ـ[تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري]ـ
المؤلف: جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي (المتوفى: 762هـ)
المحقق: عبد الله بن عبد الرحمن السعد
الناشر: دار ابن خزيمة - الرياض
الطبعة: الأولى، 1414هـ
عدد الأجزاء: 4
[الكتاب مدقق إملائيا وترقيمه موافق للمطبوع](/)
تَخْرِيج الْأَحَادِيث والْآثَار(/)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
رب أعن يَا كريم لَا قُوَّة إِلَّا بك آمين آمين آمين
سُورَة الْفَاتِحَة
1 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس من ترك الْبَسْمَلَة فقد ترك مائَة وَأَرْبع عشرَة آيَة من كتاب الله
قلت غَرِيب وَالَّذِي وجدته عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ من ترك الْبَسْمَلَة فقد ترك آيَة من كتاب الله رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابه شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع(1/21)
عشر مِنْهُ عَن الإِمَام أبي عبد الله الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن الْمُبَارك أَنا حَنْظَلَة بن عبد الله عَن شهر بن حَوْشَب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ من ترك بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فقد ترك آيَة من كتاب الله تَعَالَى انْتَهَى
وَحكي عَن ابْن الْحَاجِب أَنه وهم الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله مائَة وَأَرْبع عشرَة آيَة وَقَالَ صَوَابه مائَة وَثَلَاث عشرَة آيَة قَالَ لِأَن سُورَة بَرَاءَة غير مبسملة
وَرَأَيْت حَاشِيَة بِخَط بعض الْفُضَلَاء حَكَى الإِمَام أَبُو الْكَرم الْمُبَارك الشهروزي فِي كِتَابه الْمُسَمَّى بِالْمِصْبَاحِ الزَّاهِر عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ من ترك الْبَسْمَلَة فقد ترك مائَة وَثَلَاث عشرَة آيَة من كتاب الله وَقَالَ إِنَّمَا لم يقل أَربع عشرَة لِأَن بَرَاءَة لَا بَسْمَلَة فِيهَا انْتَهَى
قلت وَقد رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي كِتَابه الْمَذْكُور عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ من لم يقْرَأ مَعَ كل سُورَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فقد ترك مائَة وَثَلَاث عشرَة آيَة من كتاب الله انْتَهَى
2 - الحَدِيث الأول
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ كل أَمر ذِي بَال لم يبْدَأ فِيهِ باسم الله فَهُوَ أَبتر(1/22)
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث كَعْب بن مَالك
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَأخْرجهُ أَبُو دَاوُد فِي سنته فِي كتاب الْأَدَب وَالنَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَابْن ماجة فِي النِّكَاح من حَدِيث قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كل أَمر ذِي بَال لم يبْدَأ فِيهِ باسم الله فَهُوَ أَبتر انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي موضِعين مِنْهُ فِي النَّوْع الثَّانِي وَالتسْعين من الْقسم الأول وَأَعَادَهُ فِي النَّوْع السَّادِس وَالسِّتِّينَ من الْقسم الثَّالِث بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور وَلَفظه كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد الله أقطع
وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن أبي شَيْبه فِي مُصَنفه فِي كتاب الْآدَاب وَفِي مُسْنده وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ لَا نعلمهُ رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه انْتَهَى
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه فِي أَوَائِل كتاب الصَّلَاة وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن بِهِ سَوَاء وَلَفظه كل أَمر لَا يبْدَأ فِيهِ بِالْحَمْد لله فَهُوَ أقطع
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده كَذَلِك وَلَفظه كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِذكر الله فَهُوَ أقطع وَهِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ وَأحمد وَالنَّسَائِيّ
والْحَدِيث فِيهِ رِوَايَات فَروِيَ كل أَمر وَرُوِيَ كل كَلَام وَهِي عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَرُوِيَ لم يبْدَأ وَقد تقدم وَرُوِيَ لم يفْتَتح وَهِي عِنْد أَحْمد أَيْضا وَرُوِيَ بِحَمْد الله وَقد تقدم وَرُوِيَ بِذكر الله وَقد تقدم وَرُوِيَ فَهُوَ أقطع وَقد تقدم وَرُوِيَ فَهُوَ أَبتر وَقد تقدم وَرُوِيَ فَهُوَ أَجْزم وَرُوِيَ فَهُوَ أَكْتَع بِالْكَاف رَوَاهُ الإِمَام إِسْحَاق بن(1/23)
رَاهَوَيْه فِي مُسْنده حَدثنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد ثَنَا شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد الله أَكْتَع قَالَ بَقِيَّة والأكتع الَّذِي ذهبت أَصَابِعه وَبَقِي كَفه انْتَهَى بِحُرُوفِهِ وَهَذَا معضل
وَفِيه رِوَايَة أُخْرَى رَوَاهُ الإِمَام أَبُو بكر الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي كِتَابه الْجَامِع لِآدَابِ الرَّاوِي وَالسَّامِع من حَدِيث مُبشر بن إِسْمَاعِيل عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أقطع انْتَهَى
وَهَذَا الحَدِيث أعل من وَجْهَيْن
أَنه قد رُوِيَ مُرْسلا أخرجه كَذَلِك أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي سَلمَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَيْسَ فِيهِ أَبُو هُرَيْرَة قَالَ النَّسَائِيّ والمرسل أولَى بِالصَّوَابِ انْتَهَى
وَالثَّانِي فِي إِسْنَاده قُرَّة بن عبد الرَّحْمَن بن حَيْوِيل الْمعَافِرِي وَفِيه مقَال قَالَ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي أَوَاخِر الصَّلَاة وَقد اسْتشْهد مُسلم رَحِمَهُ اللَّهُ بقرة بن عبد الرَّحْمَن فِي مَوْضُوعَيْنِ من صَحِيحه انْتَهَى
أما حَدِيث كَعْب بن مَالك فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا أَحْمد بن الْمُعَلَّى الدِّمَشْقِي حَدثنَا عبد الله بن يزِيد الدِّمَشْقِي حَدثنَا صَدَقَة بن عبد الله عَن مُحَمَّد ابْن عبد الْوَلِيد الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن كَعْب بن مَالك عَن أَبِيه عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِالْحَمْد لله فَهُوَ أقطع انْتَهَى وَهَذَا الْإِسْنَاد(1/24)
3 - الحَدِيث الثَّانِي
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ الْحَمد رَأس الشُّكْر مَا شكر الله عبد لم يحمده
قلت رُوِيَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَمن حَدِيث عبد الله ابْن عَبَّاس
أما حَدِيث ابْن الْعَاصِ فَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا معمر عَن قَتَادَة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَلّي فِي كِتَابه نَوَادِر الْأُصُول فِي الأَصْل الرَّابِع وَالْخمسين بعد الْمِائَة وَكَذَلِكَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيره فِي آخر سُورَة بني إِسْرَائِيل فَقَالَ أخبرنَا الإِمَام أَبُو عَلّي الْحُسَيْن بن مُحَمَّد القَاضِي ثَنَا الإِمَام أَبُو الطّيب سهل ابْن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس الْأَصَم ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثَنَا نصر بن حَمَّاد أَبُو الْحَارِث الْوراق ثَنَا شُعْبَة عَن حبيب بن أبي ثَابت سَمِعت سعيد بن جُبَير يحدث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
4 - وَمِنْه قَول صَفْوَان لأبي سُفْيَان
لِأَن يربنِي رجل من قُرَيْش أحب إِلَيّ من أَن يربنِي رجل من هوَازن
قلت هَذَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّالِث من الْقسم الْخَامِس من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثني عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر بن عبد الله عَن أَبِيه قَالَ أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَاسْتقْبلنَا وَادي(1/25)
حنين ... فَذكر الْقِصَّة إِلَى أَن قَالَ فَقَالَ صَفْوَان بن أُميَّة وَالله لِأَن يربنِي رجل من قُرَيْش أحب إِلَيّ من أَن يربنِي رجل من هوَازن انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة حنين من حَدِيث ابْن إِسْحَاق بِهِ
وَرَوَاهُ الدَّارقطني فِي كِتَابه الْمُسَمَّى غرائب مَالك فَقَالَ حَدثنَا أَبُو بكر الشَّافِعِي ثَنَا معَاذ بن الْمثنى ثني عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء ثَنَا جوَيْرِية عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ قَالَ جَاءَ صَفْوَان بن أُميَّة يسْعَى حِين هزم النَّاس بحنين فَقَالَ لَهُ ابْن أَخِيه وَالله يَا أَبَا وهب لَا نَرْتَد أبدا فَقَالَ صَفْوَان وَالله لِأَن يربنِي رب من قُرَيْش أحب إِلَيّ من أَن يربنِي رب من هوَازن لَا أعلمهُ انْتَهَى
وَبِسَنَد ابْن حبَان وَمَتنه رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده
5 - الحَدِيث الثَّالِث
قَالَ المُصَنّف رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنْه قَوْلهم كَمَا تدين تدان
قلت أوردهُ هَكَذَا مثلا وَلم يُورِدهُ حَدِيثا وَهُوَ حَدِيث مَرْفُوع رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابه الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عِنْد كَلَامه عَن الديَّان من أَسمَاء الله تَعَالَى وَكَذَلِكَ فِي كتاب الزّهْد لَهُ من طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الذَّنب لَا ينسَى وَالْبر لَا يبْلَى وَالديَّان لَا يَمُوت فَكُن كَمَا شِئْت فَكَمَا تدين تدان انْتَهَى ثمَّ قَالَ هَذَا مُرْسل انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كِتَابه الْكَامِل من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الْملك الْأنْصَارِيّ الْمدنِي عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الذَّنب لَا ينسَى ... إِلَى آخِره ثمَّ أسْند ابْن عدي إِلَى البُخَارِيّ أَنه قَالَ مُحَمَّد بن عبد الْملك هَذَا مُنكر الحَدِيث وَإِلَى النَّسَائِيّ قَالَ مَتْرُوك الحَدِيث وَوَافَقَهُمَا ابْن عدي وَقَالَ(1/26)
هُوَ ضَعِيف جدا وكل أَحَادِيثه لَا يُتَابع عَلَيْهَا الثِّقَات انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي كتاب الزّهْد لَهُ مَوْقُوفا عَلَى أبي الدَّرْدَاء فَقَالَ حَدثنَا عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء الْإِثْم لَا ينسَى ... إِلَى آخِره
6 - الحَدِيث الرَّابِع
عَن ابْن عَبَّاس سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن مَعْنَى آمين فَقَالَ افْعَل
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم الْحسن بن مُحَمَّد بن جَعْفَر أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن أَيُّوب أَنا الْحسن بن عَلّي بن زِيَاد ثَنَا عبيد بن يعِيش عَن مُحَمَّد بن الْفضل عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... الحَدِيث
7 - الحَدِيث الْخَامِس
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَقَّنَنِي جِبْرِيل آمين عِنْد فراغي من قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَقَالَ إِنَّه كالختم عَلَى الْكتاب
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَبِمَعْنَاهُ مَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الدُّعَاء ثَنَا وَكِيع ثَنَا إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي ميسرَة أَن جِبْرِيل(1/27)
أَقرَأ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَاتِحَة الْكتاب فَلَمَّا قَالَ وَلَا الضَّالّين قَالَ لَهُ قل آمين فَقَالَ آمين انْتَهَى
8 - الحَدِيث السَّادِس
رَوَى أنس وَعبد الله بن الْمُغَفَّل عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْإخْفَاء بآمين
قلت غَرِيب جدا
9 - الحَدِيث السَّابِع عَن وَائِل بن حجر أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ إِذا قَرَأَ وَلَا الضَّالّين قَالَ آمين وَرفع بهَا صَوته
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سَلمَة بن كهيل عَن حجر بن عَنْبَس عَن وَائِل بن حجر أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... الحَدِيث وَفِيه كَلَام طَوِيل اسْتَوْفَيْته فِي كتابي عَلَى أَحَادِيث الْهِدَايَة فَمن أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِ فليسارع إِلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى
10 - الحَدِيث الثَّامِن
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لأبي بن كَعْب أَلا أخْبرك بِسُورَة لم تنزل فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْقُرْآن مثلهَا قلت بلَى يَا رَسُول الله قَالَ فَاتِحَة الْكتاب إِنَّهَا السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيتهُ(1/28)
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَالنَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير من حَدِيث عبد الحميد بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج عَلَى أبي بن كَعْب فَقَالَ لَهُ يَا أبي وَهُوَ يُصَلِّي فَلم يجبهُ فَخفف ثمَّ انْصَرف إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله إِنِّي كنت فِي الصَّلَاة قَالَ ألم تَجِد فِيمَا أُوحِي اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ لما يُحْيِيكُمْ قَالَ بلَى وَلَا أَعُود إِن شَاءَ الله قَالَ تحب أَن أعلمك سُورَة لم تنزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْفرْقَان مثلهَا قَالَ نعم قَالَ كَيفَ تقْرَأ فِي الصَّلَاة فَقَرَأَ أم الْقُرْآن فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أنزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الْإِنْجِيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْقُرْآن مثلهَا وَإِنَّهَا سبع من المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَعْطيته انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه كَذَلِك وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع عشر وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده كَذَلِك وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَسكت عَنهُ ذكره فِي مُسْند أبي سعيد الْخُدْرِيّ اسْتِطْرَادًا
وَرَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن أَن أَبَا سعيد مولَى عَامر ابْن كريز أخبرهُ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَادَى أبي بن كَعْب ... فَذكره وَهَذَا ظَاهره أَنه مُنْقَطع إِن لم يكن أَبُو سعيد هَذَا سَمعه من أبي بن كَعْب فَإِن كَانَ سَمعه مِنْهُ فَهُوَ عَلَى شَرط مُسلم وَالله أعلم
وَوهم صَاحب جَامع الْأُصُول فِي أبي سعيد هَذَا فَجعله ابْن الْمُعَلَّى وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فَإِن أَبَا سعيد بن الْمُعَلَّى صَحَابِيّ أَنْصَارِي وَهَذَا تَابِعِيّ من موَالِي خُزَاعَة(1/29)
وَاعْلَم أَن هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه من حَدِيث أبي سعيد بن الْمُعَلَّى أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مر بِهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَدَعَاهُ ... الحَدِيث بِعَيْنِه سَوَاء وَلم يخرج مُسلم فِي صَحِيحه لأبي سعيد بن الْمُعَلَّى شَيْئا وَلَا أخرج لَهُ البُخَارِيّ إِلَّا هَذَا الحَدِيث
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَيُشبه أَن يكون هَذَا صدر من النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لِكِلَا الرجلَيْن أبي بن كَعْب وَأبي سعيد بن الْمُعَلَّى إِلَّا أَن حَدِيث ابْن الْمُعَلَّى رِجَاله أحفظ انْتَهَى كَلَامه
11 - الحَدِيث التَّاسِع
عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن الْقَوْم ليَبْعَث الله عَلَيْهِم الْعَذَاب حتما مقضيا فَيقْرَأ صبي من صبيانهم فِي الْكتاب الْحَمد لله رب الْعَالمين فيسمعه الله تَعَالَى فيرفع عَنْهُم بذلك الْعَذَاب أَرْبَعِينَ سنة
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة الضَّرِير عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن ربعي بن حِرَاش عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره سَوَاء(1/30)
سُورَة الْبَقَرَة(1/31)
سُورَة الْبَقَرَة
وَذكر فِيهَا مائَة وَثَلَاثَة وَأَرْبَعين حَدِيثا
12 - قَوْله
قَالَ قَاتل مُحَمَّد بن طَلْحَة السَّجَّاد وَهُوَ شُرَيْح بن أبي أَوْفَى الْعَنسِي
(يذكرنِي حَامِيم وَالرمْح شَاجر ... فَهَلا تَلا حَامِيم قبل التَّقَدُّم)
قلت ذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه مُعَلّقا فِي التَّفْسِير فِي سُورَة الْمُؤمن قَالَ وَيُقَال إِن حم اسْم لقَوْل شُرَيْح بن أبي أَوْفَى الْعَنسِي
(يذكرنِي حَامِيم وَالرمْح شَاجر ... فَهَلا تَلا حَامِيم قبل التَّقَدُّم) انْتَهَى
وَوجدت فِي مُسْتَدْرك الْحَاكِم أَن قَاتل مُحَمَّد بن طَلْحَة وَقَائِل هَذَا الشّعْر غير شُرَيْح بن أبي أَوْفَى رَوَاهُ فِي كتاب الْفَضَائِل فِي بَاب فَضَائِل مُحَمَّد بن طَلْحَة بن السَّجَّاد رَضِيَ اللَّهُ عَنْه من طَرِيق مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُحَمَّد بن الضَّحَّاك ابْن عُثْمَان الْحزَامِي عَن أَبِيه قَالَ كَانَ مُحَمَّد بن طَلْحَة بن عبيد الله السَّجَّاد يَوْم الْجمل مَعَ عَلّي بن أبي طَالب وَنَهَى عَلّي عَن قَتله وَقَالَ من رَأَى صَاحب الْبُرْنُس الْأسود فَلَا يقْتله يَعْنِي مُحَمَّد بن طَلْحَة فَقَالَ مُحَمَّد يَوْمئِذٍ لعَائِشَة يَا أُمَّاهُ مَا تَأْمُرِينِي قَالَت أرَى أَن يكون لخير ابْن آدم أَن تكف يدك فَكف يَده فَقتله رجل من بني أَسد بن خُزَيْمَة يُقَال لَهُ طَلْحَة بن مُدْلِجَة من بني مُنْقد بن طريف وَيُقَال قَتله شَدَّاد بن مُعَاوِيَة الْقَيْسِي وَيُقَال قَتله عِصَام بن مُقْشَعِر الْبَصْرِيّ وَعَلِيهِ أَكثر الحَدِيث وَهُوَ الَّذِي يَقُول فِي قَتله حِين قَالَ لَهُ مُحَمَّد(1/33)
أذكرك حم فطعنه ثمَّ قَالَ
(وَأَشْعَث قوام بآيَات ربه ... قَلِيل الْأَذَى فِيمَا يرَى النَّاس مُسلم)
(ذلقت لَهُ بِالرُّمْحِ من تَحت ... بزه فَخر صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ)
(شَككت إِلَيْهِ بِالسِّنَانِ قَمِيصه ... فأرديته عَن ظهر طرف مُسَوَّم)
(يذكرنِي حَامِيم وَالرمْح شَاجر ... فَهَلا تَلا حَامِيم قبل التَّقَدُّم)
(عَلَى غير شَيْء غير أَن لَيْسَ تَابعا ... عليا وَمن لَا يتبع الْحق ينْدَم)
وَكَذَلِكَ ذكره ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن الْوَاقِدِيّ وَزَاد قَالَ وَأَفْرج النَّاس يَوْم الْجمل عَن ثَلَاثَة عشر ألف قَتِيل وَقَالَ عَلّي حِين قَالَ لَهُ ابْنه الْحسن مَا كَانَ أَغْنَاك عَن هَذَا ود أَبوك لَو مَاتَ قبل هَذَا الْيَوْم بِعشْرين سنة انْتَهَى
13 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس أقسم الله بِهَذِهِ الْحُرُوف يَعْنِي آلم وَأَخَوَاتهَا
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ ثَنَا عبد الله بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ فِي الْحُرُوف الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور كلهَا أَقسَام أقسم الله بهَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة طه فَقَالَ ثَنَا عبد الله بن جَعْفَر ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله ثَنَا أَبُو صَالح عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ طه وَأَشْبَاه ذَلِك قسم أقسم الله بهَا وَهِي من أَسمَاء الله تَعَالَى انْتَهَى
14 - الحَدِيث الأول
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ حم لَا ينْصرُونَ
قلت رُوِيَ من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب وَمن حَدِيث أنس وَمن حَدِيث شيبَة بن عُثْمَان الحَجبي وَمن حَدِيث أبي دُجَانَة الْأنْصَارِيّ(1/34)
أما حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي كتاب الْجِهَاد من حَدِيث الْمُهلب بن أبي صفرَة عَمَّن سمع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول إِن بَيتكُمْ الْعَدو فَلْيَكُن شِعَاركُمْ حم لَا ينْصرُونَ
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْجِهَاد وَقَالَ إِنَّه صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ إِلَّا أَن فِيهِ إرْسَالًا قَالَ وَالرجل الَّذِي لم يسمه الْمُهلب بن أبي صفرَة هُوَ الْبَراء بن عَازِب
ثمَّ أخرجه عَن شريك عَن أبي إِسْحَاق عَن الْمُهلب بن أبي صفرَة عَن الْبَراء بن عَازِب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِنَّكُم تلقونَ عَدوكُمْ غَدا فَلْيَكُن شِعَاركُمْ حم لَا ينْصرُونَ انْتَهَى وَسكت عَنهُ
قَالَ التِّرْمِذِيّ فِي الْبَاب عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع وَهَكَذَا رَوَاهُ غير الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَاق وَرُوِيَ عَنهُ عَن الْمُهلب بن أبي صفرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُرْسلا انْتَهَى
وَهَذَا الْمُرْسل الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن زُهَيْر عَن أبي إِسْحَاق عَن الْمُهلب بن أبي صفرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُرْسلا
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث الْأَجْلَح عَن أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ قَالَ لنا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنَّكُم سَتَلْقَوْنَ الْعَدو غَدا وَإِن شِعَاركُمْ حم لَا ينْصرُونَ انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَسكت عَنهُ قَالَ النَّسَائِيّ وَالْأَجْلَح لَيْسَ بِقَوي كَانَ مُسْرِفًا فِي التَّشَيُّع انْتَهَى
وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا عَن شَيبَان عَن أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء مَرْفُوعا نَحوه(1/35)
أما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين فِي غَزْوَة حنين حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد ثَنَا عَلّي بن سعيد الرَّازِيّ ثَنَا ابْن أبي بزَّة ثَنَا مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل ثَنَا عمَارَة بن زَاذَان عَن ثَابت عَن أنس قَالَ انهزم الْمُسلمُونَ بحنين وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى بغلته الشَّهْبَاء وَكَانَ يُقَال لَهَا دُلْدُل فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دُلْدُل الْبَدِيِّ فَأَلْصَقَتْ بَطنهَا بِالْأَرْضِ فَأخذ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حفْنَة من تُرَاب فَرَمَى بهَا فِي وُجُوههم وَقَالَ حم لَا تنْصرُونَ فَانْهَزَمَ الْقَوْم وَمَا رمينَا بِسَهْم وَلَا طَعنا بِرُمْح انْتَهَى
وَعَن الطَّبَرَانِيّ أَيْضا رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ وَمَتنه وَسَمَّى ابْن أبي بزَّة أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن أبي بزَّة ذكره فِي الْأَنْفَال
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط بالسند والمتن الْمَذْكُورين وَسَمَّى ابْن أبي بزَّة كَمَا سَمَّاهُ ابْن مرْدَوَيْه
وَأما حَدِيث شيبَة بن عُثْمَان الحَجبي فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من طَرِيق ابْن الْمُبَارك عَن أبي بكر الْهُذلِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ قَالَ شيبَة بن عُثْمَان الحَجبي لما غزا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم حنين ... فَذكر الْقِصَّة بِطُولِهَا إِلَى أَن قَالَ فَتَنَاول رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الْحَصْبَاء فَنفخ فِي وُجُوههم وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه حم لَا ينْصرُونَ انْتَهَى
وَأما حَدِيث أبي دُجَانَة الْأنْصَارِيّ واسْمه سماك بن خَرشَة فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي آخر كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة من حَدِيث عبد الله بن زيد بن خَالِد ثَنَا أبي زيد ابْن خَالِد ثَنَا أبي خَالِد بن أبي دُجَانَة سَمِعت أَبَا دُجَانَة يَقُول شَكَوْت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقلت يَا رَسُول الله بَينا أَنا مَضْجَع فِي فِرَاشِي إِذْ سَمِعت صَرِيرًا كَصَرِيرِ الرَّحَى ودويا كَدَوِيِّ النَّحْل ولمعا كَلمعِ الْبَرْق فَرفعت رَأْسِي فَزعًا مَرْعُوبًا فَإِذا أَنا بِظِل أسود يَعْلُو وَيطول بِصَحْنِ دَاري فَأَهْوَيْت إِلَيْهِ بيَدي فَإِذا(1/36)
جلده كَجلْد الْقُنْفُذ فَرمي فِي وَجْهي مثل شرر النَّار فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمثلك يُؤْذَى يَا أَبَا دُجَانَة هَذَا عَامر الدَّار عَامر سوء ثمَّ قَالَ ائْتُونِي بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس فَأَتَى بهما فناولهما عَلّي بن أبي طَالب وَقَالَ اكْتُبْ يَا أَبَا الْحسن قَالَ وَمَا أكتب يَا رَسُول الله قَالَ اكْتُبْ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد رَسُول رب الْعَالمين إِلَى من طرق الدَّار من الْعمار وَالزُّوَّارِ وَالصَّالِحِينَ إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن أما بعد ... فَإنَّا وَلكم فِي الْحق سَعَة فَإِن تَكُ عَاشِقًا مُولَعا أَو فَاجِرًا مُقْتَحِمًا أَو مدعي حق مُبْطلًا هَذَا كتاب الله ينْطق علينا وَعَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ وَرُسُلنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ اتْرُكُوا صَاحب كتابي هَذَا وَانْطَلَقُوا إِلَى عَبدة الْأَصْنَام وَإِلَى من يزْعم أَن مَعَ الله إِلَهًا آخر لَا إِلَه إِلَّا هُوَ كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه لَهُ الحكم وَإِلَيْهِ ترجعون يغلبُونَ حم لَا ينْصرُونَ حم عسق تفرق أَعدَاء الله وَبَلغت حجَّة الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم قَالَ أَبُو دُجَانَة فَأخذت الْكتاب فَأَخْرَجته وَحَمَلته إِلَى دَاري وَجَعَلته تَحت رَأْسِي وَبت لَيْلَتي فَمَا انْتَبَهت إِلَّا من صُرَاخ صارخ يَقُول يَا أَبَا دُجَانَة أَحْرَقَتْنَا بالنَّار فَبِحَق صَاحبك إِلَّا مَا رفعت عَنَّا هَذَا الْكتاب فَلَا عود لنا فِي دَارك وَلَا فِي مَوضِع يكون فِيهِ هَذَا الْكتاب فَقلت لَا وَحقّ صَاحِبي رَسُول الله لَا رفعته حَتَّى أَستَأْمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أَبُو دُجَانَة فَلَقَد طَالَتْ عَلّي لَيْلَتي بِمَا سَمِعت من أَنِين الْجِنّ وبكائهم حَتَّى أَصبَحت فَغَدَوْت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأَخْبَرته بِمَا تمّ لي مَعَهم فَقَالَ يَا أَبَا دُجَانَة ارْفَعْ عَن الْقَوْم فوالذي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّهُم ليجدون ألم الْعَذَاب إِلَى يَوْم الْقِيَامَة انْتَهَى
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد رُوِيَ فِي حزر أبي دُجَانَة حَدِيث مَوْضُوع لَا تحل رِوَايَته انْتَهَى
وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَقَالَ لَيْسَ فِي الصَّحَابَة من اسْمه مُوسَى انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِي السّنَن الشعار الْعَلامَة كَانُوا يَتَعَارَفُونَ بهَا فِي الْحَرْب ليعرف الرجل بهَا رَفِيقه قَالَ وَقَالَ ثَعْلَب فِي قَوْله لَا ينْصرُونَ أَنه(1/37)
خبر وَلَو كَانَ دُعَاء لَكَانَ مَجْزُومًا أَي قُولُوا حم فَإِنَّهُم لَا ينْصرُونَ وَاخْتَارَ أَبُو عبيد أَن يرْوَى بِالْجَزْمِ جَوَابا لِلْأَمْرِ أَي إِن قُلْتُمْ حم لَا تنصرُوا انْتَهَى وَهَذَا الَّذِي نَقله عَن أبي عبيد ذكره أَبُو عبيد وَهُوَ الْقَاسِم بن سَلام فِي كتاب فَضَائِل الْقُرْآن فَقَالَ المحدثون يَقُولُونَهُ لَا ينْصرُونَ بالنُّون وَإِعْرَابه لَا ينصرُوا انْتَهَى
15 - الحَدِيث الثَّانِي
عَن الْحسن بن عَلّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك فَإِن الشَّك رِيبَة وَإِن الصدْق طمأنينة
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي آخر كتاب الطِّبّ من حَدِيث شُعْبَة عَن بريد بن أبي مَرْيَم عَن أبي الْحَوْرَاء السَّعْدِيّ عَن الْحسن بن عَلّي عَن جده النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك فَإِن الصدْق طمأنينة وَإِن الْكَذِب رِيبَة انْتَهَى قَالَ وَفِي الحَدِيث قصَّة هَذَا حَدِيث صَحِيح انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بالسند والمتن الْمَذْكُورين وَكَذَلِكَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْأَحْكَام وَالطَّيَالِسِي فِي مُسْنده وَمن طَرِيقه الْبَزَّار وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّالِث وَالْعِشْرين من الْقسم الثَّانِي مَعَه بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور وَقَالَ فِيهِ فَإِن الْخَيْر طمأنينة وَإِن الشَّك رِيبَة
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور وَقَالَ فِيهِ فَإِن الْخَيْر طمأنينة وَإِن الشَّرّ رِيبَة ذكره فِي الْبيُوع
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع وَالثَّلَاثِينَ من حَدِيث الْحسن ابْن عبيد الله عَن بريد بن أبي مَرْيَم عَن أبي الْحَوْرَاء عَن الْحسن بن عَلّي قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول لرجل أَتَاهُ دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك فَإِن الشَّرّ رِيبَة وَالْخَيْر طمأنينة ثمَّ قَالَ وَرَوَاهُ شُعْبَة عَن بريد بن أبي مَرْيَم فَقَالَ فِيهِ فَإِن الصدْق طمأنينة وَإِن الْكَذِب رِيبَة انْتَهَى(1/38)
وَرَوَاهُ بِلَفْظ المُصَنّف الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث شُعْبَة بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدّم وَقَالَ فِيهِ فَإِن الشَّك رِيبَة وَإِن الصدْق طمأنينة
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَزَاد فِيهِ قنوت الْوتر وَتَمْرَة الصَّدَقَة وَالله أعلم
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة الْحسن بن عَلّي وَهِي الطَّبَقَة الْخَامِسَة فِيمَن مَاتَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهم أَحْدَاث الْأَسْنَان وَالله الْمُوفق
16 - الحَدِيث الثَّالِث
قَالَ المُصَنّف رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنْه أَنه مر بِظَبْيٍ حَاقِف فَقَالَ لَا يربه أحد بِشَيْء
قلت رَوَى الْبَزَّار فِي سننيه الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى فِي كتاب الْحَج من حَدِيث عِيسَى بن طَلْحَة عَن عُمَيْر بن سَلمَة الضمرِي عَن الْبَهْزِي أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج يُرِيد مَكَّة وَهُوَ محرم حَتَّى إِذا كَانَ بِالْإِثَابَةِ بَين الرُّوَيْثَة وَالْعَرج إِذا ظَبْي حَاقِف فِي ظلّ وَفِيه سهم فَأمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رجلا أَن يقف عِنْده لَا يرِيبهُ أحد من النَّاس حَتَّى تجَاوزُوهُ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ فِي الْحَج أخبرنَا يَحْيَى بن سعيد عَن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن عِيسَى بن طَلْحَة بِهِ
وَمن طَرِيق مَالك رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي أول النَّوْع الثَّالِث من الْقسم الرَّابِع
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا جرير عَن يَحْيَى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن عِيسَى بن طَلْحَة بِهِ وَلَفظه فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لبَعض الْقَوْم قف حَتَّى يمر النَّاس وَلَا يرِيبهُ أحد بِشَيْء
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابه الْعِلَل من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن يَحْيَى بن(1/39)
سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن عِيسَى بن طَلْحَة بِهِ وَلَفظه فَقَالَ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج من الْمَدِينَة حَتَّى أَتَى الروحاء ... إِلَى أَن قَالَ فجَاء رجل من بهز فَذكره ثمَّ تكلم عَلَيْهِ كلَاما طَويلا وَمُلَخَّصه أَن جمَاعَة جعلُوا الحَدِيث من رِوَايَة الْبَهْزِي عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَإِنَّمَا هُوَ من رِوَايَة عُمَيْر بن سَلمَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمِنْهُم هشيم وَحَمَّاد بن زيد قَالَ وَالَّذين قَالُوا فِيهِ عَن الْبَهْزِي إِنَّمَا هُوَ لكَونه صَاحب الْقِصَّة لَا أَن عُمَيْر بن سَلمَة رَوَاهُ عَنهُ قَالَ وَرَأَيْت سُلَيْمَان ابْن حَرْب يَقُول الحَدِيث من رِوَايَة عُمَيْر بن سَلمَة انْتَهَى كَلَامه مُلَخصا
وَذكر عبد الْحق فِي أَحْكَامه هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الصَّيْد من جِهَة مَالك وَسكت عَنهُ وَأقرهُ ابْن الْقطَّان عَلَيْهِ فَهُوَ صَحِيح عِنْدهمَا وَالله أعلم
وَمن طَرِيق مَالك أَيْضا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة
وَرَأَيْت فِي مُسْند أَبَى يعْلى الْموصِلِي رَوَى عَن مخول الْبَهْزِي حَدِيثا قَرِيبا من هَذَا وَلم أعرف هَل هُوَ هَذَا الْبَهْزِي أَو غَيره وَلَفظه قَالَ نصبت حبائل لي فَوَقع فِيهَا ظَبْي فَأَفلَت وَالْحَبل فِي رجله فَخرجت أَقْفُوهُ فَسَبَقَنِي إِلَيْهِ رجل فَاخْتَصَمْنَا ثمَّ ترافعنا إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَجعله بَيْننَا نِصْفَيْنِ
وَقَالَ ابْن عبد الْبر فِي التَّقَصِّي وَمن أَصْحَاب يَحْيَى بن سعيد من يَجْعَل هَذَا الحَدِيث عَن عُمَيْر بن سَلمَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا يذكر فِيهِ الْبَهْزِي وَعُمَيْر بن سَلمَة من الصَّحَابَة انْتَهَى كَلَامه
17 - الحَدِيث الرَّابِع
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه
قلت رَوَاهُ الْجَمَاعَة خلا النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي قَتَادَة قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَام حنين فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَت للْمُسلمين جَوْلَة إِلَى أَن قَالَ وَجلسَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ من قتل قَتِيلا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَة فَلهُ سلبه مُخْتَصر ذَكرُوهُ فِي الْجِهَاد(1/40)
وَعَزاهُ الطَّيِّبِيّ لأبي دَاوُد من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَهُوَ غلط لِأَن الَّذِي فِي أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ يَوْم بدر من قتل قَتِيلا فَلهُ كَذَا وَكَذَا لم يقل فِيهِ فَلهُ سلبه هَذَا مَعَ ذُهُوله عَن الصَّحِيحَيْنِ وَفِيهِمَا لفظ الحَدِيث
18 - الحَدِيث الْخَامِس
عَن ابْن عَبَّاس إِذا أَرَادَ أحدكُم الْحَج فَليَتَعَجَّل فَإِنَّهُ يمرض الْمَرِيض وَتضِل الضَّالة وَتلف الْحَاجة
قلت هَكَذَا ذكره المُصَنّف مَوْقُوفا وَهُوَ حَدِيث مَرْفُوع رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه فِي أول كتاب الْحَج عَن وَكِيع ثَنَا أَبُو إِسْرَائِيل عَن فُضَيْل بن عَمْرو عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن الْفضل أَو أَحدهمَا عَن الآخر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من أَرَادَ الْحَج فَليَتَعَجَّل فَإِنَّهُ قد يمرض الْمَرِيض وَتضِل الضَّالة وَتعرض الْحَاجة انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَكَذَلِكَ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده
وَذهل الطَّيِّبِيّ أَيْضا فَعَزاهُ لأبي دَاوُد فَقَط وَقَالَ لَيْسَ فِيهِ الزِّيَادَات يَعْنِي قَوْله فَإِنَّهُ قد يمرض الْمَرِيض إِلَى آخِره وَلَيْسَ فِيهِ فَائِدَة لِأَن المُصَنّف احْتج بِهِ وَبِحَدِيث من قتل قَتِيلا عَلَى تَسْمِيَة الشَّيْء بِاعْتِبَار مَا يؤول إِلَيْهِ وَأَبُو دَاوُد رَوَاهُ من حَدِيث مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس بِهِ مُخْتَصرا وَأَبُو إِسْرَائِيل الْملَائي اسْمه إِسْمَاعِيل ابْن أبي إِسْحَاق رَوَى عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم وَكِيع قَالَ أَحْمد يكْتب حَدِيثه وَقَالَ ابْن معِين صَالح وَقَالَ أَبُو حَاتِم يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ فَإِنَّهُ سيئ الْحِفْظ وَقَالَ أَبُو زرْعَة كُوفِي صَدُوق انْتَهَى من الإِمَام(1/41)
19 - الحَدِيث السَّادِس وَالسَّابِع وَالثَّامِن
قَالَ وَسَمَّى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الصَّلَاة عماد الدَّين وَجعل الْفَاصِل بَين الْإِسْلَام وَالْكفْر ترك الصَّلَاة وَسَمَّى الزَّكَاة قنطرة الْإِسْلَام
قلت الحَدِيث الأول رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْعشْرين مِنْهُ عَن أبي عبد الله الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى عِكْرِمَة عَن عمر قَالَ جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي شَيْء أحب عِنْد الله فَقَالَ الصَّلَاة لوَقْتهَا وَمن ترك الصَّلَاة فَلَا دين لَهُ وَالصَّلَاة عماد الدَّين انْتَهَى ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَعِكْرِمَة لم يسمع من عمر وَأرَاهُ عَن ابْن عمر انْتَهَى كَلَامه
قلت الظَّاهِر أَن عِكْرِمَة هَذَا هُوَ عِكْرِمَة بن خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ لَا عِكْرِمَة مولَى ابْن عَبَّاس وَهُوَ أوثق من مولَى ابْن عَبَّاس وَرَوَى ابْن أبي حَاتِم فِي مراسيله عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه قَالَ لم يسمع عِكْرِمَة بن خَالِد من عمر إِنَّمَا سمع من ابْن عمر بل قَالَ أَبُو زرْعَة عِكْرِمَة بن خَالِد عَن عُثْمَان مُرْسل فضلا عَن عمر انْتَهَى
وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه الْوَهم وَالْإِيهَام عِكْرِمَة بن خَالِد رجلَانِ وَكِلَاهُمَا مخزوميان
أَحدهمَا عِكْرِمَة بن خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ وَهُوَ تَابِعِيّ يروي عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَرَوَى عَنهُ عَمْرو بن دِينَار وَإِبْرَاهِيم بن مهَاجر وَابْن جريج وعامر الْأَحول وحَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْن معِين وَأَبُو زرْعَة وَلم يسمع فِيهِ بِتَضْعِيف قطّ وَقد أخرج لَهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
وَالْآخر عِكْرِمَة بن خَالِد بن سَلمَة يروي عَن أَبِيه وَعنهُ مُسلم بن إِبْرَاهِيم وَنصر بن عَلّي ذكره إلْيَاس فِي الضُّعَفَاء قَالَ البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم هُوَ مُنكر الحَدِيث
وَرَوَى أَبُو الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه التَّرْغِيب والترهيب عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَلّي قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الصَّلَاة عماد الْإِسْلَام(1/42)
وَالْجهَاد سَنَام الْعَمَل انْتَهَى والْحَارث ضَعِيف جدا
وَذهل ابْن صَلَاح فِي كِتَابه مُشكل الْوَسِيط فَقَالَ إِن هَذَا الحَدِيث غير صَحِيح وَلَا مَعْرُوف فقد رُوِيَ من وَجْهَيْن كَمَا بَيناهُ وَكَأَنَّهُ لم يظفر بِهِ أصلا
الحَدِيث الثَّانِي من الثَّلَاثَة أَحَادِيث الْمَذْكُورَة رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْإِيمَان من حَدِيث أبي سُفْيَان طَلْحَة بن نَافِع عَن جَابر بن عبد الله انه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول بَين الرجل وَبَين الْكفْر ترك الصَّلَاة انْتَهَى
الحَدِيث الثَّالِث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْحَادِي وَالْعِشْرين مِنْهُ عَن بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن الضَّحَّاك بن حمرَة عَن حطَّان بن عبد الله الرقاشِي عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الزَّكَاة قنطرة الْإِسْلَام انْتَهَى
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد بِهِ سندا ومتنا
وَمن طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كِتَابه الْكَامِل وَمن طَرِيق ابْن عدي رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه الْعِلَل المتناهية وَأَعلاهُ بِالضحاكِ بن حمرَة قَالَ ابْن عدي ضعفه النَّسَائِيّ وَابْن معِين وَمَشاهُ ابْن عدي وَقَالَ إِن أَحَادِيثه حسان غرائب
وَرَوَاهُ كَذَلِك الْقُضَاعِي فِي مُسْند الشهَاب وَأَبُو الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه التَّرْغِيب والترهيب
20 - قَوْله
رُوِيَ أَن أَصْحَاب عبد الله بن مَسْعُود ذكرُوا أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَإِيمَانهمْ فَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود إِن أَمر مُحَمَّد كَانَ أمرا بَينا لمن رَآهُ وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ مَا آمن مُؤمن أفضل من إِيمَان بِغَيْب ثمَّ قَرَأَ الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ الْآيَة(1/43)
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن يزِيد قَالَ ذكرُوا عِنْد عبد الله بن مَسْعُود ... إِلَى آخِره سَوَاء وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
21 - الحَدِيث التَّاسِع
عَن سعد بن عبَادَة أَنه قَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي حق عبد الله ابْن أبي يَا رَسُول الله اعْفُ عَنهُ وَاصْفَحْ فوَاللَّه لقد أَعْطَاك الله الَّذِي أَعْطَاك وَلَقَد اصْطلحَ أهل هَذِه الْبحيرَة أَن يعصبوه بِالْعِصَابَةِ فَلَمَّا رد الله ذَلِك بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاك شَرق بذلك
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير وَفِي الْأَدَب وَفِي الطِّبّ وَمُسلم فِي الْمَغَازِي كِلَاهُمَا من حَدِيث عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن أُسَامَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ركب عَلَى حمَار عَلَى قطيفة فَدَكِيَّة وَأَرْدَفَ أُسَامَة بن زيد وَرَاءه يعود سعد بن عبَادَة فِي بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج ... فَذكره بِطُولِهِ إِلَى أَن قَالَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لسعد ألم تسمع مَا يَقُول أَبُو حباب يُرِيد عبد الله بن أبي قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ سعد بن عبَادَة يَا رَسُول الله اعْفُ عَنهُ وَاصْفَحْ فوَاللَّه الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب لقد جَاءَ الله بِالْحَقِّ الَّذِي أنزل عَلَيْك وَلَقَد اصْطلحَ أهل هَذِه الْبحيرَة عَلَى أَن يُتَوِّجُوهُ فَيعصبُونَهُ بِالْعِصَابَةِ فَلَمَّا أَبَى الله ذَلِك بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاك الله شَرق بذلك فَعَفَا عَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُخْتَصر
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَقَالَ فِيهِ فوَاللَّه لقد أَعْطَاك الله الَّذِي أَعْطَاك وَكَذَلِكَ الْبَزَّار فِي مُسْنده
22 - الحَدِيث الْعَاشِر
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر(1/44)
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ من حَدِيث جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ أحد من الْأَنْبِيَاء قبلي نصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا فأيما رجل من أمتِي أَدْرَكته الصَّلَاة فَليصل وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحد قبلي وَأعْطيت الشَّفَاعَة وَكَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه وَبعثت إِلَى النَّاس عَامَّة انْتَهَى
23 - قَوْله
وَخُوَيصة أحدكُم
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْفِتَن من حَدِيث زِيَاد بن رَبَاح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا الدُّخان والدجال ودابة الأَرْض وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأمر الْعَامَّة وَخُوَيصة أحدكُم انْتَهَى
وَزَاد أَحْمد فِي مُسْنده قَالَ قَتَادَة أَمر الْعَامَّة أَي أَمر السَّاعَة
24 - الحَدِيث الْحَادِي عشر
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن إِبْرَاهِيم كذب ثَلَاث كذبات
قلت رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا ابْن ماجة فَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب بَدْء الْخلق فِي بَاب قَوْله تَعَالَى وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَمُسلم فِي كتاب الْفَضَائِل وَأَبُو دَاوُد فِي كتاب الطَّلَاق وَالنَّسَائِيّ فِي كتاب المناقب كلهم من حَدِيث مُحَمَّد ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يكذب إِبْرَاهِيم إِلَّا ثَلَاث كذبات ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فِي ذَات الله عَزَّ وَجَلَّ قَوْله إِنِّي سقيم وَقَوله بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا 4 قَالَ وَبينا هُوَ ذَات يَوْم وَسَارة إِذْ أَتَيَا عَلَى جَبَّار من الْجَبَابِرَة فَقيل لَهُ إِن هَاهُنَا رجلا مَعَه امْرَأَة من أحسن النَّاس فَأرْسل إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ من هَذِه قَالَ أُخْتِي ثمَّ أَتَى سارة فَقَالَ لَهَا يَا سارة إِنَّه لَيْسَ عَلَى وَجه الأَرْض مُؤمن غَيْرِي وَغَيْرك وَإِن(1/45)
هَذَا سَأَلَني عَنْك فَأَخْبَرته أَنَّك أُخْتِي فَلَا تكذبِينِي فَأرْسل إِلَيْهَا فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ ذهب فَتَنَاولهَا بِيَدِهِ فَأخذ فَقَالَ لَهَا ادعِي الله لي وَأَنا لَا أَضرّك فدعَتْ الله فَأطلق ثمَّ تنَاولهَا الثَّانِيَة فَأخذ مثلهَا أَو أَشد فَقَالَ أَدعِي الله لي وَأَنا لَا أَضرّك فدعَتْ الله فَأطلق فَدَعَا بعض حَجَبته فَقَالَ إِنَّكُم لم تَأْتُونِي بِإِنْسَان إِنَّمَا أَتَيْتُمُونِي بِشَيْطَان فَأَخْدَمَهَا هَاجر فَأَتَت إِبْرَاهِيم وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فَأَوْمَى بِيَدِهِ مَهيم قَالَت رد الله كيد الْكَافِر أَو الْفَاجِر فِي نَحره وَأَخْدَم هَاجر قَالَ أَبُو هُرَيْرَة تِلْكَ أمكُم يَا بني مَاء السَّمَاء انْتَهَى
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء من حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة فَذكره
25 - الحَدِيث الثَّانِي عشر
عَن أبي بكر قَالَ وَرُوِيَ مَرْفُوعا إيَّاكُمْ وَالْكذب فَإِنَّهُ مُجَانب الْإِيمَان
قلت أما الْمَرْفُوع فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي أول كِتَابه الْكَامِل من طَرِيقين دائرين عَلَى إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم عَن أبي بكر الصّديق قَالَ سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول الْكَذِب مُجَانب الْإِيمَان انْتَهَى
وَأما الْمَوْقُوف فَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْأَدَب ثَنَا وَكِيع ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم عَن أبي بكر الصّديق قَالَ إيَّاكُمْ وَالْكذب فَإِن الْكَذِب مُجَانب الْإِيمَان
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الزّهْد وَالرَّقَائِق وَفِي كتاب الْبر والصلة
قَالَ الدَّارقطني فِي كِتَابه الْعِلَل هَذَا الحَدِيث لم يرفعهُ إِلَّا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد وَاخْتلف عَنهُ فرفعه عَنهُ يَحْيَى بن عبد الْملك وجعفر بن زِيَاد الْأَحْمَر(1/46)
وَعَمْرو بن ثَابت وَوَقفه عَنهُ غَيرهم وَهُوَ أصح وَرُوِيَ عَن أبي أُسَامَة وَيزِيد ابْن هَارُون أَنَّهُمَا رَفَعَاهُ وَلَا يثبت عَنْهُمَا انْتَهَى
وَاسْتشْهدَ الطَّيِّبِيّ لِلْمَرْفُوعِ بِحَدِيث رَوَاهُ مَالك فِي أَوَاخِر الْمُوَطَّأ عَن صَفْوَان ابْن سليم قُلْنَا يَا رَسُول الله الْمُؤمن يكون جَبَانًا قَالَ نعم قُلْنَا أَيكُون بَخِيلًا قَالَ نعم قُلْنَا أَيكُون كذابا قَالَ لَا انْتَهَى وَهُوَ مُرْسل وَلَيْسَ بِلَفْظ الْكتاب
26 - الحَدِيث الثَّالِث عشر
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مثل الْمُنَافِق مثل الشَّاة العايرة بَين الْغَنَمَيْنِ تعير إِلَى هَذِه مرّة وَإِلَى هَذِه مرّة
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْمُنَافِقين من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ مثل الْمُنَافِق ... إِلَى آخِره سَوَاء وَفِي رِوَايَة لمُسلم تكر بِكَسْر الْكَاف قَالَ الْجَوْهَرِي وَالْكر هُوَ الرُّجُوع وَتعير بِالْعينِ الْمُهْملَة أَي تَتَرَدَّد وَتذهب
27 - الحَدِيث الرَّابِع عشر
قَالَ المُصَنّف وَمِنْه زَعَمُوا مَطِيَّة الْكَذِب
قلت ذكره المُصَنّف فِي التغابن حَدِيثا مَرْفُوعا عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم أَجِدهُ بِهَذَا اللَّفْظ وَالَّذِي وجدته بئس مَطِيَّة الرجل زَعَمُوا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب حَدثنَا يَحْيَى بن مُوسَى ثَنَا عمر بن يُونُس اليمامي ثَنَا يَحْيَى بن عبد الْعَزِيز عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن أبي قلَابَة عَن أبي الْمُهلب أَن عبد الله ابْن عَامر قَالَ يَا أَبَا مَسْعُود مَا سَمِعت رَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول فِي زَعَمُوا قَالَ سمعته يَقُول بئس مَطِيَّة الرجل زَعَمُوا(1/47)
وَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الزّهْد أخبرنَا الْأَوْزَاعِيّ عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن أبي قلَابَة عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ ... فَذكره
وَمن طَرِيق ابْن الْمُبَارك رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي وَأحمد فِي مُسْنده بِسَنَدِهِ وَمَتنه
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا وَكِيع ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ بِهِ قَالَ قَالَ أَبُو مَسْعُود الْأنْصَارِيّ لِحُذَيْفَة بن الْيَمَان أَو حُذَيْفَة بن الْيَمَان لأبي مَسْعُود مَا سَمِعت من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي زَعَمُوا فَقَالَ سمعته يَقُول بئس مَطِيَّة الرجل زَعَمُوا
وَرَوَاهُ الْقُضَاعِي فِي مُسْند الشهَاب من طَرِيق الإِمَام أبي جَعْفَر الطَّحَاوِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن مَيْمُون الْبَغْدَادِيّ ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن أبي قلَابَة حَدثنِي أَبُو عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بئس مَطِيَّة الرجل زَعَمُوا انْتَهَى قَالَ الْقُضَاعِي وَأَبُو عبد الله هَذَا أَظُنهُ حُذَيْفَة بن الْيَمَان انْتَهَى
وَالْمُصَنّف رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتشْهد بِالْحَدِيثِ عَلَى الْإِسْنَاد إِلَى لفظ الْفِعْل نَحْو قَامَ فعل مَاض وَفِي مَا ذَكرْنَاهُ مَقْصُوده وَإِن كَانَ خِلَافه
وَرَوَى ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة شُرَيْح أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأَسدي ثَنَا سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن شُرَيْح أَنه قَالَ زَعَمُوا كنية الْكَذِب انْتَهَى
28 - قَوْله
رُوِيَ أَن عبد الله بن أبي وَأَصْحَابه خَرجُوا ذَات يَوْم فَاسْتَقْبَلَهُمْ نفر من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ عبد الله انْظُرُوا كَيفَ أرد هَؤُلَاءِ السُّفَهَاء عَنْكُم فَأخذ بيد أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَقَالَ مرْحَبًا بِالصديقِ سيد بني تيم وَشَيخ الْإِسْلَام وَثَانِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي الْغَار الْبَاذِل نَفسه وَمَاله لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ أَخذ بيد عمر وَقَالَ(1/48)
مرْحَبًا بِسَيِّد بني عدي الْفَارُوق الْقوي فِي دين الله الْبَاذِل نَفسه وَمَاله لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ أَخذ بيد عَلّي وَقَالَ مرْحَبًا بِابْن عَم رَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَخَتنه سيد بني هَاشم مَا خلا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ زَاد فِي نُسْخَة فَقَالَ لَهُ عَلّي اتَّقِ الله يَا عبد الله وَلَا تُنَافِق فَإِن الْمُنَافِقين شَرّ خَلِيقَة الله تَعَالَى فَقَالَ مهلا يَا أَبَا الْحسن إِنِّي لَا أَقُول هَذَا نفَاقًا وَالله إِن إيمَاننَا كإيمانكم وَتَصْدِيقنَا وكتصديقكم ثمَّ افْتَرَقُوا فَقَالَ لأَصْحَابه كَيفَ رَأَيْتُمُونِي فعلت فَأَثْنوا عَلَيْهِ خيرا فَنزلت وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا الْآيَة
قلت رَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَنا شيبَة بن مُحَمَّد ثَنَا عَلّي بن مُحَمَّد بن برد ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن نصير ثَنَا يُوسُف بن بِلَال ثَنَا مُحَمَّد بن مَرْوَان عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي عبد الله بن أبي وَأَصْحَابه وَذَلِكَ أَنهم خَرجُوا ذَات يَوْم ... فَذكره وَفِي آخِره فَرَجَعُوا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأخبروه فَنزلت
29 - قَوْله
بلغنَا بِإِسْنَاد صَحِيح عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة أَنه قَالَ كل مَا نزل فِيهِ يَا أَيهَا النَّاس فَهُوَ مكي وَمَا نزل فِيهِ يأيها النَّبِي فمدني
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب فَضَائِل الْقُرْآن حَدثنَا وَكِيع عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة قَالَ كل شَيْء نزل فِيهِ يأيها النَّاس فَهُوَ(1/49)
بِمَكَّة وكل شَيْء نزل فِيهِ يأيها الَّذين آمنُوا فَهُوَ بِالْمَدِينَةِ انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش بِهِ سندا ومتنا وَهَذَا مُرْسل
وَقد أسْند عَن عبد الله بن مَسْعُود رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي آخر كتاب الْهِجْرَة عَن يَحْيَى بن معِين ثَنَا وَكِيع عَن أَبِيه عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله بن مَسْعُود ... فَذكره سَوَاء
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي أَوَاخِر كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة بِسَنَدِهِ وَمَتنه وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده عَن قيس عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله ... فَذكره ثمَّ قَالَ وَهَذَا يرويهِ غير قيس عَن عَلْقَمَة مُرْسلا وَلَا نعلم أحدا أسْندهُ إِلَّا قيس انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الْحَج من حَدِيث وَكِيع بن الْجراح ثَنَا أبي عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله وَرَوَى فِي آخر الْكتاب عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر نَحوه وَاعْترض عَلَى هَذَا بِأَن يأيها النَّاس قد ورد فِي الْمَدَنِيَّات ويأيها الَّذين آمنُوا قد ورد فِي الْمَكِّيَّاتِ وَالْجَوَاب بعد تَقْرِير الْمَكِّيّ وَالْمَدَنِي لم يُطلق عَلَى ثَلَاث اصْطِلَاحَات
أَولهَا هُوَ الْمَشْهُور أَن الْمَكِّيّ مَا نزل قبل الْهِجْرَة وَإِن كَانَ بِالْمَدَنِيَّةِ وَالْمَدَنِي مَا نزل بعد الْهِجْرَة وَإِن كَانَ بِمَكَّة
الثَّانِي أَن الْمَكِّيّ مَا نزل بِمَكَّة وَالْمَدَنِي مَا نزل بِالْمَدِينَةِ
الثَّالِث أَن الْمَكِّيّ مَا وَقع خطابا لأهل مَكَّة وَالْمَدَنِي مَا وَقع خطابا لأهل الْمَدِينَة وَعَلِيهِ يحمل هَذَا الْأَثر لِأَن الْغَالِب كَانَ عَلَى أهل مَكَّة الْكفْر فَخُوطِبُوا بـ (يأيها النَّاس) وَإِن كَانَ غَيرهم دَاخِلا فيهم وَكَانَ الْغَالِب عَلَى أهل الْمَدِينَة الْإِيمَان فَخُوطِبُوا بـ (يأيها الَّذين آمنُوا) وَإِن كَانَ غَيرهم دَاخِلا فيهم وَقد اخْتلف فِي سُورَة النِّسَاء هَل هِيَ مَكِّيَّة أَو مَدَنِيَّة وفيهَا يأيها النَّاس ويأيها الَّذين آمنُوا من فَوَائِد شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة بهاء الدَّين(1/50)
ابْن عقيل رَحِمَهُ اللَّهُ
30 - الحَدِيث الْخَامِس عشر
عَن أنس قَالَ كَانَ الرجل إِذا قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان جد فِينَا
قلت هَذِه قِطْعَة من حَدِيث رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده وَكَذَلِكَ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده فَقَالَا حَدثنَا يزِيد بن هَارُون عَن حميد عَن أنس أَن رجلا كَانَ يكْتب للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقد قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَكَانَ الرجل إِذا قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان جد فِينَا يَعْنِي عظم فَارْتَد ذَلِك الرجل عَن الْإِسْلَام وَلحق بالمشركين فَرَفَعُوهُ وَقَالُوا هَذَا كَانَ يكْتب لمُحَمد فَأُعْجِبُوا بِهِ فَمَا لَبِثُوا أَن قَصم الله عُنُقه فيهم فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحت الأَرْض وَقد نَبَذته عَلَى وَجههَا فَحَفَرُوا لَهُ وَوَاروهُ فَأَصْبَحت الأَرْض وَقد نَبَذته عَلَى وَجههَا فَحَفَرُوا لَهُ وَوَاروهُ فَأَصْبَحت الأَرْض وَقد نَبَذته عَلَى وَجههَا فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا انْتَهَى
والْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ لَيْسَ فِيهِ وَكَانَ الرجل إِذا قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان جد فِينَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي عَلَامَات النُّبُوَّة من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس وَرَوَاهُ مُسلم فِي كتاب الْمُنَافِقين من حَدِيث ثَابت عَن أنس قَالَ كَانَ منا رجل من بني النجار قد قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَكَانَ يكْتب لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَانْطَلق هَارِبا حَتَّى لحق بِأَهْل الْكتاب قَالَ فَرَفَعُوهُ ... الحَدِيث
وَوهم الطَّيِّبِيّ فَعَزاهُ للْبُخَارِيّ وَمُسلم وَلم يخرجَا فِيهِ لفظ المُصَنّف كَمَا ذَكرْنَاهُ
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ فِيهِ وَكَانَ الرجل منا إِذا قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان عد فِينَا ذُو شَأْن
وَذكر المُصَنّف هَذَا الحَدِيث فِي سُورَة الْجِنّ من رِوَايَة عمر وَلم أَجِدهُ إِلَّا من رِوَايَة أنس هَذِه وَالله أعلم وَلم يعزه صَاحب الصِّحَاح من حَدِيث أنس أَعنِي الْجَوْهَرِي(1/51)
31 - قَوْله
وَمِنْه قَول من قَالَ لعَدوه وَقد راءاه بالثناء عَلَيْهِ أَنا دون هَذَا وَفَوق الَّذِي فِي نَفسك
قلت الْقَائِل هُوَ عَلّي بن أبي طَالب وَالْمقول لَهُ ذَلِك هُوَ الْأَشْعَث بن قيس بن معدي كرب رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا عَمْرو بن عَلّي ثَنَا وهب ابْن إِسْمَاعِيل الْأَسدي ثَنَا سعيد بن عبيد الطَّائِي عَن عَلّي بن ربيعَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى عَلّي بن أبي طَالب فَجعل يثني عَلَيْهِ وَكَانَ يبلغهُ عَنهُ خلاف ذَلِك فَقَالَ أَنا دون هَذَا الَّذِي تَقوله وَلَكِنِّي فَوق مَا فِي نَفسك انْتَهَى وَسكت عَلَيْهِ
32 - الحَدِيث السَّادِس عشر
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بشر الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلم إِلَى الْمَسَاجِد بِالنورِ التَّام يَوْم الْقِيَامَة
قلت رُوِيَ من حَدِيث بُرَيْدَة بن الْحصيب وَمن حَدِيث أنس وَمن حَدِيث سهل بن سعد السَّاعِدِيّ وَمن حَدِيث أبي الدَّرْدَاء وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث ابْن عمر وَمن حَدِيث زيد بن حَارِثَة وَمن حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَمن حَدِيث أبي أُمَامَة وَمن حَدِيث عَائِشَة وَمن حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَمن حَدِيث حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم أَجْمَعِينَ
أما حَدِيث بُرَيْدَة فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الصَّلَاة من حَدِيث إِسْمَاعِيل ابْن سُلَيْمَان عَن عبد الله بن أَوْس عَن بُرَيْدَة بن الْحصيب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ بشر الْمَشَّائِينَ ... الحَدِيث قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب انْتَهَى
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَقَالَ تفرد بِهِ إِسْمَاعِيل بن سُلَيْمَان الضَّبِّيّ عَن عبد الله بن أَوْس انْتَهَى وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَالنَّسَائِيّ فِي كتاب الكنى وَسكت عَنهُ(1/52)
أما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ ابْن ماجة حَدثنَا مجزأَة بن سُفْيَان ثَنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد الطَّائِفِي عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس مَرْفُوعا نَحوه
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَسكت عَنهُ وَسَنَده عَن دَاوُد بن سُلَيْمَان ابْن مُسلم ثَنَا أبي عَن ثَابت الْبنانِيّ بِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي كتاب الكنى نَحْو الْحَاكِم
قَالَ ابْن طَاهِر لم يُتَابع دَاوُد عَلَيْهِ وَهُوَ عَن ثَابت غير ثَابت انْتَهَى
وَأما حَدِيث سهل بن سعد السَّاعِدِيّ فَرَوَاهُ ابْن ماجة أَيْضا من حَدِيث زُهَيْر ابْن مُحَمَّد التَّمِيمِي عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ مَرْفُوعا ... فَذكره
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ وَله شَاهد ثمَّ أخرجه عَن أنس وَسكت عَنهُ
وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الأول من الْقسم الأول عَن مَكْحُول عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا ... فَذكره
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه ثَنَا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الْغلابِي ثَنَا الْعَبَّاس بن بكار الضَّبِّيّ ثَنَا أَبُو هِلَال عَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا ... فَذكره
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا حَدثنَا أَحْمد بن دَاوُد الْمَكِّيّ ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن زُرَارَة ثَنَا دَاوُد بن الزبْرِقَان عَن زيد بن أسلم عَن ابْن عمر نَحوه
وَأما حَدِيث زيد بن حَارِثَة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا عَن سُلَيْمَان بن أَحْمد الوَاسِطِيّ عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن أُسَامَة بن زيد عَن أَبِيه زيد بن حَارِثَة مَرْفُوعا ... فَذكره(1/53)
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كِتَابه الْكَامِل وَقَالَ لم يبلغنِي هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَّا عَن سُلَيْمَان هَذَا وَهُوَ عِنْدِي مِمَّن يسرق الحَدِيث وَيشْتَبه عَلَيْهِ وَإِنَّمَا بِهَذَا الْإِسْنَاد أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نضح فرجه انْتَهَى
وَأما حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه أَيْضا وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث عَلّي بن زيد عَن الْحسن عَن أبي مُوسَى مَرْفُوعا
وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا
وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن صَدَقَة ثَنَا أَبُو الْحُسَيْن الرهاوي ثَنَا قَتَادَة بن الْفضل بن قَتَادَة عَن الْحسن ابْن عَلّي الشروي عَن عَطاء عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره ثمَّ قَالَ لم يروه عَن عَطاء عَن عَائِشَة إِلَّا الْحسن تفرد بِهِ قَتَادَة بن الْفضل
وَأما حَدِيث الْخُدْرِيّ فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده ثَنَا عبد الحكم ثَنَا أَبُو الصّديق النَّاجِي عَن أبي سعيد مَرْفُوعا ... فَذكره
وَأعله ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه الْعِلَل المتناهية بِعَبْد الحكم السدُوسِي وَنقل عَن ابْن حبَان أَنه قَالَ لَا يحل كتب حَدِيثه
وَأخرجه أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده عَن عبد الحكم بن عبد الله الْقَاص ثَنَا أَبُو الصّديق النَّاجِي بِهِ
وَأما حَدِيث حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ فَرَوَاهُ أَبُو حَفْص عمر بن شاهين فِي كتاب التَّرْغِيب لَهُ حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحسن ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الْجَوْزِيّ ثَنَا عبد الرَّحِيم بن يَحْيَى الديلِي ثَنَا ابْن عَطاء بن مُسلم عَن أَبِيه عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن معبد بن خَالِد الْجُهَنِيّ عَن حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ مَرْفُوعا ...(1/54)
فَذكره وَزَاد قَالَ يَعْنِي صَلَاتي الْفجْر وَالْعشَاء انْتَهَى
33 - الحَدِيث السَّابِع عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ وَالَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن الرجل من أهل الْجنَّة ليتناول الثَّمَرَة ليأكلها فَمَا هِيَ بِوَاصِلَةٍ إِلَى فِيهِ حَتَّى يُبدل الله مَكَانهَا مثلهَا
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْفِتَن من حَدِيث يَحْيَى بن أبي كثير عَن أبي قلَابَة حَدثنِي أَبُو أَسمَاء الرَّحبِي عَن ثَوْبَان عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن رَبِّي زَوَى لي الأَرْض ... فَذكره بِطُولِهِ إِلَى أَن قَالَ وَزعم أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَا ينْزع رجل من أهل الْجنَّة من ثَمَرهَا شَيْئا إِلَّا أخلف الله مَكَانهَا مثلهَا مُخْتَصر وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده كِلَاهُمَا من حَدِيث ريحَان بن سعيد عَن عباد بن مَنْصُور عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أبي أَسمَاء الرَّحبِي عَن ثَوْبَان أَنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول لَا ينْزع رجل من أهل الْجنَّة من ثَمَرهَا إِلَّا أُعِيد فِي مَكَانهَا مثلهَا انْتَهَى وَسكت عَنهُ الْبَزَّار وَلَفظه فِيهِ إِلَّا أُعِيد فِي مَكَانهَا مِثْلَاهَا عَلَى التَّثْنِيَة وَهَكَذَا أوردهُ المُصَنّف فِي سُورَة الزخرف وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى
34 - الحَدِيث الثَّامِن عشر
عَن سلمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله حييّ كريم يستحي إِذا رفع العَبْد إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَن يردهما صفرا حَتَّى يضع فيهمَا خيرا
قلت رَوَى من حَدِيث سلمَان وَمن حَدِيث أنس وَمن حَدِيث جَابر وَمن حَدِيث ابْن عمر(1/55)
أما حَدِيث سلمَان فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي الصَّلَاة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة فِي الدُّعَاء من حَدِيث جَعْفَر بن مَيْمُون عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن ربكُم حييّ كريم يستحي من عَبده إِذا رفع يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَن يردهما صفرا انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب وَرَوَاهُ بَعضهم وَلم يرفعهُ انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع السَّابِع وَالْعِشْرين من الْقسم الثَّالِث وَلم يقل فِيهِ حَتَّى يضع فيهمَا خيرا
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الدُّعَاء كَذَلِك وَسكت عَنهُ ثمَّ رَوَاهُ من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان مَرْفُوعا وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من طَرِيق أبي بكر بن أبي الدُّنْيَا ثَنَا بشر بن الْوَلِيد القَاضِي ثَنَا عَامر بن يسَاف عَن حَفْص بن عمر بن عبد الله ابْن أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ حَدثنِي أنس بن مَالك أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن الله رَحِيم حييّ كريم يستحي من عَبده أَن يرفع إِلَيْهِ يَدَيْهِ ثمَّ لَا يضع فيهمَا خيرا انْتَهَى وَقَالَ إِسْنَاد صَحِيح
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الصَّلَاة أخبرنَا معمر عَن أبان عَن أنس مَرْفُوعا ... فَذكره وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كتاب الْحِلْية فِي تَرْجَمَة فُضَيْل بن عِيَاض عَن فُضَيْل بن عِيَاض عَن أبان عَن أنس مَرْفُوعا ... فَذكره
وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا عبد الله بن معَاذ ثَنَا ذكْوَان عَن يُوسُف بن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن أَبِيه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله تَعَالَى حييّ كريم يستحي من عَبده أَن يرفع إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيَرُدهُمَا صفرا لَيْسَ فيهمَا شَيْء انْتَهَى قَالَ ابْن طَاهِر(1/56)
ويوسف مَتْرُوك
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه
35 - الحَدِيث التَّاسِع عشر
فِي الحَدِيث اضْطربَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خَاتمًا من ذهب
قلت غَرِيب
وَفِي البُخَارِيّ عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ اصْطنع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خَاتمًا نقش فِيهِ
وَفِي مُسلم عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس أَنه رَأَى فِي يَد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خَاتمًا من ورق يَوْمًا وَاحِدًا ثمَّ إِن النَّاس اضْطَرَبُوا الْخَوَاتِم من ورق فَلَبِسُوهَا
36 - الحَدِيث الْعشْرُونَ
قَالَ المُصَنّف رَحِمَهُ اللَّهُ سمعنَا فِي صَحِيح مُسلم عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود قَالَ دخل شُبَّان من قُرَيْش عَلَى عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها وَهِي هُنَا وهم يَضْحَكُونَ فَقَالَت مَا يُضْحِككُمْ قَالُوا فلَان خر عَلَى طُنب فسطاط فَكَادَتْ عُنُقه أَو عينه أَن تذْهب فَقَالَت لَا تَضْحَكُوا إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول مَا من مُسلم يشاك شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا كتب الله لَهُ بهَا دَرَجَة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي كتاب الْبر والصلة عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود بِهِ بِلَفْظِهِ سَوَاء للْمُصَنف حَدِيث غَيره(1/57)
37 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ مَا أصَاب الْمُؤمن من مَكْرُوه فَهُوَ كَفَّارَة لخطاياه حَتَّى نخبة النملة
قلت غَرِيب جدا
38 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
وَقد ضرب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جنَاح الْبَعُوضَة مثلا للدنيا
قلت كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى حَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن سهل بن سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَو كَانَت الدُّنْيَا تعدل عِنْد الله جنَاح بعوضة مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شربة مَاء وَسَيَأْتِي فِي الزخرف إِن شَاءَ الله تَعَالَى
39 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ
قَالَت عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها فِي حق عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ يَا عجبا لِابْنِ عَمْرو هَذَا
قلت هَذِه قِطْعَة من حَدِيث رَوَاهُ مُسلم فِي الْحيض عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ بلغ عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ كَانَ يَأْمر النِّسَاء إِذا اغْتَسَلْنَ أَن يَنْقُضْنَ رءوسهن فَقَالَت عَائِشَة يَا عجبا لِابْنِ عَمْرو هَذَا يَأْمر النِّسَاء إِذا اغْتَسَلْنَ أَن يَنْقُضْنَ رءوسهن أَفلا يَأْمُرهُنَّ أَن يَحْلِقن رءوسهن لقد كنت أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من إِنَاء وَاحِد وَمَا أَزِيد عَلَى أَن أفرغ عَلَى رَأْسِي ثَلَاث إفْرَاغَات انْتَهَى(1/58)
40 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
عَن ابْن التيهَان أَنه قَالَ فِي بيعَة الْعقبَة لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا رَسُول الله إِن بَيْننَا وَبَين الْقَوْم حِبَالًا وَنحن قَاطِعُوهَا فَنَخْشَى إِن الله أعزّك وَأَظْهَرَك أَن ترجع إِلَى قَوْمك
قلت هَذِه قِطْعَة من حَدِيث بيعَة الْعقبَة رَوَاهُ ابْن هِشَام فِي السِّيرَة وَالْإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة كلهم من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي معبد بن كَعْب عَن أَخِيه عبيد الله بن كَعْب بن مَالك أَن أَبَاهُ كَعْب بن مَالك وَكَانَ مِمَّن شهد الْعقبَة وَبَايع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بهَا قَالَ خرجنَا فِي حجاج من الْمُشْركين وَقد صلينَا ومعنا الْبَراء بن معْرور كَبِيرنَا وَسَيِّدنَا ... إِلَى أَن قَالَ فَتكلم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ودعا إِلَى الله وَرغب فِي الْإِسْلَام وَقَالَ أُبَايِعكُم عَلَى أَن تَمْنَعُونِي مِمَّا تمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَائِكُم وأبنائكم فَأخذ الْبَراء بن معْرور بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ نعم وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ يَا رَسُول الله فَبَايعْنَا يَا رَسُول الله فَنحْن وَالله أهل الْحَرْب وَأهل الْحلقَة وَرِثْنَاهَا كَابِرًا عَن كَابر قَالَ فَاعْترضَ القَوْل - والبراء يكلم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبُو الْهَيْثَم بن التيهَان حَلِيف بني عبد الْأَشْهَل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن بَيْننَا وَبَين الْقَوْم حِبَالًا - يَعْنِي الْيَهُود - وَإِنَّا قَاطِعُوهَا فَهَل عَسَيْت إِن نَحن فعلنَا ذَلِك ثمَّ أظهرك الله أَن ترجع إِلَى قَوْمك وَتَدعنَا فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد تَبَسم - بل الدَّم الدَّم وَالْهدم الْهدم أَنا مِنْكُم وَأَنْتُم مني أُحَارب من حَارَبْتُمْ وَأُسَالِمُ من سَالَمْتُمْ ... الحَدِيث بِطُولِهِ
41 - قَوْله
عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن أحب الْكَلَام إِلَى الله مَا قَالَه أَبونَا آدم حِين اقْتَرَف الْخَطِيئَة سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت(1/59)
وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ يَا رب ألم تخلقني بِيَدِك قَالَ بلَى يَا رب ألم تنفخ فِي الرّوح من روحك قَالَ بلَى يَا رب ألم تسبق رحمتك غضبك قَالَ بلَى قَالَ ألم تسكني جنتك قَالَ بلَى قَالَ يَا رب إِن تبت وأصلحت أَرَاجِعِي أَنْت إِلَى الْجنَّة قَالَ نعم
قلت أما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أَوَائِل الصَّلَاة وَلَيْسَ فِيهِ ذكر آدم فَقَالَ حَدثنَا ابْن فُضَيْل وَأَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن الْحَارِث بن سُوَيْد قَالَ قَالَ ابْن مَسْعُود إِن أحب الْكَلَام إِلَى الله أَن يَقُول الرجل سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك ... إِلَى آخِره
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْفَضَائِل فِي فَضَائِل آدم عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ قَالَ قَالَ يَا رب ألم تخلقني بِيَدِك ... إِلَى آخِره وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
42 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ
كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا حزبه أَمر فزع إِلَى الصَّلَاة
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي صَلَاة اللَّيْل من حَدِيث عبد الْعَزِيز أخي حُذَيْفَة عَن حُذَيْفَة قَالَ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا حزبه أَمر صَلَّى انْتَهَى قَالَ أَبُو دَاوُد وَقد رُوِيَ عَن عبد الْعَزِيز عَن النَّبِي مُرْسلا انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَرَوَاهُ مطولا بِقصَّة الخَنْدَق وَكلهَا فِي كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بِلَفْظ الْكتاب
43 - قَوْله وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه نعي إِلَيْهِ أَخُوهُ قثم وَهُوَ فِي سفر فَاسْتَرْجع(1/60)
وَتَنَحَّى عَن الطَّرِيق وَصَلى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فيهمَا الْجُلُوس ثمَّ قَامَ يمشي إِلَى رَاحِلَته وَهُوَ يَقُول وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السّبْعين من حَدِيث سعيد ابْن مَنْصُور أَنا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية ثَنَا عُيَيْنَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه أَن ابْن عَبَّاس نعي إِلَيْهِ أَخُوهُ قثم ... إِلَى آخِره
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره ثَنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم قَالَا ثَنَا ابْن علية بِهِ
44 - الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة وَكَانَ يَقُول يَا بِلَال رُوحنَا
قلت هما حديثان
الحَدِيث الأول رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى فِي كتاب عشرَة النِّسَاء من طَرِيقين أَحدهمَا من حَدِيث سيار بن حَاتِم عَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي عَن ثَابت عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حبب إِلَيّ من الدُّنْيَا النِّسَاء وَالطّيب وَجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة انْتَهَى
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد والمتن رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب النِّكَاح وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
الطَّرِيق الثَّانِي رَوَاهُ من حَدِيث سَلام بن سُلَيْمَان أبي الْمُنْذر عَن ثَابت بِهِ(1/61)
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد رَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِسَلام وَنقل عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ فِيهِ مُنكر الحَدِيث وَعَن ابْن معِين أَنه قَالَ فِيهِ ضَعِيف قَالَ ابْن عدي وَأَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ أَيْضا فِي ضعفَاهُ وَأعله بِسَلام ثمَّ قَالَ وَقد رُوِيَ من غير هَذَا الْوَجْه فِيهَا لين وَكَأَنَّهُ يُشِير إِلَى الطَّرِيق الأول وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله هَذَا حَدِيث رَوَاهُ سَلام بن سُلَيْمَان أَبُو الْمُنْذر وَسَلام بن أبي الصَّهْبَاء وجعفر بن سُلَيْمَان الضبعِي عَن ثَابت عَن أنس فَرَفَعُوهُ وَخَالفهُم حَمَّاد بن زيد فَرَوَاهُ عَن ثَابت مُرْسلا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّد بن عُثْمَان بن ثَابت الْبَصْرِيّ مُرْسلا والمرسل أشبه بِالصَّوَابِ انْتَهَى وَقد ذكر المُصَنّف الحَدِيث بِتَمَامِهِ فِي سُورَة آل عمرَان
الحَدِيث الثَّانِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْأَدَب من حَدِيث سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ قَالَ رجل قَالَ مسعر أَحْسبهُ من خُزَاعَة - قَالَ سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول يَا بِلَال أقِم الصَّلَاة وَأَرِحْنَا بهَا انْتَهَى وَسَنَده رجال الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا شَيْخه مُسَددًا فَانْفَرد عَنهُ البُخَارِيّ وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا وَكِيع ثَنَا مسعر عَن عَمْرو بن مرّة عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن رجل من أسلم وَهَذَا أَيْضا سَنَد صَحِيحَيْنِ وَرَوَاهُ أَحْمد أَيْضا ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي ثَنَا إِسْرَائِيل عَن(1/62)
عُثْمَان بن الْمُغيرَة عَن سَالم بن أبي الْجَعْد أَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ دخلت مَعَ أبي عَلَى صهر لنا من الْأَنْصَار فَحَضَرت الصَّلَاة فَقَالَ يَا جَارِيَة ائْتِينِي بِوضُوء لعَلي أُصَلِّي فَأَسْتَرِيح فَرَأَى أَنا أَنْكَرْنَا ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول لِبلَال قُم يَا بِلَال فَأَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ انْتَهَى وَهَذَا الْإِسْنَاد عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَقد زَاد فِيهِ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة كَمَا ترَاهُ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن كثير
وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث حَدثنَا أَبُو بكر ثَنَا ابْن عُمَيْر عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة عَن سَالم عَن ابْن الْحَنَفِيَّة قَالَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لِبلَال يَا بِلَال أقِم الصَّلَاة وَأَرِحْنَا بهَا انْتَهَى وَقَالَ وَمَعْنَاهُ نصلي وَنَرُوح إِلَى مَنَازلنَا وَلَيْسَ من الاسْتِرَاحَة وَإِلَّا لقَالَ أَرحْنَا مِنْهَا انْتَهَى وَهَذَا يردهُ مَا تقدم فِي لفظ أَحْمد فَأَسْتَرِيح وَالله أعلم
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابه الْعِلَل من حَدِيث أبي خَالِد الْقرشِي ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن ابْن الْحَنَفِيَّة عَن عَلّي قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا بِلَال أَرحْنَا بِالصَّلَاةِ انْتَهَى ثمَّ قَالَ لم يسْندهُ عَن عَلّي غير أبي خَالِد الْقرشِي ثمَّ رَوَاهُ من حَدِيث حُسَيْن بن علوان ثَنَا أَبُو حَمْزَة الثمالِي عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة عَن بِلَال أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَهُ يَا بِلَال أَرحْنَا بِالصَّلَاةِ انْتَهَى وَسكت عَنهُ
45 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ
وَمِنْه الحَدِيث فِي جَذَعَة ابْن نيار تجزي عَنْك وَلَا تجزي عَن(1/63)
أحد بعْدك
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الْأُضْحِية من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب قَالَ ضحى خَالِي أَبُو بردة بن نيار قبل الصَّلَاة فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شَاتك شَاة لحم قَالَ يَا رَسُول الله إِن عِنْدِي جَذَعَة قَالَ اذْبَحْهَا وَلنْ تجزي عَن أحد بعْدك انْتَهَى
46 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ
وَمِنْه الحَدِيث لَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْجِهَاد وَمُسلم فِي الْحَج وَفِي الْعتْق بِزِيَادَة وَمن ادَّعَى إِلَى غير أَبِيه أَو انْتَمَى إِلَى غير موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل الله مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا من حَدِيث إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أَبِيه عَن عَلّي ابْن أبي طَالب قَالَ مَا كتبنَا عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَّا الْقُرْآن وَمَا فِي هَذِه الصَّحِيفَة قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمَدِينَة حرَام مَا بَين عَابِر إِلَى كَذَا فَمن أحدث حَدثا أَو آوَى مُحدثا فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صرف وَلَا عدل وَذمَّة الْمُسلمين وَاحِدَة يسْعَى بهَا أَدْنَاهُم فَمن أَخْفَر مُسلما فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صرف وَلَا عدل انْتَهَى
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَقَالَ فِي آخِره وَالصرْف وَالْعدْل التَّطَوُّع وَالْفَرِيضَة انْتَهَى
وَأخرجه مُسلم عَن عَاصِم الْأَحول عَن أنس نَحوه لَيْسَ فِيهِ ذمَّة الْمُسلمين وَاحِدَة
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الْمَدِينَة حرم فَمن أحدث فِيهَا أَو آوَى مُحدثا فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صرف وَلَا عدل انْتَهَى(1/64)
وَأخرج فِي الْعتْق بِهَذَا السَّنَد من تولى قوما بِغَيْر إِذن موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل مِنْهُ صرف وَلَا عدل انْتَهَى
وَأخرجه البُخَارِيّ
وَذهل الطَّيِّبِيّ فَعَزاهُ لأبي دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من تعلم صرف الْكَلَام لِيَسْبِيَ بِهِ قُلُوب النَّاس لم يقبل الله مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صرفا وَلَا عدلا انْتَهَى وَهَذَا عجز مِنْهُ وَذُهُول
47 - قَوْله
عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه من لبس نعلا صفراء قل همه
قلت غَرِيب عَن عَلّي وَلم أَجِدهُ إِلَّا عَن ابْن عَبَّاس رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا مُوسَى بن هَارُون ثَنَا سهل بن صَالح ثَنَا ابْن الْعَذْرَاء عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ من لبس نعلا صفراء لم يزل فِي سرُور مَا دَامَ لَابسهَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي كتاب الضُّعَفَاء من حَدِيث الْحسن بن عَلّي النميري عَن فضل بن الرّبيع عَن ابْن جريج بِهِ وَزَاد ثمَّ قَرَأَ صفراء فَاقِع لَوْنهَا تسر الناظرين قَالَ وَالْحسن هَذَا مَجْهُول وَرَوَاهُ فِي تَرْجَمَة الْفضل بن الرّبيع أَيْضا وَقَالَ لَا يُتَابع عَلَيْهِ من وَجه يثبت وَإِنَّمَا تَابعه من هُوَ دونه انْتَهَى
فَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله سَأَلت أبي عَن حَدِيث رَوَاهُ سهل بن عُثْمَان العسكري عَن ابْن الْعَذْرَاء بِهِ فَقَالَ أبي هَذَا حَدِيث كذب مَوْضُوع انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي كِتَابه الْجَامِع عَن سهل بن عُثْمَان بِهِ سندا ومتنا(1/65)
48 - الحَدِيث الثَّلَاثُونَ
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي حق بني إِسْرَائِيل وَالْبَقَرَة لَو اعْترضُوا أدنَى بقرة لكفتهم وَلَكِن شَدَّدُوا فَشدد الله عَلَيْهِم وَالِاسْتِقْصَاء شُؤْم
قلت غَرِيب
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره مَوْقُوفا عَلَى ابْن عَبَّاس وَلم يقل فِيهِ وَالِاسْتِقْصَاء شُؤْم وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيْضا من كَلَام أبي الْعَالِيَة
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره من كَلَام عُبَيْدَة السُّلَيْمَانِي
وَعَزاهُ ابْن كثير فِي تَفْسِيره لِابْنِ مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره عَن سرُور بن الْمُغيرَة عَن زَاذَان عَن عباد بن مَنْصُور عَن الْحسن عَن حَدِيث أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَوْلَا أَن بني إِسْرَائِيل قَالُوا وَإِنَّا إِن شَاءَ الله لَمُهْتَدُونَ مَا أَعْطوهُ أبدا وَلَو أَنهم اعْترضُوا ... إِلَى آخِره لم يقل فِيهِ وَالِاسْتِقْصَاء شُؤْم
وَرَوَى الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث عباد بن مَنْصُور عَن الْحسن عَن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أَن بني إِسْرَائِيل لَو أخذُوا أدنَى بقرة لَأَجْزَأَتْهُمْ انْتَهَى
49 - الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ
فِي الحَدِيث أعظم النَّاس جرما من سَأَلَ عَن شَيْء لم يحرم فَحرم من أجل مَسْأَلته انْتَهَى
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب الِاعْتِصَام وَمُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من حَدِيث عَامر بن سعد عَن أَبِيه سعد بن أبي وَقاص أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن(1/66)
أعظم النَّاس جرما من سَأَلَ عَن شَيْء لم يحرم فَحرم من أجل مَسْأَلته انْتَهَى
50 - قَوْله
وَفِي الحَدِيث لَو لم يستثنوا لما بيّنت لَهُم آخر الْأَبَد
51 - الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه ضحى ببختية بثلاثمائة دِينَار
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب الْحَج من حَدِيث خَالِد بن يزِيد عَن الجهم ابْن الْجَارُود عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه عبد الله بن عمر قَالَ أهْدَى عمر ابْن الْخطاب بُخْتِيَّة
فَأعْطيت بهَا ثلثمِائة دِينَار أَفَأَبِيعهَا وأشتري بِثمنِهَا بدنا قَالَ لَا انحرها إِيَّاهَا انْتَهَى
قَالَ البُخَارِيّ لَا يعرف للجهم سَماع من سَالم هَكَذَا نَقله ابْن الْقطَّان عَنهُ فِي كِتَابه الْوَهم وَالْإِيهَام وَزَاد إِنَّه مَجْهُول لَا يعرف رَوَى عَنهُ غير أبي عبد الرَّحِيم خَالِد بن يزِيد قَالَ وَلم يذكرهُ البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم بِأَكْثَرَ من ذَلِك انْتَهَى
وَبُخْتِيَّة ضَبطه الشَّيْخ زكي الدَّين فِي حَوَاشِيه بِالْبَاء وَالْخَاء قَالَ وَالْبخْت من الْإِبِل مُعرب وَقيل هُوَ عَرَبِيّ وَهِي الطوَال الْأَعْنَاق وَقيل هِيَ الْغِلَاظ ذَات سنَامَيْنِ الْوَاحِد بخْتِي وَالْأُنْثَى بُخْتِيَّة وَجَمعهَا بَخَاتِي غير مَصْرُوف ذَلِك إِن يُخَفف الْيَاء انْتَهَى
وَسَيَأْتِي الحَدِيث بِتَمَامِهِ فِي سُورَة الْحَج إِن شَاءَ الله تَعَالَى(1/67)
52 - الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عِنْد مَوته مَا زَالَت أَكلَة خَيْبَر تعادني فَهَذَا أَوَان قطعت أَبْهَري
قلت رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي ثَنَا سعيد ابْن مُحَمَّد الْوراق ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا زَالَت أَكلَة خَيْبَر تعادني حَتَّى هَذَا أَوَان قطعت أَبْهَري انْتَهَى ثمَّ قَالَ وَسَعِيد بن مُحَمَّد الْوراق من أهل الْكُوفَة وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقد حدث عَنهُ جمَاعَة من أهل الْعلم وَاحْتَملُوا حَدِيثه
وَرَوَاهُ كَذَلِك أَبُو نعيم فِي كتاب الطِّبّ لَهُ عَن سعيد بن مُحَمَّد بِهِ وَقَالَ فِيهِ تعادني كل عَام ... الحَدِيث
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِسَعِيد بن مُحَمَّد وَنقل تَضْعِيفه عَن النَّسَائِيّ وَابْن معِين
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر ثَنَا عَوْف عَن مَيْمُون بن عبد الله عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى خَيْبَر ... فَذكر الْقِصَّة بِطُولِهَا إِلَى أَن قَالَ فَلَمَّا اطْمَأَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَعْنِي بِخَيْبَر أَهْدَت زَيْنَب بنت الْحَارِث إِلَيْهِ شَاة مصلية وَقد جعلت فِيهَا من السم وَكَانَ مَعَه بشر بن الْبَراء فَتَنَاوَلَا مِنْهَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِن هَذَا الْعظم يُخْبِرنِي أَنه مَسْمُوم فَدَعَا بهَا فَاعْترفت وَقَالَت إِن كنت نَبيا فَسَتُخْبِرُ وَإِن كنت غير ذَلِك اسْتَرَحْنَا مِنْك وَمَات بشر من أَكلته تِلْكَ وَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا أم بشر مَا زَالَت أَكلَة خَيْبَر الَّتِي أكلت مَعَ ابْنك تعادني فَهَذَا أَوَان قطعته(1/68)
أَبْهَري مُخْتَصر
وَرَوَى أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الْعَلَاء بن أبي الْعَبَّاس عَن أبي جَعْفَر يرفعهُ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ مَا زَالَت أَكلَة خَيْبَر تعادني فَهَذَا أَوَان قطعت أَبْهَري انْتَهَى
وَرَوَاهُ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث حَدثنَا إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل ثَنَا سُفْيَان عَن الْعَلَاء بن أبي الْعَبَّاس سمع مُحَمَّد بن عَلّي يَقُول قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره بِلَفْظ أبي عبيد وَكِلَاهُمَا معضلان
قَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي وتعادني من الْعداد وَهُوَ الشَّيْء الَّذِي يَأْتِي لوقت دون وَقت كَحمى الرّبع وَالْغِب وَنَحْو ذَلِك وَالْأَبْهَر عرق مُتَّصِل بِالْقَلْبِ إِذا انْقَطع لم تكن مَعَه حَيَاة انْتَهَى قَالَ ابْن دحْيَة وَأَوَان ضَبطنَا بِالرَّفْع عَلَى أَنه خبر الْمُبْتَدَأ وَبِالنَّصبِ عَلَى الْبناء لِإِضَافَتِهِ إِلَى مَبْنِيّ وَهُوَ الْمَاضِي
ذكر مَا جَاءَ فِي ذَلِك من الْأَحَادِيث وَاخْتِلَاف رِوَايَاتهَا
رَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب وَفَاة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من حَدِيث عَنْبَسَة ثَنَا يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَا عَائِشَة مَا زلت أجد ألم الطَّعَام الَّذِي أكلت بِخَيْبَر فَهَذَا أَوَان وجدت انْقِطَاع أَبْهَري من ذَلِك السم انْتَهَى قَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَقد أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا انْتَهَى
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه تَعْلِيقا فِي آخر كتاب الْمَغَازِي وَلَفظه وَقَالَ يُونُس عَن الزُّهْرِيّ قَالَ عُرْوَة قَالَت عَائِشَة ... فَذكره
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي أَوَاخِر الْكتاب بِسَنَدِهِ وَمَتنه
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده كَذَلِك وَقَالَ لَا نعلم رَوَاهُ عَن يُونُس إِلَّا عَنْبَسَة
وَرَوَى البُخَارِيّ فِي الْهِبَة وَمُسلم فِي الطِّبّ من حَدِيث هِشَام بن زيد عَن أنس أَن أمْرَأَة يَهُودِيَّة أَتَت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِشَاة مَسْمُومَة فَأكل مِنْهَا فجيء بهَا(1/69)
إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَأَلَهَا عَن ذَلِك فَقَالَت أُرِيد قَتلك فَقَالَ مَا كَانَ الله لِيُسَلِّطك عَلّي فَقَالُوا يَا رَسُول الله أنقتلها قَالَ لَا قَالَ فَمَا زلت أعرفهَا فِي لَهَوَات النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْتَهَى
وَرَوَى ابْن هِشَام فِي سيرته عَن ابْن إِسْحَاق فِي قصَّة خَيْبَر قَالَ فَلَمَّا اطْمَأَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَعْنِي بِخَيْبَر أَهْدَت زَيْنَب بنت الْحَارِث امْرَأَة سَلام بن مشْكم شَاة مصلية وَقد سَأَلت أَي عُضْو من الشَّاة أحب إِلَيْهِ فَقيل لَهَا الذِّرَاع فَأَكْثَرت فِيهِ من السم ثمَّ جَاءَت فَوَضَعته بَين يَدي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَكَانَ مَعَه بشر بن الْبَراء بن معْرور فَتَنَاوَلَا مِنْهُ فَأَما بشر فَإِنَّهُ أَسَاغَهَا وَأما النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَإِنَّهُ لَاكَهَا ثمَّ لَفظهَا وَقَالَ إِن هَذَا الْعظم يُخْبِرنِي أَنه مَسْمُوم ثمَّ دَعَا بهَا فَاعْترفت وَقَالَت إِن كنت ملكا اسْتَرَحْنَا مِنْك وَإِن كنت نَبيا فَسَتُخْبِرُ فَتَجَاوز عَنْهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمَات بشر من أَكلته الَّتِي أكل
قَالَ ابْن إِسْحَاق فَحَدثني مَرْوَان بن عُثْمَان بن أبي سعيد بن الْمُعَلَّى أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لأم بشر وَقد دخلت عَلَيْهِ يَا أم بشر إِن هَذَا لِأَوَانِ وجدت انْقِطَاع أَبْهَري من الْأكلَة الَّتِي أكلت مَعَ ابْنك بِخَيْبَر قَالَ فَإِن كَانَ الْمُسلمُونَ لَيرَوْنَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَاتَ شَهِيدا مَعَ مَا أكْرمه الله من النُّبُوَّة انْتَهَى
وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْفَضَائِل من طَرِيق أَحْمد بن حَنْبَل ثَنَا إِبْرَاهِيم بن خَالِد ثَنَا رَبَاح بن أبي مَعْرُوف عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك عَن أَبِيه عَن أم بشر قَالَت دخلت عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي وَجَعه الَّذِي قبض فِيهِ فَقلت بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله مَا تهم بِنَفْسِك فَإِنِّي لَا أتهم بِابْني إِلَّا الطَّعَام الَّذِي أكله مَعَك بِخَيْبَر وَكَانَ ابْنهَا بشر بن الْبَراء بن معْرور مَاتَ قبل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ وَأَنا لَا أتهم غَيرهَا فَهَذَا أَوَان انْقَطع أَبْهَري انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده(1/70)
ثمَّ أخرج الْحَاكِم عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو اللَّيْثِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن امْرَأَة يَهُودِيَّة أَتَت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِشَاة مصلية فَجَعَلته للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَصْحَابه يَأْكُلُون فَوضع لقْمَة ثمَّ قَالَ لَهُم أَمْسكُوا إِن هَذِه الشَّاة مَسْمُومَة فَقَالَ لِلْيَهُودِيَّةِ وَيلك لأي شَيْء سممتيني قَالَت أردْت أَن أعلم إِن كنت نَبيا لَا يَضرك وَإِن كنت غير ذَلِك أَن أُرِيح النَّاس مِنْك فَأكل مِنْهَا بشر بن الْبَراء فَمَاتَ فَقَتلهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم
رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي آخر كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة قصَّة خَيْبَر بِطُولِهَا من حَدِيث الزُّهْرِيّ وَقَالَ فِي آخر الْقِصَّة قَالَ الزُّهْرِيّ قَالَ جَابر بن عبد الله وَاحْتَجَمَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمئِذٍ عَلَى الْكَاهِل وَبَقِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعده ثَلَاث سِنِين حَتَّى كَانَ وَجَعه الَّذِي توفّي فِيهِ فَقَالَ مَا زلت أجد من الْأكلَة الَّتِي أكلت من الشَّاة يَوْم خَيْبَر عدادًا حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَان انْقَطع الْأَبْهَر مني فَتوفي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شَهِيدا انْتَهَى
وَرَوَى الدَّارقطني فِي سنَنه فِي الْحُدُود من حَدِيث إِسْحَاق بن بهْلُول الْأَنْبَارِي ثَنَا ابْن أبي فديك عَن يَحْيَى بن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَبِيبَة عَن جده لَبِيبَة الْأنْصَارِيّ قَالَ أَهْدَت يَهُودِيَّة إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شَاة مَسْمُومَة مصلية فَأكل مِنْهَا هُوَ وَبشر بن الْبَراء بن معْرور فمرضا مَرضا شَدِيدا ثمَّ إِن بشرا مَاتَ فَأرْسل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى الْيَهُودِيَّة فَقَالَ لَهَا وَيحك مَا أطعمتينا قَالَت السم قَالَ مَا حملك عَلَى هَذَا قَالَت إِن كنت نَبيا علمت أَنَّهَا لَا تَضُرك وَإِن كنت غير ذَلِك فَأَرَدْت أَن أُرِيح النَّاس مِنْك ثمَّ أَمر بهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَصَلبَتْ انْتَهَى وَهَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه(1/71)
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الدِّيات حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد الْمهرِي ثَنَا ابْن وهب أَخْبرنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ كَانَ جَابر بن عبد الله يحدث أَن يَهُودِيَّة من أهل خَيْبَر سمت شَاة مصلية ثمَّ أَهْدَتْهَا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأخذ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الذِّرَاع فَأكل مِنْهَا وَأكل رَهْط من أَصْحَابه مَعَه ثمَّ قَالَ لَهُم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ارْفَعُوا أَيْدِيكُم وَأرْسل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى الْيَهُودِيَّة فَدَعَاهَا فَقَالَ لَهَا أَسممت هَذِه الشَّاة قَالَت الْيَهُودِيَّة من أخْبرك قَالَ أَخْبَرتنِي هَذِه فِي يَدي لِلذِّرَاعِ قَالَت نعم قَالَ فَمَا أردْت إِلَى ذَلِك قَالَت قلت إِن كَانَ نَبيا فَلَنْ يضرّهُ وَإِن لم يكن نَبيا اسْتَرَحْنَا مِنْهُ فَعَفَا عَنْهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم يُعَاقِبهَا وَتُوفِّي بعض الَّذين أكلُوا من الشَّاة وَاحْتَجَمَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى كَاهِله انْتَهَى
ثَنَا وهب بن بَقِيَّة ثَنَا خَالِد عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَهْدَت لَهُ يَهُودِيَّة بِخَيْبَر شَاة مصلية نَحْو حَدِيث جَابر قَالَ فَمَاتَ بشر بن الْبَراء بن معْرور فَأرْسل إِلَى الْيَهُودِيَّة مَا حملك عَلَى الَّذِي صنعت ثمَّ أَمر بهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقتلت وَلم يذكر الْحجامَة انْتَهَى وَهَذَا الثَّانِي مُرْسل وَقد تقدم للْحَاكِم مُسْندًا من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد ابْن عَمْرو اللَّيْثِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة ... فَذكره وَقَالَ عَلَى شَرط مُسلم
وَذكر عبد الْحق فِي أَحْكَامه هَذَا الْمُرْسل فَقَط وَأعله بِالْإِرْسَال ثمَّ قَالَ وَالصَّحِيح حَدِيث أنس وَحَدِيث أنس تقدم عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم
قَالَ السُّهيْلي فِي الرَّوْض الْأنف وَوجه الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَتلهَا وَأَنه لم يَقْتُلهَا أَنه عَلَيْهِ السَّلَام صفح عَنْهَا فِي الأول لِأَنَّهُ كَانَ لَا ينْتَقم لنَفسِهِ فَلَمَّا مَاتَ بشر بن الْبَراء من تِلْكَ الْأكلَة قَتلهَا وَذَلِكَ أَنه يزل مُعْتَلًّا حَتَّى مَاتَ بعد حول وَقد رَوَى معمر بن رَاشد فِي جَامعه عَن الزُّهْرِيّ أَنه قَالَ أسلمت فَتَركهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ معمر هَكَذَا قَالَ الزُّهْرِيّ أسلمت وَالنَّاس يَقُولُونَ قَتلهَا وَأَنَّهَا لم تسلم انْتَهَى كَلَامه(1/72)
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة فِي الْقصاص فِي الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا قَالَ السُّهيْلي
وَقَالَ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي بَاب غَزْوَة خَيْبَر وَفِي الْغَزْوَة سمت زَيْنَب بنت الْحَارِث امْرَأَة سَلام بن مشْكم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَهْدَت لَهُ شَاة مَسْمُومَة فَأكل مِنْهَا وَهُوَ وناس من أَصْحَابه فيهم بشر بن الْبَراء بن معْرور فَمَاتَ مِنْهَا فَيُقَال إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَتلهَا وَهُوَ الثَّابِت عندنَا ثمَّ رَوَى فِي آخر سيرة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن مُرْسلا أَن بشر بن الْبَراء لما مَاتَ أَمر بهَا عَلَيْهِ السَّلَام فقتلت ثمَّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو هُوَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي إِبْرَاهِيم ابْن إِسْمَاعِيل بن أبي حَبِيبَة عَن دَاوُد بن الْحصين عَن أبي سُفْيَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله ابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله ابْن كَعْب بن مَالك عَن جَابر بن عبد الله قَالَا لما فتح رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خَيْبَر وَاطْمَأَنَّ عَمَدت زَيْنَب بنت الْحَارِث إِلَى شَاة فَصلتهَا وَشَاوَرْت يهود فِي سم تَجْعَلهُ فِيهَا فَأَجْمعُوا لَهَا عَلَى سم بِعَيْنِه لَا يطبى يَقُول يقتل من سَاعَته فَسَمت الشَّاة وَأَكْثَرت مِنْهُ فِي الْكَتف فَلَمَّا صَلَّى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمغرب وَجلسَ فِي أَصْحَابه أَتَت إِلَيْهِ فَقَالَت يَا مُحَمَّد هَدِيَّة أَهْدَيْتهَا إِلَيْك ثمَّ وَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ لأَصْحَابه ادْنُوا فَتَعَشَّوْا فَتَنَاول عَلَيْهِ السَّلَام الذِّرَاع فانتهسها وَتَنَاول بشر ابْن الْبَراء عظما آخر فانتهسه فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام ارْفَعُوا أَيْدِيكُم فَإِن هَذِه الذِّرَاع تُخبرنِي أَنَّهَا مَسْمُومَة فَقَالَ بشر وَالله يَا رَسُول الله لقد وجدت مِنْهَا مَا وجدت وَلَكِن كرهت أَن أنفصل طَعَامك فَلم يقم بشر من مَكَانَهُ حَتَّى عَاد لَونه كَالطَّيْلَسَانِ وَتَمَادَى بِهِ وَجَعه سنة ثمَّ مَاتَ وَقَالَ بَعضهم لم يرم من مَكَانَهُ حَتَّى مَاتَ قَالَ وَطرح مِنْهَا لكَلْب فَأكل فَلم يتبع يَده حَتَّى مَاتَ فَدَعَاهَا عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَهَا عَن ذَلِك فَقَالَت قتلت أبي وَعمي وَزَوْجي وَقلت إِن كنت نَبيا فَسَتُخْبِرُ وَإِن كَانَ غير ذَلِك اسْتَرَحْنَا مِنْهُ فَدَفعهَا عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى وُلَاة بشر بن الْبَراء فَقَتَلُوهَا وَهُوَ الثَّابِت عندنَا وَاحْتَجَمَ عَلَيْهِ السَّلَام وَأمر أَصْحَابه فَاحْتَجمُوا فِي رؤوسهم وعاش عَلَيْهِ السَّلَام بعد ذَلِك ثَلَاث سِنِين وَقَالَ مَا زلت(1/73)
أجد من أَكلَة خَيْبَر عدادًا حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَان انْقِطَاع أَبْهَري وَتوفى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شَهِيدا انْتَهَى
قلت ذكر الْوَاقِدِيّ هَذَا الْكَلَام فِي الْمَغَازِي من غير سَنَد وَلم يقل فِيهِ فَدَفعهَا عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أَوْلِيَاء بشر فَقَتَلُوهَا وَإِنَّمَا قَالَ وَقد اخْتلف عَلَيْهَا فِي هَذِه الْمَرْأَة فَقَالَ قَائِل إِنَّه عَلَيْهِ السَّلَام قَتلهَا وَقَالَ قَائِل إِنَّه عَفا عَنْهَا وَقَالَ فِيهِ أَنه أكل مِنْهَا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غير بشر ثَلَاثَة نفر إِلَّا أَنهم لم يسِيغُوا وَلم يسغْ مِنْهَا غير النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَبشر
53 - وَقَوله
عَن عَلّي أَنه كَانَ يطوف بَين الصفين فِي غِلَالَتِهِ قَالَ لَهُ ابْنه الْحسن مَا هَذَا بزِي الْمُحَاربين فَقَالَ يَا بني لَا يُبَالِي أَبوك سقط عَلَى الْمَوْت أم الْمَوْت سقط عَلَيْهِ
وَعَن حُذَيْفَة أَنه كَانَ يتَمَنَّى الْمَوْت فَلَمَّا احْتضرَ قَالَ حبيب جَاءَ عَلَى فاقة وَقَالَ عمار بصفين الْآن أُلَاقِي الْأَحِبَّة مُحَمَّدًا وَحزبه
قلت
أما حَدِيث حُذَيْفَة فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْفِتَن من حَدِيث يَحْيَى بن أبي كثير عَن زيد بن سَلام عَن أَبِيه عَن جده أَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان لما احْتضرَ قَالَ حبيب جَاءَ عَلَى فاقة انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
وَأما حَدِيث عمار فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده كِلَاهُمَا من حَدِيث ربيعَة بن ناجد قَالَ قَالَ عمار يَوْم صفّين الْيَوْم أُلَاقِي الْأَحِبَّة مُحَمَّدًا وَحزبه لقد قَاتَلت بِهَذِهِ الرَّايَة ثَلَاثًا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهَذِه الرَّابِعَة انْتَهَى قَالَ الْبَزَّار لَا نعلم رَوَى ربيعَة بن ناجد عَن عمار إِلَّا هَذَا الحَدِيث
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة عمار عَن أبي سِنَان الدؤَلِي قَالَ(1/74)
رَأَيْت عمار بن يَاسر يَوْم صفّين دَعَا بشراب فَأتي بقدح من لبن فَشرب مِنْهُ ثمَّ قَالَ صدق الله وَرَسُوله الْيَوْم ألْقَى الْأَحِبَّة مُحَمَّدًا وَحزبه
54 - الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَو تمنوا الْمَوْت - يَعْنِي الْيَهُود - لغص كل أحد بريقه فَمَاتَ مَكَانَهُ
قلت غَرِيب بِهَذَا الْفظ
وَرَوَى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب بَدْء الْخلق من حَدِيث عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ أَبُو جهل إِن رَأَيْت مُحَمَّدًا عِنْد الْكَعْبَة لَآتِيَنه حَتَّى أَطَأ عَلَى عُنُقه فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَو فعل لَأَخَذته الْمَلَائِكَة عيَانًا وَلَو أَن الْيَهُود تمنوا الْمَوْت لماتوا وَرَأَوا مَقَاعِدهمْ فِي النَّار
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من حَدِيث الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ للْيَهُود إِن كُنْتُم صَادِقين فِي مَقَالَتَكُمْ فَقولُوا اللَّهُمَّ أمتنَا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يَقُولهَا رجل مِنْكُم إِلَّا غص بريقه وَمَات مَكَانَهُ قَالُوا فَأنْزل الله وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ الْآيَة
وَذكر الثَّعْلَبِيّ من غير سَنَد فَقَالَ وَرَوَى ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف
وَرَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره مَوْقُوفا عَلَى ابْن عَبَّاس بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء
55 - الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن عبد الله بن صوريا حَاج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَسَأَلَهُ عَمَّن عَلَيْهِ يهْبط بِالْوَحْي فَقَالَ ذَلِك جِبْرِيل فَقَالَ ذَاك عدونا(1/75)
وَلَو كَانَ غَيره لآمَنَّا بك وَقد عَادَانَا مرَارًا أَشدّهَا أَنه أنزل عَلَى نَبينَا أَن بَيت الْمُقَدّس سيخربه بخْتنصر فَبَعَثنَا إِلَيْهِ من يقْتله فَلَقِيَهُ بِبَابِل غُلَاما مِسْكينا فَدفعهُ عَنهُ جِبْرِيل وَقَالَ إِن كَانَ الله أمره بِهَلَاكِكُمْ فَلَنْ يسلطكم عَلَيْهِ وَإِن لم يكن إِيَّاه فعلَى أَي شَيْء تَقْتُلُونَهُ فَصدقهُ صاحبنا وَرجع عَنهُ ثمَّ أَن بخْتنصر كبر وَقَوي فغزانا وَخرب بَيت الْمُقَدّس فَلذَلِك نتخذه عدونا فَأنْزل الله الْآيَة
قلت حَدِيث غَرِيب وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من غير سَنَد فَقَالُوا وَرَوَى ابْن عَبَّاس أَن حبرًا من أَحْبَار الْيَهُود من فدك يُقَال لَهُ عبد الله بن صوريا حَاج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... إِلَى آخِره سَوَاء
56 - الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَنه كَانَ لعمر أَرض بِأَعْلَى الْمَدِينَة وَكَانَ مَمَره عَلَى مدارس الْيَهُود وَكَانَ يجلس إِلَيْهِم وَيسمع كَلَامهم وَقَالُوا يَا عمر قد أَحْبَبْنَاك وَإِنَّا لَنَطْمَع فِيك فَقَالَ وَالله مَا أجيئكم لِحُبِّكُمْ وَلَا أَسأَلكُم لِأَنِّي شَاك فِي ديني وَإِنَّمَا أَدخل عَلَيْكُم لِأَزْدَادَ بَصِيرَة فِي أَمر مُحَمَّد وَأرَى آثاره فِي كتابكُمْ ثمَّ سَأَلَهُمْ عَن جِبْرِيل فَقَالُوا ذَاك عدونا يطلع مُحَمَّدًا أَسْرَارنَا وَهُوَ صَاحب كل خسف وَعَذَاب وَإِن مِيكَائِيل يَجِيء بِالْخصْبِ وَالسَّلَام فَقَالَ لَهُم وَمَا مَنْزِلَتهمْ من الله قَالُوا أقرب منزلَة جِبْرِيل عَن يَمِينه وَمِيكَائِيل عَن يسَاره وَمِيكَائِيل عَدو لجبريل فَقَالَ عمر لَئِن كَانَ كَمَا تَقولُونَ فَمَا هما بعدوين وَلَأَنْتُمْ أكفر من الْحمير من كَانَ عدوا لأَحَدهمَا كَانَ عدوا للْآخر وَمن(1/76)
كَانَ عدوا لَهما كَانَ عدوا لله ثمَّ رَجَعَ عمر فَوجدَ جِبْرِيل قد سبقه بِالْوَحْي فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لقد وَافَقَك رَبك يَا عمر فَقَالَ عمر لقد رَأَيْتنِي فِي دين الله بعد ذَلِك أَصْلَب من الْحجر
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُوسَى بن هَارُون ثَنَا عَمْرو بن حَمَّاد ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى قل من كَانَ عدوا لجبريل فَإِنَّهُ نزله عَلَى قَلْبك الْآيَة قَالَ كَانَ لعمر بن الْخطاب أَرض بِأَعْلَى الْمَدِينَة ... فَذكره إِلَى آخِره إِلَّا أَنه قَالَ فَوجدَ جِبْرِيل قد سبقه بِالْوَحْي قَالَ فَدَعَاهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ عمر وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد جئْتُك وَمَا أُرِيد إِلَّا أَن أخْبرك انْتَهَى
وَرَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ أخبرنَا أَبُو بكر الْأَصْبَهَانِيّ أَنا أَبُو الشَّيْخ الْحَافِظ أَنا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيّ ثَنَا سهل بن عُثْمَان ثَنَا عَلّي بن مسْهر عَن دَاوُد عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَ لعمر ... فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف وَزَاد فِي أَثْنَائِهِ زِيَادَة يسيرَة
وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ عَن قَتَادَة وَعِكْرِمَة وَالسُّديّ من غير سَنَد لَكِن سَنَده إِلَيْهِم مَذْكُور فِي أول كِتَابه
57 - الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
عَن ابْن عَبَّاس أَن ابْن صوريا قَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا جئتنا بِشَيْء نعرفه وَمَا أنزل عَلَيْك من آيَة فنتبعك لَهَا فَنزلت
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا أَبُو كريب ثَنَا يُونُس بن بكير ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثَنَا مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد مولَى زيد بن ثَابت حَدثنِي سعيد بن جُبَير أَو عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ ابْن صوريا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا جئتنا ... إِلَى آخِره قَالَ فَأنْزل الله تَعَالَى وَلَقَد أنزلنَا إِلَيْك آيَات بَيِّنَات وَمَا يكفر بهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ انْتَهَى وَذكره الثَّعْلَبِيّ من غير سَنَد(1/77)
58 - الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن سعد بن معَاذ سَمعهَا من الْيَهُود يَعْنِي قَوْلهم رَاعنا فَقَالَ يَا أَعدَاء الله عَلَيْكُم لعنة الله وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَئِن سَمعتهَا من رجل مِنْكُم يَقُولهَا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَأَضرِبَن عُنُقه
قلت رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو نعيم فِي كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْمُقْرِئ ثَنَا أَحْمد بن فَرح ثَنَا أَبُو عمر الدوري ثَنَا مُحَمَّد بن مَرْوَان عَن مُحَمَّد ابْن السَّائِب الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى لَا تَقولُوا رَاعنا قَالَ رَاعنا بِلِسَان الْيَهُود السب الْقَبِيح وَكَانَت الْيَهُود يَقُولُونَهَا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سرا فَلَمَّا سمعُوا أَصْحَابه أعْلنُوا بهَا وَكَانُوا يَقُولُونَهَا وَيضْحَكُونَ مِنْهَا فَسَمعَهَا سعد بن معَاذ مِنْهُم فَقَالَ يَا أَعدَاء الله ... إِلَى آخِره سَوَاء
59 - الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن فنحَاص بن عازورا وَزيد بن قيس وَنَفَرًا من الْيَهُود قَالُوا لِحُذَيْفَة بن الْيَمَان وعمار بن يَاسر - بعد وَاقعَة أحد - ألم تروا مَا أَصَابَكُم وَلَو كُنْتُم عَلَى الْحق مَا هُزِمْتُمْ فَارْجِعُوا إِلَى ديننَا فَهُوَ خير لكم وَأفضل وَنحن أهْدَى مِنْكُم سَبِيلا فَقَالَ عمار كَيفَ نقض الْعَهْد فِيكُم قَالُوا شَدِيد قَالَ فَإِنِّي عَاهَدت أَن لَا أكفر بِمُحَمد مَا عِشْت فَقَالَ الْيَهُود أما هَذَا فقد صَبأ وَأما حُذَيْفَة فَقَالَ رضيت بِاللَّه رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَبِالْإِسْلَامِ دينا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا وَبِالْكَعْبَةِ قبْلَة وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا ثمَّ أَتَيَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ أصبْتُمَا خيرا وأفلحتما(1/78)
قلت غَرِيب وَهُوَ فِي تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ هَكَذَا من غير سَنَد وَلَا راو
60 - الحَدِيث الْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن وَفد نَجْرَان لما قدمُوا عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَتَاهُم أَحْبَار الْيَهُود فَتَنَاظَرُوا حَتَّى ارْتَفَعت أَصْوَاتهم فَقَالَ الْيَهُود مَا أَنْتُم عَلَى شَيْء وَكَفرُوا بِعِيسَى وَالْإِنْجِيل وَقَالَت النَّصَارَى لَهُم نَحوه وَكَفرُوا بمُوسَى والتوراة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثني مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد مولَى زيد بن ثَابت ثني سعيد بن جُبَير أَو عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما قدم أهل نَجْرَان من النَّصَارَى عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَتَتْهُم أَحْبَار يهود فتنازعوا عِنْد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ رَافع بن حُرَيْمِلَة مَا أَنْتُم عَلَى شَيْء وَكفر بِعِيسَى وَالْإِنْجِيل فَقَالَ رجل من أهل نَجْرَان من النَّصَارَى للْيَهُود مَا أَنْتُم عَلَى شَيْء وَجحد نبوة مُوسَى وَكفر بِالتَّوْرَاةِ فَأنْزل الله تَعَالَى وَقَالَت الْيَهُود لَيست النَّصَارَى عَلَى شَيْء وَقَالَت النَّصَارَى ... الْآيَة
61 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَلا لَا يَحُجن بعد هَذَا الْعَام مُشْرك وَلَا يَطُوفَن بِالْبَيْتِ عُرْيَان
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي تَفْسِير سُورَة بَرَاءَة وَمُسلم فِي الْحَج من حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن أَبَا بكر بعثة فِي الْحجَّة الَّتِي أمره رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَيْهَا قبل حجَّة الْوَدَاع فِي رَهْط يُؤذنُونَ فِي النَّاس يَوْم النَّحْر أَلا لَا يَحُجن بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان انْتَهَى زَاد البُخَارِيّ قَالَ حميد(1/79)
ثمَّ أرْدف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعلي فَأمره أَن يُؤذن بِبَرَاءَة قَالَ أَبُو هُرَيْرَة فَأذن مَعنا عَلّي فِي أهل منى يَوْم النَّحْر بِبَرَاءَة وَلَا يَحُجن بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان انْتَهَى
62 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه أَخذ بيد عمر قَالَ هَذَا مقَام إِبْرَاهِيم فَقَالَ عمر أَفلا نتخذه مُصَلَّى فَقَالَ لم أومر بذلك فَلم تغب الشَّمْس حَتَّى نزلت
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَيقرب مِنْهُ مَا رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة مُجَاهِد من حَدِيث جَعْفَر بن مُحَمَّد الْمَدَائِنِي حَدثنِي أبي عَن هَارُون الْأَعْوَر عَن أبان بن تغلب عَن الحكم بن مُجَاهِد عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَخذ بيد عمر فَمر عَلَى الْمقَام فَقَالَ لَهُ يَا نَبِي الله هَذَا مقَام إِبْرَاهِيم قَالَ نعم قَالَ أَلا نتخذه مُصَلَّى فَأنْزل الله وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى الْآيَة انْتَهَى ثمَّ قَالَ غَرِيب من حَدِيث مُجَاهِد عَن ابْن عمر تفرد بِهِ جَعْفَر بن مُحَمَّد الْمَدَائِنِي عَن هَارُون رَوَاهُ تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ فَإِن أبان بن تغلب لَقِي أنس بن مَالك وَالْحكم لَقِي عدَّة من الصَّحَابَة وَمُجاهد لَقِي أكَابِر الصَّحَابَة والْحَدِيث صَحِيح ثَابت من حَدِيث جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه انْتَهَى
والْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ عَن أنس قَالَ قَالَ عمر وَافقنِي رَبِّي فِي ثَلَاث قلت يَا رَسُول الله لَو اتَّخذت من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى فَنزلت وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى وَآيَة الْحجاب وَاجْتمعَ نسَاء النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي الْغيرَة فَقلت لَهُنَّ عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن فَنزلت انْتَهَى(1/80)
63 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اسْتَلم الْحجر وَرمل ثَلَاثَة أَشْوَاط وَمَشى أَرْبَعَة حَتَّى إِذا فرغ عمد إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم فَصَلى خَلفه رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَرَأَ وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى
قلت هَكَذَا لَفظه وَالَّذِي فِي حَدِيث جَابر الطَّوِيل فِي الْحَج أَنه قَرَأَ الْآيَة قبل صلَاته وَلَفظه حَتَّى إِذا أَتَيْنَا الْبَيْت مَعَه اسْتَلم الرُّكْن فَرمَلَ ثَلَاثًا وَمَشى أَرْبعا ثمَّ نفذ إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَقَرَأَ وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى فَجعل الْمقَام بَينه وَبَين الْبَيْت وَصَلى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فيهمَا قل هُوَ الله أحد وَقل يأيها الْكَافِرُونَ الحَدِيث بِطُولِهِ
ثمَّ وجدت نُسْخَة أُخْرَى من الْكَشَّاف مُعْتَمدَة وفيهَا بِالْوَاو وَهُوَ الصَّوَاب
64 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ رُوِيَ أَن الله تَعَالَى أنزل الْبَيْت ياقوتة من يَوَاقِيت الْجنَّة لَهُ بَابَانِ شَرْقي وَغَرْبِيٌّ وَقَالَ لآدَم أهبطت لَك مَا يُطَاف بِهِ كَمَا يُطَاف حول عَرْشِي فَتوجه آدم من أَرض الْهِنْد إِلَيْهِ مَاشِيا وَتَلَقَّتْهُ الْمَلَائِكَة فَقَالُوا بر حجك يَا آدم لقد حجَجنَا هَذَا الْبَيْت قبلك بألفي عَام
65 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنا دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وبشرى عِيسَى ورؤيا أُمِّي
قلت رُوِيَ من حَدِيث عرباض بن سَارِيَة وَمن حَدِيث أبي أُمَامَة وَمن حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس
فَحَدِيث عرباض بن سَارِيَة رَوَاهُ ابْن حَيَّان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع التَّاسِع وَالْمِائَة من الْقسم الثَّانِي من حَدِيث سعيد بن سُوَيْد عَن عبد الْأَعْلَى بن هِلَال السّلمِيّ عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَه لَهُ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول أَنا عبد الله وَخَاتم النَّبِيين وَأبي آدم لَمُنْجَدِل فِي طينته وَسَأُخْبِرُكُمْ عَن ذَلِك أَنا دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وَبشَارَة عِيسَى ورؤيا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ وَإِن أم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَأَتْ حِين وَضعته نورا أَضَاءَت لَهُ قُصُور الشَّام ثمَّ تَلا يأيها النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا الْآيَة
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأب يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده وَالْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ وَسَعِيد بن سُوَيْد لَيْسَ بِهِ بَأْس وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَفِي دَلَائِل النُّبُوَّة(1/81)
65 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنا دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وبشرى عِيسَى رُؤْيا أُمِّي
قلت رُوِيَ من حَدِيث عرباض بن سَارِيَة وَمن حَدِيث أبي أُمَامَة وَمن حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس
فَحَدِيث عرباض بن سَارِيَة رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع التَّاسِع وَالْمِائَة من الْقسم الثَّانِي من حَدِيث سعيد بن سُوَيْد عَن عبد الْأَعْلَى بن هِلَال السّلمِيّ عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَه لَهُ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول أَنا عبد الله وَخَاتم النَّبِيين وَأبي آدم لَمُنْجَدِل فِي طينته وَسَأُخْبِرُكُمْ عَن ذَلِك أَنا دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وَبشَارَة عِيسَى ورؤيا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ وَإِن أم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَأَتْ حِين وَضعته نورا أَضَاءَت لَهُ قُصُور الشَّام ثمَّ تَلا يأيها النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا الْآيَة
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده وَالْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ وَسَعِيد بن سُوَيْد لَيْسَ بِهِ بَأْس وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَفِي دَلَائِل النُّبُوَّة(1/82)
وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة فَرَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مسنديهما وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان كِلَاهُمَا من حَدِيث فرج بن فضَالة عَن لُقْمَان بن عَامر عَن أبي أُمَامَة قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا كَانَ بَدْء أَمرك قَالَ دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وبشرى عِيسَى وَرَأَتْ أُمِّي أَنه خرج مِنْهَا نور أَضَاءَت مِنْهُ قُصُور الشَّام انْتَهَى
زَاد الْبَيْهَقِيّ فِيهِ قَالَ دَعْوَة إِبْرَاهِيم فَهِيَ قَوْله رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا وَأما بِشَارَة عِيسَى فَهِيَ أَن الله تَعَالَى أَمر عِيسَى أَن يبشر بِهِ قومه وَأما رُؤْيا أمه ... ثمَّ سَاق بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن إِسْحَاق قَالَ كَانَت آمِنَة بنت وهب أم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تحدث أَنَّهَا أتيت حِين حملت بِمُحَمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقيل لَهَا إِنَّك قد حملت بِسَيِّد هَذِه الْأمة فَإِذا وَقع عَلَى الأَرْض فَقولِي أُعِيذهُ بِالْوَاحِدِ من شَرّ كل حَاسِد فِي كل بر عَاهَدَ وكل عبد رايد يُرَاوِد غير رايد فَإِنَّهُ عبد الحميد الْمَاجِد حَتَّى أرَاهُ قد أَتَى الْمشَاهد قَالَ وَآيَة ذَلِك يخرج مَعَه نور يمْلَأ قُصُور بصرَى فَإِذا وَقع فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا فَسَمتْهُ بذلك انْتَهَى
وَلِلْحَدِيثِ طَرِيق آخر عِنْد الْحَاكِم رَوَاهُ فِي كتاب الْفَضَائِل من الْمُسْتَدْرك من طَرِيق ابْن إِسْحَاق عَن ثَوْر بن يزِيد عَن خَالِد بن معدان عَن أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالُوا يَا رَسُول الله أخبرنَا عَن نَفسك قَالَ دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وبشرى عِيسَى وَرَأَتْ أُمِّي أَنه خرج مِنْهَا نور أَضَاءَت مِنْهُ قُصُور الشَّام انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى وَالله أعلم
وَأما حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس فَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده ثَنَا يَحْيَى ابْن حجر بن النُّعْمَان السَّامِي ثَنَا مُحَمَّد بن يعْلى الْكُوفِي ثَنَا عمر بن صبيح عَن ثَوْر بن يزِيد عَن مَكْحُول عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنا دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وبشرى أخي عِيسَى بن مَرْيَم وَإِن أُمِّي رَأَتْ فِي بَطنهَا نورا قَالَت فَجعلت أتبع بَصرِي النُّور فَجعل النُّور يسْبق بَصرِي حَتَّى أَضَاء لي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا مُخْتَصر(1/83)
66 - 66 الحَدِيث السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ
فِي الحَدِيث الْكبر أَن تسفه الْحق وَتَغْمِص النَّاس
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث ابْن مَسْعُود وَمن حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَمن حَدِيث أبي رَيْحَانَة وَمن حَدِيث ثَابت بن قيس بن شماس وَمن حَدِيث سَواد بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث ابْن عمر وَمن حَدِيث جَابر بن عبد الله وَمن حَدِيث عقبَة بن عَامر وَمن حَدِيث الْحُسَيْن بن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم أَجْمَعِينَ
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الْخَامِس وَالسِّتِّينَ من الْقسم الثَّالِث عَن أبي يعْلى الْموصِلِي بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي حبب إِلَيّ الْجمال فَمَا أحب أَن يَفُوقَنِي أحد فِيهِ بِشِرَاك أَفَمَن الْكبر هَذَا قَالَ لَا قَالَ إِنَّمَا الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس انْتَهَى
رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب اللبَاس وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا من حَدِيث ابْن عون عَن عَمْرو ابْن سعيد عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن مَسْعُود أَن مَالك بن مرَارَة الرهاوي قَالَ يَا رَسُول الله إِن لي من الْجمال مَا ترَى وَإِنِّي لَا أحب أحدا يُفَضِّلُنِي بِشِرَاكَيْنِ فَمَا فَوْقهمَا أَفَهَذَا من الْبَغي قَالَ لَا إِنَّمَا الْبَغي من سفه الْحق وَغَمص النَّاس قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ كَذَلِك إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مسنديهما ثَنَا النَّضر بن شُمَيْل ثَنَا ابْن عون بِهِ وَزَاد فِيهِ قَالَ النَّضر غمط النَّاس أَي اِحْتَقَرَهُمْ انْتَهَى(1/66)
وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قلت يَا رَسُول الله أَمن الْكبر أَن ألبس الثَّوْب الْحسن قَالَ لَا قلت يَا رَسُول الله فَمَا الْكبر قَالَ أَن تسفه الْحق وَتَغْمِص النَّاس مُخْتَصر
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب ثَنَا حَمَّاد ابْن زيد عَن الصعب بن زُهَيْر عَن زيد بن أسلم قَالَ لَا أعلمهُ إِلَّا عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ جَاءَ الرجل فَقَالَ يَا رَسُول الله الْكبر أَن يكون لِأَحَدِنَا حلَّة يلبسهَا قَالَ لَا قَالَ فَهُوَ أَن يكون لَهُ نَعْلَانِ حَسَنَتَانِ قَالَ لَا قَالَ فَهُوَ أَن يكون لَهُ دَابَّة يركبهَا قَالَ لَا قَالَ فَهُوَ أَن يكون لَهُ أَصْحَاب يَجْلِسُونَ إِلَيْهِ قَالَ لَا قَالَ يَا رَسُول الله فَمَا الْكبر قَالَ سفه الْحق وَغَمص النَّاس مُخْتَصر
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي كتاب الزّهْد حَدثنَا عَلّي بن ثَابت ثَنَا هِشَام بن سعد عَن زيد بن أسلم بِهِ
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَدَب أَيْضا ثَنَا عبد الله بن مسلمة ثَنَا عبد الْعَزِيز عَن زيد بن أسلم بِهِ
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده عَن أبي بكر بن أبي سُبْرَة بِهِ عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله بن عَمْرو ... فَذكره وَسكت عَنهُ
وَأما حَدِيث أبي رَيْحَانَة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّادِس وَالْخمسين كِلَاهُمَا من حَدِيث حريز بن عُثْمَان عَن سعيد بن مرْثَد الرَّحبِي عَن عبد الرَّحْمَن بن حَوْشَب عَن ثَوْبَان بن شهر الْأَشْعَرِيّ قَالَ سَمِعت كريب بن أَبْرَهَة بن الصَّباح وَهُوَ جَالس مَعَ عبد الْملك بن مَرْوَان عَلَى(1/85)
سطح وَذكروا الْكبر فَقَالَ كريب سَمِعت أَبَا رَيْحَانَة يَقُول سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول إِنَّه لَا يدْخل شَيْء من الْكبر الْجنَّة فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله إِنِّي أحب أَن أَتَجَمَّل فِي جلان سَوْطِي وَشسع نَعْلي فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ إِن ذَلِك لَيْسَ بِالْكبرِ إِن الله جميل يحب الْجمال إِنَّمَا الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس انْتَهَى وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده كَذَلِك
وَأما حَدِيث ثَابت بن قيس بن شماس فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث ابْن أبي لَيْلَى عَن أَخِيه عِيسَى عَن أَبِيه عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن ثَابت بن قيس بن شماس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحوه
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره
وَأما حَدِيث سَواد بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا عَن الْمعَافى بن عمرَان عَن هِشَام بن حسان عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن سَواد بن عمر الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحوه
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عمر قيل يَا رَسُول الله أَمن الْكبر أَن يتَّخذ الرجل الطَّعَام فَيكون عَلَيْهِ الْجَمَاعَة أَو يلبس الْقَمِيص النَّظِيف قَالَ لَيْسَ ذَلِك بِالْكبرِ إِنَّمَا الْكبر أَن يسفه الْحق ويغمص النَّاس وَذكر فِيهِ قصَّة وَقَالَ لَا نعلم أحدا رَوَاهُ عَن عَمْرو عَن ابْن عمر إِلَّا ابْن إِسْحَاق
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين من حَدِيث مُوسَى بن عِيسَى الْقرشِي ثَنَا عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن نَافِع عَن ابْن عمر
وَرَوَاهُ فِي المعجم الْوسط ثَنَا أَبُو زرْعَة عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو ثَنَا سُلَيْمَان ابْن عبد الرَّحْمَن ثَنَا عِيسَى بن مُوسَى الدِّمَشْقِي بِهِ(1/86)
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ عبد بن حميد فِي مُسْنده ثَنَا يزِيد بن هَارُون أَنا سَالم بن عبيد عَن أبي عبد الله عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى سمع ابْن عَبَّاس يَقُول قَالَ رجل من الْأَنْصَار يَا رَسُول الله إِنِّي أحب أَن أَتَجَمَّل بجمالة سَيفي وَبِغسْلِ ثِيَابِي من الدَّرن وَبِحسن الشرَاك وَالنعال فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَيْسَ ذَاك أَعنِي إِنَّمَا الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس مُخْتَصر
وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ عبد بن حميد أَيْضا فِي مُسْنده أخبرنَا عبيد الله بن مُوسَى عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن زيد بن أسلم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَلا أخْبركُم بِشَيْء أَمر بِهِ نوح ابْنه ... إِلَى أَن قَالَ فَقَالَ معَاذ يَا رَسُول الله الْكبر أَن يكون لِأَحَدِنَا الدَّابَّة فَيركبهَا أَو النَّعْلَانِ يَلْبسهُمَا أَو الثِّيَاب يلبسهَا أَو الطَّعَام يجمع عَلَيْهِ أَصْحَابه قَالَ لَا وَلَكِن الْكبر أَن يسفه الْحق ويغمص الْمُؤمنِينَ مُخْتَصر
وَأما حَدِيث عقبَة بن عَامر فَرَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كتاب التَّرْغِيب والترهيب من حَدِيث أبي مُسلم الْكَجِّي ثَنَا عبد الله بن رَجَاء أَنا عبد الحميد عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ سَمِعت رجلا يحدث عَن عقبه بن عَامر الْجُهَنِيّ أَنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول مَا من رجل يَمُوت وَفِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من كبر يحل لَهُ الْجنَّة أَن يرِيح رِيحهَا وَلَا يَرَاهَا فَقَالَ لَهُ رجل يُقَال لَهُ أَبُو دُجَانَة يَا رَسُول الله إِنِّي لأحب الْجمال حَتَّى إِنِّي لَأحبهُ فِي علاقَة سَوْطِي وَفِي شِرَاك نَعْلي فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَيْسَ ذَاك كبرا إِن الله جميل يحب الْجمال وَلَكِن الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس انْتَهَى
وَأما حَدِيث الْحُسَيْن بن عَلّي فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث عبد الحميد ابْن سُلَيْمَان عَن عمَارَة بن غزيَّة عَن فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن عَن أَبِيهَا أَن عبد الله ابْن عَمْرو قَالَ يَا رَسُول الله أَمن الْكبر أَن ألبس الْحلَّة الْحَسَنَة قَالَ لَا(1/87)
قَالَ أَمن الْكبر أَن أركب النَّاقة الْبُخْتِيَّة قَالَ لَا قَالَ فَمَا الْكبر قَالَ أَن تسفه الْحق وَتَغْمِص النَّاس انْتَهَى ذكره فِي تَرْجَمَة الْحُسَيْن بن عَلّي
67 - الحَدِيث السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فِي الْمَسْجِد
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث جَابر وَمن حَدِيث عَائِشَة
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الصَّلَاة من حَدِيث يَحْيَى بن إِسْحَاق عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد اليمامي عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا صَلَاة ... الحَدِيث وَسكت عَنهُ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه
قَالَ ابْن الْقطَّان فِي كتاب الْوَهم وَالْإِيهَام سُلَيْمَان بن دَاوُد اليمامي الْمَعْرُوف بِأبي الْجمل ضَعِيف وَعَامة مَا يرويهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد لَا يُتَابع عَلَيْهِ انْتَهَى
أما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الصَّلَاة من حَدِيث مُحَمَّد بن سكين السَّفَرِي عَن عبد الله بن بكير الغنوي عَن مُحَمَّد بن سوقه عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر مَرْفُوعا نَحوه
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِمُحَمد بن سكين وَقَالَ إِنَّه لَيْسَ بِمَعْرُوف وَذكره الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ قَالَ ابْن الْقطَّان وَدون مُحَمَّد بن سكين من لَا يعرف حَاله وهما زَكَرِيَّا بن يَحْيَى الطَّائِي وجنيد بن حَكِيم انْتَهَى
وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من طَرِيق الدَّارقطني عَن ابْن حبَان بِسَنَدِهِ إِلَى عمر بن رَاشد عَن ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة مَرْفُوعا نَحوه ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث لَا يَصح عَن رَسُول الله(1/88)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل عمر بن رَاشد لَا يُسَاوِي حَدِيثه شَيْئا وَقَالَ ابْن حبَان وضع الحَدِيث لَا يحل ذكره إِلَّا عَلَى سَبِيل الْقدح انْتَهَى
وَقَالَ ابْن حزم هُوَ صَحِيح من قَول عَلّي
قلت هَكَذَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه مَوْقُوفا عَلَى عَلّي
68 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ وَالتَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ وَالْخَمْسُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ عَم الرجل صنو أَبِيه
وَقَالَ فِي الْعَبَّاس هَذَا بَقِيَّة آبَائِي وَقَالَ ردوا عَلّي أبي فَإِنِّي أخْشَى أَن تفعل بِهِ قُرَيْش مَا فعلت ثَقِيف بِعُرْوَة بن مَسْعُود
قلت الحَدِيث الأول رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الزَّكَاة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لعمر يَا عمر أما شَعرت أَن عَم الرجل صنو أَبِيه مُخْتَصر
والْحَدِيث الثَّانِي رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْفَضَائِل ثَنَا سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة عَن دَاوُد بن سَابُور عَن مُجَاهِد قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ احْفَظُونِي فِي الْعَبَّاس فَإِنَّهُ بَقِيَّة آبَائِي وَإِن عَم الرجل صنو أَبِيه انْتَهَى
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الرَّعْد أَنا معمر عَن ابْن عُيَيْنَة بِهِ
وَعَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره عِنْد قَوْله تَعَالَى صنْوَان وَغير صنْوَان وَهُوَ مُرْسل
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط من حَدِيث مُوسَى بن عبد الله بن مُوسَى ابْن عبد الله بن حُسَيْن بن الْحسن بن أبي طَالب عَن أَبِيه عبد الله بن مُوسَى عَن أَبِيه عبد الله عَن أَبِيه الْحُسَيْن عَن أَبِيه الْحسن بن أبي طَالب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ احْفَظُونِي ... الحَدِيث بِحُرُوفِهِ(1/89)
والْحَدِيث الثَّالِث رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْمَغَازِي فِي بَاب فتح مَكَّة حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب ثَنَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة قَالَ لما وادع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أهل مَكَّة ... فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ إِلَى أَن قَالَ فَانْطَلق الْعَبَّاس فَركب بغلة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الشَّهْبَاء وَانْطَلق إِلَى قُرَيْش لِيَدْعُوهُمْ إِلَى الله فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ردوا عَلَى أبي فَإِن عَم الرجل صنو أَبِيه إِنِّي أَخَاف أَن تفعل بِهِ قُرَيْش مَا فعلت ثَقِيف بِعُرْوَة بن مَسْعُود دعاهم إِلَى الله فَقَتَلُوهُ أما وَالله لَئِن رَكبُوهَا لأضْرِمَنَّهَا عَلَيْهِم نَارا مُخْتَصر
والْحَدِيث الثَّانِي أسْندهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير فَقَالَ ثَنَا عَبْدَانِ بن أَحْمد ثَنَا زيد بن الْحَرِيش ثَنَا عبد الله بن خرَاش عَن الْعَوام بن حَوْشَب عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ احْفَظُونِي فِي الْعَبَّاس فَإِنَّهُ بَقِيَّة آبَائِي وَإِن عَم الرجل صنو أَبِيه انْتَهَى
وَرُوِيَ أَيْضا حَدثنَا عَلّي بن مُحَمَّد الْعلوِي ثَنَا مُوسَى بن عبد الله بن الْحسن ابْن عَلّي بن أبي طَالب حَدثنِي أبي عَن أَبِيه مُوسَى بن عبد الله عَن أَبِيه عبد الله ابْن الْحسن عَن أَبِيه الْحسن بن عَلّي بن أبي طَالب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ احْفَظُونِي فِي الْعَبَّاس فَإِنَّهُ بَقِيَّة آبَائِي وَهَذَا رَوَاهُ فِي مُعْجَمه الصَّغِير وَقَالَ لَا يروي عَن الْحسن إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد تفرد بِهِ عَلّي بن مُحَمَّد الْعلوِي انْتَهَى
وَرَوَى فِي مُعْجَمه الْكَبِير أَيْضا حَدثنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الْخياط الرامَهُرْمُزِي ثَنَا أَحْمد بن رشد بن خَيْثَم ثَنَا عمي سعيد بن خَيْثَم ثَنَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبَاهُ الْعَبَّاس أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَامَ إِلَيْهِ وَقبل مَا بَين عَيْنَيْهِ وَأَقْعَدَهُ عَن يَمِينه ثمَّ قَالَ هَذَا عمي فَمن شَاءَ فليباهي بِعَمِّهِ(1/90)
فَقَالَ الْعَبَّاس بعض القَوْل يَا رَسُول الله قَالَ وَلم لَا أَقُول وَأَنت عمي بَقِيَّة آبَائِي وَالْعم وَالِد مُخْتَصر
69 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا بني هَاشم لَا تَأتِينِي النَّاس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم
قلت غَرِيب جدا
70 - قَوْله
قَالَ عدي بن حَاتِم إِنِّي من دين يَعْنِي من أهل دين
هَكَذَا رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة عدي بن حَاتِم أخبرنَا عَارِم ابْن الْفضل ثَنَا حَمَّاد بن زيد ثَنَا أَيُّوب وَهِشَام عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي عبيده بن حُذَيْفَة قَالَ قَالَ عدي بن حَاتِم لما بعث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكر قصَّة إِسْلَامه وَفِيه قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا عدي أسلم تسلم قَالَ إِنِّي من دين قَالَ أَنا أعلم بِدينِك مِنْك ... الحَدِيث بِطُولِهِ
71 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ
وَعَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ وانطوا الثبجة
قلت ذكره القَاضِي عِيَاض فِي الشِّفَاء فِي الْفَصْل الأول فِي فصل فَصَاحَته عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ وَمن كِتَابه عَلَيْهِ السَّلَام لِوَائِل بن حجر إِلَى الْأَقْيَال العباهلة والأرواع والمشابيب وَفِيه فِي التيعة شَاة لَا مُقَوَّرَة الألياط وَلَا ضناك وانطوا(1/91)
الثبجة وَفِي السُّيُوب الْخمس وَمن زنا مِم بكر فاصعقوه مائَة واستوفضوا عَاما وَمن زنا من ثيب فَضَرِّجُوهُ بِالْأَضَامِيمِ وَلَا توصيم فِي الدَّين وَلَا غمَّة فِي فَرَائض الله وكل مُسكر حرَام وَوَائِل يترفل عَلَى الْأَقْيَال انْتَهَى
قلت غَرِيب أَيْضا وَأَعَادَهُ فِي سُورَة الْكَوْثَر
72 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَت قبْلَة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِمَكَّة بَيت الْمُقَدّس إِلَّا أَنه كَانَ يَجْعَل الْكَعْبَة بَينه وَبَينه
قلت رَوَى الْبَزَّار فِي مُسْنده ثَنَا مُحَمَّد بن الْمثنى ثَنَا يَحْيَى بن حَمَّاد ثَنَا أَبُو عوَانَة عَن سُلَيْمَان عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يصل بِمَكَّة نَحْو بَيت الْمُقَدّس والكعبة بَين يَدَيْهِ وَبَعْدَمَا هَاجر إِلَى الْمَدِينَة سِتَّة عشر شهرا انْتَهَى وَقَالَ لَا نعلم أحدا رَوَاهُ إِلَّا الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس وَلَا عَن الْأَعْمَش إِلَّا أَبُو عوَانَة
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن يَحْيَى بن حَمَّاد بِهِ
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده من طَرِيق أبي عوَانَة بِهِ وَكَذَلِكَ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات
73 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ
رُوِيَ أَن الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة يجحدون تَبْلِيغ الْأَنْبِيَاء فَيُطَالب الله تَعَالَى الْأَنْبِيَاء بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنهم قد بلغُوا وَهُوَ أعلم فَيُؤتَى بِأمة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَيَشْهَدُونَ فَتَقول الْأُمَم من أَيْن عَرَفْتُمْ فَيَقُولُونَ علمنَا ذَلِك بِإِخْبَار الله فِي كِتَابه النَّاطِق عَلَى لِسَان نبيه الصَّادِق فَيُؤتَى بِمُحَمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَيسْأَل عَن حَال أمته فَيُزَكِّيهِمْ وَيشْهد بِعَدَالَتِهِمْ وَذَلِكَ قَوْله(1/92)
فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد الْآيَة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من قَول زيد بن أسلم وَرَوَاهُ فِي سُورَة النِّسَاء أَيْضا من قَول السّديّ
وَبَعض الحَدِيث فِي البُخَارِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ يُدعَى نوح يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول لبيْك وَسَعْديك يَا رب فَيَقُول هَل بلغت فَيَقُول نعم فَيُقَال لأمته هَل بَلغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا أَتَانَا من نَذِير فَيَقُول من يشْهد ذَلِك فَيَقُول مُحَمَّد وَأمته فَيَشْهَدُونَ أَنه بلغ ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا الْآيَة انْتَهَى
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْبَعْث والنشور أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب ثَنَا أَحْمد بن عبد الْجَبَّار ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَجِيء النَّبِي يَوْم الْقِيَامَة وَمَعَهُ الثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة وَالرجلَانِ حَتَّى يَجِيء النَّبِي وَلَيْسَ مَعَه أحد فَيُقَال لَهُم هَل بَلغْتُمْ فَيَقُولُونَ نعم قَالَ فَتُدْعَى قَومهمْ فَيسْأَلُونَ هَل بَلَّغُوكُمْ فَيَقُولُونَ لَا فَيُقَال لِلنَّبِيِّينَ من يشْهد لكم أَنكُمْ بَلغْتُمْ فَيَقُولُونَ أمة مُحَمَّد قَالَ فَتُدْعَى أمة مُحَمَّد فَيَشْهَدُونَ أَنهم قد بلغُوا فَيُقَال لَهُم وَمَا علمكُم أَنهم بلغُوا فَيَقُولُونَ جَاءَنَا رَسُولنَا بِكِتَاب أخبرنَا فِيهِ أَنهم قد بلغُوا فَصَدَّقْنَاهُ قَالَ صَدقْتُمْ وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا الْآيَة انْتَهَى وَهُوَ قريب للفظ الْكتاب
74 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ
عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ لما وَجه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى الْكَعْبَة قَالُوا كَيفَ بِمن مَاتَ قبل التَّحْوِيل من إِخْوَاننَا فَنزلت وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب السّنة وَالتِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير كِلَاهُمَا من(1/93)
حَدِيث سماك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما وَجه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى الْكَعْبَة قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ إِخْوَاننَا الَّذين مَاتُوا وَهُوَ يصلونَ إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَأنْزل الله وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ الْآيَة قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ قَالَ عبيد الله ابْن مُوسَى وَهَذَا الحَدِيث يُخْبِرك أَن الصَّلَاة من الْإِيمَان انْتَهَى
وَمَعْنى الحَدِيث فِي البُخَارِيّ من حَدِيث الْبَراء قَالَ كَانَ الَّذِي مَاتَ عَلَى الْقبْلَة قبل أَن تحول قبل الْبَيْت رجال قتلوا لم ندر مَا نقُول فيهم فَأنْزل الله تَعَالَى وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ الْآيَة
75 - الحَدِيث السَّادِس وَالْخَمْسُونَ
وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يتَوَقَّع من ربه أَن يحول إِلَى الْكَعْبَة لِأَنَّهَا قبْلَة أَبِيه إِبْرَاهِيم
قلت هُوَ فِي الحَدِيث بعده
76 - الحَدِيث السَّابِع وَالْخَمْسُونَ
عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ قدم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَصَلى نَحْو بَيت الْمُقَدّس سِتَّة عشر شهرا ثمَّ وَجه إِلَى الْكَعْبَة
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّلَاة من حَدِيث أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صَلَّى إِلَى بَيت الْمُقَدّس سِتَّة عشر أَو سَبْعَة عشر شهرا وَكَانَ يُعجبهُ أَن تكون قبلته قبل الْبَيْت وَأَنه صَلَّى أول صَلَاة صلاهَا الْعَصْر وَصَلى مَعَه قوم فَخرج رجل مِمَّن كَانَ صَلَّى مَعَه فَمر عَلَى أهل الْمَسْجِد وهم رَاكِعُونَ فَقَالَ أشهد بِاللَّه لقد صليت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قبل مَكَّة فَدَارُوا كَمَا هم نَحْو الْبَيْت انْتَهَى وَلَفظ ابْن حَيَّان فِيهِ وَكَانَ يجب أَن يحول نَحْو الْبَيْت(1/94)
قلت وَقيل كَانَ ذَلِك فِي رَجَب بعد زَوَال الشَّمْس قبل قتال بدر بشهرين وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي مَسْجِد بني سَلمَة وَقد صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ من صَلَاة الظّهْر فتحول فِي الصَّلَاة واستقبل الْمِيزَاب وحول الرِّجَال مَكَان النِّسَاء وَالنِّسَاء مَكَان الرِّجَال فَسُمي الْمَسْجِد مَسْجِد الْقبْلَتَيْنِ ذكره أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي فِي سيرته نقلا عَن الْوَاقِدِيّ
وَفِي الطَّبَقَات لِابْنِ سعد قَالَ الْوَاقِدِيّ وَيُقَال إِن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صَلَّى فِي مَسْجِد بني سَلمَة بِأَصْحَابِهِ الظّهْر ثمَّ أَمر فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَن يتَوَجَّه إِلَى الْكَعْبَة فَاسْتَدَارَ إِلَى الْكَعْبَة واستقبل الْمِيزَاب فَسُمي الْمَسْجِد مَسْجِد الْقبْلَتَيْنِ وَذَلِكَ يَوْم الِاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ من رَجَب عَلَى رَأس سَبْعَة عشر شهرا قَالَ الْوَاقِدِيّ وَهَذَا الثَّابِت عندنَا
77 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ
فِي الحَدِيث تَمام النِّعْمَة دُخُول الْجنَّة
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الدَّعْوَات من حَدِيث أبي الْورْد عَن اللَّجْلَاج حَدثنِي معَاذ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَتَى عَلَى رجل وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك تَمام نِعْمَتك فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام هَل تَدْرِي مَا تَمام النِّعْمَة قَالَ يَا رَسُول الله دَعْوَة دَعَوْت بهَا أَرْجُو الْخَيْر قَالَ إِن تَمام النِّعْمَة دُخُول الْجنَّة وَفَوْز من النَّار مُخْتَصر وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي سُورَة الرَّحْمَن
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالْبَزَّار فِي مُسْنده وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَمن طَرِيق ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَمن طَرِيق الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ورَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب كلهم من حَدِيث سعيد الْجريرِي عَن أبي الْورْد بِهِ
قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله قَالَ أَبُو زرْعَة أَبُو الْورْد لَا يُسمى انْتَهَى كَلَامه(1/95)
78 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من اسْترْجع عِنْد الْمُصِيبَة جبر الله مصيبته وَأحسن عقباه وَجعل خلفا صَالحا يرضاه
قلت قَالَ الطَّيِّبِيّ مَا وجدته والْحَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن بكر ابْن سهل ثَنَا عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى الَّذين إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة قَالُوا إِنَّا لله الْآيَة إِن الْمُؤمن إِذا سلم لأمر الله واسْترْجع عِنْد الْمُصِيبَة أحرز ثَلَاث خِصَال من الْخَيْر الصَّلَاة من الله وَالرَّحْمَة وَتَحْقِيق سَبِيل الْهدى وَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من اسْترْجع عِنْد الْمُصِيبَة جبر الله مصيبته إِلَى آخِره
ورَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السّبْعين من طَرِيق عُثْمَان بن سعيد أَنا عبد الله بن صَالح بِهِ سَوَاء
ورَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا الْمثنى ثَنَا عبد الله بن صَالح بِهِ سَوَاء
79 - الحَدِيث السِّتُّونَ رُوِيَ أَنه طفئ سراج لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ إِنَّا لله وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون قيل يَا رَسُول الله أَمُصِيبَة قَالَ نعم كل شَيْء يُؤْذِي الْمُؤمن فَهُوَ لَهُ مُصِيبَة
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل من حَدِيث عمرَان الْقصير قَالَ طفئ مِصْبَاح النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَاسْتَرْجع فَقَالَت عَائِشَة إِنَّمَا هَذَا مِصْبَاح فَقَالَ كل مَا سَاءَ الْمُؤمن فَهُوَ مُصِيبَة انْتَهَى
8 - الحَدِيث الْحَادِي وَالسِّتُّونَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِذا مَاتَ ولد العَبْد قَالَ الله تَعَالَى للْمَلَائكَة أَقَبَضْتُم ولد عَبدِي فَيَقُولُونَ نعم فَيَقُول أَقَبَضْتُم ثَمَرَة فُؤَاده فَيَقُولُونَ نعم فَيَقُول الله تَعَالَى مَاذَا قَالَ عَبدِي فَيَقُولُونَ حمدك واسترجع فَيَقُول الله ابْنُوا لعبدي بَيْتا وسموهُ بَيت الْحَمد
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الْجَنَائِز من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن أبي سِنَان قَالَ دفنت ابْني سِنَان وَأَبُو طَلْحَة الْخَولَانِيّ جَالس عَلَى شَفير الْقَبْر فَلَمَّا أردْت الْخُرُوج أَخذ بيَدي وقَالَ أَلا أُبَشِّرك يَا أَبَا سِنَان قلت بلَى قَالَ ثني الضَّحَّاك بن عبد الرَّحْمَن بن عَرْزَب عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِذا مَاتَ ولد العَبْد قَالَ الله تَعَالَى لملائكته فَذكره إِلَى آخِره وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب
ورَوَاهُ ابْن حَيَّان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الأول من الْقسم الأول عَن حَمَّاد ابْن سَلمَة بِهِ سندا ومتْنا ثمَّ قَالَ وأَبُو سِنَان هَذَا هُوَ الشَّامي واسْمه سعيد ابْن سِنَان وَأَبُو سِنَان الْكُوفِي اسْمه ضرار بن مرّة انْتَهَى
ورَوَاهُ أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مسانيدهم وَمن طَرِيق أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السّبْعين قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد رَوَاهُ أَبُو أُسَامَة عَن أبي سِنَان فَوَقفهُ عَلَى أبي مُوسَى كَمَا أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أسْند إِلَى أُسَامَة عَن أبي سِنَان عَن الضَّحَّاك بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي مُوسَى قَالَ إِذا قبض الله ولد العَبْد فَذكره مَوْقُوفا
81 - الحَدِيث الثَّانِي وَالسِّتُّونَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اسْعوا فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي
قلت رَوَى من حَدِيث ابْن عَبَّاس ومن حَدِيث صَفِيَّة بنت شيبَة ومن(1/96)
للْمَلَائكَة أَقَبَضْتُم ولد عَبدِي فَيَقُولُونَ نعم فَيَقُول أَقَبَضْتُم ثَمَرَة فُؤَاده فَيَقُولُونَ نعم فَيَقُول الله تَعَالَى مَاذَا قَالَ عَبدِي فَيَقُولُونَ حمدك واسترجع فَيَقُول الله ابْنُوا لعبدي بَيْتا فِي الْجنَّة وسموه بَيت الْحَمد
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الْجَنَائِز من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن أبي سِنَان قَالَ دفنت ابْني سِنَان وَأَبُو طَلْحَة الْخَولَانِيّ جَالس عَلَى شَفير الْقَبْر فَلَمَّا أردْت الْخُرُوج أَخذ بيَدي وقَالَ أَلا أُبَشِّرك يَا أَبَا سِنَان قلت بلَى قَالَ ثني الضَّحَّاك بن عبد الرَّحْمَن بن عَرْزَب عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِذا مَاتَ ولد العَبْد قَالَ الله تَعَالَى لملائكته ... فَذكره إِلَى آخِره وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب
ورَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الأول من الْقسم الأول عَن حَمَّاد ابْن سَلمَة بِهِ سندا ومتْنا ثمَّ قَالَ وأَبُو سِنَان هَذَا هُوَ الشَّامي واسْمه سعيد ابْن سِنَان وَأَبُو سِنَان الْكُوفِي اسْمه ضرار بن مرّة انْتَهَى
ورَوَاهُ أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مسانيدهم وَمن طَرِيق أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السّبْعين قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد رَوَاهُ أَبُو أُسَامَة عَن أبي سِنَان فَوَقفهُ عَلَى أبي مُوسَى كَمَا أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أسْند إِلَى أبي أُسَامَة عَن أبي سِنَان عَن الضَّحَّاك بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي مُوسَى قَالَ إِذا قبض الله ولد العَبْد ... فَذكره مَوْقُوفا
81 - الحَدِيث الثَّانِي وَالسِّتُّونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اسْعوا فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي
قلت رَوَى من حَدِيث ابْن عَبَّاس ومن حَدِيث صَفِيَّة بنت شيبَة ومن(1/97)
حَدِيث حَبِيبَة بنت أبي تجراة ومن حَدِيث تملك الْعَبْدَرِيَّة
فَحَدِيث ابْن عَبَّاس رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه ثَنَا مُحَمَّد بن النَّضر الْأَزْدِيّ عَن مُعَاوِيَة بن عَمْرو عَن الْمفضل بن صَدَقَة عَن ابْن جريح وَإِسْمَاعِيل بن مُسلم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَام حج عَن الرمل فَقَالَ إِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي فَاسْعَوْا انْتَهَى
وَأما حَدِيث صَفِيَّة بنت شيبَة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ ثَنَا عَلّي بن حَكِيم الأودي ثَنَا حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن الْمثنى بن الصَّباح عَن الْمُغيرَة بن حَكِيم عَن صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اسْعوا فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي انْتَهَى
وَأما حَدِيث حَبِيبَة بنت أبي تجراة فَرَوَاهُ أَحْمد وإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَالشَّافِعِيّ فِي مسانيدهم من حَدِيث عبد الله بن المؤمل عَن عمر بن عبد الرَّحْمَن ابْن مُحَيْصِن عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن حَبِيبَة بنت أبي تجراة قَالَت رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يطوف بَين الصَّفَا والمروة وَالنَّاس بَين يَدَيْهِ وَهُوَ وَرَاءَهُمْ وَهُوَ يسْعَى حَتَّى إِنِّي لأرَى رُكْبَتَيْهِ من شدَّة السَّعْي وَهُوَ يَقُول اسْعوا فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي انْتَهَى
وَمن طَرِيق الشَّافِعِي رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه
وَمن طَرِيق أَحْمد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه ورَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه كَذَلِك وَسكت عَنهُ
ورَوَاهُ فِي كتاب الْفَضَائِل من طَرِيق آخر عَن عبد الله بن أبي نبيه عَن جدته صَفِيَّة عَن حَبِيبه بنت أبي تجراة قَالَت اطَّلَعت من كوَّة بَين الصَّفَا والمروة فَأَشْرَفت عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَإِذا هُوَ يسْعَى ويَقُول لأَصْحَابه اسْعوا(1/98)
فَإِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي انْتَهَى وَسكت عَنهُ أَيْضا
وَأما حَدِيث تملك الْعَبْدَرِيَّة فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن تملك الْعَبْدَرِيَّة قَالَت نظرت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَنا فِي غرفَة لي بَين الصَّفَا والمروة وَهُوَ يَقُول أَبِهَا النَّاس إِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي فَاسْعَوْا انْتَهَى تفرد بِهِ مهْرَان ابْن أبي عمر قَالَ البُخَارِيّ فِي حَدِيثه اضْطِرَاب
82 - الحَدِيث الثَّالِث والسِّتُّونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ ويل لمن قَرَأَ هَذِه الْآيَة فمج فِيهَا
قلت غَرِيب جدا
وَذكره الثَّعْلَبِيّ هَكَذَا من غير سَنَد ولَا راو كتب فِي آل عمرَان وَلَعَلَّ الَّذِي بعده أَيْضا فِي آل عمرَان
83 - الحَدِيث الرَّابِع وَالسِّتُّونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ يَقُول الله تَعَالَى إِنِّي والْجِنّ والْإِنْس فِي نبأ عَظِيم أخلق ويعبد غَيْرِي وأرزق ويشكر غَيْرِي
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أَنا جَعْفَر الْخُلْدِيِّ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس بن مَسْرُوق ثَنَا مُهَنَّى بن يَحْيَى ثَنَا بَقِيَّة ثَنَا صَفْوَان بن عَمْرو ثني عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير وَشُرَيْح ابْن عبيد الحضرميان عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ إِنِّي وَالْجِنّ وَالْإِنْس ... إِلَى آخِره سَوَاء
وَرَوَاهُ الإِمَام أَبُو عبد الله التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي كِتَابه نَوَادِر الْأُصُول فِي الأَصْل التَّاسِع والثمانين بعد الْمِائَة حَدثنَا عمر بن أبي عمر يرفعهُ إِلَى أبي الدَّرْدَاء(1/99)
قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي كِتَابه مُسْند الشاميين حَدثنَا مُوسَى بن عِيسَى بن الْمُنْذر الْحِمصِي ثَنَا حَيْوَة بن شُرَيْح ثَنَا بَقِيَّة بِهِ
84 - الحَدِيث الْخَامِس وَالسِّتُّونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أحلّت لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ
قلت رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه فِي كتاب الْأَطْعِمَة من حَدِيث عبد الرَّحْمَن ابْن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أحلّت لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ فَأَما الْمَيتَتَانِ فَالْحُوت وَالْجَرَاد وآما الدمَان فَالْكَبِد وَالطحَال انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد وَعبد بن حميد وَالشَّافِعِيّ فِي مسانيدهم وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه
وَفِيه كَلَام اسْتَوْفَيْته فِي كَلَامي عَلَى أَحَادِيث الْهِدَايَة
85 - الحَدِيث السَّادِس وَالسِّتُّونَ
عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أَن تؤتيه وَأَنت صَحِيح شحيح تَأمل الْعَيْش وتخشى الْفقر وَلَا تمهل حَتَّى إِذا بلغت الْحُلْقُوم قلت لفُلَان كَذَا وَلفُلَان كَذَا
قلت هَكَذَا ذكره المُصَنّف غير مَرْفُوع وَقد رُوِيَ مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا فَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره وَفِي مُصَنفه فِي كتاب الْوَصَايَا حَدثنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن زبيد عَن مرّة بن شرَاحِيل عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى وَآتَى المَال عَلَى حبه ذَوي الْقُرْبَى قَالَ أَن تؤتيه وَأَنت صَحِيح تَأمل الْعَيْش وَتخَاف الْفقر انْتَهَى
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه كَذَلِك وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ(1/100)
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة مسعر عَن زبيد عَن مرّة عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا ثمَّ قَالَ هَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَة وَالنَّاس عَن زبيد مَوْقُوفا وَتفرد بِرَفْعِهِ مخلد بن يزِيد فرفعه عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن زبيد ثمَّ سَاقه بِسَنَدِهِ إِلَى مخلد بن يزِيد عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن زبيد عَن مرّة عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَذكره
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّانِي وَالْعشْرُونَ عَن شُعْبَة عَن زبيد عَن مرّة عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا ثمَّ قَالَ وَقد رَوَاهُ سَلام بن سليم الْمَدَائِنِي عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن زبيد فرفعه وَهُوَ ضَعِيف انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من ثَلَاث طرق كلهَا مَوْقُوفَة
وَكلهمْ لم أجد عِنْدهم قَوْله وَلَا تمهل إِلَى آخِره وَإِنَّمَا هُوَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحهمَا عَنهُ قَالَ قَالَ رجل للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا رَسُول الله أَي الصَّدَقَة أفضل قَالَ أَن تصدق وَأَنت صَحِيح شحيح تَأمل الْغِنَى وتخشى الْفقر وَلَا تمهل حَتَّى إِذا بلغت الْحُلْقُوم قلت لفُلَان كَذَا وَلفُلَان كَذَا وَقد كَانَ لفُلَان انْتَهَى وَفِي لفظ لمُسلم أما وَأَبِيك لتنبئنه أَن تصدق وَأَنت صَحِيح شحيح الحَدِيث إِلَى آخِره
86 - الحَدِيث السَّابِع وَالسِّتُّونَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صدقتك عَلَى الْمِسْكِين صلَة وَعَلَى ذِي الرَّحِم اثْنَتَانِ صَدَقَة وصلَة
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة فِي الزَّكَاة من حَدِيث حَفْصَة بنت سِيرِين عَن الربَاب أم الرَّائِح بنت صليعٍ عَن سلمَان بن عَامر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الصَّدَقَة عَلَى الْمِسْكِين إِلَى آخِره قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه
وَذكر ابْن طَاهِر فِي إِسْنَاده اخْتِلَافا ثمَّ قَالَ وَلِهَذَا الِاخْتِلَاف لم يخرجَاهُ فِي الصَّحِيح انْتَهَى
وَيَكْفِينَا صَحِيح ابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث أبي طَلْحَة فَقَالَ حَدثنَا عَلّي بن سعيد الرَّازِيّ ثَنَا هَارُون بن مُوسَى بن رَاشد الْمُسْتَمْلِي ثَنَا عمر بن أَيُّوب الْموصِلِي عَن مصاد بن عقبَة عَن يَحْيَى بن أبي إِسْحَاق عَن أنس بن مَالك عَن أبي طَلْحَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الصَّدَقَة عَلَى الْمِسْكِين الحَدِيث
وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة والدارمي فِي مسانيدهم أَعنِي حَدِيث سلمَان بِسَنَد السّنَن
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث أبي أُمَامَة بِنَحْوِهِ
وأسم أبي طَلْحَة زيد بن سهل هُوَ بَدْرِي
87 - الحَدِيث الثَّامِن وَالسِّتُّونَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ أفضل الصَّدَقَة عَلَى ذِي الرَّحِم الْكَاشِح
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي أَيُّوب وَمن حَدِيث حَكِيم بن حزَام وَمن حَدِيث أم كُلْثُوم وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة
أما حَدِيث أبي أَيُّوب فَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسانيدهم وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه كلهم من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن حَكِيم بن بشير عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن أفضل الصَّدَقَة عَلَى ذِي الرَّحِم الْكَاشِح انْتَهَى(1/101)
وَذكر ابْن طَاهِر فِي إِسْنَاده اخْتِلَافا ثمَّ قَالَ وَلِهَذَا الِاخْتِلَاف لم يخرجَاهُ فِي الصَّحِيح انْتَهَى
وَيَكْفِينَا صَحِيح ابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث أبي طَلْحَة فَقَالَ حَدثنَا عَلّي بن سعيد الرَّازِيّ ثَنَا هَارُون بن مُوسَى بن رَاشد الْمُسْتَمْلِي ثَنَا عمر بن أَيُّوب الْموصِلِي عَن مصاد بن عقبَة عَن يَحْيَى بن أبي إِسْحَاق عَن أنس بن مَالك عَن أبي طَلْحَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الصَّدَقَة عَلَى الْمِسْكِين ... الحَدِيث
وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة والدارمي فِي مسانيدهم أَعنِي حَدِيث سلمَان بِسَنَد السّنَن
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث أبي أُمَامَة بِنَحْوِهِ
وأسم أبي طَلْحَة زيد بن سهل هُوَ بَدْرِي
87 - الحَدِيث الثَّامِن وَالسِّتُّونَ
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ أفضل الصَّدَقَة عَلَى ذِي الرَّحِم الْكَاشِح
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي أَيُّوب وَمن حَدِيث حَكِيم بن حزَام وَمن حَدِيث أم كُلْثُوم وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة
أما حَدِيث أبي أَيُّوب فَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسانيدهم وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه كلهم من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن حَكِيم بن بشير عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن أفضل الصَّدَقَة عَلَى ذِي الرَّحِم الْكَاشِح انْتَهَى
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله لم يروه عَن الزُّهْرِيّ غير الْحجَّاج بن أَرْطَاة وَلَا يثبت انْتَهَى(1/102)
وَأما حَدِيث حَكِيم بن حزَام فَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن أَيُّوب بن بشير الْأنْصَارِيّ عَن حَكِيم بن حزَام أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن الصَّدقَات أَيهَا أفضل قَالَ عَلَى ذِي الرَّحِم الْكَاشِح انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أَيُّوب بن بشير عَن حَكِيم بن حزَام ... فَذكره
وَأما حَدِيث أم كُلْثُوم فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي آخر كتاب الزَّكَاة من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه أم كُلْثُوم بنت عقبَة قَالَ سُفْيَان وَكَانَت مِمَّن صلت الْقبْلَتَيْنِ مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أفضل الصَّدَقَة عَلَى ذِي الرَّحِم الْكَاشِح انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَمن طَرِيقه رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ الإِمَام أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كتاب الْأَمْوَال حَدثنَا عَلّي بن ثَابت عَن إِبْرَاهِيم بن يزِيد الْمَكِّيّ عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سُئِلَ أَي الصَّدَقَة أفضل فَقَالَ الصَّدَقَة عَلَى ذِي الرَّحِم الْكَاشِح انْتَهَى ثمَّ قَالَ وَرَوَاهُ عقيل بن خَالِد عَن ابْن شهَاب فَلم يسْندهُ حَدثنَا بذلك عبد الله بن صَالح عَن اللَّيْث عَن عقيل بن خَالِد عَن ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مثل ذَلِك انْتَهَى(1/103)
88 - الحَدِيث التَّاسِع وَالسِّتُّونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للسَّائِل حق وَإِن جَاءَ عَلَى ظهر فرسه
قلت رُوِيَ من حَدِيث عَلّي بن أبي طَالب وَمن حَدِيث ابْنه الْحُسَيْن بن عَلّي وَمن حَدِيث أمه فَاطِمَة الزهراء وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث الهرماس ابْن زِيَاد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم
أما حَدِيث عَلّي فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الزَّكَاة من حَدِيث مُصعب ابْن مُحَمَّد عَن فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن عَن أَبِيهَا الْحُسَيْن بن عَلّي عَن عَلّي عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ للسَّائِل حق وَإِن جَاءَ عَلَى فرس انْتَهَى وَمصْعَب بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن شُرَحْبِيل الْعَبدَرِي من بني عبد الدَّار سُئِلَ عَنهُ أَحْمد فَقَالَ لَا أعلم إِلَّا خيرا وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَقَالَ أَبُو حَاتِم يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ
وَأما حَدِيث الْحُسَيْن فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن مُصعب بن مُحَمَّد عَن يعْلى ابْن أبي يَحْيَى عَن فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن عَن أَبِيهَا الْحُسَيْن بن عَلّي بن أبي طَالب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَحَدِيث الْحُسَيْن هَذَا لَا يُوجد فِي بعض نسخ أبي دَاوُد فَلذَلِك لم يذكرهُ ابْن عَسَاكِر فِي أَطْرَافه لأبي دَاوُد إِلَّا من رِوَايَة عَلّي وَعَزاهُ شَيخنَا أَبُو الْحجَّاج الْمزي فِي أَطْرَافه لأبي دَاوُد من الرِّوَايَتَيْنِ وَيُقَوِّي ذَلِك أَن الْبَيْهَقِيّ رَوَاهُ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْحَادِي وَالْعِشْرين مِنْهُ من طَرِيق أبي دَاوُد عَن عَلّي وَعَن الْحُسَيْن أَيْضا وَقد اخْتلف فِي سَماع الْحُسَيْن عَلَى قَوْلَيْنِ قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي مُخْتَصره قَالَ أَبُو عَلّي ابْن السكن قد رُوِيَ من وُجُوه صَحِيحه حُضُور الْحُسَيْن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولعبة بَين يَدَيْهِ وَتَقْبِيله إِيَّاه قَالَ فَأَما الْأَحَادِيث الَّتِي تَأتي عَن الْحُسَيْن بن عَلّي عَن النَّبِي(1/104)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَكلهَا مَرَاسِيل وَكَذَلِكَ أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَقَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يَحْيَى ابْن الْحذاء سمع الْحُسَيْن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَرَآهُ وَلم يكن بَينه وَبَين الْحسن إِلَّا ظهر وَاحِد انْتَهَى كَلَامه
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيث مَعْلُول وَفِي سَنَده أَيْضا يعْلى بن أبي يَحْيَى وَيُقَال بِالْعَكْسِ غير مَعْرُوف قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله سُئِلَ أبي عَنهُ فَقَالَ مَجْهُول انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية
وَأما حَدِيث فَاطِمَة الزهراء فَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده من حَدِيث مُصعب بن مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل ثنى يعْلى بن أبي يَحْيَى عَن فَاطِمَة بنت الْحُسَيْن عَن فَاطِمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ للسَّائِل حق وَإِن جَاءَ عَلَى ظهر فرس انْتَهَى
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله من طَرِيقين
احدهما عَن عبد الله بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا نَحوه وَضعف عبد الله بن زيد بن أسلم عَن ابْن معِين وَوَثَّقَهُ عَن أَحْمد
وَرَوَاهُ مَالك فِي آخر الْمُوَطَّأ أخبرنَا زيد بن أسلم أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ ... فَذكره مُرْسلا
وَالْآخر عَن عمر بن يزِيد الْمَدَائِنِي عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا نَحوه وَضعف عمر بن يزِيد وَقَالَ إِنَّه مُنكر الحَدِيث(1/105)
وَأما حَدِيث الهرماس بن زِيَاد فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا الْحسن بن جرير الصُّورِي ثَنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي ثَنَا عُثْمَان بن فائد عَن عِكْرِمَة بن عمار عَن الهرماس بن زِيَاد قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للسَّائِل حق وَإِن جَاءَ عَلَى فرس انْتَهَى
89 - الحَدِيث السبعون
رُوِيَ فِي الحَدِيث نسخت الزَّكَاة كل صَدَقَة
قلت رَوَاهُ الدَّارقطني ثمَّ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنَيْهِمَا فِي كتاب الْأُضْحِية من حَدِيث الْمسيب بن وَاضح ثَنَا الْمسيب بن شريك عَن عتبَة بن الْيَقظَان عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق عَن عَلّي قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نسخت الزَّكَاة كل صَدَقَة وَنسخ صَوْم رَمَضَان كل صَوْم وَنسخ غسل الْجَنَابَة كل غسل وَنسخت الْأَضَاحِي كل ذبح انْتَهَى ثمَّ قَالَ الدَّارقطني الْمسيب بن وَاضح ضَعِيف وَالْمُسَيب ابْن شريك وَعتبَة بن الْيَقظَان مَتْرُوكَانِ انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَضعف الْمسيب بن شريك عَن ابْن معِين وَالسَّعْدِي وَالنَّسَائِيّ
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي آخر أَبْوَاب النِّكَاح مَوْقُوفا عَلَى عَلّي
90 - الحَدِيث الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ
رُوِيَ لَيْسَ فِي المَال حق سُوَى الزَّكَاة
قلت رَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه فِي كتاب الزَّكَاة من حَدِيث شريك عَن أبي حَمْزَة عَن الشّعبِيّ عَن فَاطِمَة بنت قيس أَنَّهَا سَمِعت يَعْنِي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول لَيْسَ فِي المَال حق سُوَى الزَّكَاة وَهُوَ كَذَلِك انْتَهَى ذكره فِي بَاب مَا أُدي(1/106)
زَكَاته فَلَيْسَ بكنز هَكَذَا وجدت هَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ فِي عدَّة نسخ من سنَن ابْن ماجة وَلم يعزه ابْن عَسَاكِر فِي أَطْرَافه لِابْنِ ماجة وَإِنَّمَا عزي إِلَيْهِ بِهَذَا الْإِسْنَاد إِن فِي المَال حَقًا سُوَى الزَّكَاة وَهُوَ كَذَلِك عِنْد التِّرْمِذِيّ وَكَذَلِكَ فِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ فَهَذَا اضْطِرَاب فِي الْمَتْن وَاخْتِلَاف فِي النّسخ فَلْينْظر
ثمَّ وجدت الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمَام ذكره بِهَذَا اللَّفْظ فِي كتاب الزَّكَاة وَعَزاهُ لِابْنِ ماجة وَقَالَ هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَاتنَا وَقد أخرجه ابْن ماجة تَحت تَرْجَمَة مَا أُدي زَكَاته فَلَيْسَ بكنز وَهُوَ دَلِيل عَلَى أَن لفظ الحَدِيث كَذَلِك وَقد قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَالَّذِي يرويهِ أَصْحَابنَا فِي التَّعَالِيق لَيْسَ فِي المَال حق سُوَى الزَّكَاة لَا أحفظ لَهُ إِسْنَادًا وَيجب أَن يتَنَبَّه لشَيْء وَهُوَ أَن التِّرْمِذِيّ رَوَى بِهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه حَدِيثا ضد هَذَا الحَدِيث إِن فِي المَال حَقًا سُوَى الزَّكَاة انْتَهَى كَلَامه
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة حَدِيث لَيْسَ فِي المَال حق سُوَى الزَّكَاة حَدِيث مُنكر ثمَّ نقل كَلَام الْبَيْهَقِيّ برمتِهِ
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيث كَيْفَمَا كَانَ ضَعِيف بِأبي حَمْزَة مَيْمُون الْأَعْوَر ضعفه التِّرْمِذِيّ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ لَا يثبت إِسْنَاده تفرد بِهِ أَبُو حَمْزَة الْأَعْوَر وَهُوَ ضَعِيف وَمن تَابعه أَضْعَف مِنْهُ انْتَهَى
قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث لَيْسَ إِسْنَاده بِذَاكَ وَأَبُو حَمْزَة مَيْمُون الْأَعْوَر يضعف فِي الحَدِيث وَقد رَوَى بَيَان وَإِسْمَاعِيل بن سَالم هَذَا الحَدِيث عَن الشّعبِيّ قَوْله وَهُوَ أصح انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا بشر بن الْوَلِيد الْكِنْدِيّ ثَنَا شريك بِهِ بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ
91 - الحَدِيث الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ
قلت رُوِيَ من حَدِيث عَلّي وَمن حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ(1/107)
وَمن حَدِيث عَائِشَة وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث معقل بن يسَار وَجَابِر
أما حَدِيث عَلّي فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي سنَنَيْهِمَا فِي كتاب الدِّيات عَن قيس بن عباد قَالَ دخلت أَنا وَالْأَشْتَر عل عَلّي بن أبي طَالب يَوْم الْجمل فَقلت هَل عهد إِلَيْك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عهدا دون الْعَامَّة قَالَ لَا إِلَّا هَذَا وَأخرج من قرَاب سَيْفه فَإِذا فِيهَا الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم وهم يَد عَلَى من سواهُم لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر وَلَا ذُو عهد فِي عَهده انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب قسم الْفَيْء من طَرِيق أَحْمد بن حَنْبَل بِسَنَدِهِ إِلَى قيس بِهِ وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن الْعَاصِ فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم وَيُجِير عَلَيْهِم أَقْصَاهُم وهم يَد عَلَى من سواهُم
وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ الدَّارقطني فِي سنَنه فِي الْحُدُود من حَدِيث مَالك ابْن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت وجد فِي قَائِم سيف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كِتَابَانِ فِي أَحدهمَا الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم مُخْتَصر وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه رَوَاهُ بَان ماجة فِي الدِّيات عَن الْمُعْتَمِر ابْن سُلَيْمَان عَن حَنش عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا الْمُسلمُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وهم يَد عَلَى من سواهُم
وَأما حَدِيث معقل بن يسَار فَرَوَاهُ أبن ماجة أَيْضا عَن عبد السَّلَام ابْن أبي الْجنُوب عَن الْحسن عَن معقل بن يسَار مَرْفُوعا الْمُسلمُونَ يَد عَلَى من سواهُم تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ انْتَهَى(1/108)
وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى ابْن شيبَة ثَنَا سعيد بن يَحْيَى بن سعيد الْأمَوِي ثَنَا أَبُو الْقَاسِم بن أبي الزِّنَاد أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن نَافِع عَن أبي الزُّبَيْر عَن جَابر أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الْمُسلمُونَ يَد عَلَى من سواهُم تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم انْتَهَى
92 - الحَدِيث الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ
رُوِيَ أَن حيين من الْعَرَب كَانَ بَينهمَا دم فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ لأَحَدهمَا طول عَلَى الآخر فَأَقْسَمُوا لَنَقْتُلَنَّ الْحر مِنْكُم بِالْعَبدِ وَالذكر بِالْأُنْثَى والاثنين بِالْوَاحِدِ فَتَحَاكَمُوا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ فَنزلت الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ الْآيَة وَأمرهمْ أَن يَتَبَاوَءُوا
قلت غَرِيب جدا
93 - الحَدِيث الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. وَاعْفُوا اللحَى
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي اللبَاس وَمُسلم فِي الطَّهَارَة من حَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. قَالَ اُحْفُوا الشَّوَارِب وَاعْفُوا اللحَى انْتَهَى
94 - قَوْله
عَن عَائِشَة أَن رجلا أَرَادَ أَن يُوصي وَله عِيَال وَأَرْبَعمِائَة دِينَار فَقَالَت مَا أرَى فِيهِ فضلا وَأَرَادَ آخر أَن يُوصي فَسَأَلته كم مَالك(1/109)
فَقَالَ ثَلَاثَة آلَاف قَالَت كم عِيَالك قَالَ أَرْبَعَة قَالَت إِنَّمَا قَالَ الله إِن ترك خيرا وَإِن هَذَا لشَيْء يسير فَاتْرُكْهُ لِعِيَالِك
وَعَن عَلّي أَن مولَى لَهُ أَرَادَ أَن يُوصي وَله سَبْعمِائة فَمَنعه وَقَالَ قَالَ الله إِن ترك خيرا وَالْخَيْر المَال الْكثير
قلت
الأول رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الْوَصَايَا أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مَنْصُور بن صَفِيَّة ثَنَا عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر أَن عَائِشَة سُئِلت عَن رجل مَاتَ وَله أَرْبَعمِائَة دِينَار وَله عدَّة من الْوَلَد فَقَالَت عَائِشَة مَا فِي هَذَا فضل عَن وَلَده انْتَهَى
أخبرنَا ابْن جريج أَنا مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عَن عَائِشَة مثل حَدِيث الثَّوْريّ وَزَاد فَلَامَتْهُ عَائِشَة وَقَالَت إِن ذَلِك لقَلِيل انْتَهَى
الثَّانِي رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الْوَصَايَا ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن مُحَمَّد بن شريك عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة أَن رجلا قَالَ لَهَا إِنِّي أُرِيد أَن أوصِي فَقَالَت كم مَالك قَالَ ثَلَاثَة آلَاف قَالَت فكم عِيَالك قَالَ أَرْبَعَة فَقَالَت إِن الله يَقُول إِن ترك خيرا فَإِنَّهُ شَيْء يسير فَدَعْهُ لِعِيَالِك
الثَّالِث رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق وَاللَّفْظ لَهُ قَالَ ابْن أبي شيبَة أَنا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر وَقَالَ عبد الرَّزَّاق أَنا معمر قَالَا أَنا هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ دخل عَلَى عَلّي مولَى لَهُ فِي الْمَوْت فَقَالَ لَهُ أَلا أوصِي فَقَالَ عَلّي إِنَّمَا قَالَ الله تَعَالَى إِن ترك خيرا وَلَيْسَ لَهُ كَبِير مَال وَكَانَ لَهُ سَبْعمِائة دِرْهَم انْتَهَى(1/110)
95 - الحَدِيث الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله قد أعْطى كل ذِي حق حَقه أَلا لَا وَصِيَّة لوَارث
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي أُمَامَة وَمن حَدِيث عَمْرو بن خَارِجَة وَمن حَدِيث أنس
أما الأول فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْبيُوع وَالتِّرْمِذِيّ فِيهِ وَفِي الْوَصَايَا وَابْن ماجة فِي الْوَصَايَا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن شُرَحْبِيل بن مُسلم عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول إِن الله قد أعْطى كل ذِي حق حَقه فَلَا وَصِيَّة لوَارث وَفِيه قصَّة قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن
وَأما الثَّانِي فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من حَدِيث شهر بن حَوْشَب عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم عَن عَمْرو بن خَارِجَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خطب عَلَى نَاقَته وَأَنا تَحت جِرَانهَا وَهِي تَقْصَعُ بِجِرَانِهَا فَسَمعته يَقُول إِن الله قد أعْطى) فَذكره قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح
وَأما الثَّالِث فَرَوَاهُ ابْن ماجة ثَنَا هِشَام بن عمار ثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب بن سَابُور ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر عَن سعيد بن أبي سعيد أَنه حَدثهُ عَن أنس بن مَالك قَالَ إِنِّي لتَحْت نَاقَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يسيل عَلّي لُعَابهَا فَسَمعته يَقُول إِن الله قد أعْطى كل ذِي حق حَقه فَلَا وَصِيَّة لوَارث انْتَهَى وَفِيه كَلَام مُسْتَوفى فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة
96 - الحَدِيث السَّادِس وَالسَّبْعُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِن الصَّوْم لَهُ وَجَاء
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ من حَدِيث ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ يَا معشر الشَّبَاب من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة فليتزوج فَإِنَّهُ أَغضّ لِلْبَصَرِ(1/111)
وَأحْصن لِلْفَرجِ وَمن لم يسْتَطع فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاء انْتَهَى
رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي النِّكَاح وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي الصَّوْم
97 - قلت
عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح أَنه قَالَ لم يرخص الله لكم فِي فطره وَهُوَ يُرِيد أَن يشق عَلَيْكُم فِي قَضَائِهِ
وَعَن عَلّي وَابْن عمر أَنه يقْضِي كَمَا فَاتَ مُتَتَابِعًا
قلت حَدِيث أبي عُبَيْدَة رَوَاهُ الدَّارقطني
وَحَدِيث عَلّي وَابْن عمر رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه قَالَا يَقْضِيه تباعا
98 - الحَدِيث السَّابِع وَالسَّبْعُونَ
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّلَاة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمن قَامَ لَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه انْتَهَى
99 - الحَدِيث الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من أدْرك رَمَضَان فَلم يغْفر لَهُ
قلت هَذَا قِطْعَة من حَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الدَّعْوَات حَدثنَا مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي ثَنَا ربعي بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن سعيد ابْن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رغم أنف رجل ذكرت عِنْده فَلم يصل وَرَغمَ أنف رجل دخل عَلَيْهِ رَمَضَان ثمَّ انْسَلَخَ قبل أَن يغْفر لَهُ وَرَغمَ أنف رجل أدْرك عِنْده أَبَوَاهُ الْكبر فَلم يدْخلَاهُ الْجنَّة قَالَ(1/112)
عبد الرَّحْمَن وَأَظنهُ قَالَ أَو أَحدهمَا انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه ورِبْعِي بن إِبْرَاهِيم هُوَ أَخُو إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَهُوَ ابْن علية وَهُوَ ثِقَة انْتَهَى
وَالْمُصَنّف احْتج بِهَذَا الحَدِيث وَالَّذِي قبله عَلَى خلو رَمَضَان عَن شهر
100 - الحَدِيث التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ نزلت صحف إِبْرَاهِيم أول لَيْلَة من رَمَضَان وأنزلت التَّوْرَاة لست مضين وَالْإِنْجِيل لثلاث عشرَة وَالْقُرْآن لأَرْبَع وَعشْرين
قلت رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع عشر مِنْهُم من حَدِيث عبد الله بن رَجَاء عَن عمرَان بن دَاور الْقطَّان عَن قَتَادَة عَن أبي الْمليح عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أنزلت صحف إِبْرَاهِيم فِي أول لَيْلَة من رَمَضَان وأنزلت التَّوْرَاة لست مضين مِنْهُ وَالْإِنْجِيل لثلاث عشرَة خلت وَالْقُرْآن لأَرْبَع وَعشْرين خلت من رَمَضَان انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث أبي ذَر فَقَالَ حَدثنَا أَبُو بكر مُحَمَّد ابْن أَحْمد بن عَبدُوس الْمُزَكي أَنا عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن الشَّرْقِي ثَنَا أَحْمد بن جَعْفَر بن عبد الله ثَنَا مَنْصُور بن جَعْفَر ثَنَا نهشل بن سعيد عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَارق بن إِيَاس عَن شهَاب بن طَارق عَن أبي ذَر الْغِفَارِيّ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحوه سَوَاء
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع ثَنَا أبي عَن عبيد الله بن أبي حميد عَن أبي الْمليح ثَنَا جَابر بن عبد الله ... فَذكره مَوْقُوفا عَلَى جَابر نَحوه(1/113)
101 - الحَدِيث الثَّمَانُونَ
رُوِيَ أَن أَعْرَابِيًا قَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَقَرِيب رَبنَا فنناجيه أم بعيد فنناديه فَنزلت (وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني) الْآيَة
قلت رَوَاهُ الدَّارقطني فِي كِتَابه المؤتلف والمختلف فِي تَرْجَمَة الصلب بن حَكِيم فَقَالَ ثَنَا القَاضِي الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي ثَنَا يُوسُف ثَنَا جرير عَن عَبدة ابْن أبي بَرزَة السجسْتانِي عَن الصلب بن حَكِيم بن مُعَاوِيَة بن حيدة عَن أَبِيه عَن جده مُعَاوِيَة بن حيدة أَن أَعْرَابِيًا قَالَ يَا رَسُول الله أَقَرِيب رَبنَا فنناجيه أم بعيد فنناديه فَسكت عَنهُ فَأنْزل الله وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني الْآيَة
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفاسيرهم عَن جرير بِهِ
102 - الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ هُوَ بَيْنكُم وَبَين أَعْنَاق رَوَاحِلكُمْ
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ ومُسلم من حَدِيث أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي غَزْوَة فَلَمَّا قَفَلْنَا أَشْرَفنَا عَلَى الْمَدِينَة فَكبر النَّاس وَرفعُوا أَصْوَاتهم فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِن ربكُم لَيْسَ بِأَصَمَّ ولَا غَائِب هُوَ بَيْنكُم وَبَين رُؤُوس رَوَاحِلكُمْ انْتَهَى
ورَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ فِيهِ هُوَ بَيْنكُم وَبَين رُؤُوس رَوَاحِلكُمْ
103 - الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ
رُوِيَ أَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَاقع أَهله بعد صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة فَلَمَّا اغْتسل أَخذ يبكي وَيَلُوم نَفسه فَأَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أعْتَذر إِلَى الله وَإِلَيْك من نَفسِي الْخَاطِئَة وَأخْبرهُ بِمَا فعل فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا كنت جَدِيرًا بذلك يَا عمر فَقَامَ رجال فَاعْتَرفُوا بِمَا كَانُوا يصنعون بعد الْعشَاء فَنزلت أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم(1/114)
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنِي مُحَمَّد بن سعد حَدثنِي أبي ثني عمي ثني أبي عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث ... الْآيَة قَالَ كَانَ النَّاس أول مَا أَسْلمُوا إِذا صَامُوا يطْعمُون من الطَّعَام فِيمَا بَين الْمسَاء وَالْعَتَمَة فَإِذا صلوا الْعَتَمَة حرم عَلَيْهِم الطَّعَام حَتَّى يمسوا من اللَّيْلَة الْقَابِلَة وَإِن عمر بن الْخطاب بَيْنَمَا هُوَ نَائِم إِذْ سَوَّلت لَهُ نَفسه فَأَتَى أَهله فَلَمَّا اغْتسل أَخذ يبكي وَيَلُوم نَفسه ثمَّ أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أعْتَذر إِلَى الله وَإِلَيْك من نَفسِي الْخَاطِئَة وَأخْبرهُ بِمَا فعل فَقَالَ لم تكن حَقِيقا بذلك يَا عمر فَلَمَّا بلغ بَيته نزلت أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم الْآيَة فَأرْسل إِلَيْهِ وَأَنْبَأَهُ بِعُذْرِهِ انْتَهَى
ثمَّ أخرجه عَن السّديّ فَذكر فِيهِ قصَّة وفيهَا وَكَانَ عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَقع عَلَى جَارِيَة لَهُ فِي نَاس من الْمُسلمين لم يملكُوا أنفسهم فَأَتَى عمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَاعْتَذر إِلَيْهِ وَقَالَ يَا رَسُول الله ... فَذكر نَحوه
104 - قلت
رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه أنْشد وَهُوَ محرم
(وَهن يَمْشين بِنَا هَميسا ... إِن تصدق الطير نَنكْ لَميسا) فَقيل لَهُ أرفثت فَقَالَ الرَّفَث مَا كَانَ عِنْد النِّسَاء
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن زِيَاد بن الْحصين عَن أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه تمثل بِهَذَا الْبَيْت وَهُوَ محرم فَقَالَ لَهُ أَبُو الْعَالِيَة أَتَرْفُثُ وَأَنت محرم فَقَالَ إِنَّمَا الرَّفَث مَا رُوجِعَ بِهِ النِّسَاء انْتَهَى ثمَّ قَالَ حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
ورَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه والطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره كَذَلِك(1/115)
قَالَ السَّرقسْطِي فِي غَرِيبه الهميس ضرب من السّير لَا يسمع لَهُ وَقع وَفِي الحَدِيث أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا أَخذ مضجعه هَمس أَي ذكر الله فِي مضجعه هَكَذَا فسره أَبُو حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة
105 - الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ
عَن عدي بن حَاتِم قَالَ عَمَدت إِلَى عِقَالَيْنِ أَبيض وأسود فَجَعَلتهمَا تَحت وِسَادَتِي فَكنت أقوم من اللَّيْل فَأنْظر إِلَيْهِمَا فَلَا يتَبَيَّن لي الْأَبْيَض من الْأسود فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأَخْبَرته فَضَحِك وَقَالَ إِن كَانَ وِسَادك لَعَرِيضًا وَفِي رِوَايَة إِنَّك لَعَرِيض الْقَفَا إِنَّمَا ذَاك بَيَاض النَّهَار وَسَوَاد اللَّيْل
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير وَمُسلم فِي الصَّوْم من حَدِيث الشّعبِيّ عَن عدي بن حَاتِم أَنه أَخذ عقَالًا أَبيض وَعِقَالًا أسود حَتَّى كَانَ بعض اللَّيْل نظر فَلم يَسْتَبِينَا فَلَمَّا أصبح أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله جعلت تَحت وِسَادِي ... قَالَ إِن وِسَادك إِذا لَعَرِيض إِن كَانَ الْخَيط الْأَبْيَض وَالْأسود تَحت وِسَادَتك انْتَهَى
ورِوَايَة إِنَّك لَعَرِيض الْقَفَا عِنْد البُخَارِيّ رَوَاهَا أَيْضا من حَدِيث الشّعبِيّ عَن عدي قلت يَا رَسُول الله مَا الْخَيط الْأَبْيَض من الْأسود أَهما الْخيطَان قَالَ إِنَّك لَعَرِيض الْقَفَا إِن أَبْصرت الْخَيْطَيْنِ ثمَّ قَالَ لَا بل هُوَ سَواد اللَّيْل وَبَيَاض النَّهَار انْتَهَى
106 - الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ
عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ أَن الْآيَة نزلت وَلم ينزل من الْفجْر وَكَانَ رجال إِذا أَرَادوا الصَّوْم ربط أحدهم فِي رجله الْخَيط الْأَبْيَض وَالْخَيْط الْأسود فَلَا يزَال يَأْكُل وَيشْرب حَتَّى يَتَبَيَّنَا لَهُ فَنزل بعد(1/116)
ذَلِك من الْفجْر فَعَلمُوا أَنه إِنَّمَا يَعْنِي بذلك اللَّيْل وَالنَّهَار
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير وَمُسلم فِي الصَّوْم من حَدِيث أبي حَازِم عَن سهل بن سعد قَالَ نزلت وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود وَلم ينزل من الْفجْر وَكَانَ رجال إِذا أَرَادوا الصَّوْم ربط أحدهم فِي رجلَيْهِ الْخَيط الْأَبْيَض وَالْخَيْط الْأسود فَلَا يزَال يَأْكُل حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ رُؤْيَتهمَا فَأنْزل الله بعده من الْفجْر فَعَلمُوا أَنه إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْل وَالنَّهَار انْتَهَى
107 - الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن لكل ملك حمى وَحمى الله تَعَالَى مَحَارمه فَمن وَقع حول الْحمى يُوشك أَن يَقع فِيهِ
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ فِي الْبيُوع من حَدِيث عَامر الشّعبِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الْحَلَال بَين وَإِن الْحَرَام بَين وَبَينهمَا مُشْتَبهَات لَا يعلمهُنَّ كثير من النَّاس فَمن اتَّقَى الشُّبُهَات اسْتَبْرَأَ لدينِهِ وَعرضه وَمن وَقع فِي الشُّبُهَات وَقع فِي الْحَرَام كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يَقع فِيهِ أَلا وَإِن لكل ملك حمى وَحمى الله تَعَالَى مَحَارمه انْتَهَى
والْحَدِيث رُوِيَ بِأَلْفَاظ مُتَقَارِبَة مُخْتَلفَة
108 - الحَدِيث السَّادِس وَالثَّمَانُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لِلْخَصْمَيْنِ إِنَّمَا أَنا بشر وَأَنْتُم تختصمون إِلَيّ وَلَعَلَّ بَعْضكُم أَلحن بحجته من بعض فأقضي لَهُ عَلَى نَحْو مَا أسمع(1/117)
مِنْهُ فَمن قضيت لَهُ بِشَيْء من حق أَخِيه فَلَا يَأْخُذن مِنْهُ شَيْئا فَإِنَّمَا أَقْْضِي لَهُ بِقِطْعَة من النَّار فَبَكَيَا وَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا حَقي لصاحبي فَقَالَ اذْهَبَا فَتَوَخَّيَا ثمَّ اسْتهمَا ثمَّ ليحلل كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي الْقَضَاء من حَدِيث أُسَامَة بن زيد عَن عبد الله بن رَافع مولَى أم سَلمَة عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَتَاهُ رجلَانِ يختصمان فِي مَوَارِيث وَأَشْيَاء قد درست ... فَذكره
ورَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْأَحْكَام وقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ
ورَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسانيدهم وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه قَالُوا ثَلَاثَتهمْ ثَنَا وَكِيع ثَنَا أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ عَن عبد الله بن رَافع بِهِ
ورَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه فِي الْأَقْضِيَة وَبَعضه فِي الصَّحِيحَيْنِ
109 - الحَدِيث السَّابِع وَالثَّمَانُونَ
رُوِيَ أَن معَاذ بن جبل وثعلبة بن غنم الْأنْصَارِيّ قَالَا يَا رَسُول الله مَا بَال الْهلَال يَبْدُو دَقِيقًا مثل الْخَيط ثمَّ يزِيد حَتَّى يَسْتَوِي ثمَّ لَا يزَال ينقص حَتَّى يعود كَمَا بَدَأَ فَنزلت يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة الْآيَة
قلت غَرِيب وَنَقله الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن الْكَلْبِيّ أَنه قَالَ نزلت يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة فِي معَاذ بن جبل وثعلبة بن غنم الْأنْصَارِيّ قَالَا ... فَذكره(1/118)
وَهُوَ عِنْد الثَّعْلَبِيّ كم ذكره المُصَنّف
110 - الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ
رُوِيَ أَن رجلا من الْمُهَاجِرين حمل عَلَى صف الْعَدو وَصَاح بِهِ النَّاس ألْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة فَقَالَ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ نَحن أعلم بِهَذِهِ الْآيَة وَإِنَّمَا أنزلت فِينَا صَحِبنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَنَصَرْنَاهُ وَشَهِدْنَا مَعَه الْمشَاهد وآثرناه عَلَى أَهَالِينَا وَأَمْوَالنَا وَأَوْلَادنَا فَلَمَّا فَشَا الْإِسْلَام وَكثر أَهله وَوضعت الْحَرْب أَوزَارهَا رَجعْنَا إِلَى أَهْلينَا وَأَوْلَادنَا وَأَمْوَالنَا نُصْلِحهَا وَنُقِيم فِيهَا فَكَانَت التَّهْلُكَة الْإِقَامَة فِي الْأَهْل وَالْمَال وَترك الْجِهَاد
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير من حَدِيث أسلم أبي عمرَان قَالَ خرجنَا من الْمَدِينَة نُرِيد الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَعَلَى الْجَمَاعَة عبد الرَّحْمَن ابْن خَالِد بن الْوَلِيد فَخرج من الْمَدِينَة صف عَظِيم من الرّوم وصففنا لَهُم صفا عَظِيما مُسلمين فَحمل رجل من الْمُسلمين عَلَى صف الرّوم حَتَّى دخل بهم فصاح النَّاس ألْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة فَقَالَ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ يأيها النَّاس إِنَّكُم تَتَأَوَّلُونَ هَذِه الْآيَة عَلَى هَذَا التَّأْوِيل وَإِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِينَا معشر الْأَنْصَار لما نصر الله نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قُلْنَا هَل نُقِيم فِي أَمْوَالنَا وَنُصْلِحهَا فَأنْزل الله تَعَالَى وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة وَالْإِلْقَاء بِأَيْدِينَا إِلَى التَّهْلُكَة أَن نُقِيم فِي أَمْوَالنَا وَنُصْلِحهَا وَنَدع الْجِهَاد قَالَ أَبُو عمرَان فَلم يزل أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ يُجَاهد فِي سَبِيل الله حَتَّى دفن بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَقَالَ فضَالة بن عبيد عوض عبد الرَّحْمَن بن خَالِد وَقَالَ النَّسَائِيّ عَلَى أهل مصر عقبَة بن عَامر وَعَلَى أهل الشَّام فضَالة
ورَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الرَّابِع وَالسِّتِّينَ من الْقسم الثَّالِث ورَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ وَلَفْظهمَا كَالنَّسَائِيِّ(1/119)
وَرَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مسانيدهم
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفاسيرهم
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول كلهم بِلَفْظ النَّسَائِيّ
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من طَرِيق عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ ثَنَا عبد الله ابْن صَالح ثَنَا اللَّيْث بن سعد عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن أسلم أبي عمرَان ... فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة بِسَنَدِهِ وَمَتنه
111 - الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ
رُوِيَ أَنه قيل لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْعمرَة وَاجِبَة مثل الْحَج قَالَ لَا وَلَكِن أَن تعتمر خير لَك
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سُئِلَ عَن الْعمرَة أَوَاجِبَة هِيَ قَالَ لَا وَأَن تَعْتَمِرُوا هُوَ أفضل انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث سعيد بن عفير ثَنَا يَحْيَى بن أَيُّوب عَن عبيد الله بن الْمُغيرَة عَن أبي الزُّبَيْر عَن جَابر ... فَذكره وَقَالَ وَأَن تعتمر خير لَك
وَرَوَاهُ الدَّارقطني فِي سنَنه بالسندين والمتنين وَهُوَ ضَعِيف من الطَّرِيقَيْنِ وَقد بَينته فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة
112 - الحَدِيث التِّسْعُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْحَج جِهَاد وَالْعمْرَة تطوع
قلت رُوِيَ من حَدِيث طَلْحَة بن عبيد الله وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن(1/120)
حَدِيث مَيْمُونَة
أما حَدِيث طَلْحَة فَرَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه من حَدِيث إِسْحَاق بن طَلْحَة عَن أَبِيه طَلْحَة بن عبيد الله سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول الْحَج جِهَاد وَالْعمْرَة تطوع انْتَهَى
أما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا أَحْمد بن الْجَعْد ثَنَا مُحَمَّد بن بكار ثَنَا مُحَمَّد بن الْفضل بن عَطِيَّة عَن سَالم الْأَفْطَس عَن سعيد ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا نَحوه
وَأما حَدِيث مَيْمُونَة فَرَوَاهُ الإِمَام أَبُو بكر عبد الله بن أبي دَاوُد سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث السجسْتانِي فِي كتاب الْمَصَاحِف فَقَالَ حَدثنَا يَعْقُوب بن عبد الله بن أبي مخلد ثَنَا أَبُو مَنْصُور ثَنَا عمر بن قيس عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن عَمه عَن مَيْمُونَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الْحَج جِهَاد وَالْعمْرَة تطوع انْتَهَى
قَالَ الدَّارقطني فِي علله هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْحَارِث بن مَنْصُور عَن عمر ابْن قيس عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن عَمه عَن مُعَاوِيَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الْحَج جِهَاد وَالْعمْرَة تطوع وَهَذَا وهم وَلَعَلَّه أَرَادَ إِسْحَاق ابْن يَحْيَى بن طَلْحَة عَن عَمه عِيسَى بن طَلْحَة لِأَن هَذَا الحَدِيث لَيْسَ من رِوَايَة إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة وَلَا يثبت عَن مُعَاوِيَة وَإِنَّمَا يعرف من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق بن طَلْحَة عَن عمته عَائِشَة بنت طَلْحَة عَن عَائِشَة وَمن حَدِيث حبيب بن أبي عَمْرو وَعَن عَائِشَة بنت طَلْحَة عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ وَقَالَ فِي مَوضِع آخر هَذَا حَدِيث يرويهِ مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة وَخَالفهُ أَصْحَاب شُعْبَة مِنْهُم غنْدر وَمُحَمّد بن كثير وَعَفَّان رَوَوْهُ عَن شُعْبَة عَن مُعَاوِيَة بن أبي إِسْحَاق عَن أبي صَالح مُرْسلا انْتَهَى(1/121)
وَنقل ابْن الْقطَّان هَذَا الْكَلَام فِي كِتَابه الْوَهم وَالْإِيهَام ثمَّ قَالَ وَقد رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة مُسْندًا فَقَالَ حَدثنَا جرير عَن مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا ... فَذكره انْتَهَى
قلت لم أَجِدهُ فِي مُصَنف ابْن أبي شيبَة إِلَّا مُرْسلا بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي صَالح ماهان عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَيْسَ فِيهِ أَبُو هُرَيْرَة وَالله أعلم
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد رُوِيَ من حَدِيث شُعْبَة عَن مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة مَوْصُولا وَالطَّرِيق فِيهِ إِلَى شُعْبَة طَرِيق ضَعِيف انْتَهَى
113 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس إِن الْعمرَة لقَرِينَة الْحَج
قلت ذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه تَعْلِيقا فَقَالَ وَقَالَ ابْن عَبَّاس إِنَّهَا لقَرِينَة الْحَج فِي كتاب الله تَعَالَى قَالَ وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْمعرفَة من طَرِيق الشَّافِعِي أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِنَّهَا لقَرِينَة الْحَج فِي كتاب الله وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله
114 - الحَدِيث الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رجلا قَالَ لَهُ إِنِّي وجدت الْحَج وَالْعمْرَة مكتوبين عَلّي فَأَهْلَلْت بهما جَمِيعًا فَقَالَ هديت لسنة نبيك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من حَدِيث أبي وَائِل قَالَ أَتَى الصَّبِي بن معبد إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي أسلمت وَأَنا حَرِيص عَلَى الْجِهَاد وَإِنِّي وجدت الْحَج وَالْعمْرَة مكتوبين عَلّي فَأَهْلَلْت بهما فَقَالَ عمر هديت لسنة نبيك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْتَهَى وَعند النَّسَائِيّ فِيهِ قصَّة(1/122)
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الْعَاشِر من الْقسم الْخَامِس من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن عَبدة عَن أبي لبَابَة عَن أبي وَائِل بِهِ
115 - الحَدِيث الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من كسر أَو عرج فقد حل وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل
قلت رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة من حَدِيث الْحجَّاج بن عَمْرو بن غزيَّة الْأنْصَارِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من كسر أَو عرج فقد حل وَعَلِيهِ حجَّة أُخْرَى انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن عِكْرِمَة عَن الْحجَّاج ابْن عَمْرو بِهِ وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه ثَنَا معمر عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن عِكْرِمَة عَن عبد الله بن رَافع مولَى أم سَلمَة عَن الْحجَّاج بن عَمْرو بِهِ
وَعَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَمن طَرِيق أَحْمد رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده
116 - الحَدِيث الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نحر هَدْيه حِين أحْصر قَالَ المُصَنّف وَكَانَ محصره طرف الْحُدَيْبِيَة الَّذِي إِلَى أَسْفَل مَكَّة وَهُوَ من الْحرم
قَالَ وَعَن الزُّهْرِيّ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نحر هَدْيه فِي الْحرم
قلت رَوَى البُخَارِيّ فِي الشَّهَادَات من حَدِيث ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج مُعْتَمِرًا فحال كفار قُرَيْش بَينه وَبَين الْبَيْت فَنحر هَدْيه وَحلق رَأسه(1/123)
بِالْحُدَيْبِية وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَن يعْتَمر الْعَام الْقَابِل ... الحَدِيث
وَحَدِيث الزُّهْرِيّ لم أَجِدهُ لَكِن رَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنِي الْفضل ابْن سهل ثَنَا مخول بن إِبْرَاهِيم ثَنَا إِسْرَائِيل عَن مجزاة بن زَاهِر الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه عَن نَاحيَة بن جُنْدُب الْأَسْلَمِيّ قَالَ أتيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين صد عَن الْهَدْي فَقلت يَا رَسُول الله ابْعَثْ معي بِالْهَدْي فَلْنَنْحَرْهُ بِالْحرم قَالَ كَيفَ تصنع بِهِ قَالَ آخذ بِهِ أَوديَة فَلَا يقدرُونَ عَلَيْهِ فَانْطَلَقت بِهِ حَتَّى نَحرته بِالْحرم انْتَهَى
117 - قَوْله
عَن كَعْب بن عجْرَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَعَلَّك آذَاك هوَام رَأسك قَالَ نعم يَا رَسُول الله قَالَ احْلق رَأسك وصم ثَلَاثَة أَيَّام أَو أطْعم سِتَّة مَسَاكِين أَو انسك
وَرُوِيَ أَنه قَالَ لَهُ وَقد قرح رَأسه كفَى بِهَذَا أَذَى وَأمره أَن يحلق وَيطْعم أَو يَصُوم
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ فَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْحَج وَفِي الْمَغَازِي وَفِي التَّفْسِير وَفِي الطِّبّ وَرَوَاهُ الْبَاقُونَ فِي الْحَج وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ عَن عبد الله ابْن مُغفل عَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ حملت إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالْقمل يَتَنَاثَر عَلَى وَجْهي فَقَالَ مَا كنت أرَى أَن الْجهد بلغ بك مَا أرَى وَفِي رِوَايَة أَيُؤْذِيك هوَام رَأسك قَالَ نعم قَالَ احْلق وَاذْبَحْ شَاة أَو صم ثَلَاثَة أَيَّام أَو أطْعم سِتَّة مَسَاكِين كل مِسْكين نصف صَاع من طَعَام فَنزلت فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه فِي خَاصَّة وَهِي فِي الْمُسلمين عَامَّة انْتَهَى وَفِي أَلْفَاظه اخْتِلَاف
وَرَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ بِلَفْظ المُصَنّف قَالَ أَبُو مُصعب حَدثنَا مَالك(1/124)
عَن حميد بن قيس عَن مُجَاهِد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن كَعْب بن عجْرَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَهُ لَعَلَّك يُؤْذِيك هوَام رَأسك قَالَ قلت نعم قَالَ احْلق رَأسك وصم ثَلَاثَة أَيَّام أَو أطْعم سِتَّة مَسَاكِين أَو انسك شَاة انْتَهَى
وَأما الرِّوَايَة الثَّانِيَة فَيقرب مِنْهَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا عبد الله ابْن أَحْمد بن حَنْبَل حَدَّثَنى مُحَمَّد بن حميد الرَّازِيّ ثَنَا هَارُون بن الْمُغيرَة ثَنَا عَمْرو ابْن أبي قيس عَن الزُّبَيْر بن عدي عَن أبي وَائِل قَالَ لقِيت كَعْب بن عجْرَة بِالسوقِ فَسَأَلته عَن حلق رَأسه فَقَالَ لَقِيَنِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَمسح رَأْسِي فَتَنَاثَرَ الْقمل فَقَالَ كفَى بِهَذَا أَذَى انْطلق فَاحْلِقْ وَتصدق عَلَى سِتَّة مَسَاكِين انْتَهَى
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَلَفظه فَقَالَ إِن هَذَا لأَذى وَأمره أَن يحلق وَأَن ينْسك أَو يَصُوم أَو يطعم وَهُوَ كَذَلِك فِي لفظ عِنْد الدَّارقطني فِي سنَنه
118 - الحَدِيث الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من حج هَذَا الْبَيْت فَلم يرْفث وَلم يفسق خرج كَهَيْئَته يَوْم وَلدته أمه
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الْحَج من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من حج لله فَلم يرْفث وَلم يفسق رَجَعَ كَيَوْم وَلدته أمه انْتَهَى
119 - الحَدِيث الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ عَن ابْن عمر أَن رجلا قَالَ لَهُ إِنَّا قوم نكرِي فِي هَذَا الْوَجْه وَإِن قوما يَزْعمُونَ أَنه لَا حج لنا فَقَالَ سَأَلَ رجل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَمَّا سَأَلت فَلم يرد عَلَيْهِ حَتَّى نزلت لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم فَدَعَا بِهِ فَقَالَ أَنْتُم حجاج
قلت أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج من حَدِيث الْعَلَاء بن الْمسيب ثَنَا أَبُو أُمَامَة التَّيْمِيّ قَالَ كنت أَكْرِي فِي هَذَا الْوَجْه وَإِن نَاسا يَقُولُونَ إِنَّه لَيْسَ لَك حج فَقَالَ ابْن عمر أَلَسْت تحرم وَتُلَبِّي وَتَطوف بِالْبَيْتِ وَتفِيض من عَرَفَات وَتَرْمِي الْجمار قلت بلَى قَالَ فَإِن لَك حجا جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَأَلَهُ مَا سَأَلتنِي فَلم يجبهُ حَتَّى نزلت لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم الْآيَة
فَأرْسل إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَام وَقَرَأَ الْآيَة وَقَالَ لَهُ حج انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مسنديهما وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَعبد الرَّزَّاق
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ كلهم من حَدِيث الْعَلَاء بن الْمسيب بِهِ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا أَسْبَاط بن مُحَمَّد ثَنَا الْحسن بن عَمْرو الْفُقيْمِي عَن أبي أُمَامَة التَّيْمِيّ بِهِ
12 - قَوْله عَن عمر رَضِي الله أَنه قيل لَهُ هَل كُنْتُم تَكْرَهُونَ التِّجَارَة فِي الْحَج فَقَالَ وَهل كَانَت مَعَايِشنَا إِلَّا من التِّجَارَة فِي الْحَج
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنِي أَحْمد بن إِسْحَاق ثَنَا أَبُو أَحْمد ثَنَا منْدَل عَن عبد الرَّحْمَن بن المُهَاجر عَن أبي صَالح مولَى عمر قَالَ قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كُنْتُم تَتَّجِرُونَ فِي الْحَج قَالَ وَهل كَانَت مَعَايِشنَا إِلَّا فِي الْحَج انْتَهَى
121 - قَوْله فِي حَدِيث أبي بكر صب فِي ذَفِرَان وَهُوَ يُحَرِّش بعيره بِمِحْجَنِهِ
قلت احْتج بِهِ المُصَنّف عَلَى حذف مفعول صب قَالَ وَمَعْنى أَفَاضَ من(1/125)
قلت أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْحَج من حَدِيث الْعَلَاء بن الْمسيب ثَنَا أَبُو أُمَامَة التَّيْمِيّ قَالَ كنت أَكْرِي فِي هَذَا الْوَجْه وَإِن نَاسا يَقُولُونَ إِنَّه لَيْسَ لَك حج فَقَالَ ابْن عمر أَلَسْت تحرم وَتُلَبِّي وَتَطوف بِالْبَيْتِ وَتفِيض من عَرَفَات وَتَرْمِي الْجمار قلت بلَى قَالَ فَإِن لَك حجا جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَأَلَهُ مَا سَأَلتنِي فَلم يجبهُ حَتَّى نزلت لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم الْآيَة
فَأرْسل إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَام وَقَرَأَ الْآيَة وَقَالَ لَهُ حج انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مسنديهما وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَعبد الرَّزَّاق
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ كلهم من حَدِيث الْعَلَاء بن الْمسيب بِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا أَسْبَاط بن مُحَمَّد ثَنَا الْحسن بن عَمْرو الْفُقيْمِي عَن أبي أُمَامَة التَّيْمِيّ بِهِ
120 - قَوْله
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قيل لَهُ هَل كُنْتُم تَكْرَهُونَ التِّجَارَة فِي الْحَج فَقَالَ وَهل كَانَت مَعَايِشنَا إِلَّا من التِّجَارَة فِي الْحَج
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنِي أَحْمد بن إِسْحَاق ثَنَا أَبُو أَحْمد ثَنَا منْدَل عَن عبد الرَّحْمَن بن المُهَاجر عَن أبي صَالح مولَى عمر قَالَ قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كُنْتُم تَتَّجِرُونَ فِي الْحَج قَالَ وَهل كَانَت مَعَايِشنَا إِلَّا فِي الْحَج انْتَهَى
121 - قَوْله
فِي حَدِيث أبي بكر صب فِي ذَفِرَان وَهُوَ يُحَرِّش بعيره بِمِحْجَنِهِ
قلت احْتج بِهِ المُصَنّف عَلَى حذف مفعول صب قَالَ وَمَعْنى أَفَاضَ من(1/126)
إفَاضَة المَاء وَهُوَ صبه بِكَثْرَة وَأَصله أَفَضْتُم أَنفسكُم فَنزل ذكر الْمَفْعُول كَمَا نزل دفعُوا من مَوْضُوع كَذَا وَصبُّوا انْتَهَى
وَهَذَا الحَدِيث لم أَجِدهُ بِهَذَا اللَّفْظ وَالَّذِي وجدته فِي غَرِيب أبي عبيد الْقَاسِم ابْن سَلام قَالَ حدثت عَن ابْن عُيَيْنَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن عبد الرَّحْمَن ابْن سعيد بن يَرْبُوع عَن جُبَير بن الْحُوَيْرِث قَالَ رَأَيْت أَبَا بكر عَلَى قزَح وَهُوَ يُحَرِّش بعيره بِمِحْجَنِهِ انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة بِهِ قَالَ رَأَيْت أَبَا بكر عَلَى قزَح كَأَنِّي أنظر إِلَى فَخذه قد انْكَشَفَ مِمَّا يُحَرِّش بعيره بِمِحْجَنِهِ انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة من طَرِيق الشَّافِعِي ثَنَا سُفْيَان عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بِهِ سَوَاء
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة بِهِ
122 - الحَدِيث السَّادِس وَالتِّسْعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الْحَج عَرَفَة فَمن أدْرك عَرَفَة فقد أدْرك الْحَج
قلت رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن يعمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَكِن بِأَلْفَاظ مُخْتَلفه فَلفظ أبي دَاوُد قَالَ جَاءَ نَاس من أهل نجد فَقَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ الْحَج فَأمر مناديا فَنَادَى الْحَج الْحَج يَوْم عَرَفَة من جَاءَ قبل صَلَاة الصُّبْح من لَيْلَة جمع فقد تمّ حجه مُخْتَصر
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ كَذَلِك إِلَّا أَنه لم يُكَرر لفظ الْحَج وَرَوَاهُ فِي تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة وَقَالَ الْحَج عَرَفَات من أدْرك عَرَفَة قبل أَن يطلع الْفجْر فقد أدْرك الْحَج وَحسنه وَصَححهُ(1/127)
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَلَى الشَّك الْحَج عَرَفَة أَو عَرَفَات وَصَححهُ
123 - الحَدِيث السَّابِع وَالتِّسْعُونَ
رَوَى جَابر أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما صَلَّى الْفجْر يَعْنِي بِالْمُزْدَلِفَةِ بِغَلَس ركب نَاقَته حَتَّى أَتَى الْمشعر الْحَرَام فَدَعَا وَكبر وَهَلل وَلم يزل وَاقِفًا حَتَّى أَسْفر
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي حَدِيث جَابر الطَّوِيل قَالَ ثمَّ أَتَى الْمزْدَلِفَة فَصَلى بهَا الْمغرب وَالْعشَاء بِأَذَان وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ وَلم يسبح بَينهمَا ثمَّ اضْطجع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى طلع الْفجْر وَصَلى الْفجْر حَتَّى تبين لَهُ الصُّبْح بِأَذَان وإِقَامَة ثمَّ ركب الْقَصْوَاء حَتَّى أَتَى الْمشعر الْحَرَام فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَدعَاهُ وَكبره وَهَلله وَوَحدهُ فَلم يزل وَاقِفًا حَتَّى أَسْفر جدا فَدفع قبل أَن تطلع الشَّمْس مُخْتَصر
124 - الحَدِيث الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ
رُوِيَ أَنه يُحَاسب الْخَلَائق فِي قدر حلب شَاة
وَرُوِيَ فِي مِقْدَار فوَاق نَاقَة
وَرُوِيَ فِي مِقْدَار لمحة
125 - قَوْله
عَن عبد الله بن سَلام أَنه اسْتَأْذن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يُقيم عَلَى السبت وَأَن يقْرَأ من التَّوْرَاة فِي صلَاته بِاللَّيْلِ
قلت رَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا الْحُسَيْن حَدثنِي حجاج عَن ابْن(1/128)
جريج عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة ولَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان قَالَ نزلت فِي أنَاس من الْيَهُود أَسْلمُوا كَعبد الله ابْن سَلام وثعلبة وَابْن يَامِين وَأسد بن كَعْب وَطَائِفَة من يهود اسْتَأْذنُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يُسْبِتُوا وَأَن يقومُوا بِالتَّوْرَاةِ لَيْلًا فَأَمرهمْ الله بِإِقَامَة شَعَائِر الْإِسْلَام وَالرَّغْبَة عَمَّا عَداهَا فَقَالَ (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة) الْآيَة انْتَهَى
ورَوَى الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ أَخْبرنِي أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فيمَ أذن لَهُ فِي رِوَايَته عَنهُ أَنا أَبُو الْقَاسِم سُلَيْمَان بن أَحْمد ثَنَا بكر بن سهل ثَنَا عبد الْغَنِيّ ابْن سعيد عَن مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الصَّنْعَانِيّ عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه وَذَلِكَ أَنهم حِين آمنُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ آمنُوا بِشَرِيعَتِهِ وَشَرِيعَة مُوسَى فَعَظمُوا السبت وكرهوا لحْمَان الْإِبِل وَأَلْبَانهَا بعد مَا أَسْلمُوا فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهِم الْمُسلمُونَ فَقَالُوا إِنَّا نَقْوَى عَلَى هَذَا وَهَذَا وَقَالُوا للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن التَّوْرَاة كتاب الله فَدَعْنَا فلنعمل بهَا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة
126 - الحَدِيث التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث عبد الله بن جحش عَلَى سَرِيَّة فِي جُمَادَى الْآخِرَة قبل قتال بدر بشهرين ليترصد عيرًا لقريش فِيهَا عَمْرو ابْن عبد الله الْحَضْرَمِيّ وَثَلَاثَة مَعَه فَقَتَلُوهُ وأسروا اثْنَيْنِ وَاسْتَاقُوا العير وفيهَا من تِجَارَة الطَّائِف وَكَانَ ذَلِك أول يَوْم من رَجَب وهم يَظُنُّونَهُ من جُمَادَى الْآخِرَة فَقَالَت قُرَيْش قد اسْتحلَّ مُحَمَّد الشَّهْر الْحَرَام(1/129)
شهرا يَأْمَن فِيهِ الْخَائِف وَيَنْذَعِرُ النَّاس إِلَى مَعَايشهمْ فَوقف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَعظم ذَلِك عَلَى أَصْحَاب السّريَّة وَقَالُوا مَا نَبْرَح حَتَّى تنزل تَوْبَتنَا ورد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ العير وَالْأسَارَى
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي أول بَاب الْمَغَازِي بتغيير يسير أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب ثَنَا أَحْمد بن عبد الْجَبَّار ثَنَا يُونُس بن بكير عَن ابْن إِسْحَاق حَدثنِي يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث سَرِيَّة من الْمُسلمين وَأمر عَلَيْهِم عبد الله بن جحش الْأَسدي وَقَالَ لَهُ كن بهَا يَعْنِي نَخْلَة حَتَّى تَأْتِينَا بِخَبَر من أَخْبَار قُرَيْش وَلم يَأْمُرهُ بِقِتَال ... إِلَى أَن قَالَ فَمر بهم عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ وَالْحكم بن كيسَان وهرب الْمُغيرَة فَأَعْجَزَهُمْ وَاسْتَاقُوا العير فقدموا بهَا عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ لَهُم وَالله مَا أَمرتكُم بِالْقِتَالِ فِي الشَّهْر الْحَرَام فَأوقف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْأَسِيرين وَالْعير فَلم يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا فَلَمَّا سمعُوا مَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام أسقط فِي أَيْديهم وَعَنَّفَهُمْ إخْوَانهمْ من الْمُسلمين وَقَالَت قُرَيْش حِين بَلغهُمْ ذَلِك قد اسْتحلَّ مُحَمَّد الشَّهْر الْحَرَام وَسَفك فِيهِ الدَّم وَأخذ المَال وَأسر الرِّجَال فَأنْزل الله تَعَالَى يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام الْآيَة فَأخذ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ العير ورد الْأَسِيرين مُخْتَصر
وَسَاقه من طَرِيق أُخْرَى بِزِيَادَات فِيهِ وَقَالَ فِيهِ وَكَانَ ذَلِك فِي رَجَب قبل بدر بشهرين
وَذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء من غير سَنَد
والقصة فِي سيرة ابْن هِشَام مُطَوَّلَة عَن ابْن إِسْحَاق
ورَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول بِسَنَدِهِ إِلَى عُرْوَة بن الزُّبَيْر ... فَذكره(1/130)
بِزِيَادَات وَنقص ثمَّ أسْند إِلَى الزُّهْرِيّ قَالَ بعث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عبد الله بن جحش وَمَعَهُ نفر من الْمُهَاجِرين فَقتل عبد الله بن وَاقد اللَّيْثِيّ عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ فِي آخر يَوْم من رَجَب وأسروا رجلَيْنِ وَاسْتَاقُوا العير فَوقف ذَلِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالَ لم آمركُم بِالْقِتَالِ فِي الشَّهْر الْحَرَام فَقَالَت قُرَيْش لقد اسْتحلَّ مُحَمَّد الشَّهْر الْحَرَام فَنزلت يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام الْآيَة ثمَّ قَالَ الواحدي وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ بعث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عبد الله بن جحش فِي جُمَادَى الْآخِرَة قبل قتال بدر بشهرين عَلَى رَأس سَبْعَة عشر شهرا من مقدمه الْمَدِينَة ... فَذكره مطولا وَفِيه لفظ المُصَنّف بِتَمَامِهِ
127 - الحَدِيث الْمِائَة
رُوِيَ أَنه لما نزلت وَمن ثَمَرَات النخيل وَالْأَعْنَاب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا وَكَانَ الْمُسلمُونَ يشربونها وَهِي لَهُم حَلَال ثمَّ إِن عمر وَمعَاذًا وَنَفَرًا من الصَّحَابَة قَالُوا يَا رَسُول الله أَفْتِنَا فِي الْخمر فَإِنَّهَا مذهبَة لِلْعَقْلِ مسْلبَةٌ لِلْمَالِ فَنزلت فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس فَشربهَا قوم وَتركهَا آخَرُونَ ثمَّ دَعَا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف نَاسا مِنْهُم فشريوا وَسَكِرُوا فَأم بَعضهم بَعْضًا فَقَرَأَ قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ أعبد مَا تَعْبدُونَ فَنزلت يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى فَقل من يشْربهَا ثمَّ دَعَا عتْبَان بن مَالك قوما فيهم سعد بن أبي وَقاص فَلَمَّا سَكِرُوا افْتَخرُوا وَتَفَاخَرُوا وَتَنَاشَدُوا حَتَّى أنْشد سعد شعرًا فِيهِ هجاء الْأَنْصَار فَضَربهُ أَنْصَارِي بِلحي بعير فَشَجَّهُ مُوضحَة فَشَكا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ عمر اللَّهُمَّ بَين لنا فِي الْخمر بَيَانا شافيا فَنزلت إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر إِلَى قَوْله فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ فَقَالَ عمر انتهينا يَا رب(1/131)
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَذكره الثَّعْلَبِيّ هَكَذَا من غير سَنَد
128 - قَوْله
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَو وَقعت قَطْرَة فِي بِئْر فَبنِي مَكَانهَا مَنَارَة لم أُوذِنَ عَلَيْهَا وَلَو وَقعت فِي بَحر ثمَّ جَفتْ وَنبت فِيهِ الْكلأ لم أرعه
وَعَن ابْن عمر قَالَ لَو أدخلت أُصْبُعِي فِيهِ لم يَتبعني
قلت
حَدِيث ابْن عمر رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْأَشْرِبَة حَدثنَا ابْن الْمُبَارك عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن سُلَيْمَان بن حبيب أَن ابْن عمر قَالَ لَو أدخلت أُصْبُعِي فِي خمر مَا أَحْبَبْت أَن ترجع إِلَيّ انْتَهَى
129 - الحَدِيث الْحَادِي بعد الْمِائَة
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إيَّاكُمْ وَهَاتين اللُّعْبَتَيْنِ المشئومتين فَإِنَّهُمَا من ميسر الْعَجم
قلت رُوِيَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود وَله طرق
الأول رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب حَدثنَا مُسَدّد ثَنَا معمر سَمِعت عبد الْملك عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اتَّقوا هَاتين اللُّعْبَتَيْنِ المشئومتين اللَّتَيْنِ يُزْجَرَانِ زجرا فَإِنَّهُمَا من ميسر الْعَجم انْتَهَى(1/132)
الثَّانِي رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده ثَنَا عَلّي بن عَاصِم ثَنَا إِبْرَاهِيم الهجري عَن أبي الْأَحْوَص وَهَذَا رَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله عَن إِبْرَاهِيم بن مُسلم عَن أبي الْأَحْوَص وَأسْندَ إِلَى النَّسَائِيّ أَنه قَالَ فِي إِبْرَاهِيم هَذَا ضَعِيف وَكَذَلِكَ أسْند إِلَى ابْن معِين أَنه قَالَ فِيهِ ضَعِيف لَيْسَ بِشَيْء
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي كتاب الشَّهَادَات وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث الْحسن بن دِينَار عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن أبي الْأَحْوَص بِهِ
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث عَلّي بن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحوه
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث عُثْمَان بن أبي شيبَة ثَنَا عمرَان بن مُوسَى بن عبد الْملك ابْن عُمَيْر عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن حُصَيْن بن أبي الْحر عَن سَمُرَة ابْن جُنْدُب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحوه وَلَفظه فِي الْجَمِيع إيَّاكُمْ وَهَاتين اللُّعْبَتَيْنِ ... الحَدِيث
130 - قَوْله
وَعَن عَلّي إِن النَّرْد وَالشطْرَنْج من الميسر
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث قُتَيْبَة ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن عليا قَالَ فِي النَّرْد وَالشطْرَنْج هما من الميسر انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره حَدثنَا أبي عَن عبد الله بن مَرْحُوم عَن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل بِهِ وَلم يذكر فِيهِ النَّرْد وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ ثمَّ قَالَ هَذَا مُرْسل وَلَكِن لَهُ شَوَاهِد(1/133)
131 - الحَدِيث الثَّانِي بعد الْمِائَة
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن رجلا أَتَاهُ ببيضة من ذهب أَصَابَهَا فِي بعض الْمَغَازِي فَقَالَ خُذْهَا مني صَدَقَة فَأَعْرض عَنهُ فَأَتَاهُ من الْجَانِب الْأَيْمن فَقَالَ مثله فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ أَتَاهُ من الْجَانِب الْأَيْسَر فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ قَالَ هَاتِهَا مغضبا فَأَخذهَا فَحَذفهُ بهَا حذفا لَو أَصَابَهُ لشجه أَو عقره وَقَالَ يَجِيء أحدكُم بِمَالِه كُله يتَصَدَّق بِهِ وَيجْلس يَتَكَفَّف النَّاس إِنَّمَا الصَّدَقَة عَن ظهر غنى
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الزَّكَاة من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كُنَّا عِنْد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذْ جَاءَ رجل بِمثل بَيْضَة من ذهب فَقَالَ يَا رَسُول الله أصبت هَذِه من مَعْدن فَخذهَا فَهِيَ صَدَقَة مَا أملك غَيرهَا فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ أَتَاهُ من قبل رُكْنه الْأَيْمن فَقَالَ مثل ذَلِك فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ أَتَاهُ من قبل رُكْنه الْأَيْسَر فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ أَتَاهُ من خَلفه فَأَخذهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَحَذفهُ بهَا فَلَو أَصَابَته لَأَوْجَعَتْهُ أَو لَعَقَرته ثمَّ قَالَ يَأْتِي أحدكُم بِمَا يملك فَيَقُول هَذِه الصَّدَقَة ثمَّ يقْعد يَسْتَكِف النَّاس خير الصَّدَقَة عَن ظهر غنى انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع 23 من الْقسم 2 بالسند الْمَذْكُور فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء
وَكَذَلِكَ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي أَوَاخِر الزَّكَاة وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرطهمَا وَلم يخرجَاهُ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا فِيهِ الْمَعَادِن عوض الْمَغَازِي
وَرَوَى الْبَزَّار فِي مُسْنده كَذَلِك بِلَفْظ المُصَنّف وَقَالَ أَصَابَهَا فِي بعض الْمَغَازِي وَقَالَ لَا نعلم أسْند مَحْمُود بن لبيد عَن جَابر غير هَذَا الحَدِيث انْتَهَى
وَرَوَاهُ الدَّارمِيّ وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد فِي(1/134)
مسانيدهم وَكلهمْ قَالُوا أَصَابَهَا فِي بعض الْمَغَازِي قَالَ الدَّارمِيّ وَقَالَ أَحْمد فِي رِوَايَته أَصَابَهَا فِي بعض الْمَعَادِن وَهُوَ الصَّوَاب انْتَهَى
وَرَوَاهُ كَذَلِك إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَلم يقل لَا فِي الْمَعَادِن وَلَا فِي الْمَغَازِي وَإِنَّمَا قَالَ أَصَابَهَا فَقَط ثمَّ ذكر الحَدِيث
وَزَاد الْبَزَّار فِي الحَدِيث زِيَادَة لَيست عِنْد غَيره قَالَ إِنَّمَا الصَّدَقَة عَن ظهر غنى خُذ مَالك لَا حَاجَة لنا بِهِ فَأَخذهَا ثمَّ ذهب انْتَهَى وَهِي عِنْد أبي يعْلى أَيْضا
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة أبي حُصَيْن السّلمِيّ أخبرنَا مُحَمَّد ابْن عمر الْوَاقِدِيّ ثَنَا عبد الله بن أبي يَحْيَى الْأَسْلَمِيّ عَن عمر بن الحكم بن ثَوْبَان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قدم أَبُو حُصَيْن السّلمِيّ بِذَهَب أَصَابَهُ من معدنهم فَقَضَى مِنْهُ دينا كَانَ عَلَيْهِ وَفضل مَعَه مثل بَيْضَة الْحَمَامَة فَأَتَى بهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله ... إِلَى آخر لفظ أبي دَاوُد وَفِيه فَائِدَة تَسْمِيَة الرجل
132 - الحَدِيث الثَّالِث بعد الْمِائَة
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث مرْثَد بن أبي مرْثَد الغنوي إِلَى مَكَّة ليخرج مِنْهَا نَاسا من الْمُسلمين وَكَانَ يهْوَى امْرَأَة فِي الْجَاهِلِيَّة اسْمهَا عنَاق فَأَتَتْهُ فَقَالَت أَلا تَخْلُو فَقَالَ وَيحك إِن الْإِسْلَام حَال بَيْننَا قَالَت فَهَل لَك أَن تتَزَوَّج بِي قَالَ نعم وَلَكِن حَتَّى أرجع فأستأمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَنزلت وَلأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة الْآيَة
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي تَفْسِير سُورَة النُّور وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد فِي النِّكَاح بتغيير يسير من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَ رجل يُقَال لَهُ مرْثَد بن أبي مرْثَد الغنوي وَكَانَ رجلا شَدِيدا يحمل الْأسَارَى من مَكَّة حَتَّى يَأْتِي بهم الْمَدِينَة قَالَ وَكَانَت امْرَأَة بغي بِمَكَّة يُقَال لَهَا عنَاق وَكَانَت صديقَة(1/135)
لَهُ وَإنَّهُ كَانَ وَاعد رجلا من أُسَارَى مَكَّة يحملهُ قَالَ فَجئْت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى حَائِط من حَوَائِط مَكَّة فِي لَيْلَة مُقْمِرَة قَالَ فَجَاءَت عنَاق فَأَبْصَرت سَواد ظِلِّي بِجَانِب الْحَائِط فَلَمَّا انْتَهَت إِلَيّ عَرفتنِي قَالَت مرْثَد قلت نعم قَالَت مرْحَبًا وَأهلا يَا مرْثَد انْطلق اللَّيْلَة فَبت عندنَا فِي الرحل قلت يَا عنَاق إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حرم الزِّنَا فَقَالَت يأهل الْخيام هَذَا الرجل يحمل أَسْرَاكُم من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة قَالَ فَتَبِعَنِي مِنْهُم ثَمَانِيَة حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى غَار أَو كَهْف فَجَاءُوا حَتَّى صَارُوا عَلَى رَأْسِي وبالوا فَأَصَابَنِي بَوْلهمْ وَأَعْمَاهُمْ الله عني ثمَّ رجعُوا وَرجعت إِلَى صَاحِبي فَحَملته فَلَمَّا انْتَهَيْت بِهِ إِلَى الْأَرَاك فَككت عَنهُ كَبله وَجعلت أحملهُ وَهُوَ يُعِيننِي حَتَّى قدمت الْمَدِينَة فَأتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقلت يَا رَسُول الله أنكح عنَاقًا فَسكت وَلم يرد عَلّي شَيْئا حَتَّى نزلت (الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك) فدعاني رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقرأها عَلّي وَقَالَ لَا تنكحها انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي النِّكَاح وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَكَذَلِكَ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ لَا نعلم أسْند مرْثَد بن أبي مرْثَد إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَلَا نعلم لَهُ غير هَذَا الْإِسْنَاد انْتَهَى
فَظهر أَن هَذَا الحَدِيث لَيْسَ فِي هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْآيَة الَّتِي فِي النُّور لَكِن ذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول فِي هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث رجلا يُقَال لَهُ مرْثَد بن أبي مرْثَد ... فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء(1/136)
133 - الحَدِيث الرَّابِع بعد الْمِائَة
رُوِيَ أَن نَاسا من الْأَعْرَاب قَالُوا يَا رَسُول الله الْبرد شَدِيد وَالثيَاب قَليلَة فَإِن آثرناهن الثِّيَاب هلك سَائِر أهل الْبَيْت وَإِن استأثرنا بهَا هَلَكت الْحيض فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنَّمَا أمرْتُم أَن تعتزلوا مجامعتهن إِذا حضن وَلم يَأْمُركُمْ بِإِخْرَاجِهِنَّ من الْبيُوت كَمَا تفعل الْأَعَاجِم
134 - قلت
رَوَى مُحَمَّد بن الْحسن عَن عَائِشَة أَن عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم سَأَلَهَا هَل يُبَاشر الرجل امْرَأَته وَهِي حَائِض فَقَالَت ليَشُد إزَارهَا عَلَى أَسْفَلهَا ثمَّ يُبَاشِرهَا إِن شَاءَ
قلت رَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر أرسل إِلَى عَائِشَة يسْأَلهَا هَل يُبَاشر الرجل امْرَأَته وَهِي حَائِض فَقَالَت لِتشد إزَارهَا
إِلَى آخِره
وَعَن مَالك رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْحسن فِي موطئِهِ
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الْحيض أخبرنَا ابْن جريج عَن سُلَيْمَان ابْن مُوسَى عَن نَافِع أَن ابْن عمر سَأَلَ عَائِشَة
وَرَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده من طَرِيق مَالك وَعَن مَالك أَيْضا رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي سنَنه وَمن طَرِيق الشَّافِعِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة
135 - الحَدِيث الْخَامِس بعد الْمِائَة
رَوَى زيد بن أسلم أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض قَالَ لِتشد عَلَيْهَا إزَارهَا ثمَّ شَأْنك بِأَعْلَاهَا
قلت رَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ عَن زيد بن أسلم أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله(1/137)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... إِلَى آخِره سَوَاء وَمن طَرِيق مَالك رَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده
وَأسْندَ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه فَرَوَاهُ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ ثَنَا أَبُو نعيم ضرار بن صرد ثَنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن صَفْوَان بن سليم وَزيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا نَحوه سَوَاء
وَقد أرسل من وَجه آخر فَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي التَّحْقِيق من حَدِيث سعيد ابْن مَنْصُور ثَنَا عبد الْعَزِيز عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله مَا يحل لي من امْرَأَتي ... الحَدِيث
وَمَعْنى الحَدِيث عِنْد أبي دَاوُد عَن حرَام بن حَكِيم عَن عَمه عبد الله بن سعد أَنه سَأَلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض قَالَ لَك مَا فَوق الْإِزَار انْتَهَى
وَعَن معَاذ بن جبل قَالَ سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَمَّا يحل للرجل من امْرَأَته وَهِي حَائِض قَالَ مَا فَوق الْإِزَار وَالتَّعَفُّف عَن ذَلِك أفضل انْتَهَى
وَضعفهمَا عبد الْحق فِي أَحْكَامه فَقَالَ فِي الأول حرَام بن حَكِيم وَهُوَ ضَعِيف وَالثَّانِي بَقِيَّة عَن سعيد الْأَغْطَش وهما ضعيفان
136 - قَوْله ... عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا قَالَت يجْتَنب من الْحَائِض شعار الدَّم وَله مَا سُوَى ذَلِك
قلت رَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده أخبرنَا مُحَمَّد بن يُوسُف ثَنَا سُفْيَان عَن خَالِد بن أَيُّوب عَن رجل عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت لإِنْسَان اجْتنب شعار الدَّم وَلَك مَا سواهُ انْتَهَى(1/138)
137 - الحَدِيث السَّادِس بعد الْمِائَة
رُوِيَ أَن الْيَهُود كَانُوا يَقُولُونَ من جَامع امْرَأَته وَهِي مجبية من دبرهَا فِي قبلهَا كَانَ وَلَدهَا أَحول فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ كذبت الْيَهُود فَنزلت فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ فَالْبُخَارِي وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير وَمُسلم فِي النِّكَاح وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة فِي النِّكَاح كلهم من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ كَانَت الْيَهُود تَقول إِذا جَامعهَا من وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَد أَحول فَنزلت نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم انْتَهَى زَاد مُسلم فِي رِوَايَة من قَول الزُّهْرِيّ إِن شَاءَ مجبية وَإِن شَاءَ غير مجبية غير أَن ذَلِك فِي صمام وَاحِد انْتَهَى
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه الْكُبْرَى فِي عشرَة النِّسَاء وَالْبَزَّار فِي مُسْنده وَفِيه وَهِي مجبية وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْد ابْن حبَان فِي صَحِيحه
وَلم أجد عِنْد أحد مِنْهُم قَوْله فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلْينْظر فِيهِ
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث خصيف عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر فَذكره بِلَفْظ الصَّحِيحَيْنِ وَزَاد فِيهِ وَإِنَّمَا الْحَرْث من حَيْثُ يخرج الْوَلَد انْتَهَى وَقَالَ لَا نعلمهُ بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد
138 - الحَدِيث السَّابِع بعد الْمِائَة
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة إِذا حَلَفت عَلَى يَمِين فَرَأَيْت غَيرهَا خيرا مِنْهَا فأت الَّذِي هُوَ خير وَكفر عَن يَمِينك
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة إِلَّا ابْن ماجة فِي الْأَيْمَان عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا عبد الرَّحْمَن لَا تسْأَل الْإِمَارَة فَإنَّك إِن أعطيتهَا(1/139)
عَن مَسْأَلَة وكلت إِلَيْهَا وَإِن أعطيتهَا عَن غير مَسْأَلَة أعنت عَلَيْهَا وَإِذا حَلَفت عَلَى يَمِين إِلَى آخِره
اسْتدلَّ المُصَنّف عَلَى تَسْمِيَة الْمَحْلُوف عَلَيْهِ يَمِينا بطرِيق الْمجَاز لتلبسه بِالْيَمِينِ
139 - الحَدِيث الثَّامِن بعد الْمِائَة
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دعِي الصَّلَاة أَيَّام أَقْرَائِك
قلت رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ الدَّارقطني والطَّحَاوِي عَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش قَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي امْرَأَة أسْتَحَاض فَلَا أطهر قَالَ دعِي الصَّلَاة أَيَّام أَقْرَائِك ثمَّ اغْتَسِلِي وَصلي
140 - الحَدِيث التَّاسِع بعد الْمِائَة
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ طَلَاق الْأمة تَطْلِيقَتَانِ وعدتها حيضتان
قلت رُوِيَ من حَدِيث عَائِشَة وَمن حَدِيث ابْن عمر وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس
أما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة من حَدِيث مظَاهر بن أسلم عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره قَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا حَدِيث مَجْهُول وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه مَرْفُوعا إِلَّا من حَدِيث مظَاهر بن أسلم وَمظَاهر لَا يعرف لَهُ فِي الْعلم غير هَذَا الحَدِيث انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الطَّلَاق من رِوَايَة عَاصِم عَن ابْن جريج عَن مظَاهر بن أسلم عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة مَرْفُوعا ثمَّ قَالَ قَالَ أَبُو عَاصِم فَذَكرته لِمظَاهر بن أسلم فَقلت لَهُ حَدثنِي كَمَا حدثت ابْن جريج فَحَدثني مظَاهر عَن الْقَاسِم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره ثمَّ قَالَ وَمظَاهر بن أسلم شيخ من أهل الْبَصْرَة لم يذكرهُ أحد من مُتَقَدِّمي مَشَايِخنَا بِجرح فَإِذا الحَدِيث صَحِيح(1/140)
وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه من حَدِيث عمر بن شبيب عَن عبد الله بن عِيسَى عَن عَطِيَّة عَن ابْن عمر مَرْفُوعا نَحوه
وَرَوَاهُ الدَّارقطني كَذَلِك فِي سنَنه وَقَالَ تفرد بِهِ عمر بن شبيب وَهُوَ ضَعِيف انْتَهَى
وَفِي الحَدِيث كَلَام طَوِيل اسْتَوْفَيْته فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة
141 - الحَدِيث الْعَاشِر بعد الْمِائَة
رُوِيَ أَن سَائِلًا سَأَلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَيْن الطَّلقَة الثَّالِثَة فَقَالَ أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان
قلت رَوَاهُ الدَّارقطني فِي سنَنه فِي أول كتاب الطَّلَاق من طَرِيقين عَن أنس
أَحدهمَا عَن عبد الله بن جرير بن جبلة ثَنَا عبيد الله بن عَائِشَة ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رجل للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنِّي أسمع الله عَزَّ وَجَلَّ يَقُول الطَّلَاق مَرَّتَانِ فَأَيْنَ الثَّالِثَة قَالَ إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان هِيَ الثَّالِثَة انْتَهَى
الثَّانِي رَوَاهُ من حَدِيث إِدْرِيس عبد الْكَرِيم الْمُقْرِئ ثَنَا لَيْث بن حَمَّاد ثَنَا عبد الْوَاحِد بن زِيَاد ثَنَا إِسْمَاعِيل بن سميع الْحَنَفِيّ عَن أنس ... فَذكره ثمَّ قَالَ هَكَذَا قَالَ عَن أنس وَالصَّوَاب عَن إِسْمَاعِيل بن سميع عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُرْسلا وَقَالَ فِي علله وهم فِيهِ لَيْث بن حَمَّاد وَإِنَّمَا هُوَ عَن إِسْمَاعِيل بن سميع عَن أبي رزين الْأَسدي مُرْسلا انْتَهَى(1/141)
وَهَذَا الْمُرْسل عَن أبي رزين رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيل عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل ... فَذكره
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق فِي مصنفيهما فِي الطَّلَاق قَالَ ابْن أبي شيبَة حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة وَقَالَ عبد الرَّزَّاق أَنا سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَا أَنا إِسْمَاعِيل بن سميع عَن أبي رزين ... فَذكره
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم فِي تفاسيرهم
قَالَ ابْن الْقطَّان فِي كتاب الْوَهم وَالْإِيهَام رَوَى الدَّارقطني فِي سنَنه هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين عَن أنس وَجعله عَن أبي رزين عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُرْسلا أصح وَعِنْدِي أَن الطَّرِيقَيْنِ صَحِيحَانِ
أما الأول فَإِن عبيد الله بن عَائِشَة ثِقَة وَكَانَ من سَادَات أهل الْبَصْرَة وَهُوَ عبيد الله بن مُحَمَّد بن حَفْص أَبُو عبد الرَّحْمَن الْقرشِي يعرف بِابْن عَائِشَة وَعبد الله بن جرير بن جبلة بن أبي رواد أَبُو الْعَبَّاس وَقيل أَبُو الْحسن الْعَتكِي الْبَصْرِيّ قَالَ الْخَطِيب ثِقَة
وَأما الثَّانِي فَإِن مَدَاره عَلَى إِسْمَاعِيل بن سميع وَعَلِيهِ اخْتلفُوا فَمن قَائِل عَنهُ عَن أبي رزين هَكَذَا رَوَاهُ عَنهُ الثَّوْريّ وَمن قَائِل عَنهُ عَن أنس هَكَذَا رَوَاهُ عَنهُ عبد الْوَاحِد بن زِيَاد وَهُوَ ثِقَة وَالطَّرِيق إِلَيْهِ صَحِيح فَإِن لَيْث بن حَمَّاد أَبُو عبد الرَّحْمَن الصفار بَصرِي صَدُوق قَالَه الْخَطِيب وَإِدْرِيس بن عبد الْكَرِيم الْحداد صَاحب خلف بن هِشَام ثِقَة وَفَوق الثِّقَة بِدَرَجَة قَالَه الْخَطِيب وَإِسْمَاعِيل بن سميع فِي نَفسه كُوفِي ثِقَة مَأْمُون قَالَه ابْن معِين وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق صَالح الحَدِيث وَقَالَ يَحْيَى بن سعيد لم يكن بِهِ بَأْس وَقَالَ أَحْمد بن(1/142)
حَنْبَل صَالح الحَدِيث وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِهِ بَأْس فَالطَّرِيقَانِ صَحِيحَانِ وَالله أعلم انْتَهَى كَلَامه
142 - الحَدِيث الْحَادِي عشر بعد الْمِائَة عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَهُ إِنَّمَا السّنة أَن تسْتَقْبل الطُّهْر اسْتِقْبَالًا فَتُطَلِّقهَا لكل قرء تَطْلِيقَة
قلت رَوَاهُ الدَّارقطني فِي سنَنه من حَدِيث مُعلى بن مَنْصُور ثَنَا شُعَيْب بن رُزَيْق أَن عَطاء الْخُرَاسَانِي حَدثهمْ عَن الْحسن ثَنَا عبد الله بن عمر أَنه طلق امْرَأَته تَطْلِيقَة وَهِي حَائِض ثمَّ أَرَادَ أَن يتبعهَا تَطْلِيقَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ عِنْد الْقُرْأَيْنِ فَبلغ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا بن عمر مَا هَكَذَا أَمر الله قد أَخْطَأت السّنة وَالسّنة أَن تسْتَقْبل الطُّهْر فَتطلق لكل قرء فَأمرنِي فَرَاجَعْتهَا فَقَالَ إِذا هِيَ طهرت فَطلق عِنْد ذَلِك أَو أمسك فَقلت يَا رَسُول الله أَرَأَيْت لَو طَلقتهَا ثَلَاثًا أَكَانَ يحل لي أَن أرَاجعهَا قَالَ لَا كَانَت تبين مِنْك وَكَانَت مَعْصِيّة انْتَهَى
قَالَ عبد الْحق فِي أَحْكَامه وَمعلى بن مَنْصُور رَمَاه أَحْمد بِالْكَذِبِ انْتَهَى
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث عُثْمَان بن سعيد بن كثير بن دِينَار الْحِمصِي ثَنَا شُعَيْب بن رُزَيْق بِهِ
143 - الحَدِيث الثَّانِي عشر بعد الْمِائَة رُوِيَ فِي حَدِيث الْعجْلَاني الَّذِي لَاعن امْرَأَته أَنه طَلقهَا ثَلَاثًا بَين يَدي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم يُنكر عَلَيْهِ
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث سهل بن سعد السَّاعِدِيّ أَن عُوَيْمِر الْعجْلَاني جَاءَ إِلَى عَاصِم بن عدي الْأنْصَارِيّ ... فَذكره إِلَى أَن قَالَ فَأقبل عُوَيْمِر حَتَّى أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت رجلا وجد مَعَ امْرَأَته رجلا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أم كَيفَ يفعل فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام قد أنزل الله فِيك وَفِي(1/143)
صَاحبَتك فَاذْهَبْ فأت بهَا قَالَ سهل فَتَلَاعَنا وَأَنا مَعَ النَّاس عِنْد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلَمَّا فرغا قَالَ عُوَيْمِر يَا رَسُول الله كذبت عَلَيْهَا إِن أَمْسَكتهَا فَطلقهَا ثَلَاثًا قبل أَن يَأْمُرهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
قَالَ عبد الْحق فِي أَحْكَامه لم يَصح اللَّفْظ بِالثلَاثِ إِلَّا فِي حَدِيث الْملَاعن ثمَّ ذكره من جِهَة الدَّارقطني حَدِيث سَلمَة بن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه أَن حَفْص بن الْمُغيرَة طلق امْرَأَته فَاطِمَة بنت قيس عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثَلَاث تَطْلِيقَات بِكَلِمَة وَاحِدَة فَأَبَانَهَا مِنْهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم يبلغنَا أَنه عَلَيْهِ السَّلَام عَابَ عَلَيْهِ ذَلِك انْتَهَى ثمَّ قَالَ وَسَلَمَة بن أبي سَلمَة ضَعِيف انْتَهَى
وَفِيمَا قَالَ نظر فَإِن حَدِيث فَاطِمَة بنت قيس فِي صَحِيح مُسلم من رِوَايَة الشّعبِيّ عَن فَاطِمَة بنت قيس قَالَت طَلقنِي زَوجي ثَلَاثًا فَخَاصَمته إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي السُّكْنَى وَالنَّفقَة فَلم يَجْعَل لي سُكْنى وَلَا نَفَقَة وَأَمرَنِي أَن أَعْتَد فِي بَيت أم مَكْتُوم انْتَهَى إِلَّا أَن يُرِيد بقوله لم يَصح اللَّفْظ بِالثلَاثِ يَعْنِي بَين يَدي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَيصح عَلَى بعد
144 - الحَدِيث الثَّالِث عشر بعد الْمِائَة
رُوِيَ أَن جميلَة بنت عبد الله بن أبي كَانَت تَحت ثَابت بن قيس ابْن شماس وَكَانَت تبْغضهُ وَهُوَ يُحِبهَا فَأَتَت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَت يَا رَسُول الله لَا أَنا وَلَا ثَابت يجمع رَأْسِي وَرَأسه شَيْء وَالله لَا أَعتب عَلَيْهِ فِي خلق وَلَا دين وَلَكِنِّي أكره الْكفْر فِي الْإِسْلَام مَا أُطِيقهُ بغضا إِنِّي رفعت جَانب الْحيَاء فرأيته أقبل فِي عدَّة فَإِذا هُوَ أَشَّدهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وَجها فَنزلت وَكَانَ قد أصدقهَا حديقة(1/144)
فَاخْتلعت مِنْهُ بهَا وَهُوَ أول خلع كَانَ فِي الْإِسْلَام
قلت أصل الحَدِيث فِي البُخَارِيّ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَت امْرَأَة ثَابت بن قيس إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَت يَا رَسُول الله وَالله مَا أَنْقم عَلَى ثَابت فِي خلق وَلَا دين وَلَكِنِّي أكره الْكفْر فِي الْإِسْلَام قَالَ أَتردينَ عَلَيْهِ حديقته قَالَت نعم فَردَّتْ عَلَيْهِ وَأمره أَن يفارقها انْتَهَى
وَلَفظ المُصَنّف رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره لم يتْرك مِنْهُ إِلَّا اسْم الْمَرْأَة فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى ثَنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان قَالَ قَرَأت عَلَى فُضَيْل عَن أبي حريز أَنه سُئِلَ عِكْرِمَة هَل كَانَ لِلْخلعِ أصل قَالَ كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول إِن أول خلع كَانَ فِي الْإِسْلَام فِي أُخْت عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول أَتَت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَت يَا رَسُول الله أَنا وثابت لَا يجمع رَأْسِي وَرَأسه شَيْء ... إِلَى قَوْلهَا وأقبحهم وَجها فَقَالَ زَوجهَا يَا رَسُول الله إِنِّي أعطيتهَا أفضل مَالِي حديقة لي فَإِن ردَّتْ عَلّي حَدِيقَتِي قَالَ مَا تَقُولِينَ قَالَت نعم قَالَ فَفرق بَينهمَا انْتَهَى
وَاخْتلفت الرِّوَايَات فِي تَسْمِيَة هَذِه الْمَرْأَة فَوَقع فِي لفظ المُصَنّف هُنَا جميلَة بنت عبد الله بن أبي وَهُوَ كَذَلِك عِنْد عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهِي جميلَة بنت عبد الله بن أبي ... الحَدِيث
وَعند البُخَارِيّ أَيْضا فِي سَنَد مُرْسل فَإِنَّهُ سَاق حَدِيثهَا عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة ثَابت بن قيس وَلم يسمهَا ثمَّ قَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب ثَنَا حَمَّاد بن زيد ثَنَا أَيُّوب عَن عِكْرِمَة أَن جميلَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها يَعْنِي فِي هَذَا الحَدِيث وَعند ابْن ماجة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن جميلَة بنت سلول ... فَذكره وَالْأَكْثَر عَلَى تَسْمِيَتهَا حَبِيبَة كَمَا رَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ عَن يَحْيَى بن سعيد عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعيد بن زُرَارَة أَنَّهَا أخْبرته عَن حَبِيبَة بنت سهل الْأنْصَارِيّ أَنَّهَا كَانَت تَحت ثَابت بن قيس بن شماس وَأَن رَسُول الله(1/145)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج إِلَى الصُّبْح فَوَجَدَهَا عِنْد بَابه فِي الْغَلَس فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من هَذِه قَالَت أَنا حَبِيبَة بنت سهل قَالَ مَا شَأْنك قَالَت لَا أَنا وَلَا ثَابت بن قيس ... فَلَمَّا جَاءَ ثَابت قَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام هَذِه هِيَ حَبِيبَة بنت سهل قد ذكرت مَا شَاءَ الله أَن تذكر فَقَالَت حَبِيبَة يَا رَسُول الله كل مَا أَعْطَانِي عِنْدِي فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام خُذ مِنْهَا فَأخذ مِنْهَا وَجَلَست فِي أَهلهَا انْتَهَى
وَمن طَرِيق مَالك رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَأحمد فِي مُسْنده بِلَفْظِهِ
وَرَوَاهُ ابْن ماجة من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَت حَبِيبَة بنت سهل تَحت ثَابت بن قيس بن شماس وَكَانَ رجلا ذَمِيمًا فَقَالَت يَا رَسُول الله لَوْلَا مَخَافَة الله لَبَزَقْتُ فِي وَجهه فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام أَتردينَ عَلَيْهِ حديقته قَالَت نعم وَردت عَلَيْهِ حديقته وَفرق بَينهمَا انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده عَن سهل بن أبي حثْمَة قَالَ كَانَت حَبِيبَة بنت سهل ... إِلَى آخِره
وَوَقع فِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ تَسْمِيَتهَا زَيْنَب أخرجه عَن حجاج عَن ابْن جريج أَنا أَبُو الزُّبَيْر أَن ثَابت بن قيس كَانَت عِنْده زَيْنَب بنت عبد الله بن أبي بن سلول وَكَانَ أصدقهَا حديقة فَكَرِهته ... إِلَى آخِره
145 145 - قَوْله
رُوِيَ أَن امْرَأَة نشزت عَلَى زَوجهَا فَرفعت إِلَى عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَأَبَاتهَا فِي بَيت الزبل ثَلَاث لَيَال ثمَّ دَعَاهَا فَقَالَ لَهَا كَيفَ وجدت مَبِيتك قَالَت مَا بت مُنْذُ كنت عِنْده أقرّ لعَيْنِي مِنْهُنَّ فَقَالَ لزَوجهَا اخْلَعْهَا وَلَو بِقُرْطِهَا
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق فِي مصنفيهما فِي كتاب الطَّلَاق قَالَ(1/146)
ابْن أبي شيبَة حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن علية وَقَالَ عبد الرَّزَّاق أَنا معمر قَالَا أَنا أَيُّوب عَن كثير مولَى سَمُرَة أَن عمر أُتِي بِامْرَأَة نَاشِزَة فَأمر بهَا إِلَى بَيت الزبل وَتركهَا ثَلَاثًا ثمَّ دَعَاهَا فَقَالَ كَيفَ وجدت قَالَت مَا وجدت رَاحَة مُنْذُ كنت عِنْده إِلَّا هَذِه اللَّيَالِي فَقَالَ لزَوجهَا وَيحك اخْلَعْهَا وَلَو من قُرْطهَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بِسَنَد ابْن أبي شيبَة وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي أَوَاخِر كِتَابه غَرِيب الحَدِيث عَن أَيُّوب بِهِ ثمَّ قَالَ الْمَرْأَة النَّاشِزَة الَّتِي تَعْصِي زَوجهَا انْتَهَى
146 - الحَدِيث الرَّابِع عشر بعد الْمِائَة
رَوَى عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة رِفَاعَة جَاءَت إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَت إِن رِفَاعَة طَلقنِي فَبت طَلَاقي وَإِن عبد الرَّحْمَن بن الزُّبَيْر تزَوجنِي وَإِن مَا مَعَه مثل هدبة الثَّوْب فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام أَتُرِيدِينَ أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَة لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتك
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور سَوَاء إِلَّا أَن فِيهِ فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالَ لَهَا أَتُرِيدِينَ أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَة
147 - ثمَّ قَالَ المُصَنّف
وَرُوِيَ أَنَّهَا لَبِثت بعد ذَلِك مَا شَاءَ الله ثمَّ رجعت فَقَالَت لَهُ إِنَّه كَانَ قد مسني فَقَالَ لَهَا كذبت فِي قَوْلك الأول فَلَنْ أصدقك فِي الآخر فَلَبثت حَتَّى قبض النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَتَتْ أَبَا بكر فَقَالَت أرجع إِلَى زَوجي الأول فَقَالَ لَهَا قد عهِدت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين قَالَ لَك مَا قَالَ فَلَا تَرْجِعِي إِلَيْهِ فَلَمَّا قبض أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَت مثله لعمر فَقَالَ لَهَا إِن أَتَيْتِينِي بعد مرتك هَذِه رَجَمْتُك فَمنعهَا(1/147)
قلت يقرب مِنْهُ مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه أخبرنَا ابْن جريج عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة فَذكره بِلَفْظ الصَّحِيح وَزَاد فَقَعَدت مَا شَاءَ الله ثمَّ جَاءَتْهُ بعد فَأَخْبَرته أَن قد مَسهَا فَمنعهَا أَن ترجع إِلَى زَوجهَا الأول وَقَالَ اللَّهُمَّ إِن كَانَ إِنَّمَا بهَا أَن يحلهَا لِرفَاعَة فَلَا يتم لَهَا نِكَاحه مرّة أُخْرَى ثمَّ أَتَت أَبَا بكر وَعمر فِي خِلَافَتهمَا فَمَنَعَاهَا انْتَهَى
148 - الحَدِيث الْخَامِس عشر بعد الْمِائَة
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه لعن الْمحل والمحلل لَهُ
قلت رُوِيَ من حَدِيث ابْن مَسْعُود وَمن حَدِيث عَلّي وَمن حَدِيث جَابر وَمن حَدِيث عقبَة بن عَامر وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَقد اسْتَوْفَيْنَاهَا فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة
149 - قَوْله
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لَا أُوتَى بِمُحَلل وَلَا مُحَلل لَهُ إِلَّا رَجَمْتهمَا وَعَن عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لَا إِلَّا نِكَاح رَغْبَة غير مُدَالَسَة
قلت
الحَدِيث الأول رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق فِي مصنفيهما فِي النِّكَاح قَالَ الأول حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن الْمسيب بن رَافع عَن قبيصَة ابْن جَابر عَن عمر قَالَ لَا أُوتَى بِمحل ... إِلَى آخِره
وَقَالَ الثَّانِي أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ وَمعمر عَن الْأَعْمَش بِهِ(1/148)
والْحَدِيث الثَّانِي لم أَجِدهُ عَن عُثْمَان وَلَكِنِّي وجدته مَرْفُوعا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه ثَنَا أَحْمد بن سهل بن أَيُّوب الْأَهْوَازِي حَدثنَا إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْفَروِي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن أبي حَبِيبَة عَن دَاوُد بن الْحصين عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سُئِلَ عَن الْمُحَلّل فَقَالَ لَا إِلَّا نِكَاح رَغْبَة غير دُلْسَة وَلَا مستهزئ بِكِتَاب الله لم يذقْ الْعسيلَة انْتَهَى
وَرَوَى الْحَاكِم فِي كتاب الطَّلَاق من حَدِيث سعيد بن أبي مَرْيَم ثَنَا أَبُو غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف الْمدنِي عَن عمر بن نَافِع عَن أَبِيه أَنه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى ابْن عمر فَسَأَلَهُ عَن رجل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا فَتَزَوجهَا أَخ لَهُ من غير مُؤَامَرَة مِنْهُ لِيحِلهَا لِأَخِيهِ هَل تحل للْأولِ قَالَ لَا إِلَّا نِكَاح رَغْبَة كُنَّا نعد هَذَا سِفَاحًا عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
150 - الحَدِيث السَّادِس عشر بعد الْمِائَة
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ ثَلَاث جدهن جد وهزلهن جد الطَّلَاق وَالنِّكَاح وَالرَّجْعَة
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة فِي النِّكَاح وَالتِّرْمِذِيّ فِي النِّكَاح من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن حبيب بن أدْرك عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن يُوسُف بن مَاهك عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره سَوَاء قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي أول الطَّلَاق وَقَالَ حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ وَعبد الرَّحْمَن بن أردك من ثِقَات الْمَدَنِيين انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَالدَّارقطني فِي سنَنَيْهِمَا وَفِيه كَلَام اسْتَوْفَيْنَاهُ فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة(1/149)
151 - الحَدِيث السَّابِع عشر بعد الْمِائَة رَوَى ابْن الْمُبَارك عَن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان عَن خَالَته وَهِي سكينَة بنت حَنْظَلَة قَالَت دخل عَلّي أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَلّي وَأَنا فِي عدتي فَقَالَ لَهَا قد علمت قَرَابَتي من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَحقّ جدي عَلّي وَقدمي فِي الْإِسْلَام فَقلت لَهُ غفر الله لَك أَتَخْطُبُنِي فِي عدتي وَأَنت يُؤْخَذ عَنْك فَقَالَ أوقد فعلت أَو قد تسافهت عَلّي إِنَّمَا أَخْبَرتك بِقَرَابَتِي من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمَوْضِعِي قد دخل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى أم سَلمَة وَكَانَت عبد ابْن عَمها أبي سَلمَة فَتوفي عَنْهَا فَلم يزل يذكر لَهَا مَنْزِلَته من الله وَهُوَ مُتَحَامِل حَتَّى أثر الْحَصِير فِي يَده من شدَّة تَحَامُله عَلَيْهَا فَمَا كَانَت تِلْكَ خطْبَة
قلت رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه فِي أَوَائِل كتاب النِّكَاح بتغيير يسير من حَدِيث مُحَمَّد بن الصَّلْت عَن عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن الغسيل عَن عمته سكينَة بنت حَنْظَلَة قَالَت اسْتَأْذن عَلّي مُحَمَّد بن عَلّي وَلم تنقض عدتي من مهلك زَوجي فَقَالَ قد عرفت قَرَابَتي اسْتَأْذن من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَرَابَتِي من عَلّي وَمَوْضِعِي فِي الْعَرَب قلت قد غفر الله لَك يَا أَبَا جَعْفَر إِنَّك رجل يُؤْخَذ عَنْك تَخْطُبنِي فِي عدتي قَالَ إِنَّمَا أخْبرك بِقَرَابَتِي من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمن عَلّي وَقد دخل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى أم سَلمَة وَهِي مُتَأَيِّمَة من أبي سَلمَة فَقَالَ لقد علمت أَنِّي رَسُول الله وَخيرته وَمَوْضِعِي فِي قومِي أَكَانَت تِلْكَ خطْبَة انْتَهَى
152 - الحَدِيث الثَّامِن عشر بعد الْمِائَة قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا صِيَام لمن لم يعزم الصّيام من اللَّيْل ويروي من لم يبيت
قلت الحَدِيث رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة فِي الصَّوْم من حَدِيث عبد الله ابْن عمر عَن حَفْصَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا صِيَام لمن لم يجمع الصّيام من اللَّيْل انْتَهَى
وَلَفظه يعزم لم أَجدهَا وَأما رِوَايَة يبيت فَهِيَ عِنْد النَّسَائِيّ وَلها عَنهُ سياقان أَحدهمَا من لم يبيت الصّيام قبل الْفجْر فَلَا صِيَام لَهُ ثَانِيًا من لم يبيت الصّيام من اللَّيْل فَلَا صِيَام لَهُ
وَفِي الحَدِيث كَلَام وَرِوَايَات مُسْتَوفى فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة
153 - الحَدِيث التَّاسِع عشر بعد الْمِائَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لرجل من الْأَنْصَار تزوج امْرَأَة وَلم يسم لَهَا مهْرا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يَمَسهَا أَمتعتهَا قَالَ لم يكن عِنْدِي شَيْء قَالَ مَتعهَا بِقَلَنْسُوَتِك
154 - الحَدِيث الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه
قلت تقدم فِي أَوَائِل الْبَقَرَة
155 - قَوْله عَن جُبَير بن مطعم أَنه دخل عَلَى سعد بن أبي وَقاص فَعرض عَلَيْهِ بِنْتا لَهُ فَتَزَوجهَا فَلَمَّا خرج طَلقهَا وَبعث إِلَيْهَا بِالصَّدَاقِ كَامِلا(1/150)
قلت الحَدِيث رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة فِي الصَّوْم من حَدِيث عبد الله ابْن عمر عَن حَفْصَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا صِيَام لمن لم يجمع الصّيام من اللَّيْل انْتَهَى
وَلَفْظَة يعزم لم أَجدهَا وَأما رِوَايَة يبيت فَهِيَ عِنْد النَّسَائِيّ وَلها عَنهُ سياقان أَحدهمَا من لم يبيت الصّيام قبل الْفجْر فَلَا صِيَام لَهُ ثَانِيًا من لم يبيت الصّيام من اللَّيْل فَلَا صِيَام لَهُ
وَفِي الحَدِيث كَلَام وَرِوَايَات مُسْتَوفى فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة
153 - الحَدِيث التَّاسِع عشر بعد الْمِائَة
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لرجل من الْأَنْصَار تزوج امْرَأَة وَلم يسم لَهَا مهْرا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يَمَسهَا أَمتعتهَا قَالَ لم يكن عِنْدِي شَيْء قَالَ مَتعهَا بِقَلَنْسُوَتِك
154 - الحَدِيث الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه
قلت تقدم فِي أَوَائِل الْبَقَرَة
155 - قَوْله
عَن جُبَير بن مطعم أَنه دخل عَلَى سعد بن أبي وَقاص فَعرض عَلَيْهِ بِنْتا لَهُ فَتَزَوجهَا فَلَمَّا خرج طَلقهَا وَبعث إِلَيْهَا بِالصَّدَاقِ كَامِلا(1/151)
فَقيل لَهُ لم تَزَوَّجتهَا قَالَ عرضهَا عَلّي فَكرِهت ردهَا قيل فَلم بعثت بِالصَّدَاقِ قَالَ فَأَيْنَ الْفضل
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره فَقَالَ حَدثنَا أَحْمد بن حَازِم ثَنَا أَبُو نعيم ثَنَا ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد بن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن جده جُبَير بن مطعم ... فَذكره سَوَاء
156 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ يَوْم الْأَحْزَاب شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر مَلأ الله بُيُوتهم نَارا
قلت رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث شُتَيْر بن شكل عَن عَلّي قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم الْأَحْزَاب شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر مَلأ الله قُبُورهم وبيتهم نَارا ثمَّ صلاهَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث مرّة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ حبس الْمُشْركُونَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن صَلَاة الْعَصْر حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْس أَو اصْفَرَّتْ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر مَلأ الله أَو حَشا الله أَجْوَافهم أَو قُبُورهم نَارا انْتَهَى
وَفِي لفظ للْبُخَارِيّ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس وَهِي صَلَاة الْعَصْر خرجه فِي الْأَدْعِيَة
والْحَدِيث فِي الْكتب السِّتَّة من رِوَايَة عَلّي لَكِن لَيْسَ فِيهِ ذكر صَلَاة الْعَصْر إِلَّا عِنْد مُسلم
وَفِي الْبَاب أَحَادِيث فَعِنْدَ التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَحسنه وَصَححهُ وَعِنْده أَيْضا عَن الْحسن عَن سَمُرَة مَرْفُوعا نَحوه وَحسنه أَيْضا وَصَححهُ(1/152)
وَعند الطَّبَرِيّ بِسَنَد جيد عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا نَحوه وَعِنْده أَيْضا بِسَنَد جيد عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ مَرْفُوعا نَحوه
وَرَوَى ابْن حبَان فِي صَحِيحه حَدِيث ابْن مَسْعُود
فَهَذِهِ نُصُوص فِي الْمَسْأَلَة لَا تحْتَمل شَيْئا ويؤكدها حَدِيث عمر من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله رَوَاهُ السِّتَّة وَفِي صَحِيح عَن بُرَيْدَة من ترك صَلَاة الْعَصْر فقد حَبط عمله
157 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّهَا الصَّلَاة الَّتِي شغل عَنْهَا سُلَيْمَان بن دَاوُد حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب
قلت رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث مقَاتل بن سُلَيْمَان الْأَزْدِيّ صَاحب التَّفْسِير عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي أَنه حَدثهُ عَن الْحَارِث الْأَعْوَر عَن عَلّي أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ صَلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر الَّتِي غفل عَنْهَا سُلَيْمَان بن دَاوُد حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب انْتَهَى ثمَّ أسْند إِلَى البُخَارِيّ أَنه قَالَ فِي مقَاتل مُنكر الحَدِيث وَإِلَى ابْن معِين قَالَ لَيْسَ بِشَيْء وَلينه هُوَ قَالَ وَمَعَ ضعفه يكْتب حَدِيثه انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الصَّلَاة مَوْقُوفا عَلَى عَلّي فَقَالَ حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن أبي إِسْحَاق بِهِ مَوْقُوفا
وَفِي تَفْسِير الطَّبَرِيّ نَحوه عَن ابْن عَبَّاس(1/153)
158 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة
عَن حَفْصَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا قَالَت لمن كتب لَهَا الْمُصحف إِذا بلغت الْآيَة فَلَا تَكْتُبهَا حَتَّى أُمليهَا عَلَيْك كَمَا سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقْرَأها فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر بِالْوَاو
قلت
أما حَدِيث حَفْصَة فَرَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ حَدثنَا زيد بن أسلم عَن عَمْرو ابْن رَافع أَنه قَالَ كنت أكتب مصحف حَفْصَة زوج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَت لي إِذا بلغت هَذِه الْآيَة فَآذِنِّي فَلَمَّا بلغتهَا آذَنتهَا فَقَالَت اكْتُبْ حَافظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقومُوا لله قَانِتِينَ انْتَهَى
وَعَن مَالك رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْحسن فِي موطئِهِ
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّامِن من الْقسم الْخَامِس عَن أبي يعْلى الْموصِلِي بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن إِسْحَاق حَدثنِي أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَلّي وَنَافِع بن عَمْرو ابْن رَافع مولَى عمر بن الْخطاب حَدثهمَا أَنه كَانَ يكْتب الْمَصَاحِف فِي عهد أَزوَاج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ فاستكتبتني حَفْصَة مُصحفا وَقَالَت إِذا بلغت هَذِه الْآيَة من سُورَة الْبَقَرَة فَلَا تَكْتُبهَا حَتَّى تَأتِينِي بهَا فَأُمْلِيَهَا عَلَيْك مِمَّا حَفظتهَا من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلَمَّا بلغتهَا جِئْتهَا بِالْوَرَقَةِ الَّتِي أَكتبهَا فَقَالَت لي اكْتُبْ حَافظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقومُوا لله قَانِتِينَ انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده وَكَذَلِكَ الطَّحَاوِيّ فِي شرح الْآثَار
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه أَنا ابْن جريج عَن نَافِع عَن حَفْصَة نَحوه سَوَاء(1/154)
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من ثَلَاث طرق كلهَا بِالْوَاو
الأول وَهُوَ أصرحهَا حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى ثَنَا عبد الْوَهَّاب ثَنَا عبيد الله بن عمر عَن نَافِع أَن حَفْصَة أمرت مولَى لَهَا أَن يكْتب لَهَا مُصحفا فَقَالَت إِذا بلغت هَذِه الْآيَة فَلَا تَكْتُبهَا حَتَّى أملهَا عَلَيْك كَمَا سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقْرؤهَا فَلَمَّا بلغَهَا أَمرته فَكتب حَافظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقومُوا لله قَانِتِينَ قَالَ نَافِع فَقَرَأت ذَلِك الْمُصحف فَوجدت فِيهِ الْوَاو انْتَهَى
الثَّانِي حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر ثَنَا شُعْبَة عَن أبي بشر عَن عبد الله بن زيد الْأَزْدِيّ عَن سَالم بن عبد الله أَن حَفْصَة أمرت إنْسَانا أَن يكْتب ... إِلَى آخِره لَيْسَ فِيهِ قَول نَافِع
الثَّالِث من حَدِيث عَمْرو بن رَافع بِلَفْظ ابْن حبَان سَوَاء ثمَّ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ بِلَفْظ المُصَنّف فَقَالَ فَقَالَ حَدثنِي يَعْقُوب ثَنَا هشيم عَن أبي بشر عَن سَالم عَن حَفْصَة أَنَّهَا أمرت رجلا يكْتب لَهَا مُصحفا فَقَالَت إِذا بلغت هَذَا الْمَكَان فَأَعْلمنِي فَلَمَّا بلغ حَافظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى قَالَت اكْتُبْ صَلَاة الْعَصْر انْتَهَى
ثمَّ سَاقه من طَرِيق آخر وَفِيه فَلَمَّا بلغ قَالَت لَهُ اكْتُبْ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول حَافظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَهِي صَلَاة الْعَصْر فَتحَرَّر أَن حَفْصَة عَنْهَا رِوَايَتَانِ ذكر المُصَنّف مِنْهُمَا رِوَايَة حذف الْوَاو وَهِي أَضْعَف الرِّوَايَتَيْنِ
وَقد رَوَى الإِمَام أَبُو بكر عبد الله بن أبي دَاوُد السجسْتانِي فِي كتاب الْمَصَاحِف حَدِيث حَفْصَة من نَحْو عشْرين طَريقَة كلهَا وَصَلَاة الْعَصْر بِالْوَاو
وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي يُونُس مولَى عَائِشَة قَالَ أَمرتنِي عَائِشَة أَن أكتب لَهَا مُصحفا وَقَالَت إِذا بلغت هَذِه الْآيَة فَآذِنِّي فَلَمَّا(1/155)
بلغتهَا آذَنتهَا فَأَمْلَتْ عَلّي حَافظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقَالَت سَمعتهَا من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأحمد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ عبد الله بن أبي دَاوُد فِي كتاب الْمَصَاحِف حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر ثَنَا شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو ابْن مَرْيَم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ حَافظُوا عَلَى الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره ثَنَا مُحَمَّد بن الْمثنى ثَنَا وهب بن جرير ثَنَا شُعْبَة إِلَّا أَنه قَالَ عُمَيْر فَلْينْظر
159 - قَوْله
عَن ابْن عمر أَنَّهَا صَلَاة الظّهْر لِأَنَّهَا فِي وسط النَّهَار وَعَن قبيصَة بن ذُؤَيْب أَنَّهَا الْمغرب لِأَنَّهَا وتر النَّهَار وَلَا تنقص فِي السّفر
قلت رَوَاهُمَا الطَّبَرِيّ حَدثنَا ابْن حميد ثَنَا عبيد الله بن يزِيد ثَنَا حَيْوَة بن شُرَيْح وَابْن لَهِيعَة قَالَا ثَنَا أَبُو عقيل زهرَة بن معبد أَن سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزُّبَيْر وَإِبْرَاهِيم بن طَلْحَة سَأَلُوا ابْن عمر عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ هِيَ الظّهْر انْتَهَى
أخبرنَا أَحْمد بن إِسْحَاق ثَنَا أَبُو أَحْمد ثَنَا عبد السَّلَام عَن إِسْحَاق بن أبي فَرْوَة عَن رجل عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْمغرب أَلا ترَى أَنَّهَا لَيست بِأَقَلِّهَا وَلَا أَكْثَرهَا وَلَا تقصر فِي السّفر انْتَهَى
160 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة
عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كُنَّا نتذاكر فِي الْمَسْجِد فضل الْأَنْبِيَاء فَذَكرنَا نوحًا بطول عِبَادَته وَإِبْرَاهِيم بخلته ومُوسَى بِتَكْلِيم الله إِيَّاه(1/156)
وَعِيسَى بِرَفْعِهِ إِلَى السَّمَاء وَقُلْنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أفضل مِنْهُم بعث إِلَى النَّاس كَافَّة وَغفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَهُوَ خَاتم الْأَنْبِيَاء فَدخل فَقَالَ فيمَ أَنْتُم فَذَكرنَا لَهُ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي لعبد أَن يكون خيرا من يَحْيَى بن زَكَرِيَّا فَذكر أَنه لم يعْمل سَيِّئَة قطّ وَلم يهم بهَا
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا أَبُو عَاصِم عبد الله بن عبيد الْعَبادَانِي أَنا عَلّي بن زيد بن جدعَان عَن يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كُنَّا نتذاكر فِي حَلقَة فِي الْمَسْجِد فَضَائِل الْأَنْبِيَاء أَيهمْ أفضل فَذَكرنَا نوحًا وَطول عِبَادَته وَذكرنَا إِبْرَاهِيم وَخلته وَذكرنَا مُوسَى مُكَلم الله وَذكرنَا عِيسَى وَذكرنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ خرج علينا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ مَا تذكرُونَ قُلْنَا يَا رَسُول الله تَذَاكرنَا فَضَائِل الْأَنْبِيَاء أَيهمْ أفضل فَذَكرنَا نوحًا وَطول عِبَادَته وَذكرنَا إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن وَذكرنَا مُوسَى مُكَلم الله وَذكرنَا عِيسَى بن مَرْيَم وَذَكَرْنَاك يَا رَسُول الله قَالَ فَمن فضلْتُمْ قَالُوا فضلناك يَا رَسُول الله بَعثك الله إِلَى النَّاس كَافَّة وَغفر لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَأَنت خَاتم الْأَنْبِيَاء فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام مَا يَنْبَغِي أَن يكون أحد خيرا من يَحْيَى بن زَكَرِيَّا قُلْنَا يَا رَسُول الله وَكَيف ذَلِك قَالَ ألم تسمعوا الله يَقُول يَا يَحْيَى خُذ الْكتاب بِقُوَّة وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا وَحَنَانًا من لدنا إِلَى آخر الْآيَة مُصدقا بِكَلِمَة من الله وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا من الصَّالِحين لم يعْمل قطّ سَيِّئَة وَلم يهم بهَا انْتَهَى
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث أبي عَاصِم بِهِ قَالَ الْبَزَّاز لَا نعلم حدث بِهِ إِلَّا يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس وَلَا نعلم أحدا رَوَى عَن يُوسُف بن مهْرَان إِلَّا عَلّي بن زيد وَحده انْتَهَى
رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة مَرْيَم من حَدِيث أبي عَاصِم(1/157)
الْعَبادَانِي بِهِ سَوَاء
161 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة
حَدِيث مُوسَى أَنه سَأَلَ الْمَلَائِكَة وَكَانَ ذَلِك من قومه كَطَلَب الرُّؤْيَة أَيَنَامُ رَبنَا فَأَوْحَى الله إِلَيْهِم أَن يُوقِظُوهُ وَلَا يَتْرُكُوهُ ينَام ثمَّ قَالَ خُذ بِيَدِك قَارُورَتَيْنِ مَمْلُوءَتَيْنِ فَأَخذهُمَا وَألقَى الله عَلَيْهِ النعاس فَضرب إِحْدَاهمَا عَلَى الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا ثمَّ أوحى الله إِلَيْهِ قل لهَؤُلَاء إِنِّي أمسك السَّمَوَات وَالْأَرْض بِقُدْرَتِي فَلَو أَخَذَنِي نوم أَو نُعَاس لزالتا
قلت رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره والطبري فِي تَفْسِيره حَدثنَا إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل ثَنَا هِشَام بن يُوسُف عَن أُميَّة بن شبْل عَن الحكم بن أبان عَن عِكْرِمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَحْكِي عَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى الْمِنْبَر قَالَ وَقع فِي نَفْس مُوسَى هَل ينَام رَبنَا عَزَّ وَجَلَّ فَأرْسل الله إِلَيْهِ ملكا فَأَرقهُ ثمَّ أعطَاهُ قَارُورَتَيْنِ فِي كل يَد قَارُورَة وَأمره أَن يحْتَفظ بهما قَالَ فَجعل ينَام وَكَاد يَدَاهُ يَلْتَقِيَانِ يَسْتَيْقِظ فَيحْبس إِحْدَاهمَا عَن الْأُخْرَى حَتَّى ينَام نومَة فَاصْطَفَقَتْ يَدَاهُ فَانْكَسَرت الْقَارُورَتَانِ قَالَ ضرب الله تَعَالَى مثلا لَهُ أَن الله تَعَالَى لَو كَانَ ينَام لم تسْتَمْسك السَّمَاء وَالْأَرْض انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عِنْد كَلَامه عَلَى القيوم من أَسمَاء الله تَعَالَى عَن أبي عبد الله الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل بِسَنَدِهِ وَمَتنه ثمَّ رَوَاهُ مَوْقُوفا قَالَ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَه انْتَهَى(1/158)
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه الْعِلَل المتناهية من طَرِيق الدَّارقطني بِسَنَدِهِ إِلَى إِسْحَاق بن أبي إِسْرَائِيل بِهِ سندا ومتنا ثمَّ قَالَ قَالَ الدَّارقطني تفرد بِهِ الحكم ابْن أبان عَن عِكْرِمَة وَتفرد بِهِ أُميَّة عَن الحكم وَتفرد بِهِ هِشَام عَن أُميَّة وَقَالَ الْخَطِيب هَكَذَا رَوَاهُ أُميَّة بن شبْل عَن الحكم بن أبان مَوْصُولا مَرْفُوعا وَخَالفهُ معمر بن رَاشد فَرَوَاهُ عَن الحكم عَن عِكْرِمَة قَوْله لم يذكر فِيهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلَا أَبَا هُرَيْرَة وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَهَذَا الحَدِيث لَا يثبت عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غض من رَفعه
وَالظَّاهِر أَن عِكْرِمَة رَأَى هَذَا فِي كتب الْيَهُود فَرَوَاهُ وَلم يزل عِكْرِمَة يروي عَنْهُم أَشْيَاء وَمثل هَذَا فَلَا يجوز أَن يخْفَى عَلَى نَبِي الله مُوسَى وَهُوَ أجل من أَن يجوز عَلَى الله تَعَالَى النّوم
وَقد رَوَى عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي كتاب السّنة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ إِن بني إِسْرَائِيل قَالُوا لمُوسَى هَل ينَام رَبنَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فَإِن الْقَوْم كَانُوا جُهَّالًا بِاللَّه تَعَالَى انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا معمر أَخْبرنِي الحكم بن أبان عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ الْمَلَائِكَة هَل ينَام الله عَزَّ وَجَلَّ فَأَوْحَى الله إِلَيْهِم أَن يُؤَرِّقُوهُ ثَلَاثًا وَلَا يَتْرُكُوهُ ينَام فَفَعَلُوا ثمَّ أَعْطوهُ قَارُورَتَيْنِ فَأَمْسَكَهُمَا ثمَّ تَرَكُوهُ وَحَذرُوهُ قَالَ فَجعل يَنْعس وَيَسْتَيْقِظ وهما فِي يَده حَتَّى نعس نعيسة فَضربت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا قَالَ معمر إِنَّمَا هُوَ مثل لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْض انْتَهَى
وَالظَّاهِر أَن هَذَا الْخَبَر من الْإسْرَائِيلِيات الْمُنكرَة وَإِلَّا فَكيف يجوز مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام النّوم عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يَقُول لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم(1/159)
162 - الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي فضل آيَة الْكُرْسِيّ مَا قُرِئت هَذِه الْآيَة فِي دَار إِلَّا هجرتهَا الشَّيَاطِين ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَا يدخلهَا سَاحر وَلَا سَاحِرَة أَرْبَعِينَ لَيْلَة يَا عَلّي علمهَا ولدك وَأهْلك وَجِيرَانك فَمَا نزلت آيَة أعظم مِنْهَا
163 - الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة
عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ سَمِعت نَبِيكُم عَلَى أَعْوَاد الْمِنْبَر يَقُول من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا الْمَوْت وَلَا يواظب عَلَيْهَا إِلَّا صديق أَو عَابِد وَمن قَرَأَهَا إِذا أَخذ مضجعه آمنهُ الله عَلَى نَفسه وجاره وجار جَاره والأبيات حوله
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع عشر مِنْهُ عَن أبي عبد الله الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى نهشل بن سعيد الضَّبِّيّ عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي عَن حَبَّة العرني قَالَ سَمِعت عَلّي بن أبي طَالب يَقُول سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى أَعْوَاد الْمِنْبَر يَقُول من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا الْمَوْت وَمن قَرَأَهَا حِين يَأْخُذ مضجعه آمنهُ الله عَلَى دَاره وَدَار جَاره وَالدُّوَيْرَاتِ حوله انْتَهَى
ثمَّ رُوِيَ عَن الْحَاكِم أَيْضا بِسَنَدِهِ إِلَى سَالم الْخياط عَن الْحسن بن مُخْتَار عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ دبر كل صَلَاة لم يكن بَينه وَبَين أَن يدْخل الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُوت انْتَهَى وَمُحَمّد بن حمير وَمُحَمّد بن(1/160)
زِيَاد من رجال البُخَارِيّ فَهُوَ عَلَى شَرط البُخَارِيّ
وَأوردهُ ابْن الْجَوْزِيّ أَيْضا فِي الموضوعات وَأنكر عَلَيْهِ بعض الْمُتَأَخِّرين وَخَطأَهُ فِي ذَلِك وَقَالَ إِنَّه حَدِيث صَحِيح
وَوجدت لَهُ سندا آخر رَوَاهُ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه الْحِلْية فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فَقَالَ حَدثنَا أَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن أَحْمد بن القَاضِي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن زُهَيْر ثَنَا مكي بن إِبْرَاهِيم ثَنَا هَاشم بن هَاشم عَن عمر بن إِبْرَاهِيم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ ... إِلَى آخِره وَقَالَ غَرِيب من حَدِيث الْمُغيرَة
164 - الحَدِيث الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة
رُوِيَ أَن الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم تَذَاكَرُوا أفضل مَا فِي الْقُرْآن فَقَالَ لَهُم عَلّي أَيْن أَنْتُم من آيَة الْكُرْسِيّ قَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا عَلّي سيد الْبشر آدم وَسيد الْعَرَب مُحَمَّد وَلَا فَخر وَسيد الْفرس سلمَان وَسيد الرّوم صُهَيْب وَسيد الْحَبَشَة بِلَال وَسيد الْجبَال الطّور وَسيد الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة وَسيد الْكَلَام الْقُرْآن وَسيد الْقُرْآن الْبَقَرَة وَسيد الْبَقَرَة آيَة الْكُرْسِيّ(1/161)
قلت ذكره أَبُو شُجَاع الديلمي فِي كتاب الفردوس من حَدِيث عَلّي مَرْفُوعا وَالله أعلم
165 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة رُوِيَ أَنه كَانَ لأنصاري من بني سَالم بن عَوْف ابْنَانِ فَتَنَصَّرَا قبل أَن يبْعَث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ قدما الْمَدِينَة فَقَالَ لَا أَدعكُمَا حَتَّى تسلما فَأَبَوا فاختصموا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ الْأنْصَارِيّ يَا رَسُول الله أَيَدْخُلُ بَعْضِي النَّار وَأَنا أنظر فَنزلت لَا إِكْرَاه فِي الدَّين الْآيَة فَخَلَّاهُمَا
قلت رَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد الْحَرَشِي مولَى زيد بن ثَابت عَن عِكْرِمَة أَو سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى لَا إِكْرَاه فِي الدَّين قَالَ نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار من بني سَالم بن عَوْف يُقَال لَهُ الْحصين كَانَ لَهُ ابْنَانِ نصرانيان وَكَانَ هُوَ مُسلما فَقَالَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا رَسُول الله أَلا أستكرهما فَإِنَّهُمَا قد أَبَيَا إِلَّا النَّصْرَانِيَّة فَأنْزل الله فِيهِ الْآيَة فَتَركهُمَا انْتَهَى
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ من قَول مَسْرُوق قَالَ كَانَ لأنصاري من بني سَالم فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء وَكَذَلِكَ فعل الْبَغَوِيّ فِي كِتَابه
166 - قَوْله رُوِيَ عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه سَأَلَ الصَّحَابَة عَن قَوْله تَعَالَى كَمثل جنَّة بِرَبْوَةٍ الْآيَة فَقَالُوا الله أعلم فَغَضب وَقَالَ قُولُوا نعلم أَو لَا نعلم فَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي نَفسِي مِنْهَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ قل يَا ابْن أخي وَلَا تحقر نَفسك قَالَ ضرب فِيهَا مثل الْعَمَل قَالَ لأي عمل قَالَ لرجل عني بِالْحَسَنَاتِ ثمَّ بعث الله لَهُ الشَّيْطَان فَعمل بِالْمَعَاصِي حَتَّى أغرق أَعماله كلهَا
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه من حَدِيث عبيد بن عُمَيْر أَن عمر سَأَلَ أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى آخِره سَوَاء
وَوهم الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فَرَوَاهُ وَقَالَ عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
167 - قَوْله عَن ابْن عَبَّاس قَالَ صدقَات السِّرّ فِي التَّطَوُّع تفضل علانيتها سبعين ضعفا
قلت رَوَاهُ أَبُو عبد الله التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي كِتَابه نَوَادِر الْأُصُول فِي الأَصْل الْخَامِس وَالسِّتِّينَ بعد الْمِائَتَيْنِ فَقَالَ ثَنَا أَبُو سِنَان الْبَلْخِي يرفعهُ إِلَى ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ قَالَ جعل صَدَقَة السِّرّ التَّطَوُّع تفضل علانيتها سبعين ضعفا وَجعل صَدَقَة الْفَرِيضَة علانيتها تفضل سرها بِخَمْسَة وَعشْرين ضعفا وَكَذَلِكَ جَمِيع الْفَرَائِض والنوافل فِي الْأَشْيَاء كلهَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فَذكره
168 - الحَدِيث الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ وقف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى أَصْحَاب الصّفة فَرَأَى فَقرهمْ وَجَهْدهمْ وَطيب قُلُوبهم فَقَالَ أَبْشِرُوا يَا أَصْحَاب الصّفة فَمن بَقِي من أمتِي عَلَى النَّعْت الَّذِي أَنْتُم عَلَيْهِ رَاضِيا بِمَا فِيهِ فَإِنَّهُ من رُفَقَائِي(1/162)
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه من حَدِيث عبيد بن عُمَيْر أَن عمر سَأَلَ أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... إِلَى آخِره سَوَاء
وَوهم الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فَرَوَاهُ وَقَالَ عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
167 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ صدقَات السِّرّ فِي التَّطَوُّع تفضل علانيتها سبعين ضعفا
قلت رَوَاهُ أَبُو عبد الله التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي كِتَابه نَوَادِر الْأُصُول فِي الأَصْل الْخَامِس وَالسِّتِّينَ بعد الْمِائَتَيْنِ فَقَالَ ثَنَا أَبُو سِنَان الْبَلْخِي يرفعهُ إِلَى ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ قَالَ جعل صَدَقَة السِّرّ التَّطَوُّع تفضل علانيتها سبعين ضعفا وَجعل صَدَقَة الْفَرِيضَة علانيتها تفضل سرها بِخَمْسَة وَعشْرين ضعفا وَكَذَلِكَ جَمِيع الْفَرَائِض والنوافل فِي الْأَشْيَاء كلهَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس ... فَذكره
168 - الحَدِيث الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ وقف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى أَصْحَاب الصّفة فَرَأَى فَقرهمْ وَجَهْدهمْ وَطيب قُلُوبهم فَقَالَ أَبْشِرُوا يَا أَصْحَاب الصّفة فَمن بَقِي من أمتِي عَلَى النَّعْت الَّذِي أَنْتُم عَلَيْهِ رَاضِيا بِمَا فِيهِ فَإِنَّهُ من رُفَقَائِي(1/163)
169 - الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ إِن الله يحب الْحَيِي الْحَلِيم الْمُتَعَفِّف وَيبغض الْبَذِيء السَّائِل الْمُلْحِف
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث ابْن مَسْعُود
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَروِيَ من طرق
الطَّرِيق الأول رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن الْأسود ثَنَا مُحَمَّد بن كثير الْملَائي عَن لَيْث بن أبي سليم عَن مُجَاهِد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو لِيَسْكُت إِن الله يحب الْحَيِي الْحَلِيم الْعَفِيف وَيبغض الْفَاحِش الْبَذِيء السَّائِل الْمُلْحِف إِن الْحيَاء من الْإِيمَان وَالْإِيمَان فِي الْجنَّة وَالْفُحْش من الْبذاء وَالْبذَاء فِي النَّار انْتَهَى وَقَالَ لَا نعلمهُ يرْوَى عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد
الطَّرِيق الثَّانِي رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَمن طَرِيقه الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين أخبرنَا كُلْثُوم بن مُحَمَّد بن أبي سِدْرَة ثَنَا عَطاء بن مُسلم الْخُرَاسَانِي عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن الله يحب الْحَلِيم المتحلم الْعَفِيف الْمُتَعَفِّف وَيكرهُ الْفَاحِش الْمُتَفَحِّش الْبَذِيء السَّائِل الْمُلْحِف انْتَهَى
الطَّرِيق الثَّالِث رَوَاهُ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فِي تَارِيخ أَصْبَهَان وَأَبُو الْقَاسِم حَمْزَة ابْن يُوسُف السَّهْمِي فِي تَارِيخ جرجان من حَدِيث عِيسَى بن خَالِد الْبَلْخِي ثَنَا وَرْقَاء عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله إِذا أنعم عَلَى عبد نعْمَة أحب أَن يرَى أثر نعْمَته عَلَيْهِ وَيكرهُ الْبُؤْس وَالتَّبَاؤُس وَيبغض السَّائِل الْمُلْحِف وَيُحب الْعَفِيف الْمُتَعَفِّف انْتَهَى(1/164)
وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث سوار بن مُصعب عَن عَمْرو بن قيس عَن سَلمَة بن كهيل عَن شَقِيق عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره بِلَفْظ الْبَزَّار وَزَاد فِيهِ زيادات
وَفِيه حَدِيث مُرْسل رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْأَدَب حَدثنَا ابْن إِدْرِيس عَن الْأَعْمَش عَن حبيب عَن مَيْمُون بن أبي شبيب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء إِلَّا أَنه قَالَ وَيبغض الْفَاحِش الْبَذِيء
170 - الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
فِي الحَدِيث مَا نقصت زَكَاة من مَال قطّ
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْبر والصلة من حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا نقصت صَدَقَة من مَال وَمَا زَاد الله عبدا بِعَفْو إِلَّا عزا وَمَا تواضع أحد لله إِلَّا رَفعه الله انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ فِيهِ قطّ
171 - الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لَا يحل دين رجل مُسلم فيؤخره إِلَّا كَانَ لَهُ بِكُل يَوْم صَدَقَة
قلت رُوِيَ من حَدِيث بُرَيْدَة وَمن حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس
فَحَدِيث بُرَيْدَة رَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه فِي كتاب الْأَحْكَام حَدثنَا مُحَمَّد(1/165)
ابْن عبد الله بن نمير ثَنَا أبي ثَنَا الْأَعْمَش عَن نفيع أبي دَاوُد عَن بُرَيْدَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من أنظر مُعسرا كَانَ لَهُ كل يَوْم صَدَقَة مَا لم يحل وَمن أنظرهُ بعد حلّه كَانَ لَهُ مثله فِي كل يَوْم صَدَقَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده أَيْضا حَدثنَا عَفَّان ثَنَا عبد الْوَارِث ثَنَا مُحَمَّد بن جحادة عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه مَرْفُوعا نَحوه
وَمن طَرِيق ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْبيُوع وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي أَوَاخِر كِتَابه شعب الْإِيمَان
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده حَدثنَا عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث ثَنَا أبي بِهِ
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده عَن مُحَمَّد بن جحادة بِهِ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي جمعه أَحَادِيث مُحَمَّد بن جحادة وَهُوَ جُزْء لطيف خمس عشرَة ورقة
وَأما حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن فَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده ثَنَا أسود بن عَامر أَنا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن الْأَعْمَش عَن أبي دَاوُد عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا كَانَ لرجل عَلَى آخر حق فَأَخَّرَهُ إِلَى أَجله كَانَ لَهُ صَدَقَة فَإِن أَخّرهُ بعد أَجله كَانَ لَهُ بِكُل يَوْم صَدَقَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن أبي بكر بن عَيَّاش بِهِ
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِلَفْظ ابْن أبي شيبَة وَزَاد فِيهِ وَمَا مد عبد يَده(1/166)
بِصَدقَة إِلَّا ألقيت فِي يَد الله قبل أَن تقع فِي يَد السَّائِل انْتَهَى
172 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أشهد أَن الله أَبَاحَ السّلم الْمَضْمُون إِلَى أجل مَعْلُوم فِي كِتَابه وَأنزل فِيهِ أطول آيَة
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث أبي حسان الْأَعْرَج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أشهد أَن السّلم الْمَضْمُون إِلَى أجل مُسَمَّى أَن الله عَزَّ وَجَلَّ أحله فِي الْكتاب وَأذن فِيهِ وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة يأيها الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمَّى فاكتبوه وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
173 - الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
فِي الحَدِيث لَا يَقُول الْمُؤمن كسلت
وَأَعَادَهُ فِي بَرَاءَة
174 - الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه رهن درعه فِي غير سفر
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ فِي الْبيُوع من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اشْتَرَى من يَهُودِيّ طَعَاما إِلَى أجل وَرَهنه درعا لَهُ من حَدِيد انْتَهَى
وَرَوَى البُخَارِيّ من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس قَالَ وَلَقَد رهن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ درعا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْد يَهُودِيّ وَأخذ مِنْهُ شَعِيرًا لأَهله انْتَهَى وَزِيَادَة قَوْله بِالْمَدِينَةِ(1/167)
صَرِيح عَلَى أَنه كَانَ فِي حضر
175 - قَوْله
عَن عبد الله بن عمر أَنه تَلا قَوْله تَعَالَى إِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ الْآيَة فَقَالَ لَئِن أَخذنَا الله بِهَذَا لَنهْلكَنَّ ثمَّ بَكَى حَتَّى سمع نَشِيجه فَذكر لِابْنِ عَبَّاس فَقَالَ يغْفر الله لأبي عبد الرَّحْمَن قد وجد الْمُسلمُونَ مِنْهَا مثل مَا وجد فَنزل لَا يُكَلف الله نفسا ... الْآيَة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ أخبرنَا ابْن وهب أَخْبرنِي يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن مرْجَانَة عَن ابْن عمر ... فَذكره
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث سَالم عَن أَبِيه عبد الله بن عمر ... فَذكره بِنَحْوِ مِنْهُ وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
176 - الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما دَعَا بِهَذِهِ الدَّعْوَات رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا الْآيَة قيل لَهُ عِنْد كل كلمة قد فعلت
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْإِيمَان من حَدِيث آدم بن سُلَيْمَان عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة إِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله قَالَ دخل قُلُوبهم مِنْهَا شَيْء لم يدْخل قُلُوبهم فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قُولُوا سمعنَا وأطعنا قَالَ فَألْقَى الله الْإِيمَان فِي قُلُوبهم فَأنْزل الله لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا قَالَ قد فعلت انْتَهَى
وَوهم الْحَاكِم فَرَوَاهُ فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
177 - الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ أنزل الله آيَتَيْنِ من كنوز الْجنَّة كتبهما(1/168)
الرَّحْمَن بِيَدِهِ قبل أَن يخلق الْخلق بألفي سنة من قرأهما بعد الْعشَاء الْآخِرَة أَجْزَأَتَاهُ عَن قيام اللَّيْل
قلت رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث الْوَلِيد بن عباد عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن زر بن حُبَيْش عَن عَلْقَمَة بن قيس عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن الله أنزل ... إِلَى آخِره ثمَّ قَالَ والوليد بن عباد لَيْسَ بِمَعْرُوف وَلَيْسَ حَدِيثه بِمُسْتَقِيم انْتَهَى
وَمن طَرِيق ابْن عدي رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم حَمْزَة بن يُوسُف السَّهْمِي فِي تَارِيخ جرجان بِسَنَدِهِ وَمَتنه
178 - الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من قَرَأَ الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة كفتاه
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ فَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي فِي بَاب شُهُود الْمَلَائِكَة بَدْرًا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن عَلْقَمَة عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قَرَأَ الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة كفتاه قَالَ عبد الرَّحْمَن ثمَّ لقِيت أَبَا مَسْعُود وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ فَحَدَّثَنِيهِ انْتَهَى
وَرَوَاهُ مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة فِي الصَّلَاة كلهم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن أبي مَسْعُود لم يذكرُوا فِيهِ عَلْقَمَة
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بِالْوَجْهَيْنِ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَزَاد فِيهِ آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه إِلَى آخر السُّورَة(1/169)
وَاخْتلفُوا فِي قَوْله كفتاه فَقيل أَي أَجْزَأَتَاهُ عَن قيام اللَّيْل وَقيل كفتاه عَن كل شَيْطَان وَقيل كفتاه مَا يكون من الْآفَات تِلْكَ اللَّيْلَة وَقيل أَي فضلا وَأَجرا
179 - الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ أُوتيت خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُؤْتَهُنَّ نَبِي قبلي
قلت رُوِيَ من حَدِيث حُذَيْفَة وَمن حَدِيث أبي ذَر
فَحَدِيث حُذَيْفَة رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه الصُّغْرَى فِي كتاب فَضَائِل الْقُرْآن من حَدِيث أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن ربعي بن حِرَاش عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فضلنَا عَلَى النَّاس بِثَلَاث جعلت لي الأَرْض كلهَا لنا مَسْجِدا وَجعلت تربَتهَا لنا طهُورا وَجعلت صُفُوفنَا كَصُفُوف الْمَلَائِكَة وَأُوتِيت هَؤُلَاءِ الْآيَات آخر سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُعْط مِنْهُ أحد قبلي وَلَا يُعْطَى مِنْهُ أحد بعدِي انْتَهَى
وَوهم الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فَقَالَ فِي بَاب فَضَائِل الْقُرْآن وَقد خرج مُسلم رَحِمَهُ اللَّهُ حَدِيث أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن ربعي بن حِرَاش عَن حُذَيْفَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أَعْطَيْت خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش انْتَهَى وَهَذَا وهم وَإِنَّمَا رَوَى مُسلم بِهَذَا الْإِسْنَاد أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ فضلنَا عَلَى النَّاس بِثَلَاث جعلت صُفُوفنَا كَصُفُوف الْمَلَائِكَة وَجعلت لنا الأَرْض كلهَا مَسْجِدا وَجعلت تربَتهَا لنا طهُورا إِذا لم نجد المَاء وَذكر خصْلَة أُخْرَى انْتَهَى بِحُرُوفِهِ فِي الصَّلَاة فَلذَلِك عدلت عَنهُ إِلَى لفظ النَّسَائِيّ فَإِنَّهُ أقرب إِلَى لفظ الْكتاب وَعَجِبت من(1/170)
شَيخنَا الذَّهَبِيّ كَيفَ لم يتعقبه فِي مُخْتَصره وَأَصْحَاب الْأَطْرَاف جَعَلُوهُ حَدِيثا وَاحِدًا وَعَزوه لمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَلَى عَادَتهم فِي الرُّجُوع إِلَى أصل الحَدِيث دون مُرَاعَاتهمْ لاخْتِلَاف أَلْفَاظه
وَرَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن أبي شيبَة فِي مسانيدهم وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ من الْقسم الثَّالِث عَن ابْن خُزَيْمَة بسندهم إِلَى أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ بِهِ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابيه دَلَائِل النُّبُوَّة وَشعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع عشر مِنْهُ
وَله طَرِيق آخر عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط فَرَوَاهُ فِي تَرْجَمَة المحمدين من حَدِيث الْحسن بن سَالم بن أبي الْجَعْد سَمِعت نعيم بن أبي هِنْد ثَنَا ربعي بن حِرَاش حَدثنِي حُذَيْفَة بن الْيَمَان ... فَذكره بِلَفْظ النَّسَائِيّ وَزَاد ثمَّ قَرَأَ لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض حَتَّى ختم السُّورَة انْتَهَى
وَوَقع لعبد الْحق هَاهُنَا ذُهُول فَذكره فِي أَحْكَامه الحَدِيث فِي أول بَاب التَّيَمُّم وَفِي بَاب الْمَسَاجِد فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظ مُسلم وَعَزاهُ لَهُ ثمَّ قَالَ وَذكر ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده الْخصْلَة الَّتِي لم يذكرهَا مُسلم ثمَّ سَاقه بِلَفْظ النَّسَائِيّ وَهَذَا ذُهُول مِنْهُ فَإِنَّهُ عِنْد النَّسَائِيّ فِي سنَنه
وَعَجِبت من ابْن الْقطَّان كَيفَ لم يَسْتَدْرِكهُ فِي كِتَابه الْوَهم وَالْإِيهَام مَعَ كَثْرَة تتبعه وَتعقبه عَلَيْهِ فِي مثل ذَلِك وَالله أعلم
وَأما حَدِيث أبي ذَر فَرَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما حَدثنَا جرير عَن مَنْصُور عَن ربعي بن حِرَاش عَن زيد بن ظبْيَان عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَعْطَيْت خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُؤْتَهُنَّ نَبِي قبلي انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع عشر مِنْهُ من حَدِيث سُفْيَان(1/171)
عَن مَنْصُور سندا ومتنا
180 - الحَدِيث الْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة وَالْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ قَالَ المُصَنّف جَاءَ فِي حَدِيث النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من آخر سُورَة الْبَقَرَة وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة
قلت
الأول تقدم فِي حَدِيث أبي مَسْعُود عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قَرَأَ الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة كفتاه رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة
وَالثَّانِي رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْإِيمَان من حَدِيث مرّة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أعطي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثَلَاثًا أعطي الصَّلَوَات الْخمس وَأعْطِي خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة وَغفر لمن لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا من أمته الْمُقْحمَات انْتَهَى
وَرَوَى أَيْضا فِي الصَّلَاة من حَدِيث سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بَيْنَمَا جِبْرِيل عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذْ نزل ملك فَقَالَ هَذَا ملك لم ينزل إِلَى الأَرْض إِلَّا الْيَوْم فَسلم وَقَالَ أبشر بنورين أُوتِيتهُمَا لم يؤتهما نَبِي قبلك فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة لن تقْرَأ حرفا مِنْهَا إِلَّا أَعْطيته انْتَهَى
181 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة
عَن ابْن مَسْعُود أَنه رَمَى الْجَمْرَة ثمَّ قَالَ من هَاهُنَا وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رَمَى الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ فِي الْحَج مُخْتَصرا وَمُطَولًا عَن عبد الرَّحْمَن ابْن يزِيد قَالَ رَمَى عبد الله بن مَسْعُود رمي جَمْرَة الْعقبَة من بطن الْوَادي بِسبع حَصَيَات يكبر مَعَ كل حَصَاة فَقيل لَهُ إِن أُنَاسًا يَرْمُونَهَا من فَوْقهَا فَقَالَ هَذَا وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا الله هُوَ مقَام الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة انْتَهَى(1/172)
182 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ السُّورَة الَّتِي تذكر فِيهَا الْبَقَرَة فسطاط فَتَعَلَّمُوهَا فَإِن تعلمهَا بركَة وَتركهَا حسرة وَلنْ تستطيعها البطلة قيل وَمَا البطلة قَالَ السَّحَرَة
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَالَّذِي رَوَاهُ مُسلم فِي فَضَائِل الْقُرْآن من حَدِيث أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أقرءوا سُورَة الْبَقَرَة فَإِن أَخذهَا بركَة وَتركهَا حسرة وَلَا تستطيعها البطلة قَالَ مُعَاوِيَة بَلغنِي أَن البطلة السَّحَرَة انْتَهَى
وَبِهَذَا اللَّفْظ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَكَذَلِكَ أَحْمد وَابْن رَاهَوَيْه وَابْن أبي شيبَة والدارمي وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ وَالْبَغوِيّ من حَدِيث بُرَيْدَة كَذَلِك
تَنْبِيه
وَالْمُصَنّف رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث لِلْقَائِلين السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا كَذَا وَبِالثَّلَاثَةِ الْأَحَادِيث الَّتِي قبله عَلَى جَوَاز ذَلِك
وَفِي الْبَاب حَدِيث لم يظفر بِهِ المُصَنّف رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر ثَنَا الْحسن بن عَلّي بن الْوَلِيد الْفَارِسِي ثَنَا خلف بن هِشَام ثَنَا عِيسَى بن مَيْمُون عَن مُوسَى بن أنس بن مَالك عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا تَقولُوا سُورَة الْبَقَرَة وَلَا سُورَة آل عمرَان وَلَا سُورَة النِّسَاء وَكَذَلِكَ الْقُرْآن كُله وَلَكِن قُولُوا السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا الْبَقَرَة وَالَّتِي يذكر فِيهَا آل عمرَان وَكَذَلِكَ الْقُرْآن كُله انْتَهَى
وَهَذَا الحَدِيث مَعْلُول بِعِيسَى بن مَيْمُون وَهُوَ أَبُو سَلمَة الْخَواص وَهُوَ ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ(1/173)
ثَنَا خلف بن هِشَام الْبَزَّار بِهِ سندا ومتنا
وَحَدِيث الْكتاب ذكره أَبُو شُجَاع الديلمي فِي كتاب الفردوس من رِوَايَة أبي سعيد الْخُدْرِيّ بِلَفْظ الْكتاب سَوَاء(1/174)
سُورَة آل عمرَان(1/175)
سُورَة آل عمرَان
ذكر فِيهَا سَبْعَة وَتِسْعين حَدِيثا
183 - الحَدِيث الأول
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جمع الْيَهُود فِي سوق بني قينقاع بعد وقْعَة بدر فَقَالَ يَا معشر الْيَهُود احْذَرُوا مِثْلَمَا نزل بِقُرَيْش وَأَسْلمُوا قبل أَن ينزل بكم مَا نزل بهم فقد عَرَفْتُمْ أَنِّي نَبِي مُرْسل فَقَالُوا لَا يغرنك أَنَّك لقِيت أَقْوَامًا أَغْمَارًا لَا خبْرَة لَهُم بِالْحَرْبِ فَأَصَبْت مِنْهُم فرْصَة لَئِن قَاتَلْتنَا لعَلِمت أَنا نَحن النَّاس فَنزلت
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْخراج من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد مولَى زيد بن ثَابت عَن سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة كِلَاهُمَا عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما أصَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قُريْشًا يَوْم بدر وَقدم الْمَدِينَة جمع الْيَهُود فِي سوق بني قينقاع فَقَالَ يَا معشر يهود أَسْلمُوا ... إِلَى آخر سَوَاء
وَمن طَرِيق ابْن إِسْحَاق أَيْضا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ بِسَنَدِهِ وَمَتنه وَرَوَاهُ ابْن هِشَام فِي السِّيرَة عَن ابْن إِسْحَاق فَلم يُجَاوِزهُ
184 - الحَدِيث الثَّانِي
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث
قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه الْكُبْرَى فِي كتاب الْفَرَائِض أخبرنَا مُحَمَّد بن(1/177)
مَنْصُور الْمَكِّيّ عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن الزُّهْرِيّ عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان قَالَ قَالَ عمر لعبد الرَّحْمَن وَسعد وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر أنْشدكُمْ بِاللَّه الَّذِي قَامَت لَهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض سَمِعْتُمْ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة قَالُوا اللَّهُمَّ نعم انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا وَكِيع ثَنَا سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تركت بعد مُؤنَة عَامِلِي وَنَفَقَة نسَائِي صَدَقَة انْتَهَى
والْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ من رِوَايَة عَائِشَة لَيْسَ فِيهِ إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء وَلَفْظهمَا قَالَت قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا نورث مَا تركنَا فَهُوَ صَدَقَة انْتَهَى
قيل وَرَوَى التِّرْمِذِيّ فِي غير جَامعه بِسَنَد عَلَى شَرط مُسلم من حَدِيث عمر عَن أبي بكر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي كتاب الكنى أَخْبرنِي إِسْحَاق بن مُوسَى ثَنَا تليد بن سُلَيْمَان أَبُو إِدْرِيس عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن الزُّهْرِيّ عَن مَالك بن أَوْس ابْن الْحدثَان قَالَ قَالَ أَبُو بكر إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة انْتَهَى قَالَ وَتَلِيدُ بن سُلَيْمَان كُوفِي لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء
185 - الحَدِيث الثَّالِث
عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَي النَّاس أَشد عذَابا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ رجل قتل نَبيا أَو رجلا أَمر بِمَعْرُوف أَو نهَى عَن مُنكر ثمَّ قَرَأَ وَيقْتلُونَ النَّبِيين الْآيَة ثمَّ قَالَ يَا أَبَا عُبَيْدَة قتلت بَنو إِسْرَائِيل ثَلَاثَة وَأَرْبَعين نَبيا من أول النَّهَار(1/178)
فِي سَاعَة وَاحِدَة فَقَامَ مائَة وَاثنا عشر رجلا من عباد بني إِسْرَائِيل فَأمروا قَتلتهمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْهُمْ عَن الْمُنكر فَقتلُوا جَمِيعًا من آخر النَّهَار
قلت رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحَارِث الْبَغْدَادِيّ ثَنَا عبد الْوَهَّاب ابْن نجدة حَدثنِي مُحَمَّد بن حمير ثنى أَبُو الْحسن مولَى بني أَسد عَن مَكْحُول عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَي الشُّهَدَاء أكْرم عَلَى الله قَالَ رجل قَامَ إِلَى أَمِير جَائِر فَأمره بِمَعْرُوف وَنَهَاهُ عَن مُنكر فَقتله قيل فَأَي النَّاس أَشد عذَابا قَالَ رجل قتل نَبيا أَو قتل رجلا أمره بِمَعْرُوف أَو نَهَاهُ عَن الْمُنكر فَقتله ثمَّ قَرَأَ وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر حق الْآيَة ثمَّ قَالَ يَا أَبَا عُبَيْدَة ... الحَدِيث إِلَى آخِره وَقَالَ لَا نعلم لَهُ عَن أبي عُبَيْدَة طَرِيقا غير هَذِه الطَّرِيق وَلم نسْمع أحدا سَمّى أَبَا الْحسن هَذَا الَّذِي رَوَى عَنهُ مُحَمَّد بن حمير انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَابْن أبي حَاتِم والثعلبي وَمن طَرِيقه الْبَغَوِيّ فِي تفاسيرهم عَن ابْن حمير بِهِ
186 - الحَدِيث الرَّابِع
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دخل مِدْرَاسهمْ يَعْنِي الْيَهُود فَدَعَاهُمْ فَقَالَ لَهُ نعيم بن عَمْرو والْحَارث بن زيد عَلَى أَي دين أَنْت قَالَ عَلَى مِلَّة إِبْرَاهِيم قَالَا إِن إِبْرَاهِيم كَانَ يَهُودِيّا قَالَ لَهُم إِن بَيْننَا وَبَيْنكُم التَّوْرَاة فَهَلُمُّوا إِلَيْهَا فأبيا فَنزلت ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يدعونَ إِلَى كتاب الله الْآيَة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي مُحَمَّد(1/179)
ابْن أبي مُحَمَّد مولَى زيد بن ثَابت حَدثنِي سعيد بن جُبَير أَو عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ دخل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بَيت الْمِدْرَاس عَلَى جمَاعَة من يهود فَدَعَاهُمْ إِلَى الله فَقَالَ لَهُ نعيم بن عَمْرو ... إِلَى آخِره
وَذكره ابْن هِشَام فِي سيرته من قَول ابْن إِسْحَاق لم يُجَاوز بِهِ
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن ابْن عَبَّاس
187 - الحَدِيث الْخَامِس
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين أفْتَتح مَكَّة وعد أمته ملك فَارس وَالروم فَقَالَ المُنَافِقُونَ وَالْيَهُود هَيْهَات هَيْهَات من أَيْن مُحَمَّد ملك فَارس وَالروم هم أعز وَأَمْنَع من ذَلِك
قلت غَرِيب وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ عَن ابْن عَبَّاس وَأنس قَالَا لما فتح رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَكَّة ... فَذكره إِلَى آخِره وَذكره الْبَغَوِيّ من قَول قَتَادَة فَقَط
188 - الحَدِيث السَّادِس
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما خطّ الخَنْدَق عَام الْأَحْزَاب وَقطع لكل عشرَة أَرْبَعِينَ ذِرَاعا وَأخذُوا يحفرون خرج من بطن الخَنْدَق صَخْرَة كَالتَّلِّ الْعَظِيم لم يعْمل فِيهَا المعاول فوجهوا سلمَان إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُخبرهُ فَأخذ الْمعول من سلمَان فضربها ضَرْبَة صَدعهَا وبرق مِنْهَا برق أَضَاء مَا بَين لابتيها لكأن مصباحا فِي جَوف بَيت مظلم وَكبر وَكبر الْمُسلمُونَ وَقَالَ أَضَاءَت لي مِنْهُ قُصُور الْحيرَة كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكلاب ثمَّ ضرب الثَّانِيَة فَقَالَ أَضَاءَت لي مِنْهَا الْقُصُور الْحمر(1/180)
من أَرض الرّوم ثمَّ ضرب الثَّالِثَة فَقَالَ أَضَاءَت لي قُصُور صنعاء وَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن أمتِي ظَاهِرَة عَلَى كلهَا فأبشروا فَقَالَ المُنَافِقُونَ أَلا تعْجبُونَ يمنيكم وَيَعدكُمْ الْبَاطِل وَيُخْبِركُمْ أَنه يبصر من يثرب قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى وَإِنَّهَا تفتح لكم وَأَنْتُم إِنَّمَا تَحْفِرُونَ الخَنْدَق من الْفرق لَا تَسْتَطِيعُونَ أَن تبْرزُوا فَنزلت قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك ... الْآيَة
قلت رُوِيَ من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب وَمن حَدِيث عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ
أما حَدِيث الْبَراء فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه فِي الْجِهَاد من حَدِيث مَيْمُون عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ أمرنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِحَفر الخَنْدَق قَالَ وَعرض لنا فِيهِ صَخْرَة لم تَأْخُذ فِيهَا المعاول فشكوناها إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فجَاء فَأخذ الْمعول ثمَّ قَالَ بِسم الله فَضرب ضَرْبَة فَكسر ثلث الْحجر وَقَالَ الله أكبر أَعْطَيْت مَفَاتِيح الشَّام وَالله إِنِّي لَأبْصر قُصُورهَا الْحمر من مَكَاني هَذَا ثمَّ قَالَ بِسم الله وَضرب ضَرْبَة أُخْرَى فَكسر ثلث الْحجر فَقَالَ الله أكبر أَعْطَيْت مَفَاتِيح فَارس وَإِنِّي لَأبْصر الْمَدَائِن وَأبْصر قصرهَا الْأَبْيَض من مَكَاني هَذَا ثمَّ قَالَ بِسم الله وَضرب ضَرْبَة أُخْرَى فَقلع بَقِيَّة الْحجر فَقَالَ الله أكبر أَعْطَيْت مَفَاتِيح الْيمن وَالله إِنِّي لَأبْصر أَبْوَاب صنعاء من مَكَاني هَذَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مسانيدهم
وَذكره عبد الْحق فِي أَحْكَامه فِي كتاب الْجِهَاد من جِهَة النَّسَائِيّ وَسكت عَنهُ فَهُوَ صَحِيح عِنْده عَلَى قَاعِدَته فِي ذَلِك وَتعقبه ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه فَقَالَ وَمَيْمُون هَذَا هُوَ مولَى عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة يكنى أَبَا عبد الله يروي عَن زيد(1/181)
ابْن أَرقم والبراء رَوَى عَن قَتَادَة وخَالِد الْحذاء وَشعْبَة وعَوْف الْأَعرَابِي قَالَ احْمَد حَدِيثه مُنكر وَقَالَ ابْن معِين لَا شَيْء وَقَالَ البُخَارِيّ عَن ابْن الْمَدِينِيّ كَانَ يَحْيَى لَا يحدث عَنهُ وكل من رَأَيْته من مُؤَلَّفِي الضُّعَفَاء ذكره فِي جُمْلَتهمْ فَأَقل أَحْوَاله أَلا يكون ثَابت الْعَدَالَة إِن لم يثبت جرحه انْتَهَى كَلَامه
أما حَدِيث عَمْرو بن عَوْف فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة الخَنْدَق عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمَة ثَنَا كثير بن عبد الله ابْن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ حَدثنِي أبي عَن أَبِيه قَالَ خطّ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الخَنْدَق عَام الْأَحْزَاب ثمَّ قطع أَرْبَعِينَ ذِرَاعا بَين كل عشرَة قَالَ عَمْرو بن عَوْف فَكنت أَنا وسلمان وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان والنعمان بن مقرن وَسِتَّة نفر من الْأَنْصَار فِي أَرْبَعِينَ ذِرَاعا فَحَفَرْنَا حَتَّى إِذا بلغنَا الثدي أخرج الله تَعَالَى من بطن الخَنْدَق صَخْرَة بَيْضَاء مُدَوَّرَة فَكسرت حَدِيدَنَا وَشقت علينا فَذهب سلمَان وَاخْبَرْ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فهبط مَعَ سلمَان فِي الخَنْدَق وَأخذ الْمعول من سلمَان فَضرب الصَّخْرَة ضَرْبَة صَدعهَا وبرق مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لابتيها يَعْنِي الْمَدِينَة حَتَّى لكأن مصباحا فِي جَوف ليل مظلم فَكبر وَكبر الْمُسلمُونَ ثمَّ ضربهَا الثَّانِيَة فَصَدَعَهَا ثمَّ ضربهَا الثَّالِثَة فَكَسرهَا وَقَالَ لما ضرب الضَّرْبَة الأولَى فَبَرَق الَّذِي رَأَيْتُمْ أَضَاءَت لي مِنْهَا قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكلاب وَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا ثمَّ ضربت الثَّانِيَة فَأَضَاءَتْ لي قُصُور الْحمر من أَرض الرّوم وَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا ثمَّ ضرب الثَّالِثَة فَأَضَاءَتْ لي قُصُور صنعاء وَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا فأبشروا فَاسْتَبْشَرَ الْمُسلمُونَ وَقَالُوا الْحَمد لله مَوْعُود صَادِق وعدنا النَّصْر بعد الْحصْر وَقَالَ المُنَافِقُونَ أَلا تعْجبُونَ يُحَدثكُمْ وَيُمَنِّيكُمْ وَيَعدكُمْ الْبَاطِل يُخْبِركُمْ أَنه يبصر من يثرب قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى وَأَنَّهَا تفتح لكم وَأَنْتُم تَحْفِرُونَ الخَنْدَق لَا تَسْتَطِيعُونَ أَن تبْرزُوا فَأنْزل الله وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا مُخْتَصر
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة لَهُ فِي الْبَاب الثَّامِن وَالْعِشْرين والواحدي(1/182)
فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ والطبري والثعلبي وَالْبَغوِيّ من طَرِيق الثَّعْلَبِيّ فِي تفاسيرهم كلهم عَن مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمَة بِهِ سَوَاء
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة سلمَان أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابْن أبي فديك ثَنَا كثير بن عبد الله بِهِ سَوَاء
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي عَاصِم بن عبد الله الْحكمِي عَن عمر بن الحكم قَالَ كَانَ عمر بن الْخطاب يَوْمئِذٍ يَعْنِي يَوْم الخَنْدَق يضْرب بِالْمِعْوَلِ إِذْ صَادف حجرا صَلدًا فَأخذ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مِنْهُ الْمعول وَهُوَ عِنْد جبل بني عبيد فَضرب ضَرْبَة ... فَذكره بِنَحْوِهِ
189 - الحَدِيث السَّابِع
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَمَا تَكُونُونَ يُولى عَلَيْكُم
قلت هَذَا رَوَاهُ الْقُضَاعِي فِي مُسْند الشهَاب ثَنَا هبه الله بن أبي غَسَّان الْفَارِسِي أَنا عبد الْملك بن الْحسن البكاري ثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمرَان الْجُورِي ثَنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن الْمثنى أَبُو الْمثنى الْبَاهِلِيّ أَن أَبَاهُ وَعَمه مُحَمَّد بن يَحْيَى الْمثنى حَدَّثَاهُ قَالَا أَنا الْكرْمَانِي بن عَمْرو ثَنَا الْمُبَارك بن فضَالة عَن الْحسن عَن أبي بكرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَمَا تَكُونُونَ يُولى عَلَيْكُم وَفِي لفظ يُؤمر عَلَيْكُم انْتَهَى
قَالَ ابْن طَاهِر فِي كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الشهَاب هَذَا حَدِيث رَوَاهُ أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن الْمثنى عَن الْكرْمَانِي بن عَمْرو عَن الْمُبَارك بن فضَالة وَالْمبَارك ابْن فضَالة وَإِن ذكر بِشَيْء من الضعْف فَإِن الْعهْدَة عَلَى من رَوَاهُ عَنهُ فَإِن فيهم جَهَالَة وَالْحسن عَن أبي هُرَيْرَة مُنْقَطع انْتَهَى وَفِيه تَخْلِيط فَليُحرر(1/183)
190 - الحَدِيث الثَّامِن
يرْوَى فِي الحَدِيث مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا والشيطان يمسهُ حِين يُولد فَيَسْتَهِل صَارِخًا من مس الشَّيْطَان إِيَّاه إِلَّا مَرْيَم وَابْنهَا ثمَّ قَالَ المُصَنّف الله أعلم بِصِحَّتِهِ
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي فَضَائِل الْأَنْبِيَاء من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا من مَوْلُود ... إِلَى آخِره سَوَاء وَزَاد ثمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة اقْرَءُوا إِن شِئْتُم وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم انْتَهَى
191 - الحَدِيث التَّاسِع
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه جَاع فِي زمن قحط فَأَهْدَتْ لَهُ فَاطِمَة رغيفين وَبضْعَة لحم آثَرته بهَا فَرجع بهَا إِلَيْهَا وَقَالَ هَلُمِّي يَا بنية فَكشفت عَن الطَّبَق فَإِذا هُوَ مَمْلُوء خبْزًا وَلَحْمًا فبهتت وَعلمت أَنَّهَا نزلت من عِنْد الله فَقَالَ لَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنى لَك هَذَا فَقَالَت هُوَ من عِنْد الله إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام الْحَمد لله الَّذِي جعلك شَبيهَة بِسَيِّدَة نسَاء بني إِسْرَائِيل ثمَّ جمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلّي بن أبي طَالب وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَجَمِيع أهل بَيته عَلَيْهِ حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِي الطَّعَام كَمَا هُوَ فَأَوْسَعْت فَاطِمَة عَلَى جِيرَانهَا
قلت رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده ثَنَا سهل بن زَنْجَلَة أَبُو عمرَان الدَّارِيّ ثَنَا عبد الله بن صَالح ثَنَا عبد الله بن لَهِيعَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَقَامَ أَيَّامًا لم يطعم طَعَاما حَتَّى شقّ ذَلِك عَلَيْهِ فَطَافَ فِي منَازِل أَزوَاجه فَلم يصب عِنْد وَاحِدَة مِنْهُنَّ شَيْئا فَأَتَى فَاطِمَة فَقَالَ يَا بنية هَل عنْدك شَيْء آكله فَإِنِّي جَائِع فَقَالَت لَا وَالله بِأبي أَنْت وَأمي فَلَمَّا خرج من عِنْدهَا عَلَيْهِ السَّلَام بعثت إِلَيْهَا جَارة لَهَا بِرَغِيفَيْنِ وَقطعَة لحم فَأَخَذته مِنْهَا وَوَضَعته فِي(1/184)
جَفْنَة لَهَا وَغَطَّتْهُ وَقَالَت لَأُوثِرَنَّ بهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ بعثت إِلَيْهِ حسنا أَو حُسَيْنًا فَرجع إِلَيْهَا فَقَالَت لَهُ بِأبي أَنْت وَأمي قد أَتَى الله بِشَيْء فَخَبَّأْته لَك قَالَ هَلُمِّي فَأَتَتْهُ فَكشفت عَن الْجَفْنَة فَإِذا هِيَ مَمْلُوءَة خبْزًا وَلَحْمًا فَلَمَّا نظرت إِلَيْهَا بهتت وَعرفت أَنَّهَا بركَة من الله عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا قَدمته إِلَيْهِ حمد الله تَعَالَى وَقَالَ لَهَا من أَيْن لَك هَذَا قَالَت يَا أَبَت هُوَ من عِنْد الله إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب فَقَالَ يَا بنية الْحَمد لله الَّذِي جعلك شَبيهَة بِسَيِّدَة نسَاء بني إِسْرَائِيل ثمَّ بعث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى عَلّي وَأكل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هُوَ وَعلي وَفَاطِمَة وَحسن وحسين وَجَمِيع أهل بَيته جَمِيعًا حَتَّى شَبِعُوا وَبقيت الْجَفْنَة كَمَا هِيَ فَأَوْسَعْت فَاطِمَة عَلَى جِيرَانهَا وَجعل الله فِيهَا بركَة وَخيرا كثيرا انْتَهَى
وَسَهل بن زَنْجَلَة حَافظ ثِقَة أخرج لَهُ ابْن ماجة رَوَى عَنهُ ابْن عُيَيْنَة وَالْقطَّان
192 - الحَدِيث الْعَاشِر
قَول أهل خَيْبَر مُحَمَّد وَالْخَمِيس
قلت هَذِه الْقطعَة من حَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث أنس فِي غَزْوَة خَيْبَر قَالَ صبح رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خَيْبَر وَقد خَرجُوا بِالْمَسَاحِي عَلَى أَعْنَاقهم فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا هَذَا مُحَمَّد وَالْخَمِيس فَلَجَئُوا إِلَى الْحصن فَرفع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَدَيْهِ وَقَالَ الله أكبر خربَتْ خَيْبَر
وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي سُورَة الصافات إِن شَاءَ الله تَعَالَى
193 - الحَدِيث الْحَادِي عشر
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه لما دعاهم يَعْنِي النَّصَارَى إِلَى المباهلة قَالُوا حَتَّى نرْجِع وَنَنْظُر فَلَمَّا تَخَالُّوا قَالُوا للعاقب وَكَانَ ذَا(1/185)
رَأْيهمْ يَا عبد الْمَسِيح مَا ترَى فَقَالَ وَالله لقد عَرَفْتُمْ يَا معشر النَّصَارَى أَن مُحَمَّدًا نَبِي مُرْسل وَلَقَد جَاءَكُم بِالْفَصْلِ من أَمر صَاحبكُم وَالله مَا بِأَهْل قوم نَبيا قطّ فَعَاشَ كَبِيرهمْ وَنبت صَغِيرهمْ وَلَئِن فَعلْتُمْ لتهلكن فَإِن أَبَيْتُم إِلَّا إلْف دينكُمْ وَالْإِقَامَة عَلَى مَا أَنْتُم عَلَيْهِ فَوَادعُوا الرجل وَانْصَرفُوا إِلَى بِلَادكُمْ فَأتوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقد غَدا مُحْتَضِنًا الْحُسَيْن آخِذا بيد الْحسن وَفَاطِمَة تمشي خَلفه وَعلي خلفهمَا وَهُوَ يَقُول إِذا أَنا دَعَوْت فَأمنُوا فَقَالَ أَسْقُف نَجْرَان يَا معشر النَّصَارَى إِنِّي لأرَى وُجُوهًا لَو شَاءَ الله أَن يزِيل جبلا من مَكَانَهُ لَأَزَالَهُ بهَا فَلَا تباهلوا فَتَهْلكُوا وَلَا يَبْقَى عَلَى وَجه الأَرْض نَصْرَانِيّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم رَأينَا أَلا نباهلك وَأَن نقرك عَلَى دينك وَنثْبت عَلَى ديننَا قَالَ فَإِذا أَبَيْتُم المباهلة فأسلموا يكن لكم مَا للْمُسلمين وَعَلَيْكُم مَا عَلَيْهِم فَأَبَوا قَالَ فَإِنِّي أناجزكم قَالُوا مَا لنا بِحَرب الْعَرَب طَاقَة وَلَكِن نُصَالِحُكَ عَلَى أَلا تَغْزُونَا وَلَا تخيفنا وَلَا تردنَا عَن ديننَا عَلَى أَن نُؤَدِّي إِلَيْك كل عَام ألفي حلَّة ألف فِي صفر وَألف فِي رَجَب وَثَلَاثِينَ درعا عَارِية من حَدِيد فَصَالحهُمْ عَلَى ذَلِك وَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الْهَلَاك قد تدلى عَلَى أهل نَجْرَان وَلَو لَاعِنُوا لمسخوا قردة وَخَنَازِير ولاضطرم عَلَيْهِم الْوَادي نَارا ولاستأصل الله نَجْرَان وَأَهله حَتَّى الطير عَلَى رُءُوس الشّجر وَلما حَال الْحول عَلَى النَّصَارَى كلهم حَتَّى يهْلكُوا
قلت رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة فِي الْبَاب الْحَادِي وَالْعِشْرين حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن فرج ثَنَا أَبُو عمر الدوري ثَنَا مُحَمَّد بن مَرْوَان عَن مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَن وَفد نَجْرَان من النَّصَارَى قدمُوا عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهم أَرْبَعَة عشرَة رجلا من أَشْرَافهم مِنْهُم السَّيِّد وَهُوَ(1/186)
الْكَبِير وَالْعَاقِب وَهُوَ الَّذِي بعده وَكَانَ صَاحب رَأْيهمْ واسْمه عبد الْمَسِيح وَقَالَ لَهُم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَسْلمُوا أَسْلمُوا ثمَّ تَلا عَلَيْهِم إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم خلقه ... الْآيَة فَلَمَّا قَرَأَهَا عَلَيْهِم قَالُوا مَا نَعْرِف مَا نقُول فَقَالَ إِن الله قد أَمرنِي إِن لم تقبلُوا هَذَا أَن أُبَاهِلكُم قَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم حَتَّى نرْجِع فَنَنْظُر فِي أمرنَا ثمَّ نَأْتِيك قَالَ فَخَلا بَعضهم بِبَعْض وَقَالَ السَّيِّد للعاقب يَا عبد الْمَسِيح قد وَالله علمْتُم أَن الرجل لنَبِيّ مُرْسل وَمَا لَاعن قوم قطّ نَبيا فَتَبقى كَبِيرهمْ وَلَا نبت صَغِيرهمْ فَإِن أَنْتُم لم تَتبعُوهُ وَأَبَيْتُمْ إِلَّا إلْف دينكُمْ فَوَادَعُوهُ وَارْجِعُوا إِلَى بِلَادكُمْ وَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد خرج بِنَفر من أَهله فجَاء عبد الْمَسِيح بِابْنِهِ وَابْن أَخ لَهُ وَجَاء رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمَعَهُ عَلّي وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَفَاطِمَة فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أَنا دَعَوْت فَأمنُوا فَأَبَوا أَن يُلَاعِنُوا وصالحوه عَلَى الْجِزْيَة وَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم نرْجِع عَلَى ديننَا وَنَدَعك وَدينك
ثمَّ أخرج نَحوه عَن الشّعبِيّ مُرْسلا وَفِيه فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَإِن أَبَيْتُم المباهلة فأسلموا وَلكم مَا للْمُسلمين وَعَلَيْكُم مَا عَلَيْهِم فَإِن أَبَيْتُم فأعطوا الْجِزْيَة كَمَا قَالَ الله قَالُوا مَا نُكَلِّم إِلَّا أَنْفُسنَا قَالَ فَإِن أَبَيْتُم فَإِنِّي أَنْبِذ إِلَيْكُم عَلَى سَوَاء قَالُوا مَا لنا طَاقَة بِحَرب الْعَرَب وَلَكِن نُؤَدِّي الْجِزْيَة فَجعل عَلَيْهِم كل سنة ألفي حلَّة ألفا فِي صفر وألفا فِي رَجَب فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لقد أَتَانِي البشير بهلكة أهل نَجْرَان لَو تَمُّوا عَلَى الْمُلَاعنَة مُخْتَصر
ورَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزُّبَيْر فِي قَوْله تَعَالَى إِن هَذَا لَهو الْقَصَص الْحق إِلَى قَوْله فَقولُوا اشْهَدُوا بِأَنا مُسلمُونَ قَالَ لما دَعَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْوَفْد من نَصَارَى نَجْرَان إِلَى الْمُلَاعنَة قَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم دَعْنَا نَنْظُر فِي أمرنَا ثمَّ نَأْتِيك بِمَا نُرِيد أَن نَفْعل فِيمَا دَعوتنَا إِلَيْهِ فانصرفوا عَنهُ ثمَّ خلوا بِالْعَاقِبِ وَكَانَ ذَا رَأْيهمْ فَقَالُوا يَا عبد الْمَسِيح(1/187)
مَا ترَى قَالَ وَالله يَا معشر النَّصَارَى لقد علمْتُم أَن مُحَمَّدًا لنَبِيّ مُرْسل وَلَقَد جَاءَكُم بِالْفَصْلِ من خبر صَاحبكُم وَقد علمْتُم مَا لَاعن قوم نَبيا قطّ فَتَبقى كَبِيرهمْ وَلَا نبت صَغِيرهمْ وَإنَّهُ للِاسْتِئْصَال مِنْكُم إِن فَعلْتُمْ فَإِن كُنْتُم قد أَبَيْتُم إِلَّا إلْف دينكُمْ وَالْإِقَامَة عَلَى مَا أَنْتُم عَلَيْهِ من القَوْل فِي صَاحبكُم فَوَادعُوا الرجل ثمَّ انصرفوا إِلَى بِلَادكُمْ فَأتوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم قد رَأينَا أَلا نُلَاعِنك وَأَن نَتْرُكك عَلَى دينك وَنَرْجِع إِلَى ديننَا
ثمَّ أسْند إِلَى السّديّ قَالَ فَأخذ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْحسن وَالْحُسَيْن وَفَاطِمَة وَقَالَ لعَلي اتَّبعنَا فَخرج مَعَهم وَلم تخرج النَّصَارَى يَوْمئِذٍ وَقَالُوا إِنَّا نَخَاف أَن يكون هَذَا هُوَ النَّبِي وَلَيْسَت دَعْوَة النَّبِي كَغَيْرِهِ فَتَخَلَّفُوا عَنهُ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَو خَرجُوا لَاحْتَرَقُوا فَصَالَحُوهُ عَلَى أَن لَهُ عَلَيْهِم ثَمَانِينَ ألفا فَمَا عجزت الدَّرَاهِم فَفِي الْعرُوض الْحلَّة بِأَرْبَعِينَ وَعَلَى أَن لَهُ عَلَيْهِم ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ درعا وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا وَأَرْبَعَة وَثَلَاثِينَ فرسا غَازِيَة كل سنة وَأَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ضَامِن لَهَا حَتَّى يُؤَدِّيهَا إِلَيْهِم انْتَهَى وَذكره ابْن هِشَام فِي السِّيرَة من قَول ابْن إِسْحَاق لن يُجَاوز بِهِ وَمُصَالَحَة أهل نَجْرَان عَلَى ألفي حلَّة وعارية ثَلَاثِينَ درعا
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْخراج من حَدِيث السّديّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ صَالح الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أهل نَجْرَان عَلَى ألفي حلَّة النّصْف فِي صفر والبقية فِي رَجَب يؤدونها إِلَى الْمُسلمين وعارية ثَلَاثِينَ درعا وَثَلَاثِينَ فرسا وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا وَثَلَاثِينَ من كل صنف من أَصْنَاف السِّلَاح يغزون بهَا والمسلمون ضامنون لَهَا حَتَّى يردوها عَلَيْهِم مُخْتَصر
194 - الحَدِيث الثَّانِي عشر
عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج وَعَلِيهِ مرط مرجل من شعر أسود فجَاء الْحسن فَأدْخلهُ ثمَّ جَاءَ الْحُسَيْن فَأدْخلهُ(1/188)
ثمَّ فَاطِمَة ثمَّ عَلّي ثمَّ قَالَ إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت ...
