الكتاب: سؤالات أبي طاهر السلفي أبا الكرم خميس بن علي الحوزي
المؤلف: أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي
المتوفى: 576 هـ
المحقق: أبو عمر محمد بن علي الأزهري
الناشر: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر- القاهرة
الطبعة: الأولى، 1431 هـ - 2010 م
عدد المجلدات: 1
ملاحظات:
1 - الكتاب موافق لطبعة الفاروق.
2 - الكتاب مقابل على طبعة الفاروق، وطبعة دار الفكر بتحقيق مطاع الطرابيشي.
مصدر الكتاب: مكتبة أحمد الخضري(1/1)
الجزء فيه سؤالات الشيخ الأوحد الإمام الحافظ .
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الْسِّلَفِيِّ الأصبهاني .
أبا الكرم خميس بن علي بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن سلامويه الحوزي الحافظ .
عن جماعة من أهل واسط ، ومن الغرباء القادمين إليها .
رواية الشيخ الفقيه الأجل العالم أبي الفضل جعفر بن علي بن [أبي] البركات بن جعفر بن يحيى الهمداني ، أبقاه الله ، تعالى .
عن الحافظ الْسِّلَفِيِّ ، رحمه الله تعالى .(1/41)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
أخبرنا الشيخ الإمام أبو الفَضْل جعفر بن علي بن هبة الله الهَمْداني، قراءة عليه وأنا أسمع، في ثالث عشري رجب سنة خمس وثلاثين وست مئة بدمشق قيل له: أخبركم الشيخ الإمام شيخ الإسلام، أوحد الأنام، الفقيه، الحافظ، أبو طاهر أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم بن سِلَفَةَ السِّلَفِي الأصبهاني، رضي الله عنه، قراءة عليه بالاسكندرية وأنا أسمع، في المحرم سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة قَالَ:
1 - سَأَلْتُ الشيخ الأوحد أبا الكَرَم خميس بن علي بن أحمد بن علي بن إِبْرَاهِيْم بن الْحَسَن بن سلامويه الحوزي الحافظ، بواسط، سنة خمس مئة، عن أبي القاسم عمر بن علي بن أحمد المَيْمُوني؟
فَقَاَلَ: هو من قرية مَيْمُون، وهي على مقدار نصف فرسخ من واسط.
كَانَ غُلامًا لأبي طالب بن مخلد، جد أبي المُفَضَّل، ربَّاه مع ابنه أبي الْحَسَن وسَمَّعه من القاضي أبي الفَرَج الخُيُوطي، وأبي عبد الله العَلَوي، صاحب ابن مُبَشِّر، وغيرهما.
مات بعد الخمسين وأربع مئة وكان مُكثرًا.(1/42)
2 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي مُحَمَّد الغَنْدَجَاني؟
فَقَاَلَ: سمع بإفادة أبيه، وعَمِّه، عن الْمُخَلِّص، والكتَّاني، والصَّرْصَري، وابن الصَّلْت، والفَرَضي، وابن المَهْدِي، وابن بِشْران، وابن رِزْقويه، ومن في درجتهم.
نبيلٌ، جليلٌ، صحيحُ الأصولِ، صَدوقٌ.
فارَق بغداد بُعَيد الثلاثين وأربع مئة، وأقام بواسط مُتديِّرًا لها، وسمع منه أهلُها والنَّاسُ، إلى أنْ توفي في أواخر سنة سبع وستين، وجازَ الثمانين، وكان بغداديُّ المولد، ثقةً.(1/43)
3 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي البركات أحمد بن عُثْمَان بن نفيس؟
فَقَاَلَ: هو ابن أبي عمرو عُثْمَان بن أحمد بن نفيس بن سعيد المؤدب.
كَانَ يقول: أبي مُضَريُّ الأصل، من مُضَر بن نزار.
وجدنا سماعه في الأصول مع أبيه من ابن التُباني، وابن خَزَفة، وغيرهما.
وكان يقول: قد أَجازَ لي الجاذَريُّ، وسمعت منه. غير أَنَّا لم نَرَ سماعه الأصول.
وكان لا بأس به.
مولدُه سنة اثنتين وأربع مئة، ومات ببغداد بعد الثمانين وأربع مئة. وكان عنده أبو الفَضْل التميمي، سمع منه لَمَّا قدم واسط مجتازًا إلى مهذَّب الدولة أبي الْحَسَن علي بن نصر، أمير البطائح.(1/45)
4 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي عبد الله العَلَويِّ؟
فَقَاَلَ: هو الحُسَيْن بن مُحَمَّد العَلَويُّ، والد أبي مُحَمَّد عبد الله، المُقرئ، الصَّدر في الجامع بواسط.
كَانَ شاهدًا عدلاً، وراويةً ثقةً، عن أبي الْحَسَن بن مُبَشِّر، وأبي بكر بن رزق الله الحَدَّاد، وأبي بكر الخليل بن أبي رافع الطَّحَّان.
حدث عن ابن مُبَشِّر، عن: أحمد بن سنان، بمسنده كُلِّه.
آخر من حدَّث عنه بواسط: أبو الْحَسَن بن مَخْلَد، والد أبي المُفَضَّل.(1/46)
5 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي طالبٍ الصَّيْرفيِّ؟
فَقَاَلَ: هو مُحَمَّد بن أحمد بن عُثْمَان الصَّيْرفيُّ.
سمع بإفادةِ أخيه أبي القاسم عُبيد الله بن أحمد، الذي يقال له الأزهري.
كَانَ يُتَّهم بالرَّفض.
خرج عن بغداد في أول ما وردتْ إليها دُعاةُ الإسماعيلية، وأقام بواسط مُستخفيًا، فحدَّث بها إلى أنْ مات.
وكان صحيحُ الأصولِ، جيدُ السَّماعِ، أكثرُها بخط أخيه.(1/47)
6 - وَسَأَلْتُهُ عن كاتب ابن قنطر البيِّع؟
فَقَاَلَ: هو أبو القاسم عبيد الله بن هارون بن مُحَمَّد القطان.
توفي سنة أربع وعشرين.
آخر من حدَّث عنه: شيخنا أبو الْحَسَن بن أبي الصَّقْر العدل الأديب، سمع الحُضَيْني أبا الطَّيْب، والمُفيد أبا بكر، وغيرهما.
وكان جيد السماع، مستقيم الطريقة.(1/47)
7 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الْحَسَن علي بن مُحَمَّد بن علي بن عُبيد الله، كاتب الوقف بواسط؟
فَقَاَلَ: كَانَ اسمه صَدَقة فيكره أنْ يُسَمَّى به.
كَانَ مُعَلِّمًا في الأصل بالحَوْز، ثم انتقل عنها مع دخول الأتراك العراق فَخَدَمَ في الوَقْفِ، وقربه إِسْمَاعِيْل القاضي، وأدناه، ثم سمع بعد ذلك قَوْلَهُ ابنُه أبو المُفضَّل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْل.
وكان عنده عن أبي الْحَسَن العجمي، وأبي الْحَسَن بن سمنان المُؤَدِّب، والقاضي أبي الحُسَين بن الرُّؤَاسي، صاحب ابن الباقلاَّني الأشعري، وأبي بكر أحمد بن مُحَمَّد بن طاوان السِّمسار، المعروف بشَرارة، وغيرهم.
وكان عنده القراءات، عن أبي علي بن عَلاَّن، ورأينا معه خطَّه. وكان لا بأس به، رحمه الله.(1/48)
8 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي عليِّ بن المُعَلَّى؟
فَقَاَلَ: هو مُحَمَّد بن العلاء بن المُعَلَّى، بصريُّ الأصل.
أقام بواسط، وحدث بها عن البصريِّين إلى أن مات.
وروى عنه: ابن التُبَاني، وغيره.
لا أَخْبُرُهُ جيِّدًا.(1/49)
9 - وَسَأَلْتُهُ عن القاضي أبي تَمَّام؟
فَقَاَلَ: هو علي بن مُحَمَّد بن الْحَسَن بن يَزْداد العبديُّ.
وأبوه أبو خازم، قاضي القادر أمير المؤمنين على واسط وأعمالها، كَانَ غاليًا في التَّسَنُّن، فقبض عليه أبو مُحَمَّد بن سَهْلان، وزير سلطان الْدَّوْلَة، وبعث به إلى ابن أبي الشوك، فقتله في نواحي الدِّيْنَوَر. واستُقضيَ بعد أبيه فلم تستقم طريقتُه، حتَّى عُزل بالقاضي أبي الطيِّب بن كماري، وكان أحد شهوده، فبقي معزولاً، إلى أن قُتل أبو الطيِّب، قتله اللصوص في داره سنة اثنتين وعشرين، السنة التي مات فيها القادر فَرُدَّ أبو تمام، فبقي قاضيًا إلى شوال سنة أربع وثلاثين، فنقم عليه الملك العزيز أبو منصور بن جلال الدولة، فقبض عليه، وأخرج من داره الخُمور وآلاتها، وقال: هذا كَانَ يخفي هذا المنكر. فقومٌ قالوا: كَانَ يفعله، وقوم قالوا: لا، بل أُدخل إلى داره مع الأجناد وقت دخولهم اليها وخرجوا به طلبًا لسوء السُّمعة، إلاَّ أنه كَانَ قد سمع أبا الحُسَيْن بن المُظَفَّر، وأبا الفَضْل الزهري، وبواسط أبا الفرج الخيوطي صاحب الزعفراني، وأبا عبد الله العَلَوي، وغيرهما، وأقام ببغداد بعد عزله، وكان رافضيًّا، يتظاهر به، ويقول بخلق القرآن، ويدعو إليه، إلاَّ أنه كَانَ صحيح السماع، رحل إليه النَّاس، وسمع منه أهل الآفاق، إلى أن مات في شوال، من سنة تسع وخمسين.(1/50)
10 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الفتح بن المختار؟
فَقَاَلَ: هو مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن المختار.
كَانَ نحويًا فاضلاً.
جالَسَ: أبا القاسم بن كُرْدان، وسمع منه.
و جالَسَ أبا الحُسَيْن بن دِيْنَار، ولم يثبت له عنه رواية، إلاَّ أنه سمع من أبي الْحَسَن عبد السلام بن عبد الملك البزَّاز، وأبي عبد الله مُحَمَّد بن أحمد السَّقَطي صاحب أبي بكر النقَّاش، وغيرهما.
وكان حسن الإيراد جيد المحفوظ، مُتيقظًا في الشهادة.
بلغ تسعين إلا شهورًا، ومات سنة أربع وسبعين وأربع مئة.(1/52)
11 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن كُرْدان؟
فَقَاَلَ: هو أبو القاسم علي بن طلحة بن كُرْدان، النحوي صاحب أبي علي الفارسي، وعلي بن عيسى الرُّمَّاني، قرأ عليهما كتاب سيبويه، والواسطيون يفضلونه على ابن جِنِّي، والرَّبَعي، صنف كتابًا كبيرًا في إعراب القرآن.
قَالَ لي شيخنا أبو الفتح: كَانَ يُقارب خمسة عشر مجلدًا، ثم بَدَا له فيه، فغسله قبل موته.
مات سنة أربع وعشرين.
وكان مُتَنَزِّهًا مُتصوِّنًا.
ركب إليه فخر الملك أبو غالب مُحَمَّد بن علي بن خَلف وزير بَهَاء الْدَّوْلَة، وهو سلطان الوقت، وبَذَلَ له فلم يقبل، وكان قد جرت بينه وبين القاضي أبي تغلب أحمد بن عبيد الله العاقولي، صديق الوزير المغربي، وخليفه السلطان، والحكام على واسط في وقته، وكان مُعَظِّمًا مُفَخَّمًا، خصومةٌ، فَقَاَلَ له ابن كُرْدان: إن صلت علينا بمالك صلنا عليك بقناعتنا حكى ذلك لنا عنه أبو نعيم أحمد بن علي، ابن أخي سُكَّرة المُقرئ في الجامع بواسط.
آخرُ من حدَّث عنه أبو المعالي مُحَمَّد بن عبد السلام بن شانده.
مات سنة أربع وعشرين.(1/53)
12 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن شانده؟
فَقَاَلَ: هو أبو المعالي مُحَمَّد بن عبد السلام بن عُبيد الله بن أحموله الأصبهاني، المعروف بابن شانده.
