أَتتْنِي، فعاذَتْ ذاتُ شَكْوَى بغالِبٍ، ... وبالحرَّةِ، السَّافِي عَلَيْهِ تُرابُها
فقُلْتُ لَها: إيهِ؛ اطْلُبِي كُلَّ حاجةٍ ... لَدَيَّ، فخَفَّتْ حاجةٌ وطِلَابُها
فقالَتْ بِحُزْنٍ: حاجَتِي أَنَّ واحِدِي ... خُنَيْساً، بأَرْضِ السِّنْدِ، خَوَّى سَحابُها
فَهَبْ لِي خُنَيْساً، واحْتَسِبْ فِيهِ مِنَّةً ... لِحَوْبَةِ أُمٍّ، مَا يَسُوغُ شَرابُهَا
تَمِيمَ بنَ زَيْدٍ، لَا تَكُونَنَّ حاجَتِي، ... بِظَهْرٍ، وَلَا يَعيا، عَلَيْكَ، جَوابُها
وَلَا تَقْلِبَنْ، ظَهْراً لِبَطْنٍ، صَحِيفَتِي، ... فَشَاهِدُهَا، فِيها، عَلَيْكَ كِتابُها
فَلَمَّا وَرَدَ الكِتابُ عَلَى تَميمٍ، قَالَ لِكَاتِبِهِ: أَتَعْرِفُ الرَّجُلَ؟ فَقَالَ: كَيفَ أَعْرِفُ مَنْ لَمْ يُنْسَبْ إِلَى أبٍ وَلَا قَبِيلَةٍ، وَلَا تحَقَّقْت اسْمَه أَهُو خُنَيْسٌ أَو حُبَيْشٌ؟ فَقَالَ: أَحْضِرْ كُلَّ مَن اسْمُه خُنَيْسٌ أَو حُبَيْشٌ؛ فأَحْضَرَهم، فوجَدَ عِدَّتَهُم أَرْبَعِين رجُلًا، فأَعْطَى كلَّ واحِدٍ منهُم مَا يَتَسَفَّرُ بهِ، وَقَالَ: اقْفُلُوا إِلَى حَضْرة أَبي فِراسٍ. والحَوْبَة والحِيبَة: الهَمُّ والحاجَة؛ قَالَ أَبو كَبِير الهُذلي:
ثُمَّ انْصَرَفْتُ، وَلَا أَبُثُّكَ حِيبَتِي، ... رَعِشَ البَنانِ، أَطِيشُ، مَشْيَ الأَصْورِ
وَفِي الدعاءِ عَلَى الإِنْسانِ: أَلْحَقَ اللهُ بِهِ الحَوْبَة أَي الحاجَةَ والمَسْكَنَة والفَقْرَ. والحَوْبُ: الجَهْدُ والحاجَة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وصُفَّاحَة مِثْل الفَنِيقِ، مَنَحْتها ... عِيالَ ابنِ حَوْبٍ، جَنَّبَتْه أَقارِبُهْ
وَقَالَ مرَّة: ابنُ حَوْبٍ رجلٌ مَجْهودٌ مُحْتاجٌ، لَا يَعْنِي فِي كلِّ ذَلِكَ رجُلًا بعَيْنِه، إِنَّمَا يريدُ هَذَا النوعَ. ابْنُ الأَعرابي: الحُوبُ: الغَمُّ والهَمُّ والبَلاءُ. وَيُقَالُ: هَؤُلاءِ عيالُ ابنِ حَوْبٍ. قَالَ: والحَوْبُ: الجَهْدُ والشِّدَّة. الأَزهري: والحُوبُ: الهَلاكُ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ «1» :
وكُلُّ حِصْنٍ، وإنْ طَالَتْ سَلامَتُه، ... يَوماً، ستُدْرِكُه النَّكْراءُ والحُوبُ
أَي يَهْلِكُ. والحَوْبُ والحُوبُ: الحُزنُ؛ وَقِيلَ: الوَحْشة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إنَّ طَريقَ مِثْقَبٍ لَحُوبُ
أَي وَعْثٌ صَعْبٌ. وَقِيلَ فِي قَوْلِ أَبي دُوَاد الإِيادي:
يَوْمًا سَتُدْرِكه النَّكْراءُ والحُوبُ
أَي الوَحْشَة؛ وَبِهِ فَسَّرَ الهَرَوِيُ
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَبي أَيُّوب الأَنصاري، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى طَلاق أُمِّ أَيُّوبَ: إنَّ طَلاقَ أُمِّ أَيُّوبَ لَحُوبٌ.
التَّفْسِيرُ عَنْ شَمِرٍ، قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي لَوَحْشَة أَو إثْمٌ. وَإِنَّمَا أَثَّمَه بطلاقِها لأَنَّها كَانَتْ مُصْلِحةً لَهُ فِي دِينِهِ. والحَوْبُ: الْوَجَعُ. والتَّحَوُّبُ: التَّوَجُّعُ، والشَّكْوَى، والتَّحَزُّنُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَتَحَوَّب مِنْ كَذَا أَي يَتَغَيَّظُ مِنْهُ، ويَتَوَجَّعُ. وحَوْبَةُ الأُمِّ عَلى وَلَدِها وتَحَوُّبُها: رِقَّتُها وتَوَجُّعُها. وَفِيهِ: مَا زَالَ صَفْوانُ يَتَحَوَّبُ رِحَالَنَا مُنْذ
__________
(1) . قوله [وقال الهذلي إلخ] سيأتي أنه لأبي دواد الإيادي وفي شرح القاموس أن فيه خلافاً.(1/338)
اللَيْلَة؛ التَّحَوُّبُ: صَوْتٌ مَعَ تَوَجعٍ، أَراد بِهِ شدَّةَ صِياحِهِ بالدُّعاءِ؛ ورِحَالَنَا منصوبٌ عَلَى الظَّرْفِ. والحَوْبَةُ والحِيبَة: الهَمُّ والحُزْنُ. وَفِي حَدِيثِ
عُرْوَة لمَّا ماتَ أَبُو لَهَبٍ: أُرِيَه بعضُ أَهْلِه بشَرِّ حِيبَةٍ
أَي بشَرِّ حالٍ. والحِيبَةُ والحَوْبَة: الهَمُّ والحُزْنُ. والحِيبَة أَيضاً: الحاجَةُ والمَسْكَنة؛ قَالَ طُّفَيْل الغَنَوي:
فَذُوقُوا كَمَا ذُقْنا، غَداةَ مُحَجَّرٍ، ... مِنَ الغَيْظِ، فِي أَكْبادِنا، والتَّحَوُّبِ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّحَوُّبُ فِي غَيْرِ هَذَا التَّأَثُّم مِنَ الشيءِ، وَهُوَ مِنَ الأَوَّلِ، وبعضُه قريبٌ مِنْ بَعْضٍ. وَيُقَالُ لابنِ آوَى: هُوَ يَتَحَوَّبُ، لأَنَّ صَوْتَه كَذَلِكَ، كأَنه يَتَضَوَّرُ. وتحَوَّبَ فِي دُعَائِهِ: تَضَرَّعَ. والتَّحَوُّب أَيضاً: البكاءُ فِي جَزَعٍ وصِياحٍ، ورُبَّما عَمَّ بِهِ الصِّياحَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وصَرَّحَتْ عَنْهُ، إِذَا تحوَّبا، ... رواجبُ الجوفِ السحيلَ الصُّلَّبا «1»
وَيُقَالُ: تحَوَّبَ إِذَا تَعَبَّد، كأَنه يُلْقِي الحُوبَ عَنْ نَفسِه، كَمَا يُقَالُ: تَأَثَّمَ وتحَنَّثَ إِذَا أَلْقَى الحِنْثَ عَنْ نَفْسِه بالعِبادةِ؛ وَقَالَ الكُمَيْت يَذْكُرُ ذِئْباً سَقاهُ وأَطْعَمَه:
وصُبَّ لَهُ شَوْلٌ، مِن الماءِ، غائرٌ ... بِهِ كَفَّ عَنْهُ، الحِيبةَ، المُتَحَوِّبُ
والحِيبة: ما يُتَأَثَّم مِنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ اقْبَلْ تَوْبَتِي، وارْحَمْ حَوْبَتِي
؛ فحَوْبَتِي، يَجُوزُ أَن تَكُونَ هُنَا توَجُّعِي، وأَن تكونَ تَخَشُّعِي وتَمَسْكُنِي لَكَ. وَفِي التَّهْذِيبِ:
رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي واغْسِلْ حَوْبَتِي.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: حَوْبَتِي يَعْنِي المَأْثمَ، وتُفْتَح الْحَاءُ وتُضَم، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً
. قَالَ: وَكُلُّ مَأْثَمٍ حُوبٌ وحَوْبٌ، وَالْوَاحِدَةُ حَوْبةٌ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
أَن رجُلًا أَتَى النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَتيتُك لأُجاهِدَ مَعَكَ؛ فَقَالَ: أَلَكَ حَوْبةٌ؟ قَالَ: نعم. قال: فَفِيها فجاهِدْ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْنِي مَا يَأْثَمُ بِهِ إنْ ضَيَّعه مِنْ حُرْمةٍ. قَالَ: وبعضُ أَهلِ العِلْمِ يَتَأَوّلُه عَلَى الأُمِّ خاصَّةً. قَالَ: وَهِيَ عِنْدِي كلُّ حُرْمةٍ تَضِيعُ إِنْ تَركَها، مَن أُمٍّ أَو أُخْتٍ أَو ابْنةٍ أَو غَيْرِهَا. وَقَوْلُهُمْ: إِنَّمَا فلانٌ حَوْبةٌ أَي لَيْسَ عِنْدَهُ خيرٌ وَلَا شرٌّ. وَيُقَالُ: سمعتُ مِنْ هَذَا حَوْبَيْنِ، ورأَيتُ مِنْهُ حَوْبَيْن أَي فَنَّيْن وضَرْبَيْن؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَسْمَعُ، مِنْ تَيْهائهِ الأَفْلالِ، ... حَوْبَينِ مِنْ هَماهِمِ الأَغْوالِ
أَي فنَّيْن وضَرْبَين، وَقَدْ رُوِيَ بيتُ ذِي الرُّمَّة بِفَتْحِ الْحَاءِ. والحَوْبَة والحُوبة: الرجُلُ الضَّعيفُ، وَالْجَمْعُ حُوَب، وَكَذَلِكَ المرأَة إِذَا كَانَتْ ضعِيفة زَمِنة. وَبَاتَ فلانٌ بِحيبةِ سُوءٍ وحَوبةِ سوءٍ أَي بحالِ سُوءٍ؛ وَقِيلَ: إِذَا باتَ بِشِدَّةٍ وحالٍ سَيِّئةٍ لَا يُقَالَ إِلَّا فِي الشَّر؛ وَقَدِ استُعمل مِنْهُ فعْلٌ قَالَ:
وَإِنْ قَلُّوا وحابُوا
__________
(1) . قوله [وصرحت عنه إلخ] هو هكذا في الأَصل وانظر ديوان العجاج.(1/339)
ونزَلنا بِحيبةٍ مِنَ الأَرض وحُوبةٍ أَي بأَرض سوءٍ. أَبو زَيْدٍ: الحُوبُ: النَّفْسُ، والحَوْباءُ: النَّفْسُ، ممدودةٌ ساكنةُ الْوَاوِ، وَالْجَمْعُ حَوْباواتٌ؛ قَالَ رؤْبة:
وقاتِلٍ حَوْباءَهُ مِنْ أَجْلي، ... لَيْسَ لَهُ مِثْلي، وأَينَ مِثْلي؟
وَقِيلَ: الحَوْباءُ رُوعُ القَلْبِ؛ قَالَ:
ونَفْسٍ تَجُودُ بحَوْبائها
وَفِي حَدِيثِ
ابنِ الْعَاصِ: فَعَرَفَ أَنه يريدُ حَوْباءَ نَفْسه.
والحَوْبُ والحُوبُ والحابُ: الإِثْمُ، فالحَوْبُ، بِالْفَتْحِ، لأَهْلِ الْحِجَازِ، والحُوبُ، بِالضَّمِّ، لتَميمٍ، والحَوْبةُ: المَرَّة الْوَاحِدَةُ مِنْهُ؛ قَالَ الْمُخَبَّلُ:
فَلا يَدْخُلَنَّ، الدَّهْرَ، قَبرَكَ، حَوْبَةٌ ... يَقُومُ، بِهَا، يَوماً، عَليْكَ حَسيبُ
وَقَدْ حَابَ حَوباً وحِيبَةً. قَالَ الزَّجَّاجُ: الحُوبُ الإِثْمُ، والحَوْبُ فِعْلُ الرَّجُلِ؛ تقولُ: حابَ حَوْباً، كَقَوْلِكَ: قَدْ خانَ خَوناً. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنّ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: الرِّبا سَبْعُونَ حَوباً، أَيْسَرُها مِثْلُ وُقُوعِ الرجُلِ عَلَى أُمِّهِ، وأَرْبَى الرِّبا عِرْض المُسْلِمِ.
قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ سَبْعون حَوْباً، كأَنَّه سَبْعُونَ ضَرْبًا مِنَ الإِثْمِ. الفرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّهُ كانَ حُوباً
: الحُوبُ الإِثم الْعَظِيمُ. وقرأَ الْحَسَنُ: إنَّه كَانَ حَوْباً؛ وَرَوَى سَعْدٌ عَنْ قَتادة أَنه قَالَ: إِنَّهُ كانَ حُوباً
أَي ظُلْماً. وَفُلَانٌ يَتَحوَّب مِنْ كذَا أَي يتَأَثَّم. وتَحَوَّب الرجُل: تَأَثَّمَ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: تَحَوَّبَ تَرَكَ الحُوبَ، مِنْ بَابِ السَّلْبِ، ونَظِيرُه تأَثَّمَ أَي تَرَكَ الإِثْمَ، وَإِنْ كانَ تَفَعَّل لِلإِثباتِ أَكْثرَ مِنْهُ، لِلسَّلْبِ، وَكَذَلِكَ نَحْوُ تَقَدَّم وتأَخَّر، وتعَجَّل وتأَجَّل. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ إِذَا دَخَلَ إِلَى أَهْلِه قَالَ: تَوْباً تَوْباً، لَا يُغادِرُ عَلَيْنا حَوْباً.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إنَّ الجَفاءَ والحَوْبَ فِي أَهْلِ الوبرِ والصُّوفِ.
وتَحَوَّب مِنَ الإِثمِ إِذَا تَوَقَّاه، وأَلقى الحَوْبَ عَنْ نفسِه. وَيُقَالُ: حُبْتَ بِكَذَا أَي أَثِمْتَ، تَحوبُ حَوْباً وحَوْبَة وحِيابَةً؛ قَالَ النَّابِغَةُ «1» :
صَبْراً، بَغِيض بنَ رَيْثٍ؛ إنَّها رَحِمٌ ... حُبْتُمْ بِهَا، فأَناخَتْكُمْ بجَعْجَاعِ
وفلانٌ أَعَقُّ وأَحْوَبُ. قَالَ الأَزهري: وَبَنُو أَسد يَقُولُونَ: الحائِبُ للقاتِل، وَقَدْ حَاب يحُوبُ. والمُحَوِّب والمُتَحَوِّبُ الَّذِي يَذْهَب مالُه ثُمَّ يَعودُ. اللَّيْثُ: الحَوْبُ الضَّخمُ مِنَ الجِمالِ؛ وأَنشد:
وَلَا شَرِبَتْ فِي جِلْدِ حَوْب مُعَلَّبِ
قَالَ: وسُمِّيَ الجَمَلُ حَوْباً بزَجْره، كَمَا سُمِّيَ البَغْلُ عَدَساً بزَجْرِه، وسُمِّيَ الغُراب غَاقًا بصَوْتِهِ. غَيْرُهُ: الحَوْبُ الجَمَلُ، ثُمَّ كَثُر حَتَّى صارَ زجْراً لَهُ. قَالَ اللَّيْثُ: الحَوْبُ زَجْرُ البَعير ليَمْضِيَ، وللنَّاقةِ: حَلْ، جَزْمٌ، وحَلٍ وحَلي. يقال للبَعير إِذَا زُجِرَ: حَوْبَ، وحوبِ، وحَوْبُ، وحابِ.
__________
(1) . قوله [قال النابغة إلخ] سيأتي في مادة جعع عزو هذا البيت لنهيكة الفزاري.(1/340)
وحَوَّبَ بالإِبِلِ: قَالَ لَهَا حَوْب، والعَرَبُ تَجُرُّ ذَلِكَ، وَلَوْ رُفِعَ أَو نُصِبَ، لكان جائِزاً، لأَنَّ الزَّجْرَ والحِكاياتِ تُحَرَّك أَواخِرُها، عَلَى غيرِ إعرابٍ لازمٍ، وَكَذَلِكَ الأَدواتُ الَّتِي لَا تَتَمَكَّن فِي التَّصْريفِ، فَإِذَا حُوِّلَ مِنْ ذَلِكَ شيءٌ إِلَى الأَسماءِ، حُمِلَ عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامُ، فأُجْريَ مُجْرَى الأَسْماءِ، كَقَوْلِهِ:
والحَوْبُ لمَّا يُقَلْ والحَلُ
وحَوَّبْت بالإِبل: مِنَ الْحُوبِ. وحَكَى بَعْضُهُمْ: حَبْ لَا مَشَيْتَ، وحَبٍ لَا مَشَيْتَ، وحَابِ لا مَشَيْت، وحَابٍ لَا مَشَيْتَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ قَالَ: آيِبُون تائِبُون، لرَبِّنا حامدُون، حَوْباً حَوْباً.
قَالَ: كأَنه لَمَّا فَرَغَ مِنْ كَلَامِهِ، زَجَر بَعِيرَه. والحَوْبُ: زَجْرٌ لذكُور الإِبِلِ. ابْنُ الأَثير: حَوْبُ زَجْرٌ لِذُكُورة الإِبل، مثلُ حَلْ لإِناثِها، وَتُضَمُّ الْبَاءُ وَتُفْتَحُ وَتُكْسَرُ، وَإِذَا نُكِّر دَخَلَهُ التَّنْوِينُ، فَقَوْلُهُ: حَوْباً حَوْباً، بمنزلةِ قَوْلِكَ: سَيْرًا سَيْرًا؛ فأَما قَوْلُهُ:
هِيَ ابْنَةُ حَوْبٍ، أُمُّ تِسْعينَ، آزَرَتْ ... أَخا ثِقَةٍ، تَمْري، جَباها، ذَوائِبُهْ
فَإِنَّهُ عَنى كِنانَةً عُمِلَت مِنْ جِلْدِ بعيرٍ، وَفِيهَا تِسْعونَ سَهْماً، فَجَعَلَهَا أُمّاً لِلسِّهَامِ، لأَنها قَدْ جَمَعَتْهَا، وَقَوْلُهُ: أَخَا ثِقَةٍ، يَعْنِي سَيْفاً، وجَباها: حَرْفُها، وَذَوائِبُه: حَمَائِلُهُ أَي إِنَّهُ تَقَلَّد السَّيْفَ، ثُمَّ تَقَلَّدَ بَعْدَهُ الكِنانةَ تَمْرِي حَرْفَها، يُرِيدُ حرفَ الكِنانَة. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي كَلَامٍ لَهُ: حَوْبُ حَوْبُ، [حَوْبِ حَوْبِ] إِنَّهُ يومُ دَعْقٍ وشَوْب، لَا لَعًا لبَني الصَّوبِ. الدَّعْق: الوَطْءُ الشدِيدُ، وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ الحوأَب هُنَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحَقُّهُ أَن يُذْكر فِي حأَب، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ هُنَاكَ.
فصل الخاء المعجمة
خبب: الخَبَبُ: ضَرْبٌ مِنَ العَدْوِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ الرَّمَلِ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَنْقُل الفَرَسُ أَيامِنَه جَمِيعًا، وأَياسِرَه جَمِيعًا؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يُراوِحَ بَيْنَ يديهِ ورجليهِ، وَكَذَلِكَ البعيرُ؛ وَقِيلَ: الخَبَب السُّرْعَة؛ وَقَدْ خَبَّت الدَّابَّة تَخُبُّ، بالضَّمِّ، خَبّاً وخَبَباً وخَبِيباً، واخْتَبَّتْ، حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:
مُذَكَّرَة الثُّنْيَا، مُسانَدَة القَرَى، ... جُمَالِيَّة تَخْتَبُّ ثُمَّ تُنِيبُ
وَقَدْ أَخَبَّها صاحِبُها، وَيُقَالُ: جاؤُوا مُخِبِّينَ تَخُبُّ بِهِمْ دَوَابُّهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ إِذَا طافَ، خَبَّ ثَلَاثًا
، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ العَدْوِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وسُئِلَ عَنِ السَّيرِ بالجَنَازَة، فَقَالَ: مَا دونَ الخَبَبِ.
وَفِي حَدِيثِ مُفاخَرَةِ رعاءِ الإِبلِ والغَنَمِ:
هَلْ تَخُبُّون أَو تَصِيدون؟
أَراد أَنَّ رعاءَ الغَنَم لَا يَحْتاجونَ أَن يَخُبُّوا فِي آثارِها، ورِعاء الإِبلِ يَحْتاجُون إِلَيْهِ إِذَا ساقُوها إِلَى الْمَاءِ «2» . والخِبُّ: الخِدَاعُ والخُبْثُ والغِشُّ، ورجلٌ مُخابٌّ مُدْغِلٌ، كأَنه عَلَى خابَّ. ورجلٌ خَبٌّ وخِبٌّ: خَدَّاع جُرْبُزٌ، خَبيثٌ مُنْكَرٌ، وَهُوَ الخِبُّ والخَبُّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا أَنتَ بالخَبِّ الخَتُورِ وَلَا الَّذِي ... إِذَا اسْتُودِعَ الأَسْرارَ يوماً أَذاعَها
__________
(2) . قوله [وَرِعَاءُ الْإِبِلِ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ إِذَا سَاقُوهَا إِلَى الْمَاءِ] أي ويعزبون بها في المرعى فيصيدون الظباء والرئال وأولئك لا يبعدون عن المياه والناس فلا يصيدون انتهى. من هامش النهاية.(1/341)
والأُنثى: خَبَّة. وَقَدْ خَبَّ يَخَبُّ خِبّاً، وَهُوَ بَيِّنُ الخِبِّ، وقد خَبِبْتَ يارجُلُ تَخَبُّ خِبّاً، مثلُ عَلِمْتَ تَعْلم عِلْماً؛ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ:
لَا أُحْسِنُ قَتْوَ المُلوكِ والخَبَبا «1»
قَالَ: الخَبَبُ الخُبْثُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَراد بالخَبَبِ مصدَر خَبَّ يَخُبُّ إِذَا عَدَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يدخُلُ الجنَّةَ خَبٌّ وَلَا خائنٌ.
الخَبُّ، بالفتْح: الخَدَّاعُ وَهُوَ الجُرْبُزُ الَّذِي يَسْعَى بينَ الناسِ بالفَساد؛ ورجلٌ خَبٌّ وامرأَةٌ خَبَّةٌ، وَقَدْ تُكْسَرُ خاؤُه، فأَمَّا الْمَصْدَرُ فَبِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ. والتَّخبِيبُ: إفْسادُ الرجُل عَبْداً أَو أَمَةً لغيرهِ؛ يُقَالُ: خَبَّبَها فأَفسَدَها. وخَبَّبَ فلانٌ غُلامي أَي خَدَعَه. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ، خَبَّبَ فلانٌ عَلَى فلانٍ صَديقَه: مَعْنَاهُ أَفسده عَلَيْهِ؛ وأَنشد:
أُمَيْمة أَمْ صارتْ لقَوْلِ المُخَبِّبِ
والخِبُّ: الفسادُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً ومَمْلوكاً عَلَى مُسْلِمٍ فلَيس منَّا
، أَي خدَعَه وأَفسده؛ وَرَجُلٌ خَبٌّ ضَبٌّ، وَفِي الْحَدِيثِ:
المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ، والكافِرُ خَبٌّ [خِبٌ] لَئيمٌ
؛ فالغِرُّ الَّذِي لَا يَفْطُن للشَّرّ، والخَبُّ: [الخِبُ] ضِدُّ الغِرِّ، وَهُوَ الخَدَّاعُ المُفْسِدُ. يُقَالُ: مَا كنْت خَبّاً، وَلَقَدْ خَبِبْتَ تَخَبُّ خِبًّا. وَقَالَ ابنُ سِيرِينَ: إني لَسْت بِخَبٍّ، [بِخِبٍ] ولكِنِ الخَبُّ [الخِبُ] لَا يَخْدَعُني. والخِبُّ: هَيَجانُ البَحْرِ واضْطِرابُه؛ يُقَالُ أَصَابَهُم خِبٌّ إِذَا هَاجَ بِهِمُ البَحْر؛ خَبَّ يَخِبُّ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ أَصابهم الخِبُّ إِذَا اضْطَرَبَتْ أَمواج الْبَحْرِ، والْتَوَتِ الرياحُ فِي وَقْتٍ مَعلُومٍ، تُلْجَأُ السُّفُنُ فِيهِ إِلَى الشَّط، أَو يُلْقَى الأَنجَر. ابْنُ الأَعرابي: الخِبابُ ثَوَرانُ البَحْر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ يُونُسَ، عَلَى نَبِيِّنا وعَلَيه الصَّلَاةُ والسلامُ، لمَّا رَكِبَ البَحْر أَخَذَهم خِبٌّ شدِيدٌ.
يُقَالُ: خَبَّ البَحرُ إِذَا اضْطَرَبَ. والخَبُّ: حَبْلٌ مِنَ الرَّمْلِ، لاطِئٌ بالأَرض. والخُبَّةُ: مُسْتَنْقَعُ الْمَاءِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الخُبَّة مِنَ الرمْلِ، كَهَيْئَةِ الفَالِقِ، غَيْرَ أَنَّها أَوْسع وأَشَدُّ انتِشاراً، ولَيْسَتْ لَهَا جِرَفَة، وَهِيَ الخِبَّة والخَبِيبة؛ وَقِيلَ الخِبَّة والخَبَّة والخُبَّة: طَريقٌ مِنْ رَمْلٍ، أَو سَحابٍ، أَو خِرْقَةٌ كالعِصابة، والخَبِيبَة مثْلُه. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الخَبِيبَة كلُّ مَا اجْتَمَع فطَالَ مِنَ اللَّحْمِ؛ قَالَ: وكلُّ خَبِيبَةٍ مِنْ لَحْمٍ، فَهُوَ خَصيلَةٌ، فِي ذِراعٍ كانَتْ أَو غَيرِها. وَيُقَالُ: أَخَذَ خَبِيبَةَ الفَخِذ. ولَحْمُ المَتْنِ يُقَالُ لهُ الخَبِيبَةُ، وهنَّ الخَبائِبُ. والخُبُّ: الغامِضُ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ أَخْباب وخُبُوب. والمَخَبَّة: بَطْنُ الْوَادِي «2» ، وَهِيَ الخَبِيبَةُ والخُبَّةُ والخَبِيبُ.
__________
(1) . قوله [لا أحسن إلخ] هو عجز بيت، وصدره:
إِنِّي امْرُؤٌ مِنْ بَنِي فزارة
(2) . قوله [والمخبة بطن الوادي] هكذا في الأصل والمحكم وفي القاموس والخبة بالضم مستنقع الماء وموضع وبطن الوادي.(1/342)
والخُبَّةُ والخَبِيبُ: الخَدُّ فِي الأَرض. والخَبِيبةُ والخَبَّة والخِبَّةُ: الطريقَة مِنَ الرَّمْلِ والسَّحابِ، وَهِيَ مِنَ الثَّوْبِ شِبْه الطُّرّة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
يَطِرْنَ عَنْ ظَهْري ومَتني خِبَبا
الأَصمعي: الخِبَّةُ والطِّبَّة والخَبِيبَةُ والطِّبَابَة: كُلُّ هَذَا طَرائِقُ مِنْ رَمْلٍ وسَحاب؛ وأَنشد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
مِنْ عُجْمَةِ الرَّمْلِ أَنْقَاء لهَا خِبَبُ
قَالَ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: [لها حِبَبُ] وَهِيَ الطَّرائِقُ أَيضاً. أَبو عَمْرٍو: الخَبُّ سَهْلٌ بينَ حَزْنَينِ يكونُ فَيه الكَمْأَةُ؛ وأَنشد قَوْلُ عَدِيِّ بنِ زَيْدٍ:
تُجْنى لَكَ الكَمْأَةُ، رِبْعِيَّةً، ... بالخَبِّ، تَنْدى فِي أُصُول القَصِيصْ
وَقَالَ شَمِرٌ: خَبَّة الثَّوْبِ طُرَّته. وثَوْبٌ خِبَب وأَخبابٌ: خَلَقٌ مُتَقَطِّع، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وخَبائِبُ أَيضاً، مثلُ هَبائبَ إِذَا تَمَزَّقَ. والخَبِيبَة: الشَّرِيحَة مِنَ اللَّحْمِ؛ وَقِيلَ: الخُصْلة مِنَ اللَّحمِ يَخْلِطها عَقَبٌ؛ وَقِيلَ: كلُّ خَصِيلة خَبِيبة. وخَبائِب المَتْنَين: لَحْمُ طَوَارِهما؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
فأَرْسَلَ غُضْفاً، قَدْ طَوَاهُنَّ لَيْلَةً، ... تَقَيَّظْنَ، حَتى لَحْمُهُنّ خَبائِبُ
والخَبَائِبُ: خَبائِبُ اللَّحْمِ، طَرَائِقُ تُرَى فِي الجِلْدِ مِن ذَهابِ اللَّحْمِ؛ يُقَالُ للَّحْمِ: خَبائِبُ أَي كُتَلٌ وزِيَمٌ وقِطَعٌ ونَحْوُه. وقال أَوس ابنُ حَجَر:
صَدىً غَائِرُ العَيْنَينِ، خَبَّبَ لَحْمَه ... سَمَائِمُ قَيْظٍ، فَهْو أَسْوَدُ شاسِفُ
قَالَ: خَبَّبَ لحمُه، وخدَّدَ لَحْمُه أَي ذَهَبَ لحمُه، فَرِيئَتْ لَهُ طَرَائِقُ فِي جِلْدِه. وَالْخَبِيبَةُ: صُوفُ الثَّنِيِّ، وَهُوَ أَفضل مِنَ الْعَقِيقَةِ، وَهِيَ صُوفُ الجَذَع، وأَبْقَى وأَكثر. والخبِيبة والخُبُّ: الخِرْقة تُخْرِجُها مِنَ الثَّوْب، فَتَعْصِبُ بِهَا يَدَكَ. واخْتبَّ مِنْ ثَوْبه خُبَّةً أَي أَخْرَج. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخُبُّ الخِرْقة الطَّوِيلَةُ مِثْلُ العِصابة؛ وأَنشد:
لَهَا رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ بخُبٍّ، ... وأُخْرَى مَا يُسَتِّرها أُجَاحُ
الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حَنَنَ، قَالَ اللَّيْثُ: الحَنَّةُ خِرْقة تَلْبَسُها المرأَة فتُغَطِّي رأْسَها؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا حاقُّ التَّصْحِيفِ، وَالَّذِي أُراه الخَبَّة بالخاءِ والباءِ. الفرَّاءُ: الخَبيبة القِطْعة مِنَ الثَّوْب، والخُبَّةُ الخِرْقة تُخْرِجُها مِنَ الثَّوْبِ، فتَعْصِبُ بِهَا يدَكَ؛ قَالَ الأَزهري: وأَما الحَنَّة، بِالْحَاءِ وَالنُّونِ، فَلَا أَصلَ لَهُ فِي بَابِ الثِّياب. أَبو حَنِيفَةَ: الخُبَّة أَرض بَيْنَ أَرْضَين، لَا مُخصِبَة وَلَا مُجْدِبة؛ قَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى تَنالَ خُبَّةً مِنَ الخُبَبْ
ابْنُ شُمَيْلٍ: الخُبَّة مِنَ الأَرض طَرِيقَةٌ لَيِّنة مَيْثاءُ، لَيْسَتْ بحَزْنةٍ وَلَا سَهْلةٍ، وَهِيَ إِلَى السُّهولة أَدنى.(1/343)
قَالَ: وأَنكره أَبو الدُّقَيْش. قَالَ: وَزَعَمُوا أَن ذَا الرُّمَّة لَقِيَ رؤْبة فَقَالَ لَهُ مَا مَعْنَى قَوْلِ الرَّاعِي:
أَناخُوا بأَشوالٍ إِلَى أَهلِ خُبَّةٍ، ... طُروقاً، وَقَدْ أَمْعَى سُهَيْلٌ، فعَرَّدا؟
قَالَ: فَجَعَلَ رؤْبةُ يذهَب مرَّة هَاهُنَا، ومرَّةً هَاهُنَا إِلَى أَن قَالَ: هِيَ أَرض بَيْنَ المُكْلِئَة والمُجْدِبة. قَالَ: وَكَذَلِكَ هِيَ. وَقِيلَ: أَهل خُبَّة، فِي بَيْتِ الرَّاعِي: أَبياتٌ قَلِيلَةٌ، والخُبَّة مِنَ المَرَاعي وَلَمْ يُفَسِّرْ لَنَا. وَقَالَ ابْنُ نُجَيمٍ: الخَبيبة والخُبَّة كلُّه واحدٌ، وَهِيَ الشَّقِيقة بَيْنَ حَبْلَين مِنَ الرَّمْل، وأَنشد بَيْتَ الرَّاعِي. قَالَ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: خُبَّة كَلَأ، والخُبَّة: مَكَانٌ يَسْتَنْقع فِيهِ الْمَاءُ، فَتَنْبُت حَوَالَيْهِ البُقُول. وخُبَّة: اسْمُ أَرض؛ قَالَ الأَخطل:
فَتنَهْنَهَتْ عَنْهُ، وَوَلَّى يَقْتَرِي ... رَمْلًا بِخُبَّةَ، تَارَةً، ويَصُومُ
وخَبَّ النباتُ والسَّفَى: ارتَفع وَطَالَ. وخَبَّ السَّفَى: جَرَى. وخَبَّ الرجلُ خَبّاً: مَنَع مَا عِنْدَهُ. وخَبَّ: نَزَلَ المُنْهَبِطَ مِنَ الأَرض لِئَلَّا يُشْعَرَ بِمَوْضِعِهِ بُخلًا ولُؤْماً. والخَوابُّ: القَراباتُ، وَاحِدُهَا خابٌّ؛ يُقَالُ: لِي مِنْ فُلَانٍ خَوابُّ؛ وَيُقَالُ: لِي فِيهِمْ خَوابُّ، واحِدُها خابٌّ، وَهِيَ القَراباتُ والصِّهْر. والخَبْخابُ والخَبْخَبَة: رَخاوةُ الشيءِ المُضْطَرِب واضْطِرابُه. وَقَدْ تَخَبْخَبَ بَدنُ الرَّجُلِ إِذَا سَمِنَ ثُمَّ هُزِلَ، حَتَّى يَسْتَرْخِيَ جلدُه، فَتَسْمَعَ لَهُ صَوْتًا مِنَ الهُزال. أَبو عَمْرٍو: خَبْخَبَ ووَخْوَخَ إِذَا اسْتَرْخَى بطنُه، وخَبْخَب إِذَا غَدَرَ، وتَخَبْخَب الحَرُّ: سكَن بعضُ فَوْرته. وخَبْخِبُوا عَنْكُمْ مِنَ الظَّهِيرة: أَبْرِدُوا، وأَصله خَبِّبُوا بِثَلَاثِ بَاءَاتٍ، أَبدلوا مِنَ الباءِ الوُسْطَى خَاءً لِلْفَرْقِ بَيْنَ فَعْلَل وفَعَّلَ، وَإِنَّمَا زَادُوا الخاءَ مِنْ سَائِرِ الْحُرُوفِ، لأَن فِي الْكَلِمَةِ خَاءً، وَهَذِهِ عِلَّة جَمِيعِ مَا يُشْبهُه مِنَ الْكَلِمَاتِ. وَإِبِلٌ مُخَبْخَبة: عَظِيمَةُ الأَجواف، وَهِيَ المُبَخْبَخَة، مقلوبٌ، مأْخوذٌ مِنْ بَخْ بَخْ؛ فأَما قَوْلَهُ:
حَتَّى تَجِيءَ الخَطَبهْ ... بِإبِلٍ مُخَبْخَبَهْ
فَلَيْسَ عَلَى وجْهِه، إِنَّمَا هُوَ مُبَخْبَخَة أَي يُقَالُ لَهَا بَخْ بَخْ إعْجاباً بِهَا، فَقَلَب؛ وأَحسنُ مِنْ ذَلِكَ مُجَبْجَبَة، بِالْجِيمِ أَي عَظِيمَةُ الجُنُوب، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ. وخَبَّابٌ: اسْمٌ. وخُبَيْبٌ: ابنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُكَنَّى بأَبي خُبَيْب؛ قَالَ الرَّاعِي:
مَا إِنْ أَتَيْتُ، أَبا خُبَيْبٍ، وافِداً، ... يَوْماً، أُريدُ، لبَيْعَتي، تَبْديلا
وَقِيلَ: الخُبَيْبَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنُهُ؛ وَقِيلَ: هُمَا عَبْدُ اللَّهِ وأَخوه مُصْعَب؛ قَالَ حُمَيدٌ الأَرقط:
قَدْنيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي
فَمَنْ رَوَى الخُبَيْبِينَ عَلَى الْجَمْعِ، يُرِيدُ ثَلَاثَتَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُرِيدُ أَبا خُبَيْبٍ ومَن كان على رأْيه.(1/344)
ختب: الخُنْتَبُ: القَصِيرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَأَدْرَكَ الأَعْثَى الدَّثُورَ الخُنْتَبا، ... يَشُدُّ شَدّاً، ذَا نَجاءٍ، مِلْهَبا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا أَثْبَتُّ الخُنْتُب هَاهُنَا، وَإِنْ كَانَتِ النُّونُ لَا تُزاد ثَانِيَةً إِلَّا بثَبَت لأَن سِيبَوَيْهِ رَفَعَ أَن يَكُونَ فِي الْكَلَامِ فُعْلَل، وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ أَبي الْحَسَنِ رُبَاعِيٌّ، لأَن النُّونَ لَا تُزَادُ عِنْدَهُ إِلَّا بثبَت، وفُعْلَلٌ عِنْدَهُ مَوْجُودٌ كَجُخْدَبٍ وَنَحْوِهِ. وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الخُنْتُبُ والخُنْتَبُ: نَوْفُ الجارِيةِ قَبْلَ أَن تُخْفَضَ. قَالَ: والخُنْتُبُ المُخَنَّثُ أَيضاً.
خترب: خَتْرَبَ الشيءَ: قَطَعَه. وخَتْرَبَه بالسَّيف: عَضَّاهُ أَعْضاءً. وخُتْرُبٌ: مَوْضِعٌ.
خثعب: الخِنْثَعْبَةُ والخُنْثَعْبةُ والخَنْثَعْبة: النَّاقَةُ الغَزيرةُ اللَّبَن. سِيبَوَيْهِ: النُّونُ فِي خِنْثَعْبَةٍ زَائِدَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ ثَانِيَةً، لأَنها لَوْ كَانَتْ كَجِرْدَحْلٍ، كَانَتْ خُنْثعبةٌ كجُرْدَحْلٍ. وجُرْدَحْلٌ: بناءٌ مَعْدُومٌ. والخِنْثَعْبة: اسْمٌ للِاسْتِ، عن كراع.
خدب: خَدَبَه بالسَّيفِ يَخْدِبُه خَدْباً: ضَرَبه، وَقِيلَ: قَطَعَ اللحمَ دُونَ العَظْم. التَّهْذِيبُ: الخَدْبُ الضَّرْبُ بالسيفِ، يَقْطَعُ اللَّحْمَ دُونَ العَظم؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
نَضْرِبُ جَمْعَيْهمْ، إِذَا اجْلَحَمُّوا، ... خَوادِباً، أَهْوَنُهُنَّ الأَمُّ «1»
أَبو زَيْدٍ: خَدَبْتُه أَي قَطَعْتُه؛ وأَنشد:
بِيضٌ، بأَيْدِيهمُ بِيضٌ مُؤَلَّلةٌ، ... لِلْهامِ خَدْبٌ، وللأَعْناقِ تَطْبِيقُ
وَقِيلَ: الخَدْبُ هُوَ ضَرْبُ الرأْسِ ونحوِه. والخَدْبُ بالنَّاب: شَقُّ الجِلْدِ مَعَ اللَّحْم، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي الصِّحَاحِ بِالنَّابِ. وشَجَّةٌ خادِبَةٌ: شَدِيدةٌ. يُقَالُ: أَصابَتْه خادِبةٌ أَي شَجَّةٌ شَديدة. وضَرْبةٌ خَدْباءُ: هَجَمَتْ عَلَى الجَوْف، وطَعْنةٌ خَدْباءُ: كَذَلِكَ، وَقِيلَ: واسِعَةٌ. وحَرْبةٌ خَدْباءُ وخَدِبةٌ: واسِعةُ الجُرْحِ. والخَدْباءُ: الدِّرْعُ اللَّيِّنة. ودِرْعٌ خَدْباءُ: واسعةٌ، وَقِيلَ لَيِّنةٌ؛ قَالَ كَعْب بْنُ مَالِكٍ الأَنصاري:
خَدْباءُ، يَحْفِزُها نِجادُ مُهَنَّدٍ، ... صَافِي الحَديدةِ، صارِمٍ، ذِي رَوْنَقِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِهِ خَدْباءَ بِالنَّصْبِ، لأَن قَبْلَه:
فِي كُلِّ سابِغةٍ، يَخُطُّ فُضُولُها، ... كالنِّهْيِ، هَبَّتْ رِيحُه، المُتَرَقْرِق
فخدْباءُ، عَلَى هَذَا، صِفَةٌ لِسَابِغَةٍ، وَعَلَامَةُ الْخَفْضِ فِيهَا الْفَتْحَةُ. وَمَعْنَى يَحْفِزُها: يَدْفَعُها. ونِجادُ السَّيْفِ: حَمِيلَتُه. ابْنُ الأَعرابي: نابٌ خَدِبٌ وسَيْفٌ خَدِبٌ وضَرْبةٌ خَدْباءُ: مُتَّسِعة طويلةٌ. وسِنانٌ خَدِبٌ: واسِعُ الجِراحة. قَالَ بِشْرٌ:
عَلَى خَدِبِ الأَنْيابِ لم يَتَثَلَّمِ «2»
__________
(1) . قوله [اجلحموا] يروى بالحاء المهملة والخاء المعجمة أيضاً.
(2) . قوله [على خدب إلخ] صدره كما في التكملة:
إذا أرقلت كأن أخطب ضالة(1/345)
ابْنُ الأَعرابي: الخَدْباءُ العَقُورُ مِنْ كلِّ الحَيوانِ. وخَدَبَتْه الحَيَّةُ تَخْدِبه خَدباً: عَضَّتْه. وخَدَبَتِ الحَيَّةُ: عَضَّتْ وَفِي لِسَانِهِ خَدَبٌ أَي طُولٌ. وخَدَبَ الرَّجلُ: كَذَبَ. والخَدَبُ: الهَوَجُ. رَجُلٌ خَدِبٌ وأَخْدَبُ ومُتَخَدِّبٌ: أَهْوَجُ، والمرأَة خَدْباءُ. يُقَالُ: كَانَ بنَعامةَ خَدَبٌ، وَهُوَ المُدْرِكُ الثَّأْر، أَي كَانَ أَهْوَجَ، ونَعامةُ لَقَبُ بَيْهَس. والأَخْدَبُ: الَّذِي لَا يتَمالَكُ مِنَ الحُمقِ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
ولَسْتُ بِطَيَّاخةٍ فِي الرِّجال، ... ولَسْتُ بخِزْرافَةٍ أَخْدَبا
والخِزْرافةُ: الكَثِيرُ الْكَلَامِ الخَفِيفُ، وَقِيلَ: هُوَ الرِّخْوُ. والأَخْدبُ: الَّذِي يَرْكَبُ رَأْسَه جُرْأَةً. الأَصمعي، مِنْ أَمثالِهم فِي الهَلاكِ قَوْلُهم: وَقَعَ القَوْمُ فِي وادِي خَدَباتٍ؛ قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ فِيهِمْ إِذَا جَارُوا عَنِ القَصْدِ. والخِدَبُّ: الشَّيْخُ. والخِدبُّ: العَظِيمُ؛ قَالَ:
خِدَبٌّ، يَضِيقُ السَّرْجُ عَنْهُ، كأَنَّما ... يَمُدُّ ذِراعَيْه، منَ الطُّولِ، ماتِحُ
ورَجُلٌ خِدَبٌّ، مِثَالُ هِجَفٍّ أَي ضَخْمٌ، وجارِيةٌ خِدَبَّةٌ. وَفِي صِفَةِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خِدَبٌّ مِنَ الرِّجال، كأَنه راعِي غَنَمٍ. الخِدَبُّ، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِّ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ: العَظِيمُ الْجَافِي؛ وَفِي شِعْرُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
وَبَيْنَ نِسْعَيْه خِدَبّاً مُلْبِدا
يُرِيدُ سَنامَ بَعِيرِهِ أَو جَنْبَه أَي إِنَّهُ ضَخْمٌ غَلِيظٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم عَبْدٍ اللَّهِ بْنِ الْحَرِثِ بْنِ نَوْفَلٍ:
لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ ... جارِيةً خِدَبَّهْ
والخِدَبُّ: الضَّخْم مِنَ النَّعام، وَقِيلَ مِنْ كُلِّ شيءٍ. وَبَعِيرٌ خِدَبٌّ: شَدِيدٌ صُلْب، ضَخْمٌ قَوِيٌّ. والأَخْدَبُ: الطَّويلُ. والخُدْبةُ والخَدَبُ: الطُّولُ. وأَقْبَلَ عَلَى خَيْدَبَتِه أَي عَلَى أَمْرِه الأَوَّل. وخُذْ فِي هِدْيَتِكَ وقِدْيَتِكَ أَي فِيمَا كنتَ فِيهِ، وَرَوَاهُ أَبو تُرَابٍ فِي هِدْيَتِكَ وفِدْيَتِكَ بِالْفَاءِ. أَبو زَيْدٍ: أَقْبِلْ عَلَى خَيْدَبَتِكَ أَي عَلَى أَمْرِك الأَوّل، وتَرَكْتُه وخَيْدَبَتَه أَي ورَأْيَه. الفرَّاءُ: يُقَالُ فُلَانٌ عَلَى طَريقةٍ صالحةٍ وخَيْدَبةٍ وسُرْجُوجةٍ، وَهِيَ الطَّرِيقةُ. وخَيْدَبٌ: مَوْضِعٌ بِرمالِ بَنِي سَعْدٍ؛ قَالَ:
بِحَيْثُ ناصَى الخَبِراتُ خَيْدَبا
والخَيْدَبُ: الطَّريقُ الواضِحُ، حَكَاهُ الشَّيْبَانِيُّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَعْدُو الجَوادُ بِهَا، فِي خَلِّ خَيْدَبةٍ، ... كَمَا يُشَقُّ، إِلَى هُدَّابِه، السَّرَقُ
خدلب: الخَدْلَبَةُ: مِشْيةٌ «1» فِيهَا ضَعْفٌ. وَنَاقَةٌ خِدْلِبٌ: مُسِنَّةٌ مُسْتَرخِيةٌ، فيها ضَعْفٌ.
خذعب: خَذْعَبَه بالسَّيفِ، وبَخْذَعَه: ضَرَبَه.
__________
(1) . قوله [الخدلبة مشية إلخ] هذه المادة بالدال المهملة في هذا الكتاب والمحكم والتكملة ولعل إعجامها في القاموس تصحيف.(1/346)
خرب: الخَرابُ: ضِدُّ العُمْرانِ، وَالْجَمْعُ أَخْرِبةٌ. خَرِبَ، بِالْكَسْرِ، خَرَباً، فَهُوَ خَرِبٌ وأَخْرَبه وخَرَّبَه. والخَرِبةُ: مَوْضِعُ الخَرابِ، وَالْجَمْعُ خَرِباتٌ. وخَرِبٌ: كَكَلِم، جَمْعُ كَلِمة. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا تُكَسَّرُ فَعِلةٌ، لقِلَّتها فِي كَلَامِهِمْ. ودارٌ خَرِبةٌ، وأَخْرَبَها صاحبُها، وَقَدْ خَرَّبَه المُخَرِّبُ تَخْرِيباً؛ وَفِي الدعاءِ:
اللَّهُمَّ مُخَرِّبَ الدُّنْيَا ومُعَمِّر الآخرةِ
أَي خَلَقْتَها للخَرابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنَ اقْتِرابِ الساعةِ إخْرابُ العامِرِ وعِمارةُ الخَراب
؛ الإِخْرابُ: أَن يُتْرَكَ المَوْضِعُ خَرِباً. والتَّخْرِيبُ: الهَدْمُ، والمرادُ بِهِ مَا يُخَرِّبُه المُلُوكُ مِن العُمْرانِ، وتَعْمُرُه مِن الخَرابِ شَهْوةً لَا إِصْلَاحًا، ويَدْخُل فِيهِ مَا يَعْمَلُه المُتْرَفُون مِن تَخْريبِ المَساكِنِ العامِرةِ لِغَيْرِ ضرورةٍ وإنْشاءِ عِمارَتِها. وَفِي حَدِيثِ بِنَاءِ مسجِدِ المدينةِ:
كَانَ فِيهِ نَخْلٌ وقُبُورُ الْمُشْرِكِينَ وخِرَبٌ، فأَمَرَ بالخِرَبِ فسُوِّيَتْ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الخِرَبُ يَجُوزُ أَن يَكُونَ، بِكَسْرِ الخاءِ وَفَتْحِ الراءِ، جَمْعُ خَرِبةٍ، كَنَقِمةٍ ونِقَمٍ؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ خِرْبةٍ، بِكَسْرِ الخاءِ وَسُكُونِ الراءِ، عَلَى التَّخْفِيفِ، كنِعْمةٍ ونِعَمٍ؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الخَرِبَ، بِفَتْحِ الخاءِ وَكَسْرِ الراءِ، كنَبِقةٍ ونَبِقٍ وكَلِمةٍ وكَلِمٍ. قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، يُرِيدُ بِهِ الْمَوْضِعَ المَحْرُوثَ للزِّراعةِ. وخَرَّبُوا بيوتَهم: شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ أَو لِفُشُوِّ الفِعْلِ، وَفِي التَّنْزِيلِ: يُخرِبُونَ بيوتَهم؛ مَن قرأَها بِالتَّشْدِيدِ فَمَعْنَاهُ يُهَدِّمُونَها، وَمَنْ قرأَ يُخْرِبُونَ
، فَمَعْنَاهُ يَخْرُجُونَ مِنْهَا ويَتْرُكُونها. والقراءَة بِالتَّخْفِيفِ أَكثر، وقرأَ أَبو عَمْرٍو وَحْدَهُ يُخَرِّبون، بِتَشْدِيدِ الراءِ، وقرأَ سائرُ القُرَّاءِ يُخْرِبُونَ
، مُخَفَّفًا؛ وأَخْرَبَ يُخْرِبُ، مِثْلُهُ. وكلُّ ثَقْبٍ مُستدِير: خُرْبةٌ مِثْلَ ثَقْبِ الأُذن، وَجَمْعُهَا خُرَبٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ الثَّقْبُ مُسْتديراً كَانَ أَو غَيْرَ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه سأَله رَجُلٌ عَنْ إتْيان النِّساءِ فِي أَدْبارِهِنَّ، فَقَالَ: فِي أَيِّ الخُرْبَتَيْنِ، أَو فِي أَيِّ الخُرْزَتَيْنِ، أَو في أَيِّ الخُصْفَتَيْنِ
، يَعْنِي فِي أَيِّ الثُّقْبَتَيْنِ؛ والثلاثةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكُلُّهَا قَدْ رُوِيَتْ. والمَخْرُوبُ: المَشْقوقُ، وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُل أَخْرَبُ، للمشْقُوقِ الأُذُنِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ مَثْقُوبَها، فَإِذَا انْخَرَم بَعْدَ الثَّقْبِ، فَهُوَ أَخْرَمُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كأَني بحَبَشِيٍّ مُخَرَّبٍ عَلَى هَذِهِ الْكَعْبَةِ
، يَعْنِي مَثْقُوبَ الأُذُنِ. يُقَالُ: مُخَرَّبٌ ومُخَرَّمٌ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كأَنه أَمةٌ مُخَرَّبةٌ
أَي مَثْقوبةُ الأُذُنِ؛ وَتِلْكَ الثُّقْبَةُ هِيَ الخُرْبةُ. وخُرْبَةُ السِّنْدِيِّ: ثَقْبُ شَحْمةِ أُذنِه إِذَا كَانَ ثَقباً غَيْرَ مَخْرُوم، فَإِنْ كَانَ مَخْروماً، قِيلَ: خَربَةُ السِّنْدِيِّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
كأَنه حَبَشِيٌّ يَبْتَغِي أَثَراً، ... أَوْ مِنْ مَعاشِرَ، فِي آذانِها، الخُرَبُ
ثُمَّ فسَّره فَقَالَ: يَصِف نَعاماً شَبَّهَه بِرَجُلٍ حَبَشيٍّ لسَوادِه؛ وَقَوْلُهُ يَبْتَغِي أَثَراً لأَنه مُدَلَّى الرأْسِ، وَفِي آذانِها الخُرَبُ يَعْنِي السِّنْدَ. وَقِيلَ: الخُرْبةُ سَعةُ خَرْقِ الأُذن.(1/347)
وأَخْرَبُ الأُذُنِ: كخُرْبَتِها، اسْمٌ كأَفْكَل، وأَمةٌ خَرْباءُ وعَبْدٌ أَخْرَبُ. وخُرْبَةُ الإِبْرةِ وخُرَّابَتُها: خُرْتُها. والخَرَبُ: مَصْدَرُ الأَخْرَبِ، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ شَقٌّ أَو ثَقْبٌ مُسْتَديرٌ. وخَرَبَ الشيءَ يَخْرُبُه خَرْباً: ثَقَبَه أَو شَقَّه. والخُرْبةُ: عُرْوةُ المَزادةِ، وَقِيلَ: أُذُنها، وَالْجَمْعُ خُرَبٌ وخُرُوبٌ، هَذِهِ عَنْ أَبِي زَيْدٍ، نَادِرَةٌ، وَهِيَ الأَخْرابُ والخُرَّابةُ كالخُرْبةِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ في الَّذِي يُقَلِّدُ بَدَنَتَه فيَضِنُّ بالنَّعْلِ قَالَ: يُقلِّدها خُرابةً.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَالَّذِي نَعْرِفُ فِي الْكَلَامِ أَنها الخُرْبةُ، وَهِيَ عُرْوةُ المَزادةِ، سُميت خُرْبةً لاسْتِدارتها. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: لِكلِّ مَزادةٍ خُرْبَتانِ وكُلْيَتان، وَيُقَالُ خُرْبانِ، ويُخْرَزُ الخُرْبانِ إِلَى الكُلْيَتَيْنِ؛ وَيُرْوَى قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: يُقَّلِّدُها خُرابةً، بِتَخْفِيفِ الراءِ وَتَشْدِيدِهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. أَن عُرْوَة المَزادةِ خُرْبةٌ، سُميت بِذَلِكَ لاسْتِدارتِها، وكلُ ثَقْبٍ مُسْتَديرٍ خُرْبةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: وَلَا سَتَرْتَ الخَرَبةَ
يَعْنِي العَوْرةَ. والخَرْباءُ مِنَ المَعَزِ: الَّتِي خُرِبَتْ أُذُنها، وَلَيْسَ لخُرْبَتِها طُولٌ وَلَا عَرْضٌ. وَأُذُنٌ خَرْباءُ: مَشْقُوقةُ الشَّحْمةِ. وعَبْدٌ أَخْرَبُ: مَشْقُوقُ الأُذنِ. والخَرْبُ فِي الهَزَجِ: أَن يَدْخُلَ الجُزءَ الخَرْمُ والكَفُّ مَعاً فَيَصِيرُ مَفاعِيلُنْ إِلَى فاعِيلُ، فيُنْقَل فِي التَّقْطِيعِ إِلَى مَفعولُ، وبيتُه:
لَوْ كانَ أَبُو بِشْرٍ ... أَمِيراً، مَا رَضِيناهُ
فَقَوْلُهُ: لَوْ كَانَ، مفعولُ. قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: سُمي أَخْرَبَ، لِذَهَابَ أَوَّله وآخِره، فكأَنَّ الخَرابَ لَحِقَه لِذَلِكَ. والخُرْبَتانِ: مَغْرِزُ رأْسِ الفَخِذِ. الْجَوْهَرِيُّ: الخُرْبُ ثَقْبُ رأْسِ الوَرِكِ، والخُرْبةُ مِثْلُهُ. وَكَذَلِكَ الخُرابةُ، وَقَدْ يشدَّد. وخُرْبُ الوَرِكِ وخَرَبُه: ثَقْبُه، وَالْجَمْعُ أَخْرابٌ؛ وَكَذَلِكَ خُرْبَتُه وخُرابَتُه، وخُرَّابَتُه وخَرَّابَتُه. والأَخْرابُ: أَطْرافُ أَعْيار الكَتِفَيْنِ السُّفَلُ. والخُرْبةُ: وِعاءٌ يَجْعَلُ فِيهِ الرَّاعِي زَادَهُ، وَالْحَاءُ فِيهِ لُغَةٌ. والخُرْبةُ والخَرْبةُ والخُرْبُ والخَرَبُ: الفسادُ فِي الدِّين، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحَرَمُ لَا يُعِيذُ عاصِياً، وَلَا فَارًّا بِخَرَبةٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الخَرَبةُ أَصلُها العيبُ، وَالْمُرَادُ بِهَا هَاهُنَا الَّذِي يَفِرُّ بشيءٍ يُرِيدُ أَن يَنْفَرِدَ بِهِ ويَغْلِبَ عَلَيْهِ مِمَّا لَا تُجِيزُه الشَريعةُ. والخارِبُ: سارِقُ الإِبِلِ خاصَّةً، ثُمَّ نُقِل إِلَى غَيْرِهَا اتِّساعاً. قَالَ: وَقَدْ جاءَ فِي سِياقِ الحديثِ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ الخَرَبةَ الجِنايةُ والبَلِيَّةُ. قَالَ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ بِخِزْيةٍ. قَالَ: فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُسْتَحْيا مِنْهُ. أَو مِنَ الهَوانِ والفضيحةِ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الفَعْلةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُمَا؛ وَيُقَالُ: مَا فِيهِ خَرَبةٌ أَي عَيْبٌ. وَيُقَالُ: الخارِبُ مِنْ شدائدِ الدَّهْرِ. والخارِبُ: اللِّصُّ، وَلَمْ يُخَصَّصْ بِهِ سارِقُ الإِبِلِ وَلَا غيرِها؛(1/348)
وَقَالَ الشَّاعِرُ فِيمَنْ خَصَّصَ:
إنَّ بِهَا أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا، ... خُوَيْرِبَيْنِ يَنْقُفانِ الْهاما
الأَكْتَلُ والكَتالُ: هُمَا شِدّةُ الْعَيْشِ. والرِّزامُ: الهُزال. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَكْتَلُ ورِزامٌ، بِكَسْرِ الراءِ: رجُلانِ خارِبانِ أَي لِصَّانِ. وَقَوْلُهُ خُوَيْرِبانِ أَي هُمَا خارِبانِ، وصغَّرهما وَهُمَا أَكْتَلُ ورِزامٌ، ونَصَب خُوَيْرِبَيْنِ عَلَى الذَّمِّ، وَالْجَمْعُ خُرَّابٌ. وَقَدْ خَرَبَ يَخْرُبُ خِرابةً؛ الْجَوْهَرِيُّ: خَرَبَ فلانٌ بِإِبِلِ فُلَانٍ، يَخْرُبُ خِرابةً: مِثْلَ كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: خَرَبَ فُلَانٌ بِإِبِلِ فُلَانٍ يَخْرُب بِهَا خَرْباً وخُرُوباً وخِرابةً وخَرابةً أَي سَرَقَها. قَالَ: هَكَذَا حَكَاهُ مُتَعدِّياً بِالْبَاءِ. وَقَالَ مَرَّةً: خَرَبَ فُلَانٌ أَي صارَ لِصّاً؛ وأَنشد:
أَخْشَى عَلَيْها طَيِّئاً وأَسَدا، ... وخارِبَيْنِ خَرَبَا فمَعَدَا،
لَا يَحْسِبانِ اللهَ إلَّا رَقَدا
والخَرَّابُ: كالخارِب. والخُرابةُ: حَبْلٌ مِنْ لِيفٍ أَو نَحْوِهِ. وخَلِيَّةٌ مُخْرِبةٌ: فارِغةٌ لَمْ يُعَسَّلْ فِيهَا. والنَّخاريبُ: خُرُوقٌ كبيُوتِ الزَّنابِيرِ، وَاحِدَتُهَا نخرُوبٌ. والنَّخاريبُ: الثُّقَب المُهَيَّأَةُ مِنَ الشَّمَع، وَهِيَ الَّتِي تَمُجُّ النَّحْلُ العَسَلَ فِيهَا. ونَخْرَبَ القادِحُ الشجرةَ: ثَقَبَها؛ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا كُلّه رُبَاعِيٌّ، وَسَنَذْكُرُهُ. والخُرْبُ، بِالضَّمِّ: مُنْقَطَعُ الجُمْهُورِ مِنَ الرَّمْل. وَقِيلَ: مُنْقَطَعُ الجُمْهُورِ المُشْرِفِ منَ الرَّمل، يُنْبِتُ الغَضى. والخَرِبُ: حَدٌّ مِنَ الْجَبَلِ خارجٌ. والخَرِبُ: اللَّجَفُ مِنَ الأَرضِ؛ وَبِالْوَجْهَيْنِ فُسِّرَ قَوْلُ الرَّاعِي:
فَمَا نَهِلَتْ، حَتَّى أَجاءَتْ جِمامَه ... إِلَى خَرِبٍ، لاقَى الخَسِيفةَ خارِقُهْ
وَمَا خَرَّبَ عَلَيْهِ خَرْبةً أَي كَلِمَةً قَبِيحةً. يُقَالُ: مَا رأَينا مِنْ فُلَانٍ خَرْبةً وخَرْباءَ مُنْذُ جاوَرَنا أَي فَسَادًا فِي دِينه أَو شَيْناً. والخَرَبُ مِنَ الفَرَس: الشعرُ المُخْتَلِفُ وسَطَ مِرْفَقِه. أَبو عُبَيْدَةَ: مِنْ دَوائِر الفرَسِ دائرةُ الخَرَبِ، وَهِيَ الدائرةُ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ الصَّقْرَيْنِ، ودائرتَا الصَّقْرَيْنِ هُمَا اللَّتانِ عِنْدَ الحَجَبَتَيْنِ والقُصْرَيَيْنِ. الأَصمعي: الخَرَبُ الشَّعَرُ المُقْشَعِرُّ فِي الخاصرةِ؛ وأَنشد:
طويلُ الحِداءِ، سَليمُ الشَّظَى، ... كَريمُ المِراحِ، صَلِيبُ الخَرَبْ
والحِدَأَةُ: سالِفةُ الفَرَسِ، وَهُوَ مَا تقَدَّمَ مِنْ عُنْقِه. والخَرَبُ: ذكَر الحُبارَى، وَقِيلَ هُوَ الحُبارَى كُلُّها، وَالْجَمْعُ خِرابٌ وأَخْرابٌ وخِرْبانٌ، عَنْ سِيبَوَيْهِ. ومُخَرَّبةُ: حيٌّ «2» مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، أَو قَبِيلَةٌ. ومَخْرَبةُ: اسْمٌ. والخُرَيْبَةُ: مَوْضِعٌ، النَّسبُ إِلَيْهِ خُرَيْبِيٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَذَلِكَ أَنّ مَا كَانَ عَلَى فُعَيْلةَ، فالنَّسبُ إِلَيْهِ بطَرْحِ الياءِ، إِلَّا مَا شذَّ كَهَذَا وَنَحْوِهِ. وَقِيلَ:
__________
(2) . قوله [ومخرّبة حيّ] كذا ضبط فِي نُسْخَةٍ مِنَ الْمُحْكَمِ.(1/349)
خُرَيْبَةُ مَوْضِعٌ بِالْبَصْرَةِ، يُسَمَّى بُصَيْرةَ الصُّغْرى. والخُرْنُوبُ والخَرُّوب، بِالتَّشْدِيدِ: نَبْتٌ مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ خُرْنُوبةٌ وخَرْنُوبةٌ، وَلَا تَقُلْ: الخَرْنوب، بِالْفَتْحِ «1» . قَالَ: وأُراهُمْ أَبدَلوا النُّونَ مِنْ إِحْدَى الراءَين كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ، كَقَوْلِهِمْ إنْجانة فِي إجانَّة؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُمَا ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا اليَنْبُوتةُ، وَهِيَ هَذَا الشَّوكُ الَّذِي يُسْتَوْقَدُ بِهِ، يَرْتَفعُ الذِّراعُ ذُو أَفْنانٍ وحَمْلٍ أَحَمُّ خَفيفٌ، كأَنهُ نفّاخٌ، وهو بَشِعٌ لا يُؤْكل إِلَّا فِي الجَهْد، وَفِيهِ حَبٌّ صُلْبٌ زَلَّالٌ؛ وَالْآخَرُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الخَرُّوبُ الشَّامِيُّ، وَهُوَ حُلْوٌ يؤْكل، وَلَهُ حَبٌّ كَحَبِّ اليَنْبُوتِ، إِلَّا أَنه أَكْبَرُ، وثَمَرُه طِوالٌ كالقِثّاءِ الصِّغارِ، إِلَّا أَنه عَريضٌ، ويُتَّخَذُ مِنْهُ سَويقٌ ورُبٌّ. التَّهْذِيبُ: والخَرُّوبة شَجَرَةُ اليَّنْبُوتِ، وَقِيلَ: الينبوتُ الخَشْخاشُ. قَالَ: وَبَلَغَنَا فِي حَدِيثِ
سُلَيْمان، عَلَى نَبِيِّنا وَعَلَيْهِ الصلاةُ والسلامُ، أَنه كانَ ينْبُتُ فِي مُصَلّاه كُلَّ يَوْمٍ شَجَرةٌ، فيَسْأَلُها: مَا أَنْتِ؟ فَتقُولُ: أَنا شَجرةُ كَذَا، أَنْبُتُ فِي أَرضِ كَذَا، أَنا دَواءٌ مِنْ داءِ كَذا، فيَأْمُرُ بِهَا فَتُقْطَعُ، ثُمَّ تُصَرُّ، ويُكْتَبُ عَلَى الصُّرّةِ اسْمُها ودَواؤُها، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِر ذَلِكَ نَبَتَتِ اليَنْبُوتةُ، فَقَالَ لَهَا: مَا أَنتِ؟ فَقَالَتْ: أَنا الخَرُّوبةُ وسَكَتَتْ؛ فَقَالَ سُلَيْمانُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْآنَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ فِي خَرابِ هَذَا المَسْجدِ، وذَهابِ هَذَا المُلْكِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَن ماتَ.
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الخُرَيْبة، هِيَ بِضَمِّ الخاءِ، مصغَّرة: مَحِلَّةٌ مِنْ مَحالِّ البَصْرة، يُنْسَبُ إِلَيْهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ. وخَرُّوبٌ وأَخْرُبٌ: مَوْضِعان؛ قَالَ الجُمَيْحُ:
مَا لأُمَيْمةَ أَمْسَتْ لَا تُكَلِّمُنا، ... مَجْنُونةٌ، أَمْ أَحَسَّتْ أَهْلَ خَرُّوبِ؟
«2» مَرَّتْ بِراكِبِ مَلْهُوزٍ، فقالَ لَهَا: ... ضُرِّي الجُمَيْحَ، ومَسِّيهِ بتَعْذيبِ
يَقُولُ: طَمَحَ بصَرُها عَنِّي، فكأَنها تَنْظُر إِلَى راكِبٍ قَدْ أَقبلَ مِنْ أَهْلِ خَرُّوبٍ.
خردب: خَرْدبٌ: اسم.
خرشب: الخُرْشُبُ: اسمٌ. ابْنُ الأَعرابي: الخُرْشُبُ، بِالْخَاءِ: الطويلُ السَّمِينُ.
خرعب: الخُرْعُوبةُ: القِطْعةُ مِنَ القَرْعةِ، والقِثَّاءِ، والشَّحْمِ. والخَرْعَبُ والخُرْعُوبُ والخُرْعُوبةُ: الغُصْنُ لسَنَتِه، وَقِيلَ: هُوَ القَضِيبُ السامِقُ الغَضُّ؛ وَقِيلَ: هُوَ القَضِيبُ الناعِمُ، الحديثُ النَّباتِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ. والخَرْعَبةُ: الشابةُ الحَسَنةُ الجَسِيمةُ فِي قَوامٍ كأَنَّها الخُرْعُوبةُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الجَسِيمةُ اللَّحِيمةُ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الخَرْعَبةُ: الرَّخْصةُ اللَّيِّنةُ، الحَسَنةُ الخَلْقِ؛ وَقِيلَ: هِيَ البَيْضاء. وامرأَةٌ خَرْعَبةٌ وخُرْعُوبةٌ: رَقِيقةُ العَظْمِ، كثيرةُ اللَّحْمِ، ناعمةٌ. وجسمٌ خَرْعَبٌ: كَذَلِكَ؛ الأَصمعي: الخَرْعَبةُ الجارِيةُ اللَّيِّنةُ القَصَبِ، الطويلةُ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هِيَ الشابَّةُ الحَسَنةُ القَوامِ، كأَنها خُرْعُوبةٌ من
__________
(1) . قوله [وَلَا تَقُلْ الْخَرْنُوبُ بِالْفَتْحِ] هذه عبارة الجوهري، وأمَّا قوله واحدته خرنوبة وخرنوبة فهي عبارة المحكم وتبعه مجد الدين.
(2) . قوله [قَالَ الْجُمَيْحُ مَا لِأُمَيْمَةَ إلخ] هذا نص المحكم والذي في التكملة قال الجميح الأَسدي واسمه منقذ: [أمست أمامة صمتا ما تكلمنا] مجنونة وفيها ضبط مجنونة ... بالرفع والنصب.(1/350)
خَراعِيبِ الأَغْصانِ، مِنْ نَباتِ سَنَتِها. والغُصْنُ الخُرْعُوبُ: المُنْثَنِي؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بَرَهْرَهةٌ، رُؤْدةٌ، رَخْصةٌ، ... كخُرْعُوبةِ البانةِ المُنْفَطِرْ
وَرَجُلٌ خَرْعَبٌ: طويلٌ، فِي كَثْرَةٍ مِنْ لَحْمِه. وَجَمَلٌ خُرْعُوبٌ: طويلٌ فِي حُسْنِ خَلْقٍ. وَقِيلَ: الخُرْعُوبُ مِنَ الإِبِل العظِيمةُ الطويلةُ.
خرنب: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: الخَرُّوبُ والخَرْنُوب: شَجَرٌ يَنْبُت فِي جِبالِ الشامِ، لَهُ حَبٌّ كحَبِّ اليَنْبُوتِ، يُسمّيه صِبْيانُ أَهلِ العِراقِ القِثَّاءَ الشاميَّ، وَهُوَ يابسٌ أَسود. النِّهَايَةُ لِابْنِ الأَثير، وَفِي قِصَّةِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ذِكْرُ خَرْنَبَاءَ، وهي بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ النُّونِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ والمدِّ: مَوْضِعٌ مِنْ أَرض مِصْرَ، صانَها اللَّهُ تَعَالَى.
خزب: الخَزَبُ: تَهَيُّجٌ فِي الْجِلْدِ، كهَيْئةِ ورَمٍ مِنْ غيرِ أَلَمٍ. خَزِبَ جِلْدُه: خَزَباً فَهُوَ خَزِبٌ وتَخَزَّبَ: وَرِمَ من غيرِ أَلَمٍ. وخَزِبَ ضَرْعُ الناقةِ والشاةِ، بِالْكَسْرِ، خَزَباً وتَخَزَّبَ: وَرِمَ، وَقِيلَ: يَبِسَ وقَلَّ لَبَنُه؛ وَقِيلَ: تَخَزَّبَ ضَرْعُ النَّاقَةِ عِنْدَ النِّتَاجِ إِذَا كَانَ فِيهِ شِبْه الرَّهَلِ. وَفِي الصِّحَاحِ: خَزِبَتِ الناقةُ، بِالْكَسْرِ، تَخْزَبُ خَزَباً: وَرِمَ ضَرْعُها، وضاقتْ أَحالِيلُها، وَكَذَلِكَ الشاةُ. وَنَاقَةٌ خَزِبةٌ وخَزْباءُ: وارِمةُ الضَّرْعِ. وَقِيلَ: الخَزَبُ ضِيقُ أَحاليلِ الناقةِ وَالشَّاةِ، مِنْ وَرَمٍ أَو كَثْرةِ لَحْمٍ. والخَزْباءُ: الناقةُ الَّتِي فِي رَحِمها ثآلِيلُ، تَتَأَذَّى بِهَا. وَقَالَ أَبو حنيفةَ: خَزِبَ البعيرُ خَزَباً: سَمِنَ، حَتَّى كأَنَّ جِلْدَه وارِمٌ مِن السَّمنِ؛ وبَعير مِخزابٌ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ عادتِه. أَبو عَمْرٍو: العَرَبُ تُسَمِّي مَعْدِنَ الذَّهَبِ خُزَيْبةَ؛ وأَنشد:
فَقَدْ تَرَكَتْ خُزَيْبَةُ كلَّ وَغْدٍ، ... يُمَشِّي بَيْنَ خاتامٍ وطاقِ
والخَيْزَبُ والخَيْزَبانُ: اللَّحْمُ الرَّخْصُ اللَّيِّنُ. والخَيْزَبةُ والخَيْزُبةُ: اللَّحْمةُ الرَّخْصةُ اللَّيِّنةُ. ولَحْمٌ خَزِبٌ: رَخْصٌ، وكلُّ لَحْمةٍ رَخْصَةٍ خَزِبةٌ. والخَزْباءُ: ذُبابٌ يكونُ فِي الرَّوْضِ. والخازِبازِ: ذُبَابٌ أَيضاً. والخَزَبُ: الخَزَفُ، في بعض اللغات.
خزرب: الخَزْرَبةُ: اخْتِلاطُ الْكَلَامِ، وخَطَلُه.
خزلب: خَزْلَب اللحمَ أَو الحَبْلَ: قَطَعَه قَطْعاً سَرِيعًا.
خشب: الخَشَبَةُ: مَا غَلُظَ مِن العِيدانِ، وَالْجَمْعِ خَشَبٌ، مِثْلُ شجرةٍ وشَجَر، وخُشُبٌ وخُشْبٌ وخُشْبانٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمانَ: كَانَ لَا يَكادُ يُفْقَهُ كلامُه مِن شِدَّةِ عُجْمَتِه، وَكَانَ يُسَمِّي الخَشَبَ الخُشْبانَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ أُنْكِرَ هَذَا الحديثُ، لأَنَّ سَلْمانَ كَانَ يُضارِعُ كلامُه كلامَ الفُصَحاءِ، وَإِنَّمَا الخُشْبانُ جَمْعُ خَشَبٍ، كحَمَلٍ وحُمْلانٍ؛ قَالَ:
كأَنَّهم، بجَنُوبِ القاعِ، خُشْبانُ(1/351)
قَالَ: وَلَا مَزيد عَلَى مَا تَتَساعدُ فِي ثُبوتِه الرِّوايةُ والقياسُ. وبَيْتٌ مُخَشَّبٌ: ذُو خَشَب. والخَشَّابةُ: باعَتُها. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ، فِي صِفَةِ الْمُنَافِقِينَ: كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ
؛ وقُرئَ خُشْبٌ، بِإِسْكَانِ الشِّينِ، مِثْلُ بَدَنةٍ وبُدْنٍ. وَمَنْ قَالَ خُشُبٌ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ ثَمَرَةٍ وثُمُرٍ؛ أَراد، وَاللَّهُ أَعلم: أَنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي تَرْكِ التَّفَهُّمِ والاسْتِبْصارِ، وَوَعْي مَا يَسْمَعُونَ مِنَ الوَحْيِ، بِمَنْزِلَةِ الخُشُبِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكر الْمُنَافِقِينَ:
خُشُبٌ بِاللَّيْلِ، صُخُبٌ بِالنَّهَارِ
؛ أَراد: أَنهم يَنامُونَ الليلَ، كأَنهم خُشُبٌ مُطَرَّحةٌ، لَا يُصَلُّون فِيهِ؛ وتُضم الشِّينُ وَتُسَكَّنُ تَخْفِيفًا. والعربُ تَقُولُ للقَتِيلِ: كأَنه خَشَبةٌ وكأَنه جِذْعٌ. وتخَشَّبَتِ الإِبلُ: أَكلت الخَشَبَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ وَوَصَفَ إِبِلًا:
حَرَّقَها، مِن النَّجِيلِ، أَشْهَبُهْ، ... أَفْنانُه، وجَعَلَتْ تَخَشَّبُهْ
وَيُقَالُ: الإِبلُ تَتَخَشَّبُ عِيدانَ الشجرِ إِذَا تَناوَلَتْ أَغصانَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ يُصَلي خَلْفَ الخَشَبِيَّةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُمُ أَصْحابُ المُخْتارِ بْنِ أَبي عُبَيدة؛ وَيُقَالُ لضَرْبٍ مِنَ الشِّيعةِ: الخَشَبِيَّةُ؛ قِيلَ: لأَنهم حَفِظُوا خَشَبَةَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حينَ صُلِبَ، وَالْوَجْهُ الأَوّل، لأَنّ صَلْبَ زَيْدٍ كَانَ بَعْدَ ابنِ عُمَر بِكَثِيرٍ. والخَشِيبةُ: الطَّبِيعةُ. وخَشَبَ السيفَ يَخْشِبُه خَشْباً فَهُوَ مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ: طَبَعَه، وَقِيلَ صَقَلَه. والخَشِيبُ مِنَ السيوفِ: الصَّقِيلُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الخَشِنُ الَّذِي قَدْ بُرِدَ وَلَمْ يُصْقَلْ، وَلَا أُحْكِمَ عَمَلُه، ضدٌّ؛ وَقِيلَ: هُوَ الحديثُ الصَّنْعة؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي بُدِئَ طَبْعُه. قَالَ الأَصمعي: سَيْفٌ خَشِيبٌ، وَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ الصَّقِيلُ، وَإِنَّمَا أَصلُه بُرِدَ قَبْلَ أَن يُلَيَّنَ؛ وَقَوْلُ صَخْرِ الْغَيِّ:
ومُرْهَفٌ، أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه، ... أَبْيَضُ مَهْوٌ، فِي مَتْنِهِ، رُبَدُ
أَي طَبِيعَتُه. والمَهْوُ: الرّقِيقُ الشَّفْرَتَينِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَهُوَ عِنْدِي مَقْلُوبٌ مِنْ مَوْهٍ، لأَنه مِنَ الْمَاءِ الَّذِي لامُهُ هَاءٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي جَمْعِهِ: أَمْواهٌ. وَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنه أُرِقَّ، حَتَّى صارَ كالماءِ فِي رِقَّتهِ. قَالَ: وَكَانَ أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ يَرَى أَن أَمْهاه، مِنْ قَوْلِ إمرئِ القَيس:
راشَه مِنْ رِيشِ ناهِضةٍ، ... ثُمَّ أَمْهاهُ عَلَى حَجَرِهْ
قَالَ: أَصله أَمْوَهَهُ، ثُمَّ قدَّم اللَّامَ وأَخَّر الْعَيْنَ أَي أَرَقَّه كَرِقَّةِ الْمَاءِ. قَالَ، وَمِنْهُ: مَوَّهَ فُلَانٌ عَليَّ الحَدِيثَ أَي حَسَّنَه، حَتَّى كأَنَّه جَعَلَ عَلَيْهِ طَلاوةً وَمَاءً. والرُّبَدُ: شِبْهُ مَدَبِّ النَّمْلِ، والغُبارِ. وَقِيلَ: الخَشْبُ الَّذِي فِي السَّيف أَن يَضَعَ عَلَيْهِ سِناناً عَريضاً أَمْلَسَ، فيَدْلُكَه بِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ شُقُوقٌ، أَو شَعَثٌ، أَو حَدَبٌ ذَهَبَ بِهِ وامْلَسَّ. قَالَ الأَحمر: قَالَ لِي أَعْرابي: قُلْتُ لصَيْقَلٍ: هَلْ(1/352)
فَرَغْتَ مِنْ سَيْفِي؟ قَالَ: نَعَمْ، إِلَّا أَني لَمْ أَخْشِبْه. والخشابةُ: مِطْرَقٌ دَقِيقٌ إِذَا صَقَلَ الصَّيْقَلُ السَّيْفَ وفَرَغَ مِنْهُ، أَجراها عَلَيْهِ، فَلَا يُغَبِّره الجَفْن؛ هَذِهِ عَنِ الْهَجَرِيِّ. والخَشْبُ: الشَّحْذُ. وسيفٌ خَشِيبٌ مَخْشُوبٌ أَي شَحِيذٌ. واخْتَشَبَ السيفَ: اتَّخَذَه خَشْباً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وَلَا فَتْكَ إِلَّا سَعْيُ عَمْرٍو ورَهْطِه، ... بِمَا اخْتَشَبُوا، مِن مِعْضَدٍ ودَدانِ
وَيُقَالُ: سَيْفٌ مَشْقُوقُ الخَشِيبةِ؛ يَقُولُ: عُرِّضَ حِينَ طُبِعَ؛ قَالَ ابْنُ مِرْداسٍ:
جَمَعْتُ إلَيْهِ نَثْرَتي، ونجِيبَتي، ... ورُمْحِي، ومَشْقُوقَ الخَشِيبةِ، صارِما
والخَشْبةُ: البَرْدةُ الأُولى، قَبْلَ الصِّقال؛ وأَنشد:
وفُترةٍ مِنْ أَثْلِ مَا تَخَشَّبا
أَي مِمَّا أَخَذه خَشْباً لَا يَتَنَوَّقُ فِيهِ، يأْخُذُه مِن هاهُنا وهاهُنا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: خَشَبَ القَوْسَ يَخْشِبُها خَشْباً: عَمِلَها عَمَلَها الأَوّلَ، وَهِيَ خَشِيبٌ مِنْ قِسِيٍّ خُشُبٍ وخَشائِبَ. وقِدْحٌ مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ: مَنْحُوتٌ؛ قَالَ أَوْسٌ فِي صِفَةِ خيل:
فَخَلْخَلَها طَوْرَين. ثُمَّ أَفاضَها ... كَمَا أُرْسِلَتْ مَخْشُوبةٌ لم تُقَدَّمِ «3»
ويُروى: تُقَوَّمِ أَي تُعَلَّمِ. والخَشِيبُ: السَّهْمُ حِينَ يُبْرَى البَرْيَ الأَوَّل. وخَشَبْتُ النَّبْلَ خَشْباً إِذَا بَرَيْتَها البَرْيَ الأَوّل وَلَمْ تَفْرُغْ مِنْهَا. وَيَقُولُ الرَّجُلُ للنَّبَّالِ: أَفَرَغْتَ مِن سَهْمِي؟ فَيَقُولُ: قَدْ خَشَبْتُه أَي قَدْ بَرَيْتُه البَرْيَ الأَوَّل، وَلَمْ أُسَوِّه، فَإِذَا فَرَغَ قَالَ: قَدْ خَلَقْتُه أَي لَيَّنْتُه مِنَ الصَّفاة الخَلْقاءِ، وَهِيَ المَلْساءُ. وخَشَبَ الشِّعْر يَخْشِبُه خَشْباً أَي يُمِرُّه كَمَا يَجِيئُه، وَلَمْ يَتَأَنَّقْ فِيهِ، وَلَا تَعَمَّلَ لَهُ؛ وَهُوَ يَخْشِبُ الْكَلَامَ والعَمَلَ إِذَا لَمْ يُحْكِمْه وَلَمْ يُجَوِّدْه. والخَشِيبُ: الرَّدِيءُ والمُنْتَقَى. والخَشِيبُ: اليابِسُ، عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه قَالَ الخشِيبَ والخَشِيبيَّ. وجَبْهَةٌ خَشْباءُ: كَرِيهةٌ يابِسةٌ. والجَبْهةُ الخَشْباءُ: الكَرِيهةُ، وَهِيَ الخَشِبةُ أَيضاً، وَرَجُلٌ أَخْشَبُ الجَبْهةِ؛ وأَنشد:
إمَّا ترَيْني كالوَبِيلِ الأَعْصَلِ، ... أَخْشَبَ مَهْزُولًا، وإنْ لَمْ أُهْزَلِ
وأَكمَةٌ خَشْباءُ وأَرْضٌ خَشْباءُ، وَهِيَ الَّتِي كأَنَّ حِجارتَها مَنْثُورةٌ مُتَدانِيةٌ؛ قَالَ رؤْبة:
بكُلِّ خَشْباءَ وكُلِّ سَفْحِ
وقولُ أَبي النَّجْمِ:
إِذَا عَلَوْنَ الأَخْشَبَ المَنْطُوحا
يُرِيدُ: كأَنه نُطِحَ. والخَشِيبُ: الغَلِيظُ الخَشِنُ مِنْ كُلِّ شيءٍ. والخَشيبُ مِنَ الرِّجال: الطَّوِيلُ الْجَافِي، العارِي العِظام، مَعَ شِدّة وصَلابة وغِلَظٍ؛
__________
(3) . قوله [فخلخلها] كذا في بعض النسخ بخاءين معجمتين وفي شرح القاموس بمهملتين وبمراجعة المحكم يظهر لك الصواب والنسخة التي عندنا منه مخرومة.(1/353)
وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ الجِمالِ. وَقَدِ اخْشَوْشَبَ أَي صارَ خَشِباً، وَهُوَ الخَشِنُ. ورَجل خَشِيبٌ: عارِي العَظْمِ، بادِي العَصَبِ. والخَشِيبُ منَ الإِبل: الْجَافِي، السَّمْجُ، المُتَجافي، الشاسِئُ الخَلْقِ؛ وجمَلٌ خَشِيبٌ أَي غَلِيظٌ. وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ مَذْحِجَ عَلَى حَراجِيجَ:
كأَنها أَخاشِبُ
، جَمْعُ الأَخْشَبِ؛ والحَراجيجُ: جُمَعُ حُرْجُوجٍ، وَهِيَ الناقةُ الطويلةُ، وَقِيلَ: الضَّامِرةُ؛ وَقِيلَ: الحادَّةُ القَلْبِ. وظَلِيمٌ خَشِيبٌ أَي خَشِنٌ. وكلُّ شيءٍ غَلِيظٍ خَشِنٍ، فَهُوَ أَخْشَبُ وخَشِبٌ. وتخَشَّبَتِ الإِبلُ إِذَا أَكلت اليَبِيسَ مِنَ المَرْعَى. وعَيْشٌ خَشِبٌ: غَيْرُ مُتَأَنَّقٍ فِيهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. واخْشَوْشَبَ فِي عَيْشِه: شَظِفَ. وَقَالُوا: تمَعْدَدُوا، واخْشَوْشِبُوا أَي اصْبِرُوا عَلَى جَهْدِ العَيْشِ؛ وَقِيلَ تَكَلَّفُوا ذَلِكَ، لِيَكُونَ أَجْلَدَ لَكُمْ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: اخْشَوْشِبُوا، وتَمعْدَدُوا.
قَالَ: هُوَ الغِلَظُ، وابْتِذالُ النَّفْسِ فِي العَمَل، والاحْتِفاءُ فِي المَشْيِ، ليَغْلُظ الجَسَدُ؛ ويُروى: واخْشَوْشِنُوا، مِنَ العِيشةِ الخَشْناءِ. وَيُقَالُ: اخْشَوْشَب الرَّجُل إِذَا صارَ صُلْباً، خَشِناً فِي دِينهِ ومَلْبَسِه ومَطْعَمِه، وجَمِيعِ أَحْوالِه. ويُروى بِالْجِيمِ والخاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالنُّونِ؛ يَقُولُ: عِيشُوا عَيْشَ مَعَدٍّ، يَعْنِي عَيْشَ العَرَبِ الأَوَّل، وَلَا تُعَوِّدُوا أَنْفُسَكم التَّرَفُّه، أَو عِيشةَ العَجَمِ، فإنَّ ذَلِكَ يَقْعُدُ بِكُمْ عَنِ الْمَغَازِي. وجَبَلٌ أَخْشَبُ: خَشِنٌ عَظِيمٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ الْبَعِيرَ، ويُشَبِّهه فوقَ النُّوق بالجَبَل:
تَحْسَبُ فَوْقَ الشَّوْلِ، مِنه، أَخْشَبا
والأَخْشَبُ مِن الجِبال: الخَشِنُ الغَلِيظُ؛ وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَا يُرْتَقَى فِيهِ. والأَخْشَبُ مِنَ القُفِّ: مَا غَلُظَ، وخَشُنَ، وتحَجَّر؛ وَالْجَمْعُ أَخاشِبُ لأَنه غَلَبَ عَلَيْهِ الأَسْماءُ؛ وَقَدْ قِيلَ فِي مؤَنَّثه: الخَشْباءُ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
يَنُوءُ فَيَعْدُو، مِنْ قَريبٍ، إِذَا عَدا ... ويَكْمُنُ، فِي خَشْباءَ، وعْثٍ مَقِيلُها
فَإِمَّا أَن يَكُونَ اسْمًا، كالصَّلْفاءِ، وَإِمَّا أَن يَكُونَ صِفَةً، عَلَى مَا يَطَّرِدُ فِي بَابِ أَفعل، والأَوّل أَجود، لِقَوْلِهِمْ فِي جَمْعِهِ: الأَخاشِبُ. وَقِيلَ الخَشْباءُ، فِي قَوْلِ كُثَيِّرٍ، الغَيْضةُ، والأَوّلُ أَعْرَفُ. والخُشْبانُ: الجِبالُ الخُشْنُ، الَّتِي لَيْسَتْ بِضِخامٍ، وَلَا صِغارٍ. ابْنُ الأَنباري: وقَعْنا فِي خَشْباءَ شَدِيدةٍ، وَهِيَ أَرضٌ فِيهَا حِجارةٌ وحَصى وَطِينٌ. وَيُقَالُ: وقَعْنا فِي غضْراءَ، وَهِيَ الطِّين الخالِصُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الحُرُّ، لخُلُوصِه مِن الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ. والحَصْباءُ: الحَصى الَّذِي يُحْصَبُ بِهِ. والأَخْشَبانِ: جَبَلا مَكَّةَ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْر مَكَّةَ:
لَا تَزُولُ مَكَّةُ، حَتَّى يَزُولَ أخْشَباها.
أَخْشَبا مَكَّةَ: جَبَلاها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: يَا محمدُ إنْ شِئْتَ جَمَعْتُ عَليهم الأَخْشَبَينِ، فَقَالَ: دَعْني أُنْذِرْ قَوْمي
؛ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجَزاه خَيراً عَنْ رِفْقِه بأُمَّتِه، ونُصْحِه لَهُمْ، وإشْفاقِه عَلَيْهِمْ. غَيْرُهُ: الأَخْشَبانِ: الجَبَلانِ المُطِيفانِ بمكَّةَ، وَهُمَا: أَبو قُبَيْس والأَحْمرُ، وَهُوَ جبَل مُشْرِفٌ وَجْهُه عَلَى قُعَيْقِعانَ.(1/354)
والأَخْشَبُ: كلُّ جَبَلٍ خَشِنٍ غَلِيظٍ. والأَخاشِبُ: جِبالُ الصَّمَّان. وأَخاشِبُ الصَّمَّانِ: جِبال اجْتَمَعْنَ بالصَّمَّانِ، فِي مَحِلّة بَنِي تَمِيم، لَيْسَ قُرْبَها أَكَمةٌ، وَلَا جَبَلٌ؛ وصُلْبُ الصَّمَّانِ: مكانٌ خَشِبٌ أَخْشَبُ غَلِيظٌ؛ وكلُّ خَشِنٍ أَخْشَبُ وخَشِبٌ. والخَشْبُ: الخَلْطُ والانْتِقاءُ، وَهُوَ ضِدٌّ. خَشَبَه يَخْشِبُه خَشْباً، فَهُوَ خَشِيبٌ ومَخْشُوبٌ. أَبو عُبَيْدٍ: المَخْشُوب: المَخْلوط فِي نَسَبِه؛ قَالَ الأَعشى يَصِفُ فَرَسًا:
قافِلٍ جُرْشُعٍ، تَرَاهُ كَيَبْس الرَّبْل، ... لَا مُقْرِفٍ، وَلَا مَخْشُوبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَورد الْجَوْهَرِيُّ عَجُزَ هَذَا الْبَيْتِ، لَا مقرفٌ وَلَا مَخْشُوبُ، قَالَ: وَصَوَابُهُ لَا مُقْرِفٍ وَلَا مَخْشُوبِ بِالْخَفْضِ، وَبَعْدَهُ:
تِلْكَ خَيْلي مِنْهُ، وتِلكَ رِكابي، ... هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها، كالزَّبيبِ
قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: المَخْشُوب الَّذِي لَمْ يُرَضْ، وَلَمْ يُحَسَّنْ تَعْلِيمه، مُشَبَّهٌ بالجَفْنةِ المَخْشُوبة، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تُحْكَمْ صَنْعَتُها. قَالَ: وَلَمْ يَصِفِ الفَرَسَ أَحَدٌ بالمَخْشُوبِ، إلَّا الأَعْشَى. وَمَعْنَى قافِل: ضامِرٌ. وجُرْشُعٌ: مُنْتَفِخُ الجَنْبَينِ. والرَّبْلُ: مَا تَرَبَّلَ مِنَ النَّباتِ فِي القَيظ، وَخَرَجَ مِنْ تَحْتِ اليَبيسِ مِنه نباتٌ أَخضَر. والمُقْرِفُ: الَّذِي دانَى الهُجْنةَ مِنْ قِبَلِ أَبيهِ. وخَشَبْتُ الشيءَ بالشيءِ: خَلَطْتُه بِهِ. وطعامٌ مَخْشُوبٌ إِذَا كَانَ حَبّاً، فَهُوَ مُفَلَّقٌ قَفارٌ، وَإِنْ كان لحماً فَنيءٌ لَمْ يَنْضَجْ. وَرَجُلٌ قَشِبٌ خَشِبٌ: لَا خَيرَ عِنْدَهُ، وخَشِبٌ إتْباعٌ لَهُ. اللَّيْثُ: الخَشَبِيَّةُ: قومٌ مِنَ الجَهْمِيَّةِ «1» يَقُولون: إنَّ اللَّهَ لَا يتَكَلَّم، ويقُولون: القرآنُ مَخْلُوقٌ. والخِشابُ: بُطُونٌ مِن تَمِيمٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَثَعْلَبَةَ الفوارِسِ أَم رِياحاً، ... عَدَلْتَ بِهِمْ طُهَيَّةَ والخِشابا؟
ويُروى: أَو رَباحاً. وَبَنُو رِزامِ بْنَ مالكِ بْنِ حَنْظَلَة يُقَالُ لَهُمُ: الخِشابُ. وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ بِبَيْتِ جَرِيرٍ هَذَا عَلَى بَنِي رِزامٍ. وخُشْبانُ. اسْمٌ. وخُشْبانُ: لَقَبٌ. وذُو خَشَبٍ: موضِع؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
أَو كالفَتى حاتِمٍ، إذْ قالَ: مَا ملَكَتْ ... كَفَّايَ للنَّاسِ نُهْبَى، يومَ ذِي خَشَبِ
وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ خُشُبٍ، بِضَمَّتَيْنِ، وَهُوَ وادٍ عَلَى مَسِيرةِ لَيْلة مِنَ المَدينةِ، لَهُ ذِكرٌ كَثيرٌ فِي الْحَدِيثِ وَالْمَغَازِي، وَيُقَالُ له: ذُو خُشُبٍ.
خصب: الخِصْبُ: نَقِيضُ الجَدْبِ، وَهُوَ كَثرةُ العُشْبِ، ورفَاغةُ العَيْشِ؛ قَالَ اللَّيْثُ: والإِخصابُ والاختِصابُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: والكَمْأَةُ مِنَ الخِصْب، والجَرادُ مِنَ الخِصْبِ، وَإِنَّمَا يُعَدُّ خِصْباً إِذَا وَقَعَ إِلَيْهِمْ، وَقَدْ جَفَّ العُشْبُ، وأَمِنُوا مَعَرَّتَه. وَقَدْ خَصَبَتِ الأَرضُ، وخَصِبَت خِصْباً، فهي خَصِبةٌ، وأَخْصَبَتْ
__________
(1) . قوله [الجهمية] ضبط في التكملة، بفتح فسكون، وهو قياس النسب إلى جهم بفتح فسكون أيضاً، ومعلوم أن ضبط التكملة لا يعدل به ضبط سواها.(1/355)
إِخْصَابًا؛ وقولُ الشَّاعِرِ أَنشده سِيبَوَيْهِ:
لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَبَّا، ... فِي عامِنا ذا، بَعْدَ ما أَخْصَبَّا
فَرَوَاهُ هُنَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ؛ هُوَ كأَكْرَمَ وأَحسَنَ إلَّا أَنه قَدْ يُلْحَقُ فِي الوَقْفِ الحَرْفُ حَرْفاً آخَرَ مثلَه، فيشدَّد حِرْصاً عَلَى البيانِ، لِيُعْلَم أَنه فِي الوَصْل مُتَحَرِّك، مِنْ حَيْثُ كَانَ الساكِنانِ لَا يَلْتَقِيانِ فِي الوَصْل، فَكَانَ سبيلُه إِذَا أَطْلَق الْبَاءَ، أَن لَا يُثَقِّلَها، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الوقفُ فِي غالِب الأَمر إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْبَاءِ، لَمْ يَحْفِل بالأَلف، الَّتِي زِيدَتْ عَلَيْهَا، إِذْ كَانَتْ غيرَ لازمةٍ فثَقَّل الحَرْفَ، عَلَى مَنْ قَالَ: هَذَا خَالِدّْ، وفَرَجّ، ويجْعَلّ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنِ الضَّمُّ لَازِمًا، لأَن النَّصْبَ وَالْجَرَّ يُزِيلانِه، لَمْ يُبالوا بِهِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَحَدَّثَنَا أَبو عَلِيٍّ أَن أَبا الْحَسَنِ رَوَاهُ أَيضاً: بعد ما إخْصَبَّا، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وقطَعها ضَرُورَةً، وأَجراه مُجْرَى اخْضَرَّ، وازْرَقَّ وغيرِه منَ افْعَلَّ، وَهَذَا لَا يُنْكَر، وَإِنْ كَانَتِ افْعَلَّ للأَلوانِ، أَلا تَرَاهُمْ قَدْ قَالُوا: اصْوابَّ، وامْلاسَّ، وارْعَوَى، واقْتَوَى؟ وأَنشدَنا لِيَزيد بْنِ الحَكَمِ:
تَبَدَّلْ خَلِيلًا بِي، كَشَكْلِكَ شَكْلُهُ، ... فَإني، خَلِيلًا صَالِحًا، بكَ، مُقْتَوِي
فمِثالُ مُقْتَوِي مُفْعَلٌّ، مِنَ القَتْوِ، وَهُوَ الخِدْمةُ، وَلَيْسَ مُقْتَوٍ بمُفْتَعِلٍ، مِن القُوَّةِ، وَلَا مِن القَواءِ والقِيِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرو بْنِ كُلْثُوم:
مَتَى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا؟
وَرَوَاهُ أَبو زَيْدٍ أَيضاً: مَقْتَوَيْنا، بِفَتْحِ الْوَاوِ. ومكانٌ مُخصِبٌ وخَصيبٌ، وأَرض خِصْبٌ، وأَرَضُون خِصْبٌ، والجمعُ كَالْوَاحِدِ، وَقَدْ قَالُوا أَرَضُون خِصْبةٌ، بِالْكَسْرِ، وخَصْبةٌ، بِالْفَتْحِ: فَإما أَن يَكُونَ خَصْبةٌ مَصْدَرًا وُصِفَ بِهِ، وَإِمَّا أَن يَكُونَ مُخَفَفًا مِنْ خَصِبةٍ. وَقَدْ قَالُوا أَخصابٌ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، يُقَالُ: بَلَدٌ خِصْبٌ وبَلَدٌ أَخْصابٌ، كَمَا قَالُوا: بَلدٌ سَبْسَبٌ، وبلدٌ سَباسِبٌ، ورُمْح أَقصادٌ، وَثَوْبٌ أَسْمالٌ وأَخْلاقٌ، وبُرْمةٌ أَعشارٌ، فَيَكُونُ الْوَاحِدُ يُراد بِهِ الجمعُ، كأَنَّهم جَعَلُوهُ أَجْزاء. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَخْصَبَتِ الأَرضُ خِصْباً وَإِخْصَابًا، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِشيءٍ لأَنّ خِصْباً فعْلٌ، وأَخْصَبَتْ أَفْعَلَتْ؛ وفِعلٌ لَا يَكُونُ مَصْدَرًا لأَفْعَلَتْ. وَحَكَى أَبو حَنِيفَةَ: أَرض خَصِيبةٌ وخَصِبٌ، وَقَدْ أَخْصَبَتْ وخَصِبَتْ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الأَخيرة عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ، وعيشٌ خَصِبٌ مُخصِبٌ، وأَخْصَبَ القومُ: نَالُوا الخِصْبَ، وَصَارُوا إِلَيْهِ، وأَخْصَب جَنابُ الْقَوْمِ، وَهُوَ مَا حَوْلَهُمْ. وَفُلَانٌ خَصِيبُ الجنابِ أَي خَصِيبُ الناحِيةِ. والرجلُ إِذَا كَانَ كَثِيرَ خَيرِ المنزِلِ يُقَالُ: إِنَّهُ خَصِيبُ الرَّحْل. وأَرضٌ مِخْصابٌ: لَا تَكَادُ تُجْدِبُ، كَمَا قَالُوا فِي ضِدِّهَا: مِجْدابٌ. وَرَجُلٌ خَصِيبٌ: بَيِّنُ الخِصْبِ، رَحْبُ الجَنابِ، كَثيرُ الخَير. ومَكانٌ خَصِيبٌ: مِثْلُه؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
هَبَطَا تَبالةَ مُخْصِباً أَهْضامُها
والمُخْصِبةُ: الأَرضُ المُكْلِئَةُ، والقومُ أَيضاً مُخْصِبُون إِذَا كَثُرَ طَعامُهم ولَبَنُهُم، وأَمْرَعَتْ بِلادُهم.(1/356)
وأَخْصَبتِ الشاءُ إِذَا أَصابَتْ خِصْباً. وأَخْصَبَتِ العِضاهُ إِذَا جَرَى الماءُ فِي عِيدانِها حَتَّى يَصِلَ بالعُرُوقِ. التَّهْذِيبُ، اللَّيْثُ: إِذَا جَرَى الماءُ فِي عُود العِضاهِ، حَتَّى يَصِلَ بالعُروق، قِيلَ: قَدْ أَخْصَبَتْ، وَهُوَ الإِخْصابُ. قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ مُنكر، وَصَوَابُهُ الإِخْضابُ، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، يُقَالُ: خَضَبَتِ العِضاهُ وأَخْضَبَتْ. اللَّيْثُ: الخَصْبةُ، بِالْفَتْحِ، الطَّلْعة، فِي لُغَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ النَّخْلة الكثِيرة الحَمْلِ فِي لُغَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ نَخْلة الدَّقَلِ، نَجْدِيَّةٌ، وَالْجَمْعُ خَصْبٌ وخِصابٌ؛ قَالَ الأَعشى:
وكلِّ كُمَيْتٍ، كَجذْعِ الخِصاب، ... يُرْدي عَلَى سَلِطاتٍ لُثُمْ
وَقَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
كأَنَّ، عَلى أَنْسائِها، عِذْقَ خَصْبةٍ ... تَدَلَّى، مِنَ الكافُورِ، غيرَ مُكَمَّمِ
أَي غَيْرَ مَسْتُور. قَالَ الأَزهري: أَخطأَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ الخَصْبةِ. والخِصابُ، عِنْدَ أَهْلِ البَحْرَينِ: الدَّقَلُ، الواحدةُ خَصْبةٌ. وَالْعَرَبُ تَقُول: الغَداء لَا يُنْفَجُ إِلَّا بالخِصابِ، لِكَثْرَةِ حَمْلِها، إِلَّا أَنَّ تَمْرها رَديءٌ، وَمَا قَالَ أَحدٌ إنَّ الطَّلْعةَ يُقَالُ لَهَا الخَصْبة، وَمَنْ قَالَهُ فَقَدْ أَخْطأَ. وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عبدِ القَيسِ:
فأَقْبَلْنا مِن وِفادَتِنا، وَإِنَّمَا كَانَتْ عندَنا خَصْبةٌ، نَعْلِفُها إبِلَنا وحمِيرَنا.
الخَصْبةُ: الدَّقَلُ، وَجَمْعُهَا خِصابٌ، وَقِيلَ: هِيَ النَّخْلَةُ الْكَثِيرَةُ الحَمْل. والخُصْبُ: الجانِبُ، عَنْ كُرَاعٍ، وَالْجَمْعُ أَخْصابُ. والخِصْبُ: حَيَّةٌ بَيْضَاءُ تَكُونُ فِي الجَبَلِ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا تَصْحِيفٌ، وَصَوَابُهُ الحِضْبُ، بالحاءِ وَالضَّادِ، قَالَ: وَهَذِهِ الْحُرُوفُ وَمَا شَاكَلَهَا، أُراها مَنْقُولَةً مِنْ صُحُفٍ سَقيمة إِلَى كتابِ اللَّيْثِ، وزِيدَت فِيهِ، ومَن نَقَلَها لَمْ يَعْرف الْعَرَبِيَّةَ، فصَحَّفَ وغيَّر فأَكْثر. والخَصِيبُ: لَقَبُ رَجُل مِنَ الْعَرَبِ.
خضب: الخِضابُ: مَا يُخْضَبُ بِهِ مِن حِنَّاءٍ، وكَتَمٍ وَنَحْوِهِ. وَفِي الصحاحِ: الخِضابُ مَا يُخْتَضَبُ بِهِ. واخْتَضَب بالحنَّاءِ وَنَحْوِهِ، وخَضَبَ الشيءَ يَخْضِبُه خَضْباً، وخَضَّبَه: غيَّر لوْنَه بحُمْرَةٍ، أَو صُفْرةٍ، أَو غيرِهما؛ قَالَ الأَعشى:
أَرَى رَجُلًا، مِنْكُمْ، أَسِيفاً، كأَنما ... يَضُمُّ، إِلَى كَشْحَيْهِ، كَفًّا مُخَضَّبا
ذَكَّر عَلَى إِرَادَةِ العُضْوِ، أَو عَلَى قَوْلِهِ:
فَلَا مُزْنةٌ ودَقَتْ وَدْقَها، ... وَلَا أَرضَ أَبْقَلَ إبْقالَها
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لرجلٍ، أَو حَالًا مِنَ المضْمَر فِي يَضُمُّ، أَو المخفوضِ فِي كَشْحَيْهِ. وخَضَبَ الرَّجلُ شَيْبَه بالحِنَّاءِ يَخْضِبُه؛ والخِضابُ: الِاسْمُ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: عبدُ المطَّلب أَوّلُ مَن خَضَبَ بالسَّوادِ مِنَ الْعَرَبِ. وَيُقَالُ: اخْتَضَبَ الرَّجلُ واخْتَضَبَتِ المرأَةُ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الشَّعَرِ. وكلُّ مَا غُيِّرَ لَوْنهُ، فَهُوَ مَخْضُوبٌ، وخَضِيبٌ، وَكَذَلِكَ الأُنثى، يُقَالُ: كَفٌّ خَضِيبٌ، وامرأَةٌ(1/357)
خَضِيبٌ، الأَخيرة عَنِ اللِّحْياني، وَالْجَمْعُ خُضُبٌ. التَّهْذِيبُ: كلُّ لوْنٍ غَيَّر لوْنَه حُمْرةٌ، فَهُوَ مَخْضُوبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَكَى حَتَّى خضَبَ دَمْعُه الحَصى
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي بَلَّها، مِنْ طَريقِ الاسْتِعارةِ؛ قَالَ: والأَشْبَهُ أَن يَكُونَ أَراد المُبالغةَ فِي البُكاءِ، حَتَّى احْمَرَّ دمعهُ، فَخَضَبَ الحَصى. والكَفُّ الخَضِيبُ: نَجْمٌ عَلَى التَّشْبِيه بِذَلِكَ. وَقَدِ اخْتَضَبَ بالحِنَّاءِ وَنَحْوِهِ وتَخَضَّبَ، واسْمُ مَا يُخْضَبُ بِهِ: الخِضابُ. والخُضَبةُ، مِثَالُ الهُمَزةِ: المرأَةُ الكثيرةُ الاخْتِضابِ. وبنانٌ خَضيبٌ مُخَضَّبٌ، شُدِّد للمبالغةِ. اللَّيْثُ: والخاضِبُ مِنَ النَّعامِ؛ غَيْرُهُ: والخاضِبُ الظَلِيمُ الَّذِي اغْتَلَمَ، فاحْمَرَّتْ ساقاهُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ أَكلَ الرَّبِيعَ، فاحْمَرَّ ظُنْبُوباهُ، أَو اصْفَرَّا، أَو اخْضَرَّا؛ قَالَ أَبو دُواد:
لَهُ ساقا ظَلِيمٍ خاضِبٍ، ... فُوجئَ بالرُّعْبِ
وَجَمْعُهُ خَواضِبُ؛ وَقِيلَ: الخاضِبُ مِن النَّعامِ الَّذِي أَكلَ الخُضْرةَ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَمّا الخاضِبُ مِن النَّعامِ، فَيَكُونُ مِن أَنّ الأَنوارَ تَصْبُغُ أَطْرافَ رِيشِه، وَيَكُونُ مِنْ أَنّ وَظِيفَيْهِ يحْمَرَّانِ فِي الرَّبيعِ، مِن غَيْرِ خَضْبِ شيءٍ، وَهُوَ عارِضٌ يَعْرِضُ للنَّعامِ، فتحْمَرُّ أَوْظِفَتُها؛ وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ أقوالٌ، فَقَالَ بعضُ الأَعراب، أَحْسِبُه أَبا خَيْرةَ: إِذَا كَانَ الرَّبِيعُ، فأَكلَ الأَساريعَ، احْمَرَّت رِجلاه ومِنقارُه احْمِرارَ العُصْفُر. قَالَ: فَلَوْ كَانَ هَذَا هَكَذَا، كَانَ مَا لَمْ يأْكل مِنْهَا الأَساريعَ لَا يَعْرِضُ لَهُ ذَلِكَ؛ وَقَدْ زَعَمَ رِجالٌ مِن أَهْلِ الْعِلْمِ أَنّ البُسْرَ إِذَا بدَأَ يَحْمَرُّ، بَدأَ وَظِيفا الظَّلِيمِ يَحْمَرَّانِ، فَإِذَا انْتَهَت حُمرةُ البُسْرِ، انْتَهَتْ حُمْرَة وَظِيفَيْه؛ فَهَذَا عَلَى هَذَا، غَريزةٌ فِيهِ، وَلَيْسَ مِنْ أَكل الأَسارِيعِ. قَالَ: وَلَا أَعْرِف النَّعام يأْكل مِنَ الأَساريعِ. وَقَدْ حُكي عَنْ أَبي الدُّقَيْشِ الأَعرابي أَنه قَالَ: الخاضِبُ مِنَ النّعامِ إِذَا اغْتَلَمَ فِي الرَّبيع، اخضرَّتْ ساقاهُ، خَاصٌّ بِالذَّكَرِ. والظَّلِيمُ إِذَا اغْتَلمَ، احْمَرَّتْ عُنُقُه، وصَدْرُه، وفَخِذاه، الجِلْدُ لَا الرِّيشُ، حُمرةً شَدِيدَةً، وَلَا يَعْرِضُ ذَلِكَ للأُنثى؛ وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا للظَّلِيمِ، دُونَ النَّعامةِ. قَالَ: وَلَيْسَ مَا قِيلَ مِن أَكله الأَسارِيعَ بشيءٍ، لأَنَّ ذَلِكَ يَعْرِضُ للدَّاجِنةِ فِي البُيوت، الَّتِي لَا تَرى اليَسْرُوعَ بَتَّةً، وَلَا يَعْرض ذَلِكَ لإِناثِها. قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَ الأَصمعي، إِلَّا مِنْ خَضْبِ النَّوْرِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَكَانَ أَيضاً يَصْفَرُّ، ويَخْضَرُّ، وَيَكُونُ عَلَى قَدْرِ أَلوان النَّوْر والبَقْل، وكانتِ الخُضْرةُ تَكُونُ أَكثرَ لأَن البقْلَ أَكثرُ مِن النَّورِ، أَوَلا تَرَاهُمْ حِينَ وصَفُوا الخَواضِبَ مِن الوَحْشِ، وَصَفُوها بالخُضرة، أَكثر مَا وَصَفُوا ومِن أَيِّ مَا كَانَ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: الخاضِبُ مِن أَجْل الحُمرة الَّتِي تَعْترِي ساقَيْهِ، والخاضِبُ وَصْفٌ لَهُ عَلَمٌ يُعرَفُ بِهِ، فَإِذَا قَالُوا خاضِبٌ، عُلِمَ أَنَّهُ إِيَّاهُ يريدُون؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَذاكَ أَم خاضِبٌ، بالسِّيِّ، مَرْتَعُه، ... أَبو ثَلاثين أَمْسَى، وَهُوَ مُنْقَلِبُ؟
فَقَالَ: أَم خاضِبٌ، كَمَا أَنه لَوْ قَالَ: أَذاكَ أَمْ ظَلِيمٌ، كَانَ سَوَاءً؛ هَذَا كلُّه قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ. قَالَ: وَقَدْ(1/358)
وَهِمَ فِي قَوْلِهِ بَتَّةً، لأَنّ سِيبَوَيْهِ إِنَّمَا حَكَاهُ بالأَلف وَاللَّامِ لَا غيرُ، وَلَمْ يُجز سُقوط الأَلف وَاللَّامِ مِنْهُ، سَماعاً مِنَ الْعَرَبِ. وَقَوْلُهُ: وَصْفٌ لَهُ عَلم، لَا يَكُونُ الوَصْفُ عَلماً، إِنَّمَا أَرَادَ أَنه وَصْفٌ قَدْ غَلَبَ، حَتَّى صَارَ بِمَنْزِلَةِ الاسْم العَلمِ، كما تقول الحرث وَالْعَبَّاسُ. أَبو سَعِيدٍ: سُمِّيَ الظَّلِيمُ خاضِباً، لأَنه يَحْمَرُّ مِنقارُه وساقاهُ إِذَا ترَبَّع، وَهُوَ فِي الصَّيْفِ يَفْرَعُ «2» ويَبْيَضُّ ساقاهُ. وَيُقَالُ لِلثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ: خاضِبٌ إِذَا اخْتَضَبَ بالحنَّاءِ «3» ، وَإِذَا كَانَ بِغَيْرِ الحِنَّاء قِيلَ: صَبَغَ شَعَره، وَلَا يُقَالُ: خَضَبَه. وخَضَبَ الشجَرُ يَخْضِبُ خُضُوباً وخَضِبَ وخُضِبَ واخْضَوْضَبَ: اخْضَرَّ. وخَضَبَ النَّخْلُ خَضْباً: اخْضَرَّ طَلْعُه، واسمُ تِلْكَ الخُضْرَة الخَضْبُ، وَالْجُمَعُ خُضُوبٌ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
فَلَمَّا غَدَتْ، قَدْ قَلَّصَتْ غَيرَ حِشْوةٍ، ... مِنَ الجَوْفِ، فِيهِ عُلَّفٌ وخُضُوبُ
وَفِي الصِّحَاحِ:
مَعَ الْجَوْفِ، فِيهَا عُلَّف وَخُضُوبُ
وخَضَبَتِ الأَرضُ خَضْباً: طَلَعَ نَباتُها واخْضَرَّ. وخَضَبَتِ الأَرضُ: اخْضَرَّتْ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَخْضَبَتِ الأَرضُ إخْضاباً إِذَا ظَهَرَ نَبْتُها. وخَضَبَ العُرْفُطُ والسَّمُرُ: سَقَطَ ورَقُه، فاحْمَرَّ واصْفَرَّ. ابْنُ الأَعرابي، يُقَالُ: خَضَبَ العَرْفَجُ وأَدْبى إِذَا أَورَقَ، وخَلَعَ العِضَاه. قَالَ: وأَوْرَسَ الرِّمْثُ، وأَحْنَطَ وأَرْشَمَ الشَّجَرُ، وأَرْمَشَ إِذَا أَوْرَقَ. وأَجْدَرَ الشَّجَرُ وجَدَّرَ إِذَا أَخْرَجَ وَرَقَه كأَنه حِمَّصٌ. والخَضْبُ: الجَديدُ مِنَ النَّباتِ، يُصيبه المَطَرُ فيَخْضَرُّ؛ وَقِيلَ: الخَضْبُ مَا يَظْهر فِي الشَّجَر مِنْ خُضْرة، عِنْدَ ابتداءِ الإِيراقِ، وَجَمْعُهُ خُضُوبٌ؛ وَقِيلَ: كلُّ بَهِيمةٍ أَكَلَتْه، فَهِيَ خاضِبٌ، وخَضَبَتِ العِضاهُ وأَخضَبَتْ. والخَضُوبُ: النَّبْتُ الَّذِي يُصِيبُه الْمَطَرُ، فيَخْضِبُ مَا يَخْرجُ مِنَ البَطْنِ. وخُضُوب القَتادِ: أَنْ تخْرُجَ فِيهِ وُرَيْقةٌ عِنْدَ الرَّبِيعِ، وتُمِدَّ عِيدانه، وَذَلِكَ فِي أَوَّل نَبْتِه؛ وَكَذَلِكَ العُرْفُطُ والعَوْسَجُ، وَلَا يَكُونُ الخُضُوب فِي شيءٍ مِنْ أَنواع العِضاهِ غَيرِها. والمِخْضَبُ، بِالْكَسْرِ: شِبهُ الإِجَّانةِ، يُغْسَلُ فِيهَا الثِّيابُ. والمِخْضَبُ: المِرْكَنُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه قَالَ فِي مَرضه الَّذِي ماتَ فِيهِ: أَجْلِسُوني فِي مِخضَبٍ، فاغْسِلُوني.
خضرب: الخَضْرَبةُ: اضْطِرابُ الْمَاءِ. وماءٌ خُضارِبٌ: يَموجُ بعضُه فِي بَعْض، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا فِي غَديرٍ أَو وادٍ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: رَجُل مُخَضْرَبٌ إِذَا كَانَ فَصِيحاً، بَليغاً، مُتَفَنِّناً؛ وأَنشد لِطَرَفَةَ:
وكائِنْ تَرَى مِنْ أَلْمَعِيٍّ مُخَضْرَبٍ، ... وليسَ لَه، عِندَ العَزائمِ، جُولُ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كَذَا أَنشده، بالخاءِ وَالضَّادِ، وَرَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ: مِن يَلْمَعيٍّ مُحَظْرَبٍ، بالحاءِ والظاءِ، وَقَدْ تقدم.
__________
(2) . قوله [يفرع إلخ] هكذا في الأصل والتهذيب ولعله يقزع.
(3) . قوله [وَيُقَالُ لِلثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ خَاضِبٌ إذا اختضب بالحناء إلخ] هكذا في أصل اللسان بيدنا ولعل فيه سقطاً والأصل ويقال للرجل خَاضِبٌ إِذَا اخْتَضَبَ بِالْحِنَّاءِ.(1/359)
خضعب: الخَضْعَبُ: الضَّخْمُ «1» الشديدُ. والخَضْعَبةُ: المرأَةُ السَّمِينةُ. والخَضْعَبةُ: الضَّعِيفُ. وتخَضْعَبَ أَمرُهُم: اخْتَلَطَ وضَعُفَ..
خضلب: تَخَضْلَبَ أَمْرُهم: ضَعُفَ كتَخَضْعَبَ.
خطب: الخَطْبُ: الشَّأْنُ أَو الأَمْرُ، صَغُر أَو عَظُم؛ وَقِيلَ: هُوَ سَبَبُ الأَمْر. يُقَالُ: مَا خَطْبُك؟ أَي مَا أَمرُكَ؟ وَتَقُولُ: هَذَا خَطْبٌ جليلٌ، وخَطْبٌ يَسير. والخَطْبُ: الأَمر الَّذِي تَقَع فِيهِ المخاطَبة، والشأْنُ والحالُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جَلَّ الخَطْبُ أَي عَظُم الأَمرُ والشأْن. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، وَقَدْ أَفْطَروا فِي يومِ غيمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ: الخَطْبُ يَسيرٌ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ*
؟ وَجَمْعُهُ خُطُوبٌ؛ فأَما قَوْلُ الأَخطل:
كَلَمْعِ أَيْدي مَثاكِيلٍ مُسَلَّبةٍ، ... يَنْدُبْنَ ضَرْسَ بَناتِ الدّهْرِ والخُطُبِ
إِنَّمَا أَراد الخُطوبَ، فحذفَ تَخْفِيفًا، وَقَدْ يكونُ مِنْ بَابِ رَهْنٍ ورُهُنٍ. وخَطَب المرأَةَ يَخْطُبها خَطْباً وخِطْبة، بِالْكَسْرِ، الأَوَّل عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وخِطِّيبَى؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الخَطِّيبَى اسمٌ؛ قَالَ عديُّ بْنُ زَيْدٍ، يَذْكُرُ قَصْدَ جَذِيمة الأَبرَشِ لخِطْبةِ الزَّبَّاء:
لخِطِّيبَى الَّتِي غَدَرَتْ وخانَتْ، ... وَهُنَّ ذَواتُ غائلةٍ لُحِينا
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا خطأٌ مَحْضٌ، وخِطِّيبَى، هاهنا، مصدرٌ كالخِطْبَةِ، هَكَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ، وَالْمَعْنَى لخِطْبةِ زَبَّاءَ، وَهِيَ امرأَةٌ غَدَرَت بجَذِيمة الأَبْرَشِ حِينَ خَطَبَها، فأَجابَتْه وخاستْ بِالْعَهْدِ فقَتَلَتْه. وجَمعُ الْخَاطِبِ: خُطَّاب. الْجَوْهَرِيُّ: والخَطيبُ الخاطِب، والخِطِّيبَى الخُطْبة. وأَنشد بيتَ عَدِيّ بْنِ زَيْدٍ؛ وخَطَبَها واخْتَطَبَها عَلَيْهِ. والخِطْبُ: الَّذِي يَخْطُب المرأَةَ. وَهِيَ خِطْبُه الَّتِي يَخْطُبُها، وَالْجَمْعُ أَخطابٌ؛ وَكَذَلِكَ خِطْبَتُه وخُطْبَتُه، الضَّمُّ عَنْ كُراع، وخِطِّيباهُ وخِطِّيبَتُه وَهُوَ خِطْبُها، والجمعُ كَالْجَمْعِ؛ وَكَذَلِكَ هُوَ خِطِّيبُها، وَالْجَمْعُ خِطِّيبون، وَلَا يُكَسَّر. والخِطْبُ: المرأَةُ المَخطوبة، كَمَا يُقَالُ ذِبْح للمذبوحِ. وَقَدْ خَطَبها خَطْباً، كَمَا يُقَالُ: ذَبَحَ ذَبْحاً. الفرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ
؛ الخِطْبة مَصْدَرٌ بِمَنْزِلَةِ الخَطْبِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: إِنَّهُ لحَسَن القِعْدة والجَلْسةِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ خِطْبُ فُلانة إِذَا كَانَ يَخْطُبها. ويقُول الخاطِبُ: خِطْبٌ فَيَقُولُ المَخْطُوب إِلَيْهِمْ: نِكْحٌ وَهِيَ كَلِمَةٌ كانتِ الْعَرَبُ تَتزَوَّجُ بِهَا. وَكَانَتِ امرأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ يُقَالَ لَهَا: أُمُّ خارجِةَ، يُضْرَبُ بِهَا المَثَل، فَيُقَالُ: أَسْرَعُ مِنْ نِكاحِ أُمِّ خَارِجَةَ. وَكَانَ الخاطِب يَقُومُ عَلَى بَابِ خِبائِها فَيَقُولُ: خِطْبٌ فَتَقُولُ: نِكْحٌ وخُطْبٌ فَيُقَالُ: نُكْحٌ ورجلٌ خَطَّابٌ: كَثِيرُ التَّصَرُّفِ فِي الخِطْبةِ؛ قَالَ:
بَرَّحَ، بالعَيْنَينِ، خَطَّابُ الكُثَبْ، ... يقولُ: إِنِّي خاطِبٌ، وَقَدْ كذَبْ،
وَإِنَّمَا يخْطُبُ عُسًّا مِنْ حَلَبْ
__________
(1) . قوله [الخضعب الضخم] كذا في النسخ وشرح القاموس والذي في نسخة المحكم التي بأيدينا والخضعب بتقديم العين على الضاد ولكن لم يفرد المجد لخعضب مادة فراجع نسخ المحكم.(1/360)
واخْتَطَب القومُ فُلاناً إِذَا دَعَوْه إِلَى تَزْويجِ صاحبَتهِم. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذَا دَعا أَهلُ المرأَة الرجلَ إِلَيْهَا ليَخْطُبَها، فَقَدِ اخْتَطَبوا اخْتِطَابًا؛ قَالَ: وَإِذَا أَرادوا تَنْفيق أَيِّمِهم كذَبوا عَلَى رجلٍ، فقالوا: قد خَطَبه افرَدَدْناه، فَإِذَا رَدَّ عَنْهُ قَوْمُه قَالُوا: كَذبْتُم لَقَدِ اخْتَطَبْتُموه، فَمَا خَطَب إِلَيْكُمْ.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: نَهَى أَن يَخْطُبَ الرجلُ عَلَى خَطْبةِ أَخيهِ.
قَالَ: هُوَ أَن يخْطُب الرجلُ المرأَةَ فَترْكَنَ إِلَيْهِ ويَتَّفِقا عَلَى صَداقٍ معلومٍ، ويَترَاضَيا، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا العَقْد؛ فأَما إِذَا لَمْ يتَّفِقَا ويَترَاضَيا، وَلَمْ يَرْكَنْ أَحَدُهما إِلَى الْآخَرِ، فَلَا يُمنَع مِنْ خِطْبَتِها؛ وَهُوَ خَارِجٌ عَنِ النَّهْي. وَفِي الْحَدِيثِ:
إنَّه لحَرِيٌّ إنْ خَطَبَ أَنْ يُخَطَّبَ
أَي يجابَ إِلَى خِطْبَتِه. يُقَالُ: خَطَبَ فلانٌ إِلَى فلانٍ فَخَطَّبَه وأَخْطَبَه أَي أَجابَه. والخِطابُ والمُخاطَبَة: مُراجَعَة الكَلامِ، وَقَدْ خاطَبَه بالكَلامِ مُخاطَبَةً وخِطاباً، وهُما يَتخاطَبانِ. اللَّيْثُ: والخُطْبَة مَصْدَرُ الخَطِيبِ، وخَطَب الخاطِبُ عَلَى المِنْبَر، واخْتَطَب يَخْطُبُ خَطابَةً، واسمُ الكلامِ: الخُطْبَة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالَّذِي قَالَ اللَّيْثُ، إنَّ الخُطْبَة مَصْدَرُ الخَطِيبِ، لَا يَجوزُ إلَّا عَلى وَجْهٍ واحدٍ، وَهُوَ أَنَّ الخُطْبَة اسمٌ لِلْكَلَامِ، الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ الخَطِيب، فيُوضَعُ موضِعَ المَصْدر. الْجَوْهَرِيُّ: خَطَبْتُ عَلَى المِنْبَرِ خُطْبةً، بِالضَّمِّ، وخَطَبْتُ المرأَةَ خِطْبةً، بالكَسْرِ، واخْتَطَبَ فِيهِمَا. قَالَ ثعْلب: خَطَب عَلَى القوْم خُطْبةً، فَجَعَلَها مَصْدَرًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَلِكَ، إلَّا أَن يكونَ وَضَعَ الاسْمَ مَوْضِعَ المَصْدر؛ وَذَهَبَ أَبو إِسْحَاقَ إِلَى أَنَّ الخُطْبَة عندَ العَرَب: الكلامُ المَنْثُورُ المُسَجَّع، ونحوُه. التَّهْذِيبُ: والخُطْبَة، مثلُ الرِّسَالَةِ، الَّتِي لَها أَوَّلٌ وآخِرٌ. قَالَ: وسمعتُ بعضَ العَرَب يقولُ: اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا هَذِهِ الضُّغْطة، كأَنه ذَهَب إِلَى أَنَّ لَهَا مُدَّة وَغَايَةً، أَوّلًا وَآخِرًا؛ وَلَوْ أَرَادَ مَرَّة لَقال ضَغْطَة؛ وَلَوْ أَرادَ الفعلَ لَقالَ الضِّغْطَة، مثلَ المِشْيَةِ. قَالَ وسمعتُ آخَرَ يقولُ: اللَّهُمَّ غَلَبَني فُلانٌ عَلَى قُطْعةٍ مِنَ الأَرض؛ يريدُ أَرضاً مَفْرُوزة. ورَجُلٌ خَطِيبٌ: حَسَن الخُطْبَة، وجَمْع الخَطِيب خُطَباءُ. وخَطُبَ، بِالضَّمِّ، خَطابَةً، بالفَتْح: صَارَ خَطِيباً. وَفِي حَدِيثِ
الحَجّاج: أمِنْ أَهْلِ المَحاشِد والمَخاطِبِ؟
أَراد بالمَخَاطب: الخُطَبَ، جمعٌ عَلَى غيرِ قياسٍ، كالمَشَابِهِ والمَلامِحِ؛ وَقِيلَ: هُوَ جَمْع مَخْطَبة، والمَخْطَبة: الخُطْبَة؛ والمُخاطَبَة، مُفاعَلَة، مِنَ الخِطاب والمُشاوَرَة، أَراد: أَنْتَ مِنَ الذينَ يَخْطُبون الناسَ، ويَحُثُّونَهُم عَلَى الخُروجِ، والاجْتِمَاعِ لِلْفِتَنِ. التَّهْذِيبُ: قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَفَصْلَ الْخِطابِ
؛ قَالَ: هُوَ أَن يَحْكُم بالبَيِّنة أَو اليَمِين؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن يَفصِلَ بينَ الحَقِّ والباطِل، ويُمَيِّزَ بيْن الحُكْمِ وضِدِّهِ؛ وقيلَ فَصْلَ الْخِطابِ
أَمّا بَعْدُ؛ وداودُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوَّلُ مَنْ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ؛ وَقِيلَ: فَصْلَ الْخِطابِ
الفِقْهُ فِي القَضَاءِ. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَعْنَى أَمَّا بعدُ، أَمَّا بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ الكَلامِ، فَهُوَ كَذَا وَكَذَا. والخُطْبَةُ: لَوْنٌ يَضْرِب إِلَى الكُدْرَةِ، مُشْرَبٌ(1/361)
حُمْرةً فِي صُفْرةٍ، كَلَوْنِ الحَنْظَلَة الخَطْبَاءِ، قبلَ أَن تَيْبَسَ، وكَلَوْنِ بَعضِ حُمُرِ الوَحْشِ. والخُطْبَةُ: الخُضْرَةُ، وَقِيلَ: غُبْرَة تَرْهَقُها خُضْرَة، والفعلُ مِنْ كلِّ ذَلِكَ: خَطِبَ خَطَباً، وَهُوَ أَخْطَب؛ وقيلَ: الأَخْطَبُ الأَخْضَرُ يُخالِطُه سَوَادٌ. وأَخْطَبَ الحَنْظَل: اصْفَرَّ أَي صَار خُطْبَاناً، وَهُوَ أَن يَصْفَرَّ، وَتَصِيرُ فِيهِ خُطوطٌ خُضْرٌ. وحَنْظَلةٌ خَطْباءُ: صفراءُ فِيهَا خُطوطٌ خُضْرٌ، وَهِيَ الخُطْبانةُ، وَجَمْعُهَا خُطْبانٌ وخِطْبانٌ، الأَخيرة نَادِرَةٌ. وَقَدْ أَخْطَبَ الحَنْظَل وَكَذَلِكَ الحِنْطة إِذَا لَوَّنَتْ. والخُطْبانُ: نِبْتةٌ فِي آخرِ الحشِيشِ، كأَنها الهِلْيَوْنُ، أَو أَذْناب الحَيَّاتِ، أَطْرافُها رِقَاقٌ تُشْبه البَنَفْسَج، أَو هُوَ أَشدُّ مِنْهُ سَواداً، وَمَا دُونُ ذَلِكَ أَخْضَرُ، وَمَا دُونُ ذَلِكَ إِلَى أُصُولِها أَبيضُ، وَهِيَ شديدةُ المَرارةِ. وأَوْرَقُ خُطْبانِيٌّ: بالَغُوا بِهِ، كَمَا قَالُوا أَرْمَكُ رادِنِيٌّ. والأَخْطَبُ: الشِّقِرَّاقُ، وَقِيلَ الصُّرَدُ، لأَنّ فِيهِمَا سَواداً وبَياضاً؛ وَيُنْشَدُ:
وَلَا أَنْثَنِي، مِن طِيرَةٍ، عَنْ مَرِيرَةٍ، ... إِذَا الأَخْطَبُ الداعِي، عَلَى الدَّوْحِ صَرْصَرَا
ورأَيت فِي نسخةٍ مِنَ الصِّحَاحِ حَاشِيَةً: الشِّقِرّاقُ بالفارسِيَّة، كأَسْكِينَهْ. وَقَدْ قَالُوا للصَّقْرِ: أَخْطَبُ؛ قَالَ ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّة الْهُذَلِيُّ:
ومِنَّا حَبِيبُ العَقْرِ، حينَ يَلُفُّهم، ... كَمَا لَفَّ، صِرْدانَ الصَّريمةِ، أَخْطَبُ
وَقِيلَ لليَدِ عِنْدَ نُضُوِّ سَوَادِهَا مِنَ الحِنَّاءِ: خَطْباءُ، وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي الشَّعَرِ أَيضاً. والأَخْطَب: الحِمارُ تَعْلُوه خُضْرَة. أَبو عُبَيْدٍ: مِنْ حُمُرِ الوَحْشِ الخَطْباءُ، وَهِيَ الأَتانُ الَّتِي لَهَا خَطٌّ أَسودُ عَلَى مَتْنِها، والذكَر أَخْطَبُ؛ وناقةٌ خَطْباءُ: بَيِّنة الخَطَبِ؛ قَالَ الزَّفَيانُ:
وصاحِبِي ذاتُ هِبابٍ دَمْشَقُ، ... خَطْباءُ وَرْقاءُ السَّراةِ، عَوْهَقُ
وأَخْطَبانُ: اسْمُ طائرٍ، سُمِّي بِذَلِكَ لِخُطْبةٍ فِي جَناحَيْه، وَهِيَ الخُضْرَة. ويدٌ خَطْباءُ: نَصَل سَوادُ خِضابِها مِنَ الحِنّاءِ؛ قَالَ:
أَذَكرْت مَيَّةَ، إذْ لَها إتْبُ، ... وجَدائِلٌ، وأَنامِلٌ خُطْبُ
وَقَدْ يُقَالُ فِي الشَّعَر والشَّفَتَيْن. وأَخْطَبَكَ الصَّيْدُ: أَمْكَنَكَ ودَنا منكَ. وَيُقَالُ: أَخْطَبَكَ الصَّيْدُ فارْمِه أَي أَمْكَنَكَ، فَهُوَ مُخْطِبٌ. والخَطَّابِيَّة: مِنَ الرافِضةِ، يُنْسَبون إِلَى أَبي الخَطَّابِ، وَكَانَ يَأْمُر أَصحابَه أَن يَشهدوا، عَلَى مَنْ خالَفَهم، بالزُّورِ.
خطرب: الخَطْرَبةُ: الضِّيقُ فِي المَعاشِ. وخُطْرُبٌ وخُطَارِبٌ: المُتَقَوِّلُ بِمَا لَمْ يَكُنْ جاءَ، وقد تَخَطْرَبَ.
خطلب: تَرَكْتُ الْقَوْمَ فِي خَطْلَبةٍ أَي اخْتِلاطٍ. والخَطْلَبة: كثرةُ الكلامِ، واختِلاطُه.(1/362)
خعب: الخَيْعابةُ «2» : الرَّدِيءُ وَلَمْ يُسْمَع إلَّا فِي قولِ تأَبَّط شَرًّا:
وَلَا خَرِعٍ خَيْعابةٍ، ذِي غَوائِلٍ، ... هَيام، كَجَفْرِ الأَبْطَحِ المُتَهيِّل
التَّهْذِيبُ: الخَيْعابة والخَيْعامة: المأْبون، وأَورد الْبَيْتَ، وَقَالَ: وَيُرْوَى خَيْعامة. قَالَ: والخَرِعُ السَّرِيعُ التَّثَنِّي والانْكِسارِ، والخَيْعامة: القَصِفُ المُتَكَسِّر؛ وأَورد الْبَيْتَ الثَّانِي:
وَلَا هَلِع لاعٍ، إِذَا الشَّوْلُ حارَدَتْ، ... وضَنَّتْ بباقِي دَرِّها المُتَنَزِّلِ
هَلِع: ضَجِر. لاعٍ: جَبان.
خلب: الخِلْبُ: الظُّفُر عامَّةً، وجَمْعُه أَخْلابٌ، لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وخَلَبَه بظُفُرِه يَخْلِبُه خَلْباً: جَرَحَه، وَقِيلَ: خَدَشَه. وخَلَبه يَخْلِبُه، ويخْلُبه خَلْباً: قَطَعَه وشَقَّه. والمِخْلَب: ظُفُرُ السَّبُعِ مِنَ المَاشِي والطَّائِرِ؛ وَقِيلَ: المِخْلَب لِمَا يَصِيدُ مِنَ الطَّيْرِ، والظُّفُرُ لِمَا لَا يَصِيدُ. التَّهْذِيبُ: ولِكلِّ طَائِرٍ مِنَ الجَوارِحِ مِخْلَبٌ، ولكُلّ سَبُعٍ مِخْلَبٌ، وَهُوَ أَظافِيرهُ. الْجَوْهَرِيُّ: والمِخْلَبُ للطَّائِرِ والسِّباعِ، بِمَنْزِلَةِ الظُّفُرِ للإِنْسانِ. وخَلَب الفَريسَة، يَخْلِبُها ويَخْلُبها خَلْباً: أَخَذَها بِمِخْلَبهِ. اللَّيْثُ: الخَلْبُ مَزْقُ الجِلْدِ بالنَّابِ؛ والسَّبُع يَخْلِبُ الفَريسةَ إِذَا شَقَّ جِلْدَها بنابِه، أَو فَعَلَه الجَارِحَةُ بِمِخْلَبِهِ. قَالَ: وسَمِعْتُ أَهْلَ البَحْرَيْنِ يَقُولُونَ لِلْحَدِيدَةِ المُعَقَّفَة، الَّتِي لَا أُشَرَ لَهَا، وَلَا أَسْنانَ: المِخْلَب؛ قَالَ وأَنشدني أَعرابي مَنْ بَنِي سَعْدٍ:
دَبَّ لَهَا أسْودُ كالسِّرْحانْ، ... بِمِخْذَمٍ، يَخْتَذِمُ الإِهانْ
والمِخْلَب: المِنْجَلُ السَّاذَجُ الَّذِي لَا أَسْنانَ لَهُ؛ وَقِيلَ: المِخْلَبُ المِنْجَلُ عامَّةً. وخَلَبَ بِهِ يَخْلُب: عَمِلَ وقَطَع. وخَلَبْتُ النَّباتَ، أَخْلُبُه خَلْباً، واسْتَخْلَبْته إِذَا قَطَعْته. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ
أَي نَقْطَع النَّباتَ، ونَحْصُدُه ونَأْكُلُه. وخَلَبَتْه الحَيَّة تَخْلِبُه خَلْباً: عَضَّتْه. والخِلابَةُ: المُخَادَعَة، وَقِيلَ: الخَديعَة باللسانِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لِرَجُلٍ كَانَ يُخْدَع فِي بَيْعِه: إِذَا بايَعْتَ، فَقُلْ لَا خِلابَة
أَي لَا خِداعَ؛ وَفِي رِوَايَةٍ لَا خيابَة. قَالَ ابْنُ الأَثير: كأَنها لُثْغَة مِنَ الرَّاوِي، أَبدلَ اللامَ يَاءً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنّ بيعَ المُحَفَّلاتِ خِلابَةٌ، وَلَا تَحلّ خِلابَة مُسْلم.
والمُحَفَّلات: الَّتِي جُمِعَ لَبَنُها فِي ضَرْعِها. وخَلَبَه يَخْلُبُه خَلْباً وخِلابَةً: خَدَعَه. وخالَبَه واخْتَلَبه: خادَعَه؛ قَالَ أَبو صَخْر:
فَلَا مَا مَضَى يُثْنَى، وَلَا الشَّيْبُ يُشْتَرَى، ... فأَصْفِقَ، عندَ السَّوْمِ، بَيْعَ المُخالِب
وَهِيَ الخِلِّيبَى، وَرَجُلٌ خالبٌ وخَلَّاب، وخَلَبُوتٌ،
__________
(2) . قوله [الخيعابة] هو هكذا بفتح الخاء المعجمة وبالياء المثناة التحتية في اللسان والمحكم والتهذيب والتكملة وشرح القاموس، والذي في متن القاموس المطبوع الخنعابة بالنون وضبطها بكسر الخاء.(1/363)
وخَلَبُوبٌ، الأَخيرة عَنْ كُراع: خَدَّاعٌ كَذَّابٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مَلَكْتُم، فَلَمَّا أَنْ مَلَكْتُمْ خَلَبْتُمُ، ... وشَرُّ المُلوكِ الغادِرُ، الخَلَبُوتُ
جاءَ عَلَى فَعَلُوت، مِثْلَ رَهَبوتٍ؛ وامرأَة خَلَبُوتٌ، عَلَى مِثَالِ جَبَرُوتٍ، هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي الْمَثَلِ: إِذَا لَمْ تَغْلِبْ فاخْلِبْ، بِالْكَسْرِ. وحُكي عَنِ الأَصمعي: فاخْلُب أَي اخْدَعْه حَتَّى تذهَبَ بِقَلْبه؛ مَنْ قَالَهُ بالضَّمّ، فَمَعْنَاهُ: فاخْدَعْ؛ وَمَنْ قَالَ: فاخلِبْ، فَمَعْنَاهُ: فانْتِشْ قَلِيلًا شَيْئًا يَسِيرًا بعْدَ شيءٍ، كأَنه أُخِذ مِنْ مِخْلَب الجارِحةِ. قَالَ ابْنُ الأَثيرِ: معناهُ إِذَا أَعْياكَ الأَمرُ مُغالَبةً، فاطْلُبْه مُخادعة. وخَلَب المرأَة عَقْلَها يَخْلِبُها خَلْباً: سَلَبَها إياهُ، وخَلَبَتْ هِيَ قَلْبَه تَخْلِبُه خَلْباً، واخْتَلَبَتْه: أَخَذَتْه. وذَهَبَت بِهِ. اللَّيْثُ: الخِلابَة أَن تَخْلُب المرأَةُ قَلْبَ الرَّجُلِ، بأَلطفِ القولِ وأَخْلَبِهِ، وامرأَةٌ خَلَّابة للفؤادِ، وخَلُوبٌ. والخَلْباءُ مِنَ النساءِ: الخَدُوعُ. وامرأَةٌ خالِبةٌ وخَلُوبٌ وخَلَّابة: خَدَّاعة، وَكَذَلِكَ الخَلِبَة؛ قَالَ النَّمِرَ:
أَوْدَى الشَّبابُ، وحُبُّ الخالَةِ الخَلِبَهْ، ... وَقَدْ بَرِئْتُ، فَمَا بالقَلْبِ مِنْ قَلَبَهْ
وَيُرْوَى الخَلَبَة، بِفَتْحِ اللامِ، عَلَى أَنه جَمْعٌ، وَهُمُ الَّذِينَ يَخْدعُون النساءَ. وَفُلَانٌ خِلْبُ نِساءٍ إِذَا كَانَ يُخالِبُهُنَّ أَي يُخادِعُهُنّ. وفلانٌ حِدْثُ نِساءٍ، وزيرُ نساءٍ إِذَا كَانَ يُحادِثُهُنّ، ويُزاوِرُهُنَّ. وامرأَة خالةٌ أَي مُخْتالَةٌ. وَقَوْمٌ خالَةٌ: مُخْتالون، مِثْلُ باعَةٍ، مِنَ البَيْع. والبَرْقُ الخُلَّبُ: الَّذِي لَا غَيْثَ فِيهِ، كأَنه خادِعٌ يُومِضُ، حَتَّى تَطْمعَ بِمَطَرِه، ثُمَّ يُخْلِفُك. وَيُقَالُ: بَرْقُ الخُلَّبِ، وبَرْقُ خُلَّبٍ، فَيُضافانِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِمَنْ يَعِدُ وَلَا يُنْجِزُ وعْدَه: إِنَّمَا أَنْتَ كَبَرْق خُلَّب. وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَبَرْقٍ خُلَّبٍ، وبرقِ خُلَّبٍ، وَهُوَ السَّحابُ الَّذِي يَبْرُق ويُرْعِدُ، وَلَا مَطَر مَعَه. والخُلَّبُ أَيضاً: السَّحَابُ الَّذِي لَا مَطَر فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اللهمَّ سُقْيَا غيرَ خُلَّبٍ بَرْقُها
أَي خالٍ عَنِ المَطَر. ابْنُ الأَثير: الخُلَّبُ: السحابُ يُومِضُ بَرْقُه، حَتَّى يُرْجَى مَطَره، ثُمَّ يُخْلِفُ ويَتَقَشَّعُ، وكأَنه مِنَ الخِلابَةِ، وَهِيَ الخِداعُ بالقَولِ اللَّطِيفِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ أَسْرَعَ مِنْ بَرْقِ الخُلَّبِ
وَإِنَّمَا خَصَّهُ بالسُّرْعَة، لخِفَّتِه لخُلُوّه مِنَ المَطَر. وَرَجُلٌ خِلْبُ نِساءٍ: يُحِبُّهُنّ لِلْحَدِيثِ والفُجُورِ، ويُحْبِبْنَه لِذَلِكَ. وَهُمْ أَخْلابُ نِساءٍ، وخُلَباءُ نِساءٍ الأَخيرةُ نادِرَة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ خُلَباءَ جمعُ خالِبٍ. والخِلْبُ، بالكسرِ: حِجابُ القَلْبِ، وَقِيلَ: هِيَ لُحَيْمةٌ رَقِيقَةٌ، تَصِلُ بينَ الأَضْلاعِ؛ وَقِيلَ: هُوَ حِجَاب مَا بَيْنَ القَلْبِ والكَبِدِ، حكاهُ ابْنِ الأَعرابي، وَبِهِ فسَّر قَولَ الشَّاعِرِ:
يَا هِنْدُ هِنْدٌ بينَ خِلْبٍ وكَبِدْ
وَمِنْهُ قِيلَ للرَّجُل الَّذِي يُحِبُّه النساءُ: إِنَّهُ لَخِلْبُ(1/364)
نِساءٍ أَي يُحِبُّه النساءُ؛ وَقِيلَ: الخِلْبُ حِجابٌ بينَ القَلْبِ وسَوادِ البَطْنِ؛ وَقِيلَ: هُوَ شيءٌ أَبْيَضُ، رقِيقٌ، لازِقٌ بالكَبِدِ؛ وَقِيلَ: الخِلْبُ زِيادَةُ الكَبِدِ، والخِلْبُ الكَبِدُ، فِي بعضِ اللُّغاتِ؛ وَقِيلَ: الخِلْبُ عُظَيْمٌ، مثلُ ظُفُر الإِنْسان، لاصِقٌ بناحِيَة الحِجابِ، مِمَّا يَلِي الكَبِدَ؛ وَهِيَ تَلِي الكبِدَ والحِجابَ، والكَبِدُ مُلْتَزِقَةٌ بجانِبِ الحِجابِ. والخُلْبُ: لبُّ النَّخْلَةِ، وَقِيلَ: قَلْبُها. والخُلُب، مُثَقَّلًا ومُخَفَّفاً: الليفُ، واحدَتُه خُلْبَة. والخُلْبُ: حَبْلُ الليفِ والقُطْنِ إِذَا رَقَّ وصَلُبَ. اللَّيْثُ: الخُلْبُ حَبْلٌ دَقيقٌ، صُلْبُ الفَتْلِ، مِنْ لِيفٍ أَو قِنَّبٍ، أَو شيءٍ صُلْبٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كالمَسَدِ اللَّدْنِ، أُمِرَّ خُلبُه
ابْنُ الأَعرابي: الخُلْبة الحَلْقة مِنَ الليفِ، والليفَة خُلْبَة وخُلُبَة؛ وَقَالَ:
كأَنْ ورِيدَاهُ رِشَاءا خُلْبِ
ويُروى وريدَيْه، عَلَى إِعْمَالِ كأَنْ، وتَرْكِ الإضْمار. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاهُ رَجُلٌ وَهُوَ يَخْطُب، فنَزلَ إِلَيْهِ وقَعَد عَلَى كُرْسِيِّ خُلْبٍ، قَوائمهُ مِنْ حَديدٍ
؛ الخُلْب: اللّيفُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وأَما مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَر، مخْطُوم بخُلْبة.
وَقَدْ يُسَمَّى الحَبْل نفسُه: خُلْبة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
بِليفٍ خُلبْةٍ
، عَلَى البَدَل؛ وَفِيهِ:
أَنه كَانَ لَهُ وِسادَةٌ حَشْوُها خُلْبٌ.
والخُلْبُ والخُلُب: الطِّينُ الصُّلْبُ اللَّازِبُ؛ وَقِيلَ: الأَسْودُ؛ وَقِيلَ: طِينُ الحَمْأَة؛ وَقِيلَ: هُوَ الطِّينُ عامَّة. ابْنُ الأَعرابي: قَالَ رَجلٌ مِنَ الْعَرَبِ لطَبَّاخِه: خَلِّبْ مِيفاكَ، حَتَّى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ؛ قَالَ: خلِّبْ أَي طَيِّنْ، وَيُقَالُ للطينِ خُلْبٌ. قَالَ والميفَى: طَبَقُ التَّنُّور، والرَّوْدَقُ: الشواءُ. وماءٌ مُخْلِبٌ أَي ذُو خُلُبٍ، وَقَدْ أَخْلَب. قَالَ تُبَّع، أَو غَيْرُهُ:
فرَأَى مَغِيب الشمسِ، عندَ مآبِهَا، ... فِي عَيْنِ ذِي خُلُبِ وثأْطٍ حَرْمَدِ
اللَّيْثُ: الخُلْبُ وَرَق الكَرْمِ العريضُ ونحوهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ حاجَّه عمر في قوله تعالى: تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: حامِية، فأَنشد ابْنُ عَبَّاسٍ بيتَ تُبَّع:
فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ
الخُلُب: الطينُ والحَمْأَة. وامرأَةٌ خَلْباءُ وخَلْبَنٌ: خَرْقاءُ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ لِلْإِلْحَاقِ، وَلَيْسَتْ بأَصلية. وَفِي الصِّحَاحِ: الخَلْبَنُ الحَمْقاءُ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَلَيْسَ مِنَ الخِلابة؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ النُّوقَ:
وخَلَّطَتْ كلُّ دِلاثٍ عَلْجَنِ، ... تَخْليطَ خَرْقاءِ اليَدَيْنِ، خَلْبَنِ
وَرَوَاهُ أَبو الْهَيْثَمِ: خَلْباءِ اليَدَيْن، وَهِيَ الخَرْقاء، وَقَدْ خَلِبَتْ خَلَباً، والخَلْبَنُ المهزولةُ مِنْهُ. والخُلْبُ: الوَشْيُ. والمُخَلَّب: الكثيرُ الوشْيِ مِنَ الثِّياب. وثَوْبٌ مُخَلَّب: كَثِيرُ الوَشْي؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وغَيْثٍ بِدَكْداكٍ، يَزِينُ وِهادَهُ ... نَباتٌ، كَوَشْيِ العَبْقَرِيِّ المُخَلَّبِ(1/365)
أَي الكثيرِ الأَلْوانِ. وأَوْرَدَ الْجَوْهَرِيُّ هَذَا البَيْتَ: وغيثٌ، بِرَفْعِ الثاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّوَابُ خَفْضُها لأَن قَبْلَهُ:
وكائِنْ رَأَيْنا مِنْ مُلُوكٍ وسُوقَةٍ، ... وصاحَبْتُ مِنْ وَفْدٍ كِرامٍ ومَوْكِبِ
قَالَ: الدَّكداك مَا انْخَفَضَ مِنَ الأَرضِ، وَكَذَلِكَ الوِهادُ، جَمْعُ وَهْدةٍ؛ شَبَّه زَهر النباتِ بوَشْي العَبْقَرِيِّ.
خنب: الخِنَّابُ: الضَّخْمُ الطويلُ مِنَ الرجالِ، وَمِنْهُمْ مَن لَمْ يُقَيِّدْ؛ وَهُوَ أَيضاً: الأَحْمَق المُخْتَلِجُ مرَّةً هُنا، ومَرَّةً هُنا. والخِنَّابُ: الضَّخْمُ الأَنفِ، وَهَذَا مِمَّا جاءَ عَلَى أَصلِه شَاذًّا، لأَن كلَّ مَا كَانَ عَلَى فِعَّالٍ مِنَ الأَسْماءِ، أُبْدِلَ مِنْ أَحدِ حَرْفَيْ تَضْعِيفِه يَاءً، مِثْلُ دِينارٍ وقيراطٍ، كَراهِيَة أَنْ يَلْتَبِس بالمصادِرِ، إلَّا أَن يكونَ بِالْهَاءِ، فيَخْرُجَ على أَصلِه، مثلَ دِنَّابةٍ وصِنَّارَةٍ، ودِنَّامةٍ وخِنَّابةٍ، لأَنه الْآنَ قَدْ أُمِنَ التِباسُه بالمَصادِرِ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ رَجُلٌ خِنَّأْبٌ، مكسورُ الخاءِ، مُشَدَّدُ النُّونِ، مَهْمُوزٌ: وَهُوَ الضَّخْمُ فِي عَبالةٍ، وَالْجَمْعُ خَنانِبُ. وَيُقَالُ: الخِنَّأْبُ مِنَ الرجالِ: الأَحْمَقُ المُتَصَرِّفُ، يَخْتَلِجُ هَكَذَا مرَّة، وَهَكَذَا مرَّة أَي يَذْهَبُ. الأَزهري، اللَّيْثُ: الخُنَّأْبةُ، الخاءُ رفعٌ وَالنُّونُ شديدةٌ، وَبَعْدَ النُّونِ هَمْزَةٌ، وَهِيَ طَرَفُ الأَنْفِ، وَهُمَا الخُنَّأْبَتانِ، قَالَ: والأَرْنَبة تَحْتَ الخُنَّأْبةِ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الخِنَّابة الأَرْنَبَةُ الْعَظِيمَةُ، وَقِيلَ: طَرَفُ الأَرْنَبةِ مِنْ أَعلاها، بَيْنَهَا وَبَيْنَ النُّخْرَة. والخِنَّابَتانِ: طَرَفا الأَنْفِ مِنْ جانِبَيْه، والأَرْنَبَة: مَا تَحْتَ الخِنَّابة، والعَرْتَمَة: أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ حَدُّ الأَنْفِ، والرَّوْثَة تَجْمَعُ ذَلِكَ كلِّه، وَهِيَ المُجْتَمعة قُدَّامَ المارِنِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: العَرْتَمَة مَا بَيْنَ الوَتَرة والشَّفَةِ، والخِنَّابة حرفُ المُنْخُر، وَهُمَا الخنَّابتان. وَقِيلَ خِنَّابَتَا الأَنْفِ: خَرْقاهُ عَنْ يَمينٍ وشِمال، بَيْنَهُمَا الوَتَرةُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَكْوي ذَوي الأَضْغان كَيّاً مُنْضِجا، ... مِنْهُمْ، وذَا الخِنَّابةِ العَفَنْجَجَا
وَيُقَالُ: الخِنَّأْبة، بِالْهَمْزِ. وَفِي حَدِيثِ
زيدِ بنِ ثَابِتٍ، فِي الخِنَّابَتَيْنِ إِذَا خُرِمَتَا، قَالَ: فِي كلِّ واحدةٍ ثُلُثُ دِيةِ الأَنْفِ
، هُمَا بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ، جانِبا المُنْخُرَيْنِ، عَنْ يَمينِ الوَتَرةِ وشمالِها، وهَمَزَها اللَّيْثُ، وأَنكرها الأَصمعي. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الهمزةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّيْثُ فِي الخِنَّابة والخِنَّاب لَا تَصحُّ عِندي إلَّا أَن تُجْتَلَب، كَمَا أُدخِلَتْ فِي الشَّمْأَلِ، وغِرقِئِ البَيْضِ، وليستْ بأَصْلِيَّة. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَما الخُنَّأْبةُ، بِالْهَمْزِ وَضَمِّ الخاءِ، فَإِنَّ أَبا الْعَبَّاسِ رَوَى عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ الخِنَّابَتانِ، بِكَسْرِ الْخَاءِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، هُمَا سَمَّا المُنْخُرَيْن، وَهُمَا المُنْخُرانِ، والخَوْرَمَتانِ، قَالَ: هَكَذَا ذَكَرَهُمَا أَبو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْخَيْلِ؛ وَرَوَى سَلَمة عَنِ الفرَّاءِ أَنه قَالَ: الخِنَّابُ، والخِنَّبُ الطويلُ. قَالَ: وَلَا أَعرف الْهَمْزَ لأَحد فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ. والخَنَبُ: كالخُنانِ فِي الأَنْفِ، وَقَدْ خَنِبَ خَنَباً. والخِنْبُ: مَوْصِلُ أَسافِلِ أَطْرافِ الفخِذَيْنِ،(1/366)
وأَعالي الساقَيْنِ. والخِنْبُ: باطِنُ الرُّكْبةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ فُروجُ مَا بَيْنَ الأَضْلاع، وجمعُ ذَلِكَ كلِّه أَخْنابٌ؛ قَالَ رؤْبة:
عُوجٌ دِقاقٌ، مِنْ تَحَنِّي الأَخْناب
الفرَّاءُ: الخِنْبُ، بِكَسْرِ الخاءِ: ثِنْيُ الرُّكْبَة، وَهُوَ المَأْبِضُ. وخَنِبَتْ رِجْلُه، بِالْكَسْرِ: وهَنَتْ. وأَخْنَبَها هُوَ: أَوْهَنَها، وأَخْنَبْتُها أَنا؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أَبي الَّذِي أَخْنَبَ رِجْلَ ابْنِ الصَّعِقْ، ... إِذْ كانتِ الخَيْلُ كعِلْباءِ العُنُقْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو زَكَرِيَّا الْخَطِيبُ التَّبْرِيزِيُّ: هَذَا الْبَيْتُ لِتَمِيمِ بْنِ العَمَرَّدِ بنِ عامِرِ بْنِ عبدِ شَمْسٍ، وَكَانَ العَمَرَّد طَعَن يَزيدَ بنَ الصَّعِقِ، فأَعْرَجَه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ وَجَدته أَيضاً فِي شِعْرِ ابْنِ أَحمر الْبَاهِلِيِّ. ابْنُ الأَعرابي: أَخْنَبَ رجلَه قَطَعَها. وخَنِبَ الرَّجُلُ: عَرِجَ. واخْتَنَبَ القومُ: هَلَكُوا «1» أَبو عَمْرٍو: المَخْنَبة الْقَطِيعَةُ. وجاريةٌ خَنِبة: غَنِجة رَخيمة. وظَبْيةٌ خَنِبة أَي عَاقِدَةٌ عُنُقَها، وَهِيَ رَابِضَةٌ لَا تَبْرَحُ مَكانَها، كأَن الْجَارِيَةَ شُبِّهَتْ بِهَا؛ وَقَالَ:
كأَنها عَنْزُ ظِباءٍ خَنِبَهْ، ... وَلَا يَبِيتُ بَعْلُها عَلَى إبَهْ
الإِبةُ: الرِّيبةُ. وَيُقَالُ: رأَيتُ فُلَانًا عَلَى خَنْبةٍ وخَنْعةٍ، وَمِثْلُهُ: عَقِرَ وبَقِرَ، وَمِثْلُهُ: مَا ذُقْتُ عَلُوساً وَلَا بَلُوساً، وجِئْ بِهِ مِنْ عَسِّكَ وبَسِّكَ، فعاقَب العَينُ الباءَ. شَمِرٌ: الخَنَباتُ الغَدْرُ والكَذِبُ. وَيُقَالُ: لَنْ يَعْدَمَكَ مِنَ اللَّئِيمِ خَنابةٌ أَي شَرٌّ. والخَنَابةُ: الأَثَر القبيحُ. قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
مَا كنتُ مَولى خَناباتٍ، فَآتِيَها، ... وَلَا أَلِمْنا لقَتْلى ذَاكُمُ الكَلِمِ
وَيُرْوَى جَناباتٍ. يَقُولُ: لَسْتُ أَجْنَبِيًّا مِنْكُمْ؛ وَيُرْوَى خَناناتٍ، بِنُونَيْن، وَهِيَ كالخَناباتِ. وَرَجُلٌ ذُو خَنَبَاتٍ وخَبَناتٍ: وَهُوَ الَّذِي يَصْلُحُ مَرَّةً، ويفسدُ أَخْرى.
خنثب: الفرَّاءُ: الخِنْثَبة والخِنْثَعْبةُ الغَزيرَة اللَّبَنِ مِنَ النُّوقِ. قَالَ شَمِرٌ: لمْ أَسْمَعْها إِلَّا للْفَرَّاءِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وجَمْع الخِنْثَبةِ خَناثِب.
خندب: رجلُ خُنْدُبٌ: سَيِّئُ الخُلُقِ. وخُنْدُبانٌ: كثِيرُ اللَّحْمِ:
خنزب: ابْنُ الأَثير: فِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ:
ذاكَ شَيْطانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَب
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: وَهُوَ لَقَبٌ لَهُ. والخَنْزَبُ: قِطْعَةُ لَحْمٍ مُنْتِنَة، ويُروى بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ.
خنضب: امرأَة خُنْضُبَةٌ: سَمِينَة.
خنظب: الخُنْظُبَة: دُوَيْبَّة، حَكَاهَا ابن دُرَيْد.
خنعب: الخُنْعُبَةُ: الهَنَة المُتَدَلِّية وَسَط الشَّفَة العُلْيا، فِي بعضِ اللغاتِ، وَهِيَ مَشَقُّ مَا بَيْنَ الشَّاربَيْنِ بِحيال الوَتَرةِ. الأَزهري: هِيَ الخُنْعُبَة،
__________
(1) . قوله [واختنب القوم هلكوا] نقل الصاغاني عن الزجاج أخنب القوم هلكوا أيضاً.(1/367)
والنُّونَةُ، والثُّومَةُ، والهَزْمَة، والوَهْدَة، والقَلْدَة، والهَرْتَمة، والعَرْتَمَةُ، والحِثْرِمَة.
خوب: الخَوْبَة: الأَرضُ الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ بَيْنَ أَرْضَيْنِ مَمْطورَتَيْن. والخَوْبَةُ: الجُوعُ، عَنْ كُراع. قَالَ أَبو عَمْرٍو: إِذَا قُلْتَ أَصابَتْنا خَوْبَةٌ، بالخاءِ الْمُعْجَمَةِ، فَمَعْنَاهُ المجاعةُ؛ وَإِذَا قُلْتها بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، فمعناهُ الحاجَة. أَبو عُبَيْدٍ: أَصابَتْهُم خَوْبةٌ إِذَا ذَهَبَ مَا عندَهم، فَلَمْ يبقَ عِنْدَهُمْ شيءٌ؛ قَالَ شَمِرٌ: لَا أَدْرِي مَا أَصابَتْهُم خَوْبَةٌ، وأَظُنُّ أَنه حَوْبَة؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والخَوْبَة بالخاءِ، صَحِيحٌ، وَلَمْ يَحْفَظْه شَمِرٌ. قَالَ: وَيُقَالُ للجُوع: الخَوْبَة؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
طَرُود لِخَوْباتِ النُّفُوسِ الكَوانِعِ
وَفِي حديث
التَّلِبِ بن ثَعْلبة: أَصابَ رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَوْبَةٌ فاسْتَقْرضَ مِنِّي طَعاماً.
الخَوْبةُ: المَجاعَة. وخابَ يَخُوبُ خَوْباً: افْتَقَرَ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الخَوْبةِ.
وَيُقَالُ: نَزَلْنا بخَوْبةٍ مِنَ الأَرضِ أَي بمَوْضِعِ سُوءٍ، لَا رِعْيَ بِهِ وَلَا ماءَ. أَبو عَمْرٍو: الخَوْبَة والقَوايَةُ والخَطِيطَةُ: الأَرضُ الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ، وقَوِيَ المَطر يَقْوَى إِذَا احْتَبَسَ.
خيب: خابَ يَخِيبُ خَيْبَةً: حُرِم، وَلَمْ يَنَلْ مَا طَلَب. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: مَنْ فازَ بِكُمْ، فَقَدْ فازَ بالقِدْحِ الأَخْيَبِ
أَي بالسَّهْمِ الخائِبِ، الَّذِي لَا نَصِيبَ لَهُ مِنْ قِداحِ المَيْسِر، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: المَنِيحُ، والسَّفيحُ، والوَغْدُ. والخَيْبَة: الحِرْمانُ والخُسْران؛ وَقَدْ خابَ يَخِيبُ ويَخُوبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْبةً لَك
وَيَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ
وخَيَّبَه اللَّهُ: حَرَمَه. وخَيَّبْتُه أَنا تَخْيِيباً. وخابَ إِذَا خَسِرَ، وخابَ إِذَا كَفَر، والخَيْبَة: حِرْمان الجَدِّ. وَفِي الْمَثَلِ: الهَيْبَةُ خَيْبَة؛ وسَعْيُه فِي خَيَّابِ ابن هَيَّابٍ أَي فِي خَسَارٍ، وبَيَّابِ بْنِ بَيَّابٍ، فِي مَثلٍ لِلْعَرَبِ، وَلَا يَقُولُونَ مِنْهُ خابَ، وَلَا هابَ. والخَيَّابُ: القِدْحُ الَّذِي لَا يُورِي؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
اسْكُتْ، وَلَا تَنْطِقْ، فأَنْتَ خَيَّابْ، ... كُلُّكَ ذُو عَيْبٍ، وأَنْتَ عَيَّابْ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ فَعَّالًا مِن الخَيْبَةِ، وَيَجُوزُ أَن يُعْنَى بِهِ، أَنه مِثْلُ هَذَا القِدْح الَّذِي لَا يُورِي. ووَقَع فِي وَادِي تُخُيِّبَ عَلَى تُفُعِّلَ، بِضَمِّ التاءِ والفاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، غَيْرُ مصروفٍ، وَهُوَ الباطِلُ. وَتَقُولُ: خَيْبَةً لزَيْدٍ، وخَيْبَةٌ لِزَيْدٍ، فالنَّصْبُ عَلَى إضْمارِ فِعْلٍ، والرَّفْعُ على الابتداءِ.
فصل الدال المهملة
دأب: الدَّأبُ: العادَة والمُلازَمَة. يُقَالُ: مَا زَالَ ذَلِكَ دِينَكَ ودَأْبَكَ، ودَيْدَنَكَ ودَيْدَبُونَكَ، كلُّه مِنَ العادَة. دَأَبَ فلانٌ فِي عَمَلِه أَي جَدَّ وتَعِبَ، يَدْأَبُ دَأْباً ودَأَباً ودُؤُوباً، فَهُوَ دَئِبٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
راحَتْ كَمَا راحَ أَبو رِئَالِ، ... قَاهِي الفُؤَادِ، دَئِبُ الإِجْفالِ(1/368)
وَفِي الصِّحَاحِ: فَهُوَ دَائِبٌ؛ وأَنشد هَذَا الرجَزَ: دائِبُ الإِجْفالِ. وأَدْأَبَ غَيْرَهُ، وكلُ مَا أَدَمْتَه فَقَدْ أَدْأَبْتَه. وأَدْأَبَه: أَحْوَجَه إِلَى الدُّؤُوبِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِذَا تَوافَوْا أَدَبُوا أَخاهُم
قَالَ: أَراد أَدْأَبُوا أَخاهُم، فخفَّف لأَن هَذَا الرَّاجِزَ لَمْ تَكُنْ لُغَتُه الْهَمْزَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لضَرورةِ شِعْرٍ، لأَنه لَوْ هُمِزَ لَكَانَ الجُزْءُ أَتمَّ. والدُّؤُوبُ: المبالَغَة فِي السَّيْر، وأَدْأَبَ الرجلُ الدَّابَّة إِدْآباً إِذَا أَتْعَبَها، والفِعلُ اللَّازِمُ دَأَبَتِ الناقَةُ تَدْأَبُ دُؤُوباً، ورجلٌ دَؤُوبٌ عَلَى الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ
البعيرِ الَّذِي سَجَدَ لَهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: إِنَّهُ يَشْكو إليَّ أَنَّكَ تُجِيعُه وتُدْئِبُه
أَي تَكُدُّه وتُتْعِبُه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يُلِحْنَ مِن ذِي دَأَبٍ شِرْواطِ
فسَّره فَقَالَ: الدَأَبُ: السَّوْق الشديدُ والطَّرْدُ، وَهُوَ مِنَ الأَوَّل. وَرِوَايَةُ يَعْقُوبَ: مِنْ ذِي زَجَلٍ. والدَّأْبُ والدَّأَب، بالتَّحْرِيك: العادةُ والشَّأْن. قَالَ الفرّاءُ: أَصله مِنْ دَأَبْت إِلَّا أَن الْعَرَبَ حَوَّلْتْ مَعْنَاهُ إِلَى الشَّأْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بقيامِ الليلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصالحِينَ قَبْلَكم.
الدَّأْبُ: العادةُ والشَّأْنُ، هُوَ مِنْ دَأَبَ فِي العَمَل إِذَا جَدَّ وتَعِبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَكَانَ دَأَبي ودَأْبهم.
وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ
؛ أَي مِثلَ عادةِ قَوْمِ نوحٍ، وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ: مثلَ حالِ قَومِ نوحٍ. الأَزهري: قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ*
؛ أَي كشأْنِ آلِ فِرْعون، وكأَمْرِ آلِ فِرْعون؛ كَذَا قَالَ أَهل اللُّغَةِ. قَالَ الأَزهري: والقولُ عندِي فِيهِ، وَاللَّهُ أَعلم، أَن دَأْبَ هَاهُنَا اجتِهادهم فِي كُفْرِهِم، وتَظاهُرُهُم عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كتَظَاهُرِ آلِ فِرْعَوْنَ عَلَى مُوسَى، عَلَيْهِ السلامُ. يُقَالُ دَأَبْتُ أَدْأَبُ دَأَباً ودَأَباً ودُؤُوباً إِذَا اجْتَهَدْتَ فِي الشيءِ. والدائِبانِ: الليلُ والنهارُ. وبَنُو دَوْأَبٍ: حَيٌّ مِنْ غَنِيٍّ. قَالَ ذُو الرُّمة:
بَني دَوْأَبٍ إنِّي وجَدْتُ فَوارسِي ... أَزِمَّةَ غارَاتِ الصَّباحِ الدَّوَالِقِ
دبب: دَبَّ النَّمْلُ وَغَيْرُهُ مِنَ الحَيَوانِ عَلَى الأَرضِ، يَدِبُّ دَبّاً ودَبِيباً: مَشَى عَلَى هِينَتِه. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: دَبَّ يَدِبُّ دَبِيباً، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَلَا عَبَّر عَنْهُ. ودَبَبْتُ أَدِبُّ دِبَّةً خَفِيَّةً، وَإِنَّهُ لخَفِيُّ الدَبَّة أَي الضَرْبِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّبِيبِ. ودَبَّ الشيخُ أَي مَشَى مَشْياً رُوَيْداً. وأَدْبَبْتُ الصَّبيَّ أَي حَمَلْتُه عَلَى الدَّبيب. ودَبَّ الشَّرابُ فِي الجِسْم والإِناءِ والإِنْسانِ، يَدِبُّ دَبيباً: سَرى؛ ودَبَّ السُّقْمُ فِي الجِسْمِ، والبِلى فِي الثَّوْبِ، والصُّبْحُ فِي الغَبَشِ: كُلُّه مِنْ ذَلِكَ. ودَبَّتْ عَقارِبُه: سَرَتْ نَمائِمُه وأَذاهُ. ودَبَّ القومُ إِلَى العَدُوِّ دَبيباً إِذَا مَشَوْا عَلَى هيِنَتِهِم، لَمْ يُسْرِعُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
عندَه غُلَيِّمٌ يُدَبِّبُ
أَي يَدْرُجُ فِي المَشْيِ رُوَيْداً، وكلُّ ماشٍ عَلَى الأَرض: دابَّةٌ ودَبِيبٌ. والدَّابَّة: اسمٌ لِمَا دَبَّ مِنَ الحَيَوان، مُمَيِّزةً وغيرَ(1/369)
مُمَيِّزة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ
؛ ولمَّا كَانَ لِما يَعقِلُ، وَلِمَا لَا يَعْقِلُ، قِيلَ: فَمِنْهُمْ*؛ وَلَوْ كَانَ لِما لَا يَعْقِلُ، لَقِيل: فَمِنْها، أَو فَمِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ؛ وَإِنْ كَانَ أَصْلُها لِما لَا يَعْقِلُ، لأَنَّه لمَّا خَلَط الجَماعَةَ، فَقَالَ مِنْهُمْ، جُعِلَت العِبارةُ بِمنْ؛ وَالْمَعْنَى: كلَّ نَفْسِ دَابَّةٍ. وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: مَا تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ
؛ قِيلَ مِنْ دَابَّةٍ مِنَ الإِنْسِ والجنِّ، وكُلِّ مَا يَعْقِلُ؛ وَقِيلَ: إنَّما أَرادَ العُمومَ؛ يَدُلُّ عَلَى ذلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
كادَ الجُعَلُ يَهْلِكُ، فِي جُحْرِهِ، بذَنْبِ ابنِ آدمَ.
وَلَمَّا قَالَ الخَوارِجُ لِقَطَرِيٍّ: اخْرُجْ إلَيْنا يَا دَابَّةُ، فأَمَرَهُم بالاسْتِغْفارِ، تَلَوا الْآيَةَ حُجَّة عَلَيْهِ. والدابَّة: الَّتِي تُرْكَبُ؛ قَالَ: وقَدْ غَلَب هَذَا الاسْم عَلَى مَا يُرْكَبُ مِن الدَّوابِّ، وَهُوَ يَقَعُ عَلى المُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ، وحَقِيقَتُه الصفَةُ. وَذُكِرَ عَنْ رُؤْبة أَنَّه كَانَ يَقُول: قَرِّبْ ذَلِكَ الدَّابَّةَ، لِبِرْذَوْنٍ لهُ. ونَظِيرُه، مِنَ المَحْمُولِ عَلى المَعْنى، قولهُم: هَذَا شاةٌ، قَالَ الْخَلِيلُ: ومثْلُه قَوْلُهُ تَعَالَى: هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي. وتَصْغِير الدابَّة: دُوَيْبَّة، الياءُ ساكِنَةٌ، وَفِيهَا إشْمامٌ مِن الكَسْرِ، وَكَذَلِكَ ياءُ التَّصْغِيرِ إِذَا جاءَ بعدَها حرفٌ مثَقَّلٌ فِي كلِّ شيءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وحَمَلَها عَلَى حِمارٍ مِنْ هَذِهِ الدِّبابَةِ
أَي الضِّعافِ الَّتِي تَدِبُّ فِي المَشي وَلَا تُسْرع. ودابَّة الأَرْض: أَحَدُ أَشْراطِ السَّاعَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ، أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ
؛ قَالَ: جاءَ فِي التَّفْسِير أَنَّها تَخرُج بِتِهامَةَ، بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ؛ وجاءَ أَيضاً: أَنها تَخْرُجُ ثلاثَ مرَّات، مِنْ ثَلاثة أَمْكِنَةٍ، وأَنَّها تَنْكُت فِي وَجْهِ الكافِرِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ، وَفِي وجْهِ المؤْمِن نُكْتَةً بَيْضاءَ، فَتَفْشُو نُكْتَة الْكَافِرِ، حَتَّى يَسْوَدَّ مِنْهَا وجهُه أَجمعُ، وتَفْشُو نُكْتَةُ المُؤْمِن، حَتى يَبْيَضَّ مِنْهَا وجْهُه أَجْمَع، فتَجْتَمِعُ الْجَمَاعَةُ عَلَى المائِدَة، فيُعْرفُ المؤْمن مِنَ الْكَافِرِ وَوَرَدَ ذكرُ دابَّةِ الأَرض فِي حَدِيثِ أَشْراطِ الساعَة؛ قِيلَ: إنَّها دابَّة، طولُها ستُّون ذِراعاً، ذاتُ قوائِمَ وَوَبرٍ؛ وَقِيلَ: هِيَ مُخْتَلِفَة الخِلْقَةِ، تُشْبِهُ عِدَّةً مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، يَنْصَدِعُ جَبَلُ الصَّفَا، فَتَخْرُج منهُ ليلَةَ جَمْعٍ، والناسُ سائِرُون إِلَى مِنىً؛ وَقِيلَ: مِنْ أَرْضِ الطائِفِ، ومَعَها عَصَا مُوسى، وخاتمُ سُليمانَ، علَيْهِما السلامُ، لَا يُدْرِكُها طالِبٌ، وَلَا يُعْجزُها هارِبٌ، تَضْرِبُ المؤْمنَ بِالْعَصَا، وَتَكْتُبُ فِي وَجْهِهِ: مؤْمن؛ والكافِرُ تَطْبَعُ وجْهَه بالخاتمِ، وتَكْتُبُ فيهِ: هَذَا كافِرٌ. ويُروى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. قَالَ:
أَوَّل أَشْراطِ السَّاعَة خُروجُ الدَّابَّة، وطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبها.
وَقَالُوا فِي المَثَل: أَعْيَيْتَني مِنْ شُبٍّ إِلَى دُبٍّ، بِالتَّنْوِينِ، أَي مُذْ شَبَبْتُ إِلَى أَن دَبَبْت عَلَى الْعَصَا. وَيَجُوزُ: مِنْ شُبَّ إِلَى دُبَّ؛ عَلَى الْحِكَايَةِ، وَتَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا مِنْ شُبَّ إِلَى دُبَّ، وَقَوْلَهُمْ: أَكْذَبُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ أَي أَكذب الأَحْياءِ والأَمْواتِ؛ فدَبَّ: مَشَى؛ ودَرَجَ: مَاتَ وانْقَرَضَ عَقِبُه. وَرَجُلٌ دَبُوبٌ ودَيْبُوبٌ: نَمَّامٌ، كأَنه يَدِبُّ بالنَّمائِم بينَ القَوْمِ؛ وَقِيلَ: دَيْبوبٌ، يَجْمَعُ بينَ الرِّجالِ والنَّساءِ، فَيْعُولٌ، مِنَ الدَّبِيبِ، لأَنَّه يَدِبُّ بَيْنَهُم ويَسْتَخْفِي؛ وَبِالْمَعْنَيَيْنِ فُسِّر(1/370)
قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَدْخُلُ الجَنَّة دَيْبُوبٌ وَلَا قَلَّاعٌ
؛ وَهُوَ
كَقَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يدخُل الجنَّة قَتَّات.
وَيُقَالُ: إنَّ عَقارِبَه تَدِبُّ إِذَا كَانَ يَسْعى بالنَّمائِم. قَالَ الأَزهري: أَنشدني المنذريُّ، عَنْ ثَعْلَبٌ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي:
لَنا عِزٌّ، ومَرْمانا قَريبٌ، ... ومَوْلىً لَا يَدِبُّ مَعَ القُرادِ
قَالَ: مَرْمانا قريبٌ، هؤُلاء عَنَزةُ؛ يَقُولُ: إنْ رأَيْنا مِنْكُمْ مَا نَكْرَهُ، انْتَمَيْنا إِلَى بَنِي أَسَدٍ؛ وَقَوْلُهُ يَدِبُّ مَعَ القُرادِ: هُوَ الرجُل يأْتي بشَنَّةٍ فِيهَا قِرْدانٌ، فيَشُدُّها فِي ذَنَبِ البَعيرِ، فَإِذَا عضَّه مِنْهَا قُرادٌ نَفَر، فَنَفَرَتِ الإِبِلُ، فَإِذَا نَفَرَتْ، اسْتَلَّ مِنْهَا بَعيراً. يُقَالُ لِلِّصِّ السَّلَّالِ: هُوَ يَدِبُّ معَ القُرادِ. وناقَةٌ دَبُوبٌ: لَا تَكادُ تَمْشِي مِنْ كَثْرَةِ لَحمِها، إِنَّمَا تَدِبُّ، وجمعُها دُبُبٌ، والدُّبابُ مَشْيُها. وَالْمُدَبَّبُ «2» الجَمَل الَّذِي يَمْشِي دَبادِبَ. ودُبَّة الرَّجُل: طريقُه الَّذِي يَدِبُّ عَلَيْهِ. وَمَا بالدَّارِ دُبِّيٌّ ودِبِّيٌّ أَي مَا بِهَا أَحدٌ يَدِبُّ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ مِنْ دَبَبْت أَي لَيْسَ فِيهَا مَن يَدِبُّ، وَكَذَلِكَ: مَا بِهَا دُعْوِيٌّ ودُورِيٌّ وطُورِيٌّ، لَا يُتَكَلَّم بِهَا إِلَّا فِي الجَحْد. وأَدَبَّ البِلادَ: مَلأَها عَدْلًا، فَدَبَّ أَهلُها، لِمَا لَبِسُوه مِنْ أَمْنِه، واسْتَشْعَرُوه مِنْ بَرَكَتِه ويُمْنِه؛ قَالَ كُثَيِّر عَزَّةَ:
بَلَوْهُ، فأَعْطَوْهُ المَقادةَ بَعْدَ ما ... أَدَبَّ البِلادَ، سَهْلَها وجِبالَها
ومَدَبُّ السَّيْلِ ومَدِبُّه: مَوْضِعُ جَرْيهِ؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ:
وقَرَّبَ جانِبَ الغَرْبِيِّ، يأْدُو ... مَدَبَّ السَّيْلِ، واجْتَنَبَ الشَّعارا
يُقَالُ: تَنَحَّ عَنْ مَدَبِّ السَّيْلِ ومَدِبِّه، ومَدَبِّ النَّمْلِ ومَدِبِّه؛ فَالِاسْمُ مكسورٌ، وَالْمَصْدَرُ مفتوحٌ، وَكَذَلِكَ المَفْعَل مِنْ كلِّ مَا كَانَ عَلَى فَعَلَ يَفْعِل «3» . التَّهْذِيبُ: والمَدِبُّ موضعُ دَبِيبِ النَّمْلِ وَغَيْرِهِ. والدَّبَّابة: الَّتِي تُتَّخَذ للحُروبِ، يَدْخُلُ فِيهَا الرِّجالُ، ثُمَّ تُدفَع فِي أَصلِ حِصْنٍ، فيَنْقُبونَ، وَهُمْ فِي جَوْفِها، سِمِّيَت بِذَلِكَ لأَنها تُدْفع فتَدِبُّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كيفَ تَصْنَعون بالحُصونِ؟ قَالَ: نَتَّخِذُ دَبَّاباتٍ يدخُل فِيهَا الرجالُ.
الدَّبابةُ: آلةٌ تُتَّخَذُ مِنْ جُلودٍ وخَشَبٍ، يدخلُ فِيهَا الرجالُ، ويُقَرِّبُونها مِنَ الحِصْنِ المُحاصَر ليَنْقُبُوه، وتَقِيَهُم مَا يُرْمَوْنَ بِهِ مِنْ فوقِهم. والدَّبْدبُ: مَشْيُ العُجْرُوفِ مِنَ النَّمْلِ، لأَنَّه أَوْسَعُ النَّمْلِ خَطْواً، وأَسْرَعُها نقْلًا. وَفِي التَّهْذِيبِ: الدَّبْدَبةُ العُجْرُوفُ مِنَ النَّمْلِ، وكلُّ سُرْعَةٍ فِي تَقارُبِ خَطْوٍ: دَبْدَبَةٌ؛ والدَّبْدَبَةُ: كلُّ صوتٍ أَشْبَهَ صوتَ وَقْعِ الحافِرِ
__________
(2) . قوله [والمدبب] ضبطه شارح القاموس كمنبر.
(3) . قوله [على فعل يفعل] هذه عبارة الصحاح ومثله القاموس، وقال ابن الطيب ما نصه: الصواب أن كل فعل مضارعه يفعل بالكسر سواء كان ماضيه مفتوح العين أو مكسورها فإن المفعل منه فيه تفصيل يفتح للمصدر ويكسر للزمان والمكان إلا ما شذ وظاهر المصنف والجوهري أن التفصيل فيما يكون ماضيه على فعل بالفتح ومضارعه على يفعل بالكسر والصواب ما أصلنا انتهى من شرح القاموس.(1/371)
عَلَى الأَرضِ الصُّلْبةِ؛ وَقِيلَ: الدَّبْدَبَةُ ضَربٌ مِنَ الصَّوْت؛ وأَنشد أَبو مَهْدِيٍّ:
عاثُور شَرٍّ، أَيُّما عاثُورِ، ... دَبْدَبَة الخَيْلِ عَلَى الجُسورِ
أَبُو عَمْرو: دَبْدَبَ الرجلُ إِذَا جَلَبَ، ودَرْدَبَ إِذَا ضَرَبَ بالطَّبْلِ. والدَّبْدابُ: الطَّبْلُ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ رؤْبة:
أَوْ ضَرْبِ ذِي جَلاجِلٍ دَبْدابِ
وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
إِذَا تَزابَى مِشْيَةً أَزائِبا، ... سَمِعْتَ، مِنْ أَصْواتِها، دَبادِبا
قَالَ: تَزَابَى مَشَى مِشْيَةً فِيهَا بُطْءٌ. قَالَ: والدَّبادِبُ صَوْت كأَنه دَبْ دَبْ، وَهِيَ حِكَايَةُ الصَّوْتِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الدُّبادِبُ والجُباجِبُ «1» : الكثيرُ الصِّياح والجَلَبَة؛ وأَنشد:
إيَّاكِ أَنْ تَسْتَبدلي قَرِدَ القَفا ... حَزابِيَةً، وهَيَّباناً جُباجِبا
أَلَفَّ، كأَنَّ الغازِلاتِ مَنَحْنَه ... مِنَ الصُّوف نِكْثاً، أَو لَئيماً دُبادِبا
والدُّبَّة: الحالُ؛ ورَكِبْتُ دُبَّتَهُ ودُبَّه أَي لَزِمْت حالَه وطَريقَتَه، وعَمِلْتُ عَمَلَه؛ قَالَ:
إِنَّ يَحْيَى وهُذَيلْ ... رَكبَا دُبَّ طُفَيْلْ
وَكَانَ طُفَيْلٌ تَبّاعاً للعُرُسات مِنْ غيرِ دَعْوة. يُقَالُ: دَعْني ودُبَّتي أَي دَعني وطَريقَتي وسَجِيَّتي. ودُبَّة الرجلِ: طَريقَتُه مِنْ خَيرٍ أَو شرٍّ، بِالضَّمِّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اتَّبعوا دُبَّة قُرَيشٍ، وَلَا تُفارقُوا الْجَمَاعَةَ. الدُّبّة، بِالضَّمِّ: الطَّريقة والمذْهَب. والدَّبَّةُ: الموضعُ الكثيرُ الرَّمْل؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للدَّهْر الشَّديدِ، يُقَالُ: وَقَع فلانٌ فِي دَبَّةٍ مِنَ الرَّمْلِ، لأَن الجَمَل، إِذَا وَقَع فِيهِ، تَعِبَ. والدُّبُّ الكبِيرُ: مِنْ بَناتِ نَعْشٍ؛ وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ يَقَع عَلَى الكُبرَى والصُّغْرَى، فيُقالُ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُبٌّ، فَإِذَا أَرادوا فصْلَها، قَالُوا: الدُّبُّ الأَصغر، والدُّبُّ الأَكبر. والدُّبُّ: ضربٌ مِنَ السِّباع، عَرَبِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَالْجَمْعُ دِبابٌ ودِبَبَة، والأُنْثى دُبَّة. وأَرض مَدَبَّة: كَثِيرَةُ الدِّبَبَة. والدَّبَّة: الَّتِي يُجْعَل فِيهَا الزَّيْت والبِزْر والدُّهن، وَالْجَمْعُ دِبابٌ، عَنْ سِيبَوَيْهِ. والدَّبَّة: الكثِيبُ مِنَ الرَّمْل، بِفَتْحِ الدَّالِ، وَالْجَمْعُ دِبابٌ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنْ سُلَيْمَى، إِذَا مَا جِئتَ طارِقها، ... وأَخْمَدَ الليلُ نارَ المُدْلِجِ السارِي
تِرْعِيبَةٌ، فِي دَمٍ، أَو بَيْضَةٌ جُعِلَت ... فِي دَبَّةٍ، مِنْ دِبابِ الليلِ، مِهْيارِ
قَالَ: والدُّبَّة، بِالضَّمِّ: الطَّرِيقُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
طَهَا هِذْرِيانٌ، قَلَّ تَغْميضُ عَيْنِه ... عَلَى دُبَّةٍ مِثْلِ الخَنِيفِ المُرَعْبَلِ
والدَّبُوبُ: السَّمينُ مِنْ كلِّ شيءٍ.
__________
(1) . قوله [والجباجب] هكذا في الأَصل والتهذيب بالجيمين.(1/372)
والدَّبَبُ: الزَّغَب عَلَى الْوَجْهِ؛ وأَنشد:
قَشَرَ النِّسَاءُ دَبَب العَرُوسِ
وَقِيلَ: الدَّبَبُ الشَّعَر عَلَى وجْه الْمَرْأَةِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: ودَبَبُ الوَجْه زَغَبُه. والدَّبَبُ والدَّبَبانُ: كثرةُ الشَّعَر والوَبرِ. رَجُلٌ أَدَبُّ، وامرأَةٌ دبَّاءُ ودَبِبَةٌ: كَثِيرَةُ الشَّعَرِ فِي جَبِينِها؛ وبعيرٌ أَدَبُّ أَزَبُّ. فأَما
قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْحَدِيثِ لِنِسَائِهِ: لَيْتَ شِعْرِي أَيَّتُكُنَّ صاحبةُ الجَمَلِ الأَدْبَبِ، تَخْرُجُ فَتَنْبَحُها كِلابُ الحَوْأَبِ؟
فَإِنَّمَا أَراد الأَدَبَّ، فأَظْهَر التَّضْعيفَ، وأَراد الأَدَبَّ، وَهُوَ الْكَثِيرُ الوَبرِ؛ وَقِيلَ: الكثيرُ وَبَرِ الوجهِ، لِيُوازِن بِهِ الحَوْأَبِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: جَمَلٌ أَدَبُّ كثيرُ الدَّبَبِ؛ وَقَدْ دَبَّ يَدَبُّ دَبَباً. وَقِيلَ: الدَّبَبُ الزَّغَبُ، وَهُوَ أَيضاً الدَّبَّةُ، عَلَى مِثَالِ حَبَّةٍ، وَالْجَمْعُ دَبٌّ، مِثْلُ حَبٍّ، حَكَاهُ كُرَاعٌ، وَلَمْ يَقُلِ: الدَّبَّة الزَّغَبَةُ، بالهاءِ. وَيُقَالُ للضَّبُعِ: دَبابِ، يُريدون دبِّي، كَمَا يُقَالُ نَزَالِ وحَذارِ. ودُبٌّ: اسمٌ فِي بَني شَيْبان، وَهُوَ دُبُّ بنُ مُرَّةَ ابنُ ذُهْلِ بنِ شَيْبانَ، وهُمْ قَوْمٌ دَرِمٍ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ الْمَثَلُ، فَيُقَالُ: أَوْدَى دَرِمٌ. وَقَدْ سُمِّيَ وَبْرةُ بنُ حَيْدانَ أَبو كلبِ بنِ وبرةَ دُبّاً. ودبوبٌ: موضعٌ. قَالَ ساعدَة بنُ جُؤَيَّة الْهُذَلِيُّ:
وَمَا ضَرَبٌ بيضاءُ، يَسْقِي دَبُوبَها ... دُفاقٌ، فَعُرْوانُ الكَراثِ، فَضِيمُها
ودَبَّابٌ: أَرض. قَالَ الأَزهري: وبالخَلْصَاءِ رَمْلٌ يُقَالُ لَهُ الدَّبَّاب، وبِحذائِهِ دُحْلانٌ كَثِيرَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كأَنّ هِنْداً ثَناياها وبَهْجَتَها، ... لمَّا الْتَقَيْنَا، لَدَى أَدْحالِ دَبَّابِ
مَوْلِيَّةٌ أُنُفٌ، جادَ الربيعُ بِهَا ... عَلَى أَبارِقَ، قَدْ هَمَّتْ بإعْشابِ
التَّهْذِيبُ، ابْنُ الأَعرابي: الدَّيدَبون اللَّهْوُ. والدَّيْدَبانُ: الطَّلِيعَة وَهُوَ الشَّيِّفَةُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَصله دِيدَبان فغَيَّروا الْحَرَكَةَ «2» ، وَقَالُوا: دَيْدَبان، لمَّا أُعْرِب وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يدخلُ الجنَّة دَيْبُوبٌ، وَلَا قَلَّاعٌ
؛ الدَّيْبُوبُ: هُوَ الَّذِي يَدِبُّ بَيْنَ الرجالِ والنساءِ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمْ، وَقِيلَ: هُوَ النَّمَّام، لِقَوْلِهِمْ فِيهِ: إِنَّهُ لَتَدِبُّ عَقَارِبُه؛ وَالْيَاءُ فِيهِ زائدة.
دجب: الدَّجُوبُ: الوعاءُ أَو الغِرارَة، وَقِيلَ: هُوَ جُوَيْلِقٌ خفيفٌ، يَكُونُ مَعَ المرأَة فِي السَّفَر؛ قَالَ:
هَلْ، فِي دَجُوبِ الحُرَّةِ المَخِيطِ، ... وذِيلَةٌ تَشْفِي منَ الأَطِيطِ،
مِنْ بَكْرَةٍ، أَو بازِلٍ عَبِيطِ
الوَذِيلَة: القِطْعَة مِنَ الشَّحْم، شبَّهها بسَبِيكةِ الفِضَّةِ، وعَنَى بالأَطِيطِ: تَصْوِيتَ أَمْعائِه مِنَ الْجُوعِ. وَقِيلَ: الوَذِيلَة قِطْعة مِنْ سَنامٍ، تُشَقُّ طَويلًا، والأَطِيطُ عَصافير الْجُوعِ.
__________
(2) . قوله [أَصْلُهُ دَيْدَبَانُ فَغَيَّرُوا الْحَرَكَةَ إلخ] هكذا في نسخة الأصل والتهذيب بأيدينا. وفي التكملة قال الأَزهري الديدبان الطليعة فارسي معرب وأصله ديذه بان فلما أعرب غيرت الحركة وجعلت الذال دالًا.(1/373)
دحب: الدَّحْبُ: الدَّفْعُ، وَهُوَ الدَحْمُ. دَحَبَ الرَّجلَ: دَفَعه. وباتَ يَدْحَب المرأةَ ويَدْحَمُها، فِي الجِماعِ: كِنَايَةٌ عَنِ النِّكاح؛ والاسمُ الدُّحابُ. دَحَبَها يَدْحَبُها: نكَحَها. ودُحَيْبَة: اسْمُ امرأَةٍ.
دحجب: الدَّحْجابُ والدُّحْجُبانُ: مَا عَلا مِنَ الأَرضِ، كالحَرَّة والحَزِيزِ، عن الهَجَري،
دخدب: جارِيةٌ دِخْدِبَة ودَخْدَبَة، بِكَسْرِ الدَّالين وَفَتْحِهِمَا: مُكْتَنِزَة.
درب: الدَّرْبُ: مَعروف. قَالُوا: الدَّرْبُ بابُ السِّكَّة الواسِعُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الواسِعة، وَهُوَ أَيضاً البابُ الأَكبَر، وَالْمَعْنَى واحدٌ، والجمع دِرابٌ. أَنشد سِيبَوَيْهِ:
مِثْل الكِلابِ، تَهِرُّ عِنْدَ دِرابِها، ... ورِمَتْ لهَازِمُها مِنَ الخِزْبازِ
وكلُّ مَدْخلٍ إِلَى الرُّومِ:
دَرْبٌ
مِنْ دُرُوبِها. وَقِيلَ: هُوَ بِفَتْحِ الراءِ، للنافِذِ مِنْهُ، وَبِالسُّكُونِ لغيرِ النَّافِذِ. وأَصل الدَّرْبِ: المضِيقُ فِي الجِبالِ؛ وَمِنْهُ قَولُهُم: أَدْرَب القومُ إِذَا دَخَلُوا أَرضَ العَدُوِّ مِنْ بلادِ الرُّوم. وَفِي حَدِيثِ
جَعْفرِ بنِ عَمْرٍو: وأَدْرَبْنا
أَي دَخَلْنا الدَّرْبَ. والدَّرْبُ: المَوْضِعُ الَّذِي يُجْعلُ فِيهِ التَّمْرُ لِيَقِبَّ. ودَرِبَ بالأَمْرِ دَرَباً ودُرْبَةً، وتَدَرَّبَ: ضَرِيَ؛ ودَرَّبَه بِهِ وَعَلَيْهِ وَفِيهِ: ضَرَّاهُ. والمُدَرَّبُ مِنَ الرِّجالِ: المُنَجَّذُ. والمُدَرَّبُ: المُجَرَّبُ. وكلُّ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا جاءَ عَلَى بِناءِ مُفَعَّلٍ، فَالْكَسْرُ وَالْفَتْحُ فِيهِ جائزٌ فِي عَيْنِه، كالمُجَرَّبِ والمُجَرَّسِ وَنَحْوِهِ، إِلَّا المُدَرَّبَ. وشيخٌ مُدَرَّبٌ أَي مُجَرَّبٌ. والمُدَرَّب أَيضاً: الَّذِي قَدْ أَصابَتْه البَلايا، ودَرَّبَتْه الشَّدائِد، حَتَّى قَوِيَ ومَرِنَ عَلَيْهَا؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والدُّرَّابَة: الدُّرْبَة وَالْعَادَةُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
والحِلْمُ دُرَّابةٌ، أَوْ قُلْتَ مَكْرُمةٌ، ... مَا لَمْ يُواجِهْكَ يَوْمًا فِيهِ تَشْمِيرُ
والتَّدْريبُ: الصَّبْرُ في الحَرْبِ وقْتَ الفِرارِ، وَيُقَالُ: دَرِبَ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَزالون تَهْزِمونَ الرُّومَ، فَإِذَا صَارُوا إِلَى التَّدْريبِ، وقَفَتِ الحَرْبُ
؛ أَراد الصَّبْر فِي الحربِ وقتَ الفِرارِ؛ قَالَ: وأَصلُه مِنَ الدُّرْبة: التَّجْرِبةِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الدُّروبِ، وَهِيَ الطُّرُقُ، كالتَّبْويبِ مِنَ الأَبْوابِ؛ يَعْنِي أَن المسالِكَ تَضِيقُ، فَتَقِفُ الحَرْبُ. وَفِي حَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: وكانتْ نَاقَةً مُدَرَّبةً
أَي مُخَرَّجةً مُؤَدَّبةً، قَدْ أَلِفَتِ الرُّكُوبَ والسَّيرَ أَي عُوِّدَتِ المَشْيَ فِي الدُّروبِ، فصارَتْ تأْلَفُها وتَعْرِفُها وَلَا تَنْفِرُ. والدُّرْبةُ: الضَّراوة. والدُّرْبةُ: عادةٌ وجُرْأَةٌ عَلَى الحَرْبِ وكلِّ أَمرٍ. وَقَدْ دَرِبَ بالشيءِ يَدْرَبُ، ودَرْدَبَ بِهِ إِذَا اعتادَه وضَرِيَ بِهِ. تَقُولُ: مَا زِلْتُ أَعْفُو عَنْ فلانٍ، حَتَّى اتَّخذَها دُرْبةً؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
وَفِي الحِلْمِ إدْهانٌ، وَفِي العِفْوٍ دُرْبةٌ، ... وَفِي الصِّدقِ منْجاةٌ مِنَ الشَّرِّ، فاصْدُقِ(1/374)
قَالَ أَبو زَيْدٍ: دَرِبَ دَرَباً، ولَهِجَ لَهجاً، وضَرِيَ ضَرًى إِذَا اعْتادَ الشيءَ وأُولِعَ بِهِ. والدَّارِبُ: الحاذِقُ بصناعتِه. والدَّارِبةُ: العاقِلة. والدَّارِبةُ أَيضاً: الطَّبَّالة. وأَدْرَب إِذَا صَوّت بالطَّبْل. وَمِنْ أَجناسِ البَقَر: الدِّرابُ، مِمَّا رَقَّتْ أَظْلافُه، وَكَانَتْ لَهُ أَسْنِمَةٌ، ورَقَّتْ جُلُودُه، واحدُها دَرْبانِيٌّ؛ وأَما العِرابُ: فَمَا سَكَنَتْ سَرَواتُه، وغَلُظَت أَظلافُه وجُلُودُه، واحدُها عَرَبِيٌّ؛ وأَما الفِراشُ: فَمَا جاءَ بَيْنَ العِرابِ والدِّرَابِ، وَتَكُونُ لَهَا أَسْنِمَةٌ صغارٌ، وتَسْتَرْخي أَعيابُها، الواحِدُ فَريشٌ. ودَرَّبْتُ البازِيَّ عَلَى الصَّيْدِ أَي ضَرَّيْته. ودَرَّبَ الْجَارِحَةَ: ضَرَّاها عَلَى الصَّيْدِ. وعُقابٌ دارِبٌ ودَرِبة: كَذَلِكَ. وجَمَلٌ دَرُوبٌ ذَلولٌ: وَهُوَ مِنَ الدُّرْبة. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَكْرٌ دَرَبوتٌ وتَرَبُوت أَي مُذَلَّلٌ؛ وَكَذَلِكَ ناقةٌ دَرَبُوتٌ، وَهِيَ الَّتِي إِذَا أَخَذْتَ بمِشْفَرِها، ونَهَزْتَ عَيْنَهَا، تَبِعَتْكَ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: ناقةٌ تَرَبُوتٌ: خِيارٌ فارِهةٌ، تاؤُه بَدَلٌ مِنْ دَالِ دَرَبُوتٍ. وَقَالَ الأَصمعيّ: كُلُّ ذَلُول تَرَبُوتٌ مِنَ الأَرض وَغَيْرِهَا، التاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ بدلٌ مِنَ الدَّالِ، وَمَنْ أَخَذَه مِنَ التُرْبِ أَي إِنَّهُ فِي الذِّلَّة كالتُرْب، فتاؤُه وَضْعٌ غَيْرُ مُبدلة. وتَدَرَّبَ الرجلُ: تَهَدّأَ. ودَرَابْجِردَ: بَلَدٌ مِنْ بلادِ فارِسَ، النَّسَبُ إِلَيْهِ دَرَاوَرْدِيٌّ، وَهُوَ مِنْ شَاذِّ النَّسَب. ابْنُ الأَعرابي: دَرْبَى فلانٌ فُلَانًا يُدَرْبِيه إِذَا أَلقاه؛ وأَنشد:
اعلَوَّطَا عَمْراً، ليُشْبِياهُ ... فِي كلِّ سوءٍ، ويُدَرْبِياهُ
يُشْبِياهُ ويُدَرْبياه أَي يُلْقِيانه. ذَكَرَهَا الأَزهري فِي الثُّلَاثِيِّ هُنَا، وَفِي الرُّباعي فِي دَرْبى. الأَزهري فِي كِتَابِ اللَّيْثِ: الدَّرَبُ داءٌ فِي المَعِدة. قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي غَلَطٌ، وَصَوَابُهُ الذَّرَبُ، داءٌ فِي المَعِدة، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي كتاب الذال المعجمة.
دردب: الدَّرْدَبة: عَدْوٌ كعَدْوِ الخائفِ. والدَّرْدابُ: صَوْتُ الطَّبْلِ. الفرَّاءُ: الدَّرْدَبِيُّ الضَّرَّابُ بالكُوبة. التَّهْذِيبُ: وَفِي نَوَادِرِهِمْ: دَرْبَجَتِ الناقةُ إِذَا رَئِمَتْ وَلَدَهَا ودَرْدَبَت. والدَّرْدَبةُ: الخُضوعُ؛ وأَنشد:
دَرْدَبَ لمَّا عَضَّه الثِّقافُ
وَهُوَ مَثَلٌ؛ أَي ذَلَّ وخَضَعَ؛ والثِّقافُ: خشبةٌ يُسَوَّى بِهَا الرِّماح، وَهُوَ فَعْلَلَ. أَبو عَمْرٍو: الدَّرْدَبةُ: تَحَرُّكُ الثَّدْيِ الطُّرْطُبِّ، وَهُوَ الطَّويلُ؛ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
قَدْ دَرْدَبتْ، والشَّيخُ دَرْدَبِيسُ
دَرْدَبتْ: خَضَعتْ وذَلَّت.
درعب: ادْرَعَبَّت الإِبِل، كادْرَعَفَّتْ: مَضَتْ على وجوهها.
دعب: داعَبَه مُداعَبةً: مازَحَه؛ وَالِاسْمُ الدُّعابةُ. والمُداعَبةُ: المُمازَحةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ فِيهِ دُعابةٌ
؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَثير فِي النِّهَايَةِ.(1/375)
وَقَالَ: الدُّعابةُ المِزاحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لجابرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ تَزوّجَ: أَبِكْراً تَزوّجْتَ أَمْ ثيِّباً؟ فقال: بل ثَيِّباً. قَالَ: فَهَلّا بِكراً تُداعِبُها وتُداعِبُك؟
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، وذُكِر لَهُ عَلِيٌّ لِلْخِلَافَةِ، فَقَالَ: لَوْلَا دُعابةٌ فِيهِ.
والدُّعابةُ: اللَّعِبُ. وَقَدْ دَعَبَ، فَهُوَ دَعَّابٌ لَعّابٌ. والدُّعْبُبُ: الدُّعابةُ، عَنِ السِّيرَافِيِّ. والدُّعْبُبُ: المَزَّاحُ، وَهُوَ المُغَنِّي المُجِيدُ. والدُّعْبُبُ: الغلامُ الشَّابُّ البَّضُّ. ورجلٌ دَعَّابةٌ ودَعِبٌ وداعِبٌ: لاعبٌ. وأَدْعَبَ الرجلُ: أَمْلَحَ أَي قَالَ كَلِمَةً مَلِيحَةً، وَهُوَ يَدْعَبُ دَعْباً أَي قَالَ قَوْلًا يُسْتَمْلَحُ، كَمَا يُقَالُ مَزَحَ يَمْزَحُ؛ وَقَالَ الطِّرمَّاح:
واسْتَطْرَبَتْ ظُعْنُهُم، لمَّا احْزَأَلَّ بِهِمْ، ... مَعَ الضُّحَى، ناشطٌ من داعِباتِ دَدِ
يَعْنِي اللَّواتِي يَمْزَحْنَ ويَلْعَبْن ويُدَأْددْن بأَصابعهنَّ. وَرَجُلٌ أَدْعَبُ: بيِّن الدُّعابةِ، أَحمقُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ: تَدَعَّبْتُ عَلَيْهِ أَي تَدَلَّلْتُ؛ وَإِنَّهُ لَدَعِبٌ: وَهُوَ الَّذِي يَتَمَايَلُ عَلَى النَّاسِ، ويَرْكَبُهم بثَنِيَّتِه أَي بناحيتِه؛ وَإِنَّهُ ليَتَداعَبُ عَلَى الناسِ أَي يَرْكَبُهم بِمزاحٍ وخُيَلاء، ويَغُمُّهم وَلَا يَسُبُّهم. والدَّعِبُ: اللَّعَّابةُ. قَالَ اللَّيْثُ: فأَما المُداعَبةُ، فَعَلَى الِاشْتِرَاكِ، كالمُمازَحةِ، اشْتَرَكَ فِيهَا اثْنَانِ أَو أَكثر. والدَّعْبُ: الدّفْعُ. ودَعَبَها يَدْعَبُها دَعْباً: نَكَحها. والدُّعابةُ: نَمْلة سَوْداء. والدُّعْبُوبُ: ضربٌ مِنَ النَّمل، أَسود. والدُّعابُ، والطَّثْرَجُ، والحَرامُ، والحَذالُ: مِنْ أَسماءِ النَّمل. والدُّعْبوبُ: حبَّةٌ سَوْدَاءُ تُؤْكَلُ، الواحدةُ دُعبوبةٌ، وَهِيَ مثلُ الدُّعاعة؛ وَقِيلَ: هِيَ أَصل بَقْلةٍ، تُقْشَر فيؤْكل. وليلةٌ دُعْبوبٌ: ليلةُ سوءٍ شديدةٌ؛ وَقِيلَ: مُظْلمةٌ، سُميت بِذَلِكَ لسَوادها؛ قَالَ ابْنُ هَرْمةَ:
ويَعْلَمُ الضَّيْفُ، إِمَّا سَاقُهُ صَرَدٌ، ... أَو ليلةٌ، مِنْ مُحاق الشَّهْر، دُعْبوبُ
أَراد ظَلَامَ لَيْلَةٍ، فَحَذَفَ المضافَ، وأَقامَ المضافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ. والدُّعْبوبُ: الطَّريقُ المُذَلَّلُ، الموطوءُ الواضحُ الَّذِي يَسْلُكُه الناسُ؛ قَالَتْ جَنوبُ الهُذَليَّةُ:
وكلُّ قَوْم، وإنْ عَزُّوا وإنْ كَثُروا، ... يَوْماً طَريقُهُمُ فِي الشَّرِّ دُعْبوبُ
قَالَ الفرَّاءُ: وَكَذَلِكَ الَّذِي يَطَؤُه كلُّ أَحد. والدُّعْبوبُ: الضَّعيفُ الَّذِي يَهْزَأُ مِنْهُ الناسُ؛ وَقِيلَ: هُوَ القصيرُ الدَّمِيمُ؛ وَقِيلَ: الدُّعْبُوبُ والدُّعْبُوثُ مِنَ الرِّجَالِ: المأْبُونُ المُخَنَّثُ؛ وأَنشد:
يَا فَتىً مَا قَتَلْتُمُ غَيْرَ دُعْبُوبٍ، ... وَلَا مِن قُوارةِ الهِنَّبْرِ
وَقِيلَ: الدُّعْبُوب النَّشِيطُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا رُبَّ مُهْرٍ، حَسَنٍ دُعْبُوبِ، ... رَحْبِ اللَّبانِ، حَسَنِ التَّقْريبِ
ودُعْبُبٌ: ثَمَر نَبْتٍ. قَالَ السِّيرافي: هُوَ عِنَبُ(1/376)
الثَّعْلَبِ. قَالَ الأَزهري وَقَوْلُ أَبي صَخْرٍ:
وَلَكِنْ يُقِرُّ العَيْنَ والنفْسَ أَن تَرى، ... بعُقْدَتِه، فَضْلاتِ زُرْقٍ دَواعِبِ
قَالَ: دَواعِب جَوارٍ. ماءٌ داعِبٌ يَسْتَنُّ فِي سَبيله؛ وَقَالَ: لَا أَدري دَواعِب أَم ذَواعِب، فَلْيَنْظُرْ فِي شعر أَبي صخر.
دعتب: دَعْتَبٌ: موضع.
دعرب: الدَّعْرَبة: العَرامة.
دعسب: الدَّعْسَبةُ: ضَرْبٌ مِنَ العَدْوِ.
دعلب: الأَزهري، ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذَا كَانَتْ فَتِيَّةً شابَّةً هِيَ القِرْطاسُ، والدِّيباجُ، والدِّعْلِبةُ، والدِّعْبِلُ، والعَيْطَمُوسُ.
دلب: الدُّلْبُ: شَجَرُ العَيْثام، وَقِيلَ: شَجَرُ الصِّنار، وَهُوَ بالصِّنار أَشْبَهُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الدُّلْبُ شَجَرٌ يَعْظُمُ ويَتَّسِع، وَلَا نَوْرَ لَهُ وَلَا ثَمَرَ، وَهُوَ مُفَرَّضُ الوَرَقِ واسِعُه، شَبِيهٌ بِوَرَقِ الكَرْم، واحدتُه دُلْبة؛ وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ، وَلَمْ يُوصَفْ. وأَرضٌ مَدْلَبةٌ: ذاتُ دُلْبٍ. والدُّولابُ والدَّوْلابُ، كِلَاهُمَا: وَاحِدُ الدَوالِيبِ. وَفِي الْمُحْكَمِ: عَلَى شَكْلِ النَّاعُورةِ، يُسْتقَى بِهِ الماءُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَقَوْلُ مسْكِين الدارمي:
بأَيديهم مَغارِفُ مِنْ حدِيدٍ، ... أُشَبِّهُها مُقَيَّرةَ الدَّوَالِي
ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنه أَراد مُقَيَّرةَ الدَّوالِيبِ، فأَبدل مِنَ الباءِ يَاءً، ثم أَدغم الْيَاءِ، فَصَارَ الدَّواليّ، ثُمَّ خَفَّفَ، فَصَارَ دَوالي، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد الدَوالِيب، فَحَذَفَ الباءَ لِضَرُورَةِ الْقَافِيَةِ، مِنْ غَيْرِ أَن يَقْلِبَ. والدُّلْبة: السَّوادُ. والدُّلْبُ: جِنْسٌ مِنْ سُودانِ السِّند، وَهُوَ مَقْلُوبٌ عَنِ الدَّيْبُل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنَّ الدَّارِعَ المَشْكُوكَ، مِنْهَا، ... سَلِيبٌ، مِن رِجالِ الدَّيْبُلانِ
قَالَ: شَبَّه سَوادَ الزِّقِّ بالأَسْوَدِ المُشَلَّحِ مِنْ رِجَالِ السِّنْد. والمُشَلَّحُ: العُرْيانُ الَّذِي أُخِذَ ثِيَابُهُ؛ قَالَ: وهي كلمة نَبَطِيَّةٌ.
دنب: الدِّنَّبُ والدِّنَّبَةُ والدِّنَّابَةُ، بِتَشْدِيدِ النُّونِ: الْقَصِيرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والمَرْءُ دِنَّبَةٌ، فِي أَنفِه، كَزَمُ
دهلب: دَهْلَبٌ: اسْمُ شَاعِرٍ مَعْرُوفٍ، حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي، وأَنشد رَجَزًا، وَهُوَ قَوْلُهُ:
أَبي الَّذِي أَعْمَلَ أَخْفافَ المَطِي، ... حَتَّى أَناخ عِنْدَ بابِ الحِمْيَري،
فأُعْطِيَ الحِلْقَ، أُصَيلالَ العَشِي
دَوَبَ: دَابَ دَوْباً كَدَأَبَ.
فصل الذال المعجمة
ذأب: الذِّئْبُ: كَلْبُ البَرِّ، والجمعُ أَذْؤُبٌ، فِي الْقَلِيلِ، وذِئابٌ وذُؤْبانٌ؛ والأُنْثَى ذِئْبَةٌ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، وأَصْلُهُ الهَمْز. وَفِي حَدِيثِ الْغَارِ:
فيُصْبِحُ فِي ذُوبانِ الناسِ.
يُقَالُ لِصَعَالِيكِ الْعَرَبِ ولُصُوصِها: ذُوبانٌ، لأَنهم كالذِّئابِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي ذَوَبَ، قَالَ:(1/377)
والأَصل فِي ذُوبان الهمزُ، وَلَكِنَّهُ خُفِّفَ، فانْقَلَبَتْ وَاوًا. وأَرْضٌ مَذْأَبَةٌ: كَثِيرة الذِّئاب، كَقَوْلِكَ أَرْضٌ مَأْسَدَةٌ، مِنَ الأَسَد. قَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: وناسٌ مِنْ قَيْس يَقُولُونَ مذيَبة، فَلَا يَهْمِزون، وَتَعْلِيلُ ذَلِكَ أَنه خُفِّفَ الذِّئْبُ تَخْفيفاً بَدَلِيّاً صَحِيحًا، فجاءَت الْهَمْزَةُ يَاءً، فلَزِم ذَلِكَ عندَه، فِي تَصْريفِ الْكَلِمَةِ. وذُئِبَ الرَّجُلُ: إِذا أَصابَه الذِّئْبُ. ورجلٌ مَذْؤُوبٌ: وقَع الذِّئْبُ فِي غَنَمِه، تَقُولُ مِنْهُ: ذُئِبَ الرَّجُلُ، عَلَى فُعِلَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
هاعٍ يُمَظِّعُني، ويُصْبِحُ سادِراً، ... سَدِكاً بلَحْمِي، ذِئْبُهُ لَا يَشْبَعُ
عَنَى بِذِئْبِه لسانَه أَي أَنَّهُ يأْكلُ عِرْضَه، كَمَا يأْكلُ الذِّئْبُ الغَنمَ. وذُؤْبانُ الْعَرَبِ: لُصُوصُهم وصَعالِيكُهمُ الَّذِينَ يَتَلَصَّصون ويَتَصَعْلَكُونَ. وذِئابُ الغَضَى: بَنُو كَعْبِ بْنَ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ، سُمُّوا بِذَلِكَ لخُبْثِهم، لأَن ذِئْبَ الغَضَى أَخْبَثُ الذِّئابِ. وذَؤُبَ الرَّجلُ يَذْؤُبُ ذَآبَةً، وذَئِبَ وتَذَأَّبَ: خَبُثَ، وَصَارَ كالذِّئْبِ خُبْثاً ودَهاءً. واسْتَذْأَبَ النَّقَدُ: صارَ كالذِّئْب؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للذُّلّان إِذَا عَلَوا الأَعِزَّة. وتَذَأَّبَ الناقةَ وتَذَأَّبَ لَها: وَهُوَ أَن يَسْتَخْفِيَ لَهَا إِذا عَطَفَها عَلَى غَيْرِ ولَدِها، مُتَشَبِّهاً لَهَا بالسَّبُعِ، لِتَكُونَ أَرْأَمَ عَلَيْهِ؛ هَذَا تَعْبِيرُ أَبي عُبَيْدٍ. قَالَ: وأَحسن مِنْهُ أَن يَقُولَ: مُتَشَبِّهاً لَهَا بالذِّئْبِ، ليَتَبَيَّن الاشتِقاقُ. وتَذَأَّبَتِ الرِّيحُ وتَذَاءَبَتْ: اخْتَلَفَتْ، وجاءَتْ مِنْ هُنا وهُنا. وتَذَأَّبْتُه وتَذاءَبْتُه: تَدَاوَلْتُه، وأَصْلُه مِنَ الذِّئْبِ إِذا حَذِرَ مِنْ وجهٍ جاءَ مِنْ آخرَ. أَبو عُبَيْدٍ: المُتَذَئِّبَة والمُتَذائِبَة، بوَزنِ مُتَفَعِّلَة ومُتَفاعِلَة: مِنَ الرِّياح الَّتِي تَجِيءُ مِنْ هَاهُنا مرَّةً وَمِنْ هَاهُنا مرَّةً؛ أُخِذَ مِنْ فِعْل الذِّئْبِ، لأَنه يأْتي كَذَلِكَ. قَالَ ذُو الرُّمة، يَذْكُرُ ثَوْرًا وَحْشِيّاً:
فباتَ يُشْئِزُهُ ثَأْدٌ، ويُسْهِرُه ... تَذَؤُّبُ الرِّيحِ، والوَسْواسُ والهِضَبُ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: خَرَجَ مِنْكُمْ جُنَيْدٌ مُتَذائِبٌ ضَعِيفٌ
؛ المُتَذائِبُ: المُضْطَرِبُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: تَذاءَبَتِ الرِّيحُ، اضْطرب هبوبُها. وغَرْبٌ ذَأْبٌ: مُخْتَلَفٌ بِهِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ، قَالَ الأَصمعي: وَلَا أُراهُ أُخِذَ إِلَّا مِنْ تَذَؤُّبِ الرِّيحِ، وَهُوَ اخْتِلافُها، فشُبِّهَ اخْتِلافُ البَعيرِ فِي المَنْحاةِ بِهَا؛ وَقِيلَ: غَرْبٌ ذَأْبٌ، عَلَى مثالِ فَعْلٍ: كثيرةُ الحركةِ بالصُّعُودِ والنُّزولِ. والمَذْؤُوبُ: الفَزِعُ. وذُئِبَ الرجُل: فَزِعَ مِنَ الذِّئْبِ. وذَأَّبْتُه: فَزَّعْتُه. وذَئِبَ وأَذْأَبَ: فَزِعَ مِنْ أَيِّ شيءٍ كَانَ. قَالَ الدُّبَيْرِيُّ:
إِني، إِذا مَا لَيْثُ قَوْمٍ هَرَبا، ... فسَقَطَتْ نَخْوَتُه وأَذْأَبا
قَالَ: وحقيقتُه مِنَ الذِّئْبِ. وَيُقَالُ لِلَّذِي أَفْزَعَتْهُ الجِنُّ: تَذَأَّبَتْه وتَذَعَّبَتْه.(1/378)
وَقَالُوا: رَمَاهُ اللهُ بداءِ الذِّئْبِ، يَعْنُونَ الجُوعَ، لأَنهم يَزْعُمونَ أَنه لَا داءَ لَهُ غيرُ ذَلِكَ. وبنُو الذِّئبِ: بَطْنٌ مِنَ الأَزْدِ، مِنْهُمْ سَطِيحٌ الكاهنُ؛ قَالَ الأَعشى:
مَا نَظَرَتْ ذاتُ أَشْفارٍ كنَظْرَتِها ... حَقّاً، كَمَا صَدَقَ الذِّئْبِيُّ، إِذ سَجَعا
وابنُ الذِّئْبَةِ: الثَّقَفِيُّ، مِنْ شُعرائِهِم. ودارةُ الذِّئْبِ: موضعٌ. وَيُقَالُ للمرأَةِ الَّتِي تُسَوِّي مَرْكَبَها: مَا أَحْسَنَ مَا ذَأَبَتْهُ قَالَ الطِّرمَّاح:
كلُّ مَشْكُوكٍ عَصافيرُه، ... ذَأَبَتْهُ نِسْوَةٌ مِنْ جُذامْ
وذَأَبْتُ الشيءَ: جَمَعْتُه. والذُّؤابَةُ: النّاصِيَةُ لنَوَسانِها؛ وَقِيلَ: الذُّؤابَةُ مَنْبِتُ الناصيةِ مِنَ الرأْس، والجَمْعُ الذَّوائِبُ. وَكَانَ الأَصلُ ذآئِبَ، وَهُوَ القياسُ، مِثْلُ دُعابةٍ ودَعائِبَ، لَكِنَّهُ لمَّا التَقَتْ هَمْزَتَانِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ لَيِّنَةٌ، لَيَّنُوا الْهَمْزَةَ الأَولى، فقَلَبُوها وَاوًا، اسْتِثْقالًا لالتقاءِ هَمْزَتَيْنِ فِي كلمةٍ واحدةٍ؛ وَقِيلَ: كَانَ الأَصلُ «3» ذَآئبَ، لأَن أَلِفَ ذُؤَابَةٍ كأَلِفِ رِسالَةٍ، فحقُّها أَنْ تُبْدَل مِنْهَا همزةٌ فِي الْجَمْعِ، لَكِنَّهُمُ اسْتَثْقَلُوا أَن تقَع أَلِف الْجَمْعِ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ، فأَبدلوا مِنَ الأُولى وَاوًا. أَبو زَيْدٍ: ذُؤَابَة الرأْسِ: هِيَ الَّتِي أَحاطَتْ بالدَوَّارة مِنَ الشَّعْر. وَفِي حَدِيثِ
دَغْفَلٍ وأَبي بكرٍ: إِنَّكَ لستَ مِنْ ذَوائِبِ قُرَيْشٍ
؛ هِيَ جَمْعُ ذُؤَابةٍ، وَهِيَ الشَّعَرُ المَضْفورُ مِنْ شَعَرِ الرأْسِ؛ وذُؤَابَةُ الجَبَلِ: أَعْلاه، ثُمَّ اسْتُعيرَ للعِزِّ والشَّرَف والمَرْتَبة أَي لستَ مِنْ أَشرافِهِم وذَوِي أَقْدارِهم. وغُلامٌ مُذَأَّبٌ: لَهُ ذُؤَابة. وذُؤَابةُ الفَرَسِ: شَعَرٌ فِي الرأْسِ، فِي أَعْلى النْاصِيَة. أَبو عَمْرٍو: الذِّئْبانُ الشَّعَر عَلَى عُنُقِ البعيرِ ومِشْفَرِه. وَقَالَ الفَرَّاءُ: الذِّئْبانُ بَقِيَّةُ الوَبَر؛ قَالَ: وَهُوَ واحدٌ. قَالَ الشَّيْخُ أَبو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ شَاهِدًا عَلَى هَذَا. قَالَ: ورأَيتُ فِي الْحَاشِيَةِ بَيْتًا شَاهِدًا عَلَيْهِ لكُثير، يَصِفُ نَاقَةً:
عَسُوف بأَجْوازِ الفَلا حِمْيَرِيَّة، ... مَريش، بذئْبانِ السَّبِيبِ، تَلِيلُها
والعَسُوفُ: الَّتِي تَمُرُّ عَلَى غيرِ هدايةٍ، فتَرْكَبُ رأْسها فِي السَّيْر، وَلَا يَثْنِيها شيءٌ. والأَجْوازُ: الأَوْساطُ. وحِمْيَرِيَّة: أَراد مهْرِية، لأَن مَهْرة مِنْ حِمْيَر. والتَّلِيلُ: العُنق. والسَّبِيبُ: الشَّعَرُ الَّذِي يكونُ مُتَدَلِّياً عَلَى وَجْهِ الفَرَسِ مِنْ ناصِيَتِه؛ جَعل الشَّعَر الَّذِي عَلَى عَيْنَي النَّاقَةِ بِمَنْزِلَةِ السَّبِيبِ. وذُؤَابةُ النَّعْلِ: المُتَعَلِّقُ مِنَ القِبالِ؛ وذُؤَابةُ النَّعْلِ: مَا أَصابَ الأَرْضَ مِنَ المُرْسَلِ عَلَى القَدَم لتَحَرُّكِه. وذُؤَابةُ كُلِّ شيءٍ أَعلاه، وجَمْعُها ذُؤَابٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
بأَرْيِ الَّتِي تَأْري اليَعاسيبُ، أَصْبَحَتْ ... إِلى شاهِقٍ، دُونَ السَّماءِ، ذُؤَابُها
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ ذُؤَابُها مِنْ بابِ سَلٍّ وسَلَّةٍ. والذُّؤَابَةُ: الجِلْدَة المُعَلَّقَة عَلَى آخِر الرَّحْلِ، وَهِيَ العَذبَة؛ وأَنشد الأَزهري، فِي تَرْجَمَةِ عَذَبَ في
__________
(3) . قوله [وقيل كان الأَصل إلخ] هذه عبارة الصحاح والتي قبلها عبارة المحكم.(1/379)
هَذَا الْمَكَانِ:
قَالُوا: صَدَقْتَ ورَفَّعُوا، لمَطِيِّهِمْ، ... سَيْراً، يُطِيرُ ذَوائِبَ الأَكْوارِ
وذُؤَابَة السَّيْفِ: عِلاقَةُ قائِمِه. والذُّؤَابَةُ: شَعَرٌ مَضْفُورٌ، ومَوْضِعُها مِنَ الرَّأْسِ ذُؤَابَةٌ، وَكَذَلِكَ ذُؤَابَةُ العِزِّ والشَّرَف. وذُؤَابَة العِزِّ والشَّرَف: أَرْفَعُه عَلَى المَثَلِ، والجَمْع مِنْ ذَلِكَ كلِّه ذَوائِبُ. وَيُقَالُ: هُمْ ذُؤَابَة قَوْمِهِمْ أَي أَشْرافُهُم، وَهُوَ فِي ذُؤَابَةِ قَوْمِه أَي أَعْلاهُم؛ أُخِذُوا مِنْ ذُؤَابَةِ الرَّأْسِ. واسْتَعارَ بعضُ الشُّعراءِ الذَّوائِبَ للنَّخْل؛ فَقَالَ:
جُمّ الذَّوائِب تَنْمِي، وهْيَ آوِيَةٌ، ... وَلَا يُخافُ، عَلَى حافاتِها، السَّرَق
والذِّئْبَةُ مِنَ الرَّحْلِ، والقَتَبِ، والإِكافِ ونحوِها، مَا تَحْتَ مُقَدَّمِ مُلْتَقَى الحِنْوَيْن، وَهُوَ الَّذِي يَعَضُّ عَلَى مِنْسَجِ الدَّابَةِ؛ قَالَ:
وقَتَبٍ ذِئْبَتُه كالمِنْجَلِ
وَقِيلَ: الذِّئْبَةُ: فُرْجَةُ مَا بَيْنَ دَفَّتَي الرَّحْلِ والسَّرْجِ والغَبِيطِ أَيّ ذَلِكَ كَانَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: ذِئْبُ الرَّحْلِ أَحْناؤُه مِنْ مُقَدَّمِه. وذَأَبَ الرَّحْلَ: عَمِلَ لَه ذِئْبةً. وقَتَبٌ مُذَأَّبٌ وغَبِيطٌ مُذَأَّبٌ: إِذا جُعِلَ لَهُ فُرْجَة؛ وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا جُعِلَ لَهُ ذُؤَابَةٌ؛ قال لبيد:
فكَلَّفْتُها هَمِّي، فآبَتْ رَذِيَّةً ... طَلِيحاً، كأَلْواحِ الغَبِيطِ المُذَأَّبِ
وَقَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
لَهُ كَفَلٌ، كالدِّعْصِ، لَبَّدَه النَّدى ... إِلى حارِكٍ، مِثلِ الغَبِيطِ المُذأَّبِ
والذِّئْبَةُ: دَاءٌ يأْخُذُ الدَّوابَّ فِي حُلُوقِها؛ يُقَالُ: بِرْذوْنٌ مَذْؤُوبٌ: أَخَذَتْهُ الذِّئْبَةُ. التَّهْذِيبُ: مِنْ أَدْواءِ الخَيْلِ الذِّئْبَةُ، وَقَدْ ذُئِبَ الفَرسُ، فهو مَذْؤُوبٌ إِذا أَصابَه هَذَا الدَّاءُ؛ ويُنْقَبُ عَنْهُ بحديدةٍ فِي أَصْلِ أُذُنِهِ، فيُسْتَخْرَجُ مِنْهُ غُدَدٌ صِغارٌ بيضٌ، أَصْغَرُ مِنْ لُبِّ الجَاوَرْسِ. وذَأَبَ الرَّجُلَ: طَرَدَه وضَرَبَه كذَأَمَه، حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ. وذَأَبَ الإِبِلَ يَذْأَبُها ذَأْباً: ساقَها. وذَأَبَه ذَأْباً: حَقَّرَه وطَرَدَه، وذَأَمَه ذَأْماً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَذْؤُماً مَدْحُوراً. والذَّأْبُ: الذَّمُّ، هَذِهِ عَنْ كُراع. والذَّأْبُ: صَوْتٌ شديدٌ، عَنْهُ أَيضاً. وذُؤَابٌ وذُؤَيْبٌ: اسْمانِ. وذُؤَيْبَة: قبيلَةٌ مِنْ هُذَيْلٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَدَوْنا عَدْوَةً، لَا شَكَّ فِيها، ... فَخِلْناهُم ذُؤَيْبَةَ، أَو حَبِيبَا
وحَبِيبٌ: قبيلَةٌ أَيضاً.
