أخرجه ابن شاهين في كتاب ((الترغيب)) من وجه آخر ضعيف عن عمرو بن شعيب، وقال فيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس .. .. فذكر نحو حديث ابن عباس.
وللحديث طريق أخرى عن عبد الله بن عمرو.
أخرجها أبو داود من رواية عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء قال: حدثني رجل كان له صحبة يرون أنه عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم ((ائتني غداً أحبوك وأثيبك ..)) فذكر الحديث، وقال فيه: ((إذا زال النهار فصل أربع ركعاتٍ ..)).
نحو رواية عكرمة عن ابن عباس، وقال فيه: ((فإن لم تستطع أن تصليها تلك الساعة فصلها من الليل والنهار)).
قال أبو داود: رواه المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو موقوفاً. انتهى.
وهذه الرواية وصلها علي بن سعد النسلي في أسئلة قال: حدثنيه مسلم -يعني ابن إبراهيم- عن المستمر.
قال المنذري: رواة هذا الحديث ثقات.
قلت: لكن اختلف فيه على ابن الجوزاء، فقيل: عنه عن عبد الله بن عباس، وقيل: عنه عن عبد الله بن عمرو، وقيل: عنه عن عبد الله بن عمر مع الاختلاف عليه في رفعه ووقفه، وفي المقول له في المرفوع هل هو العباس أو جعفر أو عبد الله بن عمرو أو عبد الله بن عباس، وهذا اضطراب شديد.
وقد أخرج الدارقطني من تخريج طرقه على اختلافها.
وأما حديث الفضل بن عباس فذكره أبو نعيم في كتاب (القربان) من رواية(5/171)
موسى بن إسماعيل، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن الطائي، عن أبيه، عن أبي رافع، عن الفضل بن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: ((أربع ركعاتٍ إذا فعلتهن .. .. )) فذكر نحو حديث أبي رافع المبدأ بذكره أول الكتاب. شيخ الطائي ليس أبا رافع الصحابي، بل هو والطائي المذكور لا أعرفه ولا أباه، وأظن أن أبا رافع إسماعيل بن رافع أحد الضعفاء فيما أظن.
وقد أخرجه سعيد بن منصور في السنن والخطيب في كتاب (صلاح التسبيح) من رواية يزيد بن هارون [وعلي بن عاصم] كلاهما عن أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن عن أبي رافع إسماعيل بن رافع -وليس الصحابي- قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر بن أبي طالب.
وفي رواية يزيد عن أبي معشر عن إسماعيل بن رافع، أن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه عبد الرزاق عن داود بن قيس عن إسماعيل بن رافع عن جعفر بن أبي طالب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((ألا أحبوك؟ ..)) فذكر الحديث بطوله، وقال فيه بعد قوله: ((ففي كل شهرٍ)): ((فإن لم تستطع ففي كل ستة أشهر)).
وقال فيه عند ذكر الذنوب: ((ولو كانت عدد أيام الدنيا)) وفي آخره ((أو فررت من الزحف غفر لك بذلك)).
هذا لفظ سعيد بن منصور.
وأما حديث أبي رافع فتقدم أول الباب.
وأما حديث عبد الله بن عمر فأخرجه الحاكم في المستدرك بعد حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال: وقد صحت الرواية عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه جعفر بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة فلما قدم اعتنقه وقبل ما بين عينيه وقال: ((ألا أبشرك؟ ..)) فذكر الحديث بطوله، وساق من طريق(5/172)
الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن نافع عن ابن عمر.
وقال: صحيح الإسناد لا غبار عليه.
وتعقبه شيخنا لأنه ضعيف الإسناد جداً لا نور عليه.
وكذا تعقبه الذهبي في (تلخيصه) وقالا: في سنده أحمد بن داود بن عبد الغفار الحراني ثم المصري كذبه الدارقطني.
قلت: ولحديث ابن عمر طرق أخرى تقدمت الإشارة إليها قريباً، ويأتي له طريق أخرى في أواخر الكلام على هذا، ومن طريق رابعة أخرجها من وجه آخر عن أبي الجوزاء، والله المستعان.
آخر المجلس الخامس والسبعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الخامس والخمسون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية سماع لكاتبه أحمد بن محمد بن شهبة لطف الله به آمين.
(476)
ثم أملى علينا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب إمام عصره وفريد دهره قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي نفعنا الله به آمين، إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء سادس عشرين ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وثمانمئة باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي لطف الله به آمين.
قال: وأما حديث العباس.
فقرأت على أبي المعالي عبد الله بن عمر السعودي، عن زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم، عن يوسف بن خليل، قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي منصور، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم(5/173)
الأصبهاني، قال: أخبرنا دعلج بن أحمد في كتابه، قال: حدثنا جعفر العطار، قال: حدثنا سليمان بن عمرو بن خالد الرقطي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا موسى بن أعين، عن أبي رجاء، عن صدقة الدمشقي، عن عروة بن رويم، عن ابن الديلمي، عن العباس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعطيك؟ ألا أهب لك؟ ألا أنحلك؟)) فظننت أنه يعطيني من الدنيا مالم يعطه أحداً قبلي)) .. .. فذكر الحديث نحو ما تقدم أولاً، وقال فيه: ((فإذا تشهدت في ركعتين قلتها قبل التشهد، فإن استطعت في كل يومٍ، وإلا ففي أيام، وإلا ففي جمعةٍ، وإلا ففي جمعتين، وإلا ففي شهرٍ، وإلا ففي سنةٍ)).
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن شاهين عن أبي حامد محمد بن هارون الحضرمي، عن سليمان، فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أيضاً عن محمد بن هارون وأبي محمد بن صاعد.
وأخرجه الدارقطني عن أبي عمرو بن السماك.
ثلاثتهم عن أبي الأحوص محمد بن الهيثم، عن أحمد بن أبي شعيب، عن موسى بن أعين.
ورجاله ثقات إلا صدقة، وهو الدمشقي كما ثبت في روايتنا، وكذا في رواية ابن شاهين، ووقع في رواية الدارقطني غير منسوب، فأخرجه ابن الجوزي في (الموضوعات) من طريق الدارقطني، وقال: صدقة هذا هو ابن يزيد الخراساني، ونقل كلام الأئمة فيه.
ووهم في ذلك، والدمشقي هو ابن عبد الله، ويعرف بالسمين، ضعيف من قبل حفظه، ووثقه جماعة، فيصلح للمتابعات بخلاف الخراساني، فإنه(5/174)
متروك عند الجميع، وأبو رجاء الذي في السند اسمه عبد الله بن محرز الجزري.
وابن الديلمي اسمه عبد الله بن فيروز.
ولحديث العباس طريق أخرى.
أخرجها إبراهيم بن أحمد الفرقي في فوائده.
وفي سنده حماد بن عمرو النصيبي كذبوه.
ووقع في روايته عن العباس قال: مر بي النبي صلى الله عليه وسلم.
والصواب ما تقدم في رواية مجاهد عن ابن عباس، أن العباس رضي الله عنهما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذا يأتي في حديث أم سلمة.
وأما حديث علي بن أبي طالب فأخرجه الدراقطني من طريق عمر مولى غفرة -بضم المعجمة وسكون الفاء- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((يا علي ألا أهدي لك؟ .. .. )) فذكر الحديث.
وفيه: حتى ظننت أنه يعطيني جبال تهامة ذهباً، قال: ((إذا قمت إلى الصلاة فقل الله أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله خمس عشرة مرةً..)).
فذكر الحديث.
وهذا يوافق ما تقدم عن ابن المبارك من تقديم الذكر على القراءة.
وسأذكر من جاء عنه نحو ذلك.
وسند الحديث المذكور فيه ضعف وانقطاع.
ولعلي حديث آخر.(5/175)
أخرجه الواحدي في كتاب الدعوات من طريق أبي علي بن الأشعث عن موسى بن جعفر بن إسماعيل بن موسى بن جعفر الصادق، عن آبائه نسقاً إلى علي، وهذا السند أورد به أبو علي المذكور كتاباً رتبه على الأبواب كله بهذا السند، وقد طعنوا فيه وفي نسخته، والله أعلم.
آخر المجلس السادس والسبعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو السادس والخمسون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية سماع لكاتب أحمد بن محمد بن شهبة لطف الله به آمين.
(477)
ثم أملى علينا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب إمام عصره وفريد دهره قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي نفعنا الله به آمين.
إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء ثالث شهر جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وثمانمئة باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي لطف الله به آمين.
قال: وجاء عن علي رضي الله عنه حديث آخر فيه مخالفة كثيرة لجميع ما تقدم.
أخرجه أبو نعيم في كتاب (قربان المتقين) بسندين متصل ومنقطع عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى الضحى أربع ركعاتٍ في يوم جمعةٍ في دهره مرةً واحدةً يقرأ فيهن فاتحة الكتاب و{قل يأيها الكافرون} و{قل هو الله أحدٌ} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} وآية الكرسي في كل ركعةٍ عشر مراتٍ، فإذا تشهد قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله سبعين مرةً دفع الله عنه شر أهل السماء وشر أهل الأرض ..)) فذكر الحديث مطولاً في نحو ورقة.
قال أبو نعيم بعد تخريجه: فيه ألفاظ مكذوبة، وآثار الوضع عليه لائحة.(5/176)
وأما حديث جعفر بن أبي طالب فأخرجه الدارقطني من رواية عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جده، عن علي، عن جعفر رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. فذكر الحديث نحو ما تقدم.
وله طريق أخرى تقدمت في الكلام على حديث الفضل بن عباس.
وأما حديث عبد الله بن جعفر فأخرجه الدارقطني من وجهين عن عبد الله بن زياد بن سمعان، قال في أحدهما: عن معاوية وسعيد ابني عبد الله بن جعفر، وقال في الأخرى: وعون بدل إسماعيل، عن أبيهما رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعطيك؟ ..)) إلى أن قال: فظننت أنه غنى الدهر، وزاد في الذكر ((ولا حول ولا قوة إلا بالله)) وسائره نحو ما تقدم.
وابن سمعان ضعيف.
وأما حديث أم سلمة ففيما:
قرأت على عبد الله بن عمر، عن أم عبد الله الصالحية، عن يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا أبو الحسن الجمال، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا العباس بن أحمد الوشاء، قال: حدثنا أبو إبراهيم الترجماني، قال: حدثنا عمرو بن جميع، قال: حدثنا عمرو بن قيس، عن سعيد بن جبير، عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ويومي حتى إذا كان في الهاجرة جاء العباس رضي الله عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من هذا؟)) قالوا: العباس بن عبد المطلب، فقال: ((الله أكبر لأمرٍ ما جاء في هذه الساعة)) فلما دخل العباس رضي الله عنه، قال: ((يا عماه ما جاء بك في هذه الساعة؟ ..)) فذكر الحديث نحو ما تقدم أولاً من رواية عطاء عن ابن عباس، وقال فيه: ((صل أربع ركعاتٍ لا بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس)) وقال فيه: ((تقرأ فيهن بأربع(5/177)
سورٍ من طوال المفصل)) وقال فيه: ((فوالذي نفس محمدٍ بيده لو كانت ذنوبك عدد قطر المطر وعدد أيام الدنيا، وعدد الشجر والمدر والثرى ..)) إلى آخر الحديث.
هذا حديث غريب.
وعمرو بن جميع ضعيف، وفي إدراك سعيد أم سلمة نظر، والله أعلم.
آخر المجلس السابع والسبعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو السابع والخمسون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية، سماع لكاتبه أحمد بن محمد بن شهبة لطف الله به آمين.
(478)
ثم أملى علينا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب وحيد عصره وفريد دهره نزيل القاهرة قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي نفعنا الله به آمين إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وثمانمئة باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي لطف الله به آمين قال:
وأما حديث الأنصاري الذي لم يسم ففيما:
قرأت على المسند أبي علي المهدوي، أن يوسف بن عمر أخبرهم، قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، قال: أخبرنا عمر بن محمد، قال: أخبرنا أبو البدر الكوفي، قال: أخبرنا أبو بكر بن علي الخطيب.
قال شيخنا: وأنبأنا عالياً يونس بن إبراهيم مشافهة، عن علي بن الحسين كذلك، قال: أخبرنا الفضل بن سهل في كتابه، عن الخطيب، قال: أخبرنا أبو عمر الهاشمي، عن عروة بن رويم، قال: أخبرنا أبو عمر اللؤلؤي، قال: حدثنا أبو داود السجستاني، قال: حدثنا الربيع بن نافع، قال: حدثنا محمد بن(5/178)
مهاجر، قال: حدثني الأنصاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجعفر بن أبي طالب قال .. فذكر نحو حديث ابن مهدي يعني الذي أخرجه قبل من رواية أبي الجوزاء، عن رجل له صحبة يرون أنه عبد الله بن عمرو.
قلت: ذكر المزي في ((مبهمات التهذيب)) الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه عروة بن رويم، قيل: هو جابر بن عبد الله رضي الله عنه. قلت: مستنده أن ابن عساكر أخرج في ترجمة عروة بن رويم أحاديث عن جابر، وهو أنصاري، وجوز أن يكون هو الذي ذكر هنا.
ولكن تلك الأحاديث من غير رواية محمد بن مهاجر عن عروة.
وقد وجدت في ترجمة عروة هذا من مسند الشاميين للطبراني حديثين أخرجهما من طريق أبي توبة وهو الربيع بن نافع شيخ أبي داود فيه بهذا السند بعينه فقال فيهما: حدثني أبو كبشة الأنماري.
فلعل الميم كبرت قليلاً فأشبهت الصاد، فإن يك كذلك فصحابي هذا الحديث أبو كبشة، وعلى التقديرين فسند هذا الحديث لا ينحط عن درجة الحسن، فكيف إذا ضم إلى رواية أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو التي أخرجها أبو داود، وقد حسنها المنذري.
وقد تقدم ذكر من صحح هذا الحديث من طريق عكرمة عن ابن عباس.
ويرد مجموع ذلك على كلام القاضي أبي بكر بن العربي الذي نقله عنه الشيخ وأقره.
ويبطل دعوى ابن الجوزي أن الحديث موضوع.
وقول الشيخ: أن ابن الجوزي ذكر طرقه وضعفها يوهم أنه استوعبها وليس(5/179)
كذلك، فإنه لم يذكره إلا من ثلاث طرق.
إحداها: عن أبي رافع وهي التي اقتصر عليها الشيخ، وفيها موسى بن عبيدة وهو ضعيف كما تقدم.
وثانيها: حديث ابن عباس من رواية عكرمة عنه، وأعلها بموسى بن عبد العزيز، ونقل عن العقيلي أنه مجهول، وقد قدمت ذكر من وثقه.
ثالثها: حديث العباس وضعفه بصدقة، وقد قدمت القول فيه، ولم يذكر طريق عبد الله بن عمرو ولا الأنصاري.
ومجموع ما ذكره لا يقتضي ضعف الحديث فضلاً عن ادعاء بطلانه.
وأما قول العقيلي: لا يثبت فكأنه أراد نفي الصحة فلا ينتفي الحسن، أو أراد وصفه لذاته فلا ينتفي بالمجموع.
وأما تأويل الشيخ كلام الدارقطني فلا يتعين أحد الاحتمالين، لكن يترجح جانب التقوية بموافقة من قواه، وقد أطلق عليه الصحة أو الحسن جماعة من الأئمة، منهم أبو داود كما تقدم في الكلام على طريق عكرمة، وأبو بكر الآجري وأبو بكر الخطيب وأبو سعد السمعاني وأبو موسى المديني وأبو الحسن بن المفضل والمنذري وابن الصلاح.
أخبرنا مسند الشام شهاب الدين بن المعز إجازة مكاتبة، عن محمد بن يوسف، عن الإمام تقي الدين بن الصلاح قال: صلاة التسبيح سنة غير بدعة وحديثها حسن معمول به إلى آخر كلامه في ذلك، والله المستعان.
آخر المجلس الثامن والسبعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار،(5/180)
وهو الثامن والخمسون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية الركنية سماع لكاتبه أحمد بن محمد بن شهبة لطف الله به آمين.
(479)
ثم أملى علينا سيدنا ومولانا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب وحيد عصره وفريد دهره قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي نفعنا الله به آمين إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وثمانمئة باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي لطف الله به آمين، قال:
أخبرني المسند الخير أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبيد الله الصالحي بها، عن أبي العباس بن أبي طالب، أن:
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قال السيوطي في اللآلي المصنوعة (2/43) ملخصاً لكلام المؤلف في المجلس (479) وابن علان في الفتوحات الإلهية (4/218-221).
وروى البيهقي وغيره عن أبي حامد بن الشرقي، قال: كتب مسلم بن الحجاج معنى هذا الحديث عن عبد الرحمن بن بشر -يعني حديث صلاة التسبيح- من رواية عكرمة عن ابن عباس. فسمعت مسلماً يقول: لا يروى في هذا إسناد أحسن من هذا.
وقال الحافظ: قلت: أخرجه أبو عثمان الصابوني عن أبي سعيد بن حمدون عن أبي حامد بن الشرقي أيضاً.
وقال البيهقي بعد تخريجه: كان عبد الله بن المبارك يصليها، وتداولها الصالحون بعضهم عن بعض، وفي ذلك تقوية للحديث المرقوم، وأقدم من روى عنه فلعله أبو الجوزاء أوس بن عبد الله البصري من ثقات التابعين،(5/181)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
أخرجه الدارقطني بسند حسن عنه إنه إذا كان نودي بالظهر أتى المسجد، فيقول للمؤذن: لا تعجلني عن ركعتين، فيصليهما بين الأذان والإقامة.
وكذا ورد النقل عن عبد الله بن نافع ومن تبعه.
وقال عبد العزيز بن أبي داود -وهو بفتح المهملة وتشديد الراء- وهو أقدم من ابن المبارك: من أراد الجنة فعليه بصلاة التسبيح.
وممن جاء عنه الترغيب فيها وتقويتها الإمام أبو عثمان الحيري الزاهد، قال: ما رأيت للشدائد والغموم مثل صلاة التسبيح.
وقال أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس: صلاة التسبيح أشهر الصلوات وأصحها إسناداً.
وسبق كلام الطبري في الأحكام والجويني.
وقال التقي السبكي: صلاة التسبيح من مهمات المسائل في الدين، وحديثها حسن، نص على استحبابها أبو حامد وصاحبه المحاملي والشيخ أبو محمد وولده إمام الحرمين وصاحبه الغزالي وغيرهم.
قال: ولا يغتر بما وقع في الأذكار، فإنه اقتصر على ذكر حديث أبي رافع، وهو ضعيف، واعتمد على قول العقيلي: إن حديثها لا يثبت.
قال: والظن به أنه لو استحضر حديث ابن عباس الذي أخرجه أبو داود وابن خزيمة والحاكم لما قال ذلك.
قال الحافظ: والشيخ وإن ضعف الحديث فآخر كلامه يقتضي الترغيب في فعلها، فقد قال بعد ذكر كلام الروياني: فيكثر القائل بهذا الكلام.
قال الحافظ: فيستفاد مما قاله السبكي زيادة القائلين بها من الشافعية.
وممن لم يذكراه القاضي حسين وصاحباه البغوي والمتولي، ومن قدمائهم أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي قال: ثبت ذكر صلاة التسبيح في إسناد(5/182)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
حسن، وفيه فضل كثير، نقله عنه الطبري -بفتح المهملة والموحدة بعدها مهملة- في كتاب القراءة في الصلاة وغيرهم ممن تقدم ذكره. انتهى.
تنبيه
اختلف كلام الشيخ في هذا الحديث، فقال في الأذكار تقدم عنه، وفي تهذيب الأسماء (3/144) أنه حديث حسن، وفي المجموع (3/546) حديثها لا يثبت، وفيها تغيير نظم الصلاة، فينبغي أن لا تفعل.