كَانَ رئيسًا محتشمًا، وثقةً صدوقًا.
قَالَ لي: ولدت في سنة ست وتسعين وثلاث مئة في السنة التي مات فيها أبو بكر احمد بن عبيد بن بِيري.
وكان قد سمع ابن خَزَفَةَ ما أملاه، وجميع تاريخ ابن أبي خيثمة، كَانَ يقول ذلك.
ووجدنا الأصول بعد وفاته رحمه الله، وكان عنده عن عمِّه أبي مُحَمَّد التلعُكْبَري، مصنِّف الرافضه كُتُبٌ من علمهم لا يُسْمِعُها أحدًا، ومددتُ يدي اليها يومًا فاستَلَبَها من يدي وقال هذا لا يصلح لك، وكان يتظاهر بالسنة.(1/55)
13 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن بِيْري؟
فَقَاَلَ: هو أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفَضْل بن سهل بن بِيْري.
سمع: البَغَويَّ، وأبا بكر بن أبي داود، وابن صاعد، والصُولي، وابن مُبشِّر الواسطي.
كَانَ ثقة صدوقًا، كُفَّ بأَخَرةٍ.
آخرُ من حدَّث عنه بواسط: أبو الْحَسَن بن مخلد والد أبي المفضَّل.(1/55)
14 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الْحَسَن العجمي؟
فَقَاَلَ: هو طَرسُوسيُّ الأصل.
كَانَ صالحًا مُسنِدًا ثقةً.
عنده عن: أبي بكر بن مَهْدِي، خال أبي عبد الله السَّقَطِي، وأبي بكر الشِمْشَاطي الخطيب، كَانَ بواسط، وغيرهما.
وولده أبو بكر الذي يُعرف بالهُرْمُزان، كَانَ عنده حديث كثير، وقراءاتٌ عوالٍ عن الكِتَّاني، وغيره، وكان صدرًا في الجامع بواسط للقُرَّاء، مشهورًا بالصلاح والحفظ للقرآن.(1/56)
15 - وَسَأَلْتُهُ عن الشِّمْشَاطيِّ؟
فَقَاَلَ: هو أبو بكر مُحَمَّد بن جعفر بن أحمد بن عبد الوهاب، سمع في صدر الثلاث مئة من أبي عبدالله أحمد بن الْحَسَن بن عبد الجبار، وغيره.
وكان ثقةً صدوقًا.
مات بعد الخمسين والثلاث مئة.
سمعتُ أبا الْحَسَن علي بن مُحَمَّد بن الطيب الشاهد الْمَغَازلي، يقول: سمعتُ أبا غالب مُحَمَّد بن أحمد بن سَهْل النَّحْويَّ يقول: سمعتُ أبا طاهر الريَّان بن سُليمان الفَرَضي يقول: سُئِل أبو بكر مُحَمَّد بن جعفر بن أحمد الشِّمْشَاطيَّ، ما بالُ الناس تفرَّقوا، فطائفة اشتغلت بالفقه ودقائقه، وأخرى بالحديث وطرقه، وأخرى بالكلام ومعانيه، وأخرى بالأدب ومحاسنه؟ فَقَاَلَ: تلك الطُّرق إلى الله، فكل طائفة سَلَكتْ منها طريقة.(1/57)
16 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي غالب النَّحْوي؟
فَقَاَلَ: هو مُحَمَّد بن أحمد بن سَهْل، يُعرَف بابن الخاله.
أصلُه من نهر سَابُس، يُنسَب إلى خالِه ابن بِشْرَان.
وكان أحد الأعيان.
قدم واسطًا، فجالَس ابنَ الجَلاَّب، وابنَ دينارٍ، وتخصَّص بابن كُرْدان، وقرأ عليه كتاب سيبويه ولازَمَ حَلْقة أبي إِسْحَاق الرِّفاعي صاحب السِّيرافي، وكان يقول قرأت عليه من أشعار العرب ألف ديوان. وكان مُكثرًا، حسنَ المُحاضَرةِ، مليحَ العارضةِ، إلاَّ أنه لم ينتفع به أحد بواسط، ولم يَبْرُعْ به أحد في الأدب، وكان جيِّد الشِّعر، مع ذلك رأينا في كُتُبه بعدَه خطوطَ أشياخ ٍعدَّةٍ بكُتُبٍ كثيرةٍ في الأدب وغيره، إلاَّ أنه كَانَ مُعتزليًّا، وشهد عند إسماعيل قاضي واسط في آخر شوطه.
ومات بعد الخمسين منتصف رجب سنة اثنتين وستين.(1/58)
17 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن خَزَفةَ؟
فَقَاَلَ: هو أبو الْحَسَن علي بن أبي بكر مُحَمَّد بن الْحَسَن بن خَزَفةَ الصيدلاني.
سمع أباه، وأبا عبد الله مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن سعيد الزعفراني المُعدَّل.
وروى عنه، عن أبي بكر أحمد بن زُهير بن حَرْب " تاريخه الجامع الكبير ".
وكان مُكثرًا صدوقًا.
أَملى بعد الأربع مئة إلى أن مات في سنة تسع وأربع مئة. وكان مُداخلاً لفخر المُلْكِ، ومعه كالنديم، وأبو القاسم اللالِكائي يُدَلِّس به، فيقول: حدثنا علي بن مُحَمَّد النديم بواسط. حدثنا عنه جماعة.(1/60)
18 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن دِيْنَار؟
فَقَاَلَ: هو أبو الحُسَيْن علي بن مُحَمَّد بن عبد الرحيم بن دِيْنَار الكاتب، بصري الأصل، واسطي الأخير.
سمع: أبا بكر بن مِقْسَم، ولقي المتنبيَّ، وسمع منه ديوانه ومدحه بقصيدةٍ، هي عندنا موجودة في ديوانه أوَّلها:
ربَّ القريض إليكَ الحَلُّ والرِّحَلُ = ضاقتْ إِلى العلم إلا نحوَكَ السُبُلُ
تَضَائلَ الشُّعراءُ اليومَ عندَ فتىً = صِعابُ كلِّ قريضٍ عندهُ ذُلُلُ
وكان شاعرًا مُجيدًا، شاركَ المتنبيَّ في أكثر ممدوحيه، كسيف الْدَّوْلَة بن حمدان، وابن العميد، وغيرهما، وكان حسَنَ الخطِّ، يقال على طريقة ابن مُقْلَة.
توفي سنة تسعٍ وأربع مئة.
حَمَل الناسُ عنه الأدبَ، وأكثروا بواسط وغيرها.
وكان سهلَ الخلائق، حميد الطريقة.
سَأَلَه الناس بواسط، بعد موت أبي مُحَمَّد عبد الله بن أبي عبد الله العَلَوي، أن يجلس لهم صدرًا فَيُقرئَهم فامتَنَعَ، وقال أنا أتعمَّمُ مُدَوَّرَةً، وكُمِّي ضيّق، وليست هذه حِلْيَةَ أهل القرآن، أظنني سمعتُ ذلك من أبي الْحَسَن المغازلي الشاهد.(1/60)
19 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الْحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَخْلَد الأزدي البزَّاز؟
فَقَاَلَ: سمع بإفادة أبيه أبي طالب، من أبي بكر بن بِيْري، وأبي عبد الله العَلَوي، وأبي علي بن مُعاذ، وأبي الحُسَيْن بن دِيْنَار، وابن خَزَفَة، والناس.
وكان جَيِّدَ الأصول، ثقةً فيما يرويه، ويقول: جَيِّدَ الخطِّ. توفي في سنة ثمان وستين.(1/61)
20 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الْحَسَن عبدالسَّلاَم بن عبد المَلِك بن حَبِيْب البزَّاز؟
فَقَاَلَ: لم أرَ له سماعًا، إلا من أبي غانم سهل بن إِسْمَاعِيْل بن بلبل.(1/62)
21 - الفقيه الخصَّاصي.
وكان أبو غانم ثقةً، صدوقًا، صحيح السماع، شَفْعَوِيَّ المذهب، سمع من أبي جعفر مُحَمَّد بن علي بن مِهران الزيتوني، عن أحمد بن عبد الجبار العُطاردي، وكان عنده " المغازي " بهذا الإسناد.(1/62)
22 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي عبد الله الحُسَيْن بن أحمد بن التُبَاني البَيِّع؟
فَقَاَلَ: سمع أبا مُحَمَّد بن السَّقاء، وغيره، وأملى بواسط بعد أبي الحُسَيْن بن كَمَاري، والد إِسْمَاعِيْل.
وكان ثقةً جيِّد التحفّظ.
آخر من حدَّث عنه: الرئيس أبو الْحَسَن هبة الله بن مُحَمَّد بن موسى المعروف بابن الصفَّار الكاتب المقرئ.(1/62)
23 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي علي بن عَلاَّن؟
فَقَاَلَ: هو أحمد بن أبي الْحَسَن مُحَمَّد بن عَلاَّن الشّاهد، قديمُ الشَّهاده، شهد عند أبي إِبْرَاهِيْم العَلَوي، قاضي واسط فَمَن بعده.
وكان يترفَّض ويكتُمه.
وجلس صدرًا للقُرَّاء في جامع واسط، ثم عجز عن ذلك فلزم بيته.
وكان عنده عن أبي إبراهيم القاضي أحاديثٌ فيها تَشَيُّعٍ.
وسمع من: أبي الطيِّب عبد الغفَّار بن عُبيد الله بن السَّرِيِّ الحُضَينيِّ، وقرأَ عليه وتخصَّص به.
ومات بعد الأربعين وأربع مئة.
آخر من حدث عنه أبو الفَضْل بن السَّوادي، الشيخ، الصالح.(1/63)
24 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الْحَسَن علي بن عُبيد الله بن علي المعروف بابن القَصَّاب البَيِّع؟
فَقَاَلَ: رحل به أبوه إلى أبي بكر المُفيد الْجَرْجَرائِي، فسمع منه.
وكان ثقةً، موسرًا، حسن المواساة لأهل العلم.
حدثني سِبطُة أبو عبد الله بن السَّوادي أنه مات فُجَاءهً، بعد عوده من صلاة العصر وكان صلاَّها في الجامع فاتَّكأ إلى حائطٍ فمات، وأصحابُنا قد قالوا: سمع ابنَ السَّقاء، وما أَحُقُّ ذلك.(1/64)
25 - وَسَأَلْتُهُ عن الْحُضَيْنِي؟
فَقَاَلَ: هو أبو الطَّيِّب عبد الغفَّار بن عُبيد الله، كوفي الأصل، تَدَيَّرَ واسطًا، وتَصَدَّر بجامعها للقُرَّاء إلى أنْ مات.
سمع ابنَ مجاهد، ومَنْ هو أقدمُ منه.
أَظنُّ أنه تُوفي سنة سبع وستين وثلاث مئة.
وكان ثقةً.(1/64)
26 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي نُعَيم بن خِصْيَة؟
فَقَاَلَ: هو مُحَمَّد بن عبد الواحد بن عبد العزيز.
كَانَ عَدْلاً مستقيمًا.
سمع ابن خَزَفَةَ، ورأينا سماعه في الأصول.(1/65)
27 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي البَرَكَات إبراهيم بن مُحَمَّد بن خلف الجُمَّاري، ويُعرَف بالبُنِّي؟
فَقَاَلَ: كَانَ سَقَطيًّا، سمع ابن خَزَفَةَ، والناس.(1/65)
28 - وولدُهُ أبو نُعيم مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم، الذي حَدَّث بمُسْنَد مُسَدَّد، وكان سمعه بإفادته، وكلاهما ثقه.(1/66)
29 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي غَالب مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن أبي صَالح المُقْرئ؟
فَقَاَلَ: كَانَ شيخًا صالحًا جيِّدَ الحفظ للقرآن، وله بواسط مسجد يعرف به، وعَقِبٌ من جهة ابنته.
حَدَّثَ عن أبي الحُسَيْن بن دِيْنَار، وابن خَزَفَةَ.
وسمع ببغداد من ابن مَهْدِي، وشَهِدَ بِأَخَرةٍ.
