وَالْعَالِيَةِ. والطَّرِيدَةُ: مَا طَرَدْتَ مِنْ وَحْشٍ وَنَحْوِهِ. وَفِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ: إِذا كَانَ عِنْدَ اطِّراد الْخَيْلِ وَعِنْدَ سَلِّ السُّيُوفِ أَجزأَ الرجلَ أَن تَكُونَ صلاتُهُ تَكْبِيرًا. الاضْطِرادُ: هُوَ الطِّرادُ، وَهُوَ افتِعالٌ، مِنْ طِرادِ الخَيْل، وَهُوَ عَدْوُها وَتَتَابُعُهَا، فَقُلِبَتْ تَاءُ الِافْتِعَالِ طَاءً ثُمَّ قُلِبَتِ الطَّاءُ الأَصلية ضَادًا. والطَّريدة: قَصَبَة فِيهَا حُزَّة تُوضَع عَلَى المَغازِلِ والعُودِ والقِداح(3/268)
فَتُنْحَتُ عَلَيْهَا وتُبْرَى بِهَا؛ قَالَ الشماخُ يَصِفُ قَوْسًا:
أَقامَ الثِّقافُ والطَّرِيدَةُ دَرْأَها، ... كَمَا قَوَّمَت ضِغْنَ الشَّمُوسِ المَهامِزُ
أَبو الْهَيْثَمِ: الطَّرِيدَةُ السَّفَن وَهِيَ قَصَبة تُجَوَّفُ ثم يُفْغَرُ مِنْهَا مَوَاضِعُ فَيُتَّبَعُ بِهَا جَذْب السَّهْم. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الطَّرِيدَة قِطْعَةُ عُودٍ صَغِيرَةٍ فِي هَيْئَةِ المِيزابِ كأَنها نِصْفُ قَصَبة، سَعَتُها بِقَدْرِ مَا يَلزمُ القَوْسَ أَو السَّهْمَ. والطَّرِيدَةُ: الخِرْقَة الطَّوِيلَةُ مِنَ الْحَرِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعاوية: أَنه صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَبِيَدِهِ طَرِيدَةٌ
؛ التَّفْسِيرُ لِابْنِ الأَعرابي حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. أَبو عَمْرٍو: الجُبَّةُ الخِرْقَة المُدَوَّرَة، وإِن كَانَتْ طَوِيلَةً، فَهِيَ الطَّرِيدَة. وَيُقَالُ للخِرْقَة الَّتِي تُبَلُّ ويُمْسَحُ بِهَا التَّنُّورُ: المِطْرَدَةُ والطَّرِيدَة. وثَوْبٌ طَرائد، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي خَلَقٌ. وَيَوْمٌ طَرَّادٌ ومُطَرَّدٌ: كاملٌ مُتَمَّم؛ قَالَ:
إِذا القَعُودُ كَرَّ فِيهَا حَفَدَا ... يَوْماً، جَديداً كُلَّه، مُطَرَّدا
وَيُقَالُ: مَرَّ بِنَا يومٌ طَرِيدٌ وطَرَّادٌ أَي طويلٌ. ويومٌ مُطَرَّدٌ أَي طَرَّادٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ الْفَرَسَ:
وكأَنَّ مُطَّرِدَ النَّسِيم، إِذا جَرَى ... بَعْدَ الكَلالِ، خَلِيَّتَا زُنْبُورِ
يَعْنِي بِهِ الأَنْفَ. والطَّرَدُ: فِراخُ النحلِ، وَالْجَمْعُ طُرُود؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والطَّرِيدَةُ: أَصلُ العِذْق. والطَّرِيدُ: العُرْجُون. والطَّرِيدَةُ: بُحَيْرَةٌ مِنَ الأَرضِ قلِيلَة العَرْضِ إِنما هِيَ طَريقَة. والطَّرِيدَةُ: شُقَّةٌ مِنَ الثَّوب شُقَّتْ طُولًا. والطَّرِيدَة: الوَسيقَة مِنَ الإِبل يُغِيرُ عَلَيْهَا قومٌ فَيَطْرُدُونها؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وَهُوَ مَا يُسْرَقُ مِنَ الإِبل. والطَّرِيدَة: الخُطَّة بَيْنَ العَجْبِ والكاهِلِ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
فَهَذَّبَ عَنْهَا مَا يَلي البَطْنَ، وانْتَحَى ... طَرِيدَةَ مَتْنٍ بَيْنَ عَجْبٍ وكاهِلِ
والطَّريدَةُ: لُعْبَةُ الصِّبْيانِ، صِبْيانِ الأَعراب، يُقَالُ لَهَا المَاسَّةُ والمَسَّةُ، وَلَيْسَتْ بِثَبَت؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاح يَصِفُ جَواري أَدرَكْنَ فَتَرَفَّعْن عَنْ لَعِب الصِّغَارِ والأَحداث:
قَضَتْ مِنْ عَيَافٍ والطَّريدَةِ حَاجَةً، ... فهُنَّ إِلى لَهْوِ الْحَدِيثِ خُضُوعُ
وأَطْرَدَ المُسابِقُ صاحِبَه: قَالَ لَهُ إِن سَبَقْتَني فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا. وَفِي الحديثِ:
لَا بأْسَ بالسِّباق مَا لَمْ تُطْرِدْه ويُطْرِدْك.
قَالَ الإِطْرادُ أَن تقولَ: إِن سَبَقْتَني فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، وإِن سَبَقْتُكَ فَلِي عَلَيْكَ كَذَا. قَالَ ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ أَطْرِدْ أَخاك فِي سَبَقٍ أَو قِمارٍ أَو صِراعٍ فإِن ظَفِرَ كَانَ قَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وإِلا لَزِمَه الأَوَّلُ والآخِرُ. ابْنُ الأَعرابي: أَطْرَدْنا الغَنَم وأَطْرَدْتُمْ أَي أَرْسَلْنا التُّيوس فِي الْغَنَمِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ إِذا شَهِدَ الشهودُ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ أَن يُحْضِرَ الخَصْم، ويَقْرأَ عَلَيْهِ مَا شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهِ، ويُنْسِخَه أَسماءَهم وأَنسابهم ويُطْرِدَه جَرْحَهم فإِن لَمْ يأْتِ بِهِ حَكَمَ عَلَيْهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ يُطْرِدَه جَرْحَهُمْ أَن يَقُولَ لَهُ: قَدْ عُدِّلَ هؤُلاءِ الشهودُ، فإِن جئتَ بِجَرْحِهِمْ وإِلا حَكَمْتُ عَلَيْكَ بِمَا شَهِدُوا بِهِ عَلَيْكَ؛ قَالَ: وأَصله مِنَ الإِطْرادِ فِي السِّباق وَهُوَ أَن يَقُولَ أَحد الْمُتَسَابِقَيْنِ لِصَاحِبِهِ: إِن سبقْتني فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا،(3/269)
وإِن سَبَقْتُ فَلِي عَلَيْكَ كَذَا، كأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُولُ لَهُ: إِن جِئْتَ بِجَرْحِ الشُّهودِ وإِلا حَكَمْتُ عَلَيْكَ بِشَهَادَتِهِمْ. وَبَنُو طُرُودٍ: بَطْن وَقَدْ سَمَّتْ طَرَّاداً ومُطَرِّداً.
طود: الطَّوْدُ: الْجَبَلُ الْعَظِيمُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ذَاكَ طَودٌ مُنِيفٌ
أَي جَبَلٌ عَالٍ. والطَّوْدُ: الهَضْبَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ أَطْوادٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يَا مَنْ رأَى هامَةً تَزْقُو عَلَى جَدَثٍ، ... تُجِيبُها خَلِفاتٌ ذاتُ أَطْوادِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: الأَطوادُ هُنَا الأَسْنِمَة، شَبَّهَهَا فِي ارْتِفَاعِهَا بالأَطواد الَّتِي هِيَ الْجِبَالُ، يَصِفُ إِبِلَا أُخِذَت فِي الدِّيَةِ فَعَيَّرَ صاحِبَها بِهَا. والتَّطْوادُ: التَّطْوافُ؛ ابْنُ الأَعرابي: طَوَّدَ إِذا طَوَّفَ بالبِلادِ لِطَلَبِ الْمَعَاشِ. والمَطاوِدُ: مِثْلُ المَطَاوِحِ. والطادِي: الثَّابِتُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِ الْقَطَامِيِّ:
......... وَمَا ... تُقْضَى بَواقي دَيْنِها الطَّادِي
قَالَ: يُرادُ بِهِ الواطِدُ فأَخَّر الْوَاوَ وَقَلَبَهَا أَلفاً «2» الْفَرَّاءُ: طَادَ إِذا ثَبَتَ، وداطَ إِذا حَمُق، ووَطَد إِذا حَمُق، ووطَدَ إِذا سَارَ. وطَوَّد فُلَانٌ بِفُلَانٍ تَطْويداً وطَوَّحَ بِهِ تَطْوِيحاً وطَوَّد بِنَفْسِهِ فِي المَطاوِدِ وطَوَّح بِهَا فِي المطاوِح وَهِيَ المَذاهب؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَخُو شُقَّةٍ جابَ البلادَ بنفْسِه، ... عَلَى الهَوْلِ حَتَّى لَوَّحَتْه المَطاوِدُ
وابنُ الطَّوْدِ: الجُلْمُودُ الَّذِي يَتَدَهْدى مِنَ الطَّوْدِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
دَعَوْتُ جُلَيْداً دَعْوَةً فَكأَنما ... دَعَوْتُ بِه ابنَ الطَّوْدِ، أَو هُوَ أَسْرَع «3»
. وطَوْدٌ وطُوَيْد: اسمان.
فصل العين المهملة
عبد: الْعَبْدُ: الإِنسان، حُرًّا كَانَ أَو رَقِيقًا، يُذْهَبُ بِذَلِكَ إِلى أَنه مَرْبُوبٌ لِبَارِيهِ، جَلَّ وَعَزَّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ فِي الْفِدَاءِ: مكانَ عَبْدٍ عَبْدٌ
، كَانَ مِنْ مَذْهَبِ عُمَرَ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ، فِيمَنْ سُبيَ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وأَدركه الإِسلام، وَهُوَ عِنْدَ مَنْ سَبَاهُ، أَن يُرَدَّ حُرّاً إِلى نَسَبِهِ وَتَكُونَ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ يؤَدّيها إِلى مَنْ سَبَاهُ، فَجَعل مَكَانَ كُلِّ رأْس مِنْهُمْ رأْساً مِنَ الرَّقِيقِ؛ وأَما قَوْلُهُ:
وَفِي ابْنِ الأَمة عَبْدان
، فإِنه يُرِيدُ الرَّجُلَ الْعَرَبِيَّ يَتَزَوَّجُ أَمة لِقَوْمٍ فَتَلِدُ مِنْهُ وَلَدًا فَلَا يَجْعَلُهُ رَقِيقًا، وَلَكِنَّهُ يُفْدَى بِعَبْدَيْنِ، وإِلى هَذَا ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ رَاهَوَيْهِ، وسائرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى خِلَافِهِ. والعَبْدُ: الْمَمْلُوكُ خِلَافُ الْحُرِّ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ فِي الأَصل صِفَةٌ، قَالُوا: رَجُلٌ عَبْدٌ، وَلَكِنَّهُ استُعمل اسْتِعْمَالَ الأَسماء، وَالْجَمْعُ أَعْبُد وعَبِيد مِثْلُ كَلْبٍ وكَليبٍ، وَهُوَ جَمْع عَزيزٌ، وعِبادٌ وعُبُدٌ مِثْلُ سَقْف وسُقُف؛ وأَنشد الأَخفش:
انْسُبِ العَبْدَ إِلى آبائِه، ... أَسْوَدَ الجِلْدَةِ مِنْ قَوْمٍ عُبُدْ
وَمِنْهُ قرأَ بعضُهم: وعُبُدَ الطاغوتِ؛ وَمِنَ الْجَمْعِ أَيضاً عِبْدانٌ، بِالْكَسْرِ، مِثْلَ جِحْشانٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: هؤُلاء قَدْ ثَارَتْ مَعَهُمْ عِبْدانُكم.
وعُبْدانٌ، بِالضَّمِّ: مِثْلُ تَمْرٍ وتُمْرانٍ. وعِبِدَّان،
__________
(2) . قوله [وقلبها ألفاً] كذا بالأَصل المعتمد والمناسب قلبها ياء كما هو ظاهر.
(3) . قوله [جليدا] كذا بالأصل، وفي شرح القاموس خليداً، وفي الأَساس كليباً(3/270)
مُشَدَّدَةُ الدَّالِ، وأَعابِدُ جَمْعُ أَعْبُدٍ؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ الإِيادي يَصِفُ نَارًا:
لَهنٌ كَنارِ الرأْسِ، بالْعَلْياءِ، ... تُذْكيها الأَعابِدْ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ عَبْدٌ بَيِّن العُبُودَة والعُبودِيَّة والعَبْدِيَّةِ؛ وأَصل العُبودِيَّة الخُضوع والتذلُّل. والعِبِدَّى، مَقْصُورٌ، والعبدَّاءُ، مَمْدُودٌ، والمَعْبوداء، بِالْمَدِّ، والمَعْبَدَة أَسماءُ الْجَمْعِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَا يَقُل أَحدكم لِمَمْلُوكِهِ عَبْدي وأَمَتي وَلْيَقُلْ فتايَ وَفَتَاتِي
؛ هَذَا عَلَى نَفْيِ الِاسْتِكْبَارِ عَلَيْهِمْ وأَنْ يَنْسُب عُبُودِيَّتَهُمْ إِليه، فإِن الْمُسْتَحِقَّ لِذَلِكَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ رَبُّ الْعِبَادِ كُلِّهِمْ والعَبيدِ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمُ العِباد لِلَّهِ، وغيرَه مِنَ الْجَمْعِ لِلَّهِ وَالْمَخْلُوقِينَ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بالعِبِدَّى العَبيدَ الَّذِينَ وُلِدوا فِي المِلْك، والأُنثى عَبْدة. قَالَ الأَزهري: اجْتَمَعَ الْعَامَّةُ عَلَى تَفْرِقَةِ مَا بَيْنَ عِباد اللَّهِ وَالْمَمَالِيكِ فَقَالُوا هَذَا عَبْد مِنْ عِباد اللَّهِ، وهؤُلاء عَبيدٌ مَمَالِيكُ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ عَبَدَ يَعْبُدُ عِبادة إِلا لِمَنْ يَعْبُد اللَّهَ، وَمَنْ عَبَدَ دُونَهُ إِلهاً فَهُوَ مِنَ الْخَاسِرِينَ. قَالَ: وأَما عَبْدٌ خَدَمَ مَوْلَاهُ فَلَا يُقَالُ عَبَدَه. قَالَ اللَّيْثُ: وَيُقَالُ لِلْمُشْرِكِينَ هُمْ عَبَدَةُ الطَّاغُوتِ، وَيُقَالُ لِلْمُسْلِمِينَ عِبادُ اللَّهِ يَعْبُدُونَ اللَّهَ. وَالْعَابِدُ: المُوَحِّدُ. قَالَ اللَّيْثُ: العِبِدَّى جَمَاعَةُ العَبِيد الَّذِينَ وُلِدوا فِي العُبودِيَّة تَعْبِيدَةٌ ابْنُ تَعْبِيدَةٍ أَي فِي العُبودة إِلى آبَائِهِ، قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ، يُقَالُ: هَؤُلَاءِ عِبِدَّى اللَّهِ أَي عِبَادُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ:
هَؤُلَاءِ عِبِدَّاكَ بِفِناءِ حَرَمِك
؛ العِبِدَّاءُ، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، جَمْعُ الْعَبْدِ. وَفِي حَدِيثِ
عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ: أَنه قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا هَذِهِ العِبِدَّى حوْلَك يَا مُحَمَّدُ؟
أَراد فقَراءَ أَهل الصُّفَّة، وَكَانُوا يَقُولُونَ اتَّبَعَه الأَرذلون. قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ لِلْعَبِيدِ مَعْبَدَةٌ؛ وأَنشد لِلْفَرَزْدَقِ:
وَمَا كَانَتْ فُقَيْمٌ، حيثُ كَانَتْ ... بِيَثْرِبَ، غيرَ مَعْبَدَةٍ قُعودِ
قَالَ الأَزهري: ومثلُ مَعْبَدة جَمْعِ العَبْد مَشْيَخَةٌ جَمْعُ الشيْخ، ومَسْيَفة جَمْعُ السَّيْفِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَبَدْتُ اللَّهَ عِبادَة ومَعْبَداً. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ
، الْمَعْنَى مَا خَلَقْتُهُمْ إِلا لأَدعوهم إِلى عِبَادَتِي وأَنا مُرِيدٌ لِلْعِبَادَةِ مِنْهُمْ، وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ مَنْ يَعْبُدُهُ مِمَّنْ يَكْفُرُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ خَلَقَهُمْ لِيُجْبِرَهُمْ عَلَى الْعِبَادَةِ لَكَانُوا كُلُّهُمْ عُبَّاداً مُؤْمُنِينَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ أَهل السنَّة وَالْجَمَاعَةِ. والَعبْدَلُ: العبدُ، وَلَامُهُ زَائِدَةٌ. والتِّعْبِدَةُ: المُعْرِقُ فِي المِلْكِ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ العُبودةُ والعُبودِيَّة وَلَا فِعْلَ لَهُ عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: عَبُدَ عُبودَة وعُبودِية. اللَّيْثُ: وأَعْبَدَه عَبْدًا مَلَّكه إِياه؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ أَعْبَدْتُ فُلَانًا أَي استَعْبَدْتُه؛ قَالَ: وَلَسْتُ أُنْكِرُ جَوَازَ مَا قَالَهُ اللَّيْثُ إِن صَحَّ لِثِقَةٍ مِنَ الأَئمة فإِن السَّمَاعَ فِي اللُّغَاتِ أَولى بِنَا مِنْ خَبْطِ العَشْواءِ، والقَوْلِ بالحَدْس وابتداعِ قياساتٍ لَا تَطَّرِدُ. وتَعَبَّدَ الرجلَ وعَبَّده وأَعْبَدَه: صيَّره كالعَبْد، وتَعَبَّدَ اللَّهُ العَبْدَ بِالطَّاعَةِ أَي اسْتَعْبَدَهُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
حَتَّامَ يُعْبِدُني قَوْمي، وَقَدْ كَثُرَت ... فيهمْ أَباعِرُ، ما شاؤوا، وعِبْدانُ؟
وعَبَّدَه واعْتَبَده وَاسْتَعْبَدَهُ؛ اتَّخَذَهُ عَبْداً؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَرْضَوْنَ بالتَّعْبِيدِ والتَّأَمِّي(3/271)
أَراد: والتَّأْمِيَةِ. يُقَالُ: تَعَبَّدْتُ فُلَانًا أَي اتخذْتُه عَبْداً مِثْلُ عَبَّدْتُه سَوَاءٌ. وتأَمَّيْتُ فُلَانَةً أَي اتخذْتُها أَمَة. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثَلَاثَةٌ أَنا خَصْمُهم: رَجُلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّراً
، وَفِي رِوَايَةٍ: أَعبَدَ مُحَرَّراً أَي اتَّخَذَهُ عَبْدًا، وَهُوَ أَن يُعْتِقَه ثُمَّ يكْتمه إِياه، أَو يَعْتَقِلَه بَعْدَ العِتْقِ فَيَسْتَخْدِمَهُ كُرْهاً، أَو يأْخذ حُرًّا فيدَّعيه عَبْدًا وَيَتَمَلَّكَهُ؛ وَالْقِيَاسُ أَن يَكُونَ أَعبَدْتُه جَعَلْتُهُ عَبداً. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ
؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذِهِ آيَةٌ مُشْكِلَةٌ وَسَنَذْكُرُ مَا قِيلَ فِيهَا وَنُخْبِرُ بالأَصح الأَوضح. قَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتِلْكَ نِعْمَةٌ، قَالَ: يُقَالُ هَذَا اسْتِفْهَامٌ كأَنه قَالَ أَو تِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ ثُمَّ فَسَّرَ فَقَالَ: أَن عَبَّدْتَ بَنِي إِسرائيل، فَجَعَلَهُ بَدَلًا مِنَ النِّعْمَةِ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَهَذَا غَلَطٌ لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ مُلْقًى وَهُوَ يُطْلَبُ، فِيَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ كَاْلَخَبَرِ؛ وَقَدِ استُقْبِحَ وَمَعَهُ أَمْ وَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ، اسْتَقْبَحُوا قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:
تروحُ مِنَ الحَيِّ أَم تَبْتَكِرْ
قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَتَروحُ مِنَ الحَيِّ أَم تَبْتَكِر فحذفُ الِاسْتِفْهَامِ أَولى وَالنَّفِيُ تَامٌّ؛ وَقَالَ أَكثرهم: الأَوّل خَبَرٌ وَالثَّانِي اسْتِفْهَامٌ فأَما وَلَيْسَ مَعَهُ أَم لَمْ يَقُلْهُ إِنسان. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ، لأَنه قَالَ وأَنت مِنَ الْكَافِرِينَ لِنِعْمَتِي أَي لِنِعْمَةِ تَرْبِيَتِي لَكَ فأَجابه فَقَالَ: نَعَمْ هِي نِعْمَةٌ عَلَيَّ أَن عبَّدْت بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَسْتَعْبِدْنِي، فَيَكُونُ مَوْضِعُ أَن رَفْعًا وَيَكُونُ نَصْبًا وَخَفْضًا، مَنْ رَفَعَ رَدَّهَا عَلَى النِّعْمَةِ كأَنه قَالَ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ تَعْبِيدُك بَنِي إِسرائيل وَلَمْ تُعَبِّدْني، وَمَنْ خَفَضَ أَو نَصَبَ أَضمر اللَّامَ؛ قَالَ الأَزهري: وَالنَّصْبُ أَحسن الْوُجُوهِ؛ الْمَعْنَى: أَن فِرْعَوْنَ لَمَّا قَالَ لِمُوسَى: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ، فاعْتَدَّ فِرْعَوْنُ عَلَى مُوسَى بأَنه ربَّاه وَلِيدًا منذُ وُلدَ إِلى أَن كَبِرَ فَكَانَ مِنْ جَوَابِ مُوسَى لَهُ: تِلْكَ نِعْمَةٌ تَعْتَدُّ بِهَا عَلَيَّ لأَنك عبَّدْتَ بَنِي إِسرائيل، وَلَوْ لَمْ تُعَبِّدْهم لكَفَلَني أَهلي وَلَمْ يُلْقُوني فِي الْيَمِّ، فإِنما صَارَتْ نِعْمَةً لِمَا أَقدمت عَلَيْهِ مِمَّا حَظَرَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: الْمُفَسِّرُونَ أَخرجوا هَذِهِ عَلَى جِهَةِ الإِنكار أَن تَكُونَ تِلْكَ نِعْمَةً، كأَنه قَالَ: وأَيّ نِعْمَةٍ لَكَ عَلَيَّ فِي أَن عَبَّدْتَ بَنِي إِسرائيل، وَاللَّفْظُ لَفْظُ خَبَرٍ؛ قَالَ: وَالْمَعْنَى يَخْرُجُ عَلَى مَا قَالُوا عَلَى أَن لَفْظَهُ لَفْظُ الْخَبَرِ وَفِيهِ تَبْكِيتُ الْمُخَاطَبِ، كأَنه قَالَ لَهُ: هَذِهِ نِعْمَةٌ أَنِ اتَّخَذْتَ بَنِي إِسرائيلَ عَبيداً وَلَمْ تَتَخِذْنِي عَبْدًا. وعَبُدَ الرجلُ عُبودَةً وعُبودِيَّة وعُبِّدَ: مُلِكَ هُوَ وآباؤَه مِنْ قبلُ. والعِبادُ: قَوْمٌ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى مِنْ بطونِ الْعَرَبِ اجْتَمَعُوا عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ فأَنِفُوا أَن يَتَسَمَّوْا بالعَبِيدِ وَقَالُوا: نَحْنُ العِبادُ، والنَّسَبُ إِليه عِبادِيّ كأَنصارِيٍّ، نَزَلُوا بالحِيرَة، وَقِيلَ: هُمُ العَباد، بِالْفَتْحِ، وَقِيلَ لِعَبادِيٍّ: أَيُّ حِمَارَيْكَ شَرٌّ؟ فَقَالَ: هَذَا ثُمَّ هَذَا. وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ: العَبادي، بِفَتْحِ الْعَيْنِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا غَلَطٌ بَلْ مَكْسُورُ الْعَيْنِ؛ كَذَا قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَغَيْرُهُ؛ وَمِنْهُ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ العِبادي، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَكَذَا وُجِدَ بِخَطِّ الأَزهري. وعَبَدَ اللَّهَ يَعْبُدُه عِبادَةً ومَعْبَداً ومَعْبَدَةً: تأَلَّه لَهُ؛ وَرَجُلٌ عَابِدٌ مِنْ قَوْمٍ عَبَدَةٍ وعُبُدٍ وعُبَّدٍ وعُبَّادٍ. والتَّعَبُّدُ: التَّنَسُّكُ. والعِبادَةُ: الطَّاعَةُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ(3/272)
مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ؛ قرأَ أَبو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَعَاصِمٌ وأَبو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ
، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلِيٍّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ ومَن عَبَدَ الطاغوتَ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قَوْلُهُ: وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ
، نَسَقٌ عَلَى مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ؛ الْمَعْنَى مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَمَنْ عبَدَ الطاغوتَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ وتأْويلُ عبدَ الطاغوتَ أَي أَطاعه يَعْنِي الشيطانَ فِيمَا سَوّلَ لَهُ وأَغواه؛ قَالَ: والطاغوتُ هُوَ الشَّيْطَانُ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ
؛ أَي نُطِيعُ الطاعةَ الَّتِي يُخْضَعُ مَعَهَا، وَقِيلَ: إِياك نُوَحِّد، قَالَ: وَمَعْنَى العبادةِ فِي اللُّغَةِ الطاعةُ مَعَ الخُضُوعِ، وَمِنْهُ طريقٌ مُعَبَّدٌ إِذا كَانَ مُذَلَّلًا بِكَثْرَةِ الوطءِ. وقرأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّاب والأَعمش وَحَمْزَةُ: وعَبُدَ الطاغوتِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَا أَعلم لَهُ وَجْهًا إِلا أَن يَكُونَ عَبُدَ بِمْنْزِلَةِ حَذُرٍ وعَجُلٍ. وَقَالَ نَصْرٌ الرَّازِيُّ: عَبُدَ وَهِمَ مَنْ قرأَه وَلَسْنَا نَعْرِفُ ذَلِكَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. قَالَ اللَّيْثُ: وعَبُدَ الطاغوتُ مَعْنَاهُ صَارَ الطاغوتُ يُعْبَدُ كَمَا يُقَالُ ظَرُفَ الرَّجُلُ وفَقُه؛ قَالَ الأَزهري: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالتَّفْسِيرِ، مَا قرأَ أَحد مِنْ قرَّاء الأَمصار وَغَيْرِهِمْ وعَبُدَ الطاغوتُ، بِرَفْعِ الطَّاغُوتِ، إِنما قرأَ حَمْزَةُ وعَبُدَ الطاغوتِ وَهِيَ مَهْجُورَةٌ أَيضاً؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وقرأَ بَعْضُهُمْ وعَبُدَ الطاغوتِ وأَضافه؛ قَالَ: وَالْمَعْنَى فِيمَا يُقَالُ خَدَمُ الطاغوتِ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِجَمْعٍ لأَن فَعْلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فَعُلٍ مِثْلَ حَذُرٍ ونَدُسٍ، فِيَكُونُ الْمَعْنَى وخادِمَ الطاغوتِ؛ قَالَ الأَزهري: وَذَكَرَ اللَّيْثُ أَيضاً قِرَاءَةً أُخرى مَا قرأَ بِهَا أَحد قَالَ وَهِيَ: وَعَابِدُو الطاغوتِ جَمَاعَةٌ؛ قَالَ: وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَلِيلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْقِرَاآتِ، وَكَانَ نَوْلُه أَن لَا يَحكي القراآتِ الشاذَّةَ وَهُوَ لَا يَحْفَظُهَا، وَالْقَارِئُ إِذا قرأَ بِهَا جَاهِلٌ، وَهَذَا دَلِيلُ أَن إِضافته كِتَابَهُ إِلى الْخَلِيلِ بْنِ أَحمد غَيْرُ صَحِيحٍ، لأَن الْخَلِيلَ كَانَ أَعقل مِنْ أَن يُسَمِّيَ مِثْلَ هَذِهِ الْحُرُوفِ قِرَاآتٍ فِي الْقُرْآنِ وَلَا تَكُونُ مَحْفُوظَةً لِقَارِئٍ مَشْهُورٍ مِنْ قُرَّاءِ الأَمصار، ونسأَل اللَّهَ الْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِلصَّوَابِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وقُرِئَ وعُبُدَ الطاغوتِ جماعةُ عابِدٍ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ جَمْعُ عَبيدٍ كَرَغِيفٍ ورُغُف؛ وَرُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنه قرأَ: وعُبْدَ الطاغوتِ، بإِسكان الْبَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ، وَقُرِئَ وعَبْدَ الطاغوتِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحدهما أَن يَكُونَ مُخَفَفًا مِنْ عَبُدٍ كَمَا يُقَالُ فِي عَضُدٍ عَضْدٌ، وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ عَبْدَ اسْمُ الْوَاحِدِ يَدُلُّ عَلَى الْجِنْسِ وَيَجُوزُ فِي عَبْدٍ النَّصْبَ وَالرَّفْعَ، وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَن أُبَيًّا وَعَبْدَ اللَّهِ قَرَآ: وعَبَدوا الطاغوتَ؛ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قرأَ: وعُبَّادَ الطاغوتِ، وَبَعْضُهُمْ: وعابِدَ الطاغوتِ؛ قَالَ الأَزهري: وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وعُبِّدَ الطاغوتُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيضاً: وعُبَّدَ الطاغوتِ، وَمَعْنَاهُ عُبَّاد الطاغوتِ؛ وَقُرِئَ: وعَبَدَ الطاغوتِ، وَقُرِئَ: وعَبُدَ الطاغوتِ. قَالَ الأَزهري: وَالْقِرَاءَةُ الْجَيِّدَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ عِنْدِي غَيْرُهَا هِيَ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ الَّتِي بِهَا قرأَ الْقُرَّاءُ الْمَشْهُورُونَ، وعَبَدَ الطاغوتَ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي بَيَّنْتُهُ أَوّلًا؛ وأَما قَوْلُ أَوْسِ بْنِ حَجَر:
أَبَنِي لُبَيْنَى، لَسْتُ مُعْتَرِفاً، ... لِيَكُونَ أَلأَمَ مِنْكُمُ أَحَدُ
أَبَني لُبَيْنى، إِنَّ أُمَّكُمُ ... أَمَةٌ، وإِنَّ أَباكُمُ عَبُدُ
فإِنه أَراد وإِن أَباكم عَبْد فَثَقَّل لِلضَّرُورَةِ، فَقَالَ عَبُدُ لأَن الْقَصِيدَةَ مِنَ الْكَامِلِ وَهِي حَذَّاء. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ
؛ أَي دَائِنُونَ. وكلُّ مَنْ دانَ لِمَلِكٍ فَهُوَ عَابِدٌ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: فُلَانٌ عَابِدٌ(3/273)
وَهُوَ الْخَاضِعُ لِرَبِّهِ الْمُسْتَسْلِمُ المُنْقاد لأَمره. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ*
؛ أَي أَطيعوا رَبَّكُمْ. وَالْمُتَعَبِّدُ: الْمُنْفَرِدُ بِالْعِبَادَةِ. والمُعَبَّد: المُكَرَّم المُعَظَّم كأَنه يُعْبَد؛ قَالَ:
تقولُ: أَلا تُمْسِكْ عليكَ، فإِنَّني ... أَرى المالَ عندَ الباخِلِينَ مُعَبَّدَا؟
سَكَّنَ آخِرَ تُمْسِكْ لأَنه تَوَهَّمَ سِكُعَ «4» مَنْ تُمْسِكُ عليكَ بِناءً فِيهِ ضَمَّةٌ بَعْدَ كَسْرَةٍ، وَذَلِكَ مُسْتَثْقَلٌ فَسَكَّنَ، كَقَوْلِ جَرِيرٍ:
سِيروا بَني العَمِّ، فالأَهْوازُ مَنْزِلُكم ... ونَهْرُ تِيرَى، وَلَا تَعْرِفْكُمُ العَربُ
والمُعَبَّد: المُكَرَّم فِي بَيْتِ حَاتِمٍ حَيْثُ يَقُولُ:
تقولُ: أَلا تُبْقِي عَلَيْكَ، فإِنَّني ... أَرى المالَ عِنْدَ المُمْسِكينَ مُعَبَّدا؟
أَي مُعَظَّماً مَخْدُومًا. وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مُكَرَّم. والعَبَدُ: الجَرَبُ، وَقِيلَ: الجربُ الَّذِي لَا يَنْفَعُهُ دَوَاءٌ؛ وَقَدْ عَبِدَ عَبَداً. وَبَعِيرٌ مُعَبَّد: أَصابه ذَلِكَ الجربُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مَهْنُوءٌ بالقَطِران؛ قَالَ طَرَفَةُ:
إِلى أَن تَحامَتْني العَشِيرَةُ كُلُّها، ... وأُفْرِدْتُ إِفْرادَ البعيرِ المُعَبَّدِ
قَالَ شَمِرٌ: المُعَبَّد مِنَ الإِبل الَّذِي قَدْ عُمَّ جِلدُه كلُّه بالقَطِران؛ وَيُقَالُ: المُعَبَّدُ الأَجْرَبُ الَّذِي قَدْ تَسَاقَطَ وَبَرهُ فأُفْرِدَ عَنِ الإِبل لِيُهْنَأَ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي عَبَّدَه الجَرَبُ أَي ذَلَّلَهُ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وضَمَّنْتُ أَرْسانَ الجِيادِ مُعَبَّداً، ... إِذا مَا ضَرَبْنا رأْسَه لَا يُرَنِّحُ
قَالَ: المُعَبَّد هَاهُنَا الوَتِدُ. قَالَ شَمِرٌ: قِيلَ لِلْبَعِيرِ إِذا هُنِئَ بالقَطِرانِ مُعَبَّدٌ لأَنه يَتَذَلَّلُ لِشَهْوَتِه القَطِرانَ وَغَيْرَهُ فَلَا يَمْتَنِعُ. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: سَمِعْتُ الْكِلَابِيِّينَ يَقُولُونَ: بَعِيرٌ مُتَعَبِّدٌ ومُتَأَبِّدٌ إِذا امْتَنَعَ عَلَى النَّاسِ صُعُوبَةً وَصَارَ كآبِدَةِ الْوَحْشِ. والمُعَبَّدُ: الْمُذَلَّلُ. وَالتَّعَبُّدُ: التَّذَلُّلُ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي يُترَك وَلَا يُرْكَبُ. وَالْتَعْبِيدُ: التَّذْلِيلُ. وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مُذَلَّلٌ. وَطَرِيقٌ مُعَبَّد: مَسْلُوكٌ مُذَلَّلٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَكْثُرُ فِيهِ الْمُخْتَلِفَةُ؛ قَالَ الأَزهري: والمعبَّد الطَّرِيقُ الْمَوْطُوءُ فِي قَوْلِهِ:
وَظِيفاً وَظِيفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ
وأَنشد شَمِرٌ:
وبَلَدٍ نَائِي الصُّوَى مُعَبَّدِ، ... قَطَعْتُه بِذاتِ لَوْثٍ جَلْعَدِ
قَالَ: أَنشدنيه أَبو عدنانَ وَذَكَرَ أَن الْكِلَابِيَّةَ أَنشدته وَقَالَتِ: المعبَّد الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَثر وَلَا علَم وَلَا مَاءٌ والمُعَبَّدة: السَّفِينَةُ المُقَيَّرة؛ قَالَ بِشْرٌ فِي سَفِينَةٍ رَكِبَهَا:
مُعَبَّدَةُ السَّقائِفِ ذاتُ دُسْرٍ، ... مُضَبَّرَةٌ جَوانِبُها رَداحُ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المُعَبَّدةُ المَطْلِيَّة بِالشَّحْمِ أَو الدُّهْنِ أَو الْقَارِ؛ وَقَوْلُ بِشْرٍ:
تَرى الطَّرَقَ المُعَبَّدَ مِن يَدَيها، ... لِكَذَّانِ الإِكامِ بِهِ انْتِضالُ
الطَّرَقُ: اللِّينُ فِي اليَدَينِ. وَعَنَى بالمعبَّد الطَّرَق الَّذِي لَا يُبْس يَحْدُثُ عَنْهُ وَلَا جُسُوءَ فكأَنه طَرِيقٌ مُعَبَّد قَدْ سُهِّلَ وذُلِّلَ. والتَّعْبِيدُ: الاسْتِعْبَادُ وَهُوَ أَن يَتَّخِذَه عَبْداً وَكَذَلِكَ الاعْتِبادُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ورجلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّراً
، والإِعبادُ مِثْلُه وَكَذَلِكَ التَّعَبُّد؛ وَقَالَ:
تَعَبَّدَني نِمْرُ بْنُ سَعْدٍ، وَقَدْ أُرَى ... ونِمْرُ بْنُ سَعْدٍ لِي مُطيعٌ ومُهْطِعُ
__________
(4) . هكذا في الأَصل.(3/274)
وعَبِدَ عَلَيْهِ عَبَداً وعَبَدَةً فَهُوَ عابِدٌ وعَبدٌ: غَضِب؛ وَعَدَّاهُ الْفَرَزْدَقُ بِغَيْرِ حَرْفٍ فَقَالَ:
عَلَامَ يَعْبَدُني قَوْمي، وَقَدْ كَثُرَتْ ... فِيهِمْ أَباعِرُ، ما شاؤُوا، وعُبْدانُ [عِبْدانُ] ؟
أَنشده يَعْقُوبُ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى يُعْبِدُني؛ وَقِيلَ: عَبِدَ عَبَداً فَهُوَ عَبِدٌ وعابِدٌ: غَضِبَ وأَنِفَ، وَالِاسْمُ العَبَدَةُ. والعَبَدُ: طُولُ الْغَضَبِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: عَبِد عَلَيْهِ وأَحِنَ عَلِيْهِ وأَمِدَ وأَبِدَ أَي غَضِبَ. وَقَالَ الغَنَوِيُّ: العَبَدُ الحُزْن والوَجْدُ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
أُولئِكَ قَوْمٌ إِنْ هَجَوني هَجَوتُهم، ... وأَعْبَدُ أَن أَهْجُو كُلَيْباً بِدارِمِ
أَعبَدُ أَي آنَفُ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر يَصِفُ الغَوَّاص:
فأَرْسَلَ نَفْسَهُ عَبَداً عَلَيها، ... وَكَانَ بنَفْسِه أَرِباً ضَنِينا
قِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ عَبَداً أَي أَنَفاً. يَقُولُ: أَنِفَ أَن تَفُوتَهُ الدُّرَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ
، ويُقْرأُ:
العَبِدينَ
؛ قَالَ اللَّيْثُ: العَبَدُ، بِالتَّحْرِيكِ، الأَنَفُ والغَضَبُ والحَمِيَّةُ مِنْ قَوْلٍ يُسْتَحْيا مِنْهُ ويُسْتَنْكَف، وَمَنْ قرأَ العَبِدِينَ فَهُوَ مَقْصُورٌ مِنْ عَبِدَ يَعْبَدُ فَهُوَ عَبِدٌ؛ وَقَالَ الأَزهري: هَذِهِ آيَةٌ مُشْكِلَةٌ وأَنا ذَاكِرُ أَقوال السَّلَفِ فِيهَا ثُمَّ أُتْبِعُها بِالَّذِي قَالَ أَهل اللُّغَةِ وأُخبر بأَصحها عَنْدِي؛ أَما الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ اللَّيْثُ فِي قراءَة الْعَبِدِينَ، فَهُوَ قَوْلُ أَبي عُبَيْدَةَ عَلَى أَني مَا عَلِمْتُ أَحداً قرأَ فأَنا أَول العَبِدين، وَلَوْ قرئَ مَقْصُورًا كَانَ مَا قَالَهُ أَبو عُبَيْدَةَ مُحْتَمَلًا، وإِذ لَمْ يقرأْ بِهِ قَارِئٌ مَشْهُورٌ لَمْ نعبأْ بِهِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي مَا رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عْيَيْنَةَ أَنه سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: مَعْنَاهُ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فأَنا أَوّل الْعَابِدِينَ
، يَقُولُ: فَكَمَا أَني لَسْتُ أَول مَنْ عَبَدَ اللَّهَ فَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلَّهِ وَلَدٌ؛ وَقَالَ السُّدِّيُّ: قَالَ اللَّهُ لِمُحَمَّدٍ: قُلْ إِن كَانَ عَلَى الشَّرَطِ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ كَمَا تَقُولُونَ لَكُنْتُ أَوّل مَنْ يُطِيعُهُ وَيَعْبُدُهُ؛ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: إِن كَانَ مَا كَانَ وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ عَلَى مَعْنَى مَا كَانَ، فأَنا أَوّل الْعَابِدِينَ أَوّل مَنْ عَبْدَ اللَّهِ مَنْ هَذِهِ الأُمة؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ إِن كَانَ أَي مَا كَانَ لِلرَّحْمَنِ فأَنا أَول الْعَابِدِينَ أَي الْآنِفِينَ، رَجُلٌ عابدٌ وعَبِدٌ وآنِف وأَنِفٌ أَي الغِضاب الْآنِفِينَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَ فأَنا أَول الْجَاحِدِينَ لِمَا تَقُولُونَ، وَيُقَالُ أَنا أَوَّل مَنْ تَعبَّده عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ مُخالَفَةً لَكُمْ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقِيلَ لَهُ: أَنت أَمرت بِقَتْلِ عُثْمَانَ أَو أَعَنْتَ عَلَى قَتْلِهِ فَعَبِدَ وضَمِدَ
أَي غَضِبَ غَضَبَ أَنَفَةٍ؛ عَبِدَ، بِالْكَسْرِ، يَعْبَدُ عَبَداً، بِالتَّحْرِيكِ، فَهُوَ عابِدٌ وعَبِدٌ؛ وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى عَنْ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، أَنه قَالَ: عَبِدْتُ فصَمَتُ
أَي أَنِفْتُ فسَكَتُّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَا كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ، وَالْوَقْفُ عَلَى الْوَلَدِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ: فأَنا أَوّل الْعَابِدِينَ لَهُ، عَلَى أَنه لَا وَلَدَ لَهُ وَالْوَقْفُ عَلَى الْعَابِدِينَ تَامٌّ. قَالَ الأَزهري: قَدْ ذَكَرْتُ الأَقوال وَفِيهِ قَوْلٌ أَحْسَنُ مِنْ جَمِيعِ مَا قَالُوا وأَسْوَغُ فِي اللُّغَةِ وأَبْعَدُ مِنَ الِاسْتِكْرَاهِ وأَسرع إِلى الْفَهْمِ. رُوِيَ عَنْ
مُجَاهِدٍ فِيهِ أَنه يَقُولُ: إِن كَانَ لِلَّهِ وَلَدٌ فِي قَوْلِكُمْ فأَنا أَوّل مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَكَذَّبَكُمْ بِمَا تَقُولُونَ
؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا وَاضِحٌ، وَمِمَّا يَزِيدُهُ وُضُوحًا أَن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لنبيِّه: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِلْكُفَّارِ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فِي زَعْمِكُمْ فأَنا أَوّل الْعَابِدِينَ إِلهَ الخَلْق أَجمعين الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وأَوّل المُوَحِّدِين لِلرَّبِّ الْخَاضِعِينَ(3/275)
الْمُطِيعِينَ لَهُ وَحْدَهُ لأَن مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَاعْتَرَفَ بأَنه مَعْبُودُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَقَدْ دَفَعَ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فِي دَعْوَاكُمْ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهُوَ مَعْبُودِي الَّذِي لَا ولَدَ لَهُ وَلَا والِدَ؛ قَالَ الأَزهري: وإِلى هَذَا ذَهَبَ إِبراهيم بْنُ السريِّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ ذَوِي الْمَعْرِفَةِ؛ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ عِنْدِي غَيْرُهُ. وتَعَبَّدَ كَعَبِدَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَرَى المُتَعَبَّدُونَ عليَّ دُوني ... حِياضَ المَوْتِ، واللُّجَجَ الغِمارا
وأَعْبَدُوا بِهِ: اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ يَضْرِبُونَهُ. وأُعْبِدَ بِفُلانٍ: ماتَتْ راحِلَتُه أَو اعْتَلَّت أَو ذهَبَتْ فانْقُطِعَ بِهِ، وَكَذَلِكَ أُبْدِعَ بِهِ. وعَبَّدَ الرجلُ: أَسْرعَ. وَمَا عَبَدَك عَنِّي أَي مَا حَبَسَك؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. وعَبِدَ بِهِ: لَزِمَه فَلَمْ يُفارِقْه؛ عَنْهُ أَيضاً. والعَبَدَةُ: البَقاءُ؛ يُقَالُ: لَيْسَ لِثَوبِك عَبَدَةٌ أَي بَقاءٌ وَقُوَّةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعَبَدَةُ: صَلاءَةُ الطِّيب. ابْنُ الأَعرابي: العَبْدُ نَبات طَيِّبُ الرَّائِحَةِ؛ وأَنشد:
حَرَّقَها العَبْدُ بِعُنْظُوانِ، ... فاليَوْمُ مِنْهَا يومُ أَرْوَنانِ
قَالَ: والعَبْدُ تُكلَفُ بِهِ الإِبلُ لأَنه مَلْبَنَة مَسْمَنَةٌ، وَهُوَ حارُّ المِزاجِ إِذا رَعَتْهُ الإِبِلُ عَطِشَتْ فطلَبَت الْمَاءَ. والعَبَدَةُ: النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:
تَرَى عَبَداتِهِنَّ يَعُدْنَ حُدْباً، ... تُناوِلُهَا الفَلاةُ إِلى الفلاةِ
وناقةٌ ذاتُ عَبَدَةٍ أَي ذاتُ قوَّةٍ شديدةٍ وسِمَنٍ؛ وَقَالَ أَبو دُوادٍ الإِيادِيُّ:
إِن تَبْتَذِلْ تَبْتَذِلْ مِنْ جَنْدَلٍ خَرِسٍ ... صَلابَةً ذاتَ أَسْدارٍ، لهَا عَبَدَه
والدراهمُ العَبْدِيَّة: كَانَتْ دراهمَ أَفضل مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ وأَكثر وَزْنًا. وَيُقَالُ: عَبِدَ فُلَانٌ إِذا نَدِمَ عَلَى شَيْءٍ يَفُوتُهُ يَلُومُ نَفْسَهُ عَلَى تَقْصِيرِ مَا كَانَ مِنْهُ. والمِعْبَدُ: المِسْحاةُ. ابْنُ الأَعرابي: المَعَابِدُ المَساحي والمُرورُ؛ قَالَ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ العِبَادِي:
إِذ يَحْرُثْنَه بالمَعَابِدِ «1»
وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: المَعَابِدُ العَبيدُ. وتَفَرَّقَ القومُ عَبادِيدَ وعَبابيدَ؛ والعَباديدُ والعَبابيدُ: الْخَيْلُ الْمُتَفَرِّقَةُ فِي ذَهَابِهَا وَمَجِيئِهَا وَلَا وَاحِدَ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَا يَقَعُ إِلا فِي جَمَاعَةٍ وَلَا يُقَالُ لِلْوَاحِدِ عبْدِيدٌ. الْفَرَّاءُ: العباديدُ والشَّماطِيطُ لَا يُفْرَد لَهُ واحدٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: وَلَا يُتكلم بِهِمَا فِي الإِقبال إِنما يُتَكَلَّمُ بِهِمَا فِي التَّفَرُّق وَالذَّهَابِ. الأَصمعيُّ: يُقَالُ صَارُوا عَبادِيدَ وعَبابيدَ أَي مُتَفَرِّقِين؛ وَذَهَبُوا عَباديدَ كَذَلِكَ إِذا ذَهَبُوا مُتَفَرِّقِينَ. وَلَا يُقَالُ أَقبلوا عَبادِيدَ. قَالُوا: وَالنِّسْبَةُ إِليهم عَبَادِيدِيُّ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ ذهَبَ إِلى أَنه لَوْ كَانَ لَهُ واحدٌ لَرُدَّ فِي النَّسَبِ إِليه. والعبادِيدُ: الآكامُ. والعَبادِيدُ: الأَطرافُ الْبَعِيدَةُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
والقَوْمُ آتَوْكَ بَهْزٌ دونَ إِخْوَتِهِم، ... كالسَّيْلِ يَرْكَبُ أَطرافَ العَبَادِيدِ
وبَهْزٌ: حيٌّ مِنْ سُلَيمٍ. قَالَ: هِيَ الأَطرافُ الْبَعِيدَةُ والأَشياء المتفَرِّقةُ. قَالَ الأَصمعي: العَبابيدُ الطُّرُقُ الْمُخْتَلِفَةُ. والتَّعْبيدُ: مِنْ قَوْلِكَ مَا عَبَّدَ أَن فعَلَ ذَلِكَ أَي مَا لَبِثَ؛ وَمَا عَتَّمَ وَمَا كَذَّبَ كُلُّه: مَا لَبِثَ. وَيُقَالُ انثَلَّ يَعْدُو وانْكَدَرَ يَعْدُو
__________
(1) . قوله [إذ يحرثنه إلخ] في شرح القاموس:
وملك سليمان بن داود زلزلت ... دريدان إذ يحرثنه بالمعابد(3/276)
وعَبَّدَ يَعْدُو إِذا أَسْرَع بعضَ الإِسْراعِ. والعَبْدُ: وَادٍ معروف في جبال طيء. وعَبُّودٌ: اسْمُ رَجُلٍ ضُرِبَ بِهِ المَثَلُ فَقِيلَ: نامَ نَوْمَةَ عَبُّودٍ، وَكَانَ رَجُلًا تَماوَتَ عَلَى أَهله وَقَالَ: انْدُبِيني لأَعلم كَيْفَ تَنْدبينني، فَنَدَبَتْهُ فَمَاتَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ؛ قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ سَلَمَةَ: كَانَ عَبُّودٌ عَبْداً أَسْوَدَ حَطَّاباً فَغَبَر فِي مُحْتَطَبِه أُسبوعاً لَمْ يَنَمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَبَقِيَ أُسبوعاً نَائِمًا، فَضُرِبَ بِهِ الْمَثَلُ وَقِيلَ: نَامَ نومةَ عَبُّودٍ. وأَعْبُدٌ ومَعْبَدٌ وعُبَيْدَةُ وعَبَّادٌ وعَبْدٌ وعُبادَةُ وعابِدٌ وعُبَيْدٌ وعِبْدِيدٌ وعَبْدانُ وعُبَيْدانُ، تصغيرُ عَبْدانَ، وعَبِدَةُ وعَبَدَةُ: أَسماءٌ. وَمِنْهُ علقمةُ بْنُ عَبَدَة، بِالتَّحْرِيكِ، فإِما أَن يَكُونَ مِنَ العَبَدَةِ الَّتِي هِيَ البَقاءُ، وإِما أَن يَكُونَ سُمِّيَ بالعَبَدَة الَّتِي هِيَ صَلاءَةُ الطِّيبِ، وعَبْدة بْنُ الطَّبيب، بِالتَّسْكِينِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: النَّسب إِلى عَبْدِ الْقَيْسِ عَبْدِيٌّ، وَهُوَ مِنَ الْقِسْمِ الَّذِي أُضيف فِيهِ إِلى الأَول لأَنهم لَوْ قَالُوا قَيْسِيٌّ، لَالْتَبَسَ بِالْمُضَافِ إِلى قَيْس عَيْلانَ وَنَحْوِهِ، وَرُبَّمَا قَالُوا عَبْقَسِيٌّ؛ قَالَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
وهُمْ صَلَبُوا العَبْدِيَّ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ، ... فَلَا عَطَسَتْ شَيْبانُ إِلَّا بِأَجْدَعَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ بِأَجْدَعَا أَي بأَنْفٍ أَجْدَعَ فحَذَفَ الْمَوْصُوفَ وأَقام صِفَتَهُ مَكَانَهُ. والعَبيدتانِ: عَبيدَةُ بنُ مُعَاوِيَةَ وعَبيدَةُ بْنُ عَمْرٍو. وَبَنُو عَبيدَة: حيٌّ، النَّسَبُ إِليه عُبَدِيٌّ، وَهُوَ مِنْ نَادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ. والعُبَيْدُ، مُصَغَّرٌ: اسْمُ فَرَسُ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْداسٍ؛ وَقَالَ:
أَتَجْعَلُ نَهْبي ونَهْبَ العُبَيْدِ ... بَيْنَ عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ؟
وعابِدٌ: مَوْضِعٌ. وعَبُّودٌّ: مَوْضِعٌ أَو جبلٌ. وعُبَيْدانُ: مَوْضِعٌ. وعُبَيْدانُ: ماءٌ مُنْقَطِعٌ بأَرض الْيَمَنِ لَا يَقْرَبُه أَنِيسٌ وَلَا وَحْشٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فهَلْ كنتُ إِلَّا نَائِيًا إِذْ دَعَوْتَني، ... مُنادَى عُبَيْدانَ المُحَلَّاءِ باقِرُهْ
وَقِيلَ: عُبَيْدانُ فِي الْبَيْتِ رَجُلٌ كَانَ رَاعِيًا لِرَجُلٍ مِنْ عَادٍ ثُمَّ أَحد بَنِي سُوَيْدٍ وَلَهُ خَبَرٌ طَوِيلٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وعُبَيْدانُ اسْمُ وَادٍ يُقَالُ إِن فِيهِ حيَّة قَدْ مَنَعَتْه فَلَا يُرْعَى وَلَا يُؤْتَى؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
لِيَهْنَأْ لَكُمْ أَنْ قَدْ نَفَيْتُمْ بُيوتَنا، ... مُنَدَّى عُبَيْدانَ المُحَلَّاءِ باقِرُهْ
يَقُولُ: نَفَيْتُمْ بُيُوتَنَا إِلى بُعْدٍ كبُعْدِ عُبَيْدانَ؛ وَقِيلَ: عُبَيْدَانُ هُنَا الْفَلَاةُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: عُبَيْدَانُ اسْمُ وَادِي الْحَيَّةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: المُحَلِّئِ باقِرَه، بِكَسْرِ اللَّامِ مِنَ المُحَلِّئِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مِنْ باقِرَه، وأَوّل الْقَصِيدَةِ:
أَلا أَبْلِغَا ذُبيانَ عَنِّي رِسَالَةً، ... فَقَدْ أَصْبَحَتْ عَنْ مَنْهَجِ الحَقِّ جائِرَهْ
وَقَالَ: قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: عُبَيْدانُ رَاعٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سُوَيْدِ بْنِ عَادٍ وَكَانَ آخِرَ عَادٍ، فإِذا حَضَرَ عُبَيْدَانُ الْمَاءَ سَقَى مَاشِيَتَهُ أَوّل النَّاسِ وتأَخر النَّاسُ كُلُّهُمْ حَتَّى يَسْقِي فَلَا يُزَاحِمُهُ عَلَى الْمَاءِ أَحد، فَلَمَّا أَدرك لُقْمَانَ بْنَ عَادٍ وَاشْتَدَّ أَمره أَغار عَلَى قَوْمِ عُبَيْدَانَ فَقَتَلَ مِنْهُمْ حَتَّى ذُلُّوا، فَكَانَ لُقْمَانُ يُورِدُ إِبلهُ فَيَسْقِي ويَسْقِي عُبَيْدانُ مَاشِيَتَهُ بَعَدَ أَن يَسْقِيَ لُقْمَانُ فَضَرَبَهُ النَّاسُ مَثَلًا. والمُنَدَّى: المَرْعَى يَكُونُ قَرِيبًا مِنَ الْمَاءِ يَكُونُ فِيهِ الحَمْضُ، فإِذا شَرِبَتِ الإِبلُ أَوّل شَرْبَةٍ نُحِّيَتْ إِلى المُنَدَّى لِتَرْعَى فِيهِ، ثُمَّ تُعَادُ إِلى الشُّرْبِ فَتَشْرَبُ حَتَّى تَرْوَى وَذَلِكَ أَبقى للماءِ فِي أَجوافها.(3/277)
والباقِرُ: جَمَاعَةُ البَقَر. والمُحَلِّئُ: الْمَانِعُ. الفرَّاء: يُقَالُ صُكَّ بِهِ فِي أُمِّ عُبَيْدٍ، وَهِي الفلاةُ، وَهِي الرقَّاصَةُ. قَالَ: وَقُلْتُ لِلْعَتَّابِيِّ: مَا عُبَيْدٌ؟ فَقَالَ: ابْنُ الْفَلَاةِ؛ وعُبَيْدٌ فِي قَوْلِ الأَعشى:
لَمْ تُعَطَّفْ عَلَى حُوارٍ، ولم يَقْطَعْ ... عُبَيْدٌ عُرُوقَهَا مِن خُمالِ
اسْمُ بَيْطارٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي
؛ أَي فِي حِزْبي. والعُبَدِيُّ: مَنْسُوبٌ إِلى بَطْنٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ جَنابٍ مِنْ قُضاعَةَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو العُبَيْدِ، كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَةِ إِلى بَنِي الهُذَيْل هُذَلِيٌّ، وَهُمُ الَّذِينَ عَنَاهُمُ الأَعشى بِقَوْلِهِ:
بَنُو الشَّهْرِ الحَرامِ فَلَسْتَ مِنْهُمْ، ... ولَسْتَ مِنَ الكِرامِ بَني العُبَيْدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سَبَبُ هَذَا الشِّعْرِ أَن عَمْرو بنَ ثعلبةَ بنِ الحَرِث بنِ حضْرِ بنِ ضَمْضَم بْنِ عَدِيِّ بْنِ جنابٍ كَانَ رَاجِعًا مِنْ غَزاةٍ، وَمَعَهُ أُسارى، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ الأَعشى فأَخذه فِي جُمْلَةِ الأُسارى، ثُمَّ سَارَ عَمْرٌو حَتَّى نَزَلَ عِنْدَ شُرَيْحِ بنِ حصْنِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ السَّمَوْأَل بْنِ عَادِيَاءَ فأَحسن نُزُلَهُ، فسأَل الأَعشى عَنِ الَّذِي أَنزله، فَقِيلَ لَهُ هُوَ شُرَيْحُ بْنُ حِصْنٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدِ امْتَدَحْتُ أَباه السَّمَوْأَل وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ خلَّةٌ، فأَرسل الأَعشى إِلى شُرَيْحٍ يُخْبِرُهُ بِمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبيه، وَمَضَى شُرَيْحٌ إِلى عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ فَقَالَ: إِني أُريد أَنْ تَهَبَنِي بعضَ أُساراكَ هَؤُلَاءِ، فَقَالَ: خُذْ مِنْهُمْ مَنْ شِئتَ، فَقَالَ: أَعطني هَذَا الأَعمى، فَقَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهَذَا الزَّمِنِ؟ خُذْ أَسيراً فِداؤُه مائةٌ أَو مِائَتَانِ مِنَ الإِبل، فَقَالَ: مَا أُريدُ إِلا هَذَا الأَعمى فإِني قَدْ رَحِمْتُهُ، فَوَهَبَهُ لَهُ، ثُمَّ إِنَّ الأَعشى هَجَا عَمْرَو بْنَ ثَعْلَبَةَ بِبَيْتَيْنِ وَهُمَا هَذَا الْبَيْتُ [بَنُو الشَّهْرِ الْحَرَامِ] وَبَعْدَهُ:
وَلَا مِنْ رَهْطِ جَبَّارِ بنِ قُرْطٍ، ... وَلَا مِن رَهْطِ حارثَةَ بنِ زَيْدِ
فَبَلَغَ ذَلِكَ عَمْرَو بْنَ ثَعْلَبَةَ فأَنْفَذ إِلى شُرَيْحٍ أَنْ رُدَّ عليَّ هِبَتي، فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: مَا إِلى ذَلِكَ سَبِيلٌ، فَقَالَ: إِنه هَجَانِي، فَقَالَ شُرَيْحٌ: لَا يَهْجُوكَ بَعْدَهَا أَبداً؛ فَقَالَ الأَعشى يَمْدَحُ شُرَيْحًا:
شُرَيْحُ، لَا تَتْرُكَنِّي بعد ما عَلِقَتْ، ... حِبالَكَ اليومَ بَعْدَ القِدِّ، أَظْفارِي
يَقُولُ فِيهَا:
كُنْ كالسَّمَوْأَلِ إِذْ طافَ الهُمامُ بِهِ ... فِي جَحْفَلٍ، كَسَوادِ الليلِ، جَرَّارِ
بالأَبْلَقِ الفَرْدِ مِن تَيْماءَ مَنْزِلهُ، ... حِصْنٌ حَصِينٌ، وجارٌ غيرُ غدَّارِ
خَيَّرَه خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فَقَالَ لَهُ: ... مَهْمَا تَقُلْه فإِني سامِعٌ حارِي
فَقَالَ: ثُكْلٌ وغَدْرٌ أَنتَ بَيْنَهُمَا، ... فاخْتَرْ، وَمَا فِيهِمَا حَظٌّ لمُخْتارِ
فَشَكَّ غيرَ طويلٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ: ... اقْتُلْ أَسِيرَكَ إِني مانِعٌ جَارِي
وَبِهَذَا ضُرِبَ المثلُ فِي الْوَفَاءِ بالسَّمَوْأَلِ فَقِيلَ: أَوفى مِنَ السَّمَوْأَل. وكان الحرث الأَعرج الْغَسَّانِيُّ قَدْ نَزَلَ عَلَى السموأَل، وَهُوَ فِي حِصْنِهِ، وَكَانَ وَلَدُهُ خَارِجَ الْحِصْنِ فأَسره الْغَسَّانِيُّ وَقَالَ للسموأَل: اخْتَرْ إِمّا أَن تُعْطِيَني السِّلاحَ الَّذِي أَوْدَعك إِياه إمرُؤُ الْقَيْسِ، وإِمّا أَن أَقتل وَلَدَكَ؛ فأَبى أَن يُعْطِيَهُ فَقَتَلَ وَلَدَهُ. والعَبْدانِ فِي بَنِي قُشَيْرٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُشَيْرٍ، وَهُوَ الأَعور، وَهُوَ ابْنُ لُبَيْنى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ بْنُ قُشَير، وَهُوَ سَلَمَةُ الْخَيْرِ. والعَبيدَتانِ: عَبيدَةُ(3/278)
ابن معاويةَ بْنِ قُشَيْر، وعَبيدَةُ بْنَ عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ. والعَبادِلَةُ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص.
عبرد: غُصْنٌ عُبَرِّدٌ: مُهْتَزٌّ نَاعِمٌ لَيِّنٌ. وَشَحْمٌ عُبَرِّدٌ: يَرْتَجُّ مِنْ رُطُوبَتِهِ. والعُبَرِّدَةُ «2» : الْبَيْضَاءُ مِنَ النِّسَاءِ النَّاعِمَةُ. وَجَارِيَةٌ عُبَرِّدَةٌ: تَرْتَجُّ مِنْ نَعْمَتِهَا. وَعُشْبٌ عُبَرِّدٌ ورُطَبٌ عُبَرِّدٌ: رقيق رديء.
عتد: عَتُدَ الشيءُ عَتاداً، فَهُوَ عَتِيدٌ: جَسُمَ. والعَتِيدَةُ: وعاءُ الطِّيب ونحوهُ، مِنْهُ. قَالَ الأَزهري: والعَتِيدَةُ طَبْلُ العَرائس أُعْتِدَتْ لِما تَحْتَاجُ إِليه العَرُوسُ مِنْ طِيبٍ وأَداة وبَخُور ومِشْط [مُشْط] وَغَيْرِهِ، أُدخل فِيهَا الْهَاءُ عَلَى مَذْهَبِ الأَسماء. وَفِي حَدِيثِ
أُم سُلَيْمٍ: فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَها
؛ هِيَ كَالصُّنْدُوقِ الصَّغِيرِ الَّذِي تَتْرُكُ فِيهِ المرأَة مَا يَعِزُّ عَلَيْهَا مِنْ مَتَاعِهَا. وأَعْتَدَ الشيءَ: أَعَدَّه؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً
أَي هَيَّأَتْ وأَعَدَّت. وَحَكَى يَعْقُوبُ أَن تَاءَ أَعْتَدْتُه بَدَلٌ مِنْ دَالِ أَعْدَدْتُه. يُقَالُ: أَعْتَدْتُ الشيءَ وأَعْدَدْتُه، فَهُوَ مُعْتَدٌ وعَتِيدٌ؛ وَقَدْ عَتَّدَه تَعْتِيداً. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ نَارًا
؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَعْتَدْتُ للغُرَماءِ كَلْباً ضارِياً ... عِنْدي، وفَضْلَ هِراوَةٍ مِن أَزرَقِ
وَشَيْءٌ عَتِيدٌ: مُعَدٌّ حاضِرٌ. وعَتُدَ الشيءُ عَتادَةً، فَهُوَ عَتِيدٌ: حَاضِرٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَمِنْ هُنَاكَ سُمِّيَتِ العَتِيدَةُ الَّتِي فِيهَا طِيبُ الرَّجُلِ وأَدْهانُه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ
؛ فِي رَفْعِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ: أَحدها أَنه عَلَى إِضمار التَّكْرِيرِ كأَنه قَالَ: هَذَا مَا لَدَيَّ هَذَا عَتِيدٌ، وَيَجُوزُ أَن تَرْفَعَهُ عَلَى أَنه خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، كَمَا تَقُولُ هَذَا حُلْوٌ حَامِضٌ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى هَذَا شَيْءٌ لَدَيَّ عَتِيدٌ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بإِضمار هُوَ كأَنه قَالَ: هَذَا مَا لَدَيَّ هُوَ عَتِيدٌ، يَعْنِي مَا كَتَبَهُ مِنْ عَمَلِهِ حَاضِرٌ عِنْدِي، وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَرِيبٌ. والعَتادُ: العُدَّةُ، وَالْجَمْعُ أَعْتِدَةٌ وعُتُدٌ. قَالَ اللَّيْثُ: وَالْعَتَادُ الشَّيْءُ الَّذِي تُعِدُّه لأَمْرٍ مَا وتُهَيِّئُه لَهُ، يُقَالُ: أَخذ للأَمر عُدَّتَه وعَتادَه أَي أُهْبَتَه وَآلَتَهُ. وَفِي حَدِيثِ صِفَتِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ:
لِكُلِّ حالٍ عِنْدَهُ عَتادٌ
أَي مَا يَصْلُحُ لِكُلِّ مَا يَقَعُ مِنَ الأُمور. وَيُقَالُ: إِنَّ العُدَّةَ إِنما هِيَ العُتْدَةُ، وأَعَدَّ يُعِدُّ إِنما هُوَ أَعْتَدَ يُعْتِدُ، وَلَكِنْ أُدغمت التَّاءُ فِي الدَّالِ؛ قَالَ: وأَنكر الْآخَرُونَ فَقَالُوا اشْتِقَاقُ أَعَدَّ مِنْ عَيْنٍ وَدَالَيْنِ لأَنهم يَقُولُونَ أَعددناه فَيُظْهِرُونَ الدَّالَيْنِ؛ وأَنشد:
أَعْدَدْتُ للحَرْبِ صَارِمًا ذَكَراً، ... مُجَرَّبَ الوقْع، غيرَ ذِي عَتَبِ
وَلَمْ يَقُلْ أَعْتَدْتُ. قَالَ الأَزهري: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ عَتَدَ بِناءً عَلَى حِدَةٍ وعَدَّ بِنَاءً مُضَاعَفًا؛ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الأَصوب عِنْدِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَدَب الناسَ إِلى الصَّدقةِ فَقِيلَ لَهُ: قَدْ مَنَعَ خالدُ بنُ الوليدِ والعباسُ عَمُّ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمّا خَالِدٌ فإِنهم يَظْلِمون خَالِدًا، إِنَّ خَالِدًا جَعَل رقيقَه وأَعْتُدَه حُبُساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وأَما الْعَبَّاسُ فإِنها عَلَيْهِ ومثلُها مَعَهَا
؛ الأَعْتُدُ: جَمْعُ قِلَّةٍ للعَتاد، وَهُوَ مَا أَعدّه الرَّجُلُ مِنَ السِّلَاحِ وَالدَّوَابِّ وآلة الحرب
__________
(2) . قوله [غصن عبرد] كذا في الأَصل المعوّل عليه بهذا الضبط، والذي في القاموس غصن عبرود وعبارد انتهى يعني كعصفور وعلابط وقوله وشحم عبرد كذا فيه أيضاً وفي القاموس وشحم عبرود إِذا كان يرتج انتهى يعني كعصفور؛ وقوله [والعبردة إلخ] كذا فيه أَيضاً والذي في القاموس جارية عبرد كقنفذ وعلبط وعلبطة وعلابط بيضاء ناعمة ترتج من نعمتها؛ وقوله وعشب عبرد كذا فيه أيضاً والذي في القاموس عشب عبرد انتهى يعني كقنفذ(3/279)
لِلْجِهَادِ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَعْتِدَةٍ أَيضاً. وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه احْتَبَسَ أَدْراعَهُ وأَعْتادَه
؛ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَالَ أَحمد بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ: وأَعْتادَه وأَخطأَ فِيهِ وصحَّف وإِنما هُوَ أَعْتُدَه، وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَعْبُدَه، بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، جَمْعُ قِلَّةٍ لِلْعَبْدِ؛ وَفِي مَعْنَى الْحَدِيثِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنَّهُ كَانَ قَدْ طُولِبَ بِالزَّكَاةِ عَنْ أَثمان الدُّرُوعِ والأَعْتُدِ عَلَى مَعْنَى أَنها كَانَتْ عِنْدَهُ للتجارة فأَخبرهم النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا وأَنه قَدْ جَعَلَهَا حُبساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالثَّانِي أَن يَكُونَ اعْتَذَرَ لِخَالِدٍ وَدَافَعَ عَنْهُ؛ يَقُولُ: إِذا كَانَ خَالِدٌ قَدْ جَعَلَ أَدراعه وأَعتاده فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَبَرُّعًا وَتَقَرُّبًا إِلى اللَّهِ، وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ يَسْتَجِيزُ مَنْعَ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ؟ وَفَرَسٌ عَتَدٌ وعَتِدٌ، بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا: شَدِيدٌ تَامُّ الْخَلْقِ سَرِيعُ الْوَثْبَةِ مُعَدٌّ للجَرْيِ لَيْسَ فِيهِ اضطِرابٌ وَلَا رَخاوَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَتِيدُ الْحَاضِرُ المُعَدُّ لِلرُّكُوبِ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِمَا سَوَاءٌ؛ قَالَ الأَشْعَرُ الجُعْفِيُّ:
راحُوا بَصائِرُهُم عَلَى أَكتافِهِمْ، ... وبَصِيرَتي يَعْدُو بِهَا عَتَدٌ [عَتِدٌ] وَأَى
وَقَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
بِكُلِّ مُجَنَّب كالسِّيدِ نَهْدٍ، ... وكلِّ طُوالَةٍ عَتَدٍ [عَتِدٍ] نِزاقِ
وَمِثْلُهُ رَجُلٌ سَبِطٌ وسَبَطٌ، وشعَرٌ رَجِلٌ ورَجَلٌ، وثَغْرٌ رَتِلٌ ورَتَلٌ أَي مُفَلَّج. والعَتُودُ: الجَدْيُ الَّذِي استَكْرَشَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي بَلَغَ السِّفادَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أَجْذَعَ. والعَتُودُ مِنْ أَولاد المَعَز: مَا رَعى وقَوِيَ وأَتى عَلَيْهِ حَوْل. وَفِي حَدِيثِ الأُضحية:
وَقَدْ بَقِيَ عِنْدِي عَتُودٌ.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وذكَرَ سِياسَتَهُ فَقَالَ: وَأَضُمُّ العَتُودَ
أَي أَرُدُّه إِذا نَدَّ وشَرَدَ، وَالْجَمْعُ أَعْتِدَةٌ وعِدَّانٌ، وأَصله عِتْدانٌ إِلا أَنه أُدغم؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
واذْكُرْ غُدانَةَ عِدّاناً مُزَنَّمَةً ... مِنَ الحَبَلَّقِ، تُبْنى حَوْلها الصِّيَرُ
وَهُوَ العَريضُ أَيضاً. ابْنُ الأَعرابي: العَتادُ القَدَحُ، وَهُوَ العَسْفُ والصَّحْنُ، والعَتادُ: العُسُّ مِنَ الأَثل؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا سَمَّوُا القَدَحَ الضَّخْم عَتاداً؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
فكُلْ هَنِيّاً ثُمَّ لَا تُزَمِّلِ، ... وادْعُ هُديتَ بِعَتادٍ جُنْبُلِ
قَالَ شَمِرٌ: أَنشد ابْنُ عَدْنَانَ وَذَكَرَ أَن أَعرابيّاً مِنْ بَلْعَنْبَرِ أَنشده هَذِهِ الأُرجوزة:
يَا حمزُ هَلْ شَبِعْتَ مِنْ هَذَا الخَبَطْ؟ ... «3» ؟ أَو أَنتَ فِي شَكٍّ فَهَذَا مُنْتَفَدْ،
صَقْبٌ جَسِيمٌ وشَديدُ المُعْتَمَدْ: ... يَعْلُو بِهِ كلُّ عَتُودٍ ذاتِ وَدْ،
عرُوقُها فِي الْبَحْرِ تَرْمي بالزَّبَدْ
قَالَ: العَتُودُ السِّدْرَة أَو الطَّلْحَةُ. وعَتائِد: مَوْضِعٌ، وَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلى أَنه رُبَاعِيٌّ. وعَتْيَدٌ وعِتْوَدٌ: وَادٍ أَو مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: عَتْيَدٌ مَصْنُوعٌ كَصَهْيَدٍ، وعِتْوَدٌ دُوَيْبَّةٌ مَثَّلَ بِهَا سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهَا السِّيرَافِيُّ. وَعَتْوَدٌ عَلَى بِناء جَهْورٍ «4» : مَأْسَدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ مقبل:
__________
(3) . [الخبط] كذا بالأَصل
(4) . قوله [على بناء جهور] في المعجم لياقوت وقال العمراني: عتود، بفتح أوله، واد، قال ويروى بكسر العين، قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
جُلُوسًا به الشعب الطوال كأَنهم(3/280)
جُلوساً بِهِ الشُّمُّ العِجافُ كأَنَّه ... أُسودٌ بِتَرْجٍ، أَو أُسودٌ بِعَتْوَدا
وعِتْوَدٌ: اسْمُ وَادٍ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فِعْوَلٌ غَيْرُهُ، وَغَيْرُ خِرْوَعٍ.
عتبد: عُتابِدٌ: موضع.
عجد: العَجَدُ: الغِرْبانُ، الْوَاحِدَةُ عَجَدَة؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ يَصِفُ الْخَيْلَ:
فَأَرْسَلُوهُنَّ يَهْتَلِكْنَ بِهِمْ ... شَطْرَ سَوامٍ، كأَنها العَجَدُ
والعُجْدُ: الزَّبيبُ. والعُجْدُ والعُنْجُدُ: حَبُّ العِنَبِ، وَقِيلَ: حبُّ الزَّبِيبِ، وَقِيلَ: هُوَ أَرْدَؤُه، وَقِيلَ: هُوَ ثَمَرٌ يشبهه وليس به.
عجرد: العَجْرَدُ والعُجارِدُ: ذَكَرُ الرَّجُلِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الذَّكَرُ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
فَشامَ فِي وَمَّاحِ سَلْمى العَجْرَدا
والمُعَجْرِدُ: العُرْيانُ. قَالَ شَمِرٌ: هُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ «1» . وكأَنَّ اسْمَ عَجْرَدٍ مِنْهُ مأْخوذ. وَشَجَرٌ عَجْرَدٌ ومُعَجْرِدٌ: عارٍ مِنْ وَرَقِهِ. والعَجْرَدُ: الْخَفِيفُ السَّرِيعُ. وعَجْرَدٌ: اسْمُ رَجُلٍ مَنَ الحَرُوريَّة. والعَجْرَدِيَّة مَنَ الْحَرُورِيَّةِ: ضَرْب يُنْسَبُونَ إِليه. والعَجْرَدُ: الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ. وَنَاقَةٌ عَجْرَدٌ: مِنْهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَمَّادُ عَجْرَدٍ. الْجَوْهَرِيُّ: العَجارِدَةُ صِنْفٌ مِنَ الْخَوَارِجِ أَصحاب عَبْدِ الْكَرِيمِ بن العَجْرَدِ.
عجلد: لَبَنٌ عُجَلِدٌ: كَعُجَلِطٍ، والعُجالِدُ والعُجَلِدُ: اللَّبَنُ الخاثِرُ.
عدد: العَدُّ: إِحْصاءُ الشيءِ، عَدَّه يَعُدُّه عَدّاً وتَعْداداً وعَدَّةً وعَدَّدَه. والعَدَدُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً
؛ لَهُ مَعْنَيَانِ: يَكُونُ أَحصى كُلَّ شَيْءٍ مَعْدُودًا فَيَكُونُ نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ، يُقَالُ: عَدَدْتُ الدَّرَاهِمَ عَدًّا وَمَا عُدَّ فَهُوَ مَعْدود وعَدَد، كَمَا يُقَالُ: نَفَضْتُ ثَمَرَ الشَّجَرِ نَفْضاً، والمَنْفُوضُ نَفَضٌ، وَيَكُونُ مَعْنَى قوله: أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً
؛ أَي إِحصاء فأَقام عَدَدًا مَقَامَ الإِحصاء لأَنه بِمَعْنَاهُ، وَالِاسْمُ الْعَدَدُ وَالْعَدِيدُ. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ: وَلَا نَعُدُّ فَضْلَه عَلَيْنَا
أَي لَا نُحْصِيه لِكَثْرَتِهِ، وَقِيلَ: لَا نَعْتَدُّهُ عَلَيْنَا مِنَّةً لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا سُئِلَ عَنِ الْقِيَامَةِ مَتَى تَكُونُ، فَقَالَ: إِذا تَكَامَلَتِ العِدَّتان
؛ قِيلَ: هُمَا عِدّةُ أَهل الْجَنَّةِ وعِدَّةُ أَهلِ النَّارِ أَي إِذا تَكَامَلَتْ عِنْدَ اللَّهِ بِرُجُوعِهِمْ إِليه قَامَتِ الْقِيَامَةُ؛ وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: عَدَّه مَعَدّاً؛ وأَنشد:
لَا تَعْدِلِيني بِظُرُبٍّ جَعْدِ، ... كَزِّ القُصَيْرى، مُقْرِفِ المَعَدِّ «2»
. قَوْلُهُ: مُقْرِفُ الْمَعَدِّ أَي مَا عُدَّ مِنْ آبَائِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن المَعَدَّ هُنَا الجَنْبُ لأَنه قَدْ قَالَ كَزِّ الْقُصَيْرَى، وَالْقُصَيْرَى عُضْو، فَمُقَابَلَةُ الْعُضْوِ بِالْعُضْوِ خَيْرٌ مِنْ مُقَابَلَتِهِ بالعِدَّة. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
؛ أَي فأَفطر فَعليه كَذَا فَاكْتَفَى بِالْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيام أُخر عَنِ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ الإِفطار. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ أَيضاً عَنِ الْعَرَبِ: عَدَدْتُ الدَّرَاهِمَ أَفراداً وَوِحاداً، وأَعْدَدْت الدَّرَاهِمَ أَفراداً ووِحاداً، ثُمَّ قَالَ: لَا أَدري أَمن الْعَدَدِ أَم مِنَ الْعُدَّةِ، فَشَكُّهُ فِي ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَن أَعددت لُغَةٌ فِي عَدَدْتُ وَلَا أَعرفها؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
__________
(1) . قوله [هو بكسر الراء] في القاموس الفتح أيضاً
(2) . قوله [لا تعدليني] بالدال المهملة، ومثله في الصحاح وشرح القاموس أي لا تسوّيني وتقدم في ج ع د لا تعذليني بذال معجمة من العذل اللوم فاتبعنا المؤلف في المحلين وإن كان الظاهر ما هنا(3/281)
رَدَدْنا إِلى مَوْلى بَنِيها فَأَصْبَحَتْ ... يُعَدُّ بِهَا، وَسْطَ النِّساءِ الأَرامِل
إِنما أَراد تُعَدُّ فَعَدَّاه بِالْبَاءِ لأَنه فِي مَعْنَى احْتُسِبَ بِهَا. والعَدَدُ: مِقْدَارُ مَا يُعَدُّ ومَبْلغُه، وَالْجَمْعُ أَعداد وَكَذَلِكَ العِدّةُ، وَقِيلَ: العِدّةُ مَصْدَرٌ كالعَدِّ، والعِدّةُ أَيضاً: الْجَمَاعَةُ، قَلَّتْ أَو كَثُرَتْ؛ تَقُولُ: رأَيت عِدَّةَ رجالٍ وعِدَّةَ نساءٍ، وأَنْفذْتُ عِدَّةَ كُتُبٍ أَي جَمَاعَةَ كُتُبٍ. والعديدُ: الْكَثْرَةُ، وَهَذِهِ الدراهمُ عَديدُ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَي مِثْلُها فِي العِدّة، جاؤوا بِهِ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ لأَنه منصرفٌ إِلى جِنْسِ العَديل، فَهُوَ مِنْ بَابِ الكَمِيعِ والنَّزيعِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ هَذَا عِدادُه وعِدُّه ونِدُّهُ ونَديدُه وبِدُّه وبَديدُه وسِيُّهُ وزِنُه وزَنُه وحَيْدُه وحِيدُه وعَفْرُه وغَفْرُه ودَنُّه «1» أَي مِثْلُه وقِرْنُه، وَالْجَمْعُ الأَعْدادُ والأَبْدادُ؛ والعَدائدُ النُّظَراءُ، واحدُهم عَديدٌ. وَيُقَالُ: مَا أَكْثَرَ عَديدَ بَنِي فُلَانٍ وَبَنُو فُلَانٍ عَديدُ الحَصى والثَّرى إِذا كَانُوا لَا يُحْصَوْن كَثْرَةً كَمَا لَا يُحْصى الحَصى والثَّرى أَي هُمْ بِعَدَدِ هَذَيْنِ الْكَثِيرِينَ. وَهُمْ يَتَعادُّونَ ويَتَعَدَّدُونَ عَلَى عَدَدِ كَذَا أَي يَزِيدُونَ عَلَيْهِ فِي العَدَد، وَقِيلَ: يَتَعَدَّدُونَ عَلَيْهِ يَزيدون عَلَيْهِ فِي الْعَدَدِ، ويَتَعَادُّون إِذا اشْتَرَكُوا فِيمَا يُعادُّ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ المَكارِم. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ
. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَيَتعادُّ بَنُو الأُم كَانُوا مِائَةً فَلَا يَجِدُونَ بَقِيَ مِنْهُمْ إِلا الرَّجُلَ الواحِدَ
أَي يَعُدُّ بعضُهم بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: إِن وَلدِي لَيَتعَادُّون مِائَةً أَو يَزِيدُونَ عَلَيْهَا
؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ يَتَعدّدون. والأَيام الْمَعْدُودَاتُ: أَيامُ التَّشْرِيقِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، وأَما الأَيام المعلوماتُ فَعَشْرُ ذِي الحِجة، عُرِّفَتْ تِلْكَ بِالتَّقْلِيلِ لأَنها ثَلَاثَةٌ، وعُرِّفَتْ هَذِهِ بالشُّهْرة لأَنها عَشَرَةٌ، وإِنما قُلِّلَ بِمَعْدُودَةٍ لأَنها نَقِيضُ قَوْلِكَ لَا تُحْصَى كَثْرَةً؛ وَمِنْهُ وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ
أَي قَلِيلَةٍ. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ عَدَدٍ قَلَّ أَو كَثُرَ فَهُوَ مَعْدُودٌ، وَلَكِنْ مَعْدُودَاتٌ أَدل عَلَى القِلَّة لأَن كُلَّ قَلِيلٍ يُجْمَعُ بالأَلف وَالتَّاءِ نَحْوَ دُرَيْهِماتٍ وحَمَّاماتٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَقَعَ الأَلف وَالتَّاءُ لِلتَّكْثِيرِ. والعِدُّ: الكَثْرَةُ. يُقَالُ: إِنهم لَذُو عِدٍّ وقِبْصٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَخْرُجُ جَيْشٌ مِنَ الْمَشْرِقِ آدَى شيءٍ وأَعَدُّه
أَي أَكْثَرُه عِدَّةً وأَتَمُّه وأَشَدُّه اسْتِعْدَادًا. وعَدَدْتُ: مِنَ الأَفعال الْمُتَعَدِّيَةِ إِلى مَفْعُولَيْنِ بَعْدَ اعْتِقَادِ حَذْفِ الْوَسِيطِ. يَقُولُونَ: عَدَدْتُكَ المالَ، وَعَدَدْتُ لَكَ الْمَالَ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: عَدَدْتُكَ وَعَدَدْتُ لَكَ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَالَ. وعادَّهُم الشيءُ: تَساهَموه بَيْنَهُمْ فَسَاوَاهُمْ. وَهُمْ يَتَعادُّون إِذا اشْتَرَكُوا فِيمَا يُعادُّ فِيهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ مكارِمَ أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَشياء كُلِّهَا. والعدائدُ: المالُ المُقْتَسَمُ والمِيراثُ. ابْنُ الأَعرابي: العَدِيدَةُ الحِصَّةُ، والعِدادُ الحِصَصُ فِي قَوْلِ لَبِيدٍ:
تَطِيرُ عَدائدُ الأَشْراكِ شَفْعاً ... وَوِتْراً، والزَّعامَةُ للغُلام
يَعْنِي مَنْ يَعُدُّه فِي الْمِيرَاثِ، وَيُقَالُ: هُوَ مِنْ عِدَّةِ الْمَالِ؛ وَقَدْ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: العَدائد المالُ والميراثُ. والأَشْراكُ: الشَّرِكةُ؛ يَعْنِي ابْنَ الأَعرابي بالشَّرِكة جمعَ شَريكٍ أَي يَقْتَسِمُونَهَا بَيْنَهُمْ شَفْعاً وَوِتْراً: سَهْمَيْنِ سَهْمَيْنِ، وَسَهْمًا سهماً، فيقول:
__________
(1) . قوله [وزنه وزنه وعفره وغفره ودنه] كذا بالأَصل مضبوطاً ولم نجدها بمعنى مثل فيما بأيدينا من كتب اللغة ما عدا شرح القاموس فإنه ناقل من نسخة اللسان التي بأيدينا(3/282)
تَذْهَبُ هَذِهِ الأَنصباء عَلَى الدَّهْرِ وَتَبْقَى الرِّيَاسَةُ لِلْوَلَدِ. وَقَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ: العَدائدُ مَنْ يَعُدُّه فِي الْمِيرَاثِ، خطأٌ؛ وَقَوْلُ أَبي دُوَادَ فِي صِفَةِ الْفَرَسِ:
وطِمِرَّةٍ كَهِراوةِ الأَعْزَابِ، ... ليسَ لَهَا عَدائدْ
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: شَبَّهَهَا بِعَصَا الْمُسَافِرِ لأَنها مَلْسَاءُ فكأَنّ الْعَدَائِدَ هُنَا العُقَدُ، وإِن كَانَ هُوَ لَمْ يُفَسِّرْهَا. وَقَالَ الأَزهري: مَعْنَاهُ لَيْسَ لها نَظَائِرُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الْعَدَائِدُ الَّذِينَ يُعادُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْمِيرَاثِ. وفلانٌ عَدِيدُ بَنِي فُلَانٍ أَي يُعَدُّ فِيهِمْ. وعَدَّه فاعْتَدَّ أَي صَارَ مَعْدُودًا واعْتُدَّ بِهِ. وعِدادُ فُلَانٌ فِي بَنِي فُلَانٍ أَي أَنه يُعَدُّ مَعَهُمْ فِي دِيوَانِهِمْ، ويُعَدُّ مِنْهُمْ فِي الدِّيوَانِ. وَفُلَانٌ فِي عِدادِ أَهل الْخَيْرِ أَي يُعَدُّ مِنْهُمْ. والعِدادُ والبِدادُ: المناهَدَة. يُقَالُ: فلانٌ عِدُّ فُلَانٍ وبِدُّه أَي قِرْنُه، وَالْجَمْعُ أَعْدادٌ وأَبْدادٌ. والعَدِيدُ: الَّذِي يُعَدُّ مِنْ أَهلك وَلَيْسَ مَعَهُمْ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ أَتيت فُلَانًا فِي يَوْمٍ عِدادٍ أَي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَو فِطْرٍ أَو عِيدٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا يأْتينا فُلَانٌ إِلا عِدادَ القَمَرِ الثُّرَيَّا وإِلا قِرانَ القمرِ الثُّرَيَّا أَي مَا يأْتينا فِي السَّنَةِ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً؛ أَنشد أَبو الْهَيْثَمِ لأُسَيْدِ بنِ الحُلاحِل:
إِذا مَا قارَنَ القَمَرُ الثُّرَيَّا ... لِثَالِثَةٍ، فَقَدْ ذَهَبَ الشِّتاءُ
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: وإِنما يقارنُ القمرُ الثُّرَيَّا لَيْلَةً ثَالِثَةً مِنَ الْهِلَالِ، وَذَلِكَ أَول الرَّبِيعِ وَآخِرَ الشِّتَاءِ. وَيُقَالُ: مَا أَلقاه إِلا عِدَّة الثُّرَيَّا القمرَ، وإِلا عِدادَ الثُّرَيَّا القمرَ، وإِلا عدادَ الثُّرَيَّا مِنَ الْقَمَرِ أَي إِلا مَرَّةً فِي السَّنَةِ؛ وَقِيلَ: فِي عِدَّةِ نُزُولِ الْقَمَرِ الثُّرَيَّا، وَقِيلَ: هِيَ لَيْلَةٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَلْتَقِي فِيهَا الثُّرَيَّا وَالْقَمَرُ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وَذَلِكَ أَن القمر ينزل الثريا في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ: لأَن الْقَمَرَ يُقَارِنُ الثُّرَيَّا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً وَذَلِكَ فِي خَمْسَةِ أَيام مِنْ آذَارَ؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ أُسيد بْنِ الْحُلَاحِلِ:
إِذا مَا قَارَنَ الْقَمَرُ الثُّرَيَّا
الْبَيْتَ؛ وَقَالَ كُثَيِّرٌ:
فَدَعْ عَنْكَ سُعْدَى، إِنما تُسْعِفُ النَّوَى ... قِرانَ الثُّرَيَّا مَرَّةً، ثُمَّ تَأْفُلُ [تَأْفِلُ]
رأَيت بِخَطِّ الْقَاضِي شَمْسِ الدِّينِ أَحمد بْنِ خِلِّكَانَ: هَذَا الَّذِي اسْتَدْرَكَهُ الشَّيْخُ عَلَى الْجَوْهَرِيِّ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لأَنه قَالَ إِن القمر ينزل الثريا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ لأَن القمر يقطع الفلك في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، وَيَكُونُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي مَنْزِلَةٍ وَالثُّرَيَّا مِنْ جُمْلَةِ الْمَنَازِلِ فَيَكُونُ الْقَمَرُ فِيهَا فِي الشَّهْرِ مَرَّةً، وَمَا تَعَرَّضَ الْجَوْهَرِيُّ لِلْمُقَارَنَةِ حَتَّى يَقُولَ الشَّيْخُ صَوَابُهُ كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ: فُلَانٌ إِنما يأْتي أَهلَه العِدَّةَ وَهِيَ مِنَ العِدادِ أَي يأْتي أَهله فِي الشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ. وَيُقَالُ: بِهِ مرضٌ عِدادٌ وَهُوَ أَن يَدَعَه زَمَانًا ثُمَّ يُعَاوِدُهُ، وَقَدْ عادَّه مُعادَّة وعِداداً، وَكَذَلِكَ السَّلِيمُ وَالْمَجْنُونُ كأَنّ اشْتِقَاقَهُ مِنَ الْحِسَابِ مِنْ قِبَل عَدَدِ الشُّهُورِ والأَيام أَي أَن الْوَجَعَ كأَنه يَعُدُّ مَا يَمْضِي مِنَ السَّنَةِ فإِذا تَمَّتْ عَاوَدَ الملدوغَ. والعِدادُ: اهتياجُ وَجَعِ اللَّدِيغِ، وَذَلِكَ إِذا تَمَّتْ لَهُ سَنَةٌ مُذْ يَوْمِ لُدِغَ هَاجَ بِهِ الأَلم، والعِدَدُ، مَقْصُورٌ، مِنْهُ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ. يُقَالُ: عادّتهُ اللَّسْعَةُ إِذا أَتته لِعِدادٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا زَالَتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعادُّني فَهَذَا أَوانُ قَطَعَتْ أَبْهَري
أَي تُرَاجِعُنِي وَيُعَاوِدُنِي أَلَمُ سُمِّها فِي أَوقاتٍ مَعْلُومَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يُلاقي مِنْ تَذَكُّرِ آلِ سَلْمَى، ... كَمَا يَلْقَى السَّلِيمُ مِنَ العِدادِ(3/283)
وَقِيلَ: عِدادُ السَّلِيمِ أَن تَعُدَّ لَهُ سَبْعَةَ أَيام، فإِن مَضَتْ رَجَوْا لَهُ البُرْءَ، وَمَا لَمْ تَمْضِ قِيلَ: هُوَ فِي عِدادِه. وَمَعْنَى قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تُعادُّني
تُؤْذيني وَتُرَاجِعُنِي فِي أَوقاتٍ مَعْلُومَةٍ وَيُعَاوِدُنِي أَلمُ سُمِّهَا؛ كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ فِي حَيَّةٍ لَدَغَتْ رَجُلًا:
تُطَلِّقُهُ حِيناً وحِيناً تُراجِعُ
وَيُقَالُ: بِهِ عِدادٌ مِنْ أَلَمٍ أَي يُعَاوِدُهُ فِي أَوقات مَعْلُومَةٍ. وعِدادُ الْحُمَّى: وَقْتُهَا المعروفُ الَّذِي لَا يكادُ يُخْطِيئُه؛ وعَمَّ بعضُهم بالعِدادِ فَقَالَ: هُوَ الشيءُ يأْتيك لِوَقْتِهِ مِثْلُ الحُمَّى الغِبِّ والرِّبْعِ، وَكَذَلِكَ السُّمُّ الَّذِي يَقْتُلُ لِوَقْتٍ، وأَصله مِنَ العَدَدِ كَمَا تَقَدَّمَ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ انْقَضَتْ عِدَّةُ الرَّجُلِ إِذا انْقَضَى أَجَلُه، وجَمْعُها العِدَدُ؛ وَمِثْلُهُ: انْقَضَتْ مُدَّتُه، وَجَمْعُهَا المُدَدُ. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: قَالَتِ امرأَة ورأَت رَجُلًا كَانَتْ عَهِدَتْه شَابًّا جَلْداً: أَين شَبابُك وجَلَدُك؟ فَقَالَ: مَنْ طَالَ أَمَدُه، وكَثُر ولَدُه، ورَقَّ عَدَدُه، ذَهَبَ جَلَدُه. قَوْلُهُ: رَقَّ عَدَدُهُ أَي سِنُوه الَّتِي بِعَدِّها ذَهَبَ أَكْثَرُ سِنِّه وقَلَّ مَا بَقِيَ فَكَانَ عِنْدَهُ رَقِيقًا؛ وأَما قَوْلُ الهُذَلِيِّ فِي العِدادِ:
هَلْ أَنتِ عارِفَةُ العِدادِ فَتُقْصِرِي؟
فَمَعْنَاهُ: هَلْ تَعْرِفِينَ وَقْتَ وَفَاتِي؟ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذا كَانَ لأَهل الْمَيِّتِ يَوْمٌ أَو لَيْلَةٌ يُجْتَمع فِيهِ لِلنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ فَهُوَ عِدادٌ لَهُمْ. وعِدَّةُ المرأَة: أَيام قُروئها. وعِدَّتُها أَيضاً: أَيام إِحدادها عَلَى بَعْلِهَا وإِمساكها عَنِ الزِّينَةِ شُهُورًا كَانَ أَو أَقراء أَو وَضْعُ حَمْلٍ حَمَلَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا. وَقَدِ اعتَدَّت المرأَة عِدَّتها مِنْ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَو طَلَاقِهِ إِياها، وجمعُ عِدَّتِها عِدَدٌ وأَصل ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ العَدِّ؛ وَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ تَكُنْ لِلْمُطَلَّقَةِ عِدَّةٌ فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى العِدَّة لِلطَّلَاقِ.
وعِدَّةُ المرأَة الْمُطْلَقَةِ والمُتَوَفَّى زَوْجُها: هِيَ مَا تَعُدُّه مِنْ أَيام أَقرائها أَو أَيام حَمْلِهَا أَو أَربعة أَشهر وَعَشْرُ لَيَالٍ. وَفِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: إِذا دَخَلَتْ عِدَّةٌ فِي عِدَّةٍ أَجزأَت إِحداهما
؛ يُرِيدُ إِذا لَزِمَتِ المرأَة عِدَّتان مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، كَفَتْ إِحداهما عَنِ الأُخرى كَمَنْ طَلَّقَ امرأَته ثَلَاثًا ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا فإِنها تَعْتَدُّ أَقصى الْعِدَّتَيْنِ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي هَذَا، وَكَمَنَ مَاتَ وَزَوْجَتُهُ حَامِلٌ فَوَضَعَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فإِن عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِالْوَضْعِ عِنْدَ الأَكثر. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها
؛ فأَما قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ تَعْتَدُونَها فَمِنْ بَابِ تَظَنَّيْتُ، وَحَذْفِ الْوَسِيطِ أَي تَعْتَدُّونَ بِهَا. وإِعْدادُ الشَّيْءِ واعتِدادُه واسْتِعْدادُه وتَعْدادُه: إِحْضارُه؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يُقَالُ: اسْتَعْدَدْتُ لِلْمَسَائِلِ وتَعَدَّدْتُ، وَاسْمُ ذَلِكَ العُدَّة. يُقَالُ: كُونُوا عَلَى عُدَّة، فأَما قراءةُ مَنْ قرأَ: وَلَوْ أَرادوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّهُ، فَعَلَى حَذْفِ عَلَامَةِ التأْنيث وإِقامة هَاءِ الضَّمِيرِ مُقامها لأَنهما مُشْتَرِكَتَانِ فِي أَنهما جُزْئِيَّتَانِ. والعُدَّةُ: مَا أَعددته لِحَوَادِثِ الدَّهْرِ مِنَ الْمَالِ وَالسِّلَاحِ. يُقَالُ: أَخذ للأَمر عُدَّتَه وعَتادَه بِمَعْنًى. قَالَ الأَخفش: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ
. وَيُقَالُ: جَعَلَهُ ذَا عَدَدٍ. والعُدَّةُ: مَا أُعِدَّ لأَمر يَحْدُثُ مِثْلَ الأُهْبَةِ. يُقَالُ: أَعْدَدْتُ للأَمر عُدَّتَه. وأَعَدّه لأَمر كَذَا: هيَّأَه لَهُ. وَالِاسْتِعْدَادُ للأَمر: التَّهَيُّؤُ لَهُ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً
، فإِنه إِن كَانَ كَمَا ذَهَبَ إِليه قَوْمٌ مِنْ أَنه غُيِّرَ بالإِبْدالِ كراهيةَ الْمِثْلَيْنِ، كَمَا يُفَرُّ مِنْهَا إِلى الإِدغام، فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وإِن كَانَ مِنَ العَتادِ فَظَاهِرٌ أَنه لَيْسَ مِنْهُ، وَمَذْهَبُ الْفَارِسِيِّ أَنه عَلَى الإِبدال. قَالَ(3/284)
ابْنُ دُرَيْدٍ: والعُدَّةُ مِنَ السِّلَاحِ مَا اعْتَدَدْتَه، خُصَّ بِهِ السِّلَاحُ لَفْظًا فَلَا أَدري أَخصه فِي الْمَعْنَى أَم لَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَبيض بْنَ حَمَّالٍ الْمَازِنِيَّ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاسْتَقْطَعَهُ المِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبَ فأَقطعه إِياه، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتدري مَا أَقطعته؟ إِنما أَقطعت لَهُ الماءَ العِدَّ؛ قَالَ: فرَجَعه مِنْهُ
؛ قَالَ ابْنُ الْمُظَفَّرِ: العِدُّ مَوْضِعٌ يَتَّخِذُهُ النَّاسُ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَاءٌ كَثِيرٌ، وَالْجَمْعُ الأَعْدادُ، ثُمَّ قَالَ: العِدُّ مَا يُجْمَعُ ويُعَدُّ؛ قَالَ الأَزهري: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ العِدِّ وَلَمْ يَعْرِفْهُ؛ قَالَ الأَصمعي: الْمَاءُ العِدُّ الدَّائِمُ الَّذِي لَهُ مَادَّةٌ لَا انْقِطَاعَ لَهَا مِثْلَ مَاءِ الْعَيْنِ وَمَاءِ الْبِئْرِ، وجمعُ العِدِّ أَعْدادٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَزَلُوا أَعْدادَ مِيَاهِ الحُدَيْبِيَةِ
أَي ذَوات الْمَادَّةِ كَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ امرأَة حَضَرَتْ ماء عِدّاً بَعْدَ ما نَشَّتْ مياهُ الغُدْرانِ فِي القَيْظِ فَقَالَ:
دَعَتْ مَيَّةَ الأَعْدادُ، واسْتَبْدَلَتْ بِها ... خَناطِيلُ آجالٍ مِنَ العِينِ خُذَّلُ
اسْتَبْدَلَتْ بِهَا: يَعْنِي مَنَازِلَهَا الَّتِي ظَعَنَتْ عَنْهَا حَاضِرَةً أَعداد الْمِيَاهِ فَخَالَفَتْهَا إِليها الْوَحْشُ وأَقامت فِي مَنَازِلِهَا؛ وَهَذَا اسْتِعَارَةٌ كَمَا قَالَ:
ولقدْ هَبَطْتُ الوَادِيَيْنِ، وَوَادِياً ... يَدْعُو الأَنِيسَ بِهَا الغَضِيضُ الأَبْكَمُ
وَقِيلَ: العِدُّ مَاءُ الأَرض الغَزِيرُ، وَقِيلَ: العِدُّ مَا نَبَعَ مِنَ الأَرض، والكَرَعُ، مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، وَقِيلَ: العِدُّ الماءُ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يَنْتَزِحُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فِي كلِّ غَبْراءَ مَخْشِيٍّ مَتالِفُها، ... دَيْمُومَةٍ، مَا بِهَا عِدٌّ وَلَا ثَمَدُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ خَفْضُ دَيْمُومَةٍ لأَنه نَعَتٌ لِغَبْرَاءَ، وَيُرْوَى جَدَّاءَ بَدَلَ غَبْرَاءَ، وَالْجَدَّاءُ: الَّتِي لَا مَاءَ بِهَا، وَكَذَلِكَ الدَّيْمُومَةُ. والعِدُّ: الْقَدِيمَةُ مِنَ الرَّكايا، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَسَبٌ عِدٌّ قَديمٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ العِدِّ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ الْقَدِيمُ الَّذِي لَا يَنْتَزِحُ هَذَا الَّذِي جَرَتِ الْعَادَةُ بِهِ فِي الْعِبَارَةِ عَنْهُ؛ وَقَالَ بعضُ المُتَحَذِّقِينَ: حَسَبٌ عِدٌّ كَثِيرٌ، تَشْبِيهًا بِالْمَاءِ الْكَثِيرِ وَهَذَا غَيْرُ قَوِيٍّ وأَن يَكُونَ العِدُّ القَدِيمَ أَشْبَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَوَرَدَتْ عِدّاً مِنَ الأَعْدادِ ... أَقدَمَ مِنْ عادٍ وقَوْمِ عادِ
وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
أَتتْ آلَ شَمَّاسِ بنِ لأْيٍ، وإِنما ... أَتَتْهُمْ بِهَا الأَحلامُ والحَسَبُ العِدُّ
قَالَ أَبو عَدْنَانَ: سأَلت أَبا عُبَيْدَةَ عَنِ الماءِ العِدِّ، فَقَالَ لِي: الماءُ العِدُّ، بِلُغَةِ تَمِيمٍ، الْكَثِيرُ، قَالَ: وَهُوَ بِلُغَةِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ الماءُ الْقَلِيلُ. قَالَ: بَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ الماءُ العِدُّ، مثلُ كاظِمَةٍ [كاظِمَةَ] ، جاهِلِيٌّ إِسلامِيٌّ لَمْ يَنْزَحْ قَطُّ، وَقَالَتْ لِي الكُلابِيَّةُ: الماءُ العِدُّ الرَّكِيُّ؛ يُقَالُ: أَمِنَ العِدِّ هَذَا أَمْ مِنْ ماءِ السماءِ؟ وأَنشدتني:
وماءٍ، لَيْسَ مِنْ عِدِّ الرَّكايا ... وَلَا جَلْبِ السماءِ، قدِ اسْتَقَيْتُ
وَقَالَتْ: ماءُ كلِّ رَكِيَّةٍ عِدٌّ، قَلَّ أَو كَثُرَ. وعِدَّانُ الشَّبابِ والمُلْكِ: أَوّلُهما وأَفضلهما؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَلِي عَلَى عِدَّانِ مُلْكٍ مُحْتَضَرْ
والعِدَّانُ: الزَّمانُ والعَهْدُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يُخَاطِبُ مِسْكِينًا الدَّارِمِيَّ وَكَانَ قَدْ رَثَى زِيَادَ بْنَ أَبيه فَقَالَ:
أَمِسْكِينُ، أَبْكَى اللَّهُ عَيْنَكَ إِنما ... جَرَى فِي ضَلالٍ دَمْعُها، فَتَحَدَّرَا(3/285)
أَقولُ لَهُ لمَّا أَتاني نَعِيُّهُ: ... بِهِ لَا بِظَبْيٍ بالصَّرِيمَةِ أَعْفَرَا
أَتَبْكِي امْرأً مِنْ آلِ مَيْسانَ كافِراً، ... كَكِسرى عَلَى عِدَّانِه، أَو كَقَيْصَرا؟
قَوْلُهُ: بِهِ لَا بِظَبْيٍ، يُرِيدُ: بِهِ الهَلَكَةُ، فَحَذَفَ المبتدأَ. مَعْنَاهُ: أَوقع اللَّهُ بِهِ الْهِلْكَةَ لَا بِمَنْ يُهِمُّنِي أَمره. قَالَ: وَهُوَ مِنَ العُدَّة كأَنه أُعِدَّ لَهُ وهُيِّئَ. وأَنا عَلَى عِدَّانِ ذَلِكَ أَي حِينِهِ وإِبَّانِه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَدَّانِ فُلَانٍ وعِدَّانِه أَي عَلَى عَهْدِهِ وَزَمَانِهِ، وأَورده الأَزهري فِي عَدَنَ أَيضاً. وَجِئْتُ عَلَى عِدَّانِ تَفْعَلُ ذَلِكَ وعَدَّان تَفْعَلُ ذَلِكَ أَي حِينِهِ. وَيُقَالُ: كَانَ ذَلِكَ فِي عِدَّانِ شَبَابِهِ وعِدَّانِ مُلْكِه وَهُوَ أَفضله وأَكثره؛ قَالَ: وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ أَن ذَلِكَ كَانَ مُهَيَّأً مُعَدّاً. وعِدادُ الْقَوْسِ: صَوْتُهَا ورَنِينُها وَهُوَ صَوْتُ الْوَتَرِ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
وسَمْحَةٍ مِنْ قِسِيِّ زارَةَ حَمْراءَ ... هَتُوفٍ، عِدادُها غَرِدُ
والعُدُّ: بَثرٌ يَكُونُ فِي الْوَجْهِ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي؛ وَقِيلَ: العُدُّ والعُدَّةُ البَثْرُ يَخْرُجُ عَلَى وُجُوهِ المِلاح. يُقَالُ: قَدِ اسْتَكْمَتَ العُدُّ فاقْبَحْه أَي ابْيَضَّ رأْسه مِنَ القَيْح فافْضَخْه حَتَّى تَمْسَحَ عَنْهُ قَيْحَهُ؛ قَالَ: والقَبْحُ، بِالْبَاءِ، الكَسْرُ. ابْنُ الأَعرابي: العَدْعَدَةُ العَجَلَةُ. وعَدْعَدَ فِي الْمَشْيِ وَغَيْرِهِ عَدْعَدَةً: أَسرع. وَيَوْمُ العِدادِ: يَوْمُ الْعَطَاءِ؛ قَالَ عَتَبَةُ بْنُ الْوَعْلِ:
وقائِلَةٍ يومَ العِدادِ لِبَعْلِهَا: ... أَرى عُتْبَةَ بنَ الوَعْلِ بَعْدِي تَغَيَّرا
قَالَ: والعِدادُ يومُ العَطاءِ؛ والعِدادُ يومُ العَرْض؛ وأَنشد شَمِرٌ لجَهْم بنِ سَبَلٍ:
مِنَ البيضِ العَقَائِلِ، لَمْ يُقَصِّرْ ... بِهَا الآباءُ فِي يَوْمِ العِدادِ
قَالَ شَمِرٌ: أَراد يومَ الفَخَارِ ومُعادَّة بعضِهم بَعْضًا. وَيُقَالُ: بِالرَّجُلِ عِدادٌ أَي مَسٌّ مِنْ جُنُونٍ، وَقَيَّدَهُ الأَزهري فَقَالَ: هُوَ شِبهُ الجنونِ يأْخذُ الإِنسانَ فِي أَوقاتٍ مَعلومة. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْبَغْلِ إِذا زَجَرْتَهُ عَدْعَدْ، قَالَ: وعَدَسْ مثلُه. والعَدْعَدةُ: صوتُ الْقَطَا وكأَنه حِكَايَةٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَرى الموتَ أَعْدادَ النُّفُوسِ، وَلَا أَرى ... بَعِيداً غَداً، مَا أَقْرَبَ اليومَ مِن غَدِ
يَقُولُ: لِكُلِّ إِنسان مِيتَةٌ فإِذا ذَهَبَتِ النُّفُوسُ ذَهَبَتْ مِيَتُهُم كُلُّهَا. وأَما العِدّانُ جَمْعُ العتُودِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَنْ تَسْمَع بالمُعَيدِيِّ خيرٌ مِنْ أَن تَرَاهُ؛ وَهُوَ تَصْغِيرُ مَعَدِّيٍّ مَنْسوب إِلى مَعَدّ، وإِنما خُفِّفَتِ الدَّالُ اسْتِثْقَالًا لِلْجَمْعِ بَيْنَ الشَّدِيدَتَيْنِ مَعَ يَاءِ التَّصْغِيرِ، يُضْرَب للرجُل الَّذِي لَهُ صيتٌ وذِكْرٌ فِي النَّاسِ، فإِذا رأَيته ازدريتَ مَرآتَه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ لَا أَنْ تراهُ؛ وكأَن تأْويلَه تأْويل أَمرٍ كأَنه اسْمَعْ بِهِ وَلَا تَرَه. والمَعَدَّانِ: موضعُ دَفَّتَي السَّرْجِ. ومَعَدٌّ: أَبو الْعَرَبِ وَهُوَ مَعَدُّ بنُ عَدْنانَ، وَكَانَ سِيبَوَيْهِ يَقُولُ الْمِيمُ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ لِقَوْلِهِمْ تَمَعْدَدَ لِقِلَّة تَمَفْعَلَ فِي الْكَلَامِ، وَقَدْ خولِفَ فِيهِ. وتَمَعْدَدَ الرجلُ أَي تزَيَّا بِزيِّهم، أَو انْتَسَبَ إِليهم، أَو تَصَبَّرَ عَلَى عَيْش مَعَدّ. وَقَالَ
عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اخْشَوْشِنُوا وتَمَعْدَدُوا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِيهِ قَوْلَانِ: يُقَالُ هُوَ مِنَ الغِلَظِ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْغُلَامِ(3/286)
إِذا شبَّ وغلُظ: قَدْ تَمَعْدَدَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رَبَّيْتُه حَتَّى إِذا تَمَعْدَدا
وَيُقَالُ: تَمَعْدَدوا أَي تشبَّهوا بعَيْش مَعَدّ، وَكَانُوا أَهلَ قَشَفٍ وغِلَظ فِي الْمَعَاشِ؛ يَقُولُ: فَكُونُوا مثلَهم وَدَعَوُا التَّنَعُّمَ وزِيَّ العَجم؛ وَهَكَذَا هُوَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
عَلَيْكُمْ باللِّبْسَة المَعَدِّيَّة
؛ وَفِي الصِّحَاحِ: وأَما قَوْلُ مَعْنِ بْنِ أَوس:
قِفَا، إِنها أَمْسَت قِفاراً ومَن بِهَا، ... وإِن كَانَ مِن ذِي وُدِّنا قَدْ تَمَعْدَدَا
فإِنه يُرِيدُ تَبَاعَدَ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَذْكُرَ تَمَعْدَدَ فِي فَصْلِ مَعَدَ لأَن الْمِيمَ أَصلية. قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ قولَهم مَعَدٌّ فَقَالَ الْمِيمُ أَصلية لِقَوْلِهِمْ تَمَعْدَدَ. قَالَ: وَلَا يُحْمَلُ عَلَى تمَفْعل مِثْلَ تَمَسْكنَ لقلَّته ونَزَارَتِه، وَتَمَعْدَدَ فِي بَيْتِ ابْنِ أَوْس هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ مَعَدَ فِي الأَرض إِذا أَبعد فِي الذَّهَابِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي فَصْلِ مَعَدَ مُسْتَوْفًى؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
أَخْشَى عَلَيْهِ طَيِّئاً وأَسَدَا، ... وخارِبَيْنِ خَرَبَا فمَعَدَا
أَي أَبْعَدَا فِي الذَّهَابِ؛ وَمَعْنَى الْبَيْتِ: أَنه يَقُولُ لِصَاحِبَيْهِ: قِفَا عَلَيْهَا لأَنها مَنْزِلُ أَحبابِنا وإِن كَانَتِ الْآنَ خَالِيَةً، واسمُ كَانَ مُضْمَرًا فِيهَا يَعُودُ عَلَى مَن، وَقَبْلَ الْبَيْتِ:
قِفَا نَبْكِ، فِي أَطْلال دارٍ تنَكَّرَتْ ... لَنا بَعْدَ عِرْفانٍ، تُثابَا وتُحْمَدَا
عرد: عَرَدَ النابُ يَعْرُدُ عُرُوداً: خَرَجَ كلُّه وَاشْتَدَّ وَانْتَصَبَ، وَكَذَلِكَ النباتُ. وكلُّ شيءٍ مُنْتَصِبٍ شديدٍ: عَرْدٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وعُنُقاً عَرْداً ورأْساً مِرْأَساً
قَالَ الأَصمعي: عَرْداً غَلِيظًا. مِرْأَساً: مِصَكّاً للرؤوس. وعَرَدَتْ أَنيابُ الْجَمَلِ: غَلُظَتْ واشتدَّت. وعَرَدَ الشيءُ يَعْرُدُ عُرُوداً: غلُظ. والعُرُدُّ والعُرُنْدُ: الشديدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، نُونُهُ بَدَلٌ مِنَ الدَّالِ. الْفَرَّاءُ: رُمْحٌ مِتَلٌّ وَرُمْحٌ عُرُدٌّ ووتَرٌ عُرُدٌّ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: شديدٌ؛ وأَنشد:
والقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُرُدُّ، ... مثِلُ جِران الفِيلِ أَو أَشَدُّ
وَيُرْوَى: مِثْلُ ذِرَاعِ الْبِكْرِ؛ شَبَّه الوَتَرَ بِذِرَاعِ الْبَعِيرِ فِي تَوَتُّرِه. وَوَرَدَ هَذَا أَيضاً فِي خُطْبَةِ
الْحَجَّاجِ: والقَوْسُ فيها وتَرٌ عُرُدٌّ
؛ العُرُدُّ، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ: الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَيُقَالُ: إِنه لَقَويٌّ شَدِيدٌ عُرُدٌّ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: وَتَرٌ عُرُنْد أَي غَلِيظٌ؛ وَنَظِيرُهُ مِنَ الْكَلَامِ تُرُنْجٌ. والعَرْدُ: ذَكَر الإِنسان، وَقِيلَ: هُوَ الذَّكَرُ الصُّلْبُ الشَّدِيدُ، وَجَمْعُهُ أَعْراد، وَقِيلَ: العَرْدُ الذَّكَرُ إِذا انْتَشَرَ واتْمَهَلَّ وصَلُبَ. قَالَ اللَّيْثُ: العَرْدُ الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الصُّلْبُ المنتصبُ؛ يُقَالُ: إِنه لعَرْدُ مَغْرِزِ العُنُق؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
عَرْدَ التَّراقِي حَشْوَراً مُعَقْرَبا
وعَرَّدَ الرجلُ إِذا قَوِيَ جسمُه بَعْدَ الْمَرَضِ. وعَرَدَتِ الشجرةُ تعردُ عُرُوداً ونَجَمَتْ نُجُوماً: طَلَعَتْ، وَقِيلَ: اعْوَجَّتْ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: عَرَدَ النبتُ يَعْرُدُ عُرُوداً طَلَعَ وَارْتَفَعَ، وَقِيلَ: خَرَجَ عَنْ نَعْمَتِه وغُضُوضَتِه فاشتدَّ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
يُصَعِّدْن رُقْشاً بَيْنَ عُوجٍ كأَنها ... زِجاجُ القَنا، مِنْهَا نَجِيمٌ وعارِدُ
وَفِي النَّوَادِرِ: عَرَدَ الشجرُ وأَعْرَدَ إِذا غَلُظَ وكَبُرَ.(3/287)
والعارِدُ: المُنْتَبِذُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِي:
صَوَّى لَهَا ذَا كِدْنَةٍ جُلاعِدا، ... لَمْ يَرْعَ بالأَصْيافِ إِلا فارِدا
تَرَى شُؤونَ رأْسِهِ العَوارِدَا، ... مَضْبورَةً إِلى شَبَا حَدائِدَا
أَي مُنْتَبِذَةً بعضُها مِنْ بَعْضٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الرَّجَزُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: ترى شؤون رأْسها والصواب شؤون رأْسه لأَنه يَصِفُ فَحْلًا. وَمَعْنَى صَوَّى لَهَا أَي اخْتَارَ لَهَا فَحْلًا. والكِدْنَةُ: الغِلَظُ. والجُلاعِدُ: الشديدُ الصلْبُ. وعَرَّدَ الرَّجُلُ عَنْ قِرْنِه إِذا أَحْجَمَ ونَكَلَ. والتَّعْرِيدُ: الفِرارُ، وَقِيلَ: التَّعْرِيدُ سرعةُ الذَّهَابِ فِي الْهَزِيمَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَذْكُرُ هَزِيمَةَ أَبي نَعَامَة الحَرُورِيِّ:
لمَّا اسْتَباحُوا عَبْدَ رَبٍّ، عَرَّدَتْ ... بأَبي نَعَامَةَ أُمُّ رَأْلٍ خَيْفَقُ
وعَرَّدَ الرجلُ تَعْرِيداً أَي فَرَّ. وعَرِدَ الرجلُ إِذا هَرَبَ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
ضَرْبٌ إِذا عَرَّدَ السُّودُ التَّنابيلُ
أَي فَرُّوا وأَعْرَضُوا، وَيُرْوَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، مِنَ التَّغْرِيدِ التَّطْريب. وعَرَّدَ السهمُ تَعْرِيدًا إِذا نَفَذَ مِنَ الرَّمِية؛ قَالَ سَاعِدَةُ:
فجَالَتْ وخَالَتْ أَنه لَمْ يَقَعْ بِهَا، ... وَقَدْ خَلَّها قِدْحٌ صَويبٌ مُعَرِّدُ
مُعَرِّدٌ أَي نافِذٌ. وخَلَّها أَي دَخَلَ فِيهَا. وصويبٌ: صائبٌ قاصِد. وعَرَّدَ: تَرَك القصدَ وَانْهَزَمَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فمَضَى وقَدَّمها، وَكَانَتْ عَادَةً ... مِنْهُ إِذا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدامُها
أَنَّثَ الإِقدامَ لِتَعَلُّقِهِ بِهَا، كَقَوْلِهِ:
مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِماحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعالِيَها مَرُّ الرِّياحِ النَّواسِمِ
وعَرَدَ الحَجَرَ يَعْرُدُهُ عَرْداً: رَمَاهُ رَمْياً بَعِيدًا. والعَرَّادَةُ: شِبْهُ المَنْجَنِيقِ صَغِيرَةٌ، وَالْجَمْعُ العَرَّاداتُ. والعَرادُ والعَرادَةُ: حشيشٌ طَيِّبُ الرِّيحِ، وَقِيلَ: حَمْضٌ تأْكله الإِبل وَمَنَابِتُهُ الرَّمْلُ وَسُهُولُ الرَّمْلِ؛ وَقَالَ الرَّاعِي وَوَصَفَ إِبله:
إِذا أَخلَفَتْ صَوْبَ الرَّبِيعِ؛ وَصَالهَا ... عَرادٌ وحاذٌ أَلْبَسَا كلَّ أَحْرَعَا «2»
. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ نَجِيل العَذاة، وَاحِدَتُهُ عَرادَةٌ وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ. قَالَ الأَزهري: رأَيتُ العَرادَةَ فِي الْبَادِيَةِ وَهِيَ صُلْبةُ العُود مُنْتَشِرَةُ الأَغصان لَا رَائِحَةَ لَهَا؛ قَالَ: وَالَّذِي أَراد اللَّيْثُ الْعَرَادَةُ فِيمَا أَحْسَبُ وَهِيَ بَهارُ البَرِّ، وعَرادٌ عَرِدٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: تَقُولُ الْعَرَبُ قِيلَ لِلضَّبِّ: وِرْداً وِرْداً؛ فَقَالَ:
أَصْبَحَ قَلْبي صَرِدَا، ... لَا يَشْتَهِي أَن يَرِدَا،
إِلَّا عَراداً عَرِدَا، ... وصِلِّياناً بَرِدَا،
وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا
وإِنما أَراد عَارِدًا وَبَارِدًا فَحَذَفَ لِلضَّرُورَةِ. والعَرادةُ: شَجَرَةٌ صُلْبَةُ العُود، وَجَمْعُهَا عَرادٌ. وعَرادٌ: نبتٌ صُلْبٌ مُنْتَصِبٌ. وعَرَّدَ النجمُ إِذا مَالَ لِلْغُرُوبِ بَعْدَ ما يُكَبِّدُ السماءَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وهَمَّتِ الجَوْزَاءُ بالتَّعْريدِ
__________
(2) . قوله [وصالها] كذا رسم هنا بألف بين الصاد واللام وفي ح وذ أَيضاً بالأَصل المعول عليه ولعله وصى بالياء بمعنى اتصل(3/288)
ونِيقٌ مُعَرِّدٌ: مُرْتَفَعٌ طَوِيلٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وإِني، وإِيَّاكم ومَن فِي حِبالِكُمْ، ... كَمَنْ حَبْلُه فِي رأْسِ نِيقٍ مُعَرِّدِ
وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ الرَّاعِي:
بأَطْيَبَ مِنْ ثَوْبَيْنِ تَأْوي إِليهما ... سُعادُ، إِذا نجْمُ السِّماكَيْنِ عَرَّدَا
أَي ارْتَفَعَ؛ وَقَالَ أَيضاً:
فجاءَ بأَشْوَالٍ إِلى أَهلِ خُبَّةٍ ... طَرُوقاً، وَقَدْ أَقْعَى سُهَيْلٌ فَعَرَّدا
قَالَ: أَقعى ارْتَفَعَ ثُمَّ لَمْ يَبْرَحْ. وَيُقَالُ: عَرَّدَ فُلَانٌ بِحَاجَتِنَا إِذا لَمْ يَقْضِهَا. والعَرادة: الجَرادة الأُنثى. والعَرِيدَ: الْبَعِيدُ، يَمَانِيَةٌ. وَمَا زَالَ ذَلِكَ عَرِيدَه أَي دَأْبَه وهِجِّيراهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وعَرادةُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَتاني عَنْ عَرادةَ قَوْلُ سَوْءٍ، ... فَلا وأَبي عَرادَةُ مَا أَصابا
عَرادَةُ مِن بَقِيَّةِ قومِ لوطٍ، ... أَلا تَبّاً لِمَا صَنَعوا تَبَابا
والعَرادة: اسْمُ فَرَسٍ مِنْ خَيْلِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ كَلْحَبَةُ وَاسْمُهُ هُبَيرَةُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ:
تُسائِلُني بَنُو جُشَمِ بنِ بكرٍ: ... أَغَرَّاءُ العَرادةُ أَم بَهِيمُ؟
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفَةٍ، وَلَكِنْ ... كلَوْنِ الصِّرْفِ، عُلَّ بِهِ الأَدِيمُ
والعَرّادةُ، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: فَرَسُ أَبي دُوادٍ. وَفُلَانٌ فِي عَرادة خَيرٍ أَي فِي حَالِ خَيْرٍ. والعَرَنْدَدُ: الصُّلْبُ، وَهُوَ مُلْحَقٌ بسفرجل.
عربد: العِرْبِدُ: الحيَّةُ الْخَفِيفَةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والعِرْبِدُّ والعِرْبَدُّ كِلَاهُمَا: حَيَّةٌ تَنْفُخ وَلَا تؤْذِي، مِثَالُ سِلْغَدّ مُلْحَقٍ بِجِرْدَحْلٍ، وَالْمَعْرُوفُ أَنها الحيَّة الْخَبِيثَةُ، لأَن ابْنَ الأَعرابي قَدْ أَنشد:
إِنِّي، إِذا مَا الأَمرُ كَانَ جِدَّا، ... وَلَمْ أَجِدْ مِنَ اقتِحامٍ بُدَّا،
لاقِي العِدى فِي حَيَّةٍ عِرْبَدَّا
فَكَيْفَ يَصِفُ نَفْسَهُ بأَنه حَيَّةً يَنْفُخُ الْعِدَى وَلَا يُؤْذِيهِمُ؟ الأُفْعُوانُ يُسَمَّى العِرْبَدّ: وَهُوَ الذَّكَرُ مِنَ الأَفاعي، وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ حَيَّةٌ حَمْرَاءُ خَبِيثَةٌ، وَمِنْهُ اشْتُقَّتْ عَرْبَدَةُ الشَّارِبِ؛ وأَنشد:
مُولَعَة بِخُلُقِ العِرْبَدِّ
وَقَدْ قِيلَ: العربدُّ الشَّدِيدُ؛ وأَنشد:
لقدْ غَضِبْنَ غَضَباً عِرْبَدَّا
أَبو خَيْرَةَ وَابْنُ شُمَيْلٍ: الْعِرْبَدُّ، الدَّالُّ شَدِيدَةٌ: حَيَّةٌ أَحمر أَرقشُ بِكُدْرة وَسَوَادٍ لَا يَزَالُ ظَاهِرًا عِنْدَنَا وَقَلَّمَا يَظْلِمُ إِلا أَن يُؤْذَى، لَا صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ. وَيُقَالُ للمُعَرْبِدِ: عِرْبيدٌ كأَنه شُبِّهَ بِالْحَيَّةِ. والعِرْبيدُ والمُعَربِدُ: السَّوَّار فِي السُّكْر، مِنْهُ. وَرَجُلٌ عِرْبَدٌّ وعِرْبِيدٌ ومعربدٌ: شِرِّير مُشارٌّ. والعِرْبِدُ: الأَرض الخَشِنَةُ. الْجَوْهَرِيُّ: العَرْبَدَة سُوءُ الخُلُق. وَرَجُلٌ مُعَرْبِدٌ: يؤْذي نَدِيمَهُ فِي سكره.
عرجد: العُرْجُود: أَصل العِذْقِ مِنَ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ حَتَّى يُقطفا. الأَزهري: الْعُرْجُودُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْعِنَبِ أَوّل مَا يَخْرُجُ كَالثَّآلِيلِ. وَالْعُرْجُودُ: العُرْجُون وَهُوَ مِنَ الْعِنَبِ عُرْجُونٌ صَغُر؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ العُرْجُدُ والعُرْجُدُّ. والعُرْجود: لعُرْجون النخل.
عرقد: العَرْقَدَة: شِدَّةُ فَتْلِ الْحَبْلِ وَنَحْوِهِ مِنَ الأَشياء كلها.(3/289)
عزد: العَزْدُ والعَصْدُ: الْجِمَاعُ. عَزَدَها يَعْزِدُها عَزْداً: جَامَعَهَا.
عسد: عَسَدَ الحبْلَ يَعْسِدُه عَسْداً: أَحكم فَتْلَهُ. والعَسْدُ: لُغَةٌ فِي العَزْد، وَهُوَ الْجِمَاعُ، كالأَسْد والأَزْد. يُقَالُ: عَسَدَ فلانٌ جاريتَه وعزَدَها وعَصَدَها إِذا جَامَعَهَا. وَجَمَلٌ عِسْوَدٌّ: قَوِيٌّ شَدِيدٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. والعِسْوَدَّةُ: دُوَيبَّة بَيْضَاءُ كأَنها شَحْمَةٌ يُقَالُ لَهَا بِنْتُ النَّقا تَكُونُ فِي الرَّمْلِ، يُشَبَّهُ بِهَا بَنانُ الْجَوَارِي، وَيُجْمَعُ عَساوِدَ وعِسْوَدّاتٍ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العسودُّ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ: العَضْرَفوطُ. وَقَالَ الأَزهري: بِنْتُ النَّقَا غَيْرُ الْعَضْرَفُوطِ لأَن بِنْتَ النَّقَا تُشْبِهُ السَّمَكَةَ، والعَضْرفُوطُ مِنَ العِظاءِ وَلَهَا قَوَائِمُ؛ وَقِيلَ: العِسْوَدَّة تُشْبِهُ الحُكَأَة أَصغر مِنْهَا وأَدق رأْساً سَوْدَاءُ غَبْرَاءُ؛ وَقِيلَ: العِسْوَدُّ دَسَّاسٌ يَكُونُ فِي الأَنقاء. ابْنُ الأَعرابي: الْعِسْوَدُّ وَالْعِرْبَدُّ الْحَيَّةُ. قَالَ الأَزهري وَقَالَ بَعْضُهُمْ: العَسْدُ هُوَ البَبْر وأَنا لَا أَعرفه. وتفرَّق القومُ عُسادَياتٍ أَي فِي كُلِّ وَجْهٍ.
عسجد: العَسْجَدُ: الذَّهَبُ؛ وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْجَوْهَرِ كُلِّهِ مِنَ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْعَسْجَدِ؛ فَرَوَى أَبو نَصْرٍ عَنِ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ:
إِذا اصْطَكّتْ بِضيقٍ حُجْرَتاها، ... تَلَاقَى العَسْجَدِيَّةُ واللَّطيمُ
قَالَ: الْعَسْجَدِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلى سُوقٍ يَكُونُ فِيهَا الْعَسْجَدُ وَهُوَ الذَّهَبُ؛ وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي عَنِ الْمُفَضَّلِ أَنه قَالَ: الْعَسْجَدِيَّةُ مَنْسُوبَةٌ إِلى فَحْلٍ كَرِيمٍ يُقَالُ لَهُ عَسْجَد؛ قَالَ وأَنشده الأَصمعي:
بَنونَ وهَجْمَةٌ، كأَشاءِ بُسٍّ، ... تَحِلِّي العَسْجَدِيَّة واللَّطِيمِ «3»
. قَالَ: الْعَسْجَدُ الذَّهَبُ، وَكَذَلِكَ العِقْيانُ، والعَسْجَدية رِكَابُ الْمُلُوكِ، وَهِيَ إِبل كَانَتْ تُزَيَّنُ لِلنُّعْمَانِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الْعَسْجَدِيَّةُ رِكَابُ الْمُلُوكِ الَّتِي تَحْمِلُ الدِّقَّ الْكَثِيرَ الثَّمَنِ لَيْسَ بِجَافٍ. واللَّطيمةُ: سُوقٌ فِيهَا بَزُّ وطِيبٌ. وَيُقَالُ: أَعظمُ لَطِيمَةٍ مِنْ مِسْك أَي قِطْعَةٍ. وَقَالَ الْمَازِنِيُّ: فِي الْعَسْجَدِيَّةِ قَوْلَانِ: أَحدهما تَلَاقَى أَولادُ عَسْجَدٍ وَهُوَ الْبَعِيرُ الضَّخْمُ؛ وَيُقَالُ: الإِبل تَحْمِل الْعَسْجَدَ وَهُوَ الذَّهَبُ؛ وَيُقَالُ: اللَّطِيمُ الصَّغِيرُ مِنِ الإِبل سُمِّيَ لَطِيمًا لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ تأْخذ الْفَصِيلَ إِذا صَارَ لَهُ وَقْتٌ مِنْ سِنِّهِ، فتقبلُ بِهِ سُهَيْلًا إِذا طَلَعَ ثُمَّ تَلْطِمُ خدَّه، وَيُقَالُ لَهُ: اذْهَبْ لَا تَذُقْ بَعْدَهَا قَطْرَةً. والعَسْجَدِيَّةُ: العِيرُ الَّتِي تَحْمِلُ الذَّهَبَ وَالْمَالَ، وَقِيلَ: هِيَ كِبَارُ الإِبل. والعَسْجَدُ: مِنْ فُحُولِ الإِبل، مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الْعَسْجَدِيُّ أَيضاً كأَنه مِنْ إِضافة الشيءِ إِلى نَفْسِهِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فِيهمْ بَناتُ العَسْجَدِيّ ولاحِقٍ، ... وُرْقاً مراكِلُها مِنَ المِضْمارِ
الْجَوْهَرِيُّ: الْعَسْجَدِيَّةُ فِي قَوْلِ الأَعشى:
فالعَسْجَدِيَّةُ فالأَبْواءُ فالرِّجَلُ
اسْمُ مَوْضِعٍ. الأَزهري: الْعَسْجَدِيُّ اسْمُ فَرَسٍ لِبَنِي أَسَدٍ مِنْ نِتاج الدِّيناريّ بْنِ الهُمَيْسِ بْنِ زَادِ الرَّكْبِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْعَسْجَدُ هُوَ أَحد مَا جاءَ مِنْ الرُّبَاعِيِّ بِغَيْرِ حرْف ذَوْلَقيٍّ، وَالْحُرُوفُ الذَّوْلَقِيَّةُ سِتَّةٌ: ثَلَاثَةٌ مِنْ طَرف اللِّسَانِ وَهِيَ الرَّاءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ، وَثَلَاثَةٌ شَفَهِيَّة وَهِيَ الْبَاءُ وَالْفَاءُ وَالْمِيمُ، وَلَا نَجِدُ كَلِمَةٌ رُبَاعِيَّةٌ أَو خُمَاسِيَّةٌ إِلا وَفِيهَا حَرْفٌ أَو حرفان
__________
(3) . قوله [بنون إلخ] بياقوت بدل المصراع الثاني ما نصه
[صفايا كنة الآبار كوم]
فالظاهر أَن ما هنا عجز بيت آخر(3/290)
مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ أَحرف، إِلا مَا جاءَ نَحْوَ عسجد وما أَشبهه.
عسقد: العُسْقُد: الرجلُ الطُّوالُ فِيهِ لَوْثَةٌ؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ. الأَزهري: العُسْقُدُ الطويلُ الأَحمقُ.
عشد: عَشَدَه يَعْشِدُه عَشْداً: جَمَعَه.
عصد: العَصْدُ: اللَّيُّ. عَصَدَ الشيءَ يَعْصِدُه عَصْداً، فَهُوَ مَعْصُود وعَصيدٌ: لَوَاهُ؛ والعَصِيدَةُ مِنْهُ، والمِعْصَدُ مَا تُعْصَدُ بِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعصيدَةُ الَّتِي تَعْصِدُها بِالْمِسْوَاطِ فَتُمِرُّها بِهِ، فَتَنْقَلِبُ وَلَا يَبْقَى فِي الإِناءِ مِنْهَا شَيْءٌ إِلا انْقَلَبَ. وَفِي حَدِيثِ
خَوْلَةَ: فقَرَّبْتُ لَهُ عَصِيدَةً
؛ هُوَ دَقِيقٌ يُلَتُّ بِالسَّمْنِ وَيُطْبَخُ. يُقَالُ: عَصَدْتُ الْعَصِيدَةَ وأَعْصَدْتُها أَي اتَّخَذَتْهَا. وعَصَدَ الْبَعِيرُ عُنُقَهُ: لَوَاهُ نَحْوَ حارِكِه لِلْمَوْتِ؛ يَعْصدُه عُصُوداً، فَهُوَ عَاصِدٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. يُقَالُ: عَصَدَ فُلَانٌ «1» يَعْصُدُ عُصُوداً مَاتَ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
عَلَى الرَّحْلِ ممَّا مَنَّه السيْرُ عاصِدُ
وَقَالَ اللَّيْثُ: الْعَاصِدُ هَاهُنَا الَّذِي يَعْصِدُ العصِيدة أَي يُدِيرُهَا وَيُقَلِّبُهَا بالمِعْصَدَة؛ شبَّه الناعسَ بِهِ لِخَفَقَانِ رأْسه. قَالَ: وَمَنْ قَالَ إِنه أَراد الْمَيِّتَ بِالْعَاصِدِ فَقَدْ أَخطأَ. وعَصَدَ السَّهْمُ: الْتَوَى فِي مَرٍّ وَلَمْ يَقْصِد الهَدَف. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: يومٌ عَطُودٌ «2» وعَطَوَّدٌ وعَصَوَّدٌ أَي طَوِيلٌ. ورَكِبَ فُلَانٌ عِصْوَدَّه أَي رأْيه وعِرْبَدَّهُ إِذا رَكِبَ رأْيَه. والعَصْدُ والعَزْدُ: النكاحُ لَا فِعْلَ لَهُ. وَقَالَ كُرَاعٌ: عصَدَ الرجلُ المرأَة يَعْصِدُها عَصْداً وعزَدَها عَزْداً: نَكَحَهَا، فجاءَ لَهُ بِفِعْلٍ. وأَعْصِدْني عَصْداً مِنْ حِمَارِكَ وعَزْداً، عَلَى الْمُضَارَعَةِ، أَي أَعِرْني إِياه لأُنْزِيَه عَلَى أَتاني؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَرَجُلٌ عَصِيدٌ مَعْصودٌ: نَعْتُ سُوءٍ. وعَصَدْتُه عَلَى الأَمر عَصْداً إِذا أَكرهته عَلَيْهِ؛ وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ لِعَنْتَرَةَ:
فهَلَّا وَفَى الفَغْواءَ عَمْرُو بْنُ جابِرٍ ... بِذِمَّتِهِ، وابنُ اللَّقِيطَةِ عِصْيَدُ
قَالَ بَعْضُهُمْ: عِصْيَدٌ بِوَزْنِ حِذْيَم وَهُوَ المأْبون؛ قَالَ الأَزهري: وقرأْت بِخَطِّ أَبي الْهَيْثَمِ فِي شِعْرِ المتلمس يهجو عمرون بْنَ هِنْدٍ:
فإِذا حَلَلْتُ ودُونَ بَيْتي غاوَةٌ، ... فابْرُقْ بأَرضِك مَا بَدَا لكَ وارْعُدِ
أَبَنِي قِلابَة، لَمْ تكُنْ عاداتُكُم ... أَخْذَ الدَّنِيَّةِ قَبْلَ خُطَّةِ مِعْصَدِ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يَعْنِي عُصِدَ عَمْرُو بْنُ هِند مِنَ العَصْدِ والعَزْدِ يَعْنِي مَنْكُوحًا. والعِصْوادُ والعُصْوادُ: الجَلَبة والاختلاطُ فِي حَرْبٍ أَو خُصُومَةٍ، قَالَ:
وتَرامى الأَبْطالُ بالنَّظَرِ الشَّزْرِ، ... وظَلَّ الكُماةُ فِي عِصْوادِ
وتَعَصْوَدَ القومُ: جَلَّبوا وَاخْتَلَطُوا. وعَصْوَدُوا عَصْوَدَةً مُنْذُ الْيَوْمِ أَي صَاحُوا وَاقْتَتَلُوا. اللَّيْثُ: العِصْوادُ جَلَبة فِي بَلِيَّة، وعَصَدَتْهُم العَصاويدُ: أَصابتهم بِذَلِكَ. وعِصْوادُ الظَّلَامِ: اختلاطُه وتراكُبه. وجاءَت الإِبلُ عَصاويدَ إِذا رَكِبَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَكَذَلِكَ عَصاويدُ الْكَلَامِ. والعصاويدُ: العِطاشُ مِنِ الإِبل. وَرَجُلٌ عِصْوادٌ: عَسِر شديد. وامرأَة
__________
(1) . قوله [عصد فلان] في القاموس وكعلم ونصر عصوداً مات.
(2) . قوله [عطود] كذا في الأَصل بهذا الضبط. وفي شرح القاموس عن نوادر الأَعراب عطرد، براء مهملة مشددة بدل الواو الساكنة.(3/291)
عِصواد: كَثِيرَةُ الشَّرِّ؛ قَالَ:
يَا مَيُّ ذاتَ الطَّوْقِ والمِعْصادِ، ... فدَتْكِ كلُّ رَعْبَلٍ عِصْوادِ،
نَافِيَةٍ للبَعْلِ والأَوْلادِ
وقومٌ عَصاويدُ فِي الْحَرْبِ: يُلَازِمُونَ أَقرانهم وَلَا يُفَارِقُونَهُمْ؛ وأَنشد:
لمَّا رَأَيْتُهُمُ، لَا دَرْءَ دُونَهُمُ، ... يَدْعونَ لِحْيانَ فِي شُعْثٍ عَصاويدِ
وَقَوْلُهُمْ: وَقَعُوا فِي عِصْوادٍ أَي فِي أَمر عَظِيمٍ. وَيُقَالُ: تَرَكْتُهُمْ فِي عِصْوادٍ وَهُوَ الشَّرُّ مِنْ قَتْل أَو سِباب أَو صَخَب. وَهُمْ فِي عِصْوادٍ بَيْنَهُمْ: يَعْنِي الْبَلَايَا وَالْخُصُومَاتِ. ورجلٌ عِصْوادٌ: مُتعِب؛ وأَنشد:
وَفِي القَرَبِ العِصْوادُ للعِيسِ سائقُ
عصلد: العَصْلَدُ والعُصْلُودُ: الصُّلْب الشديد.
عضد: العَضُدُ والعَضْدُ والعُضُدُ والعُضْدُ والعَضِدُ مِنِ الإِنسان وغيره؛ الساعدُ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْمِرْفَقِ إِلى الْكَتِفِ، وَالْكَلَامُ الأَكثر العَضُدُ: وَحَكَى ثَعْلَبٌ: العَضَد، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالضَّادِ، كلٌّ يُذَكَّرُ ويؤْنث. قَالَ أَبو زَيْدٍ: أَهل تِهامة يَقُولُونَ العُضُد والعُجُزُ ويُذكرون. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْعَضُدُ مُؤَنَّثَةٌ لَا غَيْرَ، وَهُمَا العَضُدانِ، وَجَمْعُهَا أَعضادٌ، لَا يُكَسَّرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ زَرْعٍ: وملأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَ
؛ الْعَضُدُ مَا بَيْنَ الكَتِفِ والمِرْفَقِ وَلَمْ تُرِدْهُ خَاصَّةً، وَلَكِنَّهَا أَرادت الْجَسَدَ كُلَّهُ فإِنه إِذا سَمِن الْعَضُدُ سَمِنَ سَائِرُ الْجَسَدِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي قَتَادَةَ والحمارِ الْوَحْشِيِّ: فناولْتُه العضدَ فأَكلها
، يُرِيدُ كَتِفَهُ. وَفِي
صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ أَبيض مُعَضَّداً
؛ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَهُوَ المُوَثَّقُ الخَلْق؛ وَالْمَحْفُوظُ فِي الرِّوَايَةِ: مُقَصّداً؛ وَاسْتَعْمَلَ ساعدةُ بنُ جؤيَّةَ الأَعضاد لِلنَّحْلِ، فَقَالَ:
وكأَنَّ مَا جَرَسَتْ عَلَى أَعضادِها، ... حَيْثُ اسْتَقَلَّ بِهَا الشرائعُ مَحْلَبُ
شَبَّهَ مَا عَلَى سُوقِهَا مِنَ الْعَسَلِ بِالْمَحْلَبِ. وَرَجُلٌ «1» عُضِاديٌّ: عَظِيمُ الْعَضُدِ، وأَعْضَدُ: دَقيق الْعَضُدِ. وعَضَدَه يَعْضِدُه عَضْداً: أَصاب عَضُدَه؛ وَكَذَلِكَ إِذا أَعَنْتَه وكنتَ لَهُ عَضُدًا. وعَضِدَ عَضَداً: أَصابه داءٌ فِي عَضُدِه. وعُضِدَ عَضْداً: شَكَا عَضُدَه، يطَّرد عَلَى هَذَا بابٌ فِي جَمِيعِ الأَعضاءِ. وأَعْضَدَ المطرُ وعَضَّدَ: بَلَغَ ثَرَاهُ العَضُدَ وعَضُدٌ عَضِدَةٌ: قَصِيرَةٌ. ويَدٌ عَضِدَةٌ: قَصِيرَةُ العَضُد. والعِضادُ: مِنْ سِمات الإِبل وَسْمٌ فِي الْعَضُدِ عَرْضًا؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. وإِبِلٌ مُعَضَّدَةٌ: مَوْسُومَةٌ فِي أَعضادها. وناقةٌ عَضادٌ: وَهِيَ الَّتِي لَا تَرِدُ النَّضيحَ حَتَّى يَخْلو لهَا، تَنْصرِمُ عَنِ الإِبل وَيُقَالُ لَهَا القَذُورُ. والعِضادُ والمِعْضَدُ: مَا شُدَّ فِي العَضُدِ مِنَ الحِرْزِ؛ وَقِيلَ: المِعْضَدَةُ والمِعْضَد الدُّمْلُجُ لأَنه عَلَى الْعَضُدِ يَكُونُ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ، وَالْجَمْعُ مَعاضِدُ. واعْتَضَدْتُ الشَّيْءَ: جَعَلْتُهُ فِي عَضُدِي. والمِعْضَدَةُ أَيضاً: الَّتِي يَشُدُّهَا المسافرُ عَلَى عَضُدِهِ وَيَجْعَلُ فِيهَا نَفَقَتَهُ، عَنْهُ أَيضاً. وَثَوْبٌ مُعَضَّدٌ: مُخَطَّطٌ عَلَى شَكْلِ الْعَضُدِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الَّذِي وَشْيُه فِي جَوَانِبِهِ. والمُعَضَّدُ: الثَّوْبُ الَّذِي لَهُ عَلَم فِي مَوْضِعِ الْعَضُدِ مِنْ لَابِسِهِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يَصِفُ بَقَرَةً:
__________
(1) . قوله [ورجل إلخ] في القاموس ورجل عضادي مثلثة إلخ.(3/292)
فجالَتْ عَلَى وحْشِيِّها، وكأَنَّها ... مُسَرْبَلَةٌ مِنْ رازِقِيٍّ مُعَضَّدِ
والعَضُدُ: الْقُوَّةُ لأَن الإِنسان إِنما يَقْوى بِعَضُدِهِ فَسُمِّيَتِ الْقُوَّةُ بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي سَنُعِينُكَ بأَخيك. قَالَ: وَلَفْظُ الْعَضُدِ عَلَى جِهَةِ الْمَثَلِ لأَن الْيَدَ قِوامُها عَضُدُها. وَكُلُّ مُعين، فَهُوَ عَضُدٌ. والعَضُدُ: المُعين عَلَى الْمَثَلِ بِالْعَضُدِ مِنَ الأَعضاءِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً
؛ أَي أَعضاداً وإِنما أَفرد لتعتدل رؤوس الْآيِ بالإِفراد. وَمَا كنتَ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا؛ أَي مَا كُنْتَ يَا مُحَمَّدُ لِتَتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ أَنصاراً. وعَضُدُ الرجلِ: أَنصاره وأَعوانه. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فلانٌ يَفُتُّ فِي عَضُدِ فُلَانٍ وَيَقْدَحُ فِي سَاقِهِ؛ فَالْعَضُدُ أَهل بَيْتِهِ وَسَاقُهُ نَفْسُهُ. والاعْتِضادُ: التَّقَوِّي وَالِاسْتِعَانَةُ. وَفُلَانٌ يَعْضُدُ فُلَانًا أَي يُعِينه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عَضُدُ فلانٍ وعِضادَتُه ومُعاضِدُه إِذا كَانَ يُعَاوِنُهُ وَيُرَافِقُهُ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
أَوْ مِسْحَل سَنِق عِضادَة سَمْحَجٍ، ... بِسَراتها نَدَبٌ لَهُ وكُلومُ
وَاعْتَضَدْتُ بِفُلَانٍ: اسْتَعَنْتُ. وعَضَدَه يَعْضُدُه عَضْداً وعاضَدَه: أَعانه. وَعَاضَدَنِي فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ أَي عَاوَنَنِي. والمُعاضدَة: المُعاونة. وعَضُدُ البِناء وَغَيْرِهِ وعَضَدُه وأَعْضاده: مَا شُدَّ مِنْ حَوَالَيْهِ كَالصَّفَائِحِ الْمَنْصُوبَةِ حَوْلَ شَفِير الْحَوْضِ. وعَضُدُ الْحَوْضِ: مِنْ إِزائه إِلى مُؤَخّره، وإِزاؤُه مَصَبُّ الْمَاءِ فِيهِ، وَقِيلَ: عَضَدُهُ جَانِبَاهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ أَعضاد؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ الْحَوْضَ الَّذِي طَالَ عَهْدُهُ بِالْوَارِدَةِ:
راسِخُ الدِّمْنِ عَلَى أَعْضادِه، ... ثَلَمَتْه كلُّ رِيحٍ وسَبَلْ
وعُضود؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
فَارْفَتَّ عُقْرُ الحَوْضِ والعُضودُ ... مِنْ عَكَراتٍ، وَطْؤُها وئِيدُ
وعَضُدُ الركائبِ: مَا حَوَالَيْهَا. وعَضَدَ الركائبَ يَعْضُدُها عَضْداً: أَتاها مِنْ قبَلِ أَعْضادِها فضمَّ بَعْضُهَا إِلى بَعْضٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذا مَشى لَمْ يَعْضُدِ الرَّكائبا
والعاضِدُ: الَّذِي يَمْشِي إِلى جَانِبِ دَابَّةٍ عَنْ يَمِينِهِ أَو يَسَارِهِ. وَتَقُولُ: هُوَ يَعْضُدُها يَكُونُ مَرَّةً عَنْ يَمِينِهَا وَمَرَّةً عَنْ يَسَارِهَا لَا يُفَارِقُهَا، وَقَدْ عَضَدَ يَعْضُدُ عُضُوداً، والبعيرُ مَعْضُودٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
ساقَتُها أَربعةٌ بالأَشْطانْ، ... يَعْضُدُها اثْنانِ، ويَتْلوها اثنانْ
يُقَالُ: اعْضُدْ بَعِيرَك وَلَا تَتْلُه. وعَضَدَ البعيرُ البعيرَ إِذا أَخذ بِعَضُدِه فَصَرَعَه، وضَبَعَه إِذا أَخذ بِضَبْعَيْهِ. والعاضِدُ: الْجَمَلُ يأْخُذُ عَضُدَ النَّاقَةِ فَيَتَنَوَّخُها. وحِمارٌ عَضِدٌ وعاضِدٌ إِذا ضَمَّ الأُتنَ مِنْ جَوَانِبِهَا. وعَضُدُ الطريقِ وعِضادَتُه: نَاحِيَتُهُ. وعَضُدُ الإِبْطِ وعَضَدُه: نَاحِيَتُهُ؛ وَقِيلَ: كلُّ نَاحِيَةٍ عَضُدٌ وعَضَدٌ. وأَعْضادُ الْبَيْتِ: نواحِيه. وَيُقَالُ: إِذا نَخَرَتِ الرِّيحُ مِنْ هَذِهِ العَضُدِ أَتاك الغيثُ، يَعْنِي ناحيةَ الْيَمَنِ. وعضُدُ الرَّحْلِ: خَشَبَتَانِ تَلزقان بِوَاسِطَتِهِ؛ وَقِيلَ: بأَسفل وَاسِطَتِهِ. وعضَدَ القَتَبُ البعيرَ عَضْداً: عَضَّه فَعَقَرَه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وهُنَّ عَلَى عَضْدِ الرِّحالِ صَوابِرُ
وعَضَدَتْها الرِّحالُ إِذا أَلَحَّتْ عَلَيْهَا. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لأَعْلى ظَلِفَتَي الرَّحْلِ مِمَّا يَلي العَراقي: العَضُدان، وأَسْفَلِهما: الظَّلِفَتانِ، وَهُمَا مَا سَفَلَ مِنَ الحِنْوَين: الواسِط والمُؤخَّرَةِ. وعَضُدُ النَّعْلِ وعِضادَتاها:(3/293)
اللَّتَانِ تَقَعَانِ عَلَى الْقَدَمِ. وعِضادتا البابِ والإِبْزيمِ: نَاحِيَتَاهُ. وَمَا كَانَ نَحْوَ ذَلِكَ، فَهُوَ العِضادة. وعِضادَتا الْبَابِ: الْخَشَبَتَانِ الْمَنْصُوبَتَانِ عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ مِنْهُ وَشَمَالِهِ. والعِضادتان: العُودان اللَّذَانِ فِي النِّير الَّذِي يَكُونُ عَلَى عُنُقِ ثَوْرِ الْعَجَلَةِ، والواسِطُ: الَّذِي يَكُونُ وَسَطَ النِّيرِ. والعاضِدان: سَطْران مِنَ النَّخْلِ عَلَى فَلَج. والعَضُدُ مِنَ النَّخْلِ: الطَّرِيقَةُ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنّ سَمُرة كَانَتْ لَهُ عَضُدٌ مِنْ نَخْلٍ فِي حَائِطِ رَجُلٍ مِنَ الأَنصار
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ؛ أَراد طَرِيقَةً مِنَ النَّخْلِ، وَقِيلَ: إِنما هُوَ عَضِيدٌ مِنَ النَّخْلِ. وَرَجُلٌ عَضُدٌ وعَضِدٌ وعَضْدٌ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. وامرأَة عَضادٌ «1» قَصِيرَةٌ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
ثَنَتْ عُنُقاً لَمْ تَثْنِه جَيْدَرِيَّةٌ ... عَضادٌ، وَلَا مَكْنوزَةُ اللحمِ ضَمْزَرُ
الضمزرُ: الْغَلِيظَةُ اللَّئِيمَةُ. قَالَ الْمُؤَرِّجُ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْقَصِيرِ عَضادٌ. وعضَدَ الشجرَ يَعْضِدُه، بِالْكَسْرِ، عَضْداً، فَهُوَ مَعْضود وعَضِيدٌ، واسْتَعْضَدَه: قَطَعَهُ بالمِعْضَد؛ الأَخيرة عَنِ الْهَرَوِيِّ؛ قَالَ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
طَهْفَةَ: ونَسْتَعْضِدُ البَريرَ
أَي نَقْطَعُهُ ونَجْنِيه مِنْ شَجَرِهِ للأَكل. والعَضَدُ: مَا عُضِدَ مِنَ الشَّجَرِ أَو قُطِعَ بِمَنْزِلَةِ الْمَعْضُودِ؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافِ بْنُ رِبْعٍ الهُذَلي:
الطَّعْنُ شَغْشَغَةٌ، والضَّرْبُ هَيْقَعَةٌ، ... ضَرْبَ المُعَوِّلِ تحتَ الدِّيمَةِ العَضَدَا
الشَّغْشَغَةُ: صَوْتُ الطَّعْن. وَالْهَيْقَعَةُ: صَوْتُ الضَّرْبِ بِالسَّيْفِ. والمُعَوِّلُ: الَّذِي يَبْنِي العالَةَ، وَهِيَ ظُلَّةٌ مِنَ الشَّجَرِ يُسْتَظَلُّ بِهَا مِنَ الْمَطَرِ. وَفِي حَدِيثِ تَحْرِيمِ الْمَدِينَةِ:
نَهَى أَن يُعْضَدَ شجرُها
أَي يَقْطَعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لوَدِدْتُ أَني شجرةٌ تُعْضَد.
وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيَانَ: وَكَانَ بَنُو عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ مِنْ جَذيمَةَ يخبِطون عَضِيدَها ويأْكلون حَصِيدَها
؛ العَضِيدُ والعَضَدُ: مَا قُطِع مِنَ الشَّجَرِ أَي يَضْرِبُونَهُ لِيَسْقُطَ وَرَقُهُ فَيَتَّخِذُوهُ عَلَفاً لإِبلهم. وعَضَدَ الشجرَ: نَثَر ورَقَها لإِبله؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَاسْمُ ذَلِكَ الورَقِ العَضَدُ. والمِعْضَدُ والمِعْضادُ مِنَ السُّيُوفِ: المُمْتَهَنُ فِي قَطْعِ الشَّجَرِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
سَيْفاً بِرِنْداً لَمْ يَكُنْ مِعْضاداً
قَالَ: والمِعْضادُ سَيْفٌ يَكُونُ مَعَ الْقَصَّابِينَ تُقْطَعُ بِهِ الْعِظَامُ. وَالْمِعْضَادُ: مِثْلُ المِنْجل لَيْسَ لَهَا أُشُرٌ «2» . يُرْبَط نِصابُها إِلى عَصَا أَو قَنَاةٍ ثُمَّ يَقْصِمُ الرَّاعِي بِهَا عَلَى غَنَمِهِ أَو إِبله فُروعَ غُصونِ الشَّجَرِ؛ قَالَ:
كأَنما تُنْحي، عَلَى القَتادِ ... والشَّوْكِ، حَدَّ الْفَأْسِ والمِعْضادِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: كُلُّ مَا عُضِد بِهِ الشَّجَرُ فَهُوَ مِعْضَد. قَالَ: وَقَالَ أَعرابي: المِعْضَدُ عِنْدَنَا حَدِيدَةٌ ثَقِيلَةٌ فِي هَيْئَةِ المِنْجل يَقْطَعُ بِهَا الشَّجَرَ. والعَضِيدُ: النَّخْلَةُ الَّتِي لَهَا جِذْعٌ يَتناولُ مِنْهُ الْمُتَنَاوِلُ، وَجَمْعُهُ عِضْدانٌ؛ قَالَ الأَصمعي: إِذا صَارَ لِلنَّخْلَةِ جِذْعٌ يَتَنَاوَلُ مِنْهُ الْمُتَنَاوَلُ فَتِلْكَ النَّخْلَةُ العَضِيدُ، فإِذا فأَتت الْيَدَ فَهِيَ جَبَّارَةٌ. والعَواضِدُ: مَا يَنْبُتُ مِنَ النَّخْلِ عَلَى جَانِبَيِ النَّهْرِ. وبُسْرَةٌ مُعَضِّدة، بِكَسْرِ الضَّادِ: بَدَا التَّرْطِيبُ فِي أَحد جَانِبَيْهَا. وَقَالَ النضر: أَعضادُ المزارع حدودها يَعْنِي الْحُدُودَ الَّتِي تَكُونُ فِيمَا بَيْنَ الْجَارِّ وَالْجَارِّ كالجُدْران فِي الأَرضين. وَالْعَضُدُ، بِالتَّحْرِيكِ: دَاءً يأْخذ الإِبل فِي أَعضادها
__________
(1) . قوله [وامرأة عضاد] في القاموس والعضاد كسحاب الْقَصِيرُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ والغليظة العضد.
(2) . قوله [أشر] كشطب وشطب، بفتح الشين وضمها كما في الصحاح والقاموس، وقوله نصابها كذا فيه وفي شرح القاموس ولعله نصالها باللام لا بالباء(3/294)
فَتُبَطُّ، تَقُولُ مِنْهُ: عَضِدَ الْبَعِيرُ، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
شَكَّ الفَريصَةَ بالمِدْرى فَأَنْفَذَها، ... شَكَّ المُبَيْطِر إِذ يَشفِي مِنَ العَضَدِ
واليَعْضِيدُ: بَقْلَةٌ، وَهُوَ الطَّرْخَشْقوق، وَفِي التَّهْذِيبِ: التَّرْخَجْقوق. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْيَعْضِيدُ بَقْلَةٌ زَهْرُهَا أَشد صُفْرَةً مِنَ الوَرْس، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هِيَ بَقْلَةٌ مِنْ بُقُولِ الرَّبِيعِ فِيهَا مَرارة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْيَعْضِيدُ بَقْلَةٌ مِنَ الأَحرار مُرَّةٌ، لَهَا زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ تَشْتَهِيهَا الإِبل وَالْغَنَمُ وَالْخَيْلُ أَيضاً تُعْجِبُ بِهَا وتُخْصِبُ عَلَيْهَا؛ قَالَ النَّابِغَةُ وَوَصَفَ خَيْلًا:
يَتَحَلَّبُ اليَعْضِيدُ مِنْ أَشْداقِها، ... صُفْراً مَناخِرُها مِنَ الجَرْجارِ
عطد: العَطْدُ: الشِّدَّةُ. والعَطَوَّدُ: الشَّدِيدُ الشاقُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وسَفَرٌ عَطَوَّدٌ: شَاقُّ شَدِيدٌ، وَقِيلَ: بَعِيدٌ؛ قَالَ:
فَقَدْ لَقِينا سَفَراً عَطَوَّدا، ... يَتْرُكُ ذَا اللَّوْنِ البَصيصِ أَسْودا
والعَطَوَّدُ: الانطلاقُ السَّرِيعُ؛ قَالَ:
إِليك أَشْكُو عَنَقاً عَطَوَّدا
وَقَدْ حُكِيَ كُلُّ ذَلِكَ بِالرَّاءِ مَكَانَ الْوَاوِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي الرُّبَاعِيِّ. ويومٌ عَطَوَّدٌ: تَامٌّ. قَالَ الأَزهري: وَذَهَبَ يَوْمًا عطوَّداً أَي يَوْمًا أَجمعَ؛ وأَنشد:
أَتْمٌ، أُدِيمَ يومَها عَطَوّدا، ... مِثْلَ سُرى لَيْلَتِها، أَو أَبْعَدا
والعَطَوَّدُ: الطويلُ. وَالْعَطَوَّدُ: الْمُرْتَفِعُ. وَجَبَلٌ عَطَوَّدٌ وعَطَرَّدٌ وعَصَوَّدٌ أَي طَوِيلٌ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هَذَا طَرِيقٌ عَطَوَّدٌ أَي بَيِّنٌ يَذْهَبُ فِيهِ حيثما شاء.
عطرد: نَاقَةٌ عَطَرَّدَةٌ: مُرْتَفِعَةٌ. وَرَجُلٌ عَطَرَّد، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: طَوِيلٌ. وَسَيْرٌ عَطَرَّد: كعطوَّد. وَيَوْمٌ عطرَّدٌ وعطوَّدٌ: طَوِيلٌ. وَطَرِيقٌ عطرَّد: مُمْتَدٌّ طَوِيلٌ، وشأْوٌ عَطَرَّدٌ. وَيُقَالُ: عَطْرِدْ لَنَا عِنْدَكَ هَذَا يَا فُلَانُ أَي صَيِّره لَنَا عِنْدَكَ كالعِدَة وَاجْعَلْهُ لَنَا عُطْروداً مِثْلُه؛ قَالَ: وَمِنْهُ اسْمُ عُطارِدٍ. وعُطارِدٌ: كَوْكَبٌ لَا يُفَارِقُ الشَّمْسَ. قَالَ الأَزهري: وَهُوَ كوكبُ الْكِتَابِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ نَجْمٌ مَنَّ الخُنَّسِ. وعُطارِدٌ: حَيٌّ مِنْ سَعْد، وَقِيلَ: عُطارِدٌ بطنٌ مِنْ تَميمٍ رَهْطُ أَبي رَجاءٍ العُطاردي.
عطود: العَطَوَّدُ: السَّيْرُ السَّرِيعُ؛ قَالَ: وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْخُمَاسِيِّ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِليك أَشكُو عَنَقاً عَطَوَّدا
وَيَوْمٌ عَطَرَّد وعَطَوَّدٌ: طَوِيلٌ.
عفد: عَفَدَ يَعْفِد عَفْداً وعَفَداناً: طَفَرَ، يَمَانِيَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا صَفَّ رِجْلَيْهِ فَوَثَبَ مِنْ غَيْرِ عَدْو. والعَفْد: طَائِرٌ يُشْبِهُ الحَمام، وَقِيلَ: هُوَ الْحَمَامُ بِعَيْنِهِ، وَالْجَمْعُ عُفْدانٌ. أَبو عَمْرٍو: الاعْتِفادُ أَن يُغْلِقَ الرَّجُلُ بابَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يسأَل أَحداً حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا؛ وأَنشد:
وقائلةٍ: ذَا زَمانُ اعْتِفادِ، ... ومَن ذاكَ يَبْقى عَلَى الاعْتِفاد؟
وَقَدِ اعْتَفَدَ يَعْتَفِدُ اعتِفاداً. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَنس: كَانُوا إِذا اشْتَدَّ بِهِمُ الْجُوعُ وَخَافُوا أَن يَمُوتُوا أَغْلَقوا عَلَيْهِمْ بَابًا، وَجَعَلُوا حَظِيرَةً مِنْ شَجَرَةٍ يَدْخُلُونَ فِيهَا لِيَمُوتُوا جُوعًا. قَالَ: وَلَقِيَ رِجْلٌ جَارِيَةً تَبْكِي فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ؟ قَالَتْ: نُرِيدُ أَن نَعْتَفِدَ؛ قَالَ: وَقَالَ النَّظَّارُ بْنُ هَاشِمٍ الأَسدي:(3/295)
صاحَ بِهِم، عَلَى اعتِفادٍ، زَمانْ ... مُعْتَفَدٌ قَطَّاعُ بَيْنِ الأَقْرانْ
قَالَ شَمِرٌ: وَوَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ بُزُرْج اعْتَقَدَ الرجلُ، بِالْقَافِ، وآطَمَ وَذَلِكَ أَن يُغْلق عَلَيْهِ بَابًا إِذا احْتَاجَ حَتَّى يموت.
عقد: العَقْد: نَقِيضُ الحَلِّ؛ عَقَدَه يَعْقِدُه عَقْداً وتَعْقاداً وعَقَّده؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَا يَمْنَعَنَّكَ، مِنْ بِغاءِ ... الخَيْرِ، تَعْقادُ التمائمْ
واعتَقَدَه كعَقَدَه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَسِيلَةُ معْقِدِ السِّمْطَيْنِ مِنْهَا، ... وَرَيَّا حيثُ تَعْتَقِدُ الحِقابا
وَقَدِ انعَقَد وتعَقَّدَ. والمعاقِدُ: مَوَاضِعُ العَقْد. والعَقِيدُ: المُعَاقِدُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا هُوَ مِنِّي مَعْقِدَ الإِزار أَي بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ فِي الْقُرْبِ، فحذفَ وأَوْصَلَ، وَهُوَ مِنَ الحروف الْمُخْتَصَّةِ الَّتِي أُجريت مُجْرى غَيْرِ الْمُخْتَصَّةِ لأَنه كَالْمَكَانِ وإِن لَمْ يَكُنْ مَكَانًا، وإِنما هُوَ كَالْمَثَلِ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ إِذا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَنَاءٌ: فُلَانٌ لَا يَعْقِدُ الحَبْلَ أَي أَنه يَعْجِزُ عَنْ هَذَا عَلَى هَوانِهِ وخفَّته؛ قَالَ:
فإِنْ تَقُلْ يَا ظَبْيُ حَلًّا حَلَّا، ... تَعْلَقْ وتَعْقِدْ حَبْلَها المُنْحَلَّا
أَي تجِدُّ وتَتَشَمَّرُ لإِغْضابِه وإِرْغامِهِ حَتَّى كأَنها تَعْقِدُ عَلَى نَفْسِهِ الحبْل. والعُقْدَةُ: حَجْمُ العَقْد، وَالْجَمْعُ عُقَد. وَخُيُوطٌ معقَّدة: شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَيُقَالُ: عَقَدْتُ الْحَبْلَ، فَهُوَ مَعْقُودٌ، وَكَذَلِكَ الْعَهْدُ؛ وَمِنْهُ عُقْدَةُ النِّكَاحِ؛ وانعقَدَ عَقْدُ الْحَبْلِ انْعِقَادًا. وَمَوْضِعُ الْعَقْدِ مِنَ الْحَبْلِ: مَعْقِدٌ، وَجَمْعُهُ مَعاقِد. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
أَسأَلك بِمَعاقِدِ العِزِّ مِنْ عَرْشِك
أَي بِالْخِصَالِ الَّتِي اسْتَحَقَّ بِهَا العرشُ العِزَّ أَو بِمَوَاضِعِ انْعِقَادِهَا مِنْهُ، وَحَقِيقَةُ مَعْنَاهُ: بِعِزِّ عَرْشِكَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَصحاب أَبي حَنِيفَةَ يَكْرَهُونَ هَذَا اللَّفْظَ مِنَ الدُّعَاءِ. وجَبَرَ عَظْمُه عَلَى عُقْدَةٍ إِذا لَمْ يَسْتَوِ. والعُقْدَةُ: قِلَادَةٌ. والعِقْد: الْخَيْطُ يُنْظَمُ فِيهِ الْخَرَزُ، وَجَمْعُهُ عُقود. وَقَدِ اعتقَدَ الدرَّ والخرَزَ وَغَيْرَهُ إِذا اتَّخَذَ مِنْهُ عِقْداً، قَالَ عديَّ بْنُ الرَّقَّاعِ:
وَمَا حُسَيْنَةُ، إِذ قامَتْ تُوَدِّعُنا ... لِلبَيْنِ، واعَتَقَدتْ شَذْراً ومَرْجاناً
والمِعْقادُ: خَيْطٌ يُنْظَمُ فِيهِ خَرَزَاتٌ وتُعَلَّق فِي عُنُقِ الصَّبِيِّ. وعقَدَ التاجَ فَوْقَ رأْسه وَاعْتَقَدَهُ: عَصَّبَه بِهِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِابْنِ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
يَعْتَقِدُ التاجَ فوقَ مَفْرَقِه ... على جَبينٍ، كأَنه الذَّهَبُ
وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَبَّاد قَالَ: كنتُ آتِي المدينةَ فأَلقى أَصحابَ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَحَبُّهم إِليّ عمرُ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وأُقيمت صَلَاةُ الصُّبْحِ فَخَرَجَ عُمَرُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَجُلٌ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَعَرَفَهُمْ غَيْرِي، فَدَفَعَنِي مِنَ الصَّفِّ وَقَامَ مَقَامِي ثُمَّ قَعَدَ يُحَدِّثُنَا، فَمَا رأَيت الرِّجَالَ مَدَّتْ أَعناقها مُتَوَجِّهَةً إِليه فَقَالَ: هلَك أَهلُ العُقَدِ وربِّ الكعبةِ، قَالَهَا ثَلَاثًا، وَلَا آسَى عَلَيْهِمْ إِنما آسَى عَلَى مَنْ يَهْلِكون مِنَ النَّاسِ
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: العُقَدُ الوِلاياتُ عَلَى الأَمصار، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: هَلَكَ أَهلُ العَقَدِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ عَقْدِ الْوِلَايَةِ للأُمراء. وَفِي حَدِيثِ
أُبَيّ: هلكَ أَهلُ العُقْدَة وربِّ الْكَعْبَةِ
؛ يُرِيدُ البَيْعَة الْمَعْقُودَةَ لِلْوِلَايَةِ. وعَقَدَ العَهْدَ وَالْيَمِينَ يَعْقِدهما عَقْداً وعَقَّدهما: أَكدهما. أَبو زَيْدٍ فِي(3/296)
قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ
وَعَاقَدَتْ أَيمانكم؛ وَقَدْ قُرِئَ عَقَّدَتْ بِالتَّشْدِيدِ، مَعْنَاهُ التَّوْكِيدُ وَالتَّغْلِيظُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها، فِي الْحَلِفِ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ عاقَدَت أَيمانُكم
؛ المُعاقَدَة: المُعاهَدة وَالْمِيثَاقُ. والأَيمانُ: جَمْعُ يَمِينِ القَسَمِ أَو الْيَدِ. فأَما الْحَرْفُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ
، بِالتَّشْدِيدِ فِي الْقَافِ قِرَاءَةُ الأَعمش وَغَيْرِهِ، وَقَدْ قُرِئَ عَقَدْتُمْ بِالتَّخْفِيفِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
أُولئك قَوْمٌ، إِن بَنَوْا أَحْسَنُوا الْبُنَا، ... وإِن عَاهَدُوا أَوفَوْا، وإِن عاقَدوا شَدُّوا
وَقَالَ آخَرُ:
قوْمٌ إِذا عَقَدُوا عَقْداً لجارِهِم
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: عَاقَدُوا، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: عَقَّدوا، وَالْحَرْفُ قُرِئَ بِالْوَجْهَيْنِ؛ وعَقَدْتُ الحبْلَ وَالْبَيْعَ وَالْعَهْدَ فَانْعَقَدَ. والعَقْد: الْعَهْدُ، وَالْجَمْعُ عُقود، وَهِيَ أَوكد العُهود. وَيُقَالُ: عَهِدْتُ إِلى فلانٍ فِي كَذَا وَكَذَا، وتأْويله أَلزمته ذَلِكَ، فإِذا قُلْتَ: عَاقَدْتُهُ أَو عَقَدْتُ عَلَيْهِ فتأْويله أَنك أَلزمته ذَلِكَ بِاسْتِيثَاقٍ. وَالْمُعَاقَدَةُ: الْمُعَاهَدَةُ. وَعَاقَدَهُ: عهده. وَتَعَاقَدَ الْقَوْمُ: تَعَاهَدُوا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
؛ قِيلَ: هِيَ الْعُهُودُ، وَقِيلَ: هِيَ الْفَرَائِضُ الَّتِي أُلزموها؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَوفوا بالعُقود، خَاطَبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بالوفاءِ بِالْعُقُودِ الَّتِي عَقَدَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، والعقُودِ الَّتِي يعقِدها بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَلَى مَا يُوجِبُهُ الدِّينُ. والعَقِيدُ: الحَليفُ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ الْهُذْلِيُّ:
كَمْ مِن عَقِيدٍ وجارٍ حَلَّ عِنْدَهُمُ، ... ومِن مُجارٍ بِعَهْدِ اللهِ قَدْ قَتَلُوا
وعَقَدَ البِناءَ بالجِصِّ يَعْقِدُه عَقْداً: أَلْزَقَهُ. والعَقْدُ: مَا عَقَدْتَ مِنَ البِناءِ، وَالْجَمْعُ أَعْقادٌ وعُقودٌ. وعَقَدَ: بَنَى عَقْداً. والعَقْدُ: عَقْدُ طاقِ البناءِ، وَقَدْ عَقَّدَه البَنَّاءُ تَعْقِيداً. وتَعَقَّدَ القوْسُ فِي السَّمَاءِ إِذا صَارَ كأَنه عَقْد مَبْنّي. وتَعَقَّدَ السَّحابُ: صَارَ كَالْعَقْدِ الْمَبْنِيِّ. وأَعقادُه: مَا تعَقَّدَ مِنْهُ، وَاحِدُهَا عَقْد. والمَعْقِدُ: المَفْصِلُ. والأَعْقَدُ مِنَ التُّيوس: الَّذِي فِي قَرْنِه الْتِواء، وَقِيلَ: الَّذِي فِي قَرْنِهِ عُقْدة، وَالِاسْمُ العَقَد. والذئبُ الأَعْقَدُ: المُعْوَجُّ. وَفَحْلٌ أَعْقَدُ إِذا رَفَعَ ذَنَبَه، وإِنما يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ النَّشَاطِ. وَظَبْيَةٌ عَاقِدٌ: انْعَقَدَ طرَفُ ذَنَبِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْعَاطِفُ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي رَفَعَتْ رأْسها حَذَرًا عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى وَلَدِهَا. والعَقْداءُ مِنَ الشَّاءِ: الَّتِي ذَنَبُهَا كأَنه مَعْقُودٌ. والعَقَدُ: التواءٌ فِي ذنَب الشَّاةِ يَكُونُ فِيهِ كالعُقْدة؛ شاةٌ أَعْقَدُ وكَبْشٌ أَعْقد وَكَذَلِكَ ذِئْبٌ أَعقد وَكَلْبٌ أَعقد؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تَبُول عَلَى القَتادِ بناتُ تَيْمٍ، ... مَعَ العُقَدِ النَّوابحِ فِي الدِّيار
وَلَيْسَ شيءٌ أَحَبَّ إِلى الْكَلْبِ مِنْ أَن يَبُولَ عَلَى قَتادةٍ أَو عَلَى شُجَيْرَةٍ صَغِيرَةٍ غَيْرِهَا. والأَعْقَدُ: الْكَلْبُ لِانْعِقَادِ ذَنَبِهِ جَعَلُوهُ اسْمًا لَهُ مَعْرُوفًا. وكلُّ مُلْتَوي الذنَب أَعْقَدُ. وعُقْدَة الْكَلْبِ: قَضِيبُهُ وإِنما قيل عُقدة إِذا عَقَدَت عَلَيْهِ الكلبةُ فَانْتَفَخَ طَرَفه. والعَقَدُ: تَشبُّثُ ظبيةِ اللَّعْوَةِ ببُسْرَة قَضِيبِ الثَّمْثَم، والثمثمُ كَلْبُ الصَّيْد، وَاللَّعْوَةُ: الأُنثى، وظَبْيَتُها: حَياؤُها. وَتَعَاقَدَتِ الكلابُ: تَعاظَلَتْ؛ وَسَمَّى جَرِيرٌ الفرزدقَ عُقْدانَ، إِما عَلَى التَّشْبِيهِ لَهُ بِالْكَلْبِ الأَعْقَدِ الذنبِ، وإِما عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْكَلْبِ المُتعَقِّدِ مَعَ الْكَلْبَةِ إِذا عاظَلَها، فَقَالَ:(3/297)
وَمَا زِلْتَ يَا عُقْدانُ صاحِبَ سَوْأَةٍ، ... تُناجِي بِهَا نَفْساً لَئِيماً ضَمِيرُها
وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَقَّبَهُ عُقْدانَ لِقِصَرِه؛ وَفِيهِ يَقُولُ:
يَا لَيْتَ شِعْري مَا تَمَنَّى مُجاشِعٌ، ... وَلَمْ يَتَّرِكْ عُقْدانُ لِلقَوْسِ مَنْزَعا
أَي أَعرَقَ فِي النَّزْع وَلَمْ يَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا. وإِذا أَرْتَجَتِ الناقةُ عَلَى ماءِ الْفَحْلِ فَهِيَ عاقِدٌ، وَذَلِكَ حِينَ تَعْقِدُ بِذَنَبِهَا فَيُعْلَمُ أَنها قَدْ حَمَلَتْ وأَقرت باللِّقاحِ. وَنَاقَةٌ عَاقِدٌ: تَعْقِدُ بذَنَبِها عِنْدَ اللِّقاح؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
جِمالٌ ذاتُ مَعْجَمَةٍ، وبُزْلٌ ... عَواقِدُ أَمْسَكَتْ لَقَحاً وحُولُ
وظَبْيٌ عاقِدٌ: واضِعٌ عُنُقَه عَلَى عَجُزه، قَدْ عطَفَه لِلنَّوْمِ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
وكأَنما وافاكَ، يومَ لَقِيتَها، ... مِنْ وحشِ مكةَ عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ
وَالْجَمْعُ العَواقِدُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
حِسان الوُجوهِ كالظباءِ العَواقِد
وَهِيَ العواطِفُ أَيضاً. وجاءَ عاقِداً عُنُقَه أَي لَاوِيًا لَهَا مِنَ الكِبْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَه فإِن مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ
؛ قِيلَ: هُوَ مُعَالَجَتُهَا حَتَّى تَنْعَقِد وتَتَجَعَّد، وَقِيلَ: كَانُوا يَعْقِدونها فِي الْحُرُوبِ فأَمرهم بإِرسالها، كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ تَكَبُّرًا وعُجْباً. وعقدَ العسلُ والرُّبُّ ونحوُهما يَعْقِدُ وانعَقَدَ وأَعْقَدْتُه فَهُوَ مُعْقَدٌ وعَقِيد: غَلُظَ؛ قَالَ الْمُتَلَمِّسُ فِي نَاقَةٍ لَهُ:
أُجُدٌ إِذا اسْتَنْفَرْتَها مِن مَبْرَكٍ ... حَلَبَتْ مَغَابِنَها بِرُبٍّ مُعْقَدِ
وَكَذَلِكَ عَقيدُ عَصير الْعِنَبِ. وَرَوَى بَعْضُهُمْ: عَقَّدْتُ العسلَ والكلامَ أَعْقَدْتُ؛ وأَنشد:
وَكَأَنَّ رُبًّا أَوْ كُحَيْلًا مُعْقَدا
قَالَ الْكِسَائِيُّ: وَيُقَالُ لِلْقَطِرَانِ وَالرُّبِّ وَنَحْوِهِ: أَعْقَدْتُه حَتَّى تَعَقَّد. واليَعْقِيدُ: عَسَلٌ يُعْقَدُ حَتَّى يَخْثُرَ، وَقِيلَ: اليَعْقِيدُ طعامٌ يُعْقَدُ بِالْعَسَلِ. وعُقْدَةُ اللِّسَانِ. مَا غلُظَ مِنْهُ. وَفِي لِسَانِهِ عُقْدَةٌ وعَقَدٌ أَي التِواء. وَرَجُلٌ أَعْقَدُ وعَقِدٌ: فِي لِسَانِهِ عُقْدَة أَو رَتَجٌ؛ وعَقِدَ لسانهُ يَعْقَدُ عَقَداً. وعَقَّد كلامَه: أَعوَصَه وعَمَّاه. وكلامٌ مُعَقَّدٌ أَي مُغَمَّضٌ. وَقَالَ إِسحاق بْنُ فَرَجٍ: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ: عَقَدَ فلانُ بْنُ فُلَانٍ عُنقَه إِلى فُلَانٍ إِذا لجأَ إِليه وعَكَدَها. وعَقَدَ قَلْبه عَلَى الشَّيْءِ: لَزِمَه، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: عَقَد فُلَانٌ نَاصِيَتَهُ إِذا غَضِبَ وتهيأَ لِلشَّرِّ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
أَثابُوا أَخاهُمْ، إِذْ أَرادُوا زِيالَه ... بأَسْواطِ قِدٍّ، عاقِدِينَ النَّواصِيا
وَفِي حَدِيثٍ:
الخيلُ مَعقودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخيْرُ
أَي مُلَازِمٌ لَهَا كأَنه مَعْقُودٌ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
لَكَ مِنْ قُلُوبِنَا عُقْدَةُ النَّدم
؛ يُرِيدُ عَقْدَ الْعَزْمِ عَلَى النَّدَامَةِ وَهُوَ تَحْقِيقُ التَّوْبَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لآمُرَنَّ بِرَاحِلَتِي تُرْحَلُ ثُمَّ لَا أَحُلُّ لَهَا عُقْدةً حَتَّى أَقدَمَ الْمَدِينَةَ
أَي لَا أَحُلُّ عَزْمِي حَتَّى أَقدَمَها؛ وَقِيلَ: أَراد لَا أَنزل عَنْهَا فأَعقلها حَتَّى أَحتاج إِلى حَلِّ عِقَالِهَا. وعُقْدَة النكاحِ والبيعِ: وُجُوبُهُمَا؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: هُوَ مِنَ الشَّدِّ وَالرَّبْطِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا: إِمْلاكُ المرأَةِ، لأَن أَصل هَذِهِ الْكَلِمَةِ أَيضاً العَقْدُ، فَقِيلَ إِملاك المرأَة كَمَا قِيلَ عُقْدَةُ النِّكَاحِ؛ وانعَقدَ النكاحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ والبيعُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ. وعُقْدَةُ كلِّ شيءٍ: إِبرامه. وَفِي(3/298)
الْحَدِيثِ:
مَن عقدَ الجِزْية في عنقه فقد بَرِىءَ مِمَّا جاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ عَقْدُ الجِزْيةِ كِنَايَةٌ عَنْ تَقْرِيرِهَا عَلَى نَفْسِهِ كَمَا تُعْقَدُ الذِّمَّةُ لِلْكِتَابِيِّ عَلَيْهَا. واعتقدَ الشيءُ: صَلُبَ وَاشْتَدَّ. وتَعَقَّد الإِخاءُ: اسْتَحْكَمَ مِثْلُ تَذَلَّلَ. وتَعَقَّدَ الثَّرَى: جَعُدَ. وثَرًى عَقِدٌ عَلَى النسَبِ: مُتَجَعِّدٌ. وعقدَ الشحمُ يعقِدُ: انْبَنَى وَظَهَرَ. والعَقِدُ: المتراكِمُ مِنَ الرَّمْلِ، وَاحِدُهُ عَقِدَة وَالْجَمْعُ أَعقادٌ. والعَقَدُ لُغَةٌ فِي العَقِدِ؛ وَقَالَ هِمْيَانُ:
يَفْتَحُ طُرْقَ العَقِدِ الرَّواتِجا
لِكَثْرَةِ الْمَطَرِ. والعَقدُ: ترطُّبُ الرَّمْلِ مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ. وَجَمَلٌ عَقِدٌ: قَوِيٌّ. ابْنُ الأَعرابي: العَقِدُ الْجَمَلُ الْقَصِيرُ الصَّبُورُ عَلَى الْعَمَلِ. وَلَئِيمٌ أَعقد: عَسِرُ الخُلُق لَيْسَ بِسَهْلٍ؛ وَفُلَانٌ عَقِيدُ الكرَم وعَقِيدُ اللُّؤْمِ. والعَقَدُ فِي الأَسنان كالقادِحِ. والعاقِدُ: حَرِيمُ الْبِئْرِ وَمَا حَوْلَهُ. والتَّعَقُّدُ فِي الْبِئْرِ: أَن يَخْرخَ أَسفَلُ الطيِّ وَيَدْخُلَ أَعلاه إِلى جِرابها، وجِرابُها اتِّسَاعُهَا. وَنَاقَةٌ مَعْقُودَةُ القَرا: مُوَثَّقَهُ الظَّهْرِ؛ وَجُمَلٌ عَقْدٌ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فكيْفَ مَزارُها إِلا بِعَقْدٍ ... مُمَرٍّ، لَيْسَ يَنْقُضُه الخَؤُون؟
الْمُرَادُ الحَبْلُ وأَراد بِهِ عَهْدَها. والعُقْدَةُ: الضَّيْعَةُ. واعتَقَدَ أَيضاً: اشْتَرَاهَا. والعُقْدة: الأَرض الْكَثِيرَةُ الشَّجَرِ وَهِيَ تَكُونُ مِنَ الرِّمْثِ والعَرْفَجِ، وأَنكرها بَعْضُهُمْ فِي الْعَرْفَجِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَكَانُ الْكَثِيرُ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
فَعَدَلْتُ عَنِ الطَّرِيقِ فإِذا بِعُقْدَةٍ مِنْ شَجَرٍ
أَي بُقْعَةٍ كَثِيرَةِ الشَّجَرِ؛ وَقِيلَ: الْعُقْدَةُ مِنَ الشَّجَرِ مَا يَكْفِي الْمَاشِيَةَ؛ وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الشَّجَرِ مَا اجْتَمَعَ وَثَبَتَ أَصله يُرِيدُ الدوامَ. وَقَوْلُهُمْ؛ آلَفُ مِنْ غُرابِ عُقْدَة؛ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هِيَ أَرض كَثِيرَةُ النَّخِيلِ لَا يطيرُ غُرابُها. وَفِي الصِّحَاحِ: آلفُ مِنْ غُراب عُقْدة لأَنه لَا يُطَيَّرُ. والعُقْدَة: بَقِيَّةُ المَرْعَى، وَالْجَمْعُ عُقَدٌ وعِقادٌ. وَفِي أَرض بَنِي فُلَانٍ عُقْدة تَكْفِيهِمْ سَنَتَهُمْ، يَعْنِي مَكَانًا ذَا شَجَرٍ يَرْعَوْنَهُ. وَكُلُّ مَا يَعْتَقِدُهُ الإِنسان مِنَ الْعَقَارِ، فَهُوَ عُقْدَةٌ لَهُ. وَاعْتَقَدَ ضَيْعة وَمَالًا أَي اقْتَنَاهُمَا. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: فِي قَوْلِهِمْ لِفُلَانٍ عُقْدة، الْعُقْدَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْحَائِطُ الْكَثِيرُ النَّخْلِ. وَيُقَالُ للقَرْية الْكَثِيرَةِ النَّخْلِ: عُقْدة، وكأَنّ الرَّجُلَ إِذا اتَّخَذَ ذَلِكَ فَقَدْ أَحكم أَمره عِنْدَ نَفْسِهِ وَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ، ثُمَّ صَيَّرُوا كُلَّ شَيْءٍ يَسْتَوْثِقُ الرَّجُلُ بِهِ لِنَفْسِهِ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ عُقْدة. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا سَكَنَ غَضَبُهُ: قَدْ تَحَلَّلَتْ عُقَدُه. وَاعْتَقَدَ كَذَا بِقَلْبِهِ وَلَيْسَ لَهُ معقودٌ أَي عقدُ رأْي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا كَانَ يُبَايِعُ وَفِي عُقْدته ضَعْفٌ
أَي فِي رأْيه وَنَظَرِهِ فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ. والعَقَدُ والعَقَدانُ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ. والعَقِدُ، وَقِيلَ العَقَد: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ سَعْدٍ. وَبَنُو عَقِيدَةَ: قَبِيلَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ. وَبَنُو عَقِيدَةَ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ. والعُقُدُ: بُطُونٌ مِنْ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: العَقَدُ قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ يُنْسَبُ إِليهم العَقَدِيُّ. والعَقَدُ: مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ خَاصَّةً؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. قَالَ: واللَّبكُ بَنُو الْحَرْثِ بْنِ كَعْبٍ مَا خَلَا مِنْقَراً، وذِئابُ الْغَضَا بَنُو كَعْبِ بْنَ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَة. والعُنْقُودُ: وَاحِدُ عناقِيدِ الْعِنَبِ، والعِنقادُ لُغَةٌ فِيهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذ لِمَّتي سَوْداء كالعِنْقادِ
والعُقْدَةُ مِنَ المَرْعَى: هِيَ الجَنْبَةُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ مَرْعَى عَامَ أَوّلَ، فَهُوَ عُقْدَةٌ وعُرْوَةٌ فَهَذَا مِنَ الجَنْبَة، وَقَدْ يضطرُّ المالُ إِلَى الشَّجَرِ، وَيُسَمَّى عُقْدَةً(3/299)
وَعُرْوَةً فإِذا كَانَتِ الْجَنَبَةُ لَمْ يُقِلْ لِلشَّجَرِ عُقْدَةً وَلَا عُرْوَةً؛ قَالَ: وَمِنْهُ سميت العُقْدَة؛ وقال الرِّقَاعِ الْعَامِلِيُّ:
خَضَبَتْ لَهَا عُقَدُ البِراقِ جَبينَها، ... مِن عَرْكِها عَلَجانَها وعَرادَها
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَمْرٍو: أَلم أَكن أَعلم السباعَ هَاهُنَا كَثِيرًا؟ قِيلَ: نَعَمْ وَلَكِنَّهَا عُقِدَت فَهِيَ تُخَالِطُ الْبَهَائِمَ وَلَا تَهِيجُها
أَي عُولِجَتْ بالأُخَذِ وَالطَّلْسَمَاتِ كَمَا يُعَالِجُ الرومُ الهوامَّ ذواتِ السُّمُومِ، يَعْنِي عُقِدت ومُنِعتْ أَن تَضُرَّ الْبَهَائِمَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: أَنه كَسَا فِي كفَّارة الْيَمِينِ ثَوْبَيْنِ ظَهْرانِيًّا ومُعَقَّداً
؛ المُعَقَّدُ: ضَرْبٌ من برودِ هَجَرَ.