ذبب: الذَّبُّ: الدَّفْعُ والمَنْعُ. والذَّبُّ: الطَّرْدُ. وذَبَّ عَنْهُ يَذُبُّ ذَبّاً: دَفَعَ وَمَنَعَ، وذَبَبْت عَنْهُ. وفُلانٌ يَذُبُّ عَنْ حَريمِه ذَبّاً أَي يَدْفَعُ عَنْهُمْ؛ وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: إِنَّمَا النِّساءُ لَحْمٌ عَلَى وَضَمٍ، إِلا مَا ذُبَّ عَنْهُ
؛ قَالَ:
مَنْ ذَبَّ مِنْكُمْ، ذَبَّ عَنْ حَمِيمِه، ... أَو فَرَّ مِنْكُمْ، فَرَّ عَنْ حَريمِهِ(1/380)
وذَبَّبَ: أَكْثَرَ الذَّبَّ. وَيُقَالُ: طِعانٌ غيرُ تَذْبِيبٍ إِذا بُولِغَ فِيهِ. ورجلٌ مِذَبٌّ وذَبَّابٌ: دَفَّاعٌ عَنِ الحريمِ. وذَبْذَبَ الرَّجُلُ إِذا مَنَعَ الجِوارَ والأَهْلَ أَي حَماهم. والذَّبِّيُّ: الجِلْوازُ. وذَبَّ يَذِبُّ ذَبّاً: اختَلَفَ وَلَمْ يَسْتَقِمْ فِي مكانٍ واحدٍ. وبعيرٌ ذَبٌّ: لَا يَتَقارُّ فِي مَوْضِع؛ قَالَ:
فكأَننا فِيهِمْ جِمالٌ ذَبَّةٌ، ... أُدْمٌ، طَلاهُنَّ الكُحَيْلُ وَقار
فَقَوْلُهُ ذَبَّةٌ، بالهاءِ، يَدل عَلَى أَنه لَمْ يُسَمَّ بالمَصْدَر إِذ لَوْ كَانَ مَصْدَراً لَقَالَ جِمالٌ ذَبٌّ، كَقَوْلِكَ رِجالٌ عَدْلٌ. والذَّبُّ: الثَّوْرُ الوَحْشِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ أَيضاً: ذَبُّ الرِّيادِ، غَيْرُ مهموزٍ، وسُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَخْتَلِفُ وَلَا يَسْتَقِرُّ فِي مكانٍ واحدٍ؛ وَقِيلَ: لأَنه يَرُودُ فيذهَبُ ويَجِيءُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يُمَشّي بِهَا ذَبُّ الرِّيادِ، كأَنه ... فَتىً فارِسِيٌّ، فِي سَراويلَ، رامِحُ
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
كأَنما الرَّحْلُ مِنْهَا فَوْقَ ذِي جُدَدٍ، ... ذَبِّ الرِّيادِ، إِلى الأَشْباح نَظَّارِ
وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: إِنَّمَا قِيلَ لَهُ ذَبُّ الرِّيادِ لأَن رِيَادَه أَتانُه الَّتِي تَرُودُ مَعَهُ، وإِن شئتَ جَعَلْتَ الرِّيادَ رَعْيه نَفْسَه للكَلإِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قِيلَ لَهُ ذَبُّ الرِّيادِ لأَنه لَا يَثْبُتُ فِي رَعْيِه فِي مكانٍ واحدٍ، وَلَا يُوطِن مَرْعًى وَاحِدًا. وسَمَّى مُزاحِمٌ العُقَيْليّ الثَّوْرَ الوَحْشِيَّ الأَذَبَّ؛ قَالَ:
بِلاداً، بِهَا تَلْقَى الأَذَبَّ، كأَنه، ... بِها، سابِريٌّ لاحَ، مِنْهُ، البَنائِقُ
أَراد: تَلْقَى الذَّبَّ، فَقَالَ الأَذَبَّ لِحَاجَتِهِ. وفُلانٌ ذَبُّ الرِّيادِ: يذهَبُ ويَجيءُ، هَذِهِ عَنْ كُراع. أَبو عَمْرٍو: رَجُلٌ ذَبُّ الرِّيادِ إِذا كَانَ زَوَّاراً للنساءِ؛ وأَنشد لِبَعْضِ الشعراءِ فِيهِ:
مَا للْكَواعِبِ، يَا عَيْسَاءُ، قَدْ جَعَلَتْ ... تَزْوَرُّ عَنِّي، وتُثْنَى، دُونيَ، الحُجَرُ؟
قَدْ كنتُ فَتَّاحَ أَبوابٍ مُغَلَّقَةٍ، ... ذَبَّ الرِّيادِ، إِذا مَا خُولِسَ النَّظَرُ
وذَبَّتْ شَفَتُه تَذِبُّ ذَبّاً وذَبَباً وذُبوباً، وذَبِبَتْ: يَبِسَتْ وجَفَّتْ وذَبَلَتْ مِنْ شدَّةِ الْعَطَشِ، أَو لغيرِه. وشَفَةٌ ذَبَّانةٌ: ذابِلة، وذَبَّ لسانُه كَذَلِكَ؛ قَالَ:
هُمُ سَقَوْني عَلَلًا بعدَ نَهَلْ، ... مِن بعدِ مَا ذَبَّ اللِّسانُ وذَبَلْ
وَقَالَ أَبو خَيْرَة يَصِفُ عَيْراً:
وشَفَّهُ طَرَدُ العاناتِ، فَهْوَ بِهِ ... لوْحانُ، مِن ظَمَإٍ ذَبٍّ، ومِن عَضَبِ
أَراد بالظَّمَإِ الذَّبِّ: اليابِسَ. وذَبَّ جِسمُه: ذَبَلَ وهَزُلَ. وذَبَّ النَّبْتُ: ذَوى. وذَبَّ الغَدِيرُ، يَذِبُّ: جَفَّ، فِي آخرِ الجَزْءِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَدارِينُ، إِن جاعُوا، وأَذْعَرُ مَن مَشَى، ... إِذا الرَّوْضَةُ الخضراءُ ذَبَّ غَديرُها(1/381)
يُرْوَى: وأَدْعَرُ مَنْ مَشى. وذَبَّ الرجُلُ يَذِبُّ ذَبّاً إِذا شَحَبَ لَوْنُه. وذَبَّ: جَفَّ. وصَدَرَت الإِبِلُ وَبِهَا ذُبابةٌ أَي بَقِية عَطَشٍ. وذُبابةُ الدَّيْنِ: بقِيتُه. وَقِيلَ: ذُبَابَةُ كُلِّ شيءٍ بقِيتُه. والذُّبابةُ: البقِية مِنَ الدَّيْن ونحوِه؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَو يَقْضِيَ اللهُ ذُباباتِ الدَّيْنْ
أَبو زَيْدٍ: الذُّبابة بقِيَّةُ الشَّيْءِ؛ وأَنشد الأَصمعي لِذِي الرُّمة:
لَحِقْنا، فراجَعْنا الحُمولَ، وَإِنَّمَا ... يُتَلِّي، ذُباباتِ الوداعِ، المُراجِعُ
يَقُولُ: إِنما يُدْرِكُ بَقَايَا الحَوائج مَنْ راجَع فِيهَا. والذُّبابة أَيضاً: البقِية مِنْ مِياه الأَنهارِ. وذَبَّبَ النَّهارُ إِذا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلا بقِية، وَقَالَ:
وانْجابَ النهارُ، فَذَبَّبا
والذُّبابُ: الطَّاعون. والذُّبابُ: الجُنونُ. وَقَدْ ذُبَّ الرجُلُ إِذا جُنَّ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
وَفِي النَّصْرِيِّ، أَحْياناً، سَماحٌ، ... وَفِي النَّصْريِّ، أَحْياناً، ذُبابُ
أَي جُنونٌ. والذُبابُ الأَسْوَدُ الَّذِي يَكُونُ فِي البُيوتِ، يَسْقُط فِي الإِناءِ والطَّعامِ، الواحدةُ ذُبابةٌ، وَلَا تَقُلْ ذِبَّانة. والذُّبابُ أَيضاً: النَّحْل وَلَا يُقَالُ ذُبَابَةٌ فِي شيءٍ مِنْ ذَلِكَ، إِلا أَن أَبا عُبيدة رَوَى عَنِ الأَحْمَرِ ذُبَابَةً؛ هَكَذَا وَقَعَ فِي كِتَابِ المُصَنَّف، رِوَايَةَ أَبي عَلِيٍّ؛ وأَما فِي رِوَايَةِ عليِّ بنِ حَمْزَةَ، فَحَكى عَنِ الْكِسَائِيِّ: الشَّذاةُ ذُبابةُ بعضِ الإِبلِ؛ وحُكِيَ عَنِ الأَحمر أَيضاً: النُّعَرة ذُبابةٌ تَسْقُط عَلَى الدَّوابِّ، وأَثْبت الهاءَ فِيهِمَا، والصَّواب ذُبابٌ، هُوَ واحدٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَتَب إِلى عامِلِه بالطَّائف فِي خَلايا العَسَل وحِمايتِها، إِنْ أَدَّى مَا كَانَ يُؤَدِّيه إِلى رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ عُشورِ نَحْلِه، فاحْمِ لَهُ، فإِنما هُوَ ذُبابُ غَيْثٍ، يأْكُلُه مَنْ شاءَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: يريدُ بالذُّبابِ النَّحْلَ، وأَضافَه إِلَى الغَيْثِ عَلَى مَعْنَى أَنه يكونُ مَعَ المَطَر حيثُ كَانَ، ولأَنه يَعِيشُ بأَكْلِ مَا يُنْبِتُه الغَيْثُ؛ وَمَعْنَى حِماية الْوَادِي لَهُ: أَنَّ النَّحْلَ إِنما يَرْعَى أَنْوارَ النَّباتِ وَمَا رَخُصَ مِنْهَا ونَعُمَ، فإِذا حُمِيَتْ مَراعِيها، أَقامت فِيهَا ورَعَتْ وعَسَّلَتْ، فكَثُرَتْ منافعُ أَصحابِها؛ وإِذا لَمْ تُحْمَ مَراعِيها، احتاجَت أَنْ تُبْعِدَ فِي طَلَبِ المَرْعَى، فيكونَ رَعْيُها أَقَلَّ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنْ يُحْمَى لَهُمُ الْوَادِي الَّذِي يُعَسِّلُ فِيهِ، فَلَا يُتْرَكَ أَحدٌ يَعْرِضُ للعَسَل، لأَن سبيلَ العسَل المُباحِ سبيلُ المِياهِ والمَعادِنِ والصُّيودِ، وإِنما يَمْلِكُه مَنْ سَبَقَ إِليه، فإِذا حَماه ومَنَع الناسَ مِنْهُ، وانْفَرَدَ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْراجُ العُشْرِ مِنْهُ، عِنْدَ مَن أَوجب فِيهِ الزَّكاة. التَّهْذِيبُ: واحدُ الذِّبَّانِ ذُبابٌ، بِغَيْرِ هاءٍ. قَالَ: وَلَا يُقال ذُبَابة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً
؛ فسَّروه لِلْوَاحِدِ، وَالْجَمْعُ أَذِبَّةٌ فِي القِلَّة، مثلُ غُرابٍ وأَغْرِبَةٍ؛ قَالَ النابغة:
ضَرَّابة بالمِشْفَرِ الأَدِبَّهْ
وذِبَّانٌ مثلُ غِرْبانٍ، سِيبَوَيْهِ، وَلَمْ يَقْتَصِرُوا بِهِ عَلَى أَدْنى الْعَدَدِ، لأَنهم أَمِنُوا التَّضْعيف، يَعْنِي أَنَّ فُعالًا لَا يكَسَّرُ فِي أَدنى الْعَدَدِ عَلَى فِعْلانٍ،(1/382)
وَلَوْ كَانَ ممَّا يَدْفَعُ بِهِ البناءُ إِلى التَّضعيف، لَمْ يُكسَّر عَلَى ذَلِكَ البناءِ، كَمَا أَنَّ فِعَالًا وَنَحْوَهُ، لمَّا كَانَ تَكْسِيرُهُ عَلَى فُعُل يُفْضِي بِهِ إِلى التَّضْعِيف، كَسَّرُوهُ عَلَى أَفعلة؛ وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ، مَعَ ذَلِكَ، عَنِ الْعَرَبِ: ذُبٌّ، فِي جَمْعِ ذُبابٍ، فَهُوَ مَعَ هَذَا الإِدغامِ عَلَى اللُّغَة التَّمِيمِيَّة، كَمَا يَرْجِعون إِليها، فِيمَا كَانَ ثانِيه وَاوًا، نَحْوَ خُونٍ ونُورٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عُمْرُ الذُّبابِ أَربعون يَوْماً، والذُّبابُ فِي النَّارِ
؛ قِيلَ: كَوْنُه فِي النَّارِ لَيْسَ لِعَذَابٍ لَهُ، وإِنما لِيُعَذَّبَ بِهِ أَهل النَّارِ بِوُقُوعِهِ عَلَيْهِمْ، وَالْعَرَبُ تَكْنُو الأَبْخَر: أَبا ذُبابٍ، وَبَعْضُهُمْ يَكْنيه: أَبا ذِبَّانٍ، وَقَدْ غَلَبَ ذَلِكَ عَلَى عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوانَ لِفَسادٍ كَانَ فِي فَمِه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَعَلِّيَ، إِنْ مالَتْ بِيَ الرِّيحُ مَيْلَةً ... عَلَى ابنِ أَبي الذِّبَّانِ، أَنْ يَتَنَدَّما
يَعْنِي هشامَ بنَ عَبْدِ الْمَلِكِ. وذَبَّ الذُّبابَ وذَبَّبَه: نَحَّاه. وَرَجُلٌ مَخْشيُّ الذُّبابِ أَي الجَهْلِ. وأَصابَ فُلاناً مِنْ فلانٍ ذُبابٌ لادِغٌ أَي شَرٌّ. وأَرض مَذَبَّةٌ: كثيرةُ الذُّبابِ. وَقَالَ الفرَّاءُ: أَرضٌ مَذْبوبَة، كَمَا يُقَالُ مَوْحُوشَةٌ مِنَ الوَحْشِ. وبَعيرٌ مَذْبوبٌ: أَصابَه الذُّبابُ، وأَذَبُّ كَذَلِكَ، قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ أَمراضِ الإِبل؛ وَقِيلَ: الأَذَبُّ والمَذْبوبُ جَمِيعًا: الَّذِي إِذا وَقَع فِي الرِّيفِ، والريفُ لَا يكونُ إِلَّا فِي المصادرِ، اسْتَوْبَأَهُ، فَمَاتَ مكانَه؛ قَالَ زِيَادُ الأَعْجمُ فِي ابنِ حَبْنَاء:
كأَنَّكَ، مِنْ جِمالِ بَنِي تَمِيمٍ، ... أَذَبُّ، أَصابَ مِن رِيفٍ ذُبابا
يَقُولُ: كأَنَّك جَمَلٌ نزلَ رِيفًا، فأَصابَهُ الذُّبابُ، فالْتَوَتْ عُنُقُه، فَمَاتَ. والمِذَبَّةُ: هَنَةٌ تُسَوَّى مِنْ هُلْبِ الفَرَسِ، يُذَبُّ بِهَا الذُّبابُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رأَى رَجُلًا طويلَ الشَّعْرِ، فَقَالَ: ذُبابٌ
؛ الذُّبابُ الشُّؤْم أَي هَذَا شُؤْمٌ. وَرَجُلٌ ذُبابيٌّ: مأْخوذٌ مِنَ الذُّبابِ، وَهُوَ الشُّؤْم. وَقِيلَ: الذُّبابُ الشَّرُّ الدَّائِم، يُقَالُ: أَصابكَ ذُبابٌ مِنْ هَذَا الأَمْرِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُغِيرَةِ: شَرُّها ذُبابٌ.
وذُبابُ العَيْنِ: إِنْسانُها، عَلَى التَّشبِيهِ بالذُّباب. والذُّبابُ: نُكْتَةٌ سوداءُ فِي جَوْفِ حَدَقَةِ الفَرَسِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وذبابُ أَسْنانِ الإِبِلِ: حَدُّها؛ قَالَ المثَقّب الْعَبْدِيُّ:
وتَسْمَعُ، للذُّبابِ، إِذا تَغَنَّى، ... كَتَغْريدِ الحَمامِ عَلَى الغُصُونِ
وذبابُ السَّيْفِ: حَدُّ طَرَفِه الَّذِي بَيْنَ شَفْرَتَيْهِ؛ وَمَا حَوْلَه مِنْ حَدَّيْهِ: ظُبَتَاهُ؛ والعَيْرُ: النَّاتئُ فِي وَسَطِه، مِنْ باطنٍ وظاهرٍ؛ وَلَهُ غِرَارانِ، لكلِّ واحدٍ مِنْهُمَا، مَا بينَ العَيْرِ وَبَيْنَ إِحدى الظُّبَتَيْن مِنْ ظاهِر السَّيفِ وَمَا قُبالَةَ ذَلِكَ مِنْ باطنٍ، وكلُّ واحدٍ مِنَ الغِرارَينِ مِنْ باطنِ السَّيف وَظَاهِرِهِ؛ وَقِيلَ: ذُبابُ السَّيفِ طَرَفُه المُتَطَرِّفُ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ، وَقِيلَ حَدُّه. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيتُ ذُبابَ سَيْفي كُسِرَ، فأَوَّلْتُه أَنه يصابُ رجلٌ من أَهل بيتي، فقُتِلَ حَمْزَةُ.
والذُّبابُ مِنْ أُذُنِ الإنسانِ والفَرَس: مَا حَدَّ مِنْ طَرَفِها. أَبو عُبَيْدٍ:(1/383)
فِي أُذُنَي الفرسِ ذُباباهُما، وَهُمَا مَا حُدَّ مِنْ أَطرافِ الأُذُنَيْن. وذُبابُ الحِنَّاءِ: بادِرَةُ نَوْرِه. وجاءَنا راكبٌ مُذَبِّبٌ: عَجِلٌ مُنْفَرِدٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
يُذَبِّبُ وَرْدٌ عَلَى إِثرِهِ، ... وأَدْرَكُه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ
إِمّا أَنْ يكونَ عَلَى النَّسَب، وإِمّا أَنْ يَكُونَ أَراد خَشِيباً، فَحُذِفَ لِلضَّرُورَةِ. وذَبَّبْنا لَيْلَتَنا أَي أَتْعَبْنا فِي السَّير. وَلَا يَنالونَ الماءَ إِلَّا بقَرَبٍ مُذَبِّبٍ أَي مُسْرِع؛ قَالَ ذُو الرُّمة:
مُذَبِّبَة، أَضَرَّ بِهَا بُكُورِي ... وتَهْجِيري، إِذا اليَعْفُورُ قَالَا
اليَعْفُورُ: الظَّبيُ. وَقَالَ: مِنَ القَيْلُولَة أَي سَكَنَ فِي كِنَاسِهِ مِن شِدَّةِ الحَرِّ. وظِمْءٌ مُذَبِّبٌ: طَويلٌ يُسارُ فِيهِ إِلى الماءِ مِنْ بُعْدٍ، فيُعَجَّلُ بالسَّيْرِ. وخِمْسٌ مُذَبِّبٌ: لَا فُتُورَ فِيهِ. وذَبَّبَ: أَسْرَعَ فِي السَّيرِ؛ وَقَوْلُهُ:
مَسِيرَة شَهْرٍ للبَعِيرِ المُذَبْذِبِ
أَرادَ المُذَبِّبَ. وأَذَبُّ البَعيرِ: نابُهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كأَنَّ صَوْتَ نابِهِ الأَذَبِّ ... صَرِيفُ خُطَّافٍ، بِقَعْوٍ قَبِ
والذَّبْذَبَةُ: تَرَدُّدُ الشيءِ المُعَلَّقِ فِي الهواءِ. والذَّبْذَبَةُ والذَّباذِبُ: أَشياءُ تُعَلَّقُ بالهودَجِ أَو رأْسِ البعيرِ للزينةِ، وَالْوَاحِدُ ذُبْذُبٌ. والذَّبْذَبُ: اللِّسانُ، وقيلَ الذَّكَر. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ وُقِيَ شَرَّ ذَبْذَبِهِ وقَبْقَبِه، فَقَدْ وُقِيَ.
فَذَبْذَبُه: فَرْجُه، وقَبْقَبُه: بَطْنُه. وَفِي رِوَايَةٍ:
مَنْ وُقِيَ شَرَّ ذَبْذَبِهِ دَخَلَ الجنَّةَ
؛ يَعْنِي الذَّكَر سُمِّيَ بِه لتَذَبْذُبِهِ أَي حَرَكَتِه. والذَّباذِبُ: المذاكيرُ. والذَّباذِبُ: ذَكَرُ الرجلِ، لأَنَّه يَتَذَبْذَبُ أَي يَترَدَّد؛ وَقِيلَ الذَّباذِب: الخُصَى، واحِدَتُها ذَبْذَبَةٌ. ورجلٌ مُذَبْذِبٌ ومُتَذَبْذِبٌ: مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَمْرَيْن أَو بَيْنَ رجُلَين، وَلَا تَثْبُتُ صُحْبَتُه لواحِدٍ مِنْهُمَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ فِي صِفَةِ الْمُنَافِقِينَ: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لَا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ
. الْمَعْنَى: مُطَرَّدين مُدَفَّعين عَنْ هؤُلاء وَعَنْ هؤُلاء. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَزَوَّجْ، وإِلَّا فأَنتَ مِنَ المُذَبْذبِينَ
أَي المَطْرودين عَنِ المؤْمنين لأَنَّكَ لَمْ تَقْتَدِ بِهِم، وَعَنِ الرُّهْبانِ لأَنَّك تَركْتَ طَرِيقَتَهُمْ؛ وأَصلُه مِنَ الذَّبِّ، وَهُوَ الطَّرْدُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يكونَ مِنَ الْحَرَكَةِ والاضْطِرابِ. والتَّذَبْذُبُ: التَّحرُّكُ. والذَّبْذَبَةُ: نَوْسُ الشيءِ المُعَلَّقِ فِي الهواءِ. وتَذَبْذَبَ الشيءُ: ناسَ واضْطَرَبَ، وذَبْذَبَهُ هُوَ: أَنشد ثَعْلَبٌ:
وحَوْقَلٍ ذَبْذَبَهُ الوَجِيفُ، ... ظَلَّ لأَعْلَى رَأْسِهِ، رَجِيفُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فكأَني أَنْظُرُ إِلى يَدَيْهِ تَذَبْذَبانِ
أَي تَتَحَرَّكانِ وتَضْطَرِبان، يُرِيدُ كُمَّيْهِ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ:
كَانَ عليَّ بُرْدَة لَهَا ذباذِبُ
أَي أَهْدابٌ(1/384)
وأَطْرافٌ، واحدُها ذِبْذِبٌ، بالكسرِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنَّها تَتَحَرَّك عَلَى لابسِها إِذا مَشى؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
ومِثْل السَّدُوسِيَّيْن، سادَا وذَبْذَبَا ... رِجال الحِجازِ، مِنْ مَسُودٍ وَسائِدِ
قِيلَ: ذَبْذَبا عَلَّقا. يَقُولُ: تَقَطَّعَ دُونَهُمَا رجالُ الحجازِ. وَفِي الطَّعام ذُبَيْباءُ، ممدودٌ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ فِي بَابِ الطَّعام الَّذِي فِيهِ مَا لَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَمْ يفسِّرْه؛ وَقَدْ قِيلَ: إِنها الذُّنَيْنَاءُ، وستُذْكَر فِي موضِعِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه صَلَبَ رَجُلًا عَلَى ذُبابٍ
، هو جبلٌ بالمدينة.
ذرب: الذَّرِبُ: الحادُّ مِنْ كلِّ شيءٍ. ذَرِبَ يَذْرَبُ ذَرَباً وذَرابةً فَهُوَ ذَرِبٌ؛ قَالَ شَبيب بْنُ البَرْصاء:
كأَنها مِنْ بُدُنٍ وإيقارْ، ... دَبَّتْ عَلَيْهَا ذَرِباتُ الأَنْبارْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَي كأَنَّ هَذِهِ الإِبِلَ مِنْ بُدْنِها وسِمَنِها وإيقارِها بِاللَّحْمِ، قَدْ دَبَّتْ عَلَيْهَا ذَرِباتُ الأَنْبارِ؛ والأَنْبارُ: جمعُ نَبْرٍ، وَهُوَ ذُبابٌ يَلْسَعُ فيَنْتَفِخُ مكانُ لَسْعِه، فَقَوْلُهُ ذَرِبات الأَنْبار أَي حَديداتُ اللَّسْع، ويُروى وَإِيفَارْ، بالفاءِ أَيضاً. وقَوْمٌ ذُرُبٌ. ابْنُ الأَعرابي: ذَرِبَ الرَّجلُ إِذا فَصُحَ لسانُه بعدَ حَصرِه. ولسانٌ ذَرِبٌ: حديدُ الطَّرَف؛ وَفِيهِ ذرابةٌ أَي حِدَّةٌ. وذَرَبُه: حِدَّتُه. وذَرَبُ المَعِدَة: حِدَّتُها عَنِ الجوعِ. ذَرِبَتْ مَعِدَتُه تَذْرَبُ ذَرَبًا فَهِيَ ذَرِبة إِذا فسَدَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فِي أَلبانِ الإِبِل وأَبْوالِها شِفاءُ الذَّرَبِ
؛ هُوَ بالتحريكِ، الدَّاءُ الَّذِي يَعْرِضُ للمَعدة فَلَا تَهْضِمُ الطَّعامَ، ويَفْسُدُ فِيهَا وَلَا تُمْسِكُه. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ للغُدَّةِ ذِرْبَةٌ، وجَمْعُها ذِرَبٌ. والتَّذْريبُ: التَّحْديدُ. يُقَالُ لسانٌ ذَرِبٌ، وسِنانٌ ذَرِبٌ ومُذَرَّبٌ؛ قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ:
بمُذَرَّباتٍ، بالأَكُفِّ، نواهِلٍ، ... وبكلِّ أَبْيَضَ، كالغَديرِ، مُهَنَّدِ
وَكَذَلِكَ المَذْروبُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَقَدْ كَانَ ابنُ جَعْدَةَ أَرْيَحِيّاً ... عَلَى الأَعْداءِ، مَذْروبَ السِّنانِ
وذَرَبَ الحَديدةَ يَذْرُبُها ذَرْباً وذرَّبَها: أَحدَّها فَهِيَ مَذرُوبَة. وقَوم ذَرْبٌ: أَحِدَّاءُ. وامرأَةٌ ذِرْبَةٌ، مثلُ قِرْبَة، وذَرِبَةٌ أَي صَخَّابَةٌ، حديدةٌ، سَلِيطَةُ اللِّسانِ، فاحِشَة، طَويلَة اللِّسانِ. وذَرَبُ اللِّسانِ: حِدَّتُه. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
حُذَيْفَةَ قَالَ: كنتُ ذَرِبَ اللِّسانِ عَلَى أَهلِي، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لأَخْشَى أَنْ يُدْخِلَنِي النارَ؛ فَقَالَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فأَيْنَ أَنتَ مِنَ الاسْتِغْفارِ؟ إِنِّي لأَستَغْفِرُ اللهَ فِي اليومِ مائَةً؛ فذكرْتُه لأَبي بُرْدَة فَقَالَ: وأَتُوبُ إِليه.
قَالَ أَبو بَكْرٍ فِي قولِهم فلانٌ ذَرِبُ اللسانِ، قَالَ: سمعتُ أَبا العباسِ يَقُولُ: معناهُ فاسِدُ اللِّسانِ، قَالَ: وَهُوَ عَيْبٌ وذَمٌّ. يُقَالُ: قَدْ ذَرِبَ لسانُ الرَّجُلِ يَذْرَبُ إِذا فَسَد.(1/385)
ومِنْ هَذَا ذَرِبَتْ مَعِدَتُه: فَسَدَتْ؛ وأَنْشد:
أَلم أَكُ باذِلًا وِدِّي ونَصْري، ... وأَصْرِفُ عَنْكُمُ ذَرَبِي ولَغْبِي
قَالَ: واللَّغْبُ الرَّدِيءُ مِنَ الكلامِ. وَقِيلَ: الذَّرِبُ اللسانِ هُوَ الحادُّ اللِّسَانِ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلى الفَسادِ؛ وَقِيلَ: الذَّرِبُ اللِّسانِ الشَّتَّامُ الفاحِشُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الذَّرِبُ اللِّسان الفاحِشُ البَذِيُّ الَّذِي لَا يُبَالِي مَا قَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ذَرِبَ النِّساءُ عَلَى أَزْواجِهِنَ
أَي فَسَدَتْ أَلسِنَتُهُنَّ وانْبَسَطْنَ عَلَيْهِمْ فِي الْقَوْلِ؛ وَالرِّوَايَةُ ذَئِرَ بِالْهَمْزِ، وَسَنَذْكُرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنّ أَعشى بَنِي مَازِنٍ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأَنشد أَبياتاً فِيهَا:
يا سَيِّدَ الناسِ، ودَيَّانَ العَرَبْ، ... إِلَيْكَ أَشْكُو ذِرْبةً، مِنَ الذِّرَبْ
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعَامَ فِي رَجَبْ، ... فخَلَفَتْنِي بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَخْلَفَتِ العَهْدَ، ولَطَّتْ بالذَّنَبْ، ... وتَرَكَتْنِي، وَسْطَ عِيصٍ، ذِي أَشَبْ
تَكُدُّ رِجْلَيَّ مَساميرُ الخَشَبْ، ... وهُنَّ شَرُّ غالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بالذِّرْبَةِ امرأَتَه، كَنَى بِهَا عَنْ فسادِها وخِيانَتِها إِيَّاه فِي فَرْجِها، وجَمْعُها ذِرَبٌ، وأَصلُه مِنْ ذَرَبِ المَعِدة، وَهُوَ فسادُها؛ وذِرْبَةٌ مَنْقُولٌ مِنْ ذَرِبَةٍ، كمِعْدَةٍ مِنْ مَعِدَة؛ وَقِيلَ: أَراد سَلاطة لسانِها، وفسادَ مَنْطِقِها، مِنْ قَوْلِهِمْ ذَرِبَ لسانُه إِذا كَانَ حادَّ اللِّسانِ لَا يُبالِي مَا قَالَ. وَذَكَرَ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَن هَذَا الرَّجَزَ للأَعْوَرِ بنِ قُرَادِ بنِ سُفْيَانَ، مِنْ بَنِي الحِرْمازِ، وَهُوَ أَبو شَيْبانَ الحِرْمازِيّ، أَعْشَى بَنِي حِرْمازٍ؛ وَقَوْلُهُ: فخَلَفَتْنِي أَي خالَفَتْ ظَنِّي فِيهَا؛ وَقَوْلُهُ: لَطَّتْ بالذَّنَب، يُقَالُ: لَطَّت النَّاقَةُ بذَنَبِها أَي أَدْخَلَتْهُ بَيْنَ فَخِذَيْها، لتَمْنَع الحالِبَ. وَيُقَالُ: أَلْقَى بينَهم الذَّرَبَ أَي الاخْتِلافَ والشَّرَّ. وسُمٌّ ذَرِبٌ: حديدٌ. والذُّرَابُ: السُّمُّ، عَنْ كُرَاعٍ، اسمٌ لَا صِفَةٌ. وَسَيْفٌ ذَرِبٌ ومُذَرَّبٌ: أُنْقِعَ فِي السُّمِّ، ثُمَّ شُحِذَ. التَّهْذِيبُ: تَذْريبُ السَّيف أَن يُنْقَعَ فِي السُّمِّ، فإِذا أُنْعِمَ سَقْيُهُ، أُخْرِجَ فشُحِذَ. قَالَ: وَيَجُوزُ ذَرَبْتُه، فَهُوَ مَذْرُوبٌ؛ قَالَ عُبَيْدٌ:
وخِرْقٍ، مِنَ الفِتْيانِ، أَكرَمَ مَصْدَقاً ... مِنَ السَّيْفِ، قَدْ آخَيْتُ، ليسَ بِمَذْرُوبِ
قَالَ شَمِرٌ: ليسَ بفاحِشٍ. والذَّرَبُ: فسادُ اللِّسانِ وبَذَاؤُه. وَفِي لسانِهِ ذَرَبٌ: وَهُوَ الفُحْشُ. قَالَ: وليسَ مِنْ ذَرَبِ اللِّسانِ وحِدَّتِه؛ وأَنشد:
أَرِحْني واسْتَرِحْ منِّي، فإِني ... ثَقِيلٌ مَحْمِلي، ذَرِبٌ لِساني
وَجَمْعُهُ أَذْرابٌ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِحَضْرَمِيّ ابن عامرٍ الأَسَدي:
ولَقَدْ طَوَيْتُكُمُ عَلَى بَلُلاتِكُمْ، ... وعَرَفْتُ مَا فِيكُمْ مِنَ الأَذْرابِ
كَيْمَا أُعِدَّكُمُ لأَبْعَدَ مِنْكُمُ، ... وَلَقَدْ يُجاءُ إِلى ذَوِي الأَلبابِ
مَعْنَى مَا فِيكُم مِن الأَذرابِ: مِن الفسادِ، وَرَوَاهُ ثَعْلَبٌ: الأَعيابِ، جَمعُ عَيْبٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، عَلَى غَيْرِ هَذَا(1/386)
الحَوْكِ، وَلَمْ يُسَمِّ قائِلَهما؛ وَهُمَا:
وَلَقَدْ بَلَوْتُ الناسَ فِي حالاتِهِم، ... وعَلِمْتُ مَا فِيهم مِنَ الأَسبابِ
فإِذا القَرابَةُ لَا تُقَرِّبُ قاطِعاً، ... وإِذا المَوَدَّةُ أَقْرَبُ الأَنْسابِ
وَقَوْلُهُ: وَلَقَدْ طَوَيْتُكُمُ عَلَى بَلُلاتِكُم أَي طَوَيْتُكُم عَلَى مَا فِيكُم مِن أَذًى وعَداوَةٍ؛ وبَلُلاتٌ، بِضَمِّ اللَّامِ، جمعُ بَلُلَةٍ، بِضَمِّ اللَّامِ أَيضاً، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْويه عَلَى بَلَلاتِكُم، بِفَتْحِ اللَّامِ، الواحِدَةُ بَلَلة، أَيضاً بِفَتْحِ اللَّامِ؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ عَلَى بَلَلاتِكُم: إِنه يُضْرَبُ مَثَلًا لإِبْقاءِ المَوَدَّة، وإِخْفاءِ مَا أَظْهَرُوه مِنْ جَفائِهِمْ، فَيَكُونُ مثلَ قَوْلِهِمْ: اطْوِ الثَّوْبَ عَلَى غَرِّه، لينضَمَّ بعضُه إِلى بعضٍ وَلَا يَتبايَنَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ أَيضاً: اطْوِ السِّقاءَ عَلَى بَلَلِه، لأَنه إِذا طُوِيَ وَهُوَ جافٌّ تَكَسَّر، وإِذا طُوِيَ عَلَى بَلَلِه، لَمْ يَتَكَسَّر، وَلَمْ يَتَبايَنْ. والتَّذْريبُ: حَمْلُ المَرْأَةِ وَلَدَها الصَّغيرَ، حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَه. ابْنُ الأَعرابي: أَذْرَبَ الرَّجُلُ إِذا فَسَدَ عَيْشُه. وذَرِبَ الجُرْحُ ذَرَباً، فَهُوَ ذَرِبٌ: فَسَد وَاتَّسَعَ، وَلَمْ يَقْبَل البُرْءَ والدَّواءَ؛ وَقِيلَ: سالَ صَديداً، والمَعْنَيان مُتَقارِبانِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا الطَّاعُون؟ قَالَ: ذَرَبٌ كالدُّمَّل.
يُقَالُ: ذَرِبَ الجُرْحُ إِذا لَمْ يَقْبَلِ الدَّواءَ؛ وَمِنْهُ الذَّرَبَيَّا، عَلَى فَعَلَيَّا، وَهِيَ الدَّاهِيَةُ؛ قَالَ: الكُمَيْتُ:
رَمَانِيَ بالآفاتِ، مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، ... وبالذَّرَبَيَّا، مُرْدُ فِهْرٍ وَشِيبُها
وَقِيلَ: الذَّرَبَيَّا هُوَ الشَّرُّ والاخْتِلافُ؛ ورَمَاهُم بالذَّرَبِينَ مثلُه. ولَقِيتُ مِنْهُ الذَّرَبَى والذَّرَبَيَّا والذَّرَبِينَ «4» أَي الداهِيَةَ. وذَرِبَتْ مَعِدَتُه ذَرَباً وذَرَابَةً وذُرُوبَةً، فَهِيَ ذَرِبَة، فَسَدَتْ، فَهُوَ مِنَ الأَضْدادِ. والذَّرَبُ: المَرَضُ الَّذِي لَا يَبْرَأُ. وذَرَب أَنْفُه ذَرابةً: قَطَرَ. والذِّرْيَبُ: الأَصْفَرُ مِنَ الزَّهْرِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الأَسود ابن يَعْفُرَ، ووصَف نَبَاتًا:
قَفْرٌ حَمَتْهُ الخَيْلُ، حتَّى كأَنْ ... زاهِرَه أُغْشِيَ بالذِّرْيَبِ
وأَما مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَتَأْلَمُنَّ النَّومَ عَلَى الصُّوفِ الأَذْرَبِيِّ، كَمَا يَأْلَمُ أَحَدُكُمْ النَّومَ عَلَى حَسَكِ السَّعْدانِ
؛ فإِنه ورَد فِي تَفْسِيرِهِ: الأَذْرَبيّ مَنْسوبٌ إِلى أَذْرَبِيجانَ، عَلَى غيرِ قِيَاسٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا تَقُولُ الْعَرَبُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ تَقُولَ أَذَرِيٌّ، بِغَيْرِ باءٍ، كَمَا يُقَالُ فِي النَّسَبِ إِلى رَامَ هُرْمُزَ، رَامِيٌّ وَهُوَ مُطَّرِدٌ فِي النَّسب إلى الأَسماءِ المركبة.
ذعب: قَالَ الأَصمعي: رأَيتُ القومَ مُذْعابِّينَ، كأَنهم عُرْفُ ضِبْعانٍ، ومُثْعابِّين، بِمَعْنَاهُ، وَهُوَ أَن يَتْلُوَ بعضُهم بَعْضًا. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا عِنْدي مأْخوذٌ مَنِ انْثَعَبَ الماءُ وانْذَعَب إِذا سَالَ واتَّصَلَ جَرَيانُه فِي النَّهَر، قُلِبَتِ الثاءُ ذالًا.
__________
(4) . قوله [والذربين] ضبط في المحكم والتكملة وشرح القاموس بفتح الذال والراء وكسر الباء الموحدة وفتح النون، وضبط في بعض نسخ القاموس المطبوعة وعاصم أَفندي بسكون الراء وفتح الباء وكسر النون.(1/387)
ذعلب: الذِّعْلِبُ والذِّعْلِبَة: النَّاقةُ السريعةُ، شُبِّهَتْ بالذِّعْلِبَة، وَهِيَ النَّعامةُ لسُرْعَتِها. وَفِي حَدِيثِ
سَوَادِ بنِ مُطَرّفٍ: الذِّعْلِبُ الوَجْنَاءُ هِيَ الناقةُ السريعةُ.
وَقَالَ خالدُ بنُ جَنَبة: الذِّعْلِبَة النُّوَيْقَةُ الَّتِي هِيَ صَدَعٌ فِي جسمِها، وأَنت تَحْقِرُها، وَهِيَ نَجِيبَة؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ البَكْرَة الحَدَثَة. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هِيَ الخفيفةُ الجَوَادُ. قَالَ: وَلَا يُقَالُ جَمَلٌ ذِعْلِبٌ، وجَمْعُ الذِّعْلِبَةِ الذَّعالِيبُ. والتَّذَعْلُب: الانْطِلاقُ فِي اسْتِخْفاءٍ. وَقَدْ تَذَعْلَبَ تَذَعْلُباً. وجَمَلٌ ذِعْلِبٌ: سريعٌ، باقٍ عَلَى السَّيْرِ، والأُنْثَى بالهاءِ. والذِّعْلِبَة: النَّعَامة لسُرعتِها. والذِّعْلِبة والذُّعْلوبُ: طَرَفُ الثَّوْبِ؛ وَقِيلَ: هُما مَا تقطَّع مِنَ الثَّوْب فَتَعَلَّق. والذِّعْلِبُ مِنَ الخِرَق: القِطَع المُشَقَّقَة. والذُّعْلوبُ أَيضاً: القِطعة مِنَ الخِرْقَةِ، والذَّعالِيب: قِطَع الخِرَق؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنه، إِذْ راحَ، مَسْلُوسُ الشَّمَقْ، ... مُنْسَرِحاً عَنْهُ ذَعالِيبُ الخِرَقْ «1»
والمَسْلوسُ: المَجْنُونُ. والشَّمَقُ: النَّشاطُ. والمُنْسَرِحُ: الَّذِي انْسَرَحَ عَنْهُ وَبَرُه. والذَّعالِيبُ: مَا تَقَطَّعَ مِنَ الثِّيابِ. قَالَ أَبو عَمْرو: وأَطْرافُ الثِّيابِ وأَطْرافُ القَميصِ يقالُ لَهَا: الذَّعالِيبُ، واحدُها ذُعْلُوبٌ، وأَكثرُ مَا يُستَعْمَل ذَلِكَ جَمْعاً؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لِجَرِيرٍ:
لَقَدْ أَكونُ عَلَى الحاجاتِ ذَا لَبَثٍ، ... وأَحْوَذِيّاً، إِذا انْضَمَّ الذَّعالِيبُ
واسْتَعارَه ذُو الرُّمَّة، لِما تَقَطَّع مِنْ مَنْسِج العنكبوتِ؛ قَالَ:
فجاءَت بنَسْجٍ، مِنْ صَناعٍ ضعيفةٍ، ... تَنُوسُ، كأَخْلاقِ الشُّفُوفِ، ذَعالِبُهْ
وثَوْبٌ ذَعاليبُ: خَلَقٌ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وأَما قَوْلُ أَعْرابيّ، مِنْ بنِي عَوْفِ بنِ سَعْدٍ:
صَفْقَة ذِي ذَعالِتٍ سُمُولِ، ... بَيْع امْرِئٍ لَيْسَ بمُسْتَقيلِ
قِيلَ: هُوَ يريدُ الذَّعالِبَ، فَيَنْبَغِي أَن تَكُونَا لُغَتَيْنِ، وغيرُ بعيدٍ أَنْ تُبْدَل التاءُ مِنَ الْبَاءِ، إِذ قَدْ أُبْدِلَتْ مِنَ الْوَاوِ، وَهِيَ شَرِيكَةُ الْبَاءِ فِي الشَّفَة. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَالْوَجْهُ أَن تَكونَ التاءُ بَدَلًا مِنَ الباءِ، لأَن الباءَ أَكثر اسْتِعْمَالًا، كَمَا ذَكَرْنَا أَيضاً مِنْ إِبدالِهم الباءَ من الواوِ.
ذلعب: اذْلَعَبَّ الرَّجُلُ: انْطَلَقَ فِي جِدٍّ اذْلِعْباباً، وَكَذَلِكَ الجَمَل مِنَ النَّجاءِ والسُّرْعَةِ؛ قَالَ الأَغْلَب العِجْلِيّ:
ماضٍ، أَمامَ الرَّكْبِ، مُذْلَعِبّ «2»
والمُذْلَعِبُّ: المُنْطَلِقُ، والمُصْمَعِدُّ مثلُه. قَالَ: واشتقاقُه مِنَ الذِّعْلِب. قَالَ: وَكُلُّ فعلٍ رُباعيّ ثُقِّلَ آخرُه، فإِنَّ تَثقيلَه مُعْتَمِدٌ عَلَى حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الحَلْق. والمُذْلَعِبُّ: المضطجِعُ. وَهَاتَانِ التَّرْجَمَتان، أَعْني ذَعْلَب واذْلَعَبَّ، ورَدَتا فِي أُصول الصِّحاحِ فِي تَرْجَمَةٍ وَاحِدَةٍ ذَعْلَبَ، وَلَمْ يُتَرْجِمْ عَلَى ذلعب، والله تعالى أَعلم.
__________
(1) . قوله:
[مُنْسَرِحًا عَنْهُ ذَعَالِيبُ الْخِرَقْ]
قال في التكملة الرواية منسرحاً إلا ذعاليب بالنصب انتهى. وسيأتي في مادة سرح كذلك.
(2) . قوله:
[مَاضٍ أَمَامَ الرَّكْبِ مُذْلَعِبُّ]
هكذا أورده الجوهري، وقال الصاغاني في التكملة الرواية:
ناج أمام الركب مجلعب(1/388)
ذنب: الذَّنْبُ: الإِثْمُ والجُرْمُ وَالْمَعْصِيَةُ، والجمعُ ذُنوبٌ، وذُنُوباتٌ جمعُ الْجَمْعِ، وَقَدْ أَذْنَب الرَّجُل؛ وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي مناجاةِ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ
؛ عَنَى بالذَّنْبِ قَتْلَ الرَّجُلِ الَّذِي وَكَزَه مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فقضَى عَلَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ الرجلُ مِنْ آلِ فرعونَ. والذَّنَبُ: مَعْرُوفُ، وَالْجَمْعُ أَذْنابٌ. وذَنَبُ الفَرَسِ: نَجْمٌ عَلَى شَكْلِ ذَنَبِ الفَرَسِ. وذَنَبُ الثَّعْلَبِ: نِبْتَةٌ عَلَى شكلِ ذَنَبِ الثَّعْلَبِ. والذُّنابَى: الذَّنَبُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جَمُوم الشَّدِّ، شَائِلَةُ الذُّنابَى
الصِّحَاحُ: الذُّنابَى ذنبُ الطَّائر؛ وَقِيلَ: الذُّنابَى مَنْبِتُ الذَّنَبِ. وذُنابَى الطَّائرِ: ذَنَبُه، وَهِيَ أَكثر مِنَ الذَّنَب، والذُّنُبَّى والذِّنِبَّى: الذَّنَب، عَنِ الهَجَري؛ وأَنشد:
يُبَشِّرُني، بالبَيْنِ مِنْ أُمِّ سالِمٍ، ... أَحَمُّ الذُّنُبَّى، خُطَّ، بالنِّقْسِ، حاجِبُهْ
ويُروى: الذِّنِبَّى. وذَنَبُ الفَرَسِ والعَيْرِ، وذُناباهما، وذَنَبٌ فِيهِمَا، أَكثرُ مِنْ ذُنابَى؛ وَفِي جَناحِ الطَّائِرِ أَربعُ ذُنابَى بعدَ الخَوافِي. الفرَّاءُ: يُقَالُ ذَنَبُ الفَرَسِ، وذُنابَى الطَّائِرِ، وذُنابَة الوَادي، ومِذْنَبُ النهْرِ، ومِذْنَبُ القِدْرِ؛ وجمعُ ذُنابَة الْوَادِي ذَنائِبُ، كأَنَّ الذُّنابَة جَمْعُ ذَنَبِ الْوَادِي وذِنابَهُ وذِنابَتَه، مثلُ جملٍ وجمالٍ وجِمالَةٍ، ثُمَّ جِمالات جمعُ الْجَمْعِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: جِمالاتٌ صُفْرٌ. أَبو عُبَيْدَةَ: فَرسٌ مُذانِبٌ؛ وَقَدْ ذَانَبَتْ إِذا وَقَعَ ولدُها فِي القُحْقُح، ودَنَا خُرُوج السَّقْيِ، وارتَفَع عَجْبُ الذَّنَبِ، وعَلِقَ بِهِ، فَلَمْ يحْدُروه. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَكِبَ فلانٌ ذَنَبَ الرِّيحِ إِذا سَبَق فَلَمْ يُدْرَكْ؛ وإِذا رَضِيَ بحَظٍّ ناقِصٍ قِيلَ: رَكِبَ ذَنَب البَعير، واتَّبَعَ ذَنَب أَمْرٍ مُدْبِرٍ، يتحسَّرُ عَلَى مَا فَاتَهُ. وذَنَبُ الرَّجُلِ: أَتْباعُه. وأَذنابُ الناسِ وذَنَباتُهم: أَتباعُهُم وسِفْلَتُهُم دُونَ الرُّؤَساءِ، عَلَى المَثَلِ؛ قَالَ:
وتَساقَطَ التَّنْواط و ... الذَّنَبات، إِذ جُهِدَ الفِضاح
وَيُقَالُ: جاءَ فلانٌ بذَنَبِه أَي بأَتْباعِهِ؛ وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ يمدَحُ قَوْمًا:
قومٌ همُ الرَّأْسُ، والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ، ... ومَنْ يُسَوِّي، بأَنْفِ النَّاقَةِ، الذَّنَبا؟
وهؤُلاء قومٌ مِنْ بَنِي سعدِ بْنِ زيدِ مَناةَ، يُعْرَفُون ببَني أَنْفِ النَّاقَةِ، لِقَوْلِ الحطيئَةِ هَذَا، وهمْ يَفْتَخِرُون بِهِ. ورُوِيَ عَنْ
عليٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ، أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً فِي آخِرِ الزَّمان، قَالَ: فإِذا كَانَ ذَلِكَ، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَبِهِ، فتَجْتَمِعُ الناسُ
؛ أَراد أَنه يَضْرِبُ أَي يسِيرُ فِي الأَرض ذَاهِبًا بأَتباعِهِ، الَّذِينَ يَرَوْنَ رَأْيَه، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى الفِتْنَةِ. والأَذْنابُ: الأَتْباعُ، جمعُ ذَنَبٍ، كأَنهم فِي مُقابِلِ الرُّؤُوسِ، وَهُمُ المقَدَّمون. والذُّنابَى: الأَتْباعُ. وأَذْنابُ الأُمورِ: مآخيرُها، عَلَى المَثَلِ أَيضاً. والذَّانِبُ: التَّابِعُ للشيءِ عَلَى أَثَرِهِ؛ يُقَالُ: هُوَ يَذْنِبُه أَي يَتْبَعُهُ؛ قَالَ الْكِلَابِيُّ:
وجاءَتِ الخيلُ، جَمِيعاً، تَذْنِبُهْ(1/389)
وأَذنابُ الخيلِ: عُشْبَةٌ تُحْمَدُ عُصارَتُها عَلَى التَّشْبِيهِ. وذَنَبَه يَذْنُبُه ويَذْنِبُه، واسْتَذْنَبَه: تَلَا ذَنَبَه فَلَمْ يفارقْ أَثَرَه. والمُسْتَذْنِبُ: الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ أَذنابِ الإِبِلِ، لَا يُفَارِقُ أَثَرَها؛ قَالَ:
مِثْلُ الأَجيرِ اسْتَذْنَبَ الرَّواحِلا «3»
والذَّنُوبُ: الفَرسُ الوافِرُ الذَّنَبِ، والطَّويلُ الذَّنَبِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ فرْعَونُ عَلَى فرَسٍ ذنُوبٍ
أَي وافِر شَعْرِ الذَّنَبِ. ويومٌ ذَنُوبٌ: طويلُ الذَّنَبِ لَا يَنْقَضي، يَعْنِي طُولَ شَرِّه. وَقَالَ غيرُه: يومٌ ذَنُوبٌ: طَوِيلُ الشَّر لَا يَنْقَضِي، كأَنه طَوِيلُ الذَّنَبِ. وَرَجُلٌ وَقَّاحُ الذَّنَب: صَبُورٌ عَلَى الرُّكُوب. وَقَوْلُهُمْ: عُقَيْلٌ طَويلَةُ الذَّنَبِ، لَمْ يُفَسِّرْهُ ابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعِنْدي أَنَّ مَعْنَاهُ: أَنها كَثِيرَةُ رُكُوبِ الْخَيْلِ. وحديثٌ طويلُ الذَّنَبِ: لَا يكادُ يَنْقَضِي، عَلَى المَثَلِ أَيضاً. ابْنُ الأَعرابي: المِذْنَبُ الذَّنَبُ الطَّويلُ، والمُذَنِّبُ الضَّبُّ، والذِّنابُ خَيْطٌ يُشَدُّ بِهِ ذَنَبُ البعيرِ إِلى حَقَبِه لئَلَّا يَخْطِرَ بِذَنَبِه، فَيَمْلأَ راكبَه. وذَنَبُ كلِّ شيءٍ: آخرُه، وَجَمْعُهُ ذِنابٌ. والذِّنابُ، بِكَسْرِ الذَّالِ: عَقِبُ كلِّ شيءٍ. وذِنابُ كلِّ شيءٍ: عَقِبُه ومؤَخَّره، بِكَسْرِ الذَّالِ؛ قَالَ:
ونأْخُذُ بعدَه بذِنابِ عَيْشٍ ... أَجَبِّ الظَّهْرِ، ليسَ لَهُ سَنامُ
وَقَالَ الْكِلَابِيُّ فِي طَلَبِ جَمَلِهِ: اللَّهُمَّ لَا يَهْدينِي لذنابتِه «4» غيرُك. قَالَ، وَقَالُوا: مَنْ لَكَ بذِنابِ لَوْ؟ قَالَ الشَّاعِرُ:
فمَنْ يَهْدِي أَخاً لذِنابِ لَوٍّ؟ ... فأَرْشُوَهُ، فإِنَّ اللَّهَ جارُ
وتَذَنَّبَ المُعْتَمُّ أَي ذَنَّبَ عِمامَتَه، وَذَلِكَ إِذا أَفْضَلَ مِنْهَا شَيْئًا، فأَرْخاه كالذَّنَبِ. والتَّذْنُوبُ: البُسْرُ الَّذِي قَدْ بَدَا فِيهِ الإِرطابُ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِه. وذَنَبُ البُسْرة وغيرِها مِنَ التَّمْرِ: مؤَخَّرُها. وذَنَّبَتِ البُسْرَةُ، فَهِيَ مُذَنِّبة: وَكَّتَتْ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِها؛ الأَصمعي: إِذا بَدَت نُكَتٌ مِنَ الإِرْطابِ فِي البُسْرِ مِنْ قِبَلِ ذَنَبِها، قِيلَ: قَدْ ذَنَّبَتْ. والرُّطَبُ: التَّذْنُوبُ، واحدتُه تَذْنُوبةٌ؛ قَالَ:
فعَلِّقِ النَّوْطَ، أَبا مَحْبُوبِ، ... إِنَّ الغَضا ليسَ بذِي تَذْنُوبِ
الفرَّاءُ: جاءَنا بتُذْنُوبٍ، وَهِيَ لُغَةُ بَنِي أَسَدٍ. والتَّميمي يَقُولُ: تَذْنُوب، وَالْوَاحِدَةُ تَذْنُوبةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يكرَه المُذَنِّبَ مِنَ البُسْرِ، مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَا شَيْئَيْنِ، فَيَكُونُ خَلِيطاً.
وَفِي حَدِيثِ
أَنس: كَانَ لَا يَقْطَعُ التَّذْنُوبَ مِنَ البُسْرِ إِذا أَراد أَن يَفْتَضِخَه.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ المسَيَّب: كَانَ لَا يَرَى بالتَّذْنُوبِ أَن يُفْتَضَخَ بأْساً.
وذُنابةُ الْوَادِي: الموضعُ الَّذِي يَنتهي إِليه سَيْلُهُ،
__________
(3) . قوله [مثل الأَجير إلخ] قال الصاغاني في التكملة هو تصحيف والرواية [شل الأَجير] ويروى شدّ بالدال والشل الطرد، والرجز لرؤبة انتهى. وكذلك أنشده صاحب المحكم.
(4) . قوله [لذنابته] هكذا في الأَصل.(1/390)
وَكَذَلِكَ ذَنَبُه؛ وذُنابَتُه أَكثر مِنْ ذَنَبِه. وذَنَبَة الْوَادِي والنَّهَر، وذُنابَتُه وذِنابَتُه: آخرُه، الكَسْرُ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الذُّنابةُ، بِالضَّمِّ: ذَنَبُ الْوَادِي وغَيرِه. وأَذْنابُ التِّلاعِ: مآخيرُها. ومَذْنَبُ الْوَادِي، وذَنَبُه واحدٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ الْمَسَايِلُ «1» . والذِّنابُ: مَسِيلُ مَا بَيْنَ كلِّ تَلْعَتَيْن، عَلَى التَّشبيه بِذَلِكَ، وَهِيَ الذَّنائبُ. والمِذْنَبُ: مَسِيلُ مَا بَيْنَ تَلْعَتَيْن، وَيُقَالُ لِمَسيل مَا بَيْنَ التَّلْعَتَيْن: ذَنَب التَّلْعة. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَتَّى يَركَبَها اللهُ بالملائِكةِ، فَلَا يَمْنَع ذَنَبَ تَلْعة
؛ وَصَفَهُ بالذُّلِّ والضَّعْف، وقِلَّةِ المَنَعة، والخِسَّةِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: والمِذْنَبُ مَسِيلُ الماءِ فِي الحَضيضِ، والتَّلْعة فِي السَّنَدِ؛ وَكَذَلِكَ الذِّنابة والذُّنابة أَيضاً، بِالضَّمِّ؛ والمِذْنَبُ: مَسِيلُ الماءِ إِلى الأَرضِ. والمِذْنَبُ: المَسِيلُ فِي الحَضِيضِ، لَيْسَ بخَدٍّ واسِع. وأَذنابُ الأَوْدِية: أَسافِلُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَقْعُد أَعرابُها عَلَى أَذنابِ أَوْدِيَتِها، فَلَا يصلُ إِلى الحَجِّ أَحَدٌ
؛ وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً المَذانِبُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: المِذْنَبُ كهيئةِ الجَدْوَل، يَسِيلُ عَنِ الرَّوْضَةِ ماؤُها إِلى غيرِها، فيُفَرَّقُ ماؤُها فِيهَا، وَالَّتِي يَسِيلُ عَلَيْهَا الماءُ مِذْنَب أَيضاً؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وَقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُناتِها، ... وماءُ النَّدَى يَجْري عَلَى كلِّ مِذْنَبِ
وكلُّه قريبٌ بعضُه مِنْ بعضٍ. وَفِي حَدِيثِ
ظَبْيانَ: وذَنَبُوا خِشانَه
أَي جَعلوا لَهُ مَذانِبَ ومجَاريَ. والخِشانُ: مَا خَشُنَ مِنَ الأَرضِ؛ والمِذْنَبَة والمِذْنَبُ: المِغْرَفة لأَنَّ لَهَا ذَنَباً أَو شِبْهَ الذَّنَبِ، وَالْجَمْعُ مَذانِبُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيب الْهُذَلِيُّ:
وسُود مِنَ الصَّيْدانِ، فِيهَا مَذانِبُ ... النُّضَارِ، إِذا لَمْ نَسْتَفِدْها نُعارُها
وَيُرْوَى: مَذانِبٌ نُضارٌ. والصَّيْدانُ: القُدورُ الَّتِي تُعْمَلُ مِنَ الْحِجَارَةِ، واحِدَتُها صَيْدانة؛ وَالْحِجَارَةُ الَّتِي يُعْمَل مِنْهَا يُقَالُ لَهَا: الصَّيْداءُ. وَمَنْ رَوَى الصِّيدان، بِكَسْرِ الصَّادِ، فَهُوَ جَمْعُ صادٍ، كتاجٍ وتِيجانٍ، والصَّاد: النُّحاسُ والصُّفْر. والتَّذْنِيبُ للضِّبابِ والفَراشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والسِّفَادَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مِثْل الضِّبابِ، إِذا هَمَّتْ بتَذْنِيبِ
وذَنَّبَ الجَرادُ والفَراشُ والضِّباب إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والبَيْضَ، فغَرَّزَتْ أَذنابَها. وذَنَّبَ الضَّبُّ: أَخرجَ ذَنَبَه مِنْ أَدْنَى الجُحْر، ورأْسُه فِي داخِلِه، وَذَلِكَ فِي الحَرِّ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِنما يُقَالُ للضَّبِّ مُذَنِّبٌ إِذا ضرَبَ بذَنَبِه مَنْ يريدُه مِنْ مُحْتَرِشٍ أَو حَيَّةٍ. وَقَدْ ذَنَّبَ تَذْنِيباً إِذا فَعَل ذَلِكَ. وضَبٌّ أَذْنَبُ: طويلُ الذَّنَبِ؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ:
لَمْ يَبْقَ مِنْ سُنَّةِ الفاروقِ نَعْرِفُه ... إلَّا الذُّنَيْبي، وإلَّا الدِّرَّةُ الخَلَقُ
قَالَ: الذُّنَيْبيُّ ضَرْبٌ مِنَ البُرُودِ؛ قَالَ: ترَكَ ياءَ النِّسْبَةِ، كَقَوْلِهِ:
مَتى كُنَّا، لأُمِّكَ، مَقْتَوِينا
__________
(1) . قوله [ومنه قوله المسايل] هكذا في الأَصل وقوله بعده والذناب مسيل إلخ هي أول عبارة المحكم.(1/391)
وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ذَنَبِ الدَّهرِ أَي فِي آخِره. وذِنابة الْعَيْنِ، وذِنابها، وذَنَبُها: مؤَخَّرُها. وذُنابة النَّعْل: أَنْفُها. ووَلَّى الخَمْسِين ذَنَباً: جاوزَها؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قلتُ للكِلابِيِّ: كَمْ أَتَى عَليْك؟ فَقَالَ: قَدْ وَلَّتْ ليَ الخَمْسون ذَنَبَها؛ هَذِهِ حِكَايَةُ ابْنِ الأَعرابي، والأَوَّل حِكَايَةُ يَعْقُوبَ. والذَّنُوبُ: لَحْمُ المَتْنِ، وَقِيلَ: هُوَ منْقَطعُ المَتْنِ، وأَوَّلُه، وأَسفلُه؛ وَقِيلَ: الأَلْيَةُ والمآكمُ؛ قَالَ الأَعشى:
وارْتَجَّ، مِنْهَا، ذَنُوبُ المَتْنِ، والكَفَلُ
والذَّنُوبانِ: المَتْنانِ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا. والذَّنُوب: الحَظُّ والنَّصيبُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
لَعَمْرُك، والمَنايا غالِباتٌ، ... لكلِّ بَني أَبٍ مِنْهَا ذَنُوبُ
وَالْجَمْعُ أَذنِبَةٌ، وذَنَائِبُ، وذِنابٌ. والذَّنُوبُ: الدَّلْو فِيهَا ماءٌ؛ وَقِيلَ: الذَّنُوب: الدَّلْو الَّتِي يَكُونُ الماءُ دُونَ مِلْئِها، أَو قريبٌ مِنْهُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الدَّلْو الملأَى. قَالَ: وَلَا يُقَالُ لَهَا وَهِيَ فَارِغَةٌ، ذَنُوبٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ الدَّلْوُ مَا كَانَتْ؛ كلُّ ذَلِكَ مذَكَّر عِنْدَ اللِّحْيَانِيِّ. وَفِي حَدِيثِ
بَوْل الأَعْرابيّ فِي الْمَسْجِدِ: فأَمَر بذَنوبٍ مِنْ ماءٍ، فأُهَرِيقَ عَلَيْهِ
؛ قِيلَ: هِيَ الدَّلْو الْعَظِيمَةُ؛ وَقِيلَ: لَا تُسَمَّى ذَنُوباً حَتَّى يَكُونَ فِيهَا ماءٌ؛ وَقِيلَ: إِنَّ الذَّنُوبَ تُذكَّر وتؤَنَّث، وَالْجَمْعُ فِي أَدْنى العَدد أَذْنِبة، والكثيرُ ذَنائبُ كَقلوصٍ وقَلائصَ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
فكُنْتُ ذَنُوبَ البئرِ، لمَّا تَبَسَّلَتْ، ... وسُرْبِلْتُ أَكْفاني، ووُسِّدْتُ ساعِدِي
استعارَ الذَّنُوبَ للقَبْر حِينَ جَعَله بِئْرًا، وَقَدِ اسْتَعْمَلَها أُمَيَّة بنُ أَبي عائذٍ الهذليُّ فِي السَّيْر، فَقَالَ يصفُ حِمَارًا:
إِذا ما انْتَحَيْنَ ذَنُوبَ الحِضار، ... جاشَ خَسِيفٌ، فَريغُ السِّجال
يَقُولُ: إِذا جاءَ هَذَا الحِمارُ بذَنُوبٍ مِنْ عَدْوٍ، جَاءَتِ الأُتُنُ بخَسِيفٍ. التَّهْذِيبُ: والذَّنُوبُ فِي كلامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجوهٍ، مِن ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ
. وَقَالَ الفَرَّاءُ: الذَّنُوبُ فِي كلامِ الْعَرَبِ: الدَّلْوُ العظِيمَةُ، ولكِنَّ العربَ تَذْهَبُ بِهِ إِلى النَّصيب والحَظِّ، وَبِذَلِكَ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا، أَي أَشرَكُوا، ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ
أَي حَظّاً مِنَ العذابِ كَمَا نزلَ بِالَّذِينِ مِنْ قبلِهِم؛ وأَنشد الفرَّاءُ:
لَها ذَنُوبٌ، ولَكُم ذَنُوبُ، ... فإِنْ أَبَيْتُم، فَلَنا القَلِيبُ
وذِنابةُ الطَّريقِ: وجهُه، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي. قَالَ وَقَالَ أَبو الجَرّاح لرَجُلٍ: إِنك لَمْ تُرْشَدْ ذِنابةَ الطَّريق، يَعْنِي وجهَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ ماتَ عَلَى ذُنابَى طريقٍ، فَهُوَ مَنْ أَهلِهِ
، يَعْنِي عَلَى قصْدِ طَريقٍ؛ وأَصلُ الذُّنابَى مَنْبِتُ الذَّنَبِ. والذَّنَبانُ: نَبْتٌ معروفٌ، وبعضُ الْعَرَبِ يُسمِّيه ذَنَب الثَّعْلَب؛ وَقِيلَ: الذَّنَبانُ، بالتَّحريكِ، نِبْتَة ذاتُ أَفنانٍ طِوالٍ، غُبَيْراء الوَرَقِ، تَنْبُتُ فِي السَّهْل عَلَى الأَرض، لَا ترتَفِعُ، تُحْمَدُ فِي المَرْعى، وَلَا تَنْبُت إِلا فِي عامٍ خَصيبٍ؛ وَقِيلَ: هِيَ عُشْبَةٌ لَهَا سُنْبُلٌ فِي أَطْرافِها، كأَنه سُنْبُل(1/392)
الذُّرَة، وَلَهَا قُضُبٌ ووَرَق، ومَنْبِتُها بكلِّ مكانٍ مَا خَلا حُرَّ الرَّمْلِ، وَهِيَ تَنْبُت عَلَى ساقٍ وساقَين، واحِدتُها ذَنَبانةٌ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الحَذْلَمِيّ:
فِي ذَنَبانٍ يَسْتَظِلُّ راعِيهْ
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الذَّنَبانُ عُشْبٌ لَهُ جِزَرَة لَا تُؤكلُ، وقُضْبانٌ مُثْمِرَةٌ مِنْ أَسْفَلِها إِلى أَعلاها، وَلَهُ ورقٌ مثلُ وَرَقِ الطَّرْخُون، وَهُوَ ناجِعٌ فِي السَّائمة، وَلَهُ نُوَيرة غَبْراءُ تَجْرُسُها النَّحْلُ، وتَسْمو نَحْوَ نِصْفِ القامةِ، تُشْبِعُ الثِّنْتانِ مِنْهُ بَعِيرًا، واحِدَتُه ذَنَبانةٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
حَوَّزَها مِنْ عَقِبٍ إِلى ضَبُعْ، ... فِي ذَنَبانٍ ويبيسٍ مُنْقَفِعْ،
وَفِي رُفوضِ كَلإٍ غَيْرِ قَشِع
والذُّنَيْباءُ، مضمومَة الذَّالِ مفتوحَة النُّونِ، مَمْدُودَةٌ: حَبَّةٌ تَكُونُ فِي البُرّ، يُنَقَّى مِنْهَا حَتَّى تَسقُط. والذَّنائِبُ: موضِعٌ بنَجْدٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ عَلَى يَسارِ طَرِيقِ مَكَّة. والمَذَانِبُ: مَوْضِعٌ. قَالَ مُهَلْهِل بْنُ رَبِيعَةَ، شَاهَدُ الذَّنَائِبِ:
فَلَوْ نُبِشَ المَقابِرُ عَنْ كُلَيْبٍ، ... فتُخْبِرَ بالذَّنائِبِ أَيَّ زِيرِ
وَبَيْتٌ فِي الصِّحَاحِ، لمُهَلْهِلٍ أَيضاً:
فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طَالَ لَيْلي، ... فَقَدْ أَبْكِي عَلَى اللّيلِ القَصيرِ
يُرِيدُ: فَقَدْ أَبْكِي عَلَى لَيَالِي السُّرورِ، لأَنها قَصِيرَةٌ؛ وَقَبْلَهُ:
أَلَيْلَتنا بِذِي حُسَمٍ أَنيرِي ... إِذا أَنْتِ انْقَضَيْتِ، فَلَا تَحُورِي
وَقَالَ لَبِيدٌ، شَاهِدُ الْمَذَانِبُ:
أَلَمْ تُلْمِمْ عَلَى الدِّمَنِ الخَوالي، ... لِسَلْمَى بالمَذانِبِ فالقُفالِ؟
والذَّنوبُ: مَوْضِعٌ بعَيْنِه؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:
أَقْفَرَ مِن أَهْلِه مَلْحوبُ، ... فالقُطَبِيَّاتُ، فالذَّنُوبُ
ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ ذكْرُ سَيْلِ مَهْزُورٍ ومُذَيْنِب، هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ، وَبَعْدَهَا باءٌ موحَّدةٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْمَدِينَةِ، والميمُ زائدةٌ. الصِّحَاحُ، الفرَّاءُ: الذُّنابَى شِبْهُ المُخاطِ، يَقَع مِنْ أُنوفِ الإِبل؛ ورأَيتُ، فِي نُسَخ متَعدِّدة مِنَ الصِّحَاحِ، حواشِيَ، مِنْهَا مَا هُوَ بِخَطِّ الشَّيْخِ الصَّلاح المُحَدِّث، رَحِمَهُ اللَّهُ، مَا صُورَتُهُ: حَاشِيَةٌ مِنْ خَطِّ الشَّيْخِ أَبي سَهْلٍ الهَرَوي، قَالَ: هَكَذَا فِي الأَصل بخَطِّ الْجَوْهَرِيِّ، قَالَ: وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَالصَّوَابُ: الذُّنانَى شِبهُ المُخاطِ، يَقَع مِنْ أُنوفِ الإِبل، بنُونَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلف؛ قَالَ: وَهَكَذَا قَرَأْناهُ عَلَى شَيخِنا أَبي أُسامة، جُنادةَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَزدي، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الذَّنين، وَهُوَ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ فَمِ الإِنسانِ والمِعْزَى؛ ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْحَاشِيَةِ: وَهَذَا قَدْ صَحَّفَه الفَرَّاءُ أَيضاً، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِيمَا ردَّ عَلَيْهِ مِنْ تَصْحِيفِهِ، وَهَذَا مِمَّا فاتَ الشَّيخ ابْنَ بَرِّيٍّ، وَلَمْ يذكره في أَمالِيه.
ذهب: الذَّهابُ: السَّيرُ والمُرُورُ؛ ذَهَبَ يَذْهَبُ ذَهاباً وذُهوباً فَهُوَ ذاهِبٌ وذَهُوبٌ. والمَذْهَبُ: مَصْدَرٌ، كالذَّهابِ. وذَهَبَ بِهِ وأَذهَبَه غَيْرُهُ: أَزالَه. وَيُقَالُ: أَذْهَبَ(1/393)
بِهِ، قَالَ أَبو إِسحاق: وَهُوَ قَلِيلٌ. فأَمَّا قراءَةُ بَعْضِهِمْ: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار، فنادِرٌ. وَقَالُوا: ذَهَبْتُ الشَّامَ، فعَدَّوْهُ بغيرِ حرفٍ، وإِن كَانَ الشامُ ظَرْفاً مَخْصُوصاً شَبَّهوه بِالْمَكَانِ المُبْهَم، إِذ كَانَ يَقَعُ عَلَيْهِ المكانُ والمَذْهَبُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّ الليلَ طوِيلٌ، وَلَا يَذْهَبُ بنَفْسِ أَحدٍ منَّا، أَي لَا ذَهَب. والمَذْهَب: المُتَوَضَّأُ، لأَنَّهُ يُذْهَبُ إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النَّبِيَّ، صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذا أَراد الغائطَ أَبْعَدَ فِي المَذْهَبِ
، وَهُوَ مَفْعَلٌ مِنَ الذَّهابِ. الْكِسَائِيُّ: يقالُ لمَوضع الغائطِ: الخَلاءُ، والمَذْهَب، والمِرْفَقُ، والمِرْحاضُ. والمَذْهَبُ: المُعْتَقَد الَّذِي يُذْهَبُ إِليه؛ وذَهَب فلانٌ لِذَهَبِه أَي لمَذْهَبِه الَّذِي يَذْهَبُ فِيهِ. وحَكى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: مَا يُدْرَى لَهُ أَينَ مَذْهَبٌ، وَلَا يُدْرَى لَهُ مَا مَذْهَبٌ أَي لَا يُدْرَى أَين أَصلُه. وَيُقَالُ: ذَهَبَ فُلانٌ مَذْهَباً حَسَناً. وَقَوْلُهُمْ بِهِ: مُذْهَب، يَعْنون الوَسْوَسَة فِي الماءِ، وَكَثْرَةَ استعمالِه فِي الوُضوءِ. قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وأَهلُ بَغدادَ يَقُولُونَ للمُوَسْوِسِ مِنَ النَّاسِ: بِهِ المُذْهِبُ، وعَوَامُّهم يَقُولُونَ: بِهِ المُذْهَب، بفَتح الْهَاءِ، وَالصَّوَابُ المُذْهِبُ. والذَّهَبُ: معروفٌ، وَرُبَّمَا أُنِّثَ. غَيْرُهُ: الذَّهَبُ التِّبْرُ، القِطْعَةُ مِنْهُ ذَهَبَة، وَعَلَى هَذَا يُذَكَّر ويُؤَنَّث، عَلَى مَا ذُكر فِي الجمعِ الَّذِي لَا يُفارِقُه واحدُه إلَّا بالهاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: فبَعَثَ مِنَ اليَمَنِ بذُهَيْبَة.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ تَصْغِيرُ ذَهَبٍ، وأَدْخَلَ الهاءَ فِيهَا لأَنَّ الذَّهَب يُؤَنَّث، والمُؤَنَّث الثُّلاثيّ إِذا صُغِّرَ أُلْحِقَ فِي تصغيرِه الهاءُ، نَحْوَ قُوَيْسَةٍ وشُمَيْسَةٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ تصغيرُ ذَهَبَةٍ، عَلَى نِيَّةِ القِطْعَةِ مِنْهَا، فصَغَّرَها عَلَى لفظِها؛ وَالْجَمْعُ الأَذْهابُ والذُّهُوبُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله تعالى وَجْهَهُ: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَن يَفْتَحَ لَهُمْ كنوزَ الذِّهْبانِ، لفَعَل
؛ هُوَ جمعُ ذَهَبٍ، كبَرَقٍ وبِرْقانٍ، وَقَدْ يُجْمَعُ بالضمِّ، نَحْوَ حَمَلٍ وحُمْلانٍ. وأَذْهَبَ الشيءَ: طَلَاهُ بالذَّهَبِ. والمُذْهَبُ: الشيءُ المَطْليُّ بالذَّهَب؛ قَالَ لَبِيدٌ:
أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ، عَلَى أَلْواحِهِ ... أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ
وَيُرْوَى: عَلَى أَلواحِهِنَّ النَّاطِقُ، وإِنما عَدَل عَنْ ذَلِكَ بَعْضُ الرُّواةِ اسْتِيحاشاً مِنْ قَطْعِ أَلِفِ الوَصْل، وَهَذَا جائِزٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ فِي الشِّعْرِ، وَلَا سِيَّما فِي الأَنْصافِ، لأَنها مواضِعُ فُصُولٍ. وأَهلُ الحِجازِ يَقُولُونَ: هِيَ الذَّهَبُ، وَيُقَالُ نَزَلَت بلُغَتِهِم: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ
؛ وَلَوْلَا ذَلِكَ، لَغَلَبَ المُذَكَّرُ المُؤَنَّثَ. قَالَ: وسائِرُ العَرب يَقُولُونَ: هُوَ الذَّهَب؛ قَالَ الأَزهري: الذَّهب مُذَكَّر عندَ العَرَب، وَلَا يجوزُ تأْنِيثُه إِلا أَنْ تَجْعَلَهُ جَمْعاً لذَهَبَةٍ؛ وأَما قَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: وَلا يُنْفِقُونَها، وَلَمْ يَقُلْ وَلَا يُنْفِقُونَه، فَفِيهِ أَقاويل: أَحَدُها أَنَّ الْمَعْنَى يَكْنزُون الذَّهَبَ والفِضَّة، وَلَا يُنْفِقُونَ الكُنُوزَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَقِيلَ: جائِزٌ أَن يكونَ مَحْمولًا عَلَى الأَمْوالِ فَيَكُونَ: وَلَا يُنْفِقُونَ الأَموال؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكونَ: وَلَا يُنْفِقُونَ الفِضَّة، وَحَذَفَ الذَّهب كأَنه قَالَ: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَب وَلَا يُنْفِقُونَه، والفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَها، فاخْتُصِرَ الكَلام، كما قال:(1/394)
وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ، وَلَمْ يَقُلْ يُرْضُوهُما. وكُلُّ مَا مُوِّهَ بالذَّهَبِ فقَدْ أُذْهِبَ، وَهُوَ مُذْهَبٌ، وَالْفَاعِلُ مُذْهِبٌ. والإِذْهابُ والتَّذْهِيبُ واحدٌ، وَهُوَ التَّمويهُ بالذَّهَب. وَيُقَالُ: ذَهَّبْتُ الشيءَ فَهُوَ مُذَهَّب إِذا طَلَيْتَه بالذَّهَبِ. وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ وذِكْرِ الصَّدَقَةِ: حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَتَهَلَّل كأَنَّه مُذْهَبَةٌ
؛ كَذَا جاءَ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وبعضِ طُرُقِ مُسْلم، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ بِالدَّالِ المهملة والنون، وسيأتي ذكره؛ فَعَلى قَوْلِهِ مُذْهَبَةٌ، هُوَ مِنَ الشيءِ المُذْهَب، وَهُوَ المُمَوَّه بالذَّهَبِ، أَو هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرَس مُذْهَبٌ إِذا عَلَتْ حُمْرَتَه صُفْرَةٌ، والأُنْثَى مُذْهَبَة، وإِنما خَصَّ الأُنْثَى بالذِّكْرِ لأَنَّها أَصْفَى لَوْناً وأَرَقُّ بَشَرَةً. وَيُقَالُ: كُمَيْتٌ مُذْهَب للَّذي تَعْلُو حُمْرَتَه صُفْرَة، فإِذا اشتَدَّتْ حُمْرَتُه، وَلَمْ تَعْلُه صُفْرَةٌ، فَهُوَ المُدَمَّى، والأُنْثى مُذْهَبَة. وشيءٌ ذَهِيبٌ مُذْهَبٌ؛ قَالَ: أُراه عَلَى تَوَهُّم حَذْفِ الزِّيادَةِ؛ قَالَ حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:
مُوَشَّحَة الأَقْرابِ، أَمَّا سَرَاتُها ... فَمُلْسٌ، وأَمَّا جِلْدُها فَذَهِيبُ
والمَذاهِبُ: سُيُورٌ تُمَوَّهُ بالذَّهَبِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ، فِي قَوْلُ قَيْسِ بْنِ الخَطِيم:
أَتَعْرفُ رَسْماً كاطِّرادِ المَذَاهِبِ
المَذاهِبُ: جُلُودٌ كَانَتْ تُذْهَب، واحِدُها مُذْهَبٌ؛ تُجْعَلُ فِيهِ خُطوطٌ مُذَهَّبة، فَيُرَى بَعْضُها فِي أَثرِ بَعْضٍ، فكأَنها مُتَتابِعَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
يَنْزِعْنَ جِلْدَ المَرْءِ نَزْعَ ... القَينِ أَخْلاقَ المَذاهِبْ
يَقُولُ: الضِّباع يَنزِعْنَ جِلْدَ القَتِيل، كَمَا يَنزِعُ القَين خِلَل السُّيُوف. قَالَ، ويقالُ: المَذاهِبُ البُرود المُوَشَّاةُ، يُقَالُ: بُرْدٌ مُذْهَبٌ، وَهُوَ أَرْفَعُ الأَتحَمِيِّ. وذَهِبَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، يَذْهَبُ ذَهَباً فَهُوَ ذَهِبٌ: هَجَمَ فِي المَعْدِن عَلَى ذَهبٍ كَثِيرٍ، فَرَآهُ فَزَالَ عقلُه، وبَرِقَ بَصَره مِنْ كَثْرَةِ عِظَمِه فِي عَيْنِه، فَلَمْ يَطْرِفْ؛ مُشْتَقٌّ مِنَ الذَّهَبِ؛ قَالَ الرَّاجز:
ذَهِبَ لمَّا أَن رَآهَا تَزْمُرَهْ
وَفِي رِوَايَةٍ «2» :
ذَهِبَ لمَّا أَن رَآهَا ثُرْمُلَهْ، ... وَقَالَ: يَا قَوْمِ، رأَيتُ مُنْكرَهْ:
شَذْرَةَ وادٍ، ورأَيتُ الزُّهَرَهْ
وثُرْمُلَة: اسمُ رَجُلٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: ذِهِبَ، قَالَ: وَهَذَا عِنْدَنَا مُطَّرِدٌ إِذا كَانَ ثانيهِ حَرْفاً مِنْ حُروفِ الحَلْقِ، وَكَانَ الفعْل مَكْسُورَ الثَّانِي، وَذَلِكَ فِي لُغَةِ بَنِي تميمٍ؛ وَسَمِعَهُ ابْنُ الأَعرابي فظَنَّه غيرَ مُطَّرِدٍ فِي لغتِهِم، فَلِذَلِكَ حَكَاهُ. والذِّهبةُ، بِالْكَسْرِ، المَطْرَة، وَقِيلَ: المَطْرةُ الضَّعيفة، وَقِيلَ: الجَوْدُ، والجمع ذِهابٌ؛ قال
__________
(2) . قوله [وفي رواية إلخ] قال الصاغاني في التكملة الرواية:
[ذَهَبَ لَمَّا أَنْ رَآهَا تزمرة]
وهذا صريح في أنه ليس فيه رواية أخرى.(1/395)
ذُو الرُّمة يَصِفُ رَوْضَةً:
حَوَّاءُ، قَرْحاءُ، أَشْراطِيَّة، وكَفَتْ ... فِيهَا الذِّهابُ، وحفَّتْها البراعيمُ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِلْبَعِيثِ:
وَذِي أُشُرٍ، كالأُقْحُوانِ، تَشُوفُه ... ذِهابُ الصَّبَا، والمُعْصِراتُ الدَّوالِحُ
وَقِيلَ: ذِهْبةٌ للمَطْرة، واحدَةُ الذِّهاب. أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَصحابه: الذِّهابُ الأَمْطارُ الضَّعيفة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَوَضَّحْنَ فِي قَرْنِ الغَزَالَةِ، بَعْدَ مَا ... تَرَشَّفْنَ دِرَّاتِ الذِّهابِ الرَّكائِكِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي الِاسْتِسْقَاءِ: لَا قَزَعٌ رَبابُها، وَلَا شِفّانٌ ذِهابُها
؛ الذِّهابُ: الأَمْطارُ اللَّيِّنة؛ وَفِي الْكَلَامِ مُضافٌ مَحْذُوفٌ تقديرُه: وَلَا ذَاتُ شِفّانٍ ذِهابُها. والذَّهَب، بِفَتْحِ الهاءِ: مِكيالٌ معروفٌ لأَهْلِ اليَمَن، وَالْجَمْعُ ذِهابٌ وأَذهابٌ وأَذاهِيبُ، وأَذاهِبُ جَمْعُ الْجَمْعِ. وَفِي حَدِيثِ
عِكرمة أَنه قَالَ: فِي أَذاهِبَ مِنْ بُرٍّ وأَذاهِبَ مِنْ شَعِيرٍ
، قَالَ: يُضَمُّ بعضُها إِلى بعضٍ فتُزَكَّى. الذَّهَبُ: مِكيالٌ معروفٌ لأَهلِ اليمنِ، وجمعُه أَذهابٌ، وأَذاهِبُ جمعُ الْجَمْعِ. والذِّهابُ والذُّهابُ: موضعٌ، وَقِيلَ: هُوَ جبلٌ بعَيْنه؛ قَالَ أَبو دواد:
لِمَنْ طَلَلٌ، كعُنْوانِ الكتابِ، ... ببَطْنِ لُواقَ، أَو بَطْنِ الذُّهابِ
وَيُرْوَى: الذِّهابِ. وذَهْبانُ: أَبُو بَطْنٍ. وذَهُوبُ: اسْمُ امرأَةٍ. والمُذْهِبُ: اسمُ شيطانٍ؛ يقالُ هُوَ مِنْ وَلد إبليسَ، يَتَصَوَّر للقُرَّاءِ، فيَفْتِنهُم عِنْدَ الوضوءِ وغيرِه؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْد: لَا أَحسبُه عَرَبِيّاً.
ذوب: الذَّوْبُ: ضِدُّ الجُمُودِ. ذابَ يَذُوبُ ذَوْباً وذَوَباناً: نَقيض جَمَدَ. وأَذابَه غيرُه، وأَذَبْته، وذَوَّبْته، واسْتَذَبْته: طَلَبْت مِنْهُ ذاكَ، عَلَى عامَّة مَا يدُلُّ عَلَيْهِ هَذَا البِناءُ. والمِذْوَبُ: مَا ذَوَّبْتُ فِيهِ. والذَّوْبُ: مَا ذَوَّبْت مِنْهُ. وَذَابَ إِذا سَالَ. وَذَابَتِ الشمسُ: اشتدَّ حَرُّها؛ قَالَ ذُو الرُّمة:
إِذا ذابتِ الشمسُ، اتَّقى صَقَراتِها ... بأَفْنانِ مَرْبوعِ الصَّريمةِ، مُعْبِلِ
وَقَالَ الرَّاجز:
وذابَ للشمسِ لُعابٌ فنَزَلْ
وَيُقَالُ: هاجِرَةٌ ذَوّابة شديدةُ الحَرِّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وظَلْماءَ، مِنْ جَرَّى نشوارٍ، سَرَيْتُها، ... وهَاجِرَةٍ ذَوّابةٍ، لَا أَقِيلُها
والذَّوْبُ: العَسَل عامَّة؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا فِي أَبياتِ النَّحْل مِنَ العَسَلِ خاصَّة؛ وَقِيلَ: هُوَ العَسَل الَّذِي خُلِّص مِنْ شَمْعِه ومُومِه؛ قَالَ المُسَيَّبُ بنُ عَلَسٍ:
شِرْكاً بماءِ الذَّوْب، تَجْمَعُه ... فِي طَوْدِ أَيْمَنَ، مِنْ قُرَى قَسْرِ(1/396)
أَيْمَن: مَوْضِعٌ. أَبو زَيْدٍ قَالَ: الزُّبْدُ: حِينَ يَحْصُلُ فِي البُرْمة فيُطْبَخُ، فَهُوَ الإِذْوابةُ، فإِن خُلِطَ اللَّبَنُ بالزُّبْدِ، قِيلَ: ارْتَجَنَ. والإِذْوابُ والإِذْوابةُ: الزُّبْدُ يُذابُ فِي البُرْمةِ ليُطْبَخ سَمْناً، فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ اسمَه حَتَّى يُحْقَن فِي السِّقاءِ. وذابَ إِذا قام على أَكْلِ الذَّوْبِ، وَهُوَ العَسَل. وَيُقَالُ فِي المَثل: مَا يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَم يُذِيب؟ وَذَلِكَ عِنْدَ شدَّةِ الأَمر؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازم:
وكُنْتُمْ كَذاتِ القِدْرِ، لَمْ تَدْرِ إِذ غَلَتْ، ... أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَمْ تُذِيبُها؟
أَي: لَا تَدْرِي أَتَترُكُها خاثِرَةً أَم تُذِيبُها؟ وَذَلِكَ إِذا خَافَتْ أَن يَفْسُدَ الإِذْوابُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قَوْلُهُ تُذِيبُها تُبْقيها، مِنْ قَوْلِكَ: مَا ذَابَ فِي يَدِي شيءٌ أَي مَا بَقِيَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: تُذِيبُها تُنْهِبُها. والمِذْوَبةُ: المِغْرَفَةُ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وذَابَ عَلَيْهِ المالُ أَي حصَل، وَمَا ذابَ فِي يَدِي مِنْهُ خيرٌ أَي مَا حصَل. والإِذابةُ: الإِغارةُ. وأَذابَ عَلَيْنَا بَنُو فلانٍ أَي أَغارُوا؛ وَفِي حَدِيثِ قُسٍّ:
أَذُوبُ اللَّيالي أَو يُجِيبَ صَداكُما
أَي: أَنْتَظِرُ فِي مُرورِ اللَّيالي وذَهابِها، مِنَ الإِذابة الإِغارة. والإِذابةُ: النُّهْبةُ، اسمٌ لَا مصدَر، وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ هُنَا بِبَيْتِ بِشْرُ بْنُ أَبِي خَازِمٍ، وَشَرَحَ قَوْلَهُ:
أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَم تُذِيبُها؟
فَقَالَ: أَي تُنْهِبُها؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: تُثْبِتُها، مِن قَوْلِهِمْ ذابَ لِي عَلَيْهِ مِنَ الحَقِّ كَذَا أَي وَجَبَ وثَبَتَ. وذابَ عَلَيْهِ مِنَ الأَمْرِ كَذَا ذَوْباً: وَجَبَ، كَمَا قَالُوا: جَمَدَ وبَرَدَ. وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ مِن ذابَ، نَقِيض جَمَدَ، وأَصلُ المَثَل فِي الزُّبْدِ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: فيَفْرَحُ المَرْءُ أَنْ يَذُوبَ لَهُ الحَقُ
أَي يَجِبَ. وذابَ الرجُل إِذا حَمُقَ بَعْدَ عَقْلٍ، وظَهَرَ فِيهِ ذَوْبةٌ أَي حَمْقة. وَيُقَالُ: ذابَتْ حَدَقَة فُلَانٍ إِذا سالَتْ. وناقةٌ ذَؤُوبٌ أَي سَمِينَةٌ، وَلَيْسَتْ فِي غايةِ السِّمَنِ. والذُّوبانُ: بقيَّةُ الوَبَر؛ وَقِيلَ: هُوَ الشَّعَر عَلَى عُنُقِ البَعِيرِ ومِشْفَرِه، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي الذِّيبانِ، لأَنهما لُغَتَانِ، وَعَسَى أَن يَكُونَ مُعاقَبةً، فتَدْخُلُ كُلِّ واحدةٍ مِنْهُمَا عَلَى صاحِبَتها. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَسْلَمَ عَلى ذَوْبةٍ، أَو مأْثَرَةٍ، فَهِيَ لَهُ.
الذَّوْبة: بقيَّة الْمَالِ يَسْتَذِيبُها الرجلُ أَي يَسْتَبْقِيها؛ والمَأْثَرة: المَكْرُمة. والذَّابُ: العَيْبُ، مثلُ الذَّامِ، والذَّيْمِ، والذَّانِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الحَنَفِيَّة: أَنه كَانَ يُذَوِّبُ أُمَّه
أَي يَضْفِرُ ذَوائِبَها؛ قَالَ: وَالْقِيَاسُ يُذَئِّبُ، بِالْهَمْزِ، لأَن عَيْنَ الذُّؤَابةِ هَمْزَةٌ، وَلَكِنَّهُ جاءَ غيرَ مَهْمُوزٍ كَمَا جاءَ الذَّوائب، عَلَى خلافِ الْقِيَاسِ. وَفِي حَدِيثِ الْغَارِ:
فيُصْبِحُ فِي ذُوبانِ النَّاسِ
؛ يُقَالُ لصَعالِيك الْعَرَبِ ولُصُوصِها: ذُوبانٌ، لأَنهم كالذِّئْبانِ، وأَصلُ الذُّوبانِ بِالْهَمْزِ، وَلَكِنَّهُ خُفِّف فانْقَلَبَت واواً.(1/397)
ذيب: الأَذْيَبُ: الماءُ الكَثِيرُ. والأَذْيَبُ: الفَزَعُ. والأَذْيَبُ: النَّشاطُ. الأَصمعي: مَرَّ فلانٌ وَلَهُ أَذْيَبُ، قَالَ: وأَحْسِبُه يُقَالُ أَزْيَب، بِالزَّايِّ، وَهُوَ النَّشاطُ. والذِّيبانُ: الشَّعَر الَّذِي يَكُونُ عَلَى عُنُقِ الْبَعِيرِ ومِشْفَرِه؛ وَالذِّيبَانُ أَيضاً: بَقِيَّة الوَبَرِ؛ قَالَ شَمِرٌ: لَا أَعْرِفُ الذِّيبانَ إِلَّا فِي بَيْتِ كُثَيِّرٍ:
عَسُوف لأَجْوافِ الفَلا، حِمْيَرِيَّة ... مَرِيش، بِذِيبانِ الشَّلِيلِ، تَلِيلُها
ويُرْوَى السَّبِيبُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ واحِدٌ؛ وقال أَبو وَجْزَةَ:
تَرَبَّعَ أَنْهِيَ الرَّنْقاءِ، حَتَّى ... نَفَى، ونَفَيْنَ ذِيبانَ الشِّتاءِ
فصل الراء
رأب: رَأَبَ إِذا أَصْلَحَ. ورَأَبَ الصَّدْعَ والإِناءَ يَرْأَبُه رَأْباً ورَأْبةً: شَعَبَه، وأَصْلَحَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَرْأَبُ الصَّدْعَ والثَّأَى برَصِينٍ، ... مِنْ سَجَايا آرائِه، ويَغِيرُ
الثَّأَى: الفسادُ، أَي يُصْلِحُه. ويَغِيرُ: يَمير؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وإِنيَ مِنْ قَوْمٍ بِهِم يُتَّقَى العِدَا، ... ورَأْبُ الثَّأَى، والجانِبُ المُتَخَوَّفُ
أَرادَ: وبِهِم رَأْبُ الثَّأَى، فَحَذَفَ الباءَ لتَقَدُّمها فِي قَوْلِهِ بِهِم تُتَّقَى العِدَا، وإِن كَانَتْ حَالَاهُمَا مُخْتَلِفَتَيْن، أَلا تَرَى أَن الباءَ فِي قَوْلِهِ بِهِم يُتَّقى العِدا منصوبةُ الموضِع، لتَعَلُّقِها بالفِعْلِ الظاهِرِ الَّذِي هُوَ يُتَّقَى، كَقَوْلِكَ بالسَّيْفِ يَضْرِبُ زَيْدٌ، والباءُ فِي قَوْلِهِ وبِهِم رَأْبُ الثَّأَى، مرفوعةُ الموضِع عِنْدَ قَوْمٍ، وَعَلَى كلِّ حَالٍ فَهِيَ متعَلِّقَة بِمَحْذُوفٍ، وَرَافِعَةٌ الرأْب. والمِرْأَبُ: المشْعَبُ. ورجلٌ مِرْأَبٌ ورَأّابٌ: إِذا كَانَ يَشْعَب صُدوعَ الأَقْداحِ، ويُصْلِحُ بينَ القَوْم؛ وقَوْمٌ مَرائِيبُ؛ قَالَ الطِّرْمَاحُ يَصِفُ قَوْمًا:
نُصُرٌ للذَّلِيلِ فِي نَدْوَةِ الحيِّ، ... مَرائِيبُ للثَّأَى المُنْهاضِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، يَصِفُ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنْتَ لِلدِّين رَأّاباً.
الرَّأْبُ: الجمعُ والشَّدُّ. ورَأَبَ الشيءَ إِذا جَمَعه وشَدَّه برِفْقٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ تَصف أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يَرْأَبُ شَعْبَها
؛ وَفِي حَدِيثِهَا الْآخَرِ:
ورَأَبَ الثَّأَى
أَي أَصْلَحَ الفاسِدَ، وجَبَر الوَهْيَ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَا يُرْأَبُ بهنَّ إِن صَدَعَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير، قَالَ القُتَيْبي: الرِّوَايَةُ صَدَعَ، فإِن كَانَ مَحْفُوظًا، فإِنه يُقَالُ صَدَعْت الزُّجاجة فصَدَعَت، كَمَا يُقَالُ جَبَرْت العَظْمَ فَجَبرَ، وإِلّا فإِنه صُدِعَ، أَو انْصَدَعَ. ورَأَبَ بَيْنَ القَوْمِ يَرْأَبُ رَأْباً: أَصلحَ مَا بَيْنَهم. وكُلُّ مَا أَصْلَحْتَه، فَقَدْ رَأَبْتَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: اللَّهُمَّ ارْأَبْ بينَهم أَي أَصلِحْ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ «1» .
طَعَنَّا طَعْنَةً حَمْراءَ فِيهِمْ، ... حَرامٌ رَأْبُها حَتَّى المَمَاتِ
__________
(1) . قوله [كعب بن زهير إلخ] قال الصاغاني في التكملة ليس لكعب على قافية التاء شيء وإنما هو لكعب بن حرث المرادي.(1/398)
وكلُّ صَدعٍ لأَمْتَه، فَقَدْ رأَبْتَه. والرُّؤْبةُ: القِطْعَةُ تُدْخَل فِي الإِناءِ لِيُرْأَب. والرُّؤْبةُ: الرُّقْعة الَّتِي يُرْقَعُ بِهَا الرَّحْلُ إِذا كُسِرَ. والرُّؤْبةُ، مهموزةٌ: مَا تُسَدُّ بِهِ الثَّلْمة؛ قَالَ طُفَيْل الغَنَوِي:
لَعَمْرِي، لَقَدْ خَلَّى ابنُ جَنْدَعَ ثُلْمةً، ... ومِنْ أَينَ إِن لَمْ يَرْأَب اللهُ تُرأَبُ؟ «1»
قَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ مثلُ لَقَدْ خَلَّى ابنُ خَيْدَعَ ثُلْمةً. قَالَ: وخَيْدَعُ هِيَ امرأَة، وَهِيَ أُمُّ يَرْبُوعَ؛ يَقُولُ: مِنْ أَين تُسَدُّ تِلْكَ الثُّلْمةُ، إِن لَمْ يَسُدَّها اللهُ؟ ورُؤْبةُ: اسمُ رَجُلٍ. والرُّؤْبة: القِطْعة مِنَ الخَشَب يُشْعَب بِهَا الإِناءُ، ويُسَدُّ بِهَا ثُلْمة الجَفْنة، والجمعُ رِئابٌ. وَبِهِ سُمِّيَ رُؤْبة بْنُ العَجَّاج بْنِ رؤْبة؛ قَالَ أُميَّة يَصِفُ السماءَ:
سَراةُ صَلابةٍ خَلْقاءَ، صِيغَتْ، ... تُزِلُّ الشمسَ، لَيْسَ لَهَا رِئابُ «2»
أَي صُدُوعٌ. وَهَذَا رِئابٌ قَدْ جاءَ، وَهُوَ مهموزٌ: اسْمُ رجُلٍ. التَّهْذِيبُ: الرُّؤْبةُ الخَشَبة الَّتِي يُرْأَبُ بِهَا المشَقَّر، وَهُوَ القَدَحُ الكبيرُ مِنَ الخَشَب. والرُّؤْبةُ: القِطْعة مِنَ الحَجَر تُرْأَب بِهَا البُرْمة، وتُصْلَحُ بها.
ربب: الرَّبُّ: هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، هُوَ رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وَلَهُ الرُّبوبيَّة عَلَى جَمِيعِ الخَلْق، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهُوَ رَبُّ الأَرْبابِ، ومالِكُ المُلوكِ والأَمْلاكِ. وَلَا يُقَالُ الربُّ فِي غَيرِ اللهِ، إِلّا بالإِضافةِ، قَالَ: وَيُقَالُ الرَّبُّ، بالأَلِف وَاللَّامِ، لغيرِ اللهِ؛ وَقَدْ قَالُوهُ فِي الجاهلية للمَلِكِ؛ قَالَ الْحَرِثُ بْنُ حِلِّزة:
وَهُوَ الرَّبُّ، والشَّهِيدُ عَلى يَوْمِ ... الحِيارَيْنِ، والبَلاءُ بَلاءُ
والاسْم: الرِّبابةُ؛ قَالَ:
يَا هِنْدُ أَسْقاكِ، بِلَا حِسابَهْ، ... سُقْيَا مَلِيكٍ حَسَنِ الرِّبابهْ
والرُّبوبِيَّة: كالرِّبابة. وعِلْمٌ رَبُوبيٌّ: منسوبٌ إِلى الرَّبِّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَحَكَى أَحمد بْنُ يَحْيَى: لَا وَرَبْيِكَ لَا أَفْعَل. قَالَ: يريدُ لَا وَرَبِّكَ، فأَبْدَلَ الباءَ يَاءً، لأَجْلِ التَّضْعِيفِ. وربُّ كلِّ شيءٍ: مالِكُه ومُسْتَحِقُّه؛ وَقِيلَ: صاحبُه. وَيُقَالُ: فلانٌ رَبُّ هَذَا الشيءِ أَي مِلْكُه لَهُ. وكُلُّ مَنْ مَلَك شَيْئًا، فَهُوَ رَبُّه. يُقَالُ: هُوَ رَبُّ الدابةِ، وربُّ الدارِ، وفلانٌ رَبُّ البيتِ، وهُنَّ رَبَّاتُ الحِجالِ؛ وَيُقَالُ: رَبٌّ، مُشَدَّد؛ ورَبٌ، مخفَّف؛ وأَنشد الْمُفَضَّلُ:
وَقَدْ عَلِمَ الأَقْوالُ أَنْ ليسَ فوقَه ... رَبٌ، غيرُ مَنْ يُعْطِي الحُظوظَ، ويَرْزُقُ
وَفِي حَدِيثِ أَشراط السَّاعَةِ:
وأَن تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّها، أَو رَبَّتَها.
قَالَ: الرَّبُّ يُطْلَق فِي اللُّغَةِ عَلَى المالكِ، والسَّيِّدِ، والمُدَبِّر، والمُرَبِّي، والقَيِّمِ، والمُنْعِمِ؛ قَالَ: وَلَا يُطلَق غيرَ مُضافٍ إِلّا عَلَى اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، وإِذا أُطْلِق عَلَى غيرِه أُضِيفَ، فقيلَ: ربُّ كَذَا. قَالَ: وَقَدْ جاءَ فِي الشِّعْر مُطْلَقاً عَلَى غيرِ اللَّهِ تَعَالَى،
__________
(1) . قوله [لعمري البيت] هكذا في الأَصل وقوله بعده قَالَ يَعْقُوبُ هُوَ مِثْلُ لَقَدْ خَلَّى ابْنُ خَيْدَعَ إلخ في الأَصل أيضاً.
(2) . قوله [لَيْسَ لَهَا رِئَابُ] قَالَ الصاغاني في التكملة الرواية ليس لها إياب.(1/399)
وَلَيْسَ بالكثيرِ، وَلَمْ يُذْكَر فِي غَيْرِ الشِّعْر. قَالَ: وأَراد بِهِ فِي هَذَا الحديثِ المَوْلَى أَو السيِّد، يَعْنِي أَن الأَمَةَ تَلِدُ لسيِّدها ولَداً، فَيَكُونُ كالمَوْلى لَهَا، لأَنَّه فِي الحَسَب كأَبيه. أَراد: أَنَّ السَّبْي يَكْثُر، والنِّعْمة تظْهَر فِي النَّاسِ، فتكثُر السَّراري. وَفِي حَدِيثِ إِجابةِ المُؤَذِّنِ:
اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدعوةِ
أَي صاحِبَها؛ وَقِيلَ: المتَمِّمَ لَها، والزائدَ فِي أَهلها والعملِ بِهَا، والإِجابة لَهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَقُل المَمْلوكُ لسَيِّده: ربِّي
؛ كَرِهَ أَن يَجْعَلَ مَالِكَهُ رَبّاً لَهُ، لمُشاركَةِ اللَّهِ فِي الرُّبُوبيةِ؛ فأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ
؛ فإِنه خاطَبَهم عَلَى المُتَعارَفِ عِنْدَهُمْ، وَعَلَى مَا كَانُوا يُسَمُّونَهم بِهِ؛ وَمِنْهُ قولُ السامِرِيّ: وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ أَي الَّذِي اتَّخَذْتَه إِلهاً. فأَما الْحَدِيثُ
فِي ضالَّةِ الإِبل: حَتَّى يَلْقاها رَبُّها
؛ فإِنَّ البَهائم غَيْرُ مُتَعَبَّدةٍ وَلَا مُخاطَبةٍ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الأَمْوالِ الَّتِي تَجوز إِضافةُ مالِكِيها إِليها، وجَعْلُهم أَرْباباً لَهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَبُّ الصُّرَيْمة ورَبُّ الغُنَيْمةِ.
وَفِي حَدِيثِ
عروةَ بْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لمَّا أَسْلَم وعادَ إِلى قَوْمِهِ، دَخل مَنْزِلَهُ، فأَنكر قَومُه دُخُولَه، قبلَ أَن يأْتِيَ الربَّةَ
، يَعْنِي اللَّاتَ، وَهِيَ الصخرةُ الَّتِي كَانَتْ تَعْبُدها ثَقِيفٌ بالطائفِ. وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ ثَقِيفٍ:
كَانَ لَهُمْ بَيْتٌ يُسَمُّونه الرَّبَّةَ، يُضاهِئُونَ بِهِ بَيْتَ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَمَّا أَسْلَمُوا هَدَمَه المُغِيرةُ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً
، فادْخُلي في عَبْدي؛ فِيمَنْ قرأَ بِهِ، فَمَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم: ارْجِعِي إِلى صاحِبِك الَّذِي خَرَجْتِ مِنْهُ، فادخُلي فِيهِ؛ والجمعُ أَربابٌ ورُبُوبٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: إِن الْعَزِيزَ صاحِبِي أَحْسَنَ مَثْوايَ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يكونَ: اللهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ. والرَّبِيبُ: المَلِكُ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
فَمَا قاتلُوا عَنْ رَبِّهم ورَبِيبِهم، ... وَلَا آذَنُوا جَارًا، فَيَظْعَنَ سالمَا
أَي مَلِكَهُمْ. ورَبَّهُ يَرُبُّهُ رَبّاً: مَلَكَه. وطالَتْ مَرَبَّتُهم الناسَ ورِبابَتُهم أَي مَمْلَكَتُهم؛ قَالَ علقمةُ بْنُ عَبَدةَ:
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِي، ... وقَبْلَكَ رَبَّتْنِي، فَضِعتُ، رُبوبُ «3»
ويُروى رَبُوب؛ وَعِنْدِي أَنه اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وإِنه لَمَرْبُوبٌ بَيِّنُ الرُّبوبةِ أَي لَمَمْلُوكٌ؛ والعِبادُ مَرْبُوبونَ للهِ، عَزَّ وَجَلَّ، أَي مَمْلُوكونَ. ورَبَبْتُ القومَ: سُسْتُهم أَي كنتُ فَوْقَهم. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: هُوَ مِنَ الرُّبُوبِيَّةِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: لأَنْ يَرُبَّنِي فُلَانٌ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي فُلَانٌ؛ يَعْنِي أَن يكونَ رَبّاً فَوْقِي، وسَيِّداً يَمْلِكُنِي؛ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ صَفْوانَ بنِ أُمَيَّةَ، أَنه قَالَ يومَ حُنَيْنٍ، عِنْدَ الجَوْلةِ الَّتِي كَانَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ أَبو سفيانَ: غَلَبَتْ واللهِ هَوازِنُ؛ فأَجابه صفوانُ وَقَالَ: بِفِيكَ الكِثْكِثُ، لأَنْ يَرُبَّنِي رجلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يَرُبَّني رجلٌ مِنْ هَوازِنَ. ابْنُ الأَنباري: الرَّبُّ يَنْقَسِم عَلَى ثَلَاثَةِ أَقسام: يَكُونُ الرَّبُّ المالِكَ، وَيَكُونُ الرَّبُّ السّيدَ المطاع؛
__________
(3) . قوله [وكنت امرأ إلخ] كذا أنشده الجوهري وتبعه المؤلف. وقال الصاغاني والرواية وأنت امرؤ. يخاطب الشاعر الحرث بن جبلة، ثم قال والرواية المشهورة أمانتي بدل ربابتي.(1/400)
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً
، أَي سَيِّدَه؛ وَيَكُونُ الرَّبُّ المُصْلِحَ. رَبَّ الشيءَ إِذا أَصْلَحَه؛ وأَنشد:
يَرُبُّ الَّذِي يأْتِي منَ العُرْفِ أَنه، ... إِذا سُئِلَ المَعْرُوفَ، زادَ وتَمَّما
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: لأَن يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي، أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يَرُبَّنِي غيرُهم
، أَي يَكُونُونَ عليَّ أُمَراءَ وَسَادَةً مُتَقَدِّمين، يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ، فإِنهم إِلى ابنِ عباسٍ فِي النَّسَبِ أَقْرَبُ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ. يُقَالُ: رَبَّهُ يَرُبُّه أَي كَانَ لَهُ رَبّاً. وتَرَبَّبَ الرَّجُلَ والأَرضَ: ادَّعَى أَنه رَبُّهما. والرَّبَّةُ: كَعْبَةٌ كَانَتْ بنَجْرانَ لِمَذْحِج وبني الحَرث بْنِ كَعْب، يُعَظِّمها الناسُ. ودارٌ رَبَّةٌ: ضَخْمةٌ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
وَفِي كلِّ دارٍ رَبَّةٍ، خَزْرَجِيَّةٍ، ... وأَوْسِيَّةٍ، لِي فِي ذراهُنَّ والِدُ
ورَبَّ ولَدَه والصَّبِيَّ يَرُبُّهُ رَبّاً، ورَبَّبَه تَرْبِيباً وتَرِبَّةً، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: بِمَعْنَى رَبَّاه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لكَ نِعْمةٌ تَرُبُّها
، أَي تَحْفَظُها وتُراعِيها وتُرَبِّيها، كَمَا يُرَبِّي الرَّجُلُ ولدَه؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَنَ:
أُسْدٌ تُرَبِّبُ، فِي الغَيْضاتِ، أَشْبالا
أَي تُرَبِّي، وَهُوَ أَبْلَغ مِنْهُ وَمِنْ تَرُبُّ، بِالتَّكْرِيرِ الَّذِي فِيهِ. وتَرَبَّبَه، وارْتَبَّه، ورَبَّاه تَرْبِيَةً، عَلَى تَحْويلِ التَّضْعيفِ، وتَرَبَّاه، عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ أَيضاً: أَحسَنَ القِيامَ عَلَيْهِ، وَوَلِيَه حَتَّى يُفارِقَ الطُّفُولِيَّةَ، كَانَ ابْنَه أَو لَمْ يَكُنْ؛ وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
تُرَبِّبُهُ، مِنْ آلِ دُودانَ، شَلّةٌ ... تَرِبَّةَ أُمٍّ، لَا تُضيعُ سِخَالَها
وَزَعَمَ ابْنُ دُرَيْدٍ: أَنَّ رَبِبْتُه لغةٌ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ كُلُّ طِفْل مِنَ الْحَيَوَانِ، غَيْرَ الإِنسان؛ وَكَانَ يُنْشِدُ هَذَا الْبَيْتَ:
كَانَ لَنَا، وهْوَ فُلُوٌّ نِرْبَبُهْ
كَسَرَ حَرْفَ المُضارعةِ ليُعْلَم أَنّ ثَانِيَ الْفِعْلِ الْمَاضِي مَكْسُورٌ، كَمَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا النَّحْوِ؛ قَالَ: وَهِيَ لُغَةُ هُذَيْلٍ فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْفِعْلِ. والصَّبِيُّ مَرْبُوبٌ ورَبِيبٌ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ؛ والمَرْبُوب: المُرَبَّى؛ وَقَوْلُ سَلامَة بْنِ جَنْدَلٍ:
لَيْسَ بأَسْفَى، وَلَا أَقْنَى، وَلَا سَغِلٍ، ... يُسْقَى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ، مَرْبُوبِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِمَرْبُوبٍ: الصَّبِيَّ، وأَن يَكُونَ أَراد بِهِ الفَرَس؛ وَيُرْوَى: مربوبُ أَي هُوَ مَرْبُوبٌ. والأَسْفَى: الخفيفُ الناصِيَةِ؛ والأَقْنَى: الَّذِي فِي أَنفِه احْديدابٌ؛ والسَّغِلُ: المُضْطَرِبُ الخَلْقِ؛ والسَّكْنُ: أَهلُ الدَّارِ؛ والقَفِيُّ والقَفِيَّةُ: مَا يُؤْثَرُ بِهِ الضَّيْفُ والصَّبِيُّ؛ وَمَرْبُوبٌ مِنْ صِفَةِ حَتٍّ فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ، وَهُوَ:
مِنْ كلِّ حَتٍّ، إِذا مَا ابْتَلَّ مُلْبَدهُ، ... صافِي الأَديمِ، أَسِيلِ الخَدِّ، يَعْبُوب
الحَتُّ: السَّريعُ. واليَعْبُوب: الفرسُ الكريمُ، وَهُوَ الواسعُ الجَرْي. وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحيى للقَوْمِ الَّذِينَ اسْتُرْضِعَ فِيهِمُ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرِبَّاءُ النبيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كأَنه جمعُ رَبِيبٍ، فَعِيلٍ بِمَعْنَى(1/401)
فَاعِلٍ؛ وقولُ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ:
ولأَنْتِ أَحسنُ، إِذْ بَرَزْتِ لَنَا ... يَوْمَ الخُروجِ، بِساحَةِ القَصْرِ،
مِن دُرَّةٍ بَيْضاءَ، صافيةٍ، ... مِمَّا تَرَبَّب حائرُ البحرِ
يَعْنِي الدُّرَّةَ الَّتِي يُرَبِّيها الصَّدَفُ فِي قَعْرِ الماءِ. والحائرُ: مُجْتَمَعُ الماءِ، ورُفع لأَنه فَاعِلُ تَرَبَّبَ، والهاءُ العائدةُ عَلَى مِمَّا محذوفةٌ، تَقْدِيرُهُ مِمَّا تَرَبَّبه حائرُ البحرِ. يُقَالُ: رَبَّبَه وتَرَبَّبَه بِمَعْنًى: والرَّبَبُ: مَا رَبَّبَه الطّينُ، عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد: فِي رَبَبِ الطِّينِ وَمَاءٍ حائِر والرَّبِيبةُ: واحِدةُ الرَّبائِب مِنَ الْغَنَمِ الَّتِي يُرَبّيها الناسُ فِي البُيوتِ لأَلبانها. وغَنمٌ ربائِبُ: تُرْبَطُ قَريباً مِن البُيُوتِ، وتُعْلَفُ لَا تُسامُ، وَهِيَ الَّتِي ذَكَر إبراهيمُ النَّخْعِي أَنه لَا صَدَقةَ فِيهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ
النَّخَعِيِّ: لَيْسَ فِي الرَّبائبِ صَدَقةٌ.
الرَّبائبُ: الغَنَمُ الَّتِي تكونُ فِي البَيْتِ، وَلَيْسَتْ بِسائمةٍ، وَاحِدَتُهَا رَبِيبَةٌ، بِمَعْنَى مَرْبُوبَةٍ، لأَن صاحِبَها يَرُبُّها. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كَانَ لَنَا جِيرانٌ مِن الأَنصار لَهُمْ رَبائِبُ، وَكَانُوا يَبْعَثُونَ إِلينا مِن أَلبانِها.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: لَا تَأْخُذِ الأَكُولَة، وَلَا الرُّبَّى، وَلَا الماخضَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ الَّتِي تُرَبَّى فِي الْبَيْتِ مِنَ الْغَنَمِ لأَجْل اللَّبن؛ وَقِيلَ هِيَ الشاةُ القَريبةُ العَهْدِ بالوِلادة، وَجَمْعُهَا رُبابٌ، بِالضَّمِّ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
مَا بَقِيَ فِي غَنَمِي إِلّا فَحْلٌ، أَو شاةٌ رُبَّى.
والسَّحَابُ يَرُبُّ المَطَر أَي يَجْمَعُه ويُنَمِّيهِ. والرَّبابُ، بِالْفَتْحِ: سَحابٌ أَبيضُ؛ وَقِيلَ: هُوَ السَّحابُ، واحِدَتُه رَبابةٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ السَّحابُ المُتَعَلِّقُ الَّذِي تَرَاهُ كأَنه دُونَ السَّحاب. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ المَعْرُوفُ، وَقَدْ يَكُونُ أَبيضَ، وَقَدْ يَكُونُ أَسْودَ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه نَظَرَ فِي الليلةِ الَّتِي أُسْرِيَ بِهِ إِلى قَصْرٍ مِثْلِ الرَّبابةِ البَيْضاء.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الرَّبابةُ، بِالْفَتْحِ: السَّحابةُ الَّتِي قَدْ رَكِبَ بعضُها بَعْضاً، وَجَمْعُهَا رَبابٌ، وَبِهَا سُمِّيَتِ المَرْأَةُ الرَّبابَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَقَى دارَ هِنْدٍ، حَيْثُ حَلَّ بِها النَّوَى، ... مُسِفُّ الذُّرَى، دَانِي الرَّبابِ، ثَخِينُ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ، رضي اللَّهُ عَنْهُمَا: أَحْدَقَ بِكُم رَبابه.
قَالَ الأَصمعي: أَحسنُ بَيْتٍ، قَالَتْهُ الْعَرَبُ فِي وَصْفِ الرَّبابِ، قولُ عبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّان، عَلَى مَا ذَكَرَهُ الأَصمعي فِي نِسْبَةِ الْبَيْتِ إِليه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ورأَيت مَنْ يَنْسُبُه لعُروة بنَ جَلْهَمَةَ المازِنيّ:
إِذا اللهُ لَمْ يُسْقِ إِلّا الكِرام، ... فَأَسْقَى وُجُوهَ بَنِي حَنْبَلِ
أَجَشَّ مُلِثّاً، غَزيرَ السَّحاب، ... هَزيزَ الصَلاصِلِ والأَزْمَلِ
تُكَرْكِرُه خَضْخَضاتُ الجَنُوب، ... وتُفْرِغُه هَزَّةُ الشَّمْأَلِ
كأَنَّ الرَّبابَ، دُوَيْنَ السَّحاب، ... نَعامٌ تَعَلَّقَ بالأَرْجُلِ
وَالْمَطَرُ يَرُبُّ النباتَ والثَّرى ويُنَمِّيهِ. والمَرَبُّ:(1/402)
الأَرضُ الَّتِي لَا يَزالُ بِهَا ثَرًى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
خَناطِيلُ يَسْتَقْرِينَ كلَّ قرارَةٍ، ... مَرَبٍّ، نَفَتْ عَنْهَا الغُثاءَ الرّوائسُ
وَهِيَ المَرَبَّة والمِرْبابُ. وَقِيلَ: المِرْبابُ مِنَ الأَرضِين الَّتِي كَثُرَ نَبْتُها ونَأْمَتُها، وكلُّ ذَلِكَ مِنَ الجَمْعِ. والمَرَبُّ: المَحَلُّ، ومكانُ الإِقامةِ والاجتماعِ. والتَّرَبُّبُ: الاجْتِماعُ. ومَكانٌ مَرَبٌّ، بِالْفَتْحِ: مَجْمَعٌ يَجْمَعُ الناسَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بأَوَّلَ مَا هاجَتْ لكَ الشَّوْقَ دِمْنةٌ، ... بِأَجرَعَ مِحْلالٍ، مَرَبٍّ، مُحَلَّلِ
قَالَ: وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ للرّبابِ: رِبابٌ، لأَنهم تَجَمَّعوا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سُمُّوا رَبَابًا، لأَنهم جاؤُوا برُبٍّ، فأَكلوا مِنْهُ، وغَمَسُوا فِيهِ أَيدِيَهُم، وتَحالفُوا عَلَيْهِ، وَهُمْ: تَيْمٌ، وعَدِيٌّ، وعُكْلٌ. والرِّبابُ: أَحْياء ضَبّةَ، سُمُّوا بِذَلِكَ لتَفَرُّقِهم، لأَنَّ الرُّبَّة الفِرقةُ، وَلِذَلِكَ إِذا نَسَبْتَ إِلى الرِّباب قُلْتَ: رُبِّيٌّ، بِالضَّمِّ، فَرُدَّ إِلى وَاحِدِهِ وَهُوَ رُبَّةٌ، لأَنك إِذا نَسَبْتَ الشيءَ إِلى الْجَمْعِ رَدَدْتَه إِلى الْوَاحِدِ، كَمَا تَقُولُ فِي المساجِد: مَسْجِدِيٌّ، إِلا أَن تَكُونَ سَمَّيْتَ بِهِ رَجُلًا، فَلَا تَرُدَّه إِلى الْوَاحِدِ، كَمَا تَقُولُ فِي أَنْمارٍ: أَنْمارِيٌّ، وَفِي كِلابٍ: كِلابِيٌّ. قَالَ: هَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وأَما أَبو عُبَيْدَةَ فإِنه قَالَ: سُمُّوا بِذَلِكَ لتَرابِّهِم أَي تَعاهُدِهِم؛ قَالَ الأَصمعي: سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم أَدخلوا أَيديهم فِي رُبٍّ، وتَعاقَدُوا، وتَحالَفُوا عَلَيْهِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: سُموا «1» رِباباً، بِكَسْرِ الراءِ، لأَنهم تَرَبَّبُوا أَي تَجَمَّعوا رِبَّةً رِبَّةً، وَهُمْ خَمسُ قَبائلَ تَجَمَّعوا فَصَارُوا يَدًا وَاحِدَةً؛ ضَبَّةُ، وثَوْرٌ، وعُكْل، وتَيْمٌ، وعَدِيٌّ. وَفُلَانٌ مَرَبٌّ أَي مَجْمعٌ يَرُبُّ الناسَ ويَجْمَعُهم. ومَرَبّ الإِبل: حَيْثُ لَزِمَتْه. وأَرَبَّت الإِبلُ بِمَكَانِ كَذَا: لَزِمَتْه وأَقامَتْ بِهِ، فَهِيَ إِبِلٌ مَرابُّ، لَوازِمُ. ورَبَّ بِالْمَكَانِ، وأَرَبَّ: لَزِمَه؛ قَالَ:
رَبَّ بأَرضٍ لَا تَخَطَّاها الحُمُرْ
وأَرَبَّ فُلَانٌ بِالْمَكَانِ، وأَلَبَّ، إِرْباباً، وإِلباباً إِذا أقامَ بِهِ، فَلَمْ يَبْرَحْه. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ إِني أَعُوذُ بِكَ مِنْ غِنًى مُبْطِرٍ، وفَقْرٍ مُرِبٍّ.
وَقَالَ ابْنُ الأَثير: أَو قَالَ: مُلِبٍّ، أَي لازِمٍ غَيْرِ مُفارِقٍ، مِن أَرَبَّ بالمكانِ وأَلَبَّ إِذا أَقامَ بِهِ ولَزِمَه؛ وَكُلُّ لازِمِ شيءٍ مُرِبٌّ. وأَرَبَّتِ الجَنُوبُ: دامَت. وأَرَبَّتِ السَّحابةُ: دامَ مَطَرُها. وأَرَبَّتِ الناقةُ أَي لَزِمَت الفحلَ وأَحَبَّتْه. وأَرَبَّتِ الناقةُ بِوَلَدِهَا: لَزِمَتْه وأَحَبَّتْه؛ وَهِيَ مُرِبٌّ كَذَلِكَ، هَذِهِ رِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ. ورَوْضاتُ بَنِي عُقَيْلٍ يُسَمَّيْن: الرِّبابَ. والرِّبِّيُّ والرَّبَّانِيُّ: الحَبْرُ، ورَبُّ العِلْم، وَقِيلَ: الرَّبَّانِيُّ الَّذِي يَعْبُد الرَّبَّ، زِيدت الأَلف وَالنُّونُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي النَّسَبِ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: زَادُوا أَلفاً وَنُونًا فِي الرَّبَّاني إِذا أَرادوا تَخْصِيصًا بعِلْم الرَّبِّ دُونَ غَيْرِهِ، كأَن مَعْنَاهُ: صاحِبُ عِلْمٍ بالرَّبِّ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ العُلوم؛ وَهُوَ كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ شَعْرانِيٌّ، ولِحْيانِيٌّ، ورَقَبانِيٌّ إِذا خُصَّ بِكَثْرَةِ الشَّعْرِ، وَطُولِ اللِّحْيَة، وغِلَظِ الرَّقبةِ؛ فإِذا
__________
(1) . قوله [وقال ثعلب سموا إلخ] عبارة المحكم وَقَالَ ثَعْلَبٌ سُمُّوا رِبَابًا لأَنهم اجتمعوا رِبَّة رِبَّة بالكسر أي جماعة جماعة ووهم ثعلب في جمعه فعلة (أي بالكسر) على فعال وَإِنَّمَا حُكْمُهُ أَنْ يَقُولَ رُبَّة رُبَّة انتهى أي بالضم.(1/403)
نَسَبُوا إِلى الشَّعر، قَالُوا: شَعْرِيٌّ، وإِلى الرَّقبةِ قَالُوا: رَقَبِيٌّ، وإِلى اللِّحْيةِ: لِحْيِيٌّ. والرَّبِّيُّ: مَنْسُوبٌ إِلى الرَّبِّ. والرَّبَّانِيُّ: الْمَوْصُوفُ بِعِلْمِ الرَّبِّ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّبَّانِيُّ الْعَالِمُ المُعَلِّم، الَّذِي يَغْذُو الناسَ بِصغارِ الْعِلْمِ قبلَ كِبارها. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ لَمّا ماتَ عبدُ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اليومَ ماتَ رَبّانِيُّ هَذِهِ الأُمَّة. ورُوي عَنْ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: الناسُ ثلاثةٌ: عالِمٌ ربَّانيٌّ، ومُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبيلِ نَجاةٍ، وهَمَجٌ رَعاعٌ أَتباعُ كلِّ نَاعِقٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى الرَّبِّ، بِزِيَادَةِ الأَلف وَالنُّونِ لِلْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الرَّبِّ، بِمَعْنَى التربيةِ، كَانُوا يُرَبُّونَ المُتَعَلِّمينَ بِصغار العُلوم، قبلَ كبارِها. والرَّبَّانِيُّ: الْعَالِمُ الرَّاسِخُ فِي العِلم وَالدِّينِ، أَو الَّذِي يَطْلُب بِعلْمِه وجهَ اللهِ، وَقِيلَ: العالِم، العامِلُ، المُعَلِّمُ؛ وَقِيلَ: الرَّبَّانِيُّ: الْعَالِي الدَّرجةِ فِي العِلمِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ رَجُلًا عَالِمًا بالكُتب يَقُولُ: الرَّبَّانِيُّون العُلَماءُ بالحَلال والحَرام، والأَمْرِ والنَّهْي. قَالَ: والأَحبارُ أَهلُ الْمَعْرِفَةِ بأَنْباءِ الأُمَم، وَبِمَا كَانَ وَيَكُونُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَحْسَب الكلمَة لَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ، إِنما هِيَ عِبْرانية أَو سُرْيانية؛ وَذَلِكَ أَن أَبا عُبَيْدَةَ زَعَمَ أَن الْعَرَبَ لَا تَعْرِفُ الرَّبَّانِيّين؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وإِنما عَرَفَها الْفُقَهَاءُ وأَهل الْعِلْمِ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ لِرَئِيسِ المَلَّاحِينَ رُبَّانِيٌّ «2» ؛ وأَنشد:
صَعْلٌ مِنَ السَّامِ ورُبَّانيُ
ورُوي عَنْ
زِرِّ بْنِ عبدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ
، قَالَ: حُكَماءَ عُلَماءَ.
غَيْرُهُ: الرَّبَّانيُّ المُتَأَلِّه، العارِفُ بِاللَّهِ تَعَالَى؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ
. والرُّبَّى، عَلَى فُعْلى، بِالضَّمِّ: الشَّاةُ الَّتِي وضعَت حَدِيثًا، وَقِيلَ: هِيَ الشَّاةُ إِذا وَلَدَتْ، وإِن ماتَ ولدُها فَهِيَ أَيضاً رُبَّى، بَيِّنةُ الرِّبابِ؛ وَقِيلَ: رِبابُها مَا بَيْنها وَبَيْنَ عِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ وِلادتِها، وَقِيلَ: شَهْرَيْنِ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الْحَدِيثَةُ النِّتاج، مِن غَيْرِ أَنْ يَحُدَّ وَقْتاً؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي يَتْبَعُها ولدُها؛ وَقِيلَ: الرُبَّى مِنَ المَعز، والرَّغُوثُ مِنَ الضأْن، وَالْجَمْعُ رُبابٌ، بِالضَّمِّ، نَادِرٌ. تَقُولُ: أَعْنُزٌ رُبابٌ، وَالْمَصْدَرُ رِبابٌ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ قُرْبُ العَهْد بِالْوِلَادَةِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الرُّبَّى مِنَ الْمَعَزِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: مِنَ الْمَعَزِ والضأْن جَمِيعًا، وَرُبَّمَا جاءَ فِي الإِبل أَيضاً. قَالَ الأَصمعي: أَنشدنا مُنْتَجع ابن نَبْهانَ:
حَنِينَ أُمِّ البَوِّ فِي رِبابِها
قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالُوا رُبَّى ورُبابٌ، حَذَفُوا أَلِف التأْنيث وبَنَوْه عَلَى هَذَا البناءِ، كَمَا أَلقوا الهاءَ مِنْ جَفْرة، فَقَالُوا جِفارٌ، إِلَّا أَنهم ضَمُّوا أَوَّل هَذَا، كَمَا قَالُوا ظِئْرٌ وظُؤَارٌ، ورِخْلٌ ورُخالٌ. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: أَنَّ الشاةَ تُحْلَبُ فِي رِبابِها.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: غَنَمٌ رِبابٌ، قَالَ: وَهِيَ قَلِيلَةٌ. وَقَالَ: رَبَّتِ الشاةُ تَرُبُّ رَبّاً إِذا وَضَعَتْ، وَقِيلَ: إِذا عَلِقَتْ، وَقِيلَ: لَا فِعْلَ للرُّبَّى. والمرأَةُ تَرْتَبُّ الشعَر بالدُّهْن؛ قَالَ الأَعشى:
حُرَّةٌ، طَفْلَةُ الأَنامِل، تَرْتَبُّ ... سُخاماً، تَكُفُّه بخِلالِ
وكلُّ هَذَا من الإِصْلاحِ والجَمْع.
__________
(2) . قوله [وَكَذَلِكَ قَالَ شَمِرٌ يُقَالُ إلخ] كذا بالنسخ وعبارة التكملة ويقال لرئيس الملاحين الربان بالضم وقال شمر الرباني بالضم منسوباً وأنشد للعجاج صعل وبالجملة فتوسط هذه العبارة بين الكلام على الرباني بالفتح ليس على ما ينبغي إلخ.(1/404)
والرَّبِيبةُ: الحاضِنةُ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: لأَنها تُصْلِحُ الشيءَ، وتَقُوم بِهِ، وتَجْمَعُه. وَفِي حَدِيثِ
المُغِيرة: حَمْلُها رِبابٌ.
رِبابُ المرأَةِ: حِدْثانُ وِلادَتِها، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ أَن تَضَعَ إِلى أَن يأْتي عَلَيْهَا شَهْرَانِ، وَقِيلَ: عِشْرُونَ يَوْمًا يُرِيدُ أَنها تَحْمِلُ بَعْدَ أَن تَلِد بِيَسِيرٍ، وَذَلِكَ مَذْمُوم فِي النساءِ، وإِنما يُحْمَد أَن لَا تَحْمِل بَعْدَ الْوَضْعِ، حَتَّى يَتِمَّ رَضاعُ وَلَدِهَا. والرَّبُوبُ والرَّبِيبُ: ابْنُ امرأَةِ الرَّجُلِ مِن غَيْرِهِ، وَهُوَ بِمَعْنَى مَرْبُوب. وَيُقَالُ للرَّجل نَفْسِه: رابٌّ. قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْس، يَذْكُرُ امرأَته، وذكَرَ أَرْضاً لَهَا:
فإِنَّ بِهَا جارَيْنِ لَنْ يَغْدِرا بِهَا: ... رَبِيبَ النَّبيِّ، وابنَ خَيْرِ الخَلائفِ
يَعْنِي عُمَرَ بْنَ أَبي سَلَمة، وَهُوَ ابنُ أُمِّ سَلَمةَ زَوْجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعاصِمَ بن عمر ابن الخَطَّاب، وأَبوه أَبو سَلَمَة، وَهُوَ رَبِيبُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ والأُنثى رَبِيبةٌ. الأَزهري: رَبِيبةُ الرَّجُلِ بنتُ امرأَتِه مِنْ غَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنما الشَّرْطُ فِي الرَّبائبِ
؛ يُرِيدُ بَناتِ الزَّوْجاتِ مِنْ غَيْرِ أَزواجِهن الَّذِينَ مَعَهُنَّ. قَالَ: والرَّبِيبُ أَيضاً، يُقَالُ لِزَوْجِ الأُم لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ. وَيُقَالُ لامرأَةِ الرَّجُلُ إِذا كَانَ لَهُ ولدٌ مِنْ غَيْرِهَا: رَبيبةٌ، وَذَلِكَ مَعْنَى رابَّةٍ ورابٍّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرَّابُّ كافِلٌ
؛ وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ اليَتيم، وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ، مِن رَبَّه يَرُبُّه أَي إِنه يَكْفُل بأَمْرِه. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: كَانَ يَكْرَهُ أَن يتزوَّج الرجلُ امرأَةَ رابِّه
، يَعْنِي امرأَة زَوْج أُمِّه، لأَنه كَانَ يُرَبِّيه. غَيْرُهُ: والرَّبيبُ والرَّابُّ زوجُ الأُم. قَالَ أَبو الْحَسَنِ الرُّمَّانِيُّ: هُوَ كالشَّهِيدِ، والشاهِد، والخَبِير، والخابِرِ. والرَّابَّةُ: امرأَةُ الأَبِ. وَرَبَّ المعروفَ والصَّنِيعةَ والنِّعْمةَ يَرُبُّها رَبّاً ورِباباً ورِبابةً، حَكَاهُمَا اللِّحْيَانِيُّ، ورَبَّبها: نَمَّاها، وزادَها، وأَتَمَّها، وأَصْلَحَها. ورَبَبْتُ قَرابَتَهُ: كَذَلِكَ. أَبو عَمْرٍو: رَبْرَبَ الرجلُ، إِذا رَبَّى يَتيماً. وَرَبَبْتُ الأَمْرَ، أَرُبُّهُ رَبّاً ورِبابةً: أَصْلَحْتُه ومَتَّنْتُه. ورَبَبْتُ الدُّهْنَ: طَيَّبْتُه وأَجدتُه؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَبَبْتُ الدُّهْنَ: غَذَوْتُه بالياسَمينِ أَو بَعْضِ الرَّياحِينِ؛ قَالَ: وَيَجُوزُ فِيهِ رَبَّبْتُه. ودُهْنٌ مُرَبَّبٌ إِذا رُبِّبَ الحَبَّ الَّذِي اتُّخِذَ مِنْهُ بالطِّيبِ. والرُّبُّ: الطِّلاءُ الخاثِر؛ وَقِيلَ: هُوَ دبْسُ كُلِّ ثَمَرَة، وَهُوَ سُلافةُ خُثارَتِها بَعْدَ الِاعْتِصَارِ والطَّبْخِ؛ وَالْجَمْعُ الرُّبُوبُ والرِّبابُ؛ وَمِنْهُ: سقاءٌ مَرْبُوبٌ إِذا رَبَبْتَه أَي جَعَلْتَ فِيهِ الرُّبَّ، وأَصْلَحتَه بِهِ؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: رُبُّ السَّمْنِ والزَّيْتِ: ثُفْلُه الأَسود؛ وأَنشد:
كَشائطِ الرُّبِّ عليهِ الأَشْكَلِ
وارْتُبَّ العِنَبُ إِذا طُبِخَ حَتَّى يَكُونَ رُبّاً يُؤْتَدَمُ بِهِ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: وَرَبَبْتُ الزِّقَّ بالرُّبِّ، والحُبَّ بالقِير والقارِ، أَرُبُّه رَبّاً ورُبّاً، ورَبَّبْتُه: متَّنْتُه؛ وَقِيلَ: رَبَبْتُه دَهَنْتُه وأَصْلَحْتُه. قَالَ عَمْرُو بْنُ شأْس يُخاطِبُ امرأَته، وَكَانَتْ تُؤْذِي ابْنَهُ عِراراً:
فَإِنَّ عِراراً، إِن يَكُنْ غيرَ واضِحٍ، ... فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ، ذَا المَنْكِبِ العَمَمْ(1/405)
فإِن كنتِ مِنِّي، أَو تُريدينَ صُحْبَتي، ... فَكُوني لَهُ كالسَّمْنِ، رُبَّ لَهُ الأَدَمْ
أَرادَ بالأَدَم: النِّحْي. يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: كُوني لوَلدي عِراراً كَسَمْنٍ رُبَّ أَديمُه أَي طُلِيَ برُبِّ التَّمْرِ، لأَنَّ النِّحْي، إِذا أُصْلِحَ بالرُّبِّ، طابَتْ رائحتُه، ومَنَعَ السمنَ مِن غَيْرِ أَن يفْسُد طَعْمُه أَو رِيحُه. يُقَالُ: رَبَّ فُلَانٌ نِحْيه يَرُبُّه رَبّاً إِذا جَعل فِيهِ الرُّبَّ ومَتَّنه بِهِ، وَهُوَ نِحْيٌ مَرْبُوب؛ وَقَوْلُهُ:
سِلاءَها فِي أَديمٍ، غيرِ مَرْبُوبِ
أَي غَيْرِ مُصْلَحٍ. وَفِي صِفَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كأَنَّ عَلَى صَلَعَتِهِ الرُّبَّ مِنْ مسْكٍ أَو عَنْبرٍ. الرُّبُّ: مَا يُطْبَخُ مِنَ التَّمْرِ، وَهُوَ الدِّبْسُ أَيضاً. وإِذا وُصِفَ الإِنسانُ بحُسْنِ الخُلُق، قِيلَ: هُوَ السَّمْنُ لَا يَخُمُّ. والمُربَّبَاتُ: الأَنْبِجاتُ، وَهِيَ المَعْمُولاتُ بالرُّبِّ، كالمُعَسَّلِ، وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِالْعَسَلِ؛ وَكَذَلِكَ المُرَبَّياتُ، إِلا أَنها مِنَ التَّرْبيةِ، يُقَالُ: زَنْجَبِيلٌ مُرَبًّى ومُرَبَّبٌ. والإِربابُ: الدُّنوُّ مِن كُلِّ شيءٍ. والرِّبابةُ، بِالْكَسْرِ، جماعةُ السِّهَامِ؛ وَقِيلَ: خَيْطٌ تُشَدُّ بِهِ السهامُ؛ وَقِيلَ: خِرْقةٌ تُشَدُّ فِيهَا؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ السُّلْفةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِيهَا القِداحُ، شَبِيهَةٌ بالكِنانة، يَكُونُ فِيهَا السِّهَامُ؛ وَقِيلَ هِيَ شَبِيهَةٌ بالكنانةِ، يُجْمَعُ فِيهَا سهامُ المَيْسرِ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب يَصِفُ الْحِمَارَ وأُتُنَه:
وكأَنهنَّ رِبابةٌ، وكأَنه ... يَسَرٌ، يُفِيضُ عَلَى القِداح، ويَصْدَعُ
والرِّبابةُ: الجِلدةُ الَّتِي تُجْمع فِيهَا السِّهامُ؛ وَقِيلَ: الرِّبابةُ: سُلْفَةٌ يُعْصَبُ بِهَا عَلَى يَدِ الرَّجُل الحُرْضَةِ، وَهُوَ الَّذِي تُدْفَعُ إِليه الأَيسارُ للقِداح؛ وإِنما يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِكَي لَا يَجِدَ مَسَّ قِدْحٍ يَكُونُ لَهُ فِي صاحِبِه هَوًى. والرِّبابةُ والرِّبابُ: العَهْدُ والمِيثاقُ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبَدةَ:
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِي، ... وقَبْلَكَ رَبَّتْني، فَضِعْتُ، رُبُوبُ
وَمِنْهُ قِيلَ للعُشُور: رِبابٌ. والرَّبِيبُ: المُعاهَدُ؛ وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ إمرِئِ الْقَيْسِ:
فَمَا قاتَلوا عَنْ رَبِّهِم ورَبِيبِهِمْ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: أَرِبَّةٌ جَمْعُ رِبابٍ، وَهُوَ العَهْدُ. قَالَ أَبو ذؤَيب يَذْكُرُ خَمْراً:
تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ، حِيناً، وتُؤْلِفُ ... الجِوارَ، ويُعْطِيها الأَمانَ رِبابُها
قَوْلُهُ: تُؤْلِفُ الجِوار أَي تُجاوِرُ فِي مَكانَيْنِ. والرِّبابُ: العَهْدُ الَّذِي يأْخُذه صاحِبُها مِنَ النَّاسِ لإِجارتِها. وجَمْعُ الرَّبِّ رِبابٌ. وَقَالَ شَمِرٌ: الرِّبابُ فِي بَيْتِ أَبي ذؤَيب جَمْعُ رَبٍّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَقُولُ: إِذا أَجار المُجِيرُ هَذِهِ الخَمْر أَعْطَى صاحِبَها قِدْحاً ليَعْلَموا أَنه قَدْ أُجِيرَ، فَلَا يُتَعَرَّض لَهَا؛ كأَنه ذُهِبَ بالرِّبابِ إِلى رِبابةِ سِهامِ المَيْسِر. والأَرِبَّةُ: أَهلُ المِيثاق. قَالَ أَبو ذُؤَيب:
كَانَتْ أَرِبَّتَهم بَهْزٌ، وغَرَّهُمُ ... عَقْدُ الجِوار، وَكَانُوا مَعْشَراً غُدُرا(1/406)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَكُونُ التَّقْدِيرُ ذَوِي أَرِبَّتِهِم «1» ؛ وبَهْزٌ: حَيٌّ مِنْ سُلَيْم؛ والرِّباب: العُشُورُ؛ وأَنشد بَيْتَ أَبي ذؤَيب:
وَيُعْطِيهَا الأَمان رِبَابُهَا
وَقِيلَ: رِبابُها أَصحابُها. والرُّبَّةُ: الفِرْقةُ مِنَ النَّاسِ، قِيلَ: هِيَ عَشَرَةُ آلافٍ أَو نَحْوُهَا، وَالْجَمْعُ رِبابٌ. وَقَالَ يُونُسُ: رَبَّةٌ ورِبابٌ، كَجَفْرَةٍ وجِفار، والرَّبَّةُ كالرُّبَّةِ؛ والرِّبِّيُّ وَاحِدُ الرِّبِّيِّين: وَهُمُ الأُلُوف مِنَ النَّاسِ، والأَرِبَّةُ مِن الجَماعاتِ: وَاحِدَتُهَا رَبَّةٌ. وَفِي التنزيلِ الْعَزِيزِ: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ
؛ قَالَ الفراءُ: الرِّبِّيُّونَ الأُلوف. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: قَالَ الأَخفش: الرِّبيون مَنْسُوبُونَ إِلى الرَّبِّ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: يَنْبَغِي أَن تُفْتَحَ الراءُ، عَلَى قَوْلِهِ، قَالَ: وَهُوَ عَلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ مِنَ الرَّبَّةِ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: رِبِّيُّون، بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا، وَهُمُ الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ. وَقِيلَ: الرِّبِّيُّونَ الْعُلَمَاءُ الأَتقياءُ الصُّبُر؛ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ حَسَنٌ جميلٌ. وَقَالَ أَبو طَالِبٍ: الرِّبِّيُّونَ الْجَمَاعَاتُ الْكَثِيرَةُ، الْوَاحِدَةُ رِبِّيٌّ. والرَّبَّانيُّ: الْعَالِمُ، وَالْجَمَاعَةُ الرَّبَّانِيُّون. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الرَّبَّانِيُّون الأُلوفُ، والرَّبَّانِيُّون: العلماءُ. قرأَ الْحَسَنُ: رُبِّيُّون، بِضَمِّ الرَّاءِ. وقرأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَبِّيُّون، بِفَتْحِ الراءِ. والرَّبَبُ: الماءُ الْكَثِيرُ الْمُجْتَمِعُ، بِفَتْحِ الراءِ والباءِ، وَقِيلَ: العَذْب؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
والبُرَّةَ السَمْراء والماءَ الرَّبَبْ
وأَخَذَ الشيءَ بِرُبَّانه ورَبَّانِه أَي بأَوَّله؛ وَقِيلَ: برُبَّانِه: بجَمِيعِه وَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا. وَيُقَالُ: افْعَلْ ذَلِكَ الأَمْرَ بِرُبَّانه أَي بِحِدْثانِه وطَراءَتِه وجِدَّتِه؛ وَمِنْهُ قِيلَ: شاةٌ رُبَّى. ورُبَّانُ الشَّبابِ: أَوَّله؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وإِنَّما العَيْشُ بِرُبَّانِه، ... وأَنْتَ، مِنْ أَفنانِه، مُفْتَقِر
ويُروى: مُعْتَصِر؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
خَلِيلُ خَوْدٍ، غَرَّها شَبابُه، ... أَعْجَبَها، إِذْ كَبِرَتْ، رِبابُه
أَبو عَمْرٍو: الرُّبَّى أَوَّلُ الشَّبابِ؛ يُقَالُ: أَتيته فِي رُبَّى شَبابِه، ورُبابِ شَبابِه، ورِبابِ شَبابِه، ورِبَّان شَبابه. أَبو عُبَيْدٍ: الرُّبَّانُ مِنْ كُلِّ شيءٍ حِدْثانُه؛ ورُبّانُ الكَوْكَب: مُعْظَمُه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الرَّبَّانُ، بِفَتْحِ الراءِ: الجماعةُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: بِضَمِّ الراءِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبة: الرُّبَّةُ الخَير اللَّازِمُ، بِمَنْزِلَةِ الرُّبِّ الَّذِي يَلِيقُ فَلَا يَكَادُ يَذْهَبُ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِني أَسأَلُك رُبَّةَ عَيْشٍ مُبارَكٍ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا رُبَّةُ عَيْشٍ؟ قَالَ: طَثْرَتَهُ وكَثْرَتُه. وَقَالُوا: ذَرْهُ بِرُبَّان؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
فَذَرْهُمْ بِرُبّانٍ، وإِلّا تَذَرْهُمُ ... يُذيقُوكَ مَا فِيهِمْ، وإِن كَانَ أَكثرا
قَالَ وَقَالُوا فِي مَثَلٍ: إِن كنتَ بِي تَشُدُّ ظَهْرَك، فأَرْخِ، بِرُبَّانٍ، أَزْرَكَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: إِن كنتَ بِي تشدُّ ظَهْرَكَ فأَرْخِ، مِن رُبَّى، أَزْرَكَ. يَقُولُ: إِن عَوّلْتَ عَليَّ فَدَعْني أَتْعَبْ، واسْتَرْخِ أَنتَ واسْتَرِحْ. ورُبَّانُ، غَيْرُ مَصْرُوفٍ: اسْمُ رَجُلٍ.
__________
(1) . قوله [التقدير ذوي إلخ] أي داع لهذا التقدير مع صحة الحمل بدونه.(1/407)
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراه سُمي بِذَلِكَ. والرُّبَّى: الحاجةُ، يُقَالُ: لِي عِنْدَ فُلَانٍ رُبَّى. والرُّبَّى: الرَّابَّةُ. والرُّبَّى: العُقْدةُ المُحْكَمةُ. والرُّبَّى: النِّعْمةُ والإِحسانُ. والرِّبَّةُ، بالكسرِ: نِبْتةٌ صَيْفِيَّةٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مَا اخْضَرَّ، فِي القَيْظِ، مِن جَمِيعِ ضُروب النَّبَاتِ؛ وَقِيلَ: هُوَ ضُروب مِنَ الشَّجَرِ أَو النَّبْتِ فَلَمْ يُحَدَّ، وَالْجَمْعُ الرِّبَبُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ، يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ:
أَمْسَى، بِوَهْبِينَ، مُجْتازاً لِمَرْتَعِه، ... مِن ذِي الفَوارِسِ، يَدْعُو أَنْفَه الرِّبَبُ
والرِّبَّةُ: شَجَرَةٌ؛ وَقِيلَ: إِنها شَجَرَةُ الخَرْنُوب. التَّهْذِيبُ: الرِّبَّةُ بَقْلَةٌ ناعمةٌ، وَجَمْعُهَا رِبَبٌ. وَقَالَ: الرِّبَّةُ اسْمٌ لِعدَّةٍ مِنَ النَّبَاتِ، لَا تَهِيج فِي الصَّيْفِ، تَبْقَى خُضْرَتُها شِتَاءً وصَيْفاً؛ وَمِنْهَا: الحُلَّبُ، والرُّخَامَى، والمَكْرُ، والعَلْقى، يُقَالُ لَهَا كُلِّهَا: رِبَّةٌ. التَّهْذِيبُ: قَالَ النَّحْوِيُّونَ: رُبَّ مِن حُرُوفِ المَعاني، والفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ كَمْ، أَنَّ رُبَّ لِلتَّقْلِيلِ، وكَمْ وُضِعت لِلتَّكْثِيرِ، إِذا لَمْ يُرَدْ بِهَا الاسْتِفهام؛ وَكِلَاهُمَا يَقَعُ عَلَى النَّكِرات، فيَخْفِضُها. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: مِنْ الخطإِ قَوْلُ الْعَامَّةِ: رُبَّما رأَيتُه كَثِيرًا، ورُبَّما إِنما وُضِعَت لِلتَّقْلِيلِ. غَيْرُهُ: ورُبَّ ورَبَّ: كَلِمَةُ تَقْلِيلٍ يُجَرُّ بِهَا، فَيُقَالُ: رُبَّ رجلٍ قَائِمٍ، ورَبَّ رجُلٍ؛ وَتَدْخُلُ عَلَيْهِ التَّاءُ، فَيُقَالُ: رُبَّتَ رجل، ورَبَّتَ رجل. الْجَوْهَرِيُّ: ورُبَّ حرفٌ خَافِضٌ، لَا يَقَعُ إِلَّا عَلَى النَّكِرَةِ، يشدَّد وَيُخَفَّفُ، وَقَدْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ التَّاءُ، فَيُقَالُ: رُبَّ رَجُلٍ، ورُبَّتَ رَجُلٍ، وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ مَا، ليُمْكِن أَن يُتَكَلَّم بِالْفِعْلِ بَعْدَهُ، فَيُقَالُ: رُبما. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا
؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ رَبَّما، بالفتح، وكذلك رُبَّتَما ورَبَّتَما، ورُبَتَما وَرَبَتَما، وَالتَّثْقِيلُ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَكثر فِي كَلَامِهِمْ، وَلِذَلِكَ إِذا صَغَّر سِيبَوَيْهِ رُبَّ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى رُبَّما يَوَدُّ، ردَّه إِلى الأَصل، فَقَالَ: رُبَيْبٌ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قرأَ الْكِسَائِيُّ وأَصحاب عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنُ: رُبَّما يودُّ، بِالتَّثْقِيلِ، وقرأَ عاصِمٌ وأَهلُ الْمَدِينَةِ وزِرُّ بْنُ حُبَيْش: رُبَما يَوَدُّ
، بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قَالَ إِنَّ رُبَّ يُعنى بِهَا التَّكْثِيرُ، فَهُوَ ضِدُّ مَا تَعرِفه الْعَرَبُ؛ فإِن قَالَ قَائِلٌ: فلمَ جَازَتْ رُبَّ فِي قوله: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا
؛ وَرُبَّ لِلتَّقْلِيلِ؟ فَالْجَوَابُ فِي هَذَا: أَن الْعَرَبَ خُوطِبَتْ بِمَا تَعْلَمُهُ فِي التَّهْدِيدِ. وَالرَّجُلُ يَتَهَدَّدُ الرَّجُلَ، فَيَقُولُ لَهُ: لَعَلَّكَ سَتَنْدَم عَلَى فِعْلِكَ، وَهُوَ لَا يَشُكُّ فِي أَنه يَنْدَمُ، وَيَقُولُ: رُبَّما نَدِمَ الإِنسانُ مِن مِثْلِ مَا صَنَعْتَ، وَهُوَ يَعلم أَنَّ الإِنسان يَنْدَمُ كَثِيرًا، ولكنْ مَجازُه أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ مِمَّا يُوَدُّ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَحوال الْعَذَابِ، أَو كَانَ الإِنسان يَخَافُ أَن يَنْدَمَ عَلَى الشيءِ، لوجَبَ عَلَيْهِ اجْتِنابُه؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه عَلَى مَعْنَى التَّهْدِيدِ قوله: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا؛ وَالْفَرْقُ بَيْنَ رُبَّما ورُبَّ: أَن رُبَّ لَا يَلِيهِ غَيْرُ الِاسْمِ، وأَما رُبَّما فإِنه زِيدَتْ مَا، مَعَ رُبَّ، ليَلِيَها الفِعْلُ؛ تَقُولُ: رُبَّ رَجُلٍ جاءَني، وَرُبَّمَا جاءَني زَيْدٌ، ورُبَّ يَوْمٍ بَكَّرْتُ فِيهِ، ورُبَّ خَمْرةٍ شَرِبْتُها؛ وَيُقَالُ: رُبَّمَا جاءَني فُلَانٌ، وَرُبَّمَا حَضَرني زَيْدٌ، وأَكثرُ مَا يَلِيهِ الْمَاضِي، وَلَا يَلِيه مِن الغابرِ إِلَّا مَا كَانَ مُسْتَيْقَناً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا
، ووَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ*، كأَنه قَدْ كَانَ فَهُوَ بِمَعْنَى مَا مَضَى، وإِن كَانَ لَفْظُهُ مُسْتَقْبَلًا. وَقَدْ تَلي رُبَّمَا الأَسماءَ وَكَذَلِكَ رُبَّتَمَا؛(1/408)
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ماوِيّ يَا رُبَّتَما غارةٍ ... شَعْواءَ، كاللَّذْعَةِ بالمِيسَمِ
قَالَ الْكِسَائِيُّ: يَلْزَمُ مَن خَفَّف، فأَلقى إِحدى الباءَين، أَن يَقُولَ رُبْ رَجُلٍ، فيُخْرِجَه مُخْرَجَ الأَدوات، كَمَا تَقُولُ: لِمَ صَنَعْتَ؟ ولِمْ صَنَعْتَ؟ وبِأَيِّمَ جِئْتَ؟ وبِأَيِّمْ جِئْتَ؟ وَمَا أَشبه ذَلِكَ؛ وَقَالَ: أَظنهم إِنما امْتَنَعُوا مِنْ جَزْمِ الباءِ لِكَثْرَةِ دُخُولِ التاءِ فِيهَا فِي قَوْلِهِمْ: رُبَّتَ رَجُلٍ، ورُبَتَ رَجُلٍ. يُرِيدُ الْكِسَائِيُّ: أَن تاءَ التأْنيث لَا يَكُونُ مَا قَبْلَهَا إِلَّا مَفْتُوحًا، أَو فِي نِيَّةِ الْفَتْحِ، فَلَمَّا كَانَتْ تاءُ التأْنيث تَدْخُلُهَا كَثِيرًا، امْتَنَعُوا مِنْ إِسكان مَا قَبْلَ هاءِ التأْنيث، وَآثَرُوا النَّصْبَ، يَعْنِي بِالنَّصْبِ: الْفَتْحَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَالَ لِي الْكِسَائِيُّ: إِنْ سَمِعتَ بِالْجَزْمِ يَوْمًا، فَقَدْ أَخبرتك. يُرِيدُ: إِن سَمِعْتَ أَحداً يَقُولُ: رُبْ رَجُلٍ، فَلَا تُنْكِرْه، فإِنه وَجْهُ الْقِيَاسِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَلَمْ يقرأْ أَحد رَبَّما، بِالْفَتْحِ، وَلَا رَبَما. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الْعَرَبُ تَزِيدُ فِي رُبَّ هَاءً، وَتَجْعَلُ الهاءَ اسْمًا مَجْهُولًا لَا يُعرف، ويَبْطُل معَها عملُ رُبَّ، فَلَا يُخْفَضُ بِهَا مَا بَعْدَ الهاءِ، وإِذا فَرَقْتَ بَيْنَ كَمِ الَّتِي تَعْمَلُ عَمَلَ رُبَّ بشيءٍ، بَطَلَ عَمَلُها؛ وأَنشد:
كائِنْ رَأَبْتُ وَهايا صَدْعِ أَعْظُمِه، ... ورُبَّه عَطِباً، أَنْقَذْتُ مِ العَطَبِ
نَصَبَ عَطِباً مِن أَجل الهاءِ الْمَجْهُولَةِ. وَقَوْلُهُمْ: رُبَّه رَجُلًا، ورُبَّها امرأَةً، أَضْمَرت فِيهَا الْعَرَبُ عَلَى غَيْرِ تقدّمِ ذِكْر، ثُمَّ أَلزَمَتْه التَّفْسِيرَ، وَلَمْ تَدَعْ أَنْ تُوَضِّح مَا أَوْقَعت بِهِ الالتباسَ، ففَسَّروه بِذِكْرِ النَّوْعِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُمْ رَجُلًا وامرأَة. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي مَرَّةً: أَدخلوا رُبَّ عَلَى الْمُضْمَرِ، وَهُوَ عَلَى نِهَايَةِ الِاخْتِصَاصِ؛ وَجَازَ دُخُولُهَا عَلَى الْمَعْرِفَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، لمُضارَعَتِها النَّكِرَة، بأَنها أُضْمِرَت عَلَى غَيْرِ تَقَدُّمِ ذِكْرٍ، وَمِنْ أَجل ذَلِكَ احْتَاجَتْ إِلى التَّفْسِيرِ بِالنَّكِرَةِ الْمَنْصُوبَةِ، نَحْوُ رَجُلًا وامرأَةً؛ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمُضْمَرُ كَسَائِرِ الْمُضْمَرَاتِ لَمَا احْتَاجَتْ إِلى تَفْسِيرِهِ. وَحَكَى الْكُوفِيُّونَ: رُبَّه رَجُلًا قَدْ رأَيت، ورُبَّهُما رَجُلَيْنِ، ورُبَّهم رِجَالًا، ورُبَّهنَّ نِسَاءً، فَمَن وَحَّد قَالَ: إِنه كِنَايَةٌ عَنْ مَجْهُولٍ، ومَن لَمْ يُوَحِّد قَالَ: إِنه رَدُّ كَلَامٍ، كأَنه قِيلَ لَهُ: مَا لكَ جَوَارٍ؟ قَالَ: رُبَّهُنّ جَوارِيَ قَدْ مَلَكْتُ. وَقَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: النَّحْوِيُّونَ كالمُجْمعِينَ عَلَى أَن رُبَّ جَوَابٌ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي جُمَادَى الأُولى رُبّاً ورُبَّى، وَذَا القَعْدةِ رُبَّة؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: رُبَّةُ ورُبَّى جَميعاً: جُمادَى الآخِرة، وإِنما كَانُوا يُسَمُّونَهَا بِذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. والرَّبْرَبُ: القَطِيعُ مِنْ بَقَرِ الْوَحْشِ، وَقِيلَ مِنَ الظِّباءِ، وَلَا وَاحِدَ لَهُ؛ قَالَ:
بأَحْسَنَ مِنْ لَيْلى، وَلَا أُمَّ شادِنٍ، ... غَضِيضَةَ طَرْفٍ، رُعْتَها وَسْطَ رَبْرَبِ
وَقَالَ كُرَاعٌ: الرَّبْرَبُ جَمَاعَةُ الْبَقَرِ، مَا كان دون العشرة.
رتب: رَتَبَ الشيءُ يَرْتُبُ رتُوباً، وتَرَتَّبَ: ثَبَتَ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ. يُقَالُ: رَتَبَ رُتُوبَ الكَعْبِ أَي انْتَصَبَ انْتِصابَه؛ ورَتَّبَه تَرتِيباً: أَثْبَتَه. وَفِي حَدِيثِ
لُقْمَانَ بْنِ عَادٍ: رَتَبَ رُتُوبَ الكَعْبِ
أَيْ انْتَصَب كَمَا يَنْتَصِبُ الكَعْبُ إِذا رَمَيْتَه، وَصَفَهُ بالشَّهامةِ وحِدَّةِ النَّفْس؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الزُّبَيْرِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كَانَ يُصَلّي فِي المسجدِ(1/409)
الْحَرَامِ، وأَحجارُ المَنْجَنِيقِ تَمُرُّ عَلَى أُذُنِه، وَمَا يَلْتَفِتُ، كأَنه كَعْبٌ راتِبٌ.
وعَيْشٌ راتِبٌ: ثابِتٌ دائمٌ. وأَمْرٌ راتِبٌ أَي دارٌّ ثابِت. قَالَ ابْنُ جِنِّي: يُقَالُ مَا زِلْتُ عَلَى هَذَا راتِباً وراتِماً أَي مُقيماً؛ قَالَ: فَالظَّاهِرُ مِنْ أَمر هَذِهِ الْمِيمِ، أَن تَكُونَ بَدَلًا مِنَ الباءِ، لأَنه لَمْ يُسمع فِي هَذَا الْمَوْضِعِ رَتَمَ، مِثْلُ رَتَب؛ قَالَ: وَتَحْتَمِلُ الْمِيمُ عِنْدِي فِي هَذَا أَن تَكُونَ أَصلًا، غَيْرَ بَدَلٍ مِنَ الرَّتِيمَة، وسيأْتي ذِكْرُهَا. والتُّرْتُبُ والتُّرْتَبُ كلُّه: الشيءُ المُقِيم الثابِتُ. والتُّرْتُبُ: الأَمْرُ الثابِتُ. وأَمْرٌ تُرْتَبٌ، عَلَى تُفْعَلٍ، بِضَمِّ التاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، أَي ثَابِتٌ. قَالَ زِيَادَةُ ابن زَيْدٍ العُذْرِيّ، وَهُوَ ابْنُ أُخْت هُدْبةَ:
مَلَكْنا ولَمْ نُمْلَكْ، وقُدْنا ولَمْ نُقَدْ، ... وَكَانَ لَنا حَقّاً، عَلَى الناسِ، تُرْتَبا
وَفِي كَانَ ضَمِيرٌ، أَي وَكَانَ ذَلِكَ فِينَا حَقّاً راتِباً؛ وَهَذَا الْبَيْتُ مَذْكُورٌ فِي أَكثر الْكُتُبِ:
وَكَانَ لَنَا فَضْلٌ عَلَى الناسِ تُرْتَبا «2»
أَي جَمِيعًا، وتاءُ تُرْتَبٍ الأُولى زَائِدَةً، لأَنه لَيْسَ فِي الأُصول مِثْلُ جُعْفَرٍ، وَالِاشْتِقَاقُ يَشهد بِهِ لأَنه مِنَ الشيءِ الرَّاتِب. والتُّرْتَبُ: العَبْدُ يَتوارَثُه ثلاثةٌ، لثَباتِه فِي الرِّقِّ، وإِقامَتِه فِيهِ. والتُّرْتَبُ: التُّرابُ «3» لثَباتِه، وطُولِ بَقائه؛ هاتانِ الأَخيرتان عَنْ ثَعْلَبٍ. والتُّرْتُبُ، بِضَمِّ التاءَين: الْعَبْدُ السُّوءُ. ورَتَبَ الرجلُ يَرْتُبُ رَتْباً: انْتَصَبَ. ورَتَبَ الكَعْبُ رُتُوباً: انْتَصَبَ وثَبَتَ. وأَرْتَبَ الغُلامُ الكَعْبَ إِرتاباً: أَثْبَتَه. التَّهْذِيبُ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَرْتَبَ الرجلُ إِذا سأَل بعدَ غِنًى، وأَرْتَبَ الرجلُ إِذا انْتَصَبَ قَائِمًا، فَهُوَ راتِبٌ؛ وأَنشد:
وإِذا يَهُبُّ مِنَ المَنامِ، رأَيتَه ... كرُتُوبِ كَعْبِ الساقِ، ليسَ بزُمَّلِ
وصَفَه بالشَّهامةِ وحِدَّةِ النفسِ؛ يَقُولُ: هُوَ أَبداً مُسْتَيْقِظٌ مُنْتَصِبٌ. والرَّتَبَةُ: الْوَاحِدَةُ مِنْ رَتَباتِ الدَّرَجِ. والرُّتْبةُ والمَرْتَبةُ: المَنْزِلةُ عِنْدَ المُلوكِ وَنَحْوُهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن ماتَ عَلَى مَرْتَبةٍ مِنْ هَذِهِ المَراتِبِ، بُعِثَ عَلَيْهَا
؛ المَرْتَبةُ: المَنْزِلةُ الرَّفِيعةُ؛ أَراد بِهَا الغَزْوَ والحجَّ، وَنَحْوَهُمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الشَّاقَّةِ، وَهِيَ مَفْعلة مِن رَتَبَ إِذا انْتَصَبَ قَائِمًا، والمَراتِبُ جَمْعُها. قَالَ الأَصمعي: والمَرْتبةُ المَرْقَبةُ وَهِيَ أَعْلَى الجَبَل. وَقَالَ الْخَلِيلُ: المَراتِبُ فِي الجَبل والصَّحارِي: هِيَ الأَعْلامُ الَّتِي تُرَتَّبُ فِيهَا العُيُونُ والرُّقَباءُ. والرَّتَبُ: الصُّخُورُ المُتقارِبةُ، وبعضُها أَرفعُ مِنْ بَعْضٍ، وَاحِدَتُهَا رَتَبةٌ، وَحُكِيَتْ عَنْ يَعْقُوبَ، بِضَمِّ الراءِ وَفَتْحِ التاءِ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ، قَالَ يومَ الدَّارِ: أَما إِنَّهُ سيكُونُ لَهَا وقَفَاتٌ ومَراتِبُ، فَمَنْ ماتَ فِي وقَفاتِها خيرٌ ممَّن ماتَ فِي مَراتِبها
؛ المَراتِبُ: مَضايِقُ الأَوْدية فِي حُزُونةٍ. والرَّتَبُ: مَا أَشرفَ مِنَ الأَرضِ، كالبَرْزَخِ؛
__________
(2) . قوله [وكان لنا فضل] هو هكذا في الصحاح وقال الصاغاني والصواب في الإعراب فضلًا.
(3) . قوله [والترتب التراب] في التكملة هو بضم التاءَين كالعبد السوء ثم قال فيها والترتب الأَبد والترتب بمعنى الجميع بفتح التاء الثانية فيهما.(1/410)
يُقَالُ: رَتَبةٌ ورَتَبٌ، كَقَوْلِكَ دَرَجةٌ ودَرَجٌ. والرَّتَبُ: عَتَبُ الدَّرَجِ. والرَّتَب: الشدّةُ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ، يَصِفُ الثَّوْرَ الْوَحْشِيَّ:
تَقَيَّظَ الرَّمْلَ، حَتَّى هَزَّ خِلْفَتَه ... ترَوُّحُ البَرْدِ، مَا فِي عَيْشِه رَتَبُ
أَي تَقَيَّظ هَذَا الثورُ الرَّمْل، حَتَّى هَزَّ خِلْفَتَه، وَهُوَ النباتُ الَّذِي يَكُونُ فِي أَدبارِ القَيْظِ؛ وَقَوْلُهُ مَا فِي عَيْشِه رَتَب أَي هُوَ فِي لِينٍ مِنَ العيشِ. والرَّتْباءُ: الناقةُ المُنْتَصِبةُ فِي سَيْرِها. والرَّتَبُ: غِلَظُ العَيْشِ وشِدَّتُه؛ وَمَا فِي عَيْشِه رَتَبٌ وَلَا عَتَبٌ أَي لَيْسَ فِيهِ غِلَظٌ وَلَا شِدّةٌ أَي هُوَ أَمْلَسُ. وَمَا فِي هَذَا الأَمر رَتَبٌ وَلَا عَتَبٌ أَي عَناءٌ وشِدّةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي هُوَ سَهْلٌ مُستقِيمٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ بِمَعْنَى النَّصَب والتَّعَب؛ وَكَذَلِكَ المَرْتبةُ، وكلُّ مَقامٍ شديدٍ مَرْتَبةٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
ومَرْتبة لَا يُسْتَقالُ بِهَا الرَّدَى، ... تَلَاقَى بِهَا حِلْمِي، عَنِ الجَهْلِ، حَاجِزُ
والرَّتَبُ: الفَوْتُ بَيْنَ الخِنْصِرِ والبِنْصِر، وَكَذَلِكَ بَيْنَ البِنْصِر والوُسْطَى؛ وَقِيلَ: مَا بَيْنَ السَّبَّابة والوُسْطَى، وَقَدْ تُسَكَّنُ.
رجب: رَجِبَ الرجلُ رَجَباً: فَزِعَ. ورَجِبَ رَجَباً، ورَجَبَ يَرْجُبُ: اسْتَحْيا؛ قَالَ:
فَغَيْرُكَ يَسْتَحيِي، وغيرُكَ يَرْجُبُ
ورَجِبَ الرجلَ رَجَباً، ورَجَبَه يرجُبُه رَجْباً ورُجُوباً، ورَجَّبه، وتَرَجَّبَه، وأَرْجَبَه، كلُّه: هابَه وعَظَّمه، فَهُوَ مَرْجُوبٌ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
أَحْمَدُ رَبّي فَرَقاً وأَرْجَبُهْ
أَي أُعَظِّمُه، وَمِنْهُ سُمِّيَ رَجَبٌ؛ ورَجِبَ، بِالْكَسْرِ، أَكثر؛ قَالَ:
إِذا العَجوزُ اسْتَنْخَبَتْ، فانْخَبْها، ... وَلَا تَهَيَّبْها، وَلَا تَرْجَبْها
وَهَكَذَا أَنشده ثَعْلَبٌ؛ وَرِوَايَةُ يَعْقُوبَ فِي الأَلفاظ:
وَلَا تَرَجَّبْها وَلَا تَهَبْها
شَمِرٌ: رَجِبْتُ الشيءَ: هِبْتُه، ورَجَّبْتُه: عَظَّمْتُه. ورَجَبٌ: شَهْرٌ سَمَّوْهُ بِذَلِكَ لِتَعْظِيمِهِمْ إِيَّاه فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَنِ القتالِ فِيهِ، وَلَا يَسْتَحِلُّون القتالَ فِيهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
رَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وشعبانَ
؛ قَوْلُهُ: بَيْنَ جُمادَى وشعبانَ، تأْكيد للبَيانِ وإِيضاحٌ لَهُ، لأَنهم كَانُوا يؤَخرونه مِنْ شَهْرٍ إِلى شَهْرٍ، فيَتَحَوَّل عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ، فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنه الشَّهْرُ الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وشعبانَ، لَا مَا كَانُوا يُسَمُّونَهُ عَلَى حِساب النَّسِيءِ، وإِنما قِيلَ: رَجَبُ مُضَرَ، إِضافة إِليهم، لأَنهم كَانُوا أَشدّ تَعْظِيمًا لَهُ مِنْ غَيْرِهِمْ، فكأَنهم اخْتَصُّوا بِهِ، وَالْجَمْعُ: أَرْجابٌ. تَقُولُ: هَذَا رَجَبٌ، فإِذا ضَمُّوا لَهُ شَعْبانَ، قَالُوا: رَجَبانِ. والتَّرْجِيبُ: التعظيمُ، وإِن فُلَانًا لَمُرَجَّبٌ، وَمِنْهُ تَرْجِيبُ العَتِيرةِ، وَهُوَ ذَبحُها فِي رَجَبٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
هَلْ تَدْرُون مَا العَتِيرةُ؟ هِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ، كَانُوا يَذْبحون فِي شَهْرِ رَجَبٍ ذَبيحَةً، ويَنْسبُونَها إِليه.
والتَّرْجِيبُ: ذَبْحُ النَّسائكِ فِي رَجَبٍ؛ يُقَالُ: هَذِهِ أَيَّامُ تَرْجِيبٍ وتَعْتارٍ. وَكَانَتِ العربُ تُرَجِّبُ، وَكَانَ ذَلِكَ لَهُمْ(1/411)
نُسُكاً، أَو ذَبائحَ فِي رَجَبٍ. أَبو عَمْرٍو: الرَّاجِبُ المُعَظِّم لِسَيِّدِهِ؛ وَمِنْهُ رَجِبَهُ يَرْجَبُه رَجَباً، ورَجَبَهُ يَرْجُبُه رَجْباً ورُجُوباً، ورَجَّبَه تَرْجيباً، وأَرْجَبَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الحُباب: عُذَيْقُها المُرَجَّبُ. قَالَ الأَزهري: أَما أَبو عُبَيْدَةَ والأَصمعي، فإِنهما جَعلاه مِنَ الرُّجْبةِ، لَا مِن التَّرْجِيبِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى التَّعْظِيمِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيب:
فَشَرَّجَها مِنْ نُطْفةٍ رَجَبِيَّةٍ، ... سُلاسِلَةٍ مِنْ ماءِ لِصْبٍ سُلاسِلِ
يَقُولُ: مَزَجَ العَسَلَ بماءِ قَلْتٍ، قَدْ أَبْقاها مَطَرُ رَجَبٍ هُنالك؛ وَالْجَمْعُ: أَرْجابٌ ورُجُوبٌ، ورِجابٌ ورَجَباتٌ. والتَّرْجِيبُ: أَنْ تُدْعَمَ الشجرةُ إِذا كَثُرَ حَمْلُها لِئَلَّا تَتَكسَّرَ أَغْصانُها. ورجَّبَ النخلةَ: كَانَتْ كَرِيمَةً عَلَيْهِ فمالَتْ، فبَنَى تحتَها دُكَّاناً تَعْتَمِد عَلَيْهِ لضَعْفِها؛ والرُّجْبةُ: اسْمُ ذَلِكَ الدُّكَّان، وَالْجَمْعُ رُجَبٌ، مِثْلُ رُكْبةٍ ورُكَبٍ. والرُّجَبِيَّةُ مِنَ النَّخْلِ مَنْسُوبَةٌ إِليه. ونَخْلَةٌ رُجَبِيَّةٌ ورُجَّبِيَّةٌ: بُنِيَ تَحْتَهَا رُجْبةٌ، كِلاهُما نَسَبٌ نادِرٌ، وَالتَّثْقِيلُ أَذهَبُ فِي الشُّذُوذ. التَّهْذِيبُ: والرُّجْبَةُ والرُّجْمةُ أَن تُعْمَدَ النخلةُ الكريمةُ إِذا خِيفَ عَلَيْهَا أَن تَقَعَ لطُولها وَكَثْرَةِ حَمْلِها، بِبِناءٍ مِنْ حِجارة تُرَجَّبُ بِهَا أَي تُعْمَدُ بِهِ، وَيَكُونُ تَرْجِيبُها أَن يُجْعَلَ حَوْلَ النَّخْلَةِ شَوْكٌ، لِئَلَّا يَرْقَى فِيهَا راقٍ، فيَجْنِي ثَمَرَهَا. الأَصمعي: الرُّجْمةُ، بِالْمِيمِ، الْبِنَاءُ مِنَ الصَّخْرِ تُعْمَدُ بِهِ النخلةُ؛ والرُّجْبةُ أَن تُعمد النَّخْلَةُ بخَشبةٍ ذاتِ شُعْبَتَيْنِ؛ وَقَدْ رُوِيَ بَيْتُ سُوَيْدِ بْنِ صامِتٍ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا:
لَيْسَتْ بِسَنْهاءٍ، وَلَا رُجَّبِيَّةٍ، ... ولكِنْ عَرايا فِي السِّنينَ الجَوائِح
يَصِفُ نَخْلة بالجَوْدةِ، وأَنها لَيْسَ فِيهَا سَنْهاءُ؛ والسنهاءُ: الَّتِي أَصابتها السَّنةُ، يَعْنِي أَضَرَّ بِهَا الجَدْبُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَحْمِلُ سَنَةً وتَترك أُخرى؛ والعَرايا: جَمْعُ عَرِيَّةٍ، وَهِيَ الَّتِي يُوهَبُ ثَمرُها. والجَوائحُ: السِّنونُ الشِّدادُ الَّتِي تُجِيحُ المالَ؛ وَقَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ:
أَدِينُ، وَمَا دَيْنِي عَلَيْكُم بِمَغْرَمٍ، ... ولكِنْ عَلى الشُّمِّ الجِلادِ القَراوِحِ
أَي إِنما آخُذُ بدَيْنٍ، عَلَى أَن أُؤَدِّيَه مِنْ مَالِي وَمَا يَرْزُقُ اللَّهُ مِنْ ثَمَرة نَخْلي، وَلَا أُكلِّفُكم قَضاءَ دَيْني عَنِّي. والشُّمُّ: الطِّوالُ. والجِلادُ: الصَّابِراتُ عَلَى العَطَشِ والحَرِّ والبَرْدِ. والقَراوِحُ: الَّتِي انْجَرَدَ كَرَبُها، واحِدها قِرْواحٌ، وَكَانَ الأَصل قَراويحَ، فحَذَفَ الياءَ لِلضَّرُورَةِ. وَقِيلَ: تَرْجِيبُها أَن تُضَمَّ أَعْذاقُها إِلى سَعَفاتِها، ثُمَّ تُشَدُّ بالخُوصِ لِئَلَّا يَنْفُضَها الرِّيحُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُوضَعَ الشَّوْكُ حَوالي الأَعْذاقِ لِئَلَّا يَصِلَ إِليها آكلٌ فَلَا تُسْرَق، وَذَلِكَ إِذا كَانَتْ غَريبةً طَريفةً، تَقُولُ: رَجَّبْتُها تَرْجِيباً. وَقَالَ الحُبابُ ابن المُنْذِر: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ؛ قَالَ يَعْقُوبُ: التَّرْجِيبُ هُنَا إِرفادُ النَّخلةِ مِنْ جَانِبٍ، لِيَمْنَعَها مِنَ السُّقوط، أَي إِن لِي عَشِيرةً تُعَضِّدُني، وتَمْنَعُني، وتُرْفِدُني. والعُذَيْقُ: تَصْغِيرُ عَذْقٍ، بِالْفَتْحِ، وَهِيَ النَّخْلَةُ؛ وَقَدْ وَرَدَ فِي حَديث السَّقِيفَةِ:
أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ
؛ وَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ، وَقِيلَ: أَراد بالتَّرْجِيبِ التَّعْظِيمَ.(1/412)
ورَجِبَ فلانٌ مَوْلَاهُ أَي عَظَّمَه، وَمِنْهُ سُمِّيَ رَجَبٌ لأَنه كَانَ يُعَظَّم؛ فأَما قَوْلُ سَلامةَ بْنِ جَنْدَلٍ:
والعادِياتُ أَسابِيُّ الدِّماءِ بِها، ... كأَنَّ أَعْناقَها أَنْصابُ تَرْجِيبِ
فإِنه شَبَّهَ أَعْناقَ الْخَيْلِ بِالنَّخْلِ المُرَجَّبِ؛ وَقِيلَ: شبَّه أَعْناقَها بِالْحِجَارَةِ الَّتِي تُذْبَح عَلَيْهَا النَّسائِكُ. قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قولِ مَن جَعل التَّرجِيبَ دَعْماً لِلنَّخْلَةِ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُفَسِّر هَذَا البيتَ تَفْسيرانِ: أَحدهما أَنت يَكُونَ شبَّه انْتِصابَ أَعْناقِها بِجِدارِ تَرْجِيبِ النَّخْلِ، والآخَرُ أَن يَكُونَ أَراد الدِّماءَ الَّتِي تُراقُ فِي رَجَبٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: رُجِّبَ الكَرْمُ: سُوِّيت سُرُوغُه، ووُضِعَ مَواضِعَه مِنَ الدَّعَمِ والقِلالِ. ورَجَبَ العُودُ: خَرج مُنْفَرداً. والرُّجْبُ: مَا بَيْنَ الضِّلَعِ والقَصِّ. والأَرْجابُ: الأَمْعاءُ، وَلَيْسَ لَهَا وَاحِدٌ عِنْدَ أَبي عُبَيْدٍ، وَقَالَ كُرَاعٌ: وَاحِدُهَا رَجَبٌ، بِفَتْحِ الراءِ وَالْجِيمِ. وَقَالَ ابْنُ حَمْدُوَيْهِ: وَاحِدُهَا رِجْبٌ، بِكَسْرِ الراءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ. والرَّواجِبُ: مَفاصِلُ أُصولِ الأَصابع الَّتِي تَلِي الأَنامل؛ وَقِيلَ: هِيَ بَواطِنُ مَفاصِلِ أُصولِ الأَصابِع؛ وَقِيلَ: هِيَ قَصَبُ الأَصابع؛ وَقِيلَ: هِيَ ظُهُورُ السُّلاميَّات؛ وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ البَراجِم مِنَ السُّلاميَّات؛ وَقِيلَ: هِيَ مَفاصِلُ الأَصابع، وَاحِدَتُهَا راجِبةٌ، ثُمَّ البَراجِمُ، ثُمَّ الأَشاجِعُ اللَّاتِي تَلِي الكَفَّ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّاجِبةُ البُقْعَةُ المَلْساء بينَ البراجِمِ؛ قَالَ: والبراجِمُ المُشَنَّجاتُ فِي مَفاصِل الأَصابع، فِي كُلِّ إِصْبَعٍ ثَلاثُ بُرْجُماتٍ، إِلَّا الإِبهامَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا تُنَقُّونَ رواجِبَكم؟
هِيَ مَا بَيْنَ عُقد الأَصابع مِنْ دَاخِلٍ، وَاحِدُهَا راجِبةٌ. والبراجِمُ: العُقَد المُتَشَنِّجَةُ فِي ظاهِر الأَصابعِ. اللَّيْثُ: راجِبةُ الطائِر الإِصْبَعُ الَّتِي تَلِي الدَّائِرةَ مِن الْجَانِبَيْنِ الوَحْشِيَّيْن مِن الرِّجْلَيْن؛ وَقَوْلُ صَخْرِ الْغَيِّ:
تَمَلَّى بِهَا طُولَ الحياةِ، فَقَرْنُه ... لَهُ حَيَدٌ، أَشْرافُها كالرَّواجِبِ
شَبَّه مَا نتأَ مِنْ قَرْنِه، بِمَا نَتَأَ مِنْ أُصُولِ الأَصابع إِذا ضُمَّت الكَفُّ؛ وَقَالَ كُرَاعٌ: وَاحِدَتُهَا رُجْبةٌ؛ قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ، لأَنَّ فُعْلة لَا تُكَسَّرُ عَلَى فَواعِلَ. أَبو الْعَمَيْثَلِ: رَجَبْتُ فُلَانًا بقَوْلِ سَيِّئٍ ورَجَمْتُه بِمَعْنَى صكَكْتُه. والرَّواجِبُ مِنَ الحِمار: عُروقُ مَخارج صَوْتِه، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
طَوَى بَطنَه طُولُ الطِّراد، فأَصْبَحَتْ ... تَقَلْقَلُ، مِنْ طُولِ الطِّرادِ، رَواجِبُهْ
والرُّجْبةُ: بناءٌ يُبْنى، يُصَادُ بِهِ الذِّئْبُ وَغَيْرُهُ، يُوضَعُ فِيهِ لَحْمٌ، ويُشَدُّ بخَيْط، فإِذا جَذَبه سَقَط عَلَيْهِ الرُّجْبةُ.
رحب: الرُّحْبُ، بِالضَّمِّ: السَّعةُ. رَحُبَ الشيءُ رُحْباً ورَحابةً، فَهُوَ رَحْبٌ ورَحِيبٌ ورُحابٌ، وأَرْحَبَ: اتَّسَعَ. وأَرْحَبْتُ الشيءَ: وسَّعْتُه. قَالَ الحَجّاجُ، حِينَ قَتَلَ ابْنَ القِرِّيَّة: أَرْحِبْ يَا غُلامُ جُرْحَه وَقِيلَ لِلْخَيْلِ: أَرْحِبْ، وأَرْحِبي أَي تَوَسَّعِي وتَباعَدي(1/413)
وتَنَحِّي؛ زَجْرٌ لَهَا؛ قَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ مَعْرُوفٍ:
نُعَلِّمُها: هَبي، وهَلًا، وأَرْحِبْ، ... وَفِي أَبْياتِنا ولَنا افْتُلِينا
وَقَالُوا: رَحُبَتْ عليكَ وطُلَّتْ أَي رَحُبَتِ البِلادُ عَلَيْكَ وطُلَّتْ. وَقَالَ أَبو إِسحاق: رَحُبَتْ بِلادُكَ وطُلَّت أَي اتَّسَعَتْ وأَصابَها الطَّلُّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ زِمْلٍ: عَلَى طريقٍ رَحْبٍ
أَي واسِعٍ. ورجُل رَحْبُ الصَّدْرِ، ورُحْبُ الصَّدْرِ، ورحِيبُ الجَوْفِ: واسِعُهما. وَفُلَانٌ رحِيبُ الصَّدْر أَي وَاسِعُ الصَّدْرِ؛ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَوْفٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَلِّدوا أَمْرَكُم رَحْب الذِّراع
أَي واسِعَ القُوَّةِ عِنْدَ الشَّدائد. ورَحُبَت الدَّارُ وأَرْحَبَتْ بِمَعْنًى أَي اتَّسَعَتْ. وامرأَةٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ. والرَّحْبُ، بِالْفَتْحِ، والرَّحِيبُ: الشَّيْءُ الواسِعُ، تَقُولُ مِنْهُ: بَلَدٌ رَحْبٌ، وأَرضٌ رَحْبةٌ؛ الأَزهري: ذَهَبَ الْفَرَّاءُ إِلى أَنه يُقَالُ بَلَدٌ رَحْبٌ، وبِلادٌ رَحْبةٌ، كَمَا يُقَالُ بَلَدٌ سَهْلٌ، وبِلادٌ سَهْلة، وَقَدْ رَحُبَت تَرْحُبُ، ورَحُبَ يَرْحُبُ رُحْباً ورَحابةً، ورَحِبَتْ رَحَباً؛ قَالَ الأَزهري: وأَرْحَبَتْ، لُغَةٌ بِذَلِكَ الْمَعْنَى. وقِدْرٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ. وَقَوْلُ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ
؛ أَي عَلَى رُحْبِها وسَعَتها. وَفِي حَدِيثِ
كَعْب بْنِ مَالِكٍ: فنحنُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ.
وأَرضٌ رَحِيبةٌ: واسِعةٌ. ابْنُ الأَعرابي: والرَّحْبةُ مَا اتَّسع مِنَ الأَرض، وجمعُها رُحَبٌ، مِثْلَ قَرْيةٍ وقُرًى؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يَجِيءُ شَاذًّا فِي بَابِ النَّاقِصِ، فأَما السَّالِمُ فَمَا سَمِعْتُ فَعْلةً جُمعت عَلَى فُعَلٍ؛ قَالَ: وَابْنُ الأَعرابي ثِقَةٌ، لَا يَقُولُ إِلا مَا قَدْ سَمِعَه. وَقَوْلُهُمْ فِي تَحِيَّةِ الْوَارِدِ: أَهْلًا ومَرْحَباً أَيْ صادَفْتَ أَهْلًا ومَرْحباً. وَقَالُوا: مَرْحَبَك اللهُ ومَسْهَلَكَ. وَقَوْلُهُمْ: مَرْحَباً وأَهْلًا أَي أَتَيْتَ سَعَةً، وأَتَيْتَ أَهْلًا، فاسْتَأْنِس وَلَا تَسْتَوْحِشْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَعْنَى قَوْلِ الْعَرَبِ مَرْحَباً: انْزِلْ فِي الرَّحْب والسَّعةِ، وأَقِمْ، فلَكَ عِندنا ذَلِكَ. وَسُئِلَ الْخَلِيلُ عَنْ نَصْبِ مَرْحَباً، فَقَالَ: فِيهِ كَمِينُ الفِعْل؛ أَراد: بِهِ انْزِلْ أَو أَقِمْ، فنُصِب بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، فَلَمَّا عُرِف مَعْنَاهُ الْمُرَادُ بِهِ، أُمِيتَ الفِعلُ. قَالَ الأَزهري، وَقَالَ غَيْرُهُ، فِي قَوْلِهِمْ مَرْحَباً: أَتَيْتَ أَو لَقِيتَ رُحْباً وسَعةً، لَا ضِيقاً؛ وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ: سَهْلًا، أَراد: نَزَلْت بلَداً سَهْلًا، لَا حَزْناً غَلِيظاً. شَمِرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: مَرْحَبَكَ اللهُ ومَسْهَلَكَ ومَرْحَباً بِكَ اللهُ؛ ومَسْهَلًا بِكَ اللهُ وَتَقُولُ الْعَرَبُ: لَا مَرْحَباً بِكَ أَي لَا رَحُبَتْ عَلَيْكَ بلادُك قَالَ: وَهِيَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي تَقَعُ فِي الدُّعاءِ لِلرَّجُلِ وَعَلَيْهِ، نَحْوَ سَقْياً ورَعْياً، وجَدْعاً وعَقْراً؛ يُرِيدُونَ سَقاكَ اللهُ ورَعاكَ اللهُ؛ وَقَالَ الفراءُ: مَعْنَاهُ رَحَّبَ اللهُ بِكَ مَرْحَباً؛ كأَنه وُضِعَ مَوْضِعَ التَّرْحِيبِ. ورَحَّبَ بِالرَّجُلِ تَرْحِيباً: قَالَ لَهُ مَرْحَباً؛ ورَحَّبَ بِهِ دَعَاهُ إِلى الرَّحْبِ والسَّعَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَ لِخُزَيمةَ بْنِ حُكَيْمٍ: مَرْحَباً
، أَي لَقِيتَ رَحْباً وسَعةً؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ رَحَّبَ اللهُ بِكَ مَرْحَباً؛ فجعلَ المَرْحَبَ مَوْضِعَ التَّرْحِيب. ورَحَبَةُ المسجِد والدارِ، بِالتَّحْرِيكِ: ساحَتُهما ومُتَسَعُهما. قَالَ سِيبَوَيْهِ: رَحَبَةٌ ورِحابٌ،(1/414)
كرَقَبةٍ ورِقابٍ، ورَحَبٌ ورَحَباتٌ. الأَزهري، قَالَ الفراءُ: يُقَالُ للصَّحْراءِ بَيْنَ أَفْنِيَةِ الْقَوْمِ والمَسْجِد: رَحْبَةٌ ورَحَبَةٌ؛ وَسُمِّيَتِ الرَّحَبَةُ رَحَبَةً، لسَعَتِها بِمَا رَحُبَتْ أَي بِمَا اتَّسَعَتْ. يُقَالُ: مَنْزِلٌ رَحِيبٌ ورَحْبٌ. ورِحابُ الوادِي: مَسايِلُ الماءِ مِنْ جانِبَيْه فِيهِ، وَاحِدَتُهَا رَحَبةٌ. ورَحَبَةُ الثُّمام: مُجْتَمَعُه ومَنْبِتُه. ورَحائبُ التُّخوم: سَعةُ أَقْطارِ الأَرض. والرَّحَبةُ: مَوضِعُ العِنَبِ، بِمَنْزِلَةِ الجَرينِ للتَّمر، وكلُّه مِنْ الِاتِّسَاعِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّحْبَةُ والرَّحَبةُ، وَالتَّثْقِيلُ أَكثر: أَرض واسِعةٌ، مِنْباتٌ، مِحْلالٌ. وَكَلِمَةٌ شَاذَّةٌ تُحْكَى عَنْ نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ: أَرَحُبَكُم الدُّخولُ فِي طاعةِ ابْنِ الكِرْمانِي أَي أَوَسِعَكم، فعَدَّى فَعُلَ، وَلَيْسَتْ مُتَعدِّيةً عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، إِلا أَن أَبا عَلِيٍّ الْفَارِسِيَّ حَكَى أَن هُذَيْلًا تُعَدِّيهَا إِذا كَانَتْ قَابِلَةً لِلتَّعَدِّي بِمَعْنَاهَا؛ كَقَوْلِهِ:
وَلَمْ تَبْصُرِ العَيْنُ فِيهَا كِلابا
قَالَ فِي الصِّحَاحِ: لَمْ يجئْ فِي الصَّحِيحِ فَعُلَ، بِضَمِّ الْعَيْنِ، مُتَعَدِّيًا غَيْرُ هَذَا. وأَمَّا الْمُعْتَلُّ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَصل قُلْتُه قَوُلْتُه، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، لأَنه لَا يَتَعَدَّى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ طُلْته، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ طَوِيلٌ؟ الأَزهري، قَالَ اللَّيْثُ: هَذِهِ كَلِمَةٌ شَاذَّةٌ عَلَى فَعُلَ مُجاوِزٌ، وفَعُلَ لَا يَكُونُ مُجاوِزاً أَبداً. قَالَ الأَزهري: لَا يَجُوزُ رَحُبَكُم عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، وَنَصَرَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. والرُّحْبَى، عَلَى بناءِ فُعْلَى: أَعْرَضُ ضِلَعٍ فِي الصدرِ، وإِنما يَكُونُ الناحِزُ فِي الرُّحْبَيَيْنِ، وَهُمَا مَرْجِعا المِرْفقين. والرُّحْبَيانِ: الضِّلَعانِ اللَّتَانِ تَلِيانِ الإِبْطَيْنِ فِي أَعْلَى الأَضْلاع؛ وَقِيلَ: هُمَا مَرْجِعا المِرْفقين، وَاحِدُهُمَا رُحْبَى. وَقِيلَ: الرُّحْبى مَا بَيْنَ مَغْرِز العُنق إِلى مُنْقَطَعِ الشَّراسِيف؛ وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ ضِلَعَي أَصل العُنق إِلى مَرْجع الكَتِف. والرُّحْبى: سِمةٌ تَسِمُ بِهَا العرَبُ عَلَى جَنْبِ البَعِير. والرُّحَيْباءُ مِنَ الْفَرَسِ: أَعْلَى الكَشْحَيْنِ، وَهُمَا رُحَيْباوانِ. الأَزهري: الرُحْبَى مَنْبِضُ القَلْبِ مِنَ الدَّوابِّ والإنسانِ أَي مكانُ نَبْض قَلْبِهِ وخَفَقانِه. ورَحْبةُ مَالِكِ بْنِ طَوْقٍ: مَدينةٌ أَحْدَثَها مالكٌ عَلَى شاطِئِ الفُراتِ. ورُحابةُ: موضعٌ معروفٌ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الرِّحابُ فِي الأَودية، الْوَاحِدَةُ رحْبةٌ، وَهِيَ مَوَاضِعُ مُتَواطِئةٌ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، وَهِيَ أَسْرَعُ الأَرض نَبَاتًا، تَكُونُ عِنْدَ مُنْتَهَى الوادِي، وَفِي وَسَطِه، وَقَدْ تَكُونُ فِي المكانِ المُشْرِف، يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، وَمَا حَوْلَها مُشْرِفٌ عَلَيْهَا، وإِذا كَانَتْ فِي الأَرضِ المُسْتَوِيَةِ نزلَها الناسُ، وإِذا كَانَتْ فِي بَطْنِ المَسايِل لَمْ يَنْزلْها الناسُ؛ فإِذا كَانَتْ فِي بَطْنِ الْوَادِي، فَهِيَ أُقْنَةٌ أَي حُفْرةٌ تُمْسِكُ الماءَ، لَيْسَتْ بالقَعِيرة جِدّاً، وسَعَتُها قَدْرُ غلْوةٍ، والناسُ يَنْزِلُون نَاحِيَةً مِنْهَا، وَلَا تَكُونُ الرِّحابُ فِي الرَّمل، وَتَكُونُ فِي بُطُونِ الأَرضِ، وَفِي ظَواهِرِها. وبنُو رَحْبةَ: بَطْنٌ مِن حِمْيَر. وبنُو رَحَبٍ: بَطْن مِنْ هَمْدانَ.(1/415)
وأَرْحَبُ: قَبِيلَةٌ مِنْ هَمْدانَ. وبنُو أَرْحَبَ: بَطْنٌ مِنْ هَمْدانَ، إِليهم تُنْسَبُ النَّجائبُ الأَرْحَبِيَّةُ. قَالَ الْكُمَيْتُ، شَاهِدًا عَلَى الْقَبِيلَةِ بَنِي أَرْحَبَ.
يَقُولونَ: لَمْ يُورَثْ، ولَوْلا تُراثُه، ... لَقَدْ شَرِكَتْ فِيهِ بَكِيلٌ وأَرْحَبُ
اللَّيْثُ: أَرْحَبُ حَيٌّ، أَو مَوْضِعٌ يُنْسَبُ إِليه النَّجائبُ الأَرْحَبِيَّةُ؛ قَالَ الأَزهري: وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ أَرْحَبُ فَحْلًا تُنْسَبُ إِليه النَّجَائِبُ، لأَنها مِنْ نَسْلِه. والرَّحِيبُ: الأَكُولُ. ومَرْحَبٌ: اسْمٌ. ومَرْحَبٌ: فَرَسُ عبدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدٍ. والرُّحابةُ: أُطُمٌ بِالْمَدِينَةِ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ:
وبعضُ الأَخِلَّاءِ، عِنْدَ البَلاءِ ... والرُّزْءِ، أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبِ
وكيفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خَلالَتُه كأَبِي مَرْحَبِ؟
أَراد كخَلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ، يَعْنِي به الظِّلَّ.
ردب: الإِرْدَبُّ: مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهلِ مِصْر؛ قِيلَ: يَضُمُّ أَربعةً وَعِشْرِينَ صَاعًا؛ قَالَ الأَخطل:
قَوْمٌ، إِذا اسْتَنْبَحَ الأَضْيافُ كَلْبَهُمُ، ... قَالُوا لأُمِّهِم: بُولي عَلَى النَّارِ
والخُبزُ كالعَنْبرِ الهِنْدِيِّ عِنْدَهُمُ، ... والقَمْحُ سَبْعُونَ إِرْدَبّاً بِدِينارِ
قَالَ الأَصمعي وَغَيْرُهُ: البَيْتُ الأَوَّل مِنْ هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ أَهْجَى بَيْتٍ قَالَتْهُ العَرَبُ، لأَنه جَمَع ضُرُوباً مِنَ الهِجاءِ، لأَنه نَسَبَهم إِلى البُخْل، لِكَوْنِهِمْ يُطْفِئُون نارَهم مَخافةَ الضِّيفان، وكونِهم يَبْخَلُون بالماءِ فيُعَوِّضُونَ عَنْهُ البولَ، وكونِهم يَبْخَلُون بالحَطَبِ فنارُهُمْ ضَعِيفَةٌ يُطْفِئُها بَوْلَة، وكونِ تلكَ البَوْلَة بَوْلَة عَجُوزٍ، وَهِيَ أَقلُّ مِن بَوْلَةِ الشَّابَّةِ؛ ووصَفَهم بامْتِهانِ أُمِّهم، وَذَلِكَ لِلُؤْمِهِم، وأَنهم لَا خَدَم لَهم. قَالَ الشَّيْخُ أَبو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهْلِ مِصْر، لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لأَنَّ الإِرْدَبَّ لَا يُكال بِهِ، وإِنما يُكالُ بالوَيْبَةِ، والإِرْدَبُّ بِهَا سِتُّ وَيْباتٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنَعَتِ العِراقُ دِرْهَمَها وقَفِيزَها، ومَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّها، وعُدْتُم مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ.
الأَزهري: الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ مَعْرُوفٌ لأَهْلِ مِصْرَ، يُقَالُ إِنه يَأْخُذُ أَرْبَعَةً وعِشرينَ صَاعًا مِن الطَّعامِ بصاعِ النبيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ والقَنْقَل: نِصفُ الإِرْدَبّ. قَالَ: والإِرْدَبُّ أَربعةٌ وستُّون مَنّاً بمَنِّ بَلَدِنا. وَيُقَالُ للبالُوعةِ مِنَ الخَزَف الواسِعَةِ: إِرْدَبَّة؛ شُبِّهَتْ بالإِرْدَبِّ المكيالِ، وَجَمْعُ الإِرْدَبِّ: أَرادِبُّ. والإِرْدَبُّ: القَناةُ الَّتِي يَجْري فِيهَا الماءُ عَلَى وجهِ الأَرضِ. والإِرْدَبَّةُ: القِرْمِيدَةُ. وَفِي الصِّحَاحِ: الإِرْدَبَّة القِرْمِيدُ، وَهُوَ الآجُرُّ الكبيرُ.
رزب: المِرْزَبَة والإِرْزَبَّة: عُصَيَّة مِنْ حديدٍ. والإِرْزَبَّة: الَّتِي يُكْسر بِهَا المَدَرُ، فإِن قُلْتَها بِالْمِيمِ، خَفَّفْتَ الباءَ، وقُلْتَ المِرْزَبَة؛ وأَنشد الفراءُ:
ضَرْبك بالمِرْزَبَةِ العُودَ النَّخِرْ(1/416)
وَفِي حَدِيثِ
أَبي جَهْلٍ: فإِذا رجلٌ أَسودُ يَضْرِبُه بمِرْزَبةٍ.
المِرْزَبة، بالتخفيفِ: المِطْرَقةُ الكبيرةُ الَّتِي تَكُونُ للحدَّادِ. وَفِي حَدِيثِ المَلك:
وبيدِه مِرْزَبَة.
وَيُقَالُ لَهَا: الإِرْزَبَّة أَيضاً، بِالْهَمْزِ والتشديدِ. ورجلٌ إِرْزَبٌّ، مُلْحَقٌ بِجِرْدَحْلٍ: قصيرٌ غليظٌ شديدٌ. وفَرْجٌ إِرْزَبٌّ: ضَخْمٌ؛ وَكَذَلِكَ الرَّكَب؛ قَالَ:
إِنَّ لَهَا لرَكَباً إِرْزَبَّا، ... كأَنه جَبْهَةُ ذَرَّى حبَّا
والإِرْزَبُّ: فَرْجُ المرأَةِ، عَنْ كُرَاعٍ، جَعَلَه اسْمًا لَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: رَكَبٌ إِرْزَبٌّ أَي ضَخْمٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كَزّ المُحَيَّا، أُنَّح، إِرْزَبّ
وَرَجُلٌ إِرْزَبٌّ: كبيرٌ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الإِرْزَبُّ الْعَظِيمُ الجسيمُ الأَحْمَق؛ وأَنشد الأَصمعي:
كَزّ المُحَيَّا، أُنَّح، إِرْزَبّ
والمِرْزابُ: لُغَةٌ فِي الميزابِ، وَلَيْسَتْ بِالْفَصِيحَةِ، وأَنْكَرَه أَبو عُبَيْدٍ. والمِرزابُ: السَّفِينَةُ الْعَظِيمَةُ، والجمعُ المرازيبُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَنْهَسْنَ مِنْ كلِّ مَخْشِيِّ الرَّدَى قُذُفٍ، ... كَمَا تَقاذَف، فِي اليَمِّ، المَرازيبُ
الْجَوْهَرِيُّ: المرازِيبُ السُّفُنُ الطِّوالُ. وأَما المَرازِبةُ مِنَ الفُرْسِ فمُعَرَّبٌ، الواحِدُ مَرْزُبانٌ، بِضَمِّ الزَّايِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتيتُ الحِيرَة فرأَيْتُهم يسْجُدون لمَرْزُبانٍ لَهُمْ
: هُوَ، بِضَمِّ الزَّايِ، أَحَدُ مَرَازِبة الفُرْسِ، وَهُوَ الفارِسُ الشُّجاعُ، المقدّمُ عَلَى القَوْمِ دُونَ المَلِك، وَهُوَ مُعَرَّب؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ للأَسَدِ: مَرْزُبان الزَّأْرَةِ، والأَصل فِيهِ أَحَدُ مَرازِبة الفُرْسِ؛ قَالَ أَوسُ بْنُ حَجَر، فِي صفَةِ أَسَد:
لَيْثٌ، عَلَيْهِ، مِنَ البَرْدِيِّ، هِبْرِيةٌ، ... كالمَرْزُبانيِّ، عَيَّالٌ بأَوْصالِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والهِبْرِيةُ مَا سَقَط عَلَيْهِ مِنْ أَطْرافِ البَرْدِيِّ؛ وَيُقَالُ للحَزازِ فِي الرأْس: هِبْرِية وإِبْرِية. والعَيَّالُ: المُتَبَخْتِرُ فِي مَشْيِه، وَمَنْ رَوَاهُ: عَيَّارٌ، بالراءِ، فَمَعْنَاهُ: أَنه يَذْهَب بأَوْصالِ الرِّجالِ إِلى أَجَمَتِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا أَدْرِي أَيُّ الرِّجالِ عارَه أَي ذَهَبَ بِهِ؛ والمَشهورُ فِيمَنْ رَوَاهُ: عَيَّالٌ، أَن يَكُونَ بعدَه بآصالِ، لأَن العَيَّال المُتَبَختر أَي يخرُج العَشِيَّاتِ، وَهِيَ الأَصائلُ، متَبَخْتِراً؛ وَمَنْ رَوَاهُ: عَيَّار، بالراءِ، قَالَ الَّذِي بعدَه بأَوْصالِ. وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ عَيَّالٌ بأَوْصالِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي شِعْرِهِ، إِنما هُوَ عَلَى مَا قَدَّمنا ذِكره. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرَوَاهُ المفَضَّل كالمَزبراني، بِتَقْدِيمِ الزَّايِ، عَيّارٌ بأَوْصال، بالراءِ، ذَهَبَ إِلى زُبْرَةِ الأَسَد، فَقَالَ لَهُ الأَصْمَعي: يَا عَجَباهْ الشيءُ يُشَبَّه بنفسِه، وإِنما هُوَ المَرْزُبانيُّ؛ وَتَقُولُ: فلانٌ عَلَى مَرْزَبة كَذَا، وَلَهُ مَرْزَبة كَذَا، كَمَا تَقُولُ: لَهُ دَهْقَنة كَذَا. ابْنُ بَرِّيٍّ: حُكِيَ عَنِ الأَصمعي أَنه يُقَالُ لِلرَّئِيسِ مِنَ الْعَجَمِ مَرْزُبان ومَزْبُران، بالراءِ وَالزَّايِ، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ مَا رَوَاهُ المُفَضَّل.
رسب: الرُّسُوبُ: الذَّهابُ فِي الماءِ سُفْلًا. رَسَبَ «4» الشيءُ فِي الماءِ يَرْسُب رُسُوباً، ورَسُبَ: ذهَبَ سُفلًا. ورَسَبَتْ عَيْناه: غارَتَا. وَفِي حَدِيثِ
__________
(4) . قوله [رسب] في القاموس أنه على وزن صرد وسبب.(1/417)
الْحَسَنِ يَصِفُ أَهلَ النَّارِ: إِذا طَفَتْ بِهِمُ النارُ، أَرْسَبَتْهُم الأَغْلالُ
، أَي إِذا رَفَعَتْهم وأَظْهَرَتْهُم، حَطَّتْهم الأَغْلالُ بثِقَلِها إِلى أَسْفَلِها. وسَيْفٌ رَسَبٌ ورَسُوبٌ: ماضٍ، يَغِيبُ فِي الضَّريبةِ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
أَبيض كالرَّجْعِ، رَسُوب، إِذا ... مَا ثاخَ فِي مُحْتَفَلٍ، يَخْتَلِي
وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَيْفٌ يُقَالُ لَهُ رَسُوبٌ أَي يَمْضِي فِي الضَّريبةِ ويَغِيبُ فِيهَا. وَكَانَ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ سَيْفٌ سَمَّاه مِرْسَباً، وَفِيهِ يَقُولُ:
ضَرَبْتُ بالمِرْسَبِ رأْسَ البِطْريقِ، ... بصارِمٍ ذِي هَبَّةٍ فَتِيقِ «1»
كأَنه آلةٌ للرُّسوبِ. وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قُبِّحْت مِنْ سالِفةٍ، ومِن قَفا ... عَبْدٍ، إِذا مَا رَسَبَ القَوْمُ، طَفَا
قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: مَعْنَاهُ أَن الحُلَماءَ إِذا مَا تَرَزَّنوا فِي مَحافِلِهم، طَفا هُوَ بجَهْلِه، أَي نَزَا بجَهْلِه. والمَراسِبُ: الأَواسِي. والرَّسوبُ: الْحَلِيمُ. وَفِي النَّوَادِرِ: الرَّوْسَبُ والرَّوْسَمُ: الداهِيةُ. والرَّسُوب: الكَمَرة، كأَنها لِمَغيبِها عِنْدَ الجماعِ. وجَبَل راسِبٌ: ثابتٌ. وبَنُو راسبٍ: حيٌّ مِنَ الْعَرَبِ. قَالَ: وَفِي العربِ حَيَّانِ يُنْسبان إِلى راسبٍ: حَيٌّ فِي قُضاعة، وحيٌّ فِي الأَسْد الَّذِينَ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ الراسبِي.
رشب: التهذيبُ، أَبو عَمْرٍو: المَراشِبُ: جَعْوُ رُؤُوسِ الخُروسِ؛ والجَعْوُ: الطينُ، والخُرُوسُ: الدِّنانُ.
رضب: الرُّضابُ: مَا يَرْضُبُه الإِنسانُ مِنْ رِيقِه كأَنه يَمْتَصُّه، وإِذا قَبَّل جاريَتَه رَضَبَ رِيقَها. وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَنِّي أَنْظُر إِلى رُضابِ بُزاقِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
البُزاقُ: مَا سالَ؛ والرُّضابُ مِنْهُ: مَا تَحَبَّبَ وانْتَشر؛ يُرِيدُ: كأَني أَنْظُر إِلى مَا تحَبَّبَ وانْتَشَر مِنْ بُزَاقِه، حِينَ تَفَلَ فِيهِ. قَالَ الْهَرَوِيُّ: وإِنما أَضاف فِي الْحَدِيثِ الرُّضابَ إِلى البُزاقِ، لأَن البُزاقَ مِنَ الريقِ مَا سالَ. وَقَدْ رَضَبَ ريقَها يَرْضُبُه رَضْباً، وتَرَضَّبَه: رَشَفَه. والرُّضابُ: الريقُ؛ وَقِيلَ: الريقُ المَرْشُوف؛ وَقِيلَ: هُوَ تَقَطُّع الريقِ فِي الفَمِ، وكثْرةُ ماءِ الأَسنانِ، فعُبِّر عَنْهُ بالمَصْدرِ، قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا؛ وَقِيلَ: هُوَ قِطَعُ الرِّيقِ، قَالَ: وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا أَيضاً. والمَراضِب: الأَرْياق الْعَذْبَةُ. والرُّضَاب: قطَع الثَّلْجِ والسُّكَّر والبَرَد، قَالَهُ عُمارة بْنُ عَقِيل. والرُّضَابُ: لُعَابُ العَسَل، وَهُوَ رَغْوته. ورُضَاب المِسْك: قِطَعه. والرُّضابُ: فُتاتُ المِسْكِ؛ قَالَ:
وإِذَا تَبْسِمُ، تُبْدِي حَبَباً، ... كرُضابِ المِسْكِ بِالمَاءِ الخَصِرْ
ورُضابُ الفَمِ: مَا تَقَطَّع مِنْ رِيقِه. ورُضابُ
__________
(1) . قوله: [ضَرَبْتُ بِالْمُرْسَبِ رَأْسَ الْبِطْرِيقِ بصارم إلخ] أورد الصاغاني في التكملة بين هذين المشطورين ثالثاً وهو
[علوت منه مجمع الفروق]
ثم قال: وبين أضرب هذه المشاطير تعاد لأَن الضرب الأَول مقطوع مذال والثاني والثالث مخنونان مقطوعان انتهى وفيه مع ذلك أن القافية في الأَول مقيدة وفي الأَخيرين مطلقة.(1/418)
النَّدَى: مَا تَقَطَّع مِنْهُ عَلَى الشَّجَرِ. والرَّضْب: الفِعْل. وماءٌ رُضابٌ: عَذْبٌ؛ قَالَ رُؤْبة:
كالنَّحْلِ فِي المَاءِ الرُّضَابِ، العَذْبِ
وَقِيلَ: الرُّضابُ هَاهنا: البَرْدُ؛ وَقَوْلُهُ: كالنَّحْلِ أَي كَعَسَلِ النَّحْل؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ كُثَيِّرِ عَزَّةَ:
كاليَهُودِيِّ مِنْ نَطَاةَ الرِّقالِ
أَراد: كنَخْلِ اليَهُوديّ؛ أَلا تَرى أَنه قَدْ وَصَفَها بالرِّقَالِ، وَهِيَ الطِّوالُ مِنَ النَّخْلِ؟ ونَطَاةُ: خَيْبَر بعَيْنِها. وَيُقَالُ لحَبّ الثَّلْجِ: رُضَاب الثَّلْج وَهُوَ البَرَدُ. والرَّاضِبُ مِنَ المَطَرِ: السَّحُّ. قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ أَنس يَصِفُ ضَبُعًا فِي مَغَارَةٍ:
خُنَاعَةُ ضَبْعٌ، دَمَّجَتْ فِي مَغارَةٍ، ... وأَدْرَكَها، فِيها، قِطارٌ ورَاضِبُ
أَراد: ضَبُعاً، فأَسْكَن الْبَاءَ؛ وَمَعْنَى دَمَّجَتْ، بِالْجِيمِ: دَخَلَت، وَرَوَاهُ أَبو عَمْرٍو دَمَّحَتْ، بالحاءِ، أَي أَكَبَّتْ؛ وخُناعَة: أَبو قَبِيلَة، وَهُوَ خُناعَةُ بنُ سَعْدِ بنِ هُذَيل بْنِ مُدْرِكَة. وَقَدْ رَضَبَ المَطَر وأَرْضَب؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنَّ مُزْناً مُسْتَهِلَّ الإِرْضابْ، ... رَوَّى قِلاتاً، فِي ظِلالِ الأَلْصَابْ
أَبو عَمْرٍو: رَضَبَتِ السَّماءُ وهَضَبَتْ. ومَطَرٌ راضِبٌ أَي هَاطِلٌ. والرَّاضِبُ: ضَرْبٌ مِنَ السِّدْرِ، وَاحِدَتُهُ رَاضِبة ورَضَبة، فإِنْ صَحَّت رَضَبَة، فَراضِبٌ فِي جَمِيعِها اسمٌ لِلْجَمْعِ. ورَضَبَتِ الشَّاةُ كرَبَضَت، قَلِيلَةٌ.
رطب: الرَّطْبُ، بالفَتْحِ: ضدُّ اليابسِ. والرَّطْبُ: النَّاعِمُ. رَطُبَ، بالضَّمِّ، يَرْطُب رُطوبَةً ورَطابَةً، ورَطِبَ فَهُوَ رَطْبٌ ورَطِيبٌ، ورَطَّبْتُه أَنا تَرْطِيباً. وجارِيَةٌ رَطْبَة: رَخْصَة. وَغُلَامٌ رَطْبٌ: فِيهِ لِينُ النساءِ. وَيُقَالُ للمرْأَةِ: يَا رَطَابِ تُسَبُّ بِهِ. والرُّطُبُ: كلُّ عُودٍ رَطْبٍ، وَهُوَ جَمْعُ رَطْبٍ. وغُصنٌ رَطِيبٌ، ورِيشٌ رَطِيبٌ أَي ناعِمٌ. والمَرْطُوبُ: صاحِبُ الرُّطُوبَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآن رَطْباً
أَي لَيِّناً لَا شِدَّةَ فِي صَوْتِ قَارِئِه. والرُّطْبُ والرُّطُبُ: الرِّعْيُ الأَخْضَرُ مِنْ بُقُولِ الرَّبِيعِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنَ البَقْلِ وَالشَّجَرِ، وَهُوَ اسْمٌ للجِنْسِ. والرُّطْبُ، بالضمِّ، ساكِنَةَ الطاءِ: الكَلأُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
حَتى إِذا مَعْمَعَانُ الصَّيْفِ هَبَّ لَهُ، ... بأَجَّةٍ، نَشَّ عَنْها المَاءُ والرُّطْبُ
وَهُوَ مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ، أَراد: هَيْجَ كُلِّ عُودٍ رَطْبٍ، والرُّطْبُ: جَمعُ رَطْبٍ؛ أَراد: ذَوَى كُلُّ عُودٍ رَطْبٍ فَهاجَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرُّطْب جَمَاعَةُ العُشْبِ الرَّطْبِ. وأَرْضٌ مُرْطِبةٌ أَي مُعْشِبَةٌ، كَثِيرةُ الرُّطْبِ والعُشْبِ والكَلإِ. والرَّطْبة: رَوْضَة الفِصْفِصَة مَا دامَتْ خَضْراءَ؛ وَقِيلَ: هِيَ الفِصْفِصَةُ نَفْسُها، وجمعُها رِطابٌ.(1/419)
ورَطَبَ الدَّابَّة: عَلَفها رَطْبَةً. وَفِي الصِّحَاحِ: الرَّطبة، بالفَتْح: القَضْبُ خَاصَّة، مَا دامَ طَرِيّاً رَطْباً؛ تَقُولُ مِنْهُ: رَطَبْتُ الفَرَس رَطْباً ورُطوباً، عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ امرَأَةً قَالَتْ: يَا رسولَ اللَّهِ، إِنَّا كَلٌّ عَلَى آبائِنَا وأَبْنائِنَا، فَمَا يَحِلُّ لَنا منْ أَمْوالِهِمْ؟ فقال: الرَّطْبُ تَأْكُلْنَه وتُهْدِينَه
؛ أَراد: مَا لَا يُدَّخَر، وَلَا يَبْقَى كالفواكهِ والبُقول؛ وإِنما خَصَّ الرَّطْبَ لأَنَّ خَطْبَه أَيْسَر، والفسادَ إِليه أَسرَعُ، فإِذا تُرِكَ وَلَمْ يُؤْكَلْ، هَلَك ورُمِيَ، بخلافِ الْيَابِسِ إِذا رُفِعَ وادُّخِرَ، فوَقَعَتِ المُسامَحة فِي ذَلِكَ بتركِ الاسْتِئْذانِ، وأَن يَجْرِيَ عَلَى العادةِ المُسْتحسَنةِ فِيهِ؛ قَالَ: وَهَذَا فِيمَا بَيْنَ الآباءِ والأُمَّهاتِ والأَبناءِ، دُونَ الأَزواجِ والزَّوجاتِ، فَلَيْسَ لأَحدِهما أَن يَفعل شَيْئًا إِلَّا بإِذنِ صاحبِه. والرُّطَبُ: نَضِيجُ البُسْرِ قبلَ أَنْ يُتْمِر، واحدتُه رُطَبةً. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَ رُطَبٌ بتكسيرِ رُطَبةٍ، وإِنما الرُّطَب، كالتَّمْرِ، وَاحِدُ اللَّفْظِ مُذَكَّر؛ يَقُولُونَ: هَذَا الرُّطَب، وَلَوْ كَانَ تَكْسيراً لأَنَّثوا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرُّطَب البُسْرُ إِذا انهَضَم فَلانَ وحَلا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الرُّطَبُ مِنَ التَّمْرِ معروفٌ، الْوَاحِدَةُ رُطَبة، وَجَمْعُ الرُّطَبِ أَرْطابٌ ورِطابٌ أَيضاً، مثلُ رُبَعٍ ورِباعٍ، وجمعُ الرُّطَبةِ رُطَباتٌ ورُطَبٌ. ورَطَبَ الرُّطَبُ ورَطُبَ ورَطَّبَ وأَرْطَبَ: حانَ أَوانُ رُطَبِه. وتَمرٌ رَطِيبٌ: مُرْطِبٌ. وأَرْطَبَ البُسْر: صَارَ رُطَباً. وأَرْطَبَتِ النَّخْلَةُ، وأَرْطَبَ القَوْمُ: أَرْطَبَ نَخْلُهم وَصَارَ مَا عَلَيْهِ رُطَباً. ورَطَبَهم: أَطْعَمَهم الرُّطَب. أَبو عَمْرٍو: إِذا بلَغ الرُّطَب اليَبِيس، فوُضِعَ فِي الجِرارِ، وصُبَّ عَلَيْهِ الماءُ، فَذَلِكَ الرَّبيطُ؛ فإِنْ صُبَّ عَلَيْهِ الدِّبْسُ، فَهُوَ المُصَقَّر. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للرَّطْبِ: رَطِبَ يَرْطَبُ، ورَطُبَ يَرْطُبُ رُطُوبة؛ ورَطَّبَتِ البُسرة وأَرْطَبَت، فَهِيَ مُرَطِّبةٌ ومُرْطِبة. والرَّطْبُ: المُبْتَلُّ بالماءِ. ورَطَّبَ الثوْبَ وَغيرَه وأَرْطَبَه كِلاهما: بَلَّه؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
بشَرَبَّةٍ دَمِثِ الكَثِيب، بدُوره ... أَرْطَى، يَعُوذُ بِهِ، إِذا مَا يُرطَبُ
رعب: الرُّعْبُ والرُّعُبُ: الفَزَع والخَوْفُ. رَعَبَه يَرْعَبُه رُعْباً ورُعُباً؛ فَهُوَ مَرْعُوبٌ ورَعِيبٌ: أَفْزَعَه؛ وَلَا تَقُل: أَرْعَبَه ورَعَّبَه تَرْعِيباً وتَرْعاباً، فَرَعَب رُعْباً، وارْتَعَبَ فَهُوَ مُرَعَّبٌ ومُرْتَعِبٌ أَي فَزِعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسيرةَ شَهرٍ
؛ كَانَ أَعداءُ النبيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ أَوْقَعَ اللهُ فِي قلوبِهمُ الخَوْفَ مِنْهُ، فإِذا كَانَ بينَه وبينَهم مَسِيرَةُ شَهْرٍ، هابُوه وفَزِعُوا مِنْهُ؛ وَفِي حَدِيثِ الخَنْدَق:
إِنَّ الأُولى رَعَّبُوا عَلَيْنا
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جاءَ فِي رِوَايَةٍ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَيُرْوَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، والمشهورُ بَغَوْا مِنَ البَغْيِ، قَالَ: وَقَدْ تَكَرَّرَ الرُّعْب فِي الْحَدِيثِ. والتِّرْعابةُ: الفَروقة مِنْ كلِّ شيءٍ. والمَرْعَبة: القَفْرة المُخِيفة، وأَن يَثِب الرجُلُ فيَقْعُدَ بجَنْبِكَ، وأَنتَ عَنْهُ غافِلٌ، فتَفْزَعَ.(1/420)
ورَعَبَ الحَوْضَ يَرْعَبُه رَعْباً: مَلأَه. ورَعَبَ السَّيْلُ الوادِيَ يَرْعَبُه: مَلأَه، وهُو مِنْهُ. وسَيْلٌ راعِبٌ: يَمْلأُ الوادِيَ؛ قَالَ مُلَيْحُ بنُ الحَكَم الهُذَلي:
بِذِي هَيْدَبٍ، أَيْمَا الرُّبى تحتَ وَدْقِه، ... فتَرْوى، وأَيْمَا كلُّ وادٍ فيَرْعَبُ
ورَعَبَ: فِعْلٌ مُتَعَدٍّ، وغيرُ متعدٍّ؛ تَقُولُ: رَعَبَ الْوَادِي، فَهُوَ راعِبٌ إِذا امْتَلأَ بالماءِ؛ ورَعَبَ السَّيْلُ الوادِيَ: إِذا مَلأَهُ، مِثْلُ قَوْلِهم: نَقَصَ الشيءُ ونَقَصْتُه، فَمَنْ رَوَاهُ: فيَرْعَبُ، بِضَمِّ لَامِ كُلٍّ، وَفَتْحِ يَاءِ يَرْعَب، فَمَعْنَاهُ فيَمْتَلِئُ؛ وَمَنْ رَوَى: فيُرْعَب، بِضَمِّ الْيَاءِ، فَمَعْنَاهُ فيُمْلأُ؛ وَقَدْ رُوِيَ بِنَصْبِ كلٍّ، عَلَى أَن يكونَ مَفْعُولًا مقدَّماً لِيَرْعَبُ، كَقَوْلِكَ أَمَّا زَيْدًا فضَرَبْت، وَكَذَلِكَ أَمَّا كُلُّ وادٍ فيَرْعَب؛ وَفِي يَرْعَبُ ضميرُ السَّيْلِ والمطَرِ، وَرُوِيَ فيُرْوِي، بِضَمِّ الياءِ وَكَسْرِ الْوَاوِ، بَدَلَ قَوْلِهِ فتَرْوَى، فالرُّبى عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بيُرْوِي، وَفِي يُرْوي ضميرُ السَّيْل أَو المطَر، ومَن رَوَاهُ فتَرْوَى رَفَع الرُّبى بالابتداءِ وتَرْوَى خَبره. والرَّعِيبُ: الَّذِي يَقْطُر دَسَماً. ورَعَّبَتِ الحمامةُ: رَفَعَت هَديلَها وشَدَّتْه. والرَّاعِبيُّ: جِنْسٌ مِنَ الحَمَامِ. وحَمامةٌ راعِبِيَّة: تُرَعِّبُ فِي صَوْتِها تَرْعِيباً، وَهُوَ شِدّة الصَّوْتِ، جاءَ عَلَى لفظِ النَّسَب، وَلَيْسَ بِهِ؛ وقيلَ: هُوَ نَسَبٌ إِلى موضِعٍ، لَا أَعرِفُ صِيغة اسمِه. وَتَقُولُ: إِنه لشَدِيدُ الرَّعْبِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وَلَا أُجِيبُ الرَّعْبَ إِن دُعِيتُ
ويُرْوى إِنْ رُقِيتُ. أَراد بالرَّعْب: الْوَعِيدَ؛ إِن رُقِيتُ، أَي خُدِعْتُ بالوعيدِ، لَمْ أَنْقَدْ وَلَمْ أَخَفْ. والسِّنامُ المُرَعَّبُ: المُقَطَّع. ورَعَب السَّنامَ وغيرَهُ، يَرْعَبُه، ورَعَّبَه: قَطَعَه. والتِّرعِيبةُ، بِالْكَسْرِ: القِطْعَةُ مِنْهُ، والجمعُ تِرْعِيبٌ؛ وَقِيلَ: التِّرْعِيبُ السنامُ المُقَطَّع شَطَائِبَ مُسْتَطِيلَةً، وَهُوَ اسمٌ لَا مَصدر. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: التِّرْعِيبَ فِي التَّرعِيبِ، عَلَى الإِتباعِ، وَلَمْ يَحْفِلْ بالساكِنِ لأَنه حاجِزٌ غيرُ حَصِينٍ. وسَنامٌ رَعِيبٌ أَي مُمْتَلِئٌ سَمِينٌ. وَقَالَ شَمِرٌ: تَرْعِيبُه ارتِجاجُه وسِمَنُه وغِلَظُه، كأَنه يَرْتَجُّ مِنْ سِمَنِه. والرُّعْبُوبَة: كالتِّرْعِيبةِ، وَيُقَالُ: أَطْعَمَنا رُعْبُوبةً مِنْ سنامٍ عندَه، وَهُوَ الرُّعْبَبُ. وجاريةٌ رُعْبوبةٌ ورُعْبوبٌ ورِعْبيبٌ: شَطْبة تارَّةٌ، الأَخيرة عَنِ السِّيرَافِيِّ مِنْ هَذَا، وَالْجَمْعُ الرَّعابِيبُ؛ قَالَ حُمَيْد:
رَعابِيبُ بِيضٌ، لَا قِصارٌ زَعانِفٌ، ... وَلَا قَمِعات، حُسْنُهُنَّ قَرِيبُ
أَي لَا تَسْتَحْسِنُها إِذا بَعُدَتْ عَنْك، وإِنما تَسْتَحْسِنُها عِنْدَ التأَمُّلِ لدَمامَة قامتِها؛ وَقِيلَ: هِيَ البيضاءُ الحَسَنةُ، الرَّطْبة الحُلْوة؛ وَقِيلَ: هِيَ البيضاءُ فَقَطْ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:
ثُمَّ ظَلِلْنا فِي شِواءٍ، رُعْبَبُه ... مُلَهْوَجٌ، مِثل الكُشَى نُكَشِّبُهْ
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ البيضاءُ النَّاعِمَةُ. وَيُقَالُ لأَصلِ الطَّلْعَةِ: رُعْبوبة أَيضاً. والرُّعْبُوبة: الطَّوِيلَةُ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَنَاقَةٌ رُعْبوبة ورُعْبوبٌ: خَفِيفَةٌ(1/421)
طَيَّاشة؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرص:
إِذا حَرَّكَتْها الساقُ قُلْتُ: نَعامَةٌ، ... وإِن زُجِرَتْ، يَوْمًا، فلَيْسَتْ برُعْبُوبِ
والرُّعْبوبُ: الضعِيفُ الْجَبَانُ. والرَّعْب: رُقْيةٌ مِنَ السِّحْر، رَعَبَ الرَّاقي يَرْعَب رَعْباً. ورجلٌ رَعَّابٌ: رَقَّاءٌ مِنْ ذَلِكَ. والأَرْعَبُ: القَصِيرُ، وَهُوَ الرَّعيبُ أَيضاً، وجَمْعُه رُعُبٌ ورُعْبٌ؛ قَالَتِ امرأَة:
إِني لأَهْوَى الأَطْوَلِين الغُلْبا، ... وأُبْغِضُ المُشَيَّبِينَ الرُّعْبا
والرَّعْباءُ: موضِعٌ، وَلَيْسَ بثَبَتٍ.
رغب: الرَّغْبُ والرُّغْبُ والرَّغَبُ، والرَّغْبَة والرَّغَبُوتُ، والرُّغْبَى والرَّغْبَى، والرَّغْبَاءُ: الضَّراعة والمسأَلة. وَفِي حَدِيثِ الدعاءِ:
رَغْبَةً ورَهْبَةً إِلَيْكَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: أَعمل لَفْظَ الرَّغْبَة وَحْدَها، وَلَوْ أَعْمَلَهُما مَعاً، لَقَالَ: رَغْبة إِليكَ ورَهْبة منكَ، وَلَكِنْ لمَّا جمَعَهُما فِي النَّظْمِ، حَمَل أَحدَهما عَلَى الآخَرِ؛ كَقَوْلِ الرَّاجِزِ:
وزَجَّجْنَ الحَواجِبَ والعُيونا
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحاً
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالُوا لَهُ عِنْدَ موتِه: جزاكَ اللهُ خَيْرًا، فعَلْتَ وفَعَلْتَ؛ فَقَالَ: راغِبٌ وراهِبٌ
؛ يَعْنِي: إنَّ قولَكم لِي هَذَا القولَ، إِمَّا قولُ راغِبٍ فِيمَا عِنْدِي، أَو راهِبٍ منِّي؛ وَقِيلَ: أَراد إِنَّنِي راغِبٌ فِيمَا عندَ اللَّهِ، وراهِبٌ مِنْ عذابِه، فَلَا تَعْويلَ عِنْدِي عَلَى مَا قُلتم مِنَ الْوَصْفِ والإِطْراءِ. وَرَجُلٌ رَغَبُوت: مِنَ الرَّغْبَةِ. وَقَدْ رَغِبَ إِليه ورَغَّبَه هُوَ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
إِذا مالَتِ الدُّنْيا عَلَى المَرْءِ رَغَّبَتْ ... إِليه، ومالَ الناسُ حيثُ يَمِيلُ
وَفِي الْحَدِيثِ
أَن أَسماءَ بنتَ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: أَتَتْنِي أُمِّي راغِبةً فِي العَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبينَ قريشٍ، وَهِيَ كافِرة، فسأَلَتْنِي، فسأَلت النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصِلُها؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
قَالَ الأَزهري: قولُها أَتَتْنِي أُمِّي راغِبةً، أَي طَائِعَةً، تَسْأَلُ شَيْئًا. يُقَالُ: رَغِبْتُ إِلى فلانٍ فِي كَذَا وَكَذَا أَي سأَلتُه إِيَّاه. ورُوِي عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: كيفَ أَنتُم إِذا مَرِجَ الدِّينُ، وظَهَرَتِ الرَّغْبة؟
وَقَوْلُهُ: ظَهَرَتِ الرَّغْبةُ أَي كثُر السُّؤال وقَلَّتِ العِفَّة، ومَعْنَى ظُهورِ الرَّغْبة: الحِرْصُ عَلَى الجَمْع، مَعَ مَنْعِ الحَقِّ. رَغِبَ يَرْغَبُ رَغْبة إِذا حَرَصَ عَلَى الشيءِ، وطَمِعَ فِيهِ. والرَّغْبة: السُّؤالُ والطَّمَع. وأَرْغَبَنِي فِي الشَّيءِ ورغَّبَنِي، بِمَعْنًى. ورَغَّبَه: أَعْطاه مَا رَغِبَ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
لَقُلْتُ لدَهْري: إِنَّه هُوَ غَزْوَتي، ... وإِنِّي، وإِنْ رَغَّبْتَني، غيرُ فاعِلِ
والرَّغِيبةُ مِنَ العَطاءِ: الكثيرُ، والجمعُ الرَّغائبُ؛ قَالَ النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ:
لَا تَغْضَبَنَّ عَلَى امْرِئٍ فِي مَالِهِ، ... وَعَلَى كرائِمِ صُلْبِ مالِكَ، فاغْضَبِ(1/422)
ومَتى تُصِبْكَ خَصاصةٌ، فارْجُ الغِنى، ... وإِلى الَّذي يُعْطِي الرَّغائبَ، فارْغَبِ
وَيُقَالُ: إِنه لَوَهُوبٌ لكلِّ رَغِيبةٍ أَي لكلِّ مَرْغُوبٍ فِيهِ. والمَراغِبُ: الأَطْماعُ. والمَراغِبُ: المُضْطَرَباتُ للمَعاشِ. ودَعا اللهَ رَغْبةً ورُغْبةً، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي التنزيل العزيز: يَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً
؛ قَالَ: وَيَجُوزُ رُغْباً ورُهْباً؛ قَالَ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَداً قَرَأَ بِهَا، ونُصِبَا عَلَى أَنهما مفعولٌ لَهُمَا؛ وَيَجُوزُ فِيهِمَا الْمَصْدَرُ. ورَغِبَ فِي الشيءِ رَغْباً ورَغْبةً ورَغْبَى، عَلَى قِيَاسِ سَكْرَى، ورَغَباً بِالتَّحْرِيكِ: أَراده، فَهُوَ راغِبٌ؛ وارْتَغَبَ فِيهِ مثلُه. وَتَقُولُ: إِليك الرَّغْبَاءُ ومنكَ النَّعْماءُ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: الرُغْبَى والرَّغْبَاءُ مِثْلُ النُّعْمَى والنَّعْمَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنَّ ابنَ عُمرَ كَانَ يَزِيدُ فِي تَلْبِيتِه: والرُّغْبَى إِليكَ والعَمَل.
وَفِي رِوَايَةٍ: والرَّغْباءُ بِالْمَدِّ، وَهُمَا مِنَ الرَّغْبة، كالنُّعْمى والنَّعْماءِ مِنَ النِّعْمةِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ للبَخِيل يُعْطِي مِنْ غيرِ طَبْعِ جُودٍ، وَلَا سَجِيَّةِ كَرَمٍ: رُهْباك خير من رُغْباكَ؛ يَقُولُ: فَرَقُه منكَ خيرٌ لَكَ، وأَحْرى أَنْ يُعْطِيَكَ عَلَيْهِ مِنْ حُبّه لَكَ. قَالَ ومثَلُ العامَّة فِي هَذَا: فَرَقٌ خيرٌ مِنْ حُبٍّ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يَقُولُ لأَنْ تُرْهَبَ، خيرٌ مِنْ أَن يُرْغَبَ فيكَ. قَالَ: وفعلتُ ذَلِكَ رُهْباكَ أَي مِنْ رَهْبَتِك. قَالَ وَيُقَالُ: الرُّغْبَى إِلى اللَّهِ تَعَالَى والعملُ أَي الرَّغْبة؛ وأَصَبْتُ مِنْكَ الرُّغْبَى أَي الرَّغْبة الكَثيرة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: لَا تَدَعْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فإِنَّ فِيهِمَا الرَّغائِبَ
؛ قَالَ الْكِلَابِيُّ: الرَّغائِبُ مَا يُرْغَبُ فِيهِ مِنَ الثوابِ العظيمِ، يُقَالُ: رَغيبة ورَغائِب؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ مَا يَرْغَبُ فِيهِ ذُو رَغَبِ النفسِ، ورَغَبُ النفسِ سَعَةُ الأَمَلِ وطَلَبُ الْكَثِيرِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ صلاةُ الرَّغائِب، واحدتُها رَغيبةٌ؛ والرَّغيبةُ: الأَمرُ المَرْغوبُ فِيهِ. ورَغِبَ عَنِ الشيءِ: تَرَكَه مُتَعَمّداً، وزَهِدَ فِيهِ وَلَمْ يُرِدْهُ. ورَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْهُ: رأَى لنفسِه عَلَيْهِ فَضْلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِني لأَرْغَبُ بِكَ عَنِ الأَذانِ.
يُقَالُ: رَغِبْتُ بفلانٍ عَنْ هَذَا الأَمرِ إِذا كَرِهْتَه لَهُ، وزَهِدتَ لَهُ فِيهِ. والرُّغْبُ، بِالضَّمِّ: كَثْرَةُ الأَكلِ، وَشِدَّةُ النَّهْمة والشَّرَهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الرُّغْبُ شُؤْمٌ
؛ وَمَعْنَاهُ الشَّرَه والنَّهْمة، والحِرْصُ عَلَى الدُّنْيَا، والتَّبَقُّرُ فِيهَا؛ وَقِيلَ: سَعَة الأَمَل وطَلَبُ الْكَثِيرِ. وَقَدْ رَغُبَ، بِالضَّمِّ، رُغْباً ورُغُباً، فَهُوَ رَغِيبٌ. التَّهْذِيبِ: ورُغْبُ البطنِ كثرةُ الأَكلِ؛ وَفِي حَدِيثِ مازنٍ:
وَكُنْتُ امْرَأً بالرُّغْبِ والخَمْرِ مُولَعاً
أَي بسَعَةِ البطنِ، وكثرةِ الأَكلِ؛ ورُوِي بِالزَّايِ، يَعْنِي الْجِمَاعَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِيهِ نَظَرٌ. والرَّغابُ، بِالْفَتْحِ: الأَرضُ اللَّيِّنة. وأَرضٌ رَغابٌ ورُغُبٌ: تأْخُذُ الماءَ الكَثيرَ، وَلَا تَسيلُ إِلّا مِنْ مَطَرٍ كَثِيرٍ؛ وَقِيلَ: هِيَ اللَّيِّنَةُ الْوَاسِعَةُ، الدَّمِثةُ. وَقَدْ رَغُبَتْ رُغْباً. والرَّغيب: الْوَاسِعُ الجوفِ. ورجلٌ رَغيبُ الجَوْفِ إِذا كَانَ أَكُولًا. وَقَدْ رَغُبَ يَرْغُب رَغابةً: يُقَالُ: حَوْضٌ رَغيبٌ وسِقاءٌ رَغيبٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وادٍ رَغيبٌ ضَخْمٌ واسِعٌ كَثِيرُ الأَخذِ للماءِ، ووادٍ زَهيدٌ: قليلُ الأَخْذِ. وَقَدْ(1/423)
رَغُبَ رُغْباً ورُغُباً: وكلُّ مَا اتَّسَع فَقَدِ رَغُبَ رُغْباً. ووادٍ رُغُبٌ: واسعٌ. وَطَرِيقٌ رَغِبٌ: كَذَلِكَ، وَالْجَمْعُ رُغُبٌ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ، كالأُسْتيِّ، قَدْ جَعَلَتْ ... أَيْدي المَطِيِّ بِهِ عاديَّةً رُغُبا
ويُروى رُكُبا، جَمْعُ رَكُوبٍ، وَهِيَ الطريقُ الَّتِي بِهَا آثارٌ. وتراغَبَ المكانُ إِذا اتَّسَع، فَهُوَ مُتَراغِبٌ. وحِمْلٌ رَغِيبٌ ومُرْتَغِبٌ: ثقِيلٌ؛ قال ساعدة ابنُ جؤَيَّة:
تَحَوَّبُ قَدْ تَرَى إِنِّي لِحَمْل، ... عَلَى مَا كانَ، مُرْتَغِبٌ، ثَقِيلُ
وفَرَسٌ رَغِيبُ الشَّحْوة: كَثيرُ الأَخذِ مِنَ الأَرضِ بِقَوائِمِه، والجمعُ رِغَابٌ. وإِبِلٌ رِغابٌ: كَثِيرَةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ويَوْماً مِنَ الدُّهْمِ الرِّغَابِ، كأَنَّها ... أشَاءٌ دَنا قِنْوانُهُ، أَوْ مَجادِلُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَفْضَلُ الأَعْمالِ مَنْحُ الرِّغابِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ الواسِعَة الدَّرِّ، الكَثيرَةُ النَّفْعِ، جَمْعُ الرَّغِيبِ، وَهُوَ الواسِعُ. جَوْفٌ رَغيبٌ: وَوَادٍ رَغيبٌ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفة: ظَعَنَ بِهِمْ أَبو بَكْرٍ ظَعْنَةً رَغيبةً، ثُمَّ ظَعَنَ بِهِمْ عُمَرُ كَذَلِكَ
أَي ظَعْنَةً وَاسِعَةً كَثِيرَةً؛ قَالَ الْحَرْبِيُّ: هُوَ إِن شَاءَ اللَّهُ تَسْيِير أَبي بَكْرٍ الناسَ إِلى الشَّامِ، وفتحه إِيَّاها بهم، وتَسْيِيرُ عُمَرَ إِيَّاهم إِلى الْعِرَاقِ، وفتْحُها بِهِمْ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الدَّرْداءِ: بئسَ العَوْنُ عَلى الدِّينِ: قَلْبٌ نَخِيبٌ، وبَطْنٌ رَغِيبٌ.
وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ لمَّا أَراد قَتْلَ سعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: ائتُوني بسيفٍ رَغِيبٍ
أَي واسِعِ الحدَّينِ، يأْخُذُ فِي ضَرْبَتِه كَثِيرًا مِنَ المَضْرِب. ورجلٌ مُرْغِبٌ: مَيِّلٌ غَنيٌّ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَلا لَا يَغُرَّنَّ امْرَأً مِن سَوامِهِ ... سَوامُ أَخٍ، دَانِي القَرابةِ، مُرْغِبِ
شَمِرٌ: رَجلٌ مُرْغِبٌ أَي مُوسِرٌ، لَهُ مالٌ كثيرٌ رَغِيبٌ. والرُّغْبانةُ مِنَ النَّعْل: العُقْدَة الَّتِي تحتَ الشِّسْع. وراغِبٌ ورُغَيْبٌ ورَغْبانُ: أَسْماء. ورَغباء: بِئرٌ مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ كثَيّر عَزَّةَ:
إِذا وَرَدَتْ رَغْباءَ، فِي يومِ وِرْدِها، ... قَلُوصِي، دَعَا إِعْطاشَه وتَبَلَّدَا
والمِرْغابُ: نَهْر بالبَصْرة. ومَرْغابِينُ: موضعٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: اسْمٌ لنَهْرٍ بالبَصْرة.