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْفَضَائِل من حَدِيث صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت خرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غَدَاة وَعَلِيهِ مرط مرجل من شعر أسود فجَاء الْحسن بن عَلّي فَادْخُلْهُ ثمَّ جَاءَ الْحُسَيْن فَأدْخلهُ ثمَّ جَاءَت فَاطِمَة فَأدْخلهَا ثمَّ جَاءَ عَلّي فَأدْخلهُ ثمَّ قَالَ إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا انْتَهَى
وَوهم الْحَاكِم فَرَوَاهُ فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْفَضَائِل وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه مرجل يرْوَى بِالْجِيم وَبِالْحَاءِ وَهُوَ كسَاء من صوف أوخز
وَقَالَ عبد الْحق فِي أَحْكَامه الْمرجل بِالْحَاء وَالْجِيم هُوَ الْمُوشى بِمثل صور الرِّجَال
195 - الحَدِيث الثَّالِث عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه لما نزلت لَيْسَ علينا فِي الْأُمِّيين سَبِيل قَالَ كذب أَعدَاء الله مَا من شَيْء فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَّا وَهُوَ تَحت قدمي إِلَّا الْأَمَانَة فَإِنَّهَا مُؤَدَّاة إِلَى الْبَار والفاجر
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره أخبرنَا ابْن حميد ثَنَا يَعْقُوب القمي ثَنَا جَعْفَر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ لما قَالَ أهل الْكتاب لَيْسَ علينا فِي الْأُمِّيين سَبِيل قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كذب أَعدَاء الله ... إِلَى آخِره
ورَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى أَنا أَبُو ربيع الزهْرَانِي ثَنَا يَعْقُوب القمي بِهِ سندا ومتنا وَهَذَا مُرْسل
قَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي غَرِيبه وَمَعْنى قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام تَحت(1/189)
قدمي أَي أَهْدَرْتُهُ كُله وَهَذَا فِي لُغَة الْعَرَب يَقُول الرجل للرِّجَال إِذا وَقع بَينهم شَرّ ثمَّ أَرَادَ الصُّلْح اجْعَل ذَلِك تَحت قَدَمَيْك أَي أبْطلهُ انْتَهَى
196 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس أَنه سَأَلَهُ رجل فَقَالَ إِنَّا نصيب فِي الْغَزْو من أَمْوَال أهل الذِّمَّة الدَّجَاجَة وَالشَّاة قَالَ فَيَقُولُونَ مَاذَا قَالَ يَقُول لَيْسَ علينا فِي ذَلِك بَأْس قَالَ هَذَا كَمَا قَالَ أهل الْكتاب لَيْسَ علينا فِي الْأُمِّيين سَبِيل إِنَّهُم إِذا أَدّوا الْجِزْيَة لم يحل أكل أَمْوَالهم إِلَّا بِطيبَة أنفسهم
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَفِي تَفْسِيره أخبرنَا معمر عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي عَن صعصعة بن مُعَاوِيَة أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس فَقَالَ إِنَّا نمر بِأَهْل الذِّمَّة فَيذبحُونَ لنا الدَّجَاجَة وَالشَّاة قَالَ وَيَقُولُونَ مَاذَا ... إِلَى آخِره
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا ابْن وَكِيع ثَنَا أبي ثَنَا سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق بِهِ
197 - الحَدِيث الرَّابِع عشر
رُوِيَ عَن الْأَشْعَث بن قيس قَالَ نزلت فِي يشْتَرونَ بِعَهْد الله ثمنا قَلِيلا قَالَ كَانَت بيني وَبَين رجل خُصُومَة فِي بِئْر فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ شَاهِدَاك أَو يَمِينه فَقلت إِذا يحلف وَلَا يُبَالِي فَقَالَ من حلف عَلَى يَمِين يسْتَحق بهَا مَالا هُوَ فِيهَا فَاجر لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي عدَّة مَوَاضِع مِنْهُ وَمُسلم فِي كتاب الْأَيْمَان عَن أبي وَائِل قَالَ قَالَ عبد الله بن مَسْعُود من حلف عَلَى يَمِين يسْتَحق بهَا مَالا وَهُوَ فِيهَا فَاجر لَقِي الله وَهُوَ غَضْبَان فَأنْزل الله تَصْدِيق ذَلِك إِن(1/190)
الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا) إِلَى عَذَاب أَلِيم ثمَّ إِن الْأَشْعَث ابْن قيس خرج إِلَيْنَا فَقَالَ مَا يُحَدثكُمْ أَبُو عبد الرَّحْمَن قَالَ فَحَدَّثنَاهُ فَقَالَ صدق لفي وَالله نزلت كَانَ بيني وَبَين رجل خُصُومَة فِي بِئْر فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ شَاهِدَاك أَو يَمِينه قلت إِنَّه إِذا يحلف وَلَا يُبَالِي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام من حلف عَلَى يَمِين يسْتَحق بهَا مَالا هُوَ فَاجر لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان انْتَهَى
198 - الحَدِيث الْخَامِس عشر
رُوِيَ أَن أَبَا رَافع الْقرظِيّ وَالسَّيِّد من نَصَارَى نَجْرَان قَالَا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَتُرِيدُ أَن نعبدك ونتخذك رَبًّا قَالَ معَاذ الله أَن يعبد غير الله أَو أَن نأمر بِعبَادة غير الله فَمَا بذلك بَعَثَنِي وَلَا بذلك أَمرنِي فَنزلت مَا كَانَ لبشر أَن يؤتيه الله الْكتاب ... الْآيَة
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي أَبْوَاب الْوُفُود فِي بَاب وُفُود نَجْرَان عَن أبي عبد الله الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد مولَى زيد بن ثَابت ثني سعيد بن جُبَير أَو عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اجْتمعت نَصَارَى نَجْرَان وأحبار يهود عِنْد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فتنازعوا عِنْده فَقَالَت الْأَحْبَار مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَقَالَت النَّصَارَى مَا كَانَ إِلَّا نَصْرَانِيّا فَأنْزل الله فيهم يَا أهل الْكتاب لم تحاجون فِي إِبْرَاهِيم وَمَا أنزلت التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل إِلَّا من بعده إِلَى قَوْله وَالله ولي الْمُؤمنِينَ فَقَالَ أَبُو رَافع الْقرظِيّ وَرجل آخر مِنْهُم يُقَال لَهُ الرئيس وَهُوَ السَّيِّد لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقد دعاهم لِلْإِسْلَامِ أَتُرِيدُ منا يَا مُحَمَّد أَن نعبدك كَمَا تعبد النَّصَارَى عِيسَى بن مَرْيَم فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام معَاذ الله أَن أعبد غير الله أَو آمُر بِعبَادة غَيره مَا بذلك بَعَثَنِي وَلَا بذلك أَمرنِي فَأنْزل الله تَعَالَى فِي ذَلِك مَا كَانَ لبشر أَن يؤتيه الله الْكتاب وَالْحكم والنبوة ثمَّ يَقُول للنَّاس كونُوا عبادا لي من دون الله ... إِلَى آخر الْآيَات(1/191)
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من طَرِيق ابْن إِسْحَاق بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور وَمَتنه وَذكره ابْن هِشَام فِي سيرته من قَول ابْن إِسْحَاق لم يُجَاوز بِهِ إِلَّا أَن عِنْده وَعند الطَّبَرِيّ أَبُو نَافِع بالنُّون
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ عَن الْكَلْبِيّ وَعَطَاء عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبَا رَافع والرئيس من نَصَارَى نَجْرَان قَالَا يَا مُحَمَّد ... إِلَى آخِره سَوَاء
199 - الحَدِيث السَّادِس عشر
رُوِيَ أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله نسلم عَلَيْك كَمَا يسلم بَعْضنَا عَلَى بعض أَفلا نسجد لَك قَالَ لَا يَنْبَغِي أَن يسْجد لأحد من دون الله وَلَكِن أكْرمُوا نَبِيكُم واعرفوا الْحق لأَهله
قلت غَرِيب وَنَقله الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن الْحسن قَالَ بَلغنِي أَن رجلا قَالَ ... فَذكره
200 - رُوِيَ أَن أهل الْكتاب اخْتَصَمُوا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ من دين إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وكل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ ادَّعَى أَنه أولَى بِهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كلا الْفَرِيقَيْنِ بَرِيء من دين إِبْرَاهِيم فَقَالُوا مَا نرضى بِقَضَائِك وَلَا نَأْخُذ بِدينِك فَنزلت
قلت غَرِيب أَيْضا وَنَقله الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن ابْن عَبَّاس(1/192)
أَن أهل الْكتاب اخْتَصَمُوا ... إِلَى آخِره سَوَاء
201 - الحَدِيث السَّابِع عشر
رُوِيَ أَنه لما نزلت لن تنالوا الْبر حَنَى تنفقوا مِمَّا تحبون جَاءَ أَبُو طَلْحَة فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن أحب أَمْوَالِي إِلَيّ بيرحاء فضعها يَا رَسُول الله حَيْثُ أَرَاك الله فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بخ بخ ذَاك مَال رابح وَإِنِّي أرَى أَن تجعلها فِي الْأَقْرَبين فَقَالَ طَلْحَة أَفعَلهَا يَا رَسُول الله وَقسمهَا فِي أَقَاربه
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير وَفِي الْوَقْف وَمُسلم فِي الزَّكَاة من حَدِيث إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس بن مَالك قَالَ لما نزلت لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون قَامَ أَبُو طَلْحَة فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن الله يَقُول لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون وَإِن أحب أَمْوَالِي إِلَيّ بيرحاء وَإِنَّهَا صَدَقَة لله أَرْجُو برهَا وَذُخْرهَا فضعها حَيْثُ أَرَاك الله فَقَالَ بخ ذَاك مَال رابح أَو قَالَ رَايِح شكّ أَبُو سَلمَة وَقد سَمِعت مَا قلت وَإِنِّي أرَى أَن تجعلها فِي الْأَقْرَبين قَالَ أَبُو طَلْحَة أفعل يَا رَسُول الله فَقَسمهَا أَبُو طَلْحَة فِي أَقَاربه وَبني عَمه انْتَهَى
202 - الحَدِيث الثَّامِن عشر
رُوِيَ أَن زيد بن حَارِثَة جَاءَ بفرس وَكَانَ يُحِبهَا فَقَالَ هَذِه فِي سَبِيل الله فَحمل عَلَيْهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أُسَامَة بن زيد وَكَأن زيدا وجد فِي نَفسه وَقَالَ إِنَّمَا أردْت أَن أَتصدق بِهِ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أما إِن الله قد قبلهَا مِنْك(1/193)
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنِي يُونُس بن عبد الْأَعْلَى أَنا ابْن وهب حَدثنِي دَاوُد بن عبد الرَّحْمَن الْمَكِّيّ عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ لما أنزلت هَذِه الْآيَة لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون جَاءَ زيد بفرس لَهُ يُقَال لَهُ سبل فَقَالَ يَا رَسُول الله تصدق بِهَذِهِ قَالَ فَأَعْطَاهَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ابْنه أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة فَكَأَن زيدا وجد فِي نَفسه ... إِلَى آخِره وَهَذَا مُرْسل
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا معمر عَن أَيُّوب وَغَيره أَنه لما نزلت لن تنالوا الْبر ... جَاءَ زيد بن حَارِثَة بفرس لَهُ وَكَانَ يُحِبهَا ... فَذكره إِلَى آخِره
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد أَيْضا وَهُوَ معضل
203 - قَوْله
كتب عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن يبْتَاع لَهُ جَارِيَة من سبي جَلُولَاء يَوْم فتحت مَدَائِن كسْرَى فَلَمَّا جَاءَت أَعْجَبته فَقَالَ إِن الله تَعَالَى يَقُول لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون فَأعْتقهَا
وَرُوِيَ أَن أَبَا ذَر نزل بِهِ ضيف فَقَالَ لِلرَّاعِي ائْتِنِي بِخَير إبلي فجَاء بِنَاقَة مَهْزُولَة فَقَالَ خُنْتنِي قَالَ وجدت خير الْإِبِل فَحلهَا فَذكرت يَوْم حَاجَتكُمْ إِلَيْهِ فَقَالَ إِن يَوْم حَاجَتي إِلَيْهِ ليَوْم أوضع فِي حفرتي
قلت الأول رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو ثَنَا أَبُو عَاصِم عَن عِيسَى عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا(1/194)
مِمَّا تحبون) قَالَ كتب عمر بن الْخطاب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ... إِلَى آخِره
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط من حَدِيث جَعْفَر بن مُحَمَّد بن اللَّيْث ثَنَا مُوسَى بن مَسْعُود ثَنَا شبْل عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد ... فَذكره
204 - الحَدِيث التَّاسِع عشر
عَن عَائِشَة قَالَت كنت أطيب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لِحلِّهِ وَحرمه
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ فِي الْحَج عَنْهَا
205 - الحَدِيث الْعشْرُونَ
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه سُئِلَ عَن أول مَسْجِد وضع للنَّاس قَالَ الْمَسْجِد الْحَرَام ثمَّ بَيت الْمُقَدّس وَسُئِلَ كم بَينهمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سنة
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّلَاة من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن زيد بن شريك التَّيْمِيّ عَن أَبِيه عَن أبي ذَر قَالَ سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن أول مَسْجِد وضع للنَّاس قَالَ الْمَسْجِد الْحَرَام قلت ثمَّ أَي قَالَ بَيت الْمُقَدّس قلت كم بَينهمَا قَالَ أَرْبَعُونَ عَاما ثمَّ الأَرْض لَك مَسْجِد فَحَيْثُمَا أَدْرَكتك الصَّلَاة فصل انْتَهَى
206 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حبب إِلَيّ من دنياكم ثَلَاث الطّيب وَالنِّسَاء وقرة عَيْني فِي الصَّلَاة
قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى فِي كتاب عشرَة النِّسَاء من طَرِيقين(1/195)
أَحدهمَا عَن سيار بن حَاتِم عَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي عَن ثَابت عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حبب إِلَيّ من الدُّنْيَا النِّسَاء وَالطّيب وَجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة انْتَهَى
وَبِهَذَا السَّنَد والمتن رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب النِّكَاح وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي كتاب الزّهْد
الطَّرِيق الثَّانِي عَن أبي الْمُنْذر سَلام بن سُلَيْمَان عَن ثَابت بِهِ
وَبِهَذَا السَّنَد رَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِسَلام وَنقل عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ فِيهِ مُنكر الحَدِيث وَعَن ابْن معِين أَنه قَالَ ضَعِيف قَالَ ابْن عدي وَأَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ
وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ وَأعله بِسَلام ثمَّ قَالَ وَقد رُوِيَ من غير هَذَا الْوَجْه فِيهَا لين وَكَأَنَّهُ يُشِير إِلَى الطَّرِيق الأول
وَقَالَ الدَّارقطني فِي علله هَذَا حَدِيث رَوَاهُ سَلام بن سُلَيْمَان أَبُو الْمُنْذر وَسَلام ابْن أبي الصَّهْبَاء وجعفر بن سُلَيْمَان الضبعِي عَن ثَابت عَن أنس فَرَفَعُوهُ وَخَالفهُم حَمَّاد بن زيد فَرَوَاهُ عَن ثَابت مُرْسلا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّد بن ثَابت الْبَصْرِيّ مُرْسلا والمرسل أشبه بِالصَّوَابِ انْتَهَى وَتقدم فِي سُورَة الْبَقَرَة
وَرَوَاهُ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي كتاب الزّهْد لِأَبِيهِ من غير طَرِيق أَبِيه فَقَالَ حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل ثَنَا أَبُو معمر ثَنَا يُوسُف بن عَطِيَّة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حبب إِلَيّ النِّسَاء وَالطّيب وَجعلت قُرَّة عَيْني(1/196)
فِي الصَّلَاة انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ ثَنَا يَحْيَى بن عُثْمَان الْحَرْبِيّ ثَنَا الهقل بن زِيَاد عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس بن مَالك مَرْفُوعا بِاللَّفْظِ الَّذِي قبله سَوَاء
207 - قَوْله
عَن عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ لَو ظَفرت فِيهِ بِقَاتِل الْخطاب مَا مَسسْته حَتَّى يخرج مِنْهُ
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الْحَج ثَنَا بَان جريج سَمِعت عبد الله بن أبي حُسَيْن يحدث عَن عِكْرِمَة بن خَالِد قَالَ قَالَ عمر لَو وجدت فِيهِ قَاتل الْخطاب مَا مَسسْته حَتَّى يخرج مِنْهُ انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو الْوَلِيد الْأَزْرَقِيّ فِي تَارِيخ مَكَّة عَن ابْن جريج بِهِ
208 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بعث يَوْم الْقِيَامَة آمنا
قلت رُوِيَ من حَدِيث جَابر وَأنس وسلمان وَعمر وحاطب وَكلهَا ضَعِيفَة
أما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الصَّغِير فِي بَاب الْمِيم من حَدِيث عبد الله بن المؤمل عَن أبي الزُّبَيْر عَن جَابر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من مَاتَ(1/197)
فِي أحد الْحَرَمَيْنِ مَكَّة أَو الْمَدِينَة بعث يَوْم الْقِيَامَة آمنا انْتَهَى
وَرَوَاهُ فِي الْوسط أَيْضا حَدثنَا مُحَمَّد بن عَلّي بن مهْدي الْعَطَّار الْكُوفِي حَدثنَا مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن المورقي ثَنَا زيد بن الْحباب عَن عبد الله بن المؤمل بِهِ
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِعَبْد الله بن المؤمل وَضَعفه عَن النَّسَائِيّ وَأحمد وَابْن معِين فِي رِوَايَة عَنهُ وَفِي رِوَايَة قَالَ صَالح الحَدِيث
وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْحَج أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ ثَنَا عَلّي بن عِيسَى ثَنَا أَحْمد بن عَبدُوس بن حَمْدَوَيْه الصفار النَّيْسَابُورِي ثَنَا أَيُّوب بن الْحسن ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك ثَنَا سُلَيْمَان بن يزِيد الكعبي عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بعث يَوْم الْقِيَامَة من الْآمنينَ وَمن زارني محتسبا إِلَى الْمَدِينَة كَانَ فِي جواري يَوْم الْقِيَامَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا عِيسَى بن يُونُس ثَنَا ثَوْر بن يزِيد حَدثنِي شيخ عَن أنس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَأما حَدِيث سلمَان فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا فِي شعب الْإِيمَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير من حَدِيث عبد الغفور بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أبي هَاشم الرماني عَن زَاذَان عَن سلمَان عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ اسْتوْجبَ شَفَاعَتِي وَبعث يَوْم الْقِيَامَة من الْآمنينَ انْتَهَى قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَعبد الغفور هَذَا ضَعِيف قَالَ وَقد رُوِيَ بِإِسْنَاد أحسن من هَذَا ثمَّ أخرجه عَن عبد الله بن المؤمل بِسَنَد جَابر الْمُتَقَدّم وَمَتنه
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَقَالَ الْمُتَّهم بِهِ عبد الغفور الوَاسِطِيّ قَالَ ابْن حبَان كَانَ يضع الحَدِيث عَلَى الثِّقَات(1/198)
وَأما حَدِيث عمر فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده ثَنَا سوار بن مَيْمُون أَبُو الْجراح الْعَبْدي حَدثنِي رجل من آل عمر عَن عمر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول من زارني كنت لَهُ شَفِيعًا أَو شَهِيدا وَمن مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بَعثه الله عَزَّ وَجَلَّ من الْآمنينَ يَوْم الْقيام انْتَهَى وَمن طَرِيق أبي دَاوُد رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا فِي الشّعب
وَأما حَدِيث حَاطِب فَرَوَاهُ الدَّارقطني فِي سنَنه فِي كتاب الْحَج من حَدِيث هَارُون أبي قزعة عَن رجل من آل حَاطِب عَن حَاطِب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من زارني بعد موتِي فَكَأَنَّمَا زارني فِي حَياتِي وَمن مَاتَ بِأحد الْحَرَمَيْنِ بعث من الْآمنينَ يَوْم الْقِيَامَة انْتَهَى وَهَارُون أَبُو قزعة قَالَ البُخَارِيّ لَا يُتَابع عَلَيْهِ انْتَهَى
وَفِيه حَدِيث مُرْسل رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي بَاب حُرْمَة الْمَدِينَة أخبرنَا يَحْيَى بن الْعَلَاء الْعجلِيّ وَغَيره عَن غَالب بن عبيد الله رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من زارني كَانَ فِي جواري وَمن مَاتَ بِأحد الْحَرَمَيْنِ بعث يَوْم الْقِيَامَة مَعَ الْآمنينَ انْتَهَى
209 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ الْحجُون وَالْبَقِيع يُؤْخَذ بِأَطْرَافِهِمَا وَيَنْثُرَانِ فِي الْجنَّة قَالَ المُصَنّف وهما مقبرتا مَكَّة وَالْمَدينَة
قلت غَرِيب جدا(1/199)
210 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
عَن ابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ وقف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى ثنية الْحجُون وَلَيْسَ فِيهَا يَوْمئِذٍ مَقْبرَة فَقَالَ يبْعَث الله من هَذِه الْبقْعَة وَمن هَذَا الْحرم كُله سبعين ألفا وُجُوههم كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر
قلت غَرِيب
وَرَوَى الدَّارقطني فِي غرائب مَالك من حَدِيث عُثْمَان بن الْحسن الرَّافِعِيّ عَن عبد الْملك بن الْمَاجشون ثَنَا مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليبْعَثن من بَقِيع الْغَرْقَد سَبْعُونَ ألف شَهِيد ليشفع كل شَهِيد لسَبْعين ألفا قَالُوا يَا رَسُول الله أَيكُون هَذَا بِالْمَدِينَةِ قَالَ توفّي بِشَيْء من حولهَا من الْأَعْرَاب وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ أَنه ليَبْعَث إِلَيْهَا يَوْم الْقِيَامَة أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة يسمون الْأَشِدَّاء فَيَأْخُذُونَ بِأَكْنَافِهَا الْأَرْبَعَة ثمَّ تنكث نَكثا فِي الْجنَّة مُخْتَصره قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا بَاطِل لَا أصل لَهُ وَالْحمل فِيهِ عَلَى عُثْمَان بن الْحسن الرَّافِعِيّ انْتَهَى
211 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من صَبر عَلَى حر مَكَّة سَاعَة من نَهَار تَبَاعَدت عَنهُ جَهَنَّم مسيرَة مِائَتي عَام(1/200)
قلت غَرِيب
وَرَوَى الْعقيلِيّ فِي كِتَابه الضُّعَفَاء عَن الْحسن بن رشيد عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من صَبر فِي حر مَكَّة سَاعَة من نَهَار تَبَاعَدت مِنْهُ جَهَنَّم مسيرَة مِائَتي عَام انْتَهَى
وَذكره أَبُو شُجَاع الديلمي فِي كتاب الفردوس من حَدِيث أنس بن مَالك من صَبر عَلَى حر مَكَّة سَاعَة من نَهَار تَبَاعَدت عَنهُ جَهَنَّم مسيرَة مائَة عَام وَتَقَرَّبت من الْجنَّة مسيرَة مائَة عَام انْتَهَى
وَهُوَ عَلَى اصْطِلَاحه فِي ذكر الرَّاوِي وَحذف اسْم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
212 - الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فسر الِاسْتِطَاعَة بالزاد وَالرَّاحِلَة
قلت رُوِيَ من حَدِيث ابْن عمر وَمن حَدِيث أنس
أما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن يزِيد الخوزي عَن مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ السَّبِيل الزَّاد وَالرَّاحِلَة مُخْتَصر
وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس فِي قَوْله تَعَالَى وَللَّه عَلَى النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا قيل يَا رَسُول الله مَا السَّبِيل قَالَ الزَّاد وَالرَّاحِلَة انْتَهَى(1/201)
وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
وَرُوِيَ من طرق أُخْرَى وَفِيه كَلَام طَوِيل اسْتَوْفَيْنَاهُ فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة
213 - الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مَاتَ وَلم يحجّ فليمت إِن شَاءَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا
قلت رُوِيَ من حَدِيث عَلّي وَمن حَدِيث أبي أُمَامَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة
أما حَدِيث عَلّي فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث هِلَال بن عبد الله الْبَاهِلِيّ مولَى ربيعَة ثَنَا أَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي عَن الْحَارِث عَن عَلّي قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من ملك زادا وراحلة تبلغه إِلَى بَيت الله وَلم يحجّ فَلَا عَلَيْهِ أَن يَمُوت يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَفِي إِسْنَاده مقَال وهلال بن عبد الله مَجْهُول والْحَارث بِضعْف فِي الحَدِيث انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَقَالَ تفرد بِهِ هِلَال مولَى ربيعَة هَذَا بَصرِي حدث عَنهُ غير وَاحِد من الْبَصرِيين عَفَّان بن مُسلم وَمُسلم ابْن إِبْرَاهِيم وَغَيرهمَا انْتَهَى
وَهَذَا يدْفع قَول التِّرْمِذِيّ إِنَّه مَجْهُول إِلَّا أَن يُرِيد جَهَالَة الْحَال
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل والعقيلي فِي ضعفَاهُ وَأَعلاهُ بِهِلَال قَالَ ابْن عدي وهلال مَعْرُوف بِهَذَا الحَدِيث ثمَّ أسْند إِلَى البُخَارِيّ أَنه قَالَ فِيهِ مُنكر الحَدِيث وَقَالَ الْعقيلِيّ لَا يُتَابع عَلَيْهِ(1/202)
وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة فَرَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده أخبرنَا يزِيد بن هَارُون عَن شريك عَن لَيْث عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من لم يمنعهُ من الْحَج حَاجَة ظَاهِرَة أَو سُلْطَان جَائِر أَو مرض حَابِس وَمَات وَلم يحجّ فليمت إِن شَاءَ يَهُودِيّا وَإِن شَاءَ نَصْرَانِيّا انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن سَلام بن سليم عَن لَيْث عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره مُرْسلا
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله من حَدِيث عبد الرَّحْمَن الْقطَامِي ثَنَا أَبُو المهزم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مَاتَ وَلم يحجّ حجَّة الْإِسْلَام من غير وجع حَابِس أَو سُلْطَان جَائِر فليمت أَي الْميتَتَيْنِ شَاءَ إِمَّا يَهُودِيّا وَإِمَّا نَصْرَانِيّا انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق ابْن عدي ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث لَا يَصح وَأَبُو المهزم يزِيد بن سُفْيَان قَالَ ابْن معِين لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء وَقَالَ النَّسَائِيّ مَتْرُوك وَفِيه عبد الرَّحْمَن الْقطَامِي قَالَ الفلاس كَانَ كذابا انْتَهَى
214 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ
قَالَ المُصَنّف رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَحْوه من التَّغْلِيظ من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد كفر
قلت رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث رَاشد الْحمانِي عَن شهر ابْن حَوْشَب عَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ أَوْصَانِي أَبُو الْقَاسِم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ(1/203)
أَلا أشرك بِاللَّه شَيْئا وَإِن حرقت وَلَا أترك صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فَمن تَركهَا مُتَعَمدا فقد كفر وَلَا أشْرب الْخمر فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ انْتَهَى ثمَّ قَالَ وَأَبُو مُحَمَّد رَاشد الْحمانِي بَصرِي لَيْسَ بِهِ بَأْس وَشهر بن حَوْشَب رَوَى النَّاس عَنهُ وَاحْتَملُوا حَدِيثه انْتَهَى
وَفِي الإِمَام قَالَ أَبُو حَاتِم رَاشد الْحمانِي صَالح الحَدِيث وَشهر وَثَّقَهُ أَحْمد وَابْن معِين
وَقَالَ الدَّارقطني فِي علله حَدِيث من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد كفر رَوَاهُ أَبُو النَّضر هَاشم بن الْقَاسِم عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن الرّبيع بن أنس عَن أنس عَن الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَخَالفهُ عَلّي بن الْجَعْد فَرَوَاهُ عَن أبي جَعْفَر عَن الرّبيع مُرْسلا والمرسل أشبه بِالصَّوَابِ انْتَهَى
والْحَدِيث رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن لم يَقُولُوا فِيهِ مُتَعَمدا فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الْإِيمَان وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة فِي الصَّلَاة من حَدِيث الْحُسَيْن بن وَاقد ثَنَا عبد الله ابْن بُرَيْدَة عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ الصَّلَاة فَمن تَركهَا فقد كفر انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الْخَامِس وَالْعِشْرين من الْقسم الثَّالِث وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْإِيمَان وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرطهمَا وَلَا نَعْرِف لَهُ عِلّة بِوَجْه من الْوُجُوه قَالَ وَله شَاهد بِإِسْنَاد صَحِيح عَلَى شَرطهمَا ثمَّ أخرج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا يرَوْنَ شَيْئا من الْأَعْمَال تَركه كفرا غير الصَّلَاة انْتَهَى
وَفِي الْإِيمَان رَوَى التِّرْمِذِيّ ثَنَا قُتَيْبَة عَن بشر بن الْمفضل عَن الْجريرِي عَن عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ قَالَ كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا يرَوْنَ شَيْئا من الْأَعْمَال تَركه كفر غير الصَّلَاة انْتَهَى قَالَ وَهَؤُلَاء رجال الصَّحِيح انْتَهَى(1/204)
وَرَوَى مُسلم من حَدِيث أبي الزُّبَيْر عَن جَابر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ بَين الرجل وَبَين الْكفْر ترك الصَّلَاة
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَلَفْظهمْ بَين العَبْد وَالْكفْر ترك الصَّلَاة
قَالَ ابْن حبَان وَتَأْويل هَذِه الْأَحَادِيث أَن الرجل إِذا ترك الصَّلَاة ارْتَقَى إِلَى ترك غَيرهَا من الْفَرَائِض وَأَدَّاهُ ذَلِك إِلَى الْجحْد فَأطلق عَلَى الْبِدَايَة اسْم النِّهَايَة
215 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَنه لما نزلت وَللَّه عَلَى النَّاس حج الْبَيْت جمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أهل الْأَدْيَان كلهم فخطبهم وَقَالَ إِن الله كتب عَلَيْكُم الْحَج فحجوا فآمنت بِهِ مِلَّة وَاحِدَة وهم الْمُسلمُونَ وكفرت خمس ملل وَقَالُوا لَا نؤمن بِهِ وَلَا نصلي لَهُ وَلَا نحجه فَنزلت وَمن كفر ... الْآيَة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنِي يَحْيَى بن أبي طَالب أَنا يزِيد أَنا جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله تَعَالَى وَللَّه عَلَى النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا قَالَ لما نزلت آيَة الْحَج جمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أهل الْأَدْيَان كلهم فخطبهم ... إِلَى آخِره وَهُوَ مُرْسل
216 - الحَدِيث الثَّلَاثُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ حجُّوا قبل أَلا تَحُجُّوا فَإِنَّهُ قد هدم الْبَيْت مرَّتَيْنِ وَيرْفَع فِي الثَّالِثَة
قلت رَوَى ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّامِن وَالْعِشْرين من الْقسم الثَّالِث عَن الْحسن بن قزعة ثَنَا سُفْيَان بن حبيب عَن حميد الطَّوِيل عَن بكر(1/205)
ابْن عبد الله الْمُزنِيّ عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اسْتَمْتعُوا من هَذَا الْبَيْت فَإِنَّهُ قد هدم مرَّتَيْنِ وَيرْفَع فِي الثَّالِثَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ لم نسْمع أحدا يحدث بِهِ إِلَّا الْحسن بن قزعة عَن سُفْيَان بن حبيب وَقد رُوِيَ عَن حميد عَن بكر عَن ابْن عمر مَوْقُوفا انْتَهَى
قلت وَقد تَابع الْحسن بن قزعة عَلَى رَفعه عَمْرو بن عون فَرَوَاهُ عَن سُفْيَان ابْن حبيب بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور مَرْفُوعا هَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي أول كتاب الْحَج وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
قلت لم يخرجَا لِسُفْيَان بن حبيب شَيْئا إِلَّا أَنه من الثِّقَات الْمَشْهُورين لم أر أحدا تكلم فِيهِ وَلَا فِي الْحسن بن قزعة وَالله أعلم وَلم يروه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه إِلَّا مَوْقُوفا رَوَاهُ فِي الْحَج وَفِي الْفِتَن حَدثنَا يزِيد بن هَارُون عَن حميد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن عبد الله بن عمر قَالَ تمَتَّعُوا من هَذَا الْبَيْت ... إِلَى آخِره
217 - الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ
وَرُوِيَ حجُّوا قبل أَلا تَحُجُّوا حجُّوا قبل أَن يمْنَع الْبر جَانِبه (
قلت هُوَ هَكَذَا فِي الْفَائِق لِابْنِ غَانِم التنيسِي حجُّوا قبل أَلا تَحُجُّوا قبل أَن يمْنَع الْبر جَانِبه وَالْبَحْر رَاكِبه
وَبِمَعْنَاهُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه فِي آخر كتاب الْحَج من طَرِيق عبد الرَّزَّاق ثَنَا عبد الله بن عِيسَى الجندي عَن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حجُّوا قبل أَلا تَحُجُّوا قَالُوا وَمَا شَأْن الْحَج يَا رَسُول الله(1/206)
قَالَ تقعد أعرابها عَلَى أَذْنَاب أَوديتهَا فَلَا يصل إِلَى الْحَج أحد انْتَهَى وَعبد الله ابْن عِيسَى وَمُحَمّد بن أبي مُحَمَّد مَجْهُولَانِ
وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ وَأعله بهما وَقَالَ إنَّهُمَا مَجْهُولَانِ قَالَ وَلَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب شَيْء انْتَهَى
218 - قَوْله
عَن ابْن مَسْعُود قَالَ حجُّوا هَذَا الْبَيْت قبل أَن تنْبت فِي الْبَادِيَة شَجَرَة لَا تَأْكُل مِنْهَا دَابَّة إِلَّا نفقت
وَعَن ابْن عمر قَالَ لَو ترك النَّاس الْحَج عَاما وَاحِدًا مَا نُوظِرُوا
قلت غَرِيبَانِ
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا أَحْمد بن عَلّي الْأَبَّار ثَنَا أَبُو أُميَّة عَمْرو ابْن هِشَام الْحَرَّانِي ثَنَا عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن ثَنَا إِسْمَاعِيل بن رَاشد قَالَ كَانَ من خبر عبد الرَّحْمَن بن ملجم فِي قَتله عَلّي بن أبي طَالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ... فَذكر الْقِصَّة بِطُولِهَا وَفِي آخرهَا وَصِيَّة عَلّي لِوَلَدَيْهِ الْحسن وَالْحُسَيْن وفيهَا وَالله الله فِي بَيت ربكُم لَا يحلونَ مَا بَقِيتُمْ فَإِنَّهُ إِن ترك لم تنَاظرُوا انْتَهَى
وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الْحَج حَدثنَا السُّفْيانَانِ ابْن عُيَيْنَة وَالثَّوْري عَن سَالم بن أبي حَفْصَة أَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَو ترك النَّاس زِيَارَة هَذَا الْبَيْت عَاما وَاحِدًا مَا مُطِرُوا انْتَهَى(1/207)
219 - الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن شَاس بن قيس الْيَهُودِيّ وَكَانَ عَظِيم الْكفْر شَدِيد الْعَدَاوَة للْمُسلمين مر يَوْمًا عَلَى نفر من الْأَنْصَار من الْأَوْس والخزرج فِي مجْلِس يتحدثون فَغَاظَهُ ذَلِك حَيْثُ تآلفوا واجتمعوا بعد الْعَدَاوَة فَأمر شَابًّا من الْيَهُود أَن يجلس إِلَيْهِم وَيذكرهُمْ يَوْم بُعَاث وينشدهم مَا قيل فِيهِ من الْأَشْعَار وَكَانَ يَوْمًا اقْتتلَتْ فِيهِ الْأَوْس والخزرج وَكَانَ الظفر فِيهِ لِلْأَوْسِ فَفعل فَتَشَاجَرَ الْقَوْم وَتَنَازَعُوا وَقَالُوا السِّلَاح السِّلَاح فَبلغ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَخرج إِلَيْهِم فِيمَن مَعَه من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَقَالَ أَتَدعُونَ الْجَاهِلِيَّة وَأَنا بَين أظْهركُم بعد إِذْ أكْرمكُم الله بِالْإِسْلَامِ وَقطع بِهِ عَنْكُم أَمر الْجَاهِلِيَّة وَألف بَيْنكُم فَعرف الْقَوْم أَنه نَزعَة من الشَّيْطَان وَكيد من عدوهم فَألْقوا السِّلَاح وَبكوا وَعَانَقَ بَعضهم بَعْضًا ثمَّ انصرفوا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ فَمَا كَانَ يَوْم أقبح أَولا وَأحسن آخرا من ذَلِك الْيَوْم
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره عَن زيد بن أسلم من طَرِيقين
أَحدهمَا ثَنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى الصَّفَدِي أَنا عبد الله بن وهب أَنا عبد الرَّحْمَن ابْن زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ مر شَاس بن قيس الْيَهُودِيّ ... فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء
وَالثَّانِي حَدثنَا ابْن حميد ثَنَا سَلمَة عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي الثِّقَة عَن زيد بن أسلم قَالَ مر شَاس بن قيس الْيَهُودِيّ وَكَانَ شَيخا عَظِيم الْكفْر شَدِيد الضغن عَلَى الْمُسلمين كثير الْحَسَد لَهُم عَلَى نفر من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الْأَوْس والخزرج فِي مجْلِس قد جمعهم يتحدثون فِيهِ فَغَاظَهُ مَا رَأَى من جَمَاعَتهمْ وَألفتُهُم عَلَى الْإِسْلَام بعد الَّذِي كَانَ بَينهم(1/208)
من الْعَدَاوَة فِي الْجَاهِلِيَّة فَأمر شَابًّا من يهود أَن يجلس إِلَيْهِم وَيذكرهُمْ يَوْم بُعَاث وينشدهم مَا كَانُوا يَقُولُونَ فِيهِ من الْأَشْعَار وَكَانَ يَوْم بُعَاث يَوْمًا اقْتتلَتْ فِيهِ الْأَوْس والخزرج وَكَانَ الظفر فِيهِ لِلْأَوْسِ عَلَى الْخَزْرَج فَفعل فَتَنَازَعَ الْقَوْم عِنْد ذَلِك وَتَفَاخَرُوا حَتَّى توَاثب رجلَانِ من الْحَيَّيْنِ عَلَى الركب فَتَقَاوَلَا وَغَضب الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا وَقَالُوا السِّلَاح السِّلَاح مَوْعدكُمْ الظَّاهِرَة وَالظَّاهِرَة الْحرَّة فَخَرجُوا إِلَيْهَا وَبلغ ذَلِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَخرج إِلَيْهِم فِيمَن مَعَه من الْمُهَاجِرين من أَصْحَابه حَتَّى جَاءَهُم فَقَالَ يَا معشر الْأَنْصَار الله الله أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة وَأَنا بَين أظْهركُم بعد إِذْ هدَاكُمْ الله لِلْإِسْلَامِ وَقطع بِهِ عَنْكُم أَمر الْجَاهِلِيَّة وَألف بِهِ بَيْنكُم ترجعون إِلَى مَا كُنْتُم عَلَيْهِ كفَّارًا فَعرف الْقَوْم أَنَّهَا نَزعَة من الشَّيْطَان وَكيد من عدوهم فَألْقوا السِّلَاح من أَيْديهم وَبكوا وَعَانَقَ بَعضهم بَعْضًا ثمَّ انصرفوا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سَامِعين مُطِيعِينَ وَأنزل الله فِي شَاس بن قيس وَمَا صنع يأهل الْكتاب لم تصدُّونَ عَن سَبِيل الله من آمن تَبْغُونَهَا عوجا ... الْآيَة انْتَهَى
وَذكره ابْن هِشَام فِي السِّيرَة من قَول ابْن إِسْحَاق لم يُجَاوِزهُ وَزَاد فِي آخِره وَكَانَ يَوْمئِذٍ عَلَى الْأَوْس حضير بن سماك الأشْهَلِي وَهُوَ أَبُو أسيد بن الْحضير وَكَانَ عَلَى الْخَزْرَج عَمْرو بن النُّعْمَان البياضي فقتلا جَمِيعًا قَالَ وَأنزل الله فِي شَاس بن قيس يأيها الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا فريقا من الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَى قَوْله أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب عَظِيم انْتَهَى
وَذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره عَن زيد بن أسلم من غير سَنَد وَكَذَلِكَ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ وَزَاد فِي آخِره قَالَ فَمَا رَأَيْت قطّ يَوْمًا أقبح أَولا وَأحسن آخرا من ذَلِك الْيَوْم انْتَهَى
وَكلهمْ قَالُوا فِيهِ أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة لَيْسَ عِنْد أحد مِنْهُم أَتَدعُونَ(1/209)
220 - الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ
عَن عبد الله بن مَسْعُود فِي قَوْله تَعَالَى اتَّقوا الله حق تُقَاته قَالَ هُوَ أَن يطاع فَلَا يعْصَى ويشكر فَلَا يكفر وَيذكر فَلَا ينسَى قَالَ المُصَنّف وَرُوِيَ مَرْفُوعا
قلت رُوِيَ مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا كَمَا قَالَه المُصَنّف وَالْأَكْثَر عَلَى وَقفه رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث مسعر عَن زبيد عَن مرّة عَن عبد الله بن مَسْعُود فِي قَوْله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته قَالَ أَن يطاع فَلَا يعْصَى ... إِلَى آخِره وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَعبد الرَّزَّاق وَمن طَرِيقه الطَّبَرِيّ فِي تفاسيرهم وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق الطَّبَرَانِيّ فِي تَرْجَمَة مسعر ثمَّ قَالَ هَكَذَا رَوَاهُ النَّاس عَن زبيد مَوْقُوفا وَرَفعه أَبُو النَّضر عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن زبيد حَدثنَا بِهِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد ثَنَا مُحَمَّد بن سُفْيَان الصفار بِالْمصِّيصَةِ ثَنَا عَلّي بن سعيد بن صَالح الْجَوْهَرِي ثَنَا أَبُو النَّضر ثَنَا مُحَمَّد ابْن طَلْحَة عَن زبيد عَن مرّة عَن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اتَّقوا الله حق تُقَاته أَن يطاع فَلَا يعْصَى وَأَن يشْكر فَلَا يكفر وَأَن يذكر فَلَا ينسَى انْتَهَى
قلت وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى عَن ابْن وهب عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن زبيد عَن مرّة عَن عبد الله مَرْفُوعا وَالله أعلم
وَرُوِيَ مَرْفُوعا بِسَنَد آخر رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الزّهْد حَدثنَا أَبُو الْحُسَيْن ابْن بَشرَان أَنا أَبُو الْحسن عَلّي بن مُحَمَّد الْمقري ثَنَا بكر بن سهل ثَنَا عبد الْغَنِيّ ابْن سعيد عَن مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مقَاتل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته ... قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا حق تُقَاته قَالَ أَن يطاع ...(1/210)
إِلَى آخِره وَزَاد قَالُوا يَا رَسُول الله وَمن يقوى عَلَى هَذَا فَأنْزل الله فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم انْتَهَى
221 - الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْقُرْآن حَبل الله المتين لَا تَنْقَضِي عجائبه وَلَا يخلق عَن كَثْرَة الرَّد من قَالَ بِهِ صدق وَمن عمل بِهِ رشد وَمن اعْتصمَ بِهِ هدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم
قلت رُوِيَ من حَدِيث عَلّي وَمن حَدِيث ابْن مَسْعُود
فَحَدِيث عَلّي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن من حَدِيث الْحَارِث الْأَعْوَر قَالَ مَرَرْت فِي الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس يَخُوضُونَ فِي الْأَحَادِيث فَدخلت عَلَى عَلّي فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَلا ترَى النَّاس قد خَاضُوا فِي الْأَحَادِيث قَالَ أوقد فَعَلُوهَا قلت نعم قَالَ أما إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول أَلا إِنَّهَا سَتَكُون فتْنَة فَقلت فَمَا الْمخْرج مِنْهَا يَا رَسُول الله قَالَ كتاب الله فِيهِ نبأ مَا قبلكُمْ وَخبر مَا بعدكم وَحكم مَا بَيْنكُم هُوَ الْفَصْل لَيْسَ بِالْهَزْلِ من تَركه من جَبَّار قصمه الله وَمن ابْتَغَى الْهدى فِي غَيره أضلّهُ الله وَهُوَ حَبل الله المتين وَهُوَ الذّكر الْحَكِيم وَهُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم هُوَ الَّذِي لَا تزِيغ بِهِ الْأَهْوَاء وَلَا تَلْتَبِس بِهِ الْأَلْسِنَة وَلَا يشْبع مِنْهُ الْعلمَاء وَلَا يخلق عَن كَثْرَة الرَّد وَلَا تَنْقَضِي عجائبه وَهُوَ الَّذِي لم تَنْتَهِ الْجِنّ حِين سمعته أَن قَالُوا إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ من قَالَ بِهِ صدق وَمن عمل بِهِ أجر وَمن حكم بِهِ عدل وَمن دعِي إِلَيْهِ هدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم خُذْهَا إِلَيْك يَا أَعور انْتَهَى ثمَّ قَالَ حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث حَمْزَة الزيات وَإِسْنَاده مَجْهُول وَفِي الْحَارِث مقَال انْتَهَى(1/211)
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث عَمْرو بن وَاقد عَن يُونُس بن ميسرَة ابْن جليس عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ ذكر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمًا الْفِتَن فَعَظَّمَهَا وَشَدَّدَهَا فَقَالَ عَلّي يَا رَسُول الله فَمَا الْمخْرج مِنْهَا فَقَالَ كتاب الله ( ... الحَدِيث إِلَى آخِره
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه والدارمي وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم عَن الْحَارِث عَن عَلّي بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ قَالَ الْبَزَّار هَذَا حَدِيث لَا نعلمهُ يرْوَى إِلَّا عَن عَلّي وَلَا نعلم رَوَاهُ عَن عَلّي إِلَّا الْحَارِث انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي فَضَائِل الْقُرْآن من حَدِيث صَالح بن عمر أَنا إِبْرَاهِيم الهجري عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن هَذَا الْقُرْآن حَبل الله والنور الْمُبين والشفاء النافع عصمَة لمن تمسك بِهِ وَنَجَاة لمن تبعه لَا يزِيغ فيستعتب وَلَا يعوج فَيقوم وَلَا تَنْقَضِي عجائبه وَلَا يخلق عَن كَثْرَة الرَّد اُتْلُوهُ فَإِن الله يَأْجُركُمْ عَلَى تِلَاوَته كل حرف عشر حَسَنَات أما إِنِّي لَا أَقُول لكم الم حرف وَلَكِن ألف وَلَام وَمِيم انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ فَإِنَّهُمَا لم يحْتَجَّا بِصَالح بن عمر قَالَ الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره صَالح خرج لَهُ مُسلم لَكِن إِبْرَاهِيم الهجري ضَعِيف انْتَهَى
222 - الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه سُئِلَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر من خير النَّاس قَالَ آمُرهُم بِالْمَعْرُوفِ وأنهاهم عَن الْمُنكر وأتقاهم لله وأوصلهم
قلت رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مسنديهما وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّادِس وَالْخمسين كلهم من حَدِيث شريك القَاضِي عَن سماك بن حَرْب عَن عبد الله بن عميرَة عَن زوج درة بنت أبي لَهب عَن بنت أبي لَهب قَالَت كنت عِنْد عَائِشَة فجيء بِرَجُل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ قَادَاهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي النَّاس خير(1/212)
فَقَالَ خير النَّاس أَتْقَاهُم لله وَآمرهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وأنهاهم عَن الْمُنكر وأوصلهم للرحم انْتَهَى
وَذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي أَوَاخِر كِتَابه الْعِلَل بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ إِنَّه هُوَ الصَّوَاب
223 - الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من أَمر بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَن الْمُنكر فَهُوَ خَليفَة الله فِي أرضه وَخَلِيفَة رَسُوله وَخَلِيفَة كِتَابه
قلت رَوَاهُ ابْن عدي فِي كِتَابه الْكَامِل من حَدِيث كَادِح بن رَحْمَة الْقَرنِي عَن عبد الله بن لَهِيعَة عَن ابْن أبي حبيب عَن مُسلم بن جَابر الصَّدَفِي عَن عبَادَة ابْن الصَّامِت قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره سَوَاء
وَفِيه حَدِيث مُرْسل رَوَاهُ عَلّي بن معبد فِي كتاب الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة ثَنَا بَقِيَّة ابْن الْوَلِيد الْحِمصِي عَن حسان بن سُلَيْمَان عَن أبي نَضرة عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره وَبِهَذَا السَّنَد رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره
224 - الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ أفضل الْجِهَاد الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَمن شنئ الْفَاسِقين وَغَضب لله غضب الله لَهُ
قلت رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه مَرْفُوعا فَقَالَ أَحْمد ابْن السّديّ ثَنَا الْحُسَيْن بن علوِيَّة الْقطَّان ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عِيسَى الْعَطَّار ثَنَا إِسْحَاق بن بشر ثَنَا مقَاتل عَن قَتَادَة عَن خلاس بن عَمْرو قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد عَلّي بن أبي طَالب إِذْ أَتَاهُ رجل من خُزَاعَة فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَل سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ينعَت الْإِسْلَام قَالَ نعم سمعته يَقُول بني الْإِسْلَام عَلَى أَرْبَعَة(1/213)
أَرْكَان الصَّبْر وَالْيَقِين وَالْجهَاد وَالْعدْل ... إِلَى أَن قَالَ وَالْجهَاد أَربع شعب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر والصدق فِي مَوَاطِن الصَّبْر وَشَنَآن الْفَاسِقين فَمن أَمر بِالْمَعْرُوفِ شدّ ظهر الْمُؤمن وَمن نهَى عَن الْمُنكر أرْغم أنف الْكَافِر وَمن صدق فِي مَوَاطِن الصَّبْر أحرز دينه وَقَضَى مَا عَلَيْهِ وَمن شنئ الْفَاسِقين فقد غضب لله وَمن غضب لله غضب الله لَهُ مُخْتَصر ثمَّ قَالَ هَكَذَا رَوَاهُ خلاس بن عَمْرو عَن عَلّي مَرْفُوعا وَرَوَاهُ الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن وَقبيصَة بن جَابر عَن عَلّي قَوْله انْتَهَى
225 - الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ
عَن أبي أُمَامَة فِي قَوْله تَعَالَى يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه قَالَ هم الْخَوَارِج وَلما رَآهُمْ عَلَى درج دمشق دَمَعَتْ عَيناهُ ثمَّ قَالَ كلاب النَّار هَؤُلَاءِ شَرّ قَتْلَى تَحت أَدِيم السَّمَاء وَخير قَتْلَى تَحت أَدِيم السَّمَاء الَّذين قَتلهمْ هَؤُلَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبُو غَالب أَشَيْء تَقوله بِرَأْيِك أم شَيْء سمعته من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ بل سمعته من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غير مرّة قَالَ فَمَا شَأْنك دَمَعَتْ عَيْنَاك قَالَ رَحْمَة لَهُم كَانُوا من أهل الْإِسْلَام فَكَفرُوا ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير وَابْن ماجة فِي السّنة من حَدِيث أبي غَالب وَاللَّفْظ لِلتِّرْمِذِي قَالَ رَأَى أَبُو أُمَامَة رُءُوسًا مَنْصُوبَة عَلَى درج دمشق فَقَالَ أَبُو أُمَامَة هَؤُلَاءِ كلاب النَّار شَرّ قَتْلَى تَحت أَدِيم السَّمَاء وَخير قَتْلَى من قَتَلُوهُ ثمَّ قَرَأَ يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه ... إِلَى آخر الْآيَة فَقلت لأبي أُمَامَة أَنْت سمعته من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَو لم أسمعهُ إِلَّا مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا حَتَّى عد سبعا مَا حَدَّثتكُمُوهُ انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن(1/214)
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي آخر الْقصاص وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه كلهم من طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَنا معمر سَمِعت أَبَا غَالب يَقُول أُتِي برؤوس الْأزَارِقَة فَنصبت عَلَى درج دمشق جَاءَ أَبُو أُمَامَة فَلَمَّا رَآهُمْ دَمَعَتْ عَيناهُ فَقَالَ كلاب النَّار هَؤُلَاءِ شَرّ قَتْلَى قتلوا تَحت أَدِيم السَّمَاء وَخير قَتْلَى قتلوا تَحت أَدِيم السَّمَاء الَّذين قَتلهمْ هَؤُلَاءِ قَالَ فَقلت مَا شَأْنك دَمَعَتْ عَيْنَاك قَالَ رَحْمَة لَهُم كَانُوا من أهل الْإِسْلَام قَالَ فَقلت بِرَأْيِك أَو شَيْء سمعته من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غير مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ انْتَهَى
وَله سَنَد آخر عِنْد الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ من حَدِيث شهر بن حَوْشَب عَن أبي أُمَامَة
وَله طَرِيق آخر عِنْد الْحَاكِم رَوَاهُ فِي كتاب قتل الْبُغَاة من حَدِيث عِكْرِمَة ابْن عمار ثَنَا عبد الله بن شَدَّاد قَالَ سَمِعت أَبَا أُمَامَة وَهُوَ وَاقِف عَلَى بَاب دمشق وَهُوَ يَقُول كلاب أهل النَّار ... فَذكره وَفِيه فَقَالَ لَهُ رجل أَشَيْء تَقوله بِرَأْيِك ... إِلَى آخِره ثمَّ قَرَأَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَينَات الْآيَة انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ قَالَ وَالْغَالِب عَلَى هَذَا الْمَتْن من حَدِيث أبي غَالب عَن أبي أُمَامَة انْتَهَى
وَبِسَنَد الْحَاكِم رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره وَمَتنه وَلَفظ المُصَنّف سَوَاء
وَزَاد أَحْمد ثمَّ قَرَأَ يَوْم تبيض وُجُوه ... الْآيَتَيْنِ
وَرَوَاهُ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن أبي غَالب بِهِ
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده من حَدِيث شريك عَن الْحمانِي عَن أبي غَالب بِهِ
226 - الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ
عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أخر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صَلَاة الْعشَاء لَيْلَة ثمَّ(1/215)
خرج إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس ينتظرون الصَّلَاة فَقَالَ أما إِنَّه لَيْسَ من أهل الْأَدْيَان أحد يذكر الله هَذِه السَّاعَة غَيْركُمْ وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة
قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير أخبرنَا مُحَمَّد بن رَافع ثَنَا أَبُو النَّضر عَن أبي مُعَاوِيَة عَن عَاصِم بِهِ بِلَفْظ ابْن حبَان سَوَاء ورَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع السَّابِع وَالْعِشْرين من الْقسم الرَّابِع من حَدِيث شَيبَان عَن عَاصِم بن أبي النجُود عَن زر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ أخر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره سَوَاء وَزَاد ثمَّ تَلا لَيْسُوا سَوَاء من أهل الْكتاب أمة قَائِمَة يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل وهم يَسْجُدُونَ وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَالْبَزَّاز انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة فِي مسنديهما
ورَوَاهُ أَبُو نعيم فِي كِتَابه الْحِلْية من حَدِيث شَيبَان بن فروخ ثَنَا عِكْرِمَة ابْن إِبْرَاهِيم ثَنَا عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن زر بن حُبَيْش عَن عبد الله بن مَسْعُود ... فَذكره سَوَاء
ورَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ بِسَنَد ابْن حبَان وَمَتنه
227 - الحَدِيث الْأَرْبَعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ الْأَنْصَار شعار وَالنَّاس دثار
قلت هَذِه قِطْعَة من حَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب الْمَغَازِي فِي بَاب غَزْوَة الطَّائِف وَمُسلم فِي كتاب الزَّكَاة كِلَاهُمَا من حَدِيث عبد الله بن زيد بن عَاصِم أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما فتح حنينا قسم الْمَغَانِم فَأعْطَى الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم فَبَلغهُ أَن الْأَنْصَار يحبونَ أَن يُصِيبُوا مَا أصَاب النَّاس فَقَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فخطبهم فَحَمدَ الله فَأَثْنَى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ يَا معشر الْأَنْصَار ألم أَجِدكُم ضلالا فَهدَاكُم الله بِي وَعَالَة فَأَغْنَاكُمْ الله بِي وَمُتَفَرِّقِينَ فَجَمَعَكُمْ الله بِي وَيَقُولُونَ الله وَرَسُوله أَمن فَقَالَ أَلا تُجِيبُونِي قَالُوا الله وَرَسُوله أَمن قَالَ أما إِنَّكُم لَو شِئْتُم أَن تَقولُوا كَذَا وَكَذَا من الْأَمر لِأَشْيَاء عَددهَا زعم عَمْرو أَلا يحفظها فَقَالَ(1/216)
أَلا ترْضونَ أَن تذْهب النَّاس بِالشَّاة وَالْإِبِل وَتَذْهَبُونَ برَسُول الله إِلَى رحالكُمْ الْأَنْصَار شعار وَالنَّاس دثار وَلَوْلَا الْهِجْرَة لَكُنْت امْرَءًا من الْأَنْصَار وَلَو سلك النَّاس وَاديا أَو شعبًا لَسَلَكْت وَادي الْأَنْصَار أَو شِعْبهمْ إِنَّكُم سَتَلْقَوْنَ بعدِي أَثَرَة فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْض انْتَهَى وَأَعَادَهُ المُصَنّف فِي سُورَة المدثر
228 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن الْمُشْركين نزلُوا بِأحد يَوْم الْأَرْبَعَاء فَاسْتَشَارَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَصْحَابه ودعا عبد الله بن أبي بن سلول وَلم يَدعه قطّ قبلهَا فَاسْتَشَارَهُ فَقَالَ عبد الله وَأكْثر الْأَنْصَار يَا رَسُول الله أقِم بِالْمَدِينَةِ وَلَا نخرج إِلَيْهِم فوَاللَّه مَا خرجنَا مِنْهَا إِلَى عدد قطّ إِلَّا أصَاب منا وَلَا دَخلهَا علينا إِلَّا أَصَابَنَا مِنْهُ فَكيف وَأَنت هُنَا فَدَعْهُمْ فَإِن أَقَامُوا أَقَامُوا بشر محبس وَإِن دخلُوا قَاتلهم الرِّجَال فِي وُجُوههم وَرَمَاهُمْ النِّسَاء وَالصبيان بِالْحِجَارَةِ وَإِن رجعُوا رجعُوا خَاسِئِينَ وَقَالَ بَعضهم يَا رَسُول الله اخْرُج بِنَا إِلَى هَؤُلَاءِ الْأَكْلُب لَا يرَوْنَ أَنا قد جبنا عَنْهُم وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنِّي رَأَيْت فِي مَنَامِي بقرًا مذبحَة حَولي فَأَوَّلتهَا خيرا وَرَأَيْت فِي ذُبَاب سَيفي ثلمًا فَأَوَّلْته هزيمَة وَرَأَيْت كَأَنِّي أدخلت يَدي فِي درع حَصِينَة فَأَوَّلتهَا الْمَدِينَة فَإِن رَأَيْتُمْ أَن تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدْعُوهُمْ فَقَالَ رجال من الْمُسلمين قد فَاتَتْهُمْ بدر وَأكْرمهمْ الله بِالشَّهَادَةِ يَوْم أحد اخْرُج بِنَا إِلَى أَعْدَائِنَا فَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى دخل فَلبس لأمته فَلَمَّا رَأَوْهُ قد لبس لأمته ندموا وَقَالُوا بئْسَمَا صنعنَا نشِير عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالْوَحي يَأْتِيهِ وَقَالُوا اصْنَع يَا رَسُول الله مَا رَأَيْت فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لنَبِيّ أَن يلبس لأمته فَيَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل فَخرج يَوْم الْجُمُعَة بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَأصْبح بِالشعبِ من أحد يَوْم السبت لِلنِّصْفِ من شَوَّال فَمَشى عَلَى رجلَيْهِ يصف أَصْحَابه لِلْقِتَالِ كَأَنَّمَا يقوم بهم(1/217)
الْقدح إِن رَأَى صَدرا خَارِجا قَالَ تَأَخّر وَكَانَ نُزُوله فِي عدوة الْوَادي وَجعل ظَهره وَعَسْكَره إِلَى أحد وَأمر عبد الله بن جُبَير عَلَى الرُّمَاة وَقَالَ لَهُم انْضَحُوا عَنَّا بِالنَّبلِ لَا يرمونا من وَرَائِنَا
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة بِتَغَيُّر يسير رَوَاهُ فِي بَاب غَزْوَة أحد عَن أبي عبد الله الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثني مُحَمَّد بن شهَاب الزُّهْرِيّ وَعَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَمُحَمّد بن يَحْيَى بن حبَان وَالْحصين بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَمْرو بن سعد بن معَاذ وَغَيرهم من عُلَمَائِنَا كلهم حدث عَن غَزْوَة أحد وَكَانَ من حَدِيثهمْ قَالُوا قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للْمُسلمين يَوْم أحد إِنِّي رَأَيْت بقرًا وَأَوَّلْتهَا خيرا وَرَأَيْت فِي ذُبَابَة سَيفي ثلمًا وَرَأَيْت أَنِّي أدخلت يَدي فِي درع حَصِينَة فَأَوَّلتهَا الْمَدِينَة فَإِن رَأَيْتُمْ أَن تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدْعُوهُمْ حَيْثُ نزلُوا فَإِن أَقَامُوا أَقَامُوا بشر مقَام وَإِن هم دخلُوا علينا قَاتَلْتُمُوهُمْ فِيهَا فَقَالَ رجل مِمَّن أكْرمه الله بِالشَّهَادَةِ يَوْم أحد وَكَانَ فَاتَهُ يَوْم بدر يَا رَسُول الله اخْرُج بِنَا إِلَى أَعْدَائِنَا لَا يرَوْنَ أَنا جبنا عَنْهُم فَقَالَ عبد الله بن أبي يَا رَسُول الله أقِم بِالْمَدِينَةِ وَلَا تخرج إِلَيْهِم فَلم يزل النَّاس برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى دخل فَلبس لأمته وَذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة حِين فرغ من الصَّلَاة وَقد مَاتَ فِي ذَلِك الْيَوْم رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ مَالك ابْن عَمْرو أحد بني النجار وَصَلى عَلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ خرج عَلَيْهِم وَقد نَدم النَّاس وَقَالُوا نشِير عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالْوَحي ينزل عَلَيْهِ وَهُوَ أعلم بِاللَّه وَمَا يُرِيد وَقَالُوا يَا رَسُول الله أقِم فَالرَّأْي رَأْيك فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا يَنْبَغِي للنَّبِي إِذا لبس لأمته أَن يَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل فَخرج عَلَيْهِ السَّلَام فِي ألف رجل من أَصْحَابه حَتَّى إِذا كَانُوا بِالشَّوْطِ بَين الْمَدِينَة وَأحد انْخَذَلَ عَنهُ عبد الله بن أبي الْمُنَافِق بِثلث النَّاس وَمَضَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره كَيْفيَّة مسيره قَالَ فَصف لَهُم وَلِوَاؤُهُ يَوْمئِذٍ مَعَ عَلّي بن أبي طَالب قَالَ ابْن إِسْحَاق فَالْتَقوا يَوْم السبت النّصْف من شَوَّال وَأمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى الرُّمَاة عبد الله بن جُبَير أَخا(1/218)
بني عَمْرو بن عَوْف وَالرُّمَاة يَوْمئِذٍ خَمْسُونَ رجلا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْضَحْ عَنَّا الْخَيل بِالنَّبلِ لَا يَأْتُونَا من وَرَائِنَا فَاثْبتْ مَكَانك لَا نُؤْتَيَنَّ من قبلك مُخْتَصر
ورَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَة أحد حَدثنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة ... فَذكره بِتَغَيُّر يسير
وَأخرجه ابْن هِشَام فِي سيرته فِي غَزْوَة أحد من قَول ابْن إِسْحَاق بِلَفْظ المُصَنّف
ورَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من طَرِيق ابْن إِسْحَاق بِسَنَد الْبَيْهَقِيّ فَذكر مِنْهُ قِطْعَة ثمَّ قَالَ وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ ... فَذكر بَاقِيه بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء ... إِلَى قَوْله وَأصْبح بِالشعبِ لم يذكر آخِره
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن الْمسور بن مخرمَة ... فَذكره مطولا وَفِيه زيادات وَنقص وَفِيه وَجعل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُسَوِّي تِلْكَ الصُّفُوف لِلْقِتَالِ يَقُول تقدم يَا فلَان تَأَخّر يَا فلَان حَتَّى إِنَّه ليرَى منْكب الرجل خَارِجا فيؤخره فَهُوَ يُقَوِّمهُمْ كَأَنَّمَا يقوم بهم القداح
229 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خرج يَعْنِي فِي غَزْوَة أحد فِي ألف وَقيل فِي تِسْعمائَة وَخمسين وَالْمُشْرِكُونَ فِي ثَلَاثَة آلَاف وَوَعدهمْ الْفَتْح إِن صَبَرُوا فانخذل عبد الله بن أبي بِثلث النَّاس وَقَالَ يَا قوم علام نقْتل أَنْفُسنَا وَأَوْلَادنَا فَتَبِعهُمْ عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ فَقَالَ(1/219)
أنْشدكُمْ الله فِي نَبِيكُم وَأَنْفُسكُمْ قَالَ عبد الله لَو نعلم قتالا لَاتَّبَعْنَاكُمْ فهم الْحَيَّانِ بِاتِّبَاع عبد الله فَعَصَمَهُمْ الله فَمَضَوْا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالْحَيَّانِ من الْأَنْصَار بَنو سَلمَة من الْخَزْرَج وَبَنُو حَارِثَة من الْأَوْس وَفِيهِمَا نزلت إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا
قلت هُوَ فِي سيرة ابْن هِشَام فِي غَزْوَة أحد من قَول ابْن إِسْحَاق فِي كَلَام طَوِيل وَتقدم بعضه فِي الحَدِيث الَّذِي قبله
230 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لأَصْحَابه تسوموا فَإِن الْمَلَائِكَة قد تسومت
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْمَغَازِي فِي بَاب غَزْوَة بدر ثَنَا أَبُو أُسَامَة عَن ابْن عون عَن عُمَيْر بن إِسْحَاق قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تسوموا فَإِن الْمَلَائِكَة قد تسومت قَالَ فَهُوَ أول يَوْم وضع الصُّوف انْتَهَى
وَعَن ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث ثمَّ قَالَ والتسويم هُوَ الْعَلامَة يُقَال سوم فلَان فرسه إِذا علمهَا بحرير أَو نَحوه قَالَ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم ثَنَا ابْن علية أَنا ابْن عون بِهِ
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات بِسَنَدِهِ عَن جمَاعَة مِنْهُم ابْن إِسْحَاق ومُوسَى ابْن عقبَة وَعبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد وَغَيرهم ... فَذكر قصَّة بدر بِطُولِهَا وفيهَا فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمئِذٍ لأَصْحَابه تسوموا فَإِن الْمَلَائِكَة قد تسومت قَالَ فأعلموا بالصوف فِي مغافرهم وَقَلَانِسِهِمْ(1/220)
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي مُحَمَّد بن صَالح عَن عَاصِم بن عمر عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الْمَلَائِكَة قد سومت فَسَوَّمُوا قَالَ فأعلموا بالصوف فِي مغافرهم وَقَلَانِسِهِمْ
231 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن عتبَة بن أبي وَقاص شج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم أحد وَكسر رباعيته فَجعل يمسح الدَّم عَن وَجهه وَهُوَ يَقُول كَيفَ يفلح قوم خضبوا وَجه نَبِيّهم بِالدَّمِ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى رَبهم فَنزلت يَعْنِي لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أَنا معمر عَن قَتَادَة أَن عتبَة بن أبي وَقاص أصَاب ربَاعِية النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَشَجه فِي وَجهه فَجعل سَالم مولَى أبي حُذَيْفَة يغسل الدَّم عَن وَجهه وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول كَيفَ يفلح قوم صَنَعُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الله فَأنْزل الله لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء انْتَهَى
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ وَمَتنه وَهُوَ معضل
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي غَزْوَة أحد أخبرنَا مُحَمَّد بن حميد الْعَبْدي عَن معمر عَن قَتَادَة ... فَذكره سَوَاء
والْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ لَيْسَ فِيهِ ذكر عتبَة بن أبي وَقاص وَلَا سَالم مولَى حُذَيْفَة أَخْرجَاهُ عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ كسرت ربَاعِية النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم أحد وشج رَأسه فَجعل يَسْلت الدَّم عَن وَجهه وَيَقُول كَيفَ يفلح قوم فعلوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الله فَأنْزل الله لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء قَالَ وَكَانَت فَاطِمَة تغسل الدَّم عَن وَجهه فَلَمَّا رَأَتْ أَن المَاء لَا يزِيد الدَّم إِلَّا كَثْرَة أخذت قِطْعَة حَصِير فَأَحْرَقتهُ حَتَّى صَار رَمَادا فَأَلْصَقته بِالدَّمِ فَاسْتَمْسك انْتَهَى
وَفِي هَذَا الحَدِيث الَّذِي أوردهُ المُصَنّف أَن الَّذِي شج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هُوَ عتبَة(1/221)
ابْن أبي وَقاص وَذكر فِيمَا بعده قَرِيبا حَدِيثا آخر وَفِيه أَن الَّذِي شجه عبد الله ابْن قمئة وَاخْتلفت الْأَخْبَار فِي ذَلِك أَيْضا فَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة أحد بِسَنَدِهِ إِلَى مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ قَالَ رَمَى يَوْمئِذٍ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رجل من بني الْحَارِث بن عبد مَنَاة يُقَال لَهُ عبد الله ابْن قمئة وَيُقَال بل رَمَاه عتبَة بن أبي وَقاص ثمَّ أسْند إِلَى مقسم قَالَ دَعَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم أحد عَلَى عتبَة بن أبي وَقاص حِين كسر رباعيته وَدمِي وَجهه وَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تحل عَلَيْهِ الْحول حَتَّى يَمُوت كَافِرًا فَمَا حَال عَلَيْهِ الْحول حَتَّى مَاتَ كَافِرًا إِلَى النَّار انْتَهَى
ثمَّ أسْند إِلَى ابْن إِسْحَاق قَالَ أُصِيبَت ربَاعِية النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وشج فِي وَجهه وَكلمت شفته وَكَانَ الَّذِي أَصَابَهُ عتبَة بن أبي وَقاص انْتَهَى وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ قَالَ الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي وَالثَّابِت عندنَا أَن الَّذِي رَمَى فِي وَجه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عبد الله بن قمئة وَالَّذِي رَمَى شفته وَأصَاب رباعيته عتبَة بن أبي وَقاص
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَمَاه عبد الله بن قمئة بِحجر يَوْم أحد فَشَجَّهُ فِي وَجهه وَكسر رباعيته وَقَالَ خُذْهَا وَأَنا ابْن قمئة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَقْمَأَك الله فَسلط الله عَلَيْهِ تَيْس جبل فَلم يزل يَنْطَحُهُ حَتَّى قطعه قِطْعَة قِطْعَة انْتَهَى
وَفِي سيرة ابْن هِشَام فِي غَزْوَة أحد قَالَ وَذكر ربيح بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن عتبَة بن أبي وَقاص رَمَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمئِذٍ فَكسر رباعيته الْيُمْنَى السُّفْلَى وجرح شفته السُّفْلَى وَأَن عبد الله بن شهَاب الزُّهْرِيّ شجه فِي جَبهته وَأَن ابْن قمئة جرح وجنته فَدخلت حلقتان من حلق المغفر فِي وجنته وَوَقع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي حُفْرَة من الْحفر الَّتِي عَملهَا أَبُو عَامر ليَقَع فِيهَا الْمُسلمُونَ فَأخذ عَلّي بن أبي طَالب بيد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَرَفعه طَلْحَة بن عبيد الله حَتَّى اسْتَوَى قَائِما ومص مَالك بن سِنَان أَبُو أبي سعيد(1/222)
الْخُدْرِيّ الدَّم عَن وَجه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ ازْدَردهُ فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مس دمي دَمه لم تصبه النَّار
وَفِي تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ وَقَالَ عِكْرِمَة وَقَتَادَة ومقسم أدْمَى رجل من هُذَيْل يُقَال لَهُ عبد الله بن قمئة وَجه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم أحد فَدَعَا عَلَيْهِ فَسلط الله عَلَيْهِ تَيْسًا فَنَطَحَهُ حَتَّى قَتله وشج عتبَة بن أبي وَقاص رَأسه وَكسر رباعيته فَدَعَا عَلَيْهِ فَمَا حَال الْحول حَتَّى مَاتَ كَافِرًا انْتَهَى
وَسَنَد الطَّبَرَانِيّ فِي حَدِيث أبي أُمَامَة ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن الْحسن الصَّابُونِي ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل عَن حَفْص بن عمر بن مَيْمُون الْأَيْلِي ثَنَا ثَوْر بن يزِيد عَن مَكْحُول وَرَاشِد بن سعد عَن أبي أُمَامَة
وأصل الحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سهل بن سعد وَعَن أنس
فَحَدِيث سهل أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي حَازِم عَنهُ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جرح وَجهه يَوْم أحد وَكسرت رباعيته فَكَانَت فَاطِمَة تغسل الدَّم وَعلي يسْكب عَلَيْهَا فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَة أَن المَاء لَا يزِيد الدَّم إِلَّا كَثْرَة أخذت قِطْعَة حَصِير فَأَحْرَقتهُ حَتَّى صَار رَمَادا ثمَّ أَلْصَقته بِالْجرْحِ فَاسْتَمْسك الدَّم مُخْتَصر
وَأما حَدِيث أنس فَانْفَرد بِهِ مُسلم عَن ثَابت عَنهُ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كسرت رباعيته يَوْم أحد وشج فِي رَأسه فَجعل يَسْلت الدَّم عَنهُ وَيَقُول كَيفَ يفلح قوم فعلوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الله فَأنْزل الله لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء انْتَهَى وعلقه البُخَارِيّ
232 - قَوْله
وَعَن عَائِشَة أَنَّهَا تَصَدَّقت بِحَبَّة عِنَب
قلت رَوَاهُ ابْن سعد فِي آخر كتاب الطَّبَقَات أخبرنَا يزِيد بن هَارُون أَنا فُضَيْل بن مَرْزُوق عَن ظيبة بنت الْمُعَلل قَالَت دخلت عَلَى عَائِشَة فجَاء سَائل(1/223)
فَأَعْطَتْهُ حَبَّة عِنَب ثمَّ نظرت إِلَيّ وَقَالَت أَتَعْجَبِينَ من هَذَا إِن فِي هَذَا لمثاقيل كَثِيرَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي كتاب الْآنِية فَقَالَ حَدثنَا أَبُو بكر ابْن أبي شيبَة ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن أبي إِسْحَاق عَن الْعَالِيَة قَالَت كنت عِنْد عَائِشَة وَعِنْدهَا نسْوَة فَأَتَاهَا سَائل فَأمرت لَهُ بِحَبَّة عِنَب فتعجبن النسْوَة فَقَالَت إِن فِيهَا درا كثيرا انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن زَنْجوَيْه فِي كتاب الْأَمْوَال حَدثنَا أَبُو نعيم ثَنَا الْوَلِيد بن جَمِيع حَدَّثتنِي مولاة لَهَا يُقَال لَهَا طفيلة عَن عَائِشَة
233 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من كظم غيظا وَهُوَ يقدر عَلَى إِنْفَاذه مَلأ الله قلبه أمنا وإيمانا
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْأَدَب من حَدِيث مُحَمَّد بن عجلَان عَن سُوَيْد بن وهب عَن رجل من أَبنَاء أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن أَبِيه قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من كظم غيظا وَهُوَ يقدر عَلَى أَن ينفذهُ ملأَهُ الله أمنا وإيمانا وَمن ترك ثوب جمال وَهُوَ يقدر عَلَى لبسه كَسَاه الله حلَّة الْكَرَامَة
قَالَ ابْن طَاهِر هَذَا إِسْنَاد مَجْهُول وَالَّذِي لم يسم ابْن عجلَان هُوَ سهل ابْن معَاذ وَهَذَا الْإِسْنَاد أصلح من إِسْنَاد عبد الرَّزَّاق
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا دَاوُد بن قيس عَن زيد بن أسلم عَن رجل من أهل الشَّام يُقَال لَهُ عبد الْجَلِيل عَن عَم لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من كظم غيظا وَهُوَ يقدر عَلَى إِنْفَاذه مَلأ الله قلبه أمنا وإيمانا انْتَهَى(1/224)
وَعَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده والطبري فِي تَفْسِيره
وَمن طَرِيق أَحْمد رَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ وَأعله بِعَبْد الْجَلِيل وَنقل عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ لَا يُتَابع عَلَيْهِ قَالَ وَقد رُوِيَ بِسَنَد أصلح من هَذَا انْتَهَى وَكَأَنَّهُ يُشِير إِلَى سَنَد أبي دَاوُد
234 - الحَدِيث السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ فِي الحَدِيث يُنَادي مُنَاد يَوْم الْقِيَامَة أَيْن الَّذين كَانَت أُجُورهم عَلَى الله فَلَا يقوم إِلَّا من عَفا
قلت رُوِيَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع وَالْأَرْبَعِينَ حَدثنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ فِي التَّارِيخ أَنا أَبُو معشر مُوسَى بن مُحَمَّد بن مُوسَى الْمَالِينِي أَنا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعيد أَنا مُحَمَّد بن حميد بن فَرْوَة حَدثنِي أبي حميد بن فَرْوَة قَالَ لما اسْتَقَرَّتْ لِلْمَأْمُونِ الْخلَافَة دَعَا إِبْرَاهِيم بن مهْدي الْمَعْرُوف بِابْن شكْلَة فَوقف بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا إِبْرَاهِيم أَنْت المتوثب علينا تَدعِي الْخلَافَة فَقَالَ إِبْرَاهِيم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الْعَفو أقرب للتَّقْوَى وَقد جعلك الله فَوق كل ذِي ذَنْب فَإِن أخذت أخذت بِحَق وَإِن عَفَوْت عَفَوْت بِفضل وَلَقَد حضرت جدك وَقد أُتِي بِرَجُل أعظم جرما من جُرْمِي فَأمر بقتْله وَكَانَ عِنْده الْمُبَارك بن فضَالة فَقَالَ لَهُ الْمُبَارك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ائْذَنْ لي فأحدثك حَدِيثا بَلغنِي عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأذن لَهُ فَقَالَ سَمِعت الْحسن عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد من بطْنَان الْعَرْش ليقمْ الَّذين كَانَت أُجُورهم عَلَى الله فَلَا يقوم إِلَّا من عَفا فَقَالَ الْخَلِيفَة قد عَفَوْت عَنهُ انْتَهَى
ورَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنِي مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن ثَنَا مُحَمَّد بن بشر ثَنَا مُحرز أَبُو رَجَاء عَن الْحسن قَالَ يُقَال يَوْم الْقِيَامَة ليقمْ من كَانَ لَهُ عَلَى الله أجر فَمَا يقوم إِلَّا إِنْسَان عَفا ثمَّ قَرَأَ وَالْعَافِينَ عَن النَّاس وَالله يحب(1/225)
الْمُحْسِنِينَ) انْتَهَى
235 - الحَدِيث السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ إِن هَؤُلَاءِ فِي أمتِي قَلِيل إِلَّا من عصم الله وَقد كَانُوا كثيرا فِي الْأُمَم الَّتِي مَضَت
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ من قَول مقَاتل فَقَالَ وَعَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ بلغنَا أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ عِنْد ذَلِك إِن هَؤُلَاءِ من أمتِي قَلِيل ... إِلَى آخِره وأسنده إِلَى مقَاتل فِي أول كِتَابه
وَفِي الفردوس لأبي شُجَاع الديلمي من حَدِيث أنس يبْعَث الله عَزَّ وَجَلَّ مناديا يُنَادي يَوْم الْقِيَامَة من كَانَ لَهُ عَلَى الله حق فَليقمْ ... إِلَى آخِره فَيُقَال وَمَا ذَلِك الْأجر قَالَ من ظلم فِي دَار الدُّنْيَا فَعَفَا وَأصْلح فَأَجره عَلَى الله فَيقومُونَ إِلَى أُجُورهم تِلْكَ وهم قَلِيل فِي أمتِي كثير فِي الْأُمَم انْتَهَى
236 - قَوْله
وَعَن عَائِشَة قَالَت وَقد غَاظَهَا خَادِم لَهَا لله در التَّقْوَى مَا تركت لذِي غيظ شِفَاء
237 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ مَا أصر من اسْتغْفر وَإِن عَاد فِي الْيَوْم سبعين مرّة
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي بكر وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس
فَحَدِيث أبي بكر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي كتاب الدُّعَاء من حَدِيث(1/226)
عُثْمَان بن وَاقد عَن أبي نصيرة عَن مولَى لأبي بكر عَن أبي بكر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا أصر من اسْتغْفر وَلَو فعله فِي الْيَوْم سبعين مرّة انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث غَرِيب إِنَّمَا نعرفه من حَدِيث أبي نصيرة وَلَيْسَ إِسْنَاده بِالْقَوِيّ انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده وَعَن أبي يعْلى رَوَاهُ ابْن السّني فِي كِتَابه عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ فِيهِ وَلَو عَاد ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث لَا نَحْفَظ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من وَجه من الْوُجُوه إِلَّا عَن أبي بكر وَعُثْمَان بن وَاقد مَشْهُور وَأَبُو نصيرة وَمولى أبي بكر فَلَا يعرفان وَلَكِن لما كَانَ هَذَا الحَدِيث لَا يعرف إِلَّا من هَذَا الْوَجْه لم نجد بدا من كِتَابَته وَنَبَّهنَا عَلَيْهِ انْتَهَى
قلت عُثْمَان بن وَاقد وَثَّقَهُ أَحْمد وَابْن معِين وَشَيْخه أَبُو نصيرة اسْمه مُسلم ابْن عبيد الوَاسِطِيّ وَثَّقَهُ أَحْمد وَابْن حبَان وَمولى أبي بكر هُوَ أَبُو رَجَاء وَبَاقِي رِجَاله ثِقَات مَشْهُورُونَ وَقَول التِّرْمِذِيّ لَيْسَ إِسْنَاده بِالْقَوِيّ الظَّاهِر أَنه لأجل جَهَالَة مولَى أبي بكر وَلَكِن جَهَالَة مثله لَا تضر لِأَنَّهُ تَابِعِيّ كَبِير وَتَكْفِيه نسبته إِلَى أبي بكر الصّديق فَالْحَدِيث حسن وَالله أعلم
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي كتاب الدُّعَاء لَهُ حَدثنَا مُحَمَّد ابْن الْفضل السَّقطِي ثَنَا سعيد بن سُلَيْمَان ثَنَا أَبُو شيبَة عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ سَوَاء
238 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لَا كَبِيرَة مَعَ الاسْتِغْفَار وَلَا صَغِيرَة مَعَ الْإِصْرَار
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس(1/227)
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ أَبُو حَفْص عمر بن شاهين فِي كتاب التَّرْغِيب لَهُ من حَدِيث الْحسن بن عمر بن شَقِيق ثَنَا بشر بن إِبْرَاهِيم عَن خَليفَة بن سُلَيْمَان عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا كَبِيرَة مَعَ الاسْتِغْفَار وَلَا صَغِيرَة مَعَ الْإِصْرَار انْتَهَى وَبِهَذَا السَّنَد رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره
ورَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين ثَنَا زَكَرِيَّا بن يَحْيَى السَّاجِي ثَنَا سهل ابْن بَحر ثَنَا بشر بن عبيد الدَّارِسِيُّ ثَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن الْعَنْبَري عَن مَكْحُول عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة فَذكره وَزَاد فطوبى من وجد فِي كِتَابه يَوْم الْقِيَامَة اسْتِغْفَارًا
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الْقُضَاعِي فِي مُسْند الشهَاب عَن أبي أَحْمد الْحسن بن عبد الله العسكري ثَنَا ابْن أخي أبي زرْعَة ثَنَا عمي أَبُو زرْعَة ثَنَا سعيد بن سُلَيْمَان ثَنَا أَبُو شيبَة الْخُرَاسَانِي عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا كَبِيرَة مَعَ اسْتِغْفَار وَلَا صَغِيرَة مَعَ إِصْرَار انْتَهَى
قَالَ ابْن طَاهِر وَأَبُو شيبَة قَالَ البُخَارِيّ لَا يُتَابع عَلَى حَدِيثه قَالَ وَرَوَى هَذَا الحَدِيث إِسْحَاق بن بشر صَاحب السّير عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مَرْفُوعا وَإِسْحَاق هَذَا قَالَ ابْن عدي فِيهِ تفرد عَن الثَّوْريّ وَابْن جريج وَغَيرهمَا بِأَحَادِيث مُنكرَة انْتَهَى
239 - الحَدِيث الْخَمْسُونَ
رُوِيَ عَن أبي سُفْيَان أَنه صعد الْجَبَل يَوْم أحد فَمَكثَ سَاعَة(1/228)
ثمَّ قَالَ أَيْن ابْن أبي كَبْشَة أَيْن ابْن أبي قُحَافَة أَيْن ابْن الْخطاب فَقَالَ عمر هَذَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهَذَا أَبُو بكر وَأَنا عمر قَالَ أَبُو سُفْيَان يَوْم بِيَوْم وَالْأَيَّام دوَل وَالْحَرب سِجَال فَقَالَ عمر لَا سَوَاء قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وَقَتلَاكُمْ فِي النَّار فَقَالَ إِنَّكُم تَزْعُمُونَ ذَلِك فقد خبْنا إِذن وَخَسِرْنَا
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه مطولا من حَدِيث سُلَيْمَان بن دَاوُد بن عَلّي ابْن عبد الله بن عَبَّاس أَنا عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبَا سُفْيَان قَالَ يَوْم أحد وَهُوَ يَصِيح فِي أَسْفَل الْجَبَل اعْل هُبل اعْل هُبل يَعْنِي آلِهَته أَيْن ابْن أبي كَبْشَة أَيْن ابْن أبي قُحَافَة أَيْن ابْن الْخطاب فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله أَلا أُجِيبهُ قَالَ بلَى فَلَمَّا قَالَ اعْل هُبل قَالَ عمر الله أَعلَى وَأجل فَقَالَ أَبُو سُفْيَان يَا ابْن الْخطاب إِنَّه يَوْم الصمت فَعَاد فَقَالَ أَيْن ابْن أبي كَبْشَة أَيْن ابْن أبي قُحَافَة أَيْن ابْن الْخطاب فَقَالَ عمر هَذَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهَذَا أَبُو بكر وَهَا أَنا عمر فَقَالَ أَبُو سُفْيَان يَوْم بِيَوْم بدر وَالْأَيَّام دوَل وَالْحَرب سِجَال فَقَالَ عمر لَا سَوَاء قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وَقَتلَاكُمْ فِي النَّار فَقَالَ إِنَّكُم لَتَزْعُمُونَ ذَلِك لقد خبْنا إِذن وَخَسِرْنَا مُخْتَصر وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة أحد
240 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ
رُوِيَ أَنه لما رَمَى عبد الله بن قمئة الْحَارِثِيّ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِحجر(1/229)
فَكسر رباعيته وشج وَجهه أقبل يُرِيد قَتله فذب عَنهُ مُصعب بن عُمَيْر وَهُوَ صَاحب الرَّايَة يَوْم بدر وَيَوْم أحد حَتَّى قَتله ابْن قمئة وَهُوَ يرَى أَنه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ قد قتلت مُحَمَّدًا وصرخ صارخ أَلا إِن مُحَمَّدًا قد قتل وَقيل كَانَ الصَّارِخ الشَّيْطَان فَفَشَا فِي النَّاس خبر قَتله فانكفئوا وَجعل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَدْعُو إِلَيّ عباد الله حَتَّى انْحَازَتْ إِلَيْهِ طَائِفَة من أَصْحَابه فَلَامَهُمْ عَلَى هَرَبهمْ فَقَالُوا يَا رَسُول الله فَدَيْنَاك بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتنَا أَتَانَا خبر قَتلك فَرُعِبْت قُلُوبنَا فولينا مُدبرين فَنزلت يَعْنِي أَفَإِن مَاتَ أَو قتل الْآيَة
وَرُوِيَ أَنه لما صرخَ الصَّارِخ قَالَ بعض الْمُسلمين لَيْت عبد الله ابْن أبي يَأْخُذ لنا أَمَانًا من أبي سُفْيَان وَقَالَ نَاس من الْمُنَافِقين لَو كَانَ نَبيا مَا قتل ارْجعُوا إِلَى إخْوَانكُمْ وَإِلَى دينكُمْ فَقَالَ أنس بن النَّضر عَم أنس بن مَالك يَا قوم إِن كَانَ قتل مُحَمَّد فَإِن رب مُحَمَّد حَيّ لَا يَمُوت وَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بعد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَاتلُوا عَلَى مَا قَاتل عَلَيْهِ وموتوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أعْتَذر إِلَيْك مِمَّا يَقُول هَؤُلَاءِ وَأَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ ثمَّ سل سَيْفه فقاتل حَتَّى قتل
وَعَن بعض الْمُهَاجِرين أَنه مر بِأَنْصَارِيِّ يَتَشَحَّط فِي دَمه فَقَالَ يَا فلَان أشعرت أَن مُحَمَّدًا قتل فَقَالَ إِن كَانَ قد قتل فقد بلغ قَاتلُوا عَن دينكُمْ
قلت رَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ قَالَ لما برز رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم أحد إِلَى الْمُشْركين أَمر الرُّمَاة(1/230)
فَقَامُوا بِأَصْل فِي وُجُوه جبل الْمُشْركين وَقَالَ لَهُم لَا تَبْرَحُوا مَكَانكُمْ إِن رَأَيْتُمُونَا قد هَزَمْنَا فَإِن لن نزال غَالِبين مَا ثبتمْ مَكَانكُمْ وَأمر عَلَيْهِم عبد الله بن جُبَير أَخا خَوات بن جُبَير ... إِلَيّ أَن قَالَ فَأَتَى ابْن قمئة الْحَارِثِيّ أحد بني الْحَارِث بن عبد منَاف بن كنَانَة فَرَمَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِحجر فَكسر أَنفه وَرَبَاعِيَته وَشَجه فِي وَجهه فَأَثْقَله وتفرق عَنهُ أَصْحَابه وَدخل بَعضهم الْمَدِينَة وَانْطَلق بَعضهم فَوق الْجَبَل وَجعل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَدْعُو النَّاس إِلَى عباد الله إِلَيّ عباد الله وَفَشَا فِي النَّاس أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد قتل فَقَالَ بعض أهل الصَّخْرَة لَيْت لنا رَسُولا إِلَى عبد الله بن أبي فَيَأْخُذ لنا أَمنه من أبي سُفْيَان فَقَالَ أنس بن النَّضر عَم أنس بن مَالك يَا قوم إِن كَانَ مُحَمَّد قد قتل فَإِن رب مُحَمَّد لم يقتل فَقَاتلُوا عَلَى مَا قَاتل عَلَيْهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اللَّهُمَّ إِنِّي أعْتَذر إِلَيْك مِمَّا يَقُول هَؤُلَاءِ وَأَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ ثمَّ شدّ بِسَيْفِهِ فقاتل حَتَّى قتل
ثمَّ رَوَى من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي الزُّهْرِيّ وَمُحَمّد بن يَحْيَى بن حبَان وَعَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَالْحصين بن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن سعد بن معَاذ وَغَيرهم من عُلَمَائِنَا فِيمَا ذكرُوا من أحد قَالُوا كَانَ الْمُسلمُونَ فِي ذَلِك الْيَوْم لما أَصَابَهُم فِيهِ من عظم الْبلَاء وَشدَّة الْحَرْب أَثلَاثًا ثلث قَتِيل وَثلث جريح وَثلث مُنْهَزِم حَتَّى خلص الْعَدو إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَدُثَّ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى وَقع لِشقِّهِ وَأُصِيبَتْ رباعيته وشج فِي وجنته وكلت شفته وَكَانَ الَّذِي أَصَابَهُ عتبَة بن أبي وَقاص وَلم يزل مُصعب بن عُمَيْر يُقَاتل دون رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمَعَهُ لِوَاؤُهُ حَتَّى قتل وَكَانَ(1/231)
الَّذِي أَصَابَهُ ابْن قمئة اللَّيْثِيّ وَهُوَ يظنّ أَنه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَرجع إِلَى قُرَيْش وَقَالَ قتلت مُحَمَّدًا
ثمَّ قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن عمر ثني أَبُو عَاصِم عَن عِيسَى عَن ابْن أبي نجيح عَن أَبِيه أَن رجلا من الْمُهَاجِرين مر عَلَى رجل من الْأَنْصَار وَهُوَ يَتَشَحَّط فِي دَمه فَقَالَ يَا فلَان أشعرت أَن مُحَمَّدًا قتل فَقَالَ الْأنْصَارِيّ إِن كَانَ مُحَمَّد قد قتل فقد بلغ فَقَاتلُوا عَن دينكُمْ انْتَهَى
وَالْأول مُخْتَصر من كَلَام طَوِيل
وَرَوَى الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي ابْن أبي سُبْرَة عَن خَالِد بن رَبَاح عَن الْأَعْرَج قَالَ لما صَاح الشَّيْطَان يَوْم أحد أَن مُحَمَّدًا قتل قَالَ أَبُو سُفْيَان ابْن حَرْب يَا معشر قُرَيْش أَيّكُم قتل مُحَمَّدًا قَالَ ابْن أبي قمئة أَنا قَالَ نسورك كَمَا تفعل الْأَعَاجِم بأبطالها ثمَّ جعل أَبُو سُفْيَان يطوف فِي الْقَتْلَى هَل يجد مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلم يجده فَلَمَّا رَجَعَ وجد خَالِد بن الْوَلِيد فَقَالَ لَهُ هَل مَعَك علم مُحَمَّد قَالَ نعم رَأَيْته فِي نفر من أَصْحَابه مُصْعِدِينَ فِي الْجَبَل قَالَ هَذَا هُوَ الْحق وَكذب ابْن قمئة زعم أَنه قَتله مُخْتَصر
قَالَ وَمر مَالك بن الدخشم عَلَى خَارِجَة بن زيد وَبِه ثَلَاثَة عشر رجلا فَقَالَ لَهُ أما علمت أَن مُحَمَّدًا قد قتل قَالَ خَارِجَة إِن كَانَ مُحَمَّد قد قتل فقد بلغ مُحَمَّد فقاتل عَن دينك انْتَهَى
241 - قَوْله
عَن أبي طَلْحَة قَالَ غشينا النعاس وَنحن فِي مَصَافنَا فَكَانَ السَّيْف يسْقط من يَد أَحَدنَا فَيَأْخذهُ ثمَّ يسْقط فَيَأْخذهُ وَمَا أحد إِلَّا ويميل تَحت جُحْفَته
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس أَن أَبَا طَلْحَة ... إِلَى(1/232)
آخِره وَلم يقل فِيهِ وَمَا أحد إِلَّا ويميل تَحت جُحْفَته
وَأخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث أبي طَلْحَة قَالَ كنت فِيمَن يَغْشَاهُ النعاس يَوْم أحد حَتَّى سقط سَيفي من يَدي مرَارًا يسْقط وَآخذه وَيسْقط وَآخذه انْتَهَى وَفِي لفظ لَهُ غشينا النعاس وَنحن فِي مَصَافنَا يَوْم أحد الحَدِيث
وَرَوَاهُ بِتَمَامِهِ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَكَذَلِكَ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ثَابت عَن أنس وَكَذَلِكَ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره
242 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ عَن الزُّبَيْر قَالَ لقد رَأَيْتنِي مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين اشْتَدَّ علينا الْخَوْف فَأرْسل الله علينا النّوم وَالله إِنِّي لأسْمع قَول مُتْعب بن قُشَيْر وَالنُّعَاس يَغْشَانِي لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَاهُنَا
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار فِي مسنديهما وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم فِي كِتَابَيْهِمَا دَلَائِل النُّبُوَّة والطبري وَابْن أبي حَاتِم فِي تفسيريهما كلهم من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن يَحْيَى بن عباد بن عبد الله بن الزُّبَيْر عَن عبد الله بن الزُّبَيْر عَن أَبِيه قَالَ كنت مِمَّن يَعْتَرِيه النعاس يَوْم أحد فَلَا أنسى قَول مُتْعب بن قُشَيْر كَالْحلمِ لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا انْتَهَى وَسكت عَنهُ الْبَزَّار
وَذكر الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي
243 - قَوْله عَن خَالِد بن الْوَلِيد أَنه قَالَ عِنْد مَوته مَا فِي مَوضِع شبر إِلَّا وَفِيه ضَرْبَة أَو طعنة وَهَا أَنا أَمُوت كَمَا يَمُوت العير فَلَا نَامَتْ أعين الْجُبَنَاء
244 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ مَا تشَاور قوم إِلَّا هُدُوا لأَرْشَد أَمرهم
قلت غَرِيب وَلم أَجِدهُ إِلَّا من قَول الْحسن وَلم يروه الطَّبَرِيّ إِلَّا من قَول الْحسن
وَقد ذكره المُصَنّف فِي سُورَة الشورى من قَول الْحسن وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى
245 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ مَا رَأَيْت أحدا أَكثر مُشَاورَة من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
قلت هَكَذَا وجدته فِي عدَّة نسخ وَصَوَابه مَا رَأَيْت أحدا أَكثر مُشَاورَة لأَصْحَابه من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هَكَذَا لفظ الحَدِيث رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّالِث من الْقسم الْخَامِس من طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم قَالَا خرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ زمن الْحُدَيْبِيَة فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَابه حَتَّى إِذا كَانُوا بِذِي الحليفة قلد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْهَدْي وَأَشْعرهُ وَأحرم بِالْعُمْرَةِ إِلَى أَن قَالَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَشِيرُوا عَلّي أَتَرَوْنَ أَن نَمِيل عَلَى ذَرَارِي هَؤُلَاءِ الَّذين أَعَانُوهُم فَنصِيبهُمْ أَو ترَوْنَ أَنا نَؤُم الْبَيْت فَمن صدنَا عَن قَاتَلْنَاهُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه بِالْمَسِيرِ وَمن حَال بَيْننَا وَبَين الْبَيْت قَاتَلْنَاهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَرجوا إِذن قَالَ الزُّهْرِيّ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول مَا رَأَيْت أحدا أَكثر مُشَاورَة لأَصْحَابه من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الحَدِيث بِطُولِهِ وَهُوَ حَدِيث الْفَتْح
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي قصَّة الْحُدَيْبِيَة كَمَا ترَاهُ وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَيْضا رَوَاهُ أَحْمد وَابْن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما(1/233)
244 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ مَا تشَاور قوم إِلَّا هُدُوا لأَرْشَد أَمرهم
قلت غَرِيب وَلم أَجِدهُ إِلَّا من قَول الْحسن وَلم يروه الطَّبَرِيّ إِلَّا من قَول الْحسن
وَقد ذكره المُصَنّف فِي سُورَة الشورى من قَول الْحسن وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى
245 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ
عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ مَا رَأَيْت أحدا أَكثر مُشَاورَة من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
قلت هَكَذَا وجدته فِي عدَّة نسخ وَصَوَابه مَا رَأَيْت أحدا أَكثر مُشَاورَة لأَصْحَابه من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هَكَذَا لفظ الحَدِيث رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّالِث من الْقسم الْخَامِس من طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم قَالَا خرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ زمن الْحُدَيْبِيَة فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَابه حَتَّى إِذا كَانُوا بِذِي الحليفة قلد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْهَدْي وَأَشْعرهُ وَأحرم بِالْعُمْرَةِ ... إِلَى أَن قَالَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَشِيرُوا عَلّي أَتَرَوْنَ أَن نَمِيل عَلَى ذَرَارِي هَؤُلَاءِ الَّذين أَعَانُوهُم فَنصِيبهُمْ أَو ترَوْنَ أَنا نَؤُم الْبَيْت فَمن صدنَا عَنهُ قَاتَلْنَاهُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه بِالْمَسِيرِ وَمن حَال بَيْننَا وَبَين الْبَيْت قَاتَلْنَاهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَرجوا إِذن قَالَ الزُّهْرِيّ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول مَا رَأَيْت أحدا أَكثر مُشَاورَة لأَصْحَابه من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... الحَدِيث بِطُولِهِ وَهُوَ حَدِيث الْفَتْح
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي قصَّة الْحُدَيْبِيَة كَمَا ترَاهُ وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَيْضا رَوَاهُ أَحْمد وَابْن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما(1/234)
وَرَوَاهُ الشَّافِعِي فِي مُسْنده أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة مَا رَأَيْت أحدا أَكثر مُشَاورَة لأَصْحَابه من النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الله تَعَالَى وَأمرهمْ شُورَى بَينهم انْتَهَى
وَقد أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه فَقَالَ فِي آخر كتاب الْجِهَاد وَيروَى عَن أبي هُرَيْرَة ... فَذكره
وَمن طَرِيق الشَّافِعِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة فِي كتاب أدب القَاضِي بِسَنَدِهِ وَمَتنه وَكَأن فِيهِ انْقِطَاعًا بَين الزُّهْرِيّ وَأبي هُرَيْرَة
246 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من بَعَثْنَاهُ عَلَى عمل فَغَلَّ شَيْئا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة يحملهُ عَلَى عُنُقه
قلت غَرِيب وَبِمَعْنَاهُ لِابْنِ ماجة فِي الزَّكَاة من حَدِيث عبد الله بن أنيس أَنه تَذَاكر هُوَ وَعمر بن الْخطاب يَوْمًا الصَّدَقَة فَقَالَ عمر ألم تسمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين يذكر غلُول الصَّدَقَة أَنه من غل بَعِيرًا أَو شَاة أَتَى بِهِ يَوْم الْقِيَامَة يحملهُ فَقَالَ لَهُ عبد الله بن أنيس بلَى انْتَهَى
وَمَعْنَاهُ أَيْضا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اسْتعْمل عَاملا فَجَاءَهُ الْعَامِل حِين فرغ من عمله فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذَا لكم وَهَذَا أهدي لي فَقَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَشِيَّة بعد الصَّلَاة فَتشهد وَأَثْنَى عَلَى الله بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ أما بعد فَمَا بَال الْعَامِل نَسْتَعْمِلهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُول هَذَا من عَمَلكُمْ وَهَذَا أهدي لي أَفلا قعد فِي بَيت أَبِيه وَأمه فَينْظر هَل يُهْدَى لَهُ أم لَا فوالذي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يغل أحدكُم شَيْئا إِلَّا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة يحملهُ عَلَى عُنُقه(1/235)
وَسَيَأْتِي قَرِيبا وَينظر كَلَام المُصَنّف هُنَا فَإِنَّهُمَا غلولان غلُول الصَّدَقَة وَغُلُول الْغَنِيمَة وَالْأَحَادِيث وَردت فيهمَا جَمِيعًا والطبري هُنَا جمع بَينهمَا
247 - الحَدِيث السَّادِس وَالْخَمْسُونَ
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام هَدَايَا الْعمَّال غلُول
قلت غَرِيب بِلَفْظ الْوُلَاة والْحَدِيث رُوِيَ من حَدِيث أبي حميد وَأبي هُرَيْرَة وَجَابِر وَابْن عَبَّاس
أما حَدِيث أبي حميد فَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَالْبَزَّار فِي مسنديهما وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن يَحْيَى بن سعيد عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ هَدَايَا الْعمَّال غلُول انْتَهَى قَالَ الْبَزَّار وَهَذَا الحَدِيث أَخطَأ فِيهِ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش فَاخْتَصَرَهُ وَإِنَّمَا هُوَ عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن أبي حميد أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث رجلا عَلَى الصَّدَقَة ... الحَدِيث انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله وعدة من مُنكرَات إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَابْن عَيَّاش ضَعِيف فِي رِوَايَته عَن الْحِجَازِيِّينَ
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط من حَدِيث أَحْمد ابْن مُعَاوِيَة بن بكر الْبَاهِلِيّ ثَنَا النَّضر بن شُمَيْل عَن ابْن عون عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هَدَايَا الْأُمَرَاء غلُول انْتَهَى ثمَّ قَالَ تفرد بِهِ أَحْمد بن مُعَاوِيَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله وَأعله بِأَحْمَد بن مُعَاوِيَة وَقَالَ إِنَّه يروي عَن الثِّقَات البواطيل وَهَذَا الحَدِيث بَاطِل انْتَهَى
وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الْبيُوع ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن أبي نَضرة عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله(1/236)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الْهَدَايَا لِلْأُمَرَاءِ غلُول انْتَهَى
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا وَكِيع ثَنَا سُفْيَان عَمَّن حَدثهُ عَن أبي نَضرة بِهِ
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الثَّوْريّ عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْفَزارِيّ عَن أبان بِهِ
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا معَاذ بن سهل الْخلال ثَنَا عبد الْعَزِيز بن الْخطاب ثَنَا قيس بن الرّبيع عَن لَيْث عَن عَطاء عَن جَابر مَرْفُوعا قَالَ وَرَوَاهُ أبان بن أبي عَيَّاش عَن أبي نَضرة عَن جَابر وَأَبَان مِمَّن ترك حَدِيثه لِتَفَرُّدِهِ بأَشْيَاء أَتَت عَلَيْهِ من سوء حفظه وَكَانَ من عباد الْبَصْرَة
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب التَّحْقِيق من طَرِيق إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن هَارُون ثَنَا يَعْقُوب بن كَعْب عَن مُحَمَّد بن حمير عَن خَالِد بن حميد عَن يَحْيَى بن نعيم عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا هُدَايَ الْأُمَرَاء غلُول قَالَ فِي التَّنْقِيح يَحْيَى هَذَا لَا أعرفهُ وغالب من فِيهِ مَعْرُوف وَالله أعلم انْتَهَى
248 - الحَدِيث السَّابِع وَالْخَمْسُونَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِير غير الْمغل ضَمَان انْتَهَى
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي كتاب الْعَارِية من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِير غير الْمغل ضَمَان وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدع غير الْمغل ضَمَان انْتَهَى وَضَعفه وَقَالَ الْمَحْفُوظ أَنه من قَول شُرَيْح
249 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا إِغْلَال وَلَا إِسْلَال
قلت رُوِيَ من حَدِيث الْمسور ومروان وَمن حَدِيث عَمْرو بن عَوْف وَمن(1/237)
حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع
فَحَدِيث مسور ومروان رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْجِهَاد من حَدِيث ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن مسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم أَنهم اصْطَلحُوا عَلَى وضع الْحَرْب عشر سِنِين يَأْمَن فِيهِنَّ النَّاس وَعَلَى أَن بَيْننَا عَيْبَة مَكْفُوفَة وَأَنه لَا إِسْلَال وَلَا إِغْلَال انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وطولاه بِقصَّة الْفَتْح وَكَذَلِكَ ابْن هِشَام فِي السِّيرَة
وَأما حَدِيث عَمْرو بن عَوْف فَرَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا نهب وَلَا إِسْلَال وَلَا إِغْلَال وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله وَأَغْلظ القَوْل فِي كثير بن عبد الله نقلا عَن النَّسَائِيّ وَأحمد وَابْن معِين
وَأما حَدِيث سَلمَة فَرَوَاهُ الإِمَام إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كتاب غَرِيب الحَدِيث حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن إِيَاس بن سَلمَة عَن أَبِيه سَلمَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَا إِسْلَال وَلَا إِغْلَال انْتَهَى ثمَّ قَالَ الْإِسْلَال من السلَّة وَهِي السّرقَة وَالْإِغْلَال الْخِيَانَة
وَرَوَاهُ ابْن زَنْجوَيْه فِي كتاب الْأَمْوَال حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى بِهِ وَذكر فِيهِ حَدِيث صلح النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أهل مَكَّة بِطُولِهِ
250 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ
رُوِيَ فِي قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل أَنَّهَا نزلت فِي(1/238)
252 - الحَدِيث الْحَادِي وَالسِّتُّونَ
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث طلائع فَغنِمت غَنَائِم فَقَسمهَا وَلم يقسم للطلائع
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أَبْوَاب فِي الْجِهَاد حَدثنَا وَكِيع ثَنَا سَلمَة بن نبيط عَن الضَّحَّاك قَالَ بعث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ طلائع فغنم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غنيمَة فَقَسمهَا بَين النَّاس وَلم يقسم للطلائع شَيْئا فَلَمَّا قدمت الطَّلَائِع قَالُوا قسم الْفَيْء وَلم يقسم لنا فَنزلت وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ
253 - الحَدِيث الثَّانِي وَالسِّتُّونَ
فِي الحَدِيث جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة يحملهُ عَلَى عُنُقه
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اسْتعْمل عَاملا فَجَاءَهُ الْعَامِل حِين فرغ من عمله فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذَا لكم وَهَذَا أهدي لي فَقَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَشِيَّة بعد الصَّلَاة فَتشهد وَأَثْنَى عَلَى الله بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ أما بعد مَا بَال الْعَامِل نَسْتَعْمِلهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُول هَذَا من عَمَلكُمْ وَهَذَا أهدي لي أَفلا قعد فِي بَيت أَبِيه وَأمه فَينْظر هَل يُهْدَى لَهُ أم لَا فوالذي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يغل أحدكُم شَيْئا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة يحملهُ عَلَى عُنُقه إِن كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاء وَإِن كَانَت بقرة جَاءَ بهَا لَهَا خوار وَإِن كَانَت شَاة جَاءَ بهَا تَيْعر فقد بلغت قَالَ أَبُو حميد ثمَّ رفع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَده حَتَّى إِنَّا لنَنْظُر إِلَى عفرَة إبطَيْهِ انْتَهَى
254 - الحَدِيث الثَّالِث وَالسِّتُّونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَلا لَا أَعرفن أحدكُم يَأْتِي بِبَعِير لَهُ رُغَاء وَبِبَقَرَةٍ لَهَا خوار وَبِشَاةٍ لَهَا ثُغَاء فينادي يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَأَقُول(1/240)
لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد بلغتك
قلت رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده ثَنَا زُهَيْر ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الله القمي الْأَشْعَرِيّ ثَنَا حَفْص بن حميد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن عمر بن الْخطاب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنِّي مُمْسك بِحُجزِكُمْ هَلُمَّ عَن النَّار وَأَنْتُم تغلبونني وتتقاحمون فِيهَا تَقَاحم الْفراش وَالْجَنَادِب فَأوشك أَن أرسل حُجُزكُمْ وَأَنا فَرَطكُمْ عَلَى الْحَوْض فَتَردونَ عَلّي أعرفكُم بِسِيمَاكُمْ وَأَسْمَائِكُمْ كَمَا يعرف الْبَعِير الْغَرِيب فِي إبِله فَيذْهب بكم ذَات الشمَال فَأُنَاشِد فِيكُم رب الْعَالمين أَي رَبِّي أمتِي فَيُقَال يَا مُحَمَّد إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك إِنَّهُم كَانُوا يَمْشُونَ بعْدك الْقَهْقَرَى عَلَى أَعْقَابهم فَلَا أَعرفن أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة يحمل شَاة لَهَا ثُغَاء يُنَادي يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَأَقُول لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد بلغتك وَلَا أَعرفن أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة يحمل بَعِيرًا لَهُ رُغَاء يَقُول يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَأَقُول لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد بلغتك لَا أَعرفن أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة يحمل فرسا لَهُ حَمْحَمَة يُنَادي يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَأَقُول لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد بلغتك لَا أَعرفن أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة يحمل قشما من أَدَم يُنَادي يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَأَقُول لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد بلغتك انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا أَبُو كريب ثَنَا حَفْص بن بشر عَن يَعْقُوب القمي بِهِ سندا ومتنا
قَالَ عَلّي بن الْمَدِينِيّ هَذَا حَدِيث حسن الْإِسْنَاد إِلَّا أَن حَفْص بن حميد مَجْهُول لَا أعلم رَوَى عَنهُ غير يَعْقُوب بن عبد الله الْأَشْعَرِيّ القمي قيل بل رَوَى عَنهُ أَيْضا أَشْعَث بن إِسْحَاق وَقَالَ فِيهِ ابْن معِين صَالح وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان(1/241)
وَمَعْنى الحَدِيث فِي الصَّحِيح عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَامَ فِينَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَذكر الْغلُول فَعَظمهُ ثمَّ قَالَ لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رقبته بعير لَهُ رُغَاء فَيَقُول يَا رَسُول الله أَغِثْنِي فَأَقُول لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد أبلغتك لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رقبته فرس لَهَا حَمْحَمَة يَقُول يَا رَسُول الله أَغِثْنِي فَأَقُول لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد بلغتك ... الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم فِي أَوَاخِر الْمَغَازِي
255 - الحَدِيث الرَّابِع وَالسِّتُّونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لما أُصِيب إخْوَانكُمْ بِأحد جعل الله أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير خضر تَدور فِي أَنهَار الْجنَّة وتأكل من ثمارها وتأوي إِلَى قناديل من ذهب معلقَة فِي ظلّ الْعَرْش
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْجِهَاد من حَدِيث عبد الله بن إِدْرِيس عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن أبي الزُّبَيْر عَن سعيد ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما أُصِيب إخْوَانكُمْ بِأحد جعل الله أَرْوَاحهم فِي جَوف طير خضر ترد أَنهَار الْجنَّة وتأكل من ثمارها وتأوي إِلَى قناديل من ذهب معلقَة فِي ظلّ الْعَرْش فَلَمَّا وجدوا أطيب مَأْكَلهمْ وَمَشْرَبهمْ وَمَقِيلهمْ قَالُوا من يبلغ عَنَّا إِخْوَاننَا أَنا أَحيَاء فِي الْجنَّة نرْزق لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَاد وَلَا ينكلُوا عَن الْحَرْب فَقَالَ الله تَعَالَى أَنا أبلغهم عَنْكُم فَأنْزل الله تَعَالَى وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا ... إِلَى آخر الْآيَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي الْجِهَاد وَفِي التَّفْسِير وَقَالَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
قَالَ ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه الْوَهم وَالْإِيهَام هُوَ حَدِيث حسن انْتَهَى
وَذكر الدَّارقطني أَن عبد الله بن إِدْرِيس تفرد بِهِ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق فَذكر(1/242)
فِيهِ سعيد بن جُبَير وَغَيره يرويهِ عَن ابْن إِسْحَاق لَا يذكر فِيهِ سعيد بن جُبَير انْتَهَى
رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الْجِهَاد وَفِي مُسْنده حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن أبي الزُّبَيْر عَن ابْن عَبَّاس ... فَذكره
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا أَبُو خَيْثَمَة ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم ثَنَا أبي عَن ابْن إِسْحَاق بِهِ لم يذكر فِيهِ سعيد بن جُبَير
وَيُقَوِّي هَذَا الطَّرِيق أَن الْبَزَّار رَوَاهُ فِي مُسْنده من غير طَرِيق ابْن إِسْحَاق وَلَيْسَ فِيهِ سعيد بن جُبَير فَقَالَ حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن غياث ثَنَا عدي بن الْفضل ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن أبي الزُّبَيْر عَن ابْن عَبَّاس ... فَذكره
وَوجدت فِي مُسْند عبد بن حميد أَنا عبد الله بن إِدْرِيس عَن ابْن إِسْحَاق بِسَنَدِهِ لم يذكر فِيهِ سعيد بن جُبَير فَلْينْظر نُسْخَة فَإِنِّي لم أعْتَمد عَلَى نُسْخَتي
وَاعْلَم أَن الحَدِيث مَعْنَاهُ فِي مُسلم فِي الْجِهَاد عَن مَسْرُوق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء ... الْآيَة قَالَ أما إِنَّا قد سَأَلنَا عَن ذَلِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ أَرْوَاحهم فِي جَوف طير خضر لَهَا قناديل معلقَة بالعرش تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت ثمَّ تأوي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ اطلع عَلَيْهِم رَبك اطلاعة فَقَالَ سلوني مَا شِئْتُم فَقَالُوا رَبنَا وَمَا نَسْأَلك وَنحن نَسْرَح فِي الْجنَّة حَيْثُ شِئْنَا فَلَمَّا رَأَوْا أَلا يتْركُوا من أَن يسْأَلُوا قَالُوا نَسْأَلك أَن ترد أَرْوَاحنَا إِلَى أَجْسَادنَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى نقْتل فِي سَبِيلك فَلَمَّا رَأَى أَنهم لَا يسْأَلُون إِلَّا هَذَا تركُوا انْتَهَى
256 - الحَدِيث الْخَامِس وَالسِّتُّونَ
رُوِيَ أَن أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه لما انصرفوا من أحد فبلغوا الروحاء ندموا وهموا بِالرُّجُوعِ فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأَرَادَ أَن يُرهبهُمْ وَيُرِيهمْ من نَفسه وَأَصْحَابه قُوَّة فندب أَصْحَابه لِلْخُرُوجِ فِي طلب أبي سُفْيَان وَقَالَ لَا يخْرجن مَعنا أحد إِلَّا من حضر يَوْمنَا أمس فَخرج عَلَيْهِ السَّلَام(1/243)
حَتَّى إِذا بلغ حَمْرَاء الْأسد وَهِي من الْمَدِينَة عَلَى ثَمَانِيَة أَمْيَال وَكَانَ بِأَصْحَابِهِ الْقرح وَتَحَامَلُوا عَلَى أنفسهم حَتَّى لَا يفوتهُمْ الْأجر وَألقَى الله فِي قُلُوب الْمُشْركين الرعب فَذَهَبُوا فَنزلت الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي غَزْو أحد أخبرنَا أَبُو عبد عبد الله الْحَافِظ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب ثَنَا أَحْمد بن عبد الْجَبَّار ثَنَا يُونُس بن بكير عَن ابْن إِسْحَاق عَن شُيُوخه قَالَ وَلما بلغ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه تَلَاوَمُوا وهموا أَن يرجِعوا أَمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأذن مُؤذن فِي النَّاس لطلب الْعَدو وَقَالَ لَا يخْرجن مَعنا إِلَّا من حضر يَوْمنَا بالْأَمْس فَكَلمهُ جَابر بن عبد الله ابْن عَمْرو بن حرَام فَأذن لَهُ فَخرج مَعَه وَإِنَّمَا خرج صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُرْهِبًا لِلْعَدو لِيَظُنُّوا بِهِ قُوَّة وَا، الَّذِي أَصَابَهُم لم يُوهِنهُمْ عَن عدوهم فَخرج صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى انْتَهَى إِلَى حَمْرَاء الْأسد وَهِي من الْمَدِينَة عَلَى ثَمَانِيَة أَمْيَال فَأَقَامَ بهَا الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة مُخْتَصر
وَبِسَنَدِهِ إِلَى ابْن إِسْحَاق قَالَ حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو ابْن حزم أَن معبد الْخُزَاعِيّ مر برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ بِحَمْرَاء الْأسد وَهُوَ يَوْمئِذٍ مُشْرك فَقَالَ يَا مُحَمَّد أما وَالله فقد عز علينا مَا أَصَابَك فِي أَصْحَابك لَوَدِدْنَا أَن الله عافاك فيهم ثمَّ خرج وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِحَمْرَاء الْأسد حَتَّى لَقِي أَبَا سُفْيَان وَمن مَعَه بِالرَّوْحَاءِ وَقد أَجمعُوا وَقَالُوا أصبْنَا حد أَصْحَابهم وَقَادَتهمْ ثمَّ رَجعْنَا قبل أَن نَسْتَأْصِلهُمْ لَنَكرَّنَّ عَلَيْهِم فنستأصلن بَقِيَّتهمْ فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَان معبدًا قَالَ مَا ورائك يَا معبد قَالَ مُحَمَّد قد خرج بِأَصْحَابِهِ فِي طَلَبكُمْ فِي جمع لم أر مثله قطّ إِلَى أَن قَالَ فَثنى ذَلِك أَبَا سُفْيَان وَمن مَعَه وَأنزل الله تَعَالَى الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح إِلَى آخر الْآيَات وَأخرجه ابْن هِشَام فِي سيرته كَذَلِك فِي غَزْوَة أحد
257 - قَوْله وَعَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر قَالَت لي عَائِشَة إِن أَبَوَيْك لمن الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول تَعْنِي أَب بكر وَالزُّبَيْر
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي بَاب غَزْوَة أحد وَمُسلم فِي الْفَضَائِل من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة قَالَ قَالَت لي عَائِشَة يَا بن أُخْتِي كَانَ أَبَوَاك تَعْنِي الزُّبَيْر وَأَبا بكر من الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح انْتَهَى
وَوهم الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فَقَالَ عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
258 - الحَدِيث السَّادِس وَالسِّتُّونَ رُوِيَ أَن أَبَا سُفْيَان نَادَى عِنْد انْصِرَافه من أحد يَا مُحَمَّد موعدنا موسم بدر الْقَابِل إِن شِئْت فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن شَاءَ الله فَلَمَّا كَانَ الْقَابِل خرج أَبُو سُفْيَان فِي أهل مَكَّة حَتَّى نزل الظهْرَان فَألْقَى الله الرعب فِي قلبه فَبَدَا لَهُ أَن يرجع فلقي نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ وَقد قدم مُعْتَمِرًا فَقَالَ يَا نعيم إِنِّي وَاعَدت مُحَمَّدًا أَن نَلْتَقِي بِمَوْسِم بدر وَأَن هَذَا عَام جَدب وَلَا يُصْلِحنَا إِلَّا عَام نَرْعَى فِيهِ الشّجر وَنَشْرَب فِيهِ اللَّبن وَقد بدا لي وَلَكِن إِن خرج مُحَمَّد وَلم أخرج زَاده ذَلِك جَرَاءَة فَالْحق بِالْمَدِينَةِ فَثَبَّطَهُمْ وَلَك عِنْدِي عشرَة من الْإِبِل فَخرج نعيم فَوجدَ الْمُسلمين يَتَجَهَّزُونَ فَقَالَ لَهُم مَا هَذَا بِالرَّأْيِ عِنْدِي إِن أَتَوْكُم فِي دِيَاركُمْ وقراركم فَلم يفلت مِنْكُم أحد إِلَّا شَرِيدًا فَتُرِيدُونَ أَن تخْرجُوا وَقد جمعُوا لكم عِنْد الْمَوْسِم فوَاللَّه لَا يفلت مِنْكُم أحد
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ من قَول مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا إِن أَبَا سُفْيَان إِلَى آخِره وَسَنَده إِلَيْهِمَا فِي أول كِتَابه وَفِي الطَّبَقَات لِابْنِ سعد بعضه كَمَا هُوَ(1/244)
257 - قَوْله
وَعَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر قَالَت لي عَائِشَة إِن أَبَوَيْك لمن الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول تَعْنِي أَبَا بكر وَالزُّبَيْر
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي بَاب غَزْوَة أحد وَمُسلم فِي الْفَضَائِل من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة قَالَ قَالَت لي عَائِشَة يَا بن أُخْتِي كَانَ أَبَوَاك تَعْنِي الزُّبَيْر وَأَبا بكر من الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح انْتَهَى
وَوهم الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فَقَالَ عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
258 - الحَدِيث السَّادِس وَالسِّتُّونَ
رُوِيَ أَن أَبَا سُفْيَان نَادَى عِنْد انْصِرَافه من أحد يَا مُحَمَّد موعدنا موسم بدر الْقَابِل إِن شِئْت فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن شَاءَ الله فَلَمَّا كَانَ الْقَابِل خرج أَبُو سُفْيَان فِي أهل مَكَّة حَتَّى نزل الظهْرَان فَألْقَى الله الرعب فِي قلبه فَبَدَا لَهُ أَن يرجع فلقي نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ وَقد قدم مُعْتَمِرًا فَقَالَ يَا نعيم إِنِّي وَاعَدت مُحَمَّدًا أَن نَلْتَقِي بِمَوْسِم بدر وَأَن هَذَا عَام جَدب وَلَا يُصْلِحنَا إِلَّا عَام نَرْعَى فِيهِ الشّجر وَنَشْرَب فِيهِ اللَّبن وَقد بدا لي وَلَكِن إِن خرج مُحَمَّد وَلم أخرج زَاده ذَلِك جَرَاءَة فَالْحق بِالْمَدِينَةِ فَثَبَّطَهُمْ وَلَك عِنْدِي عشرَة من الْإِبِل فَخرج نعيم فَوجدَ الْمُسلمين يَتَجَهَّزُونَ فَقَالَ لَهُم مَا هَذَا بِالرَّأْيِ عِنْدِي إِن أَتَوْكُم فِي دِيَاركُمْ وقراركم فَلم يفلت مِنْكُم أحد إِلَّا شَرِيدًا فَتُرِيدُونَ أَن تخْرجُوا وَقد جمعُوا لكم عِنْد الْمَوْسِم فوَاللَّه لَا يفلت مِنْكُم أحد
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ من قَول مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا إِن أَبَا سُفْيَان ... إِلَى آخِره وَسَنَده إِلَيْهِمَا فِي أول كِتَابه ... وَفِي الطَّبَقَات لِابْنِ سعد بعضه كَمَا هُوَ(1/245)
فِي الَّذِي بعده
259 - الحَدِيث السَّابِع وَالسِّتُّونَ
رُوِيَ أَنه مر بِأبي سُفْيَان ركب من عبد الْقَيْس يُرِيدُونَ الْمَدِينَة لِلْمِيرَةِ فَجعل لَهُم حمل بعير من زبيب أَن يُثَبِّطُوهُمْ وَكره الْمُسلمُونَ الْخُرُوج فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأخْرجَن وَإِن لم يخرج معي أحد فَخرج فِيهِ فِي سبعين رَاكِبًا وهم يَقُولُونَ حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل
قلت وَقيل هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين ألقِي فِي النَّار رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن أبي الضُّحَى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل قَالَهَا إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار وَقَالَهَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل
وَوهم الْحَاكِم فَرَوَاهُ وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي الضَّحَّاك بن عُثْمَان وَمُحَمّد بن عمر الْأنْصَارِيّ وَأَبُو بكر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي صبرَة وَمعمر بن رَاشد وَعبد الله بن جَعْفَر وَمُحَمّد بن عبد الله بن مُسلم وَعبد الحميد بن جَعْفَر وَابْن أبي حبيب وَمُحَمّد بن يَحْيَى بن سهل وكل قد حَدثنِي بطَائفَة من هَذَا الحَدِيث قَالُوا لما أَرَادَ أَبُو سُفْيَان أَن ينْصَرف يَوْم أحد نَادَى ... فَذكره بِلَفْظ ابْن سعد وَطوله
وَقيل هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين ألقِي فِي النَّار ... حَتَّى وافوا بَدْرًا وَأَقَامُوا بهَا ثَمَانِي ليَالِي وَكَانَت مَعَهم تِجَارَات فَبَاعُوهَا وَأَصَابُوا خيرا ثمَّ انصرفوا إِلَى الْمَدِينَة سَالِمين غَانِمِينَ وَرجع أَبُو سُفْيَان إِلَى مَكَّة فَسَمَّى أهل مَكَّة جَيْشه جَيش السويق قَالُوا إِنَّمَا خَرجْتُمْ لِتَشْرَبُوا(1/246)
السويق فَالنَّاس الْأَولونَ المثبطون وَالْآخرُونَ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه
قلت هُوَ فِي الطَّبَقَات لِابْنِ سعد بِنَقص يسير أسْند فِي الأول ذكر الْمَغَازِي إِلَى ابْن إِسْحَاق ومُوسَى بن عقبَة وَعبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد وَغَيرهم فَذكرهَا غَزْوَة غَزْوَة حَتَّى ذكر غَزْوَة بدر الْموعد قَالَ وَلما أَرَادَ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب أَن ينْصَرف يَوْم أحد نَادَى الْموعد بَيْننَا وَبَيْنكُم بدر الصَّفْرَاء رَأس الْحول نَلْتَقِي بهَا فنقتتل فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لعمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قل نعم إِن شَاءَ الله فَلَمَّا دنا الْموعد كره أَبُو سُفْيَان الْخُرُوج وَقدم نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ مَكَّة فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان إِنِّي قد وَاعَدت مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه أَن نَلْتَقِي ببدر وَقد جَاءَ ذَلِك الْوَقْت وَهَذَا عَام جَدب وَإِنَّمَا يُصْلِحنَا عَام خصب وَإِنِّي أكره أَن يخرج مُحَمَّد وَلَا أخرج فَنَجْعَل لَك عشْرين فَرِيضَة عَلَى أَن تقدم الْمَدِينَة فتخذل أَصْحَاب مُحَمَّد قَالَ نعم فَفعل وَحَمَلُوهُ عَلَى بعير فأسرع السّير حَتَّى قدم الْمَدِينَة فَأخْبرهُم بِجمع أبي سُفْيَان وَمَا مَعَه من الْعدة وَالسِّلَاح فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأخْرجَن وَإِن لم يخرج معي أحد فَخرج عَلَيْهِ السَّلَام من الْمَدِينَة بعد أَن اسْتخْلف عَلَيْهَا عبد الله بن رَوَاحه وَسَار بِالْمُسْلِمين وهم ألف وَخَمْسمِائة وَمَعَهُمْ عشرَة أَفْرَاس وَخَرجُوا بِبَضَائِع لَهُم وتجارات حَتَّى انْتَهوا إِلَى بدر لَيْلَة هِلَال ذِي الْقعدَة وَقَامَت السُّوق صَبِيحَة الْهلَال وَبَاعُوا تِجَارَتهمْ فَرَبِحُوا للدريهم درهما وَانْصَرفُوا غَانِمِينَ وَخرج أَبُو سُفْيَان من مَكَّة فِي قُرَيْش وهم أَلفَانِ وَمَعَهُمْ خَمْسُونَ فرسا حَتَّى انْتَهوا إِلَى مر الظهْرَان ثمَّ قَالَ ارْجعُوا فَإِن هَذَا عَام جَدب وَلَا يُصْلِحنَا إِلَّا عَام خصب نَرْعَى فِيهِ الشّجر وَنَشْرَب اللَّبن فَسَمَّى أهل مَكَّة ذَلِك الْجَيْش جَيش السويق انْتَهَى
260 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ
عَن ابْن عمر قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله إِن الْإِيمَان يزِيد وَينْقص قَالَ نعم يزِيد حَتَّى يدْخل صَاحبه الْجنَّة وَينْقص حَتَّى يدْخل صَاحبه النَّار(1/247)
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أخبرنَا ابْن فَنْجَوَيْهِ ثَنَا مُوسَى بن مُحَمَّد بن عَلّي بن عبد الله ثَنَا أبي ثَنَا عَلّي بن عبد الْعَزِيز ثَنَا أَبُو الْقَاسِم حبيب بن عِيسَى بن فروخ ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قُلْنَا ... الحَدِيث
261 - قَوْله
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه كَانَ يَأْخُذ بيد الرجل فَيَقُول قُم بِنَا نَزْدَدْ إِيمَانًا
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْإِيمَان حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن زبيد عَن زر قَالَ كَانَ عمر ... فَذكره
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي أول كِتَابه شعب الْإِيمَان أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أَنا أَبُو بكر أَحْمد بن إِسْحَاق الْفَقِيه أَنا مُحَمَّد بن أَيُّوب أَنا سهل بن بكار عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن زبيد عَن زر ... فَذكره
وَمن طَرِيق ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ
262 - قَوْله
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لَو وزن إِيمَان أبي بكر بِإِيمَان هَذِه الْأمة لرجح بِهِ
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده من طَرِيق ابْن الْمُبَارك ثَنَا بن عبد الله ابْن شَوْذَب عَن مُحَمَّد بن جحادة عَن سَلمَة بن كهيل عَن هزيل بن شُرَحْبِيل عَن عمر قَالَ لَو وزن ... إِلَى آخِره
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن الْمُبَارك بِهِ(1/248)
وَفِي حَدِيث مَرْفُوع رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث عِيسَى بن عبد الله ابْن سُلَيْمَان الْقرشِي ثَنَا رواد بن الْجراح ثَنَا عبد الْعَزِيز بن أبي رواد عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَو وضع إِيمَان أبي بكر عَلَى إِيمَان هَذِه الْأمة لرجح بهَا انْتَهَى وَأعله بِعِيسَى
263 - الحَدِيث التَّاسِع وَالسِّتُّونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ فِي مَانع الزَّكَاة طوق بِشُجَاعٍ أَقرع وَيروَى أسود
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من آتَاهُ الله مَالا فَلم يؤد زَكَاته مثل لَهُ مَاله شجاعا أَقرع لَهُ زَبِيبَتَانِ يطوقه يَوْم الْقِيَامَة يَأْخُذ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَعْنِي بشدقية يَقُول أَنا مَالك أَنا كَنْزك ثمَّ تَلا وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله ... الْآيَة
قلت وَرِوَايَة الْأسود غَرِيبه جدا
264 - الحَدِيث السبعون
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كتب مَعَ أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كتابا إِلَى يهود بني قينقاع يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام وَإِلَى إقَام الصَّلَاة وَإِلَى إيتَاء الزَّكَاة وَأَن يقرضوا الله قرضا حسنا قَالَ فنحَاص الْيَهُودِيّ إِن الله فَقير حِين سَأَلنَا الْقَرْض فَلَطَمَهُ أَبُو بكر فِي وَجهه وَقَالَ لَوْلَا الَّذِي بَيْننَا وَبَيْنك من الْعَهْد لضَرَبْت عُنُقك فَشَكَاهُ إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَجحد فنحَاص مَا قَالَ فَنزلت(1/249)
قلت قيل رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ دخل أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه بَيت الْمدَارِس فَوجدَ من يهود أُنَاسًا كثيرا قد اجْتَمعُوا إِلَى رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ فنحَاص وَكَانَ من عُلَمَائهمْ وَأَحْبَارهمْ وَمَعَهُ حبر يُقَال لَهُ أشْبع فَقَالَ أَبُو بكر وَيحك فنحَاص اتَّقِ الله وَأسلم فوَاللَّه إِنَّك لتعلم أَن مُحَمَّدًا رَسُول من عِنْد الله وَقد جَاءَكُم بِالْحَقِّ من عِنْده وَتَجِدُونَهُ عنْدكُمْ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فَقَالَ فنحَاص وَالله يَا أَبَا بكر مَا بِنَا إِلَى الله من حَاجَة من فقر وَإنَّهُ إِلَيْنَا الْفَقِير مَا نَتَضَرَّع إِلَيْهِ كَمَا يتَضَرَّع إِلَيْنَا وَلَو كَانَ عَنَّا غَنِيا مَا اسْتقْرض منا كَمَا يزْعم صَاحبكُم يَنْهَاكُم عَن الرِّبَا وَيُعْطِينَا فَغَضب أَبُو بكر عِنْد ذَلِك وَضرب وَجهه ضربا شَدِيدا وَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الَّذِي بَيْننَا وَبَيْنك من الْعَهْد لضَرَبْت عُنُقك يَا عَدو الله فَذهب فنحَاص فَأخْبر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالَ لَهُ يَا مُحَمَّد انْظُر مَا صنع بِي صَاحبك فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لأبي بكر مَا حملك عَلَى هَذَا قَالَ يَا رَسُول الله لقد قَالَ قولا عَظِيما زعم أَن الله فَقير وهم أَغْنِيَاء فَغضِبت لله مِمَّا قَالَ وَضربت وَجهه فَجحد ذَلِك فنحَاص وَقَالَ مَا قلت ذَلِك فَأنْزل الله ردا لما قَالَ فنحَاص وَتَصْدِيقًا لكَلَام أبي بكر لقد سمع الله قَول الَّذين قَالُوا إِن الله فَقير وَنحن أَغْنِيَاء الْآيَة انْتَهَى
وَذكره الثَّعْلَبِيّ والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من قَول عِكْرِمَة وَالسُّديّ وَمُقَاتِل وَابْن إِسْحَاق قَالُوا كتب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... إِلَى آخِره بِلَفْظ المُصَنّف وَسَنَده إِلَيْهِم فِي أول كِتَابه
وَذكره ابْن هِشَام فِي سيرته من قَول ابْن إِسْحَاق لم يُجَاوِزُوهُ
265 - الحَدِيث الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ
يرْوَى الْقَبْر رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي أَوَاخِر كتاب الزّهْد حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن مَدُّوَيْهِ(1/250)
ثَنَا الْقَاسِم بن الحكم العرني ثَنَا عبيد الله بن الْوَلِيد الْوَصَّافِي عَن عَطِيَّة عَن أبي سعيد قَالَ دخل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُصَلَّاهُ فَرَأَى نَاسا يكثرون فَقَالَ أما إِنَّكُم لَو أَكثرْتُم ذكر هَادِم اللَّذَّات لَشَغَلَكُمْ عَمَّا أرَى ... إِلَى أَن قَالَ وَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْقَبْر رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار مُخْتَصر وَقَالَ حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط حَدثنَا مَسْعُود بن مُحَمَّد الرَّمْلِيّ ثَنَا مُحَمَّد ابْن أَيُّوب بن سُوَيْد ثَنَا أبي ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الْقَبْر رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار وَقَالَ لم يروه عَن الْأَوْزَاعِيّ إِلَّا أَيُّوب بن سُوَيْد تفرد بِهِ ابْنه انْتَهَى
266 - قَوْله
وَقَالَ أَبُو سُفْيَان لِحَمْزَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ذُقْ عُقُق وَفِي رِوَايَة يَا عَاق
قلت هُوَ كَذَلِك فِي سيرة ابْن هِشَام فِي غَزْوَة أحد قَالَ قَالَ ابْن إِسْحَاق وَكَانَ الْحُلَيْس بن زبان أَخُو بني الْحَارِث بن عبد مَنَاة وَهُوَ يَوْمئِذٍ سيد الْأَحَابِيش قد مر بِأبي سُفْيَان وَهُوَ يضْرب فِي شدق حَمْزَة بن عبد الْمطلب يَزُجّ الرمْح وَيَقُول ذُقْ عُقُق فَقَالَ الْحُلَيْس يَا بني كنَانَة هَذَا سيد قُرَيْش يصنع بِابْن عَمه مَا ترَوْنَ فَقَالَ لَهُ وَيحك اكتمها عني فَإِنَّهَا كَانَت مني زلَّة مُخْتَصر
وَمن طَرِيق ابْن إِسْحَاق رَوَاهُ الدَّارقطني فِي المؤتلف والمختلف فِي تَرْجَمَة الْحُلَيْس بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ(1/251)
267 - الحَدِيث الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من أحب أَن يزحزح عَن النَّار وَيدخل الْجنَّة فلتدركه منيته وَهُوَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَيَأْتِي إِلَى النَّاس مَا يحب أَن يُؤْتَى إِلَيْهِ
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْإِيمَان من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عبد رب الْكَعْبَة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمًا وَنحن مَعَه فِي سفر فَقَالَ إِنَّه لم يكن نَبِي قبلي إِلَّا كَانَ حَقًا لله عَلَيْهِ أَن يدل أمته عَلَى مَا هُوَ خير لَهُم وَيُنْذرهُمْ مَا هُوَ شَرّ لَهُم وَإِن أمتكُم هَذِه جعل عَافِيَتهَا فِي أَولهَا وَإِن آخرهَا سَيُصِيبُهُمْ بلَاء وَأُمُور يُنْكِرُونَهَا فَمن سره أَن يزحزح عَن النَّار وَيدخل الْجنَّة فلتدركه منيته وَهُوَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وليأت للنَّاس مَا يُحِبُّوا أَن يَأْتُوا إِلَيْهِ مُخْتَصر ... وَأَعَادَهُ فِي الْجِهَاد
268 - الحَدِيث الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من كتم علما عَن أَهله ألْجمهُ الله بلجام من نَار
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث أنس وَمن حَدِيث عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث ابْن مَسْعُود وَمن حَدِيث طلق بن عَلّي وَمن حَدِيث ابْن عمر وَمن حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَمن حَدِيث جَابر بن عبد الله وَمن حَدِيث عَائِشَة
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْعلم عَن حَمَّاد ابْن سَلمَة عَن عَلّي بن الحكم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من سُئِلَ عَن علم فكتمه ألْجمهُ الله بلجام من نَار انْتَهَى(1/252)
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا فِي أول أَبْوَاب الْعلم وَابْن ماجة فِي كتاب السّنة كِلَاهُمَا عَن عمَارَة بن زَاذَان عَن عَلّي بن الحكم عَن عَطاء بِهِ هَكَذَا هُوَ مُعَنْعَن عِنْد التِّرْمِذِيّ وَسِيَاق ابْن ماجة ثَنَا عَلّي بن الحكم ثَنَا عَطاء بِهِ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي مُخْتَصر السّنَن وَسَنَد أبي دَاوُد سَنَد حسن فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَن التَّبُوذَكِي وَقد احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ عَن حَمَّاد بن سَلمَة وَقد احْتج بِهِ مُسلم وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ عَن عَلّي بن الحكم وَقد وَثَّقَهُ أَحْمد وَأَبُو حَاتِم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح وَقد احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ انْتَهَى
وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي كتاب الْوَهم وَالْإِيهَام ذكر عبد الْحق هَذَا الحَدِيث فِي أَحْكَامه من جِهَة أبي دَاوُد وَسكت عَنهُ وَفِيه عِلّة وَذَلِكَ أَن أَبَا دَاوُد رَوَاهُ من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة أَنا عَلّي بن الحكم عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة وَقد تَابع حَمَّاد بن سَلمَة عَلَى هَذَا عمَارَة بن زَاذَان كَمَا هُوَ عِنْد التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَخَالَفَهُمَا عبد الْوَارِث بن سعيد وَهُوَ ثِقَة فَرَوَاهُ عَن عَلّي بن الحكم عَن رجل عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة فَأدْخل بَين عَلّي بن الحكم وَعَطَاء رجلا مَجْهُولا يُقَال إِنَّه حجاج بن أَرْطَاة وَهَذَا ظَاهره الِانْقِطَاع إِذْ لَو سَمعه عَلّي بن الحكم من عَطاء مَا رَوَاهُ عَن رجل عَنهُ إِلَّا أَن يكون قد صرح بِسَمَاعِهِ من عَطاء بِأَن يَقُول حَدثنَا أَو أخبرنَا أَو سَمِعت وَنَحْو ذَلِك فَحِينَئِذٍ يَقُول إِنَّه سَمعه مِنْهُ مرّة وَرَوَاهُ عَنهُ أُخْرَى بِوَاسِطَة فَحدث بِهِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أما إِذا كَانَ الأول مُعَنْعنًا فَإِن زِيَادَة رجلا بَينهمَا دَلِيل انْقِطَاعه انْتَهَى
قلت صرح بِالتَّحْدِيثِ فِي سِيَاق ابْن ماجة كَمَا قدمْنَاهُ وَالله أعلم
ثمَّ قَالَ ابْن الْقطَّان وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا إِسْنَاده حسن رَوَاهُ قَاسم بن أصبغ(1/253)
فِي كِتَابه حَدثنَا مُحَمَّد بن الْهَيْثَم أَبُو الْأَحْوَص ثَنَا مُحَمَّد بن أبي السّري الْعَسْقَلَانِي ثَنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا ... فَذكره قَالَ وَهَؤُلَاء كلهم ثِقَات انْتَهَى
وَلِحَدِيث أبي هُرَيْرَة هَذَا طرق أُخْرَى تكلم فِيهَا وَهِي عشر طرق رَوَاهَا ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه الْعِلَل المتناهية
الأول فِيهَا حَمَّاد قَالَ وَهُوَ مَجْرُوح أَيْضا وَفِي الثَّلَاثَة الْأُخْرَى حجاج بن أَرْطَاة قَالَ وَهُوَ مَجْرُوح أَيْضا وَفِي الْخَامِس صَدَقَة بن مُوسَى قَالَ يَحْيَى لَيْسَ بِشَيْء وَفِي السَّادِس صغدي بن سِنَان قَالَ قَالَ يَحْيَى لَيْسَ بِشَيْء وَفِي السَّابِع الْحُسَيْن بن أَحْمد قَالَ قَالَ مطين هُوَ كَذَّاب ابْن كَذَّاب وَفِي الثَّامِن عُثْمَان بن مقسم قَالَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ مَتْرُوك وَفِي التَّاسِع إِسْمَاعِيل بن عَمْرو قَالَ قَالَ الرَّازِيّ ضَعِيف وَفِي الْعَاشِر مُوسَى بن مُحَمَّد الْبُلْقَاوِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو زرْعَة كَانَ يكذب وَقَالَ ابْن حبَان كَانَ يضع وَالله أعلم
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط عَن جَابر الْجعْفِيّ عَن الشّعبِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من كتم علما جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة مُلجمًا بلجام من نَار انْتَهَى
وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه فِي السّنة من حَدِيث عَمْرو بن سليم ثَنَا يُوسُف بن إِبْرَاهِيم سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن وَاسع من حَدِيث يَحْيَى بن سليم الطائقي عَن عمرَان بن مُسلم عَن مُحَمَّد بن وَاسع عَن أنس مَرْفُوعا
رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من هذَيْن الطَّرِيقَيْنِ وَمن طَرِيق أُخْرَى فِيهَا عَلّي بن زيد بن جدعَان وَضعف الأول فِي يَحْيَى بن سليم وَالثَّانِي بعمر بن(1/254)
شَاكر وَالثَّالِث ابْن جدعَان
وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع التَّاسِع وَالْمِائَة من الْقسم الثَّانِي وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْعلم من طَرِيق ابْن وهب عَن عبد الله بن عَيَّاش بن عَبَّاس الْقِتْبَانِي عَن أَبِيه عَن عبد الرَّحْمَن الْجبلي عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ مَرْفُوعا ... فَذكره قَالَ الْحَاكِم إِسْنَاده صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ عِلّة انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث معمر بن زَائِدَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا نَحوه
وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ وَأعله بِمَعْمَر بن زَائِدَة وَقَالَ إِنَّه لَا يُتَابع عَلَى حَدِيثه انْتَهَى
وَله طَرِيقَانِ آخرَانِ رَوَاهُمَا ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية
فِي الأول أَحْمد بن أبي الرِّجَال قَالَ وَكَانَ رجلا صَالحا إِلَّا أَنه أَدخل عَلَيْهِ
فِي الثَّانِي حسن بن كُلَيْب قَالَ وَقد ضعفه الْخَطِيب انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده ثَنَا زُهَيْر ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد ثَنَا أَبُو عوَانَة عَن عبد الْأَعْلَى عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث سوار بن مُصعب عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله مَرْفُوعا وَشَيخ الطَّبَرَانِيّ فِيهِ مُحَمَّد بن الْفضل السَّقطِي وَأعله ابْن عدي فِي كَامِله بِهِ وَنقل تَضْعِيفه عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأحمد وَابْن معِين وَأعله أَيْضا بِسوار بن مُصعب وَنقل تَضْعِيفه عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن معِين وَقَالَ عَامَّة مَا يرويهِ غير مَحْفُوظ انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من ثَلَاث طرق أُخْرَى
فِي الأول مُوسَى بن عُمَيْر قَالَ قَالَ أَبُو حَاتِم كَذَّاب
فِي الثَّانِي حَمْزَة الجرزي قَالَ قَالَ ابْن عدي يضع(1/255)
وَفِي الثَّالِث هَيْصَم بن شَدَّاخٍ قَالَ قَالَ ابْن حبَان يروي الطَّامَّات لَا يحْتَج بِهِ
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط عَن مُوسَى بن عُمَيْر عَن الحكم بن عتيبة عَن الْأسود عَن ابْن مَسْعُود ... فَذكره
وَأما حَدِيث طلق بن عَلّي فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث حَمَّاد بن مُحَمَّد الْحَنَفِيّ الْفَزارِيّ عَن أَيُّوب بن عتبَة عَن قيس بن طلق عَن أَبِيه طلق بن عَلّي مَرْفُوعا
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله وَأعله بِأَيُّوب بن عتبَة وَقَالَ إِنَّه ضَعِيف
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية وَقَالَ حَمَّاد بن مُحَمَّد وَأَيوب بن عتبَة وَقيس بن طلق كلهم مضعفون انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن عَمْرو فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط عَن حسان بن سياه ثَنَا الْحسن بن ذكْوَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا وَأعله بِحسان وَقَالَ عَامَّة حَدِيثه لَا يُتَابع عَلَيْهِ انْتَهَى
وَأعله ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية بِهِ بالْحسنِ بن ذكْوَان قَالَ قَالَ أَحْمد وَأَحَادِيثه بَوَاطِيلُ وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ من طَرِيق أُخْرَى فِيهَا خَالِد بن يزِيد الْأنْصَارِيّ قَالَ يَحْيَى كَذَّاب وَقَالَ ابْن حبَان يروي الموضوعات
وَأما حَدِيث الْخُدْرِيّ فَرَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه من حَدِيث مُحَمَّد بن دَاب عَن صَفْوَان بن سليم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه مَرْفُوعا قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من كتم علما مِمَّا ينفع النَّاس فِي الدَّين ألْجمهُ الله بلجام من نَار وَفِيه زِيَادَة حَسَنَة
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية نَحوه ثمَّ قَالَ وَمُحَمّد بن دَاب قَالَ أَبُو زرْعَة فِيهِ يكذب انْتَهَى وَرَوَاهُ من طَرِيق أُخْرَى فِيهَا يَحْيَى بن الْعَلَاء قَالَ(1/256)
قَالَ أَحْمد كَذَّاب يضع الحَدِيث
وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ عَن عسل بن سُفْيَان التَّمِيمِي عَن عَطاء عَن جَابر بن عبد الله مَرْفُوعا وَأعله بِعَسَل بن سُفْيَان وَضَعفه عَن أَحْمد وَالْبُخَارِيّ
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من حَدِيث الْحسن بن عَرَفَة ثَنَا عبد الرازق ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي الزُّبَيْر عَن جَابر ثمَّ قَالَ قَالَ عَلّي بن الْعَبَّاس هَذَا حَدِيث مُنكر لَا أصل لَهُ وَلَا يعرف الْحسن بن عَرَفَة رَوَى عَن عبد الرازق انْتَهَى
وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ أَيْضا من حَدِيث الْحسن بن عَلّي الشروي عَن عَطاء عَن عَائِشَة مَرْفُوعا نَحوه ثمَّ قَالَ وَالْحسن هَذَا مَجْهُول بِالنَّقْلِ انْتَهَى
وَذكره الْمُنْذِرِيّ فِي مُخْتَصره أَن هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ عشرَة من الصَّحَابَة وَسَمَّاهُمْ كَمَا ذَكَرْنَاهُمْ إِلَّا أَنه ذكر عوض عَائِشَة عَمْرو بن عبسة وَقَالَ إِن فِي كل مِنْهُمَا مقَالا انْتَهَى
وَحَدِيث عَمْرو بن عبسة رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية وَمَتنه أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من كتم علما فقد برْء من الْإِسْلَام انْتَهَى
ثمَّ نقل ابْن الْجَوْزِيّ عَن الإِمَام أَحْمد أَنه قَالَ لَا يَصح فِي هَذَا الْبَاب شَيْء انْتَهَى
وَلم أجد فِي أَلْفَاظه من كتم علما عَن أَهله(1/257)
269 - عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَالَ مَا أَخذ الله عَلَى أهل الْجَهْل أَن يتعلموا حَتَّى أَخذ عَلَى أهل الْعلم أَن يعلمُوا
قلت أخبرنَا الشَّيْخ الصَّالح الْمسند الْخَطِيب أَبُو الْفَتْح صدر الدَّين مُحَمَّد بن الإِمَام الْمُحدث شرِيف الدَّين مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْمَيْدُومِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ أَنا الْمسند نجيب الدَّين أَبُو الْفرج عبد اللَّطِيف بن عبد الْمُنعم بن عَلّي بن الصَّقِيل الْحَرَّانِي سَمَاعنَا عَلَيْهِ سنة إِحْدَى وَسبعين وسِتمِائَة أَنا أَبُو الْفرج عبد الْمُنعم بن عبد الْوَهَّاب بن كُلَيْب أَنا أَبُو عَلّي مُحَمَّد بن سعيد بن نَبهَان أَنا أَبُو عَلّي الْحسن بن الْحُسَيْن بن دَوْمًا أَنا أَبُو بكر أَحْمد بن نصر بن عبد الله بن الْفَتْح الذِّرَاع قَالَ كتب إِلَى الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَأذن لي فِي رِوَايَته أَنا عبد الْوَهَّاب بن عَطاء الْخفاف ثَنَا الْحسن ابْن عمَارَة قَالَ أتيت الزُّهْرِيّ بعد أَن ترك الحَدِيث فَأَلْفَيْته عَلَى بَاب دَاره فَقلت إِن رَأَيْت أَن تُحَدِّثنِي فَقَالَ أما علمت أَنِّي تركت الحَدِيث فَقلت لَهُ أَنا حَدثنِي الحكم بن عتيبة عَن يَحْيَى الجزار سَمِعت عليا يَقُول مَا أَخذ الله عَلَى أهل الْجَهْل أَن يتعلموا حَتَّى أَخذ عَلَى أهل الْعلم أَن يعلمُوا قَالَ فَحَدثني أَرْبَعِينَ حَدِيثا انْتَهَى
وَهَذَا الْإِسْنَاد اشْتَمَل عَلَى جمَاعَة ضعفاء
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره كَذَلِك من طَرِيق الْحَارِث بن أبي أُسَامَة
وَذكره الإِمَام أَبُو عمر بن عبد الْبر فِي كتاب الْعلم من غير سَنَد فَقَالَ وَيروَى عَن عَلّي أَنه قَالَ ... الحَدِيث
وَهُوَ فِي الفردوس عَن عَلّي مَا أَخذ الله مِيثَاق الْجَاهِل أَن يتَعَلَّم حَتَّى أَخذ مِيثَاق الْعَالم أَن يُعلمهُ انْتَهَى وَهَذَا عَلَى عَادَته فِي ذكر اسْم الرَّاوِي وَحذف اسْم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَيكون مَرْفُوعا عِنْده(1/258)
270 - الحَدِيث الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ
رُوِيَ عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه سَأَلَ الْيَهُود عَن شَيْء مِمَّا فِي التَّوْرَاة فَكَتَمُوا الْحق وَأَخْبرُوهُ بِخِلَافِهِ وأروه أَنهم صدقوه وَاسْتحْمدُوا إِلَيْهِ وفرحوا بِمَا فعلوا فَأطلع الله رَسُوله عَلَى ذَلِك وَسَلاهُ بِمَا أنزل من وَعِيدهمْ فِي قَوْله لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن مَرْوَان قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافع إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَهُ لَئِن كَانَ كل امْرِئ منا إِن فَرح بِمَا أُوتِيَ وَحمد بِمَا لم يفعل لَنُعَذَّبَنَّ جَمِيعًا فَقَالَ ابْن عَبَّاس إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل الْكتاب أَتَاهُ الْيَهُود فَسَأَلَهُمْ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن شَيْء فَكَتَمُوهُ وَأَخْبرُوهُ بِغَيْرِهِ فَخَرجُوا وفرحوا أَنهم أَخْبرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنهُ وَاسْتحْمدُوا بذلك إِلَيْهِ وفرحوا بِمَا أَتَوا من كِتْمَانه إِيَّاه مَا سَأَلَهُمْ عَنهُ انْتَهَى
وَوهم الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
271 - الحَدِيث الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ ويل لمن قَرَأَ هَذِه الْآيَة فمج بهَا قَالَ المُصَنّف أَي لم يتفكر فِيهَا وَلم يَعْتَبِرهَا وَالْآيَة إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ... الْآيَة
قلت غَرِيب جدا وَذكره الثَّعْلَبِيّ هَكَذَا من غير سَنَد وَلَا راو وَلَعَلَّ بعده حَدِيثا آخر وَهُوَ فِي الْبَقَرَة فلينقل هَا هُنَا
272 - الحَدِيث السَّادِس وَالسَّبْعُونَ
عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَالَ لعَائِشَة أَخْبِرِينِي بِأَعْجَب مَا رَأَيْت من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَبَكَتْ وأَطَالَت ثمَّ قَالَت كل أمره(1/259)
عجب أَتَانِي فِي لَيْلَتي فَدخل فِي لِحَافِي حَتَّى الصق جلده بِجِلْدِي ثمَّ قَالَ يَا عَائِشَة هَل لَك أَن تَأْذَنِي لي فِي عبَادَة رَبِّي الله اللَّيْلَة فَقلت يَا رَسُول الله إِنِّي لأحب قربك وَأحب هَوَاك فقد أَذِنت لَك فَقَامَ إِلَى قربَة من مَاء فِي الْبَيْت فَتَوَضَّأ وَلم يكثر من صب المَاء ثمَّ قَامَ يُصَلِّي فَقَرَأَ من الْقُرْآن وَجعل يبكي حَتَّى بلغت الدُّمُوع حقْوَيْهِ ثمَّ جلس فَحَمدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَجعل يبكي ثمَّ رفع يَدَيْهِ وَجعل يبكي حَتَّى رَأَيْت دُمُوعه قد بلت الأَرْض فَأَتَاهُ بِلَال يُؤذنهُ بِصَلَاة الْغَدَاة فَرَآهُ يبكي فَقَالَ لَهُ يَا رَسُول الله أَتَبْكِي وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر فَقَالَ يَا بِلَال أَفلا أكون عبدا شكُورًا ثمَّ قَالَ وَمَالِي لَا أبْكِي وَقد أنزل الله عَلّي فِي هَذِه اللَّيْلَة (إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار) ثمَّ قَالَ ويل لمن قَرَأَهَا وَلم يتفكر فِيهَا وَرُوِيَ ويل لمن لَاكَهَا بَين فَكَّيْهِ وَلم يَتَأَمَّلهَا