عكد: العُكْدَةُ والعَكَدَةُ: أَصل اللِّسَانِ وَالذَّنَبِ وعُقْدَتُه، وَالْجَمْعُ عُكَدٌ وعَكَد. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا قُطِعَ اللِّسَانُ مِنْ عُكْدَتِه فَفِيهِ كَذَا
؛ العُكْدَةُ عُقْدَةُ أَصل اللِّسَانِ، وَقِيلَ: مُعْظَمُهُ، وَقِيلَ: وَسَطُه. وعَكْدُ كلِّ شيءٍ: وسَطُه. وعَكَدَة الْقَلْبِ: أَصله بَيْنَ الرِّئَتَيْنِ. وعَكِدَ الضَّبُّ يَعْكَدُ عَكَداً، فَهُوَ عَكِدٌ، واستَعْكَدَ: سَمِنَ وصَلُبَ لحمُه. واستَعْكَدَ الضبُّ بِحَجَرٍ أَو شَجَرٍ إِذا تَعَصَّرَ بِهِ مخافةَ عُقابٍ أَو بازٍ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي يَصِفُ الضَّبَّ:
إِذا اسْتَعْكَدَتْ مِنْهُ بكلِّ كُدايَةٍ ... مِنَ الصَّخْرِ، وَافَاهَا لَدى كلِّ مَسْرَحِ
وَنَاقَةٌ عَكِدَةٌ: سَمِينَةٌ. واسْتَعْكَدَ الماءُ: اجْتَمَعَ؛ وَيُرْوَى بَيْتُ إمرئِ الْقَيْسِ:
تَرى الفَأْرَ فِي مُسْتَعْكِدِ الماءِ لاحِباً ... عَلَى جَدَدِ الصَّحْراءِ، مِن شَدِّ مَلْهَبِ
وعَكْدُكَ هَذَا الأَمْرُ. وحَبابُك وشَبابُكَ ومجهودُك ومعكودُك أَن تَفْعَلَ كَذَا مَعْنَاهُ كلِّه: غايتُك وآخِرُ أَمْرِكَ أَي قُصاراكَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
سَنُصْلي بِهَا القَوْمَ الَّذِينَ اصْطَلَوْا بِهَا، ... وإِلَّا فمَعكودٌ لَنا أُمُّ جُندُبِ
ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْكود لَنَا أَي قُصارى أَمْرِنا وَآخِرُهُ أَن نَظْلِمَ فنَقْتُلَ غيرَ قاتِلِنا. وأُم جُنْدُبٍ هُنَا: الغَدْرُ والداهيةُ، وَهَذَا معكودٌ أَي عَتِيدٌ. والمَعْكُودُ: الْمَحْبُوسُ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وَلَبَنٌ عُكالِدٌ وعُكَلِدٌ أَي خَاثِرٌ، بِزِيَادَةِ اللَّامِ. والعِلْكِدُ: القَصيرةُ اللَّحِيمةُ.
عكرد: غُلَامٌ عُكْرُدٌ وعُكْرُودٌ وعُكَرِدٌ: سَمِينٌ. وَقَدْ عَكْرَدَ الغلامُ وَالْبَعِيرُ يُعَكْرِدُ عَكْرَدَة إِذا سَمِنَ. وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الإِنسان. وَفِي حَدِيثِ العُرنيين:
فسَمِنوا وعَكْرَدُوا
أَي غَلُظوا وَاشْتَدُّوا. يُقَالُ لِلْغُلَامِ الْغَلِيظِ الْمُشْتَدِّ: عَكْرَدٌ وعُكْرُود.
عكلد: لبنٌ عُكَلِدٌ كَعُكَلِطٍ: خَاثِرٌ. والعُكَلِدُ والعُلَكِدُ كُلُّهُ: الغليظُ الشَّدِيدُ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ عامَّةً، الذَّكَرُ فِيهِ والأُنثى سَوَاءٌ، وَالِاسْمُ العَكْلَدَة.
علد: العَلْدُ: عَصَبُ العُنُق، وَجَمْعُهُ أَعلادٌ. والأَعْلاد: مَضائغُ فِي العُنُقِ مِنْ عَصَبٍ، وَاحِدُهَا عَلْدٌ؛ قَالَ رؤْبة يَصِفُ فَحْلًا:
قَسْبُ العَلابيِّ جُراز الأَعْلادْ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُرِيدُ عصَبَ عُنُقِهِ. والقَسْبُ: الشديدُ الْيَابِسُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: كَانَ مجاشِعُ بْنُ دارمٍ عِلْودَّ العُنق. قَالَ أَبو عَمْرٍو: العِلْوَدُّ مِنَ الرِّجَالِ الْغَلِيظُ الرقَبَة. والعَلْدُ: الصُّلْبُ الشديدُ مِنْ كُلِّ شيءٍ كأَن فِيهِ(3/300)
يُبساً مِنْ صَلَابَتِهِ، وَهُوَ أَيضاً: الرَّاسِي الَّذِي لَا يَنقادُ وَلَا يَنْعَطِفُ، وَقَدْ عَلِدَ عَلَداً. وَرَجُلٌ عِلْوَدٌّ وامرأَة عِلْوَدَّةٌ: وَهُوَ الشَّدِيدُ ذُو القَسْوة. والعِلْوَدُّ والعَلْوَدُّ مِنَ الرِّجَالِ والإِبل: المُسِنُّ الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: الْغَلِيظُ؛ قَالَ الدُّبَيْرِيُّ يَصِفُ الضَّبَّ:
كأَنَّهما ضَبَّانِ ضَبَّا عَرادَةٍ، ... كَبيران عِلْوَدَّانِ صُفْراً كُشاهُما
علْوَدَّان: ضَخْمان. واعْلَوَّدَ الرجلُ إِذا غلط. والعِلْوَدُّ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ: الْكَبِيرُ الْهَرِمُ؛ وَوَصَفَ الْفَرَزْدَقُ بَظْرَ أُم جَرِيرٍ بِالْعِلْوَدِّ فَقَالَ:
بِئْسَ المُدافِعُ عنكمُ عِلْوَدُّها، ... وابنُ المَراغَةِ كانَ شَرّ مُجِير
وإِنما عَنَى بِهِ عِظَمَه وصَلابَتَه. وَنَاقَةٌ عِلْوَدَّة: هَرِمة. وَسَيِّدٌ عِلْوَدٌّ: رَزِينٌ ثَخِينٌ؛ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ: العِلوَدُ، بِالتَّخْفِيفِ، فَزَعَمَ السِّيرَافِيُّ أَنها لُغَةٌ. واعْلَوَّدَ: لَزِمَ مَكانه فَلَمْ يُقْدَر عَلَى تَحْرِيكِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وعِزُّنا عِزٌّ إِذا تَوَحَّدا، ... تَثاقلتْ أَركانُه واعْلَوَّدا
وعَلْوَدَ يُعَلْوِدُ إِذا لَزِمَ مَكَانَهُ فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَحْرِيكِهِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العِلْوَدَّةُ مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تَنْقادُ بِقَوَائِمِهَا وتَجْذِبُ بِعُنُقِها الْقَائِدَ جَذْباً شَدِيدًا، وَقَلَّمَا يَقُودُهَا حَتَّى يَسُوقَهَا سَائِقٌ مِنْ وَرَائِهَا، وَهِيَ غَيْرُ طَيِّعَةِ القِيادة وَلَا سَلِسَةٍ؛ وأَما قَوْلُ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ:
وغُودِرَ عِلْوَدٌّ لهَا مُتَطاوِلٌ، ... نَبيلٌ كَجُثْمانِ الجُرادَةِ ناشِرُ
فإِنه أَراد بِعِلْوَدِّها عُنُقَها، أَراد النَّاقَةَ. والجُرادَةُ: اسْمُ رملةٍ بِعَيْنِهَا؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
أَيُّ غُلامٍ لَشَ عِلَوَدِّ العُنُقْ ... لَيْسَ بِكَبَّاسٍ وَلَا جَدٍّ حَمِقْ «3»
. قَوْلُهُ لَشَ أَراد لَكَ، لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ. والعُلادى والعَلَنْدى والعُلَنْدى: الْبَعِيرُ الضَّخْمُ الشَّدِيدُ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ الطَّوِيلُ وَكَذَلِكَ الفرس، وقيل: هو الغليط مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، والأُنثى عَلَنْداة، وَالْجَمْعُ عَلادى، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَلَدْنى. وَفِي التَّهْذِيبِ: عَلانِدُ عَلَى تَقْدِيرِ قَلانِسَ. وَقَالَ النَّضْرُ: العَلَنْداة مِنَ الإِبل الْعَظِيمَةُ الطَّوِيلَةُ، وَلَا يُقَالُ جمَلٌ عَلَنْدى؛ قَالَ: والعَفَرْناة مِثْلُهَا وَلَا يُقَالُ جَمَلٌ عَفَرْنى، وَرُبَّمَا قَالُوا جَمَلٌ عُلُنْدى؛ قَالَ أَبو السَّمَيْدَع: اعْلَنْدى الجملُ واكْلَنْدى إِذا غِلَظَ وَاشْتَدَّ. والعَلَنْدَدُ: الْفَرَسُ الشَّدِيدُ. وَمَا لِي عَنْهُ عَلَنْدَدٌ ومُعْلَنْدَدٌ أَي بدٌّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا وَجَدْتُ إِلى ذَلِكَ مَعْلَنْدَداً ومُعْلَنْدَداً أَي سَبِيلًا؛ وَحَكَى أَيضاً: مَا لِي عَنْ ذَلِكَ مُعْلُنْدُدٌ ومُعُلَنْدَدٌ أَي مَحِيص. والعَلَنْدَى، بِالْفَتْحِ: الْغَلِيظُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والعَلَنْدى: ضَرْبٌ مِنْ شَجَرِ الرَّمْلِ وَلَيْسَ بحَمْض يَهِيجُ لَهُ دُخَانٌ شَدِيدٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
سَيَأْتِيكُمُ مِنِّي، وإِنْ كنتُ نَائِيًا، ... دُخانُ العَلَنْدَى دونَ بَيْتَي مِذْوَدُ
أَي سيأْتي مذْوَدٌ يَذُودُكُمْ يَعْنِي الْهِجَاءَ. وَقَوْلُهُ: دُخَانُ العَلَنْدى دُونَ بَيْتِي أَي منابتُ الْعَلْنَدَى بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ: العَلَنْداةُ شَجَرَةٌ طَوِيلَةٌ لَا شَوْكَ لَهَا مِنَ العِضاه؛ قَالَ الأَزهري: لم يصب
__________
(3) . قوله [بكباس] كذا في شرح القاموس بباء موحدة قبل الألف وفي الأَصل بلا نقط(3/301)
اللَّيْثُ فِي وَصْفِ الْعَلَنْدَاةِ لأَن الْعَلَنْدَاةَ شَجَرَةٌ صُلْبَةُ الْعِيدَانِ جاسيَة لَا يُجْهِدُهَا الْمَالُ، وَلَيْسَتْ مِنَ الْعِضَاهِ، وَكَيْفَ تَكُونُ مِنَ الْعِضَاهِ وَلَا شَوْكَ لَهَا؟ والعضاهُ مِنَ الشَّجَرِ: مَا كَانَ لَهُ شَوْكٌ صَغِيرًا كَانَ أَو كَبِيرًا، وَالْعَلْنَدَاةُ لَيْسَتْ بِطَوِيلَةٍ وأَطولها عَلَى قَدْرِ قِعْدة الرَّجُلِ، وَهِيَ مَعَ قِصَرِهَا كَثِيفَةُ الأَغصان مُجْتَمِعَةٌ.
علكد: العِلْكِدُ والعُلَكِدُ والعَلْكَدُ والعُلْكُدُ والعُلاكِدُ والعِلَّكْد، كُلُّهُ: الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ مِنَ الإِبل وَغَيْرِهَا، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ عامَّةً، الذكرُ والأُنثى فِيهِ سَوَاءٌ، وَالِاسْمُ العَلْكَدَةُ. والعِلْكِد والعلَّكْد كِلْتَاهُمَا: الْعَجُوزُ الصَّخَّابة، وَقِيلَ هِيَ المرأَة الْقَصِيرَةُ اللَّحِيمةُ الْحَقِيرَةُ الْقَلِيلَةُ الْخَيْرِ؛ وأَنشد الأَزهري:
وعِلْكِدٍ خَثْلَتُها كالجُفِّ، ... قَالَتْ وَهِيَ تُوعِدُني بالكَفِّ:
أَلا امْلأَنَّ وَطْبَنا وكَفِّي
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: العِلْكِدُ الدَّاهِيَةُ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
أَعْيَسَ مَضْبُورَ القَرا عِلْكَدَّا
قَالَ: شَدَّدَ الدَّالَ اضْطِرَارًا. قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يُشَدِّدُ اللَّامَ. وَقَالَ النَّضْرُ: فِي فُلَانٍ عَلْكَدَةٌ وجَساةٌ فِي خَلْقه أَي غِلَظٌ. الأَزهري: العَلاكِدُ الإِبل الشِّدَادُ؛ قَالَ دُكَيْنٌ:
يَا دِيلُ مَا بِتَّ بِلَيْلٍ جاهِدا، ... وَلَا رَحَلْتَ الأَيْنُقَ العَلاكِدا
علند: العَلَنْدى: البَعِير الضَّخْمُ الطَّوِيلُ، والأُنثى عَلَنداة، وَالْجَمْعُ العَلانِدُ والعَلادى والعَلَنْداةُ أَو الْعَلَانِدُ. وَالْعَلَنْدَاةُ: الْعَظِيمَةُ الطَّوِيلَةُ، وَرَجُلٌ عَلَنْدى والعَفَرْناة مِثْلُهَا. واعْلَنْدى الْبَعِيرُ إِذا غَلُظَ. وَيُقَالُ: مَا لِي عَنْهُ مُعْلَنْدِدٌ، بِكَسْرِ الدَّالِ، أَي لَيْسَ دُونَهُ مُناخٌ وَلَا مَقِيلٌ إِلا الْقَصْدَ نَحْوَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَمْ دونَ مَهْدِيَّةَ مِنْ مُعْلَنْدِدِ
قَالَ: المُعْلَنْدِدُ الْبَلَدُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ ماءٌ وَلَا مرْعى. وَيُقَالُ: مَا لِي عَنْهُ عُنْدُدٌ وَلَا مُعْلَنْدَدٌ وَلَا احْتِيَالٌ أَي مَا لِي عَنْهُ بُدٌّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا وَجَدْتُ إِلى ذَلِكَ عُنْدُداً وعَنْدَداً ومُعْلَنْدداً أَي سَبِيلًا، وَقَدْ مَرَّ أَكثر هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي عَلِدَ.
علنكد: الأَزهري: رَجُلٌ عَلَنْكَدٌ صلب شديد.
علهد: عَلْهَدْت الصَّبِيَّ: أَحسنت غذاءَه.
عمد: العَمْدُ: ضِدُّ الخطإِ فِي الْقَتْلِ وَسَائِرِ الْجِنَايَاتِ. وَقَدْ تَعَمَّده وتعمَّد لَهُ وعَمَده يعْمِده عَمْداً وعَمَدَ إِليه وَلَهُ يَعْمِد عَمَدًا وتعمَّده واعتَمَده: قَصَدَهُ، وَالْعَمْدُ الْمَصْدَرُ مِنْهُ. قَالَ الأَزهري: الْقَتْلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوجه: قَتْلُ الخطإِ المحْضِ وَهُوَ أَن يَرْمِيَ الرَّجُلَ بِحَجَرٍ يُرِيدُ تَنْحِيَتَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ وَلَا يَقْصِدُ بِهِ أَحداً فيصيب إِنساناً فيقلته، فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّامِي أَخماساً مِنَ الإِبل وَهِيَ عِشْرُونَ ابْنَةَ مَخاض، وَعِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُون، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّة وَعِشْرُونَ جَذَعة؛ وأَما شِبْهُ الْعَمْدِ فَهُوَ أَن يَضْرِبَ الإِنسان بِعَمُودٍ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ أَو بِحَجَرٍ لَا يَكَادُ يَمُوتُ مَنْ أَصابه فيموت منه فيه الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ؛ وَكَذَلِكَ الْعَمْدُ الْمَحْضُ فِيهِ ثَلَاثُونَ حَقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وأَربعون مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إِلى بازِلِ عامِها كُلُّهَا خَلِفَةٌ؛ فأَما شِبْهُ الْعَمْدِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وأَما الْعَمْدُ الْمَحْضُ فَهُوَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ. وَفَعَلْتُ ذَلِكَ عَمْداً عَلَى عَيْن وعَمْدَ عَيْنٍ أَي بِجدٍّ وَيَقِينٍ؛ قَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَةَ:
إِنْ تَكُ خَيْلِي قَدْ أُصِيبَ صَميمُها. ... فعَمْداً عَلَى عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مالِكا(3/302)
وعَمَد الْحَائِطَ يَعْمِدُه عَمْداً: دعَمَه؛ وَالْعَمُودُ الَّذِي تَحَامَلَ الثِّقْلُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقُ كَالسَّقْفِ يُعْمَدُ بالأَساطينِ الْمَنْصُوبَةِ. وعَمَد الشيءَ يَعْمِدُه عَمْدًا: أَقامه. والعِمادُ: مَا أُقِيمَ بِهِ. وعمدتُ الشيءَ فانعَمَد أَي أَقمته بِعِمادٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ. والعِمادُ: الأَبنية الرَّفِيعَةُ، يُذَكَّرُ ويؤَنث، الْوَاحِدَةُ عِمادة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ونَحْنُ، إِذا عِمادُ الحَيِّ خَرَّتْ ... عَلَى الأَحَفاضِ، نَمْنَعُ مَنْ يَلِينا
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَي ذَاتِ الطُّولِ، وَقِيلَ أَي ذَاتِ البناءِ الرَّفِيعِ؛ وَقِيلَ أَي ذَاتِ البناءِ الرَّفِيعِ المُعْمَدِ، وَجَمْعُهُ عُمُدٌ والعَمَدُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: ذاتِ الْعِمادِ
إِنهم كَانُوا أَهل عَمَدٍ يَنْتَقِلُونَ إِلى الكَلإِ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ يَرْجِعُونَ إِلى مَنَازِلِهِمْ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لأَصحاب الأَخبِيَة الَّذِينَ لَا يَنْزِلُونَ غَيْرَهَا هُمْ أَهل عَمود وأَهل عِماد. الْمُبَرِّدُ: رَجُلٌ طويلُ العِماد إِذا كَانَ مُعْمَداً أَي طَوِيلًا. وَفُلَانٌ طويلُ العِماد إِذا كَانَ مَنْزِلُهُ مُعْلَماً لِزَائِرِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: زَوْجِي رفيعُ العِمادِ
؛ أَرادت عِمادَ بيتِ شَرَفِهِ، وَالْعَرَبُ تَضَعُ الْبَيْتَ مَوْضِعَ الشَّرَفِ فِي النَّسَبِ وَالْحَسَبِ. والعِمادُ والعَمُود: الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا الْبَيْتُ. وأَعمَدَ الشيءَ: جَعَلَ تَحْتَهُ عَمَداً. والعَمِيدُ: الْمَرِيضُ لَا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ مِنْ مَرَضِهِ حَتَّى يُعْمَدَ مِنْ جَوَانِبِهِ بالوَسائد أَي يُقامَ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ وَذَكَرَ طَالِبَ الْعِلْمِ: وأَعْمَدَتاه رِجْلاه
أَي صَيَّرَتاه عَمِيداً، وَهُوَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَن يَثْبُتَ عَلَى الْمَكَانِ حَتَّى يُعْمَدَ مِنْ جَوَانِبِهِ لِطُولِ اعْتِمَادِهِ فِي الْقِيَامِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: أَعمدتاه رِجْلَاهُ، عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ أَكلوني البراغيثُ، وهي لغة طيء. وَقَدْ عَمَدَه المرضُ يَعْمِدُه: فَدَحَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَمِنْهُ اشْتُقَّ القلبُ العَمِيدُ. يَعْمِدُه: يُسْقِطُهُ ويَفْدَحُه ويَشْتَدُّ عَلَيْهِ. قَالَ: وَدَخَلَ أَعرابي عَلَى بَعْضِ الْعَرَبِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ تَجدُك؟ فَقَالَ: أَما الَّذِي يَعْمِدُني فَحُصْرٌ وأُسْرٌ. وَيُقَالُ لِلْمَرِيضِ مَعمود، وَيُقَالُ لَهُ: مَا يَعْمِدُكَ؟ أَي مَا يُوجِعُك. وعَمَده الْمَرَضُ أَي أَضناه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا مَنْ لِهَمٍّ آخِرَ اللَّيْلِ عامِدِ
مَعْنَاهُ: مُوجِعٌ. رَوَى ثَعْلَبٌ أَنَّ ابْنَ الأَعرابي أَنشده لِسِمَاكٍ الْعَامِلِيِّ:
أَلا مَنْ شَجَتْ ليلةٌ عامِدَه، ... كَمَا أَبَداً ليلةٌ واحِدَه
وَقَالَ: مَا مَعْرِفَةٌ فَنَصْبُ أَبداً عَلَى خُرُوجِهِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ كَانَ جَائِزًا «4» . قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُهُ لَيْلَةٌ عَامِدَةٌ أَي مُمْرضة مُوجِعَةٌ. واعْتَمَد عَلَى الشَّيْءِ: توكّأَ. والعُمْدَةُ: مَا يُعتَمَدُ عَلَيْهِ. واعْتَمَدْتُ عَلَى الشَّيْءِ: اتكأْتُ عَلَيْهِ. وَاعْتَمَدْتُ عَلَيْهِ فِي كَذَا أَي اتَّكَلْتُ عَلَيْهِ. وَالْعَمُودُ: الْعَصَا؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:
يَهْدي العَمُودُ لَهُ الطريقَ إِذا هُمُ ... ظَعَنُوا، ويَعْمِدُ لِلطَّرِيقِ الأَسْهَلِ
واعْتَمَد عَلَيْهِ فِي الأَمر: تَوَرَّك عَلَى الْمَثَلِ. وَالِاعْتِمَادُ: اسْمٌ لِكُلِّ سَبَبٍ زَاحَفْتَهُ، وإِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنك إِنما تُزاحِفُ الأَسباب لاعْتِمادها عَلَى الأَوْتاد. والعَمود: الْخَشَبَةُ الْقَائِمَةُ فِي وَسَطِ الخِباء، وَالْجَمْعُ أَعْمِدَة وعُمُدٌ، والعَمَدُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وَيُقَالُ: كُلُّ خِبَاءٍ مُعَمَّدٌ؛ وَقِيلَ: كُلُّ خِبَاءٍ كَانَ طَوِيلًا فِي الأَرض
__________
(4) . قوله [وقال ما معرفة إلى قوله كان جائزاً] كذا بالأَصل(3/303)
يُضْرَبُ عَلَى أَعمدة كَثِيرَةٍ فَيُقَالُ لأَهْلِه: عَلَيْكُمْ بأَهْل ذَلِكَ الْعَمُودِ، وَلَا يُقَالُ: أَهل العَمَد؛ وأَنشد:
وَمَا أَهْلُ العَمُودِ لَنَا بأَهْلٍ، ... وَلَا النَّعَمُ المُسامُ لَنَا بمالِ
وَقَالَ فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاح والعَمَدِ
قَالَ: الْعَمَدُ أَساطين الرُّخَامِ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ
؛ قُرِئَتْ فِي عُمُدٍ، وَهُوَ جَمْعُ عِمادٍ وعَمَد، وعُمُد كَمَا قَالُوا إِهابٌ وأَهَبٌ وَأُهُبٌ وَمَعْنَاهُ أَنها فِي عَمَدٍ مِنَ النَّارِ؛ نَسَبَ الأَزهري هَذَا الْقَوْلَ إِلى الزَّجَّاجِ، وَقَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ: العَمَد والعُمُد جَمِيعًا جَمْعَانِ لِلْعَمُودِ مِثْلُ أَديمٍ وأَدَمٍ وأُدُمٍ وقَضيم وقَضَمٍ وقُضُمٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ إِنها بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا أَي لَا تَرَوْنَ تِلْكَ الْعَمَدَ، وَقِيلَ خَلَقَهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ وَكَذَلِكَ تَرَوْنَهَا؛ قَالَ: والمعنى في التفسير يؤول إِلى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونُ تأْويل بِغَيْرِ عَمْدٍ تَرَوْنَهَا التأْويل الَّذِي فُسِّرَ بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا، وَتَكُونُ الْعَمَدُ قُدْرَتَهُ الَّتِي يُمْسِكُ بِهَا السَّمَاوَاتِ والأَرض؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه خَلَقَهَا مَرْفُوعَةً بِلَا عَمَدٍ وَلَا يَحْتَاجُونَ مَعَ الرُّؤْيَةِ إِلى خَبَرٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ خَلَقَهَا بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَ تِلْكَ الْعَمَدَ؛ وَقِيلَ: الْعَمَدُ الَّتِي لَا تُرَى قُدْرَتُهُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَاهُ أَنكم لَا تَرَوْنَ الْعَمَدَ وَلَهَا عَمَدٌ، وَاحْتَجَّ بأَن عَمَدَهَا جَبَلُ قَافٍ الْمُحِيطُ بِالدُّنْيَا وَالسَّمَاءُ مِثْلُ الْقُبَّةِ، أَطرافها عَلَى قَافٍ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ، وَيُقَالُ: إِن خُضْرَةَ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ فَيَصِيرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارًا تَحْشُرُ النَّاسَ إِلى الْمَحْشَرِ. وعَمُودُ الأُذُنِ: مَا اسْتَدَارَ فَوْقَ الشَّحْمَةِ وَهُوَ قِوامُ الأُذن الَّتِي تَثْبُتُ عَلَيْهِ وَمُعْظَمُهَا. وَعَمُودُ اللِّسَانِ: وسَطُه طُولًا، وعمودُ الْقَلْبِ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ عِرْقٌ يَسْقِيهِ، وَكَذَلِكَ عَمُودُ الكَبِد. وَيُقَالُ للوَتِينِ: عَمُودُ السَّحْر، وَقِيلَ: عَمُودُ الْكَبِدِ عِرْقَانِ ضَخْمَانِ جَنَابَتَي السُّرة يَمِينًا وَشِمَالًا. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لَخَارِجٌ عَمُودُهُ مِنْ كَبِدِهِ مِنَ الْجُوعِ. والعمودُ: الوَتِينُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي الجالِبِ قَالَ: يأْتي بِهِ أَحدهم عَلَى عَمُودِ بَطْنِه
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: عَمُودُ بَطْنِهِ ظَهْرُهُ لأَنه يُمْسِكُ الْبَطْنَ ويقوِّيه فَصَارَ كَالْعَمُودِ لَهُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: عِنْدِي أَنه كَنَّى بِعَمُودِ بَطْنِهِ عَنِ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ أَي أَنه يأْتي بِهِ عَلَى تَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ، وإِن لَمْ يَكُنْ عَلَى ظَهْرِهِ إِنما هُوَ مَثَلٌ، وَالْجَالِبُ الَّذِي يَجْلِبُ الْمَتَاعَ إِلى الْبِلَادِ؛ يقولُ: يُتْرَكُ وبَيْعَه لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ حَتَّى يَبِيعَ سِلْعَتَهُ كَمَا شَاءَ، فإِنه قَدِ احْتَمَلَ الْمَشَقَّةَ وَالتَّعَبَ فِي اجْتِلَابِهِ وَقَاسَى السَّفَرَ والنصَب. والعمودُ: عِرْقٌ مِنْ أُذُن الرُّهَابَةِ إِلى السَّحْرِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: عَمُودُ الْبَطْنِ شِبْهُ عِرْق مَمْدُودٍ مِنْ لَدُنِ الرُّهَابَةِ إِلى دُوَيْنِ السُّرَّةِ فِي وَسَطِهِ يَشُقُّ مِنْ بَطْنِ الشَّاةِ. وَدَائِرَةُ الْعَمُودِ فِي الْفَرَسِ: الَّتِي فِي مَوَاضِعِ الْقِلَادَةِ، وَالْعَرَبُ تَسْتَحِبُّهَا. وَعَمُودُ الأَمر: قِوامُه الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ إِلا بِهِ. وَعَمُودُ السِّنانِ: مَا تَوَسَّط شَفْرتَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ النَّاتِئُ فِي وَسَطِهِ. وَقَالَ النَّضْرُ: عَمُودُ السَّيْفِ الشَّطِيبَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ مَتْنِهِ إِلى أَسفله، وَرُبَّمَا كَانَ لِلسَّيْفِ ثَلَاثَةُ أَعمدة فِي ظَهْرِهِ وَهِيَ الشُّطَبُ والشَّطائِبُ. وعمودُ الصُّبْحِ: مَا تَبَلَّجَ مِنْ ضَوْئِهِ وَهُوَ المُسْتَظهِرُ مِنْهُ، وَسَطَعَ عمودُ الصُّبْحِ عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ. وعمودُ النَّوَى: مَا اسْتَقَامَتْ عَلَيْهِ السَّيَّارَةُ مِنْ بَيْتِهِ عَلَى الْمَثَلِ. وَعَمُودُ الإِعْصارِ: مَا يَسْطَعُ مِنْهُ فِي السَّمَاءِ أَو يَسْتَطِيلُ عَلَى وَجْهِ الأَرض.(3/304)
وعَمِيدُ الأَمرِ: قِوامُه. والعميدُ: السَّيِّدُ المُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الأُمور أَو الْمَعْمُودُ إِليه؛ قَالَ:
إِذا مَا رأَتْ شَمْساً عَبُ الشَّمْسِ، شَمَّرَتْ ... إِلى رَمْلِها، والجُلْهُمِيُّ عَمِيدُها
وَالْجَمْعُ عُمَداءُ، وَكَذَلِكَ العُمْدَةُ، الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِيهِ سَوَاءٌ. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ: أَنتم عُمْدَتُنا الَّذِينَ يُعْتَمد عَلَيْهِمْ. وعَمِيدُ الْقَوْمِ وعَمُودُهم: سَيِّدُهُمْ. وَفُلَانٌ عُمْدَةُ قَوْمِهِ إِذا كَانُوا يَعْتَمِدُونَهُ فِيمَا يَحْزُبُهم، وَكَذَلِكَ هُوَ عُمْدتنا. والعَمِيدُ: سَيِّدُ الْقَوْمِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:
حَتَّى يَصِيرَ عَمِيدُ القومِ مُتَّكِئاً، ... يَدْفَعُ بالرَّاح عَنْهُ نِسْوَةٌ عُجُلُ
وَيُقَالُ: استقامَ القومُ عَلَى عَمُودِ رأْيهم أَي عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهِ. وَاعْتَمَدَ فُلَانٌ لَيْلَتَهُ إِذا رَكِبَهَا يَسْرِي فِيهَا؛ وَاعْتَمَدَ فُلَانٌ فُلَانًا فِي حَاجَتِهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ. والعَمِيدُ: الشَّدِيدُ الْحُزْنِ. يُقَالُ: مَا عَمَدَكَ؟ أَي مَا أَحْزَنَك. والعَمِيدُ والمَعْمُودُ: المشعوف عِشْقاً، وَقِيلَ: الَّذِي بَلَغَ بِهِ الْحُبُّ مَبْلَغاً. وقَلبٌ عَمِيدٌ: هَدَّهُ الْعِشْقُ وَكَسَرَهُ. وعَمِيدُ الوجعِ: مَكَانُهُ. وعَمِدَ البعَيرُ عَمَداً، فَهُوَ عَمِدٌ والأُنثى بِالْهَاءِ: وَرِمَ سنَامُه مِنْ عَضِّ القَتَب والحِلْس وانْشدَخَ؛ قَالَ لَبِيَدٌ يَصِفُ مَطَرًا أَسال الأَودية:
فَبَاتَ السَّيْلُ يَرْكَبُ جانِبَيْهِ، ... مِنَ البَقَّارِ، كالعَمِدِ الثَّقَالِ
قَالَ الأَصمعي: يَعْنِي أَن السَّيْلَ يَرْكَبُ جَانِبَيْهِ سحابٌ كالعَمِد أَي أَحاط بِهِ سَحَابٌ مِنْ نَوَاحِيهِ بِالْمَطَرِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَكُونَ السَّنَامُ وَارِيًا فَيُحْمَلَ عَلَيْهِ ثِقْلٌ فَيَكْسِرَهُ فَيَمُوتَ فِيهِ شَحْمُهُ فَلَا يَسْتَوِي، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَرِمَ ظَهْرُ الْبَعِيرِ مَعَ الغُدَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَنْشَدِخَ السَّنَامُ انْشِدَاخًا، وَذَلِكَ أَن يُرْكَب وَعَلَيْهِ شَحْمٌ كَثِيرٌ. والعَمِدُ: الْبَعِيرُ الَّذِي قَدْ فَسَدَ سَنَامُه. قَالَ: وَمِنْهُ قِيلَ رَجُلٌ عَمِيدٌ ومَعْمُودٌ أَي بَلَغَ الْحُبُّ مِنْهُ، شُبه بِالسَّنَامِ الَّذِي انْشَدَخَ انْشِدَاخًا. وعَمِدَ البعيرُ إِذا انْفَضَخَ داخلُ سَنَامِه مِنَ الرُّكُوبِ وَظَاهِرُهُ صَحِيحٌ، فَهُوَ بَعِيرٌ عَمِدٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنّ نادبته قالت: وا عُمراه أَقام الأَودَ وَشَفَى العَمَدَ.
الْعَمَدُ، بِالتَّحْرِيكِ: ورَمٌ ودَبَرٌ يَكُونُ فِي الظَّهْرِ، أَرادت بِهِ أَنه أَحسن السِّيَاسَةَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ: لِلَّهِ بَلَاءُ فُلَانٍ فَلَقَدْ قَوَّم الأَوَدَ ودَاوَى العَمَدَ
؛ وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
كَمْ أُدارِيكم كَمَا تُدارَى البِكارُ العَمِدَةُ؟
البِكار جَمْعُ بَكْر وَهُوَ الفَتيُّ مِنَ الإِبل، والعَمِدَةُ مِنَ العَمَدِ: الورَمِ والدَّبَرِ، وَقِيلَ: العَمِدَةُ الَّتِي كَسَرَهَا ثِقَلُ حَمْلِهَا. والعِمْدَةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْتَفِخُ مِنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ وَغَارِبِهِ. وَقَالَ النَّضْرُ: عَمِدَتْ أَلْيَتَاهُ مِنَ الرُّكُوبِ، وَهُوَ أَن تَرِمَا وتَخْلَجَا. وعَمدْتُ الرَّجُلَ أَعْمِدُه عَمْداً إِذا «1» ضَرَبْتَهُ بِالْعَمُودِ. وعَمَدْتُه إِذا ضَرَبْتَ عَمُودَ بَطْنِهِ. وعَمدَ الخُراجُ عَمَداً إِذا عُصرَ قَبْلَ أَن يَنْضَجَ فَوَرِمَ وَلَمْ تَخْرُجْ بَيْضَتُهُ، وَهُوَ الْجُرْحُ العَمِدُ. وعَمِدَ الثَّرى يَعْمَدُ عَمَداً: بَلَّلَه الْمَطَرُ، فَهُوَ عَمِدٌ، تقَبَّضَ وتَجَعَّدَ ونَدِيَ وَتَرَاكَبَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فإِذا قَبَضْتَ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ تَعَقَّدَ وَاجْتَمَعَ مِنْ نُدُوَّته؛ قَالَ الرَّاعِيَ يَصِفُ بَقَرَةً وَحْشِيَّةً:
حَتَّى غَدَتْ فِي بياضِ الصُّبْحِ طَيِّبَةً، ... رِيحَ المَباءَةِ تَخْدِي، والثَّرَى عَمِدُ
__________
(1) . قوله [أعمده عمداً إذا إلخ] كذا ضبط بالأَصل ومقتضى صنيع القاموس أنه من باب كتب.(3/305)
أَراد طَيِّبَةَ ريِحِ المباءَةِ، فَلَمَّا نَوَّنَ طَيِّبَةً نَصبَ رِيحَ الْمَبَاءَةِ. أَبو زَيْدٍ: عَمِدَتِ الأَرضُ عَمَداً إِذا رَسَخَ فِيهَا الْمَطَرُ إِلى الثَّرَى حَتَّى إِذ قَبَضْتَ عَلَيْهِ فِي كَفِّكَ تَعَقَّدَ وجَعُدَ. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لعَمِدُ الثَّرَى أَي كَثِيرُ الْمَعْرُوفِ. وعَمَّدْتُ السيلَ تَعْميداً إِذا سَدَدْتَ وَجْهَ جَريته حَتَّى يَجْتَمِعَ فِي مَوْضِعٍ بِتُرَابٍ أَو حِجَارَةٍ. والعمودُ: قضِيبُ الْحَدِيدِ. وأَعْمَدُ: بِمَعْنَى أَعْجَبُ، وَقِيلَ: أَعْمَدُ بِمَعْنَى أَغْضبُ مِنْ قَوْلِهِمْ عَمِدَ عَلَيْهِ إِذا غَضِبَ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَتَوَجَّعُ وأَشتكي مِنْ قَوْلِهِمْ عَمَدَني الأَمرُ فَعَمِدْتُ أَي أَوجعني فَوَجِعتُ. الغَنَويُّ: العَمَدُ والضَّمَدُ والغَضَبُ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ العَمَدُ والأَمَدُ أَيضاً. وعَمِدَ عَلَيْهِ: غَضب كَعَبِدَ؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ فِي الْمُبْدَلِ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: أَعْمَدُ من كَيلِ مُحِقٍّ أَي هَلْ زَادَ عَلَى هَذَا. وَرُوِيَ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ مُحِّقَ، بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ الأَزهري: ورأَيت فِي كِتَابٍ قَدِيمٍ مَسْمُوعٍ مِنْ كَيْلٍ مُحِقَ، بِالتَّخْفِيفِ، مِنَ المَحْقِ، وفُسِّر هَلْ زَادَ عَلَى مِكْيَالٍ نُقِصَ كَيْلُه أَي طُفِّفَ. قَالَ: وَحَسِبْتُ أَن الصَّوَابَ هَذَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
فاكْتَلْ أُصَيَّاعَكَ مِنْهُ وانْطَلِقْ، ... وَيْحَكَ هَلْ أَعْمَدُ مِن كَيْلٍ مُحِقْ
وَقَالَ: مَعْنَاهُ هَلْ أَزيد عَلَى أَن مُحِقَ كَيْلي؟ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه أَتى أَبا جَهْلِ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ صَرِيعٌ، فَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى مُذَمَّرِهِ لِيُجْهِزَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبو جَهْلٍ: أَعْمَدُ مِنْ سَيِّدٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ
أَي أَعْجَبُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ هَلْ زَادَ عَلَى سَيِّدٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ، هَلْ كَانَ إِلا هَذَا؟ أَي أَن هَذَا لَيْسَ بِعَارٍ، وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ أَن يُهَوِّنَ عَلَى نَفْسِهِ مَا حَلَّ بِهِ مِنَ الْهَلَاكِ، وأَنه لَيْسَ بِعَارٍ عَلَيْهِ أَن يَقْتُلَهُ قَوْمُهُ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: هَذَا اسْتِفْهَامٌ أَي أَعجب مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ؛ قَالَ الأَزهري: كأَن الأَصل أَأَعْمَدُ مِنْ سَيِّدٍ فَخُفِّفَتْ إِحدى الْهَمْزَتَيْنِ؛ وَقَالَ ابْنُ مَيَّادة وَنَسَبَهُ الأَزهري لِابْنِ مُقْبِلٍ:
تُقَدَّمُ قَيْسٌ كلَّ يومِ كَرِيهَةٍ، ... ويُثْنى عَلَيْهَا فِي الرَّخاءِ ذُنوبُها
وأَعْمَدُ مِنْ قومٍ كفَاهُمْ أَخوهُمُ ... صِدامَ الأَعادِي، حيثُ فُلَّتْ نُيُوبُها
يَقُولُ: هَلْ زِدْنَا عَلَى أَن كَفَينَا إِخْوَتَنَا. والمُعْمَدُ والعُمُدُّ والعُمُدَّان والعُمُدَّانيُّ: الشابُّ الْمُمْتَلِئُ شَبَابًا، وَقِيلَ هُوَ الضَّخْمُ الطَّوِيلُ، والأُنثى مِنْ كُلِّ ذَلِكَ بِالْهَاءِ، وَالْجَمْعُ العُمَدَّانِيُّونَ. وامرأَة عُمُدَانِيَّة: ذاتُ جِسْمٍ وعَبَالَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: العَمودُ والعِمادُ والعُمْدَةُ والعُمْدانُ رَئِيسُ الْعَسْكَرِ وَهُوَ الزُّوَيْرُ. وَيُقَالُ لرِجْلَي الظَّلِيمِ: عَمودانِ. وعَمُودانُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ حَاتِمٌ الطَّائِيُّ:
بَكَيْتَ، وَمَا يُبْكِيكَ مِنْ دِمْنَةٍ قَفْرِ، ... بِسُقفٍ إِلى وَادِي عَمُودانَ فالغَمْرِ؟
ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ: حَلِسَ بِهِ وعَرِسَ بِهِ وعَمِدَ بِهِ ولَزِبَ بِهِ إِذا لَزِمَه. ابْنُ الْمُظَفَّرِ: عُمْدانُ اسْمُ جَبَلٍ أَو مَوْضِعٍ؛ قَالَ الأَزهري: أُراه أَراد غُمْدان، بِالْغَيْنِ، فصحَّفه وَهُوَ حِصْنٌ فِي رأْس جَبَلٍ بِالْيَمَنِ مَعْرُوفٌ وَكَانَ لِآلِ ذِي يَزَنَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا تَصْحِيفٌ كَتَصْحِيفِهِ يَوْمَ بُعاث وَهُوَ مِنْ مَشَاهِيرِ أَيَّامِ العرب أَخرجه في الغين وصحفه.
عمرد: العُمْرُودُ والعَمَرَّدُ: الطَّوِيلُ. يُقَالُ ذئبٌ عَمَرَّدٌ وسَبْسَبٌ عَمَرَّدٌ طَوِيلٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛(3/306)
وأَنشد:
فَقَامَ وَسْنَانَ وَلَمْ يُوَسَّدِ، ... يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ كَفِعلِ الأَرْمَدِ
إِلى صَناعِ الرِّجْلِ خَرْقاءِ اليَدِ، ... خَطّارةٍ بالسَّبْسَبِ العَمَرَّدِ
وَيُقَالُ: العَمَرّدُ الشرِسُ الخُلُقِ القَوِيُّ. وَيُقَالُ: فَرَسٌ عَمَرَّد؛ قَالَ المُعَذَّلُ بنُ عَبْدِ اللهِ:
مِنَ السُّحِّ جَوَّالًا، كأَنَّ غُلامَه ... يُصَرِّفُ سِبْداً فِي العِنانِ عَمَرَّدَا
قَوْلُهُ مِنَ السُّحِّ يُرِيدُ مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تَصُبُّ الجَرْي. والسِّبْدُ: الداهِيةُ. يُقَالُ: هُوَ سِبدُ أَسْبادٍ. أَبو عَمْرٍو: شَأْوٌ عَمَرَّدٌ؛ قَالَ عَوْفُ بْنُ الأَحوص:
ثارَتْ بِهِمْ قَتْلَى حَنِيفَةَ، إِذْ أَبَتْ ... بِنِسْوَتِهِمْ إِلا النَّجاءَ العَمَرَّدَا
والعَمَرَّدُ: الذئبُ الخبيثُ؛ قَالَ جَرِيرٌ يَصِفُ فَرَسًا:
عَلَى سابِحٍ نَهْدٍ يُشَبَّه، بالضُّحَى، ... إِذا عَادَ فِيهِ الرَّكْضُ، سِيداً عَمَرَّدا
قَالَ أَبو عَدْنانَ: أَنشدتني امرأَة شدَّادٍ الكِلابية لأَبيها:
عَلَى رِفَلٍّ ذِي فُضُولٍ أَقْوَدِ، ... يَغْتَالُ نِسْعَيْهِ بِحَوْزٍ مُوفِدِ،
صَافِي السَّبِيبِ سَلِبٍ عَمَرَّدِ
فسأَلتها عَنِ العَمَرَّد فَقَالَتِ: النجيبةُ الرحيلُ مِنَ الإِبل، وَقَالَتِ: الرَّحِيلُ الَّذِي يَرْتَحِلُهُ الرَّجُلُ فَيَرْكَبُهُ. والعمرَّد: السَّيْرُ السَّرِيعُ الشَّدِيدُ؛ وأَنشد:
فَلَمْ أَرَ لِلْهَمِّ المُنِيخِ كَرِحْلَةٍ، ... يَحُثُّ بِهَا القومُ النَّجاءَ العَمَرَّدا
عند: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ
. قَالَ قَتَادَةُ: العنيدُ المُعْرِضُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ تَعَالَى: وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ
. عَنَدَ الرجلُ يَعْنُد عَنْداً وعُنُوداً وعَنَداً: عَتَا وطَغَا وجاوزَ قَدْرَه. وَرَجُلٌ عَنِيدٌ: عانِدٌ، وَهُوَ مِنَ التجبُّرِ. وَفِي خُطْبَةِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وستَرَوْن بَعْدِي مُلْكاً عَضُوضاً ومَلِكاً عَنوداً
؛ العَنُودُ والعَنِيدُ بِمَعْنًى وَهُمَا فَعِيلٌ وفَعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَو مُفاعَل. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
فَأَقْصِ الأَدْنَيْنَ عَلَى عُنُودِهِم عَنْكَ
أَي مَيْلِهم وجَوْرِهِم. وعنَدَ عَنِ الْحَقِّ وَعَنِ الطَّرِيقِ يَعْنُدُ ويَعْنِدُ: مالَ. والمُعانَدَةُ والعِنادُ: أَن يَعْرِفَ الرجلُ الشَّيْءَ فيأْباه وَيَمِيلَ عَنْهُ؛ وَكَانَ كُفْرُ أَبي طَالِبٍ مُعاندة لأَنه عَرَفَ وأَقرَّ وأَنِفَ أَن يُقَالَ: تَبِعَ ابْنَ أَخيه، فَصَارَ بِذَلِكَ كَافِرًا. وعانَدَ مُعانَدَةً أَي خَالَفَ وردَّ الحقَّ وَهُوَ يَعْرِفُهُ، فَهُوَ عَنِيدٌ وعانِدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً عَنِيدًا
؛ الْعَنِيدُ: الْجَائِرُ عَنِ الْقَصْدِ الْبَاغِي الَّذِي يَرُدُّ الْحَقَّ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ. وَتَعَانَدَ الْخَصْمَانِ: تَجَادَلَا. وعندَ عَنِ الشَّيْءِ وَالطَّرِيقِ يَعْنِدُ ويَعْنُدُ عُنُوداً، فَهُوَ عَنُود، وعَنِدَ عَنَداً: تَباعَدَ وعَدل. وَنَاقَةٌ عَنُودٌ: لَا تخالطُ الإِبل تَباعَدُ عَنِ الإِبل فَتَرْعَى نَاحِيَةً أَبداً، والجمعُ عُنُدٌ وعانِدٌ وعانِدَةٌ، وَجَمْعُهَمَا جَمِيعًا عَوانِدُ وعُنَّدٌ؛ قَالَ:
إِذا رَحَلْتُ فاجْعَلوني وسَطَا، ... إِني كَبيرٌ لَا أُطِيقُ العُنَّدَا
جَمَعَ بَيْنِ الطَّاءِ وَالدَّالِ، وَهُوَ إِكفاءٌ. وَيُقَالُ: هُوَ يَمْشِي وسَطاً لَا عَنَداً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ يَذْكُرُ سِيرَتَهُ يَصِفُ نَفْسَهُ بِالسِّيَاسَةِ فَقَالَ: إِني أَنهَرُ اللَّفُوت وأَضُمُّ العَنُود وأُلْحِقُ القَطُوف وأَزْجُرُ العَرُوض
؛ قَالَ: الْعُنُودُ هُوَ مِنَ(3/307)
الإِبل الَّذِي لَا يُخَالِطُهَا وَلَا يَزَالُ مُنْفَرِدًا عَنْهَا، وأَراد: مَنْ خَرَجَ عَنِ الْجَمَاعَةِ أَعدته إِليها وَعَطَفْتُهُ عَلَيْهَا؛ وَقِيلَ: العَنُود الَّتِي تباعَدُ عَنِ الإِبل تَطْلُبُ خِيَارَ المَرْتَع تتأَنَّفُ، وَبَعْضُ الإِبل يَرْتَعُ مَا وَجَدَ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي، وأَبو نَصْرٍ: هِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي طَائِفَةِ الإِبل أَي فِي نَاحِيَتِهَا. وَقَالَ الْقَيْسِيُّ: الْعَنُودُ مِنَ الإِبل الَّتِي تُعَانِدُ الإِبل فَتُعَارِضُهَا، قَالَ: فإِذا قَادَتْهُنَّ قُدُماً أَمامهنَّ فَتِلْكَ السَّلوف. وَالْعَانِدُ: الْبَعِيرُ الذي يَجُورُ عَنِ الطَّرِيقِ ويَعْدِلُ عَنِ القَصْد. ورجلٌ عَنُودٌ: يُحَلُّ عِنْده وَلَا يُخَالِطُ النَّاسَ؛ قَالَ:
ومَوْلًى عَنُودٌ أَلْحَقَتْه جَريرَةٌ، ... وَقَدْ تَلْحَقُ المَوْلى العنودَ الجرائرُ
الْكِسَائِيُّ: عنَدَتِ الطَّعْنَةُ تَعْنِدُ وتَعْنُد إِذا سَالَ دَمُهَا بَعِيدًا مِنْ صَاحِبِهَا؛ وَهِيَ طَعْنَةٌ عَانِدَةٌ. وعَنَدَ الدمُ يَعْنِد [يَعْنُد] إِذا سَالَ فِي جَانِبٍ. والعَنودُ مِنَ الدَّوَابِّ: الْمُتَقَدِّمَةُ فِي السَّيْرِ، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنْ حُمُرِ الْوَحْشِ. وَنَاقَةٌ عُنُودٌ: تَنْكُبُ الطريقَ مِنْ نَشَاطِهَا وَقُوَّتِهَا، وَالْجَمْعُ عُنُدٌ وعُنَّدٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن عُنَّداً لَيْسَ جَمْعَ عَنُودٍ لأَن فَعُولًا لَا يُكَسَّرُ عَلَى فُعَّل، وإِنما هِيَ جَمْعُ عانِدٍ، وَهِيَ مُمَاتَةٌ. وعانِدَةُ الطَّرِيقِ: مَا عُدِلَ عَنْهُ فَعَنَدَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فإِنَّكَ، والبُكا بَعْدَ ابنِ عَمْرٍو، ... لَكَالسَّاري بِعانِدَة الطريقِ
يَقُولُ: رُزِئْتَ عَظِيمًا فَبُكَاؤُكَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَهُ ضَلَالٌ أَي لَا يَنْبَغِي لَكَ أَن تَبْكِيَ عَلَى أَحد بَعْدَهُ. وَيُقَالُ: عانَدَ فُلَانٌ فُلَانًا عِناداً: فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ. يُقَالُ: فُلَانٌ يُعانِدُ فُلَانًا أَي يَفْعَلُ مِثْلَ فِعْلِهِ، وَهُوَ يُعَارِضُهُ ويُباريهِ. قَالَ: وَالْعَامَّةُ يُفَسِّرُونَهُ يُعانِدُه يَفْعَلُ خِلافَ فِعْلِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا أَعرف ذَلِكَ وَلَا أَثبته. والعَنَدُ: الِاعْتِرَاضُ؛ وَقَوْلُهُ:
يَا قومِ، مَا لِي لَا أُحِبُّ عَنْجَدَهْ؟ ... وكلُّ إِنسانٍ يُحِبُّ وَلَدَهْ،
حُبَّ الحُبارَى ويَزِفُّ عَنَدَهْ
وَيُرْوَى يَدُقُّ أَي معارَضةَ الْوَلَدِ؛ قَالَ الأَزهري: يُعَارِضُهُ شَفَقَةً عَلَيْهِ. وَقِيلَ: العَنَدُ هُنَا الْجَانِبُ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الِاعْتِرَاضُ. قَالَ: يُعَلِّمُهُ الطَّيَرانَ كَمَا يُعَلِّمُ العُصْفُورُ ولَدَه، وأَنشده ثَعْلَبٌ: وكلُّ خنزيرٍ. قَالَ الأَزهري: والمُعانِدُ هُوَ المُعارِضُ بِالْخِلَافِ لَا بالوِفاقِ، وَهَذَا الَّذِي تَعْرِفُهُ الْعَوَامُّ، وَقَدْ يَكُونُ العِنادُ مُعَارَضَةً لِغَيْرِ الْخِلَافِ، كَمَا قَالَ الأَصمعي وَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ عَنَدِ الحُبارى، جَعَلَهُ اسْمًا مِنْ عانَدَ الحُبارى فَرْخَه إِذا عَارَضَهُ فِي الطَّيَرَانِ أَوّلَ مَا يَنْهَضُ كأَنه يُعَلِّمُهُ الطَّيَرَانَ شَفَقَةً عَلَيْهِ. وأَعْنَدَ الرجلُ: عارَضَ بِالْخِلَافِ. وأَعْنَدَ: عارَض بِالِاتِّفَاقِ. وعانَدَ البعيرُ خِطامَه: عارضَه. وعانَدَه معانَدَةً وعِناداً: عارَضَه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فافْتَنَّهُنَّ مِن السَّواءِ وماؤُه ... بَثْرٌ، وعانَدَه طريقٌ مَهْيَعُ «2»
افْتَنَّهُنَّ مِنَ الفَنّ، وَهُوَ الطرْدُ، أَي طَرَدَ الحِمارُ أُتُنَه مِنَ السَّواءِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ بَثْرٌ. والمَهْيَعُ: الْوَاسِعُ. وعَقَبَةٌ عَنُودٌ: صَعْبَةُ المُرْتَقى. وعَنَدَ العِرْقُ وعَنِدَ وعَنُدَ وأَعْنَدَ: سَالَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْقَأُ، وَهُوَ عِرْقٌ عاندٌ؛ قَالَ عَمْرُو بنُ مِلْقَطٍ:
__________
(2) . قوله [وماؤه بثر] تفسير البثر بالموضع لا يلاقي الإِخبار به عن قوله ماؤه، ولياقوت في حل هذا البيت أنه الماء القليل وهو من الأَضداد انتهى. ولا ريب أن بثراً اسم موضع إلا أنه غير مراد هنا(3/308)
بِطَعْنَةٍ يَجْري لَها عانِدٌ، ... كالماءِ مِنْ غائِلَةِ الجابِيَهْ
وَفَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي العانِدَ هُنَا بِالْمَائِلِ، وَعَسَى أَن يَكُونَ السَّائِلَ فَصَحَّفَهُ النَّاقِلُ عَنْهُ. وأَعْنَدَ أَنْفُه: كَثُرَ سَيَلانُ الدمِ مِنْهُ. وأَعْنَدَ القَيْءَ وأَعْنَدَ فِيهِ إِعناداً: تَابَعَهُ. وَسُئِلَ
ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَقَالَ: إِنه عِرْقٌ عانِدٌ أَو رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العِرْقُ العانِدُ الَّذِي عَنَدَ وبَغى كالإِنسان يُعانِدُ، فَهَذَا الْعِرْقُ فِي كَثْرَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِمُنْزِلَتِهِ، شُبِّهَ بِهِ لِكَثْرَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ؛ وَقِيلَ: العانِدُ الَّذِي لَا يرقأُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
ونحنُ تَرَكْنا بالفَعاليِّ طَعْنَةً، ... لَهَا عانِدٌ، فَوقَ الذِّراعَينِ، مُسْبِل «1»
وأَصله مِنْ عُنودِ الإِنسان إِذا بَغى وعَنَدَ عَنِ الْقَصْدِ؛ وأَنشد:
وبَخَّ كلُّ عانِدٍ نَعُورِ
والعَنَدُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْجَانِبُ. وعانَدَ فلانٌ فُلَانًا إِذا جَانَبَهُ. ودَمٌ عانِدٌ: يَسِيلُ جَانِبًا. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: عَنَدَ الرَّجُلُ عن أَصحابه يَعْنُدُ عُنُوداً إِذا مَا تَرَكَهُمْ وَاجْتَازَ عَلَيْهِمْ. وعَنَدَ عَنْهُمْ إِذا مَا تَرَكَهُمْ فِي سَفَرٍ وأَخَذَ فِي غيرِ طَرِيقِهِمْ أَو تَخَلَّفَ عَنْهُمْ. والعُنُودُ: كأَنه الخِلافُ والتَّباعُدُ وَالتَّرْكُ؛ لَوْ رأَيت رَجُلًا بِالْبَصْرَةِ مِنْ أَهل الْحِجَازِ لَقُلْتَ: شَدَّ مَا عَنَدْتَ عَنْ قَوْمِكَ أَي تَبَاعَدْتَ عَنْهُمْ. وَسَحَابَةٌ عَنُودٌ: كَثِيرَةُ الْمَطَرِ، وَجَمْعُهُ عُنُدٌ؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
دِعْصاً أَرَذَّ عَلَيْهِ فُرَّقٌ عُنُدُ
وقِدْحٌ عَنُودٌ: وهو الَّذِي يَخْرُجُ فَائِزًا عَلَى غَيْرِ جِهَةِ سائرِ الْقِدَاحِ. وَيُقَالُ: اسْتَعْنَدَني فُلَانٌ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ أَي قَصَدَني. وأَما عِنْدَ: فَحُضُورُ الشيءِ ودُنُوُّه وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ: عِنْدَ وعَنْدَ وعُنْدَ، وَهِيَ ظَرْفٌ فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، تَقُولُ: عِنْدَ الليلِ وعِنْدَ الْحَائِطِ إِلا أَنها ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ، لَا تَقُولُ: عِنْدُك واسعٌ، بِالرَّفْعِ؛ وَقَدْ أَدخلوا عَلَيْهِ مِنْ حُرُوفِ الْجَرِّ مِنْ وَحْدِهَا كَمَا أَدخلوها عَلَى لَدُنْ. قَالَ تَعَالَى: رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا*
. وَقَالَ تَعَالَى: مِنْ لَدُنَّا*. وَلَا يُقَالُ: مَضَيْتُ إِلى عِنْدِك وَلَا إِلى لَدُنْكَ؛ وَقَدْ يُغْرى بِهَا فَيُقَالُ: عِنْدَكَ زَيْدًا أَي خُذْه؛ قَالَ الأَزهري: وَهِيَ بِلُغَاتِهَا الثَّلَاثِ أَقْصى نِهاياتِ القُرْبِ وَلِذَلِكَ لَمْ تُصَغَّرْ، وَهُوَ ظَرْفٌ مُبْهَمٌ وَلِذَلِكَ لَمْ يَتَمَكَّنَ إِلا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَن يَقُولَ الْقَائِلُ لِشَيْءٍ بِلَا عِلْمٍ: هَذَا عِنْدي كَذَا وَكَذَا، فَيُقَالُ: ولَكَ عِنْدٌ؛ زَعَمُوا أَنه فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُرَادُ بِهِ القَلْبُ وَمَا فِيهِ مَعْقُولٌ مِنَ اللُّبِّ، وَهَذَا غَيْرُ قَوِيٍّ. وَقَالَ اللَّيْثُ: عِنْد حَرْفٌ صِفَةٌ يَكُونُ مَوْضعاً لِغَيْرِهِ وَلَفْظُهُ نَصْبٌ لأَنه ظَرْفٌ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ فِي التَّقْرِيبِ شِبْهُ اللِّزْقِ وَلَا يَكَادُ يَجِيءُ فِي الْكَلَامِ إِلا مَنْصُوبًا لأَنه لَا يَكُونُ إِلا صِفَةً مَعْمُولًا فِيهَا أَو مُضْمَرًا فِيهَا فِعْلٌ إِلا فِي قَوْلِهِمْ: ولَكَ عندٌ، كَمَا تَقَدَّمَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا عِنْدَكَ: تُحَذّرُه شَيْئًا بَيْنَ يَدَيْهِ أَو تأْمُرُه أَن يَتَقَدَّمَ، وَهُوَ مِنْ أَسماء الْفِعْلِ لَا يَتَعَدَّى؛ وَقَالُوا: أَنت عِنْدي ذاهبٌ أَي فِي ظَنِّي؛ حَكَاهَا ثَعْلَبٌ عَنِ الْفَرَّاءِ. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تأْمر مِنَ الصِّفَاتِ بِعَلَيْكَ وعِنْدَك ودُونَك وإِلَيْكَ، يَقُولُونَ: إِليكَ إِليكَ عَنِّي، كَمَا يَقُولُونَ: وراءَكَ وَرَاءَكَ، فَهَذِهِ الْحُرُوفُ كَثِيرَةٌ؛ وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ: بَيْنَكما البعيرَ فَخُذَاهُ، فَنَصَبَ الْبَعِيرَ وأَجاز ذَلِكَ فِي كُلِّ الصِّفَاتِ الَّتِي تُفْرَدُ وَلَمْ يُجِزْهُ فِي اللَّامِ وَلَا
__________
(1) . قوله [بالفعالي] كذا بالأَصل(3/309)
الْبَاءِ وَلَا الْكَافِ؛ وَسَمِعَ الْكِسَائِيُّ الْعَرَبَ تَقُولُ: كَمَا أَنْتَ وزَيْداً ومكانَكَ وزيْداً؛ قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ بَعْضَ بَنِي سُلَيْمٍ يَقُولُ: كَمَا أَنْتَني، يَقُولُ: انْتَظِرْني فِي مكانِكَ. وَمَا لِي عَنْهُ عُنْدَدٌ وعُنْدُدٌ أَي بُدٌّ؛ قَالَ:
لَقَدْ ظَعَنَ الحَيُّ الجميعُ فأَصْعَدُوا، ... نَعَمْ لَيْسَ عَمَّا يَفْعَلُ اللَّهُ عُنْدُدُ
وإِنما لَمْ يُقْضَ عَلَيْهَا أَنها فُنْعُلٌ لأَن التَّكْرِيرَ إِذا وَقَعَ وَجَبَ الْقَضَاءُ بِالزِّيَادَةِ إِلا أَن يَجِيءَ ثَبَتٌ، وإِنما قَضَى عَلَى النُّونِ هَاهُنَا أَنها أَصل لأَنها ثَانِيَةٌ وَالنُّونُ لَا تُزَادُ ثَانِيَةً إِلا بثَبَتٍ. وَمَا لِي عَنْهُ مُعْلَنْدَدٌ أَيضاً وَمَا وَجَدْتُ إِلى كَذَا مُعْلَنْدَداً أَي سَبِيلًا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا لِي عَنْ ذَاكَ عُنْدَدٌ وعُنْدُدٌ أَي مَحِيص. وَقَالَ مَرَّةً: مَا وَجَدْتُ إِلى ذَلِكَ عُنْدُداً وعُنْدَداً أَي سَبِيلًا وَلَا ثَبَتَ هُنَا. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ إِنَّ تَحْتَ طِرِّيقَتِكَ لَعِنْدَأْوَةً، والطريقةُ: اللّينُ والسكونُ، والعِنْدَأْوَةُ: الجَفْوَةُ والمَكْرُ؛ قَالَ الأَصمعي: مَعْنَاهُ إِن تَحْتَ سُكُونِكَ لَنَزْوَةً وطِماحاً؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: العِنْدَأْوَةُ الِالْتِوَاءُ والعَسَرُ، وَقَالَ: هُوَ مِنَ العَداء، وَهَمَزَهُ بَعْضُهُمْ فَجَعَلَ النُّونَ وَالْهَمْزَةَ زَائِدَتَيْنِ «1» عَلَى بِناءِ فِنْعَلْوة، وَقَالَ غَيْرُهُ: عِنْداوَةٌ فِعْلَلْوَة. وعانِدانِ: وَادِيَانِ مَعْرُوفَانِ؛ قَالَ:
شُبَّتْ بِأَعْلى عانِدَيْنِ مَنْ إِضَمْ
وعانِدينَ وعانِدونَ: اسمُ وادٍ أَيضاً. وَفِي النَّصْبِ وَالْخَفْضِ عَانِدِينِ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ وَمِثْلُهُ بِقاصِرينَ وخانِقِينَ ومارِدين وماكِسِين وناعِتِين، وَكُلُّ هَذِهِ أَسماء مَوَاضِعَ؛ وَقَوْلُ سَالِمِ بْنِ قُحْفَانَ:
يَتْبَعْنَ وَرْقاءَ كَلَوْنِ العَوْهَقِ، ... لاحِقَةَ الرِّجْلِ عَنُودَ المِرْفَقِ
يَعْنِي بَعِيدَةَ المِرْفَقِ مِنَ الزَّوْرِ. والعَوْهَقُ: الخُطَّافُ الجَبَلِيُّ، وَقِيلَ: الْغُرَابُ الأَسود، وَقِيلَ: الثَّوْرُ الأَسود، وَقِيلَ: اللَّازَوَرْدُ. وطَعْنٌ عَنِدٌ، بِالْكَسْرِ، إِذا كَانَ يَمْنَةً ويَسْرَةً. قَالَ أَبو عَمْرٍو: أَخَفُّ الطَّعْن الوَلْقُ، والعانِدُ مثله.
عنجد: العُنْجُدُ: حبُّ الْعِنَبِ. والعَنْجَدُ والعُنْجَدُ: رَديءُ الزَّبيب، وَقِيلَ: نَوَاهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُنْجُدُ والعُنْجَدُ الزبيبُ، وَزَعَمَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه حَبُّ الزَّبِيبِ؛ قَالَ الشاعر:
غَدا كالعَسَلَّسِ، فِي حُذْلِهِ ... رُؤُوسُ العَظارِيِّ كالعُنْجُدِ
والعَظارِيُّ: ذكورُ الْجَرَادِ، وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَن العنجُد، بِضَمِّ الْجِيمِ، الأَسود مِنَ الزَّبِيبِ. قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ العَنْجَدُ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ؛ قَالَ الخليل:
رُؤُوسُ العَناظِبِ كالعَنْجَدِ
شبَّه رؤُوس الْجَرَادِ بِالزَّبِيبِ، وَمَنْ رَوَاهُ خَناظِب فَهِيَ الخنافِسُ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلزَّبِيبِ العَنْجَدُ والعُنْجَدُ والعُنْجُدُ، ثَلَاثُ لُغَاتٍ. وَحَاكَمَ أَعرابي رَجُلًا إِلى الْقَاضِي فَقَالَ: بِعْتُ بِهِ عُنْجُداً مُذْ جَهْرٍ فَغَابَ عَنِّي؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْجَهْرُ قِطْعَةٌ مِنَ الدَّهْرِ. وعَنْجَدٌ وعَنْجَدَةُ: اسْمَانِ؛ قَالَ:
يَا قومِ، مَا لِي لَا أُحِبُّ عَنْجَدَه؟ ... وكلُّ إِنسانٍ يُحِبُّ وَلَدَه،
حُبَّ الحُبارى، ويَذُبُّ عَنَدَه
__________
(1) . قوله [النون والهمزة زائدتين] كذا بالأَصل وفيه يكون بناء عندأوة فنعالة لا فنعلوة(3/310)
عنجرد: الأَزهري، الْفَرَّاءُ: امرأَة عَنْجَرِدٌ: خبيثةٌ سيئةُ الخُلُق؛ وأَنشد:
عَنْجَرِدٌ تَحْلِفُ حِينَ أَحْلِفُ، ... كَمِثْلِ شَيْطانِ الحَماطِ أَعْرَفُ
وَقَالَ غَيْرُهُ: امرأَة عنجرد سَلِيطَةٌ.
عندد: الأَزهري: يُقَالُ مَا لِي عَنْهُ عُنْدُدٌ وَلَا مُعْلَنْدَدٌ أَي مَا لِي عَنْهُ بُدٌّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا وَجَدْتُ إِلى ذَلِكَ عُنْدُداً وعُنْدَداً ومُعْلَنْدَداً أَي سبيلًا.
عنقد: العُنْقُودُ والعِنقادُ مِنَ النَّخْلِ والعنبِ والأَراكِ والبُطْم وَنَحْوِهَا؛ قَالَ:
إِذْ لِمَّتي سَوْداءُ كالعِنْقادِ، ... كَلِمَّةٍ كانتْ عَلَى مَصادِ
وعُنْقُود: اسْمُ ثَوْرٍ؛ قَالَ:
يَا ربِّ سَلِّمْ قَصَباتِ عُنْقُودْ
عنكد: العَنْكَدُ: ضَرْبٌ مِنَ السمك البحري.
عهد: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: مَا أَدري مَا الْعَهْدُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: العَهْدُ كُلُّ مَا عُوهِدَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وكلُّ مَا بَيْنَ العبادِ مِنَ المواثِيقِ، فَهُوَ عَهْدٌ. وأَمْرُ الْيَتِيمِ مِنَ العهدِ، وَكَذَلِكَ كلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ ونَهى عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعاءِ:
وأَنا عَلَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ مَا استَطَعْتُ
أَي أَنا مُقِيمٌ عَلَى مَا عاهَدْتُك عَلَيْهِ مِنَ الإِيمان بِكَ والإِقرار بوَحْدانيَّتِك لَا أَزول عَنْهُ، وَاسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ مَا استَطَعْتُ مَوْضِع القَدَرِ السابقِ فِي أَمره أَي إِن كَانَ قَدْ جَرَى القضاءُ أَنْ أَنْقُضَ العهدَ يَوْمًا مَا فإِني أُخْلِدُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلى التَّنَصُّلِ وَالِاعْتِذَارِ، لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ فِي دَفْعِ مَا قَضَيْتَهُ عَلَيَّ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِني مُتَمَسِّكٌ بِمَا عَهِدْتَه إِليّ مِنْ أَمرك وَنَهْيِكَ ومُبْلي العُذْرِ فِي الوفاءِ بِهِ قَدْرَ الوُسْع وَالطَّاقَةِ، وإِن كُنْتُ لَا أَقدر أَن أَبلغ كُنْهَ الْوَاجِبِ فِيهِ. والعَهْدُ: الْوَصِيَّةُ، كَقَوْلِ سَعْدٍ حِينَ خَاصَمَ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ فِي ابْنِ أَمَتِهِ فَقَالَ: ابْنُ أَخي عَهِدَ إِليّ فِيهِ أَي أَوصى؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
تمَسَّكوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ
أَي مَا يُوصِيكُمْ بِهِ ويأْمرُكم، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:
رضِيتُ لأُمَّتي مَا رضيَ لَهَا ابنُ أُمِّ عَبْدٍ
لِمَعْرِفَتِهِ بِشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ وَنَصِيحَتِهِ لَهُمْ، وابنُ أُم عَبْدٍ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ. وَيُقَالُ: عهِد إِلي فِي كَذَا أَي أَوصاني؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: عَهِدَ إِليّ النبيُّ الأُمّيُ
أَي أَوْصَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ
؛ يَعْنِي الوصيةَ والأَمر. والعَهْدُ: التقدُّم إِلى المرءِ فِي الشيءِ. وَالْعَهْدُ: الَّذِي يُكتب لِلْوُلَاةِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ عُهودٌ، وَقَدْ عَهِدَ إِليه عَهْداً. والعَهْدُ: المَوْثِقُ وَالْيَمِينُ يَحْلِفُ بِهَا الرَّجُلُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. تَقُولُ: عَلَيَّ عهْدُ اللَّهِ وميثاقُه، وأَخذتُ عَلَيْهِ عهدَ اللَّهِ وميثاقَه؛ وَتَقُولُ: عَلَيَّ عهدُ اللهِ لأَفعلن كَذَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ
؛ وَقِيلَ: وليُّ الْعَهْدِ لأَنه وليَ الميثاقَ الَّذِي يؤْخذ عَلَى مَنْ بَايَعَ الْخَلِيفَةَ. وَالْعَهْدُ أَيضاً: الْوَفَاءُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ
؛ أَي مِنْ وَفَاءٍ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: العهْدُ جَمْعُ العُهْدَةِ وَهُوَ الْمِيثَاقُ وَالْيَمِينُ الَّتِي تستوثقُ بِهَا مِمَّنْ يعاهدُك، وإِنما سُمِّيَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَهلَ العهدِ: لِلذِّمَّةِ الَّتِي أُعْطُوها والعُهْدَةِ المُشْتَرَطَةِ عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ. والعَهْدُ والعُهْدَةُ وَاحِدٌ؛ تَقُولُ: بَرِئْتُ إِليك مِنَ عُهْدَةِ هَذَا العبدِ أَي مِمَّا يدركُك فِيهِ مِنْ عَيْب كَانَ مَعْهُودًا فِيهِ عِنْدِي. وَقَالَ شَمِرٌ: العَهْد الأَمانُ، وَكَذَلِكَ الذِّمَّةُ؛ تَقُولُ: أَنا أُعْهِدُك مِنْ هَذَا الأَمر(3/311)
أَي أُؤَمِّنُك مِنْهُ أَو أَنا كَفيلُك، وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَى غُلَامًا فَقَالَ: أَنا أُعْهِدُك مِنْ إِباقه، فَمَعْنَاهُ أَنا أُؤَمِّنُك مِنْهُ وأُبَرِّئُكَ مِنْ إِباقه؛ وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ العُهْدَة؛ وَيُقَالُ: عُهْدَتُه عَلَى فُلَانٍ أَي مَا أُدْرِك فِيهِ مِنْ دَرَكٍ فإِصلاحه عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُمْ: لَا عُهْدَة أَي لَا رَجْعَة. وَفِي حَدِيثِ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: عُهْدَةُ الرقيقِ ثَلَاثَةُ أَيامٍ
؛ هُوَ أَن يَشْتَرِي الرقيقَ وَلَا يَشْترِطَ البائعُ البَراءَةَ مِنَ الْعَيْبِ، فَمَا أَصاب الْمُشْتَرَى مِنْ عَيْبٍ فِي الأَيام الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَيَرُدُّ إِن شَاءَ بِلَا بَيِّنَةٍ، فإِن وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ فَلَا يَرُدُّ إِلا بِبَيِّنَةٍ. وعَهِيدُك: المُعاهِدُ لَكَ يُعاهِدُك وتُعاهِدُه وَقَدْ عَاهَدَهُ؛ قَالَ:
فَلَلتُّرْكُ أَوفى مِنْ نِزارٍ بعَهْدِها، ... فَلَا يَأْمَنَنَّ الغَدْرَ يَوْماً عَهِيدُها
والعُهْدةُ: كِتَابُ الحِلْفِ والشراءِ. واستَعْهَدَ مِنْ صَاحِبِهِ: اشْتَرَطَ عَلَيْهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عُهْدة، وَهُوَ مِنْ بَابِ العَهد والعُهدة لأَن الشَّرْطَ عَهْدٌ فِي الْحَقِيقَةِ؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو الْفَرَزْدَقَ حِينَ تَزَوَّجَ بِنْتَ زِيقٍ:
وَمَا استَعْهَدَ الأَقْوامُ مِن ذِي خُتُونَةٍ ... مِنَ الناسِ إِلَّا مِنْكَ، أَو مِنْ مُحارِبِ
والجمعُ عُهَدٌ. وَفِيهِ عُهْدَةٌ لَمْ تُحْكَمْ أَي عَيْبٌ. وَفِي الأَمر عُهْدَةٌ إِذا لَمْ يُحْكَمْ بَعْدُ. وَفِي عَقْلِه عُهْدَةٌ أَي ضَعْفٌ. وَفِي خَطِّه عُهدة إِذا لَمْ يُقِم حُروفَه. والعَهْدُ: الحِفاظُ ورعايةُ الحُرْمَة. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن عَجُوزًا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأَل بِهَا وأَحفى وَقَالَ: إِنها كَانَتْ تأْتينا أَيام خَدِيجَةَ وإِن حُسن الْعَهْدِ مِنَ الإِيمان.
وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: قَالَتْ لِعَائِشَةَ: وتَرَكَتْ عُهَّيْدَى
«1» العُهَّيْدَى، بِالتَّشْدِيدِ وَالْقَصْرِ، فُعَّيْلى مِنَ العَهْدِ كالجُهَّيْدَى مِنَ الجَهْدِ، والعُجَّيْلى مِنَ العَجَلة. والعَهْدُ: الأَمانُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ
، وَفِيهِ: فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ
. وعاهَدَ الذِّمِّيَّ: أَعطاهُ عَهْداً، وَقِيلَ: مُعَاهَدَتُه مُبايَعَتُه لَكَ عَلَى إِعطائه الْجِزْيَةَ والكفِّ عَنْهُ. والمُعَاهَدُ: الذِّمِّيُّ. وأَهلُ العهدِ: أَهل الذِّمَّةِ، فإِذا أَسلموا سَقَطَ عَنْهُمُ اسْمُ الْعَهْدِ. وَتَقُولُ: عاهدْتُ اللَّهَ أَن لَا أَفعل كَذَا وَكَذَا؛ وَمِنْهُ الذِّمِّيُّ المعاهَدُ الَّذِي فُورِقَ فَأُومِرَ عَلَى شُرُوطٍ استُوثِقَ مِنْهُ بِهَا، وأُوِمن عَلَيْهَا، فإِن لَمْ يفِ بِهَا حَلَّ سَفْكُ دمِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ كَرَمَ العَهْدِ مِنَ الإِيمانِ
أَي رِعَايَةَ المَوَدَّة. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يُقْتَلُ مُؤمنٌ بكافِرٍ
، وَلَا ذُو عهْد فِي عَهْدِه؛ مَعْنَاهُ لَا يُقتل مُؤْمِنٍ بِكَافِرٍ، تَمَّ الْكَلَامُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُقْتَلُ أَيضاً ذُو عَهْدٍ أَي ذُو ذِمَّة وأَمان مَا دَامَ عَلَى عَهْدِهِ الَّذِي عُوهِدَ عَلَيْهِ، فَنَهَى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قَتْلِ المؤْمن بِالْكَافِرِ، وَعَنْ قَتْلِ الذِّمِّيِّ الْمُعَاهِدِ الثَّابِتِ عَلَى عَهْدِهِ. وَفِي النِّهَايَةِ: لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ أَي وَلَا ذُو ذِمَّةٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا مُشْرِكٌ أُعْطِيَ أَماناً فَدَخَلَ دَارَ الإِسلام، فَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يعودَ إِلى مَأْمَنِه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ تأْويلان بِمُقْتَضَى مَذْهَبَيِ الشَّافِعِيِّ وأَبي حَنِيفَةَ: أَما الشَّافِعِيُّ فَقَالَ لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ مُطْلَقًا مُعَاهَدًا كَانَ أَو غَيْرَ مُعَاهَدٍ حَرْبِيًّا كَانَ أَو ذِمِّيًّا مُشْرِكًا أَو كِتَابِيًّا، فأَجرى اللَّفْظَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يُضْمِرْ لَهُ شَيْئًا فكأَنه نَهَى عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ وَعَنْ قَتْلِ الْمَعَاهَدِ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ لِئَلَّا يَتَوهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنه قَدْ نَفَى عَنْهُ القَوَدَ بقَتْله الكافرَ، فيَظُّنَّ أَنَّ المعاهَدَ لو قَتَلَ كان حكمه كذلك
__________
(1) . قوله [وتركت عهيدى] كذا بالأَصل والذي في النهاية وتركت عهيداه(3/312)
فَقَالَ: وَلَا يُقْتَلُ ذُو عَهْدٍ فِي عهدِه، وَيَكُونُ الْكَلَامُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مُنْتَظِمًا فِي سِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ شَيْءٍ مَحْذُوفٍ؛ وأَما أَبو حَنِيفَةَ فإِنه خَصَّصَ الكافرَ فِي الْحَدِيثِ بالحرْبيِّ دُونَ الذِّمِّي، وَهُوَ بِخِلَافِ الإِطلاق، لأَن مِنْ مَذْهَبِهِ أَن الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ فَاحْتَاجَ أَن يُضْمِرَ فِي الْكَلَامِ شَيْئًا مُقَدَّرًا ويجعلَ فِيهِ تَقْدِيمًا وتأْخيراً فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ أَي لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَلَا كَافِرٌ مُعَاهَدٌ بِكَافِرٍ، فإِن الكافرَ قَدْ يَكُونُ مُعَاهَدًا وَغَيْرَ مُعَاهَدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن قَتَلَ مُعَاهَداً [مُعَاهِداً] لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عَدلًا
؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا عَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ، وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ بِالْفَتْحِ أَشهر وأَكثر. والمعاهدُ: مَن كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَهْدٌ، وأَكثر مَا يُطْلَقُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَهل الذِّمَّةِ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ إِذا صُولحوا عَلَى تَرْكِ الْحَرْبِ مدَّة مَا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا يَحِلُّ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهد
أَي لَا يَجُوزُ أَن تُتَمَلَّك لُقَطَتُه الْمَوْجُودَةُ مِنْ مَالِهِ لأَنه مَعْصُومُ الْمَالِ، يُجْرِي حُكْمُهُ مَجْرَى حُكْمِ الذِّمِّيِّ. وَالْعَهْدُ: الِالْتِقَاءُ. وعَهِدَ الشيءَ عَهْداً: عرَفه؛ وَمِنَ العَهْدِ أَن تَعْهَدَ الرجلَ عَلَى حَالٍ أَو فِي مَكَانٍ، يُقَالُ: عَهْدِي بِهِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَفِي حَالِ كَذَا، وعَهِدْتُه بِمَكَانِ كَذَا أَي لَقِيتُه وعَهْدِي بِهِ قَرِيبٌ؛ وَقَوْلُ أَبي خِرَاشٍ الْهُذَلِيِّ:
وَلَمْ أَنْسَ أَياماً لَنا ولَيالِياً ... بِحَلْيَةَ، إِذْ نَلْقَى بِهَا مَا نُحاوِلُ
فَلَيْسَ كعَهْدِ الدارِ، يَا أُمَّ مالِكٍ، ... ولكِنْ أَحاطَتْ بالرِّقابِ السَّلاسِلُ
أَي لَيْسَ الأَمر كَمَا عَهِدْتِ وَلَكِنْ جَاءَ الإِسلامُ فَهَدَمَ ذَلِكَ، وأَراد بِالسَّلَاسِلِ الإِسلامَ وأَنه أَحاط بِرِقَابِنَا فَلَا نسْتَطِيعُ أَن نَعْمَلَ شَيْئًا مَكْرُوهًا. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وَلَا يَسْأَلُ عمَّا عَهِدَ
أَي عَمَّا كَانَ يَعْرِفُه فِي الْبَيْتِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَنَحْوِهِمَا لِسَخَائِهِ وَسِعَةِ نَفْسِهِ. والتَّعَهُّدُ: التَّحَفُّظُ بِالشَّيْءِ وتجديدُ العَهْدِ بِهِ، وَفُلَانٌ يَتَعَهَّدُه صَرْعٌ. والعِهْدانُ: العَهْدُ. والعَهْدُ: مَا عَهِدْتَه فَثافَنْتَه. يُقَالُ: عَهْدِي بِفُلَانٍ وَهُوَ شابٌّ أَي أَدركتُه فرأَيتُه كَذَلِكَ؛ وَكَذَلِكَ المَعْهَدُ. والمَعْهَدُ: الموضعُ كنتَ عَهِدْتَه أَو عَهِدْت هَوىً لَكَ أَو كنتَ تَعْهَدُ بِهِ شَيْئًا، والجمعُ المَعَاهِدُ. والمُعاهَدَةُ والاعْتِهادُ والتعاهُدُ والتَّعَهُّدُ وَاحِدٌ، وَهُوَ إِحداثُ العَهْدِ بِمَا عَهِدْتَه. وَيُقَالُ لِلْمُحَافَظِ عَلَى العَهْدِ: مُتَعَهِّدٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي عَطَاءٍ السِّنْدِيِّ وَكَانَ فَصِيحًا يَرْثِي ابْنَ هُبَيرَة:
وإِنْ تُمْسِ مَهْجُورَ الفِناءِ فَرُبَّما ... أَقامَ بِهِ، بَعْدَ الوُفُودِ، وُفُودُ
فإِنَّكَ لَمْ تَبْعُدْ عَلَى مُتعَهِّدٍ، ... بَلى كلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرابِ بعِيدُ
أَراد: مُحَافِظٌ عَلَى عَهْدِكَ بِذِكْرِه إِياي «2» . وَيُقَالُ: مَتَى عَهْدُكَ بِفُلَانٍ أَي مَتَى رُؤْيَتُك إِياه. وعَهْدُه: رؤيتُه. والعَهْدُ: المَنْزِلُ الَّذِي لَا يَزَالُ الْقَوْمُ إِذا انْتَأَوْا عَنْهُ رَجَعُوا إِليه، وَكَذَلِكَ المَعْهَدُ. والمعهودُ: الَّذِي عُهِدَ وعُرِفَ. والعَهْدُ: الْمَنْزِلُ المعهودُ بِهِ الشَّيْءُ، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
هَلْ تَعْرِفُ العَهْدَ المُحِيلَ رَسْمُه
وتعَهَّدَ الشَّيْءَ وتَعَاهَدَه واعْتَهَدَه: تَفَقَّدَهُ وأَحْدَثَ العَهْدَ به؛ قال الطرماح:
__________
(2) . قوله [بذكره إياي] كذا بالأَصل ولعله بذكره إياه(3/313)
ويُضِيعُ الَّذِي قدَ أَوْجَبَهُ اللَّهُ ... عَلَيْه، وَلَيْسَ يَعْتَهِدُهْ
وتَعَهَّدْتُ ضَيْعَتي وَكُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ أَفصح مِنْ قَوْلِكَ تَعاهَدْتُه لأَن التعاهدَ إِنما يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَلَا يُقَالُ تعاهَدتُه، قَالَ: وأَجازهما الْفَرَّاءُ. وَرَجُلٌ عَهِدٌ، بِالْكَسْرِ: يتَعاهَدُ الأُمورَ وَيُحِبُّ الولاياتِ والعُهودَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَمْدَحُ قُتَيْبَة بْنَ مُسْلِمٍ الْبَاهِلِيَّ وَيَذْكُرُ فُتُوحَهُ:
نامَ المُهَلَّبُ عَنْهَا فِي إِمارتِه، ... حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ، لَمْ يَقْضِها العَهِدُ
وَكَانَ الْمُهَلَّبُ يُحِبُّ الْعُهُودَ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
فَهُنَّ مُناخاتٌ يُجَلَّلْنَ زِينَةً، ... كَمَا اقْتانَ بالنَّبْتِ العِهادُ المُحَوَّفُ،
المُحَوَّفُ: الَّذِي قَدْ نَبَتَتْ حَافَّتَاهُ واستدارَ بِهِ النباتُ. والعِهادُ: مواقِعُ الوَسْمِيّ مِنَ الأَرض. وَقَالَ الْخَلِيلُ: فِعْلٌ لَهُ مَعْهُودٌ ومشهودٌ ومَوْعودٌ؛ قَالَ: مَشْهود يَقُولُ هُوَ الساعةَ، والمعهودُ مَا كَانَ أَمْسِ، والموعودُ مَا يَكُونُ غَدًا. والعَهْدُ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ: أَوَّل مَطَرٍ والوَليُّ الَّذِي يَلِيه مِنَ الأَمطار أَي يَتَّصِلُ بِهِ. وَفِي الْمُحْكَمِ: العَهْدُ أَوَّل الْمَطَرِ الوَسْمِيِّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَالْجَمْعُ العِهادُ. والعَهْدُ: المطرُ الأَوَّل. والعَهْدُ والعَهْدَةُ والعِهْدَةُ: مطرٌ بَعْدَ مطرٍ يُدْرِك آخِرُهُ بَلَلَ أَوّله؛ وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مطرٍ بَعْدَ مَطَرٍ، وَقِيلَ: هُوَ المَطْرَةُ الَّتِي تَكُونُ أَوّلًا لِمَا يأْتي بعْدها، وَجَمْعُهَا عِهادُ وعُهودٌ؛ قَالَ:
أَراقَتْ نُجُومُ الصَّيْفِ فِيهَا سِجالَها، ... عِهاداً لِنَجْمِ المَرْبَعِ المُتَقَدِّمِ
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا أَصاب الأَرضَ مَطَرٌ بَعْدَ مَطَرٍ، وَنَدَى الأَوّل بَاقٍ، فَذَلِكَ العَهْدُ لأَن الأَوّل عُهِدَ بِالثَّانِي. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمُ العِهادُ: الحديثةُ مِنَ الأَمطارِ؛ قَالَ: وأَحسبه ذَهَبَ فِيهِ إِلى قَوْلِ السَّاجِعِ فِي وَصْفِ الْغَيْثِ: أَصابَتْنا دِيمَةٌ بَعْدَ دِيمَةٍ عَلَى عِهادٍ غيرِ قَدِيمةٍ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: عَلَى عِهَادٍ قَدِيمَةٍ تَشْبَعُ مِنْهَا النابُ قَبْلَ الفَطِيمَةِ؛ وَقَوْلُهُ: تشبعُ مِنْهَا النَّابُ قَبْلَ الْفَطِيمَةِ؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ هَذَا النَّبْتُ قَدْ عَلَا وَطَالَ فَلَا تُدْرِكُهُ الصَّغِيرَةُ لِطُولِهِ، وَبَقِيَ مِنْهُ أَسافله فَنَالَتْهُ الصَّغِيرَةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العِهادُ ضعيفُ مطرِ الوَسْمِيِّ ورِكاكُه. وعُهِدَتِ الرَّوْضَةُ: سَقَتْها العَهْدَةُ [العِهْدَةُ] ، فَهِيَ معهودةٌ. وأَرض معهودةٌ إِذا عَمَّها الْمَطَرُ. والأَرض المُعَهَّدَةُ تَعْهِيداً: الَّتِي تُصِيبُهَا النُّفْضَةُ مِنَ الْمَطَرِ، والنُّفْضَةُ المَطْرَةُ تُصِيبُ القِطْعة مِنَ الأَرض وَتُخْطِئُ الْقِطْعَةَ. يُقَالُ: أَرض مُنَفَّضَةٌ تَنْفيضاً؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
أَصْلَبيٌّ تَسْمُو العُيونُ إِليه، ... مُسْتَنيرٌ، كالبَدْرِ عامَ العُهودِ
ومطرُ العُهودِ أَحسن مَا يكونُ لِقِلَّةِ غُبارِ الآفاقِ؛ قِيلَ: عامُ العُهودِ عامُ قِلَّةِ الأَمطار. وَمِنْ أَمثالهم فِي كَرَاهَةِ الْمَعَايِبِ: المَلَسَى لَا عُهْدَةَ لَهُ؛ الْمَعْنَى ذُو المَلَسَى لَا عُهْدَةَ لَهُ. والمَلَسَى: ذهابٌ فِي خِفْيَةٍ، وَهُوَ نَعْتٌ لِفَعْلَتِه، والمَلَسى مُؤَنَّثَةٌ، قَالَ: مَعْنَاهُ أَنه خَرَجَ مِنَ الأَمر سَالِمًا فَانْقَضَى عَنْهُ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: المَلَسى أَن يَبيعَ الرجلُ سِلْعَةً يَكُونُ قَدْ سرَقَها فَيَمَّلِس ويَغِيب بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وإِن استُحِقَّتْ فِي يَدَيِ الْمُشْتَرِي لَمْ يتهيأْ لَهُ أَن يبيعَ البائعُ بِضَمَانِ عُهْدَتِها لأَنه امَّلَسَ هَارِبًا، وعُهْدَتُها أَن يَبيعَها وَبِهَا عَيْبٌ أَو فِيهَا اسْتِحْقَاقٌ لِمَالِكِهَا. تَقُولُ: أَبيعُك المَلَسى لَا عُهْدَة أَي تنملسُ(3/314)
وتَنْفَلتُ فَلَا تَرْجِعُ إِليّ. وَيُقَالُ فِي الْمَثَلِ: مَتَى عهدكَ بأَسفلِ فيكَ؟ وَذَلِكَ إِذا سأَلته عَنْ أَمر قَدِيمٍ لَا عَهْدَ لَهُ بِهِ؛ ومِثْلُه: عَهْدُك بالفالياتِ قديمٌ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للأَمر الَّذِي قَدْ فَاتَ وَلَا يُطْمَعُ فِيهِ؛ وَمِثْلُهُ: هَيْهَاتَ طَارَ غُرابُها بِجَرادَتِك؛ وأَنشد:
وعَهْدي بِعَهْدِ الفالياتِ قَديمُ
وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:
وإِني لأَطْوي السِّرَّ فِي مُضْمَرِ الحَشا، ... كُمونَ الثَّرَى فِي عَهْدَةٍ مَا يَريمُها
أَراد بالعَهْدَةِ مَقْنُوءَةً لَا تَطْلُعُ عَلَيْهَا الشمسُ فَلَا يَرِيمُهَا الثَّرَى. والعَهْدُ: الزمانُ. وقريةٌ عَهِيدَةٌ أَي قَدِيمَةٌ أَتى عَلَيْهَا عَهْدٌ طويلٌ. وَبَنُو عُهادَةَ: بُطَيْنٌ مِنَ الْعَرَبِ.
عود: فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى: المبدِئُ المعِيدُ؛ قَالَ الأَزهري: بَدَأَ اللَّهُ الخلقَ إِحياءً ثُمَّ يميتُهم ثُمَّ يعيدُهم أَحياءً كَمَا كَانُوا. قَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
. وَقَالَ: إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ
؛ فَهُوَ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى الَّذِي يُعِيدُ الْخَلْقَ بَعْدَ الْحَيَاةِ إِلى المماتِ فِي الدُّنْيَا وَبَعْدَ المماتِ إِلى الحياةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ النَّكَلَ عَلَى النَّكَلِ، قِيلَ: وَمَا النَّكَلُ عَلَى النَّكَلِ؟ قَالَ: الرَّجُلُ القَوِيُّ المُجَرِّبُ المبدئُ المعيدُ عَلَى الْفَرَسِ القَوِيِّ المُجَرّبِ المبدِئ المعيدِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُهُ الْمُبْدِئُ المعِيدُ هُوَ الَّذِي قَدْ أَبْدَأَ فِي غَزْوِهِ وأَعاد أَي غَزَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وجرَّب الأُمور طَوْراً بَعْدَ طَوْر، وأَعاد فِيهَا وأَبْدَأَ، والفرسُ المبدئُ المعِيدُ هُوَ الَّذِي قَدْ رِيضَ وأُدِّبَ وذُلِّلَ، فَهُوَ طَوْعُ راكبِهِ وفارِسِه، يُصَرِّفه كَيْفَ شَاءَ لِطَواعِيَتِه وذُلِّه، وأَنه لَا يَسْتَصْعِبُ عَلَيْهِ وَلَا يمْنَعُه رِكابَه وَلَا يَجْمَحُ بِهِ؛ وَقِيلَ: الْفَرَسُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الَّذِي قَدْ غَزَا عَلَيْهِ صَاحِبُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ لَيْلٌ نائِمٌ إِذا نِيمَ فِيهِ وسِرٌّ كَاتِمٌ قَدْ كَتَمُوهُ. وَقَالَ شِمْرٌ: رَجُلٌ مُعِيدٌ أَي حَاذِقٌ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
عَوْمُ المُعِيدِ إِلى الرَّجا قَذَفَتْ بِهِ ... فِي اللُّجِّ داوِيَةُ المَكانِ، جَمُومُ
والمُعِيدُ مِنَ الرجالِ: العالِمُ بالأُمور الَّذِي لَيْسَ بغُمْرٍ؛ وأَنشد:
كَمَا يَتْبَعُ العَوْد المُعِيد السَّلائِب
وَالْعَوْدُ ثَانِي الْبَدْءِ؛ قَالَ:
بَدَأْتُمْ فأَحْسَنْتُمْ فأَثْنَيْتُ جاهِداً، ... فإِنْ عُدْتُمُ أَثْنَيْتُ، والعَوْدُ أَحْمَدُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَعَادَ إِليه يَعُودُ عَوْدَةً وعَوْداً: رَجَعَ. وَفِي الْمَثَلِ: العَوْدُ أَحمدُ؛ وأَنشد لِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ:
جَزَيْنا بَنِي شَيْبانَ أَمْسِ بِقَرْضِهِمْ، ... وجِئْنا بِمِثْلِ البَدْءِ، والعَوْدُ أَحمدُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: وعُدْنا بِمِثْلِ البَدْءِ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ فِي شِعْرِهِ، أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهِ فِي آخِرِ الْبَيْتِ: وَالْعَوْدُ أَحمد؟ وَقَدْ عَادَ لَهُ بعد ما كَانَ أَعرَضَ عَنْهُ؛ وَعَادَ إِليه وَعَلَيْهِ عَوْداً وعِياداً وأَعاده هُوَ، وَاللَّهُ يبدِئُ الْخَلْقَ ثُمَّ يعيدُه، مِنْ ذَلِكَ. وَاسْتَعَادَهُ إِياه: سأَله إِعادَتَه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَتَقُولُ رَجَعَ عَوْدُه عَلَى بَدْئِه؛ تُرِيدُ أَنه لَمْ يَقْطَعْ ذَهابَه حَتَّى وَصَلَهُ بِرُجُوعِهِ، إِنما أَردْتَ أَنه رَجَعَ فِي حافِرَتِه أَي نَقَضَ مَجِيئَه بِرُجُوعِهِ، وَقَدْ يَكُونُ أَن يَقْطَعَ مَجِيئَهُ ثُمَّ يرجع فتقول: رجَعْتُ عَوْدي عَلَى بَدْئي أَي رجَعْتُ كَمَا(3/315)
جِئْتُ، فالمَجِيءُ مَوْصُولٌ بِهِ الرجوعُ، فَهُوَ بَدْءٌ والرجوعُ عَوْدٌ؛ انْتَهَى كَلَامُ سِيبَوَيْهِ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ: رَجَعَ عَوْداً عَلَى بَدْءٍ مِنْ غَيْرِ إِضافة. وَلَكَ العَوْدُ والعَوْدَةُ والعُوادَةُ أَي لَكَ أَن تعودَ فِي هَذَا الأَمر؛ كُلُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ الأَزهري: قَالَ بَعْضُهُمْ: العَوْد تَثْنِيَةُ الأَمر عَوْداً بَعْدَ بَدْءٍ. يُقَالُ: بَدَأَ ثُمَّ عَادَ، والعَوْدَةُ عَوْدَةُ مرةٍ واحدةٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ
؛ يَقُولُ: لَيْسَ بَعْثُكم بأَشَدَّ مِنَ ابتِدائِكم، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَعُودون أَشقِياءَ وسُعداءَ كَمَا ابْتَدأَ فِطْرَتَكُم فِي سَابِقِ عِلْمِهِ، وَحِينَ أَمَرَ بنفْخِ الرُّوحِ فِيهِمْ وَهُمْ فِي أَرحام أُمهاتهم. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَصْلُحُ فِيهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ ثُمَّ يَعُودُونَ إِلى مَا قَالُوا وَفِيمَا قَالُوا، يُرِيدُ النِّكَاحَ وكلٌّ صوابٌ؛ يُرِيدُ يَرْجِعُونَ عَمَّا قَالُوا، وَفِي نَقْض مَا قَالُوا قَالَ: وَيَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَن تَقُولَ: إِن عَادَ لِمَا فَعَلَ، تُرِيدُ إِن فَعَلَهُ مَرَّةً أُخرى. وَيَجُوزُ: إِن عَادَ لِمَا فَعَلَ، إِن نَقَضَ مَا فَعَلَ، وَهُوَ كَمَا تَقُولُ: حَلَفَ أَن يَضْرِبَكَ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: حَلَفَ لَا يَضْرِبُكَ وَحَلَفَ لَيَضْرِبَنَّكَ؛ وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا
إِنا لَا نَفْعَلُهُ فَيَفْعَلُونَهُ يَعْنِي الظِّهَارَ، فإِذا أَعتق رَقَبَةً عَادَ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَالَ إِنه عَلَيَّ حَرَامٌ فَفَعَلَهُ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: يَعُودُونَ لِما قالُوا
، لِتَحْلِيلِ مَا حَرَّمُوا فَقَدْ عَادُوا فِيهِ. وَرَوَى الزَّجَّاجُ عَنِ الأَخفش أَنه جَعَلَ لِمَا قَالُوا مِنْ صِلَةِ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، وَالْمَعْنَى عِنْدَهُ وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ ثُمَّ يَعُودُونَ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ لِمَا قَالُوا، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبٌ حَسَنٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
، يَقُولُ: إِذا ظَاهَرَ مِنْهَا فَهُوَ تَحْرِيمٌ كَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَهُ وَحُرِّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ تَحْرِيمَ النِّسَاءِ بِهَذَا اللَّفْظِ، فإِن أَتْبَعَ المُظاهِرُ الظِّهارَ طَلَاقًا، فَهُوَ تَحْرِيمُ أَهل الإِسلام وَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ، وإِن لَمْ يُتْبِع الظِّهَارَ طَلَاقًا فَقَدْ عَادَ لِمَا حَرَّمَ وَلَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ عُقُوبَةً لِمَا قَالَ؛ قَالَ: وَكَانَ تَحْرِيمُهُ إِياها بِالظِّهَارِ قَوْلًا فإِذا لَمْ يُطَلِّقْهَا فَقَدْ عَادَ لِمَا قَالَ مِنَ التَّحْرِيمِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذا أَراد الْعَوْدَ إِليها والإِقامة عَلَيْهَا، مَسَّ أَو لَمْ يَمَسَّ، كَفَّر. قَالَ اللَّيْثُ: يَقُولُ هَذَا الأَمر أَعْوَدُ عَلَيْكَ أَي أَرفق بِكَ وأَنفع لأَنه يَعُودُ عَلَيْكَ بِرِفْقٍ وَيُسْرٍ. والعائدَةُ: اسْمُ مَا عادَ بِهِ عَلَيْكَ الْمُفْضِلُ مِنْ صِلَةٍ أَو فَضْلٍ، وَجَمْعُهُ الْعَوَائِدُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْعَائِدَةُ المعروفُ والصِّلةُ يُعَادُ بِهِ عَلَى الإِنسان والعَطْفُ والمنْفَعَةُ. والعُوادَةُ، بِالضَّمِّ: مَا أُعيد عَلَى الرَّجُلِ مِنْ طَعَامٍ يُخَصُّ بِهِ بَعْدَمَا يفرُغُ الْقَوْمُ؛ قَالَ الأَزهري: إِذا حَذَفْتَ الْهَاءَ قُلْتَ عَوادٌ كَمَا قَالُوا أَكامٌ ولمَاظٌ وقَضامٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العُوادُ، بِالضَّمِّ، مَا أُعيد مِنَ الطعام بعد ما أُكِلَ مِنْهُ مَرَّةً. وعَوادِ: بِمَعْنَى عُدْ مِثْلُ نَزالِ وتَراكِ. وَيُقَالُ أَيضاً: عُدْ إِلينا فإِن لَكَ عِنْدَنَا عَواداً حَسَناً، بِالْفَتْحِ، أَي مَا تُحِبُّ، وَقِيلَ: أَي بِرًّا وَلُطْفًا. وَفُلَانٌ ذُو صَفْحٍ وَعَائِدَةٍ أَي ذُو عَفْوٍ وَتَعَطُّفٍ. والعَوادُ: البِرُّ واللُّطْف. وَيُقَالُ لِلطَّرِيقِ الَّذِي أَعاد فِيهِ السَّفَرَ وأَبدأَ: مُعِيدٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ يَصِفُ الإِبل السَّائِرَةَ:
يُصْبِحْنَ بالخَبْتِ، يَجْتَبْنَ النِّعافَ عَلَى ... أَصْلابِ هادٍ مُعِيدٍ، لابِسِ القَتَمِ
أَراد بِالْهَادِي الطريقَ الَّذِي يُهْتَدى إِليه، وبالمُعِيدِ الَّذِي لُحِبَ. والعادَةُ: الدَّيْدَنُ يُعادُ إِليه، مَعْرُوفَةٌ وَجَمْعُهَا عادٌ وعاداتٌ وعِيدٌ؛ الأَخيرةُ عَنْ كُرَاعٍ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، إِنما العِيدُ مَا عَادَ إِليك مِنَ الشَّوْقِ(3/316)
وَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ وَسَنَذْكُرُهُ. وتَعَوَّدَ الشيءَ وعادَه وعاوَدَه مُعاوَدَةً وعِواداً واعتادَه وَاسْتَعَادَهُ وأَعادَه أَي صَارَ عادَةً لَهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَمْ تَزَلْ تِلْكَ عادَةَ اللهِ عِنْدي، ... والفَتى آلِفٌ لِما يَسْتَعِيدُ
وَقَالَ:
تَعَوَّدْ صالِحَ الأَخْلاقِ، إِني ... رأَيتُ المَرْءَ يَأْلَفُ مَا اسْتَعادا
وَقَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ الذِّئَابَ:
إِلَّا عَواسِلَ، كالمِراطِ، مُعِيدَةً ... باللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ
أَي وَرَدَتْ مَرَّاتٍ فَلَيْسَ تُنْكِرُ الْوُرُودَ. وعاوَدَ فلانٌ مَا كَانَ فِيهِ، فَهُوَ مُعاوِدٌ. وعاوَدَتْه الحُمَّى وعاوَدَهُ بالمسأَلة أَي سأَله مَرَّةً بَعْدَ أُخرى، وعَوَّدَ كَلْبَهُ الصيْدَ فَتَعَوّده؛ وَعَوَّدَهُ الشيءَ: جَعَلَهُ يَعْتَادُهُ. والمُعاوِدُ: المُواظِبُ، وَهُوَ مِنْهُ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ المواظبِ عَلَى أَمْرٍ: معاوِدٌ. وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: الْزَمُوا تُقى اللَّهِ واسْتَعِيدُوها أَي تَعَوَّدُوها. واسْتَعَدْتُه الشَّيْءَ فأَعادَه إِذا سأَلتَه أَن يَفْعَلَهُ ثَانِيًا. والمُعاوَدَةُ: الرُّجُوعُ إِلى الأَمر الأَول؛ يُقَالُ لِلشُّجَاعِ: بطَلٌ مُعاوِدٌ لأَنه لَا يَمَلُّ المِراسَ. وتعاوَدَ القومُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا إِذا عَادَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلى صَاحِبِهِ. وَبَطَلٌ مُعاوِد: عَائِدٌ. والمَعادُ: المَصِيرُ والمَرْجِعُ، وَالْآخِرَةُ: مَعادُ الخلقِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَعَادُ الآخرةُ وَالْحَجُّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ
؛ يَعْنِي إِلى مَكَّةَ، عِدَةٌ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن يَفْتَحَهَا لَهُ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِلى مَعَادٍ حَيْثُ وُلِدْتَ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ يَرُدُّكَ إِلى وَطَنِكَ وَبَلَدِكَ؛ وَذَكَرُوا أَن
جِبْرِيلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اشْتَقْتَ إِلى مَوْلِدِكَ وَوَطَنِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ
؛ قَالَ: والمَعادُ هَاهُنَا إِلى عادَتِك حَيْثُ وُلِدْتَ وَلَيْسَ مِنَ العَوْدِ، وَقَدْ يَكُونُ أَن يُجْعَلَ قَوْلُهُ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ
لَمُصَيِّرُكَ إِلى أَن تَعُودَ إِلى مَكَّةَ مَفْتُوحَةً لَكَ، فَيَكُونُ المَعادُ تَعَجُّبًا إِلى معادٍ أَيِّ معادٍ لِمَا وَعَدَهُ مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: معادٍ الآخرةُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يُحْييه يَوْمَ الْبَعْثِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَي إِلى مَعْدِنِك مِنَ الْجَنَّةِ، وَقَالَ اللَّيْثُ: المَعادَةُ والمَعاد كَقَوْلِكَ لِآلِ فُلَانٍ مَعادَةٌ أَي مُصِيبَةٌ يَغْشَاهُمُ النَّاسُ فِي مَناوِحَ أَو غَيْرِهَا يَتَكَلَّمُ بِهِ النِّسَاءُ؛ يُقَالُ: خَرَجْتُ إِلى المَعادةِ والمَعادِ والمأْتم. والمَعادُ: كُلُّ شَيْءٍ إِليه الْمَصِيرُ. قَالَ: وَالْآخِرَةُ مَعَادٌ لِلنَّاسِ، وأَكثر التَّفْسِيرِ فِي قوله [لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ]
لَبَاعِثُكَ. وَعَلَى هَذَا كَلَامُ النَّاسِ: اذْكُرِ المَعادَ أَي اذْكُرْ مَبْعَثَكَ فِي الْآخِرَةِ؛ قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْمَعَادُ الْمَوْلِدُ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِلى أَصلك مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ: إِلى مَعَادٍ أَي إِلى الْجَنَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَصْلِحْ لِي آخِرتي الَّتِي فِيهَا مَعادي
أَي مَا يعودُ إِليه يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ إِمّا مَصْدَرٌ وإِمّا ظَرْفٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: والحَكَمُ اللَّهُ والمَعْوَدُ إِليه يومَ الْقِيَامَةِ
أَي المَعادُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ المَعْوَدُ عَلَى الأَصل، وَهُوَ مَفْعَلٌ مِنْ عَادَ يَعُودُ، وَمِنْ حَقِّ أَمثاله أَن تُقْلَبَ وَاوُهُ أَلفاً كالمَقام والمَراح، وَلَكِنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الأَصل. تَقُولُ: عَادَ الشيءُ يعودُ عَوْداً ومَعاداً أَي رَجَعَ، وَقَدْ يَرِدُ بِمَعْنَى صَارَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعَاذٍ: قَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَعُدْتَ فَتَّاناً يَا مُعاذُ
أَي صِرتَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
خُزَيْمَةَ: عادَ لَهَا النِّقادُ مُجْرَنْثِماً
أَي(3/317)
صَارَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبٍ: وَدِدْتُ أَن هَذَا اللَّبَنَ يعودُ قَطِراناً
أَي يَصِيرُ،
فَقِيلَ لَهُ: لِمَ ذَلِكَ قَالَ: تَتَبَّعَتْ قُرَيشٌ أَذْنابَ الإِبلِ وتَرَكُوا الجماعاتِ.
والمَعادُ والمَعادة: المأْتَمُ يُعادُ إِليه؛ وأَعاد فُلَانٌ الصلاةَ يُعِيدها. وَقَالَ اللَّيْثُ: رأَيت فُلَانًا ما يُبْدِيءُ وَمَا يُعِيدُ أَي مَا يَتَكَلَّمُ ببادئَة وَلَا عائِدَة. وَفُلَانٌ مَا يُعِيدُ وَمَا يُبدئ إِذا لَمْ تَكُنْ لَهُ حِيلَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وكنتُ امْرَأً بالغَورِ مِنِّي ضَمانَةٌ، ... وأُخْرى بِنَجْد مَا تُعِيدُ وَمَا تُبْدي
يَقُولُ: لَيْسَ لِما أَنا فِيهِ مِنَ الْوَجْدِ حِيلَةٌ وَلَا جِهَةٌ. والمُعِيدُ: المُطِيقُ للشيءِ يُعاوِدُه؛ قَالَ:
لَا يَسْتَطِيعُ جَرَّهُ الغَوامِضُ ... إِلا المُعِيداتُ بِهِ النَّواهِضُ
وَحَكَى الأَزهري فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ: يَعْنِي النُّوقَ الَّتِي اسْتَعَادَتِ النَّهْضَ بالدَّلْوِ. وَيُقَالُ: هُوَ مُعِيدٌ لِهَذَا الشَّيْءِ أَي مُطِيقٌ لَهُ لأَنه قَدِ اعْتادَه؛ وأَما قَوْلُ الأَخطل:
يَشُولُ ابنُ اللَّبونِ إِذا رَآنِي، ... ويَخْشاني الضُّواضِيَةُ المُعِيدُ
قَالَ: أَصل المُعيدِ الْجَمَلُ الَّذِي لَيْسَ بِعَياياءٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَضْرِبُ حَتَّى يَخْلِطَ لَهُ، والمعِيدُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلى ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمُعِيدُ الْجَمَلُ الَّذِي قَدْ ضَرَبَ فِي الإِبل مَرَّاتٍ كأَنه أَعاد ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. وَعَادَنِي الشيءُ عَوْداً وَاعْتَادَنِي، انْتابَني. وَاعْتَادَنِي هَمٌّ وحُزْنٌ؛ قَالَ: والاعتِيادُ فِي مَعْنَى التَّعوُّدِ، وَهُوَ مِنَ الْعَادَةِ. يُقَالُ: عَوَّدْتُه فاعتادَ وتَعَوَّدَ. والعِيدُ: مَا يَعتادُ مِنْ نَوْبٍ وشَوْقٍ وهَمٍّ وَنَحْوِهِ. وَمَا اعتادَكَ مِنَ الهمِّ وَغَيْرِهِ، فَهُوَ عِيدٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والقَلْبُ يَعْتادُه مِنْ حُبِّها عِيدُ
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ الثَّقَفِيُّ يَمْدَحُ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ:
أَمْسَى بأَسْماءَ هَذَا القلبُ مَعْمُودَا، ... إِذا أَقولُ: صَحا، يَعْتادُه عِيدا
كأَنَّني، يومَ أُمْسِي مَا تُكَلِّمُني، ... ذُو بُغْيَةٍ يَبْتَغي مَا ليسَ مَوْجُوداً
كأَنَّ أَحْوَرَ مِنْ غِزْلانِ ذِي بَقَرٍ، ... أَهْدَى لَنَا سُنَّةَ العَيْنَيْنِ والجِيدَا
وَكَانَ أَبو عَلِيٍّ يَرْوِيهِ شِبْهَ الْعَيْنَيْنِ وَالْجِيدَا، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهَا، أَراد وَشِبْهَ الْجِيدِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقامه؛ وَقَدْ قِيلَ إِن أَبا عَلِيٍّ صَحَّفَهُ يَقُولُ في مدحها:
سُمِّيتَ باسمِ نَبِيٍّ أَنتَ تُشْبِهُه ... حِلْماً وعِلْماً، سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَا
أَحْمِدْ بِهِ فِي الْوَرَى الماضِين مِنْ مَلِكٍ، ... وأَنتَ أَصْبَحتَ فِي الباقِينَ مَوْجُوداً
لَا يُعذَلُ الناسُ فِي أَن يَشكُروا مَلِكاً ... أَوْلاهُمُ، فِي الأُمُورِ، الحَزْمَ والجُودا
وَقَالَ الْمُفَضَّلُ: عَادَنِي عِيدي أَي عَادَتِي؛ وأَنشد:
عادَ قَلْبي مِنَ الطويلةِ عِيدُ
أَراد بِالطَّوِيلَةِ رَوْضَةً بالصَّمَّانِ تَكُونُ ثَلَاثَةَ أَميال فِي مِثْلِهَا؛ وأَما قَوْلُ تأَبَّطَ شَرّاً:
يَا عيدُ مَا لَكَ مِنْ شَوْقٍ وإِيراقِ، ... ومَرِّ طَيْفٍ، عَلَى الأَهوالِ طَرَّاقِ
قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ يَا عِيدُ مَا لَكَ: العِيدُ مَا يَعْتادُه مِنَ الْحُزْنِ والشَّوْق، وَقَوْلُهُ مَا لَكَ مِنْ شَوْقٍ أَي مَا أَعظمك مِنْ شَوْقٍ، وَيُرْوَى: يَا هَيْدَ مَا لكَ، وَالْمَعْنَى: يَا هَيْدَ مَا حالُك وَمَا شأْنُك. يُقَالُ: أَتى(3/318)
فُلَانٌ القومَ فَمَا قَالُوا لَهُ: هَيْدَ مَا لَك أَي مَا سأَلوه عَنْ حَالِهِ؛ أَراد: يَا أَيها المعتادُني مَا لَك مِنْ شَوْقٍ كَقَوْلِكَ مَا لَكَ مِنْ فَارِسٍ وأَنت تتعجَّب مِنْ فُروسيَّته وَتَمْدَحُهُ؛ وَمِنْهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ مِنْ شَاعِرٍ. والعِيدُ: كلُّ يَوْمٍ فِيهِ جَمْعٌ، وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ عَادَ يَعُود كأَنهم عَادُوا إِليه؛ وَقِيلَ: اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْعَادَةِ لأَنهم اعْتَادُوهُ، وَالْجَمْعُ أَعياد لَزِمَ الْبَدَلَ، وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْ لَقِيلَ: أَعواد كرِيحٍ وأَرواحٍ لأَنه مِنْ عَادَ يَعُودُ. وعَيَّدَ الْمُسْلِمُونَ: شَهِدوا عِيدَهم؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ:
واعْتادَ أَرْباضاً لَها آرِيُّ، ... كَمَا يَعُودُ العِيدَ نَصْرانيُ
فَجَعَلَ الْعِيدَ مِنْ عَادَ يَعُودُ؛ قَالَ: وتحوَّلت الْوَاوُ فِي الْعِيدِ يَاءً لِكَسْرَةِ الْعَيْنِ، وَتَصْغِيرُ عِيد عُيَيْدٌ تَرَكُوهُ عَلَى التَّغْيِيرِ كَمَا أَنهم جَمَعُوهُ أَعياداً وَلَمْ يَقُولُوا أَعواداً؛ قَالَ الأَزهري: والعِيدُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْوَقْتُ الَّذِي يَعُودُ فِيهِ الفَرَح وَالْحُزْنُ، وَكَانَ فِي الأَصل العِوْد فَلَمَّا سُكِّنَتِ الْوَاوُ وَانْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا صَارَتْ يَاءً، وَقِيلَ: قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً ليَفْرُقوا بَيْنَ الِاسْمِ الْحَقِيقِيِّ وَبَيْنَ الْمَصْدَرِيِّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إِنما جُمِعَ أَعيادٌ بِالْيَاءِ لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ، وَيُقَالُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعوادِ الْخَشَبِ. ابْنُ الأَعرابي: سُمِّيَ العِيدُ عِيدًا لأَنه يَعُودُ كُلَّ سَنَةٍ بِفَرَحٍ مُجَدَّد. وعادَ العَلِيلَ يَعُودُه عَوْداً وعِيادة وعِياداً: زَارَهُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَنَظَّرَ خالدٌ ... عِيادي عَلَى الهِجْرانِ، أَم هوَ يائِسُ؟
قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد عِيَادَتِي فَحَذَفَ الْهَاءَ لأَجل الإِضافة، كَمَا قَالُوا: لَيْتَ شِعْرِي؛ وَرَجُلٌ عائدٌ مِنْ قَوْم عَوْدٍ وعُوَّادٍ، ورجلٌ مَعُودٌ ومَعْوُود، الأَخيرة شَاذَّةٌ، وَهِيَ تَمِيمِيَّةٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العُوادَةُ مِنْ عِيادةِ الْمَرِيضِ، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. وقَوْمٌ عُوَّادٌ وعَوْدٌ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ. ونِسوةٌ عوائِدُ وعُوَّدٌ: وهنَّ اللَّاتِي يَعُدْنَ الْمَرِيضَ، الْوَاحِدَةُ عائِدةٌ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ هَؤُلَاءِ عَودُ فُلَانٍ وعُوَّادُه مِثْلَ زَوْرِه وزُوَّاره، وَهُمُ الَّذِينَ يَعُودُونه إِذا اعْتَلَّ. وَفِي حَدِيثِ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: فإِنها امرأَة يكثُرُ عُوَّادُها
أَي زُوَّارُها. وَكُلٌّ مَنْ أَتاك مَرَّةً بَعْدَ أُخرى، فَهُوَ عَائِدٌ، وإِن اشْتُهِرَ ذَلِكَ فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ حَتَّى صَارَ كأَنه مُخْتَصٌّ بِهِ. قَالَ اللَّيْثُ: العُودُ كُلُّ خَشَبَةٍ دَقَّتْ؛ وَقِيلَ: العُودُ خَشَبَةُ كلِّ شجرةٍ، دَقَّ أَو غَلُظ، وَقِيلَ: هُوَ مَا جَرَى فِيهِ الْمَاءُ مِنَ الشَّجَرِ وَهُوَ يَكُونُ للرطْب وَالْيَابِسِ، وَالْجَمْعُ أَعوادٌ وعِيدانٌ؛ قَالَ الأَعشى:
فَجَرَوْا عَلَى مَا عُوِّدوا، ... ولكلِّ عِيدانٍ عُصارَهْ
وَهُوَ مِنْ عُودِ صِدْقٍ أَو سَوْءٍ، عَلَى الْمَثَلِ، كَقَوْلِهِمْ مِنْ شجرةٍ صالحةٍ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيفة: تُعْرَضُ الفِتَنُ عَلَى القلوبِ عَرْضَ الحُصْرِ عَوْداً عَوْداً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا الرِّوَايَةُ، بِالْفَتْحِ، أَي مَرَّةً بَعْدَ مرةٍ، وَيُرْوَى بِالضَّمِّ، وَهُوَ وَاحِدُ العِيدان يَعْنِي مَا يُنْسَجُ بِهِ الحُصْرُ مِنْ طَاقَاتِهِ، وَيُرْوَى بِالْفَتْحِ مَعَ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ، كأَنه اسْتَعَاذَ مِنَ الْفِتَنِ. والعُودُ: الْخَشَبَةُ المُطَرَّاةُ يدخَّن بِهَا ويُسْتَجْمَرُ بِهَا، غَلَبَ عَلَيْهَا الِاسْمُ لِكَرَمِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بالعُودِ الهِندِيّ
؛ قِيلَ: هُوَ القُسْطُ البَحْرِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ العودُ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ. والعُودُ ذُو الأَوْتارِ الأَربعة: الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ غَلَبَ عَلَيْهِ أَيضاً؛ كَذَلِكَ(3/319)
قَالَ ابْنُ جِنِّي، وَالْجَمْعُ عِيدانٌ؛ وَمِمَّا اتَّفَقَ لَفْظُهُ وَاخْتَلَفَ مَعْنَاهُ فَلَمْ يَكُنْ إِيطاءً قولُ بَعْضِ الْمُوَلَّدِينَ:
يَا طِيبَ لَذَّةِ أَيامٍ لَنَا سَلَفَتْ، ... وحُسْنَ بَهْجَةِ أَيامِ الصِّبا عُودِي
أَيامَ أَسْحَبُ ذَيْلًا فِي مَفارِقِها، ... إِذا تَرَنَّمَ صَوْتُ النَّايِ والعُودِ
وقهْوَةٍ مِنْ سُلافِ الدَّنِّ صافِيَةٍ، ... كالمِسْكِ والعَنبَرِ الهِندِيِّ والعُودِ
تستَلُّ رُوحَكَ فِي بِرٍّ وَفِي لَطَفٍ، ... إِذا جَرَتْ منكَ مَجْرَى الماءِ فِي العُودِ
قَوْلُهُ أَوَّلَ وهْلَةٍ عُودي: طَلَبٌ لَهَا فِي العَوْدَةِ، والعُودُ الثَّانِي: عُودُ الغِناء، والعُودُ الثَّالِثُ: المَنْدَلُ وَهُوَ العُودُ الَّذِي يُتَطَيَّبُ بِهِ، والعُودُ الرَّابِعُ: الشَّجَرَةُ، وَهَذَا مِنْ قَعاقعِ ابْنِ سِيدَهْ؛ والأَمر فِيهِ أَهون مِنَ الِاسْتِشْهَادِ بِهِ أَو تَفْسِيرِ مَعَانِيهِ وإِنما ذَكَرْنَاهُ عَلَى مَا وَجَدْنَاهُ. والعَوَّادُ: مُتَّخِذُ العِيدانِ. وأَما مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: إِنما الْقَضَاءُ جَمْرٌ فادفعِ الجمرَ عَنْكَ بعُودَيْنِ
؛ فإِنه أَراد بِالْعُودَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ، يُرِيدُ اتَّقِ النَّارَ بِهِمَا وَاجْعَلْهُمَا جُنَّتَك كَمَا يَدْفَعُ المُصْطَلي الجمرَ عَنْ مَكَانِهِ بِعُودٍ أَو غَيْرِهِ لِئَلَّا يَحْتَرِقَ، فمثَّل الشَّاهِدَيْنِ بِهِمَا لأَنه يَدْفَعُ بِهِمَا الإِثم وَالْوَبَالَ عَنْهُ، وَقِيلَ: أَراد تَثَبَّتْ فِي الْحُكْمِ وَاجْتَهِدْ فِيمَا يَدْفَعُ عَنْكَ النَّارَ مَا اسْتَطَعْتَ؛ وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
ومَنْ وَرِثَ العُودَيْنِ والخاتَمَ الَّذِي ... لَهُ المُلْكُ، والأَرضُ الفَضاءُ رَحْيبُها
قَالَ: العودانِ مِنْبَرُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعَصاه؛ وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الْعُودَيْنِ فِي الْحَدِيثِ وفُسِّرا بِذَلِكَ؛ وَقَوْلُ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
وَلَقَدْ عَلِمْت سوَى الَّذِي نَبَّأْتني: ... أَنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ ذِي الأَعْوادِ
قَالَ الْمُفَضَّلُ: سَبِيلُ ذِي الأَعواد يُرِيدُ الْمَوْتَ، وَعَنَى بالأَعواد مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ؛ قَالَ الأَزهري: وَذَلِكَ أَن الْبَوَادِيَ لَا جَنَائِزَ لَهُمْ فَهُمْ يَضُمُّونَ عُوداً إِلى عُودٍ وَيَحْمِلُونَ الْمَيِّتَ عَلَيْهَا إِلى الْقَبْرِ. وَذُو الأَعْواد: الَّذِي قُرِعَتْ لَهُ العَصا، وَقِيلَ: هُوَ رَجُلٌ أَسَنَّ فَكَانَ يُحمل فِي مِحَفَّةٍ مِنْ عُودٍ. أَبو عَدْنَانَ: هَذَا أَمر يُعَوِّدُ الناسَ عليَّ أَي يُضَرِّيهم بِظُلْمي. وَقَالَ: أَكْرَهُ تَعَوُّدَ الناسِ عليَّ فَيَضْرَوْا بِظُلْمي أَي يَعْتادُوه. وَقَالَ شِمْرٌ: المُتَعَيِّدُ الظَّلُومُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِطَرَفَةَ:
فَقَالَ: أَلا مَاذَا تَرَوْنَ لِشارِبٍ ... شَدِيدٍ عَلَيْنَا سُخطُه مُتَعَيِّدِ؟ «3»
. أَي ظَلُومٍ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ:
يَرَى المُتَعَيِّدُونَ عليَّ دُوني ... أُسُودَ خَفِيَّةَ الغُلْبَ الرِّقابا
وَقَالَ غَيْرُهُ: المُتَعَيِّدُ الَّذِي يُتَعَيَّدُ عَلَيْهِ بِوَعْدِهِ. وَقَالَ أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: المُتَعَيِّدُ المُتجَنِّي فِي بَيْتِ جَرِيرٍ؛ وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ مَقْرُومٍ:
عَلَى الجُهَّالِ والمُتَعَيِّدِينا
قَالَ: والمُتَعَيِّدُ الغَضْبانُ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: تَعَيِّدَ العائنُ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ إِذا تَشَهَّقَ عَلَيْهِ وتَشَدَّدَ لِيُبَالِغَ فِي إِصابته بِعَيْنِهِ. وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي: هُوَ لَا يُتَعَيَّنُ عَلَيْهِ وَلَا يُتَعَيَّدُ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
كأَنها وفَوْقَها المُجَلَّدُ، ... وقِرْبَةٌ غَرْفِيَّةٌ ومِزْوَدُ،
__________
(3) . في ديوان طرفة: شديد علينا بغيُه متعمِّدِ(3/320)
غَيْرَى عَلَى جاراتِها تَعَيَّدُ
قَالَ: المُجَلَّدُ حِمْل ثَقِيلٌ فكأَنها، وَفَوْقَهَا هَذَا الْحِمْلُ وَقِرْبَةٌ وَمِزْوَدٌ، امرأَة غَيْرَى. تُعِيدُ أَي تَنْدَرِئُ بِلِسَانِهَا عَلَى ضَرَّاتها وَتُحَرِّكُ يَدَيْهَا. والعَوْدُ: الْجَمَلُ المُسِنُّ وَفِيهِ بَقِيَّةٌ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ الَّذِي جاوَزَ فِي السنِّ البازِلَ والمُخْلِفَ، وَالْجَمْعُ عِوَدَةٌ، قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ فِي لُغَةٍ عِيَدَةَ وَهِيَ قَبِيحَةٌ. وَفِي الْمَثَلِ: إنْ جَرْجَرَ العَوْدُ فَزِدْه وقْراً، وَفِي الْمَثَلِ: زاحِمْ بعَوْد أَو دَعْ أَي اسْتَعِنْ عَلَى حَرْبِكَ بأَهل السِّنِّ وَالْمَعْرِفَةِ، فإِنَّ رأْي الشَّيْخِ خَيْرٌ مِنْ مَشْهَدِ الْغُلَامِ، والأُنثى عَوْدَةٌ وَالْجَمْعُ عِيادٌ؛ وَقَدْ عادَ عَوْداً وعَوَّدَ وَهُوَ مُعَوِّد. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ عَوَّدَ البعيرُ تَعْوِيداً إِذا مَضَتْ لَهُ ثَلَاثُ سِنِينَ بَعْدَ بُزُولِه أَو أَربعٌ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلنَّاقَةِ عَوْدَةٌ وَلَا عَوَّدَتْ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لِفَرَسٍ لَهُ أُنثى عَوْدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
حَسَّانَ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَبْعَثُوا إِلى هَذَا العَوْدِ
؛ هُوَ الْجَمَلُ الْكَبِيرُ المُسِنُّ المُدَرَّبُ فَشَبَّهَ نَفْسَهُ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: سأَله رَجُلٌ فَقَالَ: إِنك لَتَمُتُّ بِرَحِمٍ عَوْدَة، فَقَالَ: بُلَّها بعَطائكَ حَتَّى تَقْرُبَ،
أَي برَحِمٍ قديمةٍ بَعِيدَةِ النَّسَبِ. والعَوْد أَيضاً: الشَّاةُ الْمُسِنُّ، والأُنثى كالأُنثى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، دَخَلَ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ منزلَهُ قَالَ: فَعَمَدْتُ إِلى عَنْزٍ لِي لأَذْبَحَها فَثَغَتْ، فقال، عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا جَابِرُ لَا تَقْطَعْ دَرًّا وَلَا نَسْلًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنما هِيَ عَوْدَة عَلَفْنَاهَا الْبَلَحَ والرُّطَب فَسَمِنَتْ
؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وعَوَّدَ البعيرُ والشاةُ إِذا أَسَنَّا، وَبَعِيرٌ عَوْد وَشَاةٌ عَوْدَةٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: عَوَّدَ الرجلُ تَعْويداً إِذا أَسن؛ وأَنشد:
فَقُلْنَ قَدْ أَقْصَرَ أَو قَدْ عَوّدا
أَي صَارَ عَوْداً كَبِيرًا. قَالَ الأَزهري: وَلَا يُقَالُ عَوْدٌ لِبَعِيرٍ أَو شَاةٍ، وَيُقَالُ لِلشَّاةِ عَوْدة وَلَا يُقَالُ لِلنَّعْجَةِ عَوْدة. قَالَ: وَنَاقَةٌ مُعَوِّد. وَقَالَ الأَصمعي: جَمَلٌ عَوْدٌ وَنَاقَةٌ عَوْدَةٌ وَنَاقَتَانِ عَوْدَتان، ثُمَّ عِوَدٌ فِي جَمْعِ العَوْدة مِثْلَ هِرَّةٍ وهِرَرٍ وعَوْدٌ وعِوَدَةٌ مِثْلَ هِرٍّ وهِرَرَةٍ، وَفِي النَّوَادِرِ: عَوْدٌ وعِيدَة؛ وأَما قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:
حَتَّى إِذا الليلُ تَجَلَّى أَصْحَمُه، ... وانْجابَ عَنْ وجْهٍ أَغَرَّ أَدْهَمُه،
وتَبِعَ الأَحْمَرَ عَوْدٌ يَرْجُمُه
فإِنه أَراد بالأَحمر الصُّبْحَ، وأَراد بِالْعَوْدِ الشَّمْسَ. والعَوْدُ: الطريقُ القديمُ العادِيُّ؛ قَالَ بُشَيْرُ بْنُ النِّكْثِ:
عَوْدٌ عَلَى عَوْدٍ لأَقْوامٍ أُوَلْ، ... يَمُوتُ بالتَّركِ، ويَحْيا بالعَمَلْ
يُرِيدُ بِالْعَوْدِ الأُول الْجَمَلَ الْمُسِنَّ، وَبِالثَّانِي الطَّرِيقَ أَي عَلَى طَرِيقٍ قَدِيمٍ، وَهَكَذَا الطَّرِيقُ يَمُوتُ إِذا تُرِكَ ويَحْيا إِذا سُلِكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
عَوْدٌ عَلى عَوْدٍ عَلى عَوْدٍ خَلَقْ
فالعَوْدُ الأَول رَجُلٌ مُسنّ، والعَوْدُ الثَّانِي جَمَلٌ مُسِنٌّ، وَالْعَوْدُ الثَّالِثُ طَرِيقٌ قَدِيمٌ. وسُودَدٌ عَوْدٌ قديمٌ عَلَى الْمَثَلِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
هَلِ المَجْدُ إِلا السُّودَدُ العَوْدُ والنَّدى، ... وَرَأْبُ الثَّأَى، والصَّبْرُ عِنْدَ المَواطِنِ؟
وعادَني أَنْ أَجِيئَك أَي صَرَفَني، مَقْلُوبٌ مِنْ عَداني؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. وعادَ فِعْلٌ بِمَنْزِلَةِ صَارَ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
فَقَامَ تَرْعُدُ كَفَّاه بِمِيبَلَة، ... قَدْ عادَ رَهْباً رَذِيّاً طائِشَ القَدَمِ(3/321)
لَا يَكُونُ عَادَ هُنَا إِلا بِمَعْنَى صَارَ، وَلَيْسَ يُرِيدُ أَنه عَاوَدَ حَالًا كَانَ عَلَيْهَا قَبْلُ، وَقَدْ جَاءَ عَنْهُمْ هَذَا مَجِيئًا وَاسِعًا؛ أَنشد أَبو عَلِيٍّ لِلْعَجَّاجِ:
وقَصَباً حُنِّيَ حَتَّى كادَا ... يَعُودُ، بَعْدَ أَعْظُمٍ، أَعْوادَا
أَي يَصِيرُ. وَعَادٌ: قَبِيلَةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَضَيْنَا عَلَى أَلفها أَنها وَاوٌ لِلْكَثْرَةِ وأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ [ع ي د] وأَمَّا عِيدٌ وأَعْيادٌ فَبَدَلٌ لَازِمٌ. وأَما مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْعَرَبِ مِنْ أَهلِ عَادٍ بالإِمالة فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ أَن أَلفها مِنْ يَاءٍ لِمَا قَدَّمْنَا، وإِنما أَمالوا لِكَسْرَةِ الدَّالِ. قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يدَعُ صَرْفَ عَادٍ؛ وأَنشد:
تَمُدُّ عليهِ، منْ يَمِينٍ وأَشْمُلٍ، ... بُحُورٌ لَهُ مِنْ عَهْدِ عَادَ وتُبَّعا
جَعَلَهُمَا اسْمَيْنِ لِلْقَبِيلَتَيْنِ. وَبِئْرٌ عادِيَّةٌ، والعادِيُّ الشَّيْءُ الْقَدِيمُ نُسِبَ إِلى عَادٍ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
وَمَا سالَ وادٍ مِنْ تِهامَةَ طَيِّبٌ، ... بِهِ قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكُرُورُ «4»
. وَعَادٌ: قَبِيلَةٌ وَهُمْ قومُ هودٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ اللَّيْثُ: وَعَادٌ الأُولى هُمْ عادُ بْنُ عَادِيَا بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ الَّذِينَ أَهلكهم اللَّهُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وأُهْلِكَ لُقْمانُ بنُ عادٍ وعادِيا
وأَما عَادٌ الأَخيرة فَهُمْ بَنُو تَمِيمٍ يُنْزِلُونَ رمالَ عالِجٍ عَصَوُا اللَّهَ فَمُسخُوا نَسْناساً، لِكُلِّ إِنسان مِنْهُمْ يَدٌ وَرِجْلٍ مِنْ شِقّ؛ وَمَا أَدْري أَيُّ عادَ هُوَ، غَيْرُ مَصْرُوفٍ «5» أَي أَيّ خَلْقٍ هُوَ. والعِيدُ: شَجَرٌ جَبَلِيٌّ يُنْبِتُ عِيداناً نَحْوَ الذِّرَاعِ أَغبر، لَا وَرَقَ لَهُ وَلَا نَوْر، كَثِيرُ اللِّحَاءِ والعُقَد يُضَمَّدُ بِلِحَائِهِ الْجُرْحُ الطَّرِيُّ فَيَلْتَئِمُ، وإِنما حَمَلْنَا الْعِيدَ عَلَى الْوَاوِ لأَن اشْتِقَاقَ الْعِيدِ الَّذِي هُوَ الْمَوْسِمُ إِنما هُوَ مِنَ الْوَاوِ فَحَمَلْنَا هَذَا عَلَيْهِ. وَبَنُو العِيدِ: حَيٌّ تُنْسَبُ إِليه النُّوقُ العِيدِيَّةُ، والعيدِيَّة: نَجَائِبُ مَنْسُوبَةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ وَقِيلَ: العِيدية مَنْسُوبَةٌ إِلى عَادِ بْنِ عَادِ، وَقِيلَ: إِلَى عادِيّ بْنِ عَادٍ إِلا أَنه عَلَى هَذَيْنِ الأَخيرين نَسَبٌ شاذٌّ، وَقِيلَ: الْعِيدِيَّةُ تُنْسَبُ إِلى فَحْلٍ مُنْجِب يُقَالُ لَهُ عِيدٌ كأَنه ضَرَبَ فِي الإِبل مَرَّاتٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِرَذَاذٍ الْكَلْبِيِّ:
ظَلَّتْ تَجُوبُ بِهَا البُلْدانَ ناجِيَةٌ ... عِيدِيَّةٌ، أُرْهِنَتْ فِيهَا الدَّنانِيرُ
وَقَالَ: هِيَ نُوق مِنْ كِرام النَّجَائِبِ مَنْسُوبَةٌ إِلى فَحْلٍ مُنْجِبٍ. قَالَ شِمْرٌ: والعِيدِيَّة ضَرْب مِنَ الْغَنَمِ، وَهِيَ الأُنثى من البُرْقانِ [البِرْقانِ] ، قَالَ: وَالذَّكَرُ خَرُوفٌ فَلَا يَزالُ اسمَه حَتَّى يُعَقَّ عَقِيقَتُه؛ قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف العِيدِيَّة فِي الْغَنَمِ وأَعرف جِنْسًا مِنَ الإِبل العُقَيْلِيَّة يُقَالُ لَهَا العِيدِيَّة، قَالَ: وَلَا أَدري إِلى أَي شَيْءٍ نُسِبَتْ. وَحَكَى الأَزهري عَنِ الأَصمعي: العَيْدانَةُ النَّخْلَةُ الطَّوِيلَةُ، وَالْجَمْعُ العَيْدانُ؛ قال لبيد:
وأَبْيَض العَيْدانِ والجَبَّارِ
قَالَ أَبو عَدْنَانَ: يُقَالُ عَيْدَنَتِ النخلةُ إِذا صَارَتْ عَيْدانَةً؛ وَقَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ عَلَسٍ:
والأُدْمُ كالعَيْدانِ آزَرَها، ... تحتَ الأَشاءِ، مُكَمَّمٌ جَعْلُ
قَالَ الأَزهري: مَنْ جَعَلَ الْعِيدَانَ فَيْعالًا جعل النون
__________
(4) . قوله [وكرور] كذا بالأَصل هنا والذي فيه في مادة ك ر ر وكرار بالألف وأورد بيتاً قبله على هذا النمط وكذا الجوهري فيها
(5) . قوله [غير مصروف] كذا بالأصل والصحاح وشرح القاموس ولو أريد بعاد القبيلة لا يتعين منعه من الصرف ولذا ضبط في القاموس الطبع بالصرف.(3/322)
أَصلية وَالْيَاءَ زَائِدَةً، وَدَلِيلُهُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ عيْدَنَتِ النخلةُ، وَمَنْ جَعَلَهُ فَعْلانَ مِثْلَ سَيْحانَ مِنْ ساحَ يَسِيحُ جَعَلَ الْيَاءَ أَصلية وَالنُّونَ زَائِدَةً. قَالَ الأَصمعي: العَيْدانَةُ شَجَرَةٌ صُلْبَة قَدِيمَةٌ لَهَا عُرُوقٌ نَافِذَةٌ إِلى الْمَاءِ، قَالَ: وَمِنْهُ هَيْمانُ وعَيْلانُ؛ وأَنشد:
تَجاوَبْنَ فِي عَيْدانَةٍ مُرْجَحِنَّةٍ ... مِنَ السِّدْرِ، رَوَّاها، المَصِيفَ، مَسِيلُ
وَقَالَ:
بَواسِق النخلِ أَبكاراً وعَيْدانا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعَيدان، بِالْفَتْحِ، الطِّوالُ مِنَ النَّخْلِ، الْوَاحِدَةُ عيْدانَةٌ، هَذَا إِن كَانَ فَعْلان، فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وإِن كَانَ فَيْعالًا، فَهُوَ مِنْ بَابِ النُّونِ وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والعَوْدُ: اسْمُ فرَس مَالِكِ بْنِ جُشَم. والعَوْدُ أَيضاً: فَرَسُ أُبَيّ بْنِ خلَف. وعادِياءُ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
هَلَّا سَأَلْت بِعادياءَ وَبَيْتِه ... والخلِّ والخمرِ، الَّذِي لَمْ يُمْنَعِ؟
قَالَ: وإِن كَانَ تَقْدِيرُهُ فَاعِلَاءَ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُعْتَلِّ، يذكر في موضعه.
عيد: هَذِهِ تَرْجَمَةٌ انْفَرَدَ بِهَا ابْنُ سِيدَهْ وَحْدَهُ وَقَالَ: العَيْدانَةُ أَطول مَا يَكُونُ مِنَ النَّخْلِ وَلَا تَكُونُ عَيْدانَةً حَتَّى يَسْقُطَ كَرَبُها كُلُّهُ، وَيَصِيرُ جِذْعُهَا أَجرد مِنْ أَعلاه إِلى أَسفله، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ كالرَّقْلة.
فصل الغين المعجمة
غدد: الغُدَّةُ والغُددَةُ: كُلُّ عُقْدَةٍ فِي جَسَدِ الإِنسان أَطاف بِهَا شَحْم. والغُدَدُ: الَّتِي فِي اللَّحْمِ، الْوَاحِدَةُ غُدَّةٌ وغُدَدَةٌ. والغُدٌةُ والغُدَدَة: كُلُّ قِطعة صُلْبة بَيْنَ العصَب. والغُدَّةُ: السِّلْعَة يَرْكَبُهَا الشَّحْمُ. والغُدَّة: مَا بَيْنَ الشَّحْمِ وَالسَّنَامِ. والغُدَّة والغُدَدُ: طَاعُونُ الإِبل. وغُدَّ الْبَعِيرُ فأَغَدَّ، فَهُوَ مُغِدٌّ أَي بِهِ غُدَّة والأُنثى مُغِدٌّ بِغَيْرِ هَاءٍ. وَلَمَّا مَثَّل سِيبَوَيْهِ قَوْلَهُمْ أَغُدَّةً كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ قَالَ: أُغَدُّ غُدَّةً، فجاءَ بِهِ عَلَى صِيغَةِ فِعل الْمَفْعُولِ. وأَغَدَّ القومُ: أَصابت إِبِلَهم الغُدَّةُ. وأَغَدَّتِ الإِبِلُ: صَارَتْ لَهَا غُدَد مِنَ اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ مِنْ دَاءٍ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
لَا بَرِئَتْ غُدَّةُ مَن أَغَدَّا
قَالَ: والغُدّة أَيضاً تَكُونُ فِي الشَّحْمِ؛ قَالَ الأَصمعي: مِنْ أَدواء الإِبل الغُدَّةُ، وَهُوَ طَاعُونُهَا. يُقَالُ: بَعِيرٌ مُغِدٌّ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الغُدَّةُ لَا تَكُونُ إِلا فِي الْبَطْنِ فإِذا مَضَتْ إِلى نَحْرِهِ ورُفْغِه قِيلَ: بَعِيرٌ دَابِرٌ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ غُدَّتِ الإِبلُ، فَهِيَ مَغْدُودةٌ مِنَ الغُدَّةِ. وغُدَّتِ الإِبلُ، فَهِيَ مُغَدَّدَة «1» . وَبَنُو فُلَانٍ مُغِدُّون إِذا ظَهَرَتِ الغُدَّةُ فِي إِبلهم. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: أَغَدَّتِ النَّاقَةُ وأُغِدَّت. وَيُقَالُ: بَعِيرٌ مَغْدُود وغادٌّ ومُغِدٌّ ومُغَدٌّ، وإِبل مَغادُّ؛ وأَنشد فِي الْغَادِّ:
عَدِمْتُكُمُ ونَظْرَتَكُمْ إِلينا، ... بِجَنْبِ عُكاظَ، كالإِبِلِ الغِدادِ
وَفِي الْحَدِيثِ: أَنه ذكَرَ الطاعونَ فَقَالَ:
غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ تأْخذهم فِي مَراقِّهم
أَي فِي أَسفلِ بُطُونِهِمْ؛ الغُدَّةُ: طاعونُ الإِبل وَقَلَّمَا تَسْلَمُ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ ومَوْتٌ فِي بَيْتٍ سَلُولِيَّةٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ:
مَا
__________
(1) . قوله [وَغُدَّتِ الإِبل فَهِيَ مُغَدَّدَةٌ] كذا بالأَصل وليس الوصف جارياً على الفعل.(3/323)
هِيَ بمُغِدٍّ فَيَسْتَحْجِيَ «1» لحمُها
؛ يَعْنِي النَّاقَةَ وَلَمْ يُدْخِلها تَاءُ التأْنيث لأَنه أَراد ذَاتَ غُدَّةٍ. والغِدادُ جَمْعُ الْغَادِّ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:
وأَحْمَدْتَ إِذ نَجَّيْتَ بالأَمْسِ صِرْمَةً، ... لَهَا غُدَداتٌ واللَّواحِقُ تَلْحَقُ
قَالَ: والغُدَداتُ فُضولُ السِّمَنِ وَمَا كَانَ مِنْ فُضُولِ وَبَرٍ حَسَنٍ. وأَغَدَّ عَلَيْهِ: انْتَفَخَ وغَضِبَ، وأَصله مِنْ ذَلِكَ. والمُغِدُّ: الغَضْبانُ. وَرَجُلٌ مِغْدادٌ: كَثِيرُ الغضَب. ورأَيت فُلَانًا مُغِدّاً ومُسْمَغِدّاً إِذا رأَيتَه وَارِمًا مِنَ الْغَضَبِ. وامرأَة مِغْدادٌ إِذا كَانَ مِنْ خُلُقِها الغضبُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا رَبِّ مَنْ يَكْتُمُني الصِّعادا، ... فَهَبْ لَهُ حَلِيلَةً مِغْدادا
الأَصمعي: أَغَدَّ الرجلُ، فَهُوَ مُغِدٌّ، أَي غَضِبَ، وأَضَدَّ، فَهُوَ مُضِدٌّ أَي غَضْبَانُ. وَرَجُلٌ مِغْدادٌ: كَثِيرُ الْغَضَبِ. وَعَلَيْهِ غُدَّةٌ مِنْ مَالٍ أَي قِطْعة، وَالْجَمْعُ غَدائِدُ كَحُرَّة وحَرائِرَ؛ وَيُرْوَى بَيْتُ لَبِيدٍ:
تَطِيرُ غَدائِدُ الأَشْراكِ شَفْعاً ... وَوِتْراً، والزَّعامَةُ للغلامِ
والاعْرَفُ عَدَائِدُ. وَفِي التَّهْذِيبِ فِي شَرْحِ الْبَيْتِ: الْغَدَائِدُ الفُضول. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الغَدائدُ والغِدادُ الأَنْصِباء فِي قَوْلِ لَبِيدٍ.
غرد: الغَرَدُ، بِالتَّحْرِيكِ: التَّطْرِيبُ فِي الصَّوْتِ والغِناء. والتَّغَرُّدُ والتغريدُ: صَوْتٌ مَعَهُ بَحَحٌ؛ وَقَدْ جَمَعَهُمَا امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي قَوْلِهِ يَصِفُ حِمَارًا:
يُغَرِّدُ بالأَسْحارِ فِي كلِّ سُدْفَةٍ، ... تَغَرُّدَ مِرِّيحِ النَّدامى المُطرِّبِ
قَالَ اللَّيْثُ: كُلُّ صَائِتٍ طَرَّبَ فِي الصَّوْت غَرِدٌ، وَالْفِعْلُ غَرَّدَ يُغَرِّدُ تَغْرِيداً. الأَصمعي: التَّغْرِيدُ الصَّوْتُ. وغَرِدَ الطَّائِرُ، فَهُوَ غَرِدٌ، وَالتَّغْرِيدُ مِثْلُهُ؛ قَالَ سُوَيْدُ بْنُ كُرَاعٍ الْعُكْلِيُّ:
إِذا عَرَضَتْ داوِيَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ، ... وغَرَّدَ حَادِيهَا، فَرَيْنَ بها فَلْقا
وغَرَّدَ الإِنسانُ: رَفَّعَ صوتَه وطَرَّبَ، وَكَذَلِكَ الحَمامةُ والمُكَّاءُ والدِّيكُ والذُّبابُ. وَحَكَى الْهِجْرِيُّ: سَمِعْتُ قُمْرِيّاً فأَغْرَدَني أَي أَطْرَبَني بِتَغْرِيدِهِ، وَقِيلَ: كُلُّ مُصَوِّتٍ مُطَرِّبٍ بصوتِه مُغَرِّدٌ وغِرِّيدٌ وغَريدٌ وغَرِدٌ وغِرْدٌ، فَغَرِدٌ عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وغِرْدٌ أُراهُ مُتَغَيِّرًا مِنْهُ؛ وَقَوْلُ مَلِيحٍ الْهُذَلِيِّ:
سُدْساً وبُزْلًا إِذا مَا قامَ راحِلُها، ... تَحَصَّنَتْ بِشَباً، أَطْرافُه غَرِدُ
وحَّدَ غَرِداً وإِن كَانَ خَبَرًا عَنِ الأَطراف حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى كأَنه كلُّ طَرَف مِنْهَا غَرِد؛ فأَما قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
يُغَرِّدُ رَكْباً فَوْقَ حُوصٍ سَواهِمٍ، ... بِهَا كلُّ مُنْجابِ القَمِيصِ شَمَرْدَل
فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَن يُغَرِّدُ يَتَعَدَّى كَتَعَدِّي يُغَنِّي، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْجَرِّ وإِيصال الْفِعْلِ؛ وَقَوْلُهُ:
لَا أَشْتَهِي لَبَنَ البعيرِ، وعِندنَا ... غَرِدُ الزجاجةِ واكِفُ المِعْصارِ
مَعْنَاهُ: وَعِنْدَنَا نَبِيذٌ يَحْمِلُ صَاحِبَهُ عَلَى أَن يَتَغَنَّى إِذا شَرِبَهُ. وتَغَرَّدَ كَغَرَّدَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
تَعالَوْا نُحالِفْ صامِتاً ومُزاحِماً ... عَلَيْهِمْ نِصاراً، مَا تَغَرَّدَ راكِبُ
__________
(1) . قوله [فيستحجي] معناه يتغير كما في النهاية وإن أغفله الصحاح والقاموس.(3/324)
واستَغْرَدَ الرَّوْضُ الذُّبابَ: دَعَاهُ بنَعْمَتِه إِلى أَن يُغَنِّيَ فَيُغَرِّدَ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَةَ:
واستَغْرَدَ الروضُ الذبابَ الأَزْرَقا
وغَرَّدَت القَوْسُ: صَوَّتَتْ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والغِرْدُ، بِالْكَسْرِ، والغَرْدُ، بِالْفَتْحِ، والغِرْدَةُ والغَرْدَةُ والغَرَدَةُ والغَرادَةُ: ضَرْبٌ مِنَ الكَمْأَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الصِّغَارُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هِيَ الرديئةُ مِنْهَا، وَالْجَمْعُ غِرَدَةٌ وغِرادٌ، وَجَمْعُ الغَرادةِ غَرادٌ، وَهِيَ المَغاريدُ، وَاحِدُهَا مُغْرود؛ قَالَ:
يَحُجُّ مأْمُومَةً فِي قَعْرِها لَجَفٌ، ... فاسْتُ الطَّبِيبِ قَذاها كالمَغارِيدِ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الغَرادُ الكَمْأَةُ، وَاحِدَتُهَا غَرادَةٌ، وَهِيَ أَيضاً الغِرادَةُ، وَاحِدَتُهَا غَرَدَةٌ «1» وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ المُغْرُودةُ فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: إِنما هُوَ المُغْرُودُ، وَرَوَاهُ الأَصمعي المَغْرودُ مِنَ الكمأَة، بِفَتْحِ الْمِيمِ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الغَرَدُ والمُغْرُودُ، بِضَمِّ الْمِيمِ، الكمأَة وَهُوَ مُفعول نَادِرٌ؛ وأَنشد:
لَوْ كنْتُمُ صُوفاً لكنْتُمْ قَرَدا، ... أَو كنْتُمُ لَحْماً لكنتُمْ غَرَدا
قَالَ الْفَرَّاءُ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مُفْعُولٌ، مَضْمُومُ الْمِيمِ، إِلا مُغْرُودٌ لِضَرْبٍ مِنَ الكمأَة، ومُغْفُورٌ وَاحِدُ المَغافِر، وَهُوَ شَيْءٌ يَنْضَحُهُ العُرفُطُ حُلْوٌ كَالنَّاطِفِ. وَيُقَالُ: مُغْثُورٌ ومُنْخُورٌ للمُنْخُرِ ومُعْلُوقٌ لِوَاحِدِ الْمَعَالِيقِ. وَالْجَمْعُ المَغاريدُ. والمَغْرُوداءُ: الأَرض الكثيرةُ المغاريدِ.
غرقد: الغَرْقَدُ: شَجَرٌ عِظَامٌ وَهُوَ مِنَ الْعِضَاهِ، وَاحِدَتُهُ غَرْقَدَةٌ وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجُلُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا عَظُمَتِ العَوْسَجَةُ فَهِيَ الْغَرْقَدَةُ. وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ: الغَرْقَدُ مِنْ نَبَاتِ القُفِّ. والغَرْقَدُ: كِبَارُ الْعَوْسَجِ، وَبِهِ سُمِّيَ بَقِيعُ الغَرْقَدِ لأَنه كَانَ فِيهِ غَرْقَدٌ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَلِفْنَ ضَالًا نَاعِمًا وغَرْقَدا
وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
إِلا الغَرْقَد فإِنه مَنْ شَجَرِ الْيَهُودِ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
إِلا الغرْقَدَة
؛ هُوَ ضَرْبٌ مِنْ شَجَرِ العِضاه وَشَجَرِ الشَّوْكِ، والغَرْقَدَة وَاحِدَتُهُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِمَقْبَرَةِ أَهل الْمَدِينَةِ بَقِيعُ الْغَرْقَدِ لأَنه كَانَ فِيهِ غَرْقَدٌ وَقُطِعَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبَقِيعُ الْغَرْقَدِ مَقَابِرٌ بِالْمَدِينَةِ وَرُبَّمَا قِيلَ لَهُ الْغَرْقَدُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
لِمَنِ الدِّيارُ غَشِيتَها بالغَرْقَدِ، ... كالوَحْيِ فِي حَجَرِ المسِيلِ المُخْلِدِ؟
غرند: أَبو عُبَيْدٍ: تَثَوَّلَ عليَّ القومُ تَثَوُّلًا واغْرَنْدَوُا اغْرِنْداءً واغْلَنْتَوُا اغْلِنْتاءً إِذا عَلَوْهُ بالشَّتْمِ والضَّرْب وَالْقَهْرِ. الأَصمعي: اغْرَنْداهُ واسْرَنْداهُ إِذا عَلاه، واغْرَنْداهُ واغْرَنْدَى عَلَيْهِ واغْرَنْدَوْا عَلَيْهِ: عَلَوْه بِالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ وَالْقَهْرِ. والمُغْرَنْدِي والمُسْرَنْدِي: الَّذِي يَغْلِبُكَ ويَعْلُوكَ؛ قَالَ:
قَدْ جَعَلَ النُّعاسُ يَغْرَنْدِيني، ... أَدْفَعُهُ عنِّي ويَسْرَنْدِيني
قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِن شِئْتَ جَعَلْتَ رَوِيَّهُ النُّونَ وَهُوَ الْوَجْهُ، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَهُ الْيَاءَ وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ، فإِن جَعَلْتَ النُّونَ هِيَ الرَّوِيَّ فَقَدْ أُلْزِمَ الشاعرُ فِيهَا أَربعةَ أَحرف غَيْرَ وَاجِبَةٍ وَهِيَ الرَّاءُ وَالنُّونُ وَالدَّالُ وَالْيَاءُ، أَلا تَرَى أَنه يَجُوزُ مَعَهَا يُعْطيني ويُرضيني ويَدْعُوني ويَغْزوني؟ وإِن أَنت جَعَلْتَ الْيَاءَ الرَّوِيَّ فَقَدْ أُلْزِمَ فِيهِ خمسةَ أَحرف غَيْرَ لَازِمَةٍ وَهِيَ الرَّاءُ وَالنُّونُ وَالدَّالُ وَالْيَاءُ وَالنُّونُ، أَلا تَرَى أَنك إِذا جَعَلْتَ الْيَاءَ هِيَ الرَّوِيَّ
__________
(1) . قوله [وَهِيَ أَيضاً الْغِرَادَةُ وَاحِدَتُهَا غردة] كذا في الأصل بهذا الضبط.(3/325)
فَقَدْ زَالَتِ الْيَاءُ أَن تَكُونَ رِدفاً لِبُعْدِهَا عَنِ الرَّوِيِّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَتِ النُّونُ رَوِيًّا كَانَتِ الْيَاءُ غَيْرَ لَازِمَةٍ لأَن الْوَاوَ يَجُوزُ مَعَهَا، أَلا تَرَى أَنه يَجُوزُ مَعَهَا فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا يَغْزُونِي وَيَدْعُونِي؟ أَبو زَيْدٍ: اغْرَنْدَوْا عَلَيْهِ اغْرِنْداءً أَي عَلَوْهُ بِالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ وَالْقَهْرِ مثل اغْلَنْتَوْا.
غزد: «1» : الغِزْيَدُ: الشَّدِيدُ الصَّوْتِ. والغِزْيَدُ: الناعِمُ اللَّيِّنُ الرَّطْبُ مِنَ النَّبَاتِ؛ قَالَ:
هَزَّ الصَّبا ناعِمَ ضالٍ غِزْيَدا
قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف الغِزْيَدَ الشديدَ الصوتِ، قَالَ: وأَحسبه غِرِّيداً، بِالرَّاءِ، مِنْ غَرَّدَ تَغْريداً. والغِزْيَدُ مِنَ النَّبَاتِ: النَّاعِمُ، لَيْسَ بِمُنْكَرٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: غُصْن سَرَعْرَعٌ وغِزْيَدٌ وخُرْعُوبٌ: ناعِم.
غلد: سُمٌّ [سِمٌ] مُتَغَلِّدٌ: مُتَعَتِّقٌ، وَقِيلَ: غَيْرُ مُلْبِثٍ لِصَاحِبِهِ؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:
وَقَدْ أَوْرَثَتْ فِي القلبِ سُقْماً تَعُدُّه ... عِداداً، كَسُمِّ الحَيَّةِ المُتَغَلِّد
غمد: الغِمْدُ: جَفْنُ السَّيْفِ، وَجَمْعُهُ أَغمادٌ وغُمودٌ وَهُوَ الغُمُدَّانُ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَيْسَ بِثَبَت. غَمَدَ السيفَ يَغْمِدُه غَمْداً وأَغْمَدَه: أَدْخَلَهُ فِي غِمْدِهِ، فَهُوَ مُغْمَدٌ ومَغْمُودٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ فَعَلْتُ وأَفعلت: غَمَدْتُ السيفَ وأَغْمَدتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ. وغَمَدَ العُرْفُطُ غُمُوداً إِذا اسْتَوفَرَتْ خُصْلَتُه ورَقاً حَتَّى لَا يُرى شَوْكُها كأَنه قَدْ أُغْمِدَ. وتَغَمَّدَه اللَّهُ بِرَحْمَتِه: غَمَده فِيهَا وغَمَرَه بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجنَّة بِعَمَلِه، قَالُوا: وَلَا أَنت؟ قَالَ: وَلَا أَنا إِلَّا أَن يَتَغَمَّدَني اللَّهُ بِرَحْمَتِه.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ يَتَغَمَّدَنِي يُلْبِسَني ويَتَغَشَّاني ويَسْتُرَني بِهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يُغَمِّدُ الأَعْداءَ جُوْناً مِرْدَسا
قَالَ: يَعْنِي أَنه يُلْقِي نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ وَيَرْكَبُهُمْ ويُغشِّيهم، قَالَ: وَلَا أَحسب هَذَا مأْخوذاً إِلّا مِنْ غِمْدِ السَّيْفِ وَهُوَ غِلَافُهُ لأَنك إِذا أَغْمَدْتَه فَقَدْ أَلبسته إِياه وغَشَّيْتَه بِهِ. وَقَالَ الأَخفش: أَغْمَدْتُ الحِلْس إِغْماداً، وَهُوَ أَن تَجْعَلَهُ تَحْتَ الرَّحْلِ تَقِي بِهِ الْبَعِيرَ مِنْ عَقَرَ الرَّحْلِ؛ وأَنشد:
وَوَضْعِ سِقاءٍ وإِخْفائِه، ... وحَلِّ حُلُوسٍ وإِغْمادِها «2»
. وتَغَمَّدْتُ فُلَانًا: سَتَرْتُ مَا كَانَ مِنْهُ وغَطَّيْتُه. وتَغَمَّدَ الرَّجُلَ وغَمَّدَه إِذا أَخَذَه بِخَتْل حَتَّى يُغَطِّيَهُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يُغَمِّدُ الأَعْداءَ جُوناً مِرْدَسَا
قَالَ: وَكُلُّهُ مِنَ الأَول. وغَمَدَتِ الرَّكيّةُ تَغْمُدُ غُمُوداً: ذهَبَ ماؤُها. وغامِدٌ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ، قَالَ:
أَلا هَلْ أَتاها، عَلَى نَأْيِها، ... بِمَا فَضَحَتْ قَوْمَها غامِدُ؟
حَمَلَهُ عَلَى الْقَبِيلَةِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهِ فَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: سُمِّيَ غامِداً لأَنه تَغَمَّدَ أَمراً كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَشِيرَتِهِ فَسَتَرَهُ فَسَمَّاهُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ حِمْير غَامِدًا؛ وأَنشد لِغَامِدٍ:
تَغَمَّدْتُ أَمراً كَانَ بَينَ عَشِيرَتي، ... فَسَمَّانيَ القَيْلُ الحَضُورِيُّ غامِدا «3» .
__________
(1) . في القاموس مع شرحه الغزيد كحزيم، قال الليث: هو الشديد الصوت أو هو تصحيف غريد بالراء. قَالَ الأَزهري: لَا أَعْرِفُ الْغِزْيَدَ الشَّدِيدَ الصَّوْتِ، قَالَ وأحسبه غريداً أَو غِرِّيدًا، بِالرَّاءِ، مِنْ غَرَّدَ تغريداً. انتهى بتصرف
(2) . قوله [وإخفائه] في الأَساس وإحقابه
(3) . قوله [أَمراً] في الصحاح شراً. وقوله [فسماني] فيه أيضاً فأسماني(3/326)
والحَضُور: قَبِيلَةٌ مِنْ حِمْيَرَ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ غُمُودِ الْبِئْرِ. قَالَ الأَصمعي: لَيْسَ اشْتِقَاقُ غَامِدٍ مِمَّا قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ إِنما هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ غَمَدَتِ البئرُ غَمْداً إِذا كَثُرَ ماؤُها. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: غمدَتِ البئرُ إِذا قلَّ ماؤُها. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْقَبِيلَةُ غَامِدَةٌ، بِالْهَاءِ؛ وأَنشد:
أَلا هَلْ أَتاها، عَلَى نَأْيِها، ... بِمَا فَضَحَتْ قَوْمَها غامِدَهْ؟
وَيُقَالُ لِلسَّفِينَةِ إِذا كَانَتْ مَشْحُونَةً: غامِدٌ وآمِدٌ، وَيُقَالُ: غامِدَةٌ وآمِدَةٌ؛ قَالَ: والخِنُّ الفارغةُ مِنَ السُّفُنِ وَكَذَلِكَ الحَفَّانَة «1» . وغُمْدان: حِصْن فِي رأْس جَبَلٍ بِنَاحِيَةِ صَنْعَاءَ؛ وَفِيهِ يَقُولُ:
فِي رأْسِ غُمْدانَ دَارًا منكَ مِحْلالا
وغُمْدانُ: قُبَّةُ سَيْفِ بْنُ ذِي يَزَن، وَقِيلَ: قَصْرٌ معروف باليمن. وغُمْدانُ: مَوْضِعٌ. والغُمادُ وبَرْكُ الغُمادِ: مَوْضِعٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَهمل الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذَا الْفَصْلِ ذِكْرُ الغُمادِ مَعَ شُهْرَتِهِ وَهُوَ مَوْضِعٌ باليمن، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ فِي ضم الغين وكسرها رواه قَوْمٌ بِالضَّمِّ وَآخَرُونَ بِالْكَسْرِ؛ قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبي عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسمعيل الْقَاضِي الْمَحَامِلِيِّ وَفِيهِ زُهاء أَلف، فَأَمَلَّ عَلَيْهِمْ أَن
الأَنصار قَالُوا لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ مَا نَقُولُ لَكَ مَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى لِمُوسَى: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ، بَلْ نَفْدِيك بِآبَائِنَا وأَبنائنا، وَلَوْ دَعَوْتَنَا إِلى بَرْك الغِماد
، بِكَسْرِ الْغَيْنِ، فَقُلْتُ لِلْمُسْتَمْلِيِّ: قَالَ النَّحْوِيُّ الغُماد، بِالضَّمِّ، أَيها الْقَاضِي، قَالَ: وَمَا بَرْكُ الغُماد؟ قَالَ: سأَلت ابْنَ دُرَيْدٍ عَنْهُ فَقَالَ هُوَ بُقْعَةٌ فِي جَهَنَّمَ، فَقَالَ الْقَاضِي: وَكَذَا فِي كِتَابِي عَلَى الْغَيْنِ ضَمَّةٌ؛ قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: وأَنشدني ابْنُ دُرَيْدٍ لِنَفْسِهِ:
وإِذا تَنَكَّرَتِ البِلادُ، ... فَأَولِها كَنَفَ البِعادِ
لَسْتَ ابنَ أُمِّ القاطِنِينَ، ... وَلَا ابنَ عَمٍّ للبِلادِ
واجْعَلْ مُقامَكَ، أَو مَقَرَّك، ... جانِبَيْ بَرْكِ الغِمادِ [الغُمادِ]
قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: وسأَلت أَبا عُمَر عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يُرْوَى بِرْكِ الغِماد، بِالْكَسْرِ، والغُماد، بِالضَّمِّ، والغِمار، بِالرَّاءِ مَكْسُورَةَ الْغَيْنِ. وَقَدْ قِيلَ: إِن الْغُمَادَ موضع باليمن، وَهُوَ بَرَهُوت، وَهُوَ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَن أَرواح الْكَافِرِينَ تَكُونُ فِيهِ.
وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ غُمْدانَ، بِضَمِّ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ: البِناء الْعَظِيمُ بِنَاحِيَةِ صَنْعاءِ الْيَمَنِ؛ قِيلَ: هُوَ مِنْ بناءِ سُلَيْمَانَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لَهُ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ سَيْفِ بْنِ ذِي يَزَن. واغْتَمدَ فُلَانٌ اللَّيْلَ: دَخَلَ فِيهِ كأَنه صَارَ كالغِمْدِ لَهُ كَمَا يُقَالُ: ادَّرَعَ الليلَ؛ وَيُنْشَدُ:
لَيْسَ لِوِلْدانِكَ لَيْلٌ فاغْتَمِدْ
أَي ارْكَبِ اللَّيْلَ واطلُبْ لَهُمُ القُوتَ.