رقب: فِي أَسماءِ اللَّهِ تَعَالَى: الرَّقِيبُ: وَهُوَ الحافظُ الَّذِي لَا يَغيبُ عَنْهُ شيءٌ؛ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ارْقُبُوا مُحَمَّداً فِي أَهل بَيْتِهِ
أَي احفَظُوه فِيهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِن نَبيٍّ إِلّا أُعْطِيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ
أَي حَفَظَة يَكُونُونَ مَعَهُ. والرَّقيبُ: الحَفِيظُ. ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْباناً، بِالْكَسْرِ فِيهِمَا، ورُقُوباً، وترَقَّبَه، وارْتَقَبَه: انْتَظَرَه ورَصَدَه. والتَّرَقُّبُ: الِانْتِظَارُ، وَكَذَلِكَ الارْتِقابُ. وقوله تعالى: لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
؛ مَعْنَاهُ لَمْ تَنتَظِرْ قَوْلِي. والتَّرَقُّبُ: تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ.(1/424)
ورَقِيبُ الجَيْشِ: طَلِيعَتُهم. ورَقِيبُ الرجُلِ: خَلَفُه مِنْ ولدِه أَو عشِيرتِه. والرَّقِيبُ: المُنْتَظِرُ. وارْتَقَبَ: أَشْرَفَ وعَلا. والمَرْقَبُ والمَرْقَبةُ: الموضعُ المُشْرِفُ، يَرْتَفِعُ عَلَيْهِ الرَّقِيبُ، وَمَا أَوْفَيْتَ عَلَيْهِ مِنْ عَلَمٍ أَو رابِيةٍ لتَنْظُر مِنْ بُعْدٍ. وارْتَقَبَ المكانُ: عَلا وأَشْرَف؛ قَالَ:
بالجِدِّ حيثُ ارْتَقَبَتْ مَعْزاؤُه
أَي أَشْرَفَتْ؛ الجِدُّ هُنَا: الجَدَدُ مِنَ الأَرض. شَمِرٌ: المَرْقَبة هِيَ المَنْظَرةُ فِي رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ، وجَمْعه مَراقِبُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المَراقِبُ: مَا ارتَفَعَ مِنَ الأَرض؛ وأَنشد:
ومَرْقَبةٍ كالزُّجِّ، أَشْرَفْتُ رأْسَها، ... أُقَلِّبُ طَرْفي فِي فَضاءٍ عَريضِ
ورَقَبَ الشيءَ يَرْقُبُه، وراقَبَه مُراقَبةً ورِقاباً: حَرَسَه، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد:
يُراقِبُ النَّجْمَ رِقابَ الحُوتِ
يَصِفُ رَفِيقاً لَهُ، يَقُولُ: يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصاً عَلَى الرَّحِيلِ كحِرْصِ الحُوتِ عَلَى الماءِ؛ يَنْظُرُ النَّجْمَ حِرْصاً عَلَى طُلوعِه، حَتَّى يَطْلُع فيَرْتَحِلَ. والرِّقْبةُ: التَّحَفُّظُ والفَرَقُ. ورَقِيبُ القومِ: حارِسُهم، وَهُوَ الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى مَرْقَبةٍ ليَحْرُسَهم. والرَّقِيبُ: الحارِسُ الحافِظُ. والرَّقَّابةُ: الرجُل الوَغْدُ، الَّذِي يَرْقُب لِلْقَوْمِ رَحْلَهم، إِذا غابُوا. والرَّقِيبُ: المُوَكَّل بالضَّريبِ. ورَقِيبُ القِداحِ: الأَمِينُ عَلَى الضَّريبِ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَمِينُ أَصحابِ المَيْسِرِ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
لَهَا خَلْفَ أَذْنابِها أَزْمَلٌ، ... مكانَ الرَّقِيبِ مِنَ الياسِرِينا
وَقِيلَ: هُوَ الرجُلُ الَّذِي يَقُومُ خَلْفَ الحُرْضَة فِي المَيْسِرِ، وَمَعْنَاهُ كلِّه سواءٌ، والجمعُ رُقَباءُ. التَّهْذِيبُ، وَيُقَالُ: الرَّقِيبُ اسمُ السَّهْمِ الثالِثِ مِنْ قِدَاحِ المَيْسِرِ؛ وأَنشد:
كَمَقَاعِدِ الرُّقَباءِ ... للضُّرَباءِ، أَيْديهِمْ نَواهِدْ
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَفِيهِ ثلاثةُ فُروضٍ، وَلَهُ غُنْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن فَازَ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباءَ إِن لَمْ يَفُزْ. وَفِي حَدِيثِ حَفْرِ زَمْزَم:
فغارَ سَهُمُ اللهِ ذِي الرَّقِيبِ
؛ الرَّقِيبُ: الثالِثُ مِنْ سِهام الْمَيْسِرِ. والرَّقِيبُ: النَّجْمُ الَّذِي فِي المَشْرِق، يُراقِبُ الغارِبَ. ومنازِلُ القمرِ، كُلُّ واحدٍ مِنْهَا رَقِيبٌ لِصاحِبِه، كُلَّما طَلَع مِنْهَا واحِدٌ سقَطَ آخَرُ، مِثْلُ الثُّرَيَّا، رَقِيبُها الإِكلِيلُ إِذا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشاءً غابَ الإِكليلُ وإِذا طَلَع الإِكليلُ عِشاءً غابَت الثُّرَيَّا. ورَقِيبُ النَّجْمِ: الَّذِي يَغِيبُ بِطُلُوعِه، مِثْلُ الثُّرَيَّا رَقِيبُها الإِكليلُ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
أَحَقّاً، عبادَ اللَّهِ، أَنْ لَسْتُ لاقِياً ... بُثَيْنَةَ، أَو يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِيبُها؟
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: سَمِعْتُ أَبا الْهَيْثَمِ يَقُولُ: الإِكليلُ رَأْسُ العَقْرَبِ. وَيُقَالُ: إِنَّ رَقِيبَ الثُرَيَّا مِنَ الأَنْواءِ الإِكليلُ، لأَنه لا يَطْلُع أَبداً حَتَّى تَغِيبَ؛ كَمَا أَنَّ الغَفْرَ رَقِيبُ الشَّرَطَيْنِ، لَا يَطْلُع الغَفْرُ(1/425)
حَتَّى يَغِيبَ الشَّرَطانِ؛ وَكَمَا أَن الزُّبانيَيْن رَقِيبُ البُطَيْنِ، لَا يَطْلُع أَحدُهما إِلَّا بِسُقُوطِ صاحِبِه وغَيْبُوبَتِه، فَلَا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه؛ وَكَذَلِكَ الشَّوْلَةُ رَقِيبُ الهَقْعَةِ، والنَّعائِمُ رَقِيبُ الهَنْعَةِ، والبَلْدَة رَقِيبُ الذِّرَاعِ. وإِنما قيلَ للعَيُّوق: رَقِيبُ الثُّرَيَّا، تَشْبِيهاً برَقِيبِ المَيْسِرِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَد رابئِ ... الضُّرَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ، لَا يَتَتَلَّع
النَّجْمُ هَاهُنَا: الثُّرَيَّا، اسمٌ عَلَم غالِبٌ. والرَّقِيب: نَجْمٌ مِنْ نُجومِ المَطَرِ، يُراقبُ نجْماً آخَر. وراقبَ اللهَ تَعَالَى فِي أَمرِهِ أَي خافَه. وابنُ الرَّقِيبِ: فَرَسُ الزِّبْرقان بْنِ بَدْرٍ، كأَنه كَانَ يُراقِبُ الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه. والرُّقْبى: أَن يُعْطِيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ دَارًا أَو أَرْضاً، فأَيُّهما ماتَ، رَجَعَ ذَلِكَ المالُ إِلى وَرَثَتِهِ؛ وَهِيَ مِنَ المُراقَبَة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه. وَقِيلَ: الرُّقْبَى: أَن تَجْعَلَ المَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه، فإِن ماتَ، سكَنه فلانٌ، فكلُّ واحدٍ مِنْهُمَا يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه. وَقَدْ أَرْقَبه الرُّقْبَى، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَرْقَبَه الدارَ: جَعَلَها لَه رُقْبَى، ولِعَقبِه بَعْدَهُ بمنزلةِ الوقفِ. وَفِي الصِّحَاحِ: أَرْقَبْتُه دَارًا أَو أَرضاً إِذا أَعطيتَه إِياها فَكَانَتْ لِلْبَاقِي مِنْكُما؛ وقُلْتَ: إِن مُتُّ قَبْلَك، فَهِيَ لَكَ، وإِن مُتَّ قَبْلِي، فَهِيَ لِي؛ والاسمُ الرُّقْبى: وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي العُمْرَى والرُّقْبَى: أَنَّهَا لِمَنْ أُعْمِرَها، وَلِمَنْ أُرْقِبَها، ولوَرَثَتِهِما مِنْ بعدِهِما.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِي
ابنُ عُلَيَّة، عَنْ حجَّاج، أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عَنِ الرُّقْبَى، فَقَالَ: هُوَ أَن يَقُولَ الرَّجُلَ لِلرَّجُلِ، وَقَدْ وَهَبَ لَهُ دَارًا: إِنْ مُتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قَبْلَك فَهِيَ لَكِ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَصلُ الرُّقْبَى مِنَ المُراقَبَة، كأَنَّ كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا، إِنما يَرْقُبُ مَوْتَ صاحِبِه؛ أَلا تَرَى أَنه يَقُولُ: إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فَهِيَ لَكَ؟ فَهَذَا يُنْبِئك عَنِ المُراقَبة. قَالَ: وَالَّذِي كَانُوا يُريدون مِنْ هَذَا أَن يَكُونَ الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل عَلَى صاحِبِه بالشيءِ، فَيَسْتَمْتِعَ بِهِ مَا دامَ حَيّاً، فإِذا ماتَ الموهوبُ لَهُ، لَمْ يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ مِنْهُ شيءٌ، فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بنَقْضِ ذَلِكَ، أَنه مَنْ مَلَك شَيْئًا حَيَاتَه، فهُو لوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ فُعْلى مِنَ المُراقَبَةِ. والفُقهاءُ فِيهَا مُختَلِفون: مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِيكاً، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة؛ قَالَ: وَجَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ آثارٌ كثيرةٌ، وَهِيَ أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً، واشترط فيها شرطاً أَنَّ الهِبَة جائزةٌ، وأَنَّ الشَّرْطَ باطِلٌ. وَيُقَالُ: أَرْقَبْتُ فُلَانًا دَارًا، وأَعْمَرْتُه دَارًا إِذا أَعْطَيْته إِيَّاها بِهَذَا الشَّرْطِ، فَهُوَ مُرْقَب، وأَنا مُرْقِبٌ. وَيُقَالُ: وَرِثَ فلانٌ مَالًا عَنْ رِقْبَةٍ أَي عَنْ كلالةٍ، لَمْ يَرِثْهُ عَنْ آبائِه؛ وَوَرِثَ مَجْداً عَنْ رِقْبَةٍ إِذا لَمْ يَكُنْ آباؤُهُ أَمْجاداً؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
كَانَ السَّدَى والنَّدى مَجْداً ومَكْرُمَةً، ... تِلْكَ المَكارِمُ لَمْ يُورَثْنَ عَنْ رِقَبِ
أَي وَرِثَها عَنْ دُنًى فدُنًى مِنْ آبائِهِ، وَلَمْ يَرِثْهَا مِنْ وراءُ وراءُ.(1/426)
والمُراقَبَة، فِي عَرُوضِ المُضارِعِ والمُقْتَضَبِ، أَن يَكُونَ الجُزْءُ مَرَّةً مَفاعِيلُ ومرَّة مفاعِلُنْ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن آخرَ السَّببِ الَّذِي فِي آخِرِ الجزءِ، وَهُوَ النُّونُ مِنْ مَفاعِيلُن، لَا يَثْبُتُ مَعَ آخِر السَّببِ الَّذِي قَبْلَه، وَهُوَ الياءُ فِي مَفاعِيلُن، وَلَيْسَتْ بمعاقَبَةٍ، لأَنَّ المُراقَبَة لَا يَثْبُت فِيهَا الْجُزْآنِ المُتراقِبانِ، وإِنما هُوَ مِنَ المُراقَبَة المُتَقَدّمة الذِّكْر، والمُعاقَبة يَجْتمعُ فِيهَا المُتعاقِبانِ. التَّهْذِيبُ، اللَّيْثُ: المُراقَبَة فِي آخِرِ الشِّعْرِ عِنْدَ التَّجْزِئَة بَيْنَ حَرْفَيْنِ، وَهُوَ أَن يَسْقُط أَحدهما، ويَثْبُتَ الآخَرُ، وَلَا يَسْقُطانِ مَعاً، وَلَا يَثْبُتان جَمِيعاً، وَهُوَ فِي مَفاعِيلُن الَّتِي للمُضارع لَا يَجُوزُ أَن يتمَّ، إِنما هُوَ مَفاعِيلُ أَو مَفاعِلُنْ. والرَّقِيبُ: ضَرْبٌ مِنَ الحَيَّاتِ، كأَنه يَرْقُب مَن يَعَضُّ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: ضَرْبٌ مِنَ الحَيَّاتِ خَبيث، والجمعُ رُقُبٌ ورقِيباتٌ. والرَّقِيب والرَّقُوبُ مِن النِّساءِ: الَّتِي تُراقِبُ بَعْلَها لِيَمُوت، فَتَرِثَه. والرَّقُوبُ مِنَ الإِبِل: الَّتِي لَا تَدْنُو إِلى الحوضِ مِنَ الزِّحامِ، وَذَلِكَ لكَرَمِها، سُميت بِذَلِكَ، لأَنها تَرقبُ الإِبِلَ، فإِذا فَرَغْنَ مِنْ شُرْبِهنّ، شَربَت هِيَ. والرَّقُوبُ مِنَ الإِبل والنِّساءِ: الَّتِي لَا يَبْقَى لَهَا وَلَدٌ؛ قال عبيد:
لأَنها شَيْخَةٌ رَقُوبُ
وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي ماتَ وَلَدُها، وَكَذَلِكَ الرجُل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمْ يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنا مثلَ أُمِّنا، ... وَلَا كأَبِينا عاشَ، وَهُوَ رَقُوبُ
وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ: مَا تَعُدُّون الرَّقُوبَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: الَّذِي لَا يَبْقى لَه ولَد؛ قَالَ: بَلِ الرَّقُوبُ الَّذِي لَمْ يُقَدِّم مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَكَذَلِكَ مَعْنَاهُ فِي كلامِهِم، إِنما هُوَ عَلى فَقْدِ الأَوْلادِ؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:
فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ، رَقُوبٍ ... بوَاحِدِها، إِذا يَغْزُو، تُضِيفُ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَكَأَنَّ مَذْهَبُه عِنْدَهُمْ عَلَى مَصائِب الدُّنْيَا، فجَعَلَها رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى فَقْدِهِم فِي الْآخِرَةِ؛ وَلَيْسَ هَذَا بخلافِ ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى، وَلَكِنَّهُ تحويلُ الْمَوْضِعِ إِلى غيرِه، نَحْوُ حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
إِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دينَه؛ وَلَيْسَ هَذَا أَن يكونَ مِنْ سُلِبَ مالَه، لَيْسَ بمحْروبٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الرَّقُوبُ فِي اللُّغَةِ: الرَّجُلُ والمرأَة إِذا لَمْ يَعِشْ لَهُمَا وَلَدٌ، لأَنه يَرْقُب مَوْتَه ويَرْصُدُه خَوفاً عَلَيْهِ، فنَقَلَه النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى الَّذِي لَمْ يُقَدِّم مِنْ الْوَلَدِ شَيْئًا أَي يموتُ قَبْلَهُ تَعْرِيفًا، لأَن الأَجرَ والثوابَ لِمَنْ قَدَّم شَيْئًا مِنَ الْوَلَدِ، وأَن الاعتِدادَ بِهِ أَعظم، والنَّفْعَ بِهِ أَكثر، وأَنَّ فقدَهم، وإِن كَانَ فِي الدُّنْيَا عَظِيمًا، فإِنَّ فَقْدَ الأَجرِ والثوابِ عَلَى الصبرِ، وَالتَّسْلِيمِ للقضاءِ فِي الْآخِرَةِ، أَعظم، وأَنَّ الْمُسْلِمَ وَلَدُه فِي الْحَقِيقَةِ مَنْ قَدَّمه واحْتَسَبَه، وَمَنْ لَمْ يُرزَق ذلك، فهو كالذي لَا وَلدَ لَهُ؛ وَلَمْ يَقُلْهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِبطالًا لِتَفْسِيرِهِ اللُّغَوِيِّ، إِنما هُوَ كقولِه:
إِنما المَحْروبُ مَن حُرِبَ دينَه
، لَيْسَ عَلَى أَن مَنْ أُخِذَ مالُه غيرُ مَحْروبٍ. والرَّقَبَةُ: العُنُقُ؛ وَقِيلَ: أَعلاها؛ وَقِيلَ: مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ، والجمعُ رَقَبٌ ورَقَباتٌ، ورِقابٌ وأَرْقُبٌ، الأَخيرة عَلَى طَرْح الزائِدِ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَنشد:(1/427)
تَرِدْ بِنَا، فِي سَمَلٍ لَمْ يَنْضُبِ ... مِنْهَا، عِرَضناتٌ، عِظامُ الأَرْقُبِ
وجعلَه أَبو ذُؤَيْب للنحلِ، فَقَالَ:
تَظَلُّ، عَلَى الثَّمْراءِ، مِنْهَا جَوارِسٌ، ... مَراضيعُ، صُهْبُ الريشِ، زُغْبٌ رِقابُها
والرَّقَب: غِلَظُ الرَّقَبة، رَقِبَ رَقَباً. وَهُوَ أَرْقَب: بَيِّن الرَّقَب أَي غليظُ الرَّقَبة، ورَقَبانيٌّ أَيضاً عَلَى غَيْرِ قياسٍ. والأَرْقَبُ والرَّقَبانيُّ: الغليظُ الرَّقَبَة؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مِنْ نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَب، والعَربُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقابِ المَزاوِد لأَنهم حُمْرٌ. وَيُقَالُ للأَمَةِ الرَّقَبانِيَّةِ: رَقْباءُ لَا تُنْعَتُ بِهِ الحُرَّة. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: يُقَالُ رجلٌ رَقَبانٌ ورَقَبانيٌّ أَيضاً، وَلَا يُقَالُ للمرأَة رَقَبانِيَّة. والمُرَقَّبُ: الجلدُ الَّذِي سُلِخَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِه ورَقَبتِه؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبة، لَمْ تُضِفْ إِليه إِلّا عَلَى القياسِ. ورَقَبَه: طَرَحَ الحَبْلَ فِي رَقَبَتِه. والرَّقَبةُ: الْمَمْلُوكُ. وأَعْتَقَ رَقَبةً أَي نَسَمَةً. وفَكَّ رقَبةً: أَطْلَق أَسيراً، سُمِّيت الْجُمْلَةُ باسمِ العُضْوِ لشرفِها. التَّهْذِيبُ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ: وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ
؛ قَالَ أَهل التَّفْسِيرِ فِي الرقابِ إِنهم المُكاتَبون، وَلَا يُبْتَدَأُ مِنْهُ مَمْلُوكٌ فيُعْتَقَ. وَفِي حَدِيثِ قَسْم الصَّدَقاتِ:
وَفِي الرِّقابِ
، يريدُ المُكاتَبين مِنَ الْعَبِيدِ، يُعْطَوْنَ نَصِيباً مِنَ الزكاةِ، يَفُكون بهِ رِقابَهم، ويَدفعونه إِلى مَوالِيهم. اللَّيْثُ يُقَالُ: أَعتق اللهُ رَقَبَتَه، وَلَا يُقَالُ: أَعْتَقَ اللَّهُ عُنُقَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَنما أَعْتَقَ رَقَبةً.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تكَرَّرَتِ الأَحاديث فِي ذِكْرِ الرَّقَبة، وعِتْقِها وتحريرِها وفَكِّها، وَهِيَ فِي الأَصل العُنُق، فجُعِلَتْ كِنايةً عَنْ جَمِيعِ ذاتِ الإِنسانِ، تَسْمية للشيءِ ببعضِه، فإِذا قَالَ: أَعْتِقْ رَقَبةً، فكأَنه قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدًا أَو أَمَة؛ وَمِنْهُ قولُهم: دَيْنُه فِي رَقَبَتِه. وَفِي حَدِيثِ
ابنِ سِيرين: لَنا رِقابُ الأَرضِ
، أَي نَفْس الأَرضِ، يَعْنِي مَا كَانَ مِنْ أَرضِ الخَراجِ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ، لَيْسَ لأَصحابهِ الَّذِينَ كَانُوا فِيهِ قَبْلَ الإِسلامِ شيءٌ، لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً. وَفِي حَدِيثِ
بِلالٍ: والرَّكائِب المُناخَة، لكَ رِقابُهُنَّ وَمَا عليهِنَ
أَي ذَواتُهنَّ وأَحمالُهنّ. وَفِي حَدِيثِ الخَيْلِ:
ثُمَّ لمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقابِها وظُهورِها
؛ أَراد بحَقِّ رِقابِها الإِحْسانَ إِليها، وبحَقِّ ظُهورِها الحَمْلَ عَلَيْهَا. وذُو الرُّقَيْبة: أَحدُ شُعراءِ الْعَرَبِ، وَهُوَ لَقَب مالِكٍ القُشَيْرِيِّ، لأَنه كَانَ أَوْقَصَ، وَهُوَ الَّذِي أَسَرَ حاجبَ بْنَ زُرارة يَوْمَ جَبَلَة. والأَشْعَرُ الرَّقَبانيُّ: لَقَبُ رجلٍ مِنْ فُرْسانِ العَرَب. وَفِي حَدِيثِ عُيَينة بنِ حِصْنٍ ذِكْرُ ذِي الرَّقِيبة وَهُوَ، بِفَتْحِ الراءِ وكسرِ القافِ، جَبَل بخَيْبَر.
ركب: رَكِبَ الدابَّة يَرْكَبُ رُكُوباً: عَلا عَلَيْهَا، وَالِاسْمُ الرِّكْبة، بِالْكَسْرِ، والرَّكْبة مرَّةٌ واحدةٌ. وكلُّ مَا عُلِيَ فَقَدْ رُكِبَ وارْتُكِبَ. والرِّكْبَةُ، بِالْكَسْرِ: ضَرْبٌ مِنَ الرُّكوبِ، يُقَالُ: هُوَ حَسَنُ الرِّكْبَةِ. ورَكِبَ فلانٌ فُلاناً بأَمْرٍ، وارْتَكَبَه، وكلُّ شيءٍ عَلا شَيْئًا: فَقَدْ رَكِبَه؛ ورَكِبَه الدَّيْنُ، ورَكِبَ الهَوْلَ واللَّيْلَ ونحوَهما مَثَلًا بِذَلِكَ. ورَكِب مِنْهُ أَمْراً قَبِيحًا، وارْتَكَبَه، وَكَذَلِكَ رَكِب الذَّنْبَ، وارْتَكَبَه، كلُّه عَلَى المَثَل.(1/428)
وارْتِكابُ الذُّنوب: إِتْيانُها. وَقَالَ بعضُهم: الراكِبُ للبَعِير خَاصَّةً، وَالْجَمْعُ رُكَّابٌ، ورُكْبانٌ، ورُكُوبٌ. ورجلٌ رَكُوبٌ ورَكَّابٌ، الأُولى عَنْ ثَعْلَب: كثيرُ الرُّكوبِ، والأُنْثَى رَكَّابة. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ: تَقُولُ: مَرَّ بِنَا راكبٌ، إِذا كَانَ عَلَى بعيرٍ خاصَّة، فإِذا كَانَ الراكبُ عَلَى حافِرِ فَرَسٍ أَو حِمارٍ أَو بَغْلٍ، قُلْتَ: مَرَّ بِنَا فارِسٌ عَلَى حِمارٍ، ومَرَّ بِنَا فارسٌ عَلَى بغلٍ؛ وَقَالَ عُمارة: لَا أَقولُ لصاحِبِ الحِمارِ فارسٌ، وَلَكِنْ أَقولُ حَمَّارٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قولُ ابنِ السِّكِّيتِ: مَرَّ بِنَا راكبٌ، إِذا كَانَ عَلَى بَعيرٍ خاصَّة، إِنما يُريدُ إِذا لَمْ تُضِفْه، فإِن أَضَفْتَه، جَازَ أَن يكونَ للبعيرِ والحِمارِ والفرسِ والبغلِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَتَقُولُ: هَذَا راكِبُ جَمَلٍ، وراكبُ فَرَسٍ، وراكِبُ حِمارٍ، فإِن أَتَيْتَ بجَمْعٍ يَخْتَصُّ بالإِبِلِ، لَمْ تُضِفْه، كَقَوْلِكَ رَكْبٌ ورُكْبان، لَا تَقُلْ: رَكْبُ إِبل، وَلَا رُكْبان إِبل، لأَن الرَّكْبَ والرُّكْبانَ لَا يَكُونُ إِلا لِرُكَّابِ الإِبِلِ. غَيْرُهُ: وأَما الرُّكَّاب فَيَجُوزُ إِضافتُه إِلى الخَيْلِ والإِبِلِ وغيرِهما، كَقَوْلِكَ: هؤُلاءِ رُكَّابُ خَيْلٍ، ورُكَّابُ إِبِل، بخلافِ الرَّكْبِ والرُّكْبانِ. قَالَ: وأَما قولُ عُمارَة: إِني لَا أَقول لراكبِ الحِمارِ فارِسٌ؛ فَهُوَ الظَّاهِرُ، لأَن الفارِسَ فاعلٌ مأْخوذٌ مِنَ الفَرَس، وَمَعْنَاهُ صاحبُ فَرَسٍ، مثلُ قَوْلِهِم: لابِنٌ، وتامِرٌ، ودارِعٌ، وسائِفٌ، ورامِحٌ إِذا كَانَ صاحبَ هَذِهِ الأَشْياءِ؛ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْعَنْبَرِيُّ:
فَلَيْتَ لِي بِهِمْ قَوْماً، إِذا رَكِبُوا، ... شَنُّوا الإِغارَةَ: فُرْساناً ورُكْبانا
فجَعَلَ الفُرْسانَ أَصحابَ الخَيْلِ، والرُّكْبانَ أَصحابَ الإِبِلِ، والرُّكْبانُ الجَماعة مِنْهُمْ. قَالَ: والرَّكْبُ رُكْبانُ الإِبِلِ، اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ: وَلَيْسَ بتكسيرِ راكِبٍ. والرَّكْبُ: أَصحابُ الإِبِلِ فِي السَّفَر دُونَ الدَّوابِّ؛ وَقَالَ الأَخفش: هُوَ جَمْعٌ وهُم العَشَرة فَمَا فوقَهُم، وأُرى أَن الرَّكْبَ قَدْ يكونُ للخَيْل والإِبِلِ. قَالَ السُّلَيْكُ بنُ السُّلَكَة، وَكَانَ فرَسُه قَدْ عَطِبَ أَوْ عُقِرَ:
وَمَا يُدْرِيكَ مَا فَقْرِي إِلَيْه، ... إِذا مَا الرَّكْبُ، فِي نَهْبٍ، أَغاروا
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ
؛ فَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونُوا رَكْبَ خَيْلٍ، وأَن يَكُونُوا رَكْبَ إِبِلٍ، وَقَدْ يجوزُ أَن يكونَ الجيشُ مِنْهُمَا جَمِيعًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
بَشِّرْ رَكِيبَ السُّعاةِ، بِقِطْعٍ مِنْ جَهَنَّمَ مِثْلِ قُورِ حِسْمَى.
الرَّكِيبُ، بِوَزْنِ القَتِيلِ: الراكِبُ، كالضَّريبِ وَالصَّرِيمِ للضارِبِ والصارِم. وفلانٌ رَكِيبُ فلانٍ: لِلَّذِي يَرْكَبُ مَعَهُ، وأَراد برَكِيبِ السُّعاةِ مَنْ يَرْكَبُ عُمَّال الزَّكَاةِ بالرَّفْعِ عَلَيْهِمْ، ويَسْتَخِينُهم، ويَكْتُبُ عَلَيْهِمْ أَكثَر مِمَّا قبَضُوا، ويَنْسُب إِليهم الظُّلْمَ فِي الأَخْذِ. قَالَ: ويجوزُ أَن يُرادَ مَنْ يَركَبُ مِنْهُمُ الناسَ بالظُّلْم والغَشْم، أَو مَنْ يَصْحَبُ عُمَّال الجَور، يَعْنِي أَن هَذَا الوَعِيدَ لِمَنْ صَحِبَهم، فَمَا الظَّنُّ بالعُمَّالِ أَنفسِهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَيَأْتِيكُمْ رُكَيْبٌ مُبْغَضُون، فإِذا جاؤُوكُم فرَحِّبُوا بِهِمْ
؛ يريدُ عُمَّال الزَّكَاةِ، وجَعَلَهم مُبْغِضِينَ، لِما فِي نُفوسِ أَربابِ الأَموالِ مِنْ حُبِّها وكَراهَةِ فِراقِها.(1/429)
والرُّكَيْبُ: تصغيرُ رَكْبٍ؛ والرَّكْبُ: اسمٌ مِنْ أَسماءِ الجَمْعِ كنَفَرٍ ورَهْطٍ؛ قَالَ: وَلِهَذَا صَغَّرَه عَلَى لفظِه؛ وَقِيلَ: هُوَ جمعُ راكِبٍ، كصاحِبٍ، وصَحْبٍ؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ فِي تَصْغِيرِهِ: رُوَيْكِبُونَ، كَمَا يُقَالُ: صُوَيْحِبُونَ. قَالَ: والرَّكْبُ فِي الأَصْلِ، هُوَ راكبُ الإِبِل خاصَّة، ثُمَّ اتُّسِعَ، فأُطْلِقَ عَلَى كلِّ مَن رَكِبَ دابَّةً. وقولُ
عليٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا كَانَ مَعَنا يومئذٍ فَرَسٌ إِلا فَرَسٌ عَلَيْهِ المِقْدادُ بنُ الأَسْوَدِ
، يُصَحِّحُ أَن الرَّكْبَ هَاهُنَا رُكّابُ الإِبِلِ، والجمعُ أَرْكُبٌ ورُكوبٌ. والرَّكَبةُ، بِالتَّحْرِيكِ: أَقَلُّ مِنَ الرَّكْبِ. والأُرْكُوبُ: أَكثرُ مِنَ الرَّكْبِ. قَالَ أَنشده ابْنُ جِنِّي:
أَعْلَقْت بالذِّئب حَبْلًا، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: ... الْحَقْ بأَهْلِكَ، واسْلَمْ أَيُّها الذِّيبُ
أَما تقولُ بِهِ شاةٌ فيأْكُلُها، ... أَو أَن تَبِيعَهَ فِي بعضِ الأَراكِيب
أَرادَ تَبِيعَها، فحَذف الأَلف تَشْبِيهاً لَهَا بالياءِ وَالْوَاوِ، لِما بينَهما وَبَيْنَهَا مِنَ النِّسْبة، وَهَذَا شاذٌّ. والرِّكابُ: الإِبلُ الَّتِي يُسار عَلَيْهَا، واحِدَتُها راحِلَةٌ، وَلَا واحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِها، وَجَمْعُهَا رُكُبٌ، بِضَمِّ الْكَافِ، مِثْلُ كُتُبٍ؛ وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذا سافرْتُم فِي الخِصْب فأَعْطُوا الرِّكابَ أَسِنَّتَها
أَي أَمْكِنُوها مِنَ المَرْعَى؛ وأَورد الأَزهري هَذَا الْحَدِيثَ:
فأَعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنَّتَها.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الرُّكُبُ جمعُ الرِّكابِ «2» ، ثُمَّ يُجمَع الرِّكابُ رُكُباً؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الرُّكُبُ لَا يكونُ جمعَ رِكابٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: بعيرٌ رَكُوبٌ وَجَمْعُهُ رُكُب، ويُجْمع الرِّكابُ رَكائبَ. ابْنُ الأَعرابي: راكِبٌ ورِكابٌ، وهو نَادِرٌ «3» . ابْنُ الأَثير: الرُّكُبُ جمعُ رِكابٍ، وَهِيَ الرَّواحِلُ مِنَ الإِبِلِ؛ وَقِيلَ: جمعُ رَكُوبٍ، وَهُوَ مَا يُركَبُ مِنْ كلِّ دابَّةٍ، فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعولٍ. قَالَ: والرَّكُوبة أَخَصُّ مِنْهُ. وزَيْتٌ رِكابيٌّ أَي يُحمل عَلَى ظُهورِ الإِبِل مِنَ الشَّامِ. والرِّكابُ للسَّرْجِ: كالغَرْزِ للرَّحْلِ، وَالْجَمْعُ رُكُبٌ. والمُرَكَّبُ: الَّذِي يَسْتَعيرُ فَرَساً يَغْزُو عَلَيْهِ، فَيَكُونُ نِصْفُ الغَنِيمَةِ لَهُ، ونِصْفُها للمُعِيرِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الَّذِي يُدْفَعُ إِليه فَرَسٌ لبعضِ مَا يُصِيبُ مِنَ الغُنْمِ؛ ورَكَّبَهُ الفَرَسَ: دَفَعَهُ إِليه عَلَى ذَلِكَ؛ وأَنشد:
لَا يَرْكَبُ الخَيْلَ، إِلا أَن يُرَكَّبَها، ... وَلَوْ تَناتَجْنَ مِنْ حُمْرٍ، ومِنْ سُودِ
وأَرْكَبْتُ الرَّجُلَ: جَعَلْتُ لَهُ مَا يَرْكَبُه. وأَرْكَبَ المُهْرُ: حَانَ أَن يُرْكَبَ، فَهُوَ مُرْكِبٌ. ودابَّةٌ مُرْكِبةٌ: بَلَغَتْ أَنْ يُغْزى عَلَيْهَا.
__________
(2) . قوله [قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الرَّكْبُ جمع إلخ] هي بعض عبارة التهذيب وأصلها الركب جمع الركاب وَالرِّكَابُ الإِبل الَّتِي يُسَارُ عليها ثم تجمع إلخ.
(3) . وقول اللسان بعد ابْنُ الأَعرابي رَاكِبٌ وَرِكَابٌ وهو نادر هذه أيضاً عبارة التهذيب أوردها عند الكلام على الراكب للإِبل وأن الركب جمع له أو اسم جمع.(1/430)
ابْنُ شُمَيْلٍ، فِي كتابِ الإِبِل: الإِبِل الَّتِي تُخْرَجُ لِيُجاءَ عَلَيْهَا بالطَّعامِ تُسَمَّى رِكاباً، حِين تَخْرُج وبعدَ ما تَجِيءُ، وتُسَمَّى عِيراً عَلَى هاتينِ المَنزِلَتَيْن؛ وَالَّتِي يُسافَرُ عَلَيْهَا إِلى مَكَّةَ أَيضاً رِكابٌ تُحْمَل عَلَيْهَا المَحامِلُ، وَالَّتِي يُكْرُون ويَحْمِلُونَ عَلَيْهَا مَتاعَ التُّجَّارِ وطَعَامَهُم، كُلُّها رِكابٌ وَلَا تُسمّى عِيراً، وإِن كَانَ عَلَيْهَا طعامٌ، إِذا كانت مؤاجَرَةً بِكِراءٍ، وَلَيْسَ العِيرُ الَّتِي تَأْتي أَهلَها بالطَّعامِ، وَلَكِنَّهَا رِكابٌ، والجماعةُ الرَّكائِبُ والرِّكاباتُ إِذا كَانَتْ رِكابٌ لِي، ورِكابٌ لَكَ، ورِكابٌ لِهَذَا، جِئنا فِي رِكاباتِنا، وَهِيَ رِكابٌ، وإِن كَانَتْ مَرْعِيَّة؛ تَقُولُ: تَرِدُ عَلَيْنَا اللَّيلَةَ رِكابُنا، وإِنما تُسَمَّى رِكَابًا إِذا كَانَ يُحَدِّثُ نَفْسَه بأَنْ يَبْعَثَ بِهَا أَو يَنْحَدِرَ عَلَيْهَا، وإِن كَانَتْ لَمْ تُرْكَبْ قَطُّ، هَذِهِ رِكابُ بَني فلانٍ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفة: إِنما تَهْلِكُون إِذا صِرْتُمْ تَمْشُون الرَّكَباتِ كأَنكم يَعاقِيبُ الحَجَلِ، لَا تَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً، وَلَا تُنْكِرُونَ مُنْكَراً
؛ مَعْنَاهُ: أَنكم تَرْكَبُون رُؤُوسَكُمْ فِي الباطِلِ وَالْفِتَنِ، يَتْبَعُ بَعْضُكم بَعْضًا بِلا رَوِيَّةٍ. والرِّكابُ: الإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُ القومَ، وَهِيَ رِكابُ الْقَوْمِ إِذا حَمَلَتْ أَوْ أُرِيدَ الحَمْلُ عَلَيْهَا، سُمِّيت رِكاباً، وَهُوَ اسمُ جَماعَةٍ. قَالَ ابنُ الأَثير: الرَّكْبَة المَرَّة مِنَ الرُّكُوبِ، وجَمْعُها رَكَباتٌ، بالتَّحْريك، وَهِيَ مَنْصوبة بفِعْلٍ مُضْمَرٍ، هُوَ حالٌ مِنْ فاعِلِ تَمْشُون؛ والرَّكَباتِ واقعٌ مَوقِعَ ذَلِكَ الفعلِ، مُسْتَغْنًى بِهِ عَنْهُ، والتقديرُ تَمْشُونَ تَرْكَبُون الرَّكَباتِ، مثلُ قولِهم أَرْسَلَها العِرَاكَ أَي أَرسَلَها تَعْتَرِكُ العِراكَ، وَالْمَعْنَى تَمْشُونَ رَاكِبِينَ رُؤُوسَكُمْ، هائمِينَ مُسْتَرْسِلينَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي لَكُم، كأَنَّكم فِي تَسَرُّعِكُمْ إِليهِ ذُكُورُ الحَجَلِ فِي سُرْعَتِها وتَهافُتِها، حَتَّى إِنها إِذا رَأَت الأُنْثَى مَعَ الصائِد أَلْقَتْ أَنْفُسَها عَلَيْها، حَتَّى تَسْقُط فِي يَدِه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا شَرَحَه الزَّمَخْشَرِيُّ. قَالَ وَقَالَ القُتَيْبي: أَرادَ تَمْضُونَ عَلَى وُجُوهِكُمْ مِنْ غَيْر تَثَبُّتٍ. والمَرْكَبُ: الدَّابة. تَقُولُ: هَذَا مَرْكَبي، والجَمْع المراكِبُ. والمَرْكَبُ: المَصْدَرُ، تَقُول: رَكِبْتُ مَرْكَباً أَي رُكُوباً. والمَرْكَبُ: الموْضِعُ. وَفِي حَدِيثِ السَّاعَة:
لَوْ نَتَجَ رَجُلٌ مُهْراً، لَمْ يُرْكِبْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ.
يُقَالُ: أَرْكَبَ المُهْرَ يُرْكِبُ، فَهُوَ مُرْكِبٌ، بكَسْرِ الْكَافِ، إِذا حانَ لَهُ أَنْ يُرْكَبَ. والمَرْكَبُ: واحِدُ مَراكِبِ البرِّ والبَحْرِ. ورُكَّابُ السّفينةِ: الَّذِينَ يَرْكَبُونَها، وَكَذَلِكَ رُكَّابُ الماءِ. اللَّيْثُ: الْعَرَبُ تُسَمِّي مَن يَرْكَبُ السَّفينة، رُكَّابَ السَّفينةِ. وأَما الرُّكْبانُ، والأُرْكُوبُ، والرَّكْبُ: فراكِبُو الدوابِّ. يُقَالُ: مَرُّوا بنَا رُكُوباً؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ أَحمر رُكَّابَ السَّفِينَةِ رُكْباناً؛ فَقَالَ:
يُهِلُّ، بالفَرْقَدِ، رُكْبانُها، ... كَمَا يُهِلُّ الراكبُ المُعْتَمِرْ
يَعْنِي قَوْمًا رَكِبُوا سَفِينَةً، فغُمَّتِ السماءُ وَلَمْ يَهْتَدُوا، فَلَمَّا طَلَعَ الفَرْقَدُ كَبَّروا، لأَنهم اهْتَدَوْا للسَّمْتِ الَّذِي يَؤُمُّونَه. والرَّكُوبُ والرَّكوبة مِنَ الإِبِلِ: الَّتِي تُرْكَبُ؛ وَقِيلَ: الرَّكُوبُ كلُّ دابَّة تُركب.(1/431)
والرَّكُوبة: اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا يُرْكَب، اسْمٌ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمِيعِ؛ وَقِيلَ: الرَّكوبُ المَركوبُ؛ والرَّكوبة: المُعَيَّنة للرُّكوبِ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تُلْزَمُ العَمَل مِنْ جميعِ الدوابِّ؛ يُقَالُ: مَا لَه رَكُوبةٌ وَلَا حمولةٌ وَلَا حلوبةٌ أَي مَا يَرْكَبُه ويَحْلُبُه ويَحْمِلُ عَلَيْهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: اجْتَمَعَ القُرَّاءُ عَلَى فَتْحِ الراءِ، لأَن الْمَعْنَى فَمِنْهَا يَرْكَبُون، ويُقَوِّي ذَلِكَ قولُ
عَائِشَةَ فِي قِرَاءَتِهَا: فَمِنْهَا رَكُوبَتُهم.
قَالَ الأَصمعي: الرَّكُوبةُ مَا يَرْكَبون. وناقةٌ رَكُوبةٌ ورَكْبانةٌ ورَكْباةٌ أَي تُرْكَبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَبْغِني نَاقَةً حَلْبانة رَكْبانةً
أَي تَصْلُح للحَلْب والرُّكُوبِ، الأَلف وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ للمُبالغة، ولتُعْطِيا مَعْنَى النَّسَب إِلى الحَلْب والرُّكُوبِ. وَحَكَى أَبو زيدٍ: ناقةٌ رَكَبُوتٌ، وطريقٌ رَكوبٌ: مَرْكُوبٌ مُذَلَّل، وَالْجَمْعُ رُكُبٌ، وعَوْدٌ رَكُوبٌ كَذَلِكَ. وَبَعِيرٌ رَكُوبٌ: بِهِ آثَارُ الدَّبَر والقَتَب. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فإِذا عُمَرُ قَدْ رَكِبني
أَي تَبعَني وجاءَ عَلَى أَثَري، لأَنَّ الراكبَ يَسير بِسَيْرِ المَرْكُوبِ؛ يقال: ركِبتُ أَثَره وطريقَه إِذا تَبِعْتَه مُلْتَحِقاً بِهِ. والرَّاكِبُ والراكِبةُ: فَسيلةٌ تكونُ فِي أَعلى النَّخْلَةِ متَدَلِّيةً لَا تَبْلُغُ الأَرض. وَفِي الصِّحَاحِ: الرَّاكِبُ مَا يَنْبُتُ مِنَ الفَسِيلِ فِي جُذوعِ النخلِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الأَرضِ عِرْقٌ، وَهِيَ الراكوبةُ والراكوبُ، وَلَا يُقَالُ لَهَا الركَّابةُ، إِنما الركَّابة المرأَة الكثيرةُ الرُّكُوبِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، هَذَا قَوْلُ بَعْضِ اللُّغَويِّين. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّكَّابة الفَسِيلةُ، وَقِيلَ: شبْهُ فَسِيلةٍ تَخْرُجُ فِي أَعْلَى النَّخْلَةِ عِنْدَ قِمَّتِها، ورُبَّما حَمَلَتْ مَعَ أُمِّها، وإِذا قُلِعَت كَانَ أَفضل للأُمِّ، فأَثْبَتَ مَا نَفى غيرُه مِنَ الرَّكَّابة، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعْتُ الأَصمعي يَقُولُ: إِذا كانتِ الفَسِيلة فِي الجِذْعِ وَلَمْ تَكُنْ مُسْتَأْرِضةً، فَهِيَ مِنْ خَسِيسِ النَّخْلِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّيها الرَّاكِبَ؛ وَقِيلَ فِيهَا الراكوبُ، وجَمْعُها الرَّواكِيبُ. والرِّياحُ رِكابُ السَّحابِ فِي قولِ أُمَيَّة:
تَرَدَّدُ، والرِّياحُ لَهَا رِكابُ
وَتَراكَبَ السَّحابُ وتَراكَم: صَارَ بعضُه فَوْقَ بَعْضٍ. وَفِي النوادِرِ: يُقَالُ رَكِيبٌ مِنْ نَخْلٍ، وَهُوَ مَا غُرِسَ سَطْراً عَلَى جَدْوَلٍ، أَو غيرِ جَدْوَلٍ. ورَكَّبَ الشيءَ: وَضَعَ بَعضَه عَلَى بعضٍ، وَقَدْ تَرَكَّبَ وتَراكَبَ. والمُتراكِبُ مِنَ القافِيَةِ: كلُّ قافِيةٍ تَوَالَتْ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ متحركةٍ بَيْنَ ساكنَين، وَهِيَ مُفاعَلَتُن ومُفْتَعِلُن وفَعِلُنْ لأَنَّ فِي فَعِلُنْ نُونًا سَاكِنَةً، وَآخِرُ الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَ فَعِلُنْ نُونٌ سَاكِنَةٌ، وفَعِلْ إِذا كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى حَرْفٍ مُتَحَرِّك نَحْوَ فَعُولُ فَعِلْ، اللامُ الأَخيرة سَاكِنَةٌ، والواوُ فِي فَعُولُ سَاكِنَةٌ. والرَّكِيبُ: يَكُونُ اسْمًا للمُرَكَّبِ فِي الشيءِ، كالفَصِّ يُرَكَّب فِي كِفَّةِ الخاتَمِ، لأَن المُفَعَّل والمُفْعَل كلٌّ يُرَدُّ إِلى فَعِيلٍ. وثَوْبٌ مُجَدَّدٌ جَديدٌ، وَرَجُلٌ مُطْلَق طَلِيقٌ، وشيءٌ حَسَنُ التَّرْكِيبِ. وتقولُ فِي تَركِيبِ الفَصِّ فِي الخاتَمِ، والنَّصْلِ فِي السَّهْم: رَكَّبْتُه فَترَكَّبَ، فَهُوَ مُرَكَّبٌ ورَكِيبٌ. والمُرَكَّبُ أَيضاً: الأَصلُ والمَنْبِتُ؛ تَقُولُ(1/432)
فلانٌ كرِيمُ المُرَكَّبِ أَي كرِيمُ أَصلِ مَنْصِبِه فِي قَوْمِهِ. ورُكْبانُ السُّنْبُل: سوابِقُه الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ القُنْبُعِ فِي أَوَّلِه. يُقَالُ: قَدْ خَرَجَتْ فِي الحَبّ رُكْبانُ السُّنْبُل. وروَاكِبُ الشَّحْمِ: طَرائِقُ بعضُها فوقَ بعضٍ، فِي مُقدّمِ السَّنامِ؛ فأَمَّا الَّتِي فِي المُؤَخَّرِ فَهِيَ الرَّوادِفُ، واحِدَتُها رَاكِبةٌ ورادِفةٌ. والرُّكْبَتانِ: مَوْصِلُ مَا بينَ أَسافِلِ أَطْرافِ الفَخِذَيْنِ وأَعالي الساقَيْنِ؛ وَقِيلَ: الرُّكْبةُ موصِلُ الوظِيفِ والذِّراعِ، ورُكبةُ البعيرِ فِي يدِهِ. وَقَدْ يُقَالُ لذواتِ الأَربعِ كُلها مِنَ الدَّوابِّ: رُكَبٌ. ورُكْبَتا يَدَيِ الْبَعِيرِ: المَفْصِلانِ اللَّذانِ يَليانِ البَطْنَ إِذا بَرَكَ، وأَما المَفْصِلانِ الناتِئَانِ مِنْ خَلْفُ فَهُمَا العُرْقُوبانِ. وكُلُّ ذِي أَربعٍ، رُكْبَتاه فِي يَدَيْهِ، وعُرْقُوباهُ فِي رِجْلَيه، والعُرْقُوبُ: مَوْصِلُ الوظِيفِ. وَقِيلَ: الرُّكْبةُ مَرْفِقُ الذِّراعِ مِنْ كلِّ شيءٍ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: بعيرٌ مُسْتَوْقِحُ الرُّكَبِ؛ كأَنه جعلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا رُكْبةً ثُمَّ جَمَع عَلَى هَذَا، والجمعُ فِي القِلَّة: رُكْباتٌ، ورُكَبات، ورُكُباتٌ، وَالْكَثِيرُ رُكَبٌ، وَكَذَلِكَ جَمْعُ كلِّ مَا كَانَ عَلَى فُعْلَةٍ، إِلا فِي بناتِ الياءِ فإِنهم لَا يُحَرِّكونَ مَوْضِعَ العينِ مِنْهُ بِالضَّمِّ، وَكَذَلِكَ فِي المُضاعَفة. والأَرْكَبُ: العظِيمُ الرُّكْبة، وَقَدْ رَكِبَ رَكَباً. وبعيرٌ أَرْكَبُ إِذا كَانَتْ إِحدى رُكْبَتَيْهِ أَعظمَ مِنَ الأُخرى. والرَّكَب: بياضٌ فِي الرُّكْبةِ. ورُكِبَ الرجلُ: شَكَا رُكْبته. ورَكَبَ الرجلُ يَرْكُبُه رَكْباً، مثالُ كَتَب يَكْتُبُ كَتْباً: ضَرَبَ رُكْبَته؛ وَقِيلَ: هُوَ إِذا ضَرَبَه برُكْبتِه؛ وَقِيلَ: هُوَ إِذا أَخذ بفَوْدَيْ شَعَرِه أَو بشعرِه، ثُمَّ ضَرَبَ جَبْهَتَه برُكْبتِه؛ وَفِي حَدِيثِ
المُغيرة مَعَ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ثُمَّ رَكَبْتُ أَنفه برُكْبَتِي
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ سِيرِينَ: أَما تَعْرِفُ الأَزدَ ورُكَبَها؟ اتَّقِ الأَزدَ، لَا يأْخُذوكَ فيركُبُوكَ
أَي يَضربُوك برُكَبِهِم، وَكَانَ هَذَا مَعْرُوفًا فِي الأَزد. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن المُهَلَّب بْنَ أَبي صُفْرَةَ دَعا بمُعاويةَ بْنِ أَبي عَمْرو، فجَعَلَ يَرْكُبُه بِرِجْلِه، فَقَالَ: أَصلحَ اللهُ الأَمِير، أَعْفِني مِنْ أُمّ كَيْسانَ
، وهي كُنْيةُ الرُّكْبة، بِلُغَةِ الأَزد. وَيُقَالُ للمصلِّي الَّذِي أَثَّر السُّجودُ فِي جَبْهَتِه بَيْنَ عَيْنَيْه: مثلُ رُكْبةِ العَنزِ؛ وَيُقَالُ لكلِّ شَيْئَيْنِ يَسْتَوِيانِ ويَتكافآنِ: هُما كَرُكْبَتَي العنزِ، وَذَلِكَ أَنهما يَقَعانِ مَعًا إِلى الأَرض مِنْهَا إِذا رَبَضَتْ. والرَّكِيبُ: المَشارةُ؛ وَقِيلَ: الجَدولُ بَيْنَ الدَّبْرَتَيْنِ؛ وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ الحائطينِ مِنَ الكَرْمِ والنَّخْل؛ وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ النَّهْرَين مِنَ الكرمِ، وَهُوَ الظَّهْرُ الَّذِي بَيْنَ النَّهْرَيْنِ؛ وَقِيلَ: هِيَ المَزرعة. التَّهْذِيبُ: وَقَدْ يُقَالُ للقَراحِ الَّذِي يُزْرَعُ فِيهِ: رَكِيبٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ تأَبَّطَ شَرّاً:
فيَوْماً عَلَى أَهْلِ المَواشِي، وَتَارَةً ... لأَهْلِ رَكِيبٍ ذِي ثَمِيلٍ، وسُنْبُلِ
الثَّمِيلُ: بَقِيَّةُ ماءٍ تَبْقَى بَعْدَ نُضُوبِ المياهِ؛ قَالَ: وأَهل الرَّكِيبِ هُم الحُضَّار، والجمعُ رُكُبٌ. والرَّكَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْعَانَةُ؛ وَقِيلَ: مَنْبِتُها؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا انحدرَ عَنِ البطنِ، فَكَانَ تحتَ الثُّنَّةِ،(1/433)
وفوقَ الفَرْجِ، كلُّ ذَلِكَ مذكَّرٌ صرَّح بِهِ اللِّحْيَانِيُّ؛ وَقِيلَ الرَّكَبانِ: أَصْلا الفَخِذَيْنِ، اللذانِ عَلَيْهِمَا لَحْمُ الْفَرْجِ مِنَ الرجُل والمرأَة؛ وَقِيلَ: الرَّكَبُ ظاهرُ الفَرْج؛ وَقِيلَ: هُوَ الفَرْج نَفْسُه؛ قَالَ:
غَمْزَكَ بالكَبْساءِ، ذاتِ الحُوقِ، ... بينَ سِماطَيْ رَكَبٍ مَحْلوقِ
وَالْجَمْعُ أَرْكابٌ وأَراكِيبُ؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
يَا لَيْتَ شِعري عَنْكِ، يَا غَلابِ، ... تَحمِلُ مَعْها أَحْسَنَ الأَركابِ
أَصْفَرَ قَدْ خُلِّقَ بالمَلابِ، ... كجَبْهةِ التُّركيِّ فِي الجِلْبابِ
قَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ للمرأَةِ خاصَّةً. وَقَالَ الفراءُ: هُوَ للرجُلِ والمرأَة؛ وأَنشد الفراءُ:
لَا يُقْنِعُ الجاريةَ الخِضابُ، ... وَلَا الوِشَاحانِ، وَلَا الجِلْبابُ
مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الأَرْكابُ، ... ويَقْعُدَ الأَيْرُ لَهُ لُعابُ
التَّهْذِيبُ: وَلَا يُقَالُ رَكَبٌ للرجُلِ؛ وَقِيلَ: يَجُوزُ أَن يُقَالَ رَكَبٌ للرجُلِ. والرَّاكِبُ: رأْسُ الجَبلِ. والراكبُ: النخلُ الصِّغارُ تخرُج فِي أُصُولِ النخلِ الكِبارِ. والرُّكْبةُ: أَصلُ الصِّلِّيانةِ إِذا قُطِعَتْ ورَكُوبةٌ ورَكُوبٌ جَميعاً: ثَنِيَّةٌ مَعْرُوفَةٌ صَعْبة سَلَكَها النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَالَ:
ولكنَّ كَرّاً، فِي رَكُوبةَ، أَعْسَرُ
وَقَالَ عَلْقَمَةُ:
فإِنَّ المُنَدَّى رِحْلةٌ فرَكُوبُ
رِحْلةُ: هَضْبةٌ أَيضاً؛ وَرِوَايَةُ سِيبَوَيْهِ: رِحْلةٌ فرُكوبُ أَي أَن تُرْحَلَ ثُمَّ تُرْكَبَ. ورَكُوبة: ثَنِيَّةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، عِنْدَ العَرْجِ، سَلَكَها النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مُهاجَرَتِه إِلى الْمَدِينَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَبَيْتٌ برُكْبَةَ أَحبُّ إِليَّ مِنْ عَشرةِ أَبياتٍ بالشامِ
؛ رُكْبة: موضعٌ بالحِجازِ بينَ غَمْرَةَ وذاتِ عِرْقٍ. قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنس: يريدُ لطُولِ الأَعْمارِ والبَقاءِ، ولشِدَّةِ الوَباءِ بِالشَّامِ. ومَرْكُوبٌ: موضعٌ؛ قَالَتْ جَنُوبُ، أُختُ عَمْروٍ ذِي الكَلْبِ:
أَبْلِغْ بَني كاهِلٍ عَني مُغَلْغَلَةً، ... والقَوْمُ مِنْ دونِهِمْ سَعْيا فمَرْكُوبُ
رنب: الأَرْنَبُ: معروفٌ، يكونُ للذكَرِ والأُنثى. وَقِيلَ: الأَرْنَبُ الأُنْثى، والخُزَزُ الذَّكر، والجمعُ أَرانِبُ وأَرانٍ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. فأَما سِيبَوَيْهِ فَلَمْ يُجِزْ أَرانٍ إِلَّا فِي الشِّعْر؛ وأَنشد لأَبي كَاهِلٍ اليَشْكُريّ، يشَبِّه ناقَتَه بعُقابٍ:
كأَنَّ رَحْلي، عَلَى شَغْواءَ حادِرَةٍ، ... ظَمْياءَ، قَدْ بُلَّ مِن طَلّ خَوافِيها
لَهَا أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ، تُتَمِّرُهُ ... منَ الثَّعالي، وَوَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها
يُرِيدُ الثَّعالِبَ والأَرانِبَ، ووَجَّهه فَقَالَ: إِن الشَّاعِرَ لَمَّا احتاجَ إِلى الوَزْنِ، واضْطُرَّ إِلى الياءِ، أَبْدَلَها مِنَ الباءِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: أَبدلَ مِنَ الباءِ حرفَ اللِّينِ. والشَّغْواءُ: العُقابُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنَ الشَّغَى،(1/434)
وَهُوَ انْعِطافُ مِنْقارِها الأَعْلى. والحادِرة: الْغَلِيظَةُ. والظَّمْياءُ: الْمَائِلَةُ إِلى السَّوادِ. وخَوافِيها: يريدُ خَوَافيَ رِيشِ جَنَاحَيْها. والأَشاريرُ: جمعُ إِشْرارَةٍ، وَهِيَ اللحمُ المُجَفَّف. وتُتَمِّرُه: تُقَطِّعُه. واللحمُ المُتَمَّر: المُقَطَّع؛ والوَخْزُ: شيءٌ مِنْهُ، لَيْسَ بالكثيرِ. وكِساءٌ مَرْنَبانيٌّ: لوْنُه لونُ الأَرْنَبِ. ومُؤَرْنَبٌ ومُرْنَبٌ: خُلِطَ فِي غَزْلِه وَبَرُ الأَرْنَبِ؛ وَقِيلَ: المؤَرْنَبُ كالمَرْنَبانيّ؛ قَالَتْ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّة تَصِفُ قَطَاةً تَدَلَّت عَلَى فِراخِها، وَهِيَ حُصُّ الرُّؤوسِ، لَا رِيشَ عَلَيْهَا:
تَدَلَّتْ، على حُصِّ الرُّؤُوسِ، كأَنها ... كُراتُ غُلامٍ، مِنْ كِساءٍ مُؤَرْنَبِ
وَهُوَ أَحَدُ مَا جاءَ عَلَى أَصْلِهِ، مثلُ قولِ خِطام الْمُجَاشِعِيِّ:
لَمْ يَبْقَ مِنْ آيٍ، بِهَا يُحَلَّيْنْ، ... غيرُ خِطامٍ، ورَمادٍ كِنفَيْنْ
وغيرُ وَدٍّ جاذِلٍ، أَو وَدَّيْنْ، ... وصالِياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ
أَي لَمْ يَبْقَ مِنْ هَذِهِ الدارِ الَّتِي خَلَت مِنْ أَهلها، مِمَّا تُحَلَّى بِهِ وتُعْرَفُ، غيرُ رَمادِ القِدْرِ والأَثافي؛ وَهِيَ حِجارةُ القِدْرِ والوَتِدِ الَّذِي تُشَدُّ إِليه حِبالُ البُيوت؛ والوَدُّ: الوَتِدُ إِلّا أَنه أَدْغَم التاءَ فِي الدالِ، فَقَالَ وَدٍّ. والجاذِلُ: المنتصِبُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ ومثلُه قولُ الْآخَرِ:
فإِنه أَهْلٌ لأَنْ يُؤَكْرَمَا
والمعروفُ فِي كلامِ العَرَب: لأَنْ يُكْرَمَ؛ وَكَذَلِكَ هُوَ مَعَ حروفِ المُضارَعَة نَحْوَ أُكْرِمُ، ونُكْرِمُ، وتُكْرِمُ، ويُكْرِمُ؛ قَالَ: وَكَانَ قِيَاسُ يُؤَثْفَيْن عِنْدَهُ يُثْفَيْن، مِنْ قَوْلِكَ أَثْفَيْتُ القِدْر إِذا جَعَلْتَها عَلَى الأَثافيِّ، وَهِيَ الحِجارةُ. وأَرضٌ مُرْنِبَة ومُؤَرْنِبَة، بِكَسْرِ النونِ، الأَخيرة عَنْ كُراع: كثيرةُ الأَرانِبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كُراتُ غُلامٍ مِنْ كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ
قَالَ: كَانَ فِي العَرَبِيَّة مُرْنَبِ، فرُدَّ إِلى الأَصْل. قَالَ اللَّيْثُ: أَلِفُ أَرْنَبٍ زَائِدَةٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهِيَ عندَ أَكثرِ النَّحوِيِّين قَطْعِيَّة. وَقَالَ اللَّيْثُ: لَا تجيءُ كَلِمةٌ فِي أَوَّلِها أَلِفٌ، فَتَكُونُ أَصْلِيَّة، إِلّا أَن تَكُونَ الكَلِمَةُ ثَلاثَة أَحْرُفٍ مِثْلَ الأَرض والأَرْش والأَمْر. أَبو عَمْرٍو: المَرْنَبَةُ القَطِيفَةُ ذاتُ الخَمْلِ. والأَرْنَبَةُ: طَرَفُ الأَنْفِ، وجَمْعُها الأَرانبُ. يُقَالُ: هُمْ شُمُّ الأُنُوفِ، وارِدَةٌ أَرانِبُهمْ. وَفِي حَدِيثِ
الخُدْريّ: فَلَقَدْ رأَيتُ عَلَى أَنْفِ رسولِ اللهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الطِّينِ.
الأَرْنَبَةُ: طَرَفُ الأَنْف؛ وَفِي حَدِيثِ
وَائِلٍ: كَانَ يسجدُ عَلَى جَبْهَتِهِ وأَرْنَبَتِه.
واليَرْنَبُ والمَرْنَبُ: جُرَذٌ، كاليَرْبُوعِ، قَصِيرُ الذَّنَبِ. والأَرْنَبُ: موضِعٌ؛ قَالَ عَمْرُو بنُ مَعْدي كَرِب:
عَجَّتْ نِساءُ بَني زُبَيْدٍ عَجَّةً، ... كَعَجِيجِ نِسْوَتِنا، غداةَ الأَرْنَبِ
والأَرْنَبُ: ضَرْبٌ مِنَ الحُلِيِّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وعَلَّقَتْ مِنْ أَرْنَبٍ ونَخْلِ(1/435)
والأُرَيْنِبَةُ: عُشْبةٌ شَبِيهةٌ بالنَّصِيِّ، إِلّا أَنها أَرَقُّ وأَضْعَفُ وأَليَنُ، وَهِيَ ناجِعةٌ فِي المالِ جِدّاً، وَلَهَا، إِذا جَفَّتْ، سَفًى، كُلَّما حُرِّكَ تَطايَرَ فارْتَزَّ فِي العُيونِ والمَناخِر؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَفِي حَدِيثِ
اسْتِسْقاءِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَتَّى رأَيت الأَرْنَبَةَ تأْكلها صِغَارَ الإِبل.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يَرْوِيهِ أَكثر المحدِّثين، وَفِي مَعْنَاهَا قَوْلَانِ، ذَكَرَهُمَا الْقُتَيْبِيُّ فِي غَرِيبِهِ: أَحدهما أَنها وَاحِدَةُ الأَرانِب، حَملَها السَّيْلُ، حَتَّى تَعَلقت فِي الشَّجَرِ، فأُكِلَتْ؛ قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ لأَن الإِبل لَا تأْكل اللَّحْمَ. وَالثَّانِي: أَن مَعْنَاهُ أَنها نَبْتٌ لَا يَكَادُ يَطُولُ، فأَطاله هَذَا الْمَطَرُ حَتَّى صَارَ للإِبل مَرْعًى. وَالَّذِي عَلَيْهِ أَهل اللُّغَةِ: أَن اللَّفْظَةَ إِنما هِيَ الأَرِينةُ، بياءٍ تَحْتَهَا نُقْطتانِ، وَبَعْدَهَا نُونٌ، وَهُوَ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ، يُشْبِه الخِطْمِيَّ، عَرِيضُ الوَرقِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي أَرن. الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: سأَلت الأَصمعي عَنِ الأَرْنَبةِ، فَقَالَ: نَبْت؛ قَالَ شَمِرٌ: وَهُوَ عِنْدِي الأَرِينةُ، سَمِعْتُ فِي الْفَصِيحِ مِنْ أَعْرابِ سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، بِبَطْنِ مَرٍّ، قَالَ: ورأَيته نَباتاً يُشْبِه الخِطْمِيَّ، عَرِيضَ الوَرَقِ. قَالَ شَمِرٌ: وَسَمِعْتُ غيرَه مِنْ أَعْرابِ كِنانةَ يَقُولُ: هُوَ الأَرِينُ. وَقَالَتْ أَعْرابِيَّةٌ، مِنْ بَطْنِ مَرٍّ: هِيَ الأَرِينةُ، وَهِيَ خِطْمِيُّنا، وغسُولُ الرأْسِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ شَمِرٌ صَحِيحٌ، وَالَّذِي رُوي عَنِ الأَصمعي أَنه الأَرنبة مِنَ الأَرانِبِ غَيْرُ صَحِيحٌ؛ وَشَمِرٌ مُتْقِنٌ، وَقَدْ عُنِيَ بِهَذَا الحَرْفِ، فسأَل عَنْهُ غَيْرَ واحدٍ مِنَ الأَعْراب حَتَّى أَحْكَمَه، والرُّواةُ رُبَّما صَحّفُوا وغَيَّرُوا؛ قَالَ: وَلَمْ أَسمع الأَرْنبة، فِي بَابِ النَّباتِ، مِنْ واحِد، وَلَا رأَيتُه فِي نُبُوتِ البادِية. قَالَ: وَهُوَ خَطَأٌ عِنْدِي. قَالَ: وأَحْسَبُ القُتَيْبيَّ ذَكَرَ عَنِ الأَصمعي أَيضاً الأَرْنَبةَ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. وأَرْنَبُ: اسْمُ امرأَةٍ؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوْس:
مَتى تَأْتِهِمْ، تَرْفَعْ بَناتي بِرَنَّةٍ، ... وتَصْدَحْ بِنَوْحٍ، يُفْزِعُ النَّوحَ، أَرْنَبُ
رهب: رَهِبَ، بِالْكَسْرِ، يَرْهَبُ رَهْبةً ورُهْباً، بِالضَّمِّ، ورَهَباً، بِالتَّحْرِيكِ، أَي خافَ. ورَهِبَ الشيءَ رَهْباً ورَهَباً ورَهْبةً: خافَه. وَالِاسْمُ: الرُّهْبُ، والرُّهْبى، والرَّهَبوتُ، والرَّهَبُوتى؛ ورَجلٌ رَهَبُوتٌ. يُقَالُ: رَهَبُوتٌ خَيرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ، أَي لأَن تُرْهَبَ خَيرٌ مِنْ أَنْ تُرْحَمَ. وتَرَهَّبَ غيرَه إِذا تَوَعَّدَه؛ وأَنشد الأَزهري لِلْعَجَّاجِ يَصِفُ عَيراً وأُتُنَه:
تُعْطِيهِ رَهْباها، إِذا تَرَهَّبَا، ... عَلَى اضْطِمَارِ الكَشْحِ بَوْلًا زَغْرَبا
«4» ، عُصارةَ الجَزْءِ الَّذِي تَحَلَّبا
رَهْباها: الَّذِي تَرْهَبُه، كَمَا يُقَالُ هالكٌ وهَلْكَى. إِذا تَرَهَّبا إِذا تَوعَّدا. وَقَالَ اللَّيْثُ: الرَّهْبُ، جَزْمٌ، لُغَةٌ فِي الرَّهَب، قَالَ: والرَّهْباءُ اسْمٌ مِنَ الرَّهَبِ، تَقُولُ: الرَّهْباءُ مِنَ اللهِ، والرَّغْباءُ إِليه. وَفِي حَدِيثِ الدُّعاءِ:
رَغْبةً ورَهْبةً إِليك.
الرَّهْبةُ: الخَوْفُ والفَزَعُ، جَمَعَ بَيْنَ الرَّغْبةِ والرَّهْبةِ، ثُمَّ أَعمل الرَّغْبةَ وَحْدَهَا، كَمَا تَقدَّم فِي الرَّغْبةِ. وَفِي حَدِيثِ رَضاعِ الْكَبِيرِ:
فبَقِيتُ سنَةً لَا أُحَدِّثُ بِهَا رَهْبَتَه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جاءَ فِي روايةٍ، أَي مِنْ أَجل رَهبَتِه، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ. وأَرْهَبَه ورَهَّبَه واستَرْهَبَه: أَخافَه وفَزَّعه.
__________
(4) . قوله [الكشح] هو رواية الأَزهري وفي التكملة اللوح.(1/436)
واسْتَرْهَبَه: اسْتَدْعَى رَهْبَتَه حَتَّى رَهِبَه الناسُ؛ وَبِذَلِكَ فُسِّرَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ
؛ أَي أَرْهَبُوهم. وَفِي حَدِيثِ
بَهْز بْنِ حَكِيم: إِني لأَسمع الرَّاهِبةَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ الْحَالَةُ الَّتِي تُرْهِبُ أَي تُفْزِعُ وتُخَوِّفُ؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
أَسْمَعُك راهِباً
أَي خَائِفًا. وتَرَهَّب الرَّجُلُ إِذا صَارَ راهِباً يَخْشَى اللَّهَ. والرَّاهِبُ: المُتَعَبِّدُ فِي الصَّوْمعةِ، وأَحدُ رُهْبانِ النَّصَارَى، وَمَصْدَرُهُ الرَّهْبةُ والرَّهْبانِيّةُ، وَالْجَمْعُ الرُّهْبانُ، والرَّهابِنَةُ خطأٌ، وَقَدْ يَكُونُ الرُّهْبانُ وَاحِدًا وَجَمْعًا، فَمَنْ جَعَلَهُ وَاحِدًا جَعَلَهُ عَلَى بِناءِ فُعْلانٍ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَوْ كَلَّمَتْ رُهْبانَ دَيْرٍ فِي القُلَلْ، ... لانْحَدَرَ الرُّهْبانُ يَسْعَى، فنَزَلْ
قَالَ: ووجهُ الْكَلَامِ أَن يَكُونَ جَمْعًا بِالنُّونِ؛ قَالَ: وإِن جَمَعْتَ الرُّهبانَ الْوَاحِدَ رَهابِينَ ورَهابِنةً، جَازَ؛ وإِن قُلْتَ: رَهْبانِيُّون كَانَ صَوَابًا. وَقَالَ جَرِيرٌ فِيمَنْ جَعَلَ رُهْبَانَ جَمْعًا:
رُهْبانُ مَدْيَنَ، لَوْ رَأَوْكَ، تَنَزَّلُوا، ... والعُصْمُ، مِنْ شَعَفِ العقُولِ، الفادِرُ
وَعِلٌ عاقِلٌ صَعِدَ الْجَبَلَ؛ والفادِرُ: المُسِنُّ مِنَ الوُعُول. والرَّهْبانيةُ: مَصْدَرُ الرَّاهِبِ، وَالِاسْمُ الرَّهْبانِيَّةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها، مَا كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ
. قَالَ الْفَارِسِيُّ: رَهْبانِيَّةً
، مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، كأَنه قَالَ: وابْتَدَعُوا رَهْبانيَّةً ابْتَدَعوها، وَلَا يَكُونُ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْمَنْصُوبِ فِي الْآيَةِ، لأَن مَا وُضِعَ فِي الْقَلْبِ لَا يُبْتَدَعُ. وَقَدْ تَرَهَّبَ. والتَّرَهُّبُ: التَّعَبُّدُ، وَقِيلَ: التَّعَبُّدُ فِي صَوْمَعَتِه. قَالَ: وأَصلُ الرَّهْبانِيَّة مِنَ الرَّهْبةِ، ثُمَّ صَارَتِ اسْمًا لِما فَضَل عَنِ المقدارِ وأَفْرَطَ فِيهِ؛ وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها
، قَالَ أَبو إِسحاق: يَحتمل ضَرْبَيْن: أَحدهما أَن يَكُونَ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ [وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها]
وَابْتَدَعُوا رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا، كَمَا تَقُولُ رأَيتُ زَيْدًا وَعَمْرًا أَكرمته؛ قَالَ: وَيَكُونُ [مَا كَتَبْناها عَلَيْهِمْ] مَعْنَاهُ لَمْ تُكتب عَلَيْهِمُ البَتَّةَ. وَيَكُونُ [إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ] بدلَا مِنَ الهاءِ والأَلف، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: مَا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ إِلا ابتغاءَ رِضوانِ اللَّهِ. وابتغاءُ رِضوانِ اللَّهِ، اتِّباعُ مَا أَمَرَ بِهِ، فَهَذَا، وَاللَّهُ أَعلم، وَجْهٌ؛ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: ابْتَدَعُوهَا، جاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنهم كَانُوا يَرَوْن مِنْ مُلُوكِهِمْ مَا لَا يَصْبِرُون عَلَيْهِ، فَاتَّخَذُوا أَسراباً وصَوامِعَ وَابْتَدَعُوا ذَلِكَ، فَلَمَّا أَلزموا أَنفسهم ذَلِكَ التَّطَوُّعَ، ودَخَلُوا فِيهِ، لَزِمَهم تمامُه، كَمَا أَن الإِنسانَ إِذا جَعَلَ عَلَى نفسِه صَوْماً، لَمْ يُفْتَرَضْ عَلَيْهِ، لَزِمَهُ أَن يُتِمه. والرَّهْبَنَةُ: فَعْلَنَةٌ مِنْهُ، أَو فَعْلَلَةٌ، عَلَى تَقْدِيرِ أَصْلِيَّةِ النُّونِ وَزِيَادَتِهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والرَّهْبانِيَّةُ مَنْسوبة إِلى الرَّهْبَنةِ، بِزِيَادَةِ الأَلف. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا رَهْبانِيَّةَ فِي الإِسلام
، هِيَ كالاخْتِصاءِ واعْتِناقِ السَّلاسِلِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ، مِمَّا كَانَتِ الرَّهابِنَةُ تَتَكَلَّفُه، وَقَدْ وَضَعَهَا اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عَنِ أُمة مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ مِنْ رَهْبَنةِ النَّصَارَى. قَالَ: وأَصلها مِنَ الرَّهْبةِ: الخَوْفِ؛ كَانُوا يَتَرَهَّبُون بالتَّخَلي(1/437)
مِنْ أَشْغالِ الدُّنْيَا، وتَرْكِ مَلاذِّها، والزُّهْدِ فِيهَا، والعُزلةِ عَنْ أَهلِها، وتَعَهُّدِ مَشاقِّها، حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ مَن كَانَ يَخْصِي نَفْسَه ويَضَعُ السِّلسلةَ فِي عُنقه وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنواع التَّعْذِيبِ، فَنَفَاهَا النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الإِسلام، وَنَهَى الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ فإِنه رَهْبانِيَّة أُمتي
؛ يُريد أَنَّ الرُّهْبانَ، وإِن تَرَكُوا الدُّنْيَا وزَهِدُوا فِيهَا، وتَخَلَّوْا عَنْهَا، فَلَا تَرْكَ وَلَا زُهْدَ وَلَا تَخَلِّيَ أَكثرُ مِنْ بَذْلِ النَّفْسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَكَمَا أَنه لَيْسَ عِنْدَ النَّصَارَى عَمَلٌ أَفضلُ مِنَ التَّرَهُّب، فَفِي الإِسلام لَا عَمَلَ أَفضلُ مِنَ الْجِهَادِ؛ وَلِهَذَا قَالَ
ذِرْوة: سَنامُ الإِسلام الجِهادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
ورَهَّبَ الجَمَلُ: ذَهَبَ يَنْهَضُ ثُمَّ برَكَ مِن ضَعْفٍ بصُلْبِه. والرَّهْبَى: الناقةُ المَهْزُولةُ جِدّاً؛ قَالَ:
ومِثْلِكِ رَهْبَى، قَدْ تَرَكْتُ رَذِيَّةً، ... تُقَلِّبُ عَيْنَيْها، إِذا مَرَّ طائِرُ
وَقِيلَ: رَهْبَى هَاهُنَا اسْمُ نَاقَةٍ، وإِنما سَمَّاهَا بِذَلِكَ. والرَّهْبُ: كالرَّهْبَى. قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَلْواحُ رَهْبٍ، كأَنَّ النُّسوعَ ... أَثْبَتْنَ، فِي الدَّفِّ مِنْهَا، سِطارا
وَقِيلَ: الرَّهْبُ الْجَمَلُ الَّذِي استُعْمِلَ فِي السَّفر وكَلَّ، والأُنثى رَهْبةٌ. وأَرْهَبَ الرَّجُلُ إِذا رَكِبَ رَهْباً، وَهُوَ الجَمَلُ الْعَالِي؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَا بُدَّ مِن غَزْوَةٍ، بالمَصِيفِ، ... رَهْبٍ، تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكُورا
فإِنَّ الرَّهْبَ مِن نَعْت الغَزْوَةِ، وَهِيَ الَّتِي كَلَّ ظَهْرُها وهُزِلَ. وَحُكِيَ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: رَهَّبَتْ ناقةُ فُلَانٍ فقَعَد عليها يُحايِيها، أَي جَهَدَها السَّيرُ، فعَلَفَها وأَحْسَنَ إِليها حَتَّى ثابَتْ إِليها نفْسُها. وناقةٌ رَهْبٌ: ضامِرٌ؛ وَقِيلَ: الرَّهْبُ الجَمَلُ العَريضُ العِظامِ المَشْبُوحُ الخَلْقِ؛ قَالَ:
رَهْبٌ، كبُنْيانِ الشَّآمي، أَخْلَقُ
والرَّهْبُ: السَّهمُ الرَّقيقُ؛ وَقِيلَ: العظيمُ. والرَّهْبُ: النَّصْلُ الرقيقُ مِن نِصالِ السِّهام، والجمعُ رِهابٌ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
فَدَنا لَهُ رَبُّ الكِلابِ، بكَفِّه ... بِيضٌ رِهابٌ، رِيشُهُنّ مُقَزَّعُ
وَقَالَ صَخْر الغَيّ الهُذَليّ:
إِني سيَنْهَى عَنّي وَعِيدَهُمُ ... بِيضٌ رِهابٌ، ومُجْنَأٌ أُجُدُ
وصارِمٌ أُخْلِصَت خَشِيبتُه، ... أَبيضُ مَهْوٌ، فِي مَتْنِه رُبَدُ
المُجْنَأُ: التُّرْسُ. والأُجْدُ: المُحْكَمُ الصَّنعةِ، وَقَدْ فسَّرْناه فِي تَرْجَمَةِ جنأَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ؛ قَالَ أَبو إِسحق: مِنَ الرُّهْبِ. والرَّهَبِ إِذا جَزَمَ الهاءَ ضَمَّ الراءَ، وإِذا حَرَّكَ الهاءَ فَتَحَ الراءَ، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ مِثْلُ الرُّشْدِ والرَّشَدِ. قَالَ: وَمَعْنَى جَناحَك هَاهُنَا يُقَالُ: العَضُدُ، وَيُقَالُ: اليدُ كلُّها جَناحٌ. قَالَ الأَزهري وَقَالَ مُقَاتِلٌ في قوله: مِنَ الرَّهْبِ
؛ الرَّهَبُ كُمُّ مَدْرَعَتِه. قَالَ(1/438)
الأَزهري: وأَكثرُ النَّاسِ ذَهَبُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: مِنَ الرَّهْبِ
، أَنه بِمَعْنَى الرَّهْبةِ؛ وَلَوْ وَجَدْتُ إِماماً مِنَ السَّلَفِ يَجْعَلُ الرَّهَبَ كُمّاً لَذَهَبْتُ إِليه، لأَنه صَحِيحٌ فِي العَربية، وَهُوَ أَشبه بِسِيَاقِ الْكَلَامِ والتفسيرِ، وَاللَّهُ أَعلم بِمَا أَراد. والرُّهْبُ: الكُمُّ «5» . يُقَالُ وَضَعْتُ الشيءَ فِي رُهْبِي أَي فِي كُمِّي. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِكُمِّ القَمِيصِ: القُنُّ والرُّدْنُ والرَّهَبُ والخِلافُ. ابْنُ الأَعرابي: أَرْهَبَ الرجلُ إِذا أَطالَ رَهَبَه أَي كُمَّه. والرُّهابةُ، والرَّهابة عَلَى وَزْنِ السَّحابةِ: عُظَيْمٌ فِي الصَّدْرِ مُشْرِفٌ عَلَى الْبَطْنِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مِثلُ اللِّسان؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: كأَنه طرَف لِسَانِ الكَلْبِ، وَالْجَمْعُ رَهابٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَوْف ابن مَالِكٍ: لأَنْ يَمْتَلِئَ مَا بَيْنَ عانَتي إِلى رَهابَتي قَيْحاً أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يَمْتَلئَ شِعْراً.
الرَّهابةُ، بِالْفَتْحِ: غُضْرُوفٌ، كاللِّسان، مُعَلَّق فِي أَسْفَلِ الصَّدْرِ، مُشْرِفٌ عَلَى الْبَطْنِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيُرْوَى بِالنُّونِ، وَهُوَ غَلَط. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَرَأَيْتُ السَّكاكِينَ تَدُورُ بَيْنَ رَهابَتِه ومَعِدَتِه.
ابْنُ الأَعرابي: الرَّهابةُ طَرَفُ المَعِدة، والعُلْعُلُ: طَرَفُ الضِّلَع الَّذِي يُشْرِفُ عَلَى الرَّهابةِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: فِي قَصِّ الصدْرِ رَهابَتُه؛ قَالَ: وَهُوَ لِسانُ القَصِّ مِنْ أَسْفَل؛ قَالَ: والقَصُّ مُشاشٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ البَخِيل: يُعْطِي مِنْ غَيْرِ طَبْعِ جُودٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ فِي مِثْلِ هَذَا: رَهْباك خَيرٌ من رَغْباكَ؛ يقول: فَرَقُه منكَ خيرٌ مِنْ حُبِّهِ، وأَحْرَى أَن يُعْطِيَكَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَمِثْلُهُ الطَّعْنُ يَظْأَرُ غَيْرَهُ. وَيُقَالُ: فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ رُهْباكَ أَي مِنْ رَهْبَتِك، والرُّغْبَى الرَّغْبةُ. قَالَ وَيُقَالُ: رُهْباكَ خيرٌ مِنْ رُغْباكَ، بِالضَّمِّ فِيهِمَا. ورَهْبى: موضعٌ. ودارةُ رَهْبَى: مَوْضِعٌ هناك. ومُرْهِبٌ: اسم.
روب: الرَّوْبُ: اللَّبنُ الرائبُ، وَالْفِعْلُ: رابَ اللَّبن يَرُوبُ رَوْباً ورُؤُوباً: خَثُرَ وأَدْرَكَ، فَهُوَ رائبٌ؛ وَقِيلَ: الرائبُ الَّذِي يُمْخَضُ فيُخْرَجُ زُبْدُه. ولبَنٌ رَوْبٌ ورائبٌ، وَذَلِكَ إِذا كَثُفَتْ دُوايَتُه، وتكَبَّدَ لبَنُه، وأَتى مَخْضُه؛ وَمِنْهُ قِيلَ: اللَّبَنُ المَمْخُوض رائبٌ، لأَنه يُخْلَط بالماءِ عِنْدَ المَخْضِ ليُخْرَجَ زُبْدُه. تَقُولُ الْعَرَبُ: مَا عِنْدِي شَوْبٌ وَلَا رَوْبٌ؛ فالرَّوْبُ: اللَّبنُ الرائبُ، والشَّوْبُ: العَسَلُ المَشُوبُ؛ وَقِيلَ: الرَّوْبُ اللَّبن، والشَّوْبُ العَسَلُ، مِنْ غَيْرِ أَن يُحَدَّا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ فِي البيعِ والشِّراءِ.
تَقُولُ ذَلِكَ فِي السِّلْعةِ تَبِيعُها أَي إِني بَريءٌ مِنْ عَيْبِها، وَهُوَ مَثَلٌ بِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: أَي لَا غِشَّ وَلَا تَخْلِيطَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلَّبَنِ المَمْخُوضِ: رائبٌ، كَمَا تقدَّم. الأَصمعي: مِنْ أَمثالهم فِي الَّذِي يُخْطِئُ ويُصِيب: هُوَ يَشُوبُ ويَروب؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: مَعْنَى يَشُوبُ يَنْضَحُ ويَذُبُّ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا نَضَح عَنْ صَاحِبِهِ: قَدْ شَوَّب عَنْهُ، قَالَ: ويَرُوبُ أَي يَكْسَل. والتَّشْويبُ: أَنْ يَنْضَحَ نَضْحاً غَيْرَ مُبالَغٍ فيه،
__________
(5) . قوله [والرهب الكم] هو في غير نسخة من المحكم كما ترى بضم فسكون وأَما ضبطه بالتحريك فهو الذي في التهذيب والتكملة وتبعهما المجد.(1/439)
فَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ يَشُوبُ أَي يُدافِعُ مُدافعةً لَا يُبالِغُ فِيهَا، وَمَرَّةً يَكْسَلُ فَلَا يُدافِعُ بَتَّةً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقِيلَ فِي قَوْلِهِمْ: هُوَ يَشُوبُ أَي يَخْلِطُ الماءَ بِاللَّبَنِ فيُفْسِدُه؛ ويَرُوبُ: يُصْلِحُ، مِنْ قَوْلِ الأَعرابي: رابَ إِذا أَصْلَح؛ قَالَ: والرَّوْبةُ إِصْلاحُ الشأْن والأَمر، ذَكَرَهُمَا غَيْرَ مَهْمُوزَيْنِ، عَلَى قَوْلِ مَنْ يُحَوِّل الهمزةَ وَاوًا. ابْنُ الأَعرابي: رابَ إِذا سَكَنَ؛ ورابَ: اتَّهَمَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِذا كَانَ رابَ بِمَعْنَى أَصْلَحَ، فأَصْله مَهْمُوزٌ، مِنْ رَأَبَ الصَّدْعَ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُا. ورَوَّبَ اللبنَ وأَرابه: جَعله رائِباً. وَقِيلَ: المُرَوَّبُ قَبْلَ أَن يُمْخَضَ، والرَّائِبُ بَعْدَ المَخْضِ وإِخْراجِ الزُّبْدِ. وَقِيلَ: الرَّائبُ يَكُونُ مَا مُخِضَ، وَمَا لَمْ يُمْخَضْ. قَالَ الأَصمعي: الرائبُ الَّذِي قَدْ مُخِضَ وأُخْرِجَتْ زُبْدَتُه. والمُروَّبُ الَّذِي لَمْ يُمْخَضْ بَعْدُ، وَهُوَ فِي السقاءِ، لَمْ تُؤْخَذْ زُبْدَتُه. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِذا خَثُرَ اللَّبَنُ، فَهُوَ الرَّائبُ، فَلَا يَزَالُ ذَلِكَ اسمَه حَتَّى يُنْزَعَ زُبده، وَاسْمُهُ عَلَى حَالِهِ، بِمَنْزِلَةِ العُشَراءِ مِنَ الإِبل، وَهِيَ الْحَامِلُ، ثُمَّ تَضَعُ، وَهُوَ اسْمُهَا؛ وأَنشد الأَصمعي:
سَقاك أَبو ماعزٍ رَائباً، ... ومَنْ لَكَ بالرائِبِ الخاثِرِ؟
يَقُولُ: إِنما سَقاكَ المَمْخُوضَ، ومَن لَكَ بِالَّذِي لمْ يُمْخَضْ وَلَمْ يُنْزَعْ زُبْدُه؟ وإِذا أَدْرَكَ اللَّبَنُ ليُمْخَضَ، قِيلَ: قَدْ رابَ. أَبو زَيْدٍ: التَّرْويبُ أَن تَعْمِدَ إِلى اللَّبَنِ إِذا جَعَلْته فِي السِّقاءِ، فَتُقَلِّبَه ليُدْرِكَه المَخْضُ، ثُمَّ تَمْخَضُه وَلَمْ يَرُبْ حَسَناً، هَذَا نَصُّ قَوْلِهِ؛ وأَراد بِقَوْلِهِ حَسَناً نِعِمّا. والمِرْوَبُ: الإِناءُ والسِّقاءُ الَّذِي يُرَوَّبُ فِيهِ اللبنُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: إِناءٌ يُرَوَّبُ فِيهِ اللَّبَنُ. قَالَ:
عُجَيِّزٌ منْ عَامِرِ بْنِ جَنْدَبِ، ... تُبْغِضُ أَن تَظْلِمَ مَا فِي المِرْوَبِ
وسِقاءٌ مُرَوَّبٌ: رُوِّبَ فِيهِ اللبَنُ. وَفِي الْمَثَلِ: لَلْعَرَبُ أَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقاءٌ مُرَوَّبٌ. وأَصله: السِّقاءُ يُلَفُّ حَتَّى يَبْلُغ أَوانَ المَخْضِ، والمَظْلُومُ: الَّذِي يُظْلَم فيُسْقَى أَو يُشْرَب قَبْلَ أَن تَخْرُجَ زُبْدَتُه. أَبو زَيْدٍ فِي بَابِ الرَّجُلِ الذَّلِيلِ المُسْتَضْعَفِ: أَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقاءٌ مُرَوَّبٌ. وظَلَمْتُ السِّقاءَ إِذا سَقَيْتُه قَبْلَ إِدْراكِه. والرَّوْبَةُ: بَقِيةُ اللَّبَنِ المُرَوَّب، تُتْرَكُ فِي المِرْوَبِ حَتَّى إِذا صُبَّ عَلَيْهِ الحَليبُ كَانَ أَسْرَعَ لرَوْبِه. والرُّوبةُ والرَّوْبةُ: خَميرةُ اللَّبَنِ، الْفَتْحُ عَنْ كُرَاعٍ. ورَوْبةُ اللَّبَنِ: خَمِيرة تُلْقَى فِيهِ مِنَ الحامِض ليَرُوبَ. وَفِي الْمَثَلِ: شُبْ شَوْباً لَكَ رُوبَتُه، كَمَا يُقَالُ: احْلُبْ حَلَباً لَكَ شَطْرُه. غَيْرُهُ: الرَّوْبَةُ خَمِيرُ اللَّبَنِ الَّذِي فِيهِ زُبْدُه، وإِذا أُخْرِجَ زُبْدُه فَهُوَ رَوْبٌ، وَيُسَمَّى أَيضاً رَائِبًا، بِالْمَعْنَيَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
الْبَاقِرِ: أَتَجْعَلُونَ فِي النَّبِيذِ الدُّرْدِيَّ؟ قِيلَ: وَمَا الدُّرْدِيُّ؟ قَالَ الرُّوبةُ.
الرُّوبةُ، فِي الأَصل: خَمِيرةُ اللَّبَنِ، ثُمَّ يُسْتَعمَلُ فِي كُلِّ مَا أَصْلَحَ شَيْئًا، وَقَدْ تُهْمَزُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: رُوِيَ عَنْ
أَبي بَكْرٍ فِي وَصِيَّتِه لعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَلَيْكَ بالرَّائِبِ مِن الأُمورِ، وإِيَّاكَ والرَّائِبَ(1/440)
مِنْهَا
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هَذَا مَثَل؛ أَراد؛ عَلَيْكَ بالأَمْرِ الصَّافِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَلَا كَدَرٌ، وإِيَّاكَ والرَّائبَ أَي الأَمْرَ الَّذِي فِيهِ شُبْهَةٌ وكَدَرٌ. ابْنُ الأَعرابي: شابَ إِذا كَذَبَ؛ وشابَ إِذا خَدَع فِي بَيْعٍ أَو شِراءٍ. والرُّوبةُ والرَّوْبةُ، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: جِمامُ ماءِ الفَحْلِ، وَقِيلَ: هُوَ اجْتِماعُه، وقيل: هُوَ ماؤُه فِي رَحِمِ الناقةِ، وَهُوَ أَغْلَظُ مِنَ المَهاةِ، وأَبْعَدُ مَطْرَحاً. وَمَا يَقُومُ بِرُوبةِ أَمْرِه أَيْ بِجِماعِ أَمْرِه أَي كأَنه مِنْ رُوبةِ الْفَحْلِ. الْجَوْهَرِيُّ: ورُوبةُ الْفَرَسِ: ماءُ جِمامِه؛ يُقَالُ: أَعِرْني رُوبةَ فَرَسِك، ورُوبةَ فَحْلِك، إِذا اسْتَطْرَقْته إِياه. ورُوبةُ الرَّجُلِ: عَقْلُه؛ تَقُولُ: وَهُوَ يُحدِّثُني، وأَنا إِذ ذَاكَ غُلَامٌ لَيْسَتْ لِي رُوبةٌ. والرُّوبةُ: الحاجةُ؛ وَمَا يَقُومُ فُلَانٌ برُوبةِ أَهله أَي بشأْنِهم وصَلاحِهم؛ وَقِيلَ: أَي بِمَا أَسْنَدوا إِليه مِنْ حَوائِجهم؛ وَقِيلَ: لا يَقومُ بقُوتهم ومَؤُونَتهم. والرُّوبةُ: إِصْلاحُ الشأْنِ والأَمرِ. والرُّوبةُ: قِوامُ العَيْشِ. والرُّوبةُ: الطائفةُ مِن الليلِ. ورُوبةُ بْنُ الْعَجَّاجِ: مُشْتَقٌّ مِنْهُ، فِيمَنْ لَمْ يَهْمِزْ، لأَنه وُلِدَ بَعْدَ طائفةٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: رُؤْبةُ بْنُ الْعَجَّاجِ، مَهْمُوزٌ. وَقِيلَ: الرُّوبةُ الساعةُ مِنَ اللَّيْلِ؛ وَقِيلَ مَضت رُوبةٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي ساعةٌ؛ وبَقِيَتْ رُوبةٌ مِنَ اللَّيْلِ كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: هَرِّق عَنَّا مِنْ رُوبةِ اللَّيْلِ، وقَطِّعِ اللحمَ رُوبةً رُوبةً أَي قِطْعةً قِطْعةً. ورابَ الرَّجلُ رَوْباً ورُؤُوباً: تَحَيَّر وفَتَرَتْ نَفْسُه مِنْ شِبَعٍ أَو نُعاسٍ؛ وَقِيلَ: سَكِرَ مِنَ النَّوم؛ وَقِيلَ: إِذا قَامَ مِنَ النَّوْمِ خاثِرَ البدَنِ والنَّفْسِ؛ وَقِيلَ: اخْتَلَطَ عَقْلُه، ورَأْيُه وأَمْرُه. ورَأَيت فُلَانًا رَائِبًا أَي مُخْتَلِطاً خائِراً. وَقَوْمٌ رُوَباءُ أَي خُثَراء الأَنْفُسِ مُخْتَلِطُون. ورَجلٌ رائبٌ، وأَرْوَبُ، ورَوْبانُ، والأُنثى رائِبةٌ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، مِنْ قَوْمٍ رَوبى: إِذا كَانُوا كَذَلِكَ؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هُمُ الَّذِينَ أَثْخَنَهُم السفَرُ والوَجَعُ، فاسْتَثْقَلُوا نَوْمًا. وَيُقَالُ: شَرِبُوا مِنَ الرَّائبِ فسَكِرُوا؛ قَالَ بِشْرٌ:
فأَمَّا تَمِيمٌ، تَمِيمُ بنُ مُرٍّ، ... فأَلْفاهُمُ القومُ رَوْبى نِياما
وَهُوَ، فِي الْجَمْعِ، شَبِيهٌ بِهَلْكَى وسَكْرَى، وَاحِدُهُمْ رَوْبانُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: وَاحِدُهُمْ رائبٌ مِثْلُ مائقٍ ومَوْقَى، وهالِكٍ وهَلْكَى. ورابَ الرَّجُلُ ورَوَّبَ: أَعيا، عَنْ ثَعْلَبٍ. والرُّوبةُ: التَّحَيُّر والكَسَلُ مِنْ كثرةِ شُرْبِ اللَّبَنِ. ورابَ دَمُه رَوْباً إِذا حانَ هَلاكُه. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ: دَعِ الرَّجلَ فَقَدْ رابَ دَمُه يَرُوبُ رَوْباً أَي قَدْ حَانَ هلاكُه؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِذا تَعَرَّضَ لِمَا يَسْفِكُ دَمَه. قَالَ وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ يَحْبِسُ نَجِيعَه ويَفُورُ دَمُه. ورَوَّبَت مَطِيَّةُ فُلَانٍ تَرْويباً إِذا أَعْيَتْ. والرُّوبةُ: مَكرمَةٌ مِنَ الأَرض، كَثِيرَةُ النَّبَاتِ وَالشَّجَرِ، هِيَ أَبْقَى الأَرضِ كَلأً، وَبِهِ سُمِّي رُوبةُ بْنُ العَجّاج. قَالَ: وَكَذَلِكَ رُوبةُ القَدَحِ مَا يُوصَلُ بِهِ، وَالْجَمْعُ رُوَبٌ. والرُّوبةُ: شَجَرُ النِّلْك. والرُّوبةُ: كَلُّوبٌ يُخْرَجُ بِهِ الصَّيْدُ مِنَ الجُحْر، وَهُوَ المِحْرَشُ. عَنْ أَبي الْعَمَيْثَلِ الأَعرابي. ورُوَيْبةُ: أَبو بَطْنٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَاللَّهُ أَعلم.(1/441)
ريب: الرَّيْبُ: صَرْفُ الدَّهْرِ. والرَّيْبُ والرِّيبةُ: الشَّكُّ، والظِّنَّةُ، والتُّهمَةُ. والرِّيبةُ، بِالْكَسْرِ، وَالْجَمْعُ رِيَبٌ. والرَّيْبُ: مَا رابَك مِنْ أَمْرٍ. وَقَدْ رابَنِي الأَمْر، وأَرابَنِي. وأَرَبْتُ الرجلَ: جَعَلْتُ فِيهِ رِيبةً. ورِبْتُه: أَوصَلْتُ إِليه الرِّيبةَ. وَقِيلَ: رابَني: عَلِمْتُ مِنْهُ الرِّيبة، وأَرابَنِي؛ أَوهَمَني الرِّيبةَ، وظننتُ ذَلِكَ بِهِ. ورابَنِي فُلَانٌ يَريبُني إِذا رَأَيتَ مِنْهُ مَا يَريبُك، وتَكْرَهُه. وَهُذَيْلٌ تَقُولُ: أَرابَنِي فُلَانٌ، وارْتابَ فِيهِ أَي شَكَّ. واسْتَرَبْتُ بِهِ إِذا رأَيتَ مِنْهُ مَا يَريبُك. وأَرابَ الرجلُ: صَارَ ذَا رِيبةٍ، فَهُوَ مُريبٌ. وَفِي حَدِيثِ
فاطمةَ: يُريبُني مَا يُريبُها
أَي يَسُوءُني مَا يَسُوءُها، ويُزْعِجُني مَا يُزْعِجُها؛ هُوَ مِنْ رابَني هَذَا الأَمرُ وأَرابني إِذا رأَيتَ مِنْهُ مَا تَكْرَهُ. وَفِي حَدِيثِ
الظَّبْي الحاقِفِ: لَا يَريبُه أَحدٌ بِشَيْءٍ
أَي لَا يَتَعَرَّضُ لَهُ ويُزْعِجُه. ورُوي عَنْ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: مَكْسَبَةٌ فِيهَا بعضُ الرِّيبةِ خيرٌ مِنْ مسأَلةِ الناسِ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الرِّيبةُ والرَّيبُ الشَّكُّ؛ يَقُولُ: كَسْبٌ يُشَكُّ فِيهِ، أَحَلالٌ هُوَ أَم حرامٌ، خيرٌ مِنْ سُؤَالِ الناسِ، لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الكَسْبِ؛ قَالَ: وَنَحْوُ ذَلِكَ المُشْتَبهاتُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا رَيْبَ فِيهِ*
. مَعْنَاهُ: لَا شَكَّ فِيهِ. ورَيْبُ الدهرِ: صُرُوفُه وحَوادِثُه. ورَيْبُ المَنُونِ: حَوادِثُ الدَّهْر. وأَرابَ الرجلُ: صَارَ ذَا رِيبةٍ، فَهُوَ مُريبٌ. وأَرابَنِي: جعلَ فيَّ رِيبةً، حَكَاهُمَا سِيبَوَيْهِ. التَّهْذِيبُ: أَرابَ الرجلُ يُريبُ إِذا جاءَ بِتُهمَةٍ. وارْتَبْتُ فُلَانًا أَي اتَّهَمْتُه. وَرَابَنِي الأَمرُ رَيْباً أَي نابَنِي وأَصابني. وَرَابَنِي أَمرُه يَريبُني أَي أَدخل عليَّ شَرّاً وخَوْفاً. قَالَ: وَلُغَةٌ رَدِيئَةٌ أَرابني هَذَا الأَمرُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الرَّيْب، وَهُوَ بِمَعْنَى الشَّكِّ مَعَ التُّهمَةِ؛ تَقُولُ: رَابَنِي الشيءُ وأَرابني، بِمَعْنَى شَكَّكَنِي؛ وَقِيلَ: أَرابني فِي كَذَا أَي شَكَّكَنِي وأَوهَمَني الرِّيبةَ فِيهِ، فإِذا اسْتَيْقَنْتَه، قُلْتَ: رابنِي، بِغَيْرِ أَلف. وَفِي الْحَدِيثِ:
دَعْ مَا يُريبُك إِلى مَا لَا يُرِيبُكَ
؛ يُرْوَى بِفَتْحِ الياءِ وَضَمِّهَا، أَي دَعْ مَا تَشُكُّ فِيهِ إِلى مَا لَا تَشُكُّ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، فِي وَصِيَّتِه لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ لِعُمَرَ: عَلَيْكَ بالرّائبِ مِنَ الأُمور، وإِيَّاك والرائبَ مِنْهَا.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الرائبُ مِنَ اللبَنِ مَا مُخِضَ فأُخِذَ زُبْدُه؛ الْمَعْنَى: عَلَيْكَ بِالَّذِي لَا شُبْهةَ فِيهِ كالرّائبِ مِنَ الأَلْبانِ، وَهُوَ الصَّافي؛ وإِياك والرائبَ مِنْهَا أَي الأَمر الَّذِي فِيهِ شُبْهَةٌ وكَدَرٌ؛ وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِن الأَوَّلَ مِنْ رابَ اللبنُ يَرُوبُ، فَهُوَ رائِبٌ، وَالثَّانِي مِنْ رَابَ يَريبُ إِذا وَقَعَ فِي الشَّكِّ؛ أَي عَلَيْكَ بِالصَّافِي مِنَ الأُمورِ، وَدَعِ المُشْتَبِهَ مِنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا ابْتَغَى الأَميرُ الرّيبةَ فِي الناسِ أَفْسَدَهم
؛ أَي اتَّهَمَهم وجاهَرهم بسُوءِ الظنِّ فِيهِمْ، أَدّاهم ذَلِكَ إِلى ارتكابِ مَا ظَنَّ بِهِمْ، ففَسَدُوا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ قَدْ رابَنِي أَمرُه يَريبُني رَيْباً ورِيبَةً؛ هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ، إِذا كَنَوْا أَلْحَقُوا الأَلف، وإِذا لَمْ يَكْنُوا أَلْقَوا الأَلفَ. قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ فِيمَا يُوقَع أَن تَدْخُلَ الأَلف، فَتَقُولُ: أَرابني الأَمرُ؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ زُهَيْر الهُذَلي:
يَا قَوْمِ مَا لِي وأَبا ذُؤَيبِ، ... كنتُ، إِذا أَتَيْتُه مِنْ غَيْبِ،(1/442)
يَشَمُّ عِطْفِي، ويَبُزُّ ثَوْبي، ... كأَنَّني أَرَبْتُه بِرَيْبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا أَنَّ رَابَنِي بِمَعْنَى شَكَّكَني وأَوْجَبَ عِنْدِي رِيبةً؛ كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
قَدْ رابَني مِنْ دَلْوِيَ اضْطرابُها
وأَمّا أَراب، فإِنه قَدْ يأْتي مُتَعَدِّياً وَغَيْرَ مُتَعَدٍّ، فَمَنْ عَدَّاه جَعَلَهُ بِمَعْنَى رابَ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ خَالِدٍ:
كأَنَّني أَرَبْتُه بِرَيْبِ
وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي الطِّيبِ:
أَتَدرِي مَا أَرابَكَ مَنْ يُرِيبُ
وَيُرْوَى:
كأَنني قَدْ رِبْتُه بِرَيْبِ
فَيَكُونُ عَلَى هَذَا رابَني وأَرابَني بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وأَما أَرابَ الَّذِي لَا يَتَعَدَّى، فَمَعْنَاهُ: أَتى برِيبةٍ، كَمَا تَقُولُ: أَلامَ، إِذا أَتى بِمَا يُلامُ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا يتوَجَّهُ الْبَيْتُ الْمَنْسُوبُ إِلى المُتَلمِّس، أَو إِلى بَشَّار بْنِ بُرْدٍ، وَهُوَ:
أَخُوكَ الَّذِي إِنْ رِبْتَه، قَالَ: إِنَّما ... أَرَبْتَ، وإِنْ لايَنْتَه، لانَ جانِبُهْ
وَالرِّوَايَةُ الصحيحةُ فِي هَذَا الْبَيْتِ: أَرَبْتُ، بِضَمِّ التاءِ؛ أَي أَخُوكَ الَّذِي إِنْ رِبْتَه برِيبةٍ، قَالَ: أَنا الَّذِي أَرَبْتُ أَي أَنا صاحِبُ الرِّيبَةِ، حَتَّى تُتَوَهَّمَ فِيهِ الرِّيبةُ، وَمَنْ رَوَاهُ أَرَبْتَ، بِفَتْحِ التاءِ، فإِنه زَعَمَ أَن رِبْتَه بِمَعْنَى أَوْجَبْتَ لَهُ الرِّيبةَ؛ فأَما أَرَبْتُ، بِالضَّمِّ، فَمَعْنَاهُ أَوْهَمْتُه الرِّيبةَ، وَلَمْ تَكُنْ واجِبةً مَقْطُوعاً بِهَا. قَالَ الأَصمعي: أَخبرني عِيسَى بْنُ عُمَرَ أَنه سَمِع هُذَيْلًا تَقُولُ: أَرابَني أَمْرُه؛ وأَرابَ الأَمْرُ: صَارَ ذَا رَيْبٍ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ
؛ أَي ذِي رَيْبٍ. وأَمْرٌ رَيَّابٌ: مُفْزِعٌ. وارْتابَ بِهِ: اتَّهَمَ. والرَّيْبُ: الحاجةُ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مالِكٍ الأَنصاريّ:
قَضَيْنا مِنْ تِهامةَ كُلَّ رَيْبٍ، ... وخَيْبَرَ، ثُمَّ أَجْمَمْنا السُّيُوفا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ اليَهُودَ مَرُّوا بِرَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بعضُهم: سَلُوه، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا رَابُكُمْ إِليه؟
أَي مَا إِرْبُكُم وحاجَتُكم إِلى سُؤَالِه؟ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا رابُكَ إِلى قَطْعِها؟
قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَكَذَا يَرْوُونه، يَعْنِي بِضَمِّ الباءِ، وإِنما وَجْهُه: مَا إِرْبُكَ؟ أَي مَا حاجَتُكَ؟ قَالَ أَبو مُوسَى: يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ الصوابُ مَا رابَكَ؟ بِفَتْحِ الباءِ، أَي مَا أَقْلَقَكَ وأَلجأَكَ إِليه؟ قَالَ: وَهَكَذَا يَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ. والرَّيْبُ: اسْمُ رَجُل. والرَّيبُ: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
فَسارَ بِه، حَتَّى أَتى بَيْتَ أُمِّه، ... مُقِيماً بأَعْلى الرَّيْبِ، عِنْدَ الأَفاكِلِ
فصل الزاي المعجمة
زأب: زأَبَ القِرْبةَ، يَزْأَبُها زَأْباً، وازْدَأَبها: حَمَلَها، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا سَرِيعاً. والازْدِئابُ: الاحْتِمالُ. وكلُّ مَا حَمَلْتَه بِمَرَّةٍ، شِبْهَ الاحْتِضانِ، فَقَدْ زَأَبْتَه. وزَأَبَ الرَّجُلُ وازْدَأَبَ إِذا حَمَل مَا(1/443)
يُطِيقُ وأَسْرَعَ فِي الْمَشْيِ، قَالَ:
وازْدَأَبَ القِرْبَةَ، ثُمَّ شَمَّرا
وزَأَبْتُ القِرْبةَ وزَعَبْتُها، وَهُوَ حَمْلُكها مُحْتَضِناً. والزَّأْبُ: أَن تَزْأَبَ شَيْئًا فتَحْمِلَه بمرّةٍ وَاحِدَةٍ. وزَأَبَ الرَّجلُ إِذا شَرِبَ شُرْباً شَديداً. الأَصمعي: زَأَبْتُ وقَأَبْتُ أَي شَرِبْتُ، وزَأَبْتُ بِهِ زَأْباً وازْدأَبْتُه. وزَأَبَ بِحِمْلِه: جَرَّه.
زأنب: الزَّآنِبُ: القَوارِيرُ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ونحْنُ بَنُو عَمٍّ عَلَى ذَاكَ، بَيْنَنا ... زآنِبُ، فِيهَا بِغْضةٌ وتَنافُسُ
وَلَا وَاحِدَ لَهَا.
زبب: الزَّبَبُ: مَصْدَرُ الأَزَبِّ، وَهُوَ كَثرة شَعَر الذّراعَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَالْعَيْنَيْنِ، والجمعُ الزُّبُّ. والزَّبَبُ: طولُ الشعَرِ وكَثرتُه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الزَّبَبُ الزَّغَب، والزَّبَبُ فِي الرَّجُلِ: كثرةُ الشَّعَرِ وطُولُه، وَفِي الإِبل: كَثْرَةُ شَعَرِ الْوَجْهِ والعُثْنُونِ؛ وَقِيلَ: الزَّبَبُ فِي النَّاسِ كَثرَةُ الشَّعَرِ فِي الأُذنين وَالْحَاجِبَيْنِ، وَفِي الإِبل: كَثرةُ شَعَرِ الأُذنين وَالْعَيْنَيْنِ؛ زَبَّ يَزُبُّ زَبِيباً، وَهُوَ أَزَبُّ. وَفِي الْمَثَلِ: كلُّ أَزَبَّ نَفُورٌ؛ وَقَالَ الأَخطل:
أَزَبُّ الحاجِبين بِعَوْفِ سَوءٍ، ... مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ بأَزْقُبانِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
أَزَبُّ القَفا والمَنْكِبَيْنِ، كأَنه، ... مِنَ الصَّرْصَرانِيَّاتِ، عَوْدٌ مُوَقَّعُ
وَلَا يكادُ يَكُونُ الأَزَبُّ إِلَّا نَفُوراً، لأَنه يَنْبُتُ عَلَى حاجِبَيْهِ شُعَيْراتٌ، فإِذا ضَرَبَتْه الرِّيحُ نَفَرَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَو يَتَناسَى الأَزَبُّ النُّفورا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْعَجُزُ مُغَيَّرٌ «6» ، والبيتُ بكمالِه:
بَلَوْناكَ مِنْ هَبَواتِ العَجَاج، ... فَلَمْ تَكُ فِيهَا الأَزَبَّ النَّفُورا
ورأَيت، فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ ابْنِ الصَّلَاحِ المُحَدِّث، حاشِيةً بِخَطِّ أَبيه، أَنَّ هَذَا الشِّعْرَ:
رَجائيَ، بالعَطْفِ، عَطْفَ الحُلُوم، ... ورَجْعةَ حَيرانَ، إِن كَانَ حَارَا
وخَوْفيَ بالظَّنِّ، أَنْ لا ائْتِلافَ، ... أَو يَتناسَى الأَزَبُّ النُّفُورا
وَبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ بَرِّيٍّ وَهَذِهِ الْحَاشِيَةِ فَرْقٌ ظَاهِرٌ. والزَّبَّاءُ: الِاسْتُ لِشَعَرِهَا. وأُذُنٌ زَبَّاءُ: كثيرةُ الشَّعَر. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ: كَانَ إِذا سُئِلَ عَنْ مسأَلةٍ مُعْضِلَةٍ، قَالَ: زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر، لَوْ سُئِل عَنْهَا أَصحابُ رسولِ اللهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَعْضَلَتْ بِهِمْ.
يُقَالُ للدَّاهيةِ الصَّعْبةِ: زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر، يَعْنِي أَنها جَمَعَتْ بَيْنَ الشَّعَر والوَبَرِ، أَراد أَنها مسأَلةٌ مُشْكِلَةٌ، شبَّهها بِالنَّاقَةِ النَّفُور، لصُعُوبَتِها. وداهيةٌ زبَّاءُ: شَدِيدَةٌ، كَمَا قَالُوا شَعْراءُ. وَيُقَالُ للدَّاهية المُنْكَرةِ: زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر. وَيُقَالُ لِلنَّاقَةِ الْكَثِيرَةِ الوبَر: زَبَّاءُ، والجملُ أَزبُّ. وعامٌ أَزَبُّ: مُخْصِبٌ، كَثِيرُ النباتِ.
__________
(6) . قوله [مغير] لم يخطئ الصاغاني فيه إلا النفورا، فقال الصواب النفارا، وأورد صدره وسابقه ما أورده ابن الصلاح.(1/444)
وزَبَّتِ الشمسُ زَبّاً، وأَزَبَّتْ، وزَبَّبَتْ: دَنَتْ للغُروبِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، لأَنها تَتَوارَى كَمَا يَتَوارَى لَوْنُ العُضْوِ بالشَّعر. وَفِي حَدِيثِ
عُروةَ: يَبْعَثُ أَهلُ النَّارِ وَفْدَهُم فَيَرْجِعُون إِليهم زُبّاً حُبْناً
؛ الزُّبُّ: جَمْعُ الأَزَبِّ، وَهُوَ الَّذِي تَدِقُّ أَعاليه ومَفاصِلُه، وتَعْظُم سُفْلَتُه؛ والحُبْنُ: جَمع الأَحْبَنِ، وَهُوَ الَّذِي اجتمعَ فِي بطنِه الماءُ الأَصفر. والزُّبُّ: الذَّكَرُ، بِلُغَةِ أَهل اليَمَنِ، وخصَّ ابْنُ دُرَيْدٍ بِهِ ذَكَرَ الإِنسان، وَقَالَ: هُوَ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ؛ وأَنشد:
قَدْ حَلَفَتْ باللهِ: لَا أُحِبُّهْ، ... أَن طالَ خُصْياهُ، وقَصرَ زُبُّهْ
وَالْجَمْعُ: أَزُبٌّ وأَزْبابٌ وزَبَبَةٌ. والزُّبُّ: اللِّحْيَةُ، يَمانِيَّةٌ؛ وَقِيلَ: هُوَ مُقَدَّم اللِّحْية، عِنْدَ بَعْضِ أَهل الْيَمَنِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ففاضَتْ دُمُوع الجَحْمَتَيْنِ بِعَبْرةٍ ... عَلَى الزُّبِّ، حَتَّى الزُّبُّ، فِي الماءِ، غامِسُ
قَالَ شَمِرٌ: وَقِيلَ الزُّبُّ الأَنْف، بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ. والزَّبُّ مَلْؤُكَ القِرْبَةَ إِلى رَأْسِها؛ يُقَالُ: زَبَبْتُها فازْدَبَّتْ. والزَّبِيبُ: السَّمُّ فِي فَمِ الحيَّةِ. والزَّبِيبُ: زَبَدُ الْمَاءِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
حَتَّى إِذا تَكَشَّفَ الزَّبِيبُ
والزَّبِيبُ: ذاوِي العِنَب، مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ زَبِيبَةٌ؛ وَقَدْ أَزَبَّ العِنَبُ؛ وزَبَّبَ فُلَانٌ عِنَبَهُ تَزْبِيباً. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَاسْتَعْمَلَ أَعرابي، مِنْ أَعرابِ السَّراة، الزَّبِيبَ فِي التِّينِ، فَقَالَ: الفَيْلَحانِيُّ تِينٌ شَديدُ السَّوادِ، جَيِّدُ الزَّبِيبِ، يَعْنِي يابِسَه، وَقَدْ زَبَّبَ التِّينُ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ أَيضاً. والزَّبِيبةُ: قُرْحَةٌ تَخرُج فِي اليَد، كالعَرْفَةِ؛ وَقِيلَ: تُسَمَّى العَرْفةَ. والزَّبِيبُ: اجتماعُ الرِّيقِ فِي الصِّماغَيْنِ. والزَّبِيبَتانِ: زَبَدَتانِ فِي شِدْقَي الإِنسان، إِذا أَكثرَ الكلام. وقد زَبَّبَ شِدْقاه: اجْتَمَعَ الرِّيقُ فِي صامِغَيْهِما؛ واسمُ ذَلِكَ الرِّيقِ: الزَّبِيبَتانِ. وزَبَّبَ فَمُ الرَّجُلِ عند الغَيْظِ إِذا رأَيتَ لَهُ زَبِيبَتَيْنِ فِي جَنْبَيْ فيهِ، عِنْدَ مُلْتَقَى شَفَتَيْه مِمَّا يَلِي اللِّسَانَ، يَعْنِي رِيقًا يَابِسًا. وَفِي حَدِيثِ
بَعْضِ القُرَشِيِّينَ: حَتَّى عَرِقْتَ وزَبَّبَ صِماغاكَ
أَي خرَج زَبَدُ فِيكَ في جانِبَيْ شَفَتَيْكَ. وَتَقُولُ: تكَلَّمَ فُلَانٌ حَتَّى زَبَّبَ شِدْقاه أَي خَرج الزَّبَدُ عَلَيْهِمَا. وتزَبَّبَ الرجلُ إِذا امْتَلأَ غَيْظاً؛ وَمِنْهُ: الحيَّةُ ذُو الزَّبِيبَتَيْنِ؛ وَقِيلَ: الحيَّةُ ذاتُ الزَّبِيبَتَيْنِ الَّتِي لَهَا نُقْطَتانِ سَوْداوانِ فوقَ عَيْنَيْها. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَجيءُ كَنْزُ أَحَدِهم يومَ القيامةِ شُجاعاً أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتانِ.
الشُّجاعُ: الحيَّةُ؛ والأَقْرَعُ: الَّذِي تمَرَّطَ جِلْدُ رأْسِه. وَقَوْلُهُ زَبِيبَتانِ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: النُّكْتَتانِ السَّوْداوانِ فَوْقَ عَيْنَيْهِ، وَهُوَ أَوْحَشُ مَا يَكُونُ مِنَ الحيَّاتِ وأَخْبَثُه. قَالَ: وَيُقَالُ إِنَّ الزَّبِيبَتَيْنِ هُمَا الزَّبَدَتانِ تَكُونَانِ فِي شِدْقَي الإِنسان، إِذا غَضِبَ وأَكثرَ الكلامَ حَتَّى يُزْبِدَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الزَّبِيبَةُ نُكْتَةٌ سَوْداءُ فَوْقَ عَيْنِ الحيَّةِ، وَهُمَا نُقْطَتانِ تَكْتَنِفانِ فَاهَا، وَقِيلَ: هُمَا زَبَدَتانِ فِي شِدْقَيْها. وَرُوِيَ عَنْ أُمِّ غَيْلان بنتِ جَريرٍ، أَنها قَالَتْ: رُبَّما أَنشَدْتُ أَبي حَتَّى يَتَزَبَّبَ شِدقاي؛ قَالَ الرَّاجِزُ:(1/445)
إِنِّي، إِذا مَا زَبَّبَ الأَشْداقُ، ... وكَثُرَ الضِّجاجُ واللَّقْلاقُ،
ثَبْتُ الجَنانِ، مِرْجَمٌ وَدَّاقُ
أَي دانٍ مِنَ العَدُوِّ. ودَقَ أَي دَنا. والتَّزَبُّبُ: التَّزَيُّدُ فِي الْكَلَامِ. وزَبْزَبَ إِذا غَضِبَ. وزَبْزَبَ إِذا انْهَزَمَ فِي الحَرْب. والزَّبْزَبُ: ضَرْبٌ من السُّفُن. والزَّبابُ: جِنْس مِنَ الفَأْر، لَا شعرَ عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: هُوَ فأْر عَظِيمٌ أَحمر، حَسَن الشعرِ؛ وَقِيلَ: هُوَ فأْرٌ أَصَمُّ؛ قَالَ الحرِث بنِ حِلِّزَةَ:
وهُمُ زَبابٌ حائرٌ، ... لَا تَسْمَع الآذانُ رَعْدا
أَي لَا تسمعُ آذانُهم صوتَ الرعْد، لأَنهم صُمٌّ طُرْشٌ، وَالْعَرَبُ تضْرِب بِهَا المَثَل فَتَقُولُ: أَسْرَقُ مِنْ زَبابة؛ ويُشَبَّه بِهَا الجاهلُ، وَاحِدَتُهُ زَبابة، وَفِيهَا طَرَش، وَيُجْمَعُ زَباباً وزَباباتٍ؛ وَقِيلَ: الزَّبابُ ضَرْب مِنَ الجِرْذانِ عِظَامٌ؛ وأَنشد:
وثْبةَ سُرْعُوبٍ رَأَى زَبابا
السُّرْعُوب: ابنُ عُرْس، أَي رأَى جُرَذاً ضَخْماً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهه، أَنا إِذاً، واللهِ، مثلُ الَّذِي أُحيطَ بِهَا، فقيلَ زَبابِ زَبابِ، حَتَّى دَخَلَت جُحْرها، ثُمَّ احْتُفِرَ عَنْهَا فاجْتُرَّ برِجلِها، فذُبِحَت
، أَرادَ الضَّبُعَ، إِذا أَرادوا صَيْدَها، أَحاطُوا بِهَا فِي جُحْرِها، ثُمَّ قَالُوا لَهَا: زَبابِ زَبابِ، كأَنهم يُؤْنِسُونَها بِذَلِكَ. قَالَ: والزَّبابُ جِنسٌ مِنَ الفَأْرِ لَا يَسْمَعُ، لَعَلَّها تأْكُله كَمَا تأْكُلُ الجرادَ؛ الْمَعْنَى: لَا أَكون مِثْلَ الضَّبُعِ تُخادَعُ عَنْ حَتْفِها. والزَّبَّاءُ: اسْمُ المَلِكَةِ الرُّومِيَّةِ، يُمَدُّ ويُقْصَر، وَهِيَ مَلكة الجزيرةِ، تُعَدُّ مِن مُلوكِ الطَّوائف. والزَّبَّاء: شُعْبَةُ مَاءٍ لِبَني كُلَيْبٍ؛ قَالَ غَسّانُ السَّلِيطِيُّ يَهجُو جَرِيرًا:
أَمَّا كُلَيْبٌ، فإِنَّ اللُّؤْمَ حالَفها، ... مَا سَالَ فِي حَقْلةِ الزَّبَّاءِ وادِيها
وَاحِدَتُهُ زَبَابَةٌ «1» . وَبَنُو زَبِيبةَ: بَطْنٌ. وزبَّانُ: اسْمٌ، فَمَن جَعَلَ ذَلِكَ فَعَّالًا مِنْ زَبَنَ، صرَفَه، وَمَنْ جَعَلَهُ فَعْلانَ مَنْ زَبَّ، لَمْ يَصْرِفْه. وَيُقَالُ: زَبَّ الحِملَ وَزأَبه وازْدَبَّه إِذا حَمَلَه.
زجب: مَا سَمِعْت لَهُ زُجْبةً أَي كلمةً.
زحب: زَحَب إِليه زَحْباً: دَنا. ابْنُ دُرَيْدٍ: الزَّحْبُ الدُّنُوُّ مِنَ الأَرض؛ زَحَبْتُ إِلى فُلَانٍ وزَحَبَ إِليَّ إِذا تَدانَيْنا. قَالَ الأَزهري: جَعَلَ زَحَبَ بِمَعْنَى زَحَفَ؛ قَالَ: ولَعَلَّها لُغَةٌ، وَلَا أَحفظها لغيره.
زحزب: الزُّحْزُبُّ: الَّذِي قَدْ غَلُظَ وقَوِيَ واشْتَدَّ. الأَزهري: رَوَى أَبو عُبَيْدٍ هَذَا الْحَرْفَ، فِي كِتَابِهِ، بالخاءِ، زُخْزُبٌّ، وجاءَ بِهِ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ، وَهُوَ الزُّخْزُب للحُوار الَّذِي قَدْ عَبُلَ، واشْتَدَّ لَحْمه. قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَالْحَاءُ عِنْدَنَا تصحيف.
زخب: رَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الزَّخْباءُ الناقةُ الصُّلْبةُ على السَّيْر.
__________
(1) . قوله [واحدته زبابة] كذا في النسخ ولا محل له هنا فإِن كان المؤلف عنى أَنه واحد الزباب كسحاب الذي هو الفأر فقد تقدم وسابق الكلام في الزباء وهي كما ترى لفظ مفرد علم على شيء بعينه اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ سقط.(1/446)
زخزب: الزُّخْزُبُّ، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ: القَويُّ الشديدُ؛ وَقِيلَ: الغليظُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَولاد الإِبل، الَّذِي قَدْ غَلُظَ جِسْمُه واشتدَّ لَحْمُهُ. يُقَالُ: صَارَ وَلَدُ النَّاقَةِ زُخْزُبّاً إِذا غَلُظَ جسمُه واشتدَّ لَحْمُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُئِلَ عَنِ الفَرَعِ وذَبْحِه، فَقَالَ: هُوَ حقٌّ، ولأَن تَتْرُكَه حَتَّى يَكُونَ ابنَ مَخاضٍ، أَو ابنَ لَبونٍ زُخْزُبّاً، خيرٌ مِنْ أَن تَكْفَأَ إِناءَكَ، وتُوَلِّهَ ناقَتَكَ
؛ الفَرَعُ: أَوَّلُ مَا تَلِده الناقةُ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِآلِهَتِهِمْ فكَرِهَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لأَنْ تَتْرُكَه حَتَّى يَكْبَر، ويُنْتَفَعَ بِلَحْمِهِ خيرٌ مِنْ أَن تَذْبحَه فيَنْقَطِعَ لبنُ أُمِّه، فتَكُبَّ إِناءَكَ الَّذِي كُنْتَ تَحْلُبُ فِيهِ، وتَجْعَلَ ناقَتَكَ والِهَةً بِفَقْدِ وَلَدِهَا.
زخلب: فُلانٌ مُزَخْلِبٌ: يَهْزَأُ بالناس.
زرب: الزَّرْبُ: المَدْخَلُ. والزَّرْبُ والزِّرْبُ: موضعُ الْغَنَمِ، وَالْجَمْعُ فِيهِمَا زُرُوبٌ؛ وَهُوَ الزَّرِيبَةُ أَيضاً. والزَّرْبُ والزَّرِيبةُ: حَظيرةُ الْغَنَمِ مِنْ خَشَبٍ. تَقُولُ: زَرَبْتُ الغنمَ، أَزْرُبُها زَرْباً، وَهُوَ مِنَ الزَّرْبِ الَّذِي هُوَ المَدْخَلُ. وانْزَرَب فِي الزَّرْبِ انْزِراباً إِذا دَخَلَ فِيهِ. والزَّرْبُ والزَّرِيبةُ: بِئْرٌ يَحْتَفِرُها الصائدُ، يَكْمُن فِيهَا للصَّيْد؛ وَفِي الصِّحَاحِ: قُترةُ الصائِدِ. وانْزَرَبَ الصائدُ فِي قُتْرَتِه: دَخَلَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وبالشَّمائِلِ، مِنْ جَلَّانَ، مُقْتَنِصٌ، ... رَذْلُ الثِّيابِ، خَفيُّ الشخصِ، مُنْزَرِبُ
وجَلَّانُ: قَبيلةٌ. والزَّرْبُ: قُتْرةُ الرَّامِي؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فِي الزَّرْبِ لَوْ يَمْضَغُ شَرْباً مَا بَصَقْ
والزَّريبةُ: مَكْتَنُّ السَّبُع؛ وَفِي الصِّحَاحِ: زَريبةُ السَّبُعِ، بالإِضافة إِلى السَّبُعِ: مَوْضِعُهُ الَّذِي يَكْتَنُّ فِيهِ. والزَّرابيُّ: البُسُطُ؛ وَقِيلَ: كلُّ مَا بُسِطَ واتُّكِئَ عَلَيْهِ؛ وَقِيلَ: هِيَ الطَّنافِسُ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: النَّمارِقُ، وَالْوَاحِدُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ زَرْبِيَّةٌ، بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ
؛ الزَّرابيُّ البُسُطُ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ الطَّنافِسُ، لَهَا خَمْلٌ رقيقٌ. وَرُوِيَ عَنِ الْمُؤَرِّجِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ
؛ قَالَ: زَرابيُّ النَّبْت إِذا اصْفَرَّ واحْمَرَّ وَفِيهِ خُضْرةٌ، وَقَدِ ازْرَبَّ، فَلَمَّا رأَوا الأَلوانَ فِي البُسُطِ والفُرُش شبَّهُوها بزَرابيِّ النَّبْتِ؛ وَكَذَلِكَ العَبْقَرِيُّ مِنَ الثِّياب والفُرُشِ؛ وَفِي حَدِيثِ
بَنِي الْعَنْبَرِ: فأَخَذوا زِرْبِيَّةَ أُمِّي، فأَمرَ بِهَا فرُدَّتْ.
الزِّرْبيَّةُ: الطِّنْفِسةُ، وَقِيلَ: البِساطُ ذُو الخَمْلِ، وتُكْسَرُ زايُها وَتُفْتَحُ وَتُضَمُّ، وَجَمْعُهَا زَرابيُّ. والزِّرْبِيَّةُ: القِطْعُ الحِيريُّ، وَمَا كَانَ عَلَى صَنْعَتِه. وأَزْرَبَ البَقْلُ إِذا بَدَا فِيهِ اليُبْسُ بخُضرة وصُفْرة. وذاتُ الزَّرابِ: مِن مَساجِد سيِّدنا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَ مَكةَ والمدينة. والزِّرْبُ: مَسِيلُ الْمَاءِ. وزَرِبَ الماءُ وسَرِبَ إِذا سالَ. ابْنُ الأَعرابي: الزِّرْيابُ الذَّهَبُ، والزِّرْيابُ: الأَصْفَر مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَيُقَالُ للمِيزاب: المِزْرابُ والمِرْزابُ؛ قال: والمِزرابُ لُغَةٌ فِي المِيزابِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: المِئْزابُ، وَجَمْعُهُ مآزِيبُ،(1/447)
وَلَا يُقَالُ المِزْرابُ، وَكَذَلِكَ الفراء وأَبو حَاتِمٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَيْلٌ للعَرب مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، وَيْلٌ للزِّرْبِيَّةِ قِيلَ: وَمَا الزِّرْبِيَّةُ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَدخُلون عَلَى الأُمراءِ، فإِذا قَالُوا شَرًّا، أَو قَالُوا شَيْئًا، قَالُوا: صَدقَ
شبَّهَهُم فِي تلَوُّنهم بواحِدة الزَّرابيِّ، وَمَا كَانَ عَلَى صَنْعَتِها وأَلوانِها، أَو شبَّههم بالغَنَمِ المَنْسُوبةِ إِلى الزَّرب والزِّرْبِ، وَهُوَ الحظِيرةُ الَّتِي تأْوي إِليها، فِي أَنهم يَنْقادون للأُمراءِ، ويَمْضُون عَلَى مِشْيَتِهم انْقِيَادَ الغَنمِ لراعِيها؛ وَفِي رَجَزِ كَعْبٍ:
تَبِيتُ بينَ الزِّرْبِ والكَنِيفِ
وَتُكْسَرُ زَاؤُهُ وتُفتح. والكَنِيفُ: المَوْضِعُ السَّاتِرُ، يُرِيدُ أَنها تُعْلَفُ فِي الحَظائر والبُيوتِ، لَا بالكَلإِ ولا بالمَرعَى.
زردب: زَرْدَبَه: خَنَقَه، وزَرْدَمَه كذلك.
زرغب: الزَّرْغَبُ: الكَيْمَخْتُ.
زرنب: الزَّرْنَبُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّباتِ طَيِّبُ الرَّائحة، وَهُوَ فَعْلَلٌ؛ وَقِيلَ: الزَّرْنَبُ ضَرْبٌ مِنَ الطِّيبِ؛ وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ طَيِّبُ الرِّيح. وَفِي حَدِيثِ
أُمّ زَرْعٍ: المَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ والرِّيحُ ريحُ زَرْنَبٍ.
وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِهِ: هُوَ الزَّعْفرانُ، وَيَجُوزُ أَن يُعْنى طِيبُ رائحتِه، وَيَجُوزُ أَن يُعْنى طِيبُ ثَنَائِهِ فِي النَّاسِ؛ قال الراجز:
وا بِأَبي ثَغْرُكِ ذَاكَ الأَشْنَبُ، ... كأَنما ذُرَّ علَيه الزَّرْنَبُ
والزَّرْنَبُ: فَرْجُ المرأَةِ، وَقِيلَ: هُوَ فَرْجُها إِذا عَظُمَ، وَهُوَ أَيضاً ظاهِرُه. ابْنُ الأَعرابي: الكَيْنَةُ لَحْمَةٌ داخلَ الزَّرَدان، والزَّرْنبةُ، خَلْفَها، لَحْمةٌ أُخرى.
زعب: زَعَبَ الإِناءَ، يَزْعَبُهُ زَعْباً: ملأَه. ومَطَرٌ زاعِبٌ: يَزْعَبُ كلَّ شَيْءٍ أَي يَمْلؤُه؛ وأَنشد يَصِفُ سَيْلًا:
مَا جازَتِ العُفْرُ مِنْ ثُعالةَ، ... فالرَّوْحاء مِنْهُ مَزْعُوبةُ المُسُلِ
أَي مَملوءَةٌ. وزَعَبَ السَّيْلُ الواديَ يَزعَبُه زَعْباً: ملأَه. وزَعَبَ الْوَادِي نفسُه يَزْعَبُ: تَمَّلأَ ودَفَعَ بعضُه بَعْضًا. وسَيْلٌ زَعُوبٌ: زاعِبٌ. وجاءَنا سَيْلٌ يَزْعَبُ زَعْباً أَي يَتدافَعُ فِي الْوَادِي ويجْري؛ وإِذا قُلْتَ يَرْعَبُ، بالراءِ، تَعْنِي يَملأُ الوادِيَ. وزَعَبَ المرأَةَ يَزْعَبُها «1» زَعْباً: جامَعها فملأَ فَرْجها بِفَرْجِه. وَقِيلَ: مَلأَ فَرْجَها مَاءً؛ وَقِيلَ: لَا يَكُونُ الزَّعْبُ إِلَّا منْ ضِخَمٍ. وازْدَعَبْتُ الشَّيْءَ إِذا حَمَلْتَه؛ يُقَالُ: مَرَّ بِهِ فازْدَعَبَه. وقِرْبةٌ مَزْعُوبةٌ وممْزُورَةٌ: مملوءَةٌ. وزَعَبَ القِربةَ: مَلأَها؛ وأَنشد:
مِنَ الفُرْنيِّ يَزْعَبُها الجَميلُ
أَي يَمْلَؤُها. وزَعَبَ القِرْبَةَ: احْتَمَلَها وَهِيَ مُمتلِئةٌ. يُقَالُ: جاءَ فُلَانٌ يَزْعَبُها ويَزْأَبُها أَي يَحْمِلُها مملوءَةً. وزَعَبَتِ القِرْبةُ: دَفَعَتْ مَاءَهَا. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الْهَيْثَمِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جاءَ
__________
(1) . قوله [يزعبها] وقع في مادتي فرن وجمل يرعبها بالراء.(1/448)
بقِرْبَةٍ يَزْعَبُها
أَي يَتَدافَعُ بِهَا، ويَحْمِلُها لثِقَلها؛ وَقِيلَ: زَعَبَ بحِمْلِه إِذا اسْتَقَامَ. وزَعَبَ بحملِه يَزْعَبُ، وازْدَعَبَ: تَدافَعَ. ومَرَّ يَزْعبُ بِهِ: مَرَّ سَرِيعًا. وزَعَبَ البعيرُ بحملِه يَزْعَبُ بِهِ: مَرَّ بِهِ مُثْقَلًا. وزعَبْتُه عَنِّي زَعْباً: دفَعْتُه. والزَّاعِبيُّ مِنَ الرِّماح: الَّذِي إِذا هُزَّ تَدافَعَ كلُّه كأَنَّ آخِرَه يَجْري فِي مُقَدَّمِه. والزاعِبِيَّةُ: رِماحٌ مَنْسُوبَةٌ إِلى زاعِبٍ، رجلٍ أَو بلَدٍ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ «2» :
وأَجْوِبةٌ، كالزَّاعِبِيَّة وخْزُها، ... يُبادهُها شَيْخُ العِراقَينِ، أَمْرَدا
وَقَالَ المبردُ: تُنْسَبُ إِلى رَجُلٍ مِنَ الخزْرَج، يُقَالُ لَهُ: زاعِبٌ، كَانَ يَعْمَلُ الأَسِنَّةَ؛ وَيُقَالُ: سِنانٌ زاعِبيٌّ. وَقَالَ الأَصمعي: الزاعِبيُّ: الَّذِي إِذا هُزَّ كأَنَّ كُعُوبَه يَجرِي بعضُها فِي بَعْضٍ، للِينِه، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ: مَرَّ يَزْعَبُ بحِمْلِه إِذا مَرَّ مَرّاً سَهْلًا؛ وأَنشد:
ونَصْل، كنَصْلِ الزَّاعِبيِّ، فَتِيق
أَراد كنَصْلِ الرُّمْحِ الزاعِبيِّ. وَيُقَالُ: الزَّاعِبِيَّةُ الرِّماحُ كلُّها. والزَّاعِبُ: الْهَادِي، السَّيَّاحُ فِي الأَرض؛ قَالَ ابْنُ هَرْمة:
يَكادُ يَهْلِكُ فِيهَا الزَّاعِبُ الْهَادِي
وزَعَبَ الرَّجلُ فِي قَيْئه إِذا أَكثر حَتَّى يَدْفَعَ بعضُه بَعْضًا. وزَعَبَ لَهُ مِنَ المالِ قَلِيلًا: قَطَع. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لعَمْرو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِني أَرْسَلْتُ إِليْكَ لِأَبْعَثَكَ فِي وَجْهٍ، يُسَلِّمُكَ اللهُ ويُغَنِّمُكَ، وأَزْعَبُ لَكَ زَعْبةً مِنَ المالِ
؛ أَي أُعْطِيكَ دُفْعةً مِنَ المالِ؛ والزَّعْبةُ: الدُّفْعةُ مِنَ الْمَالِ. قَالَ: وأَصل الزَّعْبِ الدَّفْعُ والقَسْمُ؛ يُقَالُ: زَعَبْتُ لَهُ زَعْبةً مِنَ الْمَالِ وزُعْبةً، وزَهبْتُ زُهْبَةً: دَفَعْتُ لَهُ قِطْعةً وافِرةً مِن المالِ. وأَصلُ الزَّعْبِ: الدَّفْعُ والقَسْمُ. يُقَالُ: أَعْطاه زِعْباً مِن مالِه، فازْدَعَبَه وزِهْباً مِنْ مالِه فازْدَهَبَه أَي قِطْعةً. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وعَطِيَّتِه: أَنه كَانَ يَزْعَبُ لِقَوْمٍ، ويُخَوِّصُ لآخَرينَ.
الزَّعْبُ: الكَثْرَةُ. وزَعَبَ النَّحْلُ يَزْعَبُ زَعْباً: صَوَّتَ. والزَّعِيبُ والنَّعِيبُ: صَوْتُ الغُرابِ؛ وَقَدْ زَعَبَ ونَعَبَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ:
زَعَبَ الغُرابُ، ولَيْتَه لَمْ يَزْعَبِ
يَكُونُ زَعَبَ بِمَعْنَى زعَم، أَبدل الْمِيمَ بَاءً مِثْلَ عَجْبِ الذَّنَبِ وعَجْمِه. وزَعَبَ الشَّرابَ يَزْعَبُه زَعْباً. شَرِبَه كلَّه. ووَتَرٌ أَزْعَبُ: غَلِيظٌ. وذَكَرٌ أَزْعَبُ: كَذَلِكَ. والأَزْعَبُ والزُّعْبُوبُ: القَصِيرُ مِنَ الرجال. وقال ابن السكيت: الزُّعْبُ اللِّئامُ القِصارُ، وَاحِدُهُمْ زُعْبُوبٌ؛ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ وأَنشد الفراءُ فِي الزُّعْبِ:
مِنَ الزُّعْبِ لَمْ يَضْرِبْ عَدُوّاً بسَيْفِه، ... وبالفَأْسِ ضَرَّابٌ رُؤُوسَ الكَرانِفِ
__________
(2) . قوله [قال الطرماح] تبع المؤلف الجوهري وفي التكملة ردّاً على الجوهري وليس البيت للطرماح.(1/449)
وَرَوَى أَبو تُرَابٍ عَنْ أَعرابي أَنه قَالَ: هَذَا الْبَيْتُ مُجْتَزِئٌ بزَعْبِه وزَهْبِه أَي بنَفْسِه. والتَّزَعُّب: النَّشاطُ والسُّرْعةُ. والتَّزَعُّبُ: التَّغَيُّظُ. وزُعَيْبٌ: اسْمٌ. وزُعْبةُ: اسْمُ حِمار مَعْرُوفٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
زُعْبةَ والشَّحاجَ والقُنابِلا
وَفِي حَدِيثِ
سِحْرِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ تحتَ زَعُوبةٍ أَو زَعُوفةٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ بِمَعْنَى راعُوفة، وَهِيَ صَخْرة تَكُونُ فِي أَسفل الْبِئْرِ، إِذا حُفِرَتْ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ وَفِي حَوَاشِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ الْمَوْثُوقِ بِهَا. وزَعْبان: اسْمُ رَجُلٍ.
زغب: الزَّغَبُ: الشُّعَيْرات الصُّفْرُ عَلَى رِيشِ الْفَرْخِ؛ وَقِيلَ: هُوَ صِغارُ الشَّعَر والرِّيشِ ولَيِّنه؛ وَقِيلَ: هُوَ دُقاق الرِّيشِ الَّذِي لَا يَطُولُ وَلَا يَجُودُ. والزَّغَبُ: مَا يَعْلُو رِيشَ الْفَرْخِ؛ وَقِيلَ: الزَّغَبُ أَوَّل مَا يَبْدُو مِنَ شَعَر الصَّبِيِّ، والمُهْرِ، وريشِ الفَرْخِ، وَاحِدَتُهُ زَغَبةٌ: وأَنشد:
كَانَ لَنَا، وهْوَ فُلُوٌّ نِرْبَبُه، ... مُجَعْثَنُ الخَلْقِ، يَطِيرُ زَغَبُه «1»
وَقَالَ أَبو ذؤَيب:
نَظَلُّ، عَلَى الثَّمْراءِ مِنْهَا، جَوارِسٌ ... مَراضِيعُ، صُهْبُ الرِّيش، زُغُبٌ رِقابُها
والفِراخُ زُغْبٌ، وَقَدْ زَغَّبَ الفَرْخُ تَزْغِيباً، ورَجُل زَغِبُ الشَّعَر، ورَقَبةٌ زَغْباءُ. والزَّغَبُ: مَا يَبْقَى فِي رأْس الشَّيْخِ عِنْدَ رِقّةِ شَعَرِه، والفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ كلِّه: زَغِبَ زَغَباً، فَهُوَ زَغِبٌ، وزَغَّبَ وازْغابَّ. وأَزْغَبَ الكَرْمُ وازْغابَّ: صارَ فِي أُبَنِ الأَغْصانِ الَّتِي تَخرُج مِنْهَا العَناقِيدُ مِثْلُ الزَّغَبِ. قَالَ: وَذَلِكَ بَعْدَ جَرْيِ الماءِ فِيهِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي المُصَنَّفِ، فِي بَابِ الكَمْأَةِ: بناتُ أَوْبَرَ، وَهِيَ المُزَغِّبَة؛ فَجَعَلَ الزَّغَب لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الكَمْأَة، واستَعمل منها فِعْلًا. والزُّغابةُ: أَقَلُّ مِنَ الزَّغَبِ، وَقِيلَ: أَصغَر مِنَ الزَّغَبِ. وَمَا أَصَبْتُ مِنْهُ زُغابةً أَي قَدْرَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنْ التِّينِ الأَزْغَبُ، وَهُوَ أَكبر مِنَ الوَحْشِيِّ، عَلَيْهِ زَغَبٌ، فإِذا جُرِّدَ مِنْ زَغَبِه، خَرَجَ أَسْوَدَ، وَهُوَ تِين غَلِيظ حُلوٌ، وَهُوَ دَنِيُّ التِّينِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أُهْدِيَ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِناعٌ مِنْ رُطَبٍ وأَجْرٍ زُغْب.
فالقِناعُ: الطَّبَقُ؛ والأَجْري هَاهُنَا: صِغارُ القِثَّاءِ، شُبِّهت بِصغارِ أَولاد الكِلاب لنَعْمَتِها، وَاحِدُهَا جروٌ، كَذَلِكَ جِراءُ الحَنْظَل: صِغارُها؛ والزُّغْبُ مِنَ القِثَّاءِ: الَّتِي يَعْلُوهَا مِثْلُ زَغَب الْوَبَرِ، فإِذا كَبِرت القِثَّاءُ، تَساقَط زَغَبُها وامْلاسَّتْ، وَوَاحِدُ الزُّغْبِ: أَزْغَبُ وزَغْباء؛ شبَّه مَا عَلَى القِثاءِ مِنَ الزَّغَبِ، بِصِغارِ الرِّيشِ أَوَّلَ مَا تَطْلُع. وازْدَغَبَ مَا عَلَى الخِوانِ: اجْتَرَفَه، كازْدَغَفَه. والزُّغْبةُ: دُويْبَّةٌ تُشْبِه الفأْرة. وزُغْبةُ: مَوْضِعٌ، عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
عَلَيْهِنَّ أَطْرافٌ مِنَ القَوْم، لَمْ يَكُنْ ... طَعامُهمُ حَبّاً، بِزُغْبَة، أَسْمرا
__________
(1) . قوله [نِرْبَبُهْ] كَسَرَ حَرْفَ الْمُضَارَعَةِ وفتح الباء الأَولى لغة هذيل فيه بل في كل فعل مضارع ثاني ماضيه مكسور كعلم كما تقدم في ربب عن ابن دريد معبراً بزعم وضبط في التكملة بفتحه وضم الباء الأولى.(1/450)
وزُغْبةُ: مِنْ حُمُرِ جَرير بْنِ الخَطَفَى؛ قَالَ:
زُغْبةُ لَا يُسْأَلُ إِلَّا عاجِلا، ... يَحْسَبُ شَكْوى الموجَعاتِ باطِلا،
قَدْ قَطَعَ الأَمْراسَ والسَّلاسِلا
وزُغْبةُ وزُغَيْبٌ: اسْمَانِ. وزُغابةُ: موضع بقُرْب المدينة.
زغدب: الزَّغْدَبُ والزُّغادِبُ: الهَديرُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
يَرُجُّ زَأْراً وهَديراً زَغْدَبا
وَقَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ فَحْلًا:
وزَبَداً، مِنْ هَدْرِه، زُغادِبا
والزَّغْدَبُ: مِنْ أَسماءِ الزَّبَد. والزَّغْدَبُ: الإِهالةُ؛ أَنشد ثعلب:
وأَتَتْه بزَغْدَبٍ وحَتِيٍّ، ... بعدَ طِرْمٍ، وتامِكٍ، وثُمالِ
أَراد: وسَنامٍ تامِكٍ. وَذَهَبَ ثَعْلَبٌ إِلى أَن الباءَ، مِنْ زَغْدَب، زَائِدَةٌ، وأَخَذَه مِنْ زَغْدِ الْبَعِيرِ فِي هَديره. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا كلامٌ تَضِيقُ عَنِ احتمالِه المَعاذيرُ، وأَقْوَى مَا يُذْهَبُ إِليه فِيهِ أَن يَكُونَ أَرادَ أَنهما أَصلانِ مُتَقارِبانِ كسَبِطٍ وسِبَطْرٍ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وإِن أَراد ذَلِكَ أَيضاً فإِنه قَدْ تَعَجْرَفَ. والزُّغادِبُ: الضَّخْمُ الوجهِ، السَّمِجُه، العظيمُ الشَّفَتَيْنِ؛ وَقِيلَ: هُوَ العظيمُ الجسْمِ. وزَغْدَبَ عَلَى النَّاسِ: أَلحفَ في المَسأَلةِ.
زغرب: البُحُور الزَّغارِبُ: الكَثِيرةُ المِياهِ. وَبَحْرٌ زَغْرَبٌ: كَثِيرُ الماءِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَفِي الحَكَمِ بْنِ الصَّلْتِ مِنْكَ مخِيلةٌ ... نَراها، وبَحْرٌ، مِنْ فَعالِكَ، زَغْرَبُ
الفَعالُ لِلْوَاحِدِ، والفَعالُ لِلِاثْنَيْنِ. وَيُقَالُ: بَحْرٌ زَغْرَبٌ وزَغْرَفٌ، بالباءِ والفاءِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الفاءِ. والزَّغْرَبُ: الماءُ الْكَثِيرُ. وعَيْنٌ زَغْرَبةٌ: كَثِيرَةُ الماءِ، وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ. وماءٌ زَغْرَبٌ: كَثِير؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بَشِّرْ بَنِي كَعْبٍ بِنَوْءِ العَقْرَبِ، ... مِنْ ذِي الأَهاضِيبِ بِماءِ زَغْرَبِ
وبَوْلٌ زَغْرَبٌ: كَثيرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَلَى اضْطِمارِ اللَّوحِ بَوْلًا زَغْرَبا
ورَجُل زَغْرَبٌ بالمَعْرُوفِ، عَلَى الْمَثَلِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: رَجُل زَغْرَبُ المَعْروفِ: كَثيرُه.
زغلب: «1» : الأَزهري: لَا يَدْخُلَنَّك مِنْ ذَلِكَ زُغْلُبةٌ أَي لَا يَحِيكَنَّ فِي صَدْرِكَ مِنْهُ شَكٌّ وَلَا وَهْم.
زقب: زَقَبْتُه فِي جُحْرِهِ، وزَقَبْتُ الجُرَذَ فِي الكُوَّةِ فانْزَقَبَ أَي أَدْخَلْتُه فدَخَل. وانْزَقَب فِي جُحْره: دَخَل، وزَقَبَه هُوَ. التَّهْذِيبِ: وَيُقَالُ انْزَبَق وانْزَقَب إِذا دَخَلَ فِي الشيءِ. والزَّقَبُ: الطَّريقُ. والزَّقَبُ: الطُّرُقُ الضَّيِّقةُ، وَاحِدَتُهَا زَقَبةٌ؛ وقيل: الواحد والجمع
__________
(1) . قوله [زغلب] هذه المادة أوردها المؤلف في باب الباء ولم يوافقه على ذلك أحد وقد أوردها في باب الميم على الصواب كما في تهذيب الأَزهري وغيره.(1/451)
سواءٌ. وطريقٌ زَقَبٌ أَي ضيِّقٌ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
ومَتْلَفٍ مِثْلِ فَرْقِ الرَّأْسِ، تَخْلُجُه ... مَطارِبٌ زَقَبٌ، أَمْيالُها فِيحُ «1»
أَبدل زَقَباً مِن مَطارِبَ. قال أَبو عبيد: المَطارِبُ طُرُقٌ ضَيِّقةٌ، وَاحِدَتُهَا مَطْرَبةٌ. والزَّقَبُ: الضَّيِّقةُ، وَيُرْوَى: زُقُبٌ، بِالضَّمِّ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: طَريقٌ زَقَبٌ ضَيِّقٌ، فَجَعَلَهُ صِفَةً؛ فزَقَبٌ عَلَى هَذَا مِنْ قَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ: مَطارِبٌ زَقَبٌ: نَعْت لِمَطارِبَ، وإِن كَانَ لَفْظُهُ لفظَ الْوَاحِدِ، وَيُرْوَى: زُقُبٌ بِالضَّمِّ. وأَزْقُبانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَخطل:
أَزَبُّ الحاجِبَيْنِ بِعَوْفِ سَوْءٍ، ... مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ بأَزْقُبانِ
أَبو زَيْدٍ: زَقَّبَ المُكَّاءُ تَزْقِيباً إِذا صَاحَ؛ وأَنشد:
وَمَا زَقَّبَ المُكَّاءُ فِي سَوْرَةِ الضُّحَى ... بنَوْرٍ، مِنَ الوَسْمِيِّ يَهتَزُّ، مائدِ
زكب: ابْنُ الأَعرابي: الزَّكْبُ إِلقاءُ المرأَةِ وَلدَها بِزَحْرةٍ وَاحِدَةٍ. يُقَالُ: زَكَبَتْ بِهِ وأَزْلَخَتْ وأَمْصَعَتْ بِهِ وحَطَأَتْ بِهِ؛ الْجَوْهَرِيُّ: زَكَبَتِ المرأَةُ وَلَدَهَا: رَمَتْ بِهِ عِنْدَ الوِلادةِ، والإِناءَ: مَلأَتْه، وَزَكَبَ المرأَةَ: نَكَحَها. وزَكَبَتْ بِهِ أُمُّه زَكْباً: رَمَتْه. وزَكَبَ بنُطْفَتِه زَكْباً، وزَكَمَ بِهَا: رَمَى بِهَا وأَنْفَصَ بِهَا. والزُّكْبةُ: النُّطْفةُ. والزُّكْبةُ: الوَلد، لأَنه عَنِ النُّطْفةِ يَكُونُ، وَهُوَ أَلأَمُ زُكْبةٍ فِي الأَرض وزُكْمَةٍ أَي أَلأَمُ شيءٍ لَفَظَه شيءٌ؛ وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن الباءَ هُنَا بَدَلٌ مِنْ مِيمِ زُكْمةٍ. والزَّكْبُ: النِّكاحُ. وانْزَكَب البحرُ: اقْتَحَم فِي وَهْدةٍ أَو سَرَب. والزَّكْبُ: المَلْءُ. وزَكَبَ إِناءَه يَزْكُبُهُ زَكْباً وزُكُوباً: مَلأَه. والمَزْكُوبةُ: المَلْقُوطةُ مِنَ النساءِ. والمَزْكُوبة مِنَ الجَواري «2» : الخِلاسِيَّةُ فِي لونِها.
زلب: رأَيت فِي أَصل مِنْ أُصول الصِّحَاحِ، مقروءٍ عَلَى الشَّيْخِ أَبي مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ، رَحِمَهُ اللَّهُ: زَلِبَ الصَّبيُّ بأُمه، يَزْلَبُ زلَباً: لَزِمَها وَلَمْ يُفارِقْها، عَنِ الْجَرَشِيِّ: اللَّيْثُ: ازْدَلَبَ فِي مَعْنَى اسْتَلَبَ، قَالَ: وَهِيَ لُغَةٌ رَدِيَّةٌ.
زلدب: زَلْدَبَ اللّقْمة: ابْتَلَعَها، حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ؛ قَالَ: وليس بثَبت.
زلعب: ازْلِعْبابُ السَّيْلِ: كثرتُه وتدافُعُه. سَيْلٌ مُزْلَعِبٌّ: كثيرٌ قَمْشُه. والمُزْلَعِبُّ أَيضاً: الفَرْخ إِذا طَلَع رِيشُه، وَالْغَيْنُ أَعلى. وازْلَعَبَّ السَّحابُ: كَثُفَ؛ وأَنشد:
تَبْدُو، إِذا رَفَعَ الضَّبابُ كُسُورَه، ... وإِذا ازْلَعَبَّ سَحابُه، لَمْ تَبْدُ لِي
__________
(1) . قوله [تخلجه] ضبط فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ بضم اللام وقال في المصباح: خلجت الشيء خلجاً، من باب قتل: انتزعته وقال المجد خلج يخلج: جذب وغمز وانتزع، وقاعدته إِذا ذكر المضارع فالفعل من باب ضرب.
(2) . قوله [والمزكوبة من الجواري] هذه العبارة أوردها في التهذيب في مقلوب المزكوبة بلفظ المكزوبة بتقديم الكاف على الزاي فليست من هذا الفصل فزل القلم فأوردها هنا كما ترى. نعم في نسخة من التهذيب كما ذكر المؤلف لكن لم يوردها أحد إلا في فصل الكاف.(1/452)
زلغب: ازْلَغَبَّ الطائرُ: شَوَّكَ رِيشُه قَبْلَ أَن يَسْوَدَّ. والمُزْلَغِبُّ: الفَرْخ إِذا طَلَعَ رِيشُه. وازْلَغَبَّ الفَرْخُ: طَلَعَ رِيشُه، بِزِيَادَةِ اللَّامِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: ازْلَغَبَّ الطيرُ والرِّيشُ، فِي كلٍّ يُقَالُ، إِذا شَوَّكَ؛ وَقَالَ:
تُرَبِّبُ جَوْناً مُزْلَغِبّاً، تَرَى لَهُ ... أَنابِيبَ، مِن مُسْتَعْجِلِ الرِّيش، جَمَّما «1»
وازْلَغَبَّ الشعَرُ: وَذَلِكَ فِي أَوَّل مَا يَنْبُتُ لَيِّناً. وازْلَغَبَّ شعَرُ الشَّيخ: كازْغابَّ. وازْلَغَبَّ الشعَرُ إِذا نَبَتَ بَعْدَ الحَلْقِ.
زنب: زُنابةُ العَقْرب وزُناباها: كِلْتَاهُمَا إِبْرتُها الَّتِي تَلْدَغُ بِهَا. والزُّنابى: شِبْهُ المُخاطِ يَقَعُ مِنْ أُنوف الإِبل، فُعالى، هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، وَالصَّوَابُ الذُّنابى، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وزَنْبةُ وزَيْنَبُ: كِلْتَاهُمَا امرأَة. وأَبو زُنَيبةَ: كُنيةٌ مِنْ كُناهم؛ قَالَ:
نَكِدْتَ أَبا زُنَيْبةَ، أَن سَأَلْنا ... بحاجَتنا، وَلَمْ يَنْكَدْ ضَبابُ
وَهُوَ تَصْغِيرُ زَيْنَبَ، بَعْدَ التَّرْخِيمِ. فأَما قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا:
فَجُنِّبْتَ الجُيُوشَ، أَبا زُنَيْبٍ، ... وجادَ عَلَى مَنازِلِكَ السَّحابُ
فإِنما أَراد أَبا زُنَيْبةَ، فرَخَّمه فِي غَيْرِ النداءِ اضْطِرَارًا، عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ يَا حارُ. أَبو عمرو: الأَزْنَبُ الْقَصِيرُ السَّمِينُ، وَبِهِ سُمِّيَتِ المرأَة زَيْنَبَ. وَقَدْ زَنِبَ يَزْنَبُ زَنَباً إِذا سَمِنَ. والزَّنَبُ: السِّمَنُ. ابْنُ الأَعرابي: الزَّيْنَبُ شَجَرٌ حَسَنُ المَنْظَر، طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، وَبِهِ سُمِّيَتِ المرأَة، وَوَاحِدُ الزَّيْنَبِ لِلشَّجَرِ زَيْنَبة.
زنجب: أَبو عَمْرٍو: الزُّنْجُبُ والزَّنْجُبانُ المِنْطَقة. والزُّنْجُبُ ثَوْبٌ تَلْبَسُه المرأَة تَحْتَ ثِيَابِهَا إِذا حاضت.
زنقب: زُنْقُبٌ: ماءٌ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ:
شَرْجٌ رَواءٌ لَكُما، وزُنْقُبُ، ... والنَّبَوانُ قَصَبٌ مُثَقَّبُ
النَّبَوانُ: ماءٌ أَيضاً. والقَصَب هُنَا: مَخارجُ ماءِ العُيونِ. ومُثَقَّبٌ: مفتوحٌ، يَخْرُجُ مِنْهُ الماءُ؛ وَقِيلَ يَتَثَقَّبُ بالماءِ، وَهُوَ تَعْبِيرٌ ضَعِيفٌ، لأَن الرَّاجِزَ إِنما قَالَ مُثَقَّب لَا مُتَثَقِّبٌ، فالحُكْمُ أَن يُعَبَّر عَنِ اسْمِ الْمَفْعُولِ بالفعل المصوغ للمفعُول.
زهب: الأَزهري عَنِ الْجَعْفَرِيِّ: أَعطاه زِهْباً مِنْ مَالِهِ فازْدَهَبَه إِذا احْتَمَلَهُ؛ وازْدَعَبَه مثله.
زهدب: زَهْدَبٌ: اسم.
زهلب: رجلٌ زَهْلَبٌ: خفيفُ اللِّحية، زعموا.
زوب: التَّهْذِيبِ، الفراءُ: زابَ يَزُوبُ إِذا انْسَلَّ هَرَباً. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: زابَ إِذا جَرَى؛ وسابَ إِذا انْسَلَّ فِي خَفاءٍ.
زيب: الأَزْيَبُ: الجَنُوبُ، هُذَلِيّة، أَو هِيَ النَّكْباءُ الَّتِي تَجْري بَيْنَ الصَّبا والجَنُوب. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لِلَّهِ تَعَالَى رِيحًا، يُقَالُ لَهَا الأَزْيَبُ،
__________
(1) . قوله [جمما] هو هكذا في التهذيب بالجيم.(1/453)
دُونَهَا بابٌ مُغْلَقٌ، مَا بَيْنَ مِصْراعَيْه مسيرةُ خَمْسِمِائَةِ عام، فرياحُكم هذه مَا يَتَفَصَّى مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ، فإِذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فُتِح ذَلِكَ البابُ، فَصَارَتِ الأَرضُ وَمَا عَلَيْهَا ذَرْواً.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَهلُ مَكَّةَ يَستعملون هَذَا الِاسْمَ كَثِيرًا. وَفِي رِوَايَةٍ:
اسمُها عِنْدَ اللَّهِ الأَزْيَب، وَهِيَ فِيكُمُ الجَنُوبُ.
قَالَ شَمِرٌ: أَهلُ الْيَمَنِ وَمَنْ يَرْكَبُ البَحر، فِيمَا بَيْنَ جُدَّة وعَدَن، يُسَمُّون الجَنُوبَ الأَزْيَبَ، لَا يَعْرِفُونَ لَهَا اسْمًا غَيْرَهُ، وَذَلِكَ أَنها تَعْصِفُ الرِّياحَ، وتُثيرُ الْبَحْرَ حَتَّى تُسَوِّده، وتَقْلب أَسفلَه، فَتَجْعَلَهُ أَعلاه؛ وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: كلُّ ريحٍ شَدِيدَةٍ ذاتُ أَزْيَب، فإِنما زَيَبُها شدَّتُها. والأَزْيَبُ: الماءُ الْكَثِيرُ، حَكَاهُ أَبو عَلِيٍّ عَنْ أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ؛ وأَنشد:
أَسْقانيَ اللهُ رَواءً مَشْرَبُهْ، ... ببطْنِ كَرٍّ، حِينَ فَاضَتْ حِبَبُهْ،
عَنْ ثَبَج البحرِ يَجِيشُ أَزْيَبُه
الكَرُّ: الحِسْيُ. والحِبَبَةُ: جَمْعُ حُبٍّ، لخابيةِ الْمَاءِ. والأَزْيَبُ، عَلَى أَفْعَل: السُّرعة وَالنَّشَاطُ، مؤَنث. يُقَالُ: مَرَّ فلانٌ وَلَهُ أَزْيَبٌ مُنْكَرةٌ إِذا مَرَّ مَرّاً سَرِيعًا مِنَ النَّشاط. والأَزْيَبُ: النَّشيطُ. وأَخذَه الأَزْيَبُ أَي الفَزَعُ. والأَزْيَبُ: الرجلُ المُتقارِبُ المَشْيِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْقَصِيرِ، المُتقارِبِ الخَطْوِ: أَزْيَب. والأَزْيَبُ: العَداوة. والأَزْيَبُ: الدَّعِيُّ. قَالَ الأَعشى يَذْكُر رَجُلًا مِنْ قَيْس عَيْلانَ كَانَ جَارًا لِعَمْرِو بْنِ الْمُنْذِرِ، وَكَانَ اتَّهمَ هَدَّاجاً، قَائِدَ الأَعشى، بأَنه سَرَقَ رَاحِلَةً لَهُ، لأَنه وَجَد بَعْضَ لَحْمِهَا فِي بَيْتِه، فأُخِذَ هَدَّاجٌ وضُرِبَ، والأَعْشى جالسٌ، فَقَامَ ناسٌ مِنْهُمْ، فأَخَذوا مِنَ الأَعْشى قيمةَ الرَّاحِلَةِ؛ فَقَالَ الأَعشى:
دَعا رَهْطَه حَوْلي، فجاؤُوا لنَصْرِه، ... ونادَيْتُ حَيّاً، بالمُسَنَّاةِ، غُيَّبا
فأَعْطَوْهُ مِني النِّصْفَ، أَو أَضْعَفُوا لَهُ، ... وَمَا كنتُ قُلًّا، قبلَ ذَلِكَ، أَزْيَبا
أَي كنتُ غَريباً فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، لَا نَاصِرَ لِي؛ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ:
وَمَنْ يَغْتَرِبْ عَنْ قَوْمِه، لَا يَزَلْ يَرَى ... مَصارِعَ مَظْلومٍ، مَجَرّاً ومَسْحَبا
وتُدْفَنُ مِنْهُ الصالحاتُ، وإِن يُسئْ ... يَكُنْ مَا أَساءَ النارَ فِي رأْسِ كَبْكَبا
والنِّصْفُ: النَّصَفة؛ يَقُولُ: أَرْضَوْه وأَعْطَوه النِّصْفَ، أَو فَوْقَه. وامرأَةٌ إِزْيَبَّة: بَخِيلَةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الأَزْيَبُ: القُنْفُذ. والأَزْيَبُ: مِنْ أَسماءِ الشَّيْطَانِ. والأَزْيَبُ: الدَّاهِيَةُ؛ وَقَالَ أَبو الْمَكَارِمِ: الأَزْيَبُ البُهْثةُ، وَهُوَ وَلَدُ المُساعاة؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
وَمَا كنتُ قُلًّا، قَبْلَ ذَلِكَ، أَزْيَبا
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: رَجُلٌ أَزْبة، وَقَوْمٌ أَزْبٌ إِذا كَانَ جَلْداً، وَرَجُلٌ زَيْبٌ أَيضاً. وَيُقَالُ: تَزَيَّبَ لحمُه وتَزَيَّم إِذا تَكَتَّلَ واجْتَمع، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل السين المهملة
سأب: سَأَبه يَسْأَبُه سَأْباً: خَنَقَه؛ وَقِيلَ: سَأبه خَنَقَه حَتَّى قَتَلَه. وَفِي حَدِيثِ المَبْعَثِ:
فأَخذ جبريلُ بحَلْقِي، فسأَبَني حَتَّى أَجْهَشْتُ بالبكاءِ
؛(1/454)
أَراد خَنَقَني؛ يُقَالُ سأَبْتُه وسَأَتُّه إِذا خَنَقْتَهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: السَّأْبُ: العَصْر فِي الحَلْق، كالخَنْق؛ وسَئِبْتُ مِنَ الشَّرَابِ. وسَأَبَ مِنَ الشَّرَابِ يَسْأَبُ سَأْباً، وسَئِبَ سَأَباً: كِلَاهُمَا رُويَ. والسَّأْبُ: زِقُّ الخَمْر، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظِيمُ مِنْهَا؛ وَقِيلَ: هُوَ الزِّقُّ أَيّاً كَانَ؛ وَقِيلَ: هُوَ وعاءٌ مِنْ أَدمٍ، يُوضع فِيهِ الزِّقُّ، وَالْجَمْعُ سُؤُوبٌ؛ وَقَوْلُهُ:
إِذا ذُقْتَ فَاهَا، قلتَ: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ، ... أُريدَ بِهِ قَيْلٌ، فغُودِرَ فِي سَابِ
إِنما هُوَ فِي سَأْبٍ، فأَبدل الْهَمْزَةَ إِبدالًا صَحِيحًا، لإِقامة الرِّدْف. والمِسْأَبُ: الزِّقُّ، كالسَّأْب؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الهذلي:
مَعَهُ سِقاءٌ، لَا يُفَرِّطُ حَمْلَه، ... صُفْنٌ، وأَخراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ
صُفْنٌ بدلٌ، وأَخراصٌ مَعْطُوفٌ عَلَى سِقاء؛ وَقِيلَ: هُوَ سِقاءُ الْعَسَلِ. قَالَ شَمِرٌ: المِسْأَب أَيضاً وِعاءٌ يُجْعَل فِيهِ العسلُ. وَفِي الصِّحَاحِ: المِسْأَبُ سِقاءُ الْعَسَلِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ، يَصِفُ مُشْتار العَسَل:
تأَبَّطَ خَافَةً، فِيهَا مِسابٌ، ... فأَصْبَحَ يَقْتَري مَسَداً بشِيقِ
أَراد مِسْأَباً، بِالْهَمْزِ، فَخَفَّفَ الْهَمْزَةَ عَلَى قَوْلِهِمْ فِيمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ: المراةُ والكَماة؛ وأَراد شِيقاً بمَسَدٍ، فقَلب. والشِّيقُ: الجَبَل. وسأَبْتُ السِّقاءَ: وسَّعْتُه. وإِنه لَسُؤْبانُ مالٍ أَي حَسَنُ الرِّعْية والحِفْظ لَهُ وَالْقِيَامِ عَلَيْهِ؛ هَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي، قَالَ: وَهُوَ فُعْلانٌ، مِنَ السَّأْبِ الَّذِي هُوَ الزِّقُّ، لأَن الزِّقَّ إِنما وُضِعَ لحِفْظِ مَا فيه.
سبب: السَّبُّ: القَطْعُ. سَبَّه سَبّاً: قَطَعه؛ قَالَ ذُو الخِرَقِ الطُّهَوِيُّ:
فَمَا كَانَ ذَنْبُ بَني مالِكٍ، ... بأَنْ سُبَّ مِنْهُمْ غُلامٌ، فَسَبْ
«2» عَراقِيبَ كُومٍ، طِوالِ الذُّرَى، ... تَخِرُّ بَوائِكُها للرُّكَبْ
بأَبْيضَ ذِي شُطَبٍ باتِرٍ، ... يَقُطُّ العِظَامَ، ويَبْري العَصَبْ
البَوائِكُ: جَمْعُ بَائِكَةٍ، وَهِيَ السَّمِينةُ. يريدُ مُعاقَرةَ أَبي الفَرَزْدق غالِب بْنِ صَعْصعة لسُحَيْم بْنِ وَثِيلٍ الرِّياحِيّ، لَمَّا تَعاقَرا بصَوْأَر، فعَقَرَ سُحَيْم خَمْسًا، ثُمَّ بَدَا لَهُ وعَقرَ غالبٌ مِائَةً. التَّهْذِيبِ: أَراد بِقَوْلِهِ سُبَّ أَي عُيِّر بالبُخْلِ، فسَبَّ عَراقيبَ إِبله أَنَفةً مِمَّا عُيِّر بِهِ، كَالسَّيْفِ يُسَمَّى سَبَّابَ العَراقيب لأَنه يَقْطَعُها. التَّهْذِيبِ: وسَبْسَبَ إِذا قَطَع رَحِمه. والتَّسابُّ: التَّقاطُعُ. والسَّبُّ: الشَّتْم، وَهُوَ مَصْدَرُ سَبَّه يَسُبُّه سَبّاً: شَتَمَه؛ وأَصله مِنْ ذَلِكَ. وسَبَّبه: أَكثر سَبَّه؛ قَالَ:
إِلّا كَمُعْرِضٍ المُحَسِّرِ بَكْرَهُ، ... عَمْداً، يُسَبِّبُني عَلَى الظُّلْمِ
أَراد إِلا مُعْرِضاً، فَزَادَ الْكَافَ، وهذا من الاستثناءِ
__________
(2) . قوله [بأن سب] كذا في الصحاح، قال الصاغاني وليس من الشتم في شيء. والرواية بأن شب بفتح الشين المعجمة.(1/455)
الْمُنْقَطِعِ عَنِ الأَوَّل؛ وَمَعْنَاهُ: لَكِنَّ مُعْرِضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
سِبابُ المُسْلِم فُسوقٌ، وقِتاله كُفرٌ.
السَّبُّ: الشَّتْم، قِيلَ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ سَبَّ أَو قاتَلَ مُسْلِمًا، مِنْ غَيْرِ تأْويل؛ وَقِيلَ: إِنما قَالَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ التَّغْلِيظِ، لَا أَنه يُخْرِجُه إِلى الفِسْقِ وَالْكُفْرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: لَا تَمْشِيَنَّ أَمام أَبيك، وَلَا تجْلِسْ قَبْله، وَلَا تَدْعُه بِاسْمِهِ، وَلَا تَسْتَسِبَّ لَهُ
، أَي لَا تُعَرِّضْه للسَّبِّ، وتَجُرَّه إِليه، بأَن تَسُبَّ أَبا غَيْرك، فيَسُبَّ أَباك مُجازاةً لَكَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ جاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
إنَّ مِنْ أَكبر الْكَبَائِرِ أَن يَسُبَّ الرجلُ وَالِدَيْهِ؛ قِيلَ: وَكَيْفَ يَسُبُّ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: يَسُبُّ أَبا الرجلِ، فيسُبُّ أَباه، ويَسُبُّ أُمَّه، فيَسُبُّ أُمَّه.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَسُبُّوا الإِبلَ فإِن فِيهَا رُقُوءَ الدَّم.
والسَّبَّابةُ: الإِصْبَعُ الَّتِي بَيْنَ الإِبهام والوُسْطى، صفةٌ غَالِبَةٌ، وَهِيَ المُسَبِّحَةُ عِنْدَ المُصَلِّين. والسُّبَّة: العارُ؛ وَيُقَالُ: صَارَ هَذَا الأَمر سُبَّةً عَلَيْهِمْ، بِالضَّمِّ، أَي عَارًا يُسبُّ بِهِ. وَيُقَالُ: بَيْنَهُمْ أُسْبوبة يَتَسابُّونَ بِهَا أَي شَيْءٌ يَتشاتَمُونَ بِهِ. والتَّسابُّ: التَّشاتُم. وتَسابُّوا: تَشاتَمُوا. وسابَّه مُسابَّةً وسِباباً: شاتَمه. والسَّبِيبُ والسَّبُّ: الَّذِي يُسابُّكَ. وَفِي الصِّحَاحِ: وسِبُّكَ الَّذِي يُسابُّكَ؛ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ، يَهْجُو مِسْكِيناً الدَّارِميَّ:
لَا تَسُبَّنَّنِي، فَلسْتَ بِسِبِّي، ... إِنَّ سِبِّي، مِنَ الرِّجالِ، الكَرِيمُ
وَرَجُلٌ سِبٌّ: كثيرُ السِّبابِ. ورجلٌ مِسَبٌّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: كثيرُ السِّبابِ. وَرَجُلٌ سُبَّة أَي يَسُبُّه الناسُ؛ وسُبَبَة أَي يَسُبُّ الناسَ. وإِبِلٌ مُسَبَّبَة أَي خِيارٌ؛ لأَنَّه يُقَالُ لَهَا عندَ الإِعْجابِ بِهَا: قاتلَها اللَّهُ وَقَوْلُ الشَّمَّاخ، يَصِفُ حُمُر الوَحْشِ وسِمَنَها وجَوْدَتَها:
مُسَبَّبَة، قُبّ البُطُونِ، كأَنها ... رِماحٌ، نَحاها وجْهَة الريحِ راكزُ
يقولُ: مَنْ نَظَر إِليها سَبَّها، وَقَالَ لَهَا: قاتَلها اللهُ مَا أَجودَها والسِّبُّ: السِّتْرُ. والسِّبُّ: الخمارُ. والسِّبُّ: العِمامة. والسِّبُّ: شُقَّة كَتَّانٍ رقِيقة. والسَّبِيبَةُ مِثلُه، وَالْجَمْعُ السُّبُوبُ، والسَّبائِبُ. قَالَ الزَّفَيانُ السَّعْدِي، يَصِفُ قَفْراً قَطَعَه فِي الْهَاجِرَةِ، وَقَدْ نَسَجَ السَّرابُ بِهِ سَبائِبَ يُنيرُها، ويُسَدِّيها، ويُجيدُ صَفْقَها:
يُنيرُ، أَو يُسْدي بِهِ الخَدَرْنَقُ ... سَبائِباً، يُجِيدُها، ويصْفِقُ
والسِّبُّ: الثَّوْبُ الرَّقِيقُ، وجَمْعُه أَيضاً سُبُوبٌ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: السُّبُوبُ الثِّيابُ الرِّقاقُ، واحدُها سِبٌّ، وَهِيَ السَّبائِبُ، واحدُها سَبيبَة؛ وأَنشد:
ونَسَجَتْ لوامِعُ الحَرُورِ ... سَبائِباً، كَسَرَقِ الحَريرِ
وَقَالَ شَمِرٌ: السَّبائِب متاعُ كَتَّانٍ، يُجاءُ بِهَا مِنْ نَاحِيَةِ النيلِ، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ بالكَرْخِ عِنْدَ التُّجّار، وَمِنْهَا مَا يُعْملُ بِمصْر، وَطُولُهَا ثمانٌ فِي سِتٍّ. والسَّبِيبَة: الثوبُ الرقِيقُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ فِي السُّبوبِ زَكاةٌ
، وَهِيَ الثِّيابُ الرِّقاقُ، الواحِدُ سِبٌّ، بالكسرِ، يَعْنِي إِذا(1/456)
كَانَتْ لِغَيْرِ التجارةِ؛ وَقِيلَ: إِنما هِيَ السُّيُوبُ، بالياءِ، وَهِيَ الرِّكازُ لأَن الرِّكَازَ يَجِبُ فِيهِ الخُمس، لَا الزكاةُ. وَفِي حَدِيثِ
صِلَة بْنِ أَشْيَمَ: فإِذا سِبٌّ فِيهِ دَوْخَلَّةُ رُطَبٍ
أَي ثوبٌ رَقِيقٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنه سُئِلَ عَنْ سَبائِبَ يُسْلَفُ فِيهَا.
السَّبائِبُ: جَمْعُ سَبِيبَةٍ وَهِيَ شُقَّة مِنَ الثِّيابِ أَيَّ نوعٍ كَانَ؛ وَقِيلَ: هِيَ منَ الكتَّانِ؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فعَمَدَتْ إِلى سَبِيبةٍ مِنْ هَذِهِ السَّبائبِ، فَحَشَتْها صُوفًا، ثُمَّ أَتتني بِهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ:
دَخَلْتُ عَلَى خَالِدٍ، وَعَلَيْهِ سَبِيبة
؛ وَقَوْلِ الْمُخَبَّلِ السَّعْدِيِّ:
أَلم تَعْلَمِي، يَا أُمَّ عَمْرَةَ، أَنني ... تخَاطأَني رَيْبُ الزَّمانِ لأَكْبَرا
وأَشْهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلُولًا كَثِيرَةً، ... يحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: وأَشْهَدَ بنَصْبِ الدالِ. والحُلولُ: الأَحْياءُ المجتمعةُ، وَهُوَ جَمْعُ حالٍّ، مثلُ شاهِدٍ وشُهودٍ. وَمَعْنَى يَحُجُّون: يَطْلُبونَ الاختلافَ إِليه، ليَنْظُروه؛ وَقِيلَ: يَعْنِي عمامَتَه؛ وَقِيلَ: يَعْنِي اسْتَه، وَكَانَ مَقروفاً فِيمَا زَعَم قُطْرُبٌ. والمُزَعْفَر: المُلَوَّن بالزَّعْفَران؛ وَكَانَتْ سادةُ الْعَرَبِ تَصْبُغُ عَمائمَها بالزَّعْفَرانِ. والسَّبَّةُ: الاسْتُ. وسَأَلَ النُّعمانُ بنُ المُنْذِرِ رجُلًا طَعَنَ رجُلًا، فَقَالَ: كَيْفَ صَنَعْتَ؟ فَقَالَ طَعَنْتُه فِي الكَبَّةِ طَعْنةً فِي السَّبَّة، فأَنْفَذْتُها مِنَ اللَّبَّة. فَقُلْتُ لأَبي حاتمٍ: كَيْفَ طَعَنَه فِي السَّبَّة وَهُوَ فَارِسٌ؟ فَضَحِكَ وَقَالَ: انْهَزَم فاتَّبَعه، فَلَمَّا رَهِقَه أَكبَّ ليَأْخُذَ بمَعْرَفَةِ فَرَسِه، فَطَعَنَه فِي سَبَّتِه. وسَبَّه يَسُبُّه سَبّاً: طَعَنَه فِي سَبَّتِه. وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هُنَا بَيْتَ ذِي الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
بأَنْ سُبَّ مِنْهُم غُلامٌ فَسَبْ
ثُمَّ قَالَ مَا هَذَا نَصُّهُ: يَعْنِي مُعاقَرَة غالِبٍ وسُحَيْمٍ، فَقَوْلُهُ سُبّ: شُتِمَ، وسَبَّ: عَقَرَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ فَسَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى غَيْرِ مَا قَدَّم فِيهِ مِنَ الْمَعْنَى، فَيَكُونُ شَاهِدًا عَلَى سَبَّ بِمَعْنَى عَقَر، لَا بِمَعْنَى طَعَنه فِي السَّبَّة وَهُوَ الصَّحِيحُ، لأَنه يُفَسَّر بِقَوْلِهِ فِي البَيْتِ الثَّانِي:
عَراقِيبَ كُومٍ طوالِ الذُّرَى
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنه عَقْرٌ، نَصْبُه لِعَراقيبَ، وَقَدْ تقدَّمَ ذَلِكَ مُستَوْفًى فِي صدْر هَذِهِ التَّرْجَمَةِ. وقالت بَعْضُ نساءِ العرَب لأَبِيها، وَكَانَ مَجْرُوحاً: أَبَتَ، أَقَتَلُوكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِي بُنَيَّة وسبُّوني، أَي طَعَنُوه فِي سَبَّتِه. الأَزهري: السَّبُّ الطِّبِّيجاتُ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ الأَزهري: جَعَلَ السَّبَّ جمعَ السَّبَّة، وَهِيَ الدُّبرُ. ومَضَتْ سَبَّة وسَنْبَة مِنَ الدَّهْر أَي مُلاوَةٌ؛ نونُ سَنْبةٍ بَدَلٌ مِنْ باءِ سَبَّة، كإِجّاصٍ وإِنجاصٍ، لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ [س ن ب] . الْكِسَائِيُّ: عِشْنا بِهَا سَبَّة وسَنْبَة، كَقَوْلِكَ: بُرهةً وحِقْبَةً. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الدهرُ سَبّاتٌ أَي أَحوالٌ، حالٌ كَذَا، وحالٌ كَذَا. يُقَالُ: أَصابَتْنَا سَبَّة مِنْ بَرْدٍ فِي الشِّتاءِ، وسَبَّةٌ مِنْ صَحْوٍ، وسَبَّةٌ مِنْ حَرٍّ، وسَبَّةٌ مِنْ رَوْحٍ إِذا دامَ ذَلِكَ أَيَّاماً. والسِّبُّ والسَّبِيبةُ: الشُّقَّةُ، وخَصَّ بعضُهم بِهِ الشُّقَّة البَيْضاء؛ وقولُ عَلْقَمَة بنِ عَبَدة:
كأَنَّ إِبريقَهُم ظَبيٌ عَلَى شَرَفٍ، ... مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتَّانِ، مَلْثُومُ(1/457)
إِنما أَراد بِسَبائِب فحَذف، وَلَيْسَ مُفَدَّمٌ مِنْ نَعْت الظَّبْي، لأَنَّ الظَّبيَ لَا يُفَدَّم؛ إِنما هُوَ فِي مَوْضِعِ خَبرِ المُبتَدَإِ، كأَنه قَالَ: هُوَ مُفَدَّمٌ بسَبا الكَتّانِ. والسَّبَبُ: كلُّ شيءٍ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلى غَيْرِهِ؛ وَفِي نُسخةٍ: كلُّ شيءٍ يُتَوَسَّل بِهِ إِلى شيءٍ غيرِه، وَقَدْ تَسَبَّبَ إِليه، والجمعُ أَسْبابٌ؛ وكلُّ شيءٍ يُتَوصّلُ بِهِ إِلى الشيءِ، فَهُوَ سَبَبٌ. وجَعَلْتُ فُلاناً لِي سَبَباً إِلى فُلانٍ فِي حاجَتي وَوَدَجاً أَي وُصْلة وذَريعَة. قَالَ الأَزهري: وتَسَبُّبُ مالِ الفَيءِ أُخِذَ مِنْ هَذَا، لأَنَّ المُسَبَّبَ عَلَيْهِ المالُ، جُعِلَ سَبَباً لوُصول الْمَالِ إِلى مَن وَجَبَ لَهُ مِنْ أَهل الفَيءِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ
،
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: المودّةُ.
وَقَالَ مجاهدٌ:
تواصُلُهم فِي الدُّنْيَا.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الأَسبابُ المنازلُ، وَقِيلَ المودّةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وتقَطَّعَتْ أَسبابُها ورِمامُها
فِيهِ الْوَجْهَانِ مَعاً. الْمَوَدَّةُ، والمنازِلُ. وَاللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، مُسَبِّبُ الأَسْبابِ، وَمِنْهُ التَّسْبِيبُ. والسَّبَبُ: اعْتِلاقُ قَرابة. وأَسبابُ السَّمَاءِ: مَراقِيها؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
ومَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلْقَها، ... وَلَوْ رَامَ أَسبابَ السماءِ بسُلَّم
والواحدُ سَبَبٌ؛ وَقِيلَ: أَسبابُ السماءِ نَوَاحِيهَا؛ قَالَ الأَعشى:
لَئِنْ كنتَ فِي جُبٍّ ثمانينَ قَامَةً، ... ورُقِّيتَ أَسبابَ السماءِ بسُلَّمِ
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ الأَمرُ حَتَّى تَهُرَّه، ... وتَعْلَمَ أَني لستُ عنكَ بمُحْرِمِ
والمُحْرِمُ: الَّذِي لَا يَسْتَبيح الدِّماءَ. وتَهُرّه: تَكْرَهه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ
؛ قَالَ: هِيَ أَبوابُها. وارْتَقَى فِي الأَسبابِ إِذا كَانَ فاضِل الدِّينِ. والسِّبُّ: الحَبْلُ، فِي لُغَةِ هُذَيْلٍ؛ وَقِيلَ: السِّبُّ الوَتِد؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْب يَصِفُ مُشْتارَ العَسَل:
تَدَلَّى عَلَيْهَا، بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطةٍ، ... بجَرْداءَ مثلِ الوَكْفِ، يَكْبُو غُرابُها
قِيلَ: السِّبُّ الحَبْل، وقيل الوَتِدُ، وسيأتي فِي الخَيْطة مثلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ، وإِنما يَصِفُ مُشْتارَ العَسَل؛ أَراد: أَنه تَدَلَّى مِنْ رأْسِ جبلٍ عَلَى خلِيَّةِ عَسَلٍ ليَشْتارَها بحَبْلٍ شدَّه فِي وَتِدٍ أَثْبَته فِي رأْس الجبَل، وَهُوَ الخَيْطة، وجَمْع السِّبِّ أَسبابٌ. والسَّبَبُ: الحَبْلُ كالسِّبِّ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ، والسُّبوبُ: الحِبال؛ قَالَ سَاعِدَةُ:
صَبَّ اللَّهِيفُ لَهَا السُّبوبَ بطَغْيةٍ، ... تُنْبي العُقابَ، كَمَا يُلَطُّ المِجْنَبُ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ
. مَعْنَاهُ: مَنْ كَانَ يَظُنّ أَن لَنْ يَنْصُرَ اللهُ، سُبْحَانَهُ، مُحَمَّدًا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يُظْهِرَه عَلَى الدِّينِ كلِّه، فلْيَمُتْ غَيظاً، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ
؛ والسَّبَبُ: الحَبْل. والسماءُ: السَّقْف؛ أَي فلْيَمْدُدْ حَبْلًا فِي سَقفِهِ، ثُمَّ(1/458)
ليَقْطَعْ، أَي ليَمُدَّ الحَبْل حَتَّى ينْقَطِع، فيَموتَ مختَنِقاً. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: السَّببُ كلُّ حَبْل حَدَرْتَه مِنْ فَوْقُ. وَقَالَ خالدُ بنُ جَنَبَة: السَّبَب مِنَ الحِبال القويُّ الطويلُ. قَالَ: وَلَا يُدعى الحبلُ سَبباً حَتَّى يُصْعَد بِهِ، ويُنْحَدَرَ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ سببٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلّا سَبَبي ونَسَبي
؛ النَّسَبُ بالولادةِ، والسَّبَبُ بِالزَّوَاجِ، وَهُوَ مِنَ السَّبَبِ، وَهُوَ الحَبْل الَّذِي يُتَوَصَّل بِهِ إِلى الماءِ، ثُمَّ اسْتُعِير لِكُلِّ مَا يُتوصَّل بِهِ إِلى شيءٍ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ
، أَي الوُصَل والمَوَدَّاتُ. وَفِي حَدِيثِ
عُقْبَة، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وإِن كَانَ رزْقُه فِي الأَسباب
، أَي فِي طُرُقِ السماءِ وأَبوابها. وَفِي حَدِيثِ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه رأَى فِي المنامِ كأَنَّ سَبباً دُلِّيَ مِنَ السماءِ
، أَي حَبْلًا. وَقِيلَ: لَا يُسَمَّى الحبلُ سَبَبًا حَتَّى يكونَ طَرَفُه مُعَلَّقاً بالسَّقْفِ أَو نحوِه. والسببُ، مِنْ مُقَطَّعات الشِّعْرِ: حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ وحرفٌ ساكنٌ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْن: سَبَبانِ مَقرونانِ، وسَببانِ مَفْروقان؛ فالمقْرونانِ مَا توالَتْ فِيهِ ثلاثُ حَرَكاتٍ بعدَها ساكِنٌ، نَحْوَ مُتَفَا مِنْ مُتَفاعِلُنْ، وعَلَتُنْ مِنْ مُفاعَلَتُن، فَحَرَكَةُ التَّاءِ مِنْ مُتَفا، قَدْ قَرَنَت السَّبَبَين، وَكَذَلِكَ حركةُ اللامِ مِنْ عَلَتُنْ، قَدْ قَرَنَتِ السَّبَبَيْنِ أَيضاً؛ والمَفْرُوقان هُمَا اللذانِ يقومُ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا بنفسِه أَي يكونُ حرفٌ متحركٌ وحرفٌ ساكنٌ، ويَتْلُوه حرفٌ مُتَحَرِّكٌ، نَحْوَ مُسْتَفْ، مِنْ مُسْتَفْعِلُنْ؛ وَنَحْوَ عِيلُنْ، مِن مَفاعِيلُنْ، وَهَذِهِ الأَسبابُ هِيَ الَّتِي يَقَع فِيهَا الزِّحافُ عَلَى مَا قَدْ أَحْكَمَته صِناعةُ العَروض، وَذَلِكَ لأَن الجُزْءَ غيرُ مُعْتَمِدٍ عَلَيْهَا؛ وَقَوْلُهُ:
جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بِالسَّبَبْ
يَجُوزُ أَن يكونَ الحَبْلَ، وأَن يكونَ الخَيْطَ؛ قَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: هَذِهِ امرأَةٌ قَدَّرَتْ عَجِيزَتَها بخَيْطٍ، وَهُوَ السَّبَبُ، ثُمَّ أَلْقَتْه إِلى النساءِ لِيَفْعَلْنَ كَمَا فَعَلَتْ، فَغَلَبَتْهُنّ. وقَطَعَ اللَّهُ بِهِ السببَ أَي الحَياة. والسَّبِيبُ مِنَ الفَرَس: شَعَر الذَّنَبِ، والعُرْفِ، والنَّاصِيَةِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: السبِيبُ شَعَر الناصِيةِ، والعُرْفِ، والذَّنَبِ؛ وَلَمْ يَذْكُر الفَرَس. وَقَالَ الرياشِيُّ: هُوَ شَعْرُ الذَّنَب، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ شَعَر الناصِية؛ وأَنشد:
بِوافي السَّبِيبِ، طَوِيلِ الذَّنَبْ
والسَّبِيبُ والسَّبِيبَةُ: الخُصْلة مِنَ الشَّعَر. وَفِي حديثِ
استسْقاءِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رأَيتُ العباسَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ طالَ عُمَرَ، وعَيْناه تَنْضَمَّان، وسَبائِبُهُ تَجُولُ عَلَى صَدْرِه
؛ يَعْنِي ذَوائِبَهُ، واحدُها سَبِيبٌ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي كِتَابِ الهَرَوِيّ، عَلَى اختلافِ نُسَخِهِ: وَقَدْ طالَ عُمْرُه، وإِنما هُوَ طَالَ عُمَرَ، أَي كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ لأَنَّ عُمَرَ لمَّا استَسْقَى أَخَذَ الْعَبَّاسَ إِليه، وَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوسَّل إِليك بعَمِّ نَبِيِّكَ
، وَكَانَ إِلى جانِبِه، فرآهُ الرَّاوِي وَقَدْ طالَه أَي كَانَ أَطولَ مِنْهُ. والسَّبِيبة: العِضاهُ، تَكْثُرُ في المكانِ.
سبسب: السَّباسِبُ والسَّبْسَبُ: شجرٌ يُتَّخَذُ مِنْهُ السهامُ؛ قالَ يَصِفُ قانِصاً:
ظَلّ يُصادِيها، دُوَيْنَ المَشْرَبِ، ... لاطٍ بصَفْراءَ، كَتُومِ المَذْهَبِ،
وكلِّ جَشْءٍ مِنْ فُروعِ السَّبْسَبِ(1/459)
أَرادَ لاطِئاً، فأَبدَل مِنَ الهمزِ يَاءً، وجَعَلَها مِنْ بابِ قاضٍ، للضَّرورة. وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
راحتْ، وراحَ كعصَا السَّبْسابِ
يُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ السَّبْسابُ فِيهِ لُغَةً فِي السَّبْسَبِ، وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَراد السَّبْسَب، فَزَادَ الأَلف لِلْقَافِيَّةِ، كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
أَعوذ باللهِ مِنَ العَقْرابِ، ... الشائِلاتِ عُقَدَ الأَذْنابِ
قَالَ: الشائِلاتِ، فوصَفَ بِهِ العَقْرَبَ، وَهُوَ واحدٌ لأَنه عَلَى الجنْسِ. وسَبْسَبَ بَوْلَه: أَرْسَلَه. والسَّبْسَبُ: المَفازَة. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: فبَيْنا أَنا أَجُولُ سَبْسَبَها
؛ السَّبْسَبُ: القَفْرُ والمَفازة. قَالَ ابنُ الأَثير: ويُرْوَى بَسْبَسَها، قَالَ: وهُما بِمَعْنًى. والسَّبْسَبُ: الأَرضُ المُسْتَوِية الْبَعِيدَةُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: السَّبْسَب الأَرض القَفْرُ الْبَعِيدَةُ، مُسْتَوِيَةً وغيرَ مستويةٍ، وغَليظة وغيرَ غليظةٍ، لَا ماءَ بِهَا وَلَا أَنِيسَ. أَبو عُبَيْدٍ: السَّباسِبُ والبَسابِسُ القِفارُ، واحِدُها سَبْسَبٌ وبَسْبَسٌ، وَمِنْهُ قِيلَ للأَباطيل: التُّرَّهات البَسابِسُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: بلدٌ سَبْسَبٌ وبَلَد سَباسِبُ، كأَنهم جَعَلوا كلَّ جُزْءٍ منهُ سَبْسَباً، ثُمَّ جَمَعُوه عَلَى هَذَا. وَقَالَ أَبو خَيْرة: السَّبْسَبُ الأَرْضُ الجَدْبة. أَبو عَمْرٍو: سَبْسَبَ إِذا سَارَ سَيْراً ليِّناً. وسَبْسَبَ إِذا قَطَعَ رَحِمَه، وسَبْسَبَ إِذا شَتَم شَتْماً قَبِيحًا. والسَّباسِبُ: أَيامُ السَّعانينِ، أَنْبأَ بِذَلِكَ أَبو العَلاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ تعالى أَبْدَلَكُمْ بيومِ السَّباسِب، يومَ العيدِ.
يومُ السَّباسِبِ: عيدٌ للنصارَى، ويسمُّونَه يومَ السَّعانِينِ؛ وأَما قَوْلُ النَّابِغَةِ:
رِقاقُ النِّعالِ، طَيِّبٌ حُجُزاتُهُمْ، ... يُحَيّونَ بالرَّيْحان، يومَ السَّباسِبِ
فإِنما يَعْني عِيداً لَهم. والسَّيْسَبانُ والسَّيْسَبَى، الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ: شجرٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّيْسَبانُ شجرٌ يَنْبُتُ مِنْ حَبَّة ويَطولُ وَلَا يَبْقَى عَلَى الشتاءِ، لَهُ ورقٌ نَحْوَ وَرَقِ الدِّفْلَى، حَسَنٌ، والناسُ يَزْرَعُونَه فِي البَساتِينِ، يُرِيدُونَ حُسْنَه، وَلَهُ ثمرٌ نَحْوَ خَرائط السِّمْسِم إِلَّا أَنها أَدَقّ. وَذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ فِي الأَبْنِيَة، وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ يصفُ أَنه إِذا جَفَّتْ خَرائِطُ ثَمَرِه خَشْخَشَ كالعِشْرِق؛ قَالَ:
كأَنَّ صَوْتَ رَأْلِها، إِذا جَفَلْ، ... ضَرْبُ الرِّياحِ سَيْسباناً قَدْ ذَبَلْ
قَالَ: وَحَكَى الْفَرَّاءُ فِيهِ سَيْسَبَى، يذكَّر ويؤَنث، وَيُؤْتَى بِهِ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ، وَرُبَّمَا قَالُوا: السَّيْسَبُ؛ وَقَالَ:
طَلْق وعِتْق مثلُ عُودِ السَّيْسَبِ
وأَما أَحمد بْنَ يَحْيَى فَقَالَ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:
وَقَدْ أُناغي الرَّشَأَ المُرَبَّبا، ... خَوْداً ضِنَاكاً، لَا تَمُدُّ العُقَبا
يَهْتَزُّ مَتْناها، إِذا مَا اضْطَرَبَا، ... كهَزِّ نَشْوانٍ قَضِيبَ السَّيْسَبَى
إِنما أَراد السَّيْسَبانَ، فحَذف لِلضَّرُورَةِ.(1/460)
سحب: السَّحْبُ: جَرُّكَ الشيءَ عَلَى وَجْهِ الأَرض، كَالثَّوْبِ وَغَيْرِهِ. سَحَبَه يَسْحَبُه سَحْباً، فانْسَحَبَ: جَرَّه فانْجَرَّ. والمرأَةُ تَسْحَبُ ذَيْلَها. والريحُ تَسْحَبُ التُّراب. والسَّحابةُ: الغَيْمُ. والسحابةُ: الَّتِي يَكُونُ عَنْهَا الْمَطَرُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لانْسِحابِها فِي الهواءِ، وَالْجَمْعُ سَحائبُ وسَحابٌ وسُحُبٌ؛ وخَلِيقٌ أَن يكونَ سُحُبٌ جمعَ سَحابٍ الَّذِي هُوَ جمعُ سَحابةٍ، فيكونَ جمعَ جمعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كانَ اسمُ عِمامَتِه السَّحابَ
، سُمِّيَتْ بِهِ تَشْبِيهًا بسَحابِ الْمَطَرِ، لانْسِحابِه فِي الهواءِ. وَمَا زِلْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ سَحابةَ يَومِي أَي طُولَه؛ قَالَ:
عَشِيَّةَ سَالَ المِرْبَدانِ كِلاهُما، ... سَحابةَ يَومٍ، بالسُّيوفِ الصَّوارِمِ
وتسَحَّب عَلَيْهِ أَي أَدَلَّ. الأَزهري: فلانٌ يَتَسَحَّبُ عَلَيْنَا أَي يَتَدَلَّلُ؛ وَكَذَلِكَ يَتَدَكَّلُ ويَتَدَعَّبُ. وَفِي حَدِيثِ
سعيدٍ وأَرْوَى: فَقَامَتْ فتسَحَّبَتْ فِي حَقِّه
، أَي اغْتَصَبَتْه وأَضافَتْه إِلى حَقِّها وأَرْضِها. والسَّحْبةُ: فَضْلَةُ ماءٍ تَبْقَى فِي الغَدِير؛ يُقَالُ: مَا بَقِيَ فِي الغَديرِ إِلّا سُحَيْبةٌ مِنْ ماءٍ أَي مُوَيْهَةٌ قليلةٌ. والسَّحْبُ: شدَّة الأَكْلِ والشُّرْبِ. ورجلٌ أُسْحُوبٌ أَي أَكُولٌ شَرُوبٌ؛ قَالَ الأَزهري: الَّذِي عَرَفْناه وحَصَّلْناه: رَجُلٌ أُسْحُوتٌ، بالتَّاء، إِذا كَانَ أَكُولًا شَرُوباً، ولَعَلَّ الأُسْحُوبَ، بالبَاءِ، بِهَذَا الْمَعْنِيِّ، جائزٌ. ورجلٌ سَحْبانُ أَي جُرَافٌ، يَجْرُف كُلَّ مَا مَرَّ بِهِ؛ وَبِهِ سُمِّيَ سَحْبانُ. وسَحْبانُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ وائِلٍ، كَانَ لَسِناً بَلِيغاً، يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي البَيانِ والفَصَاحةِ، فَيُقَالُ: أَفْصَحُ مِنْ سَحْبانِ وائِلٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، وَمِنَ شِعْرِ سَحْبانَ قَوْلُهُ:
لَقَدْ عَلِمَ الحَيُّ اليَمَانونَ أَنَّنِي ... إِذا قُلْتُ: أَمَّا بعدُ، أَنِّي خَطِيبُها
وسَحابَةُ: اسمُ امْرَأَةٍ؛ قَالَ:
أَيا سَحابُ بَشِّري بِخَيْرِ
سحتب: السَّحْتَبُ: الجَريءُ الْمَاضِي.
سخب: السِّخابُ: قِلادَةٌ تُتَّخَذُ مِنْ قَرَنْفُلٍ، وسُكٍّ، ومَحْلَبٍ، لَيْسَ فِيهَا مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَالْجَوْهَرِ شيءٌ، والجمعُ سُخُبٌ. الأَزهري: السِّخابُ: عِنْدَ الْعَرَبِ: كُلُّ قِلادَةٍ كَانَتْ ذاتَ جَوْهَرٍ، أَو لَمْ تَكُنْ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ويومُ السِّخَابِ، مِنْ تَعاجِيبِ رَبِّنا، ... عَلى أَنَّه، مِنْ بَلْدَة السُّوءِ، نَجَّانِي
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَضَّ النساءَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَت المَرْأَةُ تُلْقِي الخُرْصَ والسِّخَابَ
، يَعْنِي القِلادَةَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ خَيْطٌ يُنْظَمُ فِيهِ خَرَزٌ، وتُلْبَسُه الصِّبْيانُ والجَواري؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا بُدِئَ بِتَفْسِيرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
فاطمَة: فَأَلْبَسَتْهُ سِخَاباً
، يَعْنِي ابْنَها الحُسَيْنَ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
أَنَّ قَوْماً فَقَدوا سِخَابَ فَتَاتهِمْ، فاتَّهَمُوا بِهِ امْرَأَةً.
وَفِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الْمُنَافِقِينَ:
خُشُبٌ بالليلِ سُخُبٌ بِالنَّهَارِ
؛ يَقُولُ: إِذا جنَّ عليهمُ الليلُ سَقَطُوا(1/461)
نِياماً كأَنهم خُشُبٌ، فإِذا أَصْبَحُوا تَسَاخَبُوا عَلَى الدُّنيا شُحّاً وحِرْصاً. والسَّخَب والصَّخَب بِمَعْنَى الصِّيَاحِ، والصادُ والسينُ يجوزُ فِي كُلِّ كَلِمَة فِيهَا خاءٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: فكأَنهم صِبْيانٌ يَمْرُثونَ سُخُبَهُم
؛ هُوَ جمعُ سِخَاب: الخَيْطُ الَّذِي نُظِمَ فِيهِ الخَرَزُ. والسَّخَبُ لُغَةٌ في الصَّخَبِ، مضارعة.
سرب: السَّرْبُ: المالُ الرَّاعي؛ أَعْني بِالْمَالِ الإِبِلَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: السَّرْبُ الماشيَةُ كُلُّها، وجمعُ كلِّ ذَلِكَ سُروبٌ. تَقُولُ: سَرِّبْ عليَّ الإِبِلَ أَي أَرْسِلْهَا قِطْعَةً قِطْعَة. وسَرَب يَسْرُب سُرُوباً: خَرَجَ. وسَرَبَ فِي الأَرضِ يَسْرُبُ سُرُوباً: ذَهَبَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ
؛ أَي ظاهرٌ بالنهارِ فِي سِرْبِه. وَيُقَالُ: خَلِّ سِرْبَه أَي طَرِيقَه، فَالْمَعْنَى: الظاهرُ في الطُّرُقاتِ، والمُسْتَخْفِي في الظُّلُماتِ، والجاهرُ بنُطْقِه، والمُضْمِرُ فِي نفسِه، عِلْمُ اللهِ فِيهِمْ سواءٌ. ورُوي عَنِ الأَخفش أَنه قَالَ: مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ أَي ظاهرٌ، والساربُ المُتواري. وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الْمُسْتَخْفِي المُسْتَتِر؛ قَالَ: والساربُ الظاهرُ والخَفيُّ، عِنْدَهُ واحدٌ. وَقَالَ قُطْرب: سارِبٌ بِالنَّهَارِ مُسْتَتِرٌ. يُقَالُ انْسَرَبَ الوحشيُّ إِذا دَخَلَ فِي كِناسِه. قَالَ الأَزهري: تَقُولُ الْعَرَبُ: سَرَبَتِ الإِبلُ تَسْرُبُ، وسَرَبَ الْفَحْلُ سُروباً أَي مَضَتْ فِي الأَرضِ ظَاهِرَةً حيثُ شاءَتْ. والسارِبُ: الذاهبُ عَلَى وجهِه فِي الأَرض؛ قَالَ قَيْس بْنُ الخَطيم:
أَنَّى سرَبْتِ، وكنتِ غيرَ سَرُوبِ، ... وتَقَرُّبُ الأَحلامِ غيرُ قَرِيبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، رَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ: سَرَبْتِ، بباءٍ مُوَحَّدَةٍ، لِقَوْلِهِ: وكنتِ غيرَ سَروب. وَمَنْ رَوَاهُ: سَرَيْت، بِالْيَاءِ بِاثْنَتَيْنِ، فَمَعْنَاهُ كَيْفَ سَرَيْت لَيْلًا، وأَنتِ لَا تَسرُبِينَ نَهاراً. وسَرَبَ الفحْلُ يَسْرُبُ سُروباً، فَهُوَ ساربٌ إِذا توجَّه للمَرْعَى؛ قَالَ الأَخْنَسُ بْنُ شِهَابٍ التَّغْلبي:
وكلُّ أُناسٍ قارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ، ... ونحنُ خَلَعْنا قَيْدَه، فَهُوَ سارِبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الأَصْمعي: هَذَا مَثَلٌ يريدُ أَن الناسَ أَقاموا فِي موضِعٍ واحدٍ، لَا يَجْتَرِئون عَلَى النُّقْلة إِلى غَيْرِهِ، وقارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهم أَي حَبَسُوا فَحْلَهم عَنْ أَن يتقدَّم فتَتْبَعه إِبلُهم، خَوْفًا أَن يُغَارَ عَلَيْهَا؛ وَنَحْنُ أَعِزَّاءُ نَقْتَري الأَرضَ، نَذْهَبُ فِيهَا حَيْثُ شِئْنا، فَنَحْنُ قَدْ خَلَعْنا قيدَ فَحْلِنا ليَذْهَب حَيْثُ شَاءَ، فحيثُما نَزَع إِلى غَيْثٍ تَبِعْناه. وظَبْية سارِبٌ: ذَاهِبَةٌ فِي مَرْعاها؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ عُقابٍ:
فخاتَتْ غَزالًا جاثِماً، بَصُرَتْ بِهِ، ... لَدَى سَلَماتٍ، عِنْدَ أَدْماءَ سارِبِ
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: سالِبِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَرَبَ فِي حَاجَتِهِ: مضَى فِيهَا نَهَارًا، وعَمَّ بِهِ أَبو عُبَيْدٍ: وإِنه لقَرِيبُ السُّرْبةِ أَي قريبُ الْمَذْهَبِ يُسرِعُ فِي حَاجَتِهِ، حَكَاهُ ثَعْلَبٌ. وَيُقَالُ أَيضاً: بعيدُ السُّرْبة أَي بعيدُ المَذْهَبِ فِي الأَرض؛ قَالَ الشَّنْفَرى، وَهُوَ ابْنِ أُخْت تأَبَّط شَرّاً:(1/462)
خرَجْنا مِنَ الْوَادِي الَّذِي بينَ مِشْعَلٍ، ... وبينَ الجَبَا، هَيْهاتَ أَنْسَأْتُ سُرْبَتي «3»
أَي مَا أَبْعَدَ الموضعَ الَّذِي مِنْهُ ابتَدَأْت مَسِيري ابْنُ الأَعرابي: السَّرْبة السَّفَرُ القريبُ، والسُّبْأَةُ: السَّفَرُ البَعيد. والسَّرِبُ: الذاهِبُ الْمَاضِي، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والانْسِرابُ: الدُّخُولُ فِي السَّرَب. وَفِي الْحَدِيثِ
مَنْ أَصْبَحَ آمِناً في سَرْبِه
، بِالْفَتْحِ، أَي مَذْهَبِه. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السِّرْب النَّفْسُ، بِكَسْرِ السِّينِ. وَكَانَ الأَخفش يَقُولُ: أَصْبَح فلانٌ آمِناً فِي سَرْبِه، بِالْفَتْحِ، أَي مَذْهَبِه ووجهِه. والثِّقاتُ مِنْ أَهل اللُّغَةِ قَالُوا: أَصْبَح آمِناً فِي سِرْبِه أَي فِي نَفْسِه؛ وَفُلَانٌ آمِن السَّرْبِ: لَا يُغْزَى مالُه ونَعَمُه، لعِزِّه؛ وَفُلَانٌ آمِنٌ فِي سِرْبِه، بِالْكَسْرِ، أَي فِي نَفْسِه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا قَوْلُ جماعةٍ مِنْ أَهل اللُّغَةِ، وأَنكر ابنُ دَرَسْتَوَيْه قولَ مَنْ قَالَ: فِي نَفْسِه؛ قَالَ: وإِنما الْمَعْنَى آمِنٌ فِي أَهلِه ومالِه وولدِه؛ وَلَوْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِه وَحْدَها دُونَ أَهله ومالِه وولدِه، لَمْ يُقَلْ: هُوَ آمِنٌ فِي سِرْبِه؛ وإِنما السِّرْبُ هاهنا مَا للرجُل مِنْ أَهلٍ ومالٍ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ قَطِيعُ البَقَرِ، والظِّباءِ، والقَطَا، والنساءِ سِرْباً. وَكَانَ الأَصلُ فِي ذَلِكَ أَن يَكُونَ الراعِي آمِناً فِي سِرْبِه، والفحلُ آمِنًا فِي سِرْبِه، ثُمَّ استُعْمِلَ فِي غَيْرِ الرُّعاةِ، استعارةً فِيمَا شُبِّهَ بِهِ، وَلِذَلِكَ كُسرت السِّينُ، وَقِيلَ: هُوَ آمِنٌ فِي سِرْبِه أَي فِي قومِه. والسِّرْبُ هُنَا: القَلْبُ. يُقَالُ: فلانٌ آمِنُ السِّرْبِ أَي آمِنُ القَلْبِ، وَالْجَمْعُ سِرابٌ، عَنِ الهَجَري؛ وأَنشد:
إِذا أَصْبَحْتُ بينَ بَني سُلَيمٍ، ... وبينَ هَوازِنٍ، أَمِنَتْ سِرابي
والسِّرْب، بِالْكَسْرِ: القَطِيعُ مِنَ النساءِ، والطَّيرِ، والظِّباءِ، والبَقَرِ، والحُمُرِ، والشاءِ، واستعارَه شاعِرٌ مِنَ الجِنِّ، زَعَمُوا، للعظاءِ فَقَالَ، أَنشده ثَعْلَبٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
رَكِبْتُ المَطايا كُلَّهُنَّ، فَلَمْ أَجِدْ ... أَلَذَّ وأَشْهَى مِن جِناد الثَّعالِبِ
وَمِنْ عَضْرَفُوطٍ، حَطَّ بِي فَزَجَرْتُه، ... يُبادِرُ سِرْباً مِنْ عَظاءٍ قَوارِبِ
الأَصمعي، السِّرْبُ والسُّرْبةُ مِنَ القَطَا، والظِّباءِ والشاءِ: القَطيعُ. يُقَالُ: مَرَّ بِي سِرْبٌ مِنْ قَطاً وظِباءٍ ووَحْشٍ ونِساءٍ، أَي قَطِيعٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَيُقَالُ للجماعةِ مِنَ النخلِ: السِّرْبُ، فِيمَا ذَكَرَ بعضُ الرُّواةِ. قَالَ أَبو الحَسَنِ: وأَنا أَظُنُّه عَلَى التَّشبِيه، والجمعُ مِنْ كلِّ ذَلِكَ أَسْرابٌ؛ والسُّرْبةُ مِثلُه. ابْنُ الأَعرابي: السُّرْبةُ جَمَاعَةٌ يَنْسَلُّونَ مِنَ العَسْكَرِ، فيُغيرون ويَرْجعُون. والسُّرْبة: الْجَمَاعَةُ مِنَ الخيلِ، مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلى الثلاثينَ؛ وَقِيلَ: مَا بَيْنَ العشرةِ إِلى العشرينَ؛ تَقُولُ: مَرَّ بِي سُرْبة، بِالضَّمِّ، أَي قِطْعة مِنْ قَطاً، وخَيْلٍ، وحُمُرٍ، وظِباءٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة يَصِفُ مَاءً:
سِوَى مَا أَصابَ الذِّئْبُ مِنْهُ، وسُرْبةٍ ... أَطافَتْ بِهِ مِنْ أُمَّهاتِ الجَوازِلِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كأَنهم سِرْبٌ ظِباءٍ
؛ السِّرْبُ،
__________
(3) . قوله [وبين الجبا] أورده الجوهري وبين الحشا بالحاء المهملة والشين المعجمة وقال الصاغاني الرواية وبين الجبا بالجيم والباء وهو موضع.(1/463)
بالكسرِ، والسُّرْبة: القَطِيعُ مِنَ الظِّباءِ وَمِنَ النِّساءِ عَلَى التَّشْبيه بالظِّباء. وَقِيلَ: السُّرْبةُ الطَّائِفَةُ مِنَ السِّرْبِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهَا: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُسَرِّبُهُنَّ إِليَّ، فيَلْعَبْنَ مَعِي
أَي يُرْسلُهُنَّ إِليَّ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عليٍّ: إِني لأُسَرِّبُه عَلَيْهِ
أَي أُرْسِلُه قِطْعةً قِطْعةً. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: فإِذا قَصَّرَ السَّهْمُ قَالَ: سَرِّبْ شَيْئًا
أَي أَرْسِلْه؛ يُقَالُ: سَرَّبْتُ إِليه الشيءَ إِذا أَرْسَلْتَه وَاحِدًا وَاحِدًا؛ وَقِيلَ: سِرْباً سِرباً، وَهُوَ الأَشْبَه. وَيُقَالُ: سَرَّبَ عَلَيْهِ الخيلَ، وَهُوَ أَن يَبْعَثَها عَلَيْهِ سُرْبةً بعدَ سُربةٍ. الأَصمعي: سَرِّبْ عليَّ الإِبلَ أَي أَرْسِلْها قِطْعةً قِطْعةً. والسَّرْبُ: الطريقُ. وخَلِّ سَرْبَه، بِالْفَتْحِ، أَي طريقَه ووجهَه؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: خَلِّ سِرْبَ الرجلِ، بالكسرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
خَلَّى لَها سِرْبَ أُولاها، وهَيَّجَها، ... مِنْ خَلْفِها، لاحِقُ الصُّقْلَينِ، هِمْهِيمُ
قَالَ شِمْرٌ: أَكثر الرِّوَايَةِ: خَلَّى لَها سَرْبَ أُولاها، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَكَذَا سَمِعْتُ العربَ تَقُولُ: خلِّ سَرْبَه أَي طَريقَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إِذا ماتَ المؤمنُ يُخَلَّى لَهُ سَرْبُه، يَسْرَحُ حيثُ شاءَ
أَي طريقُه ومذهبُه الَّذِي يَمُرُّ بِهِ. وإِنه لواسعُ السِّرْبِ أَي الصَّدْرِ، والرأْي، والهَوَى، وَقِيلَ: هُوَ الرَّخِيُّ البال، وَقِيلَ: هُوَ الواسعُ الصَّدْرِ، البَطِيءُ الغَضَب؛ ويُروى بِالْفَتْحِ، واسعُ السَّرْبِ، وَهُوَ المَسْلَك والطريقُ. والسَّرْبُ، بِالْفَتْحِ: المالُ الرَّاعِي؛ وَقِيلَ: الإِبل وَمَا رَعَى مِنَ المالِ. يُقَالُ: أُغِيرَ عَلَى سَرْبِ القومِ؛ وَمِنْهُ قولُهم: اذْهَب فَلَا أَنْدَهُ سَرْبَكَ أَي لَا أَرُدُّ إِبلكَ حَتَّى تَذْهَب حيثُ شاءَت، أَي لَا حَاجَةَ لِي فِيكَ. وَيَقُولُونَ للمرأَة عِنْدَ الطلاقِ: اذْهَبي فَلَا أَنْدَهُ سَرْبَكِ، فتَطْلُق بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ. وَفِي الصِّحَاحِ: وَكَانُوا فِي الجاهليةِ يَقُولُونَ فِي الطَّلاقِ، فَقَيَّده بالجاهليةِ. وأَصْلُ النَّدْهِ: الزَّجْرُ. الفراءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً
؛ قَالَ: كَانَ الحُوت مَالِحًا، فَلَمَّا حَيِيَ بالماءِ الَّذِي أَصابَه مِنَ العَينِ فوقَع فِي البحرِ، جَمَد مَذْهَبُه فِي البحرِ، فَكَانَ كالسَّرَبِ، وَقَالَ أَبو إِسحاق: كَانَتْ سَمَكَةً مَمْلُوحَةً، وَكَانَتْ آيَةً لِمُوسَى فِي الموضعِ الَّذِي يَلْقَى الخَضِرَ، فَاتَّخَذَ سبيلَه فِي الْبَحْرِ سَرَباً؛ أَحْيا اللَّهُ السَّمَكَةَ حَتَّى سَرَبَتْ في البحر. قال: وسَرَباً
منصوبٌ عَلَى جهتَين: عَلَى المفعولِ، كَقَوْلِكَ اتخذْتُ طريقِي فِي السَّرَب، واتخذتُ طَرِيقِي مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، فَيَكُونُ مَفْعُولًا ثَانِيًا، كَقَوْلِكَ اتَّخَذْتُ زَيْدًا وَكَيْلًا؛ قَالَ وَيَجُوزُ أَن يكونَ سَرَباً
مَصْدَرًا يَدُلُّ عَلَيْهِ اتَّخَذَ سبيلَه فِي الْبَحْرِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: نَسِيَا حُوتَهما، فجَعَل الحوتُ طريقَه فِي الْبَحْرِ؛ ثُمَّ بَيَّن كَيْفَ ذَلِكَ، فكأَنه قَالَ: سَرِبَ الحوتُ سَرَباً؛ وَقَالَ المُعْتَرِض الظَّفَرِي فِي السَّرَب، وجعله طريقاً:
تَرَكْنا الضَّبْع سارِبةً إِليهم، ... تَنُوبُ اللحمَ فِي سَرَبِ المَخِيمِ
قِيلَ: تَنُوبُه تأْتيه. والسَّرَب: الطريقُ. وَالْمُخَيَّمُ: اسْمُ وادٍ؛ وَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْآيَةِ: فَاتَّخَذَ سبيلَه فِي الْبَحْرِ سَرَباً، أَي سَبِيلَ الْحُوتِ طَرِيقًا لنفسِه، لَا يَحِيدُ عَنْهُ. الْمَعْنَى: اتَّخَذَ الحوتُ سبيلَه الَّذِي سَلَكَه طَرِيقًا طَرَقَه. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: اتَّخَذَ طريقَه فِي الْبَحْرِ(1/464)
سَرباً، قَالَ: أَظُنُّه يُرِيدُ ذَهاباً كسَرِب سَرَباً، كَقَوْلِكَ يَذهَب ذَهاباً. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
الْخَضِرِ وَمُوسَى، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَباً
؛ السَّرَب، بِالتَّحْرِيكِ: المَسْلَك فِي خُفْيةٍ. والسُّرْبة: الصَّفُّ مِنَ الكَرْمِ. وكلُّ طريقةٍ سُرْبةٌ. والسُّرْبة، والمَسْرَبةُ، والمَسْرُبة، بِضَمِّ الراءِ، الشَّعَر المُسْتدَقُّ، النابِت وَسَطَ الصَّدْرِ إِلى البطنِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: الشَّعَر المُسْتَدِقُّ، الَّذِي يأْخذ مِنَ الصدرِ إِلى السُّرَّة. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَتِ المَسْرُبة عَلَى الْمَكَانِ وَلَا المصدرِ، وإِنما هِيَ اسْمٌ للشَّعَر؛ قَالَ الْحَرْثِ بنُ وَعْلة الذُّهْلي:
أَلآنَ لمَّا ابْيَضَّ مَسْرُبَتي، ... وعَضَضْتُ، مِنْ نَابِي، عَلَى جِذْمِ
وحَلَبْتُ هَذَا الدَّهْرَ أَشْطُرَه، ... وأَتَيْتُ مَا آتِي عَلَى عِلْمِ
تَرْجُو الأَعادي أَن أَلينَ لَهَا، ... هَذَا تَخَيُّلُ صاحبِ الحُلْمِ
قَوْلُهُ:
وعَضَضْتُ، مِنْ نَابِي، عَلى جِذْمِ
أَي كَبِرْتُ حَتَّى أَكَلْت عَلَى جِذْم نَابِي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الشِّعْرُ ظنَّه قوم للحرث بْنِ وَعْلة الجَرْمي، وَهُوَ غَلَطٌ، وإِنما هُوَ للذُّهلي، كَمَا ذَكَرْنَا. والمَسْرَبة، بِالْفَتْحِ: وَاحِدَةُ المَسارِبِ، وَهِيَ المَراعِي. ومَسارِبُ الدوابِّ: مَراقُّ بُطونِها. أَبو عُبَيْدٍ: مَسْرَبَة كلِّ دابَّةٍ أَعالِيهِ مِنْ لَدُن عُنُقِه إِلى عَجْبِه، ومَراقُّها فِي بُطونِها وأَرْفاغِها؛ وأَنشد:
جَلال، أَبوهُ عَمُّه، وَهُوَ خالُه، ... مَسارِبُهُ حُوٌّ، وأَقرابُه زُهْرُ
قَالَ: أَقْرابُه مَراقُّ بُطُونه. وَفِي حَدِيثِ
صفةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ دَقِيقَ المَسْرُبَة
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
كانَ ذَا مَسْرُبَة.
وفلانٌ مُنْساحُ السِّرْبِ: يُريدون شَعر صَدْرِه. وَفِي حَدِيثِ الاسْتِنْجاءِ بالحِجارة:
يَمْسَحُ صَفْحَتَيْهِ بحَجَرَيْن، ويَمْسَحُ بالثَّالِثِ المَسْرُبة
؛ يريدُ أَعْلى الحَلْقَة، هُوَ بِفَتْحِ الراءِ وضمِّها، مَجْرَى الحَدَث مِنَ الدُّبُر، وكأَنها مِنَ السِّرْب المَسْلَك. وَفِي بَعْضِ الأَخبار:
دَخَل مَسْرُبَتَه
؛ هِيَ مثلُ الصُّفَّة بَيْنَ يَدَي الغُرْفَةِ، ولَيْسَتْ الَّتِي بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، فإِنَّ تِلك الغُرْفَةُ. والسَّرابُ: الآلُ؛ وَقِيلَ: السَّرابُ الَّذِي يكونُ نِصفَ النهارِ لاطِئاً بالأَرضِ، لَاصِقًا بِهَا، كأَنه ماءٌ جارٍ. والآلُ: الَّذِي يكونُ بالضُّحَى، يَرفَعُ الشُّخُوصَ ويَزْهَاهَا، كالمَلا، بينَ السماءِ والأَرض. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: السَّرابُ الَّذِي يَجْرِي عَلَى وجهِ الأَرض كأَنه الماءُ، وَهُوَ يكونُ نصفَ النهارِ. الأَصمعي: الآلُ والسَّرابُ واحِدٌ، وخالَفه غيرُه، فَقَالَ: الآلُ مِنَ الضُّحَى إِلى زوالِ الشمسِ؛ والسَّرَابُ بعدَ الزوالِ إِلى صَلَاةِ الْعَصْرِ؛ واحْتَجُّوا بإِنَّ الْآلَ يرفعُ كلَّ شيءٍ حَتَّى يصِير آلًا أَي شَخْصاً، وأَنَّ السَّرابَ يَخْفِضُ كلَّ شيءٍ حَتَّى يَصِيرَ لازِقاً بالأَرض،، لَا شَخْصَ لَهُ. وَقَالَ يُونُسُ: تَقُولُ الْعَرَبُ: الآلُ مِنْ غُدوة إِلى ارْتفاع الضُّحَى الأَعْلى، ثُمَّ هُوَ سرابٌ سائرَ اليومِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الآلُ الَّذِي يَرْفَع الشُّخوصَ، وَهُوَ يَكُونُ بالضُّحَى؛ والسرابُ الَّذِي يَجْري عَلَى وجهِ الأَرض، كأَنه الماءُ، وَهُوَ نصفُ النهارِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ الَّذِي رأَيتُ الْعَرَبَ بِالْبَادِيَةِ يَقُولُونَهُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: سُمِّيَ السَّرابُ سَراباً، لأَنَّه يَسْرُبُ سُروباً أَي يَجْري جَرْياً؛(1/465)
يُقَالُ: سَرَب الماءُ يَسْرُب سُروباً. والسَّريبة: الشَّاةُ الَّتِي تُصْدِرُهَا، إِذا رَوِيَت الغَنَم، فتَتْبَعُها. والسَّرَبُ: حَفِير تحتَ الأَرض؛ وَقِيلَ: بَيْتٌ تحتَ الأَرضِ؛ وَقَدْ سَرَّبْتُه. وتَسْريبُ الحَافِرِ: أَخْذُه فِي الحَفْرِ يَمْنَة ويَسْرَة. الأَصمعي: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا حَفر: قَدْ سَرَب أَي أَخذ يَمِينًا وَشِمَالًا. والسَّرَب: جُحْر الثَّعْلَبِ، والأَسَد، والضَّبُعِ، والذِّئْبِ. والسَّرَب: الموضعُ الَّذِي قَدْ حَلَّ فِيهِ الوحشِي، وَالْجَمْعُ أَسْرابٌ. وانْسَرَب الوَحْشِي فِي سَرَبه، وَالثَّعْلَبُ فِي جُحْرِه، وتَسَرَّبَ: دَخَلَ. ومَسارِب الحَيَّاتِ: مَواضِعُ آثَارِهَا إِذا انْسابَتْ فِي الأَرض عَلَى بُطُونِها. والسَّرَبُ: القَناةُ الجَوْفاءُ الَّتِي يَدْخُلُ مِنْهَا الماءُ الحائِطَ. والسَّرَب، بِالتَّحْرِيكِ: الماءُ السائِلُ. ومِنهم مَن خَصَّ فَقَالَ: السائِلُ مِنَ المَزادَة وَنَحْوِهَا. سَرِبَ سَرَباً إِذا سالَ، فَهُوَ سَرِبٌ، وانْسَرَب، وأَسْرَبَه هُوَ، وسَرَّبَه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مَا بالُ عَيْنِكَ، مِنْهَا الماءُ، يَنْسَكِبُ؟ ... كأَنَّه، منْ كُلى مَفْرِيَّةٍ، سَرَبُ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: وَيُرْوَى بِكَسْرِ الراءِ؛ تَقُولُ مِنْهُ سَرِبَت المَزادة، بِالْكَسْرِ، تَسْرَب سرَباً، فَهِيَ سَرِبَةٌ إِذا سَالَت. وتَسْريبُ القِرْبة: أَن يَنْصَبَّ فِيهَا الماءُ لتَنْسَدَّ خُرَزُها. وَيُقَالُ: خرجَ الماءُ سَرِباً، وَذَلِكَ إِذا خَرَجَ مِنْ عُيونِ الخُرَزِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: سَرِبَتِ العَيْنُ سَرَباً، وسَرَبَتْ تَسْرُبُ سُروباً، وتَسَرَّبَت: سالَتْ. والسَّرَبُ: الماءُ يُصَبُّ فِي القِرْبة الْجَدِيدَةِ، أَوِ المَزادةِ، ليَبْتَلَّ السَّيْرُ حَتَّى يَنْتَفِخَ، فتَسْتَدَّ مَوَاضِعُ الخَرْزِ؛ وَقَدْ سَرَّبَها فَسَرِبَتْ سَرَباً. وَيُقَالُ: سَرِّبْ قِرْبَتَك أَي اجعلْ فِيهَا مَاءً حَتَّى تَنْتَفِخَ عيونُ الخُرَز، فتَستَدَّ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
نَعَمْ، وانْهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ، ... كَمَا عَيَّنْت بالسَّرَبِ الطِّبابَا
أَبو مَالِكٍ: تَسَرَّبْتُ مِنَ الماءِ وَمِنَ الشَّرابِ أَي تَمَّلأْتُ. وطَريقٌ سَرِبٌ: تَتابَعَ الناسُ فِيهِ؛ قَالَ أَبو خِراشٍ:
فِي ذَاتِ رَيْدٍ، كَزَلَقِ الرُّخِّ مُشْرِفَةٍ، ... طَريقُها سَرِبٌ، بالناسِ دُعْبُوبُ «4»
وتَسَرَّبُوا فِيهِ: تَتابَعُوا. والسَّرْبُ: الخَرْزُ، عَنْ كُراعٍ. والسَّرْبةُ: الخَرْزة. وإِنَّكَ لتُريدُ سَرْبةً أَي سَفَراً قَرِيبًا، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. شِمْرٌ: الأَسْرابُ مِنَ الناسِ: الأَقاطِيعُ، وَاحِدُهَا سِرْبٌ؛ قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ سِرْباً فِي الناسِ، إِلا للعَجّاجِ؛ قَالَ:
ورُبَّ أَسْرابِ حَجِيجٍ نظمِ
والأُسْرُبُ والأُسْرُبُّ: الرَّصاصُ، أَعْجَمِيٌّ، وَهُوَ فِي الأَصْل سُرْبْ. والأُسْرُبُ: دُخانُ الفِضَّةِ، يَدخُلُ فِي الفَمِ والخَيْشُومِ والدُّبُرِ فيُحْصِرُه، فرُبَّما أَفْرقَ،
__________
(4) . قوله [كزلق الرخ إلخ] هكذا في الأَصل ولعله كرأس الزج.(1/466)
ورُبَّما ماتَ. وَقَدْ سُرِبَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مَسْروبٌ سَرْباً. وَقَالَ شِمْرٌ: الأُسْرُبُ، مخفَّف الباءِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ سُرْبْ، والله أَعلم.
سرحب: السُّرْحُوبُ: الطويلُ، الحَسَنُ الجسْمِ، والأُنثى سُرْحُوبةٌ، وَلَمْ يَعْرِفْه الكِلابِيُّون فِي الإِنْسِ. والسُّرْحُوبةُ مِنَ الإِبل: السَّريعةُ الطَّوِيلَةُ، وَمِنَ الخيلِ: العَتِيقُ الخفيفُ؛ قَالَ الأَزهري: وأَكثرُ مَا يُنْعَتُ بِهِ الخيلُ، وخَصَّ بعضُهم بِهِ الأُنثى مِنَ الْخَيْلِ، وَقِيلَ: فَرَسٌ سُرْحوبٌ: سُرُحُ اليَدَيْن بالعَدْوِ؛ وفَرَسٌ سُرْحُوبٌ: طَوِيلَةٌ عَلَى وَجْهِ الأَرض؛ وَفِي الصِّحَاحِ: تُوصَفُ بِهِ الإِناثُ دُونَ الذُّكور.
سردب: قَالَ ابْنُ أَحمر: هي السِّرْدابُ «1» .
سرعب: السُّرعُوبُ: ابنُ عِرْسٍ؛ أَنشد الأَزهري:
وَثْبة سُرْعُوبٍ رأَى زَبَابَا
أَي رأَى جُرَذاً ضَخْماً، ويُجْمَع سَراعِيبَ.
سرندب: التَّهْذِيبِ فِي الْخُمَاسِيِّ: سَرَنْديبُ بَلَدٌ مَعْرُوفٌ بناحيةِ الهِنْدِ.
سرهب: أَبو زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبا الدُّقَيْش يَقُولُ: امرأَةٌ سَرْهَبةٌ، كالسَّلْهَبَةِ مِنَ الخيلِ، فِي الجِسمِ والطُّول.
سطب: ابْنُ الأَعرابي: المَساطِبُ سَنادينُ الحَدّادينَ. أَبو زَيْدٍ: هِيَ المَسْطَبةُ والمِسطَبة، وَهِيَ المَجَرَّة. وَيُقَالُ للدُّكَّانِ يَقْعُدُ الناسُ عَلَيْهِ مَسْطَبة، قَالَ: سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ الْعَرَبِ.
سعب: السَّعابِيبُ الَّتِي تَمْتَدُّ شِبْهَ الخُيُوطِ مِنَ العَسَل والخِطْمِيّ ونَحْوِه؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يَعْلُون، بالمَرْدَقُوشِ، الوَرْدَ ضَاحِيَةً، ... عَلَى سَعابِيبِ ماءِ الضالةِ اللَّجِنِ
يَقُولُ: يَجْعَلْنَه ظَاهِرًا فوقَ كلِّ شيءٍ، يَعْلُون بِهِ المُشْطَ. وَقَوْلُهُ: ماءِ الضالةِ، يُريدُ ماءَ الآسِ، شَبَّه خُضْرَتَه بخُضْرَةِ ماءِ السِّدْرِ؛ وَهَذَا الْبَيْتُ وقَعَ فِي الصِّحاحِ، وأَظُنُّه فِي المُحْكَم أَيضاً مَاءُ الضالَة اللَّجِزِ، بِالزَّايِ؛ وفَسَّره فَقَالَ: اللجِزُ المُتَلَزِّجُ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَراد اللَّزِجَ، فَقَلَبه، وَلَمْ يَكْفِه أَنْ صَحَّف، إِلى أَنْ أَكَّد التَّصْحيف بِهَذَا القَوْل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا تَصْحِيفٌ تَبع فِيهِ الْجَوْهَرِيُّ ابْنَ السِّكِّيتِ، وإِنما هُوَ اللَّجِن بالنونِ، مِنْ قَصِيدَةٍ نُونِيَّةٍ؛ وقَبْلَه:
مِن نِسْوةٍ شُمُسٍ، لَا مَكْرَهٍ عُنُفٍ، ... وَلَا فَواحِشَ فِي سِرٍّ، وَلَا عَلَنِ
قَوْلُهُ: ضاحِيةً، أَراد أَنها بارِزة للشمسِ. والضَّالَة: السِّدْرة، أَراد ماءَ السِّدْرِ، يُخْلَطُ بِهِ المَرْدَقوشُ ليُسَرِّحْن بِهِ رؤُوسَهنّ. والشُّمُس: جَمْعُ شَمُوسٍ، وَهِيَ النافِرة مِنَ الرِّيبةِ والخَنَا. والمَكْرَه: الكَريهاتُ المَنْظَرِ، وَهُوَ مِمَّا يوصَف بِهِ الواحدُ والجمعُ. وَسَالَ فَمُه سَعابِيبَ وثَعابِيبَ: امْتَدَّ لُعابُه كالخُيوطِ؛ وَقِيلَ: جَرى مِنْهُ ماءٌ صافٍ فِيهِ تَمدُّدٌ، وَاحِدُهَا سُعْبُوبٌ. وانْسَعَبَ الماءُ وانْثَعَبَ إِذا سالَ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: السَّعابِيبُ مَا أَتْبَعَ يَدَكَ مِنَ اللَّبنِ عِنْدَ الحَلْبِ، مثلَ النُّخاعة يَتَمَطَّطُ، والواحدةُ سُعْبُوبةٌ.
__________
(1) . قوله [هي السرداب] هكذا في الأَصل وليس بعده شيء وعبارة القاموس وشرحه (السرداب بالكسر خباء تحت الأَرض للصيف) كالزرداب والأَول عن الأَحمر والثاني تقدم بيانه وهو معرب إلى آخر عبارته انتهى.(1/467)
وتَسَعَّبَ الشيءُ: تَمَطَّطَ. والسَّعْبُ: كلُّ مَا تَسَعَّبَ مِنْ شرابٍ أَو غيرِه. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: فلانٌ مُسَعَّبٌ لَهُ كَذَا وَكَذَا. ومُسَغَّبٌ ومُسَوَّعٌ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ومُسَوَّغٌ ومُرَغَّب، كلُّ ذَلِكَ بِمَعْنًى واحدٍ «1» .
سغب: سَغِبَ الرجلُ يَسْغَب، وسَغَبَ يَسْغُبُ سَغْباً وسَغَباً وسَغابةً وسُغُوباً ومَسْغَبةً: جاعَ. والسَّغْبة: الجُوعُ، وَقِيلَ: هُوَ الجوعُ مع التَّعَب؛ وَرُبَّمَا سُمِّيَ العَطَش سَغَباً، وَلَيْسَ بمُسْتعمَلٍ. ورجلٌ ساغِبٌ لاغِبٌ: ذُو مَسْغَبة؛ وسَغِبٌ وسَغْبانُ لَغْبانُ: جَوْعانُ أَو عَطْشانُ. وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ
، أَي مَجاعةٍ. وأَسْغَبَ الرجلُ، فَهُوَ مُسْغِبٌ إِذا دخَل فِي المَجاعةِ، كَمَا تقولُ أَقْحطَ الرجلُ إِذا دخَل فِي القَحْط. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَطعمته إِذ كَانَ ساغِباً
، أَي جَائِعًا. وَقِيلَ: لَا يكونُ السَّغَبُ إِلَّا مَعَ التَّعَب. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَدِم خَيْبَر بأَصحابِه وَهُمْ مُسْغِبُون
، أَي جِياعٌ. وامرأَةٌ سَغْبَى، وجَمْعُها سِغابٌ. ويَتِيمٌ ذُو مَسْغَبةٍ أَي ذو مَجاعةٍ.