وفي كتاب التحقيق له نحو هذا.
وأجاب السبكي بأنه ليس فيها تغيير إلا في الجلوس قبل القيام إلى الركعة الثانية وكذا الرابعة، وذاك محل جلسة الاستراحة، فليس فيها إلا تطويلها لكنه بالذكر.
وأجاب شيخنا -يعني الحافظ العراقي في شرح الترمذي- بأن النافلة يجوز فيها القيام والقعود حتى في الركعة الواحدة.
قال الحافظ: وظهر لي جواب ثالث، وهو أن هذه الجلسة ثبتت مشروعيتها في صلاة التسبيح، وهي كالركوع الثاني في صلاة الكسوف.
فائدة:
قال الحافظ: ذكر زكريا بن يحيى الساجي، وهو من طبقة الترمذي اختلاف الفقهاء في صلاة التسبيح: لا أعرف للشافعي ولا لمالك ولا للأوزاعي ولا لأهل الرأي فيها قولاً.
وقال أحمد وإسحاق: إن فعل فحسب، وسقط أحمد من نسخة معتمدة، ونقل صاحب الفروع أن أحمد سئل عن صلاة التسبيح فنفض يده، وقال: لم يصح منها شيء، ولم نر استحبابها، فإن فعلها إنسان فلا بأس، لأن الفضائل لا يشترط فيها الصحة.
وقال علي بن سعيد عن أحمد، حديثها ضعيف، كل يرويه عن عمر بن مالك، أي وفيه مقال.(5/183)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
وسبق حديث المستمر الذي قال الحافظ فيه: ظاهره رجوع أحمد عن تضعيف الخبر.
قال الحافظ: وقد أفرط بعض المتأخرين من أتباع أحمد كابن الجوزي، فذكر حديثها في الموضوعات، وتقدم الرد عليه، وكابن تيمية، فجزم بأن حديثها ليس بصحيح بل باطل، قاله ابن عبد الهادي، ونقل عنه صاحب الفروع (1/268) أن خبرها كذب.
ونص أحمد وأصحابه على كراهتها.
وقال الأوزاعي في الوسيط: قال بعض من أدركنا من الحفاظ: أظهر القولين في صلاة التسبيح أن حديثها كذب، ولم يقل بها إلا طائفة قليلة من أصحاب الشافعي وأحمد.
قلت: بل أثبتها أئمة الطريقين من الشافعية كما تقدم التنبيه عليه.
والحافظ الذي أشار إليه أظنه ابن تيمية أو من أخذ عنه.
وقد قال المحب الطبري في الأحكام: جمهور الشافعية لم يمنعوا منها.
وتقدم كلام ابن العربي من المالكية، وهو يدل على أنه لا يرى بها بأساً.
قلت: ذكر الحطاب المالكي أن القاضي عياض ذكرها في الفضائل [القواعد]، وتعقبه القباب في شرحها بقوله: لا أعلم أحداً من أهل المذهب صرح باستحباب هذه الصلاة غير عياض في كتابه هذا، وكان حقه أن ينبه فيها(5/184)
.. .. .. (1) .. .. ..
[[باب الأذكار المتعلقة بالزكاة
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقة قال: ((اللهم صل عليهم)) فأتاه أبو أوفى بصدقته فقال: ((اللهم صل على آل أبي أوفى)).
كتاب أذكار الصيام باب ما يقوله إذا رأى الهلال، وما يقول إذا رأى القمر
روينا في مسند الدارمي وكتاب الترمذي، عن طلحة بن عبيد الله
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
على المذهب، ثم يبين اختياره، لئلا يعتقد الناظر في كتابه أن ما أتى به هو مذهب مالك.
قال الخطيب: وليس في المذهب ما يمنع صحتها لا سيما وقد ذكر الترمذي عن ابن المبارك أنه ليس فيه إلا تطويل جلسة الاستراحة الوارد في رواية الترمذي وابن ماجه بأنه سبح فيها عشراً. انتهى.
وفيه موافقة القباب في أنه لم يصرح أحد من أهل المذهب بالاستحباب.
لكن نقل الحافظ في التخريج في حديث ابن عباس من طريق مجاهد أن أبا الوليد المخزومي قال: سألت عبد الله بن نافع عن رواية مالك في التسبيح في الركعة الأولى والثانية من هذه الصلاة فقال: تقعد فيهما كما تقعد للتشهد، وتسبح في الثانية والرابعة قبل التشهد، ثم تدعو بعد التشهد الأخير.
قال الحافظ: فهذا يدل على العمل بها.
قال الحافظ: وأما الحنفية فلم أر عنهم شيئاً إلا ما نقله السروجي عن مختصر البحر في مذهبهم أنها مستحبة وثوابها عظيم. انتهى.(5/185)
رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله)) قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في مسند الدارمي، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال: ((الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضى، ربنا وربك الله)).
وروينا في سنن أبي داود في كتاب الأدب، عن قتادة أنه بلغه؛ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال: ((هلال خيرٍ ورشدٍ، هلال خيرٍ ورشدٍ، هلال خيرٍ ورشدٍ، آمنت بالله الذي خلقك، ثلاث مراتٍ، ثم يقول: الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا)).
وفي رواية عن قتادة ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه)) هكذا رواهما أبو داود مرسلين. وفي بعض نسخ أبي داود، قال أبو داود: ليس في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث مسند صحيح.
ورويناه في كتاب ابن السني، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما رؤية القمر:
فروينا في كتاب ابن السني، عن عائشة رضي الله عنها قالت: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، فإذا القمر حين طلع قال: ((تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب)).(5/186)
وروينا في حلية الأولياء بإسناد فيه ضعف، عن زياد النميري، عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال: ((اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان)).
ورويناه أيضاً في كتاب ابن السني بزيادة.
وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم)) قال الترمذي: حديث حسن. قلت: هكذا الرواية ((حتى)) بالتاء المثناة فوق.
باب ما يقول عند الإفطار
روينا في سنن أبي داود والنسائي، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: ((ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى)).
وروينا في سنن أبي داود، عن معاذ بن زهرة أنه بلغه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال: ((اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت)) هكذا رواه مرسلاً.
وروينا في كتاب ابن السني، عن معاذ بن زهرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: ((الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت)).
وروينا في كتاب ابن السني، عن ابن عباس رضي الله عنهم(5/187)
قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: ((اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا، فتقبل منا إنك أنت السميع العليم)).
وروينا في كتابي ابن ماجه وابن السني، عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن للصائم عند فطره لدعوةً ما ترد)) قال ابن أبي مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو إذا أفطر يقول: ((اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي)).
باب ما يقول إذا أفطر عند قوم
روينا في سنن أبي داود وغيره، بالإسناد الصحيح، عن أنس رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبز وزيت فأكل، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة)).
وروينا في كتاب ابن السني، عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر عند قوم دعا لهم فقال: ((أفطر عندكم الصائمون .. .. )) إلى آخره.
باب ما يدعو به إذا صادق ليلة القدر
روينا بالأسانيد الصحيحة في كتب الترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرها، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله! إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: ((قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) قال الترمذي: حديث حسن صحيح.]](5/188)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله باب الأذكار المتعلقة بالزكاة، ثم قال: وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن عبد الله بن أبي أوفى).
الحديث رواه أحمد (19111 و19115 و19405 و19416) والبخاري (1497 و4166 و6332 و6359) ومسلم (1078) وأبو داود (1590) والنسائي (5/31) وابن ماجه (1796) وأبو داود الطيالسي (819) وابن أبي شيبة (2/519) وابن خزيمة (2345) وابن حبان (917 و3274) وأبو عوانة (2613 و2614) وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (2408) وفي الحلية (5/96) والبغوي في الجعديات (59) وابن الجارود في المنتقى (361). وعبد الرزاق (6957) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2363) والطبراني في الدعاء (2012) والبيهقي (2/152 و4/157 و7/5) وفي الدعوات الكبير (486) والخطيب في تاريخه (4/235) وابن عبد البر في الاستذكار (8688) والبغوي في شرح السنة (1566) من طرق عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن أبي أوفى.
قال الحافظ المؤلف كما في الفتوحات الربانية (4/324): ومدار الحديث عند كلهم على شعبة وهو من غرائب الصحيح.
(قوله: كتاب أذكار الصيام باب ما يقوله إذا رأى الهلال روينا في مسند الدارمي وكتاب الترمذي عن طلحة بن عبيد الله).
الحديث رواه أحمد (1397) والدارمي (1695) والترمذي (3451) وأبو يعلى (661 و662). وابن أبي عاصم في السنة (385) والبخاري في التاريخ الكبير (2/109) والطبراني في الدعاء (903) وابن السني في عمل اليوم والليلة (641) والبغوي (1335) من طريق سليمان بن سفيان المديني، عن بلال بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، عن أبيه عن جده.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب، ورواه الحاكم (4/285) وقال: صحيح الإسناد [كذا قال الحافظ كما في الفتوحات الربانية (4/329) وليس(5/189)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
ذلك في المستدرك المطبوع] وغلط في ذلك، فإن سليمان -يعني ابن سفيان الراوي- عن طلحة [كذا بل بلال] بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله ضعفوه، وإنما حسنه الترمذي لشواهده، وقوله -يعني الترمذي- غريب أي بهذا السند.
(قوله: وروينا في مسند الدارمي عن ابن عمر).
رواه الدارمي (1694) وابن حبان (888) والطبراني في الكبير (13330) وسقط من سند الطبراني سهواً (عبد الرحمن بن) وسنده ضعيف بسبب عثمان بن إبراهيم الحاطبي.
ورواه الطبراني في الدعاء (904) وابن السني (640) نحوه باختصار، قال الحافظ كما في الفتوحات الربانية (4/330) وسنده ضعيف.
(قوله وروينا في سنن أبي داود في كتاب الأدب عن قتادة أنه بلغه).
الحديث رواه أبو داود (5092) هكذا.
قال الحافظ كما في الفتوحات الربانية (4/330): ورجاله ثقات، فإن كان المبلغ صحابياً فهو صحيح، وقد سمي من وجه آخر ضعيف رواه الطبراني في الدعاء (906) من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي -بفتح المهملة وسكون الراء وفتح الزاي- عن قتادة، عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى هلال رمضان قال: ((هلال خيرٍ ورشدٍ)) ثلاث مرات، ((آمنت بالذي خلقك ثم أهلك)).
أخرجه ابن السني، قال: وفي سنده ضعف.
وروي عن أنس من طريق أخرى.
رواه الطبراني وقال: لم يروه عن يحيى بن سعيد إلا زهير بن محمد.(5/190)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قال الحافظ: وهو صدوق، لكنهم ضعفوا روايات عمرو -يعني ابن أبي سلمة- عنه، وعمرو أيضاً صدوق، وفيمن دونه ضعف أيضاً.
وله طريق ثالث عند الطبراني في الدعاء بسند ضعيف جداً، وهو نحو رواية زهير، وزاد في الحديث ((وجعلك آيةً للعالمين)).
وله طريق رابع.
(قوله وفي رواية عن قتادة).
قال في الفتوحات الربانية (4/331-332) قال الحافظ: أخرجه أبو داود (5093).
من رواية أبي هلال محمد بن سليمان الراسبي عن قتادة هكذا مرسلاً.
قال الحافظ: ووجدت لمرسل قتادة شاهداً مرسلاً أيضاً، أخرجه مسدد في مسنده الكبير ورجاله ثقات.
قال: ووجدت له شاهداً موصولاً من حديث أنس بن مالك، قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أقاويل يقولها في الهلال إذا رآه:
منها: أنه كان إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه، وقال: ((هلال خيرٍ ورشدٍ، آمنت بالذي خلقك)) يرددها ثلاثاً.
ومنها: كان يقول: ((الحمد لله الذي ذهب بشهرٍ كذا وجاء بشهر كذا)).
وكان يقول: ((اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام)).
وكان يقول: ((الحمد لله الذي بدأك ثم يعيدك)).
وكان يقول: ((الحمد لله الذي خلقك وسواك فعدلك ربي وربك الله)).(5/191)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قال الحافظ: هذا حديث غريب أخرجه أبو نعيم في عمل اليوم والليلة، ورجاله ثقات إلا عمر بن أيوب -يعني الغفاري- فإنه ضعيف جداً، ونسبه الدارقطني مرة إلى الوضع. انتهى.
(قوله وفي بعض نسخ أبي داود وقال أبو داود إلخ) قال الحافظ: هو في رواية أبي الحسن بن العبد عن أبي داود، وقد انقطع سماعها، ويمكن توصيلها بالإجازة.
(قوله ورويناه في كتاب ابن السني إلخ).
في الفتوحات الربانية (4/332-334) قال الحافظ: الضمير في رويناه لحديث قتادة السابق، ولفظ حديث أبي سعيد عند ابن السني قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال، فذكر نحو رواية العرزمي عن قتادة إلى قوله: ((خلقك)) فزاد ثلاث مرات، ثم يقول: ((الحمد لله الذي ذهب بشهرٍ وجاء بشهرٍ)).
قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث غريب أخرجه ابن السني ورجاله موثقون إلا ابن تمام -يعني عبيد الله- الراوي عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، فإنهم ضعفوه.
قال الحافظ: وفي الباب عن علي وعبادة بن الصامت ورافع بن خديج وعائشة وحدير أبي فوزة مع ستة من الصحابة غير مسمين، وفي رواية مع عشرة، وعن طلحة الزرقي وعن عبد الله بن هشام -وله صحبة- عن عدة من الصحابة بغير رفع، وعن عبد الله بن مطرف مرسلاً.
أما حديث علي فأخرجه الطبراني في الدعاء مرفوعاً وموقوفاً من رواية الحارث الأعور عنه، وفي الحارث فقال: ولفظه: ((اللهم إني أسألك خير هذا الشهر وفتحه ونصره وظهوره ونوره وبركته ورزقه)).(5/192)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
وأما حديث عبادة فلفظه: كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال: ((الله أكبر [الله أكبر] لا حولا ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير هذا الشهر، وأعوذ بك من شر القدر ومن سوء الحشر)).
قال الحافظ: هذا حديث غريب، ورجاله موثقون إلا شيخ عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز المبهم الذي لم يسمه.
وأما حديث رافع بن خديج فأخرجه البزار من رواية ليث بن أبي سليم عن عباية بن رفاعة، عن جده رافع رضي الله عنه، فذكر نحو حديث عبادة، وزاد في أوله: ((هلال خيرٍ ورشدٍ)) وليث ضعيف.
وأما حديث عائشة فلفظه: كان إذا رأى الهلال قال: ((ربي وربك الله، آمنت بالله الذي أبداك ثم يعيدك)).
أخرجه ابن السني بسند ضعيف، فيه الواقدي، ومن لا يعرف حاله.
وأما حديث حدير -وهو بالمهملة مصغر- فقد أخرجه الحافظ عن عثمان بن أبي العاتكة، قال: حدثني أخ لي يقال له: زياد، أن أبا فوزة كان إذا رأى الهلال قال: ((اللهم بارك لنا في شهرنا هذا الداخل)) قال زياد: توالى على هذا الحديث ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعوه منه، والسابع صاحب الفرس(5/193)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
الخربور والرمح الثقيل حدير أبو فوزة السلمي.
قال الحافظ: هذا حديث غريب أخرجه ابن السني من وجه آخر عن عثمان، لكن قال: عن شيخ لنا، ولم يسمه.
وأخرجه أبو نعيم في عمل اليوم والليلة من طريق بشير مولى معاوية، قال: سمعت عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهم حدير يقولون إذا رأوا الهلال، فذكر نحوه وأتم منه، لكن لم يرفعه.
وأما حديث طلحة الزرقي فأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة من طريق عبيد بن طلحة الزرقي، عن أبيه، وكان من أصحاب الشجرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال، فذكر مثل حديث طلحة بن عبيد الله المبتدأ بذكره.
وأما حديث عبد الله بن هشام فلفظه: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون إذا دخلت السنة أو الشهر هذا الدعاء: اللهم أدخله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام.
قال الطبراني: لا يروى عن عبد الله بن هشام إلا بهذا الإسناد، تفرد به رشدين.
قال الحافظ: وهو ضعيف.
وأما حديث عبد الله بن مطرف المرسل فأخرجه ابن السني من طريق مروان بن معاوية، قال: حدثني شيخ عن عبد الله بن مطرف، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظر إلى الهلال قال: ((هلال خيرٍ الحمد لله الذي ذهب بشهر(5/194)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
كذا وكذا وجاء بشهر كذا وكذا، أسألك من خير هذا الشهر ونوره وبركته وهداه وطهوره ومعافاته)).
قال الحافظ: قلت: فيه مع إرساله إبهام الراوي عن ابن مطرف، وباقي رواته ثقات.
(قوله وأما رؤية القمر فروينا في كتاب ابن السني عن عائشة .. إلخ).
الحديث رواه عبد بن حميد (1517) وأحمد (6/61 و206 و215 و237 و252) والنسائي في عمل اليوم والليلة (305 و306) وأبو يعلى (4440) وأبو داود الطيالسي (1086) والترمذي (3366) وابن السني (648) والحربي في غريب الحديث (2/715) والحاكم (2/540-541) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح، ووافقه الذهبي.
في الفتوحات الربانية (4/334) قال الحافظ: هذا حديث حسن غريب، أخرجه الترمذي والنسائي، مع كون ابن السني أخرجه عن النسائي.
وأعجب من ذلك أنه ضعف هذا الحديث في فتاويه مع قول الترمذي فيه: إنه حديث حسن صحيح، وكذا صححه الحاكم، ورجاله رجال الصحيح إلا الحارث -يعني ابن عبد الرحمن- الراوي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، فقال علي بن المديني فيه: مجهول، ما روى عنه إلا ابن أبي ذئب، وخالفه يحيى بن معين، فقال: مشهور، وقواه أحمد والنسائي، فقالا: لا بأس به، وقد روى عنه أيضاً محمد بن إسحاق حديثاً آخر، وأقل درجاته أن يكون حديثاً حسناً. انتهى.(5/195)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله وروينا في حلية الأولياء بإسناد فيه ضعف).
الحديث رواه أبو محمد الخلال في فضائل شهر رجب (1) والبزار ومن طريقه المصنف الحافظ في تبيين العجب (ص37-38) وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (2346) وابن السني (659) وأبو نعيم في الحلية (6/269) والطبراني في الأوسط (3939) وفي الدعاء (911) والبيهقي في الشعب (3534) وفي فضائل الأوقات (14) والخطيب في الموضح (2/473).
في الفتوحات الربانية (4/334-335) قال الحافظ بعد تخريجه من طريق الطبراني في الدعاء تنتهي إلى محمد بن أبي بكر المقدمي - ومن طريق أخرى من غير طريق الطبراني إلى عبيد الله بن عمر القواريري قال: [قالا]: حدثنا زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري، عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث.
قال: وزاد القواريري: وكان يقول: ((إن ليلة الجمعة ليلةٌ قمراء ويومها يوم أزهر)).
(قوله: وروينا أيضاً في كتاب ابن السني بزيادة).
رواه ابن السني (659) قال في الفتوحات الإلهية (4/335) قلت: رواه عن أبي القاسم البغوي، عن القواريري، والزيادة هي قوله وكان يقول: إن ليلة الجمعة إلى آخر ما تقدم آنفاً.
(قوله باب الأذكار المستحبة في الصوم إلى أن قال: وروينا في صحيحي البخاري وسلم عن أبي هريرة إلخ).
الحديث رواه البخاري (1894 و1904) ومسلم (1151) وأبو داود (2363) والنسائي (4/163-164 و164) وأحمد (7492 و7193 و8059 و8128) وابن خزيمة (1900) وأبو يعلى (1005) وابن أبي شيبة (3/5)(5/196)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
وأبو عوانة (2681 و2683) وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (2612 و2613) وليس عند أحدهم لفظ ((فإذا صام أحدكم)).