غيد: غَيِدَ غَيَداً وَهُوَ أَغْيَدُ: مَالَتْ عنقُه ولانَتْ أَعْطافُه، وَقِيلَ: اسْتَرْخَتْ عُنُقُهُ. وَظَبْيٌ أَغْيَدُ كَذَلِكَ؛ والأَغْيَدُ: الوَسنانُ المائلُ الْعُنُقِ. وَيُقَالُ: هُوَ يَتَغايدُ فِي مَشْيِه؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ قَوْلِهِ:
ولَيْلٍ هَدَيْتُ بِهِ فِتْيَةً، ... سُقُوا بِصُبابِ الكَرَى الأَغْيدِ
فإِنما أَرادَ الكَرَى الَّذِي يَعُودُ منه الرَّكْبُ غِيداً،
__________
(1) . قوله [الحفانة] كذا بالأَصل(3/327)
وَذَلِكَ لِمَيَلانهم عَلَى الرِّحَالِ مِنْ نَشْوَة الكَرى طَورْاً كَذَا وطَورْاً كَذَا، لَا لأَن الكَرى نفسَه أَغْيَدُ لأَن الغَيَدَ إِنما يَكُونُ فِي مُتَجَسِّم وَالْكَرَى لَيْسَ بِجِسْمٍ. والغَيَدُ: النُّعومةُ. والأَغْيَدُ مِنَ النَّبَاتِ: النَّاعِمُ الْمُتَثَنِّي. والغَيْداء: المرأَة الْمُتَثَنِّيَةُ مِنَ اللِّينِ، وَقَدْ تَغَايَدَتْ فِي مَشْيِها. والغادَةُ: الْفَتَاةُ النَّاعِمَةُ اللَّيِّنَةُ؛ وَكَذَلِكَ الغَيْداءُ بَيِّنَةُ الغَيَدِ، وكلُّ خُوطٍ ناعمٍ مادَ غادٌ. وَشَجَرَةٌ غادَةٌ: رَيَّا غَضَّةٌ، وَكَذَلِكَ الجاريةُ الرَّطْبَةُ الشِّطْبَةُ؛ قَالَ:
وَمَا جَأَبَةُ المِدْرَى خَذولٌ خِلالُها ... أَراكٌ بِذِي الرَّيَّانِ، غادٌ صَرِيمُها
وغادَةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة الْهُذَلِيُّ:
فَمَا راعَهُمْ إِلا أَخوهم، كأَنه، ... بِغادَةَ، فتخاءُ العِظامِ تَحومُ «1»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ بِالْيَاءِ لأَنا لَمْ نَجِدْ فِي الْكَلَامِ [غ ود] قَالَ: وَكَلِمَةٌ لأَهل الشِّحْرِ يَقُولُونَ غِيدِ غِيدِ أَي اعْجَلْ، والله أَعلم.
فصل الفاء
فأد: فأَد الْخُبْزَةَ فِي المَلَّة يَفْأَدُها فَأْداً: شَوَاهَا. وَفِي التَّهْذِيبِ: فأَدْتُ الخُبْزَةَ إِذا مَلَلْتَها وخَبَزْتَها فِي المَلَّةِ. والفَئِيدُ: مَا شُوِيَ وخُبِزَ عَلَى النَّارِ. وإِذا شُوِيَ اللحمُ فَوْقَ الجمْرِ، فَهُوَ مُفْأَدٌ وفئيد. والأُفؤُودُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُفْأَدُ فِيهِ. وفَأَدَ اللحمَ فِي النَّارِ يَفْأَدُه فَأْداً وافْتَأَدَه فيه: شَوَاهُ. والمِفْأَد والمِفْأَدَةُ: السَّفُّودُ، وَهُوَ مِنْ فأَدت اللَّحْمَ وافتأَدته إِذا شَوَيْتَهُ. وَلَحْمٌ فَئِيدٌ أَي مشويٌّ. والفئِيد: الخبز المفؤُود واللحم المَفْؤُود. قَالَ مَرْضَاوِيٌّ يُخَاطِبُ خُوَيْلَةَ:
أَجارَتَنا، سِرُّ النساءِ مُحَرَّمٌ ... عليَّ، وتَشْهادُ النَّدامَى مَعَ الخمرِ
كذاكَ وأَفْلاذُ الفَئيدِ، وَمَا ارتمتْ ... بِهِ بَيْنَ جالَيْها الوَئِيَّةُ مِلْوَذْرِ «2»
. والمِفْأَدُ: مَا يُخْتَبَزُ ويُشْتَوَى بِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَظَلُّ الغُرابُ الأَعْوَرُ العَينِ رافِعاً ... مَعَ الذئْبِ، يَعْتَسَّانِ نَارِي ومِفْأَدي
وَيُقَالُ لَهُ المِفْآدُ عَلَى مِفْعالٍ. وَيُقَالُ: فَحَصْت للخُبزَةِ فِي الأَرض وفَأَدْتُ لَهَا أَفْأَدُ فَأْداً، وَالِاسْمُ أُفْحُوصٌ وأُفْؤودٌ، عَلَى أُفْعُول، وَالْجَمْعُ أَفاحيصُ وأَفائِيدُ. وَيُقَالُ: فَأَدْتُ الخُبزَةَ إِذا جَعَلْتَ لَهَا مَوْضِعًا فِي الرَّمَادِ وَالنَّارِ لِتَضَعَهَا فِيهِ. وَالْخَشَبَةُ الَّتِي يحرَّك بِهَا التَّنُّورُ مِفْأَدٌ، وَالْجَمْعُ مفائِدُ «3» وافْتَأَدُوا: أَوقدوا نَارًا. والفئِيدُ: النارُ نفسُها؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وجَدْتُ أَبي رَبيعاً لليَتَامَى، ... وللضِّيفانِ إِذْ حُبَّ الفَئِيدُ
والمُفْتَأَدُ: مَوْضِعُ الوَقُود؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
سَفُّود شَرْبٍ نَسُوهُ عِنْدَ مُفْتَأَدِ
والتَّفَؤُّدُ: التَّوَقُّد. وَالْفُؤَادُ: القلبُ لِتَفَؤُّدِه وتوقُّدِه، مُذَكَّرٌ لَا غَيْرُ؛ صَرَّحَ بِذَلِكَ اللِّحْيَانِيُّ، يَكُونُ ذَلِكَ لِنَوْعِ الإِنسان وَغَيْرِهِ مِنْ أَنواع الْحَيَوَانِ الَّذِي لَهُ قَلْبٌ؛ قَالَ يَصِفُ ناقة:
__________
(1) . قوله [فتخاء العظام] كذا بالأَصل وشرح القاموس. والذي بياقوت في معجمه: فتخاء الجناح بدل العظام وهو المعروف في الأَشعار وكتب اللغة، يقال عقاب فتخاء لأَنها إِذَا انْحَطَّتْ كَسَرَتْ جَنَاحَيْهَا وَغَمْزَتْهُمَا وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ اللِّينِ
(2) . قوله [ملوذر] أراد من الوذر
(3) . قوله [والجمع مفائد] في القاموس والجمع مفائيد.(3/328)
كمِثْلِ أَتانِ الوَحْشِ، أَما فُؤادُها ... فَصَعْبٌ، وأَما ظَهْرُها فَرَكُوبُ
والفؤادُ: الْقَلْبُ، وَقِيلَ: وسَطُه، وَقِيلَ: الْفُؤَادُ غِشاءُ القلبِ، والقلبُ حَبَّتُهُ وسُوَيْداؤُه؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
رَآهَا الفُؤادُ فاستَضَلَّ ضَلالَه، ... نِيافاً مِنَ البيضِ الحِسانِ العَطائِلِ
رأَى هَاهُنَا مِنْ رُؤْيَةِ الْقَلْبِ وَقَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ رَآهَا الْفُؤَادُ وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي نِيَافًا، وَقَدْ يَكُونُ نِيَافًا حَالًا كأَنه لَمَّا كَانَتْ مَحَبَّتُهَا تَلِي الْقَلْبَ وَتَدْخُلُهُ صَارَ كأَن لَهُ عَيْنَيْنِ يَرَاهَا بِهِمَا؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
فقامَ فِي سِيَتَيْها فانْحَنى فَرَمى، ... وسَهْمُه لِبَناتِ الجَوْفِ مَسَّاسُ
يَعْنِي بِبَنَاتِ الجَوْف الأَفئدةَ، وَالْجَمْعُ أَفئدةٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا نَعْلَمُهُ كُسِّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاكم أَهلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرقُّ أَفئِدةً وأَلْيَنُ قُلُوبًا.
وفأَده يَفْأَدُه فَأْداً: أَصاب فُؤَادَهُ. وفَئِدَ فَأَداً: شَكَا فُؤَادَه وأَصابه دَاءٌ في فؤَاده، فهو مَفؤُودٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه عَادَ سَعْدًا وَقَالَ إِنك رَجُلٌ مَفْؤُودٌ.
المفؤُودُ: الذي أُصيب فؤادُه بوجه. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: قِيلَ له: رجل مَفؤُودٌ يَنْفُثُ دَمًا أَحَدَثٌ هُوَ؟ قَالَ: لَا
؛ أَي يُوجعهُ فُؤَادُه فَيَتَقَيَّأُ دَمًا. وَرَجُلٌ مَفْؤُودٌ: جَبَانٌ ضَعِيفُ الْفُؤَادِ مِثْلُ المَنْخُوبِ ورجل مَفْؤُودٌ وفَئِيدٌ: لَا فؤَادَ لَهُ؛ وَلَا فِعْل لَهُ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَمْ يُصَرِّفُوا مِنْهُ فِعلًا، وَمَفْعُولُ الصِّفَةِ إِنما يأْتي عَلَى الْفِعْلِ نَحْوَ مَضْرُوب مِنْ ضُرِب وَمَقْتُولٍ مِنْ قُتِلَ. التَّهْذِيبُ: فأَدْت الصيْدَ أَفْأَدُه فَأْداً إِذا أَصبت فُؤادَه.
فثد: فِي تَرْجَمَةِ ثفد: الثَّفافِيدُ بَطائِنُ كلِّ شَيْءٍ مِنَ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ ثَفَّدَ دِرْعَه بِالْحَرِيرِ إِذا بَطَّنَها. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَغَيْرُهُ يقول فَثافِيدُ.
فحد: الأَزهري: ابْنُ الأَعرابي: وَاحِدٌ فاحِدٌ؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو، بِالْفَاءِ؛ قَالَ: وقرأْت بِخَطِّ شِمْرٍ لِابْنِ الأَعرابي: القَحَّادُ الرجلُ الفَرْدُ الَّذِي لَا أَخَ لَهُ وَلَا وَلَد. يُقَالُ: واحِدٌ قاحِدٌ صاخِدٌ وَهُوَ الصُّنْبُورُ. قَالَ الأَزهري: أَنا وَاقِفٌ فِي هَذَا الْحَرْفِ وَخَطُّ شَمِرٍ أَقربهما إِلى الصَّوَابِ كأَنه مأْخوذ مِنْ قَحَدَة السَّنامِ وَهُوَ أَصله.
فدد: الفَديدُ: الصوتُ، وَقِيلَ: شِدَّتُهُ، وَقِيلَ: الفَدِيدُ والفَدْفَدَة صَوْتٌ كالحفيفِ. فَدَّ يَفِدُّ فَدّاً وفَديداً وفَدْفَدَ إِذا اشتدَّ صوتُه؛ وأَنشد:
أُنْبِئْتُ أَخْوالي بَني يَزِيدُ، ... ظُلْماً عَلَيْنا لَهُمُ فَدِيدُ
وَمِنْهُ الفَدْفَدَةُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَوابِدُ كالسَّلامِ إِذا استمرَّتْ، ... فَلَيْس يَرُدُّ فَدْفَدَها التَّظَنِّي «1»
. وَرَجُلٌ فَدَّادٌ: شديدُ الصوتِ جَافِي الكلامِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ فُدْفُدٌ وفُدَفِدٌ. وفدَّ يَفِدُّ فَدًّا وفَديداً وفَدْفَدَ: اشْتَدَّ وطؤُه فَوْقَ الأَرض مَرَحاً وَنَشَاطًا. وَرَجُلٌ فَدَّادٌ: شَدِيدُ الوَطْءِ. وَفِي الْحَدِيثِ حِكَايَةً عَنِ الأَرض:
وَقَدْ كُنْتَ تَمْشي فَوْقِي فَدَّاداً
أَي شديدَ الوَطءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الأَرض إِذا دُفِنَ فِيهَا الإِنسانُ قَالَتْ لَهُ: رُبَّمَا مَشَيْتَ عليَّ فَدَّاداً ذَا مالٍ كَثِيرٍ وَذَا أَمَلٍ كَبِيرٍ وَذَا خيلاءَ وسَعْيٍ دائمٍ.
ابْنُ الأَعرابي: فَدَّدَ الرجلُ إِذا مَشَى عَلَى الأَرض كِبراً وبَطَراً. وفَدَّدَ الرجلُ إِذا صَاحَ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ. وفَدَّتِ الإِبل فَدِيداً: شَدَخَتِ الأَرضَ بِخِفافِها مِنْ شِدَّةِ وَطْئِهَا؛ قَالَ المعلوّط السعدي:
__________
(1) . في ديوان النابغة:
قوافي كالسِّلام إِذَا استمرتْ ... فَلَيْسَ يردُّ مذهبها التظنّي(3/329)
أَعاذِلَ، مَا يُدْرِيكِ أَنْ رُبَّ هَجْمَةٍ ... لأَخْفافِها، فَوْقَ المِتانِ، فَدِيدُ؟
وَرَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ: فَوْقَ الفَلاةِ فَدِيد، قَالَ: وَيُرْوَى وئيدُ، قَالَ: وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ. وفدَّ الطائرُ يَفِدُّ فَدِيداً: حَثَّ جناحَيْه بَسْطًا وَقَبْضًا. والفَدِيد: كَثْرَةُ الإِبل. وإِبل فَديدٌ: كَثِيرَةٌ. وَالْفَدَّادُونَ: أَصحاب الإِبل الْكَثِيرَةِ الَّذِينَ يَمْلِكُ أَحدهم الْمِائَتَيْنِ مِنَ الإِبل إِلى الأَلف؛ يُقَالُ لَهُ: فَدَّادٌ إِذا بَلَغَ ذَلِكَ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ جُفاةٌ أَهلُ خُيَلاء. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَلَكَ الفدَّادون إِلَّا مَنْ أَعطى فِي نَجْدَتها ورِسْلِها،
أَراد الْكَثِيرِي الإِبل، كَانَ أَحدهم إِذا ملَكَ المِئين مِنَ الإِبل إِلى الأَلف قِيلَ لَهُ: فَدَّادٌ وَهُوَ فِي مَعْنَى النَّسَب كَسَرّاجٍ وعَوَّاجٍ؛ يَقُولُ: إِلا مَنْ أَخْرَجَ زكاتَها فِي شدتِها وَرَخَائِهَا. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الفَدَّادون أَصحاب الْوَبَرِ لِغِلَظِ أَصواتِهم وجفَائِهم، يَعْنِي بأَصحاب الْوَبَرِ أَهل الْبَادِيَةِ، والفدَّادون: الفلَّاحون. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن الْجَفَاءَ والقَسْوة فِي الفَدَّادِين.
قَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الفَدادِينُ، مُخَفَّفَةٌ، وَاحِدُهَا فَدَّانٌ، بِالتَّشْدِيدِ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو، وَهِيَ الْبَقَرُ الَّتِي يُحْرَثُ بِهَا، وأَهلُها أَهلُ جَفَاء وغِلظة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَيْسَ الفَدادِينُ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ وَلَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْرِفُهَا إِنما هَذِهِ للرومِ وأَهلِ الشَّامِ، وإِنما افْتُتِحَتِ الشَّامُ بَعْدَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهُمُ الفَدَّادون، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، وَاحِدُهُمْ فَدّادٌ؛ قَالَ الأَصمعي: وَهُمُ الَّذِينَ تَعْلُو أَصواتهم فِي حُروثِهم وأَموالهم مواشيهم وَمَا يُعَالِجُونَ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ الأَحمر؛ وَقِيلَ: هُمُ الْمُكْثِرُونَ مِنَ الإِبل، وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: فِي قَوْلِهِ الجَفاءُ، والقَسْوَةُ في الفَدَّادِينَ؛ هُمُ الجَمَّالون والرُّعْيان والبقَّارون والحَمَّارون. وفَدْفَدَ إِذا عَدَا هَارِبًا مِنْ سَبُعٍ أَو عَدُوٍّ «1» وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه رأَى رَجُلَيْنِ يُسْرِعانِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: مَا لَكُمَا تَفِدَّانِ فَدِيدَ الْجَمَلِ؟ يُقَالُ: فَدْفَدَ الإِنسان وَالْجَمَلُ إِذا عَلَا صَوْتُهُ
؛ أَراد أَنهما كَانَا يَعْدُوان فَيُسْمَعُ لِعَدْوِهِمَا صَوْتٌ. والفُدادُ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّيْرِ، وَاحِدَتُهُ فُدَادَة. وَرَجُلٌ فَدَّادَة وفَدادَةٌ: جَبَانٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَفَدادَةٌ عِندَ اللقاءِ، وقَيْنَةٌ ... عِندَ الإِيابِ، بِخَيبَةٍ وصُدُودِ؟
وَاخْتَارَ ثَعْلَبٌ فَدَّادَةٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ أَي هُوَ فَدّادَةٌ، وَقَالَ: هَذَا الَّذِي أَختاره.
فدفد: الفَدْفَدُ: الْفَلَاةُ الَّتِي لَا شَيْءَ بِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الْغَلِيظَةُ ذاتُ الْحَصَى، وَقِيلَ: الْمَكَانُ الصُّلب؛ قَالَ:
تَرى الحَرّةَ السَّوداءَ يَحْمَرُّ لَوْنُها، ... ويَغْبَرُّ مِنْهَا كلُّ رِيعٍ وفَدْفَدِ
وَالْفَدْفَدُ: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ فِيهِ صَلَابَةٌ، وَقِيلَ: الْفَدْفَدُ الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ؛ وفي الحديث:
فَلَجؤَوا إِلى فَدْفَدٍ فأَحاطوا بِهِمُ
؛ الفَدْفَدُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ غِلظٌ وَارْتِفَاعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذا قَفَلَ مِنْ سَفَرٍ فَمَرَّ بِفَدفَدٍ أَو نَشْزٍ كبَّر ثَلَاثًا
؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قُسٍّ: وأَرْمُقُ فَدْفَدَها
، وَجَمْعُهُ فَدافِدُ. وَالْفَدْفَدَةُ: صَوْتٌ كالحَفِيف. وَرَجُلٌ فُدْفُدٌ وفُدَفِدٌ: شَدِيدُ الوطءِ عَلَى الأَرض. وفَدفَد إِذا عَدَا هَارِبًا مِنْ سَبُعٍ أَو عَدُوٍّ. الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: لَبَنٌ هُدَبِدٌ وفُدَفِدٌ،
__________
(1) . قوله [وَفَدْفَدَ إِذَا عَدَا هَارِبًا مِنْ سَبُعٍ أَوْ عَدُوٍّ] وساق الحديث وقال بعده: يقال فدفد إلخ سابق الكلام ولاحقه يقتضي أن الحديث تفدفدان وأنت تراه تفدّان هنا وشرح القاموس فلعل أصل العبارة وفدّ يفد وفدفد إذا إلخ.(3/330)
وَهُوَ الْحَامِضُ الْخَاثِرُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلَّبَنِ الثَّخِينِ فُدَفِدٌ. وفَدْفَدُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ الأَخطل:
وقُلْتُ لِحادِيهِنَّ: وَيْحَكَ غَنِّنا ... لِجَلْداءَ أَو بنْتِ الكِنانيِّ فَدْفَدا
فرد: اللَّهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ هُوَ الفَرْدُ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بالأَمر دُونَ خَلْقِهِ. اللَّيْثُ: والفَرْد فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْوَاحِدُ الأَحد الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا مِثْلَ وَلَا ثَانِيَ. قَالَ الأَزهري: وَلَمْ أَجده فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي وَرَدَتْ فِي السنَّة، قَالَ: وَلَا يُوصَفُ اللَّهُ تَعَالَى إِلا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ أَو وَصَفَهُ بِهِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَلَا أَدري مِنْ أَين جَاءَ بِهِ اللَّيْثُ. وَالْفَرْدُ: الْوِتْرُ، وَالْجَمْعُ أَفراد وفُرادَى، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنه جَمْعُ فَرْدانَ. ابْنُ سِيدَهْ: الفَرْدُ نِصْفُ الزَّوْج، وَالْفَرْدُ: المَنْحَرُ «2» وَالْجَمْعُ فِرادٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَخَطُّفَ الصَّقْرِ فِرادَ السِّرْبِ
وَالْفَرْدُ أَيضاً: الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ، وَالْجَمْعُ أَفراد. يُقَالُ: شَيْءٌ فَرْدٌ وفَرَدٌ وفَرِدٌ وفُرُدٌ وفارِدٌ. والمُفْرَدُ: ثورُ الوَحْشِ؛ وَفِي قَصِيدَةِ كَعْبٍ:
تَرْمِي الغُيوبَ بِعَيْنَي مُفْرَدٍ لَهِقٍ
الْمُفْرَدُ: ثَوْرُ الْوَحْشِ شبَّه بِهِ النَّاقَةَ. وَثَوْرٌ فُرُدٌ وفارِدٌ وفَرَدٌ وفَرِدٌ وفَرِيد، كُلُّهُ بِمَعْنَى مُنْفَرِدٍ. وسِدْرَةٌ فارِدَةٌ: انْفَرَدَتْ عَنْ سَائِرِ السِّدْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُعَدُّ فارِدَتُكُم
؛ يَعْنِي الزَّائِدَةَ عَلَى الْفَرِيضَةِ أَي لَا تُضَمُّ إِلى غَيْرِهَا فَتُعَدُّ مَعَهَا وتُحْسَب. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: فَمِنْكُمُ المُزْدَلِفُ صاحِب العِمامة الفَرْدَة
؛ إِنما قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لأَنه كَانَ إِذا رَكِبَ لَمْ يَعْتَمّ مَعَهُ غيرُه إِجلالًا لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَهُ رَجُلٌ يَشْكُو رَجُلًا مِنَ الأَنصار شَجَّه فَقَالَ:
يَا خَيْرَ مَنْ يَمْشي بِنَعْلٍ فَرْدِ، ... أَوْهَبَه لِنَهْدَةٍ ونَهْدِ «3»
أَراد النَّعْلَ الَّتِي هِيَ طَاقٌ وَاحِدٌ وَلَمْ تُخْصَفْ طَاقًا عَلَى طَاقٍ وَلَمْ تُطارَقْ، وَهُمْ يَمْدَحُونَ برقَّة النِّعَالِ، وإِنما يَلْبَسُهَا مُلُوكُهُمْ وَسَادَاتُهُمْ؛ أَراد: يَا خَيْرَ الأَكابر مِنَ الْعَرَبِ لأَنَّ لُبْسَ النَّعال لَهُمْ دُونَ الْعَجَمِ. وَشَجَرَةٌ فارِدٌ وفَارِدَةٌ: متَنَحِّية؛ قَالَ الْمُسَيَّبُ بْنُ عَلَسٍ:
فِي ظِلِّ فاردَةٍ منَ السِّدْرِ
وَظَبْيَةٌ فاردٌ: مُنْفَرِدَةٌ انقطعت عن القطيع. قوله: لا بَغُلَّ فارِدَتكم؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ مَنِ انْفَرَدَ مِنْكُمْ مِثْلُ وَاحِدٍ أَو اثْنَيْنِ فأَصاب غَنِيمَةً فليردَّها عَلَى الْجَمَاعَةِ وَلَا يَغُلَّها أَي لَا يأْخذها وَحْدَهُ. وَنَاقَةٌ فارِدَةٌ ومِفْرادٌ: تَنْفَرِدُ فِي الْمَرَاعِي، وَالذَّكَرُ فاردٌ لَا غَيْرُ. وأَفرادُ النُّجُومِ: الدَّرارِيُّ الَّتِي تَطَلَّعَ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لَتَنَحِّيها وَانْفِرَادِهَا مِنْ سَائِرِ النُّجُومِ. والفَرُودُ مِنَ الإِبل: الْمُتَنَحِّيَةُ فِي الْمَرْعَى وَالْمَشْرَبِ؛ وفَرَدَ بالأَمر يَفْرُد وتَفَرَّدَ وانْفَرَدَ واسْتَفْرَدَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرَى اللِّحْيَانِيَّ حَكَى فَرِدَ وفَرُدَ واسْتَفْرَدَ فُلَانًا: انَفَردَ بِهِ. أَبو زَيْدٍ: فَرَدْتُ بِهَذَا الأَمرِ أَفْرُدُ بِهِ فُروُداً إِذا انفَرَدْتَ بِهِ. وَيُقَالُ: اسْتَفْرَدْتُ الشَّيْءَ إِذا أَخذته فَرْداً لَا ثَانِيَ لَهُ وَلَا مِثْلَ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ يَذْكُرُ قِدْحاً مِنْ قِداحِ الْمَيْسِرِ:
إِذا انْتَخَت بالشَّمال بارِحةً، ... حَالَ بَريحاً واسْتَفْرَدَتْهُ يَدُه
__________
(2) . قوله [المنحر] كذا بالأَصل وكتب بهامشه السيد مرتضى صوابه المتحد وفي القاموس الفرد المتحد.
(3) . قوله [أوهبه] كذا بألف قبل الواو هنا وفي النهاية أيضاً في مادة ن هـ د وسيأتي للمؤلف فيها وهبه.(3/331)
والفارِدُ والفَرَدُ: الثَّوْرُ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ:
طاوِي المَصِيرِ كَسَيْفِ الصَّيْقَلِ الفَرَدِ
قَالَ: الفَرَدُ والفُرُدُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، أَي هُوَ مُنْقَطَعُ القَرِينِ لَا مِثْلَ لَهُ فِي جَوْدَتِه. قَالَ: وَلَمْ أَسمع بالفَرَدِ إِلا فِي هَذَا الْبَيْتِ. واسْتَفْرَدَ الشيءَ: أَخرجه مِنْ بَيْنِ أَصحابه. وأَفرده: جَعَلَهُ فَرْداً. وجاؤوا فُرادَى وفِرادَى أَي وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ. أَبو زَيْدٍ عَنِ الْكِلَابِيِّينَ: جِئْتُمُونَا فُرَادَى وَهُمْ فُرادٌ وأَزواجٌ نَوَّنُوا. قَالَ: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى
؛ فإِن الْفَرَّاءَ قَالَ: فُرَادَى جَمْعٌ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ قومٌ فُرَادَى، وفُرادَ يَا هَذَا فَلَا يَجُرُّونَهَا، شُبِّهَتْ بِثُلاثَ ورُباعَ. قَالَ: وفُرادَى وَاحِدُهَا فَرَدٌ وفَرِيدٌ وفَرِدٌ وفَرْدانُ، وَلَا يَجُوزُ فرْد فِي هَذَا الْمَعْنَى؛ قَالَ وأَنشدني بَعْضُهُمْ:
تَرَى النُّعَراتِ الزُّرْقَ تحتَ لَبانِه، ... فُرادَ ومَثْنى، أَضعَفَتْها صَواهِلُهْ
وَقَالَ اللَّيْثُ: الفَرْدُ مَا كَانَ وَحْدَهُ. يُقَالُ: فَرَدَ يَفْرُدُ وأَفْرَدْتُه جَعَلْتُهُ وَاحِدًا. وَيُقَالُ: جَاءَ القومُ فُراداً وفُرادَى، مُنَوَّنًا وَغَيْرَ مُنَوَّنٍ، أَي وَاحِدًا وَاحِدًا. وَعَدَدْتُ الْجَوْزَ أَو الدارهم أَفراداً أَي وَاحِدًا وَاحِدًا. وَيُقَالُ: قَدِ اسْتَطْرَدَ فُلَانٌ لَهُمْ فَكُلَّمَا اسْتَفْرَدَ رَجُلًا كَرَّ عَلَيْهِ فَجدَّله. والفَرْدُ: الجانِب الْوَاحِدُ مِنَ اللَّحْي كأَنه يُتَوَهَّمُ مُفْرداً، وَالْجَمْعُ أَفراد. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الَّذِي عَنَاهُ سِيبَوَيْهِ بقوله: نحو فَرْدٍ وأَفْرادٍ، وَلَمْ يَعْنِ الْفَرْدَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الزَّوْجِ لأَن ذَلِكَ لَا يَكَادُ يُجْمَعُ. وفَرْدٌ: كَثِيبٌ مُنْفَرِدٌ عَنِ الكثبانِ غَلب عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَفِيهِ الأَلف وَاللَّامُ «1» ، حَتَّى جَعَلَ ذَلِكَ اسْمًا لَهُ كَزَيْدٍ، وَلَمْ نَسْمَعْ فِيهِ الْفَرْدَ؛ قَالَ:
لَعَمْري لأَعْرابيَّة فِي عَباءَةٍ ... تَحُلُّ الكَثِيبَ مِنْ سُوَيْقَةَ أَو فَرْداً
وفَرْدَةُ أَيضاً: رَمْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِلى ضَوءِ نارٍ بَيْنٍ فَرْدَةَ والرَّحَى
وفَرْدَةُ: مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ جَرْم. والفَريدُ والفَرائِدُ: المَحالُ الَّتِي انْفَرَدَتْ فَوَقَعَتْ بَيْنَ آخِرِ المَحالاتِ السِّتِّ الَّتِي تَلِي دَأْيَ العُنُق، وَبَيْنَ الست التي بيت العَجْبِ وَبَيْنَ هَذِهِ، سُمِّيَتْ بِهِ لِانْفِرَادِهَا، وَاحِدَتُهَا فَريدَة؛ وَقِيلَ: الفَريدة المَحالةُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الصَّهْوَة الَّتِي تَلي المَعاقِمَ وَقَدْ تَنْتَأُ مِنْ بَعْضِ الْخَيْلِ، وإِنما دُعِيت فَريدَة لأَنها وقَعَتْ بَيْنَ فِقارِ الظَّهْرِ وَبَيْنَ مَحال الظَّهْرِ «2» ومعَاقِمِ العَجُزِ؛ والمَعاقِمُ: مُلْتَقى أَطراف العِظامِ ومعاقِمِ الْعَجُزِ. والفَريدُ والفَرائدُ: الشَّذْرُ الَّذِي يَفْصِل بَيْنَ اللُّؤْلؤ وَالذَّهَبِ، وَاحِدَتُهُ فَريدَةٌ، وَيُقَالُ لَهُ: الجاوَرْسَقُ بِلِسَانِ الْعَجَمِ، وبَيَّاعُه الفَرَّادُ. والفَريدُ: الدُّرُّ إِذا نُظمَ وفُصِلَ بِغَيْرِهِ، وَقِيلَ: الفَريدُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، الْجَوْهَرَةُ النَّفِيسَةُ كأَنها مُفْرَدَةٌ فِي نوعِها، والفَرَّادُ صانِعُها. وذَهَبٌ مُفَرَّدٌ: مَفَصَّلٌ بِالْفَرِيدِ. وَقَالَ إِبراهيم الْحَرْبِيُّ: الفَريدُ جَمْعُ الفَريدَة وَهِيَ الشَّذْرُ مِنْ فِضَّةٍ كاللؤْلؤَة. وفَرائِدُ الدرِّ: كِبارُها. ابْنُ الأَعرابي: وفَرَّدَ الرجلُ إِذا تَفَقَّه وَاعْتَزَلَ النَّاسَ وَخَلَا بِمُرَاعَاةِ الأَمر وَالنَّهْيِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ:
طُوبَى للمفرِّدين
وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: المُفَرِّدون الَّذِينَ قَدْ هلَك لِداتُهُم مِنَ الناس وذهَب
__________
(1) . قوله: وفيه الأَلف واللام يخالف قوله فيما بعد: وَلَمْ نَسْمَعْ فِيهِ الْفَرْدَ.
(2) . قوله [وبين محال الظهر] كذا في الأَصل المعتمد وهي عين قوله بين فقار الظهر فالأَحسن حذف أحدهما كما صنع شارح القاموس حين نقل عبارته.(3/332)
القَرْنُ الَّذِي كَانُوا فِيهِ وبَقُوا هُمْ يَذْكُرُونَ اللَّهَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَوْلُ ابْنِ الأَعرابي فِي التَّفْرِيدِ عِنْدِي أَصوب مِنْ قَوْلِ الْقُتَيْبِيِّ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ بُجْدانُ فَقَالَ: سِيرُوا هَذَا بُجْدانُ، سَبَقَ المُفَرِّدون
، وَفِي رِوَايَةٍ:
طُوبَى للمُفَرِّدين، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمِنَ المُفَرِّدون؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا والذاكراتُ
، وَفِي رِوَايَةٍ
قَالَ: الَّذِينَ اهْتَزُّوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ.
وَيُقَالُ: فَرَدَ «1» برأْيه وأَفْرَدَ وفَرَّد واستَفْرَدَ بِمَعْنَى انْفَرَد بِهِ. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
لأُقاتِلَنَّهم حَتَّى تَنْفَرِدَ سالِفَتي
أَي حَتَّى أَموتَ؛ السَّالِفَةُ: صَفْحَةُ الْعُنُقِ وَكَنَّى بِانْفِرَادِهَا عَنِ الْمَوْتِ لأَنها لَا تَنْفَرِدُ عَمَّا يَلِيهَا إِلا بِهِ. وأَفْرَدْتُه: عَزَلْتُهُ، وأَفْرَدْتُ إِليه رَسُولًا. وأَفْرَدَتِ الأُنثى: وَضَعَتْ وَاحِدًا فَهِيَ مُفْرِدٌ ومُوحِدٌ ومُفِذٌّ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّاقَةِ لأَنها لَا تَلِدُ إِلَّا وَاحِدًا؛ وفَرِدَ وانْفَرَدَ بِمَعْنًى؛ قَالَ الصَّمَّةُ الْقُشَيْرِيُّ:
وَلَمْ آتِ البُيوتَ مُطَنَّباتٍ، ... بأَكْثِبَةٍ فَرِدْنَ مِنَ الرَّغامِ
وَتَقُولُ: لِقيتُ زَيْدًا فَرْدَيْنِ إِذا لَمْ يَكُنْ مَعَكُمَا أَحد. وتَفَرَّدْتُ بِكَذَا واستَفْرَدْتُه إِذا انفَرَدْتَ بِهِ. والفُرُودُ: كواكِبُ «2» زاهِرَةٌ حَولَ الثُّرَيَّا. والفُرودُ: نُجُومٌ حولَ حَضارِ، وحَضارِ هَذَا نَجم وَهُوَ أَحد المُحْلِفَيْنِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَرى نارَ لَيْلى بالعَقِيقِ كأَنَّها ... حَضارِ، إِذا مَا أَعرضَتْ، وفُرودُها
وفَرُودٌ وفَرْدَةُ: اسْمَا مَوْضِعَيْنِ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:
لَعَمْرِي لأَعْرابِيَّةٌ فِي عَباءَةٍ ... تَحُلُّ الكَثِيبَ مِنْ سوُيْقَةَ أَو فرْدا،
أَحَبّ إِلى القَلْبِ الَّذِي لَجَّ فِي الهَوَى، ... مِنَ اللَّابِساتِ الرَّيْطَ يُظْهِرْنَه كَيْدا
أَرْدَفَ أَحَدَ الْبَيْتَيْنِ وَلَمْ يُرْدِفِ الْآخَرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا نَادِرٌ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَبي فِرْعَوْنَ:
إِذا طَلَبْتُ الماءَ قالَتْ: لَيْكا، ... كأَنَّ شَفْرَيْها، إِذا مَا احتَكَّا،
حَرْفا بِرامٍ كُسِرا فاصْطَكَّا
قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ أَو فَرْداً مُرَخَّماً مِنْ فَرْدَة، رَخَّمَهُ فِي غَيْرِ النداءِ اضْطِرَارًا، كَقَوْلِ زُهَيْرٍ:
خُذوا حَظَّكُم، يَا آلَ عِكْرِمَ، واذْكُروا ... أَواصِرنا، والرِّحْمُ بالغَيْبِ تُذْكَرُ
أَراد عِكرمةَ: والفُرُداتُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ قمِيئَة:
نَوازِع للخالِ، إِنْ شِمْنَه ... عَلَى الفُرُداتِ يَسِحُّ السِّجالا
فرصد: الفِرْصِدُ والفِرْصِيدُ والفِرْصاد: عَجْمُ الزَّبِيبِ وَالْعِنَبِ وَهُوَ العُنْجُدُ أَيضاً. والفِرْصادُ: التُّوت، وَقِيلَ حَمْلُه وَهُوَ الأَحمر مِنْهُ. والفِرْصادُ: الحُمْرَة؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:
يَسْعَى بِهَا ذُو تُومَتَيْنِ مُنَطَّقٌ، ... قَنَأَتْ أَنامِلُه مِنَ الفِرْصادِ
وَالْهَاءُ فِي قَوْلِهِ بِهَا تعود عَلَى سُلافَةٍ ذَكَرَهَا فِي بيت
__________
(1) . قوله [ويقال فرد] هو مثلث الراء.
(2) . قوله [والفرود كواكب] كذا بالأَصل وفي القاموس والفردود، زاد شارحه كسرسور كما هو نص التكملة، وفي بعض النسخ الفرود.(3/333)
قَبْلَهُ وَهُوَ:
ولقَدْ لَهَوْتُ، وللشَّبابِ بَشاشةٌ. ... بِسُلافَةٍ مُرِجَتْ بماءِ غَوادِي
والتُّومَةُ: الحَبَّةُ مِنَ الدُّرِّ. والسُّلافَةُ: أَولُ الْخَمْرِ. والغَوادي: جَمْعُ غاديةٍ وهي السَّحَابَةُ الَّتِي تأْتي غُدْوَة. اللَّيْثُ: الفِرْصادُ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ؛ وأَهل الْبَصْرَةِ يُسَمُّونَ الشَّجَرَ فِرْصاداً وَحَمْلُهُ التُّوتُ؛ وأَنشد:
كأَنَّما نَفَضَ الأَحْمال ذاوِيَةً، ... عَلَى جَوانِبِهِ الفِرْصادُ والعِنَبُ
أَراد بِالْفِرْصَادِ وَالْعِنَبِ الشَّجَرَتَيْنِ لَا حَمْلَهُمَا. أَراد: كأَنما نَفَضَ الفِرْصادُ أَحمالَه ذاويَةً، نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَالْعِنَبُ كَذَلِكَ؛ شبَّه أَبعارَ الْبَقَرِ بحب الفِرصادِ والعنب.
فرقد: الفَرْقَدُ: وَلَدُ الْبَقَرَةِ، والأُنثى فَرْقَدَة؛ قَالَ طَرَفَةُ يَصِفُ عَيْنَيْ نَاقَتِهِ:
طَحُورانِ عُوَّارَ القَذى، فَتراهُما ... كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمِّ فرْقَدِ
طَحُورانِ: راميتانِ. وعُوَّارُ القَذى: مَا أَفْسَدَ الْعَيْنَ، وَحَكَى ثَعْلَبٌ فِيهِ الفُرْقُود؛ وأَنشد:
ولَيْلَةٍ خامِدَةٍ خُمودا، ... طَخْياءَ تُعْشِب الجَدْيَ والفُرقودا،
إِذا عُمْيرٌ هَمَّ أَن يَرْقُودا
وأَراد يَرْقُد فأَشبع الضَّمَّةَ. والفَرْقدانِ: نَجْمَانِ فِي السَّمَاءِ لَا يغرُبانِ وَلَكِنَّهُمَا يَطُوفَانِ بِالْجَدْيِ، وَقِيلَ: هُمَا كَوْكَبَانِ قَرِيبَانِ مِنَ القُطْب، وَقِيلَ: هُمَا كَوْكَبَانِ فِي بَنَاتِ نَعْش الصُّغْرَى. يُقَالُ: لأَبْكِيَنَّكَ الفَرْقَدَيْن؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، أَي طولَ طُلُوعِهِمَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ النُّجُومُ كُلُّهَا تَنْتَصِبُ عَلَى الظَّرْفِ كَقَوْلِكَ لأَبكينَّك الشمسَ والقَمرَ والنِّسرَ الواقِعَ: كُلُّ هَذَا يُقيمونَ فِيهِ الأَسماء مُقام الظُّرُوفِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنهم يُرِيدُونَ طُولَ طُلُوعِهِمَا فَيَحْذِفُونَ اخْتِصَارًا وَاتِّسَاعًا وَقَدْ قَالُوا فِيهِمَا الفَراقِد كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُمَا فَرْقَداً؛ قَالَ:
لَقَدْ طالَ، يَا سَوْداءُ، منكِ المواعِدُ، ... ودونَ الجَدَا المأْمِولِ منكَ الفَراقِدُ
قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَتِ الْعَرَبُ لَهُمَا الفَرْقد؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حالَفَ الفَرْقَدُ شرْباً فِي الهُدى، ... خُلَّةً بَاقِيَةً دُونَ الخَلَل «1» .
فرند: الفِرِندُ: وَشْيُ السَّيْفِ، وَهُوَ دَخِيلٌ. وَفِرِنْدُ السَّيْفِ: وَشْيُه. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فِرِنْدُ السَّيْفِ جَوْهَرُهُ وماؤُه الَّذِي يَجْرِي فِيهِ، وَطَرَائِقُهُ يُقَالُ لَهَا الفِرِنْد وَهِيَ سَفاسِقُه. الْجَوْهَرِيُّ: فِرِنْدُ السَّيْفِ وإِفْرِنْدُه رُبَدُهُ ووَشْيُه. والفِرِنْد: السَّيْفُ نفسُه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَقَدْ قَطَعَ الحَدِيدَ، فَلَا تُمارُوا، ... فِرِنْدٌ لا يُفَلُّ وَلَا يَذُوبُ
قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد ذُو فِرِنْدٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقَامَهُ. والفِرِنْدُ: الْوَرْدُ الأَحمر. وفِرنْد، دَخِيلٌ مُعَرَّبٌ: اسْمُ ثَوْبٍ. ابْنُ الأَعرابي: الفِرِنْدُ عَلَى فِعْلِلٍ الأَبزارُ وَجَمْعُهُ الفرانِدُ. والفِرِنْدادُ: موضِعٌ وَيُقَالُ اسْمُ رَمْلَةٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الفِرِنْدادُ شَجَرٌ، وَقِيلَ: رَمَلَةٌ مُشْرِفَةٌ فِي بِلَادِ بَنِي تَمِيمٍ وَيَزْعُمُونَ أَن قَبْرَ ذِي الرُّمَّةِ فِي ذِرْوَتها؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ويافِعٌ مِنْ فِرِنْدادَيْنِ مَلْمُومُ
ثَنَاهُ ضَرُورَةً، كَمَا قال:
__________
(1) . قوله [في الهدى] كذا بالأَصل ولعلها في الهوى(3/334)
لِمَنِ الدِّيارُ بِرامَتَيْنِ فَعاقِلٍ ... دَرَسَتْ، وغيَّر آيَها القَطْرُ
وَفِي التَّهْذِيبِ: فِرِنْدادٌ جَبَلٌ بِنَاحِيَةِ الدَّهْناء وَبِحِذَائِهِ جَبَلٌ آخَرُ، وَيُقَالُ لَهُمَا مَعًا الفِرِنْدادانِ، وأَنشد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ ذَكَرَهُ فِي الرُّبَاعِيِّ.
فرهد: الفُرْهُدُ، بِالضَّمِّ: الحادرُ الْغَلِيظُ مِنَ الْغِلْمَانِ. ابْنُ سِيدَهْ: الفُرْهُودُ الحادِرُ الْغَلِيظُ وَهُوَ النَّاعِمُ التارُّ؛ وَيُقَالُ: غُلَامٌ فُلْهُدٌ، بِاللَّامِ أَيضاً، أَي ممتلئ، وقيل: القُرْهد النَّاعِمُ التارُّ الرَّخْصُ، وَقَالَ: إِنما هُوَ الفُرْهد، بِالْفَاءِ وَضَمِّ الهاءِ وَالْقَافُ فِيهِ تَصْحِيفٌ. والفُرْهُدُ والفُرْهُودُ: وَلَدُ الأَسد؛ عُمانِيَّة؛ وَزَعَمَ كُرَاعٌ أَن جَمْعَ الفُرْهُدِ فَراهِيدُ كَمَا جَمْعُ هُدْهُدٌ عَلَى هَداهِيدَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُؤْمَنُ كُرَاعٌ عَلَى مِثْلِ هَذَا إِنما يُؤْمَنُ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ وَشِبْهِهِ؛ وَقِيلَ: الْفُرْهُودُ وَلَدُ الوَعلِ. وفَراهِيدُ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ مِنَ الأَزد. وفُرْهُود: أَبو بَطْنٍ. الصِّحَاحُ: الفُرْهُود حَيٌّ مِنْ يَحْمَد «2» . وَهُمْ بَطْنٌ مِنَ الأَزد يُقَالُ لَهُمُ الْفَرَاهِيدُ مِنْهُمُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحمد الْعَرُوضِيُّ. يُقَالُ: رَجُلٌ فَرَاهِيدِيٌّ وَكَانَ يُونُسُ يَقُولُ فُرْهُودي.
فزد: الأَصمعي: تَقُولُ الْعَرَبُ لِمَنْ يَصِلُ إِلى طَرَفٍ مِنْ حَاجَتِهِ وَهُوَ يَطْلُبُ نِهَايَتَهَا: لَمْ يُحْرَمْ مَنْ فُزْدَ لَهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: مَن فُصْدَ لَهُ، وَهُوَ الأَصل فَقُلِبَتِ الصَّادُ زَايًا، فَيُقَالُ لَهُ: اقْنَعْ بِمَا رُزِقْتَ مِنْهَا فإِنك غَيْرُ مَحْرُومٍ. أَصل قَوْلِهِمْ: مَن فُصْدَ لَهُ أَو فُزْدَ لَهُ فُصِدَ لَهُ، ثُمَّ سُكِّنَتِ الصَّادُ فَقِيلَ فُصْد، وأَصله مِنَ الْفَصِيدِ وَهُوَ أَن يُؤْخَذَ مَصِيرٌ فَيُلْقَمَ عِرْقًا مَفْصُودًا فِي يَدِ الْبَعِيرِ حَتَّى يَمْتَلِئَ دَمًا ثُمَّ يُشْوَى وَيُؤْكَلَ، وَكَانَ هَذَا مِنْ مَآكِلِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الدَّمِ انْتَهَوْا عَنْهُ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَةِ فصد إِن شاءَ الله.
فسد: الفسادُ: نَقِيضُ الصَّلَاحِ، فَسَدَ يَفْسُدُ ويَفْسِدُ وفَسُدَ فَساداً وفُسُوداً، فَهُوَ فاسدٌ وفَسِيدٌ فِيهِمَا، وَلَا يُقَالُ انْفَسَد وأَفْسَدْتُه أَنا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً*
؛ نَصَبَ فَسَادًا لأَنه مَفْعُولٌ لَهُ أَراد يَسْعَوْن فِي الأَرض لِلْفَسَادِ. وَقَوْمٌ فَسْدَى كَمَا قَالُوا ساقِطٌ وسَقْطَى، قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَمَعُوهُ جَمْعَ هَلْكى لِتَقَارُبِهِمَا فِي الْمَعْنَى. وأَفَسَدَه هُوَ واسْتَفْسَد فُلَانٌ إِلى فُلَانٍ. وتَفَاسَدَ القومُ: تدابَرُوا وَقَطَّعُوا الأَرحام؛ قَالَ:
يَمْدُدْنَ بالثُّدِيِّ فِي المَجَاسِدِ ... إِلى الرجالِ، خَشْيَةَ التَّفاسُدِ
يَقُولُ؛ يُخْرِجن ثُدِيَّهُنَّ يَقُلْنَ: نَنشدكم اللَّهَ أَلا حَمَيْتُمُونَا، يُحَرِّضْنَ بِذَلِكَ الرِّجَالَ. وَاسْتَفْسَدَ السلطانُ قائدَه إِذا أَساء إِليه حَتَّى اسْتَعْصَى عَلَيْهِ. والمَفْسَدَةُ: خِلَافُ المصْلَحة. والاستفسادُ: خِلَافُ الِاسْتِصْلَاحِ. وَقَالُوا: هَذَا الأَمر مَفْسَدَةٌ لِكَذَا أَي فِيهِ فَسَادٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ الشبابَ والفَراغَ والجِدَهْ ... مَفْسَدَةٌ للعَقْلِ، أَيُّ مَفْسَدَهْ
وَفِي الْخَبَرِ:
أَن عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ أَشرف عَلَى أَصحابه وَهُمْ يَذْكُرُونَ سِيرَةَ عُمَرَ فَغَاظَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِيهاً عَنْ ذِكْرِ عُمَرَ فإِنه إِزْراءٌ عَلَى الوُلاةِ مَفْسَدَةٌ لِلرَّعِيَّةِ.
وعدَّى إِيهاً بِعَنْ لأَن فِيهِ مَعْنَى انْتَهُوا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
؛ الْفَسَادُ هُنَا: الجَدْب فِي الْبِرِّ وَالْقَحْطُ فِي الْبَحْرِ أَي فِي المُدُن الَّتِي عَلَى الأَنهار؛ هَذَا قَوْلُ الزجاجِيِّ. وَيُقَالُ: أَفْسَدَ فُلَانٌ المالَ يُفْسِدُه إِفْساداً وفَساداً، وَاللَّهُ لا يحب
__________
(2) . قوله [يحمد] كيمنع وكيعلم مضارع أعلم أبو قبيلة، الجمع اليحامد(3/335)
الْفَسَادَ. وفَسَّدَ الشيءَ إِذا أَبَارَه؛ وَقَالَ ابْنُ جُنْدُبٍ:
وقلتُ لَهُمْ: قَدْ أَدْرَكَتْكُمْ كَتِيبَةٌ ... مُفَسِّدَةُ الأَدْبارِ، مَا لَمْ تُخَفَّرِ
أَي إِذا شَدَّت عَلَى قَوْمٍ قَطَعَتْ أَدبارَهم مَا لَمْ تُخَفَّرِ الأَدبارُ أَي لَمْ تُمْنَعْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُرِهَ عَشْرُ خِلال مِنْهَا إِفسادُ الصَّبِيِّ غيرَ مُحَرِّمِهِ
؛ هُوَ أَن يَطأَ المرأَة الْمُرْضِعَ فإِذا حَمَلَتْ فَسَدَ لَبَنُهَا وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ فَسَادُ الصَّبِيِّ وَتُسَمَّى الغِيلَة؛ وَقَوْلُهُ غَيْرَ مُحَرِّمِهِ أَي أَنه كَرِهَهُ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ حَدَّ التحريم.
فصد: الفصدُ: شَقُّ العِرْقِ؛ فَصَدَه يَفْصِدُه فَصْداً وفِصاداً، فَهُوَ مَفْصُودٌ وفَصِيدٌ. وفَصَدَ الناقةَ: شَقَّ عِرْقَها ليستخرِجَ دَمَهَ فيشرَبَه. وَقَالَ اللَّيْثُ: الفَصْدُ قَطْعُ العُروق. وافْتَصَدَ فلانٌ إِذا قطعَ عرْقَه فَفَصَد، وَقَدْ فَصَدَتْ وافْتَصدَتْ. وَمِنْ أَمثالهم فِي الَّذِي يُقْضَى لَهُ بعضُ حَاجَتِهِ دُونَ تَمَامِهَا: لَمْ يُحْرَمْ مَنْ فُصْدَ لَهُ، بإِسكان الصَّادِ، مأْخوذ مِنَ الفَصيدِ الَّذِي كَانَ يُصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ويؤْكل، يَقُولُ: كَمَا يَتَبَلَّغُ الْمُضْطَرُّ بِالْفَصِيدِ فَاقْنَعْ أَنت بِمَا ارْتَفَعَ مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِكَ وإِن لَمْ تُقْضَ كلُّها. ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي الْمَثَلِ: لَمْ يُحْرَمْ مِنْ فُصْد لَهُ، وَيُرْوَى: لم يحرم من فُزْدَ لَهُ أَي فُصِدَ لَهُ الْبَعِيرُ، ثُمَّ سُكِّنَتِ الصَّادُ تَخْفِيفًا، كَمَا قَالُوا فِي ضُرِبَ: ضُرْبَ، وَفِي قُتِلَ: قُتْلَ؛ كَقَوْلِ أَبي النَّجْمِ.
لَوْ عُصْرَ مِنْهُ البانُ والمِسْكُ انعَصَرْ
فَلَمَّا سُكِّنَتِ الصَّادُ وضَعُفَتْ ضارَعوا بِهَا الدَّالَ الَّتِي بَعْدَهَا بأَن قَلَبُوهَا إِلى أَشبه الْحُرُوفِ بِالدَّالِ مِنْ مَخْرَجِ الصَّادِ، وَهُوَ الزَّايُ لأَنها مَجْهُورَةٌ كَمَا أَن الدَّالَ مَجْهُورَةٌ، فَقَالُوا؛ فُزْد، فإِن تَحَرَّكَتِ الصَّادُ هُنَا لَمْ يَجُزِ الْبَدَلُ فِيهَا وَذَلِكَ نَحْوُ صَدَرَ وصَدَفَ لَا تَقُولُ فِيهِ زَدَرَ وَلَا زَدَفَ، وَذَلِكَ أَن الْحَرَكَةَ قَوَّتِ الْحِرَفَ وَحَصَّنَتْهُ فأَبعدته مِنَ الِانْقِلَابِ، بَلْ قَدْ يَجُوزُ فِيهَا إِذا تَحَرَّكَتْ إِشمامها رَائِحَةَ الزَّايِ، فأَما أَن تخلُص زَايًا وَهِيَ مُتَحَرِّكَةٌ كَمَا تَخْلُصُ وَهِيَ سَاكِنَةٌ فَلَا، وإِنما تُقْلَبُ الصَّادُ زَايًا وَتُشَمُّ رَائِحَتَهَا إِذا وَقَعَتْ قَبْلَ الدَّالِ، فإِن وَقَعَتْ قَبْلَ غَيْرِهَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِيهَا، وَكُلُّ صَادٍ وَقَعَتْ قَبْلَ الدَّالِ فإِنه يَجُوزُ أَن تَشُمَّهَا رَائِحَةَ الزَّايِ إِذا تَحَرَّكَتْ، وأَن تَقْلِبَهَا زَايًا مَحْضًا إِذا سُكِّنَتْ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: قُصْدَ لَهُ، بِالْقَافِ، أَي مِنْ أُعْطِيَ قَصْداً أَي قَلِيلًا، وَكَلَامُ الْعَرَبِ بِالْفَاءِ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَالْمَعْنَى لَمْ يُحْرَمْ مَنْ أَصاب بَعْضَ حَاجَتِهِ وإِن لَمْ يَنَلْهَا كُلَّهَا، وتأْويل هَذَا أَن الرَّجُلَ كَانَ يُضِيفُ الرَّجُلَ فِي شِدَّةِ الزَّمَانِ فَلَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَا يَقْرِيه، ويَشِحُّ أَن يَنْحَرَ رَاحِلَتَهُ فَيَفْصِدُهَا فإِذا خَرَجَ الدَّمُ سَخَّنَه لِلضَّيْفِ إِلى أَن يَجْمُد ويَقْوَى فَيُطْعِمَهُ إِياه فَجَرَى الْمَثَلُ فِي هَذَا فَقِيلَ: لَمْ يُحْرَمْ مَنْ فَزْدَ لَهُ أَي لَمْ يُحْرَمِ القِرَى مَنْ فُصِدت لَهُ الرَّاحِلَةُ فَحَظِيَ بِدَمِهَا، يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَبَ أَمراً فَنَالَ بَعْضَهُ. والفَصِيدُ: دَمٌ كَانَ يُوضَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي مِعًى مِنْ فَصْدِ عِرْقِ الْبَعِيرِ ويُشْوى، وَكَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يأْكلونه وَيُطْعِمُونَهُ الضَّيْفَ فِي الأَزْمة. ابن كُبْوَةَ: الفَصيدَة تمرٌ يُعْجَنُ ويُشابُ بِشَيْءٍ مِنْ دَمٍ وَهُوَ دَوَاءٌ يُداوَى بِهِ الصِّبْيَانُ، قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِمْ: مَا حُرِمَ مَنْ فُصْد لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رَجَاءٍ العُطاردي أَنه قَالَ: لَمَّا بَلَغَنَا أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَخذ فِي الْقَتْلِ هرَبْنا فاسْتَثَرْنا شِلْوَ أَرنبٍ دَفيناً وفَصَدْنا عَلَيْهَا فَلَا أَنسى تِلْكَ الأُكْلَةَ
؛ قَوْلُهُ: فَصَدْنا عَلَيْهَا يَعْنِي الإِبل وَكَانُوا يَفْصِدونها ويعالِجون ذَلِكَ الدمَ ويأْكلونه عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَي فَصَدْنَا عَلَى شِلْوِ الأَرنب بَعِيرًا وأَسلنا عَلَيْهِ دَمَهُ وَطَبَخْنَاهُ وأَكلنا.(3/336)
وأَفْصَدَ الشجرُ وانفَصَدَ: انْشَقَّتْ عُيون وَرَقِهِ وبَدَتْ أَطرافُه. والمُنْفَصِدُ: السَّائِلُ وَكَذَلِكَ المُتَفَصِّدُ. يُقَالُ: تَفَصَّدَ جبينُه عَرَقاً، إِنما يُرِيدُونَ تَفَصَّد عَرَقُ جبينِه، وَكَذَلِكَ هَذَا الضَّرْبُ مِنَ التَّمْيِيزِ إِنما هُوَ فِي نِيَّةِ الْفَاعِلِ. وانفَصَدَ الشيءُ وتَفصَّدَ: سالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذا نَزَلَ عَلَيْهِ الوحيُ تَفَصَّدَ عَرَقاً.
يُقَالُ: هُوَ يَتَفَصَّدُ عَرَقًا ويَتَبَضَّعُ عَرَقًا أَي يسيلُ عَرَقًا. مَعْنَاهُ أَي سالَ عَرَقُهُ تَشْبِيهًا فِي كَثْرَتِهِ بالفِصاد، وعَرَقاً مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: رأَيت فِي الأَرض تَفْصِيدًا مِنَ السَّيْلِ أَي تَشَقُّقاً وتَخَدُّداً. وَقَالَ أَبو الدُّقَيْشِ: التفصيدُ أَن يُنْقَع بشيءٍ مِنْ ماءٍ قَلِيلٍ. وَيُقَالُ: فصَد لَهُ عَطَاءً أَي قَطع لَهُ وأَمضاهُ يَفْصِدُه فَصْداً.
فقد: فَقَدَ الشيءَ يَفْقِدُه فَقْداً وفِقْداناً وفقُوداً، فَهُوَ مَفْقُودٌ وفَقِيدٌ: عَدِمَه؛ وأَفْقَدَه اللَّهُ إِياه. والفاقِدُ مِنَ النساءِ: الَّتِي يموتُ زَوْجُها أَو ولدُها أَو حَمِيمُهَا. أَبو عُبَيْدٍ: امرأَة فاقِدٌ وَهِيَ الثَّكُولُ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
كأَنَّها فاقِدٌ شَمْطاءُ مُعْوِلَةٌ ... ناحَتْ، وجاوَبَها نُكْدٌ مَناكِيدُ
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي تتزوج بَعْدِ مَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَمَاتَ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَا تَتَزَوَّجَنَّ فاقِداً وَتَزَوَّجْ مُطَلَّقَةً. وظَبْيَةٌ فاقِدٌ وبقرةٌ فاقِدٌ: شبع وَلَدُهَا؛ وَكَذَلِكَ حَمامَة فاقِدٌ؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ:
إِذا فاقِدٌ، خَطْباءُ، فَرْخَينِ رَجَّعَتْ، ... ذَكَرْتُ سُلَيْمَى فِي الخَلِيطِ المُبايِن
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده سِيبَوَيْهِ بِتَقْدِيمِ خَطْباءُ عَلَى فَرْخَينِ مُقَوِّياً بِذَلِكَ أَن اسْمَ الْفَاعِلِ إِذا وُصِفَ قَرُب مِنَ الِاسْمِ، وَفَارَقَ شبَهَ الْفِعْلِ. والتفقُّدُ: تَطَلُّبُ مَا غَابَ مِنَ الشَّيْءِ. وَرُوِيَ عَنْ
أَبي الدَّرْدَاءِ أَنه قَالَ: مَنْ يَتَفَقَّدْ يَفْقِدْ، وَمَنْ لَا يُعِدَّ الصَّبْرَ لفواجِعِ الأُمور يَعْجِزْ
؛ فالتَّفقُّدُ: تَطَلُّب مَا فَقَدْتَه، وَمَعْنَى قَوْلِ أَبي الدَّرْدَاءِ أَن مَنْ تَفَقَّدَ الخيرَ وَطَلَبَهُ فِي النَّاسِ فَقَدَه وَلَمْ يَجِدْه، وَذَلِكَ أَنه رأَى الْخَيْرَ فِي النَّادِرِ مِنَ النَّاسِ وَلَمْ يَجِدْهُ فَاشِيًا مَوْجُودًا. غَيْرُهُ: أَي مَنْ يَتَفَقَّدْ أَحوالَ النَّاسِ ويَتَعَرَّفْها فإِنه لَا يَجِدُ مَا يُرضِيه. وافتَقَدَ الشيءَ: طَلبه؛ قَالَ:
فَلَا أُخْتٌ فَتَبْكِيهِ، ... وَلَا أُمٌّ فَتَفْتَقِده
وَكَذَلِكَ تَفَقَّدَه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ
؛ وَكَذَلِكَ الافتقادُ؛ وَقِيلَ: تَفَقَّدْتُه أَي طَلَبْتُه عِنْدَ غَيْبَتِهِ. وتفاقَدَ القومُ أَي فَقَدَ بعضُهم بَعْضًا؛ وَقَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
تَفَاقَدَ قَوْمي إِذ يَبيعونَ مُهْجَتي ... بِجارِيةٍ، بَهْراً لَهُمْ بعدَها بَهْرا
بَهْراً قِيلَ فِيهِ: تَبّاً، وَقِيلَ: خَيْبَةً، وَقِيلَ: تَعْساً لَهُمْ، وَقِيلَ: أَصابهم شَرٌّ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: افتقَدْتُ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْلَةً
أَي لَمْ أَجِدْه؛ هُوَ افتَعَلْتُ مِنْ فَقَدْتُ الشيءَ أَفقِدُه إِذا غَابَ عَنْكَ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: أُغَيْلِمَةٌ حَيارَى تفاقَدُوا
؛ يَدْعُو عَلَيْهِمْ بِالْمَوْتِ وأَن يَفْقِدَ بعضُهم بَعْضًا. وَيُقَالُ: أَفقدَه اللَّهُ كلَّ حميمٍ. وَيُقَالُ: مَاتَ فلانٌ غيرَ فَقِيدٍ وَلَا حَمِيدٍ أَي غيرَ مُكْتَرَثٍ لِفِقدانِه. والفَقَد: شرابٌ يُتَّخَذُ مِنَ الزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ. وَيُقَالُ: إِن الْعَسَلَ يُنْبَذُ ثُمَّ يَلْقَى فِيهِ الفَقَد فيُشَدِّدُه؛ قَالَ:(3/337)
وَهُوَ نَبْتٌ شِبْهُ الكَشُوث. والفَقَدُ: نباتٌ يُشْبِهُ الكَشوث يُنْبَذُ فِي الْعَسَلِ فَيُقَوِّيهِ وَيُجِيدُ إِسكاره؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ثُمَّ يُقَالُ لِذَلِكَ الشَّرَابِ: الفَقَدُ. ابْنُ الأَعرابي: الفَقْدَةُ: الكُشُوث.
فقدد: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو عَمْرٍو: الفقْدُدُ نبيذُ الكشوث.
فلهد: غُلَامٌ فُلْهُدٌ، بِاللَّامِ: يملأُ المَهْد؛ عَنْ كُرَاعٍ. أَبو عَمْرٍو: الفَلْهَدُ والفُرْهُدُ الْغُلَامُ السَّمِينُ الَّذِي قَدْ راهقَ الحُلُمَ. وَيُقَالُ: غُلَامٌ فُلْهُدٌ إِذا كَانَ مُمْتَلِئًا.
فند: الفَنَدُ: الخَرَفُ وإِنكار الْعَقْلِ مِنَ الهَرَم أَو المَرضِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الكِبَر وأَصله فِي الْكِبَرِ، وَقَدْ أَفند؛ قَالَ:
قَدْ عَرَّضَتْ أَرْوَى بِقَوْلٍ إِفْناد
إِنما أَراد بقَوْلٍ ذِي إِفناد وقَوْلٍ فِيهِ إِفناد، وَشَيْخٌ مُفْنِدٌ وَلَا يُقَالُ للأُنثى عَجُوزٌ مُفْنِدَة لأَنها لَمْ تَكُنْ ذَاتَ رأْي فِي شَبَابِهَا فَتُفَنَّدَ فِي كِبَرها. والفَنَدُ: الخطأُ فِي الرأْي وَالْقَوْلِ. وأَفْنَدَه: خطَّأَ رَأْيَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ حِكَايَةً عَنْ يَعْقُوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ لَوْلَا أَن تُكَذِّبوني وتُعَجِّزُوني وتُضَعِّفُوني. ابْنُ الأَعرابي: فَنَّدَ رأْيه إِذا ضَعَّفَه. والتَّفْنيدُ: اللَّوْمُ وتضعيفُ الرأْي. الْفَرَّاءُ: المُفَنَّدُ الضعيفُ الرأْي وإِن كَانَ قويَّ الْجِسْمِ. والمُفَنَّدُ: الضعيفُ الْجِسْمِ وإِن كَانَ رأْيه سَدِيدًا. قَالَ: وَالْمُفَنَّدُ الضَّعِيفُ الرأْي وَالْجِسْمِ مَعًا. وفَنَّدَه: عَجَّزَه وأَضْعَفَه. وَرَوَى شَمِرٌ فِي حَدِيثِ
وَاثِلَةَ بْنِ الأَسقع أَنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَتزعمون أَنِّي مِنْ آخِرِكم وَفَاةً؟ أَلا إِني مِنْ أَوَّلِكم وفاةً، تتبعونني أَفْناداً يُهْلِكُ بعضُكم بَعْضًا
؛ قَوْلُهُ تَتْبَعُونَنِي أَفناداً يضرِبُ «1» بعضُكم رِقَابَ بَعْضٍ أَي تَتْبَعُونَنِي ذَوِي فَنَدٍ أَي ذَوِي عَجْزٍ وكُفْرٍ لِلنِّعْمَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ: أَي جَمَاعَاتِ مُتَفَرِّقِينَ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ، وَاحِدُهُمْ فَنَد. وَيُقَالُ: أَفْنَدَ الرجلُ فَهُوَ مُفْنِدٌ إِذا ضَعُفَ عَقْلُهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَسْرَعُ النَّاسِ بِي لُحوقاً قَوْمي، تَسْتَجْلِبُهم المَنايا وَتَتَنَافَسُ عَلَيْهِمْ أُمَّتُهم ويعيشُ الناسُ بِعَدِّهِمْ أَفناداً يَقْتُلُ بعضُهم بَعْضًا
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَاهُ أَنهم يَصيرون فِرَقاً مُخْتَلِفِينَ يَقْتُلُ بعضُهم بَعْضًا؛ قَالَ: هُمْ فِنْدٌ عَلَى حِدَةٍ أَي فِرْقَة عَلَى حِدَةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِني أُريد أَن أُفَنِّدَ فَرَسًا، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِهِ كُمَيْتاً أَو أَدْهَم أَقْرَحَ أَرْثَم مُحَجَّلًا طَلْقَ الْيُمْنَى.
قَالَ شَمِرٌ: قَالَ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمِنْهُ كَانَ سُمِع هَذَا الْحَدِيثُ: أُفَنِّدَ أَي أَقْتَني. قَالَ: وَرُوِيَ أَيضاً مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ: وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ قَوْلُهُ أُفَنِّدَ فَرَسًا أَي أَرْتَبِطَه وأَتخذه حِصْنًا أَلجأُ إِليه، ومَلاذاً إِذا دَهَمني عَدُوٌّ، مأْخوذ مِنْ فِنْدِ الْجَبَلِ وَهُوَ الشِّمْراخ الْعَظِيمُ مِنْهُ، أَي أَلجأُ إِليه كَمَا يُلجأُ إِلى الفِنْدِ مِنَ الْجَبَلِ، وَهُوَ أَنفه الْخَارِجُ مِنْهُ؛ قَالَ: وَلَسْتُ أَعرف أُفَنِّد بِمَعْنَى أَقتني. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِالتَّفْنِيدِ التَّضْمِيرَ مِنَ الفِنْدِ وَهُوَ الغُصْنُ مِنْ أَغصان الشَّجَرَةِ أَي أُضمره حَتَّى يَصِيرَ فِي ضُمْرِه كَالْغُصْنِ. والفِنْدُ، بِالْكَسْرِ: الْقِطْعَةُ الْعَظِيمَةُ مِنَ الْجَبَلِ، وَقِيلَ: الرأْس الْعَظِيمُ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَفناد. والفِنْدفِنْد: الْجَبَلُ. وفَنَّدَ الرجلُ إِذا جَلَسَ عَلَى فِنْد، وَبِهِ سُمِّيَ الفِنْدُ الزِّمَّانِيُّ الشَّاعِرُ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ فَرَسَانِهِمْ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعِظَمِ شَخْصِهِ، وَاسْمُهُ شَهْلُ بْنُ شَيْبَانَ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ عَدِيدُ الأَلف؛ وَقِيلَ: الفِنْد، بالكسر، قطعة من
__________
(1) . قوله [يضرب] أفاد شارح القاموس أَنها رواية أخرى بدل يهلك(3/338)
الْجَبَلِ طُولًا. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: لَوْ كَانَ جَبَلًا لَكَانَ فِنداً
، وَقِيلَ: هُوَ الْمُنْفَرِدُ مِنَ الْجِبَالِ. والفَنَدُ: الْكَذِبُ. وأَفْنَدَ إِفناداً: كَذِبَ. وفَنَّدَه: كَذَّبَهُ ... والفَنَدُ: ضَعُفَ الرأْي مِنْ هَرَم. وأَفْنَدَ الرجلُ: أُهتِرَ، وَلَا يُقَالُ: عَجُوزٌ مُفْنِدَة لأَنها لَمْ تَكُنْ فِي شَبِيبَتِهَا ذَاتَ رأْي. وَقَالَ الأَصمعي: إِذا كَثُرَ كَلَامُ الرَّجُلِ مِنْ خَرَف، فَهُوَ المُفْنِدُ والمُفْنَدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا يُنْتَظَرُ أَحدكم إِلا هَرَماً مُفْنِداً أَو مَرَضًا مُفْسِداً
؛ الفَنَدُ فِي الأَصل: الكَذب. وأَفْنَدَ: تَكَلَّمَ بالفَنَد. ثُمَّ قَالُوا لِلشَّيْخِ إِذا هَرِمَ: قَدْ أَفْنَدَ لأَنه يَتَكَلَّمُ بالمُحَرَّف مِنَ الْكَلَامِ عَنْ سَنَن الصِّحَّةِ. وأَفنده الكِبَرُ إِذا أَوقعه فِي الفَنَد. وَفِي حَدِيثِ
التَّنُوخِيِّ رَسُولِ هِرَقْل: وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قدْ بَلَغَ الفَنَد أَو قَرُب.
وَفِي حَدِيثِ
أُم مَعْبَدٍ: لَا عَابِسٌ وَلَا مُفْنَد [مُفْنِدٌ]
أَي لَا فَائِدَةَ فِي كَلَامِهِ لكبرٍ أَصابه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا تُوُفِّيَ وغُسِّلَ صَلَّى عَلَيْهِ الناسُ أَفناداً أَفناداً
؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ: أَي فِرْقاً بَعْدَ فِرْق، فُرادى بِلَا إِمام. قَالَ: وحُزِرَ الْمُصَلُّونَ فَكَانُوا ثَلَاثِينَ أَلفاً وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ سِتِّينَ أَلفاً لأَن مَعَ كُلِّ مؤْمن مَلَكَيْنِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: تَفْسِيرُ أَبي الْعَبَّاسِ لِقَوْلِهِ صَلَّوْا عَلَيْهِ أَفناداً أَي فُرَادَى لَا أَعلمه إِلا مِنَ الفِنْدِ مِنْ أَفْناد الْجَبَلِ. والفِنْدُ: الْغُصْنُ مِنْ أَغصان الشَّجَرِ، شَبَّهَ كُلَّ رِجْلٍ مِنْهُمْ بِفِنْدٍ مِنْ أَفناد الْجَبَلِ، وَهِيَ شَمَارِيخُهُ. والفِنْدُ: الطائفةُ مِنَ اللَّيْلِ. وَيُقَالُ: هُمْ فِنْدٌ عَلَى حِدَة أَي فِئَةٌ. وفَنَّدَ فِي الشَّرَابِ: عكَفَ عَلَيْهِ؛ هَذِهِ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والفِنْدَأْيَةُ: الفَأْسُ، وَقِيلَ: الفِنْدَأْيَةُ الفأْس الْعَرِيضَةُ الرأْس؛ قَالَ:
يَحْمِلُ فَأْساً مَعَهُ فِنْدَأْيَة
وَجَمْعُهُ فَنَادِيدُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. الْجَوْهَرِيُّ: قَدُومٌ فِنْداوةٌ أَي حادّةٌ. والفِنْدُ: أَرض لَمْ يُصِبْهَا الْمَطَرُ، وَهِيَ الفِنْدِيَةُ. وَيُقَالُ: لَقِينَا بِهَا فِنْداً مِنَ النَّاسِ أَي قَوْمًا مُجْتَمَعَيْنِ. وأَفنادُ الليلِ: أَركانه. قَالَ: وبأَحد هَذِهِ الْوُجُوهِ سُمِّيَ الزِّمَّانيُّ فِنْداً. وأَفنادٌ: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
بَرْقاً قَعَدْتُ لَهُ بالليلِ مُرْتَفِقاً ... ذاتَ العِشاءِ، وأَصحابي بأَفْنادِ
فهد: الفَهْدُ: مَعْرُوفٌ سبُع يُصَادُ بِهِ. وَفِي الْمَثَلِ: أَنْوَمُ مِنْ فَهْدٍ، وَالْجَمْعُ أَفهُد وفُهُودٌ والأُنثى فَهْدَةٌ، والفَهَّادُ صَاحِبُهَا. قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لِلَّذِي يُعَلِّم الفَهْدَ الصَّيْدَ: فَهَّاد. وَرَجُلٌ فَهْد: يُشَبَّهُ بِالْفَهْدِ فِي ثِقَلِ نَوْمِهِ. وفَهِدَ الرجلُ فَهَداً: نَامَ وأَشبه الْفَهْدَ فِي كَثْرَةِ نَوْمِهِ وتمَدُّدِه وتغافلَ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَهُّدُه. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: وصفَتْ امرأَةٌ زوجَها فَقَالَتْ: إِن دَخَلَ فَهِدَ، وإِن خَرَجَ أَسِدَ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ
؛ قَالَ الأَزهري: وَصَفَتْ زَوْجَهَا بِاللِّينِ وَالسُّكُونِ إِذا كَانَ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ؛ وَيُوصَفُ الْفَهْدُ بِكَثْرَةِ النَّوْمِ فَيُقَالُ: أَنوم مِنْ فَهْدٍ، شَبَّهَتْهُ بِهِ إِذا خَلَا بِهَا، وبالأَسد إِذا رأَى عَدُوَّه. قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي نَامَ وَغَفَلَ عَنْ مَعَايِبِ البيتِ الَّتِي يَلْزَمُنِي إِصلاحُها، فَهِيَ تَصِفُهُ بالكرَمِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ فكأَنه نَائِمٌ عَنْ ذَلِكَ أَو ساهٍ، وإِنما هُوَ مُتناوم ومُتغافِل. الأَزهري: وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ فَهَد فُلَانٌ لِفُلَانٍ وفَأَدَ ومَهد إِذا عَمِلَ فِي أَمره بِالْغَيْبِ جَمِيلًا. والفَهْدُ: مِسْمارٌ يُسْمَرُ بِهِ فِي واسِطِ الرَّحل وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الكلبَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ صَرِيفَ نَابَيِ الْفَحْلِ بِصَرِيرِ هَذَا الْمِسْمَارِ:
مُضَبَّرٌ، كأَنَّما زَئِيرُه ... صَريرُ فَهْدٍ واسِطٍ صَريرُه(3/339)
وَقَالَ خَالِدٌ: واسِطُ الفَهْدِ مِسْمارٌ يُجْعل فِي وَاسِطِ الرَّحْلِ. وفَهْدَتا الفَرَس: اللحمُ الناتِئُ فِي صَدْرِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ؛ قَالَ أَبو دُوَادَ:
كأَنَّ الغُصُون، مِنَ الفَهْدَتَيْن ... إِلى طَرَفِ الزَّوْرِ، حُبْكُ العَقَدْ
أَبو عُبَيْدَةَ: فَهْدتا صَدْرِ الفَرَسِ لحْمتانِ تَكْتَنِفانِه. الْجَوْهَرِيُّ: الْفَهْدَتَانِ لَحْمَتَانِ فِي زَوْرِ الفَرَس نَاتِئَتَانِ مِثْلُ الفِهْرَيْنِ. وَفَهَدَتَا الْبَعِيرِ: عَظْمَانِ نَاتِئَانِ خَلْفَ الأُذنين وَهُمَا الخُشَشاوانِ. والفَهْدة: الاسْتُ. وَغُلَامٌ فَوْهَدٌ: تامٌّ تارٌّ ناعِمٌ كَثَوْهَدٍ، وجاريةٌ فَوْهَدَةٌ وثَوْهَدَة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
تُحِبُّ مِنَّا مُطْرَهِفّاً فَوْهَدَا، ... عِجْزَةَ شَيْخَيْنِ، غُلاماً أَمْرَدا
وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن فاءَ فَوْهَدٍ بَدَلٌ مِنْ ثَاءِ ثَوْهَدٍ، أَو بِعَكْسِ ذَلِكَ. والفَوْهَدُ: الْغُلَامُ السَّمِينُ الَّذِي رَاهَقَ الْحُلُمَ. وَغُلَامٌ ثَوْهد وفَوْهد: تَامُّ الْخَلْقِ؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: وَهُوَ النَّاعِمُ الممتلئُ. أَبو عَمْرٍو: الفَلْهَدُ والفَوْهَد الْغُلَامُ السَّمِينُ الَّذِي قَدْ راهَقَ الحُلُمَ.
فود: الفَوْدُ: مُعظم شَعَرِ الرأْس مِمَّا يَلِي الأُذن. وفَوْدا الرأْس: جَانِبَاهُ، وَالْجَمْعُ أَفوادٌ. وفَوْدا جناحَيِ العُقاب: مَا أَثَّ مِنْهُمَا؛ وَقَالَ خُفَافٌ:
مَتى تُلْقِ فَوْدَيْها عَلَى ظَهْرِ ناهِضٍ
الفَوْدان: وَاحِدُهُمَا فَوْدٌ، وَهُوَ مُعْظَمُ شَعَرِ اللِّمَّة مِمَّا يَلِي الأُذن. والفَوْدُ والحَيْدُ: نَاحِيَةُ الرأْس؛ قَالَ الأَغلب:
فانْطَحْ بِفَوْدَيْ رأْسِه الأَرْكانا
والفَوْدانِ: قَرْنا الرأْس وَنَاحِيَتَاهُ. وَيُقَالُ: بَدَا الشَّيْبُ بِفَوْدَيْهِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذا كَانَ لِلرَّجُلِ ضَفِيرتان يُقَالُ لِلرَّجُلِ فَوْدان. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ أَكثر شَيْبِهِ فِي فَوْدَيْ رأْسه
أَي نَاحِيَتَيْهِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوْد. والفَوْدان: النَّاحِيَتَانِ. وَالْفَوْدَانِ: العِدْلانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوْد. وَقَعَدَ بَيْنَ الفَوْدينِ أَي بَيْنِ العِدْلَيْنِ. وَقَالَ
مُعَاوِيَةُ لِلَبِيدٍ: كَمْ عطاؤكَ؟ قَالَ أَلفان وَخَمْسُمِائَةٍ، قَالَ: مَا بَالُ العِلاوةِ بَيْنَ الفَوْدَينِ؟
والفَوْدُ: المَوْتُ. وفادَ يَفُودُ فَوْداً: مَاتَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ يَذْكُرُ الْحَرْثَ بْنُ أَبي شَمِرٍ الْغَسَّانِيُّ وَكَانَ كلُّ ملِك مِنْهُمْ كُلَّمَا مَضَتْ عَلَيْهِ سَنَةٌ زادَ فِي تَاجِهِ خَرَزَةً فأَراد أَنه عُمِّرَ حَتَّى صَارَ فِي تَاجِهِ خَرَزَاتٌ كَثِيرَةٌ:
رَعى خَرَزاتِ المُلْكِ سِتِّينَ حِجَّةً ... وعشرينَ حَتَّى فَادَ، والشَّيْبُ شامِلُ
وَفِي حَدِيثِ
سَطِيحٍ:
أَمْ فادَ فازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ العَنَنْ
يُقَالُ: فادَ يَفُودُ إِذا مَاتَ، وَيُرْوَى بِالزَّايِ بِمَعْنَاهُ. وفَوْدا الخِباءِ: ناحيتاهُ. وَيُقَالُ: تَفَوَّدَتِ الأَوْعالُ فَوْقَ الْجِبَالِ أَي أَشْرَفَت. وَاسْتَفَادَهُ: اقْتَناه. وأَفَدْتُه أَنا: أَعطيْتُه إِياه وسيأْتي بَعْضُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ فيد لأَن الْكَلِمَةَ يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. وفُدْتُ الزعفرانَ: خلَطْتُه، مَقْلُوبٌ عَنْ دُفْتُ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. وفادَه يَفُودُه: مِثْلُ دافَه؛ وأَنشد الأَزهري لِكُثَيْرٍ يَصِفُ الْجَوَارِيَ:
يُباشِرْنَ فَأْرَ المِسْكِ فِي كلِّ مَهْجَعٍ، ... ويُشْرِقُ جادِيٌّ بِهِنَّ مَفُودُ
أَي مَدُوفٌ. وفادَ الزعفرانَ والوَرْسَ فَيْداً إِذا دَقَّه ثُمَّ أَمَسَّه مَاءً وفَيَداناً.
فيد: الفائدةُ: مَا أَفادَ اللَّهُ تَعَالَى العبدَ مِنْ خيرٍ يَسْتَفيدُه ويَسْتَحْدِثُه، وَجَمْعُهَا الفَوائِدُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ(3/340)
إِنهما لَيَتَفايَدانِ بِالْمَالِ بَيْنَهُمَا أَي يُفِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: هُمَا يَتَفَاوَدَانِ العِلْمَ أَي يُفيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْآخَرُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْفَائِدَةُ مَا اسْتَفَدْتَ مِنْ عِلْمٍ أَو مَالٍ، تَقُولُ مِنْهُ: فادَتْ لَهُ فائدةٌ. الْكِسَائِيُّ: أَفَدْتُ المالَ أَي أَعطيته غَيْرِي. وأَفَدْتُه: استَفَدْتُه؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِلْقَتَّالِ:
ناقَتُهُ تَرْمُلُ فِي النِّقالِ، ... مُهْلِكُ مالٍ ومُفِيدُ مالِ
أَي مُسْتَفِيدُ مَالٍ. وفادَ المالُ نفسُه لفلانٍ يَفِيدُ إِذا ثَبَتَ لَهُ مالٌ، وَالِاسْمُ الفائدةُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الرَّجُلِ يَسْتَفِيدُ الْمَالَ بِطَرِيقِ الرِّبْحِ أَو غَيْرِهِ قَالَ: يُزَكِّيهِ يَوْمَ يَسْتَفِيدُه
أَي يَوْمَ يَمْلِكُه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا لَعَلَّهُ مَذْهَبٌ لَهُ وإِلا فَلَا قَائِلَ بِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلا أَن يَكُونَ لِلرَّجُلِ مَالٌ قَدْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ، واستفادَ قَبْلَ وجوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ مَالًا فيُضِيفُه إِليه ويجعلُ حَوْلَهُمَا وَاحِدًا وَيُزَكِّي الْجَمِيعُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ. وفادَ يَفِيدُ فَيْداً وتَفَيَّد: تَبَخْتَرَ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَحْذَرَ شَيْئًا فَيَعْدِلَ عَنْهُ جَانِبًا؛ وَرَجُلٌ فَيَّادٌ وفَيَّادةٌ. والتَّفَيُّدُ: التبخْتُرُ. والفَيَّادُ: المتبخْتِرُ؛ وَهُوَ رَجُلٌ فَيَّادٌ ومُتَفَيِّدٌ. وفَيَّدَ مِن قِرْنِه: ضَرَبَ «2» عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
نُباشِرُ أَطرافَ القَنا بِصُدُورِنا، ... إِذا جَمْعُ قَيْسٍ، خَشْيَةَ المَوْتِ، فَيَّدُوا
والفَيَّادُ والفَيَّادَةُ: الَّذِي يَلُفُّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فيأْكلُه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَبي النَّجْمِ:
لَيْسَ بِمُلْتاثٍ وَلَا عَمَيْثَلِ، ... وَلَيْسَ بالفَيَّادَةِ المُقَصْمِلِ
أَي هَذَا الرَّاعِي لَيْسَ بالمُتَجَبِّرِ الشديدِ العَصا. والفَيَّادَةُ: الَّذِي يَفيدُ فِي مِشْيَتِه، وَالْهَاءُ دَخَلَتْ فِي نَعْتِ الْمُذَكَّرِ مُبَالَغَةً فِي الصِّفَةِ. والفَيَّادُ: ذَكَرُ البُومِ، وَيُقَالُ الصَّدَى. وفَيَّد الرَّجُلُ إِذا تَطَيَّرَ مِنْ صَوْتِ الفَيَّادِ؛ وَقَالَ الأَعشى:
وبَهْماء بالليلِ عَطْشَى الفَلاةِ، ... يؤْنِسُني صَوْتُ فَيَّادِها
والفَيْدُ: الموْتُ. وفادَ يَفِيدُ إِذا مَاتَ. وَفَادَ المالُ نفسُه يَفِيدُ فَيْداً: مَاتَ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شأْس فِي الإِفادة بِمَعْنَى الإِهلاك:
وفِتْيانِ صِدْقٍ قَدْ أَفَدْتُ جَزُورَهم، ... بِذِي أَوَدٍ خَيْسِ المَتاقَةِ مُسْبِلِ
أَفَدْتُها: نَحَرْتُها وأَهلكتُها مِنْ قَوْلِكَ فادَ الرجلُ إِذا مَاتَ، وأَفَدْتُه أَنا، وأَراد بِقَوْلِهِ بِذِي أَوَدٍ قِدْحاً مِنْ قِداح المَيْسِرِ يقالُ لَهُ مُسْبِلٌ. خَيْسِ المتاقَةِ: خفيفِ التَّوَقانِ إِلى الفَوْزِ. وفادتِ المرأَةُ الطِّيبَ فَيْداً: دَلَكَتْه فِي الْمَاءِ لِيَذوبَ؛ وَقَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
يُباشِرْنَ فَأْرَ المِسْكِ فِي كلِّ مَشْهَدٍ، ... ويُشْرِقُ جادِيٌّ بِهِنَّ مَفِيدُ
أَي مَدُوف. وفادَه يَفِيدُه أَي دافَه. والفَيْدُ: الزعفرانُ المَدُوفُ. والفَيْدُ: ورقُ الزَّعْفَرَانِ. والفَيدُ: الشَّعَر الَّذِي عَلَى جَحْفَلَة الفَرس. وفَيْد: مَاءٌ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
ثُمَّ اسْتَمَرُّوا وَقَالُوا: إِنَّ مَشْرَبَكم ... ماءٌ بِشَرْقيِّ سَلْمَى: فَيْدُ أَو رَكَكُ
وَقَالَ لَبِيدٌ:
مُرِّيَّةٌ حَلَّتْ بِفَيْدَ، وجاوَرَتْ ... أَرضَ الحِجازِ، فَأَيْنَ مِنْكَ مَرامُها؟
__________
(2) . قوله [ضرب] كذا بالأَصل وشرح القاموس ولعل الأَظهر هرب:(3/341)
وفَيْد: مَنْزِلٌ بِطَرِيقِ مَكَّةُ، شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيَزِيدِيُّ: قُلْتُ للمؤَرّج: لَمِ اكْتَنَيْتَ بأَبي فَيْدَ؟ فَقَالَ: الفَيْدُ مَنْزِلٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، والفَيْدُ: وردُ الزعفران.
فصل القاف
قتد: القَتادُ: شَجَرٌ شاكٍ صُلْب لَهُ سِنْفَة وجَنَاةٌ كَجَناة السَّمُر ينبُتُ بِنَجْد وتِهامَةَ، وَاحِدَتُهُ قَتادة. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْقَتَادَةُ ذَاتُ شَوْك، قَالَ: وَلَا يُعَدُّ مِنْ العِضاهِ. وَقَالَ مَرَّةً: الْقَتَادُ شَجَرٌ لَهُ شَوْك أَمثالُ الإِبَر وَلَهُ وُرَيْقة غَبْرَاءُ وَثَمَرَةٌ تَنْبُتُ مَعَهَا غَبْرَاءُ كأَنها عَجْمة النَّوَى. والقتادُ: شَجَرٌ لَهُ شَوْكٌ، وَهُوَ الأَعظم. وَقَالَ عَنِ الأَعراب القُدُمِ: القَتادُ لَيْسَتْ بِالطَّوِيلَةِ تَكُونَ مِثْلَ قِعْدةِ الإِنسان لَهَا ثمرةٌ مِثْلُ التُّفَّاح. قَالَ وَقَالَ أَبو زِيَادٍ: مِنَ الْعِضَاهِ القَتادُ، وَهُوَ ضَرْبَانِ: فأَما القَتادُ الضِّخامُ فإِنه يَخْرُجُ لَهُ خَشَبٌ عِظَامٌ وشَوكة حَجْنَاءُ قَصِيرَةٌ، وأَما الْقَتَادُ الْآخَرُ فإِنه يَنْبُتُ صُعُداً لَا يَنْفَرِشُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ قُضْبان مُجْتَمِعَةٌ كُلُّ قَضِيبٍ مِنْهَا ملآنُ مَا بينَ أَعلاه وأَسْفَلِه شَوْكاً. وَفِي الْمَثَلِ: مِنْ دُونَ ذَلِكَ خَرْطُ القَتادِ؛ وَهُوَ صِنْفَانِ: فالأَعظم هُوَ الشَّجَرُ الَّذِي لَهُ شَوْكٌ، والأَصغر هُوَ الَّذِي ثَمَرَتُهُ نَفَّاخَةٌ كَنَفَّاخَةِ العُشر. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِبل قَتادِيَّةٌ تأْكل القَتادَ. والتَّقْتِيدُ: أَن تَقْطع القَتادَ ثُمَّ تُحْرِقَ شَوْكَه ثُمَّ تَعْلِفَه الإِبل فَتَسْمَنَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْجَدْبِ؛ قَالَ:
يَا رَبُّ سَلّمني مِنَ التَّقْتِيدِ
قَالَ الأَزهري: والقتادُ شَجَرٌ ذُو شَوْكٍ لَا تأْكله الإِبل إِلا فِي عَامِ جَدْبٍ فِيجِيءُ الرَّجُلُ وَيُضْرِمُ فِيهِ النَّارَ حَتَّى يَحْرِقَ شَوْكَهُ ثُمَّ يُرْعِيَهُ إِبله، وَيُسَمَّى ذَلِكَ التَّقْتِيدَ. وَقَدْ قُتِّدَ القَتادُ إِذا لُوِّحَتْ أَطرافُه بِالنَّارِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ إِبله وسَقْيَه لِلنَّاسِ أَلبانَها فِي سنَةِ الْمَحْلِ:
وَتَرَى لَهَا زَمَنَ القَتادِ عَلَى الشَّرى ... رَخَماً، وَلَا يَحْيا لَها فُصُلُ
قَوْلُهُ: وَتَرَى لَهَا رخَماً عَلَى الشَّرى يَعْنِي الرَّغْوَة شبَّهها فِي بِيَاضِهَا بِالرَّخَمِ، وَهُوَ طَيْرٌ أَبيض، وَقَوْلُهُ: لَا يَحْيَا لَهَا فُصُلٌ لأَنه يُؤْثِرُ بأَلبانها أَضيافَه وَيَنْحَرُ فُصْلانها وَلَا يَقْتَنِيها إِلى أَن يَحْيا الناسُ. وقَتِدَتِ الإِبلُ قَتَداً، فَهِيَ قَتادَى وقَتِدَةٌ: اشْتَكَتْ بطونَها مِنْ أَكلِ القَتادِ كَمَا يُقَالُ رَمِثَةٌ وَرَماثى. والقَتَدُ والقِتْدُ، الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: خَشَبُ الرَّحْلِ، وَقِيلَ: القَتَدُ مِنْ أَدوات الرَّحْلِ، وَقِيلَ: جَمِيعُ أَداتِه، وَالْجَمْعُ أَقْتادٌ وَأَقْتُدٌ وقُتود؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
قُطِرَتْ وأَدْرَجَها الوَجِيفُ، وضَمَّها ... شَدُّ النُّسُوعِ إِلى شُجُورِ الأَقْتُدِ
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
وانْمِ القُتُودَ عَلَى عَيرانَةٍ أُجُدِ
وَقَالَ الرَّاجِزِ:
كأَنَّني ضَمَّنْتُ هِقْلًا عَوْهَقا، ... أَقتادَ رَحْلِي أَو كُدُرّاً مُحْنِقا
وقُتائِدةُ: ثَنِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَقِيلَ: اسْمُ عَقَبة؛ قَالَ عَبْدُ منافٍ بْنُ رِبْعٍ الْهُذَلِيِّ:
حَتَّى إِذا أَسْلَكُوهم فِي قُتائدةٍ ... شَلًّا، كَمَا تَطْرُدُ الجمَّالَةُ الشُّرُدا
أَي أَسلكوهم فِي طَرِيقٍ فِي قُتائدة. والشُّرُد: جَمْعُ شَرُودٍ مِثْلُ صَبُورٍ وصُبُرٍ. والشَّرَد، بِفَتْحِ الشِّينِ وَالرَّاءِ: جَمْعُ شَارِدٍ مِثْلُ خَادِمٍ وخَدَم. قَالَ: وَجَوَابُ إِذا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ شَلًّا كأَنه قَالَ شَلُّوهم شَلًّا، وَقِيلَ: قَتَائِدَةُ مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ.(3/342)
وتَقْتَدُ «1» : اسْمُ مَاءٍ، حَكَاهَا الْفَارِسِيُّ بِالْقَافِ وَالْكَافِ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ بَيْتُ الْكِتَابِ بِالْوَجْهَيْنِ، قَالَ:
تَذَكَّرَتْ تَقْتَدَ بَرْدَ مَائِهَا
وَقِيلَ: هِيَ رَكِيةٌ بِعَيْنِهَا، ونَصب بَرْدَ لأَنه جَعَلَهُ بَدَلًا مِنْ تَقْتَدَ.
قترد: قَتْرَد الرجلُ: كثُر لبَنُه وأَقِطُه. وَعَلَيْهِ قِتْرِدَةُ مالٍ أَي مالٌ كَثِيرٌ. والقِتْرِدُ: مَا تَرَك «2» القومُ فِي دَارِهِمْ مِنَ الوَبَرِ والشَّعَرِ والصوفِ. والقِتْرِدُ: الرَّدِيءُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ. وَرَجُلٌ قِتْرِدٌ وقُتارِدٌ ومُقَتْرِدٌ: كَثِيرُ الغنمِ والسِّخالِ.
قثد: القَثَدُ: الْخِيَارُ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ القِثَّاءِ، وَاحِدَتُهُ قَثَدَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ يُشْبِهُ القِثَّاء. التَّهْذِيبِ: القَثَدُ خِيَارُ باذْرَنْق؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ القِثَّاء المُدَوَّرُ؛ قَالَ خَصِيب الْهُذَلِيُّ:
تُدْعَى خُثَيْمُ بنُ عَمْروٍ فِي طوائِفِها، ... فِي كلِّ وجْهِ رَعِيلٍ ثُمَّ يُقْتَثَدُ
أَي يُقْطَع كَمَا يُقْطَعُ القَثَدُ وَهُوَ الْخِيَارُ، وَيُرْوَى يَفْتَنِدُ أَي يَفْنَى مِنَ الفَنَد وَهُوَ الْهَرَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يأْكل القِثَّاءِ أَو القَثَدَ بالمُجاجِ
؛ القَثَدُ، بِفَتْحَتَيْنِ: نَبْتٌ يُشْبِهِ القِثَّاء، والمُجاجُ: العسل.
قثرد: أَبو عَمْرٍو: القِثْرِدُ قُمَاشُ الْبَيْتِ؛ وَغَيْرُهُ يَقُولُ: القِثْرِدُ والقُثارِدُ وَهُوَ الْقَرْنَشُوشُ؛ قاله ابن الأَعرابي.
قحد: القَحَدَةُ، بِالتَّحْرِيكَ: أَصل السَّنَامِ، وَالْجَمْعُ قِحادٌ مِثْلَ ثَمَرةٍ وثِمارٍ، وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ المَأْنَتَيْنِ مِنْ شحْمِ السَّنامِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّنَامُ. وقَحَدَتِ الناقَةُ وأَقْحَدَتْ: صَارَتْ مِقْحاداً؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: صَارَتْ لَهَا قَحَدَة، وَقِيلَ: الإِقْحادُ أَن لَا يزالَ لَهَا قَحَدَةٌ وإِن هُزِلَتْ، وَقِيلَ: هُوَ أَن تَعْظُمَ قَحَدَتُها بَعْدَ الصِّغَرِ وَكُلُّ ذَلِكَ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. وَنَاقَةٌ مِقْحاد: ضَخْمة القَحَدَة؛ قَالَ:
المُطْعِم القومِ الخِفافِ الأَزْواد، ... مِن كلِّ كَوْماءَ شَطُوطٍ مِقْحاد
الْجَوْهَرِيُّ: بَكْرَةٌ قَحْدَةٌ وأَصله قَحِدَةٌ فَسُكِّنَتْ؛ مِثْلَ عَشْرَة وعَشِرة. وَقَالَ الأَزهري فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ: المِقْحادُ النَّاقَةُ العظيمةُ السَّنَامِ، وَيُقَالُ لِلسَّنَامِ القَحَدَة. والشَّطُوطُ: الْعَظِيمَةُ جَنَبَتَي السَّنَامِ؛ وَفِي حَدِيثِ
أَبي سُفْيَانَ: فَقُمْتُ إِلى بَكْرَةٍ قَحِدَةٍ أُريد أَن أُعَرْقِبها
؛ القَحِدَةُ: العَظيمة السَّنَامِ. وَيُقَالُ: بَكْرَةٌ قَحِدَة، بِكَسْرِ الْحَاءِ، ثُمَّ تُسَكَّنُ تَخْفِيفًا كفَخِذ وفَخْذ. وَذَكَرَ ابْنُ الأَعرابي: المَحْفِدُ أَصل السَّنَامِ، بِالْفَاءِ؛ وَعَنْ أَبي نَصْرٍ مِثْلُهُ. ابْنُ الأَعرابي: المَحْتِدُ والمَحْقِدُ والمَحْفِدُ والمَحْكِدُ كلُّه الأَصل، قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ فِي كِتَابِ أَبي تُرَابٍ الْمَحْقِدِ مَعَ الْمَحْتِدِ. شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: والقَحَّادُ الرجلُ الفَرْدُ الَّذِي لَا أَخ لَهُ وَلَا وَلَدَ. يُقَالُ: وَاحِدٌ قاحِدٌ وصاخِدٌ وَهُوَ الصُّنْبُورُ. قَالَ الأَزهري: رَوَى أَبو عَمْرٍو عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ هَذَا الْحَرْفَ بِالْفَاءِ فَقَالَ: وَاحِدٌ فَاحِدٌ؛ قَالَ: وَالصَّوَابُ مَا رَوَاهُ شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وواحدٌ قاحِدٌ إِتباع. وَبَنُو قُحَادَة: بَطْنٌ، مِنْهُمْ أُم يزيدَ بنِ القُحادِيَّةِ أَحد فُرْسَانِ بَنِي يربوعٍ. والقَمَحْدُوَةُ، بِزِيَادَةِ الْمِيمِ: مَا خَلْفَ الرأْسِ، وَالْجَمْعُ قَماحِدُ.
__________
(1) . قوله [تقتد] هو بهذا الضبط لياقوت ونسب للزمخشري ضم التاء الثانية
(2) . قوله [والقترد ما ترك إلخ] ذكره المؤلف هنا تبعاً للجوهري قال في القاموس والكل تصحيف والصواب بالثاء المثلثة كما صرح به أَبو عَمْرٍو وَابْنُ الأَعرابي وغيرهما.(3/343)
قدد: القَدُّ: الْقَطْعُ المستأْصِلُ والشَّقُّ طُولًا. والانْقِدادُ: الِانْشِقَاقُ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الْقَطْعُ الْمُسْتَطِيلُ، قَدَّه يَقُدُّه قَدَّا. والقَدُّ: مَصْدَرُ قَدَدْتُ السَّيْرَ وغيرَه أَقُدُّهُ قَدَّا. والقَدُّ: قَطْعُ الْجِلْدِ وشَقُّ الثَّوْبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وضربَه بِالسَّيْفِ فقَدَّه بِنِصْفَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَلِيًّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ إِذا اعْتَلى قَدَّ وإِذا اعترَض قطَّ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
كَانَ إِذا تَطَاوَلَ قَدَّ وَإِذَا تَقاصَر قَطَّ
أَي قَطَعَ طُولًا وَقَطَعَ عَرْضاً. واقْتَدَّه وقَدَّدَه، كَذَلِكَ، وَقَدِ انقدَّ وتقَدَّدَ. والقِدُّ: الشَّيْءُ المَقْدُودُ بِعَيْنِهِ. والقِدَّةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ. والقِدَّةُ: الفِرْقَةُ والطريقةُ مِنَ النَّاسِ مُشْتُقٌّ مِنْ ذَلِكَ إِذا كَانَ هوَى كلِّ واحِدٍ عَلَى حِدة. وَفِي التَّنْزِيلِ: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً
. وتَقَدَّدَ القومُ: تَفَرَّقوا قِدداً وَتَقَطَّعُوا. قَالَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ حِكَايَةً عَنِ الْجِنِّ: كُنَّا فِرَقاً مُخْتَلِفَةً أَهواؤنا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً
، قَالَ: قِدَداً مُتَفَرِّقِينَ أَي كُنَّا جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقِينَ مُسْلِمِينَ وَغَيْرَ مُسْلِمِينَ. قَالَ: وَقَوْلُهُ: وأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ، هَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِمْ: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً
، وَقَالَ غَيْرُهُ: قِدَدًا جَمْعُ قِدّة مِثْلَ قِطَعٍ وقِطْعَةٍ. وَصَارَ الْقَوْمُ قِدَدًا: تفرَّقت حَالَاتُهُمْ وأَهواؤهم. والقدِيدُ: اللَّحْمُ المُقَدَّدُ. وَالْقَدِيدُ: مَا قُطِعَ مِنَ اللَّحْمِ وشُرِّرَ، وَقِيلَ: هُوَ مَا قُطِعَ مِنْهُ طُوَالًا. وَفِي حَدِيثِ
عُرْوَةَ: كَانَ يَتَزَوَّدُ قدِيدَ الظِّباءِ وَهُوَ مُحْرِم
، الْقَدِيدُ: اللَّحْمُ المَمْلُوحُ المُجَفَّف فِي الشَّمْسِ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والقدِيدُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ أَيضاً. والتَّقْدِيدُ: فِعْلُ القَدِيد. والقِدُّ: السَّيْرُ الَّذِي يُقَدُّ مِنَ الْجِلْدِ. والقِدُّ، بِالْكَسْرِ: سَيْرٌ يُقَدُّ مِنْ جِلْدٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الصَّعْقِ:
فَرَغْتُمْ لِتَمْرِينِ السِّياطِ، وكُنتُمُ ... يُصَبُّ عليكُمْ بالقَنا كلَّ مَرْبَعِ
فأَجابه بَعْضُ بَنِي أَسد:
أَعِبْتُمْ عَلَيْنَا أَن نُمَرِّنَ قِدَّنا؟ ... ومَنْ لَمْ يُمَرِّنْ قِدَّهُ يَتَقَطَّعِ
وَالْجَمْعُ أَقُدٌّ. والقِدُّ: الْجِلْدُ أَيضاً تُخْصَفُ بِهِ النِّعالُ. والقِدُّ: سُيور تُقَدُّ مِنْ جِلْدٍ فَطِيرٍ غيرِ مَدْبُوغٍ، فَتُشَدُّ بِهَا الأَقتاب وَالْمَحَامِلُ، والقِدَّةُ أَخص مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقابُ قَوْسِ أَحدِكم وَمَوْضِعُ قِدِّه فِي الْجَنَّةِ خيرٌ مِنَ الدُّنِيَا وَمَا فِيهَا
، القِدّ، بِالْكَسْرِ: السَّوط وَهُوَ فِي الأَصل سَيْرٌ يُقَدُّ مِنْ جِلْدٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ، أَي قدْرُ سَوْطِ أَحَدِكم وقدرُ الْمَوْضِعِ الذِي يَسَعُ سوطَه مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنِيَا وَمَا فِيهَا. والمِقَدَّةُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُقَدُّ بِهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ القِدُّ النعْلَ سُمِّيَتْ قِدّاً لأَنها تُقَدُّ مِنَ الْجِلْدِ، قَالَ وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي:
كَسِبْتِ اليَماني قِدُّهُ لَمْ يُجَرَّد
بِالْجِيمِ وقِدُّه بِالْقَافِ، وَقَالَ: القِدُّ النَّعْلُ لَمْ تُجَرَّدْ مِنَ الشَّعْرِ فَتَكُونَ أَليَن لَهُ، وَمَنْ رَوَى قَدّه لَمْ يُحَرَّد، أَراد مِثالَه لَمْ يُعَوَّجِ، وَالتَّحْرِيدُ: أَن تَجْعَلَ بَعْضَ السَّيْرِ عَرِيضًا وَبَعْضَهُ دَقِيقًا. وقَدَّ الكلامَ قَدًّا: قَطَعَهُ وَشَقَّهُ. وَفِي حَدِيثِ
سَمُرَةَ: نَهَى أَن يُقَدَّ السَّيْرُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ
أَي يُقْطَع ويُشَقَّ لِئَلًا يَعْقِرَ الحديدُ يَدَهُ، وَهُوَ شَبِيهُ نَهْيِهِ أَن يُتعاطَى السيفُ مَسْلُولًا. والقَدُّ: الْقَطْعُ طُولًا كَالشَّقِّ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، يَوْمَ السَّقيفَةِ: الأَمر بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كَقَدِّ الأُبْلُمَة
أَي(3/344)
كَشَقِّ الْخُوصَةِ نِصْفَيْنِ. واقَتَدَّ الأُمورَ: اشتقَّها وَمَيَّزَهَا وَتَدَبَّرَهَا، وَكِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ. وقَدَّ المُسافِرُ المفازَةَ وقَدَّ الفَلاةَ والليلَ قَدًّا: خَرَقهما وَقَطَعَهُمَا. وقَدَّتْه الطرِيقُ تَقُدُّه قَدًّا: قطعَتْه. والمَقَدُّ، بِالْفَتْحِ: القاعُ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي. والمَقَدُّ: مَشْقُ القُبُلِ. والقَدُّ: القامةُ. والقَدُّ: قَدْرُ الشَّيْءِ وَتَقْطِيعُهُ، وَالْجَمْعُ أَقُدٌّ وقُدُود، وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أُتِيَ بِالْعَبَّاسِ يومَ بَدْرٍ أَسيراً وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ فَنَظَرَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَمِيصًا فَوَجَدُوا قميصَ عبدِ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ يُقَدَّدُ عَلَيْهِ فَكَسَاهُ إِياه
أَي كَانَ الثوبُ عَلَى قَدْرِه وطولهِ. وَغُلَامٌ حسنُ القَدِّ أَي الِاعْتِدَالِ وَالْجِسْمِ. وَشَيْءٌ حسَن القَدِّ أَي حسنُ التَّقْطِيعِ. يُقَالُ: قُدَّ فلانٌ قَدَّ السَّيْفِ أَي جُعِلَ حسَنَ التَّقْطِيعِ، وَقَوْلُ النَّابِغَةُ:
ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقَدٍّ سَوْرَةٌ ... فِي المَجْدِ، لَيْسَ غُرابُها بِمُطارِ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُمَا رَجُلَانِ مِنْ أَسد. والقَدُّ: جِلْدُ السَّخْلَةِ، وَقِيلَ: السخلةُ الماعِزةُ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ المَسْكُ الصَّغِيرُ فَلَمْ يُعَيِّنِ السَّخْلَةَ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَقُدٌّ، وَالْكَثِيرُ قِدادٌ وأَقِدَّةٌ، الأَخيرة نَادِرَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة أَرسَلَت إِلى رسولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، بِجَدْيَيْنِ مَرْضُوفَيْن وقَدٍّ
، أَراد سِقاءً صَغِيرًا مُتَّخَذًا مِنْ جِلْدِ السَّخْلَةِ فِيهِ لَبن، وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كَانُوا يأْكلون القَدَّ
، يُرِيدُ جِلْدَ السخلةِ فِي الجَدْب. وَفِي الْمَثَلِ: مَا يَجْعَلُ قدَّك إِلى أَدِيمِك أَي مَا يَجْعَلُ الشَّيْءَ الصَّغِيرَ إِلى الْكَبِيرِ، وَمَعْنَى هَذَا الْمَثَلِ: أَي شَيْءٍ يَحْمِلُكَ عَلَى أَن تجعلَ أَمرَكَ الصَّغِيرَ عَظِيمًا، يُضْرَبُ «3» لِلرَّجُلِ يَتَعَدَّى طَوْرَه أَي مَا يَجْعَلُ مَسْكَ السَّخْلَةِ إِلى الأَديم وَهُوَ الْجِلْدُ الْكَامِلُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: القَدُّ هَاهُنَا الْجِلْدُ الصَّغِيرُ أَي مَا يَجْعَلُ الْكَبِيرَ مِثْلَ الصَّغِيرِ. وَفِي حَدِيثِ أُحد:
كَانَ أَبو طَلْحَةَ شَدِيدَ القِدِّ
، إِن رُوِيَ بِالْكَسْرِ فَيُرِيدُ بِهِ وَتَرَ الْقَوْسِ، وإِن رُوِيَ بِالْفَتْحِ فَهُوَ المَدُّ وَالنَّزْعُ فِي الْقَوْسِ. وَمَا لَهُ قَدٌّ وَلَا قِحْفٌ، القَدُّ الجِلدُ والقِحْفُ الكِسْرَةُ مِنَ القَدَح، وَقِيلَ: القَدُّ إِناء مِنْ جُلُودٍ، والقِحْفُ إِناء مِنْ خَشَبٍ. والقُدادُ: الحَبْنُ، وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، إِنا لَنَعْرِفُ الصِّلاءَ بالصِّناب والفَلائقَ والأَفْلاذَ والشِّهادَ بالقُدادِ
، والقُدادُ: وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ، وقَدْ قُدَّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ فِي جَوَابٍ: رُبَّ آكلِ عَبِيطٍ سَيُقَدُّ عَلَيْهِ وشارِبِ صَفْوٍ سَيَغَصُّ بِهِ
، هُوَ مِنَ القُدادِ وَهُوَ دَاءٌ فِي الْبَطْنِ، وَيَدْعُو الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ فِيقُولُ: حَبَناً قُداداً. والحَبَنُ: مَصْدَرُ الأَحْبَنِ وَهُوَ الَّذِي بِهِ السِّقْيُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَعَلَهُ اللَّه حَبَناً وقُداداً
، والحَبَنُ: الِاسْتِسْقَاءُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: نَاقَةٌ مُتَقَدِّدَةٌ إِذا كَانَتْ بَيْنَ السِّمَن والهُزال، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ سَمِينَةً فَخَفَّتْ، أَو كَانَتْ مَهْزُولَةً فابتدأَت فِي السِّمْنِ، يُقَالُ: كَانَتْ مَهْزُولَةً فتَقَدَّدَتْ أَي هُزِلَتْ بعضَ الْهُزَالِ. وَرُوِيَ عَنِ الأَوزاعي فِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ: لَا يُقْسَمُ مِنَ الغنيمةِ للعبدِ وَلَا للأَجيرِ وَلَا للقَدِيدِيِّينَ
، فالقَدِيدِيون هُمْ تُبَّاعُ العسكرِ والصُّناعُ كالحدَّادِ والبَيْطارِ، مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ أَهل الشَّامِ، صَانَهُ اللَّه تَعَالَى، قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِالْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ، وَقِيلَ: هُوَ بِضَمِّ الْقَافِ وفتح الدال، كأَنهم لِخِسَّتِهِمْ يَكْتَسُونَ القَدِيدَ وَهُوَ مِسحٌ صَغِيرٌ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ التَّقَدُّدِ والتفرُّقِ لأَنهم يَتَفَرَّقون فِي الْبِلَادِ لِلْحَاجَةِ
__________
(3) . قوله" يضرب إلخ" في مجمع الأمثال للميداني يضرب في أخطاء القياس.(3/345)
وتَمزُّقِ ثِيَابِهِمْ وتصغيرُهُم تحقيرٌ لشأْنهم. ويُشتَمُ الرَّجُلُ فِيقَالُ لَهُ: يَا قَدِيدِيُّ وَيَا قُدَيْدِيُّ. والمَقَدُّ: المكانُ المستوِي. والقُدَيْدُ: مُسَيْحٌ صَغِيرٌ. والقُدَيْدُ: رَجُلٌ. والمِقْدَادُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وأَما قَوْلُ جَرِيرٍ:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ، يَا مِقْدادُ، زائِرُكُم، ... يَا وَيْلَ قَدٍّ عَلَى مَنْ تُغْلَقُ الدارُ!
أَراد بِقَوْلِهِ يَا وَيْلَ قَدٍّ: يَا وَيل مِقْدادٍ فَاقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ حُرُوفِهِ كَمَا قَالَ الحُطَيْئَةُ" مِنْ صُنْع سلَّامِ" وإِنما أَراد سُلَيْمَانُ، وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِ الأَعشى:
إِلا كخارِجَةَ المُكَلِّفِ نفسَه
أَراد: كَخَيْرَجَانَ مَلِكِ فَارِسَ، فَسَمَّاهُ خَارِجَةَ. والقُدَيْدُ: اسْمُ مَاءٍ بِعَيْنِهِ. وَفِي الصِّحَاحِ: وقُدَيْدٌ ماءٌ بِالْحِجَازِ، وَهُوَ مُصَغَّرٌ وَوَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: وقُدَيدٌ مَوْضِعٌ وَبَعْضُهُمْ لَا يَصْرِفُهُ يَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عِيسَى بْنِ جَهْمَةَ اللَّيْثِيِّ وذُكِرَ قَيسُ بْنُ ذُرَيْح فَقَالَ: كَانَ رَجُلًا مِنَّا وَكَانَ ظَرِيفًا شَاعِرًا، وَكَانَ يَكُونَ بمكة وذويها مِنْ قُدَيْد وسَرف وَحَوْلَ مَكَّةَ فِي بَوَادِيهَا كُلِّهَا. وقُدَيْدٌ: فَرَسُ عَبْس بنِ جَدَّانِ. وقُدْقُداء: مَوْضِعٌ، عَنِ الْفَارِسِيِّ، قَالَ:
عَلَى مَنْهَلٍ مِنْ قُدْقُداءَ ومَوْرِدٍ
وَقَدْ تُفتح. وَذَهَبَتِ الْخَيْلُ بِقِدَّان، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. والقَيْدُودُ: النَّاقَةُ الطويلةُ الظَّهْرِ، يُقَالُ: اشْتِقَاقُهُ مِنَ القَوْدِ مِثْلَ الكَيْنُونَةِ مِنَ الكَوْنِ، كأَنها فِي مِيزَانِ فَيْعُولٍ وَهِيَ فِي اللَّفْظِ فَعْلُولٌ، وإِحدى الدَّالَيْنِ مِنَ الْقَيْدُودِ زَائِدَةٌ، قَالَ وَقَالَ بَعْضُ أَصحاب التَّصْرِيفِ: إِنما أَراد تَثْقِيلَ فَيْعُولٍ بِمَنْزِلَةِ حَيدٍ وحَيْدُوْدٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ تُرِكَ عَلَى لَفْظِ كُوْنُونة فَلَمَّا قَبُحَ دُخُولُ الْوَاوَيْنِ والضماتِ حَوَّلُوا الْوَاوَ الأُولى يَاءً لِيُشَبِّهُوهَا بفَيْعُولٍ، ولأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِنَاءٌ عَلَى فُوعُولٍ حَتَّى إِنهم قَالُوا فِي إِعراب نَوْرُوز نَيْرُوزاً فِرَارًا مِنَ الْوَاوِ، وَذَكَرَ الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَنْ أَبي عَمْرٍو: المَقْدِيُّ، بِتَخْفِيفِ الدَّالِ، ضَرْب مِنَ الشَّرَابِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ. قَالَ شَمِرٌ: وَسَمِعْتُ رَجاء بْنَ سلَمَة يَقُولُ: المَقَدِّيُّ طِلاءٌ مُنَصَّفٌ يُشَبَّه بِمَا قُدّ بِنِصْفِينِ. وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الأَشربة: المَقَدِّيُّ هُوَ طِلَاءٌ مُنَصَّفٌ طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ نصفُه تَشْبِيهًا بِشَيْءٍ قُدَّ بِنِصْفَيْنِ، وقَدْ تُخَفَّفُ دَالُهُ. وَقَدْ، مُخَفَّفٌ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا التَّوَقُّعُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَدْ حَرْفٌ لَا يَدْخُلُ إِلَّا عَلَى الأَفعال، قَالَ الْخَلِيلُ: هِيَ جَوَابٌ لِقَوْمٍ يَنْتَظِرُونَ الْخَبَرَ أَو لِقَوْمٍ يَنْتَظِرُونَ شَيْئًا، تَقُولُ: قَدْ مَاتَ فُلَانٌ، وَلَوْ أَخبره وَهُوَ لَا يَنْتَظِرُهُ لَمْ يَقُلْ قَدْ مَاتَ وَلَكِنْ يَقُولُ مَاتَ فُلَانٌ، وَقِيلَ: هِيَ جَوَابُ قَوْلِكَ لَمَّا يَفْعَلْ فِيقُولُ قَدْ فعَل، قَالَ النَّابِغَةُ:
أَفِدَ التَّرَحُّلُ، غَيْرَ أَنَّ رِكابَنا ... لَمَّا تَزُلْ بِرِحالِنا، وكأَنْ قَدِ
أَي وكأَن قَدْ زَالَتْ فَحَذَفَ الْجُمْلَةَ. التَّهْذِيبِ: وَقَدْ حَرْفٌ يوجَبُ بِهِ الشيءُ كَقَوْلِكَ قَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَالْخَبَرُ أَن تَقُولَ كَانَ كَذَا وَكَذَا فَأُدْخِلَ قَدْ تَوْكِيدًا لِتَصْدِيقِ ذَلِكَ، قَالَ: وَتَكُونُ قَدْ فِي مَوْضِعٍ تُشْبِهُ رُبَّمَا وَعِنْدَهَا تَمِيلُ قَدْ إِلى الشَّكِّ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ مَعَ الْيَاءُ وَالتَّاءُ وَالنُّونُ والأَلف فِي الْفِعْلِ كَقَوْلِكَ، قَدْ يَكُونُ الَّذِي تَقُولُ. وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: الْفِعْلُ الْمَاضِي لَا يَكُونُ حَالًا إِلا بِقَدْ مُظْهَرًا أَو مُضْمَرًا، وَذَلِكَ مِثْلُ قوله تعالى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ، لَا(3/346)
تَكُونُ حَصِرَتْ حَالًا إِلا بإِضمار قَدْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً، الْمَعْنَى وَقَدْ كُنْتُمْ أَمواتاً وَلَوْلَا إِضمار قَدْ لَمْ يَجُزْ مِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ، أَلا تَرَى أَن قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ يُوسُفَ: إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ، الْمَعْنَى فَقَدْ كَذَبَتْ. قَالَ الأَزهري: وأَما الْحَالُ فِي الْمُضَارِعِ فَهُوَ سَائِغٌ دُونَ قَدْ ظَاهِرًا أَو مُضْمَرًا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُهُ:
إِذا قِيلَ: مَهْلًا، قَالَ حاجِزُهُ: قَدِ
فَيَكُونُ جَوَابًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَيْتِ النَّابِغَةِ وكأَنْ قَدِ، وَالْمَعْنَى أَي قَدْ قَطَعَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ قَدْك أَي حَسْبُك لأَنه قَدْ فَرَغَ مِمَّا أُريد مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لرَدْعِكَ وزَجْرِك، وَتَكُونُ قَدْ مَعَ الأَفعال الْآتِيَةِ بِمَنْزِلَةِ رُبَّمَا، قَالَ الْهُذَلِيُّ:
قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُه، ... كأَنّ أَثوابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصادِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِعَبِيدِ بْنِ الأَبرص. وَتَكُونَ قَدْ مِثْلَ قَطْ بِمَنْزِلَةِ حَسْبُ، يَقُولُونَ: مَا لَكَ عِنْدِي إِلا هَذَا فَقَدْ أَي فَقَطْ، حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَزَعَمَ أَنه بَدَلٌ فَتَقُولُ قَدْيِ وَقَدْنِي، وأَنشد:
إِلى حَمامَتِنا ونِصْفُه فَقَدِ
وَالْقَوْلُ فِي قَدْني كَالْقَوْلِ فِي قَطْني، قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:
قَدْنيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي
. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُهُمْ قَدْكَ بِمَعْنَى حَسْبُكَ فَهُوَ اسْمٌ، تَقُولُ قَدِي وقَدْني أَيضاً، بِالنُّونِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لأَن هَذِهِ النُّونَ إِنما تُزادُ فِي الأَفعال وِقايةً لَهَا، مِثْلَ ضَرَبني وشَتَمَني، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وهَمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ إِن النُّونَ فِي قَوْلِهِ قَدْني زِيدَتْ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وجعَل نُونَ الوقايَةِ مَخْصُوصَةً بِالْفِعْلِ لَا غَيْرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وإِنما تُزَادُ وِقايَةً لِحَرَكَةٍ أَو سُكُونٍ فِي فِعْلٍ أَو حَرْفٍ كَقَوْلِكَ فِي مِنْ وعَنْ إِذا أَضفتهما إِلى نَفْسِكَ مِنِّي وعَنِّي فَزِدْتَ نُونَ الْوِقَايَةِ لِتَبْقَى نُونُ مِنْ وَعَنْ عَلَى سُكُونِهَا، وَكَذَلِكَ فِي قَدْ وَقَطْ تَقُولُ قَدْنِي وَقَطْنِي فَتَزِيدُ نُونَ الْوِقَايَةِ لِتَبْقَى الدَّالُ وَالطَّاءُ عَلَى سُكُونِهِمَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ زَادُوهَا فِي لَيْتَ فَقَالُوا لَيْتَنِي لِتَبْقَى حَرَكَةُ التَّاءِ عَلَى حَالِهَا، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي ضَرَبَ ضَرَبَنِي لِتَبْقَى حَرَكَةُ الْبَاءِ عَلَى فَتْحَتِهَا، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي اضْرِبْ اضْرِبْنِي أَيضاً أَدخلوا نُونَ الْوِقَايَةِ عَلَيْهِ لِتَبْقَى الْبَاءُ عَلَى سُكُونِهَا، وأَراد حُمَيْدٌ بالخُبَيْبَينِ عبدَ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وأَخاه مُصْعَبًا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالشَّاهِدُ فِي الْبَيْتِ أَنه يُقَالُ قَدْني وقَدِي بِمَعْنًى، وأَما الأَصل قَدِي بِغَيْرِ نُونٍ، وَقَدْنِي بِالنُّونِ شاذٌّ أُلحقت النُّونُ فِيهِ لِضَرُورَةِ الْوَزْنِ، قَالَ: فالأَمر فِيهِ بِعَكْسِ مَا قَالَ وأَن قَدْنِي هُوَ الأَصل وَقَدِي حُذِفَتِ النُّونُ مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ. وَفِي صِفَةِ جَهَنَّمَ، نَعُوذُ باللَّه مِنْهَا، فِيقَالُ: هَلِ امْتَلَأْتِ؟ فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى إِذا أُوعِبُوا فِيهَا قَالَتْ قَدْ قَدْ أَي حَسْبي حَسْبي، وَيُرْوَى بِالطَّاءِ بَدَلَ الدَّالِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ التَّلْبِيَةِ:
فَيَقُولُ قَدْ قَدْ
بِمَعْنَى حَسْبُ، وَتَكَرَارُهَا لتأْكيد الأَمر، وَيَقُولُ الْمُتَكَلِّمُ: قَدِي أَي حَسْبِي، والمخاطِب: قَدْكَ أَي حَسْبُكَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَنه قَالَ لأَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: قَدْكَ يَا أَبا بَكْرٍ.
قَالَ: وَتَكُونُ قَدْ بِمَنْزِلَةِ مَا فيُنفى بِهَا، سُمِعَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ يَقُولُ:
قَدْ كنتَ فِي خَيْرٍ فَتَعْرِفَه
وإِن جَعَلْتَ قَدْ اسْمًا شَدَّدْتَهُ فَتَقُولُ: كَتَبْتُ قَدّاً حَسَنَةً وَكَذَلِكَ كَيْ وَهُوَ وَلَوْ لأَن هَذِهِ الْحُرُوفَ لَا دَلِيلَ عَلَى مَا نَقَصَ مِنْهَا، فِيجِبُ أَن يُزَادَ فِي أَواخرها مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا ويُدْغَمَ، إِلا فِي الأَلف فإِنك(3/347)
تَهْمِزُهَا وَلَوْ سَمَّيْتَ رَجُلًا بِلَا أَو مَا ثُمَّ زِدْتَ فِي آخِرِهِ أَلفاً هَمَزْتَ لأَنك تُحَرِّكُ الثَّانِيَةَ والأَلف إِذا تَحَرَّكَتْ صَارَتْ هَمْزَهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَوْ سَمَّيْتَ بِقَدْ رَجُلًا لَقُلْتَ: هَذَا قَدٌّ، بِالتَّشْدِيدِ، قَالَ: هَذَا غَلَطٌ مِنْهُ إِنما يَكُونُ التَّضْعِيفُ فِي الْمُعْتَلِّ كَقَوْلِكَ فِي هُوَ اسمَ رَجُلٍ: هَذَا هُوٌّ، وَفِي لَوْ: هَذَا لَوٌّ، وَفِي فِي: هَذَا فِيٌّ، وأَما الصَّحِيحُ فَلَا يُضَعَّفُ فَتَقُولُ فِي قَدٍ: هَذَا قَدٌ ورأَيت قَداً وَمَرَرْتُ بِقَدٍ، كَمَا تَقُولُ: هَذِهِ يَدٌ ورأَيت يَداً ومررت بِيَدٍ.
قرد: القَرَدُ، بِالتَّحْرِيكَ: مَا تَمَعَّطَ مِنَ الوَبَرِ والصوفِ وتَلَبَّدَ، وَقِيلَ: هُوَ نُفايَةُ الصُّوفِ خاصَّةً ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْوَبَرِ وَالشَّعْرِ والكَتَّان، قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أُسَيِّدُ ذُو خُرَيِّطَةٍ نَهاراً، ... مِنَ المُتَلَقِّطِي قَرَدَ القُمامِ
يَعْنِي بالأُسَيِّدِ هُنَا سُوَيْداءَ، وَقَالَ مِنَ المُتَلَقِّطي قَرَدَ القُمامِ لِيثْبِتَ أَنها امرأَة لأَنه لَا يَتَتَبَّعُ قَرَدَ القُمامِ إِلا النِّسَاءُ، وَهَذَا البيتُ مُضَمَّنٌ لأَن قَوْلَهُ أُسَيِّدٌ فَاعِلٌ بِمَا قَبْلَهُ، أَلا تَرَى أَن قَبْلَهُ:
سَيَأْتِيهِمْ بِوَحْيِ القَوْلِ عَنِّي، ... ويُدْخِلُ رأْسَهُ تحتَ القِرامِ
أُسَيِّدُ. ........
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَلِكَ أَنه لَوْ قَالَ أُسَيِّدُ ذُو خُرَيِّطَةٍ نَهَارًا وَلَمْ يُتْبِعْهُ مَا بَعْدَهُ لَظُنَّ رَجُلًا فَكَانَ ذَلِكَ عَارًا بِالْفَرَزْدَقِ وَبِالنِّسَاءِ، أَعني أَن يُدْخِلَ رأْسَه تحتَ القِرامِ أَسودُ فَانْتَفَى مِنْ هَذَا وبَرّأَ النِّسَاءَ مِنْهُ بأَن قَالَ مِنَ المُتَلَقِّطِي قَرَدَ القُمامِ، وَاحِدَتُهُ قَرَدَة. وَفِي الْمَثَلِ: عَكَرَتْ عَلَى الغَزْلِ بِأَخَرَةٍ فَلَمْ تَدَعْ بِنَجْدٍ قَرَدَةً؛ وأَصله أَن تَتْرُكَ المرأَة الْغَزَلَ وَهِيَ تَجِدُ مَا تَغْزِلُ مِنْ قُطْنٍ أَو كَتَّانٍ أَو غَيْرِهِمَا حَتَّى إِذا فَاتَهَا تَتَبَّعَتِ القَرَدَ فِي القُماماتِ مُلْتَقِطَةً، وعَكَرَتْ أَي عَطَفَتْ. وقَرِدَ الشعرُ وَالصُّوفُ، بِالْكَسْرِ، يَقْرَدُ قَرَداً فَهُوَ قَرِدٌ، وتَقَرَّدَ: تَجَعَّدَ وانعَقَدَتْ أَطرافُه. وتَقَرَّدَ الشعرُ: تَجَمَّعَ. وقَرِدَ الأَدِيمُ: حَلِمَ. والقَرِدُ مِنَ السَّحَابِ: الَّذِي تَرَاهُ فِي وجهِهِ شِبْهُ انعقادٍ فِي الوهمِ يُشَبَّه بالشَّعَرِ القَرِدِ الَّذِي انعَقَدَتْ أَطرافه. ابْنُ سِيدَهْ: والقَرِدُ مِنَ السَّحَابِ المتَعَقِّدُ المُتَلَبِّدُ بعضُه عَلَى بَعْضٍ شُبِّهَ بالوبَرِ القَرِدِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِذا رأَيتَ السحابَ مُلتَبِداً وَلَمْ يَملاسَّ فَهُوَ القَرِدُ والمُتَقَرِّدُ. وسحابٌ قَرِدٌ: وَهُوَ الْمُتَقَطِّعُ فِي أَقطار السَّمَاءِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ذُرِّي الدَّقيقَ وأَنا أُحَرِّكُ لكِ لِئَلَّا يَتَقَرَّد
أَي لِئَلَّا يَرْكَبَ بَعضُهُ بَعْضًا؛ وَفِيهِ:
أَنه صَلَّى إِلى بعِيرٍ مِنَ المَغْنَمِ فَلَمَّا انْفَتَلَ تَنَاوَلَ قَرَدَةً مِنْ وبرِ الْبَعِيرِ
أَي قِطْعَةً مِمَّا يُنْسَلُ مِنْهُ. والمُتَقَرِّدُ: هَناتٌ صغارٌ تَكُونُ دُونَ السَّحَابِ لَمْ تَلْتَئِمْ بَعْدُ. وَفَرَسٌ قَرِدُ الخَصِيلِ إِذا لَمْ يَكُنْ مُسْتَرْخِياً، وأَنشد:
قَرِد الخَصِيلِ وَفِي العِظامِ بَقِيَّةٌ
والقُرادُ: مَعْرُوفٌ وَاحِدُ القِرْدانِ. والقُرادُ: دُوَيبَّةٌ تَعَضُّ الإِبل؛ قَالَ:
لقدْ تَعَلَّلْتُ عَلَى أَيانِقِ ... صُهْبٍ، قَلِيلاتِ القُرادِ اللَّازِقِ
عَنَى بالقُراد هَاهُنَا الْجِنْسَ فَلِذَلِكَ أَفرد نَعْتَهَا وذكَّرَه. وَمَعْنَى قَلِيلات: أَنَّ جُلودَها مُلْسٌ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا قُرادٌ إِلا زَلِقَ لأَنها سِمانٌ مُمْتَلِئَةٌ، وَالْجَمْعُ أَقْردَة وقِرْدانٌ كَثِيرَةٌ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:(3/348)
وأَبْرَأْتُ مِن أُمِّ الفَرَزْدَقِ ناخِساً، ... وقُرْدُ اسْتِها بَعْدَ المنامِ يُثِيرُها
قُرْد فِيهِ: مُخَفَّفٌ مِنْ قُرُدٍ؛ جَمَعَ قُراداً جَمْعَ مِثالٍ وقَذالٍ لِاسْتَوَاءِ بِنَائِهِ مَعَ بِنَائِهِمَا. وبعيرٌ قَرِدٌ: كَثِيرُ القِرْدانِ؛ فأَما قَوْلُ مُبَشِّرُ بْنُ هُذَيْلِ بْنِ زَافِرٍ «4» الْفَزَارِيِّ:
أَرسَلْتُ فِيهَا قَرِداً لُكالِكَا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَن القَرِدَ هَاهُنَا الكثيرُ القِرْدانِ. قَالَ: وأَما ثَعْلَبٌ فَقَالَ: هُوَ الْمُتَجَمِّعُ الشَّعْرِ، وَالْقَوْلَانِ مُتَقَارِبَانِ لأَنه إِذا تَجَمَّعَ وَبَرُهُ كَثُرَتْ فِيهِ القِرْدانُ. وقَرَّده: انْتَزَعَ قِرْدانَه وَهَذَا فِيهِ مَعْنَى السَّلْبِ، وَتَقُولُ مِنْهُ: قَرِّدْ بعيركَ أَي انْزِعْ مِنْهُ القِرْدان. وقَرَّده: ذلَّله وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه إِذا قُرِّدَ سكَنَ لِذَلِكَ وذَلَّ، والتقريدُ: الخِداعُ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لأَن الرَّجُلُ إِذا أَراد أَن يأْخذ الْبَعِيرَ الصَّعْبَ قَرَّده أَولًا كأَنه يَنْزعُ قِرْدانه؛ قَالَ الْحُصَيْنُ بْنُ الْقَعْقَاعِ:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوتِ لَا أَلْسَ فِيهِمُ، ... وَهُمْ يَمْنَعُونَ جارَهُمْ أَن يُقَرَّدَا
قَالَ ابْنَ الأَعرابي: يَقُولُ لَا يَسْتَنْبِذُ إِليهم «5» أَحد؛ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
لَعَمْرُكَ مَا قُرادُ بَني كُلَيْبٍ، ... إِذا نُزِعَ القُرادُ، بِمُسْتَطاع
وَنَسَبَهُ الأَزهري للأَخطل. والقَرُودُ مِنَ الإِبل: الَّذِي لَا يَنْفِرُ عِنْدَ التَّقْرِيد. وقُرادا الثَّدْيَيْنِ: حَلَمتاهما؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرَّقَّاعِ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ وَقِيلَ هُوَ لِمِلْحَةَ الجَرْمي:
كأَنَّ قُرادَيْ زَوْرِه طَبَعَتْهُما، ... بِطِينٍ منَ الجَوْلانِ، كُتَّابُ أَعْجَمِ
إِذا شِئتَ أَن تَلْقى فَتى الباسِ والنَّدى، ... وَذَا الحَسَبِ الزَّاكِي التَّلِيدِ المُقَدَّمِ
فَكُنْ عُمَراً تَأْتي، وَلَا تَعْدوَنَّه ... إِلى غيرِه، واسْتَخْبرِ الناسَ وافْهَمِ
وأُم القِرْدانِ: الموضع بلين الثُّنَّة وَالْحَافِرِ وأَنشد بَيْتَ مِلْحَةَ الْجَرْمِيِّ أَيضاً وَقَالَ: عَنَى بِهِ حَلَمَتي الثَّدْيِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِنه لَحَسَنُ قُرادَيِ الصدرِ، وأَنشد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ وَنَسَبَهُ لِابْنِ مَيَّادَةَ يَمْدَحُ بَعْضَ الْخُلَفَاءِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: كُتَّابَ أَعجما؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الْقَرَادَانِ مِنَ الرَّجُلِ أَسفل الثُّنْدُوَة. يُقَالُ: إِنهما مِنْهُ لَطِيفَانِ كأَنهما فِي صَدْرِهِ أَثر طِينِ خَاتَمٍ خَتَمَهُ بَعْضُ كتَّاب الْعَجَمِ، وَخَصَّهُمْ لأَنهم كَانُوا أَهل دَواوِينَ وَكِتَابَةٍ. وأُمُّ القِرْدانِ فِي فِرْسِن الْبَعِيرِ: بَيْنَ السُّلاميَاتِ؛ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قُرادِ الزَّوْرِ الحَلَمةُ وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْجِلْدِ الْمُخَالِفِ لِلَوْنِ الحَلَمة. وقُرادا الْفَرَسِ: حَلَمَتَانِ عَنْ جانِبَيْ إِحْلِيلِه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُقَرِّدُ فُلَانًا إِذا خَادَعَهُ مُتَلَطِّفًا؛ وأَصله الرَّجُلُ يَجِيءُ إِلى الإِبل لَيْلًا لِيَرْكَبَ مِنْهَا بَعِيرًا فِيخَافُ أَن يَرْغُوَ فَيَنْزِعُ مِنْهُ القُراد حَتَّى يستأْنس إِليه ثُمَّ يَخْطِمُه، وإِنما قِيلَ لِمَنْ يَذِلُّ قَدْ أُقْرِدَ لأَنه شُبِّهَ بِالْبَعِيرِ يُقَرَّدُ أَي يُنْزَعُ مِنْهُ الْقُرَادُ فَيَقْرَدُ لِخَاطِمِهِ وَلَا يُسْتَصْعَبُ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمْ يَرَ بِتَقْريدِ المحرمِ البعيرَ بَأْساً
؛ التقريدُ نَزْعُ القِرْدانِ مِنَ الْبَعِيرِ، وَهُوَ الطَّبُّوعُ الَّذِي يَلْصَقُ بِجِسْمِهِ. وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
قَالَ لِعِكْرِمَةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ: قُمْ فَقَرِّدْ هَذَا الْبَعِيرَ، فَقَالَ: إِني مُحْرِمٌ، فَقَالَ: قُمْ فَانْحَرْهُ فَنَحَرَهُ، فَقَالَ: كَمْ نَرَاكَ الْآنَ قَتَلْتَ مِنْ قُرادٍ وحَمْنانة؟
ابْنُ
__________
(4) . قوله [زافر] كذا في الأَصل بدون هاء تأنيث.
(5) . قوله [لا يستنبذ إليهم] كذا بالأصل بدون ضبط ولعل الأظهر لا يستذلهم(3/349)
الأَعرابي: أَقْرَدَ الرجلُ إِذا سَكَتَ ذَلًّا وأَخْرَدَ إِذا سَكَتَ حَيَاءً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِيَّاكُمْ والإِقْرادَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الإِقرادُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ يَكُونُ مِنْكُمْ أَميراً أَو عَامِلًا فيأْتيه المِسْكينُ والأَرملة فِيقُولُ لَهُمْ: مكانَكم، ويأْتيه «1» الشريفُ وَالْغَنِيُّ فَيُدْنِيهِ وَيَقُولُ: عَجِّلُوا قَضَاءَ حاجتِه، ويُتْرَكُ الآخَرون مُقْرِدين.
يُقَالُ: أَقْرَدَ الرجلُ إِذا سَكَتَ ذُلًّا، وأَصله أَن يَقَعَ الغُرابُ عَلَى الْبَعِيرِ فَيَلْتَقِطَ القِرْدانَ فَيَقِرَّ وَيَسْكُنَ لِمَا يَجِدُهُ مِنَ الرَّاحَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ لَنَا وحْشٌ فإِذا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، أَسْعَرَنا قَفْزاً فإِذا حَضَرَ مَجِيئُه أَقرَدَ
أَي سكَنَ وذَلَّ. وأَقْرَدَ الرجلُ وقَرِدَ: ذَلَّ وخَضَع، وَقِيلَ: سَكَتَ عَنْ عِيٍّ. وأَقرَدَ أَي سَكَنَ وتَماوَت؛ وأَنشد الأَحمر:
تقولُ إِذا اقْلَوْلى عَلَيْهَا وأَقْرَدَتْ ... أَلا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدائِم؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلْفَرَزْدَقِ يَذْكُرُ امرأَة إِذا عَلَاهَا الْفَحْلُ أَقرَدَتْ وَسَكَنَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَن يَكُونَ فِعْلُهُ دَائِمًا مُتَّصِلًا. والقَرَدُ: لَجْلَجَة فِي اللِّسَانِ؛ عَنِ الهَجَريّ، وَحُكِيَ: نِعْمَ الخَبَرُ خبَرُكَ لَوْلَا قَرَدٌ فِي لِسَانِكَ، وَهُوَ مِنْ هَذَا لأَن المُتَلَجْلِجَ لسانُه يَسْكُتُ عَنْ بَعْضِ مَا يُريدُ الكلامَ بِهِ. أَبو سَعِيدٍ: القِرْديدَةُ صُلْبُ الْكَلَامِ. وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: اسْتَوْقَحَ الكلامُ فَلَمْ يَسْهُلْ فأَخذت قِرديدةً مِنْهُ فركِبْتُه وَلَمْ أَزُغْ عَنْهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا. وقرِدَت أَسنانُه قَرَداً: صَغُرَتْ ولحِقَتْ بالدُّرْدُر. وقَرِدَ العِلْكُ قَرَداً: فَسَد طعمُه. والقِرْد: مَعْرُوفٌ. وَالْجَمْعُ أَقرادٌ وأَقْرُد وقُرودٌ وقِرَدَةٌ كَثِيرَةٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ*
: يَنْبَغِي أَن يَكُونَ خَاسِئِينَ خَبَرًا آخَرَ لِكُونُوا والأَوَّلُ قِرَدَةً، فَهُوَ كَقَوْلِكَ هَذَا حُلْو حَامِضٌ، وإِن جَعَلْتَهُ وَصْفًا لقِرَدَة صَغُرَ مَعْنَاهُ، أَلا تَرَى أَن القِرْد لذُّلِّه وصَغارِه خَاسِئٌ أَبداً، فَيَكُونُ إِذاً صِفَةً غَيْرَ مُفيدَة، وإِذا جَعَلْتَ خَاسِئِينَ خَبَرًا ثَانِيًا حَسُنَ وأَفاد حَتَّى كأَنه قَالَ كُونُوا قِرَدَةً كُونُوا خَاسِئِينَ، أَلا تَرَى أَن لأَحد الِاسْمَيْنِ مِنَ الِاخْتِصَاصِ بِالْخَبَرِيَّةِ مَا لِصَاحِبِهِ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ الصِّفَةُ بَعْدَ الْمَوْصُوفِ، إِنما اخْتِصَاصُ الْعَامِلِ بِالْمَوْصُوفِ ثُمَّ الصفةُ بَعْدُ تَابِعَةٌ لَهُ. قَالَ: وَلَسْتُ أَعني بِقَوْلِي كأَنه قَالَ كُونُوا قِرَدَةً كُونُوا خَاسِئِينَ أَن الْعَامِلَ فِي خَاسِئِينَ عَامِلٌ ثَانٍ غَيْرُ الأَوّل، مَعَاذَ اللَّهِ أَن أُريد ذَلِكَ إِنما هَذَا شَيْءٌ يُقَدَّر مَعَ الْبَدَلِ، فأَما فِي الْخَبَرَيْنِ فإِن الْعَامِلَ فِيهِمَا جَمِيعًا وَاحِدٌ. وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ عَامِلٌ لَمَا كَانَا خَبَرَيْنِ لِمُخْبَرٍ عَنْهُ وَاحِدٌ. وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ عَامِلٌ لَمَا كَانَا خَبَرَيْنِ لِمُخْبَرٍ عَنْهُ وَاحِدٍ، وإِنما مُفَادُ الْخَبَرِ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا؛ قَالَ: وَلِهَذَا كَانَ عِنْدَ أَبي عَلِيٍّ أَن الْعَائِدَ عَلَى المبتدإِ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا وإِنما أُريد أَنك مَتَى شِئْتَ بَاشَرْتَ كُونُوا أَيَّ الِاسْمَيْنِ آثَرْتَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الصِّفَةُ، ويُؤْنِسُ لِذَلِكَ أَنه لَوْ كَانَتْ خَاسِئِينَ صِفَةً لِقِرَدَةٍ لَكَانَ الأَخلقُ أَن يَكُونَ قِرْدَةً خَاسِئَةً، فأَنْ لَمْ يُقْرأْ بِذَلِكَ البتةَ دلالةٌ عَلَى أَنه لَيْسَ بِوَصْفٍ وإِن كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ خَاسِئِينَ صِفَةً لِقِرَدَةٍ عَلَى الْمَعْنَى، إِذ كَانَ الْمَعْنَى إِنما هِيَ هُمْ فِي الْمَعْنَى إِلا أَن هَذَا إِنما هُوَ جَائِزٌ، وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ بَلِ الْوَجْهُ أَن يَكُونَ وَصْفًا لَوْ كَانَ عَلَى اللَّفْظِ فَكَيْفَ وَقَدْ سَبَقَ ضَعْفُ الصِّفَةِ هُنَا؟ والأُنثى قِرْدَة وَالْجَمْعُ قِرَدٌ مِثْلُ قِرْبَةٍ وقِرَبٍ. والقَرَّادُ: سائِسُ القُرُودِ. وَفِي الْمَثَلِ: إِنه لأَزْنى مِنْ قِرْدٍ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُ
__________
(1) . قوله [مكانكم ويأتيه] كذا بالأَصل وفي النهاية مكانكم حتى أنظر في حوائجكم، ويأتيه ...(3/350)
قِرْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. وقَرَدَ لِعِيَالِهِ قَرْداً: جَمَعَ وكسَبَ. وقَرَدْتُ السَّمْنَ، بِالْفَتْحِ، فِي السِّقاءِ أَقْرِدُه قَرْداً: جَمَعْتُهُ. وقَرَدَ فِي السقاءِ قَرْداً: جَمَعَ السمْنَ فِيهِ أَو اللَّبن كَقَلَدَ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: لَا أَعرفه وَلَمْ أَسمعه إِلا لأَبي عُبَيْدٍ. وَسَمَعَ ابْنُ الأَعرابي: قَلَدْتُ فِي السِّقَاءِ وقَرَيْتُ فِيهِ؛ والقَلْدُ: جَمْعُك الشَّيْءَ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ لبَن وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: جَاءَ بِالْحَدِيثِ عَلَى قَرْدَدِه وَعَلَى قَنَنِهِ وَعَلَى سَمْتِهِ إِذا جَاءَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ. والتِّقْرِدُ الكَرَوْيا، وَقِيلَ: هِيَ جَمْعُ الأَبزار، وَاحِدَتُهُا تِقْرِدَة. والقَرْدَدُ مِنَ الأَرض: قُرْنَةٌ إِلى جَنْبِ وَهْدة؛ وأَنشد:
مَتَّى مَا تَزُرْنا، آخِرَ الدَّهْرِ، تَلْقَنا ... بِقَرْقَرَةٍ مَلْساءَ لَيْسَتْ بِقَرْدَدِ
الأَصمعي: القَرْدَدُ نَحْوُ القُفِّ. ابْنُ شُمَيْلٍ القُرْدودة مَا أَشرَف مِنْهَا وغلُظَ وَقَلَّمَا تَكُونُ القراديدُ إِلا فِي بَسْطَةٍ مِنَ الأَرض وَفِيمَا اتَّسَعَ مِنْهَا، فتَرى لَهَا مَتْنًا مُشْرِفًا عَلَيْهَا غَلِيظًا لَا يُنْبِتُ إِلا قَلِيلًا؛ قَالَ: وَيَكُونُ ظَهْرُهَا سِعَتُهُ دَعْوَةً «1» وبُعْدُها فِي الأَرض عُقْبَتَيْن وأَكثر وأَقل، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا حدَبٌ ظهرُها وأَسنادها. وَقَالَ شَمِرٌ: القُرْدُودة طَرِيقَةٌ مُنْقَادَةٌ كقُرْدُودةِ الظَّهْرِ. والقَرْدَدُ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض، وَقِيلَ: وغلُظَ، قَالَ سِيبَوَيْهِ دَالُهُ مُلْحِقة لَهُ بِجَعْفَرٍ وَلَيْسَ كَمَعدّ لأَن ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَعَلّ مِنْ أَول وَهْلَةٍ، وَلَوْ كَانَ قَرْدَدٌ كَمَعدّ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ الْمَثَلَانِ لأَن مَا أَصله الإِدغام لَا يُخَرَّجُ عَلَى الأَصل إِلَّا فِي ضَرُورَةِ شِعْرٍ، قَالَ: وَجَمْعُ القَرْدَدِ قرادِدُ ظَهَرَتْ فِي الْجَمْعِ كَظُهُورِهَا فِي الْوَاحِدِ. قَالَ: وَقَدْ قَالُوا: قَراديدُ فأَدخلوا الْيَاءَ كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ. والقُرْدُودُ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض وَغَلُظَ مِثْلُ القَرْدَدِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَعَلَى هَذَا لَا مَعْنَى لِقَوْلِ سِيبَوَيْهِ إِن القَراديدَ جَمْعُ قَرْدَد. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: القَرْدَد الْمَكَانُ الْغَلِيظُ الْمُرْتَفِعُ وإِنما أُظْهِرَ التَّضْعِيفُ لأَنه مُلْحَق بِفَعْلَل والمُلْحَق لَا يُدْغم، وَالْجَمْعُ قَرادِدُ. قَالَ: وَقَدْ قَالُوا قَرَادِيدُ كَرَاهِيَةَ الدَّالَيْنِ. وفي الحديث:
لَجَؤوا إِلى قَرْدَدٍ
؛ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَرض كأَنهم تَحَصَّنُوا بِهِ. وَيُقَالُ للأَرض الْمُسْتَوِيَةِ أَيضاً: قَرْدد؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قَسِّ الْجَارُودِ «2» . قطَعْتُ قَرْدَداً.
وقُرْدُودَةُ الثَّبَجِ: مَا أَشرَفَ مِنْهُ. وقُرْدُودَةُ الظَّهْرِ: مَا ارتَفَعَ مِنْ ثبَجِه. الأَصمعي: السِّيساءُ قُرْدودَةُ الظَّهْرِ. أَبو عمرو: السِّيساءُ مِنَ الفرَسِ الحارِكُ وَمِنَ الحمارِ الظَّهْرُ. أَبو زَيْدٍ: القِرْديدَةُ الْخَطُّ الَّذِي وسَطَ الظَّهْرِ، وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: القُرْدودَةُ هِيَ الْفِقَارَةُ نَفْسُهَا. وَقَالَ: تَمْضِي قُرْدُودَةُ الشتاءِ عَنَّا، وَهِيَ جَدْبَتُه وشِدَّتُه. وقُرْدودَةُ الظَّهْرِ: أَعلاهُ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ. وأَخذه بِقَرْدَةِ عُنُقِه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، كَقَوْلِكَ بِصُوفِه، قَالَ: وَهِيَ فَارِسِيَّةٌ؛ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الرَّاجِزُ:
يَرْكَبْنَ ثِنْيَ لاحِبٍ مَدْعُوقِ، ... نَابِي القَرادِيدِ مِنَ البُؤوقِ
القَراديدُ: جَمْعُ قُرْدُودَةٍ، وَهِيَ الْمَوْضِعُ الناتئُ فِي وَسَطِهِ. التَّهْذِيبِ: القَرْدُ لُغَةٌ فِي الكَرْدِ، وَهُوَ الْعُنُقُ، وَهُوَ
__________
(1) . قوله [سعته دعوة] كذا بالأصل ولعله غلوة.
(2) . قوله [قس الجارود] كذا بالأَصل وفي شرح القاموس قيس بن الجارود، بياء بعد القاف مع لفظ ابن وفي نسخة من النهاية قس والجارود(3/351)
مَجْثَمُ الهامةِ عَلَى سالفةِ العُنُق؛ وأَنشد:
فَجَلَّلَه عَضْبَ الضَّريبةِ صارِماً، ... فَطَبَّقَ مَا بَيْنَ الضَّريبةِ والقَرْدِ
التَّهْذِيبِ: وأَنشد شَمِرٌ فِي القَرْدِ القصِير:
أَو هِقْلَةِ مِنْ نَعامِ الجوِّ عارَضَها ... قَرْدُ العِفاءِ، وَفِي يافُوخِه صَقَعُ
قَالَ: الصقَعُ القَرَعُ. والعِفاءُ: الرِّيشُ. والقَرْدُ: القصيرُ. وَبَنُو قَرَدٍ: قَوْمٌ مِنْ هُذَيْلٍ مِنْهُمْ أَبو ذُؤَيْبٍ. وذُو قَرَدٍ: مَوْضِعٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ ذِي قَرَد؛ هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ: مَاءٌ عَلَى لَيْلَتَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَيْبَرَ؛ وَمِنْهُ غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ وَيُقَالُ ذو القَرَد.
قرصد: التَّهْذِيبُ: ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ لَا يُوثَقُ بِعِلْمِهِ القَرْصَدُ القِصْرِيُّ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَفَهْ؛ قَالَ: وَلَا أَدري مَا صِحَّتُهُ.
قرمد: القَرْمَد: كُلُّ مَا طُلِيَ بِهِ؛ زَادَ الأَزهري: للزينة كالجَصِّ [كالجِصِ] والزعفرانِ. وَثَوْبٌ مُقَرْمَدٌ بالزعفرانِ وَالطِّيبِ أَي مَطْلِيٌّ؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ هَناً:
رَابِي المَجَسَّةِ بالعَبِير مُقَرْمَد
وَذَكَرَ البُشتي أَن عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ قَالَ لِشَيْخٍ مِنْ غَطَفان: صِفْ لِيَ النِّسَاءَ، فَقَالَ: خُذْها مَلِيسَةَ القَدَمَيْنِ مُقَرْمَدَةَ الرُّفْغَيْنِ؛ قَالَ الْبُشْتِيُّ: المُقَرْمَدَة الْمُجْتَمَعُ قَصَبها؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا بَاطِلٌ مَعْنَى الْمُقَرْمَدَةِ الرُّفَغَيْنِ الضَّيِّقَتُهما وَذَلِكَ لالتِفافِ فَخِذَيْها واكْتِنازِ بادَّيْها؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
رَابِي المَجَسَّةِ بالعَبِير مُقَرْمَدِ
إِنه الضيِّقُ؛ وَقِيلَ: المطليُّ كَمَا يُطْلَى الْحَوْضُ بِالْقَرْمَدِ. ورُفْغا المرأَة: أُصول فَخِذَيْها. والقَرْمَدُ: الآجُرُّ، وَقِيلَ: القَرْمَدُ والقِرْمِيدُ حِجَارَةٌ لَهَا خُروقٌ يُوقَدُ عَلَيْهَا حَتَّى إِذا نَضِجَتْ بُنِيَ بِهَا؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ رُومِيٌّ تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ قَدِيمًا. وَقَدْ قُرمِدَ البِناءُ. قَالَ الْعَدَبَّسُ الْكِنَانِيُّ: القَرْمَدُ حِجَارَةٌ لَهَا نَخاريبُ، وَهِيَ خُرُوقٌ يُوقَدُ عَلَيْهَا حَتَّى إِذا نَضِجت قُرْمِدَتْ بِهَا الحِياض والبِرَك أَي طُلِيَتْ، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ [بِالْعَبِيرِ مُقَرْمَدِ] قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمُ المُقَرْمَدُ الْمَطْلِيُّ بِالزَّعْفَرَانِ، وَقِيلَ: المُقَرْمَدُ المُضَيَّق، وَقِيلَ: الْمُقَرْمَدُ المُشَرَّف. وَحَوْضٌ مُقَرْمَد إِذا كَانَ ضَيِّقًا، وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ أَيضاً وَقَالَ: أَي ضُيِّقَ بالمِسْك. وَبِنَاءٌ مُقَرْمَدٌ: مَبْنِيٌّ بالآجُرِّ أَو الْحِجَارَةِ؛ وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ:
يَنْفي القَراميدَ عَنْهَا الأَعْصَمُ الوَعِلُ
قَالَ: الْقَرَامِيدُ فِي كَلَامِ أَهل الشَّامِ آجُرُّ الْحَمَّامَاتِ، وَقِيلَ: هِيَ بِالرُّومِيَّةِ قِرْمِيدى. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِطَوابيقِ الدارِ القَرامِيدُ، وَاحِدُهَا قِرْمِيدٌ. والقَرْمَدُ: الصخُورُ؛ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ الطِّرِمَّاحِ:
حَرَجاً كَمِجْدَلِ هاجِرِيٍّ، لَزَّه ... تَذْوابُ طَبْخِ أَطِيمَةٍ لَا تَخْمُدُ
قُدِرَتْ عَلَى مِثْلٍ، فَهُنَّ تَوائِمٌ ... شَتَّى، يُلائِمُ بَيْنَهُنَّ القَرْمَدُ
قَالَ: القَرْمَدُ خَزَفٌ يُطْبَخُ. والحَرَجُ: الطَّوِيلَةُ. والأَطِيمَةُ: الأَتُّون وأَراد تَذْوابَ طَبْخِ الآجُرِّ. والقِرْمِيدُ: الأُرْوِيَّةُ. والقُرْمُودُ: ذَكَرَ الوُعُول. الأَزهري: القرامِيدُ والقراهِيدُ أَولادُ الوُعُول، وَاحِدُهَا قُرْمُودٌ؛ وأَنشد لِابْنِ الأَحمر:
مَا أُمُّ غُفْرٍ عَلَى دَعْجاءِ ذِي عَلَق ... يَنْفي القَراميدَ عَنْهَا الأَعْصَمُ الوَقِلُ(3/352)
والقِرْمِيدُ: الآجُرُّ، وَالْجَمْعُ القَرامِيدُ. والقُرْمودُ: ضَرْب مِنْ ثَمَرِ العِضاه. التَّهْذِيبُ: وقُرْمُوطٌ وقُرْمُودٌ ثَمرُ الغَضا. وقَرْمَدَ الكِتابَ: لغة في قَرْمَطَه.
قرهد: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: اللَّيْثُ: القُرْهُدُ الناعمُ التارُّ الرَّخْصُ؛ قَالَ الأَزهري: إِنما هُوَ الفُرْهُدُ، بِالْفَاءِ وَضَمِّ الْهَاءِ وَالْقَافُ، فِيهِ تَصْحِيفٌ: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ أَيضاً: القرامِيدُ والقراهِيدُ أَولاد الوُعول.
قسد: القِسْوَدُّ: الغليظُ الرقبةِ القويُّ؛ وأَنشد:
ضَخْمَ الذَّفارى قاسِياً قِسْوَدَّا
قشد: القِشْدَة، بِالْكَسْرِ: حَشِيشَةٌ كَثِيرَةُ اللبَن والإِهالَة. والقِشْدة: الزُّبْدَة الرَّقِيقَةُ؛ وَقِيلَ: هِيَ ثُفْل السمْن، وَقِيلَ: هُوَ الثُّفْلُ الَّذِي يَبْقَى أَسفل الزُّبْدِ إِذا طُبِخَ مَعَ السَّوِيقِ لِيُتَّخَذَ سَمْنًا. وَاقْتَشَدَ السَّمْنَ: جَمَعَهُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: إِذا طَلَعَتِ البَلْدَةُ أُكِلَتِ القِشْدة. قَالَ: وَتُسَمَّى القشدةُ الإِثْرَ والخُلاصةَ [الخِلاصةَ] والأُلاقَةَ، قَالَ: وَسُمِّيَتْ أُلاقَةً لأَنها تَلِيقُ بالقِدْر تَلْزَقُ بأَسفلها يصفَّى السَّمْنُ وَيَبْقَى الإِثر مَعَ شِعْرٍ وَعُودٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إِن كَانَ، وَيَخْرُجُ السَّمْنُ صَافِيًا مُهَذَّبًا كأَنه الحَلُّ. الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ لِثُفْلِ السَّمْنِ: القِلْدَةُ والقِشْدَةُ والكُدادَةُ.
قصد: الْقَصْدُ: اسْتِقَامَةُ الطَّرِيقِ. قَصَد يَقْصِدُ قَصْدًا، فَهُوَ قاصِد. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ
؛ أَي عَلَى اللَّهِ تَبْيِينُ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ والدعاءُ إِليه بِالْحُجَجِ وَالْبَرَاهِينِ الْوَاضِحَةِ، وَمِنْهَا جَائِرٌ أَي وَمِنْهَا طَرِيقٌ غَيْرُ قَاصِدٍ. وطريقٌ قَاصِدٌ: سَهْلٌ مُسْتَقِيمٌ. وسَفَرٌ قاصدٌ: سَهْلٌ قَرِيبٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ
؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: سَفَرًا قَاصِدًا أَي غيرَ شاقٍّ. والقَصْدُ: العَدْل؛ قَالَ أَبو اللِّحَامِ التَّغْلِبِيُّ، وَيُرْوَى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ، والأَول الصَّحِيحُ:
عَلَى الحَكَمِ المأْتِيِّ، يَوْمًا إِذا قَضَى ... قَضِيَّتَه، أَن لَا يَجُورَ ويَقْصِدُ
قَالَ الأَخفش: أَراد وَيَنْبَغِي أَن يَقْصِدَ فَلَمَّا حَذَفَهُ وأَوقع يَقْصِدُ مَوْقِعَ يَنْبَغِي رَفَعَهُ لِوُقُوعِهِ مَوْقِعَ الْمَرْفُوعِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: رَفَعَهُ لِلْمُخَالَفَةِ لأَن مَعْنَاهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ فَخُولِفَ بَيْنَهُمَا فِي الإِعراب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَعْنَاهُ عَلَى الْحَكَمِ المرْضِيِّ بِحُكْمِهِ المأْتِيِّ إِليه لِيَحْكُمَ أَن لَا يَجُورَ فِي حُكْمِهِ بَلْ يَقْصِدُ أَي يَعْدِلُ، وَلِهَذَا رَفَعَهُ وَلَمْ يَنْصِبْهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ أَن لَا يَجُورَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لأَنه يَصِيرُ التَّقْدِيرُ: عَلَيْهِ أَن لَا يَجُورَ وَعَلَيْهِ أَن لَا يَقْصِدَ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ بَلِ الْمَعْنَى: وَيَنْبَغِي لَهُ أَن يَقْصِدَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الأَمر أَي وَلْيَقْصِدْ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ؛ أَي لِيُرْضِعْنَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
القَصدَ القصدَ تَبْلُغُوا
أَي عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ مِنَ الأَمور فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَهُوَ الْوَسَطُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ المؤَكد وَتَكْرَارُهُ للتأْكيد. وَفِي الحديث:
كان صلاتُه قَصْداً وخُطبته قَصْداً.
وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ هَدْياً قَاصِدًا
أَي طَرِيقًا مُعْتَدِلًا. والقَصْدُ: الاعتمادُ والأَمُّ. قَصَدَه يَقْصِدُه قَصْداً وقَصَدَ لَهُ وأَقْصَدَني إِليه الأَمرُ، وَهُوَ قَصْدُكَ وقَصْدَكَ أَي تُجاهَك، وَكَوْنُهُ اسْمًا أَكثر فِي كَلَامِهِمْ. والقَصْدُ: إِتيان الشَّيْءِ. تَقُولُ: قصَدْتُه وقصدْتُ لَهُ وقصدْتُ إِليه بِمَعْنًى. وَقَدْ قَصُدْتَ قَصادَةً؛ وَقَالَ:
قَطَعْتُ وصاحِبي سُرُحٌ كِنازٌ ... كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قصِيدٌ
وقَصَدْتُ قَصْدَه: نَحَوْتُ نَحْوَهُ.(3/353)
والقَصْد فِي الشَّيْءِ: خلافُ الإِفراطِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الإِسراف وَالتَّقْتِيرِ. وَالْقَصْدُ فِي الْمَعِيشَةِ: أَن لَا يُسْرِفَ وَلَا يُقَتِّر. يُقَالُ: فُلَانٌ مُقْتَصِدٌ فِي النَّفَقَةِ وَقَدِ اقْتَصَدَ. وَاقْتَصَدَ فُلَانٌ فِي أَمره أَي اسْتَقَامَ. وَقَوْلُهُ: وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ
؛ بَيْنَ الظَّالِمِ وَالسَّابِقِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا عالَ مُقْتَصِدٌ وَلَا يَعِيلُ
أَي مَا افْتَقَرَ مَنْ لَا يُسْرِفُ فِي الإِنفاقِ وَلَا يُقَتِّرُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ
وَاقْصِدْ بذَرْعِك؛ أَي ارْبَعْ عَلَى نفسِك. وَقَصَدَ فُلَانٌ فِي مَشْيِهِ إِذا مَشَى مُسْتَوِيًا، وَرَجُلٌ قَصْد ومُقْتَصِد وَالْمَعْرُوفُ مُقَصَّدٌ: لَيْسَ بِالْجَسِيمِ وَلَا الضئِيل. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
الجُرَيْرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَطوف بِالْبَيْتِ مَعَ أَبي الطُّفَيْلِ، فَقَالَ: مَا بَقِيَ أَحد رأَى رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرِي، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: ورأَيته؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَكَيْفَ كان صفته؟ قال: كَانَ أَبيضَ مَلِيحاً مُقَصَّداً
؛ قَالَ: أَراد بِالْمُقَصَّدِ أَنه كَانَ رَبْعة بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وكلُّ بَيْن مستوٍ غيرِ مُشْرفٍ وَلَا ناقِص فَهُوَ قَصْد، وأَبو الطُّفَيْلِ هُوَ وَاثِلَةُ بْنُ الأَسقع. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: المُقَصَّدُ مِنَ الرِّجَالِ يَكُونُ بِمَعْنَى الْقَصْدِ وَهُوَ الرَّبْعَةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المقصَّد مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي لَيْسَ بِجَسِيمٍ وَلَا قَصِيرٍ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ هَذَا النَّعْتُ فِي غَيْرِ الرِّجَالِ أَيضاً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ الْمَقْصِدِ فِي الْحَدِيثِ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ بِطَوِيلٍ وَلَا قَصِيرٍ وَلَا جَسِيمٍ كأَنَّ خَلْقه يجيءُ بِهِ القَصْدُ مِنَ الأُمور والمعتدِلُ الَّذِي لَا يَمِيلُ إِلى أَحد طَرَفَيِ التَّفْرِيطِ والإِفراط. والقَصْدَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الْعَظِيمَةُ الهامةِ الَّتِي لَا يَرَاهَا أَحد إِلَّا أَعجبته. والمَقْصَدَةُ: الَّتِي إِلى القِصَر. وَالْقَاصِدُ: الْقَرِيبُ؛ يُقَالُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ لَيْلَةٌ قَاصِدَةٌ أَي هَيِّنَةُ السَّيْرِ لَا تَعَب وَلَا بُطء. والقَصِيدُ مِنَ الشِّعْر: مَا تمَّ شَطْرُ أَبياته، وَفِي التَّهْذِيبِ: شَطْرَا بِنْيَتِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَمَالِهِ وَصِحَّةِ وَزْنِهِ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمِّيَ قَصِيدًا لأَنه قُصِدَ واعتُمِدَ وإِن كَانَ مَا قَصُر مِنْهُ وَاضْطَرَبَ بناؤُه نَحْوَ الرمَل والرجَز شِعْرًا مُرَادًا مَقْصُودًا، وَذَلِكَ أَن مَا تمَّ مِنَ الشِّعْر وَتَوَفَّرَ آثرُ عِنْدَهُمْ وأَشَدُّ تَقَدُّمًا فِي أَنفسهم مِمَّا قَصُر واختلَّ، فسَمُّوا مَا طَالَ ووَفَرَ قَصِيداً أَي مُراداً مَقْصُودًا، وإِن كَانَ الرَّمَلُ وَالرَّجَزُ أَيضاً مُرَادَيْنِ مَقْصُودَيْنِ، وَالْجَمْعُ قَصَائِدُ، وَرُبَّمَا قَالُوا: قَصِيدَة. الْجَوْهَرِيُّ: القَصِيدُ جَمْعُ القَصِيدة كسَفِين جَمْعُ سَفِينَةٍ، وَقِيلَ: الْجَمْعُ قصائدُ وقصِيدٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: فإِذا رأَيت الْقَصِيدَةَ الْوَاحِدَةَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْقَصِيدُ بِلَا هَاءٍ فإِنما ذَلِكَ لأَنه وُضِعَ عَلَى الْوَاحِدِ اسمُ جِنْسٍ اتِّسَاعًا، كَقَوْلِكَ: خَرَجْتُ فإِذا السَّبُعُ، وَقَتَلْتُ الْيَوْمَ الذِّئْبَ، وأَكلت الْخُبْزَ وَشَرِبْتُ الْمَاءَ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ قَصِيدًا لأَن قَائِلَهُ احْتَفَلَ لَهُ فَنَقَّحَهُ بِاللَّفْظِ الجيِّد وَالْمَعْنَى الْمُخْتَارِ، وأَصله مِنَ الْقَصِيدِ وَهُوَ الْمُخُّ السَّمِينُ الَّذِي يَتَقَصَّد أَي يَتَكَسَّرُ لِسِمَنِه، وَضِدُّهُ الرِّيرُ والرَّارُ وَهُوَ الْمُخُّ السَّائِلُ الذَّائِبُ الَّذِي يَمِيعُ كَالْمَاءِ وَلَا يتقصَّد، وَالْعَرَبُ تَسْتَعِيرُ السِّمَنَ فِي الْكَلَامِ الْفَصِيحِ فَتَقُولُ: هَذَا كَلَامٌ سَمِينٌ أَي جَيِّد. وَقَالُوا: شِعْرٌ قُصِّدَ إِذا نُقِّحَ وجُوِّدَ وهُذِّبَ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ الشِّعْرُ التامُّ قَصِيدًا لأَن قَائِلَهُ جَعَلَهُ مِنْ بَالِهِ فَقَصَدَ لَهُ قَصْداً وَلَمْ يَحْتَسِه حَسْياً عَلَى مَا خَطَرَ بِبَالِهِ وَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ، بَلْ رَوَّى فِيهِ خَاطِرَهُ وَاجْتَهَدَ فِي تَجْوِيدِهِ وَلَمْ يقتَضِبْه اقْتِضَابًا فَهُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْقَصْدِ وَهُوَ الأَمُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
وقائِلةٍ: مَنْ أَمَّها واهْتَدَى لَهَا؟ ... زيادُ بنُ عَمْرٍو أَمَّها واهْتَدَى لَهَا
أَراد قَصِيدَتَهُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا:(3/354)
يَا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّنَدِ
ابْنُ بُزُرج: أَقصَدَ الشاعرُ وأَرْملَ وأَهْزَجَ وأَرْجَزَ مِنَ الْقَصِيدِ والرمَل والهَزَج والرَّجَزِ. وقَصَّدَ الشاعرُ وأَقْصَدَ: أَطال وَوَاصَلَ عَمَلَ الْقَصَائِدِ؛ قَالَ:
قَدْ وَرَدَتْ مِثلَ الْيَمَانِي الهَزْهاز، ... تَدْفَعُ عَنْ أَعْناقِها بالأَعْجاز،
أَعْيَتْ عَلَى مُقْصِدِنا والرَّجَّاز
فَمُفْعِلٌ إِنما يُرَادُ بِهِ هاهنَا مُفَعِّل لِتَكْثِيرِ الْفِعْلِ، يَدُلُّ عَلَى أَنه لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مُحْسِن ومُجْمِل وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَدُلُّ عَلَى تَكْثِيرٍ لأَنه لَا تَكْرِيرَ عَيَّنَ فِيهِ أَنه قَرَنَهُ بالرَّجَّاز وَهُوَ فعَّال، وفعَّال مَوْضُوعٌ لِلْكَثْرَةِ. وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ الأَخفش: وَمِمَّا لَا يَكَادُ يُوجَدُ فِي الشِّعْرِ الْبَيْتَانِ المُوطَآن لَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيْتٌ وَالْبَيْتَانِ المُوطَآن، وَلَيْسَتِ الْقَصِيدَةُ إِلا ثَلَاثَةُ أَبيات فَجَعَلَ الْقَصِيدَةَ مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبيات؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَفِي هَذَا الْقَوْلِ مِنَ الأَخفش جَوَازٌ، وَذَلِكَ لِتَسْمِيَتِهِ مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبيات قَصِيدَةً، قَالَ: وَالَّذِي فِي الْعَادَةِ أَن يُسَمَّى مَا كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبيات أَو عَشَرَةٍ أَو خَمْسَةَ عَشَرَ قِطْعَةً، فأَما مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فإِنما تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ قَصِيدَةً. وَقَالَ الأَخفش: الْقَصِيدُ مِنَ الشِّعْرِ هُوَ الطَّوِيلُ وَالْبَسِيطُ التَّامُّ وَالْكَامِلُ التَّامُّ وَالْمَدِيدُ التَّامُّ وَالْوَافِرُ التَّامُّ وَالرَّجَزُ التَّامُّ وَالْخَفِيفُ التَّامُّ، وَهُوَ كُلُّ مَا تَغَنَّى بِهِ الرُّكْبَانُ، قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْهُمْ يَتَغَنَّوْنَ بِالْخَفِيفِ؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ الْمَدِيدُ التامُّ وَالْوَافِرُ التَّامُّ يُرِيدُ أَتم مَا جَاءَ مِنْهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ، أَعني الضَّرْبَيْنِ الأَوّلين مِنْهَا، فأَما أَن يَجِيئَا عَلَى أَصل وَضْعِهِمَا فِي دَائِرَتَيْهِمَا فَذَلِكَ مَرْفُوضٌ مُطَّرَحٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَصل [ق ص د] وَمَوَاقِعُهَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الِاعْتِزَامُ وَالتَّوَجُّهُ والنهودُ والنهوضُ نَحْوَ الشَّيْءِ، عَلَى اعْتِدَالٍ كَانَ ذَلِكَ أَو جَوْر، هَذَا أَصله فِي الْحَقِيقَةِ وإِن كَانَ قَدْ يُخَصُّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِقَصْدِ الِاسْتِقَامَةِ دُونَ الْمَيْلِ، أَلا تَرَى أَنك تَقْصِد الجَوْرَ تَارَةً كَمَا تَقْصِدُ الْعَدْلَ أُخرى؟ فَالِاعْتِزَامُ وَالتَّوَجُّهُ شَامِلٌ لَهُمَا جَمِيعًا. والقَصْدُ: الْكَسْرُ فِي أَيّ وَجْهٍ كَانَ، تَقُولُ: قصَدْتُ العُود قَصْداً كسَرْتُه، وَقِيلَ: هُوَ الْكَسْرُ بِالنِّصْفِ قَصَدْتُهُ أَقْصِدُه وقَصَدْتُه فانْقَصَدَ وتَقَصَّدَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذا بَرَكَتْ خَوَّتْ عَلَى ثَفِناتِها ... عَلَى قَصَبٍ، مِثلِ اليَراعِ المُقَصَّدِ
شَبَّهَ صَوْتَ النَّاقَةِ بِالْمَزَامِيرِ؛ والقِصْدَةُ: الكِسْرة مِنْهُ، وَالْجَمْعُ قِصَد. يُقَالُ: الْقَنَا قِصَدٌ، ورُمْحٌ قَصِدٌ وقَصِيدٌ مَكْسُورٌ. وتَقَصَّدَتِ الرماحُ: تَكَسَّرَتْ. ورُمْحٌ أَقصادٌ وَقَدِ انْقَصَدَ الرمحُ: انْكَسَرَ بِنِصْفَيْنِ حَتَّى يَبِينَ، وَكُلُّ قِطْعَةٍ قِصْدة، وَرُمْحٌ قَصِدٌ بَيِّنُ القَصَد، وإِذا اشْتَقُّوا لَهُ فِعْلًا قَالُوا انْقَصَدَ، وَقَلَّمَا يَقُولُونَ قَصِدَ إِلا أَنَّ كُلَّ نَعْتٍ عَلَى فَعِلٍ لَا يَمْتَنِعُ صُدُورُهُ مِنِ انْفَعَلَ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِقَيْسِ بْنُ الْخَطِيمِ:
تَرَى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كأَنها ... تَذَرُّعُ خُرْصانٍ [خِرْصانٍ] بأَيدي الشَّواطِبِ
وَقَالَ آخَرُ:
أَقْرُو إِليهم أَنابِيبَ القَنا قِصَدا
يُرِيدُ أَمشي إِليهم عَلَى كِسَرِ الرِّماحِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَتِ المُداعَسَةُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى تَقَصَّدَتْ
أَي تَكسَّرَت وَصَارَتْ قِصَداً أَي قِطَعًا. والقِصْدَةُ، بِالْكَسْرِ: القِطْعة مِنَ الشَّيْءِ إِذا انْكَسَرَ؛ ورمْحٌ أَقْصادٌ. قَالَ الأَخفش: هَذَا أَحد مَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْجَمْعِ. وقَصَدَ لَهُ قِصْدَةً مِنْ عَظْم وَهِيَ الثُّلُثُ أَو الربُع مِنَ الفَخِذِ أَو الذراعِ أَو الساقِ أَو الكَتِفِ. وقَصَدَ المُخَّةَ قَصْداً وقَصَّدَها: كَسَرَها وفَصَّلَها وَقَدِ(3/355)
انقَصَدَتْ وتَقَصَّدَتْ. والقَصِيدُ: المُخُّ الغليظُ السمِينُ، وَاحِدَتُهُ قَصِيدَةٌ. وعَظْمٌ قَصِيدٌ: مُمخٌّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وهمْ تَرَكُوكمْ لَا يُطَعَّمُ عَظْمُكُمْ ... هُزالًا، وَكَانَ العَظْمُ قبْلُ قَصِيدَا
أَي مُمِخًّا، وإِن شِئْتَ قُلْتَ: أَراد ذَا قَصِيدٍ أَي مُخٍّ. والقَصِيدَةُ: المُخَّةُ إِذا خَرَجَتْ مِنَ الْعَظْمِ، وإِذا انْفَصَلَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا أَو خَرَجَتْ قِيلَ: انقَصَدَتْ. أَبو عُبَيْدَةَ: مُخٌّ قَصِيدٌ وقَصُودٌ وَهُوَ دُونَ السَّمِينِ وَفَوْقَ الْمَهْزُولِ. اللَّيْثُ: القَصِيدُ الْيَابِسُ مِنَ اللَّحْمِ؛ وأَنشد قَوْلَ أَبي زُبَيْدٍ:
وإِذا القَوْمُ كان زادُهُمُ اللحمَ ... قَصِيداً مِنْهُ وغَيرَ قَصِيدِ
وَقِيلَ: القَصِيدُ السَّمِينُ هَاهُنَا. وَسَنَامُ الْبَعِيرِ إِذا سَمِنَ: قَصِيدٌ؛ قَالَ الْمُثَقِّبُ:
سَيُبْلِغُني أَجْلادُها وقَصِيدُهَا
ابْنُ شُمَيْلٍ: القَصُودُ مِنَ الإِبل الجامِسُ المُخِّ، وَاسْمُ المُخِّ الجامِس قَصِيدٌ. وَنَاقَةٌ قَصِيدٌ وقصِيدَةٌ: سَمِينَةٌ مُمْتَلِئَةٌ جَسِيمَةٌ بِهَا نِقْيٌ أَي مُخٌّ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وخَفَّتْ بَقايا النِّقْيِ إِلا قَصِيبَةً، ... قَصِيدَ السُّلامى أَو لَمُوساً سَنامُها
والقَصيدُ أَيضاً والقَصْدُ: اللحمُ الْيَابِسُ؛ قَالَ الأَخطل:
وسيرُوا إِلى الأَرضِ الَّتِي قَدْ عَلِمْتُمُ، ... يَكُنْ زادُكُمْ فِيهَا قَصِيدُ الأَباعِرِ
والقَصَدَةُ: العُنُقُ، وَالْجَمْعُ أَقْصادٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ: وَهَذَا نَادِرٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَعني أَن يَكُونَ أَفعالٌ جَمْعَ فَعَلَةٍ إِلا عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ وَالْمَعْرُوفُ القَصَرَةُ والقِصَدُ والقَصَدُ والقَصْدُ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: كُلُّ ذَلِكَ مَشْرَةُ العِضاهِ وَهِيَ بَراعيمُها وَمَا لانَ قبْلَ أَن يَعْسُوَ، وَقَدْ أَقصَدتِ العِضاهُ وقصَّدَتْ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَصْدُ يَنْبُتُ فِي الْخَرِيفِ إِذا بَرَدَ اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ مَطَرٍ. والقَصِيدُ: المَشْرَةُ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
وَلَا تَشْعفاها بالجِبالِ وتَحْمِيا ... عَلَيْهَا ظَلِيلاتٍ يَرِفُّ قَصِيدُها
اللَّيْثُ: القَصَدُ مَشْرَةُ العِضاهِ أَيامَ الخَريفِ تُخْرِجُ بَعْدَ الْقَيْظِ الْوَرَقَ فِي الْعِضَاهِ أَغْصان رَطْبة غَضَّةٌ رِخاصٌ، فَسَمَّى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا قَصَدة. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: القَصَدَةُ مِنْ كُلُّ شَجَرَةٍ ذَاتِ شَوْكٍ أَن يَظْهَرَ نَبَاتُهَا أَوَّلَ مَا يَنْبُتُ. الأَصمعي: والإِقْصادُ القَتْل عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الْقَتْلُ عَلَى الْمَكَانِ، يُقَالُ: عَضَّتْه حيَّةٌ فأَقْصَدَتْه. والإِقْصادُ: أَن تَضْرِبَ الشيءَ أَو تَرْمِيَه فيموتَ مَكَانَهُ. وأَقصَد السهمُ أَي أَصاب فَقَتَلَ مكانَه. وأَقْصَدَتْه حَيَّةٌ: قَتَلَتْهُ؛ قَالَ الأَخطل:
فإِن كنْتِ قَدْ أَقْصَدْتِني إِذْ رَمَيتِنِي ... بِسَهْمَيْكِ، فالرَّامي يَصِيدُ وَلَا يَدري
أَي ولا يخْتُلُ [يخْتِلُ] . وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: وأَقْصَدَت بأَسْهُمِها
؛ أَقْصَدْتُ الرجلَ إِذا طَعَنْتَه أَو رَمَيتَه بِسَهْمٍ فَلَمْ تُخْطئْ مَقاتلَه فَهُوَ مُقْصَد؛ وَفِي شِعْرِ حميد ابن ثَوْرٍ:
أَصْبَحَ قَلْبي مِنْ سُلَيْمَى مُقْصَدا، ... إِنْ خَطَأً مِنْهَا وإِنْ تَعَمُّدا
والمُقْصَدُ: الَّذِي يَمْرَضُ ثُمَّ يَمُوتُ سَرِيعًا. وتَقَصَّدَ الكلبُ وَغَيْرُهُ أَي مَاتَ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَتَقَصَّدَتْ مِنْهَا كَسابِ وضُرِّجَتْ ... بِدَمٍ، وغُودِرَ فِي المَكَرِّ سُحامُها(3/356)
وقَصَدَه قَصْداً: قَسَرَه. والقصيدُ: الْعَصَا؛ قَالَ حُمَيْدٌ:
فَظَلَّ نِساء الحَيِّ يَحْشُونَ كُرْسُفاً ... رُؤُوسَ عِظامٍ أَوْضَحَتْها القصائدُ
سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه بِهَا يُقْصَدُ الإِنسانُ وَهِيَ تَهدِيهِ وتَؤُمُّه، كَقَوْلِ الأَعشى:
إِذا كانَ هادِي الفَتى في البِلادِ ... صَدْرَ القناةِ، أَطاعَ الأَمِيرا
والقَصَدُ: العَوْسَجُ، يَمانِيةٌ.