فبلغه عن ابن فَضْلان اليهودي الناظر، كَانَ بواسط من جهة السُّلْطان أنَّه قَالَ: ترى هذا الشيخ يشهد عند مُنكر ونكير؟ فترك الشهادة ولم يعد فيها حتى مات، وكانت شهادته عند إِسْمَاعِيْل قاضي واسط، وكان مُتقشِّفًا.(1/66)
30 - وَسَأَلْتُهُ عن القاضي إِسْمَاعِيْل؟
فَقَاَلَ: هو أبو علي إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّد بن أحمد بن كَماري.
سمع من: ابن بِيْري، وحدَّث عنه " بتاريخ بَحْشَل "، عن أبي بكر مُحَمَّد بن عُثْمَان بن سَمْعَان المُعَدِّل، عن بَحْشَل.
وسمع من أبيه، وابن خَزَفَة.
وقرأ الأدب على ابن دِيْنَار.
وكَانَ كاتبًا، مترسلاً، فصيحًا، حسن العقل، والتثبت، فقيهًا على مذهب أبي حَنِيْفَة، وأصحابه.
قرأ على أبيه أبي الحُسَيْن مُحَمَّد بن أحمد.
وكان أبوه قرأ على أبي بكر الرازي.
وهم بيت معروف بالصون والعلم والمعرفة بالقضاء والأحكام.(1/66)
31 - وكان ابنه أبو المُفَضَّل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْل قاضيًا بعده على واسط، وكان ليِّن الجانب كيِّس الأخلاق إلا أنه كَانَ يزعم أنهم من ولد علي بن مُحَمَّد، صاحب الزَّنْج بالبَصْرَة، ولم يثبت ذلك.
ورأيت بخطه بعد موته أشياء تدل على رفضه، والله يرحمه.(1/68)
32 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الْحَسَن عَلِي بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الطيب المَغَازلي؟
فَقَاَلَ: كَانَ مالكي المذهب، شهد عند أبي المُفَضَّل مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْل، وكان عارفًا بالفقه والشروط والسِّجِلاَّت.
وسمع الحديث الكثير عن عالم من النَّاس من أهل واسط، وغيرهم.
وجمع التاريخ المُجدَّد التالي لتاريخ بَحْشَل، وأصحاب شعبة، وأصحاب يزيد بن هارون، وأصحاب مالك.
وكان مُكْثِرًا خطيبًا على المنبر يَخْلُفُ صاحب الصلاة بواسط، وكان مُطَّلِعًا على كلِّ عِلم من علوم الشَّريعه.
غرق ببغداد بعد الثمانين، وأُحدر إلى واسط، فدُفن بها، وكان يومه مشهودًا.(1/68)
33 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي طالب سعد بن مُحَمَّد الوحيد؟
فَقَاَلَ ما أعرفه في رجال واسط إلاَّ أنَّ أبا الْحَسَن المغازلي أنشدنا، قَالَ أنشدنا أبو غالب النحوي، قَالَ أنشدنا أبو طالب الوحيد لنفسه:
لو تَخَلَّيت للزمان للاقى = مِسْمَعاهُ مني عتابًا يَطُولُ
إِنَّما تكثُرُ النوائبُ في الدُّنْيا = لأنَّ الكِرامَ فيها قليلُ(1/69)
34 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي البركات مُحَمَّد بن الْحَسَن الهاشمي؟
فَقَاَلَ: هذا يعرف بابن مُلُوك.
خرج عن واسط وهو صبي، فأقام بمكه، وسمع بها من كريمة، وغيرها.
وأقام بالقدس، وسمع من إِسْمَاعِيْل الأستراباذي.
ثم قدم واسط، وقد أَسَنَّ فلازمتُه وعوَّلْتُ على أن أسمع منه مغازي الواقدي، فنهاني أبو المُفَضَّل عنه، وقال: هذا كَانَ قيِّمًا في الحَمَّام في مُبْتَدَئِهِ، فرغبتُ عنه.(1/69)
35 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن الصَّقْر؟
فَقَاَلَ هو أبو الْحَسَن مُحَمَّد بن عليٍّ.
وعليٌّ يكنى أبا طالب بن أبي الصقر.
واسم أبي الصَّقْر الْحَسَن.
كَانَ يقول: أنا من ولد أبي الصقر إِسْمَاعِيْل بن بُلْبُل الوزير، قدم جدي مع القاضي يوسف بن يعقوب إلى واسط وكيلاً بين يديه فتديَّرَها.
وكان شاعرًا مجيدًا وكاتبًا سديدًا حَسَنَ الخطِّ، والعقل، والمروءه.
وكان قد سمع من أبي القاسم كاتب ابن قَنْطَر.
وسمعته يقول: كَانَ زوج خالتي، وكان قد رحل إلى بغداد ولازم الشيخ أبا إِسْحَاق الشيرازي، وعلق عنه كتبه كلها، ولما وقعت الفتنة بين الحنابله والأشعريَّه كَانَ قائمًا فيها قاعدًا وعمل في ذلك أشعارًا سمَّاها " الشَّافعيَّات " رويت عنه، وهي مدونه في شِعْرِهِ، وبلغ تسعين سنه إلا شهورًا.
قَالَ لي: ولدت يوم الأحد ثالث عشر ذي القعدة من سنة تسع وأربع مئة.
وقال لي، غير خميس: توفي ابن أبي الصَّقْر في جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين.(1/70)
36 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الفَرَج أحمد بن علي بن جعفر بن المعلى الخيوطي؟
فَقَاَلَ: كَانَ مُكثرًا عن الزَّعْفَرَاني أبي عبد الله مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن سعيد صاحب ابن أبي خَيْثَمة.
قَالَ لي أبو الْحَسَن المَغَازلي: قرأ على الزَّعْفَرَاني " تاريخ ابن أبي خَيْثَمة " لنفسه، وللناس نَيِّفًا وثمانين مرة.
وأراد الانحدار إلى البصرة، إلى ابن دَاسَة، ليسمع منه " سنن أبي داود "، فكتب له الزَّعْفَرَاني إليه قد انحدر أبو الفَرَج إِليك وهو عيني مُذ ذَهَبتْ عيني فاصغ إليه واقض حاجته ورده الي مسرعا أو ما هو نحوه.
وكان حسن الخط، صحيح النقل.
والواسطيون يقولون: كَانَ حافظا متقنا، وقد كَانَ فيه.(1/71)
37 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي طاهر الريَّان بن سُليمان الفَرَضي؟
فَقَاَلَ: كَانَ من أهل باب الزاب، قَيِّمًا بالفرائض، إمامًا في القراءة، لا أعرفُ فيه غير ذلك.(1/72)
38 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي طاهر مُحَمَّد بن عبد الله بن حامد الناقد الكاتب، في دار البطيخ؟
فَقَاَلَ: قد سمع من ابن التُبَاني شيئًا من أماليه، سمعناها منه، وكان شيخًا له رواء صالحًا، من شيوخ أهل القرآن.(1/72)
39 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي طاهر مُحَمَّد بن علي البَيِّع؟
فَقَاَلَ: بغدادي قدم واسطًا عند احتلال بغداد وخروج الخليفة عنها، وكان يذم " الأجزاء المفاريد "، ويقول: لا يعجبني الجزء العاشر، والجزء الثلاثون، والجزء الثاني والتسعون، وما أشبه ذلك، وكان يروي المصنًّفاتِ الصِّغار مما هو جزء إلى اثنين إلى ثلاثة، لا يزيد على ذلك، وكان عنده من هذا كثير، حدثني بذلك كله أبو الْحَسَن المَغَازلي.(1/72)
40 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي نُعيم بن زَبْزَب؟
فَقَاَلَ: مولده سنة ثمان عشرة على ما قَالَ.
سمع: ابن عبد الرحمن العَلَوي بالكوفه، وأبا القاسم الميموني بواسط، وأبا غالب بن أبي صالح " كتاب الأشربة "، لأبي ثور إِبْرَاهِيْم بن خالد، واستوعب جميع ما عند أبي تمام بن أبي خازم، لأنه جارُه.
وكان كلما دخل قوم صحبهم.
صحيح السماع، ثقة، لا بأس به، إلاَّ أنه يتهم بالتَّشيُّع، وما سمعنا منه ذلك.(1/73)
41 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الفَضْل بن السَّوادي؟
فَقَاَلَ: جاز الثمانين، وكُفَّ بأَخَرَةٍ، وصامَ أزيد من ستِّين سنه، كثير الدَّرس للقرآن، كثير المجاهدة.
سمع: أبا علي بن عَلاَّن، وأبا غالب بن أبي صالح، وأبا تَمَّام بن أبي خازم، وشهد عند أبي المفضَّل القاضي، هو وأخوه أبو عبد الله، وتقدَّما الشُّهود كافة يوم شهدًا.(1/73)
42 - وَسَأَلْتُهُ عن مُعَاذ بن عبد الله بن رجاء الطَّحَّان؟
فَقَاَلَ: سمع من أبي طالب البغدادي الأزهري، وكان قد نَزَل عليهم بواسط.(1/74)
43 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي السَّعادات الخطيب؟
فَقَاَلَ: كثير الشيوخ، خَطَبَ على المنبر الشرقيّ من واسط، وشهد عند أبي علي بن بَرْهُون، قاضي واسط.
وكَتَبَ الوَقْفَ بعد أبي الْحَسَن المعروف بصَدَقَة، وله شِعْرٌ جيّدٌ، ومعرفة بالأسانيد.
وهو من ولد أبي إِسْحَاق سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، إِلاَّ أنَّه يكتم ذلك، لأنَّه غير مشتهر به، وذلك معدود من عقله.
وقرأ القرآن على أبي علي غُلامِ الهرًّاس، ومعه خطُّه، أظن بالسبعة.(1/74)
44 - وَسَأَلْتُهُ عن بدر بن عبد الله المُقرئ؟
فَقَاَلَ: شيخٌ، صالحٌ، من أهل الورع والزهد، يعرف بذلك.
وهو غَسَّل شيخنا أبا المُفَضَّل، بوصية منه.
وله مسجد يقرئ فيه، وقد ختم خلقًا من عباد الله القرآن.
.(1/75)
45 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي نُعَيْم البخاري؟
فَقَاَلَ: شيخٌ، زاهدٌ، صاحب زاوية، ومسجد يكتب المصاحف وما يَحسُن ذكره.
سمع معنا، من أبي المُفَضَّل، وكان متخصِّصًا به وطريقته حسنة.(1/75)
46 - وَسَأَلْتُهُ عن نجا بن أبي كريمه؟
فَقَاَلَ: شيخ من شيوخ أهل القرآن.
سمع معنا من أبي المُفَضَّل، وابن نفيس.
ورأيت سماعه بخط أبي الْحَسَن العكبري.(1/75)
47 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن طَيْلُون؟
فَقَاَلَ: سمع الغَنْدَجاني.
وسمع معنا من أبي نُعَيْم ابن أخي سُكَّرَة، ولازمه.
وهو شيخ مرضي الطريقة.(1/76)
48 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الفَضْل بن العَجَمِي؟
فَقَاَلَ: سمع أبا الْحَسَن بن مخلد، والغَنْدَجاني، وغيرهما، وببغداد ابن المُسْلِمَة، وطبقته، ولازم أبا إِسْحَاق، وعلَّقَ عنه كُتُبَه.
وهو مكثرٌ، ثقةٌ، يفهم ما يُقرأُ عليه.(1/76)
49 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي المَجْدِ بن جَهْوَر؟
فَقَاَلَ: هو ابن أخي القاضي أبي تغلب، الذي كَانَ قاضي واسط.
قرأ على عمِّه القرآن، وعلى غلام الهرَّاس، ومعه خطه بالقراءات السبع.
وسمع من أبي تمَّام، ومن أبي غالب بن بِشْرَان، وهو أحد المُعَدِّلين، ويقوم على البيمارَسْتان بواسط وله فيه آثار جميله.(1/76)
50 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي البركات فَضْل الله بن مُحَمَّد بن مخلد الأَزْدِي؟
فَقَاَلَ: هو أخو شيخنا أبي المُفَضَّل.
سمع: أبا طالب البغدادي، وغيره.