في الفتوحات الربانية (4/335-336) قال الحافظ: وكذا أخرجه النسائي وأبو داود، وأخرجه الشيخان وغيرهما من طريق أخرى بلفظ ((إني صائمٌ)) من غير تكرار.
وكذا وقع في حديث ابن مسعود أخرجه الطبراني بسند صحيح.
(قوله وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة إلخ).
الحديث رواه الترمذي (3598) وابن ماجه (1752) وأحمد (9743) وابن خزيمة (1901) وأبو داود الطيالسي (2581) والطبراني في الدعاء (1315) وابن حبان (3428) والبغوي (1395) هكذا.
في الفتوحات الربانية (4/338) قال الحافظ بعد تخريجه عن أبي هريرة قلنا: يا رسول الله إذا كنا عندك رقت قلوبنا، فذكر حديثاً طويلاً، وفيه: ((ثلاثةٌ لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم، تحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)).
قال الحافظ: هذا حديث حسن، أخرجه أحمد.(5/197)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
وكذا أخرجه ابن حبان في صحيحه من وجه آخر مقطعاً في ثلاثة مواضع.
(قوله هكذا الرواية حتى بالمثناة الفوقية) في الفتوحات الربانية (3/388-339) قال الحافظ: كأنه يريد الإشارة إلى أنها وردت بلفظ ((حين)) بدل ((حتى)) وهو كذلك.
ثم أخرج الحافظ بسنده إلى الطبراني من حديث أبي هريرة قال: فذكر الحديث مثله، لكن قال: ((والصائم حين يفطر)).
وجاء عن أبي هريرة من وجه آخر بلفظ ((حتى)) أخرجه البزار من طريق عراك بن مالك عن أبي هريرة بلفظ: ((ثلاثٌ حق على الله أن لا يرد دعوتهم: المظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع، والصائم حتى يفطر)).
وفي سنده ضعيف.
وجاء عن أبي هريرة الاستجابة بغير قيد، أخرجه الحافظ من طريق عبد بن حميد وغيره عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث دعواتٍ مستجاباتٍ -زاد عبد لا شك فيهن- دعوة الصائم، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم - زاد عبد: ودعوة الوالد على ولده، ولم يذكر دعوة الصائم.(5/198)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قال الحافظ بعد تخريجه: هذا مثل رواية عبد، وخالف الجميع خليل بن مرة، وقال في روايته ((ودعوة المرء لنفسه)) ولم يذكر دعوة الوالد.
والخليل بن مرة ضعيف لا يوثق به إذا انفرد فكيف إذا خالف؟!
وأخرجه البزار أيضاً من حديث أبي هريرة فقال: ((والذكر لله)) بعد دعوة المسافر. انتهى.
أخرجه الترمذي باللفظ الذي رواه عبد بن حميد.
وأخرجه أبو داود والترمذي أيضاً وابن ماجه من طريق أخرى بنحو سياق حديث عبد، لكن هذه الرواية ((لولده)) بدل ((على ولده)).
وأخرجه الطبراني فجمعهما فقال: ((ودعوة الوالد لولده)) وعليها تحمل رواية أبي داود، فإنه اقتصر على قوله ((ودعوة الوالد)).
وأخرجه الطبراني من وجه آخر.
(قوله باب ما يقول عند الإفطار روينا في سنن أبي داود والنسائي عن ابن عمر إلخ).
الحديث رواه أبو داود (2357) والنسائي في عمل اليوم والليلة (299) وعنه ابن السني (478) والدارقطني (2/185) والحاكم (1/422) والبغوي في شرح السنة (1740) والبيهقي (4/239).(5/199)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
في الفتوحات الربانية (4/339-340) قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث حسن.
ثم قال: قال الدارقطني: تفرد به علي -يعني ابن الحسين بن شقيق- عن الحسين -يعني ابن واقد وهو الراوي عن مروان بن سالم الراوي عن ابن عمر- وإسناده حسن.
وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، فقد احتج بالحسين وبمروان، وتعقب بأن مروان الذي احتج به البخاري غير مروان هذا.
(قوله وروينا في سنن أبي داود عن معاذ بن زهرة .. .. إلخ).
في الفتوحات الربانية (4/340) قال الحافظ: هكذا رواه مرسلاً، أخرجه في كتاب الصيام من السنن، وفي كتاب المراسيل بلفظ واحد عن مسدد، عن هشيم، عن حصين، عن معاذ.
ومعاذ هذا ذكره البخاري في التابعين، لكن قال: معاذ أبو زهرة، وتبعه ابن أبي حاتم وابن حبان في الثقات.
وذكره يحيى بن يونس الشيرازي في الصحابة، وغلطه جعفر المستغفري.
ويحتمل أن يكون الذي بلغه صحابياً، وبهذا الاعتبار أورده أبو داود في السنن، وبالاعتبار الآخر أورده في المراسيل.
(قوله وروينا في كتاب ابن السني عن معاذ بن زهرة .. .. إلخ).(5/200)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
في الفتوحات الربانية (4/341) قال الحافظ: أخرجه من طريق سفيان الثوري عن الحصين، عن رجل، عن معاذ، وهذا محقق الإرسال، وفي زيادة الرجل الذي لم يسمه ما يعل به السند الأول.
(قوله وروينا في كتاب ابن السني عن ابن عباس .. .. إلخ).
في الفتوحات الربانية (4/341-342).
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: ((اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، فتقبل مني إنك أنت السميع العليم)).
قال الحافظ بعد تخريجه من طريقه: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وسنده واه جداً.
وبهذا السند أخرجه ابن السني بلفظ ((صمنا وأفطرنا)).
و[عبد الملك بن] هارون بن عنترة كذبوه.
قال الحافظ: ووقع من وجه آخر دونه في الضعف، ثم أخرجه من طريق الطبراني في الدعاء من حديث أنس، فذكر مثل حديث ابن عباس سواء.
وداود بن الزبرقان أحد رواته ضعفه الجمهور وقواه بعضهم.
(قوله وروينا في كتابي ابن ماجه وابن السني عن عبد الله بن أبي مليكة .. إلخ).(5/201)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
رواه ابن ماجه (1753) وابن السني (481).
في الفتوحات الربانية (4/42) وأخرجه الحافظ عن الطبراني في كتاب الدعاء من طريق أخرى عن ابن أبي مليكة سمعت ابن عمرو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن للصائم عند فطره لدعوةٌ ما ترد)).
قال ابن أبي مليكة: وسمعت عبد الله، ولم يذكر ابن أبي زرعة في روايته هذا الأثر الموقوف، وابن أبي زرعة هو محمد شيخ الطبراني الذي خرج عنه هذا الحديث في كتاب الدعاء.
قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث حسن، وأخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير بتمامه.
وأخرجه الحاكم في المستدرك من وجه آخر عن الحكم بن موسى ووقع في روايته مخالفة للقوم في إسحاق بن عبد الله، فرواه الجميع عبيد الله بالتصغير، ورواه هو بالتكبير.
قال الحافظ: الذي جزم به ابن عساكر أن إسحاق بن عبيد الله هو ابن أبي المهاجر أخو إسماعيل، وهما معروفان من مشايخ الوليد بن مسلم، وهذا أولى أي من قول الحافظ عبد الغني وتبعه المزي أنه إسحاق بن عبيد الله بن أبي مليكة.
وكتب المزي في الهامش مقابل قوله روى عن عبد الله بن أبي مليكة: أظنه أخاه.(5/202)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
واختصر المنذري في الترغيب على نسبة الحديث إلى البيهقي، وقال: إسحاق بن عبيد الله لا يعرف.
قال الحافظ: وقد عرفه غيره وذكره ابن حبان في الثقات وبالله التوفيق.
(قوله باب ما يقول إذا أفطر عند قوم. روينا في سنن أبي داود .. .. إلخ).
في الفتوحات الربانية (4/342-344) وأخرج الحافظ من طريق أحمد بن حنبل، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، عن أنس، أو غيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن على سعد بن عبادة فقال: ((السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)) فذكر قصة فيها، ثم أدخله البيت فقرب إليه زبيباً فأكل نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ قال: ((أكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة وأفطر عندكم الصائمون)).
وأخرجه الحافظ بعلو من طريق الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عند سعد زبيباً ثم قال: فذكر مثله.
هكذا أورده، مختصراً، ولم يذكر قصة السلام.
وأخرجه كذلك أبو داود عن مخلد بن خالد الشعيري، عن عبد الرزاق.
ووقع في روايته: فجاء بخبز وزيت.(5/203)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قال الحافظ: وما أظن الزيت إلا تصحيفاً عن الزبيب، فقد رويناه في المختارة من طريق أحمد بن منصور عن عبد الرزاق كما قال أحمد، وهو أتقن من غيره لو انفرد، فكيف إذا توبع.
قال الحافظ: وفي وصف الشيخ هذا الإسناد بالصحة نظر، لأن معمراً وإن احتج به الشيخان فروايته عن ثابت بخصوصه مقدوح فيها.
قال علي بن المديني: في رواية معمر عن ثابت غرائب منكرة.
وقال يحيى بن معين: أحاديث معمر عن ثابت لا تساوي شيئاً.
وساق العقيلي في الضعفاء عدة أحاديث من رواية معمر عن ثابت منها هذا الحديث، وقال: كل هذه الأحاديث لا يتابع عليها، وليست بمحفوظة، وكلها مقلوبة.
وليس عند البخاري من رواية معمر عن ثابت سوى موضع واحد متابعة، وأورده مع ذلك معلقاً، وله عند مسلم حديثان أو ثلاثة كلها متابعة.
وفي هذا السند مع ذلك علة أخرى، وهي التردد بين أنس وغيره عند الإمام أحمد، لاحتمال أن يكون الغير غير صحابي.
ثم قال الحافظ في الكلام على حديث ابن السني عن أنس الآتي عقبه: وقول ثابت: عن أنس وغيره: فما عرفت الغير المذكور، لكن لثابت رواية عن [ابن] الزبير.
قال الحافظ: وقد جاء هذا الحديث من وجه آخر عن ابن الزبير، ثم أخرجه من طريق الطبراني عن مصعب بن ثابت، عن عبد الله بن الزبير، أن النبي صلى الله عليه وسلم(5/204)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
كان إذا أكل عند قوم قال: ((أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة)) مختصراً. انتهى.
ولو وصف الشيخ المتن بالصحة لكان أولى لأن له طرقاً يقوى بعضها ببعض. انتهى.
ثم لا منافاة بين حديث الباب وحديث ابن ماجه وابن حبان عن ابن الزبير، قال: أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سعد بن معاذ، فقال: ((أفطر عندكم الصائمون)) إلخ لأنهما قضيتان جرتا لسعد بن عبادة وسعد بن معاذ، أشار على ذلك المصنف.
(قوله وروينا في كتاب ابن السني عن أنس .. .. إلخ).
في الفتوحات الربانية (4/344-345) أخرجه الحافظ من طريق الطبراني من حديث أنس، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. الحديث.
وفيه بدل ((وصلت عليكم الملائكة)) قوله: ((وتنزلت عليكم الملائكة)).
وقال: أخرجه ابن السني، ووقع في روايته ((ودعا لهم)) كما قال الشيخ، ورجال إسناده من نوع الحسن.
قال الحافظ: وجاء من طريق أخرى برجال الصحيحين، ثم أسنده من طرق إلى هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر عند أهل بيت، قال: ((أفطر عندكم الصائمون، وتنزلت عليكم الملائكة، وأكل طعامكم الأبرار، وغشيتكم الرحمة)).(5/205)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قال الحافظ بعد ذكر اختلاف رواته في لفظه: وأخرجه الإمام أحمد ورجاله يحتج بهم في الصحيحين، لكنه منقطع بين يحيى وأنس.
قال النسائي بعد تخريجه من طريق ابن المبارك، عن هشام، عن يحيى، حدثت عن أنس: إن يحيى لم يسمعه من أنس.
وقال أبو حاتم الرازي: يحيى بن أبي كثير إمام لا يحدث إلا عن ثقة، وروى عن أنس ولم يسمع منه شيئاً، وكان رآه يصلي في المسجد الحرام.
قال الحافظ: وقد أدخل بينه وبين أنس عمر بن أبي زينب فيما أخرجه أحمد وأبو يعلى وغيرهما من طريق حرب بن شداد، عن يحيى.
ورواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير فخالف في السند.
ثم أخرجه الحافظ من طريق الطبراني في كتاب الدعاء عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر عند قوم .. فذكر الحديث.
وخالف الجميع الخليل بن يحيى بن مرة، فقال: عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.(5/206)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
والمحفوظ من هذا كله رواية هشام المرسلة.
(قوله باب ما يدعو به إذا صادف ليلة القدر، روينا بالأسانيد الصحيحة في كتاب الترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرها عن عائشة .. .. إلخ).
في الفتوحات الربانية (4/346) أخرجه الحافظ من طريق الطبراني وغيره عن ابن بريدة، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ الحديث.
قال الحافظ: أخرجه النسائي في الكبرى، وابن بريدة هذا هو سليمان كما جزم به المزي وغيره.
وقد جاء من طريق أخيه عبد الله، وهو أشهر.
قال الحافظ: وبالإسناد إلى أحمد حدثنا يزيد بن هارون، ووكيع، ومحمد بن جعفر ثلاثتهم قالوا: حدثنا كهمس بن الحسن، حدثنا عبد الله بن بريدة، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر، فذكر مثله.
قال الحافظ: أخرجه الترمذي والنسائي عن قتيبة عن جعفر بن سليمان.
والنسائي أيضاً عن محمد بن عبد الأعلى عن معتمر.
وابن ماجه عن علي بن محمد، عن وكيع.(5/207)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
ثلاثتهم عن كهمس.
قال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه الحاكم من الوجهين وصححه.
وفي ذلك نظر، فإن البيهقي جزم في كتاب الطلاق من السنن أن عبد الله بن بريدة لم يسمع من عائشة.
قال الحافظ: ووقع لنا الحديث من وجه آخر بلفظ آخر عن أبي هلال الراسبي، حدثنا عبد الله بن بريدة، قال: قالت أم المؤمنين -أحسبه قال: قالت عائشة-: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن وافقت ليلة القدر بم أدعو؟ قال: ((قولي اللهم إني أسألك العفو والعافية)).
قال الحافظ: ووقع لنا بعلو من حديث أسود بن عامر، عن أبي هلال المذكور، واسم أبي هلال سليم، وهو بصري حسن الحديث.
وقد أخرجه النسائي من وجه آخر عن مسروق، عن عائشة موقوفاً عليها.(5/208)
[[كتاب أذكار الحج
اعلم أن أذكار الحج ودعواته كثيرة لا تنحصر، ولكن نشير إلى المبهم من مقاصدها. والأذكار التي فيها على ضربين: أذكار في سفره، وأذكار في نفس الحج. فأما التي في سفره فنؤخرها لنذكرها في أذكار الأسفار إن شاء الله تعالى، وأما التي في نفس الحج فنذكرها على ترتيب عمل الحج إن شاء الله تعالى، وأحذف الأدلة والأحاديث في أكثرها خوفاً من طول الكتاب، وحصول السآمة على مطالعه، فإن هذا الباب طويلٌ جداً، فلهذا أسلك فيه الاختصار إن شاء الله تعالى.
فأول ذلك: إذا أراد الإحرام اغتسل وتوضأ ولبس إزاره ورداءه، وقد قدمنا ما يقوله المتوضئ والمغتسل، وما يقول إذا لبس الثوب ثم يصلي ركعتين، وتقدمت أذكار الصلاة، ويستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة {قل يأيها الكافرون} وفي الثانية {قل هو الله أحدٌ} فإذا فرغ من الصلاة استحب أن يدعو بما شاء، وتقدم ذكر جملٍ من الدعوات والأذكار خلف الصلاة، فإذا أراد الإحرام نواه بقلبه، ويستحب أن يساعد بلسانه قلبه، فيقول: نويت الحج وأحرمت به لله عز وجل، لبيك اللهم لبيك إلى آخر التلبية، والواجب نية القلب واللفظ سنة، فلو اقتصر على القلب أجزأه، ولو اقتصر على اللسان لم يجزئه.(5/209)
قال الإمام أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي: لو قال يعني بعد هذا: اللهم لك أحرم نفسي وشعري وبشري ولحمي ودمي كان حسناً. وقال غيره: يقول أيضاً: اللهم إني نويت الحج فأعني عليه وتقبله مني، ويلبي فيقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. هذه تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستحب أن يقول في أول تلبية يلبيها: لبيك اللهم بحجة إن كان أحرم بحجة، أو لبيك بعمرة إن كان أحرم بها، ولا يعيد ذكر الحج والعمرة فيما يأتي بعد ذلك من التلبية على المذهب الصحيح المختار.
واعلم أن التلبية سنةٌ لو تركها صح حجه وعمرته ولا شيء عليه، لكن فاتته الفضيلة العظيمة والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الصحيح من مذهبنا ومذهب جماهير العلماء، وقد أوجبها بعض أصحابنا، واشترطها لصحة الحج بعضهم، والصواب الأول، لكن تستحب المحافظة عليها للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وللخروج من الخلاف، والله أعلم.
وإذا أحرم عن غيره قال: نويت الحج وأحرمت به لله تعالى عن فلان، لبيك اللهم عن فلان إلى آخر ما يقوله من يحرم عن نفسه.]]
(493)
قوله: (كتاب أذكار الحج)
ذكر الشيخ أنه أفرد أذكار السفر، وسيأتي إن شاء الله تعالى، وأنه اختصر(5/210)
الأحاديث المتعلقة بالحج، واكتفى بالإشارة بقوله: (يستحب .. .. وإذا أراد الإحرام اغتسل).
أخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن يحيى بن تميم الهاشمي فيما قرأت عليه بدمشق، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي طالب الصالحي، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن المظفر، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد السرخسي، قال: أخبرنا عيسى بن عمر السمرقندي، قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، قال: حدثنا عبد الله بن أبي زياد -وهو ابن الحكم بن أبي زيادة، نسب إلى جده، واسم أبي زياد سليمان، وهو كوفي- قال: حدثنا عبد الله بن يعقوب المدني، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه -هو عبد الله بن ذكوان- عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإحرامه واغتسل.
هذا حديث حسن.
أخرجه الترمذي عن عبد الله بن الحكم بن أبي زياد.
فوقع لنا موافقة عالية.
وقال: حسن غريب.
قلت: حسنه بمجيئه من غير وجه، واستغربه لتفرد عبد الرحمن به بهذا السند.
وعبد الرحمن صدوق فيه بعض مقال، والراوي عنه لا يعرف حاله.
قال ابن القطان: جهدت أن أعرف هل هو الذي أخرج له أبو داود أو غيره فلم أقدر.(5/211)
قلت: جزم المزي أنه هو، ورجح ابن المواق بأنه غيره، وهو الذي يظهر فإن طبقة الذي أخرج له أبو داود أعلى من هذا.
وقد أخرج الحديث ابن خزيمة في صحيحه من طريقه، فكأنه عرف حاله.
وكذا أخرجه الضياء في المختارة.
ولم ينفرد مع ذلك به عن ابن أبي الزناد، فقد أخرجه الطبراني والدراقطني من طريق أبي غزية -بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي المنقوطة وتشديد الياء المثناة من تحت- واسمه محمد بن موسى عن ابن أبي الزناد.
وله طرق أخرى عند الدارقطني والبيهقي فيها مقال.
وللحديث شاهد عن ابن عباس.
أخرجه الطبراني في الأوسط.
وآخر عن عائشة.
أخرجه الدارقطني.
وسند كل منهما ضعيف.
وله شاهد آخر صحيح.