قعد: القُعُودُ: نقيضُ القيامِ. قَعَدَ يَقْعُدُ قُعوداً ومَقْعَداً أَي جَلَسَ، وأَقْعَدْتُه وقَعَدْتُ بِهِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: قَعَدَ الإِنسانُ أَي قَامَ وَقَعَدَ جلَس، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. والمَقْعَدَةُ: السافِلَةُ. والمَقْعَدُ والمَقْعَدَةُ: مَكَانُ القُعودِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: ارْزُنْ فِي مَقْعَدِكَ ومَقْعَدَتِكَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا: هُوَ مِنِّي مَقْعَدَ القابلةِ أَي فِي القربِ، وَذَلِكَ إِذا دَنَا فَلَزِقَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ، يُرِيدُ بِتِلْكَ المَنَزلة وَلَكِنَّهُ حَذَفَ وأَوصل كَمَا قَالُوا: دَخَلْتُ الْبَيْتَ أَي فِي الْبَيْتِ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَرْفَعُهُ يَجْعَلُهُ هُوَ الأَول عَلَى قَوْلِهِمْ أَنت مِنِّي مَرأًى ومَسْمَعٌ. والقِعْدَةِ، بِالْكَسْرِ: الضَّرْبُ مِنَ القُعود كالجِلْسَة، وَبِالْفَتْحِ: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَلَهَا نَظَائِرُ وسيأْتي ذِكْرُهَا؛ الْيَزِيدِيُّ: قَعَد قَعْدَة وَاحِدَةً وَهُوَ حَسَنُ القِعْدة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى أَن يُقْعَدَ عَلَى الْقَبْرِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ أَراد القُعودَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنَ الْحَدَثِ، وَقِيلَ: أَراد الإِحْدادَ والحُزْن وَهُوَ أَن يُلَازِمَهُ وَلَا يَرْجِعَ عَنْهُ؛ وَقِيلَ: أَراد بِهِ احْتِرَامَ الميتِ وتهويِلَ الأَمرِ فِي القُعود عَلَيْهِ تَهَاوُنًا بالميتِ والمَوْتِ؛ وَرُوِيَ
أَنه رأَى رَجُلًا مُتَّكِئًا عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ: لَا تؤْذِ صاحبَ الْقَبْرِ.
والمَقاعِدُ: موضِعُ قُعُودِ النَّاسِ فِي الأَسواق وَغَيْرِهَا. ابْنُ بُزُرج: أَقْعَدَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ كَمَا يُقَالُ أَقام؛ وأَنشد:
أَقْعَدَ حَتَّى لَمْ يَجِدْ مُقْعَنْدَدَا؛ ... وَلَا غَداً، وَلَا الَّذِي يَلي غَدا
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ مَا تَقَعَّدني عَنْ ذَلِكَ الأَمر إِلا شُغُلٌ أَي مَا حَبَسَنِي. وقِعْدَة الرَّجُلِ: مِقْدَارُ مَا أَخذ مِنَ الأَرض قُعُودُه. وعُمْقُ بِئرِنا قِعدَةٌ وقَعْدَة أَي قَدْرُ ذَلِكَ. وَمَرَرْتُ بماءٍ قِعْدَةَ رَجُلٍ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ قَالَ: وَالْجَرُّ الْوَجْهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا حَفَرْتُ فِي الأَرض إِلا قِعْدَةً وقَعْدَة. وأَقْعَدَ البئرَ: حَفَرَهَا قَدْرَ قِعْدة، وأَقعدها إِذا تَرَكَهَا عَلَى وَجْهِ الأَرض وَلَمْ يَنْتَهِ بِهَا الْمَاءُ. والمُقْعَدَةُ مِنَ الْآبَارِ: الَّتِي احتُفِرَتْ فَلَمْ يَنْبُط مَاؤُهَا فَتُرِكَتْ وَهِيَ المُسْهَبَةُ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ الأَصمعي: بئرٌ قِعْدَة أَي طُولُهَا طُولُ إِنسان قَاعِدٍ. وَذُو القَعْدة: اسْمُ الشَّهْرِ الَّذِي يَلِي شوَّالًا وَهُوَ اسْمُ شَهْرٍ كَانَتِ الْعَرَبُ تَقْعد فِيهِ وَتَحُجُّ فِي ذِي الحِجَّة، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لقُعُودهم فِي رِحَالِهِمْ عَنِ الْغَزْوِ وَالْمِيرَةِ وَطَلَبِ الكلإِ، وَالْجَمْعُ ذَوَاتُ القَعْدَةِ؛ وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ شعب: قَالَ يُونُسُ: ذواتُ القَعَداتِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْقِيَاسُ أَن تَقُولَ ذواتُ القَعْدَة. وَالْعَرَبُ تَدْعُو عَلَى الرَّجُلِ فَتَقُولُ: حَلَبْتَ قَاعِدًا وشَرِبْتَ قَائِمًا؛ تَقُولُ: لَا مَلَكْتَ غَيْرَ الشَّاءِ الَّتِي تُحْلَبُ مِنْ قُعُودٍ وَلَا مَلَكْتَ إِبلًا تَحْلُبُها قَائِمًا، مَعْنَاهُ: ذَهَبَتْ إِبلك فصرتَ تَحْلِبُ الْغَنَمَ لأَن حَالِبَ الْغَنَمِ لَا يَكُونُ إِلا قَاعِدًا، وَالشَّاءُ مَالُ الضَّعْفَى والأَذلَّاءِ، والإِبلُ مَالُ الأَشرافِ والأَقوياء وَيُقَالُ: رَجُلٌ قَاعِدٌ عَنِ الْغَزْوِ، وَقَوْمٌ قُعَّادٌ وَقَاعِدُونَ.(3/357)
والقَعَدُ: الَّذِينَ لَا دِيوَانَ لَهُمْ، وَقِيلَ: القَعَد الَّذِينَ لَا يَمْضُون إِلى الْقِتَالِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَبِهِ سُمِّيَ قَعَدُ الحَرُورِيَّةِ. وَرَجُلٌ قَعَدِيٌّ مَنْسُوبٌ إِلى القَعَد كَعَرَبِيٍّ وَعَرَبٍ، وَعَجَمِيٍّ وعجَم. ابْنُ الأَعرابي: القَعَدُ الشُّراةُ الَّذِينَ يُحَكِّمون وَلَا يُحارِبون، وَهُوَ جَمْعُ قَاعِدٍ كَمَا قَالُوا حَارِسٌ وحَرَسٌ. والقَعَدِيُّ مِنَ الْخَوَارِجِ: الَّذِي يَرى رأْيَ القَعَد الَّذِينَ يَرَوْنَ التَّحْكِيمَ حَقًّا غَيْرَ أَنهم قَعَدُوا عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى النَّاسِ؛ وَقَالَ بَعْضُ مُجَّان المُحْدَثِين فِيمَنْ يأْبى أَن يَشْرَبَ الْخَمْرَ وَهُوَ يَسْتَحْسِنُ شُرْبَهَا لِغَيْرِهِ فَشَبَّهَهُ بِالَّذِي يَرَى التَّحْكِيمَ وَقَدْ قَعَدَ عَنْهُ فَقَالَ:
فكأَنِّي، وَمَا أُحَسِّنُ مِنْهَا، ... قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما
وتَقَعَّدَ فُلَانٌ عَنِ الأَمر إِذا لَمْ يَطْلُبْهُ. وتقاعَدَ بِهِ فُلَانٌ إِذا لَمْ يُخْرِجْ إِليه مِنْ حَقِّه. وتَقَعَّدْتُه أَي رَبَّثْتُه عَنْ حَاجَتِهِ وعُقْتُه. وَرَجُلٌ قُعَدَةٌ ضُجَعَة أَي كَثِيرُ الْقُعُودِ وَالِاضْطِجَاعِ. وَقَالُوا: ضَرَبَهُ ضَرْبَةَ ابنَةِ اقْعُدِي وقُومي أَي ضَرْبَ أَمَةٍ، وَذَلِكَ لِقُعُودِهَا وَقِيَامِهَا فِي خِدْمَةِ مَوَالِيهَا لأَنها تُؤْمَرُ بِذَلِكَ، وَهُوَ نَصُّ كَلَامِ ابْنِ الأَعرابي. وأُقْعِدَ الرجلُ: لَمْ يَقْدِرْ عَلَى النُّهُوضِ، وَبِهِ قُعاد أَي دَاءٌ يُقْعِدُه. وَرَجُلٌ مُقْعَدٌ إِذا أَزمنه دَاءٌ فِي جَسَدِهِ حَتَّى لَا حراكَ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ الحُدُود:
أُتيَ بامرأَة قَدْ زَنَتْ فَقَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَتْ: مِنَ المُقْعَد الَّذِي فِي حائِطِ سَعْد
؛ المُقْعَد الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى الْقِيَامِ لزَمانة بِهِ كأَنه قَدْ أُلزِمَ القُعُودَ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ القُعاد الَّذِي هُوَ الدَّاءُ الَّذِي يأْخذ الإِبل فِي أَوراكها فَيُمِيلُهَا إِلى الأَرض. والمُقْعَداتُ: الضَّفادِع؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
توَجَّسْنَ واسْتَيْقَنَّ أَنْ ليْسَ حاضِراً، ... عَلَى الماءِ، إِلا المُقْعَداتُ القَوافِزُ
والمُقْعَداتُ: فِراخُ القَطا قَبْلَ أَن تَنْهَضَ لِلطَّيَرَانِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِلى مُقْعَداتٍ تَطْرَحُ الرِّيحَ بالضُّحَى ... عَلَيْهِنَّ رَفْضاً مِن حَصادِ القُلاقِلِ
والمُقْعَدُ: فَرْخُ النسْرِ، وَقِيلَ: فَرْخُ كلِّ طَائِرٍ لَمْ يَسْتَقِلَّ مُقْعَدٌ. والمُقَعْدَدُ: فَرْخُ النَّسْرِ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وأَما قَوْلُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنصاري:
أَبو سليمانَ وَرِيشُ المُقْعَدِ، ... ومُجْنَأٌ مِنْ مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْرَدِ،
وضالَةٌ مِثلُ الجَحِيمِ المُوْقَدِ
فإِن أَبا الْعَبَّاسِ قَالَ: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْمُقْعَدُ فَرْخُ النَّسْرِ وَرِيشُهُ أَجوَد الرِّيشِ، وَقِيلَ: الْمُقْعَدُ النَّسْرُ الَّذِي قُشِبَ لَهُ حَتَّى صِيدَ فَأُخِذ رِيشُه، وَقِيلَ: الْمُقْعَدُ اسْمُ رجل كان يَرِيشُ السِّهام، أَي أَنا أَبو سُلَيْمَانَ وَمَعِي سِهَامٌ رَاشَهَا الْمُقْعَدُ فَمَا عُذْرِي أَن لَا أُقاتل؟ والضالَةُ: مِنْ شَجَرِ السِّدْر، يُعْمَلُ مِنْهَا السِّهَامُ، شَبَّهَ السِّهَامَ بِالْجَمْرِ لِتَوَقُّدِهَا. وقَعَدَتِ الرَّخَمَةُ: جَثَمَتْ، وَمَا قَعَّدَك واقْتعدك أَي حَبَسَك. والقَعَدُ: النَّخْلُ، وَقِيلَ النَّخْلُ الصِّغار، وَهُوَ جَمْعُ قَاعِدٍ كَمَا قَالُوا خَادِمٌ وخَدَمٌ. وقَعَدَت الفَسِيلَة، وَهِيَ قَاعِدٌ: صَارَ لَهَا جِذْعٌ تَقْعُد عَلَيْهِ. وَفِي أَرض فُلَانٍ مِنَ الْقَاعِدِ كَذَا وَكَذَا أَصلًا ذَهَبُوا إِلى الجِنس. والقاعِدُ مِنَ النَّخْلِ: الَّذِي تَنَالُهُ الْيَدُ. وَرَجُلٌ قِعْدِيٌّ وقُعْدِيٌّ: عَاجِزٌ كأَنه يُؤثِرُ القُعود. والقُعْدَة: السرجُ وَالرَّحْلُ تَقْعُد عَلَيْهِمَا. والقَعْدَة، مَفْتُوحَةٌ: مَرْكَبُ الإِنسان والطِّنْفِسَةُ الَّتِي يَجْلِسُ(3/358)
عَلَيْهَا قَعْدَة، مَفْتُوحَةٌ، وَمَا أَشبهها. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: القُعْداتُ الرحالُ والسُّرُوجُ. والقُعَيْداتُ: السُّروجُ وَالرِّحَالُ. والقُعدة: الْحِمَارُ، وجمْعه قُعْدات؛ قَالَ عروةُ بن معديكرب:
سَيْباً عَلَى القُعُداتِ تَخْفِقُ فَوْقَهُم ... راياتُ أَبْيَضَ كالفَنِيقِ هِجانِ
اللَّيْثُ: القُعْدَةُ مِنَ الدوابِّ الَّذِي يَقْتَعِدُه الرَّجُلُ لِلرُّكُوبِ خَاصَّةً. والقُعْدَةُ والقَعُودَةُ والقَعُودُ مِنَ الإِبل: مَا اتَّخَذَهُ الرَّاعِي لِلرُّكُوبِ وحَمْلِ الزادِ والمتاعِ، وَجَمْعُهُ أَقْعِدَةٌ وقُعُدٌ وقِعْدانٌ وقَعَائِدُ. واقْتَعَدَها: اتَّخَذَهَا قَعُوداً. قَالَ أَبو عبيدة: وَقِيلَ القَعُود مِنَ الإِبل هُوَ الَّذِي يَقْتَعِدُه الرَّاعِي فِي كُلِّ حَاجَةٍ؛ قَالَ: وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ رَخْتْ وَبِتَصْغِيرِهِ جَاءَ الْمَثَلُ: اتَّخَذُوه قُعَيِّدَ الْحَاجَاتِ إِذا امْتَهَنوا الرجلَ فِي حَوَائِجِهِمْ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ نَاقَتَهُ:
مَعْكُوسَةٌ كقَعُودِ الشَّوْلِ أَنَطَفَها ... عَكْسُ الرِّعاءِ بإِيضاعٍ وتَكْرارِ
. وَيُقَالُ: نِعْمَ القُعْدَةُ هَذَا أَي نِعْمَ المُقْتَعَدُ. وَذَكَرَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ مَنْ يَقُولُ: قَعُودَةٌ للقلوصِ، وَلِلذَّكَرِ قَعُودٌ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا عِنْدَ الْكِسَائِيِّ مِنْ نَوَادِرِ الْكَلَامِ الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ بَعْضِهِمْ وَكَلَامُ أَكثر الْعَرَبِ عَلَى غَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ قَلُوصٌ للبكْرة الأُنثى وللبكْر قَعُود مِثْلُ القَلُوصِ إِلى أَن يُثْنِيا ثُمَّ هُوَ جَمَل؛ قَالَ الأَزهري: وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ قَوْلُ مَنْ شَاهَدْتُ مِنَ الْعَرَبِ لَا يَكُونُ الْقَعُودُ إِلا البكْر الذَّكَرَ، وَجَمْعُهُ قِعْدانٌ ثُمَّ القَعَادِينُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَلَمْ أَسمع قَعُودَة بِالْهَاءِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ. والقَعُود مِنَ الإِبل: هُوَ الْبَكْرُ حِينَ يُرْكَب أَي يُمَكّن ظَهْرُهُ مِنَ الرُّكُوبِ، وأَدنى ذَلِكَ أَن يأْتي عَلَيْهِ سَنَتَانِ، وَلَا تَكُونُ الْبَكْرَةُ قَعُودًا وإِنما تَكُونُ قَلُوصاً. وَقَالَ النَّضْرُ: القُعْدَةُ أَن يَقْتَعِدَ الرَّاعِي قَعوداً مِنْ إِبله فَيَرْكَبُهُ فَجَعَلَ القُعْدة والقَعُود شَيْئًا وَاحِدًا. والاقْتِعادُ: الرُّكُوبُ. يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّاعِي: نستأْجرك بِكَذَا وَعَلَيْنَا قُعْدَتُك أَي عَلَيْنَا مَرْكَبُكَ، تَرْكَبُ مِنَ الإِبل مَا شِئْتَ وَمَتَى شِئْتَ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
لَمْ يَقْتَعِدْها المُعْجِلون
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: مِنَ النَّاسِ مَنْ يُذِلُّه الشيطانُ كَمَا يُذلُّ الرَّجُلُ قَعُودَهُ مِنَ الدَّوَابِّ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: القَعُودُ مِنَ الدوابِّ مَا يَقْتَعِدُه الرَّجُلُ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ وَلَا يَكُونُ إِلا ذَكَرًا، وَقِيلَ: القَعُودُ ذَكَرٌ، والأُنثى قَعُودَةٌ؛ وَالْقَعُودُ مِنَ الإِبل: مَا أَمكن أَن يُركب، وأَدناه أَن تَكُونَ لَهُ سَنَتَانِ ثُمَّ هُوَ قَعود إِلى أَنْ يُثْنِيَ فَيَدْخُلَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ ثُمَّ هُوَ جَمَلٌ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي رَجَاءٍ: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُتَّقِياً حَتَّى يَكُونَ أَذَلَّ مِنْ قَعُودٍ، كلُّ مَنْ أَتى عَلَيْهِ أَرْغاه
أَي قَهَره وأَذَلَّه لأَن الْبَعِيرَ إِنما يَرْغُو عَنْ ذُلٍّ وَاسْتِكَانَةٍ. والقَعُود أَيضاً: الْفَصِيلُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: القَعُودُ مِنَ الذُّكُورِ والقَلوص مِنَ الإِناث. قَالَ الْبُشْتِيُّ: قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لِابْنِ المَخاض حِينَ يَبْلُغُ أَن يَكُونَ ثَنِيًّا قَعُودٌ وَبَكْرٌ، وَهُوَ مِنَ الذُّكُورِ كَالْقَلُوصِ مِنَ الإِناث؛ قَالَ الْبُشْتِيُّ: لَيْسَ هَذَا مِنَ القَعُود التي يقتعدها الراعي فَيَرْكَبُهَا وَيَحْمِلُ عَلَيْهَا زَادَهُ وأَداته، إِنما هُوَ صِفَةٌ لِلْبَكْرِ إِذا بَلَغَ الأَثْنَاءَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَخطأَ الْبُشْتِيُّ فِي حِكَايَتِهِ عَنْ يَعْقُوبَ ثُمَّ أَخطأَ فِيمَا فَسَّرَهُ مِنْ كِيسه أَنه غَيْرُ الْقُعُودِ الَّتِي يَقْتَعِدُهَا الرَّاعِي مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، فأَما يَعْقُوبُ فإِنه قَالَ: يُقَالُ لِابْنِ الْمَخَاضِ حَتَّى يبلغ أَن يكون ثنيا قعود وبَكر وهو الذُّكُورِ كالقَلوص، فَجَعَلَ(3/359)
الْبُشْتِيُّ حَتَّى حِينَ وَحَتَّى بِمَعْنَى إِلى، وأَحد الخطأَين مِنَ الْبُشْتِيِّ أَنه أَنَّث الْقَعُودَ وَلَا يَكُونُ الْقَعُودُ عِنْدَ الْعَرَبِ إِلا ذَكَرًا، وَالثَّانِي أَنه لَا قَعُودَ فِي الإِبل تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ غَيْرَ مَا فَسَّرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ، قَالَ: ورأَيت الْعَرَبَ تَجْعَلُ الْقَعُودَ الْبَكْرَ مِنَ الإِبل حِينَ يُركب أَي يُمَكَّنُ ظَهْرُهُ مِنَ الرُّكُوبِ، قَالَ: وأَدنى ذَلِكَ أَن يأْتي عَلَيْهِ سَنَتَانِ إِلى أَن يُثْنِيَ فإِذا أَثنى سُمِّيَ جَمَلًا، وَالْبَكْرُ والبَكْرَة بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ اللَّذَيْنِ لَمْ يُدْرِكَا، وَلَا تَكُونُ الْبَكْرَةَ قَعُودًا. ابْنُ الأَعرابي: البَكر قَعود مِثْلُ القَلوص فِي النُّوقِ إِلى أَن يُثْنِيَ. وقاعَدَ الرجلَ: قَعَدَ منه. وقَعِيدُ الرجلِ: مُقاعِدُه. وَفِي حَدِيثِ الأَمر بِالْمَعْرُوفِ:
لَا يَمْنَعُه ذَلِكَ أَن يَكُونَ أَكِيلَه وشَرِيبَه وقَعِيدَه
؛ القَعِيدُ الَّذِي يُصَاحِبُكَ فِي قُعودِكَ، فَعِيلٌ بمعى مُفَاعِلٍ؛ وقعِيدا كلِّ أَمرٍ: حَافِظَاهُ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ
؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَفرد كَمَا تَقُولُ لِلْجَمَاعَةِ هُمْ فَرِيقٌ، وَقِيلَ: الْقَعِيدُ لِلْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ والمؤَنث بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَهُمَا قَعِيدَانِ، وفَعِيلٌ وَفَعُولٌ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ، كَقَوْلِهِ: أَنا رَسُولُ رَبِّكِ، وَكَقَوْلِهِ: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ؛ وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: مَعْنَاهُ عَنِ الْيَمِينِ قَعِيدٌ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْوَاحِدِ عَنْ صَاحِبِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
نحْنُ بِمَا عِنْدَنا، وأَنتَ بِمَا ... عِنْدَك راضٍ، والرَّأْيُ مُخْتَلِفُ
وَلَمْ يَقُلْ راضِيان وَلَا راضُون، أَراد: نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا رَاضُونَ وأَنت بِمَا عِنْدَكَ راضٍ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
إِني ضَمِنْتُ لمنْ أَتاني مَا جَنَى ... وَأَتَى، وَكَانَ وكنتُ غيرَ غَدُورِ
وَلَمْ يَقُلْ غدُوَرينِ. وقَعِيدَةُ الرَّجُلِ وقَعِيدَةُ بيِته: امرأَتُه؛ قَالَ الأَشعَرُ الجُعْفِيُّ:
لَكِنْ قَعِيدَةُ بَيْتِنا مَجْفُوَّةٌ، ... بادٍ جنَاجِنُ صَدْرِها وَلَهَا غِنَى
وَالْجَمْعُ قَعائدُ. وقَعِيدَةُ الرجلِ: امرأَته. وَكَذَلِكَ قِعادُه؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَوفى الْخُزَاعِيُّ فِي امرأَته:
مُنَجَّدَةٌ مثلُ كَلْبِ الهِراش، ... إِذا هَجَعَ الناسُ لَمْ تَهْجَعِ
فَلَيْسَتْ بِتارِكَةٍ مَحْرَماً، ... وَلَوْ حُفَّ بالأَسَلِ المُشْرَعِ
فَبِئْسَتْ قِعادُ الفَتَى وحدْهَا، ... وبِئْسَتْ مُوَفِّيَةُ الأَرْبَعِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مُنَجَّدَةٌ مُحَكَّمَةٌ مُجَرَّبَةٌ وَهُوَ مِمَّا يُذَمُّ بِهِ النساءُ وتُمْدَحُ بِهِ الرِّجَالُ. وتَقَعَّدَتْه: قَامَتْ بأَمره؛ حكاه ثعلب وابن الأَعرابي. والأَسَلُ: الرِّماحُ. وَيُقَالُ: قَعَّدْتُ الرجلَ وأَقْعدْتُه أَي خَدَمْتُه وأَنا مُقْعِدٌ لَهُ ومُقَعِّدٌ؛ وأَنشد:
تَخِذَها سرِّيَّةً تُقَعِّدُه
وَقَالَ الْآخَرُ:
وليسَ لِي مُقْعِدٌ فِي البيتِ يُقْعِدُني، ... وَلَا سَوامٌ، وَلَا مِنْ فِضَّةٍ كِيسُ
والقَعِيدُ: مَا أَتاك مِنْ وَرَائِكَ مِنْ ظَبْيٍ أَو طَائِرٍ يُتَطَّيرُ مِنْهُ بِخِلَافِ النَّطِيح؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:
وَلَقَدْ جَرَى لهُمُ، فَلَمْ يَتَعَيَّفُوا، ... تَيْسٌ قَعِيدٌ كالوَشِيجَةِ أَعْضَبُ
الوَشِيجَةُ: عِرْقُ الشجرةِ، شبَّه التَّيْسَ مِنْ ضُمْرِه(3/360)
به، ذَكَرُهُ أَبو عُبَيْدَةَ فِي بَابِ السَّانِحِ والبارِحِ وَهُوَ خِلَافُ النَّطِيح. والقَعِيدُ: الجرادُ الَّذِي لَمْ يَسْتَوِ جَنَاحَاهُ بَعْدُ. وثَدْيٌ مُقْعَدٌ: ناتِئٌ عَلَى النَّحْرِ إِذَا كَانَ ناهِداً لَمْ يَنْثَنِ بَعْدُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
والبَطنُ ذُو عُكَنٍ لطيفٌ طَيُّهُ، ... والإِتْبُ تَنْفُجُه بِثَدْيٍ مُقْعَدِ
وقَعَدَ بَنُو فلانٍ لِبَنِي فُلَانٍ يَقْعُدون: أَطاقوهم وجاؤُوهم بأَعْدادِهم. وقَعَدَ بِقِرْنِهِ: أَطاقَه. وقَعَدَ لِلْحَرْبِ: هَيَّأَ لَهَا أَقرانَها؛ قَالَ:
لأُصْبِحَنْ ظَالِمًا حَرْباً رَباعِيَةً، ... فاقعُدْ لَهَا، ودَعَنْ عنْكَ الأَظانِينا
وَقَوْلُهُ:
سَتَقْعُدُ عبدَ اللهِ عَنَّا بِنَهْشَل
أَي سَتُطيقها وتَجِيئُها بأَقْرانها فَتَكْفينا نَحْنُ الْحَرْبَ. وقَعَدَتِ المرأَةُ عَنِ الْحَيْضِ والولدِ تَقْعُدُ قُعوداً، وَهِيَ قَاعِدٌ: انْقَطَعَ عَنْهَا، وَالْجَمْعُ قَواعِدُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ
؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ: هُنَّ اللَّوَاتِي قَعَدْنَ عَنِ الأَزواج. ابْنُ السِّكِّيتِ: امرأَة قاعِدٌ إِذا قَعَدَتْ عَنِ الْمَحِيضِ، فإِذا أَردت القُعود قُلْتَ: قَاعِدَةٌ. قَالَ: وَيَقُولُونَ امرأَة واضِعٌ إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا خِمَارٌ، وأَتانٌ جامِعٌ إِذا حَمَلَتْ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الْقَوَاعِدُ مِنْ صِفَاتِ الإِناث لَا يُقَالُ رِجَالٌ قواعِدُ، وَفِي حَدِيثِ
أَسماءَ الأَشْهَلِيَّة: إِنا مَعاشِرَ النساءِ محصوراتٌ مقصوراتٌ قواعِدُ بيوتِكم وحوامِلُ أَولادِكم
؛ الْقَوَاعِدُ: جَمْعُ قاعِدٍ وَهِيَ المرأَة الْكَبِيرَةُ الْمُسِنَّةُ، هَكَذَا يُقَالُ بِغَيْرِ هَاءٍ أَي أَنها ذَاتُ قُعُودٍ، فأَما قَاعِدَةٌ فَهِيَ فَاعِلَةٌ مِنْ قَعَدَتْ قُعُودًا، وَيُجْمَعُ عَلَى قَوَاعِدَ أَيضاً. وَقَعَدَتِ النَّخْلَةُ: حَمَلَتْ سَنَةً وَلَمْ تَحْمِلْ أُخرى. والقاعِدَةِ: أَصلُ الأُسِّ، والقَواعِدُ: الإِساسُ، وقواعِد الْبَيْتِ إِساسُه. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ
؛ وَفِيهِ: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: القَواعِدُ أَساطينُ الْبِنَاءِ الَّتِي تَعْمِدُه. وقَواعِدُ الهَوْدَج: خَشَبَاتٌ أَربع مُعْتَرِضَةٌ فِي أَسفله تُركَّبُ عِيدانُ الهَوْدَج فِيهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوَاعِدُ السَّحَابِ أُصولها الْمُعْتَرِضَةُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ شُبِّهَتْ بِقَوَاعِدِ الْبِنَاءِ؛ قَالَ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ سأَل عَنْ سَحَابَةٍ مَرَّت فَقَالَ: كَيْفَ تَرَوْنَ قواعِدَها وبواسِقَها؟
وَقَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بِالْقَوَاعِدِ مَا اعْتَرَضَ مِنْهَا وسَفَل تَشْبِيهًا بِقَوَاعِدِ الْبِنَاءِ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: إِذَا قامَ بكَ الشَّرْ فاقْعُدْ، يفسَّر عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن الشَّرَّ إِذا غَلَبَكَ فَذِلَّ لَهُ وَلَا تَضْطَرِبْ فِيهِ، وَالثَّانِي أَن مَعْنَاهُ إِذا انْتَصَبَ لَكَ الشرُّ وَلَمْ تَجِدْ مِنْهُ بُدًّا فانتِصبْ لَهُ وجاهِدْه؛ وَهَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ. والقُعْدُدُ والقُعْدَدُ: الجبانُ اللئيمُ القاعدُ عَنِ الْحَرْبِ والمكارِمِ. والقُعْدُدُ: الْخَامِلُ. قَالَ الأَزهري: رَجُلٌ قُعْددٌ وقَعْدَدٌ إِذا كَانَ لَئِيمًا مِنَ الحَسَبِ. المُقْعَدُ والقُعْدُدُ: الَّذِي يَقْعُدُ بِهِ أَنسابه؛ وأَنشد:
قَرَنْبَى تَسُوفُ قَفَا مُقْرِفٍ ... لَئِيمٍ، مآثِرُهُ قُعْدُد
وَيُقَالُ: اقْتَعَدَ فُلَانًا عَنِ السخاءِ لؤْمُ جِنْثِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فازَ قدْحُ الكَلْبيِّ، واقتَعَدَتْ مَغْراءَ ... عَنْ سَعْيِهِ عُرُوقُ لَئِيمِ
وَرَجُلٌ قُعْدُدٌ: قَرِيبٌ مِنَ الجَدِّ الأَكبر وَكَذَلِكَ قعدَد. والقُعْدُدُ والقُعْدَدُ: أَملك الْقَرَابَةِ فِي النَّسَبِ.(3/361)
والقُعْدُدُ؛ القُرْبَى. والمِيراث القُعْدُدُ: هُوَ أَقربُ القَرابَةِ إِلى الْمَيِّتِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: قُعْدُدٌ مُلْحَقٌ بجُعْشُمٍ، وَلِذَلِكَ ظَهَرَ فِيهِ الْمَثَلَانِ. وَفُلَانٌ أَقْعَد مِنْ فُلَانٍ أَي أَقرب مِنْهُ إِلى جَدِّهِ الأَكبر، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الأَعرابي بِمِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ: فُلَانٌ أَقْعَدُ مِنْ فُلَانٍ أَي أَقلُّ آبَاءً. والإِقْعادُ: قِلَّةُ الْآبَاءِ والأَجداد وَهُوَ مَذْمُومٌ، والإِطْرافُ كَثَرتُهم وَهُوَ مَحْمُودٌ، وَقِيلَ: كِلَاهُمَا مَدْحٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ ذُو قُعْدد إِذا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْقَبِيلَةِ وَالْعَدَدُ فِيهِ قِلَّةٌ. يُقَالُ: هُوَ أَقْعَدُهم أَي أَقربهم إِلى الْجَدِّ الأَكبر، وأَطْرَفُهم وأَفْسَلُهم أَي أَبعدهم مِنَ الْجَدِّ الأَكبر. وَيُقَالُ: فُلَانٌ طَرِيفٌ بَيِّنُ الطَّرافَة إِذا كَانَ كَثِيرَ الْآبَاءِ إِلى الْجَدِّ الأَكبر لَيْسَ بِذِي قُعْدُد؛ وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَعِيدُ النَّسَبِ ذُو قُعْدد إِذا كَانَ قَلِيلَ الآباءِ إِلى الْجَدِّ الأَكبر؛ وَكَانَ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيُّ أَقعَدَ بَنِي الْعَبَّاسِ نَسَبًا فِي زَمَانِهِ، وَلَيْسَ هَذَا ذَمًّا عِنْدَهُمْ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ قُعْدُدُ بَنِي هَاشِمٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَيُمْدَحُ بِهِ مِنْ وَجْهٍ لأَن الْوَلَاءَ للكُبر وَيُذَمُّ بِهِ مِنْ وَجْهٍ لأَنه مِنْ أَولادِ الهَرْمَى ويُنسَب إِلى الضَّعْفِ؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّة يَرْثِي أَخاه:
دَعاني أَخي والخيلُ بيْني وبيْنَه، ... فَلَمَّا دَعاني لَمْ يَجِدْني بِقُعْدُدِ
وَقِيلَ: الْقُعْدُدُ فِي هَذَا الْبَيْتِ الجبانُ القاعِدُ عَنِ الحربِ والمكارِمِ أَيضاً يَتَقَعَّد فَلَا يَنْهَضُ؛ قَالَ الأَعشي:
طَرِفُونَ ولَّادُونَ كلَّ مُبارَكٍ، ... أَمِرُونَ لَا يَرِثُونَ سَهمَ القُعْدُدِ
وأَنشده ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَمِرُونَ ولَّادُونَ كلَّ مُبارَكٍ، ... طَرِفُونَ......
وَقَالَ: أَمرون أَي كَثِيرُونَ. وَالطَّرِفُ: نَقِيضُ القُعدد. ورأَيت حَاشِيَةً بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَن هَذَا الْبَيْتَ أَنشده المَرْزُبانيُّ فِي مُعْجَمِ الشُّعَرَاءِ لأَبي وجْزَةَ السَّعْدِيِّ فِي آلِ الزُّبَيْرِ. وأَما القُعدد الْمَذْمُومُ فَهُوَ اللَّئِيمُ فِي حَسَبِهِ، والقُعْدُد مِنَ الأَضداد. يُقَالُ لِلْقَرِيبِ النَّسَبِ مِنَ الْجَدِّ الأَكبر: قُعْدُدٌ، وَلِلْبَعِيدِ النَّسَبِ مِنَ الْجَدِّ الأَكبر: قُعْدُدٌ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ الْبُعَيْثِ:
لَقًى مُقْعَدُ الأَسبابِ مُنْقَطَعٌ بِهِ
قَالَ: مَعْنَاهُ أَنه قَصِيرُ النَّسَبِ مِنَ الْقُعْدُدِ. وَقَوْلُهُ منقَطَعٌ بِهِ مُلْقًى أَي لَا سَعْيَ لَهُ إِن أَراد أَن يَسْعَى لَمْ يَكُنْ بِهِ عَلَى ذَلِكَ قُوَّةُ بُلْقَةٍ أَي شَيْءٌ يَتَبَلَّغُ بِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مُقْعَدُ الحَسَبِ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرَفٌ؛ وَقَدْ أَقْعَدَه آباؤُه وتَقَعَّدُوه؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ يَهْجُو رَجُلًا:
ولكِنَّه عَبْدٌ تَقَعَّدَ رَأْيَه ... لِئامُ الفُحولِ وارْتخاضُ المناكِحِ «3»
أَي أَقعد حَسَبَهُ عَنِ الْمَكَارِمِ لؤْم آبَائِهِ وأُمهاته. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ وَرِثَ فُلَانٌ بالإِقْعادِ، وَلَا يُقَالُ وَرِثه بِالْقُعُودِ. والقُعادُ والإِقْعادُ: داءٌ يأْخُذُ الإِبل وَالنَّجَائِبَ فِي أَوراكها وَهُوَ شِبْهُ مَيْل العَجُزِ إِلى الأَرض، وَقَدْ أُقْعِدَ الْبَعِيرُ فَهُوَ مُقْعَدٌ. والقَعَدُ: أَن يَكُونَ بِوَظِيفِ الْبَعِيرِ تَطامُنٌ واسْتِرْخاء. والإِقعادُ فِي رِجْلِ الْفَرَسِ: أَن تُفْرَشَ «4» جِدًّا فلا تَنْتَصِبَ. والمُقْعَدُ: الأَعوج، يُقَالُ مِنْهُ: أُقعِدَ الرجلُ، تَقُولُ: مَتَى أَصابك هَذَا القُعادُ؟ وجملٌ أَقْعَدُ: فِي وظِيفَيْ رِجْلَيْهِ كَالِاسْتِرْخَاءِ. والقَعِيدَةُ: شَيْءٌ تَنْسُجُه النِّسَاءُ يُشْبِهُ العَيْبَةَ
__________
(3) . قوله [وارتخاض] كذا بالأَصل، ولعله مصحف عن ارتخاص من الرخص ضد الغلاء أو ارتحاض بمعنى افتضاح.
(4) . وقوله [تفرش] في الصحاح تقوس.(3/362)
يُجْلَسُ عَلَيْهِ، وَقَدِ اقْتَعَدَها؛ قَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ:
رَفَعْنَ حَوَايَا واقْتَعَدْنَ قَعائِداً، ... وحَفَّفْنَ مِنْ حَوْكِ العِراقِ المُنَمَّقِ
والقَعِيدَةُ أَيضاً: مِثْلُ الغِرارَةِ يَكُونُ فِيهَا القَدِيدُ والكعكُ، وَجَمْعُهَا قَعائِدُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ صَائِدًا:
لَهُ مِنْ كَسْبِهِنَّ مُعَذْلَجاتٌ ... قَعائِدُ، قَدْ مُلِئْنَ مِنَ الوَشِيقِ
وَالضَّمِيرُ فِي كَسْبِهِنَّ يَعُودُ عَلَى سِهَامٍ ذَكَرَهَا قَبْلَ الْبَيْتِ. ومُعَذْلَجاتٌ: مَمْلُوَءَاتٌ. والوشِيقُ: مَا جَفَّ مِنَ اللَّحْمِ وَهُوَ القَدِيدُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلُ الرَّاجِزِ:
تُعْجِلُ إِضْجاعَ الجَشِير القاعِدِ
قَالَ: القاعِدُ الجُوالقُ الممتلئُ حَبًّا كأَنه مِنَ امْتِلَائِهِ قَاعِدٌ. والجَشِيرُ: الجُوالِقُ. والقَعِيدَةُ مِنَ الرَّمْلِ: الَّتِي لَيْسَتْ بمُسْتَطِيلة، وَقِيلَ: هِيَ الحبْل اللاطِئُ بالأَرض، وقيل: وهو مَا ارْتَكَم مِنْهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: إِذا كَانَ بَيْتٌ مِنَ الشِّعْر فِيهِ زِحافٌ قِيلَ لَهُ مُقْعَدٌ؛ والمُقْعَدُ مِنَ الشِّعْرِ: مَا نَقَصَتْ مِنْ عَرُوضِه قُوَّة، كَقَوْلِهِ:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِكِ بنِ زُهَيرٍ ... تَرْجُو النساءُ عَوَاقِبَ الأَطْهارِ؟
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِقواء نُقْصَانُ الْحُرُوفِ مِنَ الْفَاصِلَةِ فَيَنْقُص مِنْ عَرُوضِ الْبَيْتِ قُوَّةٌ، وَكَانَ الْخَلِيلُ يُسَمِّي هَذَا المُقْعَدَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا صَحِيحٌ عَنِ الْخَلِيلِ وَهَذَا غَيْرُ الزِّحَافِ وَهُوَ عَيْبٌ فِي الشِّعْرِ وَالزِّحَافُ لَيْسَ بِعَيْبٍ. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ قَعَدَ فُلَانٌ يَشْتُمُني بِمَعْنَى طَفِقَ وجَعَل؛ وأَنشد لِبَعْضِ بَنِي عَامِرٍ:
لَا يُقْنِعُ الجارِيَةَ الخِضابُ، ... وَلَا الوِشاحانِ، وَلَا الجِلْبابُ
مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقيَ الأَركابُ، ... ويَقْعُدَ الأَيْرُ لَهُ لُعابُ
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: حَدَّدَ شَفْرَتَه حَتَّى قَعدتْ كأَنها حَربَةٌ أَي صَارَتْ. وَقَالَ: ثَوْبَكَ لَا تَقْعُدُ تَطِيرُ بِهِ الريحُ أَي لَا تَصِيرُ الريحُ طَائِرَةً بِهِ، وَنَصَبَ ثَوْبَكَ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أَي احْفَظْ ثَوْبَكَ. وَقَالَ: قَعَدَ لَا يَسْأْلُه أَحَدٌ حَاجَةً إِلا قَضَاهَا وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ فإِن عَنَى بِهِ صَارَ فَقَدْ تَقَدَّمَ لَهَا هَذِهِ النَّظَائِرُ وَاسْتَغْنَى بِتَفْسِيرِ تِلْكَ النَّظَائِرِ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ، وإِن كَانَ عَنَى الْقُعُودَ فَلَا مَعْنَى لَهُ لأَن الْقُعُودَ لَيْسَتْ حَالٌ أَولى بِهِ مِنْ حَالٍ، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ قَعَدَ لَا يَمُرُّ بِهِ أَحد إِلا يسبه، وقعد لَا يسأَله سَائِلٌ إِلا حَرَمَهُ؟ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُخْبَرُ بِهِ مِنْ أَحوال الْقَاعِدِ، وإِنما هُوَ كَقَوْلِكَ: قَامَ لَا يُسأَلُ حاجَةً إِلا قَضَاهَا. وقَعِيدَكَ اللهَ لَا أَفعلُ ذَلِكَ وقِعْدَك [قَعْدَك] ؛ قَالَ مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ:
قَعِيدَكِ أَن لَا تُسْمِعيني مَلامَةً، ... وَلَا تَنْكَئِي قَرْحَ الفؤَادِ فَيِيجَعَا
وَقِيلَ: قَعْدَكَ [قِعْدَكَ] اللهَ وقَعيدَكَ اللهَ أَي كأَنه قاعدٌ مَعَكَ يَحْفَظُ عَلَيْكَ قَوْلَكَ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ قِعْدكَ اللَّهَ أَي اللهُ مَعَكَ؛ قَالَ وأَنشد غَيْرُهُ عَنْ قُرَيْبَةَ الأَعرابية:
قَعِيدَكِ عَمْرَ اللَّهِ، يَا بِنْتَ مالِكٍ، ... أَلم تَعْلَمِينا نِعْمَ مَأْوى المُعَصِّبِ
قَالَ: وَلَمْ أَسمع بَيْتًا اجْتَمَعَ فِيهِ العَمْرُ والقَعِيدُ إِلا هَذَا. وَقَالَ ثعلب: قَعْدَكَ [قِعْدَكَ] اللهَ وقَعِيدَكَ اللهَ أَي نَشَدْتُكَ اللهَ. وَقَالَ: إِذا قُلْتَ قَعِيدَكُما اللَّهَ جاءَ مَعَهُ الِاسْتِفْهَامُ وَالْيَمِينُ، فَالِاسْتِفْهَامُ كَقَوْلِهِ: قَعِيدَكما اللهَ أَلم يَكُنْ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:(3/363)
قَعِيدَكما اللهَ الَّذِي أَنْتُما لَهُ، ... أَلم تَسْمَعا بالبَيْضَتَيْنِ المُنادِيا؟
والقَسَمُ: قَعِيدَكَ اللهَ لأُكْرِمَنَّكَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: عَلْيا مُضَر تَقُولُ قَعِيدَك لَتَفْعَلَنَّ كَذَا؛ قَالَ القَعِيدُ الأَب؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: القَعِيد المُقاعِدُ؛ وأَنشد بَيْتَ الفرزدق:
قَعيدَكُما اللهَ الَّذِي أَنتما لَهُ
يَقُولُ: أَينما قعدت فأَنت مقاعد لله أَي هُوَ مَعَكَ. قَالَ: وَيُقَالُ قَعِيدَك اللَّهَ لَا تَفْعل كَذَا، وقَعْدَكَ اللَّهَ، بِفَتْحِ الْقَافِ، وأَما قِعْدَكَ فَلَا أَعْرِفُه. وَيُقَالُ: قَعَدَ قَعْدًا وَقُعُودًا؛ وأَنشد:
فَقَعْدَكِ أَن لَا تُسْمِعِيني مَلامَةً
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ يَمِينٌ لِلْعَرَبِ وَهِيَ مَصَادِرُ اسْتُعْمِلَتْ مَنْصُوبَةً بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، وَالْمَعْنَى بِصَاحِبِكِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ كُلِّ نَجْوَى، كَمَا يُقَالُ: نَشَدْتُكَ اللَّهُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَرْجَمَةِ وَجَعَ فِي بَيْتِ مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ:
قَعِيدَكِ أَن لَا تُسْمِعِيني مَلامَةً
قَالَ: قَعِيدَك اللهَ وقَعدك [قِعدك] اللَّهَ اسْتِعْطَافٌ وَلَيْسَ بِقَسَمٍ؛ كَذَا قَالَ أَبو عَلِيٍّ؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه لَيْسَ بِقَسَمٍ كَوْنُهُ لَمْ يُجَبْ بجوابِ القَسَم. وقَعِيدَكَ اللهَ بِمَنْزِلَةِ عَمْرَكَ اللهَ فِي كَوْنِهِ يَنْتَصِبُ انْتِصَابَ الْمَصَادِرِ الْوَاقِعَةِ مَوْقِعَ الْفِعْلِ، فَعَمْرَكَ اللهَ وَاقِعٌ مَوْقِعَ عَمَّرَك اللهُ أَي سأَلْتُ اللهَ تَعْمِيرَك، وَكَذَلِكَ قِعْدَكَ اللهَ تَقْديره قَعَّدْتُك اللهَ أَي سأَلت اللَّهَ حِفْظَكَ مِنْ قَوْلِهِ: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ
أَي حَفِيظٌ. والمُقْعَدُ: رجلٌ كَانَ يَرِيشُ السِّهَامَ بِالْمَدِينَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبو سُلَيْمان ورِيشُ المُقْعَدِ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المُقْعدانُ شَجَرٌ يَنْبُتُ نَبَاتَ المَقِرِ وَلَا مَرَارَةَ لَهُ يخرج في وَسَطِهِ قَضِيبٌ بِطُولِ قَامَةٍ وَفِي رأْسه مِثْلُ ثَمَرَةِ العَرْعَرَة صُلْبة حَمْرَاءُ يَتَرَامَى بِهِ الصِّبْيَانُ وَلَا يَرْعَاهُ شَيْءٌ. وَرَجُلٌ مُقْعَدُ الأَنف: وَهُوَ الَّذِي فِي مَنْخِرِه سَعة وقِصَر. والمُقْعَدَةُ: الدَّوْخَلَّةُ مِنَ الخُوصِ. وَرَحًى قاعِدَةٌ: يَطْحَنُ الطاحِنُ بِهَا بالرَّائِدِ بيَدِه. وَقَالَ النَّضْرُ: القَعَدُ العَذِرَةُ والطَّوْفُ.
قفد: القَفْدُ: صَفْعُ الرَّأْس بِبَسْطِ الْكَفِّ مِنْ قِبَلِ القَفا. تَقُولُ: قَفَدَه قَفْداً صَفَعَ قَفَاهُ بِبَطْنِ الْكَفِّ. والأَقْفَدُ: الْمُسْتَرْخِي الْعُنُقِ مِنَ النَّاسِ وَالنَّعَامِ، وَقِيلَ: هُوَ الْغَلِيظُ الْعُنُقِ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: قُلْتُ لأُمية مَا حَطأَني حَطْأَةً، فَقَالَ: قَفَدَني قفْدَةً
؛ القَفْدُ صَفْعُ الرأْس بِبَسْطِ الْكَفِّ مِنْ قِبَلِ الْقَفَا. وَالْقَفَدُ، بِفَتْحِ الْفَاءِ: أَن يَمِيلَ خُفُّ الْبَعِيرِ مِنَ الْيَدِ أَو الرِّجْلِ إِلى الْجَانِبِ الإِنسي؛ قَفِدَ، فَهُوَ أَقْفَدُ، فإِن مَالَ إِلى الوحْشِيّ، فَهُوَ أَصْدَفُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
مِنْ مَعْشَرٍ كُحِلَتْ باللُّؤْمِ أَعْيُنُهُمْ، ... قُفْدِ الأَكُفِّ، لِئامٍ غيرِ صُيَّابِ
وَقِيلَ: القَفَدُ أَن يُخْلَقَ رأْس الكفِّ والقَدَمِ مَائِلًا إِلى الْجَانِبِ الْوَحْشِيِّ. وَقِيلَ: القَفَدُ فِي الإِنسان أَن يُرى مُقَدَّمُ رِجْلِهِ مِنْ مؤَخَّرِها مِنْ خَلْفِهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أُقَيْفِدُ حَفَّادٌ عَلَيْهِ عَباءةٌ ... كَساها مَعَدَّيْهِ مُقاتَلَة الدَّهْرِ(3/364)
وَهُوَ فِي الإِبل يُبْسُ الرجْلَيْنِ مِنْ خِلقَةٍ، وَفِي الْخَيْلِ ارْتِفَاعٌ مِنَ العُجايَةِ وأَلْيَة الْحَافِرِ وانتصابُ الرُّسْغِ وإِقبْالُه عَلَى الْحَافِرِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا فِي الرِّجْلِ. قَفِدَ قَفَداً، وَهُوَ أَقْفَدُ وَهُوَ عَيْبٌ؛ وَقِيلَ: الأَقفد مِنَ النَّاسِ الَّذِي يَمْشِي عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ مِنْ قِبَلِ الأَصابع وَلَا تَبْلُغُ عَقِبَاهُ الأَرض، وَمِنَ الدوابِّ المُنْتَصِبُ الرسْغِ فِي إِقبال عَلَى الْحَافِرِ. يُقَالُ: فَرَسٌ أَقْفَدُ بَيِّنُ القَفَدِ وَهُوَ عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الْخَيْلِ؛ قَالَ: وَلَا يَكُونُ القَفَدُ إِلا فِي الرِّجْلِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: القَفَدُ يُبْس يَكُونُ فِي رُسْغِه كأَنه يَطَأُ عَلَى مُقَدَّمِ سُنْبُكِه. وَعَبْدٌ أَقْفَدُ كَزُّ اليَدَيْنِ والرجلين قصير الأَصابع. قال اللَّيْثُ: الأَقفد الَّذِي فِي عَقِبِهِ اسْتِرْخَاءٌ مِنَ النَّاسِ؛ والظَّلِيم أَقفد، وامرأَة قَفْداءُ. والأَقْفَدُ مِنَ الرِّجَالِ: الضَّعِيفُ الرِّخْوُ المفاصلِ؛ وقَفِدَتْ أَعضاؤه قَفَداً. والقَفَدانَةُ: غِلافُ المُكْحُلَةُ يُتَّخَذ مِنْ مَشاوِبَ وَرُبَّمَا اتُّخِذَ مِنْ أَديم. والقَفَدانَة والقَفَدان: خَريطة مِنْ أَدَم تُتَّخَذُ لِلْعِطْرِ، بِالتَّحْرِيكِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ خَرِيطَةُ العَطَّار؛ قَالَ يَصِفُ شِقْشِقَة الْبَعِيرِ:
فِي جَوْنَةٍ كَقَفَدانِ العَطَّار
عَنَى بِالْجَوْنَةِ هَاهُنَا الْحَمْرَاءَ. والقَفَدُ: جِنْسٌ مِنَ العِمَّة. واعْتَمَّ القَفَدَ والقَفْداءَ إِذا لَوَى عِمامَته عَلَى رأْسه وَلَمْ يَسْدُلْها؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ أَن يَعْتَمَّ عَلَى قَفْدِ رأْسِه وَلَمْ يُفَسِّرِ القَفْد. التَّهْذِيبُ: والعِمَّة القَفْداءُ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ غَيْرُ المَيْلاءِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: كَانَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَعْتَمُّ الْقَفْدَاءَ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدَ بْنَ أَبي وَقَّاصٍ الَّذِي قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ يَعْتَمُّ الْمَيْلَاءَ.
قفعد: القَفَعْدَد: القَصِيرُ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
قفند: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ القَفَنَّدُ: الشديد الرأْس.
قلد: قَلَد الماءَ فِي الحَوْضِ وَاللَّبَنَ فِي السِّقَاءِ والسمْنَ فِي النِّحْي يَقْلِدهُ قَلْداً: جَمَعَهُ فِيهِ؛ وَكَذَلِكَ قَلَد الشرابَ فِي بَطْنِه. والقَلْدُ: جَمْعُ الْمَاءِ فِي الشَّيْءِ. يُقَالُ: قَلَدْتُ أَقْلِدُ قَلْداً أَي جَمَعْتُ مَاءً إِلى مَاءٍ. أَبو عَمْرٍو: هُمْ يَتَقالَدون الْمَاءَ ويتَفَارطُون ويَتَرَقَّطون ويَتَهاجَرون ويتفارَصُونَ وَكَذَلِكَ يَترافَصُون أَي يَتَنَاوَبُونَ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَنه قَالَ لِقَيِّمِه عَلَى الْوَهْطِ: إِذا أَقَمْتَ قِلْدَكَ مِنَ الْمَاءِ فاسقِ الأَقْرَبَ فالأَقرب
؛ أَراد بِقِلْدِه يَوْمَ سَقْيِه مَالَهُ أَي إِذا سَقَيْتَ أَرْضَك فأَعْطِ مَنْ يَلِيكَ. ابْنُ الأَعرابي: قَلَدْتُ اللَّبَنَ فِي السِّقَاءِ وقَرَيْتُه: جَمَعْتُهُ فِيهِ. أَبو زَيْدٍ: قَلَدْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ وقَلَدْت اللَّبَنَ فِي السِّقَاءِ أَقْلِدُه قَلْداً إِذا قَدَحْتَ بقدَحِكَ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ صَبَبْتَه فِي الْحَوْضِ أَو فِي السِّقَاءِ. وقَلَدَ مِنَ الشَّرَابِ فِي جَوْفِهِ إِذا شَرِبَ. وأَقْلَدَ البحرُ عَلَى خَلْقٍ كَثِيرٍ: ضَمَّ عَلَيْهِمْ أَي غَرَّقهم، كأَنه أُغْلِقَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَهُمْ فِي جَوْفِهِ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
تُسَبِّحُه النِّينانُ والبَحْرُ زاخِراً، ... وَمَا ضَمَّ مِنْ شَيءٍ، وَمَا هُوَ مُقْلِدُ
وَرَجُلٌ مِقْلَدٌ: مَجْمَعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
جَانِي جَرادٍ فِي وِعَاءٍ مِقْلَدَا
والمِقْلَدُ: عَصاً فِي رأْسها اعْوِجاجٌ يُقْلَدُ بِهَا الكلأُ كَمَا يُقْتَلَدُ القَتُّ إِذا جُعِلَ حِبَالًا أَي يُفْتَلُ، وَالْجَمْعُ المَقالِيدُ. والمِقْلَدُ: المنْجَلُ يَقْطَعُ بِهِ القتُّ؛ قَالَ الأَعشى:(3/365)
لَدَى ابنِ يزيدٍ أَو لَدَى ابْنِ مُعَرِّفٍ، ... يَقُتُّ لَهَا طَوْراً، وطَوْراً بمِقْلَدِ
والمِقْلَدُ: مِفتاح كالمِنْجَلِ، وَقِيلَ: الإِقْليدُ مُعَرَّبٌ وأَصله كِلِيذ. أَبو الْهَيْثَمِ: الإِقْلِيدُ المِفْتاحُ وَهُوَ المِقْلِيدُ. وَفِي حَدِيثِ قَتْلِ ابْنِ أَبي الحُقَيْق:
فَقُمْتُ إِلى الأَقالِيدِ فأَخذْتُها
؛ هِيَ جَمْعُ إِقْلِيد وَهِيَ المفاتِيحُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلشَّيْخِ إِذا أَفْنَدَ: قَدْ قُلِّدَ حَبلَه فَلَا يُلْتَفَتُ إِلى رأْيه. والقَلْدُ: إِدارَتُك قُلْباً عَلَى قُلْبٍ مِنَ الحُليِّ وَكَذَلِكَ لَيُّ الحَديدةِ الدَّقِيقَةِ عَلَى مِثْلِهَا. وقَلَدَ القُلْبَ عَلَى القُلْبِ يَقْلِدُه قَلْداً: لَوَاهُ وَكَذَلِكَ الجَرِيدة إِذا رَقَّقَها وَلَوَاهَا عَلَى شَيْءٍ. وَكُلُّ مَا لُوِيَ عَلَى شيءٍ، فَقَدْ قُلِدَ. وسِوارٌ مَقْلودٌ، وَهُوَ ذُو قُلْبَينِ مَلْوِيَّيْنِ. والقَلْدُ: لَيُّ الشيءِ عَلَى الشَّيْءِ؛ وسوارٌ مَقْلُودٌ وقَلْدٌ: مَلْوِيٌّ. والقَلْدُ: السِّوارُ المَفْتُولُ مِنْ فِضَّةٍ. والإِقْلِيدُ: بُرَة النَّاقَةِ يُلْوَى طَرَفَاهَا. والبرَةُ الَّتِي يُشَدُّ فِيهَا زِمَامُ النَّاقَةِ لَهَا إِقليد، وَهُوَ طَرَفها يُثْنى عَلَى طَرَفِهَا الْآخَرِ ويُلْوَى لَياً حَتَّى يَسْتَمْسِك. والإِقْلِيدُ: المِفتاحُ، يَمَانِيَةٌ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الْمِفْتَاحُ وَلَمْ يَعْزُهَا إِلى الْيَمَنِ؛ وَقَالَ تبَّعٌ حِينَ حَجَّ الْبَيْتَ:
وأَقَمْنا بِهِ مِنَ الدَّهْر سَبْتاً، ... وجَعَلْنا لِبابِهِ إِقْلِيدَا
سَبْتاً: دَهْراً وَيُرْوَى سِتًّا أَي سِتَّ سِنِينَ. والمِقْلدُ والإِقْلادُ: كالإِقْلِيدِ. والمِقْلادُ: الخِزانةُ. والمَقالِيدُ: الخَزائِنُ؛ وقَلَّدَ فلانٌ فُلَانًا عَمَلَا تَقْلِيداً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ*
؛ يَجُوزُ أَن تَكُونَ المَفاتيحَ وَمَعْنَاهُ لَهُ مَفَاتِيحُ السَّمَاوَاتِ والأَرض، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ الْخَزَائِنَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ أَن كُلَّ شَيْءٍ مِنْ السَّمَاوَاتِ والأَرضِ فَاللَّهُ خَالِقُهُ وَفَاتِحُ بَابِهِ؛ قَالَ الأَصمعي: المقالِيدُ لَا واحدَ لَهَا. وقَلَدَ الحبْلَ يَقْلِدُه قَلْداً: فَتلَه. وكلُّ قُوَّةٍ انْطَوَتْ مِنَ الحبْلِ عَلَى قُوَّةٍ، فَهُوَ قَلْدٌ، وَالْجَمْعُ أَقْلادٌ وقُلُودٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وحَبْلٌ مَقْلُودٌ وقَلِيدٌ. والقَلِيدُ: الشَّريطُ، عَبْدِيَّة. والإِقْلِيدُ: شَرِيطٌ يُشَدُّ بِهِ رأْس الجُلَّة. والإِقْلِيدُ: شَيْءٌ يَطُولُ مِثْلُ الْخَيْطِ مِنَ الصُّفْر يُقْلَدُ عَلَى البُرَة وخَرْقِ القُرْط «5» ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لَهُ الْقُلَادُ يُقْلَدُ أَي يُقَوّى. والقِلادَة: مَا جُعِل فِي العُنُق يَكُونُ للإِنسان والفرسِ والكلبِ والبَدَنَةِ الَّتِي تُهْدَى ونحوِها؛ وقَلَّدْتُ المرأَةَ فَتَقَلَّدَتْ هِيَ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قِيلَ لأَعرابي: مَا تَقُولُ فِي نِسَاءِ بَنِي فُلَانٍ؟ قَالَ: قلائِدُ الْخَيْلِ أَي هنَّ كِرامٌ وَلَا يُقَلَّدُ مِنَ الْخَيْلِ إِلَّا سَابِقٌ كَرِيمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَلِّدُوا الخيلَ وَلَا تُقَلِّدُوها الأَوتارَ
أَي قَلِّدُوها طلبَ أَعداء الدِّينِ والدفاعَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُقَلِّدُوها طَلَبَ أَوتارِ الْجَاهِلِيَّةِ وذُحُولها الَّتِي كَانَتْ بَيْنَكُمْ، والأَوتار: جَمْعُ وِتر، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الدَّمُ وَطَلَبُ الثأْر، يُرِيدُ اجْعَلُوا ذَلِكَ لَازِمًا لَهَا فِي أَعناقها لُزومَ الْقَلَائِدِ لِلأَعْناقِ؛ وَقِيلَ: أَراد بالأَوتار جَمْعَ وَتَرِ القَوْس أَي لَا تَجْعَلُوا فِي أَعناقها الأَوتار فتختَنِقَ لأَن الْخَيْلَ رُبَّمَا رَعَتِ الأَشجار فَنَشِبَتِ الأَوتارُ بِبَعْضِ شُعَبِها فَخَنَقَتْها؛ وَقِيلَ إِنما نَهَاهُمْ عَنْهَا لأَنهم كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَن تَقْلِيدَ الْخَيْلِ بالأَوتار يَدْفَعُ عَنْهَا الْعَيْنَ والأَذى فيكون كالعُوذةِ
__________
(5) . قوله [وخرق القرط] هو بالراء في الأَصل وفي القاموس وخوق بالواو، قال شارحه أي حلقته وشنفه، وفي بعض النسخ بالراء.(3/366)
لَهَا، فَنَهَاهُمْ وأَعلمهم أَنها لَا تَدْفَعُ ضَرَراً وَلَا تَصْرِفُ حَذراً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَيْلى قَضِيبٌ تحتَه كَثِيبُ، ... وَفِي القِلادِ رَشَأٌ رَبِيبُ
فإِما أَن يَكُونَ جَعَلَ قِلاداً مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ، وإِما أَن يَكُونَ جُمِعَ فِعالَةً عَلَى فِعالٍ كَدِجاجَةٍ ودِجاجٍ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ فَالْكَسْرَةُ الَّتِي فِي الْجَمْعِ غَيْرُ الْكَسْرَةِ الَّتِي فِي الْوَاحِدِ، والأَلف غَيْرَ الأَلف. وَقَدْ قَلَّدَه قِلاداً وتَقَلَّدَها؛ وَمِنْهُ التقلِيدُ فِي الدِّينِ وتقليدُ الوُلاةِ الأَعمالَ، وتقليدُ البُدْنِ: أَن يُجْعَلَ فِي عُنُقِها شِعارٌ يُعْلَمُ بِهِ أَنها هَدْي؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
حَلَفتُ بِرَبِّ مكةَ والمُصَلَّى، ... وأَعْناقِ الهَديِّ مُقلَّداتِ
وقَلَّدَه الأَمرَ: أَلزَمه إِياه، وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: وتقلِيدُ البدَنَةِ أَن يُجْعَلَ فِي عُنُقِهَا عُرْوةُ مَزادة أَو خَلَقُ نَعْل فيُعْلم أَنها هَدْيٌ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: كَانُوا يُقَلِّدُون الإِبل بِلِحاءِ شَجَرِ الْحَرَمِ وَيَعْتَصِمُونَ بِذَلِكَ مِنْ أَعدائهم، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، فأُمِرَ الْمُسْلِمُونَ بأَن لَا يُحِلُّوا هَذِهِ الأَشياء الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا الْمُشْرِكُونَ إِلى اللَّهِ ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ. وتَقَلَّدَ الأَمرَ: احْتَمَلَهُ، وَكَذَلِكَ تَقَلَّدَ السَّيْفَ؛ وَقَوْلُهُ:
يَا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا ... مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحَا
أَي وَحَامِلًا رُمْحاً؛ قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِ الْآخَرِ:
عَلَفْتُها تِبْناً وَمَاءً بارِدَا
أَي وَسَقَيْتُهَا مَاءً بَارِدًا. ومُقَلَّدُ الرَّجُلِ: مَوْضِعُ نِجاد السَّيْفِ عَلَى مَنْكِبَيْه. والمُقَلَّدُ مِنَ الْخَيْلِ: السابِقُ يُقَلَّدُ شَيْئًا لِيُعْرَفَ أَنه قَدْ سَبَقَ. والمُقَلَّدُ: مَوْضِعٌ. ومُقَلَّداتُ الشِّعْرِ: البَواقِي عَلَى الدَّهْرِ. والإِقْلِيدُ: العُنُقُ، وَالْجَمْعُ أَقْلاد، نادِر. وَنَاقَةٌ قَلْداءُ: طَوِيلَةُ العُنُق. والقِلْدَة: القِشْدة وَهِيَ ثُفْلُ السَّمْنِ وَهِيَ الكُدادَةُ. والقِلْدَةُ: التَّمْرُ والسوِيقُ يُخَلَّصُ بِهِ السَّمْنُ. والقِلْدُ، بِالْكَسْرِ، مِنَ الحُمَّى: يومُ إِتْيانِ الرِّبْع، وَقِيلَ: هُوَ وَقْتُ الحُمَّى المعروفُ الَّذِي لَا يَكَادُ يُخْطِئُ، وَالْجَمْعُ أَقلاد؛ وَمِنْهُ سُمِّيَتْ قَوافِلُ جُدَّة قِلْداً. وَيُقَالُ: قَلَدتْه الحُمَّى أَخَذَته كُلَّ يَوْمٍ تَقْلِدُه قَلْداً. الأَصمعي: القِلْدُ المَحْمومُ يومَ تأْتيه الرِّبْع. والقِلْدُ: الحَظُّ مِنَ الْمَاءِ. والقِلْدُ: سَقْيُ السَّمَاءِ. وَقَدْ قَلَدَتْنا وَسَقَتْنَا السَّمَاءُ قَلْداً فِي كُلِّ أُسْبوع أَي مَطَرَتْنا لِوَقْتٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه اسْتَسْقَى قَالَ: فَقَلَدَتْنا السَّمَاءُ قَلْداً كُلَّ خَمْسَ عشْرةَ لَيْلَةً
أَي مَطَرَتْنا لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، مأْخوذ مِنْ قِلْدِ الحُمَّى وَهُوَ يومُ نَوْبَتِها. والقَلْدُ [القِلْدُ] : السَّقْيُ. يُقَالُ: قَلَدْتُ الزرعَ إِذا سَقَيْتَه. قَالَ الأَزهري: فالقَلْدُ الْمَصْدَرُ، والقِلْدُ الِاسْمُ، والقِلْدُ يومُ السَّقْيِ، وَمَا بَيْنَ القِلْدَيْنِ ظِمْءٌ، وَكَذَلِكَ القِلْد يومُ وِرْدِ الحُمَّى. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ سقَى إِبِلَهُ قلْداً وَهُوَ السَّقْيُ كُلَّ يَوْمٍ بِمَنْزِلَةِ الظَّاهِرَةِ. وَيُقَالُ: كَيْفَ قَلْد نَخْلِ بَنِي فُلَانٍ؟ فَيُقَالُ: تَشْرَبُ فِي كُلِّ عشْرٍ مَرَّةً. وَيُقَالُ: اقْلَوَّدَه النعاسُ إِذا غَشِيَهُ وغَلبه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
والقومُ صَرْعَى مِن كَرًى مُقْلَوِّد(3/367)
والقِلد: الرُّفْقَة مِنَ الْقَوْمِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنْهُمْ. وصَرَّحَتْ بِقِلندان أَي بِجِدٍّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ: وقُلُودِيَّةُ «1» مِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ. الأَزهري: قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الخُنْعُبَةُ والنُّونَةُ والثُّومَةُ والهَزْمَةُ والوَهْدَةُ والقَلْدَةُ والهَرْتَمَةُ والحَثْرَمة [الحِثْرَمة] [الحَثْرِمة] [الحِثْرِمة] والعَرْتَمَةُ؛ قَالَ اللَّيْثُ: الخُنْعُبَةُ مَشَقُّ مَا بَيْنَ الشَّارِبِينَ بِحيال الوَتَرة.
قلعد: اقْلَعَدَّ الشعَر كاقْلَعَطَّ: جَعُد، وَسَنَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَةِ قَلْعَطَ إِن شَاءَ اللَّهُ.
قمد: اللَّيْثُ: القُمُدُّ: القويُّ الشديدُ. وَيُقَالُ: إِنه لَقُمُدٌّ قُمْدُدٌ وامرأَة قُمُدَّةٌ. والقُمُودُ: شِبه العُسُوِّ مِنْ شدّةِ الإِباءِ. يُقَالُ: قَمَدَ يَقْمُدُ قَمْداً وقُمُوداً: جَامِعٌ فِي كُلَّ شَيْءٍ. ابْنُ سِيدَهْ: قَمَدَ يَقْمُدُ قَمْداً وقُمُوداً: أَبَى وَتَمَنَّعَ. والأَقْمَدُ: الضخْمُ العُنقِ الطوِيلُها، وَقِيلَ: هُوَ الطَّوِيلُ عَامَّةً؛ وامرأَة قَمْداءُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
ونحنُ، إِنْ نُهْنِهَ ذَوْدُ الذَّوّاد، ... سَواعِدُ القومِ وقُمْدُ الأَقْماد
أَي نَحْنُ غُلْبُ الرِّقاب. وذكَرٌ قُمُدٌّ: صُلْبٌ شديدُ الإِنْعاظِ؛ وَقِيلَ: القُمُدُّ اسْمٌ لَهُ. وَرَجُلٌ قُمْدٌ وقُمُدٌّ وقُمْدُدٌ وقمُدَّانٌ وقمُدَّانِيٌّ: قَوِيٌّ شَدِيدٌ صُلْب، والأُنثى قُمُدَّانَةٌ وقُمُدَّانِيَّةٌ. والقَمْدُ: الإِقامةُ فِي خَيْرٍ أَو شَرٍّ. والقُمُدُّ: الْغَلِيظُ مِنَ الرِّجَالِ. واقْمَهَدَّ الْبَعِيرُ: رَفَعَ رأْسه، بِزِيَادَةِ الْهَاءِ، وسيأْتي ذكره.
قمحد: القَمَحْدُوَةُ: الهَنَةُ النَّاشِزَةُ فَوْقَ الْقَفَا، وَهِيَ بَيْنَ الذُّؤَابَةِ وَالْقَفَا مُنْحَدِرَةٌ عَنِ الْهَامَةِ إِذا اسْتَلْقَى الرَّجُلُ أَصابت الأَرض مِنْ رأْسه، قَالَ: وَالْجَمْعُ قَماحِدُ؛ قَالَ:
فإِنْ يُقْبِلُوا نَطْعُنْ ثُغُورَ نُحُورِهْم، ... وإِنْ يُدْبِرُوا نَضْرِبْ أَعالي القَماحِدِ
والقَمَحْدُوَةُ أَيضاً: أَعْلى القَذالِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: صَحَّتِ الْوَاوُ فِي قَمَحْدُوَة لأَن الإِعراب لَمْ يَقَعْ فِيهَا وَلَيْسَتْ بِطَرَف، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ عَرْقُوَة. أَبو زَيْدٍ: القَمَحْدُوَةُ مَا أَشرف عَلَى الْقَفَا مِنْ عظْم الرأْسِ والهامةُ فَوْقَهَا، والقَذالُ دونَها مِمَّا يَلِي المَقَدَّ. الأَزهري: القَمَحْدُوَةُ مؤَخَّرُ القَذالِ وَهِيَ صَفْحَةُ مَا بَيْنَ الذؤَابة وفَأْسِ القَفا، ويُجْمَعُ قَماحِيدَ وقَمَحْدُوات.
قمعد: اقْمَعَدَّ الرجلُ: كاقْمَعَطَّ؛ قَالَ الأَزهري: كَلَّمْتُهُ فاقْمَعَدَّ اقْمِعْداداً. والمُقْمَعِدُّ: الَّذِي تُكَلِّمُهُ بِجُهْدِكَ فَلَا يَلِينُ لَكَ وَلَا يَنْقَادُ، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي عَظُمَ أَعلى بَطْنِهِ واسْتَرْخَى أَسْفَلُه.
قمهد: اقْمَهَدَّ الرجلُ اقْمِهْداداً إِذا رَفَعَ رأْسه؛ وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ. واقْمَهَدَّ أَيضاً: مَاتَ؛ قَالَ:
فإِنْ تَقْمَهِدِّي أَقْمَهِدّ مكانِيا
الأَزهري: المُقْمَهِدُّ المُقِيمُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ لَا يَبْرَحُ؛ وَاسْتَشْهَدَ هُوَ أَيضاً بِقَوْلِهِ:
فإِنْ تَقْمَهِدِّي أَقْمَهِدّ
والقَمْهَدُ: الرَّجُلُ اللئيمُ الأَصل الْقَبِيحُ الْوَجْهِ. والاقْمِهْدادُ: شِبْهُ ارْتِعادٍ فِي الفَرْخِ إِذا زَقَّه أَبواه فَتَرَاهُ يَكْوَهِدُّ إِليهما ويَقْمَهِدُّ نحوهما.
قند: القَنْدُ والقَنْدَةُ والقِنْدِيدُ كُلُّهُ: عُصارة قصَب السُّكَّر إِذا جَمُدَ؛ وَمِنْهُ يُتَّخَذُ الفانيذُ. وَسَوِيقٌ مَقْنُودٌ ومُقَنَّدٌ: مَعْمُولٌ بالقِنْدِيدِ، قَالَ ابْنُ مقبل:
__________
(1) . وقوله [وقلودية] كذا ضبط بالأَصل وفي معجم ياقوت بفتحتين فسكون وياء مخففة.(3/368)
أَشاقَكَ رَكْبٌ ذُو بَناتٍ ونِسْوَةٍ ... بِكِرْمانَ يَعْتَفْنَ السَّوِيقَ المُقَنَّدا «1»
والقَنْدُ: عسَل قصَب السُّكَّرِ. والقِنْدِدُ: حَالُ الرَّجُلِ، حَسَنة كَانَتْ أَو قَبِيحَةً. والقِنْدِيدُ: الوَرْسُ الجَيِّدُ. والقِنْدِيدُ: الْخَمْرِ. قَالَ الأَصمعي: هُوَ مِثْلُ الإِسْفَنْطِ [الإِسْفِنْطِ] ؛ وأَنشد:
كأَنها فِي سَياعِ الدَّنِّ قِنْدِيدُ
وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ؛ وَقِيلَ: القِنْدِيدُ عَصِيرُ عِنَبٍ يُطْبَخُ وَيُجْعَلُ فِيهِ أَفواهٌ مِنَ الطِّيبِ ثُمَّ يُفْتَقُ، عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَيُقَالُ إِنه لَيْسَ بخمرٍ. أَبو عَمْرٍو: هِيَ القِنْدِيدُ والطَّابَةُ والطَّلَّةُ والكَسِيسُ والفَقْدُ وأُمُّ زَنْبَق وأُمُّ لَيْلَى والزَّرْقاءُ لِلْخَمْرِ. ابْنُ الأَعرابي: القنادِيدُ الخُمُورُ، والقناديدُ الْحَالَاتُ، الْوَاحِدُ مِنْهَا قِنْدِيد. والقِنْدِيدُ أَيضاً: العَنْبَرُ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ الأَعشى:
بِبابِلَ لَمْ تُعْصَرْ فسالَتْ سُلافَةٌ، ... تُخالِطُ قِنْديداً ومِسْكاً مُخَتَّما
وقَنْدَةُ الرِّقاعِ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وأَبو القُنْدَينِ: كُنْية الأَصمعي؛ قَالُوا: كُنِّيَ بِذَلِكَ لِعِظَمِ خُصْيَيْه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُحْكَ لَنَا فِيهِ أَكثر مِنْ ذَلِكَ وَالْقَضِيَّةُ تُؤْذن أَن القُنْد الخُصْية الْكَبِيرَةُ. وَنَاقَةٌ قِنْدَأْوَةٌ وَجَمَلٌ قِنْدَأْوٌ أَي سرِيعٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: سَمِعْتُ الْكِسَائِيَّ يَقُولُ: رَجُلٌ قِنْدَأْوةٌ وسِنْدَأْوَةٌ وَهُوَ الْخَفِيفُ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ مِنَ النُّوق الجَرِيئةُ. شَمِرٌ: قِنْدَاوة يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ. أَبو الْهَيْثَمِ: قِنْدَاوَةٌ فِنْعَالَةٌ، وَكَذَلِكَ سِنْداوَةٌ وعِنْداوَةٌ. اللَّيْثُ: القِنْدَأْوُ: السيءُ الخُلُق وَالْغِذَاءِ؛ وأَنشد:
فجاءَ بِهِ يُسَوِّقُه، ورُحْنا ... بِهِ فِي البَهْم قِنْدَأْواً بَطِينا
وقَدُومٌ قِنْدَأْوَةٌ أَي حَادَّةٌ. وَغَيْرُهُ يَقُولُ: فندأْوة، بِالْفَاءِ. أَبو سَعِيدٍ: فَأْسٌ فِنْدَأْوَةٌ وقِنْدَأْوَةٌ أَي حَدِيدَةٌ، وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: قَدُومٌ قِندأْوة حادّة.
قندد: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: القِنْدِدُ حالُ الرَّجُلِ. والقِنْدِيدُ: الخمر.
قنفد: القُنْفُدُ: لُغَةٌ فِي القُنْفُذِ؛ حَكَاهَا كَرَاعٌ عَنْ قُطْرُبٍ.
قهد: القَهْدُ: النَّقِيُّ اللوْنِ. والقَهْدُ: الأَبيض، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ البِيضَ مِنْ أَولاد الظِّباءِ والبَقَر. والقَهْدُ: مِنْ أَولاد الضأْنِ يَضْرِبُ إِلى الْبَيَاضِ، وَيُقَالُ لِوَلَدِ الْبَقَرَةِ قَهد أَيضاً. والساجِسِيَّةُ: غَنَمٌ تَكُونُ بِالْجَزِيرَةِ؛ وأَنشد:
نَقُودُ جِيادَهُنَّ ونَفْتَلِيها، ... وَلَا نَعْدُو التُّيُوسَ وَلَا القِهادا
وَقِيلَ: القِهادُ شاءٌ حِجازية سُكُّ الأَذناب؛ وأَنشد الأَصمعي لِلْحُطَيْئَةِ:
أَتَبْكي أَن يُساقَ القَهْدُ فِيكُم؟ ... فَمَنْ يَبْكي لأَهْلِ السَّاجِسيِّ؟
وَقِيلَ: القَهْدُ الصَّغِيرُ مِنَ الْبَقَرِ اللطيفُ الْجِسْمِ؛ وَيُقَالُ: الْقَهْدُ الْقَصِيرُ الذَّنَبِ، وَقِيلَ: القَهْدُ غَنَمٌ سُود باليمن وَهِيَ الْخُرُفُ «2» والقَهْدُ: ضَرْبٌ مِنَ الضأْن يَعْلُوهُنَّ حُمْرَةٌ وتَصْغُر آذَانُهُنَّ، وَقِيلَ: الْقَهْدُ مِنَ الضأْن الصَّغِيرُ الأُحَيْمِر الأُكَيْلِفُ الوجهِ مِنْ شاءِ الْحِجَازِ. وَقَالَ ابْنُ جَبَلَةَ: القَهد الَّذِي لَا قَرْنَ لَهُ.
__________
(1) . قوله [يعتفن] في الأساس يسقين.
(2) . قوله [وهي الخرف] كذا في الأَصل بالخاء المعجمة والراء. وفي القاموس الخذف قال شارحه بفتح الخاء وسكون الذال المعجمتين وآخره فاء، هكذا في النسخ وفي بعضها خرف بالراء بدل الذال ومثله في اللسان وكل ذلك ليس بوجه والصواب الحذف بالمهملة ثم المعجمة محركة كما هو نص الصاغاني.(3/369)
وَالْقَهْدُ: الجُؤْذَرُ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ؛ قَالَ الرَّاعِي:
وساقَ النِّعاجَ الخُنْسَ، بَيْني وبينَها ... بِرَعْنِ أَشاءٍ، كلُّ ذِي جُدَدٍ قَهْد
وَقِيلَ: القَهْدُ وَلَدُ الضأْن إِذا كَانَ كَذَلِكَ، وَجَمْعُ كَلِّ ذَلِكَ قِهاد. الْجَوْهَرِيُّ: القَهْد مِثْلُ القَهْب وَهُوَ الأَبيض الكَدِر. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَبيض وقَهْب وقَهْد بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
لمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنازَعَ شِلْوَه ... غُبْسٌ كواسِبُ، لَا يُمَنُّ طَعامُها
وصَف بَقَرَةً وَحْشِيَّةً أَكلت السباعُ ولدَها فَجَعَلَهُ قَهْداً لِبَيَاضِهِ. التَّهْذِيبُ: قَهَد فِي مَشْيِهِ إِذا قَارَبَ خَطْوَه وَلَمْ يَنْبَسِطْ فِي مَشْيِهِ، وَهُوَ مِنْ مَشْيِ القِصار. والقَهْدُ: النَّرْجِسُ إِذا كَانَ جُنْبذاً لَمْ يَتَفَتَّحْ، فإِذا تَفَتَّح فَهِيَ التفاتيحُ والتفاقيحُ والعُيون. والقِهادُ: اسم موضع.
قهمد: القَهْمَدُ: اللَّئِيمُ الأَصل الدنِيءُ، وَقِيلَ: هُوَ الدَّمِيمُ الوجه.
قود: القَوْدُ: نَقِيضُ السَّوْق، يَقُودُ الدابَّة مِنْ أَمامِها ويَسُوقُها مِنْ خَلْفِها، فالقَوْدُ مِنْ أَمام والسَّوْقُ مِنْ خَلْف. قُدْتُ الْفَرَسَ وَغَيْرَهَ أَقُودهُ قَوْداً ومَقادَة وقَيْدُودة، وَقَادَ البعيرَ واقْتادَه: مَعْنَاهُ جَرَّه خَلْفَهُ. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
اقْتادوا رَواحِلَهم
؛ قَادَ الدابةَ قَوْداً، فَهِيَ مَقُودة ومَقْوُودَة؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ وَهِيَ تَمِيمِيَّةٌ، واقْتادَها والاقْتِيادُ والقَوْدُ وَاحِدٌ، واقْتادَهُ وقادَهُ بِمَعْنًى. وقَوَّدَهُ: شدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. والقَوْدُ: الْخَيْلُ، يُقَالُ: مَرَّ بِنَا قَوْد. الْكِسَائِيُّ: فَرَسٌ قَوُودٌ، بِلَا هَمْزٍ، الَّذِي يَنْقَادُ، وَالْبَعِيرُ مِثْلُهُ، والقَوْد مِنَ الْخَيْلِ الَّتِي تُقادُ بِمَقاوِدِها وَلَا تُرْكَبُ، وَتَكُونُ مُودَعَة مُعَدّة لِوَقْتِ الْحَاجَةِ إِليها. يُقَالُ: هَذِهِ الخيلُ قَوْدُ فُلَانٍ القائِد، وَجَمْعُ قَائِدِ الْخَيْلِ قادَة وقُوَّاد، وَهُوَ قَائِدٌ بَيِّن القِيادة، والقائِدُ وَاحِدُ القُوَّاد والقادةِ؛ وَرَجُلٌ قَائِدٌ مِنْ قَوْمٍ قُوَّد وقُوَّاد وَقَادَةٍ. وأَقاده خَيْلًا: أَعطاه إِياها يَقُودها، وأَقَدْتُك خَيْلًا تَقُودُها. والمِقْوَدُ والقِيادُ: الْحَبْلُ الَّذِي تَقُودُ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْمِقْوَدُ الْحَبْلُ يُشَدُّ فِي الزِّمام أَو اللِّجامِ تُقاد بِهِ الدابَّة. والمِقْوَدُ: خَيْط أَو سَيْرٌ يُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْكَلْبِ أَو الدَّابَّةِ يُقَادُ بِهِ. وَفُلَانٌ سَلِسُ القِياد وصَعْبُه، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فَمَنِ اللَّهِج باللذةِ السَّلِس القِيادِ للشَّهْوَةِ
، وَاسْتَعْمَلَ أَبو حَنِيفَةَ القِيادَ فِي اليعاسِيب فَقَالَ فِي صِفاتها: وَهِيَ مُلوك النَّحْلِ وقادَتُها. وَفِي حَدِيثِ السَّقِيفَةِ:
فَانْطَلَقَ أَبو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَتَقاودان حَتَّى أَتَوْهُم
أَي يَذْهبان مُسْرِعَين كأَن كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُودُ الآخرَ لسُرْعَتِه. وأَعطاه مَقادَتَه: انقادَ لَهُ. والانقيادُ: الخُضوعُ. تَقُولُ: قُدْتُهُ فانقادَ واستقادَ لِي إِذا أَعطاك مَقادتَه، وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: قُرَيْشٌ قادَة ذادَة
أَي يَقُودونَ الجُيُوشَ، وَهُوَ جَمْعُ قائِدٍ. وَرُوِيَ
أَنَّ قُصَيّاً قَسَمَ مَكارِمَه فأَعْطى قَوْدَ الجُيُوشِ عبدَ منافٍ، ثُمَّ وَلِيَها عبدُ شَمْسٍ، ثُمَّ أُمية بْنُ حَرْبٍ، ثُمَّ أَبو سفيان.
وفرس قَؤُود: سَلِسٌ مُنْقادٌ. وبعير قَؤُود وقيِّدٌ وقَيْدٌ، مِثْلُ مَيْت، وأَقْوَدُ: ذَلِيلٌ مُنْقاد، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ القِيادةُ. وَجَعَلْتُهُ مَقادَ المُهْرِ أَي عَلَى الْيَمِينِ لأَن الْمُهْرَ أَكثر مَا(3/370)
يُقادُ عَلَى الْيَمِينِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ جَعَلُوا السَّبِيَّةَ عَنْ يمينٍ ... مَقادَ المُهْرِ، واعْتَسَفُوا الرِّمالا
وَقَادَتِ الريحُ السحابَ عَلَى المَثَل؛ قَالَتْ أُم خَالِدٍ الْخَثْعَمِيَّةُ:
لَيْتَ سِماكِيّاً يَحارُ رَبابُه، ... يُقادُ إِلى أَهلِ الغَضا بِزِمامِ
وأَقادَ الغَيثُ؛ فَهُوَ مُقِيدٌ إِذا اتَّسَعَ؛ وَقَوْلَ تَمِيمِ بْنِ مُقْبِلٍ يَصِفُ الْغَيْثَ:
سَقاها، وإِن كانتْ عَلَيْنا بَخِيلَةً، ... أَغَرُّ سِماكِيٌّ أَقادَ وأَمْطَرَا
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَقاد اتَّسَع، وَقِيلَ: أَقاد أَي صَارَ لَهُ قَائِدٌ مِنَ السَّحَابِ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ كَمَا قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ أَيضاً:
لَهُ قائدٌ دُهْمُ الرَّبابِ، وخَلْفَه ... رَوايا يُبَجِّسْنَ الغَمَامَ الكَنَهْوَرا
أَراد: لَهُ قائدٌ دُهْمٌ رَبابُه فَلِذَلِكَ جَمَع. وأَقادَ: تقدَّم وَهُوَ مِمَّا ذَكَرَ كأَنه أَعطَى مَقادَتَه الأَرضَ فأَخَذَتْ مِنْهَا حَاجَتَهَا؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
أَتْلَع يَسْمُو بِتَلِيلٍ قَوَّاد
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: مُتَقَدّم. وَيُقَالُ: انقادَ لِي الطَّرِيقُ إِلى مَوْضِعِ كَذَا انقِياداً إِذا وَضَح صَوْبُه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي ماءٍ وَرَدَه:
تَنَزَّلَ عَنْ زَيْزَاءَةِ القُفِّ، وارْتَقَى ... عَنِ الرَّمْلِ، فانقادَتْ إِليه الموارِدُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سأَلتُ الأَصمعي عَنْ مَعْنَى وانقادتْ إِليه المَواردُ، قَالَ: تتابَعَتْ إِليه الطُّرُقُ. والقائدةُ مِنَ الإِبلِ: الَّتِي تَقَدَّمُ الإِبِلَ وتَأْلَفُها الأَفْتاءُ. والقَيِّدَةُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تُقادُ للصَّيْدِ يُخْتَلُ بِهَا، وَهِيَ الدَّرِيئة. والقائدُ مِنَ الجَبَل: أَنْفُه. وَقَائِدُ الْجَبَلِ: أَنْفُه. وكلُّ مستطيلٍ مِنَ الأَرضِ: قائدٌ. التَّهْذِيبُ: والقِيادَةُ مَصْدَرُ القائدِ. وكلُّ شيءٍ مِنْ جَبَلٍ أَو مُسَنَّاةٍ كَانَ مُسْتَطِيلًا عَلَى وَجْهِ الأَرض، فَهُوَ قائدٌ وَظَهَرَ مِنَ الأَرض يَقُودُ ويَنْقادُ ويَتَقاوَدُ كَذَا وَكَذَا مَيْلًا. والقائدَةُ: الأَكمَةُ تمتدُّ عَلَى وَجْهِ الأَرض. والقَوْداءُ: الثَّنِيَّةُ الطويلةُ فِي السماءِ؛ وَالْجَبَلُ أَقْوَدُ. وَهَذَا مَكَانٌ يَقُودُ مِنَ الأَرض كَذَا وَكَذَا ويقتادُه أَي يُحاذِيه. والقائدُ: أَعظم فُلْجانِ الحَرْثِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَمَلْنَاهُ عَلَى الْوَاوِ لأَنها أَكثر مِنَ الْيَاءِ فِيهِ. والأَقْوَدُ: الطويلُ العُنُق وَالظَّهْرِ مِنَ الإِبلِ وَالنَّاسِ والدوابِّ. وَفَرَسٌ أَقْوَدُ: بَيِّن القَوَد؛ وَنَاقَةٌ قَوْداءُ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شِمْلِيلُ
القَوْداءُ: الطَّوِيلَةُ؛ وَمِنْهُ رَمْلٌ مُنْقادٌ أَي مُسْتطِيلٌ؛ وَخَيْلٌ قُبٌّ قُودٌ، وَقَدْ قَوِد قَوَداً. والأَقْوَدُ: الجبَلُ الطَّوِيلُ. والقَيْدُود: الطَّوِيلُ، والأُنثى قَيْدُودة. وَفَرَسٌ قَيْدُودٌ: طَوِيلَةُ العُنُق فِي انْحِنَاءٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يوصَفُ بِهِ الْمُذَكَّرُ. والقَيادِيدُ: الطِّوالُ مِنَ الأُتُن، الْوَاحِدُ قَيْدُود؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ:
راحَتْ يُقَحِّمُها ذُو أَزْمَلٍ وُسِقَتْ ... لَهُ الفَرائِشُ، والقُبُّ القَيادِيدُ
والأَقْوَدُ مِنَ الرِّجَالِ: الشديدُ العنُق، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ الْتِفَاتِهِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْبَخِيلِ عَلَى الزَّادِ: أَقود لأَنه لَا يتَلَفَّتُ عِنْدَ الأَكل لِئَلَّا يَرَى إِنساناً فَيَحْتَاجُ أَن يَدْعُوَه. وَرَجُلٌ أَقْوَدُ: لَا يَتَلَفَّتُ؛ التَّهْذِيبُ: والأَقود مِنَ النَّاسِ الَّذِي إِذا أَقبَل عَلَى الشَّيْءِ بِوَجْهِهِ لَمْ(3/371)
يَكَدْ يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْهُ؛ وأَنشد:
إِنَّ الكَريمَ مَنْ تَلَفَّتَ حَوْلَه، ... وإِنَّ اللئِيمَ دَائِمُ الطَّرْفِ أَقْوَدُ
ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَقْوَدُ مِنَ الْخَيْلِ الطويلُ العُنُق العظيمُه. والقَوَدُ: قَتْلُ النفْسِ بالنفسِ، شاذٌّ كالحَوَكَة والخَوَنَة؛ وَقَدِ استَقَدْتُه فأَقادني. الْجَوْهَرِيُّ: القَوَدُ القِصاصُ. وأَقَدْتُ القاتِلَ بِالْقَتِيلِ أَي قَتَلْتُه بِهِ. يُقَالُ: أَقاده السُّلْطَانُ مِنْ أَخيه. وَاسْتَقَدْتُ الْحَاكِمَ أَي سأَلته أَن يُقِيدَ القاتلَ بِالْقَتِيلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قَتَلَ عَمْداً، فَهُوَ قَوَدٌ
؛ القَوَدُ: القِصاصُ وقَتْلُ القاتِلِ بَدَلُ الْقَتِيلِ؛ وَقَدْ أَقَدْتُه بِهِ أُقِيدُه إِقادة. اللَّيْثُ: القَوَدُ قتْلُ القاتِلِ بِالْقَتِيلِ، تَقُولُ: أَقَدْتُه، وإِذا أَتى إِنسانٌ إِلى آخَرَ أَمْراً فانتَقَم مِنْهُ بِمثْلِها قِيلَ: استقادَها مِنْهُ؛ الأَحمر: فإِن قَتَلَهُ السلطانُ بِقَود قِيلَ: أَقاد السلطانُ فُلَانًا وأَقَصَّه. ابْنُ بُزُرج: تُقَيِّدُ أَرضٌ حَمِيضَة، سمِّيت تُقَيِّد لأَنها تُقَيِّدُ مَا كَانَ بِهَا مِنَ الإِبل تَرْتعِيها لِكَثْرَةِ حَمْضِها وخُلَّتِها.
قيد: القَيْدُ: مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ أَقْيادٌ وقُيودٌ، وَقَدْ قَيَّدَه يُقَيِّدُه تَقْييداً وقَيَّدْتُ الدابَّة. وَفَرَسٌ قَيْدُ الأَوابِد أَي أَنه لِسُرْعَتِهِ كأَنه يُقَيِّدُ الأَوابد وَهِيَ الحُمُرُ الوحشيَّةُ بِلَحَاقِهَا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ نَكِرَةٌ وإِن كَانَ بِلَفْظِ الْمَعْرِفَةِ؛ وأَنشد قَوْلَ إِمرئ الْقَيْسِ:
وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّيرُ فِي وكَناتِها ... بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوابدِ هَيْكَلِ
الوكَناتُ: جَمْعُ وَكْنَةٍ لِوَكْرِ الطائِر. والمُنْجَرِدُ: القصيرُ الشَّعَرِ. والأَوابِدُ: الوحْشُ. يُقَالُ: تأَبَّدَ أَي تَوَحَّشَ والهَيْكَلُ: الْعَظِيمُ الخَلْقِ؛ وأَنشد أَيضاً لإِمرئ الْقَيْسِ:
بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوابِدِ لاحَه ... طِرادُ الهَوادِي كلَّ شأْوٍ مُغَرِّبِ
قَالَ ابْنُ حني: أَصله تَقْيِيدُ الأَوابد ثُمَّ حَذَفَ زِيَادَتَيْهِ فَجَاءَ عَلَى الْفِعْلِ؛ وإِن شِئْتَ قُلْتَ وَصَفَ بِالْجَوْهَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ نَحْوَ قَوْلِهِ:
فَلَوْلَا اللَّهُ والمُهْرُ المُفَدَّى، ... لَرُحْتَ وأَنتَ غِرْبالُ الإِهابِ
وضَعَ غربالُ موضِعَ المُخَرَّقِ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ لِلْفَرَسِ الجَوادِ الَّذِي يَلْحَق الطرائدَ مِنَ الْوَحْشِ: قَيْد الأَوابِدِ؛ مَعْنَاهُ أَنه يَلْحَقُ الْوَحْشَ لجَوْدته وَيَمْنَعُهُ مِنَ الْفَوَاتِ بِسُرْعَتِهِ فكأَنها مُقَيَّدَة لَهُ لَا تَعْدُو.
وَقَالَتِ امرأَة لعائشة، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: أَأُقَيِّدُ جَمَلي؟
أَرادت بِذَلِكَ تَأْخِيذَها إِياه مِنَ النساءِ سِواها،
فقالت لها عائشة بعد ما فَهِمَت مُرَادَهَا: وجْهِي مِنْ وجْهِك حَرَامٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَرادت أَنها تَعْمَلُ لِزَوْجِهَا شَيْئًا يَمْنَعُهُ عَنْ غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ فكأَنها تَرْبِطه وتُقَيِّدُه عَنْ إِتيان غَيْرِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَيَّدَ الإِيمانُ الفَتْك
؛ مَعْنَاهُ أَنَّ الإِيمانَ يمنع عن الفَتْك بِالْمُؤْمِنِ كَمَا يَمْنَعُ ذَا العَيْثِ عَنِ الفَسادِ قَيْدُه الَّذِي قُيِّدَ بِهِ. ومُقَيِّدَةُ الحِمار: الحُرَّةُ لأَنها تَعْقِلُه فكأَنها قَيْدٌ لَهُ؛ قَالَ:
لَعمْرُكَ مَا خَشِيتُ عَلَى عَدِيٍّ ... سُيُوفَ بَني مُقَيِّدَة الحِمارِ
ولكِني خَشِيتُ عَلَى عَدِيٍّ ... سُيُوفَ القَوْمِ أَو إِيَّاكَ حارِ
عَنَى بِبَنِي مُقَيِّدَة الحِمارِ العَقارِبَ لأَنها هُنَاكَ تَكُونُ.(3/372)
والقَيْدُ: مَا ضَمَّ العَضُدَتَيْنِ المؤَخَّرَتَيْنِ مِنْ أَعلاهما مِنَ القِدِّ. والقَيْدُ: القِدُّ الَّذِي يَضُمُّ العَرْقُوَتَيْنِ مِنَ القَتبِ. وَالْعَرَبُ تَكْنِي عَنِ المرأَة بالقَيْد والغُلّ. وقَيْدُ الرَّحْل: قِدٌّ مَضْفُور بَيْنَ حِنْوَيْهِ مِنْ فَوْقُ، وَرُبَّمَا جُعِلَ لِلسَّرْجِ قَيْدٌ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ أُسِرَ بعضُه إِلى بَعْضٍ. وقُيُودُ الأَسنان: لِثاتُها؛ قال الشاعر:
لَمُرْتَجَّةُ الأَرْدافِ، هِيفٌ خُصُورُها، ... عِذابٌ ثَناياها، عِجافٌ قُيُودُها
يعني اللِّثاتِ وقلَّة لَحْمِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: وَقُيُودُ الأَسنانِ عُمورها وَهِيَ الشرُفُ السابِلةُ بَيْنَ الأَسنان؛ شُبِّهَتْ بالقُيودِ الْحُمْرِ مِنْ سِمات الإِبلِ. قَيْدُ الْفَرَسِ: سِمَة فِي أَعناقها؛ وأَنشد:
كُومٌ عَلَى أَعناقِها قَيْدُ الفَرَسْ، ... تَنْجُو إِذا الليلُ تَدانَى والتَبَسْ
الْجَوْهَرِيُّ: قَيْدُ الفَرَسِ سِمَة تَكُونُ فِي عُنُقِ الْبَعِيرِ عَلَى صُورَةِ القَيْد. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَمَرَ أَوْس بْنَ عبدِ اللَّهِ الأَسْلَمِي أَن يَسِمَ إِبله فِي أَعناقِها قَيدَ الفَرَسِ
؛ هِيَ سِمَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَصُورَتُهَا حَلْقَتان بَيْنَهُمَا مَدَّةٌ. وَهَذِهِ أَجمالٌ مقاييدُ أَي مُقَيَّدات. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِبل مَقايِيدُ مُقَيَّدة، حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، لأَنه إِذا ثَبَتَتْ مُقَيَّدة فَقَدْ ثَبَتَتْ مقايِيدُه. قَالَ: وَالْقَيْدُ مِنْ سِماتِ الإِبل وَسْمٌ مُسْتَطِيلٌ مِثْلُ الْقَيْدِ فِي عُنُقِهِ وَوَجْهِهِ وَفَخْذِهِ؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ. وقَيْدُ السَّيْفِ: هُوَ الْمَمْدُودُ فِي أُصول الْحَمَائِلِ تُمْسِكُه البَكَرات. وقَيَّد العِلم بِالْكِتَابِ: ضَبَطَه؛ وَكَذَلِكَ قَيَّدَ الْكِتَابَ بالشَّكْل: شَكَلَه، وَكِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ. وتَقْييدُ الْخَطِّ: تَنْقِيطُهُ وإِعجامه وشَكْلُه. والمُقَيَّدُ مِنَ الشِّعْرِ: خلافُ المُطْلَق؛ قَالَ الأَخفش: المُقَيَّدُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إِمَّا مُقَيَّد قَدْ تمَّ نَحْوُ قَوْلِهِ:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ
قَالَ: فإِن زِدْتَ فِيهِ حَرَكَةً كَانَ فَضْلًا عَلَى الْبَيْتِ، وإِما مُقَيَّد قَدْ مُدَّ عَلَى مَا هُوَ أَقصر مِنْهُ نَحْوُ فَعُولْ فِي آخِرِ المُتَقارَب مُدَّ عَنْ فَعُلْ، فَزِيَادَتُهُ عَلَى فَعُلٍ عِوَضٌ لَهُ مِنَ الْوَصْلِ. وَهُوَ منِّي قِيدَ رُمْحٍ، بِالْكَسْرِ، وقادَ رُمْح أَي قَدْرَه. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
حِينَ مَالَتِ الشمسُ قِيدَ الشِّراكِ
؛ الشِّرَاكُ أَحدُ سُيُور النَّعْلِ الَّتِي عَلَى وَجْهِهَا، وأَراد بِقِيدِ الشِّراكِ الْوَقْتَ الَّذِي لَا يَجُوزُ لأَحد أَن يَتَقَدَّمه فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ، يَعْنِي فَوْقَ ظِلِّ الزَّوَالِ فَقَدَّرَهُ بِالشِّرَاكِ لِدِقَّتِهِ وَهُوَ أَقل مَا تَبِينُ بِهِ زِيَادَةُ الظِّلِّ حَتَّى يُعْرَفَ مِنْهُ مَيْلُ الشَّمْسُ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ رِوَايَةٌ أُخرى:
حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمح.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَقابُ قَوْسِ أَحدِكم مِنَ الجنةِ أَو قِيدُ سَوْطِه خيرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
والقَيِّدُ: الَّذِي إِذا قُدْتَه ساهَلَكَ؛ قَالَ:
وشاعِرِ قَوْمٍ قَدْ حَسَمْتُ خِصاءَه، ... وكانَ لَهُ قَبْلَ الخِصاءِ كَتِيتُ
أَشَمُّ خَبُوطٌ بالفراسِنِ مُصْعَبٌ، ... فأَصْبَحَ مِنِّي قَيِّداً تَرَبوتُ
والقِيادُ: حَبْلٌ تُقادُ بِهِ الدَّابَّةُ. والقَيِّدَةُ: الَّتِي يُسْتَترُ بِهَا مِنَ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ تُرْمَى؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَابْنُ قَيْدٍ: مِنْ رُجَّازِهم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وقَيْد: اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِبَنِي تَغْلِبَ؛ عَنِ الأَصمعي.(3/373)
والمُقَيَّدُ: مَوْضِعُ القَيْدِ مِنْ رِجْل الْفَرَسِ وَالْخَلْخَالِ مِنَ المرأَة. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَةَ: الدَّهْناءُ مُقَيَّد الْجَمَلِ
؛ أَرادت أَنها مُخْصِبَة مُمْرِعَة وَالْجَمَلُ لَا يَتَعدّى مَرْتَعَه. والمُقَيَّدُ هَاهُنَا: الموضِعُ الَّذِي يُقَيَّدُ فِيهِ أَي أَنه مكانٌ يَكُونُ الْجَمَلُ فِيهِ ذَا قَيْد. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَيَّدَ الإِيمانُ الفَتْك
أَي أَن الإِيمان يمنع عن الفتك كَمَا يَمْنَعُ القَيْدُ عَنِ التَّصَرُّفِ، فكأَنه جَعَلَ الفَتْكَ مُقَيَّداً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي صِفَةِ الْفَرَسِ: قَيْدُ الأَوابد.
فصل الكاف
كأد: تَكأَّدَ الشيءَ: تَكَلَّفَه. وتَكاءَدَني الأَمْرُ: شَقَّ عليَّ، تَفَاعَلَ وتَفَعَّل بِمَعْنًى. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
وَلَا يَتَكاءَدُكَ عَفْوٌ عَنْ مُذْنِبٍ
أَي يَصْعُبُ عَلَيْكَ ويَشُقُّ. قَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا تَكَأَّدَني شيءٌ مَا تَكَأَّدَني خُطْبَةُ النِّكَاحِ
أَي صَعُبَ عليَّ وثقُلَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَلِكَ فِيمَا ظَنَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَن الْخَاطِبَ يَحْتَاجُ إِلى أَن يَمْدَحَ الْمَخْطُوبَ لَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، فَكَرِهَ عُمَرُ الْكَذِبَ لِذَلِكَ؛ وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: عُمَرُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، يَخْطُبُ فِي جَرادَةٍ نَهَارًا طَوِيلًا فَكَيْفَ يُظَنُّ أَنه يَتَعَايَا بِخُطْبَةِ النِّكَاحِ وَلَكِنَّهُ كَرِهَ الْكَذِبَ. وَخَطَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لِعَبُودَةَ الثقَفيّ فَضَاقَ صَدْرُهُ حَتَّى قَالَ: إِن اللَّهَ قد سَاقَ إِليكم رِزْقًا فَاقْبَلُوهُ؛ كَرِهَ الْكَذِبَ. وتَكاءَدَني: كَتَكَأَّدَني. وتَكَأَّدَتْه الأُمورُ إِذا شَقَّتْ عَلَيْهِ. أَبو زَيْدٍ: تَكَأَّدْتُ الذهابَ إِلى فُلَانٍ تَكَؤُّداً إِذا مَا ذَهَبْتَ إِليه عَلَى مَشَقَّةٍ. وَيُقَالُ: تَكَأَّدَني الذهابُ تَكَؤُّداً إِذا مَا شَقَّ عَلَيْكَ. وتَكأَّدَ الأَمْرَ: كابَدَه وصَلِيَ بِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ويَوْمُ عَماسٍ تَكَأَّدْتُه ... طَويلَ النهارِ قَصِيرَ الغَدِ «3»
وعقَبَةٌ كَؤُود وكَأْداءُ: شاقَّة المَصْعَدِ صَعْبَةُ المُرْتَقى؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلِمَ تَكَأَّدْ رُجْلَتي كأْداؤُه، ... هيهاتَ مِن جَوْزِ الفَلاةِ ماؤُه
وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: إِنَّ بَيْنَ أَيدينا عَقَبَةً كَؤُوداً لَا يَجُوزُها إِلا الرجلُ المُخِفُّ.
وَيُقَالُ: هِيَ الكؤَداءُ وهي الصُّعَداءُ. والكَؤُودُ: المُرْتَقى الصَّعْبُ، وَهُوَ الصَّعُودُ. ابْنُ الأَعرابي: الكَأْداءُ الشِّدَّةُ والخَوْفُ والحِذارُ، وَيُقَالُ: الهَوْلُ وَاللَّيْلُ الْمُظْلِمُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: وتَكَأَّدَنا ضِيقُ المَضْجَعِ.
واكْوَأَدَّ الشيخُ: أُرْعِشَ مِنَ الكِبَرِ.
كبد: الكَبِدُ والكِبْدُ، مِثْلُ الكَذِب والكِذْب، وَاحِدَةُ الأَكْباد: اللُّحْمَةُ السوْداءُ فِي الْبَطْنِ، وَيُقَالُ أَيضاً كَبْد، لِلتَّخْفِيفِ، كَمَا قَالُوا للفَخِذ فَخْذ، وَهِيَ مِنَ السَّحْر فِي الْجَانِبِ الأَيمن، أُنْثى وَقَدْ تُذَكَّرُ؛ قَالَ ذَلِكَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ الهواءُ واللُّوحُ والسُّكاكُ والكَبَدُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ هِيَ مُؤَنَّثَةٌ فَقَطْ، وَالْجَمْعُ أَكبادٌ وكُبُودٌ. وكَبَدَه يَكْبِدُهُ ويَكْبُدُه كَبْداً: ضرَب كَبِدَه. أَبو زَيْدٍ: كَبَدْتُه أَكْبِدُه وكَلَيْتُه أَكْلِيهِ إِذا أَصَبْت كَبِدَه وكُلْيَتَه. وإِذا أَضرَّ الْمَاءُ بِالْكَبِدِ قِيلَ: كَبَدَه، فَهُوَ مَكْبود. قَالَ الأَزهريّ: الْكَبِدُ مَعْرُوفٌ وموضِعُها مِنْ ظَاهِرٍ يُسَمَّى كَبِدًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى كَبِدي
وإِنما وَضَعَهَا عَلَى جَنْبِهِ مِنَ الظَّاهِرِ؛ وقيل أَي ظاهر
__________
(3) . قوله [عماس] ضبط في الأَصل بفتح العين، وفي القاموس: العماس كسحاب الحرب الشديدة، ولياقوت في معجمه: عماس، بكسر العين، اليوم الثالث من أَيام القادسية ولعله الأنسب(3/374)
جَنْبي مِمَّا يَلِي الكَبِد. والأَكْبَدُ الزائدُ: مَوْضِع الكبِد؛ قَالَ رؤْبة:
أَكْبَدَ زَفَّاراً يَمُدُّ الأَنْسُعا «1»
. يَصِفُ جَمَلًا مُنْتَفِخَ الأَقراب. والكُبادُ: وَجَعُ الكَبِدِ أَو دَاءٌ؛ كَبِدَ كَبَداً، وَهُوَ أَكْبَدُ. قَالَ كُرَاعٌ: وَلَا يُعْرَفُ دَاءٍ اشْتُقَّ مِنِ اسْمِ العُضْو إِلا الكُباد مِنَ الكَبِد، والنُّكاف مِنَ النَّكَف، وَهُوَ دَاءٌ يأْخذ فِي النَّكَفَتَيْنِ وَهُمَا الغُدَّتانِ اللَّتَانِ تَكْتَنِفانِ الحُلْقُومَ فِي أَصل اللّحْي، والقُلاب مِنَ القَلْبِ. وَفِي الْحَدِيثُ:
الكُبادُ مِنَ العَبِ
؛ هو بِالضَّمِّ، وَجَعُ الكَبِدِ. والعبُّ: شُرْب الماءِ مِنْ غَيْرِ مَصٍّ. وكُبِدَ: شَكَا كَبِدَه، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الْجَوْفُ بِكَمَالِهِ كَبِداً؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ كُرَاعٍ أَنه ذَكَرَهُ فِي المُنَجَّد، وأَنشد:
إِذا شاءَ مِنْهُمْ ناشئٌ مَدّ كَفَّه ... إِلى كَبِدٍ مَلْساءَ، أَو كَفَلٍ نَهْدِ
وَأُمُّ وَجَعِ الكَبِد: بَقْلة مِنْ دِقِّ البَقْل يُحِبُّهَا الضأْن، لَهَا زَهْرَةٌ غَبْرَاءُ فِي بُرْعُومَة مُدَوَّرة وَلَهَا وَرَقٌ صَغِيرٌ جِدًّا أَغبر؛ سُمِّيَتْ أُم وَجَعِ الْكَبِدِ لأَنها شِفَاءٌ مِنْ وَجَعِ الْكَبِدِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَيُقَالُ للأَعداءِ: سُودُ الأَكْباد؛ قَالَ الأَعشى:
فَمَا أُجْشِمْت مِن إِتْيانِ قَوْمٍ، ... هُمُ الأَعداءُ، فالأَكْبادُ سُودُ
يَذْهَبُونَ إِلى أَن آثَارَ الحِقْد أَحْرَقَتْ أَكبادهم حَتَّى اسْوَدَّتْ، كَمَا يُقَالُ لَهُمْ صُهْبُ السِّبالِ وإِن لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ. والكَبِدُ: مَعْدِنُ العداوةِ. وكَبِدُ الأَرض: مَا فِي مَعادِنها مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه عَلَى التَّشْبِيهِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَفِي حَدِيثِ مَرْفُوعٍ:
وتُلْقي الأَرضُ أَفْلاذَ كَبِدِها
أَي تُلْقي مَا خُبِئَ فِي بطنِها مِنَ الكُنوز وَالْمَعَادِنِ فَاسْتَعَارَ لَهَا الْكَبِدَ؛ وَقِيلَ: إِنما تَرْمِي مَا فِي بَاطِنِهَا مِنْ مَعَادِنِ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي كَبِدِ جَبَلٍ
أَي فِي جَوْفِه مِنْ كَهْفٍ أَو شِعْبٍ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَالْخَضِرِ، سَلَامُ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا: فوجدْتُه عَلَى كَبِدِ الْبَحْرِ
أَي عَلَى أَوْسَطِ مَوْضِعٍ مِنْ شَاطِئِهِ. وكَبِدُ كلِّ شَيْءٍ: وسَطُه وَمُعْظَمُهُ. يُقَالُ: انْتَزَعَ سَهْمًا فَوَضَعَهُ فِي كَبِدِ القِرْطاس. وَكَبِدُ الرمْلِ وَالسَّمَاءِ وكُبَيْداتُهما وكُبَيْداؤُهما: وسطُهما ومُعْظَمُهما. الْجَوْهَرِيُّ: وكُبَيْداتُ السَّمَاءِ، كأَنَّهم صَغَّرُوها كُبَيْدَة ثُمَّ جَمَعُوا. وتَكَبَّدتِ الشمسُ السماءَ: صَارَتْ في كَبَدِها [كَبِدِها] . وكَبَدُ [كَبِدُ] السماءِ: وسطُها الَّذِي تَقُومُ فِيهِ الشَّمْسُ عِنْدَ الزَّوَالِ، فَيُقَالُ عِنْدَ انْحِطَاطِهَا: زَالَتْ ومالت. الليث: كَبَدُ [كَبِدُ] السماءِ مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْ وسَطها. يُقَالُ: حَلَّقَ الطائرُ حَتَّى صَارَ فِي كَبَدِ [كَبِدِ] السَّمَاءِ وكُبَيْداءِ السَّمَاءِ إِذا صَغَّرُوا حَمَلُوها كالنعْت؛ وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي سُوَيْداءِ الْقَلْبِ، قَالَ: وَهُمَا نادرانِ حُفِظَتا عَنِ الْعَرَبِ، هَكَذَا قَالَ. وكَبَّدَ النجمُ السماءَ أَي توسَّطها. وكبِدُ الْقَوْسِ: مَا بَيْنَ طَرَفَيِ العِلاقة، وَقِيلَ: قَدْرُ ذِراعٍ مِنْ مَقْبِضِها، وَقِيلَ: كَبِداها مَعْقِدا سَيْرِ عِلاقتِها. التَّهْذِيبُ: وكَبِدُ الْقَوْسِ فُوَيْق مَقْبِضِها حَيْثُ يَقَعُ السَّهْمُ. يُقَالُ: ضَعِ السَّهْمَ عَلَى كَبِدِ الْقَوْسِ، وَهِيَ مَا بَيْنَ طرَفي مِقْبَضِهَا ومَجْرى السَّهْمِ مِنْهَا. الأَصمعي: فِي الْقَوْسِ كَبِدُهَا، وَهُوَ مَا بَيْنَ طَرَفِي العِلاقة ثُمَّ الكُلْيَة تَلِي ذَلِكَ ثُمَّ الأَبْهَر يَلِي ذَلِكَ ثُمَّ الطائفُ ثُمَّ السِّيَةُ، وَهُوَ مَا عُطِفَ مِنْ طَرَفَيْها. وقَوْسٌ كَبْداءُ: غَلِيظَةُ الْكَبِدِ شَدِيدَتُهَا، وَقِيلَ:
__________
(1) . قوله [يمدّ] في الأَساس يقدّ(3/375)
قَوْسٌ كَبْدَاءُ إِذا مَلأَ مَقْبِضُها الكَفَّ. والكَبِدُ: اسْمُ جَبَلٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
غَدَا ومِنْ عالِجٍ خَدٌّ يُعارِضُه ... عَنِ الشِّمالِ، وعنْ شَرْقِيِّهِ كَبِدُ
والكَبَدُ: عِظَمُ الْبَطْنِ مِنْ أَعلاه. وكَبَد كُلِّ شيءٍ: عِظَمُ وسَطِه وغِلَظُه؛ كَبِدَ كَبَداً، وَهُوَ أَكْبَدُ. وَرَمَلَةٌ كَبْداء: عَظِيمَةُ الْوَسَطِ؛ وَنَاقَةٌ كَبْداء: كَذَلِكَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سِوى وَطْأَةٍ دَهْماءَ مِنْ غيرِ جَعْدَةٍ، ... تَني أُخْتُها عَنْ غَرْزِ كَبْداءَ ضامِرِ
والأَكبد: الضَّخْمُ الْوَسَطِ وَلَا يَكُونُ إِلا بَطِيءَ السَّيْرِ. وامرأَةٌ كَبْداءُ: بَيِّنَة الكَبَدِ، بِالتَّحْرِيكِ؛ وَقَوْلُهُ:
بِئْسَ الغِذاءُ للغُلامِ الشاَّحِبِ، ... كَبْداءُ حُطَّتْ مِنْ صَفا الكواكِبِ،
أَدارَها النَّقَّاشُ كلَّ جانِبِ
يَعْنِي رَحًى. والكواكِبُ: جِبالٌ طِوالٌ. التَّهْذِيبُ: كواكِبُ جبَل مَعْرُوفٍ بِعَيْنِهِ؛ وَقَوْلُ الْآخَرِ:
بُدِّلْتُ مِنْ وَصْلِ الغَواني البِيضِ، ... كَبْداءَ مِلْحاحاً عَلَى الرَّمِيضِ،
تَخْلأُ إِلَّا بِيَدِ القَبِيضِ
يَعْنِي رَحى اليَدِ أَي فِي يَدِ رَجُلٍ قَبِيضِ الْيَدِ خَفِيفِهَا. قَالَ: والكَبْداءُ الرَّحَى الَّتِي تُدَارُ بِالْيَدِ، سُمِّيَتْ كَبْداء لِمَا فِي إِدارتِها مِنَ المشَقَّة. وَفِي حَدِيثِ الخَنْدق:
فَعَرَضَتْ كَبْدَةٌ شَدِيدَةٌ
؛ هِيَ القِطْعة الصُّلْبة مِنَ الأَرض. وأَرضٌ كَبْداءُ وقَوْسٌ كَبْداءُ أَي شَدِيدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُدْيَةٌ، بِالْيَاءِ، وسيجيءُ. وتَكَبَّد اللبنُ وغيرُه مِنَ الشَّرَابِ: غَلُظ وخَثُر. وَاللَّبَنُ المُتَكَبِّدُ: الَّذِي يَخْثُر حَتَّى يَصِيرَ كأَنه كَبِدٌ يَتَرَجْرَجُ. والكَبْداء: الْهَوَاءُ. والكَبَدُ: الشدَّة والمشَقَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يَقُولُ خَلَقْنَاهُ مُنْتَصِبًا مُعْتَدِلًا، وَيُقَالُ: فِي كَبَدٍ أَي أَنه خُلِقَ يُعالِجُ وَيُكابِدُ أَمرَ الدُّنْيَا وأَمرَ الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: فِي شِدَّةٍ وَمَشَقَّةٍ، وَقِيلَ: فِي كَبَد أَي خُلق مُنْتَصِبًا يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ وغيرُه مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ غَيْرُ مُنْتَصِبٍ، وَقِيلَ: فِي كَبَدٍ خُلِقَ فِي بَطْنِ أُمه ورأْسُه قِبَل رأْسها فإِذا أَرادت الْوِلَادَةَ انْقَلَبَ الْوَلَدُ إِلى أَسفل. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: سَمِعْتُ أَبا طَالِبٍ يَقُولُ: الكَبَدُ الِاسْتِوَاءُ وَالِاسْتِقَامَةُ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا جَوَابُ القسم، المعنى: أَقْسَمَ بِهَذِهِ الأَشياء لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسان فِي كَبَدٍ يُكَابِدُ أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ومكابَدَةُ الأَمر مُعَانَاةُ مَشَقَّتِهِ. وكابَدْت الأَمر إِذا قَاسَيْتُ شِدَّتَهُ. وَفِي حَدِيثِ
بِلَالٍ: أَذَّنْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَلَمْ يأْت أَحد، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَكَبَدَهُم البَرْدُ؟
أَي شَقَّ عَلَيْهِمْ وضَيَّق، مِنَ الكَبَد، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ الشِّدَّةُ وَالضِّيقُ، أَو أَصاب أَكبادَهم، وَذَلِكَ أَشد مَا يَكُونُ مِنَ الْبَرْدِ، لأَن الكَبِدَ مَعْدِنُ الْحَرَارَةِ وَالدَّمِ وَلَا يَخْلُص إِليها إِلا أَشدّ الْبَرْدِ. اللَّيْثُ: الرَّجُلُ يُكابِدُ الليلَ إِذا رَكِبَ هَوْلَه وصُعُوبَتَه. وَيُقَالُ: كابَدْتُ ظُلْمَةَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ مُكابدة شَدِيدَةً؛ وقال لبيد:
عَيْنُ [عَيْنِ] هَلَّا بَكَيْتِ أَرْبَدَ، إِذْ قُمْنا، ... وقامَ الخُصُومُ فِي كَبَدِ؟
أَي فِي شِدَّةٍ وَعَنَاءٍ. وَيُقَالُ: تَكَبَّدْتُ الأَمرَ قَصَدْتُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
يَرُومُ البِلادَ أَيُّها يَتَكَبَّدُ
وتَكَبَّدَ الفلاةَ إِذا قصدَ وسَطَها وَمُعْظَمَهَا. وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ تُضْرَبُ إِليه أَكبادُ الإِبل أَي يُرْحَلُ إِليه فِي(3/376)
طلبِ العِلْم وَغَيْرِهِ. وكابَدَ الأَمرَ مُكابَدَة وكِباداً: قَاسَاهُ، وَالِاسْمُ الكابِدُ كالكاهِلِ والغارِب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَعني بِهِ أَنه غَيْرُ جَارٍ عَلَى الْفِعْلِ؛ قَالَ الْعَجَاجُ:
ولَيْلَةٍ مِنَ اللَّيالي مَرَّتْ ... بِكابِدٍ، كابَدْتُها وجَرَّتْ
أَي طَالَتْ. وَقِيلَ: كابِدٌ فِي قَوْلِ الْعَجَّاجِ مَوْضِعٌ بِشَقِّ بني تميم. وأَكْباد: اسْمُ أَرض؛ قَالَ أَبو حَيَّةَ النُّمَيْرِيُّ:
لَعَلَّ الهَوى، إِنْ أَنتَ حَيَّيْتَ مَنْزِلًا ... بِأَكْبادَ، مُرْتَدٌّ عليكَ عَقابِلُه
كتد: الكَتَدُ والكَتِدُ: مُجْتَمَعُ الكَتِفَيْنِ مِنَ الإِنسان وَالْفَرَسِ، وَقِيلَ: هُوَ أَعلى الكَتِف، وَقِيلَ: هُوَ الْكَاهِلُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الْكَاهِلِ إِلى الظَّهْرِ، والثَّبَجُ مِثْلُهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وإِذْ هُنَّ أَكْتادٌ بِحَوْضَى كأَنما ... زَها الآلُ عَيْدانَ النخيلِ البَواسقِ
وَقِيلَ: الكَتَدُ مِنْ أَصلِ العُنُق إِلى أَسفل الْكَتِفَيْنِ، وَهُوَ يَجْمَعُ الكاثِبَةَ والثبَجَ والكاهِلَ، كلُّ هَذَا كَتَدٌ. وَقَالُوا فِي بَيْتِ ذِي الرُّمَّةِ: وإِذْ هُنَّ أَكْتادٌ أَشْباه لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ؛ وَقِيلَ: الكَتَدُ مَا بَيْنَ الثَّبَج إِلى مُنَصَّفِ الْكَاهِلِ، وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الأَسَدِ الَّذِي هُوَ السبعُ، وَمِنَ الأَسد الَّذِي هُوَ النجمُ عَلَى التَّشْبِيهِ. والكَتَدُ: نَجْمٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذا رأَيتَ أَنْجُماً مِن الأَسَدْ: ... جَبْهَتِه أَو الخَراةِ والكَتَد،
بالَ سُهَيْلٌ فِي الفَضِيخِ فَفَسَدْ، ... وطابَ أَلبانُ اللِّقاحِ فَبَرَد
وَالْجَمْعُ أَكتادٌ وكُتُودٌ. وإِذا أَشرفَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ، فَهُوَ أَكتَدُ. وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
جلِيل المُشاش والكَتَدِ
؛ الكَتَدُ [الكَتِدُ] ، بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا: مُجْتَمَعُ الْكَتِفَيْنِ، وَهُوَ الْكَاهِلُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
كُنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَنْقُلُ الترابَ عَلَى أَكتادِنا
، جَمْع الْكَتَدِ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ: مُشْرِفُ الكَتَدِ.
وتَكْتُدُ: مَوْضِعٌ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
وإِذْ هُنَّ أَكتادٌ بْحَوْضَى كأَنما ... زَها الآلُ عَيْدانَ النخيلِ البَواسقِ
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَكتاد جَمَاعَاتٌ، وَقِيلَ: أَشباه، وَلَمْ يُذْكَرِ الْوَاحِدُ؛ يُقَالُ: مَرَرْتُ بِجَمَاعَةِ أَكتاد. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: أَكتادٌ سِراعٌ بَعْضُهَا فِي إِثْر بَعْضٍ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: يُقَالُ خَرَجُوا عَلَيْنَا أَكْتاداً وأَكْداداً أَي فِرَقاً وأَرْسالًا.
كدد: الكَدُّ: الشِّدَّةُ فِي العَمَلِ وطَلبُ الرزقِ والإِلحاحُ فِي مُحَاوَلةِ الشيءِ والإِشارةُ بالإِصْبَعِ؛ يُقَالُ: هُوَ يَكُدُّ كَدًّا؛ وأَنشد الكميت:
غَنِيتُ فَلَمْ أَرْدُدْكُمُ عِنَد بُغْيَةٍ، ... وحُجْتُ فَلَمْ أَكْدُدْكُمُ بالأَصابعِ
وَفِي الْمَثَلِ: بِجَدِّكَ لَا بِكَدِّكَ أَي إِنما تُدْرِكُ الأُمورَ بِمَا تُرْزَقُه مِنَ الجَدِّ لَا بِمَا تَعْمَلُه مِنَ الكَدِّ. وَقَدْ كَدَّهُ يَكُدُّه كَدًّا واكْتَدَّهُ واسْتَكَدَّه: طَلبَ مِنْهُ الكَدَّ. وكَدَّ لسانَه بِالْكَلَامِ وقَلْبَه بِالْفِكْرِ، وَهُوَ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ. والكَدِيدُ مَا غَلُظَ مِنَ الأَرض. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الكَدِيدُ مِنَ الأَرض البَطْنُ الْوَاسِعُ خُلِق خَلْقَ الأَوْدِية أَو أَوسعَ مِنْهَا. والكِدَّةُ: الأَرض الْغَلِيظَةُ لأَنها تَكُدُّ الماشيَ فِيهَا. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدِ بْنِ عَبْدِ العُزّى: فَحَصَ الكِدَّةَ بِيَدِهِ فانبَجَسَ الماءُ
؛ هِيَ الأَرض الْغَلِيظَةُ مِنَ ذَلِكَ. والكَدِيدُ: الْمَكَانُ الْغَلِيظُ. والكَدِيدُ: الأَرض المَكْدُودة بِالْحَوَافِرِ.(3/377)
والكَدُّ: مَا يُدَقُّ فِيهِ الأَشياءُ كالهاوُن. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: كنتُ أَكُدُّه مِنْ ثَوْبِ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ تَعْنِي المَنِيَّ. الكَدُّ: الحَكُّ، والكَدِيدُ: التُّرَابُ الدُّقاق الْمَكْدُودُ المُرَكَّل بِالْقَوَائِمِ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
مِسَحّ إِذا مَا السَّابحاتُ عَلَى الوَنَى، ... أَثَرْنَ الغُبارَ بالكَديدِ المُرَكَّلِ
المِسَحُّ: الكثيرُ الجَرْيِ. والوَنَى: الفُتُور. والمُرَكَّلُ: الَّذِي أَثَّرَتْ فِيهِ الحوافِرُ. وَفِي حَدِيثِ إِسلام عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
فأَخْرَجْنا رسولَ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي صَفَّيْنِ لَهُ كَدِيدٌ كَكَدِيدِ الطَّحين
؛ والكَدِيدُ: الترابُ الناعمُ فإِذا وُطِئَ ثارَ غُبارُه؛ أَراد أَنهم كَانُوا فِي جَمَاعَةٍ وأَنَّ الغُبار كَانَ يَثُور مِنْ مَشْيِهِمْ. وكَدِيدٌ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والطحينُ: الْمَطْحُونُ الْمَدْقُوقُ. وكَدَّدَ الرجلُ إِذا أَلقَى الكَدِيدَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ وَهُوَ الجَرِيشُ مِنَ الْمِلْحِ. والكَدِيدُ: صوتُ الملحِ الْجَرِيشِ إِذا صُبَّ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. والكَدِيدُ؛ تُرَابٌ الحَلْبَة، وكَدْكَدَ عَلَيْهِ أَي عَدَا عَلَيْهِ. وكَدَّ الدابةَ والإِنسانَ وغيرَهما يَكُدُّه كَدًّا: أَتعبه. وَرَجُلٌ مَكْدُود مَغْلُوبٌ؛ قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابيّاً يَقُولُ لِعَبْدٍ لَهُ: لأَكُدَّنَّك كَدَّ الدَّبِرِ؛ أَراد أَنه يُلِحُّ عَلَيْهِ فِيمَا يُكِلِّفه مِنَ الْعَمَلِ الواصِبِ إِلحاحاً يُتْعِبُه كَمَا أَن الدَّبِرَ إِذا حُمِلَ عَلَيْهِ ورُكِبَ أُتْعب الْبَعِيرُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المسائلُ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرجلُ وجهَه
؛ الكَدُّ: الإِتعابُ. يُقَالُ: كَدَّ يَكُدّ فِي عَمَلِهِ إِذا اسْتَعْجَلَ وتَعِبَ، وأَراد بِالْوَجْهِ مَاءَهُ ورَوْنَقَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
جُلَيْبِيب: وَلَا تَجْعَلُ عَيْشَهُمَا كَدًّا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنَ كَدِّك وَلَا كَدِّ أَبيك
أَي لَيْسَ حَاصِلًا بسَعْيِك وتَعَبِك. وكَدَّ الشيءَ يَكُدُّه واكتَدَّه: نَزَعَهُ بِيَدِهِ، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْجَامِدِ وَالسَّائِلِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَمُصُّ ثِمادِي، والمياهُ كَثِيرَةٌ، ... أُحاوِلُ مِنْهَا حَفْرَها واكتِدادَها
يَقُولُ: أَرضَى بِالْقَلِيلِ وأَقَنعُ بِهِ. والكَدَدَةُ والكُدادة: مَا يَلْتَزِقُ بأَسفَلِ القِدْر بَعْدَ الغَرْف مِنْهَا. قَالَ الأَصمعي: الكُدادة مَا بَقِيَ فِي أَسفلِ القِدر. قَالَ الأَزهري: إِذا لَصِقَ الطبيخُ بأَسفل البُرْمه فَكُدَّ بالأَصابع، فَهِيَ الكُدادة. الْجَوْهَرِيُّ: الكُدادة، بِالضَّمِّ، القِشْدة وَمَا يَبْقَى فِي أَسفل الْقِدْرِ مِنْ الْمَرَقِ. والكُدادة: ثُفْل السَّمْن. وَبَقِيَتْ مِنَ الكلإِ كُدادة، وَهُوَ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ.، وكُدادُ الصِّلِّيان: حُسافُه، وَهُوَ الرِّقَةُ يُؤْكَلُ حِينَ يَظْهَرُ وَلَا يُتْرَكُ حَتَّى يَتمّ. والكَدِيدُ: مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ. وَبِئْرٌ كَدُودٌ إِذَا لَمْ يُنَلْ ماؤُها إِلَّا بجَهْد. أَبو عَمْرٍو: الكُدَّدُ الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وكَدْكَدَ الرجلُ فِي الضَّحِك وكَتْكَتَ وكَرْكَرَ وطَخْطَخَ وطَهْطَه كُلُّ ذَلِكَ إِذا أَفرَطَ فِي ضَحِكِه. والكَدْكَدَة: شِدَّةُ الضَّحِكِ؛ وأَنشد:
وَلَا شَدِيدٍ ضِحْكُها كَدْكادِ، ... حَدَادِ دُونَ شَرِّها حَدادِ
والكَدْكَدَةُ: ضَرْبُ الصَّيْقَلِ المِدْوَسَ عَلَى السَّيْفِ إِذا جَلاه. وأَكَدَّ الرجلُ واكْتَدَّ إِذا أَمسَك. وَفِي النَّوَادِرِ: كَدَّني وكَدْكَدَني وتَكَدَّدَني وتَكَرَّدَني أَي طَرَدَني طَرْدًا شَدِيدًا. والكَدْكَدَةُ: حِكَايَةُ صَوْتِ شَيْءٍ يَضْرِبُ عَلَى شَيْءٍ صُلْب. والكَدْكَدَة: العَدْوُ الْبَطِيءُ. وَحَكَى الأَصمعي: قَوْمٌ أَكدادٌ أَي سِراعٌ. والكُدادُ: اسْمُ فَحْلٍ تُنْسَبُ إِليه الحُمُر، يُقَالُ: بَنَاتٌ كُداد؛(3/378)
وأَنشد:
وعَيْر لَهَا مِنْ بَناتِ الكُدادِ، ... يُدَهْمِجُ بالوَطْبِ والمِزْوَدِ
كرد: الكَرْدُ: الطَّرْدُ. والمُكارَدَةُ: المُطارَدَةَ. كَرَدَهُمْ يَكْردُهُم كَرْداً: ساقَهم وطَرَدَهم ودفَعهم، وَخَصَّ بَعْضَهُمْ بالكَرْدِ سَوْقَ العَدُوّ فِي الحَمْلَة. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا أَرادوا الدُّخُولَ عَلَيْهِ لِقَتْلِهِ جَعَلَ الْمُغِيرَةُ بْنُ الأَخنس يَحْمِلُ عَلَيْهِمْ ويَكْردُهُم بِسَيْفِهِ
أَي يَكُفُّهم ويطْردُهُم. وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ وَذَكَرَ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ: كَانَ هَذَا الْمُتَكَلِّمُ كَرَد القومَ قَالَ لَا وَاللَّهِ أَي صَرَفَهم عَنْ رأْيِهِم وردَّهم عَنْهُ. والكَرْدُ: العُنُقُ، وَقِيلَ: الكَرْدُ لُغَةٌ فِي القَرْدِ وَهُوَ مَجْثم الرأْسَ عَلَى الْعُنُقِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَطارَ بمَشْحُوذِ الحديدةِ صارِمٍ، ... فَطَبَّقَ مَا بَينَ الذُّؤَابَةِ والكَرْدِ
وَقَالَ آخَرُ:
وكنَّا إِذا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه، ... ضربناهُ دونَ الأُنْثَيَيْنِ عَلَى الكَرْدِ
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ:
وكنَّا إِذا العَبْسِيُّ نَبَّ عَتُودُه، ... ضربناهُ بينَ الأُنْثَيَينِ عَلَى الكَرْدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِلْفَرَزْدَقِ وَصَوَابُ إِنشاده: وَكُنَّا إِذا القَيْسِيُّ، بِالْقَافِ. والعَتُودُ: مَا اشْتَدَّ وَقَوِيَ مِنْ ذُكُورِ أَولاد الْمَعْزِ. ونَبِيبُه: صَوْتُهُ عِنْدَ الْهِيَاجِ. وأَراد بالأُنثيين هُنَا: الأُذنين. وَالْحَقِيقَةُ فِي الكْرد، أَنه أَصل العُنق. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ: أَنه قَدِمَ عَلَى أَبي مُوسَى بِالْيَمَنِ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ كَانَ يَهُودِيًّا فأَسلم ثمَّ تَهَوَّد، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَقعُدُ حَتَّى تضرِبوا كَرْدَه
أَي عُنُقَهُ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:
يَا رَبِّ بَدِّلْ قُرْبَه بِبُعْدِه، ... واضربْ بحدِّ السيفِ عَظمَ كَرْدِه
التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: ابْنُ الأَعرابي: خُذْ بِقَرْدَنِه وكَرْدَنِه وكَرْدِه أَي بِقَفَاهُ. والكُرْدُ: الدَّبْرَة، فَارِسِيٌّ أَيضاً، وَالْجَمْعُ كُرُودٌ، والكُرْدة كالكُرْد. والكُرْد، بِالضَّمِّ: جِيلٌ مِنَ النَّاسِ مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ أَكراد؛ وأَنشد:
لَعَمْرُكَ مَا كُرْدٌ مِنَ ابناءِ فارِس، ... وَلَكِنَّهُ كُرْدُ بنُ عَمْرِو بنِ عامِرِ
. فَنَسَبَهُمْ إِلى الْيَمَنِ. والكِرْدِيدةُ: القِطْعَة الْعَظِيمَةُ مِنَ التَّمْرِ، وَهِيَ أَيضاً جُلَّةُ التَّمْرِ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَفلَحَ مَنْ كانتْ لَهُ كِرْدِيدَه، ... يأْكلُ مِنْهَا وَهُوَ ثانٍ جِيدَه
وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:
قَدْ أَصْلَحَتْ قِدْراً لَهَا بِأُطْرَه، ... وأَبْلَغَتْ كِرْدِيدَةً وفِدْرَه،
مِنْ تَمْرِها واعْلَوَّطَتْ بسُحرَه
الْجَوْهَرِيُّ: والكِرديد، بِالْكَسْرِ، مَا يَبْقى فِي أَسفل الجُلَّةِ مِنْ جَانِبَيْهَا مِنَ التَّمْرِ، وَالْجَمْعُ الكَرادِيدُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
القاعِدات فَلَا يَنْفَعْنَ ضَيْفَكُمُ، ... والآكِلات بَقِيَّاتِ الكَرادِيدِ
والكُرْدُ: المَشارَةُ مِنَ الْمَزَارِعِ، وَيُجْمَعُ كُرْداً «2» .
كزد: كَزْدٌ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا حَقِيقَةُ عَرَبِيَّتِهِ.
__________
(2) . قوله [ويجمع كرداً] كذا بالأَصل ولعله كروداً كما تقدم له وهو القياس ويحتمل أنه أراد أن يكون كفلك مفرداً وجمعاً(3/379)
كسد: الكَسادُ: خِلافُ النَّفاقِ ونقِيضُه، وَالْفِعْلُ يَكْسُدُ. وسُوق كَاسِدَةٌ «1» : بَائِرَةٌ. وكسَد الشيءُ كَساداً، فَهُوَ كاسِد وكَسِيدٌ، وسِلعة كَاسِدَةٌ. وكَسَدَتِ السوقُ تَكْسُد كَساداً: لَمْ تَنْفَقْ، وسوقٌ كاسدٌ، بِلَا هَاءٍ. وكسَدَ المتاعُ وَغَيْرُهُ، وكَسُدَ، فَهُوَ كَسِيد كَذَلِكَ. وأَكسَد القومُ: كَسَدَتْ سُوقُهُمْ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذْ كلُّ حَيٍّ نابِتٌ بأَرُومَةٍ، ... نبْتَ العِضاهِ، فَماجِدٌ وكَسِيدُ
أَي دونٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى مُعَوِّذ الْحُكَمَاءِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
أُعَوِّذُ بَعْدَها الحكماءَ بَعْدِي، ... إِذا مَا الحَقُّ فِي الأَشْياعِ نَابَا
وَرُوِيَ: فِي الأَزمان نَابَا؛ وَمَعْنَى الْبَيْتِ: أَن النَّاسَ كَالنَّبَاتِ فَمِنْهُمْ كرِيمُ المَنبتِ وغير كريمه.
كشد: اللَّيْثُ: الكَشْد ضَرْبٌ مِنَ الحَلْب بِثَلَاثِ أَصابع. ابْنُ شُمَيْلٍ: الكَشْدُ والفَطْرُ والمَصْرُ سَوَاءٌ، وَهُوَ الحَلْبُ بالسَّبَّابةِ والإِبهام. وكَشَدَ الناقةَ يَكْشِدُها كَشْداً، وَهِيَ كَشُود: حَلَبها بِثَلَاثِ أَصابع. وَنَاقَةٌ كَشُود، وَهِيَ الَّتِي تُحْلب كَشْداً فَتَدِرُّ. والكَشُودُ: الضَّيِّقَةُ الإِحْلِيل مِنَ النُّوق القَصِيرة الخِلْفِ. وكَشَدَ الشيءَ يَكْشِدُه كَشْداً: قَطَعَه بأَسنانه قطْعاً كَمَا يَقْطَعُ القِثَّاء وَنَحْوَهُ. ابْنُ الأَعرابي: الكُشُدُ الكثيرُو الكَسْب الكادُّون عَلَى عِيالهم الواصِلون أَرْحامَهم، وَاحِدُهُمْ كاشِدٌ وكَشُودٌ وكَشَدٌ.
كغد: الكاغَدُ: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.
كلد: كَلَدَ الشيءَ كَلْداً وكَلَّدَه: جَمَعَه وجعَل بعضَه عَلَى بَعْضٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَلَمَّا ارْجَعَنُّوا واشتَرَيْنا خِيارَهُم، ... وسارُوا أَسارَى فِي الحدِيدِ مُكَلَّدا
والكَلَدَةُ: الأَرض الصُّلْبَة. والكَلَدَة: قِطعة مِنَ الأَرض غَلِيظَةٌ. والكَلَدُ والكَلَنْدَى: المكانُ الصُّلْبُ مِنْ غَيْرِ حَصًى. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: ضَبٌّ كَلَدَة لأَنها لَا تَحْفِرُ جُحْرَها إِلا فِي الأَرض الصُّلْبة. وتَكَلَّد الرَّجُلُ: غَلُظَ لَحْمُهُ وتَغَزَّرَ. وذِيخٌ كالِدٌ: قدِيمٌ. وأَبو كَلَدَة: مِنْ كُنى الضِّبْعانِ. وكَلَدَةُ: اسْمُ رجل. والحرث بْنُ كَلَدة «2» : أَحد فُرسان الْعَرَبِ وشعَرائهم. والكَلَنْدَى: مَوْضِعٌ. والمُكْلَنْدِدُ: الصُّلْبُ. والمُكْلَنْدِدُ: الشديدُ الخَلْقِ العظيمُ. اللِّحْيَانِيُّ: اكلَنْدَى الرجلُ واكْلَنْدَدَ إِذا اشْتَدَّ، واكلَنْدَى الْبَعِيرُ إِذا غلُظ وَاشْتَدَّ مِثْلَ اعْلَنْدَى. وَبَعِيرٌ مُكْلَنْدٍ: صُلْبٌ شديدٌ. وعَمَّ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: المُكْلَنْدِي الشَّدِيدُ. واكْلَنْدَد عَلَيْهِ: أَلقَى عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ. واكلَنْدَدَ: تَقَبَّضَ، وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ أَيضاً.
كلهد: كَلْهَدَةُ: اسْمُ رَجُلٍ. الأَزهري: أَبو كَلْهَدةَ مِنْ كُنى العرب.
كمد: الكَمْدُ والكُمْدَةُ: تغيرُ اللونِ وذَهابُ صَفَائِهِ وبقاءُ أَثَرِه.
__________
(1) . وقوله [وسوق كاسدة] كذا بإثبات الهاء وقال فيما بعد بلا هاء وهو نص الجوهري والقاموس فلعل فيه لغتين
(2) . قوله [والحرث بن كلدة] ضبط في القاموس بالقلم بفتح الكاف وسكون اللام، وعبارة المصباح الكلدة القطعة الغليظة من الأَرض والجمع كلد مثل قصبة وقصب وبالمفرد سمي ومنه الحرث بن كلدة الطبيب(3/380)
وكَمَدَ لونُه إِذا تغيَّر، ورأَيتُه كامِدَ اللَّوْنِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهَا: كَانَتْ إِحدانا تأْخُذُ الماءَ بِيَدِهَا فَتَصُبُّ عَلَى رأْسها بإِحْدى يَدَيْهَا فَتُكْمِدُ شِقَّها الأَيمنَ
؛ الكَمْدَةُ: تغيرُ اللونِ. يُقَالُ: أَكمَدَ الغَسَّالُ والقَصَّارُ الثوبَ إِذا لَمْ يُنَقِّه. وَرَجُلٌ كامدٌ وكَمِدٌ: عابِسٌ. والكَمعدُ: هَمٌّ وحُزن لَا يُسْتَطَاعُ إِمضاؤه. الْجَوْهَرِيُّ: الكَمَدُ الْحُزْنُ الْمَكْتُومُ. وكمَدَ القصَّارُ الثوبَ إِذا دَقَّه، وَهُوَ كمَّادُ الثوبِ. ابْنُ سِيدَهْ: والكَمَد أَشدُّ الْحُزْنِ. كمِدَ كَمَداً وأَكْمَده الْحُزْنُ. وكَمِدَ الرجلُ، فَهُوَ كَمِدٌ وكَمِيدٌ. وتَكْمِيدُ العُضْوِ: تَسْخِينُهُ بِخرَق وَنَحْوِهَا، وَذَلِكَ الكِمادِ، بِالْكَسْرِ. والكِمادَةُ: خرْقة دَسِمَةٌ وسخَةٌ تُسَخَّنُ وَتُوضَعُ عَلَى مَوْضِعِ الْوَجَعِ فَيُسْتَشْفَى بِهَا، وَقَدْ أَكْمَدَه، فَهُوَ مَكْمود، نَادِرٌ. وَيُقَالُ: كَمَدْتُ فُلَانًا إِذا وَجِعَ بعضُ أَعضائه فسَخَّنْتَ لَهُ ثَوْبًا أَو غَيْرَهُ وَتَابَعْتَ عَلَى مَوْضِعِ الْوَجَعِ فَيَجِدُ له راحة، وهو التكنيدُ. وَفِي حَدِيثِ
جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: رأَيت رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَادَ سعِيدَ بنَ العاصِ فَكَمَّده بِخِرْقَةٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
الكِمادُ أَحبّ إِليَّ مِنَ الكَيّ.
وَرُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنها قَالَتْ: الكِمادُ مَكَانُ الْكَيِّ، والسَّعُوطُ مكانُ النَّفْخِ، واللَّدُودُ مَكَانُ الغمْزِ
أَي أَنه يُبْدَلُ مِنْهُ ويَسُدُّ مَسَدَّه، وَهُوَ أَسهل وأَهون. وَقَالَ شَمِرٌ: الكِمادُ أَن تؤخَذَ خِرْقة فتُحْمَى بِالنَّارِ وَتُوضَعُ عَلَى مَوْضِعِ الوَرَم، وَهُوَ كَيٌّ مِنْ غَيْرِ إِحراق؛ وقولُها: السَّعُوطُ مَكَانُ النَّفْخِ، هُوَ أَن يُشْتَكَى الحَلْقُ فيُنْفَخَ فِيهِ، فَقَالَتْ: السَّعوط خَيْرٌ مِنْهُ؛ وَقِيلَ: النَّفْخُ دَوَاءٌ يُنْفَخُ بالقَصَب فِي الأَنف، وَقَوْلُهَا: اللَّدُودُ مَكَانُ الْغَمْزِ، هُوَ أَن تَسْقُطَ اللَّهاةُ فتُغمَزَ بِالْيَدِ، فَقَالَتْ: اللَّدُودُ خَيْرٌ مِنْهُ وَلَا تَغْمِزْ باليد.
كمهد: الكُمَّهْدَةُ: الكَمَرة؛ عَنْ كُرَاعٍ. والكُمَّهْدَة: الفَيْشَلة؛ وَقَوْلُهُ:
نَوَّامَةٌ وَقْتَ الضُّحَى ثَوْهَدَّهْ، ... شِفَاؤُهَا مِنْ دَائِهَا الكُمْهَدَّهْ
قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ لُغَةً، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ غيَّر لِلضَّرُورَةِ. واكْمَهَدَّ الفرخُ: أَصابه مِثلُ الِارْتِعَادِ وَذَلِكَ إِذا زَقَّه أَبواه. أَبو عَمْرٍو: الكُمْهُدُ الكبيرُ الكُمَّهْدَةِ، وَهِيَ الْكَوْسَلَةُ:
إِنَّ لَهَا بِكِنْهَلِ [بِكِنْهِلِ] الكَنَاهِلِ ... حَوْضاً، يَرُدُّ رُكَّبَ النَّواهِلِ «1»
. أَراد يُصَائِبُهُ.
كند: كَنَدَ يَكْنُدُ كُنوداً: كَفَرَ النِّعْمَة؛ وَرَجُلٌ كنَّادٌ وكَنُودٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
؛ قِيلَ: هُوَ الجَحُود وَهُوَ أَحسن، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يأْكُل وحْدَه ويمْنَعُ رِفْدَه ويَضْرِب عَبْده. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف لَهُ فِي اللُّغَةِ أَصلًا وَلَا يَسُوغُ أَيضاً مَعَ قَوْلِهِ لِرَبِّهِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَكَنود، لَكَفور بِالنِّعْمَةِ؛ وَقَالَ الْحَسَنُ: لَوَّام لِرَبِّهِ يَعُدُّ المصيباتِ ويَنْسى النِّعَم؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لَكَنُودٌ، مَعَنَاهُ لَكَفُورٌ يَعْنِي بِذَلِكَ الْكَافِرَ. وامرأَة كُنُدٌ وكَنُود: كَفور لِلْمُوَاصَلَةِ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ يَصِفُ امرأَته:
__________
(1) . قوله [إن لها إلخ] كذا بالأَصل وهو بهذا الضبط بشكل القلم في معجم ياقوت وانظر ما مناسبة هذا البيت هنا إلا أن يكون البيت الذي بعده أو قبله فيه الشاهد وسقط من قلم المصنف أو الناسخ أو نحو ذلك(3/381)
كَنُودٌ لَا تَمُنُّ وَلَا تُفادِي، ... إِذا عَلِقَتْ حَبائِلُها بِرَهْنِ
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: كَنُود كَفور لِلْمَوَدَّةِ. وكَنَدَه أَي قطَعَه؛ قَالَ الأَعشى:
أَمِيطِي تُمِيطِي بِصُلْبِ الْفُؤَادِ ... وَصُول حِبالٍ وكَنَّادها
وأَرض كَنُود: لَا تُنْبِتُ شَيْئًا. وكِنْدَةُ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَقِيلَ: أَبو حَيٍّ مِنَ الْيَمَنِ وَهُوَ كَنْدَةُ بْنُ ثَوْرٍ. وكَنُودٌ وكنَّاد وكُنادة: أَسماء.
كنعد: الكَنْعَتُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ كالكَنْعَد، قَالَ: وأُرى تَاءَهُ بَدَلًا وَالنُّونُ سَاكِنَةٌ وَالْعَيْنُ مَنْصُوبَةٌ؛ وأَنشد:
قُلْ لِطِعامِ الأَزْدِ: لَا تَبْطَرُوا ... بالشِّيمِ والجِرِّيثِ والكَنْعَدِ
وَقَالَ جَرِيرٍ:
كَانُوا إِذا جَعَلوا فِي صِيرِهِمْ بَصَلًا. ... ثُمَّ اشْتَوَوا كَنْعَداً مِن مالحٍ، جدَفَوا
كهد: كَهَدَ فِي الْمَشْيِ كَهْداً: أَسْرَع. وَشَيْخٌ كَوْهَدٌ: يُرْعَشُ مِنَ الكِبَر، وَقَدِ اكْوَهَدَّ الشَّيْخُ والفَرْخُ إِذا ارْتَعَد. الْجَوْهَرِيُّ: كَهَدَ الحِمارُ كَهَداناً أَي عَدَا،؛ وأَكْهَدْتُه أَنا. واكْوَهَدَّ الفرخُ اكْوِهْداداً، وَهُوَ ارتِعادُه إِلى أُمِّهِ لِتَزُقَّه. وكَهَدَ إِذا أَلَحَّ فِي الطَّلَبِ. وأَكْهَدَ صاحبَه إِذا أَتعبه؛ وَهُوَ فِي بَيْتِ الْفَرَزْدَقِ:
مُوَقَّعَة بِبَيَاضِ الرُّكُود، ... كَهُود اليَدَيْنِ مَعَ المُكْهِدِ
أَراد بِكَهُودِ الْيَدَيْنِ الأَتانَ، وبالمُكْهِد العَيْرَ. كَهُودُ الْيَدَيْنِ: سَرِيعَةٌ. والمُكْهِدُ: المُتْعِبُ. وَيُقَالُ: أَصابه جَهْد وكَهْد. وَلَقِيَنِي كاهِداً قَدْ أَعيا ومُكْهَداً [مُكْهِداً] ؛ وَقَدْ كَهَدَ وأَكْهَدَ وَكَدَه وأَكْدَه كُلُّ ذَلِكَ إِذا أَجْهَدَه الدُّؤُوب.
كود: كادَ: وُضِعَتْ لِمُقَارَبَةِ الشَّيْءِ، فُعِلَ أَو لَمْ يُفْعَلْ، فمجرْدَةً تنبيء عَنْ نَفْيِ الْفِعْلِ، وَمَقْرُونَةً بالجحْد تنبئُ عَنْ وُقُوعِ الْفِعْلِ. قَالَ بَعْضِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَكادُ أُخْفِيها
؛ أُريد أُخفيها. قَالَ: فَكَمَا جَازَ أَن تُوضَعَ أُريد مَوْضِعَ أَكاد فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ، فَكَذَلِكَ أَكاد؛ وأَنشد الأَخفش:
كادَتْ وكِدْتُ وتِلْكَ خيرُ إِرادَةٍ، ... لَوْ عادَ مِنْ لَهْوِ الصَّبابَةِ مَا مَضَى
وَسَنَذْكُرُهَا فِي كَيَدَ بَعْدَ هَذِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ كَوَدَ: كادَ كَوْداً ومَكاداً ومَكادَةً: هَمَّ وقارَبَ وَلَمْ يَفْعَل، وَهُوَ بِالْيَاءِ أَيضاً وَسَنَذْكُرُهُ. وَلَا كَوْداً وَلَا هَمًّا أَي لَا يَثْقُلَنَّ عَلَيْكَ، وَهُوَ بِالْيَاءِ أَيضاً. اللَّيْثُ: الكَوْد مَصْدَرُ كَادَ يكودُ كَوْداً ومَكاداً ومَكادَة. تَقُولُ لِمَنْ يَطْلُبُ إِليك شَيْئًا وَلَا تُرِيدُ أَن تُعْطِيَهُ، تَقُولُ: لَا وَلَا مَكادَةً وَلَا مَهَمَّةً وَلَا كَوْداً وَلَا هَمّاً وَلَا مَكاداً وَلَا مَهَمّاً. وَيُقَالُ: وَلَا مَهَمَّة لِي وَلَا مَكادة أَي لَا أَهُمُّ وَلَا أَكادُ، وَلُغَةُ بَنِي عَدِيٍّ: كُدْتُ أَفْعَل كَذَا، بِضَمِّ الْكَافِ، وَحَكَاهُ سِيبَوَيْهِ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ. أَبو حَاتِمٍ: يُقَالُ: لَا وَلَا كَيْدًا لَكَ وَلَا هَمًّا، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ: لَا أَفعل ذَلِكَ وَلَا كَوْداً، بِالْوَاوِ. قَالَ وَقَالَ ابْنُ العوَّام: كادَ زيدٌ أَن يموتَ؛ وأَن لَا تَدْخل مَعَ كَادَ وَلَا مَعَ مَا تصرَّف مِنْهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي
؛ وَكَذَلِكَ جَمِيعَ مَا فِي الْقُرْآنِ. قَالَ: وَقَدْ يُدْخلون عَلَيْهَا أَنْ تَشْبِيهًا(3/382)
بعَسَى؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَدْ كادَ مِنْ طُولِ البِلَى أَنْ يَمْصَحا
وَقَوْلُهُمْ: عَرَفَ فُلَانٌ مَا يُكادُ مِنْهُ أَي مَا يرادُ مِنْهُ. وَحَكَى أَبو الْخَطَّابِ: أَنَّ نَاسًا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُونَ كِيدَ زَيْدٌ يَفْعل كَذَا وَمَا زِيلَ يَفْعَلُ كَذَا؛ يُرِيدُونَ كَادَ وَزَالَ فَنَقَلُوا الْكَسْرَ إِلى الْكَافِ كَمَا نَقَلُوا فِي فَعِلْت. ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ مِنْ كَادَ يَكَادُ: هُمَا يَتَكايدان، وأَصحاب النَّحْوِ يَقُولُونَ: يَتَكاوَدَان وَهُوَ خطأٌ. والكَوْد: كلُّ «1» مَا جَمَعْتَه وَجَعَلْتَهُ كُثَباً مِنْ طَعَامٍ وترابٍ وَنَحْوِهِ، وَالْجَمْعُ أَكوادٌ. وكوَّدَ الترابَ: جَمَعَه وَجَعَلَهُ كُثْبَةً، يمانيةٌ. وكُوَادٌ وكوَيْدٌ: اسمان.
كيد: كَادَ يَفْعَل كَذَا كَيْداً: قارَب. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يَسْتَعْمِلُوا الِاسْمَ وَالْمَصْدَرَ اللَّذَيْنِ فِي مَوْضِعِهِمَا يَفْعَلُ فِي كَادَ وعَسَى، يَعْنِي أَنهم لَا يَقُولُونَ كادَ فاعِلًا أَو فعْلًا فَتُرِكَ هَذَا مِنْ كَلَامِهِمْ لِلِاسْتِغْنَاءِ بِالشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ، وَرُبَّمَا خَرَجَ فِي كَلَامِهِمْ؛ قَالَ تأَبَّط شَرًّا.
فأُبْتُ إِلى فَهْمٍ وَمَا كِدْتُ آئِبًا، ... وَكَمْ مِثلِها فارَقْتُها، وهْيَ تَصْفرُ
قَالَ: هَكَذَا صِحَّةُ هَذَا الْبَيْتِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي شِعْرِهِ، فأَما رِوَايَةُ مَنْ لَا يَضْبُطُهُ وَمَا كُنْتُ آئِبًا وَلِمَ أَكُ آئِبًا فَلِبُعْدِهِ عَنْ ضَبْطِهِ؛ قَالَ: قَالَ ذَلِكَ ابْنُ جِنِّيٍّ، قَالَ: وَيُؤَكِّدُ مَا رَوَيْنَاهُ نَحْنُ مَعَ وُجُودِهِ فِي الدِّيوَانِ أَن الْمَعْنَى عَلَيْهِ أَلا تَرَى أَن مَعْنَاهُ فأُبْتُ وما كِدْتُ أَؤُوبُ؛ فأَما كنتُ فَلَا وَجْهَ لَهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَلَا أَفعلُ ذَلِكَ وَلَا كَيْدًا وَلَا هَمّاً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى سِيبَوَيْهِ أَن نَاسًا مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُونَ كِيدَ زَيدٌ يَفْعَلُ كَذَا؛ وَقَالَ أَبو الْخَطَّابِ: وَمَا زِيل يَفْعَلُ كَذَا؛ يُرِيدُونَ كادَ وَزَالَ فَنَقَلُوا الْكَسْرَ إِلى الْكَافِ فِي فَعِلَ كَمَا نَقَلُوا فِي فعِلْت؛ وَقَدْ رُوِيَ بيتُ أَبي خِراش:
وكِيدَ ضِباعُ القُفِّ يأْكُلْنَ جُثَّتي، ... وكِيدَ خِراشٌ يومَ ذَلِكَ يَيْتَم
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَدْ قَالُوا كُدْتُ تَكادُ فَاعْتَلَتْ مِنْ فَعُلَ يفْعَل، كَمَا اعْتَلَتْ مِت تَمُوتُ عَنْ فَعِلَ يَفْعُلُ، وَلَمْ يَجِئْ تَمُوتُ عَلَى مَا كَثُرَ فِي فَعِلَ. قَالَ: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَكادُ أُخْفِيها
؛ قَالَ الأَحفَش: مَعْنَاهُ أُخفيها. اللَّيْثُ: الكَيْدُ مِنَ المَكِيدَة، وَقَدْ كَادَهُ مَكِيدةً. والكَيْدُ: الخُبْثُ والمَكْرُ؛ كَادَهُ يَكِيدُهُ كَيْداً ومَكِيدَةً، وَكَذَلِكَ المكايَدةُ. وكلُّ شَيْءٍ تعالجُه، فأَنت تَكِيدُه. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: مَا قَوْلُكَ فِي عُقُولٍ كَادَهَا خَالِقُهَا؟
وَفِي رِوَايَةٍ:
تِلْكَ عقولٌ كَادَهَا بارِئُها
أَي أَرادها بِسُوءٍ. يُقَالُ: كِدْتُ الرجلَ أَكِيدُه. والكَيْدُ: الاحتيالُ وَالِاجْتِهَادُ، وَبِهِ سُمِّيَتِ الْحَرْبُ كَيْدًا. وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ كَيْدًا: يَجُودُ بِهَا وَيَسُوقُ سِياقاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ سيِّدِ قومٍ فَقَدْ صَدقْتَ اللهَ مَا وعَدْتَه وَهُوَ صادقُك مَا وعَدَك
؛ يكيدُ بِنَفْسِهِ: يُرِيدُ النَّزْعَ. والكَيْدُ: السَّوْقُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَخْرُجُ المرأَة إِلى أَبيها يَكِيدُ بِنَفْسِهِ
أَي عندَ نَزْعِ روحِه وموتِه. الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ: مَا كِدْت أَبْلُغُ إِليك وأَنت قَدْ بلَغت؛ قَالَ: وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الْعَرَبِيَّةِ؛ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُدْخِلُ كَادَ وَيَكَادُ فِي الْيَقِينِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الظَّنِّ أَصله الشَّكُّ ثُمَّ يُجْعلُ يَقِينًا. وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَمْ يَكَدْ يَراها
؛ حُمِلَ على المعنى
__________
(1) . قوله [والكود كل إلخ] في القاموس والكودة ما جمعت من تراب ونحوه.(3/383)
وَذَلِكَ أَنه لَا يَرَاهَا، وَذَلِكَ أَنك إِذا قُلْتَ كادَ يَفْعَلُ إِنما تَعْنِي قارَب الْفِعْلَ، وَلَمْ يَفعل عَلَى صِحَّةِ الْكَلَامِ، وَهَكَذَا مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ إِلا أَنَّ اللُّغَةَ قَدْ أَجازت لَمْ يَكَد يَفْعل وَقَدْ فعَل بَعْدَ شِدَّةٍ، وَلَيْسَ هَذَا صِحَّةَ الْكَلَامِ لأَنه إِذا قَالَ كادَ يَفْعَلُ فإِنما يَعْنِي قارَبَ الفِعْل، وإِذا قَالَ لَمْ يكَدْ يَفْعَل يَقُولُ لَمْ يقارِبِ الْفِعْلَ إِلا أَن اللُّغَةَ جاءَت عَلَى مَا فُسِّرَ، قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ عَلَى صِحَّةِ الْكَلِمَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: كُلَّمَا أَخرج يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا مِنْ شِدَّةِ الظُّلْمَةِ لأَنَّ أَقلَّ مِنْ هَذِهِ الظُّلْمَةِ لَا تُرى الْيَدُ فِيهِ، وأَما لَمْ يَكَدْ يَقُومُ فَقَدْ قَامَ، هَذَا أَكثر اللُّغَةِ. ابْنُ الأَنباري: قَالَ اللُّغَوِيُّونَ كِدْتُ أَفْعَلُ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْعَرَبِ قاربْتُ الْفِعْلَ، وَلَمْ أَفعل وَمَا كِدْتُ أَفعَلُ مَعْنَاهُ فَعَلْتُ بَعْدَ إِبْطاء. قَالَ: وَشَاهِدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ
؛ مَعْنَاهُ فَعَلُوا بَعْدَ إِبطاء لِتَعَذُّرِ وِجْدانِ الْبَقَرَةِ عَلَيْهِمْ. وَقَدْ يَكُونُ: مَا كِدْتُ أَفْعَلُ بِمَعْنَى مَا فَعَلْتُ وَلَا قارَبْتُ إِذا أُكِّدَ الكلامُ بأَكادُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ: قَدْ كَادَ فُلَانٌ يَهْلِكُ؛ مَعْنَاهُ قَدْ قاربَ الهلاكَ وَلَمْ يَهْلِكْ، فإِذا قُلْتَ مَا كَادَ فلانٌ يَقُومُ، فَمَعْنَاهُ قَامَ بَعْدَ إِبطاء؛ وَكَذَلِكَ كَادَ يَقُومُ مَعْنَاهُ قَارَبَ القيامَ وَلَمْ يَقُمْ؛ قَالَ: وَهَذَا وَجْهُ الْكَلَامِ، ثُمَّ قَالَ: وَتَكُونُ كَادَ صِلَةً لِلْكَلَامِ، أَجاز ذَلِكَ الأَخفش وَقُطْرُبُ وأَبو حَاتِمٍ؛ وَاحْتَجَّ قُطْرُبُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
سَريعٌ إِلى الهَيْجاءِ شاكٍ سِلاحهُ، ... فَمَا إِنْ يَكادُ قِرْنُه يَتَنَفَّسُ
مَعْنَاهُ مَا يَتَنَفَّس قِرْنُه؛ وَقَالَ حَسَّانُ:
وتَكادُ تَكْسَلُ أَن تجيءَ فِراشَها
مَعْنَاهُ وتَكْسَل. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَمْ يَكَدْ يَراها
؛ مَعْنَاهُ لَمْ يَرَهَا وَلَمْ يُقارِبْ ذَلِكَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَآهَا مِنْ بَعْدَ أَن لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا مِنْ شِدَّةِ الظُّلْمَةِ؛ وَقَوْلِ أَبي ضَبَّةَ الْهُذَلِيِّ:
لَقَّيْتُ لَبَّتَه السِّنانَ فَكَبَّه ... مِنَّي تَكايُدُ طَعْنَة وتَأَيُّدُ
قَالَ السُّكَّرِيُّ: تَكايُدٌ تَشَدُّدٌ. وَكَادَتِ المرأَة: حَاضَتْ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه نَظَرَ إِلى جَوارٍ قَدْ كِدْنَ فِي الطَّرِيقِ فأَمر أَن يَتَنَحَّيْنَ
؛ مَعْنَاهُ حِضْنَ فِي الطَّرِيقِ. يُقَالُ: كَادَتْ تَكِيدُ كَيْداً إِذا حَاضَتْ. وكادَ الرجلُ: قاءَ. والكَيْدُ: القَيْءُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
قَتَادَةَ: إِذا بَلِع الصائمُ الكَيْدَ أَفطر
؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: الكَيْدُ صِياحُ الغُراب بجَهْد وَيُسَمَّى إِجهادُ الغُرابِ فِي صِيَاحِهِ كَيْدًا، وَكَذَلِكَ الْقَيْءُ. والكَيْدُ: إِخراج الزَّنْد النارَ. والكَيْدُ: التَّدْبِيرُ بِبَاطِلٍ أَو حَقّ. والكَيْدُ: الْحَيْضُ. والكَيْدُ: الْحَرْبُ. وَيُقَالُ: غَزَا فُلَانٌ فَلَمْ يَلْقَ كَيْداً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَزَا غَزْوَةَ كَذَا فَرَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ كَيْداً
أَي حَرْبًا. وَفِي حَدِيثِ صُلْح نَجْران:
أَن عَلَيْهِمْ عاريةَ السِّلَاحَ إِن كان باليمن كَيْدٌ ذَاتُ غَدْرٍ
أَي حَرْبٌ وَلِذَلِكَ أَنَّثها. ابْنُ بُزُرج: يُقَالُ مِن كَادَهُمَا يَتَكايَدان وأَصحاب النَّحْوِ يَقُولُونَ يَتَكَاوَدَانِ وَهُوَ خطأٌ لأَنهم يَقُولُونَ إِذا حُمِلَ أَحدهم عَلَى مَا يَكْره: لَا وَاللَّهِ وَلَا كَيْداً وَلَا هَمًّا؛ يُرِيدُ لَا أُكادُ وَلَا أُهَمُّ. وَحَكَى ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ أَهل اللُّغَةِ: كَادَ يَكَادُ كَانَ فِي الأَصل كَيِدَ يَكْيَدُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: يَعْنِي بِهِ الْكُفَّارَ، إِنهم يُخاتلون النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويُظْهِرون مَا هُمْ عَلَى خِلَافِهِ؛ وأَكِيد كَيْدًا؛ قَالَ: كَيْد اللَّهِ تَعَالَى لَهُمُ اسْتِدْرَاجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا(3/384)
يَعْلَمُونَ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَكِيدُ أَمراً مَا أَدْرِي مَا هُوَ إِذا كَانَ يُرِيغُه ويَحْتالُ لَهُ وَيَسْعَى لَهُ ويَخْتِلُه. وَقَالَ: بَلَغُوا الأَمر الَّذِي كَادُوا، يُرِيدُ: طَلَبُوا أَو أَرادوا؛ وأَنشد أَبو بَكْرٍ فِي كَادَ بِمَعْنَى أَراد للأَفوه:
فإِنْ تَجَمَّعَ أَوتادٌ وأَعْمِدَةٌ ... وساكِنٌ، بَلَغُوا الأَمرَ الَّذِي كَادُوا
أَراد الَّذِي أَرادوا؛ وأَنشد:
كادَتْ وكِدْتُ، وَتِلْكَ خَيرُ إِرادةٍ، ... لَوْ كانَ مِنْ لَهْوِ الصَّبابةِ مَا مَضَى
قَالَ: مَعْنَاهُ أَرادتْ وأَرَدْتُ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَمْ يَكَدْ يَراها
، لأَن الَّذِي عايَنَ مِنَ الظُّلُمَاتِ آيَسَه مِنَ التأَمل لِيَدِهِ والإِبصار إِليها. قَالَ: وَيَرَاهَا بِمَعْنَى أَن يَرَاهَا فَلَمَّا أَسقط أَن رَفَعَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ؛ مَعْنَاهُ أَن أَعبد.
فصل اللام
لبد: لبَدَ بِالْمَكَانِ يَلْبُدُ لبُوداً ولَبِدَ لَبَداً وأَلبَدَ: أَقام بِهِ ولَزِق، فَهُوَ مُلْبِدٌ بِهِ، ولَبَدَ بالأَرض وأَلبَدَ بِهَا إِذا لَزِمَها فأَقام؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِرَجُلَيْنِ جَاءَا يسأَلانه: أَلبِدا بالأَرض «2» حَتَّى تَفْهَما
أَي أَقيما؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
حُذَيْفَةَ حِينَ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ قَالَ: فإِن كَانَ ذَلِكَ فالبُدُوا لبُودَ الراعِي عَلَى عَصَاهُ خَلْفَ غَنَمِه لَا يذهبُ بِكُمُ السَّيلُ
أَي اثْبُتُوا وَالْزَمُوا منازِلَكم كَمَا يَعْتَمِدُ الرَّاعِي عَصَاهُ ثَابِتًا لَا يَبْرَحُ واقْعُدوا فِي بُيُوتِكُمْ لَا تَخْرُجُوا مِنْهَا فَتَهْلِكوا وَتَكُونُوا كَمَنْ ذهبَ بِهِ السيلُ. ولَبَدَ الشيءُ بالشيءِ يَلْبُد إِذَا رَكِبَ بعضُه بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ: الخُشوعُ فِي القلبِ وإِلبادِ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ
أَي إِلزامِه موضعَ السُّجُودِ مِنَ الأَرض. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَرْزةَ: مَا أُرى اليومَ خَيْرًا مِنْ عِصابة مُلْبِدة
يَعْنِي لَصِقُوا بالأَرض وأَخْملوا أَنفسهم. واللُّبَدُ واللَّبِدُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا يُسَافِرُ وَلَا يَبْرَحُ مَنْزِلَه وَلَا يطلُب مَعَاشًا وَهُوَ الأَلْيَسُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
مِنْ أَمرِ ذِي بَدَواتٍ لَا تَزالُ لَهُ ... بَزْلاءُ، يَعْيا بِهَا الجَثَّامةُ اللُّبَدُ
وَيُرْوَى اللَّبِدُ، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَالْكَسْرُ أَجود. والبَزْلاءُ: الحاجةُ الَّتِي أُحْكِمَ أَمرُها. والجَثَّامةُ والجُثَمُ أَيضاً: الَّذِي لَا يَبْرَحُ مِنْ محلِّه وبَلْدِتِه. واللَّبُودُ: القُرادُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَلْبد بالأَرض أَي يَلْصَق. الأَزهري: المُلْبِدُ اللَّاصِقُ بالأَرض. ولَبَدَ الشيءُ بالأَرض، بِالْفَتْحِ، يَلْبُدُ لبُوداً: تَلَبَّد بِهَا أَي لَصِقَ. وتَلَبَّد الطائرُ بالأَرض أَي جَثَمَ عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَنه كَانَ يَحْلُبُ فَيَقُولُ: أَأُلْبِدُ أَم أُرْغِي؟ فإِن قَالُوا: أَلْبِدْ أَلزَقَ العُلْبَةَ بالضَّرْع فَحَلَبَ، وَلَا يَكُونُ لِذَلِكَ الحَلبِ رَغْوة، فإِن أَبان العُلْبة رَغَا الشَّخْب بِشِدَّةِ وُقُوعِهِ فِي الْعُلْبَةِ.