وفيه صلاح وديانة، لم يرضَ لأخيه أبي المُفَضَّل الشهادةَ وَهَجَرَهُ عليها، وهو صلى عليه لمَّا مات.(1/77)
51 - وَسَأَلْتُهُ عن أخيه أبي الكرم نصر الله؟
فَقَاَلَ: سمع أَباه، وأَبا تمَّام.
وسماعُه، في الأصول واضح جيد.(1/78)
52 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي تغلب بن عُجَيْف؟
فَقَاَلَ: حميد الطريقة.
سمع أبا تمام، وأكثر عن الغَنْدَجاني، وكَتَبَ أكثر أُصوله بخطه، وهو جيد الصون يفهم ما يُقرأُ عليه.(1/78)
53 - وَسَأَلْتُهُ عن القاضي أبي الأزهر؟
فَقَاَلَ: سمع قاضي بغداد أبا عبد الله الدامَغاني، بها، ومن أبي الْحَسَن كاتب الوقف بواسط، وحضر معنا كثيرًا مجالسَ أبي المُفَضَّل.
وولي الحسبة بالبلد وشهد عند أبي المُفَضَّل.
وهو اليوم أحد رؤساء واسط وأعيانها، وذوي اليسار فيها.(1/79)
54 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي عليّ بن بَرْهُون، قاضي واسط؟
فَقَاَلَ: متقدم في الفقه، من أصحاب الشيخين أبي إِسْحَاق الشِّيرَازي، وأبي نَصْر بن الصَّبَّاغ.
قضى بواسط بعد أبي تغلب، فظهر من عقله، وعدله، وحُسْن سيرته ما زاد على الظَّنِّ.
وسمع: الخطيب، وابن النَّقُور، والصَّرِيفيني، وابن حَمْدويه، وابنَ الغَريق، وطبقَتَهم.
وأُصولُه حسنة وسماعاته صحيحة.(1/79)
55 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي مُحَمَّد الآمدي؟
فَقَاَلَ: سبط أبي تغلب بن الأغلاقي الشاهد، أحد غلمان أبي المُفَضَّل، والمتشبِّهين بطريقه.
سمع معنا من أبي المُفَضَّل، وابن شانده، وابن نفيس، وغيرهم، ورحل إلى بغداد، فسمع هناك من جماعة.
وقرأ على أبي الخطاب بن الجرَّاح القُرآن.
وهو متحقِّق بالسُّنًّة، صاحبُ مسجدٍ، لا يُعاب بشيء.(1/81)
56 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن شيران؟
فَقَاَلَ: قد سمع معنا من أبي نُعيم ابن اخي سُكَّرة، وأبي الْحَسَن المَغَازلي، وسمع الغَنْدجانيًّ، وغيره.
وقَرَأَ على غلام الهرَّاس العشر، وخطُّه معه بها، وهو الآن متصدِّر بالجامع للإِقراء، وله معرفة بفقه أبي حنيفه.(1/81)
57 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الغَنَائم السِّدْري الأُشْنَاني؟
فَقَاَلَ: شيخٌ، صالحٌ، من أهل القرآن، قديم، وهو لقن أبا العز مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن بندار القرآن.
وسماعاته على أُصول الغَنْدَجاني، رأيتُها مع أبي المُفَضَّل، وغيره.(1/82)
58 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي العزِّ بن بُنْدَار؟
فَقَاَلَ: هو أحد الأئمة الأعيان في علوم القرآن.
قرأ على غلام الهرَّاس، وغيره، واستوعب القراءات وَطُرُقَها، وبَرَعَ في المعرفة بها.
وسمع الحديث ببغداد، وبواسط، من: الغَنْدجاني، وابن مَخْلَد، وإسماعيل القاضي، وابنِ خِصْيَة، وغيرهم من البغداديين: ابن الْمُسْلِمَة، والصَّرِيْفيني، وابن النَّقُور، وابن البُسْريِّ، وطبقتهم.
وهو حسن الخط، جيِّد النقل، ذو فَهْم بما يقوله ويرويه.(1/82)
59 - وَسَأَلْتُهُ عن أبِي تغلب بن جَهْوَر؟
فَقَاَلَ: مُتقدِّم في الفقه.
لازم رضوان، وإلياس الحنيفيين، وعلَّقَ عنهما.
وأصعد إلى بغداد، فلازم أبا إسحاق، وعلَّق عنه كتبه، واستوعب علمه.
ثم انحدر إلى واسط، فدرس بها زمانًا.
فلما ولي أبو بكر الشامي قضاء القضاة، ولاه واسطًا، وعَزَلَ أبا المُفَضَّل، فظهَرَ من شهامته وعنايته بعمارة الوقوف ما زاد على الظن، وأقام حشمة القضاء وجعل له أُبَّهةً ونورًا بعد أن كَانَ إسماعيل وابنه أبو المُفَضَّل قد وَضَعا منه وتَهاونا به، ولم يزل على طريقة مرضيَّة إلى أن عزله عميد الدولة أبو منصور بن جَهِير لسببٍ كَانَ في نفسه منه.
ولم يُعْنَ بالحديث، سمع قليلاً.
سمعته يقول: سمعت رضوان الحنيفي يقول، وسُئل أيجوز الترحم على الفاسقين وأهلِ المعصية؟ فَقَاَلَ: ومن أحق بذلك منهم؟(1/83)
60 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن أخي سَلْم؟
فَقَاَلَ: هو الصَّيرفي.
سماعاته على أصول الغَنْدَجاني واضحة.
وهو صيِّنٌ، دَيِّنٌ، لا بأس به.(1/85)
61 - وَسَأَلْتُهُ عن صَدَقَةٍ؟
فَقَاَلَ: صالحٌ، من غِلمان أبي المُفَضَّل، سمع معنا عليه.(1/85)
62 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن التِكين؟
فَقَاَلَ: كثير السماع من البغداديِّين، ومعه خطوطهم كالشمس وضوحًا، إلا أنه أقام بواسط، وَتَدَيَّرَها، فهي وطنه.
وهو صالحٌ، مُتحقِّق بالسُّنَّةِ.(1/86)
63 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي علي بن المختار؟
فَقَاَلَ أحمد بن مُحَمَّد بن جعفر بن المختار العَدْل ابن بنت أبي الفتح.
قرأ الأدب على جده.
وسمع الحديث معنا من جماعة من أصحابنا.
وسمع ببغداد من عاصم، وغيره.
وشهد عند أبي المُفَضَّل مُحَمَّد بن إسماعيل.
وله شِعْرٌ جيِّد، وترسل سديد، وموضع من النزاهة معروف.(1/86)
64 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الفَضْل بن جَهْوَر؟
فَقَاَلَ هو مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن عيسى بن جَهْوَر، من أعيان الرؤساء، وفضلاء الأدباء.
لم يعرض للحديث لتشاغله بالأدب تارة، وبالتصرُّف أخرى.
قرأ الأدب على أبي علي الْحَسَن بن عبد العزيز التونسي مغربي قدم واسطًا، وأقام بها إلى أن مات.
وجالس أبا غالب، وسمع منه كثيرًا.
وقال لي قُرئ عليه " كتاب الأصول "، لابن السَّراج، وأنا أسمع.
سمعنا منه أدبًا كثيرًا، وأشعارًا حسانًا له، ولغيره.
وهو أخو أبي تغلب القاضي.
وآل جَهْوَر كلهم أعيان أماثل.(1/86)
65 - وَسَأَلْتُهُ عن بركة الحوزي؟
فَقَاَلَ: بركة بن حسان بن عيسى، الحوزي، أبو طاهر، رجل صالح، من أعيان أهل الخير، ومن تلاميذ أبي المُفَضَّل بن مَخْلَد، قرأ عليه القرآن وله معرفة بالكلام وطريقة حسنه في التصرف.
سمع: ابن مخلد، والغَنْدَجاني، وأبا غالب بن أبي صالح، وأبا عبد الله أحمد بن أحمد بن سليمان.(1/87)
66 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي منصور هبة الله بن الفَضْل بن سليمان الواسطي؟
فَقَاَلَ: هو أحد رؤسائها المتقدمين فيها.
سمع أبا تمام.
ولم يكن الحديث من همه، ولكن وقع له حضور، فأدركته السن.
لا بأس به، ومن المتقدمين.(1/88)
67 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الْحَسَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عيسى النحوي المعروف بالخَيْشي؟
فَقَاَلَ: بصري الأصل.
قرأ الأدب، على أبي عبد الله الحُسَيْن بن علي النَّمَري.
وكان يحفظ " كتاب الْمُقتضَب " ظاهرًا، كذا قَالَ لي ابن أبي الصقر. وكان قرأ عليه، وانتفع به.
وإنما صار إلى واسط، لأن الملك العزيز أبا منصور بن جلال الدولة استقدمه إليها ليقرأ عليه، فأقام في دار بني عمرون، وتردد اليه الناس، وكان يتردد إلى دار الملك.
ثم أَصعد إلى بغداد فأقام بها مدة، ومات.
وكان له ابن يُلَقَّب البلصوص، يكتب خطًا حسنًا، وقع إلى مصر، فخرجت والدته بعد موت أبيه في طلبه، وكان معها مال له قدر فهلكت بنواحي الأنبار، وتلف المال.(1/88)
68 - وَسَأَلْتُهُ عن عبد الملك بن مروان الكاتب أبي منصور؟
فَقَاَلَ: هذا كَانَ في قديمه نصرانيًّا فأسلم، والله أعلم به، لم يعرض للحديث ولم يكن من شأنه.
غير أنه كَانَ شاعرًا مجيدًا وأديبًا بارعًا، رأيت له " قصيدة في وصف رمي البندق " تزيد على خمس مئة بيت، لم يقل أحد مثلها، أجاد فيه أوصاف المياه، والصحارى، والرياض، والشجر، والغياض، والسماء، والأفلاك، والنجوم، وصنوف الأطيار، أنشدناها أبو السعادات بن بختيار تلميذه عنه.(1/89)
69 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي علي الْحَسَن بن القاسم بن علي المقرئ، المعروف بغلام الهراس؟
فَقَاَلَ: نشأ في بلده، وطلب القرآن، وقرأ على أبي مُحَمَّد عبد لله بن أبي عبد الله العلوي، ورحل إلى بغداد، فقرأ على النَّهراوني أبي الفرج عبد الملك بن بكران، والْحَمَّامي، والسُوسَنْجِرْدي، ورحل إلى مكه فقرأ على الكارَزِيني، ورحل إلى مصر فقرأ على ابن نفيس الأنصاري، وقرأ بحرَّان على العلوي السُّنِّي، وقرأ بدمشق على الرُّهاوي، وعلى أبي علي الأهوازي، وسمع منه مصنفاته، وكان يقرئ معه في جامع دمشق ثم عاد إلى واسط، وقد كف، وكان في قديمه أعور، فجلس يقرئ الناس في الجامع، فرحل إليه الناس من الآفاق، وقرؤوا عليه، ورأيته، وقبلت يده، وجلست بين يديه كثيرًا، إلا أنني لم أقرأ عليه، وتوفي في أواخر سنة سبع وستين، وكان يلقب إمام الحرمين، والبغداديون لهم فيه كلام.
وسمعت من أصحابنا من يقول سمعت أبا الفَضْل بن خيرون، وقيل له أبو علي غلام الهرَّاس عن أبي علي الأهوازي، فَقَاَلَ: مطرز معلم كذاب عن كذاب.
وروى الحديث عن ابن خزفه، وكان اشتغاله بالقرآن أكثر.(1/90)
70 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الْحَسَن العطار؟
فَقَاَلَ: هو أحمد بن المظفر بن أحمد بن يزداد الشافعي، صاحب أبي مُحَمَّد بن السَّقاء الحافظ، روى عنه " مسند مسدد "، وحدَّث به عنه أبو نعيم الجماري، وكان عنده الأصل بخطه والسماع عليه بخط مسعود بن ناصر السِّجْزي الحافظ أضوأ من الشمس، وسماع أبي الْحَسَن من أبي مُحَمَّد صحيح محقق عند أصحابنا الواسطيين.(1/92)
71 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي عمرو عُثْمَان بن أحمد بن نفيس المؤدِّب؟
فَقَاَلَ: هو والد أبي البركات أحمد شيخنا.
سمع: أبا بكر بن لال الهمذاني.
وحدث بواسط، ومات بها قبل الثلاثين.