سقب: السَّقْبُ: ولدُ الناقةِ، وَقِيلَ: الذكَرُ مِنْ ولدِ الناقةِ، بِالسِّينِ لَا غَيْرُ؛ وَقِيلَ: هُوَ سَقْبٌ ساعةَ تَضَعُه أُمُّه. قَالَ الأَصمعي: إِذا وَضَعَتِ الناقةُ ولدَها، فَوَلَدُهَا ساعةَ تَضَعُه سَليلٌ قَبْلَ أَن يُعْلَم أَذَكَرٌ هُوَ أَم أُنثى، فإِذا عُلم فإِن كانَ ذَكَراً، فَهُوَ سَقْبٌ، وأُمُّه مِسْقَبٌ. الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ للأُنثى سَقْبةٌ، وَلَكِنْ حائلٌ؛ فأَما قَوْلُهُ، أَنشده سِيبَوَيْهِ:
وساقِيَيْنِ، مثلِ زَيْدٍ وجُعَلْ، ... سَقْبانِ، مَمْشُوقانِ مَكْنوزا العضَلْ
فإِنَّ زَيْدًا وجُعَلًا، هَاهُنَا، رجُلان. وَقَوْلُهُ سَقْبانِ، إِنما أَراد هُنَا مثلُ سَقْبَيْن فِي قوَّة الغَناءِ، وَذَلِكَ لأَنَّ الرجُلَين لَا يَكُونَانِ سَقْبَيْنِ، لأَنَّ نَوْعًا لَا يَسْتَحِيلُ إِلى نوعٍ، وإِنما هُوَ كَقَوْلِكَ مررْت برجلٍ أَسَدٍ شِدَّةً أَي هُوَ كأَسَدٍ فِي الشِّدَّة، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَقِيقَةً، لأَن الأَنْواع لَا تَسْتَحِيلُ إِلى الأَنواع، فِي اعتقادِ أَهلِ الإِجماع. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وتقولُ مررتُ برجلٍ الأَسَدُ [الأَسَدِ] شِدَّة، كَمَا تقولُ مررتُ برجُلٍ كامِلٍ، لأَنك أَردتَ أَن تَرْفَعَ شأْنَه؛ وإِن شِئْتَ اسْتَأْنَفْتَ، كأَنه قِيلَ لَهُ مَا هُوَ؛ وَلَا يكونُ صِفَةً، كَقَوْلِكَ مَرَرْتُ برجُلٍ أَسَدٍ شِدَّةً، لأَن الْمَعْرِفَةَ لَا تُوصَفُ بِهَا النَّكِرةُ، وَلَا يَجُوزُ نَكِرةً أَيضاً لِمَا ذكَرْتُ لَكَ. وَقَدْ جاءَ فِي صِفَةِ النَّكِرَةِ، فَهُوَ فِي هَذَا أَقوى، ثُمَّ أَنشد مَا أَنْشَدتُكَ مِنْ قولِه. وجَمْعُ السَّقْبِ أَسْقُبٌ، وسُقُوبٌ، وسِقابٌ وسُقْبَانٌ؛ والأُنثى سَقْبَةٌ، وأُمُّها مِسْقَبٌ ومِسْقَابٌ. والسَّقْبَةُ عِنْدَهُمْ: هِيَ الجَحشَة. قَالَ الأَعشى، يَصِفُ حِماراً وَحْشِيّاً:
تَلا سَقْبَةً قَوْداءَ، مَهْضُومَةَ الحَشَا، ... مَتى مَا تُخَالِفْهُ عَنِ الْقَصْدِ يَعْذِمِ
وناقةٌ مِسْقابٌ إِذا كَانَتْ عادتُها أَن تَلِدَ الذُّكورَ. وَقَدْ أَسْقَبَتِ الناقةُ إِذا وَضَعَتْ أَكثَرَ مَا تَضَعُ الذُّكورَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ أَبَوَيْ رَجُلٍ مَمدُوحٍ:
وكانتِ العِرْسُ الَّتِي تَنَخَّبا، ... غَرَّاءَ مِسْقاباً، لفَحْلٍ أَسْقَبا
__________
(1) . أي مُعطى له عطاءً خالصاً.(1/468)
قَوْلُهُ أَسقَبا: فِعْلٌ مَاضٍ، لَا نَعْتٌ لفَحْلٍ، عَلَى أَنه اسمٌ مثلُ أَحْمَر، وإِنما هُوَ فِعْلٌ وفاعِلٌ فِي مَوْضِعِ النَّعْتِ لَهُ. واسْتَعْمَل الأَعشى السَّقْبَةَ للأَتانِ، فَقَالَ:
لاحَه الصَّيْفُ والغِيارُ، وإِشْفاقٌ ... عَلَى سَقْبَةٍ، كَقَوْسِ الضَّالِ
الأَزهري: كانتِ المرأَة فِي الْجَاهِلِيَّةِ، إِذا ماتَ زَوْجُها، حَلَقَتْ رَأْسَها، وخَمَشَتْ وجْهَها، وحَمَّرَتْ قُطْنةً مِنْ دمِ نفسِها، ووضَعَتها عَلَى رأْسِها، وأَخرجت طَرف قُطْنتِها مِن خَرْقِ قِناعِها، ليَعْلم الناسُ أَنها مُصابة؛ ويُسَمى ذَلِكَ السِّقابَ، وَمِنْهُ قَوْلُ خَنْساءَ:
لمَّا اسْتَبانَتْ أَن صاحِبَها ثَوَى، ... حَلَقَتْ، وعَلَّتْ رَأْسَها بِسِقابِ
والسَّقَبُ: القُرْبُ. وَقَدْ سَقِبَتِ الدَّارُ، بِالْكَسْرِ، سُقُوباً أَي قَرُبَتْ، وأَسْقَبَتْ؛ وأَسْقَبْتُها أَنا: قرَّبتها. وأَبْياتُهم مُتساقِبة أَي مُتدانِية. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الجارُ أَحقُّ بِسَقَبِه.
السَّقَبُ، بِالسِّينِ وَالصَّادِ، فِي الأَصل: القُرْب. يُقَالُ: سَقِبَتِ الدارُ وأَسْقَبَتْ إِذا قَرُبَتْ. ابْنُ الأَثير: ويَحْتَجُّ بِهَذَا الحديثِ مَنْ أَوجبَ الشُّفْعَة للجارِ، وإِن لَمْ يَكُنْ مقاسِماً، أَي إِن الجارَ أَحقُّ بالشُّفْعَةِ مِنَ الَّذِي لَيْسَ بجارٍ، ومَنْ لَمْ يُثْبِتْها للجارِ تأَوَّلَ الجارَ عَلَى الشَّرِيكِ، فإِنَّ الشَّريكَ يُسَمَّى جَارًا؛ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يكونَ أَرادَ: أَنه أَحقّ بالبِرِّ والمعونةِ بِسَبَبِ قُرْبه مِنْ جارِه، كَمَا جاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:
أَن رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن لِي جارَيْنِ، فإِلى أَيهما أُهدي؟ قَالَ: إِلى أَقْرَبِهِما مِنْكَ بَابًا.
والسَّقْبُ والصَّقْبُ والسَّقِيبَة: عَمُودُ الخِباءِ. وسُقُوبُ الإِبِل: أَرْجُلُها، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَهَا عَجُزٌ رَيَّا، وسَاقٌ مُشِيحَةٌ ... عَلَى البِيدِ، تَنْبُو بالمَرادِي سُقُوبُها
والصادُ، فِي كلِّ ذَلِكَ، لُغَةٌ. والسَّقْبُ: الطَّويلُ مِنْ كلِّ شيءٍ، مَعَ تَرَارَةٍ. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ صَقَب: يُقَالُ للْغُصْنِ الرَّيَّانِ الغَلِيظِ الطَّويلِ سَقْبٌ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
سَقْبانِ لَمْ يَتَقَشَّرْ عَنْهُمَا النَّجَبُ
قَالَ: وَسُئِلَ أَبو الدُّقَيْشِ عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ الَّذِي قَدِ امتلأَ، وَتَمَّ عامٌّ فِي كلِّ شيءٍ مِنَ نحوِه «2» ؛ شَمِرٌ: فِي قَوْلِهِ سَقْبانِ أَي طَويلانِ، ويقال صَقْبَانِ.
سقعب: السَّقْعَبُ: الطَّويلُ مِنَ الرجال، بالسينِ والصاد.
سقلب: السَّقْلَبُ: جِيلٌ مِنَ الناسِ. وسَقْلَبَه: صَرَعَهُ.
سكب: السَّكْبُ: صَبُّ الماءِ. سَكَبَ الماءَ والدَّمْعَ ونحوَهما يَسْكُبُه سَكْباً وتَسْكاباً، فسَكَبَ وانْسَكَبَ: صَبَّه فانْصَبَّ. وسَكَبَ الماءُ بنفسِه سُكوباً، وتَسْكاباً، وانْسَكَبَ بِمَعْنًى. وأَهلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: اسْكُبْ عَلَى يَدِي. وماءٌ سَكْبٌ، وساكِبٌ، وسَكُوبٌ، وسَيْكَبٌ، وأُسْكُوبٌ: مُنْسَكِبٌ، أَو مَسكُوبٌ يَجْرِي عَلَى وجهِ الأَرضِ مِنْ غَيرِ حَفر.
__________
(2) . قوله [من نحوه] الضمير يعود إلى الغصن في عبارة الأَزهري التي قبل هذه.(1/469)
ودمْعٌ ساكِبٌ، وماءٌ سَكْبٌ: وُصِفَ بالمصدرِ، كقولِهم ماءٌ صَبٌّ، وماءٌ غَوْرٌ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
بَرْقٌ، يُضِيءُ أَمامَ البَيْتِ، أُسْكوبُ
كأَنَّ هَذَا البَرْقَ يَسْكُب المطَر؛ وطَعْنَةٌ أُسْكُوبٌ كَذَلِكَ؛ وسَحابٌ أُسْكُوبٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّكْبُ والأُسْكوبُ الهَطَلانُ الدَّائمُ. وماءٌ أُسْكُوبٌ أَي جارٍ؛ قالتْ جَنُوبُ أُخْتُ عمرٍو ذِي الْكَلْبِ، تَرثِيه:
والطَّاعِنُ الطَّعْنَةَ النَّجْلاءَ، يَتْبَعها ... مُثْعَنْجِرٌ، مِنْ دَمِ الأَجْوافِ، أُسْكوبُ
وَيُرْوَى:
مِنْ نَجِيعِ الجَوْفِ أُثْعُوبُ
والنَّجْلاءُ: الْوَاسِعَةُ. والمُثْعَنْجِرُ: الدَّمُ الَّذِي يَسِيلُ، يَتْبَعُ بعضُه بَعْضاً. والنَّجِيعُ: الدَّمُ الخالِصُ. والأُثْعْوبُ، مِنَ الإِثْعابِ: وَهُوَ جَرْي الماءِ فِي المَثْعَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُصَلِّي، فِيمَا بَيْنُ العشاءِ إِلى انْصِداعِ الفَجر، إِحدى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فإِذا سَكَبَ المُؤَذِّنُ بالأُولى مِنْ صلاةِ الفجْرِ، قامَ فرَكَعَ رَكْعَتَيْن خَفِيفَتَيْنِ
؛ قَالَ سُوَيْدٌ: سَكَبَ، يريدُ أَذَّنَ، وأَصْلُه مِنْ سَكْبِ الماءِ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ أَخَذَ فِي خُطْبَة فسَحَلَها. قَالَ ابْنُ الأَثير: أَرادت إِذا أَذَّن، فاسْتُعِيرَ السَّكْبُ للإِفاضَةِ فِي الكلامِ، كَمَا يُقَالُ أَفْرَغَ فِي أُذُني حَدِيثًا أَيْ أَلْقَى وصَبَّ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
مَا أَنا بِمُنْطٍ عَنْكَ شَيئاً يَكُونُ عَلَى أَهل بَيْتِكَ سُنَّةً سَكْباً.
يُقَالُ: هَذَا أَمرٌ سَكْبٌ أَي لازِمٌ؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
إِنَّا نُمِيطُ عنكَ شَيْئًا.
وفَرَسٌ سَكْبٌ: جوادٌ كَثِيرُ العَدْوِ ذَرِيعٌ، مثلُ حَتٍّ. والسَّكْبُ: فَرَسُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ كُمَيْتاً، أَغَرَّ، مُحَجَّلًا، مُطْلَقَ اليُمْنَى، سُمِّيَ بالسَّكْبِ مِنَ الخيْلِ؛ وَكَذَلِكَ فَرَسٌ فَيْضٌ وبَحْرٌ وغَمْرٌ. وغُلامٌ سَكْبٌ إِذا كَانَ خَفِيفَ الرُّوحِ نَشِيطاً فِي عَمَلِه. وَيُقَالُ: هَذَا أَمْرٌ سَكْبٌ أَي لازمٌ. ويقالُ: سُنَّةٌ سَكْبٌ. وَقَالَ لَقِيطُ بنُ زُرارَة لأَخيه مَعْبَدٍ، لَمَّا طَلَبَ إِليه أَن يَفْدِيَه بِمِائَتَيْنِ مِنَ الإِبل، وَكَانَ أَسيراً: مَا أَنا بِمُنْطٍ عَنْكَ شَيْئًا يَكُونُ عَلَى أَهل بيتِك سُنَّةً سَكْباً، ويَدْرَبُ الناسُ لَهُ بِنا دَرْباً. والسَّكْبَةُ: الكُرْدَة العُلْيا الَّتِي تُسقى بِهَا الكُرودُ مِنَ الأَرض؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الَّتِي يُسْقَى مِنْهَا كُرْدُ الطِّبابَةِ مِنَ الأَرض. والسَّكْبُ: النُّحاسُ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والسَّكْبُ: ضَرْبٌ مِنَ الثيابِ رَقِيقٌ. والسَّكْبَةُ: الخِرْقَةُ الَّتِي تُقَوَّر للرأْس، كالشَّبَكَة، مِنْ ذَلِكَ. التَّهْذِيبِ: السَّكْبُ ضربٌ مِنَ الثيابِ رَقِيقٌ، كأَنه غُبارٌ مِنْ رِقَّتِه، وكأَنه سَكْبُ ماءٍ مِنَ الرِّقَّة، والسَّكْبَة مِنْ ذَلِكَ اشْتُقَّتْ: وَهِيَ الخِرْقَةُ التي تُقَوَّر للرأْسِ، تُسَمِّيها الفُرْسُ الشُّسْتَقَةَ. ابْنُ الأَعرابي: السَّكَبُ ضَرْبٌ مِنَ الثِّياب، مُحَرَّكُ الْكَافِ. والسَّكَبُ: الرَّصاصُ. وْ السَّكْبة: الغِرْسُ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى الوَلَد، أُرى مِنْ ذَلِكَ. والسَّكبَة: الهِبْرِية الَّتِي فِي الرأْس. والأُسْكُوب والإِسْكاب: لُغَةٌ فِي الإِسكاف. وأُسكُبَّة الْبَابِ: أُسْكُفَّته.(1/470)
والإِسْكابة: الفَلْكَةُ الَّتِي تُوضَعُ فِي قِمَع الدُّهْنِ وَنَحْوِهِ؛ وَقِيلَ: هِيَ الفَلْكةُ الَّتِي يُشْعَبُ بِهَا خَرْقُ القِرْبةِ. والإِسْكابةُ: خَشَبة عَلَى قدرِ الفَلْس، إِذا انْشَقَّ السِّقاءُ جَعَلُوهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ صَرُّوا عَلَيْهَا بسَيْرٍ حَتَّى يَخْرُزوه مَعَهُ، فَهِيَ الإِسكابةُ. يُقَالُ: اجعلْ لِي إِسكابةً، فيُتَّخَذُ ذَلِكَ؛ وَقِيلَ: الإِسكابة والإِسكابُ قِطْعَةٌ مِنْ خَشَبٍ تُدْخَلُ فِي خَرْقِ الزِّقِّ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
قُمَّرِزٌ آذانُهُم كالإِسْكاب
وَقِيلَ: الإِسْكابُ هُنَا جمعُ إِسكابةٍ، وَلَيْسَ بلُغةٍ فِيهِ؛ أَلا تَرَاهُ قَالَ آذانُهُم؟ فتَشْبِيهُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ، أَسْوَغُ مِنْ تَشْبِيهِه بِالْوَاحِدِ. والسَّكَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: شَجَرٌ طَيِّبُ الرِّيحِ، كأَنَّ ريحَه رِيحُ الخَلُوقِ، يَنْبُتُ مُسْتَقِلًّا عَلَى عِرْقٍ واحدٍ، لَهُ زَغَبٌ ووَرَقٌ مثلُ وَرَقِ الصَّعْتَر، إِلا أَنه أَشدُّ خُضْرةً، يَنْبُتُ فِي القِيعانِ والأَودِيَة، ويَبيسُه لَا يَنْفَعُ أَحداً، وَلَهُ جَنًى يُؤْكَلُ، ويَصْنَعُه أَهل الحِجازِ نَبيذاً، وَلَا يَنْبُتُ جَنَاهُ فِي عَامِ حَياً، إِنما يَنْبُتُ فِي أَعوامِ السنينَ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّكَبُ عُشْبٌ يرتفِعُ قَدْرَ الذِّرَاعِ، وَلَهُ ورقٌ أَغْبَر شبيهٌ بِوَرَقِ الهِنْدباءِ، وَلَهُ نَوْرٌ أَبيضُ شديدُ البياضِ، فِي خِلْقة نَوْرِ الفِرْسِكِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشيّاً:
كأَنه منْ نَدَى العَرارِ معَ ... القُرَّاصِ، أَو مَا يُنَفِّضُ السَّكَبُ
الْوَاحِدَةُ سَكَبة. الأَصمعي: مِنْ نباتِ السهلِ السَّكَبُ؛ وَقَالَ غيرُه: السَّكَبُ بَقْلَةٌ طَيِّبة الريحِ، لها زَهْرةٌ صَفراءُ، وَهِيَ مِنْ شَجَرِ القَيْظِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للسِّكَّةِ مِنَ النخلِ أُسْلُوبٌ وأُسْكُوبٌ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ النَّخْلِ، قِيلَ لَهُ أُنْبوبٌ ومِدادٌ؛ وَقِيلَ: السَّكْبُ ضربٌ مِنَ النباتِ. وسَكاب: اسْمُ فرسِ عُبيدةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَغَيْرِهِ. قَالَ: وسَكابِ اسمُ فرسٍ؛ مثلُ قَطامِ وحَذامِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبَيْتَ اللَّعْنَ، إِنَّ سَكابِ عِلْقٌ ... نفيسٌ لَا تُعارُ ولا تُباعُ
سلب: سَلَبَه الشيءَ يَسْلُبُه سَلْباً وسَلَباً، واسْتَلَبَه إِياه. وسَلَبُوتٌ، فَعَلوتٌ: مِنه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ سَلَبوتٌ، وامرأَةٌ سَلَبوتٌ كَالرَّجُلِ. وَكَذَلِكَ رجلٌ سَلَّابةٌ، بالهاءِ، والأُنثى سَلَّابة أَيضاً. والاسْتِلابُ: الاختِلاس. والسَّلَب: مَا يُسْلَبُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مَا يُسْلَبُ بِهِ، وَالْجَمْعُ أَسلابٌ. وَكُلُّ شيءٍ عَلَى الإِنسانِ مِنَ اللباسِ فَهُوَ سَلَبٌ، وَالْفِعْلُ سَلَبْتُه أَسْلُبُه سَلْباً إِذا أَخَذْتَ سَلَبَه، وسُلِبَ الرجلُ ثِيَابَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَرَاعُ سَيْرٍ كَالْيَرَاعِ للأَسلاب «1»
اليَراعُ: القَصَب. والأَسْلابُ: الَّتِي قَدْ قُشِرَتْ، وواحدُ الأَسْلابِ سَلَبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن قَتَل قَتيلًا، فَلَهُ سَلَبُه.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ السَّلَب، وَهُوَ مَا يأْخُذُه أَحدُ القِرْنَيْن فِي الحربِ مِنْ قِرْنِه، مِمَّا يكونُ عَلَيْهِ وَمَعَهُ مِنْ ثِيابٍ وسلاحٍ ودابَّةٍ، وَهُوَ فَعَلٌ بِمَعْنَى مفعولٍ أَي مَسْلُوب. والسَّلَبُ، بالتحريك: المَسْلُوب، وَكَذَلِكَ السَّلِيبُ. ورجلٌ سَلِيبٌ مُسْتَلَب الْعَقْلِ، وَالْجَمْعُ سَلْبى.
__________
(1) . قوله [يراع سير إلخ] هو هكذا في الأَصل.(1/471)
وَنَاقَةٌ سالِبٌ وسَلُوبٌ: ماتَ وَلَدُها، أَو أَلْقَتْهُ لِغَيْرِ تَمامٍ؛ وَكَذَلِكَ المرأَة، وَالْجَمْعُ سُلُبٌ وسَلائبُ، وَرُبَّمَا قَالُوا امرأَة سُلُب؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَا بالُ أَصْحابِكَ يُنْذِرُونَكا؟ ... أَأَنْ رَأَوْكَ سُلُباً، يَرْمُونَكا؟
وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: ناقةٌ عُلُطٌ بِلَا خِطامٍ، وفَرس فُرُطٌ متَقَدِّمة. وَقَدْ عَمِلَ أَبو عُبَيْدٍ فِي هَذَا بَابًا، فأَكْثَرَ فِيهِ مِنْ فُعُلٍ، بِغَيْرِ هاءٍ للمُؤَنَّث. والسَّلُوب، مِنَ النُّوق: الَّتِي أَلْقَتْ وَلَدَهَا لِغَيْرِ تَمامٍ. والسَّلُوب، مِنَ النُّوق: الَّتِي تَرْمي وَلَدها. وأَسْلَبت النَّاقَةُ فَهِيَ مُسْلِبٌ: أَلْقَتْ وَلَدَها مِنْ غيرِ أَن يَتِمَّ، وَالْجَمْعُ السَّلائِبُ؛ وَقِيلَ أَسْلَبَت: سُلِبَتْ وَلَدَها بِمَوتٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ. وظَبيةٌ سَلُوبٌ وسالِبٌ: سُلِبَتْ وَلَدَها؛ قَالَ صَخْرُ الغيِّ:
فَصادَتْ غَزالًا جَاثِمًا، بَصُرَتْ بِهِ ... لَدَى سَلَماتٍ، عِنْدَ أَدْماءَ، سالِبِ
وشَجَرةٌ سَلِيبٌ: سُلِبَتْ وَرَقَها وأَغصانَها. وفي حديث
صِلَةَ: خَرَجْتُ إِلى جَشَرٍ لَنا، والنخلُ سُلُبٌ
أَي لَا حَمْلَ عَلَيْهَا، وَهُوَ جمعُ سَلِيبٍ. الأَزهري: شَجَرَةٌ سُلُبٌ إِذا تَناثَرَ ورقُها؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَو هَيْشَرٌ سُلُبُ
قَالَ شَمِرٌ: هَيْشَرٌ سُلُبٌ، لَا قِشْرَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: اسْلُبْ هَذِهِ الْقَصَبَةَ أَي قَشِّرْها. وسَلَبَ القَصَبَةَ والشَجَرَة: قَشَّرَهَا. وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ مَكَّةُ، شرَّفها اللَّهُ تَعَالَى:
وأَسْلَب ثُمامُها
أَي أَخْرَجَ خُوصَه. وسَلَبُ الذَّبيحَةِ: إِهابُها، وأَكراعُها، وبطْنُهَا. وفَرَسٌ سَلْبُ القَوائم «1» : خَفيفُها فِي النَّقل، وَقِيلَ: فَرَسٌ سَلِب القَوائم أَي طَويلُها؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا صحيحٌ. والسَّلْبُ: السيرُ الخفيفُ السريعُ؛ قَالَ رؤْبة:
قَدْ قَدَحَتْ، مِنْ سَلْبِهِنَّ سَلْبا، ... قارُورَةُ العينِ، فَصَارَتْ وَقْبَا
وانْسَلَبَتِ الناقَة إِذا أَسْرَعَت فِي سَيْرِهَا حَتَّى كأَنها تَخْرُج مِنْ جِلْدِها. وثَوْرٌ سَلِبُ الطَّعْنِ بِالقَرْنِ، ورجُلٌ سَلِبُ اليَدَيْنِ بالضَّرْبِ والطَّعْنِ: خَفيفُهما. ورُمْحٌ سَلِبٌ: طَويلٌ؛ وَكَذَلِكَ الرجلُ، والجمعُ سُلُب؛ قَالَ:
ومَنْ رَبَطَ الجِحاشَ، فإِنَّ فِينا ... قَناً سُلُباً، وأَفْراساً حِسانا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: السُّلْبَةُ الجُرْدَةُ، يُقَالُ: مَا أَحْسَنَ سُلْبَتَها وجُرْدَتَها. والسَّلِبُ، بِكَسْرِ اللَّامِ: الطَّوِيلُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ فِرَاخَ النَّعَامَةِ:
كأَنَّ أَعناقَها كُرّاثُ سائِفَةٍ، ... طارَتْ لفائِفُه، أَو هَيْشَرٌ سَلِبُ
وَيُرْوَى سُلُب، بِالضَّمِّ، مِنْ قَوْلِهِمْ نَخْلٌ سُلُب: لَا حَمْلَ عَلَيْهِ. وشَجَرٌ سُلُبٌ: لَا وَرَق عَلَيْهِ، وَهُوَ جَمْعُ سَلِيبٍ، فعيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والسِّلابُ والسُّلُب: ثِيابٌ سودٌ تَلْبَسُها النساءُ في
__________
(1) . قوله [سلب القوائم] هو بسكون اللام في القاموس، وفي المحكم بفتحها.(1/472)
المأْتَمِ، واحدَتُها سَلَبة. وسَلَّبَتِ المرأَةُ، وَهِيَ مُسَلِّبٌ إِذا كَانَتْ مُحِدًّا، تَلْبَس الثًّيابَ السُّودَ للحِدادِ. وتَسَلَّبت: لَبِسَتِ السِّلابَ، وَهِيَ ثِيابُ المأْتَمِ السُّودُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
يَخْمِشْنَ حُرَّ أَوجُهٍ صِحاحِ، ... فِي السُّلُبِ السودِ، وَفِي الأَمساحِ
وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَسْماءَ بِنْتِ عُمَيْس: أَنها قَالَتْ لمَّا أُصيبَ جعفرٌ: أَمَرَني رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: تَسَلَّبي ثَلَاثًا، ثُمَّ اصْنَعِي بعدُ مَا شِئْتِ
؛ تَسَلَّبي أَي الْبَسِي ثِيابَ الحِدادِ السُّودَ، وَهِيَ السِّلاب. وتَسَلَّبَتِ المرأَةُ إِذا لَبِسَتْهُ، وَهُوَ ثَوْبٌ أَسودُ، تُغَطِّي بِهِ المُحِدُّ رَأْسَها. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سَلَمَةَ: أَنها بَكَتْ عَلَى حَمْزَةَ ثَلَاثَةَ أَيامٍ، وتَسَلَّبَتْ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: المُسَلِّب، والسَّلِيبُ، والسَّلُوبُ: الَّتِي يموتُ زَوجُها أَو حَمِيمُها، فتَسَلَّبُ عَلَيْهِ. وتَسَلَّبَتِ المرأَة إِذا أَحدّتْ. وَقِيلَ: الإِحدادُ عَلَى الزَّوْجِ، والتَّسَلُّبُ قَدْ يَكُونُ عَلَى غيرِ زَوجٍ. أَبو زيدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ مَا لِي أَراكَ مُسْلَباً؟ وَذَلِكَ إِذا لَمْ يَأْلَفْ أَحداً، وَلَا يَسْكُن إِليه أَحد، وإِنما شبِّه بالوَحْش؛ وَيُقَالُ: إِنه لوَحْشِيٌّ مُسْلَبٌ أَي لَا يأْلفُ، وَلَا تَسْكُنُ نفسُه. وَالسَّلِبَةُ: خَيْطٌ يُشَدُّ عَلَى خَطْمِ البعيرِ دونَ الخِطامِ. وَالسَّلِبَةُ: عَقَبَةٌ تُشَدُّ عَلَى السَّهْمِ. والسِّلْبُ: خَشَبَةٌ تُجمَع إِلى أَصلِ اللُّؤَمةِ، طَرَفُها فِي ثَقْبِ اللُّؤَمةِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السِّلْبُ أَطْوَلُ أَداةِ الفَدَّانِ؛ وأَنشد:
يَا لَيْتَ شعْري، هلْ أَتى الْحَسَّانَا، ... أَنَّى اتَّخَذْتُ اليَفَنَيْنِ شَانَا؟
السِّلْبَ، واللُّؤْمةَ، وَالْعِيَانَا
وَيُقَالُ للسَّطْر مِنَ النَّخِيلِ: أُسْلوبٌ. وكلُّ طريقٍ ممتدٍّ، فَهُوَ أُسلوبٌ. قَالَ: والأُسْلوبُ الطَّرِيقُ، والوجهُ، والمَذْهَبُ؛ يُقَالُ: أَنتم فِي أُسْلُوبِ سُوءٍ، ويُجمَعُ أَسالِيبَ. والأُسْلُوبُ: الطريقُ تأْخذ فِيهِ. والأُسْلوبُ، بِالضَّمِّ: الفَنُّ؛ يُقَالُ: أَخَذ فلانٌ فِي أَسالِيبَ مِنَ الْقَوْلِ أَي أَفانِينَ مِنْهُ؛ وإِنَّ أَنْفَه لَفِي أُسْلُوبٍ إِذا كَانَ مُتكبِّراً؛ قَالَ:
أُنوفُهُمْ، بالفَخْرِ، فِي أُسْلُوبِ، ... وشَعَرُ الأَسْتاهِ بالجَبوبِ
يَقُولُ: يتكبَّرون وَهُمْ أَخِسَّاء، كَمَا يُقَالُ: أَنْفٌ فِي السماءِ واسْتٌ فِي الماءِ. والجَبوبُ: وجهُ الأَرضِ، وَيُرْوَى:
أُنوفُهُمْ، مِلفَخْرِ، فِي أُسْلُوبِ
أَراد مِنَ الفَخْرِ، فحَذف النونَ. والسَّلَبُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ ينبُتُ مُتَناسقاً، ويَطولُ فيُؤخَذُ ويُمَلُّ، ثُمَّ يُشَقَّقُ، فتخرجُ مِنْهُ مُشاقةٌ بيضاءُ كالليفِ، واحدتُه سَلَبةٌ، وَهُوَ منْ أَجودِ مَا يُتخذ مِنْهُ الْحِبَالُ. وَقِيلَ: السَّلَبُ لِيفُ المُقْلِ، وَهُوَ يُؤْتى بِهِ مِنْ مَكَّةَ. اللَّيْثُ: السَّلَبُ ليفُ المُقْل، وَهُوَ أَبيض؛ قَالَ الأَزهري: غَلِطَ اللَّيْثُ فِيهِ؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّلَبُ نباتٌ ينبتُ أَمثالَ الشَّمَع الَّذِي يُسْتَصْبَحُ بِهِ فِي خِلْقَتِه، إِلَّا أَنه أَعظمُ وأَطولُ، يُتَّخَذ مِنْهُ الحبالُ عَلَى كُلِّ ضَرب. والسَّلَبُ: لِحاءُ شجرٍ مَعْرُوفٍ بِالْيَمَنِ،(1/473)
تُعْمَلُ مِنْهُ الحبالُ، وَهُوَ أَجفَى مِنْ ليفِ المُقْلِ وأَصْلَبُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ دَخَلَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتوسِّدٌ مِرْفَقَةَ أَدَم، حَشْوُها لِيفٌ أَو سَلَبٌ
، بِالتَّحْرِيكِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سأَلتُ عَنِ السَّلَبِ، فَقِيلَ: لَيْسَ بلِيفِ المُقْلِ، وَلَكِنَّهُ شَجَرٌ معروفٌ باليمن، تُعْمَلُ منه الحبالُ، وَهُوَ أَجفى مِنْ لِيفِ المُقْلِ وأَصْلَبُ؛ وَقِيلَ هُوَ ليفُ المُقْل؛ وَقِيلَ: هُوَ خُوصُ الثُّمام. وبالمَدينة سُوقٌ يُقَالُ لَهُ: سوقُ السَّلَّابِين؛ قَالَ مُرَّة بْنُ مَحْكان التَّميمي:
فنَشْنَشَ الجِلدَ عَنْها، وهْيَ بارِكةٌ، ... كَمَا تُنَشْنِشُ كفَّا فاتِلٍ سَلَبا
تُنَشْنِشُ: تحرِّكُ. قَالَ شَمِرٌ: والسَّلَب قِشْرٌ مِنْ قُشورِ الشَّجَر، تُعْمَلُ منهُ السِّلالُ، يُقَالُ لسُوقِهِ سُوقُ السَّلَّابِينَ، وَهِيَ بمكَّة معروفَةٌ. وَرَوَاهُ الأَصْمعي: فَاتِل، بالفاءِ؛ وَابْنُ الأَعرابي: قَاتِل، بالقافِ. قال ثَعْلَبٌ: وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ الأَصمعي، وَمِنْهُ قَولُهم أَسْلَبَ الثُّمامُ. قَالَ: وَمَنْ رَوَاهُ بالفاءِ، فإِنه يريدُ السَّلَب الَّذِي تُعْمَلُ مِنْهُ الحِبال لَا غَيْرَ؛ وَمَنْ رَوَاهُ بِالْقَافِ، فإِنه يُرِيدُ سَلَبَ القَتِيل؛ شَبَّه نَزْع الجازِرِ جِلْدَها عَنْهَا بأَخْذِ القاتِل سَلَبَ المَقْتُول، وإِنما قَالَ: بارِكَة، وَلَمْ يَقُلْ: مُضْطَجِعَة، كَمَا يُسْلَخُ الحَيوانُ مُضْطَجِعاً، لأَن الْعَرَبَ إِذا نَحَرَتْ جَزُوراً، تركُوها بَارِكَةً عَلَى حَالِهَا، ويُرْدِفُها الرجالُ مِنْ جانِبَيْها، خَوْفًا أَن تَضْطَجِعَ حِينَ تَمُوتُ؛ كلُّ ذَلِكَ حِرْصًا عَلَى أَن يَسْلُخوا سَنامَها وَهِيَ بَارِكَةٌ، فيأْتي رجلٌ مِنْ جانِبٍ، وآخَرُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ؛ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فِي الكَتِفَين والفَخِذَين، وَلِهَذَا كَانَ سَلْخُها بَارِكَةً خَيْرًا عِنْدَهُمْ مِنْ سَلْخِها مُضْطَجِعَةً. والأُسْلُوبةُ: لُعْبَةٌ للأَعراب، أَو فَعْلَةٌ يَفْعَلُونَهَا بَيْنَهُمْ، حَكَاهَا اللِّحْيَانِيُّ، وَقَالَ: بَيْنَهُمْ أُسْلُوبة.
سلحب: المُسْلَحِبُّ: المُنْبَطِحُ. والمُسْلَحِبُّ: الطَّريقُ البَيِّنُ المُمتَدُّ. وطريقٌ مُسْلَحِبٌّ أَي مُمْتَدٌّ. والمُسْلَحِبُّ: المُسْتَقِيمُ، مثلُ المُتْلَئِبِّ. وَقَدِ اسْلَحَبَّ اسْلِحْباباً؛ قَالَ جِرانُ العَوْد:
فَخَرَّ جِرانٌ مُسْلَحِبّاً، كأَنه ... عَلَى الدَّفِّ ضِبْعانٌ تَقَطَّرَ أَمْلَحُ
والسُّلْحُوبُ مِنَ النساءِ: الماجِنة، قَالَ ذَلِكَ أَبو عَمْرٍو. وَقَالَ خَلِيفَةُ الحُصَيْنِيُّ: المُسْلَحِبُّ: المُطْلَحِبُّ المُمْتَدُّ. وسمعتُ غَيْرِ واحدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: سِرْنا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا غُدْوَةً، فظَلَّ يَوْمُنا مُسْلَحِبّاً أَي مُمْتدّاً سَيْرُه، والله أَعلم.
سلقب: سَلْقَبٌ: اسمٌ.
سلهب: السَّلْهَبُ: الطويلُ، عامَّةً؛ وَقِيلَ: هُوَ الطويلُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الطويلُ مِنَ الخيلِ وَالنَّاسِ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّلْهَبُ مِنَ الخيلِ: الطويلُ عَلَى وجهِ الأَرض، وَرُبَّمَا جاءَ بالصادِ، وَالْجَمْعُ السَّلاهِبَةُ. والسَّلْهَبةُ مِنَ النساءِ: الجَسيمةُ، وَلَيْسَتْ بِمدْحَةٍ. وَيُقَالُ: فَرَسٌ سَلْهَبٌ وسَلْهَبةٌ للذَّكَر إِذا عَظُم وطالَ، وطالَتْ عِظَامُه. وفَرَسٌ مُسْلَهِبٌّ: ماضٍ؛ وَمِنْهُ قولُ الأَعرابيِّ فِي صِفَةِ الفَرَس: وإِذا عَدَا اسْلَهَبَّ، وإِذا قُيِّدَ اجْلَعَبَّ، وإِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ، وَاللَّهُ أَعلم.(1/474)
سنب: السَّنْبةُ: الدَّهْرُ. وعِشْنا بذلك سَنْبةً وسَنْبَتةً أَي حِقْبةً؛ التاءُ فِي سَنْبَتةٍ مُلْحَقةٌ عَلَى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: يدُلُّ عَلَى زِيادةِ التاءِ، أَنك تَقُولُ سَنْبةٌ، وَهَذِهِ التاءُ تَثبُتُ فِي التَّصْغِيرِ، تَقُولُ سُنَيْبِتَةٌ، لِقَوْلِهِمْ فِي الْجَمْعِ سَنابِتُ. وَيُقَالُ: مَضَى سَنْبٌ مِنَ الدَّهْر، أَو سَنْبةٌ أَي بُرْهةٌ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
ماءَ الشَّبابِ عُنْفُوانَ سَنْبَتِه
والسَّنْباتُ والسَّنْبةُ: سُوءُ الخُلُقِ، وسُرْعةُ الغَضَبِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
قَدْ شِبْتُ قَبْلَ الشَّيْبِ مِنْ لِداتي، ... وذاكَ مَا أَلْقَى مِنَ الأَذاةِ،
مِنْ زَوْجةٍ كثيرةِ السَّنْباتِ
أَراد السَّنَباتِ، فخفَّف لِلضَّرُورَةِ؛ كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَبَتْ ذِكْرَ مَنْ عوَّدْنَ أَحْشاءَ قلْبِه ... خُفوقاً، ورَقْصاتِ الهَوى فِي المَفاصِل
ورجُل سَنُوبٌ أَي مُتَغَضِّبٌ. والسِّنْبابُ: الرَّجل الْكَثِيرُ الشَّرِّ. قَالَ: والسَّنُوبُ: الرَّجل الكَذَّابُ المُغْتابُ. والمَسْنَبةُ: الشِّرَّةُ. ابْنُ الأَعرابي: السَّنْباءُ الاسْتُ. وفرسٌ سَنِبٌ، بِكَسْرِ النُّونِ، أَي كَثِيرُ الجَرْي، وَالْجَمْعُ سُنُوبٌ. الأَصمعي: فَرَسٌ سَنِبٌ إِذا كَانَ كثيرَ العَدْوِ، جواداً.
سنتب: أَبو عَمْرٍو: السَّنْتَبةُ الغِيبةُ المُحْكَمةُ.
سندب: جَمَلٌ سِنْدَأْبٌ: شديدٌ صُلْب، وشكَّ فِيهِ ابْنُ دريد.
سنطب: السَّنْطَبةُ: طُولٌ مُضْطَرِبٌ. التهذيب: والسِّنْطابُ مِطْرَقةُ الحَدَّادِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
سهب: السَّهْبُ، والمُسْهَبُ، والمُسْهِبُ: الشديدُ الجَرْيِ، البَطِيءُ العَرَقِ مِنَ الخَيْل؛ قَالَ أَبو دواد:
وقد أَغْدُو بِطِرْفٍ ... هَيْكَلٍ، ذِي مَيْعَةٍ، سَهْبِ
والسَّهْبُ: الفرسُ الواسعُ الجَرْيِ. وأَسْهَبَ الفرسُ: اتَّسَعَ فِي الجَرْيِ وسَبَقَ. والمُسْهِبُ والمُسْهَبُ: الكثيرُ الكلامِ؛ قَالَ الجعْدِيُّ:
غَيْرُ عَيِيٍّ، وَلَا مُسْهِب
وَيُرْوَى مُسْهَب. قَالَ: وَقَدِ اختُلف فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ، فَقَالَ أَبو زَيْدٍ: المُسْهِبُ الْكَثِيرُ الْكَلَامِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَسْهَب الرجلُ أَكثرَ الْكَلَامَ، فَهُوَ مُسْهَب، بِفَتْحِ الهاءِ، وَلَا يُقَالُ بِكَسْرِهَا، وَهُوَ نَادِرٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ: رَجُلٌ مُسْهَبٌ، بِالْفَتْحِ، إِذا أَكثر الْكَلَامَ فِي الخطإِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ فِي صَوَابٍ، فَهُوَ مُسْهِبٌ، بِالْكَسْرِ لَا غَيْرَ؛ وَمِمَّا جاءَ فِيهِ أَفْعَلَ فَهُوَ مُفْعَلٌ: أَسْهَبَ فَهُوَ مُسْهَبٌ، وأَلْفَجَ فَهُوَ مُلْفَجٌ إِذا أَفْلَس، وأَحْصَنَ فَهُوَ مُحْصَنٌ؛ وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيا: أَكَلُوا وشَرِبُوا وأَسْهَبُوا أَي أَكثَروا وأَمْعَنُوا. أَسْهَبَ فَهُوَ مُسْهَبٌ، بِفَتْحِ الهاءِ، إِذا أَمْعَنَ فِي الشيءِ وأَطال، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قِيلَ لَهُ: ادْعُ اللهَ لَنَا، فَقَالَ: أَكْرَه أَن أَكونَ مِنَ المُسْهَبِين
، بِفَتْحِ الهاءِ، أَي الكَثِيري الْكَلَامِ؛ وأَصله مِنَ السَّهْب،(1/475)
وَهُوَ الأَرضُ الواسِعةُ، ويُجمع عَلَى سُهُبٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وفرَّقَها بسُهُبِ بِيدِها.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَثَ خَيْلًا، فأَسْهَبَتْ شَهْراً
؛ أَي أَمْعَنَتْ فِي سَيْرِها. والمُسْهِبُ والمُسْهَبُ: الَّذِي لَا تَنْتَهِي نَفْسُه عَنْ شيءٍ، طَمَعاً وشَرَهاً. ورَجل مُسْهَبٌ: ذاهِبُ العَقْلِ مِنْ لَدْغِ حَيَّةٍ أَو عَقْرَبٍ؛ تَقُولُ مِنْهُ أُسْهِبَ، عَلَى مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ؛ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يَهْذي مِنْ خَرَفٍ. والتَّسْهِيبُ: ذَهابُ الْعَقْلِ، والفعلُ مِنْهُ مُماتٌ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمةَ:
أَمْ لَا تُذَكَّرُ سَلْمَى، وهْيَ نازِحةٌ، ... إِلَّا اعْتَراكَ جَوَى سُقْمٍ وتَسْهِيبِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وضُرِبَ عَلَى قَلْبِه بالإِسْهابِ
؛ قِيلَ: هُوَ ذَهابُ الْعَقْلِ. ورجُل مُسْهَبُ الجسْمِ إِذا ذَهَبَ جِسمُهُ مِن حُبٍّ، عَنْ يَعْقُوبَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ مُسْهَبُ الْعَقْلِ، بِالْفَتْحِ، ومُسْهَمٌ عَلَى الْبَدَلِ؛ قال: وكذلك الجسْم إِذا ذَهَبَ مِن شِدّةِ الحُبِّ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: أُسْهِبَ السَّلِيمُ إِسْهاباً، فَهُوَ مُسْهَبٌ إِذا ذَهَبَ عَقْلُه وعاشَ؛ وأَنشد:
فباتَ شَبْعانَ، وَبَاتَ مُسْهَبَا
وأَسْهَبْتُ الدَّابَّةَ إِسْهاباً إِذا أَهْمَلْتَها تَرْعَى، فَهِيَ مُسْهَبةٌ؛ قَالَ طُفَيْلٌ الْغَنَوِيُّ:
نَزائِعَ مَقْذُوفاً عَلَى سَرَواتِها، ... بِما لَمْ تُخالِسْها الغُزاةُ، وتُسْهَبُ
أَي قَدْ أُعْفِيَتْ، حَتَّى حَمَلَتِ الشَّحْمَ عَلَى سَرَواتِها. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمِنْ هَذَا قِيلَ للمِكْثارِ: مُسْهَبٌ، كأَنه تُرِكَ وَالْكَلَامَ، يَتَكَلَّمُ بِمَا شاءَ كأَنه وُسِّعَ عَلَيْهِ أَن يَقُولَ مَا شاءَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذا أَعْطَى الرجلُ فأَكثرَ، قِيلَ: قَدْ أَسْهَبَ. ومَكانٌ مُسْهِبٌ: لَا يَمْنَع الماءَ وَلَا يُمْسِكُه. والمُسْهَبُ: المُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ مِن حُبٍّ، أَو فَزَعٍ، أَو مَرَضٍ. والسُّهْبُ مِن الأَرضِ: المُسْتَوي فِي سُهُولَةٍ، وَالْجَمْعُ سُهُوبٌ. والسَّهْبُ: الفَلاةُ؛ وَقِيلَ: سُهُوبُ الفَلاةِ نَواحِيها الَّتِي لَا مَسْلَكَ فِيهَا. والسَّهْبُ: مَا بَعُدَ مِنَ الأَرضِ، واسْتَوَى فِي طُمَأْنِينَةٍ، وَهِيَ أَجْوافُ الأَرضِ، وطُمَأْنِينَتُها الشيءَ القَلِيلَ تَقُودُ الليلةَ واليومَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ بُطُونُ الأَرضِ، تَكُونُ فِي الصَّحارِي والمُتُونِ، وَرُبَّمَا تَسِيلُ، وَرُبَّمَا لَا تَسِيلُ، لأَنَّ فِيهَا غِلَظاً وسُهُولًا، تُنْبِتُ نَباتاً كَثِيرًا، وَفِيهَا خَطَراتٌ مِنْ شَجَرٍ أَي أَماكِنُ فِيهَا شَجَرٌ، وأَماكِنُ لَا شَجَرَ فِيهَا. وَقِيلَ: السُّهُوبُ المُسْتَوِيَةُ البَعِيدَةُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: السُّهُوبُ الواسِعةُ مِنَ الأَرضِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
أَبارِقُ، إِن يَضْغَمْكُمُ اللَّيْثُ ضَغْمةً، ... يَدَعْ بارِقاً، مِثْلَ اليَبابِ مِنَ السَّهْبِ
وبِئْرٌ سَهْبةٌ: بَعِيدَةُ القَعْر، يَخْرُجُ مِنْهَا الريحُ، ومُسْهَبةٌ أَيضاً، بِفَتْحِ الهاءِ. والمُسْهَبةُ مِنَ الآبارِ: الَّتِي يَغْلِبُكَ سِهْبَتُها، حَتَّى لَا تَقْدِرَ عَلَى الماءِ وتُسْهِلَ. وَقَالَ شَمِرٌ: المُسْهَبةُ مِنَ الرَّكايا: الَّتِي يَحْفِرُونَها، حَتَّى يَبْلُغوا تُراباً مَائِقًا، فيَغْلِبُهم(1/476)
تَهَيُّلًا، فيَدَعُونَها. الْكِسَائِيُّ: بِئْرٌ مُسْهَبةٌ الَّتِي لَا يُدْرَكُ قَعْرُها وماؤُها. وأَسْهَبَ القومُ: حَفَروا فهَجَمُوا عَلَى الرَّمْلِ أَو الرِّيحِ؛ قَالَ الأَزهري: وإِذا حَفَر القومُ، فهَجَمُوا عَلَى الرِّيحِ، وأَخْلَفَهُم الماءُ، قِيلَ: أَسْهَبُوا؛ وأَنشد فِي وصْفِ بِئر كَثِيرَةِ الماءِ:
حَوْضٌ طَوِيٌّ، نِيلَ مِنْ إِسْهابِها، ... يَعْتَلِجُ الآذِيُّ مِنْ حَبابِها
قَالَ: وَهِيَ المُسْهَبةُ، حُفِرت حَتَّى بَلَغَتْ عَيْلَم الماءِ. أَلا تَرَى أَنه قَالَ: نِيلَ مِن أَعْمَقِ قَعْرِها. وإِذا بلغَ حافِرُ البئرِ إِلى الرَّمْل، قِيلَ: أَسْهَبَ. وحَفَر القومُ حَتَّى أَسْهَبُوا أَي بَلَغُوا الرَّمْل وَلَمْ يَخْرُجِ الماءُ، وَلَمْ يُصِيبوا خَيْرًا، هَذِهِ عَنِ اللحياني. والمُسْهِبُ: الْغَالِبُ المُكْثِرُ فِي عَطائِه. ومَضى سَهْبٌ مِنَ اللَّيْلِ أَي وَقْتٌ. والسَّهْباءُ: بِئر لِبَنِي سَعْدٍ، وَهِيَ أَيضاً رَوْضةٌ مَعْروفة مَخْصوصة بِهَذَا الِاسْمِ. قَالَ الأَزهري: ورَوْضةٌ بالصَّمَّان تُسَمَّى السَّهْباءَ. والسَّهْبى: مفازةٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
سارُوا إِليكَ مِنَ السَّهْبى، ودُونَهُمُ ... فَيْجانُ، فالحَزْنُ، فالصَّمَّانُ، فالوَكَفُ
والوَكَفُ: لبني يَرْبُوعٍ.
سوب: النِّهَايَةُ لِابْنِ الأَثير: فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، ذكْرُ السُّوبِيةِ، وَهِيَ بِضَمِّ السِّينِ، وَكَسْرِ الباءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَبَعْدَهَا ياءٌ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ: نَبِيذٌ مَعْرُوفٌ يُتَّخذ مِنَ الحِنْطة، وَكَثِيرًا مَا يَشْرَبُه أَهلُ مِصر.
سيب: السَّيْبُ: العَطاءُ، والعُرْفُ، والنافِلةُ. وَفِي حَدِيثِ الاستسقاءِ:
واجْعَلْه سَيْباً نافِعاً
أَي عَطاءً، وَيَجُوزُ أَن يُرِيدَ مَطَراً سَائِبًا أَي جَارِيًا. والسُّيُوبُ: الرِّكاز، لأَنها مِنْ سَيْبِ اللهِ وَعَطَائِهِ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ المَعادِنُ. وَفِي كِتَابِهِ لوائلِ بْنِ حُجْرٍ: وَفِي السُّيُوبِ الخُمُسُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: السُّيُوبُ: الرِّكازُ؛ قَالَ: وَلَا أُراه أُخِذَ إِلا مِنَ السَّيبِ، وَهُوَ العطاءُ؛ وأَنشد:
فَمَا أَنا، منْ رَيْبِ المَنُونِ، بجُبَّإٍ، ... وَمَا أَنا، مِنْ سَيْبِ الإِلهِ، بآيِسِ
وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: السُّيُوبُ عُروق مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، تَسِيبُ فِي المَعْدِن أَي تَتكون فِيهِ «2» وتَظْهَر، سُمِّيَتْ سُيوباً لانْسِيابِها فِي الأَرض. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: السُّيُوبُ جَمْعُ سَيْبٍ، يُرِيدُ بِهِ المالَ الْمَدْفُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، أَو المَعْدِن لأَنه، مِنْ فضلِ اللَّهِ وعَطائه، لِمَنْ أَصابَه. وسَيْبُ الفرَس: شَعَرُ ذَنَبِه. والسَّيْبُ: مُرديُّ السَّفينة. والسَّيْبُ مَصْدَرُ سَابَ الماءُ يَسِيبُ سَيْباً: جَرى. والسِّيبُ: مَجْرَى الماءِ، وجَمْعُه سُيُوبٌ. وسابَ يَسِيبُ: مَشَى مُسرِعاً. وسابَتِ الحَيَّةُ تَسِيبُ إِذا مَضَتْ مُسْرِعةً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَتَذْهَبُ سَلْمَى فِي اللِّمامِ، فَلَا تُرَى، ... وباللَّيْلِ أَيْمٌ حَيْثُ شاءَ يَسِيبُ؟
وَكَذَلِكَ انْسابَتْ تَنْسابُ. وسابَ الأَفْعَى وانْسابَ إِذا خرَج مِنْ مَكْمَنِه. وفي الحديث:
__________
(2) . قوله [أي تتكون إلخ] عبارة التهذيب أي تجري فيه إلخ.(1/477)
أَن رَجلًا شَرِبَ مِنْ سِقاءٍ؛ فانْسابَتْ فِي بَطنِه حَيَّةٌ، فَنُهِيَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقاءِ
، أَي دخَلَتْ وجَرَتْ مَعَ جَرَيانِ الماءِ. يُقَالُ: سابَ الماءُ وانْسابَ إِذا جرَى. وانْسابَ فُلَانٌ نحوكُم: رجَعَ. وسَيَّبَ الشيءَ: تركَه. وسَيَّبَ الدَّابَّةَ، أَو الناقةَ، أَو الشيءَ: تركَه يَسِيبُ حَيْثُ شاءَ. وكلُّ دابَّةٍ تركْتَها وسَوْمَها، فَهِيَ سائبةٌ. والسائبةُ: العَبْدُ يُعْتَقُ عَلَى أَن لَا وَلاءَ لَهُ. والسائبةُ: البعيرُ يُدْرِكُ نِتاجَ نِتاجِه، فيُسَيَّبُ، وَلَا يُرْكَب، وَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ. والسائِبَةُ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ
؛ كَانَ الرجلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَعيدٍ، أَو بَرِئَ مِنْ عِلَّةٍ، أَو نَجَّتْه دابَّةٌ مِنْ مَشَقَّةٍ أَو حَرْبٍ قَالَ: ناقَتي سائبةٌ أَي تُسَيَّبُ فَلَا يُنْتَفَعُ بِظَهْرِهَا، وَلَا تُحَلَّأُ عَنْ ماءٍ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ كَلإٍ، وَلَا تُركَب؛ وَقِيلَ: بَلْ كَانَ يَنْزِعُ مِنْ ظَهْرِها فَقَارَةً، أَو عَظْماً، فتُعْرَفُ بِذَلِكَ؛ فأُغِيرَ عَلَى رَجل مِنَ الْعَرَبِ، فَلَمْ يَجِدْ دابَّةً يركبُها، فرَكِب سَائِبَةً، فَقِيلَ: أَتَرْكَبُ حَراماً؟ فَقَالَ: يَركَبُ الحَرامَ مَنْ لَا حَلالَ لَهُ، فذهَبَتْ مَثَلًا. وَفِي الصِّحَاحِ: السائبةُ الناقةُ الَّتِي كَانَتْ تُسَيَّبُ، فِي الجاهِلِيَّةِ، لِنَذْرٍ وَنَحْوِهِ؛ وَقَدْ قِيلَ: هِيَ أُمُّ البَحِيرَةِ؛ كانتِ الناقةُ إِذا ولَدَتْ عَشْرَةَ أَبْطُن، كُلُّهنَّ إِناثٌ، سُيِّبَتْ فَلَمْ تُرْكَبْ، وَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ولَدُها أَو الضَّيْفُ حَتَّى تَمُوتَ، فإِذا ماتتْ أَكَلَها الرجالُ والنساءُ جَميعاً، وبُحِرَتْ أُذن بِنْتِها الأَخيرةِ، فَتُسَمَّى البَحِيرةَ، وَهِيَ بمَنْزلةِ أُمِّها فِي أَنها سائبةٌ، وَالْجَمْعُ سُيَّبٌ، مثلُ نائمٍ ونُوَّمٍ، ونائحةٍ ونُوَّحٍ. وَكَانَ الرَّجلُ إِذا أَعْتَقَ عَبْداً وَقَالَ: هُوَ سائبةٌ، فَقَدْ عَتَقَ، وَلَا يَكُونُ وَلاؤُه لِمُعتِقِه، ويَضَعُ مالَه حَيْثُ شاءَ، وَهُوَ الَّذِي وردَ النَّهْيُ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ السَّائبةِ والسَّوائِبِ؛ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذا نذَرَ لقُدُومٍ مِن سَفَرٍ، أَو بُرْءٍ مِنْ مَرَضٍ، أَو غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ: ناقَتي سائبةٌ، فَلَا تُمْنَعُ مِن ماءٍ، وَلَا مَرْعًى، وَلَا تُحْلَبُ، وَلَا تُرْكَب؛ وَكَانَ إِذا أَعْتَقَ عَبْداً فَقَالَ: هُوَ سائِبةٌ، فَلَا عَقْل بَيْنَهُمَا، وَلَا مِيراثَ؛ وأَصلُه مِنْ تَسْيِيبِ الدَّوابِّ، وَهُوَ إِرسالُها تَذْهَبُ وتجيءُ، حَيْثُ شاءَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيتُ عَمْرو بْنَ لُحَيٍّ يَجُرُّ قُصْبَه فِي النَّارِ
؛ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوائِب، وَهِيَ الَّتِي نَهى اللهُ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ
؛ فالسَّائبة: أُمُّ البَحِيرَةِ، وَهُوَ مَذْكور فِي مَوْضِعِهِ. وَقِيلَ: كَانَ أَبو العالِيةِ سَائِبَةً، فَلَمَّا هَلَكَ، أُتِيَ مَولاه بميراثِه، فَقَالَ: هُوَ سائبةٌ، وأَبى أَنْ يأْخُذَه. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذا أَعْتَقَ عَبْدَه سَائِبَةً، فَمَاتَ العبدُ وخَلَّفَ مَالًا، وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا غَيْرَ مَوْلَاهُ الَّذِي أَعْتَقَه، فميراثُه لمُعْتِقِه، لأَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَعَلَ الوَلاءَ لُحْمةً كَلُحْمةِ النَّسَب، فَكَمَا أَنَّ لُحْمةَ النَّسبِ لَا تَنْقَطِعُ، كَذَلِكَ الوَلاءُ؛ وَقَدْ
قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.
وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ: السَّائِبةُ والصَّدقةُ ليومِهِما.
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ، فِي قَوْلِهِ ليَوْمهما، أَي يَوْمِ القيامةِ، واليَوْمِ الَّذِي كَانَ أَعْتَقَ سائِبتَه، وَتَصَدَّقَ بصدقتِه فِيهِ. يَقُولُ: فَلَا يَرجِعُ إِلى الانتِفاع بشيءٍ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ كالرَّجل(1/478)
يُعْتِقُ عَبْدَه سَائِبَةً، فيَمُوتُ العَبْدُ ويَتْرُك مَالًا، وَلَا وارثَ لَهُ، فَلَا يَنْبَغِي لِمُعتقه أَن يَرْزَأَ مِنْ مِيراثِه شَيْئًا، إِلا أَن يَجْعَلَهُ فِي مِثْله. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: قَوْلُهُ الصَّدَقةُ والسَّائبةُ ليومِهما، أَي يُرادُ بِهِمَا ثوابُ يومِ القيامةِ؛ أَي مَن أَعْتَقَ سائِبَتَه، وتَصَدَّقَ بِصَدقةٍ، فَلَا يَرْجِعُ إِلى الانْتِفاعِ بشيءٍ مِنْهَا بعدَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، وإِن وَرِثَهما عَنْهُ أَحدٌ، فَلْيَصْرِفْهُما فِي مِثْلِهما، قَالَ: وَهَذَا عَلَى وَجْهِ الفَضْلِ، وطَلَبِ الأَجْرِ، لَا عَلَى أَنه حرامٌ، وإِنما كَانُوا يَكْرَهُونَ أَن يَرْجِعُوا فِي شيءٍ، جَعَلُوه لِلَّهِ وطَلَبُوا بِهِ الأَجر. وَفِي حَدِيثِ
عبدِ اللَّهِ: السَّائبةُ يَضعُ مالَه حيثُ شاءَ
؛ أَي العَبْدُ الَّذِي يُعْتَقُ سائِبةً، وَلَا يَكُونُ ولاؤُه لِمُعْتِقِه، وَلَا وارِثَ لَهُ، فيَضَعُ مالَه حيثُ شاءَ، وَهُوَ الَّذِي ورَدَ النَّهْيُ عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عُرِضَتْ عَليَّ النارُ فرأَيتُ صاحِبَ السَّائِبَتَيْنِ يُدْفَعُ بِعَصاً
، السَّائِبتانِ: بَدَنَتان أَهْداهما النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى البَيْت، فأَخذهما رَجلٌ مِن الْمُشْرِكِينَ فذَهَبَ بِهِمَا؛ سمَّاهُما سائِبَتَيْنِ لأَنه سَيَّبَهُما لِلَّهِ تَعَالَى. وَفِي حديثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ الحيلةَ بالمَنْطِقِ أَبْلَغُ مِنَ السُّيُوبِ فِي الكَلِمِ
؛ السُّيُوبُ: مَا سُيِّبَ وخُلِّي فسابَ، أَي ذَهَبَ. وسابَ فِي الْكَلَامِ: خاضَ فِيهِ بهَذْرٍ؛ أَي التَّلَطُّفُ والتَّقَلُّلُ مِنْهُ أَبلَغُ مِنَ الإِكثارِ. وَيُقَالُ سابَ الرَّجُل فِي مَنْطِقِه إِذا ذَهَبَ فِيهِ كلَّ مذهبٍ. والسَّيَابُ، مِثْلُ السَّحابِ: البَلَحُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ البُسْر الأَخضرُ، وَاحِدَتُهُ سَيابةٌ؛ وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجل؛ قَالَ أُحَيْحةُ:
أَقْسَمْتُ لَا أُعْطِيكَ، فِي ... كَعْب ومَقْتَلِه، سَيابَهْ
فإِذا شَدَّدْته ضَمَمْتَه، فَقُلْتَ: سُيَّابٌ وسُيّابةٌ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
أَيَّامَ تَجْلُو لَنَا عَنْ بارِدٍ رَتِلٍ، ... تَخالُ نَكْهَتَها، باللَّيْلِ، سُيَّابَا
أَراد نَكْهةَ سُيَّابٍ وسُيَّابةٍ أَيضاً. الأَصمعي: إِذا تَعَقَّدَ الطَّلْعُ حَتَّى يَصِيرَ بَلَحًا، فَهُوَ السَّيابُ، مُخَفَّف، وَاحِدَتُهُ سَيابةٌ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: هُوَ السَّدَى والسَّداءُ، مَمْدُودٌ بِلُغَةِ أَهل الْمَدِينَةِ؛ وَهِيَ السَّيابةُ، بلغةِ وَادِي القُرَى؛ وأَنشد للَبيدٍ:
سَيابةٌ مَا بِهَا عَيْبٌ، وَلَا أَثَرُ
قَالَ: وَسَمِعْتُ الْبَحْرَانِيِّينَ تَقُولُ: سُيَّابٌ وسُيَّابةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُسَيْد بْنِ حُضَيْرٍ: لَوْ سَأَلْتَنا سَيابةً مَا أَعْطَيْناكَها
، هِيَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالتَّخْفِيفِ: البَلحَةُ، وَجَمْعُهَا سَيابٌ. والسِّيبُ: التُّفَّاحُ، فارِسيّ؛ قَالَ أَبو العلاءِ: وَبِهِ سُمِّيَ سِيبَوَيْهِ: سِيب تُفَّاحٌ، وَوَيْه رائحتُه، فكأَنه رَائِحَةُ تُفَّاحٍ. وسائبٌ: اسمٌ مِنْ سابَ يَسِيبُ إِذا مَشى مُسْرِعاً، أَو مِنْ سابَ الماءُ إِذا جَرى. والمُسَيَّبُ: مِنْ شُعَرائِهم. والسُّوبانُ: اسْمُ وادٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
فصل الشين المعجمة
شأب: الشَّآبِيبُ مِن المَطر: الدُّفعاتُ. وشُؤْبُوبُ العَدْوِ مِثْلُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: الشُّؤْبُوبُ: الدُّفْعةُ مِنَ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: تَمْريهِ الجَنُوبُ دِرَر(1/479)
أَهاضيبِه ودُفَعَ شآبيبِه
؛ الشَّآبيبُ: جَمْعُ شُؤْبُوبٍ، وَهُوَ الدُّفْعةُ مِنَ المَطر وَغَيْرِهِ. أَبو زَيْدٍ: الشُّؤْبُوبُ: الْمَطَرُ يُصيبُ الْمَكَانَ ويُخْطئُ الْآخَرَ، وَمِثْلُهُ النَّجوُ والنَّجاءُ. وشُؤْبُوبُ كُلِّ شيءٍ: حَدُّه، وَالْجَمْعُ الشَّآبِيب؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهير، يَذْكُرُ الحِمار والأُتُن:
إِذا مَا انتحاهُنَّ شُؤْبُوبُه، ... رأَيْتَ، لجاعِرَتَيْه، غُضونا
شُؤْبُوبه: دُفْعَتُه. يَقُولُ: إِذا عَدا واشتَدَّ عَدوُه، رأَيتَ لجاعِرَتَيْهِ تَكَسُّراً. وَلَا يُقَالُ للمَطر شُؤْبُوبٌ إِلا وَفِيهِ بَرَدٌ. وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ: إِنها لَحَسنة شَآبِيبِ الْوَجْهِ، وَهُوَ أَول مَا يَظْهَر مِنْ حُسْنِها، فِي عَيْنِ النَّاظِرِ إِليها. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ غَفَرَ: قَالَتِ الغَنويَّةُ مَا سالَ مِنَ المُغْفُر، فبَقِيَ شِبْهُ الخُيُوطِ، بَيْنَ الشَّجَرِ والأَرض، يُقَالُ لَهُ شآبِيب الصَّمْغِ؛ وأَنشدت:
كأَنَّ سَبْلَ مَرْغِه المُلعْلعِ، ... شُؤْبُوبُ صَمْغٍ، طَلْحُه لَمْ يُقْطعِ
شبب: الشَّباب: الفَتاء والحداثةُ. شبَّ يشِبُّ شَبَابًا وَشَبِيبَةً. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْحٍ: تجوزُ شهادةُ الصِّبيان عَلَى الْكِبَارِ يُسْتشَبُّون
أَي يُسْتشْهَدُ مَنْ شبَّ مِنْهُمْ وكَبر إِذا بَلَغ، كأَنه يَقُولُ: إِذا تحمَّلوها فِي الصِّبا، وأَدَّوْها فِي الكِبر، جَازَ. وَالِاسْمُ الشَّبيبةُ، وَهُوَ خِلافُ الشَّيبِ. وَالشَّبَابُ: جَمْعُ شابٍّ، وَكَذَلِكَ الشُّبان. الأَصمعي: شَبَّ الغلامُ يَشِبُّ شَباباً وشُبوباً وشَبِيباً، وأَشَبَّه اللهُ وأَشَبَّ اللَّهُ قَرْنَه، بِمَعْنَى؛ والقَرْنُ زِيَادَةٌ فِي الْكَلَامِ؛ وَرَجُلٌ شابٌّ، وَالْجَمْعُ شُبَّانٌ؛ سِيبَوَيْهِ: أُجري مَجْرَى الِاسْمِ، نَحْوَ حاجِرٍ وحُجْرانٍ؛ والشَّبابُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ؛ قَالَ:
وَلَقَدْ غَدَوْتُ بسابِحٍ مَرِحٍ، ... ومَعِي شَبابٌ، كُلُّهُمْ أَخْيَل
وامرأَة شابَّةٌ مِن نِسوةٍ شَوابَّ. زَعَمَ الْخَلِيلِ أَنه سَمِعَ أَعرابيّاً فَصيحاً يَقُولُ: إِذا بَلَغَ الرَّجل سِتِّينَ، فإِيَّاه وإِيَّا الشَّوابِّ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: رَجُل شَبٌّ، وامرأَةٌ شَبَّةٌ، يَعْنِي مِنَ الشَّبابِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يَجُوزُ نِسوةٌ شَبائِبُ، فِي مَعْنَى شَوابَّ؛ وأَنشد:
عَجائِزاً يَطْلُبْنَ شَيْئًا ذَاهِبَا، ... يَخْضِبْنَ، بالحنَّاءِ، شَيْباً شائِبا،
يَقُلْنَ كُنَّا، مَرَّةً، شَبائِبا
قَالَ الأَزهري: شَبائِبُ جَمْعُ شبَّةٍ، لَا جَمْعُ شابَّةٍ، مِثْلُ ضَرَّةٍ وضَرائِرَ. وأَشَبَّ الرَّجُل بَنِينَ إِذا شَبَّ ولَده. وَيُقَالُ: أَشَبَّتْ فُلانةُ أَولاداً إِذا شَبَّ لَهَا أَولادٌ. ومرَرْت بِرِجَالِ شَبَبةٍ أَي شُبَّانٍ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
لَمَّا بَرَز عُتْبةُ وشَيْبةُ والولِيدُ بَرَزَ إِليهم شَبَبةٌ مِنَ الأَنصار
؛ أَي شُبَّانٌ، وَاحِدُهُمْ شابٌّ، وَقَدْ صَحَّفه بَعْضُهُمْ سِتّة، وَلَيْسَ بشيءٍ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كنتُ أَنا وابنُ الزُّبَيْر فِي شَبَبةٍ معَنا.
وقِدْحٌ شابٌّ: شديدٌ، كَمَا قَالُوا فِي ضِدِّهِ: قِدْحٌ هَرِمٌ. وَفِي الْمَثَلِ: أَعْيَيْتَنِي مِن شُبَّ إِلى دُبَّ، وَمِنْ شُبٍّ إِلى دُبٍّ؛ أَي مِنْ لَدُنْ شَبَبْتُ إِلى أَن دَبَبْتُ عَلَى العَصا؛ يُجعَل ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْمِ، بإِدخال مِن عَلَيْهِ، وإِن كَانَ فِي الأَصل فِعْلًا. يُقَالُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ والمرأَة، كَمَا قِيلَ:
نَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ قِيلَ وقالَ، وما زالَ عَلَى خُلُقٍ واحدٍ(1/480)
مِنْ شُبٍّ إِلى دُبٍ
؛ قَالَ:
قَالَتْ لَها أُخْتٌ لَها نَصَحَتْ: ... رُدِّي فُؤَادَ الهائمِ الصَّبِ
قَالَتْ: ولِمْ؟ قَالَتْ: أَذَاكَ وقَدْ ... عُلِّقْتُكُمْ شُبّاً إِلى دُبِ
وَيُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ فِي شَبِيبَتِه، ولَقِيتُ فُلَانًا فِي شَبابِ النَّهَارِ أَي فِي أَوَّله؛ وجِئتُك فِي شَبابِ النهارِ، وبِشَبابِ نَهارٍ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، أَي أَوَّله. والشَّبَبُ والشَّبُوبُ والمِشَبُّ: كُلُّهُ الشَّابُّ مِنَ الثِّيرانِ والغَنَمِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِمَورِكَتَيْن مِنْ صَلَوَيْ مِشَبٍّ، ... مِنَ الثِّيران، عَقْدُهما جَمِيلُ
الْجَوْهَرِيُّ: الشَّبَبُ المُسِنُّ مِنْ ثِيرانِ الوحشِ، الَّذِي انْتَهَى أَسنانه؛ وقال أَبو عبيدة: الشَّبَبُ الثَّوْرُ الَّذِي انْتَهَى شَباباً؛ وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي انْتَهَى تمامُه وذَكاؤُه، مِنْهَا؛ وَكَذَلِكَ الشَّبُوبُ، والأُنثى شَبُوبٌ، بِغَيْرِ هاءٍ؛ تَقُولُ مِنْهُ: أَشَبَّ الثَّوْرُ، فَهُوَ مُشِبٌّ، وَرُبَّمَا قَالُوا: إِنه لَمِشَبٌّ، بِكَسْرِ الْمِيمِ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ للثَّوْرِ إِذا كَانَ مُسِنّاً: شَبَبٌ، وشَبُوبٌ، ومُشِبٌّ؛ وَنَاقَةٌ مُشِبَّةٌ، وَقَدْ أَشَبَّت؛ وَقَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ:
أَقامُوا صُدُورَ مُشِبَّاتِها ... بَواذِخَ، يَقْتَسِرُونَ الصِّعابا
أَي أَقاموا هَذِهِ الإِبل عَلَى القَصْدِ. أَبو عَمْرٍو: القَرْهَبُ المُسِنُّ مِنَ الثيرانِ، والشَّبوبُ: الشابُّ. قَالَ أَبو حاتم وابن شُمَيْلٍ: إِذا أَحالَ وفُصِلَ، فَهُوَ دَبَبٌ، والأُنثَى دَبَبَةٌ، وَالْجَمْعُ دِبابٌ؛ ثُمَّ شَبَبٌ، والأُنثى شَبَبةٌ. وتَشْبِيبُ الشِّعْر: تَرْقِيقُ أَوَّله بِذِكْرِ النساءِ، وَهُوَ مِنْ تَشْبِيبِ النَّارِ، وتأْرِيثِها. وشَبَّبَ بالمرأَة: قَالَ فِيهَا الغَزَل والنَّسِيبَ؛ وَهُوَ يُشَبِّبُ بِهَا أَي يَنْسُبُ بِهَا. والتَّشْبِيبُ: النَّسِيبُ بالنساءِ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنه كَانَ يُشَبِّبُ بلَيْلَى بنتِ الجُودِيّ فِي شِعْرِه. تَشْبِيبُ الشِّعْر: تَرْقِيقُه بِذِكْرِ النساءِ. وشَبَّ النارَ والحَرْبَ: أَوقَدَها، يَشُبُّها شَبّاً، وشُبُوباً، وأَشَبَّهَا، وشَبَّتْ هِيَ تَشِبُّ شَبّاً وشُبُوباً. وشَبَّةُ النارِ: اشْتِعالُها. والشِّبابُ والشَّبُوبُ: مَا شُبَّ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الشَّبوبُ، بِالْفَتْحِ: مَا يُوقَدُ بِهِ النارُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: حُكِيَ عَنْ أَبي عَمْرِو بْنِ العلاءِ، أَنه قَالَ: شُبَّتِ النارُ وشَبَّتْ هِيَ نفسُها؛ قَالَ وَلَا يُقَالُ: شابَّةٌ، وَلَكِنْ مَشْبُوبةٌ. وَتَقُولُ: هَذَا شَبُوبٌ لِكَذَا أَي يَزيدُ فِيهِ ويُقَوّيهِ. وَفِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ: فَلَمَّا سَمِعَ حَسَّانُ شِعْر الهاتِفِ، شَبَّبَ يُجاوِبُه أَي ابتدأَ فِي جَوابِه، مِنْ تَشْبِيبِ الكُتُبِ، وَهُوَ الابتداءُ بِهَا، والأَخْذُ فِيهَا، وَلَيْسَ مِنْ تَشْبِيبٍ بالنساءِ فِي الشِّعْرِ، وَيُرْوَى نَشِبَ بِالنُّونِ أَي أَخذ فِي الشِّعْر، وعَلِقَ فِيهِ. وَرَجُلٌ مَشْبوبٌ: جميلٌ، حسنُ الوَجْهِ، كأَنه أُوقِد؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا الأَرْوَعُ المَشْبوبُ أَضحَى كأَنه، ... عَلَى الرَّحْلِ مِمَّا مَنَّه السيرُ، أَحْمَقُ
وَقَالَ الْعَجَّاجُ: مِنْ قرَيْشٍ كلِّ مَشْبوبٍ أَغرّ. ورجلٌ مَشْبُوبٌ إِذا كَانَ ذَكِيَّ الفؤَادِ، شَهْماً؛(1/481)
وأَورد بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ. تَقُولُ: شَعَرُها يَشُبّ لوْنَها أَي يُظْهِرُه ويُحَسِّنُه، ويُظْهِرُ حُسْنَه وبَصِيصَه. والمَشْبوبَتانِ: الشِّعْرَيانِ، لاتِّقادِهِما؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وعَنْسٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَسَأْتُها، ... إِذا قيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ، هُما هُما
وشَبَّ لَوْنَ المرأَةِ خِمارٌ أَسْوَدُ لَبِسَتْهُ أَي زَادَ فِي بياضِها وَلَوْنِهَا، فحَسَّنَها، لأَنَّ الضِّدَّ يَزِيدُ فِي ضِدِّهِ، ويُبْدي مَا خَفِيَ مِنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالُوا:
وبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشْياءُ
قَالَ رَجُلٌ جَاهِلِيٌّ مِنْ طيئٍ:
مُعْلَنْكِسٌ، شَبَّ لَها لَوْنَها، ... كَمَا يَشُبُّ البَدْرَ لَوْنُ الظَّلامِ
يَقُولُ: كَمَا يَظْهَرُ لَوْنُ البدرِ فِي الليلةِ المظلمةِ. وَهَذَا شَبُوبٌ لِهَذَا أَي يَزِيدُ فِيهِ، ويُحَسِّنُه. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
مُطَرِّف: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ائْتَزَرَ ببُرْدَةٍ سَوْداءَ، فجعلَ سَوادُها يَشُبُّ بياضَه، وَجَعَلَ بياضُه يَشُبُّ سَوادَها
؛ قَالَ شَمِرٌ: يَشُبُّ أَي يَزْهاه ويُحَسِّنُه وَيُوقِدُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه لَبِسَ مِدْرَعةً سوداءَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا أَحْسَنَها عَلَيْكَ يَشُبُّ سوادُها بياضَك، وبياضُك سوادَها
أَي تُحَسِّنُه ويُحَسِّنُها. وَرَجُلٌ مَشْبُوبٌ إِذا كَانَ أَبْيضَ الوَجْهِ أَسْوَدَ الشَّعَرِ، وأَصْلُه مَنْ شَبَّ النارَ إِذا أَوْقَدَها، فتَلأْلأَتْ ضِياءً ونُوراً. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حِينَ تُوفِّيَ أَبو سَلَمَةَ، قَالَتْ: جعَلْتُ عَلَى وَجْهِي صَبِراً، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: إِنه يَشُبُّ الوجهَ، فَلَا تَفْعَلِيه
؛ أَي يُلَوِّنُه ويُحَسِّنُه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي الْجَوَاهِرِ الَّتِي جَاءَتْهُ مِنْ فَتْحِ نَهاوَنْدَ: يَشُبُّ بعضُها بَعْضًا.
وَفِي كتابِه لوائِل بْنِ حُجْرٍ: إِلى الأَقيالِ العَباهِلةِ، والأَرْواعِ المَشابِيبِ أَي السادةِ الرُّؤُوسِ، الزُّهْرِ الأَلْوانِ، الحِسانِ المَناظِرِ، واحدُهم مشبوبٌ، كأَنما أُوقِدَتْ أَلوانُهم بِالنَّارِ؛ وَيُرْوَى: الأَشِبَّاءُ، جَمْعُ شَبِيبٍ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. والشِّبابُ، بِالْكَسْرِ: نَشاطُ الفرَس، ورَفْعُ يَدَيْه جَمِيعًا. وشَبَّ الفرسُ، يَشِبُّ ويَشُبُّ شِباباً، وشَبِيباً وشُبوباً: رَفَعَ يَديه جَمِيعًا، كأَنه يَنْزُو نَزَواناً، ولَعِبَ وقَمَّصَ. وأَشْبَيْتُه إِذا هَيَّجْتَه؛ وَكَذَلِكَ إِذا حَرَنَ تَقُولُ: بَرِئْتُ إِليك مِنَ شِبابِه وشَبِيبه، وعِضاضِه وعَضِيضِه وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الشَّبِيبُ الَّذِي تجوزُ رِجْلاه يَدَيْهِ، وَهُوَ عَيْبٌ، والصحيحُ الشَّئيتُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِه. وَفِي حَدِيثِ
سُراقةَ: اسْتَشِبُّوا عَلَى أَسْوُقِكُم فِي البَوْلِ
، يَقُولُ: اسْتَوفِزُوا عَلَيْهَا، وَلَا تَسْتَقِرُّوا عَلَى الأَرضِ بجَميعِ أَقْدامِكُم، وتَدْنُو مِنْهَا، هُوَ مِنْ شَبَّ الفَرسُ إِذا رَفَع يَدَيْهِ جَمِيعاً مِنَ الأَرض. وأُشِبَّ لِيَ الرَّجُلُ إِشْباباً إِذا رَفَعْتَ طَرْفَكَ، فرأَيتَه مِنْ غَيْرِ أَن تَرْجُوَه، أَو تَحْتَسِبَه؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
حتَّى أُشِبَّ لَها رامٍ بِمُحْدَلةٍ، ... نَبْعٍ وبِيضٍ، نَواحيهنَّ كالسَّجَمِ
السَّجَمُ: ضَرْبٌ مِنَ الْوَرَقِ شَبَّه النِّعالَ بِهَا.(1/482)
والسَّجَمُ: الماءُ أَيضاً. وأُشِبَّ لِي كَذَا أَي أُتِيحَ لِي، وشُبَّ أَيضاً عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه فِيهِمَا. والشَّبُّ: ارْتِفاعُ كلِّ شيءٍ. أَبو عَمْرٍو: شَبْشَبَ الرَّجل إِذا تَمَّمَ، وشُبَّ إِذا رُفِعَ، وشَبَّ إِذا أَلْهَبَ. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ أَسْماءِ العَقْرب الشَّوْشَبُ. وَيُقَالُ لِلْقَمْلَةِ: الشَّوشَبةُ. وشَبَّذَا زَيْدٌ أَي حَبَّذا، حَكَاهُ ثَعْلَبٌ. والشَّبُّ: حِجارةٌ يُتَّخذ مِنْهَا الزَّاجُ وَمَا أَشْبَهَه، وأَجْوَدُه مَا جُلِبَ مِنَ اليَمَن، وَهُوَ شَبٌّ أَبيضُ، لَهُ بَصِيصٌ شَديدٌ؛ قَالَ:
أَلا لَيْتَ عَمِّي، يَوْمَ فَرَّقَ بَيْنَنا، ... سَقَى السُّمَّ مَمْزوجاً بِشَبٍّ يَمَانِي «3»
وَيُرْوَى: بِشَبٍّ يَمانِي؛ وَقِيلَ: الشَّبُّ دواءٌ مَعْرُوفٌ؛ وَقِيلَ: الشَّبُّ شيءٌ يُشْبِهُ الزَّاجَ. وَفِي حَدِيثِ
أَسماء، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنها دَعَتْ بِمِرْكَنٍ، وشَبٍّ يَمانٍ
؛ الشَّبُّ: حَجَر مَعْرُوفٌ يُشْبِهُ الزَّاجَ، يُدْبَغُ بِهِ الجُلُود. وعَسَلٌ شَبابِيٌّ: يُنْسَبُ إِلى بَنِي شَبابةَ، قَوْمٌ بالطَّائفِ مِنْ بَني مَالِكِ بْنِ كِنانةَ، يَنْزِلُونَ الْيَمَنَ. وشَبَّةُ وشَبِيبٌ: اسْمَا رَجُلَيْنِ. وبنُو شَبابةَ: قَوْم مِن فَهْم بْنِ مَالِكٍ، سَمَّاهم أَبو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِ النَّبَاتِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: بَنُو شَبابةَ قَوْمٌ بالطَّائفِ، وَاللَّهُ أَعلم.
شجب: شَجَبَ، بِالْفَتْحِ، يَشْجُبُ، بِالضَّمِّ، شُجُوباً، وشَجِبَ، بِالْكَسْرِ، يَشْجَبُ شَجَباً، فَهُوَ شاجِبٌ وشَجِبٌ: حَزِنَ أَو هَلَكَ. وشَجَبَه اللهُ، يَشْجُبُه شَجْباً أَي أَهْلَكَه؛ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ يُقَالُ: مَا لَهُ شَجَبَه اللهُ أَي أَهْلَكَه؛ وشَجَبَه أَيضاً يَشْجُبُه شَجْباً: حَزَنَه. وشَجَبَه: شَغَله. وَفِي الْحَدِيثِ:
الناسُ ثلاثةٌ: شاجِبٌ، وغانِمٌ، وسالِمٌ؛ فالشاجِبُ: الَّذِي يَتَكَلَّم بالرَّدِيءِ، وَقِيلَ: الناطِقُ بالخَنا، المُعِينُ عَلَى الظُّلْمِ؛ والغانِمُ: الَّذِي يَتَكَلَّم بالخَيْرِ، ويَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فيَغْنَمُ؛ والسالِمُ: الساكتُ.
وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ الشاجِبُ الهالِكُ الآثِمُ. قَالَ: وشَجَبَ الرجلُ، يَشْجُبُ شُجُوباً إِذا عَطِبَ وهَلَكَ فِي دِينٍ أَو دُنْيا. وَفِي لُغَةٍ: شَجِبَ يَشْجَبُ شَجَباً، وَهُوَ أَجْوَدُ اللُّغَتين، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ؛ وأَنشد للكُمَيْت:
لَيْلَك ذَا لَيْلَكَ الطويلَ، كَمَا ... عالَجَ تَبْريحَ غُلِّه الشَّجِبُ
وامرأَةٌ شَجُوبٌ: ذاتُ هَمٍّ، قَلْبُها مُتَعَلِّقٌ بِهِ. والشَّجَبُ: العَنَتُ يُصِيبُ الإِنسانَ مِنْ مَرَضٍ، أَو قِتال. وشَجَبُ الإِنسانِ: حاجتُه وهَمُّه، وَجَمْعُهُ شُجُوبٌ، والأَعرف شَجَنٌ، بِالنُّونِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. الأَصمعي: يُقَالُ إِنك لتَشْجُبُني عَنْ حَاجَتِي أَي تَجْذِبُني عَنْهَا؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: هُوَ يَشْجُبُ اللِّجامَ أَي يَجْذِبُه. والشَّجَبُ: الهَمُّ والحَزَنُ. وأَشْجَبه الأَمْرُ، فشَجِبَ لَهُ شَجَباً: حَزِنَ. وَقَدْ أَشْجَبَك الأَمْرُ، فشَجِبْتَ شَجَباً. وشَجَبَ الشيءُ، يَشْجُبُ شَجْباً وشُجُوباً: ذَهَبَ. وشَجَبَ الغُرابُ، يَشْجُبُ شَجِيباً: نَعَقَ بالبَيْنِ. وغرابٌ شاجِبٌ: يَشْجُبُ شَجِيباً، وهو الشديدُ
__________
(3) . قوله [سقى السم] ضبط في نسخة عتيقة من المحكم بصيغة المبني للفاعل كما ترى.(1/483)
النَّعِيقِ الَّذِي يَتَفَجَّعُ مِنْ غِرْبانِ البَيْنِ؛ وأَنشد:
ذَكَّرْن أَشْجاناً لِمَنْ تَشَجَّبا، ... وهِجْنَ أَعْجاباً لِمَنْ تَعَجَّبا
والشِّجابُ: خَشَباتٌ مُوَثَّقةٌ منصوبةٌ، تُوضَعُ عَلَيْهَا الثِّيابُ وتُنْشَر، وَالْجَمْعُ شُجُبٌ؛ والمِشْجَبُ كالشِّجابِ. وَفِي حَدِيثِ
جابِرٍ: وثَوْبهُ عَلَى المِشْجَبِ
وَهُوَ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، عِيدانٌ يُضَمُّ رُؤُوسها، ويُفَرَّجُ بَيْنَ قَوائمِها، وتُوضَعُ عَلَيْهَا الثِّيابُ. وَقَدْ تُعَلَّقُ عَلَيْهَا الأَسْقِيةُ لتَبْريدِ الماءِ؛ وَهُوَ مِنْ تَشاجَبَ الأَمْرُ إِذا اخْتَلَطَ. والشُّجُبُ: الخَشَباتُ الثلاثُ الَّتِي يُعَلِّق عَلَيْهَا الراعِي دَلْوَه وسِقاءَه. والشُّجْبُ: عَمُود مِنْ عُمُدِ الْبَيْتِ، وَالْجَمْعُ شُجُوب؛ قَالَ أَبو وِعاسٍ الهُذَلي يَصِفُ الرِّماح:
كأَنَّ رِماحَهم قَصْباءُ غِيلٍ، ... تَهَزْهَزُ مِن شَمالٍ، أَو جَنُوبِ
فَسامُونا الهِدانةَ مِن قَريبٍ، ... وهُنَّ مَعاً قِيامٌ كالشُّجُوبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ لأُسامةَ بن الحَرثِ الْهُذَلِيِّ. وهُنَّ: ضميرُ الرِّماح الَّتِي تقدّمَت فِي الْبَيْتِ الأَوَّل. وسامُونا: عَرضُوا عَلَيْنَا. والهِدانةُ: المُهادَنةُ والمُوادَعةُ. والشَّجْبُ: سِقاءٌ يابسٌ يُجعلُ فِيهِ حَصى ثُمَّ يُحَرَّكُ، تُذْعَرُ بِهِ الإِبل. وسِقاءٌ شاجِبٌ أَي يابسٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَوْ أَنّ سَلْمَى ساوَقَتْ رَكائِبي، ... وشَرِبَتْ مِن ماءِ شَنٍّ شاجِبِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنه باتَ عِنْدَ خالتِه مَيْمونةَ، قَالَ: فَقَامَ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إِلى شَجْبٍ، فاصْطَبَّ مِنْهُ الماءَ، وتَوَضَّأَ
؛ الشَّجْبُ: بِالسُّكُونِ، السِّقاءُ الَّذِي أَخْلَقَ وبَلِيَ، وصارَ شَنّاً، وَهُوَ مِنَ الشَّجْبِ، الهلاكِ، وَيُجْمَعُ عَلَى شُجُبٍ وأَشْجابٍ. قَالَ الأَزهري: وسمعتُ أَعرابياً مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يَقُولُ: الشَّجْب مِنَ الأَساقِي مَا تَشَنَّنَ وأَخْلَقَ؛ قَالَ: وَرُبَّمَا قُطِعَ فَمُ الشَّجْبِ، وجُعِلَ فِيهِ الرُّطَبُ. ابْنُ دُرَيْدٍ: الشَّجْبُ تَداخُلُ الشيءِ بَعْضِهِ فِي بعضٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فاسْتَقَوْا مِنْ كُلِّ بِئرٍ ثلاثَ شُجُبٍ.
وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ يُبَرّدُ، لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمَاءَ فِي أَشْجابِه.
وشَجَبَه بِشِجابٍ أَي سَدَّه بِسِدادٍ. وبَنُو الشَّجْبِ: قبيلةٌ مِنْ كَلْبٍ؛ قَالَ الأَخطل:
ويامَنَّ عَنْ نَجدِ العُقابِ، وياسَرَتْ ... بِنا العِيسُ، عَنْ عَذْراءَ دارِ بَني الشَّجْبِ
ويَشْجُبُ: حَيٌّ، وَهُوَ يَشْجُبُ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطانَ، والله أَعلم.
شحب: شَحَبَ لَوْنُه وجِسْمُه، يَشْحَبُ ويَشْحُبُ، بِالضَّمِّ، شُحُوباً، وشَحُبَ شُحُوبةً: تَغَيَّرَ مِنْ هُزالٍ، أَو عَمَلٍ، أَو جُوعٍ، أَو سَفَرٍ، وَلَمْ يُقَيِّد فِي الصِّحَاحِ التَّغَيُّرَ بسَبَب، بَلْ قَالَ: شَحُبَ جِسْمُه إِذا تغَيَّرَ؛ وأَنشد لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
وَفِي جِسْمِ راعِيها شُحُوبٌ، كأَنه ... هُزالٌ، وَمَا مِنْ قِلَّةِ الطُّعمِ يُهْزَلُ
وَقَالَ لَبِيدٌ فِي الأَوَّل:(1/484)
رَأَتْني قَدْ شَحَبْتُ، وسَلَّ جِسْمي ... طِلابُ النّازِحاتِ مِنَ الهُمومِ
وَقَوْلُ تَأَبَّطَ شَرّاً:
ولكِنَّني أُرْوِي مِنَ الخَمْرِ هامَتي، ... وأَنْضُو المَلا بالشَّاحِبِ المُتَشَلْشِلِ
والمُتَشَلْشِلُ، عَلَى هَذَا: الَّذِي تَخَدَّدَ لَحْمُه وقلَّ؛ وَقِيلَ: الشاحِبُ هُنَا السَّيْفُ، يَتَغَيَّرُ لوْنُه بِمَا يَبِسَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّم، فالمُتَشَلْشِلُ، عَلَى هَذَا، هُوَ الَّذِي يَتَشَلْشَلُ بِالدَّمِ. وأَنْضُو: أَنزِعُ وأَكشِفُ. والشّاحِبُ: المَهْزولُ؛ قَالَ:
وقَد يَجْمَعُ المالَ الفَتى، وَهُوَ شاحِبٌ، ... وَقَدْ يُدْرِكُ المَوْتُ السَّمِينَ البَلَنْدَحا
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ سَرَّه أَن يَنظُرَ إِليَّ فلْيَنْظُر إِلى أَشْعَثَ شاحِبٍ
؛ والشّاحِبُ: المُتَغَيِّر اللَّونِ، لعارضٍ مِنْ مَرَضٍ أَو سَفَرٍ، أَو نَحْوِهِمَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الأَكْوَعِ: رَآنِي رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شاحِباً شَاكِيًا.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَلْقَى شَيْطانُ الكافرِ شَيطانَ المؤْمِن شاحِباً.
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: لَا تَلْقَى المُؤْمِنَ إِلّا شاحِباً
؛ لأَنَّ الشُّحوبَ مِنْ آثَارِ الخَوفِ وقِلَّةِ المأْكل والتَّنَعُّم. وشَحَبَ وَجْهَ الأَرضِ، يَشْحَبُه شَحْباً: قَشَرَه، يمانِيةٌ.
شخب: الشَّخْبُ والشُّخْبُ: مَا خَرَجَ مِن الضَّرْعِ مِن اللَّبن إِذا احْتُلِبَ؛ والشَّخْبُ، بِالْفَتْحِ، الْمَصْدَرُ. وَفِي الْمَثَلِ: شُخْبٌ فِي الإِناءِ وشُخْبٌ فِي الأَرض؛ أَي يُصِيبُ مَرَّة ويُخْطِئُ أُخرى. والشُّخْبةُ: الدُّفْعة، مِنْهُ، وَالْجَمْعُ شِخابٌ؛ وَقِيلَ الشُّخْبُ، بِالضَّمِّ، مِنَ اللَّبَنِ: مَا امْتَدَّ مِنْهُ حِينَ يُحْلَبُ مُتَّصِلًا بَيْنَ الإِناءِ والطُّبْيِ. شَخَبَه شَخْباً، فانْشَخَبَ. وَقِيلَ: الشَّخْبُ صوتُ اللَّبنِ عِنْدَ الحَلبِ. شَخَبَ اللبنُ، يَشْخُبُ ويَشْخَبُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ:
وَوَحْوَحَ فِي حِضْنِ الفَتاةِ ضَجِيعُها، ... ولمْ يَكُ، فِي النُّكْدِ المَفالِيتِ، مَشْخَبُ
والأُشْخُوبُ: صوتُ الدِّرَّة. يُقَالُ: إِنها لأُشْخُوب الأَحالِيلِ. وَفِي حَدِيثِ الحَوض:
يَشْخُبُ فِيهِ مِيزابانِ مِنَ الْجَنَّةِ
؛ والشَّخْبُ: الدَّمُ؛ وَكُلُّ مَا سالَ، فَقَدْ شَخَبَ. وشَخَبَ أَوداجَه دَماً، فانشَخَبَت: قطَعَها فسالتْ؛ ووَدَجٌ شَخِيبٌ: قُطِعَ، فانْشَخَبَ دَمُه؛ قَالَ الأَخطل:
جادَ القِلالُ لَهُ بذاتِ صُبابةٍ ... حَمْراء، مِثْلِ شَخِيبةِ الأَوْداجِ
قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ شَخِيبة، هُنَا، فِي مَعْنَى مَشْخوبةٍ، وَثَبَتَتِ الْهَاءُ فِيهِمَا، كَمَا تثبُت فِي الذَّبيحةِ، وَفِي قَوْلِهِمْ: بئسَ الرَّمِيَّةُ الأَرْنَبُ. وانْشَخَبَ عِرْقُه دَماً إِذا سَالَ؛ وَقَوْلُهُمْ عُروقُه تَنْشخِبُ دَمًا أَي تتفَجَّر. وَفِي الْحَدِيثِ:
يُبْعَثُ الشَّهِيدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وجُرْحُه يَشْخُب دَماً.
الشَّخْبُ: السَّيَلانُ، وأَصلُ الشَّخْبِ، مَا يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ يدِ الحالِبِ، عِنْدَ كُلِّ غَمْزَةٍ وعَصْرَة لضَرعِ الشاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أنَّ المَقْتولَ يجيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَشْخُب أَوداجُه دَماً.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فأَخَذَ مشاقِصَ، فقَطَع بَراجِمَه، فشَخَبَت يداهُ حَتَّى ماتَ.
والشِّخابُ: اللبَنُ، يمانِيةٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
شخدب: شُخْدُبٌ: دُوَيْبَّةٌ مِنْ أَحْناشِ الأَرض.(1/485)
شخرب: شَخْرَبٌ وشُخارِبٌ. غليظٌ شديد.
شخلب: قَالَ اللَّيْثُ: مَشْخَلَبةٌ كَلِمَةٌ عِراقِيةٌ، لَيْسَ عَلَى بِنَائِهَا شَيْءٌ مِنَ العَرَبِيَّة، وَهِيَ تُتَّخَذ مِنَ اللِّيفِ والخَرَزِ، أَمثالَ الحُلِيِّ. قَالَ: وَهَذَا حديثٌ فاشٍ فِي النَّاسِ: يَا مَشْخَلَبهْ، مَاذَا الجَلَبهْ؟ تَزَوَّجَ حَرْمله، بعَجُوزٍ أَرْمَلَه؛ قَالَ: وَقَدْ تُسَمَّى الجاريةُ مَشْخَلَبةً، بِمَا يُرى عَلَيْهَا مِنَ الخَرَزِ، كالحُلِيِّ.
شذب: الشَّذَبُ: قِطَعُ الشَّجَرِ، الْوَاحِدَةُ شَذَبةٌ؛ وَهُوَ أَيضاً قِشْرُ الشَّجَرِ؛ والشَّذْبُ الْمَصْدَرُ، وَالْفِعْلُ يَشْذُبُ، وَهُوَ القَطْعُ عَنِ الشَّجَرِ. وَقَدْ شَذَب اللِّحاءَ يَشْذُبُه ويَشْذِبُه، وشَذَّبَه: قَشَره. وشَذَبَ العُودَ، يَشْذُبُه شَذْباً. أَلقَى مَا عَلَيْهِ مِنَ الأَغْصانِ حَتَّى يَبْدُوَ؛ وَكَذَلِكَ كلُّ شيءٍ نُحِّي عَنْ شيءٍ، فَقَدْ شُذِبَ عَنْهُ؛ كَقَوْلِهِ:
نَشْذِبُ عَنْ خِنْدِفَ، حَتَّى تَرْضَى
أَي نَدْفَعُ عَنْهَا العِدا؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
يَشْذِبُ أُولاهُنَّ عَنْ ذاتِ النَّهَقْ «4»
أَي يَطْرد. والشَّذَبةُ، بِالتَّحْرِيكِ: مَا يُقْطَعُ مِمَّا تفرَّق مِنْ أَغصان الشَّجَرِ وَلَمْ يَكُنْ فِي لُبّه، وَالْجَمْعُ الشَّذَبُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
بَلْ أَنتَ فِي ضِئْضِئِ النُّضارِ مِنَ ... النَّبْعَةِ، إِذ حَظُّ غيرِك الشَّذَبُ
الشَّذَبُ: القُشورُ، والعِيدانُ المتفرّقةُ. وشَذَّبَ الشجرةَ تَشْذِيبًا. وجِذْعٌ مُشَذَّبٌ أَي مُقَشَّر، إِذا قَشَرْتَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّوْكِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رجلٌ شاذِبٌ إِذا كَانَ مُطَّرَحاً، مَأْيوساً مِنْ فَلاحِه، كأَنه عَرِيَ مِنَ الخَير، شُبِّهَ بالشَّذَبِ، وَهُوَ مَا يُلْقَى مِنَ النخلةِ مِنَ الكرانِيفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ شَمِرٌ: شَذَبْتُه أَشْذِبُه شَذْباً، وشلَلْتُه شَلًّا، وشَذَّبْتُه تَشْذِيباً، بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَقَالَ بُرَيقٌ الهُذليُّ:
يُشَذِّبُ بالسَّيْفِ أَقرانَه، ... إِذْ فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الفَيْلَمُ
وأَنشد شَمِرٌ قَوْلَ ابْنِ مُقْبِلٍ:
تَذُبُّ عَنْهُ بلِيفٍ شَوْذَبٍ شَمِلٍ، ... يَحْمِي أَسِرَّةَ، بَين الزَّوْرِ والثَّفَنِ
بِلِيفٍ أَي بذَنَبٍ. والشَّمِلُ: الرَّقِيقُ. والأَسِرَّةُ: الخُطوطُ، وَاحِدُهَا سِرَرٌ. وشَذَّبَ الجِذْعَ: أَلقَى مَا عَلَيْهِ مِنَ الكَرَبِ. والمِشْذَبُ: المِنْجَلُ الَّذِي يُشَذَّبُ بِهِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: التَّشْذيبُ فِي القِدْحِ العَملُ الأَوَّلُ، والتهذيبُ العملُ الثَّانِي؛ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وشَذَّبَه عَنِ الشَّيْءِ: طَرَده؛ قَالَ:
أَنا أَبو ليْلى وسَيْفِي المَعْلُوبْ، ... هَلْ يُخْرِجَنْ ذَوْدَكَ ضَرْبٌ تَشذيبْ،
ونَسَبٌ، فِي الحَيِّ، غَيرُ مَأْشُوبْ
أَراد: ضَرْبٌ ذُو تَشْذيبٍ؛ والتَّشْذِيبُ: التَّفريقُ والتَّمزيقُ فِي الْمَالِ وَنَحْوِهِ. الْقُتَيْبِيُّ: شذَّبْتُ المالَ إِذا فرَّقْته، وكأَنَّ المُفْرِطَ فِي الطُّول، فُرِّقَ خَلْقُه وَلَمْ يُجْمَع، وَلِذَلِكَ قِيلَ
__________
(4) . قوله [أُولاهن] كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في التكملة أُخراهن.(1/486)
لَهُ: مُشَذَّبٌ؛ وكلُّ شَيْءٍ تَفَرَّقَ شُذِّبَ، قَالَ ابْنُ الأَنباري: غَلِطَ الْقُتَيْبِيُّ فِي المُشَذّب، أَنه الطويلُ البائنُ الطُّول، وأَن أَصله مِنَ النَّخْلَةِ الَّتِي شُذِّبَ عَنْهَا جَريدها أَي قُطِّعَ وفُرِّقَ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ للبائنِ الطُّول إِذا كَانَ كَثِيرَ اللَّحْمِ مُشذَّبٌ حَتَّى يَكُونَ فِي لَحْمِهِ بعضُ النُّقْصان؛ يُقَالُ: فرسٌ مُشَذَّبٌ إِذا كَانَ طَوِيلًا، لَيْسَ بِكَثِيرِ اللَّحْمِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، شَذَّبهم عَنا تَخَرُّم الْآجَالِ.
وشَذَبَ عَنْهُ شَذْباً أَي ذَبَّ. والشَّاذِبُ: المُتَنَحِّي عَنْ وَطَنِهِ. وَيُقَالُ: الشَّذَبُ المُسَنَّاة. وَرَجُلٌ شَذْبُ العُروقِ أَي ظاهِرُ العُرُوقِ. وأَشْذابُ الكلإِ وغيرِه، بَقاياه، الْوَاحِدُ شَذَبٌ، وَهُوَ المأْكول؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فأَصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً مِنْ أَلائِفِه، ... يَرْتادُ أَحْلِيَةً، أَعْجازُها شَذَبُ
والشَّذَبُ: مَتاعُ البيتِ، مِنَ القُماشِ وَغَيْرِهِ. وَرَجُلٌ مُشَذَّبٌ: طَويلٌ، وَكَذَلِكَ الفَرس؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
دَلوٌ تَمَأّى، دُبِغَتْ بالحُلَّبِ، ... بَلَّتْ بِكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّبِ
والشَّوْذَبُ مِنَ الرِّجَالِ: الطويلُ الحَسَنُ الخَلْقِ.
وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ أَطْولَ مِنَ المَرْبوعِ وأَقصَرَ مِنَ المُشَذَّبِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُشَذَّبُ المُفْرِطُ فِي الطُّول؛ وَكَذَلِكَ هُوَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ جَرِيرٌ:
أَلوى بِهَا شَذْبُ العُروقِ مُشَذَّبٌ، ... فكأَنها وكَنَتْ عَلَى طِرْبالِ
رَوَاهُ شَمِرٌ: أَلوَى بِهَا شَنِقُ العُروقِ مُشَذَّبٌ. والشَّوْذَبُ: الطويلُ النَّجِيبُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وشَوْذبٌ: اسم.
شرب: الشَّرْبُ: مَصْدَرُ شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابْنُ سِيدَهْ: شَرِبَ الماءَ وَغَيْرَهُ شَرْباً وشُرْباً وشِرْباً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ
؛ بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ. قَالَ
سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُموي: سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ يقرأُ: فشارِبون شَرْبَ الهِيمِ؛ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، إِنما هِيَ: شُرْبَ الْهِيمِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَسَائِرُ الْقُرَّاءِ يَرْفَعُونَ الشِّينَ. وَفِي حَدِيثِ أَيّامِ التَّشْريق:
إِنها أَيامُ أَكل وشُربٍ
؛ يُروى بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، وَهُمَا بِمَعْنًى؛ وَالْفَتْحُ أَقل اللُّغَتَيْنِ، وَبِهَا قرأَ أَبو عَمْرِو: شَرْب الهِيمِ؛ يُرِيدُ أَنها أَيام لَا يَجُوزُ صَومُها، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الشَّرْبُ، بِالْفَتْحِ، مَصْدَرٌ، وَبِالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ، اسْمَانِ مِنْ شَرِبْت والتَّشْرابُ: الشُّرْبُ؛ فأَما قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
شَرِبنَ بماءِ البحرِ، ثُمَّ تَرَفَّعَتْ، ... مَتى حَبَشِيَّاتٍ، لَهُنَّ نئِيجُ «1»
فإِنه وصفَ سَحاباً شَرِبنَ مَاءَ الْبَحْرِ، ثُمَّ تَصَعَّدْنَ، فأَمْطَرْن ورَوَّيْنَ؛ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِمَاءِ الْبَحْرِ زَائِدَةٌ، إِنما هُوَ شَرِبنَ مَاءَ الْبَحْرِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الحالِ، والعُدُولُ عَنْهُ تَعَسُّفٌ؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ شَرِبنَ مِن مَاءِ الْبَحْرِ، فأَوْقَع الْبَاءَ مَوْقِعَ مِنْ؛ قَالَ: وَعِنْدِي أَنه لَمَّا كَانَ شَرِبنَ فِي مَعْنَى رَوِينَ، وَكَانَ رَوِينَ مِمَّا يتعدَّى بالباءِ، عَدَّى شَرِبنَ بالباءِ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ؛ مِنْهُ مَا مَضَى، ومنه ما
__________
(1) . قوله [متى حبشيات] هو كذلك في غير نسخة من المحكم.(1/487)
سيأْتي، فَلَا تَسْتَوْحِش مِنْهُ. وَالِاسْمُ: الشِّرْبةُ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وَقِيلَ: الشَّرْبُ الْمَصْدَرُ، والشِّرْبُ الِاسْمُ. والشِّرْبُ: الْمَاءُ، وَالْجَمْعُ أَشرابٌ. والشَّرْبةُ مِنَ الماءِ: مَا يُشْرَبُ مَرَّةً. والشَّرْبةُ أَيضاً: المرةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الشُّرْبِ. والشِّرْبُ: الحَظُّ مِنَ الماءِ، بِالْكَسْرِ. وَفِي الْمَثَلِ: آخِرُها أَقَلُّها شِرْباً؛ وأَصلُهُ فِي سَقْيِ الإِبل، لأَنَّ آخِرَها يُرَدُّ، وَقَدْ نُزِفَ الحوْضُ؛ وَقِيلَ: الشِّرْبُ هُوَ وقتُ الشُّرْبِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الشِّرْبُ المَوْرِد، وَجَمْعُهُ أَشْرابٌ. قَالَ: والمَشْرَبُ الْمَاءُ نَفسُه. والشَّرابُ: مَا شُرِب مِنْ أَيِّ نوْعٍ كَانَ، وَعَلَى أَيّ حَالٍ كَانَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّرابُ، والشَّرُوبُ، والشَّرِيبُ وَاحِدٌ، يَرْفَع ذَلِكَ إِلى أَبي زَيْدٍ. ورَجلٌ شارِبٌ، وشَرُوبٌ وشَرّابٌ وشِرِّيبٌ: مُولَع بالشَّرابِ، كخِمِّيرٍ. التَّهْذِيبُ: الشَّرِيبُ المُولَع بالشَّراب؛ والشَّرَّابُ: الكثيرُ الشُّرْبِ؛ وَرَجُلٌ شَروبٌ: شديدُ الشُّرْب. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، لَمْ يَشْرَبها فِي الْآخِرَةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ فِي الْبَيَانِ؛ أَراد: أَنه لَمْ يَدْخُلِ الجنَّةَ، لأَنَّ الجنةَ شرابُ أَهلِها الخمْرُ، فإِذا لَمْ يَشْرَبْها فِي الْآخِرَةِ، لَمْ يَكن قَدْ دَخَلَ الجنةَ. والشَّرْبُ والشُّرُوبُ: القَوم يَشْرَبُون، ويجْتَمعون عَلَى الشَّراب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما الشَّرْبُ، فَاسْمٌ لِجَمْعِ شارِب، كرَكْبٍ ورَجْلٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ. وأَما الشُّروب، عِنْدِي، فَجَمْعُ شاربٍ، كشاهدٍ وشُهودٍ، وَجَعَلَهُ ابْنُ الأَعرابي جَمْعَ شَرْبٍ؛ قَالَ: وَهُوَ خطأٌ؛ قَالَ: وَهَذَا ممَّا يَضِيقُ عَنْهُ عِلْمُه لِجَهْلِهِ بِالنَّحْوِ؛ قَالَ الأَعشى:
هُوَ الواهِبُ المُسْمِعاتِ الشُّرُوبَ ... بَين الحَريرِ وبَينَ الكَتَنْ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يَحْسَبُ أَطْمَاري عَليَّ جُلُبا، ... مِثلَ المَناديلِ، تُعاطَى الأَشرُبا «1»
يَكُونُ جَمْعَ شَرْبٍ، كَقَوْلِ الأَعشى:
لَهَا أَرَجٌ، فِي البَيْتِ، عالٍ، كأَنما ... أَلمَّ بهِ، مِن تَجْرِ دارِينَ، أَرْكُبُ
فأَرْكُبٌ: جَمْعُ رَكْبٍ، وَيَكُونُ جَمْعَ شَارِبٍ وراكِبٍ، وَكِلَاهُمَا نَادِرٌ، لأَنَّ سِيبَوَيْهِ لَمْ يَذْكُرْ أَن فَاعِلًا قَدْ يُكَسَّر عَلَى أَفْعُلٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنصار
؛ الشَّرْبُ، بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: الْجَمَاعَةُ يَشْرَبُونَ الخمْر. التَّهْذِيبُ، ابْنُ السِّكِّيتِ: الشِّرْبُ: الماءُ بعَينهِ يُشْرَبُ. والشِّرْبُ: النَّصِيبُ مِنَ الْمَاءِ. والشَّريبةُ مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي تُصْدِرُها إِذا رَوِيَتْ، فتَتْبَعُها الغَنمُ، هَذِهِ فِي الصِّحَاحِ؛ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حاشيةٌ: الصَّوَابُ السَّريبةُ، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. وشارَبَ الرَّجُلَ مُشارَبَةً وشِراباً. شَرِبَ مَعَهُ، وَهُوَ شَرِيبي؛ قَالَ:
رُبَّ شَرِيبٍ لكَ ذِي حُساسِ، ... شِرابُه كالحَزِّ بالمَواسي
والشَّرِيبُ: صاحِبُكَ الَّذِي يُشارِبُكَ، ويُورِدُ إِبلَه معَكَ، وَهُوَ شَرِيبُك؛ قَالَ الراجز:
__________
(1) . قوله [جلبا] كذا ضبط بضمتين فِي نُسْخَةٍ مِنَ الْمُحْكَمِ.(1/488)
إِذا الشَّريبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ، ... فخلِّه، حَتَّى يَبُكَّ بَكَّهْ
وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي قَوْلَهُ:
رُبَّ شَرِيب لَكَ ذِي حُساس
قَالَ: الشَّرِيبُ هُنَا الَّذِي يُسْقَى مَعَك. والحُساسُ: الشُّؤْم والقَتْلُ؛ يَقُولُ: انتِظارُك إِيَّاه عَلَى الحوضِ، قَتْلٌ لَكَ ولإِبلِك. قَالَ: وأَما نَحْنُ ففَسَّرْنا الحُساسَ هُنَا، بأَنه الأَذَى والسَّوْرَةُ فِي الشَّراب، وَهُوَ شَرِيبٌ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مُفاعِل، مِثْلُ نَديم وأَكِيل. وأَشْرَبَ الإِبِلَ فَشرِبَتْ، وأَشْرَبَ الإِبل حَتَّى شَرِبَتْ، وأَشْرَبْنَا نَحْنُ: رَوِيَتْ إِبلُنا، وأَشْرَبْنا: عَطِشْنا، أَو عَطِشَت إِبلُنا؛ وَقَوْلُهُ:
اسْقِنِي، فإِنَّنِي مُشْرِب
رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وَفَسَّرَهُ بأَنَّ مَعْنَاهُ عَطْشَانُ، يَعْنِي نَفْسَهُ، أَو إِبله. قَالَ وَيُرْوَى: فإِنَّكَ مُشْرِب أَي قَدْ وجَدْتَ مَن يَشْرَبُ. التَّهْذِيبُ: المُشْرِبُ العَطْشان. يُقَالُ: اسْقِنِي، فإِنِّي مُشْرِب. والمُشْرِبُ: الرجُل الَّذِي قَدْ عَطِشَت إِبلُه أَيضاً. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ: رَجل مُشْرِبٌ قَدْ شَرِبَت إِبله. وَرَجُلٌ مُشرِبٌ: حانَ لإِبلِه أَن تَشْرَبَ. قَالَ: وَهَذَا عِنْدَهُ مِنَ الأَضداد. والمَشْرَبُ: الْمَاءُ الَّذِي يُشْرَبُ. والمَشْرَبةُ: كالمَشْرَعةِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
مَلْعُونٌ ملعونٌ مَنْ أَحاطَ عَلَى مَشْرَبةٍ
؛ المَشْرَبة، بِفَتْحِ الراءِ مِنْ غَيْرِ ضَمٍّ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُشْرَبُ مِنْهُ كالمَشْرَعةِ؛ وَيُرِيدُ بالإِحاطة تَملُّكَه، ومنعَ غَيْرِهِ مِنْهُ. والمَشْرَبُ: الوجهُ الَّذِي يُشْرَبُ مِنْهُ، وَيَكُونُ مَوْضِعًا، وَيَكُونُ مَصْدَرًا؛ وأَنشد:
ويُدْعَى ابنُ مَنْجُوفٍ أَمامي، كأَنه ... خَصِيٌّ، أَتَى للماءِ مِنْ غَيْرِ مَشْرَبِ
أَي مِنْ غَيْرِ وَجْهِ الشُّرْب؛ والمَشْرَبُ: شَرِيعةُ النَّهر؛ والمَشْرَبُ: المَشْروبُ نفسُه. والشَّرابُ: اسْمٌ لِمَا يُشْرَبُ. وكلُّ شَيْءٍ لَا يُمْضَغُ، فإِنه يُقَالُ فِيهِ: يُشْرَبُ. والشَّرُوبُ: مَا شُرِبَ. وَالْمَاءُ الشَّرُوب والشَّريبُ: الَّذِي بَيْنَ العَذْبِ والمِلْح؛ وَقِيلَ: الشَّروب الَّذِي فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عُذوبةٍ، وَقَدْ يَشْرَبُه النَّاسُ، عَلَى مَا فِيهِ. والشَّرِيبُ: دُونَهُ فِي العُذوبةِ، وَلَيْسَ يَشْرَبُه النَّاسُ إِلّا عِنْدَ ضَرُورَةٍ، وَقَدْ تَشْرَبُه الْبَهَائِمُ؛ وَقِيلَ: الشَّرِيبُ العَذْبُ؛ وَقِيلَ: الْمَاءُ الشَّرُوب الَّذِي يُشْرَبُ. والمأْجُ: المِلْحُ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
فإِنَّكَ، بالقَريحةِ، عامَ تُمْهى، ... شَروبُ الْمَاءِ، ثُمَّ تَعُودُ مَأْجا
قَالَ: هَكَذَا أَنشده أَبو عُبَيْدٍ بالقَريحة، وَالصَّوَابُ كالقَرِيحةِ. التَّهْذِيبُ أَبو زَيْدٍ: الْمَاءُ الشَّريبُ الذي ليس فِيهِ عُذوبةٌ، وَقَدْ يَشْرَبُه الناسُ عَلَى مَا فِيهِ. والشَّرُوبُ: دُونهُ فِي العُذوبةِ، وَلَيْسَ يَشْرَبُه النَّاسُ إِلّا عِنْدَ الضَّرُورة. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَاءٌ شَرِيبٌ وشَرُوب فِيهِ مَرارةٌ ومُلُوحة، وَلَمْ يَمْتَنِعْ مِنَ الشُّرْب؛ وَمَاءٌ شَرُوبٌ وَمَاءٌ طَعِيمٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ الشُّورَى:
جُرْعةٌ شَرُوبٌ أَنْفَع مِنْ عَذْبٍ مُوبٍ
؛ الشَّرُوبُ مِنَ الماءِ: الَّذِي لَا يُشْرَب إِلّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَلِهَذَا وَصَفَ بِهِ الجُرْعةَ؛ ضُرِبَ الْحَدِيثُ(1/489)
مَثَلًا لِرَجُلَيْنِ: أَحدهما أَدْوَنُ وأَنفعُ، وَالْآخَرُ أَرفعُ وأَضرُّ. وماءٌ مُشْرِبٌ: كَشَروبٍ. وَيُقَالُ فِي صِفَةِ بَعيرٍ: نِعْمَ مُعَلَّقُ الشَّرْبةِ هَذَا؛ يَقُولُ: يَكْتَفِي إِلى مَنْزِلِهِ الَّذِي يريدُ بشَرْبةٍ وَاحِدَةٍ، لَا يَحْتاجُ إِلى أُخرى. وَتَقُولُ: شَرَّبَ مَالِي وأَكَّلَه أَي أَطْعَمه الناسَ وسَقاهُم بِهِ؛ وظَلَّ مَالِي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كَيْفَ شاءَ. وَرَجُلٌ أُكَلةٌ وشُرَبةٌ، مِثَالُ هُمَزةٍ: كَثِيرُ الأَكل والشُّرب، عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. ورجلٌ شَرُوبٌ: شديدُ الشُّرْبِ، وقومٌ شُرُبٌ وشُرَّبٌ. ويومٌ ذُو شَرَبةٍ: شديدُ الحَرِّ، يُشْرَبُ فِيهِ الماءُ أَكثر مِمَّا يُشْرَب عَلَى هَذَا الْآخَرِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَمْ تَزَلْ بِهِ شَرَبَةٌ هَذَا اليومَ أَي عَطَشٌ. التَّهْذِيبِ: جاءَت الإِبل وَبِهَا شَرَبةٌ أَي عطَش، وَقَدِ اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو عَمْرٍو إِنه لَذُو شَرَبةٍ إِذا كَانَ كَثِيرَ الشُّرب. وطَعامٌ مَشْرَبةٌ: يُشْرَبُ عَلَيْهِ الْمَاءُ كَثِيرًا، كَمَا قَالُوا: شَرابٌ مَسْفَهةٌ. وطَعامٌ ذُو شَرَبة إِذا كَانَ لَا يُرْوَى فِيهِ مِنَ الماءِ. والمِشْرَبةُ، بِالْكَسْرِ: إِناءٌ يُشْرَبُ فِيهِ. والشَّارِبةُ: الْقَوْمُ الَّذِينَ مَسْكَنُهُمْ عَلَى ضَفَّة النَّهْرِ، وَهُمُ الَّذِينَ لَهُمْ مَاءُ ذَلِكَ النَّهْرِ. والشَّرَبةُ: عَطَشُ المالِ بعدَ الجَزءِ، لأَنَّ ذَلِكَ يَدْعُوها إِلى الشُّرْب. والشَّرَبةُ، بِالتَّحْرِيكِ: كالحُوَيْضِ يُحْفَرُ حولَ النخلةِ وَالشَّجَرَةِ، ويُمْلأُ مَاءً، فَيَكُونُ رَيَّها، فتَتَرَوَّى مِنْهُ، وَالْجَمْعُ شَرَبٌ وشَرَباتٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
يَخْرُجْنَ مِن شَرَباتٍ، مَاؤُهَا طَحِلٌ، ... عَلَى الجُذوعِ، يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مِثْلُ النَّخِيلِ يُرَوِّي، فَرْعَها، الشَّرَبُ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: اذْهَبْ إِلى شَرَبةٍ مِنَ الشَّرَباتِ، فادْلُكْ رأْسَك حَتَّى تُنَقِّيَه.
الشَّرَبة، بِفَتْحِ الراءِ: حَوْضٌ يَكُونُ فِي أَصل النَّخْلَةِ وحَوْلَها، يُمْلأُ مَاءً لِتَشْرَبه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
جَابِرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتانا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَدَلَ إِلى الرَّبِيع، فتَطَهَّرَ وأَقْبَلَ إِلى الشَّرَبةِ
؛ الرَّبِيعُ: النهرُ. وَفِي حَدِيثِ لَقِيطٍ:
ثُمَّ أَشْرَفْتُ عَلَيْهَا، وَهِيَ شَرْبةٌ وَاحِدَةٌ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: إِن كَانَ بِالسُّكُونِ، فإِنه أَراد أَن الْمَاءَ قَدْ كَثُرَ، فَمِنْ حَيْثُ أَردت أَن تَشْرَبَ شَرِبْتَ، وَيُرْوَى بالياءِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والشَّرَبةُ: كُرْدُ الدَّبْرَةِ، وَهِيَ المِسْقاةُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ شَرَباتٌ وشَرَبٌ. وشَرَّبَ الأَرضَ والنَّخلَ: جَعَلَ لَهَا شَرَباتٍ؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ فِي صِفَةِ نَخْلٍ:
مِنَ الغُلْبِ، مِن عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ ... لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ لِلنَّواضِحِ بِئْرُها
وكلُّ ذَلِكَ مِنَ الشُّرْب. والشَّوارِبُ مَجاري الماءِ فِي الحَلْقِ؛ وَقِيلَ: الشَّوارِبُ عُروقٌ فِي الحَلْقِ تَشْرَبُ الْمَاءَ؛ وَقِيلَ: هِيَ عُرُوقٌ لاصِقةٌ بالحُلْقوم، وأَسْفَلُها بالرِّئةِ؛ وَيُقَالُ: بَل مُؤَخَّرُها إِلى الوَتِين، وَلَهَا قَصَبٌ مِنْهُ يَخْرُجُ الصَّوْت؛ وَقِيلَ: الشَّوارِبُ مَجاري الْمَاءِ فِي العُنُقِ؛ وَقِيلَ: شَوارِبُ الفَرَسِ(1/490)
ناحِيةُ أَوْداجِه، حَيْثُ يُوَدِّجُ البَيْطارُ، واحِدُها، فِي التَّقْدِيرِ، شارِبٌ؛ وحِمارٌ صَخِبُ الشَّوارِبِ، مِن هَذَا، أَي شَديدُ النَّهِيقِ. الأَصمعي، فِي قَوْلِ أَبي ذؤَيب:
صَخِبُ الشَّوارِبِ، لَا يَزالُ كأَنَّه ... عَبْدٌ، لآلِ أَبي رَبِيعةَ، مُسْبَعُ
قَالَ: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ فِي الحَلْقِ، وإِنما يُرِيدُ كَثرةَ نُهاقِه؛ وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ عُرُوقُ باطِن الحَلْقِ. والشَّوارِبُ: عُرُوقٌ مُحْدِقَةٌ بالحُلْقُومِ؛ يُقَالُ: فِيهَا يَقَعُ الشَّرَقُ؛ وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ عُرُوق تأْخذ الْمَاءَ، وَمِنْهَا يَخْرُج الرِّيقُ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ فِي الْعَيْنِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَحْسَبُه أَرادَ مَجارِيَ الماءِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي تَفُور فِي الأَرض، لَا مَجارِيَ ماءِ عَيْنِ الرأْس. والمَشْرَبةُ: أَرضٌ لَيِّنةٌ لَا يَزالُ فِيهَا نَبْتٌ أَخْضَرُ رَيّانُ. والمَشْرَبةُ والمَشْرُبَةُ، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: الغُرْفةُ؛ سِيبَوَيْهِ: وَهِيَ المَشْرَبةُ، جَعَلُوهُ اسْمًا كالغُرْفةِ؛ وَقِيلَ: هِيَ كالصُّفَّةِ بَيْنَ يَدَي الغُرْفةِ. والمَشارِبُ: العَلاليُّ، وَهُوَ فِي شِعْرِ الأَعشى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ فِي مَشْرَبةٍ لَهُ
أَي كَانَ فِي غُرْفةٍ؛ قَالَ: وَجَمْعُهَا مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ. والشارِبانِ: مَا سالَ عَلَى الفَم مِنَ الشَّعر؛ وَقِيلَ: إِنما هُوَ الشَّارِبُ، وَالتَّثْنِيَةُ خطأٌ. والشَّارِبان: مَا طالَ مِن ناحِيةِ السَّبَلةِ، وَبَعْضُهُمْ يُسمِّي السَّبَلةَ كلَّها شارِباً وَاحِدًا، وَلَيْسَ بِصَوَابٍ، وَالْجَمْعُ شَوارِبُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَالُوا إِنه لَعَظِيمُ الشَّواربِ. قَالَ: وَهُوَ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي فُرِّقَ، فَجُعِلَ كلُّ جزءٍ مِنْهُ شارِباً، ثُمَّ جُمِع عَلَى هَذَا. وَقَدْ طَرَّ شارِبُ الغُلامِ، وَهُمَا شارِبانِ. التَّهْذِيبُ: الشارِبانِ مَا طالَ مِنْ ناحِيةِ السَّبَلةِ، وَبِذَلِكَ سُمِّي شارِبا السيفِ؛ وشارِبا السيفِ: مَا اكْتَنَفَ الشَّفْرةَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الشارِبانِ فِي السيفِ، أَسْفَلَ القائِم، أَنْفانِ طَويلانِ: أَحدُهما مِنْ هَذَا الْجَانِبِ، والآخَرُ مِنْ هَذَا الجانِب. والغاشِيةُ: مَا تحتَ الشَّارِبَين؛ والشارِبُ والغاشيةُ: يَكُونَانِ مِنْ حديدٍ وفِضَّةٍ وأَدَمٍ. وأَشْرَبَ اللَّونَ: أَشْبَعَه؛ وكلُّ لَوْنٍ خالَطَ لَوْناً آخَر، فَقَدْ أُشْرِبَه. وَقَدِ اشْرابَّ: عَلَى مِثالِ اشْهابَّ. والصِّبْغُ يَتَشَرَّبُ فِي الثوبِ، والثوبُ يَتَشَرَّبُه أَي يَتَنَشَّفُه. والإِشْرابُ: لَوْنٌ قَدْ أُشْرِبَ مِنْ لَونٍ؛ يُقَالُ: أُشْرِبَ الأَبيضُ حُمْرةً أَي عَلاه ذَلِكَ؛ وَفِيهِ شُرْبةٌ مِنْ حُمْرَةٍ أَي إِشْرابٌ. ورجُل مُشْرَبٌ حُمْرةً، وإِنه لَمَسْقِيُّ الدَّم مِثْلُهُ، وَفِيهِ شُرْبةٌ مِنَ الحُمْرةِ إِذا كَانَ مُشْرَباً حُمْرَةً وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَبيضُ مُشْرَبٌ حُمرةً.
الإِشْرابُ: خَلْطُ لَوْنٍ بلَوْنٍ. كأَنَّ أَحد اللَّوْنَينِ سُقِيَ اللونَ الآخَرَ؛ يُقَالُ: بياضٌ مُشْرَبٌ حُمْرةً مُخَفَّفًا، وإِذا شُدّد كَانَ لِلتَّكْثِيرِ وَالْمُبَالَغَةِ. وَيُقَالُ أَيضاً: عِنْدَهُ شُربةٌ مِنْ ماءٍ أَي مِقدارُ الرِّيِّ؛ وَمِثْلُهُ الحُسْوةُ، والغُرْفةُ، واللُّقْمةُ. وأُشْرِبَ فُلَانٌ حُبَّ فلانةَ أَي خالَطَ قَلْبَه. وأُشْرِبَ قلبُه مَحَبَّةَ هَذَا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّرابِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ
؛ أَي حُبَّ العِجْلِ، فحذَف المضافَ، وأَقامَ المضافَ(1/491)
إِليه مُقامَه؛ وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ العِجْلُ هُوَ المُشْرَبَ، لأَنَّ العِجْلَ لَا يَشْرَبُه القَلْبُ؛ وَقَدْ أُشْرِبَ فِي قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ
؛ قَالَ: مَعْنَاهُ سُقُوا حُبَّ العِجْلِ، فَحُذِفَ حُبَّ، وأُقِيمَ العِجْلُ مُقامَه؛ كَمَا قَالَ الشَّاعِرِ:
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خَلالَتُه، كأَبي مَرْحَبِ؟
أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ. والثَّوْبُ يَتَشرَّبُ الصِّبْغَ: يَتَنَشَّفُه. وتَشَرَّبَ الصِّبْغُ فِيهِ: سَرَى. واسْتَشْرَبَتِ القَوْسُ حُمْرةً: اشْتَدَّت حُمْرَتُها؛ وذلك إِذا كانت من الشِّرْبانِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: مِنَ المُشْرَبةِ حُروف يَخْرُجُ مَعَهَا عِنْدَ الوُقوفِ عَلَيْهَا نَحْوَ النَّفْخِ، إِلَّا أَنها لَمْ تُضْغَطْ ضَغْطَ المَحْقُورَةِ، وَهِيَ الزَّايُ والظاءُ وَالذَّالُ وَالضَّادُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وبعضُ الْعَرَبِ أَشَدُّ تَصْوِيبًا مِنْ بَعْضٍ. وأُشْرِبَ الزَّرْعُ: جَرى فِيهِ الدَّقيقُ؛ وَكَذَلِكَ أُشْرِبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ، عَدَّاه أَبو حَنِيفَةَ سَمَاعًا مِنَ الْعَرَبِ أَو الرُّواة. وَيُقَالُ لِلزَّرْعِ إِذا خَرَجَ قَصَبُه: قَدْ شَرِبَ الزرعُ فِي القَصَبِ، وشَرَّبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: الشُّرْبُبُ الغَمْلى مِنَ النَّبَاتِ. وَفِي حَدِيثِ أُحد:
إنَّ الْمُشْرِكِينَ نَزَلُوا عَلَى زَرْعِ أَهلِ المدينةِ، وخَلَّوا فِيهِ ظَهْرهم، وَقَدْ شُرِّبَ الزرعُ الدَّقيقَ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
شَرِبَ الزرعُ الدقيقَ
، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع، وقُرْبِ إِدْراكِه. يُقَالُ: شَرَّبَ قَصَبُ الزَّرْعِ إِذا صارَ الماءُ فِيهِ؛ وشُرِّبَ السُّنْبُلُ الدَّقيقَ إِذا صارَ فِيهِ طُعْمٌ؛ والشُّرْبُ فِيهِ مستعارٌ، كأَنَّ الدَّقِيقَ كَانَ مَاءً، فَشَرِبَه. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:
لَقَدْ سَمِعْتُموه وأُشْرِبَتْه قُلوبُكم
، أَي سُقِيَتْهُ كَمَا يُسْقَى العَطْشانُ الْمَاءَ؛ يُقَالُ: شَرِبْتُ الماءَ وأُشْرِبْتُه إِذا سُقِيتَه. وأُشْرِبَ قَلْبُه كَذَا، أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّراب، أَو اخْتَلَطَ بِهِ، كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بِالثَّوْبِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وأُشْرِبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ.
أَبو عُبَيْدٍ: وشَرَّبَ القِرْبةَ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، إِذا كَانَتْ جَدِيدَةً، فَجَعَلَ فِيهَا طِيبًا وَمَاءً، لِيَطِيبَ طَعْمُها؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ الإِبل بِكَثْرَةِ أَلبانها:
ذَوارِفُ عَيْنَيْها، منَ الحَفْلِ، بالضُّحَى، ... سُجُومٌ، كتَنْضاحِ الشِّنانِ المُشَرَّب
هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ وَتَفْسِيرُهُ، وَقَوْلُهُ: كتَنْضاحِ الشِّنانِ المُشَرَّبِ؛ إِنما هُوَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ؛ قَالَ: وَرِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ خَطَأٌ. وتَشَرَّبَ الثوبُ العَرَقَ: نَشِفَه. وضَبَّةٌ شَرُوبٌ: تَشْتَهِي الْفَحْلَ، قَالَ: وأُراه ضائنةٌ شَرُوبٌ. وشَرِبَ بِالرَّجُلِ، وأَشْرَبَ بِهِ: كَذَبَ عَلَيْهِ؛ وَتَقُولُ: أَشْرَبْتَني مَا لَمْ أَشْرَبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ مَا لَمْ أَفْعَلْ. والشَّرْبةُ: النَّخْلة الَّتِي تَنبُتُ مِنَ النَّوى، وَالْجَمْعُ الشَّرَبَّاتُ، والشَّرائِبُ، والشَّرابِيبُ(1/492)
«2» . وأَشْرَبَ البعيرَ والدَّابَّةَ الحَبْلَ: وَضَعَه فِي عُنُقها؛ قَالَ:
يَا آلَ وَزْرٍ أَشْرِبُوها الأَقْرانْ
وأَشْرَبْتُ الخَيْلَ أَي جَعَلْتُ الحِبالَ فِي أَعْناقِها؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ، حَتَّى أَنَخْتُها ... بِقُرْح، وَقَدْ أَلقَيْنَ كُلَّ جَنِينِ
وأَشْرَبْتُ إِبلَكَ أَي جَعَلْتُ لِكُلِّ جَمَلٍ قَريناً؛ وَيَقُولُ أَحدهم لِنَاقَتِهِ: لأُشْرِبَنَّكِ الحِبالَ والنُّسُوع أَي لأَقْرُنَنَّكِ بِهَا. والشَّارِبُ: الضَّعْفُ، فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانِ؛ يُقَالُ: فِي بعيرِك شارِبُ خَوَرٍ أَي ضَعْفٌ؛ ونِعْم البعيرُ هَذَا لَوْلَا أَن فِيهِ شارِبَ خَوَرٍ أَي عِرقَ خَوَرٍ. قَالَ: وشَرِبَ إِذا رَوِيَ، وشَرِبَ إِذا عَطِشَ، وشَرِبَ إِذا ضَعُفَ بَعيرُه. وَيُقَالُ: مَا زالَ فُلَانٌ عَلَى شَرَبَّةٍ واحدةٍ أَي عَلَى أَمرٍ وَاحِدٍ. أَبو عَمْرٍو: الشَّرْبُ الْفَهْمُ. وَقَدْ شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ؛ وَيُقَالُ لِلْبَلِيدِ: احْلُبْ ثُمَّ اشْرُبْ أَي ابْرُك ثُمَّ افْهَمْ. وحَلَبَ إِذا بَرَكَ. وشَرِيبٌ، وشُرَيْبٌ، والشُّرَّيْبُ، بِالضَّمِّ، والشُّرْبُوبُ، والشُّرْبُبُ: كُلُّهَا مَوَاضِعُ. والشُّرْبُبُ فِي شِعْرِ لَبِيدٍ، بالهاءِ؛ قَالَ:
هَلْ تَعْرِفُ الدَّار بسَفْحِ الشُّرْبُبَه؟
والشُّرْبُبُ: اسْمُ وادٍ بعَيْنِه. والشَّرَبَّةُ: أَرض لَيِّنَة تُنْبِتُ العُشْبَ، وَلَيْسَ بِهَا شَجَرٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
وإِلَّا فإِنَّا بالشَّرَبَّةِ، فاللِّوى، ... نُعَقِّر أُمّاتِ الرِّباع، ونَيْسِرُ
وشَرَبَّةُ، بِتَشْدِيدِ الباءِ بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جؤَية:
بِشَرَبَّةٍ دَمِث الكَثِيبِ، بدُورِه ... أَرْطًى، يَعُوذُ بِهِ، إِذا مَا يُرْطَبُ
يُرْطَبُ: يُبَلُّ؛ وَقَالَ دَمِث الكَثِيب، لأَنَّ الشُّرَبَّةَ مَوْضِعٌ أَو مكان؛ ليس فِي الْكَلَامِ فَعَلَّةٌ إِلَّا هَذَا، عَنْ كُرَاعٍ، وَقَدْ جاءَ لَهُ ثَانٍ، وَهُوَ قَوْلُهُمْ: جَرَبَّةٌ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. واشْرَأَبَّ الرَّجُلُ للشيءِ وإِلى الشيءِ اشْرِئْباباً: مَدَّ عُنُقَه إِليه، وَقِيلَ: هُوَ إِذا ارْتَفَعَ وعَلا؛ وَالِاسْمُ: الشُّرَأْبِيبةُ، بِضَمِّ الشِّينِ، مِنِ اشْرَأَبَّ. وَقَالَتْ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: اشْرَأَبَّ النِّفاقُ، وارْتَدَّت العربُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: اشْرَأَبَّ ارتفعَ وَعَلَا؛ وكلُّ رافِعٍ رأْسَه: مُشْرَئِبٌّ. وَفِي حَدِيثٍ:
يُنادِي منادٍ يومَ القيامةِ: يَا أَهلَ الجنةِ، وَيَا أَهلَ النَّارِ، فيَشْرَئِبُّون لِصَوْتِهِ
؛ أَي يَرْفَعُون رؤُوسهم ليَنْظُروا إِليه؛ وكلُّ رَافِعٌ رأْسه مشرئبٌّ؛ وأَنشد لِذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ الظَّبْيةَ، ورَفْعَها رأْسَها:
ذَكَرْتُكِ، إِذْ مَرَّتْ بِنا أُمُّ شادِنٍ، ... أَمامَ المَطايا، تَشْرَئِبُّ وتَسْنَحُ
قَالَ: اشْرأَبَّ مأْخوذ مِنَ المَشْرَبة، وهي الغُرْفةُ.
شرجب: الشَّرْجَبُ: الطَّوِيلُ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنَ الرِّجَالِ الطَّوِيلُ. وَفِي حَدِيثِ
خَالِدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فعارَضَنا رجُل شَرْجَبٌ
؛ الشَّرْجَبُ: الطَّوِيلُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الطويلُ القوائمِ، الْعَارِي أَعالي العِظام.
__________
(2) . قوله [وَالْجَمْعُ الشربَّات وَالشَّرَائِبُ وَالشَّرَابِيبُ] هذه الجموع الثلاثة إِنما هي لشربة كجربة أَي بالفتح وشدّ الباء كما في التهذيب ومع ذلك فالسابق واللاحق لابن سيدة وهذه العبارة متوسطة أوهمت أنها جمع للشربة النخلة فلا يلتفت إلى من قلد اللسان.(1/493)
والشَّرْجَبُ: نَعت الفَرس الجَوادِ؛ وَقِيلَ: الشَّرْجَبُ الفَرسُ الكَريمُ. والشَّرْجَبانُ: شَجَرَةٌ يُدْبَغ بِهَا، وَرُبَّمَا خُلِطَت بالغَلْقةِ، فدُبِغَ بِهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّرْجَبانُ شُجَيرةٌ كشجَرةِ الباذِنجانِ، غَيْرَ أَنه أَبيضُ، وَلَا يؤْكل. ابْنُ الأَعرابي: الشُّرْجُبانُ شَجَرَةٌ مُشْعانَّةٌ طَوِيلَةٌ «1» ، يَتَحَلَّبُ مِنْهَا كالسَّمِّ، وَلَهَا أَغصانٌ.
شرعب: الشَّرْعَبُ: الطَّوِيلُ. رجُل شَرْعَبٌ: طويلٌ خفيفُ الجسمِ، والأُنثى بالهاءِ. والشَّرْعَبِيُّ: الطويلُ، الحَسَنُ الجسمِ. وشَرْعَبَ الشيءَ: طَوَّلَه؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
أَسِيلةُ مَجْرَى الدَّمْعِ، خُمْصانةُ الحَشَى، ... بَرُودُ الثَّنايا، ذاتُ خَلْقٍ مُشَرْعَبِ
والشَّرْعَبةُ: شَقُّ اللحمِ والأَديمِ طُولًا. وشَرْعَبَه: قطَعَه طُولًا. والشَّرْعَبةُ: القِطْعةُ مِنْهُ. والشَّرْعَبِيُّ والشَّرْعَبِيَّةُ: ضَرْبٌ مِنَ البُرُودِ؛ أَنشد الأَزهري:
كالبُستانِ والشَّرْعَبَى، ذَا الأَذْيال «2»
وَقَالَ رؤْبة يَصِفُ نَابَ الْبَعِيرِ:
قَدًّا بخَدّادٍ، وهَذًّا شَرْعَبَا
والشَّرْعَبِيَّةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَخطل:
ولَقَدْ بَكَى الجَحَّافُ ممَّا أَوْقَعَتْ ... بالشَّرْعَبِيَّةِ، إِذْ رَأَى الأَطْفالا
شزب: الشَّازِبُ: الضامِرُ اليابِسُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ؛ وأَكثرُ مَا يُستعمل فِي الخيلِ وَالنَّاسِ. وَقَالَ الأَصمعي: الشازِبُ الَّذِي فِيهِ ضُمور، وإِن لَمْ يَكُنْ مَهْزُولًا؛ والشَّاسِفُ والشاسِبُ: الَّذِي قَدْ يَبِسَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ أَعرابياً يَقُولُ مَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ: أَيْنُقاً شُزُباً، إِنما قَالَ أَعْنُزاً شُسُباً، وَلَيْسَتِ الزَّايُ وَلَا السِّينُ، بَدَلًا إِحداهما مِنَ الأُخرى، لتَصَرُّفِ الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا، وَالْجَمْعُ: شُزَّبٌ وشَوازِبٌ. وَقَدْ شَزَبَ الفرسُ يَشْزُبُ شَزَباً وشُزُوباً. وخَيْلٌ شُزَّبٌ أَي ضَوامِرُ. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، يَرْثي عُرْوةَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ:
بالخيلِ عابِسةً، زُوراً مَناكِبُها، ... تَعْدُو شَوازِبَ، بالشُّعْثِ الصَّناديدِ
والشَّوازِبُ: المُضَمَّراتُ، جَمْعُ شازِبٍ، وَيُجْمَعُ عَلَى شُزَّبٍ أَيضاً. وأَتانٌ شَزْبةٌ: ضامِرةٌ. التَّهْذِيبِ: الشَّوزَبُ والمَئِنَّةُ: العَلامةُ؛ وأَنشد:
غُلامٌ بَينَ عَيْنَيْه شَوْزَبُ
والشَّزِيبُ: القَضِيبُ مِنَ الشَّجَرِ، قَبْلَ أَن يُصْلح، وَجَمْعُهُ شُزُوبٌ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وقَوْسٌ شَزْبةٌ: لَيْسَتْ بجَديدٍ، وَلَا خَلَقٍ. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
وَقَدْ تَوَشَّحَ بِشَزْبةٍ كَانَتْ معَه.
الشَّزْبةُ: مِنْ أَسْماءِ القَوْسِ، وَهِيَ الَّتِي لَيْسَتْ بجَديد، وَلَا خَلَقٍ، كأَنها الَّتِي شَزَبَ قَضِيبُها، أَي ذَبَلَ، وَهِيَ الشَّزيبُ أَيضاً. وَمَكَانٌ شازِبٌ أَي خَشِنٌ.
شسب: الشَّاسِبُ: لُغَةٌ فِي الشَّازِبِ، وَهُوَ النَّحِيف اليابِسُ مِنَ الضُّمْر، الَّذِي قَدْ يَبِسَ جلده عليه؛
__________
(1) . قوله [ابن الأَعرابي الشرجبان إلخ] عبارة التكملة، قال ابن الأَعرابي الشرجبانة، بالضم وقد تفتح: شجرة مشعانة إلى آخر ما هنا.
(2) . قوله [كالبستان إلخ] كذا هو في التهذيب(1/494)
قَالَ لَبِيدٌ:
أَتِيكَ أَمْ سَمْحَجٌ تَخَيَّرَهَا ... عِلْجٌ، تَسَرَّى نَحائِصاً شُسُبا؟
وَقَالَ أَيضاً:
تَتَّقِي الأَرضَ بِدَفٍّ شاسِبٍ، ... وضُلُوعٍ، تَحْتَ زَوْرٍ قَدْ نَحَلْ
وَهُوَ المَهْزُول، مِثْلُ الشَّاسِفِ، وَلَيْسَ مِثْلُ الشَّازِبِ؛ قَالَ الوَقَّافُ العُقَيْلِيُّ:
فَقُلْتُ لَه: حانَ الرَّواحُ، ورُعْتُه ... بأَسْمَرَ مَلْوِيٍّ، مِنَ القِدِّ، شاسِبِ
وَالْجَمْعُ شُسُبٌ. وشَسَبَ شُسُوباً وشَسُبَ. والشَّسِيبُ: القَوْسُ.
شصب: الشِّصْب، بِالْكَسْرِ: الشِّدَّةُ والجَدْبُ، وَالْجَمْعُ أَشْصابٌ، وَهِيَ الشَّصِيبةُ؛ وكَسَّر كُراع الشَّصِيبةَ، الشِّدَّةَ، عَلَى أَشصابٍ فِي أَدنَى الْعَدَدِ، قَالَ: وَالْكَثِيرُ شَصائِبُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا مِنْهُ خطأٌ وَاخْتِلَاطٌ. وشَصِبَ الأَمْرُ، بِالْكَسْرِ: اشْتَدَّ. ابْنُ هَانِئٍ: إِنه لَشَصِبٌ لَصِبٌ وَصِبٌ إِذا أُكِّدَ النَّصِب. وشَصِبَ المَكانُ شَصَباً: أَجْدَبَ. والشَّصِيبةُ: شِدَّةُ الْعَيْشِ. وعيْش شاصِبٌ وشِصْبٌ؛ وشَصِبَ عَيْشُه شَصَباً وشَصْباً، وشَصَبَ، بِالْفَتْحِ، يَشْصُبُ، بِالضَّمِّ، شُصُوباً، فَهُوَ شَصِبٌ وشاصِبٌ، وأَشْصَبَهُ اللهُ، وأَشْصَبَ اللهُ عَيْشَه؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كِرامٌ يَأْمَنُ الجِيرانُ فِيهِمْ، ... إِذا شَصَبَتْ بِهِمْ إِحدى اللَّيَالِي
وشَصَبَ الشَّاةَ: سَلَخَها. أَبو الْعَبَّاسِ: المَشْصُوبةُ الشاةُ المَسْمُوطَةُ. وَيُقَالُ للقَصَّاب: شَصَّابٌ. والشَّصْبُ: السَّمْطُ. والشَّصائِبُ: عِيدانُ الرَّحْلِ، وَلَمْ يُسمع لَهَا بِوَاحِدٍ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
وَذَا شَصَائِبَ، فِي أَحْنائِهِ شَمَمٌ، ... رِخْوَ المِلاطِ، رَبِيطاً فَوقَ صُرْصورِ
وَرَجُلٌ شَصِيبٌ أَي غَريبٌ. اللَّيْثُ: الشَّيْصَبانُ الذَّكَرُ مِن النَّمْلِ؛ وَيُقَالُ: هُوَ جُحْرُ النَّمل. الْفَرَّاءُ عَنِ الدُّبَيْرِيِّين: قَالُوا هُوَ الشَّيْطانُ الرَّجِيمُ. والشَّيْصَبانُ، والبَلْأَزُ، والجَلْأَزُ، والجَانُّ، والقازُّ، والخَيْتَعُورُ: كُلُّهَا مِنْ أَسماءِ الشَّيْطَانِ. والشَّيْصَبان: أَبو حَيّ مِنَ الجِنِّ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: وكانتِ السِّعْلاةُ لَقِيَتْه، فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ المَدينةِ، فَصَرَعَتْهُ وقَعَدَت عَلَى صَدْرِه، وَقَالَتْ لَهُ: أَنتَ الَّذِي يأْمُل قَوْمُكَ أَن تكون شاعِرَهم؟ فقال: نَعَم؛ قَالَتْ: واللهِ لَا يُنْجِيكَ مِنِّي إِلَّا أَن تَقُولَ ثَلَاثَةَ أَبيات، عَلَى رَوِيٍّ وَاحِدٍ؛ فَقَالَ حَسَّانُ:
إِذا مَا تَرَعْرَعَ، فِينَا، الغُلامْ، ... فَمَا إِنْ يقالُ لَهُ: مَنْ هُوَهْ؟
فَقَالَتْ: ثَنِّه؛ فَقَالَ:
إِذا لَمْ يَسُدْ، قبلَ شَدِّ الإِزارْ، ... فَذَلِكَ فِينا الَّذِي لَا هُوَهْ
فَقَالَتْ: ثلِّثْه؛ فَقَالَ:
وَلِي صاحِبٌ، مِنْ بَني الشَّيْصَبان، ... فَطَوْراً أَقُولُ، وطَوْراً هُوَهْ(1/495)
هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، وَحَكَى الأَثرم فَقَالَ: أَخبرني عُلَمَاءُ الأَنصار، أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، بعد ما ضُرَّ بَصَرُه، مَرَّ بابنِ الزِّبَعْرَى، وعبدِ اللَّهِ بْنِ أَبي طَلْحَةَ بْنِ سهلِ بْنِ الأَسود بْنِ حَرام، وَمَعَهُ ولدُه يَقُوده، فَصاحَ بِهِ ابْنُ الزِّبَعْرَى، بعد ما ولَّى: يَا أَبا الْوَلِيدِ، مَن هَذَا الغُلامُ؟ فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثابِتٍ الأَبيات.
شصلب: شَصْلَبٌ: شَديدٌ قوِيٌّ.
شطب: الشَّطْبُ، مِنَ الرِّجَالِ والخَيْلِ: الطويلُ، الحَسَنُ الخَلْقِ. وجارِيةٌ شِطْبةٌ وشَطْبةٌ: طَويلةٌ، حَسَنَةٌ، تارَّةٌ، غَضَّةٌ، الْكَسْرُ عَنِ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: وَالْفَتْحُ أَعلى. وَيُقَالُ: غُلامٌ شَطْبٌ: حَسَنُ الخَلْقِ، لَيْسَ بِطَوِيلٍ، وَلَا قَصِيرٍ. ورَجل مَشْطُوبٌ ومُشَطَّبٌ إِذا كَانَ طَوِيلًا. وفَرَسٌ شِطْبةٌ: سَبِطَةُ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: طَوِيلَةٌ، وَالْكَسْرُ لُغَةٌ، وَلَا يُوصَفُ بِهِ الذَّكَرُ. والشَّطْب، مَجْزُومٌ: السَّعَف الأَخضر، الرَّطْبُ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَاحِدَتُهُ شَطْبةٌ. وَفِي حَدِيثِ
أُم زَرْعٍ: كَمَسَلِّ شَطْبةٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الشَّطْبةُ مَا شُطِبَ مِنْ جَريد النَّخْلِ، وَهُوَ سَعَفُه، شَبَّهته بِتِلْكَ الشَّطْبة، لِنَعْمَتِه، واعْتِدالِ شَبابِه؛ وَقِيلَ: أَرادت أَنه مَهْزول، كأَنه سَعَفَةٌ فِي دِقَّتِها؛ أَرادت أَنه قَلِيلُ اللَّحْمِ، دَقِيقُ الخَصْر، فشبَّهته بالشَّطْبةِ أَي موضِعُ نومِه دَقِيقٌ لنَحافَتِه؛ وَقِيلَ: أَرادت سَيْفاً سُلَّ مِنْ غِمْدِه؛ والمَسَلُّ: مَصْدَرٌ، بِمَعْنَى السَّلّ، أُقِيمَ مُقامَ الْمَفْعُولِ، أَي كَمَسْلُول الشَّطْبة، يَعْنِي مَا سُلَّ مِنْ قِشره أَو غِمْده؛ وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الشَّطْبةُ: السيفُ، أَرادت أَنه كالسَّيْفِ يُسَلُّ مِنْ غِمْده؛ كَمَا قَالَ العُجَيْرُ السَّلُولي يَرْثِي أَبا الحَجناء:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ، لَا مُتآزِفٌ، ... وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُه وأَباجلُه
ابْنُ الأَعرابي: الشَّطائِبُ دُونَ الكَرانِيفِ، الْوَاحِدَةُ شَطِيبةٌ؛ والشَّطْبُ دُونَ الشَّطائِب، الْوَاحِدَةُ شَطْبةٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّاطِبةُ الَّتِي تَعْمَلُ الحُصْر مِنَ الشَّطْب، الْوَاحِدَةُ شَطْبة، وَهِيَ السَّعَفُ. والشُّطُوبُ: أَن تأْخُذَ قِشْرَه الأَعلى. قَالَ: وتَشْطُبُ وتَلْحَى وَاحِدٌ. والشَّواطِبُ مِنَ النساءِ: اللَّوَاتِي يَشْقُقْنَ الخُوصَ، ويَقْشُرْنَ العُسُبَ، لِيَتَّخِذْنَ مِنْهُ الحُصْر، ثُمَّ يُلْقِينَها إِلى المُنَقِّيات؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
تَرى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى، كأَنها ... تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
تَقُولُ مِنْهُ: شَطَبَتِ المَرأَةُ الجَريدَ شَطْباً شَقَّتْه، فَهِيَ شاطِبةٌ، لِتَعْمَلَ مِنْهُ الْحُصْرَ. الأَصمعي: الشَّاطِبةُ الَّتِي تَقْشُر العَسِيبَ، ثُمَّ تُلْقِيه إِلى المنَقِّيةِ، فتأْخُذ كُلَّ شَيْءٍ عَلَيْهِ بِسِكِّينها، حَتَّى تَتْرُكَهُ رقِيقاً، ثُمَّ تُلْقِيه المُنَقِّيةُ إِلى الشَّاطِبَةِ ثَانِيَةً، وَهُوَ قَوْلُهُ:
تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
وشُطُوبُ السَّيْفِ وشُطُبُه، بِضم الشِّينِ وَالطَّاءِ، وشُطَبُه: طَرائقُه الَّتِي فِي مَتْنِهِ، وَاحِدَتُهُ شُطْبةٌ، وشُطَبةٌ، وشِطْبةٌ. وَسَيْفٌ مُشَطَّبٌ ومَشْطُوبٌ: فِيهِ شُطَبٌ. وثوبٌ مُشَطَّبٌ: فِيهِ طَرائقُ. والشَّطائبُ مِنَ الناسِ وَغَيْرِهِمْ: الفِرَقُ والضُّرُوبُ المختلفةُ؛ قَالَ الرَّاعِي:
فهاجَ بِهِ، لمَّا تَرَجَّلَتِ الضُّحَى، ... شَطائِبُ شَتَّى، مِنْ كِلابٍ ونابلِ(1/496)
وسَيْفٌ مُشَطَّب: فِيهِ طَرائِقُ، وَرُبَّمَا كَانَتْ مُرْتَفِعةً ومُنْحَدِرَةً. ابْنُ شُمَيْلٍ: شُطْبةُ السَّيْفِ: عَموده الناشِزُ فِي متْنِه. الشَّطبةُ والشِّطْبةُ: قِطْعةٌ مِنْ سَنام الْبَعِيرِ، تُقْطَع طُولًا. وكلُّ قِطْعة مِنْ ذَلِكَ أَيضاً تُسَمَّى: شَطِيبةً؛ وَقِيلَ: شَطِيبةُ اللَّحْمِ الشَّرِيحةُ مِنْهُ. وشَطَّبه: شَرَّحه. وَيُقَالُ: شَطَبْتُ السَّنَامَ والأَديمَ أَشْطُبه شَطْباً. أَبو زَيْدٍ: شُطَبُ السَّنامِ أَن تُقَطِّعَه قِدَداً، وَلَا تُفَصِّلَها، وَاحِدَتُهَا شُطْبةٌ، وَقَالُوا أَيضاً شَطِيبة، وَجَمْعُهَا شَطائِبُ. وكلُّ قِطْعَةِ أَديمٍ تُقَدُّ طُولًا شَطِيبةٌ. وشَطَبَ الأَديمَ والسَّنام، يَشْطُبهما شَطْباً: قَطَعَهما. وشَطِيبةٌ مِن نَبْع يُتَّخَذُ مِنْهَا القَوْسُ. والشَّواطِبُ مِنَ النساءِ: اللَّوَاتِي يَقْدُدْنَ الأَدِيمَ، بعد ما يَخْلُقْنَه. وَنَاقَةٌ شَطِيبةٌ: يابِسةٌ. وفَرَسٌ مَشْطُوبُ المَتْن والكَفَل: انْتَبَر مَتْناه سِمَناً، وتَبايَنَتْ غُرورُه؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
مِثلُ هِمْيانِ العَذارَى، بَطْنُه ... أَبْلَقُ الحقْوَينِ، مَشْطوبُ الكَفَلْ
وَرَجُلٌ شاطِب المَحَلِّ: بعيدُه، مِثْلُ شاطِنٍ. والانْشِطابُ: السَّيَلانُ. والمُنْشَطِبُ: السائِلُ «3» مِنَ الماءِ وَغَيْرِهِ. والمُنْشَطِبُ السَّائِلُ. وطريقٌ شاطِبٌ: مائِلٌ. وشَطَبَ عَنِ الشيءِ: عَدَلَ عَنْهُ. الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذا ذَهَبَ وتباعَد. وَفِي النَّوَادِرِ: رَمْيةٌ شاطِفةٌ، وشاطِبةٌ، وصائِفةٌ إِذا زَلَّت عَنِ المَقْتَلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَحَمَلَ عامِرُ بنُ رَبِيعةَ عَلَى عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، فطَعَنَه، فشَطَبَ الرُّمْحُ عَنْ مَقْتَله
؛ هُوَ مِنْ شَطَبَ، بِمَعْنَى بَعُدَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ الحَرْبيُّ: شَطَبَ الرُّمح عَنْ مَقْتَله أَي لَمْ يَبْلُغْه. الأَصمعي: شَطَفَ وشَطَبَ إِذا عَدَل ومالَ. أَبو الْفَرَجِ: الشَّطائبُ والشَّصائبُ الشَّدائدُ. وشَطِبٌ: جبلٌ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ:
كأَنَّ أَقْرابَه، لمَّا عَلا شَطِباً، ... أَقْرابُ أَبْلَقَ، يَنْفِي الخيْلَ، رمّاحِ
وَفِي الصِّحَاحِ: شَطِيبٌ: اسْمُ جَبَل. ورأَيت فِي حَوَاشِي نُسْخَةٍ مَوْثُوقٍ بِهَا: هَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ، وَالَّذِي أَورده الْفَارَابِيُّ فِي دِيوَانِ الأَدب، وَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، وَابْنُ فَارِسٍ: شَطِبٌ، عَلَى فَعِلٍ: اسْمُ جَبل، والله أَعلم.
شعب: الشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: وشَعْبٌ صَغِيرٌ مِنْ شَعْبٍ كبيرٍ
أَي صَلاحٌ قلِيلٌ مِنْ فَسادٍ كَثِيرٍ. شَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً، فانْشَعَبَ، وشَعَّبَه فَتَشَعَّب؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِعَلِيِّ بنِ غَديرٍ الغَنَويِّ فِي الشَّعْبِ بِمَعْنَى التَّفْريق:
وإِذا رأَيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَهُ، ... شَعْبَ العَصا، ويَلِجُّ فِي العِصْيانِ
قَالَ: مَعْنَاهُ يُفَرِّقُ أَمْرَه. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: شَعَبَ الرَّجُلُ أَمْرَهُ إِذا شَتَّتَه
__________
(3) . قوله [والمنشطب السائل] هذه العبارة الثانية للأَزهري والأَولى لابن سيدة، جمع المؤلف بين عبارتيهما.(1/497)
وفَرَّقَه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيت فِي الشَّعْبِ: إِنه يكونُ بمَعْنَيَيْنِ، يكونُ إِصْلاحاً، ويكونُ تَفْريقاً. وشَعْبُ الصَّدْعِ فِي الإِناءِ: إِنما هُوَ إِصلاحُه ومُلاءَمَتُه، ونحوُ ذَلِكَ. والشَّعْبُ: الصَّدْعُ الَّذِي يَشْعَبُهُ الشَّعّابُ، وإِصْلاحُه أَيضاً الشَّعْبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اتَّخَذَ مكانَ الشَّعْبِ سِلْسلةً
؛ أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الَّذِي فِيهِ. والشَّعَّابُ: المُلَئِّمُ، وحِرْفَتُه الشِّعابةُ. والمِشْعَبُ: المِثْقَبُ المَشْعُوبُ بِهِ. والشَّعِيبُ: المَزادةُ المَشْعُوبةُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي مِنْ أَديمَين؛ وَقِيلَ: مِنْ أَدِمَينِ يُقابَلان، لَيْسَ فيهما فِئامٌ في زَواياهُما؛ والفِئامُ فِي المَزايدِ: أَن يُؤْخَذَ الأَديمُ فيُثْنى، ثُمَّ يُزادُ فِي جَوانِبِها مَا يُوَسِّعُها؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ إِبِلًا تَرعَى فِي العَزيبِ:
إِذا لمْ تَرُحْ، أَدَّى إِليها مُعَجِّلٌ، ... شَعِيبَ أَديمٍ، ذَا فِراغَينِ مُتْرَعا
يَعْنِي ذَا أَدِيمَين قُوبِلَ بَيْنَهُمَا؛ وَقِيلَ: الَّتِي تُفْأَمُ بجِلْدٍ ثالِثٍ بَيْنِ الجِلْدَين لتَتَّسِعَ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي مِنْ قِطْعَتَينِ، شُعِبَتْ إِحداهُما إِلى الأُخرى أَي ضُمَّتْ، وَقِيلَ: هِيَ المَخْرُوزَةُ مِنْ وَجْهينِ؛ وكلُّ ذَلِكَ مِنَ الجمعِ. والشَّعِيبُ أَيضاً: السِّقاءُ الْبَالِي، لأَنه يُشْعَب، وجَمْعُ كلِّ ذَلِكَ شُعُبٌ. والشَّعِيبُ، والمَزادةُ، والراويَةُ، والسَّطيحةُ: شيءٌ واحدٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ، لأَنه ضُمَّ بعضُه إِلى بعضٍ. ويقال: أَشْعَبُه فَمَا يَنْشَعِبُ أَي فَمَا يَلْتَئِمُ. ويُسَمَّى الرحلُ شَعِيباً؛ وَمِنْهُ قولُ المَرّار يَصِفُ نَاقَةً:
إِذا هِيَ خَرَّتْ، خَرَّ، مِن عَنْ يمينِها، ... شَعِيبٌ، بِهِ إِجْمامُها ولُغُوبُها «1»
يَعْنِي الرحْل، لأَنه مَشْعوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ. وَتَقُولُ: التَأَمَ شَعْبُهم إِذا اجْتَمَعُوا بَعْدَ التفَرُّقِ؛ وتَفَرَّقَ شَعْبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بَعْدَ الاجتماعِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا مِنْ عَجَائِبِ كلامِهم؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامِ، ... وشَجاكَ، اليَوْمَ، رَبْعُ المُقامِ
أَي شَتَّ الجميعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا هَذِهِ الفُتْيا الَّتِي شَعَبْتَ بِهَا الناسَ؟
أَي فرَّقْتَهم. والمُخاطَبُ بِهَذَا الْقَوْلِ ابنُ عباسٍ، فِي تحليلِ المُتْعةِ، والمُخاطِبُ لَهُ بِذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ بَلْهُجَيْم. والشَّعْبُ: الصدعُ والتَّفَرُّقُ فِي الشيءِ، والجمْع شُعوبٌ. والشُّعْبةُ: الرُّؤْبةُ، وَهِيَ قِطْعةٌ يُشْعَب بِهَا الإِناءُ. يُقَالُ: قَصْعةٌ مُشَعَّبةٌ أَي شُعِبَتْ فِي مواضِعَ مِنْهَا، شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَوَصَفَتْ أَباها، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَرْأَبُ شَعْبَها
أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلمَتَها؛ وَقَدْ يكونُ الشَّعْبُ بِمَعْنَى الإِصلاحِ، فِي غَيْرِ هَذَا، وَهُوَ مِنَ الأَضْدادِ. والشَّعْبُ: شَعْبُ الرَّأْسِ، وَهُوَ شأْنُه الَّذِي يَضُمُّ قَبائِلَه،
__________
(1) . قوله [من عن يمينها] هكذا في الأَصل والجوهري والذي في التهذيب من عن شمالها.(1/498)
وَفِي الرأْسِ أَربَعُ قَبائل؛ وأَنشد:
فإِنْ أَوْدَى مُعَاوِيَةُ بنُ صَخْرٍ، ... فبَشِّرْ شَعْبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ
وَتَقُولُ: هُمَا شَعْبانِ أَي مِثْلانِ. وتَشَعَّبَتْ أَغصانُ الشَّجَرَةِ، وانْشَعَبَتْ: انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ. والشُّعْبة مِنَ الشَّجَرِ: مَا تَفَرَّقَ مِنْ أَغصانها؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تَسْلُبُ الكانِسَ، لَمْ يُؤْرَ بِهَا، ... شُعْبةَ الساقِ، إِذا الظّلُّ عَقَل
شُعْبةُ الساقِ: غُصْنٌ مِنْ أَغصانها. وشُعَبُ الغُصْنِ: أَطرافُه المُتَفَرِّقَة، وكلُّه راجعٌ إِلى مَعْنَى الافتراقِ؛ وَقِيلَ: مَا بَيْنَ كلِّ غُصْنَيْن شُعْبةٌ؛ والشُّعْبةُ، بِالضَّمِّ: وَاحِدَةُ الشُّعَبِ، وَهِيَ الأَغصانُ. وَيُقَالُ: هَذِهِ عَصاً فِي رأْسِها شُعْبَتانِ؛ قَالَ الأَزهري: وسَماعي مِنَ الْعَرَبِ: عَصاً فِي رَأْسِها شُعْبانِ، بِغَيْرِ تَاءٍ. والشُّعَبُ: الأَصابع، والزرعُ يكونُ عَلَى ورَقة، ثُمَّ يُشَعِّبُ. وشَعَّبَ الزرعُ، وتَشَعَّبَ: صَارَ ذَا شُعَبٍ أَي فِرَقٍ. والتَّشَعُّبُ: التفرُّق. والانْشِعابُ مِثلُه. وانْشَعَبَ الطريقُ: تَفَرَّقَ؛ وَكَذَلِكَ أَغصانُ الشَّجَرَةِ. وانْشَعَبَ النَّهْرُ وتَشَعَّبَ: تفرَّقَتْ مِنْهُ أَنهارٌ. وانْشَعَبَ بِهِ القولُ: أَخَذَ بِهِ مِنْ مَعْنًى إِلى مَعْنًى مُفارِقٍ للأَولِ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةُ:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، ... وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِكَ، تَشْعَبُ
قِيلَ: تَشْعَبُ تَصْرِفُ وتَمْنَع؛ وَقِيلَ: لَا تجيءُ عَلَى القصدِ. وشُعَبُ الجبالِ: رؤُوسُها؛ وَقِيلَ: مَا تفرَّقَ مِنْ رؤُوسِها. الشُّعْبةُ: دُونَ الشِّعْبِ، وَقِيلَ: أُخَيَّة الشِّعْب، وَكِلْتَاهُمَا يَصُبُّ مِنَ الْجَبَلِ. والشِّعْبُ: مَا انْفَرَجَ بَيْنَ جَبَلَينِ. والشِّعْبُ: مَسِيلُ الْمَاءِ فِي بطنٍ مِنَ الأَرضِ، لَهُ حَرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ، إِذا انْبَطَح، وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَ سَنَدَيْ جَبَلَين. والشُّعْبةُ: صَدْعٌ فِي الجبلِ، يأْوي إِليه الطَّيرُ، وَهُوَ مِنْهُ. والشُّعْبةُ: المَسيلُ فِي ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ. والشُّعْبة: المَسِيلُ الصغيرُ؛ يُقَالُ: شُعْبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلًا. والشُعْبةُ: مَا صَغُرَ عَنِ التَّلْعة؛ وَقِيلَ: مَا عَظُمَ مِنَ سَواقي الأَوْدِيةِ؛ وَقِيلَ: الشُّعْبة مَا انْشَعَبَ مِنَ التَّلْعة وَالْوَادِي، أَي عَدَل عَنْهُ، وأَخَذ فِي طريقٍ غيرِ طريقِه، فتِلك الشُّعْبة، وَالْجَمْعُ شُعَبٌ وشِعابٌ. والشُّعْبةُ: الفِرْقة وَالطَّائِفَةُ مِنَ الشيءِ. وَفِي يَدِهِ شُعْبةُ خيرٍ، مَثَلٌ بِذَلِكَ. وَيُقَالُ: اشْعَبْ لِي شُعْبةً مِنَ المالِ أَي أَعْطِني قِطعة مِنْ مالِكَ. وَفِي يَدِي شُعْبةٌ مِنْ مالٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحياءُ شُعْبةٌ مِنَ الإِيمانِ
أَي طائفةٌ مِنْهُ وقِطعة؛ وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان، لأَنَّ المُسْتَحِي يَنْقَطِعُ لِحيائِه عَنِ الْمَعَاصِي، وإِن لَمْ تَكُنْ لَهُ تَقِيَّةٌ، فَصَارَ كالإِيمانِ الَّذِي يَقْطَعُ بينَها وبينَه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: الشَّبابُ شُعْبة مِنَ الجُنونِ
، إِنما جَعَله شُعْبةً مِنْهُ، لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ، وَكَذَلِكَ الشَّبابُ قَدْ يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ، لِما فِيهِ مِنْ كثرةِ المَيْلِ إِلى الشَّهَوات، والإِقْدامِ عَلَى المَضارّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: يُقَالُ إِنَّ النارَ يومَ الْقِيَامَةِ، تَتَفَرَّقُ إِلى ثلاثِ فِرَقٍ، فكُلَّما ذهبُوا(1/499)
أَن يخرُجوا إِلى موضعٍ، رَدَّتْهُم. ومعنى الظِّلِّ هاهنا أَن النارَ أَظَلَّتْه، لأَنَّه لَيْسَ هُنَاكَ ظِلٌّ. وشُعَبُ الفَرَسِ وأَقْطارُه: مَا أَشرَفَ مِنْهُ، كالعُنُقِ والمَنْسِج؛ وَقِيلَ: نواحِيه كُلُّهَا؛ وَقَالَ دُكَينُ بنُ رَجَاءٍ:
أَشَمّ خِنْذِيذٌ، مُنِيفٌ شُعَبُهْ، ... يَقْتَحِمُ الفارِسَ، لَوْلَا قَيْقَبُه
الخِنْذِيذُ: الجَيِّدُ مِنَ الخَيْلِ، وَقَدْ يَكُونُ الخصِيَّ أَيضاً. وأَرادَ بقَيْقَبِه: سَرْجَه. والشَّعْبُ: القَبيلةُ العظيمةُ؛ وَقِيلَ: الحَيُّ العظيمُ يتَشَعَّبُ مِنَ القبيلةِ؛ وَقِيلَ: هُوَ القبيلةُ نفسُها، وَالْجَمْعُ شُعوبٌ. والشَّعْبُ: أَبو القبائِلِ الذي يَنْتَسِبُون إِليه أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهُم. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا
. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضي اللَّهُ عَنْهُ، فِي ذَلِكَ: الشُّعُوبُ الجُمّاعُ، والقبائلُ البُطُونُ، بُطونُ الْعَرَبِ، والشَّعْبُ مَا تَشَعَّبَ مِنْ قَبائِل الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ. وكلُّ جِيلٍ شَعْبٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَا أَحْسِبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدَّةً، أَبداً، ... وَلَا تَقَسَّمُ شَعْباً وَاحِدًا، شُعَبُ
والجَمْعُ كالجَمْعِ. ونَسَب الأَزهري الاستشهادَ بِهَذَا الْبَيْتِ إِلى اللَّيْثِ، فَقَالَ: وشُعَبُ الدَّهْر حالاتُه، وأَنشد الْبَيْتَ، وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: أَي ظَنَنْت أَن لَا يَنْقَسِمَ الأَمرُ الْوَاحِدُ إِلى أُمورٍ كثيرةٍ؛ ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُجَوِّد الليثُ فِي تَفْسِيرِ الْبَيْتِ، وَمَعْنَاهُ: أَنه وصفَ أَحياءً كَانُوا مُجتَمِعينَ فِي الربيعِ، فَلَمَّا قَصَدُوا المَحاضِرَ، تَقَسَّمَتْهُم الْمِيَاهُ؛ وشُعَب القومِ نِيّاتُهم، فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَكَانَتْ لكلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ نِيَّة غيرُ نِيّة الآخَرينَ، فَقَالَ: مَا كنتُ أَظُنُّ أَنَّ نِيَّاتٍ مختَلِفةً تُفَرِّقُ نِيَّةً مُجْتمعةً. وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا فِي مُنْتَواهُمْ ومُنْتَجَعِهم مُجْتَمِعِينَ عَلَى نِيَّةٍ واحِدةٍ، فَلَمَّا هاجَ العُشْبُ، ونَشَّتِ الغُدرانُ، توزَّعَتْهُم المَحاضِرُ، وأَعْدادُ المِياهِ؛ فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ:
وَلَا تَقَسَّمُ شَعْباً وَاحِدًا شُعَبُ
وَقَدْ غَلَبَتِ الشُّعوبُ، بلفظِ الجَمْعِ، عَلَى جِيلِ العَجَمِ، حَتَّى قِيلَ لمُحْتَقرِ أَمرِ الْعَرَبِ: شُعُوبيٌّ، أَضافوا إِلى الجمعِ لغَلَبَتِه عَلَى الجِيلِ الواحِد، كقولِهم أَنْصاريٌّ. والشُّعوبُ: فِرقَةٌ لَا تُفَضِّلُ العَرَبَ عَلَى العَجَم. والشُّعوبيٌّ: الَّذِي يُصَغِّرُ شأْنَ العَرَب، وَلَا يَرَى لَهُمْ فَضْلًا عَلَى غيرِهم. وأَما الَّذِي فِي حَدِيثِ
مَسْروق: أَنَّ رَجلًا مِنَ الشُّعوبِ أَسلم، فَكَانَتْ تؤخذُ مِنْهُ الجِزية، فأَمرَ عُمَرُ أَن لَا تؤخذَ مِنْهُ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: الشعوبُ هاهنا الْعَجَمُ، ووجهُه أَن الشَّعْبَ مَا تَشَعَّبَ مِنْ قَبائِل الْعَرَبِ، أَو الْعَجَمِ، فخُصَّ بأَحَدِهِما، ويجوزُ أَن يكونَ جمعَ الشُّعوبيِّ، وَهُوَ الَّذِي يصَغِّرُ شأْنَ الْعَرَبِ، كقولِهم اليهودُ والمجوسُ، فِي جَمْعِ اليهوديِّ وَالْمَجُوسِيِّ. والشُّعَبُ: القبائِل. وَحَكَى ابْنُ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبيه: الشَّعْبُ أَكبرُ مِنَ القبيلةِ، ثُمَّ الفَصيلةُ، ثُمَّ العِمارةُ، ثُمَّ البطنُ، ثُمَّ الفَخِذُ. قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ فِي هَذَا مَا رَتَّبَه الزُّبَيرُ بنُ بكَّارٍ: وَهُوَ الشَّعْبُ، ثُمَّ القبيلةُ، ثُمَّ العِمارةُ، ثُمَّ البطنُ، ثُمَّ الفَخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ؛ قَالَ أَبو أُسامة: هَذِهِ الطَّبَقات عَلَى ترتِيب خَلْق الإِنسانِ، فالشَّعبُ أَعظمُها، مُشْتَقٌّ مِنْ شَعْبِ الرَّأْسِ، ثُمَّ القبيلةُ مِنْ قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها، ثُمَّ العِمارةُ وَهِيَ الصَّدرُ،(1/500)
ثُمَّ البَطنُ، ثُمَّ الفخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ، وَهِيَ الساقُ. والشعْبُ، بالكسرِ: مَا انْفَرَجَ بينَ جَبَلَيْنِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الطَّريقُ فِي الجَبَلِ، والجمعُ الشِّعابُ. وَفِي المَثَل: شَغَلَتْ شِعابي جَدْوايَ أَي شَغَلَتْ كَثرةُ المؤُونة عَطائي عَنِ الناسِ؛ وَقِيلَ: الشِّعْبُ مَسِيلُ الماءِ، فِي بَطْنٍ منَ الأَرضِ، لهُ جُرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُهُ بطْحَةُ رَجُلٍ. والشُّعْبة: الفُرْقة؛ تَقُولُ: شَعَبَتْهم الْمَنِيَّةُ أَي فرَّقَتْهم، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمَنِيَّةُ شَعُوبَ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ لَا تَنْصَرِفُ، وَلَا تَدْخُلُهَا الأَلف وَاللَّامُ. وَقِيلَ: شَعُوبُ والشَّعُوبُ، كِلْتاهُما المَنِيَّة، لأَنها تُفَرِّقُ؛ أَمّا قَوْلُهُمْ فِيهَا شَعُوبُ، بِغَيْرِ لامٍ، والشَّعوبُ بِاللَّامِ، فَقَدْ يُمْكِنُ أَن يكونَ فِي الأَصل صِفَةً، لأَنه، مِنْ أَمْثِلَةِ الصِّفاتِ، بِمَنْزِلَةِ قَتُولٍ وضَروبٍ، وإِذا كَانَ كَذَلِكَ، فاللامُ فِيهِ بمنزلتِها فِي العَبّاسِ والحَسَنِ والحَرِثِ؛ ويؤَكِّدُ هَذَا عندَكَ أَنهم قَالُوا فِي اشْتِقاقِها، إِنها سُمِّيَتْ شَعُوبَ، لأَنها تَشْعَبُ أَي تُفَرِّقُ، وَهَذَا الْمَعْنَى يؤَكِّدُ الوَصْفِيَّةَ فِيهَا، وَهَذَا أَقْوى مِنْ أَن تُجْعَلَ اللَّامُ زَائِدَةً. ومَن قَالَ شَعُوبُ، بِلا لامٍ، خَلَصَتْ عندَه اسْماً صَرِيحًا، وأَعْراها فِي اللَّفْظِ مِن مَذْهَبِ الصفةِ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُلْزمْها اللَّامَ، كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ قَالَ عباسٌ وحَرِثٌ، إِلَّا أَنَّ روائِحَ الصفةِ فِيهِ عَلَى كلِّ حالٍ، وإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ لامٌ، أَلا تَرَى أَنَّ أَبا زيدٍ حَكَى أَنهم يُسَمُّونَ الخُبزَ جابِرَ بْنَ حبَّة؟ وإِنما سَمَّوهُ بِذَلِكَ، لأَنه يَجْبُر الجائِعَ؛ فَقَدْ تَرَى مَعْنَى الصِّفَةِ فِيهِ، وإِن لَمْ تَدْخُلْهُ اللامُ. ومِن ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: واسِطٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: سَمَّوهُ واسِطاً، لأَنه وَسَطَ بينَ العِراقِ والبَصْرَة، فَمَعْنَى الصِّفَةِ فِيهِ، وإِن لَمْ يَكُنْ فِي لفظِه لامٌ. وشاعَبَ فلانٌ الحياةَ، وشاعَبَتْ نَفْسُ فلانٍ أَي زَايَلَتِ الحَياةَ وذَهَبَت؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
ويَبْتَزُّ فِيهِ المرءُ بَزَّ ابْنِ عَمِّهِ، ... رَهِيناً بِكَفَّيْ غَيْرِه، فَيُشاعِبُ
يشَاعِبُ: يفَارِق أَي يُفارِقُه ابنُ عَمِّه؛ فَبزُّ ابنِ عَمِّه: سِلاحُه. يَبْتَزُّه: يأْخُذُه. وأَشْعَبَ الرجلُ إِذا ماتَ، أَو فارَقَ فِراقاً لَا يَرْجِعُ. وَقَدْ شَعَبَتْه شَعُوبُ أَي المَنِيَّة، تَشْعَبُه، فَشَعَب، وانْشَعَب، وأَشْعَبَ أَي ماتَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
أَقَامَتْ بِهِ مَا كانَ، فِي الدَّارِ، أَهْلُها، ... وكانُوا أُناساً، مِنْ شَعُوبَ، فأَشْعَبُوا
تَحَمَّلَ منْ أَمْسَى بِهَا، فَتَفَرَّقُوا ... فَريقَيْن، مِنْهُمْ مُصْعِدٌ ومُصَوِّبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوابُ إِنْشادِه، عَلَى مَا رُوِيَ فِي شِعْرِهِ: وَكَانُوا شُعُوباً مِنْ أُناسٍ أَي ممَّنْ تَلْحَقُه شَعُوبُ. وَيُرْوَى: مِنْ شُعُوب، أَي كانوا من الناس الذين يَهْلِكُون فَهَلَكُوا. وَيُقَالُ للمَيِّتِ: قَدِ انْشَعَبَ؛ قَالَ سَهْم الْغَنَوِيُّ:
حَتَّى تُصادِفَ مَالًا، أَو يُقَالَ فَتًى ... لاقَى الَّتِي تشْعَبُ الفِتْيانَ، فانْشَعَبَا
وَيُقَالُ: أَقَصَّتْه شَعُوب إِقْصاصاً إِذا أَشْرَفَ عَلَى المَنِيَّة، ثُمَّ نَجَا. وَفِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ: فَمَا زِلْتُ واضِعاً رِجْلِي عَلَى خَدِّه حَتَّى أَزَرْتُه شَعُوبَ
؛ شَعُوبُ: مِنْ أَسماءِ المَنِيَّةِ، غيرَ مَصْروفٍ، وسُمِّيَتْ شعُوبَ، لأَنَّها تُفَرِّقُ. وأَزَرْتُه: مِنَ الزيارةِ. وشَعَبَ إِليهم فِي عَدَدِ كَذَا: نَزَع، وفارَقَ صَحْبَهُ.(1/501)
والمَشْعَبُ: الطَّريقُ. ومَشْعَبُ الحَقِّ: طَريقُه المُفَرِّقُ بينَه وَبَيْنَ الباطلِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَمَا لِيَ، إِلَّا آلَ أَحْمَد، شِيعةٌ، ... وَمَا لِيَ، إِلَّا مَشْعَبَ الحقِّ، مَشْعَبُ
والشُّعْبةُ: ما بين القَرْنَيْنِ، لتَفْريقِها بَيْنَهُمَا؛ والشَّعَبُ: تَباعُدُ مَا بَيْنَهُمَا؛ وَقَدْ شَعِبَ شَعَباً، وَهُوَ أَشْعَبُ. وظَبْيٌ أَشْعَبُ: بَيِّنُ الشَّعَب، إِذا تَفَرَّقَ قَرْناه، فتَبايَنَا بينُونةً شَدِيدَةً، وَكَانَ مَا بَيْنَ قَرْنَيْه بَعِيدًا جِدًّا، وَالْجَمْعُ شُعْبٌ؛ قَالَ أَبو دُوادٍ:
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْساءِ، ... نَبَّاجٍ مِنَ الشُّعْبِ
وتَيْسٌ أَشْعَبُ إِذا انْكَسَرَ قَرْنُه، وعَنْزٌ شَعْبَاءُ. والشَّعَبُ أَيضاً: بُعْدُ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، والفِعلُ كالفِعلِ. والشاعِبانِ: المَنْكِبانِ، لتَباعُدِهِما، يَمانِيَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا قَعَدَ الرَّجُلُ مِنَ المرأَةِ مَا بَيْنَ شُعَبِها الأَرْبعِ، وَجَبَ عَلَيْهِ الغُسْلُ.
شُعَبُها الأَرْبعُ: يَداها ورِجْلاها؛ وَقِيلَ: رِجْلاها وشُفْرا فَرْجِها؛ كَنى بِذَلِكَ عَنْ تَغْيِيبِه الحَشَفَة فِي فَرْجِها. وماءٌ شَعْبٌ: بعيدٌ، وَالْجَمْعُ شُعُوبٌ؛ قَالَ:
كَمَا شَمَّرَتْ كَدْراءُ، تَسْقِي فِراخَها ... بعَرْدَةَ، رِفْهاً، والمياهُ شُعُوبُ
وانْشَعَبَ عنِّي فُلانٌ: تباعَدَ. وشاعَبَ صاحبَه: باعَدَه؛ قَالَ:
وسِرْتُ، وَفِي نَجْرانَ قلْبي مُخَلَّفٌ، ... وجِسْمي، ببَغْدادِ العِراقِ، مُشاعِبُ
وشَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً إِذا صَرَفَه. وشَعَبَ اللجامُ الفَرَسَ إِذا كَفَّه؛ وأَنشد:
شاحِيَ فِيهِ واللِّجامُ يَشْعَبُهْ
وشَعْبُ الدَّارِ: بُعْدُها؛ قَالَ قيسُ بنُ ذُرَيْحٍ:
وأَعْجَلُ بالإِشْفاقِ، حَتَّى يَشِفَّنِي، ... مَخافة شَعْبِ الدَّارِ، والشَّمْلُ جامِعُ
وشَعْبانُ: اسمٌ للشَّهْرِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لتَشَعُّبِهم فِيهِ أَي تَفَرُّقِهِم فِي طَلَبِ المِياهِ، وَقِيلَ فِي الغاراتِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ إِنما سُمِّيَ شَعبانُ شَعبانَ لأَنه شَعَبَ، أَي ظَهَرَ بَيْنَ شَهْرَيْ رمضانَ ورَجَبٍ، وَالْجَمْعُ شَعْباناتٌ، وشَعابِينُ، كرمضانَ ورَمَاضِينَ. وشَعبانُ: بَطْنٌ مِنْ هَمْدانَ، تَشَعَّب منَ اليَمَنِ؛ إِليهم يُنْسَبُ عامِرٌ الشَّعْبِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، عَلَى طَرْحِ الزائدِ. وَقِيلَ: شَعْبٌ جبلٌ باليَمَنِ، وَهُوَ ذُو شَعْبَيْنِ، نَزَلَه حَسَّانُ بنُ عَمْرو الحِمْيَرِيُّ وَولَدُه، فنُسِبوا إِليه؛ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِالْكُوفَةَ، يُقَالُ لَهُمُ الشَّعْبِيُّونَ، مِنْهُمْ عامرُ بنُ شَراحِيلَ الشَّعْبِيُّ، وعِدادُه فِي هَمْدانَ؛ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بالشامِ، يقالُ لَهُمُ الشَّعْبانِيُّون؛ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ باليَمَن، يقالُ لَهُمْ آلُ ذِي شَعْبَيْنِ، ومَن كَانَ مِنْهُمْ بمصْرَ والمَغْرِبِ، يُقَالُ لَهُمُ الأُشْعُوبُ. وشَعَب البعيرُ يَشْعَبُ شَعْباً: اهْتَضَمَ الشجرَ مِنْ أَعْلاهُ. قَالَ ثعلبٌ، قَالَ النَّضْر: سمعتُ أَعرابياً حِجازيّاً باعَ بَعِيرًا لَهُ، يقولُ: أَبِيعُكَ،(1/502)
هُوَ يَشْبَعُ عَرْضاً وشَعْباً؛ العَرْضُ: أَن يَتَناوَلَ الشَّجَرَ مِنْ أَعْراضِه. وَمَا شَعَبَك عَنِّي؟ أَي مَا شَغَلَكَ؟ والشِّعْبُ: سِمَةٌ لبَنِي مِنْقَرٍ، كهَيْئةِ المِحْجَنِ وصُورَتِه، بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِهَا. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الشِّعابُ سِمَةٌ فِي الفَخِذ، فِي طُولِها خَطَّانِ، يُلاقى بَيْنَ طَرَفَيْهِما الأَعْلَيَيْنِ، والأَسْفَلانِ مُتَفَرِّقانِ؛ وأَنشد:
نَارٌ علَيْها سِمَةُ الغَواضِرْ: ... الحَلْقَتانِ والشِّعابُ الفاجِرْ
وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التذكِرةِ: الشَّعْبُ وسْمٌ مُجْتَمِعٌ أَسفلُه، مُتَفَرِّقٌ أَعلاه. وجَمَلٌ مَشْعُوبٌ، وإِبلٌ مُشَعَّبةٌ: مَوْسُومٌ بِهَا. والشَّعْبُ: موضعٌ. وشُعَبَى، بِضَمِّ الشِّينِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، مقصورٌ: اسمُ موضعٍ فِي جَبَلِ طَيِّئٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو الْعَبَّاسَ بْنَ يَزِيدَ الكِنْدي:
أَعَبْداً حَلَّ، فِي شُعَبَى، غَريباً؟ ... أَلُؤْماً، لَا أَبا لَكَ، واغْتِرابا
قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْعَرَبُ تقولُ أَبي لكَ وشَعْبي لكَ، مَعْنَاهُ فَدَيْتُك؛ وأَنشد:
قالَتْ: رأَيتُ رَجُلًا شَعْبي لَكْ، ... مُرَجَّلًا، حَسِبْتُه تَرْجِيلَكْ
قَالَ: مَعْنَاهُ رأَيتُ رجُلًا فدَيْتُك، شَبَّهتُهُ إِيَّاك. وشعبانُ: موضعٌ بالشامِ. والأَشْعَب: قَرْيةٌ باليَمامَةِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الجَعْدي:
فَلَيْتَ رسُولًا، لَهُ حاجةٌ ... إِلى الفَلَجِ العَوْدِ، فالأَشْعَبِ
وشَعَبَ الأَمِيرُ رَسُولًا إِلى موضعِ كَذَا أَي أَرسَلَه. وشَعُوبُ: قَبِيلة؛ قَالَ أَبو خِراشٍ:
مَنَعْنا، مِنْ عَدِيِّ، بَني حُنَيْفٍ، ... صِحابَ مُضَرِّسٍ، وابْنَيْ شَعُوبَا
فأَثْنُوا، يَا بَنِي شِجْعٍ، عَلَيْنا، ... وحَقُّ ابْنَيْ شَعُوبٍ أَن يُثِيبا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا وَجَدْنَا شَعُوبٍ مَصْروفاً فِي الْبَيْتِ الأَخِير، وَلَوْ لمْ يُصْرَفْ لاحْتَمل الزّحافَ. وأَشْعَبُ: اسمُ رجُلٍ كَانَ طَمَّاعاً؛ وَفِي المَثَل: أَطْمَعُ مِنْ أَشْعَبَ. وشُعَيْبٌ: اسمٌ. وغَزالُ شعبانَ: ضَرْبٌ مِنَ الجَنادِب، أَو الجَخادِب. وشَعَبْعَبُ: مَوْضِعٌ. قَالَ الصِّمَّةُ بنُ عبدِ اللهِ القُشَيْرِي، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كثيرٌ مِمَّنْ يَغْلَطُ فِي الصِّمَّة فيقولُ القَسْري، وَهُوَ القُشَيْرِي لَا غَيْرُ، لأَنه الصِّمَّةُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ طُفَيْلِ بْنِ قُرَّةَ بنِ هُبَيْرةَ بْنِ عامِر بْنِ سَلَمةِ الخَير بْنِ قُشَيْرِ بْنِ كَعبٍ:
يَا لَيْتَ شِعْرِيَ، والأَقْدارُ غالِبةٌ، ... والعَيْنُ تَذْرِفُ، أَحياناً، مِنَ الحَزَنِ
هَلْ أَجْعَلَنَّ يَدِي، للخَدِّ، مِرْفَقَةً ... عَلَى شَعَبْعَبَ، بينَ الحَوْضِ والعَطَنِ؟
وشُعْبةُ: موضعٌ. وَفِي حَدِيثِ الْمَغَازِي:
خَرَجَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يريدُ قُريْشاً، وسَلَكَ شُعْبة
، بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ، موضعٌ قُرْب يَلْيَل، وَيُقَالُ لَهُ شُعْبةُ بنِ عبدِ الله.
شعصب: الشَّعْصَبُ: العاسِي. وشَعْصَبَ: عَسَا.(1/503)
شعنب: الأَزهري: يُقَالُ للتَّيْسِ إِنه لمُعَنْكِبُ القَرْنِ، وَهُوَ المُلْتَوِي القَرْنِ حَتَّى يصيرَ كأَنه حلْقةٌ. والمُشَعْنِبُ: المُسْتَقِيمُ. وَقَالَ النَّضْرُ: الشَّعْنَبَةُ أَن يَسْتَقِيمَ قَرنُ الكبشِ ثُمَّ يَلْتَوِيَ عَلَى رَأْسِهِ قبلَ أُذُنِه، قَالَ: وَيُقَالُ تَيْسٌ مُشَعْنِبُ القَرْنِ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ، والفتح والكسر.
شغب: الشَّغْبُ، والشَّغَبُ، والتَّشْغِيبُ: تَهْيِيجُ الشَّرِّ، وأَنشد اللَّيْثُ:
وإِني، عَلَى مَا نالَ مِنِّي بصَرْفِهِ، ... عَلَى الشَّاغِبِينَ، التارِكِي الحَقِّ، مِشْغَبُ
وَقَدْ شَغَبَهم وشَغَب عَلَيْهِمْ، وَالْكَسْرُ فِيهِ لُغَةٌ، وَهُوَ شَغْبُ الجُنْدِ، وَلَا يُقَالُ شَغَبٌ؛ وتقول منه: شَغَبْتُ عَلَيْهِمْ، وشَغَبْت بِهِم، وشَغَبْتُهُم أَشْغَبُ شَغْباً: كُلُّه بِمَعْنًى؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ويُعابُ قائِلُهُم، وإِن لَمْ يَشْغَبِ
أَي وإِن لَمْ يَجُرْ عَنِ الطريقِ والقَصْدِ. شَمِرٌ: شَغَبَ فلانٌ عَنِ الطريقِ، يَشْغَبُ شَغْباً، وفلانٌ مِشْغَبٌ إِذا كَانَ عانِداً عَنِ الحَقِّ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
يَرُدُّونَ الحُلُومَ إِلى جِبالٍ، ... وإِن شاغَبْتَهم وجَدوا شِغابَا
أَي وإِن خالَفْتَهم عَنِ الْحُكْمِ إِلى الْجَوْرِ، وتركِ الْقَصْدِ إِلى العُنودِ؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:
وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِكَ، تَشْغَبُ
أَي تَجُورُ بِكَ عَنْ طَرِيقِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: قِيلَ لَهُ مَا هَذِهِ الفُتْيا الَّتِي شَغَبَتْ فِي الناسِ؟
الشَّغْبُ، بِسُكُونِ الْغَيْنِ: تَهْيِيجُ الشَّرِّ والفِتْنَةِ والخِصام، والعامَّة تَفْتَحُها؛ تقولُ: شَغَبْتُهم، وَبِهِمْ، وَفِيهِمْ، وَعَلَيْهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ المُشاغَبَةِ
، أَي المُخاصَمَة والمُفاتَنَة. وَيُقَالُ للأَتانِ إِذا وحِمَتْ، فاسْتَصْعَبت عَلَى الفَحلِ: إِنها ذَاتُ شَغْبٍ وضِغْنٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ «2» ، يَرْثي ابْنَ أَخيه:
كَانَ عَنِّي يَرُدُّ دَرْؤُكَ، بعدَ ... اللَّهِ، شَغْبَ المُسْتَصْعِبِ، المِرِّيدِ
وأَنشد الْبَاهِلِيُّ قَوْلَ الْعَجَّاجِ:
كأَنَّ، تَحْتي، ذاتَ شَغْبٍ سَمْحَجا، ... قَوْداءَ، لَا تَحْمِلُ إِلّا مُخْدَجا
قَالَ: الشَّغْبُ الخِلافُ، أَي لَا تُواتِيهِ وتَشْغَبُ عَلَيْهِ؛ يَعْنِي أَتاناً سَمْحَجاً طَوِيلَةٌ عَلَى وجهِ الأَرض، قَوْداءَ طويلةَ العُنُقِ؛ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ قَمِيئَةَ:
فإِن تَشْغَبي، فالشَّغْبُ، مِنِّي، سَجِيَّةٌ، ... إِذا شِيمَنِي مَا يؤْت مِنْهَا سَجِيحُهَا «3»
تَشْغَبي: أَي تُخالِفِيني وتَفْعَلي مَا لَا يُقامِيني أَي مَا لَا يُوافِقُني؛ وأَنشد لهِمْيانَ:
إِنَّ جِرانَ الجَمَلِ المُسِنِّ، ... يَكْسِرُ شَغْبَ النَّافِرِ، المُصِنِ
يَعْنِي بجِران الجَمَلِ: سَوْطاً سُوِّيَ مِنْ جِرانِهِ. والشَّغْبُ: الخِلافُ، قَالَهُ الْبَاهِلِيُّ: وشَغِبْتُ عَلَيْهِمْ، بِالْكَسْرِ، أَشْغَبُ شَغَباً، لغةٌ
__________
(2) . قوله [أبو زيد] هكذا في الأَصل وشرح القاموس وبعض نسخ الصحاح وفي بعضها أبو زبيد.
(3) . قوله [إذا شيمني إلخ] هكذا في الأَصل.(1/504)
فِيهِ ضَعِيفَةٌ، وشاغَبَه، فَهُوَ شَغَّابٌ، ومُشَغِّبٌ، وَرَجُلٌ شَغِبٌ، ومِشْغَبٌ، ومُشاغِبٌ، وَذُو مَشاغِبَ، وَرَجُلٌ شِغَبٌّ؛ قَالَ هِمْيانٌ:
نَدْفَعُ عَنها المُترَفَ، الغُضُبَّا، ... ذَا الخُنْزُوانِ، العَرِكَ، الشِّغَبَّا
وأَبو الشَّغْبِ: كُنْيَة بعضِ الشُّعَراء. وشَغْبٌ: موضِعٌ بينَ الْمَدِينَةِ والشامِ. وَفِي حَدِيثُ
الزُّهْرِيِّ: أَنه كَانَ لَهُ مالٌ بِشَغْبٍ وبَدا
؛ هُمَا مَوْضِعانِ بِالشَّامِ، وَبِهِ «1» كَانَ مُقام عليِّ بْنِ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ وأَولادِهِ، إِلى أَن وَصَلَت إِليهم الخِلافة، وَهُوَ بسكونِ الْغَيْنِ. وشَغَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: اسمُ امْرَأَةٍ، لَا ينصَرفُ فِي الْمَعْرِفَةِ.
شغزب: الشَّغْزَبَة: الأَخْذُ بالعُنْفِ. وكلُّ أَمرٍ مُسْتَصْعَبٍ: شَغْزَبيٌّ. ومَنْهَلٌ شَغْزَبيٌّ: مُلْتَوٍ عَن الطَّريق؛ وقالَ العجاجُ يَصِفُ مَنْهَلًا:
مُنْجَرِدٌ، أَزْوَرُ، شَغْزَبيُ
وتَشَغْزَبَتِ الرِّيحُ: التَوَتْ فِي هُبُوبِهَا. والشَّغْزَبِيَّةُ: ضَرْبٌ مِنَ الحِيلَةِ فِي الصِّراعِ، وَهِيَ أَن تَلْوِيَ رِجلَهُ بِرجْلِكَ؛ تَقُولُ: شَغْزَبْتُه شَغْزَبَةً، وأَخَذْتُه بالشَّغْزَبِيَّةِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ولَبَّسَ بَين أَقْوامي، ... فكُلٌّ أَعَدَّ لَهُ الشَّغازِبَ، والمِحالا
وَقِيلَ: الشَّغْزَبِيَّةُ والشَغْزَبيُّ اعتِقالُ المُصارِعِ رِجْلَه بِرِجْل آخَرَ، وإِلْقاؤُه إِيَّاهُ شَزْراً، وصَرعُه إِيَّاهُ صَرعاً؛ قَالَ:
عَلَّمَنا أَخْوالُنَا، بنُو عِجِلْ، ... الشَّغْزَبيَّ، واعْتِقالًا بالرِّجِلْ
تقولُ: صَرَعْتُه صَرْعَةً شَغْزَبِيَّةً. أَبو زَيْدٍ: شَغْزَبَ الرَّجلُ الرَّجلَ، وشَغْرَبَهُ، بِمَعْنًى واحدٍ، وَهُوَ إِذا أَخَذَه العُقَيلَى؛ وأَنشد:
بَيْنَا الفَتى يَسْعَى إِلى أُمْنِيَّهْ، ... يَحْسِبُ أَنَّ الدَّهْرَ سُرْجُوجِيَّهْ،
عَنَّتْ لَهُ داهِيَةٌ دُهْوِيَّهْ، ... فاعْتَقَلَتْه عُقْلَة شَزْرِيَّهْ،
لَفْتَاءَ عَنْ هَواه شَغْزَبِيَّهْ
وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى يكونَ شُغْزُبّاً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا رَوَاهُ أَبو دَاوُدَ فِي السننِ. قَالَ الحَرْبيُّ: وَالَّذِي عِنْدي أَنه زُخْزُبّاً، وَهُوَ الَّذِي اشْتَدَّ لحمُه وغَلُظَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّايِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَن تكونَ الزايُ أُبْدِلَت شِيناً، والخاءُ غَيْناً، تَصْحِيفًا، وَهَذَا مِنْ غَرِيبِ الإِبدال. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَعْمرٍ: أَنه أَخَذَ رَجُلًا بِيَدِهِ الشَّغْزَبِيَّةَ
؛ قِيلَ: هِيَ ضَرْبٌ مِنَ الصُّراعِ، وَهُوَ اعْتِقالُ المُصارع رِجْلَه برِجْلِ صاحِبِه، ورَمْيُه إِلى الأَرض. قَالَ: وأَصلُ الشَّغْزَبِيَّةِ الالْتِواءُ والمَكْرُ، وكلُّ أَمرٍ مُسْتَصْعَبٍ شَغْزَبيٌّ. والشَّغْبَزُ «2» : ابْنُ آوى.
شغنب: الشُّغْنُوبُ: أَعالي الأَغْصانِ؛ تَقُولُ للغُصْنِ النَّاعِم: شُغْنُوبٌ وشُنْغُوبٌ، وَكَذَلِكَ الشُّنْغُبُ والشُّنْغُوب. الأَزهري فِي شنعبَ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ: هِيَ أَن يَسْتَقيمَ قَرْنُ الكَبْشِ، ثُمَّ يَلْتَوِيَ عَلَى رَأْسِهِ قِبَلَ أُذُنِهِ؛ قال: ويقال تَيْسٌ مُشَعْنِب، بالعينِ والغينِ، والفتحِ والكسرِ.
__________
(1) . أراد: وبالشَّغْب.
(2) . قوله [والشغبز إلخ] هكذا في الأَصل وأورده في التهذيب في مقلوب شغزب بالزاي وقال الصواب أنه شغبر بالراء المهملة.(1/505)
شقب: الشَّقْبُ والشِّقْبُ: مَهْواةُ مَا بينَ كلِّ جَبَلَينِ؛ وَقِيلَ: هُوَ صَدْعٌ يكونُ فِي لُهُوبِ الجبَالِ، ولُصُوبِ الأَوْدِيَةِ، دونَ الكَهْفِ، يُوكِرُ فِيهِ الطَّير؛ وَقِيلَ: هُوَ كالفأْرِ أَو كالشَّقِّ فِي الْجَبَلِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مكانٌ مُطْمَئِنٌّ، إِذا أَشْرَفْتَ عَلَيْهِ، ذَهَب فِي الأَرض، والجمعُ: شِقابٌ، وشُقُوبٌ، وشِقَبَةٌ. التَّهْذِيبُ، اللَّيْثُ: الشِّقْبُ مَواضِعُ، دُونَ الغِيرانِ، تَكُونُ فِي لُهُوبِ الجِبالِ، ولُصُوبِ الأَوْدِية، يُوكِرُ فِيهَا الطَّيرُ؛ وأَنشد:
فصَبَّحَتْ، والطَّيرُ، فِي شِقَابها، ... جُمَّة تَيَّارٍ، إِذا ظَمَا بِها
الأَصمعي: الشِّقْبُ كالشَّقِّ يكونُ فِي الجِبالِ، وجَمْعُه شِقَبَةٌ. واللِّهْبُ: مَهْواةُ مَا بَيْنَ كلِّ جَبَلَين. واللِّصْبُ: الشِّعْبُ الصَّغيرُ فِي الجبلِ. والشَّقَبُ والشِّقْبُ: شَجَرٌ لَه غِصنةٌ وَورَقٌ، يَنْبُتُ كَنِبْتَةِ الرُّمَّانِ، وَوَرَقُه كَوَرَقِ السِّدرِ، وجَنَاتُه كالنَّبِقِ، وَفِيهِ نَوًى، واحدَتُه شَقَبة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ شجرٌ مِنْ شجرِ الجبالِ، يَنبُتُ، فِيمَا زَعَموا، فِي شِقَبَتِها؛ وَقَالَ مرَّة: هُوَ مِنْ عُتْقِ العِيدانِ. والشَّوْقَبُ: الطَّويلُ مِنَ الرجالِ، والنَّعامِ، والإِبِل. وحافِر شَوقَبٌ: واسعٌ، عَنْ كُراعٍ. والشَّوْقَبَانِ: خَشَبَتَا القَتَبِ، اللَّتانِ تُعَلَّقُ بِهِمَا الحِبالُ. والشَّقَبَانُ: طائِرٌ نَبَطِيٌّ.
شقحطب: كَبْشٌ شَقَحْطَبٌ: ذُو قَرْنَينِ مُنْكَرَينِ، كأَنه شِقُّ حَطَبٍ. أَبو عَمْرٍو: الشَّقَحْطَبُ الكَبْشُ الَّذِي لَهُ أَربعةُ قُرون. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا حَرْفٌ صحيحٌ.
شكب: التَّهْذِيبِ: رَوَى بَعْضُهُمْ قَوْلَ وِعاس «1» :
وهُنَّ، مَعًا، قِيامٌ كالشُّكُوبِ
وَقَالَ: هِيَ الكَراكيُّ؛ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: كالشُّجُوبِ، وَهِيَ عَمَد مِنْ أَعمِدَةِ الْبَيْتِ. الأَزهري فِي الثُّلَاثِيِّ: والشُّكْبانُ شِباكٌ يُسَوِّيها الحَشَّاشونَ فِي البادِية مِنَ اللِّيفِ والخُوصِ، تُجْعَلُ لَهَا عُرًى واسعةٌ، يَتَقَلَّدُها الحَشَّاشُ، فيَضَعُ فِيهَا الحَشيشَ؛ والنُّونُ فِي شُكْبان نونُ جَمْعٍ، وكأَنها فِي الأَصل شُبْكَانٌ، فقُلِبَت إِلى الشُّكْبان؛ وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: الشُّكْبانُ ثوبٌ يُعْقَدُ طَرَفاهُ مِنْ وراءِ الحِقْوَينِ، والطَّرفانِ فِي الرأْسِ، يَحُشُّ فِيهِ الحَشَّاشُ عَلَى الظَّهْر، ويُسَمَّى الحالَ؛ قَالَ أَبو سُلَيْمَانَ الفَقْعَسِي:
لمَّا رأَيتُ جَفْوَةَ الأَقارِبِ، ... تُقَلِّبُ الشُّقْبانَ، وهْوَ رَاكِبي،
أَنتَ خَليلٌ، فالْزَمَنَّ جانِبي
وإِنما قَالَ: وَهُوَ راكِبي، لأَنه عَلَى ظَهرِه؛ ويقالُ لَهُ: الرِّفَلُّ، وَقَالَهُ بِالْقَافِ، وهُما لُغتان: شُكْبان وشُقْبان؛ قَالَ: وَسَمَاعِيٌّ مِنَ الأَعراب شُكْبان. والشُّكْبُ: لُغَةٌ فِي الشُّكْمِ، وَهُوَ الجَزاءُ؛ وقيل: العَطاءُ.
شلخب: رَجُلٌ شَلْخَبٌ: فَدْمٌ.
شنب: الشَّنَبُ: ماءٌ ورِقَّةٌ يَجْرِي عَلَى الثَّغْرِ؛ وَقِيلَ: رِقَّةٌ وبَرْدٌ وعُذوبةٌ فِي الأَسنان؛ وقيل:
__________
(1) . قوله [قول وعاس] هكذا في الأَصل والذي في التكملة وشرح القاموس أبي سهم الهذلي.(1/506)
الشَّنَبُ نُقَطٌ بيضٌ فِي الأَسنانِ؛ وَقِيلَ: هُوَ حِدَّةُ الأَنياب كالغَرْبِ، تَراها كالمِئْشار. شَنِبَ شَنَباً، فَهُوَ شانِبٌ وشَنيبٌ وأَشْنَبُ؛ والأُنْثَى شَنْباءُ، بَيِّنَةُ الشَّنَبِ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: شَمْباءُ وشُمْبٌ، عَلَى بدلِ النُّونِ مِيمًا، لِما يُتَوَقَّعُ مِنْ مَجيءِ الباءِ مِنْ بعدِها. قَالَ الْجَرْمِيُّ: سَمِعْتُ الأَصمعي يقولُ الشَّنَبُ بَرْدُ الفَمِ والأَسنانِ، فقلتُ: إِنَّ أَصحابَنا يَقُولُونَ هُوَ حِدَّتُها حِينَ تَطْلُع؛ فيُرادُ بِذَلِكَ حَداثَتُها وطَراءَتُها، لأَنَّها إِذا أَتَتْ عَلَيْهَا السِّنون، احْتَكَّتْ، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلّا بَرْدُها؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
لَمْياءُ، فِي شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ، ... وَفِي اللِّثاتِ، وَفِي أَنْيابِها، شَنَبُ
يُؤَيِّدُ قولَ الأَصمَعي، لأَنَّ اللِّثَة لَا تكونُ فِيهَا حِدَّةٌ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: اخْتَلَفوا فِي الشَّنَب، فَقَالَتْ طائفةٌ: هُوَ تَحزيزُ أَطرافِ الأَسنانِ؛ وَقِيلَ: هُوَ صفاؤُها ونَقاؤُها؛ وَقِيلَ: هُوَ تَفْلِيجُها؛ وَقِيلَ: هُوَ طِيبُ نَكْهَتِها. وَقَالَ الأَصمعي: الشَّنَبُ البَرْدُ والعُذوبةُ فِي الفَمِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الشَّنَبُ فِي الأَسنانِ أَن تَراها مُسْتَشْرِبة شَيْئًا مِنْ سَوادٍ، كَمَا تَرى الشَّيءَ مِنَ السَّوادِ فِي البَرَدِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِفُ الأَسنانَ:
مُنَصَّبُها حَمْشٌ، أَحَمُّ، يَزينُه ... عَوارِضُ، فِيهَا شُنْبةٌ وغُروبُ
والغَرْبُ: ماءُ الأَسْنانِ. والظَّلْم: بَيَاضُهَا، كأَنه يَعْلُوهُ سَوَادٌ. والمَشانِبُ: الأَفْواهُ الطيِّبةُ. ابْنُ الأَعرابي: المِشْنَبُ الغلامُ الحَدَث، المُحَدَّدُ الأَسْنانِ، المُؤَشَّرُها فَتاءً وحداثَةً. وَفِي
صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ضَلِيع الفَمِ أَشْنَب.
الشَّنَبُ: البَياضُ والبَريقُ، والتَّحْديدُ فِي الأَسْنانِ. ورُمَّانةٌ شَنْباءُ: إِمْلِيسِيَّةٌ وَلَيْسَ فِيهَا حَبٌّ، إِنما هِيَ ماءٌ فِي قِشْرٍ، عَلَى خِلْقةِ الحَبِّ مِنْ غَيْرِ عَجم. قَالَ الأَصمعي: سَأَلت رؤْبَة عَنِ الشَّنَب، فأَخَذ حَبَّةَ رُمَّانٍ، وأَوْمَأَ إِلى بَصِيصِها. وشَنِبَ يومُنا، فَهُوَ شَنِبٌ وشانِبٌ: بَرَدَ.
شنخب: الشُّنْخُوب: فَرْعُ الكاهِل. والشُّنْخُوبةُ والشُّنْخُوبُ والشِّنْخابُ: أَعْلى الجَبَلِ. وشَناخِيبُ الجبالِ: رُؤُوسُها، واحِدتُها شُنْخُوبةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: الشُّنْخوبة والشُّنْخوبُ والشِّنْخابُ: واحِدُ شَناخِيبِ الجَبلِ، وهي رُؤُوسُه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: ذَوات الشَّناخِيبِ الصُّمِ
؛ هي رؤُوسُ الجبالِ الْعَالِيَةِ. والشُّنْخوب: فِقْرَةُ ظَهْر البَعير. رجلٌ شَنْخَبٌ: طويلٌ.
شنزب: الشَّنْزَبُ: الصُّلْبُ الشديدُ، عربيٌّ.
شنظب: الشُّنْظُب: جُرُفٌ فِيهِ ماءٌ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كلُّ جُرُفٍ فِيهِ ماءٌ. والشُّنْظُبُ: الطَّويلُ الحَسَنُ الخَلْقِ. والشُّنْظُبُ: موضعٌ بالباديةِ.
شنعب: الشِّنْعابُ مِنَ الرِّجَالِ، كالشِّنْعافِ: وَهُوَ الطويلُ العاجزُ. والشِّنْعابُ: رأْسُ الجَبَل، بالباءِ.
شنغب: الشُّنْغُبُ والشُّنْغُوب: أَعالي الأَغْصانِ؛ وأَنشد فِي تَرْجَمَةِ شَرَعَ:
تَرَى الشَّرائع تَطْفُو فَوْقَ ظاهِرِه، ... مُسْتَحْضراً، ناظِراً نحْو الشَّناغِيبِ(1/507)
تَقُولُ للغُصْن الناعِمِ: شُنْغُوبٌ وشُغْنُوبٌ؛ قَالَ الأَزهري: ورأَيتُ فِي الْبَادِيَةِ رجُلًا يُسَمَّى شُنْغُوباً، فسأَلتُ غُلاماً مِنْ بَني كُلَيْبٍ عَنْ مَعْنى اسْمِه، فَقَالَ: الشُّنْغُوبُ الغُصْنُ الناعِمُ الرَّطْبُ؛ وَنَحْوُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الأَعرابي. والشُّنْغُب: الطويلُ مِنْ جميعِ الحَيَوانِ. والشِّنْغابُ: الطويلُ الدَّقيقُ مِنَ الأَرْشِيةِ والأَغْصانِ وَنَحْوِهَا. والشِّنْغابُ: الرِّخْوُ العاجِزُ. والشُّنْغُوبُ: عِرْقٌ طويلٌ مِنَ الأَرض، دَقيقٌ.
شهب: الشَّهَبُ والشُّهْبةُ: لَونُ بَياضٍ، يَصْدَعُه سَوادٌ فِي خِلالِه؛ وأَنشد:
وعَلا المَفارِقَ رَبْعُ شَيْبٍ أَشْهَبِ
والعَنْبَرُ الجَيِّدُ لَوْنُه أَشْهَبُ؛ وَقِيلَ: الشُّهْبة البَياضُ الَّذِي غَلَبَ عَلَى السَّوادِ. وَقَدْ شَهُبَ وشَهِبَ شُهْبةً، واشْهَبَّ، وجاءَ فِي شِعْرِ هُذيلٍ شاهِبٌ؛ قَالَ:
فَعُجِّلْتُ رَيْحانَ الجِنانِ، وعُجِّلُوا ... رَمَاريمَ فَوَّارٍ، مِنَ النَّارِ، شاهِبِ
وفَرَسٌ أَشْهَبُ، وقدِ اشْهَبَّ اشْهِباباً، واشْهابَّ اشْهيباباً، مِثْلُهُ. وأَشْهَبَ الرجلُ إِذا كَانَ نَسْلُ خَيْلِه شُهْباً؛ هَذَا قولُ أَهلِ اللُّغَةِ، إِلَّا أَنَّ ابْنَ الأَعرابي قَالَ: لَيْسَ فِي الخَيْلِ شُهْبٌ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الشُّهْبَة فِي أَلوانِ الخَيْلِ، أَن تَشُقَّ مُعْظَمَ لَوْنِه شَعْرَةٌ، أَو شَعَراتٌ بِيضٌ، كُمَيْتاً كَانَ، أَو أَشْقَرَ، أَو أَدْهَمَ. واشْهابَّ رأْسُه واشْتَهَب: غَلَبَ بياضُه سوادَه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
قالتِ الخَنْساءُ، لمَّا جِئْتُها: ... شابَ، بَعْدي، رَأْسُ هَذَا، واشْتَهَبْ
وكَتِيبةٌ شَهْباءُ: لِمَا فِيهَا مِنْ بَياضِ السِّلاحِ والحديدِ، فِي حَالِ السَّواد؛ وَقِيلَ: هِيَ البَيْضاءُ الصافيةُ الحديدِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَكَتِيبَةٌ شِهَابَةٌ «1» ؛ وَقِيلَ: كَتِيبةٌ شَهْباءُ إِذا كَانَتْ عِلْيَتُها بياضَ الْحَدِيدِ. وسنَةٌ شَهْباءُ إِذا كَانَتْ مُجْدِبَةً، بيضاءَ مِنَ الجَدْبِ، لَا يُرَى فِيهَا خُضْرَة؛ وَقِيلَ: الشَّهْباءُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مطرٌ، ثُمَّ البَيْضاءُ، ثُمَّ الحَمْراءُ؛ وأَنشد الجوهريُّ وغيرُه، فِي فَصْلِ جَحَرَ، لِزُهَيْرِ بْنُ أَبي سُلْمَى:
إِذا السَّنَة الشَّهْباءُ، بالناسِ، أَجْحَفَتْ، ... ونالَ كرامَ المالِ، فِي الجَحْرَةِ، الأَكلُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّهْباءُ البَيْضاءُ، أَي هِيَ بَيْضاءُ لكَثْرَة الثَّلْج، وعَدَمِ النَّبات. وأَجْحَفَتْ: أَضَرَّتْ بِهم، وأَهْلَكَتْ أَموالَهم. وَقَوْلُهُ: ونالَ كِرامَ المالِ، يريدُ كَرائمَ الإِبِل، يَعْنِي أَنها تُنْحَر وتُؤْكَل، لأَنهم لَا يَجدُونَ لَبناً يُغْنِيهِم عَنْ أَكْلِها. والجَحْرَةُ: السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ الَّتِي تَجْحَر الناسَ فِي البُيوت. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ، قالَ يومَ الفتحِ: يَا أَهلَ مَكَّةَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، فقَدِ اسْتَبْطَنْتُمْ بأَشْهَبَ بازِلٍ
؛ أَي رُمِيتُمْ بأَمْرٍ صَعْبٍ، لَا طَاقةَ لَكُم بِهِ. ويومٌ أَشْهَبُ، وسَنَةٌ شَهْباءُ، وجَيْشٌ أَشْهَبُ أَي قَوِيٌّ شديدٌ. وأَكثرُ مَا يُسْتَعْمل فِي الشِّدَّة والكَراهَة؛ جعلَه بازِلًا لأَن بُزُولَ الْبَعِيرِ نِهايَتُه فِي القُوَّة.
__________
(1) . قوله [وكتيبة شهابة] هكذا في الأَصل وشرح القاموس.(1/508)
وَفِي حَدِيثِ
حَلِيمَة: خَرَجْتُ فِي سَنَةٍ شَهْباءَ
أَي ذاتِ قَحْطٍ وجَدْبٍ. والشَّهْباءُ: الأَرضُ البيضاءُ الَّتِي لَا خُضْرة فِيهَا لقِلَّة المَطَر، مِنَ الشُّهْبَة، وَهِيَ البياضُ، فسُمِّيَت سَنَةُ الجَدْب بِهَا؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثعلبٌ:
أَتانا، وَقَدْ لَفَّتْه شَهْباءُ قَرَّة، ... عَلَى الرَّحْلِ، حَتَّى المَرْءُ، فِي الرَّحْلِ، جانِحُ
فسَّره فَقَالَ: شَهْباءُ ريحٌ شديدةُ البَرْدِ؛ فَمِنْ شِدّتِها هُوَ مائِلٌ فِي الرَّحْلِ. قَالَ: وَعِنْدِي أَنها رِيحُ سَنَةٍ شَهْباءَ، أَو رِيحٌ فِيهَا بَرْدٌ وثَلْج؛ فكأَن الريحَ بَيْضاءُ لِذَلِكَ. أَبو سَعِيدٍ: شَهَّبَ البَرْدُ الشَّجَرَ إِذا غَيَّرَ أَلْوانَها، وشَهَّبَ الناسَ البَرْدُ. ونَصْلٌ أَشْهَبُ: بُرِدَ بَرْداً خَفِيفاً، فَلَمْ يَذْهَبْ سوادُه كُلُّهُ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، وأَنشد:
وَفِي اليَدِ اليُمْنَى، لمُسْتَعيرِها، ... شَهْباءُ، تُرْوي الرِّيشَ مِنْ بَصِيرِها
يَعْنِي أَنها تَغِلُّ فِي الرَّمِيَّةِ حَتَّى يَشْرَبَ ريشُ السَّهْمِ الدَّمَ. وَفِي الصِّحَاحِ: النَّصْلُ الأَشْهَبُ الَّذِي بُرِدَ فَذَهَبَ سَوادُه. وغُرَّةٌ شَهْباءُ: وَهُوَ أَن يكونَ فِي غُرَّةِ الْفَرَسِ شَعَر يُخالِفُ البياضَ. والشَّهْباءُ مِنَ المَعَزِ: نحوُ المَلْحاءِ مِن الضأْنِ. واشْهَابَّ الزَّرْعُ: قَارَبَ الهَيْجَ فابْيَضَّ، وَفِي خِلالِه خُضْرةٌ قليلةٌ. وَيُقَالُ: اشْهابَّت مَشافِرُه. والشَّهابُ: اللبنُ الضَّيَاحُ؛ وَقِيلَ اللبنُ الَّذِي ثُلْثاهُ ماءٌ، وثُلثُه لبنٌ، وَذَلِكَ لتَغَيُّرِ لونِه؛ وَقِيلَ الشَّهاب والشُّهابَة، بالضَّمِّ، عَنْ كُرَاعٍ: اللبنُ الرَّقِيقُ الكَثِيرُ الماءِ، وَذَلِكَ لتَغَيُّرِ لَوْنِه أَيضاً، كَمَا قِيلَ لَهُ الخَضارُ؛ قَالَ الأَزهري: وسَمِعْتُ غيرَ واحِدٍ مِنَ العَرَبِ يقولُ للَّبنِ المَمْزوجِ بالماءِ: شَهابٌ، كَمَا تَرَى، بفَتْحِ الشِّينِ. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: هُوَ الشُّهابَةُ، بضَمِّ الشِّين، وَهُوَ الفَضِيخُ، والخَضارُ، والشَّهابُ، والسَّجاجُ، والسَّجارُ «1» ، والضَّياحُ، والسَّمارُ، كلُّه وَاحِدٌ. ويومٌ أَشْهَبُ: ذُو رِيحٍ بارِدَةٍ؛ قَالَ: أُراهُ لِمَا فِيه منَ الثَّلْجِ والصَّقيعِ والبَرْدِ. وليلَةٌ شَهْباءُ كَذَلِكَ. الأَزهري: وَيَوْمٌ أَشْهَبُ: ذُو حَلِيتٍ وأَزيزٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده سِيبَوَيْهِ:
فِدًى، لِبَني ذُهْلِ بنِ شَيْبانَ، ناقَتي، ... إِذا كانَ يومٌ ذُو كَواكِبَ، أَشْهَبُ
يَجُوزُ أَن يكونَ أَشْهَبَ لبياضِ السِّلاحِ، وأَن يكونَ أَشْهَبَ لمَكانِ الغُبارِ. والشِّهابُ: شُعْلَةُ نارٍ ساطِعَةٌ، وَالْجَمْعُ شُهُبٌ وشُهْبانٌ وأَشْهَبُ «2» ؛ وأَظُنُّه اسْمًا للجَمْعِ؛ قَالَ:
تُرِكْنا، وخَلَّى ذُو الهَوادَةِ بَيْنَنا، ... بأَشْهَبِ نارَيْنَا، لدَى القَوْمِ نَرْتَمِي
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: نَوَّن عاصِمٌ والأَعْمَشُ فِيهِما؛ قَالَ وأَضَافه أَهلُ المَدينَةِ [بِشِهابِ قبسٍ] ؛ قَالَ: وَهَذَا مِنْ إِضافة الشَّيءِ إِلى نفسِه، كَمَا قَالُوا: حَبَّةُ الخَضْراءِ، ومَسْجِدُ الجامِع، يُضَافُ الشَّيءُ إِلى نَفْسِهِ، ويُضافُ أَوائِلُها إِلى ثوانِيهَا، وهِيَ هِيَ فِي الْمَعْنَى. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ.
__________
(1) . قوله [والسجار] هو هكذا في الأَصل وشرح القاموس.
(2) . قوله [وأشهب] هو هكذا بفتح الهاء في الأَصل والمحكم. وقال شارح القاموس: وأشهب، بضم الهاء، قال ابن منظور وأظنه اسماً للجمع.(1/509)
وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ، قَالَ: الشِّهابُ العُودُ الَّذِي فِيهِ نارٌ؛ قَالَ وَقَالَ أَبو الهَيْثم: الشِّهابُ أَصْلُ خَشَبَةٍ أَو عودٍ فِيهَا نارٌ ساطِعَة؛ وَيُقَالُ لِلْكَوْكَبِ الَّذِي يَنْقَضُّ عَلَى أَثر الشَّيْطان بالليْلِ: شِهابٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ
. والشُّهُبُ: النُّجومُ السَّبْعَة، المعْروفَة بالدَّراري. وَفِي حَدِيثِ اسْتِراقِ السَّمْعِ:
فَرُبَّما أَدْرَكَه الشِّهابُ، قَبْلَ أَن يُلْقِيَها
؛ يَعْنِي الكَلِمَة المُسْتَرَقَة؛ وأَراد بالشِّهابِ: الَّذِي يَنْقَضُّ باللَّيْلِ شِبْهَ الكَوكَبِ، وَهُوَ، فِي الأَصل، الشُّعْلَة مِنَ النَّارِ؛ وَيُقَالُ للرجُلِ الْمَاضِي فِي الْحَرْبِ: شِهابُ حَرْبٍ أَي ماضٍ فِيهَا، عَلَى التَّشْبيهِ بِالكَوْكَبِ فِي مُضِيِّه، والجمعُ شُهُبٌ وشُهْبانٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذا عَمَّ داعِيها، أَتَتْهُ بمالِكٍ، ... وشُهْبانِ عَمْرٍو، كلُّ شَوْهاءَ صِلْدِمِ
عَمَّ داعِيها: أَي دَعا الأَبَ الأَكْبَر. وأَرادَ بشُهْبانِ عَمْرٍو: بَني عَمْرو بنِ تَميمٍ. وأَما بَنُو المُنْذِرِ، فإِنَّهُم يُسَمَّوْنَ الأَشاهِبَ، لجمالِهِمْ؛ قَالَ الأَعشى:
وبَني المُنْذِرِ الأَشاهِب، بالحيرَةِ، ... يَمْشُونَ، غُدْوَةً، كالسُّيوفِ
والشَّوْهَبُ: القُنْفُذُ. والشَّبَهانُ والشَّهَبانُ: شجرٌ معروفٌ، يُشبِه الثُّمامَ؛ أَنشد الْمَازِنِيُّ:
وَمَا أَخَذَ الدِّيوانَ، حَتَّى تَصَعْلَكَا، ... زَماناً، وحَثَّ الأَشْهَبانِ غِناهُما
الأَشْهَبانِ: عامانِ أَبيضانِ، لَيْسَ فِيهِمَا خُضْرَةٌ مِنَ النَّباتِ. وسَنَةٌ شَهْباءُ: كَثِيرَةُ الثَّلْجِ، جَدْبةٌ؛ والشَّهْباءُ أَمْثَلُ مِنَ البَيْضاءِ، والحَمْراءُ أَشدُّ مِنَ البَيْضاءِ؛ وَسَنَةٌ غَبراءُ: لَا مَطَرَ فِيهَا؛ وَقَالَ:
إِذا السَّنَةُ الشَّهْباءُ حَلَّ حَرامُها
أَي حَلَّت المَيْتَةُ فيها.
شهرب: الشَّهْرَبةُ والشَّهْبَرةُ: العَجوزُ الْكَبِيرَةُ؛ قَالَ:
أُمُّ الحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ، ... تَرْضى، مِنَ الشاةِ، بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ
اللامُ مُقْحَمَة فِي لَعَجوز، وأَدْخَلَ اللامَ فِي غيرِ خَبَر إِنَّ ضَرُورَةً، وَلَا يُقاسُ عَلَيْهِ؛ وَالْوَجْهُ أَن يُقَالَ: لأُمُّ الحُلَيْس عجوزٌ شَهْرَبَهْ، كَمَا يُقَالُ: لَزَيدٌ قائِمٌ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
خَالِي لأَنتَ ومَن جَريرٌ خالُه، ... يَنَلِ العَلاءَ، ويُكْرِمِ الأَخْوالا
قَالَ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَمرين: أَحدهما أَن يكونَ أَراد لَخالي أَنْتَ، فأَخَّر اللامَ إِلى الخَبَر ضَرُورَةً، والآخَرُ أَن يكونَ أَرادَ لأَنْتَ خَالِي، فقَدَّمَ الْخَبَرَ عَلَى المبتدإِ، وإِن كَانَتْ فِيهِ اللامُ ضَرُورَةً، وَمَنْ رَوى فِي البيتِ المتقدِّم شَهْبَرَه، فإِنه خطأٌ، لأَنَّ هاءَ التأْنيثِ لَا تكونُ رَوِيّاً، إِلَّا إِذا كُسِرَ مَا قَبْلَها. وشَيْخٌ شَهْرَبٌ، وشَيْخٌ شَهْبَرٌ، عَنْ يَعْقُوبَ. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: الشَّهْرَبة الحُوَيْضُ الَّذِي يَكُونُ أَسفلَ النَّخْلَةِ، وَهِيَ الشَّرَبة، فزِيدَتِ الهاءُ.
شوب: الشَّوْبُ: الخَلْطُ. شابَ الشيءَ شَوْباً: خَلَطَه. وشُبْتُه أَشُوبُه: خَلَطْتُه، فَهُوَ مَشُوبٌ.(1/510)
واشْتابَ، هُوَ، وانْشابَ: اخْتَلَط؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
جادَتْ، مَنَاصِبَه، شَفَّانُ غادِيةٍ، ... بسُكَّرٍ، ورَحِيقٍ شيبَ، فاشْتابا
وَيُرْوَى: فانْشابا، وَهُوَ أَذْهَبُ فِي بابِ المُطاوَعَة. والشَّوْبُ والشِّيابُ: الخَلْطُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْب:
وأَطْيِبْ براحِ الشامِ، جاءَتْ سَبيئَةً، ... مُعَتَّقَةً، صِرْفاً، وتِلكَ شِيابُها
وَالرِّوَايَةُ الْمَعْرُوفَةُ:
فأَطْيِبْ بِراحِ الشامِ صِرْفاً، وَهَذِهِ ... مُعَتَّقَةٌ، صَهْباءُ، وهْيَ شِيابُها «3»
قَالَ: هَكَذَا أَنشده أَبو حَنِيفَةَ، وَقَدْ خلَّط فِي الرِّوَايَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ
؛ أَي لَخَلْطاً ومِزاجاً؛ يُقَالُ للمُخَلِّطِ فِي القولِ أَو العَمَلِ: هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ. أَبو حَاتِمٍ: سأَلت الأَصمعي عَنِ المَشاوِبِ، وَهِيَ الغُلُفُ، فَقَالَ: يُقَالُ لِغِلافِ الْقَارُورَةِ مُشاوَبٌ، عَلَى مُفاعَل، لأَنه مَشُوبٌ بحُمْرَةٍ، وصُفْرةٍ، وخُضْرَةٍ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: يجوزُ أَنْ يُجْمَع المُشاوَبُ عَلَى مَشاوِبَ. والمُشاوَبُ، بِضَمِّ الْمِيمِ وفتحِ الواوِ: غِلافُ الْقَارُورَةِ لأَنَّ فِيهِ أَلواناً مُخْتَلِفَةً. والشِّيابُ: اسمُ مَا يُمْزَجُ. وسَقاه الذَّوْبَ بالشَّوْبِ؛ الذَّوْبُ: العَسَلُ؛ والشَّوْبُ: مَا شُبْتَه بِهِ مِنْ ماءٍ أَو لَبنٍ. وَحَكَى ابنُ الأَعرابي: مَا عِنْدِي شَوْبٌ وَلَا رَوْبٌ؛ فالشَّوْبُ العَسَل، والرَّوْبُ اللَّبنُ الرَّائبُ؛ وَقِيلَ: الشَّوْبُ العَسَلُ، والرَّوْبُ اللَّبَنُ، مِنْ غيرِ أَن يُحَدَّا؛ وَقِيلَ: لَا مَرَقٌ وَلَا لَبَنٌ. وَيُقَالُ: سَقَاه الشَّوْبَ بالذَّوْب، فالشَّوْبُ اللبنُ، والذَّوْبُ العَسَل، قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ. الْفَرَّاءُ: شابَ إِذا خانَ، وباشَ إِذا خَلَطَ. الأَصمعي، فِي بَابِ إِصابةِ الرجلِ فِي مَنْطِقِه مَرَّة، وإِخطائِه أُخْرى: هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا نَضَحَ عَنِ الرَّجُلِ: قَدْ شابَ عَنْهُ ورابَ، إِذا كَسِلَ. قَالَ: والتَّشْوِيبُ أَن يَنْضَحَ نَضْحاً غيرَ مُبالَغٍ فِيهِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: هُوَ يشُوبُ ويَرُوبُ أَي يُدَافِعُ مُدَافَعَة غيرَ مُبالَغٍ فِيهَا، ومَرَّة يَكْسَلُ فَلَا يُدافِعُ البَتَّة. قَالَ غيرُه: يَشُوبُ مِنْ شَوْبِ اللَّبنِ، وَهُوَ خَلْطُه بالماءِ ومَذْقُه؛ ويَرُوبُ أَرادَ أَن يَقُولَ يُرَوِّب أَي يَجْعلُه رائِباً خاثِراً، لَا شَوْبَ فِيهِ، فأَتْبَع يَرُوبُ يَشُوبُ لازْدواجِ الْكَلَامِ، كَمَا قَالُوا: هُوَ يَأْتيه الغَدايا والعَشايا، والغَدايا لَيْسَ بِجمْعٍ للغَداة، فجاءَ بِهَا عَلَى وَزْنِ العَشايا. أَبو سَعِيدٍ: الْعَرَبُ تَقُولُ: رأَيْتُ فُلاناً اليومَ يَشُوبُ عَنْ أَصحابه إِذا دافَعَ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ دِفاعٍ. قَالَ: وَلَيْسَ قولُهم هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ مِنَ اللَّبنِ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ رجلٌ يَرُوبُ أَحياناً، فَلَا يتَحَرَّك وَلَا يَنْبَعِث، وأَحياناً يَنْبَعِثُ فيَشُوبُ عَنْ نفسِه، غيرَ مُبالغٍ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: شابَ إِذا كَذَب، وشابَ: خَدَع فِي بَيْعٍ أَو شِراءٍ. ابْنُ الأَعرابي: شابَ يَشُوب شَوْباً إِذا غَشَّ؛ وَمِنْهُ الخَبرُ: لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ أَي لَا غِشَّ وَلَا تَخْلِيطَ فِي بَيعٍ أَو شِراءٍ. وأَصلُ الشَّوْبِ الخَلْطُ، والرَّوْبُ مِنَ اللَّبنِ الرائِبِ، لخَلْطِه بالماءِ. وَيُقَالُ للمُخَلِّط فِي كَلَامِهِ: هُوَ يَشُوبُ ويرُوبُ. وَقِيلَ: مَعْنَى لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ أَنَّكَ
__________
(3) . قوله [وهذه معتقة إلخ] هكذا في الأَصل وفي بعض نسخ المحكم: وهاده معتقة إلخ بالنصب مفعولًا لهاده.(1/511)
بريءٌ مِنْ هَذِهِ السِّلْعَة. ورُوِي عَنْهُ «1» أَنه قَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا شَوْبَ وَلَا رَوْبَ فِي البَيْعِ والشِّراءِ فِي السِّلْعَةِ تَبِيعُها أَي إَنَّكَ بَريءٌ مِنْ عَيْبِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَشْهَدُ بَيْعَكُم الحَلْفُ واللَّغْوُ، فشَوِّبوه بالصَّدَقَةِ
؛ أَمَرَهم بالصَّدَقَةِ لمَا يَجْرِي بَينهُم مِنَ الكَذِب والرِّبا، والزِّيادَةِ والنُّقْصانِ فِي القولِ، لتكُونَ كَفَّارةً لِذَلِكَ؛ وقولُ سُلَيْكِ بنِ السُّلَكَة السَّعْدِي:
سَيَكْفِيكَ، صَرْبَ القَوْمِ، لَحْمٌ مُعَرَّصٌ، ... وماءُ قُدُورٍ، فِي القِصاعِ، مَشِيبُ
إِنما بناهُ عَلَى شِيب الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه أَي مَخْلُوط بالتَّوابِلِ والصِّباغِ. والصَّرْبُ: اللبنُ الحامِضُ. ومُعَرَّصٌ: مُلْقًى فِي العَرْصَةِ ليَجِفَّ، وَيُرْوَى مُغَرَّضٌ أَي طَرِيٌّ؛ وَيُرْوَى مُعَرَّضٌ أَي لَمْ يَنْضَجْ بعدُ، وَهُوَ المُلَهْوَجُ. وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ يَشُوبُ ويَرُوبُ، يُضرب مَثَلًا لمَنْ يَخْلِطُ فِي القولِ والعَمَلِ. وَفِي فُلَانٍ شَوْبَة أَي خَدِيعةٌ، وَفِي فُلَانٍ ذَوْبَة أَي حَمْقَةٌ ظاهِرةٌ. واسْتَعْمَل بعضُ النَّحْوِيِّينَ الشَّوْبَ فِي الحركاتِ، فَقَالَ: أَمَّا الفَتْحَة المَشُوبَة بالكسرةِ، فالفَتْحة الَّتِي قَبْلَ الإِمالةِ، نَحْوَ فَتْحة عَين عَابِدٍ وعَارِفٍ؛ قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ الإِمالة إِنما هِيَ أَن تَنْحُوَ بالفَتْحَةِ نحوَ الكَسرة، فتُمِيلَ الأَلِفَ نحوَ الْيَاءِ، لِضَرْبٍ مِنْ تَجانُسِ الصَّوْتِ، فَكَمَا أَنَّ الحركَةَ لَيْسَتْ بفَتْحَةٍ مَحْضَةٍ، كَذَلِكَ الأَلِفُ الَّتِي بعدَها لَيْسَتْ أَلِفاً مَحْضَةً، وَهَذَا هُوَ القياسُ، لأَنَّ الأَلفَ تَابِعَةٌ للفَتحَة، فكَما أَنَّ الفَتْحة مَشُوبَة، فَكَذَلِكَ الأَلِفُ اللَّاحقة لَها. والشَّوْبُ: القِطْعَة مِنَ العَجِينِ. وباتَتِ المَرْأَةُ بلَيْلَةِ شَيْباءَ؛ قِيلَ: إِنَّ الياءَ فِيهَا مُعاقِبَة، وإِنما هُوَ مِنَ الواوِ، لأَنَّ ماءَ الرجُلِ خالَط ماءَ المرأَةِ. والشَّائِبَة: واحِدة الشَّوائِبِ، وهيَ الأَقْذَارُ والأَدْناسُ. وشَيْبانُ: قَبيلَة؛ قِيلَ ياؤُه بدَلٌ مِنَ الوَاوِ، لقَولِهِم الشَّوابِنَة. وشَابَةُ: مَوْضِعٌ بنَجْدٍ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي الياءِ، لأَنَّ هَذِهِ الأَلف تَكُونُ منقَلِبة عَنْ ياءٍ وَعَنْ واوٍ، لأَنّ فِي الكلامِ ش وب، وَفِيهِ ش ي ب، وَلَوْ جُهِل انْقِلابُ هَذِهِ الأَلِف لَحُمِلَتْ عَلَى الواوِ، لأَنَّ الأَلِف هاهنا عَين، وانْقلابُ الأَلِفِ إِذا كَانَتْ عَيْناً عَنِ الواوِ أَكثر مِنِ انقلابِها عَنِ الياءِ؛ قَالَ:
وضَرْب الجماجِمِ ضَرْب الأَصَمِّ، ... حَنْظَل شَابَةَ، يَجْني هَبِيدا
شوشب: قَالَ فِي تَرْجَمَةٍ فَوْلَفٍ: وَمِمَّا جاءَ عَلَى بِناءِ فَوْلَفٍ شَوْشَبٌ: اسمٌ للعَقْرَبِ.