والمُلَبِّدُ مِنَ الْمَطَرِ: الرَّشُّ؛ وَقَدْ لَبَّد الأَرضَ تَلْبِيدًا. ولُبَدٌ: اسْمُ آخَرِ نُسُورِ لُقْمَانَ بْنِ عادٍ، سَمَّاهُ بِذَلِكَ لأَنه لَبِدَ فَبَقِيَ لَا يَذْهَبُ وَلَا يَمُوتُ كاللَّبِدِ مِنَ الرِّجَالِ اللَّازِمِ لِرَحْلِهِ لَا يُفَارِقُهُ؛ ولُبَدٌ يَنْصَرِفُ لأَنه لَيْسَ بِمَعْدُولٍ، وَتَزْعُمُ الْعَرَبُ أَن لُقْمَانَ هُوَ الَّذِي بَعَثَتْهُ عَادٌ فِي وَفْدِهَا إِلى الْحَرَمِ يَسْتَسْقِي لَهَا، فَلَمَّا أُهْلِكُوا خُيِّر لُقْمَانُ بَيْنَ بَقَاءِ سَبْعِ بَعْرات سُمْر مِنْ أَظْبٍ عُفْر فِي جَبَلٍ وَعْر لَا يَمَسُّها القَطْرُ، أَو بَقَاءِ سَبْعَةِ أَنْسُرٍ كُلَّمَا أُهْلِكَ نَسْرٌ خلَف بَعْدَهُ نَسْرٌ، فَاخْتَارَ النُّسُور
__________
(2) . قوله [ألبدا بالأَرض] يحتمل أنه من باب نصر أو فرح من ألبد وبالأَخير ضبط في نسخة من النهاية بشكل القلم.(3/385)
فَكَانَ آخِرُ نُسُورِهِ يُسَمَّى لُبَداً وَقَدْ ذَكَرَتْهُ الشُّعَرَاءُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
أَضْحَتْ خَلاءً وأَضْحَى أَهْلُها احْتُمِلوا، ... أَخْنَى عَلَيْهَا الَّذِي أَخْنَى عَلَى لُبَد
وَفِي الْمَثَلِ: طَالَ الأَبَد عَلَى لُبَد. ولُبَّدَى ولُبَّادَى ولُبادَى؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: طَائِرٌ عَلَى شَكْلِ السُّمانى إِذا أَسَفَّ عَلَى الأَرض لَبَدَ [لَبِدَ] فَلَمْ يَكَدْ يَطِيرُ حَتَّى يُطار؛ وَقِيلَ: لُبَّادى طَائِرٌ. تَقُولُ صِبْيَانُ الْعَرَبِ: لُبَّادى فَيَلْبُد حَتَّى يؤْخذ. قَالَ اللَّيْثُ: وَتَقُولُ صِبْيَانُ الأَعراب إِذا رأَوا السُّمَانَى: سمُانَى لُبادَى البُدِي لَا تُرَيْ، فَلَا تَزَالُ تَقُولُ ذَلِكَ وَهِيَ لَابِدَةٌ بالأَرض أَي لاصِقة وَهُوَ يُطِيفُ بِهَا حَتَّى يأْخذها. والمُلْبِدُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَضْرِبُ فَخِذَيْهِ بِذَنَبِهِ فيلزَقُ بِهِمَا ثَلْطُه وبَعْرُه، وخصَّصه فِي التَّهْذِيبِ بِالْفَحْلِ مِنَ الإِبل. الصِّحَاحُ: وأَلبد الْبَعِيرُ إِذا ضَرَبَ بِذَنَبِهِ عَلَى عجُزه وَقَدْ ثَلَطَ عَلَيْهِ وَبَالَ فَيَصِيرُ عَلَى عجزه لِبْدَة [لُبْدَة] مِنْ ثَلْطه وَبَوْلِهِ. وتَلَبَّد الشعَر وَالصُّوفُ والوَبَر والتَبَدَ: تداخَلَ ولَزِقَ. وكلُّ شَعَرٍ أَو صُوفٍ مُلْتَبدٍ بعضُه عَلَى بَعْضٍ، فَهُوَ لِبْد ولِبْدة ولُبْدة، وَالْجَمْعُ أَلْباد ولُبُود عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الْهَاءِ؛ وَفِي حَدِيثِ
حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
وبَيْنَ نِسْعَيْه خِدَبًّا مُلْبِدا
أَي عَلَيْهِ لِبْدةٌ مِنَ الوَبَر. ولَبِدَ الصوفُ يَلْبَدُ لَبَداً ولَبَدَه: نَفَشَه «1» بِمَاءٍ ثُمَّ خَاطَهُ وَجَعَلَهُ فِي رأْس العَمَد لِيُكَوِّنَ وِقايةً لِلْبِجَادِ أَنْ يَخْرِقَه، وَكُلُّ هَذَا مِنَ اللُّزُوقِ؛ وتَلَبَّدَتِ الأَرض بِالْمَطَرِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْغَيْثِ:
فَلَبَّدَتِ الدِّماثَ
أَي جَعَلَتْها قَوِيَّةً لَا تسُوخُ فِيهَا الأَرْجُلُ؛ والدِّماثُ: الأَرَضون السَّهْلة. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: لَيْسَ بِلَبِد فَيُتَوَقَّل وَلَا لَهُ عِنْدِي مُعَوَّل
أَي ليسَ بِمُسْتَمْسِكٍ مُتَلَبِّدٍ فَيُسْرَع المشيُ فِيهِ ويُعْتَلى. وَالْتَبَدَ الْوَرَقُ أَي تَلَبَّد بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ. وَالْتَبَدَتِ الشَّجَرَةُ: كَثُرَتْ أَوراقها؛ قَالَ السَّاجِعُ:
وعَنْكَثاً مُلْتَبِدا
ولَبَّد النَّدى الأَرضَ. وَفِي صِفَةِ طَلْح الْجَنَّةِ:
أَنّ اللَّهَ يَجْعَلُ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْهَا مِثْلَ خُصْوَةِ التَّيْسِ «2»
المَلْبُود أَي المُكْتَنِزِ اللَّحْمِ الَّذِي لَزِمَ بَعْضُهُ بَعْضًا فتلبَّدَ. واللِّبْدُ مِنَ البُسُط: مَعْرُوفٌ، وَكَذَلِكَ لِبْدُ السَّرْجِ. وأَلْبَدَ السرْجَ: عَمِلَ لَهُ لِبْداً. واللُّبَّادةُ: قَباء مِنْ لُبود. واللُّبَّادة: لِباس مِنْ لُبُود. واللِّبْدُ: وَاحِدُ اللُّبُود، واللِّبْدَة أَخص مِنْهُ. ولَبَّدَ شعَرَه: أَلزقه بشيءٍ لَزِج أَو صَمْغٍ حَتَّى صَارَ كاللِّبد، وَهُوَ شَيْءٌ كَانَ يَفْعَلُهُ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ إِذا لَمْ يُرِيدُوا أَن يَحْلِقُوا رؤُوسهم فِي الْحَجِّ، وَقِيلَ: لَبَّد شَعَرَهُ حَلَقَهُ جَمِيعًا. الصِّحَاحُ: وَالتَّلْبِيدُ أَن يَجْعَلَ الْمُحْرِمُ فِي رأْسه شَيْئًا مِنْ صَمْغٍ لِيَتَلَبَّدَ شَعَرُهُ بُقْياً عَلَيْهِ لِئَلَّا يَشْعَثَ فِي الإِحرام ويَقْمَلَ إِبْقاء عَلَى الشَّعَرِ، وإِنما يُلَبِّدُ مَنْ يَطُولُ مُكْثُهُ فِي الإِحرام. وَفِي حَدِيثِ الْمُحْرِمِ:
لَا تُخَمّروا رأْسه فإنه يُبْعَث مُلَبِّداً.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: مَنْ لَبَّدَ أَو عَقَصَ أَو ضَفَرَ فَعَلَيْهِ الحلق
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ لَبَّد يَعْنِي أَن يَجْعَلَ الْمُحْرِمُ فِي رأْسه شَيْئًا مِنْ صَمْغٍ أَو عَسَلٍ لِيَتَلَبَّدَ شَعَرُهُ وَلَا يَقْمَل. قال
__________
(1) . قوله [ولبده نفشه] في القاموس ولبد الصوف كضرب نفشه كلبده يعني مضعفاً.
(2) . قوله [خصوة التيس] هو بهذه الحروف في النهاية أيضاً ولينظر ضبط خصوة ومعناها.(3/386)
الأَزهري: هَكَذَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنما التَّلْبِيدُ بُقْياً عَلَى الشَّعَرِ لِئَلَّا يَشْعَثَ فِي الإِحرام وَلِذَلِكَ أُوجب عَلَيْهِ الْحَلْقُ كَالْعُقُوبَةِ لَهُ؛ قَالَ: قَالَ ذَلِكَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِزُبْرِة الأَسَد: لِبْدَةٌ؛ والأَسد ذُو لِبْدَةٍ. واللِّبْدة: الشَّعَرُ الْمُجْتَمِعُ عَلَى زُبْرَةِ الأَسد؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الشَّعَرُ الْمُتَرَاكِبُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَمنع مِنْ لِبدة الأَسد، وَالْجَمْعُ لِبَد مثلِ قِرْبة وقِرَب. واللُّبَّادة: مَا يُلْبَسُ مِنْهَا لِلْمَطَرِ؛ التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ بَلَدَ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ومُبْلِدٍ بينَ مَوْماةٍ ومَهْلَكةٍ، ... جاوَزْتُه بِعَلاة الخَلْقِ عِلْيانِ
قَالَ: المُبْلِدُ الْحَوْضُ الْقَدِيمُ هَاهُنَا؛ قَالَ: وأَراد مُلْبِدَ فَقَلَبَ وَهُوَ اللَّاصِقُ بالأَرض. وَمَا لَهُ سَبَدٌ وَلَا لَبَد؛ السَّبَدُ مِنَ الشَّعَرِ واللبَد مِنَ الصُّوفِ لِتَلَبُّدِهِ أَي مَا لَهُ ذُو شَعَرٍ وَلَا ذُو صُوفٍ؛ وَقِيلَ السَّبْدُ هُنَا الْوَبَرُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا لَهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ؛ وَكَانَ مَالُ الْعَرَبِ الْخَيْلَ والإِبل وَالْغَنَمَ وَالْبَقَرَ فَدَخَلَتْ كُلُّهَا فِي هَذَا الْمَثَلِ. وأَلبَدَتِ الإِبلُ إِذا أَخرج الرَّبِيعُ أَوبارَها وأَلوانها وحَسُنَتْ شارَتُها وتهيأَت للسمَن فكأَنها أُلْبِسَتْ مِنْ أَوبارها أَلباداً. التَّهْذِيبُ: وللأَسد شَعَرٌ كَثِيرٌ قَدْ يَلْبُد عَلَى زُبْرته، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ مِثْلَ ذَلِكَ عَلَى سَنَامِ الْبَعِيرِ؛ وأَنشد:
كأَنه ذُو لِبَدٍ دَلَهْمَس
وَمَالٌ لُبَد: كَثِيرٌ لَا يُخاف فَنَاؤه كأَنه التَبَدَ بعضُه عَلَى بَعْضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَداً
؛ أَي جَمّاً؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: اللُّبَد الْكَثِيرُ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدَتُهُ لُبْدةٌ، ولُبَد: جِماع؛ قَالَ: وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى جِهَةِ قُثَمٍ وحُطَم وَاحِدًا وَهُوَ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا: الْكَثِيرُ. وقرأَ
أَبو جَعْفَرٍ: مَالًا لُبَّداً
، مُشَدَّدًا، فكأَنه أَراد مَالًا لَابِدًا. ومالانِ لابِدانِ وأَموالٌ لُبَّدٌ. والأَموالُ والمالُ قَدْ يَكُونَانِ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ. واللِّبْدَة واللُّبْدة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ يُقِيمُونَ وسائرُهم يَظْعنون كأَنهم بِتَجَمُّعِهِمْ تَلَبَّدوا. وَيُقَالُ: النَّاسُ لُبَدٌ أَي مُجْتَمِعُونَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لُبَداً؛ وَقِيلَ: اللِّبْدَةُ الْجَرَادُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه عَلَى التَّشْبِيهِ. واللُّبَّدَى: الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ، مِنْ ذَلِكَ. الأَزهري: قَالَ وقرئَ:
كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً
؛ قَالَ: وَالْمَعْنَى أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ بِبَطْنِ نَخْلَةٍ كَادَ الجنُّ لَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ وتعجَّبوا مِنْهُ أَن يسْقُطوا عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً
؛ أَي مُجْتَمِعِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَاحِدَتُهَا لِبْدَة؛ قَالَ: وَمَعْنَى لِبَداً يَرْكَبُ بعضُهم بَعْضًا، وكلُّ شَيْءٍ أَلصقته بِشَيْءٍ إِلصاقاً شَدِيدًا، فَقَدْ لَبَّدْتَه؛ وَمِنْ هَذَا اشْتِقَاقُ اللُّبود الَّتِي تُفْرَشُ. قَالَ: ولِبَدٌ جَمْعُ لِبْدَة ولُبَدٌ، وَمَنْ قرأَ لُبَداً فَهُوَ جَمْعُ لُبْدة؛ وكِساءٌ مُلَبَّدٌ. وإِذا رُقِعَ الثوبُ، فَهُوَ مُلَبَّدٌ ومُلْبَدٌ ومَلْبود. وَقَدْ لَبَدَه إِذا رَقَعَه وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ لأَن الرَّقْعَ يَجْتَمِعُ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ وَيَلْتَزِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَخرجت إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كِسَاءً مُلَبَّداً
أَي مُرَقَّعاً. وَيُقَالُ: لَبَدْتُ القَميصَ أَلْبُدُه ولَبَّدْتُه. ويقال لِلْخِرْقَةِ الَّتِي يُرْقَعُ بِهَا صَدْرُ الْقَمِيصِ: اللِّبْدَة، وَالَّتِي يرْقَعُ بِهَا قَبُّه: القَبِيلَة. وَقِيلَ: المُلَبَّدُ الَّذِي ثَخُنَ وسَطه وصَفِقَ حَتَّى صَارَ يُشْبِهُ اللِّبْدَ.(3/387)
واللِّبْدُ: مَا يسْقُط مِنَ الطَّرِيفةِ والصِّلِّيانِ، وَهُوَ سَفاً أَبيض يسقط منهما فِي أُصولهما وَتَسْتَقْبِلُهُ الرِّيحُ فَتَجْمَعُهُ حَتَّى يَصِيرَ كأَنه قِطَعُ الأَلْبادِ الْبِيضِ إِلى أُصول الشَّعَرِ والصِّلِّيانِ والطريفةِ، فَيَرْعَاهُ الْمَالُ ويَسْمَن عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَا يُرْعى مِنْ يَبِيسِ العِيدان؛ وَقِيلَ: هُوَ الكلأُ الرَّقِيقُ يَلْتَبِدُ إِذا أَنسَلَ فَيَخْتَلِطُ بالحِبَّة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: إِبِلٌ لَبِدةٌ ولَبادَى تشَكَّى بطونَها عَنِ القَتادِ؛ وَقَدْ لَبِدَتْ لَبَداً وَنَاقَةٌ لَبِدَة. ابْنُ السِّكِّيتِ: لَبِدَتِ الإِبِل، بِالْكَسْرِ، تَلْبَدُ لَبَداً إِذا دَغِصَتْ بالصِّلِّيان، وَهُوَ التِواءٌ فِي حَيازيمِها وَفِي غلاصِمِها، وَذَلِكَ إِذا أَكثرت مِنْهُ فَتَغصُّ بِهِ وَلَا تَمْضِي. واللَّبيدُ: الجُوالِقُ الضَّخْمُ، وَفِي الصِّحَاحِ: اللَّبِيدُ الجُوالِقُ الصَّغِيرُ. وأَلْبَدْتُ القِرْبةَ أَي صَيَّرْتُها فِي لَبيد أَي فِي جُوَالِقَ، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي جُوَالِقَ صَغِيرٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قلتُ ضَعِ الأَدْسَم فِي اللَّبيد
قَالَ: يُرِيدُ بالأَدسم نِحْيَ سَمْن. واللَّبِيدُ: لِبْدٌ يُخَاطُ عَلَيْهِ. واللَّبيدَةُ: المِخْلاة، اسْمٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَيُقَالُ: أَلْبَدْت الفرسَ، فَهُوَ مُلْبَد إِذا شدَدْت عَلَيْهِ اللِّبْد. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ لُبَيْداءَ، وَهِيَ الأَرض السَّابِعَةُ. ولَبِيدٌ ولابِدٌ ولُبَيْدٌ: أَسماء. واللِّبَدُ: بُطُونٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: اللِّبَدُ بَنُو الْحَرْثِ بْنِ كَعْبٍ أَجمعون مَا خَلَا مِنْقَراً. واللُّبَيْدُ: طَائِرٌ. ولَبِيدٌ: اسْمُ شَاعِرٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ.
لتد: لَتَدَه بِيَدِهِ: كوَكَزَه.
لثد: لَثَدَ المتاعَ يَلْثِدُه لَثْداً، وَهُوَ لَثِيدٌ: كَرَثَدَه، فَهُوَ لَثِيد ورَثِيد. ولَثَدَ القَصْعة بِالثَّرِيدِ، مِثْلُ رَثَدَ: جَمَعَ بَعْضَهُ إِلى بَعْضٍ وَسَوَّاهُ. واللِّثْدَة والرِّثْدة: الْجَمَاعَةُ يقيمون ولا يَظْعَنون.
لحد: اللَّحْد واللُّحْد: الشَّقُّ الَّذِي يَكُونُ فِي جَانِبِ الْقَبْرِ موضِع الْمَيِّتِ لأَنه قَدْ أُمِيل عَنْ وسَط إِلى جَانِبِهِ، وَقِيلَ: الَّذِي يُحْفر فِي عُرْضه؛ والضَّريحُ والضَّريحة: مَا كَانَ فِي وَسَطِهِ، وَالْجَمْعُ أَلْحَادٌ ولحُود. والمَلْحود كَاللَّحْدِ صِفَةٌ غَالِبَةٌ؛ قَالَ:
حَتَّى أُغَيَّبَ فِي أَثْناءِ مَلْحود
ولَحَدَ القبرَ يَلْحَدُه لَحْداً وأَلْحَدَه: عَمِلَ لَهُ لحْداً، وَكَذَلِكَ لَحَدَ الميتَ يَلْحَدُه لَحْداً وأَلْحَده ولَحَد لَهُ وأَلْحَدَ، وَقِيلَ: لَحَده دَفْنَهُ، وأَلْحَده عَمِلَ لَهُ لَحْداً. وَفِي حَدِيثِ دفْن النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَلْحِدُوا لِي لَحْداً.
وَفِي حَدِيثِ دَفْنِهِ أَيضاً:
فأَرسَلُوا إِلى اللاحدِ والضارِحِ
أَي إِلى الَّذِي يَعْمَلُ اللَّحْدَ والضَّريحَ. الأَزهريّ: قَبْرٌ مَلْحود لَهُ ومُلْحَد وَقَدْ لَحَدوا لَهُ لَحْداً؛ وأَنشد:
أَناسِيّ مَلْحود لَهَا فِي الْحَوَاجِبِ
شَبَّهَ إِنسان «1» الْعَيْنِ تَحْتَ الْحَاجِبِ بِاللَّحْدِ، وَذَلِكَ حِينَ غَارَتْ عُيُونُ الإِبل مِنْ تعَب السيْر. أَبو عُبَيْدَةَ: لحَدْت لَهُ وأَلحَدْتُ لَهُ ولَحَدَ إِلى الشَّيْءِ يَلْحَدُ والتَحَدَ: مَالَ. ولحَدَ فِي الدِّينِ يَلْحَدُ وأَلحَدَ: مالَ وعدَل، وَقِيلَ: لَحَدَ مالَ وجارَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: المُلْحِدُ العادِلُ عَنِ الْحَقِّ المُدْخِلُ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، يُقَالُ قَدْ أَلحَدَ فِي الدِّينِ ولحَدَ أَي حَادَ عَنْهُ، وَقُرِئَ:
لِسَانُ الَّذِي يَلْحَدون إِليه
، والتَحَدَ مِثْلُهُ. وَرُوِيَ عَنِ الأَحمر: لحَدْت جُرْت ومِلْت، وأَلحدْت مارَيْت وجادَلْت. وأَلحَدَ: مارَى
__________
(1) . قوله [شبه إنسان إلخ] كذا بالأَصل والمناسب شبه الموضع الذي يغيب فيه إِنْسَانَ الْعَيْنِ تَحْتَ الْحَاجِبِ من تعب السير اللحد.(3/388)
وجادَل. وأَلحَدَ الرَّجُلُ أَي ظلَم فِي الحَرَم، وأَصله مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ومَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ
؛ أَي إِلحاداً بِظُلْمٍ، وَالْبَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
قَدْنيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبَيْنِ قَدي، ... لَيْسَ الإِمامُ بالشَّحِيح المُلْحِدِ
أَي الجائر بمكة. قَالَ الأَزهري: قَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ مَعْنَى الْبَاءِ الطَّرْحُ، الْمَعْنَى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ إِلحاداً بِظُلْمٍ؛ وأَنشدوا:
هُنَّ الحَرائِرُ لَا رَبَّاتُ أَخْمِرةٍ، ... سُودُ المَحاجِرِ لَا يَقْرأْنَ بالسُّوَرِ
الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ: لَا يَقْرأْنَ السُّوَر. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ الْمَذْكُورُ لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ هُوَ لِحُمَيْدٍ الأَرقط، وَلَيْسَ هُوَ لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ الْهِلَالِيِّ كَمَا زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ: وأَراد بالإِمام هَاهُنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَمَعْنَى الإِلحاد فِي اللُّغَةِ المَيْلُ عَنِ القصْد. ولَحَدَ عليَّ فِي شَهَادَتِهِ يَلْحَدُ لَحْداً: أَثِمَ. ولحَدَ إِليه بِلِسَانِهِ: مَالَ. الأَزهري فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ:
قُرِئَ يَلْحَدون
فَمَنْ قرأَ يَلْحَدون أَراد يَمِيلُون إِليه، ويُلْحِدون يَعْتَرِضون. قَالَ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ
أَي بِاعْتِرَاضٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بإِلحادٍ؛ قِيلَ: الإِلحادُ فِيهِ الشَّكُّ فِي اللَّهِ، وَقِيلَ: كلُّ ظَالِمٍ فِيهِ مُلْحِدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
احتكارُ الطَّعَامِ فِي الْحَرَمِ إِلحادٌ فِيهِ
أَي ظُلْم وعُدْوان. وأَصل الإِلحادِ: المَيْلُ والعُدول عَنِ الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفَةَ: لَا تُلْطِطْ فِي الزكاةِ وَلَا تُلْحِدْ فِي الحياةِ
أَي لَا يَجْري مِنْكُمْ مَيْلٌ عَنِ الْحَقِّ مَا دُمْتُمْ أَحياء؛ قَالَ أَبو مُوسَى: رَوَاهُ الْقُتَيْبِيُّ لَا تُلْطِطْ وَلَا تُلْحِدْ عَلَى النَّهْيِ لِلْوَاحِدِ، قَالَ: وَلَا وَجْهَ لَهُ لأَنه خِطَابٌ لِلْجَمَاعَةِ. وَرَوَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا نُلْطِطُ وَلَا نُلْحِدُ، بِالنُّونِ. وأَلحَدَ فِي الْحَرَمِ: تَرَك القَصْدَ فِيمَا أُمِرَ بِهِ وَمَالَ إِلى الظُّلْمِ؛ وأَنشد الأَزهري:
لَمَّا رَأَى المُلْحِدُ، حِينَ أَلْحَما، ... صَواعِقَ الحَجَّاجِ يَمْطُرْنَ الدَّمَا
قَالَ: وَحَدَّثَنِي
شَيْخٌ مِنْ بَنِي شَيْبَةَ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ قَالَ: إِني لأَذكر حِينَ نَصَبَ المَنْجَنِيق عَلَى أَبي قُبَيْس وَابْنِ الزُّبَيْرِ قَدْ تَحَصَّنَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، فجعَلَ يَرْميهِ بِالْحِجَارَةِ والنِّيرانِ فاشْتَعَلَتِ النيرانُ فِي أَسْتارِ الْكَعْبَةِ حَتَّى أَسرعت فِيهَا، فجاءَت سَحابةٌ مِنْ نَحْوِ الجُدّةِ فِيهَا رَعْد وبَرْق مُرْتَفِعَةً كأَنها مُلاءَة حَتَّى اسْتَوَتْ فَوْقَ الْبَيْتِ، فَمَطَرَتْ فَمَا جَاوَزَ مطَرُها البيتَ ومواضِعَ الطوافِ حَتَّى أَطفَأَتِ النارَ، وسالَ المِرْزابُ فِي الحِجْر ثُمَّ عَدَلَتْ إِلى أَبي قُبَيْس فَرَمَتْ بِالصَّاعِقَةِ فأَحرقت المَنْجَنِيق وَمَا فِيهَا؛ قَالَ: فحدَّثْت بِهَذَا الْحَدِيثِ بِالْبَصْرَةِ قَوْمًا، وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ أَهل واسِط، وَهُوَ ابْنُ سُلَيْمان الطيَّارِ شَعْوَذِيّ الحَجَّاج، فَقَالَ الرَّجُلُ: سَمِعْتُ أَبي يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ؛ قَالَ: لمَّا أَحْرَقَتِ المَنْجَنِيقَ أَمْسَك الحجاجُ عَنِ الْقِتَالِ، وَكَتَبَ إِلى عَبْدِ الْمَلِكِ بِذَلِكَ فَكَتَبَ إِليه عَبْدُ الْمَلِكِ: أَما بَعْدُ فإِنّ بَنِي إِسرائيل كَانُوا إِذا قَرَّبوا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْهُمْ بَعْثَ اللَّهُ نَارًا مِنَ السَّمَاءِ فأَكلته، وإِن اللَّهَ قَدْ رَضِيَ عَمَلَكَ وَتَقَبَّلَ قُرْبانك، فَجِدَّ فِي أَمْرِكَ وَالسَّلَامُ.
والمُلْتَحَدُ: المَلْجَأُ لأَن اللَّاجِئَ يَمِيلُ إِليه؛ قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ
أَي مَلْجَأً وَلَا سَرَباً أَلجَأُ إِليه. واللَّحُودُ مِنَ الْآبَارِ: كالدَّحُولِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه مَقْلُوبًا عَنْهُ. وأَلْحَدَ بِالرَّجُلِ: أَزْرى بِحلْمه كأَلْهَدَ. وَيُقَالُ:(3/389)
مَا عَلَى وجْه فلانٍ لُحادةُ لَحْم وَلَا مُزْعةُ لَحْمٍ أَي مَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ اللَّحْمِ لهُزالِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى يَلْقى اللَّهَ وَمَا عَلَى وجْهِه لُحادةٌ مِنْ لحْم
أَي قِطْعة؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَمَا أُراها إِلا لحُاتة، بِالتَّاءِ، مِنَ اللحْت وَهُوَ أَن لَا يَدَع عِنْدَ الإِنسان شَيْئًا إِلا أَخَذَه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ بِالدَّالِ فَتَكُونُ مُبْدَلَةً مِنَ التَّاءِ كدَوْلَجٍ فِي تَوْلَج.
لدد: اللَّديدانِ: جَانِبَا الْوَادِي. واللَّديدانِ: صَفْحتا العُنُق دُونَ الأُذنين، وَقِيلَ: مَضْيَعَتاه وعَرْشاه؛ قَالَ رؤْبة:
عَلَى لَديدَيْ مُصْمَئِلٍّ صَلْخاد
ولَديدا الذَّكَر: ناحِيتاهُ. ولَديدا الْوَادِي: جَانِبَاهُ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَديدٌ؛ أَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ:
يَرْعُوْنَ مُنْخَرقَ اللَّديدِ كأَنهم، ... فِي العزِّ، أُسْرَةُ صاحِبٍ وشِهابِ
وَقِيلَ: هُمَا جَانِبَا كلِّ شَيْءٍ، وَالْجَمْعُ أَلِدَّةٌ. أَبو عَمْرٍو: اللَّديدُ ظَاهِرُ الرَّقَبَةِ؛ وأَنشد:
كلُّ حُسام مُحْكَمِ التَّهْنِيدِ، ... يَقْضِبُ عِنْدَ الهَزِّ والتَّحْريدِ،
سالِفَةَ الهامةِ واللَّديدِ
وتَلَدَّدَ: تَلَفَّتَ يَمِينًا وَشِمَالًا وَتَحَيَّرَ مُتَبَلِّداً. وَفِي الْحَدِيثِ حِينَ صُدَّ عَنِ الْبَيْتِ:
أَمَرْتُ النَّاسَ فإِذا هُمْ يَتَلَدَّدُون
أَي يَتَلَبَّثُون. والمُتَلَدَّدُ: العُنق، مِنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَذْكُرُ نَاقَةً:
بَعِيدة بَيْنِ العَجْبِ والمُتَلَدَّدِ
أَي أَنها بَعِيدَةُ مَا بَيْنَ الذنَب والعُنُق. وَقَوْلُهُمْ: مَا لِي عَنْهُ مُحْتَدٌّ وَلَا مُلْتَدٌّ أَي بُدٌّ. واللَّدُودُ: مَا يُصَبُّ بالمُسْعُط مِنَ السقْي والدَّواء فِي أَحد شِقّي الْفَمِ فَيَمُرُّ عَلَى اللَّديد. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: خَيْرُ مَا تَداوَيْتُمْ بِهِ اللَّدودُ والحِجامةُ والمَشِيُّ.
قَالَ الأَصمعي: اللَّدود مَا سُقِيَ الإِنسان فِي أَحدِ شقَّيِ الْفَمِ، وَلَدِيدَا الْفَمِ: جَانِبَاهُ، وإِنما أُخذ اللَّدُودُ مِنْ لديدَيِ الْوَادِي وَهُمَا جَانِبَاهُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ: هُوَ يَتَلَدَّدُ إِذا تَلَفَّت يَمِينًا وَشِمَالًا. ولَدَدْتُ الرَّجُلَ أَلُدُّهُ لَدّاً إِذا سقيتَه كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: فَتَلَدَّدْت تَلَدُّد الْمُضْطَرِّ
؛ التلَدُّدُ: التَّلَفُّتُ يَمِينًا وَشِمَالًا تَحَيُّرًا، مأْخوذ مِنْ لَديدَيِ الْعُنُقِ وَهُمَا صَفْحَتَاهُ. الْفَرَّاءُ: اللَّدُّ أَنْ يؤخَذَ بِلِسَانِ الصَّبِيِّ فَيُمَدَّ إِلى أَحد شِقَّيْه، ويُوجَر فِي الْآخَرِ الدواءُ فِي الصدَف بَيْنَ اللِّسَانِ وَبَيْنَ الشِّدْق. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لُدَّ فِي مَرَضِهِ، فَلَمَّا أَفاق قَالَ: لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحدٌ إِلا لُدَّ
؛ فَعَل ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُمْ لأَنهم لَدُّوه بِغَيْرِ إِذنه. وَفِي الْمَثَلِ: جَرَى مِنْهُ مَجْرى اللَّدُود، وَجَمْعُهُ أَلِدَّة. وَقَدْ لُدَّ الرجلُ، فَهُوَ مَلْدُودٌ، وأَلْدَدْتُه أَنا والتَدَّ هُوَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
شَرِبْتُ الشُّكاعى، والتَدَدْتُ أَلِدَّةً، ... وأَقْبَلْتُ أَفواهَ العُرُوق المَكاوِيا
والوَجُور فِي وسَط الْفَمِ. وَقَدْ لَدَّه بِهِ يَلُدُّه لَدّاً ولُدوداً، بِضَمِّ اللَّامِ؛ عَنْ كُرَاعٍ، ولَدّه إِياه؛ قَالَ:
لَدَدْتُهُمُ النَّصِيحةَ كلَّ لَدٍّ، ... فَمَجُّوا النُّصْحَ، ثُمَّ ثَنَوا فَقاؤُوا
اسْتَعْمَلَهُ فِي الأَعراض وإِنما هُوَ فِي الأَجسام كَالدَّوَاءِ وَالْمَاءِ. واللَّدودُ: وَجَعٌ يأْخذ فِي الْفَمِ وَالْحَلْقِ فَيُجْعَلُ عَلَيْهِ دَوَاءٌ وَيُوضَعُ عَلَى الْجَبْهَةِ مِنْ دَمِهِ. ابْنُ الأَعرابي: لَدَّد بِهِ ونَدَّدَ بِهِ إِذا سَمَّع بِهِ. ولَدَّه عَنِ الأَمر لَدّاً: حبَسَه، هُذَلِيَّةٌ. وَرَجُلٌ شَديد لَديدٌ. والأَلَدُّ: الخَصِمُ الجَدِلُ الشَّحِيحُ الَّذِي لَا يَزيغُ(3/390)
إِلى الْحَقِّ، وَجَمْعُهُ لُدّ ولِدادٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لأُم سَلَمَةَ: فأَنا مِنْهُمْ بَيْنَ أَلْسِنَةٍ لِدادٍ، وَقُلُوبٍ شِداد، وسُيوف حِداد.
والأَلَنْدَدُ واليَلَنْدَد: كالأَلَدِّ أَي الشَّدِيدِ الْخُصُومَةِ؛ قَالَ الطرِمَّاح يَصِفُ الْحِرْبَاءَ:
يُضْحِي عَلَى سُوقِ الجُذُولِ كَأَنه ... خَصْمٌ، أَبَرَّ عَلَى الخُصُومِ، يَلَنْدَدُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَمْزَةُ أَلَنْدَد وَيَاءُ يلَنْدد كِلْتَاهُمَا للإِلحاق؛ فإِن قُلْتَ: فإِذا كَانَ الزَّائِدُ إِذا وَقَعَ أَولًا لَمْ يَكُنْ للإِلحاق فَكَيْفَ أَلحقوا الْهَمْزَةَ وَالْيَاءَ فِي أَلَنْدد ويلَنْدد، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الإِلحاق ظُهُورُ التَّضْعِيفِ؟ قِيلَ: إِنهم لا يلحقون بالزائد مِنْ أَول الْكَلِمَةِ إِلا أَن يَكُونَ مَعَهُ زَائِدٌ آخَرُ، فَلِذَلِكَ جَازَ الإِلحاق بِالْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ فِي أَلندد وَيَلَنْدَدٍ لِمَا انْضَمَّ إِلى الْهَمْزَةِ وَالْيَاءِ مِنَ النُّونِ. وَتَصْغِيرُ أَلندد أُلَيْد لأَن أَصله أَلد فَزَادُوا فِيهِ النُّونَ لِيُلْحِقُوهُ بِبِنَاءِ سَفَرْجَلٍ فَلَمَّا ذَهَبَتِ النُّونُ عَادَ إِلى أَصله. ولَدَدْتَ لَدَداً: صِرْت أَلَدَّ. ولَدَدْتُه أَلُدُّه لَدّاً: خصَمْتُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ
؛ قَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَى الخَصِم الأَلَدِّ فِي اللُّغَةِ الشديدُ الْخُصُومَةِ الجَدِل، وَاشْتِقَاقُهُ مِن لَديدَيِ الْعُنُقِ وَهُمَا صَفْحَتَاهُ، وتأْويله أَن خَصْمَه أَيّ وَجْهٍ أَخَذ مِنْ وُجُوهِ الْخُصُومَةِ غَلَبَهُ فِي ذَلِكَ. يُقَالُ: رَجُلٌ أَلَدُّ بَيِّنُ اللَّدَد شَدِيدُ الْخُصُومَةِ؛ وامرأَة لَدَّاء وَقَوْمٌ لُدٌّ. وَقَدْ لَدَدْتَ يَا هَذَا تَلُدُّ لَدَداً. ولَدَدْتُ فُلَانًا أَلُدُّه إِذا جَادَلْتَهُ فَغَلَبْتَهُ. وأَلَدَّه يَلُدُّه: خَصَمَهُ، فَهُوَ لادٌّ ولَدُود؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَلُدُّ أَقرانَ الخُصُوم اللُّدِّ
وَيُقَالُ: مَا زِلْتُ أُلادُّ عَنْكَ أَي أُدافِع. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ أَبْغَضَ الرجالِ إِلى اللَّهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ
؛ أَي الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ. واللَّدَد: الخُصومة الشَّدِيدَةُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: رأَيت النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا لقِيتُ بَعْدَكَ مِنَ الأَوَدِ واللَّدَد؟
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ خُصَماءُ عُوج عَنِ الْحَقِّ، وَقِيلَ: صُمٌّ عَنْهُ. قَالَ مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ قَوْلُهُ: وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا
؛ قَالَ: صُمّاً. واللَّدُّ، بِالْفَتْحِ: الجُوالِقُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَن لَدَّيْهِ عَلَى صَفْحِ جَبَل
وَاللَّدِيدُ: الرَّوْضة «2» الْخَضْرَاءُ الزَّهْراءُ. ولُدٌّ: مَوْضِعٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ:
يَقْتُلُهُ الْمَسِيحُ بِبَابِ لُدّ
؛ لُدٌّ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ، وَقِيلَ بِفِلَسْطين؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَبِتُّ كأَنَّني أُسْقَى شَمُولًا، ... تَكُرُّ غَرِيبَةً مِن خَمْرِ لُدٍّ
وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً اللُّدُّ؛ قَالَ جَمِيلٌ:
تَذَكَّرْتُ مَنْ أَضْحَتْ قُرَى اللُّدِّ دُونَه، ... وهَضْبٌ لِتَيْما، والهِضابُ وُعُورُ
التَّهْذِيبُ: ولُدُّ اسْمِ رَمْلة، بِضَمِّ اللَّامِ، بِالشَّامِ. واللَّدِيدُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تَكُرُّ أَخادِيدُ اللَّدِيدِ عَليْهِمُ، ... وتُوفَى جِفانُ الصيفِ مَحْضاً مُعَمِّما
ومِلَدٌّ: اسم رجل.
لسد: لَسَدَ الطلَى أُمه يَلْسِدُها ويَلْسَدُها لَسْداً: رَضَعَهَا، مَثَّالُ كَسَرَ يَكْسِرُ كَسْراً. وَحَكَى أَبو خَالِدٍ فِي كِتَابِ الأَبواب: لَسِدَ الطَّلَى أُمه، بِالْكَسْرِ، لَسَداً، بِالتَّحْرِيكِ، مِثْلَ لَجِذَ الكلبُ الإِناءَ لَجَذاً؛ وَقِيلَ: لَسِدَهَا رَضِعَ جميع ما في
__________
(2) . قوله [واللديد الروضة] كذا بالأَصل وفي القاموس وبهاء الروضة.(3/391)
ضَرْعِهَا؛ وأَنشد النَّضْرُ:
لَا تَجْزَعَنَّ عَلَى عُلالةِ بَكْرَةٍ ... نَسْطٍ، يُعارِضُها فَصِيلٌ مِلْسَدُ
قَالَ: اللَّسْدُ الرضْع. والمِلْسَدُ: الَّذِي يَرْضَعُ مِنَ الفُصلانِ. ولَسَد العَسَلَ: لَعِقَه. ولَسَدت الوحشيَّةُ ولَدَها: لَعِقَتْه. ولَسَدَ الكلبُ الإِناءَ ولَسِدَه يَلْسِدُه لَسْداً: لَعِقَه. وَكُلُّ لَحْسٍ: لَسْد.
لغد: اللُّغْدُ: باطنُ النَّصِيل بَيْنَ الْحَنَكِ وصَفْقِ العُنُق، وَهُمَا اللُّغْدُودان؛ وَقِيلَ: هُوَ لَحْمَةٌ فِي الْحَلْقِ، وَالْجَمْعُ أَلغاد؛ وَهِيَ اللَّغاديد: اللحْمات الَّتِي بَيْنَ الْحَنَكِ وَصَفْحَةِ الْعُنُقِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يُحْشى بِهِ صدرُه ولغادِيدُه
؛ هِيَ جَمْعُ لُغْدود وَهِيَ لَحْمَةٌ عِنْدَ اللَّهواتِ، وَاحِدُهَا لُغْدود؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَيْها إِليْكَ ابنَ مِرْداسٍ بِقافِيَةٍ ... شَنْعاءَ، قَدْ سَكَنَتْ مِنْهُ اللَّغاديدا
وَقِيلَ: الأَلْغادُ واللَّغادِيدُ أُصُول اللَّحْيَينِ، وَقِيلَ: هِيَ كَالزَّوَائِدِ مِنَ اللَّحْمِ تَكُونُ فِي بَاطِنِ الأُذنين مِنْ دَاخِلُ، وَقِيلَ: مَا أَطاف بأَقصى الْفَمِ إِلى الْحَلْقِ مِنَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هِيَ فِي مَوْضِعِ النَّكَفَتَينِ عِنْدَ أَصل الْعُنُقِ؛ قَالَ:
وإِنْ أَبَيْتَ، فإِنِّي واضِعٌ قَدَمِي ... عَلَى مَراغِمِ نَفَّاخِ اللَّغادِيد
أَبو عُبَيْدٍ: الأَلْغادُ لَحْمات تَكُونُ عِنْدَ اللَّهَواتِ، وَاحِدُهَا لُغْد وَهِيَ اللَّغانِينُ وَاحِدُهَا لُغْنون. أَبو زَيْدٍ: اللُّغْدُ مُنتهى شَحْمَةِ الأُذن مِنْ أَسفلها وَهِيَ النَّكَفَة. قَالَ: واللَّغانين لحم بين النَّكَفَتَينِ واللسانِ مِنْ بَاطِنُ. وَيُقَالُ لَهَا مِنْ ظَاهِرُ: لَغادِيدُ، وَاحِدُهَا لُغْدود؛ وَوَدَجٌ ولُغْنون. وجاءَ مُتَلَغِّداً أَي مُتَغَضِّباً مُتَغَيِّظاً حَنِقاً. ولَغَدْت الإِبِلَ العَوانِد إِذا رَدَدْتَها إِلى القَصْدِ والطريقِ. التَّهْذِيبُ: اللَّغْدُ أَن تُقِيمَ الإِبِلَ عَلَى الطَّرِيقِ. يُقَالُ: قَدْ لَغَدَ الإِبل وجادَ مَا يَلْغَدُها منذُ اللَّيْلِ أَي يُقِيمُهَا لِلْقَصْدِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
هلْ يُورِدَنَّ القومَ مَاءً بارِداً، ... بَاقِي النَّسِيمِ، يَلْغَدُ اللَّواغِدا؟ «1»
لقد: التَّهْذِيبُ: أَصله قَدْ وأُدخلت اللَّامُ عَلَيْهَا تَوْكِيدًا. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَظَنَّ بَعْضُ الْعَرَبِ أَن اللَّامَ أَصلية فأَدخل عَلَيْهَا لَامًا أُخرى فَقَالَ:
لَلَقَدْ كَانُوا، عَلَى أَزْمانِنا، ... للصَّنِيعَينِ لِبَأْسٍ وتُقَى
لكد: لَكِدَ الشيءُ بِفِيهِ لَكَداً إِذا أَكل شَيْئًا لَزجاً فَلَزِقَ بِفِيهِ مِنْ جَوْهَرِه أَو لَوْنِه. ولَكِدَ بِهِ لَكَداً والتَكَدَ: لَزِمَه فَلَمْ يُفارِقْه. وعُوتِبَ رَجُلٌ من طَيّءٍ فِي امرأَته فَقَالَ: إِذا التَكَدَتْ بِمَا يَسُرُّني لَمْ أُبالِ أَن أَلْتَكِدَ بِمَا يسوءُها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي: لَمْ أُبالِ، بإِثبات الأَلف، كَقَوْلِكَ لَمْ أُرامِ، وَقَالَ الأَصمعي: تَلَكَّد فلانٌ فُلَانًا إِذا اعْتَنَقَهُ تَلَكُّداً. وَيُقَالُ: رأَيت فُلَانًا مُلاكِداً فُلَانًا أَي مُلازِماً. وتَلَكَّدَ الشيءُ: لَزِمَ بعضُه بَعْضًا. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: إِذا كَانَ حَوْلَ الجُرْحِ قَيْح ولَكِدَ، فَأَتْبِعْه بِصُوفَةٍ فِيهَا مَاءٌ فاغْسِله.
يُقَالُ: لَكِدَ الدمُ بِالْجِلْدِ إِذا لَصِقَ. ولَكَدَه لَكْداً: ضَرَبه بِيَدِهِ أَو دَفَعَه. ولاكَدَ قَيْدَه: مَشَى فنازَعه القَيْدُ خِطاءه «2» . وَيُقَالُ: إِن
__________
(1) . قوله [اللواغدا] كتب بخط الأَصل بحذاء اللواغدا مفصولًا عنه الملاغدا بواو عطف قبله إشارة إلى أنه ينشد بالوجهين.
(2) . قوله [خطاءه] بالمد جمع خطوة بالفتح كركوة وركاء أفاده في الصحاح(3/392)
فُلَانًا يُلاكِدُ الغُلَّ ليلَته أَي يُعالِجُه؛ قَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ يَصِفُ رَامِيًا:
فَمَدّ ذِراعَيْهِ وأَجْنَأَ صُلْبَه، ... وفَرَّجَها عَطْفَى مُمَرٍّ مُلاكدِ
وَيُقَالُ: لَكِدَ الوسخُ بِيَدِهِ ولَكِدَ شعَرُهُ إِذا تَلَبَّدَ. الأَصمعي: لَكِدَ عَلَيْهِ الوسَخُ؛ بِالْكَسْرِ، لَكَداً أَي لَزِمَه ولَصِقَ بِهِ. وَرَجُلٌ لَكِدٌ: نَكِدٌ لَحِزٌ عَسِيرٌ، لَكِدَ لَكَداً؛ قَالَ صَخْرُ الغَيّ:
واللهِ لَوْ أَسْمَعَتْ مَقالَتَها ... شَيْخاً مِنَ الزُّبِّ، رأْسُه لَبِدُ،
لَفاتَحَ البَيْعَ يومَ رُؤْيَتِها، ... وَكَانَ قَبْلُ ابِتياعُه لَكِدُ
والأَلْكَدُ: اللئيمُ المُلْزَقُ بِالْقَوْمِ؛ وأَنشد:
يُناسِبُ أَقواماً لِيُحْسَبَ فِيهِمُ، ... ويَتْرُكُ أَصلًا كانَ مِن جِذْمِ، أَلْكَدَا
ولَكَّادٌ ومُلاكِدٌ: اسْمَانِ. والمِلْكَدُ شِبْهُ مُدُقٍّ يُدَقُّ به.
لمد: أَهمله اللَّيْثُ، وَرَوَى أَبو عَمْرٍو: اللَّمْدُ التواضعُ بالذلِّ.
لهد: أَلهَدَ الرجلُ: ظَلَمَ وجارَ. وأَلْهَدَ بِهِ: أَزْرَى. وأَلْهَدْتُ بِهِ إِلهاداً وأَحْضَنْتُ بِهِ إِحْضاناً إِذا أَزْرَيتَ بِهِ؛ قَالَ:
تَعَلَّمْ، هَداكَ اللَّهُ، أَن ابنَ نَوْفَلٍ ... بِنا مُلْهِدٌ، لَوْ يَمْلِكُ الضَّلْعَ، ضالِعُ
والبعيرُ اللَّهِيدُ: الَّذِي أَصابَ جَنْبَه ضَغْطَةٌ مِنْ حِمْل ثَقِيلٍ فأَورثه دَاءً أَفسد عَلَيْهِ رِئَتَهُ، فَهُوَ مَلْهُود؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
نُطْعِمُ الجَيْأَلَ اللَّهِيدَ مِن الكُومِ، ... وَلَمْ نَدْعُ مَن يُشِيطُ الجَزُورا
واللَّهِيدُ مِنَ الإِبل: الَّذِي لَهَدَ ظهرَه أَو جَنْبَهُ حِمْل ثَقِيلٌ أَي ضَغَطَه أَو شَدَخَه فَوَرِمَ حَتَّى صارَ دَبِراً؛ وإِذا لُهِدَ البعيرُ أُخْلِيَ ذَلِكَ الموضعُ مِنْ بِدادَيِ القَتَبِ كَيْ لَا يَضْغَطَه الحِمل فَيَزْدَادَ فَسَادًا، وإِذا لَمْ يُخْلَ عَنْهُ تَفَتَّحَتِ اللَّهْدَة فَصَارَتْ دَبَرَة. ولَهَدَه الحِمْلُ يَلْهَدُه لَهْداً، فَهُوَ مَلْهُود ولَهِيدٌ: أَثقله وضَغَطه. واللَّهْدُ: انْفِرَاجٌ يُصيبُ الإِبل فِي صُدُورِهَا مِنْ صَدْمة أَو ضَغْطِ حِمْل؛ وَقِيلَ: اللَّهْدُ ورَمٌ فِي الْفَرِيصَةِ مِنْ وِعَاءٍ يُلِحُّ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ فَيَرِمُ. التَّهْذِيبُ: وَاللَّهْدُ دَاءً يأْخذ الإِبل فِي صُدُورِهَا؛ وأَنشد:
تَظْلَعُ مِنْ لَهْدٍ بِهَا ولَهْد
ولَهَدَ القومُ دوابَّهم: جَهَدُوها وأَحْرَثوها؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَلَقَدْ تَرَكتُكَ يَا فَرَزدقُ خاسِئاً، ... لمَّا كَبَوْتَ لَدَى الرِّهانِ لَهِيدا
أَي حَسِيراً. واللَّهْدُ: دَاءٌ يصيبُ النَّاسَ فِي أَرجلهم وأَفخاذهم وَهُوَ كَالِانْفِرَاجِ. وَاللَّهْدُ: الضَّرْبُ فِي الثَّدْيَيْنِ وأُصول الكَتِفَينِ. ولَهَدَه يَلْهَدُه لَهْداً ولَهَّده: غَمَزه؛ قَالَ طَرَفَةُ:
بَطِيءٍ عَنِ الجُلَّى سَرِيعٍ إِلى الخَنَى ... ذَلولٍ بإِجْماعِ الرجالِ مُلَهَّدِ
اللَّيْثُ: اللَّهْدُ الصَّدْمَةُ الشَّدِيدَةُ فِي الصَّدْرِ. ولَهَدَه لَهْداً أَي دَفَعَهُ لذُلِّه، فَهُوَ مَلْهُودٌ؛ وَكَذَلِكَ لَهَّده؛ قَالَ طَرَفَةُ، وأَنشد الْبَيْتَ:
ذَلُولٍ بإِجماعِ الرجالِ مُلَهَّدِ
أَي مُدَفَّع، وإِنما شَدَّدَ لِلتَّكْثِيرِ. الْهَوَازِنِيُّ: رَجُلٌ(3/393)
مُلَهَّد أَي مُسْتَضْعَفٌ ذَلِيلٌ. وَيُقَالُ: لَهَدْتُ الرَّجُلَ أَلهَدُه لهْداً أَي دَفَعْتُهُ، فَهُوَ مَلْهُودٌ. وَرَجُلٌ مُلَهَّد إِذا كَانَ يُدَفَّع تَدْفِيعًا مِنْ ذُلِّه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: لَوْ لقيتُ قاتِلَ أَبي فِي الْحَرَمِ مَا لَهَدْته
أَي مَا دفَعْتُه؛ واللَّهْد: الدَّفْعُ الشَّدِيدُ فِي الصَّدْرِ، وَيُرْوَى: مَا هِدْته أَي حَرَّكْته. وَنَاقَةٌ لَهِيدٌ: غَمَزَها حِمْلُها فَوَثَأَها؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ولَهَدَ مَا فِي الإِناءِ يَلْهَدُه لَهْداً: لَحِسَه وأَكله؛ قَالَ عَدِيٌّ:
ويَلْهَدْنَ مَا أَغْنى الوَليُّ فَلَمْ يُلِثْ، ... كأَنَّ بِحافاتِ النِّهاءِ المَزارِعا
لَمْ يُلِثْ: لَمْ يُبْطِئْ أَن يَنْبُتَ. والنِّهاءُ: الغُدُر، فَشَبَّهَ الرِّيَاضَ «3» بِحَافَاتِهَا الْمَزَارِعَ. وأَلْهَدْتُ بِهِ إِلهاداً إِذا أَمْسَكْتَ أَحد الرجُلين وخَلَّيْتَ الآخرَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُقَاتِلُهُ. قَالَ: فإِن فَطَّنْتَ رَجُلًا بِمُخاصَمة صاحبِه أَو بِمَا صاحِبُه يُكَلِّمُه ولَحَنْت لَهُ ولقَّنْت حُجَّتَهُ، فَقَدْ أَلهدت بِهِ؛ وإِذا فَطَّنْته بِمَا صَاحِبُهُ يُكَلِّمُهُ قَالَ: وَاللَّهِ مَا قُلْتَهَا إِلا أَن تُلْهِدَ عَلَيَّ أَي تُعِين عَلَيَّ. واللَّهِيدةُ: مِنْ أَطعمة الْعَرَبِ. واللَّهِيدةُ: الرِّخْوة مِنَ الْعَصَائِدِ لَيْسَتْ بِحَسَاءٍ فَتُحْسى وَلَا غَلِيظَةٍ فَتُلْتَقَم، وَهِيَ الَّتِي تُجَاوِزُ حَدَّ الحَرِيقةِ والسَّخينةِ وتقْصُر عَنِ العَصِيدة؛ وَالسَّخِينَةُ: الَّتِي ارْتَفَعَتْ عَنِ الحساءِ وثَقُلت أَن تُحْسَى.
لود: عنُقٌ أَلوَدُ: غَلِيظٌ. وَرَجُلٌ أَلوَدُ: لَا يكادُ يميلُ إِلى عَدْلٍ وَلَا إِلى حَقٍّ وَلَا يَنْقادُ لأَمرٍ؛ وَقَدْ لَوِدَ يَلْوَدُ لَوَداً وقَوْمٌ أَلْوادٌ. قَالَ الأَزهري: هَذِهِ كَلِمَةٌ نَادِرَةٌ؛ وقال رؤبة:
أُسْكِتُ أَجْراسَ القُرومِ الأَلْواد
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَلْوَدُ الشَّدِيدُ الَّذِي لَا يُعْطي طَاعَةً، وَجَمْعُهُ أَلواد؛ وأَنشد:
أَغلَبَ غَلَّاباً أَلدَّ أَلوَدا
فصل الميم
مأد: المَأْدُ مِنَ النَّبَاتِ: اللَّيِّنُ الناعِم. قَالَ الأَصمعي: قِيلَ لِبَعْضِ الْعَرَبِ: أَصِبْ لَنَا مَوْضِعًا، فَقَالَ رائِدُهم: وَجَدْتُ مَكَانًا ثَأْداً مَأْداً. ومَأْد الشَّبَابِ: نَعْمَتُه. ومَأَدَ العُودُ يَمْأَدُ مَأْداً إِذا امتلأَ مِنَ الرَّيِّ فِي أَول مَا يَجْرِي الْمَاءُ فِي الْعُودِ فَلَا يَزَالُ مَائِدًا مَا كَانَ رَطْبًا. والمَأْدُ مِنَ النَّبَاتِ: مَا قَدِ ارْتَوَى؛ يُقَالُ: نَبَاتٌ مَأْدٌ. وَقَدْ مَأَدَ يَمْأَدُ، فَهُوَ مَأْدٌ. وأَمْأَدَه الرَّيُّ وَالرَّبِيعُ وَنَحْوُهُ وَذَلِكَ إِذا جَرَى فِيهِ الْمَاءُ أَيام الرَّبِيعِ. وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ التارَّة: إِنها لمأْدةُ الشَّبَابِ وَهِيَ يَمؤُود ويَمؤُودة. وامتأَد فُلَانٌ خَيْرًا أَي كَسَبَهُ. وَيُقَالُ لِلْغُصْنِ إِذا كَانَ نَاعِمًا يَهْتَزُّ: هُوَ يَمْأَدُ مَأْداً حَسَنًا. ومَأَد النباتُ وَالشَّجَرُ يمأَدُ مأْداً: اهتزَّ وتَرَوّى وَجَرَى فِيهِ الْمَاءُ، وَقِيلَ: تَنَعَّمَ وَلَانَ؛ وَقَدْ أَمْأَدَه الرَّيّ. وَغُصْنٌ مَأْدٌ ويَمؤُود أَي نَاعِمٌ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ والأُنثى مَأْدَة ويَمْؤُودة شَابَّةٌ نَاعِمَةٌ، وَقِيلَ: المَأْد النَّاعِمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
مَادُ الشَّبابِ عَيْشَها المُخَرْفَجا
غَيْرُ مَهْمُوزٍ. والمَأْدُ: النَّزُّ الَّذِي يَظْهَرُ فِي الأَرض قَبْلَ أَن يَنْبُع، شامِيَّة؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وماكِدٍ تَمْأَدُه مِنْ بَحْرِه
فَسَّرَهُ فَقَالَ: تَمْأَدُه تأْخُذُه فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. ويَمْؤُودٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
كأَنَّ سَحِيله، فِي كلِّ فَجْرٍ ... على أَحْساءِ يَمْؤودٍ، دُعاءُ
__________
(3) . قوله [فشبه الرياض إلخ] كذا بالأَصل.(3/394)
ويَمؤُود: بِئْرٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
غَدَوْنَ لَهَا صُعْرَ الخُدودِ كَمَا غَدَتْ، ... عَلَى ماءِ يَمؤُودَ، الدِّلاءُ النَّواهِزُ
الجوهري: ويَمؤُودٌ مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فَظَلَّتْ بِيَمؤُودٍ كأَنَّ عُيونَها ... إِلى الشمسِ، هَلْ تَدْنو رِكيٌّ نواكزُ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي قَوْلِ الشَّمَّاخِ:
عَلَى ماءِ يمؤودَ الدِّلاءُ النواهِزُ
قَالَ: جَعَلَهُ اسْمًا لِلْبِئْرِ فَلَمْ يَصْرِفْهُ؛ قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ الْمَوْضِعَ وَتَرَكَ صَرْفَهُ لأَنه عَنَى بِهِ البُقْعَة أَو الشَّبَكة؛ قَالَ: أَعني بالشَّبَكةِ الآبارَ المُقْتَرِبةَ بعضُها من بعض.
مبد: مأْبد: بَلَدٌ مِنَ السَّراة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
يَمانِية، أَحْيا لهَا مَظَّ مَأْبِدٍ ... وآلِ قَراسٍ صَوْبُ أَسْقِيةٍ كُحْلِ
وَيُرْوَى أَرْمِيةٍ؛ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ مَظَّ مَائِدٍ، وسيأْتي ذِكْرُهُ.
متد: ابْنُ دُرَيْدٍ: مَتَدَ بالمكانِ يَمْتُدُ، فَهُوَ ماتِدٌ إِذا أَقام بِهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلَا أَحفظه لغيره.
مثد: مَثَدَ بَيْنَ الْحِجَارَةِ يَمْثُدُ: اسْتَتَرَ بِهَا وَنَظَرَ بِعَيْنِهِ مِنْ خِلالها إِلى العَدُوّ يَرْبأُ لِلْقَوْمِ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
مَا مَثَدَتْ بُوصانُ، إِلا لِعَمِّها، ... بخَيْلِ سُلَيْم فِي الوَغَى كَيْفَ تَصْنَعُ
قَالَ: وَفَسَّرَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. أَبو عَمْرٍو: الماثِدُ الدَّيدَبانُ وَهُوَ اللابدُ والمُخْتَبئُ والشَّيِّفة والرَّبيئةُ.
مجد: المَجْدُ: المُرُوءةُ والسخاءُ. والمَجْدُ: الكرمُ والشرفُ. ابْنُ سِيدَهْ: الْمَجْدُ نَيْل الشَّرَفِ، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ إِلا بالآباءِ، وَقِيلَ: المَجْدُ كَرَمُ الْآبَاءِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: المَجْدُ الأَخذ مِنَ الشَّرَفِ والسُّؤدَد مَا يَكْفِي؛ وَقَدْ مَجَدَ يَمْجُدُ مَجْداً، فَهُوَ مَاجِدٌ. ومَجُد، بِالضَّمِّ، مَجادةً، فَهُوَ مَجِيدٌ، وتَمَجَّد. والمجدُ: كَرَمُ فِعاله. وأَمجَدَه ومَجَّده كِلَاهُمَا: عظَّمَه وأَثنى عَلَيْهِ. وتماجَدَ القومُ فِيمَا بَيْنَهُمْ: ذكَروا مَجْدَهم. وماجَدَه مِجاداً: عارَضه بِالْمَجْدِ. وماجَدْتُه فمَجَدتُه أَمْجُدُه أَي غَلَبْتُه بِالْمَجْدِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الشرفُ والمجدُ يَكُونَانِ بِالْآبَاءِ. يُقَالُ: رَجُلٌ شَرِيفٌ ماجدٌ، لَهُ آباءٌ مُتَقَدِّمُونَ فِي الشَّرَفِ؛ قَالَ: وَالْحَسَبُ وَالْكَرَمُ يَكُونَانِ فِي الرَّجُلِ وإِن لَمْ يَكُنْ لَهُ آبَاءٌ لَهُمْ شَرَفٌ. والتمجيدُ: أَن يُنْسب الرَّجُلُ إِلى الْمَجْدِ. وَرَجُلٌ مَاجِدٌ: مِفضالٌ كَثِيرُ الْخَيْرِ شَرِيفٌ، والمجيدُ، فَعِيلٌ، مِنْهُ لِلْمُبَالَغَةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْكَرِيمُ الْمِفْضَالُ، وَقِيلَ: إِذا قارَن شَرَفُ الذاتِ حُسْنَ الفِعال سُمِّيَ مَجْداً، وفعِيلٌ أَبلغ مِنْ فاعِل فكأَنه يَجْمع مَعْنَى الْجَلِيلِ والوهَّابِ وَالْكَرِيمِ. والمجيدُ: مِنْ صفاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ
. وَفِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى: الماجدُ. والمَجْد فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الشَّرَفُ الْوَاسِعُ. التَّهْذِيبِ: اللَّهُ تَعَالَى هُوَ المجِيدُ تَمَجَّد بِفعاله ومَجَّده خَلْقُهُ لِعَظَمَتِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: خَفَضَهُ يَحيى وأَصحابه كَمَا قَالَ:
بَلْ هُوَ قرآنٌ مجيدٌ
، فَوَصَفَ الْقُرْآنَ بالمَجادة. وَقِيلَ يقرأُ:
بَلْ هُوَ قرآنُ مجيدٍ
، وَالْقِرَاءَةُ قرآنٌ مجيدٌ. وَمَنْ قرأَ: قرآنُ مجيدٍ، فَالْمَعْنَى بَلْ هُوَ قرآنُ ربٍّ مجيدٍ. ابْنُ الأَعرابي: قرآنٌ مجيدٌ، المجيدُ الرَّفِيعُ. قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَعْنَى الْمَجِيدِ الْكَرِيمُ، فَمَنْ خَفَضَ الْمَجِيدَ فَمِنْ صِفَةِ الْعَرْشِ،(3/395)
وَمِنْ رَفَعَ فَمِنْ صِفَةِ ذُو. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ
؛ يُرِيدُ بِالْمَجِيدِ الرفيعَ الْعَالِيَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: ناوِلِيني المجيدَ
أَي المُصْحَف؛ هُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ
. وَفِي حَدِيثِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ:
مَجَّدَني عَبْدي
أَي شرَّفني وعَظَّمني. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يَقُولُ:
اللهمَّ هَبْ لِي حَمْداً ومَجْداً، لَا مَجْد إِلا بِفعال وَلَا فِعال إِلا بِمَالٍ؛ اللَّهُمَّ لَا يُصْلِحُني وَلَا أَصْلُحُ إِلا عَلَيْهِ «1» .
ابْنُ شُمَيْلٍ: الماجدُ الحَسَن الخُلُق السَّمْحُ. وَرَجُلٌ مَاجِدٌ وَمَجِيدٌ إِذا كَانَ كَرِيمًا مِعْطاءً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ الله عَنْهُ: أَمَّا نَحْنُ بَنُو هَاشِمٍ فأَنجادٌ أَمْجادٌ
أَي شِراف كِرام، جَمْعُ مجِيد أَو مَاجِدٍ كأَشهاد فِي شَهيد أَو شَاهِدٍ. ومَجَدَتِ الإِبل تَمْجُدُ مُجُوداً، وَهِيَ مواجِدُ ومُجَّد ومُجُدٌ، وأَمْجَدَتْ: نَالَتْ مِنَ الكلإِ قَرِيبًا مِنَ الشَّبَعِ وَعُرِفَ ذَلِكَ فِي أَجسامها، ومَجَّدْتُها أَنا تَمْجِيدًا وأَمجَدَها رَاعِيهَا وَقَدْ أَمجَدَ القومُ إِبلهم، وَذَلِكَ فِي أَول الرَّبِيعِ. وأَما أَبو زَيْدٍ فَقَالَ: أَمجَدَ الإِبلَ مَلأَ بُطُونَهَا عَلَفًا وأَشبعها، وَلَا فِعْلَ لَهَا هِيَ فِي ذَلِكَ، فإِن أَرعاها فِي أَرض مُكْلِئَةٍ فَرَعَتْ وشبِعت. قَالَ: مَجَدَتْ تَمْجُدُ مَجْداً ومُجوداً وَلَا فِعْلَ لَكَ فِي هَذَا، وأَما أَبو عُبَيْدٍ فَرَوَى عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ أَن أَهل الْعَالِيَةِ يَقُولُونَ مَجَد الناقةَ مُخَفَّفًا إِذا عَلَفَهَا مِلءَ بُطُونِهَا، وأَهل نَجْدٍ يَقُولُونَ مَجَّدها تَمْجِيدًا، مشدَّداً، إِذا عَلَفَهَا نِصْفَ بُطُونِهَا. ابْنُ الأَعرابي: مَجَدَتِ الإِبل إِذا وَقَعَتْ فِي مَرْعًى كَثِيرٍ وَاسِعٍ؛ وأَمجَدَها الرَّاعِي وأَمجَدْتُها أَنا. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا شَبِعَتِ الْغَنَمُ مَجُدَت الإِبل تَمجُد، وَالْمَجْدُ نَحْوٌ مِنْ نِصْفِ الشَّبَعِ؛ وَقَالَ أَبو حَيَّةَ يَصِفُ امرأَة:
ولَيْسَت بماجِدةٍ للطعامِ وَلَا الشَّرَابِ
أَي لَيْسَتْ بِكَثِيرَةِ الطَّعَامِ وَلَا الشَّرَابِ. الأَصمعي: أَمجَدْتُ الدابةَ علَفاً أَكثرت لَهَا ذَلِكَ. وَيُقَالُ: أَمجَدَ فُلَانٌ عطاءَه ومَجَّده إِذا كثَّره؛ وَقَالَ عَدِيٌّ:
فَاشْتَرَانِي وَاصْطَفَانِي نعْمةً، ... مَجَّدَ الهِنْءَ وأَعطاني الثَّمَنْ
وَفِي الْمَثَلِ: فِي كُلِّ شَجَر نَارٌ، واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفار؛ اسْتَمْجَدَ اسْتَفْضَلَ أَي اسْتَكْثَرا مِنَ النَّارِ كأَنهما أَخذا مِنَ النَّارِ مَا هُوَ حَسْبُهُمَا فَصَلَحَا لِلِاقْتِدَاحِ بِهِمَا، وَيُقَالُ: لأَنهما يُسْرعانِ الوَرْيَ فَشُبِّهَا بِمَنْ يُكْثِر مِنَ الْعَطَاءِ طَلَبًا لِلْمَجْدِ. وَيُقَالُ: أَمجَدَنا فُلَانٌ قِرًى إِذا آتَى مَا كَفَى وَفَضَلَ. ومَجْدٌ ومُجَيْدٌ وماجِدٌ: أَسماء. ومَجْد بِنْتُ تَمِيمِ بْنِ عامرِ بنِ لُؤَيٍّ: هِيَ أُم كِلَابٍ وَكَعْبٍ وَعَامِرٍ وكُلَيْب بَنِي رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ؛ وَذَكَرَهَا لَبِيدٌ فَقَالَ يَفْتَخِرُ بِهَا:
سَقَى قَوْمي بَني مَجْدٍ، وأَسْقى ... نُمَيْراً، والقبائلَ مِنْ هِلالِ
وبَنو مَجْد: بَنُو رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَمَجْدُ: اسْمُ أُمهم هَذِهِ الَّتِي فَخَرَ بِهَا لبيد في شعره.
مدد: المَدُّ: الجَذْب والمَطْلُ. مَدَّه يَمُدُّه مَدّاً ومدَّ بِهِ فامتَدّ ومَدَّدَه فَتَمَدَّد، وتَمَدَّدناه بَيْنَنَا: مَدَدْناه. وَفُلَانٌ يُمادُّ فُلَانًا أَي يُماطِلُه ويُجاذِبه. والتَّمَدُّد: كَتَمَدُّدِ السِّقاء، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ تَبْقَى فِيهِ سَعَةُ المَدِّ. والمادَّةُ: الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ. ومَدَّه فِي غَيِّه أَي أَمهلَه وطَوَّلَ لَهُ. ومادَدْتُ الرَّجُلَ مُمادَّةً ومِداداً: مَدَدْتُه ومَدَّني؛ هَذِهِ عن
__________
(1) . قوله [اللَّهُمَّ لَا يُصْلِحُنِي وَلَا أصلح إلخ] كذا بالأَصل(3/396)
اللِّحْيَانِيِّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ
؛ مَعْنَاهُ يُمْهِلُهم. وطُغْيانُهم: غُلُوُّهم فِي كُفْرِهِمْ. وَشَيْءٌ مَدِيد: مَمْدُودٌ. وَرَجُلٌ مَدِيد الْجِسْمِ: طَوِيلٌ، وأَصله فِي الْقِيَامِ؛ سِيبَوَيْهِ، وَالْجَمْعُ مُدُدٌ، جَاءَ عَلَى الأَصل لأَنه لَمْ يُشْبِهِ الْفِعْلَ، والأُنثى مَدِيدة. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: قَالَ لِبَعْضِ عُمَّالِهِ: بَلَغَنِي أَنك تَزَوَّجْتَ امرأَة مَدِيدَةً
أَي طَوِيلَةً. وَرَجُلٌ مَدِيدُ الْقَامَةِ: طَوِيلُ الْقَامَةِ. وطِرافٌ مُمدَّد أَي ممدودٌ بالأَطناب، وشُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ. وتَمَدَّد الرَّجُلُ أَي تَمطَّى. والمَدِيدُ: ضَرْبٌ مِنَ العَرُوض، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِامْتِدَادِ أَسبابه وأَوتاده؛ قَالَ أَبو إِسحاق: سُمِّيَ مَدِيدًا لأَنه امتَدَّ سَبَبَاهُ فَصَارَ سَبَب فِي أَوله وَسَبَبٌ بَعْدَ الوَتِدِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ
، فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ فِي عَمَد طِوال. ومَدَّ الْحَرْفَ يَمُدُّه مَدّاً: طَوَّلَه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مدَّ اللهُ الأَرضَ يَمُدُّها مَدًّا بَسَطَهَا وسَوَّاها. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ
؛ وَفِيهِ: وَالْأَرْضَ مَدَدْناها*
. وَيُقَالُ: مَدَدْت الأَرض مَدًّا إِذا زِدت فِيهَا تُرَابًا أَو سَماداً مِنْ غَيْرِهَا لِيَكُونَ أَعمر لَهَا وأَكثر رَيْعاً لِزَرْعِهَا، وَكَذَلِكَ الرِّمَالُ، والسَّمادُ مِداد لَهَا؛ وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقُ:
رَأَتْ كَمَرًا مِثْلَ الجَلاميدِ فَتَّحَتْ ... أَحالِيلَها، لمَّا اتْمَأَدَّتْ جُذورُها
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: اتْمَأَدَّتْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا، اللَّهُمَّ إِلا أَن يُرِيدَ تَمادَّت فَسَكَّنَ التَّاءَ وَاجْتَلَبَ لِلسَّاكِنِ أَلِفَ الْوَصْلِ، كَمَا قَالُوا: ادَّكَرَ وادّارَأْتُمْ فِيهَا، وَهَمَزَ الأَلف الزَّائِدَةَ كَمَا هَمَزَ بَعْضُهُمْ أَلف دابَّة فَقَالَ دأَبَّة. ومدَّ بصَرَه إِلى الشَّيْءِ: طَمَح بِهِ إِليه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا
. وأَمَدَّ لَهُ فِي الأَجل: أَنسأَه فِيهِ. ومَدَّه فِي الغَيّ وَالضَّلَالِ يَمُدُّه مَدًّا ومَدَّ لَهُ: أَمْلَى لَهُ وَتَرَكَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ
؛ أَي يُمْلِي ويُلِجُّهم؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ مدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الْعَذَابِ مَدًّا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا
. قَالَ: وأَمَدَّه فِي الْغَيِّ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِ
؛ قِرَاءَةُ أَهل الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ
يَمُدُّونَهم
، وقرأَ أَهل الْمَدِينَةِ
يُمِدُّونَهم.
والمَدُّ: كَثْرَةُ الْمَاءِ أَيامَ المُدُود وَجَمْعُهُ مُدُود؛ وَقَدْ مَدَّ الماءُ يَمُدُّ مَدًّا، وامْتَدَّ ومَدَّه غَيْرُهُ وأَمَدَّه. قَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّ شَيْءٍ مَدَّه غَيْرُهُ، فَهُوَ بأَلف؛ يُقَالُ: مَدَّ البحرُ وامتَدَّ الحَبْل؛ قَالَ اللَّيْثُ: هَكَذَا تَقُولُ الْعَرَبُ. الأَصمعي: المَدُّ مَدُّ النَّهْرِ. والمَدُّ: مَدُّ الْحَبْلِ. والمَدُّ: أَن يَمُدّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي غيِّه. وَيُقَالُ: وادِي كَذَا يَمُدُّ فِي نَهْرِ كَذَا أَي يَزِيدُ فِيهِ. وَيُقَالُ مِنْهُ: قلَّ ماءُ رَكِيَّتِنا فَمَدَّتها ركيةٌ أُخرى فَهِيَ تَمُدُّها مَدّاً. والمَدُّ: السَّيْلُ. يُقَالُ: مَدَّ النهرُ ومدَّه نَهْرٌ آخَرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
سَيْلٌ أَتِيٌّ مَدَّه أَتِيُّ ... غِبَّ سمَاءٍ، فَهُوَ رَقْراقِيُ
ومَدَّ النَّهرُ النهرَ إِذا جَرَى فِيهِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ دَخَلَ فِيهِ مِثْلُهُ فَكَثَّرَه: مدَّه يَمُدُّه مَدًّا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ
؛ أَي يَزِيدُ فِيهِ مَاءً مِنْ خلْفِه تجرُّه إِليه وتُكثِّرُه. ومادَّةُ الشَّيْءِ: مَا يمدُّه، دَخَلَتْ فِيهِ الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. وَفِي حَدِيثِ الْحَوْضِ:
يَنْبَعِثُ فِيهِ مِيزابانِ مِدادُهما أَنهار الْجَنَّةِ
أَي يَمُدُّهما أَنهارُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
وأَمَدَّها خَواصِر
أَي أَوسعها وأَتَمَّها. والمادَّة: كُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ مَدَداً لِغَيْرِهِ. وَيُقَالُ: دعْ فِي الضَّرْع(3/397)
مادَّة اللَّبَنِ، فَالْمَتْرُوكُ فِي الضَّرْعِ هُوَ الداعِيَةُ، وَمَا اجْتَمَعَ إِليه فَهُوَ المادَّة، والأَعْرابُ مادَّةُ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ
؛ قَالَ: تَكُونُ مِداداً كالمِدادِ الَّذِي يُكتب بِهِ. وَالشَّيْءُ إِذا مدَّ الشَّيْءَ فَكَانَ زِيَادَةً فِيهِ، فَهُوَ يَمُدُّه؛ تَقُولُ: دِجْلَةُ تَمُدُّ تَيَّارنا وأَنهارنا، وَاللَّهُ يَمُدُّنا بِهَا. وَتَقُولُ: قَدْ أَمْدَدْتُك بأَلف فَمُدَّ. وَلَا يُقَاسُ عَلَى هَذَا كُلُّ مَا وَرَدَ. ومَدَدْنا القومَ: صِرْنا لَهُمْ أَنصاراً ومدَدَاً وأَمْدَدْناهم بِغَيْرِنَا. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَمَدَّ الأَمير جُنْدَهُ بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ وأَعانهم، وأَمَدَّهم بِمَالٍ كَثِيرٍ وأَغاثهم. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَعطاهم، والأَول أَكثر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ
. والمَدَدُ: مَا مدَّهم بِهِ أَو أَمَدَّهم؛ سِيبَوَيْهِ، وَالْجَمْعُ أَمْداد، قَالَ: وَلَمْ يُجَاوِزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ، واستَمدَّه: طلَبَ مِنْهُ مَدَداً. والمَدَدُ: العساكرُ الَّتِي تُلحَق بالمَغازي فِي سَبِيلِ اللَّهِ. والإِمْدادُ: أَنْ يُرْسِلَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مَدَداً، تَقُولُ: أَمْدَدْنا فُلَانًا بِجَيْشٍ. قال الله تعالى: يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ
. وَقَالَ فِي الْمَالِ: أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ
؛ هَكَذَا قُرِئَ نُمِدُّهُمْ
، بِضَمِّ النُّونِ. وَقَالَ: وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ
، فالمَدَدُ مَا أَمْدَدْتَ بِهِ قَوْمَكَ فِي حرْب أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ طَعَامٍ أَو أَعوان. وَفِي حَدِيثِ
أُويس: كَانَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِذا أَتَى أَمْدادُ أَهل الْيَمَنِ سأَلهم: أَفيكم أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ؟
الأَمداد: جَمْعُ مَدَد وَهُمُ الأَعوان والأَنصار الَّذِينَ كَانُوا يَمُدُّون الْمُسْلِمِينَ فِي الْجِهَادِ. وَفِي حَدِيثِ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَة ورافَقَني مَدَدِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ
؛ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى المدَد. وَقَالَ يُونُسُ: مَا كَانَ مِنَ الْخَيْرِ فإِنك تَقُولُ أَمْدَدْته، وَمَا كَانَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ مدَدْت. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: هُمْ أَصلُ الْعَرَبِ ومادَّة الإِسلام
أَي الَّذِينَ يُعِينونهم ويَكُثِّرُون جُيُوشَهُمْ ويُتَقَوَّى بزكاةِ أَموالهم. وَكُلُّ مَا أَعنت بِهِ قَوْمًا فِي حَرْبٍ أَو غَيْرِهِ، فَهُوَ مادَّة لَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ الرَّمْيِ:
مُنْبِلُه والمُمِدُّ بِهِ
أَي الَّذِي يَقُومُ عِنْدَ الرَّامِي فَيُنَاوِلُهُ سَهْمًا بَعْدَ سَهْمٍ، أَو يَرُدُّ عَلَيْهِ النَّبْلَ مِنَ الهَدَف. يُقَالُ: أَمَدَّه يُمِدُّه، فَهُوَ مُمِدٌّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: قَائِلُ كلمةِ الزُّورِ وَالَّذِي يَمُدُّ بِحَبْلِهَا فِي الإِثم سواءٌ
؛ مَثَّل قَائِلَهَا بالمائِح الَّذِي يملأُ الدَّلْوَ فِي أَسفل الْبِئْرِ، وحاكِيَها بالماتِحِ الَّذِي يَجْذِبُ الْحَبْلَ عَلَى رأْس الْبِئْرِ ويَمُدُّه؛ وَلِهَذَا يُقَالُ: الراويةُ أَحد الكاذِبَيْنِ. والمِدادُ: النِّقْس. والمِدادُ: الَّذِي يُكتب بِهِ وَهُوَ مِمَّا تَقَدَّمَ. قَالَ شَمِرٌ: كُلُّ شَيْءٍ امتَلأَ وَارْتَفَعَ فَقَدْ مَدَّ؛ وأَمْدَدْتُه أَنا. ومَدَّ النهارُ إِذا ارْتَفَعَ. ومَدَّ الدَّواةَ وأَمَدَّها: زَادَ فِي مائِها ونِقْسِها؛ ومَدَّها وأَمَدَّها: جَعَلَ فِيهَا مِداداً، وَكَذَلِكَ مَدَّ القَلم وأَمَدَّه. واسْتَمَدَّ مِنَ الدواةِ: أَخذ مِنْهَا مِداداً؛ والمَدُّ: الاستمدادُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَسْتَمِدَّ مِنْهَا مَدّة وَاحِدَةً؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: سُمِّيَ المِدادُ مِداداً لإِمداده الكاتِب، مِنْ قَوْلِهِمْ أَمْدَدْت الْجَيْشَ بمَدد؛ قَالَ الأَخطل:
رَأَوْا بارِقاتٍ بالأَكُفِّ كأَنّها ... مَصابيحُ سُرْجٌ، أُوقِدَتْ بِمِدادِ
أَي بِزَيْتٍ يُمِدُّها. وأَمَدَّ الجُرْحُ يُمِدُّ إِمْداداً: صَارَتْ فِيهِ مَدَّة؛ وأَمْدَدْت الرَّجُلَ مُدَّةً. وَيُقَالُ: مُدَّني يَا غلامُ مُدَّة مِنَ الدَّوَاةِ، وإِن قُلْتَ: أَمْدِدْني مُدّة، كَانَ جَائِزًا، وَخَرَجَ عَلَى مَجْرَى المَدَدِ بِهَا وَالزِّيَادَةِ. والمُدَّة أَيضاً: اسْمُ مَا اسْتَمْدَدْتَ بِهِ مِنَ(3/398)
المِدادِ عَلَى الْقَلَمِ. والمَدّة، بِالْفَتْحِ: الْوَاحِدَةُ مِنْ قَوْلِكَ مَدَدْتُ الشيءَ. والمِدّة، بِالْكَسْرِ: مَا يَجْتَمِعُ فِي الجُرْح مِنَ الْقَيْحِ. وأَمْدَدْتُ الرَّجُلَ إِذا أَعطيته مُدّة بِقَلَمٍ؛ وأَمْدَدْتُ الْجَيْشَ بِمَدَد. والاستمدادُ: طلبُ المَدَدِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: مَدَدْنا الْقَوْمَ أَي صِرنا مَدَداً لَهُمْ وأَمْدَدْناهم بِغَيْرِنَا وأَمْدَدْناهم بِفَاكِهَةٍ. وأَمَدّ العَرْفَجُ إِذا جَرَى الماءُ فِي عُودِهِ. ومَدَّه مِداداً وأَمَدَّه: أَعطاه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
نُمِدُّ لهمْ بالماءِ مِن غيرِ هُونِه، ... ولكِنْ إِذا مَا ضاقَ أَمرٌ يُوَسَّعُ
يَعْنِي نَزِيدُ الْمَاءَ لِتَكْثُرَ الْمَرَقَةُ. وَيُقَالُ: سُبْحَانَ اللَّهِ مِدادَ السموات ومِدادَ كلماتِه ومَدَدَها أَي مِثْلَ عدَدِها وَكَثْرَتِهَا؛ وَقِيلَ: قَدْرَ مَا يُوازيها فِي الْكَثْرَةِ عِيارَ كَيْلٍ أَو وَزْنٍ أَو عدَد أَو مَا أَشبهه مِنْ وُجُوهِ الْحَصْرِ وَالتَّقْدِيرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا تَمْثِيلٌ يُرَادُ بِهِ التَّقْدِيرُ لأَن الْكَلَامَ لَا يَدْخُلُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وإِنما يَدْخُلُ فِي الْعَدَدِ. والمِدادُ: مَصْدَرٌ كالمَدَد. يُقَالُ: مَدَدْتُ الشيءَ مَدًّا ومِداداً وَهُوَ مَا يَكْثُرُ بِهِ وَيُزَادُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن المؤَذِّنَ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِه
؛ الْمَدُّ: الْقَدْرُ، يُرِيدُ بِهِ قَدْرَ الذُّنُوبِ أَي يُغْفَرُ لَهُ ذَلِكَ إِلى مُنْتَهَى مَدِّ صَوْتِهِ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِسَعَةِ الْمَغْفِرَةِ كقوله الْآخَرِ: وَلَوْ لَقِيتَني بِقُراب [بِقِراب] الأَرض «2» خَطايا لِقيتُك بِهَا مَغْفِرَةً؛ وَيُرْوَى مَدَى صَوْتِهِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَبَنَوْا بُيُوتَهُمْ عَلَى مِدادٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ. وَيُقَالُ: جَاءَ هَذَا عَلَى مِدادٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى مِثَالٍ وَاحِدٍ؛ وَقَالَ جَنْدَلٌ:
لَمْ أُقْوِ فِيهِنَّ، وَلَمْ أُسانِدِ ... عَلَى مَدادٍ ورويٍّ واحِدِ
والأَمِدّةُ، والواحدةُ مِدادٌ: المِساكُ فِي جَانِبَيِ الثوبِ إِذا ابْتدِئَ بعَملِه. وأَمَدَّ عُودُ العَرْفَجِ والصِّلِّيانِ والطَّرِيفَةِ: مُطِرَ فَلانَ. والمُدَّةُ: الْغَايَةُ مِنَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ. وَيُقَالُ: لِهَذِهِ الأُمّةُ مُدَّة أَي غَايَةٌ فِي بَقَائِهَا. وَيُقَالُ: مَدَّ اللَّهُ فِي عُمُرك أَي جَعَلَ لعُمُرك مُدة طَوِيلَةً. ومُدَّ فِي عُمُرِهِ: نُسِئَ. ومَدُّ النهارِ: ارتفاعُه. يُقَالُ: جِئْتُكَ مَدَّ النَّهَارِ وَفِي مَدِّ النَّهَارِ، وَكَذَلِكَ مَدَّ الضُّحَى، يَضَعُونَ الْمَصْدَرَ فِي كُلِّ ذَلِكَ مَوْضِعَ الظَّرْفِ. وامتدَّ النهارُ: تَنَفَّس. وامتدَّ بِهِمُ السَّيْرُ: طَالَ. ومَدَّ فِي السَّيْرِ: مَضَى. والمَدِيدُ: مَا يُخْلَطُ بِهِ سَوِيقٌ أَو سِمْسمٌ أَو دَقِيقٌ أَو شَعِيرٌ جَشٌّ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الَّذِي لَيْسَ بحارٍّ ثُمَّ يُسقاه الْبَعِيرُ وَالدَّابَّةُ أَو يُضْفَرُه، وَقِيلَ: المَدِيدُ العَلَفُ، وَقَدْ مَدَّه بِهِ يَمُدُّه مَدًّا. أَبو زَيْدٍ: مَدَدْتُ الإِبلَ أَمُدُّها مَدًّا، وَهُوَ أَن تَسْقِيَهَا الْمَاءَ بِالْبِزْرِ أَو الدَّقِيقِ أَو السِّمْسِمِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: المَدِيدُ شَعِيرٌ يُجَشُّ ثُمَّ يُبَلُّ فَيُضْفَرُ البَعِيرَ. وَيُقَالُ: هُنَاكَ قِطْعَةٌ مِنَ الأَرض قَدْرُ مَدِّ الْبَصَرِ أَي مَدَى الْبَصَرِ. ومَدَدْتُ الإِبِلَ وأَمْدَدْتُها بِمَعْنًى، وهو أَن تَنْثِرَ [تَنْثُرَ] لَهَا عَلَى الماءِ شَيْئًا مِنَ الدَّقِيقِ وَنَحْوِهِ فَتَسْقِيَها، وَالِاسْمُ المَدِيدُ. والمِدّانُ والإِمِدّانُ: الْمَاءُ المِلْح، وَقِيلَ: الْمَاءُ الْمِلْحُ الشديدُ المُلُوحة؛ وَقِيلَ: مِياهُ السِّباخِ؛ قَالَ: وَهُوَ إِفِعْلانٌ. بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ زَيْدُ الْخَيْلِ، وَقِيلَ هُوَ لأَبي الطَّمَحان:
فأَصْبَحْنَ قَدْ أَقْهَينَ عَنِّي كَمَا أَبَتْ، ... حِياضَ الإِمِدَّانِ، الظِّباءُ القوامِحُ
__________
(2) . قوله [بقراب الأَرض] بهامش نسخة من النهاية يوثق بها يجوز فيه ضم القاف وكسرها، فمن ضمه جعله بمنزلة قريب يقال قريب وقراب كما يقال كثير وكثار، ومن كسر جعله مصدراً من قولك قاربت الشيء مقاربة وقراباً فيكون معناه مثل ما يقارب الأَرض.(3/399)
والإِمِدّانُ أَيضاً: النَّزُّ. وَقِيلَ: هُوَ الإِمِّدانُ؛ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ. والمُدُّ: ضَرْبٌ مِنَ المكايِيل وَهُوَ رُبُع صَاعٍ، وَهُوَ قَدْرُ مُدِّ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، والصاعُ: خَمْسَةُ أَرطال؛ قال:
لم يَغْدُها مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ، ... وَلَا تُمَيْراتٌ وَلَا تَعْجِيفُ
وَالْجَمْعُ أَمدادٌ ومِدَدٌ ومِدادٌ كَثِيرَةٌ ومَدَدةٌ؛ قَالَ:
كأَنَّما يَبْرُدْنَ بالغَبُوقِ ... كَيْلَ مِدادٍ، مِنْ فَحاً مَدْقوقِ
الْجَوْهَرِيُّ: المُدُّ، بِالضَّمِّ، مِكْيَالٌ وَهُوَ رِطْلٌ وَثُلْثٌ عِنْدَ أَهل الْحِجَازِ وَالشَّافِعِيِّ، وَرِطْلَانِ عِنْدَ أَهل الْعِرَاقِ وأَبي حَنِيفَةَ، وَالصَّاعُ أَربعة أَمداد. وَفِي حَدِيثِ فَضْلِ الصَّحَابَةِ:
مَا أَدْرَك مُدَّ أَحدِهم وَلَا نَصِيفَه
؛ وَالْمُدُّ، فِي الأَصل: رُبُعُ صَاعٍ وإِنما قَدَّره بِهِ لأَنه أَقلُّ مَا كَانُوا يَتَصَدَّقُونَ بِهِ فِي الْعَادَةِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْغَايَةُ؛ وَقِيلَ: إِن أَصل الْمُدِّ مقدَّر بأَن يَمُدَّ الرَّجُلُ يَدَيْهِ فيملأَ كَفَّيْهِ طَعَامًا. ومُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ: بُرْهَةٌ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المُدَّة الَّتِي مادَّ فِيهَا أَبا سُفْيَانَ
؛ المُدَّةُ: طَائِفَةٌ مِنَ الزَّمَانِ تَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، ومادَّ فِيهَا أَي أَطالَها، وَهِيَ فاعَلَ مِنَ الْمَدِّ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن شاؤُوا مادَدْناهم.
ولُعْبة لِلصِّبْيَانِ تُسَمَّى: مِدادَ قَيْس؛ التَّهْذِيبِ: ومِدادُ قَيْس لُعْبة لَهُمْ. التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ دمم: دَمدَمَ إِذا عَذَّبَ عَذَابًا شَدِيدًا، ومَدْمَدَ إِذا هَرَبَ. ومُدٌّ: رَجُلٌ مِنْ دارِم؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الدَّارِمِيُّ يَهْجُو خُنْشُوشَ بْنَ مُدّ:
جَزَى اللهُ خُنْشُوشَ بنَ مُدٍّ مَلامةً، ... إِذا زَيَّنَ الفَحْشاءَ للناسِ مُوقُها
مذد: فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ المَذاد، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ: وَادٍ بَيْنَ سَلْعٍ وخَنْدَقِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَفَرَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في غَزْوة الخَنْدق.
مرد: المارِدُ: الْعَاتِي. مَرُدَ عَلَى الأَمرِ، بِالضَّمِّ، يَمْرُدُ مُروُداً ومَرادةً، فَهُوَ ماردٌ ومَريدٌ، وتَمَرَّدَ: أَقْبَلَ وعَتا؛ وتأْويلُ المُرُود أَن يَبْلُغَ الْغَايَةَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ جُمْلَةِ مَا عَلَيْهِ ذَلِكَ الصِّنْف. والمِرِّيدُ: الشديدُ المَرادةِ مِثْلُ الخِمِّير والسِّكِّير. وَفِي حَدِيثِ
العِرْباض: وَكَانَ صاحبُ خَيْبَرَ رجُلًا مارِداً مُنْكراً
؛ الماردُ مِنَ الرِّجَالِ: الْعَاتِي الشَّدِيدُ، وأَصله مِنْ مَرَدة الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ رَمَضَانَ:
وتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدة الشَّيَاطِينِ
، جَمْعُ مَارِدٍ. والمُرُودُ عَلَى الشيءِ: المُرُونُ عَلَيْهِ. ومَرَدَ عَلَى الْكَلَامِ أَي مَرَنَ عَلَيْهِ لَا يَعْبَأُ بِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ مَرَنُوا عَلَيْهِ وجُرِّبُوا كَقَوْلِكَ تَمَرَّدُوا. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المَرْدُ التَّطَاوُلُ بالكِبْر وَالْمَعَاصِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ
أَي تَطاوَلوا. والمَرادةُ: مَصْدَرُ المارِدِ، والمَرِيدُ: مِنْ شَيَاطِينِ الإِنس وَالْجِنِّ. وَقَدْ تَمَرَّدَ عَلَيْنَا أَي عَتا. ومَرَدَ عَلَى الشرِّ وتَمَرَّد أَي عَتَا وطَغَى. والمَرِيدُ: الخبيثُ الْمُتَمَرِّدُ الشِّرِّير. وَشَيْطَانٌ مارِد ومَرِيد وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَرِيدُ يَكُونُ مِنَ الْجِنِّ والإِنس وَجَمِيعِ الْحَيَوَانِ؛ وَقَدِ اسْتُعْمِلَ ذَلِكَ فِي المَواتِ فَقَالُوا: تَمَرَّدَ هَذَا البَثْق أَي جَاوَزَ حَدَّ مِثْلِهِ، وَجَمْعُ الْمَارِدِ مَرَدة، وَجَمْعُ المَريدِ مُرَداء؛ وَقَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ:(3/400)
مُسْنفات كأَنَّهُنَّ قَنا الهِنْدِ، ... ونَسَّى الوَجِيفُ شَغْبَ المَرودِ «1»
. قَالَ: الشَّغْبُ المَرَحُ. والمَرُودُ والمارِدُ: الَّذِي يَجِيءُ ويَذْهَبُ نَشاطاً؛ يَقُولُ: نَسَّى الوَجِيفُ المارِدَ شَغْبَه. ابْنُ الأَعرابي: المَرَدُ نَقاءُ الْخَدَّيْنِ مِنَ الشَّعْرِ ونَقاء الغُصْن مِنَ الوَرَق، والأَمْرَدُ: الشابُّ الَّذِي بلغَ خُرُوجَ لِحْيته وطَرَّ شَارِبُهُ وَلَمْ تَبْدُ لِحْيَتُهُ. ومَرِدَ مَرَداً ومُروُدة وتَمَرَّد: بَقِيَ زَمَانًا ثُمَّ الْتَحَى بَعْدَ ذَلِكَ وَخَرَجَ وَجْهَهُ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: تَمَرَّدْتُ عِشْرِينَ سَنَةً وجَمَعْت عِشْرِينَ ونَتَفْت عِشْرِينَ وخَضَبت عِشْرِينَ وأَنا ابْنُ ثَمَانِينَ
أَي مَكَثْتُ أَمرد عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ صِرْتُ مُجْتَمِعَ اللِّحْيَةِ عشرين سنة. ورملة مَرْادء: مُتَسَطِّحَةٌ لَا تُنْبِت، وَالْجَمْعُ مَرادٍ، غَلَبَتِ الصِّفَةُ غلَبَة الأَسماء. والمَرادِي: رِمال بِهَجَر مَعْرُوفَةٌ، وَاحِدَتُهَا مَرْداء؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراها سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقِلَّةِ نَبَاتِهَا؛ قَالَ الرَّاعِي:
فَلَيْتَكَ حالَ الدَّهْرُ دُونَكَ كلُّه، ... ومَنْ بالمَرادِي مِنْ فَصِيحٍ وأَعْجَما
الأَصمعي: أَرض مَرادءُ، وَجَمْعُهَا مَرادٍ، وَهِيَ رِمَالٌ مُنْبَطِحَةٌ لَا يُنْبَتُ فِيهَا؛ وَمِنْهَا قِيلَ لِلْغُلَامِ أَمْرَدُ. ومَرْداء هَجَرَ: رَمْلَةٌ دُونَهَا لَا تُنْبِتُ شَيْئًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
هَلَّا سَأَلْتُمْ يَوْمَ مَرْداءِ هَجَرْ
وأَنشد الأَزهري بَيْتَ الرَّاعِي:
ومَنْ بالمَرادِي مِنْ فَصِيحٍ وأَعْجَما
وَقَالَ: المَرادِي جَمْعُ مَرْداءِ هَجَرَ؛ وَقَالَ: جَاءَ بِهِ ابْنُ السِّكِّيتِ: وامرأَة مَرْداء: لَا إِسْبَ لَهَا، وَهِيَ شِعْرَتُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهل الْجَنَّةِ جُرْد مُرْد.
وَشَجَرَةٌ مَرْداء: لَا وَرَقَ عَلَيْهَا، وَغُصْنٌ أَمْرَد كَذَلِكَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: شَجَرَةٌ مَرْداء ذَهَبَ وَرَقُهَا أَجمع. والمَرْدُ: التَّمْلِيسُ. ومَرَدْتُ الشيءَ ومَرَّدْتُه: لَيَّنْتَهُ وَصَقَلْتَهُ. وَغُلَامٌ أَمْرَدُ بَيِّن المَرَد، بِالتَّحْرِيكِ، وَلَا يُقَالُ جَارِيَةٌ مَرْداء. وَيُقَالُ: تَمَرَّدَ فُلَانٌ زَمَانًا ثُمَّ خَرَجَ وَجْهُهُ وَذَلِكَ أَن يَبْقَى أَمْرَدَ حِينًا. وَيُقَالُ: شَجَرَةٌ مَرْداء وَلَا يُقَالُ غُصْنٌ أَمْرَدُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: شَجَرَةٌ مَرْداء وَغُصْنٌ أَمْردُ لَا وَرَقَ عَلَيْهِمَا. وَفَرَسٌ أَمْرَدُ: لَا شَعْرَ عَلَى ثُنَّتِه. والتَّمْرِيدُ: التَّمليسُ والتَّسْوِيةُ والتَّطْيِينُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُمَرَّد بِناء طَوِيلٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِنْهُ قوله تعالى: رْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ
؛ وَقِيلَ: الممرَّد الْمُمَلَّسُ. وتَمريد الْبِنَاءِ: تَمْلِيسُهُ. وتمريدُ الْغُصْنِ: تَجْرِيدُهُ مِنَ الْوَرَقِ. وَبِنَاءٌ مُمَرَّدٌ: مُطَوَّلٌ. وَالْمَارِدُ: الْمُرْتَفِعُ. والتِّمْرادُ: بَيْتٌ صَغِيرٌ يُجْعَلُ فِي بَيْتِ الحَمام لِمبْيَضِه فإِذا جُعِلَتْ نَسَقًا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ فَهِيَ التَّمارِيدُ؛ وَقَدْ مَرَّدها صَاحِبُهَا تَمْريداً وتِمْراداً والتِّمْراد الِاسْمُ، بِكَسْرِ التَّاءِ. ومَرَدَ الشيءَ: لَيَّنَهُ. الصِّحَاحُ: والمَرادُ، بِالْفَتْحِ، العُنُق. والمرَدُ: الثَّرِيدُ. ومَرَدَ الْخُبْزَ وَالتَّمْرَ فِي الماءِ يَمْرُده مَرْداً أَي ماثَه حَتَّى يَلِينَ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: أَنْقَعَه وَهُوَ المَريد؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
ولمَّا أَبى أَن يَنْقُصَ القَوْدُ لَحمَه، ... نزَعْنا المَرِيذَ والمَريدَ لِيَضْمُرا
والمَرِيذُ: التَّمْرُ يُنْقَعُ فِي اللَّبَنِ حَتَّى يَلِينَ. الأَصمعي: مَرَذَ فُلَانٌ الْخُبْزَ فِي الماءِ أَيضاً، بِالذَّالِ المعجمة، ومَرَثه.
__________
(1) . قوله [مسنفات] في الصحاح: أسنف الفرس تَقَدَّمَ الْخَيْلَ، فَإِذَا سَمِعْتَ فِي الشِّعْرِ مُسْنِفَةً، بِكَسْرِ، فَهِيَ مِنْ هَذَا وَهِيَ الْفَرَسُ تَتَقَدَّمُ الْخَيْلَ فِي سَيْرِهَا، وَإِذَا سَمِعْتَ مُسْنَفَةً، بِفَتْحِ النُّونِ، فَهِيَ النَّاقَةُ مِنَ السِّنَافِ أَيْ شُدَّ عليها ذلك(3/401)
الأَصمعي: مَرَثَ خُبْزَهُ فِي الماءِ ومَرَدَه إِذا ليَّنَه وفَتَّتَه فِيهِ. وَيُقَالُ لِكُلِّ شيءٍ دُلِكَ حَتَّى اسْتَرْخَى. مَرِيدٌ. وَيُقَالُ لِلتَّمْرِ يُلْقى فِي اللَّبَنِ حَتَّى يَلِينَ ثُمَّ يُمْرَد بِالْيَدِ: مَرِيدٌ. ومَرَذَ الطعان، بِالذَّالِ، إِذا مَاثَهُ حَتَّى يَلِينَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالصَّوَابُ مَرَثَ الخُبْزَ ومَرَدَه، بِالدَّالِ، إِلا أَن أَبا عُبَيْدٍ جَاءَ بِهِ فِي الْمُؤَلَّفِ مَرَثَ فُلَانٌ الْخُبْزَ ومَرَذَه، بِالثَّاءِ وَالذَّالِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ شَمِرٌ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَنهما لُغَتَانِ. قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الخَصيبي يَقُولُ: مَرَدَه وهَرَدَه إِذا قطَعه وهَرَطَ عِرْضَه وهَرَدَه؛ ومَرَدَ الصبيُّ ثَدْيَ أُمّه مَرْداً. والمَرْدُ: الغَضُّ مِنْ ثَمر الأَراك، وَقِيلَ: هُوَ النَّضِيجُ مِنْهُ، وَقِيلَ: المَرْدُ هَنواتٌ مِنْهُ حُمْر ضَخْمة؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
كِنانِيَّةٌ أَوتادُ أَطنابِ بَيْتِها، ... أَراكٌ، إِذا صافَتْ بِهِ المَرْدُ، شَقَّحا
وَاحِدَتُهُ مَرْدةٌ. التَّهْذِيبِ: البَريرُ ثَمر الأَراك، فالغَضُّ مِنْهُ المَرْد والنضيجُ الكَباثُ. والمَرْدُ: السَّوْقُ الشديدُ. والمُرْدِيُّ: خَشَبة يَدْفَعُ بِهَا المَلَّاحُ السفينةَ، والمَرْدُ: دَفْعُهَا بالمُرْدِيِّ، وَالْفِعْلُ يَمْرُد. ومارِدٌ: حِصْنُ دُومةِ الْجَنْدَلِ؛ الْمُحْكَمِ: ومارِدٌ حِصْن مَعْرُوفٌ غَزَاهُ بَعْضُ الْمُلُوكِ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ، فَقَالُوا فِي الْمَثَلِ: تَمرَّدَ ماردٌ وعَزَّ الأَبْلَقُ، وَهُمَا حِصْنَانِ بِالشَّامِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهُمَا حِصْنَانِ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ غَزَتْهُمَا الزَّبَّاءُ؛ قَالَ الْمُفَضَّلُ: كَانْتِ الزَّبَّاءُ سَارَتْ إِلى مَارِدٍ حِصْن دُومة الْجَنْدَلِ وإِلى الأَبْلَق، وَهُوَ حِصْنُ تَيْماءَ، فَامْتَنَعَا عَلَيْهَا فَقَالَتْ هَذَا الْمَثَلَ، وَصَارَ مَثَلًا لِكُلِّ عَزيز مُمْتَنع. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مُرَيْد، وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ مصغَّراً: أُطُمٌ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ مَرْدانَ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَهِيَ ثَنِيَّةٌ بِطَرِيقِ تَبُوكَ وَبِهَا مسجدٌ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومُرادٌ: أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ مُرَادُ بْنِ مَالِكِ بْنُ زَيْدِ بْنِ كَهْلان بْنِ سَبَا وَكَانَ اسْمُهُ يُحابِر فَتَمَرَّد فَسُمِّيَ مُراداً، وَهُوَ فُعال عَلَى هَذَا الْقَوْلِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: ومُرادٌ حَيٌّ هُوَ الْيَوْمَ فِي الْيَمَنِ، وَقِيلَ: إِن نَسَبَهُمْ فِي الأَصل مِنْ نِزَارٍ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
كَسَيْفِ المرادِيِّ لَا ناكِلًا ... جَباناً، وَلَا حَيْدَرِيّاً قَبيحا
قِيلَ: أَراد سَيْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُلْجَم قاتِلِ عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: أَراد كأَنه سَيْفُ يَمَانٍ فِي مَضَائِهِ فَلَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ الْوَزْنُ، فَقَالَ كَسَيْفِ المُرادِيِّ. ومارِدُون ومارِدِين: مَوْضِعٌ، وَفِي النَّصْبِ وَالْخَفْضِ ماردين.
مرخد: امْرَخَدَّ الشَّيْءُ: اسْتَرْخَى.
مزد: مَا وجَدْنا لَهَا العامَ مَزْدةً كَمَصْدةٍ أَي لَمْ نَجِدْ لَهَا بَرْداً، أُبْدِل الزَّايُ مِنَ الصَّادِ.
مسد: المسَدُ، بِالتَّحْرِيكِ: اللِّيف. ابْنُ سِيدَهْ: المَسَدُ حَبْلٌ مِنْ ليفٍ أَو خُوص أَو شَعْرٍ أَو وبَر أَو صُوفٍ أَو جُلُودِ الإِبل أَو جُلُودٍ أَو مِنْ أَيّ شَيْءٍ كَانَ؛ وأَنشد:
يَا مَسَدَ الخوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي، ... إِنْ تَكُ لَدْناً لَيِّناً، فإِني
مَا شِئْتَ مِن أَشْمَطَ مُقْسَئِنِ
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ مِنْ جُلُودِ الإِبل أَو مِنْ أَوبارِها؛ وأَنشد الأَصمعي لِعُمَارَةَ بْنِ طَارِقٍ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ لِعُقْبَةَ الهُجَيْمِي:
فاعْجَلْ بِغَرْبٍ مِثْلِ غَرْبِ طارِقِ، ... ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيانِقِ،
لَيْسَ بأَنْيابٍ وَلَا حَقائِقِ(3/402)
يَقُولُ: اعْجَلْ بدَلْوٍ مثلِ دلْو طارِقٍ ومَسَدٍ فُتِلَ مِنْ أَيانق، وأَيانِقُ: جَمْعُ أَيْنُق وأَينق جَمْعُ نَاقَةٍ، والأَنْيابُ جَمْعُ نَابٍ، وَهِيَ الهَرِمةُ، وَالْحَقَائِقُ جَمْعُ حِقَّة، وَهِيَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ وَلَيْسَ جِلْدُهَا بِالْقَوِيِّ؛ يُرِيدُ لَيْسَ جِلْدُهَا مِنَ الصَّغِيرِ وَلَا الْكَبِيرِ بَلْ هُوَ مِنْ جِلْدِ ثَنِيَّةٍ أَو رَباعِية أَو سَديس أَو بازِل؛ وَخَصَّ بِهِ أَبو عُبَيْدٍ الْحَبْلَ مِنَ اللِّيفِ، وَقِيلَ: هُوَ الْحَبْلُ الْمَضْفُورُ الْمُحْكَمُ الْفَتْلِ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنها سِلْسِلَةٌ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا يَسْلُكُ بِهَا فِي النَّارِ، وَالْجَمْعُ أَمساد ومِسادٌ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: هِيَ السلسلة الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً؛ يَعْنِي، جَلَّ اسْمُهُ، أَنّ امرأَة أَبي لَهَبٍ تسْلك فِي سِلْسِلَةٍ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا. حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ؛ أَي حَبْلٌ مُسِدَ أَيَّ مَسْدٍ أَي فُتِل فلُوي أَي أَنها تُسْلَكُ فِي النَّارِ أَي فِي سلسلةِ مَمْسُودٍ. الزَّجَّاجُ: الْمَسَدُ فِي اللُّغَةِ الْحَبْلُ إِذا كَانَ مِنْ لِيفِ المُقْل وَقَدْ يُقَالُ لِغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: المَسْدُ مَصْدَرُ مَسَدَ الْحَبَلَ يَمْسُدُه مَسْداً، بِالسُّكُونِ، إِذا أَجاد فَتْلَهُ، وَقِيلَ: حَبْلٌ مَسَدٌ أَي مَمْسُودٌ قَدْ مُسِدَ أَي أُجِيدَ فَتْلُهُ مَسْداً، فالمَسْدُ الْمَصْدَرُ، والمَسَدُ بِمَنْزِلَةِ المَمْسُود كَمَا تَقُولُ نفَضْت الشَّجَرَ نَفْضاً، وَمَا نُفض فَهُوَ نَفَضٌ، وَدَلَّ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ
، أَن السلسلة التي ذكرها الله فُتِلت مِنَ الْحَدِيدِ فَتْلًا مُحْكَمًا، كأَنه قِيلَ فِي جيدِها حَبْلُ حَدِيدٍ قَدْ لُوي لَيّاً شَدِيدًا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أُقَرِّبُها لِثَرْوةِ أَعْوَجِيٍّ ... سَرَنداةً، لَهَا مَسَدٌ مُغارُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: أَي لَهَا ظَهْرٌ مُدْمَج كالمَسَد المُغار أَي الشَّدِيدِ الْفَتْلِ. ومَسَدَ الحبلَ يَمْسُدُه مَسْداً: فَتَلَهُ. وَجَارِيَةٌ مَمْسُودةٌ: مَطْويّةٌ مَمْشوقةٌ. وامرأَة مَمْسُودةُ الخَلْق إِذا كَانَتْ مُلتفّة الخَلْق لَيْسَ فِي خلْقها اضْطِرَابٌ. وَرَجُلٌ مَمْسُود إِذا كَانَ مَجْدُولَ الخَلْق. وَجَارِيَةٌ مَمْسُودَةٌ إِذا كَانَتْ حَسَنة طَيّ الْخَلْقِ. وَجَارِيَةٌ حسَنةُ المَسْد والعَصْب والجَدْل والأَرْم، وَهِيَ مَمْسُودَةٌ وَمَعْصُوبَةٌ وَمَجْدُولَةٌ ومأْرومة، وبَطْن مَمْسُودٌ: لَيِّن لطيفٌ مُسْتَوٍ لَا قُبْح فِيهِ؛ وَقَدْ مُسِدَ مسْداً. وساقٌ مَسْداءُ: مُسْتَوِيَةٌ حَسَنَةٌ. والمَسَدُ: المِحْوَرُ إِذا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَرَّمْتُ شَجَرَ المدينةِ إِلَّا مَسَدَ مَحالة
؛ المسَد: الْحَبْلُ الْمَمْسُودُ أَي الْمَفْتُولُ مِنْ نَبَاتٍ أَو لِحاء شَجَرَةٍ «2» ؛ وَقِيلَ: المَسَدُ مِرْوَدُ البَكَرَةِ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَذنَ فِي قطْع المَسَدِ والقائِمتيْن.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: أَنه كادَ «3» . رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيَمْنَعُ أَنْ يُقْطَعَ المَسَدُ.
والمسَدُ: اللِّيفُ أَيضاً، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ
، فِي قَوْلٍ. ومَسَدَ يَمْسُد مَسْداً: أَدْأَب السَّيْرَ فِي اللَّيْلِ؛ وأَنشد:
يُكابِدُ الليلَ عَلَيْهَا مَسْدَا
والمَسْدُ: إِدْآبُ السَّيْرِ فِي اللَّيْلِ؛ وَقِيلَ: هُوَ السَّيْرُ الدائمُ، لَيْلًا كَانَ أَو نَهَارًا؛ وَقَوْلُ الْعَبْدِيِّ يَذْكُرُ نَاقَةً شَبَّهَهَا بِثَوْرٍ وَحْشِيٍّ:
كأَنها أَسْفَعُ ذُو جُدَّةٍ، ... يَمْسُدُه القَفْرُ وليلٌ سَدِي
كأَنما يَنْظُرُ فِي بُرْقُعٍ، ... مِنْ تَحْتِ رَوْقٍ سَلِبٍ مِذْوَدِ
__________
(2) . قوله [أو لحاء شجرة] كذا بالأَصل والذي في نسخة من النهاية يظن بها الصحة لحاء شجر ونحوه
(3) . قوله [أنه كاد إلخ] في نسخة النهاية التي بيدنا إن كان ليمنع بحذف الضمير وبنون بدل الدال، وعليها فاللام لام الجحود والفعل بعدها منصوب(3/403)
قَوْلُهُ: يَمْسُدُه يَعْنِي الثَّوْرَ أَي يَطْوِيهِ لَيْلٌ. سَدِيٌّ أَي نَدِيٌّ وَلَا يَزَالُ الْبَقْلُ فِي تَمَامٍ مَا سَقَطَ النَّدى عَلَيْهِ؛ أَراد أَنه يأْكل الْبَقْلَ فَيُجَزِّئُهُ عَنِ الْمَاءِ فَيَطْوِيهِ عَنْ ذَلِكَ، وَشَبَّهَ السُّفعة الَّتِي فِي وَجْهِ الثَّوْرِ بِبُرْقُعٍ. وَجَعَلَ اللَّيْثُ الدَّأَبَ مَسْداً لأَنه يَمْسُد خَلْقَ مَنْ يَدْأَبُ فَيطْوِيه ويُضَمِّرُه. والمِسادُ: عَلَى فِعالٍ: لُغَةٌ فِي المِسابِ، وَهُوَ نِحْي السَّمْن وسِقاء العَسل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي ذؤَيب:
غَدَا فِي خافةٍ مَعَهُ مِسادٌ ... فأَضْحَى يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ
وَالْخَافَةُ: خَرِيطَةٌ يَتَقَلَّدُهَا المُشْتارُ لِيَجْعَلَ فِيهَا الْعَسَلَ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الْمِسَادُ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، الزِّقُّ الأَسود. وَفِي النَّوَادِرِ: فُلَانٌ أَحسَنُ مِسَادَ شِعْرٍ مِنْ فُلَانٍ؛ يُرِيدُ أَحْسَنَ قِوامَ شِعْرٍ مِنْ فُلَانٍ؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةُ:
يَمْسُدُ أَعْلى لَحْمِه ويَأْرِمُهْ، ... جادَتْ بِمَطْحُونٍ لَهَا لَا تَأْجِمُهْ،
تَطْبُخُه ضُروُعُها وتَأْدِمُهْ
يَصِفُ رَاعِيًا جَادَتْ لَهُ الإِبل باللبَن، وَهُوَ الَّذِي طَبَخَتْهُ ضُرُوعُهَا؛ وَقَوْلُهُ بِمَطْحُونٍ أَي بلبَن لَا يَحْتاج إِلى طَحْنٍ كَمَا يُحتاج إِلى ذَلِكَ فِي الْحَبِّ، والضُّروُع هِيَ الَّتِي طَبَخَتْهُ، وَقَوْلُهُ لَا تَأْجِمُه أَي لَا تَكرهه، وتأْدِمُه: تَخْلِطُهُ بأُدْم، وأَراد بالأُدم مَا فِيهِ مِنَ الدّسَم؛ وَقَوْلُهُ يَمْسُدُ أَعلى لَحْمِهِ أَي اللَّبَنُ يَشُدُّ لَحْمَه وَيُقَوِّيهِ؛ يَقُولُ: إِن الْبَقْلَ يُقَوِّي ظَهْرَ هَذَا الحِمار وَيَشُدُّهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَيْسَ يَصِفُ حِمَارًا كَمَا زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ فإِنه قَالَ: إِن الْبَقْلَ يُقَوِّي ظهر هذا الحمار ويشده.
مصد: المَصْدُ والمَزْدُ والمَصادُ: الهَضْبةُ الْعَالِيَةُ الْحَمْرَاءُ، وَقِيلَ: هِيَ أَعْلى الجَبَل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا أَبْرَزَ الرَّوْعُ الكَعابَ فإِنَّهُمْ ... مَصادٌ، لِمَنْ يَأْوِي إِليهم، ومَعْقِلُ
وَالْجَمْعُ أَمْصِدةٌ ومُصدانٌ. الأَصمعي: المُصْدانُ أَعالي الجِبالِ، وَاحِدُهَا مَصادٌ. قَالَ الأَزهري: مِيمُ مَصادٍ مِيمُ مَفْعَلٍ وجُمِع عَلَى مُصْدانٍ كَمَا قَالُوا مَصِيرٌ ومُصْرانٌ، عَلَى تَوَهُّمِ أَن الْمِيمَ فَاءُ الفِعل. والمَصْدُ: البَرْد؛ وَمَا وَجَدْنَا لَهَا العامَ مَصْدةً ومَزْدةً، عَلَى الْبَدَلِ، تُبْدَلُ الصَّادُ زَايًا، يَعْنِي الْبَرْدَ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: يَعْنِي شِدَّةَ البرْد وَشِدَّةَ الْحَرِّ، ضِدٌّ. وَمَا أَصابتنا العامَ مَصْدة أَي مَطْرة. والمَصْد: الرَّعْد. والمَصْد: الْمَطَرُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ: مَا لَهَا مَصْدَة أَي مَا للأَرض قُرٌّ وَلَا حَرٌّ. ومَصَدَ الرِّيقَ: مصَّه. ابْنُ الأَعرابي: المَصْدُ المَصُّ؛ مَصَدَ جَارِيَتَهُ ورَفَّها ومَصَّها ورَشَفها بِمَعْنًى وَاحِدٍ. اللَّيْثُ: المَصْدُ: ضَرْب مِنَ الرَّضَاعِ، يُقَالُ: قَبَّلَها فمصَدَها. والمَصْدُ: الْجِمَاعُ. يُقَالُ: مَصَد الرَّجُلُ جَارَيْتَهُ وعَصَدها إِذا نَكَحَهَا؛ وأَنشد:
فَأَبِيتُ أَعْتَنِقُ الثُّغُورَ، وأَتَّقي ... عَنْ مَصْدِها، وشِفاؤُها المَصْدُ
قَالَ الرِّيَاشِيُّ: المَصْدُ البَرْد، وَرَوَاهُ وأَنتفي عَنْ مصدها أَي أَتَّقي.
مضد: المَضْدُ: لُغَةٌ فِي ضَمْدِ الرأْس، يَمَانِيَةٌ. اللَّيْثُ: نَضَدَ ومَضَدَ إِذا جَمَعَ.
معد: المَعْدُ: الضَّخْم. وَشَيْءٌ مَعْدٌ: غَلِيظٌ. وتَمَعْدَدَ: غَلُظ وسَمِن؛ عَنِ اللِّحْيَانِي، قَالَ:
رَبَّيْتُه حَتَّى إِذا تمَعدَدَا
والمَعِدَةُ والمِعْدَةُ: مَوْضِعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَن يَنحدر إِلى الأَمعاء؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الَّتِي تَسْتَوْعِبُ الطعامَ مِنَ الإِنسان. وَيُقَالُ: المَعِدةُ للإِنسان بِمَنْزِلَةِ الْكَرِشِ(3/404)
لِكُلِّ مُجْتَرٍّ؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: بِمَنْزِلَةِ الكرِش لِذَوَاتِ الأَظْلافِ والأَخْلافِ، وَالْجَمْعُ مَعِدٌ ومِعَدٌ، تُوُهِمَتْ فِيهِ فِعَلَة. وأَما ابْنُ جِنِّيٍّ فَقَالَ فِي جَمْعِ مَعِدَة: مِعَدٌ، قَالَ: وَكَانَ القِياس أَن يَقُولُوا مَعِدٌ كَمَا قَالُوا فِي جَمْعِ نَبِقة نَبِقٌ، وَفِي جَمْعِ كلِمةٍ كَلِمٌ، فَلَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ وَعَدَلُوا عَنْهُ إِلى أَن فَتَحُوا الْمَكْسُورَ وَكَسَرُوا الْمَفْتُوحَ. قَالَ: وَقَدْ عَلِمْنَا أَن مِنْ شَرْطِ الْجَمْعِ بِخَلْعِ الهاءِ أَن لَا يُغَيَّرُ مِنْ صِيغَةِ الْحُرُوفِ وَالْحَرَكَاتِ شَيْءٌ وَلَا يُزَادُ عَلَى طَرْحِ الْهَاءِ نَحْوَ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَنَخْلَةٍ وَنَخْلٍ، فَلَوْلَا أَن الْكَسْرَةَ وَالْفَتْحَةَ عِنْدَهُمْ تَجْرِيَانِ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ لَمَا قَالُوا مَعِدٌ، ونَقِمٌ في جمع مِعْدَةٍ ونِقْمَةٍ وَقِيَاسُهُ نِقْم ومِعْدٌ وَلَكِنَّهُمْ فَعَلُوا هَذَا لِقُرْبِ الْحَالَيْنِ عَلَيْهِمْ ولِيُعْلِموا رأْيهم فِي ذَلِكَ فَيُؤْنِسُوا بِهِ ويوطِّئوا بِمَكَانِهِ لِمَا وَرَاءَهُ. ومُعِدَ الرجلُ، فَهُوَ مَمْعودٌ: ذَرِبت مَعِدَتُه فَلَمْ يَسْتَمْرِئْ مَا يأْكله. ومَعَدَه: أَصاب مَعِدتَه. والمَعْدُ: الْبَقْلُ الرخْص. والمَعْدُ: الغَضُّ مِنَ الثِّمَارِ. والمَعْدُ: ضَرْب مِنَ الرُّطَب. ورُطَبَة مَعْدَة ومُتَمَعِّدة: طَرِيَّةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَبُسْرٌ ثَعْدٌ مَعْدٌ أَي رخْص؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ إِتباع لَا يُفْرَدُ. والمَعْدُ: الفسادُ. ومَعَدَ الدَّلْوَ مَعْداً ومَعَدَ بِهَا وامْتَعَدَها: نَزَعَهَا وأَخرجها مِنَ الْبِئْرِ، وَقِيلَ: جدبها. والمَعْدُ: الجَذْبُ؛ مَعَدْتُ الشَّيْءَ: جَذَبْتُه بِسُرْعَةٍ. وذِئْبٌ مِمْعَدٌ وماعِدٌ إِذا كَانَ يَجْذِبُ العَدْو جَذْباً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ صَائِدًا شَبَّهَهُ فِي سُرْعَتِهِ بِالذِّئْبِ:
كأَنَّما أَطْمارُه، إِذا عَدَّا، ... جُلِّلْنَ سِرحانَ فَلاةٍ مِمْعَدا
ونَزْعٌ مَعْدٌ: يُمَدُّ فِيهِ بالبكْرة؛ قَالَ أَحمد بْنُ جَنْدَلٍ السَّعْدِيُّ:
يَا سَعْدُ، يَا ابنَ عُمَرٍ، يَا سعدُ ... هَلْ يُرْوِيَنْ ذَوْدَكَ نَزْعٌ مَعْدُ،
وساقِيانِ: سَبِطٌ وجَعْدُ؟
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: نَزْعٌ مَعْدٌ سَريع، وَبَعْضٌ يَقُولُ: شَدِيدٌ، وكأَنه نَزْعٌ مِنْ أَسفل قَعْرِ الرَّكِيَّةِ؛ وَجُعِلَ أَحد السَّاقِيَيْنِ جَعْداً وَالْآخَرُ سَبطاً لأَن الْجَعْدَ مِنْهُمَا أَسودُ زنْجِيٌّ وَالسَّبْطَ رُوميّ، وإِذا كَانَا هَكَذَا لَمْ يَشْتَغِلَا بِالْحَدِيثِ عَنْ ضَيْعَتِهِمَا. وامْتَعَدَ سَيْفَه مِنْ غِمْدِه: اسْتَلَّه واخْتَرَطَه. ومَعَدَ الرمْحَ مَعْداً وامْتَعَدَه: انْتَزَعَهُ مِنْ مَرْكَزِهِ، وَهُوَ مِنَ الِاجْتِذَابِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِي: مَرَّ بِرُمْحِهِ وَهُوَ مَرْكُوز فامْتَعَدَه ثُمَّ حَمَل: اقْتَلَعَهُ. ومَعَدَ الشيءَ مَعْداً وامْتَعَدَ: اخْتَطَفَه فَذَهَبَ بِهِ، وَقِيلَ: اخْتَلَسَهُ؛ قَالَ:
أَخْشَى عَلَيْهَا طَيِّئاً وأَسَدَا، ... وخارِبَيْنِ خَرَباً فَمَعَدَا،
لَا يَحْسَبَانِ اللهَ إِلا رَقَدَا
أَي اخْتَلساها واخْتَطفاها. ومَعَدَ فِي الأَرض يَمْعَدُ مَعْداً ومُعُوداً إِذا ذَهب؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِي. والمُتَمَعْدِدُ: البَعِيدُ. وتَمَعْدَدَ: تباعَد؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:
قِفا إِنَّها أمْسَتْ قِفاراً ومَنْ بِها، ... وإِن كانَ مِنْ ذِي ودِّنا، قد تَعَمْدَدا
أَي تَباعَدَ. قال شَمِرٌ: قَوْلُهُ المُتَمَعْدِدُ الْبَعِيدُ لَا أَعلمه إِلا مِنَ مَعَدَ فِي الأَرض إِذا ذَهَبَ فِيهَا، ثُمَّ صَيَّرَهُ تَفَعْلَلَ مِنْهُ. وَبَعِيرٌ مَعْد أَي سَرِيعٌ؛ قَالَ الزَّفَيانُ:
لمَّا رأَيتُ الظُّعْنَ شَالَتْ تُحْدَى، ... أَتْبَعْتُهُنَّ أَرْحَبِيًّا مَعْدا(3/405)
ومَعَدَ بِخُصْيَيه مَعْداً: ذَهَبَ بِهِمَا، وَقِيلَ: مَدَّهُمَا. وَقَالَ اللِّحْيَانِي: أَخذ فُلَانٌ بِخُصْيَيْ فُلَانٍ فَمَعَدَهُمَا وَمَعَدَ بِهِمَا أَي مَدَّهُمَا وَاجْتَبَذَهُمَا. والمَعَدّ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ: اللَّحْمُ الَّذِي تَحْتَ الْكَتِفِ أَو أَسفل مِنْهَا قَلِيلًا، وَهُوَ مِنْ أَطيب لَحْمِ الْجَنْبِ؛ قَالَ الأَزهري: وَتَقُولُ الْعَرَبُ فِي مَثَلٍ يَضْرِبُونَهُ: قَدْ يَأْكُلُ المَعَدِّيُّ أَكلَ السُّوءِ؛ قَالَ: هُوَ فِي الِاشْتِقَاقِ يَخْرُجُ عَلَى مَفْعَل وَيَخْرُجُ عَلَى فَعَلٍّ عَلَى مِثَالِ عَلَدٍّ، وَلَمْ يشتقُّ مِنْهُ فِعْل. والمَعَدّان: الْجَنْبَانِ مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: هُمَا مَوْضِعُ رِجْلَي الرَّاكِبِ مِنَ الْفَرَسِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أُقَيْفِدُ حَفَّادٌ عَلَيْه عَبَاءَةٌ، ... كَسَاها مَعَدَّيْهِ مُقَاتَلة الدَّهْرِ
أَخبر أَنه يُقَاتِلُ الدَّهْرَ مِنْ لؤْمه؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الْمَعَدُّ الْجَنْبُ فأَفرده. والمَعَدّان مِنَ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ رؤُوس كَتِفَيْهِ إِلى مؤَخر مَتْنِهِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر يُخَاطِبُ امرأَته:
فإِمَّا زالَ سَرْجِي عَنْ مَعَدٍّ، ... وأَجْدِرْ بالحَوادث أَن تَكُونا
يَقُولُ: إِن زَالَ عَنْكِ سَرْجِي فَبِنْتِ بِطَلَاقٍ أَو بِمَوْتٍ فَلَا تَتَزَوَّجِي هَذَا الْمَطْرُوقَ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ:
فَلَا تَصِلِي بِمَطْروُق، إِذا مَا ... سَرَى فِي القَوْمِ أَصبَحَ مُسْتَكِينا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ إِن عُرِّي فَرَسِي مِنْ سَرْجِي وَمُتُّ:
فَبَكِّي، يَا غَنِيُّ بِأَرْيَحِيٍّ، ... مِنَ الفِتْيانِ، لَا يُمْسي بَطِينا
وَقِيلَ: المَعَدَّان مِنَ الْفَرَسِ مَا بَيْنَ أَسفل الْكَتِفِ إِلى مُنْقَطِعِ الأَضلاع وَهُمَا اللَّحْمُ الْغَلِيظُ الْمُجْتَمِعُ خَلْفَ كَتِفَيْهِ، وَيُسْتَحَبُّ نُتُوءُهُما لأَن ذَلِكَ الْمَوْضِعَ إِذا ضَاقَ ضغطَ الْقَلْبَ فَغَمَّه. والمَعَدُّ: مَوْضِعٌ عَقِبَ الْفَارِسِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِي: هُوَ مَوْضِعُ رِجْلِ الْفَارِسِ مِنَ الدَّابَّةِ، فَلَمْ يَخُصَّ عَقِبًا مِنْ غَيْرِهَا، وَمِنَ الرَّجُل مِثْلُهُ؛ وأَنشد شَمِرٌ فِي الْمَعَدِّ مِنَ الإِنسان:
وكأَنَّما تَحْتَ المَعَدِّ ضَئِيلةٌ، ... يَنْفِي رُقادَك سَمُّها وسمَاعُها
يَعْنِي الْحَيَّةَ. والمَعْدُ والمَغْدُ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ: النَّتْفُ. والمَعَدُّ: عِرْقٌ فِي مَنْسِجِ الْفَرَسِ. والمَعَدُّ: الْبَطْنُ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ، وأَنشد:
أَبْرأْت مِنِّي بَرَصاً بِجِلْدِي، ... مِنْ بَعْدِ مَا طَعَنْتَ فِي مَعَدِّي
ومَعَدٌّ: حَيٌّ سُمِّيَ بأَحد هَذِهِ الأَشياء وَغَلَبَ عَلَيْهِ التَّذْكِيرُ، وَهُوَ مِمَّا لَا يُقَالُ فِيهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، وَمَا كَانَ عَلَى هَذِهِ السورة فالتذكير فيه أَغلبَ، وَقَدْ يَكُونُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
ولَسْنا إِذا عُدَّ الحَصَى بِأَقَلِّهِ، ... وإِنَّ مَعَدَّ اليومَ مُؤْذٍ ذَلِيلُها
وَالنَّسَبُ إِليه مَعَدِّيٌّ. فأَما قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: تَسْمَعُ بالمُعَيْدِي لَا أَن تَرَاهُ؛ فَمُخَفَّفٌ عَنِ الْقِيَاسِ اللَّازِمِ فِي هَذَا الضَّرْبِ؛ وَلِهَذَا النَّادِرِ فِي حَدِّ التَّحْقِيرِ ذَكَرْتُ الإِضافة «1» إِليه مُكَبَّرًا وإِلا فَمَعَدِّي عَلَى الْقِيَاسِ؛ وَقِيلَ فِيهِ: أَن تَسْمَعَ بالمُعَيْدي خَيْرٌ مِنْ أَن تَرَاهُ، وَقِيلَ فِيهِ: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَن تَرَاهُ، وَقِيلَ: الْمُخْتَارُ الأَول. قَالَ: وإِن شِئْتَ قُلْتَ: لأَنْ تسمعَ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَن تَرَاهُ؛ وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَرَى التَّشْدِيدَ فِي الدَّالِ فَيَقُولُ: بالمُعَيدِّيِّ، وَيَقُولُ إِنما هُوَ تَصْغِيرُ رَجُلٍ مَنْسُوبٌ إِلى مُعَدٍّ؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ خَبَرُه خَيْرٌ مِنْ مَرْآتِه؛ وَكَانَ غَيْرُ الْكِسَائِيِّ يُخَفِّفُ الدَّالَ ويشدد
__________
(1) . قوله [ذكرت الإضافة إلخ] كذا بالأَصل.(3/406)
يَاءَ النِّسْبَةِ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ تَصْغِيرُ مُعَدِّيِّ إِلا أَنه إِذا اجْتَمَعَتْ تَشْدِيدَةُ الْحَرْفِ وَتَشْدِيدَةُ يَاءِ النسبة خفت يَاءُ النِّسْبَةِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
ضَلَّتْ حُلُومُهُمُ عنهمْ، وغَرَّهُمُ ... سَنُّ المُعَيديِّ فِي رَعْيٍ وتَعْزِيبِ
. يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ صِيتٌ وَذِكْرٌ، فَإِذَا رأَيته ازْدَرَيْتَ مَرْآتَه، وَكَأَنَّ تأْويلُه تأْويلَ أَمْرٍ كأَنه قَالَ: اسْمَعْ بِهِ وَلَا تَرَهُ. والتَّمَعْدُدُ: الصَّبْرُ عَلَى عَيْشٍ مَعَدٍّ، وَقِيلَ: التَّمَعْدُدُ التشَظُّف، مُرْتَجَل غَيْرُ مُشْتَقٍّ. وتَمَعْدَدَ: صَارَ فِي مَعَدّ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ:
اخْشَوْشِنُوا وتَمَعْدَدُوا
؛ هَكَذَا رُوِيَ مِنْ كَلَامٍ عُمَرَ، وَقَدْ رَفَعَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ عَنِ أَبي حَدْرَدٍ الأَسلمي عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِيهِ قَوْلَانِ، يُقَالُ: هُوَ مِنَ الْغِلَظِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْغُلَامِ إِذا شَبَّ وَغَلُظَ: قَدْ تَمَعْدَدَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رَبَّيْتُه حَتَّى إِذا تَمَعْدَدا
وَيُقَالُ: تَمَعْدَدُوا تَشَبَّهُوا بِعَيْشِ مَعَدّ بْنِ عَدْنَانَ وَكَانُوا أَهل قَشَف وغِلَظ فِي المَعاش؛ يَقُولُ: فَكُونُوا مِثْلَهُمْ ودَعُوا التَّنَعُّمَ وزِيَّ الْعَجَمِ؛ وَهَكَذَا هُوَ فِي حديث الْآخَرِ:
عَلَيْكُمْ باللِّبْسةِ المَعَدِّية
أَي خُشُونةِ اللِّباس. وَقَالَ اللَّيْثُ: التَّمَعْدُدُ الصَّبْرُ عَلَى عَيْشٍ مَعَدّ فِي الْحَضَرِ وَالسِّفْرِ. قَالَ: وإِذا ذَكَرْتَ أَن قَوْمًا تَحَوَّلُوا عَنْ معدٍّ إِلى الْيَمَنِ ثُمَّ رَجَعُوا قُلْتَ: تَمَعْدَدُوا. ومَعْدِيٌّ ومَعْدانُ: اسْمَانِ. ومَعْديكَرِبَ: اسْمٌ مُرَكَّبٌ؛ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ إِعرابه فِي آخِرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُضِيفُ مَعْدِي إِلى كَرِبَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: مَعْدِيكَرِبَ فِيمَنْ رَكَّبَهُ وَلَمْ يُضِفْ صَدْرَهُ إِلى عَجُزِهِ يُكْتَبُ مُتَّصِلًا، فإِذا كَانَ، يُكْتَبُ كَذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ اسْمًا، وَمِنْ حُكْمِ الأَسماء أَنْ تُفْرَد وَلَا توصل بغيرها لقوتها وتمكنها فِي الْوَضْعِ، فالفِعْلُ فِي قَلَّما وَطَالَمَا لِاتِّصَالِهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ بِمَا بَعْدَهُ نَحْوَ ضَرَبْتُ وَضَرَبْنَا ولتُبلَوُنَّ، وَهُمَا يَقُومَانِ وَهُمْ يَقْعُدُونَ وأَنتِ تَذْهَبِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ اتِّصَالِ الْفِعْلِ بِفَاعِلِهِ، أَحْجَى بِجَوَازِ خَلْطِهِ بِمَا وُصِلَ بِهِ فِي طَالَمَا وَقَلَّمَا؛ قَالَ الأَزهري فِي آخِرِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: المَدْعِيُّ المُتَّهَمُ فِي نَسَبِهِ، قَالَ كأَنه جَعَلَهُ مِنَ الدِّعْوة فِي النَّسَبِ، وَلَيْسَتِ الْمِيمُ بأَصلية.
مغد: الإِمْغادُ: إِرْضاعُ الْفَصِيلِ وَغَيْرِهِ. وَتَقُولُ المرأَة: أَمْغَدْتُ هَذَا الصبيَّ فَمَغَدَني أَي رَضَعَني. وَيُقَالُ وجَدْتُ صَرَبَةً فَمَغَدْتُ جَوْفَها أَي مَصِصْتُه لأَنه قَدْ يَكُونُ فِي جَوْفِ الصرَبَة شَيْءٌ كأَنه الغِراءُ والدِّبْسُ. والصرَبَةُ: صَمْغُ الطلْحِ وَتُسَمَّى الصربةُ مَغْداً، وَكَذَلِكَ صَمْغُ سِدْرِ الْبَادِيَةِ؛ قال جزء بن الحرث:
وأَنْتُمْ كَمَغْدِ السدْرِ يُنْظَرُ نحوَه، ... وَلَا يُجْتَنَى إِلا بِفأْسٍ ومِحْجَنِ
. أَبو سَعِيدٍ: المغْدُ صَمْغٌ يَخْرُجُ مِنَ السِّدْرِ. قَالَ: ومَغْدٌ آخَرُ يُشْبِهُ الْخِيَارَ يؤْكل وَهُوَ طَيِّبٌ. ومَغَدَ الفَصِيلُ أُمَّه يَمْغَدُها مَغْداً: لَهَزَها ورَضَعَها، وَكَذَلِكَ السَّخْلَةُ. وَهُوَ يَمْغَدُ الضرْعَ مَغْداً أَي يَتَنَاوَلُهُ. وَبَعِيرٌ مَغْدُ الجِسْمِ: تارٌّ لَحِيم؛ وَقِيلَ: هُوَ الضَّخْم مِنْ كُلِّ شيءٍ كالمَعْدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. ومَغَدَ مَغْداً ومَغِدَ مَغَداً: كِلَاهُمَا امتَلأَ وسَمِنَ. ومَغَدَ فُلَانًا عيشٌ ناعمٌ يَمْغَدُه مَغْداً إِذا غَذاه عَيْشٌ نَاعِمٌ. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: مَغَدَ الرجلُ والنباتُ وكلُّ شيءٍ إِذا طَالَ؛ ومَغَدَ فِي عَيْشٍ ناعمٍ يَمْغَدُ مَغْداً. وشابٌّ مَغْدٌ: ناعمٌ. والمَغْدُ: الناعِمُ؛ قَالَ إِياس الْخَيْبَرِيُّ:
حَتَّى رَأَيْتُ العَزَبَ السِّمَغْدا، ... وَكَانَ قَدْ شَبَّ شَباباً مَغْدا(3/407)
والسِّمَغْد «2» : الطويلُ. وعَيْشٌ مَغْدٌ: نَاعِمٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ وَابْنُ الأَعرابي: مَغَدَ الرجلَ عيشٌ ناعِمٌ يمْغَدُه مَغْداً أَي غَذَاه عيشٌ ناعِمٌ؛ وقال النضر: مَغَدَه الشبابُ وَذَلِكَ حِينَ اسْتَقَامَ فِيهِ الشَّبَابُ وَلَمْ يَتناهَ شَبَابُهُ كُلُّهُ، وإِنه لَفِي مَغْدِ الشَّبَابِ؛ وأَنشد:
أَراهُ فِي مَغْدِ الشبابِ العُسْلُجِ
والمَغْدُ: النَّتْفُ. ومَغَدَ: امْتَلأَ شَبَابًا. ومغَدَ شَعَرَه يَمْغَدُه مَغْداً: نَتَفَهُ. والمَغْدُ فِي الغُرَّة: أَن يَنْتَتِفَ موضعُها حَتَّى يَشْمَط؛ قَالَ:
تُبارِي قُرْحةً مِثْلَ الْوَتِيرَةِ، ... لَمْ تَكُنْ مَغْدا
وأُراه وُضِعَ الْمَصْدَرُ مَوْضِعَ الْمَفْعُولِ. والمَغْدَةُ فِي غُرَّةِ الْفَرَسِ كأَنها وَارِمَةٌ لأَن الشَّعْرَ يُنْتَفُ لِيُنْبِتَ أَبيضَ. الوَتِيرةُ: الوَرْدةُ البَيْضاء؛ أَخبر أَن غُرَّتها جِبِلّة لَمْ تَحْدُثْ عَنْ عِلاج نَتْف. والمَغْدُ فِي النَّاصِيَةِ: كالحَرْق. ومَغَدَ الرجلُ جاريتَه يَمْغَدُها إِذا نكَحها. والمَغْدُ والمَغَدُ: الباذَنْجانُ، وَقِيلَ: هُوَ شَبِيهٌ بِهِ يَنْبُتُ فِي أَصل العِضَةِ، وَقِيلَ: هُوَ اللُّفَّاحُ، وَقِيلَ: هُوَ اللُّفَّاحُ البَرِّيُّ، وَقِيلَ: هُوَ جنَى التُّنْضُب. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المَغْدُ شَجَرٌ يتلَوَّى عَلَى الشَّجَرِ أَرقُّ مِنَ الكَرْم، ووَرَقُه طِوالٌ دقاقٌ نَاعِمَةٌ ويُخْرِجُ جِراءً مِثْلَ جِراءِ المَوْز إِلا أَنها أَرقُّ قِشْراً وأَكثر مَاءً، وَهِيَ حُلْوَةٌ لَا تُقْشَرُ، وَلَهَا حَبٌّ كَحَبِّ التُّفَّاح وَالنَّاسُ يَنْتَابُونَهُ وَيَنْزِلُونَ عَلَيْهِ فيأْكلونه، ويبدأُ أَخضر ثُمَّ يَصْفَرُّ ثُمَّ يَخْضَرُّ إِذا انْتَهَى؛ قَالَ رَاجِزٌ مَنْ بَنِي سُواءَة:
نحنُ بَنُو سُواءَةَ بنِ عامِرِ، ... أَهْلُ اللَّثَى والمَغْدِ والمَغافِرِ
وَاحِدَتُهُ مَغْدَةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَسمع مَغَدَةً؛ قَالَ: وَعَسَى أَن يَكُونَ المَغَدُ، بِالْفَتْحِ، اسْمًا لِجَمْعِ مَغْدَةٍ، بالإِسكان، فَيَكُونُ كَحَلْقةٍ وحَلَق وفَلْكةٍ وفَلَك. وأَمْغَدَ الرجلُ إِمْغاداً إِذا أَكثر مِنَ الشُّرْبِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَمْغَدَ الرجلُ أَطال الشرْب. ومَغْدانُ: لُغَةٌ فِي بَغْدانَ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِن كَانَ بَدَلًا فَالْكَلِمَةُ رُبَاعِيَّةٌ.
مقد: مَقَدٌ: مِنْ قُرَى البَثَنِيَّةِ. والمَقدِيَّة، خَفِيفَةُ الدَّالِ: قَرْيَةٌ بِالشَّامِ مِنْ عَمَلِ الأُرْدُنّ، والشرابُ مَنْسُوبٌ إِليها. غَيْرُهُ: المَقَدِي، مُخَفَّفُ الدَّالِ: شَرَابٌ مَنْسُوبٌ إِلى قَرْيَةٍ بِالشَّامِ يُتَّخَذُ مِنَ الْعَسَلِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
عَلِّلِ القَوْمَ، قَلِيلًا، ... بابنِ بِنْتِ الفارِسِيَّة
إِنَّهُمْ قد عاقَرُوا، اليَوْمَ، ... شَراباً مَقَدِيَّهْ
وأَنشد اللَّيْثُ:
مَقَدِيًّا أَحَلَّهُ اللَّهُ للناسِ ... شَراباً، وَمَا تَحِلُّ الشَّمُولُ
وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ قَالَ: رأَيت مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يشربُ الطِّلاءَ المَقَدِيَّ الأَصفر، كَانَ يَرْزُقُهُ إِياه عَبْدُ الْمَلِكِ، وَكَانَ فِي ضِيَافَتِهِ يرْزُقه الطِّلاءَ وأَرطالًا مِنْ لَحْمٍ. قَالَ شَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبا عَبِيدٍ يَرْوِي عَنْ أَبي عَمْرٍو: المَقَدِيُّ ضَرْب مِنَ الشَّرَابِ، بِتَخْفِيفِ الدَّالِ؛ قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَن الدَّالَ مُشَدَّدَةٌ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ رَجَاءَ بْنَ سَلَمَةَ يَقُولُ المَقَدِّيُّ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، الطِّلاءُ المُنَصَّف مُشَبَّهٌ بِمَا قُدَّ بِنِصْفَيْنِ؛
__________
(2) . قوله [والسمغد] هو بهذا الضبط هنا ويؤيده صريح القاموس في س م غ د قال سمغد كحضجر وقال شارحه عقب قوله والسمغد كحضجر الطويل الشديد الأَركان والأَحمق والمتكبر، هكذا في النسخ والصواب فيه سمغدّ كقرشبّ كما هو بخط الصاغاني(3/408)
قَالَ: وَيُصَدِّقُهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ:
وهُمْ تَرَكُوا ابْنَ كَبْشَةَ مُسلَحِبّاً، ... وهُمْ شغَلوه عَنْ شُرْبِ المَقَدِّ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُنشد بِغَيْرِ يَاءٍ، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد المَقَدّي فَحَذَفَ الْيَاءِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَجَعَلَ الْجَوْهَرِيُّ المَقَدي مُخَفَّفًا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهل اللُّغَةِ، وَقَدْ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ مُشَدَّدَ الدَّالِ، رَوَاهُ ابْنُ الأَنباري وَاسْتَشْهَدَ عَلَى صِحَّتِهِ بِبَيْتِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ، حَكَى ذَلِكَ عَنْ أَبيه عَنْ أَحمد بْنِ عُبَيْدِ، وأَن المَقَدِّيّ مَنْسُوبٌ إِلى مَقَدّ، وَهِيَ قَرْيَةٌ بِدِمَشْق فِي الْجَبَلِ الْمُشْرِفِ عَلَى الغَوْر؛ وَقَالَ أَبو الطَّيِّبِ اللُّغَوِيُّ: هُوَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ لَا غَيْرُ مَنْسُوبٌ إِلى مَقَد؛ قَالَ: وإِنما شَدَّدَهُ عَمْرُو بْنُ مَعْدِيكَرِبَ لِلضَّرُورَةِ؛ قَالَ: وَكَذَا يَقْتَضِي أَن يَكُونَ عِنْدَهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ الرِّقَاعِ فِي تَشْدِيدِ الدَّالِ أَنه لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ:
فَظَلْتُ كأَنِّي شارِبٌ، لَعِبَتْ بِهِ ... عُقارٌ، ثَوَتْ فِي سِجْنِها حِجَجاً تِسْعَا
مَقَدِّيَّةٌ صَهْباءُ باكَرْتُ شُرْبَها، ... إِذا مَا أَرادُوا أَن يَرُوحوا بِهَا صَرْعَى
قَالَ: وَالَّذِي يَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِ أَبي الطَّيِّبِ أَنها مَنْسُوبَةٌ إِلى مَقَدٍ، بِالتَّخْفِيفِ، قَوْلُ الأَحوص:
كأَنَّ مُدامَةً مِمَّا ... حَوَى الحانُوتُ مِنْ مَقَدِ،
يُصَفَّقُ صَفْوُها بالمِسْكِ ... والكافُورِ والشَّهَدِ
قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَجِيِّ:
كأَنَّ عُقاراً قَرْقَفاً مَقَدِيَّةً، ... أَبى بَيْعَها خَبٌّ مِنَ التَّجْرِ خادِعُ
وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرِ:
مَقَدِيّاً أَحَلَّه اللَّهُ لِلنَّاسِ
قَالَ: زَعَمَ قَائِلُ هَذَا الْبَيْتِ أَنّ المَقَدِيَّة شَرَابٌ مِنَ الْعَسَلِ كَانَتِ الْخُلَفَاءُ مَنْ بَنِي أُمَيَّة تَشْرَبُهُ. والمَقَدِيّ: ضَرْبٌ من الثياب.
مكد: مَكَدَ بِالْمَكَانِ يَمْكُدُ مُكُوداً: أَقام بِهِ؛ وثَكَمَ يَثْكُم مِثْلُهُ، ورَكَدَ رُكوداً. وماءٌ ماكِدٌ: دائمٌ؛ قَالَ:
وماكِد تَمْأَدُه مِنْ بَحْرِهِ، ... يَضْفُو ويُبْدِي تارَةً عَنْ قَعْرِهِ
تَمْأَدُه: تأْخذه فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. ويَضْفُو: يَفِيضُ ويُبْدِي تَارَةً عَنْ قَعْرِهِ أَي يُبْدِي لَكَ قَعْرَهُ مِنْ صَفَائِهِ. اللَّيْثُ: مَكَدَتِ الناقةُ إِذا نقصَ لبنُها مِنْ طُولِ الْعَهْدِ؛ وأَنشد:
قَدْ حارَدَ الخُورُ وَمَا تُحاردُ، ... حَتَّى الجِلادُ دَرُّهُنَّ ماكِدُ
وَنَاقَةٌ مَكُودٌ وَمَكْداءُ إِذا ثبت غُزرُها وَلَمْ يَنْقص مِثْلَ نَكْداءَ. وناقةٌ ماكِدةٌ ومَكُودٌ: دَائِمَةُ الغُزْر، وَالْجَمْعُ مُكُدٌ؛ وإِبِل مَكائِدُ؛ وأَنشد:
إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدَّائِمُ، ... فاعْمِدْ بَراعِيسَ، أَبُوها الرَّاهِمُ
وَنَاقَةٌ بِرْعِيسٌ إِذا كَانَتْ غَزِيرَةً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَهُ اللَّيْثُ؛ وإِنما اعْتَبَرَ اللَّيْثُ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
حَتَّى الجِلادُ دَرُّهُنَّ ماكِدُ
فظنَّ أَنه بِمَعْنَى النَّاقِصِ وَهُوَ غَلَطٌ، وَالْمَعْنَى حَتَّى الجِلاد اللَّوَاتِي دَرُّهُنَّ مَاكِدٌ أَي دَائِمٌ قَدْ حارَدْن أَيضاً. والجِلادُ: أَدْسَمُ الإِبل لَبَنًا فَلَيْسَتْ فِي الْغَزَارَةِ كالخُورِ وَلَكِنَّهَا دَائِمَةُ الدُّرِّ، وَاحِدَتُهَا جَلْدَةٌ، والخُور(3/409)
فِي أَلبانِهِنَّ رِقّة مَعَ الْكَثْرَةِ؛ وَقَوْلُ السَّاجِعِ:
مَا دَرُّها بِماكِدِ
أَي مَا لَبَنُهَا بِدَائِمٍ، وَمِثْلُ هَذَا التَّفْسِيرِ الخطإِ الَّذِي فَسَّرَهُ اللَّيْثُ فِي مَكَدَتِ الناقةُ مِمَّا يَجِبُ عَلَى ذَوِي الْمَعْرِفَةِ تَنْبِيهُ طَلَبَةِ هَذَا الشأْن لَهُ، لِئَلَّا يَتَعَثَّرُ فِيهِ مَنْ لَا يَحْفَظُ اللُّغَةَ تَقْلِيدًا. اللَّيْثُ: وَبِئْرٌ ماكدةٌ ومكُود: دَائِمَةٌ لَا تَنْقَطِعُ مادَّتها. ورَكِيَّةٌ ماكِدةٌ إِذا ثَبت مَاؤُهَا لَا يَنْقُصُ عَلَى قَرْن وَاحِدٍ لَا يتَغَيَّر؛ والقَرْنُ قَرْنُ الْقَامَةِ. وَوُدٌّ ماكِدٌ: لَا يَنْقَطِعُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ
أَبي صُرَد لِعُيَيْنَة بْنِ حِصْنٍ وَقَدْ وَقَعَ فِي سُهْمَتِه عَجُوزٌ مِنْ سَبْيِ هَوازِنَ: أَخذَ عُيَيْنة بْنُ حِصْن مِنْهُمْ عَجُوزًا، فَلَمَّا ردَّ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، السَّبَايَا أَبى عُيَيْنَةُ أَن يردَّها فَقَالَ لَهُ أَبو صُرَدٍ: خُذْهَا إِليك فَوَاللَّهِ مَا فُوها ببارِد، وَلَا ثَدْيُها بناهِد، وَلَا دَرُّها بماكِد، وَلَا بَطْنُها بوالِد، وَلَا شَعْرُها بوارِد، وَلَا الطَّالِبُ لَهَا بِوَاجِدٍ.
وَشَاةٌ مَكود وناقةٌ مَكود: قَلِيلَةُ اللَّبن، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ وَقَدْ مَكَدَتْ تَمْكُد مُكُوداً. ودَرٌّ ماكِدٌ: بَكيءٌ.
ملد: المَلَدُ: الشَّبابُ ونَعْمَتُه. والمَلَدُ: مَصْدرُ الشَّباب الأَمْلَد، وَهُوَ الأَمْلَدُ؛ وأَنشد:
بَعْدَ التَّصابي والشَّبابِ الأَمْلَدِ
والمَلَدُ: الشَّبَابُ النَّاعِمُ، وَجَمْعُهُ أَمْلادٌ، وَهُوَ الأَملَدُ والأُملُدُ والأُملُودُ والإِملِيدُ والأُملُدانُ والأُملُدانِيُّ. وَرَجُلٌ أُمْلُودٌ. وامرأَة أُمْلُودٌ وأُمْلُودة وأُملُدانيَّة ومَلْدانِيَّةٌ ومَلْداء: نَاعِمَةٌ. والأُملُودُ مِنَ النِّسَاءِ: النَّاعِمَةُ المستويةُ القامةِ؛ وَقَالَ شَبانةُ الأَعرابي: غُلَامٌ أُمْلُود وأُفْلُودٌ إِذا كَانَ تَماماً مُحْتلِماً شَطْباً؛ وَقَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ:
فإِذا مَا اللَّبُونُ شَقَّتْ رَمادَ النَّارِ، ... قَفْراً، بالسَّمْلَقِ الإِمْلِيدِ
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الإِمْلِيدُ مِنَ الصَّحارى الإِمْلِيسُ، وَاحِدٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ فِيهِ. وشابٌّ أَمْلَدُ وَجَارِيَةٌ مَلْداءُ بَيِّنا المَلَد. وتَمْلِيدُ الأَدِيمِ: تَمرينُه. والمَلَدانُ: اهْتِزَازُ الغُصْن ونَعْمَتُه. وَغُصْنٌ أُملُودٌ وإِمْلِيدٌ: نَاعِمٌ؛ وَقَدْ مَلَّدَه الرّيُّ تَمْلِيداً. قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَمْزَةُ أُمْلُودٍ وإِمْلِيد مُلْحَقَةٌ بِبِنَاءِ عُسْلُوجٍ وقِطْمِير بِدَلِيلِ مَا انْضَافَ إِليها مِنْ زِيَادَةِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ مَعَهَا.
مندد: التَّهْذِيبُ: مَنْدَدٌ «1» اسْمُ مَوْضِعٍ، ذَكَرَهُ تَمِيمِ بْنِ أَبي مُقْبِلٍ «2» . فَقَالَ:
عَفَا الدّارَ مِنْ دَهْماءَ، بَعْدَ إِقامةٍ، ... عَجاجٌ، بِخَلْفَيْ مَنْدَدٍ، مُتناوِحُ
خَلْفاها: نَاحِيَتَاهَا مِنْ قَوْلِهِمْ فأْس لَهَا خَلْفان. ومَنْدَدٌ: موضع.
مهد: مَهَدَ لِنَفْسِهِ يَمْهَدُ مَهْداً: كسَبَ وعَمِلَ. والمِهادُ: الفِراش. وَقَدْ مَهَدْتُ الفِراشَ مَهْداً: بَسَطْتُه ووَطَّأْتُه. يُقَالُ للفِراشِ: مِهاد لِوِثارَتِه. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ
؛ وَالْجَمْعُ أَمْهِدةٌ ومُهُدٌ. الأَزهري: المِهادُ أَجمع مِنَ المَهْد كالأَرض جَعَلَهَا اللَّهُ مِهاداً لِلْعِبَادِ، وأَصل المَهْد التَّوْثِيرُ؛ يُقَالُ: مَهَدْتُ لنَفْسي ومَهَّدت أَي جَعَلْتُ لَهَا مَكَانًا وَطيئاً سَهْلًا. ومَهَدَ لِنَفْسِهِ خَيْرًا وامْتَهَدَه: هَيّأَه وتَوَطَّأَه؛ ومنه قوله
__________
(1) . قوله [مندد] قال ياقوت بالفتح ثم السكون وفتح الدال وضبط في القاموس وشرحه بضم الميم
(2) . قوله [تَمِيمِ بْنِ أَبي مُقْبِلٍ] كذا بالأَصل، والذي في شرح القاموس وكذا في معجم ياقوت ابن أبيّ بن مقبل(3/410)
تَعَالَى: فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ
؛ أَي يُوَطِّئُون؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وامْتَهَدَ الغارِب فِعْلُ الدُّمَّلِ
والمَهْد: مَهْدُ الصَّبِيِّ. ومَهْدُ الصَّبِيِّ: مَوْضِعُهُ الَّذِي يُهَيّأُ لَهُ ويُوَطَّأُ لِيَنَامَ فِيهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا
؛ وَالْجَمْعُ مُهُود. وسَهْدٌ مَهْدٌ: حسَن، إِتباع. وتَمْهِيدُ الأُمُورِ: تَسْوِيَتُهَا وإِصلاحها. وتَمْهِيدُ العُذْر: قَبُوله وبَسْطُه. وامْتِهاد السَّنامِ: انْبِسَاطُهُ وَارْتِفَاعُهُ. والتمَهُّدُ: التَّمَكُّن. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا امْتَهَدَ فُلَانٌ عِنْدِي يَداً إِذا لَمْ يُولِكَ نِعْمة وَلَا مَعْرُوفًا. وَرَوَى ابْنُ هَانِئٍ عَنْهُ: يُقَالُ مَا امْتَهَدَ فُلَانٌ عِنْدِي مَهْد ذَاكَ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، يَقُولُهَا يَطْلُبُ إِليه المَعْروف بِلَا يَدٍ سَلَفَتْ مِنْهُ إِليه، وَيَقُولُهَا أَيضاً للمسِيءِ إِليه حِينَ يَطْلُبُ مَعْرُوفَهُ أَو يَطْلُبُ لَهُ إِليه. والمَهِيدُ: الزُّبْدُ الْخَالِصُ، وَقِيلَ: هِيَ أَزْكاه عِنْدَ الإِذابة وأَقله لَبَنًا. والمُهْدُ: النَّشْزُ مِنَ الأَرض؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
إِنَّ أَباكَ مُطْلَقٌ مِنْ جَهْدِ، ... إِنْ أَنْتَ كَثَّرْتَ قُتورَ المُهْدِ
النَّضِرُ: المُهْدةُ مِنَ الأَرض مَا انْخَفَضَ فِي سُهُولةٍ واسْتِواء. ومَهْدَد: اسْمُ امرأَة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْتُ عَلَى مِيمِ مَهْدد أَنها أَصل لأَنها لَوْ كَانَتْ زَائِدَةً لَمْ تَكُنِ الْكَلِمَةُ مَفْكُوكَةً وَكَانَتْ مُدْغَمَةً كمَسَدٍّ ومَرَدٍّ، وَهُوَ فَعْلَلٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْمِيمُ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ وَلَوْ كَانَتْ زَائِدَةً لأُدغم الْحَرْفُ مِثْلَ مَفَرّ ومَرَدّ فَثَبَتَ أَن الدَّالَ مُلْحَقَةٌ وَالْمُلْحَقُ لَا يدغم.
ميد: مَادَ الشَّيْءُ يَميد: زَاغَ وَزَكَا؛ ومِدْتُه وأَمَدْتُه: أَعْطَيْتُه. وامْتَادَه: طَلَبَ أَن يَمِيدَه. ومادَ أَهْلَه إِذَا غارَهم ومارَهم. ومادَ إِذا تَجِرَ، ومادَ: أَفْضَلَ. والمائِدةُ: الطَّعَامُ نَفْسُه وإِن لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خِوانٌ؛ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ؛ وَقِيلَ: هِيَ نَفْسُ الخِوان؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: لَا تُسَمَّى مَائِدَةً حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهَا طَعَامٌ وإِلا فَهِيَ خِوان؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ
؛ المائِدةُ فِي الْمَعْنَى مُفَعْوِلَةٌ وَلَفْظُهَا فَاعِلَةٌ، وَهِيَ مِثْلُ عِيشةٍ راضيةٍ بِمَعْنَى مَرْضِيّةٍ، وَقِيلَ: إِن المائدةَ مِنَ الْعَطَاءِ. والمُمْتادُ: الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الْعَطَاءُ مُفْتَعَلٌ؛ وأَنشد لرؤبة:
تُهْدَى رُؤُوس المُتْرَفِينَ الأَنْداد، ... إِلى أَمير المؤمنينَ المُمْتاد
أَي الْمُتَفَضِّلِ عَلَى النَّاسِ، وَهُوَ المُسْتَعْطَى المسؤولُ؛ وَمِنْهُ الْمَائِدَةُ، وَهِيَ خِوَانٌ عَلَيْهِ طَعَامٌ. ومادَ زَيْدٌ عَمراً إِذا أَعطاه. وَقَالَ أَبو إِسحاق: الأَصل عِنْدِي فِي مَائِدَةٍ أَنها فَاعِلَةٌ مِنْ مادَ يَمِيدُ إِذا تَحَرَّكَ فكأَنها تَمِيدُ بِمَا عَلَيْهَا أَي تَتَحَرَّكُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: سُمِّيَتِ الْمَائِدَةَ لأَنها مِيدَ بِهَا صاحِبُها أَي أُعْطِيها وتُفُضِّل عَلَيْهِ بِهَا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مادَني فُلَانٌ يَمِيدُني إِذا أَحسن إِليّ؛ وقال الْجَرْمِيُّ: يُقَالُ مائدةٌ ومَيْدةٌ؛ وأَنشد:
ومَيْدة كَثِيرة الأَلْوانِ، ... تُصْنَعُ للإِخْوانِ والجِيرانِ
ومادهُمْ يَمِيدُهُم إِذا زادَهم «3» وإِنما سُمِّيَتِ المائدةُ مَائِدَةً لأَنه يُزَادُ عَلَيْهَا. والمائدةُ: الدائرةُ مِنَ الأَرض. ومادَ الشيءُ يَمِيدُ مَيْداً: تَحَرَّكَ وَمَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الأَرضَ جعلتْ تمِيدُ فَأَرْساها بِالْجِبَالِ.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فدَحَا اللَّهُ الأَرضَ من تحتها
__________
(3) . قوله [إذا زادهم] في القاموس زارهم.(3/411)
فمادَتْ.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: فَسَكَنَتْ مِنَ المَيَدانِ بِرُسُوبِ الْجِبَالِ
، وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ، مَصْدَرُ مادَ يَميدُ. وَفِي حَدِيثُهُ أَيضاً يَذُمُّ الدُّنْيَا:
فَهِيَ الحَيُودُ المَيُودُ
، فَعُولٌ مِنْهُ. ومادَ السَّرابُ: اضطَرَبَ: ومادَ مَيْداً: تَمَايَلَ. ومادَ يَمِيدُ إِذا تَثَنَّى وتَبَخْتَرَ. وَمَادَتِ الأَغْصانُ: تَمَايَلَتْ. وَغُصْنٌ مائدٌ وميَّاد: مَائِلٌ. والمَيْدُ: مَا يُصِيبُ مِنَ الحَيْرةِ عَنِ السُّكْر أَو الغَثَيانِ أَو رُكُوبِ الْبَحْرِ، وَقَدْ مَادَ، فَهُوَ مَائِدٌ، مِنْ قَوْمٍ مَيْدى كَرَائِبَ ورَوْبى. أَبو الهيثم: الْمَائِدُ الَّذِي يَرْكَبُ الْبَحْرَ فَتَغْثي نَفسُه مِنْ نَتْن مَاءِ الْبَحْرِ حَتَّى يُدارَ بِهِ، ويَكاد يُغْشَى عَلَيْهِ فَيُقَالُ: مادَ بِهِ البحرُ يَمِيدُ بِهِ مَيْداً. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ: أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ*
، فَقَالَ: تَحَرَّكَ بِكُمْ وتَزَلْزَلَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: المَيْدى الَّذِينَ أَصابهم المَيْدُ مِنَ الدُّوارِ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ حَرامٍ: المائدُ فِي الْبَحْرِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ
؛ هُوَ الَّذِي يُدارُ برأْسه مِنْ رِيحِ الْبَحْرِ وَاضْطِرَابِ السَّفِينَةِ بالأَمواج. الأَزهري: وَمِنَ الْمَقْلُوبِ الموائِدُ والمآوِدُ الدَّواهي. ومادَتِ الحنظلةُ تَمِيدُ: أَصابها نَدًى أَو بَلَل فَتَغَيَّرَتْ، وَكَذَلِكَ التَّمْرُ. وفَعَلْتُه مَيْدَ ذَاكَ أَي مِنْ أَجله وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْ مَيْدى ذَلِكَ. ومَيْدٌ: بِمَعْنَى غَيْرٍ أَيضاً، وَقِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَيْد. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعَسَى مِيمُهُ أَن تَكُونَ بَدَلًا مِنَ بَاءِ بَيْد لأَنها أَشهر. وَفِي تَرْجَمَةٍ مَأَدَ يُقَالُ لِلْجَارِيَةِ التارَّة: إِنها لمأْدةُ الشَّبَابِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:
مادُ الشَّبابِ عَيْشَها المُخَرْفَجا
غَيْرُ مَهْمُوزٍ. ومِيداءُ الطَّرِيقِ: سَنَنُه. وبَنَوْا بُيُوتَهُمْ عَلَى مِيداءٍ وَاحِدٍ أَي عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا ارْتَمى لم يَدْرِ ما مِيداؤُه
وَيُقَالُ: لَمْ أَدر مَا مِيداءُ ذَلِكَ أَي لَمْ أَدر مَا مَبْلَغُه وقِياسُه، وَكَذَلِكَ مِيتاؤُه، أَي لَمْ أَدر مَا قَدْرُ جَانِبَيْهِ وبُعْده؛ وأَنشد:
إِذا اضْطَمَّ مِيداءُ الطَّريقِ عَلَيْهِمَا، ... مَضَتْ قُدُماً مَوْجُ الجِبالِ زَهوقُ
وَيُرْوَى مِيتاءُ الطريقِ. والزَّهُوقُ: المُتَقَدِّمة مِنَ النُّوق. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَمَلْنَا مِيداء وَقَضَيْنَا بأَنها يَاءٌ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ مَعَ عَدَمِ [مَ وَدَ] . وَدَارِي بِمَيْدى دارِه، مَفْتُوحُ الْمِيمِ مَقْصُورٌ، أَي بِحِذَائِهَا؛ عَنْ يَعْقُوبَ. ومَيّادةُ: اسْمُ امرأَة. وابنُ مَيّادةَ: شَاعِرٌ؛ وَزَعَمُوا أَنه كَانَ يَضْرِبُ خَصْرَي أُمّه وَيَقُولُ:
اعْرَنْزِمي مَيّادَ لِلْقَوافي
والمَيْدانُ: وَاحِدُ المَيادينِ؛ وَقَوْلُ ابْنِ أَحمر:
........ وصادَفَتْ ... نَعِيماً ومَيْداناً مِنَ العَيْشِ أَخْضَرَا
يَعْنِي بِهِ نَاعِمًا. ومادَهُم يَمِيدُهُم: لُغَةٌ فِي مارَهُم مِنَ الْمِيرَةِ؛ والمُمْتادُ مُفْتَعَلٌ [مُفْتَعِلٌ] ، مِنْهُ؛ ومائِدٌ فِي شِعْرِ أَبي ذؤَيب:
يَمانِية، أَحْيا لَها، مَظَّ مائِدٍ ... وآلِ قَراسٍ، صَوْبُ أَرْمِيةٍ كُحْلِ «1»
اسْمُ جَبَلٍ. والمَظُّ: رُمَّان البَرّ. وقُراسٌ: جَبَلٌ بارِدٌ مأْخوذ مِنَ القَرْسِ، وهو الَردُ. وآلُه: مَا حَوْلَهُ، وَهِيَ أَجْبُلٌ بارِدَة. وأَرْمِيةٌ: جَمْعُ رَمِيٍّ، وَهِيَ السَّحَابَةُ الْعَظِيمَةُ القَطْر، وَيُرْوَى: صَوْبُ أَسْقِيةٍ، جَمْعُ سَقِيٍّ، وَهِيَ بِمَعْنَى أَرْمِية. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده مَأْبِد، بِالْبَاءِ المعجمة بواحدة،
__________
(1) . قوله [مائد] هو بهمزة بعد الأَلف، وقراس، بضم القاف وفتحها، كما في معجم ياقوت واقتصر المجد على الفتح(3/412)
وَقَدْ ذُكِرَ فِي مُبْدٍ. ومَيْد: لُغَةٌ فِي بَيْدَ بِمَعْنَى غَيْرٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُمَا عَلَى أَنّ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنا أَفْصَحُ العَرَبِ مَيْدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ ونشَأْتُ فِي بَنِي سعدِ بنِ بَكْر
؛ وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ: مِنْ أَجْلِ أَني. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَحْنُ الآخِرون السابِقون مَيْدَ أَنَّا أُوتينا الكِتابَ مِنْ بَعْدِهِم.
فصل النون
نأد: النَّآدُ والنَّآدى: الدّاهِيةُ. وداهِيةٌ نَآدٌ ونَؤُودٌ وَنَآدَى، عَلَى فَعالى؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فَإِيَّاكُمْ وداهِيةً نآدَى، ... أَظَلَّتْكُم بِعارِضِها المُخيل
نَعَتَ بِهِ الدَّاهِيَةَ وَقَدْ يَكُونُ بَدَلًا، وَهِيَ النّآدَى؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَدْ نَأَدَتْهُم الدَّواهي نَأْداً؛ وأَنشد:
أَتاني أَنّ داهِيةً نَآداً ... أَتاكَ بِهَا عَلَى شَحَطٍ مَيونُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَرَوَاهَا غَيْرُ اللَّيْثِ أَنّ دَاهِيَةً نَآدَى عَلَى فَعالى كَمَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ والمرأَة العَجوز: أَجاءَتْني النّآئِدُ إِلى استِثْناء الأَباعد
؛ النّآئِدُ: الدَّوَاهِي،. جَمْعُ نآدَى. والنّآدُ والنُّؤُود: الدَّاهِيَةُ، يُرِيدُ أَنها اضْطَرَّتْها الدَّوَاهِي إِلى مَسْأَلةِ الأَباعِد.
نبد: النِّهَايَةُ لِابْنِ الأَثير فِي حَدِيثِ
عُمَرَ: جَاءَتْهُ جَارِيَةٌ بِسَويق فَجَعَلَ إِذا حَرَّكَتْه ثارَ لَهُ قُشار وإِذا تَرَكَتْه نَبَدَ
أَي سكَنَ وركَدَ؛ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.