وسماع أبي نُعيم الْجُمَّاري منه في سنة ثمان وعشرين إملاءً بخطه، وهو آخر من حدث عنه.(1/92)
72 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي أحمد بن شَوْذَب؟
فَقَاَلَ: عمر بن أبي مُحَمَّد عبد الله بن شَوْذَب المقرئ.
سمع: أباه عبد الله بن عمر، والخلق.
حدث عنه: ابناه أبو عمرو عُثْمَان وأبو الحُسَيْن علي.
وكان ثقةً، ثبتًا، معتقدًا للسُّنَّة، أمارًا بالمعروف، نَهَّاءً عن المنكر.
أنكر عن أبي إِبْرَاهِيْم العلوي القاضي بعض أمره، وأراد إخراجه من البلد، فراسَلَهُ عضد الْدَّوْلَة بالكف عنه من جانب السؤال، فكف.
وابناه هذان رحلا إلى المفيد، وسمعا منه فأكثرا، وحدثا عنه بواسط.
آخر من حدثنا عن أبي الحُسَيْن شيخنا أبو عبد الله بن السوادي.(1/93)
73 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي المُفَضَّل بن الجَلَخْت؟
فَقَاَلَ: شيخنا أبو المُفَضَّل هبة الله بن محمود بن مَخْلَد الأزدي.
يقصر الوصف عمَّا كَانَ عليه من خشونة الطريقة، وحسنها، وما كَانَ ينطوي عليه من الزهد والاجتهاد في العبادة.
صام وقته كله ولازم المسجد الجامع معتكفًا يقرئ القرآن، ويملي الحديث.
روى عن: أبي الْحَسَن العجمي، والميموني.
وكان كثير المشيخة، حسن المعرفة، بالحديث، والفقه، والفرائض، وطرق القراءات، والحساب، جَمَّاعة لخلال الخير.
وقرأ القرآن على أبي المُرَجَّى بن ورقاء البزاز، وأبي علي بن علان، وغيرهما.
لم يبلغ الستين.
وكان ذا جاه عظيم عند السلطان، وفي أعين العوام.
توفي يوم الأحد رابع عشر المحرم سنة إحدى وثمانين.
ودفن بداره. وقبره الآن يغشى ويزار ويتبرك به.(1/94)
74 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي بكر مُحَمَّد بن الْحَسَن بن خَزَفَةَ، والد أبي الْحَسَن؟
فَقَاَلَ: ثقةٌ، صدوقٌ.
شارك ولده في أكثر أشياخه.
لم يسمع في حداثته وإنما سمع بأَخَرَةٍ.(1/95)
75 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الحُسَيْن مُحَمَّد بن أحمد بن الطيب بن جعفر بن كَمَاري، والد إِسْمَاعِيْل القاضي؟
فَقَاَلَ: سمع أبا الحُسَيْن عبد الحميد بن موسى القنَّاد، وطبقته.
وأملى في الجامع بواسط.
وكان يتكلم على الأحاديث، لا من طريق الصحيح والسقيم، ولا الجرح والتعديل، ولكن من طريق الوعظ والفقه، فإنه كَانَ فقيهًا حنفيًّا، من أصحاب الرازي أبي بكر أحمد بن علي.
توفي سنة سبع عشرة.
آخر من حدث عنه شيخنا أبو تمام علي بن مُحَمَّد الكسائي.(1/96)
76 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي عبد الله السَّقَطيِّ؟
فَقَاَلَ: هو مُحَمَّد بن علي، يعرف بابن أخت مَهْدِي، وكان الذي أفاده خاله أبو بكر بن مَهْدِي.
سمع: أبا بكر النقَّاش، وروى عنه " الصحيح "، عن الفربري، عن البخاري.
اختل بِأَخَرَةٍ، فترك حديثه.
آخر من حدَّث عنه: شيخُنا أبو الفتح بن المختار.
توفي قبل العشر والأربع مئة.
وسمع من الزعفراني كتاب " الموطأ "، وكان يرويه عن تمتام، عن القعنبي، عن مالك.(1/96)
77 - وَسَأَلْتُهُ عن الزعفراني؟
فَقَاَلَ: أبو عبد الله مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن سعيد العَدْل.
سمع: التمتام، وابن أبي الدنيا، وابن أبي خيثمة، وسمع منه " تاريخه الكبير الجامع ".
وكان ذا حالٍ، نَزَلَ به صاحب الزَّنْج، على ما يقول الواسطيون في مُنحدره إلى البصرة، فلما مَلَكَ الزَّنْج واسطًا نَهَبُوها نَهْبًا ذريعًا، إلاَّ مَحِلَّته في الجانب الشرقي فانه حماها، وتركوها تكرمة له بوصيَّةٍ من صاحبهم لهم في ذلك.
كُفَّ بِأَخَرَةٍ.
وتوفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.(1/97)
78 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الحَسَنِ بن، الصَّفَّار، الكاتب؟
فَقَاَلَ هو هبة الله بن أبي الحُسَيْن مُحَمَّد بن موسى.
أصلهم من النُّعْمَانيَّة.
سكن أبوه واسطًا، وتزوج إلى آل العَرَمْرَم، فرُزق منهم ولده أبا الْحَسَن هذا، ونشأ نُشوءًا حَسَنًا.
قرأ القرآن على ابن عَلاَّن، وعلى ابن الصَّوَّاف، وأخذ عنه القراءات.
ثم بعدهما على الهُرْمُزان أبي بكر أحمد بن عليِّ بن عبد الله العجمي.
وأَسَنَّ وكَبُرَ.
وكان إمامًا في النجوم، قَوَّم لثلاثين سنة آتيةً.
قرأتُ عليه القرآن.
وهو آخر من حدَّث عن ابن التُبَاني.
مات في السابع والعشرين من شهر رمضان سنة ست وثمانين وأربع مئة.(1/98)
79 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي منصور بن عبد العزيز العُكْبَري؟
فَقَاَلَ: مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحمد بن الحُسَيْن بن عبد العزيز بن مهران.
سمع: أباه، وعمه، والعُكْبَريين.
وببغداد: ابن الصلت، وابن مَهْدِي، والفَرَضي، وطبقتهم.
وبالكوفة: أبا عبد الله الجُعفي.
وكان كثير المحاسن، غزيز الحفظ للحكايات.
وكان يقول: قرأت الأدب على عبد السلام البصري.
قدم علينا سنة ثمان وستين، فسمعنا منه كثيرًا.
لا أعلم من حاله إلاَّ الخير، غير أنَّ أبا علي بن البَرَداني كتب اليَّ بما فيه عليه غَميزةٌ، ولعله علم من حاله غير الذي علمتُ.
وقد كَانَ أبو علي أحد الحفاظ الأئمه الذين يعلمون ما يقولون.(1/99)
80 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي علي الْحَسَن بن عُيَيْنَة، الْمُحَدِّث؟
فَقَاَلَ: واسطيٌ، نبيلٌ، ثقةٌ.
حدَّث عنه: الميموني.
سمعت شيخنا أبا المُفَضَّل، يقول: سمعت أبا القاسم عمر بن علي بن أحمد الميموني يقول: رأيت أبا علي الْحَسَن بن عُيَيْنَة الْمُحَدِّث في المنام بعد وفاته وكأن على أصابع يديه شيئًا مكتوبًا بلون الذهب أو لون الزعفران، فقلت: يا أستاذ، أرى على يديك شيئًا مليحًا، فما هو؟ فَقَاَلَ يا بني هذا من كِتْبَتِي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. رحمه الله.(1/100)
81 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي تَمَّام الكسائي؟
فَقَاَلَ: علي بن مُحَمَّد يُعرف بابن بنت الحرَّاني.
حدَّث عن: أبي الحُسَيْن بن كَمَاري، وأبي بكر أحمد بن العباس الدُوبْنائي البزَّاز.
ودُوبنايا: محلة من شرقي واسط، تجاور قبر يزيد بن هارون.
لم يكن به بأس، إلاَّ أني لا أحدِّثُ عنه، لا لسوء رأيتُه به، ولا أنه كَانَ يفهم التخليط، ولكن كَانَ سماعه مضطربًا بخطوط الصبيان القدماء، فلم يعجبني هذا.(1/100)
82 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الحُسَيْن عبد الله بن أحمد بن شَبح؟
فَقَاَلَ: كَانَ قارئًا، صالحًا، وشُرُوطيًّا عالمًا، وكان له مسجد وزاوية ينتابه فيها الناس، ويقرؤون عليه القرآن.
وقد سمعت أستاذنا أبا علي الْحَسَن بن علي بن غُراب المُقرئ يقول: تلقَّنتُ القرآن من أبي الْحَسَن، وكان يثني عليه.(1/101)
83 - ولأبي الْحَسَن هذا أخ يكنى أبا علي، رأيته أنا شيخًا مُسِنًّا، وما رأيت
بالحساب أعلم منه، وكان إِسْمَاعِيْل القاضي ينتفع بحسابه في الفرائض، ويعول عليه في قسمة التركات.(1/101)
84 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي علي بن غراب؟
فَقَاَلَ: أستاذنا وعليه تلقَّنتُ القرآن.
وكان وُلِدَ قبل الأربع مئة.
وكان يقول: أحمد الله أني ولدت قبلها.
وكان حسن الحفظ للقرآن، كثير الخشوع، ختم به جماعة كبيرة كتاب الله.
سمعته يقول: سمعت أبا بكر بن القُنْبائي الزاهد يقول: ظهر لي إبليس، فسألني أن أقرأ له " سورة يس "، فقرأتُها، فلما بلغتُ إلى قوله، تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [يس: 30] بكى بكاءًا شديدًا!! فقلت: ما يبكيك منها يا عدَّو الله؟!! فَقَاَلَ يا أبا بكر وَعِزَّةِ الحق الخالق، لقد سمعت إلَهكم سبحانه، وهو يقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} قبل أن يخلق أباكم آدم بألفي عام!!(1/101)
85 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي بكر القُنْبائي؟
فَقَاَلَ: ما أعرف اسمه، ولا اسم أبيه غير أنه كَانَ زاهدًا منقطعًا عن الناس.
له حانوت طحين، ربما كلمه في الأحايين الناس من وراء شباكه، وكان لا يشهد الجمعة ولا الجماعة، ولا يهنئ أحدًا، ولا يعزيه.
وكان ابن بُحْتُر المقرئ يلومه على ذلك، ولا يرضى عنه، ويسبُّه، ويقول: تَرَكَ الفَرْضَ لغير فَرْضٍ.
حدثني بكل ذلك شيخنا أبو علي بن غراب.(1/102)
86 - وَسَأَلْتُهُ عن ابن بُحْتُر؟
فَقَاَلَ: كَانَ شيخًا حسنَ الحفظ للقرآن، وكان وحيدًا.
حدثني شيخنا أبو علي بن غراب، قَالَ: كَانَ يُتَّهم بأنَّ معه مالاً، وله ذخيرة، وكان يُنكر ذلك، فقرأتُ عليه يومًا " سورة بَرَاءَةٌ "، فلما بلغت إلى قوله، تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34، 35] قَالَ وَيْ وَيْ وَيْ وجَعلَ يلطمُ على وجهه قَالَ فَتَحقَّقْتُ ما يقول الناس فيه، فلما مات دخل أصحاب السلطان داره فَنَبشُوها فوجدوا جَرَّةً خضراء مملوءةً دنانيرَ فأخذوها وانصرفوا فعرفت أنه كَانَ يولول من أجلها.(1/102)
87 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الحُسَيْن بن الرُّؤاسي؟
فَقَاَلَ: هو مُحَمَّد بن علي بن الْحَسَن، الفقيه، الشافعي، الإمام.
علَّقَ عن أبي حامد تعليقه الكبير.
وسمع من أبي بكر بن الباقلاَّني الأشعري جل تصانيفه.
وسمع أبا بكر بن بِيْري، وطبقته الحديث.
وولى القضاء على البطائح، والأعمال السفلى من واسط.
وأملى في الجامع بعد الأربعين.
حدثنا عنه: صدقة كاتبُ الوقف، وكان صاحبه ومتخصصًا به. ومات في أعماله التي كَانَ يتولاَّها، وكتبه هناك معه فتفرقت في السواد، وضاعت.
