أَنبأَنَا عبد الحميد بن عبد الرحمن وَأحمد بن عبد الملك قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ هَارُونَ التَّنِيسِيُّ أَنْبَأَنَا هُدْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَة بعث الله عزوجل قَوْمًا عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ خُضْرٌ بِأَجْنِحَةٍ خُضْرٌ، فَيَسْقُطُونَ عَلَى حِيطَانِ الْجَنَّةِ، فَيُشْرِفُ عَلَيْهِمْ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ لَهُمْ: مَا أَنْتُمْ، أَمَا شَهِدْتُمُ الْحِسَابَ، أَمَا شَهِدْتُمُ الْوُقُوفَ بَيْنَ يدى الله عزوجل؟ فَقَالُوا: لَا، نَحْنُ قَوْمٌ عَبَدْنَا الله عزوجل فَأَحَبَّ أَنْ يُدْخِلَنَا الْجَنَّةَ سِرًّا ".
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُتَّهَم بِوَضْعِهِ
حميد التنيسِي.
قَالَ أَبُو حَاتِم بْن حبَان: أتيناه فحدثنا بِهَذَا الْحَدِيث وأملى عَلَيْنَا من هَذَا الضَّرْب، فقمنا وَتَرَكْنَاهُ، فَلَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ بَعْد رِوَايَته مثل هَذِه الاشياء.
بَاب وصف مسَاكِن الْجنَّة أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْجَرِيرِيُّ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيَّوَيْهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ الْغَنَوِيُّ عَنْ جِسْرِ بْنِ فَرْقَدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِه الآيَةِ (وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عدن) قَالَ: قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ، فِي ذَلِكَ الْقَصْرِ سَبْعُونَ دَارًا مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، فِي كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ بَيْتًا مِنْ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيرًا، عَلَى كُلِّ سِرَيرٍ سَبْعُونَ فِرَاشًا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، عَلَى كُلِّ فِرَاشٍ زَوْجَةٌ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ مَائِدَةً، عَلَى كُلِّ مَائِدَةٍ سَبْعُونَ لَوْنًا مِنَ الطَّعَامِ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ وَصِيفَةً وَيُعْطَى الْمُؤْمِنُ مِنَ الْقُوَّةِ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ مَا يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهُ ".
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي إِسْنَاده جسر.(3/252)
قَالَ يحيى: لَيْسَ بشئ، وَلَا يكْتب حَدِيثه.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم بْن حبَان: خرج عَنْ حد الْعَدَالَة.
بَاب مُهُور الْحور الْعين فِيهِ عَنِ ابْن عُمَر وأبى هُرَيْرَة وأبى أُمَامَة وَأنس: فَأَما حَدِيث ابْن عُمَر فَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ أَنْبَأَنَا الْعَتِيقِيُّ أَنْبَأَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ أَنْبَأَنَا الْعَقِيلِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّصَيْبِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو تقى هِشَام بن عبد الملك حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ السَّكَنِ الْفَزَارِيُّ حَدثنَا أبان بن المحبز
عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَمْ مِنْ حَوْرَاءَ عَيْنَاءَ مَا كَانَ مَهْرُهَا إِلَّا قَبْضَة من جنطة أَو مثلهَا من تمر ".
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ خَيْرُونٍ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعَدَةَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو الْفَارِسِيُّ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَدِيٍّ حَدثنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ صُبْحٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حِبَّانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مُهُورُ الْحُورِ الْعِينِ قَبَضَاتُ التَّمْرِ وفلق الْخبز ".
وَأما حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأَرْمَوِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ ظَفْرٍ الْمَغَازِلِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْمَأْمُونِ أَنْبَأَنَا على بن عمر الدَّارقطني حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْبُهْلُولِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الرَّضِينِ بْنِ عَطَاءٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَبَضَاتُ التَّمْرِ لِلْمَسَاكِينِ مُهُورُ - الْحِين -[الْحور] الْعين ".
وَأما حَدِيث أَنَس فَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَسُّونٍ أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَزْجِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فَحْسَانَ الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ الضَّرِيرُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أنس قَالَ قَالَ(3/253)
رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَنْسُ الْمَسَاجِدِ مُهُورُ الْحُورِ الْعِينِ ".
هَذَا حَدِيث لَا يَصح من جَمِيع جهاته.
أما حَدِيث ابْن عُمَر فالمتهم بِهِ أبان.
قَالَ أَبُو حَاتِم بن حبَان: أبان بْن المحبر يَأْتِي عَنِ الثقاة بِمَا لَيْسَ من أَحَادِيثهم حَتَّى لَا يشك المتبحر فِي هَذهِ الصِّنَاعَة أَنَّهُ كَانَ يعملها، لَا تجوز الرِّوَايَة عَنْهُ إِلَّا عَلَى سَبِيل الِاعْتِبَار، وَهُوَ الَّذِي رَوَى عَنْ نَافِع هَذَا الْحَدِيث وَهُوَ بَاطِل، وَقَالَ الدَّارقطني: أبان مَتْرُوك.
وَأَمَّا حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ فالمتهم بِهِ عُمَر بْن صبح.
قَالَ ابْن حبَان: كَانَ يضع الحَدِيث عَن الثقاة لَا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثِهِ إِلا عَلَى التَّعَجُّب.
أَنْبَأَنَا ابْنُ خَيْرُونٍ أَنبأَنَا أَبُو الْقَاسِم الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنبأَنَا حَمْزَة السَّهْمِي أَنبأَنَا أَبُو أَحْمد بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا الْجُنَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ جَرِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ صُبْحٍ يَقُولُ: أَنَا وَضَعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا حَدِيث أَبِي أُمَامَة فتفرد بِهِ طَلْحَة عَنِ الرضين.
قَالَ السعدى: الرضين واهي الْحَدِيث.
قَالَ النَّسَائِيُّ وَطَلْحَة: مَتْرُوك.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا تَحِلُّ الرِّوَايَةُ عَنْهُ.
وَأَمَّا حَدِيث أَنَس فَفِيهِ مَجَاهِيل.
وَعبد الْوَاحِد لَيْسَ بِثِقَة.
قَالَه يَحْيَى.
وَقَالَ الْبُخَارِي وَالْفَلَّاس وَالنَّسَائِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث.
بَاب فرش أهل الْجنَّة أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ ثَابِتٍ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الشَّاهِدُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الدَّرْهَمِيُّ حَدثنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جِسْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي هَذِه الْآيَة (وفرش مَرْفُوعَة) قَالَ: غِلْظُ كُلِّ فِرَاشٍ مِنْهَا مَا بَين السَّمَاء والارض ".(3/254)
هَذَا حَدِيث لَا يَصح.
وَفِيهِ جسر.
قَالَ يحيى: لَيْسَ بشئ.
وَفِيهِ ابْنه جَعْفَر.
قَالَ ابْن عَدِي: أَحَادِيثه مَنَاكِير.
وَالْمُتَّهَم بِهَذَا الحَدِيث عبد الله بْن مُحَمَّد بْن سِنَان.
قَالَ الدَّارقطني: مَتْرُوك.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يضع الحَدِيث ويقلبه ويسرقه.
بَاب شجر الْجنَّة أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ أَنْبَأَنَا أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ أَنبأَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن رِزْقٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَكِيلُ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ
ابْن إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانِيُّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد ابْن مَرْوَانَ الْكُوفِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَن أَبِيه عَلَى عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ يَخْرُجُ مِنْ أَعْلاهَا الْحُلَلُ وَمِنْ أَسْفَلِهَا خَيْلٌ بُلْقٌ مِنْ ذَهَبٍ مُسَرَّجَةٌ مُلَجَّمَةٌ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، لَا تروثُ وَلا تَبُولُ، ذَوَاتُ أَجْنِحَةٍ، فَيَجْلِسُ عَلَيْهَا أَوْلِيَاءُ اللَّهِ، فَتَطِيرُ بهم حَيْثُ شاؤوا، فَيَقُولُ الَّذِينَ أَسْفَلَ مِنْهُمْ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ نَاصِفُونَا، يَا رَبُّ مَا بلغ - هاولا -[هَؤُلاءِ] هَذِهِ الْكَرَامَةَ؟ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ وَكُنْتُمْ تَفْطُرُونَ، وَكَانُوا يَقُومُونَ بِاللَّيْلِ وَكُنْتُمْ تَنَامُونَ، وَكَانُوا يُنْفِقُونَ وَكُنْتُمْ تَبْخَلُونَ، وَكَانُوا يُجَاهِدُونَ الْعَدُوَّ وَكُنْتُمْ تَجْبُنُونَ ".
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِ ثَلاث آفَات إِحْدَاهُنَّ إرْسَاله، فَإِن عَلِي بْن الْحُسَيْن لَمْ يدْرك عَلِي بْن أَبِي طَالِب.
وَالثَّانِيَة مُحَمَّد ابْن مَرْوَان وَهُوَ السدى الصَّغِير.
قَالَ ابْن نمير: هُوَ كَذَّاب.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيُّ: مَتْرُوك الحَدِيث.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يحل كتب حَدِيثه إِلَّا اعْتِبَارا.
وَالثَّالِثَة أظهر وَهُوَ سَعْد بْن طريف وَهُوَ الْمُتَّهم بِهِ.
قَالَ يحيى: لَيْسَ بشئ، وَقَالَ النَّسَائِيّ وَالدَّارقطني: مَتْرُوك.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يضع الْحَدِيث عَلَى الْفَوْر.