نثد: النِّهَايَةُ: وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: جَاءَتْهُ جَارِيَةٌ بِسَوِيقٍ فَجَعَلَ إِذا حَرَّكَتْهُ ثَارَ لَهُ قُشَارٌ وإِذا تَرَكَتْهُ نَثَد.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَدري مَا هُوَ وأُراه رَثَدَ، بِالرَّاءِ، أَي اجْتَمَعَ فِي قَعْرِ القَدَح، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ نَثَطَ، بإِبدالِ الطاءِ دَالًا للمَخْرج. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: نَثَدَ أَي سَكَنَ ورَكَدَ، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
نجد: النَّجْدُ مِنَ الأَرض: قِفافُها وصَلَابَتُها «1» وَمَا غَلُظَ مِنْهَا وأَشرَفَ وارتَفَعَ واستَوى، وَالْجَمْعُ أَنْجُدٌ وأَنجادٌ ونِجاد ونُجُودٌ ونُجُدٌ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
لَمَّا رَأَيْتُ فِجاجَ البِيدِ قَدْ وَضَحَتْ، ... ولاحَ مِنْ نُجُدٍ عادِيةً [عادِيةٍ] حُصُرُ
وَلَا يَكُونُ النِّجادُ إِلا قُفّاً أَو صَلابة مِنَ الأَرض فِي ارْتِفاعٍ مِثْلَ الْجَبَلِ مُعْتَرِضًا بَيْنَ يَدَيْكَ يردُّ طَرَفَكَ عَمَّا وَرَاءَهُ، وَيُقَالُ: اعْلُ هَاتَيْكَ النِّجاد وَهَذَاكَ النِّجاد، يُوَحَّدُ؛ وأَنشد:
رَمَيْنَ بالطَّرْفِ النِّجادَ الأَبْعَدا
قَالَ: وَلَيْسَ بِالشَّدِيدِ الِارْتِفَاعِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ فِي زكاةِ الإِبل: وَعَلَى أَكتافها أَمْثالُ النّواجِدِ شَحْماً
؛ هِيَ طرائقُ الشحْمِ، واحِدتُها ناجِدةٌ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِارْتِفَاعِهَا؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
في عانةٍ بِجَنُوبِ السِّيِّ مَشْرَبُها ... غَوْرٌ، ومَصْدَرُها عَنْ مائِها نُجُد
قَالَ الأَخفش: نُجُدٌ لُغَةُ هُذَيْلٍ خَاصَّةً يُرِيدُونَ نَجْداً. وَيُرْوَى النُّجُدُ، جَمَع نَجْداً عَلَى نُجُدٍ، جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ نَجْداً، قَالَ: هَذَا إِذا عَنَى نَجْداً العَلَمي، وَإِنْ عَنَى نَجْداً مِنَ الأَنجاد فغَوْرُ نَجْد أَيضاً، وَالْغَوْرُ هُوَ تِهامة، وَمَا ارْتَفَعَ عَنْ تِهامة إِلى أَرض الْعِرَاقِ، فَهُوَ نَجْدٌ، فَهِيَ تَرْعى بِنَجْدٍ وَتَشْرَبُ بِتِهامة، وَهُوَ مُذَكَّرٌ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
ذَرانيَ مِنْ نَجْدٍ، فإنَّ سِنِينَه ... لَعِبْنَ بِنا شِيباً، وشَيَّبْنَنا مُرْدا
__________
(1) . قوله [قفافها وصلابتها] كذا في الأصل ومعجم ياقوت أَيضاً والذي لأبي الفداء في تقويم البلدان قفافها وصلابها.(3/413)
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: طَلَّاع أَنْجُد أَي ضابطٌ للأُمور غَالِبٌ لَهَا؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ أَبي شِحاذٍ الضَّبِّي وَقِيلَ هُوَ لخالدِ بْنِ عَلْقَمةَ الدَّارمي:
فَقَدْ يَقْصُرُ القُلُّ الفَتى دونَ هَمِّه، ... وَقَدْ كانَ، لَوْلا القُلُّ، طَلَّاعَ أَنجُدِ
يَقُولُ: قَدْ يَقْصُرُ الفَقْرُ عَنْ سَجِيَّتِه مِنَ السَّخَاءِ فَلَا يَجِدُ مَا يَسْخُو بِهِ، وَلَوْلَا فَقْرُهُ لسَما وَارْتَفَعَ؛ وَكَذَلِكَ طَلَّاعُ نِجَادٍ وطَلَّاع النَّجاد وطلَّاع أَنجِدةٍ، جَمْعُ نِجاد الَّذِي هُوَ جمعُ نَجْد؛ قَالَ زِيَادُ بْنُ مُنْقِذ فِي مَعْنَى أَنْجِدةٍ بِمَعْنَى أَنْجُدٍ يَصِفُ أَصحاباً لَهُ كَانَ يَصْحَبُهُمْ مَسْرُورًا:
كَمْ فِيهِمُ مِنْ فَتًى حُلْوٍ شَمائِلُه، ... جَمِّ الرَّمادِ إِذا مَا أَخْمَدَ البَرِمُ
غَمْرِ النَّدى، لَا يَبِيتُ الحَقُّ يَثْمُدُه ... إِلّا غَدا، وَهُوَ سَامِي الطّرْفِ مُبْتَسِمُ
يَغْدُو أَمامَهُمُ فِي كُلِّ مَرْبأَةٍ، ... طَلَّاعِ أَنْجِدةٍ، فِي كَشْحِه هَضَمُ
وَمَعْنَى يَثْمُدُه: يُلِحُّ عَلَيْهِ فَيُبْرِزُه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنجِدةٌ مِنَ الْجُمُوعِ الشَّاذَّةِ، وَمِثْلُهُ نَدًى وأَنْدِيةٌ ورَحًى وأَرْحِيةٌ، وَقِيَاسُهَا نِداء ورِحاء، وَكَذَلِكَ أَنجِدةٌ قِيَاسُهَا نِجادٌ. والمَرْبَأَةُ: الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ يَكُونُ فِيهِ الرَّبِيئة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ جمعُ نُجُود جَمْعَ الجمْعِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا وَهْمٌ مِنَ الْجَوْهَرِيِّ وَصَوَابُهُ أَن يَقُولَ جَمْعُ نِجادٍ لأَن فِعالًا يُجْمَعُ أَفْعِلة نَحْوَ حِمار وأَحْمِرة، قَالَ وَلَا يُجْمَعُ فُعُول عَلَى أَفْعِلة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ فُلَانٌ طَلَّاعُ أَنْجُد وطلَّاع الثَّنايا إِذا كَانَ سامِياً لِمَعالي الأُمور؛ وأَنشد بَيْتَ حُمَيْدِ بْنِ أَبي شِحاذٍ الضَّبِّيّ:
وَقَدْ كَانَ لَوْلا القُلُّ طَلَّاعَ أَنْجُد
والأَنْجُدُ: جمعُ النَّجْد، وَهُوَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ. والنَّجْدُ: مَا خَالَفَ الغَوْر، وَالْجَمْعُ نُجُودٌ. ونجدٌ: مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ مَا كَانَ فَوْقَ العاليةِ والعاليةُ مَا كَانَ فَوْقَ نَجْدٍ إِلى أَرض تِهامةَ إِلى مَا وَرَاءَ مَكَّةَ، فَمَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ إِلى أَرض الْعِرَاقِ، فَهُوَ نَجْدٌ. وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً النَّجْدُ والنُّجُدُ لأَنه فِي الأَصل صِفَةٌ؛ قَالَ المَرّارُ الفَقْعَسِيُّ:
إِذا تُرِكَتْ وَحْشِيّةُ النَّجْدِ، لَمْ يَكُنْ، ... لِعَيْنَيْكَ مِمَّا تَشْكُوانِ، طَبيبُ
وَرُوِيَ بَيْتُ أَبي ذؤَيب:
فِي عانة بَجَنُوبِ السِّيِّ مَشْرَبُها ... غَوْرٌ، ومَصْدَرُها عَنْ مائِها النُّجُد
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَن الرِّوَايَةَ ومصدرُها عَنْ مائِها نُجُدُ وأَنها هُذَلِيَّةٌ. وأَنْجَدَ فُلَانٌ الدَّعْوة، وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ الأَصمعي قَالَ: سَمِعْتُ الأَعراب يَقُولُونَ: إِذا خَلَّفْتَ عَجْلَزاً مُصْعِداً، وعَجْلَزٌ فَوْقَ القَرْيَتَيْنِ، فَقَدْ أَنْجَدْتَ، فإِذا أَنجدْتَ عَنْ ثَنايا ذاتِ عِرْق، فَقَدْ أَتْهَمْتَ، فإِذا عَرَضَتْ لَكَ الحِرارُ بنَجْد، قِيلَ: ذَلِكَ الْحِجَازُ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ قَالَ: مَا ارْتَفَعَ مِنْ بَطْنِ الرُّمّةِ، والرُّمّةُ وَادٍ مَعْلُومٌ، فَهُوَ نَجْدٌ إِلى ثَنَايَا ذَاتِ عِرْق. قَالَ: وَسَمِعْتُ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: كلُّ مَا وَرَاءَ الخنْدق الَّذِي خَنْدَقَه كِسْرَى عَلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ، فَهُوَ نَجْدٌ إِلى أَن تَمِيلَ إِلى الحَرّةِ فإِذا مِلْت إِليها، فأَنت فِي الحِجاز؛ شَمِرٌ: إِذا جَاوَزْتَ عُذَيْباً إِلى أَن تُجَاوِزَ فَيْدَ وَمَا يَلِيهَا. ابْنُ الأَعرابي: نَجْدُ مَا بَيْنَ العُذَيْب إِلى ذَاتِ عِرق وإِلى الْيَمَامَةِ وإِلى اليمن وإِلى جبل طَيّء، وَمِنَ المِرْبَدِ إِلى وجْرَة، وَذَاتُ عِرْق أَوّلُ تِهامةَ إِلى البحرِ وجُدَّةَ. والمدينةُ:(3/414)
لَا تهاميةٌ وَلَا نجديةٌ، وإِنها حجازٌ فَوْقَ الغَوْر وَدُونَ نَجْدٍ، وإِنها جَلْسٌ لِارْتِفَاعِهَا عَنِ الغَوْر. الْبَاهِلِيُّ: كلُّ مَا وراءَ الخندقِ عَلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ، فَهُوَ نَجْدٌ، والغَوْرُ كلُّ مَا انْحَدَرَ سَيْلُهُ مغرِبيّاً، وَمَا أَسفل مِنْهَا مَشْرِقِيًّا فَهُوَ نَجْدٌ، وتِهامةُ مَا بَيْنَ ذَاتِ عِرْق إِلى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ وَرَاءِ مَكَّةَ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْمَغْرِبِ، فَهُوَ غَوْرٌ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ مَهَبّ الجَنُوب، فَهُوَ السَّراةُ إِلى تُخُوم الْيَمَنِ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه جَاءَهُ رَجُلٌ وبِكَفِّه وضَحٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انظُرْ بَطْنَ وَادٍ لَا مُنْجِد وَلَا مُتْهِم، فَتَمعَّكْ فِيهِ، فَفَعَلَ فَلَمْ يَزِدِ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ
؛ قَوْلُهُ لَا مُنْجِد وَلَا مُتْهِم لَمْ يُرِدْ أَنه لَيْسَ مِنْ نَجْدٍ وَلَا مِنْ تِهامةَ وَلَكِنَّهُ أَراد حَدًّا بَيْنَهُمَا، فَلَيْسَ ذَلِكَ الموضعُ مِنْ نَجْدٍ كلُّه وَلَا مِنْ تِهامة كلُّه، وَلَكِنَّهُ تَهامٍ مُنْجِدٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد مَوْضِعًا ذَا حَدٍّ مِنْ نَجْدٍ وَحَدٍّ مِنْ تِهَامَةَ فَلَيْسَ كُلُّهُ مِنْ هَذِهِ وَلَا مِنْ هَذِهِ. ونجدٌ: اسْمٌ خاصٌّ لِمَا دُونَ الْحِجَازِ مِمَّا يَلي العِراق؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
إِذا استَنْصَلَ الهَيْفُ السَّفى، بَرَّحَتْ بِهِ ... عِراقِيّةُ الأَقْياظِ، نَجْدُ المَراتِعِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنما أَراد جَمْعَ نَجْدِيٍّ فَحَذَفَ يَاءَ النسَب فِي الْجَمْعِ كَمَا قَالُوا زِنْجِيٌّ ثُمَّ قَالُوا فِي جَمْعِهِ زِنْج، وَكَذَلِكَ رُومِيٌّ ورُومٌ؛ حَكَاهَا الْفَارِسِيُّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فُلَانٌ مِنْ أَهل نَجْدٍ فإِذا أَدخلوا الأَلف وَاللَّامَ قَالُوا النُّجُد، قَالَ: وَنَرَى أَنه جَمْعُ نَجْدٍ؛ والإِنجادُ: الأَخْذُ فِي بِلَادِ نَجْدٍ. وأَنجدَ القومُ: أَتوا نَجْدًا؛ وَأَنْجَدُوا مِنْ تِهَامَةَ إِلى نَجْدٍ: ذَهَبُوا؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَا أُمَّ حَزْرةَ، مَا رأَيْنا مِثْلَكُم ... فِي المُنْجِدينَ، وَلَا بِغَوْرِ الغائِر
وأنْجَدَ: خَرَجَ إِلى بِلَادِ نَجْدٍ؛ رَوَاهَا ابْنُ سِيدَهْ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الصِّحَاحُ: وَتَقُولُ أَنْجَدْنا أَي أَخذنا فِي بِلَادِ نَجْدٍ. وَفِي الْمَثَلِ: أَنْجَدَ مَنْ رأَى حَضَناً وَذَلِكَ إِذا عَلَا مِنَ الغَوْر، وحَضَنٌ اسْمُ جَبَلٍ. وأَنْجَد الشيءُ: ارْتَفَعَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعَلَيْهِ وَجْهُ الْفَارِسِيِّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى قَوْلَ الأَعشى:
نَبيٌّ يَرى مَا لَا تَروْنَ، وذِكْرُه ... أَغارَ لَعَمْري فِي البِلادِ، وأَنْجَدا
فَقَالَ: أَغار ذَهَبَ فِي الأَرض. وأَنجد: ارْتَفَعَ؛ قَالَ: وَلَا يَكُونُ أَنجد فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَخذ فِي نَجْدٍ لأَن الأَخذ فِي نَجْدٍ إِنما يُعادَلُ بالأَخذ فِي الْغَوْرِ، وَذَلِكَ لِتَقَابُلِهِمَا، وَلَيْسَتْ أَغارَ مِنَ الْغَوْرِ لأَن ذَلِكَ إِنما يُقَالُ فِيهِ غارَ أَي أَتى الغَوْر؛ قَالَ وإِنما يَكُونُ التَّقَابُلُ فِي قَوْلِ جَرِيرٍ:
فِي المُنْجدينَ وَلَا بغَوْر الْغَائِرِ
والنَّجُودُ مِنَ الإِبل: الَّتِي لَا تَبْرُك إِلا عَلَى مُرْتَفَعٍ مِنَ الأَرض. والنَّجْدُ: الطَّرِيقُ الْمُرْتَفِعُ البَيّنُ الْوَاضِحُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
غَداةَ غَدَوْا فَسالِكٌ بَطْنَ نَخْلةٍ، ... وآخَرُ مِنْهُمْ قاطِعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ
قَالَ الأَصمعي: هِيَ نُجُود عِدَّةٌ: فَمِنْهَا نَجْد كَبْكَبٍ، ونَجْد مَريع، ونَجْدُ خَالٍ؛ قَالَ: وَنَجْدُ كَبْكَبٍ طريقٌ بِكَبْكَبٍ، وَهُوَ الْجَبَلُ الأَحمر الَّذِي تَجْعَلُهُ فِي ظَهْرِكَ إِذا وَقَفْتَ بِعَرَفَةَ؛ قَالَ وَقَوْلُ الشَّمَّاخِ:
أَقُولُ، وأَهْلي بالجَنابِ وأَهْلُها ... بِنَجْدَيْنِ: لَا تَبْعَدْ نَوًى أُمّ حَشْرَجِ
قَالَ بنَجْدَيْنِ مَوْضِعٌ يُقَالُ لَهُ نَجْدا مَرِيع، وَقَالَ: فُلَانٌ مِنْ أَهل نَجْدٍ. قَالَ: وَفِي لُغَةِ هُذَيْلٍ وَالْحِجَازِ مِنْ أَهل النُّجُد. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَهَدَيْناهُ(3/415)
النَّجْدَيْنِ؛ أَي طَرِيقَ الْخَيْرِ وطريقَ الشَّرِّ، وَقِيلَ: النَّجْدَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ الْوَاضِحَيْنِ. والنَّجد: الْمُرْتَفِعُ مِنَ الأَرض، فَالْمَعْنَى أَلم نُعَرِّفْهُ طَرِيقَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ بيِّنَين كَبَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ الْعَالِيَيْنِ؟ وقيل: النَّجْدَيْنِ الثَّدْيَيْنِ. ونَجُدَ الأَمْرُ ينْجُد نُجُوداً، وَهُوَ نَجْدٌ وناجِدٌ: وضَحَ وَاسْتَبَانَ؛ وَقَالَ أُمية:
تَرَى فِيهِ أَنْباءَ القُرونِ الَّتِي مَضَتْ، ... وأَخْبارَ غَيْبٍ فِي القيامةِ تَنْجُد
ونجَدَ الطرِيق ينْجُد نُجُوداً: كَذَلِكَ. ودليلٌ نَجْدٌ: هادٍ ماهِرٌ. وأَعطاه الأَرض بِمَا نَجَدَ مِنْهَا أَي بِمَا خَرَجَ. والنَّجْدُ: مَا يُنَضَّدُ بِهِ الْبَيْتُ مِنَ البُسُط والوسائِد والفُرُشِ، وَالْجَمْعُ نُجُود ونِجادٌ؛ وَقِيلَ: مَا يُنَجَّدُ بِهِ الْبَيْتُ مِنَ الْمَتَاعِ أَي يُزَيَّن؛ وَقَدْ نَجَّدَ الْبَيْتُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حَتَّى كأَنَّ رِياضَ القُفِّ أَلبَسَها، ... مِن وَشْيِ عَبْقر، تَجْلِيلٌ وتَنْجِيدُ
أَبو الْهَيْثَمِ: النَّجَّاد الَّذِي يُنَجِّدُ البيوتَ والفُرُشَ والبُسُط. وَفِي الصِّحَاحِ: النجَّاد الَّذِي يُعَالِجُ الْفُرُشَ والوِسادَ ويَخِيطُها. والنُّجُود: هِيَ الثِّيَابُ الَّتِي تُنَجَّدُ بِهَا الْبُيُوتُ فَتُلْبَسُ حِيطَانُهَا وتُبْسَطُ. قَالَ: ونَجَّدْتُ البيتَ بَسَطْتُهُ بِثِيَابٍ مَوْشِيَّة. والتَّنْجِيد: التَّزْيِينُ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الْمَلِكِ: أَنه بَعَثَ إِلى أُمّ الدَّرْدَاءِ بأَنْجادٍ مِنْ عِنْدِهِ
؛ الأَنْجادُ جَمْعُ نَجَدٍ، بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ مَتَاعُ الْبَيْتِ مِنْ فُرُش ونَمارِقَ وستُور؛ ابْنُ سِيدَهْ: والنَّجُود الَّذِي يُعَالِجُ النُّجُود بالنَّفْضِ والبَسْط والحشْوِ والتَّنْضِيدِ. وَبَيْتٌ مُنَجَّد إِذا كَانَ مُزَيَّنًا بِالثِّيَابِ والفُرش، ونُجُوده سُتُورُهُ الَّتِي تُعَلَّقُ عَلَى حِيطانِه يُزَين بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: زُخْرِف ونُجِّدَ
أَي زُيِّنَ. وَقَالَ شَمِرٌ: أَغرب مَا جَاءَ فِي النَّجُود مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الشُّورَى:
وَكَانَتِ امرأَةً نَجُوداً
، يُرِيدُ ذاتَ رَأْي كأَنها الَّتِي تَجْهَدُ رأْيها فِي الأُمور. يُقَالُ: نَجِدَ نَجْدًا أَي جَهَدَ جَهْداً. والمَنَاجِدُ: حَلْيٌ مُكَلَّلٌ بجواهِرَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ مُزَيَّن. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رأَى امرأَة تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَيْهَا «2» مَناجِدُ مِنْ ذَهَبٍ فَنَهَاهَا عَنْ ذَلِكَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَراد بِالْمَنَاجِدِ الحَلْيَ المُكَلَّلَ بِالْفُصُوصِ وأَصله مِنْ تَنْجِيدِ الْبَيْتِ، وَاحِدُهَا مِنْجَد وَهِيَ قَلائِدُ مِنْ لُؤْلُؤ وذهَب أَو قَرَنْفُلٍ، وَيَكُونُ عَرْضُهَا شِبْرًا تأْخذ مَا بَيْنَ الْعُنُقِ إِلى أَسفل الثَّدْيَيْنِ، سُمِّيَتْ مَناجِدَ لأَنها تَقَعُ عَلَى مَوْضِعِ نِجاد السَّيْفِ مِنَ الرَّجُلِ وَهِيَ حَمائِلُه. والنَّجُود مِنَ الأُتُن والإِبِل: الطويلةُ العُنُقِ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الأُتن خَاصَّةً الَّتِي لَا تَحْمِل. قَالَ شَمِرٌ: هَذَا مُنْكَرٌ وَالصَّوَابُ مَا رُوِيَ فِي الأَجناس عَنْهُ: النَّجُودُ الطَّوِيلَةُ مِنَ الحُمُر. وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي: أُخِذَتِ النَّجود مِنَ النَّجْد أَي هِيَ مُرْتَفِعَةٌ عَظِيمَةٌ، وَقِيلَ: النَّجُودُ الْمُتَقَدِّمَةُ، وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذا كَانَتْ مَاضِيَةً: نَجُود؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فَرَمَى فأَنْفَذَ مِنْ نَجُودٍ عائِطِ
قَالَ شَمِرٌ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِي النَّجُود صَحِيحٌ وَالَّذِي رُوي فِي بَابِ حُمُرِ الوحْشِ وهَم. والنَّجُود مِنَ الإِبل: المِغْزارُ، وَقِيلَ: هِيَ الشَّدِيدَةُ النَّفْس. وَنَاقَةٌ نَجُود، وَهِيَ تُناجِدُ الإِبلَ فَتَغْزُرُهُنَّ. الصِّحَاحُ: والنَّجُود مِنْ حُمُر الْوَحْشِ الَّتِي لَا تَحْمِلُ، وَيُقَالُ: هِيَ الطَّوِيلَةُ الْمُشْرِفَةُ، وَالْجَمْعُ نُجُد. وناجَدَتِ الإِبِلُ: غَزُرَتْ وكَثُر لبنها، والإِبلُ
__________
(2) . قوله [امْرَأَةً تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَيْهَا] في النهاية امرأة شيرة عليها، وشيرة، بشد الياء مكسورة، أي حسنة الشارة والهيئة.(3/416)
حِينَئِذٍ بِكاءٌ غَوازِرُ، وَعَبَّرَ الْفَارِسِيُّ عَنْهَا فَقَالَ: هِيَ نَحْوَ المُمانِحِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ حِينَ ذَكَرَ الإِبل وَوَطْأَها يومَ الْقِيَامَةِ صاحِبَها الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا فَقَالَ: إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي نَجْدَتِها ورِسْلِها
؛ قَالَ: النَّجْدَةُ الشِّدَّةُ، وَقِيلَ: السِّمَنُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: نَجْدَتُهَا أَن تَكْثُرَ شُحُومُهَا حَتَّى يمنعَ ذَلِكَ صاحِبَها أَن يَنْحَرَهَا نَفَاسَةً بِهَا، فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ السِّلَاحِ لَهَا مِنْ رَبِّهَا تَمْتَنِعُ بِهِ، قَالَ: ورِسْلُها أَن لَا يَكُونَ لَهَا سِمَن فيَهُونَ عَلَيْهِ إِعطاؤُها فَهُوَ يُعْطِيهَا عَلَى رِسْلِه أَي مُسْتَهيناً بِهَا، وكأَنَّ مَعْنَاهُ أَن يُعْطِيَهَا عَلَى مَشَقَّةٍ مِنَ النَّفْسِ وَعَلَى طِيبٍ مِنْهَا؛ ابْنُ الأَعرابي: فِي رِسْلِها أَي بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ؛ قَالَ الأَزهري: فكأَنّ قَوْلَهُ فِي نَجْدتِها مَعْنَاهُ أَن لَا تطِيبَ نفسُه بإِعطائها وَيَشْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ وَقَالَ الْمَرَّارُ يَصِفُ الإِبل وَفَسَّرَهُ أَبو عَمْرٍو:
لهمْ إِبِلٌ لَا مِنْ دياتٍ، وَلَمْ تَكُنْ ... مُهُوراً، وَلَا مِن مَكْسَبٍ غيرِ طائِلِ
مُخَيَّسَةٌ فِي كلِّ رِسْلٍ ونَجْدةٍ، ... وَقَدْ عُرِفَتْ أَلوانُها فِي المَعاقِلِ
الرِّسْل: الخِصْب. وَالنَّجْدَةُ: الشِّدَّةُ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ: فِي نَجْدتها مَا يَنُوبُ أَهلها مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَغَارِمِ وَالدِّيَاتِ فَهَذِهِ نَجْدَةٌ عَلَى صَاحِبِهَا. وَالرِّسْلُ: مَا دُونُ ذَلِكَ مِنَ النَّجْدَةِ وَهُوَ أَن يَعْقِرَ هَذَا وَيَمْنَحَ هَذَا وَمَا أَشبهه دُونَ النَّجْدَةِ؛ وأَنشد لِطَرَفَةَ يَصِفُ جَارِيَةً:
تَحْسَبُ الطَّرْفَ عَلَيْهَا نَجْدَةً، ... يَا لَقَوْمي للشَّبابِ المُسْبَكِرْ
يَقُولُ: شَقَّ عَلَيْهَا النظرُ لنَعْمتها فَهِيَ ساجيةُ الطرْف. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ: أَنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِل لَا يؤَدِّي حقَّها فِي نَجْدتها ورِسْلِها وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وسلم: نَجْدتُها ورِسْلُها عُسْرُها ويُسْرُها إِلا بَرَزَ لَهَا بِقاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤه بأَخْفافِها، كُلَّمَا جَازَتْ عَلَيْهِ أُخْراها أُعِيدَتْ عَلَيْهِ أُولاها فِي يَوْمٍ كَانَ مقدارُه خَمْسِينَ أَلف سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ، فَقِيلَ لأَبي هُرَيْرَةَ: فَمَا حَقُّ الإِبِل؟ فَقَالَ: تُعْطِي الكرِيمةَ وتَمْنَعُ الغَزيرةَ «1» وتُفْقِرُ الظَّهْرَ وتُطْرِقُ الفَحْل.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ هُنَا: وَقَدْ رَوَيْتُ هَذَا الْحَدِيثَ بِسَنَدِهِ لِتَفْسِيرِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَجْدَتَها ورِسْلَها، قَالَ: وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا فَسَّرَهُ أَبو سَعِيدٍ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: انْظُرْ إِلى مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ عَدَمِ الِاحْتِفَالِ بِالنُّطْقِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بإِطلاق اللَّفْظِ، وَهُوَ لَوْ قَالَ إِن تَفْسِيرَ أَبي سَعِيدٍ قَرِيبٌ مِمَّا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ فَلَا سِيَّمَا وَالْقَوْلُ بِالْعَكْسِ؛ وَقَوْلُ صَخْرِ الْغَيِّ:
لوْ أَنَّ قَوْمي مِن قُرَيْمٍ رَجْلا، ... لَمَنَعُوني نَجْدَةً أَو رِسْلا
أَي لَمَنَعُونِي بأَمر شَدِيدٍ أَو بأَمر هَيِّنٍ. ورجلٌ نَجْد فِي الْحَاجَةِ إِذا كَانَ نَاجِيًا فِيهَا سَرِيعًا. والنَّجْدة: الشَّجَاعَةُ، تَقُولُ مِنْهُ: نَجُد الرجلُ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ نَجِدٌ ونَجُدٌ ونَجِيدٌ، وَجَمْعُ نَجِد [نَجُد] أَنجاد مِثْلَ يَقِظٍ [يَقُظٍ] وأَيْقاظٍ وَجَمْعُ نَجِيد نُجُد ونُجَداء. ابْنُ سِيدَهْ: ورجُل نَجْدٌ ونَجِدٌ ونَجُد ونَجِيدٌ شُجَاعٌ مَاضٍ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ البأْس، وَقِيلَ: هُوَ السَّرِيعُ الإِجابة إِلى مَا دُعِيَ إِليه خَيْرًا كَانَ أَو شَرًّا، وَالْجَمْعُ أَنْجاد. قَالَ: وَلَا يُتَوَهَّمَنَّ أَنْجاد جَمْعُ نَجِيدٍ كَنَصيرٍ وأَنْصار قِيَاسًا عَلَى أَن فعْلًا
__________
(1) . قوله [وتمنع الغزيرة] كذا بالأَصل تمنع بالعين المهملة ولعله تمنح بالحاء المهملة(3/417)
وفِعَالًا «1» لَا يُكَسَّران لِقِلَّتِهِمَا فِي الصِّفَةِ، وإِنما قِيَاسُهُمَا الْوَاوُ وَالنُّونُ فَلَا تحسَبَنّ ذَلِكَ لأَن سِيبَوَيْهِ قَدْ نَصَّ عَلَى أَن أَنْجاداً جَمْعُ نَجُد ونَجِد؛ وَقَدْ نَجُدَ نَجَادة، وَالِاسْمُ النَّجْدَة. واسْتَنْجَد الرجلُ إِذا قَوِيَ بَعْدَ ضَعْفٍ أَو مَرَض. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا ضَرِيَ بِالرَّجُلِ واجترأَ عَلَيْهِ بَعْدَ هَيْبَتِه: قَدِ اسْتَنْجَدَ عَلَيْهِ. والنَّجْدَةُ أَيضاً: القِتال والشِّدَّة. والمُناجِدُ: الْمُقَاتِلُ. وَيُقَالُ: ناجَدْت فُلَانًا إِذا بارزتَه لقِتال. والمُنَجَّدُ: الَّذِي قَدْ جَرَّبَ الأُمور وقاسَها فَعَقَلَها، لُغَةٌ فِي المُنَجَّذِ. ونَجَّده الدَّهْرُ: عجَمَه وعَلَّمَه، قَالَ: وَالذَّالُ الْمُعْجَمَةُ أَعلى. وَرَجُلٌ مُنَجَّد، بِالدَّالِ وَالذَّالِ جَمِيعًا، أَي مُجَرَّب قَدْ نَجَّده الدَّهْرُ إِذا جَرَّبَ وعَرَفَ. وَقَدْ نَجَّدتْه بَعْدِي أُمور. وَرَجُلٌ نَجِدٌ: بَيِّنُ النَّجَد، وَهُوَ البأْس والنُّصْرة وَكَذَلِكَ النَّجْدة. وَرَجُلٌ نَجْد فِي الْحَاجَةِ إِذا كَانَ نَاجِحًا فِيهَا ناجِياً. وَرَجُلٌ ذُو نَجْدة أَي ذُو بأْس. ولاقَى فُلَانٌ نَجْدة أَي شِدَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَر قارئَ الْقُرْآنِ وصاحِبَ الصَّدَقة، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرأَيتَكَ النَّجْدة تَكُونُ فِي الرَّجُلِ فَقَالَ: لَيْسَتْ لَهُمَا بِعدْلٍ
النَّجْدَةُ: الشَّجَاعَةُ. وَرَجُلٌ نَجُدٌ ونَجِد أَي شَدِيدُ البأْس. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عليه: أَما بَنُو هَاشِمٍ فأَنْجادٌ أَمْجَاد
أَي أَشِداء شُجْعان؛ وَقِيلَ: أَنْجاد جَمْعُ الْجَمْعِ كأَنه جَمَعَ نَجُداً «2» عَلَى نِجاد أَو نُجُود ثُمَّ نُجُدٍ ثُمَّ أَنجادٍ؛ قَالَهُ أَبو مُوسَى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَا حَاجَةَ إِلى ذَلِكَ لأَن أَفعالًا فِي فَعُل وفَعِل مُطَّرِد «3» نَحْوَ عَضُد وأَعْضاد وكَتِف وأَكْتاف؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
خَيْفان: وأَما هَذَا الْحَيُّ مِنْ هَمْدان فأَنْجَاد بُسْل.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: مَحاسِنُ الأُمور الَّتِي تَفَاضلَتْ فِيهَا المُجَداء والنُّجَداء
، جَمْعُ مَجِيدٍ ونجِيد، فَالْمَجِيدُ الشَّرِيفُ، والنَّجِيد الشُّجَاعُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. واسَتَنْجَده فأَنْجَدَهُ: اسْتَغَاثَهُ فأَغاثه. وَرَجُلٌ مِنْجادٌ: نَصُور؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والإِنجاد: الإِعانة. واسْتَنْجَده: اسْتَعَانَهُ. وأَنْجَدَه: أَعانه؛ وأَنْجَده عَلَيْهِ: كَذَلِكَ أَيضاً؛ وناجَدْتُه مُناجَدةً: مِثْلَهُ. وَرَجُلٌ مُناجِد أَي مُقَاتِلٌ. وَرَجُلٌ مِنْجادٌ: مِعْوانٌ. وأَنْجَدَ فُلَانٌ الدَّعْوةَ: أَجابها. الْمُحْكَمُ: وأَنْجَدَه الدَّعْوَةَ أَجابها «4» . واسْتَنْجَد فُلَانٌ بِفُلَانٍ: ضَرِيَ بِهِ واجترأَ عَلَيْهِ بَعْدَ هَيْبَتِه إِياه. والنَّجَدُ: العَرَق مِنْ عَمَل أَو كَرْب أَو غَيْرِهِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
يَظَلُّ مِنْ خَوْفِه المَلَّاحُ مُعْتَصِماً ... بالخَيْزُرانةِ، بَعْدَ الأَيْن والنَّجَد
وَقَدْ نَجِدَ يَنْجَدُ ويَنْجُدُ نَجْداً، الأَخيرة نَادِرَةٌ، إِذا عَرِقَ مِنْ عَمَل أَو كَرْب. وَقَدْ نُجِدَ عَرَقاً، فَهُوَ منْجُود إِذا سَالَ. والمنْجُود: الْمَكْرُوبُ. وَقَدْ نُجِد نَجْداً، فَهُوَ منْجُودٌ ونَجِيدٌ، وَرَجُلٌ نَجِدٌ: عَرِقٌ؛ فأَما قَوْلُهُ:
إِذا نَضَخَتْ بالماءِ وازْدادَ فَوْرُها ... نَجا، وَهُوَ مَكْرُوبٌ منَ الغَمِّ ناجِدُ
فإِنه أَشبع الْفَتْحَةَ اضْطِرَارًا كَقَوْلِهِ:
فأَنتَ منَ الغَوائِلِ حينَ تُرْمَى، ... ومِنْ ذَمِّ الرِّجالِ بِمُنْتزاحِ
__________
(1) . قوله [عَلَى أَنَّ فِعْلًا وَفِعَالًا] كذا بالأَصل بهذا الضبط ولعل المناسب على أن فعلًا وفعلًا كرجل وكتف لا يكسران أَي على أفعال، وقوله لقلتهما في الصفة لعل المناسب لقلته أي أَفعال في الصفة لأَنه إنما ينقاس في الاسم
(2) . قوله [كأنه جمع نجداً] إِلى قوله قَالَ ابْنُ الأَثير كَذَا في النهاية
(3) . قوله [لأَن أَفعالًا فِي فَعُلٍ وفعل مطرد] فيه أن اطراده في خصوص الاسم وما هنا من الصفة
(4) . قوله [وأنجده الدعوة أجابها] كذا في الأَصل(3/418)
وَقِيلَ: هُوَ عَلَى فَعِلَ كَعَمِلَ، فَهُوَ عامِلٌ؛ وَفِي شِعْرُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
ونَجِدَ الماءُ الَّذِي تَوَرَّدا
أَي سالَ العَرَقُ. وتَوَرُّدُه: تَلَوُّنه. وَيُقَالُ: نَجِدَ يَنْجَدُ إِذا بَلُدَ وأَعْيَا، فَهُوَ نَاجِدٌ ومنْجُود. والنَّجْدة: الفَزَعُ والهَوْلُ؛ وَقَدْ نَجُد. والمنْجُود: المَكْرُوبُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ يَرْثِي ابْنَ أُخته وَكَانَ مَاتَ عَطَشًا فِي طَرِيقِ مكة:
صادِياً يَسْتَغِيثُ غَيرَ مُغاثٍ، ... ولَقَدْ كانَ عُصْرَةَ المنْجُودِ
يُرِيدُ المَغْلُوب المُعْيا والمَنْجُود الْهَالِكُ. والنَّجْدةُ: الثِّقَلُ والشِّدَّةُ لَا يُعْنَى بِهِ شدةُ النَّفْس إِنما يُعْنى بِهِ شِدَّةُ الأَمر عَلَيْهِ؛ وأَنشد بَيْتَ طَرَفَةَ:
تَحْسَبُ الطَّرْفَ عَلَيْها نَجْدَةً
ونَجَدَ الرجُلَ يَنْجُدُه نَجْداً: غَلَبَه. والنِّجادُ: مَا وَقَعَ عَلَى الْعَاتِقِ مِنْ حَمائِلِ السيْفِ، وَفِي الصِّحَاحِ: حَمَائِلُ السَّيْفِ، وَلَمْ يُخَصَّصْ. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ زَرْعٍ: زَوْجِي طَوِيلُ النِّجاد
؛ النِّجاد: حمائِلُ السَّيْفِ، تُرِيدُ طُولَ قَامَتِهِ فإِنها إِذا طالتْ طالَ نِجادُه، وَهُوَ مِنْ أَحسن الْكِنَايَاتِ؛ وَقَوْلُ مُهَلْهَلٍ:
تَنَجَّدَ حِلْفاً آمِناً فأُمِنْتُه، ... وإِنَّ جَدِيراً أَن يَكُونَ وَيَكْذِبَا
تَنَجَّدَ أَي حَلَفَ يَمِيناً غَلِيظَةً. وأَنْجَدَ الرجلُ: قَرُبَ مِنْ أَهله؛ حَكَاهَا ابْنُ سِيدَهْ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والنَّاجُودُ: الْبَاطِيَةُ، وَقِيلَ: هِيَ كُلُّ إِناءٍ يُجْعَلُ فِيهِ الْخَمْرُ مِنْ بَاطِيَةٍ أَو جَفْنةٍ أَو غَيْرِهَا، وَقِيلَ: هِيَ الكَأْسُ بِعَيْنِهَا. أَبو عُبَيْدٍ: النَّاجُودُ كُلُّ إِناءٍ يُجْعَلُ فِيهِ الشَّرَابُ مِنْ جَفْنة أَو غَيْرِهَا. اللَّيْثُ: الناجُودُ هُوَ الرّاوُوقُ نَفْسُه. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: اجْتَمَعَ شَرْبٌ مِنْ أَهل الأَنبار وَبَيْنَ أَيديهم ناجُودُ خَمْرٍ
أَي راوُوقٌ، وَيُقَالُ لِلْخَمْرِ: نَاجُودٌ. وَقَالَ الأَصمعي: النَّاجُودُ أَول مَا يَخْرُجُ مِنَ الْخَمْرِ إِذا بُزِلَ عَنْهَا الدنُّ، وَاحْتُجَّ بِقَوْلِ الأَخطل:
كأَنَّما المِسْكُ نُهْبَى بَيْنَ أَرْحُلِنا، ... مِمَّا تَضَوَّعَ مِنْ ناجُودِها الْجَارِي
فَاحْتُجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ عَلْقَمَةَ:
ظَلَّتْ تَرَقْرَقُ فِي الناجُودِ، يُصْفِقُها ... وَلِيدُ أَعْجَمَ بالكَتَّانِ مَلْثُومُ
يُصْفِقُها: يُحَوِّلُها مِنْ إِناءٍ إِلى إِناء لِتَصْفُوَ. الأَصمعي: الناجُودُ الدَّمُ. والناجودُ: الزَّعْفَرَانُ. والناجودُ: الخَمْرُ، وَقِيلَ: الْخَمْرُ الجَيِّدُ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ؛ وأَنشد:
تَمَشَّى بَيْننا ناجُودُ خَمْر
اللِّحْيَانِيُّ: لاقَى فُلانٌ نَجْدَةً أَي شِدّة، قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ شِدَّةِ النَّفْسِ وَلَكِنَّهُ مِنَ الأَمر الشَّدِيدِ. والنَّجْد: شَجَرٌ يُشْبِهُ الشُّبْرُمَ فِي لَوْنِه ونَبْتِه وَشَوْكِهِ. والنَّجْدُ: مَكَانٌ لَا شَجَرَ فِيهِ. والمِنجَدَةُ: عَصاً تُساقُ بِهَا الدَّوَابُّ وتُحَثُّ عَلَى السَّيْرِ ويُنْفَشُ بِهَا الصّوفُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَذن فِي قَطْعِ المِنْجَدةِ
، يَعْنِي مِنْ شَجَرِ الحَرَمِ، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وناجِدٌ ونَجْدٌ ونُجَيْدٌ ومُناجِدٌ ونَجْدَةُ: أَسماء. والنَّجَداتُ: قَوْمٌ مِنَ الْخَوَارِجِ مِنَ الحَرُورِيَّة يُنْسَبُونَ إِلى نَجْدة بنِ عامِرٍ الحَرُوريّ الحَنَفِيّ، رَجُلٌ مِنْهُمْ، يُقَالُ: هَؤُلَاءِ النجَداتُ. والنَّجَدِيَّة: قَوْمٌ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ. وعاصِمُ بْنُ أَبي النَّجُودِ: مِنَ القُرّاء.
ندد: نَدَّ الْبَعِيرُ يَنِدُّ نُدوداً إِذا شَردَ. ونَدّتِ الإِبلُ تَنِدُّ نَدّاً ونَدِيداً ونِداداً ونُدوداً(3/419)
وتَنادَّتْ: نَفَرتْ وَذَهَبَتْ شُرُوداً فمضَتْ عَلَى وُجُوهِهَا. وَنَاقَةٌ نَدُودٌ: شَرُودٌ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَضَى عَلَى الناسِ أَمْراً لَا نِدادَ لَه ... عَنْهُمْ، وَقَدْ أَخَذَ المِيثاقَ واعْتَقَدا
مَعْنَاهُ: أَنه لَا يَنِدُّ عَنْهُمْ وَلَا يَذْهَبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَنَدَّ بعيرٌ مِنْهَا
أَي شَرَد وذَهَبَ عَلَى وَجْهه. ويَوْمُ التَّنادِ: يَوْمُ القِيامةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِانْزِعَاجِ إِلى الْحَشْرِ، وَفِي التَّنْزِيلِ: يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ، قَالَ الأَزهري: الْقُرَّاءُ عَلَى تَخْفِيفِ الدَّالِ مِنَ التَّنَادِ،
وقرأَ الضَّحَّاكُ وَحْدَهُ يَوْمَ التنادِّ
، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: هُوَ مِنْ نَدَّ الْبَعِيرُ نِداداً أَي شَرَد. قَالَ: وَيَكُونُ التَّنَادُ، بِتَخْفِيفِ الدَّالِ، مِنْ نَدَّ فلَيَّنوا تَشْدِيدَ الدَّالِ وَجَعَلُوا إِحدى الدَّالَيْنِ يَاءً، ثُمَّ حَذَفُوا الْيَاءَ كَمَا قَالُوا دِيوان ودِيباجٌ ودِينارٌ وقِيراط، والأَصل دِوَّان ودِبّاجٌ وقرّاطٌ ودِنّارٌ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ جَمْعُهُمُ إِياها دَواوينَ وقَراريطَ ودَبابيجَ ودَنانِير، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ التَّنَادِّ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ قَوْلُهُ: يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ. وَقَالَ ابنُ سِيدَهْ: وأَما قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ يَوْمَ التَّنَادِ فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ مُحَوَّلِ هَذَا الْبَابِ فَحُوِّلَ للياء لتعتدل رؤوس الْآيِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ النِّدَاءِ وَحَذْفُ الْيَاءِ أَيضاً لِمِثْلِ ذَلِكَ. وإِبل نَدَدٌ: مُتَفَرِّقَةٌ كَرَفَضٍ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقَدْ أَنَدَّها ونَدَّدَها. وَقَالَ الْفَارِسِيُّ: قَالَ بَعْضُهُمْ: نَدَّتِ الْكَلِمَةُ شَذَّت، وَلَيْسَتْ بِقَوِيَّةٍ فِي الِاسْتِعْمَالِ، أَلا تَرَى أَن سِيبَوَيْهِ يَقُولُ: شَذَّ هَذَا وَلَا يَقُولُ نَدَّ؟ وَطَيْرٌ يَناديدُ وأَنادِيدُ: متفرقةٌ، قَالَ:
كأَنَّما أَهلُ حُجْرٍ، يَنظرون مَتَى ... يَرَوْنَني خَارِجًا، طَيْرٌ يَنادِيدُ
وَيُقَالُ: ذهبَ القومُ يَنادِيدَ وأَنادِيدَ إِذا تَفَرَّقُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ. ونَدَّدَ بِالرَّجُلِ: أَسْمَعَه الْقَبِيحَ وَصَرَّحَ بِعُيُوبِهِ، يَكُونُ فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ. أَبو زَيْدٍ: نَدَّدْتُ بِالرَّجُلِ تَنْدِيداً وسمَّعت بِهِ تَسْمِيعًا إِذا أَسمعْتَه الْقَبِيحَ وَشَتَمْتَهُ وشَهَّرْته وَسَمَّعْتَ بِهِ. والتَّنْدِيدُ: رَفْعُ الصَّوْتِ، قَالَ طَرَفَةُ.
لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أَو لِصوتِ مُنَدَّدِ
والصوتُ المُنَدَّدُ: المُبالَغُ فِي النِّداء. والنِّدُّ، بِالْكَسْرِ: الْمِثْلُ وَالنَّظِيرُ، وَالْجَمْعُ أَندادٌ، وَهُوَ النَّدِيدُ والنَّدِيدَةُ، قَالَ لَبِيَدٌ:
لكَي لَا يَكُونَ السَّنْدَرِيُّ نَدِيدَتي، ... وأَجْعَلَ أَقْواماً عُمُوماً عَماعِما
وَفِي كِتَابِهِ لأِكَيْدِرَ «1» وخَلْعِ الأَنْدَادِ والأَصنام: الأَنْدادُ جَمْعُ نِدٍّ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ مِثْلُ الشَّيْءِ الَّذِي يُضادُّه فِي أُموره ويُنادُّه أَي يُخَالِفُهُ، وَيُرِيدُ بِهَا مَا كَانُوا يَتخذونه آلِهَةً مِنْ دُونِ اللَّه، تَعَالَى اللَّه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً
، قَالَ الأَخفش: النِّدُّ الضِّدُّ والشِّبْهُ. وقوله: جَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً
، أَي أَضداداً وأَشباهاً. وَيُقَالُ: نِدُّ فُلَانٍ ونَدِيدُه ونَدِيدَتُه أَي مِثْلُه وشَبَهُه. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا خَالَفَكَ فأَردت وَجْهًا تَذْهَبُ بِهِ وَنَازَعَكَ فِي ضِدِّه: فُلَانٌ نِدِّي ونَدِيدي لِلَّذِي يُرِيدُ خلافَ الْوَجْهِ الَّذِي تُرِيدُ، وَهُوَ مستقِلٌّ مِنْ ذَلِكَ بِمِثْلِ مَا تستَقِلُّ بِهِ، قَالَ حَسَّانُ:
أَتَهْجُوهُ ولَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ؟ ... فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُما الفِداءُ
__________
(1) . 1 قوله" لأُكيدر" قال الزرقاني على المواهب ممنوع من الصرف وكتب بهامشه في المصباح: وتصغير الأكدر أُكيدر وبه سمي ومنه أُكيدر صَاحِبَ دُومَةِ الْجَنْدَلِ.(3/420)
أَي لَسْتَ لَهُ بِمِثْلٍ فِي شَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهِ. وَيُقَالُ: نادَدْتُ فُلَانًا إِذا خَالَفْتَهُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ فُلَانَةٌ نِدُّ فُلَانَةٍ وخَتَنُها وتِرْبُها. قَالَ: وَلَا يُقَالُ فُلَانَةٌ نِدُّ فُلَانٍ وَلَا ختنُ فُلَانٍ فَتُشَبِّهُها بِهِ. والنِّدُّ والنَّدُّ: ضَرْب مِنَ الطِّيبِ يُدَخَّن بِهِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَحسب النَّدَّ عَرَبِيًّا صَحِيحًا. قَالَ اللَّيْثُ: النَّدُّ ضَرْب مِنَ الدُّخْنَة. وَقَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ يقال للعنبر: النَّدُّ، وللبَقَّم: العَنْدمُ، وللمِسْك: الْفَتِيقُ. والنَّدُّ: التَّلُّ المرتفعُ فِي السَّمَاءِ، لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ. ويَنْدَد: مَوْضِعٌ، وَقِيلَ: هِيَ مِنْ أَسماء مَدِينَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومَنْدَد: بَلَدٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه جَرَى فِي فَكِّ التَّضْعِيفِ مَجْرَى مَحْبَب لِلْعَلَمِيَّةِ. قَالَ: وَلَمْ أَجعله مِنْ بَابِ مَهْدَدٍ لِعَدَمِ" م ن د"، قَالَ ابن الأَحمر:
وللشَّيْخ تَبْكِيه رُسومٌ، كأَنَّما ... تَراوَحها العَصْرَيْنِ أَرواحُ مَنْدَدِ
نرد: الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ رَنَدَ: الرَّنْدُ عِنْدَ أَهل الْبَحْرَيْنِ شِبْه جُوالِقٍ واسِعِ الأَسفلِ مَخْروطِ الأَعلى، يُسَفُّ مِنْ خُوصِ النخْلِ ثُمَّ يُخَيَّطُ ويُضْرَبُ بالشُّرُط الْمَفْتُولَةِ مِنَ اللِّيف حَتَّى يَتَمَتَّنَ، فيقومَ قَائِمًا ويُعَرَّى بِعُرى وَثِيقَةٍ، يُنْقَلُ فِيهِ الرُّطَب أَيام الخِرافِ يُحْمَل مِنْهُ رَنْدانِ عَلَى الْجَمَلِ الْقَوِيِّ. قَالَ: ورأَيت هَجَرِيًّا يَقُولُ لَهُ النَّرْد وكأَنه مَقْلُوبٌ، وَيُقَالُ لَهُ القَرْنَةُ أَيضاً. وَالنَّرْدُ: مَعْرُوفٌ شَيْءٌ يُلْعَبُ بِهِ؛ فَارِسِيٌّ معرَّب وَلَيْسَ بِعَربي وَهُوَ النَّرْدشير. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ لَعِبَ بالنَّرْدشير فكأَنما غَمَس يَدَه فِي لَحْمِ الخِنْزير ودَمه
؛ النَّرْدُ: اسْمٌ أَعجمي مُعَرَّبٌ وشِير بمعنى حُلْو.
نشد: نَشَدْتُ الضَّالَّةَ إِذا ناديتَ وسَأَلتَ عَنْهَا. ابْنُ سِيدَهْ: نَشَدَ الضَّالَّةَ يَنْشُدُها نِشْدَةً ونِشْداناً طَلَبَها وعرَّفَها. وأَنْشَدَها: عَرَّفَها؛ وَيُقَالُ أَيضاً: نَشَدْتُها إِذا عَرَّفْتها؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ:
ويُصِيخُ أَحْياناً، كَمَا اسْتَمَعَ ... المُضِلُّ لِصَوتِ ناشِدْ
أَضَلَّ أَي ضَلَّ لَهُ شَيْءٌ، فَهُوَ يَنْشُدُه. قَالَ: وَيُقَالُ فِي النَّاشِدِ: إِنه المُعَرِّفُ. قَالَ شَمِرٌ: وَرُوِيَ عَنِ
الْمُفَضَّلِ الضبِّي أَنه قَالَ: زَعَمُوا أَن امرأَة قَالَتْ لِابْنَتِهَا: احْفَظِي بِنْتَكِ مِمَّنْ لَا تَنْشُدِين
أَي لَا تَعْرِفين. قَالَ الأَصمعي: كَانَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ يَعْجَبُ مِنْ قَوْلِ أَبي دُواد:
كَمَا اسْتَمَعَ المُضِلُّ لِصَوْتِ ناشِد
قَالَ: أَحسبه قَالَ هَذَا وَغَيْرَهُ أَراد بِالنَّاشِدِ أَيضاً رَجُلًا قَدْ ضَلَّتْ دابَّتُه، فَهُوَ يَنْشُدُها أَي يَطلبها لِيَتَعَزَّى بِذَلِكَ؛ وأَما ابْنُ المُظفر فإِنه جَعَلَ النَّاشِدَ المعرِّف فِي هَذَا الْبَيْتِ؛ قَالَ: وَهَذَا مِنْ عَجِيبِ كَلَامِهِمْ أَن يَكُونَ الناشِدُ الطالِبَ والمُعَرِّفَ جَمِيعًا، وَقِيلَ: أَنْشَدَ الضَّالة اسْترشَدَ عَنْهَا، وأَنشد بَيْتَ أَبي دُوَادَ أَيضاً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الناشِدُ هُنَا المُعَرِّفُ، قَالَ: وَقِيلَ الطَّالِبُ لأَن المُضِلَّ يَشْتَهِي أَن يَجِدَ مُضِلًا مِثْلَهُ لِيَتَعَزَّى بِهِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمُ الثَّكْلَى تُحِبُّ الثَّكْلَى. وَالنَّاشِدُونَ: الَّذِينَ يَنْشُدُون الإِبل وَيَطْلُبُونَ الضوالَّ فيأْخذونها ويحْبِسونها عَلَى أَربابها؛ قَالَ ابْنُ عُرْسٍ:
عِشْرُونَ أَلفاً هَلَكُوا ضَيْعَةً، ... وأَنْتَ مِنْهُمْ دَعْوَةُ الناشِدِ
يَعْنِي قَوْلَهُ: أَين ذَهَبَ أَهلُ الدارِ أَين انْتَوَوْا كَمَا يَقُولُ صَاحِبُ الضَّالّ: مَنْ أَصابَ؟ مَنْ أَصابَ؟ فالناشِدُ الطَّالِبُ، يُقَالُ مِنْهُ: نَشَدْتُ الضَّالَّة أَنشُدُها(3/421)
وأَنْشِدُها نَشْداً ونِشْداناً إِذا طَلَبْتها، فأَنا ناشِدٌ، وأَنْشَدْتُها فأَنا مُنْشِدٌ إِذا عَرَّفْتَها. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذِكْرِه حَرَمَ مَكَّةَ فَقَالَ: لَا يُخْتلى خَلاها وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُها إِلا لمُنْشِد
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُنْشِدُ المُعَرِّفُ. قَالَ: وَالطَّالِبُ هُوَ النَّاشِدُ. قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ أَن الناشدَ هُوَ الطالبُ حديثُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُد ضالَّة فِي المَسْجِد فَقَالَ: يَا أَيها الناشِدُ، غَيْرَكَ الواجِد
؛ مَعْنَاهُ لَا وجَدْت وَقَالَ ذَلِكَ تأْديباً لَهُ حَيْثُ طَلَبَ ضَالَّتَهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مِنَ النَّشِيدِ رفْع الصَّوْتِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِنما قِيلَ لِلطَّالِبِ نَاشَدَ لِرَفْعِ صَوْتِهِ بِالطَّلَبِ. والنَّشِيدُ: رَفْعُ الصَّوْت، وَكَذَلِكَ المعَرِّفُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّعْرِيفِ فَسُمِّيَ مُنْشِداً؛ وَمِنْ هَذَا إِنشاد الشِّعْرِ إِنما هُوَ رَفْعُ الصَّوْتِ. وَقَوْلُهُمْ: نَشَدْتُك بِاللَّهِ وبالرَّحِم، مَعْنَاهُ: طَلَبْتُ إِليك بِاللَّهِ وَبِحَقِّ الرَّحِم بِرَفْعِ نَشِيدِي أَي صَوْتِي. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِمْ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ، قَالَ: النَّشِيدُ الصَّوْتُ، أَي سأَلتك بِاللَّهِ بِرَفْعِ نَشِيدِي أَي صَوْتِي. قَالَ: وَقَوْلُهُمْ نَشَدْتُ الضَّالَّةَ أَي رَفَعْتُ نَشِيدِي أَي صَوْتِي بِطَلَبِهَا. قَالَ: وَمِنْهُ نَشَدَ الشِّعْر وأَنشده، فنَشده: أَشاد بِذِكْرِهِ، وأَنشده إِذا رَفَعَهُ، وَقِيلَ فِي مَعْنَى قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَلَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلا لِمُنْشِدٍ
، قَالَ: إِنه فَرَقَ بِقُولِهِ هَذَا بَيْنَ لُقَطةِ الْحَرَمِ وَلُقَطَةِ سَائِرِ البُلْدانِ لأَنه جَعَلَ الحُكْم فِي لُقَطَةِ سَائِرِ الْبِلَادِ أَنَّ مُلْتَقِطَهَا إِذا عَرَّفَهَا سَنَةً حلَّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وجَعَلَ لُقَطَةَ حَرمِ اللَّهِ مَحْظُورًا عَلَى مُلْتَقِطِها الانتفاعُ بِهَا وإِن طَالَ تَعْرِيفُهُ لَهَا، وحَكَمَ أَنه لَا يَحِلُّ لأَحد الْتِقَاطُهَا إِلا بنيَّة تَعْرِيفِهَا مَا عاشَ، فأَما أَن يأْخذها مِنْ مَكَانِهَا وَهُوَ يَنْوِي تَعْرِيفَهَا سَنَةً ثُمَّ يَنْتَفِعُ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ بِلُقَطَةِ سَائِرِ الأَرض فَلَا؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مَعْنَى مَا فَسَّرَهُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وأَبو عُبَيْدٍ وَهُوَ الأَثر. غَيْرُهُ: ونَشَدْتُ فُلَانًا أَنْشُدُه نَشْداً إِذا قُلْتَ لَهُ نَشَدْتُك اللَّهَ أَي سأَلتك بِاللَّهِ كأَنك ذكَّرْتَه إِياه فَنَشَدَ أَي تَذَكَّرَ؛ وَقَوْلُ الأَعشى:
رَبِّي كَرِيمٌ لَا يُكَدِّرُ نِعْمَةً، ... وإِذا تُنُوشِدَ فِي المَهارِقِ أَنْشَدَا
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ إِذا سُئِلَ بكَتْبِ الجَوائِز أَعْطى. وَقَوْلُهُ تُنُوشِدَ هُوَ فِي مَوْضِعِ نُشِدَ أَي سُئِلَ. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ: يُقَالُ نَشُدَ يَنْشُدُ فُلَانٌ فُلَانًا إِذا قَالَ نَشَدْتُكَ باللهِ والرَّحِم. وَتَقُولُ: ناشَدْتُكَ اللَّهَ. وَفِي الْمُحْكَمِ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ نَشْدَةً ونِشْدَةً ونِشْداناً اسْتَحْلَفْتُكَ بِاللَّهِ، وأَنشدُك بِاللَّهِ إِلا فَعَلْتَ: أَستَحْلِفُكَ بِاللَّهِ. ونَشْدَكَ اللَّهَ أَي أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ؛ وَقَدْ ناشَدَه مُناشَدةً ونِشاداً. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَشَدْتك اللَّهَ والرَّحِم أَي سأَلتُكَ بِاللَّهِ والرَّحِمِ.
يُقَالُ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ وأَنْشُدُك اللَّهَ وَبِاللَّهِ وناشَدتُك اللَّهَ وَبِاللَّهِ أَي سأَلتُك وأَقْسَمْتُ عَلَيْكَ. ونَشَدْتُه نِشْدَةً ونِشْداناً ومُناشَدَةً، وتَعْدِيَتُه إِلى مَفْعُولَيْنِ إِما لأَنه بِمَنْزِلَةِ دَعَوْتَ، حَيْثُ قَالُوا نَشَدْتُكَ اللَّهَ وَبِاللَّهِ، كَمَا قَالُوا دَعَوْتُه زَيْدًا وَبِزَيْدٍ إِلا أَنهم ضمَّنوه مَعْنَى ذكَّرْت. قَالَ: فأَما أَنشدتك بِاللَّهِ فخطأٌ: وَمِنْهُ حَدِيثُ
قَيْلَة: فَنَشَدْتُ عَلَيْهِ «2» فسأَلتُه الصُّحْبَة
أَي طَلَبْتُ مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ: أَنَّ الأَعضاء كلَّها تُكَفِّرُ اللسانَ تَقُولُ: نِشْدَكَ اللَّهَ فِينَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: النِّشْدَةُ مَصْدَرٌ وأَما نِشْدَك فَقِيلَ إِنه حَذَفَ مِنْهَا التَّاءَ وأَقامها مُقامَ الفِعْل، وَقِيلَ: هُوَ بِنَاءٌ مُرْتَجَلٌ كقِعْدَك اللَّهَ وعَمْرَكَ اللَّهَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَوْلُهُمْ عَمْرَكَ الله
__________
(2) . قوله [فنشدت عليه إلخ] كذا بالأصل والذي في نسخة من النهاية يوثق بها فنشدت عنه أي سألت عنه(3/422)
وقِعدَك اللَّهَ بِمَنْزِلَةِ نِشْدَك اللَّهَ، وإِن لَمْ يُتَكلم بِنِشْدَك، وَلَكِنْ زَعَمَ الْخَلِيلُ أَن هَذَا تَمْثِيلٌ تُمُثِّل بِهِ «1» قَالَ: وَلَعَلَّ الرَّاوِيَ قَدْ حَرَّفَ الرِّوَايَةَ عَنْ نَنْشُدُكَ اللَّهَ، أَو أَراد سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلُ قِلَّةَ مَجِيئِهِ فِي الْكَلَامِ لَا عَدَمَهُ، أَو لَمْ يبلغْهما مَجِيئُه فِي الْحَدِيثِ فحُذِفَ الفِعْلُ الَّذِي هُوَ أَنشدك اللَّهَ وَوُضِعَ المصْدَرُ مَوْضِعَهُ مُضَافًا إِلى الْكَافِ الَّذِي كَانَ مَفْعُولًا أَول. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: فأَنْشَدَ لَهُ رِجالٌ
أَي أَجابوه. يُقَالُ: نَشَدْتُه فأَنْشَدَني وأَنْشَدَ لِي أَي سأَلْتُه فأَجابني، وَهَذِهِ الأَلِف تُسَمَّى أَلِفَ الإِزالة. يُقَالُ: قَسَطَ الرَّجُلُ إِذا جارَ، وأَقْسَطَ إِذا عَدَلَ، كأَنه أَزال جَوْرَه وأَزال نَشِيدَه، وَقَدْ تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الأَحاديث عَلَى اخْتِلَافِ تصرُّفها؛ وناشَدَه الأَمرَ وناشَدَه فِيهِ. وَفِي الْخَبَرِ:
أَن أُمّ قَيْسِ بْنِ ذَرِيحٍ أَبْغَضَتْ لُبْنَى فناشَدَتْه فِي طَلاقِها
، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ عَدَّتْ بِفِي لأَنَّ فِي ناشَدَتْ مَعْنى طَلَبَتْ ورَغِبَتْ وتَكَلَّمَتْ؛ وأَنشد الشِّعْرَ. وَتَنَاشَدُوا: أَنشد بَعْضُهُمْ بَعْضًا. والنَّشِيدُ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفْعَل. والنشيدُ: الشِّعْرُ الْمُتَنَاشَدُ بَيْنَ الْقَوْمِ يَنْشُدُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ قَالَ الأُقيشر الأَسدي:
ومُسَوّف نَشَدَ الصَّبُوحَ صَبَحْتُه، ... قَبْلَ الصَّباح، وقَبْلَ كلِّ نِداءِ
قَالَ: الْمُسَوِّفُ الْجَائِعُ يَنْظُرُ يَمْنَةً ويَسْرَةً. نَشَدَه: طَلَبَهُ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
أَنْشُدُ الناسَ وَلَا أُنْشِدُهم، ... إِنَّما يَنْشُدُ مَنْ كانَ أَضَلْ
قَالَ: لَا أُنْشِدُهم أَي لَا أَدُلُّ عَلَيْهِمْ. ويَنْشُدُ: يَطْلُبُ. والنَّشِيدُ مِنَ الأَشعار: مَا يُتناشَدُ. وأَنْشَدَ بِهِمْ. هَجَاهُمْ. وَفِي الْخَبَرِ أَن السَّليطِيِّينَ قَالُوا لِغَسَّانَ: هَذَا جَرِيرٌ يُنْشِدُ بِنَا أَي يَهْجُونا؛ واسْتَنْشَدْتُ فُلَانًا شِعْرَهُ فأَنشدنيه. ومُنْشِدٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِذا مَا انْجَلَتْ عنهُ غَدَاةً ضَبابةٌ، ... غَدا وَهُوَ فِي بَلْدٍ خَرانِقِ مُنْشِدِ
نضد: نَضَدْتُ المَتاعَ أَنْضِدُه، بِالْكَسْرِ، نَضْداً ونَضَّدْتُه: جَعَلْتُ بعضَه عَلَى بَعْضٍ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: ضَمَمْتُ بَعْضَه إِلى بَعْضٍ. والتَّنْضِيدُ: مِثْلُهُ شُدِّد لِلْمُبَالَغَةِ فِي وَضْعِهِ مُتراصِفاً. والنَّضَدُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا نُضِّدَ مِنْ مَتاعِ الْبَيْتِ، وَفِي الصِّحَاحِ: متاعُ البيتِ المَنْضُودُ بعْضُه فَوْقَ بَعْضٍ، وَقِيلَ: عامَّتُه، وَقِيلَ: هُوَ خِيارُه وحُرُّه، والأَوَّل أَولى. والنَّضَدُ: مَا نُضِّدَ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَنْضادٌ؛ قَالَ النَّابِغَةِ:
خَلَّتْ سَبِيلَ أَتِيٍّ كَانَ يَحْبِسُه، ... ورفَّعَتْه إِلى السَّجْفَيْنِ فالنَّضَدِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنّ الْوَحْيَ، وَقِيلَ جِبْرِيلُ، احْتَبَسَ أَياماً فَلَمَّا نَزَلَ استبطأَه النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكر أَنَّ احتباسَه كَانَ لِكَلْبٍ كَانَ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُمْ
؛ والنَّضَدُ: السريرُ يُنَضَّدُ عَلَيْهِ المتاعُ والثيابُ. قَالَ اللَّيْثُ: النَّضَدُ السريرُ فِي بَيْتِ النَّابِغَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ غَلَطٌ إِنما النَّضَدُ مَا فَسَّرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ، وَهُوَ بِمَعْنَى المَنْضُود. والنَّضَدُ: السَّحابُ الْمُتَرَاكِمُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
أَلا تَسْأَل الأَطْلالَ بالجَرَعِ العُفْرِ؟ ... سَقاهُنَّ رَبِّي صَوْبَ ذِي نَضَدٍ صُمْرِ
__________
(1) . قوله [تمثل به] في نسخة النهاية التي بأيدينا يمثل به(3/423)
وَالْجَمْعُ أَنضادٌ. ونَضَدَ الشيءَ: جَعَلَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ مُتَّسِقاً أَو بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، والنَّضَدُ الِاسْمُ، وَهُوَ مِنْ حُرِّ المتاعِ يُنَضَّدُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ يُسَمَّى نَضَداً. وأَنضادُ الجِبالِ: جَنادِلُ بعضُها فَوْقَ بَعْضٍ؛ وَكَذَلِكَ أَنضادُ السَّحَابِ: مَا تراكبَ مِنْهُ؛ وأَما قَوْلُ رُؤْبَةَ يَصِفُ جَيْشًا:
إِذا تَدانَى لَمْ يُفَرَّجْ أَجَمُهْ، ... يُرْجِفُ أَنْضادَ الجِبالِ هَزَمُه
فإِنّ أَنضادَ الجِبالِ مَا تراصَفَ مِن حِجارتها بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وطَلْعٌ نَضِيدٌ: قَدْ رَكِبَ بعضُه بَعْضًا. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ
؛ أَي مَنْضُودٌ؛ وَفِيهِ أَيضاً: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: طَلْعٌ نَضِيدٌ يَعْنِي الكُفُرّى مَا دَامَ فِي أَكمامه فَهُوَ نَضِيدٌ، وَقِيلَ: النَّضِيدُ شِبْهُ مِشْجَبٍ نُضِّدَتْ عَلَيْهِ الثيابُ، وَمَعْنَى مَنْضُودٍ بعضُه فَوْقَ بَعْضٍ، فإِذا خَرَجَ مِنْ أَكمامِه فَلَيْسَ بِنَضِيدٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ فِي قَوْلِهِ: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ
، هُوَ الَّذِي نُضِّدَ بِالْحَمْلِ مِنْ أَوله إِلى آخِرِهِ أَو بِالْوَرَقِ لَيْسَ دُونَهُ سُوق بَارِزَةٌ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ:
إِن الْكَلْبَ كَانَ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُمْ
أَي كَانَ تَحْتَ مِشْجَبٍ نُضِّدَتْ عَلَيْهِ الثيابُ والآثاثُ، وَسُمِّيَ السَّرِيرُ نَضَداً لأَن النَّضَدَ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: لَتَتَّخِذُنَّ نَضائِدَ الدِّيباجِ وسُتورَ الحَريرِ ولَتَأْلَمُنَّ النَّوْمَ عَلَى الصُّوفِ الأَذَرِيّ «1» كَمَا يَأْلَمُ أَحدُكُمُ النَّوْمَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدانِ
؛ قَالَ الْمُبَرِّدُ: قَوْلُهُ نَضائِدَ الدِّيباجِ أَي الوَسائدَ، وَاحِدُهَا نَضِيدةٌ وَهِيَ الوسادةُ وَمَا حُشِي مِنَ الْمَتَاعِ؛ وأَنشد:
وقَرَّبَتْ خُدّامُها الوَسائِدا، ... حَتَّى إِذا مَا عَلَّوُا النَّضائِدا
قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِجَمَاعَةٍ ذَلِكَ النضَدُ؛ وأَنشد:
ورَفَّعَتْه إِلى السَّجْفَيْنِ فالنَّضَدِ
وَفِي حَدِيثِ
مَسْرُوقٍ: شجرُ الْجَنَّةِ نَضِيدٌ مِنْ أَصلها إِلى فَرْعِهَا
أَي لَيْسَ لَهَا سُوق بارِزَةٌ وَلَكِنَّهَا مَنْضُودةٌ بِالْوَرَقِ والثمارِ مِنْ أَسفلها إِلى أَعلاها، وَهُوَ فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وأَنضادُ الْقَوْمِ: جماعتُهم وعددُهم. والنضَدُ: الأَعْمام والأَخوال الْمُتَقَدِّمُونَ فِي الشَّرَفِ، وَالْجَمْعُ أَنضادٌ؛ قَالَ الأَعشى:
وقَوْمُك إِنْ يَضْمَنُوا جَارَةً، ... يَكُونوا بِمَوضِعِ أَنْضادِها
أَراد أَنهم كَانُوا بِمَوْضِعِ ذَوِي شَرَفِهَا وأَحسابها؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
لَا تُوعِدَنِّي حَيَّةٌ بالنَّكْزِ، ... أَنا ابنُ أَنْضادٍ إِليها أَرْزي
ونَضَدْتُ اللَّبِنَ عَلَى الْمَيِّتِ. والنضَدُ: الشَّرِيفُ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْجَمْعُ أَنْضادٌ. ونَضادِ: جبَلٌ بِالْحِجَازِ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّة:
كأَنّ المَطايا تَتَّقِي، مِنْ زُبانةٍ، ... مَناكِبَ رُكْنٍ مِنْ نَضادٍ مُلَمْلَمِ «2» .
نفد: نَفِدَ الشيءُ نَفَداً ونَفاداً: فَنِيَ وذهَب. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ مَا انقَطَعَتْ وَلَا فَنِيَتْ. وَيُرْوَى أَن الْمُشْرِكِينَ قَالُوا فِي الْقُرْآنِ: هَذَا كلامٌ سَيَنْفَدُ وَيَنْقَطِعُ، فأَعلم اللَّهُ تَعَالَى أَنّ كَلَامَهُ وحِكْمَتَه لَا تَنْفَدُ؛ وأَنْفَدَه هُوَ واسْتَنْفَدَه. وأَنْفَدَ القومُ إِذا نَفِدَ زادُهم أَو نَفِدَتْ أَموالُهم؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
أَغَرّ كَمِثْلِ البَدْرِ يَسْتَمْطِرُ النَّدَى، ... ويَهْتَزُّ مُرْتاحاً إِذا هو أَنْفَدَا
__________
(1) . قوله [الأَذري] كذا بالأَصل وفي شرح القاموس الأَذربي
(2) . قوله [مناكب] في ياقوت مناكد(3/424)
واسْتَنْفَدَ القومُ مَا عِنْدَهُمْ وأَنْفَدُوه. واسْتَنْفَدَ وُسْعَه أَي اسْتَفْرَغَه. وأَنْفَدَتِ الرَّكِيَّةُ: ذَهَبَ مَاؤُهَا. والمُنافِدُ: الَّذِي يُحاجُّ صاحبَه حَتَّى يَقْطَع حُجَّتَه وتَنْفَدَ. ونافَدْتُ الخَصْمَ مُنافَدةً إِذا حاجَجْتَه حَتَّى تَقْطَعَ حُجَّتَه. وخَصْم مُنافِدٌ: يَسْتَفْرِغُ جُهْدَه فِي الْخُصُومَةِ؛ قَالَ بَعْضُ الدَّبِيرِيِّينَ:
وَهُوَ إِذا مَا قِيلَ: هَلْ مِنْ وافِدِ؟ ... أَو رجُلٍ عَنْ حقِّكُم مُنافِدِ؟
يكونُ للغائِبِ مِثْلَ الشاهِدِ
وَرَجُلٌ مُنافِدٌ: جَيِّدُ الِاسْتِفْرَاغِ لِحُجَجِ خَصْمِه حَتَّى يُنْفِدَها فَيَغْلِبَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنْ نافَدْتَهم نافَدُوك
، قَالَ: وَيُرْوَى بِالْقَافِ، وَقِيلَ: نَافَذُوكَ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ: إِنْ نافَدْتَهم نافَدُوك
؛ نافَدْتُ الرجلَ إِذا حاكَمْتَه أَي إِن قلتَ لَهُمْ قَالُوا لَكَ؛ قَالَ: وَيُرْوَى بِالْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وَفِي فُلَانٍ مُنْتَفَدٌ عَنْ غَيْرِهِ: كَقَوْلِكَ مَنْدُوحَةٌ؛ قَالَ الأَخطل:
لقدْ نَزَلْت بِعبْدِ اللهِ مَنْزِلةً، ... فِيهَا عَنِ العَقْب مَنْجاةٌ ومُنْتَفَدُ
وَيُقَالُ: إِنَّ فِي مَالِهِ لَمُنْتَفَداً أَي لَسَعَةً. وانتَفَدَ مِنْ عَدْوِه: استوْفاهُ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ يَصِفُ فَرَسًا:
فأَلْجَمَها فأَرْسَلَها عَلَيْهِ، ... وولَّى، وَهُوَ مُنْتَفِدٌ بَعِيدُ
وَقَعَدَ مُنْتَفِداً أَي مُتَنَحِّياً؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنكم مَجْمُوعُونَ فِي صَعيدٍ وَاحِدٍ يَنْفُدُكُم البَصَرُ.
يُقَالُ: نَفَدَني بَصَرُه إِذا بَلَغَني وجاوَزَني. وأَنفَدْتُ القومَ إِذا خَرَقْتَهم ومَشَيْتَ فِي وَسَطِهم، فإِن جُزْتَهم حَتَّى تُخَلِّفَهم قُلْتَ: نَفَدْتُهم، بِلَا أَلف؛ وَقِيلَ: يُقَالُ فِيهَا بالأَلف، قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ يَنْفُدُهم بصرُ الرحمنِ حَتَّى يأْتِيَ عَلَيْهِمْ كلِّهم، وَقِيلَ: أَراد يَنْفُدُهم بَصَرُ النَّاظِرِ لِاسْتِوَاءِ الصعيدِ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: أَصحاب الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وإِنما هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أَي يَبْلُغُ أَوَّلَهم وآخِرَهم حَتَّى يَرَاهُمْ كلَّهم ويَسْتَوْعِبَهم، مِنْ نَفَدَ الشيءُ وأَنفَدْتُه؛ وحملُ الْحَدِيثِ عَلَى بَصَرِ المُبْصِر أَولى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى بَصَرِ الرَّحْمَنِ، لأَن اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، يَجْمَعُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَرضٍ يَشْهَدُ جميعُ الْخَلَائِقِ فِيهَا مُحاسَبةَ العبدِ الواحدِ عَلَى انْفِرَادِهِ، ويَرَوْنَ ما يَصِيرُ إِليه.
نقد: النقْدُ: خلافُ النَّسيئة. والنقْدُ والتَّنْقادُ: تمييزُ الدراهِم وإِخراجُ الزَّيْفِ مِنْهَا؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
تَنْفِي يَداها الحَصَى، فِي كلِّ هاجِرةٍ، ... نَفْيَ الدَّنانِيرِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ
وَرِوَايَةُ سِيبَوَيْهِ: نَفْيَ الدراهِيمِ، وَهُوَ جَمْعُ دِرْهم عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ أَو دِرْهام عَلَى الْقِيَاسِ فِيمَنْ قَالَهُ. وَقَدْ نَقَدَها يَنْقُدُها نَقْداً وانتَقَدَها وتَنَقَّدَها ونَقَدَه إِياها نَقْداً: أَعطاه فانتَقَدَها أَي قَبَضَها. اللَّيْثُ: النقْدُ تَمْيِيزُ الدراهِم وإِعطاؤكَها إِنساناً، وأَخْذُها الانتقادُ، والنقْدُ مَصْدَرُ نَقَدْتُه دراهِمَه. ونَقَدْتُه الدراهِمَ ونقَدْتُ لَهُ الدَّرَاهِمَ أَي أَعطيته فانتَقَدَها أَي قَبَضَها. ونقَدْتُ الدَّرَاهِمَ وانتَقَدْتُها إِذا أَخْرَجْتَ مِنْهَا الزَّيْفَ. وَفِي حَدِيثِ
جابِرٍ وجَمَلِه، قَالَ: فَنَقَدَني ثمنَه
أَي أَعطانيه نَقْداً مُعَجَّلًا. والدِّرْهَمُ نَقْدٌ أَي وازِنٌ جَيِّدٌ. وناقدْتُ فُلَانًا إِذا نَاقَشَتْهُ فِي الأَمر. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا هَذِهِ مِائَةٌ نَقْدٌ، الناسُ عَلَى إِرادة حَذْفِ اللَّامِ وَالصِّفَةِ فِي ذَلِكَ أَكثرُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:(3/425)
لَتُنْتَجَنَّ وَلَداً أَو نَقْدا
فَسَّرَهُ فَقَالَ: لَتُنْتَجَنَّ نَاقَةً فَتُقْتَنَى أَو ذكَراً فَيُبَاعُ لأَنهم قَلَّمَا يُمْسِكُونَ الذُّكُورَ. ونَقَدَ الشيءَ يَنْقُدُه نَقْداً إِذا نَقَرَه بإِصبعه كَمَا تُنْقَر الْجَوْزَةُ. والمِنْقَدَةُ: حُرَيْرَةٌ يُنْقَدُ عَلَيْهَا الجَوْزُ. والنقْدةُ: ضربةُ الصبيِّ جَوْزةً بإِصبعه إِذا ضَرَبَ. ونقَدَ أَرنبَتَه بإِصبعه إِذا ضَرَبَهَا؛ قَالَ خَلْفٌ:
وأَرْنَبَةٌ لَكَ مُحْمَرَّة، ... يَكادُ يُقَطِّرُها نَقْدَة
أَي يشقُّها عَنْ دَمها. ونَقَدَ الطائرُ الفَخَّ يَنْقُدُه بِمِنْقاره أَي يَنْقُرُه، والمِنْقادُ مِنْقارُه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: كَانَ فِي سَفَر فقرَّبَ أَصحابُه السُّفْرةَ ودعَوْه إِليها، فَقَالَ: إِني صَائِمٌ، فَلَمَّا فَرَغُوا جَعَلَ يَنْقُدُ شَيْئًا مِنْ طَعَامِهِمْ
أَي يأْكل شَيْئًا يَسِيرًا؛ وَهُوَ مِنْ نقَدْتُ الشيءَ بإِصْبَعِي أَنقُدُه وَاحِدًا وَاحِدًا نَقْدَ الدراهِمِ. ونَقَدَ الطائرُ الحَبَّ ينقُده إِذا كَانَ يلْقُطُه وَاحِدًا وَاحِدًا، وَهُوَ مِثْلُ النَّقْر، وَيُرْوَى بِالرَّاءِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ: وَقَدْ أَصْبَحْتُم تَهْذِرون الدُّنْيَا
«3» . ونقَدَ بِإِصْبَعِه أَي نقَرَ، ونقَد الرجلُ الشيءَ بِنَظَرِهِ يَنْقُدُه نقْداً ونقَدَ إِليه: اختلَسَ النَّظَرَ نَحْوَهُ. وَمَا زَالَ فُلَانٌ يَنْقُدُ بصَرَه إِلى الشَّيْءِ إِذا لَمْ يَزَلْ يَنْظُرُ إِليه. والإِنسانُ يَنْقُدُ الشيءَ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ مخالَسةُ النَّظَرِ لِئَلَّا يُفْطَنَ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْدَاءِ أَنه قَالَ: إِنْ نقَدْتَ الناسَ نَقَدُوكَ وإِن تَرَكْتَهُمْ تَرَكُوكَ
؛ مَعْنَى نَقَدْتَهُمْ أَي عِبْتهم واغتَبْتَهم قَابَلُوكَ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ نقَدْتُ رأْسه بإِصبعي أَي ضَرَبْتُهُ ونقَدْتُ الجَوْزَةَ أَنقُدها إِذا ضَرَبْتُهَا، وَيُرْوَى بِالْفَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ونقَدَتْه الحيَّةُ: لدغَتْه. والنَّقَدُ: تَقَشُّرٌ فِي الحافِرِ وتَأَكُّلٌ فِي الأَسنان، تَقُولُ مِنْهُ: نَقِدَ الْحَافِرُ، بِالْكَسْرِ، ونَقِدَتْ أَسنانُه ونَقِدَ الضِّرْسُ والقَرْنُ نَقَداً، فَهُوَ نَقِدٌ: ائتُكِلَ وتَكَسَّر. الأَزهري: والنقَدُ أَكل الضِّرْس، وَيَكُونُ فِي القَرْن أَيضاً؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
عاضَها اللَّهُ غُلاماً، بَعْدَ ما ... شابتِ الأَصْداغُ والضِّرْسُ نَقَد
وَيُرْوَى بِالْكَسْرِ أَيضاً؛ وَقَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
تَيْسُ تُيُوسٍ إِذا يُناطِحُها، ... يَأْلَمُ قَرْناً أَرُومُه نَقَدُ
أَي أَصْلُه مُؤْتَكَلٌ، وقَرْناً مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَيُرْوَى قَرْنٌ أَي يأْلَم قَرْنٌ مِنْهُ. ونَقِدَ الجِذْعُ نَقَداً: أَرِضَ. وانْتَقَدَتْه الأَرَضَةُ: أَكلتْه فتَرَكَتْه أَجْوَفَ. والنَّقَدةُ: الصَّغِيرَةُ مِنَ الغَنَم، الذكَرُ والأُنثى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَالْجَمْعُ نَقَدٌ ونِقادٌ ونِقادةٌ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
والمالُ صُوفُ قَرارٍ يَلْعَبُونَ بِهِ، ... عَلَى نِقادَتهِ وافٍ ومَجْلُومُ
والنَّقَدُ: السُّفَّلُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: النقَدُ، بِالتَّحْرِيكِ، جِنْس مِنَ الغَنَم قِصار الأَرْجُل قِباح الوُجوه تَكُونُ بالبَحْرَيْنِ؛ يُقَالُ: هُوَ أَذَلُّ مِنَ النقَد؛ وأَنشد:
رُبَّ عَديمٍ أَعَزُّ مِنْ أَسَدِ، ... ورُبَّ مُثْرٍ أَذَلُّ مِنْ نَقَدِ
وَقِيلَ: النقَد غَنَمٌ صِغارٌ حِجازِيّة، والنقَّادُ: راعِيها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنّ مُكاتِباً لِبَني أَسَدٍ
__________
(3) . قوله [تهذرون الدنيا] قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: وَرُوِيَ تهذرون يعني بضم الذال، قال: وَهُوَ أَشبه بِالصَّوَابِ يَعْنِي تتوسعون في الدنيا(3/426)
قَالَ: جِئْتُ بِنَقَد أَجْلبُه إِلى المدينة
؛ النقَد: صِغَارُ الْغَنَمِ، وَاحِدَتُهَا نقَدة وَجَمْعُهَا نِقاد؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
خُزَيْمَةَ: وَعَادَ النِّقادُ مُجْرَنْثِماً
؛ وَقَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ يَصِفُ الأَسد:
كأَنَّ أَثْوابَ نَقّادٍ قُدِرْنَ لَه، ... يَعْلُو بِخَمْلَتِها كَهْباءَ هُدّابَا
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: النقّادُ صاحِبُ مُسُوكِ النقَد كأَنه جَعَلَ عَلَيْهِ خَمْلَه أَي أَنه وَرْدٌ ونصَب كَهْباء بِيَعْلُو؛ وَقَالَ الأَصمعي: أَجْوَدُ الصُّوفِ صوفُ النقَد. والنِّقْدُ: البَطِيءُ الشّبابِ القَلِيلُ الجْسمِ، وَرُبَّمَا قِيلَ للقَمِيءِ مِنَ الصِّبْيَانِ الَّذِي لَا يَكَادُ يَشِبُّ نَقَدٌ. وأَنْقَدَ الشجرُ: أَوْرَقَ. والأَنْقَدُ والأَنْقَذُ. بِالدَّالِ وَالذَّالِ: القُنْفُذُ والسُّلَحْفاءُ؛ قَالَ:
فباتَ يُقاسِي لَيْلَ أَنْقَدَ دائِباً، ... ويَحْدُرُ بِالقُفِّ اخْتِلافَ العُجاهِنِ
وَهُوَ مَعْرِفَةٌ كَمَا قِيلَ للأَسد أُسامة. وَمِنْ أَمثالهم: باتَ فُلان بِلَيْلَةِ أَنقَدَ إِذا بَاتَ ساهِراً، وَذَلِكَ أَن القُنْفُذ يَسْرِي ليلَه أَجمع لَا ينامُ الليلَ كُلّه. وَيُقَالُ: أَسْرى مِنْ أَنْقَدَ. اللَّيْثُ: الإِنْقدانُ السُّلَحْفاةُ الذكَر. والنُّقْدُ والنُّعْضُ: شَجَرٌ، وَاحِدَتُهُ نُقدةٌ ونُعْضةٌ. والنُّقُدُ والنَّقَدُ: ضَرْبَانِ مِنَ الشَّجَرِ، وَاحِدَتُهُ نُقدةٌ، بِالضَّمِّ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ نَقَدةٌ فَيُحَرِّكُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: النُّقْدةُ فِيمَا ذَكَرَ أَبو عَمْرٍو مِنَ الْخُوصَةِ، ونَوْرُها يُشْبِهُ البَهْرَمانَ، وَهُوَ العُصْفُر؛ وأَنشد لِلْخُضْرِيِّ فِي وَصْفِ الْقَطَاةِ وفَرْخَيْها:
يَمُدّانِ أَشْداقاً إِليها، كأَنما ... تَفَرَّق عَنْ نُوّارِ نُقْدٍ مُثَقَّبِ
اللِّحْيَانِيُّ: نُقْدةٌ ونُقْدٌ، وَهِيَ شَجَرَةٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ نقَدةٌ ونَقَدٌ؛ قَالَ الأَزهري: وأَكثر مَا سَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ نَقَدٌ، مُحَرَّكُ الْقَافِ، وَلَهُ نَور أَصفر يَنْبُتُ فِي الْقِيعَانِ. والنُّقْدُ: ثَمَرُ نَبْتٍ يُشْبِهُ الْبَهْرَمَانَ. والنِّقْدةُ: الكَرَوْيا. ابْنِ الأَعرابي: التِّقْدةُ الكُزْبَرةُ. والنِّقْدةُ، بِالنُّونِ: الكَرَوْيا. ونَقْدةُ: مَوْضِعٌ «1» ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَقَدْ نَرْتَعي سَبْتاً وأَهْلُكِ حِيرةً، ... مَحَلَّ المُلوكِ نَقْدةً فالمَغاسِلا
ونُقْدَةُ، بِالضَّمِّ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ وَيُقَالُ: النُّقْدةُ بالتعريف.
نكد: النَّكَدُ: الشؤْمُ واللؤْمُ، نَكِدَ نَكَداً، فَهُوَ نَكِدٌ ونَكَدٌ ونَكْدٌ وأَنَكَدُ. وَكُلُّ شَيْءٍ جَرَّ عَلَى صَاحِبِهِ شَرّاً، فَهُوَ نَكَدٌ، وَصَاحِبُهُ أَنكَدُ نَكِدٌ. ونَكِدَ عيشُهم، بِالْكَسْرِ، يَنْكَدُ نَكَداً: اشْتَدَّ. ونَكِدَ الرجلُ نَكَداً: قَلَّلَ العَطاء أَو لَمْ يُعْط البَتَّة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
نَكِدْتَ، أَبا زُبَيْبةَ، إِذْ سأَلْنا ... وَلَمْ يَنْكَدْ بِحاجَتِنا ضَبابُ
عَدَّاهُ بِالْبَاءِ لأَنه فِي مَعْنَى بَخِلَ حَتَّى كأَنه قَالَ بَخِلْتَ بِحَاجَتِنَا. وأَرَضُونَ نِكادٌ: قَلِيلَةُ الْخَيْرِ. والنُّكْدُ والنَّكْد: قِلْةُ العَطاء وأَن لَا يَهْنَأَه مَن يُعْطاه؛ وأَنشد:
وأَعْطِ مَا أَعْطَيْتَه طَيِّباً، ... لَا خَيْرَ فِي المَنْكودِ والنَّاكدِ
وَفِي الدُّعَاءِ:
نَكْداً لَهُ وجَحْداً
ونُكْداً وجُحْداً.
__________
(1) . قوله [ونقدة موضع] وقوله وَنُقْدَةُ، بِالضَّمِّ، اسْمُ مَوْضِعٍ ظاهره أنهما موضعان والذي في معجم ياقوت نقدة، بالفتح ثم السكون ودال مهملة وقد تضم النون، عن الدريدي اسم مَوْضِعٌ فِي دِيَارِ بَنِي عامر وقرأت بخط ابن نباتة السعدي نقدة بضم النون في قول لبيد(3/427)
وسأَله فأَنكَدَهُ أَي وَجَدَهُ عَسِراً مُقَلِّلًا، وَقِيلَ: لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ إِلَّا نَزْراً قَلِيلًا. ونكَدَه مَا سأَله يَنْكُدُه نَكْداً: لم يعظه مِنْهُ إِلا أَقَلَّه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مِنَ البِيضِ تُرْغِينا سُقاطَ حَديثِها، ... وتَنْكُدُنا لَهْوَ الحديثِ المُمَنَّعِ
تُرْغِينا: تُعْطِينا مِنْهُ مَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ. ونكَدَه حاجتَه: منَعَه إِياها. والنُّكْدُ مِنَ الإِبل: النّوقُ الغَزيراتُ مِنَ اللَّبَنِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى لَهَا وَلَدٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتِ:
ووَحْوَحَ فِي حِضْنِ الفَتاةِ ضَجِيعُها، ... وَلَمْ يَكُ فِي النُّكْدِ المَقالِيتِ مَشْخَبُ
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، وَلَمْ يَكُنْ ... لِعُقْبَةِ قِدْرِ المُسْتَعِيرينَ مُعْقِبُ
وَيُرْوَى: وَلَمْ يَكُ فِي المُكْد، وَهُمَا بِمَعْنًى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النُّكْدُ النوقُ الَّتِي مَاتَتْ أَولادُها فَغَزُرَتْ؛ وَقَالَ:
وَلَمْ تَبضِضِ النُّكْدُ للحاشِرِين، ... وأَنْفَدَتِ النَّمْلُ ملتَنْقُلُ
وأَنشد غَيْرُهُ:
وَلَمَ أَرْأَم الضَّيْمَ اخْتِتاءً وذِلَّةً، ... كَمَا شَمَّتِ النَّكْداءُ بَوًّا مُجَلَّدا
النَّكْداءُ: تأْنيث أَنكَدَ ونَكِدٍ. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي مَاتَ وَلَدُهَا: نَكْداءُ وإِياها عَنَى الشَّاعِرُ. وناقةٌ نَكْداءُ: مِقْلاتٌ لَا يعيشُ لَهَا وَلَدٌ فَتَكْثُرُ أَلبانها لأَنها لَا تُرْضِعُ. وَفِي حَدِيثِ
هَوَازِنَ: وَلَا دَرُّهَا بماكِدٍ وَلَا ناكِدٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: إِن كَانَ الْمَحْفُوظُ نَاكِدٍ فإِنه أَراد الْقَلِيلَ لأَن الناكِدَ النَّاقَةُ الْكَثِيرَةُ اللَّبَنِ، فَقَالَ: مَا درُّها بِغَزِيرٍ. والناكِدُ أَيضاً: الْقَلِيلَةُ اللَّبَنِ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
قامَتْ تُجاوِبُها نُكْدٌ مَثاكِيلُ
النُّكْد: جَمْعُ نَاكِدٍ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً
؛ قرأَ أَهل الْمَدِينَةِ نَكَداً، بِفَتْحِ الْكَافِ، وقرأَت الْعَامَّةُ نَكِداً؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَفِيهِ وَجْهَانِ آخَرَانِ لَمْ يُقرأْ بِهِمَا: إِلَّا نَكْدا ونُكْداً، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ لَا يَخْرُجُ إِلا فِي نَكَدٍ وشِدّةٍ. وَيُقَالُ: عَطَاءٌ مَنْكُود أَي نَزِر قَلِيلٌ. وَيُقَالُ: نُكِدَ الرجلُ، فَهُوَ مَنْكُود، إِذا كَثُرَ سؤَاله وقَلَّ خَيْرُه. وَرَجُلٌ نَكِدٌ أَي عَسِرٌ؛ وقومٌ أَنْكادٌ ومَناكِيدُ. وناكَده فلانٌ وَهُمَا يتَناكدان إِذا تَعاسَرا. وَنَاقَةٌ نَكْداءُ: قَلِيلَةُ اللَّبن. وَرَجُلٌ مَنْكُود ومَعْروُك ومَشْفُوه ومَعْجُوزٌ: أُلِحَّ عَلَيْهِ فِي المسأَلة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وجاءَه مُنْكِداً أَي غَيْرَ مَحْمُودِ المَجيء، وَقَالَ مَرَّةً: أَي فَارِغًا، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ مُنْكِزاً من نَكِزَتِ [نَكَزَتِ] البئرُ إِذا قَلَّ ماؤُها، وَهُوَ أَحسن وإِن لَمْ يُسْمَعْ أَنْكَزَ الرجلُ إِذا نَكَزَتْ مِيَاهُ آبَارِهِ. وَمَاءٌ نُكْدٌ أَي قَلِيلٌ. ونَكِدَتِ الرَّكِيَّةُ: قلَّ ماؤُها. والأَنْكَدان: مازنُ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَمْرو بْنِ تَميم، ويَرْبُوعُ بْنُ حَنْظَلَةَ؛ قَالَ بُجَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ الْقُشَيْرِيُّ:
الأَنْكَدانِ: مازِنٌ ويَرْبُوعْ، ... هَا إِنَّ ذَا اليَوْمَ لَشَرٌّ مَجْمُوعْ
وَكَانَ بُجَيْرٌ هَذَا قَدِ الْتَقَى هُوَ وقَعْنَب بْنُ الحرث اليَرْبُوعي فَقَالَ بُجَيْرٌ: يَا قَعْنَبُ، مَا فَعَلَتِ البيضاءُ فَرسُكَ؟ قَالَ: هِيَ عِنْدِي، قَالَ: فَكَيْفَ شُكْرُك(3/428)
لَهَا؟ قَالَ: وَمَا عَسَيْتُ أَن أَشكرها قَالَ: وَكَيْفَ لَا تَشْكُرُهَا وَقَدْ نَجَّتك مِنِّي؟ قَالَ قَعْنَبٌ: وَمَتَى ذَلِكَ؟ قَالَ: حَيْثُ أَقول.
تَمَطَّتْ بِهِ البَيْضاءُ بَعْدَ اخْتِلاسِه ... عَلَى دَهَشٍ، وخِلْتُني لَمْ أُكَذَّبِ
فأَنكر قَعْنَب ذَلِكَ وَتَلَاعَنَا وَتَدَاعَيَا أَن يَقْتُلَ الصادِقُ مِنْهُمَا الكاذِب، ثُمَّ إِن بُجَيْرًا أَغار عَلَى بَنِي العَنْبر فَغَنِمَ وَمَضَى وَاتَّبَعَتْهُ قَبَائِلُ مِنْ تَمِيمٍ وَلَحِقَ بِهِ بَنُو مَازِنٍ وَبَنُو يَرْبُوعٍ، فَلَمَّا نظر إِليهن قَالَ هَذَا الرَّجَزَ، ثُمَّ إِنهم احْتَرَبوا قَلِيلًا فَحَمَلَ قَعْنَبُ بْنُ عِصْمة بْنِ عَاصِمٍ الْيَرْبُوعِيُّ عَلَى بُجَيْرٍ فَطَعَنَهُ فأَدَاره عَنْ فَرَسِهِ، فَوَثَبَ عَلَيْهِ كَدّامُ بْنُ بَجِيلةَ الْمَازِنِيُّ فأَسره فَجَاءَهُ قَعْنَبٌ الْيَرْبُوعِيُّ لِيَقْتُلَهُ فَمَنَعَ مِنْهُ كَدّامٌ الْمَازِنِيُّ، فَقَالَ لَهُ قَعْنَبٌ: مازِ، رأْسَك والسَّيْفَ فَخَلَّى عَنْهُ كَدّام فَضَرَبَهُ قَعْنبٌ فأَطار رأْسَه؛ ومازِ: تَرْخِيمُ مَازِنٍ وَلَمْ يَكُنِ اسْمُهُ مَازِنًا وإِنما كَانَ اسْمُهُ كَدّاماً وإِنما سَمَّاهُ مَازِنًا لأَنه مِنْ بَنِي مَازِنٍ، وَقَدْ تَفْعَلُ الْعَرَبُ مِثْلَ هَذَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْمَثَلُ ذكرَه سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ مَا جَرَى عَلَى الأَمر وَالتَّحْذِيرِ فَذَكَرَهُ مَعَ قَوْلِهِمْ رأْسَك والجِداءَ، وَكَذَلِكَ تُقَدَّرُ فِي الْمَثَلِ أَبْقِ يَا مازِنُ رأْسَك وَالسَّيْفَ، فَحُذِفَ الْفِعْلُ لِدَلَالَةِ الحال عليه.
نمرد: ابْنُ سِيدَهْ: نُمْرُود اسْمُ مَلِك مَعْرُوفٍ، وكأَنّ ثَعْلَبًا ذَهَبَ إِلى اشْتِقَاقِهِ مِنَ التَّمَرُّد فَهُوَ عَلَى هَذَا ثُلَاثِيٌّ.
نهد: نَهَدَ الثدْيُ يَنْهُد، بِالضَّمِّ، نُهُوداً إِذا كَعَبَ وانتَبَرَ وأَشْرَفَ. ونهدتِ المرأَةُ تَنْهُدُ وتَنْهَدُ، وَهِيَ ناهِدٌ وناهِدةٌ، ونَهَّدَتْ، وَهِيَ مُنَهِّدٌ، كِلَاهُمَا: نَهَدَ ثَدْيُها. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِذا نَهَدَ ثَدْيُ الْجَارِيَةِ قِيلَ: هِيَ ناهِد؛ والثُّدِيُّ الفَوالِكُ دُونَ النَّواهِدِ. وَفِي حَدِيثِ
هَوازِنَ: وَلَا ثَدْيُها بِنَاهِدٍ
أَي مُرْتَفِعٍ. يُقَالُ: نَهَدَ الثديُ إِذا ارْتَفَعَ عَنِ الصَّدْرِ وَصَارَ لَهُ حَجْم. وَفَرَسٌ نَهْد: جَسِيمٌ مُشْرِفٌ. تَقُولُ مِنْهُ: نَهُدَ الْفَرَسُ، بِالضَّمِّ، نُهُودة؛ وَقِيلَ: كَثِيرُ اللَّحْمِ حسَن الْجِسْمِ مَعَ ارْتِفَاعٍ، وَكَذَلِكَ مَنْكِبٌ نَهْدٌ، وَقِيلَ: كُلُّ مُرْتَفِعٍ نَهْد؛ اللَّيْثُ: النَّهْدُ فِي نَعْتِ الْخَيْلِ الْجَسِيمُ الْمُشْرِفُ. يُقَالُ: فَرَسٌ نَهْدُ القَذالِ نَهْدُ القُصَيرَى؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَعرابي:
يَا خَيرَ مَنْ يَمْشِي بِنَعْلٍ فَرْدِ، ... وَهَبَهُ لِنَهْدَةٍ ونَهْدِ
النهْدُ: الْفَرَسُ الضخْمُ القويُّ، والأُنثى نَهْدةٌ. وأَنهَدَ الحوضَ والإِناءَ: مَلأَه حَتَّى يَفِيضَ أَو قارَبَ مِلأَه، وَهُوَ حَوْضٌ نَهْدانُ. وإِناءٌ نَهْدانُ وقَصْعَةٌ نَهْدَى ونَهْدانةٌ: الَّذِي قَدْ عَلا وأَشرَف، وحَفَّان: قَدْ بَلَغَ حِفافَيْهِ. أَبو عُبَيْدٍ قَالَ: إِذا قارَبَتِ الدَّلْوُ المَلْءَ فَهُوَ نَهْدُها، يُقَالُ: نَهَدَتِ المَلْءَ، قَالَ: فإِذا كَانَتْ دُونَ مَلْئها قِيلَ: غَرَّضْتُ فِي الدَّلو؛ وأَنشد:
لَا تَمْلإِ الدَّلْوَ وغَرِّضْ فِيهَا، ... فإِنَّ دُونَ مَلْئها يَكْفِيها
وَكَذَلِكَ عَرَّقْتُ. وَقَالَ: وضَخْتُ وأَوضَخْتُ إِذا جَعَلْتَ فِي أَسفَلِها مُوَيْهةً. الصِّحَاحُ: أَنْهَدْتُ الحوضَ ملأْتُه؛ وهو حَوْضٌ نَهْدانُ وقدم نَهْدانُ إِذا امتلأَ وَلَمْ يَفِضْ بَعْدُ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: نَاقَةٌ تَنْهَدُ الإِناءَ أَي تملؤُه. ونَهَدَ يَنْهَدُ نَهْدَاً، كِلَاهُمَا: شَخَصَ؛ ونَهَدَ وأَنْهَدْتُه أَنا. ونَهَدَ إِليه: قامَ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والمُناهَدَةُ فِي الْحَرْبِ: المُناهَضةُ، وَفِي الْمُحْكَمِ: المُناهَدةُ فِي الْحَرْبِ أَنْ يَنْهَدَ بَعْضٌ إِلى بَعْضٍ، وَهُوَ(3/429)
فِي مَعْنَى نَهَضَ إِلا أَنّ النُّهُوضَ قيامٌ غَيْرُ قُعُود «2» ، والنُّهُودُ نُهوضٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. ونَهَدَ إِلى الْعَدُوِّ يَنْهَد، بِالْفَتْحِ: نَهَض. أَبو عُبَيْدٍ: نَهَد القومُ لِعَدُوِّهِمْ إِذا صَمَدوا لَهُ وَشَرَعُوا فِي قِتَالِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَنْهَدُ إِلى عَدُوّه حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ
أَي يَنْهَضُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَنَهَد لَهُ النَّاسُ يسأَلونه
أَي نَهَضُوا. والنّهْد: العَوْنُ. وطَرَحَ نَهْدَه مَعَ الْقَوْمِ: أَعانهم وَخَارَجَهُمْ. وَقَدْ تَناهَدوا أَي تَخارَجُوا، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ وَقِيلَ: النَّهْدُ إِخراج الْقَوْمِ نَفَقَاتِهِمْ عَلَى قَدْرِ عَدَدِ الرُّفقة. والتناهُدُ: إخراجُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرُّفْقَةِ نَفَقَةً عَلَى قَدْرِ نَفَقَةِ صَاحِبِهِ. يُقَالُ: تَناهَدوا وناهَدوا وَنَاهَدَ بعضُهم بَعْضًا. والمُخْرَجُ يُقَالُ لَهُ: النِّهْدُ، بِالْكَسْرِ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هَاتِ نِهدَكَ، مَكْسُورَةَ النُّونِ. قَالَ: وَحَكَى عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنه قَالَ: أَخْرِجوا نِهْدَكم فإِنه أَعظم لِلْبَرَكَةِ وأَحسن لأَخلاقِكم وأَطْيَبُ لِنُفُوسِكُمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: النِّهد، بِالْكَسْرِ، مَا يُخْرِجُه الرُّفْقَةُ عِنْدَ الْمُنَاهَدَةِ إِلى العدوِّ وَهُوَ أَن يُقَسِّمُوا نَفَقَتُهُمْ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ حَتَّى لَا يَتَغَابَنُوا وَلَا يَكُونُ لأَحدهم عَلَى الْآخَرِ فَضْلٌ وَمِنَّةٌ. وتَناهَدَ القومُ الشَّيْءَ: تَنَاوَلُوهُ بَيْنَهُمْ. والنَّهْداء مِنَ الرَّمْلِ، مَمْدُودٌ: وَهِيَ كالرَّابية المُتَلَبِّدة كَرِيمَةٌ تُنْبِتُ الشَّجَرَ، وَلَا يُنْعَتُ الذَّكَرُ عَلَى أَنْهَد. والنهْداء: الرَّمْلَةُ الْمُشْرِفَةُ. والنَّهْدُ والنَّهِيدُ والنَّهِيدةُ كُلُّهُ: الزُّبْدةُ الْعَظِيمَةُ، وَبَعْضُهُمْ يُسَمِّيهَا إِذا كَانَتْ ضَخْمَةً نَهْدةً فإِذا كَانَتْ صَغِيرَةً فَهْدَةً؛ وَقِيلَ: النَّهِيدةُ أَن يُغْلى لُبابُ الهَبيد وَهُوَ حَبُّ الْحَنْظَلِ، فإِذا بَلَغ إِناه مِنَ النضْج وَالْكَثَافَةِ ذُرّ عَلَيْهِ قُمَيِّحة مِنْ دَقِيقٍ ثُمَّ أُكل؛ وَقِيلَ: النَّهِيدُ، بِغَيْرِ هَاءٍ، الزُّبْدُ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ رَوْب لبنِه ثُمَّ أُكل. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: النَّهيدة مِنَ الزبْد زُبْدُ اللَّبَنِ الَّذِي لَمْ يَرُبْ وَلَمْ يُدْرِكْ فيُمْخَضُ اللَّبَنُ فَتَكُونُ زُبْدَتُهُ قَلِيلَةً حُلوة. وَرَجُلٌ نَهْدٌ: كَرِيمٌ يَنْهَضُ إِلى مَعالي الأُمور. والمناهَدةُ: المُساهَمة بالأَصابع. وزبْد نَهِيد إِذا لَمْ يَكُنْ رَقِيقًا؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو عَمْرَو بْنَ لَجإٍ التَّيْمِيَّ:
أَرَخْفٌ زُبْدُ أَيْسَرَ أَم نَهِيدُ
وأَول الْقَصِيدَةِ:
يَذُمُّ النازِلُون رفادَ تَيْمٍ، ... إِذا مَا الماءُ أَيْبَسَه الجَلِيدُ
وكَعْثَبٌ نَهْدٌ إِذا كَانَ ناتِئاً مُرْتَفِعًا، وإِن كَانَ لَاصِقًا فَهُوَ هَيْدَبٌ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
أَرَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ نَهداً كعْثَبا، ... أَذاكَ أَم أُعْطِيتَ هَيداً هَيْدَبا؟
وَفِي الْحَدِيثِ، حَدِيثِ دَارِ النَّدْوة وإِبليس:
فأَخذ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ شَابًّا نَهْداً
أَي قَوِيّاً ضَخْماً. ونَهْدٌ: قَبِيلَةٌ مِنْ قَبائل الْيَمَنِ. ونَهدانُ ونُهَيدٌ ومُناهِدٌ: أَسماء.
نود: نادَ الرجلُ نُواداً: تَمايَلَ مِنَ النُّعَاسِ. التَّهْذِيبُ: نادَ الإِنسان يَنُودُ نَوْداً ونَوَداناً مِثْلُ ناسَ يَنُوس وَنَاعَ يَنوعُ. وَقَدْ تَنَوّد الغُصْن وتَنَوّع إِذا تَحرَّكَ؛ وَنَوَدانُ الْيَهُودِ فِي مَدَارِسِهِمْ مأْخوذ مِنْ هَذَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَكُونُوا مِثْلَ الْيَهُودِ إِذا نَشَروا التَّوراة نَادَوْا
؛ يُقَالُ: نَادَ يَنُودُ إِذا حَرَّك رأْسه وكَتِفَيْهِ. وَنَادِ مِنَ النُّعاس يَنُودُ نَوْداً إِذا تمايل.
__________
(2) . قوله [قيام غير قعود] كذا بالأَصل ولعلها عن قعود،(3/430)
فصل الهاء
هبد: الهَبْدُ والهَبِيدُ: الحَنْظَلُ، وَقِيلَ: حَبُّهُ، وَاحِدَتُهُ هَبِيدة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الأَعراب: فَخَرَجْتُ لَا أَتلفع بِوَصِيدة وَلَا أَتَقَوَّتُ بِهَبيدة؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: هَبِيدُ الْحَنْظَلِ شَحْمه. واهْتَبَدَ الرجلُ إِذا عَالَجَ الهَبيدَ. وهَبَدْتُه أَهْبِدُه: أَطعَمْتُه الهَبيدَ. وهَبَدَ الهَبيدَ: طَبَخَهُ أَو جَنَاهُ. اللِّيْثُ: الهَبْد كسْر الهَبِيد وَهُوَ الْحَنْظَلُ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: تَهَبَّدَ الرَّجُل والظَّلِيمُ إِذا أَخذا الهبيدَ مِنْ شَجَرِهِ؛ وَقَالَ:
خُذِي حَجَرَيْكِ فادَّقِّي هَبِيدا، ... كِلا كَلْبَيْكِ أَعْيا أَن يَصِيدا
كَانَ قائلُ هَذَا الشِّعْرِ صَيَّادًا أَخْفَق فَلَمْ يَصِدْ، فَقَالَ لامرأَته: عَالِجِي الهَبيدَ فَقَدْ أَخْفَقْنا. وتَهَبَّدَ الرجلُ والظَّليمُ واْهتَبَدا: أَخذاه مِنْ شَجَرَتِهِ أَو اسْتَخْرَجَاهُ للأَكل. الأَزهري: اهْتَبَدَ الظَّلِيمُ إِذا نَقَرَ الْحَنْظَلَ فأَكل هَبِيدَه؛ وَيُقَالُ لِلظَّلِيمِ: هُوَ يَتَهَبَّدُ إِذا اسْتَخْرَجَ ذَلِكَ ليأْكله. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ وأُمّه: فَزَوَّدَتْنا مِنَ الْهَبِيدِ
؛ الهَبيد: الْحَنْظَلُ يُكْسَرُ ويستخرجُ حَبُّهُ ويُنْقَع لِتَذْهَبَ مَرارته ويُتّخذ مِنْهُ طَبِيخٌ يُؤْكَلُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: الاهْتِبادُ أَن تَأْخُذَ حَبَّ الْحَنْظَلِ وَهُوَ يَابِسٌ وَتَجْعَلَهُ فِي مَوْضِعٍ وتَصُبَّ عَلَيْهِ الماءَ وتَدْلُكه ثُمَّ تَصُبَّ عَنْهُ الماءَ، وَتَفْعَلُ ذَلِكَ أَياماً حَتَّى تَذْهَبَ مَرَارَتُهُ ثُمَّ يُدَقُّ وَيُطْبَخُ؛ غَيْرُهُ: والتَّهَبُّدُ اجْتِنَاءُ الْحَنْظَلِ وَنَقْعُهُ، وَقِيلَ: التَّهَبّدُ أَخْذُه وكسْرُه؛ غَيْرُهُ: وهَبيدُ الْحَنْظَلِ حَبُّ حَدَجِه يُسْتَخْرَجُ ويُنْقَع ثُمَّ يُسخَّن الماءُ الَّذِي أُنْقِع فِيهِ حَتَّى تَذْهَبَ مَرَارَتُهُ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الوَدَك ويذرُّ عَلَيْهِ قُمَيِّحَةٌ مِنَ الدَّقِيقِ ويُتحسَّى. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الهَبيد هُوَ أَن يُنقع الْحَنْظَلُ أَياماً ثُمَّ يُغْسَلَ وَيُطْرَحَ قِشْرُهُ الأَعلى فَيُطْبَخَ وَيُجْعَلَ فِيهِ دَقِيقٌ وَرُبَّمَا جُعِلَ مِنْهُ عَصِيدة. يُقَالُ مِنْهُ: رأَيت قَوْمًا يتَهَبَّدُون. وهَبُّود: جَبَلٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
شَرثانُ هذاكَ وَرَا هَبّودِ
التَّهْذِيبُ: أَنشد أَبُو الْهَيْثَمِ:
شَرِبْنَ بعُكَّاش الهَبابيد شَرْبةً، ... وَكَانَ لَهَا الأَحْفى خَلِيطاً تُزايِلُهْ
قَالَ عُكّاشُ الهَبابيد: مَاءٌ يُقَالُ لَهُ هَبُّودٌ فَجُمِعَ بِمَا حَوْلَهُ. وأَحْفى: اسْمُ مَوْضِعٍ. وَهَبُّودٌ، بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِبِلَادِ بَنِي نُمَيْرٍ. وهَبُّودٌ: فَرَسُ عَلْقَمة بْنِ سُياج. الأَزهري: هَبُّود اسْمُ فَرَسٍ سَابِقٍ لِبَنِي قُرَيْعٍ؛ قَالَ:
وفارسُ هَبُّود أَشابَ النّواصيا
هبرد: ثَريدةٌ هِبْردانةٌ: بادرة. تقول العرب: ثريدة هبرادانةٌ مِبْردانةٌ مُصَعْنَبَةٌ مُسَوَّاةٌ.
هجد: هَجَدَ يَهْجُدُ هُجوداً وأَهْجَدَ: نَامَ. وهَجَد الْقَوْمُ هُجُوداً: نامُوا. والهاجِدِ: النائِمُ. والهاجِد والهَجُود: المُصَلي بِاللَّيْلِ، وَالْجَمْعُ هُجودٌ وهُجّد؛ قَالَ مُرَّةُ بْنُ شَيْبَانَ:
أَلا هَلَكَ امْرُؤٌ قامَتْ عَلَيْهِ، ... بِجَنْبِ عُنَيْزَةَ، البَقَرُ الهُجُودُ
وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ:
فَحَيَّاكِ وُدٌّ مَا هداكِ لِفِتْيَةٍ ... وخُوصٍ، بأَعلى ذِي طُوالة، هُجَّدِ
وَكَذَلِكَ المُتَهَجِّدِ يَكُونُ مُصَلِّياً. وتَهَجَّدَ الْقَوْمُ: اسْتَيْقَظُوا لِلصَّلَاةِ أَو غَيْرِهَا؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ
؛ الْجَوْهَرِيُّ: هَجَدَ(3/431)
وتهَجَّدَ أَي نَامَ لَيْلًا. وهَجَدَ وتَهَجَّدَ أَي سَهِرَ، وَهُوَ مِنَ الأَضدادِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ: التَّهَجُّدُّ. والتهْجِيدُ: التَّنْويمُ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ رَفِيقًا لَهُ فِي السَّفَرِ غَلَبَهُ النُّعَاسُ:
ومَجُودٍ مِنْ صبُاباتِ الكَرَى، ... عاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ
قلتُ: هَجِّدْنا فَقَدْ طالَ السُّرَى، ... وقَدَرْنا إِن خَنا الدَّهْر غَفَلْ
كأَنه قَالَ نَوِّمْنا فإِنَّ السُّرَى طالَ حَتَّى غَلَبنا النومُ. والمَجُودُ: الَّذِي أَصابه الجَوْدُ مِنَ النُّعَاسِ مِثْلُ المَجُودِ الَّذِي أَصابَه الجَوْدُ مِنَ المَطر؛ يَقُولُ: هُوَ مُنَعَّمٌ مُتْرَفٌ فإِذا صَارَ فِي السَّفَرِ تَبَذَّلَ وتَبَذُّلُه صَبْرُهُ عَلَى غَيْرِ فِرَاشٍ وَلَا وِطاء. ابْنُ بُزُرج: أَهْجَدْتُ الرَّجُلَ أَنَمْتُه وهَجَّدْتُه أَيْقَظْتُه. وَقَالَ غَيْرُهُ: هَجَّدْتُ الرَّجُلَ أَنمتُه، وأَهْجَدْتُه: وَجَدْتُهُ نَائِمًا. ابْنُ الأَعرابي: هَجَّدَ الرَّجُلُ إِذا صلَّى بِاللَّيْلِ، وهَجَدَ إِذا نَامَ بِاللَّيْلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وهَجَدَ إِذا نَامَ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن الْهَاجِدَ هُوَ النَّائِمُ. وهَجَدَ هُجوداً إِذا نَامَ. وأَما المُتَهَجِّدُ، فَهُوَ الْقَائِمُ إِلى الصَّلَاةِ مِنَ النَّوْمِ، وكأَنه قِيلَ لَهُ مُتَهَجِّد لإِلقائه الهُجُود عَنْ نَفْسِهِ، كَمَا يُقَالُ لِلْعَابِدِ مُتَحَنِّثٌ لإِلقائه الحِنْثَ عَنْ نَفْسِهِ. وَفِي حَدِيثِ
يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: فَنَظَرَ إِلى مُتَهَجِّدي بَيْتِ الْمَقْدِسِ
أَي المصلِّين بِاللَّيْلِ. يُقَالُ: تهجَّدت إِذا سَهِرْت وإِذا نِمْت، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وأَهْجَدَ البعيرُ: وَضَعَ جرانَه على الأَرض.
هدد: الهَدُّ: الهَدْمُ الشَّدِيدُ وَالْكَسْرُ كحائِط يُهَدُّ بمرَّة فَيَنْهَدِم؛ هَدَّه يَهُدُّه هَدًّا وهُدُودا؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
فَلَوْ كَانَ مَا بِي بالجِبال لَهَدَّها، ... وإِن كَانَ فِي الدُّنيا شَدِيداً هدُوُدُها
الأَصمعي: هَدَّ البِناءَ يَهُدُّه هَدًّا إِذا كَسَرَهُ وضَعْضَعَه. قَالَ: وَسَمِعْتُ هَادًّا أَي سَمِعْتُ صَوْتَ هَدِّهِ. وانهدَّ الجبَلُ أَي انْكَسَرَ. وهَدَّني الأَمرُ وهدَّ رُكْني إِذا بَلَغَ مِنْهُ وكسَره؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
يَقولوا قَدْ رأَيْنا خَيْرَ طِرْفٍ ... بِزَقْيَةَ لَا يُهَدُّ وَلَا يَخِيبُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مِنْ هَذَا. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قَالَ: مَا هَدَّني موتُ أَحد مَا هدَّني موتُ الأَقْران. وَقَوْلُهُمْ: مَا هدَّه كَذَا أَي مَا كَسَره كَذَا. وهدَّته المصيبةُ أَي أَوهَنَت رُكْنه. والهَدّة: صَوْتٌ شَدِيدٌ تَسْمَعُهُ مِنْ سُقُوطِ رُكْنٍ أَو حَائِطٍ أَو نَاحِيَةِ جَبَلٍ، تَقُولُ مِنْهُ: هَدَّ يَهِدُّ، بِالْكَسْرِ، هَدِيدًا؛ وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعوذ بِكَ مِنَ الهَدِّ والهِدَّة
؛ قَالَ أَحمد بْنُ غِيَاثٍ الْمَرْوَزِيُّ: الهَدُّ الهَدْمُ والهَدة الخُسوف. وَفِي حَدِيثِ الْاسْتِسْقَاءِ:
ثُمَّ هَدّتْ ودَرَّتْ
؛ الهَدَّةُ صَوْتُ مَا يَقَعُ مِنَ السَّمَاءِ، وَيُرْوَى: هَدَأَتْ أَي سَكَنَتْ. وهَدُّ الْبَعِيرِ: هَدِيرُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والهَدُّ والهَدَدُ: الصَّوْتُ الْغَلِيظُ، والهادُّ: صَوْتٌ يَسْمَعُهُ أَهل السَّوَاحِلِ يأْتيهم مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ لَهُ دَوِيٌّ فِي الأَرض وَرُبَّمَا كَانَتْ مِنْهُ الزَّلْزَلةُ، وهَدِيدُه دَوِيُّه؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: ودَوِيُّه هَدِيدُه؛ وأَنشد:
داعٍ شَدِيدُ الصَّوْت ذُو هَدِيدِ
وَقَدْ هَدَّ يَهِدُّ. وَمَا سَمِعْنَا العامَ هَادَّةً أَي رَعْداً. والهَدُّ مِنَ الرِّجَالِ: الضَّعِيفُ الْبَدَنِ، وَالْجَمْعُ هَدُّونَ(3/432)
وَلَا يُكْسَرُ؛ قَالَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
لَيْسُوا بِهَدِّينَ فِي الحُروبِ، إِذا ... تُعْقَدُ فَوْقَ الْحراقِفِ النُّطُقُ
وَقَدْ هدَّ يَهَدُّ ويَهِدُّ هَدًّا. والأَهَدُّ: الْجَبَانُ. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ إِذا أَوعده: إِني لغيرُ هَدٍّ أَي غيرُ ضَعِيفٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الهَدُّ مِنَ الرِّجَالِ الجَوادُ الْكَرِيمُ، وأَما الْجَبَانُ الضَّعِيفُ، فَهُوَ الهِدّ، بِالْكَسْرِ. ابْنُ الأَعرابي: الهَدّ، بِفَتْحِ الْهَاءِ، الرَّجُلُ القَويّ، قَالَ: وإِذا أَردت الذَّمَّ بِالضَّعْفِ قُلْتُ: الهِدُّ بِالْكَسْرِ. وَقَالَ الأَصمعي: الهَدُّ مِنَ الرِّجَالِ الضَّعِيفُ؛ وأَباها ابْنُ الأَعرابي بِالْفَتْحِ. شَمِرٌ: يُقَالُ رَجُلٌ هدٌّ وهَدادةٌ وَقَوْمٌ هَدادٌ أَي جُبناء؛ وأَنشد قَوْلَ أُمية:
فأَدْخَلَهُم عَلَى رَبِذٍ يداهُ ... بِفعْلِ الخَيْرِ لَيْسَ مِنَ الهَدادِ
والهَدِيدُ والفَدِيدُ: الصوتُ. واسْتَهْدَدْتُ فُلَانًا أَي اسْتَضْعَفْتُه؛ وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
لَمْ أَطْلُبِ الخُطَّةَ النَّبِيلَة بالْقُوَّةِ، ... إِنْ يُسْتَهَدَّ طالِبُها
وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ للوعيدِ: مَنْ ورَاءُ ورَاءُ الفَدِيدُ والهَدِيدُ. وأَكَمَةٌ هَدُودٌ: صَعْبَةُ المُنْحَدَر. والهَدُودُ: العَقَبةُ الشاقَّةُ. والهَدِيدُ: الرَّجُلُ الطويلُ. وَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ هَدَّكَ مِنْ رَجُلٍ أَي حَسْبُك، وَهُوَ مَدْحٌ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَثْقَلَكَ وصْف محاسنِه، وَفِيهِ لُغَتَانِ: مِنْهُمْ مَنْ يُجْرِيه مُجْرى الْمَصْدَرِ فَلَا يُؤَنِّثُهُ وَلَا يُثَنِّيهِ وَلَا يَجْمَعُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ فِعْلًا فَيُثَنِّي وَيَجْمَعُ، فَيُقَالُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ هَدّكَ مِنْ رَجُلٍ، وبامرأَة هَدَّتْكَ مِنِ امرأَة، كَقَوْلِكَ كفَاكَ وكفَتْك؛ وَبِرَجُلَيْنِ هَدَّاكَ وَبِرِجَالٍ هَدُّوك، وبامرأَتين هَدَّتاك وبِنسوةٍ هَدْدَنْك؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَلِي صاحبٌ فِي الغارِ هَدَّكَ صاحِباً
قَالَ: هَدّك صَاحِبًا أَي مَا أَجَلَّه مَا أَنْبَلَهُ مَا أَعلمه، يَصِفُ ذِئْباً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَبا لَهَبٍ قَالَ: لَهَدَّ مَا يَحَرَكم صاحِبُكُم
؛ قَالَ: لَهَدَّ كَلِمَةٌ يَتَعَجَّبُ بِهَا؛ يُقَالُ: لَهَدَّ الرجلُ أَي مَا أَجْلَدَه. غَيْرُهُ: وَفُلَانٌ يُهَدُّ، عَلَى مَا لَمْ يُسمّ فَاعِلُهُ، إِذا أُثْنِيَ عَلَيْه بالجَلَد والقُوّة. وَيُقَالُ: إِنه لهَدّ الرَّجلُ أَي لَنِعْمَ الرجلُ وَذَلِكَ إِذا أُثني عَلَيْهِ بِجَلَدٍ وَشِدَّةٍ، وَاللَّامُ للتأْكيد. ابْنُ سِيدَهْ: هَدَّ الرجلُ كَمَا تَقُولُ: نِعمَ الرَّجُلُ. ومَهْلًا هَدادَيْك أَي تَمَهَّلْ يَكْفِكَ. والتَّهَدُّدُ والتهْديدُ والتَّهْدادُ: مِنَ الْوَعِيدِ وَالتَّخَوُّفِ. وهُدَدُ: اسْمٌ لِمَلِكٍ مِنْ ملوكِ حِمْيَر وَهُوَ هُدَدُ بْنُ هَمَّال «1» . وَيُرْوَى أَن
سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، زَوَّجَه بَلْقَه
وَهِيَ بِلْقِيسُ بِنْتُ بَلْبَشْرَح «2» ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ:
سَيْباً ونُعْمى مِنْ إِلهٍ فِي دِرَرْ، ... لَا عَصْفَ جارٍ هَدَّ جارُ المُعْتَصَرْ
قَوْلُهُ: لَا عَصْف جارٍ أَي ليسَ مِنْ كسْب جارٍ إِنَّمَا هُوَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ: هَدَّ جارُ المعتَصرْ
__________
(1) . قَوْلُهُ [هدد بن همال] الذي اقتصر عليه البخاري في التفسير من صحيحه وصاحب القاموس هدد بن بدد. راجع القسطلاني تقف على الخلاف في ضبط هدد وبدد
(2) . قوله [بنت بلبشرح] كذا في الأَصل مضبوطاً والذي في البيضاوي والخطيب بنت شراحيل ولعل في اسمه خلافاً أو أحدهما لقب.(3/433)
كَقَوْلِكَ هَدَّ الرجلُ جَلُدَ الرَّجُلُ جارُ المُعْتَصَرِ أَي نِعْم جارُ الملتَجَإِ. وَفِي النَّوَادِرِ: يُهَدْهَدُ إِليَّ كَذَا ويُهَدَّى إِليَّ كَذَا ويُسَوَّلُ إِليَّ كَذَا ويُهَدى لِي كَذَا ويُهَوَّلُ إِليَّ كَذَا وَلِي ويُوَسْوَسُ إِليَّ كَذَا ويُخَيَّلُ إِليَّ وَلِي ويُخالُ لِي كَذَا: تَفْسِيرُهُ إِذا شَبَّه الإِنسان فِي نَفْسِهِ بِالظَّنِّ مَا لَمْ يُثْبِتْه وَلَمْ يَعْقِد عَلَيْهِ إِلا التَّشْبِيهُ. وهَدْهَدَ الطائرُ: قَرْقَر. وكلُّ مَا قَرْقَرَ مِنَ الطَّيْرِ: هُدْهُدٌ وهُداهِدٌ؛ قَالَ الأَزهري: والهُداهِدُ طَائِرٌ يُشْبِهُ الحَمام؛ قَالَ الرَّاعِي:
كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُّماةُ جَناحَه، ... يَدْعُو بقارِعةِ الطَّريقِ هَدِيلا
وَالْجَمْعُ هَداهِدُ، بِالْفَتْحِ، وهَداهِيدُ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف لَهَا وَجْهًا إِلا أَن يَكُونَ الْوَاحِدُ هَدْهاداً. وَقَالَ الأَصمعي: الهُداهِد يُعْنى بِهِ الفاخِتَةُ أَو الدُّبْسِيُّ أَو الوَرَشانُ أَو الهُدْهُدُ أَو الدُّخَّلُ أَو الأَيْكُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِنما أَراد الرَّاعِي فِي شِعْرِهِ بِهُداهِدٍ تَصْغِيرُ هُدْهُد فأَنكر الأَصمعي ذَلِكَ، قَالَ: وَلَا أَعرفه تَصْغِيرًا، قَالَ: وإِنما يُقَالُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا هَدَلَ وهَدَرَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لأَنه لَيْسَ فِيهِ يَاءُ تَصْغِيرٍ إِلا أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ دُوابَّة وشُوابَّة فِي دُوَيْبّة وشُوَيْبّة، قَالَ: فَعَلَى هَذَا إِنما هُوَ هُدَيْهِدٌ ثُمَّ أَبدل الأَلف مَكَانَ الْيَاءِ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِّ، غَيْرَ أَن الَّذِينَ يَقُولُونَ دُوابَّة لَا يُجَاوِزُونَ بِنَاءَ الْمُدْغَمِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الهُدهُدُ والهُداهِد الكثيرُ الهَديرِ مِنَ الْحَمَامِ. وفَحْلٌ هُداهدٌ: كَثِيرُ الهَدْهَدَةِ يَهْدِرُ فِي الإِبل وَلَا يَقْرَعُها؛
قَالَ: فَحَسْبُكَ مِنْ هُداهِدَةٍ وزَغْدِ
جَعَلَهُ اسْمًا لِلْمَصْدَرِ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى الْحَذْفِ أَي مِنْ هَدِيد هُداهِد أَوْ هَدْهَدَةِ هُداهِدٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وهَدْهَدَةُ الحَمامِ إِذا سَمِعْتَ دَوِيَّ هَدِيرِه، وَالْفَحْلُ يُهَدْهِدُ فِي هَدِيرِه هَدْهَدة، وَجَمْعُ الهَدْهَدَةِ هَداهِدُ؛ قَالَ الْشَّاعِرُ:
يَتْبَعْنَ ذَا هَداهِدٍ عَجَنَّسا ... مُواصِلا قُفّاً، ورَمْلا أَدْهَسَا
والهُدْهُدُ: طَائِرٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مِمَّا يُقَرْقِرُ، وهَدْهَدَتُه: صَوْتُهُ، والهُداهِدُ مِثْلُهُ؛ وأَنشد بَيْتُ الرَّاعِي أَيضاً:
كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُّماةُ جنَاحَه، ... يَدْعُو بقارعةِ الطَّرِيقِ هَدِيلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الهَدِيل صَوْتُهُ، وَانْتِصَابُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ عَلَى تَقْدِيرِ يَهْدِلُ هَديلًا لأَنَّ يَدْعو يَدُلُّ عَلَيْهِ، والمُشَبَّهُ بِالْهُدْهُدِ الَّذِي كُسِرَ جَناحُه، هُوَ رَجُلٌ أَخذ المُصَدِّقُ إِبله بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْبَيْتِ قَبْلَهُ:
أَخَذوا حَمُولَته فأَصبَحَ قاعِداً، ... لَا يَسْتَطِيعُ عَنِ الدِّيارِ حَوِيلا
يَدْعُو أَميرَ المؤمِنِينَ، ودونَه ... خَرْقٌ تَجُرُّ بِهِ الرِّياحُ ذُيُولا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبَيْتُ ابْنِ أَحمر:
ثُمَّ اقْتَحَمْتُ مُناجِداً ولَزِمْتُه، ... وفؤَادُه زَجِل كعَزْفِ الهُدْهُدِ
يُرْوَى: كعَزْفِ الهُدْهُد، وكعَزْف الهَدْهَد، فالهُدهُدُ: مَا تَقَدَّمَ، والهَدْهَدُ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَصواتُ الجنِّ وَلَا وَاحِدَ لَهُ. وهَدْهَدَ الشيءَ مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ: حَدَرَه. وهَدْهَدَهُ: حرَّكه كَمَا يُهَدْهَدُ الصبيُّ فِي المَهْدِ. وهَدْهَدَت المرأَةُ ابْنَهَا أَي حرَّكَتْه لِينام، وَهِيَ(3/434)
الهَدْهَدَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: جَاءَ شَيْطَانٌ فَحَمَلَ بِلَالًا فَجَعَلَ يُهَدْهِدُه كَمَا يُهَدْهَدُ الصبيُ
؛ وَذَلِكَ حِينَ نَامَ عَنْ إِيقاظه القَوْمَ لِلصَّلَاةِ. والهَدْهَدَةُ: تَحْرِيكُ الأُم وَلَدَهَا لِيَنَامَ. وهُداهِد: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ. وهَدْهادٌ: اسْمٌ. وهَداد: حَيٌّ من اليمن.
هدبد: الهُدَبِدُ والهُدابِدُ: اللَّبَنُ الْخَاثِرُ جِدًّا. ولَبَنٌ هُدَبِدٌ وفُدَفِدٌ، وَهُوَ الْحَامِضُ الْخَاثِرُ، وَهُوَ أَيضاً عَمَشٌ يَكُونُ فِي الْعَيْنَيْنِ، وَقِيلَ: الهُدَبِدُ الخَفَشُ، وَقِيلَ: هُوَ ضَعْفُ الْبَصَرِ. وَرَجُلٌ هُدَبِدٌ: ضَعِيفُ الْبَصَرِ؛ وبِعَيْنِه هُدَبِدٌ أَي عَمَشٌ؛ قَالَ:
إِنه لَا يُبْرِئُ داءَ الهُدَبِدْ ... مِثْلُ القَلايا مِنْ سَنَامٍ وكَبِدْ
قَوْلُهُ إِنه بِضَمَّةٍ مُخْتَلسَة مِثْلَ قَوْلِ العُجَيْرِ السَّلولي:
فَبَيْناهُ يَشْري رَحْلَه قَالَ قائلٌ: ... لِمَنْ جَمَلٌ رِخْوُ المِلاطِ نجِيبُ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، قَالَ: وَالصَّوَابُ فِي إِنشاده عَلَى مَا هُوَ فِي شِعْرِ العجير: رَخو [رِخو] المِلاط طَوِيلُ، لأَن الْقَصِيدَةَ لَامِيَّةٌ؛ وَبَعْدَهُ:
مُحلًّى بِأَطْواقٍ عِتاقٍ كأَنها ... بَقايا لُجَيْنٍ، جَرْسُهُنَّ صَلِيل
الْمُفَضَّلُ: الهُدَبِدُ الشبْكَرةُ، وَهُوَ العَشاء يَكُونُ فِي الْعَيْنِ؛ يُقَالُ: بِعَيْنِهِ هُدَبِدٌ. والهدَبِدُ: الصَّمْغُ الَّذِي يَسِيلُ مِنَ الشجَر أَسْوَدَ.
هرد: هَرَدَ الثوبَ يَهْرِدُه هَرْداً: مَزَّقَه. وهَرَّدَه: شَقَّقَه. وهَرَدَ القَصَّار الثَّوْبَ وهَرَتَه هَرْداً، فَهُوَ مَهْرُودٌ وهَرِيدٌ: مَزّقه وخَرَّقه وضَرَبَه وهَرْدُ العِرْضِ: الطَّعْنُ فِيهِ، هَرَدَ عِرْضَه وهَرَته يَهْرِدُه هَرْداً. الأَصمعي: هَرَتَ فُلَانٌ الشَّيْءَ وهَرَدَه: أَنضجه إِنضاجاً شَدِيدًا. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَنْعَمَ إِنْضاجَه. وهَرَدْتُ اللحمَ أَهْرِدُه، بِالْكَسْرِ، هَرْداً: طَبَخْتُهُ حَتَّى تَهَرّأَ وتَفَسَّخَ، فَهُوَ مُهَرَّد. قال الأَزهري: والذي حَفِطناه عَنْ أَئمتنا الحِرْدى بِالْحَاءِ وَلَمْ يَقُلْهُ بِالْهَاءِ غَيْرُ اللَّيْثِ «3» . وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: فإِن أَدخلت اللحمَ النارَ وأَنضجته، فَهُوَ مُهَرَّد، وَقَدْ هَرَّدْتُه فَهَرِدَ هُوَ. قَالَ: والمُهَرَّأُ مِثْلُه، والتهْريد مِثْلُه شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ؛ وَقَدْ هَرِدَ اللحمُ. والهَرْدُ: الاختلاطُ كالهَرْج. وَتَرَكَتْهُمْ يَهْرِدُون أَي يَمُوجون كيَهْرِجون. والهُرْدُ: العُروق الَّتِي يُصْبَغُ بِهَا، وَقِيلَ: هُوَ الكُرْكُم. وَثَوْبٌ مَهْرُودٌ ومُهَرَّدٌ: مَصْبُوغٌ أَصفر بالهُرْد. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَنْزِلُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي ثَوْبَيْنِ مَهْرُودَيْن.
وَفِي التَّهْذِيبِ:
يَنْزِلُ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مَهْرُودان
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الهَرْدُ الشقُّ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
يَنْزِلُ عِيسَى فِي مَهْرُودَتَيْن
أَي فِي شُقّتين أَو حُلَّتين. قَالَ الأَزهري: قرأْت بِخَطِّ شَمِرٍ لأَبي عَدْنَانَ: أَخبرني الْعَالِمُ مِنْ أَعراب بَاهِلَةَ أَن الثَّوْبَ الْمَهْرُودَ الَّذِي يُصْبَغُ بِالْوَرْسِ ثُمَّ بِالزَّعْفَرَانِ فَيَجِيءُ لَوْنُهُ مِثْلَ لَوْنِ زَهْرة الحَوْذانةِ، فَذَلِكَ الثَّوْبُ المَهْرُودُ. وَيُرْوَى: فِي مُمَصَّرَتَيْن، وَمَعْنَى المُمَصَّرتين وَالْمَهْرُودَتَيْنِ وَاحِدٌ، وَهِيَ الْمَصْبُوغَةُ بالصُّفْرة مِنْ زَعْفران أَو غَيْرِهِ؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُوَ عِنْدِي خطأٌ مِنَ النَّقَلة وأُراه مَهْرُوَّتَيْن أَي صَفْراوَيْن. يُقَالُ: هَرَّيْتُ الْعِمَامَةَ إِذا لَبِسْتَها صَفْرَاءَ وفَعَلْتُ مِنْهُ هَرَوْتُ؛ قَالَ: فإِن كَانَ مَحْفُوظًا بِالدَّالِ، فَهُوَ من
__________
(3) . قوله [قَالَ الأَزهري وَالَّذِي حَفِظْنَاهُ إلى قوله غير الليث] كذا بالأَصل ولا مناسبة له هنا وإنما يناسب قوله الآتي الْهِرْدَى عَلَى فِعْلَى بِكَسْرِ الهاء نبت(3/435)
الهَرْدِ الشِّقِّ، وَخُطِّئَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي اسْتِدْرَاكِهِ وَاشْتِقَاقِهِ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: الْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي الْحَدِيثِ
يَنْزِلُ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ
، يُرْوَى بِالدَّالِ والذال، أَي بين ممصرتين عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ؛ قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْهُ إِلا فِيهِ. وَالْمُمَصَّرَةُ مِنَ الثِّيَابِ: الَّتِي فِيهَا صُفْرَةٌ خَفِيفَةٌ؛ وَقِيلَ: الْمَهْرُودُ الثَّوْبُ الَّذِي يُصْبَغُ بِالْعُرُوقِ، وَالْعُرُوقُ يُقَالُ لَهَا الهُرْد. قَالَ أَبو بَكْرٍ: لَا تَقُولُ الْعَرَبُ هَرَوْتُ الثَّوْبَ وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ هَرَّيْتُ، فَلَوْ بُنِيَ عَلَى هَذَا لَقِيلَ مُهَرّاة فِي كُرْكُمٍ عَلَى مَا لَمْ يُسَمّ فَاعِلُهُ، وَبَعْدُ فإِن الْعَرَبَ لَا تَقُولُ هَرَّيْتُ إِلا فِي العِمامة خَاصَّةً فَلَيْسَ لَهُ أَن يَقِيسَ الشِّقَّةَ عَلَى الْعِمَامَةِ لأَن اللُّغَةَ رِوَايَةٌ. وَقَوْلُهُ: بَيْنَ مَهْرودتين أَي بَيْنَ شِقَّتَيْنِ أُخذتا مِنَ الهَرْد، وَهُوَ الشِّقُّ، خطأٌ لأَن الْعَرَبَ لَا تُسَمِّي الشِّقَّ للإِصلاح هَرْداً بَلْ يُسَمُّونَ الإِخْراقَ والإِفساد هَرْداً؛ وهَرَد القَصَّارُ الثَّوْبَ؛ وهَرَدَ فُلَانٌ عِرْض فُلَانٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الإِفساد، قَالَ: وَالْقَوْلُ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَنَا مَهْرُودَتَيْنِ، بَيْنَ الدَّالِ وَالذَّالِ، أَي بين مُمَصَّرتين، عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ؛ قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعْهُ إِلا فِي الْحَدِيثِ كَمَا لَمْ نَسْمَعِ الصِّيرَ الصِّحْناءَةَ «1» إِلا فِي الْحَدِيثِ، وَكَذَلِكَ الثُّفّاءَ الحُرْفَ ونحوَه؛ قَالَ: وَالدَّالُ وَالذَّالُ أُختان تُبْدَلُ إِحداهما مِنَ الأُخرى؛ يُقَالُ: رجُل مِدْلٌ ومِذْلٌ إِذا كَانَ قَلِيلَ الْجِسْمِ خَفِيَّ الشَّخْصِ، وَكَذَلِكَ الدَّالُ وَالذَّالُ فِي قَوْلِهِ مَعْرودَتَين. والهُرْدِيّة: قَصَباتٌ تُضَمُّ مَلْوِيّة بِطَاقَاتِ الْكَرَمِ تُحْمَلُ عَلَيْهَا قُضْبانُه. أَبو زَيْدٍ: هَرَدَ ثَوْبَه وهَرَتَه إِذا شَقَّهُ، فَهُوَ هَريدٌ وهَريتٌ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ الْهُذَلِيُّ:
غَداةَ شُواحِطٍ فَنَجوْتَ شَدًّا، ... وثَوْبُكَ فِي عَباقِيةٍ هَريدُ
أَي مَشْقُوقٌ. وهُرْدانُ وهَيْرُدان: اسْمَانِ. والهُردانُ والهِرْداء: نَبْتٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الهِرْدى، مَقْصُورٌ: عُشْبةٌ لَمْ يَبْلُغْنِي لَهَا صِفَةٌ، قَالَ: وَلَا أَدري أَمُذكرة أَم مُؤَنَّثَةٌ؟ والهَيْرُدانُ: نَبْتٌ كالهِرْدى. الأَصمعي: الهِرْدَى، عَلَى فِعْلى بِكَسْرِ الْهَاءِ، نَبْتٌ، قَالَهُ ابْنُ الأَنباري، وَهُوَ أُنثى. والهَيْرُدانُ: اللِّصّ، قَالَ: وَلَيْسَ بِثَبْتٍ. وهُرْدانُ: مَوْضِعٌ.
هرشد: الهِرْشَدّةُ: العجوز.
هسد: الأَزهري: رُوِيَ عَنِ المُؤرِّج أَنه قَالَ: يُقَالُ للأَسد هَسَدٌ؛ وأَنشد:
فَلَا تَعْيا، مُعاوِيَ، عَنْ جَوابي، ... ودَعْ عَنْكَ التّعَزُّزَ للهِسادِ
قَالَ: وَلَمْ أَسمع هَذَا لِغَيْرِهِ.
هكد: ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ هَكَّدَ الرَّجُلُ إِذا شَدَّدَ عَلَى غريمه.
همد: الهَمْدَةُ: السَّكْتةُ. هَمَدَتْ أَصواتُهم أَي سكَنَتْ. ابْنُ سِيدَهْ: هَمَدَ يَهْمُدُ هُمُوداً، فَهُوَ هامِدٌ وهَمِدٌ وهَمِيدٌ: مَاتَ. وأَهْمَدَ: سَكَتَ عَلَى مَا يَكْرَه؛ قَالَ الرَّاعِي:
وإِني لأَحْمي الأَنْفَ مِن دونِ ذِمَّتي، ... إِذا الدَّنِسُ الواهِي الأَمانةِ أَهْمَدا
اللَّيْثُ: الهُمُودُ الموتُ، كَمَا هَمَدَتْ ثمودُ. وَفِي حَدِيثِ
مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ: حَتَّى كَادَ يَهْمُدُ مِنَ الجوعِ
أَي يَهْلِكُ. وهَمَدَتِ النارُ تَهْمُدُ هُمُوداً: طُفِئَتْ طُفُوءاً وَذَهَبَتْ أَلْبَتَّةَ فَلَمْ يَبِنْ لَهَا أَثَر، وَقِيلَ: هُمُودُها ذَهابُ حرارتِها. ورَمادٌ هامِدٌ: قَدْ تغيَّر وتَلَبَّدَ. وَالرَّمَادُ الهامِدُ: الْبَالِي المُتَلَبِّدُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ. الأَصمعي: خَمَدَتِ النارُ إِذا سكَن
__________
(1) . قوله [الصحناءة] في القاموس والصحنا والصحناة ويمدان ويقصران إِدَامٌ يُتَّخَذُ مِنَ السُّمْكِ الصغار مشه مصلح للمعدة.(3/436)
لَهَبُها، وهَمَدَتْ هُمُوداً إِذا طُفِئَت أَلْبَتَّةَ. فإِذا صَارَتْ رَماداً قِيلَ: هَبا يَهْبُو، وَهُوَ هابٍ. ونباتٌ هامِدٌ: يَابِسٌ. وهَمَدَ شجرُ الأَرض أَي بَلِيَ وذهَب. وَشَجَرَةٌ هامدةٌ: قَدِ اسْوَدَّتْ وبَلِيَتْ. وثَمَرَةٌ هامدةٌ إِذا اسْوَدَّتْ وعَفِنَتْ. وَتَرَى الأَرض هَامِدَةً أَي جافَّة ذَاتَ تُراب. وأَرضٌ هَامِدَةٌ: مُقْشَعِرّة لَا نَبَاتَ فِيهَا إِلا الْيَابِسَ المُتَحَطِّم، وَقَدْ أَهْمَدَها القَحْطُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَخرَجَ مِنْ «1» هَوامِدِ الأَرض النباتَ
؛ الهامِدةُ: الأَرضُ المُسْتَنّة، وهُمُودُها: أَن لَا يَكُونَ فِيهَا حياةٌ وَلَا نَبْت وَلَا عُود وَلَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ. وَالْهَامِدُ مِنَ الشَّجَرِ: الْيَابِسُ. وهَمَدَ الثوبُ يَهْمُدُ هُمُوداً وهَمْداً: تَقَطَّع وبليَ، وَهُوَ مِنْ طُولِ الطَّيِّ تَنْظُرُ إِليه فتحسَبه صَحِيحًا فإِذا مَسِسْتَه تَناثَر مِنَ البِلى، وَقِيلَ: الهامِدُ الْبَالِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. ورُطبةٌ هامِدةٌ إِذا صَارَتْ قَشِرةً وصَقِرةً. وأَهْمَدَ فِي الْمَكَانِ: أَقام. والإِهمادُ: الإِقامةُ؛ قَالَ رؤبةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
لَمَّا رَأَتْني راضِياً بالإِهمادْ، ... كالكُرَّزِ المَرْبوطِ بَيْنَ الأَوْتادْ
. يَقُولُ: لَمَّا رأَتني رَاضِيًا بِالْجُلُوسِ لَا أَخرج وَلَا أَطلب كَالْبَازِيِّ الَّذِي كُرِّزَ أُسْقِطَ ريشُه، وأَهْمَدَ فِي السَّيْرِ أَسرع؛ قَالَ: وَهَذَا الْحَرْفُ مِنَ الأَضْدادِ. ابْنُ سِيدَهْ: والإِهمادُ السُّرْعةُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: السُّرْعَةُ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ: فَهُوَ مِنَ الأَضداد، قَالَ رؤَبة بْنُ الْعَجَّاجِ:
مَا كانَ إِلَّا طَلَقُ الإِهْماد، ... وكَرُّنا بالأَغْرُبِ الجِياد
حَتَّى تَحاجَزْنَ عنِ الرُّوّاد، ... تَحاجُزَ الرِّيِّ وَلَمْ تَكاد
والطَّلَق: الشَّوْطُ؛ يُقَالُ: عَدا الْفَرَسُ طَلَقاً أَو طلَقين، كَمَا تَقُولُ: شَوْطاً أَو شَوْطين. والأَغْرُبُ: جَمْعُ غَرْب، وَهِيَ الدَّلْوُ الْكَبِيرَةُ، أَي تابَعُوا الاستقاءَ بالدِّلاءِ حَتَّى رَوِيَتْ. وأَهْمَدَ الكلبُ أَي أَحضَرَ. وَيُقَالُ لِلْهَامِدِ: هَمِيدٌ. يُقَالُ: أَخذَنا المُصَدِّقُ بالهَمِيدِ أَي بِمَا مَاتَ مِنَ الْغَنَمِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الهَمِيدُ الْمَالُ الْمَكْتُوبُ عَلَى الرَّجُلِ فِي الدِّيوان فَيُقَالُ: هَاتُوا صدَقَتَه وَقَدْ ذَهَبَ المالُ. يُقَالُ: أَخَذَنا الساعِي بالهَمِيد. ابْنُ بُزُرج: أَهْمَدوا فِي الطّعامِ أَي انْدَفَعُوا فِيهِ. وهَمْدانُ: قَبِيلةٌ من اليمن.
هند: هِنْدٌ وهُنَيدةٌ: اسْمٌ لِلْمِائَةِ مِنَ الإِبل خَاصَّةً؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَعْطَوْا هُنَيْدةَ يَحْدُوها ثَمانِيةٌ، ... مَا فِي عَطائِهِمُ مَنٌّ وَلَا سَرَفُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ: هِيَ اسْمٌ لِكُلِّ مِائَةٍ مِنَ الإِبل؛ وأَنشد لِسَلَمَةَ بْنِ الخُرْشُبِ الأَنمارِيِّ:
ونَصْرُ بنُ دَهْمانَ الهُنَيْدةَ عاشَها، ... وتسعينَ عَامًا ثُمَّ قُوِّمَ فانْصاتَا «2»
. ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ هِيَ اسْمٌ لِلْمِائَةِ ولِما دُوَيْنَها وَلِمَا فُوَيْقَها، وَقِيلَ: هِيَ الْمِائَتَانِ، حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي عَنْ الزِّيَادِيِّ قَالَ: وَلَمْ أَسمعه مِنْ غَيْرِهِ. قَالَ: والهُنَيْدَةُ مائةُ سَنَةٍ. والهِنْدُ مِائَتَانِ؛ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ. التَّهْذِيبِ: هُنَيْدةُ مِائَةٌ مِنَ الإِبل مَعْرِفَةٌ لَا تَنْصَرِفُ وَلَا يَدْخُلُهَا الأَلف وَاللَّامُ وَلَا تُجْمَعُ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ جِنْسِهَا؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
فِيهِمْ جِيادٌ وأَخْطارٌ مُؤَثَّلةٌ، ... مِنْ هِنْد هِنْد وإِرباءٌ عَلَى الهِنْدِ
__________
(1) . قوله [أخرج من] كذا بالأَصل، والذي في النهاية أخرج به من ولعل المعنى أخرج به أي بالماء.
(2) . قوله [وتسعين] هذا ما في الأصل والصحاح في غير موضع والذي في الأساس وخمسين(3/437)
ابْنُ سِيدَهْ: ولَقِيَ هِنْدَ الأَحامِسِ إِذا مَاتَ. ابْنُ الأَعرابي: هَنَّدَ إِذا قَصَّرَ، وهَنَدَ وهَنَّدَ إِذا صاحَ صِياحَ البُومةِ. أَبو عَمْرٍو: هَنَّدَ الرجلُ إِذا شَتَم إِنساناً شتماً قبيحاً، هَنَّدَ إِذا شُتِمَ فاحتَمَله وأَمسَك، وحمَلَ عَلَيْهِ فَمَا هَنَّدَ أَي مَا كَذَّب. وَمَا هنَّد عَنْ شَتْمِي أَي مَا كذَّب وَلَا تأَخَّرَ. وهَنَّدَتْه المرأَةُ: أَورثَتْه عِشْقاً بالملاطَفةِ والمُغازَلةِ؛ قَالَ:
يَعِدْنَ مَنْ هَنَّدْنَ والمُتَيَّما
وهَنَّدَتْني فلانةُ أَي تَيَّمَتْني بالمُغازلة، وَقَالَ أَعرابي:
غَرَّكَ مِنْ هَنّادةَ التَّهْنِيدُ، ... مَوْعُودُها، والباطِلُ المَوْعُودُ
ابْنُ دُرَيْدٍ: هَنَّدْتُ الرجلَ تَنْهِيداً إِذا لايَنْته ولاطفْته. ابْنُ الْمُسْتَنِيرِ: هَنَّدَتْ فُلَانَةٌ بقَلْبه إِذا ذهَبَت بِهِ. وهَنَّد السيفَ: شَحَذَه. والتهنِيدُ: شَحْذُ السيفِ؛ قَالَ:
كلَّ حُسامٍ مُحْكَمِ التَّهْنِيدِ، ... يَقْضِبُ، عِنْدَ الهَزِّ والتَّجْرِيدِ،
سالِفةَ الهَامةِ واللَّدِيدِ
قَالَ الأَزهري: والأَصل فِي التَّهْنِيدِ عَمَلُ الْهِنْدِ. يُقَالُ: سَيْفٌ مُهَنَّدٌ وهِنْدِيٌّ وهُنْدُوانيٌّ إِذا عُمِلَ بِبِلَادِ الْهِنْدِ وأُحْكِمَ عملُه. والمُهَنَّدُ: السيفُ المطبوعُ مِنْ حديدِ الهِنْد. وهِنْد: اسْمُ بِلَادٍ، وَالنِّسْبَةُ هِنْدِيٌّ وَالْجَمْعُ هُنُودٌ كَقَوْلِكَ زِنْجِيٌّ وزُنوجٌ؛ وَسَيْفٌ هِنْدُوانيٌّ، بِكَسْرِ الْهَاءِ، وإِن شِئْتَ ضَمَمْتَهَا إِتباعاً لِلدَّالِ. ابْنُ سِيدَهْ: والهِنْدُ جِيلٌ مَعْرُوفٌ؛ وَقَوْلُ عَدِيّ بْنِ الرَّقّاع:
رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقُها، ... تَقْضَمُ [تَقْضِمُ] الهِنْدِيَّ والغارَا
إِنما عَنى العُود الطَّيِّبَ الَّذِي مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ؛ وأَما قَوْلُ كُثَيِّرٍ:
ومُقْرَبة دُهْم وكُمْت، كأَنَّها ... طَماطِمُ يُوفُونَ الوُفُورَ هَنادِكا
فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ: أَراد بالهَنادِك رجالَ الهِنْد؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَظَاهِرُ هَذَا الْقَوْلِ مِنْهُ يَقْتَضِي أَن تَكُونَ الْكَافُ زَائِدَةً. قَالَ: وَيُقَالُ رَجُلٌ هِنْدِيٌّ وهِنْدِكيٌّ، قَالَ: وَلَوْ قِيلَ إِن الْكَافَ أَصل وإِن هِنْدِيٌّ وهِنْدِكيٌّ أَصلان بِمَنْزِلَةِ سَبْطٍ وسِبَطْرٍ لَكَانَ قَوْلًا قَوِيًّا؛ والسيفُ الهُنْدُوانيُّ [الهِنْدُوانيُ] والمُهَنَّدُ مَنْسُوبٌ إِليهم. وهِنْد: اسْمُ امرأَة يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ، إِن شِئْتَ جَمَعْتَه جمعَ التَّكْسِيرِ فَقُلْتَ هُنودٌ وإِن شِئْتَ جَمَعْتَهُ جَمْعَ السلامةِ فَقُلْتَ هِنْدات؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْجَمْعُ أَهنُدٌ وَأَهْناد وهُنود؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ لِجَرِيرٍ:
أَخالِدَ قَدْ عَلِقْتُك بَعْدَ هِنْدٍ، ... فَشَيَّبَني الخَوالِدُ والهُنودُ
وَهِنْدٌ اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
إِني لِمَنْ أَنكَرَني ابنُ اليَثْرِبي، ... قَتَلْتُ عِلْباءَ وهِنْدَ الجَمَلِي
أَراد وهِنْداً الجَمَليَّ فَحذفَ إِحدى يَاءَيِ النَّسَبِ لِلْقَافِيَةِ، وَحَذَفَ التَّنْوِينَ مِنْ هِنْداً لِسُكُونِهِ وَسُكُونِ اللَّامِ مِنَ الْجُمَلِيِّ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:
لَتَجِدَنِّي بالأَمِيرِ بَرّا، ... وبالقَناةِ مِدْعَساً مِكَرّا،
إِذا غُطَيْفُ السُّلَميُّ فَرّا
فَحَذَفَ التَّنْوِينَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ كَثِيرٌ حَتَّى إِن بَعْضَهُمْ قرأَ:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحدُ اللَّهُ
؛ فَحَذَفَ التَّنْوِينَ مِنْ أَحد. التَّهْذِيبُ: وهِنْد مِنْ أَسماء الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. قال: وَمِنْ أَسمائهم هِنْدِيٌّ وهَنَّادٌ(3/438)
ومُهَنَّدٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وَبَنُو هِنْدٍ فِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ. وَبَنُو هَنّادٍ: بَطْنٌ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
وبَلْدةٍ يَدْعُو صَداها هِنْدا
أَراد حكايةَ صوتِ الصَّدى
هود: الهَوْدُ: التَّوْبَةُ، هادَ يَهُودُ هوْداً وتَهَوَّد: تابَ وَرَجَعَ إِلى الْحَقِّ، فَهُوَ هائدٌ. وقومٌ هُودٌ: مِثْلُ حائِكٍ وحُوكٍ وبازِلٍ وبُزْلٍ؛ قَالَ أَعرابي:
إِنِّي امرُؤٌ مِنْ مَدْحِهِ هائِد
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ
؛ أَي تُبْنا إِليك، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وإِبراهيم. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَدَّاهُ بإِلى لأَن فِيهِ مَعْنَى رَجَعْنَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تُبْنَا إِليك وَرَجَعْنَا وقَرُبْنا مِنَ الْمَغْفِرَةِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ؛ وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا*
؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:
سِوَى رُبَعٍ لَمْ يَأْتِ فِيهَا مَخافةً، ... وَلَا رَهَقاً مِنْ عابِدٍ مُتَهَوِّد
قَالَ: المُتَهَوِّد المُتَقَرِّبُ. شَمِرٌ: المُتَهَوِّدُ المُتَوَصِّلُ بِهَوادةٍ إِليه؛ قَالَ: قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي. والتَّهَوُّدُ: التوبةُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ. والهَوادَةُ: الحُرْمَةُ وَالسَّبَبُ. ابْنُ الأَعرابي: هادَ إِذا رجَع مِنْ خَيْرٍ إِلى شَرٍّ أَو مِنْ شَرٍّ إِلى خَيْرٍ، وهادَ إِذا عُقِلَ. ويَهُودُ: اسْمٌ لِلْقَبِيلَةِ؛ قَالَ:
أُولئِكَ أَوْلى مِنْ يَهُودَ بِمِدْحةٍ، ... إِذا أَنتَ يَوْماً قُلْتَها لَمْ تُؤنَّب
وَقِيلَ: إِنما اسْمُ هَذِهِ الْقَبِيلَةِ يَهُوذ فَعُرِّبَ بِقَلْبِ الذَّالِ دَالًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بِقَوِيٍّ. وَقَالُوا الْيَهُودَ فأَدخلوا الأَلف وَاللَّامَ فِيهَا عَلَى إِرادة النَّسَبِ يُرِيدُونَ الْيَهُودِيِّينَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ
؛ مَعْنَاهُ دَخَلُوا فِي الْيَهُودِيَّةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى؛ قَالَ: يُرِيدُ يَهُوداً فَحَذَفَ الْيَاءَ الزَّائِدَةَ وَرَجَعَ إِلى الْفِعْلِ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ، وَفِي قِرَاءَةِ
أُبيّ: إِلا مَنْ كَانَ يَهُودِيًّا أَو نَصْرَانِيًّا
؛ قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَجْعَلَ هُوداً جَمْعًا وَاحِدُهُ هائِدٌ مِثْلُ حَائِلٍ وَعَائِطٍ مِنَ النُّوق، وَالْجَمْعِ حُول وعُوط، وَجَمْعُ الْيَهُودِيِّ يَهُود، كَمَا يُقَالُ فِي الْمَجُوسِيِّ مَجُوس وَفِي الْعَجَمِيِّ وَالْعَرَبِيِّ عَجَمٌ وَعَرَبٌ. والهُودُ: اليَهُود، هادُوا يَهُودُون هَوْداً. وَسُمِّيَتِ الْيَهُودُ اشْتِقَاقًا مِنْ هادُوا أَي تَابُوا، وأَرادوا باليَهُودِ اليَهُودِيِّينَ وَلَكِنَّهُمْ حَذَفُوا يَاءَ الإِضافة كَمَا قَالُوا زِنْجِيٌّ وزنْج، وإِنما عُرِّف عَلَى هَذَا الْحَدِّ فجُمِع عَلَى قِيَاسِ شُعَيْرَةٍ وَشَعِيرٍ، ثُمَّ عُرّف الْجَمْعُ بالأَلِف وَاللَّامِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ دُخُولُ الأَلِف وَاللَّامِ عَلَيْهِ لأَنه مَعْرِفَةٌ مُؤَنَّثٌ فَجَرَى فِي كَلَامِهِمْ مَجْرَى الْقَبِيلَةِ وَلَمْ يُجْعَلْ كَالْحَيِّ؛ وأَنشد عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّحْوِيُّ:
فَرَّتْ يَهُودُ وأَسْلَمَتْ جِيرانَها، ... صَمِّي، لِما فَعَلَتْ يَهُودُ، صَمامِ
قَالَ ابْنُ برِّيّ: الْبَيْتُ للأَسود بْنِ يَعْفُرَ. قَالَ يَعْقُوبُ: مَعْنَى صَمِّي اخْرسي يَا داهيةُ، وصَمامِ اسْمُ الداهيةِ عَلَمٌ مِثْلُ قَطامِ وحَذامِ أَي صَمِّي يَا صَمامِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الضَّمِيرُ فِي صَمِّي يَعُودُ عَلَى الأُذن أَي صَمِّي يَا أُذُن لِمَا فعلتْ يَهُود. وصَمامِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ مِثْلُ نَزالِ وَلَيْسَ بِنِدَاءٍ. وهَوَّدَ الرجلَ: حَوّلَه إِلى مِلَّةِ يَهُودَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ مَوْلُود يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبواه يُهَوِّدانِه أَو يُنَصِّرانِه
، مَعْنَاهُ أَنهما يُعَلِّمَانَهُ دِينَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصَارَى ويُدْخِلانه فِيهِ. والتَّهْوِيدُ: أَن يُصَيَّرَ الإِنسانُ يَهُوديًّا. وهادَ وتَهَوَّد إِذا صَارَ يَهُودِيًّا.(3/439)
والهَوادةُ: اللِّينُ وَمَا يُرْجَى بِهِ الصلاحُ بَيْنَ الْقَوْمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تأْخُذُه فِي اللَّهِ هَوادةٌ
أَي لَا يَسْكُنُ عِنْدَ حَدِّ اللَّهِ وَلَا يُحابي فِيهِ أَحداً. والهَوادةُ: السُّكونُ والرُّخْصة وَالْمُحَابَاةُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أُتِيَ بِشاربٍ فَقَالَ: لأَبْعَثَنَّكَ إِلى رَجُلٍ لَا تأْخُذُه فِيكَ هَوادةٌ.
والتَّهْوِيدُ والتَّهْوادُ والتَّهَوُّدُ: الإِبْطاءُ فِي السَّيْر واللِّينُ والتَّرَفُّقُ. والتَّهْوِيدُ: المشيُ الرُّوَيْدُ مِثْلُ الدَّبيب وَنَحْوِهُ، وأَصله مِنَ الهَوادةِ. والتَّهْوِيدُ: السَّيْرُ الرَّفِيقُ. وَفِي حَدِيثِ
عِمْران بْنِ حُصين أَنه أَوْصَى عِنْدَ موتِه: إِذا مُتُّ فَخَرَجْتُمْ بِي، فأَسْرِعُوا المَشْيَ وَلَا تُهَوِّدُوا كَمَا تُهَوِّدُ اليهودُ وَالنَّصَارَى.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذا كنتَ فِي الجَدْبِ فأَسْرِعِ السَّيْرَ وَلَا تُهَوِّد
أَي لَا تَفْتُرْ. قَالَ: وَكَذَلِكَ التَّهْوِيدُ فِي المَنْطِقِ وَهُوَ الساكِنُ؛ يُقَالُ: غِناءٌ مُهَوِّد؛ وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ نَاقَةً:
وخُود منَ اللَّائي تَسَمَّعْنَ، بالضُّحى، ... قَرِيضَ الرُّدافَى بالغِناءِ المُهَوِّدِ
قَالَ: وخُود الْوَاوُ أَصلية لَيْسَتْ بِوَاوِ الْعَطْفِ، وَهُوَ مَنْ وَخَدَ يَخِدُ إِذا أَسرعَ. أَبو مَالِكٍ: وهَوّدَ الرجلُ إِذا سكَن. وهَوَّدَ إِذا غَنَّى. وهَوَّدَ إِذا اعتَمد عَلَى السِّيَرِ؛ وأَنشد:
سَيْراً يُراخِي مُنَّةَ الجَلِيدِ ... ذَا قُحَمٍ، وَلَيْسَ بالتَّهْوِيدِ
أَي لَيْسَ بالسَّيْر اللَّيِّن. والتهوِيدُ أَيضاً: النومُ. وتَهْوِيدُ الشَّرَابِ: إِسكارُه. وهَوَّدَه الشرابُ إِذا فَتَّرَه فأَنامَه؛ وَقَالَ الأَخطل:
ودافَعَ عَني يومَ جِلَّقَ غَمْزُه، ... وصَمَّاءُ تُنْسِيني الشرابَ المُهَوِّدا
والهَوادَةُ: الصُّلْحُ والمَيْلُ. والتهوِيدُ والتَّهْوادُ: الصوتُ الضعيفُ اللَّيِّنُ الفاتِرُ. والتهوِيدُ: هَدْهَدةُ الريحِ فِي الرَّمْلِ ولِينُ صَوْتِهَا فِيهِ. والتَّهْوِيدُ: تَجاوُبُ الجنِّ لِلِينِ أَصواتِها وضَعْفِها؛ قَالَ الرَّاعِي:
يُجاوِبُ البومَ تَهْوِيدُ العَزِيفِ بِهِ، ... كَمَا يَحِنُّ لِغَيْثٍ جِلَّةٌ خُورُ
وَقَالَ ابْنُ جَبَلَةَ: التهوِيدُ الترجيعُ بِالصَّوْتِ فِي لِين. والهَوادةُ: الرُّخْصة، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَن الأَخذ بِهَا أَلْيَنُ مِنَ الأَخذ بِالشِّدَّةِ. والمُهاوَدةُ: المُوادَعَةُ. والمُهاوَدةُ: المُصالَحَةُ والمُمايَلةُ. والمُهَوِّدُ: المُطْرِبُ المُلْهِي؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والهَوَدَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: أَصل السنامِ. شَمِرٌ: الهَوَدةُ مجتَمَعُ السَّنامِ وقَحَدَتُه، وَالْجَمْعُ هَوَدٌ؛ وَقَالَ:
كُومٌ عَلَيْهَا هَوَدٌ أَنضادُ
وَتَسْكُنُ الْوَاوُ فَيُقَالُ هَوْدةٌ. وهُودٌ: اسْمَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَنْصَرِفُ، تَقُولُ: هَذِهِ هُودٌ إِذا أَردْتَ سُورَةَ هُودٍ، وإِن جَعَلَتْ هُوداً اسْمَ السُّورَةِ لَمْ تَصْرِفْهُ، وَكَذَلِكَ نُوحٌ ونُونٌ، والله أَعلم.
هيد: هادَه الشيءُ هَيْداً وِهَادًا: أَفزَعَه وكرَبَه. وَمَا يَهِيدُه ذَلِكَ أَي مَا يكْتَرِثُ لَهُ وَلَا يُزْعِجُه. تَقُولُ: مَا يَهِيدُني ذَلِكَ أَي مَا يُزْعِجُني وَمَا أَكتَرِثُ لَهُ وَلَا أُبالِيه. قَالَ يَعْقُوبُ: لَا يُنطق بِيَهِيدُ إِلا بِحَرْفِ جَحْدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا يَهِيدَنَّكم الطالِعُ المُصْعِدُ
أَي لَا تَنْزَعِجوا لِلْفَجْرِ المستطيلِ فتمتنِعوا بِهِ عَنِ السَّحورِ فإِنه الصُّبْحُ الكذَّابُ. قَالَ: وأَصل الهَيْدِ الحركَةُ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: مَا من أَحَدٍ عَمِلَ لله عَمَلًا إِلا سارَ(3/440)
فِي قلبِه سَوْرتان فَإِذَا كانت الأُولى منهما لله فَلَا تَهِيدَنَّه الآخرةُ
أَي لَا يَمْنَعَنَّه ذَلِكَ الَّذِي تقدَّمت فيه نيته لله وَلَا يُحَرِّكَنَّه وَلَا يُزِيلَنَّه عَنْهَا، وَالْمَعْنَى: إِذا أَراد فِعْلًا وَصَحَّتْ نِيَّتُهُ فِيهِ فوَسوس لَهُ الشيطانُ فَقَالَ إِنك تُرِيدُ بِهَذَا الرِّياءَ فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ فعله. الهَيْدُ: الْحَرَكَةُ. وهادَه يَهِيدُه هَيْداً وهَيَّدَه: حَرَّكَه وأَصلَحَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قِيلَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَسْجِدِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هِدْه، فَقَالَ: بَلْ عَرْشٌ كَعَرْشِ مُوسَى
؛ قَوْلُهُ هِدْه: كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ مَعْنَاهُ أَصْلِحْه؛ قَالَ: وتأْويله كَمَا قَالَ وأَصله أَن يُرادَ بِهِ الإِصلاحُ بعدَ الهَدْم أَي هُدَّه ثُمَّ أَصْلِحْه. وكلُّ شيءٍ حَرَّكْتَه، فَقَدَ هِدْتَه تَهِيدُه هَيْداً، فكأَنّ الْمَعْنَى أَنه يُهْدَمُ ويُسْتأْنَفُ بناؤُه ويُصْلَح. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَا نارُ لا تَهيدِيه
أَي لاتَزْعِجيه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: لَوْ لَقِيتُ قاتِلَ أَبي فِي الْحَرَمِ مَا هِدْتُه
؛ يُرِيدُ مَا حَرَّكْتُه وَلَا أَزعَجْتُه. وَمَا هادَه كَذَا وَكَذَا أَي مَا حَرَّكَه. وَمَا هَيَّدَ عَنْ شَتْمِي أَي مَا تأَخَّرَ وَلَا كذَّب؛ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي النُّونِ لأَنهما لُغَتَانِ هَنَّدَ وهَيَّدَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: مَا هَيَّدَ عَنْ شَتْمِي، قَالَ: لَا يُنْطَقُ بِيَهِيدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْهُ إِلا مَعَ حَرْفِ الْجَحْدِ. وَلَا يَهِيدَنَّكَ هَذَا عَنْ رَأْيِكَ أَي لَا يُزِيلَنَّكَ. وَمَا لَهُ هَيْدٌ وَلَا هادٌ أَي حَرَكَةٌ؛ قَالَ ابْنُ هَرِمَةَ:
ثُمَّ اسْتَقامَتْ لَهُ الأَعْناقُ طَائِعَةً، ... فَمَا يُقالُ لَهُ هَيْدٌ وَلَا هادُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: فَمَا يقال له هَيْدٌ ولا هادِ، فَيَكُونُ هَيْدِ مَبْنِيًّا عَلَى الْكَسْرِ وَكَذَلِكَ هادِ؛ وأَول الْقَصِيدَةِ:
إِني إِذا الجارُ لَمْ تُحْفَظْ مَحارِمُه، ... وَلَمْ يُقَلْ دُونَه هَيْدِ وَلَا هادِ،
لَا أَخْذُل الجارَ بَلْ أَحْمِي مَباءَتَه، ... وَلَيْسَ جَارِيَ كَعُسٍّ بينَ أَعْوادِ
وَقِيلَ: مَعْنَى مَا يقال له هَيْد ولا هاد أَي لا يحرك وَلَا يُمْنَع مِنْ شَيْءٍ وَلَا يُزْجَرُ عَنْهُ. تَقُولُ: هِدْتُ الرَّجُلَ وهَيَّدْتُه؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وهِدْتُ الرَّجُلَ أَهِيدُه هَيْداً إِذا زَجَرْتَه عَنِ الشَّيْءِ وَصَرَفْتُهُ عَنْهُ. يُقَالُ: هِدْه يَا رَجُلُ أَي أَزِلْه عَنْ مَوْضِعِهِ؛ وأَنشد بَيْتَ ابْنِ هَرِمَةَ:
فَما يُقالُ له هَيْدٌ ولا هادُ
أَي لا يحرَّك وَلَا يُمْنَعُ مِنْ شَيْءٍ وَلَا يُزْجَرُ عَنْهُ، وَيَجُوزُ ما يقال له هَيْدِ بِالْخَفْضِ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ حِكَايَةً مِثْلُ صهْ وغاقِ وَنَحْوِهِ. والهَيْدُ: مِنْ قَوْلِكَ هادَني هَيْدٌ أَي كَرَبَنِي. وقولُهم مَا لَهُ هَيْد وَلَا هَادٍ أَي مَا يقال له هَيْد ولا هَادِ. وَيُقَالُ: أَتى فُلَانٌ الْقَوْمَ فَمَا قَالُوا لَهُ هَيد مَا لَك أَي مَا سأَلوه عَنْ حَالِهِ؛ وأَنشد:
يَا هَيْدَ مَا لَكَ مِنْ شَوْقٍ وإِيراقِ، ... ومَرِّ طَيْفٍ عَلَى الأَهْوالِ طَرّاقِ
وَيُرْوَى: يَا عِيدُ مَا لَكَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لَقِيَه فَقَالَ لَهُ: هَيْدَ مَا لَك، ولقِيتُه فَمَا قَالَ لِي: هَيْدَ مَا لَكَ. وَقَالَ شَمِرٌ: هِيد وهَيْدَ جَائِزَانِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ يَا هَيْدَ مَا لِصحابِك وَيَا هَيْدَ مَا لأَصْحابِك. قَالَ: وَقَالَ الأَصمعي: حَكَى لِي عِيسَى بْنُ عُمَرَ هَيْدَ مَا لَكَ أَي مَا أَمْرُكَ. وَيُقَالُ: لَوْ شَتَمَني مَا قلتُ هَيْدَ مَا لَك. التَّهْذِيبُ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هَيْدَ مَا لَكَ إِذا اسْتَفْهَمُوا الرَّجُلَ عَنْ شأْنه، كَمَا تَقُولُ: يَا هَذَا مَا لَكَ. أَبو زَيْدٍ: قَالُوا تَقُولُ: مَا قَالَ لَهُ هَيْدَ مَا لَكَ فَنَصَبُوا وَذَلِكَ أَن(3/441)
يَمُرَّ بِالرَّجُلِ البعيرُ الضالُّ فلا يعُوجه ولا يتلفت إِليه؛ ومرَّ بَعِيرٌ فَمَا قال لَهُ هَيْدِ مَا لَك؛ فَجَرُّ الدَّالِ حِكايةٌ عَنْ أَعرابي؛ وأَنشد لِكَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
لوْ أَنَّها آذَنَتْ بِكْراً لَقُلْتُ لَهَا: ... يَا هَيْدِ مَا لَكِ، أَو لَوْ آذَنَتْ نَصَفَا
وَرَجُلٌ هَيْدان: ثقِيلٌ جَبانٌ كَهِدانٍ. والهَيْدانُ: الجَبانُ، والهَيْدُ: الشيءُ المُضْطَرِبُ. والهَيْدُ: الكَبِيرُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وأَنشد:
أَذاكَ أَمْ أُعْطِيتَ هَيْداً هَيْدَبَا
وهادَ الرجلَ هَيْداً وِهَادًا: زَجَرَه. وهَيْدٌ وهِيدٌ وهِيدِ وهادِ «3» : مِنْ زَجْر الإِبل واسْتِحْثاثِها؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
وَقَدْ حَدَوْناها بِهَيدٍ وهَلا، ... حَتَّى تَرَى أَسْفَلَها صارَ عَلا
والهِيد فِي الحُداءِ كَقَوْلِ الْكُمَيْتِ:
مُعاتَبة لَهُنَّ حَلا وحَوْبا، ... وجُلُّ غِنائِهِنَّ هَنا وهِيدِ
وَذَلِكَ أَن الحادِي إِذا أَراد الحُداءَ قَالَ: هِيدِ هِيدِ ثُمَّ زَجِلَ بِصَوْتِهِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هِيدْ، بِسُكُونِ الدَّالِ، مَا لَكَ إِذا سأَلوه عَنْ شأْنه. وأَيامُ هَيْدٍ: أَيامُ مُوتانٍ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ فِي الدَّهْرِ الْقَدِيمِ، يُقَالُ: مَاتَ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ أَلْف قَتِيلٍ. وَفُلَانٌ يُعْطِي الهَيْدانَ والزَّيْدانَ أَي يُعْطِي مَنْ عَرَفَ ومَنْ لَمْ يَعْرِفْ. وهَيُودٌ: جَبَلٌ أَو مَوْضِعٌ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْنَبَ: مَا لِي لَا أَزالُ أَسْمَعُ اللَّيْلَ أَجمع هِيدْ
؛ قِيلَ: هَذِهِ عِيرٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: هِيدْ، بِالسُّكُونِ: زَجْرٌ للإِبل وَضَرْبٌ من الحُداءِ.
فصل الواو
وَأَدَ: الوَأْدُ والوَئِيدُ: الصوتُ الْعَالِي الشديدُ كَصَوْتِ الْحَائِطِ إِذا سَقَطَ وَنَحْوِهِ؛ قَالَ المَعْلُوط:
أَعاذِل، مَا يُدْرِيك أَنْ رُبَّ هَجْمَةٍ، ... لأَخْفافِها، فَوْقَ المِتانِ، وئِيدُ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا أَنشده اللِّحْيَانِيُّ وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ فَديدُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: خَرَجْتُ أَقْفُو آثَارَ الناسِ يومَ الْخَنْدَقِ فسمعتُ وئيدَ الأَرض خَلْفِي.
الوئيدُ: شِدَّةُ الوطءِ عَلَى الأَرض يُسْمَعُ كالدَّوِيّ مِنْ بُعد. وَيُقَالُ: سَمِعْتُ وَأْدَ قوائمِ الإِبلِ ووئيدَها. وَفِي حَدِيثِ
سَوَادِ بْنِ مطرف: وأْدَ الذِّعْلِبِ الوجناء
أَي صوتَ وَطْئِها على الأَرض. ووَأْدُ الْبَعِيرِ: هَدِيرُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ووأَدَ المَوْءُودةَ، وَفِي الصِّحَاحِ وأَدَ ابنتَهُ يَئِدُها وأْداً: دَفَنها فِي الْقَبْرِ وَهِيَ حَيَّةٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مَا لَقِيَ المَوْءُودُ مِنْ ظُلْمِ أُمّه، ... كَمَا لَقِيَتْ ذُهْلٌ جَمِيعًا وعامِرُ
أَراد مِنْ ظُلْمِ أُمِّهِ إِياه بالوأْدِ. وامرأَة وئيدٌ ووئيدةٌ: مَوْءُودةٌ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ
؛ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ إِذا وُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ دَفَنَهَا حِينَ تَضَعُهَا وَالِدَتُهَا حَيَّةً مَخَافَةَ الْعَارِ وَالْحَاجَةِ، فأَنزل اللَّهُ تَعَالَى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ «4» . وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ. وَيُقَالُ: وأَدَها الوائدُ يَئِدُها وأْداً، فَهُوَ وائدٌ، وَهِيَ موءُودةٌ ووئيدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الوئيدُ فِي الْجَنَّةِ
أَي الموءُودُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. ومنهم من
__________
(3) . قوله [وهيد وهاد] في شرح القاموس كلاهما مبني على الكسر.
(4) . الآية(3/442)
كان يَئِدُ البَنِين عند المَجاعةِ، وَكَانَتْ كِنْدَةُ تَئِدُ البناتِ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ يَعْنِي جَدَّهُ صَعْصَعَةَ بْنَ نَاجِيَةَ:
وجَدّي الَّذِي مَنَعَ الوائداتِ، ... وأَحْيا الوئيدَ فَلَمْ يُوأَدِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ وَأْدِ البناتِ
أَي قَتلِهِنَّ. وَفِي حَدِيثِ الْعَزْلِ:
ذَلِكَ الوَأْدُ الخَفِيُّ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
تِلْكَ المَوْءُودةُ الصُّغْرَى
؛ جَعَلَ العَزْلَ عَنِ المرأَة بِمَنْزِلَةِ الوأْد إِلا أَنه خَفِيٌّ لأَنَّ مَنْ يَعْزِلُ عَنِ امرأَته إِنما يَعْزِلُ هرَباً مِنَ الْوَلَدِ، وَلِذَلِكَ سَمَّاهَا الموءُودة الصُّغْرَى لأَن وأْدَ البناتِ الأَحياء الموءُودةُ الْكُبْرَى. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَنْ خَفَّفَ هَمْزَةَ الموءُودة قَالَ مَوْدةٌ كَمَا تَرَى لِئَلَّا يُجْمَعَ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ. وَيُقَالُ: تَوَدّأَتْ عَلَيْهِ الأَرضُ وتَكَمَّأَت وتَلَمَّعتْ إِذا غَيَّبَته وذهبَت بِهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ؛ هُمَا لُغَتَانِ، تَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ وتَوَأْدَتْ عَلَى الْقَلْبِ. والتؤْدةُ، سَاكِنَةٌ وَتُفْتَحُ: التَّأَنِّي والتَّمَهُّلُ والرَّزانةُ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
فَتًى كَانَ ذَا حِلْمٍ رَزِينٍ وتؤْدةٍ، ... إِذا مَا الحُبى مِن طائِفِ الجَهْلِ حُلَّتِ
وَقَدِ اتَّأَدَ وتَوَأَّدَ، والتَّوْآدُ مِنْهُ. وَحَكَى أَبو عَلِيٍّ: تَيْدَكَ بِمَعْنَى اتَّئدْ، اسْمٌ لِلْفِعْلِ كَرُوَيْد وكأَنّ وَضْعَه غُيِّرَ لِكَوْنِهِ اسْمًا لِلْفِعْلِ لَا فِعْلًا، فَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ كَمَا كَانَتْ فِي التُّؤدة، وَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ قُلِبَتْ مَعًا قَلْبًا لِغَيْرِ عِلَّةٍ. قَالَ الأَزهري: وأَما التُّؤدةُ بِمَعْنَى التأَنِّي فِي الأَمر فأَصلها وُأَدَةٌ مِثْلُ التُّكَأَةِ أَصلها وُكَأَةٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ تَاءً؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: اتَّئدْ يَا فَتَى، وَقَدِ اتَّأَدَ يَتَّئِدُ اتِّئاداً إِذا تَأَنَّى فِي الأَمر؛ قَالَ: وَثَلَاثِيهِ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ لَا يَقُولُونَ وَأَدَ يَئِدُ بِمَعْنَى اتَّأَدَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ إِيتَأَدَ وتَوَأَّدَ، فإِيتَأَد عَلَى افتَعَلَ وتَوَأَّدَ عَلَى تَفَعَّل. والأَصل فِيهِمَا الوأْد إِلا أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا مِنْ الأَوْدِ وَهُوَ الإِثقالُ، فَيُقَالُ آدَني يَؤودني أَي أَثقلني، والتَّأَوُّد مِنْهُ. وَيُقَالُ: تَأَوَّدَتِ المرأَة فِي قِيَامِهَا إِذا تَثَنَّتْ لِتَثَاقُلِهَا؛ ثُمَّ قَالُوا: تَوَأَّدَ واتَّأَدَ إِذا تَرَزَّنَ وتمَهَّلَ، وَالْمَقْلُوبَاتُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَثِيرَةٌ. ومَشى مَشْياً وَئِيدًا أَي عَلَى تُؤَدَةٍ؛ قَالَتِ الزَّبَّاءُ:
مَا للجِمالِ مَشْيُها وئِيدا؟ ... أَجَنَدَلًا يَحْمِلْنَ أَم حَدِيدَا؟
واتَّأَدَ فِي مَشْيِهِ وتَوَأَّدَ فِي مَشْيِهِ، وَهُوَ افتَعَلَ وتَفَعَّل: مِنَ التُّؤَدة، وأَصل التَّاءِ فِي اتَّأَدَ وَاوٌ. يُقَالُ: اتَّئدْ فِي أَمرك أَي تَثَبَّت.
وَبَدَ: الوَبْدُ: الحاجةُ إِلى الناسِ. والوَبَدُ، بِالتَّحْرِيكِ: شِدَّةُ العَيْشِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ يُوصَفُ بِهِ فَيُقَالُ رَجُلٌ وَبَدٌ أَي سَيِءُ الْحَالِ، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ كَقَوْلِكَ رَجُلٌ عَدْلٌ ثُمَّ يُجْمَعُ فَيُقَالُ أَوبادٌ كَمَا يُقَالُ عُدول، عَلَى تَوَهُّمِ النَّعْتِ الصَّحِيحِ. والوَبَدُ: الفقرُ والبُؤْسُ. والوبَدُ: سُوء الْحَالِ مِنْ كَثْرَةِ الْعِيَالِ وَقِلَّةِ الْمَالِ. وَرَجُلٌ وبَدٌ أَي فَقِيرٌ؛ وَقَوْمٌ أَوْبادٌ وَقَدْ وَبِدَتْ حالُه تَوْبَدُ وَبَداً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ولَوْ عالَجْنَ مِنْ وَبَدٍ كِبالا
وأَما مَا أَنشده أَبو زَيْدٍ مِنْ قَوْلِ عَمْرُو بْنُ الْعَدَّاءِ الْكَلْبِيُّ:
سَعَى عِقالًا فلَمْ يَتْرُكْ لَنا سَبَداً، ... فَكَيْفَ لَوْ قَد سَعَى عَمْرٌو عِقالَيْن؟
لأَصْبَحَ الحَيُّ أَوباداً وَلَمْ يَجِدُوا، ... عندَ التَّفرُّقِ فِي الهَيْجا، جِمالَيْن
فَعَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي ذَوِي أَوباد وجَمَع الْمَصْدَرَ عَلَى التَّنَوُّعِ. والعِقالُ هُنَا: صدقةُ عَامٍ، وَقَوْلُهُ جِمالين يُرِيدُ قَطِيعَين مِنَ الجِمال، وأَراد جِمَالًا هَاهُنَا(3/443)
وجِمالًا هَاهُنَا، وَذَلِكَ أَن أَصحاب الإِبل يَعْزِلُونَ الإِناث عَنِ الذُّكُورِ؛ وأَنشد الأَصمعي:
عَهِدْتُ بِهَا سَراةَ بَنِي كلابٍ، ... وَرِثْتُهُمُ الحياةَ فأَوْبَدُوني «5»
والمُسْتَوْبِدُ: مِثْلُ الوَبَدِ. ووَبِدَ الثَّوبُ وَبَداً: أَخْلَقَ. والوَبَدُ: العَيْب. ووَبِدَ عَلَيْهِ وبَداً: غَضِبَ مِثْلَ وَمِدَ. والوَبَدُ: الحرُّ مَعَ سُكُونِ الرِّيحِ كالوَمَدِ. والوَبِدُ: الشديدُ العَيْنِ. وإِنه لَوَبَدٌ أَي شديدُ الإِصابةِ بِالْعَيْنِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَوبَّدَ أَموالهم: تعَيَّنَها لِيُصِيبَهَا بِالْعَيْنِ؛ عَنْهُ أَيضاً. وإِنه لَيَتَوَبَّدُ أَموالَ النَّاسِ أَي يُصِيبُهَا بِعَيْنِهِ فَيُسْقِطُهَا. والوَبْد، بِسُكُونِ الْبَاءِ: النُّقْرة فِي الصَّفاة يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَهِيَ أَظهر مِنَ الوَقْر، والوَقْرُ أَظهر مِنَ الوَقْبِ.