وكان ابنه أبو عبد الله صحب أبا إِسْحَاق الفيروزابادي، وعلق عنه، ومضى إلى نيسابور ليرى أبا المعالي الْجُوَيْنِي، فمات هناك وانقرض عقبه.(1/103)
88 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الطيب بن كَمَاري؟
فَقَاَلَ: كَانَ قاضيًا بواسط، عُزل به أبو تَمَّام بن أبي خازم.
وكان شيخًا، صالحًا، متدينًا، موسرًا.
هَجَمَ عليه اللصوص، فقتلوه في داره سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة. ولم يحدثنا عنه أحد بِمُسْنَدٍ، غير أن أصحابنا كلهم لم يختلفوا في حسن صَوْنه.
قَالَ لي أبو الْحَسَن بن الصفار، شيخنا: كنت في حَجْرِهِ بعد موت أبي فباع لي من كُتُب أبي، ومن أدواته بأربع مئة دِيْنَار، واشترى لي بها ضيعة هي لوَرَثته إلى اليوم.(1/104)
89 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي جعفر بن بَنْبَق النُّعْماني؟
فَقَاَلَ: مَرْضِي الصَّون.
سمع: أبا بكر المفيد، وحدث عنه بأحاديث الأشج.
وسمع: أبا مُحَمَّد بن السَقَّاء بواسط.
وكان ابن ابنه حسن الحفظ للقرآن، يَؤُمُّ بنور الدولة دُبَيْسَ بن مَزْيَدَ بالتراويح في شهر رمضان، وكانت له عندهم منزلة، رحمه الله.(1/104)
90 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي بكر بن طاوان؟
فَقَاَلَ: أحمد بن مُحَمَّد بن عبد الوهاب بن طاوان السِّمْسَار، يُعرف بشرارة.
كَانَ يستملي على الشيوخ قديمًا بواسط.
سمعت أبي، وأبا الغنائم بن بختويه، وأستاذنا أبا علي بن غراب، يقولون: رأينا شرارة جالسًا على حَجَرٍ عالٍ بين يدي أبي الحُسَيْن بن كَمَاري، وهو يصيح بأعلى صوته بعد صلاة الجمعة: اللهم صل على مُحَمَّد المختار، وعلى أبي بكر صاحب الغار، وعلى عمر مُمَصِّر الأمصار، وعلى عُثْمَان شهيد الدار، وعلى عليٍّ قاتل الكفَّار، وعلى جميع الصحابة من المهاجرين والأنصار، خذوا الإملاء رحمكم الله، فيكتب الناس حينئذ.
سمع: أبا الفرج الخيوطي، وأبا بكر بن بِيْري، والناس، إلا أنه كَانَ لا يُمَيِّز، يسأله الإنسانُ إخراج حديثٍ فيترك أن يُحدِّثه عن الخيوطي، وهو متقدم الإسناد فيه، ويُحدِّثهُ عن ابن القَصَّاب وهو حاضر معه!!.
أكثر عنه شيخنا أبو الْحَسَن بن الصَّفَّار.
مات بعد الأربعين وأربع مئة.(1/105)
91 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الْحَسَن أحمد بن مُحَمَّد بن سَمْنَان المؤدب؟
فَقَاَلَ: أملى في الجامع بعد أبي الحُسَيْن بن كَمَاري.
سمع أبا الْحَسَن البَكَّائي الكوفي، ونظراءه.
ومات قبل الثلاثين وأربع مئة.
حدثنا عنه صدقة كاتب الوقف، وغيره.(1/106)
92 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي بكر الْهُرْمُزان؟
فَقَاَلَ: أحمد بن علي بن عبد الله الطرسوسي.
من أبناء المحدثين.
جلس صدرًا للقُرَّاء في جامع واسط.
وكان حسن الحفظ للقرآن.
قرأ عليه شيخنا أبو الْحَسَن بن الصَّفَّار، وغيره.
وكان قرأ على أبي الْحَسَن بن عَلاَّن، والد أبي علي، وعلى أبي حفص الكِتَّاني ببغداد، وغيرهما.
وهو صاحب ليلة الصَّافَّات، وإنما قيل ذلك لأنَّه قام بالقرآن في ليلة نصف شعبان بصوت جهير يسمع على بعد من الأرض واجتمع إليه الناس في مسجد موسى وهو الجامع الشرقي بواسط، وواسط حينئذٍ فيها القُرَّاء والأَئِمَّة، فأخذوه بأعينهم، ورصدوا عليه الغلط، وهو يمرُّ مرَّ السَّحاب إلى آخر " سورة الصَّافَّات "، في ركعة، ثم قام في الثانية، فأخذ بقية الختمة لم يُخْفِ منها حرفًا واحدًا عن أسماع الناس.
وما سمعنا بمثل هذا عن أحدٍ من أهل واسط، ولا غيرها، رحمة الله عليه.
وسمعت شيخنا أبا الْحَسَن بن الصَّفَّار، يقول: كنت في تلك الليلة حاضرًا في المسجد الجامع ومعنا أبو علي غُلاَمُ الهرَّاس، الذي صار بعده صدرًا للقُرَّاء في الجامع وهو يَتَسَمَّع عليه إلى أن بلغ إلى قوله، تعالى، من " سورة الأعراف ": {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ... } الآية [الأعراف: 156]، فصاح أبو علي بأعلى صوته: جعله الله شفيعك يا أستاذ.
لم يشتهر بالحديث اشتهاره بالقرآن.
سمعت أبا الْحَسَن علي بن مُحَمَّد بن الطيب المالكي، يقول لشيخنا أبي منصور بن عبد العزيز العُكْبَري، ونحن نكتب بين يديه: يا شيخ دعنا من الحديث فإنا سُكارى منه، هات المُلَحَ: الإنشادات، والحكايات!!!(1/107)
93 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي إِسْحَاق الرفاعي؟
فَقَاَلَ هو إِبْرَاهِيْم بن سعيد.
كَانَ ضريرًا.
أصله من عَبْدٍ أُمِّيٍّ.
قدم صبيًّا، ذا فاقة إلى واسط، فدخل الجامع إلى حلقه عبد الغفار الْحُضَينيِّ، فتلقَّن القرآنَ وكان مَعَاشُهُ من أهل الحَلْقه.
ثم أصعد إلى بغداد فصحب أبا سعيد السِّيرافي، وقرأ عليه " كتاب شرح سيبويه "، وسمع منه كُتُبَ اللغة والدواوين.
وعاد إلى واسط، وقد مات عبد الغفار فجلس صدرًا يُقرئ الناس في الجامع، ونزل الزَّيْديَّة من واسط، وهناك تكون الرَّافضه والعلويون، فنسب إلى مذهبهم، ومقت على ذلك وجفاه الناس.
وكان شاعرًا حسن الشعر جَيِّدهُ.
ومن شعره، وجدته في كتاب أبي غالب مُحَمَّد بن احمد بن سهل النحوي:
وأَحبَّةٍ ما كنتُ أحْسِبُ أنني = أُبْلَى ببينهم فَبِنْتُ وبانوا
نَأَتِ المسافةُ فالتَّذكُّرُ حَظُّهم = مني وحَظِّي منهم النسيانُ
وتُوفي سنةَ إحدى عشرة وأربع مئة.
سمعت أبا نُعيم أحمد بن علي ابن أخي سُكَّرة المقرئ الإمام، يقول: رأيت جنازة أبي إِسْحَاق الرِّفاعي مع غروب الشمس تخرج إلى الجبَّانة وخلفها رجلان، فحدَّثت بهذا شيخنا أبا الفتح بن المختار النحوي، فَقَاَلَ سمَّى لك الرَّجُلين؟ فقلت: لا. فَقَاَلَ كنت أنا أحدهما، وأبو غالب بن بشران الآخر، وما صَدَّقنا أننا نَسْلَمُ خوفًا أن نُقتل.
ومن عجائب ما اتَّفق، أن هذا الرجل توفي، وكان على هذا الوصف من الفَضْل، وكانت هذه حاله.
وتوفي في غدِ وفاته رجل من حشو العامة يُعرفُ بدَبا كَانَ سَواديًّا، فأغلق البلدُ لأجله، وصلى عليه الناس كافَّة ولم يُوصَل إلى جنازته من كثرة الزحام.(1/108)
94 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي بكر مُحَمَّد بن علي بن مَهْدِي؟
فَقَاَلَ: هو خال أبي عبد الله السَّقَطي.
سمع: الزَّعفراني، وأبا عيسى جُبَيْر بن مُحَمَّد السِّمْسَار، وأبا الطَّيِّب عبد الله بن فرخ الجُذُوعي.
وكان ثقةً، ثبتًا.
حدَّث عنه: علي العجمي الطَّرَسُوسي، والد الهُرْمُزان، وغيره.(1/111)
95 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي مُحَمَّد بن السَّقَّاء؟
فَقَاَلَ: عبد الله بن مُحَمَّد بن عُثْمَان المزني، مُزَينة مُضَرَ.
لم يكن سَقَّاءً، وإنَّما هذا لقبٌ نُبِزَ به.
من وجوه الواسطيّين، وذوي الثروة منهم، والحفظ، والإسناد، والتقدم فيه.
رحل به أبوه إلى بغداد، فسمع: أبا بكر بن أبي داود، والبغوي، وابن صاعد، وغيرهم.
ثم رحل به إلى الموصل، فسمع أبا يعلى.
ودخل به الكوفة، فسمع ابن الْمُجَدِّر، وابن زيدان، وأصحاب أبي كُرَيْب.
وحَجَّ به فسمع أبا سعيد الفَضْل بن مُحَمَّد الجَنَديَّ.
وعاد به إلى البصرة، فسمع أبا خليفه.
وخَرَجَ به إلى تُسْتَرَ، فسمَّعهُ هناك من قوم كَانَ عندهم حديث نَصْر الجَهْضَمِي.
وعاد إلى واسط، وبارك الله له في سِنِّه وعِلمه، وأملى بواسط.
واتُّفق أنه أملى " حديث الطائر "، فلم تحتمله أنفُسُ العوامّ، فوثبوا به
وأقاموه، وغسلوا موضعه، فمضى ولزمَ بيتَهُ، وكان لا يُحَدِّث أحدًا من الواسطيين فلهذا قَلَّ حديثُهُ عندهم، وإذا جاءه الرجلُ الغريبُ أحلَفَهُ بالله الذي لا اله إلا هو: ما وَضَعك أحدٌ من أهل واسط، ولا تُعطِ حديثي أحدًا منهم فاذا حَلَفَ له حَدَّثَه.
توفي سنة إحدى وسبعين، وصلى عليه أبو مصعب البزاز، وصلي عليه مرة أخرى.
صلى عليه ابن أخيه، ودفن خلف مسجده في طرف شارع البصريين، وقبره الآن معروف يزار.
حدثني بكل ذلك شيخنا أبو الْحَسَن المغازلي.(1/112)
96 - وَسَأَلْتُهُ عن الخليل بن أبي رافع الطَّحَّان؟
فَقَاَلَ: يكنى أبا بكر.
سمع تميم بن المنتصر.
وشارك بَحْشَلاً في أكثر شيوخه.
آخر من حدث عنه: أبو عبد الله الحُسَيْن بن مُحَمَّد العلوي، صاحب ابن مبشر.
توفي أظن سنة ثلاث عشرة وثلاث مئة.(1/113)
97 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي بكر بن رزق الله الحدَّاد؟
فَقَاَلَ: اسمه أحمد، ويعرف ببُكَيْر.
شارك بَحْشَلاً في أكثر شيوخه.
آخر من حدث عنه: أبو عبد الله العلوي.
لا أعلم من حاله إلا السلامة.(1/114)
98 - وَسَأَلْتُهُ عن بَحْشَل؟
فَقَاَلَ: أبو الْحَسَن أسلم بن سهل بن أسلم بن زياد بن حَبِيْب الرزَّاز. منسوب إلى الرزَّازين المحلّة السُّفْلَى من واسط، ومسجده هناك، وداره.
ثقةٌ، ثبتٌ، إمامٌ، جامعٌ، يصلح للصحيح.
وجدُّه لأمه: أبو مُحَمَّد وهب، ويقال وهبان بن بقيه.