قلت رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع السَّابِع وَالْأَرْبَعِينَ من الْقسم الْخَامِس من حَدِيث عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَن عَطاء قَالَ دخلت أَنا وَعبد الله بن عمر وَعبيد بن عُمَيْر عَلَى عَائِشَة فَقَالَت لِعبيد قد آن لَك أَن تَزُورنَا فَقَالَ أَقُول يَا أمه كَمَا قَالَ الأول زر غبا تَزْدَدْ حبا فَقَالَت دَعونَا من بَطَالَتكُمْ هَذِه ثمَّ قَالَ ابْن عمر لعَائِشَة أَخْبِرِينَا بِأَعْجَب شَيْء رَأَيْتِيه من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَكَتَتْ ثمَّ قَالَت لما كَانَت لَيْلَة من اللَّيَالِي قَالَ يَا عَائِشَة ذَرِينِي اللَّيْلَة أَتَعبد لرَبي قلت وَالله لأحب قربك وَأحب مَا يَسُرك قَالَت فَقَامَ فَتطهر ثمَّ قَامَ يُصَلِّي قَالَت فَلم يزل يبكي حَتَّى بل الأَرْض فجَاء بِلَال يُؤذنهُ بِالصَّلَاةِ فَلَمَّا رَآهُ يبكي قَالَ يَا رَسُول الله لم تبْكي وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ أَفلا أكون عبدا شكُورًا لقد أنزلت عَلّي اللَّيْلَة آيَة ويل لمن قَرَأَهَا وَلم يتفكر فِيهَا إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار ...(1/260)
الْآيَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الْوَفَاء وَأَبُو الْقَاسِم الْأَصْفَهَانِي فِي كتاب التَّرْغِيب والترهيب والثعلبي وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفاسيرهم كلهم عَن أبي جناب الْكَلْبِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ دخلت أَنا وَابْن عمر عَلَى عَائِشَة فَقَالَ لَهَا ابْن عمر أَخْبِرِينِي ... إِلَى آخِره بِلَفْظ المُصَنّف وَلم يذكرُوا كلهم الرِّوَايَة الثَّانِيَة ويل لمن لَاكَهَا بَين فَكَّيْهِ وَلم يَتَأَمَّلهَا لَكِن رَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الرّوم بالسند الْمَذْكُور أَعنِي عَن أبي جناب الْكَلْبِيّ عَن عَطاء عَن عَائِشَة قَالَت لما نزلت هَذِه الْآيَة وَمن آيَاته خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف أَلْسِنَتكُم قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَيْح لمن لَاكَهَا بَين لحييْهِ ثمَّ لم يتفكر فِيهَا انْتَهَى
273 - الحَدِيث السَّابِع وَالسَّبْعُونَ
عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ إِذا قَامَ من اللَّيْل يتَسَوَّك ثمَّ ينظر إِلَى السَّمَاء وَيَقُول إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض الْآيَة
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أَخْبرنِي الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عبد الله بن فَنْجَوَيْهِ ثَنَا أَحْمد بن جَعْفَر بن حمدَان ثَنَا يُوسُف بن عبد الله بن ماهان ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل ثَنَا حَمَّاد عَن الْحجَّاج عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن مُحَمَّد بن عَلّي بن أبي طَالب عَن عَلّي بن أبي طَالب أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... إِلَى آخِره
وَفِي الْكتب السِّتَّة فِي الصَّلَاة مُخْتَصرا وَمُطَولًا عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بت عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة قَالَت فَتحدث النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَعَ أَهله سَاعَة ثمَّ رقد فَلَمَّا كَانَ ثلث اللَّيْل الْأَخير فَتَسَوَّكَ ثمَّ نظر إِلَى السَّمَاء وَهُوَ يَقُول إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى ختم السُّورَة انْتَهَى
274 - الحَدِيث الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من أحب أَن يرتع فِي رياض الْجنَّة فليكثر(1/261)
ذكر الله تَعَالَى
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَفِي مُصَنفه فِي كتاب الدُّعَاء حَدثنَا يَحْيَى بن وَاضح عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة الربذي عَن أبي عبد الله الْقَرَّاظ عَن معَاذ ابْن جبل قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَمن طَرِيق ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه بِسَنَدِهِ وَمَتنه وَكَذَلِكَ الثَّعْلَبِيّ
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده ثَنَا إِسْحَاق بن أبي سُلَيْمَان الدَّارَانِي سَمِعت مُوسَى بن عُبَيْدَة الربذي يحدث عَن أبي عبد الله الْقَرَّاظ عَن معَاذ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره وَزَاد فِيهِ قصَّة
وَمن طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره فِي سُورَة العنكبوت عِنْد قَوْله تَعَالَى وَلذكر الله أكبر
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الْوَاقِعَة من حَدِيث مُوسَى بن عُبَيْدَة بِهِ سندا ومتنا
275 - الحَدِيث التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعمران بن الْحصين صل قَائِما فَإِن لم تستطع فقاعدا فَإِن لم تستطع فعلَى جنب تومئ إِيمَاء
قلت رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا مُسلما وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ عَن عمرَان بن الْحصين قَالَ كَانَت بِي بواسير فَسَأَلت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن الصَّلَاة فَقَالَ صل قَائِما فَإِن لم تستطع فقاعدا فَإِن لم تستطع فعلَى جنب انْتَهَى لَيْسَ فِيهِ الْإِيمَاء
وكما أوردهُ المُصَنّف أوردهُ صَاحب الْهِدَايَة(1/262)
276 - الحَدِيث الثَّمَانُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ بَيْنَمَا رجل مستلق عَلَى فرَاشه فَرفع رَأسه فَنظر إِلَى النُّجُوم وَإِلَى السَّمَاء فَقَالَ أشهد أَن لَك رَبًّا خَالِقًا اللَّهُمَّ اغْفِر لي فَنظر الله إِلَيْهِ فغفر لَهُ
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره قَالَ وجدت فِي كتابي عَن أبي زرْعَة مُحَمَّد ابْن جَعْفَر بن الْحسن وَشَكَكْت فِي سَمَاعي مِنْهُ أَنا مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن عبد الله السّلمِيّ أَنا مُحَمَّد بن حسان بن أَحْمد أَنا مُحَمَّد بن الْحسن الْخَلِيل ثَنَا عبد الله بن زِيَاد الْقَطوَانِي حَدثنَا سيار ثَنَا عبد الله بن جَعْفَر ثَنَا زيد بن أسلم ثَنَا عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بَيْنَمَا رجل ... إِلَى آخِره
277 - الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لَا عبَادَة كالتفكر
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله الحبطي من أهل تستر أبي رَجَاء ثَنَا شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن أبي إِسْحَاق عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَلّي أَنه قَالَ لِابْنِهِ الْحسن يَا بني سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول لَا مَال أَعُود من الْعقل وَلَا فقر أَشد من الْجَهْل وَلَا وحدة أَشد من الْعجب وَلَا مُظَاهرَة أوثق من الْمُشَاورَة وَلَا عقل كالتدبير وَلَا ورع كحسن الْخلق وَلَا عبَادَة كالتفكر وَآفَة الحَدِيث الْكَذِب وَآفَة الْعلم النسْيَان وَآفَة المَال الْبَغي وَآفَة الشجَاعَة الْفَخر يَا بني لَا تستحقر أحدا أبدا إِن كَانَ أكبر مِنْك فَاحْسبْ أَنه أَبوك وَإِن كَانَ مثلك فَاحْسبْ أَنه أَخُوك أَو أَصْغَر مِنْك فَاحْسبْ أَنه ابْنك انْتَهَى ثمَّ قَالَ تفرد بِهِ الحبطي عَن شُعْبَة وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ انْتَهَى(1/263)
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي كتاب الضُّعَفَاء وَأعله بالحبطي وَقَالَ إِنَّه يروي عَن الثِّقَات مَا لَيْسَ من حَدِيث الْأَثْبَات انْتَهَى
278 - الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لَا تفضلُونِي عَلَى يُونُس بن مَتى فَإِنَّهُ كَانَ يرفع لَهُ كل يَوْم مثل عمل أهل الأَرْض
قلت غَرِيب جدا
279 - الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ
رُوِيَ أَن أم سَلمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت يَا رَسُول الله إِنِّي أسمع الله يذكر الرِّجَال فِي الْهِجْرَة وَلَا يذكر النِّسَاء فَنزلت يَعْنِي قَوْله تَعَالَى إِنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي تَفْسِير النِّسَاء من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار عَن رجل من ولد أم سَلمَة عَن أم سَلمَة قَالَت يَا رَسُول الله لَا أسمع الله ذكر النِّسَاء فِي الْهِجْرَة فَأنْزل الله إِنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم من ذكر أَو أُنْثَى بَعْضكُم من بعض انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك كَذَلِك وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة فِي الْجِهَاد من طَرِيق سعيد بن مَنْصُور ثَنَا سُفْيَان أَنا عَمْرو بن دِينَار أَخْبرنِي سَلمَة رجل من ولد أم سَلمَة قَالَ قَالَت أم سَلمَة ... فَذكره(1/264)
280 - الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا مثل مَا يَجْعَل أحدكُم أُصْبُعه فِي اليم فَلْينْظر بِمَ يرجع
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي صفة الْقِيَامَة من حَدِيث مُسْتَوْرِد بن شَدَّاد قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره سَوَاء الحَدِيث
281 - الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ
رُوِيَ أَنه لما مَاتَ النَّجَاشِيّ نعاه جِبْرِيل إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لأَصْحَابه اخْرُجُوا فصلوا عَلَى أَخ لكم مَاتَ بِغَيْر أَرْضكُم فَخرج إِلَى البقيع وَنظر إِلَى أَرض الْحَبَشَة فأبصر سَرِير النَّجَاشِيّ فَصَلى عَلَيْهِ واستغفر لَهُ فَقَالَ المُنَافِقُونَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا يُصَلِّي عَلَى علج نَصْرَانِيّ لم يره قطّ فَأنْزل الله وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته الْآيَة
قلت رَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَابْن عدي فِي كِتَابه الْكَامِل من حَدِيث أبي بكر الْهُذلِيّ واسْمه سلْمَى بن عبد الله عَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لأَصْحَابه اخْرُجُوا فصلوا عَلَى أَخ لكم قد مَاتَ قَالَ فَصَلى بِنَا فَكبر أَربع تَكْبِيرَات ثمَّ قَالَ هَذَا أَصْحَمَة النَّجَاشِيّ فَقَالَ المُنَافِقُونَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا يُصَلِّي عَلَى علج نَصْرَانِيّ لم يره قطّ فَأنْزل الله تَعَالَى وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه ... الْآيَات كلهَا انْتَهَى ولين ابْن عدي الْهُذلِيّ تَلْيِينًا يَسِيرا وَلم يُضعفهُ
وَذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من قَول ابْن عَبَّاس(1/265)
وَجَابِر بن عبد الله وَقَتَادَة قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه نزلت فِي النَّجَاشِيّ وَذَلِكَ أَنه لما مَاتَ نعاه جِبْرِيل إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي نَفْس الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لأَصْحَابه اخْرُجُوا فصلوا عَلَى أَخ لكم مَاتَ بِغَيْر أَرْضكُم قَالُوا وَمن هُوَ قَالَ النَّجَاشِيّ فَخرج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى البقيع وكشف لَهُ من الْمَدِينَة إِلَى أَرض الْحَبَشَة فأبصر سَرِير النَّجَاشِيّ وَصَلى عَلَيْهِ واستغفر لَهُ وَقَالَ لأَصْحَابه اسْتَغْفرُوا لَهُ فَقَالَ المُنَافِقُونَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا يُصَلِّي عَلَى حبشِي نَصْرَانِيّ لم يره قطّ وَلَيْسَ عَلَى دينه فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة انْتَهَى وَسَنَده إِلَى ابْن عَبَّاس وَقَتَادَة أول كِتَابه
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ لما قدم عَلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَفَاة النَّجَاشِيّ قَالَ اخْرُجُوا فصلوا عَلَى أَخ لكم لم تروه قطّ فخرجنا وَتقدم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَصفنَا خَلفه فَصَلى وصلينا فَلَمَّا انصرفنا قَالَ المُنَافِقُونَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا يُصَلِّي عَلَى علج نَصْرَانِيّ لم يره قطّ فَأنْزل الله وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه ... الْآيَة انْتَهَى
282 - الحَدِيث السَّادِس وَالثَّمَانُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من رابط يَوْمًا وَلَيْلَة فِي سَبِيل الله كَانَ كَعدْل صِيَام شهر وقيامه لَا يفْطر وَلَا يَنْفَتِل عَن صلَاته إِلَّا لحَاجَة
قلت رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْجِهَاد حَدثنَا زيد بن الْحباب ثَنَا مُوسَى بن عُبَيْدَة الربذي أخبرنَا مُحَمَّد بن أبي مَنْصُور عَن السمط بن عبد الله الْبَلْخِي عَن سلمَان الْفَارِسِي أَنهم كَانُوا فِي جند من الْمُسلمين مرّة فَأَصَابَهُمْ ضرّ وَحصر فَقَالَ سلمَان لصَاحب الْجند أَلا أحَدثك حَدِيثا سمعته من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَيكون لَك قُوَّة عَلَى الْجند قَالَ بلَى قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول من رابط يَوْمًا وَلَيْلَة فِي سَبِيل الله كَانَ كَعدْل صِيَام شهر وقيامه(1/266)
لَا يفْطر وَلَا يَنْفَتِل عَن صلَاته إِلَّا لحَاجَة وَمن مَاتَ فِي سَبِيل الله أَجْرَى الله تَعَالَى عَلَيْهِ أجره حَتَّى يقْضِي بَين أهل الْجنَّة وَالنَّار انْتَهَى
وَمن طَرِيق أَحْمد رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ وَمَتنه
وَرَوَى ابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث سلمَان أَيْضا مَرْفُوعا رِبَاط يَوْم وَلَيْلَة فِي سَبِيل الله أفضل من صِيَام شهر وقيامه صَائِم لَا يفْطر وقائم لَا يفتر مُخْتَصر وَفِيه قصَّة
وَمَعْنى الحَدِيث فِي صَحِيح مُسلم رَوَاهُ فِي كتاب الْجِهَاد عَن مَكْحُول عَن شُرَحْبِيل بن السمط عَن سلمَان عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ رِبَاط يَوْم وَلَيْلَة فِي سَبِيل الله خير من صِيَام شهر وقيامه وَإِن مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عمله الَّذِي كَانَ يعمله وَأجْرِي عَلَيْهِ رزقه وَأمن الفتان انْتَهَى
وَوهم الْحَاكِم فَرَوَاهُ فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَمتْن النَّسَائِيّ من رابط يَوْمًا وَلَيْلَة فِي سَبِيل الله كَانَ كَأَجر صِيَام شهر وقيامه
283 - الحَدِيث السَّابِع وَالثَّمَانُونَ
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من قَرَأَ سُورَة آل عمرَان أعطي بِكُل آيَة مِنْهَا أَمَانًا عَلَى جسر جَهَنَّم
قلت رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق الإِمَام أبي بكر بن أبي دَاوُد السجسْتانِي ثَنَا مُحَمَّد بن عَاصِم ثَنَا شَبابَة بن سوار أَنا مخلد بن عبد الْوَاحِد عَن عَلّي بن زيد بن جدعَان وَعَطَاء بن أبي مَيْمُونَة عَن زر بن حُبَيْش عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره وَذكر فضل سُورَة آل عمرَان وَهُوَ فِي آخر الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى(1/267)
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد وَهُوَ الطَّبَرَانِيّ ثَنَا بشر بن مُوسَى ثَنَا مُحَمَّد بن عمرَان بن أبي لَيْلَى حَدثنِي أبي عَن مخلد بن عبد الْوَاحِد عَن الْحجَّاج بن عبد الله عَن أبي الْخَلِيل وَعلي بن زيد وَعَطَاء بن أبي مَيْمُونَة عَن زر بن حُبَيْش عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره بِطُولِهِ
وَرَوَاهُ أَيْضا حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن حَمْزَة أَنا إِبْرَاهِيم بن شريك بن الْفضل بن خَالِد الْأَسدي الْكُوفِي ثَنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس ثَنَا سَلام بن سليم الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون بن كثير / ح وَحدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب الْحرفِي ثَنَا أَبُو عَمْرو يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف الْبَاطِرْقَانِيُّ الْمُؤَذّن ثَنَا أَبُو خَالِد الرَّمْلِيّ ثَنَا يزِيد بن خَالِد بن يزِيد بن موهب بِمَكَّة ثَنَا يُوسُف بن عَطِيَّة عَن هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي بن كَعْب وَقَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره بِطُولِهِ
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره من حَدِيث سَلام بن سليم الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون ابْن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا
284 - الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من قَرَأَ السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا آل عمرَان يَوْم الْجُمُعَة صَلَّى الله عَلَيْهِ وَمَلَائِكَته حَتَّى تحجب الشَّمْس
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا أَبُو حنيفَة مُحَمَّد بن حنيفَة الوَاسِطِيّ ثَنَا عمي أَحْمد بن مُحَمَّد بن ماهان بن أبي حنيفَة ثَنَا أبي عَن طَلْحَة بن زيد عَن يزِيد بن سِنَان عَن يزِيد بن جَابر الدِّمَشْقِي عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قَرَأَ السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا آل عمرَان يَوْم الْجُمُعَة صَلَّى الله عَلَيْهِ وَمَلَائِكَته حَتَّى تحجب الشَّمْس انْتَهَى(1/268)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَجَبت الشَّمْس إِذا سَقَطت لِتَغَيُّبٍ(1/269)
سُورَة النِّسَاء(1/271)
سُورَة النِّسَاء
وَذكر فِيهَا أَرْبَعَة وَثَمَانِينَ حَدِيثا
285 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الرَّحِم معلقَة بالعرش فَإِذا أَتَاهَا الْوَاصِل بِشَتٍّ بِهِ كَلمته وَإِذا أَتَاهَا الْقَاطِع احْتَجَبت عَنهُ
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا جرير عَن قَابُوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الرَّحِم معلقَة بالعرش ... إِلَى آخِره
وَرَوَاهُ أَبُو عبد الله التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي كِتَابه نَوَادِر الْأُصُول فِي الأَصْل الْخمسين بعد الْمِائَة حَدثنَا الْجَارُود ثَنَا جرير بِهِ سندا ومتنا
286 - الحَدِيث الأول
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ
قلت رُوِيَ من حَدِيث عَائِشَة وَمن حَدِيث أنس وَمن حَدِيث عمر بن الْخطاب
أما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه فِي كتاب النِّكَاح من حَدِيث الْحَارِث بن عمرَان الْجَعْفَرِي عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ وَانْكِحُوا الْأَكفاء وَانْكِحُوا إِلَيْهِم انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه كَذَلِك وَسكت عَنهُ ثمَّ رَوَاهُ من حَدِيث عِكْرِمَة ابْن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام بن عُرْوَة بِهِ وَقَالَ حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَتعقبه شَيخنَا الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره فَقَالَ الْحَارِث مُتَّهم وَعِكْرِمَة ضَعَّفُوهُ(1/273)
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي كتاب الضُّعَفَاء وَقَالَ الْحَارِث بن عمرَان كَانَ يضع الحَدِيث عَلَى الثِّقَات وَقد تَابعه عِكْرِمَة بن إِبْرَاهِيم وهما ضعيفان انْتَهَى
وَله طرق أُخْرَى فَمِنْهَا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن أبي أُميَّة إِسْمَاعِيل بن يعْلى عَن هِشَام بِهِ وَأَبُو أُميَّة مَتْرُوك
وَمِنْهَا الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا عَن صَالح بن مُوسَى عَن هِشَام بِهِ اخْتَارُوا لنُطَفِكُمْ الْمَوَاضِع الصَّالِحَة
قَالَ ابْن طَاهِر لم يروه عَن هِشَام ثِقَة وَصَالح ضَعِيف
وَمِنْهَا ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن عِيسَى بن مَيْمُون قَالَ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة وَأعله بِعِيسَى بن مَيْمُون قَالَ ابْن حبَان مُنكر الحَدِيث وَقَالَ ابْن طَاهِر مَتْرُوك الحَدِيث
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من طرق أُخْرَى ضَعِيفَة وَقَالَ إِنَّه حَدِيث لَا يَصح وكل طرْقَة واهية
وَقَالَ عبد الْحق فِي أَحْكَامه إِنَّه حَدِيث لَا أصل لَهُ رَوَاهُ الْحَارِث بن عمرَان الْجَعْفَرِي وَأَبُو أُميَّة الثَّقَفِيّ وَمُنْذِر بن عَلّي وَعِكْرِمَة بن إِبْرَاهِيم وَأَيوب بن وَاقد وَكلهمْ ضعفاء وَرَوَاهُ أَبُو الْمِقْدَام بن زِيَاد عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه مُرْسلا وَهُوَ أشبه بِالصَّوَابِ انْتَهَى
وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي كتاب الْحِلْية فِي تَرْجَمَة الزُّهْرِيّ من حَدِيث عبد الْعَظِيم بن إِبْرَاهِيم السالمي ثَنَا عبد الْملك بن يَحْيَى ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن زِيَاد بن سعد عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ وَاجْتَنبُوا السوَاد فَإِنَّهُ لون مُشَوه انْتَهَى
وَمن طَرِيق أبي نعيم رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية وَقَالَ فِيهِ مَجَاهِيل
وَوَجَدته فِي فَوَائِد تَمام عَن عبد الْعَظِيم بن إِبْرَاهِيم ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك(1/274)
ثَنَا سُفْيَان بِهِ وَلَيْسَ فِيهِ وَاجْتَنبُوا السوَاد ... إِلَى آخِره
وَأما حَدِيث عمر فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن سُلَيْمَان بن عَطاء عَن مسلمة بن عبد الله عَن عَمه أبي مشجعَة عَن عمر بن الْخطاب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ وَعَلَيْكُم بِذَات الْأَوْرَاك فَإِنَّهُنَّ أَنْجَب انْتَهَى ولين سُلَيْمَان بن عَطاء وَنقل عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ فِي حَدِيثه بعض مَنَاكِير انْتَهَى
وَنقل ابْن أبي حَاتِم فِي علله عَن أَبِيه تَضْعِيف هَذَا الحَدِيث من جَمِيع طرقه
قَالَ ابْن طَاهِر وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن الْفَيْض ثَنَا عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز بن أبي دواد عَن ابْن جريح عَن عَطاء فَمرَّة قَالَ عَن ابْن عَبَّاس وَمرَّة قَالَ عَن عَائِشَة وَعبد الْمجِيد ثِقَة إِلَّا أَن الِاخْتِلَاف فِيهِ عَلَى عَطاء يُضعفهُ انْتَهَى
287 - الحَدِيث الثَّانِي
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا يتم بعد الْحلم
قلت رُوِيَ من حَدِيث عَلّي وَمن حَدِيث أنس بن مَالك وَمن حَدِيث جَابر وَمن حَدِيث حَنْظَلَة
أما حَدِيث عَلّي فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب الْوَصَايَا من حَدِيث يَحْيَى بن مُحَمَّد الْمدنِي حَدثنِي عبد الله بن خَالِد بن سعيد بن أبي مَرْيَم عَن أَبِيه خَالِد بن سعيد عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن رُقَيْش أَنه سمع شُيُوخًا من بني عَمْرو بن عَوْف وَمن خَاله عبد الله بن أبي أَحْمد قَالَ قَالَ عَلّي حفظت عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا يتم بعد احْتِلَام وَلَا صمَات يَوْم إِلَى اللَّيْل انْتَهَى(1/275)
قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه فِيهِ يَحْيَى بن مُحَمَّد الْجَارِي بِالْجِيم وَالرَّاء الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى الْجَار بليدَة بالسَّاحل بِقرب مَدِينَة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ البُخَارِيّ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ وَقَالَ ابْن حبَان يتَجَنَّب مَا انْفَرد بِهِ وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة أنس وَجَابِر وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء يثبت انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ وَأعله بِيَحْيَى الْجَارِي وَقَالَ لَا يُتَابع عَلَيْهِ انْتَهَى
وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه الْوَهم وَالْإِيهَام هُوَ حَدِيث مَعْلُول فَخَالِد بن سعيد بن أبي مَرْيَم وَابْنه عبد الله بن خَالِد مَجْهُولَانِ وَلم أجد لعبد الله ذكرا إِلَّا فِي اسْم ابْن لَهُ يُقَال لَهُ إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن خَالِد بن سعيد بن أبي مَرْيَم ذكره ابْن أبي حَاتِم وَهُوَ مَجْهُول الْحَال كَذَلِك فَأَما جده سعيد بن أبي مَرْيَم فَثِقَة وَيَحْيَى بن مُحَمَّد الْمدنِي مَجْهُول أَو ضَعِيف إِن كَانَ ابْن هاني وَعبد الله بن أبي أَحْمد بن جحش بن ربَاب مَجْهُول الْحَال أَيْضا وَلَيْسَ بوالد بكير بن عبد الله الْأَشَج كَمَا ظَنّه ابْن أبي حَاتِم حِين جمع بَينهمَا وَالْبُخَارِيّ قد فصل بَينهمَا فَجعل الَّذِي رَوَى عَن عَلّي فِي تَرْجَمَة وَالَّذِي يروي عَن ابْن عَبَّاس وَهُوَ وَالِد بكير فِي تَرْجَمَة أُخْرَى وَأيهمَا كَانَ فحاله مَجْهُولَة أَيْضا فَهَذِهِ علل الْخَبَر انْتَهَى كَلَامه
وَله طَرِيق آخر رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الصُّوفِي الْبَغْدَادِيّ بِمصْر سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد بن مَيْمُون التبَّان حَدثنِي أبي عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كَبِير عَن مُوسَى بن عقبَة عَن أبان بن تغلب عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة بن قيس عَن عَلّي قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا رضَاع بعد فصَال وَلَا يتم بعد حلم انْتَهَى
وَمن طَرِيق الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي تَارِيخه فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الصُّوفِي
وَله طَرِيق أُخْرَى رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الطَّلَاق حَدثنَا معمر(1/276)
عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم عَن النزال بن سُبْرَة عَن عَلّي مَرْفُوعا لَا رضَاع بعد فصَال وَلَا يتم بعد الْحلم وَلَا صمت يَوْم إِلَى اللَّيْل أخبرنَا الثَّوْريّ عَن جُوَيْبِر بِهِ مَوْقُوفا
قَالَ الْعقيلِيّ وَهُوَ الصَّوَاب وَقَالَ ابْن عدي وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق مرّة عَن معمر فرفعه وَمرَّة عَن الثَّوْريّ فَوَقفهُ انْتَهَى
وَله طَرِيق آخر عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط عَن معمر عَن عبد الْكَرِيم ابْن أبي الْمخَارِق عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم بِهِ مَرْفُوعا وَعبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق هَالك
أما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي ثَنَا يَحْيَى بن يزِيد بن عبد الْملك بن الْمُغيرَة عَن أَبِيه عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن أنس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَا يتم بعد حلم انْتَهَى ثمَّ قَالَ لَا نعلمهُ يرْوَى عَن أنس إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد وَيزِيد بن عبد الْملك لين الحَدِيث وَرَوَى جمَاعَة من أهل الْعلم حَدِيثه وَاحْتَمَلُوهُ عَلَى لينه انْتَهَى
قَالَ ابْن طَاهِر يَحْيَى وَأَبوهُ يزِيد ضعيفان انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كِتَابه الْكَامِل وَأعله بِيَزِيد بن عبد الْملك وَقَالَ عَامَّة مَا يرويهِ غير مَحْفُوظ وَأسْندَ النَّسَائِيّ أَنه قَالَ فِيهِ مَتْرُوك الحَدِيث
أما حَدِيث جَابر فَلهُ طرق
مِنْهَا مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الرَّضَاع حَدثنَا معمر عَن حرَام بن عُثْمَان عَن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد ابْني جَابر عَن أَبِيهِمَا جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَا يتم بعد حلم وَلَا رضَاع بعد الْفِطَام وَلَا صمت يَوْم لِليْل مُخْتَصر
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده
وَأعله ابْن عدي فِي كَامِله بِحرَام بن عُثْمَان وَأسْندَ إِلَى ابْن معِين وَالشَّافِعِيّ أَنَّهُمَا قَالَا الرِّوَايَة عَن حرَام بن عُثْمَان حرَام(1/277)
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث سعيد بن الْمَرْزُبَان أبي سعيد الْبَقَّال عَن يزِيد الْفَقِير عَن جَابر مَرْفُوعا نَحوه وَأعله بِسَعِيد بن الْمَرْزُبَان وَنقل تَضْعِيفه عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن معِين ثمَّ قَالَ وَهُوَ من جملَة الضُّعَفَاء الَّذين يكْتب حَدِيثهمْ وَلَا يتْرك انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه الْعِلَل المتناهية من حَدِيث الدَّارقطني عَن ابْن حبَان بِسَنَدِهِ عَن سعيد ثمَّ قَالَ قَالَ الفلاس سعيد بن الْمَرْزُبَان مَتْرُوك الحَدِيث انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي كتاب الضُّعَفَاء وَأعله بِسَعِيد وَقَالَ إِنَّه كثير الْوَهم ضعفه ابْن معِين انْتَهَى
أما حَدِيث حَنْظَلَة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن أبي بكر الْمقدمِي ثَنَا سلم بن قُتَيْبَة ثَنَا ذَيَّال بن عبيد ابْن حَنْظَلَة بن حديم بن حنيفَة الْمَالِكِي سَمِعت جدي حَنْظَلَة بن حديم يَقُول سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول لَا يتم بعد احْتِلَام وَلَا يتم عَلَى جَارِيَة إِذا هِيَ حَاضَت انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده عَن سلم بن قُتَيْبَة بِهِ سندا ومتنا
288 - الحَدِيث الثَّالِث
رُوِيَ أَن رجلا من غطفان كَانَ مَعَه مَال كثير لِابْنِ أَخ لَهُ يَتِيم فَلَمَّا بلغ طلب المَال فَمَنعه عَمه فَتَرَافَعَا إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَنزلت فَلَمَّا سَمعهَا الْعم قَالَ أَطعْنَا الله وأطعنا الرَّسُول نَعُوذ بِاللَّه من الْحُوب الْكَبِير فَدفع مَاله إِلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمن يُوقَ شح نَفسه ويطع ربه هَكَذَا فَإِنَّهُ يحل دَاره يَعْنِي جنته فَلَمَّا قبض الْفَتَى مَاله أنفقهُ فِي سَبِيل الله فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثَبت الْأجر وَبَقِي الْوزر قَالَ(1/278)
يَا رَسُول الله قد عرفنَا أَنه ثَبت الْأجر فَكيف بَقِي الْوزر وَهُوَ ينْفق فِي سَبِيل الله فَقَالَ ثَبت أجر الْغُلَام وَبَقِي الْوزر عَلَى وَالِده
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ من قَول مقَاتل والكلبي وَسَنَده إِلَيْهِمَا مَذْكُور فِي أول كِتَابه وَكَذَلِكَ فعل الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول
289 - الحَدِيث الرَّابِع
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن طَلَاق أم أَيُّوب لَحوب
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي شيبَة ثَنَا يَحْيَى الْحمانِي ثَنَا حَمَّاد بن زيد عَن وَاصل مولَى أبي عُيَيْنَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبن عَبَّاس أَن أَبَا أَيُّوب أَرَادَ أَن يُطلق أم أَيُّوب فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن طَلَاق أم أَيُّوب لَحوب انْتَهَى ذكره فِي تَرْجَمَة أم أَيُّوب وَذكره فِي تَرْجَمَة ابْن عَبَّاس وَزَاد فِيهِ قَالَ ابْن سِيرِين وَالْحوب الْإِثْم
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن أنس بن سِيرِين قَالَ بَلغنِي أَن أَبَا أَيُّوب ... الحَدِيث
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث ثَنَا مُوسَى ثَنَا جرير عَن وَاصل عَن أنس بن سِيرِين ... فَذكره
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره ثَنَا عبد الْبَاقِي ثَنَا بشر بن مُوسَى أَنا هَوْذَة ابْن خَليفَة أَنا عون عَن أنس أَن أَبَا أَيُّوب أَرَادَ فَذكره وَزَاد فِيهِ قَالَ فَأَمْسكهَا انْتَهَى
وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث عَلّي بن عَاصِم عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك قَالَ كَانَ بَين أبي طَلْحَة وَأم سليم كَلَام فَأَرَادَ أَبُو طَلْحَة(1/279)
أَن يُطلق أم سليم فَبلغ ذَلِك النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ إِن طَلَاق أم سليم لَحوب انْتَهَى
وَقَالَ صَالح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره فَقَالَ عَلّي بن عَاصِم واه
290 - الحَدِيث الْخَامِس
رَوَت عَائِشَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن لَا تعولُوا أَلا تَجُورُوا
قلت رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع السَّادِس وَالسِّتِّينَ من الْقسم الثَّالِث من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم دُحَيْم ثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب عَن عمر ابْن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي قَوْله تَعَالَى ذَلِك أدنَى أَن لَا تعولُوا قَالَ أَلا تَجُورُوا انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ والثعلبي وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم فِي تفاسيرهم قَالَ ابْن أبي حَاتِم وَالصَّوَاب عَن عَائِشَة مَوْقُوف انْتَهَى وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث كلهم بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور
291 - قَوْله
رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ لَا تَظنن بِكَلِمَة خرجت من فِي أَخِيك سوءا وَأَنت تَجِد لَهَا فِي الْخَيْر محملًا
قلت رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كتاب التَّرْهِيب وَالتَّرْغِيب أخبرنَا أَبُو رَجَاء بنْدَار أَنا مُحَمَّد بن أَحْمد الْكَاتِب ثَنَا عبد الله بن مُحَمَّد ثَنَا عبد الرَّحْمَن ابْن الْحسن ثَنَا سُلَيْمَان بن الرّبيع بن هِشَام قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله كادحا الزَّاهِد عَن يَحْيَى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ وضع عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ثَمَانِي عشرَة كلمة كلهَا حِكْمَة قَالَ مَا عَاقَبت من عَصَى الله فِيك بِمثل أَن تطيع الله فِيهِ وضع أَمر أَخِيك عَلَى أحْسنه حَتَّى يَأْتِيك مِنْهُ مَا يَغْلِبك وَلَا تَظنن بِكَلِمَة خرجت من أَخِيك الْمُسلم سوءا أَو قَالَ شرا وَأَنت تَجِد لَهَا فِي(1/280)
الْخَيْر محملًا وَمن تعرض للتُّهمَةِ فَلَا يَلُومن من أَسَاءَ بِهِ الظَّن وَمن كتم سره كَانَت الْخيرَة بِيَدِهِ وَعَلَيْك بِإِخْوَان الصدْق تعيش فِي أَكْنَافهم وَلَا تسْأَل عَمَّا لَا يَعْنِيك وَلَا تَطْلُبن حَاجَة إِلَّا مِمَّن يحب نَجَاحهَا وَلَا تصْحَب الْفجار فَتَتَعَلَّمُ من فُجُورهمْ وَاعْتَزل عَدوك وَاحْذَرْ صديقك إِلَّا الْأمين وَلَا أَمِين إِلَّا من يخْشَى الله وَاسْتَشِرْ فِي أَمرك الَّذِي يَخْشونَ الله وهم الْعلمَاء قَالَ الله تَعَالَى إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّامِن وَالْخمسين من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن أبي طيبَة عَن يَحْيَى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ كتبت إِلَى بعض إخْوَانِي من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن ضع أَمر أَخِيك عَلَى أحْسنه إِلَى آخِره سَوَاء
وَرَوَى ابْن طَاهِر فِي كِتَابه عَلَى أَحَادِيث الشهَاب من حَدِيث الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي ثَنَا زِيَاد بن أَيُّوب ثَنَا مُحَمَّد بن يزِيد عَن نَافِع بن عمر الجُمَحِي عَن سُلَيْمَان بن عَبدة قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب لَا تَظنن بِكَلِمَة خرجت من فِي أَخِيك سوءا وَأَنت تَجِد لَهَا فِي الْخَيْر محملًا انْتَهَى
292 - قَوْله
وَمن حَدِيث أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه إِنِّي كنت نحلتك جدَاد عشْرين وسْقا بِالْعَالِيَةِ
قلت رَوَاهُ مَالك فِي كتاب الْمُوَطَّأ فِي كتاب الْقَضَاء أخبرنَا ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت إِن أَبَا بكر كَانَ نحلهَا جدَاد عشْرين(1/281)
وسْقا من مَاله بِالْعَالِيَةِ فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالَ مَا من النَّاس أحد أحب إِلَيّ غنى بعدِي مِنْك وَلَا أعز عَلّي فقرا مِنْك وَإِنِّي كنت نحلتك جدَاد عشْرين وسْقا فَلَو كنت حُزْتِيهِ لَكَانَ لَك وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْم مَال وَارِث وَإِنَّمَا هُوَ أَخَوَاك وَأُخْتَاك فَاقْتَسمُوهُ عَلَى كتاب الله قَالَت يَا أَبَة وَالله لَو كَانَ كَذَا وَكَذَا لتركته إِنَّمَا هِيَ أَسمَاء فَمن الْأُخْرَى فَقَالَ ذُو بطن بنت خَارِجَة أَرَاهَا جَارِيَة فَولدت جَارِيَة أَخَوَاهَا عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد وَبنت خَارِجَة هِيَ حَبِيبَة بنت خَارِجَة بن زيد زَوْجَة أبي بكر كَانَت ذَلِك الْوَقْت حَامِلا فَولدت أم كُلْثُوم انْتَهَى
وَعَن مَالك رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْحسن فِي موطئِهِ بِسَنَدِهِ وَمَتنه
293 - قَوْله
وَعَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه كتب إِلَى قُضَاته أَن النِّسَاء يُعْطين رَغْبَة وَرَهْبَة فأيما امْرَأَة أَعْطَتْ ثمَّ أَرَادَت أَن ترجع فَذَلِك لَهَا
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الْبيُوع حَدثنَا عَلّي بن مسْهر عَن سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ عَن مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ قَالَ كتب عمر بن الْخطاب أَن النِّسَاء يُعْطين أَزوَاجهنَّ رَغْبَة وَرَهْبَة فأيما امْرَأَة أَعْطَتْ زَوجهَا شَيْئا فَأَرَادَتْ أَن تَعْتَصِرَهُ فَهِيَ أَحَق بِهِ انْتَهَى
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الْهِبَة أخبرنَا الثَّوْريّ عَن سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ عَن مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ قَالَ كتب عمر بن الْخطاب إِن النِّسَاء يُعْطين رَغْبَة وَرَهْبَة فأيما امْرَأَة أَعْطَتْ زَوجهَا فَشَاءَتْ أَن ترجع فَلْتَرْجِعْ انْتَهَى
294 - الحَدِيث السَّادِس
عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة يَعْنِي قَوْله تَعَالَى فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فَقَالَ إِذا جَادَتْ(1/282)
لزَوجهَا بِالْعَطِيَّةِ طَائِعَة غير مُكْرَهَة لَا يقْضِي بِهِ عَلَيْكُم سُلْطَان وَلَا يُؤَاخِذكُم الله بِهِ فِي الْآخِرَة
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا قَالَ إِذا جَادَتْ ... إِلَى آخِره سَوَاء
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور
295 - الحَدِيث السَّابِع
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لسبع
قلت رُوِيَ من حَدِيث سُبْرَة بن معبد الْجُهَنِيّ وَمن حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة من حَدِيث أنس
أما حَدِيث سُبْرَة فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي آخر أَبْوَاب الْمَسَاجِد من حَدِيث عبد الْملك بن الرّبيع بن سُبْرَة بن معبد الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مروا أَوْلَادكُم بِالصَّلَاةِ وهم أَبنَاء سبع سِنِين وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وهم أَبنَاء عشر وَفرقُوا بَينهم فِي الْمضَاجِع انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي أَوَاخِر الصَّلَاة وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي الإِمَام وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الخلافيات وَقَالَ إِسْنَاده صَحِيح وَقد قَالَ الشَّيْخ مُعْتَرضًا عَلَيْهِ قَالَ ابْن أبي خَيْثَمَة سُئِلَ يَحْيَى بن معِين عَن أَحَادِيث عبد الْملك بن الرّبيع بن سُبْرَة عَن أَبِيه عَن جده فَقَالَ ضِعَاف وَقد احْتج مُسلم بِعَبْد الْملك بن الرّبيع(1/283)
ابْن سُبْرَة بن معبد الْجُهَنِيّ وَأَبِيهِ وجده وَرَوَى لَهُم فِي الصَّحِيح
أما حَدِيث ابْن الْعَاصِ فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث سوار بن دَاوُد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا نَحوه
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَسكت عَنهُ وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ وَأعله بِسوار بن دَاوُد
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث مُحَمَّد بن ربيعَة عَن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ علمُوا أَوْلَادكُم الصَّلَاة إِذا بلغُوا سبع سِنِين وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا إِذا بلغُوا عشرا وَفرقُوا بَينهم فِي الْمضَاجِع انْتَهَى وَقَالَ لَا نعلمهُ يرْوَى عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد
وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ وَأعله بِمُحَمد بن الْحسن ثمَّ رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُرْسلا قَالَ وَهَذَا أولَى قَالَ وَالرِّوَايَات فِي هَذَا الْبَاب فِيهَا لين انْتَهَى
قَالَ ابْن حبَان فِي كتاب الضُّعَفَاء وَرَوَاهُ عبد الْمُنعم بن نعيم الريَاحي عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا نَحوه قَالَ وَعبد الْمُنعم هَذَا مُنكر الحَدِيث جدا لَا يحْتَج بِهِ إِذا وَافق فَكيف مُنْفَردا
أما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه فِي أول الصَّلَاة عَن دَاوُد بن المحبر ثَنَا عبد الله بن الْمثنى عَن ثُمَامَة عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لسبع سِنِين وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لثلاث عشرَة انْتَهَى وَدَاوُد ابْن المحبر مَجْرُوح
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط وَقَالَ تفرد بِهِ دَاوُد بن المحبر انْتَهَى(1/284)
قلت رَوَى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من حَدِيث امْرَأَة معَاذ بن عبد الله بن خبيب قَالَت كَانَ رجل منا يذكر عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه سُئِلَ مَتى يُؤمر الصَّبِي بِالصَّلَاةِ فَقَالَ إِذا عرف يَمِينه من شِمَاله انْتَهَى
قَالَ ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه الْوَهم وَالْإِيهَام هَذِه الْمَرْأَة لَا يعرف حَالهَا وَلَا هَذَا الرجل الَّذِي رَوَت عَنهُ وَلَا صحت لَهُ صَحبه فَأَما معَاذ وَأَبوهُ وجده فَثِقَاتٌ وَلَكِن لَا مدْخل فِي هَذَا الْإِسْنَاد انْتَهَى
قلت قد جَاءَ من رِوَايَة عبد الله بن معَاذ عَن أَبِيه قَالَ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الصَّغِير حَدثنَا إِسْحَاق بن حَاجِب الْمروزِي بِبَغْدَاد ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْمسَيبِي ثَنَا عبد الله بن نَافِع الصَّائِغ عَن هِشَام بن سعد عَن معَاذ بن عبد الله بن خبيب الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِذا عرف الْغُلَام يَمِينه من شِمَاله فَمُرُوهُ بِالصَّلَاةِ انْتَهَى قَالَ الطَّبَرَانِيّ وَعبد الله بن خبيب لَهُ صُحْبَة وَلَا يرْوَى عَنهُ هَذَا الحَدِيث إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد تفرد بِهِ عبد الله بن نَافِع انْتَهَى
296 - الحَدِيث الثَّامِن
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ لَهُ رجل إِن فِي حجري يَتِيما أَفَآكُل من مَاله فَقَالَ بِالْمَعْرُوفِ غير متأثل وَلَا واق مَالك بِمَالِه قَالَ أَفَأَضْرِبهُ قَالَ مِمَّا كنت ضَارِبًا مِنْهُ ولدك
قلت رُوِيَ من حَدِيث جَابر وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس
أما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الْخَامِس وَالسِّتِّينَ من الْقسم الثَّالِث من حَدِيث صَالح بن رستم الخزاز عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر قَالَ قَالَ رجل لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مِمَّا أضْرب يَتِيمِي قَالَ مِمَّا كنت ضَارِبًا مِنْهُ ولدك غير واق مَالك بِمَالِه وَلَا متأثل من مَاله مَالا انْتَهَى
وَرَوَاهُ كَذَلِك الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْخَامِس وَالثَّلَاثِينَ(1/285)
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة عَمْرو بن دِينَار ثمَّ قَالَ تفرد بِهِ الخزاز وَهُوَ من ثِقَات الْبَصْرَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله وَأعله بِصَالح بن رستم وَنقل عَن ابْن معِين أَنه ضعفه ثمَّ قَالَ وَهُوَ عِنْدِي لَا بَأْس بِهِ فَإِنِّي لم أجد لَهُ حَدِيثا مُنْكرا وَقد رَوَى عَنهُ يَحْيَى الْقطَّان مَعَ شدَّة اسْتِقْصَائِهِ انْتَهَى
قَالَ ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه وَيَرْوِيه عَن صَالح بن رستم جَعْفَر بن سُلَيْمَان الضبعِي وَهُوَ وَإِن كَانَ أخرج لَهُ مُسلم فَهُوَ رَافِضِي ضَعِيف انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي أُسَامَة الْحلَبِي ثَنَا أبي ثَنَا مُعَاوِيَة بن هِشَام ثَنَا سُفْيَان عَن ابْن أبي نجيح عَن الْحسن العرني عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن فِي حجري يَتِيما ... بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره وَابْن الْمُبَارك فِي كتاب الْبر والصلة أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن الْحسن العرني أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله ... إِلَى آخِره سَوَاء
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره كلهم رَوَوْهُ مُرْسلا
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أثْنَاء الْبيُوع حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن علية عَن أَيُّوب عَن عَمْرو بن دِينَار عَن الْحسن العرني ... فَذكره
وَاعْلَم أَن بعض الحَدِيث فِي سنَن أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة رَوَاهُ فِي كتاب الْوَصَايَا من حَدِيث حُسَيْن الْمعلم عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَا أجد شَيْئا وَلَيْسَ لي مَال ولي يَتِيم لَهُ مَال قَالَ كل من مَال يَتِيمك غير مُسْرِف وَلَا متأثل مَالا قَالَ وَأَحْسبهُ قَالَ وَلَا تَقِيّ مَالك بِمَالِه انْتَهَى(1/286)
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده كَذَلِك وَجزم لم يقل وَأَحْسبهُ قَالَ
وَكَذَلِكَ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده جزم وَكَذَلِكَ الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده جزم
وَرَوَى أَبُو يعْلى أَيْضا من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن عبد الْملك بن رزين عَن بِلَال قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله إِن فِي حجري يَتِيما أَفَأَضْرِبهُ قَالَ نعم مِمَّا كنت تضرب مِنْهُ ولدك
297 - قَوْله وَعَن ابْن عَبَّاس أَن ولي الْيَتِيم قَالَ لَهُ أَفَأَشْرَب من لبن إبِله قَالَ إِن كنت تبغي ضَالَّتهَا وَتَلوط حَوْضهَا وَتَهْنَأ جَرْبَاهَا وَتَسْقِيهَا يَوْم وردهَا فَاشْرَبْ غير مُضر بِنَسْل وَلَا نَاهِك فِي الْحَلب
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن يَحْيَى بن سعيد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى ابْن عَبَّاس ... فَذكره إِلَّا أَنه قَالَ عوض تبغي ضَالَّتهَا ترد نادتها
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ والواحدي
وَرَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ فِي آخر الْكتاب عَن يَحْيَى بن سعيد بِهِ سندا ومتنا من حَدِيث روح بن عبَادَة ثَنَا ابْن جريح أَخْبرنِي بكير بن عبد الله الْأَشَج عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد ... فَذكره
وَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيره من طَرِيق مَالك عَن يَحْيَى بن سعيد بِهِ(1/287)
298 - قَوْله
وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ إِنِّي أنزلت نَفسِي من مَال الله منزلَة وَالِي الْيَتِيم إِن اسْتَغْنَيْت اسْتَعْفَفْت وَإِن افْتَقَرت أكلت بِالْمَعْرُوفِ وَإِذا أَيسَرت قضيت
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره أخبرنَا أَبُو كريب ثَنَا وَكِيع ثَنَا إِسْرَائِيل وسُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن حَارِثَة بن مضرب قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب إِنِّي أنزلت نَفسِي من مَال الله ... إِلَى آخِره سَوَاء
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ كَذَلِك
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أَبْوَاب الْفُرُوض وَتَدْوِين الدَّوَاوِين حَدثنَا وَكِيع ثَنَا سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق بِهِ لم يقل فِيهِ وَإِذا أَيسَرت قضيت
وَفِي تَفْسِير ابْن كثير وَرَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا عَن سعيد بن مَنْصُور ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء قَالَ قَالَ لي عمر ... بِلَفْظ المُصَنّف ثمَّ قَالَ وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح
وَمن طَرِيق ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة فِي قسم الْفَيْء بِسَنَدِهِ وَمَتنه سَوَاء
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة عمر بن الْخطاب حَدثنَا وَكِيع ابْن الْجراح ثَنَا سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق بِهِ بِلَفْظ المُصَنّف بِتَمَامِهِ
299 - الحَدِيث التَّاسِع
رُوِيَ أَن أَوْس بن الصَّامِت ترك امْرَأَته أم كجة وَثَلَاث بَنَات فزوى أَبنَاء عَمه سُوَيْد وَعرْفطَة أَو قَتَادَة أَو عرْفجَة مِيرَاثه عَنْهُن وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون النِّسَاء وَلَا الْأَطْفَال وَيَقُولُونَ لَا يَرث إِلَّا من طَاعن بِالرِّمَاحِ وَذَادَ عَن الْحَوْزَة وَحَازَ الْغَنِيمَة فَجَاءَت أم كجة إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي مَسْجِد الفضيخ فشكت إِلَيْهِ فَقَالَ ارجعي(1/288)
حَتَّى أنظر مَا يحدث الله فَنزلت فَبعث إِلَيْهِمَا لَا تفَرقا من مَال أَوْس شَيْئا فَإِن الله قد جعل لَهُنَّ نَصِيبا وَلم يبين حَتَّى بَين فَنزلت يُوصِيكُم الله ... فَأعْطَى أم كجة الثّمن وَالْبَنَات الثُّلثَيْنِ وَالْبَاقِي لِابْني الْعم
قلت رَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا الْقَاسِم ثَنَا الْحُسَيْن حَدثنِي حجاج عَن ابْن جريج عَن عِكْرِمَة قَالَ نزلت فِي أم كجة وَابْنَة كجة وثعلبة وَأَوْس ابْن سُوَيْد وهم من الْأَنْصَار كَانَ أَحدهمَا زَوجهَا وَالْآخر عَم وَلَدهَا فَقَالَت يَا رَسُول الله توفّي زَوجي وَتَرَكَنِي وَابْنَته فَلم نورث فَقَالَ عَم وَلَدهَا يَا رَسُول الله وَلَدهَا لَا يركب فرسا وَلَا يحمل كلا وَلَا ينْكَأ عدوا يكْسب عَلَيْهَا وَلَا يكْتَسب فَنزلت للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ الْآيَة إِلَى قَوْله نَصِيبا مَفْرُوضًا انْتَهَى
حَدثنَا مُحَمَّد بن حُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَ كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون الْجَوَارِي وَلَا الضُّعَفَاء من الغلمان وَلَا يورثون إِلَّا من أطَاق الْعِيَال فَمَاتَ عبد الرَّحْمَن أَبُو حسان الشَّاعِر وَترك امْرَأَة يُقَال لَهَا أم كجة وَترك خمس أَخَوَات فَجَاءَت الْوَرَثَة فَأخذُوا مَاله فشكت أم كجة إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأنْزل الله تَعَالَى فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف ثمَّ قَالَ فِي أم كجة ولهن الرّبع مِمَّا تركْتُم إِن لم يكن لكم ولد فَإِن كَانَ لكم ولد فَلَهُنَّ الثّمن ... انْتَهَى
وَقَالَ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول قَالَ الْمُفَسِّرُونَ إِن أَوْس بن ثَابت الْأنْصَارِيّ توفّي وَترك امْرَأَة يُقَال لَهَا أم كجة ... إِلَى آخِره بِلَفْظ المُصَنّف
وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفسيريهما كَمَا ذكره المُصَنّف من غير سَنَد(1/289)
300 - الحَدِيث الْعَاشِر
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لسعد إِنَّك إِن تتْرك ولدك أَغْنِيَاء خير من أَن تَدعهُمْ عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ فِي الْوَصَايَا من حَدِيث عَامر بن سعد عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ جَاءَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعودنِي فَقلت يَا رَسُول الله أوصِي بِمَالي كُله قَالَ لَا قلت فَالشَّطْر قَالَ لَا قلت الثُّلُث قَالَ الثُّلُث وَالثلث كثير إِنَّك إِن تدع وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تَدعهُمْ عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس مُخْتَصر
301 - الحَدِيث الْحَادِي عشر
رُوِيَ أَنه يبْعَث آكل مَال الْيَتِيم يَوْم الْقِيَامَة وَالدُّخَان يخرج من قَبره وَمن فِيهِ وَأَنْفه وَأذنه وَعَيْنَيْهِ فَيعرف النَّاس أَنه كَانَ يَأْكُل مَال الْيَتِيم فِي الدُّنْيَا
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما ... الْآيَة قَالَ يبْعَث آكل مَال الْيَتِيم ظلما يَوْم الْقِيَامَة وَلَهَب النَّار يخرج من فِيهِ وَأَنْفه ... إِلَى آخِره
وَفِي صَحِيح ابْن حبَان بعضه مَرْفُوعا رَوَاهُ فِي النَّوْع الثَّانِي وَالسبْعين من الْقسم الثَّالِث من حَدِيث زِيَاد بن الْمُنْذر عَن نَافِع بن الْحَارِث عَن أبي بَرزَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ يبْعَث الله يَوْم الْقِيَامَة قوما من قُبُورهم تأجج أَفْوَاههم نَارا فَقيل من هم يَا رَسُول الله قَالَ ألم تَرَ أَن الله يَقُول إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا ... الْآيَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي كِتَابه الْكَامِل وَأعله بِزِيَاد بن الْمُنْذر وَنقل عَن أَحْمد(1/290)
أَنه قَالَ فِيهِ مَتْرُوك الحَدِيث وَعَن ابْن معِين أَنه قَالَ فِيهِ كَذَّاب
302 - قَوْله
عَن أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه سُئِلَ عَن الْكَلَالَة فَقَالَ أَقُول فِيهِ برأيي فَإِن كَانَ صَوَابا فَمن الله وَإِن كَانَ خطأ فمني وَمن الشَّيْطَان وَالله مِنْهُ بَرِيء الْكَلَالَة مَا خلا الْوَلَد وَالْوَالِد
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الْفَرَائِض حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن عَاصِم عَن الشّعبِيّ قَالَ قَالَ أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه رَأَيْت فِي الْكَلَالَة رَأيا فَإِن يكن صَوَابا فَمن الله وَإِن يكن خطأ فَمن قبلي والشيطان الْكَلَالَة مَا عدا الْوَالِد وَالْولد انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا الْوَلِيد بن شُجَاع السكونِي ثَنَا عَلّي بن مسْهر عَن عَاصِم عَن الشّعبِيّ قَالَ قَالَ أَبُو بكر إِنِّي رَأَيْت فِي الْكَلَالَة رَأيا فَأن يكن صَوَابا فَمن الله ... إِلَى آخِره وَزَاد فَلَمَّا كَانَ عمر بن الْخطاب قَالَ إِنِّي لأَسْتَحي من الله أَن أُخَالِف أَبَا بكر هُوَ مَا خلا الْوَالِد وَالْولد انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْمدْخل أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب ثَنَا يَحْيَى بن أبي طَالب أَنا يزِيد بن هَارُون ثَنَا عَاصِم الْأَحول عَن الشّعبِيّ قَالَ سُئِلَ أَبُو بكر عَن الْكَلَالَة فَقَالَ أَقُول برأيي ... إِلَى آخر لفظ الطَّبَرِيّ
وَرَوَاهُ أَيْضا فِي الْمعرفَة فِي كتاب الْفَرَائِض من حَدِيث سعيد بن مَنْصُور ثَنَا هشيم ثَنَا عَاصِم الْأَحول بِهِ سَوَاء
303 - الحَدِيث الثَّانِي عشر
رَوَى أَبُو أَيُّوب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن الله يقبل تَوْبَة(1/291)
العَبْد مَا لم يُغَرْغر
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار ثَنَا معَاذ بن هِشَام حَدثنِي أبي عَن قَتَادَة عَن الْعَلَاء بن زِيَاد عَن أبي أَيُّوب بشير بن كَعْب أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر انْتَهَى وَهَذَا مُرْسل
وَفِيه أَحَادِيث مُسندَة عَن ابْن عمر وَعَن عبَادَة بن الصَّامِت وَعَن أبي هُرَيْرَة
فَحَدِيث ابْن عمر رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات وَابْن ماجة فِي الزّهْد من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان عَن أَبِيه عَن مَكْحُول عَن جُبَير بن نفير عَن عبد الله بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الأول من الْقسم الأول وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب التَّوْبَة وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّابِع وَالْأَرْبَعِينَ
وَوَقع فِي نسخ ابْن ماجة الْمُعْتَمدَة عبد الله بن عَمْرو قَالَ ابْن عَسَاكِر فِي أَطْرَافه وَهُوَ وهم
وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي كِتَابه هَذَا الحَدِيث عِنْدِي يحْتَمل أَن يُقَال فِيهِ صَحِيح إِذْ لَيْسَ فِي إِسْنَاده من تكلم فِيهِ إِلَّا عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان فَقَالَ ابْن معِين صَالح الحَدِيث وَقَالَ أَبُو زرْعَة لَا بَأْس بِهِ وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَقَالَ ابْن حَنْبَل أَحَادِيثه مَنَاكِير وأظن أَن التِّرْمِذِيّ لم يُصَحِّحهُ من أَجله انْتَهَى كَلَامه
وَأما حَدِيث عبَادَة فَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا معَاذ بن هِشَام(1/292)
الدستوَائي حَدثنِي أبي عَن قَتَادَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ نَحوه
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار ثَنَا عبد الْأَعْلَى عَن سعيد ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن عبَادَة مَرْفُوعا
قَالَ ابْن طَاهِر هَكَذَا رُوِيَ وَلَعَلَّه سقط بَين قَتَادَة وَعبادَة رجل
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن زيد ثَنَا عمرَان بن عبد الرَّحِيم ثَنَا عُثْمَان بن الْهَيْثَم ثَنَا عَوْف عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا نَحوه
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث يزِيد بن عبد الْملك النَّوْفَلِي عَن دَاوُد ابْن فَرَاهِيجَ عَن أبي هُرَيْرَة ... فَذكره وَزَاد فِيهِ يُغَرْغر بِنَفسِهِ ثمَّ قَالَ وَيزِيد بن عبد الْملك سيء الْحِفْظ
وَفِيه حَدِيث آخر رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده ثَنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد ثَنَا مُحَمَّد ابْن مطرف عَن زيد بن أسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن الْبَيْلَمَانِي قَالَ اجْتمع أَرْبَعَة من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ أحدهم سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد قبل أَن يَمُوت بِيَوْم فَقَالَ الآخر وَأَنا سمعته يَقُول إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد قبل أَن يَمُوت بِنصْف يَوْم فَقَالَ الثَّالِث وَأَنا سمعته يَقُول إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد قبل أَن يَمُوت بِضَحْوَةٍ فَقَالَ الرَّابِع وَأَنا سمعته يَقُول إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد قبل أَن يُغَرْغر بِنَفسِهِ انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي التَّوْبَة وَسكت عَنهُ(1/293)
304 - قَوْله
عَن الْحسن إِن إِبْلِيس قَالَ حِين أهبط إِلَى الأَرْض وَعزَّتك لَا أُفَارِق ابْن آدم مَا دَامَ روحه فِي جسده فَقَالَ وَعِزَّتِي لَا أغلق عَنهُ بَاب التَّوْبَة مَا لم يُغَرْغر
قلت هَذَا رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ عَن الْحسن مَرْفُوعا لَا مَوْقُوفا أخرجه عَن الْمسيب ابْن شريك عَن عَمْرو بن عبيد عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما أهبط إِبْلِيس إِلَى الأَرْض قَالَ وَعزَّتك ... إِلَى آخِره
305 - الحَدِيث الثَّالِث عشر
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فليمت إِن شَاءَ يَهُودِيّا وَإِن شَاءَ نَصْرَانِيّا
قلت تقدم فِي آل عمرَان
306 - الحَدِيث الرَّابِع عشر
من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد كفر
قلت تقدم فِي سُورَة الْبَقَرَة
307 - الحَدِيث الْخَامِس عشر
عَن عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ أَيهَا النَّاس لَا تغَالوا بِصدق النِّسَاء فَلَو كَانَت مكرمَة فِي الدُّنْيَا أَو تقوى عِنْد الله لَكَانَ أَوْلَادكُم بهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا أصدق امْرَأَة من نِسَائِهِ(1/294)
أَكثر من اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة فَقَامَتْ إِلَيْهِ امْرَأَة فَقَالَت لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم تَمْنَعنَا حَقًا جعله الله لنا وَالله يَقُول وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَقَالَ عمر كل أحد أعلم من عمر ثمَّ قَالَ لأَصْحَابه تُسْمِعُونِي أَقُول مثل هَذَا ثمَّ لَا تُنْكِرُونَهُ عَلّي حَتَّى ترد عَلّي امْرَأَة لَيست من أعلم النِّسَاء
قلت رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة فِي النِّكَاح لَيْسَ فِيهِ قَوْله فَقَامَتْ امْرَأَة ... إِلَى آخِره من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي الْعَجْفَاء هرم بن نسيب قَالَ خَطَبنَا عمر فَقَالَ أَلا لَا تغَالوا بِصدق النِّسَاء فَإِنَّهَا لَو كَانَت مكرمَة فِي الدُّنْيَا أَو تقوى عِنْد الله كَانَ أَوْلَادكُم بهَا نَبِي الله مَا علمت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نكح شَيْئا من نِسَائِهِ عَلَى أَكثر من اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَالْأُوقِية أَرْبَعُونَ درهما فَتكون جُمْلَتهَا أَرْبَعمِائَة دِرْهَم وَثَمَانِينَ درهما
وَعَجِبت من الشَّيْخ زكي الدَّين كَيفَ لم يعزه فِي مُخْتَصره لبَقيَّة السّنَن مَعَ أَنه الْتزم ذَلِك
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ قَالَ وَقد رَوَاهُ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وحبِيب بن السهيل وَهِشَام بن حسان وَسَلَمَة بن عَلْقَمَة وَمَنْصُور بن زَاذَان وعَوْف بن أبي جميلَة وَيَحْيَى بن عَتيق عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي الْعَجْفَاء قَالَ وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن ابْن عمر عَن عمر ثمَّ أخرجه كَذَلِك وَسكت عَنهُ ثمَّ قَالَ وَقد رُوِيَ من وَجه صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس عَن ابْن عمر ثمَّ أخرجه كَذَلِك قَالَ تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث بِصِحَّة خطْبَة عمر قَالَ وَقد جمعت ذَلِك فِي جُزْء كَبِير انْتَهَى كَلَامه(1/295)
وَرَوَاهُ بِلَفْظ السّنَن وأسنده الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَأحمد فِي مُسْنده والدارمي فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَكَذَلِكَ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه إِلَّا أَنه زَاد فِي لفظ قَالَ فَقَامَتْ امْرَأَة فَقَالَت لَهُ لَيْسَ ذَلِك لَك يَا عمر إِن الله تَعَالَى يَقُول وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا الْآيَة فَقَالَ عمر إِن امْرَأَة خَاصَمت عمر فَخَصمته انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة شُرَيْح عَن الطَّبَرَانِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى أَشْعَث بن سوار عَن الشّعبِيّ عَن شُرَيْح قَالَ قَالَ عمر لَا تغَالوا بِصدق النِّسَاء بِلَفْظ السّنَن ثمَّ قَالَ غَرِيب من حَدِيث الشّعبِيّ عَن شُرَيْح وَالْمَشْهُور عَن ابْن سِيرِين عَن أبي الْعَجْفَاء
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا أَبُو نعيم الْملَائي عَن هِشَام بن سعد عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن عمر قَالَ لَا تغَالوا ... فَذكره وَزَاد فِيهِ قَالَ ثمَّ إِن عمر خطب أم كُلْثُوم فَأَصْدقهَا أَرْبَعِينَ ألفا انْتَهَى
وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله فِي سَنَد هَذَا الحَدِيث اخْتِلَافا كثيرا
وَأقرب مَا وجدته للفظ المُصَنّف مَا رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده ثَنَا أَبُو خَيْثَمَة ثَنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم ثَنَا أبي عَن ابْن إِسْحَاق حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن مجَالد بن سعيد عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق قَالَ ركب عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه مِنْبَر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس مَا إكْثَاركُمْ فِي صدق النِّسَاء وَقد كَانَ الصَّدقَات فِيمَا بَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَبَين أَصْحَابه أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمَا دون ذَلِك وَلَو كَانَ الْإِكْثَار فِي ذَلِك تقوى عِنْد الله أَو مكرمَة لم تَسْبِقُوهُمْ إِلَيْهَا فَلَا أَعرفن مَا زَاد رجل فِي صدَاق امْرَأَة عَلَى أَرْبَعمِائَة دِرْهَم قَالَ ثمَّ نزل فَاعْتَرَضتهُ امْرَأَة من قُرَيْش فَقَالَت لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ نهيت النَّاس أَن يزِيدُوا فِي النِّسَاء صدقهنَّ عَلَى أَرْبَعمِائَة دِرْهَم قَالَ نعم قَالَت أما سَمِعت الله يَقُول وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ(1/296)
قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئا) قَالَ فَقَالَ عمر اللَّهُمَّ عفوا كل أحد أفقه من عمر قَالَ ثمَّ رَجَعَ فَركب الْمِنْبَر ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ أَن تَزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقهنَّ عَلَى أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمن شَاءَ أَن يُعْطي من مَاله مَا أحب انْتَهَى وَسَنَده قوي
وَلم يروه الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره إِلَّا بِلَفْظ السّنَن
308 - الحَدِيث السَّادِس عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّهُنَّ عوان فِي أَيْدِيكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ بل هُوَ حَدِيث مركب فَقَوله اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم كِلَاهُمَا فِي النِّكَاح وَلَفظ مُسلم فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَير أَو لِيَسْكُت عوض فَلَا يُؤْذِي جَاره فِي صَحِيحه فِي النِّكَاح من حَدِيث أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يُؤْذِي جَاره وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ من ضلع وَإِن أَعْوَج شَيْء فِي الضلع أَعْلَاهُ فَإِن ذهبت تُقِيمهُ كَسرته وَإِن تركته لم يزل أَعْوَج فَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا انْتَهَى
وَقَوله فَإِنَّهُنَّ عوان فِي أَيْدِيكُم رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة فِي النِّكَاح وَالنَّسَائِيّ فِي الْعشْرَة من حَدِيث عَمْرو بن الْأَحْوَص قَالَ شهِدت حجَّة الْوَدَاع مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَحَمدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذكر وَوعظ ثمَّ قَالَ وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّهُنَّ عوان عنْدكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئا غير ذَلِك ... الحَدِيث بِطُولِهِ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَمَعْنى عوان أَي أَسْرَى فِي أَيْدِيكُم انْتَهَى(1/297)
قَوْله أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله ... إِلَى آخِره رَوَاهُ مُسلم فِي حَدِيث جَابر الطَّوِيل فِي الْحَج عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ وَاتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله مُخْتَصر
فَتحَرَّر أَنه مركب من ثَلَاثَة أَحَادِيث
فَقَوله اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فِي الصَّحِيحَيْنِ من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة
وَقَوله أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله ... إِلَى آخِره فِي مُسلم من رِوَايَة جَابر
وَقَوله فأنهن عوان فِي السّنَن
ثمَّ وجدت الطَّبَرِيّ رَوَى أَكْثَره من حَدِيث ابْن عمر فَقَالَ حَدثنِي مُوسَى ابْن عبد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقي ثَنَا زيد بن الْحباب حَدثنِي مُوسَى بن عُبَيْدَة الزيدي ثني صَدَقَة بن يسَار عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أَيهَا النَّاس إِن النِّسَاء عوان فِي أَيْدِيكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله انْتَهَى لم يقل فِيهِ اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا
وَفِي غَرِيب الحَدِيث لإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ الْعوَان جمع عانية وَهِي الْأَسِيرَة انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة بِهِ بِلَفْظ الطَّبَرِيّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده
309 - الحَدِيث السَّابِع عشر
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ فِي كتاب الشَّهَادَات كِلَاهُمَا من حَدِيث جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أُرِيد عَلَى ابْنة حَمْزَة فَقَالَ إِنَّهَا لَا تحل لي إِنَّهَا ابْنة أخي من الرضَاعَة وَإنَّهُ يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب انْتَهَى(1/289)
وَلَفظ مُسلم مَا يحرم من الرَّحِم
وَرَوَى الْجَمَاعَة إِلَّا ابْن ماجة من حَدِيث عَائِشَة وَاللَّفْظ لمُسلم أَن عَمها من الرضَاعَة يُسمى أَفْلح اسْتَأْذن عَلَيْهَا فَحَجَبَتْهُ فَأخْبرت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ لَهَا لَا تَحْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ يحرم من الرضَاعَة مَا يحرم من النّسَب انْتَهَى وَلَفظ البَاقِينَ مَا يحرم من الْولادَة
310 - الحَدِيث الثَّامِن عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي رجل يتَزَوَّج امْرَأَة ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا أَنه قَالَ لَا بَأْس أَن يتَزَوَّج ابْنَتهَا وَلَا يحل لَهُ أَن يتَزَوَّج أمهَا
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه فِي النِّكَاح من حَدِيث ابْن لَهِيعَة عَن عَمْرو ابْن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَيّمَا رجل نكح امْرَأَة فَدخل بهَا فَلَا يحل لَهُ نِكَاح ابْنَتهَا وَإِن لم يكن دخل بهَا فَلْيَنْكِح ابْنَتهَا وَأَيّمَا رجل نكح امْرَأَة فَدخل بهَا أَو لم يدْخل بهَا فَلَا يحل لَهُ نِكَاح أمهَا انْتَهَى ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث لَا يَصح من قبل إِسْنَاده وَإِنَّمَا يرويهِ ابْن لَهِيعَة والمثنى ابْن الصَّباح عَن عَمْرو بن شُعَيْب وهما يُضعفَانِ فِي الحَدِيث انْتَهَى
وَحَدِيث الْمثنى بن الصَّباح رَوَاهُ أَبُو قُرَّة فِي سنَنه عَن الْمثنى عَن عَمْرو ابْن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ ... فَذكره
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن الْمُبَارك عَن الْمثنى بن الصَّباح بِهِ وَمن حَدِيث أبي الْأسود عَن ابْن لَهِيعَة بِهِ
قَالَ فِي التَّنْقِيح وَالْأَشْبَه أَن يكون ابْن لَهِيعَة أَخذه من الْمثنى ثمَّ أسْقطه وَقَالَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب فَإِن أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ قَالَ لم يسمع ابْن لَهِيعَة من(1/299)
عَمْرو بن شُعَيْب شَيْئا انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده عَن الْمثنى بن الصَّباح بِهِ
311 - الحَدِيث التَّاسِع عشر
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تزوج زَيْنَب بنت جحش الأَسدِية بنت عمته أُمَيْمَة بنت عبد الْمطلب حِين فَارقهَا زيد بن حَارِثَة
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم وَاللَّفْظ لمُسلم فِي النِّكَاح من حَدِيث ثَابت عَن أنس قَالَ لما انْقَضتْ عدَّة زَيْنَب قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لزيد اذْكُرْهَا عَلّي قَالَ فَانْطَلق زيد حَتَّى أَتَاهَا وَهِي تخمر عَجِينهَا قَالَ فَلَمَّا رَأَيْتهَا عظمت فِي صَدْرِي حَتَّى لَا أَسْتَطِيع أَن أنظر إِلَيْهَا ... إِلَى أَن قَالَ فَتَزَوجهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا وَلِيمَة مَا أولمها لأحد من نِسَائِهِ أطْعم النَّاس الْخبز وَاللَّحم حَتَّى امْتَدَّ النَّهَار مُخْتَصر
312 - قَوْله
عَن عُثْمَان وَعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ فِي ملك يَمِين أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما أُخْرَى يعنيان قَوْله تَعَالَى وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ وَالْأُخْرَى قَوْله أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم فرجح عُثْمَان التَّحْلِيل وَعلي التَّحْرِيم
قلت حَدِيث عُثْمَان رَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ عَن الزُّهْرِيّ عَن قبيصَة بن(1/300)
ذُؤَيْب أَن عُثْمَان بن عَفَّان سُئِلَ عَن الْأُخْتَيْنِ مِمَّا ملكت الْيَمين فَقَالَ لَا آمُرك وَلَا أَنهَاك أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما أُخْرَى فَخرج السَّائِل فلقي رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الزُّهْرِيّ أَحْسبهُ قَالَ عَلّي فَقَالَ مَا سَأَلت عَنهُ عُثْمَان وَأخْبرهُ بِمَا سَأَلَهُ وَأَفْتَاهُ فَقَالَ لَهُ لكني أَنهَاك وَلَو كَانَ لي عَلَيْك سَبِيل ثمَّ فعلت لَجَعَلْتُك نكالا انْتَهَى
وَمن طَرِيق مَالك رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه
وَرَوَاهُ الدَّارقطني فِي سنَنه من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ كَذَلِك وَهَذَا اللَّفْظ لَهُ
وَحَدِيث عَلّي رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر ثَنَا وهب بن جرير أَنا شُعْبَة عَن أبي عون الثَّقَفِيّ عَن أبي صَالح الْحَنَفِيّ قَالَ قَالَ عَلّي للنَّاس سلوني فَقَالَ ابْن الكوا حَدثنَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَن الْأُخْتَيْنِ المملوكتين وَعَن ابْنة الْأَخ من الرضَاعَة فَقَالَ أما الْأخْتَان الْمَمْلُوكَتَانِ فَإِنَّهُمَا أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما أُخْرَى وَإِنِّي لَا أحله وَلَا أحرمهُ وَلَا آمُر بِهِ وَلَا أنهَى عَنهُ وَلَا أَفعلهُ أَنا وَلَا أحد من أهل بَيْتِي وَأما ابْنة الْأَخ من الرضَاعَة فَإِنِّي ذكرت ابْنة حَمْزَة للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ إِنَّهَا ابْنة أخي من الرضَاعَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه حَدثنَا وَكِيع عَن شُعْبَة بِهِ
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده أخبرنَا عَلّي بن الْجَعْد ثَنَا شُعْبَة بِهِ
313 - الحَدِيث الْعشْرُونَ
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه أَبَاحَ الْمُتْعَة ثمَّ أصبح فَقَالَ يأيها النَّاس إِنِّي كنت أَمرتكُم بالاستمتاع من هَذِه النِّسَاء أَلا إِن الله حرم ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة(1/301)
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي النِّكَاح من حَدِيث الرّبيع بن سُبْرَة الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه سُبْرَة الْجُهَنِيّ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت أَذِنت لكم فِي الِاسْتِمْتَاع من النِّسَاء وَإِن الله عَزَّ وَجَلَّ قد حرم ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن كَانَ عِنْده مِنْهُنَّ شَيْء فَلْيخل سَبيله وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا انْتَهَى
قلت رَوَاهُ مُسلم بالسند والمتن الْمَذْكُورين سَوَاء فِي كتاب الْحَج
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الْعَاشِر من الْقسم الْخَامِس من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة قَالَ سَمِعت أَبَا نَضرة يَقُول قلت لجَابِر بت عبد الله إِن ابْن الزُّبَيْر يُنْهِي عَن الْمُتْعَة وَإِن ابْن عَبَّاس يَأْمر بهَا فَقَالَ جَابر عَلّي يَدي دَار الحَدِيث تَمَتعنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلَمَّا قَامَ عمر قَالَ إِن الله عَزَّ وَجَلَّ كَانَ يحل لنَبيه كَمَا شَاءَ بِمَا شَاءَ وَإِن الْقُرْآن قد نزل مَنَازِله فَافْصِلُوا حَجكُمْ من عُمْرَتكُمْ وَابْنُوا نِكَاح هَذِه النِّسَاء فَلَا أُوتَى بِرَجُل تزوج امْرَأَة إِلَى أجل إِلَّا رَجَمْته بِالْحِجَارَةِ انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ ثمَّ الْبَزَّار فِي مسنديهما كَذَاك
314 - قَوْله عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى فَمَا استمعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ إِنَّهَا محكمَة يَعْنِي لم تنسخ وَرُوِيَ أَنه رَجَعَ عَن ذَلِك عِنْد مَوته وَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوب إِلَيْك من قولي بِالْمُتْعَةِ وَقَوْلِي فِي الصّرْف
قلت الأول غَرِيب
وَأما رُجُوعه عَن الْمُتْعَة فَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه وَإِنَّمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس شَيْء من الرُّخْصَة فِي الْمُتْعَة ثمَّ رَجَعَ عَن قَوْله حَيْثُ أخبر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ قَالَ حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان ثَنَا سُفْيَان بن عقبَة أَخُو قبيصَة بن عقبَة ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب عَن ابْن عَبَّاس إِنَّمَا كَانَت الْمُتْعَة فِي أول الْإِسْلَام كَانَ الرجل يقدم الْبَلدة لَيْسَ لَهُ معرفَة فَيَتَزَوَّج الْمَرْأَة بِقدر مَا يرَى أَنه يُقيم فتحفظ لَهُ مَتَاعه وَتصْلح لَهُ شَيْئه حَتَّى إِذا أنزلت الْآيَة إِلَّا عَلَى أَزوَاجهم قَالَ ابْن عَبَّاس فَكل رجل فرج سواهُمَا فَهُوَ حرَام انْتَهَى
وَأما رُجُوعه عَن الصّرْف فروَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث سَالم بن عبد الله بن عبد الله بن أبي غياث عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يرخص فِي الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ وَالدِّينَار بِالدِّينَارَيْنِ وَقَالَ يأيها النَّاس إِنَّه لَا بَأْس بِالصرْفِ مَا كَانَ يدا بيد إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة فطارت كَلمته بالمشرق وَالْمغْرب حَتَّى دخل عَلَيْهِ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ فَقَالَ يَا ابْن عَبَّاس أكلت الرِّبَا وَأَطْعَمته إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول الذَّهَب بِالذَّهَب وزنا بِوَزْن مثلا بِمثل فَمن زَاد أَو اسْتَزَادَ فقد أَرْبَى حَتَّى ذكر الْأَنْوَاع السِّتَّة فَقَالَ لَهُ بَان عَبَّاس جَزَاك الله الْجنَّة ثمَّ حمد الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ يأيها النَّاس إِنِّي كنت تَكَلَّمت بِكَلِمَة من رَأْيِي أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ مِنْهَا يَا معشر النَّاس لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَبِيعُوا الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ وَلَا الدِّينَار بِالدِّينَارَيْنِ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الذَّهَب بِالذَّهَب إِلَى آخِره
وَرُوِيَ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْبيُوع من حَدِيث حَيَّان بن عبيد الله الْعَدوي قَالَ سَأَلت أَبَا مجلز عَن الصّرْف فَقَالَ كَانَ ابْن عَبَّاس لَا يرَى بِهِ بَأْسا مَا كَانَ يدا بيد فَذكر نَحوه وَقَالَ فِي آخِره فَقَالَ ابْن عَبَّاس لأبي سعيد جَزَاك الله الْجنَّة ذَكرتني أمرا كنت نَسِيته وَأَنا أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ قَالَ وَكَانَ يُنْهِي(1/302)
وَأما رُجُوعه عَن الْمُتْعَة فَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه وَإِنَّمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس شَيْء من الرُّخْصَة فِي الْمُتْعَة ثمَّ رَجَعَ عَن قَوْله حَيْثُ أخبر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ قَالَ حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان ثَنَا سُفْيَان بن عقبَة أَخُو قبيصَة بن عقبَة ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِنَّمَا كَانَت الْمُتْعَة فِي أول الْإِسْلَام كَانَ الرجل يقدم الْبَلدة لَيْسَ لَهُ معرفَة فَيَتَزَوَّج الْمَرْأَة بِقدر مَا يرَى أَنه يُقيم فتحفظ لَهُ مَتَاعه وَتصْلح لَهُ شَيْئه حَتَّى إِذا أنزلت الْآيَة إِلَّا عَلَى أَزوَاجهم قَالَ ابْن عَبَّاس فَكل فرج سواهُمَا فَهُوَ حرَام انْتَهَى
وَأما رُجُوعه عَن الصّرْف فروَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث سَالم بن عبد الله بن عبد الله بن أبي غياث عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يرخص فِي الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ وَالدِّينَار بِالدِّينَارَيْنِ وَقَالَ يأيها النَّاس إِنَّه لَا بَأْس بِالصرْفِ مَا كَانَ يدا بيد إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة فطارت كَلمته بالمشرق وَالْمغْرب حَتَّى دخل عَلَيْهِ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ فَقَالَ يَا ابْن عَبَّاس أكلت الرِّبَا وَأَطْعَمته إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول الذَّهَب بِالذَّهَب وزنا بِوَزْن مثلا بِمثل فَمن زَاد أَو اسْتَزَادَ فقد أَرْبَى حَتَّى ذكر الْأَنْوَاع السِّتَّة فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس جَزَاك الله الْجنَّة ثمَّ حمد الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ يأيها النَّاس إِنِّي كنت تَكَلَّمت بِكَلِمَة من رَأْيِي أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ مِنْهَا يَا معشر النَّاس لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَبِيعُوا الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ وَلَا الدِّينَار بِالدِّينَارَيْنِ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الذَّهَب بِالذَّهَب ... إِلَى آخِره
وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْبيُوع من حَدِيث حَيَّان بن عبيد الله الْعَدوي قَالَ سَأَلت أَبَا مجلز عَن الصّرْف فَقَالَ كَانَ ابْن عَبَّاس لَا يرَى بِهِ بَأْسا مَا كَانَ يدا بيد ... فَذكر نَحوه وَقَالَ فِي آخِره فَقَالَ ابْن عَبَّاس لأبي سعيد جَزَاك الله الْجنَّة ذَكرتني أمرا كنت نَسِيته وَأَنا أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ قَالَ وَكَانَ يُنْهِي(1/303)
عَنهُ بعد ذَلِك انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره بِأَن حَيَّان بن عبيد الله الْعَدوي ضَعِيف
وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الصّرْف أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي هَاشم الوَاسِطِيّ عَن زِيَاد قَالَ كنت مَعَ ابْن عَبَّاس بِالطَّائِف فَرجع عَن الصّرْف قبل أَن يَمُوت بسبعين يَوْمًا انْتَهَى
وَرَوَى البُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْكَبِير عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه قَالَ أشهد عَلَى اثْنَي عشر من أَصْحَاب ابْن مَسْعُود شهدُوا أَن ابْن عَبَّاس تَابَ من قَوْله فِي الصّرْف مِنْهُم عُبَيْدَة السُّلَيْمَانِي انْتَهَى
وَرَوَى ابْن عدي فِي كَامِله عَن دَاوُد بن عَلّي بن عبد الله بن عَبَّاس عَن أَبِيه عَن جده عبد الله بن عَبَّاس أَنه نزل عَن قَوْله فِي الصّرْف حِين سمع عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ يروي عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ النَّهْي عَنهُ ولين دَاوُد هَذَا وَقَالَ هُوَ عِنْدِي لَا بَأْس بِهِ
وَرَوَى إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا جرير حَدثنِي سَالم بن أبي حَفْصَة عَن عبد الله بن خَلِيل قَالَ سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول قبل مَوته أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ من الصّرْف انْتَهَى
وَرَوَى ابْن ماجة فِي أَبْوَاب التِّجَارَات حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة أَنا حَمَّاد بن زيد عَن سُلَيْمَان بن عَلّي الربعِي عَن أبي الْحَوْرَاء قَالَ سَمِعت ابْن عَبَّاس يَأْمر بِالصرْفِ وَيحدث ذَلِك عَنهُ ثمَّ بَلغنِي أَنه رَجَعَ عَن ذَلِك فَلَقِيته بِمَكَّة فَقلت لَهُ بَلغنِي أَنَّك رجعت قَالَ نعم إِنَّمَا كَانَ ذَلِك رَأيا مني وَهَذَا أَبُو سعيد حدث عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ إِنَّه نهَى عَن الصّرْف
وَرَوَى أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا زُهَيْر ثَنَا جرير عَن مُغيرَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم جَاءَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَهُ أَقرَأت مَا لم نَقْرَأ أَو صَحِبت مَا لم نصحب فَقَالَ مَا قَرَأت إِلَّا مَا قَرَأْتُمْ وَمَا(1/304)
صَحِبت إِلَّا مَا صحبتم قَالَ فَفِيمَ تُفْتِي النَّاس الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ وَالدِّرْهَمَيْنِ بِالثلَاثِ وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول الذَّهَب بِالذَّهَب مثلا بِمثل فَمَا زَاد فَهُوَ رَبًّا وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ مثلا بِمثل فَمَا زَاد فَهُوَ رَبًّا قَالَ فَسَمعته بعد وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوب إِلَيْك مِمَّا كنت أُفْتِي بِهِ النَّاس فِي الصّرْف انْتَهَى
وَرَوَى النَّسَائِيّ فِي كتاب الكنى أخبرنَا وَاصل بن عبد الْأَعْلَى ثَنَا أَبُو أُسَامَة عَن الْمثنى بن سعيد حَدثنِي أَبُو الشعْثَاء عمر مولَى معمر سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ من قولي فِي الصّرْف إِنَّمَا كَانَ رَأْيِي وَلَقِيت أُنَاسًا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فنهوني انْتَهَى
315 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس من ملك ثَلَاثمِائَة دِرْهَم فقد وَجب عَلَيْهِ الْحَج وَحرم عَلَيْهِ نِكَاح الْإِمَاء
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق فِي مصنفيهما فِي كتاب الْمَنَاسِك حَدثنَا وَكِيع ثَنَا عمرَان بن حدير عَن النزال بن سُبْرَة عَن ابْن عَبَّاس ... فَذكره سَوَاء
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره
316 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ الْحَرَائِر صَلَاح الْبَيْت وَالْإِمَاء هَلَاك الْبَيْت
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أخبرنَا ابْن فَنْجَوَيْهِ حَدثنِي ابْن أبي شيبَة ثَنَا أَبُو حَامِد الْمُسْتَمْلِي ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر بن يُونُس اليمامي ثَنَا أَحْمد بن يُوسُف الْعجلِيّ ثَنَا يُونُس بن مرداس وَكَانَ خَادِمًا لأنس قَالَ كنت بَين أنس وَأبي هُرَيْرَة فَقَالَ(1/305)
أنس سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول من أحب أَن يلقى الله طَاهِرا مطهرا فليتزوج الْحَرَائِر وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول الْحَرَائِر صَلَاح الْبَيْت وَالْإِمَاء فَسَاد الْبَيْت أَو قَالَ هَلَاك الْبَيْت انْتَهَى
317 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ثَمَانِي آيَات فِي سُورَة النِّسَاء هِيَ خير لهَذِهِ الْأمة مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وغربت يُرِيد الله ليبين لكم وَالله يُرِيد أَن يَتُوب عَلَيْكُم يُرِيد الله أَن يُخَفف عَنْكُم إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه مَا يفعل الله بعذابكم
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّابِع وَالْأَرْبَعِينَ من حَدِيث صَالح المري عَن قَتَادَة قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس ثَمَانِي آيَات فِي سُورَة النِّسَاء هن خير لهَذِهِ الْأمة مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس أولهنَّ يُرِيد الله ليبين لكم وَيهْدِيكُمْ سنَن الَّذين من قبلكُمْ وَيَتُوب عَلَيْكُم ثَلَاث آيَات مُتَتَابِعَات وَالرَّابِعَة إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا وَالْخَامِسَة إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما وَالسَّادِسَة (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما) وَالسَّابِعَة (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) وَالثَّامِنَة وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله وَلم يفرقُوا بَين أحد مِنْهُم أُولَئِكَ سَوف يُؤْتِيهم أُجُورهم ثمَّ أقبل ابْن عَبَّاس يُفَسِّرهَا فِي آخر الْآيَة وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما انْتَهَى(1/306)
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن صَالح المري بِهِ
318 - قَوْله
عَن عَلّي الْكَبَائِر سبع الشّرك وَالْقَتْل وَالْقَذْف والربا وَمَال الْيَتِيم والفرار من الزَّحْف وَالتَّعَرُّب بعد الْهِجْرَة
وَزَاد ابْن عمر السحر وَاسْتِحْلَال الْبَيْت الْحَرَام وَعَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا قَالَ لَهُ الْكَبَائِر سبع فَقَالَ هِيَ إِلَى سَبْعمِائة أقرب
وَرُوِيَ إِلَى سبعين لِأَنَّهُ لَا صَغِيرَة مَعَ الْإِصْرَار وَلَا كَبِيرَة مَعَ الاسْتِغْفَار
قلت أما عَلّي فَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن سهل بن أبي حثْمَة عَن أَبِيه قَالَ إِنِّي لفي هَذَا الْمَسْجِد مَسْجِد الْكُوفَة وَعلي يخْطب النَّاس عَلَى الْمِنْبَر فَقَالَ يأيها النَّاس إِن الْكَبَائِر سبع ثمَّ أَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَالَ أَلا تَسْأَلُونِي عَنْهَا فَسَأَلُوهُ فَقَالَ هِيَ الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله وَقذف المحصنة وَأكل مَال الْيَتِيم وَأكل الرِّبَا والفرار يَوْم الزَّحْف وَالتَّعَرُّب بعد الْهِجْرَة فَقلت لأبي مَا التَّعَرُّب بعد الْهِجْرَة فَقَالَ يَا بني وَمَا أعظم من أَن يُهَاجر الرجل حَتَّى إِذا وَقع سَهْمه فِي الْفَيْء وَوَجَب عَلَيْهِ الْجِهَاد خلع ذَلِك من عُنُقه فَرجع أَعْرَابِيًا كَمَا كَانَ انْتَهَى
وَحَدِيث ابْن عمر فِي سنَن أبي دَاوُد مَرْفُوعا وَهُوَ فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ مَوْقُوفا من طَرِيق أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق السّني أَنا أَبُو خَليفَة ثَنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار ثَنَا طَيْسَلَة بن عَلّي البهدلي سَأَلت ابْن عمر عَن الْكَبَائِر فَقَالَ هن تسع ... فَذكرهَا إِلَّا أَنه قَالَ(1/307)
وعقوق الْوَالِدين عوض التَّعَرُّب
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ ثَنَا الْمثنى ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة ثَنَا سهل ابْن عباد الْمَكِّيّ عَن قيس بن سعد عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا سَأَلَهُ عَن الْكَبَائِر أَسَبْعٌ هِيَ قَالَ هِيَ إِلَى السبعمائة أقرب لِأَنَّهُ لَا صَغِيرَة ... إِلَى آخِره
ثمَّ رَوَى من طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه قَالَ قيل لِابْنِ عَبَّاس الْكَبَائِر سبع قَالَ هِيَ إِلَى السّبْعين أقرب انْتَهَى
319 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه تَأَول قَوْله تَعَالَى وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم بِالتَّيَمُّمِ لخوف الْبرد فَلم يُنكر عَلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْجِهَاد من حَدِيث يَحْيَى بن أَيُّوب عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن عمرَان بن أبي أنس عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بِهِ وَعمْرَان بن أنس وَيُقَال ابْن أبي أنس قَالَ البُخَارِيّ فِيهِ مُنكر الحَدِيث انْتَهَى
وَالْخلاف فِيهِ عَلَى يزِيد بن أبي حبيب فروَى عَنهُ يَحْيَى بن أَيُّوب هَكَذَا عبد الرَّحْمَن عَن عَمْرو وَرَوَى عَنهُ عَمْرو بن الْحَارِث عبد الرَّحْمَن عَن أبي قيس عَن عَمْرو عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ احْتَلَمت فِي لَيْلَة بَارِدَة فِي غَزْوَة ذَات السلَاسِل فَأَشْفَقت أَن أَغْتَسِل فَأهْلك فَتَيَمَّمت ثمَّ صليت بِأَصْحَابِي الصُّبْح فَذكرُوا ذَلِك للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا عَمْرو وَصليت بِأَصْحَابِك وَأَنت جنب فَأَخْبَرته بِالَّذِي مَنَعَنِي من الِاغْتِسَال وَقلت إِنِّي سَمِعت الله يَقُول وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما فَضَحِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم يقل شَيْئا
وَذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه تَعْلِيقا فَقَالَ بَاب الْجنب إِذا خَافَ عَلَى نَفسه الْمَرَض أَو الْمَوْت أَو الْعَطش تيَمّم وَيذكر عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه أجنب فِي لَيْلَة(1/308)
بَارِدَة فَتَيَمم وتلا وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما فَذكر للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلم يعنف انْتَهَى
وَسَنَد أبي دَاوُد هَذَا فِيهِ انْقِطَاع لِأَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير لم يدْرك عَمْرو ابْن الْعَاصِ فَلذَلِك سَاقه أَبُو دَاوُد من طَرِيق أُخْرَى مُتَّصِلَة عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن أبي قيس مولَى عَمْرو أَن عَمْرو ... فَذكر الحَدِيث نَحوه إِلَّا أَنه قَالَ فِيهِ فَغسل مغابنه وَتَوَضَّأ للصَّلَاة ثمَّ صَلَّى بهم وَلم يذكر التَّيَمُّم وَفَاتَ الْمُنْذِرِيّ هَذَا الْمَعْنى فِي مُخْتَصره فَأَهْمَلَهُ وَالله أعلم
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بالسند الْمُنْقَطع وَمَتنه سَوَاء
وَرَوَاهُ بالسند الْمُتَّصِل ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الْخمسين من الْقسم الرَّابِع وَكَذَلِكَ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه قَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ وَعِنْدِي أَنَّهُمَا عَلَّلَاهُ بِحَدِيث جَابر بن حَازِم عَن يَحْيَى بن أَيُّوب عَن يزِيد لم يذكر أَبَا قيس قَالَ وَحَدِيث جرير لَا يُعلل حَدِيث عَمْرو الَّذِي وَصله بِذكر أبي قيس فَإِن أهل مصر أعرف بِحَدِيثِهِمْ من أهل الْبَصْرَة انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ بالسندين والمتنين الْمَذْكُورين الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنَيْهِمَا وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده بالسند الْمُتَّصِل من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن أبي قيس مولَى عَمْرو بن الْعَاصِ عَن عَمْرو بن الْعَاصِ ... فَذكره وَقَالَ فِيهِ فَتَيَمَّمت ثمَّ صليت بهم ... إِلَى آخِره
وَله طرق أُخْرَى مِنْهَا طَرِيق عِنْد الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة ذَات السلَاسِل من طَرِيق الْوَاقِدِيّ حَدثنِي أَفْلح بن سعيد عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن رُقَيْش عَن أبي بكر بن حزم قَالَ كَانَ عَمْرو بن الْعَاصِ حِين قَفَلُوا احْتَلَمَ فِي لَيْلَة بَارِدَة فَقَالَ لأَصْحَابه مَا ترَوْنَ قد وَالله احْتَلَمت وَإِن(1/309)
اغْتَسَلت مت لم أجد بردا مثله وَقد قَالَ تَعَالَى وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما فَضَحِك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم يقل شَيْئا انْتَهَى
طَرِيق آخر رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي التَّيَمُّم أخبرنَا ابْن جريج أَخْبرنِي إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه أَصَابَته جَنَابَة وَهُوَ أَمِير الْجَيْش فَترك الْغسْل من أجل أَنه قَالَ إِن اغْتَسَلت مت فَصَلى بِمن مَعَه جنبا فَلَمَّا قدم عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عرفه بِمَا فصل وَأَنْبَأَهُ بِعُذْرِهِ فَأقر وَسكت انْتَهَى
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه
طَرِيق آخر رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي ثَنَا زِيَاد بن سعد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن عَمْرو بن الْعَاصِ كَانَ فِي سفر ... فَذكر الحَدِيث
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِيُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي وَضَعفه عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن معِين وَوَافَقَهُمْ وَأَغْلظ فِيهِ القَوْل وَقَالَ إِن أهل بَلَده أَجمعُوا عَلَى كذبه
320 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه خطب يَوْم الْفَتْح فَقَالَ مَا كَانَ من حلف فِي الْجَاهِلِيَّة فَتمسكُوا بِهِ فَإِنَّهُ لم يزده الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة وَلَا تحدثُوا حلفا فِي الْإِسْلَام
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره مفرقا فَقَالَ حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم ثَنَا هَيْثَم أَنا مُغيرَة عَن أَبِيه عَن شُعْبَة بن التوائم عَن قيس ابْن عَاصِم الْمنْقري أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ مَا كَانَ من حلف فِي الْجَاهِلِيَّة فَتمسكُوا بِهِ
حَدثنَا حَاتِم بن بكر الضَّبِّيّ ثَنَا عبد الْأَعْلَى بن حُسَيْن الْمعلم عَن أَبِيه عَن(1/310)
عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ فِي خطبَته يَوْم فتح مَكَّة فوا بِالْحلف فَإِنَّهُ لَا يزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة وَلَا تحدثُوا حلفا فِي الْإِسْلَام انْتَهَى
فَيُلَفقُ لفظ المُصَنّف من هذَيْن الْحَدِيثين
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ قَرِيبا مِنْهُ فِي كتاب السّير عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ فِي خطبَته أَوْفوا بِحلف الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ لَا يزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة وَلَا تحدثُوا حلفا فِي الْإِسْلَام انْتَهَى وَقَالَ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح انْتَهَى
وَرَوَى مُسلم فِي صَحِيحه فِي آخر كتاب الْفَضَائِل عَن جُبَير بن مطعم قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا حلف فِي الْإِسْلَام وَأَيّمَا حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة لم يزده الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة انْتَهَى
وَرَوَى البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث عَاصِم الْأَحول قَالَ قيل لأنس بن مَالك أبلغك أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَا حلف فِي الْإِسْلَام فَقَالَ أنس قد حَالف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بَين قُرَيْش وَالْأَنْصَار فِي دَاره وَفِي لفظ لَهما فِي دَاري زَاد أَبُو دَاوُد مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا انْتَهَى
وَينظر فِي الْجمع بَينهمَا وَكَأن المُرَاد نفي التَّوَارُث بِالْحلف كَمَا هُوَ مَذْهَبنَا
وَحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ هَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي مُسْنده عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَاصِم الْأَحول بِهِ ثمَّ قَالَ قَالَ سُفْيَان فسره الْعلمَاء أَي آخَى بَينهم
وَمن طَرِيق الشَّافِعِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِهِ
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا حلف فِي الْإِسْلَام المُرَاد بِهِ نفي التَّوَارُث بِالْحلف كَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَذَلِكَ حِين نزل قَوْله تَعَالَى وَأولُوا الْأَرْحَام بَعضهم أولَى بِبَعْض فِي كتاب الله فنسخ التَّوَارُث بِالْحلف(1/311)
وَالْمُعَاقَدَة انْتَهَى
321 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَن سعد بن الرّبيع وَكَانَ نَقِيبًا من نقباء الْأَنْصَار نشزت عَلَيْهِ امْرَأَته حَبِيبَة بنت زيد بن أبي زُهَيْر فلطمها فَانْطَلق بهَا أَبوهَا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالَ أَفرَشته كَرِيمَتي فلطمها فَقَالَ لتقْتَص مِنْهُ فَنزلت الرِّجَال قوامون عَلَى النِّسَاء فَقَالَ أردنَا أمرا وَأَرَادَ الله أمرا وَالَّذِي أَرَادَ الله خيرا وَرفع الْقصاص
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَأقرب مَا وجدته مَا رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا أَحْمد بن عَلّي النَّسَائِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن هبة الله الْهَاشِمِي ثَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث ثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد حَدثنِي أبي عَن جدي عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَلّي قَالَ أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رجل من الْأَنْصَار بِامْرَأَة لَهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن زَوجهَا فلَان بن فلَان الْأنْصَارِيّ وَإنَّهُ ضربهَا فَأَبِنْ وَجههَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لَيْسَ لَهُ ذَلِك فَنزلت الرِّجَال قوامون عَلَى النِّسَاء الْآيَة فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام أردْت أمرا وَأَرَادَ الله غَيره انْتَهَى
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن الْحسن أَن رجلا لطم وَجه امْرَأَته فَأَتَت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فشكت إِلَيْهِ فَقَالَ الْقصاص فَنزلت الرِّجَال قوامون عَلَى النِّسَاء انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الدِّيات والطبري فِي تَفْسِيره كِلَاهُمَا عَن وَكِيع عَن جرير بن حَازِم عَن الْحسن ... فَذكره
وَذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من قَول مقَاتل قَالَ نزلت فِي سعد بن الرّبيع وَكَانَ من النُّقَبَاء وَفِي امْرَأَته حَبِيبَة بنت زيد(1/312)
ابْن زُهَيْر وهما من الْأَنْصَار وَذَلِكَ أَنَّهَا نشزت عَلَيْهِ ... فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف
322 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ خير النِّسَاء امْرَأَة إِن نظرت إِلَيْهَا سرتك وَإِن أَمَرتهَا أَطَاعَتك وَإِذا غبت عَنْهَا حفظتك فِي مَالهَا ونفسها وتلا قَوْله تَعَالَى فالصالحات قانتات الْآيَة
قلت رُوِيَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث أبي أُمَامَة وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث عبد الله بن سَلام
أما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الزَّكَاة من حَدِيث مُجَاهِد عَنهُ قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة الَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة ... الحَدِيث بِطُولِهِ وَفِي آخِره ثمَّ قَالَ يَعْنِي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَلا أخْبركُم بِخَير مَا يكنز الْمَرْأَة الصَّالِحَة إِذا نظر إِلَيْهَا سرته وَإِذا أمرهَا أَطَاعَته وَإِذا غَابَ عَنْهَا حفظته مُخْتَصر وَسَنَد أبي دَاوُد أخبرنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن يَحْيَى بن عَلّي الْمحَاربي عَن أَبِيه عَن غيلَان بن جَامع عَن جَعْفَر بن إِيَاس عَن مُجَاهِد بِهِ
قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح إِلَّا أَن الْبَيْهَقِيّ رَوَاهُ فِي سنَنه فَزَاد فِيهِ عُثْمَان بن عُمَيْر أَبَا الْيَقظَان بَين غيلَان وجعفر ثمَّ قَالَ وَقصر بِهِ بعض الروَاة فَلم يذكر فِيهِ عُثْمَان بن عُمَيْر فَأَشَارَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا إِلَى انْقِطَاع رِوَايَة أبي دَاوُد وَاتَّفَقُوا عَلَى عُثْمَان بن عُمَيْر انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الزَّكَاة وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
وَأما حَدِيث أبي أُمَامَة فَرَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه فِي النِّكَاح من حَدِيث عَلّي ابْن يزِيد عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ مَا اسْتَفَادَ الْمُؤمن(1/313)
بعد تقوى الله خيرا لَهُ من امْرَأَة صَالِحَة إِن أمرهَا أَطَاعَته وَإِن نظر إِلَيْهَا سرته وَإِن أقسم عَلَيْهَا أَبرته وَإِن غَابَ عَنْهَا نَصَحته فِي نَفسهَا وَمَاله انْتَهَى
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه فِي عشرَة النِّسَاء أخبرنَا عَمْرو ابْن عَلّي ثَنَا يَحْيَى ثَنَا ابْن عجلَان عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سُئِلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن خير النِّسَاء فَقَالَ الَّتِي تطيع إِذا أَمر وتسر إِذا نظر وَتَحفظه فِي نَفسهَا وَمَاله انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السِّتين من حَدِيث أبي عَاصِم عَن ابْن عجلَان عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سُئِلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَي النِّسَاء خير قَالَ الَّتِي تسرهُ إِذا نظر وَتُطِيعهُ إِذا أَمر وَلَا تخَالفه بِمَا يكره فِي نَفسهَا وَمَالهَا انْتَهَى قَالَ وَرَوَاهُ اللَّيْث بن سعد عَن مُحَمَّد بن عجلَان قَالَ فِي نَفسهَا وَلَا مَاله انْتَهَى كَلَامه
وَهَذَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن اللَّيْث بن سعد عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ الْبَزَّار وَقَالَ وَمَالهَا وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَله طَرِيق أُخْرَى رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَالْبَزَّار فِي مسنديهما من حَدِيث أبي معشر عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا خير النِّسَاء امْرَأَة نظرت إِلَيْهَا سرتك وَإِذا أَمَرتهَا أَطَاعَتك وَإِذا غبت عَنْهَا حفظتك فِي نَفسهَا وَمَالك انْتَهَى
وَقَالَ الْبَزَّار لَا نعلمهُ يرْوَى عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا من هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ ثمَّ الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفاسيرهم
وَأما حَدِيث عبد الله بن سَلام فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه ثَنَا الْعَبَّاس بن(1/314)
الْفضل الْأَسْفَاطِي ثَنَا مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل ثَنَا رزيك بن أبي رزيك عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن عبد الله بن سَلام أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ خير النِّسَاء امْرَأَة تسرك إِذا أَبْصرت وتطيعك إِذا أمرت وَتحفظ غَيْبَتِك فِي نَفسهَا وَمَالك انْتَهَى
323 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي النِّكَاح من حَدِيث أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يُؤْذِي جَاره وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا ... الحَدِيث وَقد تقدم قَرِيبا
324 - الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ علق سَوْطك حَيْثُ يرَاهُ أهلك
قلت رُوِيَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث ابْن عَمْرو وَمن حَدِيث جَابر
فَحَدِيث ابْن عَبَّاس رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي أَوَاخِر كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب من حَدِيث ابْن أبي لَيْلَى عَن دَاوُد بن عَلّي بن عبد الله بن عَبَّاس عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ علق سَوْطك حَيْثُ يرَاهُ أهلك انْتَهَى
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الْقصاص حَدثنَا يَحْيَى بن الْعَلَاء عَن ابْن أبي لَيْلَى بِهِ سندا ومتنا
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل ولين دَاوُد بن عَلّي وَقَالَ وَعِنْدِي أَنه لَا بَأْس بِهِ انْتَهَى(1/315)
وَحَدِيث ابْن عمر رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة عَلّي وَالْحسن ابْني صَالح فَقَالَ حَدثنَا حبيب بن الْحسن ثَنَا عبد الله بن إِبْرَاهِيم الْأَكْفَانِيِّ ثَنَا إِسْحَاق بن بهْلُول ثَنَا سُوَيْد بن عَمْرو الْكَلْبِيّ ثَنَا الْحسن بن صَالح وَعَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلقُوا السَّوْط حَيْثُ يرَاهُ أهل الْبَيْت انْتَهَى
وَحَدِيث جَابر رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث عباد بن كثير الثَّقَفِيّ عَن أبي الزُّبَيْر عَن جَابر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ رحم الله رجلا علق فِي بَيته سَوْطًا يُؤَدب بِهِ أَهله انْتَهَى
وَضعف عباد بن كثير عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن معِين وَوَافَقَهُمْ
325 - قَوْله عَن أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق كنت رَابِعَة أَربع نسْوَة عِنْد الزُّبَيْر بن الْعَوام فَإِذا غضب عَلَى أَحَدنَا ضربهَا بِعُود المشحب يكسرهُ عَلَيْهَا
قلت رَوَى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْأَدَب وَعبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الْقصاص قَالَ ابْن أبي شيبَة حَدثنَا حَفْص بن غياث وَقَالَ عبد الرَّزَّاق أَنا معمر قَالَا أَنا هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ كَانَ الزُّبَيْر شَدِيدا عَلَى النِّسَاء وَكَانَ يكسر عَلَيْهِنَّ عيدَان المشاحب انْتَهَى
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث أبي أُسَامَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت كنت رَابِعَة أَربع نسْوَة فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء
326 - الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ رُوِيَ أَن أَبَا مَسْعُود الْأنْصَارِيّ رفع سَوْطه ليضْرب غُلَاما فَبَصر بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فصاح بِهِ أَبَا مَسْعُود لله أقدر عَلَيْك مِنْك عَلَيْهِ فَرَمَى بِالسَّوْطِ وَأعْتق الْغُلَام
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْبر والصلة من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أَبِيه يزِيد عَن أبي مَسْعُود قَالَ كنت أضْرب غُلَاما لي فَسمِعت من خَلْفي صَوتا أَبَا مَسْعُود الله أقدر عَلَيْك مِنْك عَلَيْهِ فَالْتَفت فَإِذا هُوَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقلت يَا رَسُول الله هُوَ حر لوجه الله قَالَ أما إِنَّك لَو لم تفعل لَلَفَحَتْك النَّار انْتَهَى
327 - قَوْله عَن عُبَيْدَة السُّلَيْمَانِي قَالَ شهِدت عليا وَقد جَاءَتْهُ امْرَأَة وَزوجهَا وَمَعَ كل وَاحِد فَتَام من النَّاس فَأخْرج هَؤُلَاءِ حكما وَهَؤُلَاء حكما فَقَالَ عَلّي لِلْحكمَيْنِ أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا إِن رَأَيْتُمَا أَن تفَرقا فَرَّقْتُمَا وَإِن رَأَيْتُمَا أَن تجمعَا جَمعْتُمَا فَقَالَ الزَّوْج أما الْفرْقَة فَلَا فَقَالَ عَلّي كذبت وَالله لَا تَبْرَح حَتَّى ترْضَى بِكِتَاب الله لَك وَعَلَيْك فَقَالَت الْمَرْأَة رضيت بِكِتَاب الله لي وَعلي
قلت رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي مُسْنده فِي كتاب الْخلْع أخبرنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين عَن عُبَيْدَة السُّلَيْمَانِي أَنه قَالَ فِي هَذِه الْآيَة وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا قَالَ جَاءَ بِرَجُل وَامْرَأَة إِلَى عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَذكره
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارقطني فِي سنَنه فِي النِّكَاح عَن عبد الْوَهَّاب بِهِ
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الطَّلَاق أخبرنَا معمر عَن أَيُّوب بِهِ
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم ثَنَا ابْن علية عَن أَيُّوب بِهِ
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من طَرِيق الشَّافِعِي بِسَنَدِهِ وَمَتنه وَالْحَاكِم فِي كتاب مَنَاقِب الشَّافِعِي وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة
328 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِذا أنعم الله عَلَى عبد نعْمَة أحب أَن ترَى نعْمَته عَلَيْهِ
قلت رُوِيَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَمن حَدِيث ابْن أبي الْأَحْوَص وَمن حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَمن حَدِيث جَابر
أما جَابر ابْن الْعَاصِ فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه فِي كتاب الاسْتِئْذَان من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله يحب أَن يرَى أثر نعْمَته عَلَى عَبده انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن وَفِي الْبَاب عَن أبي الْأَحْوَص عَن أَبِيه وَعمْرَان بن حُصَيْن وَابْن مَسْعُود انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْأَطْعِمَة وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
أما حَدِيث ابْن أبي الْأَحْوَص واسْمه مَالك بن نَضْلَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَآهُ فِي هَيْئَة سَيِّئَة فَقَالَ لَهُ أما لَك مَال قَالَ من كل المَال آتَانِي الله قَالَ فَهَلا يرَى عَلَيْك إِن الله إِذا أنعم عَلَى عَبده نعْمَة أحب أَن ترَى عَلَيْهِ انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْإِيمَان وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ لِأَن مَالك بن نَضْلَة الْجُشَمِي لَيْسَ لَهُ راو غير ابْنة أبي الْأَحْوَص وَقد خرج مُسلم عَن أبي الْمليح بن أُسَامَة عَن أَبِيه وَلَيْسَ لَهُ راو غير ابْنه وَكَذَلِكَ عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه وَذَلِكَ أولَى من ذَلِك كُله انْتَهَى كَلَامه(1/316)
328 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِذا أنعم الله عَلَى عبد نعْمَة أحب أَن ترَى نعْمَته عَلَيْهِ
قلت رُوِيَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَمن حَدِيث ابْن أبي الْأَحْوَص وَمن حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَمن حَدِيث جَابر
أما حَدِيث ابْن الْعَاصِ فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه فِي كتاب الاسْتِئْذَان من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله يحب أَن يرَى أثر نعْمَته عَلَى عَبده انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن وَفِي الْبَاب عَن أبي الْأَحْوَص عَن أَبِيه وَعمْرَان بن حُصَيْن وَابْن مَسْعُود انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْأَطْعِمَة وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
أما حَدِيث ابْن أبي الْأَحْوَص واسْمه مَالك بن نَضْلَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَآهُ فِي هَيْئَة سَيِّئَة فَقَالَ لَهُ أما لَك مَال قَالَ من كل المَال آتَانِي الله قَالَ فَهَلا يرَى عَلَيْك إِن الله إِذا أنعم عَلَى عَبده نعْمَة أحب أَن ترَى عَلَيْهِ انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْإِيمَان وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ لِأَن مَالك بن نَضْلَة الْجُشَمِي لَيْسَ لَهُ راو غير ابْنه أبي الْأَحْوَص وَقد خرج مُسلم عَن أبي الْمليح بن أُسَامَة عَن أَبِيه وَلَيْسَ لَهُ راو غير ابْنه وَكَذَلِكَ عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه وَذَلِكَ أولَى من ذَلِك كُله انْتَهَى كَلَامه(1/318)
أما حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من طَرِيقين
أَحدهمَا عَن شُعْبَة عَن فُضَيْل بن فضَالة ثَنَا أَبُو رَجَاء العطاردي عَن عمرَان ابْن حُصَيْن قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله إِذا أنعم عَلَى عبد نعْمَة أحب أَن يرَى نعْمَته عَلَيْهِ انْتَهَى
وَالْآخر عَن يزِيد بن هَارُون أَنا زِيَاد الْجَصَّاص ثَنَا الْحسن ثَنَا عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحوه وَقَالَ أثر نعْمَته
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما قَالَ أَحْمد حَدثنَا أَحْمد بن عبد الْملك وَقَالَ ابْن رَاهَوَيْه ثَنَا يَحْيَى بن آدم قَالَا ثَنَا شريك عَن ابْن موهب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا أنعم الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عبد نعْمَة إِلَّا وَهُوَ يحب أَن يرَى أَثَرهَا عَلَيْهِ
وَأما حَدِيث الْخُدْرِيّ فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع وَالثَّلَاثِينَ من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي لَيْلَى عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله جميل يحب الْجمال وَيُحب أَن يرَى نعْمَته عَلَى عَبده وَيبغض الْبُؤْس وَالْتِبَاس
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة ثَنَا عمرَان ابْن أبي لَيْلَى عَن أَبِيه عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ بِهِ سندا ومتنا
وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث عصمَة بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ عَن مُوسَى بن عقبَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن الله لَيُحِب أَن يرَى نعْمَته عَلَى عَبده وَضعف عصمَة وَقَالَ إِنَّه مُنكر الحَدِيث انْتَهَى
وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد(1/319)
ابْن عَمْرو بن مُصعب الْكِنْدِيّ الْمروزِي ثَنَا عمي عَن جدي عَمْرو بن مُصعب ثَنَا الْحَارِث بن النُّعْمَان أَبُو النَّضر ثَنَا عُثْمَان بن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن أَبِيه عَن أنس بن مَالك عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن الله جميل يحب الْجمال وَيُحب أَن يرَى أثر نعْمَته عَلَى عَبده انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي الْكتاب الْمَذْكُور ثَنَا أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي ثَنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن ثَنَا مُوسَى بن عِيسَى الْقرشِي ثَنَا عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا نَحوه سَوَاء
وَرَوَاهُ فِي المعجم الْوسط حَدثنَا أَبُو زرْعَة عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الدِّمَشْقِي بِهِ وَفِيه قصَّة
329 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ
عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ أَنه قَالَ لأبي هُرَيْرَة بَلغنِي عَنْك أَنَّك تَقول سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول إِن الله تَعَالَى يُعْطي عَبده الْمُؤمن بِالْحَسَنَة ألف ألف حَسَنَة قَالَ أَبُو هُرَيْرَة لَا بل سمعته يَقُول إِن الله يُعْطِيهِ ألفي ألف حَسَنَة ثمَّ تَلا وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا
قلت رَوَاهُ أَحْمد وَالْبَزَّار فِي مسنديهما من حَدِيث عَلّي بن زيد بن جدعَان عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ بَلغنِي أَن أَبَا هُرَيْرَة يحدث عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن الله تَعَالَى يضعف لعَبْدِهِ الْمُؤمن ألف ألف حَسَنَة فَانْطَلَقت فَلَقِيت أَبَا هُرَيْرَة فَقلت بَلغنِي عَنْك أَنَّك تَقول سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول إِن الله تَعَالَى يضعف الْحَسَنَة ألف ألف حَسَنَة فَقَالَ أجل سمعته يَقُول إِن الله يُعْطي بِالْحَسَنَة ألفي ألف حَسَنَة ثمَّ تَلا إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا إِلَى قَوْله أجرا عَظِيما فَمن يدْرِي قدر قَول الله عَظِيما انْتَهَى قَالَ الْبَزَّار لَا نعلمهُ يرْوَى عَن أبي هُرَيْرَة إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد انْتَهَى(1/320)
وَمن طَرِيق أَحْمد رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ وَبِالْإِسْنَادِ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ
وَعلي بن زيد بن جدعَان بِهِ مَنَاكِير لَكِن لَهُ سَنَد آخر عِنْد ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره فَقَالَ حَدثنَا أَبُو خَلاد سُلَيْمَان بن خَلاد الْمُؤَدب ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد الْمُؤَدب ثَنَا مُحَمَّد بن عقبَة الرِّفَاعِي عَن زِيَاد الْجَصَّاص عَن أبي عُثْمَان نَحوه
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة بَرَاءَة حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد ثَنَا أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب بن نجدة ثَنَا أبي مُحَمَّد بن خَالِد الْوَهْبِي عَن زِيَاد الْجَصَّاص بِهِ سندا ومتنا
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الزّهْد بِسَنَد أَحْمد
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أَبْوَاب كَلَام الصَّحَابَة فِي بَاب كَلَام أبي هُرَيْرَة وَعبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره مَوْقُوفا لم يَرْفَعَاهُ قَالَ الأول أخبرنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن دَاوُد عَن عَلّي بن زيد عَن أبي عُثْمَان قَالَ بَلغنِي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِن الله يَقُول إِن الله يَجْزِي لِلْمُؤمنِ الْحَسَنَة ألف ألف حَسَنَة فَأَتَيْته فَقلت لَهُ بَلغنِي كَذَا وَكَذَا قَالَ نعم وَألْفي ألف حَسَنَة وَفِي الْقُرْآن إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا فَمن يدْرِي تِلْكَ الْأَضْعَاف وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما قَالَ الْجنَّة انْتَهَى
وَقَالَ عبد الرَّزَّاق أخبرنَا معمر عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ جِئْت أَبَا هُرَيْرَة فَقلت بَلغنِي أَنَّك قلت إِن الْحَسَنَة تضَاعف ألف ألف ضعف فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة لم تحفظُوا عني وَلَكِن قلت تضَاعف الْحَسَنَة ألفي ألف ضعف انْتَهَى
330 - الحَدِيث الثَّلَاثُونَ
عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ سُورَة النِّسَاء عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى(1/321)
بلغ قَوْله وَجِئْنَا بك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدا فَبَكَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالَ حَسبك
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث عُبَيْدَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ لي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَقرَأ عَلّي الْقُرْآن فَقلت يَا رَسُول الله أَقرَأ عَلَيْك وَعَلَيْك أنزل قَالَ إِنِّي أحب أَن أسمعهُ من غَيْرِي قَالَ فَقَرَأت عَلَيْهِ سُورَة النِّسَاء حَتَّى جَاءَت هَذِه الْآيَة فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدا قَالَ حَسبك الْآن فَالْتَفت إِلَيْهِ فَإِذا عَيناهُ تَذْرِفَانِ انْتَهَى
331 - الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف صنع طَعَاما وَشَرَابًا فَدَعَا نَفرا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين كَانَت الْخمر مُبَاحَة فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا فَلَمَّا ثَمِلُوا وَجَاء وَقت صَلَاة الْمغرب قدمُوا أحدهم ليُصَلِّي بهم فَقَرَأَ أعبد مَا تَعْبدُونَ وَأَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد فَنزلت وَكَانُوا لَا يشربون عِنْد أَوْقَات الصَّلَوَات فَإِذا صلوا الْعشَاء شَرِبُوهَا فَلَا يُصْبِحُونَ إِلَّا وَقد ذهب عَنْهُم السكر وَعَلمُوا مَا يَقُولُونَ ثمَّ نزل تَحْرِيمهَا
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْأَشْرِبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير من حَدِيث أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن عَطاء بن السَّائِب عَن عبد الله بن حبيب أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن عَلّي بن أبي طَالب قَالَ صنع لنا عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف طَعَاما فَدَعَانَا وَسَقَانَا من الْخمر فَأخذت الْخمر منا وَحَضَرت الصَّلَاة فقدموني فَقَرَأت قل يأيها الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ وَنحن نعْبد مَا تَعْبدُونَ قَالَ فَأنْزل الله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ انْتَهَى بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح(1/322)
غَرِيب انْتَهَى
وَلَفظ أبي دَاوُد عَن عَلّي أَن رجلا دَعَاهُ وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَسَقَاهُمَا قبل أَن تحرم الْخمر فَأمهمْ عَلّي فِي الْمغرب فَقَرَأَ قل يأيها الْكَافِرُونَ فخلط فِيهَا فَنزلت الْآيَة انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ وَأَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن عَطاء بن السَّائِب مُسْندًا عَن عَلّي وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَإِبْرَاهِيم بن طهْمَان وَدَاوُد بن الزبْرِقَان عَن عَطاء مُرْسلا وَعَطَاء من الْمُخْتَلطين وَقد أَضْطَرِب فِي مَتنه فَفِي التِّرْمِذِيّ وَأبي دَاوُد مَا تقدم وَفِي كتاب النَّسَائِيّ أَن الْمُصَلِّي بهم هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَفِي مُسْند الْبَزَّار أمروا رجلا فَصَلى بهم وَلم يسمه وَفِي غَيره فَتقدم بعض الْقَوْم انْتَهَى
قَالَ فِي الإِمَام وَلَيْسَ هَذَا عِلّة لِأَن هَذَا لَا يُعَارض فِي تعْيين الرجل
وَرَوَاهُ عبد بن حميد فِي مُسْنده بِسَنَد التِّرْمِذِيّ وَمَتنه سَوَاء
وَكَذَلِكَ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ لَا نعلمهُ يرْوَى عَن عَلّي بن أبي طَالب مُتَّصِل الْإِسْنَاد إِلَّا من حَدِيث عَطاء بن السَّائِب عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك قبل تَحْرِيم الْخمر فَحرمت من أجل ذَلِك انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْأَشْرِبَة من طَرِيق أَحْمد بن حَنْبَل عَن وَكِيع وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان عَن عَطاء بن السَّائِب عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن عَلّي قَالَ دَعَانَا رجل من الْأَنْصَار قبل أَن تحرم الْخمر فَتقدم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَصَلى بهم الْمغرب فَقَرَأَ يأيها الْكَافِرُونَ فَالْتبسَ عَلَيْهِ فِيهَا فَنزلت لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ قَالَ وَقد اخْتلف فِيهِ عَلَى عَطاء ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق مُسَدّد أَنا خَالِد بن عبد الله عَن عَطاء بن السَّائِب عَن أبي(1/323)
عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف صنع طَعَاما فَدَعَا نَاسا من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيهم عَلّي بن أبي طَالب فَأَكَلُوا من الطَّعَام وَشَرِبُوا من الْخمر قبل أَن تحرم فَحَضَرت صَلَاة الْمغرب فقدموا عليا فَقَرَأَ قل يأيها الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ وَنحن عَابِدُونَ مَا عَبدْتُمْ فَأنْزل الله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد لَكِن حَدِيث سُفْيَان أصح فَإِنَّهُ أحفظ من رَوَاهُ عَن عَطاء انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من طَرِيقين
أَحدهمَا عَن سُفْيَان عَن عَطاء بِهِ
وَالْآخر عَن حَمَّاد عَن عَطاء بِهِ وَسَمَّى الْمُصَلِّي فِي الطَّرِيقَيْنِ عليا ثمَّ أسْند إِلَى ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة قبل تَحْرِيم الْخمر انْتَهَى
332 - الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ
قلت رُوِيَ من حَدِيث ثَوْبَان وَمن حَدِيث أبي الدَّرْدَاء وَأبي أُمَامَة وَمن حَدِيث معَاذ بن جبل وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة
أما حَدِيث ثَوْبَان فَرَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه فِي أَبْوَاب الْمَسَاجِد من حَدِيث مَكْحُول عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جَنبُوا مَسَاجِدنَا صِبْيَانكُمْ وَشِرَاكُمْ وَبَيْعكُمْ وَخُصُومَاتكُمْ وَرفع أَصْوَاتكُم وَإِقَامَة حُدُودكُمْ وسل سُيُوفكُمْ وَاتَّخذُوا عَلَى أَبْوَابهَا الْمَطَاهِر وَجَمِّرُوهَا فِي الْجمع انْتَهَى
وَحَدِيث أبي أُمَامَة وَأبي الدَّرْدَاء رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث الْعَلَاء ابْن كثير عَن مَكْحُول عَن أبي الدَّرْدَاء وَأبي أُمَامَة وواثلة قَالُوا سمعنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول ... فَذكره سَوَاء
وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَأَعلاهُ بِالْعَلَاءِ بن كثير(1/324)
عَن مَكْحُول فَنقل ابْن عدي تَضْعِيفه عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ وَقَالَ الْعقيلِيّ قَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث
وَحَدِيث معَاذ رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الصَّلَاة حَدثنَا مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي عَن عبد ربه بن عبد الله الشَّامي عَن مَكْحُول عَن معَاذ بن جبل عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره سَوَاء
وَعَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده بِسَنَدِهِ وَمَتنه وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن مُحَمَّد بن مُسلم بِهِ
وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله من حَدِيث عبد الله بن مُحَرر عَن يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ انْتَهَى وَضعف عبد الله بن مُحَرر عَن النَّسَائِيّ وَالسَّعْدِي وَابْن معِين وَالْفَلَّاس وَعبد الله بن الْمُبَارك وَقَتَادَة وَوَافَقَهُمْ وَقَالَ أَحَادِيثه غير مَحْفُوظَة
333 - الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يَأْذَن لأحد أَن يجلس فِي الْمَسْجِد أَو يمر فِيهِ جنبا إِلَّا لعَلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لِأَن بَيته كَانَ فِي الْمَسْجِد
قلت رَوَى التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه فِي المناقب من حَدِيث سَالم بن أبي حَفْصَة عَن عَطِيَّة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعَلي يَا عَلّي لَا يحل لأحد أَن يجنب فِي هَذَا الْمجْلس غَيْرِي وَغَيْرك قَالَ عَلّي بن الْمُنْذر قلت لِضِرَار ابْن صرد مَا مَعْنَى هَذَا الحَدِيث قَالَ لَا يحل لأحد أَن يَسْتَطْرِقهُ جنبا غَيْرِي وَغَيْرك انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَقد سمع مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل مني هَذَا الحَدِيث انْتَهَى(1/325)
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث سعد فَقَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس حَدثنِي أبي عَن الْحسن بن زيد عَن خَارِجَة ابْن سعد عَن أَبِيه سعد قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعَلي يَا عَلّي لَا يحل لأحد أَن يجنب فِي هَذَا الْمَسْجِد غَيْرِي وَغَيْرك انْتَهَى وَقَالَ لَا نعلمهُ يرْوَى عَن سعد إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد وَلَا نعلم رَوَى عَن خَارِجَة بن سعد إِلَّا الْحُسَيْن بن زيد هَذَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث أبي سعيد كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ ثمَّ قَالَ وَسَالم بن أبي حَفْصَة كَانَ شِيعِيًّا وَلَا نعلم أحدا ترك حَدِيثه وَلَا يُتَابع عَلَى هَذَا الحَدِيث عَن عَطِيَّة عَن أبي سعيد قَالَ وَمَعْنى الحَدِيث أَنه كَانَ منزله فِي الْمَسْجِد وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام سدوا كل بَاب فِي الْمَسْجِد إِلَّا بَاب عَلّي هَكَذَا يرويهِ أهل الْكُوفَة وَأهل الْمَدِينَة يَرْوُونَهُ بَاب أبي بكر فَيحْتَمل أَنه أَرَادَ بِهِ أَن يثبت أَخْبَار أهل الْكُوفَة عَلَى أَنَّهَا رويت من وُجُوه بأسانيد حسان انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا الْقَاسِم بن مُحَمَّد الدَّلال بِالْكُوفَةِ ثَنَا مخول ابْن إِبْرَاهِيم ثَنَا عبد الْجَبَّار بن الْعَبَّاس عَن عمار الذَّهَبِيّ عَن عمْرَة بنت أَفْعَى عَن أم سَلمَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يجنب فِي هَذَا الْمَسْجِد إِلَّا أَنا وَعلي انْتَهَى
وَحَدِيث عَلّي رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث عبيد الله بن مُوسَى ثَنَا أَبُو مَيْمُونَة عَن عِيسَى الْملَائي عَن عَلّي بن حُسَيْن عَن أَبِيه عَن عَلّي بن أبي طَالب أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَخذ بِيَدِهِ وَقَالَ سَأَلت الله أَن يعطر مَسْجِدي بك وبذريتك ثمَّ أرسل إِلَى أبي بكر فسد بَابه ثمَّ أرسل إِلَى عمر بِمثل ذَلِك ثمَّ إِلَى الْعَبَّاس ثمَّ قَالَ مَا أَنا سددت بَابَكُمْ وَفتحت بَاب عَلّي وَلَكِن الله فعل ذَلِك مُخْتَصر ثمَّ قَالَ وَفِيه عِلَّتَانِ إِحْدَاهمَا أَن أَبَا مَيْمُونَة رجل مَجْهُول لَا نعلم رَوَى عَنهُ غير عبيد الله ابْن مُوسَى وَعِيسَى الْملَائي فَلَا نعلمهُ رَوَى غير هَذَا الحَدِيث انْتَهَى
وَرَوَى أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا جبارَة بن الْمُغلس ثَنَا أَبُو عوَانَة(1/326)
ثَنَا أَبُو بَلخ عَن عَمْرو بن مَيْمُون عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سد أَبْوَاب الْمَسْجِد إِلَّا بَاب عَلّي فَيدْخل الْمَسْجِد جنبا وَهُوَ طَرِيقه لَيْسَ لَهُ طَرِيق غَيره مُخْتَصر
334 - الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن رجَالًا من الْيَهُود جَاءُوا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأطفالهم فَقَالُوا هَل عَلَى هَؤُلَاءِ ذَنْب قَالَ لَا قَالُوا وَالله مَا نَحن إِلَّا كَهَيْئَتِهِمْ مَا عَمِلْنَاهُ بِالنَّهَارِ كفر عَنَّا بِاللَّيْلِ وَمَا عَملنَا بِاللَّيْلِ كفر عَنَّا بِالنَّهَارِ فَنزلت
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ من قَول الْكَلْبِيّ قَالَ نزلت فِي رجال من الْيَهُود أَتَوا بأطفالهم إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره إِلَى آخِره وَسَنَده إِلَى الْكَلْبِيّ فِي أول كِتَابه
335 - الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَكْذِيبًا لِلْمُنَافِقين حِين قَالُوا لَهُ اعْدِلْ فِي الْقِسْمَة وَالله إِنِّي لأمين فِي السَّمَاء أَمِين فِي الأَرْض
قلت غَرِيب(1/327)
336 - الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ تبدل جُلُودهمْ كل يَوْم سبع مَرَّات
قلت غَرِيب وَرَوَى ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث نَافِع السّلمِيّ أبي هُرْمُز الْبَصْرِيّ عَن نَافِع مولَى ابْن عمر عَن ابْن عمر قَالَ قَرَأَ رجل عِنْد عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا فَقَالَ عمر أعدهَا فَأَعَادَهَا فَقَالَ معَاذ بن جبل عِنْدِي تَفْسِيرهَا قَالَ تبدل فِي كل سَاعَة مائَة مرّة فَقَالَ عمر هَكَذَا سَمعتهَا من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْتَهَى
وَضعف نَافِعًا هَذَا عَن أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن معِين وَوَافَقَهُمْ وَقَالَ الضعْف عَلَى رواياته بَين انْتَهَى
وَرَوَى إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده ثَنَا إِسْحَاق قَالَ سُئِلَ فُضَيْل بن عِيَاض عَن قَوْله تَعَالَى كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ الْآيَة فَأخْبرنَا عَن هِشَام عَن الْحسن قَالَ تبدل جُلُودهمْ كل يَوْم سبعين ألف مرّة وَغلظ جلد الْكَافِر أَرْبَعُونَ ذِرَاعا انْتَهَى
وَهَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره
وَحَدِيث ابْن عدي أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط عَن نَافِع بن يُوسُف السّلمِيّ بِهِ
337 - الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين دخل مَكَّة يَوْم الْفَتْح غلق عُثْمَان بن طَلْحَة الحَجبي بَاب الْكَعْبَة وَصعد السَّطْح وَأَبَى أَن يدْفع الْمِفْتَاح إِلَيْهِ وَكَانَ عُثْمَان سَادِن الْكَعْبَة وَقَالَ لَو علمت أَنه رَسُول الله لم أمْنَعهُ فَلَوى عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يَده وَأَخذه مِنْهُ وَفتح وَدخل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَصَلى رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا خرج سَأَلَهُ الْعَبَّاس أَن يُعْطِيهِ الْمِفْتَاح وَيجمع لَهُ السِّقَايَة(1/336)
والسدانة فَنزلت إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا فَأمر عليا أَن يردهُ إِلَى عُثْمَان وَيعْتَذر إِلَيْهِ فَقَالَ عُثْمَان لعَلي أكرهت وَآذَيْت ثمَّ جِئْت ترفق فَقَالَ لقد أنزل الله فِي شَأْنك قُرْآنًا وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَة فَقَالَ عُثْمَان أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَنزل جِبْرِيل وَأخْبر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن السدَانَة فِي أَوْلَاد عُثْمَان أبدا
قلت غَرِيب وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفسيرهما هَكَذَا من غير سَنَد وَكَذَلِكَ فعل الواحدي إِلَّا أَنه لم يقل فِيهِ فَنزل جِبْرِيل ... إِلَى آخِره وَفِيه وَقَالَ مَا دَامَ هَذَا الْبَيْت فَإِن الْمِفْتَاح والسدانة فِي أَوْلَاد عُثْمَان ذكره فِي أَسبَاب النُّزُول وَفِي الْوَسِيط
338 - الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله وَمن عَصَانِي فقد عَصَى الله وَمن يطع أَمِيري فقد أَطَاعَنِي وَمن يعْص أَمِيري فقد عَصَانِي
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْجِهَاد من حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة وَمُسلم فِي الْإِمَارَة من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَذكره سَوَاء
339 - الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن بشرا الْمُنَافِق خَاصم يَهُودِيّا فَدَعَاهُ الْيَهُودِيّ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَدعَاهُ الْمُنَافِق إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف ثمَّ إنَّهُمَا احْتَكَمَا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَضَى لِلْيَهُودِيِّ فَلم يرض الْمُنَافِق وَقَالَ تَعَالَى نَتَحَاكَم إِلَى عمر ابْن الْخطاب فَقَالَ الْيَهُودِيّ لعمر قَضَى لنا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلم يرض بِقَضَائِهِ فَقَالَ لِلْمُنَافِقِ أَكَذَلِك قَالَ نعم فَقَالَ عمر مَكَانكُمَا(1/329)
حَتَّى أخرج إلَيْكُمَا فَدخل عمر فَاشْتَمَلَ عَلَى سَيْفه ثمَّ خرج فَضرب عنق الْمُنَافِق حَتَّى برد ثمَّ قَالَ هَكَذَا أَقْْضِي لمن لم يرض بِقَضَاء الله وَرَسُوله فَنزلت وَقَالَ جِبْرِيل إِن عمر فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنْت الْفَارُوق
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة ألم تَرَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم آمنُوا ... قَالَ نزلت فِي رجل من الْمُنَافِقين يُقَال لَهُ بشر كَانَ بَينه وَبَين يَهُودِيّ خُصُومَة فَقَالَ الْيَهُودِيّ انْطلق بِنَا إِلَى مُحَمَّد وَقَالَ الْمُنَافِق بل إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف ... فَذكره سَوَاء وَسَنَده إِلَى الْكَلْبِيّ فِي أول كِتَابه
وَكَذَلِكَ فعل الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ
وَرَوَى ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره ثَنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى أَنا ابْن وهب أَخْبرنِي عبد الله بن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود قَالَ اخْتصم رجلَانِ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَضَى بَينهمَا فَقَالَ الَّذِي قَضَى عَلَيْهِ ردنا إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْطَلقَا إِلَيْهِ فَلَمَّا أَتَيَاهُ قَالَ الرجل يَا بن الْخطاب إِن هَذَا قَضَى لي عَلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ ردنا إِلَى عمر فَرَدَّنَا إِلَيْك فَقَالَ عمر أَكَذَلِك قَالَ نعم فَقَالَ عمر مَكَانكُمَا حَتَّى أخرج إلَيْكُمَا فأقضي بَيْنكُمَا فَخرج إِلَيْهِمَا مُشْتَمِلًا سَيْفه فَضرب عنق الَّذِي قَالَ ردنا إِلَى عمر وَأدبر الآخر فَارًّا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله عمر قتل صَاحِبي وَلَوْلَا أَنِّي أَعْجَزته لَقَتَلَنِي فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا كنت أَظن أَن يجترئ عمر عَلَى قتل مُؤمن فَأنْزل الله تَعَالَى فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ الْآيَة فَهدر دم ذَلِك الرجل وَبرئ عمر من قَتله
وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه وَهُوَ مُرْسل وَابْن لَهِيعَة ضَعِيف
وَأما الطَّبَرِيّ فَإِنَّهُ أَخْتَصِرهُ وَلم يذكر فِيهِ قصَّة عمر بل ذكر صدر الحَدِيث فَقَط عَن ابْن عَبَّاس(1/330)
340 - الحَدِيث الْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن الزُّبَيْر وحاطب بن أبي بلتعة اخْتَصمَا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي شراج الْحرَّة كَانَ يسقيان بِهِ النّخل فَقَالَ اسْقِ يَا زبير ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك فَغَضب حَاطِب وَقَالَ لِأَن كَانَ ابْن عَمَّتك فَتغير وَجه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ قَالَ اسْقِ يَا زبير ثمَّ احْبِسْ المَاء حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر وَاسْتَوْفِ حَقك ثمَّ أرْسلهُ إِلَى جَارك
وَرُوِيَ أَنَّهُمَا لما خرجا مرا عَلَى الْمِقْدَاد فَقَالَ قَاتل الله هَؤُلَاءِ يشْهدُونَ أَنه رَسُول الله ثمَّ يَتَّهِمُونَهُ فِي قَضَاء يقْضِي بَينهم وَايْم الله لقد أَذْنَبْنَا ذَنبا مرّة فِي حَيَاة فَدَعَانَا إِلَى التَّوْبَة مِنْهُ وَقَالَ اقْتُلُوا أَنفسكُم فَفَعَلْنَا فَبلغ قَتْلَانَا سبعين ألفا فِي طَاعَة رَبنَا حَتَّى رَضِي عَنَّا فَقَالَ ثَابت ابْن قيس بن شماس أما وَالله إِن الله يعلم مني الصدْق لَو أَمرنِي مُحَمَّد أَن أقتل نَفسِي لقتلتها
وَرُوِيَ أَنه قَالَ ذَلِك ثَابت وَابْن مَسْعُود وعمار بن يَاسر فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن من أمتِي رجَالًا الْإِيمَان أثبت فِي قُلُوبهم من الْجبَال الرواسِي
وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ وَالله لَو أمرنَا رَبنَا لفعلنَا وَالْحَمْد لله الَّذِي لم يفعل بِنَا ذَلِك فَنزلت فِي حق حَاطِب فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم وَنزلت فِي شَأْن هَؤُلَاءِ وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم أَو اخْرُجُوا من دِيَاركُمْ
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي التَّفْسِير وَفِي الشّرْب وَفِي الصُّلْح وَمُسلم فِي الْفَضَائِل كِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة لفظ مُسلم عَن عُرْوَة(1/331)
عَن عبد الله بن الزُّبَيْر أَن رجلا من الْأَنْصَار اخْتصم الزُّبَيْر ... فَذكره قَالَ اخْتصم الزُّبَيْر وَرجل من الْأَنْصَار فِي شراج من الْحرَّة فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اسْقِ يَا زبير ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك فَقَالَ الْأنْصَارِيّ يَا رَسُول الله أَن كَانَ ابْن عَمَّتك فَتَلَوَّنَ وَجهه ثمَّ قَالَ اسْقِ يَا زبير ثمَّ احْبِسْ المَاء حَتَّى ترجع الْجدر ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك وَاسْتَوْفَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للزُّبَيْرِ حَقه فِي صَرِيح الحكم قَالَ الزُّبَيْر فَمَا أَحسب هَذِه الْآيَات إِلَّا نزلت فِي ذَلِك فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم انْتَهَى
هَكَذَا أوردهُ البُخَارِيّ وَفِيه صُورَة انْقِطَاع لِأَن عُرْوَة لم يسمع من أَبِيه الزُّبَيْر وَإِنَّمَا سمع من أَخِيه عبد الله بن الزُّبَيْر كَمَا أخرجه النَّسَائِيّ وَأحمد عَن ابْن شهَاب أَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر حَدثهُ أَن عبد الله بن الزُّبَيْر حَدثهُ عَن الزُّبَيْر بن الْعَوام أَنه خَاصم رجلا من الْأَنْصَار ... الحَدِيث
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي كتاب الْفَضَائِل من حَدِيث مُحَمَّد عَن عبد الله بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عَمه ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن عبد الله بن الزُّبَيْر بن الْعَوام ... فَذكره ثمَّ قَالَ وَلَا نعلم أحدا أَقَامَ هَذَا الْإِسْنَاد عَن الزُّهْرِيّ بِذكر عبد الله بن الزُّبَيْر غير ابْن أَخِيه وَهُوَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى وَهُوَ وهم مِنْهُ فقد أَخْرجَاهُ كَمَا ذَكرْنَاهُ
وَقد جعله أَصْحَاب الْأَطْرَاف فِي مُسْند عبد الله بن الزُّبَيْر وَسَاقه أَحْمد فِي مُسْند عبد الله بن الزُّبَيْر
قَوْله وَرُوِيَ أَنَّهُمَا لما خرجا مرا عَلَى الْمِقْدَاد ذكره الثَّعْلَبِيّ من قَول الصَّالِحِي وَسَنَده إِلَيْهِ فِي أول كِتَابه(1/332)
قَوْله وَرُوِيَ أَنه قَالَ ذَلِك ثَابت وَابْن مَسْعُود ... إِلَى آخِره ذكره الثَّعْلَبِيّ من قَول الْحسن وَمُقَاتِل قَالَا لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ عمر وعمار وَابْن مَسْعُود وَالله لَو أمرنَا لفعلنَا فَالْحَمْد لله الَّذِي عَافَانَا فَبلغ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ إِن من أمتِي رجَالًا الْإِيمَان فِي قُلُوبهم أثبت من الْجبَال الرواسِي
وَكَأن فِي لفظ المُصَنّف تَخْلِيطًا وَتَسْمِيَة الْأنْصَارِيّ حَاطِب بن أبي بلتعة لم أَجِدهُ أَلا عَن ابْن أبي حَاتِم فَإِنَّهُ قَالَ حَدثنَا أبي ثَنَا عَمْرو بن عُثْمَان ثَنَا سعيد ابْن عبد الْعَزِيز عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ الْآيَة قَالَ أنزلت فِي الزُّبَيْر بن الْعَوام وحاطب بن أبي بلتعة اخْتَصمَا فِي مَاء فَقَضَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يسْقِي الْأَعْلَى ثمَّ الْأَسْفَل انْتَهَى وَهُوَ مُرْسل
341 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن ثَوْبَان مولَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ شَدِيدا لحب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَلِيل الصَّبْر عَنهُ فَأَتَاهُ يَوْمًا وَقد تغير وَجهه وَنحل جِسْمه وَعرف الْحزن فِي وَجهه فَسَأَلَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن حَاله فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا فِي من وجع غير أَنِّي إِذا لم أرك اشْتقت إِلَيْك وَاسْتَوْحَشْت وَحْشَة شَدِيدَة حَتَّى أَلْقَاك فَذكرت الْآخِرَة فَخفت أَلا أَرَاك هُنَاكَ لِأَنِّي عرفت أَنَّك ترفع مَعَ النَّبِيين وَإِذا دخلت الْجنَّة كنت فِي منزل دون مَنْزِلك وَإِن لم أَدخل فَذَاك حِين لَا أَرَاك أبدا فَنزلت فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يُؤمن عبد حَتَّى أكون أحب من نَفسه(1/333)
وَمَاله وَأَهله وَولده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ قَالَ المُصَنّف حُكيَ ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة
قلت أما حَدِيث ثَوْبَان فَغَرِيب
وَذكره الثَّعْلَبِيّ هَكَذَا فِي تَفْسِيره من غير سَنَد وَلَا راو وَنَقله الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن الْكَلْبِيّ قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي ثَوْبَان ... إِلَى آخِره لم يقل فِيهِ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ... إِلَى آخِره
وَأما مَا حُكيَ من ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة فقد وَقع لي نَحْو ذَلِك عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة لَكِن لم يذكر أَسمَاؤُهُم
فَمِنْهَا حَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الصَّغِير حَدثنَا أَبُو عبد الله أَحْمد بن عَمْرو الْخلال الْمَكِّيّ ثَنَا عبد الله بن عمرَان العابدي ثَنَا فُضَيْل بن عِيَاض عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنَّك لأحب إِلَيّ من نَفسِي وَإنَّك لأحب إِلَيّ من أَهلِي وَأحب إِلَيّ من وَلَدي وَإِنِّي لأَكُون فِي الْبَيْت فَأَذْكرك فَمَا أَصْبِر حَتَّى آتِيك فَأنْظر إِلَيْك وَإِذا ذكرت الْمَوْت عرفت أَنَّك إِذا دخلت الْجنَّة رفعت مَعَ النَّبِيين وَإِذا دَخَلتهَا أخْشَى أَلا أَرَاك فَلم يرد عَلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى نزل جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ الْآيَة انْتَهَى
حَدِيث آخر رَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد ثَنَا الْعَبَّاس بن الْفضل الْأَسْفَاطِي ثَنَا أَبُو بكر ثَابت بن عَبَّاس الْبَصْرِيّ ثَنَا خَالِد بن عبد الله عَن عَطاء بن السَّائِب عَن عَامر الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي لَأحبك حَتَّى إِنِّي لأَذْكُرك فِي الْمنزل فَيشق ذَلِك عَلّي وَأحب أَن أكون مَعَك فِي الدرجَة فَلم يرد عَلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ(1/334)