وتد: الوتِدُ، بِالْكَسْرِ، والوَتْدُ والوَدُّ: مَا رُزَّ فِي الحائِط أَو الأَرض مِنَ الْخَشَبِ، وَالْجَمْعُ أَوتادٌ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْجِبالَ أَوْتاداً
. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ
؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه كَانَتْ لَهُ حبالٌ وأَوتاد يُلْعب لَهُ بِهَا. ووَتَدَ الوَتِدُ وَتْداً وتِدَةً وَوَتَّدَ كِلَاهُمَا: ثَبَتَ، ووَتَدْتُه أَنا أَتِدُه وَتْداً وتِدَةً وَوَتَدْتُه: أَثْبَتُّه؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ يَصِفُ أَسداً:
يُقَصِّمُ أَعْناقَ المَخاضِ، كأَنَّما ... بِمَفْرَجِ لَحْيَيْهِ الرِّتاجُ المُوَتَّدُ
وَيُقَالُ: تِدِ الوَتِدَ يَا واتِدُ، والوَتِدُ مَوْتُود. وَيُقَالُ للوتِد: وَدٌّ، كأَنهم أَرادوا أَن يَقُولُوا ودِدٌ فَقَلَبُوا إِحدى الدَّالِّينَ تَاءً لِقُرْبِ مخرجِهما؛ وَقَوْلُهُ:
وعَز ودٌّ خَاذِلٌ وَدَّيْنِ
الوَدُّ: الوتِدُ إِلا أَنه أَدغم التَّاءَ فِي الدَّالِ فَقَالَ وَدّ. والمِيتَدُ والمِيتَدةُ: المِرْزَبَّةُ الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا الوتِدُ. ووَتِدٌ واتِدٌ: ثَابِتُ رأْس مُنْتَصِبٌ؛ ذَهَبَ أَبو عُبَيْدٍ إِلى أَنه مِنْ بَابِ شِعْرٌ شاعِرٌ عَلَى النَّسَبِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه عَلَى وَتِدَ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ: وإِنما يُحْمَلُ الشَّيْءُ عَلَى النَّسَبِ إِذا عُدِمَ الْفِعْلُ، وإِذا أَمرت قُلْتَ: تِدْ وَتَدَك بالميتَدةِ، وَهِيَ المُدُقُّ. الأَصمعي: يُقَالُ وَتِدٌ واتِد كَمَا يُقَالُ شُغْلٌ شاغِلٌ؛ وَقَوْلُ أَبي مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ:
لاقَتْ عَلَى الماءِ جُذَيلًا واتِدا، ... وَلَمْ يَكُنْ يُخْلِفُها المَواعِدَا
إِنما شُبِّهَ الرَّجُلُ بالجِذْل لِثَبَاتِهِ. وجُذَيْل: تَصْغِيرُ جِذْل، وَهُوَ الرَّاعِي المُصْلِحُ الحَسَنُ الرِّعْية. يُقَالُ: هُوَ جذْلُ مالٍ كَمَا يُقَالُ صَدَى مالٍ وبِلْو مالٍ، وَقَدْ قِيلَ: إِن جُذَيلًا اسْمُ رَجُلٍ. والواتِد: الثابتُ. وَالضَّمِيرُ فِي لَاقَتْ ضَمِيرُ الإِبل وإِن لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ، لأَن الْبَيْتَ أَول الْقَصِيدَةِ وإِنما أَضمرها لِفَهْمِ الْمَعْنَى. وَيُقَالُ: وَتَّدَ فُلَانٌ رِجلَه فِي الأَرض إِذا ثَبَّتَها؛ وَقَالَ بَشَّارٌ:
ولَقَد قُلْتُ، حِينَ وَتَّدَ في الأَرْضِ: ... ثَبِيرٌ أَرْبي عَلَى ثَهلانِ
وَوَتَّدَ الرجلُ: أَنعَظَ. والأَوتادُ فِي الشِّعْرِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما حَرْفَانِ مُتَحَرِّكَانِ وَالثَّالِثُ سَاكِنٌ نَحْوَ [فَعُو وَعِلُنْ] وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيهِ العروضِيون الْمَقْرُونَ لأَن الْحَرَكَةَ قَدْ قَرَنَتِ الْحَرْفَيْنِ، وَالْآخَرُ ثَلَاثَةُ أَحرف مُتَحَرِّكٌ ثُمَّ سَاكِنٌ ثُمَّ مُتَحَرِّكٌ وَذَلِكَ [لَاتُ] مِنْ مَفْعُولَاتٍ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْعَرُوضِيُّونَ الْمَفْرُوقَ لأَن الْحَرْفَ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَحَرِّكِينَ، وَلَا يَقَعُ فِي الأَوتاد
__________
(5) . قوله [ورثتهم] كذا بالأَصل ولعله ورشتهم(3/444)
زِحَافٌ لأَنَّ اعْتِمَادَ الْجُزْءِ إِنما هُوَ عَلَيْهَا، إِنما يَقَعُ فِي الأَسْباب لأَن الْجُزْءَ غَيْرُ مُعْتَمِدٍ عَلَيْهَا. وأَوتادُ الأَرض: الْجِبَالُ لأَنها تُثَبِّتُهَا. وأَوتاد الْبِلَادِ: رُؤساؤها. وأَوتادُ الفَمِ: أَسنانه عَلَى التَّشْبِيهِ؛ قَالَ:
والفَرّ حَتَّى نَقِدَتْ أَوتادُها «1»
اسْتَعَارَ النَّقَدَ لِلْمَوْتِ وإِنما هُوَ للأَسنان. وَوَتَّدَ فِي بَيْتِهِ: أَقام وَثَبَتَ. وَوَتَّدَ الزّرْعُ: طَلَع نَبَاتُهُ فَثَبَتَ وقَوِيَ. والوَتِدُ والوَتِدَةُ مِنَ الأُذن: الهُنَيَّةُ النَّاشِزَةُ فِي مُقدّمها مِثْلُ الثُّؤْلُول تَلي أَعْلى العارِض مِنَ اللِّحْيَةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ المُنْتبر مِمَّا يَلِي الصُّدْغ. الصِّحَاحُ: والوَتِدانِ فِي الأُذنين اللَّذَانِ فِي بَاطِنِهِمَا كأَنهما وَتِدٌ، وَهُمَا العَيْران أَيضاً. ووَتِدُ النَّعل: النَّاتئُ مِنْ أُذُنها. والوَتِدُ: مَوْضِعٌ بِنَجْدٍ. وليلَة الوَتِدَةِ لِبَنِي تَمِيمٍ عَلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ.
وجد: وجَد مَطْلُوبَهُ وَالشَّيْءُ يَجِدُه وُجُوداً ويَجُده أَيضاً، بِالضَّمِّ، لُغَةٌ عَامِرِيَّةٌ لَا نَظِيرَ لَهَا فِي بَابِ الْمِثَالِ؛ قَالَ لَبِيدٌ وَهُوَ عَامِرِيٌّ:
لَوْ شِئْت قَدْ نَقَعَ الفُؤادُ بِشَرْبةٍ، ... تَدَعُ الصَّوادِيَ لَا يَجُدْنَ غَلِيلا
بالعَذبِ فِي رَضَفِ القِلاتِ مَقِيلةً ... قَضَّ [قِضَ] الأَباطِحِ، لَا يَزالُ ظَلِيلا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لِجَرِيرٍ وَلَيْسَ لِلَبِيدٍ كَمَا زَعَمَ. وَقَوْلُهُ: نَقَعَ الفؤادُ أَي روِيَ. يُقَالُ نَقَعَ الماءُ العطشَ أَذْهبه نَقْعاً ونُقوعاً فِيهِمَا، وَالْمَاءُ الناقعُ العَذْبُ المُرْوي. والصَّادِي: الْعَطْشَانُ. وَالْغَلِيلُ: حَرُّ الْعَطَشِ. والرَّضَفُ: الْحِجَارَةُ المرضوفةُ. والقِلاتُ: جَمْعُ قَلْت، وَهُوَ نُقْرَةٌ فِي الْجَبَلِ يُستَنْقَعُ فِيهَا مَاءُ السَّمَاءِ. وَقَوْلُهُ: قَضّ [قِضّ] الأَباطِحِ، يُرِيدُ أَنها أَرض حَصِبةٌ وَذَلِكَ أَعذب لِلْمَاءِ وأَصفى. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَدْ قَالَ نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ: وجَدَ يَجُدُ كأَنهم حَذَفُوهَا مِنْ يَوْجُد؛ قَالَ: وَهَذَا لَا يكادُ يوجَدُ فِي الْكَلَامِ، وَالْمَصْدَرُ وَجْداً وجِدَةً ووُجْداً ووجُوداً ووِجْداناً وإِجْداناً؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
وآخَر مُلْتاث، يَجُرُّ كِساءَه، ... نَفَى عَنْهُ إِجْدانُ الرِّقِين المَلاوِيا
قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بَدَل الْهَمْزَةِ مِنَ الْوَاوِ الْمَكْسُورَةِ كَمَا قَالُوا إِلْدةٌ فِي وِلْدَة. وأَوجَده إِياه: جَعَلَه يَجِدُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ ووَجَدْتَني فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، ووَجَدَ المالَ وغيرَه يَجِدُه وَجْداً ووُجْداً وجِدةً. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ وجَدْتُ فِي المالِ وُجْداً ووَجْداً ووِجْداً ووِجْداناً وجِدَةً أَي صِرْتُ ذَا مَالٍ؛ ووَجَدْت الضَّالَّة وِجْداناً. قَالَ: وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الوِجْدانُ فِي الوُجْد؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ: وِجْدانُ الرِّقِين يُغَطِّي أَفَنَ الأَفِين. وَفِي حَدِيثِ اللُّقَطَةِ:
أَيها الناشدُ، غيرُك الواجِدُ
؛ مِن وَجَدَ الضَّالّة يَجِدُها. وأَوجده اللَّهُ مطلوبَه أَي أَظفره بِهِ. والوُجْدُ والوَجْدُ والوِجْدُ: الْيَسَارُ والسَّعةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ
؛ وَقَدْ قُرِئَ بِالثَّلَاثِ، أَي مِنْ سَعَتكم وَمَا مَلَكْتُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ مَسَاكِنِكُمْ. والواجِدُ: الغنِيُّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
الحمدُ للَّه الغَنِيِّ الواجِد
وأَوجَده اللَّهُ أَي أَغناه. وَفِي أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: الواجدُ، هُوَ الْغَنِيُّ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ. وَقَدْ وجَدَ يَجِدُ
__________
(1) . قوله [والفر] كذا بالأَصل(3/445)
جِدة أَي اسْتَغْنَى غِنًى لَا فَقْرَ بَعْدَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه
أَي القادرِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ. وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَوْجَدَني بَعْدَ فَقْرٍ أَي أَغناني، وآجَدَني بَعْدَ ضَعْفٍ أَي قَوَّانِي. وَهَذَا مِنْ وَجْدِي أَي قُدْرتي. وَتَقُولُ: وجَدْت فِي الغِنى وَالْيَسَارِ وجْداً ووِجْداناً «1» وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الواجدُ الَّذِي يَجِدُ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ. ووُجِدَ الشيءُ عَنْ عدَم، فَهُوَ مَوْجُودٌ، مِثْلُ حُمّ فَهُوَ مَحْمُومٌ؛ وأَوجَدَه اللَّهُ وَلَا يُقَالُ وجَدَه، كَمَا لَا يُقَالُ حَمّه. ووَجَد عَلَيْهِ فِي الغَضب يَجُدُ ويَجِدُ وَجْداً وجِدَةً وموجَدةً ووِجْداناً: غَضِبَ. وَفِي حَدِيثِ الإِيمان:
إِني سَائِلُكَ فَلَا تَجِدْ عَلَيَّ
أَي لَا تَغْضَبْ مِنْ سُؤَالِي؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَمْ يَجِدِ الصائمُ عَلَى المُفْطر
، وَقَدْ تكرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ اسْمًا وَفِعْلًا وَمَصْدَرًا وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ قَوْلَ صَخْرِ الْغَيِّ:
كِلانا رَدَّ صاحِبَه بِيَأْسٍ ... وتَأْنِيبٍ، ووِجْدانٍ شَديدِ
فَهَذَا فِي الْغَضَبِ لأَن صَخْرَ الْغَيِّ أَيأَسَ الحَمامَة مِنْ وَلَدِهَا فَغَضِبَتْ عَلَيْهِ، ولأَن الْحَمَامَةَ أَيْأَسته مِنْ وَلَدِهِ فغَضِبَ عَلَيْهَا. ووَجَدَ بِهِ وَجْداً: فِي الحُبِّ لَا غَيْرَ، وإِنه ليَجِدُ بِفُلَانَةٍ وَجْداً شَدِيدًا إِذا كَانَ يَهْواها ويُحِبُّها حُبّاً شَدِيدًا. وَفِي الْحَدِيثِ، حَدِيثِ
ابْنِ عُمر وعُيينة بْنِ حِصْن: وَاللَّهِ مَا بَطْنُهَا بِوَالِدٍ وَلَا زَوْجُهَا بِوَاجِدٍ
أَي أَنه لَا يُحِبُّهَا؛ وَقَالَتْ شَاعِرَةٌ مِنَ الْعَرَبِ وَكَانَ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ بَلَدِهَا فَعُنِّنَ عَنْهَا:
مَنْ يُهْدِ لِي مِن ماءِ بَقْعاءَ شَرْبةً، ... فإِنَّ لَهُ مِنْ ماءِ لِينةَ أَرْبعَا
لَقَدْ زادَني وَجْداً بِبَقْعاءَ أَنَّني ... وَجَدْتُ مَطايانا بِلِينةَ ظُلَّعا
فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بالرَّمْلِ أَنني ... بَكَيْتُ، فَلَمْ أَترُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعا؟
تَقُولُ: مَنْ أَهدى لِي شَرْبَةً مِنْ ماءِ بَقْعاءَ عَلَى مَا هُوَ بِهِ مِنْ مَرارة الطَّعْمِ فإِن لَهُ مِنْ ماءِ لِينةَ عَلَى مَا هُوَ بِهِ مِنَ العُذوبةِ أَربعَ شَرَبَاتٍ، لأَن بَقْعَاءَ حَبِيبَةٌ إِليَّ إِذ هِيَ بَلَدِي ومَوْلِدِي، ولِينةُ بَغِيضَةٌ إِليّ لأَن الَّذِي تَزَوَّجَنِي مِنْ أَهلها غَيْرُ مأْمون عَلَيَّ؛ وإِنما تِلْكَ كِنَايَةٌ عَنْ تَشَكِّيهَا لِهَذَا الرَّجُلِ حِينَ عُنِّنَ عَنْهَا؛ وَقَوْلُهَا: لَقَدْ زَادَنِي حُبًّا لِبَلْدَتِي بَقْعَاءَ هَذِهِ أَن هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي تَزَوَّجَنِي مِنْ أَهل لِينَةَ عُنِّنَ عَنِّي فَكَانَ كَالْمَطِيَّةِ الظَّالِعَةِ لَا تَحْمِلُ صَاحِبَهَا؛ وَقَوْلُهَا: فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبِيَّ «2» تَقُولُ: هَلْ مِنْ رَجُلٍ يُبَلِّغُ صاحِبَتَيَّ بِالرَّمْلِ أَن بَعْلِي ضَعُفَ عَنِّي وَعُنِّنَ، فأَوحشني ذَلِكَ إِلى أَن بَكَيْتُ حَتَّى قَرِحَتْ أَجفاني فَزَالَتِ الْمَدَامِعُ وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْجَفْنُ الدَّامِعُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ الأَبيات قرأْتها عَلَى أَبي الْعَلَاءِ صَاعِدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْكِتَابِ الْمَوْسُومِ بِالْفُصُوصِ. ووجَد الرجلُ فِي الحزْن وَجْداً، بِالْفَتْحِ، ووَجِد؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: حَزِنَ. وَقَدْ وَجَدْتُ فُلَانًا فأَنا أَجِدُ وَجْداً، وَذَلِكَ فِي الْحُزْنِ. وتَوَجَّدْتُ لِفُلَانٍ أَي حَزِنْتُ لَهُ. أَبو سَعِيدٍ: تَوَجَّد فُلَانٌ أَمر كَذَا إِذا شَكَاهُ، وَهُمْ لَا يَتَوَجَّدُون سَهَرَ لِيلِهِمْ وَلَا يَشْكون مَا مسهم من مشقته.
وحد: الواحدُ: أَول عَدَدِ الْحِسَابِ وَقَدْ ثُنِّيَ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَلَمَّا التَقَيْنا واحِدَيْنِ عَلَوْتُه ... بِذي الكَفِّ، إِني للكُماةِ ضَرُوبُ
وَجُمِعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
__________
(1) . قوله [وجداً ووجداناً] واو وجداً مثلثة، أفاده القاموس.
(2) . البيت(3/446)
فَقَدْ رَجَعُوا كَحَيٍّ واحِدِينا
التَّهْذِيبُ: تَقُولُ: وَاحِدٌ وَاثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ إِلى عَشَرَةٍ فإِن زَادَ قُلْتَ أَحد عَشَرَ يَجْرِي أَحد فِي الْعَدَدِ مَجْرَى وَاحِدٍ، وإِن شِئْتَ قُلْتَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاحِدٌ اثْنَانِ ثَلَاثَةٌ وَلَا يُقَالُ فِي أَحد عَشَرَ غَيْرُ أَحد، وللتأْنيث وَاحِدَةٌ، وإِحدى فِي ابْتِدَاءِ الْعَدَدِ تَجْرِي مَجْرَى وَاحِدٍ فِي قَوْلِكَ أَحد وَعِشْرُونَ كَمَا يُقَالُ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ، فأَما إِحدى عَشْرَةَ فَلَا يُقَالُ غَيْرُهَا، فإِذا حَمَلُوا الأَحد عَلَى الْفَاعِلِ أُجري مَجْرَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَقَالُوا: هُوَ حَادِي عِشْريهم وَهُوَ ثَانِي عِشْرِيهِمْ، وَاللَّيْلَةُ الحاديةَ عشْرَةَ وَالْيَوْمُ الْحَادِيَ عشَر؛ قَالَ: وَهَذَا مَقْلُوبٌ كَمَا قَالُوا جَذَبَ وَجَبَذَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَادِيَ عَشَرَ مقلوبٌ موضِع الْفَاءِ إِلى اللَّامِ لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا كَذَلِكَ، وَهُوَ فاعِل نُقِلَ إِلى عَالِفٍ فَانْقَلَبَتِ الْوَاوِ الَّتِي هِيَ الأَصل يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا. وَحَكَى يَعْقُوبُ: مَعِي عَشَرَةٌ فأَحِّدْهُنَّ لِيَهْ أَي صَيِّرْهُنَّ لِي أَحد عَشَرَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ قَوْلَهُ فأَحِّدْهُنَّ لِيَهْ، مِنَ الْحَادِي لَا مِنْ أَحد، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَظَاهِرُ ذَلِكَ يُؤْنِسُ بأَن الْحَادِيَ فَاعِلٌ، قَالَ: وَالْوَجْهُ إِن كَانَ هَذَا الْمَرْوِيُّ صَحِيحًا أَن يَكُونَ الْفِعْلُ مَقْلُوبًا مِنْ وحَدْت إِلى حَدَوْت، وَذَلِكَ أَنهم لَمَّا رأَوا الْحَادِيَ فِي ظَاهِرِ الأَمر عَلَى صُورَةِ فَاعِلٍ، صَارَ كأَنه جارٍ عَلَى حَدَوْتُ جَرَيانَ غازٍ عَلَى غَزَوْتُ؛ وإِحدى صِيغَةٌ مَضْرُوبَةٌ للتأْنيث عَلَى غَيْرِ بِنَاءِ الْوَاحِدِ كَبِنْتٍ مِنَ ابْنٍ وأُخت مِنْ أَخ. التَّهْذِيبُ: والوُحْدانُ جَمْعُ الواحِدِ وَيُقَالُ الأُحْدانُ فِي مَوْضِعِ الوُحْدانِ. وَفِي حَدِيثِ الْعِيدِ:
فَصَلَّيْنَا وُحداناً
أَي مُنْفَرِدِينَ جَمْعُ وَاحِدٍ كَرَاكِبٍ ورُكْبان. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: أَوْ لَتُصَلُّنّ وُحْداناً.
وَتَقُولُ: هُوَ أَحدهم وَهِيَ إِحداهنّ، فإِن كَانَتِ امرأَة مَعَ رِجَالٍ لَمْ يَسْتَقِمْ أَن تَقُولَ هِيَ إِحداهم وَلَا أَحدهم وَلَا إِحداهنّ إِلّا أَن تَقُولَ هِيَ كأَحدهم أَو هِيَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمْ. وَتَقُولُ: الجُلوس والقُعود وَاحِدٌ، وأَصحابي وأَصحابك وَاحِدٌ. قَالَ: والمُوَحِّدُ كالمُثَنِّي والمُثَلِّث. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: تَقُولُ هَذَا الحاديَ عَشَرَ وَهَذَا الثانيَ عَشَرَ وَهَذَا الثالثَ عَشَرَ مَفْتُوحٌ كُلُّهُ إِلى الْعِشْرِينَ؛ وَفِي المؤَنث: هَذِهِ الحاديةَ عَشْرة والثانيةَ عَشْرَةَ إِلى الْعِشْرِينَ تَدْخُلُ الْهَاءُ فِيهَا جَمِيعًا. قَالَ الأَزهري: وَمَا ذَكَرْتُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الأَلفاظ النَّادِرَةِ فِي الأَحد وَالْوَاحِدِ والإِحدى وَالْحَادِي فإِنه يَجْرِي عَلَى مَا جَاءَ عَنِ الْعَرَبِ وَلَا يُعَدَّى مَا حُكِيَ عَنْهُمْ لِقِيَاسٍ مُتَوَهَّمٍ اطِّرَادُهُ، فإِن فِي كَلَامِ الْعَرَبِ النَّوَادِرَ الَّتِي لَا تَنْقَاسُ وإِنما يَحْفَظُهَا أَهل الْمَعْرِفَةِ الْمُعْتَنُونَ بِهَا وَلَا يَقِيسُونَ عَلَيْهَا؛ قَالَ: وَمَا ذَكَرْتُهُ فإِنه كُلُّهُ مَسْمُوعٌ صَحِيحٌ. وَرَجُلٌ وَاحِدٌ: مُتَقَدِّم فِي بَأْس أَو عِلْمٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ كأَنه لَا مِثْلَ لَهُ فَهُوَ وَحْدَهُ لِذَلِكَ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:
أَقْبَلْتُ لَا يَشْتَدُّ شَدِّيَ واحِدٌ، ... عِلْجٌ أَقَبُّ مُسَيَّرُ الأَقْرابِ
وَالْجَمْعُ أُحْدانٌ ووُحْدانٌ مِثْلُ شابٍّ وشُبّانٍ وَرَاعٍ ورُعْيان. الأَزهري: يُقَالُ فِي جَمْعِ الْوَاحِدِ أُحْدانٌ والأَصل وُحْدان فَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً لِانْضِمَامِهَا؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
يَحْمِي الصَّريمةَ، أُحْدانُ الرجالِ لَهُ ... صَيْدٌ، ومُجْتَرِئٌ بالليلِ هَمّاسُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُهُ:
طارُوا إِليه زَرافاتٍ وأُحْدانا
فَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنى أَفراداً، وَهُوَ أَجود لِقَوْلِهِ زَرَافَاتٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُعْنِي بِهِ الشُّجْعَانُ الَّذِينَ لَا نَظِيرَ لَهُمْ فِي البأْس؛ وأَما قَوْلُهُ:(3/447)
لِيَهْنِئ تُراثي لامْرئٍ غيرِ ذِلّةٍ، ... صَنابِرُ أُحْدانٌ لَهُنَّ حَفِيفُ
سَريعاتُ مَوتٍ رَيِّثاتُ إِفاقةٍ، ... إِذا مَا حُمِلْنَ، حَمْلُهُنَّ خَفِيفُ
فإِنه عَنَى بالأُحْدانِ السِّهَامَ الأَفْراد الَّتِي لَا نَظَائِرَ لَهَا، وأَراد لامْرئٍ غَيْرِ ذِي ذِلّةٍ أَو غَيْرِ ذَلِيلٍ. والصَّنابِرُ: السِّهامُ الرِّقاقُ. والحَفِيف: الصوتُ. والرَّيِّثاتُ: البِطاءُ. وَقَوْلُهُ: سَرِيعاتُ مَوْتٍ رَيِّثاتُ إِفاقة، يَقُولُ: يُمِتْنَ مَن رُميَ بِهِنَّ لَا يُفيق مِنْهُنَّ سَرِيعًا، وَحَمْلُهُنَّ خَفِيفٌ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُنَّ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: عَدَدْتُ الدَّرَاهِمَ أَفْراداً ووِحاداً؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَعددت الدَّرَاهِمَ أَفراداً ووِحاداً، ثُمَّ قَالَ: لَا أَدري أَعْدَدْتُ أَمن العَدَد أَم مِنَ العُدّة. والوَحَدُ والأَحَدُ: كَالْوَاحِدِ هَمْزَتُهُ أَيضاً بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ، والأَحَدُ أَصله الْوَاوُ. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَنه سُئِلَ عَنْ الْآحَادِ: أَهي جَمْعُ الأَحَدِ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ لَيْسَ للأَحد جَمْعٌ، وَلَكِنْ إِن جُعلت جمعَ الْوَاحِدِ، فَهُوَ مُحْتَمَلٌ مِثْلَ شاهِد وأَشْهاد. قَالَ: وَلَيْسَ لِلْوَاحِدِ تَثْنِيَةٌ وَلَا لِلِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ مِنْ جِنْسِهِ. وَقَالَ أَبو إِسحاق النَّحْوِيُّ: الأَحَد أصله الوحَد، قال غَيْرُهُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاحِدِ والأَحد أَن الأَحد شَيْءٌ بُنِيَ لِنَفْيِ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنَ الْعَدَدِ، وَالْوَاحِدُ اسْمٌ لِمُفْتَتَحِ الْعَدَدِ، وأَحد يَصْلُحُ فِي الْكَلَامِ فِي مَوْضِعِ الْجُحُودِ وَوَاحِدٌ فِي مَوْضِعِ الإِثبات. يُقَالُ: مَا أَتاني مِنْهُمْ أَحد، فَمَعْنَاهُ لَا وَاحِدٌ أَتاني وَلَا اثْنَانِ؛ وإِذا قُلْتَ جَاءَنِي مِنْهُمْ وَاحِدٌ فَمَعْنَاهُ أَنه لَمْ يأْتني مِنْهُمُ اثْنَانِ، فَهَذَا حدُّ الأَحَد مَا لَمْ يُضَفْ، فإِذا أُضيف قَرُبَ مِنْ مَعْنَى الْوَاحِدِ، وَذَلِكَ أَنك تَقُولُ: قَالَ أَحد الثَّلَاثَةِ كَذَا وَكَذَا وأَنت تُرِيدُ وَاحِدًا مِنَ الثَّلَاثَةِ؛ والواحدُ بُنِيَ عَلَى انْقِطَاعِ النَّظِيرِ وعَوَزِ الْمِثْلِ، والوحِيدُ بُنِيَ عَلَى الوَحْدة وَالِانْفِرَادِ عَنِ الأَصحاب مِنْ طَرِيقِ بَيْنُونته عَنْهُمْ. وَقَوْلُهُمْ: لَسْتَ فِي هَذَا الأَمر بأَوْحَد أَي لَسْتُ بِعَادِمٍ فِيهِ مِثْلًا أَو عِدْلًا. الأَصمعي: تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا جاءَني مِنْ أَحد وَلَا تَقُولُ قَدْ جاءَني مِنْ أَحد، وَلَا يُقَالُ إِذا قِيلَ لَكَ مَا يَقُولُ ذَلِكَ أَحد: بَلى يَقُولُ ذَلِكَ أَحد. قَالَ: وَيُقَالُ: مَا فِي الدَّارِ عَريبٌ، وَلَا يُقَالُ: بَلَى فِيهَا عَرِيبٌ. الْفَرَّاءُ قَالَ: أَحد يَكُونُ لِلْجَمْعِ وَالْوَاحِدِ فِي النَّفْيِ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ
؛ جُعِل أَحد فِي مَوْضِعِ جَمْعٍ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ
؛ فَهَذَا جَمْعٌ لأَن بَيْنَ لَا تَقَعُ إِلا عَلَى اثْنَيْنِ فَمَا زَادَ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَنتم حَيّ وَاحِدٌ وَحَيٌّ واحِدون، قَالَ: وَمَعْنَى وَاحِدِينَ وَاحِدٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الْعَرَبُ تَقُولُ: أَنتم حَيٌّ وَاحِدٌ وَحَيٌّ وَاحِدُونَ كَمَا يُقَالُ شِرْذِمةٌ قَلِيلُونَ؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
فَضَمَّ قَواصِيَ الأَحْياءِ مِنْهُمْ، ... فَقَدْ رَجَعوا كَحَيٍّ واحِدينا
وَيُقَالُ: وحَّدَه وأَحَّدَه كَمَا يُقَالُ ثَنَّاه وثَلَّثه. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ أَحَدٌ ووَحَدٌ ووَحِدٌ ووَحْدٌ ووَحِيدٌ ومُتَوَحِّد أَي مُنْفَرِدٌ، والأُنثى وَحِدةٌ؛ حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ، وأَنشد:
كالبَيْدانةِ الوَحِدهْ
الأَزهري: وَكَذَلِكَ فَريدٌ وفَرَدٌ وفَرِدٌ. وَرَجُلٌ وحِيدٌ: لَا أَحَدَ مَعَهُ يُؤنِسُه؛ وَقَدْ وَحِدَ يَوْحَدُ وَحادةً ووَحْدةً وَوَحْداً. وَتَقُولُ: بَقِيتُ وَحيداً فَريداً حَريداً بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَلَا يُقَالُ: بَقِيتُ أَوْحَدَ وأَنت تُرِيدُ فَرْداً، وَكَلَامُ الْعَرَبِ يَجِيءُ عَلَى مَا بُنِيَ عَلَيْهِ وأُخذ عَنْهُمْ، وَلَا يُعَدّى بِهِ موضعُه وَلَا يَجُوزُ أَن(3/448)
يَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ أَهل الْمَعْرِفَةِ الرَّاسِخِينَ فِيهِ الَّذِينَ أَخذوه عَنِ الْعَرَبِ أَو عَمَّنْ أَخذ عَنْهُمْ مِنْ ذَوِي التَّمْيِيزِ وَالثِّقَةِ. وواحدٌ ووَحَد وأَحَد بِمَعْنًى؛ وَقَالَ:
فلَمَّا التَقَيْنا واحدَيْن عَلَوْتُهُ
اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ وَحِدَ فُلَانٌ يَوْحَدُ أَي بَقِيَ وَحْدَهُ؛ وَيُقَالُ: وَحِدَ وَوَحُدَ وفَرِدَ وفَرُدَ وفَقِهَ وفَقُهَ وسَفِهَ وسَفُهَ وسَقِمَ وسَقُمَ وفَرِعَ وفَرُعَ وحَرِضَ وحَرُضَ. ابْنُ سِيدَهْ: وحِدَ ووحُدَ وَحَادَةً وحِدةً ووَحْداً وتَوَحَّدَ: بَقِيَ وَحْدَهُ يَطَّرد إِلى الْعَشَرَةِ؛ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ: وَكَانَ رَجُلًا مُتوحّداً
أَي مُنْفرداً لَا يُخالِط النَّاسَ وَلَا يُجالِسهم. وأَوحد اللَّهُ جَانِبَهُ أَي بُقِّي وَحْدَه. وأَوْحَدَه للأَعْداء: تَرَكَهُ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: الوَحْدة فِي مَعْنَى التوَحُّد. وتَوَحَّدَ برأْيه: تَفَرَّدَ بِهِ، وَدَخَلَ الْقَوْمُ مَوْحَدَ مَوْحَدَ وأُحادَ أُحادَ أَي فُرادى وَاحِدًا وَاحِدًا، مَعْدُولٌ عَنْ ذَلِكَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: فَتَحُوا مَوْحَد إِذ كَانَ اسْمًا مَوْضُوعًا لَيْسَ بِمَصْدَرٍ وَلَا مَكَانٍ. ويقال: جاؤوا مَثْنَى مَثنى ومَوْحَدَ مَوْحد، وكذلك جاؤوا ثُلاثَ وثُناءَ وأُحادَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ أُحادَ وَوُحادَ ومَوْحَد غَيْرُ مَصْرُوفَاتٍ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِي ثُلاثَ. ابْنُ سِيدَهْ: مَرَرْتُ بِهِ وحْدَه، مَصْدَرٌ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُغَيّر عَنْ الْمَصْدَرِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ إِفْراداً وإِن لَمْ يُتَكَلَّمْ بِهِ، وأَصله أَوْحَدْتُه بِمُروري إِيحاداً ثُمَّ حُذِفت زِيَادَاتُهُ فجاءَ عَلَى الْفِعْلِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: عَمْرَكَ اللَّهَ إِلَّا فَعَلْتَ أَي عَمَّرتُك اللَّهَ تَعْمِيرًا. وَقَالُوا: هُوَ نسيجُ وحْدِه وعُيَيْرُ وحْدِه وجُحَيْشُ وحْدِه فأَضافوا إِليه فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ شَاذٌّ؛ وأَما ابْنُ الأَعرابي فَجَعَلَ وحْدَه اسْمًا وَمَكَّنَهُ فَقَالَ جَلَسَ وحْدَه وَعَلَا وحْدَه وجلَسا عَلَى وحْدَيْهِما وَعَلَى وحْدِهما وَجَلَسُوا عَلَى وَحْدِهم، وَقَالَ اللَّيْثُ: الوَحْد فِي كُلِّ شَيْءٍ مَنْصُوبٌ جَرَى مَجْرَى الْمَصْدَرِ خَارِجًا مِنَ الْوَصْفِ لَيْسَ بِنَعْتٍ فَيَتْبَعَ الِاسْمَ، وَلَا بِخَبَرِ فَيَقْصِدَ إِليه، فَكَانَ النَّصْبُ أَولى بِهِ إِلا أَن الْعَرَبَ أَضافت إِليه فَقَالَتْ: هُوَ نَسيجُ وحْدِه، وَهُمَا نَسِيجا وحْدِهما، وَهُمْ نُسَجاءُ وحدِهم، وَهِيَ نَسِيجةُ وحدِها، وهنَّ نَسَائِجُ وحْدِهنَّ؛ وَهُوَ الرَّجُلُ الْمُصِيبُ الرأْي. قَالَ: وَكَذَلِكَ قَريعُ وحْدِه، وَكَذَلِكَ صَرْفُه، وَهُوَ الَّذِي لَا يُقَارِعُهُ فِي الْفَضْلِ أَحد. قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَحْدَهُ مَنْصُوبٌ فِي جَمِيعِ كَلَامِ الْعَرَبِ إِلا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، تَقُولُ: لَا إِله إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَمَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَحْدَهُ؛ وَبِالْقَوْمِ وحدي. قال: وَفِي نَصْبِ وَحْدَهُ ثَلَاثَةُ أَقوال: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، وَقَالَ يُونُسُ: وَحْدَهُ هو بمنزلة عنده، وقال هِشَامٌ: وَحْدَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَحَكَى وَحَدَ يَحِدُ صَدَر وَحْدَه عَلَى هَذَا الْفِعْلِ. وَقَالَ هِشَامٌ وَالْفَرَّاءُ: نَسِيجُ وحدِه وعُيَيْرُ وحدِه وواحدُ أُمّه نَكِرَاتٌ، الدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَن الْعَرَبَ تَقُولُ: رُبَّ نَسِيجِ وحدِه قَدْ رأَيت، وَرُبَّ وَاحِدِ أُمّه قَدْ أَسَرْتُ؛ وَقَالَ حَاتِمٌ:
أَماوِيّ إِني رُبَّ واحِدِ أُمِّه ... أَخَذْتُ، فَلَا قَتْلٌ عَلَيْهِ، وَلَا أَسْرُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، ووصْفِها عُمَرَ، رَحِمَهُ اللَّهُ: كَانَ واللهِ أَحْوذِيّاً نَسِيجَ وحدِه
؛ تَعْنِي أَنه لَيْسَ لَهُ شَبِيهٌ فِي رأْيه وَجَمِيعِ أُموره؛ وَقَالَ:
جاءَتْ بِهِ مُعْتَجِراً بِبُرْدِه، ... سَفْواءُ تَرْدي بِنَسيجِ وحدِه
قَالَ: وَالْعَرَبُ تَنْصِبُ وَحْدَهُ فِي الْكَلَامِ كُلِّهِ لَا تَرْفَعُهُ وَلَا تَخْفِضُهُ إِلا فِي ثَلَاثَةِ أَحرف: نَسِيجُ وحده، وعُيَيْر وحده، وجُحَيْش وَحْدِهِ؛ قَالَ: وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ إِنما(3/449)
نَصَبُوا وَحْدَهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمَصْدَرِ أَي تَوَحَّد وحدَه؛ قَالَ: وَقَالَ أَصحابنا إِنما النصْبُ عَلَى مَذْهَبِ الصِّفَةِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَدْ يَدْخُلُ الأَمران فِيهِ جَمِيعًا؛ وَقَالَ شَمِرٌ: أَما نَسِيجُ وَحْدِهِ فَمَدْحٌ وأَما جُحَيْشُ وَحْدِهِ وَعُيَيْرُ وَحْدِهِ فَمَوْضُوعَانِ مَوْضِعَ الذَّمِّ، وَهُمَا اللَّذَانِ لَا يُشاوِرانِ أَحداً وَلَا يُخالِطانِ، وَفِيهِمَا مَعَ ذَلِكَ مَهانةٌ وضَعْفٌ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَى قَوْلِهِ نَسِيجُ وَحْدِهِ أَنه لَا ثَانِيَ لَهُ وأَصله الثَّوْبُ الَّذِي لَا يُسْدى عَلَى سَداه لِرِقّة غَيْرِهِ مِنَ الثِّيَابِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ نسيجُ وَحْدِهِ وَعُيَيْرُ وَحْدِهِ ورجلُ وَحْدِهِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَقُولُ هَذَا رَجُلٌ لَا وَاحِدَ لَهُ كَمَا تَقُولُ هُوَ نَسِيجُ وَحْدِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: مَنْ يَدُلُّني عَلَى نَسِيجِ وَحْدِهِ؟
الْجَوْهَرِيُّ: الوَحْدةُ الِانْفِرَادُ. يُقَالُ: رأَيته وَحْدَهُ وَجَلَسَ وَحْدَهُ أَي مُنْفَرِدًا، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عِنْدَ أَهل الْكُوفَةِ عَلَى الظَّرْفِ، وَعِنْدَ أَهل الْبَصْرَةِ عَلَى الْمَصْدَرِ فِي كُلِّ حَالٍ، كأَنك قُلْتَ أَوحدته برؤْيتي إِيحاداً أَي لَمْ أَرَ غَيْرَهُ ثُمَّ وضَعْت وَحْدَهُ هَذَا الْمَوْضِعَ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرُ، وَهُوَ أَن يَكُونَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ مُنْفَرِدًا كأَنك قُلْتَ رأَيت رَجُلًا مُنْفَرِدًا انْفِرَادًا ثُمَّ وَضَعْتَ وَحْدَهُ مَوْضِعَهُ، قَالَ: وَلَا يُضَافُ إِلا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: هُوَ نَسِيجُ وَحْدِهِ، وَهُوَ مَدْحٌ، وَعُيَيْرُ وَحْدِهِ وَجُحَيْشُ وَحْدِهِ، وَهُمَا ذَمٌّ، كأَنك قُلْتَ نَسِيجُ إِفراد فَلَمَّا وَضَعْتَ وَحْدَهُ مَوْضِعَ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ جَرَرْتَهُ، وَرُبَّمَا قَالُوا: رُجَيْلٌ وَحْدَهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ رأَيته وَحْدَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ عِنْدَ أَهل الْكُوفَةِ وَعِنْدَ أَهل الْبَصْرَةِ عَلَى الْمَصْدَرِ؛ قَالَ: أَما أَهل الْبَصْرَةِ فَيَنْصِبُونَهُ عَلَى الْحَالِ، وَهُوَ عِنْدَهُمُ اسْمٌ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ الْمُنْتَصِبِ عَلَى الْحَالِ مِثْلَ جَاءَ زَيْدٌ رَكْضاً أَي رَاكِضًا. قَالَ: وَمِنَ الْبَصْرِيِّينَ مَنْ يَنْصِبُهُ عَلَى الظَّرْفِ، قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ يُونُسَ. قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِالْكُوفِيِّينَ كَمَا زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ. قَالَ: وَهَذَا الْفَصْلُ لَهُ بَابٌ فِي كُتُبِ النَّحْوِيِّينَ مُسْتَوْفًى فِيهِ بَيَانُ ذَلِكَ. التَّهْذِيبُ: والوحْد خفِيفٌ حِدةُ كلِّ شَيْءٍ؛ يُقَالُ: وَحَدَ الشيءُ، فَهُوَ يَحِدُ حِدةً، وكلُّ شَيْءٍ عَلَى حِدةٍ فَهُوَ ثَانِي آخَرَ. يُقَالُ: ذَلِكَ عَلَى حِدَتِه وَهُمَا عَلَى حِدَتِهما وَهُمْ عَلَى حِدَتِهم. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ ودَفْنِ أَبيه: فَجَعَلَهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدةٍ
أَي مُنْفَرِدًا وحدَه، وأَصلها مِنَ الْوَاوِ فَحُذِفَتْ مَنْ أَولها وَعُوِّضَتْ مِنْهَا الْهَاءُ فِي آخِرِهَا كعِدة وزِنةٍ مِنَ الوعْد والوَزْن؛ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
اجْعَلْ كلَّ نَوْعٍ مِنْ تَمْرِكَ عَلَى حِدةٍ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحِدةُ الشَّيْءِ تَوَحُّدُه وَهَذَا الأَمر عَلَى حِدته وَعَلَى وحْدِه. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: قُلْنَا هَذَا الأَمر وحْدينا، وَقَالَتَاهُ وحْدَيْهِما، قَالَ: وَهَذَا خِلَافٌ لِمَا ذَكَرْنَا. وأَوحده النَّاسُ تَرَكُوهُ وَحْدَهُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
مُطَأْطَأَة لَمْ يُنْبِطُوها، وإِنَّها ... لَيَرْضَى بِهَا فُرَّاطُها أُمَّ واحِدِ
أَي أَنهم تَقَدَّمُوا يَحْفِرونها يَرْضَوْن بِهَا أَن تَصِيرَ أُمّاً لِوَاحِدٍ أَي أَن تَضُمَّ وَاحِدًا، وَهِيَ لَا تَضُمُّ أَكثر مِنْ وَاحِدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلُ السُّكَّرِيِّ. والوحَدُ مِنَ الوَحْش: المُتَوَحِّد، وَمِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَلَا أَصله. اللَّيْثُ: الوحَدُ الْمُنْفَرِدُ، رَجُلٌ وحَدٌ وثَوْر وحَد؛ وَتَفْسِيرُ الرَّجُلِ الوَحَدِ أَن لَا يُعرف لَهُ أَصل؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
بِذي الجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وحَدِ
وَالتَّوْحِيدُ: الإِيمان بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَاللَّهُ الواحِدُ الأَحَدُ: ذُو الْوَحْدَانِيَّةِ والتوحُّدِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَاللَّهُ الأَوحدُ والمُتَوَحِّدُ وذُو الوحْدانية، وَمِنْ صِفَاتِهِ الْوَاحِدُ الأَحد؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: الْفَرْقُ(3/450)
بَيْنَهُمَا أَن الأَحد بُنِيَ لِنَفْيِ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنَ الْعَدَدِ، تَقُولُ مَا جاءَني أَحد، وَالْوَاحِدُ اسْمٌ بُنِيَ لِمُفْتَتَح الْعَدَدِ، تَقُولُ جَاءَنِي وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ، وَلَا تَقُولُ جَاءَنِي أَحد؛ فَالْوَاحِدُ مُنْفَرِدٌ بِالذَّاتِ فِي عَدَمِ الْمِثْلِ وَالنَّظِيرِ، والأَحد مُنْفَرِدٌ بِالْمَعْنَى؛ وَقِيلَ: الْوَاحِدُ هُوَ الَّذِي لَا يتجزأُ وَلَا يُثَنَّى وَلَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ وَلَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا مِثْلَ وَلَا يَجْمَعُ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ إِلا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير: فِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى الْوَاحِدُ، قَالَ: هُوَ الْفَرْدُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ آخَرُ؛ قَالَ الأَزهري: وأَما اسْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحد فإِنه لَا يُوصَفُ شَيْءٌ بالأَحدية غَيْرُهُ؛ لَا يُقَالُ: رَجُلٌ أَحَد وَلَا دِرْهَمٌ أَحَد كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ وحَدٌ أَي فَرْدٌ لأَن أَحداً صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي اسْتَخْلَصَهَا لِنَفْسِهِ وَلَا يَشْرَكُهُ فِيهَا شَيْءٌ؛ وَلَيْسَ كَقَوْلِكِ اللَّهُ وَاحِدٌ وَهَذَا شَيْءٌ وَاحِدٌ؛ وَلَا يُقَالُ شَيْءٌ أَحد وإِن كَانَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ قَالَ: إِن الأَصل فِي الأَحَد وحَد؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: مَا أَنت مِنَ الأَحد أَي مِنَ النَّاسِ؛ وأَنشد:
وَلَيْسَ يَطْلُبُني فِي أَمرِ غانِيَةٍ ... إِلا كَعَمرٍو، وَمَا عَمرٌو مِنَ الأَحَدِ
قَالَ: وَلَوْ قُلْتَ مَا هُوَ مِنَ الإِنسان، تُرِيدُ مَا هُوَ مِنَ النَّاسِ، أَصبت. وأَما قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ
؛ فإِن أَكثر الْقُرَّاءِ عَلَى تَنْوِينِ أَحد. وَقَدْ قرأَه بَعْضُهُمْ بِتَرْكِ التَّنْوِينِ وقرئَ بإِسكان الدَّالِ:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدْ
، وأَجودها الرَّفْعُ بإِثبات التَّنْوِينِ فِي الْمُرُورِ وإِنما كُسِرَ التَّنْوِينُ لِسُكُونِهِ وَسُكُونِ اللَّامِ مِنَ اللَّهِ، وَمَنْ حَذَفَ التَّنْوِينَ فَلِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ أَيضاً. وأَما قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: هُوَ اللَّهُ، فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ الْمَعْلُومِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ؛ الْمَعْنَى: الَّذِي سأَلتم تَبْيِينَ نَسَبِهِ هُوَ اللَّهُ، وأَحد مَرْفُوعٌ عَلَى مَعْنَى هُوَ اللَّهُ أَحد، وَرُوِيَ فِي التَّفْسِيرِ:
أَن الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسُبْ لَنَا ربَّك، فأَنزل اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ.
قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنّ لِلَّهِ نَسَباً انْتَسَبَ إِليه وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ نَفْيُ النَّسَبِ عَنِ اللهِ تَعَالَى الواحدِ، لأَن الأَنْسابَ إِنما تَكُونُ لِلْمَخْلُوقِينَ، وَاللَّهُ تَعَالَى صِفَتُهُ أَنه لَمْ يَلِدْ وَلَدًا يُنْسَبُ إِليه، وَلَمْ يُولَدْ فَيَنْتَسِبُ إِلى ولد، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَلَا يَكُونُ فَيُشَبَّهُ بِهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنِ افْتِرَاءِ الْمُفْتَرِينَ، وتقدَّس عَنْ إِلحادِ الْمُشْرِكِينَ، وَسُبْحَانَهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا. قَالَ الأَزهري: وَالْوَاحِدُ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، مَعْنَاهُ أَنه لَا ثَانِيَ لَهُ، وَيَجُوزُ أَن يُنْعَتَ الشَّيْءُ بأَنه وَاحِدٌ، فأَما أَحَد فَلَا يُنْعَتُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى لِخُلُوصِ هَذَا الِاسْمِ الشَّرِيفِ لَهُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ. وَتَقُولُ: أَحَّدْتُ اللَّهَ تَعَالَى ووحَّدْته، وَهُوَ الواحدُ الأَحَد. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لِرَجُلٍ ذَكَرَ اللَّهَ وأَومَأَ بإِصْبَعَيْهِ فَقَالَ لَهُ: أَحِّدْ أَحِّدْ
أَي أَشِرْ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ: وأَما قَوْلُ النَّاسِ: تَوَحَّدَ اللَّهُ بالأَمر وَتَفَرَّدَ، فإِنه وإِن كَانَ صَحِيحًا فإِني لَا أُحِبُّ أَن أَلْفِظَ بِهِ فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَعْنَى إِلا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي التَّنْزِيلِ أَو فِي السُّنَّة، وَلَمْ أَجد المُتَوَحِّدَ فِي صِفَاتِهِ وَلَا المُتَفَرِّدَ، وإِنما نَنْتَهِي فِي صِفَاتِهِ إِلى مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا نُجاوِزُه إِلى غَيْرِهِ لمَجَازه فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بالوَحْدانيَّةِ لأَحَدٍ غَيْرِهِ، شَرُّ أُمَّتي الوَحْدانيُّ المُعْجِبُ بِدِينِهِ المُرائي بعَمَلِه
، يُرِيدُ بالوحْدانيِّ المُفارِقَ لِلْجَمَاعَةِ المُنْفَرِدَ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى الوَحْدةِ والانفرادِ، بِزِيَادَةِ الأَلف وَالنُّونِ لِلْمُبَالَغَةِ. والمِيحادُ: مِنَ الواحدِ كالمِعْشارِ، وَهُوَ جُزْءٌ وَاحِدٌ كَمَا أَن المِعْشارَ عُشْرٌ، والمَواحِيدُ جَمَاعَةُ المِيحادِ؛ لَوْ رأَيت أَكَماتٍ مُنْفَرِداتٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ بَائِنَةٌ مِنَ(3/451)
الأُخرى كَانَتْ مِيحاداً ومواحِيدَ. والمِيحادُ: الأَكمة المُفْرَدةُ. وَذَلِكَ أَمر لَسْتُ فِيهِ بأَوْحَد أَي لَا أُخَصُّ بِهِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي لَسْتُ عَلَى حِدةٍ. وفلانٌ واحِدُ دَهْرِه أَي لَا نَظِيرَ لَهُ. وأَوحَدَه اللَّهُ: جَعَلَهُ وَاحِدَ زَمَانِهِ؛ وفلانٌ أَوْحَدُ أَهل زَمَانِهِ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: للهِ أُمٌّ «3» حَفَلَتْ عَلَيْهِ ودَرَّتْ لَقَدْ أَوْحَدَت بِهِ
أَي ولَدَتْه وحِيداً فَرِيداً لَا نَظِيرَ لَهُ، وَالْجَمْعُ أُحْدان مِثْلُ أَسْوَدَ وسُودان؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فباكَرَه، والشمسُ لَمْ يَبْدُ قَرْنُها، ... بِأُحْدانِه المُسْتَوْلِغاتِ، المُكَلِّبُ
يَعْنِي كلابَه الَّتِي لَا مِثْلَهَا كِلَابٌ أَي هِيَ وَاحِدَةُ الْكِلَابِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ: لَسْتَ فِي هَذَا الأَمر بأَوْحَد وَلَا يُقَالُ للأُنثى وَحْداء. وَيُقَالُ: أَعْطِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَة أَي عَلَى حِيالِه، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ كَمَا قُلْنَا. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ: اقْتَضَيْتُ كُلَّ دِرْهَمٍ عَلَى وَحْدِه وَعَلَى حِدته. تَقُولُ: فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ ذاتِ حِدَتِهِ وَمِنْ ذَاتِ نَفْسه وَمِنْ ذَاتِ رأْيه وَعَلَى ذَاتِ حِدَتِهِ وَمِنْ ذِي حِدَتِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وتَوَحَّده اللَّهُ بعِصْمته أَي عَصَمه وَلَمْ يَكِلْه إِلى غَيْرِهِ. وأَوْحَدَتِ الشاةُ فَهِيَ مُوحِدٌ أَي وَضَعَتْ واحِداً مِثْلَ أَفَذَّتْ. وَيُقَالُ: أَحَدْتُ إِليه أَي عَهِدْتُ إِليه؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
سارَ الأَحِبَّةُ بالأَحْدِ الَّذِي أَحَدُوا
يُرِيدُ بالعَهْدِ الَّذِي عَهِدُوا؛ وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ:
لقدْ بَهَرْتَ فَمَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ
قَالَ: أَقام أَحداً مَقَامَ مَا أَو شيءٍ وَلَيْسَ أَحد مِنَ الإِنس وَلَا مِنَ الْجِنِّ، وَلَا يتكَلَّمُ بأَحَد إِلا فِي قَوْلِكِ مَا رأَيت أَحداً، قَالَ ذَلِكَ أَو تَكَلَّمَ بِذَلِكَ مِنَ الْجِنِّ والإِنس وَالْمَلَائِكَةِ. وإِن كَانَ النَّفْيُ فِي غَيْرِهِمْ قُلْتَ: مَا رأَيت شَيْئًا يَعْدِلُ هَذَا وَمَا رأَيت مَا يَعْدِلُ هَذَا، ثُمَّ العَربُ تُدْخِلُ شَيْئًا عَلَى أَحد وأَحداً عَلَى شَيْءٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ «4» وقرأَ
ابْنُ مَسْعُودٍ: وَإِنْ فَاتَكُمْ أَحد مِنْ أَزواجكم
؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وقالتْ: فلَوْ شَيءٌ أَتانا رَسُوله ... سِواكَ، ولكنْ لَمْ نَجِدْ لكَ مَدْفَعا
أَقام شَيْئًا مُقَامَ أَحَدٍ أَي لَيْسَ أَحَدٌ مَعْدُولًا بِكَ. ابْنُ سِيدَهْ: وَفُلَانٌ لَا وَاحِدَ لَهُ أَي لَا نَظِيرَ لَهُ. وَلَا يَقُومُ بِهَذَا الأَمرِ إِلا ابن إِحداها أَي كِرِيمُ الآباءِ والأُمهاتِ مِنَ الرِّجَالِ والإِبل؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: لَا يَقُومُ بِهَذَا الأَمرِ إِلا ابْنُ إِحداها أَي الْكَرِيمُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وَفِي النَّوَادِرِ: لَا يَسْتَطِيعُهَا إِلا ابْنُ إِحْداتها يَعْنِي إِلا ابْنُ وَاحِدَةٍ مِنْهَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَقَوْلُهُ:
حَتَّى اسْتثارُوا بيَ إِحْدَى الإِحَدِ، ... لَيْثاً هِزَبْراً ذَا سِلاحٍ مُعْتَدِي
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي بأَنه وَاحِدٌ لَا مِثْلَ لَهُ؛ يُقَالُ: هَذَا إِحْدَى الإِحَدِ وأَحَدُ الأَحَدِين وواحِدُ الآحادِ. وَسُئِلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: ذَلِكَ أَحَدُ الأَحَدِين؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: هَذَا أَبلغ الْمَدْحِ. قَالَ: وأَلف الأَحَد مَقْطُوعَةٌ وَكَذَلِكَ إِحدى، وَتَصْغِيرُ أَحَد أُحَيْدٌ وَتَصْغِيرُ إِحْدَى أُحَيدَى، وَثُبُوتُ الأَلِف فِي أَحَد وإِحْدى دَلِيلٌ عَلَى أَنها مَقْطُوعَةٌ، وأَما أَلِف اثْنا واثْنَتا فأَلِف وَصْلٍ، وَتَصْغِيرُ اثْنا ثُنَيَّا وَتَصْغِيرُ اثْنَتا ثُنَيَّتا. وإِحْدَى بناتِ طَبَقٍ: الدّاهِيةُ، وَقِيلَ: الحَيَّةُ
__________
(3) . قوله [لله أم إلخ] هذا نص النهاية في وحد ونصها في حفل:
لِلَّهِ أُمٌّ حَفَلَتْ لَهُ وَدَرَّتْ عَلَيْهِ
أَيْ جَمَعَتِ اللبن في ثديها له.
(4) . الآية(3/452)
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَلَوِّيها حَتَّى تَصِيرَ كالطَّبَق. وبَنُو الوَحَدِ: قَوْمٌ مِنْ بَنِي تَغْلِب؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ وَقَوْلُهُ:
فَلَوْ كُنتُمُ مِنَّا أَخَذْنا بأَخْذِكم، ... ولكِنَّها الأَوْحادُ أَسْفَلُ سافِلِ
أَراد بَنِي الوَحَد مِنْ بَنِي تَغْلِبَ، جُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَحَداً. وَقَوْلُهُ: أَخَذْنا بأَخْذِكم أَي أَدْرَكْنا إِبلكم فَرَدَدْنَاهَا عَلَيْكُمْ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وبَنُو الوَحِيدِ بطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي كِلَابِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعةَ. والوَحِيدُ: مَوْضِعٌ بِعَيْنِهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَالْوَحِيدُ: نَقاً مِنْ أَنْقاء الدَّهْناءِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
مَهارِيسُ، لاقَتْ بالوَحِيدِ سَحابةً ... إِلى أُمُلِ الغَرّافِ ذاتِ السَّلاسِلِ
والوُحْدانُ: رِمال مُنْقَطِعَةٌ؛ قَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى إِذا هَبَطَ الوُحْدانُ، وانْكَشَفَتْ ... مِنْه سَلاسِلُ رَمْلٍ بَيْنَها رُبَدُ
وَقِيلَ: الوُحْدانُ اسْمُ أَرض. والوَحِيدانِ: ماءانِ فِي بِلَادِ قَيْس مَعْرُوفَانِ. قَالَ: وآلُ الوَحِيدِ حيٌّ مِنْ بَنِي عَامِرٍ. وَفِي حَدِيثِ
بِلَالٍ: أَنه رَأَى أُبَيَّ بنَ خَلَفٍ يَقُولُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا حَدْراها
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَقُولُ هَلْ أَحد رأَى مِثْلَ هَذَا؟ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ
هِيَ هَذِهِ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى؛ وَقِيلَ: أَعظُكم أَنْ تُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً
؛ أَي لَمْ يَشْرَكْني فِي خَلْقِهِ أَحَدٌ، وَيَكُونُ وَحِيدًا من صِفَةِ الْمَخْلُوقِ أَي ومَنْ خَلَقْتُ وحْدَه لَا مَالَ لَهُ وَلَا وَلد ثُمَّ جَعَلْت لَهُ مَالًا وَبَنِينَ. وَقَوْلُهُ: لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ
، لَمْ يَقُلْ كَواحِدة لأَن أَحداً نَفْيٌ عَامٌّ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ.
وخد: الوَخْدُ: ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل، وَهُوَ سَعَةُ الخَطْو فِي الْمَشْيِ، وَمِثْلُهُ الخَدْيُ لُغَتَانِ. يُقَالُ: وخَدَتِ الناقةُ تَخِدُ وخْداً؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فَما وَخَدَتْ بِمِثْلِكِ ذاتُ غَرْبٍ، ... حَطُوطٌ فِي الزِّمامِ، وَلَا لَحُونُ
وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ فِي النَّاقَةِ:
وَخُود مِنَ اللَّائي تَسَمَّعْنَ، بالضُّحَى، ... قَرِيضَ الرُّدافَى بالغِناءِ المُهَوِّدِ
ووخَدَ الْبَعِيرُ يَخِدُ وَخْداً وَوَخَداناً: أَسْرَعَ ووَسَّع الخَطْو؛ وَقِيلَ: رَمَى بِقَوَائِمِهِ كَمَشْيِ النَّعَامِ؛ وَبَعِيرٌ واخِدٌ وَوَخَّادٌ وَظَلِيمٌ وَخّاد. ووَخْدُ الفرسِ: ضرْبٌ مِنْ سَيْرِهِ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ وَلَمْ يَحُدَّه. وَفِي حَدِيثِ وَفَاةِ أَبي ذَرٍّ:
رأَى قَوْمًا تَخِدُ بِهِمْ رَواحِلُهم
؛ الوَخْدُ ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل سَرِيعٌ. وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ ذَكَرَ وخْدةَ، هُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْخَاءِ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى خَيْبَر الحَصِينة بِهَا نخل.
ودد: الودُّ: مَصْدَرُ المودَّة. ابْنُ سِيدَهْ: الودُّ الحُبُّ يَكُونُ فِي جَمِيعِ مَداخِل الخَيْر؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. ووَدِدْتُ الشيءَ أَوَدُّ، وَهُوَ مِنَ الأُمْنِيَّة؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا أَفضل الْكَلَامِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَدَدْتُ ويَفْعَلُ مِنْهُ يَوَدُّ لَا غَيْرَ؛ ذَكَرَ هَذَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ
أَي يَتَمَنَّى. اللَّيْثُ: يُقَالُ: وِدُّكَ وَوَدِيدُكَ كَمَا تَقُولُ حِبُّكَ وحَبِيبُك. الْجَوْهَرِيُّ: الوِدُّ الوَدِيدُ، وَالْجَمْعُ أَوُدٌّ مِثْلُ قِدْحٍ وأَقْدُحٍ وذِئْبٍ وأَذْؤُبٍ؛ وَهُمَا يَتَوادّانِ وَهُمْ أَوِدّاء. ابْنُ سِيدَهْ: وَدَّ الشيءَ وُدًّا وَوِدًّا وَوَدّاً وَوَدادةً وَوِداداً وَوَداداً ومَوَدَّةً ومَوْدِدةً: أَحَبَّه؛ قَالَ:(3/453)
إِنَّ بَنِيَّ لَلئامٌ زَهَدَهْ، ... مَا ليَ فِي صُدُورِهْم مِنْ مَوْدِدَهْ
أَراد مِنْ مَوَدّة. قَالَ سِيبَوَيْهِ: جَاءَ الْمَصْدَرُ فِي مَوَدّة عَلَى مَفْعَلة وَلَمْ يُشَاكِلْ بَابَ يَوْجَلُ فِيمَنْ كَسَرَ الْجِيمَ لأَن وَاوَ يَوْجَلُ قَدْ تَعْتَلُّ بِقَلْبِهَا أَلفاً فأَشبهت وَاوَ يَعِدُ فَكَسَرُوهَا كَمَا كَسَرُوا المَوْعِد، وإِن اخْتَلَفَ الْمَعْنَيَانِ، فَكَانَ تَغْيِيرُ ياجَل قَلْبًا وَتَغْيِيرُ يَعِدُ حَذْفًا لَكِنَّ التَّغْيِيرَ يَجْمَعُهُمَا. وَحَكَى الزجاجي عن الكسائي: ودَدْتُ الرَّجُلَ، بِالْفَتْحِ. الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ وَدِدْتُ لَوْ تَفْعَل ذَلِكَ ووَدِدْتُ لَوْ أَنك تَفْعَلُ ذَلِكَ أَوَدُّ وُدًّا وَوَدًّا وَوَدادةً، وَوِداداً أَي تَمَنَّيْتُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَدِدْتُ وَدادةً [وِدادةً] لَوْ أَنَّ حَظِّي، ... مِنَ الخُلَّانِ، أَنْ لَا يَصْرِمُوني
ووَدِدْتُ الرَّجُلَ أَوَدُّه وَدًّا إِذا أَحببته. والوُدُّ والوَدُّ والوِدُّ: المَوَدَّة؛ تَقُولُ: بودِّي أَن يَكُونَ كَذَا؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَيُّها العائِدُ المُسائِلُ عَنّا، ... وبِودِّيكَ لَوْ تَرَى أَكْفاني
فإِنما أَشبع كَسْرَةَ الدَّالِ لِيَسْتَقِيمَ لَهُ الْبَيْتُ فَصَارَتْ يَاءً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى
؛ مَعْنَاهُ لَا أَسأَلكم أَجراً عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَلَكِنِّي أُذكركم الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى؛ والمودّةَ مُنْتَصِبَةٌ عَلَى اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الأَوّل لأَن الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى لَيْسَتْ بأَجر؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ فِي التَّمَنِّي:
وددتُ وِدَادَةً لَوْ أَن حَظِّي
قَالَ: وأَختارُ فِي مَعْنَى التَّمَنِّي: وَدِدْت. قَالَ: وَسَمِعْتُ وَدَدْتُ، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ؛ قَالَ: وَسَوَاءٌ قُلْتَ وَدِدْتُ أَو وَدَدْتُ الْمُسْتَقْبَلُ مِنْهُمَا أَوَدُّ ويَوَدُّ وتَوَدُّ لَا غَيْرُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَنكر الْبَصْرِيُّونَ ودَدْتُ، قَالَ: وَهُوَ لَحْنٌ عِنْدَهُمْ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قَدْ عَلِمْنَا أَن الْكِسَائِيَّ لَمْ يَحْكِ ودَدْت إِلا وَقَدْ سَمِعَهُ وَلَكِنَّهُ سَمِعَهُ مِمَّنْ لَا يَكُونُ حُجَّةً. وَقُرِئَ:
سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرحمنُ وُدّاً ووَدّاً.
قَالَ الْفَرَّاءُ: وُدًّا فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: قَالَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ. ابْنُ الأَنباري: الوَدُودُ فِي أَسماءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، المحبُّ لِعِبَادِهِ، مِنْ قَوْلِكَ وَدِدْت الرَّجُلَ أَوَدّه وِدًّا ووِداداً وَوَداداً. قَالَ ابْنُ الأَثير: الْوَدُودُ فِي أَسماءِ اللَّهِ تَعَالَى، فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُول، مِنَ الْوُدِّ الْمَحَبَّةِ. يُقَالُ: وَدِدْتُ الرَّجُلَ إِذا أَحببته، فَاللَّهُ تَعَالَى مَوْدُود أَي مَحْبوب فِي قُلُوبِ أَوليائه؛ قَالَ: أَو هُوَ فَعُول بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَي يُحبّ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ بِمَعْنَى يَرْضى عَنْهُمْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنّ أَبا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ
؛ هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ تَقْدِيرُهُ كَانَ ذَا وُدّ لِعُمَرَ أَي صَدِيقًا، وإِن كَانَتِ الْوَاوُ مَكْسُورَةً فَلَا يُحْتَاجُ إِلى حَذْفِ فإِن الوِدّ، بِالْكَسْرِ، الصَّدِيقُ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: فإِنْ وافَق قَوْلٌ عَمَلًا فآخِه وأَوْدِدْه
أَي أَحْبِبْه وصادِقْه، فأَظهر الإِدغام للأَمر عَلَى لُغَةِ الْحِجَازِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بِتَعَلُّمِ الْعَرَبِيَّةِ فإِنها تَدُلُّ عَلَى المُروءةِ وَتَزِيدُ فِي الموَدّةِ
؛ يُرِيدُ مَوَدَّةَ الْمُشَاكَلَةِ؛ وَرَجُلٌ وُدٌّ ومِوَدّ وَوَدُودٌ والأُنثى وَدُودٌ أَيضاً، والوَدُودُ: المُحِبُّ. ابْنُ الأَعرابي: الموَدَّةُ الْكِتَابَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ
أَي بالكُتُب؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وأَعْدَدْتُ للحَرْبِ خَيْفانةً، ... جَمُومَ الجِراءِ وَقاحاً وَدُوداً
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَى قَوْلِهِ وَدُوداً أَنها باذلةٌ مَا عِنْدَهَا مِنَ الجَرْي؛ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ ودُوداً إِلا عَلَى ذَلِكَ لأَن الْخَيْلَ بهائمُ وَالْبَهَائِمُ لَا ودَّ لَهَا فِي غَيْرِ نَوْعِهَا. وتوَدَّدَ إِليه: تَحَبَّبَ. وتوَدَّده: اجْتَلَبَ ودَّه؛(3/454)
عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
أَقولُ: توَدَّدْني إِذا مَا لَقِيتَني ... بِرِفْقٍ، ومَعْروفٍ مِن القَوْلِ ناصِعِ
وَفُلَانٌ وُدُّكَ ووِدُّكَ وَوَدُّكَ، بِالْفَتْحِ، الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي، ووَديدُك وَقَوْمٌ وُدٌّ ووِدادٌ وأَوِدَّاءُ وأَوْدادٌ وأَوِدٌّ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ، وَأَوُدٌّ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِني، كأَني أَرَى النُّعْمانَ خَبَّرَه ... بعضُ الأَوُدّ حَديثاً، غيرَ مَكْذوبِ
قَالَ: وَذَهَبَ أَبو عُثْمَانَ إِلى أَن أَوُدّاً جَمْعٌ دَلَّ عَلَى وَاحِدِهِ أَي أَنه لَا وَاحِدَ لَهُ. قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: بعضُ الأَوَدّ، بِفَتْحِ الْوَاوِ؛ قَالَ: يُرِيدُ الَّذِي هُوَ أَشدُّ وُدًّا؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: أَراد الأَوَدِّين الْجَمَاعَةَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَرِجَالٌ وُدَداءُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ لِكَوْنِهِ وَصْفًا دَاخِلًا عَلَى وَصْفٍ لِلْمُبَالَغَةِ. التَّهْذِيبُ: والوَدُّ صَنَم كَانَ لِقَوْمِ نُوحٍ ثُمَّ صَارَ لِكلب وَكَانَ بِدُومةِ الْجَنْدَلِ وَكَانَ لِقُرَيْشٍ صَنَمٌ يَدْعُونَهُ وُدّاً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَهْمِزُ فَيَقُولُ أُدٌّ؛ وَمِنْهُ سُمِّي عَبدُ وُدٍّ، وَمِنْهُ سُمِّي أُدُّ بنُ طَابِخَةَ؛ وأُدَد: جَدُّ مَعَدِّ بْنِ عدنانَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَ أَهل الْمَدِينَةِ: وَلَا تَذَرُنَّ وُدًّا، بِضَمِّ الْوَاوِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَكثر القرَّاء قرؤوا وَدًّا
، مِنْهُمْ أَبو عَمْرٍو وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ، وقرأَ نَافِعٌ وُدًّا، بِضَمِّ الْوَاوِ. ابْنُ سِيدَهْ: وَوَدٌّ وَوُدٌّ صَنَمٌ. وَحَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ مَفْتُوحًا لَا غَيْرَ. وَقَالُوا: عَبْدُ وُدّ يَعْنُونَهُ بِهِ، وَوُدٌّ لُغَةٌ فِي أُدّ، وَهُوَ وُدُّ بْنُ طَابِخَةَ؛ التَّهْذِيبُ: الوَدّ، بِالْفَتْحِ، الصنَمُ؛ وأَنشد:
بِوَدِّكِ، مَا قَوْمي عَلَى مَا تَرَكْتِهِمْ، ... سُلَيْمَى إِذا هَبَّتْ شَمالٌ وَريحُها
أَراد بِوَدّكِ «1» فَمَنْ رَوَاهُ بِوَدّكِ أَراد بِحَقِّ صنمكِ عليكِ، وَمَنْ ضَمَّ أَراد بالمَوَدّة بَيْنِي وبينكِ؛ وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَيّ شَيْءٍ وجَدْتِ قَوْمِي يَا سُلَيْمَى عَلَى تركِكِ إِياهم أَي قَدْ رَضِيتُ بِقَوْلِكِ وإِن كُنْتِ تَارِكَةً لَهُمْ فاصدُقي وَقُولِي الْحَقَّ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الْمَعْنَى أَيّ شَيْءٍ قَوْمِي فَاصْدُقِي فَقَدْ رَضِيتُ قَوْلَكِ وإِن كُنْتِ تَارِكَةً لِقَوْمِي. ووَدّانُ: وادٍ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
قِفُوا خَبِّرُوني عَنْ سُلَيْمَانَ إِنَّني، ... لِمَعْرُوفِه مِنْ أَهلِ وَدّانَ، طالِبُ
وَوَدٌّ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ؛ الْجَوْهَرِيُّ: والوَد فِي قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
تُظْهِرُ الوَدَّ إِذا مَا أَشْجَذَتْ، ... وتُوارِيهِ إِذا مَا تَعْتَكِرْ «2»
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ اسْمُ جَبَلٍ. ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: والوَدُّ الوَتِدُ بِلُغَةِ تَمِيمٍ، فإِذا زَادُوا الْيَاءَ قَالُوا وتيدٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: زَعَمَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَنها لُغَةٌ تَمِيمِيَّةٌ، قَالَ: لَا أَدري هَلْ أَراد أَنه لَا يُغَيِّرُهَا هَذَا التَّغْيِيرَ إِلا بَنُو تَمِيمٍ أَم هِيَ لُغَةٌ لِتَمِيمٍ غَيْرُ مُغَيَّرَةٍ عَنْ وَتِدٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الوَدُّ، بِالْفَتْحِ، الوَتِدُ فِي لُغَةِ أَهل نَجْدٍ كأَنهم سكَّنوا التَّاءَ فأَدغموها فِي الدَّالِ. ومَوَدّةُ: اسْمُ امرأَة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
مَوَدّةُ تَهْوى عُمْرَ شَيْخٍ يَسُرُّه ... لَهَا الموتُ، قَبْلَ اللَّيْلِ، لَوْ أَنَّها تَدْري
يَخافُ عَلَيْهَا جَفْوةَ الناسِ بَعْدَه، ... وَلَا خَتَنٌ يُرْجَى أَوَدُّ مِنَ القَبْرِ
وَقِيلَ: إِنها سُمِّيَتْ بالموَدّة الَّتِي هِيَ المَحبة.
__________
(1) . قوله [أراد بودّك إلخ] كذا بالأَصل.
(2) . قوله [تعتكر] يروى أيضاً تشتكر.(3/455)
ورد: وَرْدُ كُلِّ شَجَرَةٍ: نَوْرُها، وَقَدْ غَلَبَتْ عَلَى نَوْعِ الحَوْجَم. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الوَرْدُ نَوْرُ كُلِّ شَجَرَةٍ وزَهْرُ كُلِّ نَبْتَة، وَاحِدَتُهُ وَرْدة؛ قَالَ: وَالْوَرْدُ بِبِلَادِ الْعَرَبِ كَثِيرٌ، رِيفِيَّةً وبَرِّيةً وجَبَليّةً. ووَرَّدَ الشجرُ: نَوَّرَ. وَوَرَّدت الشَّجَرَةُ إِذا خَرَجَ نَوْرُها. الْجَوْهَرِيُّ: الوَرد، بِالْفَتْحِ، الَّذِي يُشمّ، الْوَاحِدَةُ وَرْدَةٌ، وَبِلَوْنِهِ قِيلَ للأَسد وَرْدٌ، وَلِلْفَرَسِ ورْد، وَهُوَ بَيْنَ الكُمَيْت والأَشْقَر. ابْنُ سِيدَهْ: الوَرْد لَوْنٌ أَحمر يَضْرِبُ إِلى صُفرة حَسَنة فِي كُلِّ شَيْءٍ؛ فَرَس وَرْدٌ، وَالْجَمْعُ وُرْد ووِرادٌ والأُنثى ورْدة. وَقَدْ وَرُد الفرسُ يَوْرُدُ وُرُودةً أَي صَارَ وَرْداً. وَفِي الْمُحْكَمِ: وَقَدْ وَرُدَ وُرْدةً واوْرادّ؛ قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ ايرادَّ يَوْرادُّ عَلَى قِيَاسِ ادْهامَّ واكْماتَّ، وأَصله اوْرادَّ صَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ
؛ أَي صَارَتْ كَلَوْنِ الوَرْد؛ وَقِيلَ: فَكَانَتْ وَرْدة كلونِ فرسٍ وَرْدةٍ؛ وَالْوَرْدُ يَتَلَوَّنُ فَيَكُونُ فِي الشِّتَاءِ خِلَافَ لَوْنِهِ فِي الصَّيْفِ، وأَراد أَنها تَتَلَوَّنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكبر كَمَا تَتَلَوَّنُ الدِّهَانُ الْمُخْتَلِفَةُ. وَاللَّوْنُ وُرْدةٌ، مِثْلُ غُبْسة وشُقْرة؛ وَقَوْلُهُ:
تَنازَعَها لَوْنانِ: وَرْدٌ وجُؤْوةٌ، ... تَرَى لأَياءِ الشَّمْسِ فِيهَا تَحَدُّرا
إِنما أَراد وُرْدةً وجُؤْوةً أَو وَرْداً وجَأًى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُلْنَا ذَلِكَ لأَن وَرْدًا صِفَةٌ وجؤوة مَصْدَرٌ، وَالْحُكْمُ أَن تَقَابَلَ الصِّفَةُ بِالصِّفَةِ وَالْمَصْدَرُ بِالْمَصْدَرِ. ووَرَّدَ الثوبَ: جَعَلَهُ وَرْداً. وَيُقَالُ: وَرَّدَتِ المرأَةُ خدَّها إِذا عَالَجَتْهُ بِصَبْغِ الْقُطْنَةِ الْمَصْبُوغَةِ. وعَشِيّةٌ وَرْدةٌ إِذا احمَرَّ أُفُقها عِنْدَ غُروب الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ طُلوع الشَّمْسِ، وَذَلِكَ عَلَامَةُ الجَدْب. وَقَمِيصٌ مُوَرَّد: صُبِغَ عَلَى لَوْنِ الْوَرْدِ، وَهُوَ دُونَ المضَرَّجِ. والوِرْدُ: مِنْ أَسماءِ الحُمَّى، وَقِيلَ: هُوَ يَوْمُها. الأَصمعي: الوِرْدُ يَوْمُ الحُمَّى إِذا أَخذت صَاحِبَهَا لِوَقْتٍ، وَقَدْ وَرَدَتْه الحُمَّى، فَهُوَ مَوْرُودٌ؛ قَالَ أَعرابي لِآخَرَ: مَا أَمارُ إِفْراقِ المَوْرُودِ «1» فَقَالَ: الرُّحَضاءُ. وَقَدْ وُرِدَ عَلَى صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمّ فَاعِلُهُ. وَيُقَالُ: أَكْلُ الرُّطَبِ مَوْرِدةٌ أَي مَحَمَّةٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والوِرْدُ ووُردُ الْقَوْمِ: الْمَاءُ. والوِرْدُ: الْمَاءُ الَّذِي يُورَدُ. والوِرْدُ: الإِبل الوارِدة؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
لَوْ دَقَّ وِرْدي حَوْضَه لَمْ يَنْدَهِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
يَا عَمْرُو عَمْرَ الْمَاءِ وِرْدٌ يَدْهَمُهْ
وأَنشد قَوْلَ جَرِيرٍ فِي الْمَاءِ:
لَا وِرْدَ للقَوْمِ، إِن لَمْ يَعْرِفُوا بَرَدى، ... إِذا تكَشَّفَ عَنْ أَعْناقِها السَّدَفُ
بَرَدى: نَهْرُ دِمَشْقَ، حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى. والوِرْدُ: العَطَشُ. والمَوارِدُ: المَناهِلُ، واحِدُها مَوْرِدٌ. وَوَرَدَ مَوْرِداً أَي وُرُوداً. والمَوْرِدةُ: الطَّرِيقُ إِلى الْمَاءِ. والوِرْدُ: وقتُ يومِ الوِرْدِ بَيْنَ الظِّمْأَيْنِ، والمَصْدَرُ الوُرُودُ. والوِرْدُ: اسْمٌ مِنْ وِرْدِ يومِ الوِرْدِ. وَمَا وَرَدَ مِنْ جَمَاعَةِ الطَّيْرِ والإِبل وَمَا كَانَ، فَهُوَ وِرْدٌ. تَقُولُ: وَرَدَتِ الإِبل وَالطَّيْرُ هَذَا الماءَ وِرْداً، وَوَرَدَتْهُ أَوْراداً؛ وأَنشد:
فأَوْراد القَطا سَهْلَ البِطاحِ
وإِنما سُمِّيَ النصيبُ مِنْ قراءَة الْقُرْآنِ وِرْداً مِنْ هَذَا. ابْنُ سِيدَهْ: ووَرَدَ الماءَ وَغَيْرَهُ وَرْداً ووُرُوداً
__________
(1) . قوله [إفراق المورود] في الصحاح قال الأَصمعي: أفرق المريض من مرضه والمحموم من حماه أي أَقبل. وحكى قول الأَعرابي هذا ثم قال: يَقُولُ مَا عَلَامَةُ بُرْءِ المحموم؟ فقال العرق.(3/456)
وَوَرَدَ عَلَيْهِ: أَشرَفَ عَلَيْهِ، دَخَلَهُ أَو لَمْ يَدْخُلْهُ؛ قَالَ زُهَيْرٍ:
فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه، ... وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيّمِ
مَعْنَاهُ لَمَّا بَلَغْنَ الْمَاءَ أَقَمْنَ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ وارِدٌ مِنْ قَوْمٍ وُرّادٌ، وورَّادٌ مِنْ قومٍ وَرّادين، وَكُلُّ مَنْ أَتى مَكَانًا مَنْهَلًا أَو غَيْرَهُ، فَقَدْ وَرَدَه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَرِدُونَهَا مَعَ الْكُفَّارِ فَيَدْخُلُهَا الْكُفَّارُ وَلَا يَدْخلُها الْمُسْلِمُونَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ آيَةٌ كَثُرَ اخْتِلَافُ الْمُفَسِّرِينَ فِيهَا، وَحَكَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَن الْخَلْقَ جَمِيعًا يَرِدُونَ النَّارَ فَيَنْجُو الْمُتَّقِي ويُتْرَك الظَّالِمُ، وَكُلُّهُمْ يَدْخُلُهَا. والوِرْد: خِلَافُ الصَدَر. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ عَلِمْنَا الوُرُودَ وَلَمْ نَعْلَمِ الصُّدور، وَدَلِيلُ مَن قَالَ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا. وَقَالَ قَوْمٌ: الْخَلْقُ يَرِدُونها فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِ بَرْداً وَسَلَامًا؛ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: إِنّ وُروُدَها لَيْسَ دُخولها وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوِيَّةٌ جِدًّا لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ ورَدْنا مَاءَ كَذَا وَلَمْ يَدْخُلوه. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ
. وَيُقَالُ إِذا بَلَغْتَ إِلى الْبَلَدِ وَلَمْ تَدْخله: قَدْ وَرَدْتَ بَلَدَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ أَبو إِسحاق: وَالْحُجَّةُ قَاطِعَةٌ عِنْدِي فِي هَذَا مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها؛ قَالَ: فَهَذَا، وَاللَّهُ أَعلم، دليلُ أَن أَهل الْحُسْنَى لَا يَدْخُلُونَ النَّارَ. وَفِي اللُّغَةِ: وَرَدَ بَلَدَ كَذَا وَمَاءَ كَذَا إِذا أَشرف عَلَيْهِ، دَخَلَهُ أَو لَمْ يَدْخُلْهُ، قَالَ: فالوُرودُ، بالإِجماع، لَيْسَ بِدُخُولٍ. الْجَوْهَرِيُّ: ورَدَ فُلَانٌ وُروُداً حَضَر، وأَورده غَيْرُهُ واسْتَوْرَده أَي أَحْضَره. ابْنُ سِيدَهْ: توَرَّدَه واسْتَوْرَدَه كَوَرَّده كَمَا قَالُوا: عَلَا قِرْنَه واسْتَعْلاه. ووارَدَه: وَرَدَ مَعَه؛ وأَنشد:
ومُتَّ مِنِّي هَلَلًا، إِنَّما ... مَوْتُكَ، لَوْ وارَدْتُ، وُرَّادِيَهْ
والوارِدةُ: وُرّادُ الماءِ. والوِرْدُ: الوارِدة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً
؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَي مُشاةً عِطاشاً، وَالْجَمْعُ أَوْرادٌ. والوِرْدُ: الوُرّادُ وَهُمُ الَّذِينَ يَرِدُون الْمَاءَ؛ قَالَ يَصِفُ قَلِيبًا:
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَا قَلِيباً سُكّا، ... يَطْمُو إِذا الوِرْدُ عَلَيْهِ الْتَكّا
وَكَذَلِكَ الإِبل:
وصُبِّحَ الماءُ بِوِرْدٍ عَكْنان
والوِرْدُ: النصيبُ مِنَ الْمَاءِ. وأَوْرَدَه الماءَ: جَعَله يَرِدُه. والموْرِدةُ: مَأْتاةُ الماءِ، وَقِيلَ: الجادّةُ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ، فِي دَأَياتِها، ... مَوارِدُ مِنْ خَلقاءَ فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ
وَيُقَالُ: مَا لَكَ توَرَّدُني أَي تقدَّم عَلَيَّ؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ طَرَفَةَ:
كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
هُوَ المتقدِّم عَلَى قِرْنِه الَّذِي لَا يَدْفَعُهُ شَيْءٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّقُوا البَرازَ فِي المَوارِدِ
أَي المجارِي والطُّرُق إِلى الْمَاءِ، وَاحِدُهَا مَوْرِدٌ، وَهُوَ مَفْعِلٌ مِنَ الوُرُودِ. يُقَالُ: ورَدْتُ الماءَ أَرِدُه وُرُوداً إِذَا حَضَرْتَهُ لِتَشْرَبَ. والوِرد: الْمَاءُ الَّذِي تَرِدُ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: أَخذ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: هَذَا الَّذِي(3/457)
أَورَدَني المَوارِدَ
؛ أَراد الْمَوَارِدَ المُهْلِكةَ، وَاحِدُهَا مَوْرِدة؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الْقَبْرَ:
يَقُولونَ لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ: أَوْرِدُوا ... وليسَ بِهَا أَدْنَى ذِفافٍ لِوارِدِ
اسْتَعَارَ الإِيرادٍ لإِتْيان الْقَبْرِ؛ يَقُولُ: لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ، وكلُّ مَا أَتَيْتَه فَقَدْ وَرَدْتَه؛ وَقَوْلُهُ:
كأَنَّه بِذِي القِفافِ سِيدُ، ... وبالرِّشاءِ مُسْبِلٌ وَرُودُ
وَرُود هُنَا يُرِيدُ أَن يَخْرُجَ إِذا ضُرِب بِهِ. وأَوْرَدَ عَلَيْهِ الخَبر: قصَّه. والوِرْدُ: القطيعُ مِنَ الطَّيْرِ. والوِرْدُ: الجَيْشُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِهِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كَمْ دَقَّ مِن أَعناقِ وِرْدٍ مكْمَهِ
وَقَوْلُ جَرِيرٍ أَنشده ابْنُ حَبِيبٍ:
سَأَحْمَدُ يَرْبُوعاً، عَلَى أَنَّ وِرْدَها، ... إِذا ذِيدَ لَمْ يُحْبَسْ، وإِن ذادَ حُكِّما
قَالَ: الوِرْدُ هَاهُنَا الْجَيْشُ، شَبَّهَهُ بالوِرْدِ مِنَ الإِبل بِعَيْنِهَا. والوِرْدُ: الإِبل بِعَيْنِهَا. والوِرْدُ: النَّصِيبُ مِنَ الْقُرْآنِ؛ تَقُولُ: قرأْتُ وِرْدِي. وَفِي الْحَدِيثِ
أَن الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ كَانَا يقرآنِ القرآنَ مِنْ أَوَّله إِلى آخِرِهِ ويَكْرهانِ الأَورادَ
؛ الأَورادُ جَمْعُ وِرْدٍ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْجُزْءُ، يُقَالُ: قرأْت وِرْدِي. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تأْويل الأَوراد أَنهم كَانُوا أَحْدثوا أَنْ جَعَلُوا الْقُرْآنَ أَجزاء، كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا فِيهِ سُوَر مُخْتَلِفَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ التأْليف، جَعَلُوا السُّورَةَ الطَّوِيلَةَ مَعَ أُخرى دُونَهَا فِي الطُّولِ ثُمَّ يَزيدُون كَذَلِكَ، حَتَّى يُعَدِّلوا بَيْنَ الأَجزاءِ ويُتِمُّوا الْجُزْءَ، وَلَا يَكُونُ فِيهِ سُورة مُنْقَطِعَةٌ وَلَكِنْ تَكُونُ كُلُّهَا سُوَراً تَامَّةً، وَكَانُوا يُسَمُّونَهَا الأَوراد. وَيُقَالُ: لِفُلَانٍ كلَّ ليلةٍ وِرْد مِنَ الْقُرْآنِ يَقْرَؤُهُ أَي مقدارٌ مَعْلُومٌ إِما سُبْعٌ أَو نِصْفُ السُّبُعِ أَو مَا أَشبه ذَلِكَ. يُقَالُ: قرأَ وِرْده وحِزْبه بِمَعْنًى وَاحِدٍ. والوِرْد: الْجُزْءُ مِنَ اللَّيْلِ يَكُونُ عَلَى الرَّجُلِ يُصَلِّيهِ. وأَرْنَبَةٌ واردةٌ إِذا كَانَتْ مُقْبِلَةً عَلَى السبَلة. وَفُلَانٌ وَارِدُ الأَرنبة إِذا كَانَ طَوِيلَ الأَنف. وَكُلُّ طَوِيلٍ: وَارِدٌ. وتَوَرَّدَتِ الْخَيْلُ الْبَلْدَةَ إِذا دَخَلَتْهَا قَلِيلًا قَلِيلًا قِطْعَةً قِطْعَةً. وشَعَر وَارِدٌ: مُسْتَرْسِلٌ طَوِيلٌ؛ قَالَ طَرَفَةُ:
وَعَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهَا وارِدٌ، ... حَسَنُ النَّبْتِ أَثِيثٌ مُسْبَكِرْ
وَكَذَلِكَ الشَّفَةُ واللثةُ. والأَصل فِي ذَلِكَ أَن الأَنف إِذا طَالَ يَصِلُ إِلى الْمَاءِ إِذا شَرِبَ بِفِيهِ لِطُولِهِ، وَالشَّعَرُ مِنَ المرأَة يَرِدُ كَفَلَها. وَشَجَرَةٌ واردةُ الأَغصان إِذا تَدَلَّتْ أَغصانُها؛ وَقَالَ الرَّاعِي يَصِفُ نَخْلًا أَو كَرْمًا:
يُلْقَى نَواطِيرُه، فِي كُلِّ مَرْقَبَةٍ، ... يَرْمُونَ عَنْ وارِدِ الأَفنانِ مُنْهَصِر «2»
. أَي يَرْمُونَ الطَّيْرَ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ
أَي سابِقَهم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ
؛ قَالَ أَهل اللُّغَةِ: الوَرِيدُ عِرْق تَحْتَ اللِّسَانِ، وَهُوَ فِي العَضُد فَلِيقٌ، وَفِي الذِّرَاعِ الأَكْحَل، وَهُمَا فِيمَا تَفَرَّقَ مِنْ ظَهْرِ الكَفِّ الأَشاجِعُ، وَفِي بَطْنِ الذِّرَاعِ الرَّواهِشُ؛ وَيُقَالُ: إِنها أَربعة عُرُوقٍ فِي الرأْس، فَمِنْهَا اثْنَانِ يَنْحَدِران قُدّامَ الأُذنين، وَمِنْهَا الوَرِيدان فِي العُنق. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الورِيدان
__________
(2) . قوله [يلقى] في الأَساس تلقى(3/458)
تَحْتَ الوَدَجَيْنِ، والوَدَجانِ عِرْقانِ غَلِيظَانِ عَنْ يَمِينِ ثُغْرَةِ النَّحْرِ ويَسارِها. قَالَ: والوَرِيدانِ يَنْبِضان أَبداً منَ الإِنسان. وَكُلُّ عِرْق يَنْبِضُ، فَهُوَ مِنَ الأَوْرِدةِ الَّتِي فِيهَا مَجْرَى الْحَيَاةِ. والوَرِيدُ مِنَ العُرُوق: مَا جَرَى فِيهِ النَّفَسُ وَلَمْ يجرِ فِيهِ الدّمُ، والجَداوِلُ الَّتِي فِيهَا الدِّماءُ كالأَكْحَلِ والصَّافِن، وَهِيَ العُروقُ الَّتِي تُفْصَدُ. أَبو زَيْدٍ: فِي العُنُق الوَرِيدان وَهُمَا عِرْقان بَيْنَ الأَوداج وَبَيْنَ اللَّبَّتَيْنِ، وَهُمَا مِنَ الْبَعِيرِ الْوَدَجَانِ، وَفِيهِ الأَوداج وَهِيَ مَا أَحاطَ بالحُلْقُوم مِنَ الْعُرُوقِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ فِي الْوَرِيدَيْنِ مَا قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ. غَيْرُهُ: والوَرِيدانِ عِرْقان فِي العُنُق، وَالْجَمْعُ أَوْرِدَةٌ ووُرودٌ. وَيُقَالُ للغَضْبَانِ: قَدِ انْتَفَخَ وَرِيدُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: حَبْل الوَرِيدِ عِرْق تَزْعُمُ الْعَرَبُ أَنه مِنْ الوَتِين، قَالَ: وَهُمَا وَرِيدَانِ مُكْتَنِفَا صَفْقَي العُنُق مِمَّا يَلي مُقَدَّمه غَلِيظان. وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ:
مُنْتَفِخة الوَرِيدِ
، هُوَ العرقُ الَّذِي فِي صَفْحة العُنق يَنْتَفِخُ عِنْدَ الغضَب، وَهُمَا وريدانِ؛ يَصِفُها بِسُوءِ الخَلُق وَكَثْرَةِ الْغَضَبِ. والوارِدُ: الطَّرِيقُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ثُمَّ أَصْدَرْناهُما فِي وارِدٍ ... صادِرٍ وهْمٍ، صُواهُ قَدْ مَثَلْ
يَقُولُ: أَصْدَرْنا بَعِيرَيْنا فِي طَرِيقٍ صادِرٍ، وَكَذَلِكَ المَوْرِدُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَمِيرُ المؤمِنينَ عَلَى صِراطٍ، ... إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمُ
وأَلقاهُ فِي وَرْدةٍ أَي فِي هَلَكَةٍ كَوَرْطَةٍ، وَالطَّاءُ أَعلى. والزُّماوَرْدُ: معرَّب وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: بَزْماوَرْد. ووَرْد: بَطْنٌ مِنْ جَعْدَة. ووَرْدَةُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ طَرَفَةُ:
مَا يَنْظُرون بِحَقِّ وَرْدةَ فِيكُمُ، ... صَغُرَ البَنُونَ وَرَهطُ وَرْدَةَ غُيَّبُ
والأَورادُ: موضعٌ عِنْدَ حُنَيْن؛ قَالَ عَبَّاسُ بْنُ «1» :
رَكَضْنَ الخَيْلَ فِيهَا، بَيْنَ بُسٍّ ... إِلى الأَوْرادِ، تَنْحِطُ بالنِّهابِ
وَوَرْدٌ وَوَرَّادٌ: اسْمَانِ وَكَذَلِكَ وَرْدانُ. وبناتُ وَرْدانَ: دَوابُّ مَعْرُوفَةٌ. وَوَرْدٌ: اسْمُ فَرَس حَمْزة بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، رَضِيَ الله عنه.
وسد: الوِساد والوِسادَةُ: المِخَدَّةُ، وَالْجَمْعُ وسائِدُ وَوُسُدٌ. ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ: الوِسادُ المُتَّكَأُ وَقَدْ تَوَسَّد ووَسَّدَه إِياه فَتَوسَّد إِذا جعَله تَحْتَ رأْسه، قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فكُنْتُ ذَنُوبَ البِئْرِ لَمَّا تَوَشَّلَتْ، ... وسُرْبِلْت أَكْفاني، ووُسِّدْتُ سَاعِدِي
وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لعدِيّ بْنِ حَاتِمٍ: إِنَّ وِسادَكَ إِذَنْ لَعَرِيضٌ
؛ كَنى بالوِسادِ عَنِ النَّوْمِ لأَنه مَظِنَّته، أَراد أَن نَوَّمَكَ إِذَنْ كَثِيرٌ، وكَنى بِذَلِكَ عَنْ عِرَضِ قَفَاهُ وعِظَمِ رأْسه، وَذَلِكَ دَلِيلُ الغَباوَةِ؛ وَيَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الأُخرى: إِنك لَعَريضُ القَفا، وَقِيلَ: أَراد أَنَّ مَنْ تَوَسَّدَ الْخَيْطَيْنِ الْمُكَنَّى بِهِمَا عَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَعَرِيضُ الْوِسَادِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدرْداء: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِني أُريد أَن أَطلب الْعِلْمَ وأَخشَى أَن أُضَيَّعَه، فَقَالَ: لأَنْ تَتَوَسَّدَ الْعِلْمَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَن تَتَوسَّدَ الْجَهْلَ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن شُرَيحاً الْحَضْرَمِيَّ ذُكر عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله
__________
(1) . قوله [ابن] كتب بهامش الأَصل كذا يعني بالأَصل ويحتمل أن يكون ابن مرداس أو غيره(3/459)
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لِقَوْلِهِ لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ وَجْهَانِ: أَحدهما مَدْحٌ وَالْآخِرُ ذَمٌّ، فَالَّذِي هُوَ مَدْحٌ أَنه لَا يَنَامُ عَنِ الْقُرْآنِ وَلَكِنْ يَتَهَجَّد بِهِ، وَلَا يَكُونُ القرآنُ مُتَوَسَّداً مَعَهُ بَلْ هُوَ يُداوِمُ قِراءتَه ويُحافِظُ عَلَيْهَا؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَوَسَّدوا الْقُرْآنَ واتْلُوه حَقَّ تُلاوته
، وَالَّذِي هُوَ ذَمٌّ أَنه لَا يقرأُ الْقُرْآنَ وَلَا يَحْفَظُهُ وَلَا يُديمُ قِرَاءَتَهُ وإِذا نَامَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ، فإِن كَانَ حَمِدَه فَالْمَعْنَى هُوَ الأَوّل، وإِن كَانَ ذمَّه فَالْمَعْنَى هُوَ الْآخَرُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَشبههما أَنه أَثْنَى عَلَيْهِ وحَمِدَه. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
مَنْ قرأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ لَمْ يَكُنْ مُتَوسَّداً لِلْقُرْآنِ.
يُقَالُ: تَوَسَّدَ فُلَانٌ ذِراعه إِذا نَامَ عَلَيْهِ وَجَعَلَهُ كالوِسادة لَهُ. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ وسَّدَ فلانٌ فُلَانًا وِسادة، وتَوَسَّد وِسادة إِذا وضَع رأْسه عَلَيْهَا، وَجَمْعُ الوِسادِة وسَائِدُ. والوِسادُ: كُلُّ مَا يُوضَعُ تَحْتَ الرأْس وإِن كَانَ مِن تُرَابٍ أَو حِجَارَةٍ؛ وَقَالَ عَبْدُ بَنِي الْحَسْحَاسِ:
فَبِتْنا وِسادانا إِلى عَلَجانةٍ ... وحِقْفٍ، تَهَادَاهُ الرِّياحُ تَهادِيا
وَيُقَالُ لِلْوِسَادَةِ: إِسادة كَمَا قَالُوا للوِشاحِ: إِشاح. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا وُسِّدَ الأَمرُ إِلى غَيْرِ أَهله فَانْتَظَرِ السَّاعَةَ
أَي أُسْنِدَ وجُعِلَ فِي غَيْرِ أَهله؛ يَعْنِي إِذا سُوِّدَ وشُرِّفَ غيرُ الْمُسْتَحِقِّ لِلسِّيَادَةِ وَالشَّرَفِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ السِّيَادَةِ أَي إِذا وُضعت وِسادةُ المُلْك والأَمر وَالنَّهْيِ لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهِمَا، وَتَكُونُ إِلى بِمَعْنَى اللَّامِ. والتوسِيد: أَن تَمُدَّ الثِّلَامَ «1» طُولًا حَيْثُ تَبْلُغُهُ الْبَقَرُ. وأَوْسَدَ فِي السَّيْرِ: أَغَذَّ. وأَوْسَدَ الكلبَ: أَغْراه بالصَّيْدِ مِثْلُ آسَدَه.
وصد: الوَصِيدُ: فِناءُ الدَّارِ وَالْبَيْتِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الوَصِيدُ والأَصيدُ لُغَتَانِ مِثْلُ الوِكافِ والإِكافِ وَهُمَا الفِناءُ، قَالَ: قَالَ ذَلِكَ يُونُسُ والأَخفش. والوَصِيدةُ: بيتٌ يُتخذ مِنَ الْحِجَارَةِ لِلْمَالِ فِي الْجِبَالِ. والوِصادُ: المُطْبَقُ. وأَوْصَدَ البابَ وآصَدَه: أَغْلَقَه، فَهُوَ مُوصَدٌ، مِثْلُ أَوجَعَه، فَهُوَ موجَع. وَفِي حَدِيثِ
أَصحاب الْغَارِ: فَوَقَعَ الْجَبَلُ عَلَى بَابِ الكَف فأَوْصَدَه
أَي سَدَّه، مِنْ أَوْصَدْت الْبَابَ إِذا أَغلَقْتَه، وَيُرْوَى: فأَوْطَدَه، بِالطَّاءِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. وأَوصَد القِدْرَ: أَطْبَقَها، وَالِاسْمُ مِنْهُمَا جَمِيعًا الوِصادُ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ، وَقُرِئَ مُوصَدة، بِغَيْرِ هَمْزٍ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: آصَدْتُ وأَوْصَدْتُ إِذا أَطْبَقْتَ، وَمَعْنَى مُؤْصَدةٌ أَي مُطْبَقَةٌ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الإِصادُ والأَصِيدُ هُمَا بِمَنْزِلَةِ المُطْبَق. يُقَالُ: أَطْبَقَ عَلَيْهِمُ الإِصادَ والوِصادَ والأَصِيدةُ. والوَصِيدة كالحظيرةِ تُتَّخَذُ لِلْمَالِ إِلا أَنها مِنَ الْحِجَارَةِ والحَظِيرةُ مِنَ الغِصنَة. تَقُولُ مِنْهُ: اسْتَوْصَدْتُ فِي الْجَبَلِ إِذا اتَّخَذْتَ الوَصيدة. والمُوَصَّدُ: الخِدْرُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وعُلِّقْتُ لَيْلَى، وهْيَ ذاتُ مُوَصَّدٍ، ... وَلَمْ يَبْدُ لِلأَتْرابِ مِن ثَدْيِها حَجْمُ
وَوَصَدَ النَّسَّاجُ بعضَ الخَيْطِ فِي بَعْضٍ وَصْداً وَوَصَّدَه: أَدْخَلَ اللُّحْمَةَ في السَّدَى. الوصَّادُ: الحائِكُ. وَفِي النَّوَادِرِ: وَصَدْتُ بِالْمَكَانِ أَصِدُ ووَتَدْتُ أَتِدُ إِذا ثَبَتَّ. وَيُقَالُ: وَصَدَ الشيءُ ووَصَبَ أَي ثَبَتَ، فَهُوَ واصِدٌ ووَاصِبٌ، وَمِثْلُهُ الصَّيْهَدُ. والصَّيْهَبُ: الحرُّ الشديدُ. والوصيدُ: النباتُ المتقاربُ الأُصولِ. ووَصَّدَه: أَغراه؛
__________
(1) . قوله [الثلام] كذا بالأَصل.(3/460)
وأَوصَدَ الْكَلْبَ بالصَّيْدِ كَذَلِكَ. والتوصِيدُ: التحذيرُ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ:
ومُرْهَقٍ سالَ إِمْتاعاً بِوَصْدتِه، ... لَمْ يَسْتَعِنْ، وحَوامِي المَوْتِ تَغْشاه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ: وَعِنْدِي أَنه إِنما عَنَى به خُبْتَه سَراوِيله، أَو غَيْرَ ذَلِكَ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْتَعِنْ أَي لَمْ يَحْلِق عانتَه.
وطد: وَطَدَ الشيءَ يَطِدُه وَطْداً وطِدةً، فَهُوَ مَوْطودٌ ووطَيدٌ: أَثْبَتَه وثَقَّلَه، والتوطِيدُ مِثْلُهُ؛ وَقَالَ يَصِفُ قَوْمًا بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ:
وهُمْ يَطِدُونَ الأَرضَ، لَولاهُمُ ارْتَمَتْ ... بِمَنْ فَوْقَها، مِنْ ذِي بَيانٍ وأَعْجَما
وتَوَطَّدَ أَي تَثَبَّتَ. والواطِدُ: الثابتُ، والطادِي مَقْلُوبٌ مِنْهُ؛ الْمُحْكَمُ: وأَنشد ابْنُ دُرَيْدٍ قَالَ وأَحسبه لَكذَّاب بَنِي الحِرْمازِ:
وأُسُّ مَجْدٍ ثابِتٌ وطِيدُ، ... نالَ السمَاءَ دِرْعُها المَدِيدُ
وَقَدِ اتَّطَدَ ووَطَّدَ لَهُ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً: مَهَّدَها. وَلَهُ عِنْدُهُ وطِيدَةٌ أَي مَنْزِلَةٌ ثَابِتَةٌ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. ووَطَّدَ الأَرضَ: رَدَمَها لِتَصْلُبَ. والمِيطَدَةُ: خَشَبَةٌ يُوَطَّدُ بِهَا الْمَكَانُ مِنْ أَساسِ بناءٍ أَو غَيْرِهِ لِيَصْلُب، وَقِيلَ: المِيطَدةُ خَشَبَةٌ يُمْسَكُ بِهَا المِثْقَب. والوطائدُ: قواعدُ البُنْيانِ. وَوطَدَ الشيءُ وَطْداً: دامَ ورَسا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَن زيادَ بْنَ عَدِيٍّ أَتاه فَوَطَده إِلى الأَرض، وَكَانَ رَجُلًا مَجْبُولًا، فَقَالَ عبدُ اللَّهِ: اعْلُ عَنِّي، فَقَالَ: لَا، حَتَّى تُخْبِرَني مَتَى يَهْلِكُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ، قَالَ: إِذا كَانَ عَلَيْهِ إِمام إِنْ أَطاعَه أَكفَرَه، وإِن عَصاه قتَله.
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الوَطْدُ غمْزُك الشيءَ إِلى الشَّيْءِ وإِثباتُك إِياه؛ يُقَالُ مِنْهُ: وطَدْتُه أَطِدُه وَطْداً إِذا وَطِئتَه وغَمَزْتَه وأَثبتَّه، فَهُوَ مَوْطُود؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فالْحَقْ بِبَجْلَةَ ناسِبْهُمْ وكُنْ مَعَهُمْ، ... حَتَّى يُعِيرُوك مَجْداً غيرَ مَوطُودِ
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ
فَوَطدَه إِلى الأَرض
أَي غَمَزَه فِيهَا وأَثْبَتَه عَلَيْهَا وَمَنَعَهُ مِنَ الْحَرَكَةِ. وَيُقَالُ: وَطَدْتُ الأَرضَ أَطِدُها إِذا دُستَها لتتَثلَّب؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ: قَالَ يَوْمَ الْيَمَامَةَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: طِدْني إِليك
أَي ضُمَّني إِليك واغْمِزْني. ووَطَدَه إِلى الأَرض: مِثْلُ رَهَصَه وغَمَزَه إِلى الأَرض. وَالطَّادِي: الثابتُ مِنْ وَطَد يَطِدُ فَقُلِبَ مِنْ فاعِل إِلى عالِف؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
مَا اعْتادَ حُبُّ سُلَيْمى حَيْنَ مُعْتادِ، ... وَلَا تَقَضَّى بَواقي دَيْنِها الطادِي
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُرادُ بِهِ الواطِدُ فأَخر الْوَاوَ وقَلَبَها أَلفاً. وَيُقَالُ: وطَّدَ اللهُ للسلطانِ مُلْكَه وأَطَّدَه إِذا ثَبَّتَه. الْفَرَّاءُ: طادَ إِذا ثَبَت، وداطَ إِذا حَمُق، ووَطَدَ إِذا حَمُق، ووَطَدَ إِذا سارَ. وَقَدْ وطَدْتُ عَلَى بَابِ الْغَارِ الصَّخْرَ إِذا سَدَّدَتْهُ بِهِ ونَضَّدْته عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَصحاب الْغَارِ: فَوَقَعَ الْجَبَلُ عَلَى بَابِ الْكَهْفِ فَأَوْطَدَه
أَي سَدَّه بِالْهَدْمِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ وإِنما يُقَالُ وطَدَه، قَالَ: وَلَعَلَّهُ لُغَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ فَأَوْصَدَه، بِالصَّادِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وعد: وعَدَه الأَمر وَبِهِ عِدةً ووَعْداً ومَوْعِداً ومَوْعِدةً ومَوْعوداً ومَوْعودةً، وَهُوَ مِنَ المَصادِرِ الَّتِي جاءَت عَلَى مَفْعولٍ ومَفْعولةٍ كالمحلوفِ والمرجوعِ والمصدوقةِ وَالْمَكْذُوبَةِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَمِمَّا جَاءَ مِنَ الْمَصَادِرِ مَجْمُوعًا مُعْمَلًا قَوْلَهُ:(3/461)
مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ أَخاه بِيَثْرِبِ
والوَعْدُ مِنَ الْمَصَادِرِ الْمَجْمُوعَةِ، قَالُوا: الوُعودُ؛ حَكَاهُ ابْنُ جني. وقوله تَعَالَى: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ*
؛ أَي إِنجازُ هَذَا الوَعْد أَرُونا ذَلِكَ؛ قَالَ الأَزهري: الوَعْدُ والعِدةُ يَكُونَانِ مَصْدَرًا وَاسْمًا، فأَما العِدةُ فَتُجْمَعُ عِدات والوَعْدُ لَا يُجْمَعُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وعَدْتُ عِدةً، وَيَحْذِفُونَ الْهَاءَ إِذا أَضافوا؛ وأَنشد:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانجَرَدُوا، ... وأَخْلَفُوكَ عِدى الأَمرِ الَّذِي وَعَدُوا
وَقَالَ ابْنُ الأَنباري وَغَيْرُهُ: الْفَرَّاءُ يَقُولُ: عِدةً وعِدًى؛ وأَنشد:
وأَخْلَفُوكَ عِدَى الأَمرِ
وَقَالَ أَراد عِدَةَ الأَمر فَحَذَفَ الْهَاءَ عِنْدَ الإِضافة، قَالَ: وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعِدةُ الوَعْدُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ، وَيُجْمَعُ عَلَى عِداتٍ وَلَا يُجْمَعُ الوَعْدُ، وَالنِّسْبَةُ إِلى عِدَةٍ عِدِيٌّ وإِلى زِنةٍ زنيٌّ، فَلَا تردَّ الْوَاوُ كَمَا تردُّها فِي شيةَ. وَالْفَرَّاءُ يَقُولُ: عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌّ كَمَا يُقَالُ شِيَوِيٌّ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: الْعَامَّةُ تُخَطِئُ وَتَقُولُ أَوعَدَني فُلَانٌ مَوْعِداً أَقِفُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً
، ويقرأُ: وَعَدْنا. قرأَ
أَبو عَمْرٍو: وَعَدْنَا
، بِغَيْرِ أَلف، وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَاعَدْنَا، بالأَلف؛ قَالَ أَبو إِسحاق: اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ. وإِذ وَعَدْنَا، بِغَيْرِ أَلف، وَقَالُوا: إِنما اخْتَرْنَا هَذَا لأَن الْمُوَاعَدَةَ إِنما تَكُونُ مِنَ الْآدَمِيِّينَ فَاخْتَارُوا وَعْدَنَا، وَقَالُوا دَلِيلُنَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِ
، وَمَا أَشبهه؛ قَالَ: وَهَذَا الذي ذكروه لَيْسَ مِثْلَ هَذَا. وأَما وَاعَدْنَا هَذَا فَجَيِّدٌ لأَن الطَّاعَةَ فِي الْقَبُولِ بِمَنْزِلَةِ الْمُوَاعَدَةِ، فَهُوَ مِنَ اللَّهِ وَعْدٌ، وَمِنْ مُوسَى قَبُول واتّباعٌ فَجَرَى مَجْرَى الْمُوَاعِدَةِ قَالَ الأَزهري: مَنْ قرأَ وَعَدْنَا، فَالْفِعْلُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ قرأَ وَاعَدْنَا، فَالْفِعْلُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ مُوسَى. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي التَّنْزِيلِ: وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً
، وَقُرِئَ
وَوَعَدْنَا
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: فَوَاعَدْنَا مِنِ اثْنَيْنِ وَوَعَدْنَا مِنْ وَاحِدٍ؛ وَقَالَ:
فَواعِديهِ سَرْحَتَيْ مالِكٍ، ... أَو الرُّبى بَيْنَهُمَا أَسْهَلا
قَالَ أَبو مُعَاذٍ: وَاعَدْتُ زَيْدًا إِذا وعَدَك ووَعَدْته. وَوَعَدْتُ زَيْدًا إِذا كَانَ الْوَعْدُ مِنْكَ خَاصَّةً. والمَوْعِدُ: مَوْضِعُ التواعُدِ، وَهُوَ المِيعادُ، وَيَكُونُ المَوْعِدُ مَصْدَرَ وعَدْتُه، وَيَكُونُ المَوْعِدُ وَقْتًا للعِدةِ. والمَوْعِدةُ أَيضاً: اسْمٌ للعِدةِ. والميعادُ: لَا يَكُونُ إِلا وَقْتاً أَو مَوْضِعًا. والوَعْدُ: مَصْدَرٌ حَقِيقِيٌّ. وَالْعِدَةُ: اسْمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ وَكَذَلِكَ المَوْعِدةُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ
. والميعادُ والمُواعَدةُ: وَقْتُ الْوَعْدِ وَمَوْضِعُهُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ الموعِدُ لأَن مَا كَانَ فَاءُ الْفِعْلِ مِنْهُ وَاوًا أَو يَاءً ثُمَّ سَقَطَتَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ نَحْوُ يَعِدُ ويَزِنُ ويَهَبُ ويَضَعُ ويَئِلُ، فإِن المَفْعِل مِنْهُ مَكْسُورٌ فِي الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ جَمِيعًا، وَلَا تُبالِ أَمنصوباً كَانَ يَفْعَلُ مِنْهُ أَو مَكْسُورًا بَعْدَ أَن تَكُونَ الْوَاوُ مِنْهُ ذَاهِبَةً، إِلا أَحْرُفاً جاءَت نَوَادِرَ، قَالُوا: دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، وَفُلَانُ ابْنُ مَوْرَقٍ، ومَوْكلٌ اسْمٌ رَجُلٍ أَو مَوْضِعٍ، ومَوْهَبٌ اسْمُ رَجُلٍ، ومَوزنٌ مَوْضِعٌ؛ هَذَا سَمَاعٌ وَالْقِيَاسُ فِيهِ الْكَسْرُ فإِن كَانَتِ الْوَاوُ مِنْ يَفْعَلُ مِنْهُ ثَابِتَةً نَحْوُ يَوْجَلُ ويَوْجَعُ ويَوْسَنُ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ، فإِن أَردت بِهِ الْمَكَانَ وَالِاسْمَ كَسَرْتَهُ، وإِن أَردت بِهِ الْمَصْدَرَ نَصَبْتَ قُلْتَ مَوْجَلٌ(3/462)
ومَوْجِلٌ ومَوْجَعٌ ومَوْجِعٌ، فإِن كَانَ مَعَ ذَلِكَ مُعْتَلَّ الْآخَرِ فَالْفِعْلُ مِنْهُ مَنْصُوبٌ ذَهَبَتِ الْوَاوُ فِي يَفْعَلُ أَو ثَبَتَتْ كَقَوْلِكَ المَوْلى والمَوْفى والمَوْعَى مَنْ يَلِي ويَفِي ويَعِي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فِي اسْتِثْنَائِهِ إِلا أَحرفاً جاءَت نَوَادِرَ، قَالُوا دَخَلُوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، قَالَ: مَوْحَدُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وإِنما هُوَ مَعْدُولٌ عَنْ وَاحِدٍ فَيَمْتَنِعُ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَدْلِ وَالصِّفَةِ كأُحادَ، وَمِثْلُهُ مَثْنى وثُناءَ ومَثْلَثَ وثُلاثَ ومَرْبَعَ وَرُبَاعَ. قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: مَوْحَدَ فَتَحُوهُ لأَنه لَيْسَ بِمَصْدَرٍ وَلَا مَكَانٍ وإِنما هُوَ مَعْدُولٌ عَنْ وَاحِدٍ، كَمَا أَن عُمَرَ مَعْدُولٌ عَنْ عَامِرٍ. وَقَدْ تَواعَدَ الْقَوْمُ واتَّعَدُوا، والاتِّعادُ: قَبُولُ الْوَعْدِ، وأَصله الاوْتِعادُ قَلَبُوا الْوَاوَ تَاءً ثُمَّ أَدغموا. وَنَاسٌ يَقُولُونَ: ائْتَعَدَ يأْتَعِدُ، فَهُوَ مُؤْتَعِدٌ، بِالْهَمْزِ، كَمَا قَالُوا يأْتَسِرُ فِي ائْتِسار الجَزُور. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ثوابه إِيتَعَد ياتَعِدُ، فَهُوَ مُوتَعِدٌ، مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَكَذَلِكَ إِيتَسَر ياتَسِرُ، فَهُوَ موتَسِرٌ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ وأَصحابه يُعِلُّونه عَلَى حَرَكَةٍ مَا قَبْلَ الْحَرْفِ الْمُعْتَلِّ فَيَجْعَلُونَهُ يَاءً إِن انْكَسَرَ مَا قَبْلَهَا، وأَلفاً إِن انْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا، وَوَاوًا إِذا انْضَمَّ مَا قَبْلَهَا؛ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ بِالْهَمْزِ لأَنه لَا أَصل لَهُ فِي بَابِ الْوَعْدِ واليَسْر؛ وَعَلَى ذَلِكَ نَصَّ سِيبَوَيْهِ وجميعُ النَّحْوِيِّينَ الْبَصْرِيِّينَ. وواعَدَه الوقتَ والموضِعَ وواعَدَه فوعَده: كَانَ أَكثر وعْداً مِنْهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا
؛ قَالَ: المَوْعِدُ العَهْد؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي
؛ قَالَ: عَهْدي. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ
؛ قَالَ: رِزْقُكُمُ الْمَطَرُ، وَمَا تُوعَدُونَ: الجنةُ. قَالَ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ
؛ إِنه يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَفَرَسٌ واعِدٌ: يَعِدُك جَرْيًا بَعْدَ جَرْيٍ. وأَرض واعِدةٌ: كأَنها تَعِدُ بِالنَّبَاتِ. وسَحاب واعِدٌ: كأَنه يَعِدُ بِالْمَطَرِ. وَيَوْمٌ واعِدٌ: يَعِدُ بالحَرِّ؛ قَالَ الأَصمعي: مَرَرْتُ بأَرض بَنِي فُلَانٍ غِبَّ مَطَرٍ وَقَعَ بِهَا فرأَيتها واعِدةً إِذا رُجِيَ خَيْرُهَا وَتَمَامُ نَبْتِهَا فِي أَول مَا يَظْهَرُ النَّبْتُ؛ قَالَ سُوَيْدُ بْنُ كُرَاعٍ:
رَعَى غيرَ مَذْعُورٍ بِهنَّ وَراقَه ... لُعاعٌ، تَهاداهُ الدَّكادِكُ، واعِدُ
وَيُقَالُ لِلدَّابَّةِ وَالْمَاشِيَةِ إِذا رُجِيَ خَيْرُهَا وإِقبالها: وَاعَدَ؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
كيفَ تَراها واعِداً صِغارُها، ... يَسُوءُ شُنَّاءَ العِدى كِبارُها؟
وَيُقَالُ: يَوْمُنا يَعِدُ بَرْداً. ويَوْمٌ واعِدٌ إِذا وَعَدَ أَوَّلُه بِحَرٍّ أَو بَرْدٍ. وَهَذَا غُلَامٌ تَعِدُ مَخايِلُه كَرَماً، وشِيَمُه تَهِدُ جَلْداً وصَرامةً. والوَعِيدُ والتَّوَعُّدُ: التَّهَدُّدُ، وَقَدْ أَوْعدَه وتَوَعَّدَه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الوَعْدُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَفِي الْخَيْرِ الوَعْدُ والعِدةُ، وَفِي الشَّرِّ الإِيعادُ والوَعِيدُ، فإِذا قَالُوا أَوْعَدْتُه بِالشَّرِّ أَثبتوا الأَلف مَعَ الْبَاءِ؛ وأَنشد لِبَعْضِ الرُّجاز:
أَوعَدَني بالسِّجْنِ والأَداهِمِ ... رِجْلي، ورِجْلي شثْنةُ المَناسِمِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تقديرهُ أَوعدني بِالسِّجْنِ وأَوعَدَ رِجْلِي بالأَداهم وَرِجْلِي شَثْنة أَي قَوِيَّةٌ عَلَى القَيْد. قَالَ الأَزهري: كَلَامُ الْعَرَبِ وعدْتُ الرجلَ خَيراً وَوَعَدْتُهُ شَرًّا، وأَوْعَدْتُه خَيْرًا وأَوعَدْتُه شَرًّا، فإِذا لَمْ يَذْكُرُوا الْخَيْرَ قَالُوا: وَعَدْتُهُ وَلَمْ يُدْخِلُوا أَلفاً، وإِذا لَمْ يَذْكُرُوا الشَّرَّ قَالُوا: أَوعدته وَلَمْ يُسْقِطُوا الأَلف؛ وأَنشد لِعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ:(3/463)
وإِنّي، إِنْ أَوعَدْتُه، أَو وَعَدْتُه، ... لأُخْلِفُ إِيعادِي وأُنْجِزُ مَوْعِدِي
وإِذا أَدخلوا الْبَاءَ لَمْ يَكُنْ إِلا فِي الشَّرِّ، كَقَوْلِكَ: أَوعَدْتُه بِالضَّرْبِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَوعَدْتُه خَيْرًا، وَهُوَ نَادِرٌ؛ وأَنشد:
يَبْسُطُني مَرَّةً، ويُوعِدُني ... فَضْلًا طَرِيفاً إِلى أَيادِيهِ
قَالَ الأَزهري: هُوَ الوَعْدُ والعِدةُ فِي الخَيْر وَالشَّرِّ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
أَلا عَلِّلاني، كُلُّ حَيٍّ مُعَلَّلُ، ... وَلَا تَعِداني الخَيْرَ، والشرُّ مُقْبِلُ
وَهَذَا الْبَيْتُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ:
وَلَا تَعُدَّانِي الشَّرَّ، وَالْخَيْرُ مُقبل
وَيُقَالُ: اتَّعَدْتُ الرجلَ إِذا أَوْعَدْتَه؛ قَالَ الأَعشى:
فإِنْ تَتَّعِدْني أَتَّعِدْك بِمِثْلها
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فُلَانٌ يَتَّعِدُ إِذا وَثِق بِعِدَتكَ؛ وَقَالَ:
إِني ائْتَمَمْتُ أَبا الصَّبّاحِ فاتَّعِدي، ... واسْتَبْشِرِي بِنوالٍ غَيْرِ مَنْزُورِ
أَبو الْهَيْثَمِ: أَوْعَدْتُ الرَّجُلَ أُوعِدُه إِيعاداً وتَوَعَّدْتُه تَوَعُّداً واتَّعَدْتُ اتِّعاداً. ووَعِيدُ الفحْل: هَديرهُ إِذا هَمَّ أَنْ يَصُولَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
دخَلَ حائِطاً مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فإِذا فِيهِ جَمَلان يَصْرِفان ويُوعِدانِ
؛ وعِيدُ فَحْلِ الإِبل هَديرُه إِذا أَراد أَنْ يَصُولَ؛ وَقَدْ أَوْعَد يُوعدُ إِيعاداً.
وغد: الوَغْدُ: الخفِيف الأَحمقُ الضعيفُ العقْلِ الرذلُ الدنيءُ، وَقِيلَ: الضَّعِيفُ فِي بَدَنِهِ وقَدْ وَغُدَ وَغَادَةً. وَيُقَالُ: فُلَانٌ مِنْ أَوْغادِ الْقَوْمِ وَمِنْ وغْدانِ الْقَوْمِ وَوِغْدانِ الْقَوْمِ أَي مِنْ أَذِلَّائِهِمْ وضُعفائِهِمْ. والوَغْدُ: الصَّبِيُّ. والوَغْدُ: خادِمُ القومِ، وَقِيلَ: الَّذِي يَخْدمُ بِطَعَامِ بَطْنِهِ، تَقُولُ مِنْهُ: وغُد الرجلُ، بِالضَّمِّ، وَالْجَمْعُ أَوْغادٌ ووُغْدانٌ ووِغْدانٌ. ووَغَدَهُم يَغِدُهمَ وغْداً: خدَمهم؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قُلْتُ لأُمّ الهيثم: أَوَيُقال لِلْعَبْدِ وَغْدٌ؟ قَالَتْ: وَمَنْ أَوْغَدُ مِنْهُ؟ والوَغْدُ: ثَمَر الباذِنجانِ. والوَغْد: قِدْحٌ مِنْ سِهَامِ المَيْسِرِ لَا نَصِيبَ لَهُ. وَواغَدَ الرجلَ: فَعَلَ كَمَا يَفْعَلُ، وخَصّ بَعْضُهُمْ بِهِ السَّيْرَ، وَذَلِكَ أَن تَسِيرَ مِثْلَ سَيْرِ صَاحِبِكَ. والمُواغَدةُ والمُواضخَة: أَنْ تَسِيرَ مِثْلَ سَيْر صاحِبِكَ، وَتَكُونُ الْمُوَاغَدَةُ لِلنَّاقَةِ الْوَاحِدَةِ لأَن إِحدى يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا تُواغِدُ الأُخرى. وواغَدَت النَّاقَةُ الأُخرى: سارَتْ مِثْلَ سَيْرِهَا؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
مُواغِد جاءَ لَهُ ظَباظِبُ
يَعْنِي جَلَبَةً، وَيُرْوَى:
مُواظِباً جاءَ لَهَا ظَباظِبُ
وفد: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً
؛ قِيلَ: الوَفْدُ الرُّكبان المُكَرَّمُون. الأَصمعي: وفَدَ فُلَانٌ يَفِدُ وِفادةً إِذا خَرَجَ إِلى مَلِكٍ أَو أَمير. ابْنُ سِيدَهْ: وفَدَ عَلَيْهِ وإِليه يَفِدُ وَفْداً وَوُفُوداً ووَفادةً وإِفادةً، عَلَى الْبَدَلِ: قَدِمَ، فَهُوَ وافِدٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَسَمِعْنَاهُمْ يُنْشِدُونَ بَيْتَ ابْنِ مُقْبِلٍ:
إِلَّا الإِفادةَ فاسْتَوْلَتْ رَكائِبُنا، ... عِنْدَ الجَبابِيرِ بِالبَأْساءِ والنِّعَم
وأَوْفَدَه عَلَيْهِ وهُمُ الوَفْدُ والوُفُودُ؛ فأَما الوَفْدُ فَاسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ جَمْعٌ؛ وأَما الوُفُودُ فَجَمْعُ وافِدٍ، وَقَدْ أَوْفَدَه إِليه. وَيُقَالُ: وفَّدَه الأَميرُ إِلى الأَمير الَّذِي فوقَه. وأَوْفَدَ فُلَانٌ إِيفاداً إِذا أَشْرَف. الْجَوْهَرِيُّ: وَفَدَ فُلَانٌ عَلَى الأَمير أَي وَرَدَ رَسُولًا،(3/464)
فَهُوَ وافِدٌ. وَجَمْعُ الوَفْدِ أَوْفادٌ ووُفُودٌ. وأَوفَدتُه أَنا إِلى الأَمير: أَرْسَلْتُه. والوافِدُ مِنَ الإِبل: مَا سبقَ سائِرَها. وَقَدْ تَكَرَّرَ الوَفْدُ فِي الْحَدِيثِ، وَهُمُ الْقَوْمُ يَجْتَمِعُونَ فَيرِدُونَ الْبِلَادَ، وَاحِدُهُمْ وافِدٌ، وَالَّذِينَ يَقْصِدُونَ الأُمراء لِزِيَارَةٍ واسْتِرْفَادٍ وانْتجاعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وفْدُ اللهِ ثلاثةٌ.
وَفِي حَدِيثِ الشَّهِيدِ:
فإِذا قُتل فَهُوَ وافِدٌ لسَبْعِينَ يشْهَدُ لَهُمْ
؛ وَقَوْلُهُ:
أَجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهمْ.
وتَوَفَّدَتِ الإِبلُ وَالطَّيْرُ: تسابَقَتْ. وأَوْفَدَ الشيءَ: رَفَعَه. وأَوْفَدَ هُوَ: ارْتَفَع. وأَوْفَدَ الرِّيمُ: رَفَعَ رأْسَه ونصَب أُذنيه؛ قَالَ تميم ابن مُقْبِلٍ:
تَراءَتْ لَنَا يَوْمَ السِّيارِ بِفاحِمٍ ... وسُنَّة رِيمٍ خافَ سَمْعاً فَأَوْفَدَا «2»
. وَرَكَبٌ مُوفِدٌ: مُرْتَفِعٌ. وَفُلَانٌ مُسْتَوْفِدٌ فِي قِعْدَتِه أَي مُنْتَصِبٌ غَيْرُ مُطَمَئِنٍّ كَمُسْتَوْفِزٍ. وأَمْسَيْنا عَلَى أَوْفادٍ أَي عَلَى سَفَرٍ قَدْ أَشْخَصَنا أَي أَقْلَقَنا. والإِيفادُ عَلَى الشَّيْءِ: الإِشرافُ عَلَيْهِ. والإِيفادُ أَيضاً: الإِسْراعُ، وَهُوَ فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر. والوَفْدُ: ذِروْة الحَبْلِ مِنَ الرَّمْل الْمُشْرِفِ. والوَافِدان اللَّذَانِ فِي شِعْرِ الأَعشى: هَمَّا النَّاشِزانِ مِنَ الخَدَّينِ عِنْدَ المضْغ، فإِذا هَرِمَ الإِنسانُ غابَ وافِداهُ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: مَا أَحْسَنَ مَا أَوْفَدَ حارِكُه أَي أَشْرَفَ؛ وأَنشد:
تَرَى العِلافيَّ عَلْيها مُوفِدَا، ... كأَنَّ بُرْجاً فَوْقَها مُشَيَّدَا
أَي مُشْرِفاً. والأَوْفادُ: قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ؛ وَقَالَ:
فَلوْ كُنْتمُ منَّا أَخَذتمْ بِأَخْذنا، ... ولكِنَّما الأَوْفادُ أَسفَلَ سافِلِ «3»
ووافِدٌ: اسْمٌ. وَبَنُو وَفْدانَ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِنَّ بَني وَفْدانَ قَوْمٌ سُكُّ، ... مِثْلُ النَّعامِ، والنَّعامُ صُكُ
وقد: الوَقُودُ: الحطَب. يُقَالُ: مَا أَجْوَدَ هَذَا الوَقُودَ للحطَب قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ
. الوَقَدُ: نَفْسُ النَّارِ. وَوَقَدَتِ النَّارُ تَقِدُ وَقْداً وقِدةً ووَقَداناً وَوُقُوداً، بِالضَّمِّ، ووَقُوداً عَنْ سِيبَوَيْهِ؛ قَالَ: والأَكثر أَن الضَّمَّ لِلْمَصْدَرِ وَالْفَتْحَ لِلْحَطَبِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَصْدَرُ مَضْمُومٌ وَيَجُوزُ فِيهِ الْفَتْحُ وَقَدْ رَوَوْا: وَقَدت النَّارُ وَقُودًا، مِثْلُ قَبِلْتُ الشيءَ قَبُولًا. وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَصْدَرِ فَعُولٌ، وَالْبَابُ الضَّمُّ. الْجَوْهَرِيُّ: وقَدَتِ النارُ تَقِدُ وُقُوداً، بِالضَّمِّ، ووَقَداً وقِدَةً ووَقِيداً ووَقْداً ووَقَداناً أَي تَوَقَّدَتْ. والاتِّقادُ: مِثْلُ التَّوَقُّد. والوَقُود، بِالْفَتْحِ: الْحَطَبُ، وَبِالضَّمِّ: الاتِّقادُ. الأَزهري: قَوْلُهُ تَعَالَى: النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ
، مَعْنَاهُ التَّوَقُّدُ فَيَكُونُ مَصْدَرًا أَحسن مِنْ أَن يَكُونَ الْوَقُودُ الْحَطَبَ. قَالَ يَعْقُوبُ: وَقُرِئَ:
النَّارِ ذاتِ الوُقود.
وَقَالَ تَعَالَى: وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ*
، وَقِيلَ: كأَنَّ الوَقُودَ اسْمٌ وُضِعَ موضِعَ الْمَصْدَرَ. اللَّيْثُ: الوَقود مَا تَرَى مِنْ لَهَبِهَا لأَنه اسْمٌ، والوُقُود الْمَصْدَرُ. وَيُقَالُ: أَوقَدْتُ النَّارَ واستَوْقَدْتُها إِيقاداً واسْتِيقاداً. وَقَدْ وقَدَتِ النارُ وتَوقَّدَتْ واستَوْقَدتِ اسْتِيقاداً، والموضع
__________
(2) . قوله [السيار] كذا بالأَصل
(3) . قوله [فلو إلخ] تقدم في وحد بلفظ [فَلَوْ كُنْتُمُ مِنَّا أَخَذْنَا بأخذكم ولكنها الأَوحاد إلخ] وفسره هناك فقال: وَقَوْلُهُ أَخَذْنَا بِأَخْذِكُمْ أَيْ أَدْرَكْنَا إِبِلَكُمْ فَرَدَدْنَاهَا عَلَيْكُمْ.(3/465)
مَوْقِد مِثْلُ مَجْلِس، والنارُ مُوقَدة. وتَوَقَّدَتْ واتَّقَدَتْ واسْتَوْقَدَتْ، كُلُّهُ: هاجَتْ؛ وأَوْقَدَها هُوَ ووَقَّدَها واسْتَوْقَدَها. والوَقُود: مَا تُوقَدُ بِهِ النَّارُ، وَكُلُّ مَا أُوقِدَتْ بِهِ، فَهُوَ وَقُود. والمَوْقِدُ: مَوْضِعُ النَّارِ، وَهُوَ المُسْتَوقَدُ. ووَقَدَتْ بِك زِنادي: دُعَاءٌ مِثْلُ وَرِيَتْ. وزَنْدٌ مِيقاد: سَرِيعُ الوَرْيِ. وقَلْبٌ وَقَّادٌ ومُتَوَقِّدٌ: ماضٍ سَرِيعُ التَّوَقُّدِ فِي النَّشاطِ والمَضاءِ. وَرَجُلٌ وقَّاد: ظَرِيفٌ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وتَوَقَّدَ الشيءُ: تَلأْلأَ؛ وَهِيَ الوقَدَى؛ قَالَ:
مَا كانَ أَسْقى لِناجُودٍ عَلَى ظَمَإٍ ... مَاءً بِخَمْرٍ، إِذا ناجُودُها بَرَدا
مِنَ ابنِ مامةَ كَعْبٍ ثُمَّ عَيَّ بِهِ ... زَوُّ المَنِيَّةِ، إِلَّا حَرَّةً [حِرَّةً] وقَدا
وكَوْكَبٌ وقَّادٌ: مُضِيءٌ. ووَقْدةُ الَحرِّ: أَشَدُّه. والوَقْدةُ: أَشدُّ الحَرِّ، وَهِيَ عَشَرَةُ أَيام أَو نِصْفُ شَهْرٍ. وَكُلُّ شَيْءٍ يَتَلأْلأُ، فَهُوَ يَقِدُ، حَتَّى الْحَافِرُ إِذا تلأْلأَ بَصِيصه. قَالَ تَعَالَى: كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ
؛ وقرئَ: تُوقَدُ وتَوَقَّدُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: فَمَنْ قرأَ يُوقَد ذَهَبَ إِلى الْمِصْبَاحِ، وَمَنْ قرأَ تُوقَدُ ذَهَبَ إِلى الزُّجاجة، وَكَذَلِكَ مَنْ قرأَ تَوقَّدُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: مَنْ قرأَ تَوقَّدُ فَمَعْنَاهُ تَتَوَقَّدُ وَرَدَّهُ عَلَى الزُّجَاجَةِ، وَمَنْ قرأَ يُوقَدُ أَخرجه عَلَى تَذْكِيرِ النُّورِ، وَمَنْ قرأَ تُوقَدُ فَعَلَى مَعْنَى النَّارِ أَنها تُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَوقَدْتُ للصِّبا نَارًا أَي تَركْتُه وودَّعْتُه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
صَحَوْتُ وأَوْقَدْتُ لِلَّهْوِ نارَا، ... ورَدَّ عَلَيَّ الصِّبا مَا اسْتَعارا
قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: أَبْعَدَ اللَّهُ دارَ فُلَانٍ وأَوْقَدَ نَارًا إِثْرَه؛ وَالْمَعْنَى لَا رَجَعَه اللَّهُ وَلَا ردَّه. وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: مَرَدَ عَلَيْهِمْ أَبْعَده اللَّهُ وأَسْحقه وأَوقد نَارًا أَثَرَه. قَالَ وَقَالَتِ الْعُقَيْلِيَّةُ: كَانَ الرَّجُلُ إِذا خِفْنا شَرَّه فتحوَّل عَنَّا أَوقَدْنا خَلْفَه نَارًا، فَقُلْتُ لَهَا: وَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: لِتَحوُّل ضَبُعِهم «4» . مَعَهُمْ أَي شَرِّهم. والوَقِيدِيَّةُ: جِنْسٌ مِنَ المِعْزَى ضِخامٌ حُمْر؛ قَالَ جَرِيرٌ:
وَلَا شَهِدَتْنا يَوْمَ جَيْشِ مُحَرِّقٍ ... طُهَيَّةُ فُرْسانُ الوقِيدِيَّةِ الشُّقْر
والأَعْرَفُ الرُّقَيْدِيَّةُ «5» . وَوَاقِدٌ ووَقَّاد ووَقْدانُ: أَسْماءٌ.
وَكَدَ: وَكَّدَ العَقْدَ والعَهْدَ: أَوثَقَه، وَالْهَمْزُ فِيهِ لُغَةٌ. يُقَالُ: أَوْكَدْتُه وأَكَّدْتُه وآكَدْتُه إِيكاداً، وَبِالْوَاوِ أَفصح، أَي شَدَدْتُه، وتَوَكَّدَ الأْمر وتأَكَّدَ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: وَكَّدْتُ اليَمِينَ، والهمْزُ فِي العَقْد أَجْوَدُ، وَتَقُولُ: إِذا عَقَدْتَ فأَكِّدْ، وإِذا حَلَفْتَ فَوَكِّدْ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: التوكيدُ دَخَلَ فِي الْكَلَامِ لإِخراج الشَّكّ وَفِي الأَعْدادِ لإِحاطةِ الأَجْزاء، وَمِنْ ذَلِكَ أَن تَقُولَ؛ كلَّمني أَخوك، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ كَلَّمَكَ هُوَ أَو أَمَر غُلَامَهُ بأَن يُكَلِّمَكَ، فإِذا قُلْتَ كَلَّمَنِي أَخوك تَكْليماً لَمْ يَجُزْ أَن يَكُونَ الْمُكَلِّمُ لَكَ إِلَّا هُوَ. ووَكَّدَ الرَّحْلَ والسَّرْجَ تَوْكِيدًا: شَدَّه. والوكائِدُ: السُّيورُ الَّتِي يُشَدُّ بِهَا، وَاحِدُهَا وِكادٌ وإِكادٌ. والسُّيُورُ الَّتِي يُشَدُّ بِهَا القَرَبُوس تُسَمَّى: المَياكِيدَ وَلَا تُسَمَّى التَّواكِيدَ. ابن دريد: الوكائِدُ
__________
(4) . قوله [ضبعهم إلخ] كذا بالأَصل بصيغة الجمع
(5) . قوله [الرقيدية] كذا ضبط بالأَصل وتابعه شارح القاموس(3/466)
السُّيور الَّتِي يُشدُّ بِهَا الْقَرَبُوسُ إِلى دَفَّتَيِ السَّرج، الواحدِ وِكَادٌ وإِكاد؛ وَفِي شِعْرُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
تَرَى العُلَيْفِيَّ عَلَيْهِ مُوكَدَا
أَي مُوثَقاً شدِيدَ الأَسْرِ، وَيُرْوَى مُوفَدا، وَقَدْ تَقَدَّمَ. والوِكادُ: حَبَلٌ يُشَدُّ بِهِ الْبَقَرُ عِنْدَ الحَلْب. ووكَدَ بِالْمَكَانِ يَكِدُ وُكُوداً إِذا أَقام بِهِ. وَيُقَالُ: ظَلَّ مُتَوَكِّداً بأَمر كَذَا ومُتَوكِّزاً ومتَحَرِّكاً أَي قائِماً مُسْتَعِدًّا. وَيُقَالُ: وَكَدَ يَكِدُ وَكْداً أَي أَصابَ. وَوَكَدَ وَكْدَه: قَصَدَ قَصْدَه وفَعَلَ مثلَ فِعْلِه. وَمَا زالَ ذاكَ وَكْدي أَي مُرادي وهَمِّي. وَيُقَالُ: وكَدَ فُلَانٌ أَمراً يَكِدُه وَكْداً إِذا مارَسَه وقَصَده؛ قَالَ الطرمَّاح:
ونُبِّئْتُ أَنَّ القَيْنَ زَنَّى عَجُوزَةً ... فَقِيرَةَ أُمّ السُّوءِ أَنْ لَمْ يَكِدْ وَكْدي
مَعْنَاهُ: أَن لَمْ يَعْمَلْ عَمَلي وَلَمْ يَقْصِدْ قَصْدي وَلَمْ يُغْنِ غَنائي. وَيُقَالُ: مَا زَالَ ذَلِكَ وُكْدي، بِضَمِّ الْوَاوِ، أَي فِعْلي ودَأْبي وقَصْدي، فكأَنّ الوُكْدَ اسْمٌ، والوَكْد المصدرُ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ وَذَكَرَ طَالِبَ الْعِلْمِ: قَدْ أَوْكَدَتاه يَداه وأَعْمَدَتاه رِجلاهُ
؛ أَوْكَدتاه: حَمَلتاه. وَيُقَالُ: وَكدَ فُلَانٌ أَمراً يَكِدُه وَكْداً إِذا قَصَدَهُ وَطَلَبَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يَفِرُه المَنْعُ وَلَا يَكِدُه الإِعْطاءُ
أَي لَا يَزِيدُه الْمَنْعُ ولا يَنْقُصُه الإِعطاء.
وَلَد: الوَلِيدُ: الصَّبِيُّ حِينَ يُولَدُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُدْعَى الصَّبِيَّةُ أَيضاً وَلِيدًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ هُوَ لِلذَّكَرِ دُونَ الأُنثى، وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ غلامٌ مَوْلُودٌ وَجَارِيَةٌ مَوْلودةٌ أَي حِينَ وَلَدَتْهُ أُمُّه، وَالْوَلَدُ اسْمٌ يَجْمَعُ الْوَاحِدَ وَالْكَثِيرَ وَالذَّكَرُ والأُنثى. ابْنُ سِيدَهْ: ولَدَتْهُ أُمُّهُ وِلَادَةً وإِلادةً عَلَى الْبَدَلِ، فَهِيَ والِدةٌ عَلَى الْفِعْلِ، ووالِدٌ عَلَى النَّسَبِ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ فِي المرأَة. وَكُلُّ حَامِلٍ تَلِدُ، وَيُقَالُ لأُم الرَّجُلِ: هَذِهِ وَالِدَةٌ. وَوَلَدَتِ المرأَةُ وِلاداً ووِلادة وأَوْلَدَتْ: حَانَ وِلادُها. والوالدُ: الأَب. والوالدةُ: الأُم، وَهُمَا الْوَلَدَانِ؛ والوَلدُ يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا. ابْنُ سِيدَهْ: الوَلَدُ والوُلْدُ، بِالضَّمِّ: مَا وُلِدَ أَيًّا كَانَ، وَهُوَ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذَّكَرِ والأُنثى، وَقَدْ جَمَعُوا فَقَالُوا أَولادٌ ووِلْدةٌ وإِلْدةٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الوُلْدُ جَمْعَ وَلَد كَوُثْن ووَثَنٍ، فإِن هَذَا مِمَّا يُكَسَّرُ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ لاعتِقاب المِثالين عَلَى الْكَلِمَةِ. والوِلْد، بِالْكَسْرِ: كالوُلْد لُغَةٌ وَلَيْسَ بِجَمْعٍ لأَنَّ فَعَلًا لَيْسَ مِمَّا يُكَسَّر عَلَى فِعْل. والوَلَد أَيضاً: الرَّهْطُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِوَلَدِ الظَّهْرِ. ووَلَدُ الرَّجُلِ: وَلَدَهُ فِي معْنًى. ووَلَدُه: رَهْطُهُ فِي مَعْنَى. وتَوالَدُوا أَي كَثُرُوا، ووَلَد بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَيُقَالُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً
؛ أَي رهْطُه. وَيُقَالُ: وُلْدُه، والوِلْدَةُ جَمْعُ الأَولاد «1» ؛ قَالَ رؤْبة:
سَمْطاً يُرَبِّي وِلْدةً زَعابِلا
قَالَ الْفَرَّاءُ: قَالَ إِبراهيم: مالُه ووُلْدُه، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبي عَمْرٍو، وَكَذَلِكَ قرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ، وَرَوَى خَارِجَةُ عَنْ نَافِعٍ ووُلْدُه أَيضاً، وقرأَ ابْنُ إِسحاق مالُه وَوِلْدُه، وَقَالَ هُمَا لُغَتَانِ: وُلْد ووِلْد. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الوَلَدُ والوُلْدُ وَاحِدٌ، مثل العَرَب
__________
(1) . قوله [والولدة جمع الأَولاد] عبارة القاموس الولد، محركة، وبالضم والكسر والفتح واحد وجمع وقد يجمع على أولاد وولدة وألدة بكسرهما وولد بالضم(3/467)
والعُرْب، والعَجَم والعُجْم وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ وأَنشد:
وَلَقَدْ رَأَيْتُ مَعاشِراً ... قَدْ ثَمَّرُوا مَالًا ووُلْدا
قَالَ: وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ، وَفِي الصِّحَاحِ: مِنْ أَمثال بَنِي أَسَد: وُلْدُكَ مَنْ دَمَّى «1» . عَقِبَيْكَ؛ وأَنشد:
فَلَيْتَ فُلَانًا كَانَ فِي بَطْنِ أُمِّه، ... ولَيْتَ فُلَانًا كانَ وُلْدَ حِمارِ
فَهَذَا وَاحِدٌ. قَالَ: وقَيْس تَجْعَلُ الوُلدْ جُمَعًا والوَلَد وَاحِدًا. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ فِي الوَلَد الوِلْدُ والوُلْدُ. قَالَ: وَيَكُونُ الوُلْدُ وَاحِدًا وَجَمْعًا. قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الوُلْدُ جَمْعَ الوَلَد مِثْلَ أَسَد وأُسْد، وَيُقَالُ: مَا أَدْري أَيُ وَلَدِ الرجل هُوَ أَيْ أَيُّ الناسِ هُوَ. والوَليدُ: الْمَوْلُودُ حِينَ يُولَدُ، وَالْجَمْعُ وِلْدانٌ وَالِاسْمُ الوِلادةُ والوُلُودِيَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ثَعْلَبٌ: الأَصل الوَلِيدِيَّةُ كأَنه بَنَاهُ عَلَى لَفْظِ الوَلِيد، وَهِيَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي لَا أَفعالَ لَهَا، والأُنثى وَلِيدَةٌ، وَالْجَمْعُ وِلْدانٌ وولائِدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
واقِيةً كَواقِيَةِ الْوَلِيدِ
؛ هُوَ الطِّفْل فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُول، أَي كَلاءَةً وحِفْظاً كَمَا يُكْلأُ الطِّفْلُ؛ وَقِيلَ: أَراد بِالْوَلِيدِ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً
؛ أَي كَمَا وَقَيْتَ مُوسَى شَرَّ فِرْعَوْنٍ وَهُوَ في حِجْرِه [حَجْرِه] فُقْنِي شَرَّ قَوْمِي وأَنا بَيْنَ أَظهرهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
الوليدُ فِي الْجَنَّةِ
؛ أَي الَّذِي مَاتَ وَهُوَ طفل أَو سقْطٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا
يَعْنِي فِي الغَزْو. قَالَ: وَقَدْ تُطْلَقُ الوليدةُ عَلَى الْجَارِيَةِ والأَمة، وإِن كَانَتْ كَبِيرَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَصَدَّقَتْ أُمِّي عَلَيَّ بِوَليدة
يَعْنِي جَارِيَةً. ومَوْلِدُ الرَّجُلِ: وقتُ وِلادِه. ومَوْلِدُه: الْمَوْضِعُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ. وولَدته الأُم تَلِدُه مَوْلِداً. ومِيلادُ الرَّجُلِ: اسْمُ الْوَقْتِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِعَاذَةِ:
وَمِنْ شرِّ والِدٍ وَمَا وَلَد
؛ يَعْنِي إِبليس وَالشَّيَاطِينَ، هَكَذَا فُسِّرَ. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: هُمْ فِي أَمرٍ لَا يُنادَى وَلِيدُه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: نُرَى أَصله كأَنَّ شِدَّةً أَصابتهم حَتَّى كَانَتِ الأُمُّ تَنْسَى ولِيدَها فَلَا تُنَادِيهِ وَلَا تذْكُره مِمَّا هُمْ فِيهِ، ثُمَّ صَارَ مَثَلًا لِكُلِّ شِدّة، وَقِيلَ: هُوَ أَمر عَظِيمٌ لَا يُنَادَى فِيهِ الصِّغار بَلِ الجِلَّةُ، وَقَدْ يُقَالُ فِي مَوْضِعِ الْكَثْرَةِ والسَّعة أَي مَتَى أَهوى الْوَلِيدُ بِيَدِهِ إِلى شَيْءٍ لَمْ يُزْجَرْ عَنْهُ لِكَثْرَةِ الشَّيْءِ عِنْدَهُمْ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ مُزَرِّدٍ الثَعْلَبِيِّ:
تَبَرَّأْتُ مِن شَتْمِ الرِّجالِ بِتَوْبةٍ ... إِلى اللَّهِ مِنِّي، لَا يُنادَى ولِيدُها
قَالَ: هَذَا مَثْلٌ ضَرَبَهُ مَعْنَاهُ أَي لَا أَرْجِعُ وَلَا أُكَلَّمُ فِيهَا كَمَا لَا يُكَلَّمُ الولِيدُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يُضْرَبُ لَهُ فِيهِ المَثلُ. وَقَالَ الأَصمعي وأَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِمْ: هُوَ أَمرٌ لَا يُنادَى وَلِيدُه، قَالَ أَحدهما: أَي هُوَ أَمرٌ جليلٌ شديدٌ لَا يُنادَى فِيهِ الوَليدُ وَلَكِنْ تَنَادَى فِيهِ الجِلَّةُ، وَقَالَ آخَرُ: أَصله مِنَ الْغَارَةِ أَي تَذْهَلُ الأُمُّ عَنِ ابْنِهَا أَن تُنادِيَه وتَضُمَّه وَلَكِنَّهَا تَهْرُبُ عَنْهُ، وَيُقَالُ: أَصله مِنْ جَرْيِ الْخَيْلِ لأَن الْفَرَسَ إِذا كَانَ جَوَادًا أَعْطَى مِنْ غَيْرِ أَن يُصاحَ بِهِ لَاسْتَزَادَتِهِ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ يَصِفُ فَرَسًا:
__________
(1) . قوله [ولدك من دمى إلخ] هذا كما في شرح القاموس مع متنه ضبط نسخ الصحاح، قال قال شيخنا: والتدمية للذكر على المجاز وضبط في نسخ القاموس ولدك محركة وبكسر الكاف خطاباً لأُنثى؛ أَي من نفست به، وصير عقبيك ملطخين بالدم فهو ابنك حقيقة لا من اتخذته وتبنيته وهو من غيرك(3/468)
وأَخْرَجَ مِنْ تحتِ العَجاجةِ صَدْرَه، ... وهَزَّ اللِّجامَ رأْسُه فَتَصَلْصَلا
أَمامَ هَوِيٍّ لَا يُنادَى وَلِيدُه، ... وشَدٍّ وأَمرٍ بالعِنانِ لِيُرْسَلا
ثُمَّ قِيلَ ذَلِكَ لِكُلِّ أَمر عَظِيمٍ وَلِكُلِّ شَيْءٍ كَثِيرٍ. وَقَوْلُهُ: أَمامَ يُرِيدُ قُدّام، والهَوِيُّ: شِدَّةُ السُّرْعَةِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: ويقال جاؤوا بطَعامٍ لَا يُنادَى وليدُه، وَفِي الأَرض عشبٌ لَا يُنادى وليدُه أَي إِن كَانَ الْوَلِيدُ فِي مَاشِيَةٍ لَمْ يضُرَّه أَين صَرَفها لأَنها فِي عُشْب، فَلَا يُقَالُ لَهُ: اصْرِفْهَا إِلى مَوْضِعِ كَذَا لأَن الأَرض كُلَّهَا مُخْصِبة، وإِن كَانَ طعامٌ أَو لَبَنٌ فَمَعْنَاهُ أَنه لَا يُبَالِي كَيْفَ أَفسَدَ فِيهِ، وَلَا مَتَى أَكَل، وَلَا مَتَى شرِب، وَفِي أَيِّ نواحيهِ أَهْوَى. وَرَجُلٌ فِيهِ وُلُودِيَّةٌ؛ والولوديَّة: الْجَفَاءُ وَقِلَّةُ الرّفْق وَالْعِلْمِ بالأُمور، وَهِيَ الأُمّية. وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي وَلِيدِيَّتِه أَي فِي الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَلِيدًا. وشاةٌ والدةٌ ووَلُودٌ: بَيِّنةُ الوِلادِ، ووالدٌ، وَالْجَمْعُ وُلْدٌ. وَقَدْ وَلَّدْتُها وأَوْلَدَتْ هِيَ، وَهِيَ مُولِدٌ، مِنْ غَنم مَوالِيدَ ومَوالِدَ. وَيُقَالُ: ولَّد الرَّجُلُ غَنَمه تَوْلِيدًا كَمَا يُقَالُ: نَتَّجَ إِبله. وَفِي حَدِيثِ
لَقِيطٍ: مَا وَلَّدْتَ يَا رَاعِيَ؟
يُقَالُ: وَلَّدْت الشاةَ تولِيداً إِذا حضَرْت وِلادتها فعالَجْتها حِينَ يُبَيَّنُ الْوَلَدُ مِنْهَا. وأَصحاب الْحَدِيثِ يَقُولُونَ: مَا ولَدَت؟ يَعْنُونَ الشَّاةَ؛ وَالْمَحْفُوظُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ عَلَى الْخِطَابِ لِلرَّاعِي؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَبْرصِ والأَقْرَعِ:
فأَنتج هَذَا ووَلَّد هَذَا.
اللَّيْثُ: شَاةٌ والِدٌ وَهِيَ الْحَامِلُ وإِنها لَبَيِّنَةُ الوِلادِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَعطَى شَاةً وَالِدًا
أَي عُرِف مِنْهَا كثرةُ النِّتاجِ. وأَما الوِلادَةُ، فَهِيَ وَضْعُ الوالِدة ولَدها. والمُوَلِّدَة: القابلةُ؛ وَفِي حَدِيثِ
مُسافِعٍ: حَدَّثَتْنِي امرأَة مِنْ بَنِي سُلَيْم قَالَتْ: أَنا وَلَّدْت عامّةَ أَهل دِيارِنا
أَي كُنْتُ لَهُمْ قَابِلَةً؛ وتَوَلَّدَ الشَّيْءُ مِنَ الشَّيْءِ. واللِّدةُ: التِّرْبُ، وَالْجَمْعُ لِداتٌ ولِدُون؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
رأَيْنَ شُرُوخَهُنَّ مُؤزَّراتٍ، ... وشَرْخَ لِدِيَّ أَسنانَ الهِرامِ
الْجَوْهَرِيُّ: وَلِدَةُ الرَّجُلِ تِرْبُه، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ الذَّاهِبَةِ مِنْ أَوله لأَنه مِنَ الولادة، وهما لِدان. ابْنُ سِيدَهْ: والولِيدةُ والمُوَلَّدَةُ الْجَارِيَةُ المولودةُ بَيْنَ الْعَرَبِ؛ غَيْرُهُ: وَعَرَبِيَّةٌ مُولَّدَةٌ، وَرَجُلٌ مُوَلَّدٌ إِذا كَانَ عَرَبِيًّا غَيْرُ مَحْضٍ. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُوَلَّدة الَّتِي وُلِدَتْ بأَرض وَلَيْسَ بِهَا إِلا أَبوها أَو أُمها. والتَّلِيدَةُ: الَّتِي أَبوها وأَهلُ بيتِها وَجَمِيعُ مَنْ هُوَ بِسَبِيلٍ مِنْهَا بأَرْض وَهِيَ بأَرْض أُخرى. قَالَ: والقِنّ مِنَ الْعَبِيدِ التَّلِيدُ الَّذِي وُلِدَ عِنْدَكَ. وَجَارِيَةٌ مُوَلَّدةٌ: تُولَدُ بَيْنَ الْعَرَبِ وتَنْشَأُ مَعَ أَولادِهم ويَغْذونها غِذَاءَ الوَلَد ويُعلّمُونها مِنَ الأَدب مِثْلَ مَا يُعَلِّمون أَولادَهم؛ وَكَذَلِكَ المُوَلَّد مِنَ الْعَبِيدِ؛ وإِن سُمِّي المُوَلَّد مِنَ الْكَلَامِ مُوَلَّداً إِذا اسْتَحْدَثُوهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ كَلَامِهِمْ فِيمَا مَضَى. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: أَن رَجُلًا اشْتَرَى جَارِيَةً وَشَرَطُوا أَنها مُوَلَّدَةٌ فَوَجَدَهَا تَلِيدةً
؛ الْمُوَلَّدَةُ: الَّتِي وُلِدَتْ بَيْنَ الْعَرَبِ ونشأَت مَعَ أَولادهم وتأَدّبت بآدابهم. والتليد: الَّتِي وُلِدَتْ بِبِلَادِ الْعَجَمِ وَحَمَلَتْ فنشأَت بِبِلَادِ الْعَرَبِ. والتَّليدةُ مِنَ الْجَوَارِي: هِيَ الَّتِي تُولَدُ فِي مِلْكِ قُومٍ وَعِنْدَهُمْ أَبواها. والوَلِيدةُ: الْمَوْلُودَةُ بَيْنَ الْعَرَبِ، وَغُلَامٌ وَلِيدٌ كَذَلِكَ. وَالْوَلِيدُ: الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ. وَالْوَلِيدُ: الْغُلَامُ حِينَ يُسْتَوصَف قَبْلَ أَن يَحْتَلِمَ، الجمعُ ولْدانٌ وَوِلْدَةٌ؛ وَجَارِيَةٌ وَلِيدةٌ. وَجَاءَنَا بِبيِّنة مُوَلَّدة: لَيْسَتْ بِمُحَقَّقَةٍ. وَجَاءَنَا بِكِتَابٍ(3/469)
مُوَلَّد أَي مُفْتَعَل. والمُوَلَّد: المُحْدَثُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَمِنْهُ المُوَلَّدُونَ مِنَ الشُّعَرَاءِ إِنما سُمُّوا بِذَلِكَ لِحُدُوثِهِمْ. والوَليدةُ: الأَمَةُ والصَّبيَّةُ بينةُ الولادةِ؛ والوَلِيدِيَّة، وَالْجَمْعُ الولائِدُ. وَيُقَالُ للأَمَة: وَلِيدَةٌ، وإِن كَانَتْ مُسِنَّة. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الوَلِيدُ الشابُّ، والولائِدُ الشوابُّ مِنَ الْجَوَارِي، والوَلِيدُ الْخَادِمُ الشَّابُّ يُسَمَّى ولِيداً مِنْ حِينِ يُولَدُ إِلى أَن يَبْلُغَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً
. قَالَ: وَالْخَادِمُ إِذا كَانَ شَابًّا وَصيفٌ. والوَصِيفةُ: وَلِيدَةٌ؛ وأَمْلَحُ الخَدمِ الوُصَفاءُ والوَصائِفُ. وخادِمُ أَهلِ الْجَنَّةِ: وَلِيدٌ أَبداً لَا يَتَغَيَّرُ عَنْ سِنِّهِ. وَحَكَى أَبو عَمْرٍو عَنْ ثَعْلَبٍ قَالَ: وَمِمَّا حَرَّفَتْهُ النَّصَارَى أَن فِي الإِنجيل يَقُولُ اللَّهُ تعالى مخاطباً لعيسى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: أَنت نَبيِّي وأَنا وَلَدْتُك أَيْ ربَّيْتُك، فَقَالَ النَّصارَى: أَنْتَ بُنَيِّي وأَنا وَلَدْتُك، وخَفَّفوه وَجَعَلُوا لَهُ وَلَدًا، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوَّاً كَبِيرًا. الأُمويُّ: إِذا وَلَدَتِ الغَنَمُ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ قِيلَ: قَدْ وَلَّدْتُها الرُّجَيْلاءَ، مَمْدُودٌ، ووَلَّدْتُها طَبَقاً وطَبَقَةً؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذا مَا وَلَّدُوا شَاةً تَنَادَوْا: ... أَجَدْيٌ تَحْتَ شاتِك أَمْ غُلامُ؟
قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ: وَلَّدوا شَاةً رَمَاهُمْ بأَنهم يأْتون الْبَهَائِمَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ: نَتَّجَ فُلَانٌ ناقتَه إِذا ولدَت ولَدَها وَهُوَ يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا، فَهِيَ مَنتُوجَةٌ، وَالنَّاتِجُ للإِبل بِمَنْزِلَةِ الْقَابِلَةِ للمرأَة إِذا وَلَدَتْ، وَيُقَالُ فِي الشاءِ: وَلَّدْناها أَي وَلِينا وِلادَتها، وَيُقَالُ لِذَوَاتِ الأَظْلاف والشَّاءِ وَالْبَقَرِ: وُلِّدتِ الشاةُ والبقَرة، مَضْمُومَةُ الْوَاوِ مَكْسُورَةُ اللَّامِ مُشَدَّدَةٌ. وَيُقَالُ أَيضاً: وضَعَت في موضع وُلِّدَتْ.
وَمَدَ: الوَمَدُ: نَدًى يَجِيءُ فِي صمِيم الحرِّ مِنْ قِبلِ البَحْرِ مَعَ سُكُونِ رِيح، وَقِيلَ: هُوَ الحَرُّ أَيّاً كَانَ مَعَ سُكُونِ الرِّيح. قَالَ الْكِسَائِيُّ: إِذا سَكَنَتِ الرِّيحُ مَعَ شِدَّةِ الْحَرِّ فَذَلِكَ الوَمَدُ. وَفِي حَدِيثُ
عُتْبَة بْنِ غَزْوان: أَنه لَقِيَ المُشْركينَ فِي يَوْمِ وَمَدَةٍ وعكاكٍ
؛ الوَمَدةُ: نَدًى مِنَ الْبَحْرِ يَقَعُ عَلَى النَّاسِ فِي شِدَّةُ الْحَرِّ وَسُكُونُ الرِّيح. اللَّيْثُ: الوَمَدَةُ تَجِيءُ فِي صَمِيمِ الْحَرِّ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ حَتَّى تَقَعَ عَلَى النَّاسِ لَيْلًا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ يَقَعُ الوَمَدُ أَيامَ الخَريف أَيضاً. قَالَ: والوَمَدُ لَثْقٌ ونَدًى يَجيءُ مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ إِذا ثارَ بُخاره وهَبَّت بِهِ الرِّيحُ الصَّبا، فَيَقَعُ عَلَى الْبِلَادِ المُتاخِمةِ لَهُ مِثْلَ نَدى السَّمَاءِ، وَهُوَ يُؤْذِي النَّاسَ جِدّاً لنَتْنِ رائحَته. قَالَ: وَكُنَّا بِنَاحِيَةِ الْبَحْرِينِ إِذا حَلَلنا بالأَسْيافِ وهَبَّتِ الصَّبا بَحْريّةً لَمْ نَنْفَكْ مِنْ أَذى الوَمَدِ، فإِذا أَصْعَدْنا فِي بِلَادِ الدَّهْناءِ لَمْ يُصِبْنا الوَمَدُ. وَقَدْ وَمِدَ اليومُ ومَداً فَهُوَ وَمِدٌ، وليلةٌ وَمِدةٌ، وأَكثر مَا يُقَالُ فِي اللَّيْلِ، وَقَدْ وَمِدَت الليلةُ، بِالْكَسْرِ، تَوْمَدُ وَمَداً. وَيُقَالُ: لَيْلَةٌ ومِدٌ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاعِي يَصِفُ امرأَة:
كأَنَّ بَيْضَ نَعامٍ فِي مَلاحِفِها، ... إِذا اجْتَلاهُنَّ قَيْظاً ليلةٌ وَمِدُ
الوَمَدُ والوَمَدةُ، بِالتَّحْرِيكِ: شِدَّةُ حَرِّ اللَّيْلِ. ووَمِدَ عَلَيْهِ وَمَداً: غَضِبَ وحَمِيَ كَوَبِدَ.
وَهَدَ: الوَهْدُ «2» والوَهْدَةُ: المطمئنُّ من الأَرض
__________
(2) . قوله [الوهد] كذا بالأَصل، وفي شرح القاموس بضم الواو وسكون الهاء، وذكر بدله صاحب القاموس وهدان بضم فسكون(3/470)
وَالْمَكَانِ الْمُنْخَفِضِ كأَنه حُفْرَةٌ، والوَهْدُ يَكُونُ اسْمًا لِلْحُفْرَةِ، وَالْجَمْعُ أَوهُدٌ ووَهْدٌ ووِهادٌ. والوَهْدةُ: الهُوّةُ تَكُونُ فِي الأَرض؛ ومكانٌ وهْدٌ وأَرض وهْدةٌ: كذلك الوَهْدةُ: النُقْرة المُنْتَقِرةُ فِي الأَرض أَشدّ دُخُولًا فِي الأَرض مِنَ الْغَائِطِ وَلَيْسَ لَهَا حَرْفٌ، وعَرْضُها رُمْحان وَثَلَاثَةٌ لَا تُنْبِتُ شَيْئًا. وأَوهَدُ: مِنْ أَسماءِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، عَادِيَّةٌ، وَعَدَّهُ كُرَاعٌ فَوْعَلَا، وَقِيَاسُ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ أَن تَكُونَ الْهَمْزَةُ فِيهِ زَائِدَةً. ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الخُنْعبةُ والنُّونةُ والثُّومةُ والهَزْمةُ والوَهْدةُ والقِلْدةُ والهَرْتَمةُ والعَرْتَمةُ والحِثْرِمةُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الخُنْعُبةُ مَشَقُّ مَا بَيْنَ الشَّارِبِينَ بِحيالِ الوَتَرةِ، والله أَعلم.(3/471)
ذ
حرف الذال المعجمة
ذ: الذَّالُ الْمُعْجَمَةُ: حَرْفٌ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَجْهُورَةِ وَالْحُرُوفِ اللِّثَوِيَّةِ؛ والثاءُ الْمُثَلَّثَةُ وَالذَّالُ الْمُعْجَمَةُ وَالظَّاءُ الْمُعْجَمَةُ فِي حَيِّزٍ واحد.
فصل الهمزة
أخذ: الأَخْذ: خِلَافُ الْعَطَاءِ، وَهُوَ أَيضاً التَّنَاوُلُ. أَخذت الشَّيْءَ آخُذُه أَخذاً: تَنَاوَلْتُهُ؛ وأَخَذَه يأْخُذه أَخْذاً، والإِخذُ، بِالْكَسْرِ: الِاسْمُ. وإِذا أَمرت قُلْتَ: خذْ، وأَصله أُؤْخُذ إِلا أَنهم اسْتَثْقَلُوا الْهَمْزَتَيْنِ فَحَذَفُوهُمَا تَخْفِيفًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ هَمْزَتَانِ وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُ الْكَلِمَةِ حُذِفَتِ الْهَمْزَةُ الأَصلية فَزَالَ السَّاكِنُ فَاسْتُغْنِيَ عَنِ الْهَمْزَةِ الزَّائِدَةِ، وَقَدْ جَاءَ عَلَى الأَصل فَقِيلَ: أُوخذ؛ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الأَمر مِنْ أَكل وأَمر وأَشباه ذَلِكَ؛ وَيُقَالُ: خُذِ الخِطامَ وخُذْ بالخِطام بِمَعْنًى. والتأْخاذُ: تَفْعال مِنَ الأَخذ؛ قَالَ الأَعشى:
لَيَعُودَنْ لِمَعَدٍّ عَكْرَةً ... دَلَجُ الليلِ وتأْخاذُ المِنَحْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِ الأَعشى:
ليُعيدَنْ لمعدٍّ عَكْرَها ... دَلَجَ الليلِ وتأْخاذَ المنح
أَي عَطْفَها. يُقَالُ: رَجَعَ فُلَانٌ إِلى عَكْرِه أَي إِلى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَفُسِّرَ العكْرَ بِقَوْلِهِ: دلجَ الليلِ وتأْخاذَ الْمِنَحْ. والمنَحُ: جَمْعُ مِنْحَة، وَهِيَ النَّاقَةُ يُعِيرُهَا صَاحِبُهَا لِمَنْ يَحْلِبُهَا وَيَنْتَفِعُ بِهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا. وَفِي النَّوَادِرِ: إِخاذةُ الحَجَفَةِ مَقْبِضُها وَهِيَ ثِقَافُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
جَاءَتِ امرأَة إِلى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أُقَيّدُ جَمَلِي
«1» . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أُؤَخِّذ جَمَلِي.
فَلَمْ تَفْطُنْ لَهَا حَتَّى فُطِّنَتْ فأَمرتْ بإِخراجها؛ وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
قَالَتْ لَهَا: أُؤَخِّذُ جَمَلِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ.
التأْخيذُ: حَبْسُ السَّوَاحِرِ أَزواجَهنَّ عَنْ غَيْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ، وكَنَتْ بِالْجَمَلِ عَنْ زَوْجِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَلِذَلِكَ أَذِنت لَهَا فِيهِ. والتأْخِيذُ: أَن تحتالَ المرأَةُ بحيَل فِي منعِ زوجِها مِنْ جِماع غَيْرِهَا، وَذَلِكَ نَوْعٌ مِنَ السِّحْرِ. يقال:
__________
(1) . قوله [جاءت امرأة إلخ] كذا بالأَصل والذي في شرح القاموس فقالت أقيد(3/472)
لِفُلَانَةٍ أَخْذَةٌ تُؤَخِّذُ بِهَا الرِّجَالَ عَنِ النِّسَاءِ، وَقَدْ أَخَّذَتْه السَّاحِرَةُ تأَخيذاً؛ وَمِنْهُ قِيلَ للأَسير: أَخِيذٌ. وَقَدْ أُخِذَ فُلَانٌ إِذا أُسر؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ
. مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم: ائْسِروهم. الْفَرَّاءُ: أَكذَبُ مِنْ أَخِيذ الْجَيْشِ، وَهُوَ الَّذِي يأْخذُه أَعداؤه فَيَسْتَدِلُّونه عَلَى قَوْمِهِ، فَهُوَ يَكْذِبُهم بِجُهْدِه. والأَخيذُ: المأْخُوذُ. والأَخيذ: الأَسير. والأَخِيذَةُ: المرأَة لِسَبْي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَخذ السيفَ وَقَالَ مَن يمنعُك مِنِّي؟ فَقَالَ: كُنْ خَيْرَ آخِذٍ
أَي خيرَ آسِرٍ. والأَخيذَةُ: مَا اغْتُصِبَ مِنْ شَيْءٍ فأُخِذَ. وآخَذَه بِذَنْبِهِ مُؤاخذة: عَاقَبَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ
. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها
؛ أَي أَخذتها بِالْعَذَابِ فَاسْتَغْنَى عَنْهُ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ*. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَصاب مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أُخِذَ بِهِ.
يُقَالُ: أُخِذَ فلانٌ بِذَنْبِهِ أَي حُبِسَ وجُوزِيَ عَلَيْهِ وعُوقِب بِهِ. وإِن أَخذوا عَلَى أَيديهم نَجَوْا. يُقَالُ: أَخذتُ عَلَى يَدِ فُلَانٍ إِذا مَنَعْتَهُ عَمَّا يُرِيدُ أَن يَفْعَلَهُ كأَنك أَمْسكت عَلَى يَدِهِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ
قال الزجاج: لِيَتَمَكَّنُوا مِنْهُ فَيَقْتُلُوهُ. وآخَذَه: كأَخَذَه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا
؛ وَالْعَامَّةُ تَقُولُ واخَذَه. وأَتى العِراقَ وَمَا أَخذَ إِخْذَه، وَذَهَبَ الحجازَ وَمَا أَخذ إِخذه، ووَلي فُلَانٌ مكةَ وَمَا أَخذَ إِخذَها أَي مَا يَلِيهَا وَمَا هُوَ فِي ناحِيتها، واسْتُعْمِلَ فلانٌ عَلَى الشَّامِ وَمَا أَخَذَ إِخْذَه، بِالْكَسْرِ، أَي لَمْ يأْخذ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ وَلَا تَقُلْ أَخْذَه، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَا وَالَاهُ وَكَانَ فِي نَاحِيَتِهِ. وَذَهَبَ بَنُو فُلَانٍ وَمَنْ أَخَذَ إِخْذُهم وأَخْذُهم، يَكْسِرُونَ «1» . الأَلف وَيَضُمُّونَ الذَّالَ، وإِن شِئْتَ فَتَحْتَ الأَلف وَضَمَمْتَ الذَّالَ، أَي وَمَنْ سَارَ سَيْرَهُمْ؛ وَمَنْ قَالَ: وَمَنْ أَخَذَ إِخْذُهم أَي وَمَنْ أَخَذَه إِخْذُهم وسيرتُهم. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لَوْ كُنْتَ مِنَّا لأَخَذْتَ بإِخذنا، بِكَسْرِ الأَلف، أَي بِخَلَائِقِنَا وزِيِّنا وَشَكْلِنَا وَهَدْيِنَا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فَلَوْ كنتمُ مِنَّا أَخَذْنا بأَخْذكم، ... وَلَكِنَّهَا الأَوجاد أَسفل سَافِلِ «2»
. فَسَّرَهُ فَقَالَ: أَخذنا بأَخْذِكم أَي أَدركنا إِبلَكم فردَدناها عَلَيْكُمْ، لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ غَيْرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدْ أَخَذُوا أَخَذاتِهم
؛ أَي نَزَلُوا منازِلَهم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ. والأُخْذَة، بِالضَّمِّ: رُقْيَةٌ تأْخُذُ العينَ وَنَحْوَهَا كَالسِّحْرِ أَو خَرَزَةٌ يُؤَخِّذُ بِهَا النساءُ الرِّجَالَ، مِنَ التأْخِيذِ. وآخَذَه: رَقاه. وَقَالَتْ أُخْتُ صُبْحٍ العاديِّ تَبْكِي أَخاها صُبْحًا، وَقَدْ قَتَلَهُ رَجُلٌ سِيقَ إِليه عَلَى سَرِيرٍ، لأَنها قَدْ كَانَتْ أَخَذَتْ عَنْهُ القائمَ والقاعدَ والساعِيَ والماشِيَ والراكِبَ: أَخَذْتُ عَنْكَ الراكِبَ والساعِيَ والماشِيَ والقاعِدَ والقائِمَ، وَلَمْ آخُذْ عَنْكَ النائمَ؛ وَفِي صُبْحٍ هَذَا يَقُولُ لَبِيدٌ:
وَلَقَدْ رأَى صُبْحٌ سوادَ خليلِه، ... مَا بَيْنَ قائمِ سَيْفِهِ والمِحْمَلِ
عَنَى بِخَلِيلِهِ كَبِدَه لأَنه يُرْوَى أَن الأَسد بَقَر بطنه، وهو حيٌّ، فنظر إِلى سوادِ كَبِده.
__________
(1) . قوله [إخذهم وأخذهم يكسرون إلخ] كذا بالأَصل وفي القاموس وذهبوا ومن أخذ إخذهم، بكسر الهمزة وفتحها ورفع الذال ونصبها
(2) . قوله [ولكنها الأَوجاد إلخ] كذا بالأصل وفي شرح القاموس الأَجساد(3/473)
وَرَجُلٌ مُؤَخَّذٌ عَنِ النِّسَاءِ: مَحْبُوسٌ. وائْتَخَذْنا فِي الْقِتَالِ، بِهَمْزَتَيْنِ: أَخَذَ بعضُنا بَعْضًا. والاتِّخاذ: افْتِعَالٌ أَيضاً مِنَ الأَخذ إِلا أَنه أُدغم بَعْدَ تَلْيِينِ الْهَمْزَةِ وإِبدال التَّاءِ، ثُمَّ لَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى لَفْظِ الِافْتِعَالِ تَوَهَّمُوا أَن التَّاءَ أَصلية فَبَنَوْا مِنْهُ فَعِلَ يَفْعَلُ. قَالُوا: تَخِذَ يَتْخَذ، وَقُرِئَ:
لتَخِذْت عَلَيْهِ أَجراً.
وَحَكَى الْمُبَرِّدُ أَن بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: اسْتَخَذَ فُلَانٌ أَرضاً يُرِيدُ اتَّخَذَ أَرضاً فتُبْدِلُ مِنْ إِحدى التَّاءَيْنِ سِينًا كَمَا أَبدلوا التاءَ مَكَانَ السِّينِ فِي قَوْلِهِمْ ستُّ؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد اسْتَفْعَلَ مِنْ تَخِذَ يَتْخَذ فَحَذَفَ إِحدى التاءَين تَخْفِيفًا، كَمَا قَالُوا: ظَلْتُ مِنْ ظَلِلْتُ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: اسْتَخَذْتُ عَلَيْهِمْ يَدًا وَعِنْدَهُمْ سواءٌ أَي اتَّخَذْتُ. والإِخاذةُ: الضَّيْعَة يَتَّخِذُهَا الإِنسان لِنَفْسِهِ؛ وَكَذَلِكَ الإِخاذُ وَهِيَ أَيضاً أَرض يَحُوزُهَا الإِنسان لِنَفْسِهِ أَو السُّلْطَانُ. والأَخْذُ: مَا حَفَرْتَ كهيئةِ الْحَوْضِ لِنَفْسِكَ، وَالْجَمْعُ الأُخْذانُ، تُمْسِكُ الماءَ أَياماً. والإِخْذُ والإِخْذَةُ: مَا حَفَرْتَهُ كهيئةِ الْحَوْضِ، وَالْجَمْعُ أُخْذٌ وإِخاذ. والإِخاذُ: الغُدُرُ، وَقِيلَ: الإِخاذُ وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ آخاذ، نادر، وقيل: الإِخاذُ والإِخاذةُ بِمَعْنًى، والإِخاذةُ: شَيْءٌ كَالْغَدِيرِ، وَالْجَمْعُ إِخاذ، وَجَمْعُ الإِخاذِ أُخُذٌ مِثْلَ كِتَابٍ وكُتُبٍ، وَقَدْ يُخَفَّفُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وغادَرَ الأُخْذَ والأَوجاذَ مُتْرَعَة ... تَطْفُو، وأَسْجَل أَنْهاءً وغُدْرانا
وَفِي حَدِيثِ
مَسْروقِ بنِ الأَجْدَع قَالَ: مَا شَبَّهْتُ بأَصحاب مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلا الإِخاذ تَكْفِي الإِخاذةُ الرَّاكِبَ وَتَكْفِي الإِخاذَةُ الراكبَين وَتَكْفِي الإِخاذَةُ الفِئامَ مِنَ الناسِ
؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ الإِخاذُ بِغَيْرِ هَاءٍ؛ وَهُوَ مجتَمَع الماءِ شبيهٌ بِالْغَدِيرِ؛ قَالَ عدِيّ بنُ زَيْدٍ يَصِفُ مَطَرًا:
فاضَ فِيهِ مِثلُ العُهونِ من الرَّوْضِ، ... وَمَا ضنَّ بالإِخاذِ غُدُرْ
وَجَمْعُ الإِخاذِ أُخُذٌ؛ وَقَالَ الأَخطل:
فظَلَّ مُرْتَثِئاً، والأُخْذُ قَدْ حُمِيَتْ، ... وظَنَّ أَنَّ سَبِيلَ الأُخْذِ مَيْمُونُ
وَقَالَهُ أَيضاً أَبو عَمْرٍو وَزَادَ فِيهِ: وأَما الإِخاذةُ، بِالْهَاءِ، فإِنها الأَرض يأْخذها الرَّجُلُ فَيَحُوزُهَا لِنَفْسِهِ وَيَتَّخِذُهَا وَيُحْيِيهَا، وَقِيلَ: الإِخاذُ جَمْعُ الإِخاذةِ وَهُوَ مَصنعٌ للماءِ يَجْتَمِعُ فِيهِ، والأَولى أَن يَكُونَ جِنْسًا للإِخاذة لَا جَمْعًا، وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ مَذْكُورٌ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ تَكْفِي الإِخاذةُ الراكِبَ، وَبَاقِي الْحَدِيثِ يَعْنِي أَنَّ فِيهِمُ الصغيرَ والكبيرَ وَالْعَالِمَ والأَعلم؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الْحَجَّاجِ فِي صِفَةِ الْغَيْثِ: وامتلأَت الإِخاذُ
؛ أَبو عَدْنَانَ: إِخاذٌ جَمْع إِخاذة وأُخذٌ جَمْعُ إِخاذ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الإِخاذةُ والإِخاذ، بِالْهَاءِ وَغَيْرِ الْهَاءِ، جَمْعُ إِخْذٍ، والإِخْذُ صَنَعُ الْمَاءِ يَجْتَمِعُ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ مَثَلَ مَا بعَثني اللَّهُ بِهِ مِنَ الهُدَى والعِلْمِ كمثلِ غيثٍ أَصاب أَرضاً، فَكَانَتْ مِنْهَا طائفةٌ طيبةٌ قَبِلتِ الماء فأَنبتت الكلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ فِيهَا إِخاذاتٌ أَمسكتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا الناسَ، فشرِبوا مِنْهَا وسَقَوْا ورَعَوْا، وأَصابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخرى إِنما هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمسِكُ مَاءً وَلَا تُنبِتُ كَلَأً، وَكَذَلِكَ مَثلُ مَنْ فقُه فِي دِينِ اللَّهِ ونَفَعه مَا بعَثني اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وعلَّم، ومَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رأْساً وَلَمْ يَقْبلْ هُدى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ
؛ الإِخاذاتُ: الغُدرانُ الَّتِي تأْخذُ ماءَ السماءِ فَتَحْبِسهُ عَلَى الشَّارِبَةِ،(3/474)
الواحدةُ إِخاذة. والقيعانُ: جَمْعُ قَاعٍ، وَهِيَ أَرض حَرَّة لَا رملَ فِيهَا وَلَا يَثبتُ عَلَيْهَا الْمَاءُ لِاسْتِوَائِهَا، وَلَا غُدُر فِيهَا تُمسِكُ الماءَ، فَهِيَ لَا تُنْبِتُ الكلأَ وَلَا تُمْسِكُ الْمَاءَ. انتهى. وأَخَذَ يَفْعَلُ كَذَا أَي جَعَلَ، وَهِيَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مِنَ الأَفعال الَّتِي لَا يُوضَعُ اسمُ الْفَاعِلِ فِي مَوْضِعِ الفعلِ الَّذِي هُوَ خَبَرُهَا. وأَخذ فِي كَذَا أَي بدأَ. وَنُجُومُ الأَخْذِ: منازلُ الْقَمَرِ لأَن الْقَمَرَ يأْخذ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي مَنْزِلٍ مِنْهَا؛ قَالَ:
وأَخْوَتْ نجومُ الأَخْذِ إِلا أَنِضَّةً، ... أَنِضَّةَ مَحْلٍ ليسَ قاطِرُها يُثْري
قَوْلُهُ: يُثْرِي يَبُلُّ الأَرضَ، وَهِيَ نجومُ الأَنواءِ، وَقِيلَ: إِنما قِيلَ لَهَا نجومُ الأَخذِ لأَنها تأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ فِي نَوْءٍ ولأَخْذِ الْقَمَرِ فِي مَنَازِلِهَا كُلَّ لَيْلَةٍ فِي مَنْزِلٍ مِنْهَا، وَقِيلَ: نجومُ الأَخْذِ الَّتِي يُرمى بِهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، والأَول أَصح. وائْتَخذَ القومُ يأْتخذون ائْتِخاذاً، وَذَلِكَ إِذا تَصَارَعُوا فأَخذ كلٌّ مِنْهُمْ عَلَى مُصَارِعِه أُخذَةً يَعْتَقِلُهُ بِهَا، وَجَمْعُهَا أُخَذٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
وأُخَذٌ وشَغرِبيَّاتٌ أُخَر
اللَّيْثُ: يُقَالُ اتخَذَ فُلَانٌ مَالًا يَتَّخِذه اتِّخاذاً، وتَخِذَ يَتْخَذُ تَخَذاً، وتَخِذْتُ مَالًا أَي كسَبْتُه، أُلزمَتِ التاءُ الحرفَ كأَنها أَصلية. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَ
مُجَاهِدٌ لَتَخِذْتَ
؛ قَالَ: وأَنشدني الْعَتَّابِيُّ:
تَخِذَها سَرِيَّةً تُقَعِّدُه
قَالَ: وأَصلها افْتَعَلْتُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَصَحَّتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبِهَا قرأَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ، وقرأَ
أَبو زَيْدٍ: لَتَخَذْتَ عَلَيْهِ أَجراً.