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ حَدِيثِ أَبى سعيد: أَنبأَنَا عبد الرحمن بن مُحَمَّد أَنبأَنَا(3/255)
أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت أَنبأَنَا القَاضِي أَبُو الْعَلَاء الوَاسِطِيّ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ مشمرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو حَنَشٍ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ ابْن حَرْبٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا دَرَّاجٌ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً الْوَرَقَةُ مِنْهَا تُغَطِّي جَزِيرَةَ الْعَرَبِ: أَعْلَى الشَّجَرَةِ كِسْوَةٌ لأَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَسْفَلُ
الشَّجَرَةِ خَيْلٌ بُلْقٌ، سَرُوجُهَا زُمُرُّدٌ أَخْضَرُ، وَلَحْمُهَا دُرٌّ أَبْيَضُ، لَا تَرُوثُ وَلا تَبُولُ لَهَا أَجْنِحَةٌ، تَطِيرُ بِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ حَيْثُ يَشَاءُونَ، فَيَقُولُ مَنْ دُونَ تَلْكَ الشَّجَرَةِ: يَا رَبُّ بِمَا نَالَ هَؤُلاءِ هَذَا؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: كَانُوا يَصُومُونَ وَأَنْتُمْ تَفْطُرُونَ، وَكَانُوا يُصَلُّونَ وَأَنْتُمْ تَنَامُونَ، وَكَانُوا يَتَصَدَّقُونَ وَأَنْتُمْ تَبْخَلُونَ، وَكَانُوا يُجَاهِدُونَ وَأَنْتُمْ تَقْعُدُونَ، مَنْ تَرَكَ الْحَجَّ لِحَاجَةٍ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا لَمْ تُقْضَ لَهُ تِلْكَ الْحَاجَةُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُخلفين قدمُوا، وَمن أنْفق مَا لَا فِيمَا يُرْضِي اللَّهُ فَظَنَّ أَنَّ لَا يَخْلِفَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُنْفِقَ أَضْعَافَهُ فِيمَا يُسْخِطُ اللَّهَ، وَمَنْ تَرَكَ مَعُونَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِيمَا يُؤْجَرُ عَلَيْهِ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يُبْتَلَى بِمَعُونَةِ مَنْ يَأْثَمُ فِيهِ وَلا يُؤْجَرُ عَلَيْهِ ".
ابْن لَهِيعَة ذَاهِب الْحَدِيث وَأَبُو حَنش مَجْهُول.
بَاب سوق الْجنَّة أَنْبَأَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمَذْهَب أَنبأَنَا القطيعى حَدثنَا عبد الله بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن عبد الرحمن بن إِسْحَاق عَن - الْعُمر -[النُّعْمَانِ] بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا مَا فِيهَا بَيْعٌ وَلا شِرَاءٌ إِلا الصِّوَر مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، إِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا، وَإِنَّ فِيهَا لَمجمعًا لِلْحُورِ الْعِينِ، يَرْفَعْنَ أَصْوَاتَهَا، لَمْ تَرَ الْخَلائِقُ مِثْلَهَا، يَقُلْنَ: نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلا نَبِيدُ، وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلا نَسْخَطُ، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلا نَبْأَسُ، طُوبَى لِمَنْ كَانَ لنا وَكُنَّا لَهُ ".(3/256)
هَذَا حَدِيث لَا يَصح، وَالْمُتَّهَم بِهِ عبد الرحمن بْن إِسْحَاق وَهُوَ أَبُو شيبَة الوَاسِطِيّ.
قَالَ أَحْمد: لَيْسَ بشئ مُنكر الحَدِيث، وَقَالَ يحيى: مَتْرُوك.
بَاب مَرَاتِب أهل الْجنَّة فِيهَا أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْجُرَيْرِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو طَالب العشارى حَدثنَا الدَّارقطني حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُجَاشِعُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأَنْبِيَاءُ سَادَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَالْعُلَمَاءُ قُوَّادُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ الْقُرْآنِ عُرَفَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ".
هَذَا حَدِيث لَا يَصح، وَالْمُتَّهَم بِهِ مجاشع بْن عَمْرو.
قَالَ أَبُو حَاتِم بْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ على الثقاة لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ إِلا بِالْقَدْحِ فِيهِ.
بَاب انْفِرَاد مُوسَى فِي الْجَنَّة باللحية وآدَم بالكنية أَنبأَنَا أَبُو مَنْصُور عبد الرحمن بْنُ مُحَمَّدٍ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنْبَأَنَا الأَزْهَرِيُّ أَنبأَنَا المعافا بْنُ زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الْحَرَّانِيُّ وهب بن حَفْص حَدثنَا عبد الملك بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَدِّيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلا يُدْعَى بِاسْمِهِ، إِلا آدَمَ فَإِنَّهُ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلا وَهُمْ جُرْدٌ، إِلا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ فَإِنَّ لِحْيَتَهُ تَبْلُغُ سُرَّتَهُ ".
طَرِيق ثَانِي: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الملك أَنْبَأَنَا ابْنُ مَسْعَدَةَ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْعزِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ حَدَّثَنَا شَيْخُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُدْعَى النَّاس بِأَسْمَائِهِمْ يَوْم الْقِيَامَة،(3/257)
إِلا آدَمَ فَإِنَّهُ يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ، وَأَهْلُ الْجَنَّةِ جُرْدٌ، إِلا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ فَإِنَّ لِحْيَتَهُ تَضْرِبُ إِلَى سُرَّتِهِ ".
طَرِيق ثَالِث: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بن أَحْمد ابْن الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْفَرْضِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ الْخَوَّاصُ حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْرُوقٍ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيُّ حَدَّثَنَا شَيْخُ ابْن أَبِي خَالِدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَهْلُ الْجَنَّةِ جُرْدٌ مُرْدٌ كُلُّهُمْ إِلا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ فَإِنَّ لَهُ لِحْيَةً إِلَى سُرَّتِهِ ".
هَذَا حَدِيث لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَمَّا الطَّرِيقُ الأَوَّل فَفِيهِ وهب بْن حَفْص.
قَالَ أَبُو عرُوبَة: هُوَ كَذَّاب يَضَعُ الْحَدِيثَ يَكْذِبُ كَذِبًا فَاحِشًا.
وَقَالَ الدَّارقطني: يضع الْحَدِيث.
وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِث فَفِيهِ شيخ بْن أَبِي خَالِد.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِأَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ بَوَاطِيلُ.
وَقَالَ ابْن حبَان: هَذَا مَوْضُوعٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَيخ بْن أَبِي خَالِد كَانَ يرْوى عَنِ الثقاة الْمُعْضَلاتِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ بِحَالٍ، وَلما حدث ابْن السرى عَنْ شيخ بْن أَبِي خَالِد بِهَذَا الْحَدِيث بلغ ذَلِكَ إِلَى وهب بْن حَفْص وَكَانَ مغفلا فسرقه وَحدث بِهِ عَن عبد الملك الجندي مُتَوَهمًا أَنه سمع مِنْهُ.
وَقد رَوَى أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ الأَشْعَثُ الْكُوفِيُّ عَنْ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل ابْن مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى عَليّ بن أبي طَالب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " أَهْلُ الْجَنَّةِ لَيْسَ لَهُمْ كُنًى، إِلا آدَمَ فَإِنَّهُ يُكَنَّى بِأَبِي مُحَمَّدٍ ".
قَالَ ابْن عَدِي: وَأَبُو الْحَسَن الْكُوفِيّ هُوَ الْمُتَّهم فِي هَذَا الْحَدِيث.(3/258)
قَالَ المُصَنّف قُلْت: وَوضع هَذَا الْحَدِيث وضع قَبِيح، لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُوسَى مُعظما باللحية لَكَانَ نَبينَا أَحَق، ثُمَّ إِنَّه مَتَى كَانَ النَّاس عَلَى حَالَة فَانْفَرد وَاحِد بِغَيْر حليتهم، كَانَ ذَلِكَ كالعار عَلَيْهِ والشهرة لَهُ، وَلَا فَائِدَة فِي ذَلِك.
بَاب رُؤْيَة أهل الْجنَّة رَبهم عزوجل أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ ابْن عَبْدِ الْبَاقِي أَنْبَأَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ بْنُ شَاذَانَ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ غُلامُ ثَعْلَبٍ أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنَ أَبِي الدَّبيكِ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بن عبد الله الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِذا أسكن الله عزوجل أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ.
قَالَ: فَيَهْبِطُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى الْجَنَّةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، فِي كُلِّ سَبْعَةِ آلافٍ - يَعْنِي سَنَةً - مَرَّةً.
قَالَ: وَفِي وَحْيِهِ (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سنة مِمَّا تَعدونَ) فيهبط عزوجل إِلَى مَرْجِ الْجَنَّةِ فَيَمُدُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ حِجَابًا مِنْ نُورٍ، فَيَبْعَثُ جِبْرِيلَ إِلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَأْمُرُ فَلْيَزُورُوهُ، فَيْخَرُجُ رَجُلٌ مِنْ مَوْكِبٍ عَظِيمٍ حَوْلَهَ صَفقُ أَجْنَحَةِ الْمَلائِكَةِ وَدَوِيُّ تَسْبِيحِهِمْ وَالنُّورُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ أَمْثَالُ الْجِبَالُ، فَيَمُدُّ أَهْلُ الْجَنَّةِ أَعْنَاقَهُمْ فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا قَدْ أُذِنَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عزوجل، فَتَقُولُ الْمَلائِكَةُ: هَذَا الْمَجْبُولُ بِيَدِهِ وَالْمَنْفُوخُ فِيهِ مِنْ رَوْحِهِ وَالْمُعَلَّمُ الأَسْمَاءُ وَالْمَسْجُودُ لَهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ الْجَنَّةُ، هَذَا آدَمُ.
وَذَكَرَ نَحْو هَذَا فِي إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ.
وَقَالَ: ثُمَّ يَخْرُجُ كُلُّ نَبِيٍّ وَأُمَّتِهِ، فَيَخْرُجُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ حَتَّى يَحُفُّوا حَوْلَ الْعَرْشِ، فَيَقُولُ لَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِلَذَاذَةِ صَوْتِهِ وَحَلاوَةِ نَغَمَتِهِ: مَرْحَبًا بِعِبَادِي " وَذكر حَدِيثا طَويلا لَا فَائِدَة فِي ذكره.
وَهُوَ حَدِيث مَوْضُوع لَا نشك فِيهِ.
وَالله عزوجل متنزه عَنْ أَن يُوصف بلذة الصَّوْت وحلاوة النغمة.
فكافأ اللَّه من وضع هَذَا.
وَفِي إِسْنَاده(3/259)
يَزِيد الرقاشِي وَهُوَ مَتْرُوك الْحَدِيث.
وَضِرَار بْن عَمْرو.
قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بشئ وَلَا يكْتب حَدِيثه.
وَقَالَ الدَّارقطني: ذَاهِب مَتْرُوك.
وَيحيى بن عبد الله.
قَالَ
ابْنُ حِبَّانَ: يَأْتِي عَنِ الثقاة بأَشْيَاء معضلات.