شَيْئا فَأنْزل الله وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين الشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ الْآيَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من حَدِيث عبد الله بن عمرَان بِهِ سندا ومنتا
حَدِيث آخر رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الرَّابِع عشر من حَدِيث سعيد بن مَنْصُور حَدثنَا خلف بن خَليفَة عَن عَطاء بن السَّائِب عَن الشّعبِيّ قَالَ جَاءَ رجل من الْأَنْصَار إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ لأَنْت أحب إِلَيّ من نَفسِي وَوَلَدي وَأَهلي وَمَالِي وَلَوْلَا أَنِّي آتِيك فَأَرَاك لظَنَنْت أَنِّي سأموت وَبكى الْأنْصَارِيّ قَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا يبكيك قَالَ ذكرت أَنَّك سَتَمُوتُ وَنَمُوت فَترفع مَعَ النَّبِيين وَنحن إِن دَخَلنَا الْجنَّة كُنَّا دُونك فَأنْزل الله عَلَى رَسُوله وَمن يطع الله الْآيَة إِلَى قَوْله (عليما) فَقَالَ لَهُ أبشر انْتَهَى
حَدِيث آخر رَوَى الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من حَدِيث عُبَيْدَة عَن مَنْصُور عَن مُسلم بن صبيح عَن مَسْرُوق قَالَ قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد يَا رَسُول الله مَا يَنْبَغِي لنا أَن نُفَارِقك فَإنَّا لَا نرَاك إِلَّا فِي الدُّنْيَا فَأَما فِي الْآخِرَة فَإنَّك ترفع فَوْقنَا بِفَضْلِك وَلَا نرَاك فَأنْزل الله تَعَالَى وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين الْآيَة انْتَهَى
ثمَّ أخرج عَن أبي الْأَزْهَر ثَنَا روح عَن سعيد عَن قَتَادَة قَالَ قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد ... فَذكره نَحوه
حَدِيث آخر رَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا ابْن حميد ثَنَا يَعْقُوب القمي عَن جَعْفَر بن أبي الْمُغيرَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ جَاءَ رجل من الْأَنْصَار إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَحْزُونا فَقَالَ لَهُ يَا فلَان مَالِي أَرَاك مَحْزُونا قَالَ يَا نَبِي الله شَيْء فَكرت فِيهِ فَقَالَ مَا هُوَ قَالَ نَحن نغدو عَلَيْك وَنَرُوح نَنْظُر فِي وَجهك وَنُجَالِسك غَدا ترفع مَعَ النَّبِيين فَلَا نصل إِلَيْك فَلم يرد عَلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شَيْئا حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة وَمن يطع الله وَالرَّسُول الْآيَة(1/335)
342 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من أَحبَّنِي فقد أحب الله وَمن أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله فَقَالَ المُنَافِقُونَ أَلا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُول هَذَا الرجل لقد قارف الشّرك وَهُوَ ينْهَى أَن نعْبد غير الله مَا يُرِيد هَذَا الرجل إِلَّا أَن نتخذه رَبًّا كَمَا اتَّخذت النَّصَارَى عِيسَى فَنزلت من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله
قلت غَرِيب جدا
343 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من دَعَا لِأَخِيهِ الْمُسلم بِظهْر الْغَيْب اسْتُجِيبَ لَهُ وَقَالَ لَهُ الْملك وَلَك مثل ذَلِك
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الدُّعَاء من حَدِيث أم الدَّرْدَاء قَالَت حَدثنِي سَيِّدي أَبُو الدَّرْدَاء أَنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول إِذا دَعَا الرجل لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب قَالَت الْمَلَائِكَة آمين وَلَك بِمثل انْتَهَى
344 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن رجلا قَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ السَّلَام عَلَيْك فَقَالَ عَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وَقَالَ آخر السَّلَام(1/336)
عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالَ وَعَلَيْك فَقَالَ الرجل نَقَصْتنِي فَأَيْنَ مَا قَالَ الله وتلا وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة الْآيَة فَقَالَ إِنَّك لم تتْرك لي فضلا فَرددت عَلَيْك مثله
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من طَرِيقين
أَحدهمَا من طَرِيق الْأَمَام أَحْمد بن حَنْبَل ثَنَا هِشَام بن لَاحق ثَنَا عَاصِم الْأَحول عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ جَاءَ رجل فَسلم عَلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله قَالَ وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله ثمَّ جَاءَ آخر فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله وَرَحْمَة الله قَالَ وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ثمَّ جَاءَ آخر فَقَالَ السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَعَلَيْك فَقَالَ الرجل يَا رَسُول الله إِن فلَانا وَفُلَانًا حييتهما بِأَفْضَل مِمَّا حييتني فَقَالَ لَهُ إِنَّك لم تدع شَيْئا قَالَ الله تَعَالَى وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا فَرددت عَلَيْك التَّحِيَّة انْتَهَى
وَمن طَرِيق أَحْمد أَيْضا رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره سَوَاء
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُوسَى بن سهل الرَّمْلِيّ ثَنَا عبد الله بن السّري الْأَنْطَاكِي حَدثنَا هِشَام بن لَاحق بِهِ سندا ومتنا
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه الْعِلَل المتناهية من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى أَحْمد بن حَنْبَل بِهِ سندا ومتنا قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَهَذَا حَدِيث لَا يَصح قَالَ أَحْمد تركت حَدِيث هِشَام بن لَاحق وَقَالَ ابْن حبَان لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ انْتَهَى كَلَامه(1/337)
الطَّرِيق الثَّانِي رَوَاهُ من حَدِيث عبد السَّلَام بن مطهر ثَنَا نَافِع بن هُرْمُز أَبُو هُرْمُز عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ ثَلَاثَة نفر إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ الأول السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله ... الحَدِيث نَحوه سَوَاء وَقَالَ فِي آخِره مَا وجدنَا لَهُ من زِيَادَة فَرددْنَا عَلَيْهِ مثل الَّذِي قَالَ مُخْتَصر
وَرَوَاهُ فِي الْأَوْسَط أَيْضا وَقَالَ تفرد بِهِ عبد السَّلَام بن مطهر وَلَا يرْوَى عَن ابْن عَبَّاس إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد انْتَهَى
345 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه تيَمّم لرد السَّلَام
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي التَّيَمُّم عَن يَحْيَى بن بكير ثَنَا اللَّيْث بن سعد عَن جَعْفَر بن ربيعَة عَن الْأَعْرَج قَالَ سَمِعت عُمَيْرًا مولَى ابْن عَبَّاس يَقُول أَقبلت أَنا وَعبد الله بن يسَار مولَى مَيْمُونَة زوج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين دَخَلنَا عَلَى أبي الْجُهَيْم بن الْحَارِث بن الصمَّة الْأنْصَارِيّ فَقَالَ أَبُو الْجُهَيْم أقبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من نَحْو بِئْر جمل فَلَقِيَهُ رجل فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى أَتَى عَلَى جِدَار فَمسح بِوَجْهِهِ وَيَديه ثمَّ رد عَلَيْهِ السَّلَام انْتَهَى
وَلم يصل مُسلم سَنَده بِهِ وَإِنَّمَا قَالَ وَرَوَى اللَّيْث بن سعد عَن جَعْفَر ابْن ربيعَة عَن جَعْفَر بن هُرْمُز عَن عُمَيْر مولَى ابْن عَبَّاس ... فَذكره وَهَذَا عِنْد الْمُحدثين يُسمى مُعَلّقا وَبَوَّبَ عَلَيْهِ مُسلم بَاب التَّيَمُّم لرد السَّلَام وَلم يذكر فِي هَذَا الْمَعْنى غَيره
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم أَبُو عَلّي الْموصِلِي ثَنَا مُحَمَّد ابْن ثَابت الْعَبْدي ثَنَا نَافِع قَالَ انْطَلَقت مَعَ ابْن عمر فِي حَاجَة إِلَى ابْن عَبَّاس(1/338)
فَقَضَى ابْن عمر حَاجته وَكَانَ من حَدِيثه يَوْمئِذٍ أَن قَالَ مر رجل عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي سكَّة من سِكَك الْمَدِينَة وَقد خرج من غَائِط أَو بَوْل فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد عَلَيْهِ حَتَّى إِذا كَاد الرجل أَن يتَوَارَى فِي السِّكَّة ضرب بيدَيْهِ عَلَى الْحَائِط وَمسح عَلَى وَجهه ثمَّ ضربه أُخْرَى فَمسح ذِرَاعَيْهِ ثمَّ رد عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ إِنَّه لم يَمْنعنِي أَن أرد عَلَيْك السَّلَام إِلَّا أَنِّي لم أكن عَلَى طَهَارَة انْتَهَى
346 - الحَدِيث السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِذا سلم عَلَيْكُم أهل الْكتاب فَقولُوا وَعَلَيْكُم
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا فِي الاسْتِئْذَان من حَدِيث عبيد الله ابْن أبي بكر عَن جده أنس بن مَالك عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِذا سلم عَلَيْكُم أهل الْكتاب فَقولُوا وَعَلَيْكُم انْتَهَى
347 - الحَدِيث السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ لَا تبدأ الْيَهُودِيّ بِالسَّلَامِ وَإِن بدأك فَقل وَعَلَيْك
قلت رَوَى مُسلم بعضه فِي كتاب الاسْتِئْذَان من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَا تبدأ الْيَهُودِيّ وَلَا النَّصْرَانِي بِالسَّلَامِ وَإِذا لَقِيتُم أحدهم فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أضيق الطَّرِيق انْتَهَى
348 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن عَيَّاش بن أبي ربيعَة وَكَانَ أَخا أبي جهل لأمه أسلم وَهَاجَر خوفًا من قومه إِلَى الْمَدِينَة وَذَلِكَ قبل هِجْرَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَقْسَمت أمه لَا تَأْكُل وَلَا تشرب وَلَا يَأْوِيهَا سقف حَتَّى يرجع فَخرج أَبُو جهل وَمَعَهُ الْحَارِث بن زيد بن أبي أنيسَة فَأتيَاهُ وَهُوَ فِي أَطَم فَفَتَلَ(1/339)
مِنْهُ أَبُو جهل فِي الذرْوَة وَالْغَارِب وَقَالَ أَلَيْسَ مُحَمَّدًا يَحُثُّك عَلَى صلَة الرَّحِم انْصَرف وبر أمك وَأَنت عَلَى دينك حَتَّى نزل وَذهب مَعَهُمَا فَلَمَّا فَسْحًا عَن الْمَدِينَة كتفاه وَجلده كل وَاحِد مائَة جلدَة فَقَالَ لِلْحَارِثِ هَذَا أخي فَمن أَنْت يَا حَارِث لله عَلّي إِن وَجَدْتُك خَالِيا أَن أَقْتلك وَقدم بِهِ عَلَى أمه فَحَلَفت لَا يحل كِتَافِهِ أَو يرْتَد فَفعل ثمَّ هَاجر بعد ذَلِك وَأسلم الْحَارِث وَهَاجَر فَلَقِيَهُ عَيَّاش بِظهْر قبَاء وَلم يشْعر بِإِسْلَامِهِ فَانْحَنَى عَلَيْهِ فَقتله ثمَّ أخبر بِإِسْلَامِهِ فَأَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ قتلته وَلم أشعر بِإِسْلَامِهِ فَنزلت وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ الْآيَة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من قَول السّديّ مَعَ تَغْيِير يسير فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ قَالَ نزلت فِي عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي وَكَانَ أَخا لأبي جهل بن هِشَام من أمه وَأَنه أسلم وَهَاجَر فِي الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين قبل قدوم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَطَلَبه أَبُو جهل والْحَارث بن هِشَام ومعهما رجل من بني عَامر بن لؤَي فَأتوهُ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ عَيَّاش أحب إخْوَته إِلَى أمه وَحَمَلُوهُ وَقَالُوا لَهُ إِن أمك حَلَفت أَلا يُظِلّهَا بَيت حَتَّى تراك وَهِي مُضْطَجِعَة فِي الشَّمْس فَأْتِهَا فَلْتنْظرْ إِلَيْك ثمَّ ارْجع وَأَعْطوهُ موثقًا من الله لَا يَهْجُونَهُ حَتَّى ترجع إِلَى الْمَدِينَة فَأعْطَاهُ بعض أَصْحَابه بَعِيرًا وَقَالَ إِن خفت مِنْهُم شَيْئا فَاقْعُدْ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَخْرجُوهُ من الْمَدِينَة أَخَذُوهُ فَأَوْثقُوهُ وَجلده العامري فَحلف ليقْتلن العامري فَلم يزل مَحْبُوسًا بِمَكَّة حَتَّى خرج يَوْم الْفَتْح فَاسْتَقْبلهُ العامري وَقد أسلم وَلَا يعلم عَيَّاش بِإِسْلَامِهِ فَقتله فَأنْزل الله الْآيَة وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة إِلَى أَهله إِلَّا أَن يصدقُوا فَيتْركُوا الدِّيَة انْتَهَى
وَرِوَايَة ابْن هِشَام فِي السِّيرَة من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي نَافِع عَن(1/340)
ابْن عمر عَن أَبِيه عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ اتَّعَدْت أَنا وَعَيَّاش بن وَائِل السَّهْمِي وَهِشَام بن الْعَاصِ لما أردنَا الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة قَالَ فَأَصْبَحت أَنا وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة التناصب وَحبس عَنَّا هِشَام وَفتن فَافْتتنَ فَلَمَّا قدمنَا من الْمَدِينَة نزلنَا فِي بني عَمْرو بن عَوْف بقباء وَخرج أَبُو جهل بن هِشَام والْحَارث بن هِشَام إِلَى عَيَّاش بن أبي ربيعَة وَكَانَ ابْن عَمهمَا وأخاهما لِأُمِّهِمَا حَتَّى قدما علينا الْمَدِينَة وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِمَكَّة فَكَلمَاهُ وَقَالا لَهُ إِن أمك نذرت إِلَّا يمس رَأسهَا مشط حَتَّى تراك فرق لَهَا فَقلت لَهُ يَا عَيَّاش إِنَّه وَالله إِن يُرِيدُكَ الْقَوْم إِلَّا عَن دينك فَاحْذَرْهُمْ فوَاللَّه لَو قد آذَى أمك الْقمل لامتشطت وَلَو قد اشْتَدَّ عَلَيْهَا حر مَكَّة لاستظلت فَقَالَ أبر قسم أُمِّي ولي هُنَاكَ مَال آخذه قَالَ فَقلت وَالله إِنَّك لتعلم أَنِّي لمن أَكثر قُرَيْش مَالا فلك نصف مَالِي وَلَا تذْهب مَعَهُمَا قَالَ فَأَبَى عَلَى إِلَّا أَن يخرج مَعَهُمَا فَقلت لَهُ أما إِذا فعلت فَخذ نَاقَتي هَذِه فَإِنَّهَا ذَلُول فَالْزَمْ ظهرهَا فَإِن رَابَك من الْقَوْم ريب فَانْجُ عَلَيْهِ فَخرج عَلَيْهَا مَعَهُمَا حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق قَالَ لَهُ أَبُو جهل يَا أخي وَالله لقد استغلظت بَعِيري هَذَا أَفلا تعقبني عَلَى نَاقَتك هَذِه قَالَ بلَى قَالَ فَأَنَاخَ وأناخا لِيَتَحَوَّل عَلَيْهَا فَلَمَّا اسْتَووا بِالْأَرْضِ عدوا عَلَيْهِ فَأَوْثَقَاهُ رِبَاطًا ثمَّ دخلا بِهِ مَكَّة وفتناه فَافْتتنَ مُخْتَصرا من كَلَام طَوِيل
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن الْكَلْبِيّ قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي عَيَّاش بن أبي ربيعَة فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف
وَذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره بِلَفْظ المُصَنّف من غير سَنَد وَلَا راو
349 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ أَنا وَارِث من لَا وَارِث لَهُ
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي الْفَرَائِض وَابْن ماجة فِي الدِّيات كلهم(1/341)
عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنا وَارِث من لَا وَارِث لَهُ أَعقل عَنهُ وَأَرِثهُ وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ يَرِثهُ وَيعْقل عَنهُ انْتَهَى
350 - الحَدِيث الْخَمْسُونَ
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَضَى بدية الْمَقْتُول فَجَاءَتْهُ امْرَأَته تطلب مِيرَاثهَا من عقله فَقَالَ لَا أعلم لَك شَيْئا أما الدِّيَة للْعصبَةِ الَّذين يعْقلُونَ عَنهُ فَقَامَ الضَّحَّاك بن سُفْيَان الْكلابِي فَقَالَ كتب إِلَيّ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَأْمُرنِي أَن أورث امْرَأَة أَشْيَم الضبابِي من عقل زَوجهَا أَشْيَم فَورثَهَا عمر
قلت رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة من حَدِيث سعيد بن الْمسيب أَن عمر كَانَ يَقُول الدِّيَة لِلْعَاقِلَةِ لَا تَرث الْمَرْأَة من دِيَة زَوجهَا شَيْئا حَتَّى قَالَ الضَّحَّاك ابْن سُفْيَان الْكلابِي كتب إِلَيّ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن أورث امْرَأَة أَشْيَم الضبابِي من دِيَة زَوجهَا فَرجع عمر انْتَهَى
351 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ كل مَعْرُوف صَدَقَة
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب الْأَدَب من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كل مَعْرُوف صَدَقَة انْتَهَى
وَرَوَى مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الزَّكَاة من حَدِيث ربعي بن حِرَاش عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ كل مَعْرُوف صَدَقَة انْتَهَى
352 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس أَن تَوْبَة قَاتل الْمُؤمن عمدا غير مَقْبُولَة
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير وَمُسلم فِي آخر الْكتاب من حَدِيث سعيد(1/342)
ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم قَالَ لَا تَوْبَة لَهُ انْتَهَى وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ
وَرَوَى البُخَارِيّ وَمُسلم أَيْضا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاللَّفْظ لمُسلم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ قلت لِابْنِ عَبَّاس أَلِمَنْ قتل مُؤمنا مُتَعَمدا من تَوْبَة قَالَ لَا انْتَهَى
قيل هَذِه إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَالْمَشْهُور عَنهُ أَن لَهُ تَوْبَة وَحمل الأول مِنْهُ عَلَى تَغْلِيظ وَإِنَّمَا أفتَى بذلك لِأَنَّهُ ظن أَن السَّائِل سَأَلَ ليقْتل فَأَرَادَ زَجره عَن ذَلِك
قلت وَيدل عَلَى ذَلِك مَا رَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط من طَرِيق إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه ثَنَا أَبُو دَاوُد الْحَفرِي ثَنَا سُفْيَان عَن أبي سعيد عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَن رجلا سَأَلَهُ ألقاتل الْمُؤمن تَوْبَة فَقَالَ لَا ثمَّ سَأَلَهُ آخر فَقَالَ نعم فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ إِن الأول جَاءَنِي وَلم يكن قتل فَقلت لَا تَوْبَة لكَي لَا يقتل وَجَاءَنِي هَذَا وَقد قتل فَقلت لَهُ لَك تَوْبَة لكَي لَا يلقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة انْتَهَى
وَمَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الدِّيات حَدثنَا يزِيد بن هَارُون أَنا أَبُو مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن سعد بن عُبَيْدَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ أَلِمَنْ قتل مُؤمنا تَوْبَة قَالَ لَا إِلَى النَّار فَلَمَّا ذهب قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ مَا هَكَذَا كنت تفتينا قد كنت تفتينا أَن لمن قتل مُؤمنا تَوْبَة مَقْبُولَة فَمَا بَال هَذَا الْيَوْم قَالَ إِنِّي أَحْسبهُ رجلا مغضبا يُرِيد أَن يقتل مُؤمنا فَوَجَدَهُ كَذَلِك انْتَهَى
وَقد وَقع لي نَحْو ذَلِك مَرْفُوعا رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث يُوسُف بن بَحر بن عبد الرَّحْمَن التَّمِيمِي ثَنَا مَرْوَان بن مُحَمَّد ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عمار الذَّهَبِيّ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَيْسَ لقَاتل مُؤمن تَوْبَة انْتَهَى وَأعله بِيُوسُف هَذَا وَقَالَ إِنَّه يرفع الْأَحَادِيث وَقَالَ إِنَّه يروي عَن الثِّقَات بِالْمَنَاكِيرِ لم يقل فِيهِ غير ذَلِك(1/343)
وَرَوَى الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط من طَرِيق ابْن الْمُبَارك عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن حميد عَن أنس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أَبَى الله أَن يَجْعَل لقَاتل الْمُؤمن تَوْبَة انْتَهَى
353 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ
فِي الحَدِيث لزوَال الدُّنْيَا أَهْون عَلَى الله من قتل امْرِئ مُسلم
قلت رُوِيَ من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَمن حَدِيث الْبَراء بن عَازِب وَمن حَدِيث بُرَيْدَة
أما حَدِيث ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي أَبْوَاب الدِّيات وَالنَّسَائِيّ فِي تَحْرِيم الدَّم من حَدِيث ابْن أبي عدي عَن شُعْبَة عَن يعْلى بن عَطاء عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لزوَال الدُّنْيَا أَهْون عَلَى الله من قتل رجل مُسلم انْتَهَى
ثمَّ أخرجَا عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر غنْدر عَن شُعْبَة بِهِ مَوْقُوفا قَالَ التِّرْمِذِيّ وَهُوَ أصح من حَدِيث ابْن أبي عدي انْتَهَى
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي علله الْكَبِير قَالَ البُخَارِيّ الصَّحِيح أَنه مَوْقُوف عَلَى ابْن عَمْرو انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده كَذَلِك وَقَالَ لَا نعلم أسْندهُ عَن شُعْبَة إِلَّا ابْن أبي عدي انْتَهَى
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر عَن إِسْمَاعِيل مولَى عبد الله بن عَمْرو عَن عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا أَيْضا
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّادِس وَالثَّلَاثِينَ
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الدِّيات حَدثنَا وَكِيع ثَنَا سُفْيَان عَن(1/344)
يعْلى بن عَطاء عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا أَيْضا
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده عَن سُفْيَان الثَّوْريّ بِهِ
وَأما حَدِيث بُرَيْدَة فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه الْكُبْرَى فِي الْمُحَاربَة من حَدِيث بشير بن المُهَاجر عَن ابْن بُرَيْدَة عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لقتل مُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدُّنْيَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَقَالَ وَبشير بن المُهَاجر يكْتب حَدِيثه وَإِن كَانَ فِيهِ بعض الضعْف انْتَهَى
وَأما حَدِيث الْبَراء فَرَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه فِي الدِّيات حَدثنَا هِشَام بن عمار ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم ثَنَا مَرْوَان بن جنَاح عَن أبي الْجُهَيْم الْجوزجَاني عَن الْبَراء بن عَازِب أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لزوَال الدُّنْيَا أَهْون عَلَى الله من قتل مُؤمن بِغَيْر حق انْتَهَى
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم تَمام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ فِي فَوَائده وَهُوَ مُجَلد كَامِل فَقَالَ حَدثنَا أَبُو الْحسن خَيْثَمَة بن سُلَيْمَان ثَنَا أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن الْحَنَاجِر ثَنَا مُحَمَّد بن مُصعب ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن أبي المهزم يزِيد بن سُفْيَان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحوه إِلَّا أَنه قَالَ من قتل رجلا مُؤمن وَزَاد وَالْمُؤمن أكْرم عَلَى الله من الْمَلَائِكَة الَّذين عِنْده انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان
354 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ
فِي الحَدِيث لَو أَن رجلا قتل بالمشرق وَآخر رَضِي بالمغرب لِأَشْرَكَ فِي دَمه(1/345)
قلت غَرِيب جدا
355 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ
فِي الحَدِيث إِن هَذَا الْإِنْسَان بُنيان الله فَمَلْعُون من هدم بُنْيَانه
قلت غَرِيب جدا
356 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ
وَفِي الحَدِيث من أعَان عَلَى قتل مُؤمن بِشَطْر كلمة جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ أيس من رَحْمَة الله
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث ابْن عمر وَمن حَدِيث عمر بن الْخطاب
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه فِي كتاب الدِّيات من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من أعَان عَلَى قتل مُؤمن بِشَطْر كلمة لَقِي الله تَعَالَى مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ أيس من رَحْمَة الله تَعَالَى انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِيَزِيد بن أبي زِيَاد وَأسْندَ إِلَى البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ أَنَّهُمَا قَالَا فِيهِ مُنكر الحَدِيث وَوَافَقَهُمَا وَقَالَ حَدِيث غير مَحْفُوظ وكل رواياته مِمَّا لَا يُتَابع عَلَيْهَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ أَيْضا فِي ضعفَاهُ وَقَالَ يزِيد بن أبي زِيَاد ضَعِيف وَلَا يُتَابِعه عَلَيْهِ إِلَّا من هُوَ نَحوه انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده(1/346)
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس أخرجه الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة عبد الله بن خرَاش عَن الْعَوام بن حَوْشَب عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من شرك فِي دم حرَام بِشَطْر كلمة جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة ... الحَدِيث
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّادِس وَالثَّلَاثِينَ من طَرِيق ابْن عدي ثَنَا عبد الله بن مُوسَى بن الصَّقْر السكرِي ثَنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم ابْن كثير الدَّوْرَقِي ثَنَا عبيد الله بن حَفْص بن شرْوَان عَن سَلمَة بن الْعيار أبي مُسلم الْفَزارِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا بِلَفْظ ابْن ماجة
وَأما حَدِيث عمر فَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة خلف بن حوشف عَن الحكم بن عُيَيْنَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول من أعَان ... إِلَى آخِره ثمَّ قَالَ غَرِيب تفرد بِهِ حَكِيم عَن خلف انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق أبي نعيم بِسَنَدِهِ وَمَتنه وَأعله بِحَكِيم بن نَافِع
ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى عَمْرو بن مُحَمَّد الْأَعْشَم ثَنَا يَحْيَى ابْن سَالم الْأَفْطَس عَن أَبِيه عَن سعيد بن الْمسيب عَن عمر بن الْخطاب مَرْفُوعا وَأعله بِعَمْرو الْأَعْشَم ثمَّ نقل عَن ابْن حبَان أَنه قَالَ هَذَا الحَدِيث مَوْضُوع عَلَى الثِّقَات انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي كِتَابه الضُّعَفَاء بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ إِنَّه حَدِيث مَوْضُوع لَا أصل لَهُ من حَدِيث الثِّقَات وَعَمْرو الْأَعْشَم لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ بِحَال انْتَهَى
357 - الحَدِيث السَّادِس وَالْخَمْسُونَ
رُوِيَ أَن مرداس بن نهيك رجلا من أهل فدك أسلم لم(1/347)
يسلم من قومه غَيره فغزتهم سَرِيَّة لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ عَلَيْهَا غَائِب بن فضَالة اللَّيْثِيّ فَهَرَبُوا وَبَقِي مرداس لِثِقَتِهِ بِإِسْلَامِهِ فَلَمَّا رَأَى الْخَيل خَافَ أَن يَكُونُوا من غير أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَلْجَأَ غنمه إِلَى عاقول من الْجَبَل وَصعد الْجَبَل فَلَمَّا تَلَاحَقُوا وَكَبرُوا كبر وَنزل وَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله السَّلَام عَلَيْكُم فَقتله أُسَامَة بن زيد وَاسْتَاقَ غنمه فَأخْبرُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَوجدَ عَلَيْهِ وجدا شَدِيدا قَالَ قَتَلْتُمُوهُ إِرَادَة مَا مَعَه ثمَّ قَرَأَ عَلَى أُسَامَة وَلَا تَقولُوا لمن ألْقَى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا الْآيَة فَقَالَ يَا رَسُول الله اسْتغْفر لي قَالَ فَكيف بِلَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ أُسَامَة فَمَا زَالَ يُرَدِّدهَا حَتَّى وددت أَنِّي لم أكن أسلمت إِلَّا يَوْمئِذٍ ثمَّ اسْتغْفر لي وَقَالَ لي أعتق رَقَبَة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ عَن السّديّ بِنَقص يسير فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله الْآيَة قَالَ بعث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سَرِيَّة عَلَيْهَا أُسَامَة ابْن زيد إِلَى بني ضَمرَة فَلَقوا رجلا مِنْهُم يُدعَى مرداس بن نهيك مَعَه غنيمَة لَهُ فَلَمَّا رَآهُمْ أَوَى إِلَى كَهْف جبل وَاتبعهُ أُسَامَة فَلَمَّا بلغ مرداس الْكَهْف وضع فِيهِ غنمه ثمَّ أقبل إِلَيْهِم فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَشد عَلَيْهِ أُسَامَة فَقتله من أجل غنمه فَلَمَّا رجعُوا جعل الْقَوْم يَقُولُونَ يَا رَسُول الله لَو رَأَيْت أُسَامَة وَقد لقِيه رجل فَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله فَشد عَلَيْهِ فَقتله فَقَالَ لَهُ يَا أُسَامَة كَيفَ أَنْت وَلَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هلا شققت عَن قلبه فَأنْزل الله خَبره وَأخْبرهُ إِنَّمَا قَتله من أجل غنمه فَذَلِك قَوْله تَبْتَغُونَ عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا فَحلف أُسَامَة أَلا يقتل رجلا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله بعد ذَلِك انْتَهَى(1/348)
وَذكره الثَّعْلَبِيّ من رِوَايَة الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل من بني مرّة بن عَوْف يُقَال لَهُ مرداس بن نهيك وَكَانَ من أهل فدك وَكَانَ مُسلما لم يسلم من قومه غَيره ... فَذكره إِلَى آخِره بِلَفْظ المُصَنّف
358 - الحَدِيث السَّابِع وَالْخَمْسُونَ
عَن زيد بن ثَابت قَالَ كنت إِلَى جنب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَغَشِيتهُ السكينَة فَوَقَعت فَخذه عَلَى فَخذي حَتَّى خشيت أَن تَرضهَا ثمَّ سري عَنهُ فَقَالَ اكْتُبْ فَكتبت فِي كتف لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فَقَالَ ابْن أم مَكْتُوم وَكَانَ أَعْمَى يَا رَسُول الله وَكَيف بِمن لَا يَسْتَطِيع الْجِهَاد من الْمُؤمنِينَ فَغَشِيتهُ السكينَة كَذَلِك ثمَّ قَالَ اقْرَأ يَا زيد فَقَرَأت (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ) فَقَالَ غير أولي الضَّرَر قَالَ زيد أنزلهَا الله وَحدهَا فَأَلْحَقْتهَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لكَأَنِّي أنظر إِلَى مُلْحَقهَا عِنْد صدع فِي الْكَتف
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي الْجِهَاد وَفِي التَّفْسِير بِنَقص من حَدِيث مَرْوَان بن الحكم أَن يزِيد بن ثَابت أخبرهُ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَمْلَى عَلَيْهِ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله فَجَاءَهُ ابْن أم مَكْتُوم وَهُوَ يُمْلِيهَا عَلّي فَقَالَ يَا رَسُول الله وَالله لَو أَسْتَطِيع الْجِهَاد لَجَاهَدْت وَكَانَ أَعْمَى فَأنْزل الله عَلَى رَسُوله وَفَخذه عَلَى فَخذي فَثقلَتْ عَلّي حَتَّى خفت أَن ترض فَخذي ثمَّ سري عَنهُ فَأنْزل الله غير أولي الضَّرَر انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظ المُصَنّف من حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن خَارِجَة بن زيد قَالَ قَالَ زيد بن ثَابت إِنِّي قَاعد إِلَى جنب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذْ أُوحِي إِلَيْهِ قَالَ وَغَشيتهُ السكينَة فَوَقع فَخذه عَلَى فَخذي فوَاللَّه مَا وجدت شَيْئا أثقل من فَخذ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ سري عَنهُ فَقَالَ اكْتُبْ يَا زيد فَأخذت كَتفًا فَقَالَ(1/349)
اكْتُبْ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ الْآيَة إِلَى قَوْله أجرا عَظِيما فَكتبت ذَلِك فِي كتف فَقَامَ ابْن أم مَكْتُوم حِين سَمعهَا وَكَانَ رجلا أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ بِمن لَا يَسْتَطِيع الْجِهَاد مِمَّن هُوَ أَعْمَى أَو نَحْو ذَلِك قَالَ زيد فوَاللَّه مَا قَضَى كَلَامه حَتَّى غَشيته السكينَة فَوَقَعت فَخذه عَلَى فَخذي فَوجدت من ثقلهَا كَمَا وجدت فِي الْمرة الأولَى ثمَّ سري عَنهُ فَقَالَ اقْرَأ فَقَرَأت عَلَيْهِ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غير أولي الضَّرَر قَالَ زيد فَأَلْحَقْتهَا فوَاللَّه فَكَأَنِّي أنظر إِلَى مُلْحَقهَا عِنْد صدع كَانَ فِي الْكَتف انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالْحَاكِم فِي الْجِهَاد من مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح إِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
359 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لقد خَلفْتُمْ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مسيرًا وَلَا قطعْتُمْ وَاديا إِلَّا كَانُوا مَعكُمْ
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب الْمَغَازِي من حَدِيث حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَجَعَ من غَزْوَة تَبُوك فَدَنَا من الْمَدِينَة فَقَالَ إِن بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مسيرًا وَلَا قطعْتُمْ وَاديا إِلَّا كَانُوا مَعكُمْ قَالُوا يَا رَسُول الله وهم بِالْمَدِينَةِ قَالَ وهم بِالْمَدِينَةِ حَبسهم الْعذر انْتَهَى
وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد لقد تركْتُم بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا
وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي غزَاة فَقَالَ إِن بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مسيرًا وَلَا قطعْتُمْ وَاديا إِلَّا كَانُوا مَعكُمْ حَبسهم الْمَرَض انْتَهَى وَفِي لفظ لَهُ إِلَّا شَركُوكُمْ فِي الْأجر(1/350)
360 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من فر بِدِينِهِ من أَرض إِلَى أَرض وَإِن كَانَ شبْرًا من الأَرْض اسْتَوْجَبت لَهُ الْجنَّة وَكَانَ رَفِيق أَبِيه إِبْرَاهِيم وَنبيه مُحَمَّد
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِير سُورَة العنكبوت أخبرنَا عبد الله بن حَامِد الْوزان ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن شَاذان ثَنَا جَعونَة بن مُحَمَّد التِّرْمِذِيّ ثَنَا صَالح بن مُحَمَّد عَن سُلَيْمَان بن عمر عَن عبَادَة بن مَنْصُور النَّاجِي عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من فر بِدِينِهِ من أَرض إِلَى أَرض وَإِن كَانَ شبْرًا من الأَرْض اسْتوْجبَ الْجنَّة وَكَانَ رَفِيق إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا السَّلَام انْتَهَى
361 - الحَدِيث السِّتُّونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث بِهَذِهِ الْآيَة إِلَى مُسْلِمِي مَكَّة فَقَالَ جُنْدُب بن ضَمرَة أَو ضَمرَة بن جُنْدُب احْمِلُونِي فَانِي لست من الْمُسْتَضْعَفِينَ وَإِنِّي لأَهْتَدِي الطَّرِيق وَالله لَا أَبيت اللَّيْلَة بِمَكَّة فَحَمَلُوهُ عَلَى سَرِيره مُتَوَجها إِلَى الْمَدِينَة وَكَانَ شَيخا كَبِيرا فَمَاتَ بِالتَّنْعِيمِ
وَرُوِيَ أَنه لما أدْركهُ الْمَوْت أَخذ يصفق يَمِينه عَلَى شِمَاله ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَذِه لَك وَهَذِه لِرَسُولِك أُبَايِعك عَلَى مَا بَايَعَك بِهِ رَسُولك فَمَاتَ حميدا فَبلغ خَبره أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالُوا لَو توفّي بِالْمَدِينَةِ لَكَانَ أتم أجرا وَقَالَ الْمُشْركُونَ وهم يَضْحَكُونَ مَا أدْرك هَذَا مَا طلب فَنزلت يَعْنِي قَوْله وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا الْآيَة
قلت رَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من حَدِيث سهل بن عُثْمَان ثَنَا عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان عَن أَشْعَث بن سوار عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أرسل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِهَذِهِ الْآيَة إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم فَلَمَّا(1/351)
قَرَأَهَا الْمُسلمُونَ قَالَ جُنْدُب بن ضَمرَة اللَّيْثِيّ وَكَانَ شَيخا كَبِيرا احْمِلُونِي فَإِنِّي لست من الْمُسْتَضْعَفِينَ وَإِنِّي لأَهْتَدِي الطَّرِيق فَجعله بنوه عَلَى السرير مُتَوَجها إِلَى الْقبْلَة فَلَمَّا بلغ التَّنْعِيم أشرف عَلَى الْمَوْت فَصَفَّقَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَاله وَقَالَ اللَّهُمَّ هَذَا لَك وَهَذَا لِرَسُولِك أُبَايِعك عَلَى مَا بَايَعْتُك يَد رَسُولك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمَات جُنْدُب فَبلغ خَبره أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالُوا لَو وافى بِالْمَدِينَةِ لَكَانَ أتم أجرا فَأنْزل الله فِيهِ الْآيَة انْتَهَى
وَهُوَ فِي الثَّعْلَبِيّ بِلَفْظ المُصَنّف من غير سَنَد
وَفِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ ومسند أبي يعلي الْموصِلِي بعضه عَن أَشْعَث بن سوار عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج ضَمرَة بن جُنْدُب من بَيته مُهَاجرا فَقَالَ لأَهله احْمِلُونِي فأخرجوني من أَرض الْمُشْركين إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ فَمَاتَ فِي الطَّرِيق قبل أَن يصل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَنزل الْوَحْي وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله إِلَى قَوْله غَفُورًا رحِيما انْتَهَى
362 - الحَدِيث الْحَادِي وَالسِّتُّونَ
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه أتم فِي السّفر
قلت رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من حَدِيث عمر بن سعيد عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يقصر فِي السّفر وَيتم وَيفْطر ويصوم انْتَهَى قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ إِسْنَاده صَحِيح انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث الْمُغيرَة بن زِيَاد عَن عَطاء عَن عَائِشَة ... ذكره والمغيرة بن زِيَاد ضَعِيف
وَرَوَاهُ الشَّافِعِي فِي مُسْنده أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن طَلْحَة بن عَمْرو عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عَائِشَة قَالَت كل ذَلِك فعل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قصر الصَّلَاة فِي السّفر وَأتم انْتَهَى(1/352)
وَأَصَح هَذِه الْأَسَانِيد سَنَد الدَّارَقُطْنِيّ وَالله أعلم
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ قَالَ وَهَذَا أصح إِسْنَاد فِيهِ انْتَهَى
363 - الحَدِيث الثَّانِي وَالسِّتُّونَ
عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا اعْتَمَرت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة حَتَّى إِذا قدمت مَكَّة قَالَت يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي قصرت الصَّلَاة وَأَتْمَمْت وَأَفْطَرت وَصمت فَقَالَ أَحْسَنت يَا عَائِشَة وَمَا عَابَ عَلّي
قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه فِي صَلَاة الْمُسَافِر من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن عَائِشَة أَنَّهَا اعْتَمَرت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة حَتَّى إِذا قدمت مَكَّة قَالَت يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي قصرت وَأَتْمَمْت وَأَفْطَرت وَصمت قَالَ أَحْسَنت يَا عَائِشَة وَمَا عَابَ عَلّي انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَقَالَ إِسْنَاده صَحِيح
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه فِي الصَّوْم بالسند الْمَذْكُور وَسكت عَنهُ ثمَّ رَوَاهُ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه عَن عَائِشَة ثمَّ قَالَ الأول إِسْنَاده حسن مُتَّصِل وَعبد الرَّحْمَن أدْرك عَائِشَة وَدخل عَلَيْهَا مَعَ أَبِيه وَسمع مِنْهَا انْتَهَى
364 - الحَدِيث الثَّالِث وَالسِّتُّونَ
رُوِيَ أَن عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كَانَ يتم وَيقصر
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن يزِيد قَالَ صَلَّى عُثْمَان بمنى أَرْبعا فَقيل لعبد الله بن مَسْعُود فَاسْتَرْجع وَقَالَ صليت مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أبي بكر رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عمر رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُثْمَان صَدرا من خِلَافَته ثمَّ أتمهَا ثمَّ تَفَرَّقت بكم الطّرق فَلَوَدِدْت أَن لي من أَربع رَكْعَات رَكْعَتَيْنِ(1/353)
مُتَقَبَّلَتَيْنِ انْتَهَى
وَأَخْرَجَا أَيْضا من حَدِيث سَالم عَن أَبِيه عبد الله بن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه صَلَّى صَلَاة الْمُسَافِر بمنى وَغَيره رَكْعَتَيْنِ وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان رَكْعَتَيْنِ صَدرا من خِلَافَته ثمَّ أتمهَا أَرْبعا انْتَهَى
زَاد ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَذَلِكَ حِين اتخذ الْأَمْوَال وَأجْمع عَلَى الْإِقَامَة بِمَكَّة انْتَهَى
365 - الحَدِيث الرَّابِع وَالسِّتُّونَ
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَالَ صَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ تَمام غير قصر عَلَى لِسَان نَبِيكُم
قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة فِي سنَنَيْهِمَا من حَدِيث شُعْبَة عَن زبيد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن عمر قَالَ صَلَاة الْجُمُعَة رَكْعَتَانِ وَصَلَاة الْفطر رَكْعَتَانِ وَصَلَاة الْفجْر رَكْعَتَانِ وَصَلَاة الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ وَصَلَاة السّفر رَكْعَتَانِ تَمام غير قصر عَلَى لِسَان نَبِيكُم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْتَهَى
قَالَ النَّسَائِيّ وَعبد الرَّحْمَن لم يسمعهُ من عمر وَكَذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيّ
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ هَكَذَا حدث بِهِ شُعْبَة وَالثَّوْري وَمُحَمّد ابْن طَلْحَة عَن زبيد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن عمر وَقد حدث بِهِ يزِيد بن زِيَاد بن أبي الْجَعْد عَن زبيد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن كَعْب ابْن عجْرَة عَن عمر وَشعْبَة وَالثَّوْري حَافِظَانِ وَيزِيد بن زِيَاد فَغير حَافظ انْتَهَى
وَهَذِه الطَّرِيق الْأُخْرَى عِنْد ابْن ماجة فِي سنَنه عَن يزِيد بن زِيَاد عَن زبيد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن كَعْب بن عجْرَة ... فَذكره وَقيل إِنَّه عِنْد النَّسَائِيّ أَيْضا وَينظر
وَقَالَ ابْن عبد الْحق رَوَاهُ جمَاعه من الثِّقَات وَلم يذكرُوا كَعْب بن عجْرَة(1/354)
وَالَّذِي ذكره أَيْضا ثِقَة انْتَهَى
وَله طَرِيق آخر عِنْد الْبَزَّار أَيْضا رَوَاهُ من حَدِيث ياسين الزيات عَن الْأَعْمَش انْتَهَى
366 - الحَدِيث الْخَامِس وَالسِّتُّونَ
عَن عَائِشَة قَالَت أول مَا فرضت الصَّلَاة فرضت رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فأقرت فِي السّفر وزيدت فِي الْحَضَر
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا من حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي السّفر وَفِي الْحَضَر فأقرت صَلَاة السّفر وَزيد فِي صَلَاة الْحَضَر انْتَهَى
367 - الحَدِيث السَّادِس وَالسِّتُّونَ
قَالَ وَجَاء فِي الحَدِيث إقْصَار الْخطْبَة بِمَعْنى تَقْصِيرهَا
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي بَاب الْجُمُعَة من حَدِيث أبي رَاشد عَن عمار بن يَاسر قَالَ أمرنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِإِقْصَارِ الْخطْبَة انْتَهَى وَسكت عَنهُ
ثمَّ الْمُنْذِرِيّ بعده فِي مُخْتَصره إِلَّا أَنه قَالَ وَأَبُو رَاشد هَذَا سمع عمارا وَلم ينْسب وَلم يسم انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده عَن الْعَلَاء بن صَالح عَن عدي بن ثَابت عَن أبي رَاشد وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده عَن الْعَلَاء بِهِ وَقَالَ(1/355)
لَا نعلم رَوَى أَبُو رَاشد عَن عمار إِلَّا هَذَا الحَدِيث
وَفِي مُسْند أبي يعْلى عَن يعْلى بن أُميَّة قَالَ قلت لعمر بن الْخطاب فِيمَا إقْصَار النَّاس بِالصَّلَاةِ وَإِنَّمَا قَالَ الله تَعَالَى فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا وَقد ذهب ذَلِك فَقَالَ عمر عجبت مِمَّا عجبت مِنْهُ فَسَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ صَدَقَة تصدق الله بهَا عَلَيْكُم فاقبلوا صدقته
وَرَوَى ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من الْقسم الْخَامِس من طَرِيق إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أخبرنَا معَاذ بن هِشَام الدستوَائي عَن أَبِيه عَن قَتَادَة عَن سُلَيْمَان الْيَشْكُرِي أَنه سَأَلَ جَابر بن عبد الله عَن إقْصَار الصَّلَاة أَي يَوْم أنزل فَقَالَ جَابر خرجنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى إِذا كُنَّا بِنَخْل أَمر فَنُوديَ بِالصَّلَاةِ فَصَلى بطَائفَة من الْقَوْم رَكْعَتَيْنِ وَطَائِفَة يَحْرُسُونَهُمْ ثمَّ تَأَخَّرُوا وَجَاءَت الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَصَلى بهم رَكْعَتَيْنِ وَالْآخرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ وَكَانَت للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَربع رَكْعَات وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ وَأنزل الله إقْصَار الصَّلَاة انْتَهَى
368 - الحَدِيث السَّابِع وَالسِّتُّونَ
رُوِيَ أَن طعمة بن أُبَيْرِق أحد بني ظفر سرق درعا من جَار لَهُ اسْمه قَتَادَة بن النُّعْمَان فِي جراب دَقِيق فَجعل الدَّقِيق ينتثر من خرق كَانَ فِيهِ وخبأها عِنْد زيد بن السمين رجل من الْيَهُود فَالْتمست الدرْع عِنْد طعمة فَلم تُوجد وَحلف مَا أَخذهَا وَمَا لَهُ بهَا من علم فَتَرَكُوهُ وَاتبعُوا أثر الدَّقِيق حَتَّى انْتَهَى إِلَى منزل الْيَهُودِيّ فَأَخَذُوهَا فَقَالَ دَفعهَا إِلَى طعمة وَشهد لَهُ نَاس من الْيَهُود فَقَالَت بَنو ظفر انْطَلقُوا بِنَا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَأَلُوهُ أَن يُجَادِل عَن صَاحبهمْ وَقَالُوا إِن لم تفعل هلك وَافْتَضَحَ وَبرئ الْيَهُودِيّ فهم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن(1/356)
يفعل وَأَن يُعَاقب الْيَهُودِيّ وَقيل هم أَن يقطع يَده فَنزلت إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله إِلَى قَوْله وَلَا تكن للخائنين خصيما وَرُوِيَ أَن طعمة هرب إِلَى مَكَّة وارتد ونقب حَائِطا بِمَكَّة ليَسْرِق أَهله فَسقط الْحَائِط فَقتله
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِبَعْض تغير من حَدِيث مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن أَبِيه عَن جده قَتَادَة بن النُّعْمَان قَالَ كَانَ أهل بَيت منا يُقَال لَهُ بَنو أُبَيْرِق ... إِلَى أَن قَالَ فَابْتَاعَ عمي رِفَاعَة بن زيد حملا من الدَّرْمَك فَجعله فِي مشربَة لَهُ وَفِي الْمشْربَة سلَاح وَدرع وَسيف فَعَدَّى عَلَيْهِ من تَحت الْبَيْت فَنقبَ الْمشْربَة وَأخذ الطَّعَام وَالسِّلَاح فَلَمَّا أصبح أَتَانِي عمي رِفَاعَة فَقَالَ يَا ابْن أخي إِنَّه عدي علينا فِي اللَّيْلَة فَنقبَ الْبَيْت وَذهب بِطَعَامِنَا وَسِلَاحنَا قَالَ فَتَجَسَّسْنَا فَقيل لنا قد رَأينَا بني أُبَيْرِق قد اسْتَوْقَدُوا هَذِه اللَّيْلَة وَلَا نرَاهُ إِلَّا عَلَى طَعَامكُمْ قَالَ وَكَانَ بَنو أُبَيْرِق قَالُوا وَالله مَا نرَى صَاحبكُم الَّذِي أَخذ مَتَاعكُمْ إِلَّا لبيد بن سهل رجل منا لَهُ صَلَاح وَإِسْلَام فَلَمَّا سمع لبيد اخْتَرَطَ سَيْفه وَقَالَ أَنا أسرق وَالله لَيُخَالِطَنكُمْ هَذَا السَّيْف أَو لنبينن هَذِه السّرقَة قَالَ قَتَادَة فَأتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقلت لَهُ إِن أهل بَيت منا أهل جفَاء عَمدُوا إِلَى عمي رِفَاعَة فَنقبُوا مشْربَته وَأخذُوا سلاحه وَطَعَامه فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام سَأَنْظُرُ فِي ذَلِك فَلَمَّا سمع بَنو أُبَيْرِق أَتَوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِن قَتَادَة بن النُّعْمَان وَعَمه عَمدُوا إِلَى أهل بَيت منا أهل إِسْلَام وَصَلَاح فَرَمَوْهُمْ بِالسَّرقَةِ من غير بَيِّنَة وَلَا ثَبت فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لِقَتَادَة عَمَدت إِلَى أهل بَيت ذكر مِنْهُم إِسْلَام وَصَلَاح فَرَمَيْتهمْ بِالسَّرقَةِ عَلَى غير ثَبت قَالَ فَرَجَعت فَأخْبرت عمي فَقَالَ الله الْمُسْتَعَان فَلم نَلْبَث أَن نزل الْقُرْآن إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله وَلَا تكن للخائنين(1/357)
خصيما) بني أُبَيْرِق واستغفر الله مِمَّا قلت لِعِبَادِهِ ... إِلَى آخِره الْآيَات مُخْتَصر وَقَالَ هَذَا حَدِيث غَرِيب وَلَا نعلم أحدا أسْندهُ عَن إِسْحَاق بن مُحَمَّد إِلَّا مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي وَقد رَوَاهُ يُونُس بن بكير وَغير وَاحِد عَن مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة مُرْسلا لم يذكرُوا فِيهِ عَن أَبِيه عَن جده وَقَتَادَة بن النُّعْمَان هُوَ أَخُو أبي سعيد الْخُدْرِيّ لأمه انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي أَوَاخِر الْحُدُود وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَزَاد فِي آخِره وَأَنه نقب عَلَى قوم بَيتهمْ ليَسْرِق مَتَاعهمْ فَألْقَى الله عَلَيْهِ صَخْرَة وَكَانَت قَبره انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره عَن قَتَادَة قَرِيبا من لفظ الْكتاب فَقَالَ حَدثنَا بشر ابْن معَاذ حَدثنَا يزِيد بن هَارُون ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ إِلَى قَوْله خوانًا أَثِيمًا قَالَ ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي شَأْن طعمة بن أُبَيْرِق وَكَانَ من الْأَنْصَار وَهُوَ من بني ظفر سرق درعا لِعَمِّهِ كَانَت وَدِيعَة عِنْده ثمَّ قَذفهَا عَلَى يَهُودِيّ كَانَ يَغْشَاهُم يُقَال لَهُ زيد بن السمين فجَاء الْيَهُودِيّ إِلَى نَبِي الله يَهْتِف فَلَمَّا رَأَى ذَلِك قومه بَنو ظفر جَاءُوا إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لِيَعْذِرُوا صَاحبهمْ وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام قد هم يعذرهُ حَتَّى أنزل الله فِي حَقه مَا أنزل فَقَالَ وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم الْآيَة فَلَمَّا بَين الله شَأْن طعمة نَافق وَلحق بالمشركين بِمَكَّة فَأنْزل الله فِي شَأْنه وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى الْآيَة انْتَهَى
وَذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء دون الرِّوَايَة الْأُخْرَى وَسَنَده إِلَى الْكَلْبِيّ أول كِتَابه
وَنَقله الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن الْمُفَسّرين أَيْضا بِلَفْظ المُصَنّف(1/358)
369 - قَوْله
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه أَمر بِقطع يَد سَارِق فَجَاءَت أمه تبْكي وَتقول هَذِه أول سَرقَة سَرَقهَا فَاعْفُ عَنهُ فَقَالَ كذبت إِن الله لَا يُؤَاخذ عَبده فِي أول مرّة
370 - الحَدِيث الثَّامِن وَالسِّتُّونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ كَلَام ابْن آدم كُله عَلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا مَا كَانَ من أَمر بِمَعْرُوف أَو نهي عَن مُنكر أَو ذكرا لله
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه وَابْن ماجة فِي الْفِتَن من حَدِيث مُحَمَّد بن يزِيد بن خُنَيْس الْمَكِّيّ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أم صَالح عَن صَفِيَّة بنت شيبَة عَن أم حَبِيبَة زوج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَت قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَلَام ابْن آدم عَلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا أَمر بِمَعْرُوف أَو نهي عَن الْمُنكر أَو ذكرا لله انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُحَمَّد بن يزِيد بن خُنَيْس انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي تَفْسِير سُورَة عَم وَزَاد فِيهِ فَقَالَ مُحَمَّد بن يزِيد مَا أَشد هَذَا فَقَالَ سُفْيَان وَمَا شدَّة هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا جَاءَت بِهِ امْرَأَة عَن امْرَأَة عَن امْرَأَة وَهَذَا فِي كتاب الله تَعَالَى قَالَ يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا من أذن لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابا وَقَالَ وَالْعصر إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ وَقَالَ لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر بِصَدقَة أَو مَعْرُوف أَو إصْلَاح بَين النَّاس انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالتِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول فِي الأَصْل الْخمسين بعد الْمِائَة وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة طه وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي(1/359)
مُسْنده قَالَ ابْن طَاهِر إِسْنَاده شَاذ
371 - الحَدِيث التَّاسِع وَالسِّتُّونَ
رُوِيَ أَن شَيخا من الْعَرَب جَاءَ إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ أَنِّي شيخ منهمك فِي الذُّنُوب إِلَّا أَنِّي لم أشرك بِهِ مُنْذُ عَرفته وَآمَنت بِهِ وَلم أَتَّخِذ من دونه وليا وَلم أوقع فِي الْمعاصِي جرْأَة عَلَى الله وَلَا مُكَابَرَة لَهُ وَلَا توهمت طرفَة عين أَنِّي أعجز الله طرفَة عين وَإِنِّي لنَادِم مُسْتَغْفِر فَمَا ترَى حَالي عِنْد الله فَنزلت إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ فِي شيخ من الْأَعْرَاب جَاءَ إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... إِلَى آخِره وَسَنَده إِلَى الضَّحَّاك أول كِتَابه
372 - الحَدِيث السبعون
عَن ابْن مَسْعُود لعن الله الْوَاشِمَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُسْتَوْشِمَات الْمُغيرَات خلق الله
قلت هَكَذَا أوردهُ المُصَنّف مَوْقُوفا وَقد رَوَاهُ أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة مَرْفُوعا فَالْبُخَارِي وَمُسلم فِي اللبَاس وَأَبُو دَاوُد فِي التَّرَجُّل وَالتِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة فِي الزِّينَة كلهم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعن الله الْوَاشِمَات وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحسنِ الْمُغيرَات خلق الله انْتَهَى(1/360)
373 - قَوْله
عَن عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه كَانَ إِذا جَاءَهُ ولي الْيَتِيمَة نظر فَإِن كَانَت جميلَة غنية قَالَ زَوجهَا غَيْرك وَالْتمس لَهَا من هُوَ خير مِنْك وَإِن كَانَت دَمِيمَة وَلَا مَال لَهَا قَالَ تزوج بهَا فَأَنت أَحَق بهَا
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا الْقَاسِم ثَنَا الْحُسَيْن ثَنَا هشيم أَنا مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم أَن عمر بن الْخطاب كَانَ إِذا جَاءَهُ ولي الْيَتِيمَة إِلَى آخِره
374 - الحَدِيث الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ
رُوِيَ أَن سَوْدَة بنت زَمعَة حِين كرهت أَن يفارقها رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَعرفت مَكَان عَائِشَة من قلبه وهبت لَهَا يَوْمهَا
قلت رَوَى البُخَارِيّ وَمُسلم فِي كتاب النِّكَاح من حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت مَا رَأَيْت امْرَأَة أحب إِلَى أَن أكون فِي مسالخها من سَوْدَة بنت زَمعَة من امْرَأَة فِيهَا حِدة فَلَمَّا كَبرت قَالَت يَا رَسُول الله قد جعلت يومي مِنْك لعَائِشَة وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يقسم لعَائِشَة يَوْمَيْنِ يَوْمهَا وَيَوْم سَوْدَة انْتَهَى
وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد وَلَقَد قَالَت سَوْدَة بنت زَمعَة حِين أَسِنَت وَفرقت أَن يفارقها رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا رَسُول الله يومي لعَائِشَة فَقبل ذَلِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مِنْهَا
وَأخرجه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه بِهَذَا اللَّفْظ وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
375 - الحَدِيث الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه كَانَ يقسم بَين نِسَائِهِ فيعدل وَيَقُول هَذَا(1/361)
فِيمَا أملك فَلَا تؤاخذني بِمَا تملك وَلَا أملك يَعْنِي الْمحبَّة
قلت رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن عبد الله بن يزِيد عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ ... فَذكره إِلَّا أَنه قَالَ يَعْنِي الْقلب
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع التَّاسِع من الْقسم الْخَامِس وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ وَفِيه كَلَام مَبْسُوط فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة
376 - الحَدِيث الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ
فِي الحَدِيث من كَانَت لَهُ امْرَأَتَانِ يمِيل مَعَ إِحْدَاهمَا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَأحد شقيه مائل
قلت رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة أَيْضا من حَدِيث همام بن يَحْيَى عَن قَتَادَة عَن النَّضر بن أنس عَن بشير بن نهيك عَن أبي هُرَيْرَة وَاللَّفْظ لأبي دَاوُد قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من كَانَت لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَال إِلَى إِحْدَاهمَا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَشقه مائل انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ لَا يعرف مَرْفُوعا إِلَّا من حَدِيث همام ابْن يَحْيَى انْتَهَى
قَالَ عبد الْحق وَهَمَّام بن يَحْيَى ثِقَة حَافظ انْتَهَى
رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع التَّاسِع وَالْمِائَة من الْقسم الثَّانِي وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ وَفِيه أَيْضا كَلَام اسْتَوْفَيْنَاهُ فِي أَحَادِيث الْهِدَايَة
377 - قَوْله
رُوِيَ أَن عمرَان بن حطَّان الْخَارِجِي كَانَ من أَذمّ بني آدم(1/362)
وَامْرَأَته من أجملهم فأطالت فِي وَجهه النّظر يَوْمًا ثمَّ قَالَت الْحَمد لله فَقَالَ لَهَا مَالك قَالَت حمدت الله عَلَى أَنِّي وَإِيَّاك من أهل الْجنَّة قَالَ وَكَيف قَالَت لِأَنِّي رزقت مثلك فَصَبَرت وَرزقت مثلي فَشَكَرت وَقد وعد الله الْجنَّة عباده الشَّاكِرِينَ وَالصَّابِرِينَ
378 - الحَدِيث الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ
رُوِيَ أَن عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه بعث إِلَى أَزوَاج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِمَال فَقَالَت عَائِشَة إِلَى كل أَزوَاج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث مثل هَذَا قَالُوا لَا بعث إِلَى الْقُرَشِيَّات بِمثل هَذَا وَإِلَى غَيْرهنَّ بِغَيْرِهِ فَقَالَت ارْفَعْ رَأسك كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعدل بَيْننَا فِي الْقِسْمَة بِمَالِه وَنَفسه فَرجع الرَّسُول فَأخْبرهُ فَأَتمَّ لَهُنَّ جَمِيعًا
قلت غَرِيب وَيقرب مِنْهُ مَا رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده ثَنَا عَلّي بن إِسْحَاق ثَنَا عبد الله بن الْمُبَارك أَنا أَبُو شُجَاع سعيد بن يزِيد سَمِعت الْحَارِث ابْن يزِيد الْحَضْرَمِيّ يحدث عَن عَلّي بن رَبَاح عَن يَاسِرَة بن سمي الْيَزنِي قَالَ سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول وَهُوَ يخْطب النَّاس يَوْم الْجَابِيَة إِن الله تَعَالَى جعلني خَازِنًا لهَذَا المَال وَقَاسما لَهُ ثمَّ قَالَ بل الله يقسمهُ وَأَنا لَهُ بَادِي بِأَهْل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ أَشْرَفهم فَفرض لِأَزْوَاج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عشرَة آلَاف إِلَّا جوَيْرِية وَصفِيَّة ومَيْمُونَة فَقَالَت عَائِشَة إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يعدل بَيْننَا فَعدل بَينهُنَّ عمر ثمَّ قَالَ أَنا بَادِي بِأَصْحَابِي الْمُهَاجِرين ... الحَدِيث بِطُولِهِ مُخْتَصر ذكره فِي مُسْنده الْكَبِير فِي مُسْند أبي عَمْرو بن حَفْص بن الْمُغيرَة(1/363)
379 - قَوْله
رُوِيَ أَن معَاذًا كَانَت لَهُ امْرَأَتَانِ فَإِذا كَانَ عِنْد إِحْدَاهمَا لم يتَوَضَّأ فِي بَيت الْأُخْرَى فَمَاتَتَا فِي الطَّاعُون فَدَفْنُهُمَا فِي قبر وَاحِد
قلت رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة معَاذ من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثَنَا قُتَيْبَة بن سعد ثَنَا اللَّيْث بن سعد عَن يَحْيَى بن سعيد أَن معَاذ بن جبل رَضِيَ اللَّهُ عَنْه كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَإِذا كَانَ يَوْم إِحْدَاهمَا لم يتَوَضَّأ فِي بَيت الْأُخْرَى فتوفيتا فِي الطَّاعُون فَدَفْنُهُمَا فِي حُفْرَة فَأَسْهم بَينهمَا أَيَّتهمَا يقدم انْتَهَى وَفِي لفظ وَإِذا كَانَ فِي بَيت الْأُخْرَى لم يشرب من بَيت الْأُخْرَى مَاء
380 - الحَدِيث الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ
رُوِيَ أَنَّهَا لما نزلت إِن يَشَأْ يذهبكم أَيهَا النَّاس وَيَأْتِ بِآخَرين وَكَانَ الله عَلَى ذَلِك قَدِيرًا ضرب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِيَدِهِ عَلَى ظهر سلمَان وَقَالَ إِنَّهُم قوم هَذَا يَعْنِي أَبنَاء فَارس
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره فَقَالَ حَدثنَا عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه لما نزلت هَذِه الْآيَة إِن يَشَأْ يذهبكم أَيهَا النَّاس وَيَأْتِ بِآخَرين وَكَانَ الله عَلَى ذَلِك قَدِيرًا ضرب بِيَدِهِ عَلَى ظهر سلمَان وَقَالَ هم قوم هَذَا يَعْنِي عجم الْفرس وَفِيه انْقِطَاع فَإِن الطَّبَرِيّ لم يسمع من شَيْخه(1/364)
381 - الحَدِيث السَّادِس وَالسَّبْعُونَ
رُوِيَ أَن عبد الله بن سَلام وأسدا وَأُسَيْدًا ابْني كَعْب وثعلبة ابْن قيس وَسلَامًا ابْن أُخْت عبد الله بن سَلام وَسَلَمَة ابْن أَخِيه ويامين بن يَامِين أَتَوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّا نؤمن بك وبكتابك ومُوسَى والتوراة وعزير ونكفر بِمَا سواهُ من الْكتب وَالرسل فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بل آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله مُحَمَّد وَكتابه الْقُرْآن وَبِكُل كتاب كَانَ قبله فَقَالُوا لَا نَفْعل فَنزلت يأيها الَّذين آمنُوا آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَالْكتاب الَّذِي نزل عَلَى رَسُوله وَالْكتاب الَّذِي أنزل من قبل قَالَ فآمنوا كلهم
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من رِوَايَة الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي عبد الله بن سَلام ... فَذكره بِلَفْظِهِ سَوَاء وَسَنَده إِلَى الْكَلْبِيّ فِي أول كِتَابه
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ من قَول الْكَلْبِيّ لم يسْندهُ إِلَى ابْن عَبَّاس
382 - الحَدِيث السَّابِع وَالسَّبْعُونَ
من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد كفر
قلت تقدم فِي آل عمرَان
383 - الحَدِيث الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثَلَاث من كن فِيهِ فَهُوَ مُنَافِق وَإِن صَامَ وَصَلى وَزعم أَنه مُسلم من إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا ائْتمن خَان(1/365)
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْإِيمَان من حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ آيَة الْمُنَافِق ثَلَاث وَإِن صَامَ وَصَلى وَزعم انه مُسلم إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا ائْتمن خَان انْتَهَى وَفِي رِوَايَة من عَلَامَات الْمُنَافِق ثَلَاث
384 - الحَدِيث التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ
رُوِيَ أَن كَعْب بن الْأَشْرَف وفنحاص بن عازورا وَغَيرهمَا قَالُوا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن كنت نَبيا صَادِقا فأتنا بِكِتَاب من السَّمَاء جملَة كَمَا أَتَى بِهِ مُوسَى فَنزلت يَعْنِي قَوْله تَعَالَى
قلت رَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى يَسْأَلك أهل الْكتاب أَن تنزل عَلَيْهِم كتابا من السَّمَاء قَالَ قَالَت الْيَهُود للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن كنت صَادِقا أَنَّك رَسُول الله فأتنا بِكِتَاب مَكْتُوب من السَّمَاء كَمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى فَنزلت انْتَهَى
385 - الحَدِيث الثَّمَانُونَ
رُوِيَ أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ينزل من السَّمَاء فِي آخر الزَّمَان فَلَا يَبْقَى أحد من أهل الْكتاب إِلَّا يُؤمن بِهِ حَتَّى تكون الْملَّة وَاحِدَة وَهِي مِلَّة الْإِسْلَام وَيهْلك الله فِي زَمَانه الْمَسِيح الدَّجَّال وَتَقَع الأمنة حَتَّى ترتع الْأسود مَعَ الْإِبِل وَالنُّمُور مَعَ الْبَقر والذئاب مَعَ الْغنم وَلعب الصّبيان بالحيات ويلبث فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ يتوفى وَيُصلي الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ ويدفنونه
قلت رَوَى ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع التَّاسِع وَالسبْعين من الْقسم(1/366)
الثَّالِث من حَدِيث همام بن يَحْيَى عَن قَتَادَة عَن عبد الرَّحْمَن بن آدم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الْأَنْبِيَاء إخْوَة لعَلَّات أمهاتهم شَتَّى وَدينهمْ وَاحِد وَإِنِّي أولَى النَّاس بِعِيسَى بن مَرْيَم لِأَنَّهُ لم يكن بيني وَبَينه نَبِي وَإنَّهُ نَازل فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فَإِنَّهُ رجل مَرْبُوع الْخلق إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض سبط الشّعْر كَأَن رَأسه يقطر وَإِن لم يصبهُ بَلل بَين مُمَصَّرَتَيْنِ فَيدق الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وَيَضَع الْجِزْيَة وَيفِيض المَال وَيُقَاتل النَّاس عَلَى الْإِسْلَام حَتَّى يهْلك الله فِي زَمَانه الْملَل كلهَا إِلَّا الْإِسْلَام وَيهْلك الله فِي زَمَانه الْمَسِيح الدَّجَّال وَتَقَع الأمنة فِي الأَرْض فِي زَمَانه حَتَّى ترتع الْأسود مَعَ الْإِبِل وَالنُّمُور مَعَ الْبَقر والذئاب مَعَ الْغنم وتلعب الصّبيان بالحيات لَا تَضُرهُمْ فيمكث فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ يتوفى فَيصَلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ ويدفنونه انْتَهَى وَتكشف عَلَيْهِ الْأَطْرَاف
وَقَوله لَا يَبْقَى أحد من أهل الْكتاب إِلَّا يُؤمن بِهِ
رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من قَول ابْن عَبَّاس
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْبَعْث والنشور بِسَنَد ابْن حبَان وَمَتنه ثمَّ قَالَ هَكَذَا فِي هَذَا الحَدِيث إِن عِيسَى يمْكث فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة قَالَ وَفِي مُسلم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فِي حَدِيث الدَّجَّال قَالَ فيبعث الله عِيسَى بن مَرْيَم فيطلبه فيهلكه ثمَّ يلبث النَّاس بعده سبع سِنِين لَيْسَ بَين اثْنَيْنِ عَدَاوَة ... الحَدِيث قَالَ وَيحْتَمل أَن قَوْله ثمَّ يلبث النَّاس بعده أَي بعد مَوته فَلَا يكون مُخَالفا للْأولِ (
386 - قَوْله عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ قَالَ لي الْحجَّاج آيَة مَا قرأتها إِلَّا تَخَالَجَ فِي نَفسِي مِنْهَا شَيْء قَوْله تَعَالَى وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته وَإِنِّي أُوتَى بالأسير من الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَأَضْرب عُنُقه فَلَا اسْمَع مِنْهُ ذَلِك فَقلت لَهُ إِن الْيَهُودِيّ إِذا حَضَره الْمَوْت(1/367)
ضربت الْمَلَائِكَة دبره وَوَجهه وَقَالُوا يَا عَدو الله أَتَاك مُوسَى نَبيا فَكَذبت بِهِ فَيَقُول آمَنت أَنه عبد نَبِي وَيَقُولُونَ لِلنَّصْرَانِيِّ أَتَاك عِيسَى نَبيا فَزَعَمت أَنه الله أَو ابْن الله فَيُؤمن أَنه عبد الله وَرَسُوله حَيْثُ لَا يَنْفَعهُ إيمَانه قَالَ وَكَانَ مُتكئا فَاسْتَوَى جَالِسا ثمَّ نظر إِلَيّ وَقَالَ مِمَّن فَقلت حَدثنِي مُحَمَّد بن عَلّي بن الْحَنَفِيَّة فَأخذ ينكت الأَرْض بِقَضِيبِهِ ثمَّ قَالَ لقد أَخَذتهَا من عين صَافِيَة أَو من مَعْدِنهَا قَالَ الْكَلْبِيّ فَقلت لَهُ مَا أردْت بِقَوْلِك حَدثنِي مُحَمَّد بن عَلّي قَالَ أردْت أَن أَغيظهُ يَعْنِي بِزِيَادَتِهِ اسْم عَلّي
وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه فسره كَذَلِك فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَة فَإِن أَتَاهُ رجل فَضرب عُنُقه قَالَ لَا تخرج نَفسه حَتَّى يُحَرك بهَا شَفَتَيْه قَالَ وَإِن خر من فَوق بَيت أَو احْتَرَقَ أَو أكله سبع قَالَ يتَكَلَّم بهَا فِي الْهَوَاء وَلَا تخرج روحه حَتَّى يُؤمن بِهِ
قلت هَذَا الْأَخير رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس لَيْسَ من يَهُودِيّ يَمُوت حَتَّى يُؤمن بِعِيسَى بن مَرْيَم فَقَالَ لَهُ رجل من أَصْحَابه كَيفَ وَالرجل يغرق أَو يَحْتَرِق أَو يسْقط عَلَيْهِ الْجِدَار أَو يَأْكُلهُ السَّبع فَقَالَ لَا تخرج روحه من جسده حَتَّى يقذف فِيهِ الْإِيمَان بِعِيسَى انْتَهَى(1/368)
387 - الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ
رُوِيَ أَن وَفد نَجْرَان قَالُوا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم تعيب صاحبنا قَالَ وَمن صَاحبكُم قَالُوا عِيسَى قَالَ وَأي شَيْء أَقُول قَالُوا تَقول إِنَّه عبد الله وَرَسُوله قَالَ إِنَّه لَيْسَ بِعَارٍ أَن يكون عبد الله قَالُوا بلَى فَنزلت يَعْنِي قَوْله تَعَالَى لن يستنكف الْمَسِيح أَن يكون عبدا لله الْآيَة
قلت عزاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول للكلبي
388 - الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ
رُوِيَ أَنه كَانَ آخر مَا نزل من الْأَحْكَام كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي طَرِيق مَكَّة عَام حجَّة الْوَدَاع فَأَتَاهُ جَابر بن عبد الله فَقَالَ إِن لي أُخْتا فكم آخذ من مِيرَاثهَا إِن مَاتَت
وَرُوِيَ أَنه كَانَ مَرِيضا فعاده رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالَ إِنِّي كَلَالَة فَكيف أصنع فِي مَالِي فَنزلت إِن امْرُؤ هلك الْآيَة
قلت الأول غَرِيب وَذكر الثَّعْلَبِيّ من رِوَايَة الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي جَابر بن عبد الله وَأُخْته أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن لي أُخْتا فَمَا لي من مَالهَا بعد مَوتهَا فَنزلت وَسَنَده إِلَى الْكَلْبِيّ فِي أول كِتَابه
وَأما الحَدِيث الثَّانِي فَرَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ مَرضت فَأَتَانِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعودنِي(1/369)
فَأُغْمِيَ عَلّي فَتَوَضَّأ ثمَّ صب عَلّي من وضوئِهِ فَأَفَقْت فَقلت يَا رَسُول الله كَيفَ أَقْْضِي فِي مَالِي فَلم يرد عَلّي شَيْئا حَتَّى نزلت آيَة الْمِيرَاث يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة الْآيَة انْتَهَى
وَفِي لفظ لمُسلم فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّمَا يَرِثنِي كَلَالَة فَنزلت
وَفِي لفظ البُخَارِيّ وَإِنَّمَا لي أَخَوَات فَنزلت آيَة الْفَرَائِض أَخْرجُوهُ فِي كتاب الْفَرَائِض وَغَيره(1/370)
ذكر مَا ورد فِي آخر آيَة نزلت
رَوَى الْجَمَاعَة إِلَّا ابْن ماجة عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ آخر آيَة نزلت يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة الْآيَة انْتَهَى
وَرَوَى البُخَارِيّ من حَدِيث الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ آخر آيَة نزلت آيَة الرِّبَا انْتَهَى
وَجمع الْبَيْهَقِيّ بَينهمَا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة بِأَن كل وَاحِد مِنْهُم أخبر بِمَا عِنْده من الْعلم أَو أَرَادَ أَن مَا ذكر من أَوَاخِر الْآيَات الَّتِي نزلت انْتَهَى
وَرَوَى النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير أخبرنَا مُحَمَّد بن عقيل أَنا عَلّي بن الْحُسَيْن بن وَاقد أَنا أبي ثَنَا يزِيد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ آخر آيَة نزلت عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله ثمَّ توفى كل نَفْس مَا كسبت وهم لَا يظْلمُونَ انْتَهَى
أخبرنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث أَنا الْفضل بن مُوسَى عَن الْحُسَيْن بن وَاقد بِهِ
قَالَ ابْن عَسَاكِر فِي الْأَطْرَاف وَفِي بعض النّسخ عَمْرو بن عَلّي عوض مُحَمَّد ابْن عقيل انْتَهَى
وَفِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ عَن عَلّي بن زيد عَن يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس عَن أبي بن كَعْب قَالَ آخر آيَة نزلت عَلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم الْآيَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك انْتَهَى
389 - الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ألْحقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِي فَلأَوْلَى عصبَة ذكر
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي كتاب الْفَرَائِض من حَدِيث طَاوس عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ ألْحقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِي فَلأَوْلَى رجل ذكر انْتَهَى بِلَفْظ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد فَلأَوْلَى ذكر
وَلَفظ أبي يعْلى الْموصِلِي كَلَفْظِ البُخَارِيّ وَكَذَلِكَ الْبَزَّار وَأما الْعصبَة فَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي التَّحْقِيق لفظ الْعصبَة فِي هَذَا الحَدِيث لَا يحفظ واقره صَاحب التَّنْقِيح عَلَيْهِ
39 - الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من قَرَأَ سُورَة النِّسَاء فَكَأَنَّمَا تصدق عَلَى كل مُؤمن ومؤمنة ورث مِيرَاثا وَأعْطَى من الْأجر كمن اشْتَرَى محررا وَبرئ من الشّرك وَكَانَ فِي مَشِيئَة الله من الَّذين يتَجَاوَز عَنْهُم
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره أخبرنَا أَبُو جَعْفَر كَامِل بن مُحَمَّد النَّحْوِيّ أَنا أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن جَعْفَر الشُّرُوطِي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن شريك الْكُوفِي ثَنَا أَحْمد ابْن عبد الله بن يُونُس الْيَرْبُوعي ثَنَا سَلام بن سُلَيْمَان الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن اسْلَمْ عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَذكره سَوَاء
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه الْمُتَقَدِّمين فِي آل عمرَان
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط أخبرنَا الْأُسْتَاذ أَبُو عُثْمَان سعيد بن مُحَمَّد الْمُقْرِئ الزَّعْفَرَانِي أَنا أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مطر ثَنَا إِبْرَاهِيم بن شريك ثَنَا أَحْمد بن يُونُس ثَنَا سَلام بن سُلَيْمَان الْمَدَائِنِي بِهِ قَالَ ابْن حبَان فِي كتاب الضُّعَفَاء سَلام بن سلم الطَّوِيل وَيُقَال سَلام(1/371)
عصبَة ذكر
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي كتاب الْفَرَائِض من حَدِيث طَاوس عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ ألْحقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِي فَلأَوْلَى رجل ذكر انْتَهَى بِلَفْظ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد فَلأَوْلَى ذكر
وَلَفظ أبي يعْلى الْموصِلِي كَلَفْظِ البُخَارِيّ وَكَذَلِكَ الْبَزَّار
وَأما الْعصبَة فَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي التَّحْقِيق لفظ الْعصبَة فِي هَذَا الحَدِيث لَا يحفظ وَأقرهُ صَاحب التَّنْقِيح عَلَيْهِ
390 - الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من قَرَأَ سُورَة النِّسَاء فَكَأَنَّمَا تصدق عَلَى كل مُؤمن ومؤمنة ورث مِيرَاثا وَأعْطِي من الْأجر كمن اشْتَرَى محررا وَبرئ من الشّرك وَكَانَ فِي مَشِيئَة الله من الَّذين يتَجَاوَز عَنْهُم
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره أخبرنَا أَبُو جَعْفَر كَامِل بن مُحَمَّد النَّحْوِيّ أَنا أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن جَعْفَر الشُّرُوطِي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن شريك الْكُوفِي ثَنَا أَحْمد ابْن عبد الله بن يُونُس الْيَرْبُوعي ثَنَا سَلام بن سُلَيْمَان الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن اسْلَمْ عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره سَوَاء
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه الْمُتَقَدِّمين فِي آل عمرَان
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط أخبرنَا الْأُسْتَاذ أَبُو عُثْمَان سعيد بن مُحَمَّد الْمُقْرِئ الزَّعْفَرَانِي أَنا أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مطر ثَنَا إِبْرَاهِيم بن شريك ثَنَا أَحْمد بن يُونُس ثَنَا سَلام بن سُلَيْمَان الْمَدَائِنِي بِهِ
قَالَ ابْن حبَان فِي كتاب الضُّعَفَاء سَلام بن سلم الطَّوِيل وَيُقَال سَلام(1/372)
ابْن سليم وَيُقَال سَلام بن سُلَيْمَان كنيته أَبُو سُلَيْمَان من أهل الْمَدَائِن رَوَى عَن حميد الطَّوِيل وَغَيره وَعنهُ أَبُو خَالِد الْأَحْمَر وَغَيره يروي عَن الثِّقَات الموضوعات كَأَنَّهُ كَانَ الْمُتَعَمد لَهَا قَالَ ابْن معِين لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء انْتَهَى(1/373)
سُورَة الْمَائِدَة(1/375)
سُورَة الْمَائِدَة
ذكر فِيهَا ثَمَانِيَة وَثَلَاثِينَ حَدِيثا
391 - الحَدِيث الأول
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمَائِدَة من آخر الْقُرْآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها
قلت لم أَجِدهُ مَرْفُوعا وَإِنَّمَا وجدته مَوْقُوفا عَلَى عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعَلَى عَائِشَة
فَحَدِيث ابْن الْعَاصِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي جَامعه ثَنَا قُتَيْبَة ثَنَا عبد الله بن وهب عَن حييّ عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ آخر سُورَة أنزلت سُورَة الْمَائِدَة وَالْفَتْح انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ آخر سُورَة أنزلت إِذا جَاءَ نصر الله انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَلم يقل فِيهِ وَسورَة الْفَتْح وَقَالَ عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
وَأما حَدِيث عَائِشَة فَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا من حَدِيث جُبَير بن نفير قَالَ حججْت فَدخلت عَلَى عَائِشَة فَقَالَت لي يَا جُبَير تقْرَأ الْمَائِدَة فَقلت نعم فَقَالَت أما إِنَّهَا آخر سُورَة نزلت فَمَا وجدْتُم فِيهَا من حَلَال فأحلوه وَمَا وجدْتُم(1/377)
من حرَام فحرموه انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
392 - الحَدِيث الثَّانِي
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اللَّهُمَّ سلط عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك فَأَكله الْأسد
قلت هَذِه الْقطعَة من حَدِيث أوردهُ المُصَنّف بِتَمَامِهِ فِي سُورَة النَّجْم
والْحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي تَفْسِيره سُورَة أبي لَهب من حَدِيث أبي نَوْفَل بن أبي عقرب عَن أَبِيه قَالَ كَانَ لَهب بن أبي لَهب يسب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اللَّهُمَّ سلط عَلَيْهِ كلبك فَخرج فِي قافلة يُرِيد الشَّام فنزلوا منزلا فَقَالَ إِنِّي أَخَاف دَعْوَة مُحَمَّد فَقَالُوا لَهُ كلا فحطوا مَتَاعه حوله وقعدوا يحرسونه فجَاء الْأسد فانتزعه فَذهب بِهِ انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
393 - الحَدِيث الثَّالِث
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعدي بن حَاتِم وَإِن أكل مِنْهُ فَلَا تَأْكُل إِنَّمَا أمسك عَلَى نَفسه
قلت رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ من حَدِيث الشّعبِيّ عَن عدي بن حَاتِم قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أرسل كَلْبِي وَأُسَمِّي فَقَالَ إِذا أرْسلت كلبك الْمعلم فَقتل فَكل وَإِذا أكل فَلَا تَأْكُل فَإِنَّمَا أمسك عَلَى نَفسه قلت أرسل كَلْبِي فَأخذ مَعَه كلب آخر قَالَ فَلَا تَأْكُل فَإِنَّمَا سميت عَلَى كلبك وَلم تسم عَلَى كلب آخر انْتَهَى
394 - قَوْله
عَن سلمَان وَسعد بن أبي وَقاص وَأبي هُرَيْرَة إِذا أكل الْكَلْب(1/378)
ثُلثَيْهِ وَبَقِي ثلثه وَذكرت اسْم الله عَلَيْهِ فَكل
قلت حَدِيث سلمَان رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق فِي مصنفيهما فِي كتاب الصَّيْد من حَدِيث قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن سلمَان قَالَ فِي الْكَلْب يُرْسل عَلَى الصَّيْد إِن أكل ثُلثَيْهِ فَكل الثُّلُث الْبَاقِي انْتَهَى
وَحَدِيث سعد وَأبي هُرَيْرَة رَوَاهُمَا ابْن أبي شيبَة أَيْضا حَدثنَا وَكِيع عَن ابْن أبي ذِئْب عَن بكير بن عبد الله الْأَشَج عَن حميد بن مَالك عَن سعد فِي الصَّيْد يُرْسل عَلَيْهِ الْكَلْب قَالَ كُله وَإِن لم يبْق إِلَّا بضعَة مِنْهُ
حَدثنَا يزِيد بن هَارُون أَنا دَاوُد عَن الشّعبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِذا أرْسلت كلبك وَأكل فَكل وَإِن أكل ثُلثَيْهِ انْتَهَى
395 - قَوْله
وَعَن عَلّي إِذا أكل الْبَازِي فَلَا تَأْكُل
396 - قَوْله
عَن عَلّي فِي قَوْله تَعَالَى وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم أَنه اسْتثْنى نَصَارَى بني تغلب وَقَالَ إِنَّهُم لَيْسُوا عَلَى النَّصْرَانِيَّة وَإِنَّمَا أخذُوا مِنْهَا شرب الْخمر
وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب فَقَالَ لَا بَأْس بهَا
قلت حَدِيث عَلّي رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب النِّكَاح ثَنَا عَبدة عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن أبي معشر عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلّي أَنه كَانَ يكره ذَبَائِح نَصَارَى بني تغلب وَنِسَائِهِمْ وَيَقُول هم من الْعَرَب انْتَهَى وَفِي لفظ كره ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب وَنِسَائِهِمْ(1/379)
وَكَأن فِيهِ انْقِطَاعًا بَين إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَعلي لَكِن رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي مُسْنده أخبرنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ لَا تَأْكُلُوا ذَبَائِح نَصَارَى بني تغلب فَإِنَّهُم لم يَتَمَسَّكُوا من نَصْرَانِيَّتِهِمْ إِلَّا بِشرب الْخمر انْتَهَى
وَمن طَرِيق الشَّافِعِي رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الْحَج أخبرنَا معمر عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد ابْن سِرين بِهِ
وَحَدِيث ابْن عَبَّاس رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي النِّكَاح حَدثنَا عَفَّان ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَطاء بن السَّائِب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كلوا ذَبَائِح بني تغلب وَتَزَوَّجُوا نِسَاءَهُمْ انْتَهَى
وَرَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ فِي الضَّحَايَا مَالك عَن ثَوْر بن زيد الديلِي عَن عبد الله بن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب فَقَالَ لَا بَأْس بهَا انْتَهَى
397 - الحَدِيث الرَّابِع
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالْخُلَفَاء بعده أَنهم كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ لكل صَلَاة
قلت أما حَدِيث النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَرَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا مُسلما من حَدِيث عَمْرو ابْن عَامر عَن أنس قَالَ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يتَوَضَّأ عِنْد كل صَلَاة قَالَ كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ قَالَ يَجْزِي أَحَدنَا الْوضُوء مَا لم يحدث انْتَهَى
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس وَزَاد فِيهِ طَاهِرا وَغير طَاهِر
وَرَوَى الْحَازِمِي فِي كِتَابه النَّاسِخ والمنسوخ من طَرِيق الطَّحَاوِيّ ثَنَا إِبْرَاهِيم ابْن مَرْزُوق ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة ثَنَا سُفْيَان ثَنَا عَلْقَمَة عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه كَانَ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة انْتَهَى ثمَّ قَالَ قَالَ(1/380)
الطَّحَاوِيّ وَهَذَا مَحْمُول عَلَى الْفَضِيلَة لَا عَلَى الْوُجُوب أَو هُوَ مِمَّا خص النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دون أمته أَو هُوَ مَنْسُوخ بِحَدِيث بُرَيْدَة كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْفَتْح صَلَّى الصَّلَوَات بِوضُوء وَاحِد فَقَالَ لَهُ عمر فعلت شَيْئا لم تكن تَفْعَلهُ قَالَ عمدا فعلته يَا عمر انْتَهَى رَوَاهُ مُسلم
وَبِحَدِيث عبد الله بن حَنْظَلَة الغسيل رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من طَرِيق مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حبَان عَن عبد الله بن عبد الله بن عمر عَن أَسمَاء بنت زيد بن الْخطاب عَن عبد الله بن حَنْظَلَة الغسيل أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ أَمر بِالْوضُوءِ عِنْد كل صَلَاة طَاهِرا أَو غير طَاهِر فَلَمَّا شقّ ذَلِك عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَمر بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة وَوضع عَنْهُم الْوضُوء إِلَّا من حدث
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي مُحَمَّد بن يَحْيَى بن حبَان عَن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بِهِ
ثمَّ قَالَ أَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن سعد عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق فَقَالَ فِيهِ عبيد الله بن عبد الله بن عمر
قلت وَعبد الله بن عبد الله بن عمر وَأَخُوهُ عبيد الله كِلَاهُمَا ثِقَة فَأَيا مَا كَانَ فَالسَّنَد صَحِيح وَقد صرح ابْن إِسْحَاق فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ كَمَا هُوَ فِي رِوَايَة أَحْمد فَزَالَ مَحْذُور التَّدْلِيس
وَأما حَدِيث الْخُلَفَاء فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه والطبري فِي تَفْسِيره حَدثنَا زَكَرِيَّا بن يَحْيَى بن أبي زَائِدَة ثَنَا أَزْهَر عَن أبن عون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ كَانَ الْخُلَفَاء أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي يَتَوَضَّئُونَ لكل صَلَاة انْتَهَى
398 - الحَدِيث الْخَامِس
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من تَوَضَّأ عَلَى طهر كتب الله لَهُ عشر(1/381)
حَسَنَات
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة فِي سُنَنهمْ فِي الطَّهَارَة من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم الإفْرِيقِي عَن أبي غطيف الْهُذلِيّ عَن عبد الله ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من تَوَضَّأ عَلَى طهر كتب الله لَهُ عشر حَسَنَات انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ إِسْنَاده ضَعِيف انْتَهَى
399 - الحَدِيث السَّادِس
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه كَانَ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْفَتْح مسح عَلَى خفيه فصل الصَّلَوَات الْخمس بِوضُوء وَاحِد فَقَالَ لَهُ عمر صنعت شَيْئا لم تكن تَصنعهُ فَقَالَ عمدا فعلته يَا عمر
قلت رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا البُخَارِيّ من حَدِيث عَلْقَمَة بن مرْثَد عَن سُلَيْمَان ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه بُرَيْدَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْفَتْح صَلَّى الصَّلَوَات بِوضُوء وَاحِد فَقَالَ لَهُ عمر فعلت شَيْئا لم تكن تَفْعَلهُ فَقَالَ عمدا فعلته يَا عمر انْتَهَى
وَوهم الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فَقَالَ وَاتفقَ يَعْنِي الشَّيْخَيْنِ عَلَى حَدِيث عَلْقَمَة بن مرْثَد عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يتَوَضَّأ لكل صَلَاة الحَدِيث وَالْبُخَارِيّ لم يروه
400 - الحَدِيث السَّابِع
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه كَانَ يُدِير المَاء عَلَى مرفقيه
قلت رَوَاهُ الدَّارقطني فِي سنَنه من حَدِيث عباد بن يَعْقُوب ثَنَا الْقَاسِم بن(1/382)
مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن جده عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ إِذا تَوَضَّأ أدَار المَاء عَلَى مرفقيه انْتَهَى
وَمن طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَسكت عَنهُ
وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف فَعبَّاد بن يَعْقُوب هُوَ الروَاجِنِي مُتَكَلم فِيهِ رَوَى عَنهُ البُخَارِيّ مَقْرُونا بآخر وَقَالَ ابْن حبَان فِيهِ رَافِضِي دَاعِيَة يروي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير فَاسْتحقَّ التّرْك انْتَهَى
وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل أَيْضا فِيهِ مقَال وَكَذَلِكَ ابْن ابْنه الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن عقيل قَالَ فِيهِ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَذكر ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه قَالَ كَانَ مَتْرُوك الحَدِيث وَذكر عَن أبي زرْعَة أَنه قَالَ أَحَادِيثه مُنكرَة وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث أَيْضا وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ يروي عَن جده عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن جَابر وَرَوَى عَنهُ إِسْحَق بن مُحَمَّد الْعَزْرَمِي انْتَهَى ذكره فِي أَتبَاع التَّابِعين من كِتَابه
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من حَدِيث سُوَيْد بن سعيد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْعقيلِيّ عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن جَابر أما الْقَاسِم وجده فَتَقَدما وَأما سُوَيْد بن سعيد فَهُوَ وَإِن أخرج لَهُ مُسلم فقد قَالَ ابْن معِين هُوَ حَلَال الدَّم وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ النَّسَائِيّ لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ أَبُو حَاتِم صَدُوق إِلَّا أَنه كثير التَّدْلِيس وَقيل إِنَّه عمي فِي آخر عمره فَرُبمَا لقن مَا لَيْسَ فِي حَدِيثه فَمن سمع مِنْهُ وَهُوَ بَصِير فَحَدِيثه عَنهُ حسن وَسكت عَنهُ الْبَيْهَقِيّ هُنَا وَقَالَ فِي بَاب من قَالَ لَا يقْرَأ تغير بِآخِرهِ فَكثر الْخَطَأ فِي رِوَايَته انْتَهَى
وَالْعجب من الْبَيْهَقِيّ كَيفَ سكت عَن الْقَاسِم هُنَا وَقد قَالَ فِي بَاب لَا يطهر بِالْمُسْتَعْملِ لم يكن بِالْحَافِظِ وَأهل الْعلم مُخْتَلفُونَ فِي الِاحْتِجَاج بِرِوَايَاتِهِ انْتَهَى(1/383)
401 - الحَدِيث الثَّامِن
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه مسح عَلَى ناصيته
قلت أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن الْمُغيرَة ابْن شُعْبَة قَالَ تخلف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَتَخَلَّفت مَعَه فَلَمَّا قَضَى حَاجته قَالَ أَمَعَك مَاء فَأَتَيْته بمطهره فَغسل كفيه وَوَجهه ثمَّ ذهب يحسر عَن ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ كم الْجُبَّة فَأخْرج يَده من تَحت الْجُبَّة فَألْقَى الْجُبَّة عَلَى مَنْكِبه وَغسل ذِرَاعَيْهِ وَمسح بناصيته وَعَلَى الْعِمَامَة وَعَلَى خفيه ثمَّ ركب وَركبت فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْم وَقد قَامُوا فِي الصَّلَاة فَصَلى بهم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَقد ركع بهم رَكْعَة فَلَمَّا أحس بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذهب يتَأَخَّر فَأَوْمَى إِلَيْهِ فَصَلى بهم فَلَمَّا سلم قَامَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقمت فَرَكَعْنَا الرَّكْعَة الَّتِي سبقنَا بهَا انْتَهَى
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه دون ذكر الْعِمَامَة وَلَفظه عَن ابْن الْمُغيرَة عَن أَبِيه أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَوَضَّأ وَمسح عَلَى ناصيته انْتَهَى
402 - الحَدِيث التَّاسِع
عَن ابْن عمر كُنَّا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَتَوَضَّأ قوم وَأَعْقَابهمْ بيض تلوح فَقَالَ ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار وَفِي رِوَايَة جَابر ويل لِلْعَرَاقِيبِ
قلت هَكَذَا وجدته فِي نسخ الْكَشَّاف عبد الله بن عمر وَإِنَّمَا هُوَ عبد الله ابْن عَمْرو كَمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث يُوسُف بن مَاهك عَن عبد الله ابْن عَمْرو قَالَ تخلف النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَنَّا فِي سفرة فَأَدْرَكنَا وَقد أَرْهقنَا الْعَصْر فَجعلنَا نَتَوَضَّأ وَنَمْسَح عَلَى أَرْجُلنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار(1/384)
مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا انْتَهَى
وَلمُسلم عَن أبي يَحْيَى عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ رَجعْنَا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة حَتَّى إِذا كُنَّا بِالطَّرِيقِ تعجل قوم عِنْد الْعَصْر فَتَوضئُوا وهم عِجَال فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِم وَأَعْقَابهمْ تلوح لم يَمَسهَا مَاء فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار أَسْبغُوا الْوضُوء انْتَهَى
وَهُوَ فِي رِوَايَة أبي نعيم وَأَعْقَابهمْ بيض تلوح وَهَذَا الْمَتْن أقرب إِلَى لفظ المُصَنّف
وَأما رِوَايَة جَابر فَهِيَ عِنْد ابْن ماجة فِي سنَنه حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن أبي إِسْحَاق عَن سعيد بن أبي كريب عَن جَابر بن عبد الله قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول ويل لِلْعَرَاقِيبِ من النَّار انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَالْإِمَام أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مسانيدهم كلهم عَن أبي إِسْحَاق بِهِ
وَلها طَرِيق آخر رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمَّاد الدولابي ثَنَا أبي حَدثنِي الْوَلِيد بن الْقَاسِم بن الْوَلِيد عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَأَى قوما يَتَوَضَّئُونَ وَلم تصب أَعْقَابهم المَاء فَقَالَ ويل لِلْعَرَاقِيبِ من النَّار انْتَهَى
وَهِي عِنْد مُسلم من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة أَنه رَأَى قوما يَتَوَضَّئُونَ فَقَالَ لَهُم أَسْبغُوا الْوضُوء فَإِنِّي سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول ويل لِلْعَرَاقِيبِ من النَّار انْتَهَى
وَهِي عِنْد النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو
وَهِي فِي مُسْند أبي يعْلى الْموصِلِي من حَدِيث عَائِشَة فَقَالَ حَدثنَا عبد الْأَعْلَى ابْن حَمَّاد النَّرْسِي ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن عجلَان عَن سعيد بن أبي سعيد(1/385)
عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة مَرْفُوعا بِلَفْظ ابْن ماجة
وَفِي غَرِيب السَّرقسْطِي من حَدِيث أبي ذَر أخبرنَا مُحَمَّد بن عَلّي ثَنَا سعيد ثَنَا سُفْيَان عَن عبد الْكَرِيم بن النَّضر عَن مُجَاهِد قَالَ قَالَ أَبُو ذَر أشرف علينا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَنحن نَتَوَضَّأ فَقَالَ ويل لِلْعَرَاقِيبِ من النَّار فطفقنا نغسلهَا غسلا وندلكها دلكا انْتَهَى
403 - قَوْله
وَعَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه رَأَى رجلا يتَوَضَّأ فَترك بَاطِن قَدَمَيْهِ فَأمره أَن يُعِيد الْوضُوء تَغْلِيظًا عَلَيْهِ
وَعَن عَائِشَة قَالَت لِأَن تقطعا أحب إِلَيّ من أَن أَمسَح عَلَى الْقَدَمَيْنِ بِغَيْر خُفَّيْنِ
قَوْله وَعَن عَطاء مَا علمت أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مسح الْقَدَمَيْنِ
قلت أما حَدِيث عمر فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر أَن عمر رَأَى رجلا تَوَضَّأ فَبَقيَ فِي رجله لمْعَة فَقَالَ لَهُ أعد الْوضُوء انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق فِي مصنفيهما قَالَ الأول أخبرنَا ابْن علية وَقَالَ الثَّانِي أخبرنَا معمر قَالَا أخبرنَا خَالِد الْحذاء عَن أبي قلَابَة أَن عمر فَذكره إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا قدر ظفر عوض اللمْعَة(1/386)
وَفِيه حَدِيث مَرْفُوع رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه من حَدِيث بحير بن سعد عَن خَالِد بن معدان عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَأَى رجلا وَفِي ظهر قدمه لمْعَة قدر الدِّرْهَم لم يصبهَا المَاء فَأمره أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة انْتَهَى قَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا مُرْسل يُرِيد لعدم اسْم الصَّحَابِيّ
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي كِتَابه الإِمَام وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَجْعَل الحَدِيث مُرْسلا وَقد قَالَ الْأَثْرَم قلت لِأَحْمَد هَذَا إِسْنَاد جيد قَالَ نعم مَعَ أَن فِيهِ بَقِيَّة وَهُوَ مُدَلّس لَكِن أَحْمد رَوَاهُ فِي مُسْنده حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي الْعَبَّاس حَدثنِي بَقِيَّة حَدثنِي بحير بن سعد بِهِ وَلم يذكر فِيهِ الصَّلَاة فَزَالَتْ شُبْهَة التَّدْلِيس وَالله أعلم
وَأما رِوَايَة عَائِشَة فَغَرِيبَة وَفِي الْعِلَل المتناهية لِابْنِ الْجَوْزِيّ قَالَ رَوَى مُحَمَّد ابْن مهَاجر الْبَغْدَادِيّ ثَنَا إِسْمَاعِيل ابْن أُخْت مَالك ثَنَا إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل عَن دَاوُد بن الْحصين عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت لِأَن تقطع رجْلي بِالْمُوسَى أحب إِلَيّ من أَن أَمسَح عَلَى الْقَدَمَيْنِ انْتَهَى ثمَّ قَالَ هَذَا مَوْضُوع عَلَى عَائِشَة وَضعه مُحَمَّد بن مهَاجر انْتَهَى
404 - الحَدِيث الْعَاشِر
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من اتبع عَلَى مَلِيء فَليتبعْ
قلت اسْتشْهد بِهِ المُصَنّف عَلَى تَعديَة اتبع بِعلَى قَالَ لِأَنَّهُ بِمَعْنى أُحِيل
والْحَدِيث رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ من حَدِيث الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مطل الْغَنِيّ ظلم وَإِذا اتبع أحدكُم عَلَى مَلِيء فَليتبعْ انْتَهَى أَخْرجُوهُ فِي الْحِوَالَة
وَفِي لفظ لِأَحْمَد فِي مُسْنده وَإِذا أُحِيل أحدكُم عَلَى مَلِيء فَليَحْتَلْ وَهِي عِنْد الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عمر(1/387)
405 - الحَدِيث الْحَادِي عشر
رُوِيَ أَن الْمُشْركين رَأَوْا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَصْحَابه قَامُوا إِلَى صَلَاة الظّهْر يصلونَ مَعًا وَذَلِكَ بعسفان فِي غَزْوَة بني أَنْمَار فَلَمَّا وصلوا ندموا أَن لَو كَانُوا أَكَبُّوا عَلَيْهِم فَقَالُوا إِن لَهُم بعْدهَا صَلَاة هِيَ أحب إِلَيْهِم من آبَائِهِم وَأَبْنَائِهِمْ يعنون صَلَاة الْعَصْر وهموا بِأَن يوقعوا بهم إِذا قَامُوا لَهَا فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِصَلَاة الْخَوْف
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا أَبُو كريب ثَنَا يُونُس بن بكير عَن النَّضر أبي عمر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي غزَاة فلقي الْمُشْركين بعسفان فَلَمَّا صَلَّى الظّهْر فرأوه يرْكَع وَيسْجد هُوَ وَأَصْحَابه قَالَ بَعضهم لبَعض يَوْمئِذٍ كَانَ فرْصَة لكم لَو أَغَرْتُم عَلَيْهِم مَا علمُوا بكم حَتَّى تُوَاقِعُوهُمْ قَالَ قَائِل مِنْهُم فَإِن لَهُم صَلَاة أُخْرَى أحب إِلَيْهِم من أَهْليهمْ وَأَمْوَالهمْ فَاسْتَعدوا حَتَّى تغيرُوا عَلَيْهِم فِيهَا فَأنْزل الله تَعَالَى عَلَى نبيه صَلَاة الْخَوْف انْتَهَى
وَفِي مُسلم بعضه رَوَاهُ فِي صَلَاة الْخَوْف عَن أبي الزُّبَيْر عَن جَابر قَالَ غزونا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قوما من جُهَيْنَة فقاتلونا قتالا شَدِيدا فَلَمَّا صلينَا الظّهْر قَالَ الْمُشْركُونَ لَو ملنا عَلَيْهِم مَيْلَة لَاقْتَطَعْنَاهُمْ وَقَالُوا إِنَّه سَتَأْتِيهِمْ صَلَاة هِيَ أحب إِلَيْهِم من الأولَى فَأخْبر جِبْرِيل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَذكر ذَلِك لنا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلَمَّا حضرت الْعَصْر صفنا صفّين وَذكر صَلَاة الْخَوْف
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث عبد الله بن شَقِيق عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نزل بَين ضجنَان وَعُسْفَان فَقَالَ الْمُشْركُونَ إِن لهَؤُلَاء صَلَاة هِيَ أحب إِلَيْهِم من آبَائِهِم وَأَبْنَائِهِمْ وَهِي صَلَاة الْعَصْر فَأَجْمعُوا أَمركُم فَمِيلُوا عَلَيْهِم مَيْلَة وَاحِدَة وَإِن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأمره أَن يقسم أَصْحَابه ... وَذكر الحَدِيث(1/388)
406 - الحَدِيث الثَّانِي عشر
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَتَى بني قُرَيْظَة وَمَعَهُ الشَّيْخَانِ وَعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم يستقرضهم دِيَة مُسلمين قَتلهمَا عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي خطأ يَحْسبهُم مُشْرِكين فَقَالُوا نعم يَا أَبَا الْقَاسِم اجْلِسْ حَتَّى نُطْعِمك ونقرضك فَأَجْلَسُوهُ فِي صفه وهموا بِالْفَتْكِ بِهِ وَعمد عَمْرو بن جحاش إِلَى رَحا عَظِيمَة يَطْرَحهَا عَلَيْهِ فَأمْسك الله يَده وَنزل جِبْرِيل فَأخْبرهُ فَخرج
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة بِئْر مَعُونَة عَن أبي عبد الله الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن إِسْحَاق حَدثنِي وَالِدي إِسْحَاق بن يسَار عَن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام وَعبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو ابْن حزم وَغَيرهمَا من أهل الْعلم قَالُوا قدم أَبُو الْبَراء عَامر بن مَالك بن جَعْفَر عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فَلم يسلم وَلم يبعد من الْإِسْلَام وَقَالَ يَا مُحَمَّد لَو بعثت رجَالًا من أَصْحَابك إِلَى أهل نجد يَدعُونَهُمْ إِلَى أَمرك رَجَوْت أَن يَسْتَجِيبُوا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنِّي أخْشَى عَلَيْهِم أهل نجد فَقَالَ أَبُو الْبَراء إِنِّي جَار لَهُم فابعثهم فَلْيَدعُوا النَّاس إِلَى أَمرك فَبعث عَلَيْهِ السَّلَام الْمُنْذر بن عمر فِي أَرْبَعِينَ رجلا من أَصْحَابه من خِيَار الْمُسلمين فيهم الْحَارِث بن الصمَّة وَحرَام ابْن ملْحَان وَكَعب بن زيد ... إِلَى أَن قَالَ فَقَاتلُوا الْقَوْم حَتَّى قتلوا عَن آخِرهم إِلَّا كَعْب بن مَالك فَإِنَّهُم تَرَكُوهُ وَبِه رَمق فَارْتثَّ من بَين الْقَتْلَى فَعَاشَ حَتَّى قتل يَوْم الخَنْدَق وَكَانَ فِي سرح الْقَوْم عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي وَرجل من الْأَنْصَار من بني عَمْرو بن عَوْف ... إِلَى أَن قَالَ فقاتل الْأنْصَارِيّ الْقَوْم حَتَّى قتل وَأخذ عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي أَسِيرًا فَلَمَّا أخْبرهُم أَنه من مُضر أطلقهُ عَامر بن الطُّفَيْل رَئِيس الْمُشْركين وَخرج عَمْرو حَتَّى إِذا كَانَ بِالْقَرْقَرَةِ أقبل رجلَانِ من بني عَامر حَتَّى نزلا فِي ظلّ هُوَ فِيهِ وَكَانَ مَعَ الْعَامِرِيين عهد من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَجوَار لم يعلم بِهِ عَمْرو وَقد سَأَلَهُمَا حِين نزلا من أَنْتُمَا قَالَا من بني عَامر(1/389)
فأمهلهما حَتَّى إِذا نَامَا عدا عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا وَهُوَ يرَى أَنه أصَاب بهما ثَأْره من بني عَامر بِمَا أَصَابُوا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلَمَّا قدم عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي عَلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أخبرهُ الْخَبَر فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِ وَقَالَ لآدينهما الحَدِيث بِطُولِهِ
ثمَّ أسْند إِلَى ابْن إِسْحَاق قَالَ ثمَّ خرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى بني النَّضِير يَسْتَعِينهُمْ فِي الْقَتِيلين اللَّذين قَتلهمَا عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي فِيمَا حَدثنِي يزِيد بن رُومَان قَالَ كَانَ بَين بني النَّضِير وَبَين عَامر عقد وَحلف فَلَمَّا أَتَاهُم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَسْتَعِينهُمْ فِي الدِّيَة قَالُوا نعم يَا أَبَا الْقَاسِم أَجْلِس فَجَلَسَ عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى جَانب جِدَار من بُيُوتهم ثمَّ خلا بَعضهم بِبَعْض فَقَالُوا لَو أَن رجلا يَعْلُو عَلَى هَذَا الْبَيْت فَيلْقَى عَلَيْهِ صَخْرَة فيقتله بهَا فَيُرِيحنَا مِنْهُ فَانْتدبَ مِنْهُم لذَلِك عَمْرو بن جحاش ابْن كَعْب فَصَعدَ لِيلْقَى عَلَيْهِ صَخْرَة كَمَا قَالَ وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي نفر من أَصْحَابه أَبُو بكر وَعمر وَعلي فَأَتَاهُ الْخَبَر من السَّمَاء بِمَا أَرَادَ الْقَوْم فَقَامَ وَخرج رَاجعا إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ أَمر بِحَرْبِهِمْ وَالسير إِلَيْهِم فَسَار بِالنَّاسِ الحَدِيث بِطُولِهِ
وَاعْلَم أَن فِي لفظ المُصَنّف كَمَا يدل عَلَى أَن الْعَامِرِيين كَانَا مُسلمين وَلَفظ الحَدِيث يدل عَلَى أَنَّهُمَا كَافِرَانِ بل صرح الْبَيْهَقِيّ فِيمَا بعد بِسَنَدِهِ إِلَى مُوسَى بن عقبَة قَالَ فَلَمَّا كَانَا بِبَعْض الطَّرِيق لقيا رجلَيْنِ من بني كلاب كَانَا كَافِرين وصلا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِعَهْد فنزلوا منزلا وتحدا فَلَمَّا نَام الكلابيان قَتَلَاهُمَا وَلم يعلمَا أَن لَهما عهدا من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الحَدِيث فَلْينْظر فِي ذَلِك
وَذكره ابْن هِشَام فِي غَزْوَة بن النَّضِير عَن ابْن إِسْحَاق حَدثنِي يزِيد بن رُومَان فَذكره بِلَفْظ الْبَيْهَقِيّ
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي الْبَاب الثَّامِن وَالْعِشْرين وَهُوَ بَاب الْمَغَازِي حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد ثَنَا بكر بن سهل ثَنَا عبد الْغَنِيّ بن سعيد ثَنَا مُوسَى ابْن عبد الْغَنِيّ بن سعيد ثَنَا مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مقَاتل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يَسْطُوا إِلَيْكُم أَيْديهم فَكف أَيْديهم عَنْكُم وَذَلِكَ أَن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي لما انْصَرف من بِئْر مَعُونَة لَقِي رجلَيْنِ كلابيين مَعَهُمَا أَمَان من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَتَلَهُمَا وَلم يعلم أَن مَعَهُمَا أَمَانًا فَوَدَاهُمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمَضَى إِلَى بني النَّضِير وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعلي فَقَتَلُوهُمْ بني النَّضِير وَقَالُوا مرْحَبًا يَا أَبَا الْقَاسِم مَاذَا جِئْت لَهُ قَالَ رجل من أَصْحَابِي قتل رجلَيْنِ من بني كلاب مَعَهُمَا أَمَان مني وَقد طلب مني دِيَتهمَا فَأُرِيد أَن تُعِينُونِي قَالُوا نعم يَا أَبَا الْقَاسِم فَأَجْلَسُوهُ تَحت الْحصن فِي ظلّ الْجِدَار وَجلسَ أَبُو بكر عَلَى يَمِينه وَعمر عَلَى يسَاره وَعلي بَين يَدَيْهِ وَتَآمَرُوا بني النَّضِير أَن يطْرَحُوا عَلَيْهِ حجرا من فَوق الْحصن فَأخْبر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِمَا تَآمَرُوا بِهِ فَنَهَضَ عَلَيْهِ السَّلَام وَتَبعهُ أَبُو بكر وَعمر وَعلي فَأنْزل الله الْآيَة انْتَهَى
ثمَّ أخرجه عَن ابْن إِسْحَاق حَدثنِي يزِيد بن رُومَان فَذكره بِلَفْظ الْبَيْهَقِيّ سَوَاء
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله ابْن أخي الزُّهْرِيّ وَعبد الله بن جَعْفَر وَمُحَمّد بن صَالح وَمُحَمّد بن يَحْيَى بن سهل وَابْن أبي حَبِيبَة وَمعمر بن رَاشد فِي رجال مِمَّن لم أُسَمِّهِم وكل حَدثنِي بِبَعْض هَذَا الحَدِيث وَقد جمعت كل الَّذين حَدثُونِي فَقَالُوا أقبل عَمْرو بن أُميَّة فَذكره مطولا وَفِيه أَن الْعَامِرِيين كَانَا كَافِرين وَفِيه أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَجَعَ إِلَيْهِم وَقَاتلهمْ وَأَن عَمْرو بن جحاش قتل يَوْمئِذٍ وَالله أعلم
47 - الحَدِيث الثَّالِث عشر رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نزل منزلا وتفرق النَّاس فِي الْعضَاة يَسْتَظِلُّونَ بهَا فعلق رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سلاحه بشجرة فجَاء أَعْرَابِي فسل سيف النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ أقبل عَلَيْهِ فَقَالَ من يمنعك مني قَالَ الله قَالَهَا ثَلَاثًا فَشَام الْأَعرَابِي السَّيْف فصاح رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِأَصْحَابِهِ فَأخْبرهُم وَأَبَى أَن يُعَاقِبهُ
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْجِهَاد وَفِي الْمَغَازِي وَمُسلم فِي الْفَضَائِل من حَدِيث أبي سَلمَة عَن جَابر قَالَ غزونا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غَزْوَة قبل نجد فَأَدْرَكنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي وَاد كثير الْعضَاة فَنزل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي وَاد كثير الْعضَاة فَنزل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَحت شَجَرَة فعلق سَيْفه بِغُصْن من أَغْصَانهَا قَالَ وتفرق النَّاس فِي الْوَادي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن رجلا أَتَانِي وَأَنا نَائِم فَأخذ السَّيْف فَاسْتَيْقَظت وَهُوَ قَائِم عَلَى رَأْسِي فَلم أشعر إِلَّا وَالسيف صَلتا فِي يَده فَقَالَ لي من يمنعك مني قلت الله ثمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَة من يمنعك مني قلت الله قَالَ فَشَام السَّيْف هَا هُوَ جَالس ثمَّ لم يعرض لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْتَهَى
وَفِي لفظ البُخَارِيّ فَنزل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَحت شَجَرَة وعلق سَيْفه وَثمنا نومَة فَإِذا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَدْعُونَا وَإِذا عِنْده أَعْرَابِي قَالَ إِن هَذَا اخْتَرَطَ عَلّي سَيفي فَاسْتَيْقَظت الحَدِيث ذكره فِي غَزْوَة ذَات الرّقاع
48 - قَوْله عَن ابْن مَسْعُود وَقد ينسَى الْمَرْء بعض الْعلم بالمعصية وتلا قَوْله تَعَالَى ونسوا حظا مِمَّا ذكرُوا بِهِ
قلت رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الزّهْد وَالرَّقَائِق أخبرنَا عبد الرَّحْمَن المَسْعُودِيّ عَن الْقَاسِم عَن عبد الله قَالَ إِنِّي لأحسب الرجل ينسَى الْعلم يُعلمهُ بالخطيئة يعلمهَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن المَسْعُودِيّ بِهِ
وَكَذَلِكَ الإِمَام أَحْمد فِي كتاب الزّهْد إِلَّا أَنه قَالَ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن وَالْحسن بن سعد قَالَا قَالَ عبد الله فَذكره(1/390)
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْجِهَاد وَفِي الْمَغَازِي وَمُسلم فِي الْفَضَائِل من حَدِيث أبي سَلمَة عَن جَابر قَالَ غزونا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غَزْوَة قبل نجد فَأَدْرَكنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي وَاد كثير الْعضَاة فَنزل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي وَاد كثير الْعضَاة فَنزل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَحت شَجَرَة فعلق سَيْفه بِغُصْن من أَغْصَانهَا قَالَ وتفرق النَّاس فِي الْوَادي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِن رجلا أَتَانِي وَأَنا نَائِم فَأخذ السَّيْف فَاسْتَيْقَظت وَهُوَ قَائِم عَلَى رَأْسِي فَلم أشعر إِلَّا وَالسيف صَلتا فِي يَده فَقَالَ لي من يمنعك مني قلت الله ثمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَة من يمنعك مني قلت الله قَالَ فَشَام السَّيْف هَا هُوَ جَالس ثمَّ لم يعرض لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْتَهَى
وَفِي لفظ البُخَارِيّ فَنزل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَحت شَجَرَة وعلق سَيْفه وَنِمْنَا نومَة فَإِذا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَدْعُونَا وَإِذا عِنْده أَعْرَابِي قَالَ إِن هَذَا اخْتَرَطَ عَلّي سَيفي فَاسْتَيْقَظت ... الحَدِيث ذكره فِي غَزْوَة ذَات الرّقاع
408 - قَوْله
عَن ابْن مَسْعُود وَقد ينسَى الْمَرْء بعض الْعلم بالمعصية وتلا قَوْله تَعَالَى ونسوا حظا مِمَّا ذكرُوا بِهِ
قلت رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الزّهْد وَالرَّقَائِق أخبرنَا عبد الرَّحْمَن المَسْعُودِيّ عَن الْقَاسِم عَن عبد الله قَالَ إِنِّي لأحسب الرجل ينسَى الْعلم يُعلمهُ بالخطيئة يعلمهَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن المَسْعُودِيّ بِهِ
وَكَذَلِكَ الإِمَام أَحْمد فِي كتاب الزّهْد إِلَّا أَنه قَالَ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن وَالْحسن بن سعد قَالَا قَالَ عبد الله ... فَذكره(1/392)
409 - الحَدِيث الرَّابِع عشر
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ المستبان مَا قَالَا فعلَى البادي مَا لم يعْتد الْمَظْلُوم
قلت أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْبر والصلة من حَدِيث الْعَلَاء ابْن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ المستبان مَا قَالَا فعلَى البادي مَا لم يعْتد الْمَظْلُوم انْتَهَى
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب من حَدِيث أنس فَقَالَ حَدثنَا أَحْمد ابْن عِيسَى ثَنَا ابْن وهب قَالَ أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن سِنَان بن سعد عَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ المستبان مَا قَالَا فعلَى البادي مَا لم يعْتد الْمَظْلُوم انْتَهَى
410 - قَوْله
عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن الْحَارِث بن بدر جَاءَهُ تَائِبًا بعد مَا كَانَ يقطع الطَّرِيق فَقبل تَوْبَته وَدَرَأَ عَنهُ الْعقُوبَة
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن مجَالد عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ كَانَ حَارِثَة بن بدر التَّمِيمِي من أهل الْبَصْرَة قد أفسد فِي الأَرْض وَحَارب فَكلم الْحسن بن عَلّي وَابْن جَعْفَر وَابْن عَبَّاس وَغَيرهم من قُرَيْش فَكَلَّمُوا عليا فَلم يُؤمنهُ فَأَتَى سعيد بن قيس الْهَمدَانِي فَكَلمهُ فَانْطَلق سعيد إِلَى عَلّي وَخَلفه فِي منزله فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَيفَ تَقول فِيمَن حَارب الله وَرَسُوله وَسَعَى فِي الأَرْض فَسَادًا فَقَرَأَ إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله ... الْآيَة كلهَا فَقَالَ أَفَرَأَيْت من تَابَ قبل أَن يقدر عَلَيْهِ فَقَالَ عَلّي أَقُول كَمَا قَالَ الله وَتقبل مِنْهُ قَالَ فَإِن حَارِثَة بن بدر قد تَابَ قبل أَن يقدر عَلَيْهِ فَبعث إِلَيْهِ وَجَاء بِهِ وَأدْخل عَلَيْهِ فَأَمنهُ وَكتب لَهُ كتابا(1/393)
حَدثنَا عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان عَن أَشْعَث عَن الشّعبِيّ عَن عَلّي نَحوه
411 - الحَدِيث الْخَامِس عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُقَال للْكَافِرِ يَوْم الْقِيَامَة ... أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك ملْء الأَرْض ذَهَبا أَكنت تَفْتَدِي بِهِ فَيَقُول نعم فَيُقَال لَهُ قد سُئِلت أيسر من ذَلِك
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي الرقَاق وَمُسلم فِي صفة الْقِيَامَة من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ يُقَال للْكَافِرِ يَوْم الْقِيَامَة ... أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك ملْء الأَرْض ذَهَبا أَكنت تَفْتَدِي بِهِ فَيَقُول ... نعم ... إِلَى آخِره سَوَاء
412 - قَوْله
رُوِيَ عَن عِكْرِمَة أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لِابْنِ عَبَّاس يَا أَعْمَى الْبَصَر أَعْمَى الْقلب تزْعم أَن قوما يخرجُون من النَّار وَقد قَالَ الله تَعَالَى وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا فَقَالَ وَيحك اقْرَأ مَا فَوْقهَا هَذَا للْكفَّار
ثمَّ قَالَ المُصَنّف وَهَذَا مِمَّا لفقته الْمُجبرَة وَلَيْسَ بِأول تكاذيبهم وَكَفاك بِمَا فِيهِ من مُوَاجهَة ابْن الْأَزْرَق ابْن عَم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَحبر الْأمة بِالْخِطَابِ الَّذِي لَا يَجْسُر عَلَيْهِ أحد وَيَرْفَعهُ إِلَى عِكْرِمَة دَلِيلين ناصبين أَن الحَدِيث فِرْيَة مَا فِيهِ مرية(1/394)
413 - الحَدِيث السَّادِس عشر
رُوِيَ أَن شريفا وَشَرِيفَةٌ زَنَيَا فِي خَيْبَر وهما مُحْصَنَانِ وَحدهمَا الرَّجْم فِي التَّوْرَاة فكرهوا رجمهما لِشَرَفِهِمَا فبعثوا رهطا مِنْهُم إِلَى بني قُرَيْظَة لِيَسْأَلُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن ذَلِك وَقَالُوا إِن أَمركُم بِالْجلدِ وَالتَّحْمِيم فاقبلوا وَإِن أَمركُم بِالرَّجمِ فَلَا تقبلُوا وَأَرْسلُوا الزَّانِيَيْنِ مَعَهم فَأَمرهمْ بِالرَّجمِ فَأَبَوا أَن يَأْخُذُوا بِهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل اجْعَل بَيْنك وَبينهمْ ابْن صوريا فَقَالَ هَل تعرفُون شَابًّا أَمْرَد أَبيض أَعور يسكن فدك يُقَال لَهُ ابْن صوريا قَالُوا نعم وَهُوَ أعلم يَهُودِيّ عَلَى وَجه الأَرْض وَرَضوا بِهِ حكما فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنْشدك بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الَّذِي فلق الْبَحْر وَرفع فَوْقكُم الطّور وَأَنْجَاكُمْ وَأغْرقَ آل فِرْعَوْن وَالَّذِي أنزل عَلَيْكُم كِتَابه وَحَلَاله وَحَرَامه هَل تَجِدُونَ فِيهِ الرَّجْم عَلَى من أحصن قَالَ نعم فَوَثَبَ عَلَيْهِ سفلَة الْيَهُود فَقَالَ خفت إِن كَذبته أَن ينزل علينا الْعَذَاب ثمَّ سَأَلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن أَشْيَاء كَانَ يعرفهَا من أَعْلَامه فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله النَّبِي الْأُمِّي الْعَرَبِيّ الَّذِي بشر بِهِ الْمُسلمُونَ وَأمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِالزَّانِيَيْنِ فَرُجِمَا عِنْد بَاب مَسْجده
قلت الحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ وَأقرب شَيْء وجدته إِلَى لفظ المُصَنّف مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق ابْن الْمُبَارك ثَنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ كنت جَالِسا عِنْد سعيد بن الْمسيب وَعِنْده رجل من مزينة من أَصْحَاب أبي هُرَيْرَة فَقَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة كنت جَالِسا عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذْ جَاءَ نفر من الْيَهُود وَقد زنا رجل مِنْهُم وَامْرَأَة فَقَالَ بَعضهم لبَعض اذْهَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِي فَإِنَّهُ بعث بِالتَّخْفِيفِ فَإِن أَفتانا حدا دون الرَّجْم فَعَلْنَاهُ وَإِن أمرنَا بِالرَّجمِ(1/395)
عَصَيْنَاهُ فَأتوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد فِي أَصْحَابه فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم مَا ترَى فِي رجل منا زنا بعد مَا أحصن فَقَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم يرجع إِلَيْهِم شَيْئا وَقَامَ مَعَه رجال من الْمُسلمين حَتَّى أَتَوا بَيت مِدْرَاس الْيَهُود فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا معشر الْيَهُود أنْشدكُمْ الله الَّذِي أنزل التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة من الْعقُوبَة عَلَى من زنا إِذا أحصن قَالُوا نحممه وَالتَّحْمِيم أَن يحمل عَلَى حمَار وَيجْعَل وَجهه مِمَّا يَلِي دبر الْحمار وَيُطَاف بِهِ فَسكت حَبْرهمْ وَهُوَ فَتى شَاب فَأَلَظَّ عَلَيْهِ النِّشْدَة فَقَالَ أما إِذا نَشَدتنَا فَإنَّا نجد فِي التَّوْرَاة الرَّجْم عَلَى من أحصن قَالَ فَلم تَرَخَّصْتُمْ أَمر الله قَالَ زنا رجل منا ذُو قرَابَة لملك من مُلُوكنَا فَأخر عَنهُ الرَّجْم فزنا بعده آخر فِي أسرة النَّاس فَأَرَادَ ذَلِك الْملك أَن يَرْجُمهُ فَقَامَ قومه دونه وَقَالُوا لَا وَالله لَا تَرْجمهُ حَتَّى ترْجم فلَانا لِقَرَابَتِهِ فَاصْطَلَحُوا مِنْهُم عَلَى هَذِه الْعقُوبَة فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنِّي أحكم بِمَا فِي التَّوْرَاة فَأمر عَلَيْهِ السَّلَام بهما فَرُجِمَا انْتَهَى
ثمَّ سَاقه الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أُخْرَى عَن ابْن إِسْحَاق حَدثنِي الزُّهْرِيّ سَمِعت رجلا من مزينة يحدث سعيد بن الْمسيب أَن أَبَا هُرَيْرَة حَدثهمْ ... فَذكر نَحوه بِزِيَادَة وَنقص وَفِيه فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِ صوريا أنْشدك بِاللَّه ... الحَدِيث وَفِي آخِره وَأمر عَلَيْهِ السَّلَام بِالزَّانِيَيْنِ فَرُجِمَا عِنْد بَاب مَسْجده
وَذكره ابْن هِشَام فِي السِّيرَة عَن ابْن إِسْحَاق حَدثنِي ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ أَنه سمع رجلا من مزينة من أهل الْعلم يحدث سعيد بن الْمسيب أَن أَبَا هُرَيْرَة حَدثهمْ أَن أَحْبَار يهود اجْتَمعُوا فِي بَيت الْمِدْرَاس وَقد زنا رجل مِنْهُم بِامْرَأَة مِنْهُم وهما مُحْصَنَانِ فَقَالُوا ابْعَثُوا بِهَذَا الرجل وَالْمَرْأَة إِلَى مُحَمَّد فَاسْأَلُوهُ فَإِن حكم فيهمَا بالتجبية وَالتَّجْبِيَة أَن يجْلدَا بِحَبل من لِيف مَطْلِي بقار ثمَّ يسود وُجُوههمَا ثمَّ يحْملَانِ عَلَى حِمَارَيْنِ وُجُوههمَا مِمَّا يَلِي دبر الْحمار فَاتَّبعُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ ملك فَإِن حكم فيهمَا بِالرَّجمِ فَإِنَّهُ نَبِي فَاحْذَرُوهُ فَأتوهُ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ لَهُم يَا معشر يهود أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ فَأتوا لَهُ بِعَبْد الله بن صوريا فَقَالُوا هَذَا أعلم من بَقِي بِالتَّوْرَاةِ(1/396)
فَخَلا بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وألظ بِهِ الْمَسْأَلَة وَنَاشَدَهُ بِاللَّه هَل تعلم أَن الله حكم فِيمَن زنا بعد إحْصَانه بِالرَّجمِ فِي التَّوْرَاة فَقَالَ اللَّهُمَّ نعم فَأمر بهما رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَرُجِمَا عِنْد بَاب مَسْجده انْتَهَى
414 - الحَدِيث السَّابِع عشر
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَهُم الْقَتْلَى بَوَاء فَقَالَ بَنو النَّضِير نَحن لَا نرضى بذلك فَنزلت أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ
قلت غَرِيب
وَرَوَى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الدِّيات ثَنَا عباد بن الْعَوام عَن سُفْيَان بن حُسَيْن عَن ابْن أَشوع عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَ بَين حيين من الْعَرَب قتال فَقتل من هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء قَتْلَى فَقَالَ أحد الْحَيَّيْنِ لَا نرضى حَتَّى نقْتل بِالْمَرْأَةِ الرجل وَبِالرجلِ الرجلَيْن وَأَبَى عَلَيْهِم الْآخرُونَ فَارْتَفعُوا إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الْقَتْلَى بَوَاء أَي سَوَاء قَالَ فَاصْطَلَحَ الْقَوْم بَينهم عَلَى الدِّيات فَحَسبُوا للرجل دِيَة الرجل وَالْمَرْأَة دِيَة الْمَرْأَة وَلِلْعَبْدِ دِيَة العَبْد فَقَضَى لأحد الْحَيَّيْنِ عَلَى الآخرين انْتَهَى
415 - الحَدِيث الثَّامِن عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ كل لحم أَنْبَتَهُ السُّحت فَالنَّار أولَى بِهِ
قلت رُوِيَ من حَدِيث كَعْب بن عجْرَة وَمن حَدِيث جَابر بن عبد الله وَمن حَدِيث حُذَيْفَة وَمن حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث ابْن عمر وَمن حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة وَمن حَدِيث عمر بن الْخطاب وَمن حَدِيث أبي بكر وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة
أما حَدِيث كَعْب بن عجْرَة فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعَة فِي آخر كتاب الصَّلَاة(1/397)
حَدثنَا عبد الله بن أبي زِيَاد ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى ثَنَا غَالب أَبُو بشير عَن أَيُّوب بن عَابِد الطَّائِي عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق بن شهَاب عَن كَعْب ابْن عجْرَة قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أُعِيذك بِاللَّه يَا كَعْب بن عجْرَة من أُمَرَاء يكونُونَ من بعدِي فَمن غشي أَبْوَابهم فَصَدَّقَهُمْ فِي كذبهمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظلمهم فَلَيْسَ مني وَلست مِنْهُم وَلَا يرد عَلّي الْحَوْض وَمن غشي أَبْوَابهم فَلم يُصدقهُمْ فِي كذبهمْ وَلم يُعِنْهُمْ عَلَى ظلمهم فَهُوَ مني وَأَنا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلّي الْحَوْض يَا كَعْب بن عجْرَة الصَّلَاة برهَان وَالصَّوْم جنَّة وَالصَّدَََقَة تُطْفِئ الْخَطِيئَة كَمَا يُطْفِئ المَاء النَّار يَا كَعْب بن عجْرَة إِنَّه لَا يَرْبُو لحم نبت من سحت إِلَّا كَانَت النَّار أولَى بِهِ انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَسَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَن هَذَا الحَدِيث فَلم يعرفهُ إِلَّا من حَدِيث عبيد الله بن مُوسَى وَاسْتَغْرَبَهُ جدا وَقَالَ مُحَمَّد حَدثنَا ابْن نمير عَن عبيد الله ابْن مُوسَى عَن غَالب بِهَذَا انْتَهَى
وَله طَرِيق آخر عِنْد أبي يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا أُميَّة بن بسطَام حَدثنَا مُعْتَمر سَمِعت عبد الْملك بن أبي جميلَة يحدث عَن أبي بكر بن بشير عَن كَعْب ابْن عجْرَة ... فَذكره سَوَاء
وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الأول من الْقسم الأول من حَدِيث عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ يَا كَعْب بن عجْرَة ... فَذكره بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ سَوَاء
وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم فِي مُسْند جَابر بن عبد الله
وَمن طَرِيق أَحْمد رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْإِيمَان وَسكت عَنهُ ثمَّ أَعَادَهُ فِي كتاب الْفِتَن من طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم(1/398)
يخرجَاهُ انْتَهَى
وَأما حَدِيث حُذَيْفَة فَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده حَدثنَا النَّضر ابْن شُمَيْل ثَنَا مُحَمَّد بن نوار ثَنَا كرْدُوس قَالَ خطب حُذَيْفَة بِالْمَدَائِنِ فَقَالَ يأيها النَّاس تَعَاهَدُوا ضَرَائِب غِلْمَانكُمْ فَمَا كَانَ من حَلَال فأحلوه وَمَا كَانَ غير ذَلِك فَارْفُضُوهُ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول لَيْسَ لَحْمًا ينْبت من سحت فَيدْخل الْجنَّة انْتَهَى
وَمن طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة كرْدُوس بِسَنَدِهِ وَمَتنه
وَله طَرِيق آخر عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْأَوْسَط أخرجه عَن أَيُّوب بن سُوَيْد عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن ربعي بن حِرَاش عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَا يدْخل الْجنَّة لحم نبت من سحت النَّار أولَى بِهِ انْتَهَى وَقَالَ لَا يرويهِ عَن سُفْيَان إِلَّا أَيُّوب وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي علله أَخطَأ فِيهِ أَيُّوب وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَلهُ طرق فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن حُسَيْن بن قيس الرَّحبِي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ دِرْهَم رَبًّا أَشد عَلَى الله من سِتّ وَثَلَاثِينَ زنية وَمن نبت لَحْمه من السُّحت فَالنَّار أولَى بِهِ انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد ثَنَا مُحَمَّد بن أبان الوَاسِطِيّ ثَنَا أَبُو شهَاب عَن أبي مُحَمَّد الْجَزرِي وَهُوَ حَمْزَة النصيبي عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا من نبت لَحْمه من سحت فَالنَّار أولَى بِهِ مُخْتَصر(1/399)
وَرَوَاهُ فِي مُعْجَمه الصَّغِير عَن سعيد بن رَحْمَة المصِّيصِي ثَنَا مُحَمَّد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا نَحوه
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنِي يُونُس أَنا ابْن وهب أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن أبي الموَالِي عَن عمر بن حَمْزَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كل لحم نبت من سحت فَالنَّار أولَى بِهِ
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن بشير بن نمير الْمُؤَدب ثَنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل ثَنَا قُتَيْبَة بن سعيد ثَنَا ابْن أبي الموَالِي بِهِ
وَرَوَاهُ كَذَلِك إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي أَوَاخِر كِتَابه غَرِيب الحَدِيث حَدثنَا مُحَمَّد ابْن سُهَيْل ثَنَا عبد الْملك بن مسلمة ثَنَا ابْن أبي الموَالِي عَن عمر بن حَمْزَة بِهِ وَقَالَ السُّحت هُوَ الْحَرَام
وَأما حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْأَطْعِمَة عَن سعيد بن بشير الدِّمَشْقِي عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا عبد الرَّحْمَن أَعَاذَك الله من أُمَرَاء يكونُونَ بعدِي من دخل عَلَيْهِم وَصدقهمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى جَوْرهمْ فَلَيْسَ مني وَلَا يرد عَلّي حَوْضِي اعْلَم يَا عبد الرَّحْمَن أَن الصَّوْم جنَّة وَالصَّلَاة برهَان يَا عبد الرَّحْمَن إِن الله أَبَى أَن يدْخل الْجنَّة لحم نبت من سحت النَّار أولَى بِهِ انْتَهَى وَصَححهُ
وَأما حَدِيث عمر فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث يزِيد بن عبد الْملك النَّوْفَلِي عَن يزِيد بن حَصِيفَةَ عَن السَّائِب بن يزِيد عَن عمر بن الْخطاب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ النّظر إِلَى الْمُغنيَة حرَام غنَاؤُهَا حرَام وَثمنهَا كَثمن كلب(1/400)
وَثمن الْكَلْب سحت وَمن نبت لَحْمه من سحت فَالنَّار أولَى بِهِ انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِيَزِيد بن عبد الْملك وَأسْندَ إِلَى النَّسَائِيّ أَنه قَالَ مَتْرُوك وَإِلَى أَحْمد قَالَ عِنْده مَنَاكِير وَوَافَقَهُمْ وَقَالَ عَامَّة مَا يرويهِ غير مَحْفُوظ
وَأما حَدِيث أبي بكر فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْأَطْعِمَة من حَدِيث عبد الْوَاحِد بن زيد عَن أسلم الْكُوفِي عَن مرّة الطّيب عَن زيد بن أَرقم عَن أبي بكر الصّديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول من نبت لَحْمه من السُّحت فَالنَّار أولَى بِهِ انْتَهَى وَسكت عَنهُ
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي التَّاسِع وَالثَّلَاثِينَ
وَأعله ابْن عدي فِي كَامِله بِعَبْد الْوَاحِد بن زيد وَنقل تَضْعِيفه عَن البُخَارِيّ وَالسَّعْدِي وَابْن معِين
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث يزِيد بن عبد الْملك النَّوْفَلِي ثَنَا دَاوُد بن فَرَاهِيجَ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ حَدِيث عمر سَوَاء
وَذكره عبد الْحق فِي أَحْكَامه من جِهَة ابْن عدي وَأعله بِيَزِيد وَوَافَقَهُ ابْن الْقطَّان وَضم مَعَه ابْن فَرَاهِيجَ
416 - الحَدِيث التَّاسِع عشر
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا ترَاءَى ناراهما
قلت رُوِيَ من حَدِيث جرير بن عبد الله وَمن حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد
فَحَدِيث جرير رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد وَالتِّرْمِذِيّ فِي السّير وَالنَّسَائِيّ فِي(1/401)
الْقصاص من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم عَن جرير بن عبد الله أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث سَرِيَّة إِلَى خثعم فاعتصم نَاس بِالسُّجُود فأسرع فيهم الْقَتْل فَبلغ ذَلِك النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأمر لَهُم بِنصْف الْعقل وَقَالَ أَنا بَرِيء من كل مُسلم يُقيم بَين أظهر الْمُشْركين قَالُوا يَا رَسُول الله وَلم قَالَ لَا ترَاءَى ناراهما انْتَهَى
ثمَّ أخرجه عَن عَبدة عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم مُرْسلا لم يذكر فِيهِ جَرِيرًا قَالَ وَهَذَا أصح وَأكْثر أَصْحَاب إِسْمَاعِيل قَالُوا عَن إِسْمَاعِيل عَن قيس مُرْسلا
وَرَوَى حَمَّاد بن سَلمَة عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس عَن جرير بِمثل حَدِيث أبي مُعَاوِيَة وَسمعت مُحَمَّدًا يَقُول الصَّحِيح حَدِيث قيس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُرْسلا انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة بِهِ مُسْندًا وَكَذَلِكَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّادِس وَالْخمسين عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى أبي مُعَاوِيَة بِهِ مُسْندًا
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه حَدثنَا وَكِيع ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد بِهِ مُرْسلا
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي مُسْنده أخبرنَا مَرْوَان عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد بِهِ مُرْسلا
وَمن طَرِيق الشَّافِعِي رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي ثمَّ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْمعرفَة قَالَ وَقد رَوَيْنَاهُ عَن حَفْص بن غياث وَأبي مُعَاوِيَة عَن إِسْمَاعِيل بِهِ مُسْندًا عَن جرير وَهُوَ مَعَ إرْسَاله أصح انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي غَرِيبه حَدثنَا هشيم عَن إِسْمَاعِيل ابْن أبي خَالِد بِهِ مُرْسلا(1/402)
وَأما حَدِيث خَالِد بن الْوَلِيد فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه فِي بَاب الْخَاء فِي تَرْجَمَة خَالِد بن الْوَلِيد حَدثنَا أَبُو الزِّنْبَاع روح بن الْفرج وَعمر بن عبد الْعَزِيز بن مِقْلَاص قَالَا ثَنَا يُوسُف بن عدي ثَنَا حَفْص بن غياث عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم عَن خَالِد بن الْوَلِيد أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى نَاس من خثعم فَاعْتَصمُوا بِالسُّجُود فَقَتلهُمْ فوداهم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِنصْف الدِّيَة ثمَّ قَالَ أَنا بَرِيء من كل مُسلم أَقَامَ مَعَ الْمُشْركين لَا ترَاءَى ناراهما انْتَهَى
وَأَعَادَهُ المُصَنّف فِي الْفرْقَان قَالَ الشَّيْخ شرف الدَّين الطَّيِّبِيّ أصل ترَاءَى تتراءى وَلَكِن حذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا انْتَهَى
وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه الترائي تفَاعل من الرُّؤْيَة يُقَال ترَاءَى الْقَوْم إِذا رَأَى بَعضهم بَعْضًا وَإسْنَاد الترائي إِلَى النَّار مجَاز من قَوْلهم دَاري تنظر دَار فلَان أَي تقَابلهَا تَقول ناراهما مُخْتَلِفَتَانِ هَذِه تَدْعُو إِلَى الله وَهَذِه تَدْعُو إِلَى الشَّيْطَان فَكيف تتَّفقَانِ انْتَهَى
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي غَرِيبه لَهُ مَعْنيانِ
أَحدهمَا لَا يحل لمُسلم أَن يسكن بِلَاد الْمُشْركين فَيكون مَعَهم بِقدر مَا يرَى كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه
وَالْآخر أَن يكون المُرَاد بالنَّار نَار الْحَرْب أَي ناراهما مُخْتَلِفَتَانِ هَذِه تَدْعُو إِلَى الله وَهَذِه تَدْعُو إِلَى الشَّيْطَان انْتَهَى
417 - قَوْله
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَالَ لأبي مُوسَى فِي كَاتبه النَّصْرَانِي لَا تُكْرِمُوهُمْ إِذْ أَهَانَهُمْ الله وَلَا تَأْمَنُوهُمْ إِذْ خَوَّنَهُمْ الله وَلَا تدنوهم(1/403)
إِذْ أَقْصَاهُم الله قَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى لَا قوام لِلْبَصْرَةِ إِلَّا بِهِ فَقَالَ مَاتَ النَّصْرَانِي وَالسَّلَام
قلت رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّادِس وَالسِّتِّينَ أخبرنَا زيد ابْن جَعْفَر بن مُحَمَّد الْعلوِي بِالْكُوفَةِ أَنا مُحَمَّد بن عَلّي بن دُحَيْم أَنا أَحْمد بن حَازِم أَنا عَمْرو بن حَمَّاد عَن أَسْبَاط عَن سماك عَن عِيَاض الْأَشْعَرِيّ عَن أبي مُوسَى فِي كَاتب لَهُ نَصْرَانِيّ عجب عمر بن الْخطاب من كِتَابه فَقَالَ إِنَّه نَصْرَانِيّ قَالَ أَبُو مُوسَى فَانْتَهرنِي وَضرب فَخذي وَقَالَ أخرجه وَقَرَأَ يأيها الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين قَالَ أَبُو مُوسَى وَالله مَا تَوليته إِنَّمَا كَانَ يكْتب قَالَ أما وجدت فِي أهل الْإِسْلَام من يكْتب لَك لَا تُدْنِهِمْ إِذْ أَقْصَاهُم الله وَلَا تَأْمَنهُمْ إِذْ خَوَّنَهُمْ الله وَلَا تُعِزَّهُمْ إِذْ أذلّهم الله فَأخْرجهُ انْتَهَى قَالَ وَقد ذَكرْنَاهُ بِطُولِهِ فِي كتاب أدب القَاضِي من السّنَن انْتَهَى
418 - الحَدِيث الْعشْرُونَ
عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن لي موَالِي من يهود كثيرا عَددهمْ فَإِنِّي أَبْرَأ إِلَى الله وَرَسُوله من ولايتهم وَأُوَالِي الله وَرَسُوله فَقَالَ عبد الله بن أبي إِنِّي رجل أَخَاف الدَّوَائِر لَا أَبْرَأ من ولَايَة موَالِي وهم يهود بني قينقاع
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْفَضَائِل حَدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس عَن أَبِيه عَن عَطِيَّة قَالَ جَاءَ رجل يُقَال لَهُ عبَادَة بن الصَّامِت فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي لي موَالٍ من الْيَهُود كثير عَددهمْ حَاضر نَصرهم وَأَنا أَبْرَأ(1/404)
إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله من ولَايَة يهود فَأنْزل الله فِي عبَادَة إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الْآيَة إِلَى قَوْله بِأَنَّهُم قوم لَا يفقهُونَ انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره أخبرنَا أَبُو كريب ثَنَا عبد الله بن إِدْرِيس بِهِ فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف وَزَاد فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعبد الله بن أبي يَا أَبَا الْحباب مَا نحلت بِهِ من ولَايَة يهود عَلَى عبَادَة بن الصَّامِت فَهُوَ لَك دونه قَالَ قد قبلته فَأنْزل الله يأيها الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بَعْص الْآيَة
وَرَوَاهُ ابْن هِشَام فِي سيرته أخبرنَا زِيَاد بن عبد الله البكائي عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي أبي إِسْحَاق بن يسَار عَن عبَادَة بن الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه قَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَذكره وَزَاد فِيهِ قَالَ وَفِيه وَفِي عبد الله بن أبي نزلت هَذِه الْقِصَّة من الْمَائِدَة يأيها الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء الْآيَة إِلَى آخرهَا
419 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ رُوِيَ أَن أهل الرِّدَّة كَانُوا إِحْدَى عشرَة فرقة ثَلَاثَة فِي عهد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بني مُدْلِج وَرَئِيسهمْ ذُو الْخمار وَهُوَ الْأسود الْعَنسِي وَكَانَ كَاهِنًا تنبأ بِالْيمن وَاسْتَوْلَى عَلَى بِلَاده وَأخرج عُمَّال رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَكتب صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى معَاذ بن جبل وَإِلَى سَادَات الْيمن فَأَهْلَكَهُ الله عَلَى يَدي فَيْرُوز الديلمي بَيته فَقتله وَأخْبر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بقتْله لَيْلَة قتل فسر الْمُسلمُونَ وَقبض رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الْغَد فِي آخر شهر ربيع الأول(1/405)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بقتْله لَيْلَة قتل فسر الْمُسلمُونَ وَقبض رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الْغَد فِي آخر شهر ربيع الأول(1/406)
وَبَنُو حنيفَة قوم مُسَيْلمَة تنبأ وَكتب إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مُسَيْلمَة رَسُول الله إِلَى مُحَمَّد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أما بعد فَإِن الأَرْض نصفهَا لي وَنِصْفهَا لَك فَأجَاب من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى مُسَيْلمَة الْكذَّاب فَإِن الأَرْض لله يُورثهَا من يَشَاء من عباده وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين فحاربه أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه والمسلمون وَقتل عَلَى يَدي وَحشِي قَاتل حَمْزَة وَكَانَ يَقُول قتلت خير النَّاس فِي الْجَاهِلِيَّة وَشر النَّاس فِي الْإِسْلَام يُرِيد فِي جاهليتي وَإِسْلَامِيٌّ
وَبَنُو أَسد قوم طليحة بن خويلد تنبأ فَبعث إِلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خَالِدا فَانْهَزَمَ بعد الْقِتَال إِلَى الشَّام ثمَّ أسلم وَحسن إِسْلَامه
وَسبع فِي عهد أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَزَارَة قوم عُيَيْنَة بن حصن وغَطَفَان قوم قُرَّة بن سَلمَة الْقشيرِي وَبَنُو سليم قوم الْفُجَاءَة ابْن عبد يَا ليل وَبَنُو يَرْبُوع قوم مَالك بن نُوَيْرَة وَبَعض تَمِيم قوم سجَاح بنت الْمُنْذر المتنبئة الَّتِي زوجت نَفسهَا مُسَيْلمَة الْكذَّاب وَكِنْدَة قوم الْأَشْعَث بن قيس وَبَنُو بكر بن وَائِل بِالْبَحْرَيْنِ قوم الحطم بن زيد وَكَفَى الله أَمرهم عَلَى يَد أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه(1/406)
وَفرْقَة وَاحِدَة فِي عهد عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه غَسَّان قوم جبلة بن الْأَيْهَم نصرته اللَّطْمَة وَسيرَته إِلَى بِلَاد الرّوم بعد إِسْلَامه(1/408)
420 - قَوْله
رُوِيَ عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن سَائِلًا سَأَلَهُ وَهُوَ رَاكِع فِي صلَاته فَطرح لَهُ خَاتمه كَأَنَّهُ كَانَ مزجا فِي خِنْصره فَلم يتَكَلَّف لِخَلْعِهِ كَبِير عمل يفْسد بِمثلِهِ صلَاته فَنزلت
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم أَبُو عبد الله فِي كِتَابه عُلُوم الحَدِيث من حَدِيث عِيسَى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن عَلّي بن أبي طَالب ثَنَا أبي عَن أَبِيه عَن جده عَن عَلّي بن أبي طَالب قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ فَدخل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمَسْجِد وَالنَّاس يصلونَ بَين قَائِم وَرَاكِع وَسَاجِد وَإِذا سَائل فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا سَائل أَعْطَاك أحد شَيْئا قَالَ لَا إِلَّا هَذَا الرَّاكِع يَعْنِي عليا أَعْطَانِي خَاتمًا انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره ثَنَا أَبُو سعيد الْأَشَج ثَنَا الْفضل بن دُكَيْن أَبُو نعيم الْأَحول ثَنَا مُوسَى بن قيس الْحَضْرَمِيّ عَن سَلمَة بن كهيل قَالَ تصدق عَلّي بِخَاتمِهِ وَهُوَ رَاكِع فَنزلت إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ انْتَهَى
وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي سِنَان عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ عَلّي بن أبي طَالب قَائِما يُصَلِّي فَمر سَائل وَهُوَ رَاكِع فَأعْطَاهُ خَاتمه فَنزلت إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله ... الْآيَة وَفِيه انْقِطَاع فَإِن الضَّحَّاك لم يلق ابْن عَبَّاس
وَرَوَاهُ أَيْضا حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد هُوَ الطَّبَرَانِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن عَلّي الصَّائِغ ثَنَا خَالِد بن يزِيد الْعمريّ ثَنَا إِسْحَاق بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَلّي بن حُسَيْن(1/409)
ابْن عَلّي عَن الْحُسَيْن بن زيد عَن أَبِيه زيد بن عَلّي بن الْحُسَيْن عَن جده قَالَ سَمِعت عمار بن يَاسر يَقُول وقف بعلي سَائل وَهُوَ وَاقِف فِي صَلَاة تطوع فَنزع خَاتمه فَأعْطَاهُ السَّائِل فَأَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأعلمهُ ذَلِك فَنزلت إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله ... الْآيَة فقرأها رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى أَصْحَابه ثمَّ قَالَ من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَال من وَالَاهُ وَعَاد من عَاده
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط إِلَّا أَنه قَالَ إِسْحَاق بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَلّي بن حُسَيْن عَن الْحسن بن زيد عَن أَبِيه زيد بن الْحُسَيْن عَن جده قَالَ سَمِعت عمارا ... فَذكره
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث أبي ذَر قَالَ صليت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمًا من الْأَيَّام صَلَاة الظّهْر فَسَأَلَ سَائل فِي الْمَسْجِد فَلم يُعْطه أحد شَيْئا فَرفع السَّائِل يَده وَقَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَنِّي سَأَلت فِي مَسْجِد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلم يُعْطِنِي أحد شَيْئا وَكَانَ عَلّي رَاكِعا فَأَوْمَى إِلَيْهِ بِخِنْصرِهِ الْيَمين وَكَانَ يخْتم فِيهَا فَأقبل السَّائِل حَتَّى أَخذ الْخَاتم فِي خِنْصره وَذَلِكَ بِعَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... وَذكر فِيهِ قصَّة وَلَيْسَ فِي لفظ أحد مِنْهُم أَنه خلعه وَهُوَ فِي الصَّلَاة كَمَا فِي لفظ المُصَنّف
421 - قَوْله
رُوِيَ أَن رجلا من النَّصَارَى بِالْمَدِينَةِ كَانَ إِذا سمع الْمُؤَذّن يَقُول أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالَ حرق الْكَاذِب فَدخلت خادمه بِنَار ذَات لَيْلَة وَهُوَ نَائِم فَتَطَايَرَتْ مِنْهَا شرارة فِي الْبَيْت فَاحْتَرَقَ الْبَيْت وَاحْتَرَقَ هُوَ وَأَهله
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة اتَّخَذُوهَا هزوا(1/410)
وَلَعِبًا) قَالَ كَانَ رجل من النَّصَارَى بِالْمَدِينَةِ ... إِلَى آخِره
422 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَنه لما نزلت فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَشَارَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَقَالَ قوم هَذَا
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث شُعْبَة عَن سماك بن حَرْب عَن عِيَاض بن عَمْرو الْأَشْعَرِيّ قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هم قوم هَذَا أَومَى بِيَدِهِ إِلَى أبي مُوسَى انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي رِسَالَة الْأَشْعَرِيّ وَهِي جُزْء حَدِيثي
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأَبُو عبد الله التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي كِتَابه نَوَادِر الْأُصُول فِي الأَصْل السَّادِس عشر بعد الْمِائَتَيْنِ والطبري وَابْن مرْدَوَيْه والواحدي وَابْن أبي حَاتِم فِي تفاسيرهم
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب الْوُفُود عَن سماك عَن عِيَاض عَن أبي مُوسَى قَالَ تَلَوت عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ فَقَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هم قَوْمك يَا أَبَا مُوسَى أهل الْيمن انْتَهَى
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله فِيهِ اخْتِلَاف فَفِي بَعْضهَا عَن عِيَاض عَن أبي مُوسَى وَفِي بَعْضهَا عَن عِيَاض أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ ... انْتَهَى
423 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سُئِلَ عَنْهُم يَعْنِي قَوْله تَعَالَى فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ فَضرب عَلَى عاتق سلمَان وَقَالَ هَذَا وذووه ثمَّ قَالَ لَو كَانَ الْإِيمَان مُعَلّقا بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رجال من أَبنَاء فَارس(1/411)