قرأت على عمر بن محمد، أن أبا بكر بن أحمد أخبرهم، قال: أخبرنا(5/212)
علي بن أحمد، عن عبد الله بن عمر الصفار، قال: أخبرنا الفضل بن محمد، قال: أخبرنا أبو منصور التوقاني، قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ، قال: حدثنا إبراهيم بن حماد، قال: أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا سهل بن يوسف، عن حميد - هو الطويل، عن بكر بن عبد الله المزني، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم وإذا أراد أن يدخل مكة.
هذا حديث صحيح.
أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق عبدان عن أبي موسى -وهو محمد بن المثنى- وقال: صحيح على شرط الشيخين.
وقول الصحابي: من السنة كذا مرفوع عندهما.
وروى الشافعي رضي الله عنه من طريق جعفر بن محمد عن أبيه، أن علياً رضي الله عنه كان يغتسل إذا أراد أن يحرم.
(قوله: وإذا أراد الإحرام نواه بقلبه، ويستحب أن يساعد بلسانه قلبه).
قلت: استدل في شرح المهذب لأصل النية بعموم حديث عمر ((إنما الأعمال بالنيات)).
وقد تقدم.
ويستدل لخصوص نية الإحرام باللسان بما أخرجه الشافعي عن سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: قالت عائشة رضي الله عنها: يا بن أختي هل تستثني إذا حججت؟ قلت: ماذا أقول؟ قالت: قل اللهم الحج أردت(5/213)
وإليه عمدت فإن يسرته لي فهو الحج.
وأما ما ذكره الشيخ عن سليم بن أيوب وغيره فلم أر فيه سلفاً له، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث والتسعين بعد الأربعمئة من تخريج أمالي أحاديث الأذكار، وهو الثالث والسبعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية بتاريخ عاشر شهر شوال سنة ثمانٍ وأربعين وثمانمئة.
(494)
فقال رضي الله عنه:
(قوله: ويلبي ويقول: لبيك اللهم لبيك ..) إلى آخره.
أخبرني الشيخ أبو عبد الله بن قوام، قال: أخبرنا أبو الحسن بن هلال، وأبو الحسن العسقلاني، قالا: أخبرنا أبو إسحاق بن مضر، قال: أخبرنا أبو الحسن الطوسي، قال: أخبرنا أبو محمد السيدي، قال: أخبرنا أبو عثمان البحيري، قال: أخبرنا أبو علي السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، قال: أخبرنا أبو مصعب الزهري، قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)).
قال: وكان ابن عمر يزيد فيها: لبيك وسعديك والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل.
هذا حديث صحيح متفق عليه.(5/214)
أخرجه الشافعي عن مالك.
وأخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي كلهم من رواية مالك.
وأخرجه ابن حبان عن الحسين بن إدريس عن أبي مصعب.
فوقع لنا بدلاً عالياً مع اتصال السماع.
وبالسند الماضي إلى الدارمي، قال: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا يحيى بن سعيد -يعني الأنصاري- عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبى يقول، فذكر مثله.
وبه قال نافع: وكان ابن عمر يزيد هؤلاء الكلمات: لبيك الرغباء إليك والعمل لبيك لبيك.
وأخبرني أبو الحسن الخطيب، عن القاسم بن مظفر إجازة إن لم يكن سماعاً، وعن سليمان بن الحسن، قال: قرئ على كريمة بنت عبد الوهاب ونحن نسمع، وقال القاسم: أخبرنا مكرم بن أبي الصفر حضوراً، وإجازة، قالا: أخبرنا أبو الحسن الداراني، قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفرات، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان، قال: أخبرنا الحسن بن حبيب، قال: أخبرنا أبو أمية الطرسوسي، قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ، عن نافع، عن ابن عمر .. .. فذكر مثل حديث مالك سواء.(5/215)
لكن زاد بعد قوله: والعمل لبيك لبيك لبيك.
(قوله: ويستحب أن يقول في أول تلبية يلبيها لبيك اللهم بحجة .. .. ) إلى آخره.
وبالسند المذكور إلى الدارمي، قال: حدثنا يزيد بن هارون (ح).
وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي بكر الدشتي، قال: أخبرنا أبو القاسم بن رواحة، قال: أخبرنا عبد المنعم بن عبد الله الصاعدي، قال: أخبرنا عبد الغفار بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن هشام، قال: حدثنا مروان بن معاوية، قالا: حدثنا حميد، عن أنس رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لبيك بعمرة وحجةٍ)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم من رواية إسماعيل بن علية عن حميد.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه البخاري من طريق بشر بن المفضل.
ومسلم وأبو داود والنسائي من رواية هشيم.
كلاهما عن حميد، عن بكر بن عبد الله عن أنس.
وزاد فيه قصة له مع ابن عمر لأنس لك.
وأخرج مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، قال: قدمنا مكة مع رسول الله(5/216)
صلى الله عليه وسلم ونحن نقول: لبيك بالحج .. الحديث.
وأخرجا في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: منا من أهل بحج ومنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة في حديث طويل.
(قوله: وإذا أحرم عن غيره قال: نويت الحج وأحرمت به عن فلان لبيك اللهم عن فلان).
قلت: أما الإحرام عن الغير ففي الصحيحين عن ابن عباس.
وأما تعيين الإحرام عن فلان ففي الحديث الذي:
قرأت على عبد الله بن خليل، أن أحمد بن محمد بن معالي أخبرهم، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، عن فاطمة بنت سعد الخير سماعاً، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو سعد الأديب، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: أخبرنا أبو يعلى، قال: حدثنا الحسن بن حماد (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا الضياء، قال: أخبرنا الصيدلاني، قال: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريدة، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق، قال: حدثنا علي بن بحر، قالا: حدثنا عبدة بن سليمان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يلبي عن شبرمة، فقال: ((أيها الملبي عن شبرمة من شبرمة؟)) قال: أخي، قال: ((هل حججت عن نفسك؟)) قال: لا، قال: ((فاحجج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)).
وفي رواية الحسن بن حماد: ((واجعل هذه عن نفسك وحج عن شبرمة)).(5/217)
هذا حديث صحيح.
أخرجه أبو داود عن إسحاق بن إسماعيل، وهناد بن السري، كلاهما عن عبدة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وذكر في مسائله أنه سأل أحمد عن هذا الحديث فصححه.
وقال أحمد: عبدة قديم السماع عن سعيد، يشير إلى اختلاط سعيد.
قال: فذكرت ذلك لأبي زرعة، فقال: الحديث صحيح.
وأخرجه ابن خزيمة وابن ماجة والدارقطني من رواية عبدة أيضاً.
والدارقطني من رواية الأنصاري وغيره عن سعيد.
ثم أسند عن يحيى بن معين أنه رجح وقفه على ابن عباس، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والتسعين بعد الأربعئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الرابع والسبعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية بتاريخ سابع عشر شوال سنة ثمان وأربعين وثمانمئة.(5/218)
[[ويستحب أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد التلبية، وأن يدعو لنفسه ولمن أراد بأمور الآخرة والدنيا، ويسأل الله تعالى رضوانه والجنة، ويستعيذ به من النار، ويستحب الإكثار من التلبية، ويستحب ذلك في كل حال: قائماً، وقاعداً، وماشياً، وراكباً، ومضطجعاً، ونازلاً، وسائراً، ومحدثاً، وجنباً، وحائضاً، وعند تجدد الأحوال وتغايرها زماناً ومكاناً وغير ذلك، كإقبال الليل والنهار، وعند الأسحار، واجتماع الرفاق، وعند القيام والقعود، والصعود والهبوط، والركوب والنزول، وأدبار الصلوات، وفي المساجد كلها.]]
(495)
ثم قال أمتع الله ببقائه:
للحديث طريق أخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما.
أخبرنا أبو الخير بن الحافظ أبي سعيد المقدسي إجازة مكاتبة.
وقرأت على السيد أبي محمد بن عبد الله، والعماد أبي بكر بن العز، وغيرهما، كلهم عن أبي محمد بن أبي التائب، قال الأول: سماعاً، قال: أخبرنا إبراهيم بن خليل، قال: أخبرنا يحيى بن محمود، قال: أخبرنا أبو عدنان بن أبي نزار، وفاطمة الجوزذانية (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن أبي الفضل بن أبي طاهر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: أخبرنا عبد الواحد بن القاسم، قال: أخبرنا [جعفر بن عبد الواحد]، قال: أخبرنا أبو بكر التاجر، قال: أخبرنا(5/219)
الطبراني في المعجم الصغير، قال: حدثنا عبد الله بن سندة -بفتح المهملة وسكون النون- بن الوليد الأصبهاني، قال: حدثنا عبد الرحمن بن خالد الرقي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاًَ يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: ((حججت؟)) قال: لا، قال: ((حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)).
وبه قال الطبراني: لم يروه عن عمرو بن دينار إلا حماد ولا عن حماد إلا يزيد، تفرد به عبد الرحمن.
قلت: وهو ثقة من شيوخ أبي داود والنسائي، ومن فوقه من رجال الصحيح، وشيخ الطبراني ذكره أبو نعيم في تاريخه فقال: هو عبد الله بن سعيد بن الوليد بن معدان الضبي، وسندة لقب سعيد، كان عبد الله كثير الحديث، روى عنه جماعة، ثم أخرج حديثه هذا عن الطبراني به.
وأخرجه الشافعي عن مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء مرسلاً.
قال البيهقي: وكذا رواه الثوري عن ابن جريج مرسلاً، ووصله محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً.
وأخرجه البيهقي من طريقه.
ولفظ الشافعي: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول: لبيك عن فلان، فقال: ((إن كنت حججت فلب عنه وإلا فاحجج عن نفسك ثم حج عنه)).
(قوله: ويستحب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التلبية -إلى أن قال- ويسأل الله رضوانه .. .. ) إلى آخره.(5/220)
وبالسند الماضي قريباً إلى أبي منصور، قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: حدثنا محمد بن مخلد، قال: حدثنا علي بن زكريا التمار، قال: حدثنا يعقوب بن حميد، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الله الأموي، قال: سمعت صالح بن محمد بن زائدة، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من تلبيته سأل الله مغفرته ورضوانه واستعاذ برحمته من النار.
وبه إلى صالح بن محمد، قال: سمعت القاسم بن محمد -يعني ابن أبي بكر الصديق- يقول: كان يستحب للرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقرأته عالياً على أم يوسف الصالحية، عن محمد بن عبد الحميد، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي، عن فاطمة بنت سعد الخير سماعاً، عن فاطمة الجوزذانية سماعاً، قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله بن ريذة، قال: أخبرنا الطبراني في الكبير، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق، قال: حدثنا يعقوب به.
فذكر حديث خزيمة المرفوع فقط.
هذا حديث غريب.
أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل بن الفضل البلخي، عن يعقوب بن حميد به.
وأخرجه الشافعي عن إبراهيم بن محمد، عن صالح بن محمد بالمرفوع فقط.
وصالح ضعيف، وإبراهيم فيه مقال، لكنه توبع كما ترى.(5/221)
(قوله: ويستحب الإكثار من التلبية، ويستحب ذلك في كل حال .. .. ) إلى آخره.
أخبرنا أبو الحسن بن محمد بن الجوزي، عن وزيرة بنت عمر إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا الحسين بن أبي بكر، قال: أخبرنا طاهر بن محمد، قال: أخبرنا مكي بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا الإمام الشافعي، قال: أخبرنا سعيد بن سالم، عن محمد بن أبي حميد، عن محمد بن المنكدر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر من التلبية.
هذا حديث مرسل.
ومحمد بن أبي حميد ضعفوه.
وبه إلى سعيد بن سالم، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان يلبي راكباً ونازلاً ومضطجعاً.
هذا حديث موقوف لا بأس بسنده في الذكر ونحوه، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس والتسعين بعد الأربعمئة من تخريج أمالي الأذكار، وهو الخامس والسبعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية في الرابع والعشرين من شهر شوال سنة ثمان وأربعين وثمانمئة.
[[والأصح أنه لا يلبي في حال الطواف والسعي، لأن لهما أذكاراً(5/222)
مخصوصة. ويستحب أن يرفع صوته بالتلبية بحيث لا يشق عليه.]]
(496)
وقال رضي الله عنه:
واستدل البيهقي للإكثار من التلبية بالحديث الذي:
أخبرنا أبو عبد الرحمن الحرستاني، قال: أخبرنا أبو بكر بن الرضي، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي الحسن (ح).
وقرأت على أم الحسن التنوخية، عن أبي الربيع بن قدامة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو محمد بن روح الصالحاني، قالا: أخبرنا أبو القاسم المستملي، قال: أخبرنا أبو سعد الأديب، قال: أخبرنا أبو عمرو النيسابوري، قال: في الرواية الأولى: حدثنا أبو يعلى، وفي الرواية الثانية: حدثنا حامد بن محمد بن سعيد، قالا: حدثنا سريج بن يونس.
وبه إلى أبي عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو القاسم بن معالي، قال: أخبرنا أبو بكر الأنصاري، قال: أخبرنا أبو محمد الصريفيني، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد الصيدلاني، قال: حدثنا أبو بكر الحافظ، قال: حدثنا الحسن بن محمد -هو الزغفراني- قالا: حدثنا عبيدة بن حميد، قال: حدثني عمارة بن غزي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما لبى ملب إلا لبى الذي يليه من ها هنا وهاهنا عن يمينه وشماله)).
وفي رواية الزعفراني: ((إلا لبى من عن يمينه وشماله من حجرٍ وشجرٍ ومدرٍ حتى تنقطع الأرض)).
هذا حديث صحيح.(5/223)
أخرجه الترمذي وابن خزيمة عن الحسن بن محمد الزعفراني.
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو لاتصال السماع إلى الرواية الأولى.
وأخرجه الترمذي أيضاً وابن ماجه من رواية إسماعيل بن عياش، عن عمارة.
وأخرجه الترمذي أيضاً عن أبي عمرو بن الأسود.
وابن حبان والحاكم من رواية عثمان بن أبي شيبة.
كلاهما عن عبيدة بن حميد.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم: على شرط مسلم.
ويلتحق بهذا الحديث ما أخرجه الطبراني بسند حسن عن عامر بن ربيعة مرفوعاً: ((ما أضحى مؤمنٌ ملبياً حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه)).
وذكر الرافعي في الشرح من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبي في حجه إذا لقي راكباً أو علا على أكمة أو هبط وادياً وفي أدبار المكتوبة وآخر الليل.
وهذا الحديث بيض له المنذري والحازمي في تخريج أحاديث المهذب، وكذا النووي في شرحه.
ويقال: إن الحافظ عبد الله بن محمد بن ناجية أسنده في (فوائده) ولم أقف عليه.
وأخرج سعيد بن منصور في السنن من طريق عبد الرحمن بن سابط -وهو تابعي حجازي- قال: كان سلفنا لا يدعو التلبية عند الزحام وإشرافهم على أكمة وهبوطهم بطون الأودية وفراغهم من الصلاة.(5/224)
من طريق ابن مسعود نحوه وزاد أو لقوا راكباً وبالأسحار.
ومن طريق إبراهيم النخعي، قال: تستحب التلبية إذا استويت على بعيرك .. فذكر نحو الذي قبله.
(قوله: والأصح أنه لا يلبي في حال الطواف والسعي لأن لهما أذكاراً مخصوصة).
قلت: لا يستلزم ترك استحباب التلبية.
قال الشافعي في الأم: ورد في الطواف والسعي تكبير ودعاء فأحب ذلك، ولا تكون التلبية مكروهة.
وسيأتي حديث لبي حتى رمى جمرة العقبة.
(قوله: ويستحب أن يرفع صوته بالتلبية).
قلت: وبالسند الماضي قريباً إلى أبي مصعب، قال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الله بن الحارث، عن خلاد بن السائب الأنصاري، عن أبيه رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية وبالإهلال)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن روح بن عبادة وعبد الرحمن بن مهدي.
وأخرجه أبو داود عن القعنبي.
ثلاثتهم عن مالك.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(5/225)
وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه من رواية سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر.
وأخرجه أحمد من رواية ابن جريج عن عبد الله بن أبي بكر.
وقال فيه: ((إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك)) والباقي سواء.
وجاء عن خلاد بن السائب من رواية عبد الله بن أبي لبيبٍ، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عنه، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه نحو هذا الحديث.
وزاد في آخره ((فإنه من شعار الحج)).
قال الترمذي بعد تخريج حديث السائب: حسن صحيح.
قلت: ورواه غيره فقال: عن زيد بن خالد، والصحيح الأول.
وقال ابن حبان بعد تخريجه من الوجهين: سمعه خلاد بن السائب من أبيه ومن زيد بن خالد، فالطريقان محفوظان، ولفظهما مختلف، كذا قال.
وقد اختلف فيه على عبد الله بن أبي لبيد، فالمحفوظ رواية خلاد عن أبيه، والله أعلم.
آخر المجلس السادس والتسعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو السادس والسبعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية.
(497)
وقال رضي الله عنه:(5/226)
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن كشتغدى، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، عن خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقدسي، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد، قال: حدثنا الحارث بن محمد، قال: حدثنا شاذان، قال: حدثنا شقيق، عن عبد الله بن أبي لبيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب (ح).
وبه إلى الحارث قال: حدثنا أسود بن عامر شاذان، قال: حدثنا زهير بن معاوية، عن موسى بن عقبة، عن أبي المغيرة مولى بني زهرة، عن المطلب، عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه -زاد زهير في روايته- صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. فذكر الحديث.
قال الحاكم أبو أحمد في الكنى: أبو المغيرة هذا هو عبد الله بن أبي لبيد، وهو من موالي الأخنس بن شريق حليف بني زهرة سماه سفيان الثوري في روايته، وكناه موسى بن عقبة.
ثم أخرجه من رواية أبي بدر شجاع بن الوليد، عن زهير بن معاوية بالسند المذكور.
ولفظه: ((مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية)).
وأخرج طريق سفيان -وهو الثوري- الإمام أحمد عن وكيع عن الثوري.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من طريق عن وكيع.
وفي السند اختلاف آخر.(5/227)
أخرجه أحمد أيضاً عن وكيع عن أسامة بن زيد عن المطلب المذكور عن أبي هريرة.
وهو سند شاذ.
وجاء من رواية محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب عن خلاد عن أبيه بلفظ: ((يا محمد كن عجاجاً ثجاجاً)).
أخرجه الطبراني.
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ.
قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا إبراهيم بن دحيم، قال: حدثنا أبي -هو عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي- (ح).
وقرأت عالياً على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن أحمد بن أبي طالب، وعيسى بن عبد الرحمن سماعاً على الأول، وإجازة من الثاني، كلاهما عن أبي المنجا البغدادي، قال الأول: إجازة، والثاني سماعاً، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرتنا أم الفضل بنت عبد الصمد، قالت: أخبرنا أبو محمد بن أبي شريح، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن ساعد، قال: حدثنا يحيى بن المغيرة، قال: حدثنا ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن يربوع، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الحج أفضل؟ قال: ((العج والثج)).
زاد دحيم في روايته بالسند المذكور إلى ابن المنكدر، فقال: عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه عن أبي بكر.(5/228)
أخرجه الترمذي وابن خزيمة جميعاً عن محمد بن رافع.
زاد الترمذي وإسحاق بن منصور.
وأخرجه ابن ماجه عن يعقوب بن حميد وإبراهيم بن المنذر.
وأخرجه البزار عن رزق الله بن موسى.
كلهم عن ابن أبي فديك.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين.
قال الترمذي: ابن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع.
قلت: وقد خفيت هذه العلة على الحاكم فاستدركه.
وأما زيادة سعيد فقال الإمام أحمد وغيره: إنها خطأ.
ونقل الدارقطني عن أهل النسب أن سعيداً والد عبد الرحمن لا ابنه.
وقد وافق دحيماً رزق الله بن موسى في زيادة سعيد.