حَدِيث آخر: أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ ثَابِتٍ أَنْبَأَنَا أَبو الْقَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر الدَّارقطني حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ النَّصْرِيُّ حَدَّثَنَا هَانِي بْنُ يَحْيَى بْنِ هَاشِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُجَاشَعِيُّ حَدَّثَنَا صَالِحُ الْمُرِّيُّ عَنْ عَبَّادٍ الْمَنْقُرِيِّ عَنْ مَيْمُونَ بْنِ شِيَاه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا ناظرة) قَالَ: وَالله مَا - يسنحها -[نَسَخَهَا] مُنْذُ أَنْزَلَهَا، يَزُورُونَ رَبِّهُمْ فيطعمؤن وَيُسْقَوْنَ وَيُطَيَّبُونَ وَيُجْلَوْنَ وَتُرْفَعُ الْحُجُبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَلَهُمْ رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا) .
هَذَا حَدِيث لَا يَصح.
وَفِيهِ مَيْمُون بْن شِيَاه.
قَالَ ابْن حبَان: يتفرد بِالْمَنَاكِيرِ عَن الْمَشَاهِير لَا يحْتَج بِهِ إِذَا انْفَرد.
وَفِيهِ صَالِح المرى.
قَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.
حَدِيث آخر: أَنْبَأَنَا الْقَزَّازُ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الْحُسَيْنِ الْوَرَّاقُ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا جَدِّي عبد الله بْنُ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ عَاصِمًا أَبَا عَلِيٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ حُمَيْدَ الطَّوِيلَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَجَلَّى لأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي مِقْدَارِ كُلِّ يَوْمٍ عَلَى كَثِيبِ كَافُورٍ أَبْيَضَ ".
هَذَا حَدِيث لَا أَصْلَ لَهُ.
وَجَعْفَر وجده وَعَاصِم مَجْهُولُونَ.
بَاب اطلَاع الْحق عزوجل على أهل الْجنَّة أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الملك أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعَدَةَ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ حَدثنَا الْحُسَيْن بن على(3/260)
الصدائى حَدثنَا عبد الله بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا عبد الله بن عبيد الله القرشى
الْقُرَشِيُّ عَنْ فَضْلٍ الرَّقَّاشِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَمَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ، فَنَظَرُوا فَإِذَا الرَّبُّ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ (سَلامٌ قَوْلا من رب رَحِيم) قَالَ: فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَلا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَحْتَجِبَ فَيَبْقَى نُورُهُ وَبَرَكَتُهُ عَلَيْهِم وَفِي دَارِهِمْ ".
طَرِيق ثَانِي: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بن المظفر أَنبأَنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّدٍ الْعَتَيقِيُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو العقيلى حَدثنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّد النُّصَيْبِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ الأَيْلِيُّ الْقَاصُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم عبد الله بن عبيد الله الْعَبَادَانِيُّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عِيسَى الرَّقَّاشِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَن جَابر ابْن عبد الله أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ بَيْنَمَا هُمْ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ نور فَوق رؤوسهم أَضَاءَت لَهُ أَبْصَارهم، فَرفعُوا رؤوسهم فَإِذَا رَبُّ الْعِزَّةِ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، فَيَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ (سَلامٌ قولا من رب رَحِيم) ".
طَرِيق ثَالِث: أَنبأَنَا عبد الله بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِي أَنْبَأَنَا جَدِّي أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَرَّانِيُّ ح.
وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ أَنْبَأَنَا حَمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عبد الله الْحَافِظُ قَالا أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن إِسْمَاعِيل ابْن يُوسُفَ السَّلالُ حَدَّثَنَا عَاصِمُ الْعَبَادَانِيُّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عِيسَى الرَّقَاشِيِّ عَن مُحَمَّد ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ غَلَبَ عَلَى نُورِ الْجنَّة، فَرفعُوا رؤوسهم فَإِذا الرب عزوجل قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِم فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُم يَا أهل الْجنَّة(3/261)
سَلُونِي.
قَالُوا: نَسْأَلُكَ الرِّضَى عَنَّا.
فَيَقُولُ: رِضَايَ أَحَلَّكُمْ دَارِي وَأَنَالَكُمْ كَرَامَتِي وَهَذَا أَوَانُهَا، فَسَلُونِي.
قَالُوا: نَسْأَلُكَ الزِّيَارَةَ إِلَيْكَ، فَيُؤْتَوْنَ بِنَجَائِبٍ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ أَزِمَّتُهَا مِنْ زبر جد أَخْضَرَ، فَيُحْمَلُونَ عَلَيْهَا، تَضَعُ حَوَافِرُهَا عِنْدَ مُنْتَهَى طَرَفِهَا حَتَّى تَنْتَهِي بِهِمْ إِلَى جَنَّةِ عَدَنٍ وَهِيَ قَصَبَةُ الْجَنَّةِ.
قَالَ: وَيَأْمُرُ اللَّهُ بِأَطْيَارٍ عَلَى أَشْجَارٍ يُجَاوِبْنَ الْحُورَ الْعِينَ بِأَصْوَاتٍ لَمْ يَسْمَعِ الْخَلائِقُ بِمِثْلِهَا، يَقُلْنَ: نَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلا نَبْأَسُ، نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلا نَمُوتُ، إِنَّا أَزْوَاجٌ كِرَامٌ لِكِرَامٍ، طِبْنَا لَهُمْ وَطَابُوا لَنَا.
قَالَ: وَيَأْمُرُ الله عزوجل بِكُثْبَانٍ مِنَ الْمِسْكِ الأَذْفَرِ فَيَنْثُرُهَا عَلَيْهِمْ، فَتَقُولُ الْمَلائِكَةُ: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ، ثُمَّ تَجِيئُهُمْ رِيحٌ يُقَالُ لَهَا الْمُثِيرَةُ، ثُمَّ تَقُولُ الْمَلائِكَةُ: رَبَّنَا قَدْ جَاءَ الْقَوْمُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عزوجل: مَرْحَبًا بِالطَائِعِينَ، مَرْحَبًا بِالصَادِقِينَ، أَدْخِلُوهُمْ.
قَالَ: فَيُكْشَفُ لَهُمْ عَنِ الْحِجَابِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَى الله عزوجل وَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَيَضِيعُونَ فِي نُورِ الرَّحْمَنِ حَتَّى مَا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) ".
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومدار طرقه كلهَا عَلَى الْفضل بْن عِيسَى الرَّقَاشِيّ.
قَالَ يَحْيَى: كَانَ رجل سوء.
ثُمَّ فِي طَرِيقه الأول والثانى عبد الله بْن عُبَيْد.
قَالَ الْعَقِيلِيّ: لَا يعرف إِلا بِهِ وَلا يُتَابع عَلَيْهِ.
وَفِي طَرِيقه الثَّالِث مُحَمَّد بْن يُونُسَ الْكُدَيْمِي، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ كَذَّاب، وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ يضع الحَدِيث.(3/262)
كتاب صفة جَهَنَّم
بَاب ذكر جب الْحزن فِيهِ عَنْ عَلَى وأبى هُرَيْرَة.
فَأَما حَدِيث عَلَى عَلَيْهِ السَّلامُ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الملك أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعَدَةَ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَحْنَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُوَيْدٍ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ ح.
وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ أَنْبَأَنَا الْعَتِيقِيُّ أَنْبَأَنَا يُوسُفُ بْنُ الدَّخِيلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْعَقِيلِيُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالا حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحَزَنِ أَوْ وَادِي الْحَزَنِ.
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا جُبُّ الْحَزَنِ أَوْ وَادِي الْحَزَنِ؟ قَالَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَعُوذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً، أَعَدَّهُ اللَّهُ لِلْقُرَّاءِ الْمُرَائِينَ، وَإِنَّ مِنْ شَرِّ الْقُرَّاءِ مَنْ يَزُورُ الامراء ".
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ خَيْرُونٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَسْعَدَةَ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَيْرُوز حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْمَدَائِنِيُّ ح.
وَأَنْبَأَنَا ابْنُ نَاصِرٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ قَالا أَنْبَأَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمَ التَّنُوخِيُّ قَالا أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَيَّوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الأَنْبَارِيِّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالا حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جُبِّ الْحَزَنِ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا جب الجزن؟ قَالَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ يَدْخُلُهُ الْقُرَّاءُ الْمُرَاءُونَ وَأَبْغَضُهُمْ إِلَى اللَّهِ عزوجل الزوارون للامراء ".(3/263)
هَذَا حَدِيثان لَا يصحان عَنْ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أما الأَوَّل فَإِن الزُّهْرِيّ هُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَكِيم.
قَالَ يحيى: لَيْسَ حَدِيثه
بشئ.
وَقَالَ الْعَقِيلِيّ: يحدث ببواطيل عَنِ الثقاة.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّ عمار بن سيف لَيْسَ بشئ.
قَالَ الدَّارقطني: هُوَ مَتْرُوكٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَمَعَان يسْتَحق التّرْك.
بَاب ذكر جب يُقَال لَهُ هَب هَب أَنبأَنَا إِسْمَاعِيل بن أَحْمد أَنبأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعَدَةَ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ زَاطِيا حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى بِلالِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ فَقُلْتُ: يَا بِلالَ إِنَّ أَبَاكَ حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ فِي النَّارِ جُبًّا يُقَالُ لَهُ هَب هَب حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْكُنَهَا كُلُّ جَبَّارٍ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مُسْتَكْبِرًا يَا بِلالُ ".
هَذَا حَدِيث لَيْسَ بِصَحِيحٍ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ معِين: الازهر لَيْسَ بشئ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم بن حبَان: هَذَا متن لَا أَصْلَ لَهُ.
بَاب ذكر بَحر فِي النَّارِ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَسْعَدَةَ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبيد الله بْنِ طَعْمَةَ الْمَعَرِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سليم ج.
وَأَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ أَنْبَأَنَا أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت أَنْبَأَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله بْنُ أَبِي الْعَزَائِمِ حَدَّثَنَا الْخَضْرُ بْنُ أَبَانٍ قَالا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هُدْبَةَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْ فِي جَهَنَّم بَحر أَسْوَدَ مُظْلِمًا مُنْتِنَ الرِّيحِ يُغْرِقُ اللَّهُ فِيهِ مِنْ أَكَلَ رِزْقَهُ(3/264)
وَعَبَدَ غَيْرَهُ " هَذَا حَدِيث لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَإِبْرَاهِيم قَدْ كذبه أَحْمَد وَيَحْيَى وعَلى.