شيب: الشَّيْبُ: مَعْرُوفٌ، قَلِيلُه وكَثِيرُه بَياضُ الشَّعَر، والمَشِيبُ مِثْلُه، ورُبَّما سُمِّيَ الشَّعَرُ نَفْسُه شيْباً. شَابَ يَشِيبُ شَيْباً، ومَشِيباً وشَيبةً، وَهُوَ أَشْيَبُ، عَلَى غيرِ قياسٍ، لأَنَّ هَذَا النَّعْتَ إِنما يكونُ مِنْ بَابِ فَعِلَ يَفعَلُ، وَلَا فَعْلاءَ لَهُ. قيلَ: الشَّيْبُ بياضُ الشَّعَر. وَيُقَالُ: عَلاهُ الشَّيْبُ. وَيُقَالُ: رَجلٌ أَشْيَبُ، وَلَا يُقَالُ: امْرَأَةٌ شَيْباءُ، لَا تُنْعَتُ بِهِ المَرْأَةُ، اكْتَفوا بالشَّمْطاءِ عَن الشَّيْباءِ، وَقَدْ يُقَالُ: شَابَ رَأْسُها. والمَشِيبُ: دُخُولُ الرَّجُلِ فِي حَدِّ الشَّيْبِ من
__________
(1) . قوله [وروي عنه] أي عَنِ ابْنِ الأَعرابي فِي عبارة التهذيب.(1/512)
الرِّجالِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ عَدِيّ:
تَصْبُو، وأَنَّى لَكَ التَّصابي؟ ... والرأْسُ قَدْ شابَهُ المَشِيبُ
يَعْنِي بَيَّضَه المَشِيبُ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ خَالَطَه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيتُ زَعَم الْجَوْهَرِيُّ أَنه لعَدِيٍّ، وَهُوَ لعَبِيدِ بنِ الأَبرَصِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَدْ رابَه، ولِمِثْلِ ذلِكَ رَابَهُ، ... وَقَعَ المَشِيبُ عَلى السَّوادِ، فشَابَهُ
أَي بَيَّضَ مُسْوَدَّه. والأَشْيَبُ: المُبْيَضُّ الرأْس. شَيَّبَه الحُزْنُ، وشَيَّبَ الحُزْنُ رَأْسَه، وبرأْسِهِ، وأشابَ رَأْسَه وبِرَأْسِه، وقَوْمٌ شِيبٌ، وَيَجُوزُ فِي الشِّعر شُيُبٌ، عَلَى التَّمامِ؛ هَذَا قولُ أَهلِ اللُّغَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وعِندِي أَنَّ شُيُباً إِنما هُوَ جمعُ شَائِبٍ، كَمَا قَالُوا بازِلٌ وبُزُلٌ، أَو جَمْعُ شَيُوبٍ، عَلَى لُغةِ الحجازيِّين، كَمَا قَالُوا دُجاجَةٌ بَيُوضٌ، ودُجاجٌ بُيُضٌ؛ وَقَوْلُ الرَّائِدِ: وجَدْتُ عُشْباً وتَعَاشِيب، وكَمْأَةً شِيب، إِنما يَعْنِي بِهِ البِيضَ الكِبارَ. والشِّيبُ: جمعُ أَشْيَبَ. والشِّيبُ: الجِبالُ يَسْقُطُ عَلَيْهَا الثَّلْجُ، فتَشِيبُ بِهِ؛ وَقَوْلُ عَدِيِّ بنِ زَيْدٍ:
أَرِقْتُ لمُكْفَهِرٍّ، بَاتَ فيهِ ... بَوارِقُ، يَرْتَقِينَ رُؤُوسَ شِيبِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الشِّيبُ هاهنا سَحائِبُ بيضٌ، واحِدُها أَشْيَبُ؛ وَقِيلَ: هِيَ جِبالٌ مُبْيَضَّةٌ منَ الثَّلْجِ، أَو مِنَ الغُبارِ؛ وَقِيلَ: شِيبٌ اسمُ جَبَلٍ، ذَكَرَهُ الكُمَيْت، فَقَالَ:
وَمَا فُدُرٌ عَواقِلُ أَحْرَزَتْها ... عَمَاية، أَوْ تَضَمَّنَهُنَّ شِيبُ
وشَيْبٌ شائِبٌ: أَرادُوا بِهِ المبالغةَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِم: شِعْرٌ شاعِرٌ، وَلَا فِعْلَ لَهُ. وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً
، نَصْبٌ عَلَى التَّمْييز؛ وَقِيلَ عَلَى الْمَصْدَرِ، لأَنه حِينَ قَالَ: اشْتَعَلَ كأَنه قَالَ شابَ فَقَالَ شَيْباً. وأَشابَ الرَّجُلُ: شابَ وَلَدُه، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تقولُ للبِكْرِ إِذا زُفَّتْ إِلى زَوْجِها، فدَخَلَ بِهَا وَلَمْ يَفْتَرِعْها ليلةَ زِفافِها: بَاتَتْ بلَيلةِ حُرَّةٍ؛ وإِن افْتَرَعَها تِلْكَ اللَّيْلَةَ، قَالُوا: باتَتْ بلَيلَةِ شَيْباءَ؛ وَقَالَ عُرْوةُ بنُ الوَرْد:
كلَيْلَةِ شَيْباءَ، الَّتِي لَسْتُ ناسِياً، ... ولَيْلَتِنا، إِذْ مَنَّ، مَا مَنَّ، قَرْمَلُ
فَكُنْتُ كليلةِ الشَّيْباءِ، هَمَّتْ ... بِمَنْعِ الشَّكْرِ، أَتْأَمَها القَبِيلُ
وَقِيلَ: ياءُ شَيْباءَ بَدلٌ مِنْ واوٍ، لأَنَّ ماءَ الرَّجُلِ شابَ ماءَ المرأَةِ، غيرَ أَنَّا لَم نَسْمَعْهم قَالُوا بليلةِ شَوْباءَ؛ جَعَلوا هَذَا بَدلًا لازِماً كعِيدٍ وأَعيادٍ. وليلةُ شَيْباءَ: آخِرُ ليلةٍ مِنَ الشهرِ، ويومٌ أَشْيَبُ شَيْبان: فِيهِ غَيْمٌ وصُرَّادٌ وبَرْدٌ. وشِيبانُ ومِلْحانُ: شَهْرا قِماحٍ، وَهُمَا أَشدُّ شهورِ الشِّتاءِ بَرْداً، وَهُمَا اللَّذان يقولُ مَن لَا يَعْرِفُهما: كانونٌ وكانُونُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ غُبْراً جُنُوبُها ... بشِيبانَ، أَو مِلْحانَ، واليَوْمُ أَشْهَبُ
أَي مِنَ الثَّلْج؛ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ سَلَمة، بِكَسْرِ الشينِ(1/513)
وَالْمِيمِ، وإِنما سُمِّيا بِذَلِكَ لابْيضاضِ الأَرض بِمَا عَلَيْهَا مِنَ الثَّلْج والصَّقيعِ، وَهُمَا عِنْدَ طلوعِ العَقْرَبِ والنَّسْرِ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ:
شابَ الغُرابُ، وَلَا فُؤَادُكَ تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ، وَلَا عِتابُك يُعْتَبُ
أَراد: طالَ عَلَيْكَ الأَمرُ حَتَّى كَانَ مَا لَا يَكُونُ أَبداً، وَهُوَ شَيْبُ الغُرابِ. وشَيبانُ: قَبِيلةٌ، وَهُمُ الشَّيَابِنة. وشَيْبانُ: حيٌّ مِنْ بَكْرٍ، وَهُمَا شَيْبانانِ: أَحدهما شَيْبانُ بنُ ثَعْلَبة بنِ عُكابةَ بنِ صَعْبِ بنِ عَلِيِّ بنِ بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، والآخَر شيبانُ بنُ ذُهْلِ بنِ ثَعْلَبة بنِ عُكابة. وشَيْبةُ: اسمُ رَجُلٍ، مِفْتاحُ الكَعْبةِ فِي وَلَده، وَهُوَ شيبةُ بنُ عثمانَ بنِ طَلْحَةَ بْنِ عبدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ. والشِّيبُ، بِالْكَسْرِ، حِكَايَةُ صَوْتِ مَشافِرِ الإِبِل عِنْدَ الشُّرْبِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ وَوَصَفَ إِبِلًا تَشْرَبُ فِي حَوْضٍ متثَلِّمٍ، وأَصواتُ مَشافِرِها شِيبْ شِيبْ:
تَدَاعَيْنَ، باسمِ الشِّيبِ، فِي مُتَثَلِّمٍ، ... جَوانِبُه مِنْ بَصْرةٍ وسِلامِ
وشِيبا السَّوْط: سَيْرانِ فِي رأْسِه، وشِيبُ السَّوْطِ: مَعْرُوفٌ؛ عَرَبِيٌّ صَحِيحٌ. وشِيبٌ والشِّيبُ، وشابةُ: جَبَلان مَعْرُوفَانِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ ثِقالَ المُزْنِ، بَينَ تُضارعٍ ... وشابةَ، بَرْكٌ، مِن جُذَامَ، لَبِيجُ
وَفِي الصِّحَاحِ: شابةُ، فِي شِعْرِ أَبي ذُؤَيْبٍ: اسمُ جَبَلٍ بِنَجْدٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تكونَ أَلِفُ شابةَ مُنْقَلبةً عَنْ واوٍ لأَنَّ في الكلام ش وب كَمَا أَن فِيهِ ش ي ب. التَّهْذِيبُ: شابةُ اسمُ جبلٍ بناحيةِ الحِجاز، والله، سبحانه، أَعلم.
فصل الصاد المهملة
صأب: صَئِبَ مِنَ الشَّراب صأَباً: رَوِيَ وامتَلأَ، وأَكثر مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ. وصَئِبَ مِنَ الماءِ إِذا أَكثر شُرْبَهُ، فَهُوَ رَجُلٌ مِصْأَبٌ، على مِفْعَل. والصُّؤَابُ والصُّؤَابة، بِالْهَمْزِ: بَيْضُ الْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلِ، وَجَمْعُ الصؤَاب صِئبان؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كَثِيرَةُ صِئْبانِ النِّطاقِ كأَنها، ... إِذا رَشَحَتْ مِنْهَا المعابِنُ، كِيرُ
وَفِي الصِّحَاحِ: الصُّؤَابة، بِالْهَمْزِ، بيضَةُ الْقَمْلَةِ، وَالْجَمْعُ الصُّؤَاب والصِّئبان؛ وَقَدْ غَلِطَ يَعْقُوبُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا تَقُلْ صِئْبَانٌ. وَقَدْ صَئِبَ رأْسُه، وأَصْأَبَ أَيضاً، إِذا كَثُرَ صِئْبانُه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يَا ربِّ أَوجِدْني صُؤَاباً حَيَّا، ... فَمَا أَرَى الطَّيَّارَ يُغْني شَيَّا
أَي أَوجدني كالصؤَاب مِنَ الذَّهَبِ، وَعَنَى بِالْحَيِّ الصَّحِيحَ الَّذِي لَيْسَ بِمُرْفَتٍّ وَلَا مُنْفَتٍّ، والطَّيَّارُ: مَا طَارَتْ بِهِ الرِّيحُ مِنْ دَقِيقِ الذَّهَبِ. أَبو عُبَيْدٍ: الصِّئْبانُ مَا يُتَحَبَّبُ مِنَ الْجَلِيدِ كَاللُّؤْلُؤِ الصِّغار؛ وأَنشد:
فأَضحَى، وصِئْبانُ الصَّقيع كأَنه ... جُمانٌ، بضاحي متْنِه، يَتَحدَّرُ(1/514)
صبب: صبَّ الماءَ وَنَحْوَهُ يَصُبُّه صَبًّا فَصُبَّ وانْصَبَّ وتَصَبَّبَ: أَراقه، وصَبَبْتُ الماءَ: سَكَبْتُه. وَيُقَالُ: صَبَبْتُ لِفُلَانٍ مَاءً فِي القَدَح لِيَشْرَبَهُ، واصْطَبَبْتُ لِنَفْسِي مَاءً مِنَ القِربة لأَشْرَبه، واصْطَبَبْتُ لِنَفْسِي قَدَحًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَقَامَ إِلى شَجْبٍ فاصطَبَّ مِنْهُ الماءَ
؛ هُوَ افْتَعَلَ مِنَ الصَّبِّ أَي أَخذه لِنَفْسِهِ. وتاءُ الِافْتِعَالِ مَعَ الصَّادِ تُقْلَبُ طَاءً ليَسْهُل النُّطْقُ بِهَا، وَهُمَا مِنْ حُرُوفِ الإِطباق. وَقَالَ أَعرابي: اصطَبَبْتُ مِنَ المَزادة مَاءً أَي أَخذته لِنَفْسِي، وَقَدْ صَبَبْتُ الْمَاءَ فاصطَبَّ بِمَعْنَى انصَبَّ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَيتَ بُنيِّي قَدْ سَعَى وشبَّا، ... ومَنَعَ القِرْبَةَ أَن تَصْطَبَّا
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ نَحْوَهُ. وَقَالَ هِيَ جَمْعُ صَبوبٍ أَو صابٍّ «1» . قَالَ الأَزهري وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَكُونُ صَبٌّ جَمْعًا لِصَابٍّ أَو صَبوب، إِنما جَمْعُ صَبوب أَو صابٍّ: صُبُبٌ، كَمَا يُقَالُ: شَاةٌ عَزُوز وعُزُز وجَدُودٌ وجُدُد. وَفِي حَدِيثِ
بَرِيرَةَ: إِن أَحَبَّ أَهْلُكِ أَن أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً
أَي دَفعَة وَاحِدَةً، مِن صَبَّ الْمَاءَ يَصُبُّه صَبًّا إِذا أَفرغه. وَمِنْهُ صِفَةُ عَلِيٍّ لأَبي بَكْرٍ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، حِينَ مَاتَ:
كنتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَابًا صَبّاً
؛ هُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ أَو الْمَفْعُولِ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: تَصَبَّبْتُ عَرَقاً أَي تَصَبَّبَ عَرَقي، فَنُقِلَ الْفِعْلُ فَصَارَ فِي اللَّفْظِ لَيٌّ، فَخَرَجَ الْفَاعِلُ فِي الأَصل مُمَيِّزًا. وَلَا يَجُوزُ: عَرَقاً تَصَبَّبَ، لأَنَّ هَذَا المميِّز هُوَ الْفَاعِلُ فِي الْمَعْنَى، فَكَمَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْفَاعِلِ عَلَى الْفِعْلِ، كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُمَيِّزِ إِذا كَانَ هُوَ الْفَاعِلَ فِي الْمَعْنَى عَلَى الْفِعْلِ؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ جِنِّي. وماءٌ صَبٌّ، كَقَوْلِكَ: ماءٌ سَكْبٌ وماءٌ غَوْر؛ قَالَ دُكَيْنُ بْنُ رَجَاءٍ:
تَنْضَحُ ذِفْراهُ بماءٍ صَبِّ، ... مِثْلِ الكُحَيْلِ، أَو عَقِيدِ الرُّبِ
والكُحَيْلُ: هُوَ النِّفْط الَّذِي يُطْلَى بِهِ الإِبلُ الجَربى. واصطَبَّ الماءَ: اتَّخذه لِنَفْسِهِ، عَلَى مَا يَجِيءُ عَلَيْهِ عَامَّةُ هَذَا النَّحْوِ، حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. والماءُ يَنْصَبُّ من الجبل، ويَتَصَبَّبُ مِنَ الْجَبَلِ أَي يَتَحَدَّر. والصُبَّة: مَا صُبَّ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ مُجْتَمِعًا، وَرُبَّمَا سُمِّيَ الصُّبَّ، بِغَيْرِ هَاءٍ. والصُّبَّة: السُّفرة لأَن الطَّعَامَ يُصَبُّ فِيهَا؛ وَقِيلَ: هِيَ شِبْهُ السُّفْرة. وَفِي حَدِيثِ
واثلَةَ بْنِ الأَسْقَع فِي غَزْوَةِ تَبُوك: فَخَرَجْتُ مَعَ خَيْرِ صَاحِبِ زَادِي فِي صُبَّتي
وَرَوِيتُ صِنَّتي، بِالنُّونِ، وَهُمَا سَوْآءُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الصُّبَّة الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ؛ وَقِيلَ: هِيَ شَيْءٌ يشبه السُّفْرة. قال يزيد: كُنْتُ آكُلُ مَعَ الرُّفْقَةِ الَّذِينَ صَحِبْتُهُمْ، وَفِي السُّفْرة الَّتِي كَانُوا يأْكلون مِنْهَا. قَالَ: وَقِيلَ إِنما هِيَ الصِّنَّة، بِالنُّونِ، وَهِيَ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، شِبْهُ السَّلَّة، يُوضَعُ فِيهَا الطَّعَامُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَتَسْمَعُ آيَةً خيرٌ مِنْ صَبيبٍ ذَهباً
؛ قِيلَ: هُوَ ذَهَبٌ كَثِيرٌ مصْبُوب غَيْرُ مَعْدُودٍ؛ وَقِيلَ: هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ وَقِيلَ: يُحتمل أَن يَكُونَ اسْمَ جَبَلٍ، كَمَا قَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ:
خَير مِنْ صَبيرٍ ذَهَبًا.
والصُّبَّة: القِطْعة مِنَ الإِبل وَالشَّاءِ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْخَيْلِ، والصِّرمة مِنَ الإِبل، والصُّبَّة، بِالضَّمِّ، مِنَ الخيل كالسُّرْبَة؛ قال:
__________
(1) . قوله [وَقَالَ هِيَ جَمْعُ صَبُوبٍ أو صاب] كذا بالنسخ وفيه سقط ظاهر، ففي شرح القاموس ما نصه وفي لسان العرب عن أَبي عبيدة وقد يكون الصب جَمْعُ صَبُوبٍ أَوْ صَابٍّ.(1/515)
صُبَّةٌ، كَالْيَمَامِ، تَهْوِي سِراعاً، ... وعَدِيٌّ كمِثْلِ شِبْهِ المَضِيق
والأَسْيَق صُبَبٌ كَالْيَمَامِ، إِلّا أَنه آثَرَ إِتْمَامَ الْجُزْءِ عَلَى الْخَبْنِ، لأَن الشُّعَرَاءَ يَخْتَارُونَ مِثْلَ هَذَا؛ وإِلّا فَمُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ أَشكل. وَالْيَمَامُ: طَائِرٌ. والصُّبَّة مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ: مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلى الثَّلَاثِينَ والأَربعين؛ وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين. وَفِي الصِّحَاحِ عَنْ أَبي زَيْدٍ: الصُّبَّة مِنَ الْمَعَزِ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين؛ وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الإِبل مَا دُونَ الْمِائَةِ، كالفِرْق مِنَ الْغَنَمِ، فِي قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الفِرْقَ مَا دُونَ الْمِائَةِ. والفِزْرُ مِنَ الضأْنِ: مِثلُ الصُّبَّة مَنِ المِعْزَى؛ والصِّدْعَةُ نَحْوُهَا، وَقَدْ يُقَالُ فِي الإِبل. والصُّبَّة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
شَقِيقٍ، قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ: أَلم أُنَبَّأْ أَنكم صُبَّتان؟
صُبَّتان أَي جَمَاعَتَانِ جَمَاعَتَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا هلْ عَسَى أَحد مِنْكُمْ أَن يَتَّخِذ الصُّبَّة مِنَ الْغَنَمِ؟
أَي جَمَاعَةً مِنْهَا، تَشْبِيهًا بِجَمَاعَةِ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ اختُلِف فِي عَدِّهَا فَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلى الأَربعين مِنَ الضأْن وَالْمَعَزِ، وَقِيلَ: مِنَ الْمَعَزِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: نَحْوَ الْخَمْسِينَ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلى السَّبْعِينَ. قَالَ: والصُّبَّة مِنَ الإِبل نَحْوَ خَمْسٍ أَو سِتٍّ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: اشْتَرَيْتُ صُبَّة مِنْ غَنَمٍ.
وَعَلَيْهِ صُبَّة مِنْ مَالٍ أَي قَلِيلٌ. والصُّبَّة والصُّبَابة، بِالضَّمِّ: بَقِيَّةُ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَغَيْرِهِمَا تَبْقَى فِي الإِناء وَالسِّقَاءِ؛ قَالَ الأَخطل فِي الصَّبَابَةِ:
جَادَ القِلالُ لَهُ بذاتِ صُبابةٍ، ... حمراءَ، مِثلِ شَخِيبَةِ الأَوداجِ
الْفَرَّاءُ: الصُّبَّة والشَّول وَالْغَرَضُ «2» : الْمَاءُ الْقَلِيلُ. وتصابَبْت الْمَاءَ إِذا شَرِبْتَ صُبابته. وَقَدِ اصطَبَّها وتَصَبَّبَها وتَصابَّها. قَالَ الأَخطلُ، وَنَسَبَهُ الأَزهريّ لِلشَّمَّاخِ:
لَقَوْمٌ، تَصابَبْتُ المعِيشَةَ بعدَهم، ... أَعزُّ عَلَيْنَا مِنْ عِفاءٍ تَغَيَّرا
جَعَلَهُ لِلْمَعِيشَةِ «3» صُباباً، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ؛ أَي فَقْدُ مَنْ كُنْتُ مَعَهُ أَشدُّ عليَّ مِنِ ابْيِضَاضِ شَعَرِي. قَالَ الأَزهري: شَبَّهَ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَيْشِ بِبَقِيَّةِ الشراب يَتَمَزَّزُه ويَتَصابُّه. وَفِي حَدِيثُ
عُتْبَةَ بْنِ غَزوان أَنه خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: أَلا إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصَرْم وولَّتْ حَذَّاء، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلا صُبابَةٌ كصُبابَة الإِناءِ
؛ حَذَّاء أَي مُسرِعة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصَّبَابَةُ البَقِيَّة الْيَسِيرَةُ تَبْقَى فِي الإِناءِ مِنَ الشَّرَابِ، فإِذا شَرِبَهَا الرَّجُلُ قَالَ تَصابَبْتُها؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
ولَيْلٍ، هَدَيْتُ بِهِ فِتْيَةً، ... سُقُوا بِصُبابِ الكَرَى الأَغْيد
قَالَ: قَدْ يَجُوزُ أَنه أَراد بصُبابة الكَرَى فَحَذَفَ الْهَاءَ؛ كَمَا قَالَ الْهُذَلِيُّ:
أَلا ليتَ شِعْري هَلْ تَنَظَّرَ خالدٌ ... عِيادي عَلَى الهِجْرانِ، أَم هُوَ بائسُ؟
وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَجْعَلَهُ جَمْعَ صُبابة، فَيَكُونُ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بالهاءِ كَشُعَيْرَةٍ وَشَعِيرٍ. وَلَمَّا اسْتَعَارَ السَّقْيَ لِلْكَرَى، اسْتَعَارَ الصُّبابة لَهُ أَيضاً، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَثَلِ. وَيُقَالُ: قد تَصابَّ فلان
__________
(2) . قوله [والغرض] كذا بالنسخ التي بأيدينا وشرح القاموس ولعل الصواب البرض بموحدة مفتوحة فراء ساكنة.
(3) . وقوله [جعله للمعيشة إلخ] كذا بالنسخ وشرح القاموس ولعل الأَحسن جعل للمعيشة.(1/516)
المعِيشَةَ بَعْدَ فُلَانٍ أَي عَاشَ. وَقَدْ تَصابَبْتهم أَجمعين إِلا وَاحِدًا. وَمَضَتْ صُبَّة مِنَ اللَّيْلِ أَي طَائِفَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ أَنه ذَكَرَ فِتَنًا فَقَالَ:
لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبّاً، يضْرِبُ بعضُكم رِقابَ بَعْضٍ.
والأَساود: الحيَّات. وَقَوْلُهُ صُبّاً، قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ: هُوَ مِنَ الصَّبِّ. قَالَ: وَالْحَيَّةُ إِذا أَراد النَّهْش ارْتَفَعَ ثُمَّ صَبَّ عَلَى الْمَلْدُوغِ؛ وَيُرْوَى صُبَّى بِوَزْنِ حُبْلى. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ أَساوِدَ صُبّاً جَمْعُ صَبُوب وصَبِب، فَحَذَفُوا حَرَكَةَ الْبَاءِ الأُولى وأَدغموها فِي الباءِ الثَّانِيَةِ فَقِيلَ صَبٌّ، كَمَا قَالُوا: رَجُلٌ صَبٌّ، والأَصل صَبِبٌ، فأَسقطوا حَرَكَةَ الْبَاءِ وأَدغموها، فَقِيلَ صَبٌّ كَمَا قَالَ؛ قَالَهُ ابْنُ الأَنباري، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ، وَصَحَّ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ وَابْنِ الأَعرابي وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَرُوِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ فِي كِتَابِ الْفَاخِرِ فَقَالَ: سُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ قَوْلِهِ أَساوِدَ صُبّاً، فَحَدَّثَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه كَانَ يَقُولُ: أَساوِدَ يُرِيدُ بِهِ جماعاتٍ سَواد وأَسْوِدَة وأَساوِد، وصُبّاً: يَنْصَبُّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقَتْلِ. وَقِيلَ: قَوْلُهُ أَساود صُبّاً عَلَى فُعْل، مِنْ صَبا يَصْبو إِذا مَالَ إِلى الدُّنْيَا، كَمَا يُقَالُ: غازَى وغَزا؛ أَراد لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساود أَي جَمَاعَاتٍ مُخْتَلِفِينَ وطوائفَ مُتَنَابِذِينَ، صَابِئِينَ إِلى الفِتْنة، مَائِلِينَ إِلى الدُّنْيَا وزُخْرُفها. قَالَ: وَلَا أَدري مِنْ رَوَى عَنْهُ، وَكَانَ ابْنُ الأَعرابي يَقُولُ: أَصله صَبَأَ عَلَى فَعَل، بِالْهَمْزِ، مِثْلُ صَابئٍ مِنْ صَبَا عَلَيْهِ إِذا زَرَى عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُهُ، ثُمَّ خَفَّفَ هَمَزَهُ ونوَّن، فَقِيلَ: صُبّاً بِوَزْنِ غُزًّا. يُقَالُ: صُبَّ رِجْلا فُلَانٍ فِي الْقَيْدِ إِذا قُيِّد؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَمَا صَبَّ رِجْلي فِي حَدِيدِ مُجاشِع، ... مَعَ القَدْرِ، إِلّا حاجَة لِي أُرِيدُها
والصَّبَبُ: تَصَوُّبُ نَهر أَو طَرِيقٍ يَكُونُ فِي حَدورٍ. وَفِي
صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ إِذا مَشَى كأَنه يَنْحَطُّ فِي صَبَب
أَي فِي مَوْضِعٍ مُنْحدر؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَراد بِهِ أَنه قَوِيُّ الْبَدَنِ، فإِذا مَشَى فكأَنه يَمْشِي عَلَى صَدْر قَدَمَيْهِ مِنَ الْقُوَّةِ؛ وأَنشد:
الواطِئِينَ عَلَى صُدُورِ نِعالِهم، ... يَمْشونَ فِي الدّفْئِيِّ والإِبْرادِ
وَفِي رِوَايَةٍ:
كأَنما يَهْوِي مِنْ صبَب
«1» ؛ ويُروى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَالْفَتْحُ اسْمٌ لِما يُصَبُّ عَلَى الإِنسان مِنْ ماءٍ وَغَيْرِهِ كالطَّهُور والغَسُول، وَالضَّمُّ جَمْعُ صَبَبٍ. وَقِيلَ: الصَّبَبُ والصَّبُوبُ تَصوُّبُ نَهر أَو طَرِيقٍ. وَفِي حَدِيثِ الطَّوَافِ:
حَتَّى إِذا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي
أَي انْحَدَرَتَا فِي السَّعْيِ. وَحَدِيثُ الصَّلَاةِ:
لَمْ يُصْبِ رأْسَه
أَي يُمَيِّلْه إِلى أَسفل. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أُسامة: فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إِلى السماءِ ثُمَّ يَصُبُّها عَلَيَّ، أَعرِف أَنه يَدْعُو لِي.
وَفِي حَدِيثِ مَسِيرِهِ إِلى بَدْرٍ:
أَنه صَبَّ فِي ذَفِرانَ
، أَي مَضَى فِيهِ مُنْحَدِرًا وَدَافِعًا، وَهُوَ مَوْضِعٌ عِنْدَ بَدْرٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وسُئِلَ أَيُّ الطُّهُور أَفضل؟ قَالَ: أَن تَقُوم وأَنت صَبٌ
، أَي تَنْصَبُّ مِثْلَ الْمَاءِ؛ يَعْنِي يَنْحَدِرُ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ أَصباب؛ قَالَ رؤْبة:
بَلْ بَلَدٍ ذِي صُعُدٍ وأَصْبابْ
وَيُقَالُ: صَبَّ ذُؤَالةُ عَلَى غَنَمِ فُلَانٍ إِذا عَاثَ فِيهَا؛ وصبَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَوْطَ عَذَابِهِ إِذا عَذَّبَهُمْ؛ وصَبَّت الحيَّةُ عَلَيْهِ إِذا ارْتَفَعَتْ فَانْصَبَّتْ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقُ. والصَّبُوب مَا انْصَبَبْتَ فِيهِ وَالْجَمْعُ صُبُبٌ.
__________
(1) . قوله [يَهْوِي مِنْ صَبَبٍ] وَيُرْوَى بالفتح كذا بالنسخ التي بأَيدينا وفيها سقط ظاهر وعبارة شارح القاموس بعد أن قال يهوي من صبب كالصبوب ويروى إلخ.(1/517)
وصَبَبٌ وَهِيَ كالهَبَط وَالْجَمْعُ أَصْباب. وأَصَبُّوا: أَخذوا فِي الصَّبِّ. وصَبَّ فِي الْوَادِي: انْحَدر. أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ للحَدُور: الصَّبوب، وَجَمْعُهَا صُبُب، وَهِيَ الصَّبِيبُ وَجَمْعُهُ أَصباب؛ وَقَوْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدَةَ:
فأَوْرَدْتُها مَاءً، كأَنَّ جِمامَه، ... مِنَ الأَجْن، حِنَّاءٌ مَعاً وصَبيبُ
قِيلَ: هُوَ الْمَاءُ المَصْبوب، وَقِيلَ: الصَّبِيبُ هُوَ الدَّمُ، وَقِيلَ: عُصارة العَنْدم، وَقِيلَ: صِبْغ أَحمر. والصَّبيبُ: شَجَرٌ يُشْبِهُ السَّذاب يُخْتضب بِهِ. وَالصَّبِيبُ السَّناءُ الَّذِي يَخْتَضِبُ بِهِ اللِّحاء كالحِنَّاء. وَالصَّبِيبُ أَيضاً: مَاءُ شَجَرَةِ السِّمْسِمِ. وَقِيلَ: مَاءُ وَرَقِ السِّمْسِمِ. وَفِي حَدِيثِ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: أَنه كَانَ يَخْتَضِبُ بالصَّبِيب
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ إِنه مَاءُ وَرَقِ السِّمْسِمِ أَو غَيْرِهِ مِنْ نَبَاتِ الأَرض؛ قال: وقد وُصِف لِي بِمِصْرَ وَلَوْنُ مَائِهِ أَحمر يَعْلُوهُ سَوَادٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلِ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدَةَ الْبَيْتَ الْمُتَقَدِّمَ، وَقِيلَ: هُوَ عُصارة وَرَقِ الحنَّاء وَالْعُصْفُرِ. والصَّبِيبُ: الْعُصْفُرُ الْمُخْلِصُ؛ وأَنشد:
يَبْكُونَ، مِن بعْدِ الدُّموعِ الغُزَّر، ... دَماً سِجالًا، كَصَبِيبِ العُصْفُر
وَالصَّبِيبُ: شَيْءٌ يُشْبِهُ الوَسْمَة. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَيُقَالُ للعَرَق صَبيب؛ وأَنشد:
هَواجِرٌ تَجْتلِبُ الصَّبِيبَا
ابْنُ الأَعرابي: ضَرَبَهُ ضَرْبًا صَبّاً وحَدْراً إِذا ضَرَبَهُ بِحَدِّ السَّيْفِ. وَقَالَ مُبْتَكِرٌ: ضَرَبَهُ مِائَةً فَصَبًّا منوَّنٌ؛ أَي فَدُونَ ذَلِكَ، وَمِائَةً فَصَاعِدًا أَي مَا فَوْقَ ذَلِكَ. وَفِي قَتْلِ أَبي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ: فَوَضَعْتُ صَبيبَ السَّيْفِ فِي بَطنِه أَي طَرَفه، وآخِرَ مَا يَبْلُغُ سِيلانه حِينَ ضَرَبَ، وَقِيلَ: سِيلانه مُطْلَقًا. والصَّبابة: الشَّوْقُ؛ وَقِيلَ: رِقَّتُهُ وَحَرَارَتُهُ. وَقِيلَ: رِقَّةُ الْهَوَى. صَبِبْتُ إِليه صَبَابة، فأَنا صَبٌّ أَي عَاشِقٌ مُشْتَاقٌ، والأُنثى صَبَّة. سِيبَوَيْهِ: وَزْنُ صَبَّ فَعِل، لأَنَّك تَقُولُ: صَبِبْتَ، بِالْكَسْرِ، يَا رَجُلُ صَبابة، كَمَا تَقُولُ: قَنِعْتَ قَنَاعَةً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِيمَا يَقُولُهُ نساءُ الأَعراب عِنْدَ التأْخِيذِ بالأُخَذِ: صَبٌّ فاصْبَبْ إِليه، أَرِقٌ فارْقَ إِليه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
ولَسْتَ تَصَبُّ إِلى الظَّاعِنِينْ، ... إِذا مَا صَدِيقُك لَمْ يَصْبَبِ
ابْنُ الأَعرابي: صَبَّ الرَّجُلُ إِذا عَشِقَ يَصَبُّ صَبابة، وَرَجُلٌ صَبٌّ، وَرَجُلَانِ صَبَّان، وَرِجَالُ صَبُّون، وامرأَتان صَبَّتان، وَنِسَاءٌ صَبَّات، عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ: رَجُلٌ صَبٌّ، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ رَجُلٌ فَهِمٌ وحَذِرٌ. وأَصله صَبِبٌ فَاسْتَثْقَلُوا الْجَمْعَ بَيْنَ باءَين مُتَحَرِّكَتَيْنِ، فأَسقطوا حَرَكَةَ الْبَاءِ الأُولى وأَدغموها فِي الباءِ الثَّانِيَةِ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ رَجُلٌ صَبٌّ، وَهُوَ يَجْعَلُ الصَّبَّ مَصْدَرَ صَبِبْتَ صَبّاً، عَلَى أَن يَكُونَ الأَصل فِيهِ صَبَباً ثُمَّ لَحِقَهُ الإِدغام، قَالَ فِي التَّثْنِيَةِ: رَجُلَانِ صَبٌّ وَرِجَالٌ صَبٌّ وامرأَة صَبٌّ. أَبو عَمْرٍو: الصَّبِيبُ الجَليدُ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ الشِّتَاءِ:
وَلَا كَلْبَ، إِلّا والِجٌ أَنْفَه اسْتَه، ... وَلَيْسَ بِهَا، إِلا صَباً وصَبِيبُها
والصَّبِيبُ: فَرس مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٍ، عَنْ أَبي زَيْدٍ. وصَبْصَبَ الشيءَ: مَحَقه وأَذْهبه. وبصْبَصَ الشيءُ:(1/518)
امَّحَق وذَهَب. وصُبَّ الرجلُ والشيءُ إِذا مُحِقَ. أَبو عَمْرٍو: والمُتَصَبْصِبُ الذَّاهِبُ المُمَّحِقُ. وتَصَبْصَبَ اللَّيْلُ تَصَبْصُباً: ذَهَبَ إِلا قَلِيلًا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِذا الأَداوى، ماؤُها تَصَبْصَبا
الْفَرَّاءُ: تَصَبْصَبَ مَا فِي سِقَائِكَ أَي قَلَّ؛ وَقَالَ الْمَرَّارُ:
تَظَلُّ نِساءُ بَنِي عامِرٍ، ... تَتَبَّعُ صَبْصابَه كُلَّ عَامِ
صَبْصابهُ: مَا بَقِيَ مِنْهُ، أَو مَا صُبَّ مِنْهُ. والتَّصَبْصُبُ: شِدَّةُ الخِلاف والجُرْأَة. يُقَالُ: تَصَبْصَبَ عَلَيْنَا فُلَانٌ، وتَصَبْصَبَ النهارُ: ذَهَبَ إِلا قَلِيلًا؛ وأَنشد:
حَتَّى إِذا مَا يَومُها تَصَبْصَبا
قَالَ أَبو زَيْدٍ: أَي ذَهَبَ إِلا قَلِيلًا. وتصَبْصب: الحرُّ: اشْتَدَّ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَتَّى إِذا مَا يومها تَصَبْصَبَا
أَي اشْتَدَّ عَلَيْهَا الْحَرُّ ذَلِكَ الْيَوْمَ. قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ أَبي زَيْدٍ أَحب إِليَّ. وَتَصَبْصَبَ أَي مَضَى وَذَهَبَ؛ وَيُرْوَى: تَصَبَّبَا؛ وَبَعْدَهُ قَوْلُهُ:
مِنْ صادِرٍ أَو وارِدٍ أَيدي سَبَا
وتصَبْصَب الْقَوْمُ: تَفَرَّقُوا. أَبو عَمْرٍو: صَبْصَبَ إِذا فرَّق جَيشاً أَو مَالًا. وقَرَبٌ صَبْصاب: شَدِيدٌ. صَبصابٌ مِثْلُ بَصْباص. الأَصمعي: خِمْسٌ صبْصاب وبَصْباص وحَصْحاص: كُلُّ هَذَا السَّيْرِ الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ وَثِيرة وَلَا فُتور. وَبَعِيرٌ صَبْصَب وصُباصِبٌ: غَلِيظٌ شَدِيدٌ.
صحب: صَحِبَه يَصْحَبُه صُحْبة، بِالضَّمِّ، وصَحابة، بِالْفَتْحِ، وَصَاحَبَهُ: عَاشَرَهُ. والصَّحْب: جَمْعُ الصَّاحِبِ مِثْلِ رَاكِبٍ وَرَكْبٍ. والأَصْحاب: جَمَاعَةُ الصَّحْب مِثْلَ فَرْخ وأَفْراخ. وَالصَّاحِبُ: المُعاشر؛ لَا يتعدَّى تَعَدِّيَ الْفِعْلِ، أَعني أَنك لَا تَقُولُ: زَيْدٌ صاحِبٌ عَمْراً، لأَنهم إِنما اسْتَعْمَلُوهُ اسْتِعْمَالَ الأَسماء، نَحْوَ غُلَامِ زَيْدٍ؛ وَلَوِ اسْتَعْمَلُوهُ اسْتِعْمَالَ الصِّفَةِ لَقَالُوا: زَيْدٌ صاحِبٌ عَمْرًا، أَو زَيْدٌ صاحبُ عَمْرو، عَلَى إِرادة التَّنْوِينِ، كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ ضاربٌ عَمْرًا، وَزَيْدٌ ضاربُ عمْرٍو؛ تُرِيدُ بِغَيْرِ التَّنْوِينِ مَا تُرِيدُ بِالتَّنْوِينِ؛ وَالْجَمْعُ أَصحاب، وأَصاحيبُ، وصُحْبان، مِثْلُ شَابٍّ وشُبّان، وصِحاب مِثْلُ جَائِعٌ وجِياع، وصَحْب وصَحابة وصِحابة، حَكَاهَا جَمِيعًا الأَخفش، وأَكثر النَّاسِ عَلَى الْكَسْرِ دُونَ الهاءِ، وَعَلَى الْفَتْحِ مَعَهَا، وَالْكَسْرُ مَعَهَا عَنِ الْفَرَّاءِ خَاصَّةً. وَلَا يَمْتَنِعُ أَن تَكُونَ الْهَاءُ مَعَ الْكَسْرِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، عَلَى أَن تُزَادَ الْهَاءُ لتأْنيث الْجَمْعِ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَةَ: خَرَجْتُ أَبتغي الصَّحابة إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
؛ هُوَ بِالْفَتْحِ جَمْعُ صَاحِبٍ، وَلَمْ يُجْمَعْ فاعِل عَلَى فَعالة إِلا هَذَا؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
فكانَ تَدانِينا وعَقْدُ عِذارهِ، ... وقال صِحابي: قَدْ شَأَونَك، فاطْلُب
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَغنى عَنْ خَبَرِ كَانَ الْوَاوُ الَّتِي فِي مَعْنَى مَعَ، كأَنه قَالَ: فَكَانَ تَدَانِينَا مَعَ عَقْدِ عِذَارِهِ، كَمَا قَالُوا: كُلُّ رَجُلٍ وضَيْعَتُه؛ فَكُلُّ مُبْتَدَأٌ، وَضَيْعَتُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كُلُّ، ولم يأت له بِخَبَرٍ، وإِنما أَغنى عَنِ الْخَبَرِ كَوْنُ الْوَاوِ فِي مَعْنَى مَعَ، وَالضَّيْعَةُ هُنَا: الْحِرْفَةُ، كأَنه قَالَ: كُلُّ رَجُلٍ مَعَ حِرْفَتِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: كُلُّ رَجُلِ وشأْنه. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الصَّحابة، بِالْفَتْحِ:(1/519)
الأَصْحاب، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ، وَجَمْعُ الأَصْحاب أَصاحِيب. وأَما الصُّحْبة والصَّحْب فَاسْمَانِ لِلْجَمْعِ. وَقَالَ الأَخفش: الصَّحْبُ جَمْعٌ، خِلَافًا لِمَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، وَيُقَالُ: صَاحِبٌ وأَصْحاب، كَمَا يُقَالُ: شاهِد وأَشهاد، وناصِر وأَنْصار. وَمَنْ قَالَ: صَاحِبٌ وصُحْبة، فَهُوَ كَقَوْلِكَ فارِه وفُرْهَة، وغلامٌ رائِق، وَالْجَمْعُ رُوقَة؛ والصُّحْبَةُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ: صَحِبَ يَصْحَبُ صُحْبَةً. وَقَالُوا فِي النساءِ: هنَّ صواحِبُ يُوسُفَ. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي الْحَسَنِ: هُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ، جَمَعُوا صَواحِبَ جَمْعَ السَّلَامَةِ، كَقَوْلِهِ:
فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها
وَقَوْلِهِ:
جَذْب الصَّرارِيِّين بالكُرور
والصِّحابَة: مَصْدَرُ قَوْلِكَ صاحبَك اللهُ وأَحْسَن صحابَتَك. وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ عِنْدَ التَّوْدِيعِ: مُعاناً مُصاحَباً. وَمَنْ قَالَ: مُعانٌ مَصاحَبٌ، فَمَعْنَاهُ: أَنت مُعَانٌ مُصاحَب. وَيُقَالُ: إِنه لَمِصْحاب لَنَا بِمَا يُحَبّ؛ وَقَالَ الأَعشى:
فَقَدْ أَراكَ لَنَا بالوُدِّ مصْحابا
وفُلانٌ صاحِبُ صِدْقٍ. واصْطَحَب الرَّجُلَانِ، وَتَصَاحَبَا، واصْطَحَبَ الْقَوْمُ: صَحِبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ وأَصله اصْتَحَب، لأَن تَاءَ الِافْتِعَالِ تَتَغَيَّرُ عِنْدَ الصَّادِ مِثْلَ اصْطَحَبَ، وَعِنْدَ الضَّادِ مِثْلَ اضْطَربَ، وَعِنْدَ الطَّاءِ مِثْلَ اطَّلَب، وَعِنْدَ الظَّاءِ مِثْلَ اظَّلَم، وَعِنْدَ الدَّالِ مِثْلَ ادَّعى، وَعِنْدَ الذَّالِ مِثْلَ اذّخَر، وَعِنْدَ الزَّايِ مِثْلَ ازْدَجَر، لأَن التَّاءَ لانَ مَخْرَجُها فَلَمْ تُوَافِقْ هَذِهِ الْحُرُوفَ لِشِدَّةِ مَخَارِجَهَا، فأُبْدِلَ مِنْهَا مَا يُوَافِقُهَا، لِتَخِفَّ عَلَى اللِّسَانِ، ويَعْذُبَ اللَّفْظُ بِهِ. وحمارٌ أَصْحَبُ أَي أَصْحَر يَضْرِبُ لَوْنُهُ إِلى الْحُمْرَةِ. وأَصْحَبَ: صَارَ ذَا صَاحِبٍ وَكَانَ ذَا أَصحاب. وأَصْحَبَ: بَلَغَ ابْنُهُ مَبْلَغَ الرِّجَالِ، فَصَارَ مِثْلَهُ، فكأَنه صَاحِبُهُ. واسْتَصْحَبَ الرجُلَ: دَعاه إِلى الصُّحْبة؛ وَكُلُّ مَا لَازَمَ شَيْئًا فَقَدِ اسْتَصْحَبَهُ؛ قَالَ:
إِنّ لَكَ الفَضْلَ عَلَى صُحْبَتي، ... والمِسْكُ قدْ يَسْتَصْحِبُ الرّامِكا
الرامِك: نَوْعٌ مِنَ الطِّيبِ رَدِيءٌ خَسِيسٌ. وأَصْحَبْتُه الشَّيْءَ: جَعَلْتُهُ لَهُ صَاحِبًا، وَاسْتَصْحَبْتُهُ الْكِتَابَ وَغَيْرَهُ. وأَصْحَبَ الرجلَ واصْطَحَبه: حَفِظَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ اصْحَبْنا بِصُحْبَةٍ واقلِبْنا بِذِمَّةٍ
؛ أَي احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ فِي سَفَرنا، وأَرجِعنا بأَمانتك وعَهْدِك إِلى بَلَدِنَا. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ
؛ قَالَ: يَعْنِي الْآلِهَةَ لَا تَمْنَعُ أَنفسنا، وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ
: يُجَارُونَ أَي الْكُفَّارُ؛ أَلا تَرَى أَن الْعَرَبَ تَقُولُ: أَنا جارٌ لَكَ؛ وَمَعْنَاهُ: أُجِيرُك وأَمْنَعُك. فَقَالَ: يُصْحَبون بالإِجارة. وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا يُصْحَبُون مِنَ اللهِ بِخَيْرٍ؛ وَقَالَ أَبو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ: أَصْحَبْتُ الرجلَ أَي مَنَعْتُه؛ وأَنشد قَوْلَ الهُذَليّ:
يَرْعَى بِرَوْضِ الحَزْنِ، مِنْ أَبِّه، ... قُرْبانَه، فِي عابِه، يُصْحِبُ
يُصْحِبُ: يَمْنَعُ ويَحْفَظُ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ
أَي يُمْنعون. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِ صَحِبَك اللَّهُ أَي حَفِظَكَ وكان لك جَارًا؛ وَقَالَ:
جارِي وَمَوْلايَ لَا يَزْني حَريمُهُما، ... وصاحِبي منْ دَواعي السُّوءِ مُصْطَحَبُ(1/520)
وأَصْحبَ البعيرُ والدابةُ: انْقَادَا. وَمِنْهُمْ مَن عَمَّ فَقَالَ: وأَصْحَبَ ذلَّ وَانْقَادَ مِنْ بَعْدِ صُعوبة؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
ولَسْتُ بِذِي رَثْيَةٍ إِمَّرٍ، ... إِذا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحبا
الإِمَّرُ: الَّذِي يأْتَمِرُ لِكُلِّ أَحد لضَعْفِه، والرَّثْيَةُ: وجَع الْمَفَاصِلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَصْحَبَت الناقةُ
أَي انْقَادَتْ، وَاسْتَرْسَلَتْ، وَتَبِعَتْ صَاحِبَهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: صحِبْتُ الرجُلَ مِنَ الصُّحْبة، وأَصْحَبْتُ أَي انْقَدْتُ لَهُ؛ وأَنشد:
تَوالى بِرِبْعِيِّ السّقابُ، فأَصْحَبا
والمُصْحِبُ المُستَقِيمُ الذَّاهِبُ لَا يَتَلَبَّث؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
يَا ابْنَ شهابٍ، لَسْتَ لِي بِصاحِب، ... مَعَ المُماري ومَعَ المُصاحِب
فَسَّرَهُ فَقَالَ: المُماري المُخالِفُ، والمُصاحِبُ المُنْقاد، مِنَ الإِصْحابِ. وأَصْحَبَ الماءُ: عَلَاهُ الطُّحْلُب والعَرْمَضُ، فَهُوَ ماءٌ مُصْحِبٌ. وأَدِيمٌ مُصْحِبٌ عَلَيْهِ صُوفُه أَو شَعره أَو وبَرُه، وَقَدْ أَصْحَبْته: تَرَكْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وقِربَةٌ مُصْحِبَة: بَقِيَ فِيهَا مِنْ صُوفِهَا شَيْءٌ وَلِمَ تُعْطَنْهُ. والحَمِيتُ: مَا لَيْسَ عَلَيْهِ شَعَرٌ. وَرَجُلٌ مُصْحِب: مَجْنُونٌ. وصَحَبَ المَذْبوحَ: سلَخه فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. وتَصَحَّب مِنْ مُجالَسَتِنا: استَحْيا. وَقَالَ ابْنُ بِرَزْحٍ «2» إِنه يَتَصَحَّبُ مِنْ مُجَالَسَتِنَا أَي يستَحْيِي مِنْهَا. وإِذا قِيلَ: فُلَانٌ يتسَحَّب عَلَيْنَا، بِالسِّينِ، فَمَعْنَاهُ: أَنه يَتمادَحُ ويَتَدَلَّل. وَقَوْلُهُمْ فِي النداءِ: يَا صاحِ، مَعْنَاهُ يَا صَاحِبِي؛ وَلَا يَجُوزُ تَرْخِيمُ الْمُضَافِ إِلّا فِي هَذَا وَحْدَهُ، سُمِعَ مِنَ الْعَرَبِ مُرخَّماً. وَبَنُو صُحْب: بَطْنان، واحدٌ فِي باهِلَة، وَآخَرُ فِي كلْب. وصَحْبانُ: اسْمُ رجلٍ.
صخب: الصَّخَبُ: الصِّياحُ والجلَبة، وَشِدَّةُ الصَّوْتِ واختلاطُهُ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ فِي التَّوْرَاةِ: محمدٌ عَبْدِي لَيْسَ بفَظٍّ وَلَا غَلِيظ، وَلَا صَخُوبٍ فِي الأَسواق
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
وَلَا صَخَّاب.
الصَّخَب والسَّخَب: الضجَّة وَاخْتِلَاطُ الأَصوات للخِصام؛ وفَعُول وفَعّال: لِلْمُبَالَغَةِ. وَفِي حَدِيثِ
خَدِيجَةَ: لَا صَخَبَ فِيهِ، وَلَا نَصَب.
وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ أَيمن: وَهِيَ تَصْخَب وتَذْمُر عَلَيْهِ.
وَقَدْ صَخِب، بِالْكَسْرِ، يَصْخَب صخَباً. والسَّخَب: لُغَةٌ فِيهِ رَبَعِيَّة قَبِيحَةٌ. وَرَجُلٌ صَخَّاب وصَخِبٌ وصَخُوبٌ وصَخْبانُ: شَدِيدُ الصخَب كَثِيرُهُ، وَجَمْعُ الصَّخْبان: صُخْبان عَنْ كُرَاعٍ، والأُنثى صَخِبَة وصَخّابة وصُخُبَّة وصَخُوب؛ قَالَ:
فَعَلَّكَ لوْ تُبَدِّلُنا صَخُوباً، ... تَرُدُّ الأَمْرَدَ المخْتارَ كَهْلا
وَقَوْلُ أُسامة الْهُذَلِيِّ:
إِذا اضْطَرَبَ المُمَرُّ بجانِبَيْها، ... تَرَنَّمُ قَيْلَةٌ صَخِبٌ طَروب «3»
حَمَلَهُ عَلَى الشَّخْصِ فذكَّر، إِذ لَا يُعْرَف فِي الْكَلَامِ: امرأَة فَعِلٌ، بِلَا هَاءٍ. واصْطَخَب: افتَعل، مِنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ الضّفادِعَ، فِي الغُدْرانِ، تَصْطَخِب
__________
(2) . قوله [برزح] هكذا في النسخ المعتمدة بيدنا.
(3) . قوله [قيلة] كذا بالنسخ التي بأيدينا باللام وفي شرح القاموس قينة بالنون وهو أَليق بقوله ترنم وبقول المصنف لا يعرف إلخ.(1/521)
وَفِي حَدِيثِ الْمُنَافِقِينَ:
صخبٌ بِالنَّهَارِ
أَي صَيَّاحُونَ فِيهِ وَمُتَجَادِلُونَ. وَعَيْنٌ صَخْبَةٌ: مُصْطَفِقَة عِنْدَ الجَيَشانِ. واصْطَخَب الْقَوْمُ وتَصاخَبُوا إِذا تَصَايَحُوا وَتَضَارَبُوا. وَمَاءٌ صَخِبُ الآذِيِّ ومُصْطَخِبُه إِذا تَلَاطَمَتْ أَمواجُه أَي لَهُ صَوْتٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مُفْعَوْعِمٌ، صَخِبُ الآذِيِّ، مُنْبَعِق
واصْطِخابُ الطَّيْرِ: اخْتِلَاطُ أَصواتها. وَحِمَارٌ صَخِبُ الشوارِبِ: يُرَدِّدُ نُهاقَه فِي شَوَارِبِهِ. والشوارِبُ: مَجَارِي الْمَاءِ فِي الحَلْق؛ قَالَ:
صَخِبُ الشوارِبِ لَا يَزال، كأَنه ... عبْدٌ، لآلِ أَبي رَبيعةَ، مُسْبَعُ
والصَّخْبَة: العَطْفة.
صرب: الصَّرْبُ والصَّرَبُ: اللَّبَنُ الحَقينُ الحامِض. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ حُقِنَ أَياماً فِي السقاءِ حَتَّى اشتدَّ حَمَضُه، وَاحِدَتُهُ: صَرْبَةٌ وصَرَبَةٌ. يُقَالُ: جَاءَنَا بِصَربة تَزْوي الْوَجْهُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: فيأْتي بالصَّربة مِنَ اللَّبَنِ
؛ هُوَ اللَّبَنُ الْحَامِضُ. وصَربه يَصْرُبُه صَرْباً، فَهُوَ مَصْروب وصَريب. وصَرَبه: حَلَبَ بعضَه عَلَى بَعْضٍ وَتَرَكَهُ يَحْمَضُ. وَقِيلَ: صَرَب اللبنَ والسمنَ فِي النِّحْي. الأَصمعي: إِذا حُقِن اللَّبَنُ أَياماً فِي السقاءِ حَتَّى اشتَدَّ حَمَضُه، فَهُوَ الصرْب والصرَب؛ وأَنشد:
فالأَطْيَبانِ بِهَا الطُّرْثوثُ والصّرَب
قَالَ أَبو حَاتِمٍ: غَلِطَ الأَصمعي فِي الصَّرْبِ أَنه اللَّبَنُ الْحَامِضُ؛ قَالَ وَقُلْتُ لَهُ: الصَّرب الصمْغ والصَّرب اللَّبَنُ، فَعَرَفَهُ، وَقَالَ: كَذَلِكَ. وَيُقَالُ: صَرَب اللبنَ فِي السقاءِ. ابْنُ الأَعرابي: الصِّرْبُ الْبُيُوتُ الْقَلِيلَةُ مِنْ ضَعْفَى الأَعراب. قَالَ الأَزهري: والصِّرْم مِثْلُ الصِّرْب، قَالَ: وَهُوَ بِالْمِيمِ أَعرب «1» . وَيُقَالُ: كَرَصَ فُلَانٌ فِي مِكْرَصه، وصَرَبَ فِي مِصْرَبه، وقَرَعَ فِي مِقْرَعه: كُلُّه السِّقَاءُ يُحْقن فِيهِ اللَّبَنُ. وَقَدِمَ أَعرابي عَلَى أَعرابية، وَقَدْ شَبِقَ لِطُولِ الْغَيْبَةِ، فَرَاوَدَهَا فأَقبلت تُطَيِّبُ وتُمتعه، فَقَالَ: فَقَدْتُ طَيِّباً فِي غَيْرِ كُنْهه أَي فِي غَيْرِ وَجْهِهِ وَمَوْضِعِهِ، فَقَالَتِ المرأَة: فقدْتَ صرْبة مُسْتَعْجِلًا بِهَا؛ عَنَتْ بِالصَّرْبَةِ: الْمَاءُ الْمُجْتَمِعُ فِي الظَّهْرِ. وإِنما هُوَ عَلَى الْمَثَلِ بِاللَّبَنِ الْمُجْتَمِعِ فِي السقاءِ. والمِصْرَب: الإِناءُ الَّذِي يُصرَب فِيهِ اللَّبَنُ أَي يُحْقَن، وَجَمْعُهُ الْمَصَارِبُ. تَقُولُ: صَرَبْتُ اللَّبَنَ فِي الوَطْب واصْطَرَبْتُه إِذا جَمَعْتَهُ فِيهِ شَيْئًا بَعْدَ شيءٍ وتركْتَه ليَحْمَض. والصَّرْب: مَا يُزَوَّدُ مِنَ اللَّبَنِ فِي السقاءِ، حَلِيبًا كَانَ أَو حازِراً. وَقَدِ اصْطَرَبَ صَرْبة، وصرَبَ بولَه يَصْرُبه ويَصْرِبه صَرْبًا: حقنَه إِذا طَالَ حَبْسُهُ؛ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْفَحْلَ مِنَ الإِبل، وَمِنْهُ قِيلَ للبَحِيرة: صَرْبى عَلَى فَعْلى، لأَنهم كَانُوا لَا يَحْلُبونها إِلا لِلضَّيْفِ، فَيَجْتَمِعُ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: البَحِيرة الَّتِي يُمْنع دَرُّها لِلطَّوَاغِيتِ، فَلَا يحلُبها أَحد مِنَ النَّاسَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عَنْ أَبيه قَالَ: هَلْ تُنْتَج إِبلُك وافِيةً أَعينها وآذانُها فتَجْدَعُها وَتَقُولُ صَرْبَى؟
قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: قَوْلُهُ صَرْبى مِثْلَ سَكْرَى، مِنْ صَرَبْت اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ إِذا جَمَعْتَهُ وَلَمْ تَحْلِبْهُ، وَكَانُوا إِذا جَدَعُوهَا أَعْفَوْها مِنَ الحلْب. وَقَالَ بعضهم:
__________
(1) . قوله [أعرب] كذا في نسخة وفي أخرى وشرح القاموس أعرف بالفاء.(1/522)
تجعلُ الصَّرْبَى مِنَ الصَّرْم، وَهُوَ الْقَطْعُ، بِجَعْلِ الباءِ مُبدلَة مِنَ الْمِيمِ، كَمَا يُقَالُ ضرْبَةُ لازِم وَلَازِبٍ؛ قَالَ: وكأَنه أَصح التَّفْسِيرَيْنِ لِقَوْلِهِ فتجْدع هَذِهِ فَتَقُولُ صَرْبى. ابْنُ الأَعرابي الصَّرْبُ: جَمْعُ صَرْبَى، وَهِيَ الْمَشْقُوقَةُ الأُذن مِنَ الإِبل، مِثْلُ الْبَحِيرَةِ أَو الْمَقْطُوعَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى عَنْ
أَبي الأَحوص أَيضاً عَنْ أَبيه قَالَ: أَتيت رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَنا قَشِف الْهَيْئَةِ، فَقَالَ: هَلْ تُنْتَج إِبلك صِحاحاً آذانُها، فتَعْمِدَ إِلى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها، فَتَقُولُ: هَذِهِ بَحِيرة، وَتَشُقُّهَا فَتَقُولُ: هَذِهِ صَرْم فَتُحَرِّمُهَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَهلك؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا آتَاكَ اللَّهُ لَكَ حِلٌّ، وساعِدُ اللَّهِ أَشدّ، ومُوساه أَحدّ.
قَالَ: فَقَدْ بَيَّنَ بِقَوْلِهِ صَرْمٌ مَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي الصَّرْب: إِنَّ الْبَاءَ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْمِيمِ. وصَرَبَ الصبيُّ: مَكَثَ أَياماً لَا يُحْدِث، وصَرَبَ بَطْنُ الصَّبِيِّ صَرْباً إِذا عَقَد لِيَسْمَنَ، وَهُوَ إِذا احْتَبَسَ ذُو بَطْنِه فَيَمْكُثُ يَوْمًا لَا يُحْدِثُ، وَذَلِكَ إِذا أَراد أَن يَسْمَن. والصَّرْب والصَّرَب: الصَّمْغُ الأَحمر؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَذْكُرُ الْبَادِيَةَ:
أَرْضٌ، عَنِ الخيْرِ والسُّلْطانِ، نائِيَةٌ، ... فالأَطْيَبانِ بِهَا الطُّرثُوثُ والصَّرَبُ
وَاحِدَتُهُ صَرْبَةٌ، وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى صِراب؛ وَقِيلَ: هُوَ صَمْغُ الطَّلْح والعُرْفُط، وَهِيَ حُمْرٌ كأَنها سَبَائِكُ تُكْسَرُ بِالْحِجَارَةِ. وَرُبَّمَا كَانَتِ الصَّرْبَةُ مِثْلَ رأْس السِّنَّوْر، وَفِي جَوْفِهَا شَيْءٌ كالغِراءِ والدِّبْس يُمَصُّ ويؤْكَل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَيَكْفِيكَ صَرْبُ القَوْمِ، لحْمٌ مُغَرّضٌ، ... وماءُ قُدورٍ، فِي الجِفانِ، مَشُوب
قَالَ: والصَّرْب الصَّمْغُ الأَحمر، صَمْغُ الطلْح. والصَّرَبَةُ: مَا يُتَخير مِنَ الْعُشْبِ وَالشَّجَرِ بَعْدَ الْيَابِسِ، وَالْجَمْعُ صَرَبٌ وَقَدْ صَرِبت الأَرضُ، واصْرَأَبَّ الشيءُ: امْلاسَّ وَصَفَا؛ وَمَنْ رَوَى بَيْتَ إمرئِ القَيس: صَرَابَةَ حَنْظَل، أَراد الصَّفَاءَ وَالْمُلُوسَةَ؛ وَمَنْ رَوَى: صَرايةَ، أَراد نَقِيعَ مَاءِ الْحَنْظَلِ، وهو أَحمر صاف.
صطب: «1» : التَّهْذِيبُ ابْنُ الأَعرابي: المِصْطَب سَنْدان الحَدَّاد. قَالَ الأَزهري: سَمِعْتُ أَعرابياً مِنْ بَنِي فَزارَةَ يَقُولُ لِخَادِمٍ لَهُ: أَلا وَارْفَعْ لِي عَنْ صَعِيد الأَرض مِصْطَبة أَبِيتُ عَلَيْهَا بِاللَّيْلِ، فَرَفَعَ لَهُ مِنَ السَّهْلةِ شِبْهَ دُكَّانٍ مُرَبَّعٍ، قَدْرَ ذِرَاعٍ مِنَ الأَرض، يَتَّقِي بِهَا مِنَ الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ آخَرَ مِنْ بَنِي حَنْظلة سَمَّاهَا المصْطَفَّة، بالفاءِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنه قَالَ: إِني كُنْتُ لَا أُجالسكم مَخَافَةَ الشُّهْرَةِ، حَتَّى لَمْ يَزَلْ بِيَ الْبَلَاءُ حَتَّى أَخذ بِلِحْيَتِي وأَقمت عَلَى مَصْطَبة بِالْبَصْرَةِ. وَقَالَ أَبو الهيثمِ: المَصْطَبَّة والمِصْطَبَّة بِالتَّشْدِيدِ مُجْتَمَعُ النَّاسِ، وَهِيَ شِبْهُ الدُّكَّانِ يُجْلس عَلَيْهَا. والأُصْطُبَّة: مُشاقة الكَتَّان. وَفِي الْحَدِيثِ:
رأَيت أَبا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَيْهِ إِزار فِيهِ عَلَقٌ، قَدْ خيَّطه بالأُصْطُبَّة
، حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الغَريبين.
صعب: الصَّعْبُ: خِلَافُ السَّهْل، نَقِيضُ الذَّلُول؛ والأُنثى صَعْبَة، بالهاءِ، وَجَمْعُهُمَا صِعاب؛ ونساءٌ صَعْبات، بِالتَّسْكِينِ لأَنه صِفَةٌ. وصَعُب الأَمر وأَصْعَبَ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، يَصْعُب صُعوبة: صَارَ صَعْباً. واسْتَصْعَب وتَصَعَّب وصعَّبه وأَصْعَبَ الأَمرَ:
__________
(1) . قوله [صطب] أهمل الجوهري والمؤلف قبله مادة ص ر خ ب والصرخبة فسرها ابن دريد بالخفة والنزق كالصربخة، أفاده شارح القاموس.(1/523)
وَافَقَهُ صَعْباً؛ قَالَ أَعْشى بَاهِلَةَ:
لَا يُصْعِبُ الأَمرَ، إِلّا رَيْثَ يَرْكَبُه، ... وَكُلَّ أَمرٍ، سِوى الفَحْشاء، يأْتَمِرُ
واسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ الأَمرُ أَي صَعُب. واستصْعَبه: رَآهُ صَعْباً؛ وَيُقَالُ: أَخذ فُلَانٌ بكْراً مِنَ الإِبل ليقتَضِيَه، فاستَصعَب عَلَيْهِ استِصعاباً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا رَكِبَ الناسُ الصَّعْبَة والذلُولَ، لَمْ نأْخذْ مِنَ النَّاسِ إِلَّا مَا نعرِفُ
أَي شدائدَ الأُمور وسُهُولَها. وَالْمُرَادُ: تَرَكَ المُبالاةَ بالأَشياءِ وَالِاحْتِرَازَ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ. والصَّعْبُ مِنَ الدَّوَابِّ: نَقِيضُ الذَّلُول؛ والأُنثى: صَعْبة، وَالْجَمْعُ صِعاب. وأُصْعِبَ الجمَلُ: لَمْ يُرْكب قَطُّ؛ وأَصْعَبه صاحبُه: تَرَكَهُ وأَعفاه مِنَ الرُّكُوبِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
سَنامُه فِي صُورةٍ مِنْ ضُمْرِهِ، ... أَصعَبَه ذُو جِدَةٍ فِي دَثْره
قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ فِي صُورَةٍ حَسَنَة مِنْ ضُمْره أَي لَمْ يَضَعْهُ أَن كَانَ ضَامِرًا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: تَرَكَهُ فَلَمْ يَرْكَبْهُ، وَلَمْ يَمْسَسْه حَبْل حَتَّى صَارَ صَعْباً. وَفِي حَدِيثِ
جُبَيْرٍ: مَنْ كَانَ مُصْعِباً فَلْيَرْجِعْ
أَي مَنْ كَانَ بَعِيرُهُ صَعْبًا غَيْرَ مُنْقَادٍ وَلَا ذَلُولٍ. يُقال: أَصْعَب الرَّجُلُ فَهُوَ مُصْعِب. وَجَمَلٌ مُصْعَب إِذا لَمْ يَكُنْ مُنَوَّقاً، وَكَانَ مُحَرَّم الظَّهْرِ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: المُصْعَبُ الْفَحْلُ الَّذِي يُودَعُ مِنَ الرُّكُوبِ وَالْعَمَلِ للفِحْلة. والمُصْعَب: الَّذِي لَمْ يَمْسَسْهُ حَبْلٌ، وَلَمْ يُركب. والقَرْم: الْفَحْلُ الَّذِي يُقْرَم أَي يُودَعُ ويُعْفَى مِنَ الرُّكُوبِ، وَهُوَ المُقْرَمُ والقَريعُ والفَنِيقُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
كَأَنَّ مَصاعِيبَ، زُبِّ الرُّؤوسِ، ... فِي دارِ صَرْمٍ تَلاقَى، مُريحا
أَراد: مَصاعِب جَمْعُ مُصْعَب، فَزَادَ الياءَ لِيَكُونَ الجزءُ فَعُولُنْ، وَلَوْ لَمْ يأْتِ بالياءِ لَكَانَ حَسَنًا. وَيُقَالُ: جِمَالٌ مَصاعِبُ ومَصاعِيبُ. وقوله: تَلاقى مُريحا، إِنما ذكَّرَ عَلَى إِرادة الْقَطِيعِ. وَفِي حَدِيثِ حَنْفَانَ: صَعابِيبُ، وَهُمْ أَهل الأَنابيب. الصَّعَابِيبُ: جَمْعُ صُعْبوب، وَهُمُ الصِّعاب أَي الشَّدَائِدُ. والصَّاعِبُ: مِنَ الأَرضين ذاتُ النَّقَل وَالْحِجَارَةُ تُحْرَثُ. والمُصْعَبُ: الْفَحْلُ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ مُصْعَباً. وَرَجُلٌ مُصْعَب: مسوَّد، مِنْ ذَلِكَ. وَمُصَعِّبٌ: اسْمُ رَجُلٍ، مِنْهُ أَيضاً. وصَعْب: اسْمُ رَجُلٍ غَلَبَ عَلَى الْحَيِّ. وصَعْبَة وصُعَيْبَة: اسْمَا امرأَتين. وَبَنُو صَعْب: بَطْن. والمُصْعَبان: مُصْعَب بنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُهُ عِيسَى بنُ مُصْعَب. وَقِيلَ: مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وأَخوه عَبْدُ اللَّهِ. وَكَانَ ذُو الْقَرْنَيْنِ المُنْذِرُ بْنُ ماءِ السماءِ يُلَقَّبُ بالصَّعْب؛ قَالَ لَبِيدٌ:
والصَّعْبُ، ذُو القَرْنَينِ، أَصْبَح ثاوِياً ... بالحِنو، فِي جَدَثٍ، أُمَيْمَ، مُقِيم
وعَقَبَة صَعْبَة إِذا كانت شاقة.
صعرب: الصُّعْرُوبُ: الصغيرُ الرأسِ من الناس وغيرهم.
صعنب: الصَّعْنَبُ: الصَّغِيرُ الرأْس؛ قَالَ الأَزهري أَنشد أَبو عَمْرٍو:
يَتْبَعْنَ عَوْداً، كاللِّواءِ، مِسْأَبا، ... ناجٍ، عَفَرْنَى، سَرَحاناً أَغْلَبا
رَحْبَ الفُروجِ، ذَا نَصِيعٍ مِنْهَبا، ... يُحْسَبُ، بِاللَّيْلِ، صُوًى مُصَعْنَبا(1/524)
أَي يأْتي منزلهُ. الصُّوَى: الْحِجَارَةُ المجموعةُ، الْوَاحِدَةُ صُوَّة. والمُصَعْنَب: الَّذِي حُدِّدَ رأْسُه. يُقَالُ: إِنه لَمُصَعْنَبُ الرَّأْسِ إِذا كَانَ مُحَدَّدَ الرأْس. وَقَوْلُهُ: ناجٍ، أَراد نَاجِيًا. والمِنْهَب: السريعُ.
وَقَدْ أَجُوبُ ذَا السِّماطَ السَّبْسَبَا، ... فَمَا تَرَى إِلَّا السِّراجَ اللَّغبا،
فإِنْ تَرَى الثَّعْلَبَ يَعْفُو مُحَرَّبَا
وصَعنَبَى: قَرْيَةٌ بِالْيَمَامَةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وصَعْنَبى أَرض؛ قَالَ الأَعشى:
وَمَا فَلَجٌ، يَسْقِي جَداوِلَ صَعْنَبى، ... لَهُ شَرَعٌ سَهْلٌ عَلَى كلِّ مَوْرِدِ
والصَّعْنَبَةُ: أَن تُصَعْنَبَ الثَّريدَةُ، تُضَمَّ جَوانِبُها، وتُكَوَّمَ صَوْمَعَتُها، ويُرْفَعَ رَأْسُها؛ وَقِيلَ: رَفْعُ وسَطِها، وقَوْرُ رَأْسِها؛ يُقَالُ: صَعْنَبَ الثَّريدة. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَوّى ثَريدَة فلَبَّقَها بِسَمْن ثُمَّ صَعْنَبَها.
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يَعْنِي رَفَعَ رَأْسَها؛ وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: يَعْنِي جَعَلَ لَهَا ذُرْوَة؛ وَقَالَ شَمِرٌ: هُوَ أَن يَضُمَّ جَوانِبَها، ويُكَوِّمَ صَوْمَعَتَها. والصَّعْنَبَةُ: انْقِباضُ البَخيلِ عِندَ المَسْأَلَةِ. وعمَّ ابْنُ سِيدَهْ فَقَالَ: الصَّعْنَبَةُ الانْقِباض.
صغب: قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ الباهليَّ يَقُولُ: يُقالُ لِبَيْضَةِ القَمْلَةِ: صُغاب وصُؤَابٌ.
صقب: الصَّقْب والصَّقَب، لُغَتَانِ، الطَّويلُ التارُّ مِنْ كُلِّ شيءٍ، وَيُقَالُ لِلْغُصْنِ الرَّيَّانِ الغَلِيظِ الطَّويلِ. وصَقْبُ النَّاقَةِ وَلَدُها وجَمْعُه صِقابٌ وصِقْبانٌ. والصَّقْبُ عَمُودٌ يُعْمَدُ بِهِ البَيْتُ؛ وَقِيلَ: هُو العَمُودُ الأَطوَلُ فِي وَسَطِ البَيْتِ وَالْجَمْعُ صُقُوبٌ. وصَقَبَ البِناءَ وغَيْرَه رَفَعَه. وصُقُوبُ الإِبِلِ: أَرْجُلُها، لُغَةٌ فِي سُقُوبِها؛ حَكَاهَا ابْنُ الأَعرابي. قَالَ: وَأَرَى ذَلِكَ لِمَكَانِ الْقَافِ، وضَعُوا مَكانَ السِّينِ صَادًا، لأَنَّها أَفْشَى مِنَ السِّينِ، وَهِيَ موافِقَةٌ للقافِ فِي الإِطْباقِ ليَكون العَمَلُ مِن وَجْهٍ وَاحِدٍ. قَالَ: وَهَذَا تعليلُ سِيبويْه فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ المُضارَعَةِ. والصَّقَبُ: القُرْب. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ فِي الظُّروفِ الَّتِي عَزَلَها مِمَّا قَبْلَها لِيُفَسِّرَ معانِيها لأَنَّها غَرائِبُ: هُوَ صَقَبُك، وَمَعْنَاهُ القُرْب؛ ومكانٌ صَقَبٌ وصَقِبٌ: قَرِيبٌ. وَهَذَا أَصْقَبُ مِنْ هَذَا أَي أَقْرَبُ. وأَصْقَبَتْ دارُهم وصَقِبَت، بِالْكَسْرِ، وأَسْقَبَتْ: دَنتْ وقَرُبَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الجارُ أَحقُّ بِصَقَبه
؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: أَراد بالصَّقَب المُلاصَقَة والقُرْب وَالْمُرَادُ بِهِ الشُّفْعَةُ كأَنه أَرادَ بِمَا يَلِيه؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرادَ الشَّريكَ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرادَ المُلاصِقَ؛ أَبو عُبَيْدٍ: يَعْني القُرْبَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّه كَانَ إِذا أُتِيَ بالقَتِيلِ قَدْ وُجِدَ بَيْنَ القَرْيَتَيْنِ، حُمِلَ عَلَى أَصْقَبِ القَريَتَيْنِ إِليه
أَي أَقْربِهِما، وَيُرْوَى بِالسِّينِ؛ وأَنشد لِابْنِ الرُّقَيَّاتِ:
كُوفِيَّةٌ، نازِحٌ مَحِلَّتُها، ... لَا أَمَمٌ دارُها وَلَا صَقَبُ
قَالَ: مَعْنَى الحَديثِ أَنَّ الجارَ أَحَقُّ بالشُّفْعَة مِنَ الَّذِي لَيْسَ بِجَارٍ. وَدَارِي مِن دارِه بسَقَبٍ وصَقَبٍ وزَمَمٍ وأَمَمٍ وصَدَدٍ أَي قَريبٌ. وَيُقَالُ: هُوَ جَارِي مُصاقِبي، ومُطانبي، ومُؤَاصِري(1/525)
أَي صَقْبُ دارِه «2» وإِصارهُ وطُنُبُه بِحِذَاءِ صَقْب بَيْتِي وإِصاري. وَقِيلَ: أَصْقَبَك الصَّيْدُ فارْمِه أَي دَنا مِنْكَ وأَمْكَنَكَ رَمْيُه. وَتَقُولُ: أَصْقَبَه فَصَقِب أَي قَرَّبهُ فَقَرُب. وصاقَبْناهُم مُصاقَبَةً وصِقاباً: قارَبْناهُمْ. ولَقِيتُه مُصاقَبَةً، وصِقاباً وصِفاحاً مِثلَ الصِّراح أَي مُواجَهَة. والصَّقْب: الجَمْعُ. وصقَبَ قفَاهُ: ضَربَه بِصَقْبِه. والصَّقْب: الضَّرْبُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُصْمَتٍ يابِس. وصَقَبَ الطائرُ: صَوَّتَ؛ عَنْ كُراع. والصَّاقِبُ: جَبَل مَعْرُوفٌ، زَادَ ابْنُ بَري فِي بِلَادِ بَنِي عَامِرٍ، قَالَ:
رُمِيَتْ بأَثْقَلَ مِن جِبالِ الصَّاقِبِ
وَالسِّينُ «3» فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ.
صقعب: الصَّقْعَب: الطَّويلُ مِن الرّجالِ، بالصادِ والسينِ؛ وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ: الطَّويلُ مُطْلَقاً، مِن غير تَقْييدٍ.
صقلب: بَعِيرٌ صِقْلابٌ: شَديدُ الأَكْل. ابْنُ الأَعرابي: الصِّقْلابُ الرجلُ الأَبْيَضُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ الأَحْمَرُ؛ وأَنشد لِجَنْدَلٍ:
بَيْنَ مَقَذَّى رأْسِه الصِّقْلاب
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الصقالِبَةُ جِيلٌ حُمْرُ الأَلوان، صُهْبُ الشُّعُور، يُتاخِمُون الخَزَر وبَعْضَ جِبالِ الرُّوم. وَقِيلَ للرَّجُلِ الأَحمرِ: صِقْلابٌ تَشْبِيهاً بهم.
صلب: الصُّلْبُ والصُّلَّبُ: عَظْمٌ مِنْ لَدُنِ الكاهِل إِلى العَجْب، وَالْجَمْعُ: أَصْلُب وأَصْلاب وصِلَبَةٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَما تَرَيْني، اليَوْمَ، شَيْخاً أَشْيَبَا، ... إِذا نَهَضْتُ أَتَشَكَّى الأَصْلُبا
جَمَعَ لأَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِن صُلْبه صُلْباً؛ كَقَوْلِ جَرِيرٍ:
قَالَ العَواذِلُ: مَا لِجَهْلِكَ بَعْدَ ما ... شابَ المَفارِقُ، واكْتَسَيْنَ قَتِيرا
وَقَالَ حُمَيْدٌ:
وانْتَسَفَ، الحالِبَ مِنْ أَنْدابِه، ... أَغْباطُنا المَيْسُ عَلى أَصْلابِه
كأَنه جَعَلَ كلَّ جُزْءٍ مِنَ صُلْبِه صُلْباً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عنِ الْعَرَبِ: هَؤُلَاءِ أَبناء صِلَبَتِهِمْ. والصُّلْب مِنَ الظَّهْر، وكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الظَّهْر فِيهِ فَقَارٌ فَذَلِكَ الصُّلْب؛ والصَّلَبُ، بِالتَّحْرِيكِ، لُغَةٌ فِيهِ؛ قَالَ العَجاج يَصِفُ امرأَة:
رَيَّا العظامِ، فَخْمَة المُخَدَّمِ، ... فِي صَلَبٍ مثْلِ العِنانِ المُؤدَم،
إِلى سَواءٍ قَطَنٍ مُؤَكَّمِ
وَفِي حَدِيثِ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فِي الصُّلْب الديةُ.
قَالَ القُتَيْبِيُّ: فِيهِ قَوْلَانِ أَحدُهما أَنَّه إِنْ كُسِرَ الصُّلْبُ فحَدِبَ الرَّجُلُ فَفِيهِ الديةُ، والآخَرُ إِنْ أُصِيبَ صُلْبه بشيءٍ ذَهَبَ بِهِ
__________
(2) . قوله [صقب داره] أي عمود بيته بحذاء عمود بيتي. وإصاره: أي الحبل القصير يُشَدُّ بِهِ أَسْفَلُ الْخِبَاءِ إلى الوتد بحذاء حبل بيتي القصير أو الوتد بحذاء وتد بيتي وطنبه: أي حبل بيته الطويل بحذاء حبل بيتي الطويل. هذا هو المناسب ولا يغتر بما للشارح.
(3) . قوله [والسين إلخ] : سقط قبله من النسخ التي بأيدينا بعد قوله من جبال الصاقب ما صرح به شارح القاموس نقلًا عن اللسان ما نصه، وقال غيره:
عَلَى السَّيِّدِ الصَّعْبِ لَوْ أَنه ... يَقُومُ عَلَى ذِرْوَةِ الصاقب(1/526)
الجِماعُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيهِ، فَسُمِّيَ الجِماعُ صُلْباً، لأَنَّ المَنِيَّ يَخْرُجُ منهُ. وقولُ
العَباسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ يَمدَحُ النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
تُنْقَلُ مِنْ صَالَبٍ إِلى رَحِم، ... إِذا مَضَى عالَمٌ بَدا طَبَق
قِيلَ: أَراد بالصَّالَب الصُّلْب، وَهُوَ قَلِيلُ الِاسْتِعْمَالِ. وَيُقَالُ للظَّهْر: صُلْب وصَلَب وصالَبٌ؛ وأَنشد:
كأَنَّ حُمَّى بكَ مَغْرِيَّةٌ، ... بَيْنَ الحَيازيم إِلى الصَّالَبِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ للجَنَّةِ أَهْلًا، خَلَقَها لَهُم، وهُمْ فِي أَصلاب آبائِهِم.
الأَصْلابُ: جَمْعُ صُلْب وَهُوَ الظَّهْرُ. والصَّلابَةُ: ضدُّ اللِّين. صَلُبَ الشيءُ صَلابَةً فَهُوَ صَلِيبٌ وصُلْب وصُلَّب وَصُلْبٌ «1» أَي شَدِيدٌ. وَرَجُلٌ صُلَّبٌ: مِثْلُ القُلَّبِ والحُوَّل، وَرَجُلٌ صُلْبٌ وصَلِيبٌ: ذُو صَلَابَةٍ؛ وَقَدْ صَلُب، وأَرض صُلْبَة، وَالْجُمَعُ صِلَبَة. وَيُقَالُ: تَصَلَّبَ فُلَانٌ أَي تَشَدَّدَ. وَقَوْلُهُمْ فِي الرَّاعِي: صُلْبُ العَصا وصَلِيبُ العَصا، إِنما يَرَوْنَ أَنه يَعْنُفُ بالإِبل؛ قَالَ الرَّاعِي:
صَلِيبُ العَصا، بادِي العُروقِ، تَرَى لَهُ، ... عَلَيْها، إِذا مَا أَجْدَبَ النَّاسُ، إِصْبَعا
وأَنشد:
رَأَيْتُكِ لَا تُغْنِينَ عنِّي بِقُرَّةٍ، ... إِذا اخْتَلَفَتْ فيَّ الهَراوَى الدَّمامِكُ
فأَشْهَدُ لَا آتِيكِ، مَا دامَ تَنْضُبٌ ... بأَرْضِكِ، أَو صُلْبُ العَصا مِنْ رجالِكِ
أَصْلُ هَذَا أَن رَجُلًا واعَدَتْه امْرَأَةٌ، فعثَرَ عَليها أَهْلُها، فَضَرَبُوهُ بعِصِيِّ التَّنْضُب. وَكَانَ شَجَرُ أَرضها إِنما كَانَ التنضبَ فَضَرَبُوهُ بِعِصِيِّها. وصَلَّبَه: جَعَلَهُ صُلْباً وشدَّه وقوَّاه؛ قَالَ الأَعشى:
مِن سَراةِ الهِجانِ صَلَّبَها العُضُّ، ... وَرَعْيُ الحِمى، وطُولُ الحِيالِ
أَي شَدَّهَا. وسَراةُ الْمَالِ: خِياره، الْوَاحِدُ سَرِيّ؛ يُقَالُ: بعيرٌ سَرِيّ، وَنَاقَةٌ سَرِيَّة. والهِجانُ: الخِيارُ مِنْ كُلِّ شيءٍ؛ يُقال: نَاقَةٌ هِجانٌ، وجَمَل هِجانٌ، ونوقٌ هِجان. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الناقَةُ الهِجانُ هِيَ الأَدْماءُ، وَهِيَ البَيْضاءُ الخالِصَةُ اللَّوْنِ. والعُضُّ: عَلَفُ الأَمْصار مِثْلُ القَتِّ والنَّوَى. وَقَوْلُهُ: رَعْي الحِمى يُريدُ حِمى ضَرِيَّة، وَهُوَ مَرْعَى إِبل الْمُلُوكِ، وحِمَى الرَّبَذَةِ دُونَه. والحِيال: مَصْدَرُ حَالَتِ النَّاقَةُ إِذا لَمْ تَحْمِلْ. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ: إِنَّ المُغالِبَ صُلْبَ اللهِ مَغْلُوب
أَي قُوَّةَ اللهِ. وَمَكَانٌ صُلْب وصَلَبٌ: غَليظٌ حَجِرٌ، وَالْجَمْعُ: صِلَبَةٌ. والصُّلْبُ مِنَ الأَرض: المَكانُ الغَلِيظُ المُنْقاد، وَالْجَمْعُ صِلَبَةٌ، مِثْلُ قُلْب وقِلَبَة. والصَّلَب أَيضاً: مَا صَلُبَ مِنَ الأَرض. شَمِرٌ: الصَّلَب نَحْوٌ مَنِ الحَزيزِ الغَلِيظِ المُنْقادِ. وقال
__________
(1) . قوله [وصلب] هو كسكر ولينظر ضبط ما بعده هل هو بفتحتين لكن الجوهري خصه بما صلب من الأَرض أو بضمتين الثانية للإتباع إلا أن المصباح خصه بكل ظهر له فقار أو بفتح فكسر ويمكن أن يرشحه ما حكاه ابن القطاع والصاغاني عَنِ ابْنِ الأَعرابي مِنْ كسر عين فعله.(1/527)
غَيْرُهُ: الصَّلَب مِنَ الأَرض أَسْناد الْآكَامِ والرَّوابي، وَجَمْعُهُ أَصْلاب؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
نَغْشَى قَرًى، عَارِيَةً أَقْراؤُه، ... تَحْبُو، إِلى أَصْلابِه، أَمْعاؤه
الأَصمعي: الأَصْلابُ هِيَ مِنَ الأَرض الصَّلَب الشديدُ المُنْقادُ، والأَمْعاءُ مَسايِلُ صِغار. وَقَوْلُهُ: تَحْبُو أَي تَدْنو. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الأَصلاب: مَا صَلُب مِنَ الأَرض وارْتَفَعَ، وأَمْعاؤُه: مَا لانَ مِنْهُ وانْخَفَضَ. والصُّلْب: مَوْضِعٌ بالصَّمَّان، أَرْضُهُ حجارةٌ، مِنْ ذَلِكَ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الصِّفَةُ، وَبَيْنَ ظَهراني الصُّلْب وقِفافِه، رياضٌ وقِيعانٌ عَذْبَةُ المَنابِتِ «1» كَثِيرةُ العُشْبِ، وَرُبَّمَا قَالُوا: الصُّلْبانِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
سُقْنا بِهِ الصُّلْبَيْنِ، فالصَّمَّانا
فإِما أَن يَكُونَ أَراد الصُّلْب، فَثَنَّى لِلضَّرُورَةِ، كَمَا قَالُوا: رامَتانِ، وإِنما هِيَ رَامَّةٌ وَاحِدَةٌ. وإِما أَن يَكُونَ أَراد مَوْضِعَيْن يَغْلِبُ عَلَيْهِمَا هَذِهِ الصِّفَةُ، فَيُسَمَّيانِ بِهَا. وصَوْتٌ صَلِيبٌ وجَرْيٌ صَلِيب، عَلَى الْمَثَلِ. وصَلُبَ عَلَى المالِ صَلابة: شَحَّ بِهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَإِن كُنْتَ ذَا لُبٍّ يَزِدْكَ صَلابَةً، ... عَلَى المالِ، مَنْزورُ العَطاءِ، مُثَرِّبُ
اللَّيْثُ: الصُّلْبُ مِنَ الجَرْي وَمِنَ الصَّهِيلِ الشَّديدُ؛ وأَنشد:
ذُو مَيْعَة، إِذا تَرَامَى صُلْبُه
والصُّلَّبُ والصُّلَّبِيُّ والصُّلَّبَة والصُّلَّبِيَّة: حِجَارَةُ المِسَنِّ؛ قَالَ امْرُؤُ القَيْس:
كحَدِّ السِّنان الصُّلَّبِيِّ النَّحِيض
أَراد بِالسِّنَانِ المِسَنَّ. وَيُقَالُ: الصُّلَّبِيُّ الَّذِي جُليَ، وشُحِذ بِحِجَارَةِ الصُّلَّبِ، وَهِيَ حِجَارَةٌ تُتَخَذُ منها المِسانُّ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
وكأَنَّ شَفْرَةَ خَطْمِه وجَنِينِه، ... لمَّا تَشَرَّفَ صُلَّبٌ مَفْلُوق
والصُّلُّبُ: الشَّدِيدُ مِنِ الْحِجَارَةِ، أَشَدُّها صَلابَةً. ورُمْحٌ مُصَلَّبٌ: مَشْحوذ بالصَّلَّبيّ. وَتَقُولُ: سِنانٌ صُلُّبِيٌّ وصُلَّبٌ أَيضاً أَي مَسْنُون. والصَّلِيب: الْوَدَكُ، وَفِي الصِّحَاحِ: ودكُ العِظامِ. قَالَ أَبو خِرَاشٍ الْهُذْلِيُّ يَذْكُرُ عُقاباً شَبَّه فَرسَهُ بِهَا:
كأَني، إِذْ غَدَوْا، ضَمَّنْتُ بَزِّي، ... مِنَ العِقْبانِ، خائِتَةً طَلُوبا
جَرِيمَةَ ناهِضٍ، فِي رأْسِ نِيقٍ، ... تَرى، لِعِظامِ مَا جَمَعَتْ، صَلِيبا
أَي ودَكاً، أَي كأَني إِذْ غَدَوْا لِلْحَرْبِ ضَمَّنْتُ بَزِّي أَي سِلَاحِي عُقاباً خائِتَةً أَي مُنْقَضَّةً. يُقَالُ خاتَتْ إِذا انْقَضَّتْ. وجَرِيمَة: بِمَعْنَى كاسِبَة، يُقَالُ: هُوَ جَرِيمَةُ أَهْلِه أَي كاسِبُهُم. والناهِضُ: فَرْخُها. وَانْتُصَابُ قَوْلِهِ طَلُوبا: عَلَى النَّعْتِ لخائتَة. والنِّيقُ: أَرْفَعُ مَوْضِعٍ فِي الجَبَل. وصَلَبَ العِظامَ يَصْلُبُها صَلْباً واصْطَلَبَها: جَمَعَها وطَبَخَها واسْتَخْرَجَ وَدَكَها لِيُؤْتَدَم
__________
(1) . قوله [عذبة المنابت] كذا بالنسخ أيضاً والذي في المعجم لياقوت عذبة المناقب أي الطرق فمياه الطرق عذبة.(1/528)
بِهِ، وَهُوَ الاصْطِلابُ، وَكَذَلِكَ إِذا شَوَى اللَّحْمَ فأَسالَه، قَالَ الكُمَيْتُ الأَسَدِيّ:
واحْتَلَّ بَرْكُ الشِّتاءِ مَنْزِلَه، ... وَبَاتَ شَيْخُ العِيالِ يَصْطَلِبُ
احْتَلَّ: بِمَعْنَى حَلَّ. والبَرْكُ: الصَّدْرُ، واسْتَعارَهُ للشِّتاءِ أَي حَلَّ صَدْرُ الشِّتاء ومُعْظَمُه فِي مَنْزِلِهِ: يَصِفُ شِدَّةَ الزَّمَانِ وجَدْبَه، لأَن غالِبَ الجَدْبِ إِنما يَكُونُ فِي زَمَن الشِّتاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه لمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتاه أَصحابُ الصُّلُب
؛ قِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يَجْمَعُون العِظام إِذا أُخِذَت عَنْهَا لُحومُها فيَطْبُخونها بالماءِ، فإِذا خَرَجَ الدَّسَمُ مِنْهَا جَمَعُوهُ وائْتَدَمُوا بِهِ. يُقَالُ: اصْطَلَبَ فلانٌ العِظام إِذا فَعَل بِهَا ذَلِكَ. والصُّلُبُ جَمْعُ صَليب، والصَّلِيبُ: الوَدَكُ. والصَّلِيبُ والصَّلَبُ: الصَّدِيدُ الَّذِي يَسيلُ مِنَ الْمَيِّتِ. والصَّلْبُ: مَصْدَرُ صَلَبَه يَصْلُبه، صَلْباً وأَصله مِنَ الصَّلِيب وَهُوَ الوَدَكُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: أَنه اسْتُفْتِيَ فِي اسْتِعْمَالِ صَلِيبِ المَوْتَى فِي الدِّلاءِ والسُّفُن، فَأَبى عَلَيْهِمْ
، وَبِهِ سُمِّي المَصْلُوب لِمَا يَسِيلُ مِنْ وَدَكه. والصَّلْبُ، هَذِهِ القِتْلة الْمَعْرُوفَةُ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، لأَن وَدَكه وَصَدِيدَهُ يَسِيل. وَقَدْ صَلَبه يَصْلِبُه صَلْباً، وصَلَّبه، شُدِّدَ لِلتَّكْثِيرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ
. وَفِيهِ: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ
؛ أَي عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ. والصَّلِيبُ: المَصْلُوبُ. والصَّليب الَّذِي يَتَّخِذُهُ النَّصَارَى عَلَى ذَلِكَ الشَّكْل. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّلِيبُ مَا يَتَّخِذُهُ النَّصَارَى قِبْلَةً، والجَمْعُ صُلْبان وصُلُبٌ؛ قَالَ جَريرٌ:
لَقَدْ وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ، ... عَلَى بابِ اسْتِها صُلُبٌ وشامُ
وصَلَّب الراهبُ: اتَّخَذ فِي بِيعَته صَليباً؛ قَالَ الأَعشى:
وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ، ... بَناهُ وصَلَّبَ فِيهِ وَصَارَا
صارَ: صَوَّرَ. عَنْ أَبي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ: وَثَوْبٌ مُصَلَّبٌ فِيهِ نَقْشٌ كالصَّلِيبِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذا رَأَى التَّصْلِيبَ فِي ثَوْب قَضَبه
؛ أَي قَطَع مَوْضِعَ التَّصْلِيبِ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ المُصَلَّبِ
؛ هو الَّذِي فِيهِ نَقشٌ أَمْثال الصُّلْبان. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ أَيضاً: فَناوَلْتُها عِطافاً فرَأَتْ فِيهِ تَصْلِيباً، فَقَالَتْ: نَحِّيه عَني.
وَفِي حَدِيثِ
أُم سَلَمَةَ: أَنها كَانَتْ تَكرَه الثيابَ المُصَلَّبةَ.
وَفِي حَدِيثِ
جَرِيرٍ: رأَيتُ عَلَى الحسنِ ثَوْبًا مُصَلَّباً.
والصَّلِيبانِ: الخَشَبَتانِ اللَّتانِ تُعَرَّضانِ عَلَى الدَّلْوِ كالعَرْقُوَتَيْنِ؛ وَقَدْ صَلَبَ الدلْو وصَلَّبَها. وَفِي مَقْتَلِ
عُمَرَ: خَرَج ابنُه عُبيدُ اللَّهِ فَضَرَب جُفَيْنَةَ الأَعْجَمِيَّ، فَصَلَّب بَيْنَ عَيْنَيْه
، أَي ضَرْبَهُ عَلَى عُرْضِهِ، حَتَّى صَارَتِ الضَّرْبة كالصَّلِيب. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:
صَلَّيْتُ إِلى جَنْبِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَوضَعْتُ يَدِي عَلَى خاصِرتي، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: هَذَا الصَّلْبُ فِي الصَّلَاةِ. كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَنْهَى عَنْهُ
أَي إِنه يُشْبِه الصَّلْبَ لأَنَّ الرَّجُلَ إِذا صُلِبَ مُدَّ يَدُه، وباعُهُ عَلَى الجِذْعِ.(1/529)
وهيئةُ الصَّلْب فِي الصَّلَاةِ: أَن يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى خاصِرتيه، ويُجافيَ بَيْنَ عَضُدَيْه فِي الْقِيَامِ. والصَّلِيبُ: ضَرْبٌ مِنْ سِماتِ الإِبل. قَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: الصَّليبُ قَدْ يَكُونُ كَبِيرًا وَصَغِيرًا وَيَكُونُ فِي الخَدَّين والعُنُق وَالْفَخِذَيْنِ. وَقِيلَ: الصَّلِيبُ مِيسَمٌ فِي الصُّدْغِ، وَقِيلَ فِي العُنقِ خَطَّانِ أَحدهما عَلَى الْآخَرِ. وَبَعِيرٌ مُصَلَّبٌ ومَصْلُوب: سِمَتُه الصَّليب. وَنَاقَةٌ مَصْلُوبة كَذَلِكَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
سَيَكْفِي عَقِيلًا رِجْلُ ظَبْيٍ وعُلْبةٌ، ... تَمَطَّت بِهِ مَصْلُوبةٌ لَمْ تُحارِدِ
وإِبلٌ مُصَلَّبة. أَبو عَمْرٍو: أَصْلَبَتِ الناقةُ إِصْلاباً إِذا قَامَتْ ومَدَّتْ عُنُقَهَا نحوَ السماءِ، لتَدِرَّ لِوَلَدِهَا جَهْدَها إِذا رَضَعَها، وَرُبَّمَا صَرَمَها ذَلِكَ أَي قَطَع لبَنَها. والتَّصْلِيبُ: ضَربٌ مِنَ الخِمْرةِ للمرأَة. وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَن يُصَلِّي فِي تَصْلِيبِ العِمامة، حَتَّى يَجْعَله كَوْراً بعضَه فَوْقَ بَعْضٍ. يُقَالُ: خِمار مُصَلَّبٌ، وَقَدْ صَلَّبَتِ المرأَة خمارَها، وَهِيَ لِبْسةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ النساءِ. وصَلَّبَتِ التَّمْرَةُ: بَلَغَت اليُبْسَ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ شَيْخٌ مِنَ الْعَرَبِ أَطْيَبُ مُضْغةٍ أَكَلَها الناسُ صَيْحانِيَّةٌ مُصَلِّبةٌ، هَكَذَا حَكَاهُ مُصَلِّبةٌ، بالهاءِ. وَيُقَالُ: صَلَّبَ الرُّطَبُ إِذا بَلَغَ اليَبِيسَ، فَهُوَ مُصَلِّب، بِكَسْرِ اللَّامِ، فإِذا صُبَّ عَلَيْهِ الدِّبْسُ لِيَلِينَ، فَهُوَ مُصَقِّر. أَبو عَمْرٍو: إِذا بَلَغ الرُّطَبُ اليُبْسَ فَذَلِكَ التَّصْلِيب، وَقَدْ صَلَّبَ؛ وأَنشد الْمَازِنِيُّ فِي صِفَةِ التَّمْرِ:
مُصَلِّبة مِنْ أَوْتَكى القاعِ كُلَّمَا ... زَهَتْها النُّعامى خِلْتَ، مِنْ لَبَنٍ، صَخْرا
أَوْتَكَى: تَمر الشِّهْريزِ. ولَبَنٌ: اسْمُ جَبَلٍ بعَيْنِه. شَمِرٌ: يُقَالُ صَلَبَتْه الشَّمسُ تَصْلِبُه وتَصلُبُه صَلْباً إِذا أَحْرَقته، فَهُوَ مَصْلُوب: مُحْرَق؛ وَقَالَ أَبو ذؤَيب:
مُسْتَوْقِدٌ فِي حَصاهُ الشمسُ تَصْلِبُه، ... كأَنه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدَةَ: تَمْرُ ذَخِيرةَ مُصَلِّبةٌ
أَي صُلْبة. وَتَمُرُّ الْمَدِينَةِ صُلْبٌ. وَيُقَالُ: تَمْرٌ مُصَلِّب، بِكَسْرِ اللَّامِ، أَي يَابِسٌ شَدِيدٌ. والصالِبُ مِنَ الحُمَّى الحارَّةُ غَيْرُ النَّافِضِ، تذكَّر وتؤَنث. وَيُقَالُ: أَخَذَتْه الحُمَّى بصالِبٍ، وأَخذته حُمَّى صالِبٌ، والأَول أَفصح، وَلَا يَكَادُونَ يُضِيفون؛ وَقَدْ صَلَبَتْ عَلَيْهِ، بِالْفَتْحِ، تَصْلِبُ، بِالْكَسْرِ، أَي دَامَتْ وَاشْتَدَّتْ، فَهُوَ مَصْلوب عَلَيْهِ. وإِذا كَانَتِ الحُمَّى صالِباً قِيلَ: صَلَبَتْ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: الْعَرَبُ تَجْعَلُ الصالِبَ مِنَ الصُّداعِ؛ وأَنشد:
يَرُوعُكَ حُمَّى مِنْ مُلالٍ وصالِبِ
وَقَالَ غَيْرُهُ: الصالِبُ الَّتِي مَعَهَا حرٌّ شَدِيدٌ، وَلَيْسَ مَعَهَا بَرْدٌ. وأَخذه صالِبٌ أَي رِعْدة؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
عُقاراً غَذاها البحرُ مِنْ خَمْرِ عانةٍ، ... لَهَا سَوْرَةٌ، فِي رأْسِه، ذاتُ صالِبِ
والصُّلْبُ: القُوَّة. والصُّلْبُ: الحَسَبُ. قَالَ(1/530)
عَدِيّ بْنِ زَيْدٍ:
اجْلَ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ، ... فَوقَ مَا أَحْكَى بصُلْبٍ وإِزارْ
فُسِّر بِهِمَا جَمِيعًا. والإِزار: العَفاف. وَيُرْوَى:
فوقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْباً بإِزارْ
أَي شَدَّ صُلْباً: يَعْنِي الظَّهْرَ. بإِزار: يَعْنِي الَّذِي يُؤْتَزَر بِهِ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الأَنْجُمَ الأَربعة الَّتِي خَلْفَ النَّسرِ الواقِعِ: صَلِيباً. ورأَيت حَاشِيَةً فِي بَعْضِ النُّسَخِ، بِخَطِّ الشَّيْخِ ابْنِ الصَّلَاحِ المحدِّث، مَا صُورَتُهُ: الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الأَنجمِ الأَربعة أَن يُقال خَلْف النَّسرِ الطائِرِ لأَنها خَلْفَه لَا خَلْفَ الْوَاقِعِ، قَالَ: وَهَذَا مِمَّا وَهِمَ فِيهِ الجوهريُّ. الليثُ: والصَّوْلَبُ والصَّوْليبُ هُوَ البَذْرُ الَّذِي يُنْثَر عَلَى الأَرض ثُمَّ يُكْرَبُ عَلَيْهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَمَا أُراه عَرَبِيًّا: والصُّلْبُ: اسمُ أَرض؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنه، كلَّما ارْفَضَّتْ حَزيقَتُها، ... بالصُّلْبِ، مِن نَهْسِه أَكْفالَها، كَلِبُ
والصُّلَيبُ: اسمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ سَلامة بْنُ جَنْدَلٍ:
لِمَنْ طَلَلٌ مثلُ الكتابِ المُنَمَّقِ، ... عَفا عَهْدُه بَيْنَ الصُّلَيْبِ ومُطْرِقِ
صلهب: الصَّلْهَبُ مِنَ الرِّجَالِ: الطويلُ، وَكَذَلِكَ السَّلْهَبُ. وَهُوَ أَيضاً البيتُ الكبيرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وشادَ عَمْرٌو لكَ بَيْتاً صَلْهَبا، ... واسِعةً أَظْلالُه مُقَبَّبا
والصَّلْهَبُ والصَّلَهْبَى مِنَ الإِبل: الشَّدِيدُ، والياءُ للإِلحاق، وَكَذَلِكَ الصَّلَخْدَى، والأُنثى: صَلْهَبَةٌ وصَلَهْباة. أَبو عَمْرٍو: الصَّلاهِبُ مِنَ الإِبل: الشدادُ. وحَجَر صَلْهَبٌ وصُلاهِبٌ: شَديد صُلْبٌ. والمُصْلَهِبُّ: الطويلُ.
صنب: الصِّنابُ: صِباغٌ يُتَّخذُ من الخَرْدَلِ وَالزَّبِيبُ. وَمِنْهُ قِيلَ للبِرذَوْنِ: صِنابيٌّ، شُبِّهَ لَونُه بِذَلِكَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تُكَلِّفُني مَعِيشةَ آلِ زيدٍ، ... وَمَنْ لِي بالصَّلائقِ والصِّنابِ
والمِصْنَبُ: المُولَعُ بأَكلِ الصِّناب، وَهُوَ الخَرْدَلُ بِالزَّبِيبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَتاه أَعرابي بأَرْنَب قَدْ شَواها، وجاءَ مَعَهَا بصِنابها
أَي بصِباغها، وَهُوَ الخَرْدَل الْمَعْمُولُ بِالزَّبِيبِ، وَهُوَ صِباغٌ يُؤْتَدَمُ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَوْ شئتُ لَدَعَوْتُ بصِلاءٍ وصِنابٍ.
والصِّنابيُّ مِنَ الإِبل وَالدَّوَابِّ: الَّذِي لَوْنُهُ مِنَ الحُمْرة والصُّفْرة، مَعَ كَثْرَةِ الشَّعَر وَالْوَبَرِ. وَقِيلَ: الصِّنابيّ هُوَ الكُمَيْتُ أَو الأَشْقَرُ إِذا خَالَطَ شُقْرَتَه شَعْرةٌ بَيْضَاءُ؛ يُنسب إِلى الصِّنابِ. والله أَعلم.
صنخب: ابْنُ الأَعرابي: الصِّنْخابُ الجمل الضَّخْمُ.
صهب: الصُّهْبةُ: الشُّقْرة فِي شَعْرِ الرأْس، وَهِيَ الصُّهُوبةُ. الأَزهري: الصَّهَبُ والصُّهْبة: لونُ حمْرةٍ فِي شَعَرِ الرأْس وَاللِّحْيَةِ، إِذا كَانَ فِي الظَّاهِرِ حُمْرةٌ، وَفِي الْبَاطِنِ اسودادٌ، وَكَذَلِكَ فِي لَوْنِ الإِبل؛ بعيرٌ أَصْهَبُ وصُهابيٌّ وَنَاقَةٌ صَهْباء وصُهابِيَّةٌ؛ قَالَ طَرَفة:
صُهابِيَّةُ العُثْنُونِ، مُؤْجَدَةُ القَرَا، ... بَعيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ، مَوَّارَةُ اليَدِ(1/531)
الأَصمعي: الأَصْهَبُ: قريبٌ مِنَ الأَصْبَح. والصَّهَبُ والصُّهْبَة: أَن يَعْلُوَ الشعرَ حُمْرَةٌ، وأُصُولُه سُودٌ، فإِذا دُهِنَ خُيِّل إِليك أَنه أَسود. وَقِيلَ: هُوَ أَن يَحْمَرَّ الشَّعَرُ كُلُّهُ. صَهِبَ صَهَباً واصْهَبَّ واصْهابَّ وَهُوَ أَصْهَبُ. وَقِيلَ: الأَصْهَبُ مِنَ الشَّعر الَّذِي يُخالط بياضَه حمرةٌ. وَفِي حَدِيثِ اللِّعانِ:
إِن جاءَت بِهِ أَصْهَبَ فَهُوَ لِفُلَانٍ
؛ هُوَ الَّذِي يَعْلُو لونَه صُهْبَةٌ، وَهِيَ كالشُّقْرة، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ. وَالْمَعْرُوفُ أَن الصُّهْبة مُخْتَصَّةٌ بِالشِّعْرِ، وَهِيَ حُمْرَة يَعْلُوهَا سَوَادٌ. والأَصْهَبُ مِنَ الإِبل: الَّذِي لَيْسَ بِشَدِيدِ الْبَيَاضِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْعَرَبُ تَقُولُ: قُريشُ «2» . الإِبل صُهْبُها وأُدْمُها؛ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلى تَشْرِيفِهَا عَلَى سَائِرِ الإِبل. وَقَدْ أَوضحوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: خيرُ الإِبل صُهْبُها وحُمْرُها، فَجَعَلُوهَا خَيْرَ الإِبل، كَمَا أَن قُرَيْشًا خيرُ النَّاسِ عِنْدَهُمْ. وَقِيلَ: الأَصْهَبُ مِنَ الإِبل الَّذِي يُخَالِطُ بياضَه حُمرةٌ، وَهُوَ أَن يَحْمَرَّ أَعلى الوَبَر وتَبْيَضَّ أَجْوافُه. وَفِي التَّهْذِيبِ: وليستْ أَجوافُه بالشديدةِ البياضِ، وأَقْرابُه ودُفُوفه فِيهَا تَوضِيحٌ أَي بَياض. قَالَ: والأَصْهَبُ أَقلُّ بَيَاضًا مِنَ الآدَم، فِي أَعاليه كُدْرة، وَفِي أَسافله بياضٌ. ابْنُ الأَعرابي: الأَصْهَبُ مِنَ الإِبل الأَبيضُ. الأَصمعي: الآدَمُ مِنَ الإِبل: الأَبيضُ، فإِن خَالَطَتْهُ حُمْرة، فَهُوَ أَصْهَبُ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ حُنَيْفُ الحَناتِم، وَكَانَ آبَلَ النَّاسَ: الرَّمْكَاءُ بُهْيَا، والحَمْراءُ صُبْرَى، والخَوَّارَةُ غُزْرَى، والصَّهْبَاءُ سُرْعَى. قَالَ: والصُّهْبَةُ أَشْهَرُ الأَلوان وأَحسنُها، حِينَ تَنْظُر إِليها؛ ورأَيتُ فِي حاشيةٍ: البُهْيا تأْنيث البَهِيَّةِ، وَهِيَ الرَّائِعَةُ. وجَمَلٌ صُهابيٌّ أَي أَصْهَبُ اللَّوْنِ، وَيُقَالُ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى صُهابٍ: اسْمُ فَحل أَو مَوْضِعٌ. التَّهْذِيبُ: وإِبل صُهابِيَّةٌ: مَنْسُوبَةٌ إِلى فَحْلٍ اسْمُهُ صُهابٌ. قَالَ: وإِذا لَمْ يُضِيفُوا الصُّهابِيَّة، فَهِيَ مِنْ أَولاد صُهابٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
صُهابِيَّةٌ غُلْبُ الرِّقابِ، كأَنَّما ... يُناطُ بأَلْحِيها فَراعِلَةٌ غُثْرُ
قِيلَ: نُسبت إِلى فَحْل فِي شِقِّ الْيَمَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يَرْمي الجِمارَ عَلَى ناقةٍ لَهُ صَهْباء.
وَيُقَالُ للأَعداء: صُهْبُ السِّبالِ، وسُود الأَكباد، وإِن لَمْ يَكُونُوا صُهْبَ السِّبال، فَكَذَلِكَ يُقَالُ لَهُمْ؛ قَالَ:
جاؤوا يَجُرُّونَ الحَديدَ جَرَّا، ... صُهْبَ السِّبالِ يَبْتَغُونَ الشَّرَّا
وإِنما يريد أَنَّ عداوتهم لَنَا كَعَدَاوَةِ الرُّومِ. والرومُ صُهْبُ السِّبال وَالشُّعُورِ، وإِلّا فَهُمْ عَرَبٌ، وأَلوانهم: الأُدْمَةُ والسُّمْرةُ والسَّوادُ؛ وَقَالَ ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:
فَظِلالُ السُّيوفِ شَيَّبْنَ رأْسِي، ... واعْتِناقي فِي القَوْمِ صُهْبَ السِّبالِ
وَيُقَالُ: أَصله لِلرُّومِ، لأَن الصُّهُوبةَ فِيهِمْ، وَهُمْ أَعداءُ الْعَرَبِ. الأَزهري: وَيُقَالُ للجَراد صُهابِيَّةٌ؛ وأَنشد:
صُهابِيَّةٌ زُرْقٌ بعيدٌ مَسيرُها
والصَّهْباءُ: الخَمْر؛ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِلَوْنِهَا. قِيلَ: هِيَ الَّتِي عُصِرَت مِنْ عِنَبٍ أَبيضَ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي
__________
(2) . قوله [قريش الإِبل إلخ] بإضافة قريش للإِبل كما ضبطه في المحكم ولا يخفى وجهه(1/532)
تَكُونُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ إِذا ضَرَبَتْ إِلى البَياض؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الصَّهْباءُ اسْمٌ لَهَا كالعَلَم، وَقَدْ جاءَ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ لأَنها فِي الأَصل صِفَةٌ؛ قَالَ الأَعشى:
وصَهْباءَ طافَ يَهودِيها، ... وأَبْرَزَها، وَعَلَيْهَا خَتَمْ
وَيُقَالُ للظَّلِيم: أَصْهَبُ البَلَدِ أَي جِلْدُه. والموتُ الصُّهابيُّ: الشَّدِيدُ كَالْمَوْتِ الأَحمر؛ قَالَ الجَعْدِيُّ:
فَجِئْنا إِلى المَوتِ الصُّهابيِّ بعد ما ... تَجَرَّدَ عُرْيانٌ، مِنَ الشَّرِّ، أَحدَبُ
وأَصْهَبَ الرجلُ: وُلِدَ لَهُ أَولادٌ صُهْبٌ. والصُّهابيُّ: كالأَصْهَب؛ وقولُ هِمْيانَ:
يُطيرُ عَنْهَا الوَبَرَ الصُّهَابِجَا
أَراد الصُّهَابيَّ، فخفَّف وأَبدل؛ وَقَوْلُ الْعَجَاجِ:
بِشَعْشَعانيٍّ صُهابيٍّ هَدِلْ
إِنما عَنَى بِهِ المِشْفَرَ وحدَه، وَصَفَهُ بِمَا تُوصَفُ بِهِ الْجُمْلَةُ. وصُهْبى: اسْمُ فرسِ النَّمِر بْنِ تَوْلَب، وإِياها عَنَى بِقَوْلِهِ:
لَقَدْ غَدَوْتُ بصُهْبَى وَهِيَ مُلْهِبَةٌ، ... إِلْهابُها كضِرامِ النارِ فِي الشِّيحِ
قَالَ: وَلَا أَدري أَشْتَقَّه مِنَ الصَّهَبِ، الَّذِي هُوَ اللَّوْنُ، أَم ارْتَجَلَه عَلَماً. والصُّهَابيُّ: الْوَافِرُ الَّذِي لَمْ يَنْقُصْ. ونَعَمٌ صُهَابيٌّ: لَمْ تُؤْخَذْ صَدَقتُه بَلْ هُوَ بِوَفْرِه. والصُّهَابيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا دِيوَانَ لَهُ. ورَجُلٌ صَيْهَبٌ: طَويلٌ. التَّهْذِيبُ: جَمَلٌ صَيْهَبٌ، وَنَاقَةٌ صَيْهَبَة إِذا كَانَا شَدِيدَيْنِ، شُبِّها بالصَّيْهَبِ، الحِجارةِ؛ قَالَ هِمْيَانُ:
حَتَّى إِذا ظَلْماؤُها تَكَشَّفَتْ ... عَنِّي، وعَنْ صَيْهَبَةٍ قَدْ شَدِفَتْ
أَي عَنْ ناقةٍ صُلْبَةٍ قَدْ تَحَنَّتْ. وصَخرةٌ صَيْهَبٌ: صُلْبَة. والصَّيْهَبُ الْحِجَارَةُ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ؛ قَالَ القُطاميّ:
حَدا، فِي صَحَارَى ذِي حماسٍ وعَرْعَرٍ، ... لِقاحاً يُغَشِّيها رُؤُوسَ الصَّياهِب «1»
قَالَ شَمِرٌ: وَيُقَالُ الصَّيْهَبُ الْمَوْضِعُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ كَثِيرٌ:
عَلَى لاحِبٍ، يَعْلُو الصَّيَاهِبَ، مَهْيَعِ
ويومٌ صَيْهَبٌ وصَيْهَدٌ: شَديد الحَرِّ. والصَّيْهَبُ شِدَّةُ الحَرِّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَحْدَهُ وَلَمْ يَحْكِهِ غيرهُ إِلا وَصْفاً. وصُهابُ: مَوْضِعٌ جَعَلُوهُ اسْمًا للبُقْعة؛ أَنشد الأَصمعي:
وأَبي الَّذِي تَرَكَ المُلُوكَ وجَمْعَهم، ... بصُهابِ هامِدةٍ، كأَمْسِ الدَّابِر
وَبَيْنَ البَصْرة وَالْبَحْرَيْنِ عينٌ تُعرف بِعَيْنِ الأَصْهَبِ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ، فَجَمَعَهُ عَلَى الأَصْهَبِيَّات:
دَعاهُنَّ مِنْ ثَأْجٍ، فأَزْمَعْنَ وِرْدَه، ... أَو الأَصْهَبِيَّات، العُيُونُ السَّوائحُ
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الصَّهْباءِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ عَلَى رَوْحةٍ من خَيْبَر.
__________
(1) . [ذي حماس وعرعر] موضعان كما في ياقوت والبيت في التكملة أيضاً.(1/533)
وصُهَيْبُ بْنُ سِنانٍ: رَجُلٌ، وَهُوَ الَّذِي أَراده الْمُشْرِكُونَ مَعَ نَفَرٍ مَعَهُ عَلَى تَرْكِ الإِسلام، وَقَتَلُوا بَعْضَ النَّفَرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ، فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْبٌ: أَنا شَيْخٌ كَبِيرٌ، إِنْ كنتُ عَلَيْكُمْ لَمْ أَضُرَّكُم، وإِن كنتُ مَعَكُمْ لَمْ أَنفعكم، فخَلُّوني وَمَا أَنا عَلَيْهِ، وخُذُوا مَالِي. فقَبلوا مِنْهُ، وأَتى المدينةَ فَلَقِيَهُ أَبو بَكْرٍ الصديقُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ: رَبِحَ الْبَيْعُ يَا صُهَيْبُ. فَقَالَ لَهُ: وأَنتَ رَبِحَ بيعُك يَا أَبا بَكْرٍ. وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ. وَفِي حاشيةٍ: والمُصَهَّبُ: صَفِيفُ الشِّواءِ والوَحْشِ المُخْتَلِطُ.
صوب: الصَّوْبُ: نُزولُ المَطَر. صَابَ المَطَرُ صَوْباً، وانْصابَ: كِلَاهُمَا انْصَبَّ. ومَطَرٌ صَوْبٌ وصَيِّبٌ وصَيُّوبٌ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: الصَّيِّبُ هُنَا الْمَطَرُ، وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبه اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُنَافِقِينَ، كأَنّ الْمَعْنَى: أَو كأَصْحابِ صَيِّبٍ؛ فَجَعَلَ دينَ الإِسلام لَهُمْ مَثَلًا فِيمَا ينالُهم فِيهِ مِنَ الخَوْفِ وَالشَّدَائِدِ، وجَعَلَ مَا يَسْتَضِيئُون بِهِ مِنَ الْبَرْقِ مَثَلًا لِمَا يستضيئُون بِهِ مِنَ الإِسلام، وَمَا يَنَالُهُمْ مِنَ الْخَوْفِ فِي الْبَرْقِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَخَافُونَهُ مِنَ الْقَتْلِ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ. وكُلُّ نازِلٍ مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ، فَقَدْ صابَ يَصُوبُ؛ وأَنشد:
كأَنَّهمُ صابتْ عَلَيْهِمْ سَحابَةٌ، ... صَواعِقُها لطَيرهنَّ دَبيبُ «1»
وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّوْبُ الْمَطَرُ. وصابَ الغيثُ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، وصابَتِ السَّماءُ الأَرضَ: جادَتْها. وصابَ الماءَ وصوَّبه: صبَّه وأَراقَه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ ساقيتين:
وحَبَشِيَّينِ، إِذا تَحَلَّبا، ... قَالَا نَعَمْ، قَالَا نَعَمْ، وصَوَّبا
والتَّصَوُّبُ: حَدَبٌ فِي حُدُورٍ، والتَّصَوُّبُ: الِانْحِدَارُ. والتَّصْويبُ: خِلَافُ التَّصْعِيدِ. وصَوَّبَ رأْسَه: خَفَضَه. التَّهْذِيبُ: صَوَّبتُ الإِناءَ ورأْسَ الْخَشَبَةِ تَصْويباً إِذا خَفَضْته؛ وكُرِه تَصْويبُ الرأْسِ فِي الصَّلَاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنْ قَطَع سِدْرةً صَوَّبَ اللَّهُ رأْسَه فِي النَّارِ
؛ سُئِلَ أَبو دَاوُدَ السِّجسْتانيّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هُوَ مُخْتَصَر، وَمَعْنَاهُ: مَنْ قَطَعَ سِدْرةً فِي فَلَاةٍ، يَسْتَظِلُّ بِهَا ابنُ السَّبِيلِ، بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا، صَوَّبَ اللَّهُ رأْسَه أَي نكَّسَه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وصَوَّبَ يَده
أَي خَفَضَها. والإِصابةُ: خلافُ الإِصْعادِ، وَقَدْ أَصابَ الرجلُ؛ قَالَ كُثَيِّر عَزَّةَ:
ويَصْدُرُ شتَّى مِنْ مُصِيبٍ ومُصْعِدٍ، ... إِذا مَا خَلَتْ، مِمَّنْ يَحِلُّ، المنازِلُ
والصَّيِّبُ: السحابُ ذُو الصَّوْبِ. وصابَ أَي نَزَلَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ وَلَكِنْ لمْلأَكٍ، ... تَنَزَّلَ، مِنْ جَوِّ السماءِ، يَصوبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: البيتُ لرجلٍ مِنْ عبدِ الْقَيْسِ يمدَحُ النُّعْمانَ؛ وَقِيلَ: هُوَ لأَبي وجزَة يَمْدَحُ عبدَ اللَّهِ بْنِ الزُّبير؛ وَقِيلَ: هُوَ لعَلْقَمَة بْنِ عَبْدَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي هَذَا البيتِ شاهدٌ عَلَى أَن قولَهم مَلَك حُذِفت مِنْهُ هَمْزَتُهُ وخُفِّفَت بِنَقْلِ حركتِها عَلَى مَا
__________
(1) . عجز هذا البيت غامض.(1/534)
قبلَها، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ مَلائكة، فأُعيدت الْهَمْزَةُ فِي الْجَمْعِ، وَبِقَوْلِ الشَّاعِرِ: وَلَكِنْ لمْلأَك، فأَعاد الْهَمْزَةَ، والأَصل فِي الْهَمْزَةِ أَن تَكُونَ قَبْلَ اللَّامِ لأَنه مِنَ الأَلُوكَة، وَهِيَ الرِّسَالَةُ، فكأَنَّ أَصلَ مَلأَكٍ أَن يَكُونَ مأْلَكاً، وإِنما أَخروها بَعْدَ اللَّامِ لِيَكُونَ طَرِيقًا إِلى حَذْفِهَا، لأَن الْهَمْزَةَ مَتَى مَا سَكَنَ مَا قَبْلَهَا، جَازَ حَذْفُهَا وإِلقاء حَرَكَتِهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا. والصَّوْبُ مِثْلُ الصَّيِّبِ، وَتَقُولُ: صابَهُ المَطَرُ أَي مُطِرَ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اللَّهُمَّ اسقِنا غَيْثًا صَيِّباً
؛ أَي مُنْهَمِراً مُتَدَفِّقًا. وصَوَّبْتُ الفرسَ إِذا أَرسلته فِي الجَرْيِ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
فَصَوَّبْتُه، كأَنه صَوْبُ غَبْيَةٍ، ... عَلَى الأَمْعَزِ الضَّاحِي، إِذا سِيطَ أَحْضَرا
والصَّوابُ: ضدُّ الخطإِ. وصَوَّبه: قَالَ لَهُ أَصَبْتَ. وأَصابَ: جاءَ بِالصَّوَابِ. وأَصابَ: أَراد الصوابَ؛ وأَصابَ فِي قَوْلِهِ، وأَصابَ القِرْطاسَ، وأَصابَ فِي القِرْطاس. وَفِي حَدِيثِ
أَبي وَائِلٍ: كَانَ يُسْأَلُ عَنِ التَّفْسِيرِ، فَيَقُولُ: أَصابَ اللهُ الَّذِي أَرادَ
، يَعْنِي أَرادَ اللهُ الَّذِي أَرادَ؛ وأَصله مِنَ الصَّوَابِ، وَهُوَ ضدُّ الخطإِ. يُقَالُ أَصاب فلانٌ فِي قَوْلِهِ وفِعْلِه؛ وأَصابَ السهمُ القِرْطاسَ إِذا لَمْ يُخْطِئْ؛ وقولٌ صَوْبٌ وصَوابٌ. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ أَصابَ فلانٌ الصوابَ فأَخطأَ الْجَوَابَ؛ مَعْنَاهُ أَنه قَصَدَ قَصْدَ الصوابِ وأَراده، فأَخْطَأَ مُرادَه، وَلَمْ يَعْمِدِ الخطأَ وَلَمْ يُصِبْ. وَقَوْلُهُمْ: دَعْني وعليَّ خطَئي وصَوْبي أَي صَوابي؛ قَالَ أَوسُ بْنُ غَلْفاء:
أَلا قالَتْ أُمامةُ يَوْمَ غُولٍ، ... تَقَطَّع، بابنِ غَلْفاءَ، الحِبالُ:
دَعِيني إِنما خَطَئي وصَوْبي ... عليَّ، وإِنَّ مَا أَهْلَكْتُ مالُ
وإِنَّ مَا: كَذَا مُنْفَصِلَةٌ. قَوْلُهُ: مالُ، بِالرَّفْعِ، أَي وإِنَّ الَّذِي أَهلكتُ إِنما هُوَ مالٌ. واسْتَصْوَبَه واسْتَصابَه وأَصابَه: رَآهُ صَواباً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: اسْتَصَبْتُه قياسٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: اسْتَصْوَبْتُ رأْيَك. وأَصابه بِكَذَا: فَجَعَه بِهِ. وأَصابهم الدهرُ بِنُفُوسِهِمْ وأَموالهم. جاحَهُم فِيهَا فَفَجَعَهم. ابْنُ الأَعرابي: مَا كنتُ مُصاباً وَلَقَدْ أُصِبْتُ. وإِذا قَالَ الرجلُ لِآخَرَ: أَنتَ مُصابٌ، قَالَ: أَنتَ أَصْوَبُ مِني؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وأَصابَتْهُ مُصِيبةٌ فَهُوَ مُصابٌ. والصَّابةُ والمُصِيبةُ: مَا أَصابَك مِنَ الدَّهْرِ، وَكَذَلِكَ المُصابةُ والمَصُوبة، بِضَمِّ الصَّادِ، وَالتَّاءِ لِلدَّاهِيَةِ أَو لِلْمُبَالَغَةِ، وَالْجَمْعُ مَصاوِبُ ومَصائِبُ، الأَخيرة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، تَوَهَّموا مُفْعِلة فَعِيلة الَّتِي لَيْسَ لَهَا فِي الياءِ وَلَا الْوَاوِ أَصل. التَّهْذِيبُ: قَالَ الزجَّاج أَجمع النَّحْوِيُّونَ عَلَى أَنْ حَكَوْا مَصائِبَ فِي جَمْعِ مُصِيبة، بِالْهَمْزِ، وأَجمعوا أَنَّ الاختيارَ مَصاوِبُ، وإِنما مَصائبُ عِنْدَهُمْ بِالْهَمْزِ مِنَ الشَّاذِّ. قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي إِنما هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ الْمَكْسُورَةِ، كَمَا قَالُوا وِسَادَةٌ وإِسادة؛ قَالَ: وَزَعَمَ الأَخفش أَن مَصائِبَ إِنما وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ فِيهَا بَدَلًا مِنَ الْوَاوِ، لأَنها أُعِلَّتْ فِي مُصِيبة. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا رَدِيءٌ لأَنه يَلْزَمُ أَن يُقَالَ فِي مَقَام مَقَائِم، وَفِي مَعُونة مَعائِن. وَقَالَ أَحمدُ بْنُ يَحْيَى: مُصِيبَة كَانَتْ فِي الأَصل مُصْوِبة. وَمِثْلُهُ: أَقيموا الصَّلَاةَ، أَصله أَقْوِمُوا، فأَلْقَوْا حركةَ الْوَاوِ عَلَى الْقَافِ فَانْكَسَرَتْ، وَقَلَبُوا الْوَاوَ يَاءً لِكَسْرَةِ الْقَافِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُجْمَعُ(1/535)
الفُواق أَفْيِقَةً، والأَصل أَفْوِقةٌ. وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: تركتُ الناسَ عَلَى مَصاباتِهم أَي عَلَى طَبقاتِهم ومَنازِلهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ
، أَي ابْتَلَاهُ بِالْمَصَائِبِ لِيُثِيبَهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الأَمر الْمَكْرُوهُ يَنْزِلُ بالإِنسان. يُقَالُ أَصابَ الإِنسانُ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ أَي أَخَذَ وتَنَاول؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
يُصِيبونَ مَا أَصابَ الناسُ
أَي يَنالون مَا نَالُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُصِيبُ مِنْ رأْس بَعْضِ نِسَائِهِ وَهُوَ صَائِمٌ
؛ أَراد التقبيلَ. والمُصابُ: الإِصابةُ؛ قَالَ الحرثُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ:
أَسُلَيْمَ إِنَّ مُصابَكُمْ رَجُلًا ... أَهْدَى السَّلامَ، تحيَّةً، ظُلْمُ
أَقْصَدْتِه وأَرادَ سِلْمَكُمُ، ... إِذْ جاءَكُمْ، فَلْيَنْفَعِ السِّلْمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ لَيْسَ للعَرْجِيِّ، كَمَا ظَنَّهُ الْحَرِيرِيُّ، فَقَالَ فِي دُرَّة الْغَوَّاصِ: هُوَ للعَرْجِيِّ. وَصَوَابُهُ: أَظُلَيْم؛ وظُلَيم: تَرْخِيمُ ظُلَيْمة، وظُلَيْمة: تَصْغِيرُ ظَلُوم تَصْغِيرَ التَّرْخِيمِ. وَيُرْوَى: أَظَلُومُ إِنَّ مُصابَكم. وظُلَيْمُ: هِيَ أُمُّ عمْران، زوجةُ عبدِ اللَّهِ بنُ مُطِيعٍ، وكان الحرثُ يَنْسِبُ بِهَا، وَلَمَّا مَاتَ زَوْجُهَا تَزَوَّجَهَا. وَرَجُلًا: منصوبٌ بمُصابٍ، يَعْنِي: إِنَّ إِصابَتَكم رَجُلًا؛ وظُلْم: خَبَرُ إِنَّ. وأَجمعت الْعَرَبُ عَلَى هَمْزِ المَصائِب، وأَصله الْوَاوُ، كأَنهم شَبَّهُوا الأَصليّ بِالزَّائِدِ. وقولُهم للشِّدة إِذا نزلتْ: صَابَتْ بقُرٍّ أَي صَارَتِ الشِّدَّة فِي قَرارِها. وأَصابَ الشيءَ: وَجَدَه. وأَصابه أَيضاً: أَراده. وَبِهِ فُسِّر قولُه تَعَالَى: تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ
؛ قَالَ: أَراد حَيْثُ أَراد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وغَيَّرها مَا غَيَّر الناسَ قَبْلَها، ... فناءَتْ، وحاجاتُ النُّفوسِ تُصِيبُها
أَراد: تُريدها؛ وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَصَابَ، مِنَ الصَّواب الَّذِي هُوَ ضِدُّ الخطإِ، لأَنه لَا يكونُ مُصيباً ومُخْطِئاً فِي حَالٍ وَاحِدٍ. وصابَ السَّهْمُ نحوَ الرَّمِيَّةِ يَصُوبُ صَوْباً وصَيْبُوبةً وأَصابَ إِذا قَصَد وَلَمْ يَجُزْ؛ وَقِيلَ: صَابَ جاءَ مِنْ عَلُ، وأَصابَ: مِنَ الإِصابةِ، وصَابَ السهمُ القِرْطاسَ صَيْباً، لُغَةٌ فِي أَصابه. وإِنه لسَهْمٌ صائِبٌ أَي قاصِدٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلسَّائِرِ فِي فَلاة يَقْطَعُ بالحَدْسِ، إِذا زاغَ عَنِ القَصْدِ: أَقِمْ صَوْبَك أَي قَصْدَك. وَفُلَانٌ مُستقيم الصَّوْبِ إِذا لَمْ يَزِغْ عَنْ قَصْدِه يَمِينًا وَشِمَالًا فِي مَسِيره. وَفِي الْمَثَلِ: مَعَ الخَوَاطِئِ سهمٌ صائبٌ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب:
إِذا نَهَضَتْ فِيهِ تَصَعَّدَ نَفْرُها، ... كعَنْزِ الفَلاةِ، مُسْتَدِرٌّ صِيابُها
أَرادَ جمعَ صَائِبٍ، كصاحِب وصِحابٍ، وأَعَلَّ العينَ فِي الْجَمْعِ كَمَا أَعَلَّها فِي الْوَاحِدِ، كَصَائِمٍ وصِيامٍ وَقَائِمٍ وقِيامٍ، هَذَا إِن كَانَ صِيابٌ مِنَ الْوَاوِ وَمِنَ الصَّوابِ فِي الرَّمْيِ، وإِن كَانَ مِنْ صَابَ السَّهمُ الهَدَفَ يَصِيبُه، فالياء فيه أَصل؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
فكيفَ تُرَجِّي العَاذِلاتُ تَجَلُّدي، ... وصَبْرِي إِذا مَا النَّفْسُ صِيبَ حَمِيمُها
فَسَّرَهُ فَقَالَ: صِيبَ كقولكَ قُصِدَ؛ قَالَ: وَيَكُونُ(1/536)
عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ: صَاب السَّهْمُ. قَالَ: وَلَا أَدْري كَيْفَ هَذَا، لأَن صَابَ السهمُ غَيْرُ متعدٍّ. قَالَ: وَعِنْدِي أَن صِيبَ هاهنا مِنْ قَوْلِهِمْ: صابتِ السماءُ الأَرْضَ أَصابَتْها بِصَوْبٍ، فكأَنَّ المنيةَ كَانَتْ صابَتِ الحَميمَ فأَصابَتْه بصَوْبِها. وسهمٌ صَيُوبٌ وصَوِيبٌ: صائبٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَمْ نَعْلَمْ فِي اللُّغَةِ صِفَةً عَلَى فَعِيلٍ مِمَّا صَحَّتْ فاؤُه وَلَامُهُ، وَعَيْنُهُ وَاوٌ، إِلَّا قَوْلَهُمْ طَوِيلٌ وقَوِيم وصَوِيب؛ قَالَ: فأَما العَوِيصُ فَصِفَةٌ غَالِبَةٌ تَجْرِي مَجْرى الِاسْمِ. وَهُوَ فِي صُوَّابةِ قَوْمِهِ أَي فِي لُبابهم. وصُوَّابةُ الْقَوْمِ: جَماعتُهم، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الياءِ لأَنها يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. ورجلٌ مُصابٌ، وَفِي عَقْل فُلَانٍ صابةٌ أَي فَتْرة وضَعْفٌ وطَرَفٌ مِنَ الجُنون؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: كأَنه مَجْنُونٌ. وَيُقَالُ لِلْمَجْنُونِ: مُصابٌ. والمُصابُ: قَصَب السُّكَّر. التَّهْذِيبُ، الأَصمعي: الصَّابُ والسُّلَعُ ضَرْبَانِ، مِنَ الشَّجَرِ، مُرَّان. والصَّابُ عُصارة شَجَرٍ مُرٍّ؛ وَقِيلَ: هُوَ شَجَرٌ إِذا اعْتُصِرَ خَرَج مِنْهُ كَهَيْئَةِ اللَّبَن، وَرُبَّمَا نَزَت مِنْهُ نَزِيَّةٌ أَي قَطْرَةٌ فَتَقَعُ فِي الْعَيْنِ كأَنها شِهابُ نارٍ، وَرُبَّمَا أَضْعَفَ الْبَصَرَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيب الهُذَلي:
إِني أَرِقْتُ فبِتُّ الليلَ مُشْتَجِراً، ... كأَنَّ عَيْنِيَ فِيهَا الصّابُ مَذْبُوحُ «2»
وَيُرْوَى:
نَامَ الخَلِيُّ وبتُّ الليلَ مُشْتَجراً
والمُشْتَجِرُ: الَّذِي يَضَعُ يَدَهُ تَحْتَ حَنَكِه مُذكِّراً لِشِدَّة هَمِّه. وَقِيلَ: الصَّابُ شَجَرٌ مُرٌّ، وَاحِدَتُهُ صابَةٌ. وَقِيلَ: هُوَ عُصارة الصَّبِرِ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: عَيْنُ الصَّابِ واوٌ، قِيَاسًا وَاشْتِقَاقًا، أَما الْقِيَاسُ فلأَنها عَيْنٌ والأَكثر أَن تَكُونَ وَاوًا، وأَما الِاشْتِقَاقُ فلأَنَّ الصَّابَ شَجَرٌ إِذا أَصاب الْعَيْنَ حَلَبها، وَهُوَ أَيضاً شَجَرٌ إِذا شُقَّ سالَ مِنْهُ الماءُ. وَكِلَاهُمَا فِي مَعْنَى صابَ يَصُوبُ إِذا انْحَدر. ابْنُ الأَعرابي: المِصْوَبُ المِغْرَفَةُ؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيُّ:
صابُوا بستَّةِ أَبياتٍ وأَربعةٍ، ... حتَّى كأَن عَلَيْهِمْ جابِياً لُبَدَا
صابُوا بِهِمْ: وَقَعوا بِهِمْ. وَالْجَابِي: الجَراد. واللُّبَدُ: الْكَثِيرُ. والصُّوبةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ الطَّعَامِ. والصُّوبةُ: الكُدْسةُ مِنَ الحِنْطة وَالتَّمْرِ وَغَيْرِهِمَا. وكُلُّ مُجْتَمعٍ صُوبةٌ، عَنْ كُرَاعٍ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَهلُ الفَلْجِ يُسَمُّونَ الجَرِينَ الصُّوبةَ، وَهُوَ مَوْضِعُ التَّمْرِ. والصُّوبةُ: الكُثْبة مِنْ تُراب أَو غَيْرِهِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنْ أَبي الدِّينَارِ الأَعرابي: دَخَلْتُ عَلَى فُلَانٍ فإِذا الدنانيرُ صُوبةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ أَي كُدْسٌ مُجْتَمِعٌ مَهِيلةٌ؛ ومَن رَوَاهُ: فإِذا الدِّينَارُ، ذَهَبَ بِالدِّينَارِ إِلى مَعْنَى الْجِنْسِ، لأَن الدِّينَارَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ صُوبةً. والصَّوْبُ: لَقَبُ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَهُوَ أَبو قَبِيلَةٍ مِنْهُمْ. وبَنُو الصَّوْبِ: قَوْمٌ مِنْ بَكْر بْنِ وَائِلٍ. وصَوْبةُ: فَرَسُ العباسِ بْنِ مِرْداس. وصَوْبة أَيضاً: فرس لبني سَدُوسٍ.
صيب: الصُّيَّابُ والصُّيَّابة «3» : أَصلُ الْقَوْمِ. والصُّيَابةُ والصُّيَابُ: الخالِصُ مِنْ كلِّ شَيْءٍ؛ أَنشد ثعلب:
__________
(2) . قوله [مشتجراً] مثله في التكملة والذي في المحكم مرتفقاً ولعلهما روايتان.
(3) . قوله الصياب والصيابة [إلخ] بشد التحتية وتخفيفها على المعنيين المذكورين كما في القاموس وغيره.(1/537)
إِني وَسَطْتُ مالِكاً وحَنْظَلا، ... صُيَّابَها، والعَدَدَ المُحَجَّلا
وَقَالَ الفرَّاء: هُوَ فِي صُيَّابة قَوْمِهِ وصُوَّابة قَوْمِهِ أَي فِي صَمِيمِ قَوْمِهِ. والصُّيَّابة: الخِيارُ مِنْ كُلِّ شيءٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومُسْتَشْحِجاتٍ للفِراقِ، كأَنها ... مَثاكِيلُ، مِنْ صُيَّابة النُّوبِ، نُوَّح
المُسْتَشْحِجات: الغِرْبانُ؛ شَبَّهَها بالنُّوبة فِي سَوادها. وَفُلَانٌ مِنْ صُيَّابةِ قَوْمِهِ وصُوَّابةِ قَوْمِهِ أَي مِنْ مُصاصِهم وأَخْلَصِهم نَسَباً. وَفِي الْحَدِيثِ:
يُولَدُ فِي صُيَّابة قَوْمِهِ
؛ يُريد النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي صَمِيمِهم وخالِصِهم وخِيارِهم. يُقَالُ: صُوَّابةُ الْقَوْمِ وصُيَّابتهم، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ «1» فِيهِمَا. وصُيَّابةُ الْقَوْمِ: جَمَاعَتُهُمْ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَوْمٌ صُيَّابٌ أَي خِيَارٌ؛ قَالَ جَنْدَلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حُصَيْنٍ، وَيُقَالُ هُوَ لأَبيه عُبَيْدٍ الرَّاعِي يَهْجُو ابنَ الرِّقاعِ:
جُنادِفٌ، لاحِقٌ بالرأْسِ مَنْكِبُه، ... كأَنه كَوْدَنٌ يُوشَى بكُلَّابِ
مِنْ مَعْشَرٍ، كُحِلَتْ باللُّؤْمِ أَعينُهم، ... قُفْدِ الأَكُفِّ، لِئامٍ، غيرِ صُيَّابِ
جُنَادِفٌ أَي قَصِيرٌ؛ أَراد أَنه أَوْقَصُ. والكَوْدَنُ: البِرْذَون. ويُوشَى: يُسْتَحَثُّ ويُسْتَخْرَجُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الجَرْي. والأَقْفَدُ الْكَفُّ: المائِلُها. والصُّيَّابةُ: السَّيِّدُ. وصَاب السهمُ يَصِيبُ كيَصُوب: أَصابَ. وَسَهْمٌ صَيُوبٌ، وَالْجَمْعُ صُيُبٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ: أَسْهُمُها الصَّائِداتُ والصُّيُبْ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
فصل الضأب
ضأب: «2» : الضَّيْأَبُ: الَّذِي يَقْتَحِمُ فِي الأُمور؛ عَنْ كُراع؛ وَهُوَ الضَّيْأَزُ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ: الضَّيْأَنُ. وجَمَلٌ ضُؤْبان: سَمِينٌ شَدِيدٌ؛ قَالَ زِيادٌ المِلْقَطِيُّ:
عَلَى كلِّ ضُؤْبانٍ، كأَنَّ صَرِيفَه ... بِنابَيْهِ، صَوْتُ الأَخْطَبِ المُتَغَرِّدِ «3»
وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
لَمَّا رأَيتُ الهَمَّ قَدْ أَجْفاني، ... قَرَّبْتُ للرَّحْلِ وللظِّعانِ،
كُلَّ نِيافِيِّ القَرَى ضُؤْبانِ
أَنشده أَبو زَيْدٍ. ضُؤْبان: بالهمز والضاد.
ضبب: الضَّبُّ: دُوَيْبَّة مِنَ الْحَشَرَاتِ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ يُشْبِهُ الوَرَلَ؛ وَالْجَمْعُ أَضُبٌّ مِثْلُ كَفٍّ وأَكُفٍّ، وضِبابٌ وضُبَّانٌ، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. قَالَ: وَذَلِكَ إِذا كَثُرَتْ جِدّاً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا هَذَا الْفَرْقُ، لأَنَّ فِعَالًا وفُعْلاناً سَوَاءٌ فِي أَنهما بناءَان مِنْ أَبنية الْكَثْرَةِ، والأُنثى: ضَبَّة. وأَرض مَضَبَّةٌ وضَبِبَةٌ: كثيرةُ الضِّباب. التَّهْذِيبَ: أَرضٌ ضَبِبَةٌ؛ أَحدُ مَا جاءَ عَلَى أَصله. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الوَرَلُ سَبْطُ الخَلْق، طويلُ
__________
(1) . قوله [بالضم والتشديد] ثبت التخفيف أيضاً في القاموس وغيره.
(2) . ضأب استخفى وضأب قتل عدواً. اه. التهذيب.
(3) . قوله [المتغرد] الذي في التهذيب المترنم.(1/538)
الذَّنَب، كأَنَّ ذَنبه ذنبُ حَيَّة؛ ورُبَّ وَرَلٍ يُرْبي طُولُه عَلَى ذِرَاعَيْنِ. وذَنَبُ الضَّبِّ ذُو عُقَد، وأَطولُه يَكُونُ قَدْرَ شِبْر. وَالْعَرَبُ تَسْتَخْبِثُ الوَرَلَ وَتَسْتَقْذِرُهُ وَلَا تأْكله، وأَما الضَّبُّ فإِنهم يَحْرِصُون عَلَى صَيْده وأَكله؛ والضَّبُّ أَحْرَشُ الذَّنَب، خَشِنُه، مُفَقَّرُه، ولونُه إِلى الصُّحْمَةِ، وَهِيَ غُبْرَة مُشْرَبةٌ سَوَادًا؛ وإِذا سَمِنَ اصفَرَّ صَدْرُه، وَلَا يأْكل إِلَّا الجَنادِبَ والدَّبى والعُشْبَ، وَلَا يَأْكُلُ الهَوامَّ؛ وأَما الوَرَلُ فإِنه يأْكل الْعَقَارِبَ، وَالْحَيَّاتِ، والحَرابِيَّ، وَالْخَنَافِسَ، وَلَحْمُهُ دُرْياق، وَالنِّسَاءُ يَتَسَمَّنَّ بِلَحْمِهِ. وضَبِبَ البلدُ «1» ، وأَضَبَّ: كثُرَت ضِبابُه؛ وَهُوَ أَحدُ مَا جاءَ عَلَى الأَصْل مِنْ هَذَا الضَّرْبِ. وَيُقَالُ: أَضَبَّتْ أَرضُ بَنِي فلانٍ إِذا كَثُرَ ضِبابُها. وأَرضٌ مُضِبَّةٌ ومُرْبِعةٌ: ذَاتُ ضِبابٍ ويَرابِيعَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: ضَبِبَ البلدُ كثُرَتْ ضِبابُه؛ ذَكَرَهُ فِي حُرُوفٍ أَظهر فِيهَا التَّضْعِيفَ، وَهِيَ مُتَحَرِّكَةٌ، مِثْلَ قَطِطَ شعرُه ومَشِشَتِ الدابةُ وأَلِلَ السِّقاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن أَعرابيّاً أَتى النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِني فِي غَائطٍ مُضِبَّةٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جاءَ فِي الرِّوَايَةِ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ، وَالْمَعْرُوفُ بِفَتْحِهِمَا، وَهِيَ أَرْضٌ مَضَبَّة مِثْلُ مَأْسَدَة ومَذْأَبة ومَرْبَعَة أَي ذَاتُ أُسود وذِئاب ويَرابِيعَ؛ وَجَمْعُ المَضَبَّة مَضَابُّ. فأَما مُضِبَّة: فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَضَبَّ، كأَغَدَّتْ، فَهِيَ مُغِدَّة. فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَهِيَ بِمَعْنَاهَا. قَالَ: ونحوُ هَذَا الْبِنَاءِ الحديثُ الْآخَرُ:
لَمْ أَزَلْ مُضِبّاً بَعْدُ
؛ هُوَ مِنَ الضَّبِّ: الغَضَب والحِقْد أَي لَمْ أَزل ذَا ضَبٍّ. وَوَقَعْنَا فِي مَضابَّ مُنْكَرةٍ: وَهِيَ قِطَع مِنَ الأَرض كثيرةُ الضَّباب، الْوَاحِدَةُ مَضَبَّة. قَالَ الأَصمعي: سَمِعْتُ غيرَ واحدٍ مِنَ العربِ يَقُولُ: خَرَجْنَا نَصْطَادُ المَضَبَّة أَي نَصيدُ الضِّبابَ، جَمَعُوهَا عَلَى مَفْعَلة، كَمَا يُقَالُ للشُّيوخ مَشْيَخة، وللسُّيوف مَسْيَفَةٌ. والمُضَبِّبُ: الحارِشُ الَّذِي يَصُبُّ الْمَاءَ فِي جُحْرِه حَتَّى يَخرُجَ ليأْخذَه. والمُضَبِّبُ: الَّذِي يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرة الضِّبَاب حَتَّى يُذْلِقَها فَتَبرُزَ فيَصِيدَها؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
بغَبْيَةِ صَيْفٍ لَا يُؤَتِّي نِطافَها ... لِيَبْلُغَها، مَا أَخْطَأْتْهُ، المُضَبِّبُ
يَقُولُ: لَا يَحْتَاجُ المُضَبِّبُ أَن يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرتها حَتَّى يَسْتَخْرِجَ الضِّبابَ ويَصِيدَها، لأَن الماءَ قَدْ كَثُرَ، والسيلُ قَدْ عَلَا الزُّبى، فَكَفَاهُ ذَلِكَ. وضَبَّبْتُ عَلَى الضَّبِّ إِذا حَرَشْتَه، فخرَجَ إِليك مُذَنِّباً، فأَخَذْتَ بذَنَبه. والضَّبَّةُ: مَسْكُ الضَّبِّ يُدْبَغُ فيُجْعَلُ فِيهِ السَّمْن. وَفِي الْمَثَلِ: أَعَقُّ مِنْ ضَبٍّ، لأَنه رُبَّمَا أَكل حُسُولَه. وَقَوْلُهُمْ: لَا أَفْعَلُه حَتَّى يَحنَّ الضَّبُّ فِي أَثَر الإِبل الصَّادِرَة، وَلَا أَفْعَلُه حَتَّى يَرِدَ الضَّبُّ الماءَ؛ لأَن الضبَّ لَا يَشْرَبُ الماءَ. وَمِنْ كَلَامِهِمُ الَّذِي يَضَعُونه عَلَى أَلسنة الْبَهَائِمِ، قَالَتِ السمكةُ: وِرْداً يَا ضَبُّ؛ فَقَالَ:
أَصْبَحَ قَلْبِي صَرِدا، ... لَا يَشْتَهِي أَن يَرِدَا،
إِلَّا عَراداً عَرِدا، ... وصِلِّياناً بَرِدَا
«2» ، وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا
والضَّبُّ يُكَنَّى أَبا حِسْلٍ؛ وَالْعَرَبُ تُشَبِّه كَفَ
__________
(1) . قوله [وضبب البلد] كفرح وكرم اه القاموس.
(2) . قوله [وصلياناً بردا] قال في التكملة تصحيف من القدماء فتبعهم الخلف. والرواية زرداً أي بوزن كتف وهو السريع الازدراد.(1/539)
الْبَخِيلِ إِذا قَصَّرَ عَنِ العطاءِ بكفِّ الضَّبِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مَناتِينُ، أَبْرامٌ، كأَنَّ أَكُفَّهُم ... أَكُفُّ ضِبابٍ أُنْشِقَتْ فِي الحَبائِلِ
وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَن الضَّبَّ لَيَموتُ هُزالًا فِي جُحْرِه بذَنْبِ ابْنِ آدَمَ
أَي يُحْبَسُ الْمَطَرُ عَنْهُ بشُؤْم ذُنُوبِهِمْ. وإِنما خَصَّ الضَّبَّ، لأَنَّه أَطْوَلُ الْحَيَوَانِ نَفَساً وأَصْبَرُها عَلَى الجُوع. وَيُرْوَى: أَن الحُبارَى بَدَل الضَّب لأَنها أَبعدُ الطَّيْرِ نَجْعَةً. وَرَجُلٌ خَبٌّ ضَبٌّ: مُنْكَرٌ مُراوِغٌ حَرِبٌ. والضَّبُّ والضِّبُّ: الغَيْظُ والحِقْدُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الضِّغْن والعَداوة، وجَمْعه ضِباب؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَا زالتْ رُقاكَ تَسُلُّ ضِغْني، ... وتُخْرِجُ، مِنْ مَكامِنها، ضِبابي
وَتَقُولُ: أَضَبَّ فلانٌ عَلَى غِلٍّ فِي قَلْبِهِ أَي أَضْمره. وأَضَبَّ الرجلُ عَلَى حِقْدٍ فِي الْقَلْبِ، وَهُوَ يُضِبُّ إِضْباباً. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ خَبّاً مَنُوعاً: إِنه لَخَبٌّ ضَبٌّ. قَالَ: والضَّبُّ الحِقْد فِي الصَّدْر. أَبو عَمْرٍو: ضَبَّ إِذا حَقَد. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كلٌّ مِنْهُمَا حاملُ ضَبٍّ لِصَاحِبِهِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهَا: فغَضِبَ القاسمُ وأَضَبَّ عَلَيْهَا.
وضَبَّ ضَبّاً، وأَضَبَّ بِهِ: سَكَتَ مثلُ أَضْبَأَ، وأَضَبَّ عَلَى الشيءِ، وضَبَّ: سَكَتَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَضَبَّ إِذا تَكَلَّمَ، وضَبَّ عَلَى الشيءِ وأَضَبَّ وضَبَّبَ: احْتواه. وأَضَبَّ الشيءَ: أَخفاه. وأَضَبَّ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ: أَمسكه. وأَضَبَّ القومُ: صَاحُوا وجَلَّبُوا؛ وَقِيلَ: تَكَلَّمُوا أَو كَلَّم بعضُهم بَعْضًا. وأَضَبُّوا فِي الْغَارَةِ: نَهَدوا واسْتَغارُوا. وأَضَبُّوا عَلَيْهِ إِذا أَكثروا عَلَيْهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمَّا أَضَبُّوا عَلَيْهِ
أَي أَكثروا. وَيُقَالُ: أَضَبُّوا إِذا تَكَلَّمُوا مُتَتَابِعًا، وإِذا نَهَضُوا فِي الأَمر جَمِيعًا. وأَضَبَّ فُلانٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ أَي سَكَتَ. الأَصمعي: أَضَبَّ فلانٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ أَي أَخرجه. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: أَضَبَّ القومُ إِذا سَكَتُوا وأَمسكوا عَنِ الْحَدِيثِ، وأَضَبُّوا إِذا تَكَلَّموا وأَفاضُوا فِي الْحَدِيثِ؛ وَزَعَمُوا أَنه مِنَ الأَضداد. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَضَبَّ الرَّجلُ إِذا تَكَلَّمَ، وَمِنْهُ يُقَالُ: ضَبَّتْ لِثَتُه دَمًا إِذا سالتْ، وأَضْبَبْتُها أَنا إِذا أَسَلْتُ مِنْهَا الدَّمَ، فكأَنه أَضَبَّ الْكَلَامَ أَي أَخرجه كَمَا يُخْرجُ الدَّمَ. وأَضَبَّ النَّعَمُ: أَقبلَ وَفِيهِ تَفَرُّقٌ. والضَّبُّ والتَّضْبيبُ: تَغْطِيَةُ الشَّيْءِ وَدُخُولُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ. والضَّبابُ: نَدًى كَالْغَيْمِ. وَقِيلَ: الضَّبابةُ سَحَابَةٌ تُغَشِّي الأَرضَ كَالدُّخَانِ، وَالْجَمْعُ: الضَّبابُ. وَقِيلَ: الضَّبابُ والضَّبابةُ نَدًى كالغُبار يُغشِّي الأَرضَ بالغَدَواتِ. وَيُقَالُ: أَضَبَّ يَومُنا، وسماءٌ مُضِبَّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كنتُ مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فأَصابَتْنا ضَبابة فَرَّقت بَيْنَ النَّاسِ
؛ هِيَ البُخار المُتَصاعِدُ مِنَ الأَرض فِي يَوْمِ الدَّجْنِ، يَصِيرُ كالظُّلَّة تَحْجُبُ الأَبْصارَ لِظُلْمَتِهَا. وَقِيلَ: الضَّبابُ هُوَ السَّحَابُ الرَّقِيقُ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَغطيته الأُفُق، واحدتُه ضَبابة. وَقَدْ أَضَبَّتِ السَّماءُ إِذا كَانَ لَهَا ضَبَابٌ. وأَضَبَّ الغيمُ: أَطْبَقَ. وأَضَبَّ يومُنا: صَارَ ذَا ضَبابٍ. وأَضَبَّتِ الأَرضُ: كَثُرَ نباتُها. ابْنُ بُزُرْج:(1/540)
أَضَبَّتِ الأَرضُ بِالنَّبَاتِ: طَلَعَ نباتُها جَمِيعًا. وأَضَبَّ القومُ: نَهَضوا فِي الأَمر جَمِيعًا. وأَضَبَّ الشَّعَرُ: كَثُرَ. وأَضَبَّ السِّقاءُ: هُريقَ ماؤُه مِنْ خَرْزَةٍ فِيهِ، أَو وَهْيَةٍ. وأَضْبَبْتُ عَلَى الشيءِ: أَشْرَفْتُ عَلَيْهِ أَن أَظْفَرَ بِهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا مِنْ ضَبَأَ يَضْبَأُ، وَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْمُضَاعَفِ. وَقَدْ جاءَ بِهِ اللَّيْثُ فِي بَابِ الْمُضَاعَفِ. قَالَ: وَالصَّوَابُ الأَول، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الْكِسَائِيِّ. وأَضَبَّ عَلَى الشَّيءِ: لَزِمَه فَلَمْ يُفارقْه، وأَصلُ الضَّبِّ اللُّصُوق بالأَرض. وضَبَّ النَّاقَةَ يَضُبُّها: جَمَعَ خِلْفَيْها فِي كَفِّه للحَلْب؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جَمَعْتُ لَهُ كَفَّيَّ بالرُّمْحِ طاعِناً، ... كَمَا جَمَعَ الخِلْفَينِ، فِي الضَّبِّ، حالِبُ
وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَضُبُّ ناقَتَه، بِالضَّمِّ، إِذا حَلبَها بِخَمْسِ أَصابعَ. والضَّبُّ أَيضاً: الحَلْبُ بالكَفِّ كُلِّهَا؛ وَقِيلَ: هَذَا هُوَ الضَّفُّ، فأَما الضَّبُّ فأَن تَجْعَل إِبْهامَكَ عَلَى الخِلْفِ، ثُمَّ تَرُدَّ أَصابعك عَلَى الإِبهام والخِلْفِ جَمِيعًا؛ هَذَا إِذا طالَ الخِلْفُ، فإِن كَانَ وَسَطاً، فالبَزْمُ بمَفْصِل السبَّابة وطَرَفِ الإِبهام، فإِن كَانَ قَصيراً، فالفَطْرُ بطَرفِ السبَّابة والإِبهام. وَقِيلَ: الضَّبُّ أَنْ تَضُمَّ يَدَكَ عَلَى الضَّرْع وتُصَيِّر إِبهامَك فِي وَسَطِ رَاحَتِكَ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وشُعَيب، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: لَيْسَ فِيهَا ضَبُوبٌ وَلَا ثَعُولٌ.
الضَّبُوب: الضَّيِّقَة ثَقْبِ الإِحْليل. والضَّبَّةُ: الحَلْبُ بِشِدَّةِ الْعَصْرِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
إِنما بَقِيَتْ مِنَ الدُّنْيا مِثْلُ ضَبَابةٍ
؛ يَعْنِي فِي القِلَّةِ وسُرعَةِ الذَّهَابِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
إِنما بَقِيَتْ مِنَ الدُّنْيَا صُبَابةٌ كصُبابة الإِناء
، بِالصَّادِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ، هَكَذَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ. والضَّبُّ: القَبْضُ عَلَى الشَّيْءِ بالكَف. ابْنُ شُمَيْلٍ: التَّضْبيب شِدَّةُ الْقَبْضِ عَلَى الشَّيْءِ كَيْلَا يَنْفَلِتَ مِنْ يَدِهِ؛ يُقَالُ: ضَبَّبْتُ عَلَيْهِ تَضبيباً. والضَّبُّ: دَاءٌ يأْخذ فِي الشَّفَةِ، فترمُ، أَو تَجْسَأُ، أَو تَسيلُ دَمًا؛ وَيُقَالُ تَجْسَأُ بِمَعْنَى تَيْبَسُ وتَصْلُب. والضَّبِيبَةُ: سَمْنٌ ورُبٌّ يُجْعَل لِلصَّبِيِّ فِي العُكَّةِ يُطْعَمُه. وضَبَّبْتُه وضَبَّبْتُ لَهُ: أَطْعَمْتُه الضَّبيبةَ؛ يُقَالُ: ضَبِّبُوا لصَبيِّكم. وضَبَّبْتُ الخَشَبَ وَنَحْوَهُ: أَلْبَسْته الحَديدَ. والضَّبَّةُ: حديدةٌ عَريضةٌ يُضَبَّبُ بِهَا البابُ والخَشَبُ، وَالْجَمْعُ ضِبابٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يُقَالُ لَهَا الضَّبَّةُ والكتيفةُ، لأَنها عَريضَة كَهَيْئَةِ خَلْقِ الضَّبِّ؛ وَسُمِّيَتْ كَتيفة لأَنها عُرِّضَتْ عَلَى هَيْئَةِ الكَتِفِ. وضَبَّ الشيءُ ضَبّاً: سالَ كَبَضَّ. وضَبَّتْ شفَتُه تَضِبُّ ضَبّاً وضُبوباً: سالَ مِنْهَا الدمُ، وانحلبَ رِيقُها. وَقِيلَ: الضَّبُّ دُونَ السَّيلانِ الشَّدِيدِ. وضَبَّتْ لِثَتُهُ تَضِبُّ ضَبّاً: انْحَلَبَ رِيقُها؛ قَالَ:
أَبَيْنا، أَبَيْنا أَنْ تَضِبَّ لِثاتُكُمْ، ... عَلَى خُرَّدٍ مِثْلِ الظِّباءِ، وجامِلِ
وَجَاءَ: تَضِبُّ لِثَتُه، بِالْكَسْرِ، يُضْرَبُ ذَلِكَ مَثَلًا لِلْحَرِيصِ عَلَى الأَمر؛ وَقَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِم:
وبَني تميمٍ، قَدْ لَقِينا منْهُمُ ... خَيْلًا، تَضِبُّ لِثاتُها للمَغْنَمِ(1/541)
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ قَلْبُ تَبِضُّ أَي تَسِيلُ وتَقْطُر. وتَرَكْتُ لِثَتَه تَضِبُّ ضَبِيباً مِنَ الدَّمِ إِذا سالتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا زَالَ مُضِبّاً مُذِ اليومِ
أَي إِذا تَكَلَّمَ ضَبَّتْ لِثاتُه دَمًا. وضَبَّ فَمُه يَضِبُّ ضَبّاً: سَالَ رِيقُهُ. وضَبَّ الماءُ والدَّمُ يَضِبُّ، بِالْكَسْرِ، ضَبِيباً: سالَ. وأَضْبَبْتُه أَنا، وجاءَنا فلانٌ تَضِبُّ لِثَتُه إِذا وُصِفَ بشِدَّةِ النَّهَمِ للأَكل والشَّبَقِ للغُلْمة، أَو الحِرْصِ عَلَى حَاجَتِهِ وَقَضَائِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبينا، أَبينا أَن تَضِبَّ لِثاتُكم، ... عَلَى مُرْشِقات، كالظِّباءِ، عَواطِيا
يُضْرَبُ هَذَا مَثَلًا لِلْحَرِيصِ النَّهِم. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يُفْضِي بِيَدَيْهِ إِلى الأَرض إِذا سَجَدَ، وَهُمَا تَضِبَّانِ دَماً
أَي تَسِيلان؛ قَالَ: والضَّبُّ دُونَ السَّيَلانِ، يَعْنِي أَنه لَمْ يَرَ الدَّمَ القاطرَ ناقِضاً لِلْوُضُوءِ. يُقَالُ: ضَبَّتْ لِثاتُه دَمًا أَي قَطَرَتْ. والضَّبُوبُ مِنَ الدَّوابِّ: الَّتِي تَبُول وَهِيَ تَعْدو؛ قَالَ الأَعشى:
مَتَّى تَأْتِنا، تَعْدُو بِسَرجِكَ لَقْوةٌ ... ضَبُوبٌ، تُحَيِّينا، ورأْسُك مَائِلُ
وَقَدْ ضَبَّتْ تَضِبُّ ضُبوباً. والضَّبُّ: وَرَمٌ فِي صَدْرِ الْبَعِيرِ؛ قَالَ:
وأَبِيتُ كالسَّرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها، ... فإِذا تَحَزْحَزُ عَنْ عِدَاءٍ، ضَجَّتِ
وَقِيلَ: هُوَ أَن يحزَّ مِرْفَقُ الْبَعِيرِ فِي جِلْدِه؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن يَنْحَرِفَ المِرفَقُ حَتَّى يَقع فِي الْجَنْبِ فيَخْرِقَه؛ قَالَ:
لَيْسَ بِذي عَرْكٍ، وَلَا ذِي ضَبِ
والضَّبُّ أَيضاً: وَرَمٌ يَكُونُ فِي خُفِّ الْبَعِيرِ، وَقِيلَ: فِي فِرْسِنه؛ تَقُولُ مِنْهُ: ضَبَّ يَضَبُّ؛ بِالْفَتْحِ، فَهُوَ بَعِيرٌ أَضَبُّ، وناقة ضَبَّاءُ بَيِّنةُ الضَّبَبِ. والتَّضَبُّب: انْفِتاقٌ مِنَ الإِبطِ وكثرةٌ مِنَ اللَّحْمِ؛ تَقُولُ: تَضَبَّبَ الصبيُّ أَي سَمِنَ، وانْفَتَقَتْ آباطُه وقَصُرَ عُنُقه. الأُمَوِيُّ: بَعِيرٌ أَضَبُّ وَنَاقَةٌ ضَبَّاءُ بَيِّنةُ الضَّبَبِ، وَهُوَ وجَع يأْخذ فِي الفِرْسِنِ. وَقَالَ العَدَبَّسُ الكِنانِيُّ: الضاغِطُ والضَّبُّ شيءٌ وَاحِدٌ، وَهُمَا انْفِتاقٌ مِنَ الإِبط وكثرةٌ مِنَ اللَّحْمِ. والتَّضَبُّبُ: السِّمَنُ حِينَ يُقْبِلُ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ يَكُونُ فِي الْبَعِيرِ والإِنسان. وضَبَّبَ الغلامُ: شَبَّ. والضَّبُّ والضَّبَّةُ: الطَّلْعةُ قبلَ أَن تَنْفَلِقَ عَنِ الغَريضِ، والجمعُ ضِبابٌ؛ قَالَ البَطِينُ التَّيْمِيُّ، وَكَانَ وصَّافاً للنَّحل:
يُطِفْنَ بفُحَّالٍ، كأَنَّ ضِبابَهُ ... بُطُونُ المَوالي، يومَ عِيدٍ، تَغَدَّتِ
يَقُولُ: طَلْعُها ضَخْمٌ كأَنه بُطونُ موالٍ تَغَدَّوْا فتَضَلَّعُوا. وضَبَّةُ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ. وضَبَّةُ بنُ أُدٍّ: عَمُّ تَميم بْنِ مُرٍّ. الأَزهري، فِي آخِرِ الْعَيْنِ مَعَ الْجِيمِ: قَالَ مُدرِكٌ الجَعْفَريّ: يُقَالُ فَرِّقُوا لِضَوالِّكُم بُغْياناً يُضِبُّونَ لَهَا أَي يَشْمَعِطُّونَ؛ فسُئِل عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَضَبُّوا لفُلانٍ أَي تَفَرَّقُوا فِي طَلَبه؛ وَقَدْ أَضَبَّ القومُ فِي بُغْيَتِهم أَي فِي ضالَّتِهم أَي تفَرَّقوا فِي طَلَبِهَا. وضَبٌّ: اسْمُ رَجُلٍ. وأَبو ضَبٍّ: شَاعِرٌ مِنْ هُذَيْل.(1/542)
والضِّبابُ: اسْمُ رَجُلٍ، وَهُوَ أَبو بَطْنٍ، سُمِّيَ بِجَمْعِ الضَّبِّ؛ قَالَ:
لَعَمْري لقَد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوهُ، ... وبعضُ البَنِينَ غُصَّةٌ وسُعالُ
والنَّسَبُ إِلَيْهِ ضِبابيٌّ، وَلَا يُرَدُّ فِي النَّسَب إِلى وَاحِدِهِ لأَنه جُعِل اسْمًا لِلْوَاحِدِ كَمَا تَقُولُ فِي النَّسَبِ إِلى كِلابٍ: كِلابيّ. وضَبابٌ والضَّبابُ: اسْمُ رَجُلٍ أَيضاً، الأَول عَنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
نَكِدْتَ أَبَا زَبِينةَ، إِذ سأَلْنا ... بحاجَتِنا، وَلَمْ يَنْكَدْ ضَبابُ
وَرُوِيَ بَيْتُ إمرئِ الْقَيْسِ:
وعَلَيْكِ، سَعْدَ بنَ الضَّبابِ، فسَمِّحِي ... سَيْراً إِلى سَعْدٍ، عَلَيْكِ بسَعْدِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده ابْنُ جِنِّي، بِفَتْحِ الضَّادِ. وأَبو ضَبٍّ مِنْ كُناهم. والضُّبَيْبُ: فرسٌ مَعْرُوفٌ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ، وَلَهُ حَدِيثٌ. وضُبَيْبٌ: اسْمُ وادٍ. وامرأةٌ ضِبْضِبٌ: سَمِينَةٌ. ورجلٌ ضُباضِبٌ، بِالضَّمِّ: غَلِيظٌ سَمِينٌ قصيرٌ فَحَّاش جَرِيءٌ. والضُّباضِبُ: الرجلُ الجَلْد الشَّدِيدُ؛ وَرُبَّمَا اسْتُعْمِلَ فِي الْبَعِيرِ. أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ ضِبْضِبٌ، وامرأَةٌ ضِبْضِبةٌ، وَهُوَ الجريءُ عَلَى مَا أَتى؛ وَهُوَ الأَبلَخُ أَيضاً، وامرأَة بَلْخاءُ: وَهِيَ الجَرِيئَة الَّتِي تَفْخَرُ عَلَى جِيرَانِهَا. وضَبٌّ: اسْمُ الجَبَل الَّذِي مسجدُ الخَيْفِ فِي أَصْلِه، والله أَعلم.
ضرب: الضَّرْبُ مَعْرُوفٌ، والضَّرْبُ مَصْدَرُ ضَرَبْتُه؛ وضَرَبَه يَضْرِبُه ضَرْباً وضَرَّبَه. وَرَجُلٌ ضارِبٌ وضَرُوبٌ وضَريبٌ وضَرِبٌ ومِضْرَبٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: شديدُ الضَّرْب، أَو كَثِيرُ الضَّرْب. والضَّريبُ: المَضْروبُ. والمِضْرَبُ والمِضْرابُ جَمِيعًا: مَا ضُرِبَ بِهِ. وضَارَبَهُ أَي جالَدَه. وتَضاربا واضْطَرَبا بمَعنًى. وضَرَبَ الوَتِدَ يَضْرِبُه ضَرْباً: دَقَّه حَتَّى رَسَب فِي الأَرض. ووَتِدٌ ضَرِيبٌ: مَضْرُوبٌ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وضَرُبَتْ يَدُه: جَادَ ضَرْبُها. وضَرَبَ الدِّرْهمَ يَضْرِبُه ضَرْباً: طَبَعَه. وَهَذَا دِرْهَمٌ ضَرْبُ الأَمير، ودِرْهَمٌ ضَرْبٌ؛ وَصَفُوه بالمَصْدَر، ووَضَعُوه موضعَ الصِّفَةِ، كَقَوْلِهِمْ ماءٌ سَكْبٌ وغَوْرٌ. وإِن شِئْتَ نَصَبْتَ عَلَى نيَّة الْمَصْدَرِ، وَهُوَ الأَكثر، لأَنه لَيْسَ مِنَ اسْمِ مَا قَبْلَه وَلَا هُوَ هُوَ. واضْطَرَبَ خاتَماً: سأَل أَن يُضْرَبَ لَهْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اضْطَرَبَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَب
أَي أَمَرَ أَن يُضْرَبَ لَهُ ويُصاغَ؛ وَهُوَ افْتَعَل مِنَ الضَّرْبِ: الصِّياغةِ، والطاءُ بَدَلٌ مِنَ التاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَضْطَرِبُ بِنَاءً فِي الْمَسْجِدِ
أَي يَنْصِبه ويُقِيمه عَلَى أَوتادٍ مَضْروبة فِي الأَرض. ورجلٌ ضَرِبٌ: جَيِّدُ الضَّرْب. وضَرَبَتْ العَقْربُ تَضْرِبُ ضَرْباً: لَدَغَتْ. وضَرَبَ العِرْقُ والقَلْبُ يَضْرِبُ ضَرْباً وضَرَباناً: نَبَضَ وخَفَقَ. وضَرَبَ الجُرْحُ ضَرَباناً وضَرَبه العِرْق ضَرَباناً إِذا آلَمَهُ. والضَّارِبُ: المُتَحَرِّك. والمَوْجُ يَضْطَرِبُ أَي يَضْرِبُ بعضُه بَعْضًا.(1/543)
وتَضَرَّبَ الشيءُ واضْطَرَبَ: تَحَرَّكَ وماجَ. والاضطِرابُ: تَضَرُّبُ الْوَلَدِ فِي البَطْنِ. وَيُقَالُ: اضْطَرَبَ الحَبْل بَيْنَ الْقَوْمِ إِذا اخْتَلَفَت كَلِمَتُهم. واضْطَرَب أَمْره: اخْتَلَّ، وحديثٌ مُضْطَرِبُ السَّنَدِ، وأَمْرٌ مُضْطَرِبٌ. والاضْطِرابُ: الحركةُ. والاضطِرابُ: طُولٌ مَعَ رَخاوة. ورجلٌ مُضْطَرِبُ الخَلْقِ: طَويلٌ غَيْرُ شَدِيدِ الأَسْرِ. واضْطَرَبَ البرقُ فِي السَّحَابِ: تَحَرَّكَ. والضَّريبُ: الرأْسُ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ اضْطِرابه. وضَريبةُ السَّيْفِ ومَضْرَبُه ومَضْرِبُه ومَضْرَبَتُه ومَضْرِبَتُه: حَدُّه؛ حَكَى الأَخيرتين سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ: جَعَلُوهُ اسْمًا كالحَديدةِ، يَعْنِي أَنهما لَيْسَتَا عَلَى الْفِعْلِ. وَقِيلَ: هُوَ دُون الظُّبَّةِ، وَقِيلَ: هُوَ نحوٌ مَنِ شِبْرٍ فِي طَرَفِه. والضَّريبةُ: مَا ضَرَبْتَه بالسيفِ. والضَّريبة: المَضْروبُ بِالسَّيْفِ، وإِنما دَخَلَتْهُ الهاءُ، وإِن كَانَ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، لأَنه صَارَ فِي عِدادِ الأَسماءِ، كالنَّطِيحةِ والأَكِيلَة. التَّهْذِيبَ: والضَّريبَة كلُّ شيءٍ ضربْتَه بسَيفِك مِنْ حيٍّ أَو مَيْتٍ. وأَنشد لِجَرِيرٍ:
وإِذا هَزَزْتَ ضَريبةً قَطَّعْتَها، ... فمَضَيْتَ لَا كَزِماً، وَلَا مَبْهُورا «3»
ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا سُمِّي السيفُ نفسُه ضَريبةً. وضُرِبَ بِبَلِيَّةٍ: رُمِيَ بِهَا، لأَن ذَلِكَ ضَرْبٌ. وضُرِبَتِ الشاةُ بلَوْنِ كَذَا أَي خولِطَتْ. وَلِذَلِكَ قَالَ اللغَويون: الجَوْزاءُ مِنَ الْغَنَمِ الَّتِي ضُرِبَ وَسَطُها ببَياضٍ، مِنْ أَعلاها إِلى أَسفلها. وضَرَبَ فِي الأَرضِ يَضرِبُ ضَرْباً وضَرَباناً ومَضْرَباً، بِالْفَتْحِ، خَرَجَ فِيهَا تاجِراً أَو غازِياً، وَقِيلَ: أَسْرَعَ، وَقِيلَ: ذَهَب فِيهَا، وَقِيلَ: سارَ فِي ابْتِغاءِ الرِّزْقِ. يُقَالُ: إِن لِي فِي أَلف دِرْهَمٍ لمَضْرَباً أَي ضَرْباً. والطيرُ الضَّوارِبُ: الَّتِي تَطْلُبُ الرِّزْقَ. وضَرَبْتُ فِي الأَرض أَبْتَغِي الخَيْرَ مِنَ الرِّزْقِ؛ قَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ
؛ أَي سَافَرْتُمْ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ
. يُقَالُ: ضَرَبَ فِي الأَرض إِذا سَارَ فِيهَا مُسَافِرًا فَهُوَ ضارِبٌ. والضَّرْبُ يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ الأَعمال، إِلا قَلِيلًا. ضَرَبَ فِي التِّجَارَةِ وَفِي الأَرض وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وضارَبه فِي الْمَالِ، مِنَ المُضارَبة: وَهِيَ القِراضُ. والمُضارَبةُ: أَن تُعْطِيَ إِنساناً مِنْ مَالِكَ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ عَلَى أَن يَكُونَ الربحُ بَيْنَكُمَا، أَو يكونَ لَهُ سهمٌ معلومٌ مِنَ الرّبْح. وكأَنه مأْخوذ مِنَ الضَّرْب فِي الأَرض لِطَلَبِ الرِّزْقِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ
؛ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا الْمَعْنَى، يُقَالُ لِلْعَامِلِ: ضارِبٌ، لأَنه هُوَ الَّذِي يَضْرِبُ فِي الأَرضِ. قَالَ: وَجَائِزٌ أَن يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَمِنَ الْعَامِلِ يُسَمَّى مُضارباً، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُضارِبُ صاحِبَه، وَكَذَلِكَ المُقارِضُ. وَقَالَ النَّضْرُ: المُضارِبُ صاحبُ الْمَالِ وَالَّذِي يأْخذ المالَ؛ كِلَاهُمَا مُضارِبٌ: هَذَا يُضارِبُه وَذَاكَ يُضارِبُه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَضْرِبُ المَجْدَ أَي يَكْسِبُه ويَطْلُبُه؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
رَحْبُ الفِناءِ، اضْطِرابُ المَجْدِ رَغْبَتُه، ... والمَجْدُ أَنْفَعُ مَضْرُوبٍ لمُضْطَرِبِ
__________
(3) . قوله لا كزماً بالزاي المنقوطة أي خائفاً.(1/544)
وَفِي حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ: لَا تَصْلُح مُضارَبةُ مَن طُعْمَتُه حَرَامٌ.
قَالَ: المُضارَبة أَن تُعْطِيَ مَالًا لِغَيْرِكَ يَتَّجِرُ فِيهِ فَيَكُونَ لَهُ سَهْمٌ معلومٌ مِنَ الرِّبْحِ؛ وَهِيَ مُفاعَلة مِنَ الضَّرْب فِي الأَرض والسَّيرِ فِيهَا لِلتِّجَارَةِ. وضَرَبَت الطيرُ: ذَهَبَتْ. والضَّرْب: الإِسراع فِي السَّير. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تُضْرَبُ أَكباد الإِبل إِلَّا إِلى ثَلَاثَةِ مساجدَ
أَي لَا تُرْكَبُ وَلَا يُسارُ عَلَيْهَا. يُقَالُ: ضَرَبْتُ فِي الأَرض إِذا سافَرْتَ تَبْتَغِي الرزقَ. والطَّيْرُ الضَّوارِبُ: المُخْتَرِقاتُ فِي الأَرضِ، الطالِباتُ أَرزاقَها. وضَرَبَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَضْرِبُ ضَرْباً: نَهَضَ. وضَرَبَ بنَفْسه الأَرضَ ضَرْباً: أَقام، فَهُوَ ضِدٌّ. وضَرَبَ البعيرُ فِي جَهازِه أَي نَفَرَ، فَلَمْ يَزَلْ يَلْتَبِطُ ويَنْزُو حَتَّى طَوَّحَ عَنْهُ كلَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ أَداتِه وحِمْلِه. وضَرَبَتْ فِيهِمْ فلانةُ بعِرْقٍ ذِي أَشَبٍ أَي التِباسٍ أَي أَفْسَدَتْ نَسَبَهُم بولادَتِها فِيهِمْ، وَقِيلَ: عَرَّقتْ فِيهِمْ عِرقَ سَوْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ قَالَ: إِذا كَانَ كَذَا، وذكَرَ فِتْنةً، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبه
؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَي أَسْرَع الذهابَ فِي الأَرض فِرَارًا مِنَ الْفِتَنِ؛ وَقِيلَ: أَسرع الذهابَ فِي الأَرض بأَتْباعه، ويُقالُ للأَتْباع: أَذْنابٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: جاءَ فلانٌ يَضْرِبُ ويُذَبِّبُ أَي يُسْرِع؛ وَقَالَ المُسَيَّب:
فإِنَّ الَّذِي كُنْتُمُ تَحْذَرُونْ، ... أَتَتْنا عُيونٌ بِهِ تَضْرِبُ
قَالَ وأَنشدني بَعْضُهُمْ:
ولكنْ يُجابُ المُسْتَغيثُ وخَيْلُهم، ... عَلَيْهَا كُماةٌ، بالمَنِيَّة، تَضْرِبُ
أَي تُسْرِعُ. وضَرَبَ بيدِه إِلى كَذَا: أَهْوَى. وضَرَبَ عَلَى يَدِه: أَمْسَكَ. وضَرَبَ عَلَى يَدِه: كَفَّهُ عَنِ الشيءِ. وضَرَبَ عَلَى يَدِ فُلانٍ إِذا حَجر عَلَيْهِ. اللَّيْثُ: ضَرَبَ يَدَه إِلى عَمَلِ كَذَا، وضَرَبَ عَلَى يَدِ فُلانٍ إِذا مَنَعَهُ مِنْ أَمرٍ أَخَذَ فِيهِ، كَقَوْلِكَ حَجَرَ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: فأَرَدْتُ أَن أَضْرِبَ عَلَى يَدِه
أَي أَعْقِدَ مَعَهُ الْبَيْعَ، لأَن مِنْ عَادَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَن يَضَعَ أَحدُهما يَدَه فِي يَدِ الْآخَرِ، عِنْدَ عَقْدِ التَّبايُع. وَفِي الْحَدِيثِ:
حَتَّى ضَرَبَ الناسُ بعَطَنٍ
أَي رَوِيَتْ إِبلُهم حَتَّى بَرَكَتْ، وأَقامت مكانَها. وضارَبْتُ الرجلَ مُضارَبةً وضِراباً وتضارَبَ القومُ واضْطَرَبُوا: ضَرَبَ بعضُهم بَعْضًا. وضارَبَني فَضَرَبْتُه أَضْرُبُه: كنتُ أَشَدَّ ضَرْباً مِنْهُ. وضَرَبَتِ المَخاضُ إِذا شالتْ بأَذْنابها، ثُمَّ ضَرَبَتْ بِهَا فُروجَها ومَشَت، فَهِيَ ضَوارِبُ. وَنَاقَةٌ ضاربٌ وَضَارِبَةٌ: فضارِبٌ، عَلَى النَّسَب؛ وضاربةٌ، عَلَى الفِعْل. وَقِيلَ: الضَّوارِبُ مِنَ الإِبل الَّتِي تَمْتَنِعُ بَعْدَ اللِّقاح، فتُعِزُّ أَنْفُسَها، فَلَا يُقْدَرُ عَلَى حَلْبها. أَبو زَيْدٍ: نَاقَةٌ ضاربٌ، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ ذَلُولًا، فإِذا لَقِحَتْ ضَرَبَتْ حالبَها مِنْ قُدَّامها؛ وأَنشد:
بأَبوال المَخاضِ الضَّوارِبِ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَراد جَمْعَ ناقةٍ ضارِب، رَوَاهُ ابنُ هَانِئٍ. وضَرَبَ الفحلُ الناقةَ يضْرِبُها ضِراباً: نَكَحَهَا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: ضَرَبها الفحْلُ ضِراباً كَالنِّكَاحِ، قَالَ:(1/545)
وَالْقِيَاسُ ضَرْباً، وَلَا يَقُولُونَهُ كَمَا لَا يَقُولُونَ: نَكْحاً، وَهُوَ الْقِيَاسُ. وناقةٌ ضارِبٌ: ضَرَبها الفحلُ، عَلَى النَّسب. وناقةٌ تَضْرابٌ: كضارِبٍ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ الَّتِي ضُرِبَتْ، فَلَمْ يُدْرَ أَلاقِحٌ هِيَ أَم غَيْرُ لَاقِحٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهى عَنْ ضِرابِ الجَمَل
، هُوَ نَزْوُه عَلَى الأُنثى، وَالْمُرَادُ بِالنَّهْيِ: مَا يؤْخذ عَلَيْهِ مِنَ الأُجرة، لَا عَنْ نَفْسِ الضِّرابِ، وتقديرُه: نَهى عَنْ ثَمَنِ ضِرابِ الجمَل، كَنَهْيِهِ عَنْ عَسِيبِ الفَحْل أَي عَنْ ثَمَنِهِ. يُقَالُ: ضَرَبَ الجَملُ الناقةَ يَضْرِبُها إِذا نَزا عَلَيْهَا؛ وأَضْرَبَ فلانٌ ناقتَه أَي أَنْزَى الفَحْلَ عَلَيْهَا. وَمِنْهُ الحديثُ الآخَر:
ضِرابُ الفَحْلِ مِنَ السُّحْتِ
أَي إِنه حَرَامٌ، وَهَذَا عامٌّ فِي كُلِّ فَحْلٍ. والضَّارِبُ: النَّاقَةُ الَّتِي تَضْرِبُ حالبَها. وأَتَتِ الناقةُ عَلَى مَضْرِبها، بِالْكَسْرِ، أَي عَلَى زَمَنِ ضِرابها، وَالْوَقْتِ الَّذِي ضَرَبَها الفحلُ فِيهِ. جَعَلُوا الزَّمَانَ كَالْمَكَانِ. وَقَدْ أَضْرَبْتُ الفَحْلَ الناقةَ فضَرَبها، وأَضْرَبْتُها إِياه؛ الأَخيرةُ عَلَى السَّعة. وَقَدْ أَضْرَبَ الرجلُ الفحلَ الناقةَ، فضَرَبها ضِراباً. وضَريبُ الحَمْضِ: رَدِيئُه وَمَا أُكِلَ خَيْرُه وبَقِيَ شَرُّه وأُصولُه، وَيُقَالُ: هُوَ مَا تَكَسَّر مِنْهُ. والضَّريبُ: الصَّقِيعُ والجَليدُ. وضُرِبَتِ الأَرضُ ضَرْباً وجُلِدَتْ وصُقِعَتْ: أَصابها الضَّريبُ، كَمَا تَقُولُ طُلَّتْ مِنَ الطَّلِّ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: ضَرِبَ النباتُ ضَرَباً فَهُوَ ضَرِبٌ: ضَرَبَه البَرْدُ، فأَضَرَّ بِهِ. وأَضْرَبَتِ السَّمائمُ الماءَ إِذا أَنْشَفَتْه حَتَّى تُسْقِيَهُ الأَرضَ. وأَضْرَبَ البَرْدُ والريحُ النَّباتَ، حَتَّى ضَرِبَ ضَرَباً فَهُوَ ضَرِبٌ إِذا اشتَدَّ عَلَيْهِ القُرُّ، وضَرَبَهُ البَرْدُ حَتَّى يَبِسَ. وضُرِبَتِ الأَرضُ، وأَضْرَبَها الضَّريبُ، وضُرِبَ البقلُ وجُلِدَ وصُقِعَ، وأَصْبَحَتِ الأَرضُ جَلِدَة وصَقِعَةً وضَرِبَةً. وَيُقَالُ لِلنَّبَاتِ: ضَرِبٌ ومَضْرب؛ وضَرِبَ البقلُ وجَلِدَ وصَقِعَ، وأَضْرَبَ الناسُ وأَجْلَدُوا وأَصْقَعُوا: كُلُّ هَذَا مِنَ الضَّريبِ والجَلِيدِ والصَّقِيعِ الَّذِي يَقَعُ بالأَرض. وَفِي الْحَدِيثِ:
ذاكرُ اللَّهِ فِي الْغَافِلِينَ مثلُ الشَّجَرة الخَضْراءِ، وَسَطَ الشَّجَر الَّذِي تَحاتَّ مِنَ الضَّريبِ
، وَهُوَ الأَزيزُ أَي البَرْدُ والجَلِيدُ. أَبو زَيْدٍ: الأَرضُ ضَرِبةٌ إِذا أَصابها الجَلِيدُ فأَحْرَقَ نَباتَها، وَقَدْ ضَرِبَت الأَرضُ ضَرَباً، وأَضْرَبَها الضَّريب إِضْراباً. والضَّرَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: العَسل الأَبيض الْغَلِيظُ، يُذَكَّرُ ويؤَنث؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْب الهُذَلي فِي تأْنيثه:
وَمَا ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَأْوِي مَلِيكُها ... إِلى طُنُفٍ؛ أَعْيا، بِراقٍ ونازِلِ
وخَبَرُ مَا فِي قَوْلِهِ:
بأَطْيَبَ مِن فِيهَا، إِذا جِئْتَ طارِقاً، ... وأَشْهَى، إِذا نامَتْ كلابُ الأَسافِل
يَأْوي مَلِيكُها أَي يَعْسُوبُها؛ ويَعْسوب النَّحْلِ: أَميره؛ والطُّنُفُ: حَيَدٌ يَنْدُر مِنَ الجَبَل، قَدْ أَعْيا بِمَنْ يَرْقَى وَمَنْ يَنْزِلُ. وَقَوْلُهُ: كلابُ الأَسافل: يُرِيدُ أَسافلَ الحَيِّ، لأَن مَواشيَهم لَا تَبِيتُ مَعَهُمْ فرُعاتُها، وأَصحابُها لَا يَنَامُونَ إِلا آخِرَ مَنْ يَنامُ، لِاشْتِغَالِهِمْ بحَلْبها.(1/546)
وَقِيلَ: الضَّرَبُ عَسَلُ البَرِّ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
كأَنَّ عُيونَ النَّاظِرينَ يَشُوقُها، ... بِهَا ضَرَبٌ طابَتْ يَدا مَنْ يَشُورُها
والضَّرْبُ، بِتَسْكِينِ الرَّاءِ: لُغَةٌ فِيهِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ قَالَ: وَذَاكَ قَلِيلٌ. والضَّرَبَةُ: الضَّرَبُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الطَّائِفَةُ مِنْهُ. واسْتَضْرَبَ العسلُ: غَلُظَ وابْيَضَّ وَصَارَ ضَرَباً، كَقَوْلِهِمْ: اسْتَنْوَقَ الجملُ، واسْتَتْيَسَ العَنْزُ، بِمَعْنَى التَّحَوُّلِ مِنْ حالٍ إِلى حالٍ؛ وأَنشد:
.......... كأَنَّما ... رِيقَتُه مِسْكٌ، عَلَيْهِ ضَرَب
والضَّريبُ: الشَّهْدُ؛ وأَنشد بَعْضُهُمْ قولَ الجُمَيْح:
يَدِبُّ حُمَيَّا الكَأْسِ فِيهِمْ، إِذا انْتَشَوا، ... دَبِيبَ الدُّجَى، وَسْطَ الضَّريبِ المُعَسَّلِ
وعسلٌ ضَريبٌ: مُسْتَضْرِبٌ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: لأَجْزُرَنَّكَ جَزْرَ الضَّرَبِ
؛ هُوَ بِفَتْحِ الراءِ: الْعَسَلُ الأَبيض الْغَلِيظُ، وَيُرْوَى بِالصَّادِ: وَهُوَ الْعَسَلُ الأَحمر. والضَّرْبُ: المَطَر الْخَفِيفُ. الأَصمعي: الدِّيمَةُ مَطَر يَدُوم مَعَ سُكُونٍ، والضَّرْبُ فَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا. والضَّرْبةُ: الدَّفْعَةُ مِنَ الْمَطَرِ وَقَدْ ضَرَبَتْهم السماءُ. وأَضْرَبْتُ عَنِ الشيءِ: كَفَفْتُ وأَعْرَضْتُ. وضَرَبَ عَنْهُ الذِّكْرَ وأَضْرَبَ عَنْهُ: صَرَفَه. وأَضْرَبَ عَنْهُ أَي أَعْرَض. وقولُه عَزَّ وَجَلَّ: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً
؟ أَي نُهْمِلكم، فَلَا نُعَرِّفُكم مَا يَجب عليكم، ل أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ أَي لأَنْ أَسْرَفْتُمْ. والأَصل فِي قَوْلِهِ: ضَرَبْتُ عَنْهُ الذِّكْرَ، أَن الرَّاكِبَ إِذا رَكِبَ دَابَّةً فأَراد أَن يَصْرِفَه عَنْ جِهَتِه، ضَرَبه بعَصاه، ليَعْدِلَه عَنِ الْجِهَةِ الَّتِي يُريدها، فوُضِعَ الضَّرْبُ موضعَ الصَّرْفِ والعَدْلِ. يُقَالُ: ضَرَبْتُ عَنْهُ وأَضْرَبْتُ. وَقِيلَ فِي قَولِهِ: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً
: إِن مَعْنَاهُ أَفَنَضْرِبُ القرآنَ عَنْكُمْ، وَلَا نَدْعُوكم إِلى الإِيمان بِهِ صَفْحاً أَي مُعْرِضين عَنْكُمْ. أَقامَ صَفْحاً وَهُوَ مَصْدَرٌ مقامَ صافِحين. وَهَذَا تَقْريع لَهُمْ، وإِيجابٌ لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وإِن كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ اسْتِفْهَامٍ. وَيُقَالُ: ضَرَبْتُ فُلَانًا عَنْ فُلَانٍ أَي كَفَفْتُهُ عَنْهُ، فأَضْرَبَ عَنْهُ إِضْراباً إِذا كَفَّ. وأَضْرَبَ فلانٌ عَنِ الأَمر فَهُوَ مُضْرِبٌ إِذا كَفَّ؛ وأَنشد:
أَصْبَحْتُ عَنْ طَلَبِ المَعِيشةِ مُضْرِباً، ... لَمَّا وَثِقْتُ بأَنَّ مالَكَ مالِي
وَمِثْلُهُ: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً؟ وأَضْرَبَ أَي أَطْرَقَ. تَقُولُ رأَيتُ حَيَّةً مُضْرِباً إِذا كَانَتْ سَاكِنَةً لَا تَتَحَرَّكُ. والمُضْرِبُ: المُقِيمُ فِي الْبَيْتِ؛ وأَضْرَبَ الرجلُ فِي الْبَيْتِ: أَقام؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: سَمِعْتُهَا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الأَعراب. وَيُقَالُ: أَضْرَبَ خُبْزُ المَلَّةِ، فَهُوَ مُضْرِبٌ إِذا نَضِجَ، وآنَ لَهُ أَنْ يُضْرَبَ بالعَصا، ويُنْفَضَ عَنْهُ رَمادُه وتُرابُه، وخُبْزٌ مُضْرِبٌ ومَضْرُوبٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ خُبْزَةً:
ومَضْرُوبةٍ، فِي غيرِ ذَنْبٍ، بَريئةٍ، ... كَسَرْتُ لأَصْحابي، عَلَى عَجَلٍ، كَسْرَا
وَقَدْ ضَرَبَ بالقِداحِ، والضَّريبُ والضَّارِبُ: المُوَكَّلُ بالقِداحِ، وَقِيلَ: الَّذِي يَضْرِبُ بِهَا؛(1/547)
قَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، يُقَالُ: هُوَ ضَريبُ قداحٍ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ طَريفِ بْنِ مَالِكٍ العَنْبَريّ:
أَوَكُلَّما وَرَدَتْ عُكاظَ قَبيلةٌ، ... بَعَثُوا إِليَّ عَريفَهم يَتَوَسَّمُ
إِنما يُرِيدُ عارِفَهم. وَجَمْعُ الضَّريب: ضُرَبَاءُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيب:
فَوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَدُ رابئِ ... الضُّرَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ لَا يَتَتَلَّعُ
والضَّريب: القِدْحُ الثَّالِثِ مِنْ قِداحِ المَيْسر. وَذَكَرَ اللِّحْيَانِيُّ أَسماءَ قِداحِ المَيْسر الأَول وَالثَّانِي، ثُمَّ قَالَ: وَالثَّالِثُ الرَّقِيبُ، وبعضُهم يُسميه الضَّريبَ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُرُوضٍ وَلَهُ غُنْم ثلاثةِ أَنْصباء إِن فَازَ، وَعَلَيْهِ غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن لَمْ يَفُزْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: ضَريبُ القِداحِ: هُوَ المُوَكَّل بِهَا؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:
وعَدَّ الرقيبُ خِصالَ الضَّريب، ... لَا عَنْ أَفانِينَ وَكْساً قِمارَا
وضَرَبْتُ الشيءَ بالشيءِ وضَرَّبته: خَلَطْتُه. وضَرَبْتُ بَيْنَهُمْ فِي الشَّرِّ: خَلَطْتُ. والتَّضريبُ بَيْنَ الْقَوْمِ: الإِغْراء. والضَّريبة: الصوفُ أَو الشَّعَر يُنْفَش ثُمَّ يُدْرَجُ ويُشَدُّ بِخَيْطٍ ليُغْزَل، فَهِيَ ضَرائب. وَالضَّرِيبَةُ: الصوفُ يُضْرَبُ بالمِطْرَقِ. غَيْرُهُ: الضَّريبةُ القِطْعة مِنَ القُطْنِ، وَقِيلَ مِنَ الْقُطْنِ وَالصُّوفِ. وضَريبُ الشَّوْلِ: لَبَنٌ يُحْلَبُ بعضُه عَلَى بَعْضٍ فَهُوَ الضريبُ. ابْنُ سِيدَهْ: الضَّريبُ مِنَ اللَّبَنِ: الَّذِي يُحْلَب مِنْ عِدَّةِ لِقاح فِي إِناء وَاحِدٍ، فيُضْرَبُ بعضُه بِبَعْضٍ، وَلَا يُقَالُ ضَريبٌ لأَقَلَّ مِنْ لبنِ ثلاثِ أَنْيُقٍ. قَالَ بَعْضُ أَهل الْبَادِيَةِ: لَا يَكُونُ ضَريباً إِلا مِنْ عِدَّة مِنَ الإِبل، فَمِنْهُ مَا يَكُونُ رَقيقاً وَمِنْهُ مَا يَكُونُ خاثِراً؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَمَا كنتُ أَخْشَى أَن تكونَ مَنِيَّتِي ... ضَريبَ جِلادِ الشَّوْلِ، خَمْطاً وصافِيا
أَي سَبَبُ مَنِيَّتِي فَحَذَف. وَقِيلَ: هُوَ ضَريبٌ إِذا حُلِبَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ حُلِبَ عَلَيْهِ مِنَ الغَدِ، فضُرِبَ بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: الضَّريبُ: الشَّكْلُ فِي القَدِّ والخَلْقِ. وَيُقَالُ: فلانٌ ضَريبُ فلانٍ أَي نَظِيرُهُ، وضَريبُ الشيءِ مثلُه وَشَكْلُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: الضَّرْبُ المِثْل والشَّبيهُ، وَجَمْعُهُ ضُرُوبٌ. وَهُوَ الضَّريبُ، وَجَمْعُهُ ضُرَباء. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِذا ذَهَبَ هَذَا وضُرَباؤُه
: هُمُ الأَمْثالُ والنُّظَراء، وَاحِدُهُمْ ضَريبٌ. والضَّرائبُ: الأَشْكالُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ
؛ أَي يُمَثِّلُ اللهُ الحقَّ والباطلَ، حَيْثُ ضَرَبَ مَثَلًا لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا
؛ أَي اذْكُرْ لَهُمْ ومَثِّلْ لَهُمْ. يُقَالُ: عِنْدِي مِنْ هَذَا الضَّرْبِ شيءٌ كَثِيرٌ أَي مِنْ هَذَا المِثالِ. وَهَذِهِ الأَشياءُ عَلَى ضَرْبٍ واحدٍ أَي عَلَى مِثالٍ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ضَرْبُ الأَمْثال اعتبارُ الشَّيْءِ بغيرِه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَاهُ اذْكُرْ لَهُمْ مَثَلًا. وَيُقَالُ: هَذِهِ الأَشياء عَلَى هَذَا الضَّرْب أَي عَلَى هَذَا المِثالِ، فَمَعْنَى اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا
: مَثِّلْ لَهُمْ مَثَلًا؛ قَالَ: ومَثَلًا مَنْصُوبٌ لأَنه مَفْعُولٌ بِهِ، ونَصَبَ قَوْلُهُ أَصْحابَ الْقَرْيَةِ، لأَنه بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ مَثَلًا، كأَنه قَالَ: اذْكُرْ لَهُمْ أَصحابَ الْقَرْيَةِ أَي خَبَر أَصحاب الْقَرْيَةِ.(1/548)
والضَّرْبُ مِنْ بَيْتِ الشِّعْر: آخرُه، كَقَوْلِهِ: [فَحَوْمَلِ] مِنْ قَوْلِهِ:
بسقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
وَالْجَمْعُ: أَضْرُبٌ وضُرُوبٌ. والضَّوارِبُ: كالرِّحابِ فِي الأَوْدية، وَاحِدُهَا ضارِب. وَقِيلَ: الضارِبُ الْمَكَانُ المُطمئِنّ مِنَ الأَرضِ بِهِ شَجَرٌ، والجمعُ كالجَمع، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَدِ اكْتَفَلَتْ بالحَزْنِ، واعْوَجَّ دُونَها ... ضَواربُ، مِنْ غَسَّانَ، مُعْوَجَّةٌ سَدْرَا «4»
وَقِيلَ: الضارِبُ قِطْعة مِنَ الأَرض غَلِيظَةٌ، تَسْتَطِيلُ فِي السَّهْل. والضارِبُ: المكانُ ذُو الشَّجَرِ. والضَّارِبُ: الْوَادِي الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الشَّجَرُ. يُقَالُ: عَلَيْكَ بِذَلِكَ الضَّارِبِ فأَنْزِلْه؛ وأَنشد:
لَعمرُكَ إِنَّ البيتَ بالضارِبِ الَّذِي ... رَأَيتَ، وإِنْ لَمْ آتِه، لِيَ شَائِقُ
والضاربُ: السابحُ فِي الماءِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لياليَ اللَّهْوِ تُطْبِينِي فأَتْبَعُه، ... كأَنَّنِي ضارِبٌ فِي غَمْرةٍ لَعِبُ
والضَّرْبُ: الرَّجل الخفيفُ اللَّحْمِ؛ وَقِيلَ: النَّدْبُ الْمَاضِي الَّذِي لَيْسَ برَهْل؛ قَالَ طَرَفَةُ:
أَنا الرجلُ الضَّرْبُ، الَّذِي تَعْرِفُونَه، ... خَشاشٌ كرأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
وَفِي صِفَةِ مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
أَنه ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ
؛ هُوَ الْخَفِيفُ اللَّحْمِ، المَمْشُوقُ المُسْتَدِقُّ. وَفِي رِوَايَةٍ:
فإِذا رجلٌ مُضْطَرِبٌ رَجْلُ الرأْسِ
، وَهُوَ مُفتَعلٌ مِنَ الضَّرْبِ، وَالطَّاءُ بَدَلٌ مِنْ تَاءِ الِافْتِعَالِ. وَفِي صِفَةِ الدَّجَّالِ:
طُوَالٌ ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ
؛ وَقَوْلُ أَبي العِيالِ:
صُلاةُ الحَرْبِ لم تُخْشِعْهُمُ، ... ومَصَالِتٌ ضُرُبُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: ضُرُبٌ جَمْعُ ضَرْبٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ ضَرُوب. وضَرَّبَ النَّجَّادُ المُضَرَّبةَ إِذا خاطَها. والضَّريبة: الطَّبِيعَةُ والسَّجِيَّة، وَهَذِهِ ضَريبَتُه الَّتِي ضُرِبَ عَلَيْهَا وضُرِبَها. وضُرِبَ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا أَي طُبِعَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ المُسْلِمَ المُسَدِّدَ لَيُدْرِكُ دَرَجةَ الصُّوَّامِ، بحُسنِ ضَرِيبَتِه
أَي سَجِيَّته وَطَبِيعَتِهِ. تَقُولُ: فلانٌ كَريمُ الضَّرِيبة، ولَئيم الضَّرِيبةِ، وَكَذَلِكَ تَقُولُ فِي النَّحِيتَةِ والسَّلِيقةِ والنَّحِيزَة والتُّوس؟ والسُّوسِ والغَرِيزةِ والنِّحَاسِ والخِيمِ. والضَّريبةُ: الخلِيقةُ. يُقَالُ: خُلِقَ الناسُ عَلَى ضَرَائبَ شَتَّى. وَيُقَالُ: إِنه لكريمُ الضَّرائبِ. والضَّرْبُ: الصِّفَة. والضَّرْبُ: الصِّنْفُ مِنَ الأَشياءِ. وَيُقَالُ: هَذَا مِنْ ضَرْبِ ذَلِكَ أَي مِنْ نَحْوِهِ وصِنْفِه، وَالْجَمْعُ ضُروبٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَراكَ مِنَ الضَّرْبِ الَّذِي يَجْمَعُ الهَوَى، ... وحَوْلَكَ نِسْوانٌ، لَهُنَّ ضُرُوبُ
وَكَذَلِكَ الضَّرِيبُ. وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا*
أَي وَصَفَ وبَيَّن، وَقَوْلُهُمْ: ضَرَبَ لَهُ المثلَ بِكَذَا، إِنما مَعْنَاهُ بَيَّن لَهُ ضَرْباً مِنَ الأَمثال أَي صِنْفاً مِنْهَا. وَقَدْ تَكَرَّر فِي الْحَدِيثِ
__________
(4) . قوله [من غسان] الذي في المحكم من خفان بفتح فشدّ أيضاً ولعله روي بهما إذ هما موضعان كما في ياقوت وأنشده في ك ف ل تجتابه سدرا وأنشده في الأَساس مجتابة سدراً.(1/549)
ضَرْبُ الأَمْثالِ، وَهُوَ اعْتبارُ الشَّيْءِ بِغَيْرِهِ وتمثيلُه بِهِ. والضَّرْبُ: المِثالُ. والضَّريبُ: النَّصِيبُ. والضَّرِيبُ: البَطْنُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ. والضَّرِيبةُ: واحدةُ الضَّرائِبِ الَّتِي تُؤْخَذ فِي الأَرْصاد والجِزْية وَنَحْوِهَا؛ وَمِنْهُ ضَريبة العَبْدِ: وَهِيَ غَلَّتُه. وَفِي حَدِيثِ الحَجَّامِ:
كَمْ ضَرِيبَتُكَ؟
الضَّريبة: مَا يؤَدِّي العبدُ إِلى سَيِّدِهِ مِنَ الخَراجِ المُقَرَّرِ عَلَيْهِ؛ وَهِيَ فَعِيلة بِمَعْنَى مَفْعولة، وتُجْمَعُ عَلَى ضرائبَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الإِماءِ اللَّاتِي كَانَ عليهنَّ لمَواليهنَّ ضَرائبُ. يُقَالُ: كَمْ ضَرِيبةُ عَبْدِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ؟ والضَّرَائبُ: ضَرائِبُ الأَرَضِينَ، وَهِيَ وظائِفُ الخَراجِ عَلَيْهَا. وضَرَبَ عَلَى العَبدِ الإِتاوَةَ ضَرْباً: أَوْجَبَها عَلَيْهِ بالتأْجيل. وَالِاسْمُ: الضَّرِيبةُ. وضَارَبَ فلانٌ لفُلانٍ فِي مَالِهِ إِذا اتَّجَرَ فِيهِ، وقارَضَه. وَمَا يُعْرَفُ لفُلانٍ مَضرَبُ ومَضرِبُ عَسَلَةٍ، وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ مَضْرَبُ ومَضرِبُ عَسَلةٍ أَي مِنَ النَّسبِ وَالْمَالِ. يُقَالُ ذَلِكَ إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ مَعْروفٌ، وَلَا يُعْرَفُ إِعْراقُه فِي نَسَبه. ابْنُ سِيدَهْ: مَا يُعْرَفُ لَهُ مَضْرِبُ عَسَلة أَي أَصْلٌ وَلَا قَوْمٌ وَلَا أَبٌ وَلَا شَرَفٌ. والضارِبُ: الليلُ الَّذِي ذَهَبَتْ ظُلْمته يَمِينًا وَشِمَالًا ومَلأَتِ الدُّنْيَا. وضَرَبَ الليلُ بأَرْواقِه: أَقْبَلَ؛ قَالَ حُمَيد:
سَرَى مِثْلَ نَبْضِ العِرْقِ، والليلُ ضارِبٌ ... بأَرْواقِه، والصُّبْحُ قَدْ كادَ يَسْطَعُ
وَقَالَ:
يَا ليتَ أُمَّ الغَمْرِ كانَتْ صاحِبي، ... ورَابَعَتْني تَحْتَ ليلٍ ضارِبِ،
بسَاعِدٍ فَعْمٍ، وكَفٍّ خاضِبِ
والضَّارِبُ: الطَّويلُ مِنْ كُلِّ شيءٍ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وَرَابَعَتْنِي تَحْتَ لَيْلٍ ضَارِبِ
وضَرَبَ الليلُ عَلَيْهِمْ طَالَ؛ قَالَ:
ضَرَبَ الليلُ عليهمْ فَرَكَدْ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَنَعْناهم السَّمْعَ أَن يَسْمَعُوا، وَالْمَعْنَى: أَنَمْناهم ومَنَعْناهم أَن يَسْمَعُوا، لأَن النَّائِمَ إِذا سَمِعَ انْتَبه. والأَصل فِي ذَلِكَ: أَنَّ النَّائِمَ لَا يَسْمَعُ إِذا نَامَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَضَرَبَ اللَّهُ عَلَى أَصْمِخَتهم
أَي نامُوا فَلَمْ يَنْتَبِهُوا، والصِّمَاخُ: ثَقْبُ الأُذُن. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَضُرِبَ عَلَى آذَانِهِمْ
؛ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ النَّوْمِ؛ وَمَعْنَاهُ: حُجِبَ الصَّوتُ والحِسُّ أَنْ يَلِجا آذانَهم فيَنْتَبهوا، فكأَنها قَدْ ضُرِبَ عَلَيْهَا حِجابٌ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي ذَرٍّ: ضُرِبَ عَلَى أَصْمِخَتهم، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحدٌ.
وَقَوْلُهُمْ: فَضَرَب الدهرُ ضَرَبانَه، كَقَوْلِهِمْ: فَقَضَى مِنَ القَضَاءِ، وضَرَبَ الدهْرُ مِنْ ضَرَبانِه أَنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: ضَرَبَ الدهْرُ بَيْنَنا أَي بَعَّدَ مَا بَيْنَنا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فإِنْ تَضْرِبِ الأَيامُ، يَا مَيّ، بينَنا، ... فَلَا ناشِرٌ سِرّاً، وَلَا مُتَغَيِّرُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فضَرَبَ الدهرُ مِنْ ضَرَبانِه
، وَيُرْوَى:
مِنْ ضَرْبِه
أَي مَرَّ مِنْ مُروره وذَهَبَ بعضُه. وجاءَ مُضْطَرِبَ العِنانِ أَي مُنْفَرِداً مُنْهَزِماً. وضَرَّبَتْ عينُه: غارَتْ كَحجَّلَتْ.(1/550)
والضَّرِيبةُ: اسمُ رجلٍ مِنَ الْعَرَبِ. والمَضْرَبُ: العَظْمُ الَّذِي فِيهِ مُخٌّ؛ تَقُولُ لِلشَّاةِ إِذا كَانَتْ مَهْزُولةً: مَا يُرِمُّ مِنْهَا مَضْرَبٌ أَي إِذا كُسِرَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِهَا أَو قَصَبِها، لَمْ يُصَبْ فِيهِ مُخٌّ. والمِضْرابُ: الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ العُود. وَفِي الْحَدِيثِ:
الصُّداعُ ضَرَبانٌ فِي الصُّدْغَيْنِ.
ضَرَبَ العِرْقُ ضَرْباً وضَرَباناً إِذا تحرَّك بقوَّةٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: عَتَبُوا عَلَى عثمانَ ضَرْبَةَ السَّوطِ وَالْعَصَا
أَي كَانَ مَنْ قَبْلَه يَضْرِبُ فِي الْعُقُوبَاتِ بالدِّرَّة والنَّعْل، فَخَالَفَهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ: النَّهْيُ عَنْ ضَرْبةِ الغائِص هُوَ أَن يَقُولَ الغائِصُ فِي الْبَحْرِ لِلتَّاجِرِ: أَغُوصُ غَوْصَةً، فَمَا أَخرجته فَهُوَ لَكَ بِكَذَا، فيتفقان عَلَى ذَلِكَ، ونَهَى عَنْهُ لأَنه غَرَر. ابْنُ الأَعرابي: المَضارِبُ الحِيَلُ فِي الحُروب. والتَّضْريبُ: تَحْريضٌ للشُّجاعِ فِي الْحَرْبِ. يُقَالُ: ضَرَّبه وحَرَّضَه. والمِضْرَبُ: فُسْطاط المَلِك. والبِساطُ مُضَرَّبٌ إِذا كَانَ مَخِيطاً. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا خافَ شَيْئًا، فَخَرِق فِي الأَرض جُبْناً: قَدْ ضَرَبَ بذَقَنِه الأَرضَ؛ قَالَ الرَّاعِي يصِفُ غِرباناً خافَتْ صَقْراً:
ضَوارِبُ بالأَذْقانِ مِنْ ذِي شَكِيمةٍ، ... إِذا مَا هَوَى، كالنَّيْزَكِ المُتَوَقِّدِ
أَي مِنْ صَقْر ذِي شَكِيمَةٍ، وَهِيَ شِدَّةُ نَفَسِهِ. وَيُقَالُ: رأَيت ضَرْبَ نساءٍ أَي رأَيت نِسَاءً؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
وضَرْبَ نِساءٍ لَوْ رآهنَّ ضارِبٌ، ... لَهُ ظُلَّةٌ فِي قُلَّةٍ، ظَلَّ رانِيا «5»
قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ ضَرَبْتُ لَهُ الأَرضَ كلَّها أَي طَلَبْتُه فِي كُلِّ الأَرض. وَيُقَالُ: ضَرَبَ فلانٌ الْغَائِطَ إِذا مَضَى إِلى مَوْضِعٍ يَقْضِي فِيهِ حاجتَه. وَيُقَالُ: فلانٌ أَعْزَبُ عَقْلًا مِنْ ضارِبٍ، يُرِيدُونَ هَذَا الْمَعْنَى. ابْنُ الأَعرابي: ضَرْبُ الأَرضِ البولُ «6» والغائطُ فِي حُفَرها. وَفِي حَدِيثِ
المُغِيرة: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْطَلَقَ حَتَّى تَوارَى عَنِّي، فضَرَبَ الخَلَاءَ ثُمَّ جَاءَ
يُقَالُ: ذَهَبَ يَضْرِبُ الغائطَ والخلاءَ والأَرْضَ إِذا ذَهَبَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا يَذْهَب الرَّجُلانِ يَضرِبانِ الغائطَ يَتَحَدَّثان.
ضغب: الضَّاغِبُ: الرَّجُل. وَفِي الْمُحْكَمِ: الضَّاغِبُ الَّذِي يَخْتَبِئُ فِي الخَمَرِ، فيُفْزِعُ الإِنسانَ بمِثلِ صَوْتِ السَّبُع أَو الأَسد أَو الْوَحْشِ، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، وأَنشد:
يَا أَيُّها الضاغِبُ بالغُمْلُولْ، ... إِنَّكَ غُولٌ، وَلَدَتْكَ غُولْ
هَكَذَا أَنشده بالإِسكان، وَالصَّحِيحُ بالإِطلاق، وإِن كَانَ فِيهِ حِينَئِذٍ إِقْواء. وَقَدْ ضَغَبَ فَهُوَ ضاغِبٌ. والضَّغِيبُ والضُّغابُ: صَوْتُ الأَرنب وَالذِّئْبِ؛ ضَغَبَ يَضْغَبُ ضَغِيباً؛
__________
(5) . قوله [وَقَالَ الرَّاعِي: وَضَرْبَ نِسَاءٍ] كذا أنشده في التكملة بنصب ضرب وروي راهب بدل ضارب.
(6) . قوله [ضرب الأَرض البول إلخ] كذا بهذا الضبط في التهذيب.(1/551)
وَقِيلَ: هُوَ تَضَوُّر الأَرْنب عِنْدَ أَخذها، وَاسْتَعَارَهُ بعضُ الشُّعَرَاءِ للَّبَن، فَقَالَ أَنشده ثَعْلَبٌ:
كأَنَّ ضَغِيبَ المَحْضِ فِي حَاويائِه، ... مَعَ التَّمْرِ أَحْياناً، ضَغِيبُ الأَرانِبِ
والضَّغِيبُ: صوتُ تَقَلْقُل الجُرْدانِ فِي قُنْبِ الفَرَسِ، وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وأَرضٌ مُضْغَبَةٌ كثيرةُ الضَّغابِيس، وَهِيَ صِغار القِثَّاء. وَرَجُلٌ ضَغْبٌ «1» ، وامرأَة ضَغْبةٌ إِذا اشْتهيا الضَّغابِيسَ، أُسْقِطَتِ السينُ مِنْهُ لأَنها آخِرُ حُرُوفِ الِاسْمِ، كَمَا قِيلَ فِي تَصْغِيرِ فرَزْدَقٍ: فُرَيْزِدٌ. وَمِنْ كَلَامِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ: وإِنْ ذَكَرْتِ الضَّغابِيسَ فإِنّي ضَغِبةٌ. ولَيْسَتِ الضَّغِبة مِنْ لَفْظِ الضُّغْبُوسِ، لأَن الضَّغِبَةَ ثُلاثِيٌّ، والضُّغْبوسُ رُباعيّ، فَهُوَ إِذَنْ مِنْ بابِ لأْآلٍ.
ضنب: ضَنَبَ بِهِ الأَرضَ ضَنْباً: ضَرَبها بِهِ، وضَبَنَ بِهِ ضَبْناً: قبَضَ عَلَيْهِ؛ كِلَاهُمَا عَنْ كُرَاعٍ.
ضهب: تَضْهِيبُ القَوْسِ والرُّمْح: عَرْضُهما عَلَى النَّارِ عِنْدَ التَّثْقيف. وضَهَّبه بِالنَّارِ: لَوَّحَه وغَيَّره. وضَهَّبَ اللَّحْمَ: شَوَاه عَلَى حِجارةٍ مُحْماة، فَهُوَ مُضَهَّبٌ. وَقِيلَ: ضَهَّبَه شَواه وَلَمْ يُبالغ فِي نُضْجِه. أَبو عَمْرٍو: لَحْمٌ مُضَهَّبٌ مَشْوِيٌّ عَلَى النَّارِ وَلَمْ يَنْضَجْ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
نَمُشُّ بِأَعْرافِ الجِيادِ أَكُفَّنا، ... إِذا نَحْنُ قُمْنا عَن شِواءٍ مُضَهَّبِ
أَبو عَمْرٍو: إِذا أَدْخَلْتَ اللحمَ النارَ، وَلَمْ تُبالغ فِي نُضْجِه، قلتَ: ضَهَّبْتُه فَهُوَ مُضَهَّبٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: اللَّحْمُ المُضَهَّبُ الَّذِي قَدْ شُوِيَ عَلَى جَمْرٍ مُحْمًى. ابْنُ الأَعرابي: الضَّهْباء القَوْسُ الَّتِي عَمِلَتْ فِيهَا النارُ، والضَّبْحاءُ مِثْلُها. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ هَضَبَ وَفِي النَّوَادِرِ: هَضَبَ القومُ، وضَهَّبُوا، وهَلَبُوا، وأَلَبُوا، وحَطَبُوا: كلُّه الإِكثارُ والإِسْراعُ. والضَّيْهَبُ: كُلّ قُفٍّ أَو حَزْنٍ أَو مَوْضِعٍ مِنَ الجَبَل، تَحْمَى عَلَيْهِ الشَّمسُ حَتَّى يَنْشَوِيَ عَلَيْهِ اللحمُ؛ وأَنشد:
وَغْر تَجيشُ قُدورُه بضَياهِبِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الَّذِي أَراد الليثُ إِنما هُوَ الصَّيْهَبُ، بِالصَّادِ، وَكَذَلِكَ هُوَ في البيت: [تجيش قُدورُه بصَياهِب] جمعُ الصَّيْهب، وَهُوَ الْيَوْمُ الشَّدِيدُ الْحَرِّ؛ قاله أَبو عمرو.
ضوب: الضَّوْبانُ والضُّوبان: الجَمَلُ المُسِنُّ القَوِيّ الضَّخْمُ، واحدُه وجمعُه سَوَاءٌ؛ قَالَ:
فقَرّبْتُ ضُوباناً قَدِ اخْضَرَّ نابُه، ... فَلا ناضِحِي وانٍ، وَلَا الغَرْبُ واشِلُ
وَفِي رِوَايَةٍ: وَلَا الغَرْبُ شَوَّلا؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
عَرَكْرَكٌ مُهْجِرُ الضُّوبانِ، أَوَّمَه ... رَوْضُ القِذافِ، رَبِيعاً، أَيَّ تَأْوِيمِ
وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ [ضَبَنَ] قَالَ: مَنْ قَالَ ضَوْبان، احْتَمَلَ أَن تَكُونَ اللَّامُ لَامَ الْفِعْلِ، وَيَكُونَ عَلَى مِثَالِ فَوْعال، وَمَنْ قَالَ ضُوبانٌ، جَعَلَهُ مِنْ ضابَ يَضُوب؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الضُّوبانُ
__________
(1) . قوله [ورجل ضغب إلخ] ضبط في المحكم بكسر الغين المعجمة وفي القاموس بسكونها.(1/552)
مِنَ الْجِمَالِ السمينُ الشديدُ؛ وأَنشد:
عَلَى كلِّ ضُوبانٍ، كأَنَّ صَريفَهُ، ... بنابَيْهِ، صَوْتُ الأَخْطَبِ المُتَرَنِّمِ
وَقَالَ:
لَمَّا رأَيْتُ الهَمَّ قَدْ أَجْفاني، ... قَرَّبْتُ للرَّحْلِ وللظِّعانِ،
كلَّ نِيافِيِّ القَرى ضُوبانِ
وأَنشده أَبو زيد: ضُؤْبان، بالهمز. الْفَرَّاءُ: ضابَ الرجلُ إِذا اسْتَخْفَى. ابْنُ الأَعرابي: ضابَ إِذا خَتَلَ عَدُوًّا.
ضيب: الضَّيْبُ: شَيْءٌ مِنْ دوابِّ البَرِّ عَلَى خِلْقةِ الكلبِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: بَلَغَنِي أَن الضَّيْبَ شَيْءٌ مِنْ دوابِّ الْبَحْرِ، قَالَ: ولسْتُ عَلَى يَقينٍ مِنْهُ. وَقَالَ أَبو الْفَرَجِ: سَمِعْتُ أَبا الهَمَيْسَع يُنْشِدُ:
إِنْ تَمْنَعي صَوبَكِ صَوْبَ المَدْمَعِ، ... يَجْري عَلَى الخَدِّ كضَيْبِ الثَّعْثَعِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الثَّعثَعُ الصَّدَفة. وضَيْبُه: مَا فِي جوفِه مِنْ حَبِّ اللُّؤْلُؤ، شَبَّه قَطَرات الدَّمْعِ بِهِ.
فصل الطاء المهملة
طبب: الطِّبُّ: علاجُ الْجِسْمِ والنَّفسِ. رَجُلٌ طَبٌّ وطَبِيبٌ: عَالِمٌ بالطِّبِّ؛ تَقُولُ: مَا كنتَ طَبيباً، وَلَقَدْ طَبِبْتَ، بالكَسر «1» والمُتَطَبِّبُ: الَّذِي يَتعاطى عِلم الطِّبِّ. والطَّبُّ، والطُّبُّ، لُغَتَانِ فِي الطِّبِّ. وَقَدْ طَبَّ يَطُبُّ ويَطِبُّ، وتَطَبَّبَ. وَقَالُوا تَطَبَّبَ لَهُ: سأَل لَهُ الأَطِبَّاءَ. وجمعُ الْقَلِيلِ: أَطِبَّةٌ، وَالْكَثِيرِ: أَطِبَّاء. وَقَالُوا: إِن كنتَ ذَا طِبٍّ وطُبٍّ وطَبٍّ فطُبَّ فطِبَّ لعَيْنِك. ابْنُ السِّكِّيتِ: إِن كنتَ ذَا طِبٍّ، فَطِبَّ لنَفسِكَ أَي ابْدأْ أَوَّلًا بإِصلاح نفسكَ. وسمعتُ الكِلابيّ يَقُولُ: اعْمَلْ فِي هَذَا عَمَلَ مَن طَبَّ، لِمَنْ حَبَّ. الأَحمر: مِنْ أَمثالهم فِي التَّنَوُّق فِي الْحَاجَةِ وتحْسينها: اصْنَعْه صَنْعَة مَنْ طَبَّ لِمَنْ حَبَّ أَي صَنْعَة حاذِقٍ لِمَنْ يُحِبُّه.
وَجَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأَى بَيْنَ كتِفَيْه خَاتَمَ النُّبُوَّة، فَقَالَ: إِنْ أَذِنْتَ لِي عالجتُها فإِني طبيبٌ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طَبيبُها الَّذِي خَلَقَها
، مَعْنَاهُ: العالمُ بِهَا خالقُها الَّذِي خَلَقها لَا أَنت. وجاءَ يَسْتَطِبُّ لوجَعه أَي يَسْتَوصِفُ الدواءَ أَيُّها يَصْلُح لِدَائِهِ. والطِّبُّ: الرِّفْقُ. والطَّبِيبُ: الرَّفِيقُ؛ قَالَ الْمَرَّارُ بْنُ سَعِيدٍ الفَقْعَسِيُّ، يَصِفُ جَمَلًا، وَلَيْسَ للمَرّار الحَنظلي:
يَدِينُ لِمَزْرورٍ إِلى جَنْبِ حَلْقةٍ، ... مِنَ الشِّبْهِ، سَوّاها برفْقٍ طَبيبُها
وَمَعْنَى يَدِينُ: يُطيع. والمَزرورُ: الزِّمامُ المربوطُ بالبُرَة، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: حَلْقة مِنَ الشِّبه، وَهُوَ الصُّفْر، أَي يُطيع هَذِهِ الناقةَ زِمامُها المربوطُ إِلى بُرَةِ أَنفِها. والطَّبُّ والطَّبيبُ: الْحَاذِقُ مِنَ الرِّجَالِ، الماهرُ بِعِلْمِهِ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ غِراسةِ نَخْلٍ:
جاءتْ عَلَى غَرْسِ طَبيبٍ ماهِرِ
__________
(1) . قوله بالكسر زاد في القاموس الفتح.(1/553)
وَقَدْ قِيلَ: إِن اشتقاقَ الطَّبِيبِ مِنْهُ، وَلَيْسَ بقويٍّ. وكلُّ حاذقٍ بعمَله: طبيبٌ عِنْدَ الْعَرَبِ. وَرَجُلُ طَبٌّ، بِالْفَتْحِ، أَي عَالِمٌ؛ يُقَالُ: فُلَانٌ طَبٌّ بِكَذَا أَي عَالِمٌ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمان وأَبي الدَّرْدَاءِ: بَلَغَنِي أَنك جُعِلْتَ طَبيباً.
الطَّبيبُ فِي الأَصل: الحاذقُ بالأُمور، الْعَارِفُ بِهَا، وَبِهِ سُمِّيَ الطَّبِيبُ الَّذِي يُعالج المَرْضى، وكُنِيَ بِهِ هَاهُنَا عَنِ الْقَضَاءِ والحُكْمِ بَيْنَ الْخُصُومِ، لأَن مَنْزِلَةَ الْقَاضِي مِنَ الْخُصُومِ، بِمَنْزِلَةِ الطَّبِيبِ مِنْ إِصلاح البَدَن. والمُتَطَبِّبُ: الَّذِي يُعاني الطِّبَّ، وَلَا يَعْرِفُهُ مَعْرِفَةً جَيِّدَةً. وفَحْلٌ طَبٌّ: ماهِرٌ حاذِقٌ بالضِّراب، يعرفُ اللاقِح مِنَ الْحَائِلِ، والضَّبْعَة مِنَ المَبْسورةِ، ويَعرفُ نَقْصَ الْوَلَدِ فِي الرَّحِمِ، ويَكْرُفُ ثُمَّ يعودُ ويَضْرِبُ. وَفِي حَدِيثِ
الشَّعْبي: وَوصَفَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: كَانَ كالجَمَلِ الطَّبِ
، يَعْنِي الحاذقَ بالضِّرابِ. وَقِيلَ: الطَّبُّ مِنَ الإِبل الَّذِي لَا يَضَعُ خُفَّه إِلا حيثُ يُبْصِرُ، فَاسْتَعَارَ أَحدَ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ لأَفْعاله وخِلاله. وَفِي الْمَثَلِ: أَرْسِلْه طَبّاً، وَلَا تُرْسِلْهُ طَاطًا. وَبَعْضُهُمْ يَرْويه: أَرْسِلْه طَابًا. وَبَعِيرٌ طَبٌّ: يتعاهدُ مَوْضِعَ خُفِّه أَينَ يَطَأُ بِهِ. والطِّبُّ والطُّبُّ: السِّحْر؛ قَالَ ابْنُ الأَسْلَت:
أَلا مَن مُبْلِغٌ حسّانَ عَنِّي، ... أَطُبٌّ [طِبٌ] ، كانَ دَاؤُكَ، أَم جُنونُ؟
وَرَوَاهُ سِيبَوَيْهِ: أَسِحْرٌ كَانَ طِبُّكَ [طُبُّكَ] ؟ وَقَدْ طُبَّ الرجلُ. والمَطْبوبُ: المَسْحورُ. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِنما سُمِّيَ السِّحْرُ طُبّاً عَلَى التَّفاؤُلِ بالبُرْءِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنه الحِذْقُ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه احْتَجَمَ بقَرْنٍ حِينَ طُبَ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: طُبَّ أَي سُحِرَ. يُقَالُ مِنْهُ: رجُل مَطْبوبٌ أَي مَسْحور، كَنَوْا بالطِّبِّ عَنِ السِّحْر، تَفاؤُلًا بالبُرءِ، كَمَا كَنَوْا عَنِ اللَّديغ، فَقَالُوا سليمٌ، وَعَنِ المَفازة، وَهِيَ مَهْلكة، فَقَالُوا مَفازة، تَفاؤُلًا بالفَوز والسَّلامة. قَالَ: وأَصلُ الطَّبِّ: الحِذْق بالأَشياءِ والمهارةُ بِهَا؛ يُقَالُ: رَجُلٌ طَبٌّ وطَبِيبٌ إِذا كَانَ كَذَلِكَ، وإِن كَانَ فِي غَيْرِ عِلَاجِ الْمَرَضِ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
إِن تُغْدِفي دُونِي القِناعَ، فإِنَّني، ... طَبٌّ بأَخْذِ الفارِسِ المُسْتَلْئِم
وَقَالَ عَلْقَمَةُ:
فإِن تَسْأَلوني بالنساءِ، فإِنَّني ... بَصيرٌ بأَدْواءِ النِّساءِ طَبيبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَعَلَّ طَبّاً أَصابَه
أَي سِحراً. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
إِنه مَطْبوبٌ.
وَمَا ذاكَ بِطِبِّي أَي بدهْري وَعَادَتِي وشأْني. والطِّبُّ: الطَّويَّة وَالشَّهْوَةُ والإِرادة؛ قَالَ:
إِنْ يَكُنْ طِبُّكِ الفِراقَ، فإِن البَينَ ... أَنْ تَعْطِفي صُدورَ الجِمالِ
وَقَوْلُ فَرْوةَ بنَ مُسَيْكٍ المُرادِي:
فإِنْ نَغْلِبْ فَغَلّابونَ، قِدْماً، ... وإِنْ نُغْلَبْ فغَيرُ مُغَلَّبِينا
فَمَا إِنْ طِبُّنا جُبْنٌ، وَلَكِنْ ... مَنايانا ودَوْلةُ آخَرينا
كَذَاكَ الدهرُ دَوْلَتُه سِجالٌ، ... تَكُرُّ صُروفُه حِيناً فَحِينَا(1/554)
يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ: مَا دَهْرُنا وشأْنُنا وعادَتُنا، وأَن يَكُونَ مَعْنَاهُ: شهوتُنا. وَمَعْنَى هَذَا الشِّعْرِ: إِن كَانَتْ هَمْدانُ ظَهرت عَلَيْنَا فِي يَوْمِ الرَّدْم فَغَلَبَتْنَا، فَغَيْرُ مُغَلَّبين. والمُغَلَّبُ: الَّذِي يُغْلَبُ مِراراً أَي لَمْ نُغْلَب إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً. والطِّبَّةُ والطِّبابة والطَّبيبة: الطريقةُ الْمُسْتَطِيلَةُ مِنَ الثَّوْبِ، وَالرَّمْلِ، وَالسَّحَابِ، وشُعاعِ الشمسِ، وَالْجَمْعُ: طِبابٌ وطِبَبٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الثَّوْرَ:
حَتَّى إِذا مالَها فِي الجُدْرِ وانحَدَرَتْ ... شمسُ النهارِ شُعاعاً، بَيْنَها طِبَبُ
الأَصمعي الخِبَّة والطِّبَّة والخَبيبة والطِّبابَةُ: كُلُّ هَذَا طَرَائِقُ فِي رَمْل وسحابٍ. والطِّبَّةُ: الشُّقَّةُ الْمُسْتَطِيلَةُ مِنَ الثَّوْبِ، وَالْجَمْعُ: الطِّبَبُ؛ وَكَذَلِكَ طِبَبُ شُعاع الشَّمْسِ، وَهِيَ الطَّرَائِقُ الَّتِي تُرَى فِيهَا إِذا طَلَعَت، وَهِيَ الطِّباب أَيضاً. والطُّبَّة: الجِلْدةُ الْمُسْتَطِيلَةُ، أَو الْمُرَبَّعَةُ، أَو الْمُسْتَدِيرَةُ فِي المَزادة، والسُّفْرَة، والدَّلْو وَنَحْوِهَا. والطِّبابةُ: الجِلْدة الَّتِي تُجْعَل عَلَى طَرَفَي الجِلْدِ فِي القِرْبة، والسِّقاءِ، والإِداوة إِذا سُوِّيَ، ثُمَّ خُرِزَ غيرَ مَثْنِيٍّ. وَفِي الصِّحَاحِ: الجِلدةُ الَّتِي تُغَطَّى بِهَا الخُرَزُ، وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ مَثْنِيَّةٌ، كالإِصْبَع عَلَى موضِع الخَرْزِ. الأَصمعي: الطِّبابةُ الَّتِي تُجْعَل عَلَى مُلْتَقَى طَرَفي الجِلدِ إِذا خُرِزَ فِي أَسفلِ القِربة والسِّقاءِ والإِداوة. أَبو زَيْدٍ: فإِذا كَانَ الجِلدُ فِي أَسافل هَذِهِ الأَشياء مَثْنِيّاً، ثُمَّ خُرِزَ عَلَيْهِ، فَهُوَ عِراقٌ، وإِذا سُوِّيَ ثُمَّ خُرِزَ غيرَ مَثْنِيٍّ، فَهُوَ طِبابٌ. وطَبيبُ السِّقاءِ: رُقْعَتُه. وَقَالَ اللَّيْثُ: الطِّبابة مِنَ الخُرَزِ: السَّيرُ بَيْنَ الخُرْزَتَين. والطُّبَّةُ: السَّيرُ الَّذِي يَكُونُ أَسفلَ القرْبة، وَهِيَ تَقارُبُ الخُرَز. ابْنُ سِيدَهْ: والطِّبابة سَير عَرِيضٌ تَقَعُ الكُتَب والخُرَزُ فِيهِ، وَالْجَمْعُ: طِبابٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
بَلى، فارْفَضَّ دَمْعُكَ غَير نَزْرٍ، ... كَمَا عَيَّنْتَ بالسَّرَبِ الطِّبابا
وَقَدْ طَبَّ الخَرْزَ يَطُبُّه طَبّاً، وَكَذَلِكَ طَبَّ السِّقاءَ وطَبَّبَهُ، شُدِّد لِلْكَثْرَةِ؛ قَالَ الكُمَيتُ يَصِفُ قَطاً:
أَو الناطِقات الصَّادِقَاتِ، إِذا غَدَتْ ... بأَسْقِيَةٍ، لَمْ يَفْرِهِنَّ المُطَبِّبُ
ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا سُمِّيَتِ القِطْعةُ الَّتِي تُخْرَزُ عَلَى حَرْفِ الدَّلْوِ أَو حَاشِيَةِ السُّفْرة طُبَّة؛ وَالْجَمْعُ طُبَبٌ وطِبابٌ. وَالتَّطْبِيبُ: أَن يُعَلَّقَ السِّقاءُ فِي عَمود الْبَيْتِ، ثُمَّ يُمْخَضَ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع التَّطبيبَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وأَحْسِبُه التَّطْنِيبَ كَمَا يُطَنَّبُ البيتُ. وَيُقَالُ: طَبَّبْتُ الديباجَ تَطْبيباً إِذا أَدْخَلْتَ بَنِيقةً تُوسِعُهُ بِهَا. وطِبابةُ السَّمَاءِ وطِبابُها: طُرَّتُها الْمُسْتَطِيلَةُ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ خَالِدٍ الْهُذَلِيُّ:
أَرَتْهُ مِنَ الجَرْباءِ، فِي كلِّ مَوطِنٍ، ... طِباباً، فَمَثْواه، النَّهارَ، المَراكِدُ «2»
يَصِفُ حِمَارَ وَحْشٍ خافَ الطِّرادَ فَلَجأَ إِلى جَبل،
__________
(2) . قوله [أرته من الجرباء إلخ] أنشده في جرب وركد غير أنه قال هناك يَصِفُ حِمَارًا طَرَدَتْهُ الْخَيْلُ، تبعاً للصحاح، وهو مخالف لما نقله هنا عن الأَزهري.(1/555)
فَصَارَ فِي بعضِ شِعابه، فَهُوَ يَرَى أُفُقَ السماءِ مُسْتَطِيلًا؛ قَالَ الأَزهري: وَذَلِكَ أَن الأُتُنَ أَلجأَت المِسْحَلَ إِلى مَضِيقٍ فِي الْجَبَلِ، لَا يَرَى فِيهِ إِلا طُرَّةً مِنَ السَّمَاءِ. والطِّبابَةُ، مِنَ السَّمَاءِ: طَريقُه وطُرَّتهُ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
وسَدَّ السماءَ السِّجْنُ إِلا طِبابَةً، ... كَتُرْسِ المُرامي، مُسْتَكِنّاً جُنوبُها
فالحِمارُ رأَى السَّمَاءَ مُستطيلة لأَنه فِي شِعْب، وَالرَّجُلُ رَآهَا مُسْتَدِيرَةً لأَنه فِي السِّجْنِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الطِّبَّة والطَّبيبةُ والطِّبابةُ: المستطيلُ الضَّيِّقُ مِنَ الأَرض، الكثيرُ النَّبَاتِ. والطَّبْطَبَةُ: صَوْتُ تَلاطُمِ السَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ صَوْتُ الْمَاءِ إِذا اضْطَرَب واصْطَكَّ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنَّ صَوْتَ الماءِ، فِي أَمْعائها، ... طَبْطَبَةُ المِيثِ إِلى جِوائها
عَدَّاهُ بإِلى لأَنَّ فِيهِ مَعْنَى تَشَكَّى المِيث. وطَبْطَبَ الماءَ إِذا حَرَّكَهُ. اللَّيْثُ: طَبْطَبَ الْوَادِي طَبْطَبَةً إِذا سالَ بالماءِ، وَسَمِعْتَ لِصَوْتِهِ طَباطِبَ. والطَّبْطَبَةُ: شيءٌ عَريض يُضْرَبُ بعضُه بِبَعْضٍ. الصِّحَاحُ: الطَّبْطَبَة صوتُ الماءِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ تَطَبْطَبَ؛ قَالَ:
إِذا طَحَنَتْ دُرْنِيَّةٌ لِعيالِها، ... تَطَبْطَبَ ثَدْياها، فَطار طَحِينُها
والطَّبْطابَةُ: خَشَبَةٌ عَريضَةٌ يُلْعَبُ بِهَا بالكُرَة. وَفِي التَّهْذِيبِ: يَلْعَبُ الفارسُ بِهَا بالكُرَة. ابْنُ هَانِئٍ، يُقَالُ: قَرُبَ طِبٌّ، وَيُقَالُ: قَرُبَ طِبّاً، كَقَوْلِكَ: نِعْمَ رَجلًا، وَهَذَا مَثَلٌ يُقَالُ لِلرَّجُلِ يَسْأَلُ عَنِ الأَمر الَّذِي قَدْ قَرُبَ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَن رَجُلًا قَعَدَ بَيْنَ رِجْلي امرأَةٍ، فَقَالَ لَهَا: أَبِكر أَم ثَيِّب؟ فَقَالَتْ لَهُ: قَرُبَ طِبٌّ.