قَالَ: وَكَذَلِكَ مَكْتُوبٌ هُوَ فِي الإِمام وَبِهِ يقرأُ الْقُرَّاءُ؛ وَمَنْ قرأَ لاتَّخَذْت، بِفَتْحِ الْخَاءِ وبالأَلف، فإِنه يُخَالِفُ الْكِتَابَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَنْ قرأَ لاتَّخَذْت فَقَدْ أَدغم التاءَ فِي الياءَ فَاجْتَمَعَتْ هَمْزَتَانِ فَصُيِّرَتْ إِحداهما يَاءً، وأُدْغِمَت كراهةَ الْتِقَائِهِمَا. والأَخِذُ مِنَ الإِبل: الَّذِي أَخَذَ فِيهِ السِّمنُ، وَالْجَمْعُ أَواخِذُ. وأَخِذَ الْفَصِيلُ، بِالْكَسْرِ، يأْخَذُ أَخَذاً، فَهُوَ أَخِذ: أَكثر مِنَ اللَّبَنِ حَتَّى فسَدَ بطنُه وبَشِم واتَّخَم. أَبو زَيْدٍ: إِنه لأَكْذَب مِنَ الأَخِيذِ الصَّيْحانِ، وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: مِنَ الأَخِذِ الصَّيْحانِ بِلَا يَاءٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: هُوَ الْفَصِيلُ الَّذِي اتُّخِذَ مِنَ اللَّبَنِ. والأَخَذُ: شِبْهُ الْجُنُونِ، فَصِيلٌ أَخِذٌ عَلَى فَعِل، وأَخِذَ البعيرُ أَخَذاً، وَهُوَ أَخِذٌ: أَخَذَه مثلُ الْجُنُونِ يَعْتَرِيهِ وَكَذَلِكَ الشَّاةُ، وَقِيَاسُهُ أَخِذٌ. والأُخُذُ: الرَّمَد، وَقَدْ أَخِذَت عَيْنُهُ أَخَذاً. وَرَجُلٌ أَخِذٌ: بِعَيْنِهِ أُخُذ مِثْلُ جُنُب أَي رَمَدٌ، وَالْقِيَاسُ أَخِذٌ كالأَوّل. وَرَجُلٌ مُسْتأْخِذٌ: كأَخِذ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
يَرْمِي الغُيوبَ بِعيْنَيْهِ ومَطْرِفُهُ ... مُغْضٍ كَمَا كَسَفَ المستأْخِذُ الرمِدُ
والمستأْخذُ: الَّذِي بِهِ أُخُذٌ مِنَ الرَّمَدِ. والمستأْخِذُ: المُطَأْطِئُ الرأْسِ مِنْ رَمَدٍ أَو وَجَعٍ أَو غَيْرِهِ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ أَصبح فُلَانٌ مُؤْتَخِذًا لِمَرَضِهِ ومستأْخذاً إِذا أَصبحَ مُسْتَكِيناً. وَقَوْلُهُمْ: خُذْ عَنْكَ أَي خُذْ مَا أَقول وَدَعْ عَنْكَ الشَّكَّ والمِراء؛ فَقَالَ: خُذِ الْخِطَامَ «3» وَقَوْلُهُمْ: أَخَذْتُ كَذَا يُبدلون الذَّالَ تَاءً فيُدْغمونها فِي التَّاءِ،
__________
(3) . قوله [فقال خذ الخطام] كذا بالأَصل وفيه كشطب كتب موضعه فقال ولا معنى له.(3/475)
وَبَعْضُهُمْ يُظهرُ الذَّالَ، وَهُوَ قليل.
أذذ: أَذَّ يَؤُذُّ: قَطَعَ مِثْلُ هذَّ، وَزَعَمَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَن هَمْزَةَ أَذَّ بَدَلٌ مِنْ هَاءِ هذَّ؛ قَالَ:
يَؤُذُّ بالشَّفْرة أَيّ أَذِّ ... مِنْ قَمَعٍ ومَأْنَةٍ وفلْذِ
وشَفْرَةٌ أَذُوذٌ: قَاطِعَةٌ كَهَذوذٍ. وإِذْ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى مَا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ، وَهُوَ اسْمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ وَحَقُّهُ أَن يَكُونَ مُضَافًا إِلى جُمْلَةٍ، تَقُولُ: جِئْتُكَ إِذ قَامَ زَيْدٌ، وإِذ زِيدٌ قَائِمٌ، وإِذ زِيدٌ يَقُومُ، فإِذا لَمْ تُضَفْ نُوِّنت؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
نَهَيْتُكَ عَنْ طِلابِك أُمَّ عَمْرٍو، ... بِعاقِبةٍ، وأَنت إِذٍ صحِيحُ
أَراد حِينَئِذٍ كَمَا تَقُولُ يَوْمَئِذٍ وَلَيْلَتَئِذٍ؛ وَهُوَ مِنْ حُرُوفِ الْجَزَاءِ إِلا أَنه لَا يُجَازَى بِهِ إِلا مَعَ مَا، تَقُولُ: إِذ مَا تأْتني آتِكَ، كَمَا تَقُولُ: إِنْ تأْتني وَقْتًا آتِك؛ قال العباسُ بن مِرادسٍ يمدحُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يَا خيرَ مَن رَكِبَ المَطِيَّ وَمَنْ مَشى ... فَوْقَ الترابِ، إِذا تُعَدُّ الأَنْفُسُ
بِكَ أَسلَم الطاغُوتُ واتُّبِعَ الهُدَى، ... وَبِكَ انْجَلَى عَنَّا الظلامُ الحِنْدِسُ
إِذ مَا أَتيتَ عَلَى الرسولِ فَقُلْ لَهُ: ... حَقًّا عَلَيْكَ إِذا اطمأَن المجلِسُ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الجوهريُّ:
إِذ مَا أَتيتَ عَلَى الأَمير
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنشاده: إِذ مَا أَتيتَ عَلَى الرَّسُولِ، كَمَا أَوردناه. قَالَ: وَقَدْ تكونُ للشيءِ توافِقُه فِي حالٍ أَنتَ فِيهَا وَلَا يَلِيهَا إِلا الفعلُ الواجبُ، تَقُولُ: بَيْنَمَا أَنا كَذَا إِذ جَاءَ زَيْدٌ. ابْنُ سِيدَهْ: إِذ ظَرْفٌ لِمَا مَضَى، يَقُولُونَ إِذ كَانَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِذ هُنَا زَائِدَةٌ؛ قَالَ أَبو إِسحاق: هَذَا إِقدام مِنْ أَبي عُبَيْدَةَ لأَن الْقُرْآنَ الْعَزِيزَ يَنْبَغِي أَن لَا يُتكلم فِيهِ إِلا بِغَايَةِ تَحَرِّي الْحَقِّ، وإِذ: مَعْنَاهَا الْوَقْتُ فَكَيْفَ تَكُونُ لَغْوًا وَمَعْنَاهُ الْوَقْتُ، وَالْحُجَّةُ فِي إِذ أَنّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ النَّاسَ وَغَيْرَهُمْ، فكأَنه قَالَ ابْتِدَاءُ خلْقكم: إِذ قَالَ ربك للملائكة إِني جاعل فِي الأَرض خَلِيفَةً أَي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. قَالَ: وأَمّا قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ: وأَنت إِذ صَحِيحٌ، فإِنما أَصل هَذَا أَن تَكُونَ إِذ مُضَافَةً فِيهِ إِلى جُمْلَةٍ إِما مِنْ مبتدإٍ وَخَبَرٍ نَحْوُ قَوْلِكَ: جِئْتُكُ إِذ زَيْدٌ أَمير، وإِما مِنْ فِعْلٍ وَفَاعِلٍ نَحْوُ قُمْتُ إِذ قَامَ زَيْدٌ، فلما حُذِف المضافُ إِليه إِذ عُوِّضَ مِنْهُ التَّنْوِينُ فَدَخَلَ وَهُوَ سَاكِنٌ عَلَى الذَّالِ وَهِيَ سَاكِنَةٌ، فكُسِرَت الذالُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَقِيلَ يَوْمَئِذٍ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الكسرةُ فِي الذَّالِ كسرةَ إِعراب وإِن كَانَتْ إِذ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بإِضافة مَا قَبْلَهَا إِليها، وإِنما الْكَسْرَةُ فِيهَا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ التَّنْوِينِ بعدها كقوله صَهٍ فِي النَّكِرَةِ، وإِن اخْتَلَفَتْ جِهَتَا التَّنْوِينِ، فَكَانَ فِي إِذٍ عِوَضًا مِنَ الْمُضَافِ إِليه، وَفِي صَهٍ عَلَمًا لِلتَّنْكِيرِ؛ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَسْرَةَ فِي ذَالِ إِذٍ إِنما هِيَ حَرَكَةُ التقاء الساكنين هما هِيَ وَالتَّنْوِينُ قَوْلُهُ [وأَنت إِذٍ صَحِيحٌ] أَلا تَرَى أَنَّ إِذٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ مُضَافٌ إِليها؟ وأَما قَوْلُ الأَخفش: إِنه جُرَّ إِذٍ لأَنه أَراد قَبْلَهَا حِينَ ثُمَّ حَذَفَهَا وبَقِيَ الْجَرُّ فِيهَا وَتَقْدِيرُهُ حِينَئِذٍ فَسَاقِطٌ غَيْرُ لَازِمٍ، أَلا تَرَى أَن الْجَمَاعَةَ قَدْ أَجمعت عَلَى أَن إِذْ وكَمْ مِنَ الأَسماء الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْوَقْفِ؟ وَقَوْلُ الحُصينِ بْنُ الحُمام:
مَا كنتُ أَحسَبُ أَن أُمِّي عَلَّةٌ، ... حَتَّى رأَيتُ إِذِي نُحازُ ونُقْتَلُ(3/476)
إِنما أَراد: إِذ نُحازُ ونُقتل، إِلا أَنه لَمَّا كَانَ فِي التَّذْكِيرِ إِذي وَهُوَ يَتَذَكَّرُ إِذ كَانَ كَذَا وَكَذَا أَجرى الوصلَ مُجرَى الْوَقْفِ فأَلحقَ الْيَاءَ فِي الْوَصْلِ فَقَالَ إِذي. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ
؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: طَاوَلْتُ أَبا عَلِيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فِي هَذَا وَرَاجَعْتُهُ عَوْدًا عَلَى بدءٍ فَكَانَ أَكثَرَ مَا بَرَدَ مِنْهُ فِي اليدِ أَنه لَمَّا كَانَتِ الدارُ الآخرةُ تَلِي الدارَ الدُّنْيَا لَا فَاصِلَ بَيْنَهُمَا إِنما هِيَ هَذِهِ فَهَذِهِ صَارَ مَا يقعُ فِي الآخرةِ كأَنه وَاقِعٌ فِي الدُّنْيَا، فَلِذَلِكَ أُجْرِيَ اليومُ وَهِيَ لِلْآخِرَةِ مُجْرى وَقْتِ الظُّلْمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِذ ظَلَمْتُمْ، وَوَقْتُ الظُّلْمِ إِنما كَانَ فِي الدُّنْيَا، فإِن لَمْ تَفْعَلْ هَذَا وَتَرْتَكِبَهُ بَقِيَ إِذ ظَلَمْتُمْ غيرَ مُتَعَلِّقٍ بِشَيْءٍ، فَيَصِيرُ مَا قَالَهُ أَبو عَلِيٍّ إِلى أَنه كأَنه أَبدل إِذ ظَلَمْتُمْ مِنَ الْيَوْمِ أَو كرره عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لَنَنْزِلَنْه، ... وَلَمْ نَشْعُرْ إِذاً أَنِّي خَلِيفُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ خَالِدٌ إِذاً لُغَةُ هُذَيْلٍ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ إِذٍ، قَالَ: فَيَنْبَغِي أَن يَكُونَ فَتْحَةَ ذَالِ إِذاً فِي هَذِهِ اللُّغَةِ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ التَّنْوِينِ بَعْدَهَا، كَمَا أَن مَنْ قَالَ إِذٍ بِكَسْرِهَا فإِنَّما كَسَرَهَا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ التَّنْوِينِ بَعْدَهَا بِمِنْ فَهَرَبَ إِلى الْفَتْحَةِ، اسْتِنْكَارًا لِتَوَالِي الْكَسْرَتَيْنِ، كَمَا كُرِهَ ذَلِكَ فِي مِنَ الرَّجُلِ ونحوه
أسبذ: النِّهَايَةُ لِابْنِ الأَثير: فِي الْحَدِيثِ
أَنه كَتَبَ لِعِبَادِ اللَّهِ الأَسبذِينَ
؛ قَالَ: هُمْ ملوكُ عُمانَ بالبحرَين؛ قَالَ: الْكَلِمَةُ فَارِسِيَّةٌ مَعْنَاهَا عَبَدَةُ الفَرَس لأَنهم كَانُوا يَعْبُدُونَ فَرَسًا فِيمَا قِيلَ، وَاسْمُ الْفَرَسِ بِالْفَارِسِيَّةِ أَسب.
اصبهبذ: الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: إِصْبَهْبَذْ اسم أَعجمي.
فصل الباء موحدة
بذذ: بَذِذْتَ تَبَذُّ بَذَذاً «1» وبَذاذةً وبُذُوذَةً: رثَّت هيئتُك وَسَاءَتْ حَالَتُكَ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: البَذاذةُ مِنَ الإِيمان
؛ الْبَذَاذَةُ: رَثَاثَةُ الْهَيْئَةِ؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ أَن يَكُونَ الرجلُ مَتَقَهِّلًا رثَّ الْهَيْئَةِ، يُقَالُ مِنْهُ: رَجُلٌ بَاذُّ الْهَيْئَةِ وَفِي هَيْئَتِهِ بَذَاذَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: البَذّ الرَّجُلُ المُتَقَهِّل الْفَقِيرُ، قَالَ: وَالْبَذَاذَةُ أَن يَكُونَ يَوْمًا مُتَزَيِّنًا وَيَوْمًا شَعِثاً. وَيُقَالُ: هُوَ تَرْكُ مُدَاوَمَةِ الزِّينَةِ. وَحَالٌ بَذَّة أَي سَيِّئَةٌ. وَقَدْ بَذِذتَ بَعْدِي، بِالْكَسْرِ، فأَنت باذُّ الْهَيْئَةِ وبذُّ الْهَيْئَةِ أَي رثهُّا بَيِّن الْبَذَاذَةِ والبُذوذة. قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي رَثُّ اللِّبْسَة، أَراد التواضعَ فِي اللباس وتركَ التَّبَجُّجِ بِهِ. وَهَيْئَةٌ بَذَّةٌ: صِفَةٌ، وَرَجُلٌ بَذُّ الْبَخْتِ: سيئُه رَدِيئُهُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وبَذَّ القومَ يَبُذُّهم بَذًّا: سَبَقَهُمْ وَغَلَبَهُمْ، وَكُلُّ غَالِبٍ باذٌّ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بَذَّ فُلَانٌ فُلَانًا يَبُذُّه بَذًّا إِذا مَا عَلَاهُ وَفَاقَهُ فِي حُسْنٍ أَو عَمَلٍ كَائِنًا مَا كَانَ. أَبو عَمْرٍو: البَذْبَذَة التقشُّف. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَذَّ الْقَائِلِينَ
أَي سَبَقَهُمْ وَغَلَبَهُمْ يَبُذُّهم بَذًّا؛ وَمِنْهُ صِفَةُ مَشْيِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
يَمْشِي الهُوُيْنا يَبُذُّ الْقَوْمَ إِذا سَارَعَ إِلى خَيْرٍ أَو مَشَى إِليه.
وتَمر بَذٌّ: مُتَفَرِّق لَا يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَفَذٍّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والبَذُّ: مَوْضِعٌ، أُراه أَعجميّاً. والبَذُّ: اسْمُ كُورةٍ مِنْ كُوَر بابَكَ الخُرَّمِي.
بسذ: قَالَ الأَزهري فِي تَهْذِيبِهِ: أُهملت السِّينُ مَعَ التَّاءِ وَالذَّالِ وَالظَّاءِ إِلى آخِرِ حُرُوفِهَا عَلَى تَرْتِيبِهِ فَلَمْ يُستعمل مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِهَا شَيْءٌ فِي مُصاصِ كَلَامِ الْعَرَبِ، فأَما قَوْلُهُمْ: هَذَا قضاءُ سَذُومَ بِالذَّالِ فإِنه أَعجمي؛
__________
(1) . قوله [بذذاً] كذا بالأَصل وفي القاموس بذاذا.(3/477)
وَكَذَلِكَ البُسَّذُ لِهَذَا الجَوْهَرِ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَكَذَلِكَ السَّبَذَة فارسي.
بغدذ: بَغْدادُ وبَغداذُ وبَغذادُ بَغذاذُ وبَغْدانُ، بِالنُّونِ، ومغَدانُ، بِالْمِيمِ، مُعَرَّبٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ: مَدِينَةُ السلام.
بغذذ: بَغْذَاذُ: مَدِينَةُ السَّلَامِ وَفِيهَا اخْتِلَافٌ ذُكِرَ فِي بغدذ.
بوذ: التَّهْذِيبُ: أَبو عَمْرٍو: بَاذَ إِذا تَوَاضَعَ. التَّهْذِيبُ: الْفَرَّاءُ: بَاذَ الرَّجُلُ إِذا افْتَقَرَ. ابْنُ الأَعرابي: باذَ يبوذُ إِذا تَعَدَّى عَلَى الناس.
فصل التاء المثناة
تخذ: تَخِذ الشيءَ تَخَذاً وتَخْذاً؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ، واتَّخَذَه: عَمِلَهُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ
؛ أَراد اتَّخَذُوهُ إِلهاً فَحُذِفَ الثَّانِي لأَن الِاتِّخَاذَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: اسْتَخَذَ فُلَانٌ أَرضاً، وَهُوَ اسْتَفْعَلَ مِنْهُ، كأَنه اسْتَتْخَذَ فَحُذِفَتْ إِحدى التاءَين كَمَا حُذِفَتِ التَّاءُ الأُولى مِنْ قَوْلِهِمْ تَقَى يَتْقِي، فَحُذِفَتِ التَّاءُ الَّتِي هِيَ فَاءُ الْفِعْلِ؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
زيادَتَنا نُعْمانُ لَا تَحْرِمنَّنا، ... تَقِ اللهَ فِينَا، والكتابَ الَّذِي تَتْلو
أَي اتقِ اللَّهَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنه يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَصله اتْتَخَذ وَزْنُهُ افتَعَل ثُمَّ إِنهم أَبدلوا مِنَ التَّاءِ الأُولى الَّتِي هِيَ فَاءُ افتَعَل سِينًا كَمَا أَبدلوا التَّاءَ مِنَ السِّينِ فِي سِتٍّ، فَلَمَّا كَانَتِ السِّينُ وَالتَّاءُ مَهْمُوسَتَيْنِ جَازَ إِبدال كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ أُختها. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَالْخَضِرِ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، قَالَ: لَوْ شِئْتَ لَتَخذْت عَلَيْهِ أَجراً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ تَخِذَ يَتْخَذُ بِوَزْنِ سَمِعَ يَسْمَعُ مِثْلُ أَخذَ يأْخُذُ، وَقُرِئَ: لَتَخَذْتَ ولاتَّخَذْتَ، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنْ تَخِذَ فأَدغم إِحدى التاءَين فِي الأُخرى؛ قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ أَخذ فِي شَيْءٍ، فإِن الِافْتِعَالَ مِنْ أَخذ ائْتَخَذَ لأَن فَاءَهَا هَمْزَةٌ وَالْهَمْزَةُ لَا تُدْغَمُ فِي التاءِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الِاتِّخَاذُ الِافْتِعَالُ مِنَ الأَخذ إِلا أَنه أَدغم بَعْدَ تَلْيِينِ الْهَمْزَةِ وإِبدال التَّاءِ، ثُمَّ لَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ بِلَفْظِ الِافْتِعَالِ تَوَهَّمُوا أَن التَّاءَ أَصلية فَبَنَوْا مِنْهُ فَعِلَ يَفْعَلُ، قَالُوا: تَخِذَ يَتْخَذُ؛ قَالَ: وأَهل الْعَرَبِيَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ الجوهري:
ترمذ: تِرمِذُ، بِكَسْرِ التَّاءِ وَالْمِيمِ: الْبَلَدُ الْمَعْرُوفُ بِخُرَاسَانَ.
تلمذ: التلاميذُ: الخَدَمُ والأَتباع، واحدهم تِلْميذٌ.
فصل الجيم
جاذ: اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ: الْجَائِذُ العَبَّابُ فِي الشُّرْبِ، وَالْفِعْلُ جأَذَ يَجْأَذُ جَأْذاً شَرِبَ؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
مُلاهِسُ الْقَوْمِ عَلَى الطَّعَامِ، ... وجائِذٌ فِي قَرْقَفِ المُدام
شرْبَ الهِجان الْوُلَّهِ الهِيام
جبذ: جَبَذَ جَبْذاً: لُغَةٌ فِي جَذَبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَبَذَني رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي
، وَظَنَّهُ أَبو عُبَيْدٍ مَقْلُوبًا عَنْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ: قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ لَيْسَ أَحدهما مَقْلُوبًا عَنْ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ أَنهما جَمِيعًا يَتَصَرَّفَانِ تَصَرُّفًا وَاحِدًا، تَقُولُ: جَذَبَ يَجْذِبُ جَذْباً، فَهُوَ جَاذِبٌ، وجَبَذَ يَجبذُ جَبْذاً، فَهُوَ جَابِذٌ، فإِن جَعَلْتَ مَعَ هَذَا أَحدهما أَصلًا لِصَاحِبِهِ فَسَدَ ذَلِكَ لأَنك لَوْ فَعَلْتَهُ لَمْ يَكُنْ أَحدُهما أَسعَدَ بِهَذِهِ الْحَالِ مِنَ الْآخَرِ، فإِذا وقَفْتَ الحالَ بِهِمَا وَلَمْ تُؤْثِرْ بِالْمَزِيَّةِ أَحدَهما عَنْ تَصَرُّفِ صَاحِبِهِ فَلَمْ يُساوه فِيهِ كَانَ(3/478)
أَوسعهُما تَصَرُّفاً أَصلًا لِصَاحِبِهِ، وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْلِهِمْ: أَنى الشيءُ يأْني وآنَ يَئِينُ، فآنَ مَقْلُوبٌ عَنْ أَنَى وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ وُجُودُكَ مصدَرَ أَنى يأْنِي أَنًى، وَلَا تَجِدُ لِآنَ مَصْدَرًا، كَذَا قَالَ الأَصمعي، فأَما الأَيْن فَلَيْسَ مِنْ هَذَا فِي شَيْءٍ، إِنما الأَيْنُ الإِعْياءُ والتعبُ، فَلَمَّا عَدِمَ آنَ المصدرَ الَّذِي هُوَ أَصل الْفِعْلِ عُلِمَ أَنه مَقْلُوبٌ عَنْ أَنَى يأْنى. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ، أَي بلوغَه وإِداركَهُ، غَيْرَ أَن أَبا زَيْدٍ قَدْ حَكَى لِآنَ مَصْدَرًا، وَهُوَ الأَيْنُ، فإِن كَانَ الأَمر كَذَلِكَ فَهُمَا إِذاً أَصلان مُتَسَاوِيَانِ مُتَسَاوِقَانِ. وجَبَذَ العنبُ يَجْبِذُ: صَغُر وقَفَّ.
جذذ: الجَذُّ: كَسْرُ الشَّيْءِ الصُّلْب. جَذَذْتُ الشيءَ: كسرتُه وقطَعْتُه والجُذاذُ والجِذاذُ: مَا كُسِرَ مِنْهُ، وَضَمُّهُ أَفصح مِنْ كَسْرِهِ، والجَذُّ: القَطْع الوحِيُّ المُستأْصِلُ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَطْعُ المستأْصِل فَلَمْ يُقَيَّدْ بِوَحَاءٍ؛ جَذَّهُ يَجُذُّهُ جَذًّا، فَهُوَ مَجْذُوذٌ وجَذيذ، وجَذَّذَه فانْجَذَّ وتَجَذَّذ. وَفِي التَّنْزِيلِ: عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ
؛ فَسَّرَهُ أَبو عُبَيْدٍ غَيْرَ مَقْطُوعٍ، والانْجذاذُ: الِانْقِطَاعُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: رحِمٌ جَذَّاءُ وحَذَّاءُ، بِالْجِيمِ وَالْحَاءِ، مَمْدُودَانِ وَذَلِكَ إِذا لَمْ توصَل. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ:
جُذّوهُم جَذّاً
؛ الجَذُّ: الْقَطْعُ، أَي استأْصلوهم قَتْلًا. والجُذاذ: المُقَطَّع «1» والجِذاذُ: الْقِطَعُ الْمُكَسَّرَةُ، مِنْهُ. فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً
أَي حُطاماً، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ جَذيذ، وَهُوَ مِنَ الْجَمْعِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ: فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً
، فَهُوَ مِثْلُ الحُطام والرُّفات، وَمَنْ قرأَها جِذاذاً، فَهُوَ جَمْعُ جَذيذ مِثْلُ خَفِيفٍ وَخِفَافٍ. وَفِي حَدِيثِ
مَازِنٍ: فثُرتُ إِلى الضم فَكَسَرْتُهُ أَجذاذاً
أَي قِطَعًا وَكِسَرًا، وَاحِدُهَا جَذ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَصولُ بيدٍ جَذَّاءَ
أَي مَقْطُوعَةٍ، كَنَّى بِهِ عَنْ قُصُورِ أَصحابه وَتَقَاعُدِهِمْ عَنِ الْغَزْوِ، فإِن الْجُنْدَ للأَمير كَالْيَدِ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. اللَّيْثُ: الجُذاذُ قِطَع مَا كُسِرَ، الواحدةُ جُذاذَةٌ. قَالَ: وَقِطَعُ الْفِضَّةِ الصِّغَارِ جُذاذ. وَيُقَالُ لِحِجَارَةِ الذَّهَبِ: جُذاذ لأَنها تُكسر. والجُذاذات: الْقُرَاضَاتُ. وجُذاذات الْفِضَّةِ: قِطَعها. والجُذاذُ: الفِرق. وَسَوِيقٌ جَذيذ: مَجْذوذ. وَالسَّوِيقُ الجَذيذُ: الْكَثِيرُ الجُذاذ. والجَذيذة: السَّوِيقُ. والجَذِيذَة: جَشيشَةٌ تُعْمَلُ مِنَ السَّوِيقِ الْغَلِيظِ لأَنها تُجَذّ أَي تُقْطَعُ قَطْعًا وتُجش. وَرُوِيَ عَنْ
أَنس أَنه كَانَ يأْكلُ جَذيذَة قَبْلَ أَن يَغْدُوَ فِي حَاجَتِهِ
؛ أَراد شَرْبَةً مِنْ سَوِيقٍ أَو نَحْوِ ذَلِكَ، سُمِّيَتْ جَذيذة لأَنها تُجَذُّ أَي تُكَسَّر وتدق وتطحن وتُجش إِذا طُحِنَتْ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ: أَنه أَمَرَ نَوْفًا الْبِكَالِيَّ أَن يأْخذ مِنْ مِزْوده جَذيذاً
؛ وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:
رأَيت عَلِيًّا يَشْرَبُ جَذيذاً حِينَ أَفطر.
وَيُقَالُ لِلْحِجَارَةِ الذهب: جُذاذ، لأَنها تكسر وتسحل؛ وأَنشد:
كما انْصَرفت فَوْقَ الجُذاذ المَساحِن
وجَذَذْت الْحَبْلَ جَذّاً أَي قَطَعْتُهُ فَانْجَذَّ. وجَذَّ الأَمرَ عَنِيَ يَجُذُّه جَذّاً: قَطَعَهُ. وجَذَّ النخلَ يَجُذُّه جَذّاً وجَذاذاً وجِذاذاً: صَرَمَهُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَمَا عَلَيْهِ جُذّة وَمَا عَلَيْهِ قِزاع أَي مَا عَلَيْهِ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: أَي مَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الثِّيَابِ. الأَصمعي: الجَذَّان والكذَّان الْحِجَارَةُ الرَّخْوَةُ، الْوَاحِدَةُ جَذَّانة وكَذَّانة. وَمِنْ أَمثالهم السَّائِرَةِ فِي الَّذِي يُقْدِمُ عَلَى الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ: جَذَّها جَذَّ البعير الصِّلِّيانَةَ، أَراد أَنه أَسرع إِليها. ابْنُ الأَعرابي: المِجَذُّ طَرَفُ المِرْوَدِ، وَهُوَ الْمِيلُ؛ وأَنشد:
__________
(1) . قوله [والجذاذ المقطع] جيمه مثلثة كما في القاموس.(3/479)
قَالَتْ وَقَدْ سَافَ مِجَذَّ المِرْود
قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَن الْحَسْنَاءَ إِذا اكْتَحَلَتْ مَسَحَتْ بِطَرَفِ الْمِيلِ شَفَتَيْهَا ليزدادَ حُمَّة؛ وَقَالَ الجَعدي يَذْكُرُ نِسَاءً:
تَرَكْن بِطالة وأَخَذْن جَذًّا، ... وأَلقين المكاحِلَ للنبِيج
قَالَ: الْجَذُّ وَالْمِجَذُّ طَرَفُ الْمِرْوَدِ.
جرذ: أَبو عُبَيْدٍ: الجَرَذُ. بِالتَّحْرِيكِ، كُلُّ مَا حَدَثَ فِي عُرْقُوبِ الْفَرَسِ، وَفِي الصِّحَاحِ: فِي عُرْقُوبِ الدَّابَّةِ مِنْ تزيُّد وَانْتِفَاخِ عَصَبٍ وَيَكُونُ فِي عَرْضِ الْكَعْبِ مِنْ ظَاهِرٍ أَو بَاطِنٍ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الجَرَذ وَرَمٌ يأْخذ الْفَرَسَ فِي عَرْضِ حَافِرِهِ وَفِي ثَفِنَته مِنْ رِجْلِهِ حَتَّى يَعْقِرَهُ وَدَمٌ غَلِيظٌ يَنْعَقِرُ «2» وَالْبَعِيرُ بِأَخْذِه. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: الجَرَذ دَاءٌ يأْخذ فِي مَفْصِلِ الْعُرْقُوبِ وَيُكْوَى مِنْهُ تَمْشِيطًا فيبرأُ عُرْقُوبُهُ آخِرًا ضَخْمًا غَلِيظًا فَيَكُونُ رَدِيئًا فِي حَمْلِهِ وَمَشْيِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: الجَرَذُ: دَاءٌ يأْخذ فِي قَوَائِمِ الدَّابَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ والأَصل الذَّالُ الْمُعْجَمَةُ؛ وَدَابَّةٌ جَرِذ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ: رَجُلٌ جَرِذ الرِّجْلَيْنِ. والجُرَذ: الذَّكَرُ مِنَ الفأْر، وَقِيلَ: الذَّكَرُ الْكَبِيرُ مِنَ الفأْر، وَقِيلَ: هُوَ أَعظم مِنَ الْيَرْبُوعِ أَكدَر فِي ذَنَبِهِ سَوَادٌ وَالْجَمْعُ جُرْذان. الصِّحَاحُ: الجُرَذُ ضَرْبٌ مِنَ الفأْر. وأُمُّ جِرْذانَ: آخِرُ نَخْلَةٍ بِالْحِجَازِ إِدراكاً؛ حكاها أَبو حَنِيفَةَ وَعَزَاهَا إِلى الأَصمعي، قَالَ: وَلِذَلِكَ قَالَ السَّاجِعُ: إِذا طَلَعَتِ الخَراتان أُكِلَتْ أُمُّ جِرْذان؛ وَطُلُوعُ الخَراتَيْنِ فِي أُخْريات القَيْظ بَعْدَ طُلُوعِ سُهَيْلٍ وَفِي قُبُل. الصفَرِيّ قَالَ: وَزَعَمُوا أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَعَا لأُمّ جِرْذان مَرَّتَيْنِ؛ قَالَ: رَوَاهُ الأَصمعي عَنْ نَافِعِ بْنُ أَبي نُعَيْمٍ قَارِئِ أَهل الْمَدِينَةِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقِيهِهِمْ، قَالَ: وَهِيَ أُم جِرْذان رَطْبًا فإِذا جَفَّتْ فَهِيَ الْكَبِيسُ. وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ أُم جِرْذان، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّمْرِ كِبَارٌ، قِيلَ: إِن نَخْلَهُ يَجْتَمِعُ تَحْتَهُ الفأْر، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بِالْكُوفَةِ المُوشان، يَعْنُونَ الفأْر بِالْفَارِسِيَّةِ. وأَرض جَرِذَة: مِنَ الجُرَذ أَي ذات جِرْذان [جُرْذان] . والجُرَذان: عَصَبان فِي ظَاهِرِ خَصِيلة الْفَرَسِ وَبَاطِنُهُمَا يَلِي الْجَنْبَيْنِ. وَرَجُلٌ مُجَرَّذٌ: داهٍ مُجَرِّبٌ للأُمور؛ ابْنُ الأَعرابي: جَرَّذَه الدَّهْرُ ودلَكه ودَيَّثَه ونَجَّذَهُ وحَنَّكه. أَبو عَمْرٍو: هُوَ المُجَرَّذُ والمُجرَّسُ. وأَجْرذَه إِلى الشَّيْءِ: أَلجأَه وَاضْطَرَّهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَحَادَ عَنِّي عَبْدُهُمْ وأُجْرِذا
أَي أُلجئ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَن أَوْبَ صَنْعَةِ [صَنْعَةَ] المَلَّاذِ ... يَسْتَهْيِعُ المُراهِقَ الْمُحَاذِي
عافِيه سَهْواً غيرَ مَا إِجْراذِ
وَعَافِيهِ: مَا جَاءَ مِنْ عَفْوِهِ سَهْوًا سَهْلًا بِلَا حَثٍّ وَلَا إِكراه عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ مُجْرَذٌ: أَفرده أَصحابه فلجأَ إِلى سِوَاهُمْ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي ذَهَبَ مَالُهُ فلجأَ إِلى مَنْ يُنَوِّلُهُ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
وأَلفَيْتُ عَيَّالًا كأَنّ عُواءَه ... بُكا مُجْرَذٍ، يَبْغي المَبيتَ، خَليع
جربذ: الجَرْبَذَة: مِنْ عَدْوِ الْفَرَسِ فَوْقَ الْقَدْرِ بِتَنْكِيسِ الرأْس وَشِدَّةِ الِاخْتِلَاطِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: جَرْبَذَتِ الفرسُ جَرْبَذَة وجِرْباذاً، وَهُوَ عَدْوٌ ثَقِيلٌ، وَهِيَ مُجَرْبِذ. أَبو عُبَيْدَةَ: الجَرْبَذَة مِنْ سَيْرِ الخيل؛
__________
(2) . قوله [ودم غليظ ينعقر إلى قوله فيكون ردئياً] كذا بالأَصل ولعل فيه سقطاً. والأَصل ينعقر الفرس والبعير ومع ذلك في بقية التركيب قلاقة ونعوذ بالله من سقم النسخ.(3/480)
وَفَرَسٌ مُجَرْبِذ، قَالَ: وَهُوَ الْقَرِيبُ القَدْر فِي تَنْكِيسِ الرأْس وَشِدَّةِ الِاخْتِلَاطِ مَعَ بُطْءِ إِحارة يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. قَالَ: وَيَكُونُ الْمُجَرْبِذُ أَيضاً فِي قُرب السُّنْبُك مِنَ الأَرض وَارْتِفَاعِهِ؛ وأَنشد:
كُنْتَ تَجْري بالبُهْر خِلْواً، فَلَمَّا ... كَلَّفَتْكَ الجِيادُ جَرْيَ الجِيادِ،
جَرْبَذَتْ دُونَهَا يَدَاكَ، وأَرْدَى ... بِكَ لؤمُ الآباءِ والأَجْدادِ
والجَرْبَذَة: ثِقَلُ الدَّابَّةِ، وَهُوَ المُجَرْبِذُ. والجَرَنْبَذُ «1» الَّذِي تَتَزَوَّجُ أُمه. ابْنُ الأَنباري: البَروُك مِنَ النِّسَاءِ الَّتِي تَتَزَوَّجُ زَوْجًا وَلَهَا ابْنٌ مُدْرِكٌ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ، وَيُقَالُ لِابْنِهَا الجَرَنْبَذَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الجَرْبَذَة.
جَلَذَ: الجَلِذُ «2» الفأْر الأَعمى، وَالْجَمْعُ مَناجِذُ عَلَى غَيْرِ وَاحِدِهِ، كَمَا قَالُوا خَلِفَةً وَالْجَمْعُ مَخَاضٌ. والجِلذاء: الْحِجَارَةُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا صَلُبَ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ جِلْذاء، بِالْكَسْرِ، مَمْدُودٌ وجَلاذي؛ الأَخيرة مُطَّرِدَةٌ. الأَزهري فِي نَوَادِرِ الأَعراب: جِلْظاء مِنَ الأَرض وَجِلْمَاظٌ وَجِلْذَاءٌ وجِلْذان. والجِلْذاءَة: الأَرض الْغَلِيظَةُ، وَجَمْعُهَا جَلاذي، وَهِيَ الحِزْباءَة. ابْنُ شُمَيْلٍ: الجُلْذِية الْمَكَانُ الْخَشِنُ الْغَلِيظُ مِنَ القُف الْمُرْتَفِعِ «3» جَدًّا يَقْطَعُ أَخفاف الإِبل وَقَلَّمَا يَنْقَادُ، لَا يُنْبِتُ شَيْئًا. والجُلْذِية مِنَ الْفَرَاسِنِ: الْغَلِيظَةُ الْوَكِيعَةُ. وَقَوْلُهُمْ: أَسهل مِنْ جِلْذان، وَهُوَ حِمًى قَرِيبٌ مِنَ الطَّائِفِ لَيِّنٌ مُسْتَوٍ كَالرَّاحَةِ. والجُلْذي: الْحَجَرُ. وَالْجُلْذِيُّ، بِالضَّمِّ، مِنَ الإِبل: الشَّدِيدُ الْغَلِيظُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
صَوَّى لَهَا ذَا كِدْنةٍ جُلْذِيَّا، ... أَخْيَفَ كَانَتْ أُمه صَفِيَّا
وَنَاقَةٌ جُلْذِيّة: قَوِيَّةٌ شَدِيدَةٌ صُلبة. وَالذَّكَرُ جُلْذِيّ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
هَلْ تُلْحِقيني بأَولى القَوْمِ إِذْ سَخِطوا ... جُلْذِيَّةً كأَتان الضَّحْلِ عُلْكُوم؟
وأَتان الضَّحْلِ: صَخْرَةٌ عَظِيمَةٌ مُلَمْلَمة. وَالضَّحْلُ: الْمَاءُ الضِّحْضَاحُ. وَالْعُلْكُومُ: النَّاقَةُ الشَّدِيدَةُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْكِلَابِيُّونَ فِي ذُكُورِ الإِبل وَلَا فِي الرِّجَالِ؛ وَسَيْرٌ جُلْذِيٌّ وَخِمْسٌ جُلْذِيٌّ وقَرَبٌ جُلْذِيّ: شَدِيدٌ؛ فأَما قَوْلُ ابْنِ مَيَّادَةَ:
لَتَقْرُبُنَّ قَرَباً جُلْذِيَّا، ... مَا دَامَ فِيهِنَّ فَصِيلٌ حيَّا،
وَقَدْ دَجَا الليلُ فَهَيَّا هَيَّا
القَرَب: القُرب مِنَ الْوُرُودِ بَعْدَ سَيْرٍ إِليه. وَلَيْلَةُ القَرَب: اللَّيْلَةُ الَّتِي تَرِدُ الإِبل فِي صَبِيحَتِهَا الْمَاءَ. وهيَّا: بِمَعْنَى الِاسْتِحْثَاثِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَزَعَمَ الْفَارِسِيُّ أَنه يَجُوزُ أَن يَكُونَ صِفَةً للقَرَب وأَن يَكُونَ اسْمًا لِلنَّاقَةِ، عَلَى أَنه تَرْخِيمُ جُلْذِيَّة مُسَمًّى بِهَا أَو جلذِية صِفَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: والجَلاذي فِي شِعْرِ ابْنِ مُقْبِلٍ جَمْعُ الجُلْذِية، وَهِيَ النَّاقَةُ الصُّلْبَةُ، وَهُوَ:
صَوْتُ النَّوَاقِيسَ فِيهِ مَا يُفَرِّطُهُ ... أَيدي الْجَلَاذِيِّ جَوْنٌ مَا يُعَفِّينَا «4»
. والجَلاذي: صِغَارُ الشَّجَرِ؛ وَخَصَّ أَبو حَنِيفَةَ بِهِ صِغَارَ الطَّلْحِ.
__________
(1) . قوله [والجرنبذ إلخ] كذا بالأصل، والذي في القاموس الجرنبذة بالهاء.
(2) . قوله [الجلذ] هكذا ضبط بالأَصل بفتح فكسر، وفي القاموس وشرحه بضم الجيم وسكون اللام وبفتح الجيم وككتف أيضاً.
(3) . قوله [من القف المرتفع إلخ] كذا بالأصل والذي في شرح القاموس ليس بالمرتفع جداً.
(4) . قوله [ما يفرطه] في شرح القاموس ما يقربه، وقوله ما يعفينا فيه ما يغضينا(3/481)
وإِنه لَيُجْلَذ بِكُلِّ خَيْرٍ أَي يظن به، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الدَّالِ. أَبو عَمْرٍو: الجَلاذِيُّ الصُّنَّاعُ، وَاحِدُهُمْ جُلْذِيٌّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الجَلاذي خَدَمُ الْبَيْعَةِ وَجَعَلَهُمْ جَلاذِيّ لِغِلَظِهِمْ. وجِلْذان: عَقَبَةٌ بِالطَّائِفِ. واجْلَوّذ اللَّيْلُ: ذَهَبَ، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَلا حَبَّذَا حَبَّذَا حَبَّذَا ... حَبيبٌ تَحَمَّلْتُ مِنْهُ الأَذى
وَيَا حَبَّذا بَرْدُ أَنْيابهِ، ... إِذا أَظْلمَ الليلُ واجْلَوّذا
والاجْلِوَّاذ والاجْليواذُ: المَضاء وَالسُّرْعَةُ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُسْتَعْمَلُ إِلا مَزِيدًا. التَّهْذِيبُ: الجُلْذِيُّ الشَّدِيدُ مِنَ السَّيْرِ السريعُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ فَلَاةً:
الخِمْسُ والخِمْسُ بِهَا جُلْذِيُ
يَقُولُ: سَيْرٌ خِمْسٌ بِهَا شَدِيدٌ. الأَصمعي: الاجْلِوَّاذ فِي السَّيْرِ والاجْرِوَّاطُ الْمَضَاءُ فِي السُّرْعَةِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الإِسراع. واجْلَوَّذ وَاجْرَهَدَّ إِذا أَسرع. واجْلَوَّذَ بِهِمُ السَّيْرَ اجْلِوَّاذاً أَي دَامَ مَعَ السُّرْعَةِ، وَهُوَ مِنْ سَيْرِ الإِبل؛ وَمِنْهُ اجْلَوَّذَ الْمَطَرُ. وَفِي حَدِيثِ
رَقِيقَةَ: وَاجْلَوَّذَ الْمَطَرُ
أَي امْتَدَّ وقت تأَخره وانقطاعه.
جنبذ: الجُنْبُذَةُ، بِالضَّمِّ: مَا ارْتَفَعَ مِنَ الشَّيْءِ وَاسْتَدَارَ كَالْقُبَّةِ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: جُنْبَذَة، بِفَتْحِ الْبَاءِ، ابْنُ سِيدَهْ: الجُنْبُذَة الْمُرْتَفِعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والجُنْبُذَة: مَا عَلَا مِنَ الأَرض وَاسْتَدَارَ. وَمَكَانٌ مُجَنْبَذ: مُرْتَفِعٌ؛ حَكَاهُ كُرَاعٌ. وجُنْبُذَة الْكَيْلِ: مُنْتَهَى أَصْبارِه؛ وَقَدْ جَنْبَذه. والجُنْبُذَة: الْقُبَّةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ:
وَسَطُهَا جنَابِذ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ يَسْكُنُهَا قَوْمٌ مِنْ أَهل الْجَنَّةِ كالأَعراب فِي الْبَادِيَةِ
؛ وَوَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
فِيهَا جنَابِذ مِنْ لُؤْلُؤٍ
، وَفَسَّرَهُ بذلك أَيضاً.
جوذ: أَبو الجُوذِيّ: كُنْيَةُ رجل؛ قال:
لَوْ قَدْ حَداهُنَّ أَبو الجُوذِيِّ ... بَرَجَزٍ مُسْحَنْفِر الرَّويِ
مُسْتَويات كَنَوَى البَرْنيِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنه أَبو الجُودي، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ.
فصل الحاء المهملة
حبذ: ذَكَرَ الأَزهري هَذِهِ التَّرْجَمَةَ فِي الْحَاءِ وَالذَّالِ وَالْبَاءِ، قَالَ: وأَما قَوْلُهُمْ حَبَّذا كَذَا وَكَذَا، بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ، فَهُوَ حَرْفُ مَعْنًى أُلِّف مِنْ حَبَّ وَذَا. وَقَالَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ: وَحَبَّذَا فِي الْحَقِيقَةِ فِعْلٌ وَاسْمٌ: حَبّ بِمَنْزِلَةِ نِعْم، وَذَا فَاعِلٌ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ نَحْنُ فِي تَرْجَمَةِ حبب فِيمَا تَقَدَّمَ، والله أَعلم.
حذذ: الحَذُّ: الْقَطْعُ المستأْصل. حَذَّهُ يَحُذّه حَذّاً: قَطَعَهُ قَطْعًا سَرِيعًا مُسْتأْصلًا؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَطَعَهُ قَطْعًا سَرِيعًا مِنْ غَيْرِ أَن يَقُولَ مستأْصلًا. والحُذَّة: الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ كالحُزَّة والفِلْذة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تُعْيِيه حُذَّة فِلْذٍ إِنْ أَلَمّ بِهَا ... مِنَ الشِّواءِ، ويُرْوِي شُرْبَهُ الغُمَرُ «1»
. وَيُرْوَى حُزَّةُ فِلْذٍ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والحَذَذ: السُّرْعَةُ، وَقِيلَ: السُّرْعَةُ وَالْخِفَّةُ. وَالْحَذَذُ: خِفَّةُ الذَّنَبِ وَاللِّحْيَةِ، وَالنَّعْتُ مِنْهُمَا أَحَذُّ. وَبَعِيرٌ أَحَذُّ
__________
(1) . قوله [تعييه إلخ] كذا بالأَصل، والذي في الصحاح وشرح القاموس:
تَكْفِيهِ حُزَّةُ فِلْذٍ إِنْ أَلَمَّ بِهَا ... مِنَ الشِّوَاءِ ويكفي شربه الغمر(3/482)
وَلِحْيَةٌ حَذاء: خَفِيفَةٌ؛ قَالَ:
وشُعثٍ عَلَى الأَكْوارِ حُذٍّ لِحاهُمُ ... تَفادَوْا مِنَ الموتِ الذَّريعِ تَفادِيا
وَفَرَسٌ أَحَذُّ: خَفِيفُ شَعْرِ الذَّنَبِ؛ وَقَطَاةٌ حَذاء: وُصِفَتْ بِذَلِكَ لِقِصَرِ ذَنَبِهَا وَقِلَّةِ رِيشِهَا، وَقِيلَ: لِخِفَّتِهَا وَسُرْعَةِ طَيَرَانِهَا. وَفِي حَدِيثُ
عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ: أَنه خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: إِن الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصَرْمٍ ووَلَّتْ حَذَّاء فَلَمْ يَبْق مِنْهَا إِلا صُبابَةٌ كصُبابةِ الإِناء
؛ يَقُولُ: لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلا مِثْلُ مَا بَقِيَ مِنَ الذَّنَبِ الأَحَذّ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَلَّتْ حَذَّاء أَي سَرِيعَةَ الإِدبار؛ قَالَ الأَزهري: وَلَّتْ حَذَّاءَ هِيَ السَّرِيعَةُ الْخَفِيفَةُ الَّتِي قَدِ انْقَطَعَ آخِرُهَا، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْقَطَاةِ حَذَّاءُ لِقِصَرِ ذَنَبِهَا مَعَ خِفَّتِهَا؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ الْقَطَا:
حَذَّاءُ مُقْبِلَةً سَكَّاءُ مُدْبِرَةً، ... لِلْمَاءِ فِي النَّحْرِ مِنْهَا نَوْطَةً عَجَبُ
قَالَ: وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلْحِمَارِ الْقَصِيرِ الذَّنَبِ أَحذّ. والأَحَذُّ: السَّرِيعُ فِي الْكَلَامِ وَالْفِعَالِ؛ وَقِيلَ: وَلَّتْ حَذَّاءَ أَي مَاضِيَةً لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَيْءٌ. وَحِمَارٌ أَحَذُّ: قَصِيرُ الذَّنَبِ، وَالِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ الحَذَذ وَلَا فِعْلَ لَهُ. الأَزهري: الحَذَذ مَصْدَرُ الأَحذّ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ. وَرَجُلٌ أَحَذُّ: سَرِيعُ الْيَدِ خَفِيفُهَا؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَهْجُو عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيَّ:
تَفَيْهَقَ بالعراقِ أَبو المُثَنَّى، ... وعَلَّم أَهْلَه أَكلَ الخَبِيص
أَأَطْعمتَ العراقَ ورافِدَيْهِ ... فَزارِيّاً أَحَذَّ يَد القَمِيص؟
يَصِفُهُ بِالْغُلُولِ وَسُرْعَةِ الْيَدِ، وَقَوْلُهُ أَحَذَّ يَدِ الْقَمِيصِ، أَراد أَحذَّ الْيَدِ فأَضاف إِلى الْقَمِيصِ لِحَاجَتِهِ وأَراد خِفَّةَ يَدِهِ فِي السَّرِقَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْفَزَارِيُّ الْمَهْجُوُّ فِي الْبَيْتِ عُمَرُ بْنُ هُبَيْرَةَ؛ وَقَدْ قِيلَ فِي الأَحذ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَهُوَ أَن الأَحذ الْمَقْطُوعُ، يُرِيدُ أَنه قَصِيرُ الْيَدِ عَنْ نَيْلِ الْمَعَالِي فَجَعَلَهُ كالأَحذ الَّذِي لَا شَعْرَ لِذَنَبِهِ وَلَا يُحِبُّ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ أَن يُوَلَّى الْعِرَاقَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَصول بِيَدٍ حَذَّاءَ
أَي قَصِيرَةٍ لَا تَمْتَدُّ إِلى مَا أُريد، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ، مِنَ الْجَذِّ الْقَطْعِ، كَنَّى بِذَلِكَ عَنْ قُصُورِ أَصحابه وَتَقَاعُدِهِمْ عَنِ الْغَزْوِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وكأَنها بِالْجِيمِ أَشبه. وأَمر أَحَذُّ: سَرِيعُ المَضاء. وَصَرِيمَةٌ حَذَّاءُ: مَاضِيَةٌ. وَحَاجَةٌ حَذَّاء: خَفِيفَةٌ سَرِيعَةُ النَّفَاذِ. وأَمْرٌ أَحَذُّ أَي شَدِيدٌ مُنْكَرٌ. وَجِئْتَنَا بِخُطوبٍ حُذٍّ أَي بأُمور مُنْكَرَةٍ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
يَقْري الأُمورَ الحُذَّ ذَا إِرْبَةٍ ... فِي لَيِّها شَزْراً وإِبْرامِها
أَي يَقْرِيهَا قَلْبًا ذَا إِربة. الأَزهري: وَالْقَلْبُ يُسَمَّى أَحَذَّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَلْبٌ أَحَذُّ ذَكِيٌّ خَفِيفٌ. وَسَهْمٌ أَحذ: خُفِّفَ غِراء نَصْله وَلَمْ يُفتق؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
أَورد حُذًّا تَسْبِقُ الأَبصارا، ... وكلَّ أُنثى حَمَلَتْ أَحجارا
يَعْنِي بالأُنثى الْحَامِلَةِ الأَحجار المنجنيقَ. الأَزهري: الأَحَذُّ اسْمُ عَرُوضٍ مِنْ أَعاريض الشِّعْرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مِنَ الْكَامِلِ مَا حُذِفَ مِنْ آخِرِهِ وتِدٌ تَامٌّ كَرَدِّ مُتَفاعِلُنْ إِلى مُتفا ونقله إِلى فَعِلُنْ، أَو مُتْفاعِلُنْ إِلى مُتْفا ونقله إِلى فَعْلُنْ، وَذَلِكَ لِخِفَّتِهَا بِالْحَذْفِ. وَزَادَهُ الأَزهري إِيضاحاً فَقَالَ: يَكُونُ صَدْرُهُ ثَلَاثَةَ أَجزاء مُتَفَاعِلُنْ، وَآخِرُهُ جُزْآنِ تَامَّانِ، وَالثَّالِثُ قَدْ حُذِفَ مِنْهُ عِلُنْ وَبَقِيَتِ الْقَافِيَةُ مُتَفَا فَجُعِلَتْ فَعِلُنْ أَو فَعْلُنْ كقول ضابىء:(3/483)
إِلَّا كُمَيْتاً كالقَناةِ وَضَابِيَا ... بالقَرْحِ بَيْنَ لَبانِهِ ويَدِه «1»
. وَكَقَوْلِهِ:
وحُرِمْتَ مِنَّا صاحِباً ومُؤازِراً، ... وأَخاً عَلَى السَّرَّاءِ والضُّرّ
وَالْقَصِيدَةُ حَذَّاءُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ أَبو إِسحق: سُمِّيَ أَحَذَّ لأَنه قَطْعٌ سريعٌ مستأْصلٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمِّيَ أَحَذَّ لأَنه لَمَّا قَطَعَ آخِرَ الْجُزْءِ قَلَّ وأَسْرَعَ انْقِضَاؤُهُ وَفَنَاؤُهُ. وجُزء أَحَذُّ إِذا كَانَ كَذَلِكَ. والأَحَذُّ؛ الشيءُ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ. وَقَصِيدَةٌ حذَّاء: سَائِرَةٌ لَا عَيْبَ فِيهَا وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَيْءٌ مِنَ الْقَصَائِدِ لِجَوْدَتِهَا. والحذَّاء: الْيَمِينُ الْمُنْكَرَةُ الشَّدِيدَةُ الَّتِي يُقْتَطَعُ بِهَا الْحَقُّ؛ قَالَ:
تَزَبَّدَها حذَّاءَ يَعْلَمُ أَنه ... هُوَ الكاذبُ الْآتِي الأُمورَ البَجارِيا «2»
الأَمر البُجْرِيُّ: العظيم المنكر الدي لَمْ يُرَ مِثْلُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْيَمِينُ الحَذَّاء الَّتِي يَحْلِفُ صَاحِبُهَا بِسُرْعَةٍ، وَمَنْ قَالَهُ بِالْجِيمِ يَذْهَبُ إِلى أَنه جَذَّها جَذَّ العَيْر الصِّلِّيانَةَ. ورَحِمٌ حَذَّاء وجَذَّاء؛ عَنِ الْفَرَّاءِ، إِذا لَمْ تُوصَلْ. وامرأَة حُذْحُذٌ وحُذْحُذَة: قَصِيرَةٌ. وقَرَبٌ حَذْحاذٌ وحُذاحِذ: بعيدٌ. وقال الأَزهري: قَرَبٌ حَذْحاذٌ سَرِيعٌ، أُخِذَ مِنَ الأَحَذِّ الْخَفِيفِ مِثْلُ حَثْحاثٍ. وخِمْسٌ حَذْحاذٌ: لَا فُتُورَ فِيهِ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن ذَالَهُ بَدَلٌ مِنْ ثاءِ حَثْحاثٍ؛ وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: لَيْسَ أَحدهما بَدَلًا مِنْ صَاحِبِهِ لأَن حَذْحاذاً مِنْ معنى الشيء الأَحَذّ، والحَثْحاتُ السريع، وقد تقدّم.
حمذ: الحُماذيّ: شِدَّةُ الْحَرِّ كالهَمَاذِيّ.
حنذ: حَنَذَ الجَدْيَ وَغَيْرَهُ يَحْنِذُه حَنْذاً: شَوَاهُ فَقَطْ، وَقِيلَ: سَمَطَهُ. ولحمٌ حَنْذٌ: مَشْوِيٌّ، عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ، وَكَذَلِكَ مَحْنُوذٌ وحَنِيذٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ
. قَالَ: مَحْنُوذٌ مَشْوِيٌّ. وَرَوَى فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ
، قَالَ: هُوَ الَّذِي يقطرُ مَاؤُهُ وَقَدْ شُوِيَ. قَالَ: وَهَذَا أَحسن مَا قِيلَ فِيهِ. الْفَرَّاءُ: الحَنْيذُ مَا حَفَرْتَ لَهُ فِي الأَرض ثُمَّ غَمَمْتَهُ، قَالَ: وَهُوَ مِنْ فِعْلِ أَهل الْبَادِيَةِ مَعْرُوفٌ؛ وَهُوَ مَحْنُوذٌ فِي الأَصل وَقَدْ حُنِذَ، فَهُوَ مَحْنُوذٌ، كَمَا قِيلَ: طَبِيخٌ وَمَطْبُوخٌ. وَقَالَ شَمِرٌ: الْحَنِيذُ الْمَاءُ السُّخْنُ؛ وأَنشد لِابْنِ مَيَّادَةَ:
إِذا باكَرَتْهُ بالحَنِيذَ غَواسلُهْ
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الْحَنِيذُ مِنَ الشِّواءِ النَّضِيجُ، وَهُوَ أَنْ تَدُسَّه فِي النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بِعِجْلٍ حَنِيذٍ أَي مَشْوِيٍّ بالرِّضافِ حَتَّى يَقْطُرَ عَرَقًا. وَحَنَذَتْهُ الشَّمْسُ وَالنَّارُ إِذا شَوَتَاهُ. والشِّواءُ المحنوذُ: الَّذِي قَدْ أُلقيت فَوْقَهُ الْحِجَارَةُ الْمَرْضُوفَةُ بِالنَّارِ حَتَّى يَنْشَوِيَ انْشِوَاءً شَدِيدًا فَيَتَهَرَّى تَحْتَهَا. شَمِرٌ: الْحَنِيذُ مِنَ الشِّواء الْحَارُّ الَّذِي يَقْطُرُ مَاؤُهُ وَقَدْ شُوِيَ. وَقِيلَ: الْحَنِيذُ مِنَ اللَّحْمِ الَّذِي يُؤْخَذُ فَيُقَطَّعُ أَعضاء وينصف لَهُ صَفيحُ الْحِجَارَةِ فَيقُابَلُ، يَكُونُ ارْتِفَاعُهُ ذِرَاعًا وعَرْضُه أَكْثَرَ مِنْ ذِرَاعَيْنِ فِي مَثَلِهِمَا، وَيُجْعَلُ لَهُ بَابَانِ ثُمَّ يُوقَدُ فِي الصَّفَائِحِ بِالْحَطَبِ «3» وَاشْتَدَّ حَرُّهَا وَذَهَبَ كُلُّ دُخَانٍ فِيهَا وَلَهَبٍ أُدخل فِيهِ اللَّحْمُ، وأُغلق البابان بصفيحتين قَدْ كَانَتَا قُدِّرَتا لِلْبَابَيْنِ ثُمَّ ضُرِبَتَا بِالطِّينِ وَبِفَرْثِ الشَّاةِ وأُدفئتا إِدفاءً شَدِيدًا
__________
(1) . قوله [وضابياً] كذا بالأَصل بالمثناة التحتية، وفي شرح القاموس ضابئاً، بالهمز، وهو الأَصل والياء تخفيف
(2) . وردت البجاريا في كلمة [زبد] بضم الباء والصواب فتحها.
(3) . هكذا بياض بالأَصل ولعل الساقط منه فإذا حميت.(3/484)
بِالتُّرَابِ فِي النَّارِ سَاعَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ كأَنه البُسرُ قَدْ تَبَرَّأَ اللحمُ مِنَ الْعَظْمِ مِنْ شِدَّةِ نُضْجِه؛ وَقِيلَ: الْحَنِيذُ أَن يَشْوِيَ اللَّحْمَ عَلَى الْحِجَارَةِ المُحْماةِ، وَهُوَ مُحْنَذٌ؛ وَقِيلَ: الْحَنِيذُ أَن يأْخذ الشَّاةَ فَيَقْطَعَهَا ثُمَّ يَجْعَلَهَا فِي كِرْشِهَا وَيُلْقِيَ مَعَ كُلِّ قِطْعَةٍ مِنَ اللَّحْمِ فِي الكَرِش رَضْفَةً، وَرُبَّمَا جَعَلَ فِي الْكِرْشِ قَدَحاً مِنْ لَبَنٍ حَامِضٍ أَو مَاءٍ لِيَكُونَ أَسلم لِلْكِرْشِ أَن يَنْقَدَّ، ثُمَّ يُخَلِّلُهَا بِخِلَالٍ وَقَدْ حَفَرَ لَهَا بُؤرَة وأَحماها فَيُلْقِي الْكِرْشَ فِي البؤْرة وَيُغَطِّيهَا سَاعَةً، ثُمَّ يُخْرِجُهَا وَقَدْ أَخذت مِنَ النُّضْجِ حَاجَتَهَا؛ وَقِيلَ: الْحَنِيذُ المشويُّ عَامَّةً، وَقِيلَ: الْحَنِيذُ الشِّواءُ الَّذِي لَمْ يُبالَغْ فِي نُضْجِه، والفِعْلُ كَالْفِعْلِ، وَيُقَالُ: هُوَ الشِّواء المَغْمُومُ الَّذِي يُحْنَذُ أَي يُغير، وَهِيَ أَقلها. التَّهْذِيبُ: الحَنْذُ اشْتِوَاءُ اللَّحْمِ بِالْحِجَارَةِ الْمُسَخَّنَةِ، تَقُولُ: حَنَذْتُه حَنْذاً وحَنَذَه يَحْنِذُه حَنْذاً. وأَحْنَذَ اللَّحْمَ أَي أَنْضَجَهُ. وحَنَذْتُ الشَّاةَ أَحْنِذُها حَنْذاً أَي شَوَيْتُهَا وَجَعَلْتُ فَوْقَهَا حِجَارَةً مُحْمَاةً لِتُنْضِجَهَا، وَهِيَ حَنِيذٌ؛ وَالشَّمْسُ تَحْنِذُ أَي تُحْرِقُ. والحَنْذُ: شِدَّةُ الْحَرِّ وَإِحْرَاقِهِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ حِمَارًا وأَتاناً:
حَتى إِذا مَا الصيفُ كَانَ أَمَجَا، ... ورَهِبَا مِنْ حَنْذِه أَنْ يَهْرَجَا
وَيُقَالُ: حَنذَتُه الشمسُ أَي أَحرقته. وحِناذٌ مِحْنَذٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَي حَرٌّ مُحْرِقٌ؛ قَالَ بَخْدَجٌ يَهْجُو أَبا نُخَيْلَةَ:
لَاقَى النُّخَيْلاتُ حِناذاً مِحْنَذا ... مِنِّي، وَشَلًّا لِلأَعادي مِشْقَذَا
أَي حَرًّا يُنْضِجُهُ وَيُحْرِقُهُ. وحَنَذَ الْفَرَسَ يَحْنِذه حَنْذاً. وحِناذاً، فَهُوَ مَحْنُوذٌ وَحَنِيذٌ: أَجراه أَو أَلقى عَلَيْهِ الجِلالَ لِيَعْرَقَ. والخيلُ تُحَنَّذُ إِذا أُلقيت عَلَيْهَا الجلالُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِتَعْرَقَ. الْفَرَّاءُ: وَيُقَالُ: إِذا سَقَيْتَ فَاحْنِذْ يَعْنِي أَخْفِسْ، يَقُولُ: أَقِلَّ الماءَ وأَكثر النبيذَ، وَقِيلَ: إِذا سَقَيْتَ فَاحْنِذْ أَي عَرِّقْ شَرَابَكَ أَي صُبَّ فِيهِ قليلَ مَاءٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَحْنَذَ، بِقَطْعِ الأَلف، قَالَ: وأَعْرَقَ فِي مَعْنَى أَخْفَسَ؛ وَذَكَرَ الْمُنْذِرِيُّ: أَن أَبا الْهَيْثَمِ أَنكر مَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ فِي الإِحْناذ أَنَّهُ بِمَعْنَى أَخْفَسَ وأَعْرَقَ وَعَرَفَ الإِخْفاسَ والإِعْراقَ. ابْنُ الأَعرابي: شَرَابٌ مُحْنَذٌ ومُخْفَسٌ ومُمْذًى ومُمْهًى إِذا أُكثر مِزاجُه بِالْمَاءِ، قَالَ: وَهَذَا ضِدُّ مَا قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَصل الحِناذِ مِنْ حِناذِ الْخَيْلِ إِذا ضُمِّرَتْ، قَالَ: وحِناذهُا أَن يُظاهَرَ عَلَيْهَا جُلٌّ فَوْقَ جُلٍّ حَتَّى تُجَلَّلَ بأَجْلالٍ خمسةٍ أَو سِتَّةٍ لِتَعْرَقَ الفرسُ تَحْتَ تِلْكَ الجِلالِ ويُخْرِجَ العرقُ شَحْمَها، كَيْ لَا يَتَنَفَّسَ تَنَفُّسًا شَدِيدًا إِذا جَرَى. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
أَنه أَتى بِضَبٍّ مَحْنوذ
أَي مَشْوِيٍّ؛ أَبو الهثيم: أَصله مِنْ حِناذِ الْخَيْلِ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: عَجَّلتْ قبلَ حَنيذها بِشوائها
أَي عَجَّلَتِ القِرى وَلَمْ تَنْتَظِرِ الْمَشْوِيَّ. وحَنَذَ الكَرْمُ: فُرِغَ مِنْ بَعْضِهِ، وحَنَذَ لَهُ يَحْنِذُ: أَقَلَّ الماءَ وأَكثر الشرابَ كأَخْفَسَ. وحَنَذْتُ الفرسَ أَحْنِذُه حَنْذاً، وَهُوَ أَن يُحْضِرَهُ شَوْطًا أَو شَوْطَيْنِ ثُمَّ يُظاهِرَ عَلَيْهِ الجِلالَ فِي الشَّمْسِ لِيَعْرَقَ تَحْتَهَا، فَهُوَ مَحْنُوذٌ وَحَنِيذٌ، وإِن لَمْ يَعْرَقْ قِيلَ: كَبَا. وحَنَذٌ: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالنُّونِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت بِوَادِي السِّتارَيْنِ مِنْ دِيَارِ بَنِي سَعْدٍ عينَ مَاءٍ عَلَيْهِ نَخْلٌ زَيْنٌ عَامِرٌ وَقُصُورٌ مِنْ قُصُورِ مِيَاهِ الأَعراب يُقَالُ لِذَلِكَ الْمَاءِ حَنِيذٌ، وَكَانَ نَشِيلُه حَارًّا فإِذا حُقِنَ فِي السِّقَاءِ(3/485)
وَعُلِّقَ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى تَضْرِبَهُ الرِّيحُ عَذُبَ وَطَابَ. وَفِي أَعْراضِ مَدِينَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ فِيهَا نَخْلٌ كَثِيرٌ يُقَالُ لَهَا حَنَذ؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ لِبَعْضِ الرُّجَّاز يَصِفُ النَّخْلَ وأَنه بِحِذَاءِ حَنَذ ويتأَبر مِنْهُ دُونَ أَن يُؤَبِّرَ، فَقَالَ:
تَأَبَّرِي يَا خَيْرَةَ الفَسيلِ، ... تَأَبَّري مِنْ حَنَذٍ فَشُولي،
إِذْ ضَنَّ أَهلُ النَّخلِ بالفُحول
وَمَعْنَى تَأَبَّرِي أَي تلقَّحي، وإِن لَمْ تُؤبَّري بِرَائِحَةِ حِرْقِ فَحاحِيلِ حَنَذ، وَذَلِكَ أَن النَّخْلَ إِذا كَانَ بِحِذَاءِ حَائِطٍ فِيهِ فُحَّالٌ مِمَّا يَلِي الْجَنُوبَ فإِنها تُؤَبَّرُ بِرَوَائِحِهَا وإِن لَمْ تُؤَبِّرْ؛ وَقَوْلُهُ فَشُولِي شَبَّهَهَا بِالنَّاقَةِ الَّتِي تُلْقَحُ فَتَشُول ذَنَبَهَا أَي تَرْفَعُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرَّجَزُ لأُحَيْحَة بْنِ الجُلاحِ، قَالَ: وَالْمَعْنَى تأَبري مِنْ روائح هذا النخل إِذا ضَنَّ أَهل النَّخْلِ بِالْفُحُولِ الَّتِي يُؤَبَّرُ بِهَا، وَمَعْنَى شُولِي ارْفَعِي مِنْ قَوْلِهِمْ شَالَتِ النَّاقَةُ بِذَنْبِهَا إِذا رَفَعَتْهُ لِلِّقَاحِ. وحَنّاذٌ: اسْمٌ.
حوذ: حاذَ يَحُوذ حَوْذاً كَحَاطَ حَوْطاً، والحَوْذُ: الطَّلْقُ. والحَوْذُ والإِحْواذُ: السيرُ الشَّدِيدُ. وَحَاذَ إِبله يَحُوذُهَا حَوْذاً: سَاقَهَا سَوْقًا شَدِيدًا كَحَازَهَا حَوْزًا؛ وَرُوِيَ هَذَا الْبَيْتُ:
يَحُوذُهُنَّ وَلَهُ حُوذيُ
فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ بأَن مَعْنَى قَوْلِهِ حُوذِيٌّ امْتِنَاعٌ فِي نَفْسِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف هَذَا إِلا هَاهُنَا، وَالْمَعْرُوفُ:
يَحُوزُهُنَّ وَلَهُ حُوزِيُّ
وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
فَمَنْ فَرَّغَ لَهَا قَلْبَهُ وَحَاذَ عَلَيْهَا، فَهُوَ مُؤْمِنٌ
أَي حَافِظٌ عَلَيْهَا، مِنْ حَاذَ الإِبل يَحُوذُهَا إِذا حَازَهَا وَجَمَعَهَا لِيَسُوقَهَا. وطَرَدٌ أَحْوَذُ: سَرِيعٌ؛ قَالَ بَخْدَجٌ:
لَاقَى النخيلاتُ حِناذاً مِحْنَذا ... مِنِّي، وَشَلًا للأَعادي مِشْقَذا،
وطَرَداً طَرْدَ النَّعَامِ أَحْوَذا
وأَحْوَذَ السيرَ: سَارَ سَيْرًا شَدِيدًا. والأَحْوَذِيُّ: السَّرِيعُ فِي كُلِّ مَا أَخَذَ فِيهِ، وأَصله فِي السَّفَرِ. والحَوْذُ: السَّوْقُ السَّرِيعُ، يُقَالُ: حُذْت الإِبل أَحُوذُها حَوْذاً وأَحْوَذْتها مِثْلُهُ. والأَحْوَذِيّ: الْخَفِيفُ فِي الشَّيْءِ بحذفه؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو، وَقَالَ يَصِفُ جَنَاحَيْ قَطَاةٍ:
عَلَى أَحْوَذِيَّينِ اسْتَقَلّتْ عَلَيْهِمَا، ... فَمَا هِيَ إِلا لَمْحَة فَتَغيب
وقال آخر:
أَتَتْكَ عَبْسٌ تَحْمِل المَشِيَّا، ... مَاءً مِنَ الطَّثْرَةِ أَحْوَذيَّا
يَعْنِي سَرِيعَ الإِسهال. والأَحْوَذيّ: الَّذِي يَسِيرُ مَسِيرَةَ عَشْرٍ فِي ثَلَاثِ لَيَالٍ؛ وأَنشد:
لَقَدْ أَكونُ عَلَى الحاجاتِ ذَا لَبَثِ، ... وأَحْوَذِيّاً إِذا انضمَّ الذّعالِيبُ
قَالَ: انْضِمَامُهَا انْطِوَاءُ بَدَنِهَا، وَهِيَ إِذا انْضَمَّتْ فَهِيَ أَسرع لَهَا. قَالَ: وَالذَّعَالِيبُ أَيضاً ذُيُولُ الثِّيَابِ. وَيُقَالُ: أَحْوَذَ ذَاكَ إِذا جَمَعَهُ وَضَمَّهُ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: اسْتَحْوَذَ عَلَى كَذَا إِذا حَوَاهُ. وأَحْوَذ ثَوْبَهُ: ضَمَّهُ إِليه؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ حِمَارًا وأُتناً:
إِذا اجْتَمَعَتْ وأَحْوَذَ جانِبَيْها ... وأَوردَهَا عَلَى عُوجٍ طِوال(3/486)
قَالَ: يَعْنِي ضَمَّهَا وَلَمْ يَفُتْهُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَعَنَى بالعُوج الْقَوَائِمَ. وأَمر مَحُوذ: مَضْمُومٌ مُحْكَمٌ كَمَحُوز، وجادَ مَا أَحْوَذ قصيدتَه أَي أَحكمها. وَيُقَالُ: أَحوذ الصَّانِعُ القِدْح إِذا أَخفه؛ وَمِنْ هَذَا أُخِذَ الأَحْوذيّ الْمُنْكَمِشُ الْحَادُّ الْخَفِيفُ فِي أُموره؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَهُوَ كَقِدْحِ المَنِيح أَحْوَذَه الصَّانعُ، ... يَنْفِي عَنْ مَتْنِه القُوَبَا
والأَحْوَذِيُّ: الْمُشَمِّرُ فِي الأُمور الْقَاهِرُ لَهَا الَّذِي لَا يَشِذُّ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ. والحَويذُ مِنَ الرِّجَالِ: الْمُشَمِّرُ؛ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حَطَّان:
ثَقْفٌ حَويذٌ مُبِينُ الكَفِّ ناصِعُه، ... لَا طَائِشُ الْكَفِّ وَقّاف وَلَا كَفِلُ
يُرِيدُ بالكَفِلِ الكِفْلَ. والأَحْوَذِيّ: الَّذِي يَغْلِب. واستَحْوَذ: غَلَبَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصِفُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ وَاللَّهِ أَحْوَذيّاً نَسِيجَ وحْدِه.
الأَحْوذِيّ: الْحَادُّ الْمُنْكَمِشُ فِي أُموره الْحَسَنُ لِسِيَاقِ الأُمور. وَحَاذَهُ يَحُوذه حَوْذًا: غَلَبَهُ. واستَحْوذ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ وَاسْتَحَاذَ أَي غَلَبَ، جَاءَ بِالْوَاوِ عَلَى أَصله، كَمَا جَاءَ اسْتَرْوحَ وَاسْتَصْوَبَ، وَهَذَا الْبَابُ كُلُّهُ يَجُوزُ أَن يُتَكَلَّم بِهِ عَلَى الأَصل. تَقُولُ الْعَرَبُ: اسْتَصاب واسْتَصْوَب واستَجاب واسْتَجْوب، وَهُوَ قِيَاسٌ مُطَّرِدٌ عِنْدَهُمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ
؛ أَي أَلم نَغْلِبْ عَلَى أُموركم وَنَسْتَوْلِ عَلَى مَوَدَّتِكُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلَا بَدْوٍ لَا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلَاةُ إِلا وَقَدِ اسْتَحْوَذ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ
أَي اسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَحَوَاهُمْ إِليه؛ قَالَ: وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ أَحد مَا جَاءَ عَلَى الأَصل مِنْ غَيْرِ إِعلال خارِجَةً عَنْ أَخواتها نَحْوَ اسْتَقَالَ وَاسْتَقَامَ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: امْتَنَعُوا مِنِ اسْتِعْمَالِ اسْتَحْوَذَ مُعْتَلًّا وإِن كَانَ الْقِيَاسُ دَاعِيًا إِلى ذَلِكَ مُؤْذِنًا بِهِ، لَكِنْ عَارَضَ فِيهِ إِجماعهم عَلَى إِخراجه مُصَحَّحًا لِيَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أُصول مَا غُيّر مِنْ نَحْوِهِ كَاسْتَقَامَ وَاسْتَعَانَ. وَقَدْ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَهُ تَعَالَى: اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ
، فَقَالَ: غَلَبَ عَلَى قُلُوبِهِمْ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، حِكَايَةً عَنِ الْمُنَافِقِينَ يُخَاطِبُونَ بِهِ الْكُفَّارَ: أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى أَلم نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ: أَلم نَسْتَوْلِ عَلَيْكُمْ بِالْمُوَالَاةِ لَكُمْ. وحاذَ الحمارُ أُتُنَه إِذا اسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَجَمَعَهَا وَكَذَلِكَ حَازَهَا؛ وأَنشد:
يَحُوذُهُنَّ وَلَهُ حُوذِيُ
قَالَ وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: اسْتَحْوَذَ خَرَجَ عَلَى أَصله، فَمَنْ قَالَ حَاذَ يَحُوذ لَمْ يَقُلْ إِلا اسْتَحَاذَ، وَمَنْ قَالَ أَحْوذَ فأَخرجه عَلَى الأَصل قَالَ اسْتَحْوَذَ. والحاذُ: الْحَالُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَغبط النَّاسِ المؤمنُ الخفيفُ الحاذِ
أَي خَفِيفُ الظَّهْرِ. والحاذانِ: مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الذنَب مِنْ أَدبار الْفَخِذَيْنِ، وَقِيلَ: خَفِيفُ الْحَالِ مِنَ الْمَالِ؛ وأَصل الحاذِ طَرِيقَةُ الْمَتْنِ مِنَ الإِنسان؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
ليأْتين عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُغْبَط الرَّجُلُ فِيهِ لِخِفَّةِ الحاذِ كَمَا يُغْبَطُ اليومَ أَبو العَشَرة
؛ ضربه مثلًا لقلة المال وَالْعِيَالِ. شَمِرٌ: يُقَالُ كَيْفَ حالُك وحاذُك؟ ابْنُ سِيدَهْ: والحاذُ طَرِيقَةُ الْمَتْنِ، وَاللَّامُ أَعلى مِنَ الذَّالِ، يُقَالُ: حالَ مَتْنُه وحاذَ مَتْنُه، وَهُوَ مَوْضِعُ اللِّبْدِ مِنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ. قَالَ: وَالْحَاذَانِ مَا اسْتَقْبَلَكَ مِنْ فَخِذَيِ الدَّابَّةِ إِذا اسْتَدْبَرْتَهَا؛ قَالَ:
وتَلُفُّ حاذَيْها بِذِي خُصَل ... رَيّانَ، مِثْلَ قَوادِمِ النَّسْر
قَالَ: والحاذانِ لحمتانِ فِي ظَاهِرِ الْفَخِذَيْنِ تَكُونَانِ فِي الإِنسان وَغَيْرِهِ؛ قَالَ:
خَفِيفُ الحاذِ نَسّالُ الفَيافي، ... وعَبْدٌ لِلصّحابَةِ غَيْرُ عَبْد(3/487)
الرِّيَاشِيُّ قَالَ: الحاذُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ الذنَب مِنَ الْفَخِذَيْنِ مِنْ ذَا الْجَانِبِ وَذَا الْجَانِبِ؛ وأَنشد:
وتَلُفّ حاذَيْها بِذِي خُصَل ... عَقِمَتْ، فَنِعْمَ بُنَيّةُ العُقْم
أَبو زَيْدٍ: الْحَاذُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الذَّنَبُ مِنْ أَدبار الْفَخِذَيْنِ، وَجَمْعُ الْحَاذِ أَحْواذ. والحاذُ والحالُ مَعًا: مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اللِّبْدِ مِنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ؛ وَضَرَبَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي قَوْلِهِ
مؤمنٌ خَفِيفُ الحاذِ قلةَ اللَّحْمِ
، مَثَلًا لِقِلَّةِ مَالِهِ وَقِلَّةِ عِيَالِهِ كَمَا يُقَالُ خَفِيفُ الظَّهْرِ. وَرَجُلٌ خَفِيفُ الْحَاذِ أَي قَلِيلُ الْمَالِ، وَيَكُونُ أَيضاً الْقَلِيلَ الْعِيَالِ. أَبو زَيْدٍ: الْعَرَبُ تَقُولُ: أَنفع اللَّبَنِ مَا وَليَ حاذَيِ النَّاقَةِ أَي سَاعَةَ تُحْلَبُ مِنْ غَيْرِ أَن يَكُونَ رضعها حُوار [حِوار] قَبْلَ ذَلِكَ. والحاذُ: نَبْتٌ، وَقِيلَ: شَجَرٌ عِظَامٌ يَنْبُت نِبْتَة الرِّمْثِ لَهَا غِصَنَةٌ كَثِيرَةُ الشَّوْكِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْحَاذُ مِنْ شَجَرِ الحَمْض يَعْظُمُ وَمَنَابِتُهُ السَّهْلُ وَالرَّمْلُ، وَهُوَ نَاجِعٌ فِي الإِبل تُخصِب عَلَيْهِ رَطْبًا وَيَابِسًا؛ قَالَ الرَّاعِي وَوَصَفَ إِبله:
إِذا أَخْلَفَتْ صَوْبَ الربيعِ وَصَالها ... عَرادٌ وحاذٌ مُلْبِسٌ كُلَّ أَجْرَعا «1»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَلف الْحَاذِ وَاوٌ، لأَن الْعَيْنَ وَاوًا أَكثر مِنْهَا يَاءً. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْحَاذُ شَجَرٌ، الْوَاحِدَةُ حَاذَةٌ مِنْ شَجَرِ الجنَبَة؛ وأَنشد:
ذواتِ أَمْطِيٍّ وذاتِ الحاذِ
والأَمطيّ: شَجَرَةٌ لَهَا صَمْغٌ يَمْضُغُهُ صِبْيَانُ الأَعراب، وَقِيلَ: الْحَاذَةُ شَجَرَةٌ يأْلفها بقَرُ الْوَحْشِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وهُنَّ جُنُوحٌ لِذِي حاذَة، ... ضَوارِبُ غِزْلانِها بالجُرن
وَقَالَ مُزَاحِمٌ:
دَعاهُنّ ذِكْرُ الحاذِ مِنْ رَمْل خَطْمةٍ ... فَمارِدُ فِي جَرْدائِهِنَّ الأَبارِقُ
والحَوْذانُ: نبت يَرْتَفِعُ قَدْرَ الذِّرَاعِ لَهُ زَهْرَةٌ حَمْرَاءُ فِي أَصلها صُفْرَةٌ وَوَرَقَتُهُ مُدَوَّرَةٌ وَالْحَافِرُ يَسْمُنُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ نَبَاتِ السَّهْلِ حُلْوٌ طَيِّبُ الطَّعْمِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّاعِرُ:
آكُلُ مِنْ حَوْذانِه وأَنْسَلْ
والحوْذانُ: نَبَاتٌ مِثْلُ الهِنْدِبا يَنْبُتُ مُسَطَّحًا فِي جَلَد الأَرض وَلِيَانِهَا لَازِقًا بِهَا، وَقَلَّمَا يَنْبُتُ فِي السَّهْلِ، وَلَهَا زَهْرَةٌ صَفْرَاءُ. وَفِي حَدِيثِ قُسِّ عُمَيْرٍ حَوْذان: الْحَوْذَانُ نَبْتٌ لَهُ وَرَقٌ وَقَصَبٌ ونَور أَصفر. وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ هَوَذَ: وَالْهَاذَةُ شَجَرَةٌ لَهَا أَغصان سَبْطَةٌ لَا وَرَقَ لَهَا، وَجَمْعُهَا الْهَاذُ؛ قَالَ الأَزهري: رَوَى هَذَا النَّضْرُ وَالْمَحْفُوظُ فِي بَابِ الأَشجار الْحَاذُ. وحَوْذان وأَبو حَوْذان: أَسماء رِجَالٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ:
أَتتك قَوافٍ مِنْ كِرِيمٍ هَجَوْتَهُ، ... أَبا الحَوْذِ، فَانْظُرْ كَيْفَ عَنْكَ تَذودُ
إِنما أَراد أَبا حَوْذَانَ فَحَذَفَ وَغَيَّرَ بِدُخُولِ الأَلف وَاللَّامِ؛ وَمِثْلُ هَذَا التَّغْيِيرِ كَثِيرٌ فِي أَشعار الْعَرَبِ كَقَوْلِ الْحُطَيْئَةِ:
جَدْلاء مُحْكَمَة مِنْ صُنْع سَلَّام
يُرِيدُ سُلَيْمَانَ فَغَيَّرَ مَعَ أَنه غَلِطَ فَنَسَبَ الدُّرُوعَ إِلى سُلَيْمَانَ وإِنما هِيَ لِدَاوُدَ؛ وَكَقَوْلِ النَّابِغَةِ:
ونَسْج سُلَيْمٍ كُلَّ قَضَّاءَ ذَائِلِ
يَعْنِي سُلَيْمَانَ أَيضاً، وَقَدْ غَلِطَ كَمَا غَلِطَ الْحُطَيْئَةُ؛ وَمِثْلُهُ فِي أَشعار الْعَرَبِ الْجُفَاةِ كَثِيرٌ، وَاحِدَتُهَا حَوْذانة وَبِهَا
__________
(1) . قوله [وصالها] كذا بالأَصل هنا وفي عرد. وقد وردت [أجرعا] في كلمة [عرد] بالحاء المهملة خطأ(3/488)
سُمِّي الرَّجُلُ؛ أَنشد يَعْقُوبُ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي الْهَمَّازِ:
لَوْ كَانَ حَوْذانةُ بالبلادِ، ... قَامَ بِهَا بالدّلْو والمِقَاطِ،
أَيّامَ أَدْعُو يَا بَنِي زِيَادِ ... أَزْرَقَ بَوّالًا عَلَى الْبِسَاطِ
مُنْجَحِراً مُنْجَحَرَ الصُّدَّادِ
الصُّدَّادُ: الوزَغُ؛ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: بأَبي زِيَادٍ؛ وَرُوِيَ:
أَوْرَقَ بَوَّالًا عَلَى الْبِسَاطِ
وَهَذَا هو الأَكفأُ.
فصل الخاء المعجمة
خذذ: التَّهْذِيبُ: أَهمله اللَّيْثُ، وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: خَذَّ الجُرْحُ خَذيذاً إِذا سَالَ منه الصَّديد.
خنذ: الخِنْذِيانُ: الْكَثِيرُ الشَّرِّ. وَرَجُلٌ خِنْذيذُ اللِّسَانِ: بَذِيُّه. والخنْذيذُ: الْفَحْلُ؛ قَالَ بِشْرٌ:
وخِنْذيذٍ تَرَى الغُرْمُولَ مِنْهُ ... كَطَيِّ الزِّقِّ عَلَّقهُ التِّجارُ
وَالْخِنْذِيذُ: الخصيُّ أَيضاً، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. ابْنُ سِيدَهْ: الْخِنْذِيذُ، بِوَزْنِ فِعْلِيلٍ، كأَنه بُنِيَ مِنْ خَنَذَ وَقَدْ أُمِيتَ فِعْلُه، وَهُوَ مِنَ الْخَيْلِ الْخَصِيُّ وَالْفَحْلُ؛ وَقِيلَ: الْخَنَاذِيذُ جِيَادُ الْخَيْلِ؛ قَالَ خُفافُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ مِنَ البَراجِمِ:
وبَراذِينَ كابِيَاتٍ، وأُتْنَا، ... وخَناذيذَ خِصْيَةً وفُحُولا
وَصَفَهَا بِالْجَوْدَةِ أَي مِنْهَا فَحَوْلٌ وَمِنْهَا خِصْيَانٌ، فَخَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ حَدِّ الأَضداد. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ أَن الْبَيْتَ لِخِفَافِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ، وَهُوَ لِلنَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ؛ وَقَبْلَهُ:
جَمَعُوا مِنْ نَوَافِلِ النَّاسِ سَيْباً، ... وَحَمِيرًا مَوْسُومَةً وخُيولا
قَالَ: وَجُعِلَ هَذَا الْبَيْتُ شَاهِدًا عَلَى أَن الْخِنْذِيذَ يَكُونُ غَيْرَ الْخَصِيِّ؛ قَالَ: والأَكثر فِي اللُّغَةِ أَن الخِنْذيذ هُوَ الْخَصِيُّ، وَقِيلَ: الْخِنْذِيذُ الطَّوِيلُ مِنَ الْخَيْلِ. ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ ضَخْمٍ مِنَ الْخَيْلِ وَغَيْرِهِ خِنْذِيذ، خَصِيًّا كَانَ أَو غَيْرَهُ؛ وأَنشد بَيْتَ بِشْرٍ:
وَخِنْذِيذٍ تَرَى الْغُرْمُولَ مِنْهُ
والخِنْذِيذُ: الشَّاعِرُ الْمُجِيدُ المُنَقِّح المُفْلِقُ. والخِنْذِيذُ: الشُّجَاعُ البُهْمَةُ الَّذِي لَا يُهْتَدَى لِقِتَالِهِ. والخِنْذيذ: السَّخِيُّ التَّامُّ السَّخَاءِ. وَالْخِنْذِيذُ: الْخَطِيبُ المُصْقِعُ. وَالْخِنْذِيذُ: السَّيِّدُ الْحَلِيمُ. وَالْخِنْذِيذُ: الْعَالِمُ بأَيام الْعَرَبِ وأَشعار الْقَبَائِلِ. وَرَجُلٌ خِنْظِيانٌ وخِنْذِيانٌ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَي فَحَّاشٌ. وَرَجُلٌ خِنْذيانٌ: كَثِيرُ الشَّرِّ. التَّهْذِيبُ: والخِنذيذ الْبَذِيُّ اللِّسَانِ مِنَ النَّاسِ، وَالْجَمْعُ الْخَنَاذِيذُ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْمَسْمُوعُ مِنَ الْعَرَبِ بِهَذَا الْمَعْنَى الخِنْذِيانُ والخِنْظِيانُ؛ وَقَدْ خَنْذَى وخَنْظى وحَنْظى وعَنْظَى إِذا خَرَجَ إِلى الْبَذَاءَةِ وسَلاطَة اللِّسَانِ؛ قَالَ: وَلَمْ أَسمع الخِنْذِيذَ بِهَذَا الْمَعْنَى. قَالَ: وَكَذَلِكَ خَنَاذِي الْجِبَالِ، وَاحِدَتُهَا خُنْذُوَةٌ، وَقِيلَ: خِنْذِيذُ الرِّيحِ إِعْصاره؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
نِسْعيَّة ذَاتُ خِنْذِيذٍ يُجاوِبُها ... نِسْعٌ لَهَا بِعِضاه الأَرض تَهْزِيرُ
نِسْعٌ ومِسْعٌ: مِنْ أَسماء الرِّيحِ الشَّمَالِ لِدِقَّةِ مَهَبِّهَا، شُبِّهَتْ بِالنَّسْعِ الَّذِي تَعْرِفُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: والخِنْذِيذ الْجَبَلُ الطَّوِيلُ الْمُشْرِفُ الضَّخْمُ، وَفِي الصِّحَاحِ: رأْس(3/489)
الْجَبَلِ الْمُشْرِفِ. وَخَنَاذِيذُ الجِبال: شُعَب دِقَاقُ الأَطراف طُوَالٌ فِي أَطرافها خِنْذيذة؛ فأَما قَوْلُهُ:
تَعْلُو أَواسِيَه خَناذِيذُ خِيَمْ
فَقَدْ تَكُونُ الْخَنَاذِيذُ هُنَا الْجِبَالَ الضِّخَامَ وتَكون الْمُشْرِفَةَ الطِّوَالَ. وَالْخَنَاذِيذُ: هِيَ الشَّمَارِيخُ الطِّوَالُ الْمُشْرِفَةُ، وَاحِدَتُهَا خِنْذِيذَةٌ. وَخَنَاذِيذُ الْغَيْمِ: أَطراف مِنْهُ مُشْرِفَةٌ شَاخِصَةٌ مُشَبَّهَةٌ بِذَلِكَ. والخُنْذُوَة: الشعْبَةُ مِنَ الْجَبَلِ، مَثَّلَ بِهَا سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهَا السِّيرَافِيُّ، قَالَ: وَوَجَدْتُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ حُنْذُوَةً، وَفِي بَعْضِهَا جُنْذُوَةً، وخُنذوة، بِالْخَاءِ مُعْجَمَةً، أَقعد بِذَلِكَ يَشْتَقُّهَا مِنَ الخِنْذِيذِ، وَحُكِيَتْ خِنْذُوَة، بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَهُوَ قَبِيحٌ لأَنه لَا يَجْتَمِعُ كَسْرَةٌ وَضَمَّةٌ بَعْدَهَا وَاوٌ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا إِلا سَاكِنٌ لأَنَّ السَّاكِنَ غَيْرُ معتدٍّ بِهِ فكأَنه خِذُوَة، وَحُكِيَتْ جِنْذِوَة وخِنْذِوَة وحِنْذِوَة، لُغَاتٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ حَكَاهُ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ؛ وَكَذَلِكَ وُجِدَ فِي بَعْضِ نُسَخِ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ وَهَذَا لَا يُعَضِّدُهُ الْقِيَاسُ وَلَا السَّمَاعُ، أَما الْكَسْرَةُ فإِنها تُوجِبُ قَلْبَ الْوَاوِ يَاءً، وإِن كَانَ بَعْدَهَا مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الإِعراب وَهُوَ الْهَاءُ، وَقَدْ نَفَى سِيبَوَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ؛ وأَما السَّمَاعُ فَلَمْ يَجِئْ لَهَا نَظِيرٌ وإِنما ذُكِرَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ وَالْجِيمِ لأَنَّ نُسَخَ كِتَابِ سِيبَوَيْهِ اخْتَلَفَتْ فِيهَا.
خوذ: المُخاوَذَةُ: الْمُخَالَفَةُ إِلى الشَّيْءِ. خَاوَذَهُ خِوَاذاً وَمُخَاوَذَةً: خَالَفَهُ. يُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ خَاوَذُونَا إِلى الْمَاءِ أَي خَالَفُونَا إِليه. الأُمَوِيُّ: خاوَذْته مُخَاوَذَة فَعَلْتَ مِثْلَ فِعْلِهِ، وأَنكر شَمِرٌ خَاوَذْتُ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَذَكَرَ أَن المُخاوَذَة والخِواذ الفِراقُ، وأَنشد:
إِذا النَّوَى تَدْنُو عَنِ الخِوَاذِ
وخَاوَذَتْه الحُمَّى خِوَاذاً: أَخذته ثُمَّ انْقَطَعَتْ عَنْهُ ثُمَّ عَاوَدَتْهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَقِيلَ: مُخَاوَذَتُهَا إِياه تَعَهُّدُهَا لَهُ، وَقِيلَ: خِواذُ الْحُمَّى أَن تأْتي لِوَقْتٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ. الْفَرَّاءُ: الْحُمَّى تُخَاوذه إِذا حُمَّ فِي الأَيام. وَفُلَانٌ يُخَاوِذُنا بِالزِّيَارَةِ أَي يَتَعَهَّدُنَا بِالزِّيَارَةِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَسَمَاعِي مِنَ الْعَرَبِ فِي الخِواذِ أَن حِلَّتَين نَزَلَتَا عَلَى مَاءٍ عَضُوضٍ لَا يَرْوِي نَعَمَهُما فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَسَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ: خَاوِذُوا وِرْدَكم تَرْوُوا نَعَمَكمْ؛ وَمَعْنَاهُ أَن يُورِدَ فَرِيقٌ نَعَمَه يَوْمًا ونَعَم الْآخَرِينَ فِي الرَّعْيِ، فإِذا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَورد الْآخَرُونَ نَعَمَهُمْ، فإِذا فَعَلُوا ذَلِكَ شَرِبَ كلُّ مَالٍ غِبّاً لأَنَّ الْمَالَيْنِ إِذا اجْتَمَعَا عَلَى الْمَاءِ نَزَحَ فَلَمْ يَرْوُوا، وَكَانَ صَدَرُهم عَنْ غيرِ رِيٍّ، فَهَذَا مَعْنَى الخِوَاذِ عِنْدَهُمْ. وَهُوَ مِنْ خُوذَانِهم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَي مِنْ خُشارِهم وخَمَّانهم. وَيُقَالُ: ذَهَبَ فُلَانٌ فِي خُوذانِ الْخَامِلِ إِذا أُخر عَنْ أَهل الْفَضْلِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
إِذا سَبَّنَا مِنْهُمْ دَعِيٌّ لأُمِّهِ ... خليلانِ مِنْ خُوذَانَ قِنٌّ مُوَلَّدُ
وَفِي النَّوَادِرِ: أَمر خائذ لَائِذٌ، وأَمر مُخَاوِذٌ مُلاوِذٌ إِذا كَانَ مُعْوِزاً. وخَاوَذَ عَنْهُ إِذا تَنَحَّى؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
وَخَاوَذَ عَنْهُ فلم يعانها «2» .
فصل الدال المهملة
دبذ: الدَّيابُوذُ: ثَوْبٌ»
يُنْسَجُ بِنِيرَيْنِ كأَنه جَمْعُ دَيْبُوذ عَلَى فَيْعُول؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ دوبوذ؛ وأَنشد الأَعشى يَصِفُ الثَّوْرَ:
__________
(2) . كذا بالأَصل
(3) . قوله [ثوب] كذا بالأَصل والصحاح، والمناسب ثياب ينسج واحدها بنيرين جمع ديبوذ(3/490)
عَلَيْهِ دَيَابُوذٌ تَسَرْبَلَ تَحْتَهُ ... أَرَنْدَجَ إِسْكافٍ يُخَالِطُ عِظْلِمَا
قَالَ: وَرُبَّمَا عَرَّبُوهُ بِدَالٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ.
دوذ: الدَّاذِيُّ: نَبْتٌ، وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ لَهُ عُنْقود مُسْتَطِيلٌ وَحَبُّهُ عَلَى شَكْلِ حَبِّ الشَّعِيرِ يُوضَعُ مِنْهُ مِقْدَارُ رِطْلٍ فِي الفَرَق فَتَعْبَقُ رَائِحَتُهُ وَيَجُودُ إِسكاره؛ قَالَ:
شَرِبنا مِنَ الدَّاذِيِّ حَتَّى كأَننا ... مُلوكٌ، لَنَا بَرُّ العِراقَيْنِ والبحرُ
جَاءَ عَلَى لَفْظِ النَّسَبِ وَلَيْسَ بِنَسَبٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قَضَيْنَا بأَن أَلفه وَاوٌ لكونها عيناً.
فصل الراء المهملة
ربذ: الرَّبَذُ: خِفَّةُ الْقَوَائِمِ فِي الْمَشْيِ وَخِفَّةُ الأَصابع فِي الْعَمَلِ؛ تَقُولُ: إِنه لَرَبِذٌ. ورَبِذَتْ يَدُهُ بِالْقِدَاحِ تَرْبَذُ رَبَذاً أَي خَفَّتْ. والرَّبِذُ: الْخَفِيفُ الْقَوَائِمِ فِي مَشْيِهِ، والرَّبَذُ: خِفَّةُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فِي الْعَمَلِ وَالْمَشْيِ. رَبِذَ رَبَذاً، فَهُوَ رَبِذٌ. والرَّبَذُ: العِهْنُ يُعَلَّقُ عَلَى النَّاقَةِ. الْفَرَّاءُ: الرَّبَذُ العُهُون الَّتِي تُعَلَّقُ فِي أَعناق الإِبل، وَاحِدَتُهَا رَبَذَةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الرَّبَذَةُ والرِّبْذَةُ الْعِهْنَةُ تُعَلَّقُ فِي أُذن الشَّاةِ أَو الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ؛ الأُولى عَنْ كُرَاعٍ، قَالَ: وَجَمْعُهَا رَبَذٌ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَنه اسْمُ لِلْجَمْعِ كَمَا حكاه سيبوبه مِنْ حَلَق فِي جَمْعِ حَلْقَةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: والرِّبْذَة وَاحِدَةُ الرِّبَذ، وَهِيَ عُهُونٌ تُعَلَّقُ فِي أَعناق الإِبل؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ نَوَادِرِ الْفِعْلِ. والرَّبَذَة: الْخِرْقَةُ يُهْنأُ بِهَا، تَمِيمِيَّةٌ، وَقِيلَ هِيَ الصُّوفَةُ يُهْنأُ بِهَا الْجَرَبُ. والرِّبْذَةُ: خِرْقَةُ الْحَائِضِ وَخِرْقَةُ الصَّائِغِ الَّتِي يَجْلُو بِهَا الْحِلَى؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
قَبَّحَ اللَّهُ ثُمَّ ثَنَّى بِلَعْنٍ ... رِبْذَةَ الصَّائِغ الجَبانِ الجَهولا
وَقِيلَ: هِيَ الصُّوفَةُ يُطْلَى بِهَا الجَرْبَى ويهنأُ بِهَا الْبَعِيرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا عَقِيدَ اللُّؤمِ لَوْلا نِعْمَتي، ... كنتَ كالرِّبْذَةِ مُلْقًى بالفِناء
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَتَبَ إِلى عَامِلِهِ عَدِيِّ بْنِ أَرطاة: إِنما أَنت رِبْذَةٌ مِنَ الرِّبَذِ
؛ قَالَ هُوَ بِمَعْنَى إِنما نُصِبت عَامِلًا لِتُعَالِجَ الأُمور برأْيك وتجلوَها بِتَدْبِيرِكَ، وَقِيلَ: هِيَ خِرْقَةُ الْحَائِضِ فَيَكُونُ قَدْ ذَمَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَنَالَ مِنْ عِرْضِهِ، وَقِيلَ: هِيَ صُوفَةٌ مِنَ الْعِهْنِ تُعَلَّقُ فِي أَعناق الإِبل وَعَلَى الْهَوَادِجِ وَلَا طَائِلَ لَهَا، فَشَبَّهَهُ بِهَا أَنه مِنْ ذَوِي الشَّارَةِ وَالْمَنْظَرِ مَعَ قِلَّةِ النَّفْعِ وَالْجَدْوَى. وكلُّ شَيْءٍ قذِرٍ: رِبْذَةٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنما أَنت رِبْذَةٌ مِنَ الرِّبَذِ أَي مُنْتِنٌ لَا خَيْرَ فِيكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَجُلٌ رِبْذَة لَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّتْنَ. والرِّبْذَةُ: صِمامة الْقَارُورَةِ، وَجَمْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ رِبَذٌ ورِباذ. والرِّبْذَةُ: الشِّدَّةُ وَالشَّرُّ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ الْقَوْمِ. وَبَيْنَهُمْ رَباذِية أَي شَرٌّ؛ قَالَ زِيَادٌ الطَّمَّاحِيُّ:
وكانَتْ بَيْنَ آلِ أَبي أُبَيٍّ ... رَباذِيَةٌ، فَأَطْفَأَها زِيادُ
قَوْلُهُ: فأَطفأَها زِيَادٌ يَعْنِي نَفْسَهُ. وَجَاءَ رَبِذَ العِنانِ أَي مُنْفرداً مُنْهَزماً؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَقَوْلُ هِشَامٍ الْمُزَنِيِّ:
تَرَدَّدُ فِي الدِّيَارِ تَسُوقُ نَابًا، ... لهَا حَقَبٌ تَلَبَّسَ بالبِطانِ(3/491)
وَلَمْ تَرْمِ ابنَ دارَةَ عَنْ تمِيم، ... غَداةَ تَرَكْته رَبِذَ العِنانِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: تَرَكْتُهُ خَالِيًا مِنَ الهِجاء؛ يَقُولُ: إِنما عَمَلُكَ أَن تَبْكِيَ فِي الدِّيَارِ وَلَا تَذُبَّ عَنْ نَفْسِكَ. أَبو سَعِيدٍ: لِثة رَبِذَة قَلِيلَةُ اللَّحْمِ؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
تَخَلْهُ فِلَسْطِيّاً إِذا ذُقْتَ طَعْمَهُ ... عَلَى رَبَذاتِ النِّيِّ، حُمْشٌ لِثاتها
قَالَ: النِّيُّ اللَّحْمُ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: ربَذاتِ النِّيّ: مِنَ الرُّبْذَةِ وَهِيَ السَّوَادُ. قَالَ ابْنُ الأَنباري: النِّيُّ الشَّحْمُ مِنْ نَوَتِ النَّاقَةُ إِذا سَمِنت. قَالَ: والنِّيءُ، بِالْهَمْزِ، اللَّحْمِ الَّذِي لَمْ يُنْضَجْ؛ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَفَرَسٌ رَبِذٌ: سَرِيعٌ. وَفُلَانٌ ذُو رَبِذاتٍ أَي كَثِيرُ السَّقَطِ فِي كَلَامِهِ. والرَّبَذَةُ: قَرْيَةٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: مَوْضِعٌ بِهِ قَبْرُ أَبي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّبَذِيّ الْوَتَرُ يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُصنع بالرَّبَذَةِ؛ قَالَ: والأَصل مَا عُمِلَ بِهَا؛ وأَنشد لِعُبَيْدِ بْنِ أَيوب وَهُوَ مِنْ لُصُوصِ الْعَرَبِ:
أَلم تَرَني حالفتُ صَفْراءَ نَبْعَةً، ... لَهَا رَبَذِيٌّ لَمْ تُفَلَّلْ مَعابِلُه؟
والرَّبَذِيَّةُ: الأَصبحِيَّة مِنَ السِّياط. وأَرْبَذَ الرجلُ إِذا اتَّخَذَ السِّياط الرَّبَذِية؛ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: سَوْطٌ ذُو رُبَذٍ، وَهِيَ سُيُورٌ عِنْدَ مقدّم جلد السوط.
رذذ: الرَّذاذ، الْمَطَرُ، وَقِيلَ: السَّاكِنُ الدَّائِمُ الصِّغَارُ الْقَطْرِ كأَنه غُبَارٌ، وَقِيلَ: هُوَ بَعْدَ الطَّلِّ. قَالَ الأَصمعي: أَخف الْمَطَرِ وأَضعفه الطَّلُّ ثُمَّ الرَّذاذُ، والرَّذاذُ فَوْقَ القِطْقِطِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّ هَفْتَ القِطْقِطِ المنثورِ، ... بَعْدَ رَذَاذ الدِّيمَةِ الدَّيْجُورِ،
عَلَى قَرَاهُ فِلَقُ الشُّذُورِ
فَجَعَلَ الرَّذَاذَ لِلدِّيمَةِ، وَاحِدَتُهُ رَذَاذَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَصاب أَصحاب مُحَمَّدٍ يَوْمَ بَدْرٍ إِلا رَذاذٌ لَبَّد لَهُمُ الأَرض
؛ الرَّذَاذُ: أَقل الْمَطَرِ، قِيلَ: هُوَ كَالْغُبَارِ؛ وأَما قَوْلُ بَخْدَجٌ يَهْجُو أَبا نُخَيْلَةَ:
لَاقَى النخيلاتُ حِناذاً مِحْنَذا ... مِنِّي، وشَلًّا للأَعادي مِشْقَذَا
وقافِياتٍ عارماتٍ شُمَّذَا، ... مِنْ هاطِلاتٍ وَابِلًا ورَذَذَا
فإِنه أَراد رَذَاذًا فَحُذِفَ لِلضَّرُورَةِ كَقَوْلِ الْآخَرِ:
مَنَازِلُ الْحَيِّ تُعْفِي الطِّلَل
أَراد الطِّلالَ فَحُذِفَ، وَشَبَّهَ بَخْدَجٌ شِعْرَهُ بِالرَّذَاذِ فِي أَنه لَا يَكَادُ يَنْقَطِعُ، لَا أَنه عَنَى بِهِ الضَّعِيفَ بَلْ يَشْتَدُّ مَرَّةً فَيَكُونُ كَالْوَابِلِ، وَيَسْكُنُ مَرَّةً فَيَكُونُ كَالرَّذَاذِ الَّذِي هُوَ دَائِمٌ سَاكِنٌ. ويومٌ مُرِذٌّ وَقَدْ أَرَذَّت السَّمَاءُ وأَرض مُرَذٌّ عَلَيْهَا ومُرَذَّةٌ ومَرْذوذَةٌ؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقَدْ أَرَذَّتْ، فَهِيَ تُرِذُّ إِرْذَاذاً ورَذَاذاً، وأَرَذَّتِ العينُ بِمَائِهَا وأَرَذَّ السِّقاءُ إِرْذَاذاً إِذا سَالَ مَا فِيهِ. وأَرَذَّتِ الشَّجَّةُ إِذا سَالَتْ؛ وَكُلُّ سَائِلٍ: مُرذٌّ. قَالَ الأَصمعي: لَا يُقَالُ أَرض مُرَذَّة وَلَا مَرْذُوذَةٌ، وَلَكِنْ يُقَالُ: أَرض مُرَذٌّ عَلَيْهَا. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: أَرض مُرَذَّةٌ ومَطْلُولَةٌ. الأُموي: يَوْمٌ مُرِذ وَذُو رَذاذٍ.(3/492)
روذ: الرَّوْذَةُ: الذَّهَابُ وَالْمَجِيءُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَكَذَا قَيَّدَ الْحَرْفَ فِي نُسْخَةٍ مُقَيَّدَةٍ بِالذَّالِ؛ قَالَ: وأَنا فِيهَا وَاقِفٌ وَلَعَلَّهَا رَوْدَةٌ مِنْ رادَ يَرُودُ. وَراذانُ: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَلِفها وَاوٌ لأَنها عَيْنٌ، وَانْقِلَابُ الأَلف عَنِ الْوَاوَ عَيْنًا أَكثر مِنَ انْقِلَابِهَا عَنِ الْيَاءِ. وأَصل رَاذانَ رَوَذَان، ثُمَّ اعْتَلَّتِ اعْتِلَالَ مَاهَانِ وَدَارَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَوَاضِعِهِ فِي الصَّحِيحِ عَلَى قَوْلِ مَنِ اعْتَقَدَ نُونَهَا أَصلًا، كَطَاءِ سَابَاطٍ، وإِنه إِنما تَرَكَ صَرْفُهُ لأَنه اسْمٌ لِلْبُقْعَةِ.
فصل الزاي
زمرذ: الزُّمُرُّذُ، بِالذَّالِ: مِنَ الْجَوَاهِرِ، مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ زُمُرُّذَةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الزُّمُرُّذُ، بِالضَّمِّ، الزَّبَرْجَدُ، والراء مضمومة «1» مشددة.
فصل السين المهملة
سبذ: قَالَ الأَزهري فِي تَرْتِيبِهِ: أُهملت السِّينُ مَعَ الطَّاءِ وَالدَّالِ وَالثَّاءِ إِلى آخِرِ حُرُوفِهَا فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ مِنْ جَمِيعِ وُجُوهِهَا شَيْءٌ فِي مُصاص كَلَامِ الْعَرَبِ؛ فأَما قَوْلُهُمْ هَذَا قَضَاءُ سَذوم، بِالذَّالِ، فإِنه أَعجمي؛ وَكَذَلِكَ البُسَّذُ لِهَذَا الْجَوْهَرِ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ؛ وَكَذَلِكَ السَّبَذَة فَارِسِيٌّ. ابْنُ الأَثير: فِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَسْبَذِيِّينَ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؛ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ مِنَ الْمَجُوسِ لَهُمْ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ الْجِزْيَةِ
؛ قِيلَ: كَانُوا مُسَلَّحَةً لِحِصْنِ المُشَقّرِ مِنْ أَرض الْبَحْرِينِ، الْوَاحِدُ أَسْبَذِيٌّ والجمع الأَسابِذَةُ.
فصل الشين المعجمة
شبرذ: نَاقَةٌ شَبَرْذاةٌ وَشَمَرْذَاةٌ: نَاجِيَةٌ سَرِيعَةٌ؛ قَالَ مِرْدَاسٌ الزُّبَيْرِيُّ:
لَمَّا أَتانا رَامِعًا قِبِرَّاهْ ... عَلَى أَمونٍ جَسْرَةٍ شَبَرْذاهْ
والشَّبَرْذى والشَّمَرْذى: السَّرِيعُ فِيمَا أَخذ فِيهِ. والشَّبَرْذى: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:
لَقَدْ أُوقِدَتْ نارُ الشَّبَرْذى بأَرْؤسٍ ... عِظامِ اللِّحى، مُعْرَنْزِماتِ اللَّهازِمِ
وَيُرْوَى الشَّمَرْذى، وَالْمِيمُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ.
شجذ: الشَّجْذَة: المَطرةُ الضَّعِيفَةُ، وَهِيَ فَوْقَ البَغْشَةِ. وأَشجذت السَّمَاءُ: سَكَنَ مَطَرُهَا وَضَعُفَ؛ قَالَ إِمرؤ الْقَيْسِ يَصِفُ دِيمَةً:
تُخْرِجُ الوَدَّ إِذا مَا أَشْجَذَت، ... وتُوارِيهِ إِذَا مَا تَشْتَكِرْ
الوَدّ: جَبَلٌ مَعْرُوفٌ. وَتَشْتَكِرُ: يَشْتَدُّ مَطَرُهَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: تَعْتَكِرُ؛ يَقُولُ: إِذا أَقلعت هَذِهِ الدِّيمَةُ طَهُرَ الوَتِدُ، فإِذا عَادَتْ مَاطِرَةً وَارَتْهُ. الأَصمعي: أَشْجَذَ المطرُ مُنْذُ حِينٍ أَي نأَى وَبَعُدَ وأَقلع بَعْدَ إِثْجامِهِ. وَيُقَالُ: أَشجذت الْحُمَّى إِذا أَقلعت.
شحذ: اللَّيْثُ: الشَّحْذُ التَّحْدِيدُ. شحَذ السكينَ والسيفَ وَنَحْوَهُمَا يَشْحَذُه شَحْذاً: أَحَدَّه بالمِسَنِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُخرج حَدَّه، فَهُوَ شَحِيذٌ وَمَشْحُوذٌ؛ وأَنشد:
يَشْحَذُ لَحْيَيْهِ بِنابٍ أَعْصَلِ
والمِشْحَذُ: المِسَنُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَلُمِّي المُدْيَةَ واشْحَذيها.
وَرَجُلٌ شُحْذُوذٌ: حَدِيدٌ نَزِقٌ. وشَحَذَ الجوعُ مَعِدَتَه: ضَرَّمَهَا وَقَوَّاهَا عَلَى الطَّعَامِ وأَحَدَّها. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّحْذَانُ، بِالتَّحْرِيكِ، الْجَائِعُ، وهو من
__________
(1) . قوله [والراء مضمومة إلخ] وعن الأزهري فتح الراء أيضاً نقله شارح القاموس.(3/493)
ذَلِكَ. وشَحَذَه بِعَيْنِهِ: أَحَدَّها إِليه وَرَمَاهُ بِهَا حَتَّى أَصابه بِهَا؛ قَالَ وَكَذَلِكَ ذَرَقْتُه وحَدَجْتُه وشَحَذْتُه أَي سُقْتَهُ سَوْقاً شَدِيدًا؛ وَسَائِقٌ مِشْحَذ؛ قَالَ أَبو نُخَيلة:
قُلْتُ لإِبليس وَهَامَانَ: خُذَا ... سُوقا بَنِي الجَعْراءِ سَوْقاً مِشْحَذا
واكْتَنِفاهُم مِنْ كَذَا وَمِنْ كَذَا، ... تَكَنُّفَ الرِّيحِ الجَهَامَ الرَّذَذَا
ومَرَّ يَشْحَذُهم أَي يَطْرُدُهُمْ. وَرَجُلٌ شَحْذَانُ: سَوَّاقٌ. وَفُلَانٌ مَشْحُوذٌ عَلَيْهِ أَي مَغْضُوبٌ عَلَيْهِ؛ قَالَ الأَخطل:
خَيَالٌ لأَرْوى والرَّباب، وَمَنْ يَكُنْ ... لَهُ عِنْدَ أَرْوَى والرَّباب تُبُولُ
يَبِتْ، وَهُوَ مَشْحُوذٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَرى ... إِلى بَيْضَتَيْ وَكْرِ الأَنُوقِ سَبِيلُ
ابْنُ شُمَيْلٍ: المِشْحاذُ الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ فِيهَا حَصًى نَحْوَ حَصَى الْمَسْجِدِ وَلَا جَبَلَ فِيهَا؛ قَالَ: وأَنكر أَبو الدُّقيش المِشْحاذَ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: المِشْحاذ الأَكَمَةُ القَرْوَاءُ الَّتِي لَيْسَتْ بِضَرِسَة الْحِجَارَةِ وَلَكِنَّهَا مُسْتَطِيلَةٌ فِي الأَرض وَلَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ وَلَا سَهْلٌ. أَبو زَيْدٍ: شَحَذَتِ السماءُ تَشْحَذُ شَحْذاً وَحَلَبَتْ حَلْبًا، وَهِيَ فَوْقَ البَغْشَة. وَفِي النَّوَادِرِ: تَشَحَّذَني فلانٌ وتَرَعَّفَني أَي طَرَدَنِي وعَنَّاني.
شخذ: أَشْخَذَ الكلبَ: أَغراه، يمانية.
شذذ: شَذَّ عَنْهُ يَشِذُّ ويَشُذُّ شُذُوذًا: انْفَرَدَ عَنِ الْجُمْهُورِ وَنَدَرَ، فَهُوَ شاذٌّ، وأَشذَّه غَيْرُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: شَذَّ الشَّيءُ يَشِذُّ ويَشُذُّ شَذّاً وشُذوذاً: نَدَرَ عَنْ جُمْهُورِهِ؛ وشَذَّه هُوَ يَشُذُّه لَا غَيْرُ، وأَشَذَّهُ؛ أَنشد أَبو الْفَتْحِ بْنُ جِنِّي:
فَأَشَذَّني لِمُرُورِهِمْ، فَكَأَنني ... غُصْنٌ لأَوَّل عاضدٍ أَو عاسِفِ
قَالَ: وأَبى الأَصمعي شَذَّهُ. وَسَمَّى أَهلُ النَّحْوِ مَا فَارَقَ مَا عَلَيْهِ بَقِيَّةُ بَابِهِ وَانْفَرَدَ عَنْ ذَلِكَ إِلى غَيْرِهِ شَاذًّا، حَمْلًا لِهَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى حُكْمِ غيره، وجاؤوا شُذَّاذاً أَي قِلالًا. وَقَوْمٌ شُذَّاذ إِذا لَمْ يَكُونُوا فِي مَنَازِلِهِمْ وَلَا حَيِّهِمْ. وشُذَّانُ النَّاسِ: مَا تَفَرَّقَ مِنْهُمْ. وشُذَّاذُ النَّاسِ: الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي الْقَوْمِ لَيْسُوا فِي قَبَائِلِهِمْ وَلَا مَنَازِلِهِمْ. وشُذَّاذُ الناس: متفرقوهم. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ وَذَكَرَ قَوْمَ لُوطٍ فَقَالَ: ثُمَّ أَتبع شُذَّانَ الْقَوْمِ صَخْراً مَنْضُوداً
أَي مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ وَخَرَجَ عَنْ جَمَاعَتِهِ. قَالَ: وشُذَّان جَمْعُ شَاذٍّ مِثْلُ شَابٍّ وشُبَّان، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الشِّينِ، وَهُوَ الْمُتَفَرِّقُ مِنَ الْحَصَى وَغَيْرِهِ. ويقالُ: مَنْ قَالَ شُذَّان، فَهُوَ جَمْعُ شَاذٍّ، وَمَنْ قَالَ شَذَّان، فَهُوَ فَعْلانُ، وَهُوَ مَا شَذَّ مِنَ الْحَصَى. ويقالُ: شُذَّان وإِنما يُقَالُ شُذَّان، بِالضَّمِّ، لَا يُجْمَعُ «2» عَلَى فَعلان. ابْنُ سِيدَهْ: وشُذَّان الْحَصَى وَنَحْوِهِ مَا تَطَايَرَ مِنْهُ. وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: شَذَّان الْحَصَى؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تُطاير شَذَّانَ الحَصى بِمَناسِم ... صِلاب العُجى، مَلْثومها غَيرُ أَمعرا
الْجَوْهَرِيُّ: شَذان الْحَصَى، بِالْفَتْحِ وَالنُّونِ، الْمُتَفَرِّقُ مِنْهُ؛ وَقَالَ:
يَتْرُكْنَ شَذَّانَ الحَصى جَوافِلا
__________
(2) . قوله [وَإِنَّمَا يُقَالُ شُذَّانُ بِالضَّمِّ لا يجمع إلخ] كذا بالنسخة المعتمد عليها عندنا، ولعل فيها سقطاً والأَصل والله أعلم. وَإِنَّمَا يُقَالُ شُذَّانُ بِالضَّمِّ لأَن فَاعِلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى فَعْلَانَ يعني بفتح الفاء.(3/494)
وشَذَّانُ الإِبل وشُذَّانُها: مَا افْتَرَقَ مِنْهَا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
شُذَّانُها رَائِعَةٌ لِهَدْرِه
رَائِعَةٌ: مُرْتَاعَةٌ. اللَّيْثُ: شَذَّ الرَّجُلُ إِذا انْفَرَدَ عَنْ أَصحابه؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ مُنْفَرِدٍ، فَهُوَ شَاذٌّ؛ وَكَلِمَةٌ شَاذَّةٌ. وَيُقَالُ: أَشْذَذْتَ يَا رَجُلُ إِذا جَاءَ بِقَوْلٍ شاذٍّ نادٍّ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ مَا يَدَعُ فُلَانٌ شَاذًّا وَلَا نَادًّا إِلا قَتَلَهُ إِذا كَانَ شُجَاعًا لَا يَلْقَاهُ أَحد إِلا قَتَلَهُ. وَيُقَالُ: شَاذٌّ أَي متنحٍّ.
شعذ: الشَّعْوَذَةُ: خِفَّةٌ فِي الْيَدِ وأُخْذٌ كَالسِّحْرِ يُري الشيءَ بِغَيْرِ مَا عَلَيْهِ أَصله فِي رأْي الْعَيْنِ؛ وَرَجُلٌ مُشَعْوِذٌ ومُشَعْوَذٌ وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْبَادِيَةِ. والشَّعْوَذَةُ: السُّرْعَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الْخِفَّةُ فِي كُلِّ أَمْرٍ. والشَّعْوَذِيُّ: رَسُولُ الأُمراء فِي مُهِمَّاتِهِمْ عَلَى الْبَرِيدِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْهُ لِسُرْعَتِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الشَّعْوَذَةُ والشَّعْوَذيُّ مُسْتَعْمَلٌ وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ أَهل الْبَادِيَةِ.
شقذ: الشَّقْذ [الشَّقِذ] والشَّقِيذُ والشَّقَذانُ: الَّذِي لَا يَكَادُ يَنَامُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الشَّقِذُ العَيْنِ الَّذِي لَا يَكَادُ يَنَامُ. وإِنه لَشَقِذُ الْعَيْنِ إِذا كَانَ لَا يَقْهَرُه النُّعاسُ؛ زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يَكُونُ إِلا عَيُوناً يُصِيبُ النَّاسَ بِالْعَيْنِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ العَيُونُ الَّذِي يُصِيبُ النَّاسَ بالعَين، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ البصر السريع الإِصابة؛ وَقَدْ شقِذ، بِالْكَسْرِ، شَقَذاً. وشقِذَ الرجلُ: ذَهَبَ وبَعُدَ. وأَشْقَذَهُ: طَرَدَهُ، وَهُوَ شَقِذٌ وشَقَذان، بِالتَّحْرِيكِ. الأَصمعي: أَشْقَذْتُ فُلَانًا إِشقاذاً إِذا طَرَدْتَهُ. وشَقِذَ هُوَ يَشْقَذُ إِذا ذَهَبَ، وَهُوَ الشَّقَذانُ؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ كَثِيرٍ الْمُحَارِبِيُّ:
فإِني لستُ مِنْ غَطَفانَ أَصْلي، ... وَلَا بَيْنِي وَبَيْنَهُمُ اعْتِشَارُ
إِذا غَضِبُوا عَلِيَّ وأَشْقَذُوني، ... فصرتُ كأَنني فَرَأٌ مُتارُ
مُتَارٌ: يُرْمَى تَارَةً بَعْدَ تَارَةٍ. وَمَعْنَى مُتَارُ: مُفْزِعٌ. يُقَالُ: أَتَرْتُه أَي أَفزعته وَطَرَدْتُهُ، فَهُوَ مُتار؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَصله أَتأَرته فَنُقِلَتِ الْحَرَكَةُ إِلى مَا قَبْلَهَا وَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ حَمْزَةَ: هَذَا تَصْحِيفٌ وإِنما هُوَ مُنارٌ بِالنُّونِ. يُقَالُ: أَنرته بِمَعْنَى أَفزعته، وَمِنْهُ النَّوارُ، وَهِيَ النَّفُورُ. وَالِاعْتِشَارُ: بِمَعْنَى العِشْرَة؛ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلِ تَوَرَ شَاهِدًا عَلَى قَوْلِهِمْ فُلَانٌ يُتار عَلَى أَن يُؤْخَذَ أَي يُدارُ. وطَرَدٌ مِشْقَذٌ: بَعِيدٌ؛ قَالَ بَخْدَجٌ:
لَاقَى النُّخيلاتُ حِنَاذًا مِحْنَذا ... مِنِّي، وشَلًّا للأَعادي مِشْقَذا
أَراد أَبا نخلة فَلَمْ يُبَلْ كَيْفَ حَرَّفَ اسْمَهُ لأَنه كَانَ هَاجِيًا لَهُ. والشَّقْذاءُ: العُقاب الشَّدِيدَةُ الْجُوعِ. وَعُقَابٌ شَقَذى. شَدِيدَةُ الْجُوعِ وَالطَّلَبِ؛ قَالَ يَصِفُ فَرَسًا:
شَقْذاءُ يَحْتَثُّها فِي جَرْيِها ضَرَم
. والشِّقْذان: الضَّبُّ والوَرَلُ والطُّحَنُ وسامُّ أَبرص والدَّسَّاسَةُ، وأَخذته شِقْذَةٌ؛ وَجَعَلَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ الشّقْذانَ واحِداً فَقَالَتْ تَهْجُو زَوْجَهَا وَتُشَبِّهُهُ بِالْحِرْبَاءِ:
إِلى قَصْرِ شِقْذانٍ كَأَنَّ سِبالَهُ ... وَلِحْيَتَهُ فِي خُرْؤُمَانٍ مُنَوَّر
الخرؤُمانة: بَقْلَةٌ خَبِيثَةُ الرِّيحِ تَنْبُتُ فِي الأَعطان(3/495)
والدِّمَنِ؛ وأَورد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ مُسْتَشْهِدًا بِهِ على الْوَاحِدِ مِنَ الحَرابيِّ. والشَّقْذُ والشِّقْذُ والشَّقِذُ والشَّقَذانُ: الحِرْباءُ، وَجَمْعُهُ شِقْذانٌ مِثْلُ كَرَوانٍ وكِرْوانٍ، وَقِيلَ: هُوَ حِرْبَاءٌ دَقِيقٌ مَعْصُوبٌ صَعْلُ الرأْس يَلْزَقُ بِسُوقِ العِضَاه. والشِّقَذُ والشَّقَذُ والشُّقَذُ: وَلَدُ الحِرْباء؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الشُّقاذى والشِّقْذانُ؛ قَالَ:
فَرَعَتْ بِهَا حَتَّى إِذا ... رَأَتِ الشُّقاذى تَصْطَلي
اصطلاؤُها: تَحَرِّيهَا لِلشَّمْسِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الشُّقاذى فِي هَذَا الْبَيْتِ الفَراش؛ قَالَ: وَهَذَا خطأٌ لأَن الفَراشَ لَا يَصْطَلِي بِالنَّارِ، وإِنما وَصَفَ الْحُمُرَ فَذَكَرَ أَنها رَعَتِ الرَّبِيعَ حَتَّى اشْتَدَّ الْحَرُّ واصْطَلَتِ الحَرابي وعَطِشَتْ فاحتاجتِ الوُرُودَ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ فَلَاةً قَطَعَهَا:
تَقَاذَف والعُصْفُور فِي الجُحرِ لاجِئٌ ... مَعَ الضَّبِّ، والشِّقْذانُ تَسْمُو صُدورُها
أَي تَشْخَصُ فِي الشَّجَرِ، وَقِيلَ: الشِّقْذانُ الْحَشَرَاتُ كُلُّهَا وَالْهَوَامُّ، وَاحِدَتُهَا شَقِذَةٌ وشَقِذٌ وشِقْذٌ؛ قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ تَكُونُ الشَّقِذَةُ واحدةَ الشِّقْذان إِلا أَن يَكُونَ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ. والشَّقْذُ والشَّقَذانُ والشِّقْذان، الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ: الذِّئْبُ وَالصَّقْرُ وَالْحِرْبَاءُ. والشِّقْذانُ؛ فِرَاخُ الحُبارى وَالْقَطَا وَنَحْوِهِمَا. والشَّقْذانَةُ: الْخَفِيفَةُ الرُّوحِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَمَا لَهُ شَقَذٌ وَلَا نَقَذٌ أَي مَا لَهُ شَيْءٌ. وَمَتَاعٌ لَيْسَ بِهِ شَقَذٌ وَلَا نَقَذٌ أَي عَيْبٌ. وَكَلَامٌ لَيْسَ بِهِ شَقَذٌ وَلَا نَقَذٌ أَي نَقْصٌ وَلَا خَلَلٌ. ابْنُ الأَعرابي: مَا بِهِ شَقَذٌ وَلَا نَقَذٌ أَي مَا بِهِ حَراكٌ. وَفُلَانٌ يُشَاقِذُنِي أَي يُعَادِينِي. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَذَقَ: امرأَة عَقْذانة وشَقْذانَةٌ وعَدْوانَةٌ أَي بذية سليطة.
شمذ: اللَّيْثُ: الشَّمْذُ رَفْعُ الذَّنَبِ. شَمَذَتِ النَّاقَةُ تَشْمِذُ، بِالْكَسْرِ، شَمْذاً وشِماذاً وشُموذاً، وَهِيَ شَامِذٌ، وَالْجَمْعُ شَوَامِذُ وشُمَّذ، أَي لَقَحَتْ فَشَالَتْ بذنَبها لِتُري اللِّقَاحَ بِذَلِكَ؛ وَرُبَّمَا فَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَحاً ونَشاطاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ نَاقَةً:
عَلَى كُلِّ صَهْباءِ العَثانِينِ شَامِذٍ ... جُمَالِيَّةٍ، فِي رأْسها شَطَنَانِ
وَقِيلَ: الشَّامِذُ مِنَ الإِبل الخَلِفَة؛ وَقَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ يَصِفُ حِرْبَاءَ:
شامِذاً تَتَّقي المُبِسَّ عَلى المُرْيَةِ، ... كَرْهاً بالصِّرْف ذِي الطُّلَّاء
يَقُولُ: النَّاقَةُ إِذا أُبِسَّ بِهَا اتَّقَتِ المُبِسَّ بِاللَّبَنِ، وَهَذِهِ تَتَّقِيهِ بِالدَّمِ؛ وَهَذَا مَثَلٌ. وَالْعَقْرَبُ شَامِذٌ مِنْ حَيْثُ قِيلَ لِمَا شَالَ مِنْ ذَنَبِهَا: شَوْلَةٌ. قَالَ أَبو الجرَّاح: مِنَ الكِباشِ مَا يَشْتَمِذُ وَمِنْهَا مَا يَغُلُّ؛ فَالِاشْتِمَاذُ: أَن يَضْرِبَ الأَلية حَتَّى تَرْتَفِعَ فَيَسْفِدَ، والغَلُّ: أَن يَسْفِدَ مِنْ غَيْرِ أَن يَفْعَلَ ذَلِكَ. والشَّيْمَذانُ: الذِّئْبُ «1» سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشُمُوذِهِ بِذَنَبِهِ؛ وَقَوْلُ بَخْدَجٌ يَهْجُو أَبا نُخَيْلَةَ:
لَاقَى النُّخيلاتُ حِناذاً مِحْنَذا ... مِنِّي، وشَلًّا للأَعادِي مِشْقَذَا
وقافياتٍ عَارِمَاتٍ شُمَّذا
إِنما ذَلِكَ مَثَلٌ، شَبَّهَ الْقَوَافِيَ بالإِبل الشُّمَّذِ وَهِيَ مَا قدَّمناه مِنْ أَنها الَّتِي تَرْفَعُ أَذنابها نَشَاطًا ومَرَحاً أَو
__________
(1) . قوله [الشيمذان الذئب] كذا بالأَصل، وفي القاموس وشرحه، واليشمذان هذا هو الأَصل، والشيذمان مقلوبه وهو الذئب.(3/496)
لِتُريَ بِذَلِكَ اللِّقَاحَ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ شَبَّهَهَا بِالْعَقَارِبِ لِحِدَّتها وشِدَّةِ أَذنابها. وَيُقَالُ لِلنَّخِيلِ إِذا أُبِّرَت: قَدْ شَمَذتْ؛ ونَخِيلٌ شَوامِذ؛ وأَنشد:
غُلْبٌ شَوامِذُ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الحَصْر
قَالَ الأَصمعي: حَصَرَ النَّبْتُ إِذا كَانَ فِي مَوْضِعٍ غَلِيظٍ ضَيِّقٍ فَلَا يُسْرِعُ نَبَاتُهُ. شَمِرٌ: يُقَالُ اشْمِذْ إِزارك أَي ارْفَعْهُ. وَرَجُلٌ شَمْذانُ: يَرْفَعُ إِزاره إِلى رُكْبَتَيْهِ. وأَشْمَذانِ: مَوْضِعَانِ أَو جَبَلَانِ؛ قَالَ رَزَاحٌ أَخو قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ:
جَمَعْنا مِنَ السِّرِّ مِنْ أَشْمَذَيْن، ... وَمِنْ كلِّ حَيٍّ جَمَعْنا قَبيلا
شمرذ: الشَّمْرَذَةُ: السُّرْعَةُ. والشَّمَرْذَى: لُغَةٌ فِي الشَّبَرْذَى. وَنَاقَةٌ شَمَرْذاةٌ وشَبَرْذاةٌ: نَاجِيَةٌ سَرِيعَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَقَدْ أُوقِدَتْ نارُ الشَّمَرْذَى بِأَرْؤُس ... عِظَامِ اللِّحَى، مُعْرَنْزِماتِ اللَّهازِمِ
قَالَ: أَحسبه نَبْتًا أَو شجراً.
شنذ: النِّهَايَةُ لِابْنِ الأَثير فِي حَدِيثِ
سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: لَمَّا حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ حَمَلُوهُ عَلَى شَنَذَة مِنْ لِيفٍ
، هِيَ بِالتَّحْرِيكِ شِبْهُ إِكاف يُجْعَلُ لمقدِّمته حِنْوٌ؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَلَسْتُ أَدري بأَيّ لِسَانٍ هي.
شوذ: المِشْوَذُ: العِمامة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلْوَلِيدِ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبي مُعَيْط وَكَانَ قَدْ وليَ صَدَقَاتِ تَغْلِبَ:
إِذا مَا شَدَدْتُ الرَّأْسَ مِنِّي بِمشْوَذٍ، ... فَغَيَّكِ مِنِّي تَغْلِبُ ابْنَةَ وائِلِ
يُرِيدُ غَيًّا لَكَ مَا أَطوله مِنِّي، وَقَدْ شَوَّذَه بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه بَعَثَ سَرِيَّةً فأَمرهم أَن يَمْسَحُوا عَلَى المَشَاوِذِ والتَّسَاخِين
؛ وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: الْمَشَاوِذُ الْعَمَائِمُ، وَاحِدُهَا مِشْوَذٌ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْعِمَامَةِ الْمِشْوَذُ والعِمَادَة، وَيُقَالُ: فُلَانٌ حَسَنُ الشِّيذَة أَي حَسَنُ الْعِمَّةِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: تَشَوَّذَ الرَّجُلُ وَاشْتَاذَ إِذا تَعَمَّمَ تَشَوْذُناً «1» قَالَ: وشَوَّذْتُه تَشْويذاً إِذا عَمَمْتَهُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَحسبه أُخذ مِنْ قَوْلِكَ شَوَّذَتِ الشَّمْسُ إِذا مَالَتْ لِلْمَغِيبِ؛ وَذَلِكَ أَنها كَانَتْ غُطِّيَتْ بِهَذَا الْغَيْمِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَدُنْ غُدْوَة حَتَّى إِذا الشمسُ شَوَّذَت ... لِذِي سَوْرة مَخْشيَّة وَحَذَارِ
وتشوَّذَ الرَّجُلُ وَاشْتَاذَ أَي تَعَمَّمَ. وَجَاءَ فِي شِعْرِ أُمية: شَوَّذَت الشَّمْسُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَي عَمَمَتْ بِالسَّحَابِ؛ وَبَيْتُ أُمية:
وشَوَّذَتْ شَمْسُهم إِذا طَلَعت ... بالخُلْبِ هِفّاً، كأَنه كَتَمُ
الأَزهري: أَراد أَنّ الشَّمْسَ طَلَعَتْ فِي قَتَمَةٍ كأَنها عَمَمَتْ بالغُبرَة الَّتِي تَضْرِبُ إِلى الصُّفْرة، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ الْجَدَبِ وَالْقَحْطِ، أَي صَارَ حَوْلَهَا خُلَّبُ سَحابٍ رَقِيقٌ لَا مَاءَ فِيهِ وَفِيهِ صُفْرَةٌ، وَكَذَلِكَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ فِي الْجَدْبِ وَقِلَّةِ الْمَطَرِ. والكَتَمُ: نَبَاتٌ يُخْلَطُ مَعَ الوَسْمَةِ يُخْتَضَبُ به.
فصل الطاء المهملة
طبرزذ: الطَّبَرْزَذُ: السُّكَّرُ، فارسي مُعَرَّبٌ، يُرِيدُ تَبَرْزَدْ بِالْفَارِسِيَّةِ كأَنه نُحِتَ مِنْ نَوَاحِيهِ بالفأْس. والتَّبَر: الفأْس، بِالْفَارِسِيَّةِ. وَحَكَى الأَصمعي طَبَرْزَل وطَبَرْزَنْ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: طَبَرْزُد وطَبَرْزُل وطَبَرْزُن؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ مثال
__________
(1) . قوله [تشوذناً] كذا بالأَصل ولعله تشوذاً.(3/497)
لَا أَعرفه. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: قَوْلُهُمْ طَبَرْزُل وطَبَرْزُن لَسْتَ بأَن تَجْعَلَ أَحدهما أَصلًا لِصَاحِبِهِ بأَولى مِنْكَ تَحْمِلُهُ عَلَى ضِدِّهِ لِاسْتِوَائِهِمَا في الاستعمال.
طرمذ: رَجُلٌ فِيهِ طَرْمَذَة أَي أَنه لَا يُحَقِّقُ الأُمور، وَقَدْ طَرْمَذَ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ طِرماذ: مُبَهْلِقٌ صَلِفٌ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الطِّرْمِذار؛ قَالَ:
سَلامُ مَلَّاذٍ عَلَى مَلَّاذِ، ... طَرْمَذَةً مِنِّي عَلَى الطِّرْماذِ
الْجَوْهَرِيُّ: الطَّرْمَذةُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ أَهل الْبَادِيَةِ. والمُطَرْمِذُ: الَّذِي لَهُ كَلَامٌ وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ثَعْلَبٌ فِي أَماليه: الطَّرْمَذَةُ غَرِيبَةٌ. قَالَ: والطِّرْماذُ الْفَرَسُ الْكَرِيمُ الرَّائِعُ. والطِّرْمِذار: الْمُتَكَثِّرُ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ، وَقِيلَ: الطِّرْمِذارُ والطِّرْماذُ هُوَ المُتَنَدِّخُ. يُقَالُ تَنَدَّخَ أَي تشبَّع بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَوِّي ذَلِكَ قَوْلُ أَشجع السُّلَمِيِّ:
لَيْسَ لِلْحَاجَاتِ إِلّا مِنْ لَهُ وَجْهٌ وَقَاحُ، ... ولِسانٌ طِرْمِذَارٌ؛ وغُدُوٌّ وَرَواح
ابْنُ الأَعرابي: فِي فُلَانٍ طَرْمَذَةٌ وبَهْلَقَةٌ ولَهْوَقةٌ؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: أَي كِبْرٌ. أَبو الْهَيْثَمِ: المُفَايَشة الْمُفَاخَرَةُ وَهِيَ الطَّرْمَذَةُ بِعَيْنِهَا، والنَّفْخُ مِثْلُهُ. يُقَالُ: رَجُلٌ نَفَّاجٌ وفَيَّاشٌ وطِرْماذ وفَيُوشٌ وطِرْمِذانُ، بِالنُّونِ، إِذا افْتَخَرَ بِالْبَاطِلِ وَتَمَدَّحَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ.
فصل العين المهملة
عقذ: الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ عَذَقَ: امرأَة عَقْذَانَةٌ وشَقْذانَةٌ وعَذْوَانَة أَي بذية سليطة.
عنذ: العَانِذَة: أَصل الذَّقَنِ والأُذُنُ؛ قال:
عَوانذِ مُكْتَنِفات اللَّها ... جَمِيعًا، وَمَا حَوَّلَهُنَّ اكتنافا
عوذ: عَاذَ بِهِ يَعُوذُ عَوْذاً وعِياذاً ومَعاذاً: لَاذَ بِهِ ولجأَ إِليه وَاعْتَصَمَ. ومعاذَ اللهِ أَي عِيَاذًا بِاللَّهِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ
؛ أَي نَعُوذُ بِاللَّهِ مَعَاذًا أَن نأْخذ غَيْرَ الْجَانِي بِجِنَايَتِهِ، نَصَبَهُ عَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي أُريدَ بِهِ الْفِعْلُ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه تَزَوَّجَ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ قَالَتْ: أَعوذ بِاللَّهِ مِنْكَ، فَقَالَ: لَقَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ فَالْحَقِي بأَهلك.
والمَعَاذ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: الَّذِي يُعَاذ بِهِ. والمَعَاذ: الْمَصْدَرُ وَالْمَكَانُ وَالزَّمَانُ أَي قَدْ لجأْت إِلى ملجإٍ ولُذْتِ بِمَلاذ. واللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَعَاذُ مَنْ عَاذَ بِهِ وملجأُ مَنْ لجأَ إِليه. وَالْمَلَاذُ مِثْلُ الْمَعَاذِ؛ وَهُوَ عِيَاذِي أَي مَلْجَئِي. وَعُذْتُ بِفُلَانٍ وَاسْتَعَذْتُ بِهِ أَي لَجَأْتُ إِلَيْهِ. وَقَوْلُهُمْ: مَعَاذَ اللَّهِ أَي أَعوذ بِاللَّهِ مَعَاذًا، بِجَعْلِهِ بَدَلًا مِنَ اللَّفْظِ بِالْفِعْلِ لأَنه مَصْدَرٌ وإِن كَانَ غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ مِثْلَ سُبْحَانَ. وَيُقَالُ أَيضاً: مَعَاذَة اللَّهِ ومَعَاذَ وَجْهِ اللَّهِ ومَعَاذَة وَجْهِ اللَّهِ، وَهُوَ مِثْلُ المَعْنَى والمَعْناة والمَأْتى والمَأْتاة. وأَعَذْتُ غَيْرِي بِهِ وعَوَّذْتُه بِهِ بِمَعْنًى. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا: عَائِذًا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَوَضَعُوا الِاسْمَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ السَّهْمِيُّ:
أَلحقْ عذابَك بِالْقَوْمِ الَّذِينَ طَغَوْا، ... وَعَائِذًا بِكَ أَن يَغْلُوا فيُطْغُوني
قَالَ الأَزهري: يُقَالُ: اللَّهُمَّ عَائِذًا بِكَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ أَي أَعوذ بِكَ عَائِذًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَائِذٌ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ
أَي أَنا عَائِذٌ وَمُتَعَوِّذٌ كَمَا يُقَالُ مُسْتَجِيرٌ بِاللَّهِ، فَجَعَلَ الْفَاعِلَ مَوْضِعَ الْمَفْعُولِ، كَقَوْلِهِمْ سِرٌّ كاتِمٌ وماءٌ دَافِقٌ؛ وَمَنْ رَوَاهُ عَائِذًا، بِالنَّصْبِ، جَعَلَ الْفَاعِلَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ وَهُوَ العِياذُ. وطَيْرٌ عِياذٌ وعُوَّذ: عَائِذَةٌ بِجَبَلٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُهَا؛(3/498)
قَالَ بَخْدَجٌ يَهْجُو أَبا نُخَيْلَةَ:
لَاقَى النُّخَيْلاتُ حِناذاً مِحْنَذا، ... شَرًّا وشَلًّا للأَعادِي مِشْقَذَا
«2» . وقافِياتٍ عارِماتٍ شُمَّذَا ... كالطَّيْر يَنْجُونَ عِياذاً عُوَّذا
كَرَّرَ مُبَالَغَةً فَقَالَ عِياذاً عُوَّذاً، وَقَدْ يَكُونُ عِيَاذًا هُنَا مَصْدَرًا، وَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ وَاسْتَعَاذَ فأَعاذه وَعَوَّذَهُ، وعَوْذٌ بِاللَّهِ مِنْكَ أَي أَعوذ بِاللَّهِ مِنْكَ؛ قَالَ:
قَالَتْ، وَفِيهَا حَيْدَة وذُعْرُ: ... عَوْذٌ بِرَبِّي مِنكُمُ وحَجْرُ
قَالَ: وَتَقُولُ الْعَرَبُ لِلشَّيْءِ يُنْكِرُونَهُ والأَمر يَهَابُونَهُ: حُجْراً أَي دَفْعًا، وَهُوَ اسْتِعَاذَةٌ مِنَ الأَمر. وَمَا تَرَكْتُ فُلَانًا إِلا عَوَذاً مِنْهُ، بِالتَّحْرِيكِ، وعَوَاذاً مِنْهُ أَي كَرَاهَةً. وَيُقَالُ: أُفْلِتَ فلانٌ مِن فُلانٍ عَوَذاً إِذا خوَّفه وَلَمْ يَضْرِبْهُ أَو ضَرَبَهُ وَهُوَ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَلَمْ يَقْتُلْهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ فُلَانٌ عَوَذٌ لَكَ أَي ملجأٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنما قَالَهَا تَعَوُّذاً
أَي إِنما أَقرَّ بِالشَّهَادَةِ لَاجِئًا إِليها وَمُعْتَصِمًا بِهَا لِيَدْفَعَ عَنْهُ الْقَتْلَ وَلَيْسَ بِمُخْلِصٍ فِي إِسلامه. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: تُعْرَضُ الفتنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الْحَصِيرِ عُوداً عُوداً
، بِالدَّالِ الْيَابِسَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَرُوِيَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، كأَنه اسْتَعَاذَ مِنَ الْفِتَنِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ
؛ مَعْنَاهُ إِذا أَردت قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فَقُلْ: أَعوذ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَوَسْوَسَتِهِ. والعُوذةُ والمَعَاذَةُ والتَّعْوِيذُ: الرُّقية يُرْقى بِهَا الإِنسان مِنْ فَزَعٍ أَو جُنُونٍ لأَنه يُعَاذُ بِهَا. وَقَدْ عَوَّذَه؛ يُقَالُ: عَوَّذْت فُلَانًا بِاللَّهِ وأَسمائه وبالمُعَوِّذتين إِذا قُلْتَ أُعيذك بِاللَّهِ وأَسْمائه مِنْ كُلِّ ذِي شَرٍّ وَكُلِّ دَاءٍ وَحَاسِدٍ وحَيْنٍ. وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ يعوِّذ نَفْسَهُ بالمعوِّذتين بعد ما طُبَّ. وَكَانَ يُعَوِّذُ ابْنَيِ ابْنَتِهِ البَتُول، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، بِهِمَا.
والمعوِّذتان، بِكَسْرِ الْوَاوِ: سُورَةُ الْفَلَقِ وَتَالِيَتُهَا لأَن مبدأَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قُلْ أَعوذ. وأَما التَّعَاوِيذُ الَّتِي تُكتب وَتُعَلَّقُ عَلَى الإِنسان مِنَ الْعَيْنِ فَقَدْ نُهِيَ عَنْ تَعْلِيقِهَا، وَهِيَ تُسَمَّى المَعَاذات أَيضاً، يُعَوَّذ بِهَا مَنْ عُلِّقَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَيْنِ وَالْفَزَعِ وَالْجُنُونِ، وَهِيَ العُوَذُ وَاحِدَتُهَا عُوذَةٌ. والعُوَّذُ: مَا عِيذ بِهِ مِنْ شَجَرٍ أَو غَيْرِهِ. والعُوَّذُ مِنَ الكلإِ: مَا لَمْ يَرْتَفِعْ إِلى الأَغصان وَمَنَعَهُ الشَّجَرُ مِنْ أَن يَرْعَى، مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: هِيَ أَشياء تَكُونُ فِي غِلَظٍ لَا يَنَالُهَا المالُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
خَلِيلايَ خُلْصَانيَّ، لَمْ يُبْق حُبُّها ... مِنَ القلبِ إِلَّا عُوَّذاً سَيَنالها
والعُوَّذ والمُعوَّذُ مِنَ الشَّجَرِ: مَا نَبَتَ فِي أَصل هدفٍ أَو شَجَرَةٍ أَو حَجَرٍ يَسْتُرُهُ لأَنه كأَنه يُعَوّذُ بِهَا؛ قَالَ كُثَيِّرُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيِّ يَصِفُ امرأَة:
إِذا خَرَجَتْ مَن بَيْتِهَا، راقَ عَيْنَها ... مُعَوَّذُهُ، وأَعْجَبَتْها العَقائِقُ
يَعْنِي هَذِهِ المرأَة إِذا خَرَجَت مِنْ بَيْتِهَا رَاقَهَا مُعَوَّذُ النَّبت حَوَالَيْ بَيْتِهَا، وَقِيلَ: المعَوِّذ، بِالْكَسْرِ، كُلُّ نَبْتٍ فِي أَصل شَجَرَةٍ أَو حَجَرٍ أَو شَيْءٍ يُعوّذ بِهِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العَوَذُ السَّفِيرُ مِنَ الْوَرَقِ وإِنما قِيلَ لَهُ عَوَذٌ لأَنه يَعْتَصِمُ بِكُلِّ هَذَفٍ ويلجأُ إِليه وَيَعُوذُ بِهِ. قَالَ الأَزهري: والعَوَذُ مَا دَارَ بِهِ الشَّيْءُ الَّذِي يَضْرِبُهُ الرِّيحُ، فَهُوَ يَدُورُ بالعَوَذِ مِنْ حَجَر أَو أَرومة. وتَعَاوَذَ القومُ فِي الْحَرْبِ إِذا تَوَاكَلُوا وَعَاذَ بعضهم ببعض.
__________
(2) . قوله [شرّاً وشلًا إلخ] الذي تقدم: مني وشلًّا، ولعله روي بهما(3/499)
ومُعَوَّذُ الْفَرَسِ: مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ، وَدَائِرَةُ المُعَوَّذِ تُسْتَحَبُّ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَنْ دَوَائِرِ الْخَيْلِ المُعَوَّذُ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْقِلَادَةِ يَسْتَحِبُّونَهَا. وَفُلَانٌ عَوْذٌ لبَني فُلَانٍ أَي ملجأٌ لَهُمْ يَعُوذُونَ بِهِ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ
؛ قِيلَ: إِن أَهل الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إِذا نَزَلَتْ رُفْقَةٌ مِنْهُمْ فِي وَادٍ قَالَتْ: نَعُوذُ بِعَزِيزِ هَذَا الْوَادِي مِنْ مَرَدَة الْجِنِّ وَسُفَهَائِهِمْ أَي نلوذُ بِهِ وَنَسْتَجِيرُ. والعُوَّذُ مِنَ اللَّحْمِ: مَا عَاذَ بِالْعَظْمِ وَلَزِمَهُ. قَالَ ثَعْلَبٌ: قُلْتُ لأَعرابي: مَا طَعْمُ الْخُبْزِ؟ قَالَ: أُدْمُه. قَالَ قُلْتُ: مَا أَطيب اللَّحْمِ؟ قَالَ: عُوَّذُه، وَنَاقَةٌ عَائِذٌ: عَاذَ بِهَا وَلَدُهَا، فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ عَلَى النَّسَبِ. وَالْعَائِذُ: كُلُّ أُنثى إِذا وَضَعَتْ مُدَّةَ سَبْعَةِ أَيام لأَنّ وَلَدَهَا يَعُوذُ بِهَا، وَالْجَمْعُ عُوذٌ بِمَنْزِلَةِ النُّفَسَاءِ مِنَ النِّسَاءِ، وَهِيَ مِنَ الشَّاءِ رُبّى، وَجَمْعُهَا رِباب، وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَافِرِ فَرِيش. وَقَدْ عَاذَتْ عِيَاذًا وأَعاذت، وَهِيَ مُعِيذٌ، وأَعوذت. وَالْعَائِذُ مِنَ الإِبل: الْحَدِيثَةُ النِّتَاجِ إِلى خَمْسَ عَشْرَةَ أَو نَحْوِهَا، مِنْ ذَلِكَ أَيضاً. وَعَاذَتْ بِوَلَدِهَا: أَقامت مَعَهُ وحَدِبَتْ عَلَيْهِ مَا دَامَ صَغِيرًا، كأَنه يُرِيدُ عَاذَ بِهَا وَلَدُهَا فَقَلَبَ؛ وَاسْتَعَارَ الرَّاعِي أَحد هَذِهِ الأَشياء لِلْوَحْشِ فقال:
لَهَا بحَقِيلٍ فالنُّمَيرة منزلٌ، ... تَرَى الوحشَ عُوذاتٍ بِهِ ومَتَالِيَا
كسَّر عَائِذًا عَلَى عُوذٍ ثُمَّ جَمَعَهُ بالأَلف وَالتَّاءِ؛ وَقَوْلُ مُلَيْحٍ الْهُذَلِيِّ:
وعاجَ لَهَا جاراتُها العِيسَ، فارْعَوَتْ ... عَلَيْهَا اعوجاجَ المُعْوِذاتِ المَطَافِل
قَالَ السُّكَّرِيُّ: الْمُعْوِذَاتُ الَّتِي مَعَهَا أَولادها. قَالَ الأَزهري: النَّاقَةُ إِذا وَضَعَتْ وَلَدَهَا فَهِيَ عَائِذٌ أَياماً. ووقَّت بَعْضُهُمْ سَبْعَةَ أَيام، وَقِيلَ: سُمِّيَتِ النَّاقَةُ عَائِذًا لأَنّ وَلَدَهَا يَعُوذُ بِهَا، فَهِيَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَقَالَ: إِنما قِيلَ لَهَا عَائِذٌ لأَنها ذَاتُ عَوْذٍ أَي عَاذَ بِهَا وَلَدُهَا عَوْذاً. وَمِثْلُهُ قَوْلِهِ تَعَالَى: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ أَي ذِي دَفْقٍ. والعُوذُ: الْحَدِيثَاتُ النِّتَاجِ مِنَ الظِّبَاءِ والإِبل وَالْخَيْلِ، وَاحِدَتُهَا عَائِذٌ مِثْلُ حَائِلٍ وَحُولٍ. وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى عُوذان مِثْلَ رَاعٍ ورُعيان وَحَائِرٍ وحُوران. وَيُقَالُ: هِيَ عَائِذٌ بيِّنةُ العُؤُوذ إِذا وَلَدَتْ عَشَرَةَ أَيام أَو خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ هِيَ مُطْفِلٌ بعدُ. يُقَالُ: هِيَ فِي عِيَاذِهَا أَي بحِدْثان نِتَاجِهَا. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:
وَمَعَهُمُ العُوذُ المَطافيل
؛ يُرِيدُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ. والعُوذُ فِي الأَصل: جَمْعُ عَائِذٍ مِنْ هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فأَقبلتم إِليّ إِقبالَ العُوذ المَطافل.
وعَوَذ النَّاسِ: رُذالهم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَبَنُو عَيِّذ اللَّهِ: حَيٌّ، وَقِيلَ: حيٌّ مِنَ الْيَمَنِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عيِّذ اللَّهِ، بِكَسْرِ الْيَاءِ مُشَدَّدَةً، اسْمُ قَبِيلَةٍ. يُقَالُ: هُوَ مِنْ بَنِي عَيِّذِ اللَّهِ، وَلَا يُقَالُ عَائِذُ اللَّهِ. وَيُقَالُ لِلْجُودِيِّ أَيضاً: عَيِّذ. وَعَائِذَةٌ: أَبو حَيٍّ مِنْ ضَبَّةَ، وَهُوَ عَائِذَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ ضَبَّةَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَتَى تسأَل الضَّبِّيَّ عَنْ شَرِّ قَوْمِهِ، ... يَقُلْ لَكَ: إِن العائذيَّ لَئِيمُ
وَبَنُو عَوْذَةَ: مِنَ الأَسْد. وَبَنُو عَوْذَى، مَقْصُورٌ: بَطْنٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ساقَ الرُّفَيْداتِ مِنْ عَوْذى وَمِنْ عَمَم، ... والسَّبْيَ مِن رَهْط رِبْعِيٍّ وحَجَّار
وَعَائِذُ اللَّهِ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ. وعُوَيْذَة: اسْمُ امرأَة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
فإِني وهِجْراني عُوَيْذَةَ، بعد ما ... تَشَعَّبَ أَهواءُ الفؤادِ الشواعِبُ(3/500)
وَعَاذٌ: قَرْيَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَقِيلَ: مَاءٌ بِنَجْرَانَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
عارضتُهم بِسُؤَالٍ: هَلْ لكم خَبَرٌ؟ ... مَن حَجَّ مِنْ أَهل عاذٍ، إِنَّ لِي أَرَبا؟
وَالْعَاذُ: مَوْضِعٌ. قَالَ أَبو الْمُوَرِّقِ:
تركتُ العاذَ مَقْليّاً ذَمِيمًا ... إِلى سَرَفٍ، وأَجْدَدْتُ الذهابا
عيذ: العَيْذَانُ: السَّيِّءُ الخُلُق؛ وَمِنْهُ قَوْلُ تُماضر امرأَة زُهَيْرِ بْنِ جَذِيمَةَ لأَخيها الحرث: لَا يأْخذن فِيكَ مَا قَالَ زُهَيْرٌ فإِنه رَجُلٌ بَيْذَارَةٌ عَيْذَانُ شَنوءة.
فصل الغين المعجمة
غذذ: غَذَّ العِرْقُ يَغُذُّ [يَغِذُّ] غَذًّا وأَغذ: سَالَ. وغَذَّ الجُرح يَغُذُّ [يَغِذُّ] غَذًّا: ورِم. والغَاذُّ: الغَرَب حَيْثُ كَانَ مِنَ الْجَسَدِ. وغَذيِذَةُ الجُرحِ: مِدَّته وغَثِيثَتُه. التَّهْذِيبُ: اللَّيْثُ: غَذَّ الجرح يَغُذّ [يَغِذّ] إِذا ورِم؛ قَالَ الأَزهري: أَخطأَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ غَذَّ، وَالصَّوَابُ غَذَّ الْجُرْحُ إِذا سَالَ مَا فِيهِ مِنْ قَيْحٍ وَصَدِيدٍ. وأَغذَّ الجرحُ وأَغثَّ إِذا أَمدَّ. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: فَجَعَلَ الدمُ يومَ الجَمَلِ يَغُذُّ [يَغِذُّ] مِنْ رُكبته
أَي يَسِيلُ؛ غَذَّ العِرْقُ إِذا سَالَ مَا فِيهِ مِنَ الدَّمِ وَلَمْ يَنْقَطِعْ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ إِغذاذ السَّيْرِ. وَالْغَاذُّ فِي الْعَيْنِ: عِرْقٌ يَسْقِي وَلَا يَنْقَطِعُ، وَكِلَاهُمَا اسْمٌ كَالْكَاهِلِ وَالْغَارِبِ. وعِرْقٌ غاذٌّ: لَا يرقأُ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلَّتِي نَدْعوها نَحْنُ الغَرْبَ: الغاذُّ. وغَذِيذَة الجُرح: كغَثيثته، وَهِيَ مِدَّته. وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن ذَالَهَا بَدَلٌ مِنْ ثَاءِ غَثِيثَةٍ. وَرَوَى ابْنُ الْفَرَجِ عَنْ بَعْضِ الأَعراب: غَضَضْتُ مِنْهُ وغَذَذْتُ أَي نَقَصْتُه. والإِغذاذ: الإِسراع فِي السَّيْرِ؛ وأَنشد:
لَمَّا رأَيت القومَ فِي إِغْذاذِ، ... وأَنه السَّيْرُ إِلى بَغْذاذ،
قمتُ فسلمتُ عَلَى مُعَاذ، ... تسليمَ مَلَّاذٍ عَلَى مَلَّاذِ،
طَرْمَذَةً مِنِّي عَلَى الطِّرْمَاذِ
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
فتأْتي كَأَغَذِّ مَا كَانَتْ
أَي أَسرع وأَنشط. وأَغَذَّ السَّيَر وأَغذ فِيهِ: أَسرع. وأَغذَّ يُغذُّ إِغذاذاً إِذا أَسرع فِي السَّيْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا مَرَرْتُمْ بأَرض قَوْمٍ قَدْ عُذِّبوا فأَغِذُّوا السَّيْرَ
؛ وأَما قَوْلُهُ:
وإِني وإِيّاها لَحَتْمٌ مَبيتنا ... جَمِيعًا، وسَيْرانا مُغِذٌّ وذُو فَتَرْ
فَقَدْ يَكُونُ عَلَى قَوْلِهِمْ: لَيْلٌ نَائِمٌ. وَقَالَ أَبو الْحَسَنِ بْنُ كَيْسَانَ: أَحسب أَنه يُقَالُ أَغَذَّ السَّيرُ نفسُه. وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذا كَانَتْ بِهِ دَبَرَةٌ فبرأَتْ وَهِيَ تَنْدَى قِيلَ: بِهِ غَاذٌّ، وتَرَكَتْ جُرْحَهُ يَغُذُّ [يَغِذُّ] . والمُغَاذُّ مِنَ الإِبل: العَيُوفُ يَعاف الماءَ؛ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الغاذَّة وَالْغَاذِيَةُ لرَمَّاعَةِ الصَّبي.
غنذ: الْغَانِذُ: الحَلْق وَمَخْرَجُ الصوت.
غيذ: التَّهْذِيبُ: عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: الغَيْذان الَّذِي يَظُنُّ فَيُصِيبُ، بِالْغَيْنِ وَالذَّالِ المعجمتين.
فصل الفاء
فخذ: الفَخِذُ: وَصْلُ مَا بَيْنَ السَّاقِ وَالْوَرِكِ، أُنثى، وَالْجَمْعُ أَفخاذ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُجَاوِزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ، وَقِيلَ: فَخْذ وفِخْذ أَيضاً، بِكَسْرِ الْفَاءِ. وفُخِذَ فَخْذاً، فَهُوَ مَفْخُوذٌ: أُصيبت فَخْذُهُ. وَرَمَيْتُهُ فَفَخَذْتُه أَي أَصبت فَخْذَهُ. وفَخَّذَ الرجلَ: نَفَّرَه مِنْ حَيِّهِ الَّذِينَ هُمْ أَقرب عَشِيرَتِهِ إِليه، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ وَهُوَ أَقل مِنَ الْبَطْنِ، وأَولها الشَّعْبُ ثُمَّ الْقَبِيلَةُ ثُمَّ الفَصِيلة ثُمَّ العِمَارة ثُمَّ(3/501)
البَطْن ثُمَّ الْفَخِذُ؛ قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: الشَّعْبُ أَكبر مِنَ الْقَبِيلَةِ ثُمَّ الْقَبِيلَةُ ثُمَّ الْعِمَارَةُ ثُمَّ الْبَطْنُ ثُمَّ الْفَخِذُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْفَصِيلَةُ أَقرب مِنَ الْفَخِذِ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنْ أَعضاء الْجَسَدِ. وَالتَّفْخِيذُ: المُفاخَذَة. وأَما الَّذِي فِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا أَنزل اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ؛ بَاتَ يُفَخِّذُ عشريته
أَي يَدْعُوهُمْ فَخِذًا فَخِذًا. يُقَالُ: فَخَّذَ الرجلُ بَنِي فُلَانٍ إِذا دَعَاهُمْ فَخِذًا فَخِذًا. وَيُقَالُ: فَخَّذْتُ القومَ عَنْ فُلَانٍ أَي خَذَّلْتَهُمْ. وفَخَّذْتُ بَيْنَهُمْ أَي فرَّقت وخذلت.
فذذ: الفَذُّ: الفَرْد، وَالْجَمْعُ أَفذاذ وفُذوذ. وأَفَذَّت الشَّاةُ إِفْذاذاً، وَهِيَ مُفِذُّ: وَلَدَتْ وَلَدًا وَاحِدًا، وإِن وَلَدَتِ اثْنَيْنِ، فَهِيَ مُتْئِمٌ، وإِن كَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَن تَلِدَ وَاحِدًا، فَهِيَ مِفْذَاذ، وَلَا يُقَالُ لِلنَّاقَةِ مُفِذٌّ لأَنها لَا تُنْتِجُ إِلا وَاحِدًا. وَيُقَالُ: ذَهَبَا فَذَّين. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَذِهِ الْآيَةُ الفَاذَّة
أَي الْمُنْفَرِدَةُ فِي مَعْنَاهَا. والفذُّ: الْوَاحِدُ، وَقَدْ فَذَّ الرَّجُلُ عَنْ أَصحابه إِذا شذَّ عَنْهُمْ وَبَقِيَ فَرْدًا. والفَذُّ: الأَوّل مِنْ قِدَاحِ الْمَيْسِرِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَفِيهِ فَرْضٌ وَاحِدٌ وَلَهُ غُنْمُ نَصِيبٍ وَاحِدٍ، إِن فَازَ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ نَصِيبٍ وَاحِدٍ، إِن خَابَ وَلَمْ يَفُزْ؛ وَالثَّانِي التَّوْأَمُ وَسِهَامُ الْمَيْسِرِ عَشَرَةٌ: أَولها الْفَذُّ ثُمَّ التوأَم ثُمَّ الرَّقِيبُ ثُمَّ الحِلْسُ ثُمَّ النَّافِسُ ثُمَّ المُسْبِل ثُمَّ المعَلَّى، وَثَلَاثَةٌ لَا أَنصباء لَهَا وَهِيَ: السَّفِيحُ والمَنيح والوَغْدُ. وَتَمْرٌ فَذٌّ: مُتَفَرِّقٌ لَا يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الضَّادِ لأَنهما لُغَتَانِ. وَكَلِمَةُ فَذَّةٌ وَفَاذَّةٍ: شَاذَّةٌ. أَبو مَالِكٍ: مَا أَصبت مِنْهُ أَفَذَّ وَلَا مَرِيشاً؛ الأَفَذُّ القِدْحُ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ، والمَرِيشُ الَّذِي قَدْ رِيشَ؛ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا أَلْبَتَّةَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ قَالَ غَيْرُهُ: مَا أَصبت مِنْهُ أَقَذَّ وَلَا مَرِيشاً، بِالْقَافِ. الأَزهري: ذَفْذَفَ إِذا تَبَخْتَرَ، وفذْفَذَ إِذا تَقَاصَرَ ليَخْتِلَ وَهُوَ يَثِبُ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِذا تَقَاصَرَ ليثب خاتلًا.
فلذ: فَلَذَ لَهُ مِنَ الْمَالِ يَفْلِذُ فَلْذاً: أَعطاه مِنْهُ دَفْعَةً، وَقِيلَ: قَطَعَ لَهُ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَطَاءُ بِلَا تأْخير وَلَا عِدَةٍ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُكْثِرَ لَهُ مِنَ الْعَطَاءِ. وافْتَلَذْتُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ الْمَالِ افْتِلَاذًا إِذا اقْتَطَعْتَهُ. وَافْتَلَذْتُهُ المالَ أَي أَخذت مِنْ مَالِهِ فِلْذَةً؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
إِذا الْمَالُ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْكَ عطاءَه ... صنيعةُ قُرْبَى، أَو صديقٍ تُوَامِقُه،
منَعْتَ، وبعضُ المنعِ حَزمٌ وقوةٌ، ... وَلَمْ يَفْتَلِذْكَ المالَ إِلا حقائِقُه
والفِلْذُ: كَبِدُ الْبَعِيرِ، والجمعُ أَفْلاذٌ. والفِلذَةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْكَبِدِ وَاللَّحْمِ وَالْمَالِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْجَمْعُ أَفلاذ عَلَى طَرْحِ الزَّائِدِ، وَعَسَى أَن يَكُونَ الفِلْذُ لُغَةً فِي هَذَا فَيَكُونُ الْجَمْعُ عَلَى وَجْهِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن فَتًى مِنَ الأَنصار دَخَلَتْهُ خَشْيَةٌ مِنَ النَّارِ فَحَبَسَتْهُ فِي الْبَيْتِ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن الفَرَقَ مِنَ النَّارِ فَلَذَ كَبِدَه
أَي خَوفَ النَّارِ قَطَعَ كَبِدَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي أَشراط السَّاعَةِ:
وَتَقِيءُ الأَرض أَفْلاذَ كَبِدِهَا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
تُلْقِي الأَرض بأَفلاذها
، وَفِي رِوَايَةٍ:
بأَفلاذ كَبِدِهَا
أَي بِكُنُوزِهَا وأَموالها. قَالَ الأَصمعي: الأَفلاذ جَمْعُ الفِلْذَة وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ تُقْطَعُ طُولًا. وضَرَبَ أَفلاذَ الْكَبِدِ مَثَلًا لِلْكُنُوزِ أَي تُخْرِجُ الأَرض كُنُوزَهَا المدفونةَ تَحْتَ الأَرض، وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها؛ وَسُمِّي مَا فِي الأَرض قِطَعًا تَشْبِيهًا وَتَمْثِيلًا وَخَصَّ الْكَبِدَ لأَنها مِنْ أَطايب(3/502)
الْجَزُورِ، وَاسْتَعَارَ الْقَيْءَ للإِخراج، وَقَدْ تُجمع الفِلْذةُ فِلْذاً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
تَكْفِيهِ حُزَّةُ فِلْذٍ إِنْ أَلَمَّ بِهَا
الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُ الفِلْذة فِلَذٌ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
هَذِهِ مَكَّةُ قَدْ رَمَتْكُمْ بأَفلاذ كَبِدِهَا
؛ أَراد صَمِيمَ قُرَيْشٍ ولُبابَها وأَشرافها، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ قَلْبُ عَشِيرَتِهِ لأَن الْكَبِدَ مِنْ أَشرف الأَعضاء. والفِلْذَةُ مِنَ اللَّحْمِ: مَا قُطِعَ طُولًا. وَيُقَالُ: فَلَّذْتُ اللَّحْمَ تَفْلِيذًا إِذا قَطَعْتَهُ. التَّهْذِيبُ: والفُولاذُ مِنَ الْحَدِيدِ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مُصَاصُ الْحَدِيدِ الْمُنَقَّى مِنْ خَبَثِه. وَالْفُولَاذُ وَالْفَالَوْذُ: الذُّكْرَةُ مِنَ الْحَدِيدِ تُزَادُ فِي الْحَدِيدِ. وَالْفَالَوْذُ مِنَ الحَلْوَاءِ: هُوَ الَّذِي يُؤْكَلُ، يسوَّى مِنْ لُبِّ الْحِنْطَةِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الْفَالَوْذُ والفالوذَقُ مُعَرَّبَانِ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا يُقَالُ الْفَالَوْذَجُ.
فنذ: الْفَانِيذُ: ضَرْبٌ مِنَ الْحَلْوَاءِ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ.
فصل القاف
قذذ: القُذَّةُ: ريشُ السَّهْمِ، وَجَمْعُهُا قُذَذٌ وقِذَاذ. وقَذَذْتُ السَّهْمَ أَقُذُّه قَذًّا وأَقذذته: جَعَلْتُ عَلَيْهِ القُذَذ؛ وَلِلسَّهْمِ ثَلَاثُ قُذَذ وَهِيَ آذَانُهُ؛ وأَنشد:
مَا ذُو ثَلَاثِ آذَانٍ ... يَسْبِقُ الْخَيْلَ بالردَيان «3»
. وَسَهْمٌ أَقذُّ: عَلَيْهِ القُذَذُ، وَقِيلَ: هُوَ الْمُسْتَوِي البَرْي الَّذِي لَا زَيْغَ فِيهِ وَلَا مَيْلَ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الأَقَذُّ السَّهْمُ حِينَ يُبْرى قَبْلَ أَن يُرَاشَ، وَالْجَمْعُ قُذٌّ وَجَمْعُ القُذِّ قِذاذٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مِن يَثْرِبيَّات قِذاذٍ خُشُن
والأَقَذُّ أَيضاً: الَّذِي لَا رِيشَ عَلَيْهِ. وَمَا لَهُ أَقَذُّ وَلَا مَرِيشٌ أَي مَا لَهُ شَيْءٌ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَا لَهُ مالٌ وَلَا قَوْمٌ. والأَقَذُّ: السَّهْمُ الَّذِي قَدْ تمرَّطَتْ قُذَذُه وَهِيَ آذَانُهُ، وَكُلُّ أُذن قُذَّةٌ. وَيُقَالُ: مَا أَصبت مِنْهُ أَقَذَّ وَلَا مَرِيشًا، بِالْقَافِ، أَي لَمْ أُصب مِنْهُ شَيْئًا؛ فَالْمَرِيشُ: السَّهْمُ الَّذِي عَلَيْهِ رِيشٌ. والأَقذ: الَّذِي لَا رِيشَ عَلَيْهِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: الأَقذ السَّهْمُ الَّذِي لَمْ يُرَش. وَيُقَالُ: سَهْمٌ أَفْوَقُ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ فُوقٌ فَهَذَا والأَقذ مِنَ الْمَقْلُوبِ لأَن القُذَّةَ الرِّيشُ كَمَا يُقَالُ لِلْمَلْسُوعِ سَلِيمٌ. وَرَوَى ابْنُ هَانِئٍ عَنْ أَبي مَالِكٍ: مَا أَصبت مِنْهُ أَفذَّ وَلَا مَرِيشًا، بِالْفَاءِ، مِنَ الفَذِّ الفَرْدِ. وقَذُّ الرِّيش: قطعُ أَطرافه وحَذْفُه عَلَى نَحْوِ الْحَذْوِ وَالتَّدْوِيرِ وَالتَّسْوِيَةِ، والقَذُّ: قَطْعُ أَطراف الرِّيشِ عَلَى مِثَالِ الْحَذْوِ وَالتَّحْرِيفِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ قَطْعٍ كَنَحْوِ قُذَّةِ الرِّيشِ. والقُذاذاتُ: مَا سَقَطَ مِنْ قَذِّ الرِّيشِ وَنَحْوِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَنتم، يَعْنِي أُمته، أَشبه الأُمم بِبَنِي إِسرائيل تَتَّبِعُونَ آثَارَهُمْ حَذْوَ القُذَّة بالقُذَّة
؛ يَعْنِي كَمَا تُقَدَّرُ كُلُّ وَاحِدٍةٍ مِنْهُنَّ عَلَى صَاحِبَتِهَا وَتُقْطَعُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لتركَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ القُذَّة بالقُذَّة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُضْرَبُ مَثَلًا لِلشَّيْئَيْنِ يَسْتَوِيَانِ وَلَا يَتَفَاوَتَانِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ مُفْرَدَةً وَمَجْمُوعَةً. والمِقَذُّ والمِقَذَّةُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: مَا قُذَّ بِهِ الرِّيشُ كَالسِّكِينِ وَنَحْوِهِ، والقُذَاذَةُ مَا قُذَّ مِنْهُ؛ وَقِيلَ: القُذاذَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا قُطِعَ مِنْهُ؛ وإِن لي قُذاذاتٍ وخُذاذاتٍ؛ فالقُذاذات الْقِطَعُ الصِّغَارُ تُقْطَعُ مِنْ أَطراف الذَّهَبِ، وَالْحُذَاذَاتُ القِطَع مِنَ الْفِضَّةِ. وَرَجُلٌ مُقَذَّذُ الشَّعْرِ وَمَقْذُوذٌ: مُزَيَّنٌ. وَقِيلَ: كُلُّ مَا زُيِّنَ، فَقَدْ قُذِّذ تَقْذِيذًا. وَرَجُلٌ مَقْذُوذٌ: مُقَصَّصٌ شَعْرُهُ حَوَالَيْ قُصاصه كُلِّهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن
__________
(3) . قوله [ما ذو ثلاث إلخ] كذا بالأَصل وليس بمستقيم الوزن(3/503)