وَقَالَ ابْن حبَان: كَانَ دجالًا، لَا يحل لمُسلم أَن
يكْتب حَدِيثه إِلَّا على التَّعَجُّب.
بَاب انقسام أهل النَّارِ أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ أَنبأَنَا أَبُو بكر أَحْمد بن عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنْبَأَنَا عُثْمَانُ ابْن مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْعَلافُ أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الشَّافِعِي حَدثنَا عبد الله بْنُ رَوْحٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ أَبُو سُفْيَانَ الْمَدَائِنِيُّ حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) قَالَ: " جُزْءٌ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ، وِجُزْءٌ شَكُوا فِي اللَّهِ، وَجُزْءٌ غَفَلُوا عَنِ اللَّهِ ".
هَذَا حَدِيث مَوْضُوع على رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم.
وَسَلام لَيْسَ بشئ.
قَالَ يَحْيَى: لَا يكْتب حَدِيثه لَيْسَ بشئ.
وَقَالَ النَّسَائِيّ وَالدَّارقطني: مَتْرُوكٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي عَن الثقاة الموضوعات.
بَاب دُخُول الذُّبَاب النَّار فِيهِ عَنِ ابْن عُمَر وَأنس.
فَأَما حَدِيث ابْن عُمَرَ فَلهُ ثَلاثَة طرق: الطَّرِيق الأول: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَسْعَدَةَ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ حَوْطٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الذُّبَابُ كُلُّهُ فِي النَّار ".
الطَّرِيق الثَّانِي: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عبيد الله وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ قَالا أَنبأَنَا(3/265)
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ الْمَأْمُونِ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَرْبِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاغِنْدِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ
عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: [الذُّبَاب كلهَا فِي النَّار] .
الطَّرِيقُ الثَّالِثُ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الملك أَنبأَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي الْفضل أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا عُمَيْرُ بْنُ سُفْيَانَ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ الْمَكِّيُّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الذُّبَابُ كُله فِي النَّار غير النحلة ".
وأما حَدِيث أَنَس: أَنْبَأَنَا ابْنُ خَيْرُونٍ أَنْبَأَنَا ابْنُ مَسْعَدَةَ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَدِيٍّ أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا سِنَانٌ حَدَّثَنَا سُكَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَنْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عُمَرُ الذُّبَابِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا ".
هَذِه الْأَحَادِيث لَا تصح.
أما حَدِيث ابْن عُمَر فَفِي طَرِيقه الأَوَّل أَيُّوب بْن خوط.
قَالَ يَحْيَى: لَا يكْتب حَدِيثه لَيْسَ بشئ.
وَقَالَ الفلاس وَالنَّسَائِيّ والرازي والسعدى وَالدَّارقطني: مَتْرُوكٌ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مُنْكَرُ الْحَدِيث جدا يرْوى الْمَنَاكِير عَنِ الْمَشَاهِير كَأَنَّهُ مِمَّا عملت يَدَاهُ.
وَأَمَّا الطَّرِيق الثَّانِي فالقاسم مَجْهُول.
وَالثَّالِث: فِيهِ إِسْمَاعِيل الْمَكِّيّ.
قَالَ يَحْيَى: لَمْ يزل مختلطا، وَلَيْسَ بشئ.
وَقَالَ عَلَى: لَا يكْتب حَدِيثه.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ الدَّارقطني: إِنَّمَا هُوَ عَنْ مُجَاهِد عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَمَّا حَدِيث أَنَس فَقَالَ النَّسَائِيّ: سكين لَيْسَ بالقوى.(3/266)
بَاب مِقْدَار لبث الداخلين النَّار
أَنْبَأَنَا ابْنُ خَيْرُونٍ أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ أَنْبَأَنَا حَمْزَةُ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا مُكْرَمٌ حَدثنَا عبد الله بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِن الله عزوجل لَا يُخْرِجُ مِنَ دَخَلَ النَّارَ حَتَّى يَمْكُثُوا فِيهَا أَحْقَابًا، وَالْحقبُ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً، كُلُّ سَنَةٍ ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ يَوْمًا، كُلُّ يَوْمٍ أَلْفُ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ".
قَالَ ابْن عَدِي: هَذَا حَدِيث مُنكر جدا.
وَسليمَان شبه الْمَجْهُول.
وَقَالَ ابْن حبَان: سُلَيْمَان يرْوى عَنِ التَّيْمِيّ مَا لَيْسَ من حَدِيثه لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال.
بَاب فِي صفة رجل يخرج من النَّار أَنْبَأَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدثنَا عبد الله بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا سَلامٌ - يَعْنِي ابْنَ مِسْكِينٍ - عَنْ أَبِي ظَلالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ فِي جَهَنَّمَ لَيُنَادَى (1) أَلْفَ سَنَةَ: يَا حَنَّانُ يَا منان، فَيَقُول الله عزوجل - يعْنى لجبريل: اذْهَبْ فأتينى بِعَبْدِي هَذَا، فَيَنْطَلِقَ جِبْرِيلُ فَيَجِدُ أَهْلُ النَّارِ مُنْكَبِّينَ يَبْكُونَ، فَيَرْجِعَ إِلَى رَبِّهِ فَيُخْبِرُهُ، فَيَقُولُ: ائْتِنِي بِهِ فَإِنَّهُ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فيجئ بِهِ فَيقفهُ عَلَى رَبِّهِ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا عَبْدِي كَيْفَ وَجَدْتَ مَكَانَكَ وَمُنْقَلَبَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبُّ شَرُّ مَكَانٍ وَشَرُّ مُنْقَلَبٍ، فَيَقُولُ: رُدُّوا عَبْدِي، فَيَقُولُ: يَا رَبُّ مَا كُنْتُ أَرْجُو إِذَا أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا أَنْ تَرُدَّنِي فِيهَا، فَيَقُولُ: دَعُوا عَبْدِي ".
هَذَا حَدِيث لَيْسَ بِصَحِيحٍ.
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: أَبُو ظلال اسْمه هِلَال لَيْسَ بشئ.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مغفلا يرْوى عَنْ أَنَس مَا لَيْسَ من حَدِيثه ويروى هَذَا الْحَدِيث عَنْ أَنَس لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال.
__________
(1) يعْنى رجلا.(3/267)
بَاب فرَاغ جَهَنَّم أَنبأَنَا عبد الرحمن بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ سَهْلُ بن عبيد الله بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُوحٍ الْجُنْدِيَسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى النَّاقِدُ حَدَّثَنَا سهل بن عُثْمَان حَدثنَا عبد الله بْنُ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ جَعْفَرٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَأْتِي عَلَى جَهَنَّمَ يَوْمٌ مَا فِيهَا مِنْ بَنِي آدَمَ وَاحِدٌ، تَخْفِقُ أَبْوَابُهَا كَأَنَّهَا أَبْوَابُ الْمُوَحِّدِينَ ".
هَذَا حَدِيث مَوْضُوع محَال.
وَجَعْفَر هُوَ ابْن الزُّبَيْر.
قَالَ شُعْبَة: كَانَ يكذب وَقَالَ يحيى: لَيْسَ بِثِقَة، وَقَالَ السَّعْدِيّ: نبذوا حَدِيثه، وَقَالَ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارقطني: مَتْرُوك.(3/268)
كتاب المستبشع من الْمَوْضُوع عَلَى الصَّحَابَة
لما فرغت من كِتَابَة جُمْهُور المستبشع من الْأَحَادِيث الموضوعات من المرفوعات رَأَيْت أَشْيَاء قَدْ وضعت عَلَى الصَّحَابَة، فَذكرت مِنْهَا المستهول الْقَبِيح الَّذِي لَا وَجه لَهُ فِي الصِّحَّة وَلَا يحْتَمل مثله، وَالله الْمُوفق.
بَاب مَا رَوَى أَن عُمَر جلد ابْنا لَهُ حَتَّى مَاتَ حدثت عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ هَارُونُ بْنُ طَاهِرٍ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ فِي كِتَابِهِ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قِرَاءَةً حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الأَسَدِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ قَالَ: " كَانَتِ امْرَأَةٌ تَدْخُلُ عَلَى آلِ عُمَرَ أَوْ مَنْزِلِ عُمَرَ وَمَعَهَا صَبِيٌّ، فَقَالَ: مَنْ ذَا الصَّبِيُّ مَعَكِ؟ فَقَالَتْ: هُوَ ابْنُكَ، وَقَعَ عَلَيَّ أَبُو شَحْمَةَ فَهُوَ ابْنُهُ.
قَالَ: فَأَرْسَلَ
إِلَيْهِ عُمَرُ فَأَقَرَّ.
فَقَالَ عُمَرُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: اجْلِدْهُ.
فَضَربهُ عمر خمسين، وضربه على خمسين.
قَالَ: فَأُتِيَ بِهِ.
فَقَالَ لِعُمَرَ: يَا أَبَة قَتَلْتَنِي.
فَقَالَ: إِذَا لقِيت رَبك عزوجل فَأَخْبِرْهُ أَنَّ أَبَاكَ يُقِيمُ الْحُدُودَ ".
هَذَا حَدِيث مَوْضُوع، وَضعه الْقصاص، وَقَدْ أبدوا فِيهِ وأعادوا، وَقَدْ شرحوا وأطالوا.
حدثت عَنْ شِيَرَوَيْهِ بْنِ شَهْرَيَارَ الْحَافِظِ أَنبأَنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحَسَنِ بْنِ بُكَيْرٍ الْفَقِيهُ أَنْبَأَنَا أَبُو بكر عبد الرحمن بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ النَّيْسَابُورِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَالَوَيْهِ الصُّوفِيُّ حَدثنَا أَبُو عبد الله إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ عَنْ شِبْلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: " تَذَاكَرَ النَّاسُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَخَذُوا فِي فضل(3/269)
أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ أَخَذُوا فِي فَضْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَلَمَّا سمع عبد الله بن عَبَّاس بَكَى بكاء شَدِيدا حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا لَمْ تَأْخُذْهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ وَأَقَامَ حُدُودَ اللَّهِ كَمَا أَمَرَ، لَمْ يَزِدْ عَنِ الْقَرِيبِ لِقَرَابَتِهِ، وَلَمْ يَخْفَ عَنِ الْبَعِيدِ لِبُعْدِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ وَقَدْ أَقَامَ الَحْدَ عَلَى وَلَدِهِ فَقَتَلَهُ فِيهِ.