طبطب: الطَّباطِبُ: العَجَم.
طحرب: مَا عَلَى فُلَانٍ طُحْرُبة، بِضَمِّ الطاءِ والراءِ: يَعْنِي مِنَ اللِّبَاسِ، وَقَالَ أَبو الجَرّاح: طَحْرِبةٌ، بِفَتْحِ الطاءِ وَكَسْرِ الراءِ، وطَحْرَبةٌ وطِحْرِبةٌ أَي قِطْعَةٌ مِنْ خِرقة. قَالَ شَمِرٌ: وَسَمِعْتُ طَحْرَبةً وطَحْمَرةً، وَكُلُّهَا لُغَاتٌ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمانَ، وذكَر يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: تَدْنُو الشمسُ من رؤُوس النَّاسِ، وَلَيْسَ عَلَى أَحد مِنْهُمْ طُحْرُبة
، بِضَمِّ الطاءِ والراءِ، وَكَسْرِهِمَا، وبالحاءِ والخاءِ: اللِّبَاسُ، وَقِيلَ: الْخِرْقَةُ، وأَكثر مَا يُستعمل فِي النَّفْيِ. وَمَا فِي السماءِ طِحْرِبةٌ أَي قِطْعة مِنَ السَّحَابِ. وَقِيلَ: لَطْخةُ غَيمٍ. وأَما أَبو عُبَيْدٍ وَابْنُ السِّكِّيتِ فخَصّاها بالجَحْدِ. وَاسْتَعْمَلَهَا بَعْضُهُمْ فِي النَّفْيِ والإِيجاب. والطِّحْرِبَة الطَّحْرَبَة الفَسْوَةُ؛ قَالَ:
وحاصَ مِنّا فَرِقاً وطَحْرَبا
وَمَا عَلَيْهِ طِحْرِمة، كطِحْرِبة أَي لَطْخٌ مِنْ غَيْمٍ. وطِحْرمةٌ: أَصلها طِحْرِبة؛ وَقَالَ نُصَيْبٌ:
سَرَى فِي سَوادِ الليلِ، يَنْزِلُ خَلْفَه ... مَواكِفُ لَمْ يَعْكُفْ عَلَيْهِنَّ طِحْربُ
قَالَ: والطِّحْرِبُ هاهُنا: الغُثاء مِنَ الجَفيف، ووالِه الأَرض. والمَواكِفُ: مَواكِفُ الْمَطَرِ. وطَحْرَبَ القِربةَ: ملأَها. وطَحْرَبَ إِذا عَدَا فَارًّا.
طحلب: الطُّحْلُبُ والطِّحْلِبُ والطِّحْلَبُ: خُضْرَة تَعْلو الْمَاءَ المُزمِنَ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي(1/556)
يَكُونُ عَلَى الماءِ، كأَنه نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ. والقِطعة مِنْهُ: طُحْلُبة وطِحْلِبَة. وطَحْلَبَ الماءُ: عَلَاهُ الطُّحْلُبُ. وعينٌ مُطَحْلَبَة، وماءٌ مُطَحْلَب: كَثِيرُ الطُّحْلُب، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَحُكِيَ غَيْرُهُ: مُطَحْلَبٌ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
عَيْناً مُطَلْحَبَةَ الأَرجاءِ طَامِيَةً، ... فِيهَا الضَّفادِعُ والحِيتانُ تَصْطَخِبُ
يُرْوى بالوجْهين جَمِيعًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى اللِّحْيَانِيَّ قَدْ حَكى الطُّلْحُب فِي الطُّحْلُب. وطَحْلَبت الأَرض: أَوَّلُ مَا تَخْضَرُّ بالنَّبات؛ وطَحْلَبَ الغَديرُ، وعينٌ مُطَحْلَبَةُ الأَرجاءِ. والطَّحْلَبة: القَتْلُ.
طخرب: جاءَ وَمَا عَلَيْهِ طَخْرَبة أَي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. ويُروى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيضاً، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ: وَلَيْسَ عَلَى أَحد مِنْهُمْ طَخْرَبة
، وطِخْرِبَة، وَقَدْ شَرَحْنَاهُ فِي [طَحْرَبَ] لأَنه يُقَالُ بالحاءِ والخاءِ.
طرب: الطَّرَبُ: الفَرَح والحُزْنُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَقِيلَ: الطَّرَبُ خِفَّةٌ تَعْتَري عِنْدَ شدَّة الفَرَح أَو الحُزن وَالْهَمِّ. وَقِيلَ: حُلُولُ الفَرَح وذهابُ الحُزن؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ فِي الْهَمِّ:
سَأَلَتْني أَمتي عَنْ جارَتي، ... وإِذا مَا عَيَّ ذُو اللُّبِّ سَأَلْ
سَأَلَتْني عَنْ أُناسٍ هَلَكوا، ... شَرِبَ الدَّهْرُ عَلَيْهِمْ وأَكلْ
وأَراني طَرِباً، فِي إِثْرِهِمْ، ... طَرَبَ الوالِهِ أَو كالمُخْتَبَلْ
والوالِهُ: الثاكِلُ. والمُخْتَبَلُ: الَّذِي اخْتُبِلَ عَقْله أَي جُنَّ. وأَطْرَبَهُ هُوَ، وتَطَرَّبه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وَلَمْ تُلْهِني دارٌ وَلَا رَسْمُ مَنزِلٍ، ... وَلَمْ يَتَطَرَّبني بَنانٌ مُخَضَّبُ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الطَّرَبُ عِنْدِي هُوَ الْحَرَكَةُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف ذَلِكَ. والطَّرَبُ: الشَّوقُ، وَالْجَمْعُ، مِنْ ذَلِكَ، أَطْرابٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
اسْتَحْدَثَ الرَّكْب، عَنْ أَشياعِهِم، خَبَراً، ... أَم راجَعَ القلبَ، مِنْ أَطرابه، طَرَبُ
وَقَدْ طَرِبَ طَرَباً، فَهُوَ طَرِبٌ، مِنْ قَوْمٍ طِرابٍ. وقولُ الهُذَليّ:
حَتَّى شَآها كَليلٌ؛ مَوْهِناً، عَمِلٌ، ... بانَتْ طِراباً، وباتَ الليلَ لَمْ يَنَمِ
يَقُولُ: بَاتَتْ هَذِهِ البَقَر العِطاشُ طِراباً لِمَا رَأَته مِنَ البَرْقِ، فَرَجَتْه مِنَ الْمَاءِ. وَرَجُلٌ طَروبٌ ومِطْرابٌ ومِطرابةٌ، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: كثيرُ الطَّرَبِ؛ قَالَ: وَهُوَ نادرٌ. واسْتَطْرَب: طَلَبَ الطَّرب واللَّهْوَ. وطَرَّبه هُوَ، وطَرَّب: تَغَنَّى؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
يُغَرِّدُ بالأَسْحارِ، فِي كلِّ سُدْفَةٍ، ... تَغَرُّدَ مَيَّاحِ النَّدامى المُطَرِّبِ
وَيُقَالُ: طَرَّب فلانٌ فِي غِنائِه تَطْريباً إِذا رَجَّع صوتَه وزيَّنَه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كَمَا طَرَّبَ الطَّائرُ المُسْتَحِرْ
أَي رجَّع. والتَّطْريب فِي الصَّوْتِ: مَدُّه وتَحْسينُه. وطَرَّبَ فِي قِرَاءَتِهِ: مَدَّ ورجَّع. وطَرَّبَ الطائِرُ فِي صَوْتِهِ،(1/557)
كَذَلِكَ، وخَصَّ بعضُهم بِهِ المُكَّاء. وقول سَلْمى «1» ابنِ المُقْعَدِ:
لَمَّا رأَى أَن طَرَّبوا مِنْ ساعَةٍ، ... أَلْوى بِرَيْعانِ العِدى وأَجْذَما
قَالَ السُّكَّريُّ: طَرَّبوا صاحُوا سَاعَةً بَعْدَ ساعةٍ. والأَطْرابُ: نُقاوَةُ الرَّياحينِ؛ وَقِيلَ: الأَطْرابُ الرَّياحينُ وأَذْكاؤُها. وإِبلٌ طرابٌ تَنزِعُ إِلى أَوْطانِها، وَقِيلَ: إِذا طَرِبَتْ لِحُداتها. واستَطْرَبَ الحُداةُ الإِبلَ إِذا خَفَّتْ فِي سَيْرِهَا، مِنْ أَجلِ حُداتِها؛ وَقَالَ الطِّرمَّاحُ:
واسْتَطْرَبَتْ ظُعْنُهُم، لَمَّا احْزَأَلَّ بهمْ ... آلُ الضُّحى ناشِطاً مِنْ داعِباتِ دَدِ «2»
يَقُولُ: حَملَهم عَلَى الطَّرَبِ شوقٌ نازعٌ؛ وقولُ الكُمَيْت:
يُريد أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّله ... عندَ الإِدامَة، حَتَّى يَرْنَأَ الطَّرِبُ «3»
فإِنما عَنى بالطَّرِبِ السَّهْم؛ سَمَّاهُ طَرِباً لِتَصْويته إِذا دُوِّم أَي فُتِلَ بالأَصابع. والمَطْرَبُ والمَطْربةُ: الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ، وَلَا فِعْلَ لَهُ، والجمعُ المَطارِبُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
ومَتْلَفٍ مثلِ فَرْقِ الرَّأْسِ، تَخْلِجُه ... مَطارِبٌ، زَقَبٌ أَميالُها فيحُ
ابْنُ الأَعرابي: المَطْرَبُ والمَقْرَبُ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ، والمَتْلَفُ: القَفْر؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يُتْلِفُ سالِكَه فِي الأَكثر كَمَا سَمُّوا الصَّحراءَ بَيْداء لأَنها تُبيدُ سالِكَها. والزَّقَبُ: الضَّيِّقَةُ. وَقَوْلُهُ: مِثْلِ فَرْقِ الرأْس أَي مِثْلِ فَرْقِ الرأْس فِي ضِيقِهِ. وتَخْلِجُهُ أَي تَجْذِبهُ هَذِهِ الطرقُ إِلى هَذِهِ، وَهَذِهِ إِلى هَذِهِ. وأَميالُها فَيْحُ أَي وَاسِعَةٌ، والميلُ: الْمَسَافَةُ مِنَ العَلَم إِلى العَلَم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَنَ اللهُ مَنْ غيَّر المَطْرَبَةَ والمَقْرَبَة.
المَطْرَبَة: وَاحِدَةُ الْمَطَارِبِ، وَهِيَ طُرُقٌ صِغار تَنْفُذُ إِلى الطرقِ الكبارِ، وَقِيلَ: المطارِبُ طُرُقٌ متَفرقة، واحدتُها مَطْربة ومَطْرَبٌ؛ وَقِيلَ: هِيَ الطُّرُقُ الضَّيِّقَةُ الْمُنْفَرِدَةُ. يُقَالُ: طَرَّبْتُ عَنِ الطَّرِيقِ: عدَلْتُ عَنْهُ. والطَّرَبُ: اسْمُ فَرَسِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وطَيْروب: اسم.
طرطب: طَرْطَبَ بالغَنم: أَشْلاها؛ وَقِيلَ: الطَّرْطَبةُ بالشَّفَتَين؛ قَالَ ابْنُ حَبْناءَ:
فإِنَّ اسْتَكَ الكَوماءَ عَيْبٌ وعَورَةٌ، ... يُطَرْطِبُ فِيهَا ضاغِطانِ وناكِثُ
وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ، وَقَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: دخلتُ عَلَى أُحَيْوِلٍ يُطَرْطِبُ شُعَيْراتٍ لَهُ.
يُرِيدُ: يَنْفُخُ بِشَفَتَيْهِ فِي شَارِبِهِ غَيْظًا وكِبراً. والطَّرْطَبَةُ: الصَّفير بالشَّفَتَين للضأْن. أَبو زَيْدٍ: طَرْطَبَ بِالنَّعْجَةِ طَرْطَبَةً إِذا دَعَاهَا. وطَرْطَبَ الحالِبُ بالمِعْزى إِذا دَعَاهَا. ابْنُ سِيدَهْ: الطَّرْطَبةُ صوتُ الْحَالِبِ لَلْمَعْزِ يُسَكِّنها بِشَفَتَيْهِ. وَقَدْ طَرْطَبَ بِهَا طَرْطَبَةً إِذا دَعَاهَا. والطَّرْطَبَةُ: اضطِرابُ الماءِ فِي الْجَوْفِ
__________
(1) . قوله [وقول سلمى إلخ] كذا بالأَصل.
(2) . قوله [من داعبات] كذا بالأَصل كالتهذيب بالموحدة بعد العين والذي في الأَساس بالمثناة التحتية ثم قال أي سألته أن يطرب ويغني وهو من داعيات دد أي من دواعيه وأسبابه يعني الناشط وهو الحادي لأَنه ينشط مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ.
(3) . قوله [يريد أهزع إلخ] أنشده في دوم يستل أهزع إلخ والأَهزع بالزاي السريع.(1/558)
أَو الْقِرْبَةِ. والطُرْطُبُّ؛ بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الباءِ «1» : الثَّدْيُ الضَّخْمُ المُسْترخي الطَّوِيلُ؛ يُقَالُ: أَخْزَى اللَّهُ طُرْطُبَّيْها. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: طُرْطُبَّة، لِلْوَاحِدَةِ، فِيمَنْ يُؤَنِّثُ الثَّدي. وَفِي حَدِيثِ
الأَشْتَر فِي صِفَةِ امرأَة: أَرادها ضَمْعَجاً طُرْطُباً.
الطُّرْطُبُ: الْعَظِيمَةُ الثَّدْيَيْنِ. وَالْبَعْضُ يَقُولُ لِلْوَاحِدَةِ: طُرْطُبَى، فِيمَنْ يُؤَنِّثُ الثَّدْيَ. والطُّرْطُبَّةُ: الطَّوِيلَةُ الثَّدْيَين؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَيْسَتْ بقَتَّاتةٍ سَبَهْلَلَةٍ، ... وَلَا بطُرطُبَّةٍ لَهَا هُلْبُ
وامرأَة طُرطُبَّةٌ: مُسْتَرْخِيَةُ الثَّدْيَيْنِ؛ وأَنشد:
أُفٍّ لِتِلْكَ الدِّلْقِمِ الهِرْدَبَّه، ... العَنْقَفيرِ الجَلْبَحِ الطُّرطُبَّه
والطُّرطُبَةُ: الضرْعُ الطَّوِيلُ، يَمَانِيَةٌ عَنْ كُرَاعٍ. والطُّرطُبانيَّة مِنَ المَعَز: الطويلةُ شطرَيِ الضَّرع. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ [قَرْطَبَ] قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذا رَآنِي قَدْ أَتَيْتُ قَرطَبَا، ... وجالَ فِي جِحَاشِهِ وطَرطَبا
قَالَ: الطَّرطَبةُ دُعاءُ الحُمُر. أَبو زَيْدٍ فِي نَوَادِرِهِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ يُهْزأُ مِنْهُ: دُهْدُرَّين وطُرطُبَّين. رأَيت فِي حاشيةِ نُسْخَةٍ مِنَ الصِّحَاحِ يُوثَقُ بِهَا: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: طَرْطَبَ، غَيْرُ ذِي تَرْجَمَةٍ فِي الأُصول، وَالَّذِي يَنْبَغِي إِفْرَادُهَا فِي تَرْجَمَةٍ، إِذ هِيَ لَيْسَتْ مِنْ فَصْلِ [طَرَبَ] وَهُوَ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ في الرباعي.
طسب: المَطاسِبُ: المياهُ السُّدْمُ، الواحد سَدومٌ.
طعب: ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ مَا بِهِ مِنَ الطَّعْبِ شيءٌ أَي مَا بِهِ شَيْءٌ مِنَ اللَّذة والطِّيبِ.
طعزب: الطَّعْزبة: الهُزْءُ والسُّخْرية، حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري ما حقيقته.
طعسب: طَعْسَبَ: عَدا مُتَعَسِّفاً.
طعشب: طَعْشَبٌ: اسْمٌ، حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَيْسَ بثَبَتٍ.
طلب: الطَّلَبُ: مُحاوَلَةُ وِجْدانِ الشَّيءِ وأَخْذِه. والطِّلْبَةُ: مَا كَانَ لكَ عِنْدَ آخرَ مِنْ حَقٍّ تُطالِبه بِهِ. والمُطالَبة: أَن تُطالِبَ إِنساناً بِحَقٍّ لَكَ عِنْدَهُ، وَلَا تَزَالُ تَتَقاضاه وتُطالبه بِذَلِكَ. وَالْغَالِبُ فِي بَابِ الهَوى الطِّلابُ. وطَلَبَ الشَّيءَ يَطْلُبه طَلَباً، واطَّلَبه، عَلَى افْتَعَلَهُ، وَمِنْهُ عبدُ المُطَّلِب بْنُ هَاشِمٍ؛ والمُطَّلِبُ أَصلهُ: مُتْطَلِبٌ فأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الطَّاءِ، وشُدِّدَت، فَقِيلَ: مُطَّلِب، وَاسْمُهُ عَامِرٌ. وتَطلَّبه: حَاوَلَ وُجُودَه وأَخْذَهُ. والتَّطَلُّبُ: الطَّلَبُ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى. والتَّطَلُّبُ: طَلَبٌ فِي مُهْلة مِنْ مَوَاضِعَ. وَرَجُلٌ طالبٌ مِنْ قَوْمٍ طُلَّب وطُلَّاب وطَلَبَةٍ، الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وطَلوبٌ مِنْ قومٍ طُلُبٍ. وطَلَّابٌ مِنْ قَوْمٍ طَلَّابين. وطَليبٌ مِنْ قَوْمٍ طُلَباءَ؛ قَالَ مُلَيح الهُذليّ:
فَلَمْ تَنْظُري دَيْناً وَلِيتِ اقتِضاءَه، ... وَلَمْ يَنْقَلِبْ مِنْكُمْ طَلِيبٌ بطائِل
وطَلَّبَ الشيءَ: طَلَبَهُ فِي مُهْلة، عَلَى مَا يَجِيءُ عَلَيْهِ هَذَا النحوُ بالأَغلب.
__________
(1) . قوله [بالضم وتشديد الباء] زاد في القاموس تخفيفها.(1/559)
وَطَالَبَهُ بِكَذَا مُطالَبة وطِلاباً: طَلَبَه بِحُقٍّ؛ وَالِاسْمُ مِنْهُ: الطَّلَبُ والطِّلْبةُ: والطَّلَبُ جَمْعُ طَالِبٍ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فانْصاعَ جانِبُه الوَحْشيُّ، وانكَدَرَتْ ... يَلْحَبنَ، لَا يأْتَلي المَطلوبُ والطَّلَبُ
وطَلَبَ إِليَّ طَلَباً: رَغِبَ. وأَطْلَبَه: أَعطاه مَا طَلَب؛ وأَطْلَبَه: أَلجأَه إِلى أَن يَطْلُب، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. والطَّلِبة، بِكَسْرِ اللَّامِ: مَا طَلَبْته مِنْ شَيْءٍ. وَفِي حَدِيثِ
نُقادَةَ الأَسَديّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اطْلُبْ إِليَّ طَلِبةً، فإِني أُحب أَن أُطْلِبَكَها.
الطَّلِبَةُ: الحاجةُ، وإِطْلابُها: إِنجازُها وقضاؤُها. يُقَالُ طَلَبَ إِليَّ فأَطْلَبْته أَي أَسْعَفْتُه بِمَا طَلب. وَفِي حَدِيثِ الدُّعاء:
لَيْسَ لِي مُطْلِبٌ سِوَاكَ وكَلَّأ مُطْلِبٌ
: بَعيد المَطْلَبِ يُكَلِّفُ أَن يُطْلَب. وَمَاءٌ مُطْلِبٌ: كَذَلِكَ؛ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَاءِ والكَلإِ أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَهاجَكَ بَرْقٌ، آخِرَ اللَّيْلِ، مُطْلِبٌ
وَقِيلَ: مَاءٌ مُطْلِبٌ: بعيدٌ مِنَ الكَلإِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَضَلَّه، رَاعِيًا، كَلْبِيةٌ صَدراً ... عن مُطْلِبٍ قارِبٍ؛ وُرَّادُهُ عُصُبُ
ويُرْوى:
عن مُطْلِبٍ وطُلى الأَعناقِ تَضْطَرِبُ
يَقُولُ: بَعُدَ الماءُ عَنْهُمْ حَتَّى أَلجَأَهم إِلى طَلَبه. وَقَوْلُهُ: رَاعِيًا كَلْبيةٌ يَعْنِي إِبلًا سُودًا مِنْ إِبل كَلْب. وَقَدْ أَطْلَبَ الكَلأُ: تباعَدَ، وطَلَبه الْقَوْمُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: ماءٌ قاصدٌ كَلَؤُهُ قَرِيبٌ؛ وَمَاءٌ مُطلِبٌ: كَلَؤُه بعيدٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مَاءٌ مُطلِبٌ إِذا بَعُدَ كَلَؤُهُ بقَدْر مِيلَين أَو ثَلَاثَةٍ، فإِذا كَانَ مسيرةَ يَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ، فَهُوَ مُطْلِبُ إِبلٍ. غَيْرُهُ: أَطْلَبَ الماءُ إِذا بَعُد فَلَمْ يُنَلْ إِلّا بطَلَبٍ، وَبِئْرٌ طَلوبٌ: بعيدةُ الْمَاءِ، وآبارٌ طُلُبٌ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة:
وإِذا تَكَلَّفْتُ المَديحَ لغَيره، ... عالَجْتُها طُلُباً هُناك نِزاحا
وأَطْلَبه الشيءَ: أَعانه عَلَى طَلَبه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: اطْلُبْ لِي شَيْئًا: ابْغِه لِي. وأَطْلِبني: أَعِنِّي عَلَى الطَّلَب. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
قَالَ سُراقَةُ: فَاللَّهُ لَكُما أَن أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَب.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَمْعُ طَالِبٍ، أَو مصدرٌ أُقيم مُقامه، أَو عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، أَي أَهلَ الطَّلَب. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ فِي الْهِجْرَةِ، قَالَ لَهُ: أَمْشي خَلْفَكَ أَخْشى الطَّلَب.
ابْنُ الأَعرابي: الطَّلَبةُ الجماعةُ مِنَ النَّاسِ، والطُّلْبة: السَّفْرة الْبَعِيدَةُ. وطَلِبَ إِذا اتَّبَعَ، وطَلِبَ إِذا تَباعَدَ، وإِنه لَطِلْبُ نساءٍ: أَي يَطْلُبهن، وَالْجَمْعُ أَطْلاب وطِلبَة، وَهِيَ طِلْبُه وطِلْبَتُه، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: إِذا كَانَ يَطْلُبها ويَهْواها. ومَطْلُوب اسْمُ مَوْضِعٍ. قَالَ الأَعشى:
يَا رَخَماً قاظَ عَلَى مَطْلُوب
وَيُقَالُ: طالبٌ وطَلَبٌ، مِثْلُ خَادِمٍ وخَدَم، وطالِبٌ ومُطَّلِبٌ وطُلَيْبٌ وطَلَبةُ وطَلَّابٌ: أَسماء.
طنب: الطُّنْبُ والطُّنُبُ مَعًا: حَبْل الخِباءِ والسُّرادقِ وَنَحْوُهُمَا.(1/560)
وأَطنابُ الشَّجَرِ: عروقٌ تَتَشَعَّبُ مِنْ أَرُومَتِها. والأَواخِيُّ: الأَطْنابُ، واحدتُها أَخِيَّةٌ. والأَطْنابُ: الطوالُ مِنْ حِبالِ الأَخْبيةِ؛ والأُصُرُ: القِصارُ، وَاحِدُهَا: إِصار. والأَطْنابُ: مَا يُشَدُّ بِهِ البيتُ مِنَ الْحِبَالِ بَيْنَ الأَرض وَالطَّرَائِقِ. ابْنُ سِيدَهْ: الطُّنْبُ حَبْلٌ طَوِيلٌ يُشَدُّ بِهِ البيتُ والسُّرادقُ، بَيْنَ الأَرض وَالطَّرَائِقِ. وَقِيلَ: هُوَ الوَتِدُ، وَالْجَمْعُ: أَطنابٌ وطِنَبَةٌ. وطَنَّبَه: مَده بأَطنابه وشَدَّه. وخِباءٌ مُطَنَّبٌ: ورِواقٌ مُطَنَّب أَي مَشْدُودٌ بالأَطْناب. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا بَيْنَ طُنْبَي الْمَدِينَةِ أَحْوجُ مِنِّي إِليها
أَي مَا بَيْنَ طَرَفيها. والطُّنُب: واحدُ أَطناب الخَيْمَة، فَاسْتَعَارَهُ للطَّرَف وَالنَّاحِيَةِ. والطُنْبُ: عِرْق الشَّجَرِ وعَصَبُ الجَسَد. ابْنُ سِيدَهْ: أَطْنابُ الْجَسَدِ عَصَبُه الَّتِي تَتَّصِلُ بِهَا المفاصِلُ وَالْعِظَامُ وتَشُدُّها. والطُّنْبانِ: عَصَبتانِ مُكْتَنِفتان ثَغْرة النَّحْر، تَمْتَدَّانِ إِذا تَلَفَّتَ الإِنسانُ. والمِطْنَبُ والمَطْنَبُ أَيضاً: المَنْكِبُ والعاتِقُ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وإِذْ هِيَ سَوْداءُ مِثلُ الفَحِيمِ، ... تُغَشِّي المَطانِبَ والمَنْكِبا
والمَطْنَبُ: حَبْلُ العاتِق، وَجَمْعُهُ مَطانِبُ. وَيُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذا تَقَضَّبَتْ عِنْدَ طُلوعها: لَهَا أَطْنابٌ، وَهِيَ أَشِعَّة تمتدُّ كأَنَّها القُضُبُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُ: أَن الأَشْعَثَ بْنَ قَيْس تَزَوَّجَ امرأَةً عَلَى حُكْمِها، فَردَّها عُمَرُ إِلى أَطنابِ بيتِها
؛ يَعْنِي: رَدَّها إِلى مَهْرِ مِثلها مِنْ نِسَائِهَا؛ يُرِيدُ إِلى مَا بُنِيَ عَلَيْهِ أَمْرُ أَهْلِها، وامتدَّت عَلَيْهِ أَطنابُ بيوتِهم. وَيُقَالُ: هُوَ جَارِي مُطانِبِي أَي طُنُبُ بَيْتِهِ إِلى طُنُبِ بَيْتِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أُحِبُّ أَنَّ بَيْتِي مُطَنَّبٌ ببيتِ محمدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إني أَحْتَسِبُ خُطايَ.
مُطَنَّبٌ: مَشْدُودٌ بالأَطناب؛ يَعْنِي: مَا أُحِبُّ أَن يَكُونَ بَيْتِي إِلى جَانِبِ بَيْتِهِ، لأَني أَحْتَسِبُ عِنْدَ اللَّهِ كثرةَ خُطايَ مِنْ بَيْتِي إِلى الْمَسْجِدِ. والمِطْنَبُ: المِصْفاةُ. والطَّنَبُ: طُول فِي الرِّجْلَيْنِ فِي اسْتِرْخاء. والطُّنُب والإِطْنابةُ جَمِيعًا: سَيْرٌ يُوصَلُ بوَتَرِ القَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ، ثُمَّ يُدارُ عَلَى كُظْرِها. وَقِيلَ: إِطْنابةُ القَوْسِ: سَيْرُها الَّذِي فِي رِجْلِها يُشَدُّ مِنَ الوَتَر عَلَى فُرضَتِها، وَقَدْ طَنَّبْتُها. الأَصمعي: الإِطْنابةُ السَّيْرُ الَّذِي عَلَى رأْس الوَتَر مِنَ الْقَوْسِ؛ وقوسٌ مُطَنَّبة؛ والإِطْنابةُ سَيْرٌ يُشَدُّ فِي طَرَفِ الحِزام لِيَكُونَ عَوْناً لسَيْرِه إِذا قَلِقَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ خَيْلًا:
فهُنَّ مُسْتَبْطِناتٌ بَطْنَ ذِي أُرُلٍ، ... يَرْكُضْن، قَدْ قَلِقَتْ عَقْدُ الأَطانيبِ
والإِطْنابَةُ: سَير الحِزام الْمَعْقُودِ إِلى الإِبزِيمِ، وجمعُه الأَطانيبُ. وَقَالَ سَلَّامَةُ «2» :
حَتَّى اسْتَغَثْنَ بأَهْلِ المِلْحِ، ضاحِيةً، ... يَرْكُضْن، قَدْ قَلِقَتْ عَقْدُ الأَطانِيبِ
وَقِيلَ: عَقْدُ الأَطانِيبِ الأَلْبابُ والحُزُمُ إِذا اسْتَرْخَتْ. والإِطْنابَةُ: المِظَلَّة. وابنُ الإِطْنابة: رَجُلٌ شَاعِرٌ، سُمِّيَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ؛ والإِطْنابةُ أُمُّه، وَهِيَ امرأَة مِنْ بَنِي كِنَانَةَ بْنِ الْقَيْسِ بْنِ جَسْرِ بْنِ
__________
(2) . قوله [وقال سلامة] كذا بالأَصل والذي في الأَساس قال النابغة.(1/561)
قُضاعة، وَاسْمُ أَبيه زَيْدُ مَناةَ. والطَّنَبُ، بِالْفَتْحِ: اعْوجاج فِي الرُّمْح. وطَنَّبَ بِالْمَكَانِ: أَقام بِهِ. وعَسْكرٌ مُطَنِّبٌ: لَا يُرَى أَقصاه مِنْ كَثْرَتِهِ. وجَيْشٌ مِطْنابٌ: بعيدُ مَا بَيْنَ الطَّرَفين لَا يَكاد ينقطعُ؛ قَالَ الطِّرِمّاحُ:
عَمِّي الَّذِي صَبَح الحَلائبَ، غُدْوَةً، ... مِنْ نَهْروانَ، بجَحْفَلٍ مِطنابِ
أَبو عَمْرٍو: التَّطْنِيبُ أَنْ تعلِّقَ السِّقاءَ فِي عَمُود الْبَيْتِ، ثُمَّ تَمْخَضَهُ. والإِطْنابُ: الْبَلَاغَةُ فِي المَنْطِق والوَصْفِ، مَدْحًا كَانَ أَو ذَمًّا. وأَطْنَبَ فِي الْكَلَامِ: بالَغَ فِيهِ. والإِطْنابُ: الْمُبَالَغَةُ فِي مَدْحٍ أَو ذَمٍّ والإِكثارُ فِيهِ. والمُطْنِبُ: المَدَّاحُ لِكُلِّ أَحد. ابْنُ الأَنباري: أَطْنَبَ فِي الْوَصْفِ إِذا بَالَغَ واجْتَهد؛ وأَطْنَبَ فِي عَدْوه إِذا مَضى فِيهِ بِاجْتِهَادٍ وَمُبَالَغَةٍ. وَفَرَسٌ فِي ظَهْرِه طَنَبٌ أَي طولٌ؛ وَفَرَسٌ أَطْنَبُ إِذا كَانَ طويلَ القَرَى، وَهُوَ عَيْبٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
لَقَدْ لَحِقْتُ بأُولى الخَيْلِ تَحْمِلُنِي ... كَبْداءُ، لَا شَنَجٌ فِيهَا وَلَا طَنَبُ
وطَنِبَ الفرسُ طَنَباً، وَهُوَ أَطْنَبُ، والأُنثى طَنْباءُ: طَالَ ظهرُه. وأَطْنَبَتِ الإِبلُ إِذا تَبِعَ بعْضُها بَعْضًا فِي السَّيْرِ. وأَطْنَبَتِ الريحُ إِذا اشتَدَّتْ فِي غُبارٍ. وخَيْلٌ أَطانيبُ: يَتْبَعُ بعضُها بَعْضًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
وَقَدْ رَأَى مُصْعَبٌ، فِي ساطِعٍ سَبِطٍ، ... مِنْهَا سَوابقَ غاراتٍ أَطَانِيبِ
يُقَالُ: رَأَيت إِطْنابةً مِنْ خَيْلٍ وطَيْرٍ؛ وَقَالَ النمرُ بْنُ تَوْلَبٍ:
كأَنَّ امْرَأً فِي الناسِ، كنتَ ابْنَ أُمّه، ... عَلَى فَلَجٍ، مِنْ بَطْنِ دِجْلَةَ، مُطْنِبِ
وفَلَجٌ: نَهْرٌ. ومُطْنِبٌ: بعيدُ الذَّهَابِ، يَعْنِي هَذَا النَّهْرَ؛ وَمِنْهُ أَطْنَبَ فِي الْكَلَامِ إِذا أَبْعَدَ؛ يَقُولُ: مَنْ كنتَ أَخاه، فإِنما هُوَ عَلَى بَحْر مِنَ البُحور، مِنَ الخِصْبِ والسَّعَةِ. والطُّنُبُ: خَبْراءُ مِنْ وَادِي ماوِيَّةَ؛ وماوِيَّةُ: ماءٌ لَبَنِي العَنْبر بِبَطْنِ فَلْج؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وأَنشد:
لَيْسَتْ مِنَ اللَّائِي تَلَهَّى بالطُّنُبْ، ... وَلَا الخَبِيراتِ مَعَ الشَّاءِ المُغِبّ
الخَبيراتُ: خَبْراواتٌ بالصَّلْعاءِ، صَلْعاء ماوِيَّة؛ سُمِّينَ بِذَلِكَ لأَنهنَّ انْخَبَرْنَ فِي الأَرض أَي انْخَفَضْنَ فاطْمَأَنَنَّ فِيهَا. وطَنَّبَ الذِّئبُ: عَوَى، عَنِ الهَجَريّ، قَالَ واسْتَعاره الشَّاعِرُ للسَّقْب فَقَالَ:
وطَنَّبَ السَّقْبُ كَمَا يَعْوي الذِّيبُ
طهلب: الطَّهْلَبَةُ: الذَّهَابُ فِي الأَرض، عن كراع.
طوب: يُقَالُ لِلدَّاخِلِ: طَوْبَةً وأَوْبَةً، يُريدونَ الطَّيِّبَ فِي الْمَعْنَى دُونَ اللَّفظ، لأَن تِلْكَ ياءٌ وَهَذِهِ وَاوٌ. والطُّوبَةُ: الآجُرَّة، شَامِيَّةٌ أَو رُومِيَّةٌ. قَالَ ثَعْلَبٌ، قَالَ أَبو عَمْرٍو: لَوْ أَمْكَنْتُ مِنْ نَفْسي مَا تَركُوا لِي طُوبَةً، يَعْنِي آجُرَّةً. الْجَوْهَرِيُّ: والطُّوبُ الْآجُرُّ. بِلُغَةِ أَهل مِصْرَ، والطُّوبَةُ الآجُرَّة، ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: فُلَانٌ لَا آجُرَّة لَهُ وَلَا طُوبَة؛ قَالَ: الآجر الطين.(1/562)
طيب: الطِّيبُ، عَلَى بِنَاءِ فِعْل، والطَّيِّب، نَعْتٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: الطَّيِّبُ خِلَافُ الخَبيث؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَمر كَمَا ذُكِرَ، إِلا أَنه قَدْ تَتَّسِعُ مَعَانِيهِ، فَيُقَالُ: أَرضٌ طَيِّبة لِلَّتِي تَصْلُح لِلنَّبَاتِ؛ ورِيحٌ طَيِّبَةٌ إِذا كَانَتْ لَيِّنةً لَيْسَتْ بِشَدِيدَةٍ؛ وطُعْمة طَيِّبة إِذا كَانَتْ حَلَالًا؛ وامرأَةٌ طَيِّبة إِذا كَانَتْ حَصاناً عَفِيفَةً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ
؛ وكلمةٌ طَيِّبة إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَكْرُوهٌ؛ وبَلْدَة طَيِّبة أَي آمنةٌ كثيرةُ الْخَيْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ
؛ ونَكْهة طَيِّبة إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَتْنٌ، وإِن لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِيحٌ طَيِّبة كرائحةِ العُود والنَّدِّ وَغَيْرِهِمَا؛ ونَفْسٌ طَيِّبة بِمَا قُدِّرَ لَهَا أَي رَاضِيَةٌ؛ وحِنْطة طَيِّبة أَي مُتَوَسِّطَة فِي الجَوْدَةِ؛ وتُرْبة طَيِّبة أَي طَاهِرَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً*
؛ وزَبُونٌ طَيِّبٌ أَي سَهْل فِي مُبايعَته؛ وسَبْيٌ طَيِّبٌ إِذا لَمْ يَكُنْ عَنْ غَدْر وَلَا نَقْض عَهْدٍ؛ وطعامٌ طَيِّب لِلَّذِي يَسْتَلِذُّ الآكلُ طَعْمه. ابْنُ سِيدَهْ: طَابَ الشيءُ طِيباً وطَاباً: لذَّ وزكَا. وطابَ الشيءُ أَيضاً يَطِيبُ طِيباً وطِيَبَةً وتَطْياباً؛ قَالَ عَلْقَمة:
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً، نَضْخُ العَبيرِ بِهَا، ... كَأَنَّ تَطْيابَها، فِي الأَنْفِ، مَشْمومُ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ
؛ مَعْنَاهُ كُنْتُمْ طَيِّبين فِي الدُّنْيَا فادخُلوها. والطَّابُ: الطَّيِّبُ والطِّيبُ أَيضاً، يُقالان جَمِيعًا. وشيءٌ طابٌ أَي طَيِّبٌ، إِما أَن يَكُونَ فَاعِلًا ذَهَبَتْ عَيْنُهُ، وإِما أَن يَكُونَ فِعْلًا؛ وَقَوْلُهُ:
يَا عُمَرَ بنَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابْ، ... مُقابِلَ الأَعْراقِ فِي الطَّابِ الطَّابْ
بَينَ أَبي العاصِ وآلِ الخَطَّابْ، ... إِنَّ وقُوفاً بفِناءِ الأَبْوابْ،
يَدْفَعُني الحاجِبُ بعْدَ البَوَّابْ، ... يَعْدِلُ عندَ الحُرِّ قَلْعَ الأَنْيابْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنما ذَهَبَ بِهِ إِلى التأْكيد وَالْمُبَالَغَةِ. وَيُرْوَى: فِي الطيِّب الطَّاب. وَهُوَ طَيِّبٌ وطابٌ والأُنثى طَيِّبَةٌ وطابَةٌ. وَهَذَا الشِّعْرُ يقوله كُثَيِّر ابنُ كُثَيِّر النَّوفَليُّ يمدحُ بِهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ مُقابِلَ الأَعْراقِ أَي هُوَ شريفٌ مِنْ قِبَل أَبيه وأُمه، فَقَدْ تَقابلا فِي الشَّرَفِ وَالْجَلَالَةِ، لأَنَّ عُمَرَ هُوَ ابْنُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ بْنِ أَبي الْعَاصِ، وأُمه أُم عَاصِمٍ بِنْتُ عَاصِمِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَدُّه مِنْ قِبل أَبيه أَبو الْعَاصِ جَدُّ جَدِّه، وجَدُّه مِنْ قِبل أُمه عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؛ وقولُ جَنْدَلِ بْنِ الْمُثَنَّى:
هَزَّتْ بَراعيمَ طِيابِ البُسْرِ
إِنما جُمِعَ طِيباً أَو طَيِّباً. والكلمةُ الطَّيِّبةُ: شهادةُ أَنْ لَا إِله إِلّا اللهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولِ اللَّهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الطَّيِّبِ والطَّيِّبات، وأَكثر مَا يَرِدُ بِمَعْنَى الْحَلَالِ، كَمَا أَن الْخَبِيثَ كِنَايَةٌ عَنِ الْحَرَامِ. وَقَدْ يَرِدُ الطَّيِّبُ بِمَعْنَى الطَّاهِرِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنَّهُ قَالَ لِعَمَّار مَرحباً بالطَّيِّبِ المُطَيَّبِ
أَي الطَّاهِرِ المُطَهَّرِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ «1» ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: بأَبي أَنتَ وأُمي، طِبْتَ حَيّاً، وطِبْتَ مَيِّتاً
أَي طَهُرتَ. والطَّيِّباتُ فِي التَّحِيَّاتِ أَي الطَّيِّباتُ من الصلاة
__________
(1) . قوله [ومنه حديث علي إلخ] المشهور حديث أبي بكر كذا هو في الصحيح انتهى. من هامش النهاية.(1/563)
والدعاءِ وَالْكَلَامِ مصروفاتٌ إِلى اللَّهِ تَعَالَى. وفلانٌ طَيِّبُ الإِزار إِذا كَانَ عَفِيفًا؛ قَالَ النَّابِغَةِ:
رِقاقُ النِّعالِ، طَيِّبٌ حُجُزاتُهم
أَراد أَنهم أَعِفَّاءُ عَنِ الْمَحَارِمِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ الْحَسَنُ. وَكَذَلِكَ قولُه تَعَالَى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ
؛ إِنما هُوَ الكَلِم الحَسَنُ أَيضاً كَالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يُفَسِّرْ ثَعْلَبٌ هَذِهِ الأَخيرة. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْكَلِمُ الطَّيِّبُ
توحيدُ اللَّهِ، وَقَوْلُ لَا إِله إِلَّا اللَّهُ، والْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ أَي يَرْفَعُ الكَلِمَ الطَّيِّبَ الَّذِي هُوَ التوحيدُ، حَتَّى يَكُونَ مُثبِتاً لِلْمُوَحِّدِ حقيقةَ التَّوْحِيدِ. وَالضَّمِيرُ فِي يَرْفَعُهُ عَلَى هَذَا رَاجِعٌ إِلى التَّوْحِيدِ. وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ ضَمِيرَ العملِ الصَّالِحِ أَي العملُ الصالحُ يَرْفَعُهُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ أَي لَا يُقْبَلُ عملٌ صالحٌ إِلَّا مِنْ مُوَحِّدٍ. وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ اللهُ تَعَالَى يَرْفَعُهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ، وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الطَّيِّبات مِنَ الْكَلَامِ، لِلطَّيِّبِينَ مِنَ الرِّجَالِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: الطيِّبات مِنَ النساءِ، للطيِّبين مِنَ الرِّجَالِ. وأَما قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ؟ قُلْ: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ
؛ الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَرَبُ. وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَقْذِرُ أَشياء كَثِيرَةً فَلَا تأْكلها، وَتَسْتَطِيبُ أَشياءَ فتأْكلها، فأَحلَّ اللَّهُ لَهُمْ مَا اسْتَطَابُوهُ، مِمَّا لَمْ يَنْزِلُ بِتَحْرِيمِهِ تِلاوةٌ مِثْل لُحُومِ الأَنعام كُلِّهَا وأَلبانها، وَمِثْلُ الدَّوَابِّ الَّتِي كَانُوا يأْكلونها، مِنَ الضِّباب والأَرانب وَالْيَرَابِيعِ وَغَيْرِهَا. وفلانٌ فِي بيتٍ طَيِّبٍ: يُكَنَّى بِهِ عَنْ شَرَفِهِ وَصَلَاحِهِ وطِيبِ أَعْراقِه. وَفِي حَدِيثِ
طَاوُوسٍ: أَنه أَشْرَفَ عَلَى عليِّ بْنِ الحُسَين سَاجِدًا فِي الحِجْر، فقلتُ: رجلٌ صَالِحٌ مِنْ بَيْتٍ طَيِّبٍ.
والطُّوبى: جَمَاعَةُ الطَّيِّبة، عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ: وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا الكُوسى فِي جَمْعِ كَيِّسَة، والضُّوقى فِي جمع ضَيِّقة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي فِي كُلِّ ذَلِكَ أَنه تأْنيثُ الأَطْيَبِ والأَضْيَقِ والأَكْيَسِ، لأَنَّ فُعْلى ليسَت مِنْ أَبنية الْجُمُوعِ. وَقَالَ كُرَاعٌ: وَلَمْ يَقُولُوا الطِّيبى، كَمَا قَالُوا الكِيسَى فِي الْكُوسَى، والضِّيقَى فِي الضُّوقى. والطُّوبى: الطيِّبُ، عَنِ السَّيْرَافِيِّ. وطُوبى: فُعْلى مِنَ الطِّيبِ؛ كأَن أَصله طُيْبَى، فَقَلَبُوا الْيَاءَ وَاوًا لِلضَّمَّةِ قَبْلَهَا؛ وَيُقَالُ: طُوبى لَك وطُوبَاك، بالإِضافة. قَالَ يَعْقُوبُ: وَلَا تَقُل طُوبِيكَ، بِالْيَاءِ. التَّهْذِيبُ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ طُوبى لك، ولا تقل طُوبَاك. وَهَذَا قَوْلُ أَكثر النَّحْوِيِّينَ إِلا الأَخفش فإِنه قَالَ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُضيفها فَيَقُولُ: طُوباك. وَقَالَ أَبو بَكْرٍ: طُوباكَ إِن فَعَلْتَ كَذَا، قَالَ: هَذَا مِمَّا يَلْحَنُ فِيهِ الْعَوَامُّ، وَالصَّوَابُ طُوبى لَكَ إِن فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا. وطُوبى: شَجَرَةٌ فِي الْجِنَّةُ، وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ
. وَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ بِالْآيَةِ مَذْهبَ الدُّعاء، قَالَ: هُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ يَدُلُّكَ عَلَى رَفْعِهِ رفعُ: وَحُسْنُ مَآبٍ. قَالَ ثَعْلَبٌ: وقُرِئَ طُوبى لَهُمْ وحُسْنَ مآبٍ، فَجَعَلَ طُوبى مَصْدَرًا كَقَوْلِكَ: سَقْياً لَهُ. وَنَظِيرُهُ مِنَ الْمَصَادِرِ الرُّجْعَى، وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَن مَوْضِعَهُ نَصْبٌ بِقَوْلِهِ وحُسْنَ مآبٍ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَحَكَى أَبو حَاتِمٍ سهلُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّجِسْتاني، فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فِي القراءَات، قَالَ: قرأَ عليَّ أَعرابي بِالْحَرَمِ: طِيبَى لَهُمْ، فأَعَدْتُ فقلتُ: طُوبى، فَقَالَ: طِيبى، فأَعَدْتُ فَقُلْتُ: طُوبى، فَقَالَ: طِيبَى. فَلَمَّا طال عليَّ قلت: طُوطُو، فَقَالَ: طِي طِي. قَالَ الزَّجَّاجُ:(1/564)
جاءَ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَن طُوبى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ.
وَقِيلَ: طُوبى لَهُمْ
حُسْنَى لَهُمْ، وَقِيلَ: خَيْر لَهُمْ، وَقِيلَ: خِيرَةٌ لَهُمْ. وَقِيلَ: طُوبى اسْمُ الْجَنَّةِ بالهِنْدية «1» . وَفِي الصِّحَاحِ: طُوبى اسْمُ شَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ أَبو إِسحاق: طُوبى فُعْلى مِنَ الطِّيبِ، وَالْمَعْنَى أَن العيشَ الطَّيِّبَ لَهُمْ، وكلُّ مَا قِيلَ مِنَ التَّفْسِيرِ يُسَدِّد قولَ النَّحْوِيِّينَ إِنها فُعْلى مِنَ الطِّيبِ. وَرُوِيَ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنه قَالَ: طُوبى اسْمُ الْجَنَّةِ بِالْحَبَشِيَّةِ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: طُوبى لَهُمْ
مَعْنَاهُ الحُسْنَى لَهُمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: طُوبى كَلِمَةٌ عَرَبِيَّةٌ، تَقُولُ الْعَرَبُ: طُوبى لَكَ إِن فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا؛ وأَنشد:
طُوبى لِمَنْ يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بالقُرَى، ... ورِسْلًا بيَقْطِينِ العِراقِ وفُومها
الرِّسْلُ: اللَّبَنُ. والطَّوْدُ الجَبلُ. واليَقْطِينُ: القَرْعُ؛ أَبو عُبَيْدَةَ: كُلُّ وَرَقَةٍ اتَّسَعَتْ وسَتَرَتْ فَهِيَ يَقطِينٌ. والفُوم: الخُبْزُ والحِنْطَةُ؛ وَيُقَالُ: هُوَ الثُّومُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الإِسلام بَدأَ غَرِيبًا، وسَيَعُود غَرِيبًا كَمَا بدأَ، فطُوبى للغُرباءِ
؛ طُوبى: اسْمُ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: شَجَرَةٌ فِيهَا، وأَصلها فُعْلى مِنَ الطِّيبِ، فَلَمَّا ضُمَّتِ الطَّاءُ، انْقَلَبَتِ الْيَاءُ وَاوًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
طُوبى للشَّأْمِ لأَن الْمَلَائِكَةَ باسطةٌ أَجنحتَها عليها
؛ المراد بِهَا هَاهُنَا: فُعْلى مِنَ الطِّيبِ، لَا الْجَنَّةُ وَلَا الشَّجَرَةُ. واسْتَطَابَ الشيءَ: وجَدَه طَيِّباً. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَطْيَبَه، وَمَا أَيْطَبه، مقلوبٌ مِنْهُ. وأَطْيِبْ بِهِ وأَيْطِبْ بِهِ، كُلُّهُ جَائِزٌ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: اسْتَطْيَبَه، قَالَ: جاءَ عَلَى الأَصل، كَمَا جاءَ اسْتَحْوَذَ؛ وَكَانَ فِعْلُهُمَا قَبْلَ الزِّيَادَةِ صَحِيحًا، وإِن لَمْ يُلفظ بِهِ قَبْلَهَا إِلا مُعْتَلًّا. وأَطابَ الشيءَ وطَيَّبَه واسْتَطَابه: وجَدَه طَيِّباً. والطِّيبُ: مَا يُتَطَيَّبُ بِهِ، وَقَدْ تَطَيَّبَ بالشيءِ، وطَيَّبَ الثوبَ وطابَهُ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ:
فكأَنَّها تُفَّاحةٌ مَطْيُوبة
جاءَت عَلَى الأَصل كمَخْيُوطٍ، وَهَذَا مُطَّرِدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
شَهِدْتُ، غُلَامًا، مَعَ عُمومتي، حِلْفَ المُطَيَّبِين. اجتمَع بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو زُهْرَة، وتَيْمٌ فِي دارِ ابْنِ جُدْعانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَجَعَلُوا طِيباً فِي جَفْنةٍ، وغَمَسُوا أَيديَهم فِيهِ، وتَحالفُوا عَلَى التَّنَاصُرِ والأَخذ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ، فسُمُّوا المُطَيَّبين
؛ وَسَنَذْكُرُهُ مُسْتَوْفىً فِي حَلَفَ. وَيُقَالُ: طَيَّبَ فلانٌ فُلَانًا بالطِّيب، وطَيَّبَ صَبِيَّه إِذا قارَبه وَنَاغَاهُ بِكَلَامٍ يُوَافِقُهُ. والطِّيبُ والطِّيبَةُ: الحِلُّ. وَقَوْلُ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، وَهُوَ مَحْصُورٌ: الْآنَ طَابَ القِتالُ
أَي حَلَّ؛ وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى،
فَقَالَ: الْآنَ طابَ امْضَرْبُ
؛ يُرِيدُ طابَ الضَّربُ والقتلُ أَي حَلَّ القتالُ، فأَبدل لَامَ التَّعْرِيفِ مِيمًا، وَهِيَ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ
أَي كُلُوا مِنَ الْحَلَالِ، وكلُّ مأْكولٍ حلالٍ مُسْتَطابٌ؛ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا. وإِنما خُوطب بِهَذَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ؛ فتَضَمَّنَ الخطابُ أَن الرُّسُلَ جَمِيعًا كَذَا أُمِرُوا. قَالَ الزَّجَّاجُ: ورُوي
أَن عِيسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَانَ يأْكل مِنْ غَزْلِ أُمِّه.
وأَطْيَبُ الطَّيِّبات: الغَنائمُ. وَفِي حَدِيثِ هَوازِنَ:
مَنْ أَحَبَّ أَن يُطَيِّبَ ذَلِكَ مِنْكُمْ
أَي يُحَلِّله ويُبِيحَه.
__________
(1) . قوله [بالهندية] قال الصاغاني فعلى هذا يكون أصلها توبى بالتاء فعربت فإنه ليس في كلام أهل الهند طاء.(1/565)
وسَبْيٌ طِيبةٌ، بِكَسْرِ الطاءِ وَفَتْحِ الياءِ: طَيِّبٌ حِلٌّ صحيحُ السِّبَاءِ، وَهُوَ سَبْيُ مَنْ يَجُوزُ حَرْبُه مِنَ الِكُفَّارِ، لَمْ يَكُنْ عَنْ غَدْرٍ وَلَا نَقْضِ عَهْدٍ. الأَصمعي: سَبْيٌ طِيَبة أَي سَبْيٌ طَيِّبٌ، يَحِلُّ سَبْيُه، لَمْ يُسْبَوْا وَلَهُمْ عَهْدٌ أَو ذِمَّةٌ؛ وَهُوَ فِعَلَة مِنَ الطِّيبِ، بِوَزْنِ خِيَرةٍ وتِوَلةٍ؛ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ كَذَلِكَ. والطِّيبُ مِنْ كُلِّ شيءٍ: أَفضَلُه. والطَّيِّباتُ مِنَ الْكَلَامِ: أَفضَلُه وأَحسنُه. وطِيَبَةُ الكَلإِ: أَخْصَبُه. وطِيَبَةُ الشَّرابِ: أَجمُّه وأَصْفاه. وطابَت الأَرضُ طِيباً: أَخْصَبَتْ وأَكْلأَتْ. والأَطْيَبانِ: الطعامُ والنكاحُ، وَقِيلَ: الفَمُ والفَرْجُ؛ وَقِيلَ: هُمَا الشَّحْمُ والشَّبابُ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وذهَبَ أَطْيَباه: أَكْلُه ونِكاحُه؛ وَقِيلَ: هُمَا النَّوم والنكاحُ. وطايَبه: مازَحَه. وشَرابٌ مَطْيَبةٌ للنَّفْسِ أَي تَطِيبُ النفسُ إِذا شَرِبَتْهُ. وَطَعَامٌ مَطْيَبةٌ لِلنَّفْسِ أَي تَطِيبُ عَلَيْهِ وَبِهِ. وَقَوْلُهُمْ: طِبْتُ بِهِ نَفْسًا أَي طابَتْ نَفْسِي بِهِ. وَطَابَتْ نَفْسُه بالشيءِ إِذا سَمَحَت بِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَلَا غَضَب. وَقَدْ طابَتْ نَفْسِي عَنْ ذَلِكَ تَرْكاً، وطابَتْ عَلَيْهِ إِذا وافقَها؛ وطِبْتُ نَفْساً عَنْهُ وَعَلَيْهِ وَبِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً
. وفَعَلْتُ ذَلِكَ بِطِيبةِ نَفْسِي إِذا لَمْ يُكْرِهْك أَحدٌ عَلَيْهِ. وَتَقُولُ: مَا بِهِ مِنَ الطِّيبِ، وَلَا تَقُلْ: مِنَ الطِّيبَةِ. وماءٌ طُيَّابٌ أَي طَيِّبٌ، وشيءٌ طُيَّابٌ، بِالضَّمِّ، أَي طَيِّبٌ جِدًّا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نحنُ أَجَدْنا دُونَها الضِّرَابا، ... إِنَّا وَجَدْنا ماءَها طُيَّابا
واسْتَطَبْناهم: سأَلْناهُم مَاءً عَذْبًا؛ وَقَوْلُهُ:
فَلَمَّا اسْتَطابُوا، صَبَّ فِي الصَّحْنِ نِصْفَهُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ ذاقُوا الْخَمْرَ فاسْتَطابوها، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ قَوْلِهِمْ: اسْتَطَبْناهم أَي سأَلْناهم مَاءً عَذْبًا؛ قَالَ: وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي. وماءٌ طَيِّبٌ إِذا كَانَ عَذْبًا، وطَعامٌ طَيِّبٌ إِذا كَانَ سَائِغًا فِي الحَلْق، وفلانٌ طَيِّبُ الأَخلاق إِذا كَانَ سَهْلَ المُعاشرة، وبلدٌ طَيِّبٌ لَا سِباخَ فِيهِ، وماءٌ طَيِّبٌ أَي طَاهِرٌ. ومَطايِبُ اللحْم وَغَيْرِهِ: خِيارُه وأَطْيَبُه؛ لَا يُفْرَدُ، وَلَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَهُوَ مِنْ بَابِ مَحاسِنَ ومَلامِحَ؛ وَقِيلَ: وَاحِدُهَا مَطابٌ ومَطابةٌ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ مِنْ مَطايِبِ الرُّطَبِ، وأَطَايِبِ الجَزُور. وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَطْعِمنا مِنْ مَطايِبِ الجَزُور، وَلَا يُقَالُ مِنْ أَطايِبِ. وَحَكَى السِّيرَافِيُّ: أَنه سأَل بَعْضَ الْعَرَبِ عَنْ مَطَايِبِ الجَزُور، مَا وَاحِدُهَا؟ فَقَالَ: مَطْيَبٌ، وضَحِكَ الأَعرابي مِنْ نَفْسِهِ كَيْفَ تَكَلَّفَ لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ. وَفِي الصِّحَاحِ: أَطْعَمَنا فلانٌ مِنْ أَطايِبِ الجَزُور، جَمْعُ أَطْيَبَ، وَلَا تَقُلْ: مِنْ مَطايِبِ الجَزُور؛ وَهَذَا عَكْسُ مَا فِي الْمُحْكَمِ. قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ ذَكَرَ الجَرْمِيُّ فِي كِتَابِهِ المعروف بالفَرْق، فِي بابِ مَا جاءَ جَمْعُه عَلَى غَيْرِ وَاحِدِهِ الْمُسْتَعْمَلِ، أَنه يُقَالُ: مَطايِبُ وأَطايِبُ، فَمَنْ قَالَ: مَطايِبُ فَهُوَ عَلَى غَيْرِ وَاحِدِهِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَمَنْ قَالَ: أَطايب، أَجراه عَلَى وَاحِدِهِ الْمُسْتَعْمَلِ. الأَصمعي: يُقال أَطْعِمْنا مِنْ مَطَايِبِهَا وأَطَايِبها، واذكُرْ مَنانَتها وأَنانَتَها، وامرأَة حَسَنَة المَعاري، والخيلُ تجْري عَلَى مَساويها؛ الواحدةُ مَسْواة، أَي عَلَى مَا فِيهَا مِنَ السُّوءِ، كَيْفَمَا(1/566)
تَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ هُزالٍ أَو سُقوطٍ مِنْهُ. والمحاسِنُ والمَقالِيدُ: لَا يُعرف لِهَذِهِ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: وَاحِدُ المَطايِب مَطْيَبٌ، وَوَاحِدُ المَعاري مَعْرًى، وَوَاحِدُ المَسَاوي مَسْوًى. وَاسْتَعَارَ أَبو حَنِيفَةَ الأَطايِبَ للكَلإِ فَقَالَ: وإِذا رَعَتِ السائمةُ أَطايبَ الكَلإِ رَعْياً خَفِيفًا. والطَّابة: الخَمْر؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنها بِمَعْنَى طَيِّبة، والأَصل طَيِّبةٌ. وَفِي حَدِيثِ
طَاوُوسٍ: سُئِلَ عَنِ الطَّابَةِ تُطْبَخُ عَلَى النِّصْفِ
؛ الطَّابةُ: العَصِيرُ؛ سُمِّيَ بِهِ لطِيبِه؛ وإِصلاحه عَلَى النِّصْفِ: هُوَ أَن يُغْلى حَتَّى يَذْهَب نِصْفه. والمُطِيبُ، والمُسْتَطِيبُ: الْمُسْتَنْجِي، مُشتق مِنَ الطِّيبِ؛ سُمِّيَ اسْتِطَابة، لأَنه يَطِيبُ جَسَدُه بِذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَ الْخَبَثِ. والاسْتِطابة: الاسْتِنْجاء. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه نَهَى أَن يَسْتَطِيبَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ
؛ الاستطابةُ والإِطَابةُ: كِنَايَةٌ عَنِ الِاسْتِنْجَاءِ؛ وَسُمِّيَ بِهِمَا مِنَ الطِّيبِ، لأَنه يُطِيبُ جَسَدَه بإِزالة مَا عَلَيْهِ مِنَ الخَبَث بالاستنجاءِ أَي يُطَهِّره. وَيُقَالُ مِنْهُ: استطابَ الرَّجُلُ فَهُوَ مُسْتَطِيب، وأَطابَ نَفْسَه فَهُوَ مُطِيب؛ قَالَ الأَعشى:
يَا رَخَماً قاظَ عَلى مَطْلُوبِ، ... يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيبِ «2»
وَفِي الْحَدِيثِ:
ابْغِني حَديدَةً أَسْتَطِيبُ بِهَا
؛ يريد حَلْقَ العانة، لأَنه تَنْظِيفٌ وإِزالة أَذىً. ابْنُ الأَعرابي: أَطابَ الرجلُ واسْتَطابَ إِذا اسْتَنْجَى، وأَزالَ الأَذى. وأَطابَ إِذا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ طَيِّب. وأَطابَ: قَدَّمَ طَعَامًا طَيِّباً. وأَطابَ: ولَدَ بَنِينَ طَيِّبِين. وأَطابَ: تزَوَّجَ حَلالًا؛ وأَنشدت امرأَة:
لَما ضَمِنَ الأَحْشاءُ مِنكَ عَلاقةً، ... وَلَا زُرْتَنا، إِلا وأَنتَ مُطِيبُ
أَي مُتَزَوِّجٌ؛ هَذَا قَالَتْهُ امرأَة لخِدْنِها. قَالَ: وَالْحَرَامُ عِنْدَ العُشَّاق أَطْيَب؛ وَلِذَلِكَ قَالَتْ:
وَلَا زُرْتَنَا، إِلا وأَنت مُطِيب
وطِيبٌ وطَيْبةٌ: مَوْضِعَانِ. وَقِيلَ: طَيْبةُ وطَابةُ الْمَدِينَةُ، سَمَّاهَا بِهِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: سَمَّاهَا النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بعدّةِ أَسماء وَهِيَ: طَيْبة، وطَيِّبةُ، وطابَةُ، والمُطَيَّبة، والجابِرةُ، والمَجْبورة، والحَبِيبة، والمُحَبَّبة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فأَصْبحَ مَيْموناً بطَيْبةَ راضِيا
وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ مِنْ أَسمائها سِوَى طَيْبة، بِوَزْنِ شَيْبة. قَالَ ابْنُ الأَثير فِي الْحَدِيثِ:
أَنه أَمر أَنْ تُسَمّى الْمَدِينَةُ طَيْبةَ وطابَة
، هُمَا مِنَ الطِّيبِ لأَن الْمَدِينَةَ كَانَ اسْمُهَا يَثْرِبَ، والثَّرْبُ الْفَسَادُ، فنَهى أَن تُسَمَّى بِهِ، وَسَمَّاهَا طابةَ وطَيْبةَ، وَهُمَا تأْنيثُ طَيْبٍ وَطَابٍ، بِمَعْنَى الطِّيبِ؛ قَالَ: وَقِيلَ هُوَ مِنَ الطَّيِّبِ الطَّاهِرِ، لِخُلُوصِهَا مِنَ الشِّرْكِ، وَتَطْهِيرِهَا مِنْهُ. وَمِنْهُ: جُعِلَتْ لِي الأَرضُ طَيِّبةً طَهُوراً أَي نَظِيفَةً غَيْرَ خَبِيثَةٍ. وعِذْقُ ابْنِ طابٍ: نخلةٌ بِالْمَدِينَةِ؛ وَقِيلَ: ابنُ طابٍ: ضَرْبٌ مِنَ الرُّطَبِ هُنَالِكَ. وَفِي الصِّحَاحِ: وتمر بالمدينة يُقَالُ لَهُ عِذْقُ ابْنِ طابٍ، ورُطَبُ ابْنِ طابٍ. قَالَ: وعِذْقُ ابْنِ طابٍ، وعِذْقُ ابْنِ زَيْدٍ ضَرْبانِ مِنَ التَّمْرِ. وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيا:
رأَيتُ كأَننا فِي دارِ ابنِ زَيْدٍ، وأُتِينَا بِرُطَبِ ابنِ طَابٍ
؛ قال ابن
__________
(2) . قوله [على مطلوب] كذا بالتهذيب أيضاً ورواه في التكملة على ينخوب.(1/567)
الأَثير: هُوَ نوعٌ مِنَ تَمْرِ الْمَدِينَةِ، منسوبٌ إِلى ابْنِ طابٍ، رجلٍ مِنْ أَهلها. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ: وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابنِ طابٍ.
والطِّيَابُ: نَخْلَةٌ بِالْبَصْرَةِ إِذا أَرْطَبَتْ، فَتُؤخّر عَنِ اخْتِرافِها، تَساقَطَ عَنْ نَواه فبَقِيتِ الكِباسَةُ لَيْسَ فِيهَا إِلا نَوًى مُعَلَّقٌ بالتَّفاريق، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ كِبارٌ. قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذا اخْتُرِفَتْ وَهِيَ مُنْسَبتَة لَمْ تَتْبَعِ النَّواةُ اللِّحاءَ، وَاللَّهُ أَعلم.
فصل الظاء المعجمة
ظأب: الظَّأْبُ: الزَّجَلُ. والظَّأْبُ والظَّأْمُ، مَهْمُوزَانِ: السِّلْفُ. تَقُولُ: هُوَ ظَأْبُه وظَأْمُه؛ وَقَدْ ظاءَبه وظَاءَمَه، وتَظاءَبا، وتَظاءَما إِذا تَزَوَّجْتَ أَنت امرأَة، وَتَزَوَّجَ هُوَ أُختها. اللِّحْيَانِيُّ: ظاءَبني فُلانٌ مُظاءَبةً، وظاءَمَني إِذا تَزَوَّجْتَ أَنت امرأَة وَتَزَوَّجَ هُوَ أُختها. وفلانٌ ظَأْبُ فلانٍ أَي سلْفُه، وَجَمْعُهُ أَظْؤُبٌ. وحُكي عَنْ أَبي الدُّقَيْشِ فِي جَمْعِهِ ظُؤُوبٌ. والظَّأْبُ: الكلامُ والجَلَبةُ والصَّوْتُ. ابْنُ الأَعرابي: ظَأَب إِذا جَلَّبَ، وظَأَب إِذا تَزَوَّجَ، وظَأَب إِذا ظَلَم. والأَعْرَفُ أَن الظَّأْب السِّلْفُ، مَهْمُوزٌ، وأَن الصوتَ والجَلَبة وصِياحَ التَّيْسِ، كُلُّ ذَلِكَ مَهْمُوزٌ. الأَصمعي قَالَ: سَمِعْتُ ظَأْبَ تَيْسِ فلانٍ وظَأْمَ تيسِه، وَهُوَ صياحُه فِي هِياجِه؛ وأَنشد لأَوْس بْنِ حَجَرٍ:
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوى زَنِيمُ، ... لَهُ ظَأْبٌ كَمَا صَخِبَ الغَرِيمُ
قَالَ: وَلَيْسَ أَوْسُ بنُ حَجَر هَذَا هُوَ التَّيْمِيَّ، لأَن هَذَا لَمْ يَجِئْ فِي شِعْرِهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيت للمُعَلَّى بْنِ جَمالٍ العَبْدي. يَصُوعُ أَي يَسُوقُ ويَجْمَعُ. وعُنُوق: جَمْعُ عَناقٍ، للأُنثى مِنْ وَلد المَعزِ. والأَحْوى: أَراد بِهِ تَيْساً أَسْوَدَ. والحُوَّةُ: سوادٌ يَضْرِبُ إِلى حُمْرةٍ. والزَّنيم: الَّذِي لَهُ زَنَمتانِ في حَلْقه.
ظبب: ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ
الْبَرَاءِ: فَوَضَعْتُ ظَبِيبَ السَّيْفِ فِي بَطْنِه
؛ قَالَ: قَالَ الحَرْبِيُّ هَكَذَا رُوِي وإِنما هُوَ ظُبَةُ السَّيْفِ، وَهُوَ طَرَفُه، ويُجْمع عَلَى الظُّباةِ والظُّبِينَ. وأَما الضَّبِيبُ، بِالضَّادِ: فسيلانُ الدَّمِ مِنَ الْفَمِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ أَبو مُوسَى إِنما هُوَ بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ.
ظبظب: التَّهْذِيبَ: أَما ظَبَّ فإِنه لَمْ يُستعمل إِلَّا مكرَّراً. والظَّبْظَابُ: كلامُ المُوعِدِ بِشَرٍّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
مُواغِدٌ جاءَ لَهُ ظَبْظابُ
قَالَ: والمُواغِدُ، بِالْغَيْنِ: المُبادِرُ المُتَهَدِّدُ. أَبو عَمْرٍو: ظَبْظَبَ إِذا صَاحَ. وَلَهُ ظَبْظابٌ أَي جَلَبةٌ؛ وأَنشد:
جاءَتْ، معَ الصُّبْحِ، لَهَا ظَبَاظِبُ، ... فغَشِيَ الذَّارَةَ مِنها عَاكِبُ
ابْنُ سِيدَهْ: يُقَالُ مَا بِهِ ظَبْظابٌ أَي مَا بِهِ قَلَبَةٌ. وَقِيلَ: مَا بِهِ شيءٌ مِنَ الوَجَع؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
كأَنَّ بِي سُلًّا، وَمَا بِيَ ظَبْظابْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده [وَمَا مِنْ ظَبْظَابْ] وَبَعْدَهُ:
بِي، والبِلى أَنْكَرُ تِيكَ الأَوْصابْ
قَالَ ابْنُ بَري: وَفِي هَذَا الْبَيْتِ شَاهِدٌ عَلَى صِحَّةِ السِّلِّ، لأَنَّ الْحَرِيرِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ دُرَّة الغَوَّاص، أَنه مِنْ غَلَطِ الْعَامَّةِ، وصوابُه عِنْدَهُ السُّلال. وَلَمْ يُصِبْ(1/568)
فِي إِنكاره السِّلَّ، لِكَثْرَةِ مَا جاءَ فِي أَشْعار الفُصحاءِ؛ وَقَدْ ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ أَيضاً. والأَوْصابُ: الأَسقام، الْوَاحِدُ وَصَبٌ. والأَصل فِي الظَّبْظاب بَثْرٌ يَخْرُجُ بَيْنَ أَشفار الْعَيْنِ، وَهُوَ القَمَعُ، يُدَاوى بِالزَّعْفَرَانِ. وَقِيلَ مَا بِهِ ظَبْظابٌ أَي مَا بِهِ عَيْب؛ قَالَ:
بُنَيَّتِي لَيْسَ بِهَا ظَبْظابُ
والظَّبْظابُ: البَثْرة فِي جَفْن الْعَيْنِ، تُدْعَى الجُدْجُدَ؛ وَقِيلَ: هُوَ بَثْرٌ يَخْرُجُ بِالْعَيْنِ. ابْنُ الأَعرابي: الظَّبْظابُ الْبَثْرَةُ الَّتِي تَخْرُجُ فِي وُجُوهِ المِلاحِ. والظَّبْظابُ: دَاءٌ يُصِيبُ الإِبلَ. ابْنُ سِيدَهْ: الظَّبْظابُ أَصواتُ أَجْواف الإِبل من شدَّة الْعَطَشِ، حَكَاهَا ابْنُ الأَعرابي. والظَّبْظابُ: الصياحُ والجَلَبة. وظَباظِبُ الغَنم: لَبالِبُها، وَهِيَ أَصواتُها وجَلَبَتُها؛ وَقَوْلُهُ: [جاءَتْ معَ الشَّرْبِ لَهَا ظباظِبُ] يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهِ أَصواتَ أَجواف الإِبل من الْعَطَشِ، وَيَجُوزُ أَن يَعْنِيَ بِهَا أَصوات مَشْيِهَا؛ وَقَوْلُهُ أَيضاً: [مُواغِدٌ جاءَ لَهُ ظَباظِبُ] فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ بالجَلَبة، وبأَنَّ ظَباظِبَ جمعُ ظَبْظَبَةٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ ظَبْظابٍ، عَلَى حَذْفِ الياءِ لِلضَّرُورَةِ؛ كَقَوْلِهِ:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا
ظرب: الظَّرِبُ، بِكَسْرِ الراءِ: كلُّ مَا نَتأَ مِنَ الْحِجَارَةِ، وحُدَّ طَرَفُه؛ وَقِيلَ: هو الجَبَل المُنْبَسِط؛ وَقِيلَ: هُوَ الجَبَلُ الصَّغِيرُ؛ وَقِيلَ: الرَّوابي الصِّغَارُ، والجمعُ: ظِرابٌ؛ وَكَذَلِكَ فُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ:
الشَّمْسُ عَلَى الظِّرَابِ.
وَفِي حَدِيثِ الاستسقاءِ:
اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ، والظِّرابِ، وبُطونِ الأَوْدية، والتِّلالِ.
والظِّرابُ: الرَّوابي الصِّغارُ، وَاحِدُهَا ظَرِبٌ، بِوَزْنِ كَتِفٍ، وَقَدْ يُجْمَعَ، فِي الْقِلَّةِ، عَلَى أَظْرُبٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَيْنَ أَهْلُكَ يَا مَسْعُودُ؟ فَقَالَ: بِهَذِهِ الأَظْرُبِ السَّوَاقِطِ
؛ السَّواقِطُ: الخاشعةُ المنخفضةُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهَا: رأَيتُ كأَني عَلَى ظَرِبٍ.
ويُصَغَّر عَلَى ظُرَيْبٍ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي أُمامة فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ: حَتَّى ينزلَ عَلَى الظُّرَيْبِ الأَحمر.
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذا غَسَقَ الليلُ عَلَى الظِّرابِ
؛ إِنما خَصَّ الظِّراب لِقَصرها؛ أَراد أَنّ ظُلْمة اللَّيْلِ تَقْرُبُ مِنَ الأَرض. اللَّيْثُ: الظَّرِبُ مِنَ الْحِجَارَةِ مَا كَانَ ناتِئاً فِي جَبَلٍ، أَو أَرضٍ خَرِبةٍ، وَكَانَ طَرَفُه الثَّانِي مُحَدَّداً، وإِذا كَانَ خِلْقَةُ الجَبَلِ كَذَلِكَ، سُمِّيَ ظَرِباً. وَقِيلَ: الظَّرِبُ أَصْغَرُ الإِكامِ وأَحَدُّه حَجراً، لَا يَكُونُ حَجَرُه إِلَّا طُرَراً، أَبيضُه وأَسْودُه وكلُّ لونٍ، وَجَمْعُهُ: أَظْرابٌ. والظَّرِبُ: اسْمُ رَجُلٍ، مِنْهُ. وَمِنْهُ سُمِّي عامِرُ بْنُ الظَّرِبِ العَدْوانيّ، أَحدُ فُرسانِ بَنِي حِمَّانَ بنِ عبدِ العُزَّى؛ وَفِي الصِّحَاحِ: أَحَدُ حُكَّامِ العَرَب. قَالَ مَعْدِيكرب، المعروفُ بغَلْفاءَ، يَرْثِي أَخاه شُرَحْبيلَ، وَكَانَ قُتِلَ يومَ الكُلابِ الأَوَّل:
إِنَّ جَنْبِي عَنِ الفِراشِ لَنابِ، ... كَتَجافي الأَسَرّ فَوْقَ الظِّرابِ
مِنْ حديثٍ نَمَى إِليَّ، فَمَا تَرْقأُ ... عَيْني، وَلَا أُسِيغُ شَرابِي
مِنْ شُرَحْبيلَ، إِذ تَعاوَرَهُ الأَرْماحُ ... فِي حالِ صَبْوةٍ وشَبَاب
والكُلابُ: اسمُ ماءٍ. وَكَانَ ذَلِكَ اليومَ رَئِيسَ بَكْرٍ. والأَسَرُّ: الْبَعِيرُ الَّذِي فِي كِرْكِرَتِه(1/569)
دَبْرَةٌ؛ وَقَالَ المُفَضَّلُ: المُظَرَّبُ الَّذِي لَوَّحَتْهُ الظِّرابُ؛ قَالَ رؤُبة:
شَدَّ الشَّظِيُّ الجَنْدَلَ المُظَرَّبا
وَقَالَ غَيْرُهُ: ظُرِّبَتْ حَوافِرُ الدابةِ تَظْريباً، فَهِيَ مُظَرَّبة، إِذا صَلُبَتْ واشْتَدَّتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لَهُ فرسٌ يُقَالُ لَهُ الظَّرِبُ
، تَشْبِيهًا بالجُبَيْل، لقُوَّته. وأَظْرابُ اللِّجَامِ: العُقَدُ الَّتِي فِي أَطْرافِ الحَديدِ؛ قَالَ:
بادٍ نَواجِذُه عنِ الأَظْرابِ
وَهَذَا البيتُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ شَاهِدًا عَلَى قَوْلِهِ: والأَظْرابُ أَسْناخُ الأَسْنانِ؛ قَالَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ:
ومُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحالةِ سابِحٍ، ... بادٍ نَواجِذُه عنِ الأَظْرابِ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ للَبيد يَصِفُ فَرَسًا، وَلَيْسَ لِعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، وَكَذَلِكَ أَورده الأَزهري لِلَبِيدٍ أَيضاً، وَقَالَ: يَقُولُ يُقَطِّعُ حَلَقَ الرِّحالةِ بوثُوبِه، وتَبْدو نَواجِذُه، إِذا وَطِئَ عَلَى الظِّرابِ أَي كَلَح. يَقُولُ: هُوَ هَكَذَا، وَهَذِهِ قُوَّتُه، قَالَ: وَصَوَابُهُ ومُقَطِّعٌ، بِالرَّفْعِ، لأَن قَبْلَهُ:
تَهْدي أَوائِلَهُنَّ كلُّ طِمِرَّةٍ، ... جَرْداءُ مثلُ هِراوةِ الأَعْزابِ
والنَّواجذُ، هَاهُنَا: الضَّواحِكُ؛ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْهَرَوِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نواجذُه
؛ قَالَ: لأَن جُلَّ ضَحِكِه كَانَ التَّبَسُّمَ. والنواجذُ: هُنَا: آخِرُ الأَضراس، وَذَلِكَ لَا يَبينُ عِنْدَ الضَّحِك. وَيُقَوِّي أَن الناجذَ الضاحكُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
وَلَوْ سأَلَتْ عنِّي النَّوارُ وقَوْمُها، ... إِذَنْ لَمْ تُوارِ الناجِذَ الشَّفَتانِ
وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
بارِزاً ناجذاه، قد بَرَدَ المَوْتُ، ... عَلَى مُصْطَلاهُ، أَيَّ بُرودِ
والظُّرُبُّ، عَلَى مِثَالِ عُتُلٍّ: الْقَصِيرُ الغليظُ اللَّحِيمُ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وأَنشد:
يَا أُمَّ عبدِ اللهِ أُمَّ العبدِ، ... يَا أَحسَنَ الناسِ مَناطَ عِقْدِ،
لَا تَعْدِليني بظُرُبٍّ جَعْدِ
أَبو زَيْدٍ: الظَّرِباءُ، مَمْدُودٌ عَلَى فَعِلاءَ «3» : دَابَّةٌ شِبْهُ الْقِرْدِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ الظَّرِبانُ، بِالنُّونِ، وَهُوَ عَلَى قَدْرِ الهِرِّ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: هُوَ الظَّرِبَى، مَقْصُورٌ، والظَّرِباءُ، مَمْدُودٌ، لَحْنٌ؛ وأَنشد قَوْلَ الْفَرَزْدَقِ:
فَكَيْفَ تُكَلِّمُ الظَّرِبَى، عَلَيْهَا ... فِراءُ اللُّؤْمِ، أَرْباباً غِضابا
قَالَ: والظَّرِبَى جَمْعٌ، عَلَى غَيْرِ مَعْنَى التَّوْحِيدِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الظَّرِبَى، مَقْصُورٌ، كَمَا قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَرَوَى شَمِرٌ عَنْ أَبي زَيْدٍ: هِيَ الظَّرِبانُ، وَهِيَ الظَّرابِيُّ، بِغَيْرِ نُونٍ، وَهِيَ الظِّرْبَى، الظَّاءُ مَكْسُورَةٌ، وَالرَّاءُ جَزْمٌ، وَالْبَاءُ مَفْتُوحَةٌ، وَكِلَاهُمَا جِماعٌ: وَهِيَ دَابَّةٌ تُشْبِهُ الْقِرْدَ؛ وأَنشد:
لَوْ كنتُ فِي نارٍ جحيمٍ، لأَصْبَحَت ... ظَرابِيُّ، مِنْ حِمّانَ، عنِّي تُثيرُها
__________
(3) . قوله [الظرباء ممدود إلخ] أي بفتح الظاء وكسر الراء مخفف الباء ويقصر كما في التكملة، وبكسر الظاء وسكون الراء ممدوداً ومقصوراً كما في الصحاح والقاموس.(1/570)
قَالَ أَبو زَيْدٍ: والأُنثى ظَرِبانةٌ؛ وَقَالَ البَعِيثُ:
سَواسِيَةٌ سُودُ الوجوهِ، كأَنهم ... ظَرابِيُّ غِربانٍ بمَجْرودةٍ مَحْلِ
والظَّرِبانُ: دُوَيْبَّة شِبْهُ الْكَلْبِ، أَصَمُّ الأُذنين، صِماخاه يَهْوِيانِ، طويلُ الخُرْطوم، أَسودُ السَّراة، أَبيضُ الْبَطْنِ، كَثِيرُ الفَسْوِ، مُنْتِنُ الرَّائِحَةِ، يَفْسُو فِي جُحْرِ الضَّبِّ، فيَسْدَرُ مِنْ خُبْث رَائِحَتِهِ، فيأْكله. وَتَزْعُمُ الأَعراب: أَنها تَفْسُو فِي ثَوْبِ أَحدهم، إِذا صَادَهَا، فَلَا تَذْهَبُ رَائِحَتُهُ حَتَّى يَبْلى الثوبُ. أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ هُوَ أَفْسى مِنَ الظَّرِبانِ؛ وَذَلِكَ أَنها تَفْسُو عَلَى بَابِ جُحْرِ الضَّبِّ حَتَّى يَخْرُجَ، فيُصادَ. الْجَوْهَرِيُّ فِي الْمَثَلِ: فَسا بَيْنَنا الظَّرِبانُ؛ وَذَلِكَ إِذا تَقاطَعَ القومُ. ابْنُ سِيدَهْ: قِيلَ هِيَ دَابَّةٌ شِبْهُ القِرْد، وَقِيلَ: هِيَ عَلَى قَدْرِ الهِرِّ وَنَحْوِهِ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَجَّاج الزُّبَيْدِيّ التَّغْلَبيّ:
أَلا أَبْلِغا قَيْساً وخِنْدِفَ أَنني ... ضَرَبْتُ كَثِيراً مَضْرِبَ الظَّرِبانِ
يَعْنِي كَثِيرَ بْنَ شهاب المَذْحِجيّ، وكان معاويةُ وَلَّاهُ خُراسان، فاحْتازَ مَالًا، وَاسْتَتَرَ عِنْدَ هَانِئِ بْنِ عُروة المُراديّ، فأَخذه مِنْ عِنْدِهِ وَقَتَلَهُ. وَقَوْلُهُ مَضْرِبَ الظَّرِبانِ أَي ضَرَبْتُه فِي وَجْهِهِ، وَذَلِكَ أَن للظَّرِبان خَطّاً فِي وَجْهِهِ، فشَبَّه ضَرْبَتَهُ فِي وَجْهِهِ بالخَطِّ الَّذِي فِي وَجْهِ الظَّرِبانِ؛ وَبَعْدَهُ:
فَيَا لَيْتَ لَا يَنْفَكُّ مِخْطَمُ أَنفِه، ... يُسَبُّ ويُخْزَى، الدَّهْرَ، كُلُّ يَمانِ
قَالَ: وَمَنْ رَوَاهُ ضَرَبْتُ عُبَيْداً، فَلَيْسَ هُوَ لعبد الله ابن حَجَّاج، وإِنما هُوَ لأَسَدِ بن ناغِصةَ، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ عُبيداً بأَمر النُّعْمان يَوْمَ بُوسَةَ؛ وَالْبَيْتُ:
أَلا أَبلغا فِتْيانَ دُودانَ أَنَّني ... ضَرَبْتُ عُبيداً مَضْرِبَ الظَّرِبانِ
غَداةَ تَوَخَّى المُلْكَ، يَلتَمِسُ الحِبا، ... فَصادَفَ نَحْساً كانَ كالدَّبَرانِ
الأَزهري: قَالَ قرأْت بِخَطِّ أَبي الْهَيْثَمِ، قَالَ: الظِّربانُ دَابَّةٌ صَغِيرُ الْقَوَائِمِ، يَكُونُ طُولُ قَوَائِمِهِ قَدْرَ نِصْفِ إِصبع، وهو عريضٌ، يكون عُرْضُه شِبْرًا أَو فِتْرًا، وطُولُه مِقْدَارُ ذِرَاعٍ، وَهُوَ مُكَربَسُ الرأْس أَي مُجْتَمِعُهُ؛ قَالَ: وأُذناه كأُذُنَي السِّنَّوْر، وَجَمْعُهُ الظِّرْبَى. وَقِيلَ: الظِّرْبَى الواحدُ، وَجَمْعُهُ ظِرْبانٌ. ابْنُ سِيدَهْ: والجمعُ ظَرابينُ وظَرابِيُّ؛ الْيَاءُ الأُولى بَدَلٌ مِنَ الأَلف، وَالثَّانِيَةُ بَدَلٌ مِنَ النُّونِ، وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي إِنسانٍ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الظِّرْبَى عَلَى فِعْلَى، جَمْعٌ مِثْلُ حِجْلَى جَمْعُ حَجَلٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَمَا جَعَلَ الظِّرْبَى، القِصارُ أُنوفُها، ... إِلى الطِّمِّ مِنْ مَوْجِ البحارِ الخَضارمِ
وَرُبَّمَا مُدَّ وجُمع عَلَى ظَرابِيّ، مِثْلَ حِرْباءٍ وحَرابيّ، كأَنه جَمْعُ ظِرْباء؛ وَقَالَ:
وَهَلْ أَنتُم إِلّا ظَرابِيُّ مَذْحِجٍ، ... تَفَاسَى وتَسْتَنْشِي بآنُفِها الطُّخْمِ
وظِرْبَى وظِرْباء: اسْمَانِ لِلْجَمْعِ، ويُشْتَمُ بِهِ الرجلُ، فَيُقَالُ: يَا ظَرِبانُ. وَيُقَالُ: تَشاتَما فكأَنما جَزَرا بَيْنَهُمَا ظَرِباناً؛ شَبَّهوا فُحْشَ تَشَاتُمِهِمَا بنَتْنِ الظَّربان. وَقَالُوا: هُمَا يَتنازعان جِلْدَ الظَّرِبانِ أَي يَتَسابَّانِ، فكَأَنَّ بَيْنَهُمَا جِلْدَ ظَرِبانٍ، يَتَناولانِه ويَتَجاذَبانِه. ابْنُ الأَعرابي: مِنْ أَمثالهم: هُمَا يَتَماشَنانِ جِلْدَ الظَّرِبانِ أَي(1/571)
يَتَشاتمان. والمَشْنُ: مَسْحُ الْيَدَيْنِ بالشيءِ الخَشِنِ.
ظنب: الظُّنْبة: عَقَبةٌ تُلَفُّ عَلَى أَطرافِ الرِّيش مِمَّا يَلي الفُوقَ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والظُّنْبوبُ: حَرْفُ الساقِ اليابِسُ مِنْ قُدُمٍ، وَقِيلَ: هُوَ ظاهرُ السَّاقِ، وَقِيلَ: هُوَ عَظْمه؛ قَالَ يَصِفُ ظَلِيمًا:
عارِي الظَّنَابيبِ، مُنْحَصٌّ قَوادِمُه، ... يَرْمَدُّ حَتَّى تَرَى، فِي رَأْسِه، صَتَعا
أَي التِواءً. وَفِي حَدِيثِ
المُغِيرة: عَارِيَةُ الظُّنْبوبِ هُوَ حَرْفُ الْعَظْمِ اليابِسُ مِنَ السَّاقِ
أَي عَرِيَ عَظْمُ ساقِها مِنَ اللَّحْم لهُزالها. وقَرَع لِذَلِكَ الأَمْر ظُنْبُوبَه: تَهَيَّأَ لَهُ؛ قالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدل:
كُنَّا، إِذا مَا أَتانا صارِخٌ فَزِعٌ، ... كانَ الصُّراخُ لَهُ قَرْعَ الظَّنابِيبِ
وَيُقَالُ: عَنَى بِذَلِكَ سُرْعةَ الإِجابة، وجَعَل قَرْعَ السَّوْطِ عَلَى ساقِ الخُفِّ، فِي زجْر الْفَرَسِ، قَرْعاً للظُّنْبوبِ. وقَرَعَ ظَنابِيبَ الأَمْر: ذلَّلَه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قَرَعْتُ ظَنابِيبَ الهَوَى، يومَ عالِجٍ، ... ويومَ اللِّوَى، حَتَّى قَسَرْتُ الهَوَى قَسْرا
فإِنْ خِفْتَ يَوْماً أَن يَلِجَّ بكَ الهَوَى، ... فإِنَّ الهوَى يَكْفِيكَهُ مِثلُه صَبرَا
يَقُولُ: ذَلَّلْتُ الهوَى بقَرْعي ظُنْبوبَه كَمَا تَقْرَعُ ظُنْبوبَ الْبَعِيرِ، ليَتَنَوَّخَ لَكَ فتَرْكَبَه، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى المَثَل؛ فإِن الهوَى وغيرَه مِنَ الأَعْراض لَا ظُنْبوبَ لَهُ. والظُّنْبوب: مِسْمارٌ يَكُونُ فِي جُبَّةِ السِّنانِ، حيثُ يُرَكَّبُ فِي عاليةِ الرُّمح، وَقَدْ فُسِّرَ بِهِ بيتُ سَلامةَ. وَقِيلَ: قَرْعُ الظُّنْبوبِ أَن يَقْرَعَ الرَّجلُ ظُنْبوبَ رَاحِلَتِهِ بعَصاه إِذا أَناخَها لِيَرْكَبَهَا رُكوبَ المُسْرِعِ إِلى الشيءِ. وَقِيلَ: أَن يَضْرِبَ ظُنْبوبَ دابته بسَوْطِه لِيُنزِقَه، إِذا أَراد رُكوبَه. وَمِنْ أَمثالهم: قَرَعَ فُلانٌ لأَمْرِه ظُنْبوبَه إِذا جَدَّ فِيهِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: لَا يُقَالُ لذواتِ الأَوْظِفَة ظُنْبوبٌ. ابْنُ الأَعرابي: الظِّنْبُ أَصلُ الشَّجَرَةِ؛ قَالَ:
فلَوْ أَنها طافَتْ بِظِنْبٍ مُعَجَّمٍ، ... نَفَى الرِّقَّ عَنْهُ جَدْبُه، فَهْوَ كالِحُ
لَجاءَتْ، كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بجَّها ... عَسالِيجَه، والثَّامِرُ المُتَناوِحُ
يَصِفُ مِعْزَى بحُسْنِ القَبول وَقِلَّةِ الأَكل. والمُعَجَّم: الَّذِي قَدْ أُكِلَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلٌ. والرِّقُّ: وَرَقُ الشَّجَرِ. والكالِحُ: المُقَشَّرُ مِنَ الجَدْبِ. والقَسْوَرُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَر.
ظوب: ظابُ التَّيْسِ: صِياحُه عِنْدَ الْهِيَاجِ، ويُستعمل فِي الإِنسان؛ قَالَ أَوْسُ بْنُ حجرٍ:
يَصُوعُ عُنوقَها أَحْوى زَنِيمُ، ... لَهُ ظَابٌ، كَمَا صَخِبَ الغَريمُ
والظَّابُ: الكلامُ والجَلَبَة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما حَمَلْنَاهُ عَلَى الْوَاوِ، لأَنا لَا نَعْرِفُ لَهُ مادَّةً، فإِذا لَمْ تُوجَدُ لَهُ مادَّة، وَكَانَ انقِلابُ الأَلف عَنِ الْوَاوِ عَيْنًا أَكثر، كَانَ حَمْلُه عَلَى الواو أَولى.
فصل العين المهملة
عبب: العَبُّ: شُرْبُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ مَصٍّ؛ وَقِيلَ: أَن يَشْرَبَ الماءَ وَلَا يَتَنَفَّس، وَهُوَ يُورِثُ الكُبادَ. وَقِيلَ: العَبُّ أَن يَشْرَبَ الماءَ دَغْرَقَةً بِلَا غَنَثٍ. الدَّغْرَقَةُ: أَن يَصُبَّ الماءَ مَرَّةً وَاحِدَةً. والغَنَثُ:(1/572)
أَن يَقْطَعَ الجَرْعَ. وَقِيلَ: العَبُّ الجَرعُ، وَقِيلَ: تَتابُعُ الجَرْعِ. عَبَّه يَعُبُّه عَبّاً، وعَبَّ فِي الماءِ أَو الإِناءِ عَبّاً: كرَع؛ قَالَ:
يَكْرَعُ فِيهَا فَيَعُبُّ عَبّا، ... مُحَبَّباً، فِي مَائِهَا، مُنْكَبَّا «1»
وَيُقَالُ فِي الطَّائِرِ: عَبَّ، وَلَا يُقَالُ شرِبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مُصُّوا الماءَ مَصّاً، وَلَا تَعُبُّوه عَبّاً
؛ العَبُّ: الشُّرْبُ بِلَا تَنَفُّس، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الكُبادُ مِنَ العبِّ.
الكُبادُ: داءٌ يَعْرِضُ للكَبِدِ. وَفِي حَدِيثِ الْحَوْضِ:
يَعُبُّ فِيهِ مِيزابانِ
أَي يَصُبّانِ فَلَا يَنْقَطِعُ انْصِبابُهما؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ؛ وَالْمَعْرُوفُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَهَا. والحمامُ يَشْرَبُ الْمَاءَ عَبًّا، كَمَا تَعُبُّ الدَّوابُّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: الحمامُ مِنَ الطَّيْرِ مَا عَبَّ وهَدَر؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَمَامَ يَعُبُّ الْمَاءَ عَبّاً وَلَا يَشرب كَمَا يَشْرَبُ الطَّير شَيْئًا فَشَيْئًا. وعَبَّتِ الدَّلْوُ: صَوَّتَتْ عِنْدَ غَرْفِ الْمَاءِ. وتَعَبَّبَ النبيذَ: أَلَحَّ فِي شُرْبه، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: هُوَ يَتَعَبَّبُ النَّبِيذَ أَي يَتَجَرَّعُه. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَن الْعَرَبَ تَقُولُ: إِذا أَصابت الظِّباءُ الماءَ، فَلَا عَبابَ، وإِن لَمْ تُصِبْهُ فَلَا أَباب أَي إِن وَجَدَتْه لَمْ تَعُبَّ، وإِن لَمْ تَجِدْهُ لَمْ تَأْتَبَّ لَهُ، يَعْنِي لَمْ تَتَهَيَّأْ لِطَلَبِهِ وَلَا تَشْرَبْهُ؛ مِنْ قَوْلِكَ: أَبَّ للأَمر وائْتَبَّ لَهُ: تَهَيَّأَ. وَقَوْلُهُمْ: لَا عَبابَ أَي لَا تَعُبّ فِي الْمَاءِ، وعُبَابُ كُلِّ شَيْءٍ: أَوَّلُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّا حَيٌّ مِنْ مَذحِجٍ، عُبَابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها.
عُبابُ الماءِ: أَوَّلهُ ومُعْظَمُه. وَيُقَالُ: جاؤوا بعُبابهِم أَي جاؤوا بأَجمعهم. وأَراد بسَلَفِهم مَنْ سَلَفَ مِنْ آبَائِهِمْ، أَو مَا سَلَفَ مِنْ عِزِّهم ومَجْدِهم. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ يَصِفُ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: طِرْتَ بعُبابها وفُزْتَ بِحَبَابِهَا
أَي سبَقْتَ إِلى جُمَّة الإِسلام، وأَدْرَكْتَ أَوائلَه، وشَرِبتَ صَفْوَه، وحَوَيْتَ فَضائِلَه. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخرج الْحَدِيثَ الهَرَوي والخَطَّابيُّ وغيرُهما مِنْ أَصحاب الْغَرِيبِ. وَقَالَ بعضُ فُضلاء المتأَخرين: هَذَا تَفْسِيرُ الْكَلِمَةِ عَلَى الصَّوَابِ، لَوْ ساعدَ النقلُ. وَهَذَا هُوَ حَدِيثُ
أُسَيْدِ بنِ صَفْوانَ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبو بَكْرٍ، جاءَ عليٌّ فَمَدَحَهُ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: طِرْتَ بِغَنائها، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ، وفُزْتَ بحِيائها
، بالحاءِ الْمَكْسُورَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِهَا؛ هَكَذَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طُرُق فِي كِتَابِ: مَا قَالَتِ الْقَرَابَةُ فِي الصَّحَابَةِ، وَفِي كِتَابِهِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابنُ بَطَّة فِي الإِبانةِ. والعُبابُ: الخُوصَةُ؛ قَالَ المَرّارُ:
رَوافِعَ للحِمَى مُتَصَفِّفاتٍ، ... إِذا أَمْسى، لصَيِّفه، عُبابُ
والعُبابُ: كَثْرَةُ الماءِ. والعُبابُ: المَطَرُ الْكَثِيرُ. وعَبَّ النَّبْتُ أَي طَالَ. وعُبابُ السَّيْل: مُعْظمُه وارتفاعُه وَكَثْرَتُهُ؛ وَقِيلَ: عُبابُه مَوجُه. وَفِي التَّهْذِيبِ: العُبابُ مُعْظَمُ السَّيْلِ. ابْنُ الأَعرابي: العُبُبُ المياهُ الْمُتَدَفِّقَةُ. والعُنْبَبُ «2» : كَثْرَةُ الْمَاءِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَصَبَّحَتْ، والشمسُ لَمْ تُقَضِّبِ، ... عَيْناً، بغَضْيانَ، ثَجُوجَ العُنْبَبِ
__________
(1) . قوله [محبباً في مائها إلخ] كذا في التهذيب محبباً، بالحاء المهملة بعدها موحدتان. ووقع في نسخ شارح القاموس مجبأ، بالجيم وهمز آخره ولا معنى له هنا وهو تحريف فاحش وكان يجب مراجعة الأصول.
(2) . قوله [والعَنْبَب] وعُنْبَب كذا بضبط المحكم بشكل القلم بفتح العين في الأَول محلى بأل وبضمها في الثاني بدون أل والموحدة مفتوحة فيهما انتهى.(1/573)
ويُرْوى: نَجُوجَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جَعَلَ العُنْبَبَ، الفُنْعَلَ، مِنَ العَبِّ، وَالنُّونُ لَيْسَتْ أَصلية، وَهِيَ كَنُونِ العُنْصَل. والعَنْبَبُ وعُنْبَبٌ: كِلَاهُمَا وادٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَعُبُّ الماءَ، وَهُوَ ثُلَاثِيٌّ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ. ابْنُ الأَعرابي: العُبَبُ عِنَبُ الثَّعلب، قَالَ: وشجَرَةٌ يُقَالُ لَهَا الرَّاءُ، مَمْدُودٌ؛ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هُوَ العُبَبُ؛ وَمَنْ قَالَ عِنَبُ الثعلبِ، فَقَدْ أَخطأَ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: عِنَبُ الثَّعْلَبِ صَحِيحٌ لَيْسَ بخطإٍ. والفُرْسُ تُسَمِّيهِ: رُوسْ أَنْكَرْدَهْ. ورُوسْ: اسْمُ الثَّعْلَبِ؛ وأَنْكَرْدَهْ: حَبُّ العِنَب. ورُوِيَ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: الفَنا، مَقْصُورٌ، عِنَبُ الثَّعْلَبِ، فَقَالَ عِنَبُ وَلَمْ يَقُلْ عُبَبُ؛ قَالَ الأَزهري: وجَدْتُ بَيْتًا لأَبي وَجْزَة يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي وَهُوَ:
إِذا تَرَبَّعْتَ، مَا بَينَ الشُّرَيْقِ إِلى ... أَرْضِ الفِلاجِ، أُولاتِ السَّرْحِ والعُبَبِ «1»
والعُبَبُ: ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ؛ زَعَمَ أَبو حَنِيفَةَ أَنه مِنَ الأَغلاثِ. وبَنُو العَبّابِ: قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ، سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم خالَطوا فارِسَ، حَتَّى عَبَّتْ خيلُهم فِي الفُرات. واليَعْبوبُ: الفَرَسُ الطويلُ السَّرِيعُ؛ وَقِيلَ: الكَثير الجَرْيِ؛ وَقِيلَ: الجوادُ السَّهْل فِي عَدْوه؛ وَهُوَ أَيضاً: الجَوادُ البعيدُ القَدْرِ فِي الجَرْي. واليَعْبُوبُ: فرسُ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ، صفةٌ غَالِبَةٌ. واليَعْبُوبُ: الجَدْوَلُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ، الشديدُ الجِريةِ، وَبِهِ شُبِّه الفَرَسُ الطويلُ اليَعْبُوبُ؛ وَقَالَ قُسٌّ:
عِذْقٌ بساحَةِ حائِرٍ يَعْبُوبِ
الْحَائِرُ: الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ الوَسَطِ، المرتفعُ الحُروف، يَكُونُ فِيهِ الماءُ، وَجَمْعُهُ حُورانٌ. واليَعْبوبُ: الطويلُ؛ جَعَلَ يَعْبوباً مِنْ نَعْتِ حَائِرٍ. واليَعبوبُ: السَّحابُ. والعَبِيبةُ: ضَرْبٌ مِنَ الطَّعام. والعَبيبةُ أَيضاً: شرابٌ يُتَّخَذُ مِنَ العُرْفُطِ، حُلْوٌ. وَقِيلَ: العَبيبةُ الَّتِي تَقْطُرُ مِنْ مَغافِيرِ العُرْفُطِ. وعَبيبةُ اللَّثَى: غُسالَتُه؛ واللَّثَى: شيءٌ يَنْضَحُه الثُّمامُ، حُلْوٌ كالناطِفِ، فإِذا سَالَ مِنْهُ شيءٌ فِي الأَرض، أُخِذَ ثُمَّ جُعِلَ فِي إِناءٍ، وَرُبَّمَا صُبَّ عَلَيْهِ ماءٌ، فشُرِب حُلْواً، وَرُبَّمَا أُعْقِدَ. أَبو عُبَيْدٍ: العَبِيبةُ الرَّائِبُ مِنَ الأَلبان؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا تَصْحِيفٌ مُنْكَر. وَالَّذِي أَقرأَني الإِياديُّ عَنْ شَمِرٍ لأَبي عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْمُؤْتَلِفِ: الغَبيبةُ، بَالِغِينَ مُعْجَمَةٌ: الرَّائِبُ مِنَ اللَّبَنِ. قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ للَّبنِ البَيُّوتِ فِي السِّقاءِ إِذا رابَ مِنَ الغَدِ: غَبِيبةٌ؛ والعَبيبةُ، بِالْعَيْنِ، بِهَذَا الْمَعْنَى، تَصْحِيفٌ فَاضِحٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رأَيتُ بِالْبَادِيَةِ جِنْسًا مِنَ الثُّمام، يَلْثَى صَمْغاً حُلْواً، يُجْنى مِنْ أَغصانِه وَيُؤْكَلُ، يُقَالُ لَهُ: لَثَى الثُّمام، فإِن أَتَى عَلَيْهِ الزمانُ، تَناثر فِي أَصل الثُّمام، فيؤخَذُ بتُرابه، ويُجْعَلُ فِي ثَوْبٍ، ويُصَبُّ عَلَيْهِ الماءُ ويُشْخَلُ بِهِ أَي يُصَفَّى، ثُمَّ يُغْلى بالنارِ حَتَّى يَخْثرَ، ثُمَّ يُؤكل؛ وَمَا سَالَ مِنْهُ فَهُوَ العَبِيبَة؛ وَقَدْ تَعَبَّبْتُها أَي شَرِبْتُها. وَقِيلَ: هُوَ عِرْقُ الصَّمْغِ، وَهُوَ حُلْو يُضْرَبُ بمِجْدَحٍ، حَتَّى يَنْضَجَ ثُمَّ يُشْرَبَ. والعَبِيبةُ: الرِّمْثُ إِذا كَانَ فِي وَطاءٍ مِنَ الأَرض. والعُبَّى، عَلَى مِثَالِ فُعْلى، عَنْ كُرَاعٍ: المرأَةُ الَّتِي لَا تَكادُ يموتُ لَهَا ولدٌ. والعُبِّيَّة والعِبِّيَّةُ: الكِبْرُ والفَخْرُ. حَكَى اللِّحْيَانِيُّ: هَذِهِ عُبِّيَّةُ قُريشٍ وعِبِّيَّةُ. وَرَجُلٌ فِيهِ
__________
(1) . قوله [ما بين الشريق] بالقاف مصغراً، والفلاج بكسر الفاء وبالجيم: واديان ذكرهما ياقوت بهذا الضبط، وأنشد البيت فيهما فلا تغتر بما وقع من التحريف في شرح القاموس انتهى.(1/574)
عُبِّيَّة وعِبِّيَّة أَي كِبر وَفَخْرٌ. وعُبِّيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ: نَخْوَتُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ وضَعَ عَنْكم عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وتَعَظُّمَها بِآبَائِهَا
، يَعْنِي الكِبْرَ، بِضَمِّ الْعَيْنِ، وتُكْسَر. وَهِيَ فُعُّولة أَو فُعِّيلة، فإِن كَانَ فُعُّولة، فَهِيَ مِنَ التَّعْبِيةِ، لأَن الْمُتَكَبِّرَ ذُو تَكَلُّفٍ وتَعْبِيَةٍ، خلافُ المُسترسِل عَلَى سَجِيَّتِه؛ وإِن كَانَتْ فُعِّيلَة، فَهِيَ مِنْ عُباب الماءِ، وَهُوَ أَوَّلُه وارتفاعُه؛ وَقِيلَ: إِن الباءَ قُلِبَتْ يَاءً، كَمَا فَعَلوا فِي تَقَضَّى الْبَازِي. والعَبْعَبُ: الشَّبابُ التامُّ. والعَبْعَبُ: نَعْمَةُ الشَّبابِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
بَعْدَ الجَمالِ والشَّبابِ العَبْعَبِ
وشبابٌ عَبْعَبٌ: تامٌّ. وشابٌّ عَبْعَبٌ: مُمْتَلِئُ الشَّباب. والعَبْعَبُ: ثَوْبٌ واسِعٌ. والعَبْعَبُ: كِساءٌ غَلِيظٌ، كَثِيرُ الغَزْلِ، ناعمٌ يُعْمَلُ مِنْ وَبَرِ الإِبِلِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: العَبْعَبُ مِنَ الأَكْسِية، الناعمُ الرَّقِيقُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بُدِّلْتِ، بعدَ العُرْي والتَّذَعْلُبِ، ... ولُبْسِكِ العَبْعَبَ بعدَ العَبْعَبِ،
نَمارِقَ الخَزِّ، فَجُرِّي واسْحَبي
وَقِيلَ: كِساءٌ مُخَطَّطٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
تَخَلُّجَ المجنونِ جَرَّ العَبْعَبا
وَقِيلَ: هُوَ كِسَاءٌ مِنْ صُوفٍ. والعَبْعَبَةُ: الصوفةُ الْحَمْرَاءُ. والعَبْعَبُ: صَنَمٌ، وَقَدْ يُقَالُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ؛ وَرُبَّمَا سُمِّيَ موضعُ الصَّنَمِ عَبْعَباً. والعَبْعَبُ والعَبْعابُ: الطويلُ مِنَ النَّاسِ.، والعَبْعَبُ: التَّيسُ مِنَ الظِّباءِ. وَفِي النَّوَادِرِ: تَعَبْعَبْتُ الشيءَ، وتَوَعَّبْتُه، واستوعبْتُه، وتَقَمْقَمْتُه، وتَضَمَّمْتُه إِذا أَتيتَ عَلَيْهِ كُلِّهِ. ورجلٌ عَبْعابٌ قَبْقابٌ إِذا كَانَ واسِعَ الحَلْقِ والجَوْفِ، جليلَ الْكَلَامِ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
بَعْدَ شَبابٍ عَبْعَبِ التَّصْوِيرِ
يَعْنِي ضَخمَ الصُّورة، جليلَ الْكَلَامِ. وعَبْعَبَ إِذا انْهَزَمَ، وعَبَّ إِذا شَرِبَ، وعَبَّ إِذا حَسُنَ وجهُه بَعْدَ تَغيُّر، وعَبُ الشمسِ: ضُوءُها، بِالتَّخْفِيفِ؛ قَالَ:
ورَأْسُ عَبِ الشَّمْسِ المَخُوفُ ذِماؤُها «2»
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَبُّ الشمسِ، فيشدِّد الْبَاءَ. الأَزهري: عَبُّ الشمسِ ضَوءُ الصُّبْح. الأَزهري، فِي تَرْجَمَةِ عَبْقَرَ، عِنْدَ إِنشاده:
كأَنَّ فَاهَا عَبُّ قُرٍّ بارِدِ
قَالَ: وَبِهِ سُمِّيَ عَبْشَمْسٌ؛ وَقَوْلُهُمْ: عَبُّ شمسٍ؛ أَرادوا عَبْدَ شَمْسٍ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي سَعْدٍ: بَنُو عَبِّ الشَّمْسِ، وَفِي قريشٍ: بَنُو عبدِ الشمسِ. ابْنُ الأَعرابي: عُبْ عُبْ إِذا أَمرته أَن يَسْتَتِر. وعُباعِبُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَعشى:
صَدَدْتَ، عَنِ الأَعْداءِ يومَ عُباعِبٍ، ... صُدودَ المَذاكي أَفْرَعَتْها المَساحِلُ
وعَبْعَبٌ: اسم رجل.
عبرب: العَبْرَبُ: السُّمّاقُ، وَهُوَ العَبْرَبُ والعَرَبرَبُ. وطَبَخ قِدْراً عَرَبْرَبِيَّةً أَي سُمّاقيَّة. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ، قَالَ لطَبّاخِه: اتَّخِذْ لَنَا عَبرَبيَّةً وأَكْثِرْ فَيْجَنَها
؛ والفَيْجَن: السَّذابُ.
__________
(2) . قوله [المخوف ذماؤها] الذي في التكملة المخوف ونابها.(1/575)
عتب: العَتَبَةُ: أُسْكُفَّةُ البابِ الَّتِي تُوطأُ؛ وَقِيلَ: العَتَبَةُ العُلْيا. والخَشَبَةُ الَّتِي فَوْقَ الأَعلى: الحاجِبُ؛ والأُسْكُفَّةُ: السُّفْلى؛ والعارِضَتانِ: العُضادَتانِ، وَالْجَمْعُ: عَتَبٌ وعَتَباتٌ. والعَتَبُ: الدَّرَج. وعَتَّبَ عَتَبةً: اتَّخَذَهَا. وعَتَبُ الدَّرَجِ: مَراقِيها إِذا كَانَتْ مِنْ خَشَب؛ وكلُّ مِرْقاةٍ مِنْهَا عَتَبةٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ النَّحّام، قَالَ لِكَعْبِ بْنِ مُرَّة، وَهُوَ يُحدِّثُ بدَرَجاتِ المُجاهد. مَا الدَّرَجةُ؟ فَقَالَ: أَما إِنَّها ليستْ كعَتَبةِ أُمِّك
أَي إِنها لَيْسَتْ بالدَّرَجة الَّتِي تَعْرِفُها فِي بيتِ أُمِّكَ؛ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ، كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض. وعَتَبُ الجبالِ والحُزون: مَراقِيها. وَتَقُولُ: عَتِّبْ لِي عَتَبةً فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِذا أَردت أَنْ تَرْقى بِهِ إِلَى مَوْضِعٍ تَصعَدُ فِيهِ. والعَتَبانُ: عَرَجُ الرِّجْل. وعَتَبَ الفحلُ يَعْتِبُ ويَعْتُبُ عَتْباً وعَتَباناً وتَعْتاباً: ظَلَع أَو عُقِلَ أَو عُقِرَ، فَمَشَى عَلَى ثلاثِ قوائمَ، كأَنه يَقْفِزُ قَفْزاً؛ وَكَذَلِكَ الإِنسانُ إِذا وثَبَ بِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ، وَرَفَعَ الأُخرى؛ وَكَذَلِكَ الأَقْطَع إِذا مَشَى عَلَى خَشَبَةٍ، وَهَذَا كُلُّهُ تَشْبِيهٌ، كأَنه يَمْشِي عَلَى عَتَب دَرَج أَو جَبَل أَو حَزْنٍ، فيَنْزُو مِنْ عَتَبةٍ إِلى أُخرى. وَفِي حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ فِي رَجُلٍ أَنْعَلَ «1» دابةَ رَجُلٍ فعَتِبَتْ
أَي غَمَزَتْ؛ وَيُرْوَى عَنِتَتْ، بِالنُّونِ، وَسَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ. وعَتَبُ العُودِ: مَا عَلَيْهِ أَطراف الأَوْتار مِنْ مُقَدَّمِه، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
وثَنَى الكَفَّ عَلَى ذِي عَتَبٍ، ... صَحِلِ الصَّوْتِ بِذِي زِيرٍ أَبَحّ «2»
العَتَبُ: الدَّسْتاناتُ: وَقِيلَ: العَتَبُ: العِيدانُ الْمَعْرُوضَةُ عَلَى وجْه العُودِ، مِنْهَا تمدُّ الأَوتار إِلى طَرَفِ العُودِ. وعَتَبَ البرقُ عَتَباناً: بَرَق بَرْقاً وِلاءً. وأُعْتِبَ العظمُ: أُعْنِتَ بعدَ الجَبْرِ، وَهُوَ التَّعْتابُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الْمُسَيَّبِ: كلُّ عظمٍ كُسِر ثُمَّ جُبِرَ غَيْرُ منقوصٍ وَلَا مُعْتَبٍ، فَلَيْسَ فِيهِ إِلا إِعْطاءُ المُداوِي، فإِن جُبِرَ وَبِهِ عَتَبٌ، فإِنه يُقَدَّر عَتَبُهُ بِقِيمَةِ أَهل البَصر.
العَتَب، بِالتَّحْرِيكِ: النقصُ، وَهُوَ إِذا لَمْ يُحْسِنْ جَبْره، وَبَقِيَ فِيهِ ورَم لَازِمٌ أَو عَرَجٌ. يُقَالُ فِي الْعَظْمِ الْمَجْبُورِ: أُعْتِبَ، فَهُوَ مُعْتَبٌ. وأَصلُ العَتَبِ: الشدَّة؛ وحُمِلَ عَلَى عَتَبٍ مِنَ الشَّرِّ وعَتَبةٍ أَي شدَّة؛ يُقَالُ: حُمِلَ فلانٌ عَلَى عَتَبةٍ كريهةٍ، وَعَلَى عَتَبٍ كريهٍ مِنَ البلاءِ والشرِّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يُعْلى عَلَى العَتَبِ الكَريهِ ويُوبَسُ
وَيُقَالُ: مَا فِي هَذَا الأَمر رَتَبٌ، وَلَا عَتَبٌ أَي شِدَّة. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّ عَتَبات الموتِ تأْخُذُها
، أَي شدائدَه. والعَتَبُ: مَا دَخَلَ فِي الأَمر مِنَ الفَساد؛ قَالَ:
فَمَا فِي حُسْنِ طاعَتِنا، ... وَلَا فِي سَمْعِنا عَتَبُ
وَقَالَ:
أَعْدَدْتُ، للحَرْبِ، صارِماً ذكَراً، ... مُجَرَّبَ الوَقْعِ، غَيْرَ ذِي عَتَبِ
__________
(1) . قوله [في رجل أنعل إلخ] تمامه كما بهامش النهاية إن كان ينعل فلا شيء عليه وإن كان ذلك الإِنعال تكلفاً وليس من عمله ضمن.
(2) . قوله [صحل الصوت] كذا في المحكم والذي في التهذيب والتكملة يصل الصوت.(1/576)
أَي غيرَ ذِي التواءٍ عِنْدَ الضَّريبة، وَلَا نَبْوة. وَيُقَالُ: مَا فِي طاعةِ فُلَانٍ عَتَبٌ أَي التِواءٌ وَلَا نَبْوةٌ؛ وَمَا فِي مَوَدَّته عَتَبٌ إِذا كَانَتْ خَالِصَةً، لَا يَشُوبها فسادٌ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ عَلْقَمَةَ:
لَا فِي شَظاها وَلَا أَرْساغِها عَتَبُ «1»
أَي عَيْبٌ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ: لَا يُتَعَتَّبُ عَلَيْهِ فِي شيءٍ. والتَّعَتُّبُ: التَّجَنِّي؛ تَعَتَّبَ عَلَيْهِ، وتَجَنَّى عَلَيْهِ، بِمَعْنًى واحدٍ؛ وتَعَتَّبَ عَلَيْهِ أَي وَجَدَ عَلَيْهِ. والعَتْبُ: المَوْجِدَةُ. عَتَبَ عَلَيْهِ يَعْتِبُ ويَعْتُبُ عَتْباً وعِتاباً ومَعْتِبة ومَعْتَبَةً ومَعْتَباً أَي وَجَدَ عَلَيْهِ. قَالَ الغَطَمَّشُ الضَّبِّيُّ، وَهُوَ مِنْ بَنِي شُقْرة بنِ كَعْبِ بْنِ ثَعْلبة بْنِ ضَبَّة، والغَطَمَّشُ الظالِمُ الْجَائِرُ:
أَقُولُ، وَقَدْ فَاضَتْ بعَيْنِيَ عَبْرةٌ: ... أَرَى الدَّهْرَ يَبْقَى، والأَخِلَّاءُ تَذْهَبُ
أَخِلَّايَ لَوْ غَيْرُ الحِمام أَصابَكُمْ، ... عَتَبْتُ، ولكنْ ليسَ للدَّهْرِ مَعْتَبُ
وقَصَرَ أَخِلَّايَ ضَرُورَةً، ليُثْبِتَ باءَ الإِضافة، وَالرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ: أَخِلَّاءَ، بِالْمَدِّ، وَحَذْفِ يَاءِ الإِضافة، وَمَوْضِعُ أَخِلَّاءَ نصبٌ بِالْقَوْلِ، لأَن قَوْلَهُ أَرى الدَّهْرَ يَبْقَى، متصلٌ بِقَوْلِهِ أَقول وَقَدْ فَاضَتْ؛ تَقْدِيرُهُ أَقُولُ وَقَدْ بَكَيْتُ، وأَرى الدهرَ بَاقِيًا، والأَخِلَّاءَ ذَاهِبِينَ، وَقَوْلُهُ عَتَبْتُ أَي سَخِطْتُ، أَي لَوْ أُصِبْتُمْ فِي حَرْب لأَدْركنا بثأْركم وَانْتَصَرْنَا، وَلَكِنَّ الدهرَ لَا يُنْتَصَرُ مِنْهُ. وعاتَبهُ مُعاتَبَةً وعِتاباً: كلُّ ذَلِكَ لَامَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أُعاتِبُ ذَا المَودَّةِ مِنْ صَديقٍ، ... إِذا مَا رَابَني مِنْهُ اجْتِنابُ
إِذا ذَهَبَ العِتابُ، فَلَيْسَ وُدٌّ، ... ويَبْقَى الوُدُّ مَا بَقِيَ العِتابُ
وَيُقَالُ: مَا وَجَدْتُ فِي قوله عِتْباناً [عُتْباناً] ؛ وَذَلِكَ إِذا ذَكَرَ أَنه أَعْتَبَكَ، وَلَمْ تَرَ لِذَلِكَ بَياناً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا وَجَدْتُ عِنْدَهُ عَتْباً وَلَا عِتاباً؛ بِهَذَا الْمَعْنَى. قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمع العَتْبَ والعُتْبانَ والعِتاب بِمَعْنَى الإِعْتابِ، إِنما العَتْبُ والعُتْبانُ لومُك الرجلَ عَلَى إِساءَة كَانَتْ لَهُ إِليك، فاسْتَعْتَبْتَه مِنْهَا. وكلُّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّفْظَيْنِ يَخْلُصُ للعاتِب، فإِذا اشْتَرَكَا فِي ذَلِكَ، وذَكَّرَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحبَه مَا فَرَط مِنْهُ إِليه مِنَ الإِساءَة، فَهُوَ العِتابُ والمُعاتَبة. فأَمَّا الإِعْتابُ والعُتْبَى: فَهُوَ رُجوعُ المَعْتُوب عَلَيْهِ إِلى مَا يُرْضِي العاتِبَ. والاسْتِعْتابُ: طَلَبُك إِلى المُسِيءِ الرُّجُوعَ عَنْ إِساءَته. والتَّعَتُّبُ والتَّعاتُبُ والمُعاتَبَةُ: تَوَاصُفُ الموجِدَة. قَالَ الأَزهري: التَّعَتُّبُ والمُعاتَبَةُ والعِتابُ: كُلُّ ذَلِكَ مُخاطَبَةُ الإِدْلالِ وكلامُ المُدِلِّينَ أَخِلَّاءَهم، طَالِبِينَ حُسْنَ مُراجعتهم، وَمُذَاكَرَةَ بعضِهم بَعْضًا مَا كَرِهُوه مِمَّا كسبَهم المَوْجِدَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يَقُولُ لأَحَدِنا عِنْدَ المَعْتِبَة: مَا لَهُ تَرِبَتْ يمينُه؟
رَوَيْتُ المعْتَبَة، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، مِنَ المَوْجِدَة. والعِتْبُ: الرجلُ الَّذِي يُعاتِبُ صاحِبَه أَو صديقَه فِي كُلِّ شيءٍ، إِشفاقاً عَلَيْهِ ونصيحة له.
__________
(1) . قوله [لا في شظاها إلخ] عجزه كما في التكملة:
ولا السنابك أفناهن تقليم
ويروى عنت، بالنون والمثناة الفوقية(1/577)
والعَتُوبُ: الَّذِي لَا يَعْمَلُ فِيهِ العِتابُ. وَيُقَالُ: فلانٌ يَسْتَعْتِبُ مِنْ نَفْسه، ويَسْتَقِيلُ مِنْ نَفْسِهِ، ويَسْتَدْرِك مِنْ نَفْسِهِ إِذا أَدْرَكَ بِنَفْسِهِ تَغْييراً عَلَيْهَا بحُسْن تَقْدِيرٍ وَتَدْبِيرٍ. والأُعْتُوبةُ: مَا تُعُوتِبَ بِهِ، وَبَيْنَهُمْ أُعْتُوبة يَتَعاتَبُون بِهَا. وَيُقَالُ إِذا تَعاتَبُوا أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُمُ العتابُ. والعُتْبَى: الرِّضا. وأَعْتَبَه: أَعْطاه العُتْبَى ورَجَع إِلى مَسَرَّته؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
شابَ الغُرابُ، وَلَا فُؤادُك تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ، وَلَا عِتابُك يُعْتَبُ
أَي لَا يُسْتَقْبَلُ بعُتْبَى. وَتَقُولُ: قَدْ أَعْتَبني فلانٌ أَي تَرَكَ مَا كنتُ أَجد عَلَيْهِ مِنْ أَجلِه، ورَجَع إِلى مَا أَرْضاني عَنْهُ، بَعْدَ إِسْخاطِه إِيَّايَ عَلَيْهِ. وَرُوِيَ عَنْ
أَبي الدرداءِ أَنه قَالَ: مُعاتَبة الأَخِ خيرٌ مِنْ فَقْدِه. قَالَ: فإِن اسْتُعْتِبَ الأَخُ، فَلَمْ يُعْتِبْ، فإِنَّ مَثَلَهم فِيهِ، كَقَوْلِهِمْ: لَكَ العُتْبَى بأَنْ لَا رَضِيتَ
؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا إِذا لَمْ تُرِدِ الإِعْتابَ؛ قَالَ: وَهَذَا فِعْلٌ مُحَوَّلٌ عَنْ مَوْضِعِهِ، لأَن أَصْلَ العُتْبَى رجوعُ المُسْتَعتِبِ إِلى مَحبَّةِ صَاحِبِهِ، وَهَذَا عَلَى ضدِّه. تَقُولُ: أُعْتِبُكَ بِخِلَافِ رِضاكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بِشْر بْنُ أَبي خازمٍ.
غَضِبَتْ تَميمٌ أَنْ تَقَتَّلَ عامِرٌ، ... يومَ النِّسارِ، فأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ
أَي أَعْتَبْناهم بالسَّيْف، يَعْنِي أَرْضَيْناهم بالقَتْل؛ وَقَالَ شَاعِرٌ:
فَدَعِ العِتابَ، فَرُبَّ شَرٍّ ... هاجَ، أَوَّلهُ، العِتاب
والعُتْبَى: اسْمٌ عَلَى فُعْلى، يُوضَعُ مَوْضِعَ الإِعْتاب، وَهُوَ الرجوعُ عَنِ الإِساءَة إِلى مَا يُرْضِي العاتِبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يُعاتَبُونَ فِي أَنفسهم
، يَعْنِي لعِظَمِ ذُنُوبهم وإِصْرارِهم عَلَيْهَا، وإِنما يُعاتَبُ مَنْ تُرْجَى عِنْدَهُ العُتْبَى أَي الرُّجوعُ عَنِ الذَّنْبِ والإِساءَة. وَفِي الْمَثَلِ: مَا مُسِيءٌ مَنْ أَعْتَبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عاتِبُوا الخَيْلَ فإِنها تُعْتِبُ؛
أَي أَدِّبُوها ورَوِّضُوها للحَرْبِ والرُّكُوبِ، فإِنها تَتَأَدَّبُ وتَقْبَلُ العِتابَ. واسْتَعْتَبَه: كأَعْتَبه. واسْتَعْتَبه: طَلب إِليه العُتْبَى؛ تَقُولُ: اسْتَعْتَبْتُه فأَعْتَبَنِي أَي اسْتَرْضَيْته فأَرْضاني. واسْتَعْتَبْتُه فَمَا أَعْتَبَني، كَقَوْلِكَ: اسْتَقَلْته فَمَا أَقالَني. والاستِعتابُ: الاستِقالة. واسْتَعْتَب فلانٌ إِذا طَلب أَن يُعْتَبَ أَي يُرْضَى والمُعْتَبُ: المُرْضَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَتَمَنَّيَن أَحدُكم الموتَ، إِما مُحْسِناً فلَعَلَّه يَزْداد، وإِمّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ
؛ أَي يرْجِعُ عَنِ الإِساءَة ويَطْلُبُ الرِّضَا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وَلَا بَعْدَ الموْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ
؛ أَي لَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنِ اسْتِرْضاءٍ، لأَن الأَعمال بَطَلَتْ، وانْقَضَى زَمانُها، وَمَا بَعْدَ الموْت دارُ جزاءٍ لَا دارُ عَمَلٍ؛ وَقَوْلُ أَبي الأَسْود:
فأَلْفَيْتُه غيرَ مُسْتَعْتِبٍ، ... وَلَا ذَاكِرَ اللهِ إِلا قَلِيلَا
يَكُونُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ قَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً؛ قَالَ: مَنْ فاتَهُ عَمَلُه مِنَ الذِّكْر والشُّكْر بِالنَّهَارِ كَانَ لَهُ(1/578)
فِي اللَّيْلِ مُسْتَعْتَبٌ، وَمَنْ فَاتَهُ بِاللَّيْلِ كَانَ لَهُ فِي النَّهَارِ مُسْتَعْتَبٌ. قَالَ: أُراه يَعْنِي وقتَ اسْتِعْتابٍ أَي وقتَ طَلَبِ عُتْبى، كأَنه أَراد وَقْتَ اسْتِغفار. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
وإِن يُسْتَعْتبُوا فَمَا هُمْ مِنَ المُعْتِبين
؛ مَعْنَاهُ: إِن أَقالَهُم اللهُ تَعَالَى، وردَّهم إِلى الدُّنْيَا لَمْ يُعْتِبُوا؛ يَقُولُ: لَمْ يَعْمَلُوا بطاعةِ اللهِ لِما سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِ اللهِ مِنَ الشَّقاءِ. وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ؛ وَمَنْ قرأَ:
وإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ المُعْتَبِين
؛ فَمَعْنَاهُ: إِن يَسْتَقِيلُوا رَبَّهُمْ لَمْ يُقِلْهم. قَالَ الفراءُ: اعْتَتَبَ فلانٌ إِذا رَجعَ عَنْ أَمر كَانَ فِيهِ إِلى غَيْرِهِ؛ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَكَ العُتْبَى أَي الرجوعُ مِمَّا تَكْرَهُ إِلى مَا تُحِبُّ. والاعْتِتابُ: الانْصِرافُ عَنِ الشيءِ. واعْتَتَبَ عَنِ الشيءِ: انْصَرَف؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فاعْتَتَبَ الشَّوْقُ عن فُؤَادِيَ، والشِّعْرُ ... إِلى مَنْ إِليه مُعْتَتَبُ
واعْتَتَبْتُ الطريقَ إِذا تركتَ سَهْلَهُ وأَخَذْتَ فِي وَعْرِه. واعْتَتَبَ أَي قَصَدَ؛ قَالَ الحُطَيْئةُ:
إِذا مَخارِمُ أَحْناءٍ عَرَضْنَ لَهُ، ... لَمْ يَنْبُ عَنْهَا وخافَ الجَوْرَ فاعتَتَبا
مَعْنَاهُ: اعْتَتَبَ مِنَ الْجَبَلِ أَي رَكِبَهُ وَلَمْ يَنْبُ عَنْهُ؛ يَقُولُ: لَمْ يَنْبُ عَنْهَا وَلَمْ يَخَفِ الجَوْرَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا مَضَى سَاعَةً ثُمَّ رَجَع: قَدِ اعْتَتَبَ فِي طَرِيقِهِ اعْتِتاباً، كأَنه عَرَضَ عَتَبٌ فتَراجَعَ. وعَتيبٌ: قَبِيلَةٌ. وَفِي أَمثال الْعَرَبِ: أَوْدَى كَمَا أَوْدَى عَتِيبٌ؛ عَتِيبٌ: أَبو حيٍّ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ عَتِيبُ بنُ أَسْلَمَ بْنِ مَالِكِ بن شَنُوءَةَ بن تَديلَ، وَهُمْ حَيٌّ كَانُوا فِي دِينِ مالكٍ، أَغارَ عَلَيْهِمْ بعضُ الملوكِ فَسَبَى الرجالَ وأَسَرَهم واسْتَعْبَدَهُم، فَكَانُوا يَقُولُونَ: إِذا كَبِرَ صِبيانُنا لَمْ يَتْرُكُونَا حَتَّى يَفْتَكُّونا، فَمَا زَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى هَلَكُوا، فضَرَبَتْ بِهِمُ العربُ مَثَلًا لِمَنْ ماتَ وَهُوَ مَغْلُوبٌ، وَقَالَتْ: أَوْدَى عَتيبٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيّ بْنِ زَيْدٍ:
تُرَجِّيها، وَقَدْ وقَعَت بقُرٍّ، ... كَمَا تَرْجو أَصاغِرَها عَتِيبُ
ابْنُ الأَعرابي: الثُّبْنة مَا عَتَّبْتَه مِنْ قُدَّام السَّرَاوِيلِ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمان: أَنه عَتَّبَ سراويلَه فتَشَمَّرَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: التَّعْتِيبُ أَن تُجْمَعَ الحُجْزَةُ وتُطْوى مِنْ قُدَّام. وعَتَّبَ الرجلُ: أَبْطَأَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأُرى الباءَ بَدَلًا مِنْ مِيمِ عَتَّمَ. والعَتَبُ: مَا بَيْنَ السَّبَّابة والوُسْطَى؛ وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْوُسْطَى والبِنْصِر. والعِتْبانُ: الذَّكَرُ مِنَ الضِّباع، عَنْ كُرَاعٍ. وأُمُّ عِتْبانٍ وأُمُّ عَتَّابٍ: كِلْتَاهُمَا الضَّبُعُ، وَقِيلَ: إِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لعَرَجها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَحُقُّه. وعَتَبَ مِنْ مكانٍ إِلى مكانٍ، وَمِنْ قولٍ إِلى قولٍ إِذا اجْتَازَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلى مَوْضِعٍ، وَالْفِعْلُ عَتَبَ يَعْتِبُ. وعَتَبَةُ الْوَادِي: جَانِبُهُ الأَقصى الَّذِي يَلي الجَبَلَ. والعَتَبُ: مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ. والعربُ تَكْنِي عَنِ المرأَة «2» بالعَتَبةِ، والنَّعْلِ، وَالْقَارُورَةِ، وَالْبَيْتِ، والدُّمْيةِ، والغُلِّ، والقَيْدِ. وعَتِيبٌ: قَبِيلَةٌ. وعَتَّابٌ وعِتْبانٌ ومُعَتِّبٌ وعُتْبة وعُتَيْبةُ: كلُّها أَسماءٌ.
__________
(2) . قوله [وَالْعَرَبُ تَكْنِي عَنِ الْمَرْأَةِ إلخ] نقل هذه العبارة الصاغاني وزاد عليها الريحانة والقوصرة والشاة والنعجة.(1/579)
وعُتَيْبَةُ وعَتَّابةُ: مِنْ أَسماءِ النساءِ. والعِتابُ: ماءٌ لِبَنِي أَسدٍ فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ؛ قَالَ الأَفوه:
فأَبْلِغْ، بالجنابةِ، جَمْعَ قَوْمِي، ... ومَنْ حَلَّ الهِضابَ على العِتابِ
عتلب: بالتاءِ الْمُثَنَّاةِ. جَبَلٌ مُعَتْلَبٌ: رِخْوٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مُلاحِمُ القارةِ لَمْ يُعَتْلَبِ
عثب: عَوْثَبانُ: اسْمُ رَجُلٍ.
عثرب: العُثْرُبُ: شَجَرٌ نحوُ شَجَرِ الرُّمَّان فِي القدرِ، وورقُه أَحمر مثلُ وَرَقِ الحُمّاضِ، تَرِقُّ عَلَيْهِ بطونُ الْمَاشِيَةِ أَوَّل شيءٍ، ثُمَّ تَعْقِدُ عَلَيْهِ الشَّحْمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَهُ عسالِيجُ حُمْرٌ، وَلَهُ حَبٌّ كحَبِّ الحُمَّاضِ، وَاحِدَتُهُ عُثْرُبة؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
عثلب: عَثْلَب زَنْدَهُ: أَخَذَه مِنْ شَجَرَةٍ لَا يَدرِي أَيُصْلِدُ أَم يُوري. وعَثْلَبَ الحَوْضَ وجِدارَ الحَوْضِ ونحوَه: كسَرَه وهَدَمَه؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وسُفْعٌ عَلَى آسٍ ونُؤْيٌ مُعَثْلَبُ «1»
أَي مَهْدومٌ. وأَمْرٌ مُعَثْلِبٌ إِذا لَمْ يُحْكَم. ورُمْح مُعَثْلِبٌ: مَكْسُورٌ. وَقِيلَ: المُعَثْلِبُ الْمَكْسُورُ مِنْ كُلِّ شيءٍ. وعَثْلَبَ عَمَلَه: أَفْسَدَه. وعَثْلَبَ طَعامَه: رَمَّدَه أَو طَحَنَه، فَجَشَّشَ طَحْنَه. وعَثْلَبٌ: اسْمُ مَاءٍ؛ قَالَ الشَّمَّاخ:
وصَدَّتْ صُدوداً عَنْ شريعةِ عَثْلَبٍ، ... ولابْنَيْ عِياذٍ، فِي الصُّدُورِ، حَوامِزُ «2»
وشَيْخ مُعَثْلِبٌ إِذا أَدْبَرَ كِبَراً.
عجب: العُجْبُ والعَجَبُ: إِنكارُ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ لقِلَّةِ اعْتِيادِه؛ وجمعُ العَجَبِ: أَعْجابٌ؛ قَالَ:
يَا عَجَباً للدَّهْرِ ذِي الأَعْجابِ، ... الأَحْدَبِ البُرْغُوثِ ذِي الأَنْيابِ
وَقَدْ عَجِبَ مِنْهُ يَعْجَبُ عَجَباً، وتَعَجَّبَ، واسْتَعْجَبَ؛ قَالَ:
ومُسْتَعْجِبٍ مِمَّا يَرَى مِنْ أَناتِنا، ... وَلَوْ زَبَنَتْهُ الحَرْبُ لَمْ يَتَرَمْرَمِ
والاسْتِعْجابُ: شِدَّةُ التَّعَجُّبِ. وَفِي النوادر: تَعَجَّبنِي فلانٌ وتَفَتَّنَني أَي تَصَبَّاني؛ وَالِاسْمُ: العَجِيبةُ، والأُعْجُوبة. والتَّعاجِيبُ: العَجائبُ، لَا واحدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
ومنْ تَعاجِيبِ خَلْقِ اللهِ غَاطِيةٌ، ... يُعْصَرُ مِنْها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ
الغَاطِيَةُ: الكَرْمُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ
؛ قرأَها حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِضَمِّ التاءِ، وَكَذَا قِرَاءَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ؛ وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ وأَبو عَمْرٍو: بَلْ عَجِبْتَ، بِنَصْبِ التاءِ. الفراءُ: العَجَبُ، وإِن أُسْنِدَ إِلى اللَّهِ، فَلَيْسَ مَعْنَاهُ مِنَ اللَّهِ، كَمَعْنَاهُ مِنَ الْعِبَادِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَصلُ العَجَبِ فِي اللُّغَةِ، أَن الإِنسان إِذا رأَى مَا يُنْكِرُهُ ويَقِلُّ مِثْلُه، قَالَ: قَدْ عَجِبْتُ مِنْ كَذَا. وَعَلَى هَذَا مَعْنَى قِرَاءَةِ مَنْ قرأَ بِضَمِّ التاءِ، لأَن الْآدَمِيَّ إِذا فَعَلَ مَا يُنْكِرُه اللهُ، جَازَ أَن يَقُولَ فِيهِ عَجِبْتُ، وَاللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ عَلِمَ مَا أَنْكَره قَبْلَ كَوْنِهِ، وَلَكِنِ الإِنكارُ والعَجَبُ الذي تَلْزَمُ به
__________
(1) . قوله [ونؤي معثلب] ضبطه المجد كالذي بعده بكسر اللام وضبط فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ الخط كالتهذيب بفتحها ولا مانع منه حيث يقال عثلبت جدار الحوض إذا كسرته، وعثلبت زنداً أخذته لا أدري أيوري أم لا بل هو الوجيه.
(2) . قوله [في الصدور حوامز] كذا بالأَصل كالتهذيب والذي في التكملة: في الصدور حزائز.(1/580)
الحُجَّة عِنْدَ وُقُوعِ الشيءِ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ:
بَلْ عَجِبْتُ
؛ أَخْبَر عَنْ نَفْسِهِ بالعَجَب. وَهُوَ يُرِيدُ: بَلْ جازَيْتُهم عَلَى عَجَبِهم مِنَ الحَقِّ، فَسَمّى فِعْلَه باسمِ فِعْلهم. وَقِيلَ: بَلْ عَجِبْتَ
، مَعْنَاهُ بَلْ عَظُمَ فِعْلُهم عِنْدَكَ. وَقَدْ أَخبر اللَّهُ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بالعَجَب مِنَ الحَقِّ؛ قَالَ: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً
؛ وَقَالَ: بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ
؛ وَقَالَ الْكَافِرُونَ: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ
. ابْنُ الأَعرابي: العَجَبُ النَّظَرُ إِلى شيءٍ غَيْرِ مأْلوف وَلَا مُعتادٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ
؛ الخطابُ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَي هَذَا موضعُ عَجَبٍ حَيْثُ أَنكروا البعْثَ، وَقَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ مِنْ خَلْقِ السمواتِ والأَرض مَا دَلَّهم عَلَى البَعْث، والبعثُ أَسهلُ فِي القُدْرة مِمَّا قَدْ تَبَيَّنُوا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً
؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمْسَكَ اللَّهُ تَعَالَى جرْيَةَ البَحْرِ حَتَّى كَانَ مثلَ الطاقِ فَكَانَ سَرَباً، وَكَانَ لِمُوسَى وَصَاحِبِهِ عَجَباً. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قَوْمٍ يُقادُونَ إِلى الجنةِ فِي السلاسِل
؛ أَي عَظُمَ ذَلِكَ عِنْدَهُ وكَبُرَ لَدَيْهِ. أَعلم اللَّهُ أَنه إِنما يَتَعَجَّبُ الآدميُّ مِنَ الشيءِ إِذا عَظُمَ مَوْقِعُه عِنْدَهُ، وخَفِيَ عَلَيْهِ سببُه، فأَخبرهم بِمَا يَعْرِفون، لِيَعْلَمُوا مَوْقعَ هَذِهِ الأَشياء عِنْدَهُ. وَقِيلَ: مَعْنَى عَجِبَ رَبُّكَ أَي رَضِيَ وأَثابَ؛ فَسَمَّاهُ عَجَباً مَجَازًا، وَلَيْسَ بعَجَبٍ فِي الْحَقِيقَةِ. والأَولُ الْوَجْهُ كَمَا قَالَ: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ؛ مَعْنَاهُ ويُجازيهم اللَّهُ عَلَى مَكْرِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَجِبَ رَبُّكَ مَنْ شَابٍّ ليستْ لَهُ صَبْوَةٌ
؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ إِلِّكم وقُنُوطِكم.
قَالَ ابْنُ الأَثير: إِطْلاقُ العَجَب عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مَجَازٌ، لأَنه لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَسبابُ الأَشياء؛ والتَّعَجُّبُ مِمَّا خَفِيَ سَبَبُهُ وَلَمْ يُعْلَم. وأَعْجَبَه الأَمْرُ: حَمَلَهُ عَلَى العَجَبِ مِنْهُ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
يَا رُبَّ بَيْضَاءَ عَلَى مُهَشَّمَهْ، ... أَعْجَبَها أَكْلُ البَعيرِ اليَنَمَهْ
هَذِهِ امرأَةٌ رأَتِ الإِبلَ تأْكل، فأَعْجَبها ذَلِكَ أَي كَسَبها عَجَباً؛ وَكَذَلِكَ قولُ ابنِ قَيسِ الرُّقَيَّاتِ:
رَأَتْ فِي الرأْسِ منِّي شَيْبَةً، ... لَسْتُ أُغَيِّبُها
فقالتْ لِي: ابنُ قَيْسٍ ذَا ... وبَعْضُ الشَّيْءِ يُعْجِبُها
أَي يَكْسِبُها التَّعَجُّبَ. وأُعْجِبَ بِهِ: عَجِبَ. وعَجَّبَه بالشيءِ تَعْجِيباً: نَبَّهَهُ عَلَى التَّعَجُبِ مِنْهُ. وقِصَّةٌ عَجَبٌ، وَشَيْءٌ مُعْجِبٌ إِذا كَانَ حَسَناً جِدًّا. والتَّعَجُّبُ: أَن تَرَى الشيءَ يُعْجِبُكَ، تَظُنُّ أَنك لَمْ تَرَ مِثلَه. وقولهم: لله زيدٌ كأَنه جاءَ بِهِ اللَّهُ مِنْ أَمْرٍ عَجِيبٍ، وكذلك قولهم: لله دَرّهُ أَي جاءَ اللهُ بدَرِّه مِنْ أَمْرٍ عَجِيبٍ لِكَثْرَتِهِ. وأَمر عُجَابٌ وعُجَّابٌ وعَجَبٌ وعَجِيبٌ وعَجَبٌ عاجِبٌ وعُجَّابٌ، عَلَى الْمُبَالَغَةِ، يُؤَكَّدُ بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجابٌ
؛ قرأَ
أَبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: إِن هَذَا لَشَيْءٌ عُجَّابٌ
، بِالتَّشْدِيدِ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ رَجُلٌ كَرِيمٌ، وكُرامٌ وكُرَّامٌ، وكَبيرٌ وكُبَارٌ وكُبَّارٌ، وعُجَّاب، بِالتَّشْدِيدِ، أَكثر مِنْ عُجَابٍ. وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ: بَيْنَ العَجِيب والعُجَاب فَرْقٌ؛ أَمَّا العَجِيبُ، فالعَجَبُ يَكُونُ مثلَه، وأَمَّا العُجَاب فَالَّذِي تَجاوَزَ حَدَّ العَجَبِ. وأَعْجَبَهُ الأَمْرُ: سَرَّه. وأُعْجِبَ بِهِ كَذَلِكَ، عَلَى(1/581)
لَفْظِ مَا تَقَدَّم فِي العَجَبِ. والعَجِيبُ: الأَمْرُ يُتَعَجَّبُ مِنْهُ. وأَمْرٌ عَجِيبٌ: مُعْجِبٌ. وَقَوْلُهُمْ: عَجَبٌ عاجِبٌ، كَقَوْلِهِمْ: لَيْلٌ لائِلٌ، يُؤَكَّدُ بِهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
وَمَا البُخْلُ يَنْهاني وَلَا الجُودُ قادَني، ... ولكنَّها ضَرْبٌ إِليَّ عَجيبُ
أَرادَ يَنْهاني ويَقُودُني، أَو نَهاني وقَادَني؛ وإِنما عَلَّقَ عَجِيبٌ بإِليَّ، لأَنه فِي مَعْنَى حَبِيب، فكأَنه قَالَ: حَبِيبٌ إِليَّ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُجْمَعُ عَجَبٌ وَلَا عَجِيبٌ. وَيُقَالُ: جمعُ عَجِيب عَجائبُ، مِثْلَ أَفِيل وأَفائِل، وتَبيع وتَبائعَ. وَقَوْلُهُمْ: أَعاجِيبُ كأَنه جَمْعُ أُعْجُوبةٍ، مِثْلِ أُحْدُوثةٍ وأَحاديثَ. والعُجْبُ: الزُّهُوُّ. وَرَجُلٌ مُعْجَبٌ: مَزْهُوٌّ بِمَا يَكُونُ مِنْهُ حَسَناً أَو قَبِيحاً. وَقِيلَ: المُعْجَبُ الإِنسانُ المُعْجَبُ بِنَفْسِهِ أَو بالشيءِ، وَقَدْ أُعْجِبَ فلانٌ بِنَفْسِهِ، فَهُوَ مُعْجَبٌ برأْيه وَبِنَفْسِهِ؛ وَالِاسْمُ العُجْبُ، بِالضَّمِّ. وَقِيلَ: العُجْب فَضْلَةٌ مِنَ الحُمْق صَرَفْتَها إِلى العُجْبِ. وقولُهم مَا أَعجَبَه برأْيه، شَاذٌّ لَا يُقاس عَلَيْهِ. والعُجْب: الَّذِي يُحِبُّ محادثةَ النِّسَاءِ وَلَا يأْتي الرِّيبَةَ. والعُجْبُ والعَجْبُ والعِجْبُ: الَّذِي يُعْجِبُه القُعُود مَعَ النساءِ. والعَجْبُ والعُجْبُ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ «1» : مَا انْضَمَّ عَلَيْهِ الوَرِكان مِنْ أَصل الذَّنَبِ المَغْروز فِي مُؤَخَّرِ العَجُز؛ وَقِيلَ: هُوَ أَصلُ الذَّنَبِ كُلُّه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ أَصْلُ الذَّنَبِ وعَظْمُه، وَهُوَ العُصْعُصُ؛ والجمعُ أَعْجابٌ وعُجُوبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كُلُّ ابنِ آدمَ يَبْلَى إِلا العَجْبَ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
إِلَّا عَجْبَ الذَّنَب.
العَجْبُ، بِالسُّكُونِ: الْعَظْمِ الَّذِي فِي أَسفل الصُّلْب عِنْدَ العَجُز، وَهُوَ العَسِيبُ مِنَ الدَّوابِّ. وَنَاقَةٌ عَجْباءُ: بَيِّنَةُ العَجَبِ، غلِيظةُ عَجْبِ الذَّنَب، وَقَدْ عَجِبَتْ عَجَباً. وَيُقَالُ: أَشَدُّ مَا عَجُبَتِ الناقةُ إِذا دَقَّ أَعْلى مُؤَخَّرِها، وأَشْرَفَتْ جاعِرَتاها. والعَجْباءُ أَيضاً: الَّتِي دَق أَعلى مُؤَخَّرها، وأَشرَفَتْ جاعِرَتاها، وَهِيَ خلْقَةٌ قَبِيحَةٌ فِيمَنْ كَانَتْ. وعَجْبُ الكَثِيبِ: آخِرُه المُسْتَدِقُّ مِنْهُ، والجمعُ عُجُوب؛ قَالَ لَبِيَدٌ:
يَجْتابُ أَصْلًا قالِصاً مُتَنَبِّذاً ... بعُجُوبِ أَنْقاءٍ، يَميلُ هَيامُها
وَمَعْنَى يَجتابُ: يَقْطَع؛ وَمَنْ رَوَى يَجْتافُ، بالفاءِ، فَمَعْنَاهُ يَدْخُلُ؛ يَصِفُ مَطَرًا. والقالِصُ: المرتفعُ. والمُتَنَبِّذُ: المُتَنَحِّي نَاحِيَةً. والهَيَامُ: الرَّمْل الَّذِي يَنْهار. وَقِيلَ: عَجْبُ كُلِّ شيءٍ مُؤَخَّرُه. وبَنُو عَجْبٍ: قَبِيلَةٌ؛ وَقِيلَ: بَنُو عَجْبٍ بَطْنٌ. وَذَكَرَ أَبو زَيْدٍ خارجةُ بنُ زيدٍ أَن حَسَّان بنَ ثابتٍ أَنشد قَوْلَهُ:
انْظُرْ خَليلِي ببَطْنِ جِلَّقَ هلْ ... تُونِسُ، دونَ البَلْقاءِ، مِن أَحَدِ
فَبَكَى حَسَّان بذِكْرِ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ صِحَّة البصر والشَّبابِ، بعد ما كُفَّ بَصَرُه، وَكَانَ ابْنُهُ عبدُ الرَّحْمَنِ حاضِراً فسُرَّ ببكاءِ أَبيه. قَالَ خارجةُ: يَقُولُ عَجِبْتُ مِنْ سُروره ببكاءِ أَبيه؛ قَالَ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:
فقالتْ لِي: ابنُ قَيْسٍ ذَا ... وبعضُ الشَّيءِ يُعْجِبُها
__________
(1) . قوله [وَالْعَجْبُ وَالْعُجْبُ مِنْ كُلِّ دابة إلخ] كذا بالأَصل وهذه عبارة التهذيب بالحرف وليس فيها ذكر العجب مرتين بل قال وَالْعُجْبُ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ إلخ. وضبطه بشكل القلم بفتح فسكون كالصحاح والمحكم وصرح به المجد والفيومي وصاحب المختار لا سيما وأُصول هذه المادة متوفرة عندنا فتكرار العجب في نسخة اللسان ليس إلا من الناسخ اغتر به شارح القاموس فقال عند قول المجد: العجب، بالفتح وبالضم، مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ مَا انضم إلى آخر ما هنا ولم يساعده على ذلك أصل صحيح، إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ.(1/582)
أَي تَتَعَجَّبُ مِنْهُ. أَرادَ أَابنُ قَيْسٍ، فتَرك الأَلفَ الأُولى.
عدب: العَدَابُ مِنَ الرَّمْل كالأَوْعَسِ، وَقِيلَ: هُوَ المُسْتَدِقُّ مِنْهُ، حَيْثُ يَذْهبُ مُعظَمُه، ويَبْقَى شَيْءٌ مِنْ لَيْنِه قَبْلَ أَن يَنْقَطِعَ؛ وَقِيلَ: هُوَ جانِبُ الرَّمْلِ الَّذِي يَرِقُّ مِنْ أَسْفَل الرَّمْلَةِ، ويَلي الجَدَدَ مِنَ الأَرض؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
كثَوْرِ العَدَاب الفَرْدِ يَضْربُه النَّدَى، ... تَعَلَّى النَّدَى، فِي مَتْنِه، وتَحَدَّرا
الواحدُ والجمعُ سواءٌ؛ وأَنشد الأَزهري:
وأَقْفَرَ المُودِسُ مِنْ عَدَابِها
يَعْنِي الأَرضَ الَّتِي قَدْ أَنبتت أَوّلَ نَبْتٍ ثُمَّ أَيْسَرَتْ. والعَدُوبُ: الرَّمْلُ الْكَثِيرُ. قَالَ الأَزهري: والعُدَبيُّ مِنَ الرِّجَالِ الكريمُ الأَخْلاق؛ قَالَ كَثِير بنُ جَابِرٍ المُحاربيُّ، لَيْسَ كُثَيِّرَ عَزَّةَ:
سَرَتْ مَا سَرَتْ مِنْ ليلِها، ثُمَّ عَرَّسَتْ ... إِلى عُدَبيٍّ ذِي غَناءٍ وَذِي فَضْلِ
وَهَذَا الْحَرْفُ ذَكَرَهُ الأَزهري فِي تَهْذِيبِهِ هُنَا فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فِي تَرْجَمَةِ عَذَبَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. والعَدَابةُ: الرَّحِمُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فكُنْتُ كذاتِ العَرْك لَمْ تُبْقِ ماءَها، ... وَلَا هِيَ، مِنْ ماءِ العَدَابةِ، طاهِرُ
وَقَدْ رُوِيَتِ العَذَابَة، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ؛ وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
وَلَا هِيَ مِمَّا بالعَدَابةِ طَاهِرُ
وَكَذَلِكَ وَجَدْتُهُ فِي عِدَّةِ نُسَخ.
عذب: العَذْبُ مِنَ الشَّرابِ والطَّعَامِ: كُلُّ مُسْتَسَاغٍ. والعَذْبُ: الماءُ الطَّيِّبُ. ماءةٌ عَذْبَةٌ ورَكِيَّة عَذْبَةٌ. وَفِي الْقُرْآنِ: هَذَا عَذْبٌ فُراتٌ*
. وَالْجَمْعُ: عِذَابٌ وعُذُوبٌ؛ قَالَ أَبو حَيَّةَ النُّميري:
فَبَيَّتْنَ مَاءً صافِياً ذَا شَريعةٍ، ... لَهُ غَلَلٌ، بَيْنَ الإِجامِ، عُذُوبُ
أَراد بغَلَلٍ الجنْسَ، وَلِذَلِكَ جَمَع الصِّفَةَ. والعَذْبُ: الْمَاءُ الطَّيِّبُ. وعَذُبَ الماءُ يَعْذُبُ عُذوبةً، فَهُوَ عَذْبٌ طَيِّبٌ. وأَعْذَبَه اللَّهُ: جَعَلَه عَذْباً؛ عَنْ كُراع. وأَعْذَبَ القومُ: عَذُبَ ماؤُهم. واستَعْذَبُوا: استَقَوا وشَرِبوا مَاءً عَذْباً. واستعْذَبَ لأَهلِه: طَلب له مَاءً عَذْباً. واستَعذَب القومُ ماءَهم إِذا استَقَوهُ عَذْباً. واستَعْذَبَه: عَدّه عَذْباً. ويُستَعْذَبُ لِفُلَانٍ مِنْ بِئْرِ كَذَا أَي يُسْتَقى لَهْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ الماءُ مِنْ بيوتِ السُّقْيا
أَي يُحْضَرُ لَهُ مِنْهَا الماءُ العَذْبُ، وَهُوَ الطَّيِّبُ الَّذِي لَا مُلوحة فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي التَّيّهان: أَنه خَرَجَ يَسْتَعذبُ الماءَ
أَي يَطْلُبُ الماءَ العَذْبَ. وَفِي كَلَامِ
عَلِيٍّ يَذُمُّ الدُّنْيَا: اعْذَوْذَبَ جانبٌ مِنْهَا واحْلَوْلَى
؛ هُمَا افْعَوعَلَ من العُذُوبة والحَلاوة، هو مِنْ أَبنية الْمُبَالِغَةِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: ماءٌ عِذَابٌ.
يُقَالُ: ماءَةٌ عَذْبَةٌ، وَمَاءٌ عِذَابٌ، عَلَى الْجَمْعِ، لأَن الْمَاءَ جِنْسٌ لِلْمَاءَةِ. وامرأَةٌ مِعْذابُ الرِّيقِ: سائغَتُه، حُلْوَتُه؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
إِذا تَطَنَّيْتَ، بَعْدَ النَّوْمِ، عَلَّتَها، ... نَبَّهْتَ طَيِّبةَ العَلَّاتِ مِعْذابا
والأَعْذَبان: الطعامُ وَالنِّكَاحُ، وَقِيلَ: الْخَمْرُ والريقُ؛ وَذَلِكَ لعُذوبَتهما.(1/583)
وإِنه لَعَذْبُ اللِّسَانِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: شُبِّهَ بالعَذْبِ مِنَ الماءِ. والعَذِبَةُ، بِالْكَسْرِ «1» ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: أَرْدَأُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الطَّعَامِ، فيُرْمَى بِهِ. والعَذِبَة والعَذْبَةُ: القَذاةُ، وَقِيلَ: هِيَ القَذاةُ تَعْلُو الماءَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَذَبَةُ، بِالْفَتْحِ: الكُدْرةُ مِنَ الطُّحْلُب والعَرْمَضِ وَنَحْوِهِمَا؛ وَقِيلَ: العَذَبة، والعَذِبة، والعَذْبةُ: الطُّحْلُب نفسُه، والدِّمْنُ يَعْلُو الماءَ. وماءٌ عَذِبٌ وَذُو عَذَبٍ: كَثِيرُ القَذى والطُّحْلُب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراه عَلَى النَّسَبِ، لأَني لَمْ أَجد لَهُ فِعْلًا. وأَعْذَبَ الحَوْضَ: نَزَع مَا فِيهِ مِنَ القَذَى والطُّحْلُبِ، وكَشَفَه عَنْهُ؛ والأَمرُ مِنْهُ: أَعْذِبْ حوضَك. وَيُقَالُ: اضْرِبْ عَذَبَة الحَوْضِ حَتَّى يَظْهَر الْمَاءُ أَي اضْرِبْ عَرْمَضَه. وَمَاءٌ لَا عَذِبَةَ فِيهِ أَي لَا رِعْيَ فِيهِ وَلَا كَلأَ. وَكُلُّ غُصْنٍ عَذَبةٌ وعَذِبَةٌ. والعَذِبُ: مَا أَحاطَ بالدَّبْرةِ. والعاذِبُ والعَذُوبُ: الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السماءِ سِتْر؛ قَالَ الجَعْدِيُّ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيّاً بَاتَ فَرْداً لَا يذُوقُ شَيْئًا:
فباتَ عَذُوباً للسَّماءِ، كأَنَّه ... سُهَيْلٌ، إِذا مَا أَفرَدَتْهُ الكَواكِبُ
وعَذَبَ الرجلُ والحِمارُ والفرسُ يَعْذِبُ عَذْباً وعُذُوباً، فَهُوَ عاذِبٌ وَالْجَمْعُ عُذُوبٌ، وعَذُوبٌ والجمعُ عُذُبٌ: لَمْ يأْكل مِنْ شِدَّةِ العطَشِ. ويَعْذِبُ الرجلُ عَنِ الأَكل، فَهُوَ عاذِب: لَا صَائِمٌ وَلَا مُفْطِرٌ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ وَغَيْرِهِ: باتَ عَذُوباً إِذا لَمْ يأْكل شَيْئًا وَلَمْ يَشْرَبْ. قَالَ الأَزهري: الْقَوْلُ فِي العَذُوب والعاذِب أَنَّهُ الَّذِي لَا يأْكل وَلَا يَشْرَبُ، أَصْوَبُ مِنَ الْقَوْلِ فِي العَذُوب أَنَّهُ الَّذِي يَمْتَنِعُ عَنِ الأَكل لعَطَشِه. وأَعْذَبَ عَنِ الشَّيْءِ: امْتَنَعَ. وأَعْذَبَ غيرَه: مَنَعَهُ؛ فَيَكُونُ لَازِمًا وَوَاقِعًا، مِثْلَ أَمْلَقَ إِذا افْتَقَرَ، وأَمْلَقَ غيرَه. وأَما قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ: وجمعُ العَذُوبِ عُذُوبٌ، فخطأٌ، لأَنَّ فَعولًا لَا يُكَسَّر عَلَى فُعولٍ. والعاذِبُ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ: الَّذِي لَا يَطْعَمُ شَيْئًا، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الْخَيْلِ والإِبل، وَالْجَمْعُ عُذُوبٌ، كساجدٍ وسُجُود. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: العَذُوب مِنَ الدوابِّ وَغَيْرِهَا: الْقَائِمُ الَّذِي يَرْفَعُ رأْسه، فَلَا يأْكل وَلَا يَشْرَبُ، وَكَذَلِكَ العاذِبُ، وَالْجَمْعُ عُذُب. والعاذِبُ: الَّذِي يَبِيتُ لَيْلَهُ لَا يَطْعَم شَيْئًا. وَمَا ذاقَ عَذُوباً: كَعَذُوفٍ. وعَذَبَه عَنْهُ عَذْباً، وأَعْذَبَه إِعْذاباً، وعَذَّبَه تَعْذيباً: مَنَعه وفَطَمه عَنِ الأَمر. وَكُلُّ مَنْ مَنَعْتَهُ شَيْئًا، فَقَدَ أَعْذَبْتَه وعَذَّبْته. وأَعْذَبه عَنِ الطَّعَامِ: مَنْعَهُ وكَفَّه. واسْتَعْذَبَ عَنِ الشَّيْءِ: انْتَهَى. وعَذَب عَنِ الشَّيْءِ وأَعْذَب واسْتَعْذَبَ: كُلُّه كَفَّ وأَضْرَب. وأَعْذَبَه عَنْهُ: مَنَعَهُ. وَيُقَالُ: أَعْذِبْ نَفْسَك عَنْ كَذَا أَي اظْلِفْها عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه شَيَّعَ سَرِيَّةً فَقَالَ: أَعْذِبُوا، عَنْ ذِكْرِ النِّسَاءِ، أَنْفُسَكم، فإِن ذَلِكَ يَكْسِرُكم عَنِ الغَزْو
؛ أَي امْنَعوها عَنْ ذِكْرِ النساءِ وشَغْل القُلوب بهنَّ. وكلُّ مَنْ مَنَعْتَه شَيْئًا فَقَدَ أَعْذَبْتَه. وأَعْذَبَ: لَازِمٌ ومُتَعَدٍّ. والعَذَبُ: ماءٌ يَخْرُجُ عَلَى أَثرِ الوَلَدِ مِنَ الرَّحِم. وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ: العَذَابَةُ الرَّحِمُ؛ وأَنشد:
وكُنْتُ كذاتِ الحَيْضِ لَمْ تُبْقِ ماءَها، ... وَلَا هِيَ، مِنْ ماءِ العَذَابةِ، طاهِرُ
__________
(1) . قوله [بالكسر] أي بكسر الذال كما صرح به المجد.(1/584)
قَالَ: والعَذَابةُ رَحِمُ المرأَة. وعَذَبُ النَّوائح: هِيَ المَآلي، وَهِيَ المَعاذِبُ أَيضاً، وَاحِدَتُهَا: مَعْذَبةٌ. وَيُقَالُ لِخِرْقَةِ النَّائِحَةِ: عَذَبَةٌ ومِعْوَزٌ، وجمعُ العَذَبةِ مَعاذِبُ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. والعَذَابُ: النَّكَالُ والعُقُوبة. يُقَالُ: عَذَّبْتُه تَعْذِيباً وعَذَاباً، وكَسَّرَه الزَّجَّاجُ عَلَى أَعْذِبَةٍ، فَقَالَ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: تُعَذَّبُ ثَلاثَة أَعذِبَةٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري، أَهذا نَصُّ قولِ أَبي عُبَيْدَةَ، أَم الزجاجُ اسْتَعْمَلَهُ. وَقَدْ عَذَّبَه تَعْذِيباً، وَلَمْ يُسْتَعمل غيرَ مَزِيدٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الَّذِي أُخذُوا بِهِ الجُوعُ. واسْتعار الشاعِرُ التَّعْذِيبَ فِيمَا لَا حِسَّ لَهُ؛ فَقَالَ:
لَيْسَتْ بِسَوْداءَ مِنْ مَيْثاءَ مُظْلِمَةٍ، ... وَلَمْ تُعَذَّبْ بإِدْناءٍ مِنَ النارِ
ابْنُ بُزُرْجَ: عَذَّبْتُه عَذابَ عِذَبِينَ، وأَصابه مِنِّي عَذَابُ عِذَبِينَ، وأَصابه مِنِّي العِذَبونَ أَي لَا يُرْفَعُ عَنْهُ العَذابُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ ببكاءِ أَهله عَلَيْهِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُشْبِهُ أَن يَكُونَ هَذَا مِنَ حَيْثُ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يُوصُونَ أَهلَهم بالبكاءِ والنَّوح عَلَيْهِمْ، وإِشاعةِ النَّعْيِ فِي الأَحياءِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَشْهُورًا مِنْ مَذَاهِبِهِمْ، فَالْمَيِّتُ تُلْزِمُهُ العقوبةُ فِي ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّم مِنْ أَمره بِهِ. وعَذَبةُ اللِّسَانِ: طَرَفُه الدَّقِيقُ. وعَذَبَةُ السَّوْطِ: طَرَفُه، وَالْجَمْعُ عَذَبٌ. والعَذَبةُ: أَحَدُ عَذَبَتَي السَّوْط. وأَطْرافُ السُّيوفِ: عَذَبُها وعَذَباتُها. وعَذَّبْتُ السَّوْطَ، فَهُوَ مُعَذَّبٌ إِذا جَعَلتَ لَهُ عِلاقَةً؛ قَالَ: وعَذَبَة السَّوْطِ عِلاقَتُه؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
غُضُفٌ مُهَرَّتةُ الأَشْداقِ ضَارِيَةٌ، ... مِثْلُ السَّراحِينِ، فِي أَعْنَاقِها العَذَبُ
يَعْنِي أَطرافَ السُّيُور. وعَذَبةُ الشَّجَرِ: غُصْنُه. وعَذَبةُ قَضِيبِ الجَمَل: أَسَلَتُه، المُسْتَدِقُّ فِي مُقَدَّمِه، وَالْجَمْعُ العَذَبُ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عَذَبةُ الْبَعِيرِ طَرَفُ قَضِيبِه. وَقِيلَ: عَذَبةُ كُلِّ شَيْءٍ طرفُه. وعَذَبَةُ شِرَاكِ النَّعْلِ: المُرْسَلةُ مِنَ الشِّرَاك. والعَذَبَةُ: الجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ خَلْفَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ مِنْ أَعْلاه. وعَذَبَةُ الرُّمْح: خِرقة تُشَدُّ عَلَى رأْسه. والعَذَبة: الغُصْنُ، وَجَمْعُهُ عَذَبٌ. والعَذَبة: الخَيْطُ الَّذِي يُرْفَعُ بِهِ المِيزانُ، والجمعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ عَذَبٌ. وعَذَباتُ النَّاقَةِ: قَوَائِمُهَا. وعاذِبٌ: اسْمُ مَوْضِع؛ قَالَ النَّابِغَةُ الجَعْدِي:
تَأَبَّدَ، مِنْ لَيْلى، رُماحٌ فعاذِبُ، ... فأَقْفَر مِمَّنْ حَلَّهُنَّ التَّناضِبُ
والعُذَيْبُ: مَاءٌ لبَنِي تَمِيمٍ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
لَعَمْرِي لئِنْ أُمُّ الحَكِيمِ تَرَحَّلَتْ، ... وأَخْلَتْ لِخَيْماتِ العُذَيْبِ ظِلالَها
قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَراد العُذَيْبةَ، فَحَذَفَ الْهَاءَ كَمَا قَالَ:
أَبْلِغ النُّعْمانَ عَنّي مَأْلُكاً
قَالَ الأَزهري: العُذَيْبُ مَاءٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ القادِسيَّةِ ومُغِيثَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ: ذِكْرُ العُذَيْبِ، وَهُوَ مَاءٌ لِبَنِي تَمِيمٍ عَلَى مَرْحلة مِنَ الْكُوفَةِ، مُسَمّى بِتَصْغِيرِ العَذْبِ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لأَنه طَرَفُ أَرض الْعَرَبِ مِنَ العَذَبة، وَهِيَ طَرَفُ الشَّيْءِ. وعاذِبٌ: مكانٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: العُذَبِيُّ الكَرِيمُ الأَخْلاق، بِالذَّالِ مُعْجَمَةٌ؛ وأَنشد لكثيرٍ:
سَرَتْ مَا سَرَتْ مِنْ لَيْلِها، ثُمَّ أَعْرَضَتْ ... إِلى عُذَبِيٍّ، ذِي غَناءٍ وَذِي فَضْلِ(1/585)
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ هَذَا كُثَيِّر عَزَّة، إِنما هُوَ كُثَيِّرُ بْنُ جَابِرٍ المُحارِبيُّ، وَهَذَا الْحَرْفُ فِي التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَةِ عدب، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَالَ: هُوَ العُدَبِيُّ، وضبطه كذلك.
عرب: العُرْبُ والعَرَبُ: جِيلٌ مِنَ النَّاسِ مَعْرُوفٌ، خِلافُ العَجَم، وَهُمَا واحدٌ، مِثْلُ العُجُم والعَجَم، مؤَنث، وَتَصْغِيرُهُ بِغَيْرِ هَاءٌ نَادِرٌ. الْجَوْهَرِيُّ: العُرَيْبُ تَصْغِيرُ العَرَبِ، قَالَ أَبو الهِنْدِيّ، وَاسْمُهُ عَبْدُ المؤْمن ابن عَبْدِ القُدُّوس:
فأَمَّا البَهَطُّ وحِيتَانُكُمْ، ... فَمَا زِلْتُ فِيهَا كثيرَ السَّقَمْ
وَقَدْ نِلْتُ مِنْهَا كَمَا نِلْتُمُ، ... فلَمْ أَرَ فِيهَا كَضَبِّ هَرِمْ
وَمَا فِي البُيُوضِ كبَيْضِ الدَّجاج، ... وبَيْضُ الجَرادِ شِفاءُ القَرِمْ
ومَكْنُ الضِّبابِ طَعامُ العُرَيْبِ، ... لَا تَشْتَهيهِ نفوسُ العَجَمْ
صَغَّرهم تَعْظِيمًا، كَمَا قَالَ: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ. والعَرَبُ العارِبة: هُمُ الخُلَّصُ مِنْهُمْ، وأُخِذ مِنْ لَفْظه فأُكِّدَ بِهِ، كَقَوْلِكَ لَيْلٌ لائِلٌ، تَقُولُ: عَرَبٌ عارِبةٌ وعَرْباءُ: صُرَحاءُ. ومُتَعَرِّبةٌ ومُسْتَعْرِبةٌ: دُخَلاءُ، لَيْسُوا بخُلَّصٍ. والعَرَبيُّ مَنْسُوبٌ إِلى العَرَب، وإِن لَمْ يَكُنْ بَدَوِيّاً. والأَعْرابيُّ: البَدَوِيُّ، وَهُمُ الأَعْرابُ، والأَعارِيبُ: جَمْعُ الأَعْرابِ. وجاءَ فِي الشِّعْرِ الْفَصِيحِ الأَعارِيبُ، وَقِيلَ: لَيْسَ الأَعْرابُ جَمْعًا لِعَربٍ، كَمَا كَانَ الأَنْبَاطُ جَمْعًا لنَبَطٍ، وإِنما العَرَبُ اسْمُ جِنْسٍ. والنَّسَبُ إِلى الأَعْرابِ: أَعْرابِيٌّ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنما قِيلَ فِي النَّسَبِ إِلى الأَعْراب أَعْرابيّ، لأَنه لَا وَاحِدَ لَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. أَلا تَرى أَنك تَقُولُ العَرَبُ، فَلَا يَكُونُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى؟ فَهَذَا يُقَوِّيهِ. وعَرَبِيٌّ: بَيِّنُ العُروبةِ والعُرُوبِيَّة، وَهُمَا مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي لَا أَفعال لَهَا. وَحَكَى الأَزهري: رَجُلٌ عَرَبيٌّ إِذا كَانَ نَسَبُهُ فِي العَرَب ثَابِتًا، وإِن لَمْ يَكُنْ فَصِيحًا، وَجَمْعُهُ العَرَبُ، كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ مَجُوسِيٌّ وَيَهُودِيٌّ، وَالْجَمْعُ، بِحَذْفِ يَاءِ النِّسْبَةِ، اليَهُودُ والمجوسُ. وَرَجُلٌ مُعْرِبٌ إِذا كَانَ فَصِيحًا، وإِن كَانَ عَجَمِيَّ النَّسب. وَرَجُلٌ أَعْرَابيٌّ، بالأَلف، إِذا كَانَ بَدَوِياً، صاحبَ نَجْعَةٍ وانْتواءٍ وارْتيادٍ للكلإِ، وتَتَبُّعٍ لمَساقِطِ الغَيْث، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنَ العَرَب أَو مِنَ مَواليهم. ويُجْمَعُ الأَعرابيُّ عَلَى الأَعْراب والأَعارِيب. والأَعْرابيُّ إِذا قِيلَ لَهُ: يَا عَرَبيُّ! فَرِحَ بِذَلِكَ وهَشَّ لَهُ. والعَرَبيُّ إِذا قِيلَ لَهُ: يَا أَعْرابيُّ! غَضِبَ لَهُ. فَمَن نَزَل الْبَادِيَةَ، أَو جاوَرَ البَادِينَ وظعَنَ بظَعْنِهم، وانْتَوَى بانْتِوائهِم: فَهُمْ أَعْرابٌ، ومَن نَزَلَ بلادَ الرِّيفِ واسْتَوْطَنَ المُدُنَ والقُرى العَربيةَ وَغَيْرَهَا مِمَّنْ يَنْتمِي إِلى العَرَب: فَهُمْ عَرَب، وإِن لَمْ يَكُونُوا فُصَحاءَ. وَقَوْلُ اللَّه، عَزَّ وَجَلَّ: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا، قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا، وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا
. فَهؤُلاء قَوْمٌ مِنْ بَوادي العَرَب قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، المدينةَ، طَمَعاً فِي الصَّدَقات، لَا رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ، فَسَمَّاهُمُ اللَّه تَعَالَى الأَعْرابَ، وَمِثْلُهُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّه فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ، فَقَالَ: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً
، الْآيَةَ. قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي لَا يَفْرِقُ بَيْنَ العَرَبِ والأَعْراب والعَرَبيِّ والأَعْرابيِّ، رُبَّمَا تَحامَلَ عَلَى العَرَب بِمَا يتأَوّله فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَهُوَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ العَرَبِ والأَعْراب، وَلَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ للمهاجرين و(1/586)
الأَنصار أَعرابٌ، إِنما هُمْ عَرَبٌ لأَنهم اسْتَوطَنُوا القُرَى العَرَبية، وسَكَنُوا المُدُنَ، وسواء مِنْهُمُ النَّاشِئُ بالبَدْوِ ثُمَّ اسْتَوْطَنَ القُرَى، والنَّاشِئُ بِمَكَّةَ ثُمَّ هَاجَرَ إِلى الْمَدِينَةِ، فإِن لَحِقَتْ طائفةٌ مِنْهُمْ بأَهل البَدْوِ بَعْدَ هِجْرَتِهِمْ، واقْتَنَوْا نَعَماً، ورَعَوْا مَسَاقِطَ الغَيْث بعد ما كَانُوا حاضِرَةً أَو مُهاجِرَةً، قِيلَ: قَدْ تَعَرَّبوا أَي صاروا أَعْراباً، بعد ما كَانُوا عَرَباً. وَفِي الْحَدِيثِ:
تَمَثَّل فِي خُطْبتِه مُهاجِرٌ لَيْسَ بِأَعْرابيّ
، جَعَلَ المُهاجِرَ ضِدَّ الأَعْرابيِّ. قَالَ: والأَعْراب سَاكِنُو الْبَادِيَةِ مِنَ العَرَب الَّذِينَ لَا يُقِيمُونَ فِي الأَمصارِ، وَلَا يَدْخُلُونَهَا إِلّا لِحَاجَةٍ. والعَرَب: هَذَا الْجِيلُ، لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَسَوَاءٌ أَقام بِالْبَادِيَةِ والمُدُن، والنسبةُ إِليهما أَعْرابيٌّ وعَرَبيٌّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثَلاثٌ «2» مِنَ الْكَبَائِرِ، مِنْهَا التَّعَرُّبُ بَعْدَ الهِجْرة
: هُوَ أَن يَعُودَ إِلَى الْبَادِيَةِ ويُقِيمَ مَعَ الأَعْراب، بَعْدَ أَن كَانَ مُهاجراً. وَكَانَ مَنْ رَجَع بَعْدَ الهِجْرة إِلى مَوْضِعِهِ مِن غَيْرِ عُذْر، يَعُدُّونه كالمُرْتد. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ الأَكْوَعِ: لَمَّا قُتِلَ عثمانُ خَرَج إِلى الرَّبَذة وأَقام بِهَا، ثُمَّ إِنه دَخَلَ عَلَى الحَجَّاج يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الأَكْوَع ارتددتَ على عَقِبك وتَعَرَّبْتَ
، قَالَ: وَيُرْوَى بِالزَّايِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ: والعَرَبُ أَهلُ الأَمصار، والأَعْرابُ مِنْهُمْ سُكَّانُ الْبَادِيَةِ خَاصَّةً. وتَعَرَّبَ أَي تَشَبَّه بالعَرب، وتَعَرَّبَ بَعْدَ هِجْرَتِهِ أَي صَارَ أَعرابياً. والعَرَبِيَّةُ: هِيَ هَذِهِ اللُّغَةُ. واخْتَلَفَ الناسُ فِي العَرَبِ لمَ سُمُّوا عَرَباً فَقَالَ بعضُهم: أَوَّلُ مَنْ أَنطق اللَّهُ لسانَه بِلُغَةِ الْعَرَبِ يَعْرُبُ بنْ قَحْطانَ، وَهُوَ أَبو اليَمن كُلِّهِمْ، وهمْ العَرَبُ الْعَارِبَةُ، ونَشأَ إِسْمَاعِيلُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، مَعَهُمْ فتَكلَّم بِلِسَانِهِمْ، فَهُوَ وأَولاده: العَرَبُ المُستَعربة، وَقِيلَ: إِن أَولاد إسماعيل نَشَؤُوا بعَرَبَة، وَهِيَ مِنْ تِهامة، فنُسِبُوا إِلى بَلَدِهم. وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: خمسةُ أَنبياءَ مِنَ العَرب، وَهُمْ: مُحَمَّدٌ، وَإِسْمَاعِيلُ، وَشُعَيْبٌ، وَصَالِحٌ، وَهُودٌ، صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِمْ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لسانَ الْعَرَبِ قَدِيمٌ. وَهَؤُلَاءِ الأَنبياء كُلُّهُمْ كَانُوا يَسْكُنُونَ بلادَ العَرَب، فَكَانَ شُعَيْبٌ وقومُه بأَرْضِ مَدْيَنَ، وَكَانَ صَالِحٌ وقومُه بأَرْضِ ثَمُودَ يَنْزِلُونَ بِنَاحِيَةِ الحِجْر، وَكَانَ هُودٌ وقومُه عادٌ يَنْزِلُونَ الأَحْقافَ مِنْ رِمالِ اليَمن، وَكَانُوا أَهل عَمَدٍ، وَكَانَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَالنَّبِيُّ المصطفَى مُحَمَّدٌ، صَلَّى اللَّه عليهم وَسَلَّمَ، مِنْ سُكَّانِ الحَرم. وكلُّ مَن سَكَنَ بلادَ الْعَرَبِ وجَزيرَتَها، ونَطَقَ بلسانِ أَهلها، فَهُمْ عَرَبٌ يَمَنُهم ومَعَدُّهم. قَالَ الأَزهري: والأَقرب عِنْدِي أَنهم سُمُّوا عَرَباً بِاسْمِ بَلَدِهِمُ الْعَرَبَاتِ. وَقَالَ إسحاقُ بْنُ الفَرَج: عَرَبةُ باحَةُ العَرب، وباحةُ دارِ أَبي الفَصاحة، إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَفِيهَا يَقُولُ قَائِلُهُمْ:
وعَرْبةُ أَرضٌ مَا يُحِلُّ حَرامَها، ... مِنَ النَّاسِ، إِلَّا اللَّوْذَعِيُّ الحُلاحِل
يَعْنِي النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُحِلَّتْ لَهُ مَكةُ سَاعَةً مِنْ نَهار، ثُمَّ هِيَ حَرَامٌ إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: واضطرَّ الشَّاعِرُ إِلى تَسْكِينِ الرَّاءِ مِنْ عَرَبة، فَسَكَّنَهَا، وأَنشد قَوْلَ الْآخَرِ:
ورُجَّتْ باحةُ العَرَباتِ رَجًّا، ... تَرَقْرَقُ، فِي مَناكِبها، الدماءُ
__________
(2) . قوله [وفي الحديث ثلاث إلخ] كذا بالأصل والذي في النهاية وقيل ثلاث إلخ.(1/587)
قَالَ: وأَقامتْ قُرَيْشٌ بعَرَبَةَ فَتَنَخَّتْ بِهَا، وانتَشَرَ سَائِرُ الْعَرَبِ فِي جَزِيرَتِهَا، فنُسِبوا كلُّهم إِلى عَرَبةَ، لأَنَّ أَباهم إسماعيلَ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَا نَشأَ، ورَبَلَ أَولادُه فِيهَا، فَكَثُروا، فَلَمَّا لَمْ تَحْتَملهم البلادُ، انْتَشَرُوا وأَقامت قُرَيْشٌ بِهَا. وَرُوِيَ
عَنْ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَنه قَالَ: قريشٌ هُمْ أَوْسَطُ العَرَبِ فِي العَرب دَارًا، وأَحْسَنُه جِواراً، وأَعْرَبه أَلسِنةً.
وَقَالَ قتادةُ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَجْتَبي، أَي تَختار، أَفضل لغاتِ العَرب، حَتَّى صَارَ أَفضلَ لغاتِها لغَتُها، فَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَا. قَالَ الأَزهري: وجعلَ اللَّه، عَزَّ وَجَلَّ، القرآنَ المُنزَلَ عَلَى النَّبِيِّ الْمُرْسَلِ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَرَبيّاً، لأِنه نسَبه إِلَى العَرب الَّذِينَ أَنزله بِلِسَانِهِمْ، وَهُمُ النَّبِيُّ وَالْمُهَاجِرُونَ والأَنصار الَّذِينَ صيغَة لِسَانِهِمْ لغةُ الْعَرَبِ، فِي بَادِيَتِهَا وَقُرَاهَا، الْعَرَبِيَّةُ، وجعَل النبيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَربيّاً لأَنه مِنْ صَرِيحِ الْعَرَبِ، وَلَوْ أَنَّ قَوْماً مِنَ الأَعراب الَّذِينَ يَسْكُنون الباديةَ حضَروا الْقُرَى الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَهَا، وتَناءَوا مَعَهُمْ فِيهَا، سُمُّوا عَرَباً وَلَمْ يُسَمُّوا أَعْراباً. وَتَقُولُ: رجلٌ عَرَبيُّ اللسانِ إِذا كَانَ فَصِيحًا، وَقَالَ اللَّيْثُ: يَجُوزُ أَن يُقَالَ رجلٌ عَرَبانيُّ اللِّسَانِ. قَالَ: والعَرَبُ المُسْتَعْربةُ هُمُ الَّذِينَ دَخَلُوا فِيهِمْ بعدُ، فاستَعْربوا. قَالَ الأَزهري: المُسْتَعْربةُ عِنْدِي قومٌ مِنَ الَعَجم دَخَلُوا فِي العَرب، فتَكَلَّموا بلِسانهم، وحَكَوا هَيئاتِهم، وَلَيْسُوا بصُرَحاء فِيهِمْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: تَعَرَّبوا مِثْلُ اسْتَعْرَبوا. قَالَ الأَزهري: وَيَكُونُ التَّعَرُّبُ أَنْ يَرجِعَ إِلى البادية، بعد ما كَانَ مُقيماً بالحَضَر، فيُلْحَقَ بالأَعْراب. وَيَكُونُ التَّعَرُّبُ المُقامَ بِالْبَادِيَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَعَرَّب آبَائِي! فهلَّا وقاهُمُ، ... مِنَ المَوتِ، رَمْلا عالِجٍ وزَرودِ
يَقُولُ: أَقام آبَائِي بِالْبَادِيَةِ، وَلَمْ يَحْضُروا القُرى. ورُوي
عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: الثَّيِّبُ تُعْربُ عَنْ نَفسها
أَي تُفْصِحُ. وَفِي حَديث آخَرَ:
الثَّيِّبُ يُعْربُ عَنْهَا لِسَانُهَا، والبِكرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِها.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَذَا الحَرفُ جاءَ فِي الْحَدِيثِ يُعربُ، بِالتَّخْفِيفِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنما هُوَ يُعَرِّب، بِالتَّشْدِيدِ. يُقال: عَرَّبْتُ عَنِ الْقَوْمِ إِذا تكلمتَ عَنْهُمْ، واحْتَجَجْتَ لَهُمْ، وَقِيلَ: إن أَعربَ بمعنى عَرَّبَ. وَقَالَ الأَزهري: الإِعْرابُ والتَّعْريبُ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ الإِبانةُ، يُقَالُ: أَعْرَبَ عَنْهُ لِسانهُ وعَرَّبَ أَي أَبانَ وأَفصَحَ. وأَعْرَبَ عَنِ الرَّجل: بَيَّنَ عَنْهُ. وعَرَّبَ عَنْهُ: تَكَلَّمَ بِحُجَّتِه. وَحَكَى ابْنُ الأَثير عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ: الصوابُ يُعْرِبُ عَنْهَا، بِالتَّخْفِيفِ. وإِنما سُمِّيَ الإِعراب إِعراباً، لِتَبْيِينِهِ وإِيضاحه، قَالَ: وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ لُغَتَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ، بِمَعْنَى الإِبانة والإِيضاح. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
فإِنما كَانَ يُعْربُ عَمَّا فِي قَلْبِهِ لِسَانُهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ
التَّيْمي: كَانُوا يَسْتَحِبُّون أَن يُلَقِّنوا الصَّبيَّ، حِينَ يُعَرِّبُ، أَن يَقُولُ: لَا إِله إِلّا اللَّه، سَبْعَ مَرَّاتٍ
أَي حِينَ يَنْطِقُ وَيَتَكَلَّمُ. وَفِي حَدِيثِ السَّقيفةِ:
أَعْربُهم أَحساباً
أَي أَبْيَنُهم وأَوضَحُهم. وَيُقَالُ: أَعْربْ عَمَّا فِي ضَمِيرِكَ أَي أَبِنْ. وَمِنْ هَذَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي أَفْصَحَ بِالْكَلَامِ: أَعْرَبَ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ الأَنصاري: يُقَالُ أَعْربَ الأَعجَمِيُّ إِعْراباً، وتَعَرَّبَ تَعَرُّباً، واستَعْرَبَ استِعْراباً: كلُّ ذَلِكَ للأَغْتَمِ دُونَ(1/588)
الصَّبِيِّ. قَالَ: وأفصَحَ الصَّبيُّ فِي منطِقه إِذا فهِمْتَ مَا يَقُولُ أَوَّلَ مَا يَتَكَلَّم. وأَفصَحَ الأَغْتَمُ إِفْصَاحًا مِثْلُهُ. وَيُقَالُ للعَربي: أَفصِحْ لِي أَي أَبِنْ لِي كَلَامَكَ. وأَعْرَبَ الكلامَ، وأَعْرَبَ بِهِ: بيَّنه، أَنشد أَبو زِيَادٍ:
وإِني لأَكني عَنْ قَذورَ بِغَيْرِهَا، ... وأُعْربُ أَحياناً، بِهَا، فأُصارِحُ
وعَرَّبَه: كأَعْرَبَه. وأَعْرَبَ بِحُجَّتِه أَي أَفصَحَ بِهَا وَلَمْ يَتَّقِ أَحداً، قَالَ الْكُمَيْتُ:
وجَدْنا لكُمْ، فِي آلِ حَم، آيَةً، ... تَأَوَّلَها مِنَّا تَقيٌّ مُعَرِّبُ
هَكَذَا أَنشَدَه سِيبَوَيْهِ كَمُكَلِّم. وأَورد الأَزهري هَذَا الْبَيْتَ" تَقِيٌّ ومُعْرِبُ" وَقَالَ: تَقِيٌّ يَتَوقَّى إِظهاره، حَذَرَ أَن يَنالَهُ مكروهٌ مِنْ أَعدائكم ومُعْربٌ أَي مُفْصِحٌ بِالْحَقِّ لَا يَتَوقَّاهم. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مُعْرِبٌ مُفْصِحٌ بِالتَّفْصِيلِ، وتَقيٌّ ساكتٌ عَنْهُ للتَّقيَّة. قَالَ الأَزهري: والخطابُ فِي هَذَا لِبَنِي هَاشِمٍ، حِينَ ظَهَروا عَلَى بَنِي أُمَيَّة، والآيةُ قولُه عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى. عَرَّبَ مَنْطِقَه أَي هَذَّبه مِنَ اللَّحْن. والإِعْراب الَّذِي هُوَ النَّحْوُ، إِنما هُوَ الإِبانَةُ عَنِ الْمَعَانِي بالأَلفاظ. وأَعْرَبَ كلامَه إِذا لَمْ يَلْحَنْ فِي الإِعراب. وَيُقَالُ: عرَّبْتُ لَهُ الكلامَ تَعْريباً، وأَعْرَبْتُ لَهُ إِعراباً إِذا بيَّنته لَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ حَضْرَمة. وعَرُبَ الرجلُ «3» يَعْرُبُ عُرْباً وعُرُوباً، عَنْ ثَعْلَبٍ، وعُروبةً وعَرابةً وعُرُوبِيَّة، كفَصُحَ. وعَرِبَ إِذا فَصُحَ بَعْدَ لُكْنَةٍ فِي لِسانِه. وَرَجُلٌ عَريبٌ مُعْرِبٌ. وعَرَّبه: عَلَّمه العَرَبيَّةَ. وَفِي حَدِيثِ
الحسنِ أَنه قَالَ لَهُ البَتِّيُّ: مَا تَقولُ فِي رَجُلٍ رُعِفَ فِي الصلاةِ؟ فَقَالَ الحسنُ: إنَّ هَذَا يُعَرِّبُ الناسَ، وَهُوَ يَقُولُ رُعِفَ
، أَي يُعلِّمهم الْعَرَبِيَّةَ ويَلْحَنُ، إِنما هُوَ رَعُفَ. وَتَعْرِيبُ الِاسْمِ الأَعجمي: أَن تَتَفَوَّه بِهِ العربُ عَلَى مِنهاجها، تَقُولُ: عَرَّبَتْه العربُ، وأَعْرَبَ أَيضاً، وأَعْرَبَ الأَغْتَمُ، وعَرُبَ لِسَانُهُ، بِالضَّمِّ، عُرُوبةً أَي صَارَ عَرَبِيًّا، وتَعَرَّبَ واسْتَعْرَبَ أَفصَحَ، قَالَ الشَّاعِرُ:
مَاذَا لَقِينا مِنَ المُستَعرِبينَ، وَمِنْ ... قِياسِ نَحْوِهِمُ هَذَا الَّذِي ابْتَدَعُوا
وأَعْرَبَ الرجلُ أَي وُلِدَ لَهُ ولَدٌ عربيُّ اللَّوْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَنْقُشوا فِي خَواتمكم عَربيّاً
أَي لَا تَنْقُشُوا فِيهَا محمدٌ رَسُولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَنه كَانَ نَقْشَ خاتَمِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: لَا تَنْقُشوا فِي خَواتمكم العَربيَّةَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَنْقُشَ فِي الخاتمِ القرآنَ.
وعَرَبِيَّةُ الفَرَسِ: عِتْقُه وسلامَتُه مِنَ الهُجْنَةِ. وأَعْرَبَ: صَهَلَ، فعُرفَ عِتْقُهُ بصَهيلِه. والإِعْراب: مَعْرفَتُك بالفَرسِ الْعَرَبِيِّ مِنَ الهَجين، إِذا صَهَلَ. وخَيْلٌ عِرابٌ مُعْرِبَةٌ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: والمُعرِبُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي لَيْسَ فِيهِ عِرْقُ هَجِينٍ، والأُنثى مُعرِبةٌ، وإِبلٌ عِرابٌ كَذَلِكَ، وَقَدْ قَالُوا: خيلٌ أَعرُبٌ، وإِبلٌ أَعْرُبٌ، قَالَ:
مَا كَانَ إِلَّا طَلَقُ الإِهْمادِ، ... وكَرُّنا بالأَعْرُبِ الجِيادِ
__________
(3) . قوله [وعرب الرجل إلخ] بضم الراء كفصح وزناً ومعنى قوله وَعَرِبَ إِذَا فَصُحَ بَعْدَ لكنة بابه فرح كما هو مضبوط بالأصول وصرح به في المصباح.(1/589)
حَتَّى تَحاجَزْنَ عَنِ الرُّوَّادِ، ... تَحاجُزَ الرِّيِّ وَلَمْ تَكادِ
حَوَّلَ الإِخْبارَ إِلى المُخاطَبة، وَلَوْ أَراد الإِخْبارَ فاتَّزَنَ لَهُ، لَقال: وَلَمْ تَكَدْ. وَفِي حَدِيثِ
سَطِيح: تَقودُ خَيْلًا عِراباً
أَي عَرَبِيَّةً مَنْسُوبةً إِلى العَرب. وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْخَيْلِ وَالنَّاسِ، فَقَالُوا فِي النَّاسِ: عَرَبٌ وأَعْرابٌ، وَفِي الخيلِ: عِرابٌ. والإِبل العِراب، والخيلُ العِرابُ، خِلَافُ البَخاتيِّ والبراذِينِ. وأَعْرَبَ الرجلُ: مَلَكَ خَيْلًا عِراباً، أَو إِبِلًا عِرابا، أَو اكتَسبها، فَهُوَ مُعْرِبٌ، قَالَ الجَعْدِيّ
ويَصْهَلُ فِي مِثْلِ جَوْفِ الطَّوِيّ، ... صَهِيلًا تَبَيَّنَ للمُعْرِبِ
يَقُولُ: إِذا سمِعَ صَهيلَهُ مَنْ لَهُ خَيْلٌ عِرابٌ، عرَفَ أَنه عَرَبيّ. والتعريبُ: أَن يَتَّخِذَ فَرَسًا عَربِيّاً. وَرَجُلٌ مُعْرِب: مَعَهُ فَرَسٌ عَربيّ. وَفَرَسٌ مُعْرِبٌ: خَلَصَتْ عَرَبِيَّته. وعرَّبَ الفرسَ: بَزَّغَه، وَذَلِكَ أَن تَنْسِفَ أَسْفَلَ حافِره، وَمَعْنَاهُ أَنه قَدْ بانَ بِذَلِكَ مَا كَانَ خَفِيّاً مِنْ أَمره، لِظُهُورِهِ إِلى مَرْآة العَين، بعد ما كَانَ مَسْتُورا، وَبِذَلِكَ تُعْرَفُ حالُه أَصُلْبٌ هُوَ أَم رِخْوٌ، وَصَحِيحٌ هُوَ أَمْ سَقِيم. قَالَ الأَزهري: والتَّعْريبُ، تَعْريبُ الفَرس، وَهُوَ أَن يُكْوَى عَلَى أَشاعِر حافِره، فِي مواضعَ، ثُمَّ يُبزَغَ بمِبْزَغٍ بَزْغاً رَفِيقًا، لَا يُؤَثِّر فِي عَصَبِه، ليَشْتَدَّ أَشْعَرُه. وعَرَّبَ الدّابةَ: بَزغها عَلَى أَشاعرها، ثُمَّ كَوَاهَا. والإِعْراب والتَّعْريبُ: الفُحْشُ. والتَّعْرِيبُ، والإِعْرابُ، والإِعْرابة، والعَرابة، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: مَا قَبُحَ مِنَ الْكَلَامِ. وأَعْربَ الرجلُ: تَكَلَّمَ بالفُحْشِ. وَقَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ، هُوَ العِرابةُ فِي كَلَامِ العَرَب. قَالَ: والعِرابَةُ كأَنه اسْمٌ مَوْضُوعٌ مِنَ التَّعْريب، وَهُوَ مَا قَبُحَ مِنَ الْكَلَامِ. يُقَالُ مِنْهُ: عَرَّبْتُ وأَعْرَبْت. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَطَاءٍ: أَنه كرِهَ الإِعْرابَ للمُحْرِم
، وَهُوَ الإِفْحاشُ فِي الْقَوْلِ، والرَّفَثُ. وَيُقَالُ أَراد بِهِ الإيضاحَ والتصريحَ بالهُجْر مِنَ الْكَلَامِ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: لَا تَحِلُّ العِرَابَةُ للْمُحْرم.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَانَ يَسُبُّ النبيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: واللَّه لَتَكُفَّنَّ عَنْ شَتْمه، أَوْ لأُرَحِّلَنَّكَ بِسَيْفِي هَذَا، فَلَمْ يَزْدَدْ إِلا اسْتِعْراباً، فحمَلَ عَلَيْهِ فَضَربه، وتَعاوى عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ فَقَتَلُوهُ.
الاسْتِعْرابُ: الإِفْحاشُ فِي الْقَوْلِ. وَقَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ نِسَاءً: جَمَعْنَ العَفافَ عِنْدَ الغُرباء، والإِعْرابَ عِنْدَ الأَزْواج، وَهُوَ مَا يُسْتَفْحَشُ مِنْ أَلفاظ النِّكَاحِ وَالْجِمَاعِ، فَقَالَ:
والعُرْبُ فِي عَفافة وإِعْراب
وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ:
خيرُ النِّسَاءِ المُتَبَذِّلةُ لِزَوْجِهَا، الخَفِرَةُ فِي قَوْمها.
وعَرَّبَ عَلَيْهِ: قَبَّحَ قولَه وفِعلَه، وغَيَّره عَلَيْهِ ورَدَّهُ عَلَيْهِ. والإِعْرابُ كالتَّعْريبِ. والإِعرابُ: رَدُّك الرجلَ عَنِ القَبيح. وعَرَّبَ عَلَيْهِ: منَعَه. وأَما حديثُ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا لَكم إِذا رأَيتم الرجلَ يُخَرِّقُ أَعراضَ النَّاسِ، أَن لَا تُعَرِّبوا عَلَيْهِ
، فَلَيْسَ مِنَ التَّعريب الَّذِي جاءَ فِي الخَبر، وإِنما هُوَ مِنْ قَوْلِكَ: عَرَّبْتُ عَلَى الرَّجُلِ قولَه إِذا قَبَّحته عَلَيْهِ. وَقَالَ الأَصمعي وأَبو زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: أَن لَا تُعَرِّبوا عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ أَن لَا تُفْسدوا عَلَيْهِ كَلَامَهُ(1/590)
وتُقَبِّحوه، وَمِنْهُ قولُ أَوس بنِ حَجَر:
ومِثْلُ ابنِ عَثْمٍ إِنْ ذُحُولٌ تُذُكِّرَتْ، ... وقَتْلى تِياسٍ، عَنْ صِلاحٍ، تُعَرِّبُ
وَيُرْوَى: يُعَرِّبُ، يَعْنِي أَن هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قُتِلوا مِنَّا، وَلَمْ نَثَّئِرْ بِهِمْ، وَلَمْ نَقْتُل الثَّأْر، إِذا ذُكِرَ دِماؤُهم أَفْسَدَتِ المُصالحَةَ ومَنَعَتْنا عَنْهَا. والصِّلاحُ: المُصالحَةُ. ابْنُ الأَعرابي: التَّعْريبُ التَّبْيينُ والإِيضاحُ، فِي قَوْلِهِ: الثَّيِّبُ تُعَرِّبُ عن نفسها، أَي مَا يَمْنَعُكُمْ أَن تُصرِّحوا لَهُ بالإِنكار، والرَّدِّ عَلَيْهِ، وَلَا تَستأْثروا. قَالَ: والتَّعْريبُ الْمَنْعُ وَالْإِنْكَارُ، فِي قَوْلِهِ
أَن لَا تُعَرِّبوا
أَي لَا تَمْنَعوا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَنْ صِلاحٍ تُعَرِّبُ أَي تَمْنع. وَقِيلَ: الفُحْشُ والتَّقْبيحُ، مَنْ عَرِبَ الجُرْحُ إِذا فَسَدَ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَن رَجُلًا أَتاه فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخي عَرِبَ بَطنُه
أَي فَسَد، فَقَالَ: اسْقِهِ عَسَلًا. وَقَالَ شَمِرٌ: التَّعْريبُ أَن يَتَكلم الرجُلُ بِالْكَلِمَةِ، فيُفْحِشَ فِيهَا، أَوْ يُخْطِئَ، فَيَقُولَ لَهُ الآخرُ: لَيْسَ كَذَا، وَلَكِنَّهُ كَذَا لِلَّذِي هُوَ أَصوبُ. أَراد مَعْنَى حَدِيثِ عُمَرَ أَن لَا تُعَرِّبوا عَلَيْهِ. قَالَ: والتَّعريب مثلُ الإِعْراب مِنَ الفُحْش فِي الْكَلَامِ. وَفِي حَدِيثِ
بعضِهم: مَا أُوتِيَ أَحدٌ مِنْ مُعَارَبةِ النِّسَاءِ مَا أُوتِيتُه أَنا
، كأَنه أَراد أَسباب الْجِمَاعِ ومُقَدَّماتِه. وعَرِبَ الرجلُ عَرَباً، فَهُوَ عَرِبٌ: اتَّخَمَ. وعَرِبَتْ مَعِدَتُه، بِالْكَسْرِ، عَرَباً: فسَدَتْ، وَقِيلَ: فَسَدَتْ مِمَّا يَحْمِلُ عَلَيْهَا، مِثْلُ ذَرِبَتْ ذرَباً، فَهِيَ عَرِبَةٌ وذَرِبةٌ. وعَرِبَ الجُرْحُ عَرَباً، وحَبِطَ حَبطاً: بَقِيَ فِيهِ أَثرٌ بَعْدَ البُرْءِ، ونُكْسٌ وغُفْرٌ. وعَرِبَ السَّنامُ عَرَباً إِذا وَرِمَ وتَقَيَّح. والتَّعْريبُ: تَمْريضُ العَرِبِ، وَهُوَ الذَّرِبُ المَعِدةِ، قَالَ: الأَزهري: ويُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ التَّعْرِيبُ عَلَى مَن يَقُولُ بِلِسَانِهِ المُنْكَر مِنْ هَذَا، لأَنه يُفْسِدُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، كَمَا فَسَدَت مَعدَتُه. قَالَ أَبو زَيْدٍ الأَنصاري: فعلتُ كَذَا وَكَذَا، فَمَا عَرَّبَ عليَّ أَحَدٌ أَي مَا غَيَّرَ عليَّ أَحدٌ. والعِرابة والإِعْرابُ: النِّكَاحُ، وَقِيلَ: التَّعْريضُ بِهِ. والعَرِبةُ والعَرُوبُ: كِلْتَاهُمَا المرأَة الضَّحَّاكة، وَقِيلَ: هِيَ المُتَحَبِّبةُ إِلى زَوجها، المُظهِرة لَهُ ذَلِكَ، وَبِذَلِكَ فُسِّر قولُه، عَزَّ وَجَلَّ: عُرُباً أَتْراباً
، وَقِيلَ: هِيَ الْعَاشِقَةُ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: فاقْدُرُوا قَدْرَ الجارِيةِ العَرِبةِ
، قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ الحَريصة عَلَى اللَّهْو، فأَما العُرُب: فَجَمْعُ عَروب، وَهِيَ المرأَة الحَسْناءُ الْمُتَحَبِّبَةُ إِلى زَوْجِهَا، وَقِيلَ: العُرُبُ الغَنِجاتُ، وَقِيلَ: المُغْتَلِمات، وَقِيلَ: العَواشِقُ، وَقِيلَ: هِيَ الشَّكِلاتُ، بلُغةِ أَهلِ مَكة، والمَغْنُوجات، بلُغةِ أَهلِ الْمَدِينَةِ. والعَرُوبةُ: مِثْلُ العَرُوب فِي صفةِ النساءِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هِيَ العاشِقُ الغَلِمةُ، وَهِيَ العَرُوبُ أَيضا. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: العَرُوبُ المُطِيعةُ لِزَوْجِهَا، المُتَحَبِّبَةُ إِليه. قَالَ: والعَرُوب أَيضاً العاصِيةُ لِزَوْجِهَا، الخائنةُ بفَرْجها، الفاسدةُ فِي نَفْسها، وأَنشد:
فَمَا خَلَفٌ، مِنْ أُمِّ عِمْرانَ، سَلْفَعٌ، ... مِنَ السُّودِ، وَرْهاءُ العِنانِ عَرُوبُ «1»
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنشد ثَعْلَبٌ هَذَا الْبَيْتَ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ: وَعِنْدِي أَن عَرُوب في هذا البيت
__________
(1) . قوله" ورهاء العنان" هو من المعانة، وهي المعارضة من عنّ لي كذا أي عرض لي، قاله في التكملة.(1/591)
الضَّحَّاكة، وَهُمْ يَعِيبُون النساءَ بالضَّحِك الْكَثِيرِ. وَجَمْعُ العَرِبة: عَرِباتٌ، وجمعُ العَرُوب: عُرُبٌ، قَالَ:
أَعْدَى بِهَا العَرِباتُ البُدَّنُ العُرُبُ
وتَعَرَّبَتِ المرأَةُ لِلرَّجُلِ: تَغَزَّلَتْ. وأَعْرَبَ الرجلُ: تَزَوَّجَ امرأَة عَرُوباً. والعَرَبُ: النَّشاطُ والأَرَنُ. وعَرِبَ عَرابةً: نشِطَ، قَالَ:
كلُّ طِمِرٍّ غَذَوانٍ عَرَبُه
ويُروى: عَدَوانٍ. وماءٌ عَرِبٌ: كثيرٌ. والتَّعْريبُ: الإِكثارُ مِنْ شُرْب العَرِبِ، وَهُوَ الْكَثِيرُ مِنَ الماءِ الصَّافِي. ونَهْر عَرِبٌ: غَمْرٌ. وَبِئْرٌ عَرِبة: كثيرةُ الماءِ، والفعلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ عَرِبَ عَرَباً، فَهُوَ عارِبٌ وعارِبةٌ. والعَرَبةُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّهْرُ الشَّدِيدُ الجَريِ. والْعَرَبةُ أَيضاً: النَّفْسُ، قَالَ ابْنُ مَيَّادَةَ:
لمَّا أَتَيْتُكَ أَرْجُو فَضْلَ نائِلِكُمْ، ... نَفَحْتَني نَفْحةً طابتْ لَهَا العَرَبُ «1»
والعَرَباتُ: سُفُن رواكدُ، كَانَتْ فِي دِجْلَة، واحِدَتُها، عَلَى لَفْظِ مَا تَقَدَّمَ، عَرَبَةٌ. والتَّعْريبُ: قَطْع سَعَفِ النَّخْلِ، وَهُوَ التَّشْذيبُ. والعِرْبُ: يَبيسُ البُهْمَى خاصَّة، وَقِيلَ: يَبيسُ كلِّ بَقْلٍ، الْوَاحِدَةُ عِرْبة، وَقِيلَ: عِرْبُ البُهْمى شَوْكُها. والعَرَبيّ: شَعِيرٌ أَبيضُ، وسُنْبُله حَرْفان عَريض، وحَبُّه كِبارٌ، أَكبر مِنْ شَعِيرِ العِراق، وَهُوَ أَجودُ الشَّعِيرِ. وَمَا بِالدَّارِ عَريبٌ ومُعْرِبٌ أَي أَحَدٌ، الذَّكَرُ والأُنثى فِيهِ سواءٌ، وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِ النَّفْيِ. وأَعْرَبَ سَقْيُ الْقَوْمِ إِذا كَانَ مَرَّةً غِبّاً، وَمَرَّةً خِمساً، ثُمَّ قَامَ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ. ابْنُ الأَعرابي: العَرَّاب الَّذِي يَعْمَلُ العَراباتِ، واحِدَتُها عَرابة، وَهِيَ شُمُلُ ضُروعِ الغَنَمِ. وعَرِبَ الرجلُ إِذا غَرِقَ فِي الدُّنيا. والعُرْبانُ والعُرْبُونُ والعَرَبُونُ: كلُّه مَا عُقِدَ بِهِ البَيْعَةُ مِنَ الثَّمَنِ، أَعْجَمِيٌّ أُعْرِب. قَالَ الفراءُ: أَعْرَبْتُ إِعْراباً، وعَرَّبْت تَعْريبا إِذا أَعْطَيْتَ العُرْبانَ. وَرُوي عَنْ
عَطَاءٍ أَنه كَانَ يَنْهى عَنْ الإِعراب فِي الْبَيْعِ.
قَالَ شَمِرٌ: الإِعراب فِي الْبَيْعِ أَن يَقُولَ الرجلُ لِلرَّجُلِ: إِن لَمْ آخُذْ هَذَا الْبَيْعَ بِكَذَا، فَلَكَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه نَهَى عَنْ بَيْعِ العُرْبانِ
، هُوَ أَن يَشْتَري السِّلْعةَ، ويَدْفَعَ إِلَى صَاحِبِهَا شَيْئًا عَلَى أَنه إِن أَمضَى البيعَ حُسِبَ مِنَ الثَّمَنِ، وإِن لَمْ يُمْضِ البيعَ كَانَ لصاحِبِ السِّلْعةِ، وَلَمْ يَرْتَجِعْه الْمُشْتَرِي. يُقَالُ: أَعْرَبَ فِي كَذَا، وعَرَّبَ، وعَرْبَنَ، وَهُوَ عُرْبانٌ، وعُرْبُون، وعَرَبُون، وَقِيلَ: سُمي بِذَلِكَ، لأَن فِيهِ إِعراباً لعَقْدِ الْبَيْعِ أَي إِصلاحا وإِزالةَ فسادٍ لِئَلَّا يملكُه غيرُه بِاشْتِرَائِهِ، وَهُوَ بَيْعٌ بَاطِلٌ عِنْدَ الفقهاءِ، لِما فِيهِ مِنَ الشَّرْطِ والغَرَر، وأَجازه أَحمد، ورُوي عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِجازتُه. قَالَ ابْنُ الأَثير: وحديثُ النَّهْي مُنْقَطِعٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَر: أَنَّ عَامِلَهُ بِمَكَّةَ اشْتَرى داراً للسِّجْنِ بأَربعة
__________
(1) . قوله [لما أتيتك إلخ] كذا أَنشده الجوهري. وقال الصاغاني: البيت مغير وهو لابن ميادة يمدح الوليد بن يزيد، والرواية:
لَمَّا أَتَيْتُكَ مِنْ نَجْدٍ وساكنه ... نفحت لي نفحة طارت بها العرب(1/592)
آلَافٍ، وأَعْرَبوا فِيهَا أَربعَمائة
أَي أَسْلَفُوا، وَهُوَ مِنَ العُرْبانِ. وَفِي حَدِيثِ
عطاءٍ: أَنه كَانَ يَنْهَى عَنْ الإِعرابِ فِي الْبَيْعِ.
وَيُقَالُ: أَلْقَى فُلَانٌ عَرَبُونه، إِذا أَحدَثَ. وعَروبَةُ والعَرُوبَةُ: كِلْتَاهُمَا الجُمعة. وَفِي الصِّحَاحِ: يَوْمُ العَروبة، بالإِضافة، وَهُوَ مِنْ أَسمائهم الْقَدِيمَةِ، قَالَ:
أُؤَمِّلُ أَن أَعِيشَ، وأَنَّ يَومِي ... بأَوَّلَ أَو بأَهْوَنَ أَو جُبارِ
أَو التَّالِي دُبارِ، فإِنْ أَفُتْهُ، ... فَمُؤْنِس أَو عَرُوبةَ أَو شِيارِ
أَراد: فبِمُؤْنِس، وترَكَ صَرْفَه عَلَى اللُّغَةِ العادِيَّةِ الْقَدِيمَةِ. وإِن شئْتَ جَعَلْتَه عَلَى لُغَةِ مَن رَأَى تَرْكَ صَرْفِ مَا يَنْصَرف، أَلا تَرَى أَن بعضَهم قَدْ وَجَّه قولَ الشاعر:
........ وممن وَلَدُوا: ... عامِرُ ذُو الطُّولِ وَذُو العَرْضِ
عَلَى ذَلِكَ. قَالَ أَبو مُوسَى الحامِضُ: قُلْتُ لأَبي الْعَبَّاسِ: هَذَا الشِّعْرُ مَوْضُوعٌ. قَالَ: لمَ؟ قُلْتُ: لأَن مُؤْنِساً، وجُباراً، ودُباراً، وشِياراً تَنْصَرفُ، وَقَدْ تَرَكَ صَرْفَها. فَقَالَ: هَذَا جَائِزٌ فِي الْكَلَامِ، فَكَيْفَ فِي الشَّعَرِ؟ وَفِي حَدِيثِ الْجُمْعَةِ:
كَانَتْ تُسَمَّى عَرُوبةَ
، هُوَ اسْمٌ قَدِيمٌ لَهَا، وكأَنه لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. يُقال: يومُ عَروبةٍ، وَيَوْمُ العَرُوبةِ، والأَفصحُ أَن لَا يَدْخُلُهَا الأَلفُ وَاللَّامُ. قَالَ السُّهَيلي فِي الرَّوْض الأُنُفِ: كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ جَدّ سَيِّدِنَا رسولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ يَوْمَ العَروبة، وَلَمْ تُسَمَّ العَروبة، إِلا مُذْ جاءَ الإِسلام، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهَا الْجُمُعَةَ، فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَجْتَمِعُ إِليه فِي هَذَا الْيَوْمِ، فيَخْطُبُهم ويُذكِّرُهم بمَبْعثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويُعْلِمهم أَنه مِنْ وَلَدِهِ، ويَأْمُرهم باتِّباعه والإِيمان بِهِ، وَيُنْشِدُ فِي هَذَا أَبياتاً، مِنْهَا:
يَا لَيْتَني شاهدٌ فَحْواءَ دَعْوَتهِ، ... إِذا قُرَيْشٌ تُبَغِّي الخَلْقَ خِذْلانا
قَالَ ابْنُ الأَثير: وعَرُوباً اسْمُ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ. والعَبْرَبُ: السُمَّاقُ. وَقِدْرٌ عَرَبْرَبِيَّة وعَبْرَبِية أَي سُمَّاقِيَّةٌ، وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ، قَالَ لطبّاخِه: اتّخِذْ لَنا عَبْرَبيةً وأَكْثِر فَيْجَنَها. العَبْرَبُ: السُّمَّاقُ، والفَيْجَنُ: السَّذَابُ. والعَرَابُ: حَمْل الخَزَمِ، وَهُوَ شَجَر يُفْتَلُ مِنْ لِحائِه الحِبالُ، الواحدةُ عَرابةٌ، تأْكله القُرود، وَرُبَّمَا أَكله الناسُ فِي المَجاعة. والعَرَباتُ: طريقٌ فِي جَبَلٍ بِطَرِيقِ مِصْرَ. وعَرِيبٌ: حَيٌّ مِنَ اليَمَن. وَابْنُ العَرُوبةِ: رَجُلٌ مَعْرُوفٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: ابْنُ أَبي العَرُوبةِ، بالأَلف وَاللَّامِ. ويَعْرُبُ: اسْمٌ. وعَرَابَة، بِالْفَتْحِ: اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الأَنصار مِنَ الأَوْس، قَالَ الشَّمَّاخُ: «1»
إِذا مَا رايةٌ رُفِعَتْ لمَجْدٍ. ... تَلَقَّاها عَرابةُ باليَمينِ «2»
عرتب: العَرْتَبةُ: الأَنْفُ، وَقِيلَ: مَا لانَ مِنْهُ، وَقِيلَ: هِيَ الدائرةُ تَحْتَهُ فِي وَسَطِ الشفةِ. الأَزهري:
__________
(1) . قوله [قال الشماخ] ذكر المبرد وغيره أَن الشماخ خرج يريد المدينة، فلقيه عرابة بن أوس، فسأَله عما أقدمه المدينة فقال: أردت أن أمتار لأَهلي، وكان معه بعيران فأوقرهما عرابة تمراً وبراً، وكساه وأكرمه، فخرج من المدينة وامتدحه بالقصيدة التي يقول فيها:
رَأَيْتُ عَرَابَةَ الأَوسيّ يَسْمُو ... إِلَى الْخَيْرَاتِ، مُنْقَطِعَ الْقَرِينِ
(2) . [إذا ما راية إلخ] فالبيت ليس للحطيئة كما زعم الجوهري، أفاده الصاغاني.(1/593)
وَيُقَالُ لِلدَّائِرَةِ الَّتِي عِنْدَ الأَنف، وَسَطَ الشَّفَةِ العُلْيا: العَرْتَمَةُ، والعَرْتَبةُ، لُغَةٌ فِيهَا. الْجَوْهَرِيُّ: سأَلتُ عَنْهَا أَعرابياً مِنْ أَسَد، فوَضَع أُصْبُعَه على وَتَرةِ أَنفه.
عرزب: العَرْزَبُ: المُخْتَلِطُ الشَّديد. والعَرْزَبُ: الصُّلْبُ.
عرطب: العَرْطَبةُ: طَبْلُ الحَبَشة. والعَرْطَبَة والعُرْطُبة، جَمِيعًا: اسْمٌ للعُود، عُودِ اللَّهْوِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِكُلِّ مُذْنِبٍ، إِلَّا لِصَاحِبِ عَرْطَبةٍ أَو كُوبةٍ
؛ العَرْطَبة، بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ: العُود، وَقِيلَ: الطُّنْبورُ.
عرقب: العُرْقُوب: العَصَبُ الغليظُ، المُوَتَّرُ، فَوْقَ عَقِبِ الإِنسان. وعُرْقُوبُ الدَّابَّةِ فِي رِجْلِهَا، بِمَنْزِلَةِ الرُّكْبة فِي يَدِهَا؛ قَالَ أَبو دُواد:
حَديدُ الطَّرْفِ والمَنْكِبِ ... والعُرْقُوب والقَلْبِ
قَالَ الأَصمعي: وَكُلُّ ذِي أَربع، عُرْقُوباه فِي رِجْلَيْهِ، ورُكبتاه فِي يَدَيْهِ. والعُرْقُوبانِ مِنَ الْفَرَسِ: مَا ضَمَّ مُلْتَقَى الوَظِيفَين والساقَيْن مِنْ مآخِرِهما، مِنَ العَصَب؛ وَهُوَ مِنِ الإِنسان، مَا ضَمَّ أَسفَل الساقِ والقَدَم. وعَرْقَبَ الدَّابَّةَ: قَطَعَ عُرْقُوبَها. وتَعَرْقَبَها: رَكِبَهَا مِنْ خَلْفها. الأَزهري: العُرْقُوب عَصَبٌ مُوَتَّرٌ خَلْفَ الْكَعْبَيْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: ويْلٌ للعَراقِيبِ مِنَ النارِ
، يَعْنِي فِي الوُضوءِ. وَفِي حَدِيثِ
الْقَاسِمِ، كَانَ يَقُولُ للجَزَّارِ: لَا تُعَرْقِبْها
أَي لَا تَقْطَعْ عُرْقُوبَها، وَهُوَ الوَتَرُ الَّذِي خَلْفَ الْكَعْبَيْنِ مِن مَفْصِل الْقَدَمِ وَالسَّاقِ، مِنْ ذَوَاتِ الأَربع؛ وَهُوَ مِنِ الإِنسان فُوَيْقَ العَقِب. وعُرْقُوبُ القَطا: ساقُها، وَهُوَ مِمَّا يُبالَغُ بِهِ فِي القِصَر، فَيُقَالُ: يومٌ أَقْصَرُ مِنْ عُرقُوبِ القَطا؛ قَالَ الفِنْدُ الزِّمَّانيُّ:
ونَبْلِي وفُقَاها كعَراقِيبِ ... قَطاً طُحْلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ أَبو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ، فِي أَخبار النَّحْوِيِّينَ، أَن هَذَا الْبَيْتَ لإمرئِ الْقَيْسِ بْنِ عَابِسٍ؛ وذَكَر قَبْلَهُ أَبياتاً وَهِيَ:
أَيا تَمْلِكُ يَا تَمْلِي ... ذَريني وذَري عَذْلي،
ذَريني وسِلاحي، ثُم ... شُدِّي الكَفَّ بالعُزلِ،
ونَبْلِي وفُقاها كعَراقيبِ ... قَطاً طُحْلِ،
وثَوْبايَ جَديدانِ، ... وأُرخي شَرَكَ النَّعْلِ،
وَمِنِّي نظْرَةٌ خَلْفي، ... ومِنِّي نَظْرةٌ قبْلي،
فإِمَّا مِتُّ يَا تَمْلِي، ... فَمُوتِي حُرَّةً مِثْلي
وَزَادَ فِي هَذِهِ الأَبيات غَيْرُهُ:
وَقَدْ أَخْتَلِسُ الضَّرْبَةَ، ... لَا يَدْمَى لَهَا نَصْلي وقد أَخْتَلِسُ الطَّعْنَةَ،
تَنْفي سَنَنَ الرِّجْلِ ... كَجَيْبِ الدِّفْنِسِ الوَرْهاءِ،
رِيعَتْ وَهِيَ تَسْتَفْلِي
قَالَ: وَالَّذِي ذَكَرَهُ السِّيرَافِيُّ فِي تَارِيخِ النَّحْوِيِّينَ: سَنَنَ الرِّجْل، بالراءِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ أَن الدَّمَ يَسِيلُ عَلَى رِجْله، فيُخْفِي آثارَ وَطْئِها. وعُرْقُوبُ الوادِي: مَا انْحَنَى مِنْهُ والتَوَى، والعُرْقُوبُ مِن الْوَادِي: مَوْضِعٌ فِيهِ انْحِناءٌ والتِواءٌ شديدٌ. والعُرْقُوب: طَريقٌ فِي الجَبل؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقال مَا أَكْثَرَ عَراقيبَ هَذَا الْجَبَلِ، وَهِيَ الطُّرُقُ الضَّيِّقةُ فِي مَتْنِه، قَالَ الشَّاعِرُ:
ومَخُوفٍ، مِنَ المناهِلِ، وَحْشٍ ... ذِي عَراقيبَ، آجِنٍ مِدْفانِ(1/594)
والعُرْقُوبُ: طريقٌ ضَيّقٌ يَكُونُ فِي الوَادي البعيدِ القَعْرِ، لَا يَمْشِي فِيهِ إِلا واحدٌ. أَبو خَيْرة: العُرْقُوبُ والعَراقِيبُ، خَياشيم الجبالِ وأَطرافُها، وَهِيَ أَبْعدُ الطُّرق، لأَنك تَتَّبِع أَسْهَلَها أَيْنَ كَانَ. وتَعَرقَبْتُ إِذا أَخَذْتَ فِي تِلْكَ الطُّرُق. وتَعَرْقَبَ لخصْمِه إِذا أَخَذَ فِي طَريق تَخْفى عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
إِذا حَبَا قُفٌّ لَهُ تَعَرْقَبا
مَعْنَاهُ: أَخَذَ فِي آخَرَ، أَسْهَلَ مِنْهُ؛ وأَنشد:
إِذا مَنْطِقٌ زَلَّ عَنْ صاحِبي، ... تَعَرْقَبْتُ آخَرَ ذَا مُعْتَقَبْ
أَي أَخَذْتُ فِي مَنْطِقٍ آخَرَ أَسْهَلَ مِنْهُ. ويُرْوَى تَعَقَّبْتُ. وعَراقيبُ الأُمور، وعَراقيلُها: عظامُها، وصعابُها، وعَصاويدُها، وَمَا دَخَلَ مِنَ اللَّبْس فِيهَا، واحدُها عُرْقُوب. وَفِي الْمَثَلِ: الشَّرُّ أَلْجأَهُ إِلى مُخِّ العُرْقُوبِ. وَقَالُوا: شَرٌّ مَا أَجاءَك إِلى مُخَّة عُرْقُوبٍ؛ يُضْرَبُ هَذَا، عِنْدَ طَلبِكَ إِلى اللَّئِيم، أَعْطاكَ أَو مَنَعك. وَفِي النَّوَادِرِ: عَرْقَبْتُ لِلْبَعِيرِ، وعَلَّيْتُ لَهُ إِذا أَعَنْتَه بِرَفْعٍ. ويُقال: عَرْقِبْ لبعيرِك أَي ارْفَعْ بعُرْقُوبِه حَتَّى يقُومَ. والعَرَبُ تُسَمِّي الشِّقِرَّاقَ: طَيْرَ العَراقيبِ، وَهُمْ يَتَشاءَمون بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذا قَطَناً بَلَّغْتِنِيهِ، ابنَ مُدْرِكٍ، ... فلاقَيْتِ مِن طَيرِ العَراقيبِ أَخْيَلا
وَتَقُولُ العربُ إِذا وقَعَ الأَخْيَلُ عَلَى البَعِير: لَيُكْسَفَنَّ عُرْقوباه. أَبو عَمْرٍو: تَقُولُ إِذا أَعْياكَ غَريمُكَ فَعَرْقِبْ أَي احْتَلْ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَا يُعْيِيكَ عُرْقُوبٌ لِوَأْيٍ، ... إِذا لَمْ يُعْطِكَ، النَّصَفَ، الخَصِيمُ
وَمِنْ أَمثالهم فِي خُلْفِ الوَعْدِ: مواعِيدُ عُرْقوب. وعُرْقُوبٌ: اسْمُ رَجُلٍ مِنَ العَمالِقة؛ قيل هُوَ عُرْقُوبُ بْنُ مَعْبَدٍ، كَانَ أَكذبَ أَهل زَمَانِهِ؛ ضَرَبَتْ بِهِ العَرَبُ المَثَلَ فِي الخُلْف، فَقَالُوا: مَواعِيدُ عُرْقوبٍ. وَذَلِكَ أَنه أَتاه أَخٌ لَهُ يسأَله شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ عُرْقوبٌ: إِذا أَطْلَعَتْ هَذِهِ النخلةُ، فلكَ طَلْعُها؛ فَلَمَّا أَطْلَعَتْ، أَتاه للعِدَةِ، فَقَالَ لَهُ: دَعْها حَتَّى تصيرَ بَلَحاً، فَلَمَّا أَبْلَحَتْ قَالَ: دَعْها حَتَّى تَصيرَ زَهْواً، فَلَمَّا أَبْسَرَتْ قَالَ: دَعْها حَتَّى تَصير رُطَباً، فَلَمَّا أَرْطَبَتْ قَالَ: دَعْها حَتَّى تَصِيرَ تَمْرًا، فَلَمَّا أَتْمَرَتْ عَمدَ إِليها عُرْقُوبٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَجَدَّها، وَلَمْ يُعْطِ أَخاه مِنْهُ شَيْئًا، فَصَارَتْ مَثَلًا فِي إِخْلاف الْوَعْدِ؛ وَفِيهِ يَقُولُ الأَشْجَعي:
وعَدْتَ، وَكَانَ الخُلْفُ منكَ سَجِيَّةً، ... مَواعيدَ عُرْقُوبٍ أَخاه بيَتْرَبِ
بالتاءِ، وَهِيَ بِالْيَمَامَةِ؛ وَيُرْوَى بيَثْرِبِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ نَفسُها؛ والأَوَّلُ أَصَحّ، وَبِهِ فُسِّر قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
كانتْ مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلًا، ... وَمَا مَواعِيدُها إِلَّا الأَباطيلُ
وعُرْقُوبٌ: فَرَسُ زيدِ الفَوارِسِ الضَّبِّيِّ:
عزب: رَجُلٌ عَزَبٌ ومِعْزابة: لَا أَهل لَهُ؛ ونظيرهُ: مِطْرابة، ومِطْواعة، ومِجْذامة، ومِقْدامة. وامرأَة عَزبَةٌ وعَزَبٌ: لَا زَوْجَ لَهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ فِي صِفَةِ امرأَة «3» :
__________
(3) . قوله [قَالَ الشَّاعِرُ فِي صِفَةِ امرأة إلخ] هو العجير السلولي، بالتصغير.(1/595)
إِذا العَزَبُ الهَوْجاءُ بالعِطْرِ نافَحَتْ، ... بَدَتْ شَمْسُ دَجْنٍ طَلَّةً مَا تَعَطَّرُ
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
يَا مَنْ يَدُلُّ عَزَباً عَلَى عَزَبْ، ... عَلَى ابْنَةِ الحُمارِسِ الشَّيْخِ الأَزَبّ
قَوْلُهُ: الشَّيْخُ الأَزَبّ أَي الكَريهُ الَّذِي لَا يُدْنى مِنْ حُرْمَتِه. وَرَجُلَانِ عَزَبانِ، وَالْجُمَعُ أَعْزابٌ. والعُزَّابُ: الَّذِينَ لَا أَزواجَ لَهُمْ، مِنَ الرِّجَالِ والنساءِ. وَقَدْ عَزَبَ يَعْزُبُ عُزوبةً، فَهُوَ عازِبٌ، وَجَمْعُهُ عُزّابٌ، وَالِاسْمُ العُزْبة والعُزُوبة، وَلَا يُقال: رَجُلٌ أَعْزَبُ، وأَجازه بَعْضُهُمْ. ويُقال: إِنه لَعَزَبٌ لَزَبٌ، وإِنها لَعَزَبة لَزَبة. والعَزَبُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، كخادمٍ وخَدَمٍ، ورائِحٍ ورَوَحٍ؛ وَكَذَلِكَ العَزيبُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ كالغَزِيِّ. وتَعَزَّبَ بَعْدَ التأَهُّلِ، وتَعَزَّبَ فلانٌ زَمَانًا ثُمَّ تأَهل، وتَعَزَّبَ الرَّجُلُ: تَرَك النكاحَ، وَكَذَلِكَ المرأَةُ. والمِعْزابةُ: الَّذِي طالتْ عُزُوبَتُه، حَتَّى مَا لَه فِي الأَهلِ مِنْ حَاجَةٍ؛ قَالَ: وَلَيْسَ فِي الصفاتِ مِفْعالة غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَا كَانَ مِنْ مِفْعالٍ، كَانَ مؤَنثه بِغَيْرِ هَاءٍ، لأَنه انْعَدَلَ عَنِ النُّعوت انْعِدالًا أَشدَّ مِنْ صَبُورٍ وَشَكُورٍ، وَمَا أَشبههما، مِمَّا لَا يُؤَنَّثُ، ولأَنه شُبِّهَ بِالْمَصَادِرِ لدخولِ الهاءِ فِيهِ؛ يُقَالُ: امرأَة مِحْماقٌ ومِذْكار ومِعطارٌ. قَالَ وَقَدْ قِيلَ: رَجُلٌ مِجْذامةٌ إِذا كَانَ قَاطِعًا للأُمور، جاءَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وإِنما زَادُوا فِيهِ الْهَاءَ، لأَن العَرَبَ تُدْخِل الْهَاءَ فِي الْمُذَكَّرِ، عَلَى جِهَتَيْنِ: إِحداهما الْمَدْحُ، والأُخرى الذَّمُّ، إِذا بُولِغَ فِي الْوَصْفِ. قَالَ الأَزهري: والمِعْزابة دَخَلَتْهَا الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ أَيضاً، وَهُوَ عِنْدِي الرَّجُلُ الَّذِي يُكثر النُّهوضَ فِي مالِه العَزيبِ، يَتَتَبَّعُ مَساقطَ الغَيْثِ، وأُنُفَ الكَلإِ؛ وَهُوَ مدْحٌ بالِغٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. والمِعْزابَةُ: الرجلُ يَعْزُبُ بِمَاشِيَتِهِ عَنِ النَّاسِ فِي المَرْعَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَثَ بَعْثاً فَأَصْبَحوا بأَرْضٍ عَزُوبة بَجْراءَ
أَي بأَرضٍ بعيدةِ المَرْعَى، قليلَتِه؛ وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ، مثلُها فِي فَرُوقَةٍ ومَلُولة. وعازِبةُ الرَّجُل «1» ، ومِعْزَبَتُه، ورُبْضُه، ومُحَصِّنَتُه، وحاصِنَته، وحاضِنَتُه، وقابِلَتُه، ولِحافُه: امرأَتُه. وعَزَبَتْه تَعزُبه، وعَزَّبَتْه: قَامَتْ بأُموره. قَالَ ثَعْلَبٌ: وَلَا تَكُونُ المُعَزِّبةُ إِلّا غَرِيبَةً؛ قَالَ الأَزهري: ومُعَزِّبةُ الرَّجُلِ: امرأَتُه يَأْوي إِليها، فَتَقُومُ بإِصلاح طَعَامِهِ، وحِفظِ أَداته. وَيُقَالُ: مَا لِفُلَانٍ مُعَزِّبة تُقَعِّدُه. وَيُقَالُ: لَيْسَ لِفُلَانٍ امرأَة تُعَزِّبه أَي تُذْهِبُ عُزُوبتَه بِالنِّكَاحِ؛ مِثْلُ قَوْلِكَ: هِيَ تُمَرِّضُه أَي تَقُوم عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: فلانٌ يُعَزِّبُ فلاناً، ويُرْبِضُه، ويُرَبِّصُه: يَكُونُ لَهُ مثلَ الْخَازِنِ. وأَعْزَبَ عَنْهُ حِلْمُه، وعَزَبَ عَنْهُ يَعْزُبُ عُزوباً: ذهَب. وأَعْزَبَه اللهُ: أَذْهَبَه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: عالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ
؛ مَعْنَاهُ لَا يَغِيبُ عَنْ عِلْمِه شيءٌ. وَفِيهِ لُغَتَانِ: عَزَبَ يَعْزُب، ويَعْزِبُ إِذا غابَ؛ وأَنشد:
وأَعْزَبْتَ حِلْمِي بعد ما كان أَعْزَبا
__________
(1) . قوله [وعازبة الرجل] امرأته أو أمته، وضُبطت المعزبة بكسر فسكون كمِغرفة، وبضم ففتح فكسر مثقلًا كما في التهذيب والتكملة، واقتصر المجد على الضبط الأَول والجمع المعازب، وأشبع أبو خراش الكسرة فولد ياء حيث يقول: بصاحب لا تنال الدهر غرّته إذا افتلى الهدف القنَّ المعازيب افتلى: اقتطع. والهدف: الثقيل أي إذا شغل الإِماء الهدف القنّ انتهى. التكملة.(1/596)
جَعل أَعْزَبَ لَازِمًا وَوَاقِعًا، وَمِثْلُهُ أَمْلَقَ الرجلُ إِذا أَعْدَم، وأَمْلَقَ مالَه الحوادثُ. والعازِبُ مِنَ الكَلإِ: البعيدُ المَطْلَب؛ وأَنشد:
وعازِبٍ نَوَّرَ فِي خَلائِه
والمُعْزِبُ: طالِبُ الكَلإِ. وكَلأٌ عازِبٌ: لَمْ يُرْعَ قَطُّ، وَلَا وُطِئَ. وأَعْزَبَ القومُ إِذا أَصابوا كَلأً عازِباً. وعَزَبَ عَنِّي فلانٌ، يَعْزُبُ ويَعْزِبُ عُزوباً: غابَ وبَعُدَ. وَقَالُوا: رجلٌ عَزَبٌ للَّذي يَعْزُبُ فِي الأَرضِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرّ: كُنتُ أَعْزُبُ عَنِ الماءِ
أَي أُبْعِدُ؛ وَفِي حَدِيثِ عَاتِكَةَ:
فهُنَّ هَواءٌ، والحُلُومُ عَوازِبُ
جَمْعُ عَازِبٍ أَي إِنها خَالِيَةٌ، بعيدةُ العُقُول. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الأَكْوَع، لَمَّا أَقامَ بالرَّبَذَةِ، قَالَ لَهُ الحجاجُ: ارْتَدَدْتَ عَلَى عَقِبَيْكَ تَعَزَّبْتَ. قَالَ: لَا، وَلَكِنْ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَذِنَ لِي فِي البَدْوِ.