جمع " تاريخ الواسطيِّين "، وضَبَطَ أسماءهم، ورتب طبقاتهم.
وكان لا مزيد عليه في الحفظ والإتقان.
توفي سنة ثمانين ومئتين، قبلها أو بعدها بقليل.(1/114)
99 - وحدث عنه " بتاريخه ": أبو بكر مُحَمَّد بن عُثْمَان بن سمعان المعدل.
وكان يُضاهيه في الحفظ والإتقان.
وقد شَرِكَهُ في أكثر شيوخه.
مات قبل الثلاثين وثلاث مئة.(1/115)
100 - وحدَّث عنه " بتاريخ بَحْشَل " أبو بكر بن بيري، وأبو الْحَسَن علي بن الْحَسَن الجاذري الصِّلْحِي، أصله من فَمِ الصِّلْحِ.
وكان ثقةً، ثبتًا، مستقيم الرواية.
آخر من حدَّث عنه أبو الْحَسَن بن مَخْلَد.
وكان شيخنا أبو البركات بن نفيس، يقول: سمعت منه، وما صح عندي ذلك.(1/115)
101 - وَسَأَلْتُهُ عن أحمد بن سِنَان القَطَّان؟
فَقَاَلَ: أبو جعفر أحمد بن سنان بن أسد بن حِبَّان القَطَّان.
توفي سنة أربع وخمسين، أو ثلاث وخمسين ومئتين، رأيت ذلك بخط أبي المُفَضَّل بن مخلد.
جمع " المسند ".
وكان من الحفظ والعدالة إلى حد لا مزيد عليه.
وقد أخرج عنه البخاري في " كتابه الصحيح " حديثًا واحدًا، لم يخرج عنه غيره، وهو حديث زيد بن أسلم: " رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ ".(1/116)
102 - وابنه أبو مُحَمَّد جعفر يُضاهيه في الجلالة والثقة.
حدث عنه أبو مُحَمَّد ابن السَّقَّاء، وغيره.(1/117)
103 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الطيِّب بن فَرْخ؟
فَقَاَلَ: اسمه عبد الله الجُذُوعيُّ.
سمع: أبا بكر بن أبي الدنيا، وأكثَرَ عنه.
وحدث عنه أبو بكر بن مَهْدِي، ثم عليٌّ العجميُّ، عن ابن مَهْدِيِّ. وروايته مستقيمة، ولا أعلم عليه إلا الخير.
توفي بعد العشرين والثلاث مئة.(1/117)
104 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي عيسى جُبير بن مُحَمَّد السِّمْسَار؟
فَقَاَلَ: سمع أبا علي الْحَسَن بن منصور الشَّعيري، وغيره.
حدث عنه: أبو بكر بن مَهْدِي، واشتهر بالرواية عنه، وعندنا كثير من حديثه حدثنا به صدقة كاتب الوقف، عن علي العجمي والد الْهُرْمُزان، عن ابن مَهْدِي، عنه.
وأبو علي الشَّعيري هذا أحد مشيخة يعقوب بن سفيان.(1/117)
105 - وَسَأَلْتُهُ عن جابر بن الكردي؟
فَقَاَلَ: أبو العباس.
حدَّث عن: يزيد بن هارون.
وحدث عنه: بَحْشَل، وغيره، ولم يقل فيه سوءًا.(1/118)
106 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي بكر مُحَمَّد بن موسى البابَسِيْري؟
فَقَاَلَ: هو منسوب إلى مَحِلَةٍ من شرقي واسط.
حدث عنه: علي العجمي، وغيره.
وكان لا بأس به.(1/118)
107 - قلت له: يروي عن محمود بن مُحَمَّد، عن عمرو بن أبي عاصم النَّبِيل؟
فَقَاَلَ: محمود هذا هو ابن مُحَمَّد العدل أبو عبد الله، أحد شيوخ ابن السقاء.
معروف بالثقه.(1/119)
108 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي البركات التَّمَّار؟
فَقَاَلَ: اسمه مُحَمَّد بن علي.
سمع: أبا الْحَسَن بن خَزَفَة، وطبقته.
حديثُه الآن، عند أبي السعادات الخطيب، وأبي العز القلانسي، وغيرهما.(1/119)
109 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي نُعَيم أحمد بن علي ابن أخي سُكَّرة المقرئ؟
فَقَاَلَ: شيخنا، كَانَ صدرًا في الجامع.
سمع: أبا بكر أحمد بن العباس الدُّوبْنائي، وأبا القاسم عبيد الله بن طاهر العلوي ابن عم أبي عبد الله.
وكان أبو القاسم العلوي هذا سمع أبا مُحَمَّد بن شوذب، وأكثر عنه.(1/119)
110 - والدُّوبْنائي، سمع أبا مُحَمَّد بن ماسي، فأكثر عنه.
وكان مُتحقِّقًا بالسُّنَّة.
سمعتُ غيرَ واحدٍ من أصحابنا يقولُ: لما نزل الوزير المُقرئ بواسط في درب الواسطيين مكث أيامًا لم يحضر مسجدهم، فَدَخَل عليه أبو بكر هذا، فَقَاَلَ: يا شيخُ يا أستاذُ يا وزيرُ، مهما شئتَ كُنْ إنْ كنتَ تحضُرُ مسجدَنا هذا في الصلوات الخمس، وإلاَّ فانتقلْ عنَّا. فَقَاَلَ: السمع والطاعة أيُّها الشيخُ ثم انتقل عنهم من يومه.
وسمعت أبا نُعَيم يقول: سألنا أبا بكر أن يُجيز لنا فَقَاَلَ: " قد أَجزْتُ لكم ولحبَلِ الحَبَلَةِ " وهذا طريفٌ من كلام أصحابنا.
وكان أبو نُعَيم صالحًا يصوم وقته وعُرضت عليه الشهادةُ فرغبَ عنها وكان حسنَ الأخذ للقرآن، رحمه الله.(1/120)
111 - وَسَأَلْتُهُ عن علي بن مُحَمَّد بن عيسى بن موسى الحُصْري، شيخ الغَنْدَجاني؟
فَقَاَلَ: سمع منه ببغداد، وكان يُحدَّث عن المصري.(1/121)
112 - وَسَأَلْتُهُ عن حمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الأصبهاني؟
فَقَاَلَ: قدم علينا واسطًا، وسمعنا منه، وكنت رأيته ببغداد، واجتمعنا هناك في مجالس.
وكان قد سمع من الأصبهانيين، كابن مَنْدَةَ، وغيره.
وكان له حفظ ومعرفه فَتَدَّيرَ البصرة، ومات بها.(1/121)
113 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي مسلم الليْثي البخاري؟
فَقَاَلَ: قدم علينا واسطًا في سنة تسع وخمسين.
وقال: كتبتُ وكُتِبَ لي عشر رَواحلَ.
وسَأَلْتُ عنه أبا بكر الدَّقَّاق ابن الخاضبة، ببغداد؟ فأثنى عليه، وقال كَانَ له أُنْسٌ بالصحيح.
وبلدينا أبو طاهر بَرَكَةُ بن سِنَان الحَوْزي، يقول: ناظرتُ أبا الْحَسَن المَغازلي، في التفضيل بين مالك، والشافعي، فَفَضَّلْتُ الشافعي لأني أنتحلُ مذهبه وفضَّل مالكًا لأنه كَانَ ينتحل مذهبه، فاحتكمنا إلى أبي مسلم الليثي البخاري ففضل الشافعي، فغضب أبو الْحَسَن، وقال: لعلك على مذهبه، فَقَاَلَ: نحن أصحابَ الحديثِ، الناسُ على مذاهبنا فَلَسْنَا على مذهب أحدٍ ولو كُنَّا ننتسبُ إلى مذهب أحد لقيل: أنتم تضعون له الأحاديث.
ووعده أبو طاهر، بَلَدِيُّنا هذا، بأَرُزٍّ يُطعمه إيَّاه، فتمادى الأمرُ فيه يومين أو ثلاثةً، فَقَاَلَ: يا أبا طاهر في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ "، قَالَ: فطبختُ له الأرز وأطعمته إيَّاه.
وانحدَرَ من عندنا إلى البصرة، وتَوَجَّه منها إلى الأهواز فبلغنا وفاته.(1/121)
114 - وَسَأَلْتُهُ عن عبد الله بن عطاء الهروي؟
فَقَاَلَ: رأيته ببغداد ملتحقًا بأصحابنا ومتخصصًا بالحنابلة، يُخرج لهم الأحاديث المتعلقة بالصفات ويرويها لهم وأضدادُهُ من الأشعرية يقولون: هو يَضَعُها وما علمتُ فيه ذلك وكان يعرفه.(1/122)
115 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي مُحَمَّد الطَّبَسيِّ؟
فَقَاَلَ: رأيته ببغداد.
وقال لي: في عزمي أن لا أحدث إلا بالصحيح ففيه غِنىً عن غيره. وكان له رواءً وأبهةً ومعرفةً صالحةً، وسمعتُ منه.(1/123)
116 - وَسَأَلْتُهُ عن الْحُمَيْدِيِّ؟
فَقَاَلَ: أبو عبد الله مُحَمَّد بن أبي نصر، واسم أبي نصر فَتُّوح بن عبد الله.
قدم واسطًا.
وسمع من: أبي غالب، وأبي تمام، والجماعة، في الوقت.
وأقام بها مدة حتى نسخ " الكامل "، للمُبَرِّد، وقرأه على أبي غالب، وكان يرويه عن أبي الحُسَيْن بن دِيْنَار، عن أبي عليٍّ الطُوماري، عن المُبرد.
وأصعد إلى بغداد، ولقيتُه هناك، وجالستُه، وسمعتُ منه.
وكان أكثرَ الناسِ فضلاً، وعلمًا، وحفظًا، ودرايةً.
خَرَّج " تاريخ المغاربه ".
وكان له شِعْرٌ حسنٌ.
حَدَّث عنه: أبو بكر الخطيب.(1/123)
117 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي بكر مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الباقي، الدَّقَّاق؟ فَقَاَلَ: كَانَ عَلاَّمةً في الأدب، قدوةً في الحديث، جيدَ اللسان، جامعًا لخلال الخير، ما رأيتُ ببغداد من أهلها أحسنَ منه قراءةً للحديث، ولا أعْرَفَ بما يقوله.(1/124)
118 - وَسَأَلْتُهُ عن ابي الْحَسَن علي بن أحمد الأنصاري الأندلسي النحوي؟
فَقَاَلَ: قدم علينا وكان فاضلاً في النحو مُتقدِّمًا في العربيه.
وكان يتتبَّعُ أسماءَ من يَحْضُر السَّمَاع فيكتبها عن آخرها ولا يُخلُّ بأحدٍ، فقيل له، في ذلك؟ فَقَاَلَ: هذا عاجل ثوابه وإلا فمن أين لنا علم بطول العمر حتى نرويه؟
وانحدر من عندنا إلى البصرة، فسمع بها من أصحاب أبي عَمْرو.
قَالَ لي ابن البازْكُلّي أبو الْحَسَن، وكان إمامًا في الخير بارعًا في العلوم، غاية في الصَّلاح: سمعت أبا الْحَسَن الأنصاري هذا، يقول، للشاكر أبي عمر الْحَسَن بن علي بن غسان، وقد أنشده شِعْرًا له: هذا شِعْرٌ فيه روح.
وخرج إلى مكة، فمات في طريقها.
وكانت له معرفة بالحديث حسنة.
وكان على وجهه أثر العباده.(1/124)
119 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي زيد الأصبهاني؟
فَقَاَلَ: عبد الله بن عبد الملك.
قدم واسطًا سنة أربع وستين.
وسمعته يقرأ على الغَنْدَجاني.
وسألني عن اسمي ليكتبه فلم أُعْلِمْه به جهلاً مني بما في ذلك من الفضيلة.
وكان حافظًا متقنًا تدلُّ انتقاءاتُه على علمه.(1/125)
120 - وَسَأَلْتُهُ عن رضوان الأهوازي؟
فَقَاَلَ: لا أعرف اسم أبيه، غير أنه كَانَ فقيهًا زاهدًا.
أقام بواسط مدَّةً طويلة وقرأ عليه من أهلها جمعٌ وانتفعوا به ثم بدا له فرحل عنها إلى الطيب، فمات هناك.