وقال الترمذي في آخر الكلام عليه: العج: رفع الصوت بالتلبية.
ووقع هذا التفسير مرفوعاً من حديث ابن مسعود.
أخرجه أبو يعلى بسند جيد في المتابعات.
وقرأت على أم الحسن التنوخية، عن سليمان بن حمزة -وهي آخر من حدث عنه- عن محمد بن عماد -وهو آخر من حدث عنه- عن أبي القاسم بن أبي شريك كذلك، قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور، قال: حدثنا عيسى بن(5/229)
علي إملاء، قال: قرئ على إسماعيل بن العباس وأنا أسمع، وأن محمد بن عبد الملك حدثهم، قال: حدثنا معاوية بن عمرو، عن رشدين بن سعد، عن قرة، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة أصواتٍ يباهي الله بها ملائكته: الأذان والتكبير في سبيل الله ورفع الصوت بالتلبية)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو منصور في مسند الفردوس عن أبي المحاسن الجرجاني عن ابن النقور.
فوقع لنا بدلاً عالياً ولله الحمد.
آخر المجلس السابع والتسعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو السابع والسبعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية.
[[وليس للمرأة رفع الصوت، لأن صوتها يخاف الافتتان به. ويستحب أن يكرر التلبية كل مرة ثلاث مرات.]]
(498)
وقال أمتع الله ببقائه:
(قوله: وليس للمرأة رفع الصوت ..) إلى آخره.
لم يذكر له مستنداً إلا خشية الفتنة، وقد ورد فيه حديث.
أخبرني الشيخ برهان الدين بن أحمد بن عبد الواحد بن الحريري، قال:(5/230)
أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الحكيم، قال: أخبرنا يحيى بن أبي منصور، قال: أخبرنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا نصر بن سيار، قال: أخبرنا محمود بن القاسم، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن بن محبوب، قال: حدثنا أبو عيسى الترمذي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الواسطي، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن أشعث بن سوار، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: كنا إذا حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلبي عن النساء ونرمي عن الصبيان.
وبه قال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، فقد أجمع أهل العلم على أن المرأة تلبي عن نفسها، ويكره لها رفع الصوت.
وسند الحديث ضعيف لضعف أشعث وعنعنة أبي الزبير.
ولفظ المتن شاذ.
وقد أخرجه الإمامان أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنديهما عن عبد الله بن نمير بهذا السند فلم يذكر النساء.
وقرأته عالياً على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمود وأسماء وحميراء أولاد إبراهيم بن سفيان إجازة مكاتبة من أصبهان، قالوا: أخبرنا أبو الخير الباغبان، قال: أخبرنا أبو بكر السمسار، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، عن إسماعيل، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم.
قال شيخنا في شرحه: هذا اللفظ هو الصواب.
قلت: اتفق عليه ثلاثة من الحافظ، وشذ عنهم الواسطي.
وقد وقع لنا موافقة عالية لأحمد وأبي بكر.(5/231)
وهكذا أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة.
فوافقناه في شيخ شيخه بدرجة.
ووافقنا الترمذي فيه أيضاً بعلو، لكن في أصل الخبر.
وقد أجاب المحب الطبري على تقدير ثبوته بأن المراد بالتلبية من النساء رفع الصوت عنهن. وهو حمل جيد لولا الشذوذ.
وقد أخرج البيهقي بسند حسن عن كريب، قال: بعثني ابن عباس مع ميمونة رضي الله عنهم يوم عرفة فاتبعت هودجها، فلم أزل أسمعها تلبي حتى رمت جمرة العقبة ثم كبرت.
(قوله: ويستحب أن يكرر التلبية كل مرة ثلاث مرات).
قلت: لم أجد له مستنداً خاصاً، ويحتمل أن يكون أخذه من حديث أنس المرفوع في الصحيح: كان إذا تكلم بالكلمة أعادها ثلاثاً .. .. الحديث.
ولأبي داود والنسائي وابن حبان من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه أن يدعو ثلاثاً ويستغفر ثلاثاً.
وأصله في مسلم بلفظ: كان إذا دعا دعا ثلاثاً وإذا سأل سأل ثلاثاً.
(قوله: وإذا رأى شيئاً فأعجبه ..) إلى آخره.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي المجد، عن وزيرة بنت عمر، قالت: أخبرنا الحسين بن المبارك، قال: أخبرنا طاهر بن محمد، قال: أخبرنا مكي بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سعيد بن(5/232)
سالم، قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني حميد الأعرج، عن مجاهد، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهر التلبية إلى آخرها، حتى إذا كان ذات يوم والناس يدفعون عنه، فكأنه أعجبه ما هو فيه، فقال: ((لبيك إن العيش عيش الآخرة)) قال ابن جريج: وحسبت أن ذلك كان يوم عرفة.
قلت: هذا مرسل، وقد جاء بعضه موصولاً بذكر ابن عباس.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي نصر بن هبة الله قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا جدي لأمي الحافظ أبو العلاء الهمداني، قال: أخبرنا أبو علي الأصبهاني، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن هارون، قال: حدثنا جميل بن الحسن، قال: حدثنا محبوب بن الحسن، قال: حدثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة، فلما قال: ((لبيك اللهم لبيك -قال- إنما الخير خير الآخرة)).
وبه قال سليمان: لم يروه عن داود إلا محبوب.
قلت: رواته موثقون، وجميل فيه مقال، ولا بأس به في المتابعات، والله أعلم.
آخر المجلس الثامن والتسعين بعد الأربعمئة من أمالي أحاديث الأذكار، وهو الثامن والسبعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية.(5/233)
[[إن التلبية لا تزال مستحبةٌ حتى يرمي جمرة العقبة.]]
(499)
وقال رضي الله عنه:
وقد صححه ابن خزيمة وأخرجه عن جميل بهذا السند.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن جميل، وقال: صحيح.
وليس كما قال، بل هو معلول، أخرجه سعيد بن منصور عن هشيم عن داود بن أبي هند، عن عكرمة بن خالد المخزومي، أنه سئل عن التلبية يوم عرفة ويوم النحر، فقال: أوليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذا أبصر الناس حوله قال: ((لبيك اللهم لبيك إن الخير خير الآخرة)).
فكأنه وقع في رواية جميل عكرمة غير منسوب، فظن أنه مولى ابن عباس، ووصل الحديث بذكر ابن عباس فيه وهماً، وهشيم أحفظ من محبوب وأعرف بحديث داود، وروايته هي الراجحة.
(قوله: إن التلبية لا تزال حتى يرمي جمرة العقبة).
قرأت على أبي العباس بن تميم بدمشق بالسند الماضي قريباً إلى الدارمي (ح).
وأخبرنا أبو علي بن الخلال، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، ووزيرة بالسند الماضي مراراً إلى البخاري، قالا: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا مالك، قال: حدثني محمد بن أبي بكر الثقفي، قال: سألت أنس بن مالك،(5/234)
ونحن غاديان من منى إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان يلبي الملبي ويكبر المكبر فلا ينكر عليه.
وأخرجه البخاري أيضاً عن عبد الله بن يوسف.
ومسلم عن يحيى بن يحيى.
والإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي.
ثلاثتهم عن مالك.
وأخرجه النسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي نعيم.
فوقع لنا بدلاً عالياً على رواية مسلم والنسائي.
وبه إلى الدارمي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى.
وقرأت على عبد الرحمن بن محمد بن الفخر، أن أحمد بن علي العابد أخبرهم، عن المبارك بن محمد، قال: أخبرنا أبو الفتح بن شاتيل، قال: أخبرنا أبو بكر بن المظفر، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان، قال: حدثنا أبو العباس بن نجيح، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف القزويني، قال: حدثنا القاسم بن الحكم، قالا: حدثنا سفيان -هو الثوري- عن يحيى بن سعيد -هو الأنصاري- عن عبد الله بن أبي سلمة، زاد القاسم الماجشون، ثم اتفقا عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منا من يلبي ومنا من يكبر.
أخرجه النسائي من رواية هشيم ومن رواية حماد بن زيد، كلاهما عن(5/235)
يحيى بن سعيد، فأدخل بين أبي سلمة وابن عمر عبد الله بن عمر، ورجاله رجال الصحيح.
لكنه رواه عبد الله بن نمير وغيره عن يحيى بن سعيد.
أخرجه مسلم.
وأخرج الشيخان في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس عن أخيه الفضل بن عباس رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه من المزدلفة، قال: فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
أخرجاه مطولاً ومختصراً.
وأخرجا من طريق أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه من عرفة إلى مزدلفة، ثم أردف الفضل، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، وفي الحديث قصة.
وبالسند الآتي قريباً إلى الإمام أحمد رحمه الله، قال: حدثنا صفوان بن عيسى، قال: حدثنا الحارث بن عبد الرحمن، عن مجاهد، عن عبد الله بن سخبرة، قال: خرجت مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من منى إلى عرفة، فلم يزل يلبي، وكان بزي الأعراب، فقال له ناس: يا أعرابي ليس هذا يوم تلبية، هذا يوم تكبير، قال: فالتفت إلي فقال: أجهل الناس أم نسوا، والذي بعث محمداً بالحق لقد أخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة إلا أن يخلطها بتكبير أو تهليل.
هذا حديث صحيح.(5/236)
أخرجه ابن خزيمة عن نصر بن علي، عن صفوان بن عيسى.
فوقع لنا بدلاً عالياً لاتصال السماع.
وأخرجه الحاكم والطحاوي من طرق أخرى عن الحارث، وهو المعروف بابن أبي ذباب -بضم المعجمة وموحدتين وبينهما ألف- وهو من رجال مسلم، والله أعلم.
آخر المجلس التاسع والتسعين بعد الأربعمئة من أمالي أحاديث الأذكار وهو التاسع والسبعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية.
[[قطع التلبية مع أول شروعه فيه واشتغل بالتكبير.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: ويلبي المعتمر حتى يستلم الركن.]]
(500)
قال أمتع الله بوجوده:
قد أخرج مسلم نحو هذا الحديث عن ابن مسعود.
أخبرني أبو المعالي عبد الله بن عمر بن إبراهيم بن محمد بن عبد الصمد، قال: أخبرنا أبو محمد بن الخطيب، قال: أخبرنا أبو علي المكبر، قال: أخبرنا أبو القاسم الشيباني، قال: أخبرنا أبو علي التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن كثير بن مدرك، عن عبد الرحمن بن(5/237)
يزيد، أن عبد الله لبى حين أفاض من جمع، فقيل: أعرابي هذا؟ فقال عبد الله: أنسي الناس أم ضلوا؟ سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم يقول في هذا المكان: ((لبيك اللهم لبيك)).
أخرجه مسلم من طرق:
منها عن سريج بن يونس، عن هشيم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
[تنبيه]
حديث ابن مسعود الأول يعضد قول القفال الذي حكاه المؤلف في شرح المهذب عن النهاية عنه، قال: إذا رحلوا عن مزدلفة خلطوا التلبية بالتكبير في مسيرهم، فإذا افتتحوا الرمي محضوا التكبير.
قال الإمام: لم أر هذا لغير القفال.
قلت: ولعل مستنده هذا الحديث.
(قوله: قطع التلبية مع أول شروعه فيه واشتغل بالتكبير).
قال في شرح المهذب: ويقطع التلبية مع أول حصاة؛ لما روى الفضل بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم لبى حتى رمى جمرة العقبة، ولأن التلبية للإحرام، فإذا رمى فقد شرع في التحلل.
قال الشيخ في شرحه: حديث الفضل في الصحيح ويكبر مع كل حصاة.
قلت: التعليل واضح، لكن الخبر ليس صريحاً في المراد.(5/238)
وقد أخر ابن خزيمة حديثين في أحدهما قطع التلبية مع أول حصاة، وفي الآخر قطعها مع آخر حصاة.
قرأت على الإمام أبي الحسن بن أبي بكر، عن محمد بن إسماعيل الحموي سماعاً، قال: أخبرنا علي بن أحمد السعدي، عن منصور بن عبد المنعم، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، قال: أخبرنا أحمد بن الحسين الحافظ، قال: أخبرنا أبو عثمان -هو الصابوني-، قال: أخبرنا أبو طاهر بن الفضل، قال: حدثنا جدي محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا علي بن حجر، قال: حدثنا شريك، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: دفعت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة.
وبه إلى ابن خزيمة، حدثنا عمر بن حفص الشيباني، قال: حدثنا حفص بن غياث، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن ابن عباس، عن الفضل أخيه رضي الله عنهم، قال: أفضت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة.
قال الإمام ابن خزيمة: هذا أولى لأنه مثبت.
(قوله: قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: ويلبي المعتمر حتى يستلم الركن).
قلت: لم يصرح بنقل خبر فيه.
وقال في شرح المهذب: قال أصحابنا: وكذا المعتمر يقطع التلبية بشروعه في الطواف. انتهى.(5/239)
وقد ورد في ذلك أثر أسنده الشافعي موقوفاً، وأشار إلى أنه روي مرفوعاً.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي المجد، عن وزيرة بنت عمر بالسند الماضي قريباً إلى الربيع بن سليمان.
قال: أخبرنا الإمام الشافعي رحمه الله، قال: أخبرنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: يلبي المعتمر حتى يستلم الركن.
هذا موقف صحيح.
أخرجه البيهقي عن أبي بكر بن الحسين، وغيره، عن الأصم محمد بن يعقوب.
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو.
ونقل عن الشافعي أن بعض من لا يرضى حفظه أورده مرفوعاً.
قلت: أخرجه أبو داود والترمذي من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عطاء به.
قال: رواه عبد الملك بن أبي سليمان وغيره عن عطاء موقوفاً.
ورواية عبد الملك هذا أخرجها الطبراني.
وأخرج رواية ابن أبي ليلى المرفوعة أيضاً.
وأخرجه من طريق ليث بن أبي سليم، عن عطاء، عن عبد الله بن عباس مرفوعاً أيضاً وزاد: ويلبي في الحج حتى يرمي الجمرة.(5/240)
وابن أبي ليلى وليث مضعفان من قبل حفظهما.
ورواية همام الموقوفة أخرجها البيهقي في أثناء حديث.
آخر المجلس الموفي خمسمئة من أمالي أحاديث الأذكار، وهو الثمانون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية.
(501)
قال رضي الله عنه:
أخبرني الإمام المسند أبو الفرج بن أحمد بن المبارك رحمه الله، قال: أخبرنا يونس بن إبراهيم بن عبد القوي، قال: أخبرنا المسندان أبو الحسن العليان ابن الحسين بن علي، وابن هبة الله بن سلامة إجازة إن لم يكن سماعاً من الأول، ومكاتبة من الثاني، كلاهما عن شهدة الكاتبة سماعاً، زاد الأول: وعن أبي هاشم الدوشابي كتابة، قالا: أخبرنا الحسين بن أحمد، قال: أخبرنا عبد الله بن يحيى السكري، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، [قال: حدثنا سعدان بن نصر] قال: حدثنا أبو معاوية، عن عمر بن ذر، عن مجاهد، قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما، يقطع التلبية في العمرة حين يستلم الحجر، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقطعها إلى رأى بيوت مكة، ثم يقبل على التكبير.
هذا موقوف صحيح.
أخرجه البيهقي عن عبد الله بن يحيى.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأثر ابن عمر أخرجه مالك عن نافع نحوه في الحج، لكن قال: إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يلبي حتى يغدو من منى(5/241)
إلى عرفة، وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم.
وبالسند الماضي إلى الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سعيد بن سالم ومسلم بن خالد، قالا: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: يلبي في العمرة حتى يفتتح الطواف بالبيت مستلماً وغير مستلم.
هذا موقوف صحيح.
وهو يبين المراد من قوله حتى يستلم.
[تنبيه]
ذكر المصنف فيما مضى استحباب تكرار التلبية، وأغفل ما ذكر في شرح المهذب، فإنه قال: لا يستحب الزيادة على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يكررها، ثم قال: قال أصحابنا: فإن زاد لم يكره، ثم نقل عن العمراني أن الشيخ أبا حامد نقل عن بعض الحنفية أن الشافعي قال: تكره الزيادة.
قال أبو حامد: وهو غلط، بل لا يكره ولا يستحب. انتهى.
وقد نقل الكراهة عن الشافعي بعض المراوزة وهو الفوراني في الإبانة، وكذا نقل الغزالي عن المسعودي.
وقال ابن عبد البر: اختلفوا في الزيادة فيها -يعني التلبية- فقال مالك: أكره أن يزيد على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحد قولي الشافعي.
وقال مالك: لا بأس أن يزيد ما جاء عن ابن عمر، وعن الشافعي: لا أحب أن يزيد على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالظاهر الإطلاق بأن المراد بالتلبية ما تقدم سياقه، وقد جاء على النبي صلى الله عليه وسلم(5/242)
من طرق، وجاءت عنه ألفاظ أخرى سأذكرها من قوله ومن تقريره.
أما القول ففيما:
قرأت على عمر بن محمد البالسي، أن أبا بكر المغازي أخبرهم، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، عن محمد بن معمر، قال: أخبرنا إسماعيل بن الفضل، قال: أخبرنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، قال: أخبرنا الحافظ أبو الحسن الدارقطني، قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد الله بن الفضل، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان من تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لبيك إله الحق)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه ابن خزيمة عن يونس بن عبد الأعلى.
فوقع لنا موافقة عالية بالسماع.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن ابن وهب.
وأخرجه النسائي عن حميد بن عبد الرحمن، وابن حبان من طريق وكيع عن عبد العزيز.
وقال النسائي: تفرد به عبد العزيز.
ورواه إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن الفضل مرسلاً، والله أعلم.(5/243)
آخر المجلس الأول بعد الخمسمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الحادي والثمانون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية.
(502)
وقال رضي الله عنه:
وبالسند الماضي إلى الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: ذكر عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الله بن الفضل .. .. فذكره موصولاً.
أخرجه البيهقي عن الحاكم وغيره، عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه في المعرفة عن الحاكم كذلك.
وعن الحاكم إجازة بهذا السند إلى الشافعي، قال: كانت أكثر تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء في حديث جابر وابن عمر، وهي التي أحب أن تكون تلبية المحرم إلا أن يزيد ما رواه أبو هريرة فإنه من التلبية، لأن التلبية إجابة بعد إجابة، فكأنه أجاب بلبيك إله الحق.
وقد وجدت لحديث أبي هريرة طريقاً آخر عنه.
قرئ على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي ونحن نسمع، عن أبي نصر بن الشيرازي، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا(5/244)
جدي لأمي الحافظ أبو العلاء الهمداني، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا عبد الله بن الحسن، قال: حدثنا مروان بن عبيد، قال: حدثنا بشر بن السري، قال: حدثنا زكريا بن إسحاق، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لبيك إله الحق)).
قال سليمان: لم يروه عن عمرو إلا زكريا ولا عنه إلا بشر، تفرد به مروان بن عبيد.
قلت: رواته من بشر فصاعداً مخرج لهم في الصحيح، ولكن مروان لم أجد فيه تجريحاً ولا تعديلاً.
وفي الرواة مروان بن عبيد آخر ضعفوه، وهو من طبقة أعلى من طبقة بشر شيخ مروان هذا، والله أعلم.
ووجدت للمتن شاهداً من حديث ابن عباس عند البيهقي في الخلافيات.
وذكر الترمذي بعد تخريج حديث ابن عمر كلام الشافعي بلفظ آخر، فقال: قال الشافعي: فإن زاد في التلبية شيئاً من تعظيم الله تعالى فلا بأس إن شاء الله تعالى، وأحب أن يقتصر على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإنما قلت: لا بأس بتعظيم الله تعالى في التلبية لما جاء عن ابن عمر، لأنه حفظ التلبية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم زاد: لبيك والرغباء إليك إلى آخره.
قلت: حديث ابن عمر تقدم في أول الباب بزيادته، وأكثر الروايات في الصحيحين وغيرهما قصر ذلك على ابن عمر.