وأَراد: بَعُدْتَ عَنِ الْجَمَاعَاتِ والجُمُعاتِ بسُكْنى الْبَادِيَةِ؛ ويُروى بالراءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَمَا تَتراءَوْنَ الكَوْكَبَ العازِبَ فِي الأُفُق
؛ هَكَذَا جاءَ فِي رِوَايَةٍ أَي البعيدَ، وَالْمَعْرُوفُ الغارِب، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ، وَالْغَابِرِ، بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. وعَزَبَتِ الإِبلُ: أَبْعَدَتْ فِي المَرعَى لَا تَرُوحُ. وأَعْزَبَها صاحِبُها، وعَزَّبَ إِبلَه، وأَعْزَبَها: بَيَّتها فِي المَرْعَى، وَلَمْ يُرِحْها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ: كَانَ لَهُ غَنَمٌ، فأَمَرَ عامرَ بْنَ فُهَيْرة أَن يَعْزُبَ بِهَا
أَي يُبْعدَ بِهَا فِي المَرْعى. وَيُرْوَى يُعَزّبَ، بِالتَّشْدِيدِ، أَي يَذْهَبَ بِهَا إِلى عازبٍ مِنَ الكَلإِ. وتَعَزَّب هُوَ: باتَ مَعَهَا. وأَعْزَبَ القومُ، فَهُمْ مُعْزِبون أَي عَزَبَتْ إِبلُهم. وعَزَبَ الرجلُ بإِبله إِذا رَعَاهَا بَعِيدًا مِنَ الدَّارِ الَّتِي حَلَّ بِهَا الحَيُّ، لَا يأْوي إِليهم؛ وَهُوَ مِعْزابٌ ومِعْزابة، وكلُّ مُنْفرد عَزَبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنهم كَانُوا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فسَمِعَ مُنَادِيًا، فَقَالَ: انْظُروه تَجِدوه مُعْزِباً، أَو مُكْلِئاً؛ قَالَ: هُوَ الَّذِي عَزَبَ عَنْ أَهله فِي إِبله
أَي غَابَ. والعَزِيبُ: المالُ العازبُ عَنِ الحَيّ؛ قال الأَزهري: سمعته من الْعَرَبِ. وَمِنْ أَمثالِهِم: إِنما اشْتَرَيْتُ الغَنَمَ حِذارَ العازِبةِ؛ والعازبةُ الإِبلُ. قَالَهُ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ إِبل فَبَاعَهَا، وَاشْتَرَى غَنَمًا لِئَلَّا تَعْزِبَ عَنْهُ، فعَزَبَتْ غَنَمُهُ، فعاتَبَ عَلَى عُزُوبها؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ تَرَفَّقَ أَهْوَنَ الأُمورِ مَؤونةً، فلَزِمَه فِيهِ مشقةٌ لَمْ يَحْتَسِبْها. والعَزيبُ، مِنَ الإِبل والشاءِ: الَّتِي تَعْزُبُ عَنْ أَهلها فِي المَرْعَى؛ قَالَ:
وَمَا أَهْلُ العَمُودِ لنَا بأَهْلٍ، ... وَلَا النَّعَمُ العَزِيبُ لَنَا بمالِ
وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ مَعْبدٍ: والشاءُ عازِبٌ حِيَالٌ
أَي بَعِيدَةُ المَرْعَى، لَا تأْوي إِلى الْمَنْزِلِ إِلَّا فِي اللَّيْلِ. والحِيالُ: جَمْعٌ حَائِلٌ، وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَحْمِلْ. وإِبل عَزِيبٌ: لَا تَرُوحُ عَلَى الحَيِّ، وَهُوَ جَمْعُ عَازِبٍ، مِثْلِ غازٍ وغَزِيٍّ. وسَوَامٌ مُعَزَّبٌ، بِالتَّشْدِيدِ، إِذا عُزِّبَ بِهِ عَنِ الدَّارِ، والمِعْزابُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي تَعَزَّبَ عَنْ أَهلِه فِي مَالِهِ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
إِذا الهَدَفُ المِعْزابُ صَوَّبَ رأْسَه، ... وأَعْجَبه ضَفْوٌ مِنَ الثَّلَّةِ الخُطْلِ
وهِراوةُ الأَعْزاب: هِرَاوة الَّذِينَ يُبْعِدُون بإِبلهم(1/597)
فِي المَرْعَى، ويُشَبَّهُ بِهَا الفَرَسُ. قَالَ الأَزهري: وهِرَاوةُ الأَعْزَابِ فَرسٌ كَانَتْ مَشْهُورَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ذَكَرَهَا لبيدٌ «1» وَغَيْرُهُ مِنْ قُدَماءِ الشُّعَرَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَربعين لَيْلَةً، فَقَدْ عَزَّبَ
أَي بَعُدَ عَهْدُه بِمَا ابْتَدَأَ مِنْهُ، وأَبْطَأَ فِي تِلاوَتهِ. وعَزَبَ يَعْزُبُ، فَهُوَ عازِبٌ: أَبْعَدَ. وعَزَبَ طُهْرُ المرأَةِ إِذا غابَ عَنْهَا زَوْجُهَا؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبيانيّ:
شُعَبُ العِلافِيَّاتِ بَيْنَ فُروجِهِمْ، ... والمُحْصَنَاتُ عَوَازِبُ الأَطْهارِ
العِلافِيَّاتُ: رِحال مَنْسُوبَةٌ إِلى عِلافٍ، رَجُلٍ مِنْ قُضاعةَ كَانَ يَصْنَعُها. والفُروج: جَمْعُ فَرْج، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ. يُرِيدُ أَنهم آثَرُوا الغَزْوَ عَلَى أَطْهارِ نِسَائِهِمْ. وعَزَبَتِ الأَرضُ إِذا لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحدٌ، مُخْصِبةً كَانَتْ، أَو مُجْدِبةً.
عزلب: العَزْلَبَةُ: النِّكَاحُ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَا أَحُقُّه.
عسب: العَسْبُ: طَرْقُ الفَحْلِ أَي ضِرابُه. يُقَالُ: عَسَبَ الفَحلُ الناقةَ يَعْسِبُها، وَيُقَالُ: إِنه لَشَدِيدُ العَسْب، وَقَدْ يُسْتَعار لِلنَّاسِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ فِي عبدٍ لَهُ يُدْعَى يَساراً؛ أَسَرَه قومٌ، فهَجَاهم:
وَلَوْلَا عَسْبُه لرَدَدْتُموه، ... وشَرُّ مَنِيحةٍ أَيْرٌ مُعارُ «2»
وَقِيلَ: العَسْبُ مَاءُ الفَحْلِ، فَرَسًا كَانَ، أَو بَعِيرًا، وَلَا يَتَصَرَّفُ مِنْهُ فِعْلٌ. وقَطَعَ اللهُ عَسْبَه وعُسْبَه أَي ماءَه ونَسْلَه. وَيُقَالُ للوَلد: عَسْبٌ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ يَصِفُ خَيْلًا، أَزْلَقَتْ مَا فِي بُطُونِها مِن أَولادها، مِنَ التَّعَب:
يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيِّ وناصِحٍ، ... تَخُصُّ بِهِ أُمُّ الطَّرِيقِ عِيالَها
العَسْبُ: الوَلَدُ، أَو ماءُ الفَحْل. يَعْنِي: أَن هَذِهِ الخيلَ تَرْمي بأَجِنَّتِها مِنْ هَذَيْنِ الفَحْلين، فتأْكلُها الطَّيْرُ والسباعُ. وأُمُّ الطَّرِيقِ، هُنَا: الضَّبُعُ. وأُمُّ الطَّرِيقِ أَيضاً: مُعْظَمُه. وأَعْسَبَهُ جَمَلَه: أَعارَه إِياه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. واسْتَعْسَبه إِياه: اسْتَعاره مِنْهُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
أَقْبَلَ يَردي مُغارَ ذِي الحِصانِ إِلى ... مُسْتَعْسِبٍ، أَرِبٍ مِنْهُ بتَمْهِينِ
والعَسْبُ: الكِراء الَّذِي يُؤْخَذ عَلَى ضَرْبِ الفَحْل. وعَسَبَ الرجلَ يَعْسِبُه عَسْباً: أَعطاه الكِراءَ عَلَى الضِّرابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ عَسْبِ الفَحْل.
تَقُولُ: عَسَبَ فَحْلَه يَعْسِبُه أَي أَكراه. عَسْبُ الفَحْل: ماؤُه، فَرَسًا كَانَ أَو بَعِيرًا، أَو غَيْرَهُمَا. وعَسْبُه: ضِرابُه، وَلَمْ يَنْهَ عَن واحدٍ مِنْهُمَا، وإِنما أَراد النَّهْيَ عَنِ الْكِرَاءِ الَّذِي يُؤْخَذ عَلَيْهِ، فإِن إِعارة الْفَحْلِ مَنْدُوبٌ إِليها. وَقَدْ جاءَ فِي الْحَدِيثِ:
ومِن حَقِّها إِطْراقُ فَحْلِها.
ووَجْهُ الْحَدِيثِ: أَنه نَهَى عَنِ كِرَاءِ عَسْبِ الفَحْل، فحُذِفَ المضافُ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ. وَقِيلَ: يُقَالُ لِكِرَاءِ الْفَحْلِ عَسْبٌ، وإِنما نَهَى عَنْهُ للجَهالة الَّتِي فِيهِ، وَلَا بُدَّ فِي الإِجارة مِنْ تَعْيينِ الْعَمَلِ، ومَعْرِفةِ مِقْدارِه. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُعَاذٍ: كنتُ تَيَّاساً، فَقَالَ لِي البَراءُ بنُ عَازِبٍ: لَا يَحِلُّ لَكَ عَسْبُ الفَحْل.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى العَسْبِ في
__________
(1) . قوله [ذكرها لبيد] أي في قوله:
تَهْدِي أَوَائِلَهُنَّ كُلُّ طِمِرَّةٍ ... جَرْدَاءُ مِثْلُ هِرَاوَةِ الأَعزاب
(2) . قوله [لرددتموه] كذا في المحكم ورواه في التهذيب لتركتموه.(1/598)
الْحَدِيثِ الكِراءُ. والأَصل فِيهِ الضِّرابُ، والعَرَبُ تُسَمِّي الشيءَ بِاسْمِ غَيْرِهِ إِذا كَانَ مَعَهُ أَو مِنْ سَببه، كَمَا قَالُوا للمَزادة راوِية، وإِنما الرَّاوية البعيرُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ. والكَلْبُ يَعْسِبُ أَي يَطْرُدُ الكلابَ للسِّفادِ. واسْتَعْسَبَتِ الفرسُ إِذا اسْتَوْدَقَتْ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: اسْتَعْسَبَ فلانٌ اسْتِعْسابَ الكَلْب، وَذَلِكَ إِذا مَا هَاجَ واغْتَلَم؛ وَكَلْبٌ مُسْتَعْسِبٌ. والعَسِيبُ والعَسِيبةُ: عَظْمُ الذَّنَب، وَقِيلَ: مُسْتَدَقُّهُ، وَقِيلَ: مَنْبِتُ الشَّعَرِ مِنْهُ، وَقِيلَ: عَسِيبُ الذَّنَبِ مَنْبِتُه مِنَ الجِلْدِ وَالْعَظْمِ. وعَسِيبُ القَدَم: ظاهرُها طُولًا، وعَسِيبُ الرِّيشةِ: ظاهرُها طُولًا أَيضاً، والعَسِيبُ: جَرِيدَةٌ مِنَ النَّخْلِ مُسْتَقِيمَةٌ، دَقِيقَةٌ يُكْشَطُ خُوصُها؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
وقَلَّ لَهَا مِنِّي، عَلَى بُعْدِ دارِها، ... قَنا النَّخْلِ أَو يُهْدَى إِليكِ عسِيبُ
قَالَ: إِنما اسْتَهْدَتْهُ عَسِيباً، وَهُوَ القَنا، لتَتَّخِذ مِنْهُ نِيرةً وحَفَّة؛ وَالْجُمَعُ أَعْسِبَةٌ وعُسُبٌ وعُسُوبٌ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وعِسْبانٌ وعُسْبانٌ، وَهِيَ العَسِيبة أَيضاً. وَفِي التَّهْذِيبِ: العَسِيب جَرِيدُ النَّخْلِ، إِذا نُحِّيَ عَنْهُ خُوصه. والعَسِيبُ مِنَ السَّعَفِ: فُوَيْقَ الكَرَبِ، لَمْ يَنْبُتْ عَلَيْهِ الخوصُ؛ وَمَا نَبَت عَلَيْهِ الخُوصُ، فَهُوَ السَّعَفُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه خَرَجَ وَفِي يَدِهِ عَسِيبٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي جريدَةٌ من النخل، وهي السَّعَفَة، مِمَّا لَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الخُوصُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
قَيْلة: وَبِيَدِهِ عُسَيِّبُ نخلةٍ، مَقْشُوٌّ
؛ كَذَا يُرْوَى مُصَغَّرًا، وَجَمْعُهُ: عُسُبٌ، بِضَمَّتَيْنِ. وَمِنْهُ حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ القرآنَ مِنَ العُسُبِ واللِّخَافِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ
الزُّهْرِيِّ: قُبِضَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والقرآنُ فِي العُسُبِ والقُضُم
؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
عَلَى مَثاني عُسُبٍ مُسَاطِ
فَسَّرَهُ، فَقَالَ: عَنَى قَوائمه. والعَسْبَةُ والعَسِبَةُ والعَسِيبُ: شَقٌّ يَكُونُ فِي الجَبل. قَالَ المُسَيَّب بْنُ عَلَسٍ، وَذَكَرَ العاسِلَ، وأَنه صَبَّ العَسلَ فِي طَرَفِ هَذَا العَسِيبِ، إِلى صَاحِبٍ لَهُ دُونَهُ، فتَقَبَّله مِنْهُ:
فهَراقَ فِي طَرَفِ العَسِيبِ إِلى ... مُتَقَبِّلٍ لنَواطِفٍ صُفْرِ
وعَسِيبٌ: اسمُ جَبَل. وَقَالَ الأَزهري: هُوَ جَبَل، بعالِيةِ نَجْدٍ، مَعْرُوفٌ. يُقَالُ: لَا أَفْعَلُ كَذَا مَا أَقَامَ عَسِيبٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَجارَتَنا إِنَّ الخُطُوبَ تَنُوبُ، ... وإِنِّي مُقيمٌ مَا أَقامَ عَسِيبُ
واليَعْسُوب: أَمير النَّحْلِ وذكَرُها، ثُمَّ كَثُر ذَلِكَ حَتَّى سَمَّوْا كُلَّ رَئيسٍ يَعْسُوباً. وَمِنْهُ حديثُ
الدَّجَّالِ: فتَتْبَعُه كُنُوزُها كيَعاسِيبِ النَّحْل
، جَمْعُ يَعْسُوبٍ، أَي تَظْهَر لَهُ وَتَجْتَمِعُ عِنْدَهُ، كَمَا تَجْتَمِعُ النحلُ عَلَى يَعاسِيبها. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ يَصِفُ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كنتَ للدِّينِ يَعْسُوباً أَوَّلًا حِينَ نَفَر الناسُ عَنْهُ.
اليَعْسُوب: السَّيِّدُ والرئيسُ والمُقَدَّمُ، وأَصله فَحْلُ النَّحْلِ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه ذَكرَ فِتْنَةً فَقَالَ: إِذا كَانَ ذَلِكَ، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبِه، فيَجْتَمِعُونَ إِليه كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الخَريفِ
؛ قَالَ الأَصمعي: أَراد بِقَوْلِهِ يَعْسُوبُ الدِّينِ، أَنه سَيِّدُ الناسِ فِي الدِّين يومئذٍ. وَقِيلَ: ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بِذَنَبِهِ أَي فارَقَ الفتنةَ وأَهلَها، وضرَبَ فِي(1/599)
الأَرض ذاهِباً فِي أَهْلِ دِينِه؛ وذَنَبُه: أَتْباعُه الَّذِينَ يَتْبَعُونَهُ عَلَى رَأْيه، ويَجْتَنِبُونَ اجْتِنابَهُ مِنَ اعْتزالِ الفِتَنِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ضَرَبَ أَي ذَهَبَ فِي الأَرض؛ يُقَالُ: ضَرَب فِي الأَرض مُسافِراً، أَو مُجاهِداً. وضَرَبَ فلانٌ الغائطَ إِذا أَبْعَدَ فِيهَا للتَّغَوُّطِ. وَقَوْلُهُ: بِذَنْبِهِ أَي فِي ذَنَبِه وأَتباعِه، أَقامَ الباءَ مُقَامَ فِي، أَو مُقامَ مَعَ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الضَّرْبُ بالذَّنَب، هَاهُنَا، مَثَلٌ للإِقامة والثَّباتِ؛ يَعْنِي أَنه يَثْبُتُ هُوَ وَمَنْ تَبِعَه عَلَى الدِّينِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: أَراد بِقَوْلِهِ ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بذَنَبه: أَراد بيَعْسُوب الدِّينِ ضعيفَه، ومُحْتَقَره، وذليلَه، فَيَوْمَئِذٍ يَعْظُم شأْنُه، حَتَّى يَصِيرَ عَيْنَ اليَعْسُوب. قَالَ: وضَرْبُه بذَنَبِه، أَن يَغْرِزَه فِي الأَرضِ إِذا باضَ كَمَا تَسْرَأُ الْجَرَادُ؛ فَمَعْنَاهُ: أَن الْقَائِمَ يَوْمَئِذٍ يَثْبُتُ، حَتَّى يَثُوبَ الناسُ إِليه، وَحَتَّى يَظْهَرَ الدينُ ويَفْشُوَ. وَيُقَالُ للسَّيِّد: يَعْسُوبُ قَوْمِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عليٍّ: أَنا يَعْسُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، والمالُ يَعْسُوبُ الْكُفَّارِ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ الْمُنَافِقِينَ أَي يَلُوذُ بِي المؤمِنونَ، ويَلُوذ بالمالِ الكفارُ أَو الْمُنَافِقُونَ، كَمَا يَلُوذُ النَّحْلُ بيَعْسُوبِها، وَهُوَ مُقَدَّمُها وسيدُها، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه مَرَّ بعبد الرحمن ابن عَتَّابِ بنِ أُسَيْدٍ مَقْتُولًا، يَوْمَ الجَمل، فَقَالَ: لَهْفِي عَلَيْكَ، يَعْسُوبَ قُرَيْشٍ، جَدَعْتُ أَنْفي، وشَفَيْتُ نَفْسِي
؛ يَعْسُوبُ قُرَيْشٍ: سَيِّدُها. شَبَّهه فِي قُرَيش بالفَحْلِ فِي النَّحْلِ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: وَقَوْلُهُ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُسَيْدٍ عَلَى التَّحْقِير لَهُ، والوَضْعِ مِنْ قَدْرِه، لَا عَلَى التَّفْخِيمِ لأَمره. قَالَ الأَزهري: وَلَيْسَ هَذَا القولُ بِشَيْءٍ؛ وأَمَّا مَا أَنشده المُفَضَّلُ:
وَمَا خَيْرُ عَيْشٍ، لَا يَزالُ كأَنه ... مَحِلَّةُ يَعْسُوبٍ برأْسِ سِنَانِ
فإِن مَعْنَاهُ: أَن الرَّئِيسَ إِذا قُتِلَ، جُعِلَ رأسُه عَلَى سِنانٍ؛ يَعْنِي أَن العَيْشَ إِذا كَانَ هَكَذَا، فَهُوَ الموتُ. وسَمَّى، فِي حَدِيثٍ آخَرَ، الذَّهَبَ يَعْسُوباً، عَلَى المَثَل، لِقوامِ الأُمُورِ بِهِ. واليَعْسُوبُ: طَائِرٌ أَصْغَرُ مِنَ الجَرادة، عَنْ أَبي عُبَيْدٍ. وَقِيلَ: أَعظمُ مِنَ الْجَرَادَةِ، طويلُ الذَّنَب، لَا يَضُمُّ جَنَاحَيْهِ إِذا وَقَع، تُشَبَّه بِهِ الخَيْلُ فِي الضُّمْرِ؛ قَالَ بِشْر:
أَبُو صِبْيةٍ شُعْثٍ، يُطِيفُ بشَخْصِه ... كَوالِحُ، أَمثالُ اليعاسِيبِ، ضُمَّرُ
وَالْيَاءُ فِيهِ زَائِدَةً، لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلُول، غَيْرُ صَعْقُوقٍ. وَفِي حَدِيثِ
مِعْضَدٍ: لَوْلَا ظَمَأُ الهَواجر، مَا باليْتُ أَن أَكونَ يَعْسُوباً
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ، هَاهُنَا، فَراشَةٌ مُخْضَرَّةٌ تطِيرُ فِي الرَّبِيعِ؛ وَقِيلَ: إِنه طَائِرٌ أَعظمُ مِنَ الجَرادِ. قَالَ: وَلَوْ قِيلَ إِنه النَّحْلةُ، لَجاز. واليَعْسُوبُ: غُرَّةٌ، فِي وجْهِ الْفَرَسِ، مُسْتَطيلَةٌ، تَنْقَطِعُ قَبْلَ أَن تُساوِيَ أَعْلى المُنْخُرَيْنِ، وإِن ارْتَفَعَ أَيضاً عَلَى قَصَبة الأَنف، وعَرُضَ واعْتَدلَ، حَتَّى يُبَلِّغَ أَسفلَ الخُلَيْقَاءِ، فَهُوَ يَعْسُوب أَيضاً، قلَّ أَو كَثُر، مَا لَمْ يَبْلُغِ العَيْنَيْنِ. واليَعْسُوبُ: دائرةٌ فِي مَرْكَضِ الفارِسِ، حَيْثُ يَرْكُضُ بِرِجْلِهِ مِنْ جَنْبِ الْفَرَسِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا غَلَطٌ. اليَعْسُوب، عِنْدَ أَبي عُبَيْدَةَ وَغَيْرِهِ: خَطٌّ مِنْ بَياضِ الغُرَّةِ، يَنْحَدِرُ حَتَّى يَمَسَّ خَطْمَ الدَّابَّةِ، ثُمَّ ينقطعُ. واليَعْسُوب: اسْمُ فَرَسِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.(1/600)
واليَعْسُوبُ أَيضاً: اسْمُ فَرَسِ الزُّبير بْنِ الْعَوَّامِ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.
عسقب: العِسْقِبُ والعِسْقِبةُ: كِلَاهُمَا عُنَيْقِيدٌ صَغِيرٌ يَكُونُ مُنْفَرِدًا، يَلْتَصِقُ بأَصْل العُنْقُود الضَّخْمِ، وَالْجَمْعُ: العَساقِبُ. والعَسْقَبَةُ: جُمُودُ الْعَيْنِ فِي وَقْتِ البُكاء. قَالَ الأَزهري: جَعَلَهُ اللَّيْثُ العَسْقَفةَ، بالفاءِ؛ والباءُ، عِنْدِي، أَصوب.
عشب: العُشْبُ: الكَلأُ الرَّطْبُ، وَاحِدَتُهُ عُشْبَةٌ، وَهُوَ سَرَعانُ الكَلإِ فِي الرَّبِيعِ، يَهِيجُ وَلَا يَبْقَى. وجمعُ العُشْب: أَعْشابٌ. والكَلأُ عِنْدَ الْعَرَبِ، يَقَعُ عَلَى العُشْبِ وَغَيْرِهِ. والعُشْبُ: الرَّطْبُ مِنَ البُقول البَرِّيَّة، يَنْبُتُ فِي الرَّبِيعِ. وَيُقَالُ رَوض عاشِبٌ: ذُو عُشْبٍ، وروضٌ معْشِبٌ. وَيَدْخُلُ فِي العُشْب أَحرارُ البُقول وذكورُها؛ فأَحرارُها مَا رَقَّ مِنْهَا، وَكَانَ نَاعِمًا؛ وذكورُها مَا صَلُبَ وغَلُظَ مِنْهَا. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُشْبُ كُلُّ مَا أَبادَهُ الشتاءُ، وَكَانَ نَباته ثَانِيَةً مِنْ أَرُومةٍ أَو بَذْرٍ. وأَرضٌ عاشِبَةٌ، وعَشِبَةٌ، وعَشِيبةٌ، ومُعْشِبَةٌ: بَيِّنةُ العَشابةِ، كَثِيرَةُ العُشْبِ. ومكانٌ عَشِيبٌ: بَيِّنُ العَشابة. وَلَا يُقَالُ: عَشَبَتِ الأَرضُ، وَهُوَ قياسٌ إِن قِيلَ؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
يَقُلْنَ للرائدِ أَعْشَبْتَ انْزِلِ
وأَرضٌ مِعْشابة، وأَرَضُونَ مَعاشِيبُ: كريمةٌ، مَنابيتُ؛ فإِما أَن يَكُونَ جمعَ مِعْشاب، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ الْجَمْعِ الَّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ. وَقَدْ عَشَّبَتْ وأَعْشَبَتْ واعْشَوْشَبَتْ إِذا كَثُر عُشْبها. وَفِي حَدِيثِ
خُزَيمة: واعْشَوْشَبَ مَا حَوْلَها
أَي نَبَتَ فِيهِ العُشْبُ الْكَثِيرُ. وافْعَوْعَلَ مِنْ أَبنية المُبالغة، كأَنه يُذْهَبُ بِذَلِكَ إِلى الْكَثْرَةِ وَالْمُبَالَغَةِ، والعُموم عَلَى مَا ذَهَبَ إِليه سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا النَّحْوِ، كَقَوْلِكَ: خَشُنَ واخْشَوْشَنَ. وَلَا يُقَالُ لَهُ: حَشيش حَتَّى يَهِيجَ. تَقُولُ: بَلَدٌ عاشِبٌ، وَقَدْ أَعْشَبَ؛ وَلَا يُقَالُ فِي مَاضِيهِ إِلا أَعْشَبَتِ الأَرضُ إِذا أَنبتت العُشْبَ. ويُقال: أَرض فِيهَا تَعاشِيبُ إِذا كَانَ فِيهَا أَلوانُ العُشْبِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والتَّعاشِيبُ: العُشْبُ النَّبْذُ المُتَفَرِّقُ، لَا واحدَ لَهُ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِ الرائِد: عُشْباً وتَعاشيبْ، وكَمْأَةً شِيبْ، تُثِيرُها بأَخْفافِها النِّيبْ؛ إِن العُشْبَ مَا قَدْ أَدْرَكَ، والتَّعاشِيبُ مَا لَمْ يُدْرك؛ وَيَعْنِي بالكَمْأَةِ الشِّيبِ البِيضَ، وَقِيلَ: البِيضُ الكِبارُ؛ والنِّيبُ: الإِبلُ المَسَانُّ الإِناثُ، وَاحِدُهَا نابٌ ونَيُوبٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: فِي الأَرض تَعاشِيبُ؛ وَهِيَ القِطَعُ المُتَفَرِّقَة مِنَ النَّبْتِ؛ وَقَالَ أَيضاً: التَّعاشِيبُ الضروبُ مِنَ النَّبْت؛ وَقَالَ فِي قولِ الرائدِ: عُشْباً وتَعاشِيبْ؛ العُشْبُ: المُتَّصِلُ، والتَّعاشِيبُ: المتفَرِّق. وأَعْشَبَ القومُ، واعْشَوْشَبُوا: أَصابُوا عُشْباً. وبعيرٌ عاشِبٌ، وإِبِلٌ عاشِبَةٌ: تَرْعَى العُشْبَ. وتَعَشَّبَت الإِبل: رَعَتِ العُشْبَ؛ قَالَ:
تَعَشَّبَتْ مِنْ أَوَّلِ التَّعَشُّبِ، ... بينَ رِماحِ القَيْنِ وابْنَيْ تَغْلِبِ
وتَعَشَّبَتِ الإِبلُ، واعْتَشَبَتْ: سَمِنَتْ عَنِ العُشْب. وعُشْبَةُ الدَّارِ: الَّتِي تَنْبُتُ فِي دِمْنَتها، وحَوْلَها عُشْبٌ فِي بَياضٍ مِنَ الأَرض والتُّراب الطَّيِّبِ. وعُشْبةُ الدارِ: الهَجينَةُ، مَثَلٌ بِذَلِكَ، كَقَوْلِهِمْ: خَضْراءُ الدِّمَنِ. وَفِي بَعْضِ الوَصاةِ: يَا بُنَيَّ، لَا تَتَّخِذْها حَنَّانةً، وَلَا مَنَّانة، وَلَا عُشْبةَ الدَّارِ،(1/601)
وَلَا كَيَّةَ القَفَا. وعَشِبَ الخُبْزُ: يَبِسَ؛ عَنْ يَعْقُوبَ. وَرَجُلٌ عَشَبٌ: قَصِيرٌ دَمِيمٌ، والأُنثى، بالهاءِ؛ وَقَدْ عَشُبَ عَشابةً وعُشوبةً، وَرَجُلٌ عَشَبٌ، وامرأَة عَشَبةٌ: يابسٌ مِنَ الهُزال؛ أَنشد يَعْقُوبُ:
جَهِيزَ يَا ابْنةَ الكِرامِ أَسْجِحِي، ... وأَعْتِقِي عَشَبةً ذَا وَذَحِ
والعَشَبة، بِالتَّحْرِيكِ: النابُ الْكَبِيرَةُ، وَكَذَلِكَ العَشَمة، بِالْمِيمِ. يُقَالُ: شَيْخٌ عَشَبَة، وعَشَمة، بِالْمِيمِ والباءِ. يُقَالُ: سأَلتُه فأَعْشَبَنِي أَي أَعْطانِي نَاقَةً مُسِنَّة. وعِيالٌ عَشَبٌ: لَيْسَ فِيهِمْ صَغِيرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
جَمَعْت مِنْهُمْ عَشَباً شَهابِرا
وَرَجُلٌ عَشَبَةٌ: قَدِ انْحَنى، وضَمَر وكَبِرَ، وَعَجُوزٌ عَشَبة كَذَلِكَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والعَشَبةُ أَيضاً: الْكَبِيرَةُ المُسِنَّة مِنَ النِّعاج.
عشرب: العَشْرَبُ: الخَشِنُ. وأَسَدٌ عَشْرَبٌ: كعَشَرَّبٍ. وَرَجُلٌ عُشارِبٌ: جَريءٌ ماضٍ. الأَزهري: والعَشْرَبُ والعَشْرَمُ السَّهْمُ الماضي.
عشزب: أَسَدٌ عَشْزَبٌ: شديدٌ.
عصب: العَصَبُ: عَصَبُ الإِنسانِ والدابةِ. والأَعْصابُ: أَطنابُ المَفاصل الَّتِي تُلائمُ بينَها وتَشُدُّها، وَلَيْسَ بالعَقَب. يَكُونُ ذَلِكَ للإِنسان، وَغَيْرِهِ كالإِبل، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، والنعَم، والظِّباءِ، والشاءِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ، الْوَاحِدَةُ عَصَبة. وسيأْتي ذِكْرُ الْفَرْقِ بَيْنَ العَصَب والعَقَب. وَفِي الْحَدِيثِ
أَنه قَالَ لثَوْبانَ: اشْتَرِ لفاطمةَ قِلادةً مِنْ عَصْبٍ، وسِوارَيْنِ مِنْ عَاجٍ
؛ قَالَ الخَطَّابيُّ فِي المَعالم: إِن لَمْ تَكُنِ الثيابَ الْيَمَانِيَةَ، فَلَا أَدري مَا هُوَ، وَمَا أَدري أَن الْقِلَادَةَ تَكُونُ مِنْهَا؛ وَقَالَ أَبو مُوسَى: يُحتَمَل عِنْدِي أَن الرِّوَايَةَ إِنما هِيَ العَصَب، بِفَتْحِ الصَّادِ، وَهِيَ أَطنابُ مَفَاصِلِ الْحَيَوَانَاتِ، وَهُوَ شَيْءٌ مُدَوَّر، فيُحتَمَلُ أَنهم كَانُوا يأْخذون عَصَبَ بعضِ الحيواناتِ الطَّاهِرَةِ، فَيَقْطَعُونَهُ، وَيَجْعَلُونَهُ شِبْه الْخَرَزِ، فإِذا يَبِسَ يَتَّخِذُونَ مِنْهُ القلائدَ؛ فإِذا جَازَ، وأَمْكَنَ أَن يُتَّخَذَ مِنْ عِظام السُّلَحْفاة وَغَيْرِهَا الأَسْوِرةُ، جَازَ وأَمكن أَن يُتَّخَذ مِنْ عَصَبِ أَشْباهِها خَرَزٌ يُنْظَمُ منها القلائدُ. قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ لِي بعضُ أَهل الْيَمَنِ أَن العَصْب سِنُّ دابةٍ بَحْرِيَّةٍ تُسَمَّى فَرَسَ فِرْعَوْنَ، يُتَّخَذُ مِنْهَا الخَرزُ وغيرُ الخَرز، مِن نِصابِ سكِّين وَغَيْرِهِ، وَيَكُونُ أَبيضَ. وَلَحْمٌ عَصِبٌ: صُلْبٌ شَدِيدٌ، كَثِيرُ العَصَبِ. وعَصِبَ اللحمُ، بِالْكَسْرِ، أَي كَثُرَ عَصَبُه. وانْعَصَبَ: اشْتَدَّ. والعَصْبُ: الطيُّ الشديدُ. وعَصَبَ الشيءَ يَعْصِبُه عَصْباً: طَواه ولَواه؛ وَقِيلَ: شَدَّه. والعِصابُ والعِصابةُ: مَا عُصِبَ بِهِ. وعَصَبَ رأْسَه، وعَصَّبَه تَعْصيباً: شدَّه، وَاسْمُ مَا شُدَّ بِهِ: العِصابةُ. وتَعَصَّبَ أَي شَدَّ العِصابةَ. والعِصابةُ: العِمامةُ، مِنْهُ. والعَمائمُ يُقَالُ لَهَا العَصائبُ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَرَكْبٍ، كأَنَّ الرِّيحَ تَطْلُبُ مِنْهُمُ ... لَهَا سَلَباً مِنْ جَذْبِها بالعَصائبِ
أَي تَنْفُضُ لَيَّ عَمائمهم مِنْ شِدَّتِها، فكَأَنها تَسْلُبهم إِياها، وَقَدِ اعْتَصَبَ بِهَا. والعِصابة: الْعِمَامَةُ، وكلُّ مَا يُعَصَّبُ بِهِ الرأْسُ؛ وَقَدِ اعْتَصَبَ بِالتَّاجِ وَالْعِمَامَةِ. والعِصْبةُ: هيئةُ الاعْتِصاب، وكلُّ مَا عُصِبَ بِهِ كَسْرٌ أَو قَرْحٌ،(1/602)
مِنْ خِرْقة أَو خَبيبَةٍ، فَهُوَ عِصابٌ لَهْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رَخَّصَ فِي المَسْح عَلَى العَصائِب، والتَّساخِينِ
، وَهِيَ كلُّ مَا عَصَبْتَ بِهِ رأْسَك مِنْ عِمامة أَو مِنْديل أَو خِرقة. وَالَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ بَدْرٍ، قَالَ
عُتْبة بْنُ رَبِيعَةَ: ارْجِعوا وَلَا تُقاتِلوا، واعْصِبوها برأْسي
، قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرِيدُ السُّبَّةَ الَّتِي تَلْحَقُهم بِتَرْكِ الْحَرْبِ، والجُنوح إِلى السِّلم، فأَضْمَرها اعْتِمَادًا عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُخَاطَبِينَ، أَي اقْرُنوا هَذِهِ الحالَ بِي وانْسبُوها إِليَّ، وإِن كانتْ ذَميمة. وعَصَبَ الشجرةَ يَعْصِبُها عَصْباً: ضَمَّ مَا تَفَرَّق مِنْهَا بِحَبْلٍ، ثُمَّ خَبَطَها لِيُسْقِطَ وَرقُها. ورُوي عَنِ
الحجاج، أَنه خَطَب الناسَ بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ: لأَعْصِبَنَّكمْ عَصْبَ السَّلَمَةِ
السَّلَمَةُ: شَجَرَةٌ مِنِ العِضاهِ، ذاتُ شَوْكٍ، وَوَرَقُها القَرَظُ الَّذِي يُدْبَغُ بِهِ الأَدَمُ، ويَعْسُر خَرْطُ ورَقها، لِكَثْرَةِ شَوْكِهَا، فتُعْصَبُ أَغْصانُها، بأَن تُجْمَعَ، ويُشَدَّ بعضُها إِلى بَعْضٍ بحَبْلٍ شَدًّا شَدِيدًا، ثُمَّ يَهْصُرها الخابطُ إِليه، ويَخْبِطُها بعَصاه، فَيَتَنَاثَرُ ورقُها لِلْمَاشِيَةِ، وَلِمَنْ أَراد جَمْعَهُ، وَقِيلَ: إِنَّمَا يُفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ إِذا أَرادوا قَطْعَهَا، حَتَّى يُمْكِنَهم الْوُصُولُ إِلى أَصلها. وأَصْلُ العَصْب: اللَّيُّ، وَمِنْهُ عَصْبُ التَّيْسِ والكبشِ، وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْبَهَائِمِ، وَهُوَ أَن تُشَدَّ خُصْياه شَدَّا شَدِيدًا، حَتَّى تَنْدُرا مِنْ غَيْرِ أَن تُنزَعا نَزْعاً، أَو تُسَلَّا سَلًّا، يُقَالُ: عَصَبْتُ التَّيْسَ أَعْصِبُه، فَهُوَ مَعْصُوب. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: فلانٌ لَا تُعْصَبُ سَلَماتُه. يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ الشَّدِيدِ الْعَزِيزِ الَّذِي لَا يُقْهَر وَلَا يُسْتَذَلّ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَا سَلَماتي فِي بَجِيلَةَ تُعْصَبُ
وعَصَبَ النَّاقَةَ يَعْصِبُها عَصْباً وعِصاباً: شَدَّ فَخِذَيها، أَو أَدْنى مُنْخُرَيها بحَبْل لتَدِرَّ. وَنَاقَةٌ عَصُوبٌ: لَا تَدِرُّ إِلا عَلَى ذَلِكَ، قَالَ الشَّاعِرُ:
فإِنْ صَعُبَتْ عَلَيْكُمْ فاعْصِبُوها ... عِصاباً، تُسْتَدَرُّ بِهِ، شَدِيدا
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: العَصوب النَّاقَةُ الَّتِي لَا تَدِرُّ حَتَّى تُعْصَبَ أَداني مُنْخُرَيها بخيطٍ، ثُمَّ تُثَوَّرُ، وَلَا تُحَلُّ حَتَّى تُحْلَبَ. وَفِي حَدِيثِ
عمرو وَمُعَاوِيَةَ: أَنَّ العَصُوبَ يَرْفُقُ بِهَا حالبُها، فتَحْلُب العُلْبةَ.
قَالَ: العَصُوبُ الناقةُ الَّتِي لَا تَدِرُّ حَتَّى يُعْصَبَ فَخِذاها أَي يُشَدَّا بالعِصابة. والعِصابُ: مَا عَصَبَها بِهِ. وأَعْطَى عَلَى العَصْبِ أَي عَلَى الْقَهْرِ، مَثَلٌ بِذَلِكَ، قَالَ الحُطَيْئَةُ:
تَدِرُّونَ إِنْ شُدَّ العِصابُ عليكُم، ... ونَأْبَى، إِذَا شُدَّ العِصابُ، فَلَا نَدِرّ
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ شديدَ أَسْرِ الخَلْقِ، غيرَ مُسْتَرْخي اللحمِ: إِنه لمَعْصُوبٌ مَا حُفْضِجَ. وَرَجُلٌ مَعْصُوبُ الخَلْقِ: شديدُ اكْتِنازٍ اللحمِ، عُصِبَ عَصْباً، قَالَ حَسَّانُ:
دَعُوا التَّخاجُؤَ، وامْشُوا مِشْيَةً سُجُحاً، ... إِنَّ الرجالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ
وجاريةٌ مَعْصوبة: حَسَنَةُ العَصْبِ أَي اللَّيِّ، مَجْدُولة الخَلْق. وَرَجُلٌ مَعْصُوب: شَدِيدٌ. والعَصُوبُ مِنَ النساءِ: الزَّلَّاء الرَّسْحاءُ، عَنْ كُراع. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: والعَصُوبُ، والرَّسْحاءُ، والمَسْحاءُ، والرَّصْعاءُ، والمَصْواءُ، والمِزْلاق، والمِزْلاجُ، والمِنْداصُ. وتَعَصَّبَ بالشيءِ، واعْتَصَبَ: تَقَنَّع بِهِ وَرَضِي. والمَعْصوبُ: الجائِعُ الَّذِي كادَتْ أَمعاؤُهُ تَيْبَسُ(1/603)
جُوعاً. وخَصَّ الجوهريُّ هُذَيلًا بِهَذِهِ اللُّغَةِ. وَقَدْ عَصَبَ يَعْصِبُ عُصُوباً. وَقِيلَ: سَمِّي مَعْصُوباً، لأَنه عَصَبَ بَطْنَهُ بحَجَر مِنَ الْجُوعِ. وعَصَّبَ القومَ: جَوَّعَهم. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الجائِع، يشتدُّ عَلَيْهِ سَخْفَةُ الجُوعِ فَيُعَصِّبُ بَطْنَهُ بِحَجَرٍ: مُعَصَّبٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: «3»
فَفِي هَذَا فَنَحْنُ لُيوثُ حَرْبٍ، ... وَفِي هَذَا غُيوثُ مُعَصَّبينا
وَفِي حَدِيثِ
المُغِيرة: فإِذا هُوَ مَعْصُوب الصَّدْرِ
، قِيلَ: كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ إِذا جَاعَ أَحدُهم، أَن يَشُدَّ جَوْفَه بِعِصَابَةٍ، وَرُبَّمَا جَعَلَ تَحْتَهَا حَجَرًا. والمُعَصَّبُ: الَّذِي عَصَبَتْه السِّنونَ أَي أَكلت مالَه. وعَصَبَتْهم السِّنُونَ: أَجاعتهم. والمُعَصَّبُ: الَّذِي يَتَعَصَّبُ بالخِرَقِ مِنَ الجُوعِ. وعَصَّبَ الدَّهْرُ مالَه: أَهلكه. وَرَجُلٌ مُعَصَّبٌ: فَقِيرٌ. وعَصَبَهم الجَهْدُ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِ: يومٌ عَصِيبٌ. وعَصَّبَ الرجلَ: دَعَاهُ مُعَصَّباً، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
يُدْعَى المُعَصَّبَ مَنْ قَلَّتْ حَلُوبَتُه، ... وهَلْ يُعَصَّبُ ماضِي الهَمِّ مِقْدامُ؟
وَيُقَالُ: عَصَبَ الرجلُ بَيْتَه أَي أَقام فِي بَيْتِهِ لَا يَبرَحُه، لَازِمًا لَهُ. ويُقال: عَصَبَ القَينُ صَدْعَ الزُّجاجة بضَبَّةٍ مِنْ فِضَّةٍ إِذا لأَمها مُحِيطةً بِهِ. والضَّبَّةُ: عِصابُ الصَّدْع. وَيُقَالُ لأَمْعاءِ الشَّاةِ إِذا طُوِيَتْ وجُمِعَتْ، ثُمَّ جُعِلَتْ فِي حَوِيَّةٍ مِنْ حَوايا بَطْنِهَا: عُصُبٌ؛ وَاحِدُهَا عَصِيبٌ. والعَصِيبُ مِنْ أَمعاءِ الشاءِ: مَا لُوِيَ مِنْهَا، وَالْجَمْعُ أَعْصِبةٌ وعُصُبٌ. والعَصِيبُ: الرِّئَةُ تُعَصَّبُ بالأَمْعاءِ فتُشْوَى، قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ، وَقِيلَ هُوَ للصِّمَّةِ بْنُ عَبْدِ اللَّه القُشَيْريّ:
أُولئك لَمْ يَدْرِينَ مَا سَمَكُ القُرَى، ... وَلَا عُصُبٌ، فِيهَا، رِئاتُ العَمارِسِ
والعَصْبُ: ضَرْبٌ مِنْ بُرود الْيَمَنِ، سُمِّي عَصْباً لأَن غزلهُ يُعْصَبُ، أَي يُدْرَجُ، ثُمَّ يُصْبَغُ، ثُمَّ يُحاكُ، وَلَيْسَ مِنْ بُرُودِ الرَّقْم، وَلَا يُجْمَعُ، إِنما يُقَالُ: بُرْدُ عَصْبٍ، وبُرودُ عَصْبٍ، لأَنه مُضَافٌ إِلى الْفِعْلِ. وَرُبَّمَا اكْتَفَوْا بأَن يَقُولُوا: عَلَيْهِ العَصْبُ، لأَن البُرْدَ عُرِفَ بِذَلِكَ الِاسْمِ، قَالَ: يَبْتَذِلْنَ العَصْبَ والخَزْ زَمعاً والحَبِراتِ وَمِنْهُ قِيلَ للسَّحابِ كاللَّطْخ: عَصْبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المُعْتدَّة لَا تَلْبَسُ المُصَبَّغَةَ، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ.
العَصْبُ: بُرُودٌ يمنِيَّة يُعْصَبُ غزلُها أَي يُجْمَعُ ويُشَدُّ، ثُمَّ يُصْبغُ ويُنْسَجُ، فيأْتي مَوشِيّاً لِبَقَاءٍ مَا عُصِبَ مِنْهُ أَبيضَ، لَمْ يأْخذه صِبْغٌ، وَقِيلَ: هِيَ بُرودٌ مُخَطَّطة. والعَصْبُ: الفَتْلُ. والعَصَّابُ: الغَزَّالُ. فَيَكُونُ النهيُ لِلْمُعْتَدَّةِ عَمَّا صُبِغَ بَعْدَ النَّسْج. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه أَراد أَن يَنْهَى عَنْ عَصْبِ اليَمَن، وَقَالَ: نُبِّئْتُ أَنه يُصْبَغُ بالبَوْل، ثُمَّ قَالَ: نُهِينا عَنِ التَّعَمُّق.
والعَصْبُ: غَيْم أَحمر تَرَاهُ فِي الأُفُقِ الغَرْبِيِّ، يَظْهَرُ فِي سِنِيّ الجَدْبِ، قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا العَصْبُ أَمْسَى فِي السماءِ، كأَنه ... سَدَى أُرجُوانٍ، واسْتَقَلَّتْ عُبورُها
وَهُوَ العِصَابةُ أَيضاً، قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
__________
(3) . قوله [معصب ومنه قوله إلخ] ضبط معصب في التهذيب والمحكم والصحاح بفتح الصاد مثقلا كمعظم، وضبطه المجد بكسرها كمحدث وقال شارحه ضبطه غيره كمعظم.(1/604)
أَعَيْنَيَّ! لَا يَبْقَى، عَلَى الدَّهْرِ، فادِرٌ ... بِتَيْهُورةٍ تحتَ الطِّخَافِ العَصَائِب
وَقَدْ عَصَبَ الأُفُقُ يَعْصِبُ أَي احْمَرَّ. وعَصَبَةُ الرَّجلِ: بَنوه وقَرابتُه لأَبيه. والعَصَبة: الَّذِينَ يَرِثُونَ الرجلَ عَنْ كَلالة، مِنْ غَيْرِ وَالِدٍ وَلَا وَلَدَ. فأَما فِي الْفَرَائِضِ، فكلُّ مَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فريضةٌ مسماةٌ، فَهُوَ عَصَبةٌ، إِن بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَخَذَ. قَالَ الأَزهري: عَصَبةُ الرجلِ أَولياؤُه الذُّكُورُ مِنْ ورَثَته، سُمُّوا عَصَبةً لأَنهم عَصَبُوا بنَسبه أَي اسْتَكَفُّوا بِهِ، فالأَبُ طَرَفٌ، وَالِابْنُ طَرَفٌ، والعَمُّ جانبٌ، والأَخُ جانِبٌ، وَالْجَمْعُ العَصَباتُ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي قَراباتِ الرجلِ: أَطْرافَه، وَلِمَا أَحاطتْ بِهِ هَذِهِ القراباتُ، وعَصَبَت بنَسبه، سُموا عَصَبةً. وَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَدارَ بِشَيْءٍ، فَقَدْ عَصَبَ بِهِ. والعمائمُ يُقَالُ لَهَا: العَصائب، واحدتُها عِصابة، مِنْ هَذَا قَالَ: وَلَمْ أَسمع للعَصَبة بواحدٍ، وَالْقِيَاسُ أَن يَكُونَ عاصِباً، مِثْلَ طالِبٍ وطَلَبةٍ، وَظَالِمٍ وظَلَمة. وَيُقَالُ: عَصِبَ [عَصَبَ] القومُ «1» بِفُلَانٍ أَي اسْتَكَفُّوا حَولَه. وعَصِبَتِ [عَصَبَتِ] الإِبلُ بعَطَنِها إِذا اسْتَكَفَّتْ بِهِ، قَالَ أَبو النَّجْمِ:
إِذ عَصَبَتْ بالعَطَنِ المُغَرْبَلِ
يَعْنِي المُدَقَّق ترابُه. والعُصْبةُ والعِصابةُ: جماعةُ مَا بَيْنَ العَشَرة إِلى الأَربعين. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَنَحْنُ عُصْبَةٌ*
. قَالَ الأَخفش: والعُصْبة والعِصَابة جَمَاعَةٌ لَيْسَ لَهَا وَاحِدٌ. قَالَ الأَزهري: وَذَكَرَ ابْنُ المُظَفَّر فِي كِتَابِهِ حَدِيثًا:
أَنه يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رَجُلٌ، يُقال لَهُ أَمير العُصَب
، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَمْعُ عُصْبةٍ. قَالَ الأَزهري: وَجَدْتُ تَصْديقَ هَذَا الْحَدِيثِ، فِي حَدِيثٍ مَروِيٍ عَنْ عُقْبة بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ، أَنه قَالَ: وجدتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ، يَوْمَ اليَرْمُوكِ: أَبو بَكْرٍ الصديقُ أَصَبْتُم اسْمَه، عُمَرُ الفاروقُ قَرْناً مِنْ حديدٍ أَصَبْتُم اسْمَه، عثمانُ ذُو النُّورَيْنِ كِفْلَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ، لأَنه يُقْتلُ مَظْلُوماً أَصَبْتُم اسْمَه. قَالَ: ثُمَّ يَكُونُ مَلِكُ الأَرض المُقَدَّسةِ وابنُه. قَالَ عُقْبة: قلتُ لِعَبْدِ اللَّه: سَمِّهما. قَالَ: معاويةُ وابنُه، ثُمَّ يَكُونَ سَفَّاحٌ، ثُمَّ يَكُونُ مَنْصور، ثُمَّ يَكُونُ جابرٌ، ثُمَّ مَهْديّ، ثُمَّ يَكُونُ الأَمينُ، ثُمَّ يكونُ سِينٌ وَلَامٌ، يَعْنِي صَلاحاً وعاقِبةً، ثُمَّ يَكُونُ أُمَراءُ العُصَب: سِتَّةٌ مِنْهُمْ مِنْ وَلَد كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ، ورجلٌ مِنْ قَحْطانَ، كُلُّهُمْ صالِحٌ لَا يُرَى مِثْلُه. قَالَ أَيوب: فَكَانَ ابنُ سِيرِينَ إِذا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: يَكُونُ عَلَى النَّاسِ مُلُوكٌ بأَعمالهم. قَالَ الأَزهري: هَذَا حَدِيثٌ عجيبٌ، وإِسنادُه صَحِيحٌ، واللَّه عَلَّامُ الغُيُوب. وَفِي حَدِيثِ الْفِتَنِ، قَالَ:
فإِذا رَأَى الناسُ ذَلِكَ، أَتته أَبدالُ الشامِ، وعصَائبُ العِرَاق فيَتَّبِعُونه.
العَصائبُ: جَمْعُ عِصَابة، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: الأَبْدالُ بِالشَّامِ، والنُّجَباءُ بمِصْرَ، والعَصائبُ بالعِراق.
أَراد أَن التَّجَمُّعَ للحُروب، يَكُونُ بالعِراقِ. وَقِيلَ: أَراد جَمَاعَةً مِنَ الزُّهَّادِ، سَمَّاهم بالعَصائب، لأَنه قَرَنَهم بالأَبدال والنُّجَباءِ. وكلُّ جماعةِ رجالٍ وخيلٍ بفُرْسانِها، أَو جماعةِ طَيْرٍ أَو غَيْرِهَا: عُصْبة وعِصابَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
عِصابةُ طَيْرٍ تَهْتَدي بعَصَائِبِ
__________
(1) . قوله [ويقال عصب القوم إلخ] بابه كالذي بعده سمع وضرب وباب ما قبله ضرب كما في القاموس وغيره.(1/605)
واعْتَصَبُوا: صَارُوا عُصْبَةً، قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
هَبَطْنَ بَطْنَ رهاطٍ واعْتَصَبْنَ، كَمَا ... يَسْقِي الجُذُوعَ، خِلالَ الدُّورِ، نَضَّاحُ
والتَّعَصُّبُ: مِنَ العَصَبِيَّة. والعَصَبِيَّةُ: أَن يَدْعُوَ الرجلَ إِلى نُصْرةِ عَصَبَتِه، والتَّأَلُّبِ مَعَهُمْ، عَلَى مَنْ يُناوِيهم، ظَالِمِينَ كانوا أَو مَظْلُومِينَ. وَقَدْ تَعَصَّبُوا عَلَيْهِمْ إِذا تَجَمَّعُوا، فإِذا تَجَمَّعُوا عَلَى فَرِيقٍ آخَرَ، قِيلَ: تَعَصَّبُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:
العَصَبِيُّ مَنْ يُعِين قومَه عَلَى الظُّلْم.
العَصَبِيُّ هُوَ الَّذِي يَغْضَبُ لعَصَبتِه، ويُحامي عَنْهُمْ. والعَصَبةُ: الأَقاربُ مِنْ جِهَةِ الأَب، لأَنهم يُعَصِّبونه، ويَعْتَصبُ بِهِمْ أَي يُحِيطُون بِهِ، ويَشْتَدُّ بِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعا إِلى عَصَبِيَّةٍ أَو قاتَلَ عَصَبِيَّةً.
العَصَبِيَّةُ والتَّعَصُّبُ: المُحاماةُ والمُدافعةُ. وتَعَصَّبْنا لَهُ وَمَعَهُ: نَصَرناه. وعَصَبةُ الرَّجُل: قومُه الَّذِينَ يَتَعَصَّبونَ لَهُ، كأَنه عَلَى حَذْفِ الزائدِ. وعَصَبُ الْقَوْمِ: خِيارُهم. وعَصَبُوا بِهِ: اجْتَمَعُوا حَوْلَه، قَالَ سَاعِدَةُ:
ولكنْ رأَيتُ القومَ قَدْ عَصَبوا بِهِ، ... فَلَا شَكَّ أَنْ قَدْ كَانَ ثَمَّ لَحِيمُ
واعْصَوصَبُوا: اسْتَجمعوا، فإِذا تَجَمَّعُوا عَلَى فريقٍ آخرَ، قِيلَ: تَعَصَّبُوا. واعْصَوصَبُوا: اسْتَجْمَعُوا وَصَارُوا عِصابةً وعَصائِبَ. وَكَذَلِكَ إِذا جَدُّوا فِي السَّيْر. واعْصَوصَبَتِ الإِبلُ وأَعْصَبَتْ: جَدَّتْ فِي السَّيْر. واعْصَوْصَبَتْ وعَصَبَتْ وعَصِبَتْ: اجتمعتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ فِي مَسِيرٍ، فَرَفَعَ صَوْتَه، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَه، اعْصَوْصَبُوا
أَي اجْتَمَعُوا، وَصَارُوا عِصابةً واحِدةً، وجَدُّوا في السَّيْر. واعْصَوْصَبَ السَّيْر: اشْتَدَّ كأَنه مِنَ الأَمْرِ العَصِيبِ، وَهُوَ الشديدُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي سَوَّدَه قَوْمُه: قَدْ عَصَّبُوه، فَهُوَ مُعَصَّبٌ وَقَدْ تَعَصَّبَ، وَمِنْهُ قَوْلُ المُخَبَّلِ فِي الزِّبْرِقانِ:
رَأَيْتُك هَرَّيْتَ العِمامةَ، بعدَ ما ... أَراكَ، زَماناً، حاسِراً لَمْ تَعَصَّبِ
وَهُوَ مأْخوذٌ مِنِ العِصابة، وَهِيَ الْعِمَامَةُ. وَكَانَتِ التِّيجانُ لِلْمُلُوكِ، والعمائمُ الحُمْرُ لِلسَّادَةِ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ الأَزهري: وَكَانَ يُحْمل إِلى الْبَادِيَةِ مِنْ هَراةَ عَمَائِمُ حُمْرٌ يَلْبَسُها أَشرافُهم. وَرَجُلٌ مُعَصَّبٌ ومُعَمَّم أَي مُسَوَّدٌ، قال عمرو ابن كُلْثُومٍ:
وسَيَّدِ مَعْشَرٍ قَدْ عَصَّبُوه ... بتاجِ المُلْكِ، يَحْمي المُحْجَرينا
فَجَعَلَ المَلِكَ مُعَصَّباً أَيضاً، لأَنَّ التَّاجَ أَحاطَ برأْسه كالعِصابة الَّتِي عَصَبَتْ برأْسِ لَابِسِهَا. وَيُقَالُ: اعتَصَبَ التاجُ عَلَى رأْسه إِذا اسْتَكَفَّ بِهِ، ومِنه قَوْلُ قَيْس الرُّقَيَّاتِ:
يَعْتَصِبُ التَّاجُ، فَوْقَ مَفْرِقه، ... على جَبينٍ كأَنه الذَّهَبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه شَكا إِلى سَعْدِ بنِ عُبادة، عَبْدَ اللَّه بنَ أُبَيٍّ، فَقَالَ: اعْفُ عَنْهُ، يَا رَسُولَ اللَّه، فَقَدْ كَانَ اصْطَلَحَ أَهلُ هَذِهِ البُحَيرة، عَلَى أَن يُعَصِّبُوه بالعِصابة، فَلَمَّا جاءَ اللَّهُ بالإِسلام شَرِقَ لِذَلِكَ.
يُعَصِّبُوه أَي يُسَوِّدُوه ويُمَلِّكوه، وَكَانُوا يُسَمُّونَ السيدَ المُطاعَ: مُعَصَّباً، لأَنه يُعَصَّبُ بِالتَّاجِ، أَو تُعَصَّبُ بِهِ أُمورُ النَّاسِ أَي تُرَدُّ إِليه، وتُدارُ بِهِ. وَالْعَمَائِمُ تِيجانُ الْعَرَبِ، وَتُسَمَّى العصائبَ، واحِدتها عِصابَةٌ.(1/606)
واعْصَوْصَبَ اليومُ والشَّرُّ: اشْتَدَّ وتَجَمَّع. وَفِي التَّنْزِيلِ: هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ
. قَالَ الفراءُ: يَوْمٌ عَصِيبٌ، وعَصَبْصَبٌ: شَدِيدٌ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّدِيدُ الحرِّ، وَلَيْلَةٌ عَصِيبٌ، كَذَلِكَ. وَلَمْ يَقُولُوا: عَصَبْصَبة. قَالَ كُرَاعٌ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِكَ: عَصَبْتُ الشيءَ إِذا شَدَدْته، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَعْرُوفٍ، أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ إِبل سُقِيَتْ:
يَا رُبَّ يومٍ، لَكَ مِنْ أَيامِها، ... عَصَبْصَبِ الشَّمْسِ إِلى ظَلامِها
وَقَالَ الأَزهري: هُوَ مأْخوذ مِنْ قَوْلِكَ: عَصَبَ القومَ أَمْرٌ يَعْصِبُهم عَصْباً إِذا ضَمَّهم، واشْتَدَّ عَلَيْهِمْ، قَالَ ابْنُ أَحمر:
يَا قومِ! مَا قَومي عَلَى نَأْيِهم، ... إِذ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وقُرُّ
وَقَوْلُهُ: مَا قَومي عَلَى نأْيِهِم، تَعَجُّبٌ مِنْ كَرَمهم. وَقَالَ: نِعْمَ القومُ هُمْ فِي المَجاعة إِذ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وقُرٌّ أَي أَطافَ بِهِمْ، وشَمِلَهم بَرْدُها. وَقَالَ أَبو العَلاءِ: يومٌ عَصَبْصَبٌ باردٌ ذُو سَحابٍ كَثِيرٍ، لَا يَظْهَر فِيهِ مِنَ السماءِ شيءٌ. وعَصَبَ [عَصِبَ] الفَمُ يَعْصِبُ يَعْصَبُ عَصْباً وعُصُوباً: اتَّسَخَت أَسنانُه مِنْ غُبار، أَو شِدَّةِ عَطَشٍ، أَو خَوْفٍ، وَقِيلَ: يَبِسَ ريقُه. وفُوه عاصبٌ، وعَصَبَ الريقُ بِفيه، بِالْفَتْحِ، يعْصِبُ عَصْباً، وعَصِبَ: جَفَّ ويَبِس عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ أَحمر:
يُصَلِّي، عَلَى مَنْ ماتَ مِنَّا، عَريفُنا، ... ويَقْرَأُ حتى يَعْصِبَ [يَعْصَبَ] الرِّيقُ بالفَمِ
وَرَجُلٌ عاصبٌ: عَصَبَ الريقُ بِفِيهِ، قال أَشْرَسُ ابن بَشَّامة الحَنْظَليُّ:
وإِنْ لَقِحَتْ أَيْدي الخُصُوم وجَدْتَني ... نَصُوراً، إِذا مَا اسْتَيْبَسَ الرِّيقَ عاصِبُه
لَقِحَتْ: ارْتَفَعَتْ، شَبَّه الأَيْديَ بأَذنابِ اللَّواقِحِ مِنِ الإِبل. وعَصَبَ الريقُ فَاهُ يَعْصِبُه عَصْباً: أَيْبَسَه، قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيُّ:
يَعْصِبُ، فَاهُ، الريقُ أَيَّ عَصْبِ، ... عَصْبَ الجُبابِ بشِفاهِ الوَطْبِ
الجُبابُ: شِبْه الزُّبْدِ فِي أَلبانِ الإِبل. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:
لَمَّا فَرَغَ مِنْهَا، أَتاه جبريلُ، وَقَدْ عَصَبَ رأْسَه الغُبارُ
أَي رَكِبه وعَلِقَ بِهِ، مِنْ عَصَبَ الريقُ فَاهُ إِذا لَصِقَ بِهِ. ورَوى
بعضُ المُحَدِّثِين: أَن جِبْرِيلَ جاءَ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى فَرَسٍ أُنْثَى، وَقَدْ عَصَم، بثَنيَّتيه، الغُبارُ.
فإِن لَمْ يَكُنْ غَلَطًا مِنَ المُحَدِّثِ، فَهِيَ لُغَةٌ فِي عَصَبَ، والباءُ وَالْمِيمُ يَتَعَاقَبَانِ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، لقرْب مخرجيهما. يقال: ضَرْبةُ لازِبٍ ولازمٍ، وسَبَّدَ رأْسه وسَمَّدَه. وعَصَبَ الماءَ: لَزِمه، عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
وعَصَبَ الماءَ، طِوالٌ كُبْدُ
وعَصَبَتِ الإِبلُ بالماءِ إِذا دارَتْ بِهِ، قَالَ الفراءُ: عَصَبَتِ الإِبل، وعَصِبَتْ، بِالْكَسْرِ، إِذا اجْتَمَعَتْ. والعَصْبة والعَصَبة والعُصْبةُ، الأَخيرة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: كُلُّ ذَلِكَ شَجَرَةٌ تَلْتَوِي عَلَى الشَّجَرِ، وَتَكُونُ بَيْنَهَا، وَلَهَا ورَقٌ ضَعِيف، وَالْجَمْعُ عَصْبٌ وعَصَبٌ، قَالَ:
إِنَّ سُلَيْمَى عَلِقَتْ فُؤَادي، ... تَنَشُّبَ العَصْبِ فُروعَ الْوَادِي
وَقَالَ مُرَّة: العَصْبةُ مَا تَعَلَّقَ بِالشَّجَرِ، فَرَقِيَ(1/607)
فِيهِ، وعَصَبَ بِهِ. قَالَ: وسمعتُ بعضَ الْعَرَبِ يَقُولُ: العَصْبةُ هِيَ اللَّبْلابُ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ بْنِ العوَّام، لَمَّا أَقْبَلَ نَحْوَ البَصْرة وسُئِل عَنْ وَجْهِه
، فَقَالَ:
عَلِقْتُهم، إِني خُلِقْتُ عُصْبَهْ، ... قَتَادَةً تَعَلَّقَتْ بنُشْبَه
قَالَ شَمِرٌ: وَبَلَغَنِي أَن بعضَ العربِ قَالَ:
غَلَبْتُهم، إِني خُلِقْتُ عُصْبه، ... قَتَادَةً مَلْوِيَّةً بنُشْبه
قَالَ: والعُصْبة نَبات يَلْتَوي عَلَى الشَّجَرِ، وَهُوَ اللَّبْلابُ. والنُّشْبةُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي إِذا عَلِقَ بشيءٍ لَمْ يَكَدْ يُفارِقه. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الشَّدِيدِ المِراسِ: قَتادةٌ لُوِيَتْ بعُصْبةٍ. وَالْمَعْنَى: خُلِقْتُ عُلْقةً لخُصومي، فَوَضَعَ العُصْبة مَوْضِعَ العُلْقة، ثُمَّ شَبَّه نَفْسَه فِي فَرْطِ تَعَلُّقِه وتَشَبُّثِه بِهِمْ، بالقَتادةِ إِذا اسْتَظْهَرتْ فِي تَعَلُّقها، واسْتَمْسَكَتْ بنُشْبةٍ أَي شيءٍ شَدِيدٍ النُّشُوبِ، والباءُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ بنُشْبةٍ لِلِاسْتِعَانَةِ، كَالَّتِي فِي كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ، وأَما قَوْلُ كُثَيِّرٍ:
بادِيَ الرَّبْعِ والمعارِفِ مِنْهَا، ... غَيْرَ رَسْمٍ كعُصْبةِ الأَغْيالِ
فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الجَرَّاح أَنه قَالَ: العُصْبةُ هَنَة تَلْتَفُّ عَلَى القَتادَةِ، لَا تُنزَع عَنْهَا إِلَّا بَعْدَ جَهْدٍ، وأَنشدَ:
تَلَبَّسَ حُبُّها بِدَمِي وَلَحْمِي، ... تَلَبُّسَ عُصْبةٍ بفُروعِ ضالِ
وعَصَبَ الغبارُ بالجَبل وَغَيْرِهِ: أَطافَ. والعَصَّابُ: الغَزَّالُ، قَالَ رُؤْبة:
طَيَّ القَسامِيِّ بُرودَ العَصَّابْ
القَسامِيُّ: الَّذِي يَطْوِي الثيابَ فِي أَوَّلِ طَيِّها، حَتَّى يَكْسِرها عَلَى طَيِّها. وعَصَبَ الشيءَ: قَبَضَ عَلَيْهِ. والعِصابُ: القَبْضُ، أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وكنَّا يَا قُرَيشُ! إِذا عَصَبْنَا، ... تَجِيءُ عِصابُنا بدَمٍ عَبيطِ
عِصابُنا: قَبْضُنا عَلَى مَنْ يُغادِي بالسُّيُوف. والعَصْبُ فِي عَرُوض الْوَافِرِ: إِسكانُ لامِ مُفاعَلتن، ورَدُّ الجُزْءِ بِذَلِكَ إِلى مَفاعيلن. وإِنما سُمِّيَ عَصْباً لأَنه عُصِبَ أَن يَتَحَرَّك أَي قُبِضَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وجهَه: فِرُّوا إِلى اللَّه، وقُوموا بِمَا عَصَبَه بِكُمْ
أَي بِمَا افترَضَه عَلَيْكُمْ، وقَرَنه بِكُمْ مِنْ أَوامره وَنَوَاهِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
الْمُهَاجِرِينَ إِلى الْمَدِينَةِ: فَنَزَلُوا العُصْبَة
، مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ قُباء، وضَبَطَهُ بعضُهم بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالصَّادِ.
عصلب: العَصْلَبُ «2» والعَصْلَبيُّ والعُصْلُوبُ: كُلُّه الشديدُ الخَلْق، العظيمُ؛ زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: مِنَ الرِّجَالِ؛ وأَنشد:
قَدْ حَسَّها الليلُ بعَصْلَبيِّ، ... أَرْوَعَ خَرَّاج مِنَ الدَّوِّيِّ،
مُهاجِرٍ لَيْسَ بأَعْرابيِ
وَالَّذِي وَرَدَ فِي خُطْبَةُ الْحَجَّاجِ:
قَدْ لَفَّها الليلُ بعَصْلَبيِ
وَالضَّمِيرُ فِي لَفَّها للإِبل أَي جَمَعها الليلُ بسائِقٍ شديدٍ؛ فَضَرَبَهُ مَثَلًا لِنَفْسِهِ وَرَعِيَّتِهِ. اللَّيْثُ: العَصْلَبيُّ الشَّدِيدُ الْبَاقِي عَلَى الْمَشْيِ وَالْعَمَلِ؛ قال: وعَصْلَبَتُهُ شِدَّةُ غَضَبه. ورجل عُصْلُبٌ: مُضْطرب.
__________
(2) . قوله [العصلب إلخ] ضبط بضم العين واللام وبفتحهما بالأُصول كالتهذيب والمحكم والصحاح وصرح به المجد.(1/608)
عضب: العَضْبُ: الْقَطْعُ. عَضَبَه يَعْضِبُه عَضْباً. قَطَعه. وَتَدْعُو العربُ عَلَى الرَّجُلِ فَتَقُولُ: مَا لَهُ عَضَبَه اللهُ؟ يَدْعونَ عَلَيْهِ بقَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ. والعَضْبُ: السيفُ الْقَاطِعُ. وسَيْفٌ عَضْبٌ: قَاطِعٌ؛ وُصِف بِالْمَصْدَرِ. ولسانٌ عَضْبٌ: ذَلِيقٌ، مَثَلٌ بِذَلِكَ. وعَضَبَه بِلِسَانِهِ: تَناوَلَه وشَتمه. وَرَجُلٌ عَضَّابٌ: شَتَّام. وعَضُبَ لسانُه، بِالضَّمِّ، عُضُوبة: صَارَ عَضْباً أَي حَديداً فِي الْكَلَامِ. ويُقال: إِنه لَمَعْضُوب اللسانِ إِذا كَانَ مَقْطُوعاً، عَيِيّاً، فَدْماً. وَفِي مَثَل: إِنَّ الحاجةَ ليَعْضِبُها طَلَبُها قَبْلَ وقْتِها؛ يَقُولُ: يَقْطَعُها ويُفْسدها. وَيُقَالُ: إِنك لتَعْضِبُني عَنْ حَاجَتِي أَي تَقْطَعُني عَنْهَا. والعَضَبُ فِي الرُّمْحِ: الكسرُ. ويُقال: عَضَبْتُه بالرُّمْحِ أَيضاً: وَهُوَ أَن تَشْغَلَه عَنْهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: عَضَبَ عَلَيْهِ أَي رَجَعَ عَلَيْهِ؛ وَفُلَانٌ يُعاضِبُ فُلَانًا أَي يُرادُّه؛ وَنَاقَةٌ عَضْباءُ: مَشْقُوقة الأُذُن، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ؛ وجَملٌ أَعْضَبُ: كَذَلِكَ. والعَضْباءُ مِنْ آذانِ الخَيْل: الَّتِي يُجاوز القَطْعُ رُبْعَها. وَشَاةٌ عَضْباءُ: مَكْسُورَةُ القَرْن، والذَّكر أَعْضَبُ. وَفِي الصِّحَاحِ: العَضْباءُ الشاةُ المكسورةُ القَرْنِ الداخلِ، وَهُوَ المُشاشُ؛ وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي انْكَسَرَ أَحدُ قَرْنيها، وَقَدْ عَضِبَتْ، بِالْكَسْرِ، عَضَباً وأَعْضَبَها هُوَ. وعَضَبَ القَرْنَ فانْعَضَبَ: قَطَعه فانْقَطَعَ؛ وَقِيلَ: العَضَبُ يَكُونُ فِي أَحد القَرْنَينِ. وكَبْشٌ أَعْضَبُ: بَيِّنُ العَضَبِ؛ قَالَ الأَخطل:
إِنَّ السُّيُوفَ، غُدُوَّها ورَوَاحَها، ... تَرَكَتْ هَوَازنَ مثلَ قَرْنِ الأَعْضَبِ
ويُقال: عَضِبَ قَرْنُه عَضَباً. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه نَهى أَن يُضَحَّى بالأَعْضَبِ القَرْنِ والأُذُنِ.
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَعْضَبُ المكسورُ القَرْنِ الداخلِ؛ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ العَضَبُ فِي الأُذن أَيضاً، فأَما الْمَعْرُوفُ، فَفِي القَرْن، وَهُوَ فِيهِ أَكثر. والأَعْضَبُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَخٌ، وَلَا أَحَدٌ؛ وَقِيلَ: الأَعْضَبُ الَّذِي مَاتَ أَخوه؛ وَقِيلَ: الأَعْضَبُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي لَا ناصِرَ لَهُ. والمَعضوبُ: الضعِيفُ؛ تَقُولُ مِنْهُ: عَضَبَه؛ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَنَاسِكِ: وإِذا كَانَ الرَّجُلُ مَعْضُوباً، لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَحَجَّ عَنْهُ رجلٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، فإِنه يُجْزِئه. قَالَ الأَزهري: والمَعْضُوب فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: المَخْبُولُ الزَّمِنُ الَّذِي لَا حَرَاكَ بِهِ؛ يُقَالُ: عَضَبَتْهُ الزَّمانةُ تَعْضِبُه عَضْباً إِذا أَقْعَدَتْه عَنِ الحَرَكة وأَزمَنَتْه. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: العَضَبُ الشَّللُ والعَرَجُ والخَبَلُ. وَيُقَالُ: لَا يَعْضِبُكَ اللهُ، وَلَا يَعْضِبُ اللهُ فُلَانًا أَي لَا يَخْبِلُه اللَّهُ. والعَضْبُ: أَن يَكُونَ البيتُ، مِنَ الْوَافِرِ، أَخْرَمَ. والأَعْضَب: الجُزءُ الَّذِي لَحِقَه العَضَبُ، فَيَنْقُلُ مُفَاعَلَتُنْ إِلى مُفْتَعِلُنْ؛ وَمِنْهُ قولُ الحُطَيْئَة:
إِن نَزَلَ الشتاءُ بِدَارِ قَومٍ، ... تَجَنَّبَ جارَ بَيْتِهِمُ الشتاءُ
والعَضْباءُ: اسْمُ نَاقَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْمٌ، لَهَا، عَلَمٌ، وَلَيْسَ مِنَ العَضَب الَّذِي هُوَ الشَّقُّ فِي الأُذُن. إِنما هُوَ اسْمٌ لَهَا سُمِّيَتْ بِهِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ لَقَبُهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: لَمْ تَكُنْ مَشْقُوقَة الأُذُن، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنها كَانَتْ مشقوقةَ الأُذُن، والأَولُ أَكثر؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ مَنْقُولٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَاقَةٌ عَضْباءُ، وَهِيَ القصيرةُ اليَد. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لِلْغُلَامِ الحادِّ الرأْس الخَفيفِ(1/609)
الْجِسْمِ عَضْبٌ ونَدْبٌ وشَطْبٌ وشَهْبٌ وعَصْبٌ وعَكْبٌ وسَكْبٌ. الأَصمعي: يُقَالُ لِوَلَدِ الْبَقَرَةِ إِذا طَلَعَ قَرنُه، وَذَلِكَ بعد ما يأْتي عَلَيْهِ حَولٌ: عَضْبٌ، وَذَلِكَ قَبْلَ إِجْذاعِه؛ وَقَالَ الطائفيُّ: إِذا قُبِضَ عَلَى قَرنه، فَهُوَ عَضْبٌ، والأُنثى عَضْبةٌ، ثُمَّ جَذَعٌ، ثُمَّ ثَنيٌّ، ثُمَّ رَباعٌ، ثُمَّ سَدَسٌ، ثُمَّ التَّمَمُ والتَّمَمَةُ، فإِذا اسْتَجْمَعَتْ أَسنانُه فَهُوَ عَمَمٌ.
عطب: العَطَبُ: الْهَلَاكُ، يَكُونُ فِي النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ. عَطِبَ، بِالْكَسْرِ، عَطَباً، وأَعْطَبه: أَهْلَكه. والمَعاطِبُ: المَهالِكُ، واحدُها مَعْطَبٌ. وعَطِبَ الفَرَسُ والبعيرُ: انْكَسَرَ، أَو قامَ عَلَى صاحِبه. وأَعْطَبْته أَنا إِذا أَهلكته. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ عَطَبِ الهَدْيِ، وَهُوَ هَلاكُه، وَقَدْ يُعَبَّر بِهِ عَنِ آفةٍ تَعتَريه، تَمْنَعُهُ عَنِ السَّيْرِ، فيُنْحَرُ. وَاسْتَعْمَلَ أَبو عُبَيْدٍ العَطَبَ فِي الزَّرْع فَقَالَ: فنَرَى أَنَّ نَهْيَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ المُزارعة، إِنما كَانَ لِهَذِهِ الشُّرُوطِ، لأَنها مَجْهُولَةٌ، لَا يُدْرَى أَتَسْلَم أَم تَعْطَبُ. والعَوْطَبُ: الداهيةُ، والعَوْطَبُ: لُجَّةُ البَحْرِ؛ قَالَ الأَصمعي: هُمَا مِنَ العَطَب. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَوْطَبُ أَعْمَقُ مَوْضِعٍ فِي الْبَحْرِ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: العَوْطَبُ المُطْمَئِنُّ بَيْنَ المَوجَتَيْن. والعُطُبُ والعُطْبُ: القُطْنُ مِثْلُ عُسُرٍ وعُسْر، واحِدتُهُ عُطْبة. وَفِي التَّهْذِيبِ: العَطْبُ لِينُ القُطْن «1» والصُّوفِ. وفي حديث
طاووسٍ أَو عِكْرمة: لَيْسَ فِي العُطْب زَكَاةٌ
، هُوَ القطْن؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كأَنه، فِي ذُرَى عَمائِمهم، ... مُوَضَّعٌ مِنْ مَنادِفِ العُطُب
والعُطْبة: قِطْعَةٌ مِنْهُ. وَيُقَالُ: عَطَبَ يَعْطُبُ عَطْباً وعُطُوباً: لَانَ. وَهَذَا الكَبْشُ أَعْطَبُ مِنْ هَذَا أَي أَلْيَنُ. وعَطَّبَ الكَرمُ: بَدَتْ زَمَعاتُه. والعُطْبة: خِرقة تؤْخَذُ بِهَا النارُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
نَارًا مِنَ الحَرب، لَا بالمَرْخِ ثَقَّبَها، ... قَدْحُ الأَكُفِّ، وَلَمْ تُنْفَخْ بِهَا العُطَبُ
وَيُقَالُ: أَجد رِيحَ عُطْبةٍ أَي قُطْنةٍ أَو خِرقَةٍ مُحتَرِقةٍ. والتَّعْطِيبُ: علاجُ الشَّراب لتطِيبَ ريحُه؛ يُقَالُ: عَطَّبَ الشَّرَابَ تَعْطِيباً؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ:
إِذا أَرْسَلَت كفُّ الوليدِ عِصامَهُ، ... يَمُجُّ سُلَافًا مِنْ رَحِيقٍ مُعَطَّبِ
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: مِنْ رحِيق مُقَطَّبِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهُوَ المَمْزوجُ، وَلَا أَدري مَا المُعَطَّب.
عظب: عَظَبَ الطّائِرُ يَعْظِبُ عَظْباً: حَرَّكَ زِمِكَّاهُ بِسُرْعَة. وحَظَبَ عَلَى العَمل، وعَظَبَ «2» يَعْظِبُ عَظْباً وعُظُوباً: لَزِمَهُ وصَبَر عَلَيْهِ. وعَظَّبَه عَلَيْهِ: مَرَّنَه وصَبَّره. وعَظَبَتْ يَدُه إِذا غَلُظَتْ عَلَى الْعَمَلِ. وعَظَبَ جِلْدُه إِذا يَبِسَ. وإِنه لَحَسَنُ العُظُوبِ عَلَى المُصِيبة إِذا نزلتْ بِهِ؛ يَعْنِي أَنه حَسَنُ التَّصبُّر، جميلُ العَزاء. وَقَالَ مُبْتكرٌ الأَعرابي: عَظَبَ
__________
(1) . قوله [العطب لين إلخ] أي بفتح فسكون بضبط المجد والصاغاني والتهذيب وأما القطن نفسه فهو العطب بضم أوله وسكون ثانيه وفتحه كما ضبطوه.
(2) . قوله [وَحَظَبَ عَلَى الْعَمَلِ وَعَظَبَ إلخ] العظب بمعنى الصبر على الشيء من بابي ضرب ونصر وما قبله من باب ضرب فقط وبمعنى سمن من باب فرح كما ضبطوه كذلك وصرح به المجد.(1/610)
فلانٌ عَلَى مَالِهِ، وَهُوَ عاظِبٌ، إِذا كَانَ قَائِمًا عَلَيْهِ، وَقَدْ حَسُنَ عُظُوبُه عَلَيْهِ. والمُعَظِّبُ والمُعَظَّبُ: المُعَوَّدُ للرِّعْيَةِ والقيامِ عَلَى الإِبل، الملازمُ لِعَمَلِهِ، القَوِيُّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: اللَّازِمُ لِكُلِّ صَنْعة. ابْنُ الأَعْرابي: والعَظُوبُ السَّمِينُ. يُقَالُ: عَظِبَ يَعْظَبُ عَظَباً إِذا سَمِن. وَفِي النَّوَادِرِ: كُنْتُ الْعَامَ عَظِباً، وعاظِباً، وعَذِباً، وشَطِفاً، وصَامِلًا، وشَذِياً، وشَذِباً: وَهُوَ كُلُّه نُزُولُهُ الفَلاةَ ومَواضِعَ اليَبِيس. والعُنْظَبُ، والعُنْظُبُ، والعُنْظابُ، والعِنْظابُ، الْكَسْرُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، والعُنظُوبُ، والعُنْظُباء: كُلُّه الجَرادُ الضَّخْمُ؛ وَقِيلَ: هُوَ ذَكَرُ الْجَرَادِ الأَصْفَر، وَفَتْحُ الظَّاءِ فِي العُنْظَب لُغَةٌ؛ والأُنثى: عُنْظُوبة، وَالْجَمْعُ: عَناظِبُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
غَدا كالعَمَلَّسِ فِي خافَةٍ، ... رُؤُوسُ العَناظِبِ كالعُنْجُدِ
العَمَلَّسُ: الذئبُ. والخَافَةُ: خريطةٌ مِنْ أَدَمٍ. والعُنْجُدُ: الزَّبيبُ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ ذَكَرُ الجَرادِ الأَصْفَرِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: العُنْظُبانُ ذَكَرُ الجَراد. وعُنْظُبة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
هَلْ تَعْرِفُ الدارَ بسَفْحِ الشُّرْبُبَهْ، ... مِنْ قُلَلِ الشِّحْرِ، فَذاتِ العُنْظُبهْ
جَرَّتْ عَلَيها، إِذ خَوَتْ مِنْ أَهْلِها، ... أَذْيالَها، كلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ
العَصُوفُ: الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ، والحَصِبَةُ: ذَاتُ الحَصْباءِ.
عقب: عَقِبُ كُلِّ شيءٍ، وعَقْبُه، وعاقِبتُه، وعاقِبُه، وعُقْبَتُه، وعُقْباه، وعُقْبانُه: آخِرُه؛ قَالَ خالدُ ابن زُهَيْر الهُذلي:
فإِنْ كنتَ تَشْكُو مِنْ خَليلٍ مَخافةً، ... فتِلْكَ الجوازِي عُقْبُها ونُصُورُها
يَقُولُ: جَزَيْتُكَ بِمَا فَعَلْتَ بِابْنِ عُوَيْمر. والجمعُ: العَواقِبُ والعُقُبُ. والعُقْبانُ، والعُقْبَى: كالعاقبةِ، والعُقْبِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلا يَخافُ عُقْباها
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ لَا يَخافُ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، عاقِبةَ مَا عَمِلَ أَن يَرجعَ عَلَيْهِ فِي العاقبةِ، كَمَا نَخافُ نحنُ. والعُقْبُ والعُقُبُ: العاقبةُ، مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ. ومِنْه قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ خَيْرٌ ثَواباً، وَخَيْرٌ عُقْباً
أَي عاقِبةً. وأَعْقَبه بِطَاعَتِهِ أَي جَازَاهُ. والعُقْبَى جَزاءُ الأَمْر. وَقَالُوا: العُقبى لَكَ فِي الخَيْر أَي العاقبةُ. وَجَمْعُ العَقِبِ والعَقْبِ: أَعقابٌ، لَا يُكَسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. الأَزهري: وعَقِبُ القَدَم وعَقْبُها: مؤَخَّرُها، مُؤَنَّثَةٌ، مِنْه؛ وثلاثُ أَعْقُبٍ، وَتُجْمَعُ عَلَى أَعْقاب. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه بَعَثَ أُمَّ سُلَيْم لتَنْظُرَ لَهُ امرأَةً، فَقَالَ: انْظُري إِلى عَقِبَيْها، أَو عُرْقُوبَيها
؛ قِيلَ: لأَنه إِذا اسْوَدَّ عَقِباها، اسودَّ سائرُ جَسَدها. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ عَقِبِ الشيطانِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
عُقْبةِ الشيطانِ فِي الصَّلَاةِ
؛ وَهُوَ أَن يَضَعَ أَلْيَتَيْه عَلَى عَقِبَيْه، بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ الإِقْعاءَ. وَقِيلَ: أَن يَترُكَ عَقِبَيْه غيرَ مَغْسُولَين فِي الوُضوءِ، وجمعُها أَعْقابٌ، وأَعْقُبٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فُرْقَ المَقاديمِ قِصارَ الأَعْقُبِ(1/611)
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَلِيُّ إِني أُحِبُّ لكَ مَا أُحِبُّ لنَفْسي، وأَكْرَه لَكَ مَا أَكره لِنَفْسِي؛ لَا تَقْرَأْ وأَنت راكعٌ، وَلَا تُصَلِّ عاقِصاً شَعْرَك، وَلَا تُقْعِ عَلَى عَقِبَيْك فِي الصَّلَاةِ، فإِنها عَقِبُ الشَّيْطَانِ، وَلَا تَعْبَثْ بالحَصَى وأَنت فِي الصَّلَاةِ، وَلَا تَفْتَحْ عَلَى الإِمام.
وعَقَبَه يَعْقُبُه عَقْباً: ضَرَب عَقِبَه. وعُقِبَ عَقْباً: شَكا عَقِبَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَيْلٌ للعَقِبِ مِنَ النَّارِ، ووَيْلٌ للأَعْقابِ مِنَ النَّارِ
؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن المَسْحَ عَلَى القَدَمَيْن غيرُ جَائِزٍ، وأَنه لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْن إِلى الكَعْبين، لأَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُوعِدُ بِالنَّارِ، إِلا فِي تَرْكِ العَبْد مَا فُرِضَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكثرِ أَهلِ الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما خَصَّ العَقِبَ بِالْعَذَابِ، لأَنه العُضْوُ الَّذِي لَمْ يُغْسَلْ، وَقِيلَ: أَراد صاحبَ العَقِب، فَحَذَفَ الْمُضَافَ؛ وإِنما قَالَ ذَلِكَ لأَنهم كَانُوا لَا يَسْتَقْصُون غَسْلَ أَرجلهم فِي الوضوءِ. وعَقِبُ النَّعْلِ: مُؤَخَّرُها، أُنْثى. ووَطِئُوا عَقِبَ فلانٍ: مَشَوْا فِي أَثَرِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن نَعْلَه كانتْ مُعَقَّبةً، مُخَصَّرةً، مُلَسَّنةً.
المُعَقَّبةُ: الَّتِي لَهَا عَقِبٌ. ووَلَّى عَلَى عَقِبِه، وعَقِبَيْه إِذا أَخَذَ فِي وجْهٍ ثُمَّ انثَنَى. والتَّعْقِيبُ: أَن يَنْصَرِفَ مِنْ أَمْرٍ أَراده. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَرُدَّهم عَلَى أَعْقابِهِم
أَي إِلى حَالَتِهِمُ الأُولى مِنْ تَرْكِ الهِجْرَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا زالُوا مُرْتَدِّين عَلَى أَعقابهم
أَي رَاجِعِينَ إِلى الْكُفْرِ، كأَنهم رَجَعُوا إِلى وَرَائِهِمْ. وجاءَ مُعَقِّباً أَي فِي آخرِ النهارِ. وجِئْتُكَ فِي عَقِبِ الشَّهْرِ، وعَقْبِه، وَعَلَى عَقِبِه أَي لأَيامٍ بَقِيَتْ مِنْهُ عشرةٍ أَو أَقَلَّ. وجِئتُ فِي عُقْبِ الشهرِ، وَعَلَى عُقْبِه، وعُقُبِه، وعُقْبانِه أَي بَعْدَ مُضِيِّه كلِّه. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: جِئتُك عُقُبَ رمضانَ أَي آخِرَه. وجِئتُ فُلَانًا عَلَى عَقْبِ مَمَرِّه، وعُقُبه، وعَقِبِه، وعَقْبِه، وعُقْبانِه أَي بَعْدَ مُرورِه. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه سَافَرَ فِي عَقِب رمضانَ
أَي فِي آخِرِهِ، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَتَيْتُك عَلَى عُقُبِ ذاك، وعُقْبِ ذاك، وعَقِبِ ذاكَ، وعَقْبِ ذاكَ، وعُقْبانِ ذَاكَ، وجِئتُكَ عُقْبَ قُدُومِه أَي بَعْدَهُ. وعَقَبَ فلانٌ عَلَى فُلَانَةٍ إِذا تزوَجها بَعْدَ زَوْجِهَا الأَوَّل، فَهُوَ عاقِبٌ لَهَا أَي آخِرُ أَزواجها. والمُعَقِّبُ: الَّذِي أُغِيرَ عَلَيْهِ فَحُرِب، فأَغارَ عَلَى الَّذِي كَانَ أَغارَ عَلَيْهِ، فاسْتَرَدَّ مالَه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي فِي صِفَةِ فَرَسٍ:
يَمْلأُ عَيْنَيْكَ بالفِناءِ، ويُرْضِيكَ ... عِقاباً إِنْ شِيتَ أَو نَزَقا
قَالَ: عِقَاباً يُعَقِّبُ عَلَيْهِ صاحبُه أَي يَغْزُو مَرَّةً بَعْدَ أُخرى؛ قَالَ: وَقَالُوا عِقاباً أَي جَرْياً بَعْدَ جَرْيٍ؛ وَقَالَ الأَزهري: هُوَ جَمْعُ عَقِبٍ. وعَقَّبَ فلانٌ فِي الصَّلَاةِ تَعْقيباً إِذا صَلَّى، فأَقامَ فِي مَوْضِعِهِ يَنْتَظِرُ صَلَاةً أُخرى. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ عَقَّبَ فِي صلاةٍ، فَهُوَ فِي الصَّلَاةِ
أَي أَقام فِي مُصَلَّاه، بعد ما يَفرُغُ مِنَ الصَّلَاةِ؛ وَيُقَالُ: صلَّى القَوْمُ وعَقَّبَ فُلَانٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
التَّعْقيبُ فِي الْمَسَاجِدِ انتظارُ الصلواتِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ.
وَحَكَى اللِّحيانيُّ: صَلَّيْنَا عُقُبَ الظُّهْر، وَصَلَّيْنَا أَعقابَ الفريضةِ تَطَوُّعاً أَي بَعْدَهَا. وعَقَبَ هَذَا هَذَا إِذا جاءَ بَعْدَهُ، وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الأَوَّل شيءٌ؛ وَقِيلَ: عَقَبَه إِذا جاءَ بَعْدَهُ. وعَقَبَ(1/612)
هَذَا هَذَا إِذا ذَهَبَ الأَوَّلُ كلُّه، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ. وكلُّ شيءٍ جاءَ بَعْدَ شَيْءٍ، وخَلَفه، فَهُوَ عَقْبُه، كماءِ الرَّكِيَّةِ، وهُبوبِ الرِّيحِ، وطَيرانِ القَطا، وعَدْوِ الفَرس. والعَقْبُ، بِالتَّسْكِينِ: الجَرْيُ يَجِيءُ بعدَ الجَري الأَوَّل؛ تَقُولُ: لِهَذَا الْفَرَسِ عَقْبٌ حَسَن؛ وفَرَسٌ ذُو عَقِب وعَقْبٍ أَي لَهُ جَرْيٌ بَعْدَ جَرْيٍ؛ قَالَ إمْرُؤُ القَيْس:
عَلَى العَقْبِ جَيَّاشٌ كأَنَّ اهتِزامَهُ، ... إِذا جاشَ فِيهِ حَمْيُهُ، غَلْيُ مِرْجَل «1»
وفرسٌ يَعْقوبٌ: ذُو عَقْبٍ، وَقَدْ عَقَبَ يَعْقِبُ عَقْباً. وَفَرَسٌ مُعَقِّبٌ فِي عَدْوِه: يَزْدادُ جَودةً. وعَقَبَ الشَّيْبُ يَعْقِبُ ويَعْقُبُ عُقُوباً، وعَقَّبَ: جاءَ بَعْدَ السَّوادِ؛ ويُقال: عَقَّبَ فِي الشَّيْبِ بأَخْلاقٍ حَسَنةٍ. والعَقِبُ، والعَقْبُ، والعاقِبةُ: ولَدُ الرجلِ، ووَلَدُ ولَدِه الباقونَ بَعْدَهُ. وذَهَبَ الأَخْفَشُ إِلى أَنها مؤنَّثة. وَقَوْلُهُمْ: ليستْ لفلانٍ عاقبةٌ أَي لَيْسَ لَهُ ولَد؛ وقولُ العَرَبِ: لَا عَقِبَ لَهُ أَي لَمْ يَبْقَ لَهُ وَلَدٌ ذَكَر؛ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ
، أَرادَ عَقِبَ إِبراهيم، عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَعْنِي: لَا يَزَالُ مِنْ وَلَدِهِ مَنْ يُوَحِّدُ اللَّهَ. وَالْجَمْعُ: أَعقاب. وأَعْقَبَ الرجلُ إِذا ماتَ وتَرك عَقِباً أَي وَلَدًا؛ يُقَالُ: كَانَ لَهُ ثلاثةُ أَولادٍ، فأَعْقَبَ مِنْهُمْ رَجُلانِ أَي تَرَكا عَقِباً، ودَرَجَ واحدٌ؛ وَقَوْلُ طُفَيْل الغَنَوِيِّ:
كَريمةُ حُرِّ الوَجْهِ، لَمْ تَدْعُ هالِكاً ... مِنَ القَومِ هُلْكاً، فِي غَدٍ، غيرَ مُعْقِبِ
يَعْنِي: أَنه إِذا هَلَكَ مِنْ قَوْمِها سَيِّدٌ، جاءَ سَيِّدٌ، فَهِيَ لَمْ تَنْدُبْ سَيِّداً وَاحِدًا لَا نَظِيرَ لَهُ أَي إِنّ لَهُ نُظَراء مِنْ قومِه. وَذَهَبَ فلانٌ فأَعْقَبه ابنُه إِذا خَلَفه، وَهُوَ مثْلُ عَقَبه. وعَقَبَ مكانَ أَبيه يَعْقُب عَقْباً وعاقِبة، وعَقَّبَ إِذا خَلَف؛ وَكَذَلِكَ عَقَبَه يَعْقُبُه عَقْباً، الأَوّل لَازِمٌ، وَالثَّانِي مُتَعَدّ، وكلُّ مَنْ خَلَف بَعْدَ شَيْءٍ فَهُوَ عاقبةٌ، وعاقِبٌ لَهُ؛ قَالَ: وَهُوَ اسْمٌ جاءَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ؛ وذَهَبَ فلانٌ فأَعْقَبَه ابنُه إِذا خَلَفه، وَهُوَ مثلُ عَقَبه؛ وَيُقَالُ لِوَلَدِ الرَّجُلِ: عَقِبُه وعَقْبُه، وَكَذَلِكَ آخرُ كلِّ شَيْءٍ عَقْبُه، وَكُلُّ مَا خَلَف شَيْئًا، فَقَدْ عَقَبَه، وعَقَّبه. وعَقَبُوا مِنْ خَلْفِنا، وعَقَّبُونا: أَتَوا. وعَقَبُونا مِنْ خَلْفِنا، وعَقَّبُونا أَي نَزَلُوا بعد ما ارتَحَلْنا. وأَعْقَبَ هَذَا هَذَا إِذا ذَهَبَ الأَولُ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شيءٌ، وصارَ الآخَرُ مكانَه. والمُعْقِبُ: نَجْمٌ يَعْقُب نَجْماً أَي يَطْلُع بَعْدَهُ. وأَعْقَبَه نَدَماً وغَمّاً: أَوْرَثَه إِياه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْب:
أَودَى بَنِيَّ وأَعْقَبُوني حَسْرَةً، ... بعدَ الرُّقادِ، وعَبْرَةً مَا تُقْلِعُ
وَيُقَالُ: فَعَلْتُ كَذَا فاعْتَقَبْتُ مِنْهُ نَدامةً أَي وجَدْتُ في عاقِبَتِه نَدَامَةً. وَيُقَالُ: أَكَلَ أُكْلَةً فأَعْقَبَتْه سُقماً أَي أَورَثَتْه. وَيُقَالُ: لَقِيتُ مِنْهُ عُقْبةَ الضَّبُع، كَمَا يُقَالُ: لَقيتُ مِنْهُ اسْتَ الكَلْب أَي لقِيتُ مِنْهُ الشِّدَّة. وعاقَبَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إِذا جاءَ بأَحَدهما مَرَّةً، وبالآخَر أُخْرَى. وَيُقَالُ: فُلَانٌ عُقْبَةُ بَنِي فلانٍ أَي آخِرُ مَنْ بَقيَ مِنْهُمْ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ مُنْقَطِعَ الْكَلَامِ: لو كان له
__________
(1) . قوله [على العقب جياش إلخ] كذا أنشده كالتهذيب وهو في الديوان كذلك وأنشده في مادتي ذبل وهزم كالجوهري على الذبل والمادة في الموضعين محررة فلا مانع من روايته بهما.(1/613)
عَقْبٌ لَتَكلم أَي لَوْ كَانَ لَهُ جوابٌ. والعاقِبُ: الَّذِي دُون السَّيِّدِ؛ وَقِيلَ: الَّذِي يَخْلُفُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَصارى نَجْرَانَ: السَّيِّدُ والعاقِبُ
؛ فالعاقِبُ: مَن يَخْلُفُ السَّيِّدَ بَعْدَهُ. والعاقِبُ والعَقُوبُ: الَّذِي يَخْلُف مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فِي الخَيْرِ. والعاقِبُ: الْآخَرُ. وَقِيلَ: السَّيِّدُ والعاقبُ هُمَا مِنْ رُؤَسائِهم، وأَصحاب مَرَاتِبِهِمْ، والعاقبُ يَتْلُو السَّيِّدَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنا العاقِبُ
أَي آخِرُ الرُّسُلِ؛ وَقَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِي خمسةُ أَسماء: أَنا مُحَمَّدٌ، وأَنا أَحمدُ، والمَاحِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الكُفْرَ، والحاشِرُ أَحْشُر الناسَ عَلَى قَدَمِي، والعاقِبُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العاقِبُ آخِرُ الأَنبياء؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: آخرُ الرُّسُل. وفلانٌ يَسْتَقي عَلَى عَقِبِ آلِ فُلان أَي فِي إِثْرهم؛ وَقِيلَ: عَلَى عُقْبتهم أَي بَعْدَهم. والعَاقِبُ والعَقُوب: الَّذِي يَخْلُف مَنْ كَانَ قَبْلَهُ فِي الخَيْر. والمُعَقِّبُ: المُتَّبِعُ حَقّاً لَهُ يَسْتَرِدُّه. وَذَهَبَ فلانٌ وعَقَّبَ فلانٌ بعْدُ، وأَعْقَب. والمُعَقِّبُ: الَّذِي يَتْبَعُ عَقِبَ الإِنسانِ فِي حَقٍّ؛ قَالَ لبيدٌ يصفُ حِمَارًا وأَتانَهُ:
حتَّى تَهَجَّرَ فِي الرَّواحِ، وهاجَهُ ... طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلومُ
وَهَذَا البيتُ اسْتُشْهِدَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى قَوْلِهِ: عَقَّبَ فِي الأَمْر إِذا تَرَدَّد فِي طَلَبِهِ مُجِدّاً، وأَنشده؛ وَقَالَ: رَفْعُ الْمَظْلُومِ، وَهُوَ نعتٌ للمُعَقِّبِ، عَلَى الْمَعْنَى، والمُعَقِّبُ خَفْضٌ فِي اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ أَنه فَاعِلٌ. وَيُقَالُ أَيضاً: المُعَقِّبُ الغَريمُ المُماطل. عَقَّبَني حَقِّي أَي مَطَلَني، فَيَكُونُ المظلومُ فَاعِلًا، والمُعَقِّبُ مَفْعُولًا. وعَقَّبَ عَلَيْهِ: كَرَّ ورَجَع. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ*
. وأَعْقَبَ عَنِ الشيءِ: رَجَعَ. وأَعْقَبَ الرجلُ: رَجَعَ إِلى خَيْر. وقولُ الحرث بْنِ بَدْر: كنتُ مَرَّةً نُشْبه وأَنا الْيَوْمَ عُقْبه؛ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: مَعْنَاهُ كنتُ مَرَّةً إِذا نَشِبْتُ أَو عَلِقْتُ بإِنسان لَقِيَ مِنِّي شَرّاً، فَقَدْ أَعْقَبْتُ اليومَ ورَجَعْتُ أَي أَعْقَبْتُ مِنْهُ ضَعْفاً. وَقَالُوا: العُقْبَى إِلى اللَّهِ أَي المَرْجِعُ. والعَقْبُ: الرُّجُوع؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّ صِياحَ الكُدْرِ، يَنْظُرْنَ عَقْبَنا، ... تَراطُنَ أَنْباطٍ عَلَيْهِ طَغَامُ
مَعْنَاهُ: يَنْتَظِرْنَ صَدَرَنا ليَرِدْنَ بَعْدَنا. والمُعَقِّبُ: المُنْتَظِرُ. والمُعَقِّبُ: الَّذِي يغْزُو غَزوةً بَعْدَ غَزْوةٍ، ويَسير سَيْراً بعدَ سيرٍ، وَلَا يُقِيمُ فِي أَهله بَعْدَ القُفُولِ. وعَقَّبَ بصلاةٍ بعدَ صلاةٍ، وغَزاةٍ بَعْدَ غزاةٍ: وَالى. وَفِي الْحَدِيثِ:
وإِنَّ كلَّ غازيةٍ غَزَتْ يَعْقُبُ بعضُها بَعْضًا
أَي يكونُ الغَزوُ بَيْنَهُمْ نُوَباً، فإِذا خَرَجَتْ طائفةٌ ثُمَّ عَادَتْ، لَمْ تُكَلَّفْ أَن تَعودَ ثَانِيَةً، حَتَّى تَعْقُبَها أُخْرى غيرُها. وَمِنْهُ حَدِيثِ عُمَرَ:
أَنه كَانَ يُعَقِّبُ الجيوشَ فِي كُلِّ عَامٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا كانتْ صلاةُ الخَوْفِ إِلا سَجْدَتَيْن؛ إِلا أَنها كَانَتْ عُقَباً
أَي تُصَلي طائفةٌ بَعْدَ طَائِفَةٍ، فَهُمْ يَتَعاقبُونَها تَعاقُبَ الغُزاةِ. وَيُقَالُ لِلَّذِي يغْزو غَزْواً بَعْدَ غَزْوٍ، وَلِلَّذِي يتقاضَى الدَّيْنَ، فيعودُ إِلى غَرِيمِهِ فِي تَقَاضِيهِ. مُعَقِّبٌ؛ وأَنشد بَيْتَ لَبِيدٍ:
طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلومُ
والمُعَقِّبُ: الَّذِي يَكُرُّ عَلَى الشيءِ، وَلَا يَكُرُّ أَحدٌ عَلَى مَا أَحكمَه اللَّهُ، وَهُوَ قَوْلُ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدل:(1/614)
إِذا لَمْ يُصِبْ فِي أَوَّلِ الغَزْوِ عَقَّبا
أَي غَزا غَزوةً أُخْرى. وعَقَّبَ فِي النافِلَةِ بعدَ الفَريضَةِ كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: كَانَ هُوَ وامرأَته وخادِمُه يَعْتَقِبونَ اللَّيْلَ أَثلاثاً
أَي يَتَناوَبُونه فِي الْقِيَامِ إِلى الصَّلَاةِ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس بْنِ مَالِكٍ: أَنه سُئِلَ عَنِ التَّعْقِيبِ فِي رَمَضانَ، فأَمَرَهم أَن يُصَلُّوا فِي البُيوت.
وَفِي التَّهْذِيبِ: فَقَالَ إِنهم لَا يَرْجِعُون إِلا لِخَيْرٍ يَرْجُونَه، أَو شَرٍّ يَخافُونَه. قَالَ ابْنُ الأَثير: التَّعْقِيبُ هُوَ أَن تَعْمَلَ عَمَلًا، ثُمَّ تَعُودَ فِيهِ؛ وأَراد بِهِ هَاهُنَا صلاةَ النَّافِلَةِ، بَعْدَ التَّرَاوِيحِ، فكَرِهَ أَن يُصَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ، وأَحَبَّ أَن يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ. وَحَكَى الأَزهري عَنْ إِسحاق بْنِ رَاهُويَهْ: إِذا صَلَّى الإِمامُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِالنَّاسِ تَرْويحةً، أَو تَرويحتين، ثُمَّ قَامَ الإِمام مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فأَرسل إِلى قَوْمٍ فاجْتمعوا فصَلى بهم بعد ما نَامُوا، فإِن ذَلِكَ جَائِزٌ إِذا أَراد بِهِ قيامَ مَا أُمِرَ أَن يُصَلى مِنَ التَّرويح، وأَقلُّ ذَلِكَ خَمْسُ تَرويحات، وأَهلُ الْعِرَاقِ عَلَيْهِ. قَالَ: فَإِمَّا أَن يَكُونَ إِمام صَلَّى بِهِمْ أَوَّلَ اللَّيْلِ التَّرْوِيحَاتِ، ثمَّ رَجَعَ آخِرَ اللَّيْلِ ليُصليَ بِهِمْ جَمَاعَةً، فإِن ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنس وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِنْ كَرَاهِيَتِهِمَا التَّعْقِيبَ؛ وَكَانَ أَنس يأْمُرُهم أَن يُصَلُّوا فِي بُيوتهم. وَقَالَ شَمِرٌ: التَّعْقِيبُ أَن يَعْمَلَ عَمَلًا مِنْ صَلَاةٍ أَو غَيْرِهَا، ثُمَّ يَعُودُ فِيهِ مِنْ يَوْمِهِ؛ يُقَالُ: عَقَّبَ بِصَلَاةٍ بَعْدَ صَلَاةٍ، وَغَزْوَةٍ بَعْدَ غَزْوَةٍ؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ: هُوَ الَّذِي يفعلُ الشيءَ ثُمَّ يَعُود إِليه ثَانِيَةً. يُقَالُ: صَلى مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ عَقَّبَ، أَي عَادَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه كَانَ يُعَقِّبُ الجُيوشَ فِي كُلِّ عَامٍ
؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ أَنه يَرُدُّ قَوْمًا ويَبْعَثُ آخَرِينَ يُعاقِبُونَهم. يُقَالُ: عُقِّبَ الغازيةُ بأَمثالهم، وأُعْقِبُوا إِذا وُجِّه مكانَهم غيرُهم. والتَّعْقِيبُ: أَن يَغْزُوَ الرجلُ، ثُمَّ يُثَنِّي مِنْ سَنَته؛ قَالَ طُفَيْلٌ يَصِفُ الْخَيْلَ:
طِوالُ الهَوادي، والمُتُونُ صَلِيبةٌ، ... مَغاويرُ فِيهَا للأَميرِ مُعَقَّبُ
والمُعَقَّبُ: الرجلُ يُخْرَجُ «2» مِنْ حانةِ الخَمَّار إِذا دَخَلَها مَن هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ قَدْرًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وإِنْ تَبْغِني فِي حَلْقةِ القَوْمِ تَلْقَني، ... وإِنْ تَلْتَمِسْني فِي الحَوانيتِ تَصْطَدِ
أَي لَا أَكونُ مُعَقَّباً. وعَقَّبَ وأَعْقَبَ إِذا فَعَلَ هَذَا مرَّةً، وَهَذَا مَرَّةً. والتَّعْقِيبُ فِي الصَّلاةِ: الجلوسُ بَعْدَ أَن يَقْضِيَها لدُعاءٍ أَو مَسْأَلة. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ عَقَّبَ فِي صَلَاةٍ، فَهُوَ فِي الصلاةِ.
وتَصَدَّقَ فلانٌ بصَدقةٍ لَيْسَ فِيهَا تَعْقِيبٌ أَي اسْتِثْنَاءٌ. وأَعْقَبَه الطائفُ إِذا كَانَ الجُنُون يُعاوِدُه فِي أَوْقاتٍ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا:
ويَخْضِدُ فِي الْآرِيِّ، حَتى كأَنَّه ... بِهِ عُرَّةٌ، أَو طائفٌ غيرُ مُعْقِبِ
وإِبلٌ مُعاقِبةٌ: تَرْعَى مَرَّةً فِي حَمْضٍ، وَمَرَّةً فِي خُلَّةٍ. وأَما الَّتِي تَشْرَبُ الماءَ، ثُمَّ تَعُودُ إِلى المَعْطَنِ، ثُمَّ تَعُودُ إِلى الماءِ، فَهِيَ العواقِبُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وعَقَبَتِ الإِبلُ مِنْ مكانٍ إِلى مكانٍ تَعْقُبُ عَقْباً، وأَعْقَبَتْ: كلاهما تحوّلَتْ
__________
(2) . قوله [والمعقب الرجل يخرج إلخ] ضبط المعقب في التكملة كمعظم وضبط يخرج بالبناء للمجهول وتبعه المجد وضبط في التهذيب المعقب كمحدّث والرجل يخرج بالبناء للفاعل وكلا الضبطين وجيه.(1/615)
مِنْهُ إِليه تَرْعَى. ابْنُ الأَعرابي: إِبلٌ عاقِبةٌ تَعْقُب فِي مَرْتَعٍ بَعْدَ الحَمْضِ، وَلَا تَكُونُ عَاقِبَةً إِلا فِي سنةٍ جَدْبة، تأْكل الشَّجَر ثُمَّ الحَمْضَ. قَالَ: وَلَا تَكُونُ عاقِبةً فِي العُشْبِ. والتَّعاقُبُ: الوِرْدُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. والمُعَقِّباتُ: اللَّواتي يَقُمْنَ عِنْدَ أَعْجازِ الإِبل المُعْتَرِكاتِ عَلَى الحَوْض، فإِذا انْصَرَفَتْ ناقةٌ دَخَلَتْ مكانَها أُخرى، وَهِيَ الناظراتُ العُقَبِ. والعُقَبُ: نُوَبُ الوارِدَة تَرِدُ قِطْعةٌ فتَشْرَبُ، فإِذا وَرَدَتْ قِطْعةٌ بَعْدَهَا فَشَرِبَتْ، فَذَلِكَ عُقْبَتُها. وعُقْبةُ الْمَاشِيَةِ فِي المَرْعَى: أَن تَرْعَى الخُلَّةَ عُقْبةً، ثُمَّ تُحَوَّل إِلى الحَمْضِ، فالحَمْضُ عُقْبَتُها؛ وَكَذَلِكَ إِذا حُوِّلَتْ مِنَ الحَمْض إِلى الخُلَّة، فالخُلَّة عُقْبَتُها؛ وَهَذَا الْمَعْنَى أَراد ذُو الرُّمَّةِ بِقَوْلِهِ يَصِفُ الظَّلِيمَ:
أَلْهاهُ آءٌ وتَنُّومٌ وعُقْبَتُه ... من لائحِ المَرْوِ، والمَرعى لَهُ عُقَبُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ. والمِعْقَابُ: المرأَة الَّتِي مِنْ عَادَتِهَا أَن تَلِدَ ذَكَرًا ثُمَّ أُنْثَى. ونخلٌ مُعاقِبةٌ: تَحْمِلُ عَامًا وتُخْلِفُ آخَرَ. وعِقْبةُ القَمَرِ: عَوْدَتُه، بِالْكَسْرِ. وَيُقَالُ: عَقْبةُ، بِالْفَتْحِ، وَذَلِكَ إِذا غَابَ ثُمَّ طَلَع. ابْنُ الأَعرابي: عُقْبَةُ الْقَمَرِ، بِالضَّمِّ، نَجْمٌ يُقارِنُ القَمَرَ فِي السَّنةِ مَرَّةً؛ قَالَ:
لَا تَطْعَمُ المِسْكَ والكافورَ، لِمَّتُه، ... وَلَا الذَّريرَةَ، إِلا عُقْبةَ القَمَرِ
هُوَ لِبَعْضِ بَنِي عَامِرٍ، يَقُولُ: يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الحَوْلِ مَرَّةً؛ وَرِوَايَةُ اللِّحْيَانِيِّ عِقْبَةَ، بِالْكَسْرِ، وَهَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ، لأَن القمر يَقْطَعُ الفَلَك في كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً. وَمَا أَعْلَمُ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: يُقارن الْقَمَرَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً. وَفِي الصِّحَاحِ يُقَالُ: مَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلا عُقْبةَ القَمر إِذا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً. والتَّعاقُبُ والاعْتِقابُ: التَّداوُل. والعَقِيبُ: كلُّ شيءٍ أَعْقَبَ شَيْئًا. وَهُمَا يَتَعاقَبانِ ويَعْتَقِبانِ أَي إِذا جاءَ هَذَا، ذَهَب هَذَا، وَهُمَا يَتَعاقَبانِ كلَّ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، والليلُ والنهارُ يَتَعاقَبانِ، وَهُمَا عَقيبان، كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا عَقِيبُ صَاحِبِهِ. وعَقِيبُك: الَّذِي يُعاقِبُك فِي العَمَل، يَعْمَلُ مرَّةً وتَعْمَلُ أَنت مَرَّةً. وَفِي حَدِيثِ
شُرَيْح: أَنه أَبْطَلَ النَّفْحَ إِلا أَن تَضْرِبَ فتُعاقِبَ
أَي أَبْطَلَ نَفْحَ الدَّابَّةِ بِرِجْلِهَا، وَهُوَ رَفْسُها، كانَ لَا يُلْزِمُ صاحِبَها شَيْئًا إِلا أَن تُتْبِعَ ذَلِكَ رَمْحاً. وعَقَبَ الليلُ النهارَ: جاءَ بعدَه. وعاقَبه أَي جاءَ بعَقِبه، فَهُوَ مُعاقِبٌ وعَقِيبٌ أَيضاً؛ والتَّعْقِيبُ مِثْلُهُ. وذَهَبَ فلانٌ وعَقَبَهُ فلانٌ بعدُ، واعْتَقَبَه أَي خَلَفَه. وَهُمَا يُعَقِّبانِه ويَعْتَقِبانِ عَلَيْهِ ويَتَعاقَبانِ: يَتَعاونانِ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: النَّعامَةُ تَعْقُبُ فِي مَرْعًى بَعْدَ مَرْعًى، فمرَّةً تأْكل الآءَ، ومَرة التَّنُّوم، وتَعْقُبُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حِجَارَةِ المَرْوِ، وَهِيَ عُقْبَته، وَلَا يَغِثُّ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ المَرْتَع، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
........... وعُقْبَتُه ... مِنْ لائِحِ المَرْوِ، والمَرْعَى له عُقَبُ
وَقَدْ ذُكِرَ فِي صَدْرِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ. واعْتَقَبَ بِخَيْرٍ، وتَعَقَّبَ: أَتى بِهِ مرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ. وأَعْقَبه اللهُ بإِحسانه خَيْراً؛ وَالِاسْمُ مِنْهُ العُقْبَى،(1/616)
وَهُوَ شِبْهُ العِوَضِ، واسْتَعْقَبَ مِنْهُ خَيْرًا أَو شَرّاً: اعْتاضَه، فأَعْقَبَه خَيْراً أَي عَوَّضَهُ وأَبدله. وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ:
ومَنْ أَطاعَ فأَعْقِبْه بطاعَتِه، ... كَمَا أَطاعَكَ، وادْلُلْهُ عَلَى الرَّشَدِ
وأَعْقَبَ الرجلُ إِعْقاباً إِذا رَجَع مِنْ شَرٍّ إِلى خَيْرٍ. واسْتَعْقَبْتُ الرجلَ، وتَعَقَّبْتُه إِذا طَلَبْتَ عَوْرَتَهُ وعَثْرَته. وَتَقُولُ: أَخَذْتُ مِنْ أَسِيري عُقْبةً إِذا أَخَذْتَ مِنْهُ بَدَلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَأُعْطيكَ مِنْهَا عُقْبَى
أَي بَدَلًا عَنِ الإِبقاءِ والإِطلاق. وَفِي حَدِيثِ الضِّيَافَةِ:
فإِن لَمْ يَقْرُوه، فَلَهُ أَن يُعْقِبَهُم بمثْل قِراهُ
أَي يأْخذ مِنْهُمْ عِوَضاً عَمَّا حَرَمُوه مِنَ القِرَى. وَهَذَا فِي المُضْطَرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ طَعَامًا، وَيَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ. يُقَالُ: عَقَبَهم وعَقَّبهم، مُشَدَّداً وَمُخَفَّفًا، وأَعْقَبَهم إِذا أَخذ مِنْهُمْ عُقْبَى وعُقْبةً، وَهُوَ أَن يأْخذ مِنْهُمْ بَدَلًا عَمَّا فَاتَهُ. وتَعَقَّبَ مِنْ أَمره: نَدِمَ؛ وَتَقُولُ: فعلتُ كَذَا فاعْتَقَبْتُ مِنْهُ نَدَامَةً أَي وجدْتُ في عاقبته ندامة. وأَعْقَبَ الرجلَ: كَانَ عَقِيبَه؛ وأَعْقَبَ الأَمْرَ إِعْقاباً وعُقْباناً «1» وعُقْبَى حسَنةً أَو سَيِّئَةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا مِنْ جَرْعةٍ أَحْمَدَ عُقْبَى مِن جَرْعَةِ غَيْظٍ مَكْظُومَةٍ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
أَحمد عُقْباناً
أَي عَاقِبَةً. وأُعْقِبَ عِزُّه ذُلًّا: أُبْدِلَ؛ قَالَ:
كَمْ مِنْ عزيزٍ أُعْقِبَ الذُّلَّ عِزُّه، ... فأَصْبَحَ مَرْحُوماً، وَقَدْ كَانَ يُحْسَدُ
وَيُقَالُ: تَعَقَّبْتُ الخَبَرَ إِذا سأَلتَ غيرَ مَنْ كنتَ سأَلته أَوَّل مَرَّةٍ. وَيُقَالُ: أَتَى فلانٌ إِليَّ خَيْرًا فعَقَبَ بِخَيْرٍ مِنْهُ؛ وأَنشد:
فَعَقَبْتُم بذُنُوبٍ غيرَ مَرّ
وَيُقَالُ: رأَيتُ عَاقِبَةً مِنْ طَيْر إِذا رأَيتَ طَيْراً يَعْقُبُ بعضُها بَعْضًا، تَقَعُ هَذِهِ فَتَطِيرُ، ثُمَّ تَقَعُ هَذِهِ مَوْقِعَ الأُولى. وأَعْقَبَ طَيَّ الْبِئْرِ بِحِجَارَةٍ مِنْ وَرَائِهَا: نَضَدَها. وكلُّ طَرِيقٍ بعضُه خَلْفَ بعضٍ: أَعْقابٌ، كأَنها مَنْضُودة عَقْباً عَلَى عَقْبٍ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ فِي وَصْفِ طرائقِ الشَّحْمِ عَلَى ظَهْرِ النَّاقَةِ:
إِذا دَعَتْ غَوْثَها ضَرَّاتُها فَزِعَتْ ... أَعقابُ نَيٍّ، عَلَى الأَثْباجِ، مَنْضُودِ
والأَعْقابُ: الخَزَفُ الَّذِي يُدْخَلُ بَيْنَ الآجُرِّ فِي طَيِّ الْبِئْرِ، لِكَيْ يَشْتَدَّ؛ قَالَ كُراع: لَا وَاحِدَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العُقابُ الخَزَفُ بَيْنَ السَّافَاتِ؛ وأَنشد فِي وَصْفِ بِئْرٍ:
ذاتَ عُقابٍ هَرِشٍ وذاتَ جَمّ
ويُروى: وذاتَ حَمّ، أَراد وذاتَ حَمْءٍ، ثُمَّ اعْتَقَدَ إِلْقاءَ حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا، فَقَالَ: وذاتَ حَمّ. وأَعقابُ الطَّيِّ: دوائرُه إِلى مؤَخَّره. وَقَدْ عَقَّبْنا الرَّكِيَّةَ أَي طوَيْناها بحَجَر مِنْ وراءِ حَجَرٍ. والعُقابُ: حَجَرٌ يَسْتَنْثِلُ عَلَى الطَّيِّ فِي الْبِئْرِ أَي يَفْضُل. وعَقَبْتُ الرجلَ: أَخذتُ مِنْ مَالِهِ مثلَ مَا أَخَذَ
__________
(1) . قوله [وعقباناً] ضبط في التهذيب بضم العين وكذا في نسختين صحيحتين من النهاية ويؤيده تصريح صاحب المختار بضم العين وسكون القاف وضمها إتباعاً، فانظر من أين للشارح التصريح بالكسر ولم نجد له سلفاً. وكثيراً ما يصرح بضبط تبعاً لشكل القلم في نسخ كثيرة التحريف كما اتضح لنا بالاستقراء، وبالجملة فشرحه غير محرر.(1/617)
مِنِّي، وأَنا أَعْقُب، بِضَمِّ الْقَافِ، وَيُقَالُ: أَعْقَبَ عَلَيْهِ يَضْرِبُه. وعَقَبَ الرَّجُلَ فِي أَهله: بَغَاهُ بشَرٍّ وخَلَفَه. وعَقَبَ فِي أَثر الرَّجُلِ بِمَا يَكْرَهُ يَعْقُبُ عَقْباً: تَنَاوَلَهُ بِمَا يَكْرَهُ وَوَقَعَ فِيهِ. والعُقْبةُ: قدرُ فَرسخين؛ والعُقْبَة أَيضاً: قَدْرُ مَا تَسِيرُه، والجمعُ عُقَبٌ؛ قَالَ:
خَوْداً ضِناكاً لَا تَسِير العُقَبا
أَي إِنها لَا تَسير مَعَ الرِّجَالِ، لأَنها لَا تَحْتَملُ ذَلِكَ لنَعْمتها وتَرَفِها؛ كَقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
فَلَمْ تَسْتَطِعْ مَيٌّ مُهاواتَنا السُّرَى، ... وَلَا لَيْلَ عِيسٍ فِي البُرِينَ خَواضِعُ
والعُقْبةُ: الدُّولةُ؛ والعُقْبةُ: النَّوْبةُ؛ تَقُولُ: تَمَّتْ عُقْبَتُكَ؛ والعُقبة أَيضاً: الإِبل يَرْعاها الرجلُ، ويَسْقيها عُقْبَتَه أَي دُولَتَه، كأَنَّ الإِبلَ سُمِّيَتْ بِاسْمِ الدُّولَة؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِنَّ عليَّ عُقْبَةً أَقْضِيها، ... لَسْتُ بناسِيها وَلَا مُنْسِيها
أَي أَنا أَسُوقُ عُقْبَتِي، وأُحْسِنُ رَعْيَها. وَقَوْلُهُ: لستُ بناسِيها وَلَا مُنْسِيها. يَقُولُ: لستُ بتاركِها عَجْزاً وَلَا بِمُؤَخِّرِها؛ فَعَلَى هَذَا إِنما أَراد: وَلَا مُنْسِئِها، فأَبدل الهمزةَ يَاءً، لإِقامة الرِّدْفِ. والعُقْبةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُرْكَبُ فِيهِ. وتَعاقَبَ المُسافرانِ عَلَى الدَّابَّةِ: رَكِبَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُقْبةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَكَانَ الناضِحُ يَعْتَقِبُه مِنَّا الخَمْسةُ
أَي يَتَعاقَبُونه فِي الرُّكوبِ وَاحِدًا بعدَ واحدٍ. يُقال: جاءَتْ عُقْبةُ فلانٍ أَي جاءَتْ نَوْبَتُه ووقتُ رُكوبه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ مَشى عَنْ دَابَّتِهِ عُقْبةً، فَلَهُ كَذَا
، أَي شَوْطاً. ويُقال: عاقَبْتُ الرجلَ، مِن العُقْبة، إِذا راوَحْتَه فِي عَمل، فَكَانَتْ لَكَ عُقْبةٌ وَلَهُ عُقْبةٌ؛ وَكَذَلِكَ أَعْقَبْتُه. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لزَمِيله: أَعْقِبْ وعاقِبْ أَي انْزِلْ حَتَّى أَرْكَبَ عُقْبتِي؛ وَكَذَلِكَ كلُّ عَمل. وَلَمَّا تَحَوَّلَتِ الخِلافةُ إِلى الْهَاشِمِيِّينَ عَنْ بَنِي أُمَيَّة، قَالَ سُدَيْفٌ شاعرُ بَنِي العباسِ:
أَعْقِبِي آلَ هاشِمٍ، يا مَيَّا
يَقُولُ: انْزِلي عَنِ الخِلافةِ حَتَّى يَرْكَبَها بَنُو هَاشِمٍ، فَتَكُونَ لَهُمُ العُقْبةُ عَلَيْكُمْ. واعْتَقَبْتُ فُلَانًا مِنَ الرُّكُوبِ أَي نَزَلْتُ فرَكِبَ. وأَعْقَبْتُ الرجلَ وعاقَبْتُه فِي الرَّاحِلَةِ إِذا رَكِبَ عُقْبةً، ورَكِبْتَ عُقْبةً، مثلُ المُعاقَبةِ. والمُعاقَبةُ فِي الزِّحافِ: أَن تَحْذِفَ حَرْفاً لثَباتِ حَرْفٍ، كأَنْ تَحْذِفَ الْيَاءَ مِنْ مَفَاعِيلُنْ وتُبْقي النونَ، أَو تَحْذِفَ النُّونَ وتُبْقي الْيَاءَ، وَهُوَ يَقَعُ فِي جُمْلَةِ شُطُورٍ مِنْ شُطُورِ العَروض. وَالْعَرَبُ تُعْقِبُ بَيْنَ الْفَاءِ وَالثَّاءِ، وتُعاقِبُ، مِثْلُ جَدَثٍ وجَدَفٍ. وعاقَبَ: رَاوَحَ بَيْنَ رِجْليْه. وعُقْبةُ الطَّائِرِ: مَسَافَةُ مَا بَيْنَ ارْتِفَاعِهِ وانْحطاطِه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وعَرُوبٍ غَيْر فاحشةٍ، ... قَدْ مَلَكْتُ وُدَّها حِقَبا
ثُمَّ آلتْ لَا تُكَلِّمُنا، ... كلُّ حَيٍّ مُعْقَبٌ عُقَبا
مَعْنَى قَوْلِهِ: مُعْقَبٌ أَي يَصِيرُ إِلى غَيْرِ حَالَتِهِ الَّتِي كانَ عَلَيْهَا. وقِدْحٌ مُعَقَّبٌ: وَهُوَ المُعادُ فِي الرِّبابة مَرَّةً بَعْدَ مَرَّة، تَيمُّناً بفَوْزِه؛ وأَنشد:
بمَثْنى الأَيادِي والمَنيحِ المُعَقَّبِ(1/618)
وجَزُورٌ سَحُوفُ المُعَقَّب إِذا كَانَ سَمِينًا؛ وأَنشد:
بجَلْمَة عَلْيانٍ سَحُوفِ المُعَقَّبِ
وتَعَقَّبَ الخَبَر: تَتَبَّعَه. وَيُقَالُ: تَعَقَّبْتُ الأَمْرَ إِذا تَدَبَّرْته. والتَّعَقُّبُ: التَّدَبُّرُ، والنظرُ ثَانِيَةً؛ قَالَ طُفَيْل الغَنَوِيّ:
فلَنْ يَجدَ الأَقْوامُ فِينَا مَسَبَّةً، ... إِذا اسْتَدْبَرَتْ أَيامُنا بالتَّعَقُّب
يَقُولُ: إِذا تَعَقَّبوا أَيامَنا، لَمْ يَجِدُوا فِينَا مَسَبَّة. وَيُقَالُ: لَمْ أَجد عَنْ قَوْلِكَ مُتَعَقَّباً أَي رُجوعاً أَنظر فِيهِ أَي لَمْ أُرَخِّصْ لِنَفْسِيَ التَّعَقُّبَ فِيهِ، لأَنْظُرَ آتِيه أَم أَدَعُه. وَفِي الأَمر مُعَقَّبٌ أَي تَعَقُّبٌ؛ قَالَ طُفَيْل:
مَغَاويرُ، مِنْ آلِ الوَجِيهِ ولاحقٍ، ... عَناجيجُ فِيهَا للأَريبِ مُعَقَّبُ
وَقَوْلُهُ: لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِه أَي لَا رادَّ لقضائِه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ*
؛ أَي لَمْ يَعْطِفْ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ. وَقِيلَ: لَمْ يمكُثْ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَقَالَ قَتَادَةُ: لَمْ يَلْتَفِتْ؛ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَمْ يَرْجِعْ. قَالَ شَمِرٌ: وكُلُّ رَاجِعٍ مُعَقِّبٌ؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
وإِنْ تَوَنَّى التَّالِياتُ عَقَّبا
أَي رَجَعَ. واعْتَقَبَ الرجلَ خَيْرًا أَو شَرًّا بِمَا صَنَع: كافأَه بِهِ. والعِقابُ والمُعاقَبة أَن تَجْزي الرجلَ بِمَا فَعل سُوءًا؛ والاسمُ العُقُوبة. وعاقَبه بِذَنْبِهِ معاقَبة وعِقاباً: أَخَذَه بِهِ. وتَعَقَّبْتُ الرجلَ إِذا أَخَذْتَه بذَنْبٍ كَانَ مِنْهُ. وتَعَقَّبْتُ عَنِ الْخَبَرِ إِذا شَكَكْتَ فِيهِ، وعُدْتَ للسُّؤَال عَنْهُ؛ قَالَ طُفَيل:
تَأَوَّبَنِي، هَمٌّ مَعَ الليلِ مُنْصِبُ، ... وجاءَ مِنَ الأَخْبارِ مَا لَا أُكَذِّبُ
تَتابَعْنَ حَتَّى لَمْ تَكُنْ لِيَ ريبةٌ، ... وَلَمْ يَكُ عمَّا خَبَّرُوا مُتَعَقَّبُ
وتَعَقَّبَ فلانٌ رَأْيَه إِذا وَجَد عَاقِبَتَه إِلى خَيْر. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ
؛ هَكَذَا قرأَها مَسْرُوقُ بنُ الأَجْدَع، وفَسَّرَها: فَغَنِمْتم. وقرأَها
حُمَيْد: فعَقَّبْتُم
، بِالتَّشْدِيدِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهِيَ بِمَعْنَى عَاقَبْتُم، قَالَ: وَهِيَ كَقَوْلِكَ: تَصَعَّرَ وتَصَاعَرَ، وتَضَعَّفَ وتَضَاعَفَ، فِي مَاضِي فَعَلْتُ وفاعَلْتُ؛ وقُرِئَ
فعَقَبْتُم
، خَفِيفَةً. وَقَالَ أَبو إِسحاق النَّحْوِيُّ: مَنْ قرأَ فَعاقَبْتُمْ
، فَمَعْنَاهُ أَصَبْتُموهم فِي الْقِتَالِ بالعُقُوبة حَتَّى غَنِمْتم؛ وَمَنْ قرأَ
فَعَقَبْتم
، فَمَعْنَاهُ فَغَنمتم؛ وعَقَّبْتُم أَجودُها فِي اللُّغَةِ؛ وعَقَبْتُم جَيِّدٌ أَيضاً أَي صارَتْ لَكُمْ عُقْبَى، إِلا أَن التَّشْدِيدَ أَبلغ؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:
فَعَقَبْتُمْ بِذُنُوبٍ غَيْرَ مَرّ
قَالَ: وَالْمَعْنَى أَن مَنْ مَضَت امرأَتُه مِنْكُمْ إِلى مَنْ لَا عَهْدَ بَيْنِكُمْ وَبَيْنَهُ، أَو إِلى مَنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ عهدٌ، فنَكَثَ فِي إِعْطاءِ المَهْرِ، فغَلَبْتُمْ عَلَيْهِ، فَالَّذِي ذَهَبَتِ امرأَتُه يُعْطَى مِنَ الْغَنِيمَةِ المَهْرَ مِن غَيْرِ أَن يُنْقَصَ مِنْ حَقِّه فِي الْغَنَائِمِ شيءٌ، يُعْطَى حَقَّه كَمَلًا، بَعْدَ إِخْراج مُهورِ النِّسَاءِ. والعَقْبُ والمُعاقِبُ: المُدْرِكُ بالثَّأْر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ
؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فَارِسًا، ... جَزاءَ العُطاسِ، لَا يَمُوتُ المُعاقِبُ
أَي لَا يَمُوتُ ذِكْرُ ذَلِكَ المُعاقِبِ بَعْدَ مَوْتِهِ.(1/619)
وَقَوْلُهُ: جَزَاءَ العُطاسِ أَي عَجَّلْنا إِدْراكَ الثَّأْرِ، قَدْرَ مَا بَيْنَ التَّشْمِيتِ والعُطاسِ. وَعَنِ الأَصمعي: العَقْبُ: العِقَابُ؛ وأَنشد:
لَيْنٌ لأَهْلِ الحَقِّ ذُو عَقْبٍ ذَكَرْ
ويُقال: إِنه لَعَالِم بعُقْمَى الكلام، وعُقْبَى الكلام، وهو غامضُ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ، وَهُوَ مِثْلُ النَّوَادِرِ. وأَعْقَبه عَلَى مَا صَنَع: جَازَاهُ. وأَعْقَبه بِطَاعَتِهِ أَي جَازَاهُ، والعُقْبَى جَزاءُ الأَمر. وعُقْبُ كُلِّ شَيْءٍ، وعُقْباه، وعُقْبانُه، وعاقِبَتُه: خاتِمتُه. والعُقْبى: المَرْجِعُ. وعَقَبَ الرجلُ يَعْقُبُ عَقْباً: طَلب مَالًا أَو غَيْرِهِ. ابْنُ الأَعرابي: المِعْقَبُ الخِمار؛ وأَنشد:
كمِعْقَبِ الرَّيْط إِذْ نَشَّرْتَ هُدَّابَهْ
قَالَ: وسُمِّيَ الخِمار مِعْقَباً، لأَنه يَعْقُبُ المُلاءَة، يَكُونُ خَلَفاً مِنْها. والمِعْقَبُ: القُرْطُ. والمِعْقَبُ: السائِقُ الحاذِقُ بالسَّوْق. والمِعْقَب: بَعِيرُ العُقَبِ. والمِعْقَبُ: الَّذِي يُرَشَّحُ للخِلافة بَعْدَ الإِمام. والمُعْقِبُ: النَّجْمُ «2» الَّذِي يَطْلعُ، فيَرْكَبُ بطُلُوعه الزَّميلُ المُعاقِبُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
كأَنها بَيْنَ السُّجُوفِ مِعْقَبُ، ... أَو شادِنٌ ذُو بَهْجَةٍ مُرَبِّبُ
أَبو عُبَيْدَةَ: المِعْقَبُ نجْمٌ يَتَعاقَبُ بِهِ الزَّميلانِ فِي السَّفَرِ، إِذا غابَ نجمٌ وطَلَعَ آخَر، رَكِبَ الَّذِي كَانَ يَمْشِي. وعُقْبَةُ القِدْرِ: مَا الْتَزَقَ بأَسْفَلِها مِنْ تابلٍ وَغَيْرِهِ. والعُقْبة: مَرقَة تُرَدُّ فِي القِدْرِ الْمُسْتَعَارَةِ، بِضَمِّ الْعَيْنِ، وأَعْقَبَ الرجُلَ: رَدَّ إِليه ذَلِكَ؛ قَالَ الكُمَيْت:
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، وَلَمْ يكنْ، ... لعُقْبةِ قِدْرِ المُستَعِيرين، مُعْقِبُ
وَكَانَ الْفَرَّاءُ يُجيزها بِالْكَسْرِ، بِمَعْنَى البَقِيَّة. وَمَنْ قَالَ عُقْبة، بِالضَّمِّ، جَعَلَهُ مِنِ الاعْتِقاب. وَقَدْ جَعَلَهَا الأَصمعي وَالْبَصْرِيُّونَ، بِضَمِّ الْعَيْنِ. وقَرارَةُ القِدْرِ: عُقْبَتُها. والمُعَقِّباتُ: الحَفَظةُ، مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: لَهُ مُعَقِّباتٌ
«3» مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ. والمُعَقِّبات: ملائكةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، لأَنهم يَتَعاقبون، وإِنما أُنِّثَتْ لِكَثْرَةِ ذَلِكَ مِنْهَا، نَحْوُ نَسّابة وعَلَّامةٍ وَهُوَ ذَكَرٌ. وَقَرَأَ بَعْضُ الأَعراب:
لَهُ مَعاقِيبُ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: المُعَقِّباتُ الملائكةُ، ملائكةُ الليلِ تُعَقِّبُ ملائكةَ النَّهَارِ، وملائكةُ النَّهَارِ تُعَقِّبُ ملائكةَ اللَّيْلِ. قَالَ الأَزهري: جَعَلَ الفراءُ عَقَّبَ بِمَعْنَى عاقَبَ، كَمَا يُقَالُ: عاقَدَ وعَقَّدَ، وضاعَفَ وضَعَّفَ، فكأَنَّ مَلَائِكَةَ النهارِ تَحْفَظُ الْعِبَادَ، فإِذا جاءَ اللَّيْلُ جاءَ مَعَهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ، وصَعِدَ ملائكةُ النَّهَارِ، فإِذا أَقبل النَّهَارُ عَادَ مَنْ صَعِدَ؛ وصَعِدَ ملائكةُ اللَّيْلِ، كأَنهم جَعَلُوا حِفْظَهم عُقَباً أَي نُوَباً. وكلُّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا ثُمَّ عَادَ إِليه فَقَدْ عَقَّبَ. وملائكةٌ مُعَقِّبَةٌ، ومُعَقِّباتٌ جمعُ الْجَمْعِ؛ وَقَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُعَقِّباتٌ لَا يَخِيبُ قائلُهُنَّ، وَهُوَ أَن يُسَبِّحَ فِي دُبر صَلَاتِهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً، ويَحْمَده ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَحْمِيدَةً، وَيُكَبِّرُهُ أَربعاً وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً
؛ سُمِّيَتْ مُعَقِّباتٍ، لأَنها
__________
(2) . قوله [والمعقب النجم إلخ] ضبط في المحكم كمنبر وضبط في القاموس كالصحاح بالشكل كمحسن اسم فاعل.
(3) . قوله [له معقبات إلخ] قال في المحكم أي للإِنسان معقبات أي ملائكة يعتقبون يأتي بعضهم بعقب بعض يحفظونه مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أَيْ مما أمرهم الله به كما تقول يحفظونه عن أمر الله وبأمر الله لا أنهم يقدرون أن يدفعوا عنه أمر الله.(1/620)
عادَتْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، أَو لأَنها تُقال عَقِيبَ الصَّلَاةِ. وَقَالَ شَمِرٌ: أَراد بِقَوْلِهِ مُعَقِّباتٌ تَسْبِيحات تَخْلُفُ بأَعْقابِ الناسِ؛ قَالَ: والمُعَقِّبُ مِنْ كُلِّ شيءٍ: مَا خَلَفَ بِعَقِبِ مَا قَبْلَهُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لِلنَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
ولَسْتُ بشَيْخٍ، قَدْ تَوَجَّهَ، دالفٍ، ... ولكنْ فَتًى مِنْ صالحِ الْقَوْمِ عَقَّبا
يَقُولُ: عُمِّرَ بعدَهم وبَقي. والعَقَبة: وَاحِدَةُ عَقَباتِ الْجِبَالِ. والعَقَبةُ: طريقٌ، فِي الجَبَلِ، وَعْرٌ، وَالْجَمْعُ عَقَبٌ وعِقابٌ. والعَقَبَة: الجبَل الطويلُ، يَعْرِضُ لِلطَّرِيقِ فيأْخُذُ فِيهِ، وَهُوَ طَويلٌ صَعْبٌ شديدٌ، وإِن كَانَتْ خُرِمَتْ بَعْدَ أَن تَسْنَدَ وتَطُولَ فِي السماءِ، فِي صُعود وهُبوط، أَطْوَلُ مِنَ النَّقْبِ، وأَصْعَبُ مُرْتَقًى، وَقَدْ يكونُ طُولُهما وَاحِدًا. سَنَدُ النَّقْبِ فِيهِ شيءٌ مِنِ اسْلِنْقاء، وسَنَدُ العَقَبة مُسْتَوٍ كَهَيْئَةِ الجِدار. قَالَ الأَزهري: وَجَمْعُ العَقَبةِ عِقابٌ وعَقَباتٌ. وَيُقَالُ: مِنْ أَين كانتْ عَقِبُكَ أَي مَنْ أَين أَقْبَلْتَ؟ والعُقابُ: طَائِرٌ مِنَ العِتاقِ مؤنثةٌ؛ وَقِيلَ: العُقابُ يَقَع عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى، إِلا أَن يَقُولُوا هَذَا عُقابٌ ذكَر؛ وَالْجَمْعُ: أَعْقُبٌ وأَعْقِبةٌ؛ عَنْ كُراع؛ وعِقْبانٌ وعَقابينُ: جمعُ الْجَمْعِ؛ قَالَ:
عَقابينُ يومَ الدَّجْنِ تَعْلُو وتَسْفُلُ
وَقِيلَ: جَمْعُ العُقاب أَعْقُبٌ؛ لأَنها مُؤَنَّثَةٌ. وأَفْعُلٌ بِنَاءٌ يَخْتَصُّ بِهِ جمعُ الإِناث، مِثْلُ عَناقٍ وأَعْنُقٍ، وَذِرَاعٍ وأَذْرُعٍ. وعُقابٌ عَقَنْباةٌ؛ ذَكَرَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي الرُّبَاعِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: عِتاقُ الطَّيْرِ العِقْبانُ، وسِباعُ الطَّيْرِ الَّتِي تَصِيدُ، وَالَّذِي لَمْ يَصِدْ الخَشاشُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنْ العِقبان عِقبانٌ تُسَمَّى عِقبانَ الجِرْذانِ، لَيْسَتْ بسُودٍ، وَلَكِنَّهَا كُهْبٌ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِرِيشِهَا، إِلَّا أَن يَرْتاشَ بِهِ الصبيانُ الجمامِيحَ. والعُقابُ: الرَّايَةُ. والعُقابُ: الحَرْبُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعُقابُ: عَلَم ضَخْمٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ اسْمُ رَايَتِهِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، العُقابَ
، وَهِيَ العَلَمُ الضَّخْمُ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الناقةَ السوداءَ عُقاباً، عَلَى التَّشْبِيهِ. والعُقابُ الَّذِي يُعْقَدُ للوُلاة شُبِّهَ بالعُقابِ الطَّائِرِ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ أَيضاً؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وَلَا الراحُ راحُ الشامِ جاءَتْ سَبِيئَةً، ... لَهَا غايةٌ تَهْدِي، الكرامَ، عُقابُها
عُقابُها: غايَتُها، وحَسُنَ تكرارُه لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ، وجَمْعُها عِقْبانٌ. والعُقابُ: فَرَسُ مِرْداس بْنِ جَعْوَنَةَ. والعُقابُ: صَخْرة ناتئةٌ ناشِزَةٌ فِي الْبِئْرِ، تَخْرِقُ الدِّلاءَ، وَرُبَّمَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الطَّيِّ؛ وَذَلِكَ أَن تَزُولَ الصَّخْرَةُ عَنْ مَوْضِعِهَا، وَرُبَّمَا قَامَ عَلَيْهَا المُسْتَقي؛ أُنثى، وَالْجَمْعُ كالجَمْعِ. وَقَدْ عَقَّبها تَعْقِيباً: سَوّاها. والرجُل الَّذِي يَنْزِلُ فِي الْبِئْرِ فيَرْفَعُها، يُقَالُ لَهُ: المُعَقِّبُ. ابْنُ الأَعرابي: القَبِيلَة صَخْرَةٌ عَلَى رأْس الْبِئْرِ، والعُقابانِ مِنْ جَنَبَتَيْها يَعْضُدانِها. وَقِيلَ: العُقابُ صَخْرَةٌ نَاتِئَةٌ فِي عُرْضِ جَبل، شِبْهُ مِرْقاة. وَقِيلَ: العُقابُ مَرْقًى فِي عُرْضِ الجَبَل. والعُقابانِ: خَشَبتان يَشْبَحُ الرجلُ بَيْنَهُمَا الجِلْدَ. والعُقاب: خَيْطٌ صغيرٌ، يُدْخَلُ فِي خُرْتَيْ حَلْقَةِ القُرْطِ، يُشَدُّ بِهِ. وعَقَبَ القُرْطَ: شَدَّه بعَقَبٍ خَشْيةَ أَن يَزِيغَ؛ قَالَ سَيّارٌ الأَبانِيُّ:(1/621)
كأَنَّ خَوْقَ قُرْطِها المَعْقوبِ ... عَلَى دَباةٍ، أَو عَلَى يَعْسُوبِ
جَعلَ قُرْطَها كأَنه عَلَى دَباة، لقِصَرِ عُنُقِ الدَّباة، فوصَفَها بالوَقصِ. والخَوْقُ: الحَلْقَةُ. واليَعْسوبُ: ذَكَرُ النَّحْلِ. والدَّباةُ: وَاحِدَةُ الدَّبى، نَوْعٌ مِنَ الجَراد. قَالَ الأَزهري: العُقابُ الخيطُ الَّذِي يَشُدُّ طَرَفَيْ حَلْقَةِ القُرْط. والمِعْقَبُ: القُرْطُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. واليَعْقُوبُ: الذَّكَرُ مِنَ الحَجَل والقَطَا، وَهُوَ مَصْرُوفٌ لأَنه عَرَبِيٌّ لَمْ يُغَيَّرْ، وإِن كَانَ مَزيداً فِي أَوَّله، فَلَيْسَ عَلَى وَزْنِ الْفِعْلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عالٍ يُقَصِّرُ دُونَهُ اليَعْقُوبُ
وَالْجَمْعُ: اليعاقيبُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيت ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ عَلَى أَنه شَاهِدٌ عَلَى اليَعْقُوبِ، لذَكَر الحَجَل، والظَّاهر فِي اليَعْقُوبِ هَذَا أَنه ذَكَر العُقاب، مِثْل اليَرْخُوم، ذَكَرِ الرَّخَم، واليَحْبُورِ، ذَكَرِ الحُبارى، لأَن الحَجَلَ لَا يُعْرَفُ لَهَا مِثلُ هَذَا العُلُوِّ فِي الطَّيران؛ وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
يَوْمًا تَرَكْنَ، لإِبْراهِيمَ، عافِيَةً ... مِنَ النُّسُورِ عليهِ واليَعاقيب
فَذَكَرَ اجْتماعَ الطَّيْرِ عَلَى هَذَا القَتِيل مِنَ النُّسور واليَعاقيب، وَمَعْلُومٌ أَن الحَجَلَ لَا يأْكل القَتْلى. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: اليَعْقُوبُ ذَكَرُ القَبْجِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدْرِي مَا عَنى بالقَبْجِ: الحَجَلَ، أَم القَطا، أَم الكِرْوانَ؛ والأَعْرَفُ أَن القَبْجَ الحَجَلُ. وَقِيلَ: اليَعاقِيبُ مِنَ الخَيل، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بيَعاقِيبِ الحَجَل لسُرْعتها؛ قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَل:
وَلَّى حَثِيثاً، وَهَذَا الشَّيْبُ يَتْبَعُه، ... لَوْ كَانَ يُدْرِكُه رَكْضُ اليعاقِيبِ «1»
قِيلَ: يَعْنِي اليَعاقِيبَ مِنَ الخَيْل؛ وَقِيلَ: ذُكُورَ الحجَل. والاعْتِقابُ: الحَبْسُ والمَنْعُ والتَّناوُبُ. واعتَقَبَ الشيءَ: حَبَسه عِنْدَهُ. واعْتَقَبَ البائِعُ السِّلْعَة أَي حَبَسها عَنِ المُشتري حَتَّى يقبضَ الثَّمَنَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ إِبراهيم النَّخَعِيّ: المُعْتَقِبُ ضامِنٌ لِمَا اعْتَقَبَ؛ الاعْتِقابُ: الحْبس والمنعُ. يُرِيدُ أَنَّ الْبَائِعَ إِذا بَاعَ شَيْئًا، ثُمَّ مَنَعَهُ المشتريَ حَتَّى يَتْلَفَ عِنْدَ الْبَائِعِ، فَقَدْ ضَمِنَ. وَعِبَارَةُ الأَزهري: حَتَّى تَلِفَ عِنْدَ الْبَائِعِ هَلكَ مِنْ مَالِهِ، وضمانُه مِنْهُ. وَعَنِ ابْنِ شُمَيْلٍ: يُقَالُ بَاعَنِي فلانٌ سِلْعَةً، وَعَلَيْهِ تَعْقِبةٌ إِن كَانَتْ فِيهَا، وَقَدْ أَدْرَكَتْني فِي تِلْكَ السِّلْعة تَعْقِبَةٌ. وَيُقَالُ: مَا عَقَّبَ فِيهَا، فَعَلَيْكَ فِي مَالِكَ أَي مَا أَدركني فِيهَا مِنْ دَرَكٍ فَعَلَيْكَ ضمانُه.
وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَيُّ الواجِد يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وعِرْضَه
؛ عُقُوبَتُه: حَبْسُه، وعِرْضُه: شِكايتُه؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي وَفَسَّرَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ. واعْتَقَبْتُ الرجُلَ: حَبَسْتُه. وعِقْبَةُ السَّرْو، والجَمالِ، والكَرَمِ، وعُقْبَتُه، وعُقْبُه: كلُّه أَثَرهُ وهيئتُه، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَي سِيماهُ وَعَلَامَتُهُ؛ قَالَ: والكَسْرُ أَجْوَدُ. ويُقال: عَلَى فُلَانٍ عِقْبةُ السَّرْوِ والجَمال، بِالْكَسْرِ، إِذا كَانَ عَلَيْهِ أَثَرُ ذَلِكَ. والعِقْبَةُ: الوَشْيُ كالعِقْمةِ، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن الباءَ بَدَلٌ مِنَ الْمِيمِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العِقْبة ضَرْبٌ مِنْ ثِياب الهَوْدَجِ مُوَشًّى.
__________
(1) . قوله [يتبعه] كذا في المحكم والذي في التهذيب والتكملة يطلبه، وجوّز في ركض الرفع والنصب.(1/622)
ويُقال: عَقْبة وعَقْمَة، بِالْفَتْحِ. والعَقَبُ: العَصَبُ الَّذِي تُعْمَلُ مِنْهُ الأَوتار، الْوَاحِدَةُ عَقَبَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَضَغَ عَقَباً وَهُوَ صَائِمٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ، بِفَتْحِ الْقَافِ، العَصَبُ والعَقَبُ مِنْ كُلِّ شيءٍ: عَصَبُ المَتْنَيْنِ، وَالسَّاقَيْنِ، والوَظِيفَين، يَخْتَلِطُ بِاللَّحْمِ يُمْشَقُ مِنْهُ مَشْقاً، ويُهَذَّبُ ويُنَقَّى مِنَ اللَّحْمِ، ويُسَوَّى مِنْهُ الوَتَر؛ وَاحِدَتُهُ عَقَبةٌ، وَقَدْ يَكُونُ فِي جَنْبَيِ الْبَعِيرِ. والعَصَبُ: العِلْباءُ الْغَلِيظُ، وَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ العَقَبِ والعَصَبِ: أَن العَصَبَ يَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَة، والعَقَب يَضْرِبُ إِلى الْبَيَاضِ، وَهُوَ أَصْلَبُها وأَمْتَنُها. وأَما العَقَبُ، مُؤَخَّرُ القَدَم: فَهُوَ مِنَ العَصَب لَا مِنَ العَقَب. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ: العَقَبُ عَقَبُ المَتْنَيْنِ مِنَ الشاةِ والبَعيرِ وَالنَّاقَةِ وَالْبَقَرَةِ. وعَقَبَ الشيءَ يَعْقِبه ويَعْقُبه عَقْباً، وعَقَّبَه: شَدَّه بعَقَبٍ. وعَقَبَ الخَوْقَ، وَهُوَ حَلْقَةُ القُرْطِ، يَعْقُبُه عَقْباً: خافَ أَن يَزيغَ فَشَدَّه بعَقَبٍ، وَقَدْ تقدَّم أَنه مِنَ العُقاب. وعَقَبَ السَّهْمَ والقِدْحَ والقَوْسَ عَقْباً إِذا لَوَى شَيْئًا مِنَ العَقَبِ عَلَيْهِ؛ قَالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ:
وأَسْمَرَ مِنْ قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ، ... بِهِ عَلَمانِ مِنْ عَقَبٍ وضَرْسِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صوابُ هَذَا الْبَيْتِ: وأَصْفَرَ مِنْ قِداحِ النَّبعِ؛ لأَنَّ سِهَامَ المَيْسِرِ تُوصَفُ بالصُّفرة؛ كَقَوْلِ طَرَفَةَ:
وأَصفَرَ مَضبُوحٍ، نَظَرْتُ حُوارَه ... عَلَى النَّارِ، واستَودَعتُهُ كَفَّ مُجمِدِ
وعَقَبَ قِدْحَه يَعقُبه عَقْباً: انكَسرَ فشَدَّه بعَقَبٍ، وَكَذَلِكَ كلُّ مَا انكَسَر فشُدَّ بعَقَبٍ. وعَقَبَ فلانٌ يَعقُبُ عَقْباً إِذا طَلَب مَالًا أَو شَيْئًا غَيْرَهُ. وعَقِبَ النَّبْتُ يَعقَبُ عَقَباً: دَقَّ عُودُه واصفَرَّ ورَقُه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وعَقَّبَ العَرفَجُ إِذا اصفَرَّتْ ثَمَرَتُهُ، وَحَانَ يُبسه. وَكُلُّ شَيْءٍ كانَ بَعْدَ شَيْءٍ، فَقَدْ عَقَبه؛ وَقَالَ:
عَقَبَ الرَّذاذُ خِلافَهُم، فكأَنما ... بَسَطَ الشَّواطِبُ، بينهنَّ، حَصيرا
والعُقَيب، مُخَفَّفُ الْيَاءِ: مَوْضِعٌ. وعَقِبٌ: موضِعٌ أَيضاً؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ:
حَوَّزَها مِنْ عَقِبٍ إِلى ضَبُع، ... فِي ذَنَبانٍ ويَبِيسٍ مُنْقَفِعْ
ومُعَقِّبٌ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
رَعَتْ، بمُعَقِّب فالبُلْقِ، نَبْتاً، ... أَطارَ نَسِيلَها عَنْهَا فَطارا
والعُقَّيْبُ: طَائِرٌ، لَا يُستعمل إِلّا مُصَغَّرًا. وكَفْرُ تِعْقابٍ، وكفرُ عاقِبٍ: مَوْضِعَانِ. وَرَجُلٌ عِقَّبانٌ: غليظٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ قَالَ: وَالْجَمْعُ عِقْبانٌ؛ قَالَ: وَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْحَرْفِ عَلَى ثِقَة. ويَعْقُوب: اسْمُ إِسرائيل أَبي يُوسُفَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، لَا يَنْصَرِفُ فِي الْمَعْرِفَةِ، لِلْعُجْمَةِ وَالتَّعْرِيفِ، لأَنه غُيِّرَ عَنْ جِهَتِهِ، فَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ غَيْرَ معروفِ الْمَذْهَبِ. وسُمِّيَ يَعْقُوبُ بِهَذَا الِاسْمِ، لأَنه وُلِدَ مَعَ عِيصَوْ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ. وُلِدَ عِيصَوْ قَبْلَهُ، ويَعْقُوبُ مُتَعَلِّقٌ بعَقِبه، خَرَجا مَعًا، فعِيصَوْ أَبو الرُّوم. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبراهيم وامرأَته، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ، وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ
؛ قُرِئَ يعقوبُ، بِالرَّفْعِ، وقُرِئَ يَعْقُوبَ
، بِفَتْحِ الباءِ، فَمَنْ رَفَع، فَالْمَعْنَى: وَمِنْ وراءِ إِسحق يعقوبُ مُبَشَّر بِهِ؛ ومَن فَتَحَ يَعْقُوبَ، فإِن أَبا زَيْدٍ والأَخفش زَعَمَا أَنه مَنْصُوبٌ، وَهُوَ فِي موضعِ الخفضِ عَطْفًا عَلَى(1/623)
قَوْلِهِ بِإِسْحاقَ، وَالْمَعْنَى: بَشَّرْنَاهَا بإِسحاق، ومِنْ وراءِ إِسحاق بِيَعْقُوبَ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ حُذَّاق النَّحْوِيِّينَ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ. وأَما أَبو الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى فإِنه قَالَ: نُصِبَ يعقوبُ بإِضمار فِعْلٍ آخَرَ، كأَنه قَالَ: فَبَشَّرْنَاهَا بإِسحاقَ وَوَهَبْنَا لَهَا مِنْ وراءِ إِسحاق يعقوبَ، ويعقوبُ عِنْدَهُ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ، لَا فِي مَوْضِعِ الْخَفْضِ، بِالْفِعْلِ الْمُضْمَرِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: عَطَفَ يَعْقُوبَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فِي قَوْلِهِ فَبَشَّرْناها، كأَنه قَالَ: وَهَبْنَا لَهَا إِسحاق، ومِن وراءِ إِسحاق يعقوبَ أَي وَهَبْنَاهُ لَهَا أَيضاً؛ قَالَ الأَزهري: وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الأَنباري، وَقَوْلُ الْفَرَّاءِ قَرِيبٌ مِنْهُ؛ وَقَوْلُ الأَخفش وأَبي زَيْدٍ عِنْدَهُمْ خَطَأٌ. ونِيقُ العُقابِ: مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. ونَجْدُ العُقابِ: مَوْضِعٌ بدِمَشْق؛ قَالَ الأَخطل:
ويامَنَّ عَنْ نَجْدِ العُقابِ، وياسَرَتْ ... بِنَا العِيسُ عَنْ عَذْراءِ دارِ بني السَّحْبِ
عقرب: العَقْرَبُ: واحدةُ العَقارِب مِنَ الهَوامِّ، يكونُ لِلذَّكَرِ والأُنثى بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، والغالبُ عَلَيْهِ التأْنيث، وَقَدْ يُقَالُ للأُنثى عَقْرَبة وعَقْرَباءُ، مَمْدُودٌ غَيْرُ مَصْرُوفٍ. والعُقْرُبانُ والعُقْرُبَّانُ: الذَّكَرُ مِنْهَا؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: لَكَ فِيهِ أَمْران: إِن شئتَ قلتَ إِنه لَا اعْتِدادَ بالأَلف وَالنُّونِ فِيهِ، فيَبْقَى حِينَئِذٍ كأَنه عُقْرُبٌّ، بِمَنْزِلَةِ قُسْقُبٍّ، وقُسْحُبٍّ، وطُرْطُبٍّ، وإِن شئتَ ذهبتَ مَذْهَباً أَصْنَعَ مِنْ هَذَا، وَذَلِكَ أَنه قَدْ جَرَتِ الأَلفُ والنونُ، مِنْ حيثُ ذَكَرْنَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهِمْ، مُجْرَى مَا لَيْسَ مَوْجُودًا عَلَى مَا بَيَّنا، وإِذا كَانَ كَذَلِكَ، كَانَتِ الباءُ لِذَلِكَ كأَنها حرفُ إِعراب، وحرفُ الإِعراب قَدْ يَلحقُه التَّثْقِيلُ فِي الْوَقْفِ، نَحْوُ: هَذَا خالدٌّ، وَهُوَ يَجْعَلُّ؛ ثُمَّ إِنه قَدْ يُطْلَقُ ويُقَرُّ تَثْقِيلُهُ عَلَيْهِ، نَحْوُ: الأَضْخَمّا وعَيْهَلّ. فَكأَنَّ عُقْرُباناً لِذَلِكَ عُقْرُبٌ، ثُمَّ لَحِقَهَا التَّثْقِيلُ لتصَوُّرِ مَعْنَى الْوَقْفِ عَلَيْهَا، عِنْدَ اعْتِقَادِ حَذْفِ الأَلف وَالنُّونِ مِنْ بَعْدِهَا، فَصَارَتْ كأَنها عُقْرُبٌّ، ثُمَّ لَحِقَتِ الأَلف وَالنُّونُ، فَبَقِيَ عَلَى تَثْقِيلِهِ، كَمَا بَقِيَ الأَضْخَمّا عِنْدَ انْطِلَاقِهِ عَلَى تَثْقِيلِهِ، إِذْ أُجْرِيَ الوصلُ مُجْرَى الوقفِ، فَقِيلَ عُقْرُبَّانٌ؛ قَالَ الأَزهري: ذَكَرُ العَقارِبِ عُقْرُبانٌ، مُخَفَّف الْبَاءِ. وأَرض مُعَقْرِبة، بِكَسْرِ الراءِ: ذاتُ عَقارِبَ؛ وَكَذَلِكَ مُثَعْلِبَةٌ: ذاتُ ثَعالِبَ؛ وَكَذَلِكَ مُضَفْدِعة، ومُطَحْلِبة. ومكانٌ مُعَقْرِبٌ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: ذُو عَقارِبَ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَرضٌ مَعْقَرة، كأَنه رَدَّ العَقْرَبَ إِلى ثلاثةِ أَحرف، ثُمَّ بَنى عَلَيْهِ. وعَيْشٌ ذُو عَقارِبَ إِذا لَمْ يَكُنْ سَهْلًا، وَقِيلَ: فِيهِ شَرٌّ وخُشُونة؛ قَالَ الأَعْلم:
حَتَّى إِذا فَقَدَ الصَّبُوحَ ... يقولُ: عيْشٌ ذُو عَقارِبْ
والعَقارِبُ: المِننُ. عَلَى التَّشْبِيهِ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
عليَّ لِعَمْرٍو نِعْمةٌ، بَعْدَ نِعْمة ... لوالِدِه، لَيْسَتْ بذاتِ عَقارِبِ
أَي هَنِيئة غيرُ ممْنُونةٍ. والعُقْرُبَّانُ: دُوَيبَّة تدخلُ الأُذُنَ، وَهِيَ هَذِهِ الطَّوِيلَةُ الصَّفْراء، الْكَثِيرَةُ الْقَوَائِمِ؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ دَخَّالُ الأُذُنِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: هُوَ دَابَّةٌ لَهُ أَرْجُلٌ طِوالٌ، وَلَيْسَ ذَنَبهُ كذَنَبِ العَقارِبِ؛ قَالَ إِياسُ بنُ الأَرَتِّ:
كأَنَّ مَرْعَى أُمِّكُمْ، إِذ غَدَتْ، ... عَقْرَبةٌ يَكُومُها عُقْرُبان
ومَرْعَى: اسْمُ أمِّهم، ويُرْوى إِذ بَدَتْ. رَوَى(1/624)
ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ أَبي حَاتِمٍ قَالَ: لَيْسَ العُقْرُبانُ ذَكَرَ العَقاربِ، إِنما هُوَ دَابَّةٌ لَهُ أَرْجُلٌ طِوالٌ، وَلَيْسَ ذَنَبُه كذَنَبِ العَقارِبِ. ويَكُومُها: يَنكِحُها. والعَقارِبُ: النَّمائمُ، ودَبَّتْ عَقارِبُه، مِنْهُ عَلَى المَثَل؛ ويُقالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يَقترِضُ أَعراضَ الناسِ: إِنه لتَدِبُّ عَقارِبُه؛ قَالَ ذُو الإِصبَعِ العَدوانيُّ:
تَسرِي عَقارِبه إِلَيَّ، ... وَلَا تَدِبُّ لَهُ عَقارِبْ
أَرَادَ: وَلَا تَدِبُّ لَهُ مِني عَقَاربي. وصُدْغٌ مُعَقْرَبٌ، بِفَتْحِ الراءِ، أَي مَعْطُوفٌ. وشيءٌ مُعَقْرَبٌ: مُعوَجٌّ. وعَقَارِبُ الشِّتاءِ: شدائدُه. وأَفرده ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه، فَقَالَ: عَقرَبُ الشِّتاءِ صَوْلَتُه، وشِدَّةُ بَرْدِهِ. والعَقْرَبُ: بُرْجٌ مِنْ بُرُوجِ السماءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَلَهُ مِنَ الْمَنَازِلِ الشَّوْلةُ، والقَلْب، والزُّبانى. وَفِيهِ يَقُولُ ساجعُ الْعَرَبِ: إِذا طَلَعت العَقرَب، حَمِسَ المِذْنَب، وقُرَّ الأَشْيَب، وماتَ الجُنْدَب؛ هَكَذَا قَالَهُ الأَزهري فِي تَرْتِيبِ الْمَنَازِلِ، وَهَذَا عَجِيبٌ. والعَقرَبُ: سَيرٌ مَضفُور فِي طَرَفِه إِبزيمٌ، يُشَدُّ بِهِ ثَفَرُ الدابةِ فِي السَّرْجِ. والعَقربة: حَدِيدَةٌ نَحْوُ الكُلَّابِ، تُعَلَّقُ بالسَّرْج والرَّحل. وعَقرَبُ النَّعل: سَيرٌ مِنْ سُيُوره. وعَقرَبةُ النَّعلِ: عَقدُ الشِّراكِ. والمُعَقرَبُ: الشديدُ الخَلْقِ المُجتَمِعُه. وحِمار مُعَقْرَبُ الخَلْقِ: مُلَزَّزٌ، مُجتَمِع، شَدِيدٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
عَرْدَ التَّرَاقِي حَشْوَراً مُعَقرَبا
والعَقرَبة: الأَمَة العاقِلةُ الخَدُومُ. وعَقرَباءُ: مَوْضِعٌ. وعَقرَبُ بنُ أَبي عَقرَبٍ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ تُجَّار الْمَدِينَةِ مشهورٌ بالمَطْلِ؛ يُقال فِي الْمَثَلِ: هُوَ أَمْطَلُ مِنْ عَقرَبٍ، وأَتجر مِنْ عَقربٍ؛ حَكَى ذَلِكَ الزبيرُ بْنُ بَكَّار، وَذَكَرَ أَنه عامَلَ الفَضْلَ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عُتْبة بْنِ أَبي لَهَب، وَكَانَ الفضلُ أَشَدَّ الناسِ اقتِضاءً، وذَكَر أَنه لَزِمَ بَيتَ عَقرَبٍ زَمَانًا، فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا؛ فَقَالَ فِيهِ:
قَدْ تَجِرَتْ فِي سُوقِنا عَقرَبٌ، ... لَا مَرْحَباً بالعَقْرَبِ التاجِرَهْ
كُلُّ عَدُوٍّ يُتَّقَى مُقْبِلا، ... وعَقْرَبٌ يُخْشَى مِنَ الدَّابِرَه
إِنْ عادَتِ العَقْرَبُ عُدْنا لَهَا، ... وكانَتِ النَّعْلُ لَهَا حاضِرَه
كُلُّ عَدُوٍّ كَيْدُه فِي اسْتِه، ... فغَيْر مَخْشِيٍّ وَلَا ضائرَه
عقنب: عُقابٌ عَقَنْباةٌ، وعَبَنْقاة، وقَعَنْباة، وبَعَنْقاة، عَلَى القَلْبِ: حديدةُ المَخالِبِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: هِيَ ذاتُ المَخالِبِ المُنْكَرةِ، الخَبيثة؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ، وَقِيلَ هُوَ لجِرانِ العَوْدِ:
عُقابٌ عَقَنْباةٌ، كأَنَّ وَظِيفَها ... وخُرْطُومَها الأَعْلى، بِنارٍ، مُلَوَّحُ
وَقِيلَ: هِيَ السَّرِيعَةُ الخَطْفِ، المُنْكَرةُ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كلُّ ذَلِكَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، كَمَا قَالُوا: أَسَدٌ أَسِدٌ، وكَلْبٌ كَلِبٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: العَقَنْباةُ الداهِيةُ مِنَ العِقْبان، وجَمْعُه عَقَنْبَيات.
عكب: العَكَبُ: تَداني أَصابِعِ الرِّجْلِ بعضِها إِلى بَعْضٍ. والعَكَبُ: غِلَظٌ فِي لَحْيِ الإِنسان وشَفته. وأَمةٌ عَكْباءُ: عِلْجةٌ جافِيةُ الخَلْقِ، مِنْ آمٍ عُكُبٍ.(1/625)
وعَكَبَتِ الطيرُ تَعْكُبُ عُكُوباً: عَكَفَتْ. وعَكَبَتِ القِدْرُ تَعْكُبُ عُكُوباً إِذا ثارَ عُكَابُها، وَهُوَ بُخارُها وشِدَّةُ غَلَيانِها؛ وأَنشد:
كأَنَّ مُغِيراتِ الجُيُوشِ التَقَتْ بِهَا، ... إِذا اسْتَحْمَشَتْ غَلْياً، وفاضَتْ عُكُوبُها
والعُكَابُ: الدُّخَانُ. والعَكْبُ: الغُبارُ، ومِنْه قِيلَ لِلأَمةِ عَكْباء. والعَكُوبُ والعَكُّوبُ، بِالْفَتْحِ: الغُبار؛ قَالَ بِشْرُ بنُ أَبي خازِمٍ:
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها، ... عَلَى كُلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عَكُوبُها
والمَعْلُوبُ: الطريقُ الَّذِي يُعْلَبُ بجَنْبَتَيْهِ؛ والعاكُوبُ: لُغَةٌ فِيهِ، عَنِ الهَجَرِيِّ؛ وأَنشد:
وإِنْ جاءَ، يَوْمًا، هاتِفٌ مُتَنَجِّدُ، ... فَلِلْخَيْلِ عاكوبٌ، مِنَ الضَّحْلِ، سانِدُ
والعاكِبُ: كالعَكُوب؛ قَالَ:
جاءَتْ، مَعَ الرَّكْبِ، لَهَا ظَباظبُ، ... فَغَشِيَ الذَّادَة مِنْهَا عاكِبُ
واعْتَكَبَ المكانُ: ثَارَ فِيهِ العَكُوبُ. والعاكِبُ مِنَ الإِبل: الكثيرةُ؛ وللإِبل عُكُوبٌ عَلَى الحَوْضِ أَي ازْدِحَامٌ. واعْتَكَبَتِ الإِبل: اجْتَمَعَتْ فِي مَوْضِعٍ، فأَثارَتْ الغُبار فِيهِ؛ قَالَ:
إِنّي، إِذا بَلَّ النَّفِيُّ غارِبي، ... واعْتَكَبَتْ، أَغْنَيْتُ عنكَ جانِبي
والعاكِبُ: الجمعُ الْكَثِيرُ. والعُكُوبُ، عُكُوفُ الطَّيْرِ الْمُجْتَمِعَةِ، وعُكُوبُ الوِرْدِ، وعُكُوبُ الجماعَةِ. وعَكَفَتِ الخيلُ عُكوفاً، وعكَبَتْ عُكُوباً: بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَطَيْرٌ عُكُوبٌ وعُكُوفٌ؛ وأَنشد اللَّيْثُ لمُزاحم العُقَيْلِيّ:
تَظَلُّ نُسُورٌ مِنْ شَمَامٍ عليهمُ ... عُكُوباً مَعَ العِقْبانِ، عِقْبانِ يَذْبُلِ
قَالَ: وَالْبَاءُ لُغَةُ بَنِي خَفَاجَة مِنْ بَنِي عُقَيْل، والبيتُ لمُزاحِم العُقَيْلي. ابْنُ الأَعرابي: غُلَامُ عَصْبٌ وعَضْبٌ، بِالصَّادِ وَالضَّادُ، وعَكْبٌ إِذا كانَ خَفيفاً نَشيطاً فِي عَمَله. والعِكَابُ والعُكْبُ والأَعْكُبُ: كُلُّهُ اسْمٌ لِجَمْعِ العَنْكَبُوتِ، وَلَيْسَ بجَمْع، لأَن العَنْكَبُوتَ رباعِيٌّ. والعِكَبُّ: الَّذِي لأُمِّه زَوْجٌ. ورجلٌ عِكَبٌّ، مِثَالُ هِجَفّ، أَي قَصير ضَخْمٌ جافٍ؛ وَكَذَلِكَ الأَعْكَبُ. والعِكَبُّ العِجْليُّ: شَاعِرٌ. وعِكَبٌّ وعُكَابة: اسمانِ. وعُكَابة: أَبو حَيٍّ مِنْ بَكْرٍ، وَهُوَ عُكَابة بْنِ صَعْب بْنِ عَليِّ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ؛ وأَما قَوْلُ المنخَّل اليَشْكُرِيّ:
يُطَوِّفُ بِي عِكَبٌّ فِي مَعَدٍّ، ... ويَطْعُنُ بالصُّمُلَّةِ فِي قَفَيَّا
فَهُوَ عِكَبٌّ اللَّخْمِيُّ، صاحبُ سِجْنِ النُّعْمان بْنِ الْمُنْذِرِ. والعَكْبُ: الشِّدَّةُ فِي الشَّرِّ، والشَّيْطَنَةُ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَارِدِ مِنَ الجِنِّ والإِنس: عِكَبٌّ. وَوَجَدْتُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحَاحِ، المقروءَةِ عَلَى عدَّة مَشَايِخَ، حَاشِيَةً بِخَطِّ بَعْضِ الْمَشَايِخِ: وعِكَبٌّ: اسم إِبليس «2»
__________
(2) . قوله [وعكب اسم إبليس] قال شارح القاموس وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي نقله القزاز في جامعه، وأنشد:
رأيتك أكذب الثقلين رأياً ... أبا عمرو وأعصى من عكب
فليت الله أبدلني بزيد ... ثلاثة أعنز أو جرو كلب
ومثله قال ابن القطاع في كتاب الأَوزان. وفي بعض الأَمثال: من يطع عكباً يمس مكباً؛ قاله شيخنا.(1/626)
عكدب: قَالَ الأَزهري «1» : يُقَالُ لبيْت العَنْكَبُوتِ العُكْدُبة.
عكشب: الأَزهري: عَكْبَشَهُ وعَكْشَبه: شَدَّه وَثاقاً.
علب: عَلِبَ النباتُ عَلَباً، فَهُوَ عَلِبٌ: جَسَأَ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: عَلِبَ، بِالْكَسْرِ. واسْتَعْلَبَ البَقْلَ: وجَدَه عَلِباً. واسْتَعْلَبَتِ الماشيةُ البَقْلَ إِذا ذَوَى، فأَجَمَتْه واسْتَغْلَظَته. وعَلِبَ اللحمُ عَلَباً، واسْتَعْلَب: اشتَدَّ وغَلُظَ. وعَلَبَ أَيضاً، بِالْفَتْحِ، يَعْلُبُ: غَلُظَ وصَلُبَ، وَلَمْ يَكُنْ رَخْصاً. ولحمٌ عَلِبٌ وعَلْبٌ: وَهُوَ الصُّلْبُ. وعَلِبَ عَلَباً تَغَيَّرَتْ رائحتُه، بَعْدَ اشْتِدَادِهِ. وعَلِبَتْ يَدُه: غَلُظَتْ. واسْتَعْلَبَ الجلدُ: غَلُظَ واشْتدَّ. والعَلِبُ: المكانُ الغليظُ الشَّديدُ الَّذِي لَا يُنْبِتُ البَتَّةَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: العِلْبُ مِنَ الأَرض المكانُ الغليظُ الَّذِي لَوْ مُطِرَ دَهْرًا، لَمْ يُنْبِتْ خَضراء. وَكُلُّ مَوْضِعٍ صُلْبٍ خَشنٍ مِنَ الأَرض: فَهُوَ عِلْبٌ. والاعْلِنْباءُ: أَن يُشرِفَ الرَّجُلُ، ويُشْخِصَ نفسَه، كَمَا يفعلُ عِنْدَ الخُصومة والشَّتم. يُقَالُ: اعْلَنْبَى الديكُ والكلبُ والهِرُّ وغيرُها إِذا انتَفَشَ شَعَرُه، وتَهَيَّأَ للشَّرِّ وَالْقِتَالِ. وَقَدْ يُهْمزُ، وأَصله مِنْ عِلْباءِ العُنُق، وَهُوَ مُلحَقٌ بافْعَنْلَلَ، بِيَاءٍ. والعُلْبُ والعَلِبُ: الضَّبُّ الضَّخْمُ المُسِنُّ لشدَّته. وتيْسٌ عَلِبٌ، ووَعْلٌ عَلِبٌ أَي مُسِنٌّ جاسِئٌ. وَرَجُلٌ عِلْبٌ: جافٍ غَليظٌ. وَرَجُلٌ عِلْبٌ: لَا يُطْمَع فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ كَلِمَةٍ أَو غَيْرِهَا. وإِنه لَعِلْبُ شَرٍّ أَي قَوِيٌّ عَلَيْهِ، كَقَوْلِكَ: إِنه لَحِكُّ شَرٍّ. وَيُقَالُ: تَشَنَّجَ عِلْباءُ الرجُل إِذا أَسنَّ؛ والعِلباءُ، مَمْدُودٌ: عَصَبُ العُنُق؛ قَالَ الأَزهري: الغليظُ، خَاصَّةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ العَقَبُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: العِلباءُ مُذَكَّرٌ لَا غَيْرَ. وَهُمَا عِلْباوانِ، يِمِينًا وَشِمَالًا، بَيْنَهُمَا مَنْبِتُ العُنُق؛ وإِن شِئْتَ قُلْتَ: عِلْباءَان، لأَنها هَمْزَةٌ مُلحقةٌ شُبهت بِهَمْزَةِ التأْنيث الَّتِي فِي حَمْرَاءَ، أَو بالأَصلية الَّتِي فِي كِسَاءٍ، وَالْجَمْعُ: العَلابيُّ. وعَلَبَ السيفَ والسِّكِّينَ والرُّمْحَ، يَعْلُبه ويَعْلِبُه عَلْباً، فَهُوَ مَعْلُوبٌ، وعَلَّبَه: حَزَمَ مَقْبِضَه بعِلْباءِ الْبَعِيرِ، فَهُوَ مُعَلَّبٌ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَقَدْ فَتَحَ الفُتُوحَ قومٌ، مَا كانتْ حِلْية سُيوفِهم الذَّهَبَ والفضةَ
، إِنما كَانَتْ حِلْيتُها العَلابيَّ والآنكَ؛ هُوَ جمعُ العِلْباء، وَهُوَ العَصَبُ؛ قَالَ: وَبِهِ سُمِّي الرجلُ عِلْباءً. ابْنُ الأَثير: هُوَ عَصَبٌ فِي العُنق، يأْخذ إِلى الْكَاهِلِ، وَكَانَتِ العربُ تَشُدُّ عَلَى أَجْفانِ سُيوفها العَلابيَّ الرَّطْبةَ، فَتَجِفُّ عَلَيْهَا وتَشُدُّ بِهَا الرِّماح إِذا تَصَدَّعَتْ فتَيْبَسُ، وتَقْوَى عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فظَلَّ، لثِيرانِ الصَّريم، غَماغِمٌ ... يُدَعِّسُها بالسَّمْهَرِيِّ المُعَلَّبِ
وَرُمْحٌ مُعَلَّبٌ: إِذا جُلِزَ ولُوِيَ بعَصَبِ العِلْباء. قَالَ القُتَيْبي: وَبَلَغَنِي أَن العَلابيَّ الرَّصاصُ؛ قَالَ: ولستُ مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: العَلابيُّ الرَّصاصُ أَو جِنْسٌ مِنْهُ؛ قَالَ الأَزهري: مَا عَلِمْتُ أَحداً قَالَهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَفِي حديث عُتْبة:
__________
(1) . قوله [عكدب قال الأَزهري إلخ] إن كان مراده في التهذيب كما هو المتبادر، فليس فيه إلا كعدبة بتقديم الكاف بهذا المعنى ولم يتعرض لها أحد بتقديم العين أصلًا كالمجد تبعاً للمحكم والتكملة التابعة للأَزهري. وإن تعرّض لها شارح القاموس فهو مقلد لما وقع في اللسان من غير سلف.(1/627)
كُنْتُ أَعْمِدُ إِلى البَضْعَةِ أَحْسِبُها سَناماً، فإِذا هِيَ عِلْباءُ عُنُقٍ. وعَلِبَ البعيرُ عَلَباً، وَهُوَ أَعْلَبُ وعَلِبٌ: وَهُوَ داءٌ يأْخذه فِي عِلْباوَيِ العُنُقِ، فتَرِمُ مِنْهُ الرَّقَبةُ، وتَنْحنِي. والعِلابُ: سِمَةٌ فِي طُول العُنق عَلَى العِلْباءِ؛ وَنَاقَةٌ مُعَلَّبة. وعَلْبَى عَبْدَه إِذا ثَقَبَ عِلْباءَه، وجَعَل فِيهِ خَيْطًا. وعَلْبَى الرجلُ: انْحَطَّ عِلْباواهُ كِبَراً؛ قَالَ:
إِذا المَرْءُ عَلْبَى ثُمَّ أَصبَح جِلْدُه ... كرَحْضِ غَسيلٍ، فالتَّيَمُّن أَرْوَحُ
التَّيَمُّنُ: أَن يُوضَع عَلَى يَمِينِهِ فِي الْقَبْرِ. وعِلْباء: اسْمُ رَجُلٍ، سُمِّيَ بِعِلْباءِ العُنُق؛ قَالَ:
إِنّي، لِمَنْ أَنْكرنِي، ابنُ اليَثْرِبِ، ... قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَملِ،
وابْناً لِصَوْحانَ عَلَى دِينِ علِي
أَراد: ابنَ اليَثْرِبِيِّ، والجَمَلِيِّ، وعلِيّ، فَخَفَّفَ بِحَذْفِ الياءِ الأَخيرة. والعُلْبةُ: قَدَحٌ ضخْم مِنْ جُلُودِ الإِبل. وَقِيلَ: العُلْبة مِنْ خَشَبٍ، كالقَدَحِ الضَّخْمِ يُحْلَبُ فِيهَا. وَقِيلَ: إِنها كهيئةِ القَصْعَةِ مِن جِلد، وَلَهَا طَوْق مِنْ خَشَبٍ. وَقِيلَ: مِحْلَبٌ مِنْ جِلْدٍ. وَفِي حَدِيثِ
وَفَاةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَة أَو عُلْبةٌ فِيهَا ماءٌ
؛ العُلْبة: قدحٌ مِنْ خَشَبٍ؛ وَقِيلَ: مِنْ جلدٍ وخشبٍ يُحْلَبُ فِيهِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
خَالِدٍ: أَعطاهم عُلْبَةَ الحالبِ
أَي القَدَحَ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ؛ والجمعُ: عُلَبٌ وعِلابٌ. وَقِيلَ: العِلابُ جِفانٌ تُحْلَبُ فِيهَا الناقةُ؛ قَالَ:
صاحِ، يَا صاحِ هَلْ سمعْتَ بِراعٍ ... ردَّ فِي الضَّرْعِ مَا قَرَى فِي العِلابِ؟
ويُرْوى: فِي الحِلاب. والمُعَلِّب: الَّذِي يَتَّخِذُ العُلْبة؛ قَالَ الكُمَيْتُ، يَصِفُ خَيْلًا:
سَقَتْنا دِماءَ القَوْمِ طَوْراً، وَتَارَةً ... صَبُوحاً، لَهُ أَقتارُ الجلُودِ المُعَلَّبِ «2»
قَالَ الأَزهري: العُلْبةُ جِلدة تُؤْخَذُ مِنْ جَنْبِ جِلْدِ الْبَعِيرِ إِذا سُلِخَ وَهُوَ فَطِيرٌ، فتُسَوَّى مُسْتَدِيرَةً، ثُمَّ تُمْلأُ رَمْلًا سَهْلًا، ثُمَّ تُضَمُّ أَطرافُها، وتُخَلّ بخلالٍ، ويُوكَى عَلَيْهَا مَقْبُوضَةً بحَبْل، وتُتْرَكُ حَتَّى تَجِفَّ وتَيْبَسَ، ثُمَّ يُقْطَعُ رأْسُها، وَقَدْ قَامَتْ قَائِمَةً لجَفافِها، تُشْبِه قَصْعَةً مُدَوَّرَةً، كأَنها نُحِتَتْ نَحْتاً، أَو خُرِطَتْ خَرْطاً، ويُعَلِّقُها الرَّاعِي والراكبُ فَيَحْلُب فِيهَا، ويَشْرَبُ بِهَا، وللبَدَوِيِّ فِيهَا رِفْقُ خِفَّتِها، وأَنها لَا تَنْكَسِرُ إِذا حَرَّكها البعيرُ أَو طَاحَتْ إِلى الأَرض. وعَلَبَ الشيءَ يَعْلُبه، بِالضَّمِّ، عَلْباً وعُلُوباً: أَثَّرَ فِيهِ ووسَمَه، أَو خَدَشَه. والعَلْبُ: أَثَرُ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ عُلُوبٌ. يُقَالُ ذَلِكَ فِي أَثر المِيسَمِ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ ابْنُ الرِّقاعِ يَصِفُ الرِّكاب:
يَتْبَعْنَ ناجِيةً، كأَنَّ بدَفِّها ... مِنْ غَرْضِ نَسْعَتِها، عُلُوبَ مَواسِمِ
وَقَالَ طَرَفة:
كأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ فِي دَأَياتِها ... مَوارِدُ، مِنْ خَلْقاءَ، فِي ظَهر قَرْدَدِ
وَكَذَلِكَ التَّعْلِيبُ. قَالَ الأَزهَري: العَلْبُ تأْثير كأَثرِ العِلابِ. قَالَ وَقَالَ شَمِرٌ: أَقْرَأَني ابْنُ الأَعرابي لطُفَيْلٍ
__________
(2) . قوله [لَهُ أَقْتَارُ الْجُلُودِ الْمُعَلَّبِ] كذا أنشده في المحكم وضبط لام المعلب بالفتح والكسر.(1/628)
الغَنَويّ:
نهُوضٌ بأَشْناقِ الدِّياتِ وحَمْلِها، ... وثِقْلُ الَّذِي يَجْنِي بمَنْكِبِه لَعْبُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَعْبٌ أَراد بِهِ عَلْبٌ، وَهُوَ الأَثَرُ. وَقَالَ أَبو نَصْرٍ: يَقُولُ الأَمْرُ الَّذِي يَجنِي عَلَيْهِ، وَهُوَ بِمَنْكِبِهِ، خَفيفٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه رأَى رجُلًا بأَنْفه أَثر السُّجود، فَقَالَ: لَا تَعْلُبْ صورتَك
؛ يَقُولُ: لَا تُؤَثر فِيهَا أَثراً، بشِدّةِ اتِّكائِك عَلَى أَنفِك فِي السُّجود. وطريقٌ مَعْلوبٌ: لاحِبٌ؛ وَقِيلَ: أَثَّرَ فِيهِ السابلةُ؛ قَالَ بِشْرٌ:
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها ... عَلَى كُلِّ مَعْلُوبٍ، يَثُورُ عَكُوبُها
العَكوب، بِالْفَتْحِ: الغُبارُ. يَقُولُ: كُنَّا مُقْتَدِرِينَ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ لَنَا أَذِلَّاء، كَاقْتِدَارِ الْكِلَابِ عَلَى جَرَّائِهَا. والمَعْلوبُ: الطَّرِيقُ الَّذِي يُعْلَبُ بجَنْبَتَيْه، وَمِثْلُهُ المَلْحُوبُ. والعِلْبةُ: غُصنٌ عَظِيمٌ تُتَّخَذ مِنْهُ مِقْطَرةٌ؛ قَالَ:
فِي رِجْلِه عِلْبةٌ خَشْناءُ مِنْ قَرَظٍ، ... قَدْ تَيَّمَتْه، فَبالُ المَرْءِ مَتْبُولُ
ابْنُ الأَعرابي: العُلَبُ جَمْعُ عُلْبة، وَهِيَ الجَنْبة والدَسْماءُ والسَّمْراءُ. قَالَ: والعِلْبة، وَالْجَمْعُ عِلَبٌ، أُبْنَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الشَّجَرِ، تُتَّخَذ مِنْهَا المِقْطرة. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: العُلُوبُ مَنابِتُ السِّدْرِ، والواحِدُ عِلْبٌ. وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ هؤُلاء عُلْبُوبةُ القومِ أَي خِيارُهم. وعَلِبَ السيفُ عَلَباً: تَثَلَّمَ حَدُّه. والمَعْلُوب: اسمُ سَيْفِ الحَرِثِ بْنِ ظَالِمٍ المُرِّيِّ، صفةٌ لازمَة. فإِما أَن يَكُونَ مِنَ العَلْبِ الَّذِي هُوَ الشَّدُّ، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ التَّثَلُّم، كأَنه عُلِبَ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وسَيْفُ الحَرِث المَعْلُوبُ أَرْدَى ... حُصَيْناً فِي الجَبابِرة الرَّدِينا
وَيُقَالُ: إِنما سَمَّاهُ مَعْلُوباً لِآثَارٍ كَانَتْ فِي مَتْنِه؛ وَقِيلَ: لأَنه كَانَ انْحَنَى مِنْ كَثْرَةِ مَا ضَرَبَ بِهِ، وَفِيهِ يَقُولُ:
أَنا أَبو لَيْلى، وسَيْفِي المَعْلُوبْ
وعِلْباءٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً، ... وَلَوْ أَدْرَكْتُه صَفِرَ الوِطابُ
وعُلَيْبٌ وعِلْيَبٌ: وادٍ معروفٌ، عَلَى طَرِيقِ الْيَمَنِ؛ وَقِيلَ: مَوْضِعٌ، وَالضَّمُّ أَعلى، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعَيْلٌ، بِضَمِّ الفاءِ وَتَسْكِينِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْيَاءِ غَيْرُهُ؛ قَالَ ساعدةُ بنُ جُؤَيَّةَ:
والأَثْل مِنْ سَعْيَا وحَلْيةَ مَنْزِلٍ ... والدَّوْمَ جاءَ بِهِ الشُّجُونُ فَعُلْيَبُ
واشْتَقَّه ابنُ جِنِّيٍّ مِنَ العَلْبِ الَّذِي هُوَ الأَثَرُ والحَزُّ، وَقَالَ: أَلا تَرَى أَن الوادِيَ له أَثَرٌ؟
علنب: التَّهْذِيبُ فِي الْخُمَاسِيِّ: اعْلَنْبأَ بالحِمْلِ أَي نَهَضَ بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: واعْلَنْبَى الدِّيكُ والكلبُ والهِرُّ: تَهَيَّأَ للشر، وقد يهمز.
علهب: العَلْهَبُ: التَّيْسُ مِنَ الظباءِ، الطويلُ القَرْنَيْن مِنَ الوَحْشيَّة والإِنْسِيَّة؛ قَالَ:
وعَلْهَباً مِنَ التُّيُوسِ عَلَّا(1/629)
عَلًّا أَي عَظِيماً. وَقَدْ وُصِفَ بِهِ الظَّبْيُ والثورُ الوَحْشِي؛ وأَنشد الأَزهري:
مُوَشَّى أَكارِعُه عَلْهَبا
والجمعُ عَلاهِبةٌ، زَادُوا الهاءَ عَلَى حَدِّ القَشاعِمَةِ؛ قَالَ:
إِذا قَعِسَتْ ظُهورُ بَناتِ تَيْمٍ، ... تَكَشَّفُ عَنْ عَلاهِبةِ الوُعُولِ
يقولُ: بطونُهن مِثْلُ قُرونِ الوُعُول. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِلذَّكَرِ مِنَ الظِّباء: تَيْسٌ، وعَلْهَبٌ، وهَبْرَجٌ. والعَلْهَبُ: الرجلُ الطويلُ؛ وَقِيلَ: هُوَ المُسِنُّ مِنَ النَّاسِ والظِّباءِ، والأُنثى بالهاءِ.
عنب: العِنَبُ: مَعْرُوفٌ، واحدتُه عِنَبة؛ ويُجْمَعُ العِنبُ أَيضاً عَلَى أَعناب. وَهُوَ العِنَباءُ، بِالْمَدِّ، أَيضاً؛ قَالَ:
تُطْعِمْنَ أَحياناً، وحِيناً تَسْقِينْ ... العِنَباءَ المُتَنَقَّى والتِّينْ،
كأَنها مِنْ ثَمَر البساتِينْ، ... لَا عَيْبَ، إِلَّا أَنَّهنَّ يُلْهِينْ
عَنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا وَعَنْ بعضِ الدِّينْ
وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا السِّيَراء، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ، هَذَا قَوْلُ كُرَاعٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَبَّةُ مِنَ العِنَبِ عِنَبةٌ، وَهُوَ بِنَاءٌ نَادِرٌ لأَن الأَغْلَبَ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ الجمعُ نَحْوُ قِرْد وقِرَدة، وفِيلٍ وفِيَلة، وثَوْر وثِوَرَة، إِلَّا أَنه قَدْ جاءَ لِلْوَاحِدِ، وَهُوَ قَلِيلٌ، نَحْوُ العِنَبة، والتِّوَلة، والحِبَرة، والطِّيَبة، والخِيَرة، والطِّيَرة؛ قَالَ: وَلَا أَعرف غَيْرَهُ، فإِن أَردتَ جمعَه فِي أَدنى الْعَدَدِ، جَمَعْتَهُ بالتاءِ فَقُلْتَ: عِنَبات؛ وَفِي الْكَثِيرِ: عِنَبٌ وأَعنابٌ. والعِنَبُ: الخَمْر؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ، وَزَعَمَ أَنها لُغَةٌ يَمَانِيَةٌ؛ كَمَا أَنّ الخمرَ العِنَبُ أَيضاً، فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ؛ قَالَ الرَّاعِي فِي الْعِنَبِ الَّتِي هِيَ الْخَمْرُ:
ونازَعَني بِهَا إِخوانُ صِدْقٍ ... شِواءَ الطَّيْرِ، والعِنَبَ الحَقِينَا
وَرَجُلٌ عَنَّابٌ: يَبِيعُ العِنَب. وعانِبٌ: ذُو عِنَب؛ كَمَا يَقُولُونَ: تامِرٌ ولابِنٌ أَي ذُو لَبَن وتَمْر. وَرَجُلٌ مُعَنَّبٌ، بِفَتْحِ النُّونِ: طَوِيلٌ. وإِذا كَانَ القَطِرانُ غَلِيظًا فَهُوَ: مُعَنَّبٌ؛ وأَنشد:
لَوْ أَنّ فِيهِ الحَنْظَلَ المُقَشَّبا، ... والقَطِرانَ العاتِقَ المُعَنَّبا
والعِنَبةُ: بَثْرة تَخْرُجُ بالإِنسان تُعْدِي «1» . وَقَالَ الأَزهري: تَسْمَئِدُّ، فتَرِمُ، وتَمْتَلِئُ مَاءً، وتُوجِع؛ تأْخُذُ الإِنسانَ فِي عَيْنه، وَفِي حَلْقه؛ يُقَالُ: فِي عَيْنِهِ عِنَبة. والعُنَّابُ: مِنَ الثَّمَر، مَعْرُوفٌ، الْوَاحِدَةُ عُنَّابةٌ. وَيُقَالُ لَهُ: السَّنْجَلانُ، بِلِسَانِ الْفُرْسِ، وَرُبَّمَا سُمِّيَ ثَمر الأَراك عُنَّاباً. والعُنَّابُ: العَبِيراءُ، والعُنَابُ: الجُبَيْلُ «2» الصَّغِيرُ الدقيقُ، المنتصبُ الأَسْوَدُ. والعُنَابُ: النَّبكةُ الطويلةُ فِي السماءِ الْفَارِدَةُ، المُحدَّدةُ الرأْس، يَكُونُ أَسودَ وأَحمر، وَعَلَى كُلِّ لَوْنٍ يَكُونُ؛ والغالبُ عَلَيْهِ السُّمْرة، وَهُوَ جبلٌ طَوِيلٌ فِي السماءِ، لَا يُنْبت شَيْئًا، مُسْتدير. قَالَ: والعُنابُ واحدٌ. قَالَ: وَلَا تَعُمّه أَي لَا تَجْمعه، وَلَوْ جَمَعْتَ لقلتَ: العُنُب؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَمَرَةٌ كأَنها العُنابُ
__________
(1) . قوله [تعدي] كذا بالمحكم بمهملتين من العدوى وفي شرح القاموس تغذي بمعجمتين من غذي الجرح إِذا سال.
(2) . قوله [والعناب الجبيل إلخ] هذا وما بعده بوزن غراب وما قبله بوزن رمان كما في القاموس وغيره.(1/630)
والعُنَاب: وادٍ. والعُنَابُ: جَبَلٌ بِطَرِيقِ مَكَّةَ؛ قَالَ المَرَّار:
جَعَلْنَ يَمينَهُنّ رِعانَ حَبْسٍ، ... وأَعْرَضَ، عَنْ شَمائِلها، العُنَابُ «1»
والعُنَابُ، بِالتَّخْفِيفِ: الرجلُ العظيمُ الأَنْفِ؛ قَالَ:
وأَخْرَقَ مَبْهُوتِ التَّراقِي، مُصَعَّدِ البَلاعِيمِ، ... رِخْوِ المَنْكِبَيْنِ، عُنَاب
والأَعْنَبُ: الأَنفُ الضَّخْم السَّمِجُ. والعُنَابُ: العَفَلُ. وعُنابُ المرأَة: بَظْرُها؛ قَالَ:
إِذا دَفَعَتْ عَنْهَا الفَصيلَ برجْلِها، ... بَدَا، مِنْ فُروجِ البُرْدَتَيْنِ، عُنابُها
وَقِيلَ: هُوَ مَا يُقْطَعُ مِنَ البَظْرِ. وظَبْيٌ عَنَبانٌ: نشيطٌ؛ قَالَ:
كَمَا رأَيتَ العَنَبانَ الأَشْعَبا، ... يَوْمًا، إِذا رِيعَ يُعَنِّي الطَّلَبا
الطَّلَب: اسمُ جَمْعِ طالبٍ. وَقِيلَ: العَنَبانُ الثَّقيلُ مِنَ الظِّباءِ، فَهُوَ ضِدّ؛ وَقِيلَ: هُوَ المُسِنُّ مِنَ الظِّباءِ، وَلَا فِعْلَ لَهُمَا؛ وَقِيلَ: هُوَ تَيْسُ الظِّباءِ، وجمعُه عِنْبانٌ. والعُنْبَبُ: كثرةُ الماءِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَصَبَّحَتْ، والشمسُ لَمْ تَقَضَّبِ، ... عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ العُنْبَبِ
وَيُرْوَى: تُقَضِّبِ، ويُرْوَى: نَجُوج. وعُنْبَبٌ: مَوْضِعٌ؛ وَقِيلَ: وادٍ؛ ثلاثيٌّ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. وَحَمَلَهُ ابْنُ جِنِّي عَلَى أَنه فُنْعَل؛ قَالَ: لأَنه يَعُبُّ الماءَ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي عَبَبَ. وعَنَّابٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وعَنَّابُ بْنُ أَبي حَارِثَةَ «2» : رجلٌ مِنْ طَيٍّ. والعُنابةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ عَزَّةَ:
وقُلْتُ، وَقَدْ جَعَلْنَ بِراقَ بَدْرٍ ... يَميناً والعُنابةَ عَنْ شِمالِ
وَبِئْرُ أَبي عِنَبة، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ النُّونِ، وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ: وَهِيَ بِئْرٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ،
عَرَضَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَصحابَه عندَها لمَّا سَارَ إِلى بَدْرٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ عُنابةَ بِالتَّخْفِيفِ: قارةٌ سوداءُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، كَانَ زينُ الْعَابِدِينَ يَسْكُنُهَا.
عندب: الأَزهري: المُعَنْدِبُ الغَضْبانُ؛ وأَنشد:
لَعَمْرُكَ إِنِّي، يومَ واجَهْتُ عِيرَها ... مُعِيناً، لَرَجْلٌ ثابتُ الحِلْمِ كاملُه
وأَعرَضْتُ إِعراضاً جَمِيلًا مُعَنْدِباً بعُنْقٍ، ... كَشُعْرورٍ، كثيرٍ مَواصِلُه
قَالَ: الشُّعْرورُ القِثَّاء. وقالتِ الكِلابية: المُعَنْدِبُ الغَضْبانُ؛ قَالَ: وَهِيَ أَنشدتني هَذَا الشِّعْرَ لِعَبْدٍ يُقال له وفِيقٌ.
عندلب: العَنْدَلِيبُ: طائرٌ يُصَوِّتُ أَلواناً؛ وَسَنَذْكُرُهُ فِي تَرْجَمَةِ عَنْدَلَ، لأَنه رُبَاعِيٌّ عِنْدَ الأَزهري.
عنظب: اللَّيْثُ: العُنْظُبُ الجَرادُ الذَّكَر. الأَصمعي: الذَّكَرُ مِنَ الجَراد هُوَ الحُنْظُبُ والعُنْظُبُ.
__________
(1) . قوله [رعان حبس] بكسر الحاء وفتحها كما ضبط بالشكل في المحكم وبالعبارة في ياقوت وقال هو جبل لبني أسد. ثم قال قال الأَصمعي فِي بِلَادِ بَنِي أَسَدٍ الحبس والقنان وأبان أي كسحاب فيهما إلى الرمة والحميان حمى ضرية وحمى الربذة والدو والصمان والدهناء في شق بني تميم فارجع إليه.
(2) . قوله [وَعَنَّابُ بْنُ أَبِي حَارِثَةَ] كذا في الصحاح أيضاً وقال الصاغاني: هو تصحيف. والصواب عتاب بمثناة فوقية وتبعه المجد.(1/631)
وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ العُنْظُب، والعُنْظَابُ، والعُنْظُوبُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هُوَ العُنْظُبُ، فأَما الحُنْظَبُ فذَكَرُ الخَنافس. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ عُنْظُبٌ وعُنْظَبٌ وعُنْظابٌ وعِنْظابٌ: وَهُوَ الْجَرَادُ الذَّكَرُ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي عظب.
عنكب: العَنْكَبُوتُ: دُوَيْبَّة تَنْسُجُ، فِي الهواءِ وَعَلَى رأْس الْبِئْرِ، نَسْجاً رَقِيقًا مُهَلْهَلًا، مؤَنثة، وَرُبَّمَا ذُكِّرت فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
مِمَّا يُسَدِّي العَنْكَبُوتُ إِذ خَلا
قَالَ أَبو حَاتِمٍ: أَظنه إِذ خَلا المَكانُ، والموضعُ؛ وأَما قَوْلُهُ:
كأَنَّ نَسْجَ العَنْكَبُوتِ المُرْمِلِ
فإِنما ذَكَّره لأَنه أَراد النَّسْجَ، وَلَكِنَّهُ جَرَّه عَلَى الجِوارِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: العَنْكَبُوت أُنثى، وَقَدْ يُذَكِّرها بَعْضُ الْعَرَبِ؛ وأَنشد قَوْلُهُ:
عَلَى هَطَّالِهم مِنْهُمْ بُيوتٌ، ... كأَنَّ العَنْكَبُوتَ هُوَ ابْتَناها «1»
قَالَ: والتأْنيث فِي الْعَنْكَبُوتِ أَكثر؛ وَالْجَمْعُ: العَنْكبوتاتُ، وعَنَاكِبُ، وعَنَاكِيبُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَتَصْغِيرُهَا: عُنَيْكِبٌ وعُنَيْكِيبٌ، وَهِيَ بِلُغَةِ الْيَمَنِ: عَكَنْباةٌ؛ قَالَ:
كأَنما يَسْقُطُ، مِنْ لُغامِها، ... بَيْتُ عَكَنْباةٍ عَلَى زِمامِها
وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً: عَنْكَباه وعَنْكَبُوه. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: عَنْكَباء، مُسْتَشْهِدًا عَلَى زِيَادَةِ التاءِ فِي عَنْكَبُوتٍ، فَلَا أَدري أَهو اسمٌ لِلْوَاحِدِ، أَم لِلْجَمْعِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: العَنْكَبُ الذَّكَرُ مِنْهَا، والعَنْكَبةُ الأُنثى. وَقِيلَ: العَنْكَبُ جِنْسُ العَنْكَبُوت، وَهُوَ يُذَكَّرُ ويؤَنث، أَعني العَنْكَبُوتَ. قَالَ المُبَرِّدُ: العَنْكَبُوتُ أُنثى، ويذكَّر. والعَنْزَروت أُنثى وَيُذَكَّرُ، والبُرْغُوثُ أُنثى وَلَا يُذَكَّرُ، وَهُوَ الْجَمَلُ الذَّلول؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جؤَية:
مَقَتَّ نِساءً، بِالْحِجَازِ، صَوالِحاً، ... وإِنَّا مَقَتْنا كلَّ سَوْداءَ عَنْكَبِ
قَالَ السُّكَّرِيُّ: العَنْكَبُ، هُنَا، الْقَصِيرَةُ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: يَجُوزُ أَن يَكُونَ العَنْكَبُ، هَاهُنَا، هُوَ العَنْكَبُ الَّذِي ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ أَنه لُغَةٌ فِي عَنْكَبُوت، وذَكَر مَعَهُ أَيضاً العَنْكَباء، إِلَّا أَنه وُصِفَ بِهِ، وإِن كَانَ اسْمًا لِمَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الصِّفَةِ مِنَ السَّوادِ والقِصَر، ومثلُه مِنَ الأَسماءِ المُجْراة مُجْرَى الصِّفَةِ، قَوْلُهُ:
لَرُحْتَ، وأَنتَ غِربالُ الإِهابِ
وَالْعَنْكَبُوتِ: دودٌ يَتَوَلَّدُ فِي الشُّهْد، ويَفْسُدُ عَنْهُ العَسل؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. الأَزهري: يُقَالُ للتَّيْس إِنه لمُعَنْكَبُ القَرْنِ، حَتَّى صَارَ كأَنه حَلْقةٌ. والمُشَعْنِبُ [المُشَعْنَبُ] : المُسْتقيم. الْفَرَّاءُ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ، كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً
؛ قَالَ: ضَرَبَ اللهُ بيتَ العَنْكَبُوتِ مَثَلًا لِمَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَليّاً أَنه لَا ينفعُه وَلَا يضرُّه، كَمَا أَن بَيْتَ الْعَنْكَبُوتِ لَا يَقيها حَرّاً وَلَا بَرْداً. وَيُقَالُ لبيتِ العنكبوتِ: العُكْدُبةُ.
عهب: عِهِبَّى: المُلْكِ وعِهِبَّاؤُه: زَمَانُهُ. وعِهِبَّى الشَّبابِ وعِهِبَّاؤُه: شَرْخُه. يُقَالُ: أَتيته فِي رُبَّى شَبابه، وحِدْثَى شَبابه، وعِهِبَّى شَبابه، وعِهِبَّاءِ
__________
(1) . قوله [على هطالهم] قال في التكملة هطال كشداد: جبل.(1/632)
شبابِه، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، أَي أَوّله؛ وأَنشد:
عَهْدي بسَلْمَى، وَهِيَ لَمْ تَزَوَّجِ، ... عَلَى عِهِبَّى عَيْشِها المُخَرْفَجِ
أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ عَوْهَبَه، وعَوْهَقَه إِذا ضَلَّله؛ وَهُوَ العِيهابُ والعِيهاقُ، بِالْكَسْرِ. أَبو زَيْدٍ: عَهِبَ الشيءَ وغَهِبَه، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، إِذا جَهِلَه؛ وأَنشد:
وكائنْ تَرَى مِنْ آمِلٍ جَمْعَ هِمَّةٍ، ... تَقَضَّتْ لَيالِيه، وَلَمْ تُقْضَ أَنْحُبُهْ
لُمِ المَرْءَ إِنْ جاءَ الإِساءَةَ عامِداً، ... وَلَا تُحْفِ لَوْماً إِن أَتى الذَّنْبَ يَعْهَبُهْ
أَي يَجْهَلُه. وكأَنَّ العَيْهَبَ مأْخوذٌ مِنْ هَذَا؛ وَقَالَ الأَزهري: الْمَعْرُوفُ فِي هَذَا الْغَيْنُ الْمُعْجَمَةِ، وسيُذكر فِي مَوْضِعِهِ. والعَيْهَبُ: الضعيفُ عَنْ طَلَبِ وِتْرِه، وَقَدْ حُكِيَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيضاً، وَقِيلَ: هُوَ الثَّقِيلُ مِنْ الرِّجَالِ، الوَخِمُ؛ قَالَ الشُّوَيْعِرُ:
حَلَلْتُ بِهِ وِتْرِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتي، ... إِذا مَا تَناسَى، ذَحْلَهُ، كلُّ عَيْهَبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشُوَيْعِرُ هَذَا، مُحَمَّدُ بن حُمْرانَ ابن أَبي حُمْران الجُعْفِيِّ، وَهُوَ أَحد مَنْ سُمِّي فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِمُحَمَّدٍ، وَلَيْسَ هُوَ الشُّوَيْعِرَ الْحَنَفِيَّ؛ وَالشُّوَيْعِرُ الْحَنَفِيُّ اسْمُهُ: هَانِئُ بْنُ تَوبة الشَّيْباني، وَقَدْ تُكَلَّمْنَا عَلَى المُحَمَّدِين فِي تَرْجَمَةِ حَمَدٍ؛ ورأَيت فِي بَعْضِ حَوَاشِي نُسَخِ الصِّحَاحِ الْمَوْثُوقِ بِهَا: وكساءٌ عَيْهَبٌ أَي كَثِيرُ الصُّوفِ.
عيب: ابْنُ سِيدَهْ: العَابُ والعَيْبُ والعَيْبَةُ: الوَصْمة. قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَمالوا العابَ تَشْبِيهًا لَهُ بأَلف رَمَى، لأَنها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ؛ وَهُوَ نَادِرٌ؛ وَالْجَمْعُ: أَعْيابٌ وعُيُوبٌ؛ الأَول عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
كَيْما أَعُدَّكُمُ لأَبْعَدَ منكُمُ، ... وَلَقَدْ يُجاءُ إِلى ذَوِي الأَعْيابِ
وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي: إِلى ذَوِي الأَلباب. والمَعابُ والمَعِيبُ: العَيْبُ؛ وَقَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ الطَّائيّ:
إِذا اللَّثى رَقَأَتْ بعدَ الكَرى وذَوَتْ، ... وأَحْدَثَ الرِّيقُ بالأَفْواه عَيَّابا
يَجُوزُ فِيهِ أَن يَكُونَ العَيَّابُ اسْمًا للعَيْبِ، كالقَذَّافِ والجَبَّانِ؛ وَيَجُوزُ أَن يُريدَ عَيْبَ عَيَّابٍ، فحَذَفَ الْمُضَافَ، وأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقامه. وعابَ الشيءُ والحائِطُ عَيْباً: صَارَ ذَا عَيْبٍ. وعِبْتُه أَنا، وَعَابَهُ عَيْباً وَعَابًا، وعَيَّبه وتَعَيَّبه: نَسَبه إِلى العَيب، وَجَعَلَهُ ذَا عَيْبٍ؛ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى؛ قَالَ الأَعشى:
وَلَيْسَ مُجِيراً، إِنْ أَتى الحَيَّ خائفٌ؛ ... وَلَا قائِلًا، إِلَّا هُوَ المُتَعَيَّبا
أَي وَلَا قَائِلًا القولَ المَعِيبَ إِلَّا هُوَ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها
؛ أَي أَجْعَلَها ذاتَ عَيْب، يَعْنِي السفينةَ؛ قَالَ: والمُجاوِزُ وَاللَّازِمُ فِيهِ وَاحِدٌ. وَرَجُلٌ عَيَّابٌ وعَيَّابة وعُيَبة: كَثِيرُ العَيْبِ لِلنَّاسِ؛ قَالَ:
اسْكُتْ وَلَا تَنْطِقْ، فأَنْتَ خَيّابْ، ... كُلُّك ذُو عَيْبٍ، وأَنتَ عَيَّابْ
وأَنشد ثَعْلَبٌ:
قَالَ الجَواري: مَا ذَهَبْتَ مَذْهَبا، ... وعِبْنَني وَلَمْ أَكُنْ مُعَيَّبا(1/633)
وَقَالَ:
وصاحِبٍ لِي، حَسَنِ الدُّعابه، ... لَيْسَ بِذِي عَيْبٍ، وَلَا عَيَّابَه
والمَعايبُ: العُيوبُ. وشيءٌ مَعِيبٌ ومَعْيُوبٌ، عَلَى الأَصل. وَتَقُولُ: مَا فِيهِ مَعابة ومَعابٌ أَي عَيْبٌ. وَيُقَالُ: موضعُ عَيْبٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنا الرَّجُلُ الَّذِي قَدْ عِبْتُموه، ... وَمَا فيهِ لعَيَّابٍ مَعابُ
لأَن المَفْعَلَ، مِنْ ذواتِ الثَّلَاثَةِ نَحْوَ كالَ يَكِيلُ، إِن أُريد بِهِ الِاسْمُ، مَكْسُورٌ، والمصدرُ مفتوحٌ، وَلَوْ فتحتَهما أَو كسرتَهما فِي الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ جَمِيعًا، لجازَ، لأَن الْعَرَبَ تَقُولُ: المَسارُ والمَسِيرُ، والمَعاشُ والمَعِيشُ، والمَعابُ والمَعِيبُ. وعابَ الماءُ: ثَقَبَ الشَّطَّ، فَخَرَجَ مُجاوزَه. والعَيْبة: وِعاءٌ مِنْ أَدَم، يَكُونُ فِيهَا الْمَتَاعُ، وَالْجَمْعُ عِيابٌ وعِيَبٌ، فأَما عِيابٌ فَعَلَى الْقِيَاسِ، وأَما عِيَبٌ فكأَنه إِنما جاءَ عَلَى جَمْعِ عِيبة، وَذَلِكَ لأَنه مِمَّا سَبِيلُهُ أَن يأْتي تَابِعًا لِلْكَسْرَةِ؛ وَكَذَلِكَ كلُّ مَا جاءَ مِنْ فِعْلِهِ مِمَّا عَيْنُهُ يَاءٌ عَلَى فِعَلٍ. والعَيْبَةُ أَيضاً: زَبِيل مِنْ أَدَم يُنْقَلُ فِيهِ الزرعُ المحصودُ إِلى الجَرين، فِي لُغَةِ هَمْدان. والعَيْبَةُ: مَا يُجْعَلُ فِيهِ الثِّيَابُ. وَفِي الْحَدِيثِ،
أَنه أَمْلى فِي كتابِ الصُّلْح بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُفَّارِ أَهل مَكَّةَ بالحُدَيْبية: لَا إِغْلالَ وَلَا إِسلالَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عَيْبةٌ مَكفوفةٌ.
قَالَ الأَزهري: فَسَّرَ أَبو عُبَيْدٍ الإِغْلالَ والإِسلالَ، وأَعرضَ عَنْ تَفْسِيرِ العَيْبة المكفُوفةِ. ورُوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: مَعْنَاهُ أَن بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي هَذَا الصُّلْحِ صَدْراً مَعْقُوداً عَلَى الوفاءِ بِمَا فِي الْكِتَابِ، نَقِيّاً مِنَ الغِلِّ والغَدْرِ والخَداعِ. والمَكْفُوفةُ: المُشرَجَةُ المَعْقُودة. والعربُ تَكني عَنِ الصُّدُور والقُلُوب الَّتِي تَحْتوي عَلَى الضَّمَائِرِ المُخْفاةِ: بالعِيابِ. وَذَلِكَ أَن الرجلَ إِنما يَضَعُ فِي عَيْبَته حُرَّ مَتاعِه، وصَوْنَ ثِيَابِهِ، ويَكتُم فِي صَدْرِه أَخَصَّ أَسراره الَّتِي لَا يُحِبُّ شيوعَها، فسُمِّيت الصُّدُورُ والقلوبُ عِياباً، تَشْبِيهًا بعِيابِ الثِّيَابِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وكادَتْ عِيابُ الوُدِّ منَّا ومِنكُمُ، ... وإِن قيلَ أَبناءُ العُمومَة، تَصْفَرُ
أَرادَ بعِيابِ الوُدِّ: صُدُورَهم. قَالَ الأَزهري وقرأْتُ بخَطِّ شَمِر:
وإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عَيْبَةً مَكْفُوفةً.
قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَراد بِهِ: الشَّرُّ بَيْنَنَا مَكْفُوف، كَمَا تُكَفُّ العَيْبةُ إِذا أُشرِجَتْ؛ وَقِيلَ: أَراد أَن بَيْنَهُمْ مُوادَعَةً ومُكافَّة عَنِ الْحَرْبِ، تَجْريانِ مُجْرى المَوَدَّة الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ المُتَصافِينَ الَّذِينَ يَثِقُ بعضُهم بِبَعْضٍ. وعَيْبةُ الرَّجُلِ: موضعُ سِرِّه، عَلَى المَثل. وَفِي الْحَدِيثِ: الأَنصارُ كَرِشي وعَيْبَتي أَي خاصَّتي وموضعُ سِرِّي؛ وَالْجَمْعُ عِيَبٌ مِثْلُ بَدْرَةٍ وبِدَرٍ، وعِيابٌ وعَيْباتٌ. والعِيابُ: المِنْدَفُ. قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمعه لِغَيْرِ اللَّيْثِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، فِي إِيلاءِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى نِسَائِهِ، قَالَتْ لِعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، لمَّا لامَها: مَا لِي ولكَ، يَا ابنَ الخَطَّاب، عَلَيْكَ بعَيْبَتِكَ
أَي اشْتَغِلْ بأَهْلِكَ ودَعْني. والعائبُ: الْخَاثِرُ مِنَ اللَّبَنِ؛ وَقَدْ عاب السِّقاءُ.
فصل الغين المعجمة
غبب: غِبُّ الأَمْرِ ومَغَبَّتُه: عاقبتُه وآخِرُه. وغَبَّ الأَمرُ: صارَ إِلى آخِرِهِ؛ وَكَذَلِكَ غَبَّتِ(1/634)
الأُمورُ إِذا صارتْ إِلى أَواخرها؛ وأَنشد:
غِبَّ الصَّباحِ يَحمَدُ القومُ السُّرى
وَيُقَالُ: إِن لِهَذَا العِطرِ مَغَبَّةً طَيِّبَةً أَي عَاقِبَةً. وغَبَّ: بِمَعْنَى بَعُدَ. وغِبُّ كلِّ شيءٍ: عاقبتُه. وجئتُه غِبَّ الأَمر أَي بَعْدَه. والغِبُّ: وِرْدُ يَوْمٍ، وظِمءُ آخرَ؛ وَقِيلَ: هُوَ لِيَوْمٍ وَلَيْلَتَيْنِ؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن تَرعى يَوْمًا، وتَرِدَ مِنَ الغَدِ. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: لأَضرِبَنَّكَ غِبَّ الحِمارِ وظاهرةَ الفَرس؛ فغِبُّ الْحِمَارِ: أَن يَرعى يَوْمًا ويَشرَبَ يَوْمًا، وظاهرةُ الفرَس: أَن تَشرَبَ كلَّ يَوْمٍ نصفَ النَّهَارِ. وغَبَّتِ الماشيةُ تَغبُّ غَبّاً وغُبوباً: شَرِبَت غِبّاً؛ وأَغَبَّها صاحبُها؛ وإيلُ بَنِي فُلَانٍ غابَّةٌ وغَوابُّ. الأَصمعي: الغِبُّ إِذا شَرِبَت الإِبلُ يَوْمًا، وغَبَّتْ يَوْمًا؛ يُقَالُ: شَرِبَتْ غِبّاً؛ وَكَذَلِكَ الغِبُّ مِنَ الحُمَّى. وَيُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ مُغِبُّون إِذا كَانَتْ إِبلُهم تَرِدُ الغِبَّ؛ وبعيرٌ غابٌ، وإِبلٌ غَوابُّ إِذا كَانَتْ تَرِدُ الغِبَّ. وغَبَّتِ الإِبلُ، بِغَيْرِ أَلف، تَغِبُّ غِبّاً إِذا شَرِبَتْ غِبّاً؛ وَيُقَالُ للإِبل بَعْدَ العِشر: هِيَ تَرْعى عِشْراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبْعاً، ثُمَّ كَذَلِكَ إِلى العِشرين. والغِبُّ، مِنْ وِرْدِ الماءِ: فَهُوَ أَن تَشرَبَ يَوْمًا، وَيَوْمًا لا. وغَبَّتِ الإِبلُ: مِنْ غِبِّ الوِرْدِ. والغِبُّ مِنَ الحُمَّى: أَن تأْخذ يَوْمًا وتَدَعَ آخرَ؛ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ غِبِّ الوِرْدِ، لأَنها تأْخذ يَوْمًا، وتُرَفِّه يَوْمًا؛ وَهِيَ حُمَّى غِبٌّ: عَلَى الصِّفَةِ للحُمَّى. وأَغَبَّته الحُمَّى، وأَغَبَّتْ عَلَيْهِ، وغَبَّتْ غِبّاً وغَبّاً. وَرَجُلٌ مُغِبٌّ: أَغَبَّتْهُ الحُمَّى؛ كَذَلِكَ رُوي عَنْ أَبي زَيْدٍ، عَلَى لَفْظِ الْفَاعِلِ. وَيُقَالُ: زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً. وَيُقَالُ: مَا يُغِبُّهُم بِرِّي. وأَغبَّتِ الحُمَّى وغَبَّتْ: بِمَعْنًى. وغَبَّ الطعامُ والتمرُ يَغِبُّ غَبّاً وغِبّاً وغُبُوباً وغُبُوبَةً، فَهُوَ غابٌّ: باتَ لَيْلَةً فَسَدَ أَو لَمْ يَفْسُدْ؛ وخَصَّ بعضُهم بِهِ اللحمَ. وَقِيلَ: غَبَّ الطعامُ تغيرتْ رَائِحَتُهُ؛ وَقَالَ جَرِيرٌ يَهْجُو الأَخطل:
والتَّغْلَبِيَّةُ، حِينَ غَبَّ غَبِيبُها، ... تَهْوي مَشافِرُها بشَرِّ مَشافِر
أَراد بِقَوْلِهِ: غَبَّ غَبِيبُها، مَا أَنْتَنَ مِنْ لُحوم مَيْتتها وخَنازيرها. وَيُسَمَّى اللَّحْمُ البائتُ غَابًّا وغَبِيباً. وغَبَّ فلانٌ عِنْدَنَا غَبّاً وغِبّاً، وأَغَبَّ: باتَ، وَمِنْهُ سُمِّيَ اللحمُ البائتُ: الغابَّ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رُوَيْدَ الشِّعرِ يُغِبَّ وَلَا يكونُ يُغِبُّ؛ مَعْنَاهُ: دَعْه يمكثْ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ؛ وَقَالَ نَهْشَل بنُ جُرَيٍّ:
فَلَمَّا رَأَى أَنْ غَبَّ أَمْرِي وأَمْرُه، ... ووَلَّتْ، بأَعجازِ الأُمورِ، صُدُورُ
التَّهْذِيبُ: أَغَبَّ اللحمُ، وغَبَّ إِذا أَنْتَن. وَفِي حديثِ الغِيبةِ:
فقاءَتْ لَحْمًا غَابًّا
أَي مُنْتِناً. وغَبَّتِ الحُمَّى: مِنَ الغِبِّ، بِغَيْرِ أَلف. وَمَا يُغِبُّهم لُطْفِي أَي مَا يتأَخر عَنْهُمْ يَوْمًا بَلْ يأْتيهم كلَّ يَوْمٍ؛ قَالَ:
عَلَى مُعْتَفِيه مَا تُغِبُّ فَواضلُه
وفلانٌ ما يُغِبُّنا عَطاؤُه أَي لَا يأْتينا يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ، بَلْ يأْتينا كلَّ يَوْمٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزُ:
وحُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُ
أَي كلَّ ساعةٍ. والغِبُّ: الإِتيانُ فِي الْيَوْمَيْنِ، وَيَكُونُ أَكثر.(1/635)
وأَغَبَّ القومَ، وغَبَّ عَنْهُمْ: جاءَ يَوْمًا وَتَرَكَ يَوْمًا. وأَغَبَّ عَطاؤُه إِذا لَمْ يأْتنا كلَّ يَوْمٍ. وأَغَبَّتِ الإِبلُ إِذا لَمْ تأْتِ كلَّ يَوْمٍ بلَبن. وأَغَبَّنا فلانٌ: أَتانا غِبّاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَغِبُّوا فِي عِيادَة الْمَرِيضِ وأَرْبِعُوا
؛ يَقُولُ: عُدْ يَوْمًا، ودَعْ يَوْمًا، أَو دَعْ يَوْمَيْنِ، وعُدِ اليومَ الثالثَ أَي لَا تَعُدْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ، لِما يَجِدُهُ مِنْ ثِقَل العُوَّاد. الْكِسَائِيُّ: أَغْبَبْتُ القومَ وغَبَبْتُ عَنْهُمْ، مِنَ الغِبِّ: جئْتُهم يَوْمًا، وَتَرَكْتُهُمْ يَوْمًا، فإِذا أَردت الدَّفْعَ، قُلْتَ: غَبَّبْتُ عَنْهُمْ، بِالتَّشْدِيدِ. أَبو عَمْرٍو: غَبَّ الرجلُ إِذا جاءَ زَائِرًا يَوْمًا بَعْدَ أَيام؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: غَبَّ الشيءُ فِي نَفْسِهِ يَغِبُّ غَبّاً، وأَغَبَّني: وَقَعَ بِي. وغَبَّبَ عَنِ الْقَوْمِ: دَفَع عَنْهُمْ. والغِبُّ فِي الزِّيَارَةِ، قَالَ الْحَسَنُ: فِي كُلِّ أُسبوع. يُقَالُ: زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً. قَالَ ابْنُ الأَثير: نُقِل الغِبُّ مِنْ أَوراد الإِبل إِلى الزِّيَارَةِ. قَالَ: وإِن جاءَ بَعْدَ أَيام يُقَالُ: غَبَّ الرجلُ إِذا جاءَ زَائِرًا بَعْدَ أَيام. وَفِي حَدِيثِ
هِشَامٍ: كَتَبَ إِليه يُغَبِّب عَنْ هَلاك الْمُسْلِمِينَ
أَي لَمْ يُخْبِرْه بِكَثْرَةِ مَنْ هَلَك مِنْهُمْ؛ مأْخوذ مِنَ الغِبِّ الوِرْدِ، فَاسْتَعَارَهُ لِمَوْضِعِ التَّقْصِيرِ فِي الإِعلام بكُنْه الأَمر. وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الغُبَّةِ، وَهِيَ البُلْغَةُ مِنَ العَيْش. قَالَ: وسأَلتُ فُلَانًا حَاجَةً، فَغَبَّبَ فِيهَا أَي لَمْ يُبَالِغْ. والمُغَبَّبةُ: الشاةُ تُحْلَبُ يَوْمًا، وتُتْرَك يَوْمًا. والغُبَبُ: أَطْعمة النُّفَساءِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والغَبِيبَةُ، مِنْ أَلبان الْغَنَمِ: مثلُ المُرَوَّبِ؛ وَقِيلَ: هُوَ صَبُوحُ الْغَنَمِ غُدْوةً، يُتْركُ حَتَّى يَحْلُبوا عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَمْخَضُوه مِنَ الغَدِ. وَيُقَالُ لِلرَّائِبِ مِنَ اللَّبَنِ: الغَبِيبةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الغَبِيبةُ مِنْ أَلبان الإِبل، يُحْلَبُ غُدْوة، ثُمَّ يُحْلَبُ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يُمْخَضُ مِنَ الْغَدِ. وَيُقَالُ: مياهٌ أَغْبابٌ إِذا كَانَتْ بَعِيدَةً؛ قَالَ:
يَقُولُ: لَا تُسْرِفُوا فِي أَمْرِ رِيِّكُمُ ... إِنَّ المِياهَ، بجَهْدِ الرَّكْبِ، أَغْبابُ
هؤُلاءِ قومٌ سَفْر، وَمَعَهُمْ مِنَ الماءِ مَا يَعْجِزُ عَنْ رِيِّهِم، فَهُمْ يَتَواصَوْن بِتَرْكِ السَّرَفِ فِي الماءِ. والغَبِيبُ: المسيلُ الصَّغِيرُ الضَّيِّقُ مِنْ مَتْنِ الْجَبَلِ، ومَتْنِ الأَرض؛ وَقِيلَ: فِي مُسْتَواها. والغُبُّ: الغامِضُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ:
كأَنَّها، فِي الغُبِّ ذِي الغِيطانِ، ... ذِئابُ دَجْنٍ دَائِمِ التَّهْتانِ
وَالْجَمْعُ: أَغبابٌ وغُبوبٌ وغُبَّانٌ؛ وَمِنْ كَلَامِهِمْ: أَصابنا مطرٌ سَالَ مِنْهُ الهُجَّانُ والغُبَّانُ. والهُجَّانُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والغُبُّ: الضاربُ مِنَ الْبَحْرِ «2» حَتَّى يُمْعِنَ فِي البَرِّ. وغَبَّبَ فلانٌ فِي الْحَاجَةِ: لمْ يُبَالِغْ فِيهَا. وغَبَّبَ الذئبُ عَلَى الْغَنَمِ إِذا شَدَّ عَلَيْهَا ففَرَسَ. وغَبَّبَ الفَرَسُ: دَقَّ العُنُقَ؛ والتَّغْبِيبُ أَن يَدَعَها وَبِهَا شيءٌ مِنَ الْحَيَاةِ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ: لَا تُقْبل شهادةُ ذِي تَغِبَّة
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ تَفْعِلَة، مِن غَبَّب الذِّئبُ فِي الغَنم إِذا عاثَ فِيهَا، أَو مِن غَبَّبَ، مُبَالَغَةً فِي غَبَّ الشيءُ إِذا فَسَد. والغُبَّةُ: البُلْغة مِنَ العَيْش، كالغُفَّة. أَبو عَمْرٍو: غَبْغَبَ إِذا خَانَ فِي شِرائه وبَيعِه.
__________
(2) . قوله [وَالْغُبُّ الضَّارِبُ مِنَ الْبَحْرِ] قال الصاغاني هُوَ مِنَ الأَسماء الَّتِي لَا تصريف لها.(1/636)
الأَصمعي: الغَبَبُ والغَبْغَبُ الجِلْدُ الَّذِي تَحْتَ الحَنَك. وَقَالَ اللَّيْثُ: الغَبَبُ لِلْبَقَرِ والشاءِ مَا تَدَلَّى عِنْدَ النَّصيل تَحْتَ حَنَكها، والغَبْغَبُ للدِّيكِ وَالثَّوْرِ. والغَبَبُ والغَبْغَبُ: مَا تَغَضَّنَ مِنْ جِلْدِ مَنْبِتِ العُثْنُونِ الأَسْفَلِ؛ وخَصَّ بعضُهم بِهِ الدِّيَكة والشاءَ وَالْبَقَرَ؛ وَاسْتَعَارَهُ الْعَجَّاجُ فِي الفَحل، فَقَالَ:
بذاتِ أَثناءٍ تَمَسُّ الغَبْغَبا
يَعْنِي شِقْشِقة الْبَعِيرِ. وَاسْتَعَارَهُ آخَرُ للحِرْباءِ؛ فَقَالَ:
إِذا جَعلَ الحِرْباءُ يَبْيَضُّ رأْسُه، ... وتَخْضَرُّ مِنْ شمسِ النَّهَارِ غَباغِبُهْ
الفراءُ: يُقَالُ غَبَبٌ وغَبْغَبٌ. الْكِسَائِيُّ: عَجُوزٌ غَبْغَبُها شِبْر، وَهُوَ الغَبَبُ. والنَّصِيلُ: مَفْصِلُ مَا بَيْنَ العُنُقِ والرأْس مِنْ تَحْتِ اللِّحْيَيْن. والغَبْغَبُ: المَنْحَر بِمِنًى. وَقِيلَ: الغَبْغَبُ نُصُبٌ كانَ يُذْبَحُ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَقِيلَ: كلُّ مَذْبَحٍ بِمِنًى غَبْغَبٌ. وَقِيلَ: الغَبغَبُ المَنْحَر بِمِنًى، وَهُوَ جَبَل فَخَصَّصَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
والراقِصات إِلى مِنًى فالغَبْغَبِ
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ غَبْغَبٍ، بِفَتْحِ الْغَيْنَيْنِ، وَسُكُونِ الباءِ الأُولى: مَوْضِعُ الْمَنْحَرِ بِمِنًى؛ وَقِيلَ: الْمَوْضِعُ الَّذِي كَانَ فِيهِ اللاتُ بِالطَّائِفِ. التَّهْذِيبُ، أَبو طَالِبٍ فِي قَوْلِهِمْ: رُبَّ رَمْيةٍ مِنْ غَيْرِ رامٍ؛ أَوَّلُ مَنْ قَالَهُ الحَكَمُ بنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وَكَانَ أَرْمَى أَهلِ زَمَانِهِ، فَآلَى لَيَذْبَحَنَّ عَلَى الغَبْغَب مَهاةً، فَحَمَل قوسَه وكنانتَه، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، فَقَالَ: لأَذْبَحَنَّ نَفْسِي فَقَالَ لَهُ أَخوه: اذْبَحْ مَكَانَهَا عَشْراً مِنَ الإِبل، وَلَا تَقْتُلْ نَفْسَك فَقَالَ: لَا أَظلم عَاتِرَةً، وأَتْرُكُ النافرةَ. ثُمَّ خرجَ ابنُه مَعَهُ، فرمَى بَقَرَةً فأَصابها؛ فَقَالَ أَبوه: رُبَّ رَمْيةٍ مِنْ غَير رامٍ. وغُبَّةُ، بِالضَّمِّ: فَرْخُ عُقابٍ كَانَ لَبَنِي يَشْكُر، وَلَهُ حَدِيثٌ، وَاللَّهُ تعالى أَعلم.
غثلب: غَثْلَبَ الماءَ: جَرَعَه «3» جَرْعاً شديداً.
غدب: الغُدبة: لُحْمَةٌ غَليظة شَبِيهَةٌ بالغُدَّةِ. ورجلٌ غُدُبٌّ: جافٍ غليظٌ.
غرب: الغَرْبُ والمَغْرِبُ: بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الغَرْبُ خِلافُ الشَّرْق، وَهُوَ المَغْرِبُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ
؛ أَحدُ المَغْرِبين: أَقْصَى مَا تَنْتَهي إِليه الشمسُ فِي الصَّيْفِ، والآخَرُ: أَقْصَى مَا تَنْتَهِي إِليه فِي الشتاءِ؛ وأَحدُ المَشْرقين: أَقْصى مَا تُشرِقُ مِنْهُ الشمسُ فِي الصَّيْفِ، وأَقْصَى مَا تُشْرِقُ مِنْهُ فِي الشتاءِ؛ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ الأَقْصَى والمَغْربِ الأَدْنى مائةٌ وَثَمَانُونَ مَغْرباً، وَكَذَلِكَ بَيْنَ المَشْرقين. التَّهْذِيبُ: لِلشَّمْسِ مَشْرِقانِ ومَغْرِبانِ: فأَحدُ مَشْرِقَيْهَا أَقْصَى المَطالع فِي الشتاءِ، والآخَرُ أَقصى مَطالعها فِي القَيْظ، وَكَذَلِكَ أَحدُ مَغْرِبَيْها أَقصى المَغارب فِي الشِّتاءِ، وَكَذَلِكَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ. وَقَوْلُهُ جَلَّ ثناؤُه: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ
؛ جَمعَ، لأَنه أُريد أَنها تُشْرِقُ كلَّ يومٍ مِنْ مَوْضِعٍ، وتَغْرُبُ فِي مَوْضِعٍ، إِلى انتهاءِ السَّنَةِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَرادَ مَشْرِقَ كلِّ يَوْمٍ ومَغْرِبَه، فَهِيَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ مَشْرقاً، ومائة وثمانون مغْرِباً.