ثُمَّ بَكَى وَبَكَى النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِ وَقُلْنَا: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ رَأَيْتَ أَنْ تُحَدِّثَنَا كَيْفَ أَقَامَ عُمَرُ عَلَى وَلَدِهِ الْحَدَّ.
فَقَالَ: وَاللَّهِ لقد أذكر تمونى شَيْئًا كُنْتُ لَهُ نَاسِيًا.
فَقُلْتُ: قَسَمْنَا عَلَيْكَ بِحَقِّ الْمُصْطَفَى أَمَا حَدَّثْتَنَا.
فَقَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، كُنْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ جَالِسٌ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ يَعِظُهُمْ وَيَحْكُمُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَإِذَا نَحْنُ بِجَارِيَةٍ قَدْ أَقْبَلَتْ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَجَعَلَتْ تَتَخَطَّى رِقَابَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ حَتَّى وَقَفَتْ بِإِزَاءِ عُمَرَ فَقَالَتْ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَقَالَ عُمَرُ:
وَعَلَيْكِ السَّلامُ يَا أَمَةَ اللَّهِ، هَلْ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ أَعْظَم الْحَوَائِجِ إِلَيْكَ، خُذْ وَلَدَكَ هَذَا مِنِّي فَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنِّي.
ثُمَّ رَفَعَتِ الْقِنَاعَ فَإِذَا عَلَى يَدِهَا طَفْلٌ.
فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ قَالَ: يَا أَمَةَ اللَّهِ أَسْفِرِي عَنْ وَجْهِكِ.
فَأَسْفَرَتْ.
فَأَطْرَقَ عُمَرُ وَهُوَ يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، يَا هَذِهِ أَنَا لَا أَعْرِفُكَ، فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَلَدِي؟ فَبَكَتِ الْجَارِيَةُ حَتَّى بَلَّتْ خِمَارَهَا بِالدُّمُوعِ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ إِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدَكَ مِنْ ظَهْرِكَ فَهُوَ وَلَدُ وَلَدِكِ.
قَالَ: أَيُّ أَوْلادِي؟ قَالَتْ: أَبُو شَحْمَةَ.
قَالَ: أَبِحَلالٍ أَمْ بِحَرَامٍ؟ قَالَتْ: مِنْ قِبَلِي بِحَلالٍ وَمِنْ جِهَتِهِ بِحَرَامٍ.
قَالَ عُمَرُ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَتْ: يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ اسْمَعْ مَقَالَتِي فَوَاللَّهِ مَا زِدْتُ عَلَيْكَ حَرْفًا وَلا نَقصْتُ.
فَقَالَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ وَلا تَقُولِي إِلا الصِّدْقَ.
قَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ كُنْتُ فِي بَعْضِ الأَيَّامِ مَارَّةً فِي بَعْضِ حَوَائِجِي إِذْ مَرَرْتُ بِحَائِطٍ لَبِنِي النَّجَّارِ، فَإِذَا أَنَا بِصَائِحٍ يَصِيحُ مِنْ وَرَائِي، فَإِذَا أَنَا بِوَلَدِكَ أَبِي شَحْمَةَ يَتَمَايَلُ سُكْرًا، وَكَانَ قَدْ شَرِبَ عِنْدَ نسيكة الْيَهُودِيّ، فَلَمَّا(3/270)
قَرَّبَ مِنِّي تَوَاعَدَنِي وَتَهَدَّدَنِي وَرَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي وَجَرَّنِي إِلَى الْحَائِطِ فَسَقَطْتُ وَأُغْمِيَ عَلَيَّ، فَوَاللَّهِ مَا أَفَقْتُ إِلا وَقَدْ نَالَ مِنِّي مَا يَنَالُ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ، فَقُمْتُ وَكَتَمْتُ أَمْرِي عَنْ عَمِّي وَجِيرَانِي، فَلَمَّا تَكَامَلَتْ أَيَّامِي وَانْقَضَتْ شُهُورِي وَضَرَبَنِي الطَّلْقُ وَأَحْسَسْتُ بِالْوِلادَةِ خَرَجْتُ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَوَضَعْتُ هَذَا الْغُلامَ فَهَمَمْتُ بِقَتْلِهِ ثُمَّ نَدِمْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَاحْكُمْ بِحُكْمِ اللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُنَادِيهِ يُنَادِي.
فَأَقْبَلَ النَّاسُ يَهْرَعُونَ إِلَى الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لَا تَتَفَرَّقُوا حَتَّى آتِيكُمْ بِالْخَبَرِ.
ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَأَنَا مَعَهُ، فَنَظَرَ إِلَى وَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَسْرِعْ مَعِي، فَجَعَلَ يُسْرِعُ حَتَّى قَرُبَ مِنْ مَنْزِلِهِ فَقَرَعَ الْبَابَ فَخَرَجَتْ جَارِيَةٌ كَانَتْ تَخْدُمُهُ، فَلَمَّا نَظَرَتْ
إِلَى وَجْهِهِ وَقَدْ غَلَبَهُ الْغَضَبُ قَالَتْ: مَا الَّذِي نَزَلَ بِكَ؟ قَالَ يَا هَذِهِ وَلَدِي أَبُو شَحْمَةَ هَاهُنَا؟ قَالَتْ: إِنَّهُ عَلَى الطَّعَامِ، فَدَخَلَ وَقَالَ لَهُ: كُلْ يَا بُنَيَّ فَيُوشِكُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ زَادِكَ مِنَ الدُّنْيَا.
قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَأَيْتُ الْغُلامَ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَارْتَعَدَ، وَسَقَطَتِ اللُّقْمَةُ مِنْ يَدِهِ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا بُنَيَّ مَنْ أَنَا؟ قَالَ: أَنْتَ أَبِي وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنيِنَ.
قَالَ: فَلِي عَلَيْكَ حَقُّ طَاعَةٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: طَاعَتَانِ مُفْتَرَضَتَانَ، أَوَّلُهُمَا: أَنَّكَ وَالِدِي وَالأُخْرَى أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنيِنَ.
فَقَالَ عُمَرُ: بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَبِحَقِّ أَبِيكَ، فَإِنِّي أَسْأَلُكَ عَن شئ إِلا أَخْبَرْتَنِي.
قَالَ: يَا أَبَة لَا أَقُولُ غَيْرَ الصِّدْقِ.
قَالَ: هَلْ كُنْتَ ضَيْفًا لنسيكةَ الْيَهُودِيِّ، فَشَرِبْتُ عِنْدَهُ الْخَمْرَ وَسَكِرْتُ قَالَ: بِأَبِي قَدْ كَانَ ذَلِكَ وَقَدْ تُبْتُ.
قَالَ: يَا بُنَيَّ رَأْسُ مَالِ الْمُذْنِبِينَ التَّوْبَةُ.
ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ أنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ دَخَلْتَ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَائِطًا لِبَنِي النَّجَّارِ فَرَأَيْتَ امْرَأَةً فَوَاقَعْتَهَا؟ فَسَكَتَ وَبَكَى وَهُوَ يَبْكِي وَيَلْطُمُ وَجْهَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَا بَأْسَ أَصْدِقْ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الصَّادِقِينَ.
فَقَالَ: يَا أَبِي كَانَ ذَلِكَ وَالشَّيْطَانُ أَغْوَانِي وَأَنَا تَائِبٌ نَادِمٌ.
فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ ذَلِكَ قَبَضَ عَلَى يَدِهِ وَلَبَّبَهُ وَجَرَّهُ إِلَى الْمَسْجِدِ.
فَقَالَ: يَا أَبَهْ لَا يعصمني على رُؤُوس الْخَلائِقِ حَدٌّ السَيْفِ وَاقْطَعْنِي هَاهُنَا إربا إربا.
قَالَ: أما(3/271)
سَمِعت قَول الله عزوجل (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ثُمَّ جَرَّهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ بَيْنَ يَدِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد وَقَالَ: صَدَقَتِ الْمَرْأَةُ، وَأَقَرَّ أَبُو شَحْمَةَ بِمَا قَالَتْ.
وَلَهُ مَمْلُوكٌ يُقَالُ لَهُ أَفْلَحُ.
فَقَالَ لَهُ: يَا أَفْلَحُ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً إِنْ أَنْتَ قَضَيْتَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ مُرْنِي بِأَمْرِكَ.
قَالَ: خُذِ ابْنِي هَذَا فَاضْرِبْهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَلا تُقَصِّرْ فِي ضَرْبِهِ.
فَقَالَ: لَا أَفْعَلُهُ.
وَبَكَى وَقَالَ: يَا لَيْتَنِي لَمْ تَلَدْنِي أُمِّي حَيْثُ أُكَلَّفُ ضَرْبَ وَلَدِ سَيِّدِي.
فَقَالَ لَهُ عُمَر: إِنَّ طَاعَتِي طَاعَةُ الرَّسُولِ فَافْعَلْ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ.
فَانْزَعْ ثِيَابَهُ.
فَضَجَّ
النَّاسُ بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ، وَجَعَلَ الْغُلامُ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى أَبِيهِ وَيَقُولُ: أَبَة ارْحَمْنِي فَقَالَ لَهُ عُمَرُ وَهُوَ يَبْكِي: رَبُّكَ يَرْحَمُكَ، وَإِنَّمَا هَذَا كَيْ يَرْحَمَنِي وَيَرْحَمَكَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَفْلَحُ اضْرِبْ.
فَضَرَبَ أَوَّلَ سَوْطٍ.
فَقَالَ الْغُلامٌ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
فَقَالَ: نِعْمَ الاسْمُ سَمَّيْتَ يَا بُنَيَّ.
فَلَمَّا ضَرَبَهُ بِهِ ثَانِيَةً قَالَ: أَوَّهُ يَا أَبَة.
فَقَالَ عُمَرُ: اصْبِرْ كَمَا عَصَيْتَ.
فَلَمَّا ضُرِبَ ثَالِثًا قَالَ: الأَمَانُ.
قَالَ عُمَرُ: رَبَّكَ يُعْطِيكُ الأَمَانَ.
فَلَمَّا ضَرَبَهُ رَابِعًا قَالَ: وَاغَوْثَاهُ.
فَقَالَ: الْغَوْثُ عِنْدَ الشِّدَّةِ.
فَلَمَّا ضَرَبَهُ خَامِسًا حَمِدَ اللَّهَ.
فَقَالَ عُمَرُ: كَذَا يَجِبُ أَنْ تَحْمَدَهُ.