وجاء في رواية لمسلم أن ابن عمر تلقاها عن عمر.
أخبرني الإمام المسند أبو الفرج بن الغزي، قال: أخبرنا الحسن بن(5/245)
قريش، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصقيل، قال: أخبرنا مسعود الجمال في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم في المستخرج، قال: حدثنا أبو عمرو بن حمدان، ومحمد بن إبراهيم، قال الأول: حدثنا الحسن بن سفيان، والثاني: حدثنا .. .. بن الحسن، قالا: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكر التلبية ثم قال: لا نزيد على هؤلاء الكلمات، قال: وكان عبد الله بن عمر يقول: كان عمر بن الخطاب يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهؤلاء الكلمات ويقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك والخير في يديك والرغباء إليك والعمل.
أخرجه مسلم عن حرملة.
فوقع لنا موافقة عالية، ولله الحمد.
آخر المجلس الثاني بعد الخمسمئة من أمالي أحاديث الأذكار، وهو الثاني والثمانون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية.
(503)
قال أمتع الله المسلمين ببقائه:
[ذكر خبر آخر فيه زيادة في التلبية]
أخبرني مسند القاهرة الشيخ برهان الشامي رحمه الله، قال: أخبرنا عبد الله بن الحسين الأنصاري، قال: أخبرنا محمد بن أبي بكر البلخي، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي في كتابه، قال: أخبرنا الحافظ أبو الغنائم الكوفي، قال: أخبرنا أبو حازم أحمد بن محمد الدلال، قال: أخبرنا أبو حازم(5/246)
محمد بن علي الوشاء، قال: حدثنا أبو أحمد بن محمد المنصوري، قال: حدثنا الحسن بن أسلم، قال: حدثنا محمد بن الحارث المحاربي، قال: حدثنا الحكم بن سنان قال: حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لبيك حقاً حقاً تعبداً ورقاً)).
هذا حديث غريب عزيز التسلسل.
أخرجه الدارقطني في الأفراد من طريق محمد بن الحارث المحاربي.
فوقع لنا عالياً من أجل السماع.
قال الدارقطني: تفرد به الحكم بن سنان عن هشام مرفوعاً، ورواه النضر بن شميل عن هشام موقوفاً.
قال: وقد روي عن النضر مرفوعاً ثم ساقه من رواية يحيى بن محمد بن أعين عن النضر مرفوعاً.
قلت: وكذلك أخرجه البزار قال: سمعت بعض أصحابنا يحدث عن النضر بن شميل .. .. فذكره مرفوعاً أيضاً، ولم يسم من حدثه، ولعله يحيى المذكور.
ولم يقع في رواية النضر ذكر معبد.
وأخرجه البزار أيضاً من رواية حماد بن زيد عن هشام بن حسان موقوفاً ولم يذكر في السند معبداً ولا أنس بن سيرين.
ورجح هذه الرواية سنداً ومتناً وهو كما قال.
وذكر ابن إسحاق في أوائل السيرة النبوية زيد بن عمرو والد سعيد بن زيد(5/247)
أحد العشرة فيمن خالف قومه في عبادة الأوثان وطلب دين إبراهيم عليه السلام.
قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل زيد أن زيداً كان إذا دخل المسجد استقبل الكعبة وقال: لبيك حقاً حقاً تعبداً ورقاً.
وأما تقريره صلى الله عليه وسلم الزيادة.
أخبرني العماد أبو بكر بن الفرضي، قال: أخبرنا العماد أبو بكر بن الرضي، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، عن أم الحسن بنت أبي الحسن سماعاً، عن أبي الطاهر المستملي سماعاً، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا أبو خيثمة (ح).
وأخبرني أبو الحسن بن أبي بكر الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الأنصاري، قال: أخبرنا أبو محمد المقدسي، قال: أخبرنا أبو علي الرصافي، قال: أخبرنا أبو القاسم الشيباني، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قالا: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن جابر رضي الله عنه، قال: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لبيك اللهم لبيك .. .. )) فذكرها. قال: والناس يزيدون: لبيك ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ذلك فلا يرد عليهم شيئاً.
هذا حديث صحيح.
أخرجه أبو داود عن أحمد بن حنبل.
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو.
وأصله في مسلم في الحديث الطويل في صفة الحج، ولفظه: وأهل الناس(5/248)
بهذا الذي يهلون به فلم يرد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً منه ولزم تلبيته.
ووقع لي من وجه آخر تفسير بعض النحو.
أخبرني الحافظ أبو الحسن بن أبي بكر، قال: أخبرنا أبو الفضل بن الحموي، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، عن عبد الله بن عمر .. .. قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن سهل، قال: حدثنا قيس بن أنيف -بهمزة وفاء مصغر- قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده عن جابر رضي الله عنه في قصة الحج، قال: ولبى الناس لبيك ذا المعارج ولبيك ذا الفواضل، فلم يعب عليهم منه شيئاً.
وجاء عن عمر رضي الله عنه زيادة أخرى ذكرها ابن عبد البر بغير إسناد وتبعه القاضي في الإكمال والقرطبي في المفهم.
وقد وجدتها بسند صحيح في مصنف ابن أبي شيبة من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنهما، قال: كان عمر رضي الله عنه .. .. فذكر التلبية، قال: وزاد عمر: لبيك مرغوباً إليك ومرهوباً منك يا ذا النعماء والفضل.
آخر المجلس الثالث بعد الخمسمئة من أمالي أحاديث الأذكار، وهو الثالث والثمانون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية.
(504)
وقال رضي الله عنه وأمتع المسلمين بوجوده:
وأخرج عبد الرزاق حديث المسور هذا عن عمر بلفظ: لبيك ذا النعماء(5/249)
والفضل الحسن لبيك لبيك مرغوباً ومرهوباً.
أخبرنا أبو علي المهدوي شفاهاً، عن يونس بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي كتابة، قال: أخبرنا جدي أبو طاهر الحافظ إجازة إن لم يكن سماعاً، عن أبي ياسر الخياط، عن أبي القاسم بن بشران، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكهي، قال: حدثنا علي بن معبد، قال: حدثنا إسحاق بن منصور، قال: حدثنا أبو كدينة -بكاف ونون مصغر- وهو يحيى بن المهلب، عن عطاء بن أبي رباح، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانت تلبية موسى عليه السلام لبيك لبيك عبدك وابن عبديك، وكانت تلبية عيسى عليه السلام: لبيك لبيك عبدك وابن أمتك. هذا موقوف حسن الإسناد. أخرجه البزار في مسنده عن إسحاق بن الفضل بن سهل، عن إسحاق بن منصور.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وكأنه عنده في حكم المرفوع، لأنه لا يقال بالرأي، وابن عباس كان ينكر على من يأخذ من أهل الكتاب، كما أخرجه البخاري عنه.
وبه إلى الفاكهي، قال: حدثنا محمد بن حسان، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس فذكر مثله.
وزاد: وكانت تلبية يونس عليه السلام لبيك اللهم لبيك، لبيك كاشف الكرب لبيك.
وفي هذا السند ضعف وانقطاع، لكن له طريق أخرى أخرجه الأزرقي من طريق عثمان بن ساج عمن بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم .. .. فذكره موصولاً وفيه النقل عن الثلاثة المذكورين عليهم السلام.
وأخرج سعيد بن منصور في السنن من طريق الأسود بن يزيد أحد كبار(5/250)
التابعين أنه كان يزيد في التلبية لبيك غفار الذنوب لبيك.
[ذكر من أنكر الزيادة]
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أبو نعيم بن عبيد، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا أبو محمد الحربي، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أبو بكر بن حمدان، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا المؤيد بن عبد الرحيم، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الملك، قال: أخبرنا إبراهيم بن منصور، قال: أخبرنا أبو بكر بن عاصم، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا أبو خيثمة، قالا: حدثنا يحيى -هو القطان- عن محمد بن عجلان، عن عبد الله بن أبي سلمة، أن سعد بن أبي وقاص سمع رجلاً يقول: لبيك ذا المعارج، فقال: إنه لذو المعارج، ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نقول ذلك.
وفي رواية أبي خيثمة: إن الله ذو المعارج، ولكن لم نكن نقول ذلك مع نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام.
هذا حديث حسن غريب.
يقال: إن عبد الله لم يسمع من سعد.
وقد ذكره ابن خزيمة في صحيحه وقال: قد يخفى على من تقدم في السن والمرتبة ما يطلع عليه غيره ممن هو دونه في الأمرين كسعد وجابر، فقد أثبت جابر ما نفاه سعد كما تقدم عن جابر أنه سمع من لبى بذلك والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ذلك فلا ينكر.
وقرأت على أبي المعالي الأزهري، أن أحمد بن محمد بن عمر أخبرهم،(5/251)
قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني بهذا السند إلى الإمام أحمد، قال: حدثنا حسن بن موسى، قال: حدثنا زهير -هو ابن معاوية-، عن أبي إسحاق، عن الضحاك، قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما إذا لبى قال .. .. فذكر التلبية المشهورة.
ثم قال: وكل ذلك لا يدفع الزيادة، وقال: من حفظ هذه التلبية انتهى إليها، فإنها تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: وكل ذلك لا يمنع الزيادة، لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع بعد الخمسمئة من أمالي أحاديث الأذكار، وهو الرابع والثمانون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية.
(505)
وقال رضي الله عنه:
قال الترمذي بعد تخريج حديث ابن عمر في التلبية: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وجابر وعائشة وابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم.
وزاد شيخنا في شرحه: وعن عمر وأنس.
وزدت: وعن عبد الله بن الزبير وعمرو بن معدي كرب.
فحديث عبد الله بن مسعود وجابر أخرجهما مسلم.
وحديث عائشة أخرجه البخاري.
وحديث ابن عباس تقدم قريباً.(5/252)
وحديث أبي هريرة لم أجده بلفظ هؤلاء، وإنما جاء عنه لبيك إله الحق وقد تقدم.
وحديث عمر ذكره شيخنا بلفظ ((من حج بمالٍ حرامٍ فقال: لبيك .. .. )) الحديث.
ولعل الترمذي أشار إلى الخلاف في زيادة لبيك وسعديك هل هي عن ابن عمر من قوله أو نقله عن أبيه كما تقدم، والزيادة فرع عن الأصل.
وأما حديث أنس فذكر شيخنا حديثه كما تقدم .. .. وهو يوازي حديث أبي هريرة، لكن وجدته عن أنس بلفظ الجماعة.
قرأت على التقي أبي محمد بن عبيد الله، عن أبي عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا محمد بن نصر، قال: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا ابن نمير -هو محمد بن عبد الله بن نمير- قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إسماعيل، عن الحسن، وقتادة، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبي: ((لبيك اللهم لبيك ..)) الحديث مثل رواية جابر ومن معه.
وإسماعيل المذكور في السند هو ابن مسلم المكي، وأصله بصري لكنه سكن مكة، ضعفوه من قبل حفظه.
وأما حديث ابن الزبير ففيما:
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي نصر بن العماد، قال: أخبرنا أبو محمد سبط الحافظ أبي العلاء في كتابه، قال: أخبرنا أبو العلاء الهمداني، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا الطبراني، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن(5/253)
عروس، قال: حدثنا يحيى بن سليمان بن نضلة، قال: حدثنا محمد بن سليمان بن يحيى بن عروة بن الزبير، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عبد الله بن عروة بن الزبير، قال: سمعت عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ونحن معه قد خرجنا لنعتمر، فلما انحدرنا من الأكمة إلى الوادي اغتسل عبد الله بن الزبير وصلى ركعتين ثم أهل بالتلبية: لبيك اللهم لبيك، قال ابن عروة: سمعت ابن الزبير يقول: هذه والله تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبه قال الطبراني: لا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإسناد، تفرد به يحيى بن سليمان.
قلت: وهو صدوق فيه لين.
وأما حديث عمرو.
قرأت على أم الفضل بنت أبي إسحاق، عن القاسم بن المظفر، قال: أخبرنا أبو الوفاء العبدي، أن أحمد بن محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم (ح).
وأخبرني العماد أبو بكر بن العز، وكتب إلينا أبو الخير بن أبي سعيد، كلاهما عن عبد الله بن الحسين، قال: أخبرنا أبو الخير سماعاً، قال: أخبرنا إبراهيم بن خليل، قال: أخبرنا يحيى بن محمود، قال: أخبرنا أبو عدنان، وفاطمة الأصبهانية، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله التاجر، قال: أخبرنا الطبراني في المعجم الصغير، قال: حدثنا أحمد بن محمد -والسياق له- قالا: حدثنا محمد بن زياد بن أبي سعيد، قال: حدثنا شرقي بن فطامي، قال: سمعت أبا طلق العائذي يحدث عن شراحيل بن القعقاع، عن عمرو بن معدي كرب رضي الله عنه، قال: لقد رأيتنا ونحن من قريب نقول إذا حججنا:
لبيك تعظيماً إليك عذرا ... هذي زبيد قد أتتك قسرا(5/254)
يقطعن خبتاً وجبالاً وعرا ... قد خلفوا الأنداد خلواً صفرا
ولقد رأيت ونحن وقوف بمحسر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ارتفعوا عن عرنة وعلمنا التلبية لبيك اللهم لبيك ..)) إلى آخره.
وبه قال الطبراني: لم يروه عن شرقي إلا محمد بن زياد.
قلت: وهو حديث غريب.
أخرجه البزار عن العباس بن أبي طالب.
والبغوي في معجم الصحابة عن أبي بكر بن هانئ وأحمد بن منصور وغيرهما.
كلهم عن محمد بن زياد.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرج البغوي في روايته بسماع شراحيل من عمرو، وزاد في الشعر:
نغدو بها مضمرات شررا ...
وشرفي -بفتح المعجمة والراء ساكنة- ثم قال: اسم بلفظ النسب وأبوه مثله وأبو طلق بفتح المهملة وسكون اللام ثم قاف.
والعائذ بمهملة وذال معجمة قبلها تحتانية.
قيل: اسمه أبو طلق عدس بن حنظلة، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس بعد الخمسمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الخامس والثمانون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية مما أملاه شيخ الإسلام المشار إليه.
[[فصل: إذا وصل المحرم إلى حرم مكة -زاده الله شرفاً- استحب له(5/255)
أن يقول: اللهم هذا حرمك وأمنك فحرمني على النار، وأمني من عذابك يوم تبعث عبادك، واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك.
فإذا دخل مكة ووقع بصره على الكعبة ووصل المسجد استحب له أن يرفع يديه ويدعو؛ فقد جاء أنه يستجاب دعاء المسلم عند رؤيته الكعبة، ويقول: اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفاً وتكريماً وتعظيماً وبراً.]]
(506)
(قوله: فصل وإذا صل [المحرم] إلى حرم مكة زادها الله شرفاً استحب له أن يقول: اللهم هذا حرمك وأمنك فحرمني على النار وآمني من عذابك يوم تبعث عبادك واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك).
قلت: ذكر في شرح المذهب عن الماوردي أن جعفر بن محمد روى عن أبيه عن جده قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند دخول مكة: ((اللهم البلد بلدك والبيت بيتك جئت أطلب رحمتك وألزم طاعتك .. .. )) الحديث.
ولم يسنده الماوردي ولا وجدته موصولاً ولا الذي قبله، وقد بيض له من خرج أحاديث المهذب كالحازمي والمنذري.
وجعفر هذا هو الصادق، وأبوه محمد هو الباقر، وأما جده فإن كان الضمير لمحمد فهو الحسين بن علي، ويحتمل أن يريد أباه علي بن أبي طالب، لأنه الجد الأعلى رضي الله عنهم، وعلى الأول يكون مرسلاً.(5/256)
وقد وجدت في مسند الفردوس من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: لما طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت وضع يده على الكعبة فقال: ((اللهم البيت بيتك ونحن عبيدك ونواصينا بيدك .. .. )) فذكره حديثاً.
وسنده ضعيف.
(قوله: فإذا دخل مكة ووقع بصره على الكعبة يستحب له أن يرفع يديه ويدعو، فقد جاء أنه يستجاب دعاء المسلم عند رؤية الكعبة).
قلت: وقع في المهذب: وإذا رأى البيت دعا لما روى أبو أمامة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تفتح أبواب السماء، وتجاب دعوة المسلم عند رؤية الكعبة)).
ولم يذكر الشيخ في شرحه من خرجه، بل قال: حديث غريب غير ثابت.
وقد خرجته في هذه الأمالي في (باب الدعاء عند الإقامة) من كتاب الصلاة.
ولفظه: ((تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف في الجهاد وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة)).
وهذا لفظه عند الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة.
وقرأت على أبي معالي الأزهري، عن أم عبد الله الكمالية، قالت: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ في كتابه، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا الطبراني في الأوسط، قال: حدثنا أحمد بن شعيب، قال: أخبرنا عمرو بن يزيد، قال: حدثنا سيف بن عبد الله، قال: حدثنا ورقاء، عن عطاء بن السائب، عن(5/257)
سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ترفع الأيدي إذا رأيت البيت وعلى الصفا وعلى المروة وبعرفة وبجمع وعند رمي الجمرة وإذا أقيمت الصلاة)).
وبه قال الطبراني: لم يروه عن عطاء إلا ورقاء ولا عن ورقاء إلا سيف.
قلت: سنده من شرط الحسن.
فقد أخرجه الطبراني في الكبير من وجه آخر عن مقسم عن ابن عباس.
وللحديث طرق في بعضها زيادة على هذا.
(قوله: ويقول: اللهم زد هذا البيت .. .. ) إلى آخره.
أخبرنا أبو علي محمد بن محمد المصري، عن وزيرة التنوخية، قالت: أخبرنا أبو عبد الله الزبيدي، قال: أخبرنا أبو زرعة بالسند الماضي مراراً إلى الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى البيت رفع يديه وقال: ((اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفاً وتكريماً وتعظيماً وبراً)).
هذا حديث معضل، لأن ابن جريج ليس له سماع من صحابي وإن كان له إدراك، فبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم اثنان أو أكثر.
وقد أخرجه البيهقي من طريق الشافعي.
ثم أخرجه من طريق مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وله طرق أخرى موصولة في سندها مقال، والله أعلم.(5/258)
آخر المجلس السادس بعد الخمسمئة من أمالي أحاديث الأذكار، وهو السادس والثمانون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية مما أملاه من لفظه حافظ العصر المشار إليه في تاسع عشر المحرم سنة .. ..
[[ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، حينا ربنا بالسلام، ثم يدعو بما شاء من خيرات الآخرة والدنيا.]]
(507)
وقال أمتع الله ببقائه:
وأخرج عبد الرزاق عن أبي سعيد عبد القدوس عن مكحول هذا الحديث مرسلاً، وفيه غير ذلك، وزاد في المتن: مهابة في الشخص وبراً في البيت.
وقد أنكر الشيخ في شرح المهذب على المزني إيراده كذلك، ونقل عن الأصحاب في جميع الطرق موافقة ما نقلناه آنفاً من رواية ابن جريج، وأنهم اتفقوا على تغليط المزني.
قال: وممن نقل الاتفاق صاحب البيان.
قلت: وافق المزني صاحب الحاوي الكبير، ووقع في الوجيز ذكر البر في الموضعين، فقال الشيخ أيضاً: إنه مردود.
قلت: ومثله في الحديث الذي أشرت إليه.