وسمعت أبا المُفَضَّل بن مَخْلَد، يقول: مرض رضوانُ الأهوازي بواسط ثم أَبَلَّ، فدخلت عليه وقد وصف له الطبيب الفَروُّجَ فجئته به، فلما رآه في يدي قَالَ: ما هذا؟ فقلت: وصفه الطبيبُ، فأنا أذبحه لك.
فَقَاَلَ: لا، لا، لا. فقلتُ ولِمَ؟ فَقَاَلَ: لا أريد أن تتلف نفسٌ في حقي. فقلت: هذا لا بُدَّ منه، فَقَاَلَ: إِنْ كَانَ لا بدَّ أن تفعلَ فخذْ لي رطْلَ لحم وأَصْلِحْهُ. فقلت: وما الفرق بين هذا وذاك وكلاهما حيوان؟ فَقَاَلَ: ذاك لم أُقْصَدْ به أنا.(1/125)
121 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي الفتح مُحَمَّد بن أحمد بن خلدون الأخباري، وقد أنشدنا شيئًا من شعره؟
فَقَاَلَ: بصري الأصل، جَوَّالٌ في الآفاق، يقص على الطريق الوعظ والأخبار، قدم علينا.(1/126)
122 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي علي الْحَسَن بن النَّجم بن بُنان الموصلي؟
فَقَاَلَ: قدم واسطًا، وكان متقدِّم الميلاد.
قَالَ ابن أبي الصَّقْر، وكان نزل عليه بواسط: إنه وُلد سنة ثمانين وثلاث مئة، وكان شاعرًا، هجاءً، يقطع أعراضَ الناس وله في أُناسٍ من واسطٍ رؤساء وغيرهم، أهاجٍ قبيحةٌ
ولما تَجَدَّد ببغداد على القائم بأمر الله أمير المؤمنين ما تجدَّد من خروجه عن داره بَسَطَ لسانَهُ فَشَتَمَ العبَّاس بن عبد المطلب، وولده قاطبة.
فلمَّا عاد الإمام إلى داره طَلَبَهُ الهاشميون، فَهَرَب إلى البصرة، وأخفى شخصه في خانٍ بها فعرفَ ذلك ابنُ راوية الهاشمي فدَخلَ عليه فقتله ولَقِيَ عملَهُ.(1/126)
123 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي عبد الله مُحَمَّد بن علي بن عيسى القارئ؟ فَقَاَلَ: أحد القُرَّاء.
سمع: ابن بِيْري، وغيره.
حدَّث عنه أبو الْحَسَن المَغَازلي.(1/127)
124 - وَسَأَلْتُهُ عن عُثْمَان بن علي بن كامخ الصوفي؟
فَقَاَلَ: شيخ مُحتشم، من شيوخ الصوفيه.
وكان يعرف طرفًا من الكلام على مذهب الأشعري.
قرأ على أبي الحُسَيْن الرُّؤاسي.
وكان صاحب زاوية، ورباط بقرية عبد الله بن عُبيد الله بن طاهر أسفل واسط بفَرْسَخَيْن.
سمع: أبا الْحَسَن العَطَّار.
سمعنا منه.
وكان لا بأس به.
ناهز التسعين سنة.(1/127)
125 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي طالب الرامي؟
فَقَاَلَ: كَانَ من أولاد الرُّؤَساء.
نبغ في الشِّعر، وتقدم في رمي البُنْدق، غير أنَّ الحِرْفَه، كانت غالبة عليه.
خرج إلى صَريفين الآس، فأقام بها يعلم الصبيان.
ثم انتقل عنها إلى القاوسان، فاقام بها ومكث هناك يتردد في الفقر إلى أن جاءه أجله.
وكان يشعر شعرًا حسنًا، منه ما أنشدنا لنفسه:
لما خَلَتْ واسطٌ مِمَّن ألوذُ به = ولم أجد مَنْ يُراعي حرمة الأدب
خرجت عنها إلى الرُّسْتاق منتقلاً = تَنَقُّلَ الشيخ من ضَعْفٍ إلى عَطَبِ وأيضًا:
من طول إدباري وغدر الزمان = قعدت للتعليم في القاوسان
فليت شعري بعد كوني بها = أقعد للتعليم في البوزدان
سبحان من صيرني مُدْبِرًا = أفضح نفسي في مكانٍ مكان
القاوسان، والبوزدان: قريتان في شرقي واسط من سوادها.(1/127)
126 - وَسَأَلْتُهُ عن أبي تغلب مُحَمَّد بن الْحَسَن بن شاذان الكاتب؟ فَقَاَلَ: كَانَ كاتبًا للملك العزيز أيام مُقَامه بواسط، فلما خرج عنها إلى بلاد بكر، خرج معه إلى هناك، فهلك.
وكان حسن الشعر، أنشدونا عنه.
آخر السؤالات
والحمد لله رب العالمين
وصلواته على سيدنا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين
.(1/128)
أنشدنا الشيخ الإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد بن مُحَمَّد الْسِّلَفِيّ الأصبهاني، قَالَ أنشدنا الشيخ أبو علي أحمد بن مُحَمَّد بن جعفر بن المختار المعدل بواسط لنفسه، وأفادينه خميس بن علي الحافظ:
كم جاهل متواضع = سَتَرَ التواضع جهله
ومُبَرِّزٍ في علمه = هَدَمَ التكبر فضله
فدع التَّكبُّر ما حييتَ = ولا تصاحب أهله
فالكبر عيب للفتى = أبدا يقبح فعله
وله:
ما هذه الدنيا بدار مَسَرَّة = فتخوُّفي مكرًا لها وخِداعا
بَيْنا الفتى فيها يسر بنفسه = وبماله يستمتع استمتاعا
حتى سَقَتْهُ من المنيَّة شَرْبةً = وحَمَتْهُ منها بعد ذاك رضاعا
فَغَدا بما كَسَبَتْ يداه رهينةً = لا يستطيع لما اعتراه دفاعا
لوكان ينطق قَالَ من تحت الثرى = ليُحَسِّن العَمَلَ الفتى ما اسطاعا(1/129)
أخبرنا أبو الكرم نصر الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مخلد الأزدي، بقراءتي عليه بواسط، في شهر ربيع الآخر سنة خمس مئة أنا أبو تمام علي بن مُحَمَّد بن الْحَسَن العبدي، أخبرنا عُبيد الله بن عبد الرحمن بن مُحَمَّد الزهري، حدثنا عبد الرحمن بن الْحَسَن بن منصور بن شهريار الذهبي، حدثنا إِبْرَاهِيْم بن هانئ، حدثنا عُثْمَان بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني مالك، قَالَ سمعت زيد بن أسلم، يقول في هذه الآية: {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [الأنعام: 83 - ويوسف 76]، قَالَ: بالعلم.
آخر الجزء والحمد لله رب العالمين
وصلواته على سيِّدنا مُحَمَّد خاتم النبيين
وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه أحمد بن رضوان بن إِسْمَاعِيْل المقدسي الشافعي
وذلك يوم الخميس
لأربع إن بقين من رجب سنة خمس وثلاثين وست مئة(1/130)
[السماعات]
نقل من خط شيخنا الهمداني وكان في آخره ما ملخصه
- 1 -
سمع جميع هذا الجزء على الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي بقراءة أبي محمد عبد العزيز بن عيسى: أبو الفضل جعفر بن أبي الحسن بن أبي البركات الهمداني، وأبو يعقوب يوسف بن هبة الله بن الطفيل، وولده عبد الرحيم وعبد الله بن عبد الجبار العثماني وجماعة، وعبد الله بن إبراهيم الأنصاري. وكتب السماع في المحرم سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة.
بلغ العراض مع الإمام العبدري(1/131)
- 2 -
سمع جميع الكراريس الثلاثة وهي سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي على الشيخ الفقيه الإمام العالم أبي الفضل جعفر بن علي بن هبة الله الهمداني بسماعه من السلفي عنه بقراءة الإمام أبي المظفر يوسف بن الحسن بن بدر النابلسي: ابنا أختيه أحمد وعلي ابنا أبي بكر بن عمر بن جندي، ومحمد بن خالد بن يوسف النابلسي ولوالده نسخة، وأبو عبد الله محمد بن داود بن ياقوت الصارفي، ويوسف بن داود بن عبد الله السخاوي، وأبو علي الحسن وأبو عبد الله الحسين في الرابعة ابنا علي بن أبي بكر بن الخلال، وعمتاهما أسماء وزينب ابنتا أبي بكر بن موسى بن الخلال وأحمد بن ايدمر ... (1) وأحمد بن أبي الثناء محمود بن إبراهيم بن نبهان وهذا خطه، وكان فات حين (2) من أوله أوراق فأعدتها فكمل له بقراءتي وهو من أوله إلى قوله: وسألته عن أبي طاهر الريان، وسمع هذا القدر الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن علي البالسي، وسمع من قوله: وسألته عن أبي علي بن علان، إلى قوله: وسألته عن أبي الحسن بن الصفار: أبو العباس أحمد بن علي بن أبي محمد بن نفاذة السلمي. وصح في عشية يوم الجمعة ثالث عشري رجب سنة خمس وثلاثين وست مئة بمنزلي بدمشق. وسمع الكتاب جميعه إبراهيم بن عبد الرحيم بن بزغش والحمد لله رب العالمين.
_حاشية_____
(1) كلمة غير واضحة، كأنها " القرداحي ".
(2) كذا في النسخة الخطية، ويبدو أنه فات الكاتب كلمة، لعلها: " القراءة ".(1/131)
- 3 -
سمع جميع سؤالات السلفي لخميس الحوزي، وهذا الكراس آخرها، على الشيخ الفقيه الإمام أبي الفضل جعفر بن علي الهمداني، بقراءة الإمام أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن البالسي: الإمام أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد البرزالي وابنه إبراهيم في الثالثة من سنيه، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى الأنصاري، ويوسف بن داود السخاوي. وسمع من ذكر السدري الأشناني إلى آخره: يوسف بن محمد بن يوسف البرزالي. وسمع الجميع أحمد بن محمود بن إبراهيم بن نبهان وهذا خطه، ليلة السبت الرابع والعشرين من شعبان سنة خمس وثلاثين وست مئة، وصح.(1/132)
- 4 -
سمع السؤالات على أبي الفضل الهمداني بقراءة أبي حفص عمر بن مكي بن مرجى ... (1) وابنا أخيه إبراهيم وعبد العزيز ابنا عبد الرحمن، ومحمد بن محمد بن أبي المعالي ...... (1) بن يحيى بن عبد السلام، ومحمد بن أحمد بن يحيى الأنصاري، ومحمد بن علي بن عبد ...... (1) ومحمد بن موسى النعمان، ومحمد بن إسحاق بن محمد الهمداني وأحمد بن حسن بن عمر الزهري، ويوسف بن داود السخاوي، ويوسف بن عبد الله القرشي وولده عبد الله، وسعيد بن يوسف بن علي العناني وعبد المحسن بن مصطفى بن فتوح الأنصاري، وكاتب السماع عبد العزيز بن فتوح بن منصور بن سعيد الجذامي، وذلك في الثامن من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين وست مئة، ومعهم محمد بن عبد العزيز بن فتوح بن منصور كاتب السماع، وصح منه ملحق عند وهو صحيح نقلته ملخصا.
_حاشية_____
(1) غير واضحة في النسخة.(1/132)
- 5 -
وسمع عليه السؤالات بقراءة أبي السرايا عامر بن حسان بن عامر: محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن المنيحي وكتب ذلك في ثالث عشر شعبان سنة ست عشرة وست مئة بالإسكندرية.(1/133)
- 6 -
وسمعها عليه بقراءة القاضي الأشرف أبي العباس أحمد بن عبد الرحيم بن البيساني: ولده أبو عبد الله الحسين وولده عبد الرحيم، وحسن، وعبد الرحمن ابنا علي بن القاري، وعلي بن عبد الوهاب بن وردان. وكتب ذلك في تاسع محرم سنة ثلاثين وست مئة بالقاهرة.(1/133)
- 7 -
نقلت هذه الطباق ملخصا من نسخة الشيخ، وكتب أحمد بن الجوهري، رحمه الله.(1/133)