قلت غَرِيب وَهَذَا فِي غير هَذِه الْآيَة فروَى البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث أبي الْغَيْث سَالم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْجُمُعَة إِلَى قَوْله وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم فَقيل من هم يَا رَسُول الله فَلم يُرَاجِعهُ حَتَّى سَأَلَ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاث وَفينَا سلمَان الْفَارِسِي فَوضع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَده عَلَى سلمَان ثمَّ قَالَ لَو كَانَ الْإِيمَان مَنُوطًا بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رجال من هَؤُلَاءِ
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ أَيْضا من حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَلا قَوْله تَعَالَى فِي آخر سُورَة الْقِتَال وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ وَكَانَ سلمَان إِلَى جنبه قَالَ فَضرب عَلَى فَخذ سلمَان وَقَالَ هَذَا وَقَومه وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو كَانَ الْإِيمَان مَنُوطًا بِالثُّرَيَّا لتنَاوله رجال من أَبنَاء فَارس انْتَهَى
وَرَوَى الطَّبَرِيّ وَابْن مرْدَوَيْه فِي هَذِه الْآيَة حَدِيث أبي مُوسَى الْمُتَقَدّم من طرق وَلم يذكر حَدِيث سلمَان أصلا وَكَأن المُصَنّف وهم وَالله أعلم
424 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَن نَفرا من الْيَهُود أَتَوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَأَلُوهُ عَمَّن يُؤمن بِهِ من الرُّسُل فَقَالَ أومن بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل ... إِلَى قَوْله وَنحن لَهُ مُسلمُونَ فَقَالُوا حِين سمعُوا ذكر عِيسَى مَا نعلم أهل دين أقل حظا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مِنْكُم وَلَا دينا شرا من دينكُمْ فَنزلت
قلت رَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا أَبُو كريب وهناد بن السّري قَالَا ثَنَا يُونُس بن بكير ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد مولَى زيد ابْن ثَابت حَدثنِي سعيد بن جُبَير أَو عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نفر من يهود فيهم أَبُو يَاسر بن خطب وَرَافِع بن أبي رَافع وعازورا وآزار(1/412)
ابْن أبي آزَار وَأشيع فَسَأَلُوهُ عَمَّن يُؤمن بِهِ من الرُّسُل فَقَالَ أُؤْمِن بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل إِلَى إِبْرَاهِيم إِلَى آخر الْآيَة فَلَمَّا ذكر عِيسَى جَحَدُوا نبوته وَقَالُوا لَا نؤمن بِعِيسَى وَلَا نؤمن بِمن آمن بِهِ فَأنْزل الله تَعَالَى قل يأهل الْكتاب هَل تَنْقِمُونَ منا إِلَّا أَن آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل من قبل وَأَن أَكْثَرَكُم فَاسِقُونَ انْتَهَى
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن ابْن عَبَّاس من قَوْله بِلَفْظ المُصَنّف وَكَذَلِكَ فِي تَفْسِيره الْوَسِيط
425 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ بَعَثَنِي الله بِرِسَالَاتِهِ فضقت بهَا ذرعا فَأَوْحَى الله إِلَيّ إِن لم تبلغ رسَالَاتي عَذَّبْتُك وَضمن لي الْعِصْمَة فَقَوِيت
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا كُلْثُوم بن مُحَمَّد بن أبي سِدْرَة ثَنَا عَطاء بن أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن الله أَرْسلنِي برسالته فضقت بهَا ذرعا وَعلمت أَن النَّاس مُكَذِّبِي فأوعدني أَن أبلغهَا أَو يُعَذِّبنِي انْتَهَى
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن الْحسن عَن النَّبِي مُرْسلا من غير سَنَد وَكَذَلِكَ فعل فِي تَفْسِيره الْوَسِيط
426 - الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام شج فِي وَجهه يَوْم أحد وَكسرت رباعيته(1/413)
قلت تقدم فِي سُورَة آل عمرَان عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كسرت رباعيته يَوْم أحد وشج فِي رَأسه فَجعل يَسْلت الدَّم عَن وَجهه وَيَقُول كَيفَ يفلح قوم فعلوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الله رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم
427 - الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ
عَن أنس كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يحرس حَتَّى نزلت وَالله يَعْصِمك من النَّاس فَأخْرج رَأسه من قبَّة آدم فَقَالَ انصرفوا يأيها النَّاس فَإِن الله قد عصمني من النَّاس
قلت غَرِيب من حَدِيث أنس وَلم أَجِدهُ إِلَّا من حَدِيث عَائِشَة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْحَارِث بن عبيد أبي قدامَة الْإِيَادِي عَن سعيد الْجريرِي عَن عبد الله بن شَقِيق عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يحرس حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة وَالله يَعْصِمك من النَّاس فَأخْرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَأسه من الْقبَّة فَقَالَ لَهُم يأيها النَّاس انصرفوا فقد عصمني الله انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث غَرِيب قَالَ وَقد رَوَاهُ بَعضهم عَن الْجريرِي عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يحرس وَلم يذكرُوا فِيهِ عَائِشَة انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ الْبَغَوِيّ والطبري وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم فِي تفاسيرهم
والمرسل الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث إِسْمَاعِيل ابْن علية وَابْن مرْدَوَيْه أَيْضا فِي تَفْسِيره من طَرِيق وهب كِلَاهُمَا عَن الْجريرِي عَن عبد الله بن شَقِيق مُرْسلا عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحوه(1/414)
428 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ مَا خلا يَهُودِيَّانِ بِمُسلم إِلَّا هما بقتْله
قلت رَوَاهُ ابْن حبَان فِي كِتَابه الضُّعَفَاء من طَرِيق يَحْيَى بن عبيد الله عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا خلا يَهُودِيّ بِمُسلم قطّ إِلَّا حدث نَفسه بقتْله انْتَهَى وَأعله بِيَحْيَى بن عبيد الله
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره كَذَلِك وَقَالَ فِيهِ مَا خلا يَهُودِيَّانِ وَفِي لفظ ابْن مرْدَوَيْه إِلَّا هم بقتْله
قَالَ ابْن حبَان يَحْيَى بن عبيد الله بن موهب التَّيْمِيّ الْقرشِي يروي عَن أَبِيه مَا لَا أصل لَهُ فَلَمَّا كثر ذَلِك مِنْهُ سقط عَن الِاحْتِجَاج بِهِ قَالَ ابْن معِين لَيْسَ بِشَيْء وَكَانَ ابْن عُيَيْنَة شَدِيد الْحمل عَلَيْهِ وَأَبوهُ ثِقَة انْتَهَى
429 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ عَن النَّجَاشِيّ أَنه قَالَ لجَعْفَر بن أبي طَالب حِين اجْتمع فِي مَجْلِسه الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْحَبَشَة وَالْمُشْرِكُونَ وهم يغرونه عَلَيْهِم وَيطْلبُونَ عنتهمْ عِنْده هَل فِي كتابكُمْ ذكر مَرْيَم قَالَ جَعْفَر فِيهِ سُورَة تنْسب إِلَيْهَا فَقَرَأَ سُورَة مَرْيَم إِلَى قَوْله ذَلِك عِيسَى بن مَرْيَم وَقَرَأَ سُورَة طه إِلَى قَوْله هَل أَتَاك حَدِيث مُوسَى فَبَكَى النَّجَاشِيّ
وَكَذَلِكَ فعل قومه الَّذين وفدوا عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهم سَبْعُونَ رجلا حِين قَرَأَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سُورَة يس فبكوا
قلت غَرِيب(1/415)
قَوْله
وَكَذَلِكَ فعل قومه ... إِلَى آخِره رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنِي حَارِث ثَنَا عبد الْعَزِيز ثَنَا قيس عَن سَالم الْأَفْطَس عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله تَعَالَى ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا قَالَ هم رسل النَّجَاشِيّ الَّذِي أرسل بِإِسْلَامِهِ وَإِسْلَام قومه وَسبعين رجلا فَدَخَلُوا عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَرَأَ عَلَيْهِم يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم فبكوا وَعرفُوا الْحق فَأنْزل الله فيهم ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَأنزل فيهم الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ إِلَى قَوْله يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا انْتَهَى وَهُوَ مُرْسل
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد ثَنَا أَحْمد ابْن حشنام ثَنَا بكر بن بكار ثَنَا قيس بن الرّبيع بِهِ
430 - الحَدِيث الثَّلَاثُونَ
يرْوَى أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وصف الْقِيَامَة يَوْمًا لأَصْحَابه فَبَالغ وَأَشْبع الْكَلَام فِي الْإِنْذَار فرقوا واجتمعوا فِي بَيت عُثْمَان بن مَظْعُون وَاتَّفَقُوا عَلَى أَلا يزَالُوا صَائِمين قَائِمين وَأَن لَا يَنَامُوا عَلَى الْفرش وَلَا يَأْكُلُوا اللَّحْم والدوك وَلَا يقربُوا النِّسَاء وَالطّيب وَيَرْفُضُونَ الدُّنْيَا وَيلبسُونَ المسوح ويسيحون فِي الأَرْض ويجبون مَذَاكِيرهمْ فَبلغ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ لَهُم إِنِّي لم أُؤمر بذلك إِن لأنفسكم عَلَيْكُم حَقًا فصوموا وَافْطرُوا وَقومُوا وناموا فَإِنِّي أقوم وأنام وَأَصُوم وَأفْطر وآكل اللَّحْم وَالدَّسم وَآتِي النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني فَنزلت يأيها الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم
قلت غَرِيب وَرَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره ثَنَا الْقَاسِم ثَنَا الْحُسَيْن ثَنَا حجاج(1/416)
عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد قَالَ أَرَادَ رجال مِنْهُم عُثْمَان بن مَظْعُون وَعبد الله بن عَمْرو وَعلي بن أبي طَالب وَابْن مَسْعُود والمقداد بن الْأسود وَسَالم مولَى أبي حُذَيْفَة فِي أَصْحَاب تبتلوا فجلسوا فِي الْبيُوت واعتزلوا النِّسَاء ولبسوا المسوح وحرموا الطَّيِّبَات الطَّعَام واللباس وهموا بالاخصاء وَأَجْمعُوا لقِيَام اللَّيْل وَصِيَام النَّهَار فَنزلت يأيها الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم الْآيَة فَبعث إِلَيْهِم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ إِن لأنفسكم عَلَيْكُم حَقًا صُومُوا وأفطروا وصلوا وناموا فَلَيْسَ منا من ترك سنتنا انْتَهَى
حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا قَالَ وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جلس يَوْمًا فَذكر النَّاس ثمَّ قَامَ وَلم يزدهم عَلَى التخويف فَقَامَ نَاس من أَصْحَابه فَذكره بِزِيَادَة وَنقص وَاخْتِلَاف
وَله شَاهد فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَن نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سَأَلُوا أَزوَاجه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن عمله فِي السِّرّ فَقَالَ بَعضهم لَا آكل اللَّحْم وَقَالَ بَعضهم لَا أَتزوّج النِّسَاء وَقَالَ بَعضهم لَا أَنَام عَلَى فرَاش فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ مَا بَال أَقوام يَقُول أحدهم كَذَا وَكَذَا إِنِّي أَصوم وَأفْطر وأنام وأقوم وآكل اللَّحْم وأتزوج النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني انْتَهَى
وَذكر الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لفظ المُصَنّف وَعَزاهُ إِلَى الْمُفَسّرين
431 - الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يَأْكُل الدَّجَاج والفولوذ وَكَانَ يُعجبهُ الْحَلْوَاء وَالْعَسَل وَقَالَ إِن الْمُؤمن حُلْو يحب الْحَلَاوَة
قلت هَذِه أَرْبَعَة أَحَادِيث
فَحَدِيث أكل الدَّجَاج رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الْإِيمَان وَالنُّذُور عَن زَهْدَم الْجرْمِي قَالَ كُنَّا عِنْد أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَدَعَا بِمَائِدَتِهِ وَعَلَيْهَا لحم دَجَاج فَدخل رجل من بني تيم الله شَبيه بِالْمَوَالِي فَقَالَ لَهُ هَلُمَّ فَتَلَكَّأَ فَقَالَ لَهُ هَلُمَّ فَإِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَأْكُل مِنْهُ الحَدِيث
وَأما أكله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للفالوذ فَغَرِيب وَقد يسْتَأْنس لَهُ بِحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْأَطْعِمَة عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن يُوسُف ابْن عبد الله بن سَلام عَن أَبِيه عَن جده عبد الله بن سَلام قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي أنَاس من أَصْحَابه إِذْ أقبل عُثْمَان بن عَفَّان وَمَعَهُ رَاحِلَة عَلَيْهَا غِرَارَتَانِ فَسَأَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمَا الْغِرَارَتَيْنِ قَالَ دَقِيق وَسمن وَعسل فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنخ فَأَنَاخَ ثمَّ دَعَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ برمة فَجعل فِيهَا من ذَلِك الدَّقِيق وَالسمن وَالْعَسَل ثمَّ أَمر فَأوقد تحتهَا حَتَّى نضج ثمَّ أكل انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَمن طَرِيق الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية وَقَالَ إِنَّه حَدِيث لَا يَصح والوليد بن مُسلم يسْقط الضُّعَفَاء من الْإِسْنَاد وَيُدَلس انْتَهَى كَلَامه وَلم يسْتَدرك الذَّهَبِيّ عَلَى الْحَاكِم فِي مُخْتَصره
وَأما حَدِيث الْحَلْوَاء وَالْعَسَل فَرَوَاهُ الْأَئِمَّة فِي كتبهمْ البُخَارِيّ فِي الطَّلَاق وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد فِي الْأَشْرِبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة فِي الْأَطْعِمَة وَالنَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة كلهم من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يحب الْحَلْوَى وَالْعَسَل انْتَهَى وَذكر بَعضهم فِيهِ قصَّة(1/417)
431 - الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يَأْكُل الدَّجَاج والفولوذ وَكَانَ يُعجبهُ الْحَلْوَاء وَالْعَسَل وَقَالَ إِن الْمُؤمن حُلْو يحب الْحَلَاوَة
قلت هَذِه أَرْبَعَة أَحَادِيث
فَحَدِيث أكل الدَّجَاج رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الْإِيمَان وَالنُّذُور عَن زَهْدَم الْجرْمِي قَالَ كُنَّا عِنْد أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَدَعَا بِمَائِدَتِهِ وَعَلَيْهَا لحم دَجَاج فَدخل رجل من بني تيم الله أَحْمد شَبيه بِالْمَوَالِي فَقَالَ لَهُ هَلُمَّ فَتَلَكَّأَ فَقَالَ لَهُ هَلُمَّ فَإِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَأْكُل مِنْهُ ... الحَدِيث
وَأما أكله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ للفالوذ فَغَرِيب وَقد يسْتَأْنس لَهُ بِحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْأَطْعِمَة عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن يُوسُف ابْن عبد الله بن سَلام عَن أَبِيه عَن جده عبد الله بن سَلام قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي أنَاس من أَصْحَابه إِذْ أقبل عُثْمَان بن عَفَّان وَمَعَهُ رَاحِلَة عَلَيْهَا غِرَارَتَانِ فَسَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَمَا الْغِرَارَتَيْنِ قَالَ دَقِيق وَسمن وَعسل فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام أنخ فَأَنَاخَ ثمَّ دَعَا عَلَيْهِ السَّلَام برمة فَجعل فِيهَا من ذَلِك الدَّقِيق وَالسمن وَالْعَسَل ثمَّ أَمر فَأوقد تحتهَا حَتَّى نضج ثمَّ أكل انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَمن طَرِيق الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية وَقَالَ إِنَّه حَدِيث لَا يَصح والوليد بن مُسلم يسْقط الضُّعَفَاء من الْإِسْنَاد وَيُدَلس انْتَهَى كَلَامه وَلم يسْتَدرك الذَّهَبِيّ عَلَى الْحَاكِم فِي مُخْتَصره
وَأما حَدِيث الْحَلْوَاء وَالْعَسَل فَرَوَاهُ الْأَئِمَّة فِي كتبهمْ البُخَارِيّ فِي الطَّلَاق وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد فِي الْأَشْرِبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة فِي الْأَطْعِمَة وَالنَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة كلهم من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يحب الْحَلْوَى وَالْعَسَل انْتَهَى وَذكر بَعضهم فِيهِ قصَّة(1/418)
وَأما حَدِيث الْمُؤمن حُلْو يحب الْحَلَاوَة فَغَرِيب وَذكره أَبُو شُجَاع الديلمي فِي كتاب الفردوس من حَدِيث عَلّي بن أبي طَالب الْمُؤمن حُلْو يحب الْحَلَاوَة فَمن حرمهَا عَلَى نَفسه فقد عَصَى الله وَرَسُوله انْتَهَى
432 - الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ
عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّهَا سُئِلت عَن مَعْنَى اللَّغْو فَقَالَت هُوَ قَول الرجل لَا وَالله وبلى وَالله
قلت هَكَذَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه مَوْقُوفا فِي كتاب الْأَيْمَان عَن هِشَام ابْن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي قَوْله تَعَالَى لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم قَالَت هُوَ قَول الرجل لَا وَالله وبلى وَالله انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه مَرْفُوعا من حَدِيث حسان بن إِبْرَاهِيم عَن عَطاء ابْن أبي رَبَاح عَن عَائِشَة قَالَت فِي قَوْله تَعَالَى لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَلَام الرجل فِي بَيته كلا وَالله وبلى وَالله انْتَهَى قَالَ أَبُو دَاوُد وَقد رَوَاهُ دَاوُد بن أبي الْفُرَات عَن إِبْرَاهِيم الصَّائِغ عَن عَطاء عَن عَائِشَة مَوْقُوفا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزُّهْرِيّ وَعبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان وَمَالك بن مغول عَن عَطاء عَن عَائِشَة مَوْقُوفا انْتَهَى
قلت رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث أَشْرَس بن بزيغ عَن إِبْرَاهِيم الصَّائِغ أَنه سَأَلَ عَطاء عَن اللَّغْو فِي الْيَمين فَقَالَ قَالَت عَائِشَة إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ هُوَ كَلَام الرجل فِي يَمِينه كلا وَالله وبلى وَالله
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه أَيْضا مَرْفُوعا
قَالَ الدَّارقطني فِي علله وَالصَّحِيح من ذَلِك كُله الْمَوْقُوف انْتَهَى
وَرَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن هِشَام بن عُرْوَة بِهِ مَوْقُوفا(1/419)
433 - الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شَارِب الْخمر كعابد الوثن
قلت رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى ثَنَا ثَابت بن مُحَمَّد ثَنَا فطر بن خَليفَة عَن مُجَاهِد عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ شَارِب الْخمر كعابد وثن انْتَهَى قَالَ وَلم يدْخل ثَابت بَين فطر وَمُجاهد أحدا انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي تَارِيخ أَصْبَهَان فِي تَرْجَمَة الْحسن الْبَصْرِيّ من طَرِيق الْحَارِث ابْن أبي أُسَامَة ثَنَا الْخَلِيل بن زَكَرِيَّا أَنا عَوْف بن أبي جميلَة ثَنَا الْحسن الْبَصْرِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شَارِب خمر كعابد وثن انْتَهَى
وَهُوَ عِنْد ابْن ماجة مدمن خمر رَوَاهُ فِي كتاب الْأَشْرِبَة حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة ثَنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن الْأَصْبَهَانِيّ عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مدمن خمر كعابد وثن انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الرَّابِع وَالْخمسين من الْقسم الثَّالِث من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِلَفْظ ابْن ماجة وَقَالَ يشبه أَن يكون فِيمَن اسْتَحلَّهَا انْتَهَى
وَرَوَى إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده فِي مُسْند ابْن عمر أخبرنَا أَبُو عَامر الْعَقدي ثَنَا مُحَمَّد بن أبي حميد عَن أبي حميد عَن أبي تَوْبَة الْمصْرِيّ عَن عمر ابْن عبد الْعَزِيز عَن بعض الصَّحَابَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من شرب الْخمر(1/420)
فَمَاتَ مَاتَ كعابد وثن انْتَهَى
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط ثَنَا عبيد الله بن عبد الله بن جحش ثَنَا جُنَادَة بن مَرْوَان ثَنَا الْحَارِث بن النُّعْمَان سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول الْمُقِيم عَلَى الْخمر كعابد وثن مُخْتَصر
434 - الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَنه لما نزل تَحْرِيم الْخمر قَالَت الصَّحَابَة يَا رَسُول الله كَيفَ بإخواننا الَّذين مَاتُوا وهم يشربون الْخمر ويأكلون مَال الميسر فَنزلت لَيْسَ عَلَى الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا
قلت رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده ثَنَا شُرَيْح نَا أَبُو معشر عَن أبي وهب مولَى أبي هُرَيْرَة قَالَ قدم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمَدِينَة وهم يشربون الْخمر ويأكلون الميسر فسألوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن ذَلِك فَأنْزل الله تَعَالَى يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر الْآيَة فَقَالَ النَّاس لم تحرم علينا إِنَّمَا قَالَ فيهمَا إِثْم وَكَانُوا يشربون الْخمر حَتَّى كَانَ يَوْم من الْأَيَّام صَلَّى رجل الْمغرب فخلط فِي قِرَاءَته فَأنْزل الله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى فَكَانُوا يشربونها حَتَّى يَأْتِي أحدهم الصَّلَاة وَهُوَ مُفِيق فَنزلت يأيها الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر الْآيَة فَقَالُوا انتهينا يَا رب وَقَالَ النَّاس يَا رَسُول الله نَاس قتلوا فِي سَبِيل الله وماتوا عَلَى فرشهم كَانُوا يشربون الْخمر ويأكلون الميسر وَقد جعله الله رجسا من عمل الشَّيْطَان فَأنْزل الله تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا الْآيَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ من وَجه آخر فَقَالَ حَدثنِي الْمثنى ثَنَا عبد الله بن صَالح(1/421)
حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا قَالُوا يَا رَسُول الله مَا تَقول فِي إِخْوَاننَا الَّذين مَاتُوا كَانُوا يشربون الْخمر ويأكلون الميسر فَأنْزل الله لَيْسَ عَلَى الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا الْآيَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن مَسْعُود ثَنَا أَبُو صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح بِهِ سَوَاء
وَبَعض الحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْمَظَالِم وَمُسلم فِي الْأَشْرِبَة كِلَاهُمَا عَن حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ كنت ساقي الْقَوْم فِي منزل أبي طَلْحَة وَكَانَ خمرهم يَوْمئِذٍ الفضيخ فَأمر سَوَّلَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مناديا يُنَادي أَلا إِن الْخمر قد حرمت فَقَالَ أَبُو طَلْحَة أخرج فَأَهْرقهَا قَالَ فَخرجت فَهَرَقْتهَا فِي سِكَك الْمَدِينَة فَقَالَ بعض الْقَوْم قد قتل فلَان وَفُلَان وَفُلَان وَهِي فِي بطونهم فَأنْزل الله لَيْسَ عَلَى الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا الْآيَة انْتَهَى
435 - قَوْله
عَن قبيصَة أَنه أصَاب ظَبْيًا وَهُوَ محرم فَسَأَلَ عمر فَشَاور عبد الرَّحْمَن بن عَوْف ثمَّ أمره بِذبح شَاة فَقَالَ قبيصَة لصَاحبه وَالله مَا علم أَمِير الْمُؤمنِينَ حَتَّى سَأَلَ غَيره فَأقبل عَلَيْهِ ضربا بِالدرةِ وَقَالَ أتغمض الْفتيا وَتقتل الصَّيْد وَأَنت محرم قَالَ الله تَعَالَى يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم فَأَنا عمر وَهَذَا عبد الرَّحْمَن
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن قبيصَة
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَاللَّفْظ لَهُ عَن هشيم أَنا عبد الْملك بن عُمَيْر(1/422)
عَن قبيصَة بن جَابر الْأَسدي قَالَ ابْتَدَرْت أَنا وَصَاحب لي ظَبْيًا فِي الْعقبَة فَأَصَبْته فَأتيت عمر بن الْخطاب فَذكرت ذَلِك لَهُ وَأَقْبل عَلَى رجل إِلَى جنبه فَنَظَرا فِي ذَلِك فَقَالَ لي اذْبَحْ شَاة فَانْصَرَفت فَأتيت صَاحِبي فَقلت إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ لم يدر مَا يَقُول حَتَّى سَأَلَ غَيره فَقَالَ لي صَاحِبي انْحَرْ نَاقَتك فَسَمعَهَا عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَأقبل عَلّي ضربا بِالدرةِ فَقَالَ تقتل الصَّيْد وَأَنت محرم وَتغمضُ الْفتيا إِن الله قَالَ فِي كِتَابه يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم فَهَذَا ابْن عَوْف وَأَنا عمر ابْن الْخطاب انْتَهَى قَالَ الْحَاكِم صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
436 - الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن سراقَة بن مَالك أَو عكاشة بن مُحصن قَالَ يَا رَسُول الله الْحَج علينا فِي كل عَام فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى أعَاد مَسْأَلته ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام وَيحك وَمَا يُؤمنك أَن أَقُول نعم وَالله لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت مَا اسْتَطَعْتُم وَلَو تركْتُم لكَفَرْتُمْ فَاتْرُكُونِي فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِكَثْرَة سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ عَلَى أَنْبِيَائهمْ وَإِذا أَمرتكُم بِأَمْر فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَاجْتَنبُوهُ
قلت غَرِيب عَن سراقَة بن مَالك وَالَّذِي وَجَدْنَاهُ عَن سراقَة بن مَالك أَنه قَالَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا رَسُول الله عُمْرَتنَا هَذِه لِعَامِنَا هَذَا أم لِلْأَبَد فَقَالَ لَا بل لِلْأَبَد دخلت الْعمرَة فِي الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة انْتَهَى رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة
وَرَوَاهُ مُسلم وَلَفظه عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر بن عبد الله قَالَ أَهْلَلْنَا أَصْحَاب مُحَمَّد بِالْحَجِّ وَحده فَقدم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صبح رَابِعَة مَضَت(1/423)
من ذِي الْحجَّة فَأمرنَا أَن نحل وَقَالَ لَوْلَا هَدْيِي لَحللت كَمَا تحِلُّونَ وَلَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت لما سقت الْهَدْي قَالَ فَحَلَلْنَا فَقَالَ سراقَة ابْن مَالك بن جعْشم يَا رَسُول الله لِعَامِنَا هَذَا أم لِلْأَبَد قَالَ لِلْأَبَد مُخْتَصر وَهَذَا هُوَ فسخ الْحَج بِالْعُمْرَةِ
وَأما حَدِيث عكاشة بن مُحصن فَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا ابْن حميد ثَنَا يَحْيَى ابْن وَاضح ثَنَا الْحُسَيْن بن وَاقد عَن مُحَمَّد بن زِيَاد سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول خَطَبنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يأيها النَّاس كتب الله عَلَيْكُم الْحَج فَقَامَ عكاشة ابْن مُحصن الْأَسدي فَقَالَ أَفِي كل عَام يَا رَسُول الله فَقَالَ أما إِنِّي لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت ثمَّ تركْتُم لَضَلَلْتُمْ اسْكُتُوا عني مَا سكت عَنْكُم فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِكَثْرَة سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ عَلَى أَنْبِيَائهمْ فَأنْزل الله يأيها الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء الْآيَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه عَن الْحُسَيْن بن وَاقد بِهِ
والْحَدِيث رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا البُخَارِيّ فَمنهمْ من لم يسم الرجل وَمِنْهُم من سَمَّاهُ الْأَقْرَع بن حَابِس فَرَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَلم يسم الرجل(1/424)
وَلَفظه قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يأيها النَّاس قد فرض الله عَلَيْكُم الْحَج فحجوا فَقَالَ رجل أَفِي كل عَام يَا رَسُول الله فَسكت حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلما اسْتَطَعْتُم ثمَّ قَالَ ذروني مَا تركْتُم فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِكَثْرَة سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ عَلَى أَنْبِيَائهمْ إِذا أَمرتكُم بِشَيْء فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَدَعوهُ انْتَهَى
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَلّي بِسَنَد ضَعِيف وَلم يسم الرجل أَيْضا وَلَفظه قَالَ لما نزلت وَللَّه عَلَى النَّاس حج الْبَيْت الْآيَة قَالُوا يَا رَسُول الله أَفِي كل عَام فَسكت قَالُوا أَفِي كل عَام قَالَ لَا وَلَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلما اسْتَطَعْتُم فَأنْزل لله يأيها الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث غَرِيب وَفِي الْبَاب عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَاقُونَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِسَنَد ضَعِيف أَيْضا وَسموا الرجل الْأَقْرَع بن حَابِس وَلَفْظهمْ عَن ابْن عَبَّاس أَن الْأَقْرَع بن حَابِس سَأَلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْحَج فِي كل سنة أَو مرّة وَاحِدَة قَالَ بل مرّة وَاحِدَة فَمن زَاد فَهُوَ تطوع انْتَهَى
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه بِالْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة لَا غير وَالله أعلم
437 - الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ
عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ائْتَمرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهوا عَن الْمُنكر حَتَّى إِذا مَا رَأَيْت شحا مُطَاعًا وَهوى مُتبعا وَدُنْيا مُؤثرَة وَإِعْجَاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ فَعَلَيْك نَفسك ودع أَمر الْعَوام وَإِن من وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْر فِيهِنَّ كَالْقَبْضِ عَلَى الْجَمْر لِلْعَامِلِ مِنْهُم أجر خمسين رجلا يعْملُونَ مثل عمله
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْمَلَاحِم وَالتِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير وَابْن(1/425)
ماجة فِي الْفِتَن من حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك أَنا عتبَة بن أبي حَكِيم ثَنَا عَمْرو ابْن حَارِثَة اللَّخْمِيّ عَن أبي أُميَّة الشَّعْبَانِي قَالَ أتيت أَبَا ثَعْلَبَة الْخُشَنِي فَقلت لَهُ كَيفَ نصْنَع هَذِه الْآيَة قَالَ أَيَّة آيَة قلت قَوْله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ قَالَ أما وَالله لقد سَأَلت عَنْهَا خَبِيرا سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ ائْتَمرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْتَهُوا عَن الْمُنكر حَتَّى إِذا رَأَيْت شحا مُطَاعًا وَهوى مُتبعا وَدُنْيا مُؤثرَة وَإِعْجَاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ فَعَلَيْك بِخَاصَّة نَفسك ودع الْعَوام فَإِن من وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْر فِيهِنَّ مثل الْقَبْض عَلَى الْجَمْر لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ أجر خمسين رجلا منا أَو مِنْهُم قَالَ لَا بل أجر خمسين رجلا يعْملُونَ مثل عَمَلكُمْ قَالَ ابْن الْمُبَارك وَزَادَنِي غير عتبَة قيل يَا رَسُول الله أجر خمسين رجلا منا أَو مِنْهُم قَالَ لَا بل أجر خمسين رجلا مِنْكُم انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الرقَاق وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأَبُو يعْلى
438 - الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ رُوِيَ أَنه خرج بديل بن أبي مَرْيَم مولَى عَمْرو بن الْعَاصِ وَكَانَ من الْمُهَاجِرين مَعَ عدي بن زيد وَتَمِيم بن أَوْس الدَّارِيّ وَكَانَا نَصْرَانِيين تجارًا إِلَى الشَّام فَمَرض بديل وَكتب كتابا فِيهِ مَعَه وَطَرحه فِي مَتَاعه وَلم يخبر بِهِ صَاحِبيهِ فَأَمرهمَا أَن يدْفَعَا مَتَاعه إِلَى أَهله وَمَات فَفَتَّشَا مَتَاعه فَأخذ مِنْهُ إِنَاء فضَّة فِيهِ مائَة مِثْقَال مَنْقُوشًا بِالذَّهَب فَأصَاب أهل بديل الصَّحِيفَة وطالبوهما بِالْإِنَاءِ فَجَحَدَا فَرفعُوا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَنزلت يَعْنِي قَوْله تَعَالَى (يأيها الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت حِين الْوَصِيَّة اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ) وَرُوِيَ أَنَّهَا لما نزلت صَلَّى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْعَصْر ودعا بعدِي وَتَمِيم وَاسْتَحْلَفَهُمَا عِنْد الْمِنْبَر فَحَلفا ثمَّ وجد الْإِنَاء بِمَكَّة فَقَالُوا إِنَّا اشْتَرَيْنَاهُ من عدي وَتَمِيم فَلَمَّا ظَهرت خِيَانَة الرجلَيْن حلف رجلَانِ من ورثته أَنه إِنَاء صَاحبهمَا وَإِن شَهَادَتهمَا أَحَق من شَهَادَتهمَا
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث بن إِسْحَاق عَن أبي النَّضر عَن باذان يَعْنِي أَبَا صَالح مولَى أمة هَانِئ عَن ابْن عَبَّاس عَن تَمِيم الدَّارِيّ فِي هَذِه الْآيَة يأيها الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت قَالَ برِئ النَّاس مِنْهَا غَيْرِي وَغير عدي وَكَانَا نَصْرَانِيين يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّام فَبل الْإِسْلَام فَأتيَا الشَّام لِتِجَارَتِهِمَا وَقدم عَلَيْهِمَا مولَى بني هَاشم يُقَال لَهُ بديل بن أبي مَرْيَم بِتِجَارَة وَمَعَهُ جَام من فضَّة يُرِيد بِهِ الْملك وَهُوَ عظم تِجَارَته فَمَرض فَأَوْصَى لَهما وَأَمرهمَا أَن يبلغَا مَا ترك أَهله قَالَ تَمِيم فَلَمَّا مَاتَ أخذت ذَلِك الْجَام فَبِعْنَاهُ بِأَلف دِرْهَم فاقتسمناه أَنا وعدي بن بدا فَلَمَّا انتهينا إِلَى أَهله دفعنَا إِلَيْهِم مَا كَانَ مَعنا وَفقدُوا الْجَام فَسَأَلُونَا عَنهُ فَقُلْنَا مَا ترك غير هَذَا وَمَا دفع إِلَيْنَا غَيره قَالَ تَمِيم فَلَمَّا أسلمت بعد قدوم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَأَثَّمت من ذَلِك فَأتيت أَهله فَأَخْبَرتهمْ الْخَبَر وَأديت إِلَيْهِم خَمْسمِائَة دِرْهَم وَأَخْبَرتهمْ أَن عِنْد صَاحِبي مثلهَا فَأتوا بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَأَلَهُمْ الْبَيِّنَة فَلم يَجدوا فَأَمرهمْ أَن يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا عظم بِهِ عَلَى أهل دينه فَحلف فَأنْزل الله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِلَى قَوْله أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم فَقَامَ عَمْرو ابْن الْعَاصِ وَرِجَال آخر فَنَزَعَا الْخَمْسمِائَةِ دِرْهَم من عدي بن بدا انْتَهَى ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث غَرِيب وَلَيْسَ إِسْنَاده بِصَحِيح وَأَبُو النَّضر هَذَا هُوَ عِنْدِي مُحَمَّد بن(1/426)
رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَنزلت يَعْنِي قَوْله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت حِين الْوَصِيَّة اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ
وَرُوِيَ أَنَّهَا لما نزلت صَلَّى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْعَصْر ودعا بعدِي وَتَمِيم فَاسْتَحْلَفَهُمَا عِنْد الْمِنْبَر فَحَلفا ثمَّ وجد الْإِنَاء بِمَكَّة فَقَالُوا إِنَّا اشْتَرَيْنَاهُ من عدي وَتَمِيم فَلَمَّا ظَهرت خِيَانَة الرجلَيْن حلف رجلَانِ من ورثته أَنه إِنَاء صَاحبهمَا وَإِن شَهَادَتهمَا أَحَق من شَهَادَتهمَا
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أبي النَّضر عَن باذان يَعْنِي أَبَا صَالح مولَى أم هَانِئ عَن ابْن عَبَّاس عَن تَمِيم الدَّارِيّ فِي هَذِه الْآيَة يأيها الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت قَالَ برِئ النَّاس مِنْهَا غَيْرِي وَغير عدي بن بدا وَكَانَا نَصْرَانِيين يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّام قبل الْإِسْلَام فَأتيَا الشَّام لِتِجَارَتِهِمَا وَقدم عَلَيْهِمَا مولَى بني هَاشم يُقَال لَهُ بديل بن أبي مَرْيَم بِتِجَارَة وَمَعَهُ جَام من فضَّة يُرِيد بِهِ الْملك وَهُوَ عظم تِجَارَته فَمَرض فَأَوْصَى لَهما وَأَمرهمَا أَن يبلغَا مَا ترك أَهله قَالَ تَمِيم فَلَمَّا مَاتَ أخذت ذَلِك الْجَام فَبِعْنَاهُ بِأَلف دِرْهَم فاقتسمناه أَنا وعدي بن بدا فَلَمَّا انتهينا إِلَى أَهله دفعنَا إِلَيْهِم مَا كَانَ مَعنا وَفقدُوا الْجَام فَسَأَلُونَا عَنهُ فَقُلْنَا مَا ترك غير هَذَا وَمَا دفع إِلَيْنَا غَيره قَالَ تَمِيم فَلَمَّا أسلمت بعد قدوم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَأَثَّمت من ذَلِك فَأتيت أَهله فَأَخْبَرتهمْ الْخَبَر وَأديت إِلَيْهِم خَمْسمِائَة دِرْهَم وَأَخْبَرتهمْ أَن عِنْد صَاحِبي مثلهَا فَأتوا بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَأَلَهُمْ الْبَيِّنَة فَلم يَجدوا فَأَمرهمْ أَن يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يعظم بِهِ عَلَى أهل دينه فَحلف فَأنْزل الله تَعَالَى يأيها الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِلَى قَوْله أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم فَقَامَ عَمْرو ابْن الْعَاصِ وَرجل آخر فَنَزَعَا الْخَمْسمِائَةِ دِرْهَم من عدي بن بدا انْتَهَى ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث غَرِيب وَلَيْسَ إِسْنَاده بِصَحِيح وَأَبُو النَّضر هَذَا هُوَ عِنْدِي مُحَمَّد بن(1/427)
السَّائِب الْكَلْبِيّ صَاحب التَّفْسِير وَقد تَركه أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ وَسمعت مُحَمَّد ابْن إِسْمَاعِيل يَقُول لَا يعرف لَهُ رِوَايَة عَن أبي صَالح مولَى أم هَانِئ انْتَهَى
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ أَيْضا مُخْتَصر وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد فِي الْأَقْضِيَة عَن مُحَمَّد ابْن أبي الْقَاسِم عَن عبد الْملك بن سعيد بن جُبَير عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج رجل من بني سهم مَعَ تَمِيم الدَّارِيّ وعدي بن بدا السَّهْمِي بِأَرْض لَيْسَ بهَا مُسلم فَلَمَّا قدما بِتركَتِهِ فقدوا جَاما من فضَّة مخوضًا بِالذَّهَب فَأَحْلفهُمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ وجدوا الْجَام بِمَكَّة فَقيل اشتريناهما من تَمِيم وعدي فَقَامَ رجلَانِ من أَوْلِيَائِهِمْ فَحَلفا بِاللَّه لَشَهَادَتنَا أَحَق من شَهَادَتهمَا وَأَن الْجَام لصَاحِبِهِمْ قَالَ وَفِيهِمْ نزلت يأيها الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم الْآيَة وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب وَمُحَمّد بن أبي الْقَاسِم كُوفِي قيل إِنَّه صَالح الحَدِيث انْتَهَى
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب الْوَصَايَا وَلم يُصَرح فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ فَقَالَ وَقَالَ لي عَلّي بن عبد الله يَعْنِي ابْن الْمَدِينِيّ ثَنَا يَحْيَى بن آدم ثَنَا ابْن أبي زَائِدَة عَن مُحَمَّد بن الْقَاسِم بِهِ سَوَاء وَهَذِه عَادَته فِيمَا لم يكن من شَرطه
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْأَقْضِيَة أَيْضا عَن هشيم عَن زَكَرِيَّا عَن الشّعبِيّ أَن رجلا من الْمُسلمين حَضرته الْوَفَاة ب دقوقا وَلم يجد أحدا من الْمُسلمين يشْهد عَلَى وَصيته فَأشْهد رجلَيْنِ من أهل الْكتاب فَقدما الْكُوفَة وَأَتيا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَأَخْبَرَاهُ فَقَالَ هَذَا أَمر لم يكن بعد الَّذِي كَانَ فِي عهد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأَحْلفهُمَا بعد الْعَصْر بِاللَّه مَا خَانا وَلَا كذبا وَإِنَّهَا لوَصِيَّة الرجل وَتركته فَأَمْضَى شَهَادَتهمَا انْتَهَى(1/428)
وَهَذَا سَنَد صَحِيح وَقد رويت هَذِه الْقِصَّة مُرْسلَة عَن غير وَاحِد من التَّابِعين عِكْرِمَة وَمُحَمّد بن سِيرِين وَقَتَادَة
449 - قَوْله
عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه كَانَ يحلف الشَّاهِد والراوي إِذا اتَّهَمَهُمَا
قلت حَدِيثه فِي الرَّاوِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي آخر كتاب الصَّلَاة وَكَذَلِكَ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث أَسمَاء بن الحكم الْفَزارِيّ عَن عَلّي قَالَ كنت رجلا إِذا سَمِعت من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَدِيثا نَفَعَنِي الله عَنهُ بِمَا شَاءَ أَن يَنْفَعنِي وَإِذا حَدثنِي أحد من أَصْحَابه اسْتَحْلَفته فَإِذا حلف لي صدقته قَالَ وحَدثني أَبُو بكر وَصدق أَبُو بكر أَنه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول مَا من عبد يُذنب ذَنبا فَيحسن الطّهُور ثمَّ يقوم فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يسْتَغْفر الله إِلَّا غفر الله لَهُ ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة ... الْآيَة انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَذكر أَن بَعضهم رَوَاهُ مَوْقُوفا
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع وَذكر أَسمَاء هَذَا فِي كِتَابه الثِّقَات وَقَالَ إِنَّه يُخطئ
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ أَسمَاء هَذَا مَجْهُول لم يحدث إِلَّا بِهَذَا الحَدِيث وَلم يحدث عَنهُ إِلَّا عَلّي بن ربيعَة انْتَهَى
وَقَالَ شَيخنَا الذَّهَبِيّ فِي مِيزَانه قَالَ البُخَارِيّ لَا يُتَابع عَلَى حَدِيثه هَذَا ثمَّ قَالَ وَهَذَا لَا يقْدَح إِذْ لَيْسَ من شَرط الصَّحِيح الْمُتَابَعَة وَفِي الصَّحِيح أَحَادِيث(1/429)
لَا تعرف إِلَّا من ذَلِك الْوَجْه كَحَدِيث الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ انْتَهَى كَلَامه
وَقَالَ الْحَاكِم فِي عُلُوم الحَدِيث لَهُ وَكَانَ عَلّي بن أبي طَالب إِذا فَاتَهُ حَدِيث وسَمعه من غَيره حلفه
440 - الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قَرَأَ سُورَة الْمَائِدَة أعطي من الْأجر عشر حَسَنَات ومحي عَنهُ عشر سيئات وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات بِعَدَد كل يَهُودِيّ وَنَصْرَانِي تنفس فِي الدُّنْيَا
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ والواحدي من حَدِيث سَلام بن سليم الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق أبي بكر بن أبي دَاوُد السجسْتانِي ثَنَا مُحَمَّد بن عَاصِم ثَنَا شَبابَة بن سوار ثَنَا مخلد بن عبد الْوَاحِد عَن عَلّي بن زيد بن جدعَان وَعَطَاء بن أبي مَيْمُونَة عَن زر بن حُبَيْش عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره بِزِيَادَة فضل سُورَة سُورَة وَقد ذَكرْنَاهُ فِي آخر الْكتاب
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره كَمَا تقدم فِي آل عمرَان(1/430)
سُورَة الْأَنْعَام(1/431)
سُورَة الْأَنْعَام
ذكر فِيهَا خَمْسَة عشر حَدِيثا
441 - الحَدِيث الأول
رُوِيَ أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام نزل عَلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي صورته
قلت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَأَى جِبْرِيل فِي صورته مرَّتَيْنِ رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي تَفْسِيره سُورَة النَّجْم وَمُسلم فِي الْإِيمَان وَفِي لفظ لَهما رَأَى جِبْرِيل لَهُ سِتّمائَة جنَاح
442 - الحَدِيث الثَّانِي
رُوِيَ أَن جِبْرِيل نزل عَلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ
قلت رَوَى البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ نبئت أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَعِنْده أم سَلمَة قَالَ فَجعل يتحدث ثمَّ قَامَ فَقَالَ نَبِي الله لأم سَلمَة من هَذَا فَقَالَت دحْيَة الْكَلْبِيّ قَالَت أم سَلمَة مَا حسبته إِلَّا إِيَّاه حَتَّى سَمِعت خطْبَة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يخبر عَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام
وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْفَضَائِل عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت لقد رَأَيْت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُنَاجِي فِي حُجْرَتي رجلا شبهته بِدِحْيَةَ الْكَلْبِيّ فَقَالَ لي هَذَا جِبْرِيل وَهُوَ يُقْرِئك السَّلَام مُخْتَصرا(1/433)
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده قَالَت رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَاضِعا يَدَيْهِ عَلَى معرفَة فرس وَهُوَ يكلم رجلا قلت رَأَيْتُك عَلَى معرفَة فرس دحْيَة الْكَلْبِيّ وَأَنت تكَلمه قَالَ وَرَأَيْتِيهِ قَالَت نعم قَالَ ذَاك جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ يُقْرِئك السَّلَام قَالَت وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث عفير بن معدان حَدثنِي قَتَادَة عَن أنس أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يَقُول يأتيني جِبْرِيل عَلَى صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ قَالَ أنس وَكَانَ دحْيَة رجلا جسيما جميلا أَبيض انْتَهَى
وَرَوَى أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من حَدِيث سَلمَة بن شبيب ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة عَن صَفْوَان بن عَمْرو عَن شُرَيْح بن عبيد عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ رَأَيْت جِبْرِيل فِي خلقته الَّذِي خلق عَلَيْهِ وَكنت أرَاهُ قبل ذَلِك فِي صور مُخْتَلفَة وَأكْثر مَا كنت أرَاهُ فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ مُخْتَصر
وَرَوَى ابْن سعد فِي الطَّبَقَات أخبرنَا عَفَّان بن مُسلم ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن إِسْحَاق بن سُوَيْد عَن يَحْيَى بن يعمر عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ جِبْرِيل يَأْتِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ انْتَهَى
443 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَا عرفت فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يختصمان فِي بِئْر فَقَالَ أَحدهمَا أَنا فطرتها أَي ابْتَدَأتهَا
قلت رَوَاهُ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث فِي بَاب كَلَام التَّابِعين فِي تَرْجَمَة أبي وَائِل فَقَالَ حَدثنَا يَحْيَى بن سعيد الْقطَّان عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كنت لَا أَدْرِي(1/434)
مَا فاطر السَّمَوَات ... إِلَى آخِره بِحُرُوفِهِ
وَرَوَاهُ كَذَلِك فِي كتاب الْفَضَائِل الْقُرْآن سَوَاء
وَمن طَرِيق أبي عبيد رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّابِع عشر بِسَنَدِهِ وَمَتنه
وَعَجِبت من الْبَيْهَقِيّ كَيفَ قَالَ فِي كِتَابه الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عِنْد كَلَامه عَلَى الفاطر من أَسْمَائِهِ تَعَالَى أخْبرت عَن أبي سُلَيْمَان الْخطابِيّ أَنه قَالَ أَخْبرنِي الْحسن ابْن عبد الرَّحِيم ثَنَا عبد الله بن زَيْدَانَ قَالَ قَالَ أَبُو روق عَن ابْن عَبَّاس ... فَذكره وَهُوَ قد رَوَاهُ مُتَّصِلا فِي شعب الْإِيمَان وَالله أعلم
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ ثَنَا ابْن وَكِيع ثَنَا يَحْيَى بن سعيد بِهِ
وَأَعَادَهُ المُصَنّف فِي سُورَة فاطر وَهَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ
444 - الحَدِيث الثَّالِث
رُوِيَ أَنهم اجْتَمعُوا إِلَى أبي طَالب وَأَرَادُوا برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سوء فَقَالَ
(وَالله لن يصلوا إِلَيْك بِجَمْعِهِمْ ... حَتَّى أُوَسَّد فِي التُّرَاب دَفِينا)
(فَاصْدَعْ بِأَمْرك مَا عَلَيْك غَضَاضَة ... وَابْشَرْ بِذَاكَ وقر مِنْهُ عيُونا)
(وَدَعَوْتنِي وَزَعَمت أَنَّك نَاصح ... وَلَقَد صدقت وَكنت ثمَّ أَمينا)
(وَعرضت دينا لَا محَالة أَنه ... من خير أَدْيَان الْبَريَّة دينا)
(لَوْلَا الْمَلَامَة أَو حذَارِي مسَبَّة ... لَوَجَدْتنِي سَمحا بِذَاكَ مُبينًا) فَنزلت
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن أبي عبد الله الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّد بن(1/435)
إِسْحَاق حَدثنِي يَعْقُوب بن عتبَة بن الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس أَنه حدث أَن قُريْشًا حِين قَالَت لأبي طَالب هَذِه الْمقَالة بعث إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ لَهُ يَا ابْن أخي إِن قَوْمك قد جَاءُونِي وَقَالُوا كَذَا وَكَذَا فَاكْفُفْ عَن قَوْمك مَا يكْرهُونَ فَظن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ أَنه خاذله وَمُسلمُهُ فَبَكَى وَوَلَّى فَأقبل عَلَيْهِ أَبُو طَالب وَقَالَ يَا بن أخي امْضِ عَلَى أَمرك وَافْعل مَا أَحْبَبْت فوَاللَّه لَا أسلمك لشَيْء أبدا قَالَ ابْن إِسْحَاق ثمَّ قَالَ الشّعْر ... فَذكره سَوَاء مُخْتَصرا
445 - الحَدِيث الرَّابِع
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من مَاتَ فقد قَامَت قِيَامَته
قلت غَرِيب
وَرَوَى الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره أخبرنَا أَبُو كريب ثَنَا وَكِيع ثَنَا سُفْيَان عَن زِيَاد بن علاقَة عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ يَقُولُونَ الْقِيَامَة الْقِيَامَة وَإِنَّمَا قِيَامَة الرجل مَوته
وَذكر أَبُو شُجَاع الديلمي فِي كتاب الفردوس من حَدِيث أنس مَرْفُوعا إِذا مَاتَ أحدكُم فقد قَامَت قِيَامَته
وَبِه عَن سُفْيَان عَن أبي قيس قَالَ شهِدت جَنَازَة فِيهَا عَلْقَمَة فَلَمَّا دفن قَالَ أما هَذَا فقد قَامَت قِيَامَته انْتَهَى
وَمن طَرِيق الطَّبَرِيّ رَوَاهُمَا الثَّعْلَبِيّ كِلَاهُمَا فِي سُورَة الْقِيَامَة
وَرَوَى أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة زِيَاد بن عبد الله النميري من حَدِيث دَاوُد ابْن المحبر ثَنَا عبد الْوَاحِد بن الْخطاب قَالَ سَمِعت زِيَاد بن عبد الله النميري وَنحن فِي جَنَازَة وَذكروا الْقِيَامَة فَقَالَ زِيَاد من مَاتَ فقد قَامَت قِيَامَته انْتَهَى
والْحَدِيث مَعْنَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَت الْأَعْرَاب إِذا قدمُوا عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سَأَلُوهُ عَن السَّاعَة فَينْظر إِلَى أحدث إِنْسَان مِنْهُم فَيَقُول(1/436)
إِن يَعش هَذَا لم يُدْرِكهُ الْهَرم حَتَّى تقوم عَلَيْكُم سَاعَتكُمْ قَالَ هِشَام يَعْنِي مَوْتهمْ انْتَهَى
446 - الحَدِيث الْخَامِس
عَن ابْن عَبَّاس كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُسمى الْأمين
قلت غَرِيب من حَدِيث ابْن عَبَّاس
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات من حَدِيث يعْلى بن أُميَّة قَالَ بلغ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خمْسا وَعشْرين سنة وَلَيْسَ لَهُ بِمَكَّة اسْم إِلَّا الْأمين لما تَكَامل فِيهِ من خِصَال الْخَيْر
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث عَلّي بن أبي طَالب نَحوه
447 - الحَدِيث السَّادِس
رُوِيَ أَن رُؤَسَاء من الْمُشْركين قَالُوا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَو طردت هَؤُلَاءِ الْأَعْبد عَنَّا يعنون فُقَرَاء الْمُسلمين وهم عمار وصهيب وخباب وسلمان وَأَضْرَابه وأرواح جِبَابهمْ وَكَانَت عَلَيْهِم جباب من صوف جلسنا إِلَيْك وحدثناك فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا أَنا بطارد الْمُؤمنِينَ قَالُوا فأقمهم عَنَّا إِذا جِئْنَا فَإِذا قمنا فَأَقْعَدَهُمْ مَعكُمْ إِن شِئْت قَالَ نعم طَمَعا فِي إِيمَانهم
وَرُوِيَ أَن عمر قَالَ لَهُ لَو فعلت حَتَّى نَنْظُر إِلَى مَا يصيرون قَالَ فَاكْتُبْ بذلك كتابا فَدَعَا بالصحيفة وبعلي ليكتب فَنزلت فَرَمَى بالصحيفة وَاعْتذر عمر من مقَالَته
قَالَ سلمَان وخباب فِينَا نزلت وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقْعد(1/437)
مَعنا وَنَدْنُو مِنْهُ حَتَّى تمس ركبنَا ركبته وَكَانَ يقوم عَنَّا إِذا أَرَادَ الْقيام فَنزلت واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم فَترك الْقيام عَنَّا إِلَى أَن نقوم وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي لم يُمِتْنِي حَتَّى أَمرنِي أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَ قوم من أمتِي مَعكُمْ الْمحيا وَمَعَكُمْ الْمَمَات
قلت رَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه فِي كتاب الزّهْد مَعَ تغير يسير من حَدِيث أبي سعيد الْأَزْدِيّ عَن أبي الكنود عَن خباب بن الْأَرَت فِي قَوْله تَعَالَى وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي إِلَى قَوْله فَتكون من الظَّالِمين قَالَ جَاءَ الْأَقْرَع بن حَابِس وعيينة بن حصن الْفَزارِيّ فوجدوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَعَ صُهَيْب وبلال وعمار وخباب قَاعِدا فِي نَاس من الضُّعَفَاء من الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَقرُوهُمْ فَأتوهُ فَخلوا وَقَالُوا إِنَّا نُرِيد أَن نجْعَل لنا مِنْك مَجْلِسا تعرف لنا الْعَرَب فضلنَا فَإِن وُفُود الْعَرَب تَأْتِيك ونستحي أَن تَرَانَا الْعَرَب مَعَ هَذِه الْأَعْبد فَإِذا نَحن جئْنَاك فأقمهم عَنْك فَإِذا نَحن فَرغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهم إِن شِئْت قَالَ نعم قَالُوا فَاكْتُبْ لنا عَلَيْك كتبا فَقَالَ دَعَا بِصَحِيفَة ودعا عليا ليكتب وَنحن قعُود فِي نَاحيَة فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ (وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه مَا عَلَيْك من حسابهم من شَيْء وَمَا من حِسَابك عَلَيْهِم من شَيْء فَتَطْرُدهُمْ فَتكون من الظَّالِمين) ثمَّ ذكر الْأَقْرَع بن حَابِس وعيينة فَقَالَ وَكَذَلِكَ فتنا بَعضهم بِبَعْض لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ من الله عَلَيْهِم من بَيْننَا أَلَيْسَ الله بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ ثمَّ قَالَ وَإِذا جَاءَك الَّذين يُؤمنُونَ بِآيَاتِنَا فَقل سَلام عَلَيْكُم كتب ربكُم عَلَى نَفسه الرَّحْمَة قَالَ فَدَنَوْنَا مِنْهُ حَتَّى وَضعنَا ركبنَا عَلَى ركبته وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يجلس مَعنا فَإِذا أَرَادَ أَن يقوم قَامَ وَتَركنَا فَأنْزل الله واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه وَلَا تعد عَيْنَاك عَنْهُم وَلَا تجَالس الْأَشْرَاف وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا يَعْنِي عُيَيْنَة والأقرع وَاتبع هَوَاهُ وَكَانَ أمره فرطا هَلَاكًا قَالَ أَمر عُيَيْنَة والأقرع ثمَّ ضرب لَهُم مثلا الرجلَيْن(1/438)
وَمثل الْحَيَاة الدُّنْيَا قَالَ الْخَبَّاب فَكُنَّا نقعد مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَإِذا بلغنَا السَّاعَة الَّتِي نقوم قمنا وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يقوم انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْفَضَائِل ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط بن نصر عَن السّديّ عَن أبي سعيد الْأَزْدِيّ بِهِ
وَمن طَرِيق ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة خباب
وَرَوَاهُ ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَكَذَلِكَ الْبَزَّار وَقَالَ لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا خباب وَلَا طَرِيقا لَهُ غير هَذَا الطَّرِيق انْتَهَى
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْحَادِي وَالسبْعين والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول من حَدِيث سُلَيْمَان بن عَطاء الْحَرَّانِي عَن مسلمة بن عبد الله الْحَنَفِيّ عَن عَمه أبي مشجعَة بن ربعي عَن سلمَان قَالَ جَاءَت الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عُيَيْنَة بن بدر والأقرع بن حَابِس وذووهم فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّك لَو جَلَست فِي صدر الْمَسْجِد ونفيت عَنَّا هَؤُلَاءِ وأرواح جِبَابهمْ يعنون أَبَا ذَر وسلمان وفقراء الْمُسلمين وَكَانَت عَلَيْهِم جباب صوف وَلم يكن عَلَيْهِم غَيرهَا جلسنا إِلَيْك وحدثناك وأخذنا عَنْك فَأنْزل الله تَعَالَى واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي إِلَى قَوْله إِنَّا أَعْتَدْنَا للظالمين نَارا فَقَامَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يلتمسهم حَتَّى أَصَابَهُم فِي مُؤخر الْمَسْجِد يذكرُونَ الله فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْحَمد لله الَّذِي لم يُمِتْنِي حَتَّى أَمرنِي أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَ قوم من أمتِي مَعكُمْ الْمحيا وَالْمَمَات انْتَهَى وَالله الْمُوفق(1/439)
448 - الحَدِيث السَّابِع
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سَأَلت الله أَن لَا يبْعَث عَلَى أمتِي عذَابا من فَوْقهم أَو من تَحت أَرجُلهم فَأَعْطَانِي ذَلِك وَسَأَلته أَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِي وَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن فنَاء أمتِي بِالسَّيْفِ
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَأقرب مَا وجدته إِلَى هَذَا اللَّفْظ مَا رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنِي عبد الله بن مُحَمَّد بن يزِيد حَدثنِي الْوَلِيد بن أبان ثَنَا جَعْفَر ابْن مُنِير ثَنَا أَبُو بدر شُجَاع بن الْوَلِيد ثَنَا عَمْرو بن قيس عَن رجل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة قل هُوَ الْقَادِر عَلَى أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم أَو من تَحت أَرْجُلكُم أَو يلْبِسكُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض قَالَ فَقَامَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَتَوَضَّأ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ لَا ترسل عَلَى أمتِي عذَابا من فَوْقهم وَلَا من تَحت أَرجُلهم وَلَا تَلبسهمْ شيعًا ولَا تذق بَعضهم بَأْس بعض قَالَ فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله قد أَجَارَ أمتك أَن يُرْسل عَلَيْهِم عذَابا من فَوْقهم أَو من تَحت أَرجُلهم انْتَهَى
وَقد ورد هَذَا الحَدِيث من طرق كَثِيرَة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة
فروَى مُسلم فِي صَحِيحه فِي الْفِتَن عَن سعد بن أبي وَقاص عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ سَأَلت رَبِّي ثَلَاثًا سَأَلته أَن لَا يهْلك أمتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يهْلك أمتِي بِالسنةِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِيهَا
قَالَ وَفِي الْمُوَطَّأ مَالك عَن عبد الله بن عبد الله بن جَابر بن عتِيك عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دَعَا لأمته بِثَلَاث أَن لَا يظْهر عَلَيْهِم عدوا من غَيرهم وَلَا يُهْلِكهُمْ بِالسِّنِينَ فَأَعْطَانِيهَا ودعا بِأَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِيهَا(1/440)
قَالَ ابْن عمر فَلَنْ يزَال الْهَرج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مُخْتَصر
وَرَوَى ابْن ماجة فِي سنَنه نَحوه عَن معَاذ بن جبل
وَعند النَّسَائِيّ عَن أنس بن مَالك مَرْفُوعا سَأَلت رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي شَيْئَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلته أَلا يَبْتَلِي أمتِي بِالسِّنِينَ فَفعل وَسَأَلته أَن لَا يظْهر عَلَيْهِم عدوا من غَيرنَا وَسَأَلته أَن لَا يلْبِسهُمْ شيعًا فَأَبَى عَلّي أخرجه فِي الصَّلَاة
قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة إِسْنَاده صَحِيح
وَعند التِّرْمِذِيّ فِي الْفِتَن وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن خباب بن الْأَرَت مَرْفُوعا سَأَلت رَبِّي ثَلَاث خِصَال فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلت رَبِّي أَن لَا يُهْلِكنَا بِمَا أهلك بِهِ الْأُمَم الْمَاضِيَة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يظْهر علينا عدوا من غَيرنَا فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يلْبِسنَا شيعًا فَمَنَعَنِيهَا انْتَهَى
وَعند أَحْمد فِي مُسْنده عَن أبي بصرة الْغِفَارِيّ مَرْفُوعا سَأَلت رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَرْبعا فَأَعْطَانِي ثلَاثه وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلت الله أَن لَا يجمع أمتِي عَلَى ضَلَالَة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يُهْلِكهُمْ بِالسِّنِينَ كَمَا أهلك الْأُمَم قبلهم فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يلْبِسهُمْ شيعًا ويُذِيق بَعضهم بَأْس بعض فَمَنَعَنِيهَا انْتَهَى
وَعند الطَّبَرَانِيّ عَن عَلّي مَرْفُوعا سَأَلت رَبِّي ثَلَاث خِصَال أَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة قلت يَا رب لَا تهْلك أمتِي جوعا قَالَ هَذِه لَك قلت يَا رب لَا تسلط عَلَيْهِم عدوا من غَيرهم يَعْنِي أهل الشّرك فتجتاحهم قَالَ هَذِه لَك قلت يَا رب لَا تجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِيهَا انْتَهَى
وَعند ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا دَعَوْت رَبِّي أَن يرفع عَن أمتِي أَرْبعا فَرفع عَنْهُم ثِنْتَيْنِ وَأَبَى فِي ثِنْتَيْنِ دَعَوْت رَبِّي أَن يرفع عَنْهُم الرَّجْم(1/441)
من السَّمَاء وَالْغَرق من الأَرْض وَألا يلْبِسهُمْ شيعًا وَألا يُذِيق بَعضهم بَأْس بعض فَرفع الله عَنْهُم الرَّجْم من السَّمَاء وَالْغَرق من الأَرْض وَأَبَى أَن يرفع عَنْهُم الْهَرج وَالْقَتْل انْتَهَى
وَفِي هَذَا الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة وَلَكِن مَا ذكرته أَجودهَا إِسْنَادًا
وَلم أجد لفظ المُصَنّف إِلَّا فِي تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ من غير سَنَد وَلَا راو
449 - الحَدِيث الثَّامِن
عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما نزلت عذَابا من فَوْقكُم أعوذ بِوَجْهِك فَلَمَّا نزلت أَو من تَحت أَرْجُلكُم أَو يلْبِسكُمْ شيعًا قَالَ هَاتَانِ أَهْون
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب الِاعْتِصَام من حَدِيث عَمْرو ابْن دِينَار عَن جَابر قَالَ لما نزل عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قل هُوَ الْقَادِر عَلَى أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم قَالَ أعوذ بِوَجْهِك أَو من تَحت أَرْجُلكُم قَالَ أعوذ بِوَجْهِك فَلَمَّا نزلت (أَو يلْبِسكُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض) قَالَ هَاتَانِ أَهْون أَو أيسر انْتَهَى
450 - الحَدِيث التَّاسِع
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لمَالِك بن الصَّيف وَهُوَ من أَحْبَار الْيَهُود وَرُؤَسَائِهِمْ أنْشدك بِالَّذِي أنزل التَّوْرَاة عَلَى مُوسَى هَل تَجِد فِيهَا أَن الله يبغض الحبر السمين فَأَنت الحبر السمين قد سمنت من مَالك الَّذِي تُطْعِمُك الْيَهُود فَضَحِك الْقَوْم فَغَضب ثمَّ الْتفت إِلَى عمر فَقَالَ مَا انْزِلْ الله عَلَى بشر من شَيْء فَقَالَ لَهُ قومه وَيلك مَا هَذَا الَّذِي بلغنَا عَنْك قَالَ إِنَّه أَغْضَبَنِي فَنَزَعُوهُ وَجعلُوا مَكَانَهُ كَعْب ابْن الْأَشْرَف وَقيل الْقَائِلُونَ قُرَيْش(1/442)
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا ابْن حميد ثَنَا يَعْقُوب القمي عَن جَعْفَر بن أبي الْمُغيرَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ جَاءَ رجل من الْيَهُود يُقَال لَهُ مَالك بن الصَّيف ... إِلَى قَوْله فَغَضب وَزَاد فَأنْزل الله وَمَا قدرُوا الله حق قدره إِذْ قَالُوا مَا أنزل الله عَلَى بشر من شَيْء قل من أنزل الْكتاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى انْتَهَى
وَكَذَلِكَ ذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن سعيد بن جُبَير أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لمَالِك بن الصَّيف ... إِلَى قَوْله فَغَضب وَزَاد ثمَّ قَالَ مَا أنزل الله عَلَى بشر من شَيْء
قلت وَقيل الْقَائِلُونَ قُرَيْش رَوَاهُ الطَّبَرِيّ عَن مُجَاهِد
451 - الحَدِيث الْعَاشِر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ رَأَيْت فِيمَا يرَى النَّائِم كَأَن فِي يَدي سِوَارَيْنِ من ذهب فَكَبرَا عَلّي وَأَهَمَّانِي فَأَوْحَى الله إِلَيّ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتهمَا فطَارَا عني فَأَوَّلْتهمَا الْكَذَّابين اللَّذين أَنا بَينهمَا كَذَّاب الْيَمَامَة مُسَيْلمَة وَكَذَّاب صنعاء الْأسود الْعَنسِي
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي وَمُسلم فِي الرُّؤْيَا من حَدِيث نَافِع بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم مُسَيْلمَة الْكذَّاب عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمَدِينَة فَجعل يَقُول إِن جعل لي مُحَمَّد الْأَمر من بعده تَبعته فَقَدمهَا فِي بشر كثير من قومه فَأقبل إِلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمَعَهُ ثَابت بن قيس بن شماس وَفِي يَد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قِطْعَة جَرِيدَة حَتَّى وقف عَلَى مُسَيْلمَة فِي أَصْحَابه قَالَ لَو سَأَلتنِي هَذِه الْقطعَة مَا أعطيتكها وَلنْ أَتَعَدَّى أَمر الله فِيك وَلَئِن أَدْبَرت ليَعْقِرنك الله وَإِنِّي لأرَاك الَّذِي أريت فِيك مَا رَأَيْت فَأَخْبرنِي أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ بَيْنَمَا أَنا نَائِم رَأَيْت فِي يَدي سِوَارَيْنِ من ذهب فَأَهَمَّنِي شَأْنهمَا فَأُوحي إِلَيّ فِي الْمَنَام أَن أَنْفُخَهُمَا فَنَفَخْتهمَا فطَارَا فَأَوَّلْتهمَا كَذَّابين يخرجَانِ بعدِي فَكَانَ أَحدهمَا(1/443)
الْعَنسِي صَاحب صنعاء وَالْآخر مُسَيْلمَة صَاحب الْيَمَامَة انْتَهَى
وَوهم الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فَرَوَاهُ فِي كتاب الرُّؤْيَا وَقَالَ عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
452 - الحَدِيث الْحَادِي عشر
رُوِيَ أَن عبد الله بن سعد بن أبي سرح الْقرظِيّ هُوَ الْقَائِل سَأُنْزِلُ مثل مَا أنزل الله وَكَانَ يكْتب لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَكَانَ إِذا أَمْلَى عَلَيْهِ سميعا كتب هُوَ عليما حكيما وَإِذا قَالَ عليما حكيما كتب غَفُورًا رحِيما فَلَمَّا نزل وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة من طين إِلَى آخر الْآيَة عجب عبد الله من تَفْصِيل خلق الْإِنْسَان فَقَالَ تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام اُكْتُبْهَا فَهَكَذَا نزلت فَشك عبد الله وَقَالَ إِن كَانَ مُحَمَّد صَادِقا لقد أُوحِي إِلَيّ كَمَا أُوحِي إِلَيْهِ وَإِن كَانَ كَاذِبًا فقد قلت كَمَا قَالَ فَارْتَد عَن الْإِسْلَام وَلحق بِمَكَّة ثمَّ رَجَعَ مُسلما قبل فتح مَكَّة قيل وَهُوَ النَّضر بن الْحَارِث
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ مُخْتَصرا حَدثنِي مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى (وَمن أظلم مِمَّن افتَرَى عَلَى الله كذبا أَو قَالَ أُوحِي إِلَيّ وَلم يُوح إِلَيْهِ شَيْء) إِلَى قَوْله (تُجْزونَ عَذَاب الْهون) قَالَ نزلت فِي عبد الله بن سعد بن أبي سرح أسلم وَكَانَ يكْتب للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَكَانَ إِذا أَمْلَى عَلَيْهِ سميعا عليما كتب هُوَ عليما حكيما وَإِذا قَالَ عليما حكيما كتب سميعا عليما فَشك وَكفر وَقَالَ إِن كَانَ مُحَمَّد يُوحَى إِلَيْهِ(1/444)
فقد أُوحِي إِلَيّ وَإِن كَانَ الله ينزله فقد أنزلت مثل مَا أنزل الله قَالَ مُحَمَّد سميعا عليما فَقلت أَنا عليما حكيما فلحق بالمشركين
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن الْكَلْبِيّ عَن ابْن عَبَّاس بِلَفْظ المُصَنّف ... إِلَى قَوْله فَارْتَد عَن الْإِسْلَام
وَقد ورد فِي هَذِه الْوَاقِعَة أَنَّهَا كَانَت من ابْن خطل رَوَى ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث أَصْرَم بن حَوْشَب عَن أبي سِنَان عَن الضَّحَّاك عَن النزال بن سُبْرَة عَن عَلّي بن أبي طَالب قَالَ كَانَ ابْن خطل يكْتب للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَكَانَ إِذا نزل غَفُور رَحِيم كتب رَحِيم غَفُور وَإِذا نزل سميع عليم كتب عليم سميع فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمًا اعْرِض عَلّي مَا كتبت فَعرض عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا هَكَذَا أمليتك غَفُور رَحِيم وَرَحِيم غَفُور وَسميع عليم وَعَلِيم سميع وَاحِد فَقَالَ ابْن خطل إِن كَانَ مُحَمَّد نَبيا فَإِنِّي مَا كنت أكتب إِلَّا مَا أُرِيد ثمَّ كفر وَلحق بِمَكَّة فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قتل ابْن خطل فَلهُ الْجنَّة فَقتل يَوْم فتح مَكَّة وَهُوَ مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَأَرَادَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يسْتَكْتب مُعَاوِيَة فكره أَن يَأْتِي مُعَاوِيَة مَا أَتَى من ابْن خطل فَاسْتَشَارَ جِبْرِيل فَقَالَ اسْتَكْتَبَهُ فَإِنَّهُ أَمِين انْتَهَى
وَمن طَرِيق ابْن عدي رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَقَالَ الْمُتَّهم بِهِ أَصْرَم قَالَ البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ مَتْرُوك وَقَالَ ابْن حبَان كَذَّاب يضع الحَدِيث عَلَى الثِّقَات وَقَالَ ابْن معِين كَذَّاب خَبِيث انْتَهَى كَلَامه
وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي فِي أَوَاخِر سيرته عُيُون الْأَثر بعد أَن ذكر حَدِيث ابْن عدي هَذَا إِنَّه وهم وَالْحمل فِيهِ عَلَى من دون النزال وَإِنَّمَا هَذِه الْوَقْعَة مَعْرُوفَة عَن أبن أبي سرح وَهُوَ مِمَّن أهْدر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دَمه يَوْم الْفَتْح كَابْن خطل وَتشفع ابْن أبي سرح بعثمان بن عَفَّان فَقبله عَلَيْهِ السَّلَام بعد تلوم وَحسن بعد ذَلِك إِسْلَامه حَتَّى لم ينقم عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء وَمَات سَاجِدا رَحْمَة الله تَعَالَى انْتَهَى(1/445)
453 - الحَدِيث الثَّانِي عشر
رَوَى أَبُو وَائِل عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه خطّ خطا ثمَّ قَالَ هَذِه سَبِيل الرشد ثمَّ خطّ عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله خُطُوطًا ثمَّ قَالَ هَذِه سبل عَلَى كل سَبِيل مِنْهَا شَيْطَان يَدْعُو إِلَيْهِ ثمَّ تَلا وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ الْآيَة
قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير أخبرنَا يَحْيَى بن حبيب ثَنَا حَمَّاد عَن عَاصِم عَن أبي وَائِل عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ خطّ لنا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمًا خطا فَقَالَ هَذِه سَبِيل الله ثمَّ خطّ خُطُوطًا عَن يَمِين الْخط وَعَن شِمَاله فَقَالَ هَذِه سَبِيل عَلَى كل سَبِيل مِنْهَا شَيْطَان يَدْعُو إِلَيْهِ ثمَّ تَلا وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ لِلْخَطِّ الأول وَلَا تتبعوا السبل لِلْخُطُوطِ فَتفرق بكم عَن سَبيله ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الْحَادِي عشر من الْقسم الثَّالِث وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم قَالَ الْبَزَّار وَرَوَاهُ عَن أبي وَائِل غير وَاحِد
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده وَسَنَده عَن حَمَّاد بن زيد عَن عَاصِم ابْن أبي النجُود بِهِ
454 - الحَدِيث الثَّالِث عشر
عَن الْبَراء بن عَازِب كُنَّا نتذاكر السَّاعَة إِذْ أشرف علينا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ فيمَ تتذاكرون قُلْنَا نتذاكر السَّاعَة قَالَ إِنَّهَا لَا تقوم حَتَّى تروا قبلهَا عشر آيَات الدُّخان ودابة الأَرْض وخسفا بالمشرق وخسفا بالمغرب وخسفا بِجَزِيرَة الْعَرَب(1/446)
والدجال وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ويأجوج وَمَأْجُوج ونزول عِيسَى وَنَارًا تخرج من عدن
قلت غَرِيب من حَدِيث الْبَراء
وَرَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْفِتَن من حَدِيث حُذَيْفَة قَالَ أطْلعنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَنحن نتذاكر السَّاعَة فَقَالَ إِن السَّاعَة لَا تقوم حَتَّى تكون عشرَة الدُّخان والدجال وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَالدَّابَّة وَثَلَاثَة خُسُوف خف بالمشرق وَخسف بالمغرب وَخسف فِي جَزِيرَة الْعَرَب ونزول عِيسَى بن مَرْيَم وَفتح يَأْجُوج وَمَأْجُوج ونار تخرج من عدن انْتَهَى
455 - الحَدِيث الرَّابِع عشر
فِي الحَدِيث افْتَرَقت الْيَهُود عَلَى إِحْدَى وَسبعين فرقة كلهَا فِي الهاوية إِلَّا وَاحِدَة وَهِي النَّاجِية وافترقت النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسبعين فرقة كلهَا فِي الهاوية إِلَّا وَاحِدَة وتفترق أمتِي عَلَى ثَلَاث وَسبعين كلهَا فِي الهاوية إِلَّا وَاحِدَة
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث أنس وَمن حَدِيث سعد ابْن أبي وَقاص وَمن حَدِيث مُعَاوِيَة وَمن حَدِيث عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ وَمن حَدِيث عَوْف بن مَالك وَمن حَدِيث أبي أُمَامَة وَمن حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب السّنة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة فِي كتاب الزّهْد من حَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن(1/447)
أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ افْتَرَقت الْيَهُود عَلَى إِحْدَى وَسبعين فرقة وافترقت النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسبعين فرقة وَسَتَفْتَرِقُ أمتِي عَلَى ثَلَاث وَسبعين فرقة انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح زَاد أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَة مِنْهَا ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّار وَوَاحِدَة فِي الْجنَّة وَزَاد التِّرْمِذِيّ كلهم فِي النَّار إِلَّا مِلَّة وَاحِدَة قَالُوا من هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ مَا أَنا عَلَيْهِ وأصحابي انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع السَّادِس من الْقسم الثَّالِث وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْعلم وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ وَقَالَ وَقد احْتج مُسلم بِمُحَمد بن عَمْرو واستدرك عَلَيْهِ الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره فَقَالَ لم يحْتَج بِهِ مُنْفَردا وَلَكِن مَقْرُونا بِغَيْرِهِ انْتَهَى
وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة زيد بن أسلم فَقَالَ حَدثنَا حبيب بن الْحسن ثَنَا عمر بن حَفْص السدُوسِي ثَنَا عَاصِم بن عَلّي ثَنَا أَبُو معشر عَن يَعْقُوب بن زيد بن طَلْحَة عَن زيد بن أسلم عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ افْتَرَقت أمة مُوسَى عَلَى إِحْدَى وَسبعين فرقة مِنْهُم فِي النَّار سَبْعُونَ فرقة وَوَاحِدَة فِي الْجنَّة وَتَفَرَّقَتْ أمة عِيسَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسبعين فرقة مِنْهَا فِي الْجنَّة وَاحِدَة وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّار وَتَعْلُو أمتِي عَلَى الْفرْقَتَيْنِ جَمِيعًا بِملَّة وَاحِدَة فِي الْجنَّة وثنتان وَسَبْعُونَ فِي النَّار قَالُوا من هم يَا رَسُول الله قَالَ الْجَمَاعَات مُخْتَصر
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر ثَنَا أَحْمد بن يُونُس الضَّبِّيّ ثَنَا عَاصِم بن عَلّي بِهِ سَوَاء
وَأما حَدِيث سعد بن أبي وَقاص فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده ثَنَا أَحْمد ابْن عبد الله بن يُونُس عَن أبي بكر عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن عبد الله بن عُبَيْدَة عَن ابْنه سعد عَن أَبِيهَا سعد عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحوه(1/448)
وَأما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْعلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الإفْرِيقِي بِهِ عَنهُ نَحوه وَقَالَ لَا تقوم بِهِ حجَّة وَإِنَّمَا ذكره شَاهدا
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَسكت عَنهُ
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْمدْخل من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم عَن عبد الله بن يزِيد عَن عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا إِن بني إِسْرَائِيل تفَرقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسبعين مِلَّة وَإِن أمتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاث وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة قيل وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ مَا أَنا عَلَيْهِ الْيَوْم وأصحابي مُخْتَصر
وَأما حَدِيث مُعَاوِيَة فَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن لحي الْهَوْزَنِي عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَحوه وَقَالَ إِسْنَاده تقوم بِهِ الْحجَّة
رَوَاهُ أَحْمد والدارمي فِي مسنديهما وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل وَقَالَ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه
وَأما حَدِيث عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ فَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا عَن كثير بن عبد الله ابْن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده عَمْرو بن عَوْف عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن بني إِسْرَائِيل افْتَرَقت عَلَى سبعين فرقة كلهَا ضَالَّة إِلَّا وَاحِدَة ثمَّ افْتَرَقت عَلَى عِيسَى بن مَرْيَم إِحْدَى وَسبعين فرقة كلهَا ضَالَّة إِلَّا وَاحِدَة وَإِنَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ اثْنَتَيْنِ وَسبعين فرقة كلهَا ضَالَّة إِلَّا وَاحِدَة الْإِسْلَام وجماعته وَفِيه قصَّة
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه قَالَ الْحَاكِم وَكثير بن عبد الله لَا تقوم بِهِ حجَّة
وَأما حَدِيث عَوْف بن مَالك فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث عباد ابْن يُوسُف عَن صَفْوَان بن عَمْرو عَن رَاشد بن سعد عَن عَوْف بن مَالك(1/449)
قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ افْتَرَقت الْيَهُود عَلَى إِحْدَى وَسبعين فرقة وافترقت النَّصَارَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسبعين فرقة وَسَتَفْتَرِقُ أمتِي عَلَى ثَلَاث وَسبعين فرقة وَأمتِي تزيد عَلَيْهِم فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا السوَاد الْأَعْظَم انْتَهَى قَالَ وَلم يروه عَن سلم بن رزين إِلَّا أَبُو عَلّي الْحَنَفِيّ
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي تَارِيخ أَصْبَهَان فِي تَرْجَمَة أبي غَالب ثَنَا أَحْمد بن جَعْفَر ابْن معبد ثَنَا يَحْيَى بن مطرف ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك ثَنَا قُرَيْش بن حبَان ثَنَا أَبُو غَالب بِهِ
وَأما حَدِيث جَابر بن عبد الله فَرَوَاهُ أسلم بن سهل الوَاسِطِيّ الْمَعْرُوف بِبَحْشَلٍ فِي كِتَابه تَارِيخ وَاسِط ثَنَا مُحَمَّد بن الْهَيْثَم ثَنَا شُجَاع بن الْوَلِيد عَن عَمْرو بن قيس عَمَّن حَدثهُ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَفَرَّقت الْيَهُود عَلَى إِحْدَى وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار وَتَفَرَّقَتْ النَّصَارَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار وَإِن أمتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاث وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة فَقَالَ عمر بن الْخطاب أخبرنَا يَا رَسُول الله من هم قَالَ السوَاد الْأَعْظَم انْتَهَى
456 - الحَدِيث الْخَامِس عشر
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أنزلت عَلّي سُورَة الْأَنْعَام جملَة وَاحِدَة يشيعها سَبْعُونَ ألف ملك لَهُم زجل بالتسبيح والتحميد فَمن قَرَأَ الْأَنْعَام صَلَّى عَلَيْهِ واستغفر لَهُ أُولَئِكَ السبعون ألف ملك بِعَدَد كل آيَة من سُورَة الْأَنْعَام يَوْمًا وَلَيْلَة
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من حَدِيث أبي عصمَة عَن يزِيد الْعمي(1/450)
عَن أبي نَضرة عَن ابْن عَبَّاس عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أنزلت عَلّي سُورَة الْأَنْعَام ... إِلَى آخِره سَوَاء
وَفِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ الصَّغِير بعضه قَالَ الطَّبَرَانِيّ ثَنَا إِبْرَاهِيم بن نائلة ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عَمْرو البَجلِيّ ثَنَا يُوسُف بن عَطِيَّة الصفار ثَنَا عبد الله بن عون عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نزلت عَلّي سُورَة الْأَنْعَام جملَة وَاحِدَة يشيعها سَبْعُونَ ألف ملك لَهُم زجل بالتسبيح والتحميد انْتَهَى
وَعَن الطَّبَرَانِيّ أَيْضا رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ وَمَتنه وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه حَدِيث الْكتاب بسنديه الْمُتَقَدِّمين فِي آل عمرَان وَمتْن المُصَنّف سَوَاء
وَعَن الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة عبد الله بن عَوْف وَقَالَ غَرِيب من حَدِيث ابْن عون وَلم نَكْتُبهُ إِلَّا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن يُوسُف انْتَهَى
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط من حَدِيث سَلام بن سليم الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب(1/451)
سُورَة الْأَعْرَاف(1/453)
سُورَة الْأَعْرَاف
ذكر فِيهَا اثْنَيْنِ وَعشْرين حَدِيثا
457 - قَوْله
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ من تواضع الله رفع حكمته وَقَالَ انْتَعش نَعشك الله وَمن تكبر وَعدا طوره وهصه الله إِلَى الأَرْض
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أَبْوَاب كَلَام الصَّحَابَة فِي بَاب كَلَام عمر حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر وَعبد الله بن إِدْرِيس وسُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن عجلَان عَن بكير بن عبد الله بن الْأَشَج عَن معمر بن أبي حَبِيبَة عَن عبيد الله ابْن عدي بن الْخِيَار قَالَ قَالَ عمر إِن العَبْد إِذا تواضع لله رفع الله حكمته وَقَالَ انْتَعش نَعشك الله فَهُوَ فِي نَفسه صَغِير وَفِي أنفس النَّاس كَبِير وَإِن العَبْد إِذا تعظم وَعدا طوره وهصه الله إِلَى الأَرْض وَقَالَ اخْسَأْ خسأك الله فَهُوَ فِي نَفسه كَبِير وَفِي أنفس النَّاس صَغِير حَتَّى لَهو أَحْقَر عِنْدهم من خِنْزِير انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي السَّادِس وَالْخمسين من طَرِيق عَلّي بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان عَن مُحَمَّد بن عجلَان بِهِ وَزَاد ثمَّ قَالَ عمر أَيهَا النَّاس لَا تُبغضُوا الله فِي عباده قَالُوا وَكَيف ذَاك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ يكون أحدهم إِمَامًا فَيطول عَلَى الْقَوْم الصَّلَاة حَتَّى يبغض إِلَيْهِم مَا هم فِيهِ وَيقْعد أحدهم قَاصا فَيطول عَلَى الْقَوْم حَتَّى يبغض إِلَيْهِم مَا هم فِيهِ
وَرَوَاهُ فِي كتاب الْمدْخل عَن أبي عبد الله الْحَاكِم حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب ثَنَا أَحْمد بن شَيبَان ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن عجلَان(1/455)
وَرُوِيَ بعضه مَرْفُوعا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب الْعِلَل ثَنَا الْحُسَيْن بن إِسْمَاعِيل الْمحَامِلِي ثَنَا البُخَارِيّ ثَنَا عَلّي بن الحكم ثَنَا سَلام أَبُو الْمُنْذر عَن عَلّي ابْن زيد بن جدعَان عَن يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ مَا من آدَمِيّ إِلَّا وَملك آخذ بِحِكْمَتِهِ فَإِذا رفع نَفسه قيل للْملك ضع حكمته وَإِذا وضع نَفسه قيل للْملك ارْفَعْ حكمته قَالَ الدَّارقطني حَدِيث لَا يثبت عَلّي بن زيد ضَعِيف
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من طَرِيق الدَّارقطني وَنقل كَلَامه
458 - الحَدِيث الأول
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ إِن الشَّيْطَان قعد لِابْنِ آدم بأَطْرُقِهِ قعد لَهُ بطرِيق الْإِسْلَام فَقَالَ لَهُ تضع دينك وَدين آبَائِك فَعَصَاهُ فَأسلم ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْهِجْرَة فَقَالَ لَهُ تدع دِيَارك وتتغرب فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْجِهَاد فَقَالَ لَهُ تقَاتل فَتقْتل فَيقسم مَالك وَتنْكح امْرَأَتك فَعَصَاهُ فقاتل
قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سننيه الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى فِي كتاب الْجِهَاد من حَدِيث سَالم بن أبي الْجَعْد عَن سُبْرَة بن الْفَاكِه وَيُقَال ابْن أبي الْفَاكِه قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول إِن الشَّيْطَان قعد لِابْنِ آدم بأَطْرُقِهِ فَقعدَ لَهُ بطرِيق الْإِسْلَام فَقَالَ لَهُ تسلم وَتَذَر دينك وَدين آبَائِك فَعَصَاهُ وَأسلم ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْهِجْرَة فَقَالَ تهَاجر وَتَدَع أَرْضك وَسماك وَإِنَّمَا مثل المُهَاجر كَمثل الْفرس فِي الطول فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْجِهَاد فَقَالَ تُجَاهِد فَتقْتل فَتنْكح(1/456)
الْمَرْأَة وَيقسم المَال فَعَصَاهُ فَجَاهد فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَمن فعل ذَلِك كَانَ حَقًا عَلَى الله أَن يدْخلهُ الْجنَّة انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الْحَادِي عشر من الْقسم الثَّالِث
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أول الْجِهَاد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْجِهَاد
وَوهم الطَّيِّبِيّ فِي كِتَابه فَقَالَ رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث سُبْرَة بن معبد وَإِنَّمَا هُوَ سُبْرَة بن الْفَاكِه كَمَا ذكر
459 - قَوْله
عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا رَأَى فِي عبد من عبيده طَاعَة وَحسن صَلَاة أعْتقهُ وَكَانَ عبيده يَفْعَلُونَ ذَلِك طلبا لِلْعِتْقِ فَقيل لَهُ إِنَّهُم يخدعونك فَقَالَ من خدعنَا بِاللَّه اِنْخَدَعْنَا لَهُ
قلت رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة عمر بن الْخطاب من حَدِيث مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق ثَنَا قُتَيْبَة بن سعيد ثَنَا مُحَمَّد بن يزِيد بن خُنَيْس ثَنَا عبد الْعَزِيز ابْن أبي رواد عَن نَافِع قَالَ كَانَ ابْن عمر إِذا اشْتَدَّ عجبه بِشَيْء من مَاله قربه لرَبه وَكَانَ رَقِيقه قد عرفُوا مِنْهُ ذَلِك فَرُبمَا شمر أحدهم فَيلْزم الْمَسْجِد فَإِذا رَآهُ ابْن عمر عَلَى هَذِه الْحَالة الْحَسَنَة أعْتقهُ فَيَقُول لَهُ أَصْحَابه يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن وَالله مَا بهم إِلَّا أَن يخدعونك فَقَالَ من خدعنَا بِاللَّه اِنْخَدَعْنَا لَهُ انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة ابْن عمر أَنا مُحَمَّد بن يزِيد بن خُنَيْس عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد بِهِ
460 - الحَدِيث الثَّانِي
عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت مَا رَأَيْت من النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلَا رَأَى مني تَعْنِي الْعَوْرَة(1/457)
قلت رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده ثَنَا مُجَاهِد بن مُوسَى ثَنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْأَسدي ثَنَا أَبُو كَامِل بن الْعلَا عَن أبي صَالح أرَاهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَت عَائِشَة مَا أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أحدا من نِسَائِهِ إِلَّا مقنعا يُرْخِي الثَّوْب عَلَى رَأسه وَمَا رَأَيْته من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلَا رَآهُ مني تَعْنِي الْفرج انْتَهَى
وَمن طَرِيق أبي يعْلى رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه الْوَفَاء
وَرَوَاهُ الدَّارقطني فِي كِتَابه الْمُسَمَّى غرائب مَالك حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل ابْن إِسْحَاق الْفَارِسِي ثَنَا مُحَمَّد بن كَامِل بن مَيْمُون الزيات ثَنَا زيد بن الْحسن ثَنَا مَالك بن أنس حَدثنِي ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت مَا نظرت إِلَى فرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلَا نظر إِلَى فَرجي قطّ انْتَهَى ثمَّ قَالَ مُحَمَّد ابْن كَامِل وَزيد بن حسن ضعيفان وَلَا يَصح هَذَا عَن مَالك وَلَا عَن الزُّهْرِيّ انْتَهَى
وَمن طَرِيق الدَّارقطني رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية وَنقل كَلَامه بِحُرُوفِهِ
وَبَعض الحَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل فِي بَاب حَيَاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَابْن ماجة فِي سنَنه فِي الطَّهَارَة وَفِي النِّكَاح من حَدِيث عبد الله بن يزِيد عَن مولَى لعَائِشَة عَن عَائِشَة قَالَت مَا رَأَيْت فرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قطّ انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الصَّغِير من حَدِيث بركَة بن مُحَمَّد الْحلَبِي ثَنَا يُوسُف بن أَسْبَاط ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مُحَمَّد بن جحادة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن عَائِشَة مثله انْتَهَى(1/458)
461 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كل مَا شِئْت والبس مَا شِئْت مَا أَخْطَأتك خصلتان سرف ومخيلة
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي كتاب الْأَدَب وَفِي كتاب اللبَاس ثَنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كل مَا شِئْت والبس مَا شِئْت مَا أَخْطَأتك خلَّتَانِ سرف ومخيلة انْتَهَى
وَذكره البُخَارِيّ تَعْلِيقا فِي صَحِيحه فِي كتاب اللبَاس فَقَالَ وَقَالَ ابْن عَبَّاس ... فَذكره
وَورد مثله مَرْفُوعا وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه فِي الزَّكَاة وَابْن ماجة فِي اللبَاس من حَدِيث قَتَادَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كلوا وَاشْرَبُوا وتصدقوا وَالْبَسُوا مَا لم يخالطه إِسْرَاف ومخيلة انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْأَطْعِمَة وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
462 - الحَدِيث الثَّالِث
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمعدة بَيت الدَّاء وَالْحمية رَأس كل دَوَاء وَأعْطِ كل بدن مَا عودته
قلت وَذكر الْمُؤلف لَهُ حِكَايَة فَقَالَ حُكيَ عَن الرشيد أَنه كَانَ لَهُ طَبِيب نَصْرَانِيّ حذق فَقَالَ لعَلي بن حُسَيْن بن وَاقد يَوْمًا لَيْسَ فِي كتابكُمْ من علم الطِّبّ شَيْء وَالْعلم علمَان علم الْأَدْيَان وَعلم الْأَبدَان فَقَالَ لَهُ عَلّي قد جمع الله الطِّبّ فِي نصف آيَة من كِتَابه قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ قَوْله تَعَالَى وكلوا وَاشْرَبُوا(1/459)
وَلَا تسرفوا) فَقَالَ النَّصْرَانِي وَلَا يُؤثر عَن رَسُولكُم أَيْضا شَيْء فِي الطِّبّ فَقَالَ قد جمع نَبينَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الطِّبّ فِي كَلِمَتَيْنِ قَالَ وَمَا هما ... فَذكر لَهُ الحَدِيث قَالَ النَّصْرَانِي مَا ترك كتابكُمْ وَلَا نَبِيكُم لِجَالِينُوسَ طِبًّا
قلت غَرِيب جدا
ورد فِي هَذَا الْمَعْنى حديثان
أَحدهمَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع وَالثَّلَاثِينَ من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن جريج الرهاوي عَن زيد بن أبي أنيسَة عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْمعدة حَوْض الْبدن وَالْعُرُوق إِلَيْهَا وَارِدَة فَإِذا صحت الْمعدة صدرت الْعُرُوق بِالصِّحَّةِ وَإِذا فَسدتْ الْمعدة صدرت الْعُرُوق بِالسقمِ انْتَهَى ثمَّ قَالَ إِسْنَاده ضَعِيف انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي ضعفَاهُ وَقَالَ حَدِيث بَاطِل لَا أصل لَهُ وَإِبْرَاهِيم بن جريج قَالَ الْأَزْدِيّ فِيهِ مَتْرُوك
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله هَذَا حَدِيث لَا يَصح وَلَا يعرف من كَلَام النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم يسند إِبْرَاهِيم بن جريج غير هَذَا وَكَانَ طَبِيبا فَجعل لَهُ إِسْنَادًا انْتَهَى
أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط بالسند الْمَذْكُور
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي كتاب الضُّعَفَاء عَن يَحْيَى بن عبد الله الْبَابلُتِّي عَن إِبْرَاهِيم بن جريج بِهِ وَأعله بِيَحْيَى الْبَابلُتِّي وَقَالَ إِنَّه كثير الْخَطَأ لَا يقبل مَا انْفَرد بِهِ وَلم يعله بِابْن جريج وَلَا ترْجم لَهُ فِي كِتَابه وَذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات
الحَدِيث الثَّانِي حَدِيث أصل كل دَاء الْبردَة(1/460)
رَوَاهُ ابْن عدي فِي كَامِله من ثَلَاث طرق
أَحدهَا حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم الْكُوفِي ثَنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى ثَنَا ابْن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن دراج عَن أبي الْهَيْثَم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أصل كل دَاء الْبردَة انْتَهَى ثمَّ قَالَ هَذَا بَاطِل بِهَذَا الْإِسْنَاد وَأَخْطَأ عبد الرَّحْمَن عَلَى يُونُس انْتَهَى
الثَّانِي ثَنَا أَبُو يعْلى ثَنَا الحكم بن مُوسَى ثَنَا مسلمة بن عَلّي الْخُشَنِي عَن ابْن جريج عَن رجل عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ أصل كل دَاء الْبرد انْتَهَى وَأعله بِمسلمَة وَضَعفه عَن البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن معِين وَوَافَقَهُمْ
الثَّالِث عَن مُحَمَّد بن جَابر عَن تَمام بن نجيح عَن الْحسن عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أصل كل دَاء الْبرد انْتَهَى وَضعف تَمامًا عَن البُخَارِيّ وَوَثَّقَهُ عَن ابْن معِين قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ حَدِيث مُنكر
ثمَّ رَوَاهُ عَن عباد بن مَنْصُور عَن الْحسن قَوْله قَالَ وَهُوَ أشبه بِالصَّوَابِ انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من طَرِيق الدَّارقطني عَن ابْن حبَان بِسَنَدِهِ عَن مُحَمَّد بن جَابر عَن تَمام بن نجيح بِهِ ثمَّ قَالَ هَكَذَا رَوَاهُ الْبرد وَقد رَوَاهُ غَيره الْبردَة بِالْهَاءِ وَهِي التُّخمَة حَكَى الْأَعْمَش أَنه قَالَ سَأَلت أَعْرَابِيًا عَن الْبردَة فَقَالَ التُّخمَة قَالَ ابْن قُتَيْبَة وَلست أحفظ هَذَا عَن عُلَمَائِنَا فَإِن كَانَ صَحِيحا فَالْمَعْنَى حسن انْتَهَى كَلَامه
وَقَالَ الدَّارقطني فِي علله هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو نعيم الْحلَبِي عَن مُحَمَّد ابْن جَابر الْحلَبِي عَن تَمام عَن الْحسن عَن أنس وَمُحَمّد بن جَابر وَتَمام ضعيفان
وَرُوِيَ عَن عباد بن مَنْصُور عَن الْحسن قَوْله وَهُوَ أشبه بِالصَّوَابِ انْتَهَى(1/461)
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي كتاب الضُّعَفَاء عَن تَمام بن نجيح وَأعله بِتمَام وَقَالَ إِنَّه مُنكر الحَدِيث جدا يروي عَن الثِّقَات أَشْيَاء مَوْضُوعَة كَأَنَّهُ الْمُتَعَمد لَهَا انْتَهَى
463 - قَوْله
عَن عَلّي فِي قَوْله تَعَالَى وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا قَالَ إِنِّي لأرجو أَن أكون أَنا وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر مِنْهُم
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي آخر الْكتاب حَدثنَا وَكِيع عَن أبان ابْن عبد الله البَجلِيّ عَن نعيم بن أبي هِنْد عَن ربعي بن حِرَاش عَن عَلّي فَذكره
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى ثَنَا مُحَمَّد بن نور عَن معمر عَن قَتَادَة قَالَ قَالَ عَلّي فِي قَوْله تَعَالَى ... فَذكره
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة الزُّبَيْر أخبرنَا قبيصَة بن عقبَة ثَنَا سُفْيَان عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ قَالَ عَلّي
464 - الحَدِيث الرَّابِع
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ سَيكون قوم يعتدون فِي الدُّعَاء فَحسب الْمَرْء أَن يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة وَمَا قرب إِلَيْهَا من قَول وَعمل وَأَعُوذ بك من النَّار وَمَا قرب إِلَيْهَا من قَول وَعمل ثمَّ قَرَأَ إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ
قلت رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده من حَدِيث شُعْبَة أَخْبرنِي زِيَاد بن(1/462)
مِخْرَاق سَمِعت قيس بن عَبَايَة عَن مولَى لسعد يَقُول إِن سَعْدا سمع ابْنا لَهُ يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة وغرفها وَكَذَا وَكَذَا وَأَعُوذ بك من النَّار وأغلالها وَكَذَا وَكَذَا فَقَالَ لَهُ سعد لقد سَأَلت الله خيرا كثيرا وتعوذت بِهِ من شَرّ كَبِير وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول سَيكون قوم يعتدون فِي الدُّعَاء وَبِحَسْبِكَ أَن تَقول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة وَمَا قرب إِلَيْهَا من قَول وَعمل وَأَعُوذ بك من النَّار وَمَا قرب إِلَيْهَا من قَول وَعمل قَالَ وَلَا أَدْرِي قَوْله وَبِحَسْبِكَ أَن تَقول هِيَ من قَول سعد أم من قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده حَدثنَا شُعْبَة بِهِ سندا ومتنا إِلَّا أَنه قَالَ فِيهِ وَبِحَسْبِكَ أَن تَقول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم انْتَهَى
وَمن طَرِيق الطَّيَالِسِيّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الدَّعْوَات بِسَنَدِهِ وَمَتنه
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من طَرِيق الطَّيَالِسِيّ بِسَنَدِهِ وَمَتنه
وَفِي سنَن أبي دَاوُد بعضه رَوَاهُ فِي كتاب الطَّهَارَة من حَدِيث قيس عَن عبد الله بن مُغفل أَنه سمع ابْنه يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْقصر الْأَبْيَض عَن يَمِين الْجنَّة إِذا دَخَلتهَا فَقَالَ أَي بني سل الله الْجنَّة وتعوذ بِهِ من النَّار فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول سَيكون فِي هَذِه الْأمة قوم يعتدون فِي الدُّعَاء وَالطهُور انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّامِن وَالسِّتِّينَ من الْقسم الثَّالِث عَن أبي نعَامَة عَن ابْن مُغفل بِهَذَا الْمَتْن وَكَذَلِكَ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الدُّعَاء وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَرَوَاهُ ابْن ماجة فِي سنَنه فِي كتاب الدُّعَاء بِسَنَد أبي دَاوُد وَمَتنه وَلم يذكر فِيهِ الطّهُور
465 - الحَدِيث الْخَامِس
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يَتَحَنَّث قبل الْبَعْث بحراء فَلَمَّا(1/463)
أُوحِي إِلَيْهِ جَاءَ قومه يَدعُوهُم
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي أول صَحِيحه وَمُسلم فِي كتاب الْإِيمَان عَن عَائِشَة قَالَت أول مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة فِي النّوم وَكَانَ لَا يرَى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح ثمَّ حبب إِلَيْهِ الْخَلَاء وَكَانَ يخلوا بِغَار حراء فَيَتَحَنَّث فِيهِ مُخْتَصر
466 - الحَدِيث السَّادِس
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين مر بِالْحجرِ فِي غَزْوَة تَبُوك قَالَ لأَصْحَابه لَا يدخلن أحد مِنْكُم الْقرْيَة وَلَا تشْربُوا من مَائِهَا وَلَا تدْخلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبين إِلَّا أَن تَكُونُوا بَاكِينَ أَن يُصِيبكُم مثل مَا أَصَابَهُم
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع من صَحِيحه فِي الصَّلَاة وَفِي الْمَغَازِي وَفِي التَّفْسِير وَفِي بَدْء الْخلق وَمُسلم فِي آخر الْكتاب عَن عبد الله بن عمر قَالَ مَرَرْنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى الْحجر فَقَالَ لنا لَا تدْخلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبين إِلَّا أَن تَكُونُوا بَاكِينَ حذرا أَن يُصِيبكُم مثل مَا أَصَابَهُم انْتَهَى
وَرَوَى البُخَارِيّ فِي بَدْء الْخلق فِي بَاب قَوْله تَعَالَى وَإِلَى ثَمُود أَخَاهُم صَالحا عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما نزل الْحجر فِي غَزْوَة تَبُوك أَمرهم أَن لَا يشْربُوا من مَائِهَا وَلَا يَسْتَقُوا من بِئْرهَا فَقَالُوا قد عَجنا مِنْهَا وَاسْتَقَيْنَا فَأَمرهمْ أَن يطْرَحُوا ذَلِك الْعَجِين وَيُهرِيقُوا ذَلِك المَاء انْتَهَى
467 - الحَدِيث السَّابِع
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعَلي يَا عَلّي أَتَدْرِي من أَشْقَى الْأَوَّلين قَالَ الله وَرَسُوله أعلم قَالَ عَاقِر نَاقَة صَالح أَتَدْرِي من أَشْقَى الآخرين قَالَ الله وَرَسُوله أعلم قَالَ قَاتلك(1/464)
قلت رُوِيَ من حَدِيث عمار بن يَاسر وَمن حَدِيث جَابر بن سَمُرَة وَمن حَدِيث صُهَيْب وَمن حَدِيث عَلّي
أما حَدِيث عمار فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه الْكُبْرَى فِي خَصَائِص عَلّي من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق ثني يزِيد بن مُحَمَّد بن خثيم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ حَدثنِي أَبوك مُحَمَّد بن خثيم بن مرْثَد الْمحَاربي عَن عمار بن يَاسر قَالَ كنت أَنا وَعلي بن أبي طَالب رَفِيقَيْنِ فِي غَزْوَة الْعسرَة فَذكرهَا إِلَى أَن قَالَ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا عَلّي أَلا أخْبرك بِأَشْقَى النَّاس رجلَيْنِ قَالَ بلَى يَا رَسُول الله قَالَ أُحَيْمِر ثَمُود الَّذِي عقر النَّاقة وَالَّذِي يَضْرِبك يَا عَلّي عَلَى هَذِه وَأَشَارَ إِلَى رَأسه حَتَّى يبل هَذِه وَوضع يَده عَلَى لحيته ... الحَدِيث مُخْتَصر
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَابْن هِشَام فِي السِّيرَة وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْفَضَائِل وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ
وَأما حَدِيث جَابر بن سَمُرَة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه ثمَّ أخرجه النَّسَائِيّ فِي كتاب الكنى عَن إِسْمَاعِيل بن أبان بِهِ سَوَاء وَأَبُو نعيم فِي كِتَابه دَلَائِل النُّبُوَّة فِي الْبَاب الثَّامِن وَالْعِشْرين عَن الطَّبَرَانِيّ حَدثنَا عَبْدَانِ بن أَحْمد ثَنَا يُوسُف ابْن مُوسَى ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبان ثَنَا نَاصح عَن سماك بن حَرْب عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لعَلي يَا عَلّي من أَشْقَى ثَمُود قَالَ عَاقِر النَّاقة فَمن أَشْقَى هَذِه الْأمة قَالَ الله أعلم قَالَ قَاتلك انْتَهَى
وَأما حَدِيث صُهَيْب فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه أَيْضا وَأَبُو يعْلى فِي مُسْنده من حَدِيث رشدين بن سعد عَن يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد عَن عُثْمَان بن صُهَيْب عَن أَبِيه صُهَيْب أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ يَوْمًا لعَلي يَا عَلّي تَدْرِي من أَشْقَى الْأَوَّلين قَالَ الَّذِي عقر النَّاقة يَا رَسُول الله قَالَ صدقت وَتَدْرِي من أَشْقَى الآخرين قَالَ لَا أعلم يَا رَسُول الله قَالَ الَّذِي يَضْرِبك عَلَى هَذِه وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى يَافُوخه فَكَانَ عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يَقُول لأهل الْعرَاق أما وَالله لَوَدِدْت أَنه(1/465)
قد انْبَعَثَ أشقاكم فَخَضَّبَ هَذِه يَعْنِي لحيته من هَذِه يَعْنِي رَأسه انْتَهَى
وَعَن الطَّبَرَانِيّ أَيْضا رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة
وَأما حَدِيث عَلّي فَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة وَالشَّمْس وَضُحَاهَا ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عَلّي بن إِسْمَاعِيل ثَنَا مُحَمَّد بن عِيسَى بن السكن ثَنَا عَاصِم بن عَلّي عَن قيس بن الرّبيع عَن مُسلم الْأَعْوَر عَن ابْن عدي عَن عَلّي قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا عَلّي أَتَدْرِي من أَشْقَى الْأَوَّلين قَالَ قلت عَاقِر نَاقَة ثَمُود قَالَ صدقت فَمن أَشْقَى الآخرين قلت لَا أَدْرِي قَالَ الَّذِي يَضْرِبك عَلَى هَذِه يَعْنِي رَأسه كَمَا عَاقِر نَاقَة الله أَشْقَى من بني ثَمُود انْتَهَى
468 - الحَدِيث الثَّامِن قَالَ المُصَنّف وَمِنْه الْمُجثمَة الَّتِي ورد النَّهْي عَنْهَا وَهِي الْبَهِيمَة ترْبط وَتجمع قَوَائِمهَا
قلت رُوِيَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَمن حَدِيث أبي الدَّرْدَاء وَمن حَدِيث الْعِرْبَاض بن سَارِيَة وَمن حَدِيث أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي وَمن حَدِيث أنس بن مَالك وَمن حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث جَابر
أما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي الْأَشْرِبَة وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْأَطْعِمَة وَالنَّسَائِيّ فِي الذَّبَائِح من حَدِيث قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نهَى عَن الشّرْب من فِي السقاء وَعَن ركُوب الْجَلالَة وَعَن الْمُجثمَة انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْتَدْركه وَابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع من الْقسم الثَّانِي وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْحَج وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ
وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه فِي الصَّيْد من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد أبي أَيُّوب الإفْرِيقِي عَن صَفْوَان بن سليم عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ نهَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن أكل الْمُجثمَة وَهِي الَّتِي تصبر بِالنَّبلِ انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث غَرِيب
قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ سعيد بن الْمسيب عَن أبي الدَّرْدَاء لَا يَسْتَوِي
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ إِسْنَاده حسن وَلَا نعلم رَوَى سعيد عَن أبي الدَّرْدَاء غير هَذَا الحَدِيث
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده
وَكَأن بَين سعيد وَأبي الدَّرْدَاء رجلا آخر وَسَيَأْتِي بَيَانه فِي الزمر من حَدِيث الْخَطفَة
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن يزِيد بن عبد الله السَّعْدِيّ عَن سعيد بن الْمسيب بِهِ
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأَبُو يعْلى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا عَلّي بن عَاصِم ثَنَا سُهَيْل بِهِ
حَدثنَا جرير عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن عبد الله بن يزِيد رجل من بني سعد بن بكر عَن ابْن الْمسيب بِهِ
وَمن طريقهما رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه
وَأما حَدِيث الْعِرْبَاض بن سَارِيَة فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا فِي الصَّيْد عَن أم حَبِيبَة بنت الْعِرْبَاض بن سَارِيَة عَن أَبِيهَا الْعِرْبَاض بن سَارِيَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نهَى عَن الْمُجثمَة وَسكت عَنهُ التِّرْمِذِيّ
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْبيُوع وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
أما حَدِيث أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه فِي الذَّبَائِح من(1/466)
وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه فِي الصَّيْد من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد أبي أَيُّوب الإفْرِيقِي عَن صَفْوَان بن سليم عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ نهَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن أكل الْمُجثمَة وَهِي الَّتِي تصبر بِالنَّبلِ انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث غَرِيب
قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله سَأَلت أبي عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ سعيد بن الْمسيب عَن أبي الدَّرْدَاء لَا يَسْتَوِي
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَقَالَ إِسْنَاده حسن وَلَا نعلم رَوَى سعيد عَن أبي الدَّرْدَاء غير هَذَا الحَدِيث
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده
وَكَأن بَين سعيد وَأبي الدَّرْدَاء رجلا آخر وَسَيَأْتِي بَيَانه فِي الزمر من حَدِيث الْخَطفَة
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن يزِيد بن عبد الله السَّعْدِيّ عَن سعيد بن الْمسيب بِهِ
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأَبُو يعْلى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا عَلّي بن عَاصِم ثَنَا سُهَيْل بِهِ
حَدثنَا جرير عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن عبد الله بن يزِيد رجل من بني سعد بن بكر عَن ابْن الْمسيب بِهِ
وَمن طريقهما رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه
وَأما حَدِيث الْعِرْبَاض بن سَارِيَة فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا فِي الصَّيْد عَن أم حَبِيبَة بنت الْعِرْبَاض بن سَارِيَة عَن أَبِيهَا الْعِرْبَاض بن سَارِيَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نهَى عَن الْمُجثمَة وَسكت عَنهُ التِّرْمِذِيّ
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْبيُوع وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَأما حَدِيث أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي فَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه فِي الذَّبَائِح من(1/467)
حَدِيث جُبَير بن نفير عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا تحل الْمُجثمَة وَلَا كل ذِي نَاب من السبَاع
وَرَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي مُسْنده أخبرنَا عبد الله بن مسلمة ثَنَا أَبُو أويس ابْن عَم مَالك بن أنس عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي ... فَذكره
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا زَكَرِيَّا بن عدي أَنا بَقِيَّة عَن بحير بن سعد عَن خَالِد بن معدان عَن جُبَير بن نفير بِهِ سَوَاء
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْأَطْعِمَة بِسَنَد ابْن أبي شيبَة سَوَاء أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حرم يَوْم خَيْبَر كل ذِي نَاب من السبَاع وَالْمُجَثمَة وَالْحمار الْإِنْسِي انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْبيُوع من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ نهَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن الْمُجثمَة وَالْجَلالَة وَسكت عَنهُ
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده ثَنَا حُسَيْن بن عَلّي عَن زَائِدَة عَن مُحَمَّد ابْن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا نَحوه
وَأما حَدِيث جَابر فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده أَيْضا ثَنَا هَاشم بن الْقَاسِم ثَنَا عِكْرِمَة بن عمار عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن جَابر أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم خَيْبَر حرم الْمُجثمَة وَالْخلْسَة وَالنهبَة مُخْتَصر
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث عِكْرِمَة بن عمار بِهِ
وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم ثَنَا شَبابَة ثَنَا الْمُغيرَة بن مُسلم ثَنَا مطر عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نهَى عَن الْمُجثمَة وَالْجَلالَة وَالشرب من فِي السقاء انْتَهَى(1/468)
وَرَوَى حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَيْضا ثَنَا مُحَمَّد بن يسَار ثَنَا عبد الْوَهَّاب ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو
469 - الحَدِيث الثَّامِن
عَن جَابر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما مر بِالْحجرِ قَالَ لَا تسألوا الْآيَات فقد سَأَلَهَا قوم صَالح فَأَخَذتهم الصَّيْحَة فَلم تبْق مِنْهُم إِلَّا رجلا وَاحِدًا كَانَ فِي حرم الله قَالُوا من هُوَ قَالَ ذَاك أَبُو رِغَال فَلَمَّا خرج من الْحرم أَصَابَهُ مَا أصَاب قومه
قلت رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع السَّادِس من الْقسم الثَّالِث وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم عَن أبي الزُّبَيْر عَن جَابر ابْن عبد الله أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما نزل الْحجر فِي غَزْوَة تَبُوك قَامَ فَخَطب النَّاس فَقَالَ يأيها النَّاس لَا تسألوا نَبِيكُم عَن الْآيَات هَؤُلَاءِ قوم صَالح سَأَلُوا نَبِيّهم أَن يبْعَث لَهُم آيَة فَبعث الله لَهُ النَّاقة فَكَانَت ترد من هَذَا الْفَج فَتَشرب مَاءَهُمْ يَوْم وُرُودهَا وَيَشْرَبُونَ من لَبنهَا مثل مَا كَانُوا يبزوون من مَائِهِمْ فَعَتَوْا عَن أَمر رَبهم فَعَقَرُوهَا فَوَعَدَهُمْ الله ثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَ مَوْعُودًا من الله غير مَكْذُوب ثمَّ جَاءَتْهُم الصَّيْحَة فَأهْلك الله من كَانَ تَحت مَشَارِق الأَرْض وَمَغْرِبهَا مِنْهُم إِلَّا رجلا كَانَ فِي حرم الله فَمَنعه حرم الله من عَذَاب الله قَالُوا يَا رَسُول الله من هُوَ قَالَ أَبُو رِغَال انْتَهَى قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ وَقَالَ شَيخنَا الذَّهَبِيّ هُوَ عَلَى شَرط مُسلم
رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أَنا معمر عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم بِهِ وَزَاد فِيهِ زِيَادَة قَالَ معمر وَأَخْبرنِي إِسْمَاعِيل بن أُميَّة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مر بِقَبْر أبي رِغَال فَقَالَ أَتَدْرُونَ مَا هَذَا قَالُوا الله وَرَسُوله أعلم قَالَ هَذَا قبر أبي رِغَال قَالُوا وَمن أَبُو رِغَال قَالَ رجل من ثَمُود كَانَ فِي حرم الله فَمَنعه حرم الله من عَذَاب الله فَلَمَّا خرج أَصَابَهُ مَا أصَاب قومه فَدفن هَاهُنَا وَدفن مَعَه(1/469)
غُصْن من ذهب فَنزل الْقَوْم فَابْتَدَرُوهُ وَبَحَثُوا عَنهُ بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى اسْتخْرجُوا الْغُصْن قَالَ معمر قَالَ الزُّهْرِيّ وَأَبُو رِغَال هُوَ أَبُو ثَقِيف انْتَهَى
وَعَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما والطبري فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ وَمَتنه بِزِيَادَتِهِ
470 - الحَدِيث التَّاسِع
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مر بِقَبْر أبي رِغَال فَقَالَ أَتَدْرُونَ من هَذَا قَالُوا الله وَرَسُوله أعلم فَذكر قصَّة أبي رِغَال وَأَنه دفن هَاهُنَا وَدفن مَعَه غُصْن من ذهب فَابْتَدَرُوهُ وَبَحَثُوا عَنهُ بِأَسْيَافِهِمْ وَاسْتَخْرَجُوا الْغُصْن
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْخراج من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن بجير بن أبي بجير عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول حِين خرجنَا مَعَه إِلَى الطَّائِف فمررنا مَعَه بِقَبْر فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هَذَا قبر أبي رِغَال وَكَانَ بِهَذَا الْحرم يدْفع عَنهُ فَلَمَّا خرج أَصَابَته النقمَة الَّتِي أَصَابَت قومه بِهَذَا الْمَكَان فَدفن فِيهِ وَآيَة ذَلِك أَنه دفن مَعَه غُصْن من ذهب إِن أَنْتُم نَبَشْتُمْ عَنهُ أصبْتُم مَعَه فَابْتَدَرَهُ النَّاس فَاسْتَخْرَجُوا الْغُصْن انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي النَّوْع السَّادِس من الْقسم الثَّالِث وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَعَن الطَّبَرَانِيّ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة
قَالَ ابْن الْقطَّان فِي كتاب الْوَهم وَالْإِيهَام والْحَدِيث من أجل بجير بن أبي بجير لَا يَصح فَإِنَّهُ مَجْهُول الْحَال قَالَ ابْن معِين لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا الحَدِيث وَلم أسمع أحدا رَوَى عَنهُ غير إِسْمَاعِيل بن أُميَّة انْتَهَى
وَقَوله فَبَحَثُوا عَنهُ بِأَسْيَافِهِمْ تقدم فِي الحَدِيث قبله فِي رِوَايَة مرسله(1/470)
471 - الحَدِيث الْعَاشِر
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سَبَقَك بهَا عكاشة
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب الطِّبّ وَمُسلم فِي الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عرضت عَلّي الْأُمَم فَجعل النَّبِي وَالنَّبِيَّانِ يَمرونَ مَعَهم الرَّهْط وَالنَّبِيّ لَيْسَ مَعَه أحد حَتَّى رفع لي سَواد عَظِيم قلت مَا هَذَا أمتِي هَذِه قيل مُوسَى وَقَومه قيل انْظُر إِلَى الْأُفق فَإِذا سَواد عَلَى الْأُفق ثمَّ قيل لي انْظُر هَاهُنَا وَهَاهُنَا فِي آفَاق السَّمَاء فَإِذا سَواد قد مَلأ الْأُفق قيل هَذِه أمتك وَيدخل الْجنَّة من هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ ألفا بِغَيْر حِسَاب ثمَّ دخل وَلم يبين لَهُم فَأَفَاضَ الْقَوْم وَقَالُوا نَحن الَّذين آمنا بِاللَّه وَاتَّبَعنَا رَسُوله فَنحْن هم أم أَوْلَادنَا الَّذين ولدُوا فِي الْإِسْلَام وَإِنَّمَا ولدنَا فِي الْجَاهِلِيَّة فَبلغ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَخرج فَقَالَ هم الَّذين لَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ فَقَالَ عكاشة بن مُحصن أَنا مِنْهُم يَا رَسُول الله قَالَ نعم فَقَامَ آخر فَقَالَ أَمنهم أَنا قَالَ سَبَقَك بهَا عكاشة انْتَهَى
وَلمُسلم فِيهِ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا يدْخل من أمتِي الْجنَّة سَبْعُونَ ألفا بِغَيْر حِسَاب فَقَامَ عكاشة بن مُحصن قَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُم فَقَامَ آخر فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم فَقَالَ سَبَقَك بهَا عكاشة انْتَهَى وَلمُسلم نَحوه عَن عمرَان بن حُصَيْن وَينظر الْأَطْرَاف
472 - الحَدِيث الْحَادِي عشر
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام اعْفُوا اللحَى
قلت تقدم فِي الْبَقَرَة(1/471)
473 - الحَدِيث الثَّانِي عشر
فِي الحَدِيث سَتَرَوْنَ ربكُم كَمَا ترَوْنَ الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي تَفْسِير سُورَة النِّسَاء وَفِي غَيره وَمُسلم فِي الْإِيمَان من حَدِيث عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن نَاسا قَالُوا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هَل نرَى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هَل تضَارونَ فِي الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر قَالُوا لَا يَا رَسُول الله قَالَ فَإِنَّكُم سَتَرَوْنَهُ كَذَلِك ... الحَدِيث بِطُولِهِ
وَأَخْرَجَا نَحوه عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن نَاسا قَالُوا يَا رَسُول الله هَل نرَى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ هَل تضَارونَ فِي الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر قَالُوا لَا يَا رَسُول الله قَالَ هَل تضَارونَ فِي الشَّمْس لَيْسَ دونهَا سَحَاب قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّكُم تَرَوْنَهُ كَذَلِك ... الحَدِيث بِطُولِهِ
وَأَخْرَجَا فِي الصَّلَاة عَن قيس بن أبي حَازِم سَمِعت جرير بن عبد الله يَقُول كُنَّا جُلُوسًا عِنْد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذْ نظر إِلَى الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر فَقَالَ أما إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم كَمَا ترَوْنَ هَذَا الْقَمَر لَا تضَامون فِي رُؤْيَته فَإِن اسْتَطَعْتُم أَن لَا تغلبُوا عَن صَلَاة قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا يَعْنِي الْفجْر وَالْعصر ثمَّ قَرَأَ جرير وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا انْتَهَى
وَرَوَى البُخَارِيّ فِي كتاب التَّوْحِيد بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم عيَانًا انْتَهَى
474 - الحَدِيث الثَّالِث عشر
عَن الفضيل قَالَ ذكر لنا عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا عظمت أمتِي الدُّنْيَا نزع عَنْهَا هَيْبَة الْإِسْلَام وَإِذا تركُوا الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر حرمت بركَة الْوَحْي(1/472)
قلت لم أَجِدهُ عَن الفضيل بن عِيَاض
والْحَدِيث رَوَاهُ أَبُو عبد الله التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي كِتَابه نَوَادِر الْأُصُول حَدثنَا عمر بن أبي عمر ثَنَا مُحَمَّد بن المتَوَكل عَن البخْترِي بن عبيد عَن سُلَيْمَان الْأَغَر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا عظمت أمتِي الدُّنْيَا نزع مِنْهَا هَيْبَة الْإِسْلَام وَإِذا تركت الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر حرمت بركَة الْوَحْي وَإِذا تَسَابَّتْ أمتِي سَقَطت من عين الله عَزَّ وَجَلَّ انْتَهَى ذكره فِي الأَصْل الْخَامِس وَالسبْعين بعد الْمِائَة
475 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس الْكَلْب مُنْقَطع الْفُؤَاد يَلْهَث إِن حمل عَلَيْهِ أَو لم يحمل عَلَيْهِ
476 - قَوْله
وَفِي كتاب عمر إِلَى خَالِد بن الْوَلِيد بَلغنِي أَن أهل الشَّام اتَّخذُوا لَك دلُوكا عجن بِخَمْر وَإِنِّي لَأَظُنكُمْ آل الْمُغيرَة ذَرْء النَّار
قلت رَوَاهُ الإِمَام أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن حميد بن ربيعَة عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى أَن عمر كتب إِلَى خَالِد بن الْوَلِيد بَلغنِي أَنَّك دخلت حَماما بِالشَّام وَأَن من بهَا من الْأَعَاجِم أعدُّوا لَك دلُوكا عجن بِخَمْر وَإِنِّي لَأَظُنكُمْ آل الْمُغيرَة ذَرْء النَّار انْتَهَى ثمَّ قَالَ يرْوَى ذَرْء بِالْهَمْزَةِ وَيروَى ذرو بِالْوَاو فَمن قَالَ ذَرْء بِالْهَمْزَةِ فَإِنَّهُ أَرَادَ خلق النَّار أَي إِنَّكُم خلقْتُمْ لَهَا من قَوْلهم ذَرأ الله الْخلق يَذْرَؤُهُمْ ذَرْءًا وَمن قَالَ(1/473)
ذرو بِالْوَاو فَهُوَ من ذرى يذرو قَالَ تَعَالَى تَذْرُوهُ الرِّيَاح أَي إِنَّكُم تَذَرُون فِي النَّار ذَروا وَالدُّلُوكُ بِفَتْح الدَّال مَا يدلك بِهِ كَالسحُورِ انْتَهَى كَلَامه
477 - الحَدِيث الرَّابِع عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه كَانَ يَقُول إِذا قَرَأَ وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ هَذِه لكم وَقد أعطي الْقَوْم بَين أَيْدِيكُم مثلهَا
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره عَن قَتَادَة وَابْن جريج قَالَا بلغنَا أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَرَأَ هَذِه الْآيَة وَمِمَّنْ خلقنَا إِلَى آخِره وَسَنَده إِلَى قَتَادَة وَابْن جريج فِي أول كِتَابه
478 - الحَدِيث الْخَامِس عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ إِن من أمتِي قوما عَلَى الْحق حَتَّى ينزل عِيسَى
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْأَوْسَط فِي بَاب الْعين الْمُهْملَة فِي تَرْجَمَة عبيد الله الطفَاوِي قَالَ قَالَ لي مُحَمَّد بن يَحْيَى حَدثنَا النُّفَيْلِي ثَنَا مُحَمَّد بن سَلمَة عَن أبي وَاصل عَن عبيد الله الطفَاوِي قَالَ قَالَ جَابر بن عبد الله قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي يُقَاتلُون عَلَى الْحق حَتَّى ينزل عِيسَى بن مَرْيَم انْتَهَى وَهَذِه عَادَة البُخَارِيّ فِيمَا لم يكن عَلَى شَرطه
وَرَوَى أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا بهز ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة ثَنَا قَتَادَة عَن مطرف عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي عَلَى الْحق حَتَّى يَأْتِي أَمر الله وَينزل عِيسَى بن مَرْيَم انْتَهَى
وَفِي تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ قَالَ الرّبيع بن أنس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَرَأَ هَذِه الْآيَة فَقَالَ إِن من أمتِي قوما عَلَى الْحق حَتَّى ينزل عِيسَى بن مَرْيَم انْتَهَى وَسَنَده إِلَى الرّبيع ابْن أنس فِي أول كِتَابه(1/474)
وَرَوَى أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا حَفْص بن عبد الله الْحلْوانِي ثَنَا بهْلُول بن مُورق الشَّامي عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن أَخِيه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين عَلَى الْحق حَتَّى ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم فَيَقُول إمَامهمْ تقدم فَيَقُول أَنْتُم أَحَق أَمر كرم الله بِهِ هَذِه الْأمة انْتَهَى
479 - الحَدِيث السَّادِس عشر
عَن قَتَادَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ علا الصَّفَا فَدَعَاهُمْ فخذا فخذا فَحَذَّرَهُمْ بَأْس الله تَعَالَى فَقَالَ قَاتلهم يَعْنِي الْكفَّار إِن صَاحبكُم هَذَا لمَجْنُون بَات يصوت إِلَى الصَّباح
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا بشر بن معَاذ ثَنَا يزِيد بن زُرَيْع ثَنَا سعيد عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ عَلَى الصَّفَا فَدَعَا قُريْشًا فخذا فخذا يَا بني فلَان يَا بني فلَان يُحَذرهُمْ بَأْس الله وَوَقَائعه فَقَالَ قَائِلهمْ إِن صَاحبكُم هَذَا لمَجْنُون بَات يصوت إِلَى الصَّباح فَأنْزل الله تَعَالَى أَو لم يتفكروا مَا بِصَاحِبِهِمْ من جنَّة إِن هُوَ إِلَّا نَذِير مُبين انْتَهَت الْآيَة انْتَهَى
وَكَذَلِكَ ذكره الثَّعْلَبِيّ فَقَالَ وَقَالَ قَتَادَة ذكر لنا أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَامَ عَلَى الصَّفَا ... إِلَى آخِره
480 - الحَدِيث السَّابِع عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن السَّاعَة تهيج بِالنَّاسِ وَالرجل يصلح حَوْضه وَالرجل يسْقِي مَاشِيَته وَالرجل يقوم سلْعَته فِي سوقه وَالرجل يخْفض مِيزَانه وَيَرْفَعهُ
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ أَيْضا أخبرنَا بشر بن معَاذ ثَنَا يزِيد بن هَارُون ثَنَا سعيد(1/475)
عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن السَّاعَة تهيج بِالنَّاسِ ... إِلَى آخِره
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ بِهَذَا اللَّفْظ
والْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ أَخْرجَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لتقومن السَّاعَة وَقد نشر الرّجلَانِ ثوبهما بَينهمَا فَلَا يتبايعانه وَلَا يطويانه وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد انْصَرف الرجل بِلَبن لقحته فَلَا يطعمهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة هُوَ يلط حَوْضه فَلَا يسْقِي فِيهِ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد رفع أَكلته إِلَى فِيهِ فَلَا يطْعمهَا انْتَهَى
وَلم يُخرجهُ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيره إِلَّا بِلَفْظ الصَّحِيح
481 - الحَدِيث الثَّامِن عشر
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يسروا وَلَا تُعَسِّرُوا
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب الْعلم وَمُسلم فِي الْمَغَازِي من حَدِيث أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يسروا وَلَا تُعَسِّرُوا وَسَكنُوا وَلَا تنفرُوا انْتَهَى
482 - الحَدِيث التَّاسِع عشر
قيل لما نزلت خُذ الْعَفو وَأمر الْعرف سَأَلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جِبْرِيل فَقَالَ لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن رَبك يَأْمُرك أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنِي الْحُسَيْن بن الزبْرِقَان النَّخعِيّ ثَنَا حُسَيْن الْجعْفِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أُمِّي الْمرَادِي قَالَ لما أنزل الله عَلَى نبيه خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لجبريل مَا هَذَا قَالَ لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل ... إِلَى آخِره سَوَاء(1/476)
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أَيْضا أَنا ابْن عُيَيْنَة عَن أُمِّي الْمرَادِي ... فَذكره وَهُوَ مُرْسل
وَأَخْطَأ الطَّيِّبِيّ فِي قَوْله رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث عقبَة بن عَامر وَالَّذِي رَوَاهُ أَحْمد لَيْسَ هُوَ هَذَا الحَدِيث وَلَفظه عَن عقبَة بن عَامر أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَهُ يَا عقبَة أَلا أخْبرك بِأَفْضَل أَخْلَاق الدُّنْيَا أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره أَخْبرنِي الْحُسَيْن بن عَلّي النَّيْسَابُورِي فِيمَا أجَازه لي ثَنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَحْيَى الْأَنْطَاكِي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْمَدِينِيّ ثَنَا عبد الله ابْن نَافِع بن ثَابت الزبيرِي ثَنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله الْمَاجشون عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَا جِبْرِيل مَا تَأْوِيل هَذِه الْآيَة قَالَ حَتَّى أسأَل فَصَعدَ ثمَّ نزل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله يَأْمُرك أَن تصفح عَمَّن ظلمك وَتُعْطِي من حَرمك وَتصل من قَطعك انْتَهَى
حَدثنَا أَحْمد بن إِسْحَاق بن نيخاب الطَّيِّبِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن يُونُس ثَنَا عبد الله ابْن دَاوُد الْخُرَيْبِي ثَنَا عبَادَة بن مُسلم عَن الْعَلَاء بن بدر عَن قيس بن سعد ابْن عبَادَة قَالَ لما نظر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى حَمْزَة بن عبد الْمطلب قَالَ وَالله لَأُمَثِّلَن بسبعين مِنْهُم فجَاء جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين فَقَالَ يَا جِبْرِيل مَا هَذَا قَالَ لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل ثمَّ عَاد فَقَالَ إِن الله يَأْمُرك أَن تَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك انْتَهَى(1/477)
483 - الحَدِيث الْعشْرُونَ
قَالَ المُصَنّف وَفِي قصَّة أم معبد
(فيالقصي مَا زَوَى الله عَنْكُم ... بِهِ من فخار لَا يُبَارَى وسؤدد)
قلت حَدِيث أم معبد يرْوَى من حَدِيث أم معبد وَاسْمهَا عَاتِكَة بنت خَالِد من خُزَاعَة وَكَانَ منزلهَا بِقديد قَالَه ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَمن حَدِيث زَوجهَا أبي معبد وَمن حَدِيث أَخِيهَا حُبَيْش بن خَالِد كلهم يرويهِ بِمَعْنى وَاحِد
فَحَدِيث حُبَيْش بن خَالِد رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْهِجْرَة من حَدِيث حزَام بن هِشَام بن خَالِد عَن أَبِيه هِشَام بن حُبَيْش بن خَالِد عَن أَبِيه حُبَيْش بن خَالِد أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين خرج من مَكَّة خرج إِلَى الْمَدِينَة هُوَ وَأَبُو بكر وَمولى أبي بكر عَامر بن فهَيْرَة وَدَلِيلهمَا عبد الله بن الْأُرَيْقِط اللَّيْثِيّ مروا عَلَى خَيْمَتي أم معبد الْخُزَاعِيَّة وَكَانَت بَرزَة جلدَة تَحْتَبِيَ بِفنَاء الْقبَّة ثمَّ تَسْقِي وَتطعم فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا لِيَشْتَرُوهُ مِنْهَا فَلم يُصِيبُوا عِنْدهَا شَيْئا وَكَانَ الْقَوْم مُرْمِلِينَ مُسنَّتَيْنِ فَنظر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى شَاة فِي كسر الْخَيْمَة فَقَالَ مَا هَذِه الشَّاة يَا أم معبد قَالَت شَاة خلفهَا الْجهد عَن الْغنم قَالَ هَل بهَا من لبن قَالَت هِيَ أجهد من ذَلِك قَالَ أَتَأْذَنِينَ لي أَن أَحْلَبَهَا قَالَت نعم بِأبي أَنْت وَأمي إِن رَأَيْت بهَا حَلبًا فاحلبها فَدَعَا بهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَمسح ضرْعهَا وَسَمَّى الله ودعا لَهَا فِي شَاتِهَا فتفاجت عَلَيْهِ وَدرت واجترت ودعا بِإِنَاء يربض الرَّهْط فَحلبَ فِيهِ ثَجًّا حَتَّى علاهُ الْبَهَاء ثمَّ سَقَاهَا حَتَّى رويت وَسَقَى أَصْحَابه حَتَّى رووا وَشرب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ آخِرهم ثمَّ حلب فِيهِ ثَانِيًا حَتَّى ملأَهُ ثمَّ غَادَرَهُ عِنْدهَا ثمَّ بَايَعَهَا وَارْتَحَلُوا عَنْهَا فَمَا لَبِثت حَتَّى جَاءَ زَوجهَا أَبُو معبد يَسُوق أَعْنُزًا عِجَافًا تساوكن هزالًا مُخّهنَّ قَلِيل فَلَمَّا رَأَى أَبُو معبد اللَّبن عجب وَقَالَ من أَيْن لَك هَذَا اللَّبن يَا أم معبد وَالشَّاة عَازِب حِيَال وَلَا حَلُوب فِي الْبَيْت فَقَالَت لَا وَالله إِنَّه مر بِنَا رجل مبارك من حَاله كَذَا وَكَذَا قَالَ صَفيه لي يَا أم معبد(1/478)
قَالَت رَأَيْت رجلا ظَاهر الْوَضَاءَة أَبْلَج الْوَجْه حسن الْخلق لم تَعبه تَجِلَّةً وَلم تزر بِهِ صَلْعَةٌ وسيم قسيم فِي عَيْنَيْهِ دعجٌ وَفِي أَشْفَاره وَطف وَفِي صَوته صَهل وَفِي عُنُقه سَطَعَ وَفِي لحيته كَثَافَة أَزجّ أقرن إِن صمت فَعَلَيهِ الْوَقار وَإِن تكلم سما وَعَلِيهِ الْبَهَاء أجمل النَّاس وَأَبْهَاهُ من بعيد وَأَجْلَاهُ وَأحسنه من قريب حُلْو الْمنطق فصل لَا تزر وَلَا هزر كَأَن منْطقَة خَرَزَات نظم ينحدرن ربعَة لَا بَأْس من طوله وَلَا تَقْتَحِمُهُ عين من قصر غُصْن بَين غُصْنَيْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلَاثَة منْظرًا وَأَحْسَنهمْ قدرا لَهُ رُفَقَاء يحفونَ بِهِ إِن قَالَ أَنْصتُوا لقَوْله وَإِن أَمر تبَادرُوا إِلَى قَوْله مَحْفُودٌ مَحْسُود لَا عَابس وَلَا مُفند فَقَالَ أَبُو معبد هُوَ وَالله صَاحب قُرَيْش الَّذِي ذكر لنا من أمره مَا ذكر وَلَقَد هَمت أَن أَصْحَبهُ وَلَأَفْعَلَن إِن وجدت إِلَى ذَلِك سَبِيلا فَأصْبح صَوت بِمَكَّة عَالِيا يَسْتَمِعُون الصَّوْت وَلَا يَدْرُونَ من صَاحبه وَهُوَ يَقُول
(جزي الله رب النَّاس خير جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ حلا خَيْمَتي أم معبد)
(هما نَزَّلَاهَا بِالْهُدَى واهتدت بِهِ ... فقد فَازَ من أَمْسَى رَفِيق مُحَمَّد)
(فيالقصي مَا زَوَى الله عَنْكُم ... بِهِ من فعال لَا تجازى وسؤدد)
(ليهون بني كَعْب مقَام فَتَاتهمْ ... ومقعدها بِالْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَد)
(دَعَاهَا بِشَاة حَائِل فتحلبت ... عَلَيْهِ صَرِيحًا ضرَّة الشَّاة مُزْبِد)
(فغادره رهنا لَدَيْهَا لحالب ... يُرَدِّدهَا فِي صدر بعد مورد)
فَلَمَّا سمع حسان الْهَاتِف بذلك شَبَّبَ يُجَاوب الْهَاتِف فَقَالَ
(لقد خَابَ قوم زَالَ عَنْهُم نَبِيّهم ... وَقدس من يسري إِلَيْهِم وَيَغْتَدِي)
(ترحل عَن قوم فضلت عُقُولهمْ ... وَحل عَلَى قوم بِنور مُجَدد)
(هدَاهُم بِهِ بعد الضَّلَالَة رَبهم ... فَأَرْشَدَهُمْ من يتبع الْحق يرشد)
(وَهل يَسْتَوِي ضلال قوم تسفهوا ... عَمى وَهُدَاة يَهْتَدُونَ بِمُهْتَدٍ)
(وَقد نزلت مِنْهُ عَلَى أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عَلَيْهِم بِأَسْعَد)
(نَبِي يرَى مَا لَا يرَى النَّاس حوله ... وَيَتْلُو كتاب الله فِي كل مشْهد)(1/479)
(وَإِن قَالَ فِي يَوْم مقَالَة غَائِب ... فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْم أَو فِي ضحى الْغَد)
(لِيهن أَبَا بكر سَعَادَة جده ... بِصُحْبَتِهِ من يسْعد الله يسْعد)
قَالَ الْحَاكِم صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ ثمَّ أخرجه من حَدِيث عبد الْملك ابْن وهب الْمذْحِجِي ثَنَا الْحر بن الصَّباح النَّخعِيّ عَن أبي معبد ... فَذكره وَسكت عَنهُ
وَرَوَاهُ من حَدِيث حُبَيْش كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم فِي كِتَابَيْهِمَا دَلَائِل النُّبُوَّة وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَزَادُوا فِيهِ قَالَ عبد الْملك فَبَلغنَا أَن أم معبد هَاجَرت إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم من حَدِيث أبي معبد وَانْفَرَدَ أَبُو نعيم بِحَدِيث أم معبد رَوَاهُ من حَدِيث سليط بن قيس الْأنْصَارِيّ قَالَ وَكَانَ بَدْرِيًّا عَن أم معبد أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مر بهَا لما خرج إِلَى الْهِجْرَة وَهِي لَا تعرفه فَقَالَ لَهَا يَا أم معبد هَل عنْدك من لبن ... فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ ثمَّ قَالَ وَقيل إِن رَاوِي هَذَا السِّيَاق سليط بن قيس شهد بَدْرًا وَاسْتشْهدَ مَعَ أبي عُبَيْدَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب ثمَّ أسْند إِلَى عبد الْملك بن وهب الْمذْحِجِي أَنه قَالَ بَلغنِي أَن أم معبد هَاجَرت وَأسْلمت وَلَحِقت بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات قي تَرْجَمَة أم معبد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ عَن حزَام بن هِشَام عَن أَبِيه عَن أم معبد ... فَذكره الْقِصَّة مختصرة لَيْسَ فِيهَا الشّعْر وَزَاد فِي آخرهَا قَالَت أم معبد فَبَقيت الشَّاة الَّتِي لمس رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ضرْعهَا عندنَا حَتَّى كَانَ زمَان الرَّمَادَة أَيَّام عمر بن الْخطاب سنة ثَمَانِي عشرَة من الْهِجْرَة وَكُنَّا نَحْلُبهَا صَبُوحًا وغبوقا وَمَا فِي الأَرْض قَلِيل وَلَا كثير قَالَ وَكَانَت أم معبد مُؤمنَة مسلمة قَالَ الْوَاقِدِيّ وَقَالَ غَيره قدمت بعد الْهِجْرَة وَأسْلمت(1/480)
484 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ يَا رب كَيفَ وَالْغَضَب فَنزلت وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ ... الْآيَة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنِي يُونُس بن عبد الْأَعْلَى أَنا ابْن وهب قَالَ قَالَ عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَيفَ يَا رب وَالْغَضَب فَنزلت وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ ... انْتَهَى
وَذكره الثَّعْلَبِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم هَكَذَا من غير سَنَد وَكَذَلِكَ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط
485 - قَوْله
قَالَ أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه إِن لي شَيْطَانا يَعْتَرِينِي
قلت أخبرنَا شَيخنَا الْمسند صدر الدَّين أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن الإِمَام شرف الدَّين مُحَمَّد بن أبي قَاسم المندومي قِرَاءَة عَلَيْهِ وَأَنا أسمع فِي سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ أَنا الشَّيْخ نجيب الدَّين عبد اللَّطِيف بن عبد الْمُنعم الْحَرَّانِي سَمَاعا عَلَيْهِ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وسِتمِائَة أَنا أَبُو طَاهِر الْمُبَارك بن أبي الْمَعَالِي بن الْمَعْطُوسِ أَنا أَبُو الْغَنَائِم بن الْمُهْتَدي بِاللَّه عَن أبي إِسْحَاق الْبَرْمَكِي أَنا أَبُو مُحَمَّد عبد الله ابْن إِبْرَاهِيم بن مَاس الْبَزَّار ثَنَا أَبُو معشر الْحسن بن سُلَيْمَان الدَّارمِيّ ثَنَا عبد الْوَاحِد ابْن غياث ثَنَا أَبُو هِلَال ثَنَا الْحسن قَالَ لما اسْتخْلف أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه تكلم بِكَلَام وَالله مَا تكلم بِهِ أحد غَيره فَقَالَ يأيها النَّاس تكلفوني سنة نَبِيكُم مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَإِن الله كَانَ يعْصم نبيه بِالْوَحْي إِنِّي وَالله لَوَدِدْت أَنكُمْ كفيتموني وَإِن لي شَيْطَانا يَعْتَرِينِي فَإِذا اعْتَرَانِي فاجتنبوني لَا أُؤْثِر فِي أَشْعَاركُم وَأَبْشَاركُمْ(1/481)
وتعاهدوني بِأَنْفُسِكُمْ فَإِن اسْتَقَمْت فَاتبعُوني وَإِن زِغْت فقوموني انْتَهَى وَقع لنا هَذَا فِي الْجُزْء الْمَعْرُوف بِجُزْء الْأنْصَارِيّ
وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده اُخْبُرْنَا وهب بن جرير بن حَازِم ثَنَا أبي سَمِعت الْحسن يَقُول خطب أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه يَوْمًا فَقَالَ وَالله مَا أَنا بِخَيْرِكُمْ وَلَقَد كنت لمقامي هَذَا كَارِهًا لَوَدِدْت أَن فِيكُم من يَكْفِينِي أفتظنون أَنِّي أعمل فِيكُم سنة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا لَا أقوم لَهَا إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يعْصم بِالْوَحْي وَكَانَ مَعَه ملك وَإِن لي شَيْطَانا يَعْتَرِينِي فَإِذا غضِبت اجتنبوني أَن أُؤْثِر فِي أَشْعَاركُم وَأَبْشَاركُمْ أَلا فراعوني فَإِن اسْتَقَمْت فَأَعِينُونِي وَإِن زِغْت فقوموني انْتَهَى
أخبرنَا عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن رجل عَن الْحسن أَن أَبَا بكر ... فَذكره نَحوه
رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة أبي بكر فَقَالَ أخبرنَا وهب بن جرير ثَنَا أبي سَمِعت الْحسن قَالَ لما بُويِعَ أَبُو بكر قَامَ خَطِيبًا فوَاللَّه مَا خطب خطبَته أحد فَحَمدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ أما بعد فَإِنِّي وليت هَذَا الْأَمر وَأَنا كَارِه فوَاللَّه لَوَدِدْت أَن بَعْضكُم كَفَانِيهِ أَلا وَإِنَّكُمْ إِن كلفتموني أَن أعمل فِيكُم بِمثل عمل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم أقِم بِهِ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ عبدا أكْرمه الله بِالْوَحْي وَعَصَمَهُ وَإِنَّمَا أَنا بشر وَلست بِخَير من أحد مِنْكُم فراعوني فَإِن اسْتَقَمْت فَاتبعُوني وَإِن زِغْت فقوموني وَاعْلَمُوا أَن لي شَيْطَانا يَعْتَرِينِي فَإِذا رَأَيْتُمُونِي غضِبت فاجتنبوني لَا أُؤْثِر فِي أَشْعَاركُم وَأَبْشَاركُمْ
486 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ من قَرَأَ سُورَة الْأَعْرَاف جعل الله يَوْم الْقِيَامَة بَينه وَبَين إِبْلِيس سترا وَكَانَ آدم شَفِيعًا لَهُ يَوْم الْقِيَامَة
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أخبرنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْفَارِسِي ثَنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله(1/482)
ابْن أَحْمد الشَّيْبَانِيّ ثَنَا أَبُو عَمْرو الْحُرَيْثِيُّ ثَنَا أَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب ثَنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس ثَنَا سَلام بن سليم الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق أبي بكر بن أبي دَاوُد السجسْتانِي بِسَنَدِهِ فِي آخر الْكتاب
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه الْمُتَقَدِّمين فِي آل عمرَان
وَذكره أَبُو شُجَاع الديلمي فِي كتاب الفردوس من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَلَى عَادَته فِي ذكر الرَّاوِي وَحذف اسْم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط من حَدِيث أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس ثَنَا سَلام بن سليم بِهِ(1/483)
سُورَة الْأَنْفَال
ذكر فِيهَا سَبْعَة وَعشْرين حَدِيثا
487 - الحَدِيث الأول
رُوِيَ أَنه وَقع بَين الْمُسلمين اخْتِلَاف فِي غَنَائِم بدر وَفِي قسمتهَا فسألوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَيفَ تقسم وَلمن الحكم فِي قسمتهَا الْمُهَاجِرين أم الْأَنْصَار أم لَهُم جَمِيعًا فَقيل لَهُ قل لَهُم هِيَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
قلت رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث أبي أُمَامَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت الصَّامِت قَالَ خرجنَا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَشَهِدْنَا مَعَه بَدْرًا فَالتقَى النَّاس فَهزمَ الله الْعَدو فَانْطَلق طَائِفَة فِي آثَارهم وَأَكَبَّتْ طَائِفَة عَلَى الْعَسْكَر يجمعُونَ وَأَحْدَقَتْ طَائِفَة برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا يُصِيب الْعَدو مِنْهُم غرَّة حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل وَفَاء النَّاس بَعضهم إِلَى بعض قَالَ الَّذين جمعُوا الْغَنَائِم نَحن حَوَيْنَاهَا وَقَالَ الَّذين خَرجُوا فِي طلب الْعَدو لَسْتُم بِأَحَق منا نَحن نَفينَا عَنْهَا الْعَدو وَقَالَ الَّذين أَحدقُوا برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَسْتُم بِأَحَق بهَا منا نَحن أَحدقنَا برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَاشْتَغَلْنَا بِهِ فَنزلت يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول الْآيَة فَقَسمهَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بَين الْمُسلمين
انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما قَالَ الْحَاكِم عَلَى شَرط مُسلم
488 - قَوْله
وَقيل شَرط لمن كَانَ لَهُ بلَاء فِي ذَلِك الْيَوْم أَن ينفلهُ فَتسَارع(2/7)
شُبَّانهمْ حَتَّى قتلوا سبعين وأسروا سبعين فَلَمَّا يسر الله الْفَتْح اخْتلفُوا فِيمَا بَينهم وَتَنَازَعُوا فَقَالَ الشبَّان نَحن الْمُقَاتِلُونَ وَقَالَ الشُّيُوخ وَالْوُجُوه الَّذين كَانُوا عِنْد الرَّايَات كُنَّا ردْءًا لكم وَفِئَة تنحازون إِلَيْهَا إِن انْهَزَمْتُمْ فَنزلت الْأَنْفَال
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد وَالنَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير من حَدِيث دَاوُد بن أبي هِنْد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من أَتَى مَكَان كَذَا وَكَذَا فَلهُ من النَّفْل كَذَا وَمن فعل كَذَا وَكَذَا فَلهُ من النَّفْل كَذَا وَكَذَا فَتسَارع إِلَيْهِ الشبَّان وَثَبت الشُّيُوخ تَحت الرَّايَات فَلَا فتح الله لَهُم جَاءَ الشبَّان يطْلبُونَ مَا جعل لَهُم فَقَالَ الْأَشْيَاخ لَا تذْهبُوا بِهِ دُوننَا وَإِنَّمَا كُنَّا رِدَاء لكم فَأنْزل الله تَعَالَى وَاتَّقوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الرَّابِع وَالسِّتِّينَ من الْقسم الثَّالِث وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ فقد احْتج البُخَارِيّ بِعِكْرِمَةَ وَمُسلم بِدَاوُد بن أبي هِنْد
489 - الحَدِيث الثَّانِي
عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ قتل أخي عُمَيْر يَوْم بدر فقتلت بِهِ سعيد بن الْعَاصِ وَأخذت سَيْفه فَأَعْجَبَنِي فَجئْت بِهِ إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقلت إِن الله قد شَفَى صَدْرِي من الْمُشْركين فَهَب لي هَذَا السَّيْف فَقَالَ لَيْسَ هَذَا لي وَلَا لَك اطرَحهُ فِي الْقَبْض قَالَ فَطَرَحته وَبِي مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله من قتل أخي وَأخذ سَلبِي فَمَا جَاوَزت إِلَّا قَلِيلا حَتَّى جَاءَنِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقد نزلت سُورَة الْأَنْفَال فَقَالَ (يَا سعد إِنَّك سَأَلتنِي السَّيْف وَلَيْسَ لي وَإنَّهُ قد صَار لي(2/8)
فَاذْهَبْ فَخذه
قلت رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَأَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي مسنديهما وَأَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كتاب الْأَمْوَال قَالُوا حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة ثَنَا أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن مُحَمَّد بن عبيد الله أبي عون الثَّقَفِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر قتل أخي عُمَيْر وَقتلت سعيد بن الْعَاصِ وَأخذت سَيْفه فَأتيت بِهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي الْقَبْض قَالَ فَرَجَعت وَبِي مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله من قتل أخي وَأخذ سَلبِي قَالَ فَمَا جَاوَزت إِلَّا يَسِيرا حَتَّى نزلت سُورَة الْأَنْفَال فَقَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اذْهَبْ فَخذ سَيْفك
انْتَهَى
وَمن طَرِيق أَحْمد رَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول وَمن طَرِيق ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث وَقَالَ الْقَبْض مَا يجمع من الْغَنَائِم انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَازِمِي فِي كِتَابه النَّاسِخ والمنسوخ من طَرِيق أبي عبيد ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة بِهِ سندا ومتنا ثمَّ قَالَ أَبُو عبيد هَكَذَا قَالَ فِيهِ سعيد بن الْعَاصِ وَغَيره يَقُول الْعَاصِ بن سعيد وَالْمَحْفُوظ عندنَا الْعَاصِ بن سعيد وَكَانَ سَيْفه يُسمى ذَا الْكَتِيفَة انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ ابْن مَرْوُدَيْهِ فِي تَفْسِيره من طَرِيق سعيد بن مَنْصُور ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة بِهِ سندا ومتنا
490 - الحَدِيث الثَّالِث
عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ نزلت الْأَنْفَال فِينَا معشر أَصْحَاب بدر حِين اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْل وَضَاقَتْ فِيهِ أَخْلَاقنَا فَنَزَعَهُ الله من أَيْدِينَا فَجعله لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَسمهُ بَين الْمُسلمين عَلَى السوَاء