قرأت على الإمام شيخ الإسلام أبي الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله، عن قراءته على أبي محمد البزوري، عن أبي الحسن السعدي سماعاً، عن أبي عبد الله الكراني، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا(5/259)
أبو الحسن بن فاذشاه، قال: أخبرنا الطبراني في كتاب الدعاء، قال: حدثنا محمد بن موسى الأبلي -بضم الهمزة والموحدة وتشديد اللام- قال: حدثنا عمر بن يحيى الأبلي -مثله- عن عاصم بن سليمان، عن زيد بن أسلم، عن أبي الطفيل -يعني عامر بن واثلة- رضي الله عنه، عن حذيفة بن أسيد -بفتح الهمزة- رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر إلى البيت قال: ((اللهم زد بيتك هذا تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابةً وبراً، وزد من شرفه وعظمه ممن حجه أو اعتمره تعظيماً وتشريفاً وتكريماً ومهابةً وبراً)).
قال الطبراني في الأوسط: لا يروى عن حذيفة إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمر بن يحيى.
قلت: وفيه مقال.
وشيخه عاصم بن سليمان ظن بعض الفقهاء أنه الأحول المخرج له في الصحيحين فرجح هذه الطريق على طريق ابن جريج، وليس كما ظن، بل عاصم بن سليمان هذا آخر يقال له الكوزي -بضم الكاف وسكون الواو بعدها زاي منقوطة- نسبة إلى قبيلة، نسبه هكذا الطبراني لما أخرج حديثه هذا في المعجم.
وذكروه في الضعفاء واتهموه بالكذب، وصرح بعضهم بأنه يضع الحديث.
ولرواية ابن جريج متابعة جيدة.
أخرجها سعيد بن منصور في السنن عن معتمر بن سليمان، عن برد بن سنان، قال: سمعت عباد بن قسامة يقول: إذا رأيت البيت فقل: اللهم زد بيتك هذا .. فذكر مثل رواية ابن جريج.
وهذا مقطوع حسن الإسناد يتقوى به رواية ابن جريج.
فإن كان المزني استند إلى رواية مكحول فلا ينسب إلى الغلط، فإنهم(5/260)
يستندون على مثل هذا لاسيما في الفضائل.
وأول راض سيرة من يسيرها.
(قوله: ويقول: اللهم أنت السلام .. .. ) إلى آخره.
أخبرنا أبو هريرة بن الذهبي فيما أجاز لنا مراراً، قال: أخبرنا أبو محمد بن المظفر، عن أبي الوفاء بن منده، قال: أخبرنا أبو الخير الأصبهاني، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أحمد بن إسماعيل العسكري، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن طريف، عن حميد بن يعقوب، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت من عمر رضي الله عنه كلمة لم يبق ممن سمعها غيري، سمعته يقول: إذا رأى البيت: اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام.
هذا موقوف غريب.
أخرجه الشافعي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور جميعاً عن سفيان بن عيينة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الشافعي أيضاً عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه .. ..
فذكر مثله من قوله لم يذكر عمر فيه.
وهذا السند أصح من الذي قبله.
وله عن عبد الرزاق طريق أخرى عن محمد بن سعيد بن المسيب، والله أعلم.(5/261)
آخر المجلس السابع بعد الخمسمئة من أمالي أحاديث الأذكار، وهو السابع والثمانون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية أملاه من حفظه ولفظه حافظ العصر شيخ الإسلام المشار إليه.
[[في أذكار الطواف: يستحب أن يقول عند استلام الحجر الأسود أولاً، وعند ابتداء الطواف أيضاً: باسم الله، والله أكبر، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم.]]
(508)
وقال رضي الله عنه:
(قوله: (فصل في أذكار الطواف) يستحب أن يقول عند استلام الحجر الأسود أولاً وعند ابتداء الطواف أيضاً: باسم الله والله أكبر ..) إلى آخره.
قلت: ذكره البيهقي في المعرفة عن الحاكم إجازة عن الأصم عن الربيع عن الشافعي عن سعيد بن سالم عن ابن جريج، قال: أخبرت أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله ما نقول إذا استلمنا الركن؟ قال: ((قولوا باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك وبما جاء به محمدٌ صلى الله عليه وسلم)).
وأخرجه عبد الرزاق عن أبي سعيد عبد القدوس، عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وفيه ((ووفاءً بعهدك)).
وعبد القدوس ضعيف.
ونسب الشيخ في المهذب هذا الحديث إلى رواية جابر، فقال الشارح: حديث جابر أخرجه مسلم عنه بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى الحجر(5/262)
فاستلمه ومشى، وليس فيه شيء من هذا الذكر.
فالظاهر أنه حديث آخر لجابر.
وذكر في المهذب عن علي الحديث الذي:
أخبرنا به شيخنا الحافظ أبو الفضل بن الحسين رحمه الله بالسند الماضي آنفاً إلى الطبراني في (الدعاء) حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي.
وقرأت على عبد الله بن عمر، عن زينب بنت أحمد، عن يوسف بن خليل، أن خليل بن بدر قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد الشافعي، قالا: حدثنا إبراهيم بن محمد بن العباس الشافعي، قال: حدثنا حفص بن غياث، قال: حدثنا أبو العميس -بمهملتين مصغر- عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه، أنه كان إذا استلم الحجر قال: اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك واتباعاً لسنة نبيك.
هذا حديث موقوف غريب.
أخرجه البيهقي من رواية محمد بن عبد الله الحضرمي بهذا الإسناد.
فوقع لنا عالياً.
وقال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن أبي العميس إلا حفص، تفرد به إبراهيم، ولا نعلم أسند أبو العميس عن أبي إسحاق إلا هذا الحديث.
قلت: قد وقع لي من وجه آخر.
قرأت على عبد الرحمن بن أحمد بن حماد فيما سمع على أحمد بن منصور، عن علي بن أحمد سماعاً، قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان في كتابه،(5/263)
قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: أخبرنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا سليمان بن داود الطيالسي، قال: حدثنا المسعودي، عن أبي إسحاق فذكر نحوه.
وأوله: كان إذا مر بالحجر الأسود فرأى عليه زحاماً استقبله وكبر وقال ..
وكنت أظن أن المسعودي هذا هو عبد الرحمن المشهور، ثم ظهر لي أنه أبو العميس وهو مسعودي أيضاً، واسمه عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
فترد رواية أبي داود على دعوى تفرد حفص.
وأخرجه البيهقي عن أبي بكر بن فورك، عن عبد الله بن جعفر.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وفيه علتان:
ضعف الحارث وتدليس أبي إسحاق.
ثم قال الشيخ في المهذب: وعن ابن عمر مثله.
وبه إلى الطبراني في (الدعاء) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان إذا استلم الركن قال: باسم الله والله أكبر.
هذا موقوف صحيح.
أخرجه أحمد عن إسماعيل بن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا استلم الركن قال: باسم الله والله أكبر.
ووقع لنا أعلى بدرجة.(5/264)
وبه إلى عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، عن نافع .. .. فذكر مثله.
وأما بقيته فبالسند الماضي إلى الطبراني في (الأوسط) قال: حدثنا محمد بن عثمان، قال: حدثنا عون بن سلام، قال: حدثنا محمد بن مهاجر، عن نافع، قال: كان ابن عمر إذا استلم الحجر قال: إيماناً بك وتصديقاً بكتابك واتباعاً لسنة نبيك.
قال الطبراني: لم يروه عن محمد بن مهاجر إلا عون.
قلت: وأصل التكبير في ابتداء الطوفات في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء وكبر.
وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن ابن عباس أتم منه.
آخر المجلس الثامن بعد الخمسمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الثامن والثمانون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية مما أملاه حافظ العصر المشار إليه بتاريخ ثالث شهر صفر سنة تسع وأربعين وثمانمئة.
[[ويستحب أن يكرر هذا الذكر عند محاذاة الحجر الأسود في كل طوفة، ويقول في رمله في الأشواط الثلاثة: ((اللهم اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً)). ويقول في الأربعة الباقية: ((اللهم اغفر وارحم واعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم، اللهم ربنا(5/265)
آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار)).]]
(509)
(قوله: ويستحب أن يقول هذا الذكر عند محاذاة الحجر الأسود وفي كل طوفة).
قلت: ذكره الشافعي رضي الله عنه عقب رواية ابن جريج، وزاد مع التكبير التهليل.
قال: وما ذكر الله وصلى على نبيه فحسن.
(قوله: ويقول في رمله في الأشواط الثلاثة: اللهم اجعله حجاً مبروراً .. .. ) إلى آخره.
قلت: ذكره الشافعي أيضاً، وساقه البيهقي بسنده إليه في الكبير وفي المعرفة، ولم يذكر سند الشافعي به.
وسيأتي في القول في الرمل بين الصفا والمروة نحو ذلك.
(قوله: قال الشافعي: وأحب أن يقال في الطواف: اللهم {بنا آتنا في الدنيا حسنةًْ} الآية.
قال: وأحب أن يقال في كله).
قلت: ورد مطلقاً ومقيداً لكل من الركنين وبما بين الركنين، والمشهور من ذلك هو الأخير، وهو الذي اقتصر الشافعي على تخريجه.
قلت:
أخبرني أبو محمد عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان، عن زينب بنت الكمال سماعاً عليها (ح).(5/266)
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن عمر بن محمد العتبي في كتابه، قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي سماعاً للثاني وإجازة للأولى، قال: أخبرنا أبو الطاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد، قال: أخبرنا أبو محمد بن البيع، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا أحمد بن منصور (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت: أخبرنا أبو بكر التاجر، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قالا: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني يحيى بن عبيد مولى السائب، أن أباه أخبره، أن عبد الله بن السائب أخبره، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين ركن بني جمح والركن الأسود: {ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار}.
قلت: هذا حديث حسن.
أخرجه أحمد عن عبد الرزاق.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الشافعي عن سعيد بن سالم.
وأحمد أيضاً عن محمد بن بكر وروح بن عبادة ويحيى بن سعيد القطان، أربعتهم عن ابن جريج.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(5/267)
وابن خزيمة أيضاً من طريق أبي عاصم.
والحاكم من طريق عثمان بن عمر أربعتهم عن ابن جريج.
ووقع في رواية القطان وغيره عنه أحمد وغيره بلفظ: بين الركن اليماني والحجر.
ولم يطلع المصنف على تخريجه من صحيحه، فقال في شرح المهذب: فيه رجلان لم يتكلم العلماء فيهما بجرح ولا تعديل، ولكن لم يضعفه أبو داود فيكون حسناً.
قلت: الرجلان هما يحيى بن عبيد وأبوه.
فأما يحيى فقال ابن سعيد: ثقة.
وأما أبوه فذكره ابن قانع وابن منده وأبو نعيم في الصحابة ونسبوه جهينياً.
وذكره ابن حبان في ثقات التابعين.
قلت: ولو لم يوثقاه كان تصحيح من صحح حديثهما يقتضي توثيقهما، وإنما لم يقلد من صححه لشدة غرائبه، والله المستعان.
ثم وجدت له شاهداً أخرجه الفاكهي (170) من رواية يحيى بن هانئ عن طاوس عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين الركن اليماني والأسود .. فذكره.
وأخبرني الشيخ الإمام أبو الفضل الحافظ بالسند المذكور قريباً إلى الطبراني(5/268)
في الدعاء قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: قال عطاء: طاف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فاتبعه رجل ليسمع ما يقول فإنما يقول: {ربنا آتنا في الدنيا حسنةً} الآية فقال له الرجل: اتبعتك فلم أسمعك تزيد على هذه الآية قال: أوليس في ذلك كل الخير.
قلت: هذا موقوف رجاله ثقات، لكنه منقطع بين عطاء وعبد الرحمن، فإن كان عطاء سمعه من الرجل فهو موصول في سنده مبهم.
وبه إلى عبد الرزاق عن معمر، قال: أخبرني من أثق به عن رجل قال: سمعت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه هجيرى يقول حول البيت: {ربنا آتنا في الدنيا حسنةً} الآية.
وأخرجه سعيد بن منصور ومسدد في مسنده الكبير من وجه آخر موصولاً إلى حبيب بن صهبان -بضم المهملة وسكون الهاء بعدها موحدة- قال: لقيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يطوف بالبيت وماله هجيرى، إلا أنه يقول .. .. فذكره.
وسنده حسن.
قلت: الهجيرى بكسر الهاء والجيم المشددة بعد مثناة من تحت ثم راء بعدها ألف وقد تحذف - هو ملازمة كلام متتابع أو فعل، والله أعلم.
آخر المجلس التاسع بعد الخمسمئة، وهو التاسع والثمانين بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية [مما أملاه حافظ العصر المشار إليه بتاريخ ثالث شهر صفر سنة تسع وأربعين وثمانمئة].(5/269)
[[ومذهب الشافعي وجماهير أصحابه أنه يستحب قراءة القرآن في الطواف لأنه موضع ذكر، وأفضل الذكر قراءة القرآن. واختار أبو عبد الله الحليمي من كبار أصحاب الشافعي أنه لا يستحب قراءة القرآن فيه، والصحيح هو الأول.]]
(511)
ثم أملى فقال من حفظه:
قلت: أخبرني أبو الحسن بن أبي بكر الحافظ رحمه الله، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن الحموي، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، عن منصور بن عبد المنعم، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، قال: أخبرنا أحمد بن الحسين الحافظ، قال: أخبرنا عبد الرحمن السلمي، قال: أخبرنا أبو الحسن الكارزي، قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد القاسم بن سلام (ح).
وكتب إلينا عالياً أبو الخير بن الحافظ أبي سعيد من بيت المقدس، قال: أخبرنا علي بن أبي المعالي، قال: أخبرنا أبو العباس .. .. عن عبد الله بن .. ..، قال: أخبرنا أبو علي بن نبهان، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان، قال: أخبرنا دعلج بن أحمد، قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم -هو ابن بهدلة- عن حبيب بن صهبان، أنه رأى عمر رضي الله عنه وهو يطوف بالبيت يقول: {ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار} ماله هجيرى غيرها.
وأما قولها عند الحجر الأسود ففيما أخبرني الحافظ أبو الفضل رحمه الله(5/270)
بالسند الماضي قبل إلى عبد الرزاق، قال: سمعت رجلاً يحدث عن هشام بن حسان، عن عم له، عن أبي شعبة البكري، قال: طفت وراء ابن عمر، فسمعته حين حاذى الركن اليماني قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير، فلما حاذى الحجر الأسود قال: {ربنا آتنا في الدنيا حسنةً} الآية، فلما انصرف قلت: يا أبا عبد الرحمن سمعتك تقول كذا وكذا، قال: هو ذاك. أثنيت على ربي وشهدت شهادة الحق، وسألت عن خير الدنيا والآخرة.
قال: فدعا هشام بن حسان بدواة فكتبه.
قلت: هذا موقوف غريب السند فيه راويان لم يسميا.
وقد وقع لنا من (1) [وجه آخر. وبالسند الماضي إلى عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي شعبة البكري، قال: رمقت ابن عمر وهو يطوف بالبيت، وهو يقول .. .. فذكره.
رجال هذا السند رجال الصحيح إلا البكري، فذكره أبو أحمد الحاكم في الكنى فيمن لا يعرف اسمه، وأخرج حديثه هذا، ووصفه في طريق بأنه من أهل البصرة، ولفظه: سمعت ابن عمر في الطواف، فكان إذا انتهى إلى الركن اليماني قال: لا إله إلا اله إلى آخره، ولا يزال كذلك حتى يبلغ الحجر الأسود.
هذا آخرها ولم أقف على أبي شعبة على جرح ولا تعديل، وقد ذكر الرافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك في ابتداء الطواف.
قال الحافظ: ولم أره مرفوعاً، نعم جاء في خبر مرفوع قول ذلك بين الركن والمقام، فأخرجه الحافظ عن عبد الله بن السائب، فذكر مثل رواية عبد الرزاق
__________
(1) إلى هنا ينتهي هذا المجلس وما بين المعكوفتين من الفتوحات الإلهية.(5/271)
الماضية قريباً، لكنه قال: بين الركن والمقام. وأخرجه ابن خزيمة، ولم يسق لفظه، ولكنه أحال به على عبد الرزاق.
وأما قوله: عند الركن اليماني، فذكره في المهذب من حديث ابن عباس، قال: إنا الله وكل بالركن اليماني ملكاً يقول: آمين آمين، فقولوا إذا انتهيتم إليه {ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار}.
قال الشيخ -يعني المصنف- في شرحه: غريب، ويغني عنه حديث عبد الله بن السائب رضي الله عنه.
قال الحافظ: هو أخص، وحديث عبد الله بن السائب مختلف في لفظه، ومشهور أن قول ذلك بين الركنين.
وحديث ابن عباس موقوف أخرجه الفاكهي.
وهو من مرسل عطاء عند الأزرقي.
لكن مثله لا يقال بالرأي، فيقوى رفعه.
ثم أخرج الحافظ عن حميد بن أبي سوية، قال: سمعت رجلاً يسأل عطاء بن أبي رباح، وهو يطوف بالبيت عن الركن اليماني؟ فقال: حدثني أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وكل به سبعون ملكاً، فمن قال اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة، {ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار} قالوا: آمين)).
وقال الحافظ: هذا حديث غريب، وأخرجه ابن ماجه عن هشام بن عمار، عن إسماعيل بن عياش، حدثنا حميد بن أبي سوية، قال: سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني، وهو يطوف بالبيت، فقال عطاء:(5/272)
حدثني أبو هريرة، فذكره ورواه الطبراني في الأوسط وقال: لم يرو هذا الحديث إلا حميد بن أبي سويد].
تفرد به إسماعيل.
وأما قول المنذري: حسنه بعض مشايخنا فلعله تسامح فيه، لكونه من الفضائل، ولأن له شاهداً من حديث ابن عباس، وهو الذي ذكرته قبل هذا.
ثم وجدت لها شاهداً آخر عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أبا هريرة إن على الركن اليماني ملكاً ..)) فذكر نحوه، وقال فيه: ((إلى أن يرفع البيت)).
أخرجه الفاكهي.
قوله: (ومذهب الشافعي وجماهير أصحابه أنه يستحب قراءة القرآن في الطواف إلى أن ذكر خلاف الحليمي وصحح الأول).
قلت: حجة الحليمي ذكرها في الشعب، ونقل عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن القراءة في الطواف فقال: سبح الله واذكره، فإذا فرغت فاقرأ ما شئت.
قال الحليمي: لو كانت القراءة أفضل من الذكر لما عدل النبي صلى الله عليه وسلم عنها، ولو فعل لنقل كما نقل الذكر.
قال: والأصل أن كل حال من أحوال الصلاة لا يشرع فيه التوجه إلى القبلة لا قراءة فيه كالركوع والسجود.(5/273)
قلت: والمسألة مختلف فيها بين السلف، وقد عقد لها أبو بكر بن أبي شيبة باباً، وكذا سعيد بن منصور، فيه ذكر له عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه زجر عن القراءة في الطواف بالقول والفعل.
وعن عطاء والحسن قالا: هي بدعة، ونحوه عن جماعة من التابعين، وعن بعضهم الجواز، والله أعلم.
كتب إلينا أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن العز، قال: أخبرنا سليمان بن حمزة إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا أبو جعفر، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا إبراهيم بن سليمان، قال: حدثنا عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استلم الركن اليماني قبله ووضع خده عليه.
قال ابن عباس: عند الركن اليماني ملك منذ خلق الله السموات والأرض إلى يوم القيامة يقول: آمين آمين، فقولوا أنتم: {ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار}.
قلت: هذا حديث غريب أخرجه ابن مردويه في التفسير من وجه آخر عن سعيد بن سليمان، وهو الواسطي، وعبد الله بن مسلم المذكور ضعيف عندهم، والله أعلم.
آخر المجلس الحادي عشر بعد الخمسمئة، وهو الحديث والتسعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية مما أملاه من لفظه وحفظه، فكتبه عنه حالة الإملاء والعرض للشيخ الإمام العالم العلامة وحيد دهره وفريد عصره شيخ الإسلام شهاب بن حجر العسقلاني الشافعي أمتع الله ببقائه بتاريخ(5/274)
يوم الثلاثاء المبارك خامس عشرين شهر صفر الخير سنة (849)، رواية كاتبه محمد بن محمد الخطيب البلدان -عفا الله عنه-.