فَلَمَّا ضَرَبَهُ عَشْرًا قَالَ: يَا أَبْة قَتَلْتَنِي قَالَ: يَا بُنَيَّ ذَنْبُكَ قَتَلَكَ.
فَلَمَّا ضَرَبَهُ ثَلاثِينَ قَالَ: أَحْرَقْتَ وَاللَّهِ قَلْبِي.
قَالَ: يَا بُنَيَّ النَّارُ أَشَدُّ حَرًّا.
قَالَ: فَلَمَّا ضَرَبَهُ أَرْبَعِينَ قَالَ: يَا أَبَة دَعْنِي أَذْهَبُ عَلَى وَجْهِي.
قَالَ: يَا بُنَيَّ إِذَا أَخَذْتُ حَدَّ اللَّهِ مِنْ جَنْبِكَ اذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ.
فَلَمَّا ضَرَبَهُ خَمْسِينَ قَالَ: نَشَدْتُكَ بِالْقُرْآنِ لَمَا خَلَيْتَنِي.
قَالَ: يَا بُنَيَّ هَلا وَعَظَكَ الْقُرْآنُ وَزَجَرَكَ عَنْ مَعْصِيّة الله عزوجل، يَا غُلامُ اضْرِبْ.
فَلَمَّا ضَرَبَهُ سِتِّينَ قَالَ: يَا أَبِي أَغِثْنِي.
قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ أَهْلَ النَّارِ إِذَا اسْتَغَاثُوا لَمْ يُغَاثُوا.
فَلَمَّا ضَرَبَهُ سَبْعِينَ قَالَ: يَا أَبَة اسْقِنِي شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ.
قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنْ كَانَ رَبُّكَ يُطَهِّرُكَ فَيَسْقِيكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْبَةً لَا تَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا، يَا غُلامُ اضْرِبْ.
فَلَمَّا ضَرَبَهُ ثَمَانِينَ قَالَ: يَا أَبَة السَّلامُ عَلَيْكَ.
قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ، إِنْ رَأَيْتَ مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(3/272)
فَأَقْرِهِ مِنِّي السَّلامُ وَقُلْ لَهُ: خَلَّفْتَ عُمَرَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُقِيمُ الْحُدُودَ، يَا غُلامٌ اضْرِبْهُ.
فَلَمَّا ضَرَبَهُ تِسْعِينَ انْقَطَعَ كَلامُهُ وَضَعُفَ.
فَوَثَبَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَقَالُوا: يَا عُمَرُ انْظُرْ كَمْ بَقِيَ فَأَخِّرْهُ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ.
فَقَالَ: كَمَا لَا تُؤَخَّرُ الْمَعْصِيَةُ لَا تُؤَخَّرُ الْعُقُوبَةُ.
فَأَتَى الصرِيخُ إِلَى أُمِّهِ فَجَاءَتْ بَاكِيَةً صَارِخَةً وَقَالَتْ: يَا عُمَرُ أَحِجُّ بِكُلِّ سَوْطٍ حَجَّةً مَاشِيَةً، وَأَتَصَدَّقَ بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا.
قَالَ: إِنَّ الْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ لَا تَنُوبُ عَنِ الْحَدِّ، يَا غُلامُ أَتِمّ الْحَدَّ.
فَلَمَّا كَانَ آخَرُ سَوْطٍ سَقَطَ الْغُلامُ مَيِّتًا.
فَقَالَ عُمَرُ: يَا بُنَيَّ مَحَّصَ اللَّهُ عَنْكَ الْخَطَايَا.
وَجَعَلَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهِ وَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ: بِأَبِي مَنْ قَتَلَهُ الْحَقُّ، بِأَبِي مَنْ مَاتَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَدِّ، بِأَبِي مَنْ لَمْ يَرْحَمْهُ أَبُوهُ وَأَقَارِبُهُ.
! فَنَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا.
فَلَمْ يَرَ يَوْمٌ أَعْظَمَ مِنْهُ.
وَضَجَّ النَّاسُ بِالبْكَاءِ وَالنَّحِيبِ.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَقْبَلَ عَلَيْهِ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ صَبِيحَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: إِنِّي أَخَذْتُ وِردِي مِنَ اللَّيْلِ فَرَأَيْتُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ وَإِذَا الْفَتَى مَعَهُ حُلَّتَانِ خَضْرَاوَانِ.
فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقْرِئْ عُمَرَ مِنِّي السَّلامُ وَقَل لَهُ: هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَتُقِيمَ الْحُدُودَ.
وَقَالَ الْغُلامُ: أَقْرِئْ أَبِي مِنِّي السَّلامَ وَقُلْ لَهُ: طَهَّرَكَ اللَّهُ كَمَا طَهَّرْتَنِي، وَالسَّلامُ ".
حُدِّثْتُ عَنْ هَارُونَ بْنِ طَاهِرٍ أَنْبَأَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الرَّازِيُّ إِمْلاءً حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَجَّاجِ الْخَوْلانِيُّ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ - هَكَذَا قَالَ - وَهُوَ عِنْدِي عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ابْنَانِ يُقَال لأَحَدهمَا عبد الله وَالْآخر عبيد الله، وَكَانَ يكنى أَبَا شحمة، وَكَانَ أَبُو شحمة أشبه النَّاس برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلَاوَة لِلْقُرْآنِ، وَأَنه مرض مَرضا، فَجعل أُمَّهَات الْمُؤْمِنيِنَ يعدنه، فَبينا هن فِي عيادته قُلْنَ لعمر: لَو نذرت عَلَى ولدك كَمَا نذر على(3/273)
ابْن أَبِي طَالِب عَلَى وَلَده الْحَسَن وَالْحُسَيْن فألبسهما اللَّه الْعَافِيَة.
فَقَالَ عُمَر: عَلَى نذر وَاجِب لَئِن ألبس الله عزوجل ابْني الْعَافِيَة أَن أَصوم ثَلَاثَة أَيَّام، وَقَالَتْ والدته مثل ذَلِكَ.
فَلَمَّا أَن قَامَ من مَرضه أَضَافَهُ نسيكة الْيَهُودِيّ، فَأتوهُ بنبيذ
التَّمْر فَشرب مِنْهُ.
فَلَمَّا طابت نَفْسه خرج يُرِيد منزله، فَدخل حَائِطا لبنى النجار، فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَة رَاقِدَة فكابدها وجامعها، فَلَمَّا قَامَ مَعهَا شتمته وخرقت ثِيَابه وانصرفت إِلَى منزلهَا " وَذكر الْحَدِيث بِطُولِهِ.
هَذَا حَدِيث مَوْضُوع.
كَيْفَ رُوِيَ وَمن أَي طَرِيق نقل؟ وَضعه جهال الْقصاص ليَكُون سَببا فِي تبكية الْعَوام وَالنِّسَاء، فَقَدْ أبدعوا فِيهِ وَأتوا بِكُل قَبِيح ونسبوا إِلَى عُمَر مَا لَا يَلِيق بِهِ، ونسبوا الصَّحَابَة إِلَى مَا لَا يَلِيق بِهِمْ، وكلماته الرَّكِيكَة تَدُل عَلَى وَضعه، وَبعده عَنْ أَحْكَام الشَّرْع يدل عَلَى سوء فَهُمْ وَاضعه وَعدم فقهه.
وَقَدْ تعجل وَاضعه قذف ابْن عُمَر بِشرب الْخمر عِنْدَ الْيَهُودِيَّة، وَنسب عُمَر إِلَى أَنَّهُ أحلفه بِاللَّه لِيُقِر، وحوشى عُمَر، لِأَنَّهُ لَو رأى أَمارَة ذَلِكَ لصدف عَنْهَا فَإِن مَا عزا لما أقرّ أعرض عَنْهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أعَاد الْإِقْرَار أعرض عَنْهُ إِلَى أَن قَالَ لَهُ: أبك جُنُون.
وَقد قَالَ " ادرأوا الْحُدُود مَا اسْتَطَعْتُم " وَقَالَ عُمَر لرجل أقرّ بذنب عِنْدَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَقَدْ سترك اللَّه لَو سترت نَفسك " وَكَيف يحلف عُمَر وَلَده بِاللَّه هَل زَنَيْت.
هَذَا لَا يَلِيق بِمثلِهِ.
وَمَا أقبح مَا زَينُوا كَلَامه عِنْدَ كُل سَوط.
وَذَلِكَ لَا يخفى عَنِ الْعَوام أَنَّهُ صنعه جَاهِل سوقي.
وَقَدْ ذكر أَنَّهُ طلب مَاء فَلم يسقه، وَهَذَا قَبِيح فِي الْغَايَة.
وحكوا أَن الصَّحَابَة قَالُوا: أخر بَاقِي الْحَد، وَأَن أم الْغُلَام قَالَتْ: أحج عَنْ كُل سَوط.
وَهَذَا كُلهُ يتحاشى الصَّحَابَة عَنْ مثله.
ومنام حُذَيْفَة أبرد من كل شئ.
ثُمَّ شبهوا أَبَا شحمة برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ قَذَفُوهُ بالفاحشة.
ولعمري إِنَّه قَدْ ذكر الزُّبَيْر بْن بكار أَن عبد الرحمن الْأَوْسَط من أَوْلَاد عُمَر كَانَ يكنى أَبَا شحمة وعَبْد الرَّحْمَنِ هَذَا كَانَ بِمصْر خرج غازيا، فاتفق أَنَّهُ شرب لَيْلَة نبيذا فَخرج إِلَى(3/274)
السكر فَأصْبح فجَاء إِلَى عَمْرو بْن الْعَاصِ فَقَالَ لَهُ: أقِم عَلَى الْحَد، فَامْتنعَ، فَقَالَ
لَهُ: إِنِّي أخبر - أَنى -[أَبِي] إِذَا قدمت عَلَيْهِ، فَضَربهُ الْحَد فِي دَاره وَلَمْ يُخرجهُ، فَكتب إِلَيْهِ عُمَر يلومه فِي مراقبته لعَبْد الرَّحْمَنِ وَيَقُول: أَلا فعلت بِهِ مَا تفعل بِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا قدم عَلَى عُمَر ضربه.
وَاتفقَ أَنَّهُ مرض فَمَاتَ.
هَذَا الَّذِي ذكره مُحَمَّد ابْن سَعِيد فِي الطَّبَقَات وَغَيره.