__________
(3) . قوله [غثلب الماء جرعه إلخ] انفرد بهذه العبارة صاحب المحكم، فذكرها في رباعي الغين المعجمة، وتبعه ابن منظور هنا وكذلك شارح القاموس، وذكرها المجد في العين المهملة تبعاً للصاغاني التابع للتهذيب فلعله سمع بهما.(1/637)
والغُرُوبُ: غُيوبُ الشَّمْسِ. غَرَبَتِ الشمسُ تَغْرُبُ غُروباً ومُغَيْرِباناً: غابَتْ فِي المَغْرِبِ؛ وَكَذَلِكَ غَرَبَ النجمُ، وغَرَّبَ. ومَغْرِبانُ الشمسِ: حَيْثُ تَغرُبُ. وَلَقِيتُهُ مَغرِبَ الشمسِ ومُغَيْرِبانَها ومُغَيرِباناتِها أَي عِنْدَ غُروبها. وقولُهم: لَقِيتُهُ مُغَيْرِبانَ الشمسِ، صَغَّروه على غير مُكَبَّره، كأَنهم صَغَّرُوا مَغرِباناً؛ وَالْجَمْعُ: مُغَيْرِباناتُ، كَمَا قَالُوا: مَفارِقُ الرأْس، كأَنهم جَعَلُوا ذَلِكَ الحَيِّز أَجزاءً، كُلَّما تَصَوَّبَتِ الشمسُ ذَهَبَ مِنْهَا جُزْءٌ، فَجَمَعُوه عَلَى ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلا إِنَّ مَثَلَ آجالِكُم فِي آجالِ الأُمَمِ قَبْلَكم، كَمَا بَيْنَ صلاةِ العَصْر إِلى مُغَيْربانِ الشَّمْسِ
أَي إِلى وَقتِ مَغِيبها. والمَغرِبُ فِي الأَصل: مَوْضِعُ الغُروبِ ثُمَّ استُعْمِل فِي الْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ، وقياسُه الْفَتْحُ، وَلَكِنِ استُعْمِل بِالْكَسْرِ كالمَشْرِق والمسجِد. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سعيدٍ: خَطَبَنا رسولُ اللهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى مُغَيربانِ الشمسِ.
والمُغَرِّبُ: الَّذِي يأْخُذُ فِي نَاحِيَةِ المَغْرِبِ؛ قَالَ قَيْسُ بنُ المُلَوّح:
وأَصْبَحْتُ مِنْ لَيلى، الغَداة، كناظِرٍ ... مَعَ الصُّبْح فِي أَعْقابِ نَجْمٍ مُغَرِّبِ
وَقَدْ نَسَبَ المُبَرِّدُ هَذَا البيتَ إِلى أَبي حَيَّةَ النُّمَيْري. وغَرَّبَ القومُ: ذَهَبُوا فِي المَغْرِبِ؛ وأَغْرَبُوا: أَتَوا الغَرْبَ؛ وتَغَرَّبَ: أَتَى مِنْ قِبَلِ الغَرْب. والغَرْبيُّ مِنَ الشَّجَرِ: مَا أَصابته الشمسُ بحَرِّها عِنْدَ أُفُولها. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ
. والغَرْبُ: الذهابُ والتَّنَحِّي عَنِ الناسِ. وَقَدْ غَرَبَ عَنَّا يَغْرُبُ غَرْباً، وغَرَّبَ، وأَغْرَبَ، وغَرَّبه، وأَغْرَبه: نَحَّاه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَر بتَغْريبِ الزَّانِي سَنَةً إِذا لَمْ يُحْصَنْ
؛ وَهُوَ نَفْيُه عَنْ بَلَده. والغَرْبة والغَرْبُ: النَّوَى والبُعْد، وَقَدْ تَغَرَّب؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة يَصِفُ سَحَابًا:
ثُمَّ انْتَهى بَصَري وأَصْبَحَ جالِساً، ... مِنْه لنَجْدٍ، طَائفٌ مُتَغَرِّبُ
وَقِيلَ: مُتَغَرِّبٌ هُنَا أَي مِنْ قِبَل المَغْرب. وَيُقَالُ: غَرَّبَ فِي الأَرض وأَغْرَبَ إِذا أَمْعَنَ فِيهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَدْنَى تَقاذُفِه التَّغْريبُ والخَبَبُ
ويُروى التَّقْريبُ. ونَوًى غَرْبةٌ: بَعِيدَةٌ. وغَرْبةُ النَّوى: بُعْدُها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وشَطَّ وليُ النَّوَى، إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ، ... تَيَّاحةٌ غَرْبةٌ بالدَّارِ أَحْيانا
النَّوَى: المكانُ الَّذِي تَنْوي أَنْ تَأْتِيَه فِي سَفَرك. ودارُهم غَرْبةٌ: نائِيَةٌ. وأَغْرَبَ القومُ: انْتَوَوْا. وشَأْوٌ مُغَرِّبٌ ومُغَرَّبٌ، بِفَتْحِ الراءِ: بَعِيدٌ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
عَهْدَك مِنْ أُولَى الشَّبِيبةِ تَطْلُبُ ... عَلَى دُبُرٍ، هيهاتَ شَأْوٌ مُغَرِّبُ
وَقَالُوا: هَلْ أَطْرَفْتَنا مِنْ مُغَرِّبةِ خَبَرِ؟ أَي هَلْ مِنْ خَبَر جاءَ مِنْ بُعْدٍ؟ وَقِيلَ إِنما هُوَ: هَلْ مِنْ مُغَرِّبةِ خَبَرٍ؟ وَقَالَ يَعْقُوبُ إِنما هُوَ: هَلْ جاءَتْك مُغَرِّبةُ خَبَرٍ؟ يَعْنِي الخَبَر الَّذِي يَطْرَأُ عَلَيْكَ مِنْ بلَدٍ سوَى بلدِك. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَا(1/638)
عِنْدَه مِنْ مُغَرِّبةِ خَبرٍ، تَسْتَفْهِمُه أَو تَنْفِي ذَلِكَ عَنْهُ أَي طَريفةٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه قَالَ لِرَجُلٍ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنْ بَعْضِ الأَطْرافِ: هَلْ مِنْ مُغَرِّبةِ خَبَر؟
أَي هَلْ مِنْ خبَرٍ جديدٍ جاءَ مِنْ بلدٍ بعيدٍ؟ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ بِكَسْرِ الراءِ وَفَتْحِهَا، مَعَ الإِضافة فِيهِمَا. وَقَالَهَا الأُمَوِيُّ، بِالْفَتْحِ، وأَصله فِيمَا نُرَى مِنَ الغَرْبِ، وَهُوَ البُعْد؛ وَمِنْهُ قِيلَ: دارُ فلانٍ غَرْبةٌ. والخبرُ المُغْرِبُ: الَّذِي جاءَ غَرِيبًا حَادِثًا طَرِيفًا. والتغريبُ: النفيُ عَنِ الْبَلَدِ. وغَرَبَ أَي بَعُدَ؛ وَيُقَالُ: اغْرُبْ عَنِّي أَي تباعَدْ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه أَمَرَ بتَغْريبِ الزَّانِي
؛ التغريبُ: النفيُ عَنِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَتِ الجِنايةُ فِيهِ. يُقَالُ: أَغرَبْتُه وغَرَّبْتُه إِذا نَحَّيْتَه وأَبْعَدْتَه. والتَّغَرُّبُ: البُعْدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا قَالَ لَهُ: إِنَّ امرأَتي لَا تَرُدُّ يدَ لامِس، فَقَالَ: غرِّبْها
أَي أَبْعِدْها؛ يريدُ الطَّلَاقَ. وغَرَّبَت الكلابُ: أَمْعَنَتْ فِي طَلَبِ الصَّيْدِ. وغَرَّبه وغَرَّبَ عَلَيْهِ: تَرَكه بُعْداً. والغُرْبةُ والغُرْب: النُّزوحُ عَنِ الوَطَن والاغْتِرابُ؛ قَالَ المُتَلَمِّسُ:
أَلا أَبْلِغا أَفناءَ سَعدِ بْنِ مالكٍ ... رِسالةَ مَن قَدْ صَارَ، فِي الغُرْبِ، جانِبُهْ
والاغْتِرابُ والتغرُّب كَذَلِكَ؛ تَقُولُ مِنْهُ: تَغَرَّبَ، واغْتَرَبَ، وَقَدْ غَرَّبه الدهرُ. وَرَجُلٌ غُرُب، بِضَمِّ الْغَيْنِ وَالرَّاءِ، وغريبٌ: بَعِيدٌ عَنْ وَطَنِه؛ الْجَمْعُ غُرَباء، والأُنثى غَريبة؛ قَالَ:
إِذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بسُحْرةٍ ... سُهَيْلٌ، أَذاعَتْ غَزْلَها فِي الغَرائبِ
أَي فَرَّقَتْه بَيْنَهُنَّ؛ وَذَلِكَ أَن أَكثر مَنْ يَغْزِل بالأُجرة، إِنما هِيَ غريبةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُئِلَ عَنِ الغُرباء، فَقَالَ: الَّذِينَ يُحْيُونَ مَا أَماتَ الناسُ مِنْ سُنَّتِي.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدأَ، فطوبَى للغُرباءِ
؛ أَي إِنه كَانَ فِي أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الَّذِي لَا أَهل لَهُ عِنْدَهُ، لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ؛ وسيعودُ غَرِيبًا كَمَا كَانَ أَي يَقِلُّ الْمُسْلِمُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَيَصِيرُونَ كالغُرباء، فطُوبى للغُرَباء؛ أَي الجنةُ لأُولئك الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا فِي أَوّل الإِسلام، وَيَكُونُونَ فِي آخِرِهِ؛ وإِنما خَصَّهم بِهَا لصبْرهم عَلَى أَذى الْكُفَّارِ أَوَّلًا وَآخِرًا، ولُزومهم دينَ الإِسلام. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
أُمَّتِي كَالْمَطَرِ، لَا يُدْرَى أَوَّلُها خَيْرٌ أَو آخِرُها.
قَالَ: وَلَيْسَ شيءٌ مِنَ هَذِهِ الأَحاديث مُخَالِفًا لِلْآخَرِ، وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حِينَ بَدأَ كَانُوا قَلِيلًا، وَهُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَقِلُّون إِلَّا أَنهم خيارٌ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الحديثُ الْآخَرُ:
خِيارُ أُمَّتِي أَوَّلُها وآخِرُها، وَبَيْنَ ذَلِكَ ثَبَجٌ أَعْوَجُ لَيْسَ منكَ ولَسْتَ مِنْهُ.
ورَحَى اليدِ يُقال لَهَا: غَريبة، لأَنّ الْجِيرَانَ يَتعاورُونها بَيْنَهُمْ؛ وأَنشد بعضُهم:
كأَنَّ نَفِيَّ مَا تَنْفي يَداها، ... نَفِيُّ غريبةٍ بِيَدَيْ مُعِينِ
والمُعينُ: أَن يَسْتعينَ المُدير بِيَدِ رَجُلٍ أَو امرأَة، يَضَعُ يَدَهُ عَلَى يَدِهِ إِذا أَدارها. واغْتَرَبَ الرجلُ: نَكَح فِي الغَرائبِ، وتَزَوَّجَ إِلى غَيْرِ أَقاربه. وَفِي الْحَدِيثِ:
اغْتَرِبُوا لَا تُضْوُوا
أَي لَا يَتَزَوَّجُ الرجلُ الْقَرَابَةَ القريبةَ، فيجيءَ ولدُه ضاوِيّاً. والاغْتِرابُ: افتِعال مِنَ الغُرْبة؛ أَراد: تَزَوَّجُوا إِلى الْغَرَائِبِ مِنَ النساءِ غَيْرِ الأَقارب، فإِنه(1/639)
أَنْجَبُ للأَولاد. وَمِنْهُ حَدِيثُ
المُغِيرة: وَلَا غريبةٌ نَجِيبةٌ
أَي إِنها مَعَ كَوْنِهَا غَرِيبَةً، فإِنها غيرُ نَجيبةِ الأَولاد. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنّ فِيكُمْ مُغَرِّبين؛ قِيلَ: وَمَا مُغَرِّبون؟ قَالَ: الَّذِينَ يَشترِكُ فِيهِمُ الجنُ
؛ سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنه دَخَلَ فِيهِمْ عِرْقٌ غريبٌ، أَو جاؤُوا مِنْ نَسَبٍ بَعِيدٍ؛ وَقِيلَ: أَراد بِمُشَارَكَةِ الْجِنِّ فِيهِمْ أَمْرَهم إِياهم بِالزِّنَا، وتحسينَه لَهُمْ، فَجَاءَ أَولادُهم عَنْ غَيْرِ رِشْدة، وَمِنْهُ قولُه تَعَالَى: وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ. ابْنُ الأَعرابي: التغريبُ أَن يأْتي ببنينَ بِيضٍ، والتغريبُ أَن يأْتِيَ ببَنينَ سُودٍ، والتغريبُ أَن يَجْمَعَ الغُرابَ، وَهُوَ الجَلِيدُ والثَّلْج، فيأْكلَه. وأَغْرَبَ الرجلُ: صَارَ غَرِيبًا؛ حَكَاهُ أَبو نَصْرٍ. وقِدْحٌ غريبٌ: لَيْسَ مِنَ الشَّجَرِ الَّتِي سائرُ القِداحِ مِنْهَا. وَرَجُلٌ غريبٌ: لَيْسَ مِنَ الْقَوْمِ؛ ورجلٌ غريبٌ وغُرُبٌ أَيضاً، بِضَمِّ الْغَيْنِ والراءِ، وَتَثْنِيَتُهُ غُرُبانِ؛ قَالَ طَهْمانُ بْنُ عَمْرو الكِلابيّ:
وإِنيَ والعَبْسِيَّ، فِي أَرضِ مَذْحِجٍ، ... غَريبانِ، شَتَّى الدارِ، مُخْتلِفانِ
وَمَا كَانَ غَضُّ الطَّرْفِ منا سَجِيَّةً، ... ولكننا فِي مَذْحِجٍ غُرُبانِ
والغُرباءُ: الأَباعِدُ. أَبو عَمْرٍو: رَجُلٌ غَريبٌ وغَربيٌّ وشَصِيبٌ وطارِيٌّ وإِتاويٌّ، بِمَعْنًى. والغَريبُ: الغامِضُ مِنَ الْكَلَامِ؛ وكَلمة غريبةٌ، وَقَدْ غَرُبَتْ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفَرَسٌ غَرْبٌ: مُتَرامٍ بِنَفْسِهِ، مُتَتابعٌ فِي حُضْره، لَا يُنْزِعُ حَتَّى يَبْعَدَ بِفَارِسِهِ. وغَرْبُ الفَرَسِ: حِدَّتُه، وأَوَّلُ جَرْيِه؛ تَقُولُ: كفَفْتُ مِنْ غَرْبه؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
والخَيْلُ تَمْزَعُ غرْباً فِي أَعِنَّتِها، ... كالطَّيْرِ يَنْجُو مِنَ الشُّؤبُوبِ ذِي البَرَدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صوابُ إنشادِهِ: والخيلَ، بِالنَّصْبِ، لأَنه مَعْطُوفٌ عَلَى الْمِائَةَ مِنْ قَوْلِهِ:
الواهِبِ المائةَ الأَبْكارَ زَيَّنَها، ... سَعْدانٌ تُوضِحَ، فِي أَوبارِها اللِّبَدِ
والشُّؤْبُوبُ: الدَّفْعةُ مِنَ المَطر الَّذِي يَكُونُ فِيهِ البَرَدُ. والمَزْعُ: سُرْعةُ السَّيْر. والسَّعْدانُ: تَسْمَنُ عَنْهُ الإِبل، وتَغْزُر أَلبانُها، ويَطِيبُ لَحْمُهَا. وتُوضِحُ: مَوْضِعٌ. واللِّبَدُ: مَا تَلَبَّدَ مِنَ الوَبر، الواحدةُ لِبْدَة، التَّهْذِيبُ: يُقَالُ كُفَّ مِنْ غَرْبك أَي مِنْ حِدَّتك. والغَرْبُ: حَدُّ كلِّ شَيْءٍ، وغَرْبُ كلِّ شيءٍ حَدُّه؛ وَكَذَلِكَ غُرابه. وفرسٌ غَرْبٌ: كثيرُ العَدْوِ؛ قَالَ لبِيد:
غَرْبُ المَصَبَّةِ، مَحْمودٌ مَصارِعُه، ... لَاهِي النَّهارِ لسَيْرِ الليلِ مُحْتَقِرُ
أَراد بِقَوْلِهِ غرْبُ المَصَبَّة: أَنه جَوَادٌ، واسِعُ الخَيْر والعَطاء عِنْدَ المَصَبَّة أَي عِنْدَ إِعْطاءِ الْمَالِ، يُكْثِرُه كَمَا يُصَبُّ الماءُ. وعينٌ غَرْبةٌ: بعيدةُ المَطْرَح. وإِنه لغَرْبُ العَين أَي بعيدُ مَطْرَح الْعَيْنِ؛ والأُنثى غَربةُ الْعَيْنِ؛ وإِياها عَنَى الطِّرمَّاحُ بِقَوْلِهِ:
ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانَةٌ، ... غَرْبةُ العَيْنِ جَهادُ المَسَامْ
وأَغْرَبَ الرجلُ: جاءَ بشيءٍ غَرِيبٍ. وأَغْرَب عَلَيْهِ، وأَغْرَب بِهِ: صَنَع بِهِ صُنْعاً قَبِيحًا. الأَصمعي: أَغْرَب الرجلُ فِي مَنْطِقِه إِذا لَمْ يُبْقِ شَيْئاً إِلَّا تَكَلَّمَ(1/640)
بِهِ. وأَغْرَبَ الفرسُ فِي جَرْيه: وَهُوَ غَايَةُ الْإِكْثَارِ. وأَغْرَبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وجَعُه مِنْ مرضٍ أَو غَيْرِهِ. قَالَ الأَصمعي وَغَيْرُهُ: وكُلُّ مَا وَاراك وسَتَرك، فَهُوَ مُغْرِبٌ؛ وَقَالَ سَاعِدَةُ الهُذَليُّ:
مُوَكَّلٌ بسُدُوف الصَّوْم، يُبْصِرُها ... مِنَ المَغارِبِ، مَخْطُوفُ الحَشَا، زَرِمُ
وكُنُسُ الوَحْش: مَغارِبُها، لِاسْتِتَارِهَا بِهَا. وعَنْقاءُ مُغْرِبٌ ومُغْرِبةٌ، وعَنْقاءُ مُغْرِبٍ، عَلَى الإِضافة، عَنْ أَبي عَلِيٍّ: طائرٌ عَظِيمٌ يَبْعُدُ فِي طَيرانه؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الأَلفاظِ الدالةِ عَلَى غَيْرِ مَعْنًى. التَّهْذِيبُ: والعَنْقاءُ المُغْرِبُ؛ قَالَ: هَكَذَا جاءَ عَنِ العَرَب بِغَيْرِ هَاءٍ، وَهِيَ الَّتِي أَغْرَبَتْ فِي البلادِ، فَنَأَتْ وَلَمْ تُحَسَّ وَلَمْ تُرَ. وَقَالَ أَبو مَالِكٍ: العَنْقاءُ المُغْرِبُ رأْسُ الأَكمَة فِي أَعْلى الجَبَل الطَّوِيلِ؛ وأَنْكر أَن يَكُونَ طَائِرًا؛ وأَنشد:
وَقَالُوا: الْفَتَى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ، حَلَّقَتْ، ... بِهِ، المُغْرِبُ العَنْقاءُ، إِنْ لَمْ يُسَدَّدِ
وَمِنْهُ قَالُوا: طارَتْ بِهِ العَنْقاءُ المُغْرِبُ؛ قَالَ الأَزهري: حُذفت هَاءُ التأْنيث مِنْهَا، كَمَا قَالُوا: لِحْيةٌ ناصِلٌ، وَنَاقَةٌ ضَامِرٌ، وامرأَة عَاشِقٌ. وَقَالَ الأَصمعي: أَغْرَبَ الرجلُ إِغراباً إِذا جاءَ بأَمر غَرِيبٍ. وأَغْرَبَ الدابَّةُ إِذا اشْتَدَّ بياضُه، حَتَّى تَبْيَضَّ مَحاجِرُه وأَرْفاغُه، وَهُوَ مُغْرِبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
طارتْ بِهِ عَنْقاءُ مُغْرِبٌ
أَي ذَهَبَتْ بِهِ الداهيةُ. والمُغْرِبُ: المُبْعِدُ فِي الْبِلَادِ. وأَصابه سَهْمُ غَرْبٍ وغَرَبٍ إِذا كَانَ لَا يَدْري مَن رَماه. وَقِيلَ: إِذا أَتاه مِن حيثُ لَا يَدْرِي؛ وَقِيلَ: إِذا تَعَمَّد بِهِ غيرَه فأَصابه؛ وَقَدْ يُوصَف بِهِ، وَهُوَ يسكَّن وَيُحَرَّكُ، وَيُضَافُ وَلَا يُضَافُ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ والأَصمعي: بِفَتْحِ الراءِ؛ وَكَذَلِكَ سَهْمُ غَرَضٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا كَانَ واقِفاً مَعَهُ فِي غَزاةٍ، فأَصابَه سَهْمُ غَرْبٍ
أَي لَا يُعْرَفُ رَامِيهِ؛ يُقَالُ: سَهْمُ غَرْبٍ وسهمٌ غَربٌ، بِفَتْحِ الراءِ وَسُكُونِهَا، بالإِضافة وَغَيْرِ الإِضافة؛ وَقِيلَ: هُوَ بِالسُّكُونِ إِذا أَتاه مِن حيثُ لَا يَدْرِي، وَبِالْفَتْحِ إِذا رَمَاهُ فأَصاب غَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ الأَثير وَالْهَرَوِيُّ: لَمْ يَثْبُتْ عَنِ الأَزهري إِلا الْفَتْحُ. والغَرْبُ والغَرْبة: الحِدَّةُ. وَيُقَالُ لِحَدِّ السَّيْفِ: غَرْبٌ. وَيُقَالُ: فِي لِسَانِهِ غَرْبٌ أَي حِدَّة. وغَرْبُ اللسانِ: حِدَّتُه. وسيفٌ غَرْبٌ: قَاطِعٌ حَدِيدٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَيْفًا:
غَرْباً سَرِيعًا فِي العِظامِ الخُرْسِ
وَلِسَانٌ غَرْبٌ: حَديدٌ. وغَرْبُ الْفَرَسِ: حِدَّتُه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَر الصِّدِّيقَ، فَقَالَ: كانَ واللهِ بَرّاً تَقِيّاً يُصَادَى غَرْبُه
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
يُصَادَى مِنْهُ غَرْبٌ
؛ الغَرْبُ: الحِدَّةُ؛ وَمِنْهُ غَرْبُ السَّيْفِ؛ أَي كانَتْ تُدَارَى حِدَّتُه وتُتَّقَى؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ: فَسَكَّنَ مِنْ غَرْبه
؛ وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، قَالَتْ عَنْ زَيْنَبُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كُلُّ خِلالِها مَحْمودٌ، مَا خَلا سَوْرَةً مِنْ غَرْبٍ، كَانَتْ فِيهَا
؛ وَفِي حَدِيثِ
الحَسَن: سُئل عَنِ القُبلة لِلصَّائِمِ، فَقَالَ: إِني أَخافُ عَلَيْكَ غَرْبَ الشَّباب
أَي حِدَّته. والغَرْبُ: النَّشاط والتَّمادِي. واسْتَغْرَب فِي الضَّحِك، واسْتُغْرِبَ: أَكْثَرَ مِنْهُ. وأَغْرَبَ: اشْتَدَّ ضَحِكُه ولَجَّ فِيهِ. واسْتَغْرَبَ عَلَيْهِ الضحكُ، كَذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ضَحِكَ حَتَّى استَغْرَبَ
أَي بالَغَ فِيهِ. يُقال: أَغْرَبَ فِي ضَحِكه، واسْتَغْرَبَ، وكأَنه مِنَ الغَرْبِ البُعْدِ؛(1/641)
وَقِيلَ: هُوَ القَهْقهة. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: إِذا اسْتَغْرَب الرجلُ ضَحِكاً فِي الصَّلَاةِ، أَعادَ الصلاةَ
؛ قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَبي حَنِيفَةَ، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ إِعادةَ الْوُضُوءِ. وَفِي دُعاءِ ابنِ هُبَيْرَة: أَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شيطانٍ مُسْتَغْرِبٍ، وكُلِّ نَبَطِيٍّ مُسْتَعْرِبٍ؛ قَالَ الحَرْبيُّ: أَظُنُّه الَّذِي جاوَزَ القَدْرَ فِي الخُبْثِ، كأَنه مِنَ الاسْتِغْراب فِي الضَّحِك، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى المُتَناهِي فِي الحِدَّةِ، مِنَ الغَرْبِ: وَهِيَ الحِدَّةُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَا يُغْرِبُونَ الضَّحْكَ إِلَّا تَبَسُّماً، ... وَلَا يَنْسُبُونَ القولَ إِلَّا تَخَافِيَا
شَمِرٌ: أَغْرَبَ الرجلُ إِذا ضَحِكَ حَتَّى تَبْدُوَ غُروبُ أَسْنانه. والغَرْبُ: الرَّاوِيَةُ الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْمَاءُ. والغَرْبُ: دَلْو عَظِيمَةٌ مِنْ مَسكِ ثَوْرٍ، مُذَكَّرٌ، وجمعهُ غُروبٌ. الأَزهري، اللَّيْثُ: الغَرْبُ يومُ السَّقْيِ؛ وأَنشد:
فِي يَوْمِ غَرْبٍ، وماءُ الْبِئْرِ مُشْتَرَكُ
قَالَ: أُراه أَراد بِقَوْلِهِ فِي يَوْمِ غَربٍ أَي فِي يَوْمٍ يُسْقَى فِيهِ بالغَرْبِ، وَهُوَ الدَّلْوُ الْكَبِيرُ، الَّذِي يُسْتَقَى بِهِ عَلَى السَّانِيَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
فصَرَفْتُ قَصْراً، والشُّؤُونُ كأَنها ... غَرْبٌ، تَخُبُّ بِهِ القَلُوصُ، هَزِيمُ
وَقَالَ اللَّيْثُ: الغَرْبُ، فِي بَيْتِ لبيدٍ: الرَّاوية، وإِنما هُوَ الدَّلْو الكبيرةُ. وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا:
فأَخَذَ الدَّلْوَ عُمَرُ، فاسْتَحالَتْ فِي يَدِه غَرْباً
؛ الغَرْبُ، بِسُكُونِ الراءِ: الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي تُتَّخَذُ مِنْ جلدِ ثَوْرٍ، فإِذا فَتَحْتَ الرَّاءَ، فَهُوَ الْمَاءُ السَّائِلُ بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ، وَهَذَا تَمْثِيلٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَمَعْنَاهُ أَن عُمَرَ لَمَّا أَخذ الدَّلْوَ لِيَسْتَقِيَ عَظُمَتْ فِي يَدِهِ، لأَن الفُتُوح كَانَ فِي زمنه أَكْثَرَ منه فِي زَمَنِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَمَعْنَى اسْتَحالَتْ: انقلبتْ عَنِ الصِّغَر إِلى الكِبَر. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
وَمَا سُقِيَ بالغَرْبِ، فَفِيهِ نِصْفُ العُشْر.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ أَنَّ غَرْباً مِنْ جَهَنَّمَ جُعِلَ فِي الأَرض، لَآذَى نَتْنُ رِيحِه وشِدَّة حَرِّه مَا بَيْنَ المَشْرق وَالْمَغْرِبِ.
والغَرْبُ: عِرْقٌ فِي مَجْرَى الدَّمْع يَسْقِي وَلَا يَنْقَطِع، وَهُوَ كالناسُور؛ وَقِيلَ: هُوَ عرقٌ فِي الْعَيْنِ لَا يَنْقَطِعُ سَقْيُه. قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ: بِعَيْنِهِ غَرْبٌ إِذا كانت تسيل، وَلَا تَنْقَطع دُمُوعُها. والغَرْبُ: مَسِيلُ الدَّمْع، والغَرْبُ: انْهِمالُه مِنَ الْعَيْنِ. والغُرُوبُ: الدُّموع حِينَ تَخْرُجُ مِنَ الْعَيْنِ؛ قَالَ:
مَا لكَ لَا تَذْكُر أُمَّ عَمْرو، ... إِلَّا لعَيْنَيْكَ غُروبٌ تَجْرِي
واحِدُها غَرْبٌ. والغُروبُ أَيضاً: مَجارِي الدَّمْعِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: مَجارِي العَيْنِ. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: ذَكَر ابنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: كَانَ مِثَجّاً يَسِيلُ غَرْباً.
الغَرْبُ: أَحدُ الغُرُوبِ، وَهِيَ الدُّمُوع حِينَ تَجْرِي. يُقال: بعينِه غَرْبٌ إِذا سالَ دَمْعُها، وَلَمْ ينقطعْ، فشَبَّه بِهِ غَزَارَة عِلْمِهِ، وأَنه لَا يَنْقَطِعُ مَدَدُه وجَرْيُه. وكلُّ فَيْضَة مِنَ الدَّمْع: غَرْبٌ؛ وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ الْخَمْرِ. واسْتَغْرَبَ الدمعُ: سَالَ. وغَرْبَا الْعَيْنِ: مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها. وَلِلْعَيْنِ غَرْبانِ: مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها. والغَرْبُ: بَثْرة تَكُونُ فِي الْعَيْنِ، تُغِذُّ وَلَا تَرْقأُ.(1/642)
وغَرِبَت العينُ غَرَباً: وَرِمَ مَأْقُها. وَبِعَيْنِهِ غَرَبٌ إِذا كَانَتْ تَسِيلُ، فَلَا تَنْقَطِعُ دُموعُها. والغَرَبُ، مُحَرَّك: الخَدَرُ فِي الْعَيْنِ، وَهُوَ السُّلاقُ. وغَرْبُ الْفَمِ: كثرةُ ريقِه وبَلَلِه؛ وَجَمْعُهُ: غُرُوبٌ. وغُروبُ الأَسنانِ: مَناقِعُ ريقِها؛ وَقِيلَ: أَطرافُها وحِدَّتُها وماؤُها؛ قَالَ عَنترة:
إِذْ تَستَبِيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ، ... عَذْبٍ مُقَبَّلُه، لَذِيذ المَطْعَمِ
وغُروبُ الأَسنانِ: الماءُ الَّذِي يَجرِي عَلَيْهَا؛ الْوَاحِدُ: غَرْبٌ. وغُروبُ الثَّنايا: حدُّها وأُشَرُها. وَفِي حَدِيثِ
النَّابِغَةِ: تَرِفُّ غُروبُه
؛ هِيَ جَمْعُ غَرْب، وَهُوَ مَاءُ الْفَمِ، وحِدَّةُ الأَسنان. والغَرَبُ: الماءُ الَّذِي يَسِيلُ مِنَ الدَّلْو؛ وَقِيلَ: هُوَ كلُّ مَا انصَبَّ مِنَ الدَّلْوِ، مِنْ لَدُنْ رأْسِ الْبِئْرِ إِلى الحوضِ. وَقِيلَ: الغَرَبُ الماءُ الَّذِي يَقْطُر مِنَ الدِّلاءِ بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ، وَتَتَغَيَّرُ ريحُه سَرِيعًا؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الْبِئْرِ وَالْحَوْضِ، أَو حَوْلَهُما مِنَ الماءِ وَالطِّينِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأُدْرِكَ المُتَبَقَّى مِنْ ثَميلَتِه، ... وَمِنْ ثَمائِلها، واسْتُنشِئَ الغَرَبُ
وَقِيلَ: هُوَ رِيحُ الْمَاءِ وَالطِّينِ لأَنه يَتَغَيَّرُ ريحُهُ سَرِيعًا. وَيُقَالُ للدَّالج بَيْنَ الْبِئْرِ والحوْض: لَا تُغْرِبْ أَي لَا تَدْفُقِ الماءَ بَيْنَهُمَا فتَوْحَل. وأَغْرَبَ الحَوضَ والإِناءَ: ملأَهما؛ وَكَذَلِكَ السِّقاءَ؛ قَالَ بِشْر بْنُ أَبي خازِم:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، غَداةَ تَحَمَّلُوا، ... سُفُنٌ تَكَفَّأُ فِي خَليجٍ مُغْرَبِ
وأَغربَ السَّاقِي إِذا أَكثر الغَرْبَ. والإِغرابُ: كثرةُ الْمَالِ، وحُسْنُ الْحَالِ مِنْ ذَلِكَ، كأَنَّ المالَ يَمْلأُ يَدَيْ مالِكِه، وحُسنَ الْحَالِ يَمْلأُ نفسَ ذِي الْحَالِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ العِبادِيّ:
أَنتَ مِمَّا لَقِيتَ، يُبْطِرُكَ الإِغرابُ ... بالطَّيشِ، مُعْجَبٌ مَحبُورُ
والغَرَبُ: الخَمْرُ؛ قَالَ:
دَعِيني أَصْطَبِحْ غَرَباً فأُغْرِبْ ... مَعَ الفِتيانِ، إِذ صَبَحوا، ثُمُودا
والغَرَبُ: الذَّهَبُ، وَقِيلَ: الفضَّة؛ قَالَ الأَعشى:
إِذا انْكَبَّ أَزْهَرُ بَيْنَ السُّقاة، ... تَرامَوْا بِهِ غَرَباً أَو نُضارا
نَصَبَ غَرَباً عَلَى الْحَالِ، وإِن كَانَ جَوْهراً، وَقَدْ يَكُونُ تَمْيِيزًا. وَيُقَالُ الغَرَب: جامُ فِضَّةٍ؛ قَالَ الأَعشى:
فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ، كَمَا ... دَعْدَعَ سَاقِي الأَعاجِمِ الغَرَبا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيت لِلَبِيدٍ، وَلَيْسَ للأَعشى، كَمَا زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ، والرَّكاء، بِفَتْحِ الراءِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ: ومِن الناسِ مَن يَكْسِرُ الرَّاءَ، وَالْفَتْحُ أَصح. وَمَعْنَى دَعدَعَ: مَلأَ. وصَفَ ماءَينِ التَقَيا مِنَ السَّيل، فَمَلَآ سُرَّة الرَّكاء كَمَا ملأَ سَاقِي الأِعاجمِ قَدَحَ الغَرَب خمْراً؛ قَالَ: وأَما بَيْتُ الأَعشى الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الغَرَبُ بِمَعْنَى الْفِضَّةِ فَهُوَ قَوْلُهُ:
تَرامَوا بِهِ غَرَباً أَو نُضارا
والأَزهر: إِبريقٌ أَبيضُ يُعْمَلُ فِيهِ الخمرُ، وانكبابُه إِذا صُبَّ مِنْهُ فِي القَدَح. وتَراميهم بالشَّراب: هُوَ مُناوَلةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَقداحَ الخَمْر. والغَرَبُ:(1/643)
الْفِضَّةُ. والنُّضارُ: الذَّهَبُ. وَقِيلَ: الغَرَبُ والنُّضار: ضَرْبَانِ مِنَ الشَّجَرِ تُعمل مِنْهُمَا الأَقْداحُ. التَّهْذِيبُ: الغَرْبُ شَجَرٌ تُسَوَّى مِنْهُ الأَقْداحُ البِيضُ؛ والنُّضار: شَجَرٌ تُسَوَّى مِنْهُ أَقداح صُفْر، الواحدةُ: غَرْبَةٌ، وَهِيَ شَجَرة ضَخْمةٌ شَاكَّةٌ خَضراءُ، وَهِيَ الَّتِي يُتَّخَذُ مِنْهَا الكُحَيلُ، وَهُوَ القَطِرانُ، حِجازية. قَالَ الأَزهري: والأَبهَلُ هُوَ الغَرْبُ لأَنَّ القَطِرانَ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ. ابْنُ سِيدَهْ: والغَرْبُ، بِسُكُونِ الراءِ: شَجَرَةٌ ضَخْمة شَاكَّةٌ خَضْراءُ حِجازِيَّة، وَهِيَ الَّتِي يُعْمَلُ مِنْهَا الكُحيلُ الَّذِي تُهْنأُ بِهِ الإِبلُ، واحِدَتُه غَرْبة. والغَرْبُ: القَدَح، وَالْجَمْعُ أَغْراب؛ قَالَ الأَعشى:
باكَرَتْهُ الأَغْرابُ فِي سِنَةِ النَّوْمِ، ... فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيالِ
ويُروى باكَرَتْها. والغَرَبُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، وَاحِدَتُهُ غَرَبَةٌ؛ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ «4» ؛ وأَنشد:
عُودُكَ عُودُ النُّضارِ لَا الغَرَبُ
قَالَ: وَهُوَ اسْبِيدْدارْ، بِالْفَارِسِيَّةِ. والغَرَبُ: دَاءٌ يُصِيبُ الشاةَ، فيتَمَعَّط خُرْطُومُها، ويَسْقُطُ مِنْهُ شَعَرُ العَين؛ والغَرَبُ فِي الشَّاةِ: كالسَّعَفِ فِي النَّاقَةِ؛ وَقَدْ غَرِبَت الشاةُ، بِالْكَسْرِ. والغارِبُ: الكاهِلُ مِنَ الخُفِّ، وَهُوَ مَا بَيْنَ السَّنام والعُنُق، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حَبْلُكِ عَلَى غارِبكِ. وَكَانَتِ العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته، فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ لَهَا: حَبْلُك عَلَى غارِبك أَي خَلَّيتُ سَبِيلَكِ، فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ. قَالَ الأَصمعي: وَذَلِكَ أَنَّ النَّاقَةَ إِذا رَعَتْ وَعَلَيْهَا خِطامُها، أُلْقِيَ عَلَى غارِبها وتُرِكَتْ لَيْسَ عَلَيْهَا خِطام، لأَنها إِذا رأَت الخِطامَ لَمْ يُهْنِها المَرْعى. قَالَ: مَعْنَاهُ أَمْرُكِ إِلَيكِ، اعمَلي مَا شِئْتِ. والغارِب: أَعْلى مُقَدَّم السَّنام، وإِذا أُهْمِلَ البعيرُ طُرِحَ حَبلُه عَلَى سَنامه، وتُرِكَ يَذْهَبُ حَيْثُ شاءَ. وَتَقُولُ: أَنتَ مُخَلًّى كَهَذَا الْبَعِيرِ، لَا يُمْنَعُ مِنْ شيءٍ، فَكَانَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ يُطَلِّقونَ بِهَذَا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ ليَزيدَ بْنِ الأَصَمِّ: رُمِيَ بِرَسَنِك عَلَى غارِبك
أَي خُلِّيَ سَبِيلُك، فَلَيْسَ لَكَ أَحدٌ يَمْنَعُكَ عَمَّا تُرِيدُ؛ تَشْبيهاً بِالْبَعِيرِ يُوضَعُ زِمامُه عَلَى ظهرِه، ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد فِي المرْعى. وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ: حَبْلُكِ عَلَى غارِبِك أَي أَنتِ مُرْسَلةٌ مُطْلَقة، غَيْرُ مَشْدُودَةٍ وَلَا مُمْسَكة بعَقْدِ النِّكَاحِ. والغارِبانِ: مُقَدَّمُ الظهْر ومُؤَخَّرُه. وغَوارِبُ الماءِ: أَعاليه؛ وَقِيلَ: أَعالي مَوْجِه؛ شُبِّهَ بغَوارِبِ الإِبل. وَقِيلَ: غاربُ كلِّ شيءٍ أَعْلاه. اللَّيْثُ: الغارِبُ أَعْلى المَوْج، وأَعلى الظَّهر. والغارِبُ: أَعلى مُقَدَّمِ السَّنام. وبعيرٌ ذُو غارِبَين إِذا كَانَ مَا بَينَ غارِبَيْ سَنامِه مُتَفَتِّقاً، وأَكثرُ مَا يَكُونُ هَذَا فِي البَخاتِيِّ الَّتِي أَبوها الفالِجُ وأُمها عَرَبِيَّةٌ. وَفِي حَدِيثِ
الزُّبَيْرِ: فَمَا زَالَ يَفْتِلُ فِي الذِّرْوَةِ والغارِب حَتَّى أَجابَتْه عائشةُ إِلى الخُروج.
الغاربُ: مُقَدَّمُ السَّنام؛ والذِّرْوَةُ أَعلاه. أَراد: أَنه مَا زَالَ يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حَتَّى أَجابَتهُ؛ والأَصل فِيهِ: أَن الرَّجُلُ إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ، لِيَزُمَّه ويَنْقاد لَهُ، جَعَل يُمِرُّ يَدَه عَلَيْهِ، ويَمسَحُ غاربَه، ويَفتِلُ وبَرَه حَتَّى يَسْتَأْنِسَ، ويَضَعَ فِيهِ الزِّمام.
__________
(4) . قوله [قاله الجوهري] أي وضبطه بالتحريك بشكل القلم وهو مقتضى سياقه فلعله غير الغرب الذي ضبطه ابن سيدة بسكون الراء.(1/644)
والغُرابانِ: طَرَفا الوَرِكَينِ الأَسْفَلانِ اللَّذان يَلِيانِ أَعالي الفَخِذَين؛ وَقِيلَ: هُمَا رُؤُوس الوَرِكَين، وأَعالي فُرُوعهما؛ وَقِيلَ: بَلْ هُمَا عَظْمانِ رَقيقانِ أَسفل مِنَ الفَراشة. وَقِيلَ: هُمَا عَظْمانِ شاخصانِ، يَبْتَدّانِ الصُّلْبَ. والغُرابانِ، مِنَ الفَرس وَالْبَعِيرِ: حَرفا الوَرِكينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ، اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب، حَيْثُ التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى، وَالْجَمْعُ غِربانٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
يَا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ، ... خَمْسَةُ غِرْبانٍ عَلَى غُرابِ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائلَ، بَعْد مَا ... تَقَوَّبَ، عَنْ غِرْبان أَوْراكها، الخَطْرُ
أَراد: تَقَوَّبَتْ غِرْبانُها عَنِ الخَطْرِ، فَقَلَبَهُ لأَن الْمَعْنَى مَعْرُوفٌ؛ كَقَوْلِكَ: لَا يَدْخُلُ الخاتَمُ فِي إِصْبَعِي أَي لَا يَدْخُلُ إِصْبَعي فِي خاتَمي. وَقِيلَ: الغِرْبانُ أَوْراكُ الإِبل أَنْفُسها؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
سأَرْفَعُ قَوْلًا للحُصَينِ ومُنْذِرٍ، ... تَطِيرُ بِهِ الغِرْبانُ شَطْرَ المَواسم
قَالَ: الغِرْبانُ هُنَا أَوْراكُ الإِبِلِ أَي تَحْمِلُه الرواةُ إِلى الْمَوَاسِمِ. والغِرْبانُ: غِرْبانُ الإِبِلِ، والغُرابانِ: طَرَفا الوَرِك، اللَّذانِ يَكونانِ خَلْفَ القَطاةِ؛ وَالْمَعْنَى: أَن هَذَا الشِّعْرَ يُذْهَبُ بِهِ عَلَى الإِبِل إِلى المَواسم، وَلَيْسَ يُرِيدُ الغِربانَ دونَ غيرِها؛ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْآخَرُ:
وإِنَّ عِتاقَ العِيسِ، سَوْفَ يَزُورُكُمْ ... ثَنائي، عَلَى أَعْجازِهِنَّ مُعَلَّقُ
فَلَيْسَ يُرِيدُ الأَعجاز دُونَ الصُّدور. وَقِيلَ: إِنما خصَّ الأَعْجازَ والأَوْراكَ، لأَنَّ قائِلَها جَعل كِتابَها فِي قَعْبَةٍ احْتَقَبها، وشدَّها عَلَى عَجُز بَعِيرِهِ. والغُرابُ: حَدُّ الوَرك الَّذِي يَلِي الظهْرَ. والغُرابُ: الطائرُ الأَسْوَدُ، وَالْجَمْعُ أَغْرِبة، وأَغْرُبٌ، وغِرْبانٌ، وغُرُبٌ؛ قَالَ:
وأَنْتُم خِفافٌ مِثْلُ أَجْنحةِ الغُرُبْ
وغَرابِينُ: جمعُ الْجَمْعِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فلانٌ أَبْصَرُ مِنْ غُرابٍ، وأَحْذَرُ مِنْ غُرابٍ، وأَزْهَى مِنْ غُرابٍ، وأَصْفَى عَيْشاً مِنْ غُرابٍ، وأَشدُّ سَوَادًا مِنْ غُرابٍ. وإِذا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْبِ، قَالُوا: وَقَعَ فِي أَرْضٍ لَا يَطِير غُرابُها. وَيَقُولُونَ: وجَدَ تَمْرَةَ الغُرابِ؛ وَذَلِكَ أَنه يتَّبِعُ أَجودَ التَّمْر فيَنْتَقِيه. وَيَقُولُونَ: أَشْأَمُ مِنْ غُرابٍ، وأَفْسَقُ مِنْ غُراب. وَيَقُولُونَ: طارَ غُرابُ فلانٍ إِذا شَابَ رأْسُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
ولمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابنَ دَايةٍ
أَراد بابْنِ دايةٍ الغُرابَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه غيَّرَ اسمَ غُرابٍ، لمَا فِيهِ مِنَ البُعْدِ، ولأَنه مِنْ أَخْبَث الطُّيور.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، لَمَّا نَزَلَ قولُه تَعَالَى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ: فأَصْبَحْنَ عَلَى رؤوسِهِنَّ الغِرْبانُ.
شَبَّهَتِ الخُمُرَ فِي سَوَادِهَا بالغِرْبان، جَمْعِ غُراب؛ كَمَا قَالَ الْكُمَيْتُ:
كغِرْبانِ الكُروم الدوالِجِ
وَقَوْلُهُ:
زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ، ... فطَيَّرَهُ الشَّيْبُ عنِّي فَطَارَا
إِنما عَنى بِهِ شِدَّةَ سوادِ شَعَرِهِ زمانَ شَبابِه. وَقَوْلُهُ:(1/645)
فَطَيَّرَه الشَّيْبُ، لَمْ يُرِدْ أَن جَوْهَرَ الشَّعر زَالَ، لَكِنَّهُ أَراد أَنّ السَّوادَ أَزالَه الدهرُ فبَقِي الشعرُ مُبْيَضّاً. وغُرابٌ غاربٌ، عَلَى الْمُبَالَغَةِ، كَمَا قَالُوا: شِعْرٌ شاعِرٌ، ومَوتٌ مائِتٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
فازْجُرْ مِنَ الطَّيرِ الغُرابَ الغارِبا
والغُرابُ: قَذالُ الرأْس؛ يُقَالُ: شابَ غُرابُه أَي شَعَرُ قَذالِه. وغُرابُ الفأْسِ: حَدُّها؛ وَقَالَ الشَّمّاخ يَصِفُ رَجُلًا قَطَعَ نَبْعةً:
فأَنْحَى، عَلَيْهَا ذاتَ حَدٍّ، غُرابُها ... عَدُوٌّ لأَوْساطِ العِضاهِ، مُشارِزُ
وفأْسٌ حديدةُ الغُرابِ أَي حديدةُ الطَّرَف. والغرابُ: اسْمُ فرسٍ لغَنِيٍّ، عَلَى التَّشْبِيهِ بالغُرابِ مِنَ الطَّيرِ. ورِجْلُ الغُراب: ضَرْبٌ مِنْ صَرِّ الإِبلِ شديدٌ، لَا يَقْدِرُ الفَصِيلُ عَلَى أَن يَرْضَعَ مَعَهُ، وَلَا يَنْحَلُّ. وأَصَرَّ عَلَيْهِ رِجْلَ الغرابِ: ضاقَ عَلَيْهِ الأَمْرُ؛ وَكَذَلِكَ صَرَّ عليه رِجلَ الغُرابِ؛ قَالَ الكُمَيْتُ:
صَرَّ، رِجْلَ الغُرابِ، مُلْكُكَ في الناسِ ... عَلَى مَنْ أَرادَ فِيهِ الفُجُورا
وَيُرْوَى:
صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ
. ورجلَ الغرابِ: مُنْتَصِبٌ عَلَى المَصْدَر، تَقْدِيرُهُ صَرّاً، مِثْلَ صَرِّ رِجْلِ الْغُرَابِ. وإِذا ضاقَ عَلَى الإِنسان معاشُه قِيلَ: صُرَّ عَلَيْهِ رِجْلُ الغُرابِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذا رِجْلُ الغُرابِ عليَّ صُرَّتْ، ... ذَكَرْتُكَ، فاطْمأَنَّ بيَ الضَّمِيرُ
وأَغرِبةُ العَرَبِ: سُودانُهم، شُبِّهوا بالأَغْرِبَةِ فِي لَوْنِهِم. والأَغْرِبَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: عَنْترةُ، وخُفافُ بْنُ نُدْبَةَ السُّلَمِيُّ، وأَبو عُمَيرِ بنُ الحُبابِ السُّلَمِيُّ أَيضاً، وسُلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ، وهشامُ بنُ عُقْبة بنِ أَبي مُعَيْطٍ، إِلا أَنَّ هِشَامًا هَذَا مُخَضْرَمٌ، قَدْ وَلِيَ فِي الإِسلام. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وأَظُنُّهُ قَدْ وَلِيَ الصائفَةَ وبعضَ الكُوَر؛ وَمِنَ الإِسلاميين: عبدُ اللَّهِ بنُ خَازِمٍ، وعُمَيْرُ بنُ أَبي عُمَير بنِ الحُبابِ السُّلَمِيُّ، وهمّامُ بنُ مُطَرِّفٍ التَّغْلَبِيّ، ومُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ، ومَطَرُ بْنُ أَوْفى المازِنيّ، وتأَبَّطَ شَرّاً، والشّنْفَرَى «1» ، وحاجِزٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كُلُّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ: وَلَمْ يَنْسُبْ حَاجِزًا هَذَا إِلى أَب وَلَا أُم، وَلَا حيٍّ وَلَا مكانٍ، وَلَا عَرَّفَه بأَكثر مِنْ هَذَا. وَطَارَ غرابُها بجَرادتِكَ: وَذَلِكَ إِذا فَاتَ الأَمْرُ، وَلَمْ يُطْمَعْ فِيهِ؛ حكاهُ ابنُ الأَعرابي. وأَسودُ غُرابيٌّ وغِرْبيبٌ: شديدُ السوادِ؛ وقولُ بِشْر بْنُ أَبي خَازِمٍ:
رأَى دُرَّة بَيْضاءَ، يَحْفِلُ لَوْنَها ... سُخامٌ، كغِرْبانِ البَريرِ، مُقَصَّبُ
يَعْنِي بِهِ النَّضِيجَ مِنْ ثَمَر الأَراك. الأَزهري: وغُرابُ البَرِيرِ عُنْقُودُه الأَسْوَدُ، وَجَمْعُهُ غِرْبانٌ، وأَنشد بَيْتَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ؛ وَمَعْنَى يَحْفِلُ لَوْنَها: يَجْلُوه؛ والسُّخَامُ: كُلُّ شيءٍ لَيِّن مِنْ صُوفٍ، أَو قُطْنٍ، أَو غَيْرِهِمَا، وأَراد بِهِ شِعْرَهَا؛ والمُقَصَّبُ: المُجَعَّدُ. وإِذا قُلْتَ: غَرابيبُ سُودٌ، تَجْعَلُ السُّودَ بَدَلًا مِنْ غَرابيب لِأَن تَوْكِيدَ الأَلوان لَا يتقدَّم. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن اللَّهَ يُبْغِضُ الشيخَ الغِرْبِيبَ
؛ هو
__________
(1) . ليس تأبّط شراً والشنفرى من الإِسلاميين وإنما هما جاهليّان.(1/646)
الشديدُ السَّوَادِ، وجمعُه غَرابيبُ؛ أَراد الَّذِي لَا يَشيبُ؛ وَقِيلَ: أَراد الَّذِي يُسَوِّدُ شَيْبَه. والمَغارِبُ: السُّودانُ. والمَغارِبُ: الحُمْرانُ. والغِرْبِيبُ: ضَرْبٌ مِنَ العِنَب بِالطَّائِفِ، شديدُ السَّوادِ، وَهُوَ أَرَقُّ العِنَب وأَجْوَدُه، وأَشَدُّه سَواداً. والغَرَبُ: الزَّرَقُ فِي عَيْنِ الفَرس مَعَ ابْيضاضِها. وعينٌ مُغْرَبةٌ: زَرْقاءُ، بيضاءُ الأَشْفارِ والمَحاجِر، فإِذا ابْيَضَّتْ الحَدَقةُ، فَهُوَ أَشدُّ الإِغرابِ. والمُغْرَبُ: الأَبيضُ؛ قَالَ مُعَاوية الضَّبِّيُّ:
فَهَذَا مَكاني، أَو أَرَى القارَ مُغْرَباً، ... وَحَتَّى أَرَى صُمَّ الجبالِ تَكَلَّمُ
وَمَعْنَاهُ: أَنه وَقَعَ فِي مَكَانٍ لَا يَرْضاه، وَلَيْسَ لَهُ مَنْجًى إِلّا أَن يَصِيرَ القارُ أَبيضَ، وَهُوَ شِبه الزِّفْتِ، أَو تُكَلِّمَه الجبالُ، وَهَذَا مَا لَا يَكُونُ وَلَا يَصِحُّ وُجُودُهُ عَادَةً. ابْنُ الأَعرابي: الغُرْبةُ بَيَاضٌ صِرْفٌ، والمُغْرَبُ مِنَ الإِبل: الَّذِي تَبْيَضُّ أَشْفارُ عَيْنَيْه، وحَدَقَتاه، وهُلْبُه، وكلُّ شَيْءٍ مِنْهُ. وَفِي الصِّحَاحِ: المُغْرَبُ الأَبيضُ الأَشْفارِ مِنْ كُلِّ شيءٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
شَرِيجَانِ مِنْ لَوْنَيْنِ خِلْطانِ، مِنْهُمَا ... سَوادٌ، وَمِنْهُ واضِحُ اللَّوْنِ مُغْرَبُ
والمُغْرَبُ مِنَ الخَيل: الَّذِي تَتَّسِعُ غُرَّتُه فِي وجهِه حَتَّى تُجاوِزَ عَيْنَيْه. وَقَدْ أُغْرِبَ الفرسُ، عَلَى مَا لَمْ يُسمَّ فَاعِلُهُ، إِذا أَخَذَتْ غُرَّتُه عَيْنَيْهِ، وابْيَضَّت الأَشفارُ؛ وَكَذَلِكَ إِذا ابيضتْ مِنَ الزَّرَق أَيضاً. وَقِيلَ: الإِغرابُ بياضُ الأَرْفاغ، مِمَّا يَلي الخاصرةَ. وَقِيلَ: المُغْرَب الَّذِي كلُّ شَيْءٍ مِنْهُ أَبيضُ، وَهُوَ أَقْبَحُ الْبَيَاضِ. والمُغْرَبُ: الصُّبْح لِبَيَاضِهِ، والغُرابُ: البَرَدُ، لِذَلِكَ. وأُغْرِبَ الرجلُ: وُلِدَ لَهُ وَلدٌ أَبيضُ. وأُغْرِبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وَجَعُه؛ عَنِ الأَصمعي: والغَرْبِيُّ: صِبْغٌ أَحْمَرُ. والغَرْبيُّ: فَضِيخُ النبيذِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغَرْبِيُّ يُتَّخَذُ مِنَ الرُّطَب وَحْده، وَلَا يَزال شارِبُه مُتَماسِكاً، مَا لَمْ تُصِبْه الريحُ، فإِذا بَرَزَ إِلى الهواءِ، وأَصابتْه الريحُ، ذَهَبَ عقلُه؛ وَلِذَلِكَ قَالَ بعضُ شُرَّابه:
إِنْ لَمْ يكنْ غَرْبِيُّكُم جَيِّداً، ... فنحنُ باللهِ وبالرِّيحِ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: اخْتُصِمَ إِليه فِي مَسيلِ المَطَر، فَقَالَ: المَطَرُ غَرْبٌ، والسَّيْلُ شَرْقٌ
؛ أَراد أَن أَكثر السَّحاب يَنْشَأُ مِنْ غَرْبِ القِبْلَة، والعَيْنُ هُنَاكَ، تَقُولُ العربُ: مُطِرْنا بالعَيْن إِذا كَانَ السحابُ نَاشِئًا مِنْ قِبْلة العِراق. وَقَوْلُهُ:
والسَّيْل شَرْقٌ
، يُرِيدُ أَنه يَنْحَطُّ مِنْ ناحيةِ المَشْرِقِ، لأَن ناحيةَ الْمَشْرِقِ عاليةٌ، وَنَاحِيَةَ الْمَغْرِبِ مُنْحَطَّة، قَالَ ذَلِكَ القُتَيْبي؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَعَلَّهُ شَيْءٌ يَخْتَصُّ بِتِلْكَ الأَرض، الَّتِي كَانَ الخِصام فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يزالُ أَهلُ الغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ
؛ قِيلَ: أَراد بِهِمْ أَهلَ الشَّامِ، لأَنهم غَرْبُ الْحِجَازِ؛ وَقِيلَ: أَراد بِالْغَرْبِ الحِدَّةَ والشَّوْكَةَ، يُرِيدُ أَهلَ الْجِهَادِ؛ وَقَالَ ابْنُ الْمَدَائِنِيِّ: الغَرْبُ هُنَا الدَّلْوُ، وأَراد بِهِمُ العَرَبَ لأَنهم أَصحابها، وَهُمْ يَسْتَقُون بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
الْحَجَّاجِ: لأَضْرِبَنَّكم ضَرْبةَ غَرائبِ الإِبلِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبه لنَفْسه مَعَ رَعِيَّتِهِ يُهَدِّدُهم، وَذَلِكَ أَن الإِبل إِذا وَرَدَتِ الْمَاءَ، فدَخَلَ(1/647)
عَلَيْهَا غَريبةٌ مِنْ غَيْرِهَا، ضُرِبَتْ وطُرِدَتْ حَتَّى تَخْرُجَ عَنْهَا. وغُرَّبٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فِي إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
ابْنُ سِيدَهْ: وغُرَّبٌ: بِالتَّشْدِيدِ، جَبَلٌ دُونَ الشَّامِ، فِي بِلَادِ بَنِي كَلْبٍ، وَعِنْدَهُ عَيْنُ مَاءٍ يُقَالُ لَهَا: الغُرْبة، والغُرُبَّةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. والغُراب: جَبَلٌ؛ قَالَ أَوْسٌ:
فَمُنْدَفَعُ الغُلَّان غُلَّانِ مُنْشِدٍ، ... فنَعْفُ الغُرابِ، خُطْبُه فأَساوِدُهْ
والغُرابُ والغَرابةُ: مَوْضعان «2» ؛ قَالَ ساعدةُ بنُ جُؤَيَّةَ:
تذَكَّرْتُ مَيْتاً، بالغَرابةِ، ثاوِياً، ... فَمَا كانَ لَيْلِي بَعْدهُ كادَ يَنْفَدُ
وَفِي تَرْجَمَةِ غرن فِي النِّهَايَةِ ذِكْرُ غُران: هُوَ بِضَمِّ الْغَيْنِ، وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ: وادٍ قريبٌ مِنَ الحُدَيْبية، نَزَلَ بِهِ سيدُنا رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مَسِيرِهِ، فأَما غُرابٌ بالباءِ، فَجَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ. والغُرابُ: فرسُ البَراءِ بنِ قَيْسٍ. والغُرابِيُّ: ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ؛ عَنْ أَبي حنيفة.
غسلب: الغَسْلَبة: انْتِزاعُكَ الشيءَ مِنْ يَدِ الإِنسان، كالمُغْتَصِبِ له.
غشب: الغَشْبُ: لُغَةٌ فِي الغَشْم؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسب أَن الغَشَبَ مَوْضِعٌ، لأَنهم قَدْ سَمَّوْا غَشَبِيّاً، فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَنْسُوبًا إِليه.
غشرب: الغَشَرَّبُ: الأَسد. ورجلٌ غُشارِبٌ: جَريءٌ ماضٍ، وَالْعَيْنُ لُغَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تقدّم.
غصب: الغَصْبُ: أَخْذُ الشيءِ ظُلْماً. غَصَبَ الشيءَ يَغْصِبُه غَصْباً، واغْتَصَبَه، فَهُوَ غاصِبٌ، وغَصَبه عَلَى الشيءِ: قَهَره، وغَصَبَه مِنْهُ. والاغْتِصابُ مِثْلُه، والشَّيْءُ غَصْبٌ ومَغْصُوب. الأَزهري: سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ: غَصَبْتُ الجِلْدَ غَصْباً إِذا كَدَدْتَ عَنْهُ شَعَرَه، أَو وَبَره قَسْراً، بِلا عَطْن فِي الدِّباغِ، وَلَا إِعْمالٍ فِي نَدًى أَو بَوْلٍ، وَلَا إِدراج. وَتَكَرَّرَ فِي الحديثِ ذِكْرُ الغَصْبِ، وَهُوَ أَخْذُ مالِ الغَيْرِ ظُلْماً وعُدْواناً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه غَصَبَها نَفْسَها
: أَراد أَنه واقَعَها كُرْهاً، فاستعاره للجِماعِ
. غضب: الغَضَبُ: نَقِيضُ الرِّضَا. وَقَدْ غَضِبَ عَلَيْهِ غَضَباً ومَغْضَبَةً، وأَغْضَبْتُه أَنا فَتَغَضَّبَ. وغَضِبَ لَهُ: غَضِبَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَجله، وَذَلِكَ إِذا كَانَ حَيّاً، فإِن كَانَ مَيِّتًا قُلْتَ: غَضِبَ بِهِ؛ قَالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة يَرْثِي أَخاه عَبْدَ اللَّهِ:
فإِن تُعْقِب الأَيامُ والدَّهْرُ، فاعْلَمُوا، ... بَنِي قَارِبٍ، أَنَّا غِضَابٌ بمَعْبَدِ
«3» وإِنْ كانَ عبدُ اللَّهِ خَلَّى مَكانَه، ... فَمَا كانَ طَيَّاشاً وَلَا رَعِشَ اليَدِ
قَوْلُهُ مَعْبد يَعْنِي عبدَ اللَّهِ، فاضْطُرَّ. ومَعْبَدٌ: مُشْتَقٌّ مِنَ العَبْدِ، فَقَالَ: بمَعْبَدٍ، وإِنما هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصِّمَّة أَخوه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ
يَعْنِي اليهود.
__________
(2) . قوله [والغُراب والغَرابة موضعان] كذا ضبط ياقوت الأَول بضمه والثاني بفتحه وأنشد بيت ساعدة.
(3) . قوله [فاعلموا] كذا أنشده في المحكم وأنشده في الصحاح والتهذيب تعلموا.(1/648)
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الغَضَبُ، مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، شيءٌ يُداخِل قُلُوبَهم؛ وَمِنْهُ مَحْمُودٌ وَمَذْمُومٌ، فَالْمَذْمُومُ مَا كَانَ فِي غَيْرِ الْحَقِّ، وَالْمَحْمُودُ مَا كَانَ فِي جَانِبِ الدِّينِ وَالْحَقِّ؛ وأَما غَضَبُ اللَّهِ فَهُوَ إِنكاره عَلَى مَنْ عَصَاهُ، فَيُعَاقِبُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمَفَاعِيلُ، إِذا وَلِيَتْها الصفاتُ، فإِنك تُذَكِّر الصِّفَاتِ وَتَجْمَعُهَا وَتُؤَنِّثُهَا، وَتَتْرُكُ الْمَفَاعِيلَ عَلَى أَحوالها؛ يُقَالُ: هُوَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِ، وَهِيَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهَا. وَقَدْ تَكَرَّرَ الْغَضَبُ فِي الْحَدِيثِ مِن اللَّهِ ومِن النَّاسِ، وَهُوَ مِن اللَّهِ سُخْطُه عَلَى مَن عَصاه، وإِعْراضُه عَنْهُ، وَمُعَاقَبَتُهُ لَهُ. ورجلٌ غَضِبٌ، وغَضُوبٌ، وغُضُبٌّ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وغُضُبَّة وغَضُبَّة؛ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ، وغَضْبانُ: يَغْضَبُ سَرِيعًا، وَقِيلَ: شَدِيدُ الغَضَب. والأُنثى غَضْبَى وغَضُوبٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ «1»
وَالْجَمْعُ: غِضَابٌ وغَضَابَى، عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وغُضابَى مِثْلُ سَكْرَى وسُكارى؛ قَالَ:
فإِنْ كُنْتُ لَمْ أَذكُرْكِ، والقومُ بَعْضُهُمْ ... غُضَابَى عَلَى بَعْضٍ، فَما لِي وذَائِمُ
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: فلانٌ غَضْبانُ إِذا أَردتَ الحالَ، وَمَا هُوَ بغَاضِبٍ عَلَيْكَ أَن تَشْتِمَه. قَالَ: وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي هَذِهِ الْحُرُوفِ، وَمَا أَشبهها، إِذا أَردتَ أفْعَلُ ذَاكَ، إِن كنتَ تُريدُ أَن تَفْعَلَ. وَلُغَةُ بَنِي أَسد: امرأَةٌ غَضْبَانةٌ ومَلآنة، وأَشباهُها. وَقَدْ أَغْضَبَه، وغاضَبْتُ الرجلَ أَغْضَبْتُه، وأَغْضَبَنِي، وغَاضَبه: راغَمه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً
؛ قِيلَ: مُغاضِباً لِرَبِّهِ، وَقِيلَ: مُغاضِباً لِقَوْمِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَوَّل أَصَحُّ لأَن العُقُوبة لَمْ تَحِلَّ بِهِ إِلَّا لمُغاضَبَتِه رَبَّه؛ وَقِيلَ: ذَهَبَ مُراغِماً لِقَوْمِهِ. وامرأَةٌ غَضُوبٌ أَي عَبُوس. وَقَوْلُهُمْ: غَضَبَ الخَيْلُ عَلَى اللُّجُم؛ كَنَوْا بغَضَبِها، عَنْ عَضِّها عَلَى اللُّجُم، كأَنها إِنما تَعَضُّها لِذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
تَغْضَبُ أَحْياناً عَلَى اللِّجامِ، ... كغَضَبِ النارِ عَلَى الضِّرَامِ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: تَعَضُّ عَلَى اللِّجامِ مِنْ مَرَحِها، فكأَنها تَغْضَبُ، وجَعَلَ لِلنَّارِ غَضَباً، عَلَى الِاسْتِعَارَةِ، أَيضاً، وإِنما عَنى شِدَّةَ الْتِهَابِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً؛ أَي صَوْتاً كصَوْتِ المُتَغَيِّظ، وَاسْتَعَارَهُ الرَّاعِي للقِدْرِ، فَقَالَ:
إِذا أَحْمَشُوها بالوَقودِ تَغَضَّبَتْ ... عَلَى اللَّحْمِ، حَتَّى تَتْرُكَ العَظْمَ بادِيا
وإِنما يُرِيدُ: أَنها يَشتَدُّ غَلَيانُها، وتُغَطْمِطُ فيَنضَجُ مَا فِيهَا حَتَّى يَنْفَصِلَ اللحمُ مِنَ الْعَظْمِ. وَنَاقَةٌ غَضُوبٌ: عَبُوسٌ، وَكَذَلِكَ غَضْبى؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
يَنْباعُ مِنْ ذِفْرى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ، ... زَيَّافةٍ مِثلِ الفَنِيقِ المُقْرَمِ
وَقَالَ أَيضاً:
هِرٌّ جَنِيبٌ، كلَّما عَطَفَتْ لَهُ ... غَضْبى، اتَّقاها باليَدَيْنِ وبالفَمِ
والغَضُوبُ: الحَيَّة الْخَبِيثَةُ. والغُضابُ: الجُدَرِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ دَاءٌ آخَرُ يَخرُجُ وَلَيْسَ بالجُدَرِيِّ.
__________
(1) . قوله [وحب من إلخ] ضبط في التكملة حب بفتح الحاء ووضع عليها صح.(1/649)
وَقَدْ غَضِبَ جِلدُه غَضَباً، وغُضِبَ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وغُضِبَ؛ بِصِيغَةِ فُعِلَ الْمَفْعُولِ، أَكثر. وَإِنَّهُ لَمَغْضُوبُ البَصَر أَي الجِلدِ، عَنْهُ. وأَصْبَح جِلدُه غَضَبةً وَاحِدَةً، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: غَضَبةً وَاحِدَةً وغَضْبةً وَاحِدَةً أَي أَلبَسَه الجُدَرِيُّ. الْكِسَائِيُّ: إِذا أَلبَسَ الجُدَرِيُّ جِلدَ المَجدُورِ، قِيلَ: أَصبحَ جِلدُه غَضْبةً وَاحِدَةً؛ قَالَ شَمِرٌ: رَوَى أَبو عُبَيْدٍ هَذَا الْحَرْفَ، غَضْنةً، بِالنُّونِ، وَالصَّحِيحُ غَضْبةً بِالْبَاءِ، وجَزْم الضَّادِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: المَغْضُوبُ الَّذِي قَد رَكِبَه الجُدَرِيُّ. وغُضِبَ بَصَرُ فُلَانٍ إِذا انْتَفَخَ مِنْ داءٍ يُصيبه، يُقَالُ لَهُ: الغُضابُ والغِضابُ. والغَضْبةُ بَخْصةٌ تَكُونُ فِي الجَفْنِ الأَعْلى خِلْقةً. وغَضِبَتْ عينُه وغُضِبَتْ «1» : وَرِمَ مَا حَوْلها. الْفَرَّاءُ: الغُضابيُّ الكَدِرُ فِي مُعاشَرته ومُخالَقته، مأْخوذ مِنَ الغُضاب، وَهُوَ القَذَى فِي الْعَيْنَيْنِ. والغَضْبةُ: الصَّخْرةُ الصُّلْبةُ المُرَكَّبةُ فِي الجَبلِ، المُخالِفَةُ لَهُ؛ قَالَ:
أَو غَضْبة فِي هَضْبةٍ مَا أَرْفَعا
وَقِيلَ: الغَضْبُ والغَضْبةُ صَخْرة رَقِيقَةٌ؛ والغَضْبةُ: الأَكَمة؛ والغَضْبة: قِطْعةٌ مِنْ جِلْدِ الْبَعِيرِ، يُطْوَى بعضُها إِلى بَعْضٍ، وتُجْعَلُ شَبِيهًا بالدَّرَقة. التَّهْذِيبُ: الغَضْبةُ جنَّة تُتَّخذ مِنْ جُلود الإِبل، تُلْبَسُ لِلْقِتَالِ. والغَضْبةُ: جِلْدُ المُسِنِّ مِنَ الوُعُول، حِينَ يُسْلَخ؛ وَقَالَ البُرَيْقُ الهُذَليُّ:
فَلَعَمْرُ عَرْفِكَ ذِي الصُّماحِ، كَمَا ... غَضِبَ الشِّفارُ بغَضْبةِ اللِّهْمِ
وَرَجُلٌ غُضَابٌ: غَلِيظُ الجِلْدِ. والغَضْبُ: الثَّوْرُ. والغَضْبُ: الأَحمر الشَّدِيدُ الحُمْرة. وأَحمرُ غَضْبٌ: شديدُ الحُمْرة؛ وَقِيلَ هُوَ الأَحْمر فِي غِلَظٍ؛ ويُقَوِّيه مَا أَنشده ثَعْلَبٌ:
أَحْمَرُ غَضْبٌ لَا يُبالي مَا اسْتَقَى، ... لَا يُسْمِعُ الدَّلْوَ، إِذا الوِرْدُ التَقَى
قَالَ: لَا يُسْمِعُ الدَّلْوَ: لَا يُضَيِّقُ فِيهَا حَتَّى تَخِفَّ، لأَنه قَوِيٌّ عَلَى حَمْلها. وَقِيلَ: الغَضْبُ الأَحْمَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وغَضُوبُ والغَضُوبُ: اسْمُ امرأَة؛ وأَنشد بَيْتَ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، ... وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ
وَقَالَ:
شابَ الغُرابُ، وَلَا فُؤَادُكَ تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ، وَلَا عِتابك يُعْتِبُ
فمَن قَالَ غَضُوب، فَعَلَى قولِ مَنْ قَالَ حَارِثٌ وعَبَّاس، ومَن قَالَ الغَضُوب، فَعَلَى مَنْ قَالَ الْحَارِثُ وَالْعَبَّاسُ. ابْنُ سِيدَهْ: وغَضْبَى اسْمٌ لِلْمِائَةِ مِنَ الإِبل، حَكَاهُ الزَّجَّاجِيُّ فِي نَوَادِرِهِ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ لَا تُنوَّن، وَلَا يَدخلُها الأَلف وَاللَّامُ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ومُسْتَخْلِفٍ، مِنْ بَعْدِ غَضْبَى، صَريمةً، ... فأَحْرِ بِهِ لِطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيا
وَقَالَ: أَراد النُّونَ الْخَفِيفَةَ فَوَقَفَ. وَوَجَدْتُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَاشِيَةً: هَذِهِ الْكَلِمَةُ تَصْحِيفٌ مِنَ الْجَوْهَرِيِّ ومِن جَمَاعَةٍ، وأَنها غَضْيا، بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِهَا مَقْصُورَةً، كأَنها شُبِّهَتْ فِي كَثْرَتِهَا بِمَنْبَتٍ، وَنُسِبَ هَذَا التَّشْبِيهُ لِيَعْقُوبَ. وَعَنْ أَبي عَمْرٍو: الغَضْيا،
__________
(1) . قوله و [غَضِبَتْ عينه وغُضِبَتْ] أي كسَمِعَ وعُنِيَ كما في القاموس وغيره.(1/650)
وَاسْتَشْهَدَ بِالْبَيْتِ أَيضاً. والغِضابُ: مَكَانٌ بِمَكَّةَ؛ قَالَ رَبِيعَةُ بنُ الحَجْدَر الْهُذَلِيُّ:
أَلا عادَ هَذَا القلبَ مَا هُوَ عائدُه، ... وراثَ، بأَطْرافِ الغِضابِ، عَوائدُه
غطرب: الغطْرَبُ: الأَفْعى، عَنْ كراع.
غلب: غَلَبه يَغْلِبُه غَلْباً وغَلَباً، وَهِيَ أَفْصَحُ، وغَلَبةً ومَغْلَباً ومَغْلَبةً؛ قَالَ أَبو المُثَلَّمِ:
رَبَّاءُ مَرْقَبةٍ، مَنَّاعُ مَغْلَبةٍ، ... رَكَّابُ سَلْهبةٍ، قَطَّاعُ أَقْرانِ
وغُلُبَّى وغِلِبَّى، عَنْ كُرَاعٍ. وغُلُبَّةً وغَلُبَّةً، الأَخيرةُ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: قَهَره. والغُلُبَّة، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الباءِ: الغَلَبةُ؛ قَالَ المَرَّار:
أَخَذْتُ بنَجْدٍ مَا أَخَذْتُ غُلُبَّةً، ... وبالغَوْرِ لِي عِزٌّ أَشَمُّ طَويلُ
وَرَجُلٌ غُلُبَّة أَي يَغْلِبُ سَريعاً، عَنِ الأَصمعي. وَقَالُوا: أَتَذْكر أَيامَ الغُلُبَّةِ، والغُلُبَّى، والغِلِبَّى، أَي أَيامَ الغَلَبة وأَيامَ مَنْ عَزَّ بَزَّ. وَقَالُوا: لمنِ الغَلَبُ والغَلَبةُ؟ وَلَمْ يَقُولُوا: لِمَنِ الغَلْبُ؟ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ
؛ وَهُوَ مِنْ مَصَادِرِ الْمَضْمُومِ الْعَيْنِ، مِثْلُ الطَّلَب. قَالَ الفراءُ: وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَن يكونَ غَلَبةً، فَحُذِفَتِ الهاءُ عِنْدَ الإِضافة، كَمَا قَالَ الفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عُتْبة اللِّهْبيّ:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا، ... وأَخْلَفُوكَ عِدَا الأَمْرِ الَّذِي وَعَدُوا
أَراد عِدَةَ الأَمر، فَحَذَفَ الهاءَ عِنْدَ الإِضافة. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: مَا اجْتَمَعَ حلالٌ وحرامٌ إِلا غَلَبَ الحَرامُ الحَلالَ
أَي إِذا امْتَزَجَ الحرامُ بالحَلال، وتَعَذَّرَ تَمْييزهما كالماءِ وَالْخَمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، صَارَ الْجَمِيعُ حَرَامًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ رَحْمَتي تَغْلِبُ غَضَبي
؛ هُوَ إِشارة إِلى سَعَةِ الرَّحْمَةِ وَشُمُولِهَا الخَلْقَ، كَمَا يُقال: غَلَبَ عَلَى فُلَانٍ الكَرَمُ أَي هُوَ أَكثر خِصَالِهِ. وإِلا فرحمةُ اللَّهِ وغَضَبُه صفتانِ رَاجِعَتَانِ إِلى إِرادته، لِلثَّوَابِ والعِقاب، وصفاتُه لَا تُوصَفُ بغَلَبَةِ إِحداهما الأُخرى، وإِنما عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ لِلْمُبَالَغَةِ. وَرَجُلٌ غالِبٌ مِن قَوْمٍ غَلَبةٍ، وغلَّاب مِنْ قَوْمٍ غَلَّابينَ، وَلَا يُكَسَّر. وَرَجُلٌ غُلُبَّة وغَلُبَّة: غالِبٌ، كَثِيرُ الغَلَبة، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: شَدِيدُ الغَلَبة. وَقَالَ: لَتَجِدَنَّه غُلُبَّة عَنْ قَلِيلٍ، وغَلُبَّة أَي غَلَّاباً. والمُغَلَّبُ: المَغْلُوبُ مِراراً. والمُغَلَّبُ مِنَ الشعراءِ: الْمَحْكُومُ لَهُ بِالْغَلَبَةِ عَلَى قِرْنه، كأَنه غَلَب عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهلُ الجنةِ الضُّعَفاءُ المُغَلَّبُونَ.
المُغَلَّبُ: الَّذِي يُغْلَبُ كَثِيرًا. وَشَاعِرٌ مُغَلَّبٌ أَي كَثِيرًا مَا يُغْلَبُ؛ والمُغَلَّبُ أَيضاً: الَّذِي يُحْكَمُ لَهُ بالغَلَبة، وَالْمُرَادُ الأَوَّل. وغُلِّبَ الرجلُ، فَهُوَ غالِبٌ: غَلَبَ، وَهُوَ مِنَ الأَضداد. وغُلِّبَ عَلَى صَاحِبِهِ: حُكِمَ لَهُ عَلَيْهِ بالغلَبة؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وإِنَّكَ لَمْ يَفْخَرْ عليكَ كفاخِرٍ ... ضَعِيفٍ؛ وَلَمْ يَغْلِبْكَ مِثْلُ مُغَلَّبِ
وَقَدْ غالبَه مُغالبة وغِلاباً؛ والغِلابُ: المُغالَبة؛ وأَنشد بَيْتَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
هَمَّتْ سَخِينَةُ أَن تُغالِبَ رَبَّها، ... ولَيُغْلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلَّابِ(1/651)
والمَغْلبة: الغَلَبة؛ قَالَتْ هِنْدُ بنتُ عُتْبة تَرْثي أَباها:
يَدْفَعُ يومَ المَغْلَبَتْ، ... يُطْعِمُ يومَ المَسْغَبَتْ
وتَغَلَّبَ عَلَى بَلَدِ كَذَا: اسْتَوْلَى عَلَيْهِ قَهْراً، وغَلَّبْتُه أَنا عَلَيْهِ تَغْليباً. محمدُ بنُ سَلَّامٍ: إِذا قَالَتِ الْعَرَبُ: شَاعِرٌ مُغَلَّبٌ، فَهُوَ مَغْلُوبٌ؛ وإِذا قَالُوا: غُلِّبَ فلانٌ، فَهُوَ غَالِبٌ. وَيُقَالُ: غُلِّبَتْ ليْلى الأَخْيَليَّة عَلَى نابِغة بَنِي جَعْدَة، لأَنها غَلَبَتْه، وَكَانَ الجَعْدِيُّ مُغَلَّباً. وَبَعِيرٌ غُلالِبٌ: يَغْلِبُ الإِبل بسَيْرِه، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. واسْتَغْلَبَ عَلَيْهِ الضحكُ: اشتدَّ، كاسْتَغْرَبَ. والغَلَبُ: غِلَظُ العُنق وعِظَمُها؛ وَقِيلَ غِلَظُها مَعَ قِصَرٍ فِيهَا؛ وَقِيلَ: مَعَ مَيَلٍ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ داءٍ أَو غَيْرِهِ. غَلِبَ غَلَباً، وَهُوَ أَغْلَبُ: غليظُ الرَّقَبة. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا كَانَ أَغْلَبَ، وَلَقَدْ غَلِبَ غَلَباً، يَذْهَبُ إِلى الِانْتِقَالِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَقَدْ يُوصَفُ بِذَلِكَ العُنُق نَفْسُهُ، فَيُقَالُ: عُنُق أَغْلَبُ، كَمَا يُقَالُ: عُنقٌ أَجْيَدُ وأَوْقَصُ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ ذِي يَزَنَ: بِيضٌ مَرازبةٌ غُلْبٌ جَحاجحة
؛ هِيَ جَمْعُ أَغْلَب، وَهُوَ الْغَلِيظُ الرَّقَبة، وَهُمْ يَصِفُون أَبداً السادةَ بغِلَظِ الرَّقبة وطُولِها؛ والأُنثى: غَلْباءُ؛ وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
غَلْباءُ وَجْناءُ عُلْكومٌ مُذَكَّرَةٌ
. وَقَدْ يُسْتَعْمَل ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ، كَقَوْلِهِمْ: حَديقةٌ غَلْباءُ أَي عظيمةٌ مُتكاثفة مُلْتفَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَحَدائِقَ غُلْباً
. وَقَالَ الرَّاجِزُ:
أَعْطَيْت فِيهَا طائِعاً، أَوكارِها، ... حَديقةً غَلْباءَ فِي جِدارِها
الأَزهري: الأَغْلَبُ الغَلِيظُ القَصَرَةِ. وأَسَدٌ أَغْلَبُ وغُلُبٌّ: غَلِيظُ الرَّقَبة. وهَضْبةٌ غَلْباءُ: عَظِيمةٌ مُشْرِفة. وعِزَّةٌ غَلْباءُ كَذَلِكَ، عَلَى الْمِثْلِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وقَبْلَكَ مَا اغْلَولَبَتْ تَغْلِبٌ، ... بغَلْباءَ تَغْلِبُ مُغْلَولِبينا
يَعْنِي بِعِزَّة غَلْباءَ. وقَبيلة غَلْباءُ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: عَزيزةٌ ممتنعةٌ؛ وَقَدْ غَلِبَتْ غَلَباً. واغْلَولَبَ النَّبْتُ: بَلَغَ كلَّ مَبْلَغٍ والتَفَّ، وخَصَّ اللحيانيُّ بِهِ العُشْبَ. واغْلَولَبَ العُشْبُ، واغْلَولَبَتِ الأَرضُ إِذا التَفَّ عُشْبُها. واغْلَولَبَ القومُ إِذا كَثُرُوا، مِنِ اغْلِيلابِ العُشْبِ. وحَديقَةٌ مُغْلَولِبَة: ملْتفّة. الأَخفش: فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَحَدائِقَ غُلْباً
؛ قَالَ: شَجَرَةٌ غَلْباءُ إِذا كَانَتْ غَلِيظَةً؛ وَقَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
وشَبَّهْتُهُمْ فِي الآلِ، لمَّا تَحَمَّلُوا، ... حَدائِقَ غُلْباً، أَو سَفِيناً مُقَيَّرا
والأَغْلَبُ العِجْليُّ: أَحَدُ الرُّجَّاز. وتَغْلِبُ: أَبو قَبِيلَةٍ، وَهُوَ تَغْلِبُ بنُ وَائِلِ بْنِ قَاسِطٍ بنِ هِنْبِ بنِ أَفْصَى بْنِ دُعْمِيِّ بْنِ جَديلَةَ بْنِ أَسَدِ بْنُ ربيعةَ بْنِ نِزار بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنانَ. وَقَوْلُهُمْ: تَغْلِبُ بنتُ وائِل، إِنما يَذْهَبُون بالتأْنيث إِلى الْقَبِيلَةِ، كَمَا قَالُوا تميمُ بنتُ مُرٍّ. قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبة، وَكَانَ وَليَ صَدَقات بَنِي تَغْلِبَ:
إِذا مَا شَدَدْتُ الرأْسَ مِنِّي بِمِشْوَذٍ، ... فَغَيَّكِ عَنِّي، تَغْلِبَ ابنةَ وائِل
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
لَوْلَا فَوارِسُ تَغْلِبَ ابْنةِ وائِلٍ، ... ورَدَ العَدُوُّ عَلَيْكَ كلَّ مَكانِ(1/652)
وَكَانَتْ تَغْلِبُ تُسَمَّى الغَلْباءَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وأَوْرَثَني بَنُو الغَلْباءِ مَجْداً ... حَديثاً، بعدَ مَجْدِهِمُ القَديمِ
وَالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا: تَغْلَبيٌّ، بِفَتْحِ اللَّامِ، اسْتِيحاشاً لتَوالي الْكَسْرَتَيْنِ مَعَ ياءِ النَّسَبِ، وَرُبَّمَا قَالُوهُ بِالْكَسْرِ، لأَن فِيهِ حَرْفَيْنِ غَيْرَ مَكْسُورَيْنِ، وَفَارَقَ النِّسْبَةَ إِلى نَمِر. وَبَنُو الغَلْباءِ: حَيٌّ؛ وأَنشد الْبَيْتَ أَيضاً:
وأَوْرَثَني بنُو الغَلْباءِ مَجْداً
وغالِبٌ وغَلَّابٌ وغُلَيْبٌ: أَسماءٌ. وغَلابِ، مِثْلُ قَطامِ: اسْمُ امرأَة؛ مِن الْعَرَبِ مَنْ يَبْنِيه عَلَى الكسرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُجْريه مُجْرى زَيْنَبَ. وغالِبٌ: موضعُ نَخْلٍ دُونَ مِصْرَ، حَماها اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
يَجُوزُ بِيَ الأَصْرامَ أَصْرامَ غالِبٍ، ... أَقُولُ إِذا مَا قِيلَ أَيْنَ تُريدُ:
أُريدُ أَبا بكرٍ، ولَوْ حالَ، دُونَه، ... أَماعِزُ تَغْتالُ المَطِيَّ، وَبِيدُ
والمُغْلَنْبي: الَّذِي يَغْلِبُكَ ويَعْلُوكَ.
غنب: ابْنُ الأَعرابي: الغُنَبُ داراتُ أَوساطِ الأَشْداقِ؛ قَالَ: وإِنما يَكُونُ فِي أَوساط أَشداقِ الغِلْمانِ المِلاح. وَيُقَالُ: بَخَصَ غُنْبَتَه، وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي وَسَط خَدِّ الغُلام المَلِيح.
غندب: الغُنْدُبة والغُنْدُوبُ: لَحْمَةٌ صُلْبة حَوالي الحُلْقوم، وَالْجَمْعُ غَنادِبُ. قَالَ رُؤْبَةُ:
إِذا اللَّهاةُ بَلَّتِ الغَباغِبا، ... حَسِبْتَ فِي أَرْآدِه غَنادِبا
وَقِيلَ: الغُنْدُبَتانِ: شِبْهُ غُدَّتَيْنِ فِي النَّكَفَتَيْنِ، فِي كُلِّ نَكَفَةٍ غُنْدُبةٌ، والمُسْتَرَطُ بَيْنَ الغُنْدُبَتَيْنِ؛ وَقِيلَ: الغُنْدُبَتانِ لَحْمَتان قَدِ اكتَنَفتا اللَّهاةَ، وَبَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ؛ وَقِيلَ: هُمَا اللَّوْزَتانِ؛ وَقِيلَ: غُنْدُبَتا العُرْشَيْنِ اللَّتانِ تَضُمَّانِ العُنُقَ يَمِينًا وشِمالًا؛ وَقِيلَ: الغُنْدُبَتانِ عُقْدَتانِ فِي أَصْلِ اللِّسَانِ. واللَّغانِينُ: الغَنادِبُ بِمَا عَلَيْهَا مِنَ اللَّحْمِ حَوْلَ اللَّهاةِ، واحدَتُها لُغْنُونَةٌ، وَهِيَ النَّغانِغُ، واحدَتُها نُغْنُغةٌ.
غهب: اللَّيْثُ: الغَيْهَبُ شِدَّةُ سَوادِ اللَّيْلِ والجَملِ وَنَحْوِهِ؛ يُقَالُ جَمَلٌ غَيْهَبٌ: مُظْلِم السَّواد، قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
تَلافَيْتُها، والبُومُ يَدْعُو بِهَا الصَّدَى، ... وَقَدْ أُلْبِسَتْ أَقْراطُها ثِنْيَ غَيْهَبِ
وَقَدِ اغْتَهَبَ الرجلُ: سَارَ فِي الظُّلمة؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
فذَاكَ شَبَّهْته المُذَكَّرَةَ الْوَجْناءَ ... فِي البِيدِ، وَهِيَ تَغْتَهِبُ
أَي تُباعِدُ فِي الظُّلَم، وتَذْهَبُ. اللِّحْيَانِيُّ: أَسْوَدُ غَيْهَبٌ وغَيْهَمٌ. شَمر: الغَيْهَبُ مِنَ الرِّجَالِ الأَسْوَدُ، شُبِّه بغَيْهب اللَّيْلِ. وأَسودُ غَيْهَبٌ: شديدُ السَّوَادِ. وليلٌ غَيْهَبٌ: مُظْلِم. وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: أَرْقُبُ الكَوْكَب، وأَرْعَى الغَيْهَب.
الغَيْهَبُ: الظُّلْمة، وَالْجَمْعُ الغَياهِبُ، وَهُوَ الغَيْهَبانُ. وفرسٌ أَدْهَمُ غَيْهَبٌ إِذا اشْتَدَّ سَوَادُهُ. أَبو عُبَيْدٍ: أَشَدُّ الخَيْلِ دُهْمةً، الأَدْهَمُ الغَيْهَبِيُّ، وَهُوَ أَشَدُّ الْخَيْلِ سَواداً؛ والأُنثى: غَيْهَبةٌ، وَالْجَمْعُ: غَياهِبُ. قَالَ: والدَّجُوجِيُّ:(1/653)
دُونَ الغَيْهَبِ فِي السَّوادِ، وَهُوَ صَافِي لَوْنِ السَّواد. وغَهِبَ عَنِ الشيءِ غَهَباً وأَغْهَبَ عَنْهُ: غَفَل عَنْهُ، ونَسِيَه. والغَهَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: الغَفْلة. وَقَدْ غَهِبَ، بِالْكَسْرِ. وأَصاب صَيْداً غَهَباً أَي غَفْلة مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
سُئِلَ عَطاءٌ عَنْ رَجُلٍ أَصابَ صَيْداً غَهَباً، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ: عَلَيْهِ الجَزاءُ.
الغَهَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: أَن يُصِيبَ الشيءَ غَفْلَةً مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ. وكساءٌ غَيْهَبٌ: كَثِيرُ الصُّوف. والغَيْهَبُ: الثَّقِيلُ الوَخِمُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الْبَلِيدُ؛ وَقِيلَ: الغَيْهَب الَّذِي فِيهِ غَفْلة، أَو هَبْتَةٌ؛ وأَنشد:
حَلَلْتُ بهِ وِتْري وأَدْرَكْتُ ثُؤرَتي، ... إِذا مَا تَناسَى ذَحْلَهُ كلُّ غَيْهَبِ
وَقَالَ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ يَصِفُ الظَّليمَ:
غَيْهَبٌ هَوْهاءَةٌ مُخْتَلِطٌ، ... مُسْتَعارٌ حِلْمُه غَيْرُ دَئِلْ
والغَيْهَبُ: الضعيفُ مِنَ الرِّجَالِ. والغَيْهَبانُ: البَطْنُ. والغَيْهَبةُ: الجَلَبة في القتال.
غيب: الغَيْبُ: الشَّكُّ، وَجَمْعُهُ غِيابٌ وغُيُوبٌ؛ قَالَ:
أَنْتَ نَبيٌّ تَعْلَمُ الغِيابا، ... لَا قَائِلًا إِفْكاً وَلَا مُرْتابا
والغَيْبُ: كلُّ مَا غَابَ عَنْكَ. أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ
؛ أَي يُؤْمِنُونَ بِمَا غابَ عَنْهُمْ، مِمَّا أَخبرهم بِهِ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، مِنْ أَمرِ البَعْثِ والجنةِ وَالنَّارِ. وكلُّ مَا غابَ عَنْهُمْ مِمَّا أَنبأَهم بِهِ، فَهُوَ غَيْبٌ؛ وَقَالَ ابن الأَعرابي: يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ. قَالَ: والغَيْبُ أَيضاً مَا غابَ عَنِ العُيونِ، وإِن كَانَ مُحَصَّلًا فِي الْقُلُوبِ. ويُقال: سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ وَرَاءِ الغَيْب أَي مِنْ مَوْضِعٍ لَا أَراه. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْغَيْبِ، وَهُوَ كُلُّ مَا غَابَ عَنِ الْعُيُونِ، سَوَاءٌ كَانَ مُحَصَّلًا فِي الْقُلُوبِ، أَو غَيْرَ مُحَصَّلٍ. وغابَ عَنِّي الأَمْرُ غَيْباً، وغِياباً، وغَيْبَةً، وغَيْبُوبةً، وغُيُوباً، ومَغاباً، ومَغِيباً، وتَغَيَّب: بَطَنَ. وغَيَّبه هُوَ، وغَيَّبه عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا هَجا حَسَّانُ قُرَيْشًا، قَالَتْ: إِن هَذَا لَشَتْمٌ مَا غابَ عَنْهُ ابنُ أَبي قُحافة
؛ أَرادوا: أَن أَبا بَكْرٍ كَانَ عَالِمًا بالأَنْساب والأَخبار، فَهُوَ الَّذِي عَلَّم حَسَّانَ؛ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لحسَّانَ: سَلْ أَبا بَكْرٍ عَنْ مَعايِب الْقَوْمِ؛ وَكَانَ نَسَّابةً عَلَّامة.
وَقَوْلُهُمْ: غَيَّبه غَيَابُه أَي دُفِنَ فِي قَبْرِه. قَالَ شَمِرٌ: كلُّ مَكَانٍ لَا يُدْرَى مَا فِيهِ، فَهُوَ غَيْبٌ؛ وَكَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يُدْرَى مَا وَرَاءَهُ، وَجَمْعُهُ: غُيُوبٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
يَرْمِي الغُيُوبَ بعَيْنَيْهِ، ومَطْرِفُه ... مُغْضٍ، كَمَا كَشَفَ المُسْتَأْخِذُ الرَّمِدُ
وغابَ الرجلُ غَيْباً ومَغِيباً وتَغَيَّبَ: سافرَ، أَو بانَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
وَلَا أَجْعَلُ المَعْرُوفَ حِلَّ أَلِيَّةٍ، ... وَلَا عِدَةً، فِي الناظِرِ المُتَغَيَّبِ
إِنما وَضعَ فِيهِ الشاعرُ المُتَغَيَّبَ موضعَ المُتَغَيِّبِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَكَذَا وَجَدْتُهُ بِخَطِّ الْحَامِضِ، وَالصَّحِيحُ المُتَغَيِّب، بِالْكَسْرِ. والمُغَايَبةُ: خلافُ المُخاطَبة. وتَغَيَّبَ عَنِّي فلانٌ. وجاءَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ تَغَيَّبَنِي؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
فظَلَّ لَنَا يومٌ لَذيذٌ بنَعْمةٍ، ... فَقِلْ فِي مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبُ(1/654)
وَقَالَ الفراءُ: المُتَغَيِّبُ مَرْفُوعٌ، وَالشِّعْرُ مُكْفَأٌ. وَلَا يَجُوزُ أَن يَرِدَ عَلَى المَقيلِ، كَمَا لَا يَجُوزُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَبوه قَائِمٍ. وَفِي حَدِيثِ عُهْدَةِ الرَّقيقِ:
لَا داءَ، وَلَا خُبْنَة، وَلَا تَغْييبَ.
التَّغْيِيب: أَن لَا يَبيعه ضالَّةً، وَلَا لُقَطَة. وقومٌ غُيَّبٌ، وغُيَّابٌ، وغَيَبٌ: غائِبُون؛ الأَخيرةُ اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَصَحَّتِ الياءُ فِيهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَصل غابَ. وإِنما ثَبَتَتْ فِيهِ الْيَاءُ مَعَ التَّحْرِيكِ لأَنه شُبِّهَ بصَيَدٍ، وإِن كَانَ جَمْعًا، وصَيَدٌ: مصدرُ قولِك بعيرٌ أَصْيَدُ، لأَنه يَجُوزُ أَن تَنْوِيَ بِهِ الْمَصْدَرَ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي سَعِيدٍ: إِن سَيِّدَ الحيِّ سَلِيمٌ، وإِن نَفَرنا غَيَبٌ
أَي رجالُنا غَائِبُونَ. والغَيَبُ، بِالتَّحْرِيكِ: جَمْعُ غائبٍ كخادمٍ وخَدَمٍ. وامرأَةٌ مُغِيبٌ، ومُغْيِبٌ، ومُغِيبةٌ: غابَ بَعْلُها أَو أَحدٌ مِن أَهلها؛ وَيُقَالُ: هِيَ مُغِيبةٌ، بِالْهَاءِ، ومُشْهِدٌ، بِلَا هَاءٍ. وأَغابَتِ المرأَةُ، فَهِيَ مُغِيبٌ: غابُوا عَنْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَمْهِلُوا حَتَّى تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبةُ
، هِيَ الَّتِي غَابَ عَنْهَا زوجُها. وَفِي حديثِ
ابنِ عَبَّاس: أَنَّ امرأَةً مُغِيبةً أَتَتْ رَجُلًا تَشْتَري مِنْهُ شَيْئًا، فَتَعَرَّضَ لَهَا، فقالتْ لَهُ: وَيْحَكَ إِني مُغِيبٌ فتَرَكها.
وَهُمْ يَشْهَدُون أَحْياناً، ويَتَغايَبُونَ أَحْياناً أَي يَغِيبُون أَحْياناً. وَلَا يُقَالُ: يَتَغَيَّبُونَ. وغابَتِ الشمسُ وغيرُها مِنَ النُّجوم، مَغِيباً، وغِياباً، وغُيوباً، وغَيْبُوبة، وغُيُوبةً، عَنِ الهَجَري: غَرَبَتْ. وأَغابَ القومُ: دَخَلُوا فِي المَغِيبِ. وبَدَا غَيَّبانُ العُود إِذا بَدَتْ عُروقُه الَّتِي تَغَيَّبَتْ مِنْهُ؛ وَذَلِكَ إِذا أَصابه البُعَاقُ مِنَ المَطر، فاشْتَدَّ السيلُ فحَفَر أُصولَ الشَّجر حَتَّى ظَهَرَتْ عُروقُه، وَمَا تَغَيَّبَ مِنْهُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الْعَرَبُ تُسَمِّي مَا لَمْ تُصِبْه الشمسُ مِنَ النَّبات كُلِّه الغَيْبانَ، بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ؛ والغَيَابة: كالغَيْبانِ. أَبو زِيَادٍ الكِلابيُّ: الغَيَّبانُ، بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، مِنَ النَّبَاتِ مَا غَابَ عَنِ الشَّمْسِ فَلَمْ تُصِبْه؛ وَكَذَلِكَ غَيَّبانُ العُروق. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَدَا غَيْبانُ الشَّجرة، وَهِيَ عُرُوقها الَّتِي تَغَيَّبَتْ فِي الأَرض، فحَفَرْتَ عَنْهَا حَتَّى ظَهَرَتْ. والغَيْبُ مِنَ الأَرض: مَا غَيَّبك، وَجَمْعُهُ غُيُوب؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِذَا كَرِهُوا الجَمِيعَ، وحَلَّ مِنْهُمْ ... أَراهطُ بالغُيُوبِ وبالتِّلاعِ
والغَيْبُ: مَا اطْمَأَنَّ مِنَ الأَرض، وَجَمْعُهُ غُيوب. قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ بَقَرَةَ، أَكل السبعُ وَلَدَهَا فأَقبلت تَطُوف خَلْفَهُ:
وتَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ، فَراعَها ... عَنْ ظهرِ غَيْبٍ، والأَنِيسُ سَقامُها
تَسَمَّعَتْ رِزَّ الأَنيسِ أَي صوتَ الصَّيَّادِينَ، فَرَاعَهَا أَي أَفزعها. وَقَوْلُهُ: والأَنيسُ سَقامُها أَي أَنَّ الصَّيَّادِينَ يَصِيدُونها، فَهُمْ سَقامُها. ووقَعْنا فِي غَيْبة مِنَ الأَرض أَي فِي هَبْطةٍ، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. ووَقَعُوا فِي غَيابةٍ مِنَ الأَرض أَي فِي مُنْهَبِط مِنْهَا. وغَيابةُ كلِّ شَيْءٍ: قَعْرُه، مِنْهُ، كالجُبِّ وَالْوَادِي وَغَيْرِهِمَا؛ تَقُولُ: وَقَعْنا فِي غَيْبةٍ وغَيابةٍ أَي هَبْطة مِنَ الأَرض؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
فِي غَياباتِ الجُبِّ.
وغابَ الشيءُ فِي الشيءِ غِيابةً، وغُيُوباً، وغَياباً، وغِياباً، وغَيْبةً، وَفِي حرفِ
أُبَيٍّ، فِي غَيْبةِ الجُبِّ.(1/655)
والغَيْبَةُ: مِنَ الغَيْبُوبةِ. والغِيبةُ: مِنَ الاغْتِيابِ. واغْتابَ الرجلُ صاحبَه اغْتِياباً إِذا وَقَع فِيهِ، وَهُوَ أَن يَتَكَلَّمَ خَلْفَ إِنْسَانٍ مَسْتُورٍ بِسُوءٍ، أَو بِمَا يَغُمُّه لَوْ سَمِعَهُ وإِن كَانَ فِيهِ، فإِن كَانَ صِدْقًا، فَهُوَ غِيبةٌ؛ وإِن كَانَ كَذِبًا، فَهُوَ البَهْتُ والبُهْتانُ؛ كَذَلِكَ جَاءَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا مِنْ وَرَائِهِ
، وَالِاسْمُ: الغِيبةُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً
؛ أَي لَا يَتَناوَلْ رَجُلًا بظَهْرِ الغَيْبِ بِمَا يَسُوءُه مِمَّا هُوَ فِيهِ. وإِذا تَنَاوَلَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ بَهْتٌ وبُهْتانٌ. وَجَاءَ المَغْيَبانُ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه سَمِعَ: غَابَهُ يَغِيبُهُ إِذا عَابَهُ، وذكَر مِنْهُ مَا يَسُوءُه. ابْنُ الأَعرابي: غابَ إِذا اغْتَابَ. وغابَ إِذا ذَكَرَ إِنساناً بخيرٍ أَو شَرٍّ؛ والغِيبَةُ: فِعْلَةٌ مِنْهُ، تَكُونُ حَسَنةً وقَبِيحةً. وغائِبُ الرجلِ: مَا غابَ مِنْهُ، اسْمٌ، كالكاهِل وَالْجَامِلِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ويُخْبِرُني، عَنْ غَائبِ المَرْءِ، هَدْيُه، ... كفَى الهَدْيُ، عَمَّا غَيَّبَ المَرْءُ، مُخبرا
والغَيْبُ: شحمُ ثَرْبِ الشَّاةِ. وَشَاةٌ ذاتُ غَيْبٍ أَي ذاتُ شَحْمٍ لتَغَيُّبه عَنِ الْعَيْنِ؛ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّقَاعِ يَصِفُ فَرَسًا:
وتَرَى لغَرِّ نَساهُ غَيْباً غامِضاً، ... قَلِقَ الخَصِيلَةِ، مِن فُوَيْقِ الْمِفْصَلِ
قَوْلُهُ: غَيْباً، يَعْنِي انْفَلَقَتْ فَخِذَاه بِلَحْمَتَيْنِ عِنْدَ سِمَنِه، فَجَرَى النَّسا بَيْنَهُمَا واسْتَبان. والخَصِيلَةُ: كُلُّ لَحْمة فِيهَا عَصَبة. والغَرُّ: تَكَسُّر الجِلْد وتَغَضُّنُه. وَسُئِلَ رَجُلٌ عَنْ ضُمْرِ الفَرس، قال: إِذا بُلَّ فَريرهُ، وتَفَلَّقَتْ غُرورُه، وَبَدَا حَصِيرُه، واسْتَرْخَتْ شاكِلَتُه. وَالشَّاكِلَةُ: الطِّفْطِفَةُ. وَالْفَرِيرُ: موضعُ المَجَسَّة مِنْ مَعْرَفَتِه. والحَصِيرُ: العَقَبة الَّتِي تَبْدُو فِي الجَنْبِ، بَيْنَ الصِّفاقِ ومَقَطِّ الأَضْلاع. الهَوَازنيُّ: الْغَابَةُ الوَطَاءَةُ مِنَ الأَرض الَّتِي دُونَهَا شُرْفَةٌ، وَهِيَ الوَهْدَة. وَقَالَ أَبو جَابِرٍ الأَسَدِيُّ: الغابَةُ الجمعُ مِنَ الناسِ؛ قَالَ وأَنشدني الهَوَازِنيُّ:
إِذا نَصَبُوا رِماحَهُمُ بِغَابٍ، ... حَسِبْتَ رِماحَهُمْ سَبَلَ الغَوادي
وَالْغَابَةُ: الأَجَمَةُ الَّتِي طالتْ، وَلَهَا أَطْراف مُرْتَفِعَةٌ باسِقَة؛ يُقَالُ: ليثُ غابةٍ. والغابُ: الْآجَامُ، وَهُوَ مِنَ الْيَاءِ. والغابةُ: الأَجَمة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغابةُ أَجَمة القَصَب، قَالَ: وَقَدْ جُعِلَتْ جماعةَ الشَّجَرِ، لأَنه مأْخوذ مِنَ الغَيابةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ مِنْبَر سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ مِنْ أَثْلِ الغابةِ
؛ وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ طَرْفاءِ الْغَابَةِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَثْلُ شَجَرٌ شبيهٌ بالطَّرْفاءِ، إِلَّا أَنه أَعظم مِنْهُ؛ والغابةُ: غَيْضَةٌ ذَاتُ شَجَرٍ كَثِيرٍ، وَهِيَ عَلَى تسعةِ أَميال مِنَ الْمَدِينَةِ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هِيَ موضعٌ قريبٌ مِن الْمَدِينَةِ، مِن عَواليها، وَبِهَا أَموال لأَهلها. قَالَ: وَهُوَ المذكور في حديث فِي حَدِيثِ السِّباق، وَفِي حَدِيثِ تَرِكَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَالْغَابَةُ: الأَجمة ذاتُ الشَّجَرِ المُتَكاثف، لأَنها تُغَيِّبُ مَا فِيهَا. والغابةُ مِنَ الرِّماحِ: مَا طَالَ مِنْهَا، وَكَانَ لَهَا أَطراف تُرى كأَطراف الأَجَمة؛ وَقِيلَ: هِيَ المُضْطَرِبةُ مِنَ الرماحِ فِي الرِّيحِ؛ وَقِيلَ: هِيَ الرماحُ إِذا اجْتَمَعَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْغَابَةِ الَّتِي هِيَ الأَجمة؛ والجمعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ: غاباتٌ(1/656)
وغابٌ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وجهَه:
كلَيْثِ غاباتٍ شديدِ القَسْوَرَهْ.
أَضافه إِلى الْغَابَاتِ لشدّتِه وَقُوَّتِهِ، وأَنه يَحْمِي غاباتٍ شَتَّى. وغابةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْحِجَازِ.
فصل الفاء
فرب: التَّفْريبُ والتَّفْريمُ، بِالْبَاءِ وَالْمِيمِ: تَضْييقُ المرأَة فَلْهَمَها بعَجَم الزَّبِيبِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ فِرْياب، بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: مَدِينَةٌ بِبِلَادِ التُّرْك؛ وَقِيلَ: أَصلها فِيرِيابٌ بِزِيَادَةِ يَاءٍ بَعْدَ الْفَاءِ، ويُنسَبُ إِلَيْها بِالْحَذْفِ وَالْإِثْبَاتِ.
فرقب: الفُرْقُبِيَّةُ والثُّرْقُبِيَّة: ثيابُ كَتَّانٍ بيضٌ؛ حَكَاهَا يَعْقُوبُ فِي الْبَدَلِ. ثَوْبٌ فُرْقُبيٌّ وثُرْقُبيٌّ: بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ إِسلام عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
فأَقبل شيخٌ عَلَيْهِ حِبَرةٌ وَثَوْبٌ فُرْقُبيٌ
، وَهُوَ ثَوْبٌ أَبيض مِصْرِيٌّ مِنْ كَتَّانٍ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الفُرْقُبِيَّةُ والثُّرْقُبِيَّة: ثِيَابٌ مِصْرِيَّةٌ مِنْ كَتَّان. ويُرْوَى بِقَافَيْنِ، مَنْسُوبٌ إِلى قُرْقُوبٍ، مَعَ حَذْفِ الْوَاوِ فِي النَّسَبِ، كسابُرِيٍّ فِي سابُورٍ. الْفَرَّاءُ: زُهَيْرٌ الفُرْقُبيُّ رَجُلٌ مِنْ أَهل الْقُرْآنِ، مَنْسُوبٌ إِلى مَوْضِعٍ. والفُرْقُبُ: الصِّغار مِنَ الطَّيْرِ نحوٌ مِنَ الصَّعْوِ.
فرنب: الفِرْنِبُ: الفأْرة، والفِرْنِبُ: وَلَد الفَأْرة مِنَ اليَرْبُوع. وَفِي التَّهْذِيبِ: الفِرْنِبُ الفأْر؛ وأَنشد:
يَدِبُّ بالليلِ إِلى جارِهِ، ... كَضَيْوَنٍ دَبَّ إِلى فِرْنِبِ
فصل القاف
قَأَبَ: قَأَب الطعامَ: أَكَله. وقَأَبَ الماءَ: شَرِبه؛ وَقِيلَ: شَرِبَ كلَّ مَا فِي الإِناء؛ قَالَ أَبو نُخَيْلَة:
أَشْلَيْتُ عَنْزِي، وَمَسَحْتُ قعْبي، ... ثُمَّ تَهَيَّأْتُ لِشُرْبِ قأْبِ
وقَئِبْتُ مِنَ الشَّراب أَقْأَبُ قَأْباً إِذا شَرِبْتَ مِنْهُ. اللَّيْثُ: قَئِبْتُ مِنَ الشَّراب، وقَأَبْتُ، لُغَةٌ، إِذا امْتَلأْتَ مِنْهُ. الْجَوْهَرِيُّ: قَئِبَ الرجلُ إِذا أَكثر مِنْ شُرْبِ الْمَاءِ. وقَئِبَ مِنَ الشَّرَابِ قَأْباً، مِثْلَ صَئِبَ: أَكثر وتَمَّلأَ. وَرَجُلٌ مِقْأَبٌ، عَلَى مِفْعَل، وقَؤُوبٌ: كَثِيرُ الشُّرْب. وَيُقَالُ: إِناء قَوْأَبٌ: وقَوْأَبيٌّ: كَثِيرُ الأَخْذ لِلْمَاءِ؛ وأَنشد:
مُدٌّ مِنَ المِدَادِ قَوْأَبيٌ
قَالَ شَمِرٌ: القَوْأَبيُّ الكثير الأَخْذِ.
قبب: قَبَّ القومُ يَقِبُّون قَبّاً: صَخِبُوا فِي خُصومة أَو تَمَارٍ. وقَبَّ الأَسَدُ والفَحْلُ يَقِبُّ قَبّاً وقَبِيباً إِذا سَمِعْتَ قَعْقَعةَ أَنْيابه. وقَبَّ نابُ الْفَحْلِ والأَسَد قَبّاً وقَبِيباً كَذَلِكَ يُضيفُونه إِلى النَّابِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ مُحَرَّباً مِنْ أُسْدِ تَرْجٍ ... يُنازِلُهُمْ، لنابَيْهِ قَبِيبُ
وَقَالَ فِي الْفَحْلِ:
أَرَى ذُو كِدْنةٍ، لنابَيْه قَبِيبُ «2»
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: القَبِيبُ الصوتُ، فعَمَّ بِهِ. وَمَا سَمِعْنَا الْعَامَ قابَّةً أَي صوتَ رَعْدٍ، يُذْهَبُ بِهِ إِلى الْقَبِيبِ؛ ذَكَرَه ابْنُ سِيدَهْ، وَلَمْ يَعْزُه إِلى أَحد؛ وَعَزَاهُ الْجَوْهَرِيُّ إِلى الأَصمعي. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: لَمْ يَرْوِ أَحدٌ هَذَا الْحَرْفَ، غَيْرُ الأَصمعي، قَالَ: والناسُ على خلافه.
__________
(2) . قوله [أرى ذو كدنة إلخ] كذا أنشده في المحكم أيضاً.(1/657)
وَمَا أَصابتهم قابَّةٌ أَي قَطْرَة. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَا أَصابَتْنا العامَ قَطْرَةٌ، وَمَا أَصابتنا العامَ قابَّةٌ: بِمَعْنًى وَاحِدٍ. الأَصمعي: قَبَّ ظهرُه يَقِبُّ قُبوباً إِذا ضُرِبَ بالسَّوْطِ وَغَيْرِهِ فجَفَّ، فَذَلِكَ القُبوبُ. قَالَ
أَبو نَصْرٍ: سَمِعْتُ الأَصمعي يَقُولُ: ذُكِرَ عَنْ عمَر أَنه ضَرَبَ رَجُلًا حَدًّا، فَقَالَ: إِذا قَبَّ ظهرُه فرُدُّوه إِليَ
أَي إِذا انْدَمَلَتْ آثارُ ضَرْبه وجفَّتْ؛ مِنْ قَبَّ اللَّحْمُ والتَّمْرُ إِذا يَبِسَ ونَشِفَ. وقَبَّه يَقُبُّه قَبّاً، واقْتَبَّه قَطَعَه؛ وَهُوَ افْتَعَل؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَقْتَبُّ رَأْسَ العَظْمِ دونَ المَفْصِلِ، ... وإِنْ يُرِدْ ذَلِكَ لَا يُخَصِّلِ
أَي لَا يَجْعَلُهُ قِطَعاً؛ وخَصَّ بعضُهم بِهِ قَطْعَ الْيَدِ. يُقَالُ: اقْتَبَّ فلانٌ يَدَ فُلان اقْتِباباً إِذا قَطَعها، وَهُوَ افْتِعَالٌ، وَقِيلَ: الاقْتِبابُ كلُّ قَطْعٍ لَا يَدَعُ شَيْئًا. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: كَانَ العُقَيْلِيُّ لَا يَتَكَلَّمُ بشيءٍ إِلَّا كَتَبْتُه عَنْهُ، فَقَالَ: مَا تَرَكَ عِنْدِي قابَّةً إِلا اقْتَبَّها، وَلَا نُقارةً إِلا انْتَقَرَها؛ يَعْنِي مَا تَرَكَ عِنْدِي كَلِمَةً مُسْتَحْسنةً مُصْطَفاةً إِلَّا اقْتَطَعَها، وَلَا لَفْظَةً مُنْتَخَبة مُنْتَقاةً إِلَّا أَخَذها لِذَاتِهِ. والقَبُّ: مَا يُدْخَلُ فِي جَيْبِ القَميصِ مِنَ الرِّقاعِ. والقَبُّ: الثَّقْبُ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ المِحْوَرُ مِنَ المَحالَةِ؛ وَقِيلَ: القَبُّ الخَرْقُ الَّذِي فِي وَسَط البَكَرة؛ وَقِيلَ: هُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي فَوْقَ أَسنان المَحالة؛ وَقِيلَ: هُوَ الخَشَبَةُ المَثْقُوبة الَّتِي تَدور فِي المِحْوَر؛ وَقِيلَ: القَبُّ الخَشَبة الَّتِي فِي وَسَط البَكَرة وَفَوْقَهَا أَسنان مِنْ خَشَبٍ، والجمعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَقُبٌّ، لَا يُجاوَزُ بِهِ ذَلِكَ. الأَصمعي: القَبُّ هُوَ الخَرْقُ فِي وَسَط البَكَرَة، وَلَهُ أَسنان مِنْ خَشَبٍ. قَالَ: وتُسَمَّى الخَشَبَةُ الَّتِي فَوْقَهَا أَسنانُ المَحالة القَبَّ، وَهِيَ البكَرة. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كانتْ دِرْعُه صَدْراً لَا قَبَّ لَهَا
، أَي لَا ظَهْر لَهَا؛ سُمِّيَ قَبّاً لأَن قِوامها بِهِ، مِنْ قَبِّ البَكَرَة، وَهِيَ الخشبةُ الَّتِي فِي وَسَطِهَا، وَعَلَيْهَا مَدارُها. والقَبُّ: رئيسُ الْقَوْمِ وسَيِّدُهم؛ وَقِيلَ: هُوَ المَلِكُ؛ وَقِيلَ: الخَليفة؛ وَقِيلَ: هُوَ الرَّأْسُ الأَكْبر. ويُقال لِشَيْخِ الْقَوْمِ: هُوَ قَبُّ القَوْمِ؛ وَيُقَالُ: عَلَيْكَ بالقَبِّ الأَكْبر أَي بالرأْس الْأَكْبَرِ؛ قَالَ شَمِرٌ: الرأْسُ الأَكبر يُرادُ بِهِ الرئيسُ. يُقَالُ: فلانٌ قَبُّ بَني فلانٍ أَي رئيسُهم. والقَبُّ: مَا بَين الوَرِكَينِ. وقَبُّ الدُّبُر: مَفْرَجُ مَا بَيْنَ الأَلْيَتَيْنِ. والقِبُّ، بِالْكَسْرِ: العَظم النَّاتِئُ مِنَ الظَّهْرِ بَيْنَ الأَلْيَتَيْن؛ يُقَالُ: أَلزِقْ قِبَّكَ بالأَرض. وَفِي نُسْخَةٍ مِنَ التَّهْذِيبِ، بِخَطِّ الأَزهري: قَبَّكَ، بِفَتْحِ الْقَافِ. والقَبُّ: ضَرْبٌ مِنَ اللُّجُم، أَصْعَبُها وأَعظمها. والأَقَبُّ: الضَّامِرُ، وَجَمْعُهُ قُبٌّ؛ وَفِي الحديثِ:
خَيرُ الناسِ القُبِّيُّون.
وَسُئِلَ أَحمد بْنُ يَحْيَى عَنِ القُبِّيِّين، فَقَالَ: إِنْ صَحَّ فَهُمُ الَّذِينَ يَسْرُدُونَ الصَّوْمَ حَتَّى تَضْمُرَ بُطُونُهُم. ابْنُ الأَعرابي: قُبَّ إِذا ضُمِّر للسِّباق، وقَبَّ إِذا خَفَّ. والقَبُّ والقَبَبُ: دِقَّةُ الخَصْر وضُمُورُ البَطْن ولُحوقه. قَبَّ يَقَبُّ قَبَباً، وَهُوَ أَقَبُّ، والأُنثى قَبَّاءُ بيِّنة القَبَبِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:
اليَدُّ سابحَةٌ والرِّجْلُ طامِحةٌ، ... والعَيْنُ قادِحةٌ والبطنُ مَقْبُوبُ «1»
__________
(1) . قوله [والعين قادحة] بالقاف وقد أنشده في الأَساس في مادة ق د ح بتغيير في الشطر الأَول.(1/658)
أَي قُبَّ بَطْنُه، وَالْفِعْلُ: قَبَّه يقُبُّه قَبّاً، وَهُوَ شِدَّة الدَّمْجِ لِلِاسْتِدَارَةِ، وَالنَّعْتُ: أَقَبُّ وقَبّاءُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي صِفَةِ امرأَة: إِنها جَدّاءُ قَبّاءُ
؛ القَبّاءُ: الخَميصةُ البَطْنِ. والأَقَبُّ: الضّامِرُ البَطْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خيرُ النَّاسِ القُبِّيُّون
؛ سُئل عَنْهُ ثَعْلَبٌ، فَقَالَ: إِن صَحَّ فَهُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ يسْردون الصومَ حَتَّى تَضْمُر بُطُونُهُم. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: قَبِبَتِ المرْأَةُ، بإِظهار التَّضْعيف، وَلَهَا أَخواتٌ، حَكَاهَا يَعْقُوبُ عَنِ الْفَرَّاءِ، كَمَشِشَتِ الدابةُ، ولَحِحَتْ عينُه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَبَّ بَطْنُ الفَرس، فَهُوَ أَقَبُّ، إِذا لَحِقَت خَاصِرَتَاهُ بحالِبَيْه. والخَيْلُ القُبُّ: الضَّوامِرُ. والقَبْقَبةُ: صَوْتُ جَوْف الْفَرَسِ، وَهُوَ القَبِيبُ. وسُرَّةٌ مَقْبوبةٌ، ومُقَبَّبةٌ: ضَامِرَةٌ؛ قَالَ:
جاريةٌ مِنْ قَيْسٍ بنِ ثَعْلَبهْ، ... بَيْضاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَبَّبه،
كأَنها حِلْيةُ سَيْفٍ مُذْهَبَهْ
وقَبَّ التَّمْرُ واللحمُ والجِلْدُ يَقِبُّ قُبوباً: ذَهَبَ طَراؤُه ونُدُوَّتُه وذَوَى؛ وَكَذَلِكَ الجُرْحُ إِذا يَبِسَ، وذهَبَ ماؤُه وجَفَّ. وَقِيلَ: قَبَّت الرُّطَبةُ إِذا جَفَّتْ بعضَ الجُفوف بعْدَ التَّرْطِيب. وقَبَّ النَّبْتُ يَقُبُّ ويَقِبُّ قَبّاً: يَبِسَ، وَاسْمُ مَا يَبِسَ مِنْهُ القَبِيبُ، كالقَفِيفِ سَوَاءٌ. والقَبيبُ مِنَ الأَقِط: الَّذِي خُلِطَ يابسُه برَطْبِه. وأَنْفٌ قُبابٌ: ضَخْم عَظِيمٌ. وقَبَّ الشيءَ وقَبَّبَهُ: جَمَعَ أَطرافَهُ. والقُبَّةُ مِنَ الْبِنَاءِ: معروفة، وقيل هي البناء مِنَ الأَدَم خاصَّةً، مشتقٌّ مِنْ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ قُبَبٌ وقِبابٌ. وقَبَّبها: عَمِلَها. وتَقبَّبها: دَخَلَها. وبيتٌ مُقَبَّبٌ: جُعِلَ فَوْقَهُ قُبَّةٌ؛ والهوادجُ تُقَبَّبُ. وقَبَبْتُ قُبَّة، وقَبَّبْتها تَقبيباً إِذا بَنَيْتَها. وقُبَّةُ الإِسلام: البَصْرة، وَهِيَ خِزانة الْعَرَبِ؛ قَالَ:
بَنَتْ، قُبَّةَ الإِسلامِ، قَيْسٌ، لأَهلِها ... وَلَوْ لَمْ يُقيموها لَطالَ الْتِواؤُها
وَفِي حَدِيثِ الِاعْتِكَافِ:
رأَى قُبَّةً مَضْرُوبَةً فِي الْمَسْجِدِ.
القُبَّة مِنَ الخِيام: بيتٌ صَغِيرٌ مُسْتَدِيرٌ، وَهُوَ مِنْ بُيُوتِ الْعَرَبِ. والقُبابُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَك «2» ، يُشْبِه الكَنْعَد؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَا تَحْسَبَنَّ مِراسَ الحَرْبِ، إِذ خَطَرَتْ، ... أَكْلَ القُبابِ، وأَدْمَ الرُّغْفِ بالصَّيرِ
وحِمارُ قَبَّانَ: هُنَيٌّ أُمَيْلِسُ أُسَيْدٌ، رأْسُه كرأْسِ الخُنْفُساءِ، طوالٌ قَوائمهُ نحوُ قَوَائِمِ الخُنْفُساء، وَهِيَ أَصغر مِنْهَا. وَقِيلَ: عَيْرُ قَبّانَ: أَبْلَقُ مُحَجَّلُ القَوائم، لَهُ أَنْفٌ كأَنف القُنْفُذ إِذا حُرِّكَ تماوَتَ حَتَّى تَراه كأَنه بَعْرةٌ، فإِذا كُفَّ الصَّوْتُ انْطَلَق. وَقِيلَ: هُوَ دُوَيْبَّةٌ، وَهُوَ فَعْلانُ مِن قَبَّ، لأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَصْرِفُهُ؛ وَهُوَ مَعْرِفَةٌ عِنْدَهُمْ، وَلَوْ كَانَ فَعَّالًا لَصَرَفَتْهُ، تَقُولُ: رأَيت قَطِيعاً مِنْ حُمُرِ قَبّانَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا عَجبا لَقَدْ رأَيتُ عَجبا، ... حمارَ قَبّانَ يَسُوقُ أَرْنبا
وقَبْقَبَ الرجلُ: حَمُقَ. والقَبْقَبةُ والقَبِيبُ: صوتُ جَوْف الْفَرَسِ. والقَبْقَبةُ والقَبْقابُ: صوتُ أَنياب الْفَحْلِ، وهديرُه؛ وَقِيلَ: هُوَ تَرْجِيعُ الهَدِير. وقَبْقَبَ الأَسدُ وَالْفَحْلُ قَبْقَبةً إِذا هَدَر.
__________
(2) . قوله [والقباب ضرب] بضم القاف كما في التهذيب بشكل القلم وصرح به في التكملة وضبطه المجد بوزن كتاب.(1/659)
والقَبْقابُ: الْجَمَلُ الهَدَّار. ورجلٌ قَبقابٌ وقُباقِبٌ: كَثِيرُ الْكَلَامِ، أَخطأَ أَو أَصابَ؛ وَقِيلَ: كَثِيرُ الْكَلَامِ مُخَلِّطُه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
أَو سَكَتَ القومُ فأَنتَ قَبقابْ
وقَبْقَبَ الأَسد: صَرَفَ نابَيْه. والقَبْقَبُ: سَيْرٌ يَدُور عَلَى القَرَبُوسَين كِلَيْهِمَا، وَعِنْدَ الْمُوَلَّدِينَ: سَيْرٌ يَعْتَرض وَرَاءَ القَرَبُوس الْمُؤَخَّرِ. والقَبْقَبُ: خَشَبُ السَّرْج؛ قَالَ:
يُطيِّرُ الفارسَ لَوْلَا قَبْقَبُه
والقَبْقَبُ: البطْنُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ كُفِيَ شَرَّ لَقْلَقِه وقَبْقَبِه وذَبْذَبِه، فَقَدْ وُقِيَ.
وَقِيلَ: للبَطْنِ: قَبْقَبٌ، مِن القَبْقَبَةِ، وَهِيَ حِكَايَةُ صَوْتِ البَطْنِ. والقَبْقابُ: الكذَّابُ. والقَبْقابُ: الخَرَزَة الَّتِي تُصْقَلُ بِهَا الثِّياب. والقَبْقابُ: النَّعْلُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ خَشَب، بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ. والقَبْقابُ: الْفَرْجُ. يُقال: بَلَّ البَوْلُ مَجامِع قَبْقابِه. وَقَالُوا: ذَكَرٌ قَبْقابٌ، فوَصَفُوه بِهِ؛ وأَنشد أَعرابي فِي جَارِيَةٍ اسْمُهَا لَعْساء:
لَعْساءُ يَا ذاتَ الحِرِ القَبْقابِ
فسُئِلَ عَنْ مَعْنَى القَبْقابِ، فَقَالَ: هُوَ الْوَاسِعُ، الْكَثِيرُ الْمَاءِ إِذا أَوْلَج الرجلُ فِيهِ ذَكَرَهُ. قَبْقَبَ أَي صَوَّتَ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
لكَمْ طَلَّقَتْ، فِي قَيْسِ عَيْلانَ، مِنْ حِرٍ، ... وَقَدْ كَانَ قَبْقاباً، رِماحُ الأَراقِمِ
وقُباقِبٌ، بِضَمِ الْقَافِ: الْعَامُ الَّذِي يَلِي قابِلَ عامِك، اسْمُ عَلَم لِلْعَامِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
العامُ والمُقْبِلُ والقُباقِبُ
وَفِي الصِّحَاحِ: القُباقِبُ، بالأَلف وَاللَّامِ. تَقُولُ: لَا آتيكَ العامَ وَلَا قابِلَ وَلَا قُباقِبَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ هُوَ الْمَعْرُوفُ؛ قَالَ: أَعني قَوْلَهُ إِنّ قُباقِباً هُوَ الْعَامُ الثَّالِثُ. قَالَ: وأَما الْعَامُ الرَّابِعُ، فَيُقَالُ لَهُ المُقَبْقِبُ. قَالَ: ومِنهم مَن يَجْعَلُ القابَّ العامَ الثَّالِثَ، والقُباقِبَ العامَ الرَّابِعَ، والمُقَبْقِبَ العامَ الخامسَ. وحُكِيَ عَنْ خالدِ بْنِ صَفوان أَنه قَالَ لابْنِهِ: إِنك لَا تُفْلِحُ العامَ، وَلَا قابِلَ، وَلَا قابَّ، وَلَا قُباقِبَ، وَلَا مُقَبْقِبَ. زَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ سيدة في حكاية خَالِدٌ: انْظُرْ قابَّ بِهَذَا الْمَعْنَى. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ، فِيمَا حَكَاهُ، قَالَ: كلُّ كَلِمَةٍ مِنْهَا اسْمُ السَّنَةِ بَعْدَ السَّنَةِ. وَقَالَ: حَكَاهُ الأَصمعي وَقَالَ: وَلَا يَعْرِفون مَا وَرَاءَ ذَلِكَ. والقَبَّابُ: والمُقَبْقِبُ: الأَسد. وقَبْ قَبْ: حِكَايَةُ وَقْعِ السَّيْفِ. وقِبَّةُ الشَّاةِ أَيضاً: ذاتُ الأَطْباقِ، وَهِيَ الحِفْثُ. وَرُبَّمَا خُفِّفَتْ.
قتب: القِتْبُ والقَتَبُ: إِكافُ الْبَعِيرِ، وَقَدْ يُؤَنِّثُ، وَالتَّذْكِيرُ أَعم، وَلِذَلِكَ أَنثوا التَّصْغِيرَ، فَقَالُوا: قُتَيبة. قَالَ الأَزهري: ذَهَبَ اللَّيْثُ إِلى أَن قُتَيْبة مأْخوذ مِنَ القِتْب. قَالَ: وقرأْتُ فِي فُتوحِ خُراسانَ: أَن قُتَيبة بْنَ مُسْلِمٍ، لَمَّا أَوقع بأَهل خُوارَزْمَ، وأَحاط بِهِمْ، أَتاه رَسُولُهُمْ، فسأَله عَنِ اسْمِهِ، فَقَالَ: قُتَيبة، فَقَالَ لَهُ: لستَ تفتَحها، إِنما يفتحُها رَجُلٌ اسْمُهُ إِكاف، فَقَالَ قُتَيبة: فَلَا يَفْتَحُهَا غَيْرِي، وَاسْمِي إِكاف. قَالَ: وَهَذَا يُوَافِقُ مَا قَالَ اللَّيْثُ. وَقَالَ الأَصمعي: قَتَبُ الْبَعِيرِ مُذكَّر لَا يُؤَنَّثُ، وَيُقَالُ لَهُ: القِتْبُ، وإِنما يَكُونُ لِلسَّانِيَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
وأُلْقِيَ قِتْبُها المَخْزومُ(1/660)
ابْنُ سِيدَهْ: القِتْبُ والقَتَبُ إِكاف الْبَعِيرِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الإِكاف الصَّغِيرُ الَّذِي عَلَى قَدْرِ سَنام الْبَعِيرِ. وَفِي الصِّحَاحِ: رَحْلٌ صغيرٌ عَلَى قَدْر السَّنام. وأَقْتَبَ البعيرَ إِقْتاباً إِذا شَدَّ عَلَيْهِ القَتَبَ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لَا تَمْنَعُ المرأَة نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا
، وإِن كَانَتْ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ؛ القَتَبُ للجمَل كالإِكافِ لِغَيْرِهِ؛ وَمَعْنَاهُ: الحَثُّ لهنَّ عَلَى مطاوَعة أَزواجهن، وأَنه لَا يَسَعُهُنَّ الِامْتُنَاعُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، فَكَيْفَ فِي غَيْرِهَا. وَقِيلَ: إِن نِسَاءَ الْعَرَبِ كُنَّ إِذا أَرَدْنَ الوِلادَةَ، جَلَسْنَ عَلَى قَتَبٍ، ويَقُلْنَ: إِنه أَسْلَسُ لِخُرُوجِ الْوَلَدِ، فأَرادت تِلْكَ الحالةَ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كُنَّا نَرى أَن الْمَعْنَى وَهِيَ تَسِيرُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ، فجاءَ التَّفْسِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ. والقِتْبُ، بِالْكَسْرِ: جميعُ أَداة السَّانِيَةِ مِنْ أَعلاقها وَحِبَالِهَا؛ والجمعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ: أَقتابٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يجاوِزوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ. والقَتُوبةُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يُقْتَبُ بالقَتَبِ إِقْتاباً؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مَا أَمكنَ أَن يُوضَعَ عَلَيْهِ القَتَب، وإِنما جاءَ بالهاءِ، لأَنها للشيءِ مِمَّا يُقْتَبُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا صَدَقَةَ فِي الإِبل القَتوبة
؛ القَتُوبة، بِالْفَتْحِ: الإِبل الَّتِي توضَعُ الأَقْتابُ عَلَى ظُهُورِهَا، فَعولة بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، كالرَّكُوبة والحَلوبة. أَراد: لَيْسَ فِي الإِبل الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِن شِئْتَ حَذَفْتَ الْهَاءَ، فَقُلْتَ القَتُوبُ. ابْنُ سِيدَهْ: وَكَذَلِكَ كُلُّ فَعُولَةٍ مِنْ هَذَا الضَّرْبَ مِنَ الأَسماءِ. والقَتُوب: الرَّجل المُقْتِبُ. التَّهْذِيبِ: أَقْتَبْتُ زَيْدًا يَمِينًا إِقتاباً إِذا غَلَّظْتَ عَلَيْهِ اليمينَ، فَهُوَ مُقْتَبٌ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: ارْفُقْ بِهِ، وَلَا تُقْتِبْ عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إِليكَ أَشْكو ثِقْلَ دَينٍ أَقْتَبا ... ظَهْرِي بأَقْتابٍ تَرَكْنَ جُلَبا
ابْنُ سِيدَهْ: القِتْبُ والقَتَبُ: المِعَى، أُنثى، وَالْجَمْعُ أَقْتابٌ؛ وَهِيَ القِتْبَةُ، بالهاءِ، وَتَصْغِيرُهَا قُتَيْبةٌ. وقُتَيْبةُ: اسْمُ رَجُلٍ، مِنْهَا؛ وَالنِّسْبَةُ إِليه قُتَبِيّ، كَمَا تَقُولُ جُهَنِيّ. وَقِيلَ: القِتْبُ مَا تحَوَّى مِنَ الْبَطْنِ، يَعْنِي اسْتَدَارَ، وَهِيَ الحَوايا. وأَما الأَمْعاء، فَهِيَ الأَقْصاب. وجمعُ القِتْب: أَقْتابٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فتَنْدَلِقُ أَقتابُ بطنِه
؛ وَقَالَ الأَصمعي: وَاحِدُهَا قِتْبَة، قَالَ: وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ قُتَيْبةَ، وَهُوَ تصغيرها.
قحب: قَحَبَ يَقْحُبُ قُحاباً وقَحْباً إِذا سَعَلَ؛ وَيُقَالُ: أَخذه سُعالٌ قاحِبٌ. والقَحْبُ: سُعالُ الشَّيخ، وسُعال الْكَلْبِ وَمِنْ أَمراض الإِبل القُحابُ: وَهُوَ السُّعالُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: القُحابُ سُعال الْخَيْلِ والإِبل، وَرُبَّمَا جُعِل لِلنَّاسِ. الأَزهري: القُحابُ السُّعال، فعَمَّ وَلَمْ يُخَصِّصْ. ابْنُ سِيدَهْ: قَحَبَ البعيرُ يَقْحُبُ قَحْباً وقُحاباً: سَعَلَ؛ وَلَا يَقْحُبُ مِنْهَا إِلَّا الناحِزُ أَو المُغِدُّ. وقَحَبَ الرجلُ والكلبُ، وقَحَّبَ: سَعَل. وَرَجُلٌ قَحْبٌ، وامرأَة قَحْبة: كَثِيرَةُ السُّعال مَعَ الهَرَم؛ وَقِيلَ: هُمَا الْكَثِيرَا السُّعال مَعَ هَرَم أَو غَيْرِ هَرَم؛ وَقِيلَ: أَصل القُحاب فِي الإِبل، وَهُوَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مُسْتَعَارٌ. وَبِالدَّابَّةِ قَحْبة أَي سُعال. وسُعال قاحبٌ: شَدِيدٌ. والقُحابُ: فَسَادُ الجَوْف. الأَزهري: أَهل الْيَمَنِ يُسَمّون المرأَةَ المُسِنَّة قَحْبةً. ويُقال لِلْعَجُوزِ: القَحْبةُ والقَحْمَةُ؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ يُقَالُ لِكُلِّ كَبِيرَةٍ مِنَ الْغَنَمِ مُسِنَّةٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: القَحْبةُ المُسنة مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا؛ والقحْبةُ كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ. قَالَ الأَزهري: قِيلَ للبَغِيِّ قَحْبة، لأَنها كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُؤْذِن(1/661)
طُلَّابَها بقُحابها، وَهُوَ سُعالها. ابْنُ سِيدَهْ: القَحْبة الْفَاجِرَةُ، وأَصلُها مِنَ السُّعال، أَرادوا أَنها تَسْعُلُ، أَو تَتَنَحْنَحُ تَرمُزُ بِهِ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: عَجُوزٌ قَحْبةٌ، وَشَيْخٌ قَحْبٌ، وَهُوَ الَّذِي يأْخذه السُّعال؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
شَيَّبني قبلَ إِنَى وَقْتِ الهَرَمْ، ... كلُّ عَجُوزٍ قَحْبةٍ فِيهَا صَمَمْ
وَيُقَالُ: أَتَينَ نساءٌ يَقْحُبنَ أَي يَسْعُلن؛ وَيُقَالُ لِلشَّابِّ إِذا سَعَل: عُمْراً وشَباباً، وَلِلشَّيْخِ: وَرْياً وقُحاباً. وَفِي التَّهْذِيبِ: يُقَالُ للبغيضِ إِذا سَعَلَ وَرْياً وقُحاباً؛ وللحَبِيبِ إِذا سَعَل: عُمْراً وشَباباً.
قحرب: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ، يُقَالُ لِلْعَصَا: الغِرْزَحْلة، والقَحْرَبةُ «1» ، والقِشْبارة، والقِسْبارةُ، وَاللَّهُ أَعلم.
قحطب: قَحْطَبَه بِالسَّيْفِ عَلاه وَضَرَبَهُ وطَعَنه فقَرْطَبَه، وقَحْطَبَه إِذا صَرَعَه. وقَحْطَبَه: صَرَعَه. وقَحْطَبة: اسم رجل.
قدحب: الأَزهري، حَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِي نَوَادِرِهِ: ذَهَبَ الْقَوْمُ بقِنْدَحْبَةَ، وقِنْدَحْرَة، وقِدَّحْرَةَ: كُلُّ ذلك إِذا تَفَرَّقوا.
قرب: القُرْبُ نقيضُ البُعْدِ. قَرُبَ الشيءُ، بِالضَّمِّ، يَقْرُبُ قُرْباً وقُرْباناً وقِرْباناً أَي دَنا، فَهُوَ قريبٌ، الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمِيعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ
؛ جاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أُخِذُوا مِنْ تحتِ أَقدامهم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ
؛ ذَكَّر قَرِيبًا لأَن تأْنيثَ الساعةِ غيرُ حَقِيقِيٍّ؛ وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُذَكَّر لأَن الساعةَ فِي مَعْنَى الْبَعْثِ. وَقَوْلُهُ تعالى: وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ
؛ أَي يُنادي بالحَشْرِ مِنْ مكانٍ قَرِيبٍ، وَهِيَ الصَّخْرَةِ الَّتِي فِي بَيْتِ المَقْدِس؛ وَيُقَالُ: إِنها فِي وَسَطِ الأَرض؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنَّ قُرْبَك زَيْدًا، وَلَا تَقُولُ إِنَّ بُعْدَك زَيْدًا، لأَن القُرب أَشدُّ تَمكُّناً فِي الظَّرْفِ مِنَ البُعْد؛ وَكَذَلِكَ: إِنَّ قَرِيبًا مِنْكَ زَيْدًا، وأَحسنُه أَن تَقُولَ: إِن زَيْدًا قَرِيبٌ مِنْكَ، لأَنه اجْتَمَعَ مَعْرِفَةٌ وَنَكِرَةٌ، وَكَذَلِكَ البُعْد فِي الْوَجْهَيْنِ؛ وَقَالُوا: هُوَ قُرابتُك أَي قَريبٌ مِنْكَ فِي الْمَكَانِ؛ وَكَذَلِكَ: هُوَ قُرابَتُك فِي الْعِلْمِ؛ وَقَوْلُهُمْ: مَا هُوَ بشَبِيهِكَ وَلَا بِقُرَابة مِن ذَلِكَ، مَضْمُومَةُ الْقَافِ، أَي وَلَا بقَريبٍ مِنْ ذَلِكَ. أَبو سَعِيدٍ: يَقُولَ الرجلُ لِصَاحِبِهِ إِذا اسْتَحَثَّه: تَقَرَّبْ أَي اعْجَلْ؛ سمعتُه مِنْ أَفواههم؛ وأَنشد:
يَا صاحِبَيَّ تَرحَّلا وتَقَرَّبا، ... فلَقَد أَنى لمُسافرٍ أَن يَطْرَبا
التَّهْذِيبِ: وَمَا قَرِبْتُ هَذَا الأَمْرَ، وَلَا قَرَبْتُه؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ*
؛ وقال: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى
؛ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ قَرِبتُ أَقْرَبُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَقْرُبُ أَمْراً أَي يَغْزُوه، وَذَلِكَ إِذا فَعَلَ شَيْئًا أَو قَالَ قَوْلًا يَقْرُبُ بِهِ أَمْراً يَغْزُوه؛ ويُقال: لَقَدْ قَرَبْتُ أَمْراً مَا أَدْرِي مَا هُوَ. وقَرَّبَه مِنْهُ، وتَقَرَّب إِليه تَقَرُّباً وتِقِرَّاباً، واقْتَرَب وَقَارَبَهُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عارِمٍ: فَلَمْ يَزَلِ الناسُ مُقارِبينَ لَهُ
أَي يَقْرُبُونَ حَتَّى جاوزَ بلادَ بَنِي عَامِرٍ، ثُمَّ جَعل الناسُ يَبْعُدونَ مِنْهُ. وافْعَلْ ذَلِكَ بقَرابٍ، مفتوحٌ، أَي بقُرْبٍ؛ عن
__________
(1) . قوله [يقال للعصا إلخ] ذكر لها أربعة أسماء كلها صحيحة وراجعنا عليها التهذيب وغيره إلا القحربة التي ترجم لأَجلها فخطأ وتبعه شارح القاموس. وصوابها القحزنة، بالزاي والنون، كما في التهذيب وغيره.(1/662)
ابْنِ الأَعرابي. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
؛ وَلَمْ يَقُلْ قَريبةٌ، لأَنه أَراد بِالرَّحْمَةِ الإِحسانَ ولأَن مَا لَا يَكُونُ تأْنيثه حَقِيقِيًّا، جَازَ تَذْكِيرُهُ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِنما قِيلَ قريبٌ، لأَن الرَّحْمَةَ، والغُفْرانَ، والعَفْو فِي مَعْنًى وَاحِدٍ؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ تأْنيثٍ لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ؛ قَالَ: وَقَالَ الأَخفش جَائِزٌ أَن تَكُونَ الرَّحْمَةُ هَاهُنَا بِمَعْنَى المَطَر؛ قَالَ: وَقَالَ بعضُهم هَذَا ذُكِّر ليَفْصِلَ بَيْنَ الْقَرِيبِ مِنَ القُرْب، والقَريبِ مِنَ القَرابة؛ قَالَ: وَهَذَا غَلَطٌ، كلُّ مَا قَرُبَ مِنْ مكانٍ أَو نَسَبٍ، فَهُوَ جارٍ عَلَى مَا يُصِيبُهُ مِنَ التَّذْكِيرِ والتأْنيث؛ قَالَ الفراءُ: إِذا كَانَ القريبُ فِي مَعْنَى الْمَسَافَةِ، يذكَّر ويؤَنث، وإِذا كَانَ فِي مَعْنَى النَّسَب، يؤَنث بِلَا اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ. تَقُولُ: هَذِهِ المرأَة قَريبتي أَي ذاتُ قَرابتي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَ الفراءُ أَنَّ العربَ تَفْرُقُ بَيْنَ القَريب مِنَ النَّسَبِ، والقَريب مِنَ الْمَكَانِ، فَيَقُولُونَ: هَذِهِ قَريبتي مِنَ النَّسَبِ، وَهَذِهِ قَرِيبي مِنَ الْمَكَانِ؛ وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ قولُ إمرئِ الْقَيْسِ:
لَهُ الوَيْلُ إِنْ أَمْسَى، وَلَا أُمُّ هاشمٍ ... قَريبٌ، وَلَا البَسْباسةُ ابنةُ يَشْكُرا
فذكَّر قَريباً، وَهُوَ خَبَرٌ عَنْ أُم هَاشِمٍ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ: قريبٌ مِنِّي، يُرِيدُ قُرْبَ المَكان، وقَريبة مِنِّي، يُرِيدُ قُرْبَ النَّسب. وَيُقَالُ: إِنَّ فَعِيلًا قَدْ يُحْمل عَلَى فَعُول، لأَنه بِمَعْنَاهُ، مِثْلُ رَحيم ورَحُوم، وفَعُول لَا تَدْخُلُهُ الهاءُ نَحْوَ امرأَة صَبُور؛ فَلِذَلِكَ قَالُوا: رِيحٌ خَريقٌ، وكَنِيبة خَصِيفٌ، وفلانةُ مِنِّي قريبٌ. وَقَدْ قِيلَ: إِن قَرِيبًا أَصلهُ فِي هَذَا أَن يكونَ صِفةً لِمَكَانٍ؛ كَقَوْلِكَ: هِيَ مِنِّي قَريباً أَي مَكَانًا قَرِيبًا، ثُمَّ اتُّسِعَ فِي الظَّرْفِ فَرُفِع وجُعِلَ خَبَرًا. التَّهْذِيبِ: والقَريبُ نقيضُ البَعِيد يَكُونُ تَحْويلًا، فيَستوي فِي الذَّكَرِ والأُنثى وَالْفَرْدِ وَالْجَمِيعِ، كَقَوْلِكَ: هُوَ قَريبٌ، وَهِيَ قريبٌ، وَهُمْ قريبٌ، وهنَّ قَريبٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَقُولُ الْعَرَبُ هُوَ قَريبٌ مِنِّي، وَهُمَا قَريبٌ مِنِّي، وَهُمْ قَرِيبٌ مِنِّي؛ وَكَذَلِكَ المؤَنث: هِيَ قَرِيبٌ مِنِّي، وَهِيَ بَعِيدٌ مِنِّي، وَهُمَا بَعِيدٌ، وَهُنَّ بَعِيدٌ مِنِّي، وَقَرِيبٌ؛ فتُوَحِّدُ قَرِيبًا وتُذَكِّرُه لأَنه إِن كَانَ مَرْفُوعًا، فإِنه فِي تأْويل هُوَ فِي مَكَانٍ قَرِيبٍ مِنِّي. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ
. وَقَدْ يَجُوزُ قريبةٌ وبَعيدة، بالهاءِ، تَنْبِيهًا عَلَى قَرُبَتْ، وبَعُدَتْ، فَمَنْ أَنثها فِي المؤَنث، ثَنَّى وجَمَع؛ وأَنشد:
لياليَ لَا عَفْراءُ، منكَ، بعيدةُ ... فتَسْلى، وَلَا عَفْراءُ منكَ قَريبُ
واقْتَرَبَ الوعدُ أَي تَقارَبَ. وقارَبْتُه فِي الْبَيْعِ مُقاربة. والتَّقارُبُ: ضِدُّ التَّباعد. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا تَقاربَ الزمانُ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
إِذا اقْترَبَ الزَّمَانُ، لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المؤْمِن تَكْذِبُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد اقترابَ السَّاعَةِ، وَقِيلَ اعتدالَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؛ وَتَكُونُ الرؤْيا فِيهِ صَحِيحَةً لاعْتِدالِ الزَّمَانِ. واقْتَربَ: افْتَعَلَ، مِنَ القُرْب. وتَقارَب: تَفاعَلَ، مِنْهُ، وَيُقَالُ للشيءِ إِذا وَلَّى وأَدْبَر: تَقارَبَ. وَفِي حَدِيثِ
المَهْدِيِّ: يَتَقارَبُ الزمانُ حَتَّى تَكُونَ السنةُ كَالشَّهْرِ
؛ أَراد: يَطِيبُ الزمانُ حَتَّى لَا يُسْتَطالَ؛ وأَيام السُّرور وَالْعَافِيةِ قَصيرة؛ وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ قِصَر الأَعْمار وَقِلَّةِ الْبَرَكَةِ. وَيُقَالُ: قَدْ حَيَّا وقَرَّب إِذا قَالَ: حَيَّاكَ اللَّهُ، وقَرَّبَ دارَك. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ تَقَرَّب إِليَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ إِليه ذِراعاً
؛ المرادُ بقُرْبِ الْعَبْدِ(1/663)
منَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، القُرْبُ بالذِّكْر وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، لَا قُرْبُ الذاتِ وَالْمَكَانِ، لأَن ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الأَجسام، وَاللَّهُ يَتَعالى عَنْ ذَلِكَ ويَتَقَدَّسُ. وَالْمُرَادُ بقُرْبِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْعَبْدِ، قُرْبُ نعَمِه وأَلطافه مِنْهُ، وبِرُّه وإِحسانُه إِليه، وتَرادُف مِنَنِه عِنْدَهُ، وفَيْضُ مَواهبه عَلَيْهِ. وقِرابُ الشيءِ وقُرابُه وقُرابَتُه: مَا قاربَ قَدْرَه. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن لَقِيتَني بقُراب الأَرضِ خَطِيئَةً
أَي بِمَا يقارِبُ مِلأَها، وَهُوَ مصدرُ قارَبَ يُقارِبُ. والقِرابُ: مُقاربة الأَمر؛ قَالَ عُوَيْفُ القَوافي يَصِفُ نُوقاً:
هُوَ ابْنُ مُنَضِّجاتٍ، كُنَّ قِدْماً ... يَزِدْنَ عَلَى العَديد قِرابَ شَهْرِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: يَرِدْنَ عَلَى الغَديرِ قِرابَ شَهْرِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده يَزِدْنَ عَلَى العَديد، مِنْ مَعْنَى الزِّيَادَةِ عَلَى العِدَّة، لَا مِنْ مَعْنَى الوِرْدِ عَلَى الغَدير. والمُنَضِّجةُ: الَّتِي تأَخرت وَلَادَتُهَا عَنْ حِينِ الْوِلَادَةِ شَهْرًا، وَهُوَ أَقوى لِلْوَلَدِ. قَالَ: والقِرابُ أَيضاً إِذا قاربَ أَن يمتلئَ الدلوُ؛ وَقَالَ العَنْبَرُ بْنُ تَمِيمٍ، وَكَانَ مُجَاوِرًا فِي بَهْراءَ:
قَدْ رَابَنِي منْ دَلْوِيَ اضْطِرابُها، ... والنَّأْيُ مِنْ بَهْراءَ واغْتِرابُها،
إِلَّا تَجِي مَلأَى يَجِي قِرابُها
ذَكَرَ أَنه لَمَّا تزوَّجَ عَمْرُو بْنُ تَمِيمٍ أُمَّ خارجةَ، نقَلَها إِلى بَلَدِهِ؛ وَزَعَمَ الرواةُ أَنها جاءَت بالعَنْبَر مَعَهَا صَغِيرًا فأَولدها عَمرو بْنُ تَمِيمٍ أُسَيْداً، والهُجَيْم، والقُلَيْبَ، فَخَرَجُوا ذاتَ يَوْمٍ يَسْتَقُون، فَقَلَّ عَلَيْهِمُ الماءُ، فأَنزلوا مَائِحًا مِنْ تَمِيمٍ، فَجَعَلَ الْمَائِحُ يملأُ دَلْوَ الهُجَيْم وأُسَيْد والقُلَيْبِ، فإِذا وردَتْ دَلْوُ العَنْبر تَرَكَهَا تَضْطَربُ، فَقَالَ العَنْبَر هَذِهِ الأَبيات: وَقَالَ اللَّيْثُ: القُرابُ والقِرابُ مُقارَبة الشيءِ. تَقُولُ: مَعَهُ أَلفُ دِرْهَمٍ أَو قُرابه؛ وَمَعَهُ مِلْءُ قَدَح ماءٍ أَو قُرابُه. وَتَقُولُ: أَتيتُه قُرابَ العَشِيِّ، وقُرابَ الليلِ. وإِناءٌ قَرْبانُ: قارَب الامْتِلاءَ، وجُمْجُمةٌ قَرْبَى: كَذَلِكَ. وَقَدْ أَقْرَبَه؛ وَفِيهِ قَرَبُه وقِرابُه. قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْفِعْلُ مِنْ قَرْبانَ قارَبَ. قَالَ: وَلَمْ يَقُولُوا قَرُبَ اسْتِغْنَاءً بِذَلِكَ. وأَقْرَبْتُ القَدَحَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: قَدَح قَرْبانُ إِذا قارَبَ أَن يمتلئَ؛ وقَدَحانِ قَرْبانانِ وَالْجَمْعُ قِرابٌ، مِثْلُ عَجْلانَ وعِجالٍ؛ تَقُولُ: هَذَا قَدَحٌ قَرْبانُ مَاءً، وَهُوَ الَّذِي قَدْ قارَبَ الامتِلاءَ. وَيُقَالُ: لَوْ أَنَّ لِي قُرابَ هَذَا ذَهَباً أَي مَا يُقارِبُ مِلْأَه. والقُرْبانُ، بِالضَّمِّ: مَا قُرِّبَ إِلى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ. وتَقَرَّبْتَ بِهِ، تَقُولُ مِنْهُ: قَرَّبْتُ لِلَّهِ قُرْباناً. وتَقَرَّبَ إِلى اللَّهِ بشيءٍ أَي طَلَبَ بِهِ القُرْبة عِنْدَهُ تَعَالَى. والقُرْبانُ: جَلِيسُ الْمَلِكَ وخاصَّتُه، لقُرْبِه مِنْهُ، وَهُوَ وَاحِدُ القَرابِينِ؛ تَقُولُ: فلانٌ مِنْ قُرْبان الأَمير، وَمِنْ بُعْدانِه. وقَرابينُ المَلِكِ: وُزَراؤُه، وجُلساؤُه، وخاصَّتُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً
. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ
. وَكَانَ الرجلُ إِذا قَرَّبَ قُرْباناً، سَجَد لِلَّهِ، فَتَنْزِلُ النارُ فتأْكل قُرْبانَه، فَذَلِكَ علامةُ قَبُولِ القُرْبانِ، وَهِيَ(1/664)
ذَبَائِحُ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا. اللَّيْثُ: القُرْبانُ مَا قَرَّبْتَ إِلى اللَّهِ، تَبْتَغِي بِذَلِكَ قُرْبةً وَوَسِيلَةً. وَفِي الْحَدِيثِ
صِفَةُ هَذِهِ الأُمَّةِ فِي التَّوْرَاةِ: قُرْبانُهم دماؤُهم.
القُرْبان مَصْدَرُ قَرُبَ يَقْرُب أَي يَتَقَرَّبُون إِلى اللَّهِ بإِراقة دِمَائِهِمْ فِي الْجِهَادِ. وَكَانَ قُرْبان الأُمَم السالفةِ ذَبْحَ الْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ، والإِبل. وَفِي الْحَدِيثِ:
الصّلاةُ قُرْبانُ كلِّ تَقِيٍ
أَي إِنَّ الأَتْقِياءَ مِنَ النَّاسِ يَتَقَرَّبونَ بِهَا إِلى اللَّهُ تَعَالَى أَي يَطْلُبون القُرْبَ مِنْهُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ:
مَن رَاحَ فِي الساعةِ الأُولى، فكأَنما قَرَّبَ بَدَنَةً
أَي كأَنما أَهْدى ذَلِكَ إِلى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يُهْدى القُرْبانُ إِلى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ. الأَحمر: الخيلُ المُقْرَبة الَّتِي تَكُونَ قَريبةً مُعَدَّةً. وَقَالَ شَمِرٌ: الإِبل المُقْرَبة الَّتِي حُزِمَتْ للرُّكوب، قالَها أَعرابيٌّ مِن غَنِيٍّ. وَقَالَ: المُقْرَباتُ مِنَ الْخَيْلِ: الَّتِي ضُمِّرَت للرُّكوب. أَبو سَعِيدٍ: الإِبل المُقْرَبةُ الَّتِي عَلَيْهَا رِحالٌ مُقْرَبة بالأَدَم، وَهِيَ مَراكِبُ المُلوك؛ قَالَ: وأَنكر الأَعرابيُّ هَذَا التَّفْسِيرَ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: مَا هَذِهِ الإِبلُ المُقْرِبةُ؟
قَالَ: هَكَذَا رُوي، بِكَسْرِ الراءِ، وَقِيلَ: هِيَ بِالْفَتْحِ، وَهِيَ الَّتِي حُزِمَتْ للرُّكوب، وأَصلُه مِنَ القِرابِ. ابْنُ سِيدَهْ: المُقْرَبةُ والمُقْرَب مِنَ الْخَيْلِ: الَّتِي تُدْنَى، وتُقَرَّبُ، وتُكَرَّمُ، وَلَا تُتْرَكُ أَن تَرُودَ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: إِنما يُفْعَلُ ذَلِكَ بالإِناث، لِئَلَّا يَقْرَعَها فَحْلٌ لَئِيمٌ. وأَقْرَبَتِ الحاملُ، وَهِيَ مُقْرِبٌ: دَنَا وِلادُها، وَجَمْعُهُا مَقاريبُ، كأَنهم تَوَهَّمُوا واحدَها عَلَى هَذَا، مِقْراباً؛ وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ وَالشَّاةُ، وَلَا يُقَالُ للناقةِ إِلّا أَدْنَتْ، فَهِيَ مُدْنٍ؛ قَالَتْ أُمُّ تأَبَّطَ شَرّاً، تُؤَبِّنُه بَعْدَ مَوْتِهِ:
وابْناه وابنَ اللَّيْل، ... لَيْسَ بزُمَّيْل شَروبٍ للقَيْل،
يَضْرِبُ بالذَّيْل كمُقْرِبِ الخَيْل
لأَنها تُضَرِّجُ مَنْ دَنا مِنْهَا؛ ويُرْوى كمُقْرَب الْخَيْلِ، بِفَتْحِ الراءِ، وَهُوَ المُكْرَم. اللَّيْثُ: أَقْرَبَتِ الشاةُ والأَتانُ، فَهِيَ مُقْرِبٌ، وَلَا يُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِلّا أَدْنَتْ، فَهِيَ مُدْنٍ. العَدَبَّسُ الكِنانيُّ: جَمْعُ المُقْرِبِ مِنَ الشاءِ: مَقاريبُ؛ وَكَذَلِكَ هِيَ مُحْدِثٌ وجمعُه مَحاديثُ. التَّهْذِيبِ: والقَريبُ والقَريبة ذُو القَرابة، وَالْجَمْعُ مِن النساءِ قَرائِبُ، ومِن الرِّجَالِ أَقارِبُ، وَلَوْ قِيلَ قُرْبَى، لَجَازَ. والقَرابَة والقُرْبَى: الدُّنُوُّ فِي النَّسب، والقُرْبَى فِي الرَّحِم، وَهِيَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى
. وَمَا بَيْنَهُمَا مَقْرَبَةٌ ومَقْرِبَة ومَقْرُبة أَي قَرابةٌ. وأَقارِبُ الرجلِ، وأَقْرَبوه: عَشِيرَتُه الأَدْنَوْنَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ
. وجاءَ فِي التَّفْسِيرِ
أَنه لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، صَعِدَ الصَّفا، وَنَادَى الأَقْرَبَ فالأَقْرَبَ، فَخِذاً فَخِذاً. يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يَا بَنِي هَاشِمٍ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، يَا عباسُ، يَا صفيةُ: إِني لَا أَملك لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلُوني مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ
؛ هَذَا عَنِ الزَّجَّاجِ. وَتَقُولُ: بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَرابة، وقُرْبٌ، وقُرْبَى، ومَقْرَبة، ومَقْرُبة، وقُرْبَة، وقُرُبَة، بِضَمِّ الراءِ، وَهُوَ قَريبي، وَذُو قَرابَتي، وَهُمْ أَقْرِبائي، وأَقارِبي. وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: هُوَ قَرابَتي، وَهُمْ قَراباتي. وقولُه تَعَالَى: قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى
؛ أَي إِلا أَن تَوَدُّوني فِي قَرابتي أَي فِي قَرابتي مِنْكُمْ. وَيُقَالُ: فلانٌ ذُو قَرابتي، وَذُو(1/665)
قَرابةٍ مِني، وَذُو مَقْرَبة، وَذُو قُرْبَى مِنِّي. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ
. قَالَ: ومِنهم مَن يُجيز فُلَانٌ قَرابتي؛ والأَوَّلُ أَكثر. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِلَّا حامَى عَلَى قَرابته
؛ أَي أَقارِبه، سُمُّوا بِالْمَصْدَرِ كَالصَّحَابَةِ. والتَّقَرُّبُ: التَّدَنِّي إِلَى شَيءٍ، والتَّوَصُّلُ إِلى إِنسان بقُرْبةٍ، أَو بحقٍّ. والإِقْرابُ: الدُّنُوُّ. وتَقارَبَ الزرعُ إِذا دَنا إِدراكُه. ابْنُ سِيدَهْ: وقارَبَ الشيءَ دَانَاهُ. وتَقَارَبَ الشيئانِ: تَدانَيا. وأَقْرَبَ المُهْرُ والفصيلُ وغيرُه إِذا دَنَا للإِثناءِ أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَسْنانِ. والمُتَقارِبُ فِي العَروض: فَعُولُن، ثَمَانِيَ مَرَّاتٍ، وَفَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعَلْ، مَرَّتَيْنِ، سُمِّي مُتَقارِباً لأَنه لَيْسَ فِي أَبنية الشِّعْرِ شيءٌ تَقْرُبُ أَوْتادُه مِنْ أَسبابه، كقُرْبِ المتقارِبِ؛ وَذَلِكَ لأَن كُلَّ أَجزائه مَبْنِيٌّ عَلَى وَتِدٍ وسببٍ. ورجلٌ مُقارِبٌ، ومتاعٌ مُقارِبٌ: لَيْسَ بنَفيسٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَيْنٌ مُقارِبٌ، بِالْكَسْرِ، ومتاعٌ مُقارَبٌ، بِالْفَتْحِ. الْجَوْهَرِيُّ: شيءٌ مقارِبٌ، بِكَسْرِ الراءِ، أَي وَسَطٌ بَيْنَ الجَيِّدِ والرَّدِيءِ؛ قَالَ: وَلَا تَقُلْ مُقارَبٌ، وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ رَخيصاً. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: تَقارَبَتْ إِبلُ فلانٍ أَي قَلَّتْ وأَدْبَرَتْ؛ قَالَ جَنْدَلٌ:
غَرَّكِ أَن تَقارَبَتْ أَباعِري، ... وأَنْ رَأَيتِ الدَّهْرَ ذَا الدَّوائِر
وَيُقَالُ للشيءِ إِذا وَلى وأَدبر: قَدْ تَقارَبَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الْقَصِيرِ: مُتقارِبٌ، ومُتَآزِفٌ. الأَصمعي: إِذا رفَعَ الفَرَسُ يَدَيْه معا ووَضَعَهما معا، فَذَلِكَ التقريبُ؛ وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذا رَجَمَ الأَرضَ رَجْماً، فَهُوَ التقريبُ. يُقَالُ: جاءَنا يُقَرِّبُ بِهِ فرسُه. وقارَبَ الخَطْوَ: دَانَاهُ. والتَّقريبُ فِي عَدْوِ الْفَرَسِ: أَن يَرْجُمَ الأَرض بِيَدَيْهِ، وَهُمَا ضَرْبانِ: التقريبُ الأَدْنَى، وَهُوَ الإِرْخاءُ، والتقريبُ الأَعْلى، وَهُوَ الثَّعْلَبِيَّة. الْجَوْهَرِيُّ: التقريبُ ضَربٌ مِنَ العَدْوِ؛ يُقَالُ: قَرَّبَ الفرسُ إِذا رَفَعَ يَدَيْهِ مَعًا وَوَضْعَهُمَا مَعًا، فِي الْعَدْوِ، وَهُوَ دُونَ الحُضْر. وَفِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ:
أَتَيْتُ فرسِي فَرَكِبْتُهَا، فرفَعْتُها تُقَرِّبُ بِي.
قَرَّبَ الفرسُ، يُقَرِّبُ تَقْرِيبًا إِذا عَدا عَدْواً دُونَ الإِسراع. وقَرِبَ الشيءَ، بِالْكَسْرِ، يَقْرَبُه قُرْباً وقِرْباناً: أَتاه، فقَرُبَ وَدَنَا مِنْهُ. وقَرَّبْتُه تَقْرِيبًا: أَدْنَيْتُه. والقَرَبُ: طلبُ الماءِ لَيْلًا؛ وَقِيلَ: هُوَ أَن لَا يَكُونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الماءِ إِلا لَيْلَةٌ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِذا كَانَ بَيْنَ الإِبل وَبَيْنَ الماءِ يَوْمَانِ، فأَوَّلُ يَوْمٍ تَطلبُ فِيهِ الماءَ هُوَ القَرَبُ، وَالثَّانِي الطَّلَقُ. قَرِبَتِ الإِبلُ تَقْرَبُ قُرْباً، وأَقْرَبَها؛ وَتَقُولُ: قَرَبْتُ أَقْرُبُ قِرابةً، مثلُ كتبتُ أَكْتُبُ كِتَابَةً، إِذا سِرْتَ إِلى الماءِ، وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ لَيْلَةٌ. قَالَ الأَصمعي: قلتُ لأَعْرابِيٍّ مَا القَرَبُ؟ فَقَالَ: سَيْرُ اللَّيْلِ لِورْدِ الغَدِ؛ قلتُ: مَا الطَّلَق؟ فَقَالَ: سَيْرُ اللَّيْلِ لِوِرْدِ الغِبِّ. يُقَالُ: قَرَبٌ بَصْباصٌ، وَذَلِكَ أَن الْقَوْمَ يُسِيمُونَ الإِبلَ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَسِيرُونَ نَحْوَ الماءِ، فإِذا بقيَت بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الماءِ عشيةٌ، عَجَّلوا نحوهُ، فَتِلْكَ الليلةُ ليلةُ القَرَب. قَالَ الْخَلِيلُ: والقارِبُ طالِبُ الماءِ لَيْلًا، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِطالِب الماءِ نَهَارًا. وَفِي التَّهْذِيبِ: القارِبُ(1/666)
الَّذِي يَطلُبُ الماءَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ وَقْتاً. اللَّيْثُ: القَرَبُ أَن يَرْعَى القومُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الموْرد؛ وَفِي ذَلِكَ يَسِيرُونَ بعضَ السَّيْر، حَتَّى إِذا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الماءِ ليلةٌ أَو عَشِيَّة، عَجَّلُوا فَقَرَبُوا، يَقْرُبونَ قُرْباً؛ وَقَدْ أَقْرَبُوا إِبلَهم، وقَرِبَتِ الإِبلُ. قَالَ: وَالَحْمِارُ القارِب، والعانَةُ القَوارِبُ: وَهِيَ الَّتِي تَقْرَبُ القَرَبَ أَي تُعَجِّلُ ليلةَ الوِرْدِ. الأَصمعي: إِذا خَلَّى الرَّاعِي وُجُوهَ إِبله إِلى الماءِ، وتَرَكَها فِي ذَلِكَ تَرعى ليلَتَئذٍ، فَهِيَ ليلةُ الطَّلَق؛ فإِن كَانَ الليلةَ الثَّانِيَةَ، فَهِيَ ليلةُ القَرَب، وَهُوَ السَّوْقُ الشَّدِيدُ. وَقَالَ الأَصمعي: إِذا كانتْ إِبلُهم طَوالقَ، قِيلَ أَطْلَقَ القومُ، فَهُمْ مُطْلِقُون، وإِذا كَانَتْ إِبلُهم قَوارِبَ، قَالُوا: أَقْرَبَ القومُ، فَهُمْ قارِبون؛ وَلَا يُقَالُ مُقْرِبُون، قَالَ: وَهَذَا الْحَرْفُ شَاذٌّ. أَبو زَيْدٍ: أَقْرَبْتُها حَتَّى قَرِبَتْ تَقْرَبُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو فِي الإِقْرابِ والقَرَب مِثْلَهُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
إِحْدَى بَني جَعْفَرٍ كَلِفْتُ بِهَا، ... لَمْ تُمْسِ مِني نَوْباً وَلَا قَرَبا
قَالَ ابْنُ الأَعْرابي: القَرَبُ والقُرُبُ وَاحِدٌ فِي بَيْتِ لَبِيدٍ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: القَرَبُ فِي ثَلَاثَةِ أَيام أَو أَكثر؛ وأَقْرَب الْقَوْمُ، فَهُمْ قارِبون، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، إِذا كَانَتْ إِبلُهم مُتَقارِبةً، وَقَدْ يُستعمل القَرَبُ فِي الطَّيْرِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لخَليج الأَعْيَويّ:
قَدْ قلتُ يَوْمًا، والرِّكابُ كأَنَّها ... قَوارِبُ طَيْرٍ حانَ مِنْهَا وُرُودُها
وَهُوَ يَقْرُبُ حَاجَةً أَي يَطلُبها، وأَصلها مِنْ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إِنْ كُنَّا لنَلتَقي فِي الْيَوْمِ مِراراً، يسأَل بعضُنا بَعْضًا، وإِن نَقْرُبُ بِذَلِكَ إِلى أَن نَحْمَدَ اللَّهُ تَعَالَى
؛ قَالَ الأَزهري: أَي مَا نَطلُبُ بِذَلِكَ إِلَّا حمدَ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ الخَطَّابي: نَقرُبُ أَي نَطلُب، والأَصلُ فِيهِ طَلَبُ الْمَاءِ، وَمِنْهُ ليلةُ القَرَبِ: وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يُصْبِحُونَ مِنْهَا عَلَى الماءِ، ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ فَقِيلَ: فُلانٌ يَقْرُبُ حاجتَه أَي يَطلُبها؛ فَأَنِ الأُولى هِيَ الْمُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَالثَّانِيَةُ نَافِيَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ
قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا لِي هارِبٌ وَلَا قارِبٌ
أَي مَا لَهُ وارِدٌ يَرِدُ الْمَاءَ، وَلَا صادِرٌ يَصدُرُ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: وَمَا كنتُ إِلَّا كقارِبٍ وَرَدَ، وطالبٍ وَجَد.
وَيُقَالُ: قَرَبَ فلانٌ أَهلَه قُرْباناً إِذا غَشِيَها. والمُقارَبة والقِرابُ: المُشاغَرة لِلنِّكَاحِ، وَهُوَ رَفْعُ الرِّجْلِ. والقِرابُ: غِمْدُ السَّيف وَالسِّكِّينِ، وَنَحْوِهِمَا؛ وجمعُه قُرُبٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: قِرابُ السيفِ غِمْدُه وحِمالَتُه. وَفِي الْمَثَلِ: الفِرارُ بقِرابٍ أَكْيَسُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْمَثَلُ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ بَعْدَ قِرابِ السَّيْفِ عَلَى مَا تَرَاهُ، وَكَانَ صَوَابُ الْكَلَامِ أَن يَقُولَ قَبْلَ الْمَثَلِ: والقِرابُ القُرْبُ، وَيَسْتَشْهِدَ بِالْمَثَلِ عَلَيْهِ. والمثلُ لِجَابِرِ بْنِ عَمْرٍو المُزَنِيّ؛ وَذَلِكَ أَنه كَانَ يَسِيرُ فِي طَرِيقٍ، فرأَى أَثرَ رَجُلَيْن، وَكَانَ قَائِفًا، فَقَالَ: أَثَرُ رَجُلَيْنِ شديدٍ كَلَبُهما، عَزيزٍ سَلَبُهما، والفِرارُ بقِرابٍ أَكْيَسُ أَي بِحَيْثُ يُطْمَعُ فِي السَّلَامَةِ مِنْ قُرْبٍ. وَمِنْهُمْ مَن يَرويه بقُراب، بِضَمِّ الْقَافِ. وَفِي التَّهْذِيبِ الفِرارُ قبلَ أَن يُحاطَ بِكَ أَكْيَسُ لَكَ. وقَرَبَ قِراباً، وأَقرَبَهُ: عَمِلَهُ. وأَقْرَبَ السيفَ وَالسِّكِّينَ: عَمِل لَهَا قِراباً. وقَرَبَهُ: أَدْخَلَه فِي القِرابِ. وَقِيلَ: قَرَبَ السيفَ جعلَ لَهُ قِراباً؛ وأَقْرَبَه: أَدْخَله فِي قِرابِه. الأَزهري: قِرابُ السيفِ شِبْه جِرابٍ مِنْ أَدَمٍ،(1/667)
يَضَعُ الراكبُ فِيهِ سيفَه بجَفْنِه، وسَوْطه، وَعَصَاهُ، وأَداته. وَفِي كِتَابِهِ لِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: لِكُلِّ عَشْرٍ مِنَ السَّرايا مَا يَحْمِلُ القِرابُ مِنَ التَّمْرِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ شِبْه الجِراب، يَطْرَحُ فِيهِ الراكبُ سَيْفَهُ بغِمْدِه وسَوْطِه، وَقَدْ يَطْرَحُ فِيهِ زادَه مِن تَمْرٍ وَغَيْرِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ الرِّوَايَةُ بالباءِ؛ هَكَذَا قَالَ وَلَا مَوْضِعَ لَهُ هَاهُنَا. قَالَ: وأُراه القِرافَ جَمْعَ قَرْفٍ، وَهِيَ أَوْعِيَةٌ مِنْ جُلُود يُحْمَلُ فِيهَا الزادُ لِلسَّفَرِ، ويُجْمَع عَلَى قُروف أَيضاً. والقِرْبةُ مِنَ الأَساقي. ابْنُ سِيدَهْ: القِرْبةُ الوَطْبُ مِنَ اللَّبَن، وَقَدْ تَكُونُ للماءِ؛ وَقِيلَ: هِيَ المَخْروزة مِنْ جانبٍ وَاحِدٍ؛ وَالْجَمْعُ فِي أَدْنى الْعَدَدِ: قِرْباتٌ وقِرِباتٌ وقِرَباتٌ، وَالْكَثِيرُ قِرَبٌ؛ وَكَذَلِكَ جمعُ كلِّ مَا كَانَ عَلَى فِعْلة، مِثْلُ سِدْرة وفِقْرَة، لَكَ أَن تَفْتَحَ العينَ وَتَكْسِرَ وَتُسَكِّنَ. وأَبو قِرْبةَ: فَرَسُ عُبَيْدِ بْنِ أَزْهَرَ. والقُرْبُ: الخاصِرة، وَالْجَمْعُ أَقرابٌ؛ وَقَالَ الشَّمَرْدَلُ: يَصِفُ فَرَسًا:
لاحِقُ القُرْبِ، والأَياطِلِ نَهْدٌ، ... مُشْرِفُ الخَلْقِ فِي مَطَاه تَمامُ
التَّهْذِيبِ: فرسٌ لاحِقُ الأَقْراب، يَجْمَعُونه؛ وإِنما لَهُ قُرُبانِ لسَعته، كَمَا يُقَالُ شَاةٌ ضَخْمَةُ الخَواصِر، وإِنما لَهَا خاصرتانِ؛ وَاسْتَعَارَهُ بعضُهم لِلنَّاقَةِ فَقَالَ:
حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْهَا خَلْقُ أَربعةٍ، ... فِي لازِقٍ لاحِقِ الأَقْرابِ فانْشَمَلا
أَراد: حَتَّى دَلَّ، فوضعَ الْآتِي موضعَ الْمَاضِي؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ الحمارَ والأُتُنَ:
فبَدا لَهُ أَقْرابُ هَذَا رائِغاً ... عَنْهُ، فعَيَّثَ فِي الكِنَانةِ يُرْجِعُ
وَقِيلَ: القُرْبُ والقُرُبُ، مِنْ لَدُنِ الشاكلةِ إِلى مَرَاقِّ الْبَطْنِ، مِثْلُ عُسْرٍ وعُسُرٍ؛ وَكَذَلِكَ مِنْ لَدُنِ الرُّفْغ إِلى الإِبْطِ قُرُبٌ مِنْ كلِّ جَانِبٍ. وَفِي حَدِيثِ المَوْلِدِ:
فخرَجَ عبدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبو النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذاتَ يَوْمٍ مُتَقَرِّباً، مُتَخَصِّراً بالبَطْحاءِ، فبَصُرَتْ بِهِ لَيْلَى العَدَوِيَّة
؛ قَوْلُهُ مُتَقَرِّباً أَي وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى قُرْبِه أَي خاصِرَته وَهُوَ يَمْشِي؛ وَقِيلَ: هُوَ الموضعُ الرقيقُ أَسفل مِنَ السُّرَّة؛ وَقِيلَ: مُتَقَرِّباً أَي مُسْرِعاً عَجِلًا، ويُجْمَع عَلَى أَقراب؛ وَمِنْهُ قصيدُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
يَمْشِي القُرادُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يُزْلِقُه ... عَنْهَا لَبانٌ وأَقرابٌ زَهالِيلُ
التَّهْذِيبِ: فِي الْحَدِيثِ ثلاثٌ لَعيناتٌ:
رجلٌ غَوَّرَ الماءَ المَعِينَ المُنْتابَ، ورجلٌ غَوَّرَ طريقَ المَقْرَبةِ، وَرَجُلٌ تَغَوَّطَ تَحْتَ شَجرةٍ
؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: المَقْرَبةُ الْمَنْزِلُ، وأَصله مِنَ القَرَبِ وَهُوَ السَّيْر؛ قَالَ الرَّاعِي:
فِي كلِّ مَقْرَبةٍ يَدَعْنَ رَعِيلا
وَجَمْعُهُا مَقارِبُ. والمَقْرَبُ: سَير اللَّيْلِ؛ قَالَ طُفَيْلٌ يَصِفُ الْخَيْلَ:
مُعَرَّقَة الأَلْحِي تَلُوحُ مُتُونُها، ... تُثِير القَطا فِي مَنْهلٍ بعدَ مَقْرَبِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن غَيَّر المَقْرَبةَ والمَطْرَبة، فَعَلَيْهِ لعنةُ اللَّهِ.
المَقْرَبةُ: طريقٌ صَغِيرٌ يَنْفُذُ إِلى طَرِيقٍ كَبِيرٍ، وجمعُها المَقارِبُ؛ وَقِيلَ: هُوَ مِنَ القَرَب، وَهُوَ السَّيْرُ بِاللَّيْلِ؛ وَقِيلَ: السَّيْرُ إِلى الماءِ. التَّهْذِيبِ، الْفَرَّاءُ جاءَ فِي الْخَبَرِ:
اتَّقُوا قُرابَ المُؤْمن أَو قُرابَتَه، فإِنه يَنْظُر بنُور اللَّهِ
، يَعْنِي فِراسَتَه(1/668)
وظَنَّه الَّذِي هُوَ قَريبٌ مِنَ العِلم والتَّحَقُّقِ لصِدْقِ حَدْسِه وإِصابتِه. والقُراب والقُرابةُ: القريبُ؛ يُقَالُ: مَا هُوَ بِعَالِمٍ، وَلَا قُرابُ عَالِمٍ، وَلَا قُرابةُ عالمٍ، وَلَا قَريبٌ مِنْ عَالِمٍ. والقَرَبُ: الْبِئْرُ الْقَرِيبَةُ الْمَاءِ، فإِذا كَانَتْ بعيدةَ الْمَاءِ، فَهِيَ النَّجاءُ؛ وأَنشد:
يَنْهَضْنَ بالقَوْمِ عَلَيْهِنَّ الصُّلُبْ، ... مُوَكَّلاتٌ بالنَّجاءِ والقَرَبْ
يَعْنِي: الدِّلاء. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
سَدِّدوا وقارِبُوا
؛ أَي اقْتَصِدوا فِي الأُمورِ كلِّها، واتْرُكوا الغُلُوَّ فِيهَا وَالتَّقْصِيرَ؛ يُقَالُ: قارَبَ فلانٌ فِي أُموره إِذا اقْتَصَدَ. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنه سَلَّم عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، قَالَ: فأَخذني مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ
؛ يُقَالُ للرجُل إِذا أَقْلَقَه الشيءُ وأَزْعَجَه: أَخذه مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ، وَمَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ؛ كأَنه يُفَكِّرُ ويَهْتَمُّ فِي بَعيدِ أُمورِه وقَريبِها، يَعْنِي أَيُّها كَانَ سَبَباً فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ ردِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لأُقَرِّبَنَّ بِكُمْ صلاةَ رسولِ اللَّهِ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ
، أَي لآتِيَنَّكم بِمَا يُشْبِهُها، ويَقْرُبُ مِنْهَا. وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
إِني لأَقْرَبُكم شَبَهاً بصلاةِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والقارِبُ: السَّفينةُ الصَّغِيرَةُ، مَعَ أَصحاب السُّفُنِ الْكِبَارِ الْبَحْرِيَّةِ، كالجَنائب لَهَا، تُسْتَخَفُّ لِحَوَائِجِهِمْ، والجمعُ القَوارِبُ. وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ
، واحدُها قارِبٌ، وَجَمْعُهُ قَوارِب؛ قَالَ: فأَما أَقْرُبٌ، فإِنه غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي جَمْعِ قارِب، إِلَّا أَن يَكُونَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ؛ وَقِيلَ: أَقْرُبُ السفينةِ أَدانِيها أَي مَا قارَبَ إِلى الأَرض مِنْهَا. والقَريبُ: السَّمَك المُمَلَّحُ، مَا دَامَ فِي طَراءَته. وقَرَبَتِ الشمسُ لِلْمَغِيبِ: ككَرَبَتْ؛ وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن الْقَافَ بَدَلٌ مِن الْكَافِ. والمَقارِبُ: الطُّرُقُ. وقُرَيْبٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وقَرِيبةُ: اسْمُ امرأَة. وأَبو قَرِيبةَ: رَجُلٌ مِنْ رُجَّازِهم. والقَرَنْبَى: نَذْكُرُهُ فِي ترجمة قرنب.
قرشب: القِرْشَبُّ، بِكَسْرِ الْقَافِ: الضَّخْم الطَّوِيلُ مِنَ الرِّجَالِ؛ وَقِيلَ: هُوَ الأَكولُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الرَّغِيبُ البَطْنِ؛ وَقِيلَ: هُوَ السَّيِّئُ الْحَالِ، عَنْ كُرَاعٍ؛ وَهُوَ أَيضاً المُسِنُّ، عَنِ السِّيرَافِيِّ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كيفَ قَرَيْتَ شَيْخَكَ الأَزَبَّا، ... لمَّا أَتاكَ يابِساً قِرْشَبَّا،
قُمْتَ إِليه بالقَفِيلِ ضَرْبَا
قرصب: قَرْصَبَ الشيءَ: قَطَعه، والضاد أَعلى.
قرضب: القَرْضبَة: شِدَّة القَطْعِ. قَرْضَبَ الشيءَ، ولَهْذَمَه: قَطَعه، وَبِهِ سُمِّي اللُّصُوصُ لَهاذِمةً وقَراضِبةً، مِن لَهْذَمْتُه وقَرْضَبْتُه إِذا قَطَعْتَه. وسيفٌ قُرْضُوبٌ، وقِرْضابٌ، ومُقَرْضِبٌ: قَطَّاع. وَفِي الصِّحَاحِ: القُرْضُوب والقِرْضابُ: السَّيْفُ الْقَاطِعُ يَقْطَعُ الْعِظَامَ؛ قَالَ لبيد:
ومُدَجَّجِينَ، تَرَى المَعاوِلَ وَسْطَهُم ... وذُبابَ كُلّ مُهَنَّدٍ قِرْضابِ(1/669)
والقُرْضُوبُ والقِرْضابُ: اللِّصُّ، وَالْجَمْعُ القَراضِبةُ. والقُرْضُوبُ والقِرْضابُ أَيضاً: الْفَقِيرُ. والقِرْضابُ: الْكَثِيرُ الأَكل. والقَراضِبةُ: الصَّعاليك، واحدُهم قُرْضُوبٌ. والقُرْضُوبُ، والقِرْضابُ، والقِرْضابة، والقُراضِبُ، والمُقَرْضِبُ: الَّذِي لَا يَدَعُ شَيْئًا إِلَّا أَكله. وَقِيلَ: القَرْضَبةُ أَن لَا يُخَلِّصَ الرَّطْبَ مِنَ الْيَابِسِ، لشدَّةِ نَهَمه. وقَرْضَبَ الرجلُ إِذا أَكل شَيْئًا يَابِسًا، فَهُوَ قِرْضابٌ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وأَنشد:
وعامُنا أَعْجَبنا مُقَدَّمُه، ... يُدْعى أَبا السَّمْحِ وقِرْضابٌ سُمُه،
مُبْتَرِكاً لكُلِّ عَظْمٍ يَلْحَمُه
وقَرْضَبَ اللحمَ: أَكل جميعَهُ؛ وَكَذَلِكَ قَرْضَبَ الشاةَ الذِّئْبُ. وقَرْضَبَ اللحمَ فِي البُرْمة: جَمَعه. وقَرْضَبَ الشيءَ: فَرَّقه، فَهُوَ ضِدٌّ. وقُراضِبةُ، بِضَمِ الْقَافِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ بِشْرٌ:
وحَلَّ الحَيُّ حَيُّ بَنِي سُبَيْعٍ ... قُراضِبةً، وَنَحْنُ لَهُمْ إِطارُ
قرطب: القُرْطُبُ «2» والقُرْطُوبُ: الذَّكَرُ مِنَ السَّعالي؛ وَقِيلَ: هُمْ صِغارُ الجِنِّ؛ وَقِيلَ: القَراطِبُ صِغارُ الكِلابِ، واحدُهم قُرْطُبٌ. وقَرْطَبه: صَرَعَه عَلَى قَفاه وطَعَنَه. وقَرْطَبه وقَحْطَبَه إِذا صَرعَه؛ وَقَوْلُ أَبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ:
والضَّرْبُ قَرْطَبةٌ بكُلِّ مُهَنَّدٍ ... تَرَكَ المَداوِسُ مَتْنَه مَصْقُولا
قَالَ الفراءُ: قَرْطَبْتُه إِذا صَرَعْتَه. والقُرْطُبَى: السيفُ، قَالَهُ أَبو تُرَابٍ؛ وَسَيْفٌ مَعْرُوفٌ؛ وأَنشد لِابْنِ الصَّامِتِ الجُشَمِيِّ:
رَفَوْني وَقَالُوا: لا تُرَعْ يا ابنَ صامِتٍ، ... فَظَلْتُ أُنادِيهمْ بثَدْيٍ مُجَدَّدِ
وَمَا كنتُ مُغْتَرّاً بأَصْحابِ عامِرٍ ... مَعَ القُرْطُبَى، بَلَّتْ بقَائمه يَدِي
وقَرْطَبَه فتَقَرْطَبَ عَلَى قَفَاهُ: انْصَرَع؛ وَقَالَ:
فَرُحْتُ أَمْشِي مشيَةَ السَّكرانِ، ... وزَلَّ خُفَّايَ فَقَرْطَبَاني
وقَرْطَبَ: غَضِبَ؛ قَالَ:
إِذا رَآنِي قَدْ أَتَيْتُ قَرْطَبا ... وجالَ فِي جِحَاشِه وطَرْطَبا
والطَّرْطَبَةُ: دُعاءُ الحُمُر. والمُقَرْطِبُ: الغَضْبانُ؛ وأَنشد:
إِذا رَآنِي قَدْ أَتَيْتُ قَرْطَبا
والقَرْطَبَةُ: العَدْوُ، لَيْسَ بِالشَّدِيدِ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقِيلَ: قَرْطَبَ هَرَبَ. أَبو عَمْرٍو: وقَرْطَبَ الرجلُ إِذا عَدَا عَدْواً شَدِيدًا. والقِرْطِبَّى، بِتَشْدِيدِ الباءِ: ضَرْبٌ مِنَ اللَّعِب. التَّهْذِيبُ: وأَما القَرْطَبانُ الَّذِي تَقُولُهُ العامَّةُ لِلَّذي لَا غَيْرَة لَهُ، فَهُوَ مُغَيَّر عَنْ وَجْهِهِ. قَالَ الأَصمعي: الكَلْتَبانُ مأْخوذٌ مِنَ الكَلَب،
__________
(2) . قوله [القرطب إلى قوله واحدهم قرطب] هذا سهو من المؤلف وتبعه شارح القاموس ولم يراجع الأُصول بل تهافت بالاستدراك الموقع في الدرك وصوابه القطرب إلخ بتقديم الطاء وسيأتي ذكره، وسبب السهو أن صاحبي المحكم والتهذيب ذكرا في رباعي القاف والراء قطرب بهذا المعنى ثم قلباه إلى قرطب فقالا وقرطبه صرعه إلى آخر ما هنا فسبق قلم المؤلف وجل من لا يسهو.(1/670)
وَهُوَ القِيادَةُ، وَالتَّاءُ وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ. قَالَ: وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ هِيَ الْقَدِيمَةُ عَنِ الْعَرَبِ، وغَيَّرَتْها العامَّةُ الأُولى فَقَالَتْ: القَلْطَبانُ: قال: وجاءت عامَّةٌ سُفْلَى، فَغَيَّرَتْ عَلَى الأُولى فَقَالَتْ: القَرْطَبانُ. وقَرْطَبَ فلانٌ الجَزُور إِذا قَطع عِظامَها ولحمها. والقُراطِبُ: القَطَّاع.
قرطعب: مَا عَلَيْهِ قِرْطَعْبَةٌ أَي قِطْعةُ خِرْقَةٍ. وَمَا لَهُ قُرَطْعَبَةٌ أَي مَا لَهُ شَيْءٌ؛ وأَنشد:
فَمَا عَلَيْهِ مِنْ لباسٍ طِحْرِبَهْ، ... وَمَا لهُ مِنْ نَشَبٍ قُرَطْعَبَهْ
الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ مَا عِنْدَهُ قِرْطَعْبَةٌ، وَلَا قُذَعْمِلَة، وَلَا سَعْنَة، وَلَا مَعْنَة أَي شَيْءٌ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَا وجَدْنا أَحداً يَدْرِي أُصولَها.
قرعب: اقْرَعَبَّ يَقْرَعِبُّ اقْرِعْباباً: تَقَبَّضَ مِنَ البَرْد. والمُقْرَعِبُّ: المُتَقَبِّضُ مِنَ البَرْدِ. وَيُقَالُ: مَا لَكَ مُقْرَعِبّاً أَي مُلْقِياً برأْسك إِلى الأَرض غَضَباً.
قرقب: القُرْقُبُّ: البَطْن، يَمَانِيَةٌ عَنْ كُرَاعٌ، لَيْسَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مِثَالِهِ، إِلَّا طُرْطُبٌّ، وَهُوَ الضَّرْعُ الطَّوِيلُ، ودُهْدُنٌّ، وَهُوَ الْبَاطِلُ. والقَرْقَبةُ: صوتُ البَطْن؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: صَوْتُ البَطْنِ إِذا اشْتَكَى. يُقَالُ: أَلْقَى طَعامَه فِي قُرْقُبِّه، وجَمْعُه القَراقِبُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فأَقْبل شيخٌ عَلَيْهِ قميصٌ قُرْقُبيٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى قُرْقُوبٍ؛ وَقِيلَ: هِيَ ثِيَابُ كَتَّانٍ بيضٌ، وَيُرْوَى بالفاءِ، وقد تقدم.
قرنب: القَرْنَبُ: اليَرْبوع؛ وَقِيلَ: الفأْرة؛ وَقِيلَ: القَرْنَبُ وَلَدُ الفأْرة مِنَ اليَرْبُوع. التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: القَرَنْبَى، مَقْصُورٌ، فَعَنْلى مُعْتَلًا. حَكَى الأَصمعي: أَنَّهُ دُوَيْبَّة شِبْهُ الخُنْفُساءِ أَو أَعظم مِنْهَا شَيْئًا، طَوِيلَةُ الرِّجْلِ؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
تَرَى التَّيْمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبى ... إِلى تَيْمِيَّةٍ، كعَصا المَلِيلِ
وَفِي الْمَثَلِ: القَرَنْبَى فِي عَيْنِ أُمها حَسَنَةٌ؛ والأُنثى بالهاءِ؛ وَقَالَ يَصِفُ جَارِيَةً وبعلَها:
يَدِبُّ إِلى أَحْشائها، كُلَّ ليلةٍ، ... دَبِيبَ القَرَنْبَى باتَ يَعْلُو نَقاً سَهْلا
ابْنُ الأَعرابي: القُرْنُبُ الخَاصِرَةُ المُسْتَرْخِيَة.
قرهب: القَرْهَب مِنَ الثِّيرَانِ: المُسِنُّ الضَّخْمُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
منَ الأَرْحَبِيَّاتِ العِتاقِ، كأَنها ... شَبُوبُ صِوَارٍ فَوْقَ عَلْياءَ قَرْهَبُ
وَاسْتَعَارَهُ صَخْرُ الغَيِّ للوَعِل المُسِنِّ الضَّخْمِ؛ فَقَالَ يَصِفُ وَعْلًا:
بِهِ كانَ طِفْلًا ثُمَّ أَسْدَسَ فاسْتَوَى، ... فأَصْبَح لِهْماً فِي لُهُوم قَراهِبِ
الأَزهري: القَرْهَبُ العَلْهَبُ، وَهُوَ التَّيْسُ المُسِنُّ. قَالَ: وأَحْسِبُ القَرْهَب المُسِنَّ، فعَمَّ بِهِ لَفْظاً. وَقَالَ يَعْقُوبُ: القَرهَبُ مِن الثِّيرَانِ الْكَبِيرُ الضَّخْم، وَمِنَ الْمَعْزِ: ذواتُ الأَشْعار، هَذَا لَفْظُهُ. والقَرْهَبُ: السيد؛ عن اللحياني.
قزب: قَزِبَ الشيءُ قَزَباً: صَلُبَ واشْتَدَّ، يمانيةٌ. ابْنُ الأَعرابي: القَازِبُ التَّاجِرُ الحَريصُ مَرَّةً فِي البَرِّ، ومرَّة فِي البحرِ. والقِزْبُ: اللَّقَبُ.(1/671)
قسب: القَسْب: التَّمْرُ اليابسُ يَتَفَتَّتُ فِي الْفَمِ، صُلْبُ النَّواة؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ رُمْحًا:
وأَسْمَرَ خَطِّيّاً، كأَنَّ كُعُوبَه ... نَوى القَسْبِ قَدْ أَرْمى ذِرَاعًا عَلَى العَشْرِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ يُذكَر أَنه لِحَاتِمٍ الطَّائِيِّ، وَلَمْ أَجده فِي شِعْرِهِ. وأَرْمَى وأَرْبى، لُغَتَانِ. قَالَ اللَّيْثُ: وَمَنْ قَالَهُ بِالصَّادِ، فَقَدْ أَخطأَ. ونَوَى القَسْبِ: أَصْلَبُ النَّوى. والقُسابة: رَدِيءُ التَّمْرِ. والقَسْبُ: الصُّلْب الشَّدِيدُ؛ يُقَالُ إِنه لقَسْبُ العِلْباء: صُلْبُ العَقَب والعَصَب؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
قَسْبُ العَلابي جِرَاءُ الأَلْغاد
وَقَدْ قَسُبَ قُسُوبةً وقُسُوباً. وذَكَرٌ قَيْسَبَانٌ إِذا اشْتَدَّ وغَلُظَ؛ قَالَ:
أَقْبَلْتُهُنَّ قَيْسَباناً قارِحَا
والقَسْبُ والقِسْيَبُّ: الطويلُ الشديدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وأَنشد:
أَلا أَراك يَا ابنَ بِشْرٍ خَبَّا، ... تَخْتِلُها خَتْلَ الوَليدِ الضَّبَّا
حَتَّى سَلَكْتَ عَرْدَكَ القِسْيَبَّا ... فِي فَرْجِها، ثُمَّ نَخَبْتَ نَخْبا
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُكَيْمٍ: أَهْدَيْتُ إِلى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، جِراباً مِنْ قَسْبِ عَنْبر
؛ القَسْبُ: الشديد اليابس مسن كُلِّ شيءٍ؛ وَمِنْهُ قَسْبُ التَّمْرِ، ليُبْسِه. والقَسْبُ: الطويلُ مِنَ الرِّجَالِ. والقَسِيبُ: صَوْتُ الْمَاءِ؛ قَالَ عَبِيد:
أَو فَلَج ببَطْن وادٍ، ... للماءِ مِنْ تَحْتِه قَسِيبُ «1»
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَرَرْتُ بِالنَّهْرِ وَلَهُ قَسِيبٌ أَي جَرْية. وَقَدْ قَسَبَ يَقْسِبُ. التَّهْذِيبُ: القَسِيبُ صوتُ الْمَاءِ، تحتَ وَرَقٍ أَو قُماش؛ قَالَ عَبِيدٌ:
أَو جَدْوَلٍ فِي ظِلالِ نَخْلٍ، ... لِلْمَاءِ مِنْ تَحْتِه قَسيبُ
وَسَمِعْتُ قَسِيبَ الْمَاءَ وخَريرَه أَي صَوْتَهُ. والقَسُّوبُ: الخِفاف، هَكَذَا وَقَعَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَمْ أَسمع بِالْوَاحِدِ مِنْهُ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
تَرَى فَوْقَ أَذْنابِ الرَّوابي، سَواقِطاً، ... نِعالًا وقَسُّوباً ورَيْطاً مُعَضَّدَا
ابْنُ الأَعرابي: القَسُوبُ الخُفُّ، وَهُوَ القَفْشُ والنِّخَافُ. والقاسِبُ: الغُرْمُول المُتْمَهِلُّ. والقَيْسَبُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ أَفضل الحَمْضِ. وَقَالَ مَرَّة: القَيْسَبةُ، بالهاءِ، شُجَيْرة تَنْبُتُ خُيوطاً مِن أَصل وَاحِدٍ، وتَرْتَفع قَدْرَ الذِّرَاعِ، ونَوْرَتُها كَنَوْرَةِ البَنَفْسَج، ويُسْتَوْقَدُ برُطُوبتها، كَمَا يُسْتَوْقَدُ اليَبِيسُ. وقَيْسَبٌ: اسْمٌ. وقَسَبَتِ الشمسُ: أَخذتْ في المَغِيب.
قسحب: القُسْحُبُّ: الضَّخْمُ؛ مَثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
قسقب: القُسْقُبُّ: الضَّخْمُ، وَاللَّهُ أَعلم.
__________
(1) . قوله [أَوْ فَلَجٌ بِبَطْنِ وَادٍ إلخ] أنشده المؤلف كالجوهري في ف ل ج وقال: وَلَوْ رُوِيَ فِي بُطُونِ واد لاستقام الوزن.(1/672)
قشب: القِشْبُ: الْيَابِسُ الصُّلْب. وقِشْبُ الطَّعَامِ: مَا يُلْقَى مِنْهُ مِمَّا لَا خَيْرَ فِيهِ. والقَشْبُ، بِالْفَتْحِ: خَلْطُ السُّمِّ بِالطَّعَامِ. ابْنُ الأَعرابي: القَشْب خَلْطُ السُّمِّ وإِصلاحُه حَتَّى يَنْجَعَ فِي البَدن ويَعْمَلَ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: يُخْلَط للنَّسْر فِي اللَّحْمِ حَتَّى يَقْتُلَهُ. وقَشَبَ الطعامَ يَقْشِبُه قَشْباً، وَهُوَ قَشِيبٌ، وقَشَّبَه: خَلَطَه بالسمِّ. والقَشْبُ: الخَلْط، وكلُّ مَا خُلِطَ، فَقَدْ قُشِبَ؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يُخْلَطُ بِهِ شَيْءٌ يُفْسِدُه؛ تَقُولُ: قَشَّبْتُه؛ وأَنشد:
مُرٌّ إِذا قَشَّبَه مُقَشِّبُه
وأَنشد الأَصمعي لِلنَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ:
فَبِتُّ كأَنَّ العائداتِ فَرَشْنَنِي ... هَراساً، بِهِ يُعْلى فِراشِي ويُقْشَبُ
ونَسْرٌ قَشِيبٌ: قُتِلَ بالغَلْثَى أَو خُلِطَ لَهُ، فِي لَحْمٍ يأْكُلُه، سُمٌّ، فإِذا أَكلهُ قتَله، فيُؤْخَذ ريشُه؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ الهُذَليّ:
بِه نَدَعُ الكَمِيَّ، عَلَى يَدَيْهِ، ... يَخرُّ، تَخالهُ نَسْراً قَشِيبا
وَقَوْلُهُ بِهِ: يَعْنِي بِالسَّيْفِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي بَيْتٍ قَبْلَهُ؛ وَهُوَ:
وَلَوْلَا نحنُ أَرْهَقَه صُهَيْبٌ، ... حُسامَ الحَدّ مُطَّرِداً خَشِيبا
والقِشْبُ والقَشَبُ: السُّمُّ، وَالْجَمْعُ أَقْشابٌ. يُقَالُ: قَشَبْتُ للنَّسْر، وَهُوَ أَن تَجْعل السُّمَّ عَلَى اللَّحْمِ، فيأْكله فَيَمُوتُ، فَيُؤْخَذُ رِيشُهُ. وقَشَّبَ لَهُ: سَقاه السُّمَّ. وقَشَبَه قَشْباً: سَقاه السُّمَّ. وقَشَّبني ريحُه تَقْشِيباً أَي آذَانِي، كأَنه قَالَ: سَمَّني ريحُه. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا يَمُرُّ عَلَى جِسْر جَهَنَّمَ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ قَشَّبَنِي ريحُها
؛ مَعْنَاهُ: سَمَّني ريحُها؛ وكلُّ مَسْمُومٍ قَشِيبٌ ومُقَشَّبٌ. وَرُوِيَ عَنْ
عُمَرَ أَنه وَجَدَ مِنْ مُعاوية ريحَ طِيبٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ: مَنْ قَشَبَنا؟
أَراد أَن ريحَ الطَّيِّبِ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ مَعَ الإِحرام ومُخالَفةِ السَّنَةِ قَشْبٌ، كَمَا أَن رِيحَ النَّتْن قَشْبٌ، وكلُّ قَذَرٍ قَشْبٌ وقَشَبٌ. وقَشِبَ الشيءَ «2» واسْتَقْشَبه: اسْتَقْذَره. وَيُقَالُ: مَا أَقْشَبَ بَيْتَهم أَي مَا أَقْذَر مَا حولَه مِنَ الغَائط وقَشُبَ الشيءُ: دَنُسَ. وقَشَّبَ الشيءَ: دَنَّسَه. وَرَجُلٌ قِشْبٌ خِشْبٌ، بِالْكَسْرِ: لَا خَيْرَ فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: اغْفِرْ للأَقْشاب
، جَمْعُ قِشْبٍ، وَهُوَ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ. وقَشَبه بِالْقَبِيحِ، قَشْباً: لَطَّخَه بِهِ، وعَيَّرَه، وَذَكَرَهُ بسُوء. التَّهْذِيبُ: والقَشْبُ مِن الْكَلَامِ الفِرَى؛ يُقَالُ: قَشَّبَنا فلانٌ أَي رَمانا بأَمر لَمْ يَكُنْ فِينَا؛ وأَنشد:
قَشَّبْتَنا بفَعالٍ لَسْتَ تارِكَه، ... كَمَا يُقَشِّبُ ماءَ الجُمَّةِ الغَرَبُ
وَيُرْوَى مَاءَ الحَمَّة، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ الْغَدِيرُ. ابْنُ الأَعرابي: القاشِبُ الَّذِي يَعِيبُ الناسَ بِمَا فِيهِ؛ يُقَالُ: قَشَبَه بعَيْبِ نَفْسه. والقاشِبُ: الَّذِي قِشْبُه ضَاوِيٌّ أَي نَفْسُه. والقاشِبُ: الخَيَّاط الَّذِي يَلْقُطُ أَقشابه، وَهِيَ عُقَدُ الخُيوط، ببُزاقه إِذا لَفظ بِهَا. وَرَجُلٌ مُقَشَّبٌ: مَمْزُوجُ الحَسَبِ باللُّؤْم، مَخْلوط
__________
(2) . قوله [وقشب الشيء] ضبط بالأَصل والمحكم قشب كسمع. ومقتضى القاموس أنه من باب ضرب.(1/673)
الحَسَب. وَفِي الصِّحَاحِ: رَجُلٌ مُقَشَّبُ الحَسَب إِذا مُزِجَ حَسَبُه. وقَشَبَ الرجلُ يَقْشِبُ قَشْباً وأَقْشَبَ واقْتَشَبَ: اكْتَسَبَ حَمْداً أَو ذَمّاً. وقَشَبه بشَرٍّ إِذا رَمَاهُ بِعَلَامَةٍ مِنَ الشَّرِّ، يُعْرَفُ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لِبَعْضِ بَنِيهِ: قَشَبَكَ المالُ أَي أَفْسَدَك وذَهَبَ بعَقْلك. والقَشِبُ والقَشِيبُ: الجَديدُ والخَلَقُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه مَرَّ وَعَلَيْهِ قُشْبَانِيَّتانِ
؛ أَي بُرْدتانِ خَلَقانِ، وَقِيلَ: جَدِيدَتَانِ. والقَشِيبُ: مِنَ الأَضداد، وكأَنه مَنْسُوبٌ إِلى قُشْبانٍ، جَمْعُ قَشِيبٍ، خَارِجًا عَنِ الْقِيَاسِ، لأَنه نُسِبَ إِلى الْجَمْعِ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كَوْنُهُ مَنْسُوبًا إِلى الْجَمْعِ غَيْرُ مَرْضِيٍّ، وَلَكِنَّهُ بَنَّاءٌ مُسْتَطْرَفٌ لِلنَّسَبِ كالأَنْبَجانيّ. وَيُقَالُ: ثَوْبٌ قَشِيبٌ، ورَيْطَةٌ قَشِيبٌ أَيضاً، وَالْجَمْعُ قُشُبٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنها حُلَلٌ مَوْشِيَّةٌ قُشُبُ
وَقَدْ قَشُبَ قَشابةً. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قَشُبَ الثوبُ: جَدَّ ونَظُفَ. وَسَيْفٌ قَشِيبٌ: حَدِيثُ عَهْدٍ بالجِلاءِ. وكلُّ شيءٍ جديدٍ: قَشيبٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فالماءُ يَجْلُو مُتُونَهُنَّ، كَمَا ... يَجْلُو التلاميذُ لُؤْلُؤاً قَشِبا
والقِشْبُ: نَبَاتٌ يُشْبِهُ المَقِرَ «1» ، يَسْمُو مِنْ وَسَطِه قَضيبٌ، فإِذا طَالَ تَنَكَّسَ مِنْ رُطُوبته، وَفِي رأْسه ثَمرةٌ يُقْتَلُ بِهَا سِباعُ الطَّيْرِ. والقِشْبة: الخَسيسُ مِنَ النَّاسِ، يَمانية. والقِشْبةُ: وَلَدُ القِرْدِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَدري مَا صحّتُه، وَالصَّحِيحُ القِشَّةُ، وسيأْتي ذكره.
قشلب: القُشْلُبُ والقِشْلِبُ: نَبْتٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَيْسَ بثَبَتٍ.
قصب: القَصَبُ: كلُّ نَباتٍ ذِي أَنابيبَ، واحدتُها قَصَبةٌ؛ وكلُّ نباتٍ كَانَ ساقُه أَنابيبَ وكُعوباً، فَهُوَ قَصَبٌ. والقَصَبُ: الأَباء. والقَصْباءُ: جماعةُ القَصَب، واحدتُها قَصَبة وقَصباءةٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: الطَّرْفاءُ، والحَلْفاءُ، والقَصْباءُ، وَنَحْوُهَا اسْمٌ واحدٌ يَقَعُ عَلَى جَمِيعٍ، وَفِيهِ علامةُ التأْنيث، وواحدُه عَلَى بِنَائِهِ وَلَفْظِهِ، وَفِيهِ عَلَامَةُ التأْنيث الَّتِي فِيهِ، وَذَلِكَ قَوْلُكَ لِلْجَمِيعِ حَلْفاء، وَلِلْوَاحِدَةِ حَلْفاء، لَمَّا كَانَتْ تَقَعُ لِلْجَمِيعِ، وَلَمْ تَكُنِ اسْمًا مُكَسَّراً عَلَيْهِ الواحدُ؛ أَرادوا أَن يَكُونَ الواحدُ مِنْ بناءٍ فِيهِ علامةُ التأْنيث، كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الأَكثر الَّذِي لَيْسَ فِيهِ عَلَامَةُ التأْنيث، وَيَقَعُ مُذَكَّرًا نَحْوَ التَّمْرِ والبُسْر والبُرّ والشَّعيرِ، وأَشباه ذَلِكَ؛ وَلَمْ يُجاوِزوا الْبِنَاءَ الَّذِي يَقَعُ لِلْجَمِيعِ حيثُ أَرادوا وَاحِدًا، فِيهِ عَلَامَةُ تأْنيث لأَنه فِيهِ عَلَامَةُ التأْنيث، فَاكْتَفَوْا بِذَلِكَ، وبَيَّنُوا الْوَاحِدَةَ بِأَن وَصَفُوهَا بِوَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَجِيئُوا بعَلامة سِوَى الْعَلَامَةِ الَّتِي فِي الْجَمْعِ، ليُفْرَقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الِاسْمِ، الَّذِي يَقَعُ لِلْجَمِيعِ، وَلَيْسَ فِيهِ عَلَامَةُ التأْنيث نَحْوَ التَّمْرِ والبُسْر. وَتَقُولُ: أَرْطى وأَرْطاةٌ، وعَلْقَى وعَلْقاة، لأَن الأَلِفات لَمْ تُلْحَقْ للتأْنيث، فَمِن ثَمَّ دَخَلَتِ الْهَاءُ؛ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ حلف، إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. والقَصْباءُ: هُوَ القَصَبُ النَّابِتُ، الْكَثِيرُ فِي مَقْصَبته. ابْنُ سِيدَهْ: القَصْباءُ مَنْبِتُ القَصَب. وَقَدْ أَقصَبَ المكانُ، وأَرض مُقْصِبة وقَصِبةٌ: ذاتُ قَصَبٍ.
__________
(1) . قوله [يشبه المقر] كذا بالأَصل والمحكم بالقاف والراء وهو الصبر وزناً ومعنى. ووقع في القاموس المغد بالغين المعجمة والدال وهو تحريف لم يتنبه له الشارح يظهر لك ذلك بمراجعة المادّتين.(1/674)
وقَصَّبَ الزرعُ تَقْصيباً، وأَقْصَبَ: صَارَ لَهُ قَصَبٌ، وَذَلِكَ بَعْدَ التَّفْريخ. والقَصَبة: كلُّ عظمٍ ذِي مُخٍّ، عَلَى التَّشْبِيهِ بالقَصَبة، وَالْجَمْعُ قَصَبٌ. والقَصَبُ: كُلُّ عظمٍ مُسْتَدِيرٍ أَجْوَفَ، وكلُّ مَا اتُّخِذَ مِنْ فِضَّةٍ أَو غَيْرِهَا، الْوَاحِدَةُ قَصَبةٌ. والقَصَبُ: عِظَامُ الأَصابع مِنَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ؛ وَقِيلَ: هِيَ مَا بَيْنَ كُلِ مَفْصِلَيْن مِنَ الأَصابع، وَفِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَبْطُ القَصَب. القَصَبُ مِنَ الْعِظَامِ: كلُّ عَظْمٍ أَجوفَ فِيهِ مُخٌّ، واحدتُه قَصَبة، وكلُّ عظمٍ عَريضٍ لَوْحٌ. والقَصْبُ: القَطْع. وقَصَبَ الجزارُ الشاةَ يَقْصِبُها قَصْباً: فَصَل قَصَبَها، وَقَطَّعَهَا عُضْواً عُضْواً. ودِرَّة قَاصِبَةٌ إِذا خَرَجَتْ سَهْلة كأَنها قضِيبُ فِضَّةٍ. وقَصَبَ الشيءَ يَقْصِبُه قَصْباً، واقْتَصَبَه: قطَعه. والقاصِبُ والقَصَّابُ: الجَزَّارُ وحِرْفَته القِصَابةُ. فإِما أَن يَكُونَ مِنَ القَطْع، وإِما أَن يَكُونَ مِنْ أَنه يأْخذ الشاةَ بقَصَبَتِها أَي بساقِها؛ وسُمِّي القَصَّابُ قَصَّاباً لتَنْقيته أَقْصابَ البَطْن. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: لَئِنْ وَلِيتُ بَنِي أُمَيَّةَ، لأَنْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصَّابِ التِّرابَ الوَذِمةَ
؛ يريدُ اللُّحومَ الَّتِي تَعَفَّرَتْ بِسُقُوطِهَا فِي التُّراب؛ وَقِيلَ: أَراد بالقصَّاب السَّبُعَ. والتِّراب: أَصلُ ذِرَاعِ الشاةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي فَصْلِ التاءِ مَبْسُوطًا. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَخَذ الرجُل الرجلَ فقَصَّبه؛ والتَّقْصِيبُ أَن يَشُدَّ يَدَيْهِ إِلى عُنُقه، وَمِنْهُ سُمي القَصَّابُ قَصَّاباً. والقاصِبُ: الزامِرُ. والقُصَّابة: المِزْمارُ «1» وَالْجَمْعُ قُصَّابٌ؛ قَالَ الأَعشى:
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسَمِينُ ... والمُسْمِعاتُ بقُصَّابِها
وَقَالَ الأَصمعي: أَراد الأَعشى بالقُصَّاب الأَوْتارَ الَّتِي سُوِّيَتْ مِنَ الأَمْعاءِ؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: هِيَ الْمَزَامِيرُ، والقاصِبُ والقَصَّاب النافخُ فِي القَصَب؛ قَالَ:
وقاصِبُونَ لَنَا فِيهَا وسُمَّارُ
والقَصَّابُ، بِالْفَتْحِ: الزَّمَّارُ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ الْحِمَارَ:
فِي جَوْفِه وَحْيٌ كوَحْيِ القَصَّاب
يَعْنِي عَيراً يَنْهَقُ. وَالصَّنْعَةُ القِصابةُ والقُصَّابة والقَصْبة والقَصِيبة والتَّقْصِيبة والتَّقْصِبةُ: الخُصْلة المُلْتَوِيةُ مِنَ الشَّعَر؛ وَقَدْ قَصَّبه؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
رَأَى دُرَّةً بَيْضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَها ... سُخامٌ، كغِرْبانِ البريرِ، مُقَصَّبُ
والقَصائبُ: الذَّوائبُ المُقَصَّبةُ، تُلْوى لَيّاً حَتَّى تَتَرَجَّلَ، وَلَا تُضْفَرُ ضَفْراً؛ وَهِيَ الأُنْبوبة أَيضاً. وشَعْر مُقَصَّبٌ أَي مُجَعَّدٌ. وقَصَّبَ شَعره أَي جَعَّدَه. وَلَهَا قُصَّابَتانِ أَي غَديرتانِ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: القَصْبة خُصْلة مِنَ الشَّعَرِ تَلْتَوي، فإِنْ أَنتَ قَصَّبْتَها كَانَتْ تَقْصِيبة، وَالْجَمْعُ التَّقاصِيبُ؛ وتَقْصِيبُك إِيّاها لَيُّك الخُصلة إِلى أَسْفلها، تَضُمُّها وتَشُدُّها، فتُصْبِحُ وَقَدْ صَارَتْ تَقاصِيبَ، كأَنها بلابِلُ جاريةٍ. أَبو زَيْدٍ: القَصائبُ الشَّعَر المُقَصَّبُ، واحدتُها قَصِيبة. والقَصَبُ: مَجاري الماءِ مِنَ الْعُيُونِ، واحدتُها قَصَبة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
أَقامتْ بِهِ، فابْتَنَتْ خَيْمةً ... عَلَى قَصَبٍ وفُراتٍ نَهَرْ
__________
(1) . قوله [والقصابة المزمار إلخ] أي بضم القاف وتشديد الصاد كما صرح به الجوهري وإن وقع في القاموس إطلاق الضبط المقتضي الفتح على قاعدته وسكت عليه الشارح.(1/675)
وَقَالَ الأَصمعي: قَصَبُ البَطْحاءِ مِياهٌ تَجْرِي إِلى عُيونِ الرَّكايا؛ يَقُولُ: أَقامتْ بَيْنَ قَصَبٍ أَي رَكايا وماءٍ عَذْبٍ. وَكُلُّ ماءٍ عذبٍ: فراتٌ؛ وكلُّ كثيرٍ جَرى فَقَدْ نَهَرَ واسْتَنْهَرَ. والقَصَبةُ: الْبِئْرُ الحديثةُ الحَفْرِ. التَّهْذِيبُ، الأَصمعي: القَصَبُ مَجاري ماءِ الْبِئْرِ مِنَ الْعُيُونِ. والقَصَبُ: شُعَبُ الحَلْق. والقَصَبُ: عُروق الرِّئَة، وَهِيَ مَخارِجُ الأَنْفاس وَمَجَارِيهَا. وقَصَبةُ الأَنْفِ: عَظْمُه. والقُصْبُ: المِعَى، وَالْجَمْعُ أَقْصابٌ. الْجَوْهَرِيُّ: القُصْبُ، بِالضَّمِّ: المِعَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عَمْرو ابنَ لُحَيٍّ أَوَّلُ مَنْ بَدَّل دينَ إِسماعيل، عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فرأَيتُه يَجُرُّ قُصْبَه فِي النَّارِ
؛ قِيلَ: القُصْبُ اسْمٌ للأَمْعاءِ كُلِّها؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا كَانَ أَسْفَلَ البَطْن مِنَ الأَمْعاءِ؛ وَمِنْهُ الحديثُ:
الَّذِي يَتَخَطَّى رِقابَ الناسِ يومَ الْجُمُعَةِ، كالجارِّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ
؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
تَكْسُو المَفارِقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ، ... مِنْ قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ
قَالَ: وأَما قَوْلُ إمرئِ الْقَيْسِ:
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمَتْنُ مَلْحوبُ
فَيُرِيدُ بِهِ الخَصْرَ، وَهُوَ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ، وَالْجَمْعُ أَقْصابٌ؛ وأَنشد بيتَ الأَعشى:
والمُسْمِعاتُ بأَقْصابِها
وَقَالَ: أَي بأَوتارها، وَهِيَ تُتَّخَذُ مِنَ الأَمْعاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: زَعَمَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمتنُ مَلْحوبُ
لإمرئِ الْقَيْسِ؛ قَالَ: وَالْبَيْتُ لإِبراهيم بْنِ عِمْرَانَ الأَنصاري؛ وَهُوَ بِكَمَالِهِ:
والماءُ مُنْهَمِرٌ، والشَّدُّ مُنْحَدِرٌ، ... والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ، والمَتْنُ مَلْحوبُ
وَقَبْلَهُ:
قَدْ أَشْهَدُ الغارةَ الشَّعواءَ، تَحْمِلُني ... جَرْداءُ مَعْروفَةُ اللَّحْيَيْن، سُرْحُوبُ
إِذا تَبَصَّرَها الرَّاؤُونَ مُقْبِلةً، ... لاحَتْ لَهُمْ، غُرَّةٌ، منْها، وتَجْبِيبُ
رَقاقُها ضَرِمٌ، وجَرْيُها خَذِمٌ، ... ولَحْمها زِيَمٌ، والبَطْنُ مَقْبُوبُ
والعَينُ قادِحَةٌ، واليَدُّ سابِحَةٌ، ... والرِّجْلُ ضارِحةٌ، واللَّوْنُ غِرْبيبُ
والقَصَبُ مِنَ الجَوْهر: مَا كَانَ مُسْتَطِيلًا أَجْوَفَ؛ وَقِيلَ: القَصَبُ أَنابِيبُ مِنْ جَوْهَرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ جبريلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَشِّرْ خديجةَ ببيتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لَا صَخَب فِيهِ وَلَا نَصَب
؛ ابْنُ الأَثير: القَصَبُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لُؤْلُؤٌ مُجَوَّف واسعٌ، كالقَصْرِ المُنيف. والقَصَبُ مِنَ الْجَوْهَرِ: مَا اسْتطالَ مِنْهُ فِي تَجْويف. وسأَل أَبو الْعَبَّاسِ ابنَ الأَعرابي عَنْ تَفْسِيرِهِ؛ فَقَالَ: القَصَبُ، هَاهُنَا: الدُّرُّ الرَّطْبُ، والزَّبَرْجَدُ الرَّطْبُ المُرَصَّعُ بِالْيَاقُوتِ؛ قَالَ: والبَيتُ هَاهُنَا بِمَعْنَى القَصْر وَالدَّارِ، كَقَوْلِكَ بَيْتُ المَلِك أَي قَصْرُه. والقَصَبةُ: جَوْفُ القَصْرِ؛ وَقِيلَ: القَصْرُ. وقَصَبةُ البَلد: مَدينَتُه؛ وَقِيلَ: مُعْظَمُه. وقَصَبة السَّوادِ: مَدينتُها. والقَصَبَةُ: جَوْفُ الحِصْن، يُبْنى فِيهِ بناءٌ، هُوَ أَوسَطُه. وقَصَبةُ الْبِلَادِ:(1/676)
مَدينَتُها. والقَصَبة: القَرية. وقَصَبةُ القَرية: وسَطُها. والقَصَبُ: ثيابٌ، تُتَّخَذ مِنْ كَتَّان، رِقاقٌ ناعمةٌ، واحدُها قَصَبيٌّ، مِثْلَ عَربيٍّ وعَرَبٍ. وقَصَبَ البعيرُ الماءَ يَقْصِبُه قَصْباً: مَصَّه. وَبَعِيرٌ قَصِيبٌ، يَقصِبُ الماءَ، وقاصِبٌ: مُمْتَنِعٌ مِنْ شُرْب الماءِ، رافعٌ رأْسه عَنْهُ؛ وَكَذَلِكَ الأُنثى، بِغَيْرِ هَاءٍ. وَقَدْ قَصَبَ يَقْصِبُ قَصْباً وقُصُوباً، وقَصَبَ شُرْبَه إِذا امْتَنَعَ مِنْهُ قَبْلَ أَن يَرْوَى. الأَصمعي: قَصَبَ البعيرُ، فَهُوَ قاصِبٌ إِذا أَبى أَن يَشْرَب. والقومُ مُقْصِبِونَ إِذا لَمْ تَشْرَب إِبِلُهم. وأَقْصَبَ الرَّاعِي: عافَتْ إِبلُه الماءَ. وَفِي الْمَثَلِ: رَعَى فأَقْصَبَ، يُضْرَب لِلرَّاعِي، لأَنه إِذا أَساءَ رَعْيَها لَمْ تَشْرَبِ الماءَ، لأَنها إِنما تَشْرَبُ إِذا شَبِعَتْ مِنَ الكَلإِ. ودَخَلَ رُؤْبة عَلَى سُلَيْمَانِ بْنِ عَلِيٍّ، وَهُوَ وَالِي الْبَصْرَةِ؛ فَقَالَ: أَين أَنْتَ مِنَ النساءِ؟ فَقَالَ: أُطِيلُ الظِّمْءَ، ثُمَّ أَرِدُ فأُقْصِبُ. وَقِيلَ: القُصُوبُ الرِّيُّ مِنْ وُرود الماءِ وَغَيْرِهِ. وقَصَبَ الإِنسانَ والدَّابةَ والبعيرَ يَقْصِبُهُ قَصْباً: مَنَعَهُ شُرْبَه، وقَطَعه عَلَيْهِ، قَبْلَ أَن يَرْوَى. وبعيرٌ قاصِبٌ، وَنَاقَةٌ قاصِبٌ أَيضاً؛ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ. وأَقْصَبَ الرجلُ إِذا فَعَلَت إِبلُه ذَلِكَ. وقَصَبَه يَقْصِبُه قَصْباً، وقَصَّبه: شَتَمَه وَعَابَهُ، ووَقعَ فِيهِ. وأَقْصَبَهُ عِرْضَه: أَلْحَمَه إِياه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وكنتُ لَهُمْ، مِنْ هؤلاكَ وهؤُلا، ... مُحِبّاً، عَلَى أَنِّي أُذَمُّ وأُقْصَبُ
ورجلٌ قَصّابَةٌ لِلنَّاسِ إِذا كَانَ يَقَعُ فِيهِمْ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ لِعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: هَلْ سمعتَ أَخاكَ يَقْصِبُ نساءَنا؟ قَالَ: لَا. والقِصابةُ: مُسَنَّاة تُبْنى فِي اللَّهْج «1» ، كراهيةَ أَن يَسْتَجْمِعَ السيلُ فيُوبَلَ الحائطُ أَي يَذْهَبَ بِهِ الوَبْلُ، ويَنْهَدِمَ عِراقُه. والقِصابُ: الدِّبارُ، واحِدَتُها قَصَبَة. والقاصِبُ: المُصَوِّتُ مِنَ الرَّعْدِ. الأَصمعي فِي بَابِ السَّحاب الَّذِي فِيهِ رَعْدٌ وبَرْقٌ: مِنْهُ المُجَلْجِلُ، والقاصِبُ، والمُدَوِّي، والمُرْتَجِسُ؛ الأَزهري: شَبَّه السَّحابَ ذَا الرَّعْدِ بالقاصبِ أَي الزَّامِرِ. وَيُقَالُ للمُراهِنِ إِذا سَبَقَ: أَحْرَزَ قَصَبَة السَّبْق. وَفَرَسٌ مُقَصِّبٌ: سابقٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
ذِمارَ العَتِيك بالجَوادِ المُقَصِّبِ
وَقِيلَ لِلسَّابِقِ: أَحْرَزَ القَصَبَ، لأَنَّ الْغَايَةَ الَّتِي يَسْبِقُ إِليها، تُذْرَعُ بالقَصَبِ، وتُرْكَزُ تلكَ القَصَبَةُ عِنْدَ مُنْتَهى الْغَايَةِ، فَمَنْ سَبَقَ إِليها حَازَهَا واسْتَحَقَّ الخَطَر. وَيُقَالُ: حازَ قَصَبَ السَّبْق أَي اسْتَولى عَلَى الأَمَد. وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: أَنه سَبَقَ بَيْنَ الخَيْل فِي الْكُوفَةِ، فَجَعلها مِائَةَ قَصَبةٍ وجَعَل لأَخيرها قَصَبَةً أَلفَ دِرْهَمٍ؛ أَراد: أَنه ذَرَع الْغَايَةَ بالقَصَبِ، فجَعَلَها مِائَةَ قَصَبةٍ. والقُصَيْبَة: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وهَلْ لِيَ، إِنْ أَحْبَبْتُ أَرضَ عَشِيرتي ... وأَحْبَبْتُ طَرْفاءَ القُصَيْبة، مِنْ ذنْب؟
__________
(1) . قوله [تبنى في اللهج] كذا في المحكم أيضاً مضبوطاً ولم نجد له معنى يناسب هنا. وفي القاموس تبنى في اللحف أي بالحاء المهملة. قال شارحه وفي بعض الأمهات في اللهج انتهى. ولم نجد له معنى يناسب هنا أيضاً والذي يزيل الوقفة إن شاء الله أن الصواب تبنى في اللجف بالجيم محركاً وهو محبس الماء وحفر في جانب البئر. وقوله والقصاب الدبار إلخ بالباء الموحدة كما في المحكم جمع دبرة كتمرة. ووقع في القاموس الديار بالمثناة من تحت ولعله محرف عن الموحدة.(1/677)
قصلب: القُصْلُبُ: القَوِيُّ الشديدُ كالعُصلُبِ.
قضب: القَضْبُ: القَطْعُ. قَضَبَه يَقْضِبه قَضْباً، واقْتَضَبَه، وقَضَّبه، فانْقَضَبَ وتَقَضَّب: انْقَطَعَ؛ قَالَ الأَعشى:
ولَبُونِ مِعْزابٍ حَوَيْتُ، فأَصْبَحَتْ ... نُهْبَى، وآزِلَةٍ قَضَبْتُ عِقالَها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: قَضَبْتَ عِقالَها، بِفَتْحِ التاءِ، لأَنه يُخاطِبُ الممدوحَ؛ والآزِلة: الناقَةُ الضامزَة الَّتِي لَا تَجْتَرُّ؛ وَكَانُوا يَحْبِسُون إِبلَهم مخافةَ الْغَارَةِ، فَلَمَّا صَارَتْ إِليك أَيها الممْدوحُ، اتَّسَعَت فِي المَرْعى، فكأَنها كَانَتْ مَعْقُولة، فقَضَبْتَ عِقالَها. قَضَبْت عقالَها، واقْتَضَبْته: اقْتَطَعْته مِنَ الشيءِ؛ والقَضْبُ: قَضْبُك القَضِيبَ وَنَحْوَهُ. والقَضْبُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلَى مَا قَضَبْتَ مِنْ أَغصانٍ لتَتَّخِذَ مِنْهَا سِهاماً أَو قِسِيّاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وفارِجاً مِنْ قَضْبِ مَا تَقَضَّبا «2»
وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه كَانَ إِذا رأَى التَّصْلِيبَ فِي ثوبٍ، قَضَبَه
؛ قَالَ الأَصمعي: يَعْنِي قَطَع موضعَ التَّصْلِيب مِنْهُ. وَمِنْهُ قِيلَ: اقْتَضَبْتُ الحديثَ، إِنما هُوَ انْتَزَعْتُه واقْتَطَعْتُه، وإِياه عَنَى ذُو الرُّمَّةِ بِقَوْلِهِ، يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:
كأَنه كوكَبٌ فِي إِثرِ عِفْرِيَةٍ، ... مُسَوَّمٌ، فِي سَوَادِ اللَّيْلِ، مُنْقَضِبُ
أَي مُنْقَضٌّ مِنْ مَكَانِهِ. وانْقَضَبَ الكَوكبُ مِنْ مَكَانِهِ؛ وَقَالَ القُطاميُّ يصف الثَّور:
فعَدا صَبيحةَ صَوْبها مُتَوَجِّساً، ... شَئِزَ القِيام، يُقَضِّبُ الأَغْصانا
وَيُقَالُ للمِنْجَلِ: مِقْضَبٌ ومِقْضابٌ. وقُضابةُ الشَّيْءِ: مَا اقْتُضِبَ مِنْهُ؛ وخَصَّ بعضُهم بِهِ مَا سَقَط مِنْ أَعالي العِيدان المُقْتَضَبة. وقُضابةُ الشَّجر: مَا يَتَساقَطُ مِنْ أَطراف عِيدَانِهَا إِذا قُضِبَت. والقَضِيبُ: الغُصْنُ. والقَضِيبُ: كلُّ نَبْتٍ مِنَ الأَغصان يُقْضَبُ، وَالْجَمْعُ قُضُبٌ وقُضْبٌ، وقُضْبانٌ وقِضْبانٌ. الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ. وقَضَبَه قَضْباً: ضَرَبه بالقضِيب. والمُقْتَضَبُ مِنَ الشِّعْر: فاعلاتُ مُفْتعلن مَرَّتَيْنِ؛ وَبَيْتُهُ:
أَقْبَلَتْ، فَلاحَ لَهَا ... عارِضانِ كالْبرَدِ
وإِنما سُمِّي مُقْتَضَباً، لأَنه اقْتُضِبَ مَفْعُولَاتُ، وَهُوَ الْجُزْءُ الثَّالِثُ مِنَ الْبَيْتِ، أَي قُطِعَ. وقَضَّبَتِ الشمسُ وتَقَضَّبَتْ: امْتَدَّ شُعاعُها مثلَ القُضْبانِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فصَبَّحَتْ، والشمسُ لَمْ تُقَضِّبِ، ... عَيْنًا بغَضْيانَ ثَجُوجَ المَشْرَبِ
ويُروى: لَمْ تَقَضَّبِ؛ وَيُرْوَى: ثَجُوجَ العُنْبَبِ. يَقُولُ: ورَدَتْ والشمسُ لَمْ يَبْدُ لَهَا شُعاعٌ، إِنما طَلَعَت كأَنها تُرْسٌ، لَا شُعاعَ لَهَا. والعُنْبَبُ: كثرةُ الْمَاءِ، قَالَ: أَظنُّ ذَلِكَ. وغَضْيانُ: موضعٌ. وقَضَّبَ الكَرْمَ تَقْضِيباً: قَطَعَ أَغصانَه وقُضبانَه فِي أَيام الرَّبِيعِ. وَمَا فِي فَمِي قاضِبةٌ أَي سِنٌّ تَقْضِبُ شَيْئًا، فتُبِينُ أَحدَ نِصْفَيْهِ مِنَ الْآخَرِ.
__________
(2) . قوله [وفارجاً إلخ] أراد بالفارج القوس. وعجز البيت:
تُرِنُّ إِرْنَانًا إِذَا مَا أنضبا(1/678)
وَرَجُلٌ قَضّابة: قَطَّاعٌ للأُمور، مُقْتَدِرٌ عَلَيْهَا. وسيفٌ قاضِبٌ، وقَضَّابٌ، وقَضَّابة، ومِقْضَبٌ، وقَضِيبٌ: قَطَّاع. وَقِيلَ: القضيبُ مِنَ السُّيُوفِ اللطيفُ. وَفِي
مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَجَعَلَ ابنُ زِيَادٍ يَقْرَعُ فَمه بقَضيبٍ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بالقَضِيب السيفَ اللطيفَ الدقيقَ؛ وَقِيلَ: أَرادَ الْعُودَ، وَالْجَمْعُ قواضِبُ وقُضُبٌ «1» ، وَهُوَ ضِدُّ الصفيحةِ. والقَضيبُ مِنَ القِسِيِّ: الَّتِي عُمِلَتْ مِنْ غُصْنٍ غَيْرِ مشْقوق. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَضيبُ القَوْسُ الْمَصْنُوعَةُ مِنَ القَضيب بِتَمَامِهِ؛ وأَنشد للأَعشى:
سَلاجِمُ، كالنحلِ، أَنْحَى لَهَا ... قضيبَ سَراءٍ قَليلَ الأُبَنْ
قَالَ: والقَضْبةُ كالقَضِيبِ؛ وأَنشد للطِّرِمَّاح:
يَلْحَسُ الرَّضْفَ، لَهُ قَضْبةٌ ... سَمحَجُ المَتْنِ هَتُوفُ الخِطامْ
والقَضْبةُ: قِدْحٌ مِنْ نَبْعَةٍ يُجْعَلُ مِنْهُ سَهْمٌ، وَالْجَمْعُ قَضباتٌ. والقَضْبةُ والقَضْبُ: الرَّطْبةُ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً
؛ القَضْبُ: الرَّطْبةُ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
إِذا أَرْوَوْا بِهَا زَرْعاً وقَضْباً، ... أَمالوها عَلَى خُورٍ طِوالِ
قَالَ: وأَهل مَكَّةَ يُسَمون القَتَّ القَضْبةَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: القَضْبُ مِنَ الشَّجَرِ كلُّ شَجَرٍ سَبِطَتْ أَغصانُه، وَطَالَتْ. والقَضْبُ: مَا أُكِلَ من النبات المُقْتَضَبِ غَضّاً؛ وَقِيلَ هُوَ الفُصافِصُ، واحدتُها قَضْبة، وَهِيَ الإِسْفِسْتُ، بِالْفَارِسِيَّةِ؛ والمَقْضَبةُ: مَوْضِعُهُ الَّذِي يَنبُتُ فِيهِ. التَّهْذِيبُ: المَقْضَبة مَنْبِتُ القَضْبِ، ويُجْمَعُ مَقاضِبَ ومَقاضِيبَ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الوَرْد:
لَسْتُ لِمُرَّةَ، إِنْ لَمْ أُوفِ مَرْقَبةً، ... يَبْدو لِيَ الحَرْثُ مِنْهَا، والمَقاضِيبُ
والمِقْضابُ: أَرضٌ تُنْبِتُ القَضْبة؛ قَالَتْ أُخْتُ مُفَصَّصٍ الباهليَّةُ:
فأَفَأْتُ أُدْماً، كالهِضابِ، وجامِلًا ... قَدْ عُدْنَ مِثلَ عَلائفِ المِقْضابِ
وَقَدْ أَقْضَبَتِ الأَرضُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَة: القَضْبُ شَجَرٌ سُهْلِيٌّ يَنْبُتُ فِي مَجامِع الشَّجَرِ، لَهُ وَرَقٌ كورقِ الكُمَّثْرَى إِلَّا أَنه أَرَقُّ وأَنْعم، وشجرُه كَشَجَرِهِ، وتَرْعى الإِبلُ ورقَه وأَطرافَه، فإِذا شَبِعَ مِنْهُ الْبَعِيرُ، هجَره حِينًا، وَذَلِكَ أَنه يُضَرِّسُه، ويُخَشِّنُ صَدرَهُ، ويورِثُه السُّعال. النَّضْرُ: القَضْبُ شَجر تُتَّخذ مِنْهُ القِسِيُّ؛ قَالَ أَبو دُواد:
رَذايا كالبَلايا، أَو ... كعيدانٍ مِنَ القَضْبِ
وَيُقَالُ: إِنه مِنْ جِنْسِ النَّبْع؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مُعِدُّ زُرْقٍ هَدَتْ قَضْباً مُصَدَّرةً
الأَصمعي: القَضَبُ السِّهامُ الدِّقاقُ «2» ، واحدُها قَضِيبٌ، وأَراد قَضَباً فسكَّن الضَّادَ، وَجَعَلَ سَبِيلَهُ سَبِيلَ عَديم وعَدَم، وأَديم وأَدَم. وَقَالَ غَيْرُهُ: جَمَعَ
__________
(1) . قوله [والجمع قواضب وقضب] الأَول جمع قاضب والثاني جمع قضيب وهو راجع لقوله وسيف قاضب إلخ لا أنه من كلام النهاية حتى يتوهم أنهما قضيب فقط إذ لم يسمع.
(2) . قوله [الأَصمعي القضب السهام إلخ] هذه عبارة المحكم بهذا الضبط.(1/679)