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب قسم الْفَيْء وَالْإِمَام أَحْمد(2/9)
وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما وَابْن هِشَام فِي سيرته والطبري فِي تَفْسِيره وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره كلهم من طَرِيق ابْن إِسْحَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث ابْن أبي ربيعَة عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى الْأَشْدَق عَن مَكْحُول الدِّمَشْقِي عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه قَالَ فِي الْأَنْفَال فِينَا نزلت معشر أَصْحَاب بدر حِين اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْل وَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقنَا فانتزعه الله من أَيْدِينَا وَجعله إِلَى رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَسمهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بَين الْمُسلمين عَن برَاء يَقُول عَن سَوَاء قَالَ الْحَاكِم صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم
491 - الحَدِيث الرَّابِع
عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ الْإِيمَان سبع وَسَبْعُونَ شُعْبَة أَعْلَاهَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَدْنَاهَا إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق وَالْحيَاء شُعْبَة من الْإِيمَان
قلت هَكَذَا ذكره المُصَنّف مَوْقُوفا وَهُوَ مَرْفُوع رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا البُخَارِيّ فَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي كتاب الْإِيمَان وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة فِي كتاب السّنة من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ أَو بضع وَسِتُّونَ شُعْبَة أفضلهَا قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَدْنَاهَا إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق وَالْحيَاء شُعْبَة من الْإِيمَان)
انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه
وعجبي من عبد الْحق كَيفَ عزاهُ فِي كتاب الْإِيمَان من أَحْكَامه لِلتِّرْمِذِي فَقَط وَهُوَ ذكره فِي الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ لمُسلم
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي أول كتاب الْإِيمَان وَلَفظه (الْإِيمَان بضع وَسِتُّونَ شُعْبَة وَالْحيَاء من الْإِيمَان(2/10)
492 - الحَدِيث الْخَامِس
رُوِيَ أَن عير قُرَيْش أَقبلت من الشَّام فِيهَا تِجَارَة عَظِيمَة وَمَعَهَا أَرْبَعُونَ رَاكِبًا مِنْهُم أَبُو سُفْيَان وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَعَمْرو بن هَاشم فَأخْبر جِبْرِيل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأخْبر الْمُسلمين فَأَعْجَبَهُمْ تلقي العير لِكَثْرَة الْخَيْر وَقلة الْقَوْم فَلَمَّا خَرجُوا بلغ أهل مَكَّة خبر خُرُوجهمْ فَنَادَى أَبُو جهل فَوق الْكَعْبَة يأهل مَكَّة النَّجَاء النَّجَاء عَلَى كل صَعب وَذَلُول عِيركُمْ وَأَمْوَالكُمْ إِن أَصَابَهَا مُحَمَّد لن تُفْلِحُوا أبدا بعْدهَا وَقد رَأَتْ أُخْت الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رُؤْيا فَقَالَت لأَخِيهَا إِنِّي رَأَيْت عجبا كَأَن ملكا نزل من السَّمَاء فَأخذ صَخْرَة من الْجَبَل ثمَّ حلق بهَا فَلم يبْق بَيت من بيُوت مَكَّة إِلَّا أَصَابَهُ حجر من تِلْكَ الصَّخْرَة فَحدث بهَا الْعَبَّاس فَقَالَ أَبُو جهل مَا يرْضَى رِجَالهمْ أَن يتنبئوا حَتَّى تنبأ نِسَاؤُهُم فَخرج أَبُو جهل بِجمع أهل مَكَّة وهم النفير فَقيل لَهُ إِن العير أخذت طَرِيق السَّاحِل فَارْجِع بِالنَّاسِ إِلَى مَكَّة فَقَالَ لَا وَالله لَا يكون ذَلِك أبدا حَتَّى نَنْحَر الْجَزُور وَنَشْرَب الْخُمُور وَنُقِيم الْقَيْنَات وَالْمَعَازِف ببدر وَتسمع جَمِيع الْعَرَب بِمَخْرَجِنَا وَأَن مُحَمَّدًا لم يصب العير وَأَنا قد أعضضناه فَمَضَى بهم إِلَى بدر وَبدر مَاء كَانَت الْعَرَب تَجْتَمِع فِيهِ لسوقهم يَوْمًا فِي السّنة فَنزل جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله وَعدكُم إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا العير وَإِمَّا قُريْشًا فَاسْتَشَارَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَصْحَابه وَقَالَ مَا تَقولُونَ إِن الْقَوْم خَرجُوا من مَكَّة عَلَى كل صَعب وَذَلُول فالعير أحب إِلَيْكُم أم النفير قَالُوا بل العير أحب إِلَيْنَا من لِقَاء الْعَدو فَتغير وَجه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ ردد عَلَيْهِم فَقَالَ إِن العير قد مَضَت سَاحل الْبَحْر وَهَذَا أَبُو جهل قد أقبل)(2/11)
فَقَالُوا يَا رَسُول الله عَلَيْك بالعير ودع الْعَدو فَقَامَ عِنْد غضب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَبُو بكر وَعمر فَقَالَا فأحسنا ثمَّ قَامَ سعد بن عبَادَة فَقَالَ انْظُر أَمرك فوَاللَّه لَو سرت إِلَى عدن مَا تخلف عَنْك رجل من الْأَنْصَار ثمَّ قَالَ الْمِقْدَاد بن عَمْرو يَا رَسُول الله امْضِ لما أَمرك الله فَإنَّا مَعَك حَيْثُمَا أَحْبَبْت لَا نقُول لَك كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ مَا دَامَت منا عين تطرف
فَضَحِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ قَالَ (أَشِيرُوا عَلّي أَيهَا النَّاس) وَهُوَ يُرِيد الْأَنْصَار لأَنهم قَالُوا لَهُ حِين بَايعُوهُ عَلَى الْعقبَة إِنَّا بُرَآء من ذِمَامك حَتَّى تصل إِلَى دِيَارنَا فَإِذا وصلت إِلَيْنَا فَأَنت فِي ذِمَامنَا نَمْنَعك مِمَّا نمْنَع مِنْهُ آبَاءَنَا وَنِسَاءَنَا فَكَأَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تخوف أَلا تكون الْأَنْصَار لَا ترَى عَلَيْهِم نصرته إِلَّا عَلَى عدوهم بِالْمَدِينَةِ فَقَامَ سعد بن معَاذ فَقَالَ لَكَأَنَّك تُرِيدنَا يَا رَسُول الله قَالَ أجل قَالَ قد آمنا بك وَصَدَّقنَاك وَشَهِدْنَا أَن مَا جِئْت بِهِ هُوَ الْحق وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِك عُهُودنَا وَمَوَاثِيقنَا عَلَى السّمع وَالطَّاعَة فَامْضِ يَا رَسُول الله لما أردْت فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ لَو اسْتعْرضت بِنَا هَذَا الْبَحْر فَخُضْته لَخُضْنَاهُ مَعَك لَا يتَخَلَّف منا رجل وَاحِد وَمَا نكره أَن تلقى بِنَا عدونا إِنَّا لصبر عِنْد الْحَرْب صدق عِنْد اللِّقَاء وَلَعَلَّ الله يُرِيك منا مَا تقر بِهِ عَيْنك فسر بِنَا عَلَى بركَة الله ففرح رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَبسطه قَول سعد ثمَّ قَالَ (سِيرُوا عَلَى بركَة الله وَأَبْشِرُوا فَإِن الله وَعَدَني إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَالله لكَأَنِّي الْآن أنظر إِلَى مصَارِع الْقَوْم)
قلت هَذَا كُله فِي سيرة ابْن هِشَام فِي غَزْوَة بدر الْكُبْرَى من قَول ابْن إِسْحَاق
وَأخرج الطَّبَرِيّ بعضه عَن ابْن عَبَّاس وَبَعضه عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر وَبَعضه(2/12)
عَن السّديّ بِتَقْدِيم وَتَأْخِير وَزِيَادَة وَنقص
وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفسيريهما بِتَمَامِهِ عَن ابْن عَبَّاس وَعُرْوَة بن الزُّبَيْر وَابْن إِسْحَاق
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي مُحَمَّد بن صَالح عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد ... فَذكر بعضه
حَدثنَا عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز عَن أبان بن صَالح عَن سعيد بن الْمسيب ... فَذكر بعضه مُرْسلا
493 - الحَدِيث السَّادِس
رُوِيَ أَنه قيل لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين فرغ من بدر عَلَيْك بالعير لَيْسَ دونهَا شَيْء فناداه الْعَبَّاس وَهُوَ فِي وثَاقه لَا يصلح فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم قَالَ لِأَن الله وَعدك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقد أَعْطَاك مَا وَعدك
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه حَدثنَا عبد بن حميد أَنا عبد الرَّزَّاق عَن إِسْرَائِيل عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما فرغ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من بدر قيل لَهُ عَلَيْك بالعير لَيْسَ دونهَا شَيْء قَالَ فناداه الْعَبَّاس وَهُوَ فِي وثَاقه لَا يصلح قَالَ لم قَالَ لِأَن الله وَعدك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقد أَعْطَاك مَا وَعدك قَالَ صدقت انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مسانيدهم(2/13)
494 - الحَدِيث السَّابِع
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نظر إِلَى الْمُشْركين وهم ألف وَإِلَى أَصْحَابه وهم ثَلَاثمِائَة فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَمد يَدَيْهِ يَدْعُو (اللَّهُمَّ أنْجز لي مَا وَعَدتنِي اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة لَا تعبد فِي الأَرْض فَمَا زَالَ كَذَلِك حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ فَأَخذه أَبُو بكر فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبه وَالْتَزَمَهُ من وَرَائه وَقَالَ يَا نَبِي الله كَفاك مُنَاشَدَتك رَبك فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعدك
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْجِهَاد من حَدِيث عبد الله بن عَبَّاس عَن عمر بن الْخطاب قَالَ نظر نَبِي الله إِلَى الْمُشْركين هم ألف وَإِلَى أَصْحَابه وهم ثَلَاثمِائَة وَبضْعَة عشر رجلا فَاسْتقْبل الْقبْلَة ثمَّ مد يَدَيْهِ وَجعل يَهْتِف بيدَيْهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبل الْقبْلَة حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ من مَنْكِبه فَأَتَاهُ أَبُو بكر فَأخذ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبه ثمَّ الْتَزمهُ من وَرَائه وَقَالَ يَا نَبِي الله كَفاك مُنَاشَدَتك رَبك فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعدك فَأنْزل الله إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم أَنِّي مُمِدكُمْ بِأَلف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ فَأَمَدَّهُمْ الله بِالْمَلَائِكَةِ مُخْتَصر
495 - الحَدِيث الثَّامِن
رُوِيَ أَن رجلا من الْمُسلمين بَيْنَمَا هُوَ يشْتَد فِي أثر رجل من الْمُشْركين إِذْ سمع صَوت ضَرْبَة فَنظر إِلَى الْمُشرك وَقد خر مُسْتَلْقِيا وشق وَجهه فَحدث الْأنْصَارِيّ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ (صدقت ذَاك من مدد السَّمَاء
قلت هَذِه قِطْعَة من الحَدِيث الَّذِي قبله قَالَ ابْن عَبَّاس بَيْنَمَا رجل من الْمُسلمين يَوْمئِذٍ يشْتَد فِي أثر رجل من الْمُشْركين أَمَامه إِذْ سمع ضَرْبَة بِالسَّوْطِ فَوْقه فَنظر إِلَى الْمُشرك أَمَامه فَخر مُسْتَلْقِيا فَنظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ قد حطم أَنفه وشق وَجهه كَضَرْبَة السَّيْف فجَاء الْأنْصَارِيّ فَحدث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ(2/14)
(صدقت ذَاك من مدد السَّمَاء
496 - قَوْله
عَن أبي دَاوُد الْأنْصَارِيّ ثمَّ الْمَازِني قَالَ إِنِّي لَأَتبع رجلا من الْمُشْركين لأَضْرِبهُ يَوْم بدر فَوَقع رَأسه بَين يَدي قبل أَن يصل إِلَيْهِ سَيفي
قلت رَوَاهُ ابْن هِشَام فِي سيرته وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده والطبري وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفسيريهما وَأَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة كلهم من حَدِيث ابْن إِسْحَاق حَدثنِي أبي إِسْحَاق بن يسَار عَن رجال من بني مَازِن بن النجار عَن أبي دَاوُد الْمَازِني وَكَانَ شهد بَدْرًا قَالَ إِنِّي لَأَتبع رجلا من الْمُشْركين يَوْم بدر ... إِلَى آخِره
497 - قَوْله
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ النعاس فِي الْقِتَال أَمَنَة من الله وَفِي الصَّلَاة وَسْوَسَة من الشَّيْطَان
قلت لم أَجِدهُ عَن ابْن عَبَّاس وَإِنَّمَا هُوَ عَن ابْن مَسْعُود رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الصَّلَاة وَفِي تَفْسِيره أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عَاصِم عَن أبي رزين قَالَ قَالَ ابْن مَسْعُود النعاس فِي الْقِتَال أَمَنَة من الله وَفِي الصَّلَاة وَسْوَسَة من الشَّيْطَان انْتَهَى
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه فِي تَرْجَمَة ابْن مَسْعُود
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أول الْجِهَاد حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم عَن زر عَن عبد الله بن مَسْعُود. . فَذكره
وَحَكَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره عَن ابْن مَسْعُود من غير سَنَد وَكَأن المُصَنّف حصل لَهُ وهم وجد فِي بعض التفاسير عَن عبد الله فَظَنهُ ابْن عَبَّاس(2/15)
498 - الحَدِيث التَّاسِع
رُوِيَ أَن إِبْلِيس تمثل للْمُسلمين وَكَانَ الْمُشْركُونَ سَبَقُوهُمْ إِلَى المَاء وَنزل الْمُؤْمِنُونَ فِي كثيب أعفر تَسُوخ فِيهِ الْأَقْدَام عَلَى غير مَاء فَنَامُوا فَاحْتَلَمَ أَكْثَرهم فَقَالَ لَهُم أَنْتُم يَا أَصْحَاب مُحَمَّد تَزْعُمُونَ أَنكُمْ عَلَى الْحق وَإِنَّكُمْ تصلونَ عَلَى غير وضوء وَعَلَى الْجَنَابَة وَقد عطشتم وَلَو كُنْتُم عَلَى حق مَا غَلَبَكُمْ هَؤُلَاءِ عَلَى المَاء وَمَا ينتظرون بكم إِلَّا أَن يجْهد بكم الْعَطش فَإِذا قطع الْعَطش أَعْنَاقكُم مَشوا إِلَيْكُم فَقتلُوا من أَحبُّوا وَسَاقُوا بَقِيَّتكُمْ إِلَى مَكَّة فَحَزِنُوا حزنا شَدِيدا وَأَشْفَقُوا وَأنزل الله الْمَطَر فَمُطِرُوا لَيْلًا حَتَّى جَرَى الْوَادي وَاتخذ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَصْحَابه الْحِيَاض عَلَى غدْوَة الْوَادي وَسقوا الركاب وَاغْتَسلُوا وَتَوَضَّئُوا وَتَلَبَّدَ الرمل الَّذِي كَانَ بَينهم وَبَين الْعَدو حَتَّى ثبتَتْ الْأَقْدَام عَلَيْهِ
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ ثَنَا عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى وَإِذ يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قَالَ أَقبلت عير أهل مَكَّة تُرِيدُ الشَّام فَبلغ أهل الْمَدِينَة ذَلِك فَخَرجُوا وَمَعَهُمْ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُرِيدُونَ العير ... إِلَى أَن قَالَ فَنزل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمسلمون وَبينهمْ وَبَين المَاء رَملَة دَعصَة وَكَانَ فَأصَاب الْمُسلمين ضعف وَألقَى الشَّيْطَان فِي قُلُوبهم الْقنُوط يوسوسهم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ أَوْلِيَاء الله وَفِيكُمْ رَسُوله وَقد غَلَبَكُمْ الْمُشْركُونَ عَلَى المَاء وَأَنْتُم كَذَا فَأمْطر الله تَعَالَى مَطَرا شَدِيدا فَشرب الْمُسلمُونَ وَتطَهرُوا فَأذْهب الله عَنْهُم رجز الشَّيْطَان وَأصَاب الرمل الْمَطَر حَتَّى مَشَى عَلَيْهِ النَّاس وَالدَّوَاب ثمَّ سَارُوا إِلَيْهِم مُخْتَصر(2/16)
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة والطبري فِي تَفْسِيره وَكَذَلِكَ ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن صَالح بِهِ ... وَذكره الثَّعْلَبِيّ بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء من غير شكّ
499 - الحَدِيث الْعَاشِر
قَوْله عَن ابْن عمر قَالَ خرجت سَرِيَّة وَأَنا فيهم فَفرُّوا فَلَمَّا رجعُوا إِلَى الْمَدِينَة اسْتَحْيوا فَدَخَلُوا الْبيُوت فَقلت يَا رَسُول الله نَحن الْفَرَّارُونَ فَقَالَ (بل أَنْتُم الْعَكَّارُونَ وَأَنا فِئَتكُمْ
وَانْهَزَمَ رجل من الْقَادِسِيَّة فَأَتَى الْمَدِينَة إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَلَكت فَرَرْت من الزَّحْف فَقَالَ عمر أَنا فِئَتك
قلت الأول رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْجِهَاد من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن ابْن عمر أَنه كَانَ فِي سَرِيَّة من سَرَايَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ فَحَاص النَّاس حَيْصَة فَكنت فِيمَن حَاص فَلَمَّا بَرَزْنَا قُلْنَا وَكَيف نصْنَع وَقد فَرَرْنَا من الزَّحْف وَبُؤْنَا بِالْغَضَبِ فَقُلْنَا ندخل الْمَدِينَة لِنَتَثَبَّتَ فِيهَا وَنَذْهَب فَلَا يَرَانَا أحد قَالَ فَدَخَلْنَا فَقُلْنَا لَو عرضنَا أَنْفُسنَا عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَإِن كَانَت لنا تَوْبَة أَقَمْنَا وَإِن كَانَ غير ذَلِك ذَهَبْنَا قَالَ فَجَلَسْنَا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قبل صَلَاة الْفجْر فَلَمَّا خرج قمنا إِلَيْهِ فَقُلْنَا نَحن الْفَرَّارُونَ فَأقبل إِلَيْنَا وَقَالَ (لَا بل أَنْتُم الْعَكَّارُونَ قَالَ فَدَنَوْنَا فَقبلنَا يَده فَقَالَ (أَنا فِئَة الْمُسلمين انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مسانيدهم وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة
وَلم ينصف الْمُنْذِرِيّ إِذْ عزا هَذَا الحَدِيث فِي مُخْتَصره لِابْنِ ماجة فَإِن ابْن ماجة لم يذكر مِنْهُ إِلَّا قَوْله قبلنَا يَد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذكره فِي الْأَدَب مَعَ أَن أَصْحَاب الْأَطْرَاف بَينُوهُ وَقَالُوا إِنَّه اخْتَصَرَهُ(2/17)
وَأما الثَّانِي فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أَبْوَاب الْجِهَاد فِي بَاب ذكر الْيَمَامَة حَدثنَا حُسَيْن بن عَلّي عَن زَائِدَة عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ فر رجل من الْقَادِسِيَّة فَأَتَى عمر فَقَالَ لَهُ إِنِّي هَلَكت قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ فَرَرْت من الزَّحْف فَقَالَ عمر أَنا فِئَتك انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه يروي حَاص بِالْحَاء وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ وَيروَى جَاضَ بِالْجِيم وَالضَّاد الْمُعْجَمَة فَالْأول من المحيص وَهُوَ الْمَهْرَب وَالثَّانِي قيل مَعْنَاهُ فر وَقيل عدل عَنهُ قَالَ ابْن الْقُوطِيَّة إِن مَعْنَاهُمَا وَاحِد انْتَهَى
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ الكار الَّذِي يفر إِلَى إِمَامه لِيَنْصُرهُ لَا يُرِيد الْفِرَار من الزَّحْف انْتَهَى
500 - الحَدِيث الْحَادِي عشر
رُوِيَ أَنه لما طلعت قُرَيْش يَوْم بدر قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (هَذِه قُرَيْش جَاءَت بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا يكذبُون رَسُوله اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مَا وَعَدتنِي فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ خُذ قَبْضَة من تُرَاب فَارْمِهِمْ بهَا فَقَالَ لما التقَى الْجَمْعَانِ لعَلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه (أَعْطِنِي قَبْضَة من حَصْبَاء الْوَادي فَرَمَى بهَا فِي وُجُوههم وَقَالَ (شَاهَت الْوُجُوه فَلم يبْق مُشْرك إِلَّا شغل بِعَيْنيهِ فَانْهَزَمُوا وردفهم الْمُؤْمِنُونَ يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا عبد الْوَارِث بن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث ثَنَا أبي ثَنَا أبان الْعَطَّار ثَنَا هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة قَالَ لما ورد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بَدْرًا فَوجدَ الْمُشْركُونَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد سبقهمْ إِلَيْهِ فَلَمَّا طلعوا عَلَيْهِ زَعَمُوا أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (هَذِه قُرَيْش قد جَاءَت بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا تُحَادك وَتكذب رَسُولك اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مَا وَعَدتنِي فَلَمَّا أَقبلُوا اسْتَقْبَلَهُمْ فَحَثَا فِي وُجُوههم فَهَزَمَهُمْ الله تَعَالَى انْتَهَى(2/18)
وَفِي سيرة ابْن هِشَام فِي غَزْوَة بدر الْكُبْرَى قَالَ ابْن إِسْحَاق وَارْتَحَلت قُرَيْش حِين أَصبَحت فَلَمَّا أَقبلت وَرَآهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تصوب من الْعَقَنْقَل وَهُوَ الْكَثِيب الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ إِلَى الْوَادي قَالَ اللَّهُمَّ هَذِه قُرَيْش قد أَقبلت بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا تُحَادك وَتكذب رَسُولك اللَّهُمَّ فَنَصرك الَّذِي وَعَدتنِي ... إِلَى أَن قَالَ بعد ذَلِك بِنَحْوِ ورقة قَالَ ابْن إِسْحَاق ثمَّ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَخذ حفْنَة من حَصْبَاء فَاسْتقْبل بهَا قُريْشًا ثمَّ قَالَ (شَاهَت الْوُجُوه ثمَّ نَفَخَهُمْ بهَا وَأمر أَصْحَابه فَقَالَ (شدوا) فَكَانَت الْهَزِيمَة فَقتل الله من قتل من صَنَادِيد قُرَيْش وَأسر من أسر من أَشْرَافهم فَلَمَّا وضع الْقَوْم أَيْديهم يقتلُون وَيَأْسِرُونَ ... . الحَدِيث بِطُولِهِ
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر قَالَ لما رَأَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قُريْشًا ... فَذكره إِلَى قَوْله (فَنَصرك الَّذِي وَعَدتنِي) لم يذكر الرَّمية لكنه رَوَى فِيمَا بعد حَدثنِي عَابِد بن يَحْيَى عَن أبي الْحُوَيْرِث عَن عمَارَة بن أكيمَة اللَّيْثِيّ عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ لقد رَأَيْتنَا يَوْم بدر فَذكر الْقِصَّة وَفِي آخرهَا قَالَ فَأخذ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كفا من الْحَصَا فَرَمَاهُمْ بهَا وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه) فَمَا بَقِي مِنْهُم أحد إِلَّا امْتَلَأَ وَجهه وَعَيناهُ فَانْهَزَمَ أَعدَاء الله والمسلمون يقتلُون وَيَأْسِرُونَ
قَالَ الطَّيِّبِيّ لم يذكر أحد من أَئِمَّة الحَدِيث هَذِه الرَّمية الَّتِي كَانَت يَوْم بدر ثمَّ ذكر حَدِيث مُسلم عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ غزونا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حنينا فَلَمَّا وَاجَهنَا الْعَدو ... . إِلَى أَن قَالَ فَلَمَّا غشوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نزل عَن بغلته ثمَّ قبض قَبْضَة من تُرَاب ثمَّ اسْتقْبل بهَا وُجُوههم وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه) وَهَذَا خطأ مِنْهُ إِذْ لَا امْتنَاع أَن يكون النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فعل ذَلِك فِي الْيَوْمَيْنِ وَقد قدمنَا رِوَايَة عُرْوَة بن الزُّبَيْر وَابْن إِسْحَاق أَنَّهَا كَانَت يَوْم بدر(2/19)
وَرَوَى الطَّبَرِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا أَحْمد بن بهْرَام الأيذجي ثَنَا مُحَمَّد بن يزِيد الْأَسْفَاطِي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن يَحْيَى السَّحَرِيِّ حَدثنِي أبي ثَنَا مُوسَى بن يَعْقُوب الزمعِي عَن عبد الله بن يزِيد مولَى الْأسود بن سُفْيَان عَن أبي بكر بن سُلَيْمَان ابْن أبي خَيْثَمَة عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر أَمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأخذ كفا من الْحَصْبَاء فَاسْتقْبلنَا بِهِ فرمانا بهَا وَقَالَ شَاهَت الْوُجُوه) فَانْهَزَمْنَا فَأنْزل الله وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رَمَى انْتَهَى
وَرَوَى الطَّبَرِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي صَالح بِهِ فِي تَفْسِيره حَدثنِي الْمثنى ثَنَا أَبُو صَالح ثَنَا مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ رفع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَده يَوْم بدر فَقَالَ (يَا رب إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة فَلَنْ تعبد فِي الأَرْض أبدا) فَأمره جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَأخذ قَبْضَة من التُّرَاب فَرَمَى بهَا فِي وُجُوههم فَمَا من الْمُشْركين أحد إِلَّا أصَاب عَيْنَيْهِ وَمنْخرَيْهِ وَفِيه تُرَاب فَوَلوا مُدبرين انْتَهَى
وَرَوَى أَيْضا حَدثنِي مُحَمَّد بن الْحُسَيْن ثَنَا أَحْمد بن الْمفضل ثَنَا أَسْبَاط عَن السّديّ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لعَلي يَوْم بدر أَعْطِنِي حَصى من الأَرْض) فَنَاوَلَهُ حَصى عَلَيْهِ تُرَاب فَرَمَى بِهِ فِي وُجُوه الْقَوْم فَلم يبْق مُشْرك إِلَّا دخل فِي عَيْنَيْهِ من ذَلِك التُّرَاب شَيْء ثمَّ رَدفَهُمْ الْمُسلمُونَ يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ وَأنزل الله فَلم تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِن الله قَتلهمْ وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رَمَى انْتَهَى
فقد ثَبت عَن غير وَاحِد من الْأَئِمَّة أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي يَوْم بدر وَإِن كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فعل ذَلِك يَوْم حنين أَيْضا وَالله أعلم
501 - الحَدِيث الثَّانِي عشر
رَوَى أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مر عَلَى بَاب أبي بن كَعْب فناداه وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَعجل فِي صلَاته ثمَّ جَاءَ فَقَالَ (مَا مَنعك عَن إجَابَتِي) قَالَ كنت أُصَلِّي قَالَ (ألم تخبر فِيمَا أُوحِي إِلَيّ اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ قَالَ لَا جرم لَا تَدعُونِي إِلَّا أَجَبْتُك(2/20)
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَلَيْسَ فِيهِ لَا جرم لَا تَدعُونِي إِلَّا أَجَبْتُك
لَكِن رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَد التِّرْمِذِيّ وَمَتنه وَزَاد فِي آخِره قَالَ أبي لَا جرم يَا رَسُول الله لَا تَدعُونِي إِلَّا أَجَبْتُك وَإِن كنت أُصَلِّي انْتَهَى بِحُرُوفِهِ
وَلم يحسن الطَّيِّبِيّ إِذْ عزاهُ للْبُخَارِيّ من حَدِيث أبي سعيد بن الْمُعَلَّى لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدِيث الْكتاب
502 - الحَدِيث الثَّالِث عشر
رَوَى أَن الزُّبَيْر كَانَ يُسَايِر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمًا إِذْ أقبل عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَضَحِك إِلَيْهِ الزُّبَيْر فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (كَيفَ حبك لعَلي)
فَقَالَ يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي إِنِّي أحبه كَحبي لوَلَدي أَو أَشد حبا قَالَ (فَكيف أَنْت إِذا سرت إِلَيْهِ تُقَاتِلهُ)
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة مَعْنَاهُ وَعقد لَهُ بَابا فَقَالَ بَاب إخْبَاره عَلَيْهِ السَّلَام عَن قتال الزُّبَيْر ثمَّ رَوَى من طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن قَتَادَة قَالَ لما وَلَّى الزُّبَيْر يَوْم الْجمل بلغ عليا فَقَالَ لَو كَانَ يعلم أَنه عَلَى حق مَا وَلَّى وَذَاكَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لقيهمَا فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة فَقَالَ (أَتُحِبُّهُ يَا زبير قَالَ وَمَا يَمْنعنِي قَالَ فَكيف بك إِذا قَاتلته ثمَّ قَالَ هَذَا مُرْسل
وَقد رَوَى مَوْصُولا من وَجه آخر ثمَّ رُوِيَ من حَدِيث عبد الله بن الْأَجْلَح ثَنَا أبي عَن يزِيد الْفَقِير عَن أَبِيه قَالَ سَمِعت الْمفضل بن فضَالة يحدث أبي عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود الديلِي عَن أَبِيه قَالَ لما دنا عَلّي وَأَصْحَابه من طَلْحَة وَالزُّبَيْر وَدنت الصُّفُوف بَعْضهَا من بعض خرج عَلّي وَهُوَ عَلَى بغلة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَنَادَى ادعوا لي الزُّبَيْر بن الْعَوام فَأقبل حَتَّى اخْتلفت أَعْنَاق دَوَابِّهِمَا فَقَالَ(2/21)
عَلّي يَا زبير نشدتك بِاللَّه أما تذكر يَوْم مر بِنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَنحن بمَكَان كَذَا وَكَذَا فَقَالَ يَا زبير تحب عليا فَقلت أَلا أحب ابْن خَالَتِي وَابْن عمي وَعَلَى ديني قَالَ (أما وَالله لَتُقَاتِلنَّهُ وَأَنت ظَالِم) قَالَ بلَى وَالله وَلَكِنِّي نَسِيته انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده ثَنَا يزِيد بن هَارُون ثَنَا شريك بن عبد الله عَن الْأسود بن قيس حَدثنِي من رَأَى الزُّبَيْر يُقَصَّص الْخَيل فَنَوَّهَ بِهِ عَلّي بن أبي طَالب يَا أَبَا عبد الله يَا أَبَا عبد الله قَالَ فَأقبل حَتَّى الْتَقت أَعْنَاق دَوَابِّهِمَا فَقَالَ لَهُ عَلّي أنْشدك الله أَتَذكر يَوْمًا أَتَانَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَنا أناجيك فَقَالَ (أتناجيه وَالله ليقاتلنك وَهُوَ لَك ظَالِم) قَالَ فَضرب الزُّبَيْر وَجه دَابَّته فَانْصَرف انْتَهَى
503 - الحَدِيث الرَّابِع عشر
رَوَى أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حاصر بني قُرَيْظَة إِحْدَى وَعشْرين لَيْلَة فسألوا الصُّلْح كَمَا صَالح إخْوَانهمْ بني النَّضِير عَلَى أَن يَسِيرُوا إِلَى أَذْرُعَات وَأَرِيحَا من أَرض الشَّام فَأَبَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن ينزلُوا إِلَّا عَلَى حكم سعد بن معَاذ فَأَبَوا وَقَالُوا أرسل إِلَيْنَا أَبَا لبَابَة مَرْوَان بن عبد الْمُنْذر وَكَانَ مناصحا لَهُم لِأَن عِيَاله وَمَاله فِي أَيْديهم فَبَعثه إِلَيْهِم فَقَالُوا لَهُ مَا ترَى هَل ننزل عَلَى حكم سعد فَأَشَارَ إِلَى حَلقَة أَنه الذّبْح قَالَ أَبُو لبَابَة فَمَا زَالَت قَدَمَايَ حَتَّى علمت أَنِّي قد خُنْت الله وَرَسُوله فَنزلت فَشد نَفسه عَلَى سَارِيَة من سواري الْمَسْجِد وَقَالَ وَالله لَا أَذُوق طَعَاما وَلَا شرابًا حَتَّى أَمُوت أَو يَتُوب الله عَلّي فَمَكثَ سَبْعَة أَيَّام حَتَّى(2/22)
خر مغشيا عَلَيْهِ ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِ فَقيل لَهُ قد تيب عَلَيْك فَحل نَفسك فَقَالَ لَا وَالله لَا أحلهَا حَتَّى يكون رَسُول الله هُوَ الَّذِي يُحِلنِي فَجَاءَهُ عَلَيْهِ السَّلَام فَحله بِيَدِهِ فَقَالَ إِن من تَمام تَوْبَتِي أَن أَهجر دَار قومِي الَّتِي أصبت فِيهَا الذَّنب وَأَن أَنْخَلِع من مَالِي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (يجْزِيك أَن تَتَصَدَّق من مَالك بِالثُّلثِ)
قلت رَوَاهُ ابْن هِشَام فِي السِّيرَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة كِلَاهُمَا فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي وَالِدي إِسْحَاق بن يسَار عَن معبد ابْن كَعْب بن مَالك السّلمِيّ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَاصَرَهُمْ خمْسا وَعشْرين لَيْلَة يَعْنِي بني قُرَيْظَة ... إِلَى أَن أجهدهم الْحصار ... . فَذكره بِطُولِهِ إِلَى أَن قَالَ ثمَّ بعثوا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يبْعَث إِلَيْنَا أَبَا لبَابَة بن عبد الْمُنْذر نَسْتَشِيرهُ فَأرْسلهُ عَلَيْهِ السَّلَام إِلَيْهِ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ فرق لَهُم وَقَالُوا يَا أَبَا لبَابَة أَتَرَى أَن ننزل عَلَى حكم مُحَمَّد فَقَالَ نعم وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حلقه أَنه الذّبْح قَالَ أَبُو لبَابَة فَمَا زَالَت قَدَمَايَ تَرْجِعَانِ حَتَّى عرفت أَنِّي خُنْت الله وَرَسُوله ثمَّ انْطلق أَبُو لبَابَة عَلَى وَجهه وَلم يَأْتِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى ارْتبط فِي الْمَسْجِد إِلَى عَمُود من عمده وَقَالَ لَا أَبْرَح مَكَاني هَذَا حَتَّى يَتُوب الله عَلّي مِمَّا صنعت وَعَاهد الله تَعَالَى أَلا يطَأ بني قُرَيْظَة أبدا
ثمَّ أسْند إِلَى ابْن إِسْحَاق قَالَ حَدثنِي يزِيد بن عبد الله بن قسيط أَن تَوْبَة أبي لبَابَة نزلت عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ فِي بَيت أم سَلمَة فَقَالَت سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من السحر وَهُوَ يضْحك فَقلت مَا يضْحك يَا رَسُول الله قَالَ (تيب عَلَى أبي لبَابَة فَقلت أَلا أُبَشِّرهُ يَا رَسُول الله (قَالَ بلَى إِن شِئْت فَقُمْت عَلَى بَاب حُجْرَتي وَذَلِكَ قبل أَن يضْرب علينا الْحجاب وَقلت يَا أَبَا لبَابَة أبشر فقد تَابَ الله عَلَيْك فَثَابَ النَّاس إِلَيْهِ لِيُطْلِقُوهُ فَقَالَ لَا وَالله حَتَّى يكون رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هُوَ الَّذِي يُطلقنِي بِيَدِهِ فَلَمَّا مر عَلَيْهِ خَارِجا إِلَى صَلَاة(2/23)
الصُّبْح أطلقهُ انْتَهَى
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ كَانَت بَنو قُرَيْظَة حلفا لأبي لبَابَة فَاطَّلَعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى حكم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالُوا يَا أَبَا لبَابَة أَتَأْمُرُنَا أَن ننزل فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حلقه أَنه الذّبْح فَأخْبر عَنهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلبث حينا وَهُوَ عَاتب عَلَيْهِ ثمَّ غزا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَبُوكا وَهِي غَزْوَة الْعسرَة فَتخلف عَنهُ أَبُو لبَابَة فِيمَن تخلف فَلَمَّا قفل رَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مِنْهَا جَاءَهُ أَبُو لبَابَة يسلم عَلَيْهِ فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَفَزعَ أَبُو لبَابَة فَارْتَبَطَ بِسَارِيَة التَّوْبَة الَّتِي عِنْد بَاب أم سَلمَة زوج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سبعا بَين يَوْم وَلَيْلَة فِي حر شَدِيد لَا يَأْكُل فِيهِنَّ وَلَا يشرب وَقَالَ لَا يزَال هَذَا مَكَاني حَتَّى أُفَارِق الدُّنْيَا أَو يَتُوب الله عَلّي فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَا سمع لَهُ صَوت من الْجهد وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ينظر إِلَيْهِ بكرَة وَعَشِيَّة ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِ فَأرْسل إِلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لِيُطْلِقَهُ فَأَبَى أَن يُطلقهُ إِلَّا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فجَاء عَلَيْهِ السَّلَام فَأَطْلقهُ بِيَدِهِ فَقَالَ أَبُو لبَابَة يَا رَسُول الله إِنِّي أَهجر دَار قومِي الَّتِي أصبت فِيهَا الذَّنب وَأَنْتَقِلَ إِلَيْك فأساكنك وَإِنِّي أَخْلَع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله تَعَالَى فَقَالَ (يُجزئ عَنْك الثُّلُث) فَهجر أَبُو لبَابَة دَار قومه وَسَاكن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَتصدق بِثلث مَاله ثمَّ تَابَ فَلم ير مِنْهُ بعد ذَلِك إِلَّا خير حَتَّى فَارق الدُّنْيَا انْتَهَى
وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الْمَغَازِي فِي بَاب من تخلف فِي غَزْوَة تَبُوك ثَنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ كَانَ أَبُو لبَابَة مِمَّن تخلف عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي غَزْوَة تَبُوك فَربط نَفسه بِسَارِيَة ثمَّ قَالَ وَالله لَا أحل نَفسِي مِنْهَا وَلَا أَذُوق طَعَاما وَلَا شرابًا حَتَّى أَمُوت أَو يَتُوب الله عَلّي فَمَكثَ سَبْعَة أَيَّام لَا يَذُوق فِيهَا طَعَاما وَلَا شرابًا حَتَّى كَانَ يخر مغشيا عَلَيْهِ قَالَ ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِ فَقيل لَهُ قد تيب عَلَيْك يَا أَبَا لبَابَة فَقَالَ وَالله لَا أحل نَفسِي حَتَّى يكون رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هُوَ الَّذِي يُحِلنِي بِيَدِهِ فجَاء النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَحله بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ يَا رَسُول الله إِن من تَوْبَتِي أَن أَهجر دَار قومِي الَّتِي أصبت فِيهَا الذَّنب وَأَن أَنْخَلِع من مَالِي كُله(2/24)
صَدَقَة إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله فَقَالَ (يجْزِيك الثُّلُث يَا أَبَا لبَابَة) انْتَهَى
وَعَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه
وَذكره الثَّعْلَبِيّ من قَول الزُّهْرِيّ والكلبي بِلَفْظ الْكتاب سَوَاء وَسَنَده إِلَيْهِمَا فِي أول كِتَابه
انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن كَعْب بن مَالك قَالَ كَانَ أَبُو لبَابَة ... بِلَفْظ عبد الرَّزَّاق
504 - الحَدِيث الْخَامِس عشر
رُوِيَ أَن الْأَنْصَار لما أَسْلمُوا وَبَايَعُوا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فرقت قُرَيْش أَن يَتَفَاقَم أمره فَاجْتمعُوا فِي دَار الندوة مُتَشَاوِرِينَ فِي أمره فَدخل عَلَيْهِم إِبْلِيس فِي صُورَة شيخ وَقَالَ أَنا شيخ من نجد مَا أَنا من تهَامَة دخلت مَكَّة فَسمِعت بِاجْتِمَاعِكُمْ فَأَرَدْت أَن أحْضركُم وَلنْ تَعْدَمُوا مني رَأيا وَنصحا فَقَالَ أَبُو البخْترِي إِن تَحْبِسُوهُ فِي بَيت وتشدوا وثَاقه وتسدوا عَلَيْهِ بَابه غير كوَّة تلقونَ إِلَيْهِ طَعَامه وَشَرَابه مِنْهَا وتتربصوا بِهِ ريب الْمنون فَقَالَ إِبْلِيس بئس الرَّأْي يأتيكم من يُقَاتِلكُمْ من قومه وَيُخَلِّصهُ من أَيْدِيكُم فَقَالَ هِشَام بن عَمْرو رَأْيِي أَن تَحملُوهُ عَلَى جمل وتخرجوه من بَين أظْهركُم فَلَا يضركم مَا صنع وَاسْتَرَحْتُمْ فَقَالَ إِبْلِيس بئس الرَّأْي يفْسد قوما غَيْركُمْ ويقاتلكم بهم فَقَالَ أَبُو جهل رَأْيِي أَن تَأْخُذُوا من كل بطن غُلَاما وتعطوه سَيْفا صَارِمًا فَيَضْرِبُوهُ ضَرْبَة رجل وَاحِد فَيَتَفَرَّق دَمه فِي الْقَبَائِل فَلَا يُقَوي بَنو هَاشم عَلَى حَرْب قُرَيْش كلهم فَإِذا طلبُوا الْعقل عَقَلْنَاهُ وَاسْتَرَحْنَا فَقَالَ الشَّيْخ صدق هَذَا الْفَتَى هُوَ أَجودكُم رَأيا فَتَفَرَّقُوا عَلَى رَأْي أبي جهل مُجْتَمعين عَلَى قَتله فَأخْبر جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأمره أَلا يبيت فِي مضجعه(2/25)
وَأذن الله لَهُ فِي الْهِجْرَة فَأمر عليا فَنَامَ فِي مضجعه وَقَالَ لَهُ (اتَّشَحَ ببردتي فَإِنَّهُ لن يخلص إِلَيْك أَمر تكرههُ) وَبَاتُوا مُتَرَصِّدِينَ فَلَمَّا أَصْبحُوا ثَارُوا إِلَى مضجعه فَأَبْصرُوا عليا فَبُهِتُوا وَاقْتَصُّوا أَثَره فَأبْطل الله مَكْرهمْ وَخيَّب الله سَعْيهمْ
قلت رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي الْفَصْل السَّادِس عشر وَابْن هِشَام فِي سيرته والطبري فِي تَفْسِيره كلهم من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي عبد الله ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما اجْتمعت قُرَيْش فِي دَار الندوة وَتَشَاوَرُوا فِي أَمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اعْتَرَضَهُمْ إِبْلِيس فِي هَيْئَة شيخ فَوقف عَلَى بَاب الدَّار فَقَالُوا لَهُ من أَنْت قَالَ شيخ من أهل نجد سَمِعت بِالَّذِي اجْتَمَعْتُمْ لَهُ فَأَرَدْت أَن أحْضركُم وَعَسَى أَن لَا تَعْدَمُوا مني رَأيا وَنصحا فَقَالُوا لَهُ ادخل فَدخل مَعَهم وَقد اجْتمع أَشْرَاف قُرَيْش عتبَة وَشَيْبَة أَبنَاء ربيعَة وَأَبُو سُفْيَان وَأَبُو جهل وَطعيمَة بن عدي وَجبير بن مطعم والْحَارث بن عَامر وَالنضْر بن الْحَارِث أَبُو البخْترِي وَزَمعَة بن الْأسود وَحَكِيم بن حزَام وَأُميَّة بن خلف فِي آخَرين لَا يُحصونَ فَقَالَ بَعضهم لبَعض إِن هَذَا الرجل قد كَانَ من أمره مَا قد رَأَيْتُمْ وَإِنَّا وَالله لَا نَأْمَنهُ من الْوُثُوب علينا فَأَجْمعُوا فِيهِ رَأْيكُمْ فَقَالَ قَائِل مِنْهُم احْبِسُوهُ فِي الْحَدِيد وَأَغْلقُوا عَلَيْهِ الْبَاب ثمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ الْمَوْت فَقَالَ إِبْلِيس بئس الرَّأْي فَلَا يُوشك أَن يثب عَلَيْكُم أَصْحَابه فينتزعوه من أَيْدِيكُم ثمَّ يكاثرونكم بِهِ حَتَّى يَغْلِبُونَكُمْ ثمَّ قَالَ آخر نخرجهُ من بِلَادنَا فَإِذا غَابَ أَصْلحنَا أمرنَا فَقَالَ إِبْلِيس وَلَا هَذَا أَيْضا رَأْي فَلَا يُوشك أَن يغلب عَلَى قوم غَيْركُمْ ثمَّ يسير بهم إِلَيْكُم فيطأكم بهم فَقَالَ أَبُو جهل إِن لي فِيهِ رَأيا مَا أَرَاكُم وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ قَالُوا وَمَا هُوَ قَالَ أرَى أَن نَأْخُذ من كل قَبيلَة فَتى جلدا فَنُعْطِيه سَيْفا ثمَّ يَعْمِدُونَ(2/26)
إِلَيْهِ فَيَضْرِبُونَهُ بهَا ضَرْبَة رجل وَاحِد فَيَتَفَرَّق دَمه فِي الْقَبَائِل وَلَا تقدر بَنو عبد منَاف عَلَى حَرْب قَومهمْ جَمِيعًا فرضوا منا الْعقل فعقلناه لَهُم فَقَالَ إِبْلِيس هَذَا هُوَ الرَّأْي لَا غَيره وَتَفَرَّقُوا مُجْمِعِينَ عَلَى ذَلِك فَأَتَى جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأمره أَلا يبيت عَلَى فرَاشه تِلْكَ اللَّيْلَة واجتمعوا وَقت الْعَتَمَة يَرْصُدُونَهُ مَتى ينَام فيثبون عَلَيْهِ وَأمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلّي بن أبي طَالب أَن ينَام عَلَى فرَاشه ويتشح بِبرْدِهِ الْأَخْضَر فَلَمَّا وجدوه عليا بهتُوا وَأذن الله لنَبيه عِنْد ذَلِك فِي الْهِجْرَة مُخْتَصر
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الْمَغَازِي فِي بَاب من هَاجر إِلَى الْحَبَشَة حَدثنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة قَالَ لما كثر الْمُسلمُونَ ... فَذكر نَحوه
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي ذكر الْهِجْرَة أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ حَدثنِي معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وحَدثني ابْن أبي حَبِيبَة عَن دَاوُد بن الْحصين عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس
505 - الحَدِيث السَّادِس عشر
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (الْإِسْلَام يجب مَا قبله)
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَابْن هِشَام فِي سيرته فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب إِسْلَام عَمْرو بن الْعَاصِ عَن ابْن إِسْحَاق حَدثنِي يزِيد بن أبي حبيب عَن رَاشد مولَى حبيب بن أبي أَوْس الثَّقَفِيّ عَن حبيب بن أبي أَوْس الثَّقَفِيّ حَدثنِي عَمْرو بن الْعَاصِ من فِيهِ إِلَيّ فِي قَالَ لما جِئْت أُرِيد الْإِسْلَام لقِيت خَالِد بن الْوَلِيد فَقلت لَهُ إِنِّي أُرِيد الْإِسْلَام فَقَالَ وَأَنا وَالله أُرِيد أَن أسلم قَالَ فَجِئْنَا إِلَى الْمَدِينَة فَتقدم خَالِد فَأسلم وَبَايع وَتَقَدَّمت أَنا فَقلت أُبَايِعك وَذكرت مَا تقدم من ذَنبي وَلَا أذكر مَا اسْتَأْخَرَ فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (بَايع يَا عَمْرو فَإِن الْإِسْلَام يجب مَا قبله وَالْهجْرَة تجب مَا كَانَ قبلهَا) قَالَ فَبَايَعت(2/27)
وَله طَرِيق آخر عِنْد الْبَيْهَقِيّ رَوَاهُ من طَرِيق الْوَاقِدِيّ أَنا عبد الحميد بن جَعْفَر عَن أَبِيه عَن قيس بن وَسقي عَن عَمْرو بن الْعَاصِ ... فَذكره
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده من حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب أَخْبرنِي سُوَيْد بن قيس عَن قيس بن وَسقي عَن عَمْرو بن الْعَاصِ وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ أتيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أُبَايِعهُ فَأخذت بِيَدِهِ فَقلت أُبَايِعك عَلَى أَن يغْفر لي كل ذَنْب كَانَ فَقَالَ (إِن الْإِسْلَام يجب مَا كَانَ قبله وَإِن الْهِجْرَة تجب مَا كَانَ قبلهَا) انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة خَالِد بن الْوَلِيد أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر هُوَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي يَحْيَى بن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام قَالَ سَمِعت أبي يحدث قَالَ خَالِد بن الْوَلِيد لما أَرَادَ الله بِي الْخَيْر وَوجدت فِي قلبِي حب الْإِسْلَام أَجمعت الْخُرُوج إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَنَظَرت من أصَاحب فَلَقِيت عُثْمَان بن أبي طَلْحَة فَذكرت لَهُ الَّذِي أُرِيد فأسرع الْإِجَابَة وَخَرجْنَا جَمِيعًا فَلَمَّا كُنَّا بِالْهَدةِ إِذا عَمْرو بن الْعَاصِ فَرَحَّبَ بِنَا وَسَأَلنَا فَأَخْبَرنَاهُ الْخَبَر فَإِذا هُوَ يُرِيد مَا نُرِيد فاصطحبنا سبعا حَتَّى قدمنَا الْمَدِينَة أول يَوْم من صفر سنة ثَمَان فَلَمَّا اطَّلَعْنَا عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سلمت عَلَيْهِ فَرد عَلّي السَّلَام بِوَجْه طلق فَأسْلمت وَشهِدت شَهَادَة الْحق وَقلت يَا رَسُول الله اسْتغْفر لي كل مَا أَوضعت فِيهِ من صد عَن سَبِيل الله فَقَالَ (إِن الْإِسْلَام يجب مَا كَانَ قبله اللَّهُمَّ اغْفِر لخَالِد بن الْوَلِيد كل مَا أوضع فِيهِ من صد عَن سَبِيلك) قَالَ ثمَّ تقدم عَمْرو بن الْعَاصِ وَعُثْمَان ابْن طَلْحَة فَأَسْلمَا وَبَايِعًا مُخْتَصر
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي بِهَذَا الْإِسْنَاد والمتن وَرَوَاهُ أَيْضا بِسَنَد ابْن إِسْحَاق حَدثنِي عبد الحميد بن جَعْفَر عَن يزِيد بن أبي حبيب
وَرَوَاهُ أَيْضا عَن الْوَاقِدِيّ بِسَنَدِهِ الْبَيْهَقِيّ(2/28)
وَرَوَاهُ أَيْضا فِي تَرْجَمَة الْمُغيرَة بن شُعْبَة أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ حَدثنِي مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن عتبَة عَن أَبِيه عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة عَن عَمه عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (إِن الْإِسْلَام يجب مَا كَانَ قبله) مُخْتَصر من قصَّة إِسْلَام عُرْوَة
وَرَوَاهُ أَيْضا فِي تَرْجَمَة هَبَّار بن الْأسود أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر هُوَ الْوَاقِدِيّ حَدثنِي هِشَام بن عمَارَة عَن سعيد بن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كنت جَالِسا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي مَسْجده إِذْ طلع هَبَّار بن الْأسود فَقيل لَهُ يَا رَسُول الله هَذَا هَبَّار بن الْأسود وَأَرَادَ بعض الْقَوْم أَن يقوم إِلَيْهِ فَمَنعه فجَاء حَتَّى وقف وَقَالَ السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَجعل يعْتَذر إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مِمَّا كَانَ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (قد عَفَوْت عَنْك وَالْإِسْلَام يجب مَا كَانَ قبله)
أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر حَدثنِي وَاقد بن أبي يَاسر عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ قَالَ الزُّبَيْر بن الْعَوام لقد رَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ يُطَأْطِئ رَأسه من هَبَّار بن الْأسود وَهُوَ يعْتَذر إِلَيْهِ حَيَاء مِنْهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (قد عَفَوْت عَنْك وَالْإِسْلَام يجب مَا كَانَ قبله) مُخْتَصر
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي فِي غَزْوَة الْفَتْح بالسندين الْمَذْكُورين
وَكثير من الْفُقَهَاء يَعْزُو هَذَا الحَدِيث لمُسلم وَهُوَ غلط فَإِن لفظ مُسلم (الْإِسْلَام يهدم مَا قبله) رَوَاهُ فِي كتاب الْإِيمَان فِي بَاب كَون الْإِسْلَام يهدم مَا قبله وَكَذَا الْهِجْرَة وَالْحج من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن شماسَة الْمهرِي قَالَ حَضَرنَا عَمْرو بن الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقَة الْمَوْت يبكي طَويلا ... إِلَى أَن قَالَ فَقَالَ يَعْنِي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أما علمت أَن الْإِسْلَام يهدم مَا قبله وَأَن الْهِجْرَة تهدم(2/29)
مَا قبلهَا وَأَن الْحَج يهدم مَا قبله) مُخْتَصر
وَكَأن الشَّيْخ محيي الدَّين رَحِمَهُ اللَّهُ لم يقف إِلَّا عَلَى لفظ مُسلم وَلم يَقع لَهُ رِوَايَة يجب فَلذَلِك غلط فِي كِتَابه تَهْذِيب الْأَسْمَاء الْفُقَهَاء الَّذين يذكرُونَهُ بِلَفْظ يجب وَذكر لفظ مُسلم ثمَّ قَالَ وَقد رُوِيَ يحت بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالتَّاء الْمُثَنَّاة وَعَزاهُ لكتاب الْأَنْسَاب للزُّبَيْرِ بن بكار وَيُرَاجع كَلَامه
506 - الحَدِيث السَّابِع عشر
عَن عُثْمَان وجُبَير بن مطعم أَنَّهُمَا قَالَا يَا رَسُول الله هَؤُلَاءِ إخْوَتك بَنو هَاشم لَا يُنكر فَضلهمْ لِمَكَانِك الَّذِي جعلك الله مِنْهُم أَرَأَيْت إِخْوَاننَا بني عبد الْمطلب أَعطيتهم وَحَرَمْتنَا وَإِنَّمَا نَحن وهم بِمَنْزِلَة وَاحِدَة فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (إِنَّهُم لم يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام إِنَّمَا هم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب شَيْء وَاحِد) وَشَبك بَين أَصَابِعه
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب الْخراج وَالنَّسَائِيّ فِي كتاب قسم الْفَيْء وَابْن ماجة فِي الْجِهَاد كلهم من حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن جُبَير بن مطعم قَالَ لما قسم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سهم ذَوي الْقُرْبَى من خَيْبَر بَين بني هَاشم وَبني الْمطلب جِئْت أَنا وَعُثْمَان فَقُلْنَا يَا رَسُول الله هَؤُلَاءِ بَنو هَاشم لَا يُنكر فَضلهمْ لِمَكَانِك مِنْهُم إِخْوَاننَا من بني الْمطلب أَعطيتهم وَتَرَكتنَا وَإِنَّمَا نَحن وهم مِنْك بِمَنْزِلَة وَاحِدَة قَالَ (إِنَّهُم لم يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام وَإِنَّمَا بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب شَيْء وَاحِد) ثمَّ شَبكَ بَين أَصَابِعه انْتَهَى
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ بعضه
وَلم يحسن الطَّيِّبِيّ إِذْ عزا هَذَا الحَدِيث للْبُخَارِيّ فَإِن قَوْله (لم يُفَارِقُونِي) إِلَى آخِره لَيْسَ فِي البُخَارِيّ(2/30)
507 - الحَدِيث الثَّامِن عشر
عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَأْخُذ الْخمس فَيضْرب بِيَدِهِ فِيهِ فَيَأْخُذ مِنْهُ قَبْضَة فيجعلها للكعبة وَهُوَ سهم الله ثمَّ يقسم مَا بَقِي عَلَى خَمْسَة
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل من حَدِيث الرّبيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا أَتَى بِالْغَنِيمَةِ قسمهَا عَلَى خَمْسَة أَقسَام ثمَّ يقبض بِيَدِهِ قَبْضَة من الْخمس أجمع ثمَّ يَقُول (هَذَا للكعبة) ثمَّ يَقُول (لَا تجْعَلُوا لله نَصِيبا فَإِن لله الْآخِرَة وَالدُّنْيَا) ثمَّ يَأْخُذ سَهْما لنَفسِهِ وَسَهْما لِذَوي الْقُرْبَى وَسَهْما لِلْيَتَامَى وَسَهْما للْمَسَاكِين وَسَهْما لِابْنِ السَّبِيل انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا أَبُو كريب ثَنَا وَكِيع ثَنَا أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن الرّبيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي قَالَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُؤْتِي بِالْغَنِيمَةِ فَيقسمهَا عَلَى خَمْسَة فَتكون أَرْبَعَة أَخْمَاس لمن شَهِدَهَا ثمَّ يَأْخُذ الْخمس فَيضْرب بِيَدِهِ فِيهِ فَيَأْخُذ الَّذِي قبض كَفه فَيَجْعَلهُ للكعبة وَهُوَ سهم الله ثمَّ يقسم مَا بَقِي عَلَى خَمْسَة أسْهم فَيكون سهم للرسول وَسَهْم لِذَوي الْقُرْبَى وَسَهْم لِلْيَتَامَى وَسَهْم للْمَسَاكِين وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كتاب الْأَمْوَال ثَنَا حجاج عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ بِهِ
508 - قَوْله
عَن ابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ لقد قللُوا فِي أَعيننَا حَتَّى قلت لرجل إِلَى جَنْبي أَترَاهُم سبعين قَالَ أَرَاهُم مائَة فَأَسَرْنَا رجلا مِنْهُم فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ كُنَّا ألفا
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا عَمْرو بن مُحَمَّد وَيَحْيَى بن(2/31)
آدم قَالَا ثَنَا إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله ابْن مَسْعُود ... فَذكره
وَمن طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره
509 - الحَدِيث التَّاسِع عشر
فِي الحَدِيث (نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور)
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي مَوَاضِع وَمُسلم فِي الصَّلَاة من حَدِيث مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور)
510 - الحَدِيث الْعشْرُونَ
(مَا رئي إِبْلِيس يَوْمًا أَصْغَر وَلَا أَدْحَر وَلَا أَغيظ من يَوْم عَرَفَة لما يرَى من نزُول الرَّحْمَة إِلَّا يَوْم بدر)
قلت رَوَاهُ مَالك فِي موطئِهِ فِي آخر كتاب الْحَج مَالك عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (مَا رئي الشَّيْطَان يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَر وَلَا أَدْحَر وَلَا أَحْقَر وَلَا أَغيظ مِنْهُ يَوْم عَرَفَة لما يرَى من تَنْزِيل الرَّحْمَة وَتجَاوز الله عَن الذُّنُوب الْعِظَام إِلَّا مَا رَأَى يَوْم بدر) قيل وَمَا رَأَى يَوْم بدر قَالَ (أما أَنه قد رَأَى جِبْرِيل يَزع الْمَلَائِكَة) انْتَهَى
وَمن طَرِيق مَالك رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الْحَج ثمَّ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْخَامِس وَالْعِشْرين وَكَذَلِكَ الطَّبَرِيّ ثمَّ الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفاسيرهم وَهُوَ مُرْسل صَحِيح وَإِبْرَاهِيم بن أبي عبلة مَعْدُود فِي ثِقَات التَّابِعين سمع أنس بن مَالك وَغَيره وَطَلْحَة بن عبيد الله بن كريز أَيْضا تَابِعِيّ ثِقَة وكريز(2/32)
بِفَتْح الْكَاف فِي خُزَاعَة وَبِضَمِّهَا فِي قُرَيْش قَالَ البُخَارِيّ طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز الْخُزَاعِيّ سمع أم الدَّرْدَاء انْتَهَى
وَوهم الشَّيْخ مُحي الدَّين النَّوَوِيّ فِي الْمَنَاسِك الَّتِي لَهُ فَقَالَ روينَا عَن طَلْحَة عَن عبيد الله أحد الْعشْرَة فَلَيْسَ هَذَا طَلْحَة الصَّحَابِيّ
قَالَ ابْن عبد الْبر فِي التَّقَصِّي وَرَوَى هَذَا الحَدِيث أَبُو النَّضر إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْعجلِيّ عَن مَالك عَن إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة عَن طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز عَن أَبِيه وَلم يقل فِيهِ عَن أَبِيه غَيره وَلَيْسَ بِشَيْء وَالصَّوَاب مَا فِي الْمُوَطَّأ انْتَهَى كَلَامه
قَالَ فِي الصِّحَاح الْوَازِع الَّذِي يتَقَدَّم الصَّفّ فَيُصْلِحهُ انْتَهَى
وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وَحشر لِسُلَيْمَان جُنُوده من الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطير فهم يُوزعُونَ الدَّحْر الْبعد قَالَ تَعَالَى مَدْحُورًا أَي مُبْعدًا
511 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ
عَن عقبَة بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول عَلَى الْمِنْبَر (أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي) قَالَهَا ثَلَاثًا
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي آخر الْجِهَاد من حَدِيث أبي عَلّي ثُمَامَة بن شفي سمع عقبَة بن عَامر يَقُول سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر يَقُول وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي
انْتَهَى
512 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
فِي الحَدِيث (إِن الشَّيْطَان لَا يقرب صَاحب فرس وَلَا دَارا فِيهَا فرس عَتيق)(2/33)
وَرُوِيَ أَن صَهِيل الْخَيل تطرد الْجِنّ
قلت غَرِيب
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات كلهم عَن مُحَمَّد بن شُعَيْب بن شَابُور من حَدِيث سعيد بن سِنَان عَن يزِيد بن عبد الله بن عريب الْمليكِي عَن أَبِيه عَن جده عريب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي قَوْله وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم قَالَ (هم الْجِنّ وَلنْ يخْتل الشَّيْطَان إنْسَانا فِي دَاره فرس عَتيق) انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله بِسَعِيد بن سِنَان وَقَالَ ضعفه أَحْمد وَابْن معِين
وَرَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول فِي سُورَة الْبَقَرَة من حَدِيث مُحَمَّد بن شُعَيْب عَن ابْن مهْدي عَن يزِيد بن عبد الله بن عريب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (نزلت هَذِه الْآيَة الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم فِي أَصْحَاب الْخَيل) وَقَالَ (إِن الشَّيْطَان لَا يخْتل أحدا فِي دَاره فرس عَتيق) انْتَهَى
وَرَوَى القَاضِي أَبُو الْقَاسِم عَلّي بن مُحَمَّد النَّخعِيّ فِي كتاب السَّبق بِالْخَيْلِ وَهُوَ كتاب لطيف نسخته مَوْقُوفَة بِالْمَدْرَسَةِ الْفَاضِلِيَّةِ من الْقَاهِرَة حَدثنَا الْحسن ابْن عَلّي بن عَفَّان حَدثنَا الْحسن بن عَطِيَّة عَن طَلْحَة بن زيد عَن الْوَضِين بن عَطاء عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى رَفعه إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي هَذِه الْآيَة وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ قَالَ (نعم الْجِنّ لَا يدْخل الْجِنّ دَارا فِيهَا فرس عَتيق)
وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم قَالَ هُوَ الشَّيْطَان(2/34)
لَا يقرب نَاصِيَة فرس لِأَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر فَلَا يقربهُ شَيْطَان أبدا) انْتَهَى
وَهَذَا سَنَد واه جُوَيْبِر ضَعِيف وَالضَّحَّاك لم يلق ابْن عَبَّاس
513 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَتَى بسبعين أَسِيرًا مِنْهُم الْعَبَّاس عَمه وَعقيل بن أبي طَالب فَاسْتَشَارَ أَبَا بكر فيهم فَقَالَ قَوْمك وَأهْلك فَاسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ الله يَتُوب عَلَيْهِم وَخذ مِنْهُم فديَة تقَوِّي بهَا أَصْحَابك وَقَالَ عمر كَذبُوك وَأَخْرَجُوك فَقَدمهُمْ وَاضْرِبْ أَعْنَاقهم فَإِن هَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْكفْر وَإِن الله قد أَغْنَاك عَن الْفِدَاء مكن عليا من عقيل وَمكن حَمْزَة من الْعَبَّاس وَمَكني من فلَان لِنَسِيبٍ لَهُ فَاضْرب أَعْنَاقهم فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِن الله ليلين قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَلين من اللين وَإِن الله ليُشَدد قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَشد من الْحِجَارَة وَإِن مثلك يَا أَبَا بكر كَمثل إِبْرَاهِيم قَالَ فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم وَمثلك يَا عمر مثل نوح قَالَ لَا تذر عَلَى الأَرْض من الْكَافرين ديارًا ثمَّ قَالَ لأَصْحَابه أَنْتُم الْيَوْم عَالَة فَلَا يَفْلِتَنَّ أحد مِنْهُم إِلَّا بِفِدَاء أَو ضرب عنق)
وَرَوَى أَنه قَالَ لَهُم (إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ وَاسْتشْهدَ مِنْكُم بِعدَّتِهِمْ) فَقَالُوا بل بِأخذ الْفِدَاء إِذْ اسْتشْهدُوا بِأحد وَكَانَ فدَاء الْأسَارَى عشْرين أُوقِيَّة وَفِدَاء الْعَبَّاس أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة وَالْأُوقِية أَرْبَعُونَ درهما وَسِتَّة دَنَانِير
وَرُوِيَ أَنهم لما أخذُوا الْفِدَاء نزلت فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء(2/35)
فَدخل عمر عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَإِذا هُوَ وَأَبُو بكر يَبْكِيَانِ فَقَالَ يَا رَسُول الله أَخْبرنِي فَإِن وجدت بكاء بَكَيْت وَإِن لم أجد بكاء تَبَاكَيْت فَقَالَ (أبْكِي عَلَى أَصْحَابك فِي أَخذهم الْفِدَاء وَلَقَد عرض عَلّي عَذَابهمْ أدنَى من هَذِه الشَّجَرَة) لشَجَرَة قريبَة مِنْهُ
قلت هَذِه بَقِيَّة حَدِيث عمر الْمَذْكُور فِي الحَدِيث السَّابِع وَهُوَ حَدِيث هَذَا آخِره وَفِيه نقص يسير رَوَاهُ مُسلم قَالَ ابْن عَبَّاس فَقتلُوا يَوْمئِذٍ سبعين وأسروا سبعين فَلَمَّا أَسرُّوا الْأسَارَى قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لأبي بكر وَعمر (مَا ترَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأسَارَى) فَقَالَ أَبُو بكر يَا نَبِي الله هم بَنو الْعم وَالْعشيرَة أرَى أَن تَأْخُذ مِنْهُم فديَة فَتكون لنا قُوَّة عَلَى الْكفَّار فَعَسَى الله أَن يهْدِيهم لِلْإِسْلَامِ وَقَالَ عمر لَا وَالله يَا رَسُول الله مَا أرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بكر وَلَكِن أرَى أَن تمَكنا فَنَضْرِب أَعْنَاقهم فَتمكن عليا من عقيل فَيضْرب عُنُقه وَتُمَكِّنِّي من فلَان نسيب لعمر فَأَضْرب عُنُقه فَإِن هَؤُلَاءِ أَئِمَّة الْكفْر وَصَنَادِيدهَا فَهَوِيَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا قَالَ أَبُو بكر وَلم يَهو مَا قَالَ عمر فَلَمَّا كَانَ من الْغَد جِئْت فَإِذا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَبُو بكر قَاعِدين يَبْكِيَانِ قلت من أَي شَيْء تبْكي أَنْت وَصَاحِبك فَإِن وجدت بكاء بَكَيْت وَإِن لم أجد بكاء تَبَاكَيْت لِبُكَائِكُمَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أبْكِي للَّذي عرض عَلَى أَصْحَابك من أَخذهم الْفِدَاء لقد عرض عَلّي عَذَابهمْ أدنَى من هَذِه الشَّجَرَة) لشَجَرَة قريبَة مِنْهُ مُخْتَصر
وَرَوَى أَحْمد فِي مُسْنده والطبري وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفسيريهما والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن عَمْرو بن مرّة عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (مَا تَقولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأسَارَى) فَقَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله قَوْمك وَأهْلك اسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ الله يَتُوب عَلَيْهِم وَقَالَ عمر يَا رَسُول الله كَذبُوك وَأَخْرَجُوك فَقَدمهُمْ فَاضْرب أَعْنَاقهم وَقَالَ عبد الله بن رَوَاحَة يَا رَسُول الله أَنْت فِي وَاد كثير الْحَطب فأضرم(2/36)
الْوَادي عَلَيْهِم نَارا قَالَ فَسكت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلم يرد عَلَيْهِم شَيْئا ثمَّ قَالَ (إِن الله ليلين قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَلين من اللين وَإِن الله ليُشَدد قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَشد من الْحِجَارَة وَإِن مثلك يَا أَبَا بكر كَمثل عِيسَى قَالَ إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وَإِن تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم وَإِن مثلك يَا عبد الله مثل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ رَبنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهم وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهم فَلَا يُؤمنُوا حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم وَإِن مثلك يَا عمر مثل نوح عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ رب لَا تذر عَلَى الأَرْض من الْكَافرين ديارًا أَنْتُم عَالَة فَلَا يَنْقَلِبْنَ أحد مِنْهُم إِلَّا بِفِدَاء أَو ضَرْبَة عنق) قَالَ ابْن مَسْعُود فَقلت يَا رَسُول الله إِلَّا سُهَيْل ابْن بَيْضَاء فَإِنَّهُ يذكر الْإِسْلَام فَسكت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَمَا رَأَيْتنِي فِي يَوْم أخوف أَن تقع عَلّي حِجَارَة من السَّمَاء مني فِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِلَّا سُهَيْل ابْن بَيْضَاء) فَأنْزل الله عَزَّ وَجَلَّ مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أَسْرَى الْآيَة انْتَهَى
قيل وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه
قَوْله
وَرُوِيَ أَنه قَالَ (إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ)
هَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ مَعَ اخْتِلَاف يسير فَقَالَ حَدثنَا أَبُو كريب حَدثنَا ابْن فُضَيْل عَن أَشْعَث بن سوار عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة قَالَ أسر الْمُسلمُونَ من الْمُشْركين سبعين وَقتلُوا سبعين فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (اخْتَارُوا أَن تَأْخُذُوا مِنْهُم الْفِدَاء فَتَقووْا بِهِ عَلَى عَدوكُمْ وَيقتل مِنْكُم سَبْعُونَ أَو تَقْتُلُوهُمْ) فَقَالُوا بل نَأْخُذ الْفِدْيَة مِنْهُم وَيقتل منا سَبْعُونَ قَالَ فَأخذُوا مِنْهُم الْفِدْيَة وَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ ثمَّ أسْند إِلَى أَبَا عُبَيْدَة أَيْضا قَالَ كَانَ فدَاء أُسَارَى بدر مائَة أُوقِيَّة(2/37)
وَالْأُوقِية أَرْبَعُونَ درهما وَمن الدَّنَانِير سِتَّة انْتَهَى
وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا عبد الْبَاقِي بن قَانِع حَدثنَا مُحَمَّد بن الْبشر ابْن مَرْوَان الصَّيْرَفِي حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة حَدثنَا أَزْهَر عَن ابْن عون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عُبَيْدَة عَن عَلّي قَالَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي أُسَارَى بدر (إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ وَاسْتشْهدَ مِنْكُم بِعدَّتِهِمْ) فَأخذُوا الْفِدْيَة فَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ قَالَ وَكَانَ آخر السّبْعين ثَابت بن قيس بن شماس انْتَهَى
وَرَوَى أَيْضا من حَدِيث أبي صَالح عبد الله بن صَالح ثني مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى الْآيَة قَالَ كَانَ الْعَبَّاس يَوْم بدر أَسِيرًا فَافْتَدَى نَفسه بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة ذَهَبا فَقَالَ الْعَبَّاس حِين نزلت هَذِه الْآيَة أَعْطَانَا الله خَصْلَتَيْنِ مَا أحب أَن لي الدُّنْيَا ... أسرت يَوْم بدر فَافْتَدَيْت نَفسِي بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة ذَهَبا فَأَتَانِي الله أَرْبَعِينَ عبدا وَأَنا أَرْجُو الْمَغْفِرَة الَّتِي وعدنا الله انْتَهَى
وَرَوَى الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي حَدثنِي خَالِد بن الْهَيْثَم مولَى لبني هَاشم عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن عَلّي قَالَ أَتَى جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم بدر فخيروه فِي الْأَسْرَى أَن يضْرب أَعْنَاقهم أَو يَأْخُذ مِنْهُم الْفِدَاء وَيسْتَشْهد مِنْكُم فِي قَابل عدتهمْ فَأخْبر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَصْحَابه فَقَالُوا بل نَأْخُذ الْفِدْيَة وَيسْتَشْهد منا فَقبل مِنْهُم الْفِدَاء وَقتل مِنْهُم قَابل عدتهمْ بِأحد مُخْتَصر
514 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب لما نجا مِنْهُ غير عمر بن الْخطاب وَسعد بن معَاذ) لقَوْله كَانَ الْإِثْخَان فِي الْقَتْل أحب إِلَيّ(2/38)
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا ابْن حميد حَدثنَا سَلمَة قَالَ قَالَ ابْن إِسْحَاق لم يكن أحد من الْمُؤمنِينَ مِمَّن حضر بَدْرًا إِلَّا أحب الْغَنَائِم إِلَّا عمر بن الْخطاب فَإِنَّهُ جعل لَا يلقى أَسِيرًا إِلَّا ضرب عُنُقه وَقَالَ سعد بن معَاذ يَا رَسُول الله الْإِثْخَان فِي الْقَتْل أحب إِلَيّ من اسْتِبْقَاء الرِّجَال فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب لما نجا مِنْهُ غير عمر بن الْخطاب وَسعد بن معَاذ) انْتَهَى
وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ هَكَذَا بِلَفْظ الطَّبَرِيّ من غير سَنَد
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَد مُتَّصِل من حَدِيث ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يذكر فِيهِ سعد بن معَاذ وَقد ذكرته فِي أَحَادِيث الْأُصُول الشَّافِعِيَّة وَلَفظه (لَو نزل الْعَذَاب مَا أفلت إِلَّا ابْن الْخطاب) مُخْتَصر
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي خَالِد بن الْهَيْثَم مولَى لبني هَاشم عَن يَحْيَى بن أبي كثير ... فَذكره بِطُولِهِ وَفِي آخِره وَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (لَو نزل من السَّمَاء عَذَاب مَا نجا مِنْهُ إِلَّا عمر كَانَ يَقُول اقْتُل وَلَا تَأْخُذ الْفِدَاء وَكَانَ سعد بن معَاذ يَقُول اقْتُل وَلَا تَأْخُذ الْفِدَاء) مُخْتَصر
515 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ عَن الْعَبَّاس أَنه قَالَ كنت مُسلما لكِنهمْ اسْتَكْرَهُونِي فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِن يكن مَا تذكر حَقًا فَالله يجْزِيك فَأَما ظَاهر أَمرك فقد كَانَ علينا)
وَكَانَ أحد الَّذين ضمنُوا إطْعَام أهل بدر وَخرج بِالذَّهَب لذَلِك
قلت هُوَ بعده(2/39)
516 - 16
الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ للْعَبَّاس (افْدِ ابْني أَخِيك عقيل بن أبي طَالب وَنَوْفَل بن الْحَارِث) فَقَالَ يَا مُحَمَّد تَرَكتنِي أَتَكَفَّف قُريْشًا مَا بقيت فَقَالَ لَهُ (فَأَيْنَ الذَّهَب الَّذِي دَفعته إِلَى أم الْفضل وَقت خُرُوجك من مَكَّة وَقلت لَهَا مَا أَدْرِي مَا يُصِيبنِي فِي تَوَجُّهِي هَذَا فَإِن حدث بِي حدث فَهُوَ لَك ولعَبْد الله وَعبيد الله وَالْفضل فَقَالَ الْعَبَّاس وَمَا يدْريك قَالَ (أَخْبرنِي رَبِّي) قَالَ الْعَبَّاس فَأَنا أشهد أَنَّك صَادِق وَأَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك عَبده وَرَسُوله وَالله لم يطلع عَلَيْهِ أحد إِلَّا الله وَلَقَد دَفعته إِلَيْهَا فِي سَواد اللَّيْل وَلَقَد كنت مُرْتَابا فِي أَمرك فَأَما إِذْ أَخْبَرتنِي بذلك فَلَا ريب قَالَ الْعَبَّاس فَأَبْدَلَنِي الله خيرا من ذَلِك لي الْآن عشرُون عبدا إِن أَدْنَاهُم ليضْرب فِي عشْرين ألفا وَأَعْطَانِي زَمْزَم مَا أحب أَن لي بهَا جَمِيع أَمْوَال أهل مَكَّة وَأَنا أنْتَظر الْمَغْفِرَة من رَبِّي
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْفَضَائِل فِي فَضَائِل الْعَبَّاس من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي يَحْيَى بن عباد بن عبد الله بن الزُّبَيْر عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت لما بعث أهل مَكَّة فِي فدَاء أَسْرَاهُم وَبعثت زَيْنَب فِي فدَاء أبي الْعَاصِ قَالَ الْعَبَّاس يَا رَسُول الله إِنِّي كنت مُسلما فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (الله أعلم بِإِسْلَامِك فَإِن يكن كَمَا تَقول فَالله يجْزِيك بذلك فَأَما ظَاهر أَمرك فقد كَانَ علينا فَافْدِ نَفسك وَابْني أَخِيك نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَعقيل بن أبي الْمطلب وَحَلِيفك عتبَة بن عمر أَخا بني الْحَارِث بن فَهد) قَالَ مَا ذَاك عِنْدِي يَا رَسُول الله قَالَ (فَأَيْنَ المَال الَّذِي دَفَنته أَنْت وَأم الْفضل وَقلت لَهَا إِن أصبت فِي سَفَرِي هَذَا فَهَذَا المَال لبني الْفضل وَعبد الله وَقثم) فَقَالَ وَالله إِنِّي لأعْلم أَنَّك رَسُول الله وَالله إِن هَذَا لشَيْء مَا علمه أحد غَيْرِي وَغير أم الْفضل فَاحْسبْ(2/40)
لي يَا رَسُول الله مَا أصبْتُم مني عشْرين أُوقِيَّة من مَال كَانَ معي فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (افْعَل) ففدا نَفسه وَابْني أَخَوَيْهِ وَحَلِيفه وَأنزل الله تَعَالَى يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى الْآيَة قَالَ فَأَعْطَانِي الله مَكَان الْعشْرين أُوقِيَّة فِي الْإِسْلَام عشْرين عبدا كلهم فِي يَده مَال يضْرب بِهِ مَعَ مَا أَرْجُو من مغْفرَة الله تَعَالَى انْتَهَى
ثمَّ قَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الَّذِي أسر الْعَبَّاس يَوْم بدر أَبُو الْيُسْر كَعْب بن عَمْرو فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (افْدِ نَفسك وَابْني أَخِيك عقيل بن أبي طَالب وَنَوْفَل بن الْحَارِث فَإنَّك ذُو مَال) قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي كنت مُسلما وَلَكِن الْقَوْم اسْتَكْرَهُونِي فَقَالَ (الله أعلم بِإِسْلَامِك فَإِن يكن مَا تَقول حَقًا فَالله يجْزِيك وَأما ظَاهر أَمرك فقد كَانَ علينا) قَالَ فَإِنِّي لَيْسَ لي مَال قَالَ (فَأَيْنَ المَال الَّذِي وَضعته بِمَكَّة حِين خرجت من عِنْد أم الْفضل بن الْحَارِث وَلَيْسَ بَيْنكُمَا أحد وَقلت لَهَا إِن أصبت فِي سَفَرِي هَذَا فَلِلْفَضْلِ كَذَا ولعَبْد الله كَذَا) قَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا علم بِهَذَا أحد غَيْرِي وَغَيرهَا وَإِنِّي لأعْلم أَنَّك رَسُول الله ففدا نَفسه وَابْني أَخِيه
ثمَّ قَالَ وَحدثت عَن مُحَمَّد بن حميد حَدثنَا جرير عَن أَشْعَث عَن جَعْفَر ابْن الْمُغيرَة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر أسر سَبْعُونَ فَجعل عَلَيْهِم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة ذَهَبا وَجعل عَلَى عَمه الْعَبَّاس مائَة أُوقِيَّة وَعَلَى عقيل ثَمَانِينَ فَقَالَ الْعَبَّاس لِلْقَرَابَةِ صنعت هَذَا وَالَّذِي يحلف بِهِ الْعَبَّاس لقد تَرَكتنِي فَقير قُرَيْش مَا بقيت قَالَ (كَيفَ تكون فَقير قُرَيْش وَقد اسْتوْدعت أم الْفضل بَنَادِق الذَّهَب) فَقَالَ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَالله مَا أخْبرك بِهَذَا إِلَّا الله فَأنْزل الله يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى إِلَى قَوْله غَفُور رَحِيم انْتَهَى(2/41)
وَبِهَذَا السَّنَد الْأَخير والمتن رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الْفرْقَان فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم ثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوب أَنا مُحَمَّد بن حميد بِهِ
517 - الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ رُوِيَ أَنه قدم عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَال الْبَحْرين ثَمَانُون ألفا فَتَوَضَّأ لصَلَاة الظّهْر وَمَا صَلَّى حَتَّى فرقه وَأمر الْعَبَّاس أَن يَأْخُذ مَا قدر عَلَى حمله وَكَانَ يَقُول هَذَا خير مِمَّا أَخذ مني وَأَرْجُو الْمَغْفِرَة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا بشر بن معَاذ ثَنَا يزِيد ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى ... الْآيَة قَالَ ذكر لنا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قدم عَلَيْهِ مَال الْبَحْرين ثَمَانُون ألفا ... إِلَى آخِره
وَذكره الثَّعْلَبِيّ عَن قَتَادَة هَكَذَا من غير سَنَد
وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه قَرِيبا مِنْهُ رَوَاهُ فِي الْفَضَائِل فِي فَضَائِل الْعَبَّاس من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن حميد بن هِلَال عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ بعث إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من الْبَحْرين بِثَمَانِينَ ألفا فَأمر بهَا فَنثرَتْ إِلَى الْحَصِير وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فجَاء رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَمثل عَلَى المَال قَائِما وَجعل يُعْطي النَّاس وَمَا كَانَ يَوْمئِذٍ عدد وَلَا وزن مَا كَانَ إِلَّا قبضا فجَاء الْعَبَّاس فَقَالَ يَا رَسُول الله أَعْطِنِي فَقَالَ (خُذ) فَحَثَى فِي خميصة كَانَت عَلَيْهِ ثمَّ ذهب ينْصَرف فَلم يسْتَطع فَقَالَ يَا رَسُول الله ارْفَعْ عَلّي فَتَبَسَّمَ وَهُوَ يَقُول أما آخذ مَا وعد الله فقد أنْجز وَلَا أَدْرِي الْأُخْرَى قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأَسْرَى إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا يُؤْتكُم خيرا مِمَّا أَخذ مِنْكُم وَيغْفر لكم هَذَا خير مِمَّا أَخذ مني وَلَا أَدْرِي مَا يصنع فِي الْمَغْفِرَة انْتَهَى
وَقَالَ عَلَى شَرط مُسلم(2/42)
518 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ (من قَرَأَ سُورَة الْأَنْفَال وَبَرَاءَة فَأَنا شَفِيع لَهُ يَوْم الْقِيَامَة وَشَاهد أَنه بَرِيء من النِّفَاق وَأعْطِي عشر حَسَنَات بِعَدَد كل مُنَافِق وَمُنَافِقَة وَكَانَ الْعَرْش وَحَمَلته يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ أَيَّام حَيَاته فِي الدُّنْيَا)
قلت رَوَاهُ الواحدي والثعلبي من حَدِيث سَالم بن سليم الْمَدَائِنِي ثَنَا هَارُون ابْن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (من قَرَأَ سُورَة الْأَنْفَال ... .) إِلَى آخِره
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه الْمَذْكُورين فِي سُورَة آل عمرَان(2/43)
سُورَة التَّوْبَة(2/45)
سُورَة التَّوْبَة
ذكر فِيهَا سَبْعَة وَخمسين حَدِيثا
519 - الحَدِيث الأول
سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الْبَسْمَلَة فِيهَا فَقَالَ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ إِذا نزلت عَلَيْهِ السُّورَة أَو الْآيَة قَالَ (اجْعَلُوهَا فِي الْموضع الَّذِي يذكر فِيهِ كَذَا وَكَذَا) وَتُوفِّي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم يبين لنا أَيْن نضعها وَكَانَت قصَّتهَا شَبيهَة بِقِصَّتِهَا فَلذَلِك قرنت بَينهمَا وكانتا تدعيان القرينتين
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي الصَّلَاة وَالتِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير وَالنَّسَائِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن من حَدِيث يزِيد الْفَارِسِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سَأَلت عُثْمَان بن عَفَّان مَا حملكم أَن عمدتم إِلَى الْأَنْفَال وَهِي من المثاني وَإِلَى بَرَاءَة وَهِي من المئين فقرنتم بَينهمَا وَلم تكْتبُوا بَينهمَا سطر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبع الطوَال فَقَالَ عُثْمَان كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَان وَهُوَ ينزل عَلَيْهِ السُّور ذَوَات الْعدَد وَكَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ الشَّيْء دَعَا بعض من كَانَ يكْتب فَقَالَ (ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَات فِي السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا كَذَا وَكَذَا) وَكَانَت الْأَنْفَال من أول مَا أنزل بِالْمَدِينَةِ وَكَانَت بَرَاءَة من آخر الْقُرْآن وَكَانَت قصَّتهَا شَبيهَة بِقِصَّتِهَا فَظَنَنْت أَنَّهَا مِنْهَا فَقبض رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَلم يبين لنا أَنَّهَا مِنْهَا فَمن أجل ذَلِك قرنت بَينهمَا وَلم أكتب بَينهمَا سطر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَوَضَعتهَا فِي السَّبع الطول
انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن(2/47)
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع التَّاسِع وَالْمِائَة من الْقسم الثَّانِي وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو يعلي الْموصِلِي وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي أَوَاخِر دَلَائِل النُّبُوَّة وَفِي أَوَائِل الْمعرفَة
وَقَوله وكانتا تدعيان القرينتين لم أَجِدهُ إِلَّا عِنْد ابْن رَاهَوَيْه فَإِنَّهُ زَاد فِيهِ قَالَ وكانتا تدعيان الْقَرِينَتَانِ فَوَضَعَتَا فِي السَّبع الطول
انْتَهَى وَقَالَ الْبَزَّار لَا نعلم أحدا رَوَاهُ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَّا عُثْمَان وَلَا رَوَى ابْن عَبَّاس عَن عُثْمَان إِلَّا هَذَا الحَدِيث انْتَهَى
520 - الحَدِيث الثَّانِي
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه كتب إِلَى أهل الْحَرْب (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) وَكتب أَيْضا (سَلام عَلَى من اتبع الْهدى)
قلت هما فِي كتاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى هِرقل رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْإِيمَان وَمُسلم فِي الْجِهَاد من حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبَا سُفْيَان أخبرهُ من فِيهِ إِلَى فِيهِ قَالَ انْطَلَقت فِي الْمدَّة الَّتِي كَانَت بيني وَبَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ فَبينا أَنا بِالشَّام إِذْ جِيءَ بِكِتَاب من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى هِرقل فَذكره بِطُولِهِ ... إِلَى أَن قَالَ ثمَّ دَعَا بِكِتَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقرأه فَإِذا فِيهِ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل عَظِيم الرّوم سَلام عَلَى من اتبع الْهدى أما بعد فَإِنِّي أَدْعُوك بِدِعَايَةِ الْإِسْلَام أسلم تسلم) إِلَى آخِره
521 - الحَدِيث الثَّالِث
رُوِيَ أَن الْمُسلمين عَاهَدُوا الْمُشْركين من أهل مَكَّة وَغَيرهم من الْعَرَب فَنَكَثُوا إِلَّا أُنَاسًا مِنْهُم وهم بَنو ضَمرَة وَبَنُو كنَانَة فنبذا الْعَهْد إِلَى النَّاكِثِينَ وَأمرُوا أَن يَسِيحُوا فِي الأَرْض أَرْبَعَة أشهر آمِنين وهم(2/48)
الْأَشْهر الْحرم صِيَانة عَن الْقِتَال فِيهَا وَكَانَ نُزُولهَا سنة سبع من الْهِجْرَة وَفتح مَكَّة بِسنة ثَمَان وَكَانَ الْأَمِير فِيهَا عتاب بن أسيد فَأمر رَسُول الله أَبَا بكر عَلَى موسم سنة تسع وَأتبعهُ عليا رَضِيَ اللَّهُ عَنْه رَاكِبًا العضباء لِيَقْرَأهَا عَلَى أهل الْمَوْسِم فَقيل لَهُ لَو بعثت بهَا إِلَى أبي بكر فَقَالَ (لَا يُؤَدِّي عني إِلَّا رجل مني) فَلَمَّا دنا عَلّي سمع أَبَا بكر الرُّغَاء فَوقف وَقَالَ هَذِه رُغَاء نَاقَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فألحقه قَالَ أَمِير أَو مَأْمُور قَالَ بل مَأْمُور
وَرُوِيَ أَن أَبَا بكر لما كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق هَبَط جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد لَا يبلغن رِسَالَتك إِلَّا رجل مِنْك فَأرْسل عليا فَرجع أَبُو بكر إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله أَشَيْء نزل من السَّمَاء قَالَ (نعم فسر وَأَنت عَلَى الْمَوْسِم وَعلي يُنَادي بِالْآيِ) فَلَمَّا كَانَ قبل يَوْم التَّرويَة بِيَوْم خطب أَبُو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَحَدَّثَهُمْ عَن مناسكهم وَقَامَ عَلّي يَوْم النَّحْر عِنْد جَمْرَة الْعقبَة فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَيْكُم فَقَالُوا بِمَاذَا فَقَرَأَ عَلَيْهِم ثَلَاثِينَ أَو أَرْبَعِينَ آيَة
وَعَن مُجَاهِد ثَلَاث عشرَة آيَة ثمَّ قَالَ أمرت بِأَرْبَع أَن لَا يقرب الْبَيْت بعد هَذَا الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا كل نَفْس مُؤمنَة وَأَن يتم إِلَى كل ذِي عهد عَهده فَقَالَ عِنْد ذَلِك يَا عَلّي أبلغ عَنَّا ابْن عمك أَنا قد نَبَذْنَا الْعَهْد وَرَاء ظُهُورنَا وَلَيْسَ بَيْننَا وَبَينه عهد إِلَّا طعن بِالرِّمَاحِ وَضرب بِالسُّيُوفِ(2/49)
قلت غَرِيب وَفِي سيرة ابْن هِشَام بعضه فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك وَكَذَا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة للبيهقي وَكَذَا فِي تَفْسِير الطَّبَرِيّ
وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْمَغَازِي من حَدِيث إِسْحَاق بن بشر الْكَاهِلِي حَدثنَا مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن سَالم بن أبي حَفْصَة عَن جَمِيع بن عمر اللَّيْثِيّ قَالَ أتيت عبد الله بن عمر فَسَأَلته عَن عَلّي فَانْتَهرنِي ثمَّ قَالَ أَلا أحَدثك عَن عَلّي أَن رَسُول الله بعث أَبَا بكر وَعمر بِبَرَاءَة إِلَى أهل مَكَّة فَانْطَلقَا فَإِذا هما بِرَاكِب فَقَالَا من هَذَا فَقَالَ أَنا عَلّي بن أبي طَالب فَقَالَ يَا أَبَا بكر هَات الْكتاب الَّذِي مَعَك قَالَ مَا لي يَا عَلّي قَالَ مَا علمت إِلَّا خيرا فَأخذ عَلّي الْكتاب ثمَّ ذهب بِهِ وَرجع أَبُو بكر وَعمر فَقَالَا مَا لنا يَا رَسُول الله فَقَالَ (مَا لَكمَا إِلَّا خير وَلَكِن قيل لي لَا يبلغ عَنْك إِلَّا أَنْت أَو رجل مِنْك) انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث شَاذ وَالْحمل فِيهِ عَلَى جَمِيع بن عمر ثمَّ بعده عَلَى إِسْحَاق بن بشر قَالَ الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصره هُوَ حَدِيث مَوْضُوع
وَرَوَى أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده ثَنَا إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا وَكِيع ابْن الْجراح حَدثنَا إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن زيد بن يثيع عَن أبي بكر الصّديق أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بَعثه بِبَرَاءَة إِلَى أهل مَكَّة (لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف(2/50)
بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلَا تدخل الْجنَّة إِلَّا نَفْس مسلمة وَمن كَانَ بَينه وَبَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُدَّة فَأَجله إِلَى مدَّته وَالله تَعَالَى بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله قَالَ فَسَار بهم ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ لعَلي الْحَقْهُ ورد عَلّي أَبَا بكر وَبَلغهَا قَالَ فَفعل فَلَمَّا قدم أَبُو بكر عَلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالَ يَا رَسُول الله أحدث فِي شَيْء قَالَ (مَا حدث فِيك إِلَّا خير لكني أمرت أَلا يبلغ إِلَّا أَنا أَو رجل مني) انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده ثَنَا وَكِيع بِهِ
522 - قَوْله
عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رجلا أَخذ بلجام دَابَّته فَقَالَ مَا الْحَج الْأَكْبَر قَالَ يَوْمك هَذَا خل عَن دَابَّتي يَعْنِي يَوْم النَّحْر
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الْحَج حَدثنَا وَكِيع عَن شُعْبَة عَن الحكم عَن يَحْيَى بن الجزار عَن عَلّي أَنه خرج يَوْم النَّحْر عَلَى بغلة بَيْضَاء يُرِيد الْجَبانَة فجَاء رجل فَأخذ بلجام دَابَّته وَسَأَلَهُ عَن الْحَج الْأَكْبَر فَقَالَ هُوَ يَوْمك هَذَا خل سَبِيلهَا انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا أَبُو الْمثنى حَدثنَا أَبُو دَاوُد حَدثنَا شُعْبَة بِهِ
523 - الحَدِيث الرَّابِع
عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقف يَوْم النَّحْر عِنْد الجمرات فِي حجَّة الْوَدَاع فَقَالَ (هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر)
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي الْحَج ثَنَا مُؤَمل بن الْفضل حَدثنَا الْوَلِيد ثَنَا هِشَام يَعْنِي ابْن الْغَاز حَدثنَا نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقف يَوْم النَّحْر بَين الجمرات الَّتِي حج فِيهَا فَقَالَ (أَي يَوْم هَذَا) قَالُوا يَوْم النَّحْر فَقَالَ (هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر) انْتَهَى
وعلقه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فَقَالَ فِي بَاب الْخطْبَة أَيَّام منى وَقَالَ هِشَام(2/51)
ابْن الْغَاز ثَنَا نَافِع ... فَذكره سندا ومتنا
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات بِلَفْظ الْحَاكِم سَوَاء قَالَ وَكَانَ ابْن عَبَّاس يكره أَن يَقُول حجَّة الْوَدَاع وَيَقُول حجَّة الْإِسْلَام ثمَّ أخرج عَن طَاوس نَحْو ابْن عَبَّاس ثمَّ أخرج عَن مُجَاهِد قَالَ حج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حجَّتَيْنِ قبل أَن هَاجر وَحجَّة بعد مَا هَاجر انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقف يَوْم النَّحْر بَين الجمرات فِي الْحجَّة الَّتِي حج فَقَالَ للنَّاس (أَي يَوْم هَذَا) قَالُوا هَذَا يَوْم النَّحْر قَالَ (فَأَي بلد هَذَا) قَالُوا الْبَلَد الْحَرَام قَالَ (فَأَي شهر هَذَا) قَالُوا الشَّهْر الْحَرَام قَالَ (هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر فَدِمَاؤُكُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ هَذَا الْبَلَد فِي هَذَا الْيَوْم) ثمَّ قَالَ (هَل بلغت) قَالُوا نعم فَطَفِقَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول (اللَّهُمَّ اشْهَدْ) ثمَّ ودع النَّاس فَقَالُوا هَذِه حجَّة الْوَدَاع انْتَهَى
ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ بِهَذِهِ السِّيَاقَة لم يذكرُوا فِيهِ أَن يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَوْم النَّحْر فَإِن الْأَقَاوِيل فِيهِ عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ مُخْتَلفَة مِنْهُم من قَالَ يَوْم النَّحْر وَمِنْهُم من قَالَ يَوْم عَرَفَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رَمَى الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر وَقَالَ (هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر) فَقَالَ يَوْم النَّحْر
انْتَهَى
وَعَن الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة سعيد بن عبد الْعَزِيز
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم فِي تفاسيرهم
وَفِي الْبَاب أَحَادِيث فَمِنْهَا عِنْد التِّرْمِذِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَلّي قَالَ سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن يَوْم الْحَج الْأَكْبَر فَقَالَ (يَوْم النَّحْر)
انْتَهَى(2/52)
ثمَّ أخرجه عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَلّي مَوْقُوفا قَالَ وَهُوَ أصح لِأَنَّهُ رُوِيَ من غير وَجه مَوْقُوفا وَلَا نعلم أحدا رَفعه إِلَّا مَا رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق
انْتَهَى
وَعند الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن أبي أَوْفَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (يَوْم النَّحْر يَوْم الْحَج الْأَكْبَر)
انْتَهَى
وَعند أبي نعيم فِي تَارِيخ أَصْبَهَان فِي بَاب الْعين الْمُهْملَة عَن عمر بن هَارُون الْبَلْخِي عَن شُعْبَة بن عَمْرو بن مرّة عَن مرّة بن شرَاحِيل قَالَ حَدثنَا صَاحب هَذَا الْقصر يَعْنِي عبد الله بن مَسْعُود قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى نَاقَة حَمْرَاء بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ (أَي بلد هَذَا) قُلْنَا الْمشعر الْحَرَام قَالَ (فَأَي شهر هَذَا) قُلْنَا شهر الله الْأَصَم قَالَ (فَأَي يَوْم هَذَا) قُلْنَا يَوْم النَّحْر قَالَ (صَدقْتُمْ هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر) الحَدِيث
524 - قَوْله
رُوِيَ أَن أَعْرَابِيًا سمع رجلا يقْرَأ إِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله فَقَالَ الْأَعرَابِي إِن كَانَ الله بَرِيئًا من رَسُوله فَأَنا مِنْهُ بَرِيء فَكَتبهُ الرجل إِلَى عمر فَحَكَى الْأَعرَابِي قِرَاءَته فَعندهَا أَمر عمر بتَعَلُّم الْعَرَبيَّة
قلت حَكَى الْقُرْطُبِيّ فِي كِتَابه التذْكَار عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ قدم أَعْرَابِي فِي زمن عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَقَالَ من يُقْرِئُنِي الْقُرْآن قَالَ فَأَقْرَأهُ رجل فَلَمَّا كَانَ فِي سُورَة بَرَاءَة قَرَأَ إِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله بِالْجَرِّ فَقَالَ الْأَعرَابِي أَو قد برِئ الله من رَسُوله فَإِن يكن الله بَرِيئًا من رَسُوله فَأَنا أَبْرَأ مِنْهُ فَبلغ عمر مقَالَة الْأَعرَابِي فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ يَا أَعْرَابِي أَتَبرأ من(2/53)
رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي قدمت الْمَدِينَة وَلَا علم لي بِالْقُرْآنِ فَسَأَلت من يُقْرِئُنِي فأقرأني هَذَا سُورَة بَرَاءَة فَقَالَ إِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله فَقلت أَو قد برِئ الله من رَسُوله إِن يكن الله بَرِيئًا من رَسُوله فَأَنا أَبْرَأ مِنْهُ فَقَالَ عمر لَيْسَ هَكَذَا يَا أَعْرَابِي قَالَ فَكيف هِيَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ إِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله فَقَالَ الْأَعرَابِي وَأَنا وَالله أَبْرَأ مِمَّا برِئ مِنْهُ الله وَرَسُوله فَأمر عمر أَلا يقرئ النَّاس إِلَّا عَالم بِالْعَرَبِيَّةِ وَأمر أَبَا الْأسود فَوضع النَّحْو
انْتَهَى وَلم يعزه
525 - الحَدِيث الْخَامِس
رُوِيَ أَن بني بكر غَدَتْ عَلَى خُزَاعَة فِي غيبَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وظاهرتهم قُرَيْش بِالسِّلَاحِ حَتَّى وَفد عَمْرو بن سَالم الْخُزَاعِيّ عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأنشده
(اللَّهُمَّ إِنِّي نَاشد مُحَمَّدًا ... حلف أَبينَا وَأَبِيك الْأَتْلَدَا)
(إِن قُريْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا ... وَنَقَضُوا ذِمَامك الْمُؤَكَّدَا)
(هم بَيَّتُونَا بِالْحَطِيمِ هُجَّدا ... وَقَتَلُونَا ركعا وَسجدا) فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (لَا نصرت إِن لم أَنْصُركُمْ)
قلت رَوَاهُ ابْن هِشَام فِي سيرته فِي غَزْوَة مُؤْتَة من طَرِيق ابْن إِسْحَاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب فتح مَكَّة عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن إِسْحَاق حَدثنِي الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن مَرْوَان بن الحكم والمسور بن مخرمَة قَالَا(2/54)
كَانَ فِي صلح رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم الْحُدَيْبِيَة بَينه وَبَين قُرَيْش أَنه من شَاءَ أُعِيد فِي عقد مُحَمَّد وَعَهده دخل وَمن شَاءَ أَن يدْخل فِي عقد قُرَيْش وَعَهْدهمْ دخل فَدخلت خُزَاعَة فِي عقد مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَدخلت بَنو بكر فِي عقد قُرَيْش فَمَكَثُوا فِي الْهُدْنَة نَحْو السَّبْعَة أَو الثَّمَانِية عشر شهرا ثمَّ إِن بني بكر الَّذين دخلُوا فِي عقد قُرَيْش وَثبُوا عَلَى خُزَاعَة الَّذين دخلُوا فِي عقد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَيْلًا بِمَاء يُقَال لَهُ الْوَتِير قريب من مَكَّة وَقَالَت قُرَيْش هَذَا ليل وَمَا يعلم بِنَا مُحَمَّد وَلَا يَرَانَا أحد فَأَعَانُوا بني بكر بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاح وَقَابَلُوا خُزَاعَة مَعَهم لِلضِّغْنِ عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَركب عمر بن سَالم الْخُزَاعِيّ إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عِنْد ذَلِك يُخبرهُ الْخَبَر فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ أنْشدهُ
(اللَّهُمَّ إِنِّي نَاشِدًا مُحَمَّدًا ... حلف أَبينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا)
(أَن قُريْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا ... وَنَقَضُوا مِيثَاقك الْمُؤَكَّدَا)
(فهم أذلّ وَأَقل عددا ... قد جعلُوا لي بِكدَاء مرْصدًا)
(هم بَيَّتُونَا بالْوَتِير هُجَّدا ... فَقَتَلُونَا ركعا وَسجدا)
(فَانْصُرْنَا رَسُول الله نصرا عتدَا ... وَادعوا عباد الله يَأْتُوا مدَدا) فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (نصرت يَا عَمْرو بن سَالم) مُخْتَصر
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير وَالصَّغِير ثَنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن التسترِي حَدثنَا يَحْيَى بن سُلَيْمَان بن نَضْلَة الْمَدِينِيّ ثَنَا عمي مُحَمَّد بن نَضْلَة عَن جَعْفَر ابْن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جدة عَلّي بن الْحُسَيْن حَدَّثتنِي مَيْمُونَة بنت الْحَارِث قَالَت كَانَ بَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَبَين قُرَيْش ... فَذكر الْقِصَّة وَالشعر بِزِيَادَة وَنقص
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الْمَغَازِي فِي بَاب فتح مَكَّة عَن عُرْوَة مُرْسلا فَذكر الْقِصَّة وَالشعر
وَرَوَاهُ ابْن زَنْجوَيْه فِي كتاب الْأَمْوَال عَن عِكْرِمَة مُرْسلا فَذكر الْقِصَّة وَالشعر
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي مطولا فَذكر الْقِصَّة وَالشعر مُرْسلا عَن(2/55)
جمَاعَة كَثِيرَة ثمَّ قَالَ وحَدثني عبد الحميد بن جَعْفَر عَن عمرَان بن أبي أنس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ يجر طرف رِدَائه وَيَقُول (يَا عَمْرو لَا نصرت إِن لم أنْصر بني كَعْب مِمَّا أنْصر مِنْهُ نَفسِي)
526 - الحَدِيث السَّادِس
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ (يَأْتِي فِي آخر الزَّمَان نَاس من أمتِي يأْتونَ الْمَسَاجِد يَقْعُدُونَ فِيهَا حلقا ذكرهم الدُّنْيَا وَحب الدُّنْيَا لَا تُجَالِسُوهُمْ فَلَيْسَ لله بهم حَاجَة)
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه باخْتلَاف يسير من حَدِيث بزيع أبي الْخَلِيل الْخصاف ثَنَا الْأَعْمَش عَن شَقِيق بن سَلمَة عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (سَيكون فِي آخر الزَّمَان قوم يَجْلِسُونَ فِي الْمَسَاجِد حلقا حلقا مُنَاهُمْ الدُّنْيَا فَلَا تُجَالِسُوهُمْ فَلَيْسَ لله فيهم حَاجَة) انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأعله ببزيع وَقَالَ لَا أعلم يرويهِ غَيره وَهُوَ قَلِيل الحَدِيث
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية كَذَلِك قَالَ حَدِيث لَا يَصح وَالْمُتَّهَم بِهِ بزيع قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يحدث بِهِ غَيره وَهُوَ مَتْرُوك وَقَالَ ابْن حبَان يرْوَى عَن الثِّقَات الموضوعات
انْتَهَى
وَاخْتَصَرَهُ ابْن حبَان فَرَوَاهُ فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّامِن وَالسِّتِّينَ من الْقسم الثَّالِث عَن عِيسَى بن يُونُس عَن الْأَعْمَش عَن شَقِيق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (سَيكون فِي آخر الزَّمَان قوم يكون حَدِيثهمْ فِي مَسَاجِدهمْ لَيْسَ لله فيهم حَاجَة)
انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الرقَاق عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عَوْف عَن الْحسن الْبَصْرِيّ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (يَأْتِي عَلَى النَّاس زمَان(2/56)
يَتَحَلَّقُونَ فِي مَسَاجِدهمْ وَلَيْسَ هَمهمْ إِلَّا الدُّنْيَا لَا تُجَالِسُوهُمْ فَلَيْسَ لله فيهم حَاجَة)
انْتَهَى
وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
527 - الحَدِيث السَّابِع
فِي الحَدِيث (الحَدِيث فِي الْمَسْجِد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل الْبَهِيمَة الْحَشِيش) وَأَعَادَهُ فِي لُقْمَان
528 - الحَدِيث الثَّامِن
قَالَ النَّبِي) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ الله تَعَالَى إِن بيوتي فِي أرضي الْمَسَاجِد وَإِن زواري فِيهَا عمارها فطوبى لعبد تطهر فِي بَيته ثمَّ زارني فِي بَيْتِي فَحق عَلَى المزور أَن يكرم زَائِره)
قلت غَرِيب
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا يَحْيَى بن إِسْحَاق التسترِي ثَنَا عَامر بن سيار ثَنَا سعيد بن زَرْبِي عَن ثَابت عَن أبي عُثْمَان عَن سلمَان عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (من تَوَضَّأ فِي بَيته فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فَهُوَ زائر لله وَحقّ عَلَى المزور أَن يكرم زَائِره)
انْتَهَى
وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره فِي سُورَة النُّور أخبرنَا معمر عَن أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُولُونَ إِن بيُوت الله فِي الأَرْض الْمَسَاجِد وَإِن حَقًا عَلَى الله أَن يكرم من زَارَهُ فِيهَا
انْتَهَى(2/57)
وَعَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان
529 - الحَدِيث التَّاسِع
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (من ألف الْمَسْجِد أَلفه الله)
قلت رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث عبد الله بن لَهِيعَة عَن دراج عَن أبي الْهَيْثَم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (من ألف الْمَسْجِد أَلفه الله عَزَّ وَجَلَّ)
انْتَهَى
وَأعله بِابْن لَهِيعَة وَضَعفه
عَن النَّسَائِيّ وَابْن معِين وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَيَحْيَى بن سعيد وَغَيرهم
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن خَالِد الْحَرَّانِي حَدثنَا أبي عَن ابْن لَهِيعَة بِهِ
530 - الحَدِيث الْعَاشِر
(إِذا رَأَيْتُمْ الرجل يعْتَاد الْمَسَاجِد فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَان)
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الْإِيمَان وَابْن ماجة فِي الصَّلَاة من حَدِيث دراج أبي السَّمْح عَن أبي الْهَيْثَم سُلَيْمَان بن عَمْرو عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِذا رَأَيْتُمْ الرجل يتَعَاهَد الْمَسَاجِد فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَان) قَالَ الله إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر
انْتَهَى
وَأَعَادَهُ التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير قَالَ يعْتَاد
وَكَذَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الصَّلَاة بِلَفْظ يعْتَاد وَقَالا فَاشْهَدُوا عَلَيْهِ بِالْإِيمَان قَالَ ابْن حبَان أَي اشْهَدُوا لَهُ
قَالَ الْحَاكِم لم يَخْتَلِفُوا فِي صِحَة هَذِه التَّرْجَمَة وَصدق رِوَايَتهَا
انْتَهَى(2/58)
531 - الحَدِيث الْحَادِي عشر
عَن أنس قَالَ من أَسْرج فِي مَسْجِد سِرَاجًا لم تزل الْمَلَائِكَة وَحَملَة الْعَرْش يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَا دَامَ فِي ذَلِك الْمَسْجِد ضوء
قلت هَكَذَا ذكره المُصَنّف مَوْقُوفا وَهُوَ مَرْفُوع رَوَاهُ أَبُو الْفَتْح سليم بن أَيُّوب الرَّازِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي فِي كِتَابه التَّرْغِيب من طَرِيق الْحَارِث بن أبي أُسَامَة
حَدثنَا إِسْحَاق بن بشر حَدثنَا أَبُو عَامر الْأسد بن مهَاجر بن كثير عَن الحكم بن مَسْقَلَة الْعَبْدي عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (من أَسْرج فِي مَسْجِد من مَسَاجِد الله عَزَّ وَجَلَّ سِرَاجًا لم تزل الْمَلَائِكَة وَحَملَة الْعَرْش يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَا دَامَ فِي ذَلِك الْمَسْجِد ضوء ذَلِك السراج)
انْتَهَى
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي كِتَابه مُسْند الشاميين أَنا خير بن عَرَفَة حَدثنَا هاني بن المتَوَكل حَدثنَا خَالِد بن حميد عَن مسلمة بن عَلّي عَن عبد الله بن مَرْوَان عَن نعْمَة بن دَفِين عَن أَبِيه عَن عَلّي بن أبي طَالب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (من علق قِنْدِيلًا فِي مَسْجِد صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألف ملك وَاسْتَغْفرُوا لَهُ مَا دَامَ ذَلِك الْقنْدِيل يقد وَمن بسط فِي الْمَسْجِد حَصِيرا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألف ملك وَاسْتَغْفرُوا لَهُ مَا دَامَ فِي ذَلِك الْمَسْجِد من ذَلِك الْحَصِير شَيْء)
انْتَهَى
532 - الحَدِيث الثَّانِي عشر
رُوِيَ أَن عليا قَالَ للْعَبَّاس يَا عَم أَلا تُهَاجِرُونَ أَلا تَلْحَقُونَ برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ (أَلَسْت فِي أفضل من الْهِجْرَة أَسْقِي حَاج بَيت الله وَأَعْمر الْمَسْجِد الْحَرَام فَلَمَّا نزلت قَالَ الْعَبَّاس مَا أَرَانِي إِلَّا تَارِكًا سِقَايَتنَا فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أقِيمُوا عَلَى سِقَايَتكُمْ فَإِن لكم فِيهَا خيرا)(2/59)
قلت فِي تَفْسِير عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن عمر وَهُوَ ابْن عبيد عَن الْحسن قَالَ نزلت فِي عَلّي وَالْعَبَّاس وَعُثْمَان وَشَيْبَة تكلمُوا فِي ذَلِك فَقَالَ الْعَبَّاس مَا أَرَانِي إِلَّا تَارِكًا سِقَايَتنَا فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أقِيمُوا عَلَى سِقَايَتكُمْ فَإِن لكم فِيهَا خيرا)
انْتَهَى
وَفِي تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ وَعَن الْحسن قَالَ إِن عليا قَالَ للْعَبَّاس ... إِلَى آخر لفظ المُصَنّف وَسَنَده إِلَى الْحسن فِي أول كِتَابه
وَفِي أَسبَاب النُّزُول لِلْوَاحِدِيِّ قَالَ ابْن سِيرِين وَمرَّة الْهَمدَانِي إِن عليا قَالَ ... إِلَى آخِره
533 - الحَدِيث الثَّالِث عشر
عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُم وَإِخْوَانكُمْ أَوْلِيَاء قَالَ هِيَ فِي الْمُهَاجِرين خَاصَّة كَانَ قبل فتح مَكَّة من آمن لَا يتم إيمَانه إِلَّا أَن يُهَاجر ويصارم أَقَاربه الْكَفَرَة وَيقطع بِمُوَالَاتِهِمْ فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِن نَحن اعْتَزَلنَا من خَالَفنَا فِي الدَّين قَطعنَا آبَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَعَشَائِرنَا وَذَهَبت تجاراتنا وَهَلَكت أَمْوَالنَا وَخَربَتْ دِيَارنَا وَبَقينَا ضَائِعين فَنزلت فَهَاجرُوا فَجعل الرجل يَأْتِيهِ ابْنه أَو أَبوهُ أَو بعض أَقَاربه فَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَلَا ينزله وَلَا ينْفق عَلَيْهِ ثمَّ رخص لَهُم بعد ذَلِك
وَقيل نزلت فِي التِّسْعَة الَّذين ارْتَدُّوا بِمَكَّة فَنَهَى الله تَعَالَى عَن مُوَالَاتهمْ
قلت
الأول ذكره الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ(2/60)
لما أَمر الله تَعَالَى الْمُؤمنِينَ بِالْهِجْرَةِ وَكَانَ قبل فتح مَكَّة من آمن لَا يتم إيمَانه ... إِلَى آخِره
الثَّانِي حَكَاهُ عَن مقَاتل قَالَ نزلت فِي التِّسْعَة الَّذين ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام وَلَحِقُوا بِمَكَّة فَنَهَاهُ الله تَعَالَى عَن ولايتهم وَسَنَده إِلَيْهِمَا فِي أول كِتَابه
534 - الحَدِيث الرَّابِع عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (لَا يطعم أحدكُم طعم الْإِيمَان حَتَّى يحب فِي الله وَيبغض فِي الله حَتَّى يحب فِي الله أبعد النَّاس مِنْهُ وَيبغض فِي الله أقرب النَّاس إِلَيْهِ)
قلت غَرِيب
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث رشدين بن سعد عَن عبد الله بن الْوَلِيد التجِيبِي عَن أبي مَنْصُور مولَى الْأَنْصَار عَن عَمْرو بن الْحمق أَنه سمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول (لَا يجد العَبْد صَرِيح الْإِيمَان حَتَّى يحب فِي الله وَيبغض فِي الله)
وَأخرج أَيْضا من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن زبان بن فائد عَن سهل بن أنس الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أفضل الْإِيمَان أَن تحب لله وَتبْغض لله)
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي دَاوُد حَدثنَا مُؤَمل بن الْفضل ثَنَا مُحَمَّد بن شُعَيْب ابْن شَابُور عَن يَحْيَى بن الْحَارِث عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (من أحب لله وَأبْغض لله وَأعْطَى لله وَمنع لله فقد اسْتكْمل الْإِيمَان)
انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده من حَدِيث عبد الرَّحِيم بن مَيْمُون عَن سهل بن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه معَاذ مَرْفُوعا نَحوه سَوَاء(2/61)
535 - الحَدِيث الْخَامِس عشر
وَرُوِيَ أَن الْمُسلمين كَانُوا يَوْم حنين اثْنَي عشر ألفا الَّذين حَضَرُوا فتح مَكَّة مُنْضَمًّا إِلَيْهِم أَلفَانِ من الطُّلَقَاء وَمن هوَازن وَثَقِيف وهم أَرْبَعَة آلَاف فِيمَن ضامهم من أَمْدَاد الْعَرَب وَكَانُوا الْجَمَّاء الْغَفِير فَلَمَّا الْتَقَوْا قَالَ رجل من الْمُسلمين لن نغلب الْيَوْم من قلَّة فَسَاءَتْ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقيل قَائِلهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقيل أَبُو بكر وَذَلِكَ قَوْله إِذْ أَعجبتكُم كثرتكم فَاقْتَتلُوا قتالا شَدِيدا وَأدْركت الْمُسلمين كلمة الْإِعْجَاب بِالْكَثْرَةِ وَزَل عَنْهُم أَن الله هُوَ النَّاصِر لَا كَثْرَة الْجنُود فَانْهَزَمُوا حَتَّى بلغ فَلهم مَكَّة وَبَقِي رَسُول الله وَحده لَا يَتَحَلْحَل وَلَيْسَ مَعَه إِلَّا عَمه الْعَبَّاس آخذ بلجام دَابَّته وَأَبُو سُفْيَان ابْن الْحَارِث ابْن عَمه وَقَالَ (يَا رب ائْتِنِي بِمَا وَعَدتنِي) قَالَ للْعَبَّاس وَكَانَ صيتًا صِيحَ بِالنَّاسِ فَنَادِ الْأَنْصَار فخذا فخذا ثمَّ نَادَى أَصْحَاب الشَّجَرَة يَا أَصْحَاب الْبَقَرَة فَكروا عنقًا وَاحِدًا وهم يَقُولُونَ لبيْك لبيْك وَنزلت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم الْبيَاض عَلَى خُيُول بلق فَنظر عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ إِلَى قتال الْمُسلمين فَقَالَ (هَذَا حِين حمي الْوَطِيس) ثمَّ أَخذ كفا من تُرَاب فَرَمَاهُمْ بِهِ ثمَّ قَالَ (انْهَزمُوا وَرب الْكَعْبَة) فَانْهَزَمُوا(2/62)
قَالَ وَكَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يرْكض خَلفهم عَلَى بغلته
قلت رَوَاهُ مُسلم بِنَقص يسير فِي كتاب الْمَغَازِي من حَدِيث الْعَبَّاس قَالَ شهِدت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم حنين فَذكر الْقِصَّة ... إِلَى أَن قَالَ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أَي عَبَّاس نَاد أَصْحَاب السمرَة) فَقَالَ عَبَّاس وَكَانَ رجلا صيتًا بِأَعْلَى صَوته أَي أَصْحَاب السمرَة قَالَ فَعَطَفُوا عطف الْبَقَرَة عَلَى أَوْلَادهَا وَقَالُوا لبيْك لبيْك قَالَ فَاقْتَتلُوا مَعَ الْكفَّار فَنظر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى قِتَالهمْ فَقَالَ (هَذَا حِين حمي الْوَطِيس) قَالَ ثمَّ أَخذ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَصَيَات فَرَمَى بِهن فِي وَجه الْكفَّار ثمَّ قَالَ (انْهَزمُوا وَرب الْكَعْبَة) قَالَ وَكَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ يرْكض خَلفهم عَلَى بغلته
مُخْتَصر
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة حنين عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى يُونُس بن بكير عَن أبي جَعْفَر عِيسَى الرَّازِيّ عَن الرّبيع أَن رجلا قَالَ يَوْم حنين لن نغلب من قلَّة فشق ذَلِك عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأنْزل الله تَعَالَى وَيَوْم حنين إِذْ أَعجبتكُم كثرتكم قَالَ الرّبيع وَكَانُوا اثْنَي عشر ألفا مِنْهُم أَلفَانِ من أهل مَكَّة
وَإِذا تبِعت طرق الحَدِيث خلص لَك لفظ المُصَنّف
536 - الحَدِيث السَّادِس عشر
رُوِيَ أَن نَاسا من الْمُسلمين جَاءُوا فَبَايعُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين وَقع الْهَرَب عَلَى الْإِسْلَام وَقَالُوا يَا رَسُول الله أَنْت خير النَّاس وَأبر النَّاس وَقد سبي أَهْلُونَا وَأَوْلَادنَا وَأخذت أَمْوَالنَا قيل سبي يَوْمئِذٍ(2/63)
سِتَّة آلَاف نَفْس وَأخذ من الْإِبِل وَالْغنم مَا لَا يُحْصَى فَقَالَ (إِن عِنْدِي مَا ترَوْنَ إِن خير القَوْل أصدقه اخْتَارُوا إِمَّا ذَرَارِيكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ وَإِمَّا أَمْوَالكُم) قَالُوا مَا كُنَّا نعدل بِالْأَحْسَابِ شَيْئا فَقَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ (إِن هَؤُلَاءِ جَاءُوا مُسلمين وإِنَّا خَيَّرْنَاهُمْ بَين الذَّرَارِي وَالْأَمْوَال فَلم يعدلُوا بِالْأَحْسَابِ شَيْئا فَمن كَانَ بِيَدِهِ شَيْء وَطَابَتْ نَفسه أَن يردهُ فَشَأْنه وَمن لَا فَلْيُعْطِنَا وَلَكِن قرضا علينا حَتَّى نصيب شَيْئا فَنُعْطِيه مَكَانَهُ) قَالُوا رَضِينَا وَسلمنَا فَقَالَ (إِنِّي لَا أَدْرِي فَلَعَلَّ فِيكُم من لَا يرْضَى فَمروا عُرَفَاءَكُمْ فَلْيَرْفَعُوا ذَلِك إِلَيْنَا)
فَرفعت إِلَيْهِ الْعرْفَان قد رَضوا
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي الْجِهَاد مَعَ تَغْيِير يسير من حَدِيث الْمسور ومروان أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما جَاءَ وَفد هوَازن سَأَلُوهُ أَن يرد عَلَيْهِم أَمْوَالهم وَسَبْيهمْ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (معي من يرَوْنَ وَإِن أحب الحَدِيث إِلَيّ أصدقه فَاخْتَارُوا إِمَّا السَّبي وَإِمَّا المَال) فَقَالُوا نَخْتَار سبينَا فَقَامَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي الْمُسلمين فَأَثْنَى عَلَى الله بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ (أما بعد فَإِن إخْوَانكُمْ جَاءُونَا تَائِبين وَإِنِّي قد رَأَيْت أَن يرد إِلَيْهِم سَبْيهمْ فَمن أحب أَن يطيب فَلْيفْعَل وَمن أحب مِنْكُم أَن يكون عَلَى حَظه حَتَّى نُعْطِيه إِيَّاه من أول مَا يفِيء الله علينا فَلْيفْعَل) فَقَالَ النَّاس قد طيبنَا ذَلِك يَا رَسُول الله فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِنَّا لَا نَدْرِي من أذن مِنْكُم مِمَّن لم يَأْذَن فَارْجِعُوا حَتَّى يرفع إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمركُم) فَرجع النَّاس فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ فَأَخْبرُوهُمْ أَنهم قد طيبُوا وَآذَنُوا
انْتَهَى
وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الْمَغَازِي فِي وقْعَة حنين حَدثنَا معمر عَن(2/64)
الزُّهْرِيّ عَن كثير بن الْعَبَّاس عَن أَبِيه الْعَبَّاس قَالَ شهِدت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم حنين ... إِلَى أَن قَالَ فَلَمَّا التقَى الْمُسلمُونَ وَلَّى الْمُسلمُونَ مُدبرين ... إِلَى أَن قَالَ قَالَ الزُّهْرِيّ وَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزُّبَيْر قَالَ لما رجعت هوَازن إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالُوا يَا رَسُول الله أَنْت أبر النَّاس وأوصلهم وَقد سبي أَبْنَاؤُنَا وَنِسَاؤُنَا وَأخذت أَمْوَالنَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِنِّي كنت اسْتَأْنَيْت بكم وَمَعِي من ترَوْنَ وَأحب القَوْل إِلَيّ أصدقه) إِلَى آخر لفظ البُخَارِيّ وَفِيه قَالَ الزُّهْرِيّ وَأَخْبرنِي سعيد ابْن الْمسيب أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سَبَى يَوْمئِذٍ سِتَّة آلَاف بَين امْرَأَة وَغُلَام ... الحَدِيث بِطُولِهِ وَذكره الثَّعْلَبِيّ عَن أنس بِلَفْظ المُصَنّف من غير سَنَد
537 - الحَدِيث السَّابِع عشر
رَوَى الزُّهْرِيّ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صَالح عَبدة الْأَوْثَان عَلَى الْجِزْيَة إِلَّا من كَانَ من الْعَرَب وَقَالَ لأهل مَكَّة (هَل لكم فِي كلمة إِذا قُلْتُمُوهَا دَانَتْ لكم بهَا الْعَرَب وَأَدت إِلَيْكُم الْجِزْيَة الْعَجم)
قلت كَأَنَّهُ حَدِيث مركب فَالْأول رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أَنا معمر عَن الزُّهْرِيّ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صَالح عَبدة الْأَوْثَان عَلَى الْجِزْيَة إِلَّا من كَانَ من الْعَرَب مِنْهُم وَقبل الْجِزْيَة من أهل الْبَحْرين وَكَانُوا مجوسا
انْتَهَى
538 - الحَدِيث الثَّامِن عشر
عَن عدي بن حَاتِم قَالَ انْتَهَيْت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَفِي عنقِي صَلِيب من ذهب فَقَالَ (أَلَيْسُوا يحرمُونَ مَا أحل الله فَتُحَرِّمُونَهُ وَيحلونَ مَا حرمه فَتحِلُّونَهُ) قلت بلَى قَالَ (فَتلك عِبَادَتهم)(2/65)
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد السَّلَام بن حَرْب عَن عطيف بن أعين عَن مُصعب بن سعد عَن عدي بن حَاتِم قَالَ أتيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَفِي عنقِي صَلِيب من ذهب فَقَالَ (يَا عدي اطرَح عَنْك هَذَا الوثن) وسمعته يقْرَأ فِي سُورَة بَرَاءَة اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله قَالَ (أما إِنَّهُم لم يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِن كَانُوا إِذا أحلُّوا لَهُم شَيْئا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذا حرمُوا عَلَيْهِم شَيْئا حرمُوهُ)
انْتَهَى
وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث عبد السَّلَام ابْن حَرْب وعطيف بن أعين لَيْسَ بِمَعْرُوف
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظ المُصَنّف
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الرِّدَّة حَدثنِي أَبُو مَرْوَان عَن أبان بن صَالح عَن عَامر بن سعد عَن عدي بن حَاتِم ... فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف
رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة عدي بن حَاتِم بِسَنَدِهِ وَمَتنه
وَرَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا مَسْرُوق بن الْمَرْزُبَان حَدثنَا عبد السَّلَام ابْن حَرْب بِهِ بِلَفْظ المُصَنّف
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده والطبري فِي تَفْسِيره بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْمدْخل بِسَنَد التِّرْمِذِيّ وَمَتنه فَزَاد فِيهِ فَتلك عِبَادَتهم
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث عمرَان الْقطَّان حَدثنَا خَالِد الْعَبْدي عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار عَن عدي بن حَاتِم ... فَذكره بِلَفْظ المُصَنّف
539 - الحَدِيث التَّاسِع عشر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ (مَا أُدي زَكَاته فَلَيْسَ بكنز وَإِن كَانَ بَاطِنا وَمَا بلغ أَن يزكَّى فَلم يزكَّى فَهُوَ كنز وَإِن كَانَ ظَاهرا)
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ(2/66)
وَرَوَى ابْن عدي فِي الْكَامِل وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط وَقَالَ لم يرفعهُ إِلَّا سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ رَفعه سُوَيْد ابْن عبد الْعَزِيز وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ
وَرَوَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر مَرْفُوعا كل مَا أُدي بِزَكَاتِهِ فَلَيْسَ بكنز وَإِن كَانَ مَدْفُونا تَحت الأَرْض وكل مَا لَا تُؤَدَّى زَكَاته فَهُوَ كنز وَإِن كَانَ ظَاهرا
قَالَ الْبَيْهَقِيّ لَيْسَ بِمَحْفُوظ وَالْمَشْهُور عَن سُفْيَان عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَوْقُوفا من حَدِيث سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (كل مَال وَإِن كَانَ تَحت سبع أَرضين تُؤَدَّى زَكَاته فَلَيْسَ بكنز وكل مَا لَا تُؤَدَّى زَكَاته وَإِن كَانَ ظَاهرا فَهُوَ كنز)
انْتَهَى ثمَّ قَالَ رَفعه سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز وَغَيره يرويهِ مَوْقُوفا قَالَ ابْن معِين وسُويد ضَعِيف
انْتَهَى
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه مَوْقُوفا عَلَى ابْن عمر قَالَ مَا أُدي زَكَاته فَلَيْسَ بكنز وَإِن كَانَ مَدْفُونا وَمَا لم تُؤَد زَكَاته فَهُوَ كنز وَإِن كَانَ ظَاهرا
انْتَهَى
وَكَذَلِكَ الشَّافِعِي فِي مُسْنده حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن عجلَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر فَذكره نَحوه وَعند أبي دَاوُد فِي الزَّكَاة عَن أم سَلمَة قَالَت كنت ألبس أَوْضَاحًا من ذهب فَقلت يَا رَسُول الله أكنز هُوَ فَقَالَ (مَا بلغ أَن تُؤَدَّى زَكَاته فَزكِّي فَلَيْسَ بكنز) انْتَهَى
أخرجه عَن ثَابت بن عجلَان عَن عَطاء عَنْهَا
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَقَالَ عَلَى شَرط البُخَارِيّ
540 - قَوْله
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رجلا سَأَلَهُ عَن أَرض لَهُ بَاعهَا فَقَالَ أَحْزِرْ مَالك الَّذِي أخذت احْفِرْ لَهُ تَحت فرَاش امْرَأَتك قَالَ لَيْسَ بكنز قَالَ مَا أُدي زَكَاته فَلَيْسَ بكنز(2/67)
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الزَّكَاة أخبرنَا ابْن جريج عَن يَعْقُوب ابْن عبد الله بن الْأَشَج عَن بشر بن سعيد أَن رجلا بَاعَ رجلا حَائِطا لَهُ أَو مَالا بِمَال عَظِيم فَقَالَ لَهُ عمر بن الْخطاب أحسن مَوضِع هَذَا المَال فَقَالَ أَيْن أَضَعهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ عمر ضَعْهُ تَحت مقْعد الْمَرْأَة فَقَالَ الرجل وَلَيْسَ بكنز يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَيْسَ بكنز إِذا أدّيت زَكَاته
انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الزَّكَاة حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن عجلَان عَن سعيد بن أبي سعيد أَن عمر سَأَلَ رجلا عَن أَرض بَاعهَا فَقَالَ لَهُ أحرز مَالك وَاحْفِرْ لَهُ تَحت فرَاش امْرَأَتك قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَيْسَ بكنز ... إِلَى آخِره
541 - قَوْله
عَن ابْن عمر قَالَ مَا أدّيت زَكَاته فَلَيْسَ بكنز وَإِن كَانَ تَحت سبع أَرضين وَمَا لم يؤد زَكَاته فَهُوَ الَّذِي ذكر الله وَإِن كَانَ عَلَى ظهر الأَرْض
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الزَّكَاة أخبرنَا عبد الله بن عمر الْعمريّ بِهِ عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ مَا أُدي زَكَاته فَلَيْسَ بكنز وَإِن كَانَ تَحت سبع أَرضين وَمَا كَانَ ظَاهرا لَا يُؤدى زَكَاته فَهُوَ كنز زَاد فِي لفظ آخر إِنَّمَا الْكَنْز الَّذِي ذكر الله هُوَ مَا لم يؤد زَكَاته
انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا ابْن وَكِيع حَدثنَا أبي عَن الْعمريّ بِهِ
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن نمير عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ كل مَا أدّيت زَكَاته وَإِن كَانَ تَحت سبع أَرضين فَلَيْسَ بكنز وكل مَا لَا تُؤَدَّى زَكَاته فَهُوَ كنز وَإِن كَانَ ظَاهرا عَلَى وَجه الأَرْض وَقَالَ هَذَا هُوَ الصَّحِيح مَوْقُوف
542 - الحَدِيث الْعشْرُونَ
رَوَى سَالم بن أبي أَجْعَد قَالَ لما نزلت وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة
الْآيَة قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (تَبًّا لِلذَّهَبِ تَبًّا لِلْفِضَّةِ)(2/68)
قَالَهَا ثَلَاث فَقَالُوا لَهُ أَي مَال نتَّخذ قَالَ (لسلنا ذَاكِرًا وَقَلْبًا خَاشِعًا وَزَوْجَة تعين أحدكُم عَلَى دينه)
قلت هَذَا الحَدِيث يرويهِ سَالم بن أبي الْجَعْد عَن ثَوْبَان وَعَن عمر بن الْخطاب
فَحَدِيث ثَوْبَان رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ بِنَقص يسير حَدثنَا عبد بن حميد ثَنَا عبيد الله ابْن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل عَن مَنْصُور عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن ثَوْبَان قَالَ لما نزلت وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي بعض أَسْفَاره فَقَالَ بعض أَصْحَابه نزلت فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة لَو علِمْنَ أَي المَال خير فَنَتَّخِذهُ فَقَالَ (أفضله لِسَان ذَاكر وقلب شَاكر وَزَوْجَة تعينه عَلَى إيمَانه)
انْتَهَى قَالَ حَدِيث حسن قَالَ وَسَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَن سَالم ابْن أبي الْجَعْد سمع من ثَوْبَان فَقَالَ لَا قلت فَمِمَّنْ سمع من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ من جَابر بن عبد الله وَأنس وَذكر غير وَاحِد من الصَّحَابَة
انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ بِتَمَامِهِ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمَيْهِ الْوسط وَالصَّغِير من حَدِيث مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ ثَنَا عَمْرو بن مرّة وَالْأَعْمَش وَمَنْصُور عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن ثَوْبَان قَالَ لما نزلت وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة الْآيَة قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (تَبًّا لِلذَّهَبِ تَبًّا لِلْفِضَّةِ) قَالَهَا ثَلَاث ... إِلَى آخر لفظ المُصَنّف
وَمن طَرِيق الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول
وَرَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل فِي كتاب الزّهْد حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن إِسْرَائِيل عَن مَنْصُور عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن ثَوْبَان قَالَ لما أنزلت ... إِلَى آخِره بِتَمَامِهِ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن يسَار ثَنَا مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل بن سندا ومتنا وَفِي مَرَاسِيل ابْن أبي حَاتِم وَسَالم لم يدْرك ثَوْبَان وَبَينهمَا معدان
انْتَهَى(2/69)
وَأما حَدِيث عمر فَرَوَاهُ ابْن ماجة بِنَقص يسير فِي سنَنه فِي النِّكَاح عَن وَكِيع عَن عبد الله بن عَمْرو بن مرّة عَن أَبِيه عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن ثَوْبَان قَالَ لما نزل فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة مَا نزل قَالُوا فَأَي المَال نتَّخذ قَالَ عمر أَنا أعلم لكم ذَلِك فَأَوْضَعَ عَلَى بعيره فَأدْرك النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَنا فِي أَثَره فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي المَال نتَّخذ قَالَ (ليتَّخذ أحدكُم قلبا شاكرا وَلِسَانًا ذَاكِرًا وَزَوْجَة مُؤمنَة تعين أحدكُم عَلَى أَمر الْآخِرَة)
انْتَهَى
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره فَلم يذكر فِيهِ ثَوْبَان فَقَالَ أخبرنَا الثَّوْريّ عَن مَنْصُور عَن عَمْرو بن مرّة عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل الله قَالَ الْمُهَاجِرُونَ فَأَي المَال نتَّخذ قَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فَإِنِّي أسأَل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن ذَلِك فَأَدْرَكته عَلَى بَعِيري فَقلت يَا رَسُول الله إِن الْمُهَاجِرين قَالُوا أَي المَال نتَّخذ قَالَ (لِسَانا ذَاكِرًا وَقَلْبًا شاكرا وَزَوْجَة مُؤمنَة تعين أحدكُم عَلَى دينه)
انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده فَلم يذكر فِيهِ عمر فَقَالَ حَدثنَا وَكِيع حَدثنِي عبد الله ابْن عَمْرو ابْن مرّة عَن أَبِيه عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن ثَوْبَان قَالَ لما نزل فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة مَا نزل قَالُوا فَأَي المَال نتَّخذ يَا رَسُول الله ... إِلَى آخر لفظ ابْن ماجة
وَمن طَرِيق أَحْمد رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية
وَبِسَنَد ابْن ماجة رَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده لكنه ذكره فِي مُسْند ثَوْبَان
وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث بُرَيْدَة رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث الحكم بن ظهير حَدثنَا عَلْقَمَة بن مرْثَد عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ لما نزلت وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة قَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ(2/70)
يَا رَسُول الله مَا نكنز الْيَوْم قَالَ (لِسَانا ذَاكِرًا وَقَلْبًا شاكرا وَزَوْجَة تعين أحدكُم عَلَى إيمَانه)
انْتَهَى
وَله طَرِيق آخر عِنْد أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا شُعْبَة حَدثنِي سَالم بن عَطِيَّة سَمِعت عبد الله بن أبي الْهُذيْل قَالَ حَدثنِي صَاحب لي أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (تَبًّا لِلذَّهَبِ تَبًّا لِلْفِضَّةِ) فَحَدثني صَاحِبي أَنه انْطلق مَعَ عمر بن الْخطاب فَقَالَ يَا رَسُول الله قَوْلك (تَبًّا لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّة) مَاذَا نتَّخذ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (لِسَانا ذَاكِرًا وَقَلْبًا شاكرا وَزَوْجَة تعين عَلَى الْآخِرَة)
انْتَهَى
وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث عَلّي رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا الثَّوْريّ أَخْبرنِي أَبُو حُصَيْن عَن أبي الضُّحَى عَن جعدة بن هُبَيْرَة عَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فِي قَوْله تَعَالَى وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل الله فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (تَبًّا لِلذَّهَبِ تَبًّا لِلْفِضَّةِ) يَقُولهَا ثَلَاث قَالَ فشق ذَلِك عَلَى أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالُوا أَي مَال نتَّخذ قَالَ (لِسَانا ذَاكِرًا وَقَلْبًا شاكرا وَزَوْجَة تعين أحدكُم عَلَى دينه)
انْتَهَى
الْحَاصِل أَنه حَدِيث ضَعِيف لما فِيهِ من الِاضْطِرَاب
543 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْعشْرُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (من ترك بَيْضَاء أَو صفراء كوي بهَا)
قلت رُوِيَ من حَدِيث أبي ذَر وَمن حَدِيث أبي أُمَامَة
فَحَدِيث أبي ذَر رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْوسط فِي بَاب الْعين الْمُهْملَة(2/71)
عَن عمر بن عَلّي حَدثنَا ابْن أبي عدي حَدثنَا شُعْبَة عَن عبيد الله بن عبد الْوَاحِد الثَّقَفِيّ عَن أبي الْمُجيب الشَّامي قَالَ كَانَ نعل سيف أبي هُرَيْرَة من فضَّة فَنَهَاهُ عَنهُ أَبُو ذَر وَقَالَ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (من ترك بَيْضَاء أَو صفراء كوي بهَا)
انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى حَدثنَا عبيد الله بن معَاذ حَدثنَا أبي حَدثنَا شُعْبَة بِهِ سَوَاء
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي عدي بِهِ
وَحَدِيث أبي أُمَامَة وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرق حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان حَدثنَا بَقِيَّة حَدثنِي عتبَة بن أبي حَكِيم حَدثنِي عمَارَة بن رَاشد اللَّيْثِيّ عَن عبد الْأَعْلَى بن هِلَال السّلمِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول (مَا من عبد يَمُوت فَيتْرك أصفر أَو أَبيض إِلَّا كوي بِهِ)
انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَالك حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص مُحَمَّد بن الْهَيْثَم حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير المصِّيصِي عَن أَرْطَأَة بن الْمُنْذر عَن يُوسُف الْأَلْهَانِي عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره وَقَالَ (صفراء أَو بَيْضَاء)
وَرَوَاهُ أَيْضا حَدثنَا أَحْمد بن إِسْحَاق حَدثنَا أَحْمد بن عَمْرو حَدثنَا عبد الْوَهَّاب ابْن الضَّحَّاك حَدثنَا عِيسَى بن يزِيد أَبُو عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج عَن أَرْطَأَة بن الْمُنْذر عَن أبي عَامر عَن ثَوْبَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (مَا من أحد يتْرك صفراء أَو بَيْضَاء من ذهب أَو فضَّة إِلَّا جعل صَفَائِح ثمَّ كوي بهَا)
وَهَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي كِتَابه مُسْند الشاميين حَدثنَا الْحسن بن حُرَيْث الصُّورِي حَدثنَا سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي حَدثنَا عقبَة بن عَلْقَمَة حَدثنَا أَرْطَأَة ابْن الْمُنْذر بِهِ(2/72)
544 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
توفّي رجل فَوجدَ فِي مِئْزَره دِينَار فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (كَيَّة) وَتُوفِّي آخر فَوجدَ فِي مِئْزَره دِينَارَانِ فَقَالَ (كَيَّتَانِ)
قلت رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن شهر بن حَوْشَب عَن أبي أُمَامَة قَالَ توفّي رجل من أهل الصّفة فَوجدَ فِي مِئْزَره دِينَار فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (كَيَّة) ثمَّ توفّي آخر فَوجدَ فِي مِئْزَره دِينَارَانِ ثمَّ توفّي آخر فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَيَّتَانِ)
انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَأَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده عَن قَتَادَة بِهِ وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أَنا معمر عَن قَتَادَة بِهِ
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ
وَشطر الحَدِيث فِي صَحِيح ابْن حَيَّان رَوَاهُ فِي النَّوْع الْحَادِي وَالْأَرْبَعِينَ من الْقسم الثَّالِث من حَدِيث ابْن مَسْعُود قَالَ توفّي رجل من أهل الصّفة فَوجدَ فِي مِئْزَره دِينَارَانِ فَذكر ذَلِك للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ (كَيَّتَانِ)
انْتَهَى
545 - قَوْله
عَن عَلّي بن أبي طَالب قَالَ أَرْبَعَة آلَاف فَمَا دونهَا نَفَقَة فَمَا زَاد فَهُوَ كنز
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الزَّكَاة أخبرنَا الثَّوْريّ عَن أبي حُصَيْن عَن أبي الضُّحَى مُسلم بن صبيح عَن جعدة بن هُبَيْرَة عَن عَلّي بن أبي طَالب قَالَ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم فَمَا دونهَا نَفَقَة وَمَا فَوْقهَا كنز
انْتَهَى
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ هَكَذَا من غير سَنَد(2/73)
546 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (ذهب أهل الدُّثُور بِالْأُجُورِ)
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي الزَّكَاة من حَدِيث أبي الْأسود الديلِي عَن أبي ذَر أَن نَاسا من أَصْحَاب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالُوا يَا رَسُول الله ذهب أهل الدُّثُور بِالْأُجُورِ يصلونَ كَمَا نصلي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُوم وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُول أَمْوَالهم قَالَ (أَو لَيْسَ قد جعل الله لكم مَا تصدقُونَ بِهِ إِن بِكُل تَسْبِيحَة صَدَقَة وكل تَكْبِيرَة صَدَقَة وكل تَحْمِيدَة صَدَقَة وكل تَهْلِيلَة صَدَقَة وَأمر بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَة وَنهي عَن مُنكر صَدَقَة وَفِي بضع أحدكُم صَدَقَة) قَالُوا يَا رَسُول الله أَيَأتِي أَحَدنَا شَهْوَته فَيكون لَهَا فِيهَا أجر قَالَ (أَرَأَيْتُم لَو وَضعهَا فِي حرَام أَكَانَ عَلَيْهِ وزر فَكَذَلِك إِذا وَضعهَا فِي الْحَلَال كَانَ لَهُ أجر)
انْتَهَى
547 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي خطبَته فِي حجَّة الْوَدَاع (أَلا إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض السّنة اثْنَا عشر شهرا مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ثَلَاث مُتَوَالِيَات ذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم وَرَجَب مُضر الَّذِي بَين جُمَادَى وَشَعْبَان)
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي بَدْء الْخلق وَفِي التَّفْسِير وَمُسلم فِي الْحُدُود عَن أبي بكرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض السّنة اثْنَا عشر شهرا ... إِلَى آخِره سَوَاء وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْحَج من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي بكرَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (فِي خطبَته فِي حجَّته إِن الزَّمَان) إِلَى آخِره
وَذكر أَنه فِي البُخَارِيّ فِي حَدِيث طَوِيل فِي الْحَج عَن ابْن أبي بكرَة عَن أَبِيه
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عمر بِلَفْظ المُصَنّف فَقَالَ حَدثنَا مُوسَى ابْن عبد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقي حَدثنَا زيد بن الْحباب حَدثنَا مُوسَى بن عُبَيْدَة الربذي حَدثنِي(2/74)
صَدَقَة بن يسارعن ابْن عمر قَالَ خطب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي حجَّة الْوَدَاع بِمني فِي أَوسط أَيَّام التَّشْرِيق فَقَالَ (أَيهَا النَّاس إِن الزَّمَان) إِلَى آخِره
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس إِن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خطب النَّاس فِي حجَّته فَقَالَ (إِن الزَّمَان) إِلَى آخِره
548 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَن مَا خرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي غَزْوَة إِلَّا وَرى عَنْهَا بغَيْرهَا إِلَّا فِي غَزْوَة تَبُوك
قلت هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيث كَعْب بن مَالك الطَّوِيل قَالَ وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَلما يُرِيد غَزْوَة إِلَّا وَرى بغَيْرهَا حَتَّى كَانَت غَزْوَة تَبُوك فَغَزَاهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي حر شَدِيد واستقبل سفرا بَعيدا وَمَفَازًا فِي غَزْو عَدو كَبِير فَجَلَّى للْمُسلمين أَمرهم لِيَتَأَهَّبُوا هبة عدوهم وَأخْبرهمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيد مُخْتَصر
549 - الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ
يرْوَى أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لما أَمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِالْخرُوجِ قَالَ (من يخرج معي) قَالَ أَبُو بكر
550 - الحَدِيث السَّابِع وَالْعشْرُونَ
رُوِيَ أَنه لما طلع الْمُشْركُونَ فَوق الْغَار أشْفق أَبُو بكر عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ إِن تصب الْيَوْم ذهب دين الله فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما)(2/75)
وَرُوِيَ أَنَّهَا لما دخلا الْغَار بعث الله تَعَالَى حَمَامَتَيْنِ فباضتا فِي أَسْفَله وَالْعَنْكَبُوت فَنسجَتْ عَلَيْهِ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (اللَّهُمَّ أَعم أَبْصَارهم) فَجعلُوا يَتَرَدَّدُونَ حول الْغَار وَلَا يَفْطنُون
قلت
الأول رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي فَضَائِل أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه من حَدِيثه قَالَ نظرت إِلَى أَقْدَام الْمُشْركين عَلَى رؤوسنا وَنحن فِي الْغَار فَقلت يَا رَسُول الله لَو أَن أحدهم نظر إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرنَا فَقَالَ (يَا أَبَا بكر مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما)
انْتَهَى
وَأَخْرَجَا عَن أنس نَحوه
وَالثَّانِي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة لَهما وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات من حَدِيث عون بن عَمْرو الْقَيْسِي سَمِعت أَبَا مُصعب الْمَكِّيّ قَالَ أدْركْت أنس بن مَالك وَزيد ابْن أَرقم والمغيرة بن شُعْبَة فَسَمِعتهمْ يتحدثون أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَيْلَة الْغَار أَمر الله تَعَالَى بشجرة فَنَبَتَتْ فِي وَجه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسترته وَأمر العنكبوت فَنسجَتْ فِي وَجهه فَسترته وَأمر حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فَوَقَعَتَا بِفَم الْغَار وَأَقْبل فتيَان قُرَيْش بِعِصِيِّهِمْ وهراويهم وَسُيُوفهمْ حَتَّى إِذا كَانُوا من النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِقدر أَرْبَعِينَ ذِرَاعا فَعجل رجل مِنْهُم إِلَى بَاب الْغَار فَرَأَى حَمَامَتَيْنِ بِفَم الْغَار فَرجع إِلَى أَصْحَابه فَقَالُوا لَهُ مَالك قَالَ رَأَيْت حَمَامَتَيْنِ بِفَم الْغَار فَعلمت أَنه لَيْسَ فِيهِ أحد فَسمع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَا قَالَ فَعلم أَن الله قد دَرأ عَنهُ بهما فَدَعَا لَهُنَّ وسمت عَلَيْهِنَّ وَفرض جزاهن واتخذن فِي الْحرم زَاد الْبَزَّار وَأَحْسبهُ قَالَ فَأصل كل حمام فِي الْحرم من فراخهما
انْتَهَى قَالَ الْبَزَّار لَا نعلم رَوَاهُ إِلَّا عون بن عَمْرو وَهُوَ من أهل الْبَصْرَة مَشْهُور وَهُوَ أَخُو ريَاح وَلَا نعلم حدث عَن أبي مُصعب بِهَذَا الحَدِيث إِلَّا عون بن عَمْرو
انْتَهَى
وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الْمَغَازِي أخبرنَا معمر أَخْبرنِي عُثْمَان الْجَزرِي(2/76)
أَن مقسمًا مولَى ابْن عَبَّاس أخبرهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ تَشَاوَرَتْ قُرَيْش لَيْلَة بِمَكَّة فَقَالَ بَعضهم إِذا أصبح فأثبتوه بِالْوَثَاقِ يُرِيدُونَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَقَالَ بَعضهم بل اقْتُلُوهُ وَقَالَ بَعضهم بل أَخْرجُوهُ فَأطلع الله نبيه عَلَى ذَلِك فَبَاتَ عَلّي عَلَى فرَاش النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَخرج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى لحق بِالْغَارِ وَبَات وَبَات الْمُشْركُونَ يَحْرُسُونَ عليا يَحْسبُونَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلَمَّا أَصْبحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ فَلَمَّا رَأَوْهُ عليا رد الله مَكْرهمْ فَقَالُوا لَهُ أَيْن صَاحبك قَالَ لَا أَدْرِي فَاقْتَصُّوا أَثَره فَلَمَّا بلغُوا الْجَبَل اخْتَلَط عَلَيْهِم فَصَعِدُوا فِي الْجَبَل فَمروا بِالْغَارِ فَرَأَوْا عَلَى بَابه نَسِيج العنكبوت فَقَالُوا لَو دخل هَهُنَا لم يكن نسج العنكبوت عَلَى بَابه فَمَكثَ فِيهِ ثَلَاث لَيَال
انْتَهَى
وَعَن عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما ثمَّ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَعَن الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة
وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام (اللَّهُمَّ أَعم أَبْصَارهم) لم أَجِدهُ
551 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْعشْرُونَ
عَن ابْن أم مَكْتُوم أَنه قَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أعلي أَن أنفر قَالَ نعم) حَتَّى نزلت لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حرج
552 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْعشْرُونَ
قَالَ المُصَنّف قَرَأت فِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه كره لِلْمُؤمنِ أَن يَقُول كسلت قَالَ المُصَنّف لِأَن الْمُنَافِقين وصفوا بِالْكَسَلِ فِي قَوْله تَعَالَى وَإِذا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى
وَتقدم فِي أَوَاخِر الْبَقَرَة(2/77)
553 - الحَدِيث الثَّلَاثُونَ
رُوِيَ فِي قَوْله تَعَالَى وَمِنْهُم من يَلْمِزك فِي الصَّدقَات إِنَّه ابْن ذِي الْخوَيْصِرَة وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يقسم غَنَائِم حنين فَقَالَ لَهُ ابْن ذِي الْخوَيْصِرَة وَهُوَ رَأس الْخَوَارِج يَا رَسُول الله اعْدِلْ فَقَالَ (وَيلك إِن لم أعدل فَمن يعدل)
وَقيل هُوَ ابْن الجواظ من الْمُنَافِقين فَقَالَ أَلا ترَوْنَ إِلَى صَاحبكُم إِنَّمَا يقسم صَدقَاتكُمْ فِي رُعَاة الْغنم وَهُوَ يزْعم أَنه يعدل فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (لَا أَبَا لَك أما كَانَ مُوسَى رَاعيا أما كَانَ دَاوُد رَاعيا) فَلَمَّا ذهب قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (احْذَرُوا هَذَا وَأَصْحَابه فَإِنَّهُم مُنَافِقُونَ)
قلت الأول رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَفِي التَّفْسِير وَمُسلم فِي الزَّكَاة من حَدِيث أبي سَلمَة عَن أبي سعيد قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقسم قسما إِذْ جَاءَ ابْن أبي الْخوَيْصِرَة وَلَفظ مُسلم ذُو الْخوَيْصِرَة وَفِي لفظ البُخَارِيّ أَخا عبد الله ابْن ذِي الْخوَيْصِرَة التَّمِيمِي فَقَالَ اعْدِلْ يَا رَسُول الله قَالَ (وَيحك وَمن يعدل إِذا لم أعدل) فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي فَأَضْرب عُنُقه فَقَالَ (دَعه فَإِن لَهُ أصحابا تَحْتَقِرُونَ صَلَاتكُمْ مَعَ صلَاتهم وَصِيَامكُمْ مَعَ صِيَامهمْ يَمْرُقُونَ من الدَّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية آيَتهم رجل أسود فِي إِحْدَى يَدَيْهِ مثل ثدي الْمَرْأَة أَو مثل الْبضْعَة تدَرْدر يخرجُون عَلَى حِين فَتْرَة من النَّاس) قَالَ وَفِيهِمْ نزلت وَمِنْهُم من يَلْمِزك فِي الصَّدقَات
قَالَ أَبُو سعيد أشهد أَنِّي سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأشْهد أَن عليا حِين قَتلهمْ جِيءَ بِالرجلِ عَلَى النَّعْت الَّذِي نَعته رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
انْتَهَى
وَذُو الْخوَيْصِرَة اسْمه عبد الله وَيُقَال ابْن ذِي الْخوَيْصِرَة وَيُقَال ابْن أبي الْخوَيْصِرَة(2/78)
الحَدِيث الثَّانِي غَرِيب
554 - الحَدِيث الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ بَيْنَمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يسير فِي غَزْوَة تَبُوك وَركب من الْمُنَافِقين يَسِيرُونَ بَين يَدَيْهِ فَقَالُوا انْظُرُوا إِلَى هَذَا الرجل يُرِيد أَن يفتح قُصُور الشَّام وحصونه هَيْهَات فَأطلع الله نبيه عَلَى ذَلِك فَقَالَ (احْبِسُوا عَلّي الركب) فَأَتَاهُم فَقَالَ (قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا) فَقَالُوا يَا نَبِي الله لَا وَالله مَا كُنَّا فِي شَيْء من أَمرك وَلَا من أَمر أَصْحَابك وَلَكِن كُنَّا فِي شَيْء مِمَّا يَخُوض فِيهِ الركب لِيقصرَ بَعْضنَا عَلَى بعض السّفر
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى حَدثنَا مُحَمَّد بن ثَوْر عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى وَلَئِن سَأَلتهمْ ليَقُولن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... إِلَى آخِره وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن قَتَادَة من غير سَنَد
555 - الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ رَوَى أَبُو الدَّرْدَاء عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (عدن دَار الله الَّتِي لم تَرَهَا عين وَلم يخْطر عَلَى قلب بشر لَا يسكنهَا غير ثَلَاثَة النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء يَقُول الله تَعَالَى طُوبَى لمن دَخلك)
قلت رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابه المؤتلف والمختلف من حَدِيث يَحْيَى بن عبد الله بن بكير حَدثنِي اللَّيْث بن سعد حَدثنِي زِيَادَة بن مُحَمَّد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن فضَالة بن عبيد عَن أبي الدَّرْدَاء عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (إِن الله تبَارك وَتَعَالَى ينزل فِي ثَلَاث سَاعَات يبْقين من اللَّيْل ينزل فِي(2/79)
السَّاعَة الأولَى فَيفتح الذّكر الَّذِي لم يره غَيره فَيَمْحُو مَا يَشَاء وَيثبت ثمَّ ينزل السَّاعَة الثَّانِيَة الثَّانِيَة إِلَى جنَّة عدن وَهِي الَّتِي لم يرهَا غَيره وَلم يخْطر عَلَى قلب بشر لَا يسكنهَا مَعَه من بني آدم غير ثَلَاثَة النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء ثمَّ يَقُول طُوبَى لمن دَخلك ثمَّ ينزل فِي السَّاعَة الثَّالِثَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول أَلا من مُسْتَغْفِر فَأغْفِر لَهُ أَلا من سَائل فَأعْطِيه أَلا من دَاع فَأُجِيبَهُ حَتَّى يكون صَلَاة الْفجْر)
انْتَهَى وَقَالَ لَا نعلمهُ يرْوَى عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَزِيَادَة بن مُحَمَّد لَا نعلم رَوَى عَنهُ غير اللَّيْث انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُوسَى بن سهل حَدثنَا آدم حَدثنَا اللَّيْث بن سعد حَدثنَا زِيَادَة بن مُحَمَّد بِهِ بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره عَن آدم بِهِ سَوَاء
556 - الحَدِيث الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن الله عَزَّ وَجَلَّ يَقُول لأهل الْجنَّة هَل رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لنا لَا نرضى وَقد أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من خلقك فَيَقُول أَنا أُعْطِيكُم أفضل من ذَلِك قَالَ أحل عَلَيْكُم رِضْوَانِي فَلَا أَسخط عَلَيْكُم أبدا
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَفِي أَطْرَاف خلف فِي صفة الْجنَّة وَلم أَجِدهُ وَفِي مُسلم فِي صفة الْقِيَامَة من حَدِيث عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (إِن الله يَقُول لأهل الْجنَّة يأهل الْجنَّة فَيَقُولُونَ لبيْك رَبنَا وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك فَيَقُول هَل رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لنا لَا نرضى يَا رب وَقد أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من خلقك فَيَقُول أَلا أُعْطِيكُم أفضل من ذَلِك فَيَقُولُونَ يَا رب وَأي شَيْء أفضل من ذَلِك فَيَقُول أحل عَلَيْكُم رِضْوَانِي فَلَا أَسخط عَلَيْكُم بعده أبدا)
انْتَهَى(2/80)
557
- قَوْله
عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله تَعَالَى وَاغْلُظْ عَلَيْهِم قَالَ إِن لم يسْتَطع بِيَدِهِ فبلسانه فَإِن لم يسْتَطع فَلْيَكْفَهِر فِي وَجهه
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا ابْن وَكِيع حَدثنَا حميد بن عبد الرَّحْمَن وَيَحْيَى بن آدم عَن حسن بن صَالح عَن عَلّي بن الْأَقْمَر عَن عَمْرو بن أبي جُنْدُب عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله ... إِلَى آخِره
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث يَحْيَى بن آدم بِهِ
558 - الحَدِيث الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَقَامَ فِي غَزْوَة تَبُوك شَهْرَيْن ينزل عَلَيْهِ الْقُرْآن وَيَعْتِبُ الْمُنَافِقين المتخلفين فَيسمع من مَعَه مِنْهُم وَمِنْهُم الْجلاس ابْن سُوَيْد وَالله إِن كَانَ مَا يَقُول حَقًا لإِخْوَانِنَا الَّذين خَلَّفْنَاهُمْ وهم سَادَاتنَا وَأَشْرَافنَا فَنحْن شَرّ من الْحمير فَقَالَ عَامر بن قيس الْأنْصَارِيّ لِلْجُلَّاسِ أجل وَالله إِن مُحَمَّدًا صَادِق وَأَنت شَرّ من الْحمار وَبلغ ذَلِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَاسْتَحْضرهُ فَحلف بِاللَّه مَا قَالَ فَرفع عَامر يَده فَقَالَ اللَّهُمَّ أنزل عَلَى عَبدك وَنَبِيك تَصْدِيق الصَّادِق وَتَكْذيب الْكَاذِب فَنزل يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا فَقَالَ الْجلاس يَا رَسُول الله لقد عرض الله عَلّي التَّوْبَة وَالله لقد قلته وَصدق عَامر فَتَابَ الْجلاس وَحسنت تَوْبَته