وَلَيْسَ بعجيب أَن يَكُون شرب النَّبِيذ متأولا فَسَكِرَ عَنْ غَيْر اخْتِيَار، وَإِنَّمَا لما قدم عَلَى عُمَر ضربه ضرب تَأْدِيب لَا ضرب حد، وَمرض بَعْد ذَلِكَ لَا من الضَّرْب وَمَاتَ، فَلَقَد أبدوا فِيهِ الْقصاص وأعادوا.
وَفِي الْإِسْنَاد الأَوَّل من هُوَ مَجْهُول ثُمَّ هُوَ مُنْقَطع.
وَسَعِيد بْن مَسْرُوق من أَصْحَاب الأَعْمَش [فَأَيْنَ هُوَ] وَعمر.
وَكَذَلِكَ الْإِسْنَاد الثَّانِي فِيهِ مَجَاهِيل.
قَالَ الدَّارقطني: حَدِيث مُجَاهِد عَنِ ابْن عَبَّاس فِي حد أَبِي شحمة لَيْسَ بِصَحِيح.
وَأَمَّا الْإِسْنَاد الثَّالِث فَإِن عَبْد القدوس كَذَّاب.
قَالَ ابْن حِبَّانَ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى الثقاة، لَا يحل كتب حَدِيثه.
وَأما صَفْوَان الرَّاوِي عَنْ عُمَر فبينه وَبَين عُمَر رجال، وَالْمُتَّهَم بِهَذَا الْحَدِيث الرِّجَال الَّذِينَ فِي أول الْإِسْنَاد، وَلَا طائل فِي الإطالة بِجرح رِجَاله، فَإِنَّهُ لَو كَانَ رِجَاله من الثقاة علم أَنَّهُ من الدساسين لما فِيهِ مِمَّا يتنزه عَنْهُ الصَّحَابَة، فَكيف، وَلَيْسَ إِسْنَاده بشئ.
بَاب مَا رَوَى أَن عُمَر كَانَ يشرب حدثت عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ فَنْجَوَيْهِ حَدثنَا أَبى حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد ابْن شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ حِفْنَسٍ (1) حَدَّثَنَا أَسْلَمُ بْنُ جُنَادَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ ذِي لَعْوَةَ " أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بن الْخطاب رضى الله عَن يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ ".
هَذَا كذب بِلَا شكّ.
قَالَ أَبُو حَاتِم بْن حبَان: سَعِيد بْن ذِي لعوة شيخ دجال يزْعم أَنَّهُ رأى عُمَر يشرب الْمُسكر، وَمن زعم أَنَّهُ سَعِيد بْن ذِي حدان فقد وهم.
__________
(1) هِيَ كَذَلِك بالاصل.(3/275)
بَاب ماروى من رُجُوع عَلَى عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى الدُّنْيَا أَنبأَنَا عبد الْوَهَّاب بن الْمُبَارك أَنْبَأَنَا ابْنُ بَكْرَانَ أَنْبَأَنَا الْعَتَيقِيُّ حَدثنَا يُوسُف ابْن أَحْمَدَ حَدَّثَنَا الْعَقِيلِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّهْقَانَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْن إِسْحَاقَ الرَّاشِدِيُّ حَدَّثَنَا مُخَوَّلٌ عَنْ سَلامٍ الْخَيَّاطِ عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ حَدَّثَنَا عَيَّابَةُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: " وَاللَّهِ لأُقْتَلَنَّ، ثُمَّ لأُبْعَثَنَّ، ثُمَّ لأُقْتَلَنَّ، وَهِيَ الْقِتْلَةُ الَّتِي أَمْوُتُ فِيهَا، يَضْرِبُنِي يَهُودِيٌّ بِأَرْيَحَانَ - مَوْضِعٌ بِالشَّامِ - بِصَخْرَةٍ يَقْرَعُ بِهَا هَامَتِي ".
هَذَا حَدِيث مَوضِع محَال، وعباية مَجْرُوح، وَالْمُتَّهَم بِهِ مُوسَى بْن طريف.
قَالَ يَحْيَى: كَانَ ضَعِيفا ضَعِيفا.
وَحكى عَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاش أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا أتحدث بِهَذِهِ الْأَحَادِيث أسخر بِهِمْ.
وَقَالَ السَّعْدِيّ: كَانَ زائغا.
وَقَالَ ابْن حبَان [يَأْتِي] بِالْمَنَاكِيرِ الَّتِي لَا أصُول لَهَا.
وَقَالَ الْعَقِيلِيّ: إِسْحَاق إِلَى عَبَايَة كلهم روافض.
بَاب قَول على فِي أَوْلَاد الْعَبَّاس أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ أَنْبَأَنَا أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الضَّيْمَرِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الزَّعْفَرَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: وَضَعَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ حَدِيثًا عَنْ مطر عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ: " [السَّابِعُ] من ولد الْعَبَّاسِ يلبس الخضرة " حَدِيثا لم يكن مِنْهُ شئ.
بَاب مَا رَوَى أَن فَاطِمَة عَلَيْهَا السَّلام غسلت بغسلها قبل الْمَوْت وَلم تَغْتَسِل بعد الْمَوْت أَنبأَنَا عبيد الله بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِي أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْخَيَّاطُ أَنبأَنَا(3/276)
عبد الملك بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوَيْدٍ الطَّحَّانُ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عبيد الله بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّهِ سَلْمَى قَالَتْ: " اشْتَكَتْ فَاطِمَةُ فَمَرَّضْتُهَا فَقَالَتْ لِي يَوْمًا وَقَدْ خَرَجَ عَلِيٌّ: يَا أَمَتَاهُ (1) اسْكُبِي لِي غُسْلا، فَسَكَبْتُ ثُمَّ قَامَتْ فَاغْتَسَلَتْ كَأَحْسَنَ مَا كُنْتُ أَرَاهَا تَغْتَسِلُ، ثُمَّ قَالَتْ: هَاتِي لِي ثِيَابِي الْجُدُدَ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَلَبِسَتْهَا، ثُمَّ [جَاءَتْ] إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ فَقَالَتْ لِي: قَدِّمِي لِي الْفِرَاشَ إِلَى وَسَطِ الْبَيْتِ ثُمَّ اضْطَجَعَتْ وَوَضَعَتْ يَدَهَا تَحْتَ خَدِّهَا وَاسْتَقْبَلَتِ الْقِبْلَةَ ثُمَّ قَالَتْ: يَا أَمَتَاهُ إِنِّي مَقْبُوضَةٌ الْيَوْمَ، وَإِنِّي قَدِ اغْتَسَلْتُ فَلا يَكْشِفْنِي أَحَدٌ.
قَالَ: فَقُبِضَتْ مَكَانَهَا، فَجَاءَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ فَأَخْبَرَتْهُ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا يَكْشِفُهَا أَحَدٌ، فَدَفَنَهَا بِغُسْلِهَا ذَلِكَ ".
وَقَدْ رَوَاهُ نُوحُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ الحكم ابْن أَسْلَمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَيْضًا، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عبد الله بن مُحَمَّد ابْن عَقِيلٍ: أَنَّ فَاطِمَةَ اغْتَسَلَتْ.
هَكَذَا ذَكَرَهُ مُرْسَلا.
وَهَذَا حَدِيث لَا يَصح.
أما مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فمجروح شهد بِأَنَّهُ كَذَّاب.
مَالِك وَسليمَان التَّيْمِي ووهب بْن خَالِد وَهِشَام بْن عُرْوَةَ وَيَحْيَى بْن سَعِيد.
وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: يحدث عَنِ المجهولين بِأَحَادِيث بَاطِلَة.
وَأَمَّا عَاصِم فَقَالَ يَحْيَى بْن معِين: لَيْسَ بشئ.
وَأَمَّا نوح بْن يَزِيد وَالْحكم فكلاهما متشيع.
وَأَمَّا ابْن عقيل فحَدِيثه مُرْسل ثُمَّ هُوَ ضَعِيف جدا.
قَالَ ابْن حبَان: كَانَ ردئ الْحِفْظ يحدث عَلَى التَّوَهُّم فيجئ بالْخبر عَلَى غَيْر سنَنه، فَلَمَّا كثر ذَلِكَ فِي أخباره وَجب مجانبتها ثُمَّ إِن الْغسْل إِنَّمَا يَكُون لحَدث الْمَوْت فَكيف يغْتَسل قبل الْحَدث.
هَذَا لَا يَصح إِضَافَته إِلَى عَلَى وَفَاطِمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، بَل يتنزهون عَنْ مثل هَذَا
__________
(1) كَذَلِك وَردت بالاصل.(3/277)
بَاب ذكر حَدِيث مَوْضُوع على مُعَاوِيَة أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الملك بْنِ خَيْرُونٍ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنْبَأَنَا أَبُو نعيم حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغِلابِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فِي حَدَاثَتِهِ صَاحِبَ شَرَابٍ، فَأَحَسَّ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ، فَأَحَبَّ أَنْ يَعِظَهُ فِي رِفْقٍ، فَقَالَ يَا بُنَيَّ مَا أَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَصِيرَ إِلَى حَاجَتِكَ مِنْ غَيْرِ تَهَتُّكٍ يَذْهُبُ بِمُرُوءَتِكَ وَقَدْرِكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِنِّي مُنْشِدُكَ أَبْيَاتًا، فَتَأَدَّبْ بِهَا وَاحْفَظْهَا، فَأَنْشَدَهُ: انصب نَهَارا فِي طلاب العلى * وَاصْبِرْ عَلَى هَجْرِ الْحَبِيبِ الْقَرِيبِ حَتَّى إِذَا اللَّيْلُ أَتَى بِالدُّجَى * وَاكْتَحَلَتْ بِالْغَمْضِ عَيْنُ الرَّقِيبِ بَاشِرِ اللَّيْلَ بِمَا يَشْتَهِي * فَإِنَّمَا اللَّيْلُ نَهَارُ الأَدِيبِ كَمْ فَاسِقٍ يَحْسَبُهُ نَاسِكًا * قَدْ بَاشَرَ اللَّيْلَ بِأَمْرٍ عَجِيبٍ غَطَّى عَلَيْهِ اللَّيْلُ أَسْتَارَهُ * فَبَاتَ فِي أَمْنٍ وَعَيْشٍ خَصِيبٍ و [لَذَّة] الاحمق مكشوفة يس * عى بِهَا كُلُّ عَدُوٍّ مَرِيبٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ قُلْتُ: ذِكْرُ مُعَاوِيَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ مَنْ قَصَدَهُ بِالشَّيْنِ وَذَلِكَ مِنَ الْغَلابِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ غَالِيًا فِي التَّشَيُّعِ.
قَالَ الدَّارقطني: كَانَ يضع الْحَدِيث قَالَ المُصَنّف قُلْتُ: وَإِنَّمَا هَذِهِ الأَبْيَاتُ لِيَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكٍ، كَتَبَهَا إِلَى ابْنه عبد الله، وَكَانَ قَدْ أَحَبَّ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً، فَاشْتَرَاهَا سِرًّا، وَانْقَطَعَ عَنْ أَبِيهِ أَيَّامًا، فكاتبه بِهَذَا.
بَاب ذكر حَدِيث مَوْضُوع عَلَى ابْن عمر أَنبأَنَا على بن عبيد الله أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبُسْرِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ
ابْن بَطَّةَ حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي الْكُدَيْمِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الاحول حَدثنَا(3/278)
خَلادُ الْمُنَقِّرِيُّ حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " كَانَ عَلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ تَعْوِيذَاتٌ حَشْوُهُمَا مِنْ زَغَبِ جِنَاحِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ ".
هَذَا حَدِيث مَوْضُوع وَالْمُتَّهَمُ بِهِ الْكُدَيْمِيُّ فَإِنَّهُ كَانَ يضع الحَدِيث.
بَاب ذكر حَدِيث مَوْضُوع على عبد الله بن عَمْرو روى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ الصَّمد عَن هِشَام الدستوانى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَن عبد الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: " الْبَحْرُ لَا يُجْزِئُ مِنْ جَنَابَةٍ وَلا يُتَوَضَّأُ مِنْهُ لأَنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرٌ حَتَّى عَدَّ سَبْعَةَ أَبْحُرٍ وَسَبْعَ نِيرَانٍ ".
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ يَضَعُ الحَدِيث على الثقاة وَيزِيد فِي الاخبار.
بَاب ذكر حَدِيث مَوْضُوع عَلَى أَبِي هُرَيْرَة روى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ رَجُلٍ عَن أَبى هُرَيْرَة قَالَ: " مَاء ان لَا يَجْزِيَانِ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ: مَاءُ الْبَحْرِ وَمَاءُ الْحِمَارِ " وَهَذَا من عمل ابْن المُهَاجر.
بَاب ذكر أَحَادِيث وضعت عَلَى ابْن عَبَّاس الحَدِيث الأول: أَنبأَنَا عبد الرحمن بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزَّازُ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنْبَأَنَا التَّنُوخِيُّ أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مِفْتَاحُ بْنُ خَلَفٍ الْخُرَاسَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْبَلْخِيُّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن يزِيد الْجَصَّاص حَدثنَا عبد الرحمن بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا الْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " إِنَّ لكل شئ سَبَبًا، وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَفْطِنُ لَهُ وَلا سَمِعَ بِهِ وَإِنَّ
لأَبِي جَادٍ لَحَدِيثًا عَجَبًا: أَمَّا أَبُو جَادٍ أَبَى آدَمُ الطَّاعَةَ وجد فِي أكل الشَّجَرَة،(3/279)
وَأَمَّا هَوَّزُ فَهَوَى مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَأَمَّا حُطِّي فَحَطَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ، وَأَمَّا كَلَمُنْ أَكَلَ مِنَ الشَّجَرَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ، وَأَمَّا سَعْفَصْ فَعُقْبَى آدَمَ رَبُّهُ وَأُخْرِجَ مِنَ النَّعِيمِ إِلَى النَّكَدِ، وَأَمَّا قريشيات فَأَقَرَّ بِالذَّنْبِ وَسَلِمَ مِنَ الْعُقُوبَةِ ".
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ مَجَاهِيلُ.
قَالَ يَحْيَى: وَالْفُرَاتُ بْنُ السَّائِبُ لَيْسَ بشئ.
قَالَ البُخَارِيّ وَالدَّارقطني: مَتْرُوك.
الحَدِيث الثَّانِي: أَنْبَأَنَا الْقَزَّازُ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِد الْوَكِيلُ حَدَّثَنَا كُوهِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْفَارِسِيُّ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ أَخُو أَبِي اللَّيْثِ الْفَرَائِضِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَبْسٍ الْمَأْمُونِيُّ حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بن مُحَمَّد بن عبد الرحمن الْمَدَائِنِيُّ عَنْ جُويَبْرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " نَزَلَتْ فِي ثَلَاثمِائَة آيَةٍ ".
هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ، وَالضَّحَّاكُ قد ضَعَّفُوهُ، وجويبر لَيْسَ بشئ عِنْدهم.
قَالَ النَّسَائِيّ وَالدَّارقطني: هُوَ مَتْرُوكٌ.
وَسَلامُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَيْضا.
الحَدِيث الثَّالِث: أَنبأَنَا عبد الرحمن بْنُ مُحَمَّدٍ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ على أَنبأَنَا على ابْن أَبِي عَليٍّ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُعَدَّلُ أَنْبَأَنَا الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ عُمَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الأَشْنَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ سَالِمٍ الأَعْشَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بن سِيرِين قَالَ قَالَ عبد الله بْنُ عَبَّاسٍ: يَأْتِي مِنْ وَلَدِي السَّفَّاحُ، ثُمَّ الثَّانِي الْمَنْصُورُ عَلَى الأَعْدَاءِ، ثُمَّ الثَّالِثُ الْمَهْدِي، ثُمَّ الرَّابِعُ الْجَوَّادُ يَبْذُلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ رِجَالا، ثُمَّ قَالَ: يَلِي الْمُؤْمِنُ الْمُعَمِّرُ الطَّيِّبُ الْمُطَيِّبُ الشَّابُ الأَزْهَرُ يَمْلِكُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ".
هَذَا مِمَّا عملت يَد أَبِي الْحُسَيْن الشَّيْبَانِيّ، وَلَا شكّ أَنَّهُ قَدْ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى
الْقَادِر.
قَالَ الدَّارقطني: كَانَ الشَّيْبَانِيّ يكذب.(3/280)
بَاب ذكر حَدِيث وضع عَلَى فَاطِمَة عَلَيْهَا السَّلام
ذكر أَبُو مُحَمَّد بْن قُتَيْبَةَ أَن فَاطِمَة خرجت فِي ثَلَاثَة من نسائها تُوطأ ذيولها حَتَّى دخلت عَلَى أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فكلمته - يَعْنِي فِي الْمِيرَاث - قَالَ ابْن قُتَيْبَةَ: وَكنت أرى أَن لِهَذَا أصلا فَقَالَ لي بَعْض نقلة الْأَخْبَار أَنا أسن من هَذَا الحَدِيث وَأعرف من عمله.
آخر كتاب الموضوعات تأليف الامام الْحَافِظ الْعَلامَة واعظ العرافين أَبى الْفرج عبد الرحمن بن على بن مُحَمَّد ابْن الجوزى الحنبلى رَحمَه الله تَعَالَى وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وَصلى الله على سيدنَا وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ، وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل(3/281)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على نبيه الْكَرِيم وَبعد
فنحمد الله سُبْحَانَهُ، الذى جعلنَا مُسلمين، ثمَّ وفقنا لخدمة دينه القويم..فألهمنا شكر نعْمَته..بالدعوة إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَإِلَى كِتَابه الْكَرِيم..وبالعمل على نشر سنة نبيه الامين.
كَذَلِك نحمده تَعَالَى على مَا يسر وأعان، بإتمام طبع كتاب " الموضوعات " فِي ثَلَاثَة أَجزَاء.
وَهُوَ كَمَا يرى الْقَارئ كتاب نَفِيس - ينشر للمرة الأولى -
نقلا عَن نُسْخَة خطية وحيدة بالمكتبة الازهرية بِالْقَاهِرَةِ، بعد أَن تمّ تصويرها بدار الْكتب المصرية بترخيص خَاص..وَهُوَ كتاب يعرف نفاسته وَقدره من مارس فنون علم الحَدِيث، وعالج النّظر وَالْكِتَابَة فِيهَا.
وَكفى بِهِ نفاسة أَنه أثر فريد فِي بَابه، غزير فِي مادته..من أجل آثَار الامام السلَفِي الْجَلِيل أَبى الْفرج عبد الرحمن بن الجوزى القرشى..عَسى أَن يَسْتَفِيد ويفيد بِهِ الباحثون، وتقر بِهِ أعين الغيورين من حماة الدَّين.
ولسنا يفوتنا هُنَا، أَن نفى أخانا الْمُحب الاستاذ عبد الرحمن مُحَمَّد عُثْمَان حَقه من الشُّكْر والعرفان، بِمَا بذل من جهد مشكور، وَمَا لقى من تَعب وَنصب فِي سَبِيل إنجاز طبع هَذَا الْكتاب، بعد ضبط وَتَحْقِيق غوامضه، والاشراف على مُرَاجعَته وتصحيحه والتقديم لَهُ.
ذَلِك أَن الاخ الْمُحب أَبى - متفضلا مشكورا - أَن يتقاضى لِقَاء جهده الشخصي فِي الاشراف على كتاب " الموضوعات " وتحقيقه - أجرا، رغم مَا بذل فِيهِ من جهد مضن، تَكْرَارا لفضله الْقَدِيم فِي كتبنَا السَّابِقَة، محتسبا ذَلِك فِي صحائفه(3/283)
اللاحقة، لوجه الله ثمَّ الاخوة والمودة فِي ذَاته سُبْحَانَهُ، أكْرم الاكرمين.
وَهُوَ - كشأنه دَائِما - قد ضرب بذلك مثلا كَرِيمًا للتضحية، فِي عصر تسوده المادية، وتعصف بِهِ الاطماع..وَنحن نَدع جزاءه وأجره لله سُبْحَانَهُ، الذى يتَوَلَّى الصَّالِحين.
وقانا الله وإياه وَالْمُسْلِمين..فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم..وَكتب لامتنا السَّلامَة والنجاة..ورزقنا الايمان، وَصَلَاح النِّيَّة، وَحسن الْعَمَل.
وَالله الهادى إِلَى سَوَاء السَّبِيل..وَصلى الله على نبيه الْكَرِيم، وعَلى آله وصحابته الطيبين..وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين؟ الْمَدِينَة المنورة - المكتبة السلفية غرَّة الْمحرم من عَام 1388 مُحَمَّد عبد المحسن(3/284)