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر ومُوسَى بن عقبَة قَالَا لما أقبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَافِلًا حَتَّى إِذا دنا من الْمَدِينَة تَلقاهُ عَامَّة الَّذين تخلفوا عَنهُ فَقَالَ لأَصْحَابه (لَا تكلمُوا أحدا مِنْهُم وَلَا تُجَالِسُوهُمْ حَتَّى آذن لكم) وَكَانَ فِيمَن تخلف عَنهُ ثَلَاثَة نفر الَّذين ذكر الله فِي كِتَابه بِالتَّوْبَةِ كَعْب بن مَالك السّلمِيّ وهلال بن أُميَّة الوَاقِفِي ومرارة بن الرّبيع الْعمريّ ...(2/81)
إِلَى أَن قَالَ ثمَّ ذكر الله تَعَالَى الَّذين تخلفوا وَاعْتَذَرُوا بِالْبَاطِلِ فَقَالَ يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين إِلَى قَوْله لِيَجْزِيَهُم الله أحسن مَا كَانُوا يعْملُونَ وَذكر قبلهم من تخلف بِنفَاق فَقَالَ فَرح الْمُخَلفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُول الله إِلَى قَوْله جَزَاء بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ثمَّ ذكر أهل الْعذر مِمَّن تخلف فَقَالَ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلَا عَلَى الْمَرْضَى إِلَى قَوْله وَالله غَفُور رَحِيم وَآيَة بعْدهَا وَذكر من لَا عذر لَهُ مِمَّن تخلف فَقَالَ إِنَّمَا السَّبِيل عَلَى الَّذين يَسْتَأْذِنُونَك وهم أَغْنِيَاء رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف وَأَرْبع آيَات يتبع بَعْضهَا بَعْضًا وَقَالَ الْجلاس بن سُوَيْد حِين سمع مَا أنزل الله تَعَالَى فِي الْمُخلفين وَالله إِن كَانَ مُحَمَّد صَادِقا لنَحْنُ شَرّ من الْحمير فَقَالَ لَهُ عَامر بن قيس الْأنْصَارِيّ وَهُوَ ابْن عَمه وَالله إِن مُحَمَّدًا لصَادِق وَلَأَنْتُمْ شَرّ من الْحمير وَيلك تخلفت عَن رَسُول الله وَنَافَقَتْ وَانْطَلق عَامر فَأخْبر رَسُول الله بِمَا قَالَ الْجلاس فَأرْسل إِلَيْهِ فَحلف بِاللَّه مَا تكلم بِهِ فَقَالَ عَامر اللَّهُمَّ أنزل عَلَى رَسُولك بَيَان شَأْننَا فَأنْزل الله يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا إِلَى قَوْله من ولي وَلَا نصير وَتَابَ الْجلاس مِمَّا قَالَ واعترف بِذَنبِهِ مُخْتَصر
وَذكره ابْن هِشَام فِي السِّيرَة من قَول ابْن إِسْحَاق فِي كَلَام طَوِيل وَفِي آخِره قَالَ ابْن إِسْحَاق وَزَعَمُوا أَنه تَابَ وَحسنت تَوْبَته
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات أخبرنَا عَارِم بن الْفضل حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه ... فَذكره
أخبرنَا ابْن جريح عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ كَانَت أم عُمَيْر بن سعيد عِنْد الْجلاس بن سُوَيْد فَقَالَ الْجلاس فِي غَزْوَة تَبُوك إِن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًا فَنحْن شَرّ من الْحمير ... إِلَى آخر لفظ الْبَيْهَقِيّ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من قَول عُرْوَة وَفِي آخِره إِنَّه تَابَ وَحسنت تَوْبَته
وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفسيريهما من قَول الْكَلْبِيّ بِلَفْظ المُصَنّف وَسَنَدهمَا إِلَيْهِ فِي أول كِتَابَيْهِمَا(2/82)
559 - الحَدِيث الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن جمَاعَة من الْمُنَافِقين هموا بِالْفَتْكِ برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عِنْد مرجعه من غَزْوَة تَبُوك وَذَلِكَ أَنه تواثق مِنْهُم خَمْسَة عشر عَلَى أَن يَدْفَعُوهُ عَن رَاحِلَته إِلَى الْوَادي إِذا تُسنم الْعقبَة بِاللَّيْلِ فَأخذ عمار بن يَاسر بِخِطَام رَاحِلَته يَقُودهَا وَحُذَيْفَة خلفهَا يَسُوقهَا فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ سمع حُذَيْفَة بِوَقع أَخْفَاف الْإِبِل وَقَعْقَعَة السِّلَاح فَالْتَفت فَإِذا قوم مُتَلَثِّمُونَ فَقَالَ إِلَيْكُم يَا أَعدَاء الله فَهَرَبُوا
قلت رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا يزِيد بن هَارُون أَنا الْوَلِيد بن عبد الله بن جَمِيع عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ لما أقبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من غَزْوَة تَبُوك أَمر مناديا فَنَادَى لَا يَأْخُذن الْعقبَة أحد فَإِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَأْخُذهَا وَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يسير وَحُذَيْفَة يَقُودهُ وعمار بن يَاسر يَسُوقهُ فَأقبل رَهْط مُتَلَثِّمِينَ عَلَى الرَّوَاحِل حَتَّى غشوا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَرجع عمار فَضرب وُجُوه الرَّوَاحِل فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ لِحُذَيْفَة (قد قد) فَلحقه عمار فَقَالَ (سُقْ سُقْ) حَتَّى أَنَاخَ فَقَالَ لعمَّار (هَل تعرف الْقَوْم) فَقَالَ لَا كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ وَقد عرفت عَامَّة الرَّوَاحِل فَقَالَ (أَتَدْرِي مَا أَرَادوا برَسُول الله) قلت الله وَرَسُوله أعلم قلت أَرَادوا أَن يَمْكُرُوا برَسُول الله فَيَطْرَحُوهُ من الْعقبَة فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك نزع بَين عمار وَبَين رجل مِنْهُم شَيْء مِمَّا يكون بَين النَّاس فَقَالَ أنْشدك الله كم أَصْحَاب الْعقبَة الَّذين أَرَادوا أَن يَمْكُرُوا برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ نرَى أَنهم أَرْبَعَة عشر فَإِن كنت فيهم فهم خَمْسَة عشر
انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن عبيد الله بن مُوسَى حَدثنَا الْوَلِيد بن جَمِيع بِهِ
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الْأَعْمَش عَن عَمْرو بن مرّة عَن أبي البخْترِي عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ كنت آخِذا(2/83)
لخطام نَاقَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَقُود بِهِ وعمار بن يَاسر يَسُوق النَّاقة حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْعقبَةِ فَإِذا بِاثْنَيْ عشر رَاكِبًا قد اعْتَرَضُوهُ فِيهَا قَالَ فَأَنْبَهْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بهم فَصَرَخَ بهم فَوَلوا مُدبرين فَقَالَ لنا (هَل عَرَفْتُمْ الْقَوْم) قُلْنَا لَا يَا رَسُول الله كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ وَلَكنَّا عرفنَا الركاب قَالَ (هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة هَل عَرَفْتُمْ مَا أَرَادوا) قُلْنَا لَا قَالَ (أَرَادوا أَن أَن يَرْجُمُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي الْعقبَة فَيُلْقُوهُ بهَا) قَالُوا يَا رَسُول الله أَلا تبْعَث إِلَى عَشَائِرهمْ فيبعث كل قوم بِرَأْس صَاحبهمْ قَالَ (لَا إِنِّي أكره أَن يتحدث الْعَرَب أَن مُحَمَّدًا قَاتل بِقوم حَتَّى إِذا ظَهره بهم أقبل عَلَيْهِم بِقَتْلِهِم) ثمَّ قَالَ (اللَّهُمَّ اِرْمِهِمْ بِالدُّبَيْلَةِ) قيل يَا رَسُول الله وَمَا الدُّبَيْلَة قَالَ (شهَاب من نَار يَقع عَلَى نِيَاط قلب أحدهم فَيهْلك)
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن الْوَلِيد بن جَمِيع عَن أبي الطُّفَيْل عَن حُذَيْفَة قَالَ لما كَانَ غَزْوَة تَبُوك أَمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مناديا ... إِلَى آخِره ثمَّ قَالَ وَقد رُوِيَ عَن حُذَيْفَة من غير هَذَا الْوَجْه وَهَذَا الْوَجْه أحْسنهَا اتِّصَالًا وَأَصْلَحهَا إِسْنَادًا والوليد بن جَمِيع كَانَت فِيهِ شِيعِيَّة شَدِيدَة وَقد احْتمل أهل الْعلم حَدِيثه وَحَدثُوا عَنهُ
انْتَهَى
560 - الحَدِيث السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن ثَعْلَبَة بن حَاطِب قَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا فَقَالَ يَا ثَعْلَبَة قَلِيل يُؤدى شكره خير من كثير لَا تُطِيقهُ)
فَرَاجعه فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَئِن رَزَقَنِي الله مَالا لَأُعْطيَن كل ذِي حق حَقه فَدَعَا لَهُ فَاتخذ غنما فَنمت كَمَا يَنْمُو الدُّود حَتَّى ضَاقَتْ بِالْمَدِينَةِ فَنزل وَاديا وَانْقطع عَن الْجَمَاعَة وَالْجُمُعَة فَسَأَلَ عَنهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقيل كثر مَاله حَتَّى لَا يَسعهُ وَاد فَقَالَ (يَا وَيْح ثَعْلَبَة) فَبعث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُصدقين لأجل الصَّدقَات فَاسْتَقْبَلَهُمَا النَّاس بِصَدَقَاتِهِمْ وَمَرا بِثَعْلَبَة فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَة وَأَقْرَآهُ كتاب رَسُول الله الَّذِي فِيهِ الْفَرَائِض(2/84)
فَقَالَ مَا هَذِه إِلَّا جِزْيَة مَا هَذِه إِلَّا أُخْت الْجِزْيَة وَقَالَ ارْجِعَا حَتَّى أرَى رَأْيِي فَلَمَّا رجعا قَالَ لَهما رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قبل أَن يُكَلِّمَاهُ (يَا وَيْح ثَعْلَبَة)
مرَّتَيْنِ فَنزلت فجَاء ثَعْلَبَة بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ (إِن الله مَنَعَنِي أَن أقبل مِنْك) فَجعل التُّرَاب عَلَى رَأسه فَقَالَ (هَذَا عَمَلك فقد أَمرتك فَلم تُطِعْنِي)
فَقبض عَلَيْهِ السَّلَام فجَاء بهَا إِلَى أبي بكر الصّديق فَلم يقبلهَا وَجَاء بهَا إِلَى عمر فِي خِلَافَته فَلم يقبلهَا وَهلك فِي زمَان عُثْمَان
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ وَفِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك من حَدِيث معَاذ بن رِفَاعَة عَن عَلّي بن يزِيد عَن الْقَاسِم بن معَان أبي عبد الرَّحْمَن مولَى عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن مُعَاوِيَة عَن أبي أُمَامَة أَن ثَعْلَبَة بن حَاطِب الْأنْصَارِيّ أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا قَالَ (وَيحك يَا ثَعْلَبَة قَلِيل يُؤدى شكره خير من كثير لَا تُطِيقهُ) ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك قَالَ (يَا ثَعْلَبَة أما تُرِيدُ أَن تكون مثل رَسُول الله وَالله لَو سَأَلت الله أَن يسير لي الْجَبَل ذَهَبا وَفِضة لَسَارَتْ) ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ قَالَ وَالله لَئِن آتَانِي الله مَالا لَأُوتَيَنَّ كل ذِي حق حَقه فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (اللَّهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَة مَالا) قَالَهَا ثَلَاثًا قَالَ فَاتخذ غنما فَنمت كَمَا يَنْمُو الدُّود حَتَّى ضَاقَتْ بهَا أَزِقَّة الْمَدِينَة فَتنَحَّى بهَا وَكَانَ يشْهد الصَّلَاة مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ يخرج إِلَيْهَا ثمَّ نمت حَتَّى تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ مرَاعِي الْمَدِينَة فَتنَحَّى بهَا فَكَانَ يشْهد الْجُمُعَة مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ يخرج إِلَيْهَا ثمَّ نمت فَتنَحَّى بهَا فَترك الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات فَكَانَ يتَلَقَّى الركْبَان وَيَقُول لَهُم مَا عنْدكُمْ من الْخَبَر وَمَا كَانَ من أَمر النَّاس وَأنزل الله تَعَالَى خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة الْآيَة قَالَ فَاسْتعْمل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى الصَّدقَات رجلَيْنِ رجل من الْأَنْصَار(2/85)
وَرجل من بني سليم وَكتب لَهُم سنة الصَّدَقَة وَأَسْنَانهَا فَاسْتَقْبلهَا النَّاس بِصَدَقَاتِهِمْ وَمَرا بِثَعْلَبَة فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَة وَأَقْرَآهُ كتاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ وَالله مَا هَذِه إِلَّا أُخْت الْجِزْيَة انْطَلقَا حَتَّى أرَى رَأْيِي فَانْطَلقَا حَتَّى لَحقا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأنْزل الله تَعَالَى عَلَى رَسُوله وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله إِلَى قَوْله يكذبُون قَالَ فَركب رجل من الْأَنْصَار قريب لِثَعْلَبَةَ رَاحِلَته حَتَّى أَتَى ثَعْلَبَة فَقَالَ وَيحك يَا ثَعْلَبَة هَلَكت أنزل الله فِيك من الْقُرْآن كَذَا فَأقبل ثَعْلَبَة وَقد وضع التُّرَاب عَلَى رَأسه وَهُوَ يبكي وَيَقُول يَا رَسُول الله يَا رَسُول الله فَلم يقبل مِنْهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صدقته حَتَّى قبض الله رَسُوله ثمَّ أَتَى أَبَا بكر بعد رَسُول الله فَأَبَى أَن يقبل مِنْهُ ثمَّ أَتَى عمر فَأَبَى أَن يقبل مِنْهُ ثمَّ أَتَى عُثْمَان فَأَبَى أَن يقبل مِنْهُ ثمَّ مَاتَ فِي خلَافَة عُثْمَان
انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم والثعلبي ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفاسيرهم والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَفِي إِسْنَاده نظر قَالَ وَهُوَ مَشْهُور بَين أهل التَّفْسِير قَالَ وَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عرف نفَاقه قَدِيما ثمَّ زِيَادَته حَدِيثا وَمَوته عَلَيْهِ بِمَا أنزل الله عَلَيْهِ من الْآيَة فَلم يَأْخُذهَا مِنْهُ
انْتَهَى كَلَامه
وَأعله السُّهيْلي فِي الرَّوْض الْأنف وَقَالَ قَالَ البُخَارِيّ عَلّي بن يزِيد أَبُو عبد الْملك مُنكر الحَدِيث قَالَ السُّهيْلي وَقد عده ابْن إِسْحَاق فِي الْمُنَافِقين وَذكر هَذِه الْآيَة الَّتِي نزلت فِي أَعنِي ثَعْلَبَة بن حَاطِب لكنه ذكر فِي الْبَدْرِيِّينَ ثَعْلَبَة بن حَاطِب وَلم ينْسبهُ فَلَعَلَّهُ رجل آخر وَافق اسْمه وَإِن كَانَ هُوَ فَذكره فِي الْبَدْرِيِّينَ وهم وَالْمُنَافِق هُوَ ثَعْلَبَة بن حَاطِب بن عَمْرو بن عبيد بن أُميَّة بن زيد بن مَالك بن عَمْرو بن عَوْف بن مَالك بن الْأَوْس
انْتَهَى كَلَامه
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط(2/86)
561 - الحَدِيث السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حث عَلَى الصَّدَقَة فجَاء عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من الذَّهَب وَقيل بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم قَالَ كَانَ لي ثَمَانِيَة آلَاف فأقرضت رَبِّي أَرْبَعَة وَأَمْسَكت أَرْبَعَة لِعِيَالِي فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام (بَارك الله لَك فِيمَا أَعْطَيْت وَفِيمَا أَمْسَكت) فَبَارك الله لَهُ حَتَّى صُولِحَتْ امْرَأَته تماضر عَن ربع الثّمن عَلَى ثَمَانِينَ ألفا وَتصدق عَاصِم بن عدي بِمِائَة وسق من تمر وَجَاء أَبُو عقيل الْأنْصَارِيّ بِصَاع من تمر فَقَالَ بت ليلِي أجر بِالْجَرِيرِ عَلَى صَاعَيْنِ فَتركت صَاعا لِعِيَالِي وَجئْت بِصَاع فَأمره النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يَنْثُرهُ عَلَى الصَّدقَات فَلَمَزَهُمْ المُنَافِقُونَ وَقَالُوا مَا أعْطى عبد الرَّحْمَن وَعَاصِم إِلَّا رِيَاء وَإِن كَانَ الله وَرَسُوله لغَنِيَّيْنِ عَن صَاع أبي عقيل وَلكنه أحب أَن يذكر بِنَفسِهِ ليُعْطَى من الصَّدقَات فَنزلت إِلَّا جهدهمْ
قلت رَوَى الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا طالوت بن عباد حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن عمر بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (تصدقوا فَإِنِّي أُرِيد أَن أبْعث بعثا) فجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ يَا رَسُول الله عِنْدِي أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم أَلفَانِ أقْرضهُمَا رَبِّي وَأَلْفَانِ لِعِيَالِي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (بَارك الله فِيمَا أَعْطَيْت وَبَارك لَك فِيمَا أَمْسَكت) وَبَات رجل من الْأَنْصَار فَأصَاب صَاعَيْنِ من تمر فَقَالَ يَا رَسُول الله أصبت صَاعَيْنِ من تمر صَاع أقْرضهُ رَبِّي وَصَاع لِعِيَالِي فَلَمَزَهُ المُنَافِقُونَ فَقَالُوا مَا أعْطى الَّذِي أعْطى بن عَوْف إِلَّا رِيَاء وَقَالُوا ألم يكن الله وَرَسُوله غَنِيَّيْنِ عَن صَاع هَذَا فَأنْزل الله تَعَالَى الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ الْآيَة
انْتَهَى ثمَّ رَوَاهُ عَن أبي كَامِل عَن أبي عوَانَة عَن عمر بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه مُرْسلا وَقَالَ لم يسْندهُ أحد إِلَّا طالوت
انْتَهَى(2/87)
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من طَرِيق مُسَدّد حَدثنَا أَبُو عوَانَة بِهِ مُرْسلا
وَذكر ابْن هِشَام فِي سيرته فِي غَزْوَة تَبُوك عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حض عَلَى الصَّدَقَة وَرغب فِيهَا فَقَامَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَتصدق بأَرْبعَة آلَاف دِرْهَم وَقَامَ عَاصِم بن عدي فَتصدق بِمِائَة وسق من تمر فَلَمَزُوهُمَا وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا الرِّيَاء وَكَانَ الَّذِي تصدق بِجهْدِهِ أَبُو عقيل أَتَى بِصَاع تمر فَأَلْقَاهُ فِي الصَّدَقَة فَتَضَاحَكُوا بِهِ وَقَالُوا إِن الله لَغَنِيّ عَن صَاع أبي عقيل
وَمن طَرِيق ابْن إِسْحَاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ
وَرَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه والطبري وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث زيد بن الْحباب عَن مُوسَى بن عُبَيْدَة حَدثنِي خَالِد بن يسَار عَن ابْن أبي عقيل عَن أَبِيه قَالَ بت أجر الْجَرِير عَلَى ظَهْري عَلَى صَاعَيْنِ من تمر فَانْقَلَبت بِأَحَدِهِمَا إِلَى أَهلِي يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَجئْت بِالْآخرِ أَتَقَرَّب بِهِ إِلَى الله تَعَالَى فَأتيت بِهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ لي (اُنْثُرْهُ فِي الصَّدَقَة) فَقَالَ المُنَافِقُونَ وَسَخِرُوا مني مَا كَانَ أَغْنَى هَذَا أَن يتَقرَّب إِلَى الله بِصَاع من تمر فَأنْزل الله تَعَالَى الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ الْآيَتَيْنِ
انْتَهَى
وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث كَذَلِك وَقَالَ الْجَرِير حَبل من آدم يَسْتَقِي بِهِ المَاء
وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا معمر عَن قَتَادَة قَالَ تصدق عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف بِشَطْر من مَاله وَكَانَ لَهُ ثَمَانِيَة آلَاف دِينَار فَتصدق بأَرْبعَة آلَاف فَقَالَ نَاس من الْمُنَافِقين إِن عبد الرَّحْمَن لعَظيم الرِّيَاء فَقَالَ الله تَعَالَى الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين وَكَانَ لرجل من الْأَنْصَار صَاعَانِ من تمر فجَاء بِأَحَدِهِمَا فَقَالَ نَاس(2/88)
من الْمُنَافِقين إِن كَانَ الله عَن صَاع هَذَا لَغَنِيّ فَقَالَ الله إِلَّا جهدهمْ
وَفِي أَسبَاب النُّزُول لِلْوَاحِدِيِّ وَقَالَ قَتَادَة حث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى الصَّدَقَة فجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَقَالَ يَا رَسُول الله مَالِي ثَمَانِيَة آلَاف جئْتُك بِنِصْفِهَا فاجعلها فِي سَبِيل الله وَأَمْسَكت نصفهَا لِعِيَالِي فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (بَارك الله لَك فِيمَا أَعْطَيْت وَفِيمَا أنفقت) فَبَارك الله فِي مَاله حَتَّى إِنَّه خلف امْرَأتَيْنِ فَبلغ ثمن مَاله مائَة وَسِتِّينَ ألف دِرْهَم وَتصدق يَوْمئِذٍ عَاصِم بن عدي ابْن الْعجْلَاني بِمِائَة وسق من تمر وَجَاء آخر فَقَالَ يَا رَسُول الله بت لَيْلَتي أجر بِالْجَرِيرِ عَلَى صَاعَيْنِ من تمر ... إِلَى آخر لفظ الطَّبَرَانِيّ
وَذكر الثَّعْلَبِيّ الحَدِيث بِلَفْظ المُصَنّف من غير سَنَد إِلَّا أَنه لم يذكر فِيهِ الْأَرْبَعين أُوقِيَّة وَلَا ذكر الْمُصَالحَة وَإِنَّمَا قَالَ خلف زَوْجَتَيْنِ بلغ ثمن مَاله لَهما مائَة وَسِتِّينَ ألف دِرْهَم لكل امْرَأَة ثَمَانُون ألف
وَرَوَى الطَّبَرِيّ حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن ابْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَعَن مُجَاهِد وَعَن أبي سَلمَة وَعَن الرّبيع بن أنس فَلم يذكر فِي شَيْء مِنْهَا الْأَرْبَعين أُوقِيَّة من الذَّهَب وَذكر الْأَرْبَعَة دِرْهَم وَالثَّمَانِيَة آلَاف دِينَار
وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره تَفْسِيره حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله حَدثنَا أَبُو صَالح عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات قَالَ جَاءَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من ذهب إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَجَاء رجل من الْأَنْصَار بِصَاع من تمر فَقَالَ بعض الْمُنَافِقين وَالله مَا جَاءَ عبد الرَّحْمَن بِمَا جَاءَ بِهِ إِلَّا رِيَاء وَإِن كَانَ الله وَرَسُوله لغَنِيَّيْنِ عَن هَذَا الصَّاع انْتَهَى
وَرُوِيَ أَيْضا حَدثنَا أَحْمد بن كَامِل حَدثنَا مُحَمَّد بن سعد الْعَوْفِيّ حَدثنَا أبي حَدثنَا عمي عَن أَبِيه عَن جده عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْمًا إِلَى النَّاس فَنَادَى فيهم أَن اجْمَعُوا صَدقَاتكُمْ فَجمع النَّاس صَدَقَاتهمْ وَجَاء رجل(2/89)
بِصَاع من تمر فَقَالَ يَا رَسُول الله بت لَيْلَتي أجر بِالْجَرِيرِ المَاء حَتَّى نلْت صَاعَيْنِ من تمر فَأَمْسَكت أَحدهمَا وَأَتَيْتُك بِالْآخرِ فَأمره رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يَنْثُرهُ فِي الصَّدقَات فَسخرَ مِنْهُ رجال وَقَالُوا إِن الله وَرَسُوله لَغَنِيَّانِ عَن صَاع هَذَا وَجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ يَا رَسُول الله مَالِي ثَمَانِيَة آلَاف فَأَرْبَعَة آلَاف لي وَأَرْبَعَة أقْرضهَا رَبِّي فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (بَارك الله لَك فِيمَا أَمْسَكت وَفِيمَا أَعْطَيْت) وَلَمزه المُنَافِقُونَ فَقَالُوا وَالله مَا أعْطى ابْن عَوْف إِلَّا رِيَاء فَأنْزل الله عذره وَعذر صَاحِبيهِ الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين الْآيَة
انْتَهَى
562 - الحَدِيث الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن عبد الله بن عبد الله بن أبي وَكَانَ رجلا صَالحا سَأَلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يسْتَغْفر لِأَبِيهِ فِي مَرضه فَفعل فَنزلت فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِن الله قد رخص لي فسأزيد عَلَى السّبْعين) فَنزلت سَوَاء عَلَيْهِم أَسْتَغْفَرْت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي الْجَنَائِز وَمُسلم فِي فَضَائِل عمر وَفِي كتاب الْمُنَافِقين من حَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ لما توفّي عبد الله بن أبي جَاءَ ابْنه عبد الله إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَسَأَلَهُ أَن يُعْطِيهِ قَمِيصه يُكفن فِيهِ أَبَاهُ فَأعْطَاهُ ثمَّ سَأَلَهُ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليُصَلِّي عَلَيْهِ فَأخذ عمر بِثَوْبِهِ وَقَالَ يَا رَسُول الله أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقد نهاك الله أَن تصلي عَلَيْهِ فَقَالَ (إِنَّمَا خيرني فَقَالَ اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة وسأزيده عَلَى سبعين) وَقَالَ إِنَّه مُنَافِق فَصَلى عَلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأنْزل الله وَلَا تصل عَلَى أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا فَترك الصَّلَاة عَلَيْهِم
انْتَهَى وَلَفظ مُسلم وَهُوَ أقرب للفظ المُصَنّف(2/90)
563 - الحَدِيث التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يقوم عَلَى قُبُور الْمُنَافِقين وَيَدْعُو إِلَيْهِم فَلَمَّا مرض رَأس الْمُنَافِقين عبد الله بن أبي بعث إِلَيْهِ ليَأْتِيه فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ (أهْلكك حب الْيَهُود) فَقَالَ يَا رَسُول الله بعثت إِلَيْك لِتَسْتَغْفِر لي لَا لِتؤَنِّبنِي وَسَأَلَهُ أَن يُكَفِّنهُ فِي شعاره الَّذِي يَلِي جلده وَيُصلي عَلَيْهِ فَلَمَّا مَاتَ دَعَا ابْنه حباب إِلَى جنَازَته فَسَأَلَهُ عَن اسْمه فَقَالَ حباب بن عبد الله فَقَالَ أَنْت عبد الله ابْن عبد الله الْحباب اسْم شَيْطَان فَلَمَّا هم بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ عمر أَتُصَلِّي عَلَى عَدو الله وَقيل أَرَادَ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَجَذَبَهُ جِبْرِيل وَرُوِيَ أَن وَلَده الرجل الصَّالح قَالَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَكَانَ لَا يرد سَائِلًا أَسأَلك أَن تُكَفِّنَهُ فِي بعض قمصانك وَأَن تقوم عَلَى قَبره لَا يشمت بِهِ الْأَعْدَاء
وَرُوِيَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قيل لَهُ لم وجهت إِلَيْهِ بِقَمِيصِك وَهُوَ كَافِر فَقَالَ (إِن قَمِيصِي لن يُغني عَنهُ من الله شَيْئا وَإِنِّي أُؤَمِّل من الله أَن يدْخل فِي الْإِسْلَام كثير بِهَذَا السَّبَب)
وَيروَى أَنه أسلم ألف من الْخَزْرَج لما رَأَوْهُ طلب الِاسْتِشْفَاء بِثَوْب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا يُخَادع
قلت رَوَى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي الْجَنَائِز وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة(2/91)
تَبُوك من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق حَدثنِي الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ دخل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى عبد الله بن أبي يعودهُ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَلَمَّا عرف فِيهِ الْمَوْت قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أما وَالله إِنِّي كنت لأنهاك عَن حب يهود) فَقَالَ قد أبْغضهُم أسعد بن زُرَارَة فَمَا نَفعه زَاد الْحَاكِم فَلَمَّا مَاتَ أَتَاهُ ابْنه فَقَالَ قد مَاتَ فَأعْطِنِي يَا رَسُول الله قَمِيصك أكَفنهُ فِيهِ فَنزع عَلَيْهِ السَّلَام قَمِيصه فَأعْطَاهُ إِيَّاه انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ
وَزَاد الْبَيْهَقِيّ فِي رِوَايَة أُخْرَى عَن الْوَاقِدِيّ ثمَّ قَالَ يَا رَسُول الله لَيْسَ هَذَا بِحِين عتاب هُوَ الْمَوْت فَإِن مت فَاحْضُرْ غسْلي وَأَعْطِنِي قَمِيصك أكفن فِيهِ فَأعْطَاهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَمِيصه الْأَعْلَى وَكَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ فَقَالَ أَعْطِنِي قَمِيصك الَّذِي يَلِي جِلْدك فَنزع قَمِيصه الَّذِي يَلِي جلده فَأعْطَاهُ ثمَّ قَالَ وَصلي عَلّي واستغفر لي زَاد فِي رِوَايَة أُخْرَى عَن مُوسَى بن أبي عِيسَى فَقَالَ لَهُ ابْنه وَكَانَ يُقَال لَهُ الْحباب فَسَماهُ عبد الله يَا رَسُول الله أعْطه قَمِيصك الَّذِي يَلِي جِلْدك وَهَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ مُرْسَلَتَانِ
وَقَوله الْحباب اسْم شَيْطَان رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره مُرْسلا عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر وَمُجاهد وَالشعْبِيّ وَقَتَادَة قَالَ لما ثقل عبد الله بن أبي انْطلق ابْنه إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ إِن أبي قد احْتضرَ فَأحب أَن تشهده وَتصلي عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (مَا اسْمك) قَالَ الْحباب بن عبد الله قَالَ (بل أَنْت عبد الله بن عبد الله إِن الْحباب اسْم شَيْطَان) قَالَ فَانْطَلق مَعَه حَتَّى شهده وَألبسهُ قَمِيصه وَصَلى عَلَيْهِ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن عُرْوَة مُرْسلا
وَقَول عمر أَتُصَلِّي عَلَى عَدو الله تقدم فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام لما أَرَادَ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عمر أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقد نهاك الله عَنهُ
وَحَدِيث جِبْرِيل رَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده والطبري فِي تَفْسِيره عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن يزِيد الرقاشِي عَن أنس أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَرَادَ أَن يُصَلِّي عَلَى عبد الله بن أبي فَأخذ جِبْرِيل بِثَوْبِهِ وَقَالَ وَلَا تصل عَلَى أحد مِنْهُم مَاتَ(2/92)
أبدا وَلَا تقم عَلَى قَبره)
وَقَوله (إِن قَمِيصِي لن يُغني عَنهُ من الله شَيْئا) رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى حَدثنَا ابْن ثَوْر عَن معمر عَن قَتَادَة قَالَ أرسل عبد الله ابْن أبي بن سلول وَهُوَ مَرِيض إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أهْلكك حب يهود) قَالَ يَا رَسُول الله إِنَّمَا أرْسلت إِلَيْك لِتَسْتَغْفِر لي وَلم أرسل إِلَيْك لِتؤَنِّبنِي وَسَأَلَهُ قَمِيصه أَن يُكفن فِيهِ فَأعْطَاهُ إِيَّاه فَاسْتَغْفر لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَمَاتَ فَكفن فِي قَمِيصه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَنَفث فِي جلده وَدَلاهُ فِي قَبره فَأنْزل الله تَعَالَى وَلَا تصل عَلَى أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا قَالَ وَذكر لنا أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي ذَلِك فَقَالَ (وَمَا يُغني عَنهُ قَمِيصِي من الله وَإِنِّي لأرجو أَن يسلم بِهِ ألف من قومه) انْتَهَى
وَقَول ابْن عَبَّاس رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث سنيد بن دَاوُد حَدثنَا حجاج عَن ابْن جريح قَالَ أَخْبرنِي الحكم بن أبان أَنه سمع عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما مرض أبي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ قَالَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ اُمْنُنْ عَلّي فَكَفِّنِّي فِي قَمِيصك وصل عَلّي قَالَ فَكَفنهُ فِي قَمِيصه وَصَلى عَلَيْهِ قَالَ ابْن عَبَّاس وَالله مَا أَدْرِي مَا هَذِه الصَّلَاة كَانَت فَالله أعلم وَمَا خَادع مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إنْسَانا قطّ
انْتَهَى
564 - الحَدِيث الْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن الْعَبَّاس عَم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لما أَخذ أَسِيرًا ببدر لم يَجدوا لَهُ قَمِيصًا وَكَانَ رجلا طوَالًا فَكَسَاهُ عبد الله قَمِيصه وَقَالَ لَهُ الْمُشْركُونَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة إِنَّا لَا نَأْذَن لمُحَمد وَلَكنَّا نَأْذَن لَك فَقَالَ لَا إِن لي فِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أُسْوَة حَسَنَة فَشكر لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك(2/93)
وَالضَّمِير فِي لَهُ فِي عَائِد إِلَى ابْن أبي لَا للْعَبَّاس
رَوَى الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي حَدثنِي جَابر بن سليم عَن صَفْوَان بن عُثْمَان قَالَ كَانَت قُرَيْش يَوْم الْحُدَيْبِيَة أرْسلت إِلَى عبد الله بن أبي إِن أَحْبَبْت أَن تدخل فَتَطُوف بِالْبَيْتِ فافعل وَابْنه جَالس عِنْده فَقَالَ لَهُ ابْنه يَا أَبَة أذكرك الله أَن تَطوف بِالْبَيْتِ قبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأَبَى ابْن أبي وَقَالَ لَا أَطُوف حَتَّى يطوف رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَبلغ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَلَامه ذَلِك فسر بِهِ
انْتَهَى
قلت رَوَى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي الْجِهَاد فِي بَاب كسْوَة الْأسَارَى من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار سمع جَابر بن عبد الله قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر أَتَى بِأسَارَى وَأتي بِالْعَبَّاسِ وَلم يكن عَلَيْهِ ثوب فَنظر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَهُ قَمِيصًا فوجدوا قَمِيص عبد الله بن أبي يقدر عَلَيْهِ فَكَسَاهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِيَّاه فَلذَلِك نزع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَمِيصه الَّذِي ألبسهُ قَالَ ابْن عُيَيْنَة كَانَت لَهُ عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَد فَأحب أَن يُكَافِئهُ
انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْفَضَائِل وَزَاد قَالَ جَابر وَكَانَ الْعَبَّاس أسر يَوْم بدر فَحمل إِلَى الْمَدِينَة فَكَسَاهُ عبد الله بن أبي قَمِيصه
فَلذَلِك كَفنه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي قَمِيصه مُكَافَأَة لما فعل بِالْعَبَّاسِ
انْتَهَى
565 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِن الْجفَاء وَالْقَسْوَة فِي الْفَدادِين)
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي الْمَغَازِي فِي بَاب قدوم الْأَشْعَرِيين وَمُسلم فِي الْإِيمَان من حَدِيث قيس عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ أَشَارَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِيَدِهِ نَحْو الْيَمين فَقَالَ (أَلا إِن الْإِيمَان هَهُنَا وَإِن الْجفَاء وَغلظ الْقُلُوب فِي الْفَدادِين(2/94)
عِنْد أصُول أَذْنَاب الْإِبِل حَيْثُ يطلع قرنا الشَّيْطَان فِي ربيعَة وَمُضر)
انْتَهَى هَكَذَا قَالَ البُخَارِيّ وَإِن الْجفَاء وَعند مُسلم وَإِن الْقَسْوَة لم يقل وَإِن الْجفَاء
566 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (اللَّهُمَّ صل عَلَى آل أبي أَوْفَى)
انْتَهَى
قلت أخرجه الْجَمَاعَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ فِي الزَّكَاة من حَدِيث عَمْرو بن مرّة عَن عبد الله بن أبي أَوْفَى قَالَ كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا أَتَاهُ قوم بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ (اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِم) فَأَتَاهُ أَبُو أَوْفَى بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ (اللَّهُمَّ صل عَلَى آل أبي أَوْفَى)
انْتَهَى وَأَعَادَهُ فِي الْأَحْزَاب
567 - قَوْله عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه كَانَ يرَى أَن قَوْله تَعَالَى وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان بِغَيْر وَاو صفة للْأَنْصَار حَتَّى قَالَ لَهُ زيد إِنَّه بِالْوَاو فَقَالَ ائْتُونِي بِأبي فَقَالَ تَصْدِيق ذَلِك فِي أول الْجُمُعَة وَآخَرين مِنْهُم وَفِي أَوسط الْحَشْر وَالَّذين جَاءُوا من بعدهمْ وَفِي آخر الْأَنْفَال وَالَّذين آمنُوا من بعد
وَرُوِيَ أَنه سمع رجلا يقْرؤهَا بِالْوَاو فَقَالَ من أَقْرَأَك قَالَ أبي فَدَعَاهُ فَقَالَ أَقْرَأَنِيهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَإنَّك لِتَبِيع الْقرظ بِالبَقِيعِ قَالَ عمر صدقت وَإِن شِئْت قلت شَهِدنَا وَغِبْتُمْ وَنَصَرنَا وَخَذَلْتُمْ وَآوَيْنَا وَطَرَدْتُمْ(2/95)
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ بِنَقص يسير من طَرِيقين عَن أبي معشر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ مر عمر بن الْخطاب بِرَجُل يقْرَأ وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَأخذ عمر بِيَدِهِ وَقَالَ من أَقْرَأَك هَذَا قَالَ أبي بن كَعْب قَالَ لَا تُفَارِقنِي حَتَّى أذهب بك إِلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ عمر أَنْت أَقرَأت هَذَا هَذِه الْآيَة قَالَ نعم وَسمعتهَا من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لقد كنت أرَى أَنا رفعنَا رفْعَة لَا يبلغهَا أحد بَعدنَا فَقَالَ أبي تَصْدِيق ذَلِك فِي أول سُورَة الْجُمُعَة (وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم) وَفِي سُورَة الْحَشْر (واللذين جَاءُوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذين سبقُونَا بِالْإِيمَان) وَفِي الْأَنْفَال (وَالَّذين آمنُوا من بعد وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا مَعكُمْ فَأُولَئِك مِنْكُم)
إِلَى آخر الْآيَة
انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث حبيب بن الشَّهِيد عَن عَمْرو بن عَامر عَن عمر بن الْخطاب نَحوه وَفِيه فَقَالَ أبي لقد أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَنت تبيع الْخبط فَقَالَ عمر فَنعم إِذا
انْتَهَى
568 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ
عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ قَالَ قَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خَطِيبًا يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ (اخْرُج يَا فلَان فَإنَّك مُنَافِق اخْرُج يَا فلَان فَإنَّك مُنَافِق) فَأخْرج نَاسا وَفَضَحَهُمْ فَهَذَا الْعَذَاب الأول وَالْعَذَاب الثَّانِي عَذَاب الْقَبْر
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْأَوْسَط حَدثنَا أَحْمد بن يَحْيَى الْحلْوانِي حَدثنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَمْرو الْعَنْقَزِي حَدثنَا أبي حَدثنَا أَسْبَاط بن نصر عَن السّديّ عَن أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى وَمِمَّنْ حَوْلكُمْ من الْأَعْرَاب مُنَافِقُونَ وَمن أهل الْمَدِينَة مَرَدُوا عَلَى النِّفَاق لَا تعلمهمْ نَحن نعلمهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ ثمَّ يردون إِلَى عَذَاب عَظِيم قَالَ قَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم جُمُعَة خَطِيبًا فَقَالَ(2/96)
(قُم يَا فلَان فَإنَّك مُنَافِق) فَأخْرجهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَفَضَحَهُمْ وَلم يكن عمر بن الْخطاب شهد تِلْكَ الْجُمُعَة لحَاجَة كَانَت لَهُ فَلَقِيَهُمْ عمر فَاخْتَبَأَ مِنْهُم ثمَّ دخل عمر الْمَسْجِد فَقَالَ لَهُ رجل يَا عمر أبشر فقد فَضَح الله الْمُنَافِقين الْيَوْم فَهَذَا الْعَذَاب الأول وَالْعَذَاب الثَّانِي عَذَاب الْقَبْر انْتَهَى وَقَالَ لم يروه عَن السّديّ إِلَّا أَسْبَاط انْتَهَى
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَابْن مرْدَوَيْه حَدثنِي الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن عَمْرو الْعَنْقَزِي بِهِ سندا ومتنا إِلَّا أَنه قَالَ عوض قُم اخْرُج
وَذكره الثَّعْلَبِيّ عَن السّديّ بِهِ وَسَنَده إِلَيْهِ أول كِتَابه
569 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن الَّذين اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ كَانُوا ثَلَاثَة أَبُو لبَابَة مَرْوَان بن عبد الْمُنْذر وَأَوْس بن ثَعْلَبَة ووديعة بن خدام
وَقيل كَانُوا عشرَة مِنْهُم سَبْعَة أوثقُوا أنفسهم بَلغهُمْ مَا نزل فِي المتخلفين فَأَيْقنُوا بِالْهَلَاكِ فَأوثقُوا أنفسهم عَلَى سواري الْمَسْجِد فَقدم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَدخل الْمَسْجِد فَصَلى رَكْعَتَيْنِ وَكَانَت عَادَته كلما قدم من سفر فَرَآهُمْ مُوثقِينَ فَسَأَلَ عَنْهُم فَذكرُوا لَهُ أَنهم أَقْسمُوا أَنهم لَا يحلوا أنفسهم حَتَّى يكون رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هُوَ الَّذِي يُحِلهُمْ فَقَالَ (وَأَنا أقسم أَن لَا أحلّهُم حَتَّى أُؤمر فيهم) فَنزلت فَأَطْلَقَهُمْ وَقبل عذرهمْ فَقَالُوا يَا رَسُول الله هَذِه أَمْوَالنَا الَّتِي خلفتنا عَنْك فَتصدق بهَا وَطَهِّرْنَا فَقَالَ (مَا أمرت أَن آخذ من أَمْوَالكُم شَيْئا) فَنزلت خُذ من أَمْوَالهم
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك من طَرِيق عُثْمَان بن(2/97)
سعيد الدَّارمِيّ حَدثنَا عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ الْآيَة قَالَ كَانُوا عشرَة رَهْط تخلفوا عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي غَزْوَة تَبُوك فَلَمَّا حضر رُجُوع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أوثق سَبْعَة مِنْهُم أنفسهم بِسوَارِي الْمَسْجِد وَكَانَ ممر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا رَجَعَ من الْمَسْجِد عَلَيْهِم فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ (من هَؤُلَاءِ الْمُوثقُونَ) قَالَ هَذَا أَبُو لبَابَة وَأَصْحَابه تخلفوا عَنْك يَا رَسُول الله حَتَّى تُطْلِقهُمْ وَتَعْذُرهُمْ قَالَ (وَأَنا أقسم بِاللَّه لَا أطلقهُم وَلَا أَعْذرهُم حَتَّى يكون الله تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُطْلِقهُمْ ويعذرهم تخلفوا عني وَرَغبُوا عَن الْغَزْو مَعَ الْمُسلمين) فَأنْزل الله تَعَالَى وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ الْآيَة فَأرْسل إِلَيْهِم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأَطْلَقَهُمْ وَعذرهمْ فَجَاءُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَقَالُوا يَا رَسُول الله هَذِه أَمْوَالنَا فَتصدق بهَا عَنَّا واستغفر لنا قَالَ (مَا أمرت أَن آخذ أَمْوَالكُم) فَأنْزل الله خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ الْآيَة فَأخذ مِنْهُم الصَّدَقَة واستغفر لَهُم وَكَانَ ثَلَاثَة نفر مِنْهُم لم يُوثقُوا أنفسهم بِالسَّوَارِي فأرجئوا لَا يَدْرُونَ يُعَذبُونَ أَو يُتَاب عَلَيْهِم فَأنْزل الله تَعَالَى لقد تَابَ الله عَلَى النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة
انْتَهَى
وَرَوَاهُ بن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله حَدثنَا أَبُو صَالح عبد الله بن صَالح بِهِ سندا ومتنا
570 - قَوْله عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن الصَّدَقَة تقع فِي يَد الله
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا عَلّي بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا أَبُو نعيم حَدثنَا سُفْيَان عَن عبد الله بن السَّائِب عَن عبد الله بن قَتَادَة الْمحَاربي عَن عبد الله ابْن مَسْعُود قَالَ إِن الصَّدَقَة تقع فِي يَد الله تَعَالَى قبل أَن تقع فِي يَد السَّائِل ثمَّ قَرَأَ عبد الله وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده وَيَأْخُذ الصَّدقَات انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ بِهِ(2/98)
وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الزَّكَاة عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مَا تصدق أحد بِصَدقَة من طيب وَلَا يقبل الله إِلَّا الطّيب إِلَّا أَخذهَا الرَّحْمَن بِيَمِينِهِ ثمَّ يُرَبِّيهَا لصَاحِبهَا كَمَا يُربي أحدكُم فلوه أَو فَصِيله حَتَّى يكون مثل الْجَبَل أَو أعظم انْتَهَى
وَحَدِيث ابْن مَسْعُود فِي كتاب الْأَمْوَال يَعْنِي لِابْنِ زَنْجوَيْه حَدثنَا مُحَمَّد ابْن يُوسُف حَدثنَا سُفْيَان بِهِ سندا ومتنا
571 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ فِي الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا وهم كَعْب بن مَالك وهلال بن أُميَّة ومرارة بن الرّبيع أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَمر أَصْحَابه أَن لَا يكلموهم وَلَا يسلمُوا عَلَيْهِم وَلم يَفْعَلُوا كَمَا فعل أَبُو لبَابَة من شدّ أنفسهم عَلَى السَّوَارِي وَإِظْهَار الْجزع وَالْغَم فَلَمَّا علمُوا أَن أحدا لَا ينظر إِلَيْهِم فَوضُوا أَمرهم إِلَى الله وَأَخْلصُوا نياتهم وَنَصَحْت تَوْبَتهمْ فَرَحِمهمْ الله
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي آخر الْمَغَازِي وَفِي التَّفْسِير وَمُسلم فِي الرَّقَائِق من حَدِيث كَعْب بن مَالك قَالَ لم أَتَخَلَّف عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قطّ فِي غَزْوَة غَزَاهَا إِلَّا فِي غَزْوَة تَبُوك غير أَنِّي قد تخلفت فِي غَزْوَة بدر وَلم يُعَاتب أحدا تخلف عَنهُ ... فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ وَفِيه أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نهَى الْمُسلمين عَن كَلَامهم الثَّلَاثَة وَلَبِثُوا عَلَى ذَلِك خمسين يَوْمًا ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِم وَفِيهِمْ نزلت لقد تَابَ الله عَلَى النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة الْآيَات
572 - الحَدِيث السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن بني عَمْرو بن عَوْف لما بنوا مَسْجِد قبَاء بعثوا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يَأْتِيهم فَأَتَاهُم فَصَلى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ فِيهِ فحسدتهم إِخْوَتهم بَنو غنم بن عَوْف وَقَالُوا نَبْنِي مَسْجِدا وَنُرْسِل(2/99)
إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليُصَلِّي فِيهِ وَيُصلي فِيهِ أَبُو عَامر الراهب إِذا قدم من الشَّام ليَكُون زِيَادَة عَلَى إِخْوَتهم وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْفَاسِق وَقَالَ لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم أحد لَا أجد أحدا يقاتلونك إِلَّا قاتلتك مَعَهم فَلم يزل يقاتله إِلَى يَوْم حنين فَلَمَّا انْهَزَمت هوَازن خرج هَارِبا إِلَى الشَّام وَأرْسل إِلَى الْمُنَافِقين أَن اسْتَعدوا بِمَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَسلَاح فَإِنِّي ذَاهِب إِلَى قَيْصر وَآت بِجُنُود وَنخرج مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه من الْمَدِينَة فبنوا مَسْجِدا إِلَى جنب مَسْجِد قبَاء وَقَالُوا للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بنينَا مَسْجِدا لذِي الْعلَّة وَالْحَاجة وَاللَّيْلَة الْمَطِيرَة والشاتية وَنحن نحب أَن تصلي لنا فِيهِ وَتَدعُوا لنا بِالْبركَةِ فَقَالَ (إِنِّي عَلَى جنَاح سفر وَحَال شغل وَإِذا قدمنَا إِن شَاءَ الله صلينَا فِيهِ) فَلَمَّا قفل من غَزْوَة تَبُوك سَأَلُوهُ إتْيَان الْمَسْجِد فَنزلت عَلَيْهِ وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا فَدَعَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِمَالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن السكن وَوَحْشِي قَاتل حَمْزَة فَقَالَ لَهُم (انْطَلقُوا إِلَى هَذَا الْمَسْجِد الظَّالِم أَهله فَاهْدِمُوهُ واحرقوه) فَفَعَلُوا وَأمر أَن يتَّخذ مَكَانَهُ كناسَة تلقى فِيهَا الْجِيَف وَالْقُمَامَة وَمَات أَبُو عَامر بِالشَّام بِقِنِّسْرِينَ
قلت رَوَى الطَّبَرِيّ بعضه من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ وَيزِيد ابْن رُومَان وَعبد الله بن أبي بكر وَعَاصِم بن عمر بن قَتَادَة قَالُوا أقبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى نزل بِذِي أَوَان بلد بَينه وَبَين الْمَدِينَة سَاعَة من نَهَار وَكَانَ أَصْحَاب مَسْجِد الضرار قد أَتَوْهُ وَهُوَ يتجهز لغزوة تَبُوك فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّا قد(2/100)
بنينَا مَسْجِدا لذِي الْعلَّة وَالْحَاجة وَاللَّيْلَة الْمَطِيرَة والشاتية وَإِنَّا نحب أَن تَأْتِينَا فَتُصَلِّي لنا فِيهِ فَقَالَ إِنِّي عَلَى جنَاح سفر وَحَال شغل وَلَو قدمنَا إِن شَاءَ الله لَأَتَيْتُكُمْ فصلينا لكم فِيهِ فَلَمَّا نزل بِذِي أَوَان أَتَاهُ خبر الْمَسْجِد فَدَعَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَالك بن الدخشم أَخا بني سَالم بن عَوْف ومعن بن عدي فَقَالَ انْطَلقَا إِلَى هَذَا الْمَسْجِد الظَّالِم أَهله فَاهْدِمَاهُ وَحَرِّقَاهُ فَجعلَا يَشْتَدَّانِ حَتَّى دخلاه فهدماه وأحرقاه وَنزل فيهم وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا الْآيَة
انْتَهَى
وَذكره ابْن هِشَام فِي السِّيرَة عَن ابْن إِسْحَاق لم يتَجَاوَز بِهِ
وَذكره الثَّعْلَبِيّ بِلَفْظ المُصَنّف بِتَمَامِهِ من غير سَنَد وَلَا راو
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول وَعَزاهُ لِلْمُفَسِّرِينَ
وَرَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ ذكر ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن ابْن أكيمَة اللَّيْثِيّ عَن ابْن أخي أبي رهم الْغِفَارِيّ أَنه سمع أَبَا رهم الْغِفَارِيّ وَكَانَ مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة قَالَ أقبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى نزل بِذِي أَوَان بَينه وَبَين الْمَدِينَة سَاعَة من نَهَار فَأَتَاهُ من مَسْجِد ضرار وَهُوَ يتجهز إِلَى تَبُوك فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّا بنينَا مَسْجِدا لذِي الْعلَّة وَالْحَاجة وَاللَّيْلَة الشَّاتِيَة وَإِنَّا نحب أَن تَأْتِينَا فَتُصَلِّي فِيهِ فَقَالَ (إِنِّي عَلَى جنَاح سفر وَحَال شغل وَلَو قدمنَا إِن شَاءَ الله أَتَيْنَاكُم فصلينا لكم فِيهِ) فَلَمَّا نزل بِذِي أَوَان أَتَاهُ خبر الْمَسْجِد فَدَعَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَالك بن الدخشم ومعن بن عدي فَقَالَ (انْطَلقَا إِلَى هَذَا الْمَسْجِد الظَّالِم أَهله فَاهْدِمَاهُ واحرقاه) فَخَرَجَا مُسْرِعين حَتَّى أَتَيَا بني سَالم بن عَوْف وهم رَهْط مَالك بن الدخشم فَقَالَ مَالك لِمَعْنٍ أَنْظرنِي حَتَّى أخرج إِلَيْك فَدخل إِلَى أَهله وَأخذ سَعَفًا من النّخل فَأشْعلَ فِيهِ نَارا ثمَّ خرجا يَشْتَدَّانِ وَفِيه أَهله فَحَرقَاهُ وَهَدَمَاهُ وَنزل فيهم وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا الْآيَة
حَدثنَا أَحْمد بن كَامِل حَدثنَا مُحَمَّد بن سعد الْعَوْفِيّ حَدثنَا أبي حَدثنَا عمي عَن أَبِيه عَن جده عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما بنى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَسْجِد قبَاء خرج رجال من الْأَنْصَار مِنْهُم يخرج جد عبد الله بن حنيف ووديعة بن خدام(2/101)
وَمجمع بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ فبنوا مَسْجِد النِّفَاق فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليخرج (وَيلك مَا أردْت إِلَى مَا أرَى) قَالَ يَا رَسُول الله وَالله مَا أردْت إِلَّا الْحُسْنَى وَهُوَ كَاذِب فَصدقهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَرَادَ أَن يعذرهُ فَأنْزل الله وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا وَكفرا وَتَفْرِيقًا بَين الْمُؤمنِينَ وَإِرْصَادًا لمن حَارب الله وَرَسُوله من قبل يَعْنِي رجلا مِنْهُم يُقَال لَهُ أَبُو عَامر وَكَانَ قد انْطلق إِلَى هِرقل وَكَانُوا يَرْصُدُونَهُ إِذا قدم أَن يُصَلِّي فِيهِ وَكَانَ قد خرج من الْمَدِينَة مُحَاربًا لله وَلِرَسُولِهِ وَلَيَحْلِفُنَّ إِن أردنَا إِلَّا الْحُسْنَى الْآيَة
ثمَّ أخرج من حَدِيث عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي ابْن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا قَالَ هم أنَاس من الْأَنْصَار ابْتَنَوْا مَسْجِدا فَقَالَ لَهُم أَبُو عَامر ابْنُوا مَسْجِدكُمْ وَاسْتَمَدُّوا بِمَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن سلَاح فَإِنِّي ذَاهِب إِلَى قَيْصر ملك الرّوم فَآت بِجُنُود من الرّوم فَأخْرج مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَلَمَّا فرغوا من مَسْجِدهمْ أَتَوا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالُوا لَهُ قد فَرغْنَا من بِنَاء مَسْجِدنَا فَنحب أَن تصلي فِيهِ وَتَدْعُو فِيهِ بِالْبركَةِ فَأنْزل الله فِيهِ لَا تقم فِيهِ أبدا الْآيَة
انْتَهَى
573 - الحَدِيث السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ
عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن الْمَسْجِد الَّذِي أسس عَلَى التَّقْوَى فَأخذ حَصْبًا فَضرب بهَا الأَرْض وَقَالَ (هُوَ مَسْجِدكُمْ هَذَا مَسْجِد الْمَدِينَة)
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي آخر كتاب الْحَج عَن حميد بن الْخَرَّاط سَمِعت أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ مر بِي عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قلت لَهُ كَيفَ سَمِعت أَبَاك يذكر فِي الْمَسْجِد الَّذِي أسس عَلَى التَّقْوَى قَالَ قَالَ أبي دخلت عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقلت يَا رَسُول الله أَي المسجدين(2/102)
الَّذِي أسس عَلَى التَّقْوَى قَالَ فَأخذ كفا من حَصْبَاء فَضرب بِهِ الأَرْض وَقَالَ (هُوَ مَسْجِدكُمْ هَذَا) لمَسْجِد الْمَدِينَة انْتَهَى
574 - الحَدِيث الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَنه لما نزلت فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا مَشَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَمَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ حَتَّى وقف عَلَى بَاب مَسْجِد قبَاء فَإِذا الْأَنْصَار جُلُوس فَقَالَ (أَمُؤْمِنُونَ أَنْتُم) فَسكت الْقَوْم ثمَّ أَعَادَهَا فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله إِنَّهُم لمؤمنون وَإِنَّا مَعَهم فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (أَتَرْضَوْنَ بِالْقضَاءِ) قَالُوا نعم قَالَ (أَتَصْبِرُونَ عَلَى الْبلَاء) قَالُوا نعم قَالَ (أتشكرون فِي الرخَاء) قَالُوا نعم فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (مُؤمنُونَ وَرب الْكَعْبَة) فَجَلَسَ ثمَّ قَالَ (يَا معشر الْأَنْصَار إِن الله قد أَثْنَى عَلَيْكُم فَمَا الَّذِي تَصْنَعُونَ عِنْد الْوضُوء وَعند الْغَائِط) فَقَالُوا يَا رَسُول الله نتبع الْغَائِط الْأَحْجَار الثَّلَاثَة ثمَّ نتبع الْأَحْجَار المَاء فَتلا عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا الْآيَة
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط مُخْتَصرا فَقَالَ حَدثنَا الْهَيْثَم بن خلف الدوري حَدثنَا الْحسن بن حَمَّاد الْوراق حَدثنَا أَبُو يَحْيَى الْحمانِي عَن يُوسُف ابْن مَيْمُون عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ دخل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى عمر وَمَعَهُ(2/103)
أنَاس من أَصْحَابه فَقَالَ أَمُؤْمِنُونَ أَنْتُم فَسَكَتُوا ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله نؤمن بِمَا أَتَيْتنَا بِهِ وَنَحْمَد الله فِي الرخَاء وَنَصْبِر فِي الْبلَاء وَنَرْضَى بِالْقضَاءِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام (مُؤمنُونَ وَرب الْكَعْبَة)
انْتَهَى وَقَالَ تفرد بِهِ الْحسن الْوراق
انْتَهَى
575 - الحَدِيث التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ
رُوِيَ أَن الْأَنْصَار حِين بَايعُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَلَى الْعقبَة قَالَ عبد الله بن رَوَاحَة اشْترط لِرَبِّك وَلِنَفْسِك مَا شِئْت قَالَ (أشْتَرط لرَبي أَن تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَشْتَرِط لنَفْسي أَن تَمْنَعُونِي مِمَّا تمْنَعُونَ مِنْهُ أَنفسكُم) قَالَ (فَإِذا فعلنَا ذَلِك فَمَا لنا قَالَ لكم الْجنَّة) قَالُوا ربح البيع لَا نقِيل وَلَا نَسْتَقِيل
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا الْحَارِث حَدثنَا عبد الْعَزِيز حَدثنَا أَبُو معشر نجيح عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَغَيره قَالُوا لما بَايَعت الْأَنْصَار لَيْلَة الْعقبَة بِمَكَّة قَالَ عبد الله بن رَوَاحَة ... إِلَى آخِره وَزَاد فَأنْزل الله إِن الله اشْتَرَى من الْمُؤمنِينَ الْآيَة انْتَهَى
وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ هَكَذَا من غير سَنَد
576 - الحَدِيث الْخَمْسُونَ
رُوِيَ أَنه مر برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَعْرَابِي وَهُوَ يَقْرَأها فَقَالَ كَلَام من هَذَا قَالَ (كَلَام الله) قَالَ بيع وَالله بِرِبْح لَا نقِيلهُ وَلَا نَسْتَقِيلهُ فَخرج إِلَى الْغَزْو وَاسْتشْهدَ(2/104)
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ عَن الْحسن قَالَ مر أَعْرَابِي بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة إِن الله اشْتَرَى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ ... إِلَى آخرهَا فَقَالَ كَلَام من هَذَا قَالَ (كَلَام الله) قَالَ بيع وَالله مربح ... إِلَى آخِره وَسَنَده إِلَى الْحسن فِي أول كِتَابه
577 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لِعَمِّهِ (لأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لم أَنه عَنْك)
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي كتاب بَدْء الْخلق وَمُسلم فِي الْإِيمَان من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أَبِيه أَن أَبَا طَالب لما حَضرته الْوَفَاة دخل عَلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَعِنْده أَبُو جهل فَقَالَ (أَي عَم قل لَا إِلَه إِلَّا الله كلمة أُحَاج بهَا عِنْد الله) فَقَالَ أَبُو جهل وَعبد الله بن أُميَّة ترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب فَلم يَزَالَا يعلمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخر شَيْء كَلمهمْ بِهِ عَلَى مِلَّة عبد الْمطلب فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (لأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لم أَنه عَنْك) فَنزلت مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين وَلَو كَانُوا أولي قربى من بعد مَا تبين لَهُم أَنهم أَصْحَاب الْجَحِيم وَنزلت إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت
انْتَهَى
وَوهم الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فَقَالَ بعد أَن رَوَاهُ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ(2/105)
578 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ
عَن الْحسن قيل لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِن فلَانا يسْتَغْفر لِآبَائِهِ الْمُشْركين فَقَالَ (وَنحن نَسْتَغْفِر لَهُم) فَنزلت مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين
قلت غَرِيب وَذكره الثَّعْلَبِيّ عَن قَتَادَة لَا عَن الْحسن
579 - قَوْله وَعَن عَلّي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه رَأَيْت رجلا يسْتَغْفر لِأَبَوَيْهِ وهما مُشْرِكَانِ فَقلت لَهُ فَقَالَ أَلَيْسَ قد اسْتغْفر إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير وَالنَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز من حَدِيث أبي الْجَلِيل عَن عَلّي قَالَ سَمِعت رجلا يسْتَغْفر لِأَبَوَيْهِ وهما مُشْرِكَانِ فَقلت لَهُ أَتَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْك وهما مُشْرِكَانِ فَقَالَ قد اسْتغْفر إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرك فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَنزلت مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين
انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن
انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
انْتَهَى
وَرَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم وَأَبُو يعلي الْموصِلِي
580 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ
عَن أبي ذَر الْغِفَارِيّ أَن بعيره أَبْطَأَ بِهِ فَحمل مَتَاعه عَلَى ظَهره وَاتبع أثر الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَاشِيا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لما رَأَى سوَاده (كن أَبَا ذَر) فَقَالَ النَّاس هُوَ ذَاك فَقَالَ (رحم الله أَبَا ذَر يمشي وَحده وَيَمُوت وَحده وَيبْعَث وَحده)(2/106)
قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْمَغَازِي من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي بُرَيْدَة بن سُفْيَان الْأَسْلَمِيّ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ لما سَار رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى تَبُوك جعل لَا يزَال الرجل يتَخَلَّف فَيَقُولُونَ يَا رَسُول الله تخلف فلَان فَيَقُول (دَعوه إِن يكن فِيهِ خير فسيلحقه الله بكم) حَتَّى قيل يَا رَسُول الله تخلف أَبُو ذَر وَأَبْطَأ بِهِ بعيره فَتلوم أَبُو ذَر بعيره فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ أَخذ مَتَاعه فَجعله عَلَى ظَهره ثمَّ خرج يتبع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مَاشِيا وَنزل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي بعض مَنَازِله فَنظر نَاظر من الْمُسلمين فَقَالَ يَا رَسُول الله هَذَا رجل يمشي عَلَى الطَّرِيق فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (كن أَبَا ذَر) فَلَمَّا تَأمله الْقَوْم قَالُوا يَا رَسُول الله هُوَ وَالله أَبُو ذَر فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (يرحم الله أَبَا ذَر يمشي وَحده وَيَمُوت وَحده وَيبْعَث وَحده) وَسَار أَبُو ذَر إِلَى الربذَة فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت أَوْصَى امْرَأَته وَغُلَامه إِذا مت فاغسلاني وَكَفِّنَانِي ثمَّ احملاني عَلَى قَارِعَة الطَّرِيق فَأول ركب يَمرونَ بكم فَقولُوا هَذَا أَبُو ذَر فَلَمَّا مَاتَ فعلوا بِهِ كَذَلِك فَاطلع ركب فَمَا علمُوا بِهِ حَتَّى كَادَت رِكَابهمْ تطَأ سَرِيره فَإِذا ابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه فِي رَهْط من أهل الْكُوفَة فَقَالَ مَا هَذَا فَقيل جَنَازَة أبي ذَر فَاسْتهلَّ ابْن مَسْعُود يبكي وَقَالَ صدق رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (يرحم الله أَبَا ذَر يمشي وَحده وَيَمُوت وَحده وَيبْعَث وَحده) ثمَّ نزل فَوَلِيه بِنَفسِهِ حَتَّى أجنه فَلَمَّا قدمُوا الْمَدِينَة ذكر لعُثْمَان قَول ابْن مَسْعُود وَمَا ولي مِنْهُ انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك بِسَنَدِهِ وَمَتنه سَوَاء
وَذكر ابْن هِشَام فِي سيرته فِي غَزْوَة تَبُوك عَن ابْن إِسْحَاق بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور وَمَتنه(2/107)
581 - الحَدِيث الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ
عَن أبي خَيْثَمَة أَنه بلغ بستانه وَكَانَت لَهُ امْرَأَة حسناء فرشت لَهُ فِي الظل وَبسطت لَهُ الْخضر وَقربت إِلَيْهِ الرطب وَالْمَاء الْبَارِد فَنظر وَقَالَ ظلّ ظَلِيل وَرطب يَانِع وَمَاء بَارِد وَامْرَأَة حسناء وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي الضح وَالرِّيح مَا هَذَا بِخَير فَقَامَ فَرَحل نَاقَته وَأخذ سَيْفه وَرمحه وَمر كَالرِّيحِ فَمد وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ طرفه إِلَى الطَّرِيق فَإِذا بِرَاكِب يزهاه السراب فَقَالَ (كن أَبَا خَيْثَمَة) فَكَانَ هُوَ ففرح بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ واستغفر لَهُ
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة بتغيير يسير فِي غَزْوَة تَبُوك عَن الْحَاكِم أَيْضا بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن إِسْحَاق حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر بن حزم أَن أَبَا خَيْثَمَة أَخا بني سَالم رَجَعَ بعد مسير رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَيَّامًا إِلَى أَهله فِي يَوْم حَار فَوجدَ امْرَأتَيْنِ لَهُ فِي عريشين لَهما فِي حَائِط قد رَشَّتْ كل وَاحِدَة عريشها وَبَردت لَهُ فِيهِ مَاء وَهَيَّأْت لَهُ طَعَاما فَلَمَّا دخل قَامَ عَلَى بَاب العريشين فَنظر إِلَى امرأتيه وَمَا صنعتا لَهُ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي الضح وَالرِّيح وَالْحر وَأَبُو خَيْثَمَة فِي ظلّ بَارِد وَمَاء بَارِد وَطَعَام مُهَيَّأ وَامْرَأَة حسناء مَا هَذَا بِالنِّصْفِ ثمَّ قَالَ لَا وَالله لَا أَدخل عَرِيش وَاحِدَة مِنْكُمَا حَتَّى ألحق برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَهَيَّأَ لي زادا فَفَعَلَتَا ثمَّ قدم نَاضِحَهُ فارتحله ثمَّ خرج فِي طلب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى أدْركهُ بتبوك فَلَمَّا دنا من رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ النَّاس هَذَا رَاكب عَلَى الطَّرِيق مقبل فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (كن أَبَا خَيْثَمَة) فَقَالُوا يَا رَسُول الله هُوَ وَالله أَبُو خَيْثَمَة فَسلم عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمَّ أخبرهُ الْخَبَر فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خيرا ودعا لَهُ بِخَير
انْتَهَى
وَذكره ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة أبي خَيْثَمَة كَذَلِك بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور سَوَاء من غير سَنَد(2/108)
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي مُحَمَّد بن رِفَاعَة بن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَأَلت زيد بن ثَابت عَن غَزْوَة تَبُوك كم كَانَ الْمُسلمُونَ فِيهَا قَالَ كَانُوا ثَلَاثِينَ ألفا ... فَذكر الْقِصَّة بِطُولِهَا إِلَى أَن قَالَ وَكَانَ أَبُو خَيْثَمَة وَيُسمى عبد الله بن خَيْثَمَة السالمي رَجَعَ بعد أَن سَار رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عشرَة أَيَّام حَتَّى دخل عَلَى امْرَأتَيْنِ لَهُ فِي يَوْم حَار ... فَذكره بِلَفْظ الْبَيْهَقِيّ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث من طَرِيق ابْن إِسْحَاق حَدثنِي ابْن شهَاب وَعبد الله بن أبي بكر وَابْن رُومَان أَن أَبَا خَيْثَمَة ... فَذكره ثمَّ قَالَ الضح هُوَ الشَّمْس
انْتَهَى
وَذكره مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ حَدثنَا أَحْمد بن سِنَان حَدثنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن سعد بن خَيْثَمَة حَدثنَا أبي عَن أَبِيه قَالَ تخلفت عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي غَزْوَة تَبُوك حَتَّى مَضَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَدخلت حَائِطا فَرَأَيْت عَرِيشًا قد رش بِالْمَاءِ وَرَأَيْت زَوْجَتي فَقلت مَا هَذَا الْإِنْصَاف إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي السمُوم وَالْحَمِيم قُمْت إِلَى نَاضِح فاحتقبته وَإِلَى تُمَيْرَات فتزودتها ثمَّ خرجت أُرِيد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى إِذا كنت بِبَعْض الطَّرِيق لَحِقَنِي عُمَيْر بن وهب الجُمَحِي فَقلت لَهُ إِنَّك رجل جري وَإِنِّي أعرف حَيْثُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَإِنِّي امْرُؤ مذنب فَتخلف عني حَتَّى أَخْلو برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَتخلف عني عُمَيْر فَلَمَّا طلعت عَلَى الْعَسْكَر فرآني النَّاس فَقَالَ رَسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (كن أَبَا خَيْثَمَة) فَجئْت فَقلت كدت أهلك يَا رَسُول الله فَحَدَّثته حَدِيثي فَقَالَ لي خيرا ودعا لي
انْتَهَى
وَقَوله فِي الحَدِيث (كن أَبَا خَيْثَمَة) هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيث كَعْب بن مَالك الطَّوِيل وَلَفْظهمَا قَالَ فَلَمَّا بلغ تَبُوك قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (مَا فعل كَعْب ابْن مَالك) فَقَالَ رجل من بني سَلمَة يَا رَسُول الله حَبسه برْدَاهُ وَنَظره فِي عطفيه فَقَالَ معَاذ بن جبل بئس مَا قلت وَالله يَا رَسُول الله مَا نعلم إِلَّا خيرا فَبَيْنَمَا(2/109)
هم كَذَلِك إِذا هم بِرَجُل يَزُول بِالسَّرَابِ فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (كن أَبَا خَيْثَمَة) فَإِذا هُوَ أَبُو خَيْثَمَة
582 - الحَدِيث الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ
رُوِيَ عَن كَعْب أَنه قَالَ لما قفل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سلمت عَلَيْهِ فَرد عَلّي السَّلَام كالمغضب بَعْدَمَا ذَكرنِي وَقَالَ (لَيْت شعري مَا خلف كَعْبًا) فَقيل لَهُ مَا خَلفه إِلَّا حسن برديه وَالنَّظَر فِي عطفيه فَقَالَ معَاذ وَالله مَا أعلم إِلَّا فضلا وإسلاما وَنَهَى عَن كلامنا أَيهَا الثَّلَاثَة فَلم يُكَلِّمنَا أحد لَا من قريب وَلَا من بعيد فَلَمَّا مَضَت أَرْبَعُونَ لَيْلَة أمرنَا أَن نَعْتَزِل نِسَاءَنَا وَلَا نقربهن فَلَمَّا تمت خَمْسُونَ لَيْلَة إِذا أَنا بِنِدَاء من ذرْوَة سلع أبشر يَا كَعْب بن مَالك فَخَرَرْت سَاجِدا وَكنت كَمَا وصفني رَبِّي وَضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِم أنفسهم وَتَتَابَعَتْ الْبشَارَة فَلبِست ثوبي وَانْطَلَقت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَإِذا هُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد وَحَوله الْمُسلمُونَ فَقَامَ إِلَيّ طَلْحَة ابْن عبيد الله يُهَرْوِل إِلَيّ حَتَّى صَافَحَنِي لِيَهنك تَوْبَة الله عَلَيْك فَلم أُنْسُهَا لطلْحَة وَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ يَسْتَنِير اسْتِنَارَة الْقَمَر (أبشر يَا كَعْب بِخَير يَوْم مر عَلَيْك مُنْذُ وَلدتك أمك) ثمَّ تَلا علينا الْآيَة
قلت حَدِيث كَعْب بن مَالك رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي الْمَغَازِي وَمُسلم فِي الرَّقَائِق فِي التَّوْبَة من حَدِيث ابْن شهَاب عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب عَن كَعْب بن مَالك أَنه قَالَ لم أَتَخَلَّف عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن غَزْوَة غَزَاهَا قطّ إِلَّا فِي غَزْوَة تَبُوك ... فَذكره إِلَى أَن قَالَ فَقَالَ يَعْنِي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَهُوَ جَالس فِي الْقَوْم بتبوك (مَا فعل كَعْب بن مَالك) قَالَ رجل من بني سَلمَة(2/110)
يَا رَسُول الله حَبسه برْدَاهُ وَالنَّظَر فِي عطفيه فَقَالَ لَهُ معَاذ بن جبل بئس مَا قلت وَالله يَا رَسُول الله مَا علمنَا عَلَيْهِ إِلَّا خيرا ... إِلَى أَن قَالَ فَلَمَّا بَلغنِي أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد توجه قَافِلًا من تَبُوك جِئْت إِلَيْهِ فَلَمَّا سلمت تَبَسم تَبَسم الْمُغْضب ... إِلَى أَن قَالَ وَنَهَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن كلامنا الثَّلَاثَة يَعْنِي كَعْب بن مَالك ومرارة بن الرّبيع العامري وهلال بن أُميَّة الوَاقِفِي قَالَ فَاجْتَنَبَنَا النَّاس ... إِلَى أَن قَالَ فَلَمَّا مَضَت أَرْبَعُونَ لَيْلَة من الْخمسين إِذا رَسُول رَسُول الله يأتيني فَقَالَ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَأْمُرك أَن تَعْتَزِل امْرَأَتك ... إِلَى أَن قَالَ فَلَمَّا صليت صَلَاة الْفجْر صباح خمسين لَيْلَة عَلَى ظهر بَيت من بُيُوتنَا فَبَيْنَمَا أَنا جَالس عَلَى تِلْكَ الْحَال إِذْ سَمِعت صَوت صارخ أَوْفَى عَلَى جبل سلع يَقُول بِأَعْلَى صَوته يَا كَعْب ابْن مَالك أبشر قَالَ فَخَرَرْت سَاجِدا وَعرفت أَن جَاءَ الْفرج فَانْطَلَقت حَتَّى دخلت الْمَسْجِد فَإِذا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جَالس فِي الْمَسْجِد وَحَوله النَّاس فَقَامَ طَلْحَة بن عبيد الله يُهَرْوِل حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنأَنِي وَالله لم يقم لي من الْمُهَاجِرين غَيره وَلَا أَنْسَاهَا لطلْحَة فَلَمَّا سلمت عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لي وَهُوَ يَبْرق وَجهه من السرُور (أبشر بِخَير يَوْم مر عَلَيْك مُنْذُ وَلدتك أمك)
إِلَى أَن قَالَ وَأنزل الله عَلَى رَسُوله لقد تَابَ الله عَلَى النَّبِي والمهجرين وَالْأَنْصَار الْآيَة مُخْتَصر
والْحَدِيث بِطُولِهِ سَائِر فِي الصِّحَاح وَالْمَسَانِيد لم يقل فِيهِ أحد إِلَّا هَكَذَا فَقَالَ معَاذ بن جبل وَكَانَ الْوَهم من المُصَنّف فَإِنِّي رَأَيْته كَذَلِك فِي عدَّة نسخ مُعْتَمدَة
وَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَقَالَ فِيهِ فَقَالَ رَحل من قومِي يَا رَسُول الله خَلفه برديه وَالنَّظَر فِي عطفيه قَالَ وَقَالَ يَعْقُوب خَلفه برْدَاهُ وَالنَّظَر فِي عطفيه وَقَالَ فِيهِ إِذْ سَمِعت نِدَاء من ذرْوَة سلع
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده(2/111)
583 - قَوْله
عَن ابْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ لَا يصلح الْكَذِب فِي جد وَلَا هزل وَلَا أَن يعد أحدكُم صَبِيه ثمَّ لَا يُنجزهُ اقْرَءُوا إِن شِئْتُم يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين فَهَل فِيهَا من رخصَة فِي الْكَذِب
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الواحدي من حَدِيث وهب بن جرير بن حَازِم حَدثنَا شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة عَن أبي عُبَيْدَة عَن أَبِيه مَوْقُوفا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ إِلَّا أَنه لم يقل فِيهِ وَلَا أَن يعد أحدكُم صَبِيه ثمَّ لَا يُنجزهُ
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه مَرْفُوعا مُخْتَصرا من حَدِيث أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (لَا يصلح الْكَذِب فِي جد وَلَا هزل وَلَا أَن يعد الرجل ابْنه ثمَّ لَا يُنجزهُ) وَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَقد تَوَاتَرَتْ الرِّوَايَات بِتَوْقِيفِهِ
انْتَهَى
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا وهب بن جرير حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي الْأَحْوَص بِهِ
وَسَنَد الثَّعْلَبِيّ أَنا عبد الله بن حَامِد الْوزان أَنا عبد الله بن مُحَمَّد بن الْحسن حَدثنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى حَدثنَا وهب بن جرير بِهِ
وَقَالَ الواحدي أخبرنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْوَاعِظ أَنا عبد الله بن حَامِد بِهِ
584 - الحَدِيث الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (آخر وطئة وَطئهَا الله بوج)(2/112)
قلت رُوِيَ من حَدِيث يعلي بن مرّة الثَّقَفِيّ وَمن حَدِيث خَوْلَة
أما حَدِيث يعلي بن مرّة فَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي تَرْجَمَة الْحُسَيْن بن عَلّي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَأَعَادَهُ فِي سُورَة الْفَتْح كلهم من حَدِيث عبد الله بن عُثْمَان بن خَيْثَم عَن سعيد بن أبي رَاشد عَن يعلي بن مرّة الثَّقَفِيّ أَن حسنا وَحسَيْنا جَاءَا يَسْتَبِقَانِ إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَضَمَّهُمَا إِلَيْهِ وَقَالَ (إِن الْوَلَد مَبْخَلَة مَجْبَنَة وَإِن آخر وطئة وَطئهَا الله عَزَّ وَجَلَّ بوج)
انْتَهَى
وَأما حَدِيث خَوْلَة فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من طَرِيق عبد الرَّزَّاق عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن إِبْرَاهِيم بن سُوَيْد عَن ابْن أبي سُوَيْد الثَّقَفِيّ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ زعمت الْمَرْأَة الصَّالِحَة خَوْلَة بنت حَكِيم أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (الْوَلَد مَحْزَنَة مَجْبَنَة مجهلَة مَبْخَلَة وَإِن آخر وطئة وَطئهَا الله تَعَالَى بوج)
انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَالْوَطْأَةُ هُنَا عبارَة عَن نزُول الْبَأْس وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام (اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك عَلَى مُضر) وَوَج وَاد بِالطَّائِف انْتَهَى كَلَامه
والْحَدِيث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه فِي الْبر والصلة لم يذكر فِيهِ الْوَطْأَة وَقَالَ لَا نَعْرِف لعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه سَمَاعا من خَوْلَة انْتَهَى
585 - الحَدِيث السَّادِس وَالْخَمْسُونَ
رُوِيَ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أسْهم لِابْني عَامر وَقد قدما بعد تقضي الْحَرْب
قلت هُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي بردة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ قَالَ بلغنَا مخرج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَنحن بِالْيمن فخرجنا مُهَاجِرين إِلَيْهِ(2/113)
أَنا وَأَخَوَانِ لي أَنا أَصْغَرهم أَحدهمَا أَبُو بردة وَالْآخر أَبُو رهم فِي بضعَة وَخمسين رجلا من قومِي فَرَكبْنَا سفينة فَأَلْقَتْنَا إِلَى النَّجَاشِيّ بِالْحَبَشَةِ فَوَافَقنَا جَعْفَر بن أبي طَالب وَأَصْحَابه عِنْده فَأَقَمْنَا حَتَّى قدمنَا فَوَافَقنَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حِين افْتتح خَيْبَر فَأَسْهم لنا وَلم يُسهم لأحد غَابَ عَن فتح خَيْبَر إِلَّا أَصْحَاب سَفِينَتنَا مُخْتَصر
وَذهل الطَّيِّبِيّ فَعَزاهُ لأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فَقَط
586 - قَوْله وَرُوِيَ أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أمد المُهَاجر بن أبي أُميَّة وَزِيَاد بن لبيد بِعِكْرِمَةَ بن أبي جهل مَعَ خَمْسمِائَة نفر فَلَحقُوا بَعْدَمَا فتحُوا فَأَسْهم لَهُم
قلت رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي الْجِهَاد حَدثنَا عبد الله بن إِدْرِيس عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن يزِيد بن أبي حبيب أَن أَبَا بكر بعث عِكْرِمَة بن أبي جهل مُمِدًّا لِلْمُهَاجِرِ بن أبي أُميَّة وَزِيَاد بن لبيد البياضي فَانْتَهوا إِلَى الْقَوْم فَانْتَهوا إِلَى الْقَوْم وَقد فتح عَلَيْهِم قَالَ فَأَشْركهُمْ فِي الْغَنِيمَة انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الرِّدَّة فِي بَاب ردة أهل النُّجَيْر حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عقبَة مولَى آل الزُّبَيْر بن الْعَوام عَن الْحَارِث بن فُضَيْل قَالَ لما جَاءَ كتاب زِيَاد بن لبيد البياضي الْأنْصَارِيّ وَالْمُهَاجِر بن أبي أُميَّة إِلَى أبي بكر عَمَّا هم فِيهِ من مُكَالَبَة الْعَدو فِي حِصَار النُّجَيْر كتب إِلَى عِكْرِمَة بن أبي جهل أَن يمدهُمْ وَأَن يَسِيرُوا إِلَى زِيَاد وَالْمُهَاجِر فِي سَبْعمِائة فَارس فَقدم عَلَيْهِم عِكْرِمَة وَأَصْحَابه بَعْدَمَا فتحُوا النُّجَيْر بأَرْبعَة أَيَّام فَكَلمُوهُمْ فِي أَن يسهموا لَهُم فَكتب عِكْرِمَة فِي أَمرهم إِلَى أبي بكر فَكتب أَبُو بكر أَن يُسهم لَهُم فأسهموا لَهُم
587 - الحَدِيث السَّابِع وَالْخَمْسُونَ
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (مَا نزل عَلّي الْقُرْآن إِلَّا آيَة آيَة وحرفا(2/114)
حرفا مَا خلا سُورَة بَرَاءَة وَقل هُوَ الله أحد فَإِنَّهُمَا أَنْزَلَتَا عَلّي ومعهما سَبْعُونَ ألف صف من الْمَلَائِكَة)
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أخبرنَا مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن أَحْمد حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله ابْن يَحْيَى حَدثنَا مُحَمَّد بن الْفضل أَنا عبد الله بن الْحُسَيْن حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمار حَدثنَا حمدَان بن عبد الله الْمروزِي حَدثنَا عبد الله بن سعيد حَدثنَا عبد الله بن زيد الْعمي حَدثنَا هِشَام بن عَامر الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (مَا نزل عَلّي الْقُرْآن إِلَّا آيَة آيَة وحرفا حرفا مَا خلا سُورَة بَرَاءَة وَقل هُوَ الله أحد فَإِنَّهُمَا أَنْزَلَتَا عَلّي ومعهما سَبْعُونَ ألف صف من الْمَلَائِكَة كلهم يَقُول يَا مُحَمَّد اسْتَوْصِ بِنِسْبَة الله خيرا)(2/115)
سُورَة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام(2/117)
سُورَة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام
ذكر فِيهَا اثْنَيْنِ وَعشْرين حَدِيثا
588 - الحَدِيث الأول
إِن الْمُؤمن إِذا خرج من قَبره صور لَهُ عمله فِي صُورَة حَسَنَة فَيَقُول لَهُ أَنا عَمَلك فَيكون لَهُ نورا وَقَائِدًا إِلَى الْجنَّة وَالْكَافِر إِذا خرج من قَبره صور لَهُ عمله فِي صُورَة سَيِّئَة فَيَقُول أَنا عَمَلك فَينْطَلق بِهِ حَتَّى يدْخلهُ النَّار
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا بشر بن معَاذ حَدثنَا يزِيد بن هَارُون حَدثنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى إِن الَّذين أمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات يهْدِيهم رَبهم بإيمَانهمْ الْآيَة قَالَ بلغنَا أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (إِن الْمُؤمن إِذا خرج من قَبره صور لَهُ عمله فِي صُورَة حَسَنَة فَيَقُول لَهُ من أَنْت فوَاللَّه إِنِّي لأرَاك امْرأ صدق فَيَقُول لَهُ أَنا عَمَلك فَيكون لَهُ نورا وَقَائِدًا إِلَى الْجنَّة وَأما الْكَافِر إِذا خرج من قَبره صور لَهُ عمله فِي صُورَة سَيِّئَة فَيَقُول لَهُ من أَنْت فوَاللَّه إِنِّي لأرَاك امْرأ سوء فَيَقُول أَنا عَمَلك فَينْطَلق بِهِ حَتَّى يدْخلهُ النَّار)
انْتَهَى
وَنَقله الثَّعْلَبِيّ عَن مُجَاهِد وَمُقَاتِل عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَسَنَده إِلَيْهِمَا فِي أول كِتَابه
وَرَوَى ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أَبْوَاب كَلَام الصَّحَابَة فِي بَاب كَلَام ابْن عمر حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن عَمْرو بن قيس عَن عَطِيَّة عَن ابْن عمر قَالَ يسْتَقْبل الْمُؤمن عِنْد خُرُوجه من قَبره عمله أحسن صُورَة رَآهَا قطّ فَيَقُول لَهُ من(2/119)
أَنْت فَيَقُول لَهُ أَنا الَّذِي كنت مَعَك فِي الدُّنْيَا لَا أُفَارِقك حَتَّى أدْخلك الْجنَّة وَيسْتَقْبل الْكَافِر عمله عِنْد خُرُوجه من قَبره أقبح صُورَة رَآهَا قطّ فَيَقُول لَهُ من أَنْت فَيَقُول لَهُ أَنا الَّذِي كنت مَعَك فِي الدُّنْيَا لَا أُفَارِقك حَتَّى أدْخلك النَّار
انْتَهَى
589 - الحَدِيث الثَّانِي
عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِن الله ليُصبح الْقَوْم بِالنعْمَةِ ويمسيهم بهَا فَتُصْبِح طَائِفَة مِنْهُم بهَا كَافِرين يَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا
قلت هَكَذَا رَوَاهُ المُصَنّف مَوْقُوفا وَهُوَ مَرْفُوع رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده والطبري فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الْوَاقِعَة وَمن طَرِيق الطَّبَرِيّ رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ كلهم من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (إِن الله تَعَالَى ليُصبح عباده بِالنعْمَةِ أَو ليمسيهم بهَا فَيُصْبِح قوم بهَا كَافِرين يَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا) قَالَ مُحَمَّد فَذكرت هَذَا الحَدِيث لسَعِيد بن الْمسيب فَقَالَ وَنحن سمعناه من أبي هُرَيْرَة
انْتَهَى
وَأبْعد الطَّيِّبِيّ إِذْ اسْتشْهد لَهُ بِحَدِيث لمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا قَالَ الله تَعَالَى مَا أَنْعَمت عَلَى عبَادي من نعْمَة إِلَّا أصبح فريق بهَا كَافِرين يَقُولُونَ الْكَوْكَب وَبِالْكَوْكَبِ مُطِرْنَا رَوَاهُ مُسلم فِي الْإِيمَان
590 - الحَدِيث الثَّالِث
حَدِيث بني قُرَيْظَة أَنه عَلَيْهِ السَّلَام هدم دُورهمْ وَأهْلك زُرُوعهمْ وَقلع أَشْجَارهم
قلت فِي البُخَارِيّ عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن يهود بني النَّضِير حَاربُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأَجْلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بني النَّضِير ... الحَدِيث(2/120)
قَالَ حَارَبت النَّضِير وَقُرَيْظَة فَأَجْلَى بني النَّضِير وَأقر قُرَيْظَة وَمن عَلَيْهِم حَتَّى حَارَبت قُرَيْظَة فَقتل رِجَالهمْ وَقسم نِسَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ وَأَوْلَادهمْ بَين الْمُسلمين إِلَّا بَعضهم لَحِقُوا بِالْمُسْلِمين فَأَمنَهُمْ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَأَسْلمُوا وَأَجْلَى يهود الْمَدِينَة انْتَهَى وَرَوَاهُ مُسلم أَيْضا فِي الْجِهَاد
591 - الحَدِيث الرَّابِع
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ (لَا تَمْكُر وَلَا تعن مَاكِرًا وَلَا تَبْغِ وَلَا تعن بَاغِيا وَلَا تنكث وَلَا تعن نَاكِثًا)
قلت رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الزّهْد وَالرَّقَائِق أخبرنَا يُونُس عَن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ بلغنَا أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَا تَمْكُر وَلَا تعن مَاكِرًا فَإِن الله يَقُول وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيء إِلَّا بأَهْله وَلَا تَبْغِ وَلَا تعن بَاغِيا فَأن الله يَقُول إِنَّمَا بَغْيكُمْ عَلَى أَنفسكُم وَلَا تنكث وَلَا تعن نَاكِثًا فَإِن الله يَقُول وَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث عَلَى نَفسه انْتَهَى
وَهَذَا مُرْسل
وَرَوَى الْحَاكِم بعضه فِي مُسْتَدْركه عَن عُيَيْنَة بن عبد الرَّحْمَن الْغَطَفَانِي سَمِعت أبي يحدث عَن أبي بكرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (لَا تَبْغِ وَلَا تعن بَاغِيا) فَإِن الله يَقُول إِنَّمَا بَغْيكُمْ عَلَى أَنفسكُم) انْتَهَى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّالِث وَالْأَرْبَعِينَ وَأَعَادَهُ فِي فاطر
وَمن طَرِيق ابْن الْمُبَارك رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره فِي سُورَة فاطر
592 - الحَدِيث الْخَامِس
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ (أسْرع الْخَيْر ثَوابًا صلَة الرَّحِم وَأعجل الشَّرّ عقَابا الْبَغي وَالْيَمِين الْفَاجِرَة)(2/121)
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أَنا جرير عَن برد بن سِنَان عَن مَكْحُول قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أعجل الْخَيْر ثَوابًا صلَة الرَّحِم وَأعجل الشَّرّ عقَابا الْبَغي وَالْيَمِين الْفَاجِرَة تدع الديار بِلَا قع)
انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الرَّعْد عَن جرير عَن ثَوْر عَن مَكْحُول مَرْفُوعا ... فَذكره وَهُوَ مُرْسل
وَرَوَى أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا سُوَيْد بن سعيد حَدثنَا صَالح بن مُوسَى عَن مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق عَن عَائِشَة بنت طَلْحَة وَعَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَت قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أسْرع الْخَيْر ثَوابًا صلَة الرَّحِم وأسرع الشَّرّ عُقُوبَة الْبَغي)
593 - الحَدِيث السَّادِس
وَعَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (شَيْئَانِ تَعَجُّلِهِمَا الله فِي الدُّنْيَا الْبَغي وعقوق الْوَالِدين)
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَيْضا فِي مُسْنده حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن الْملَائي حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الرَّاسِبِي حَدثنَا سعد مولَى أبي بكرَة حَدثنَا عبيد الله ابْن أبي بكرَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (اثْنَتَانِ يعجلهما الله) إِلَى آخِره
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا الفضيل بن مُحَمَّد الْمَلْطِي حَدثنَا الْفضل بن دُكَيْن بِهِ
وَعَن الطَّبَرَانِيّ رَوَاهُ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فِي تَارِيخ أَصْبَهَان فِي بَاب الْعين الْمُهْملَة بِسَنَدِهِ وَمَتنه
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب حَدثنَا حَامِد بن عمر حَدثنَا بكار بن عبد الْعَزِيز عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (كل الذُّنُوب يُؤَخر الله مِنْهَا مَا شَاءَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا الْبَغي وعقوق الْوَالِدين فَإِنَّهُ يعجل بِصَاحِبِهِ فِي الدُّنْيَا قبل الْمَوْت) انْتَهَى(2/122)
594 - الحَدِيث السَّابِع
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَو بغى جبل عَلَى جبل لَدُكَّ الْبَاغِي
قلت هَكَذَا ذكره المُصَنّف مَوْقُوفا وَقد ورد مَرْفُوعا وموقوفا رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي كتاب الْبر والصلة أخبرنَا فطر بن خَليفَة حَدثنَا أَبُو يَحْيَى القَتَّات عَن مُجَاهِد قَالَ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (لَو أَن جبلا بغى عَلَى جبل لَدُكَّ الْبَاغِي مِنْهُمَا انْتَهَى وَهَذَا مُرْسل
وَرُوِيَ أَيْضا مَرْفُوعا من طَرِيق واهية رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الْعِلَل المتناهية من طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن حبَان قَالَ أخبرنَا أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْفضل الْقَيْسِي من لَفظه أخبرنَا نصر بن عَلّي الْجَهْضَمِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره ثمَّ قَالَ وَأحمد بن الْفضل هَذَا كَانَ يضع الحَدِيث
قَالَ ابْن حبَان كتبت عَنهُ نَحْو خَمْسمِائَة حَدِيث كلهَا مَوْضُوعَة
انْتَهَى
وَالْمَوْقُوف رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّالِث وَالْأَرْبَعِينَ عَن الْحَاكِم بِسَنَدِهِ إِلَى الْأَعْمَش عَن أبي يَحْيَى القَتَّات عَن مُجَاهِد قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس ... فَذكره
قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي كتاب الْعِلَل هَذَا حَدِيث اخْتلف فِيهِ عَلَى أبي يَحْيَى القَتَّات فَرَوَاهُ فطر بن خَليفَة عَنهُ عَن مُجَاهِد عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَرَوَاهُ الثَّوْريّ وَإِسْرَائِيل عَنهُ عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس من قَوْله وَهُوَ أصح انْتَهَى كَلَامه
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب حَدثنَا أَبُو نعيم حَدثنَا فطر بن خَليفَة عَن أبي يَحْيَى القَتَّات سَمِعت مُجَاهدًا عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا(2/123)
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الْحَج من حَدِيث قُطْبَة بن عبد الْعَزِيز عَن أَبِيه عَن جده حَدثنَا الْأَعْمَش عَن أبي يَحْيَى القَتَّات عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره ثمَّ رَوَاهُ من حَدِيث سُفْيَان عَن الْأَعْمَش بِهِ مَوْقُوفا
ثمَّ رَوَاهُ حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن رَاشد حَدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب حَدثنَا عمي حَدثنَا عبد الله بن عمر وَجَرِير بن حَازِم عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ ... فَذكره
595 - الحَدِيث الثَّامِن
قَالَ المُصَنّف رَحِمَهُ اللَّهُ وَزَعَمت الْمُجبرَة أَن الزِّيَادَة هِيَ النّظر إِلَى وَجه الله تَعَالَى وَجَاءَت بِحَدِيث مَرْفُوع إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة نُودُوا أَن يَا أهل الْجنَّة فَيكْشف الْحجاب فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فو الله مَا أَعْطَاهُم الله شَيْئا هُوَ أحب إِلَيْهِ مِنْهُ
قلت قَالَ الطَّيِّبِيّ قَوْله مَرْفُوع هُوَ عِنْده بِالْقَافِ أَي مُرَقع مفترى وَهُوَ عِنْد أهل السّنة بِالْفَاءِ والْحَدِيث رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن صُهَيْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة يَقُول الله تَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئا أَزِيدكُم فَيَقُولُونَ ألم تبيض وُجُوهنَا ألم تُدْخِلنَا الْجنَّة وَتُنْجِينَا من النَّار وَقَالَ فَيكْشف الْحجاب فَمَا أعْطوا شَيْئا أحب إِلَيْهِم من النّظر إِلَى رَبهم) انْتَهَى وَزَاد فِي رِوَايَة ثمَّ تَلا للَّذين أَحْسنُوا الْآيَة
وَالْعجب أَن التِّرْمِذِيّ لما رُوِيَ هَذَا الحَدِيث فِي كِتَابه لم يُحسنهُ وَلم يُصَحِّحهُ وَلَا قَالَ وَفِي الْبَاب عَن أحد من الصَّحَابَة وَإِنَّمَا قَالَ هَكَذَا رَفعه حَمَّاد بن سَلمَة وَقد رَوَاهُ سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى قَوْله لم يذكر فِيهِ عَن صُهَيْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
انْتَهَى(2/124)
أَحَادِيث تَفْسِير الزِّيَادَة بِالنّظرِ إِلَى وَجه الله
رُوِيَ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره أَنا يُونُس أَنا وهب أَنا شبيب عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن أبي تَمِيمَة الهُجَيْمِي أَنه سمع أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ يحدث عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (إِن الله يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة مناديا يُنَادي يَا أهل الْجنَّة بِصَوْت يسمع أَوَّلهمْ وَآخرهمْ إِن الله وَعدكُم الْحُسْنَى وَزِيَادَة وَالْحُسْنَى الْجنَّة وَزِيَادَة النّظر إِلَى وَجه الرَّحْمَن عَزَّ وَجَلَّ)
وَرَوَاهُ هُوَ وَابْن أبي حَاتِم من حَدِيث أبي بكر الْهُذلِيّ عَن أبي تَمِيمَة الهُجَيْمِي بِهِ رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من طَرِيق عبد الله بن وهب ثَنَا شبيب عَن أبان بن أبي عَيَّاش عَن أبي تَمِيمَة بِهِ
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث خَالِد بن هياج بن بسطَام عَن أَبِيه عَن أبان بن أبي عَيَّاش بِهِ
حَدِيث آخر أخرج الطَّبَرِيّ وَابْن أبي حَاتِم أَيْضا عَن زُهَيْر عَمَّن سمع أَبَا الْعَالِيَة حَدثنَا أبي بن كَعْب أَنه سَأَلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن قَوْله للَّذين أَحْسنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة قَالَ (الْحُسْنَى الْجنَّة وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الله تَعَالَى) انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا عبد الْبَاقِي بن قَانِع حَدثنَا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا ابْن دِينَار حَدثنَا قَحْطَبَةَ بن غُدَانَة حَدثنَا أَبُو خلدَة عَن أبي الْعَالِيَة بِهِ سَوَاء
وَرَوَاهُ أَيْضا عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي حَفْص عَن أبي الْعَالِيَة بِهِ(2/125)
حَدِيث آخر رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا ابْن حميد حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُخْتَار عَن ابْن جريح عَن عَطاء عَن كَعْب بن عجْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي قَوْله للَّذين أَحْسنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة قَالَ الزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الله تَعَالَى)
انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ فِي تَارِيخ أَصْبَهَان عَن إِبْرَاهِيم بن مُخْتَار بِهِ
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُحَمَّد بن حميد بِهِ وَقَالَ عَطاء الْخُرَاسَانِي
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث حَدِيث عباد بن كثير عَن ثَابت بن الْبنانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي لَيْلَى عَن كَعْب بن عجْرَة مَرْفُوعا نَحوه
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين
حَدِيث آخر أخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده عَن عَامر بن سعد بن أبي بكر الصّديق فِي قَوْله تَعَالَى للَّذين أَحْسنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة قَالَ الزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الله تَعَالَى انْتَهَى
قَالَ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي آخر تَفْسِير سُورَة هود بعد أَن رَوَى عَن ابْن عَبَّاس تَفْسِير آيَة قَالَ وَلَعَلَّ مُتَوَهمًا يتَوَهَّم أَن هَذَا وَأَمْثَاله من الْمَوْقُوفَات وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن الصَّحَابِيّ إِذا فسر التِّلَاوَة فَهُوَ مُسْند عِنْد الشَّيْخَيْنِ
حَدِيث آخر رَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث الْهَيْثَم بن جميل حَدثنَا أَبُو معشر عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي قَوْله تَعَالَى للَّذين أَحْسنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة قَالَ الْحُسْنَى الْجنَّة وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الله الْكَرِيم انْتَهَى(2/126)
حَدِيث آخر رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه أبضا من حَدِيث نوح بن أبي مَرْيَم عَن ثَابت عَن أنس بن مَالك قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن هَذِه الْآيَة للَّذين أَحْسنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة قَالَ (فَأحْسنُوا الْعَمَل فِي الدُّنْيَا فَلهم الْحُسْنَى الْجنَّة وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الله الْكَرِيم)
انْتَهَى
وَأخرج عَن الحكم بن أبان عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا نَحوه
وَعَن الْحَارِث عَن عَلّي مَوْقُوفا نَحوه
وَأخرج حَدِيث أبي بكر عَن إِسْرَائِيل عَن عَامر بن سعد عَنهُ
596 - الحَدِيث التَّاسِع
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي بعض غَزَوَاته لِتَأْخُذُوا مَصَافكُمْ
قلت غَرِيب
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير وَقَالَ حَدِيث حسن صَحِيح وَسَأَلت عَنهُ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فَقَالَ حَدِيث صَحِيح عَن مَالك بن يخَامر عَن معَاذ بن جبل قَالَ أَبْطَأَ عَنَّا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي صَلَاة الْفجْر حَتَّى كَادَت الشَّمْس أَن تطلع قَالَ (ثمَّ خرج وأقيمت الصَّلَاة فَصَلى بِنَا صَلَاة تجوز بهَا فَلَمَّا سلم قَالَ كَمَا أَنْتُم عَلَى مَصَافكُمْ) فَثَبت الْقَوْم عَلَى مَصَافهمْ ثمَّ أقبل عَلَيْهِم بِوَجْهِهِ فَقَالَ (إِنِّي منبئكم بطئي عَنْكُم الْغَدَاة إِنِّي قُمْت من اللَّيْل فَتَوَضَّأت ثمَّ صليت مَا شَاءَ الله وَإِنِّي رَأَيْت رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي مَنَامِي فرأيته فِي أحسن صُورَة فَقَالَ فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى) فَذكر الحَدِيث
وَأخرج مُسلم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن الصَّلَاة كَانَت تُقَام لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَيَأْخُذ النَّاس مَصَافهمْ قبل أَن يقوم مقَامه
انْتَهَى ذكره فِي الصَّلَاة(2/127)
وَأخرج أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي صَلَاة الْخَوْف عَن أبي هُرَيْرَة فِي قصَّة ذَات الرّقاع وَفِيه فَلَمَّا قَامُوا مَشوا الْقَهْقَرَى إِلَى مصَاف أَصْحَابهم
597 - الحَدِيث الْعَاشِر
عَن أبي بن كَعْب أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تَلا قَوْله تَعَالَى قل بِفضل الله وبرحمته فَقَالَ (بِكِتَاب الله وَالْإِسْلَام)
قلت رَوَى ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن غَزوَان حَدثنَا أبي عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قل بِفضل الله وبرحمته قَالَ بِفضل الله الْقُرْآن وبرحمته أَن جعلكُمْ من أَهله
انْتَهَى غَرِيب مَرْفُوعا
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ مَوْقُوفا عَلَى ابْن عَبَّاس وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَعلي وَالْحسن وَقَتَادَة وَمُجاهد
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مصنفة مَوْقُوفا عَلَى الْخُدْرِيّ وَعلي وَابْن عَبَّاس
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان مَوْقُوفا عَلَى ابْن عَبَّاس فِي الْبَاب التَّاسِع عشر أخرجه عَن جرير عَن مَنْصُور حَدثنَا مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله قل بِفضل الله ... إِلَى آخِره
598 - الحَدِيث الْحَادِي عشر
عَن سعيد بن جُبَير قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن أَوْلِيَاء الله فَقَالَ (هم الَّذين يذكر الله عِنْد رُؤْيَتهمْ)
قلت هَكَذَا رَوَاهُ المُصَنّف مُرْسلا وَقد رُوِيَ مُرْسلا وَمُسْندًا
فَالْمُسْنَدُ رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير من حَدِيث مُحَمَّد بن سعيد بن سَابق(2/128)
حَدثنَا يَعْقُوب بن عبد الله الْأَشْعَرِيّ عَن جَعْفَر بن أبي الْمُغيرَة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من أَوْلِيَاء الله قَالَ (الَّذين إِذا رُءُوا ذكر الله) انْتَهَى
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَزَّار فِي مُسْنده قَالَ الْبَزَّار وَقد رَوَاهُ غير مُحَمَّد بن سعيد عَن يَعْقُوب عَن جَعْفَر عَن سعيد بن جُبَير عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مُرْسلا انْتَهَى
وَأما الْمُرْسل فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي بَاب كَلَام النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والطبري فِي تَفْسِيره حَدثنَا يَحْيَى بن الْيَمَان عَن أَشْعَث بن إِسْحَاق عَن جَعْفَر بن أبي الْمُغيرَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ سُئِلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
وَله طَرِيق آخر عِنْد أبي نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة مسعر عَن الْهياج بن بسطَام عَن مسعر عَن بكير بن الْأَخْنَس عَن سعيد بن جُبَير قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... الحَدِيث ثمَّ قَالَ غَرِيب من حَدِيث مسعر تفرد بِهِ الْهياج وَبُكَيْر ابْن الْأَخْنَس رَوَى عَنهُ مسعر وَلم يلقه الثَّوْريّ وَلَا شُعْبَة
انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث يَحْيَى الْحمانِي حَدثنَا يَعْقُوب بن عبد الله القمي بِهِ مُرْسلا
599 - الحَدِيث الثَّانِي عشر
عَن عمر سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول (إِن من عباد الله عبادا مَا هم بِأَنْبِيَاء وَلَا شُهَدَاء يَغْبِطهُمْ الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة لِمَكَانِهِمْ من الله) قَالُوا يَا رَسُول الله خبرنَا مَا هم وَمَا أَعْمَالهم فَلَعَلَّنَا نحبهمْ فَقَالَ (قوم تحَابوا فِي الله عَلَى غير أَرْحَام بَينهم وَلَا أَمْوَال يَتَعَاطونَهَا فو الله إِن وُجُوههم لنُور وَإِنَّهُم عَلَى مَنَابِر من نور لَا يخَافُونَ(2/129)
إِذا خَافَ النَّاس وَلَا يَحْزَنُونَ إِذا حزن النَّاس) ثمَّ قَرَأَ الْآيَة
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده حَدثنَا جرير بن عبد الحميد عَن عمَارَة بن الْقَعْقَاع عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير عَن عمر بن الْخطاب سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول ... فَذكره
وَمن طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْحَادِي وَالسِّتِّينَ بِسَنَدِهِ وَمَتنه ثمَّ قَالَ وَأَبُو زرْعَة عَن عمر مُرْسل
انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا ابْن حميد حَدثنَا جرير بِهِ
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي أول الْكتاب والواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط عَن قيس بن الرّبيع عَن عمَارَة بن الْقَعْقَاع بِهِ
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده وَبِهَذَا الْإِسْنَاد رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره ثمَّ رَوَاهُ حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن البيع حَدثنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن زِيَاد حَدثنَا عبد الصَّمد بن مُوسَى الْقطَّان حَدثنَا جرير بن عبد الحميد عَن عمَارَة بن الْقَعْقَاع عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة عَن عمر بن الْخطاب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
حَدثنَا زُهَيْر وَعُثْمَان بن أبي شيبَة قَالَا حَدثنَا جرير بِهِ
وَمن طَرِيق أبي دَاوُد رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه التَّرْغِيب والترهيب
وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي مَالك الْأَشْعَرِيّ وَابْن عمر والْعَلَاء بن زِيَاد وَأنس وَأبي الدَّرْدَاء
فَحَدِيث أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير من حَدِيث أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِن من عبَادي لعبادا يَغْبِطهُمْ الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء) قيل من هم يَا رَسُول الله قَالَ (هم قوم تحَابوا بِروح الله عَلَى غير أَمْوَال وَلَا أَنْسَاب وُجُوههم نور عَلَى مَنَابِر من نور لَا يخَافُونَ إِن خَافَ النَّاس وَلَا يَحْزَنُونَ إِن حزن النَّاس) ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة أَلا إِن أَوْلِيَاء الله(2/130)
لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ)
انْتَهَى وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه
وَأما حَدِيث أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْحَادِي وَالسِّتِّينَ من طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن ابْن أبي حُسَيْن عَن شهر بن حَوْشَب عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... نَحوه وَأعله الْبَيْهَقِيّ بِشَهْر بن حَوْشَب
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي الْبر والصلة من حَدِيث زِيَاد بن خَيْثَمَة عَن أَبِيه عَن ابْن عمر مَرْفُوعا نَحوه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ
وَأما حَدِيث الْعَلَاء بن زِيَاد فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه حَدثنَا مُحَمَّد ابْن بشر حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عمر حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة أَن الْعَلَاء بن زِيَاد كَانَ يحدث عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكر نَحوه
وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث فرج بن فضَالة عَن أَسد بن ودَاعَة عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا ... نَحوه
وَأما حَدِيث أنس فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الْعَاشِر عَن وَاقد بن سَلامَة الْبَصْرِيّ عَن يزِيد الرقاشِي عَن أنس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكر نَحوه
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل والعقيلي فِي ضعفَاهُ وَأَعلاهُ بِوَاقِدِ قَالَ ابْن عدي لم يَصح حَدِيثه وَنقل الْعقيلِيّ عَن البُخَارِيّ نَحوه قَالَ وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ إِلَّا من طَرِيق يُقَارِبه(2/131)
600 - الحَدِيث الثَّالِث عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي قَوْله تَعَالَى لَهُم الْبُشْرَى قَالَ (هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤمن أَو ترَى لَهُ)
قلت رُوِيَ من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت وَأبي الدَّرْدَاء وَابْن مَسْعُود وَجَابِر بن عبد الله بن رِئَاب وَأبي هُرَيْرَة
فَحَدِيث عبَادَة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ لفظ التِّرْمِذِيّ عَن أبي سَلمَة قَالَ نبئت عَن عبَادَة وَسكت عَنهُ وَلَفظ ابْن ماجة عَن أبي سَلمَة عَن عبَادَة وَبِهِمَا رَوَاهُ الْحَاكِم وَابْن ماجة فِي كتاب الرُّؤْيَا من حَدِيث أبي سَلمَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن قَوْله تَعَالَى لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا قَالَ (هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤمن أَو ترَى لَهُ)
وَرَوَاهُ أَحْمد وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو يعلي فِي مسانيدهم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ وَأَعَادَهُ الْحَاكِم فِي كتاب الرُّؤْيَا وَقَالَ عَن أبي سَلمَة قَالَ نبئت عَن عبَادَة بن الصَّامِت ... فَذكره وَقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ وَشَاهده حَدِيث أبي الدَّرْدَاء ثمَّ أخرجه عَن أبي الدَّرْدَاء وَسكت عَنهُ
قلت ظَاهر هَذَا اللَّفْظ الِانْقِطَاع فَكيف يكون عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ أَو صَحَّحَاهُ بِالْجُمْلَةِ قَالَ ابْن عَسَاكِر فِي أَطْرَافه وَأَبُو سَلمَة لم يسمع من عبَادَة وَالْعجب من الذَّهَبِيّ كَيفَ أقره عَلَى ذَلِك
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث عبد الله بن حميد بن عبد الله المري عَن أَبِيه عَن عبَادَة بن الصَّامِت مَرْفُوعا(2/132)
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش حَدثنَا صَفْوَان بن عَمْرو السكْسكِي عَن حميد بن عبد الله عَن عبَادَة
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث بَقِيَّة بن الْوَلِيد حَدثنَا صَفْوَان بن عَمْرو السكْسكِي وَعمر بن عَمْرو والأحموسي عَن حميد بن عبد الله أَنه حَدثهمْ عَن عبَادَة بن الصَّامِت
وَأما حَدِيث أبي الدَّرْدَاء فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه عَن عَطاء بن يسَار عَن رجل من أهل مصر قَالَ سَأَلت أَبَا الدَّرْدَاء عَن قَوْله تَعَالَى لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَقَالَ سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ (هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤمن أَو ترَى لَهُ) انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَأَبُو يعلي الْموصِلِي وَزَاد فِيهِ وَفِي الْآخِرَة الْجنَّة وَابْن رَاهَوَيْه وَابْن أبي شيبَة فِي مسانيدهم
وَمن طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَكَذَلِكَ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان رَوَاهُ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن عَطاء بن يسَار قَالَ سَأَلت أَبَا الدَّرْدَاء ... فَذكره وَسكت عَنهُ
وَيَنْبَغِي أَن ينظر فِي هَذَا قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله سَأَلت أبي من هَذَا الشَّيْخ الَّذِي من أهل مصر فَقَالَ لَا يعرف
انْتَهَى
وَأما حَدِيث جَابر بن عبد الله بن رِئَاب فَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ عَن ابْن صَالح عَن جَابر بن عبد الله بن رِئَاب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي قَوْله تَعَالَى لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة قَالَ (هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو يَرَاهَا لَهُ)
انْتَهَى وَسكت عَنهُ
رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل وعده من مُنكرَات الْكَلْبِيّ
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر الْقَزاز الْكُوفِي حَدثنَا عبيد بن كثير العامري حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان الخزاز حَدثنَا مفضل بن صَالح عَن جَابر عَن أبي جَعْفَر عَن جَابر بن عبد الله مَرْفُوعا قَالَ وَهُوَ جَابر بن عبد الله(2/133)
ابْن رِئَاب وَلَيْسَ بِالْأَنْصَارِيِّ
وَرَوَاهُ أَيْضا حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا مُحَمَّد بن سُلَيْمَان حَدثنَا عبد السَّلَام بن عبد الحميد الْحَرَّانِي حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر مَرْفُوعا نَحوه
وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه أَيْضا من طَرِيق ابْن وهب وَأَخْبرنِي جرير بن حَازِم عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن أبي وَائِل وزر بن حُبَيْش عَن ابْن مَسْعُود قَالَ سَأَلت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عَن قَوْله تَعَالَى لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا قَالَ (هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤمن أَو ترَى لَهُ) انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن الْعَاصِ فَرَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده من طَرِيق ابْن لَهِيعَة حَدثنَا دراج عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن عبد الله بن عَمْرو عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي قَوْله تَعَالَى لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا قَالَ (هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤمن هِيَ جُزْء من تِسْعَة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة)
وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي كتاب الكنى من حَدِيث أبي إِسْحَاق عبد الرَّحْمَن بن عمر رجل من أهل الْكُوفَة أَن الْأَعْمَش حَدثهُ عَن أبي صَالح بِهِ قَالَ النَّسَائِيّ وَأَبُو إِسْحَاق هَذَا لَا أعرفهُ والْحَدِيث خطأ انْتَهَى
وَفِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن حَاتِم الْمُؤَدب حَدثنَا عمار بن مُحَمَّد ثَنَا الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا هِيَ (الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا العَبْد الصَّالح أَو ترَى لَهُ وَهِي فِي الْآخِرَة الْجنَّة)
انْتَهَى(2/134)
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه أَيْضا عَن عباد بن مُوسَى الْخُتلِي حَدثنَا سُفْيَان عَن الْأَعْمَش بِهِ
601 - الحَدِيث الرَّابِع عشر
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (ذهبت النُّبُوَّة وَبقيت الْمُبَشِّرَات)
قلت رُوِيَ من حَدِيث حُذَيْفَة بن أسيد وَمن حَدِيث أبي الطُّفَيْل وَمن حَدِيث أم كرز الْكَعْبِيَّة
أما حَدِيث حُذَيْفَة فَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ حَدثنَا الْحسن بن عَلّي الْحلْوانِي حَدثنَا أَبُو عَاصِم عَن مهْدي بن مَيْمُون عَن عُثْمَان بن عبيد الرَّاسِبِي عَن أبي الطُّفَيْل عَن حُذَيْفَة بن أسيد أبي سريحَة الْغِفَارِيّ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (ذهبت النُّبُوَّة وَبقيت الْمُبَشِّرَات) قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا الْمُبَشِّرَات قَالَ (الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرجل أَو ترَى لَهُ) انْتَهَى
وَأما حَدِيث أبي الطُّفَيْل فَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْوسط فِي بَاب الْعين الْمُهْملَة فِي تَرْجَمَة عُثْمَان بن عبيد فَقَالَ حَدثنَا سُلَيْمَان عَن حَمَّاد بن زيد عَن عُثْمَان بن عبيد عَن أبي الطُّفَيْل عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (ذهبت النُّبُوَّة وَبقيت الْمُبَشِّرَات) انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه حَدثنَا مُوسَى بن هَارُون حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء حَدثنِي مهْدي بن مَيْمُون حَدثنَا عُثْمَان بن عبيد الرَّاسِبِي عَن أبي الطُّفَيْل مَرْفُوعا
وَرَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء بِهِ سندا ومتنا
وَأما حَدِيث أم كرز فَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع السَّادِس والسِّتين من الْقسم الثَّالِث عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبيد الله بن أبي يزِيد عَن أَبِيه عَن سِبَاع بن ثَابت عَن أم كرز الْكَعْبِيَّة سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول (ذهبت النُّبُوَّة وَبقيت الْمُبَشِّرَات)(2/135)
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَأحمد وَالْبَزَّار فِي مسنديهما وَأَبُو يعلي قَالَ الْبَزَّار وَلَا نعلمهُ يروي عَن أم كرز إِلَّا من هَذَا الْوَجْه
انْتَهَى
وَرَوَى أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده حَدثنَا زُهَيْر حَدثنَا عَفَّان حَدثنَا عبد الْوَاحِد ابْن زِيَاد عَن الْمُخْتَار بن فلفل عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِن الرسَالَة والنبوة قد انْقَطَعت فَلَا رَسُول بعدِي وَلَكِن بقيت الْمُبَشِّرَات) قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا الْمُبَشِّرَات قَالَ (رُؤْيا الْمُسلمين جُزْء من أَجزَاء النُّبُوَّة) انْتَهَى
602 - الحَدِيث الْخَامِس عشر
عَن أبي ذَر قلت لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الرجل يعْمل الْعَمَل لله وَيُحِبهُ وَيَحْمَدهُ النَّاس عَلَيْهِ فَقَالَ (تِلْكَ عَاجل بشرى الْمُؤمن)
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي آخر الْبر والصلة من حَدِيث عبد الله ابْن الصَّامِت الْغِفَارِيّ عَن أبي ذَر قَالَ قلت يَا رَسُول الله الرجل يعْمل الْعَمَل لله فنحبه وَتَحْمَدهُ النَّاس عَلَيْهِ قَالَ (تِلْكَ عَاجل بشرى الْمُؤمن) انْتَهَى
603 - الحَدِيث السَّادِس عشر
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (لَا غمَّة فِي فَرَائض الله)
قلت وَأَعَادَهُ فِي سُورَة أَرَأَيْت قَالَ السّلف الْغُمَّة الستْرَة أَي لَا تستر فِي فَرَائض الله بل يُجَاهر بهَا ذكره القَاضِي عِيَاض فِي الْبَاب الأول من كتاب الشِّفَاء فِي فصل فَصَاحَته قَالَ وَمن كِتَابه عَلَيْهِ السَّلَام لِوَائِل بن حجر إِلَى الْأَقْيَال العباهلة والأرواع المشابيب وَفِيه فِي التيعة شَاة لَا مُقَوَّرَة الألياط وَلَا ضناك وانطوا الثبجة وَفِي السُّيُوب الْخمس وَمن زنَى مِم بكر فاصعقوه مائَة واستوفضوه عَاما وَمن زنَى مِم ثيب فَضَرِّجُوهُ بِالْأَضَامِيمِ وَلَا توصيم فِي الدَّين وَلَا غمَّة فِي فَرَائض الله وكل مُسكر حرَام
انْتَهَى(2/136)
604 - الحَدِيث السَّابِع عشر
قَالَ المُصَنّف وَالَّذِي يَحْكِي أَنه حِين قَالَ آمَنت يَعْنِي فِرْعَوْن أَخذ جِبْرِيل من حَال الْبَحْر فَدَسَّهُ فِي فِيهِ فللغضب لله عَلَى الْكَافِر فِي وَقت قد علم أَن إيمَانه لَا يَنْفَعهُ وَأما مَا يضم إِلَيْهِ من قَوْله خشيَة أَن تُدْرِكهُ الرَّحْمَة
فَمن زيادات الباهتين لله وَمَلَائِكَته وَفِيه جَهَالَتَانِ إِحْدَاهمَا أَن الْإِيمَان يصبح بِالْقَلْبِ كَإِيمَانِ الْأَخْرَس فحال الْبَحْر لَا يمنعهُ
وَالْأُخْرَى أَن من ذكر هَذَا الِاعْتِرَاض الأول لَا يمشي إِلَّا عَلَى مَذْهَب أبي حنيفَة
لِأَنَّهُ لَا يشْتَرط لَهُ اللَّفْظ بِاللِّسَانِ وَقد يُجَاب عَنهُ بِأَن جِبْرِيل إِنَّمَا أَرَادَ أَن يشْتَغل قلبه لَا لِسَانه بِدَلِيل مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَنه قَالَ وَهُوَ فِي الْغَرق آمَنت أَنه لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنت بِهِ بَنو إِسْرَائِيل ثمَّ وضع جِبْرِيل فِي فِيهِ الطين فَعلم أَنه أَرَادَ أَن يشغل قلبه ويلهيه عَن الْإِيمَان بِقَلْبِه وَذَلِكَ أَن من كره إِيمَان الْكَافِر وَأحب بَقَاءَهُ عَلَى الْكفْر فَهُوَ كَافِر لِأَن الرِّضَا بالْكفْر كفر(2/137)
قلت رُوِيَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة
فَحَدِيث ابْن عَبَّاس رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير من حَدِيث شُعْبَة عَن عدي بن ثَابت وَعَطَاء بن السَّائِب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَفعه أَحدهمَا إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كَانَ يدس فِي فَم فِرْعَوْن الطين مَخَافَة أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله زَاد التِّرْمِذِيّ فيرَحِمَهُ اللَّهُ
انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن عريب صَحِيح
انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه
فِي النَّوْع السَّادِس من الْقسم الثَّالِث دون زِيَادَة التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فِي كتاب الْإِيمَان بِزِيَادَة التِّرْمِذِيّ وَفِي التَّفْسِير بِدُونِهَا وَقَالَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ لِأَن أَكثر أَصْحَاب شُعْبَة وَقَفُوهُ عَلَى ابْن عَبَّاس
انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم
وَله طَرِيق آخر أَيْضا عِنْد التِّرْمِذِيّ رَوَاهُ عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَلّي بن زيد عَن يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (لما أغرق الله فِرْعَوْن قَالَ آمَنت أَنه لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنت بِهِ بَنو إِسْرَائِيل فَقَالَ جِبْرِيل يَا مُحَمَّد فَلَو رَأَيْتنِي وَأَنا آخذ من حَال الْبَحْر فَأَدُسهُ فِي فِيهِ مَخَافَة أَن تُدْرِكهُ الرَّحْمَة) انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن
وَبِهَذَا الْإِسْنَاد رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَعبد بن حميد فِي مسانيدهم وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه
وَرَوَاهُ السَّرقسْطِي فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث أخبرنَا مُوسَى بن هَارُون حَدثنَا يَحْيَى بن عبد الحميد حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن عمر بن يعلي عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ جِبْرِيل للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وَذكر فِرْعَوْن فَقَالَ لقد(2/138)
رَأَيْتنِي وَإِنِّي لألبس فَمه بِالْحُمَاةِ مَخَافَة أَن تُدْرِكهُ الرَّحْمَة انْتَهَى
أما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّادِس وَالْخمسين والطبري وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم فِي تفاسيرهم عَن حكام بن سلم عَن عَنْبَسَة بن سعيد عَن كثير بن زَاذَان عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (قَالَ لي جِبْرِيل يَا مُحَمَّد لَو رَأَيْتنِي وَأَنا آخذ من حَال الْبَحْر فَأَدُسهُ فِي فِي فِرْعَوْن مَخَافَة أَن يَقُول رَبِّي الله فَتُدْرِكهُ رَحْمَة الله)
انْتَهَى
وَأما حَدِيث ابْن عمر فَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد حَدثنَا خطاب بن سعد الدِّمَشْقِي حَدثنَا نصر بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن أبي ضَمرَة السّلمِيّ حَدثنَا أبي حَدثنَا عبد الله بن أبي قيس حَدثنَا عبد الله بن عمر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَقُول (قَالَ لي جِبْرِيل يَا مُحَمَّد مَا غضب رَبك عَلَى أحد غَضَبه عَلَى فِرْعَوْن إِذْ قَالَ مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي وَإِذ نَادَى فَقَالَ أَنا ربكُم الْأَعْلَى فَلَمَّا أدْركهُ الْغَرق اسْتَغَاثَ وَأَقْبَلت أَحْشُو فَاه مَخَافَة أَن تُدْرِكهُ الرَّحْمَة) انْتَهَى
605 - الحَدِيث الثَّامِن عشر
رُوِيَ أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام جَاءَ فِرْعَوْن بِفُتْيَا مَا قَول الْأَمِير فِي عبد لرجل نَشأ فِي مَاله وَنعمته فَكفر نعْمَته وَجحد حَقه وَادَّعَى السِّيَادَة دونه فَكتب فِرْعَوْن عَلَيْهَا يَقُول أَبُو الْعَبَّاس الْوَلِيد بن مُصعب جَزَاء هَذَا العَبْد الْخَارِج عَلَى سَيّده الْكَافِر نعماه أَن يغرق فِي الْبَحْر فَلَمَّا ألْجمهُ الْغَرق نَاوَلَهُ جِبْرِيل خطه فَعرفهُ(2/139)
606 - الحَدِيث التَّاسِع عشر
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عِنْد نزُول قَوْله تَعَالَى فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك فَسَأَلَ الَّذين يقرءُون الْكتاب من قبلك الْآيَة (لَا أَشك وَلَا أسأَل بل أشهد أَنه الْحق)
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره أَنا معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك قَالَ بلغنَا أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (لَا أَشك وَلَا أسأَل)
انْتَهَى
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ مثله سَوَاء وَهُوَ معضل
607 - الحَدِيث الْعشْرُونَ
رُوِيَ أَنه لما نزلت واصبر حَتَّى يحكم الله جمع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الْأَنْصَار فَقَالَ (إِنَّكُم سَتَجِدُونَ بعدِي أَثَرَة فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي)
غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَهُوَ فِي تَفْسِير الثَّعْلَبِيّ عَن أنس بِغَيْر سَنَد
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عبد الله بن زيد بن عَاصِم أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ
(يَا معشر الْأَنْصَار ألم أَجِدكُم ضلالا فَهدَاكُم الله بِي) إِلَى أَن قَالَ إِنَّكُم سَتَلْقَوْنَ بعدِي أَثَرَة فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْض)
مُخْتَصر
وَأخرجه أَيْضا عَن أسيد بن حضير أَن رجلا من الْأَنْصَار قَالَ يَا رَسُول الله أَلا تَسْتَعْمِلنِي كَمَا اسْتعْملت فلَانا فَقَالَ (إِنَّكُم سَتَلْقَوْنَ بعدِي أَثَرَة فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْض)
انْتَهَى(2/140)
608 - الحَدِيث الْحَادِي وَالْعِشْرين
رُوِيَ أَن أَبَا قَتَادَة تخلف عَن تلقي مُعَاوِيَة وَقد قدم الْمَدِينَة وَقد تَلَقَّتْهُ الْأَنْصَار ثمَّ دخل عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَالك لم تتلقنا قَالَ لم تكن عندنَا دَوَاب قَالَ فَأَيْنَ النَّوَاضِح قَالَ قَطعْنَاهَا فِي طَلَبك وَطلب أَبِيك يَوْم بدر وَقد قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (إِنَّكُم سَتَلْقَوْنَ بعدِي أَثَرَة) فَقَالَ مُعَاوِيَة فَمَاذَا قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي) قَالَ فَاصْبِرُوا قَالَ إِذن نصبر فَقَالَ عبد الرَّحْمَن ابْن حسان بن ثَابت
(أَلا أبلغ مُعَاوِيَة بن حَرْب ... أَمِير الظَّالِمين نَثَا كَلَامي)
(بِأَنا صَابِرُونَ فمنظروكم ... إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالْخِصَام)
قلت رَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده أخبرنَا عبد الرَّزَّاق أَنا معمر عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل بن أبي طَالب أَن مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لما قدم الْمَدِينَة لقِيه أَبُو قَتَادَة الْأنْصَارِيّ فَقَالَ مُعَاوِيَة تَلقانِي النَّاس كلهم غَيْركُمْ يَا معشر الْأَنْصَار فَمَا يمنعكم أَن تَلْقَوْنِي قَالَ لم يكن لنا دَوَاب فَقَالَ مُعَاوِيَة فَأَيْنَ النَّوَاضِح قَالَ أَبُو قَتَادَة عقرناها فِي طَلَبك وَطلب أَبِيك يَوْم بدر ثمَّ قَالَ أَبُو قَتَادَة إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لنا (إِنَّكُم سَتَلْقَوْنَ بعدِي أَثَرَة) قَالَ مُعَاوِيَة فَمَا أَمركُم قَالَ أمرنَا أَن نصبر حَتَّى نَلْقَاهُ قَالَ فَاصْبِرُوا حَتَّى تلقوهُ فَقَالَ عبد الرَّحْمَن ابْن حسان حِين بلغه ذَلِك ... فَذكر الْبَيْتَيْنِ إِلَّا أَنه قَالَ عوض الظَّالِمين الْمُؤمنِينَ وَقَالَ عوض يَوْم الْقِيَامَة يَوْم التغابن
انْتَهَى
وَمن طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه رَوَاهُ الْحَاكِم وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب التَّاسِع وَالْأَرْبَعِينَ(2/141)
609 - الحَدِيث الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (من قَرَأَ سُورَة يُونُس أعطي من الْأجر عشر حَسَنَات بِعَدَد من صدق بِيُونُس وَكذب بِهِ وَبِعَدَد من غرق مَعَ فِرْعَوْن)
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث سَلام بن سليم حَدثنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره سَوَاء
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق أبي بكر بن أبي دَاوُد بِسَنَدِهِ فِي آخر الْكتاب
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه بِهِ فِي آل عمرَان
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط أخبرنَا الْأُسْتَاذ أَبُو عُثْمَان سعيد بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي حَدثنَا أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مطر الْعدْل حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن شريك الْأَسدي حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس حَدثنَا سَلام بن سليم بِهِ(2/142)
سُورَة هود عَلَيْهِ السَّلَام(2/143)
سُورَة هود عَلَيْهِ السَّلَام
ذكر فِيهَا أحد عشر حَدِيثا
610 - الحَدِيث الأول
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه تَلا قَوْله تَعَالَى ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا فَقَالَ (أَيّكُم أحسن عقلا وَأَوْرَع عَن محارم الله وأسرع فِي طَاعَة الله)
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره فَقَالَ حَدثنَا عَن دَاوُد بن المحبر حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن زيد عَن كُلَيْب بن وَائِل عَن عبد الله بن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه تَلا قَوْله تَعَالَى ... إِلَى آخِره سَوَاء
وَرَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث الْحَارِث بن أبي أُسَامَة حَدثنَا دَاوُد بن المحبر بِهِ
ثمَّ وجدته فِي كتاب الْعقل لداود بن المحبر وَهُوَ جُزْء لطيف رَوَاهُ بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُور وَرَأَيْت فِي حَاشِيَة عَلَيْهِ بِخَط بعض الْفُضَلَاء قَالَ عبد الْغَنِيّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كتاب الْعقل وَضعه أَرْبَعَة وَضعه ميسرَة بن عبد ربه ثمَّ سَرقه دَاوُد ابْن المحبر مِنْهُ فَرَكبهُ بأسانيد غير ميسرَة وَسَرَقَهُ عبد الْعَزِيز بن أبي رَجَاء فَرَكبهُ بأسانيد أخر ثمَّ سَرقه سُلَيْمَان بن عِيسَى السجْزِي وَركبهُ بأسانيد أُخْرَى
وَأَعَادَهُ المُصَنّف فِي سُورَة تبَارك
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره حَدثنِي أَحْمد بن الْحسن بن هَارُون الرَّازِيّ حَدثنَا الْحُسَيْن بن هَارُون النَّيْسَابُورِي حَدثنَا مُحَمَّد بن أَشْرَس حَدثنَا سُلَيْمَان بن عِيسَى(2/145)
حَدثنَا سُفْيَان الثَّوْريّ حَدثنَا كُلَيْب بن وَائِل عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَرَوَاهُ فِي سُورَة الْملك أَيْضا من طَرِيق دَاوُد بن المحبر
611 - الحَدِيث الثَّانِي
رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (أَن أَصْحَاب سفينة نوح كَانُوا ثَمَانِيَة نوح وَأَهله وَبَنوهُ الثَّلَاثَة سَام وَحَام وَيَافث وَنِسَاؤُهُمْ)
قلت غَرِيب
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره مَوْقُوفا عَلَى قَتَادَة فَقَالَ حَدثنَا بشر بن معَاذ حَدثنَا يزِيد بن هَارُون حَدثنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَنه لم يتم فِي السَّفِينَة إِلَّا نوح وَامْرَأَته وَبَنوهُ الثَّلَاثَة وَنِسَاؤُهُمْ فَجَمِيعهمْ ثَمَانِيَة انْتَهَى وَأَعَادَهُ فِي العنكبوت
612 - الحَدِيث الثَّالِث رُوِيَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام زوج ابْنَتَيْهِ من عتبَة بن أبي لَهب وَأبي الْعَاصِ بن وَائِل قبل الْوَحْي وهما كَافِرَانِ
قلت رَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه فِي تَرْجَمَة زَيْنَب بنت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن إِسْحَاق وَكَذَلِكَ ابْن هِشَام فِي السِّيرَة فِي غَزْوَة بدر الْكُبْرَى قَالَ كَانَ أَبُو الْعَاصِ بن الرّبيع من رجال مَكَّة الْمَعْدُودين مَالا وَأَمَانَة وَكَانَت خَدِيجَة خَالَته فَإِن أمه هَالة بنت خويلد أُخْت خَدِيجَة وَخَالَة زَيْنَب فَسَأَلت خَدِيجَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ(2/146)
أَن يُزَوجهُ زَيْنَب وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَا يُخَالِفهَا وَذَلِكَ قبل أَن ينزل عَلَيْهِ فَلَمَّا أكْرم الله نبيه بِالنُّبُوَّةِ وَآمَنت بِهِ خَدِيجَة وَبنَاته وَصَدَّقْنَهُ وَدَن بِدِينِهِ وَثَبت أَبُو الْعَاصِ عَلَى شركه وَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد زوج عتبَة بن أبي لَهب ابْنَته رقية فَلَمَّا دَعَا رَسُول الله قُريْشًا إِلَى أَمر الله فَقَالَ بَعضهم لبَعض إِنَّكُم قد فَرَغْتُمْ مُحَمَّدًا من همه فَردُّوا عَلَيْهِ بَنَاته فاشغلوه بِهن فَمَشَوْا إِلَى أبي الْعَاصِ بن الرّبيع فَقَالُوا لَهُ فَارق صَاحبَتك وَنحن نُزَوِّجك أَي امْرَأَة شِئْت فَقَالَ لَاها الله وَأَبَى عَلَيْهِم ثمَّ مَشوا إِلَى عتبَة بن أبي لَهب فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَقَالَ لَهُم إِن زَوَّجْتُمُونِي بنت سعيد بن الْعَاصِ فَارَقت رقية فَزَوجُوهُ بهَا فَفَارَقَ رقية وَلم يكن عَدو الله دخل بهَا كَرَامَة لَهَا وَهَوَانًا لَهُ وَتَزَوجهَا بعده عُثْمَان بن عَفَّان وَفرق الْإِسْلَام بَين أبي الْعَاصِ بن الرّبيع وَزَيْنَب بنت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَلم تزل عَلَى إسْلَامهَا وَهُوَ عَلَى شركه حَتَّى هَاجر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى الْمَدِينَة وَهِي مُقِيمَة بِمَكَّة فَلَمَّا سَارَتْ قُرَيْش سَار فيهم أَبُو الْعَاصِ بن الرّبيع فأصيب فِي الْأسَارَى يَوْم بدر مُخْتَصر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن قَتَادَة أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ زوج ابْنَته أم كُلْثُوم فِي الْجَاهِلِيَّة عتيبة بن أبي لَهب وَزوج رقية لِأَخِيهِ عتبَة بن أبي لَهب فَلَمَّا جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ وَنزلت تبت يدا أبي لَهب سَأَلَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عتبَة بن أبي لَهب طَلَاق رقية وَسَأَلت رقية ذَلِك فَطلقهَا وطلق عتيبة أم كُلْثُوم فَتزَوج عُثْمَان بن عَفَّان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه رقية فَتُوُفِّيَتْ عِنْده وَلم تَلد لَهُ وَتزَوج أَبُو الْعَاصِ بن الرّبيع زَيْنَب فَولدت لَهُ أُمَامَة مُخْتَصر
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن الطَّبَرَانِيّ بِسَنَدِهِ إِلَى الْوَاقِدِيّ قَالَ كَانَت رقية بنت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قبل عُثْمَان عِنْد عتبَة بن أبي لَهب وَأم كُلْثُوم عِنْد عتيبة ابْن أبي لَهب زَوجهمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إيَّاهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّة
613 - الحَدِيث الرَّابِع
قَالَ النَّبِي) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (رحم الله أخي لوطا كَانَ يأوي إِلَى ركن شَدِيد)
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فِي بَدْء الْخلق وَمُسلم فِي الْفَضَائِل من حَدِيث(2/147)
أبي سَلمَة وَسَعِيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (نَحن أَحَق من إِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ رب أَرِنِي كَيفَ تحْيَى الْمَوْتَى قَالَ أولم تؤمن قَالَ بلَى وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي وَيرْحَم الله لوطا كَانَ يأوي إِلَى ركن شَدِيد وَلَو لَبِثت فِي السجْن مَا لبث يُوسُف لَأَجَبْت الدَّاعِي)
انْتَهَى
614 - الحَدِيث الْخَامِس
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه سَأَلَ جِبْرِيل عَن قَوْله تَعَالَى وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد فَقَالَ يَعْنِي ظالمي أمتك فَقَالَ (مَا من ظَالِم مِنْهُم إِلَّا وَهُوَ يعرض حجر يسْقط عَلَيْهِ من سَاعَة إِلَى سَاعَة)
قلت غَرِيب وَذكره الثَّعْلَبِيّ عَن أنس من غير سَنَد
615 - قَوْله عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ ليَأْتِيَن عَلَى جَهَنَّم يَوْم يصفق فِيهِ أَبْوَابهَا لَيْسَ فِيهَا أحد
قَالَ المُصَنّف بَلغنِي عَن بعض الضلال أَنه اغْترَّ بِهَذَا الحَدِيث قَالَ فَاعْتقد أَن الْكفَّار لَا يخلدُونَ فِي النَّار وَهَذَا إِن صَحَّ عَن ابْن الْعَاصِ فَمَعْنَاه أَنهم يخرجُون من حر النَّار إِلَى برد الزَّمْهَرِير
قلت رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده حَدثنَا مُحَمَّد بن بشير حَدثنَا أَبُو دَاوُد حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي بلج عَن عَمْرو بن مَيْمُون عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ يَأْتِي عَلَى النَّار زمَان يخْفق أَبْوَابهَا لَيْسَ فِيهَا أحد يَعْنِي من الْمُوَحِّدين
انْتَهَى وَسكت عَنهُ
وَقد رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعا رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن الْعَلَاء بن زيد الثَّقَفِيّ عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (ليَأْتِيَن عَلَى جَهَنَّم يَوْم تَصْطَفِق أَبْوَابهَا(2/148)
مَا فِيهَا من أمة مُحَمَّد أحد)
انْتَهَى وَأعله بِالْعَلَاءِ بن زيد وَقَالَ إِنَّه مُنكر الحَدِيث
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من حَدِيث جَعْفَر بن الزُّبَيْر عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (يَأْتِي عَلَى جَهَنَّم يَوْم مَا فِيهَا من بني آدم أحد يخْفق أَبْوَابهَا) يَعْنِي من الْمُوَحِّدين
انْتَهَى ثمَّ قَالَ هَذَا حَدِيث مَوْضُوع وجعفر بن الزُّبَيْر قَالَ شُعْبَة كَانَ يكذب وَقَالَ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مَتْرُوك
انْتَهَى كَلَامه
616 - الحَدِيث السَّادِس
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (شيبتني هود والواقعة وَأَخَوَاتهَا)
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَقَرِيب مِنْهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي تَفْسِيره سُورَة الْوَاقِعَة من حَدِيث شَيبَان عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله قد شبت قَالَ (شيبتني هود والواقعة والمرسلات وَعم يتساءلون وَإِذا الشَّمْس كورت) انْتَهَى وَقَالَ حسن غَرِيب انْتَهَى
وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده ثمَّ قَالَ وَقد اخْتلف فِيهِ عَلَى أبي إِسْحَاق فَقَالَ شَيبَان عَن أبي إِسْحَاق عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس وَقَالَ عَلّي بن صَالح عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي جُحَيْفَة وَقَالَ زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن أبي إِسْحَاق عَن مَسْرُوق أَن أَبَا بكر
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَزَاد أَشْيَاء أُخْرَى
وَأما الدَّارَقُطْنِيّ فَإِنَّهُ أَطَالَ فِي ذَلِك تَطْوِيلًا كثيرا
وَحَدِيث الْكتاب رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره فِي سُورَة الْوَاقِعَة فَقَالَ(2/149)
حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَاد حَدثنَا مُحَمَّد بن غَالب بن حَرْب حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر الْوَركَانِي حَدثنَا حَمَّاد بن يَحْيَى الأبحر حَدثنَا ابْن عون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عمرَان ابْن حُصَيْن قَالَ قيل يَا رَسُول الله أسْرع إِلَيْك الشيب
قَالَ (شيبتني هود والواقعة وَأَخَوَاتهَا)
انْتَهَى
617 - الحَدِيث السَّابِع
رُوِيَ أَن أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالُوا لَهُ يَا رَسُول الله لقد أسْرع فِيك الشيب
فَقَالَ (شيبتني هود)
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع حَدثنَا مُحَمَّد بن بشر عَن عَلّي بن صَالح عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ قيل لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لقد أسْرع فِيك الشيب ... إِلَى آخِره وسُفْيَان بن وَكِيع قَالَ أَبُو زرْعَة كَانَ يتهم بِالْكَذِبِ وَقَالَ البُخَارِيّ كَانَ يَتَلَقَّن
رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة أبي إِسْحَاق السبيعِي من حَدِيث مُحَمَّد ابْن عبد الله بن نمير ثَنَا مُحَمَّد بن بشير بِهِ سندا ومتنا
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ فِي أول كِتَابه الْعِلَل من حَدِيث أبي بكر بن عَيَّاش عَن أبي إِسْحَاق عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ أَبُو بكر يَا رَسُول الله لقد أسْرع إِلَيْك الشيب قَالَ (شيبتني هود وَأُخُوَّتهَا)
انْتَهَى وَتكلم عَلَى هَذَا الحَدِيث وَاخْتِلَاف طرقه وَأَلْفَاظه كلَاما طَويلا نَحْو الْأَرْبَع وَرَقَات
وَرَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن حَمَّاد بن يَحْيَى الأبحر عَن يزِيد الرقاشِي عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ لَهُ أَصْحَابه لقد أسْرع إِلَيْك الشيب قَالَ (شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا)
انْتَهَى قَالَ وَحَمَّاد بن يَحْيَى فِي حَدِيثه مَا لَا يُتَابع وَهُوَ مِمَّن يكْتب حَدِيثه
انْتَهَى
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات من حَدِيث أبي صَخْر عَن يزِيد الرقاشِي عَن(2/150)
أنس ... فَذكره وَزَاد قَالُوا يَا رَسُول الله فَمَا أخواتها قَالَ (الْوَاقِعَة وَالْقَارِعَة وَسَأَلَ سَائل وَإِذا الشَّمْس كورت)
انْتَهَى
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من حَدِيث عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب يَا رَسُول الله لقد أسْرع إِلَيْك الشيب فَقَالَ (شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا الْوَاقِعَة وَعم يتساءلون وَإِذا الشَّمْس كورت)
انْتَهَى
618 - الحَدِيث الثَّامِن
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (من دَعَا لظَالِم بِالْبَقَاءِ فقد أحب أَن يعْصَى الله فِي أرضه)
قلت غَرِيب مَرْفُوعا وَذكره الْغَزالِيّ كَذَلِك مَرْفُوعا فِي موضِعين من كِتَابه إحْيَاء عُلُوم الدَّين وَلم نجده إِلَّا من قَول الْحسن رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب السَّادِس وَالسِّتِّينَ عَن عبد الله بن عمر الرقي عَن يُونُس بن عبيد سَمِعت الْحسن يَقُول ... فَذكره
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من قَول سُفْيَان الثَّوْريّ فِي تَرْجَمته
619 - الحَدِيث التَّاسِع فِي الحَدِيث (إِن الصَّلَاة إِلَى الصَّلَاة كَفَّارَة مَا بَينهمَا مَا اجْتنب الْكَبَائِر)
قلت هُوَ فِي مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ (الصَّلَوَات الْخمس وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة كَفَّارَات لما بَينهُنَّ مَا اجْتنبت الْكَبَائِر)
انْتَهَى أخرجه مُسلم أول الصَّلَاة(2/151)
وَفِي الْجمع لعبد الْحق لم يُخرجهُ البُخَارِيّ
وَعند الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة الَّتِي بعْدهَا كَفَّارَة لما بَينهمَا قَالَ صَحِيح لَا أعرف لَهُ عِلّة
620 - الحَدِيث الْعَاشِر
رُوِيَ فِي قَوْله تَعَالَى إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات أَنَّهَا نزلت فِي أبي الْيُسْر عَمْرو بن غزيَّة الْأنْصَارِيّ وَذَلِكَ أَنه كَانَ يَبِيع التَّمْر فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَأَعْجَبتهُ فَقَالَ لَهَا إِن فِي الْبَيْت أَجود من هَذَا التَّمْر فَذهب بهَا إِلَى بَيته فَضمهَا إِلَى نَفسه وَقبلهَا فَقَالَت لَهُ اتَّقِ الله فَتَركهَا وَنَدم فَأَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأخْبرهُ بِمَا فعل فَقَالَ (انْتظر أَمر رَبِّي) فَلَمَّا صَلَّى صَلَاة الْعَصْر نزلت فَقَالَ لأبي الْيُسْر صليت مَعنا هَذِه الصَّلَاة قَالَ نعم قَالَ (اذْهَبْ فَإِنَّهَا كَفَّارَة لما فعلت)
وَرُوِيَ أَنه أَتَى أَبَا بكر فَقَالَ اسْتُرْ وَتب إِلَى الله فَأَتَى عمر فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك فَأَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَنزلت فَقَالَ عمر يَا رَسُول الله أَهَذا لَهُ خَاصَّة أم للنَّاس عَامَّة قَالَ (بل للنَّاس عَامَّة)
وَرُوِيَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لَهُ (تَوَضَّأ وضُوءًا حسنا وصل رَكْعَتَيْنِ إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات)
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث قيس بن الرّبيع وَشريك عَن عُثْمَان بن عبد الله بن موهب عَن مُوسَى بن طَلْحَة عَن أبي الْيُسْر كَعْب بن عَمْرو قَالَ أَتَتْنِي امْرَأَة تبْتَاع تَمرا فَقلت إِن فِي الْبَيْت تَمرا أطيب مِنْهُ فَدخلت معي فِي الْبَيْت فَأَهْوَيْت إِلَيْهَا فَقَبلتهَا فَقَالَت اتَّقِ الله فَأتيت أَبَا بكر فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ اسْتُرْ عَلَى نَفسك وَتب فَأتيت عمر فَقَالَ مثل ذَلِك فَأتيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَذكرت ذَلِك لَهُ فَأَطْرَقَ طَويلا حَتَّى أُوحِي إِلَيْهِ أقِم الصَّلَاة طرفِي(2/152)
النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل) إِلَى قَوْله لِلذَّاكِرِينَ قَالَ أَبُو الْيُسْر فَأَتَيْته فقرأها عَلّي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ أَصْحَابه يَا رَسُول الله أَلِهَذَا خَاصَّة أم للنَّاس عَامَّة قَالَ (بل للنَّاس عَامَّة)
انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب وَقيس ابْن الرّبيع ضعفه وَكِيع وَغَيره
وَقد رَوَاهُ شريك عَن ابْن موهب كَمَا رَوَاهُ قيس انْتَهَى
وَرَوَاهُ شريك عِنْد النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار
وَرَوَاهُ بِسَنَد التِّرْمِذِيّ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه والطبري فِي تَفْسِيره وَرَوَاهُ الْبَزَّار بِسَنَد النَّسَائِيّ كلهم بِالْمَتْنِ الْمَذْكُور
قَالَ الْبَزَّار لَا نعلم رَوَاهُ عَن أبي الْيُسْر إِلَّا مُوسَى بن طَلْحَة وَلَا عَن مُوسَى إِلَّا عُثْمَان بن موهب وَرَوَاهُ عَن عُثْمَان شريك وَقيس بن الرّبيع فَروينَاهُ عَن شريك لِأَنَّهُ أجل من قيس
انْتَهَى
وأصل الحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي أَوَائِل مَوَاقِيت الصَّلَاة وَمُسلم فِي الرَّقَائِق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَقَالَ إِنِّي عَالَجت امْرَأَة فِي أقْصَى الْمَدِينَة وَإِنِّي أصبت مِنْهَا مَا دون أَن أَمسهَا وَأَنا هَذَا فَاقْض فِي بِمَا شِئْت فَقَالَ لَهُ عمر لقد سترك الله لَو سترت نَفسك فَلم يرد عَلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شَيْئا فَانْطَلق الرجل فَأتبعهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رجلا فَدَعَاهُ فَتلا عَلَيْهِ أقِم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ رجل من الْقَوْم يَا رَسُول الله أَله خَاصَّة أم للنَّاس عَامَّة فَقَالَ (بل للنَّاس كَافَّة)
انْتَهَى
وَلَفظ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ هُوَ أقرب إِلَى لفظ الْكتاب
وَفِي مُسْند أَحْمد فَقَالَ عمر بن الْخطاب يَا رَسُول الله أَله وَحده أم للنَّاس كَافَّة
وَرَوَاهُ تَوَضَّأ وضُوءًا حسنا عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنهمَا وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَسكت عَنهُ وَمن طَرِيق الدَّارَقُطْنِيّ الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول كلهم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن معَاذ بن جبل أَنه كَانَ قَاعِدا عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا تَقول فِي رجل أصَاب من(2/153)
امْرَأَة لَا تحل لَهُ فَلم يدع شَيْئا يُصِيبهُ الرجل من امْرَأَته إِلَّا أَصَابَهُ مِنْهَا غير أَنه لم يُجَامِعهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (تَوَضَّأ وضُوءًا حسنا ثمَّ صل) قَالَ فَأنْزل الله الْآيَة فَقَالَ معَاذ أَهِي لَهُ خَاصَّة أم للْمُسلمين عَامَّة قَالَ (بل للْمُسلمين عَامَّة)
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ كَذَلِك لم يكن فِيهِ وضُوءًا حسنا وَلَفظه فَأمره النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَن يتَوَضَّأ وَيُصلي وَقَالَ هَذَا حَدِيث ضَعِيف لَيْسَ بِمُتَّصِل السَّنَد فَإِن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى لم يدْرك معَاذًا ومعاذ مَاتَ فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب وَعمر قتل وَعبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى غُلَام صَغِير ابْن سِتّ سِنِين
انْتَهَى
وَأَبُو الْيُسْر هَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي شرح مُسلم اخْتلف فِي اسْمه فَقيل كَعْب بن عَمْرو وَقيل عَمْرو بن غزيَّة
قلت الْأَكْثَر عَلَى الأول هَكَذَا سَمَّاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَاقْتصر التِّرْمِذِيّ عَلَى أبي الْيُسْر وَزَاد النَّسَائِيّ ابْن عَمْرو لم يُسَمِّيَاهُ وَهُوَ كَذَلِك كَعْب بن عَمْرو فِي كتب الصَّحَابَة وَأَسْمَاء الرِّجَال وَالْمُصَنّف سَمَّاهُ عَمْرو بن غزيَّة تبعا لِلثَّعْلَبِي فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيره نزلت هَذِه الْآيَة فِي عَمْرو بن غزيَّة الْأنْصَارِيّ
621 - الحَدِيث الْحَادِي عشر
فِي الحَدِيث بَقينَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَي رقبناه
قلت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي الصَّلَاة عَن عَاصِم عَن حميد عَن معَاذ ابْن جبل قَالَ بَقينَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فِي صَلَاة الْعَتَمَة فَتَأَخر حَتَّى ظن الظَّان أَنه لَيْسَ بِخَارِج وَمنا من يَقُول صَلَّى حَتَّى خرج فَقَالُوا لَهُ فَقَالَ (أعْتِمُوا بِهَذِهِ الصَّلَاة فَإِنَّكُم قد فضلْتُمْ بهَا عَلَى سَائِر الْأُمَم)
انْتَهَى(2/154)
الحَدِيث الثَّانِي عشر
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (من قَرَأَ سُورَة هود أعْطى من الْأجر عشر حَسَنَات بِعَدَد من صدق بِنوح وَمن كذب وَهود وَصَالح وَشُعَيْب وَلُوط وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَكَانَ يَوْم الْقِيَامَة من السُّعَدَاء)
قلت رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات من طَرِيق أبي بكر بن أبي دَاوُد السجسْتانِي حَدثنَا مُحَمَّد بن عَاصِم حَدثنَا شَبابَة بن سوار حَدثنَا مخلد عبد الْوَاحِد عَن عَلّي بن زيد بن جدعَان وَعَطَاء بن أبي مَيْمُونَة عَن زر بن حُبَيْش عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ... فَذكره
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه الْمُتَقَدِّمين فِي آل عمرَان
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط أخبرنَا الْأُسْتَاذ أَبُو عُثْمَان سعيد بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي حَدثنَا أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مطر الْعدْل أَنا إِبْرَاهِيم بن شريك الْأَسدي حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس حَدثنَا سَلام بن سليم الْمَدَائِنِي حَدثنَا هَارُون ابْن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب(2/155)