[[وأما المأثورة فهي أفضل من القراءة على الصحيح.]]
(512)
ثم أملاه رحمه الله كتابة وأنا أسمع:
(قوله: وأما المأثور فهي أفضل من القراءة على الصحيح).
قلت: المأثور يشمل الموضوع وكذا الموقوف على الصحابة والتابعين ومجموع ما ورد من ذلك قوياً وغيره لا يتسع جميع الأسبوع، فهل الأولى أن يكرره أو يقرأ الأشبه، الأول وهو مقتضى صنيع عمر، لكن يعيد الآية فهو أولى من التكرير، لأنها تشمل الأمرين في تفضيل القراءة والدعاء.
ومما لم يتقدم من المأثور ما أخبرنا به الحافظ أبو بكر الهيثمي رحمه الله، قال: أخبرنا أبو الفضل بن الحموي، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، قال: أخبرنا أبو سعد الصفار في كتابه، قال: أخبرنا أبو محمد الخواري -بضم الخاء المعجمة وتخفيف الواو ثم راء مهملة- قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو العباس الأصم، قال: أخبرنا أبو الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا أسد بن موسى، قال: حدثنا سعيد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، قال: كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: احفظوا هذا الحديث -وكان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم(5/275)
كان يدعو بين الركنين يقول: ((اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه، واخلف علي كل غائبة لي بخير)).
قلت: هذا حديث غريب.
أخرجه الحاكم في المستدرك هكذا، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، لأنهما لم يحتجا بسعيد بن زيد.
قلت: هو أخو حماد بن زيد، وهو صدوق.
قال أبو حاتم وأبو داود: ليس بالقوي.
ووثقه قوم لصدقه، وضعفه قوم من جهة ضبطه، وأخرج له مسلم متابعة، والبخاري تعليقاً.
وشيخه أخرج له مسلم متابعة، والبخاري مقروناً، وهو ممن اختلط، وسماع سعيد منه متأخر.
لكنه لم ينفرد به، فقد أخرجه سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة، وخالد بن عبد الله، كلاهما عن عطاء، عن سعيد بن جبير موقوفاً على ابن عباس من هذا الوجه، وتابعه على رفعه من هو أوثق منه، وهما أوثق من سعيد، لكن زاد في السند رجلاً، وأطلق في المتن.
أخبرنا الإمام المسند أبو الحسن بن عقيل، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا بدمشق، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ الضياء، قالا: أخبرنا يحيى بن محمود الثقفي، قال: أخبرنا جدي لأمي أبو القاسم التيمي، قال: أخبرنا أبو بكر بن مردويه، قال: أخبرنا علي بن عمر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرني عبد الله بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا محمد بن عمار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي (ح).(5/276)
وقرأت على أحمد بن الحسن الزينبي، عن زينب بنت أحمد، قالت: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ في كتابه، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن شاذان، قال: أخبرنا أبو بكر القباب، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا عبد الله بن الجهمي، قالا: حدثنا عمرو بن أبي قيس (ح).
وبه إلى الضياء: قال: أخبرنا محمد بن محمد بن غانم، قال: أخبرنا القاسم بن الفضل الصيدلاني، وقرأته عالياً على عبد الله بن عمر بن علي، عن زينب بنت أحمد، عن عجيبة بنت أبي بكر، عن القاسم، قال: أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، قال: أخبرنا علي بن محمد بن ناشادة، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حكيم، قال: أخبرنا محمد بن مسلم بن وارة، قال: حدثنا محمد بن سعيد، قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن عطاء بن السائب، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم قنعني بما رزقتني .. .. )) فذكر باقيه سواء.
قلت: هذا حديث حسن، وعمرو قديم السماع من عطاء، ويحيى بن عمارة أخرج له أحمد والترمذي والنسائي حديثاً غير هذا عن سعيد، عن ابن عباس.
وحسنه الترمذي.
قلت: وأخرج الأزرقي من طريق يحيى عن عطاء بن السائب، لكن أرسله لم يذكر فيه ابن عباس.
وبالسند الماضي قبل إلى هشام بن عمار، ثم إلى عطاء بن أبي رباح، قال:(5/277)
وحدثني أبو هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من طاف البيت أسبوعاً لا يتكلم فيه إلا بسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، محيت عنه عشر سيئات، وكتبت له عشر حسناتٍ، ورفعت له عشر درجاتٍ ولا حول ولا قوة إلا بالله .. .. )) الحديث.
أخرجه ابن ماجه وابن عدي والفاكهي كما تقدم، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني عشر بعد الخمسمئة، وهو الثاني والتسعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية مما أملاه من لفظه وحفظه، فكتبه عنه حالة الإملاء والعرض الشيخ الإمام العالم العلامة وحيد دهره وفريد عصره، حافظ الوقت شيخ الإسلام شهاب الدين والملة أبو العباس أحمد بن علي بن حجر العسقلاني أمتع الله ببقائه بتاريخ ثاني ربيع الأول سنة 849، رواية كاتبه محمد بن محمد بن علي الخطيب عفا الله عنه بدمشق عنه.
(513)
ثم أملى على شيخ الإسلام حافظ العصر أدام الله أيامه، فأملى وأنا أسمع فقال: ومنها: ما أخبرني به أبو المعالي عبد الله بن عمر السعودي، قال: أخبرنا محمد بن أحمد الفارقي، قال: أخبرنا .. .. ابن إسحاق الشيرازي، قال: أخبرنا المبارك بن أبي الجود، قال: أخبرنا أحمد بن أبي غالبٍ، قال: أخبرنا عبد العزيز الأنماطي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس، قال: حدثنا يحيى بن محمد، قال: حدثنا خلاد بن أسلم، قال: حدثنا النضر بن شميل، عن حريث بن السائب، عن محمد بن المنكدر، عن أبيه رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من طاف بالبيت سبعاً يذكر الله فيه كان كعتق رقبةٍ)).
وقرأته عالياً على أم الفضل البعلبكية بدمشق، عن القاسم بن أبي غالب إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا أبو الوفاء بن منده، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا عبد الله بن إسحاق، قال: أخبرنا أبو الخير الباغبان، قال: أخبرنا(5/278)
أبو عمرو بن أبي عبد الله بن منده، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا عبد الله بن إسحاق، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا حريث، قال: حدثني محمد بن المنكدر، فذكره، وزاد في آخره ((يعتقها))، وقال بدل ((يذكر الله)) ((لا يلغو فيه)).
قلت: هذا حديث حسن.
أخرجه الطبراني عن علي بن عبد العزيز بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن شاهين في معجم الصحابة من وجه آخر عن حريث، ونقل عن أبي بكر بن أبي داود قال: لا يصح سماع المنكدر من النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر أبو عمر في الاستيعاب أنه ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: ولهذا الحديث شاهد عن عبد الله بن عمرو، أخرجه سعيد بن منصور، ولفظه: ((من طاف بالبيت سبع طوافاتٍ لا يتكلم إلا بذكر الله كان كعدل رقبةٍ)).
وأصله عند الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر غير مقيد بالذكر.
وأخبرني الحافظ أبو الحسن الهيثمي رحمه الله بالسند الماضي إلى البيهقي، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن فراس -بفتح الفاء وتخفيف الراء، وآخره مهملة- قال: أخبرنا أبو حفص الجمحي، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا القعنبي، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الحارث الجمحي، عن محمد بن حبان، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: من طاف بهذا البيت سبعاً لا يتكلم فيه إلا بتكبير أو تهليل كان كعدل رقبة.(5/279)
قلت: هذا حديث موقوف رجاله ثقات، لكن في سماع محمد عن أبي سعيد نظر.
ومحمد هذا هو ابن يحيى بن حبان بن منقذ نسب في هذه الرواية لجده، وهو بفتح المهملة وتشديد الباء.
قال البخاري في التاريخ: إبراهيم بن عبد الله الجمحي روى عن محمد بن يحيى بن حبان المراسيل.
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق المسعودي، قال: حدثني عبد الأعلى التيمي، قال: قالت خديجة رضي الله عنها: يا رسول الله ما أقول وأنا أطوف؟ قال: ((قولي اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي وعمدي وإسرافي في أمري إنك إن لا تغفر لي تهلكني)).
قلت: هذا سنده معضل، لم أجده إلا من هذا الوجه.
وعبد الأعلى ذكره البخاري ولم يذكر له شيخاً ولا وصفاً.
وذكره ابن حبان في ثقات أتباع التابعين.
وقرأت على شيخنا الإمام أبي الفضل الحافظ رحمه الله بالسند الماضي إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عمن سمع الحسن، أنه كان يقول إذا استلم الركن: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومواقف الذل.
أخرجه الفاكهي من مرسل عطاء، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بالركن اليماني فذكر مثله. لكن قال بدل ((الذل)) ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة.(5/280)
وأخرجه الأزرقي بسندٍ منقطع عن علي من قوله.
وهذه يشد بعضها بعضاً، والله المستعان.
آخر المجلس الثالث عشر بعد الخمسمئة، وهو الثالث والتسعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية مما أملاه من لفظه وحفظه فكتبه عنه حالة الإملاء والعرض الشيخ الإمام العالم العلامة حافظ العصر شيخ الإسلام والمسلمين قدوة العلماء العاملين جامع السنة، قامع البدعة أبو العباس شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد العسقلاني الشافعي أدامه الله ورحمه بتاريخ تاسع ربيع الأول سنة (849) رواية كاتبه محمد بن محمد بن محمد الخطيب .. .. عنه.
(514)
ثم أملى شيخ الإسلام حافظ العصر وحيد دهره المشار إليه وأنا أسمع فقال: وقد وقع لي هذا المتن من وجه قوي، لكنه غير مقيد بالطواف.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أحمد بن أبي بكر بن طي، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا أبو محمد الحربي، قال: أخبرنا أبو القاسم الشيباني، قال: أخبرنا أبو علي التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن مصعب، قال: حدثنا الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن جعفر بن عياض، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعوذوا بالله من الفقر والقلة والذلة وأن تَظلم أو تُظلم)).(5/281)
قلت: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن مصعب.
وأخرجه ابن حبان والحاكم من وجه آخر عن محمد.
وجعفر بن عياض لا يعرف، وقد خولف فيه الأوزاعي.
قرأت على شيخنا الحافظ أبي الفضل رحمه الله بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا محمد بن معاذ، وأبو خليفة، قالا: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم إني أعوذ بك من القلة والذلة، وأعوذ بك من أن أَظلم أو أُظلم)).
قلت: هذا حديث حسن من هذا الوجه.
أخرجه أبو داود عن موسى بن إسماعيل.
قوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الحاكم من وجهين آخرين عن موسى.
وأخرجه النسائي من وجهين آخرين عن حماد.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وهو كما قال، لكن اختلاف الأوزاعي وحماد في رواية عن أبي هريرة يحطه عن درجة الصحة.(5/282)
قلت: ومن الآثار الواردة في أذكار الطواف ما أخرجه الفاكهي في كتاب مكة من طريق سعيد بن مسلمة، عن عبد الله بن أوفى، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان يطوف بالبيت وهو يقول:
يا حبذا مكة من واد ... بها أرضي بها وعوداي
قال: فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يديه على منكبيه، فقال: ((الله أكبر الله أكبر)).
فقال أبو بكر: الله أكبر الله أكبر.
قلت: هذا سند مرسل أو معضل، ما أعرفه إلا من هذا الوجه.
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن محمد بن أحمد بن أبي الهيجاء، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، عن فاطمة بنت أبي الحسن سماعاً، قالت: أخبرنا أبو القاسم المستملي، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، وسويد بن سعيد، فرقهما، واللفظ ليحيى، قالا: حدثنا شريك، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، قال: رأيت عبد الرحمن بن عوف يطوف بالبيت، وهو يحدو، عليه خفان، فقال له عمر رضي الله عنه: ما أدري أيهما أعجب حداؤك حول البيت، أو طوافك في خفيك؟ قال: قد فعلت هذا على عهد من هو خير منك، رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب ذلك علي.
قلت: هذا حديث غريب، ورواته معروفون بالصدق، لكن عاصم ضعيف من قبل حفظه، وسويد من شيوخ مسلم في المتابعات، وقد ضعف هو ورفيقه.
وقد خالفهما شيخنا أحمد، وهما حافظان في سياقه، فجعلا الحادي غير عبد الرحمن، وأن ذلك كان ليلاً في غير الطواف، وأن الذي اختص(5/283)
بعبد الرحمن الطواف في الخفين أخرجه أحمد عن أبي النضر، وإسحاق بن عيسى عن شريك فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخبرني الشيخ أبو عبد الله بن قوام، قال: أخبرنا أبو الحسن بن هلال، قال: أخبرنا أبو إسحاق بن مضر، قال: أخبرنا أبو الحسن الطوسي، قال: أخبرنا أبو محمد السيدي، قال: أخبرنا أبو عثمان البحيري، قال: أخبرنا أبو علي السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، قال: أخبرنا أبو مصعب الزهري، قال: أخبرنا مالك، عن هشام بن عروة، أن أباه كان إذا طاف يسعى الأشواط الثلاثة ويقول: اللهم لا إله إلا أنت، وأنت تحينا بعدما أمتنا، يخفض صوته بذلك.
قلت: هذا موقوف على عروة، وسنده صحيح.
أخرجه سعيد بن منصور عن جعفر بن عبد الرحمن، عن هشام.
(تنبيه)
ذكر الرافعي فيما يقال عند الركن العراقي: اللهم إني أعوذ بك من الشرك والشك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق.
ولم أجد له مستنداً، لكن ذكر عبد الملك بن حبيب من كبار المالكية ممن أخذ من أصحاب مالك في المناسك من مصنفه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه وهو من ثقات التابعين أنه كان يقول نحو ذلك في الطواف، وزاد في آخره: وكل أمر لا يطاق.
وعبد الرحمن ضعيف، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع عشر بعد الخمسمئة من تخريج الأذكار وهو الرابع والتسعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية مما أملاه من لفظه وحفظه فكتبه عنه حال العرض والإملاء الشيخ الإمام العالم العلامة حافظ(5/284)
العصر شيخ الإسلام قاضي القضاة شهاب الدين بن حجر العسقلاني الشافعي أدام الله أيامه .. والمستملي الشيخ أبو رضوان .. العقبي، وأجاز المملي المشار إليه أدام الله بقاءه رواية ذلك وجميع ما يجوز له وعنه روايته متلفظاً به لسؤال المستملي المذكور له في عقبه فيه ومن المجالس السبع .. .. وبتاريخ سادس عشر ربيع الأول سنة 849. رواية كاتبه محمد بن محمد بن علي الخطيب .. .. عنه.
(515)
ثم أملى شيخ الإسلام حافظ العصر المشار إليه وأنا أسمع فقال:
ولهذا الحديث شاهد صحيح عن أبي هريرة، لكنه غير مقيد بالطواف، وسيأتي في جامع الدعوات من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ولفظه: ((أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق)).
وجاء نحو هذا عن أنس في حديث طويل.
قرأت على أم الحسن التنوخية، عن أبي الفضل بن أبي طاهر، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن عبد الواحد، قال: أخبرنا جعفر بن عبد الواحد، قال: أخبرنا عبد الواحد بن القاسم، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو القاسم اللخمي، قال: حدثنا جعفر بن محمد (ح).
وبالسند الماضي آنفاً إلى الطبراني في الدعاء قال: حدثنا هاشم بن مرثد، قالا: حدثنا آدم بن أبي إياس، قال: حدثنا شيبان، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الفسوق والشقاق والنفاق)) الحديث.
قلت: هذا حديث صحيح غريب.(5/285)
أخرجه الحاكم من رواية إبراهيم بن الحسين الهمداني، عن آدم، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
ومما يلخص بما مضى:
قرأت على الإمام أبي محمد بن أبي الفتح رحمه الله، عن يوسف بن عبد الرحمن الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله العامري، قال: أخبرنا أبو القاسم الحرستاني، قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي في كتابه، قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو العباس بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة -يعني في عمرة القضاء- فطاف بالبيت على ناقة يستلم الركن بمحجنه، والمسلمون يشتدون حوله، وعبد الله بن رواحه بين يديه يقول: باسم الذي لا دين إلا دينه، باسم الذي محمد رسوله .. فذكر الأبيات.
قلت: هذا مرسل رجاله موثقون، وله شاهد صحيح موصول عن أنس.
وأخرج الطبراني في ترجمة عبد الله بن أم مكتوم من حديث جابر رضي الله عنه، قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته الجدعاء وابن أم مكتوم آخذ بخطامها يرتجز بين يديه.
وأخرج الأزرقي من مرسل طلحة بن عمرو، قال: قال ابن أم مكتوم، وهو آخذ بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف:
حبذا مكة من واد ... بها أرضي وعوادي
بها ترسخ أوتادي ... بها أمشي بلا هاد
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالقاهرة، وأبو محمد الرسام بمكة،(5/286)
قالا: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، قال: أخبرنا أبو المنجا، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن البوشنجي، قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي، قال: أخبرنا إبراهيم الشاشي، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء، وابن رواحة يمشي بين يديه وهو يقول:
خلوا بني الكفار عن ... الأبيات
فقال له عمر رضي الله عنه: يا بن رواحة أبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرم الله تقول الشعر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خل عنه يا عمر فوالذي نفسي بيده لهو أشد عليهم من نضخ النبل)).
قلت: هذا حديث صحيح.
أخرجه الترمذي عن إسحاق بن منصور.
والنسائي وأبو يعلى جميعاً عن أبي بكر ابن زنجويه.
والنسائي أيضاً عن أبي عاصم بن أصرم.
وابن خزيمة عن محمد بن يحيى.
كلهم عن عبد الرزاق.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
قال الترمذي: حسن صحيح، وقد روي عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس نحو هذا.(5/287)
قلت: أورده الدارقطني وقال: تفرد معمر بوصله وأورده عن زمعة بن صالح عن الزهري.
قلت: وكذا أورده موسى بن عقبة في [السيرة] عن الزهري مرسلاً، وساقه مطولاً.
(قوله: ويستحب إذا فرغ من الطواف -إلى أن قال- ومن الدعاء المنقول فيه: اللهم إني عبدك .. .. ) إلى آخره.
قلت: ذكره في شرح المهذب ونقل عن صاحب الحاوي أنه قال: يستحب أن يدعو بما روي عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف وصلى خلف المقام ركعتين، ثم قال: ((اللهم هذا بلدك الحرام والمسجد الحرام وبيتك الحرام، وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك أتيتك بذنوبٍ كثيرةٍ وخطايا جمة وأعمالٍ سيئةٍ، وهذا مقام العائذ بك من النار، فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إنك دعوت عبادك إلى بيتك، وقد جئت طالباً رحمتك ومبتغياً رضوانك، وأنت مننت علي بذلك، فاغفر لي، إنك على كل شيءٍ قديرٌ)).
قلت: ولم أظفر بسنده إلى الآن، والله المستعان.
آخر المجلس الخامس عشر بعد الخمسمئة من تخريج الأذكار، وهو الخامس والتسعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية مما أملاه من لفظه وحفظه وكتبته عنه في حالة الإملاء والعرض الشيخ الإمام العالم العلامة حافظ العصر شيخ الإسلام قاضي القضاة شهاب بن حجر العسقلاني الشافعي أدام الله أيامه .. .. المستملي الشيخ أبو النعم رضوان العتبي، وأجاز المملي المشار إليه أدام الله بقاءه رواية ذلك وجميع ما يجوز له وعنه روايته متلفظاً بذلك بسؤال المستملي المذكور له في عقبه و .. بتاريخ ثالث عشرين ربيع الأول سنة (849).(5/288)
رواية كاتبه محمد بن محمد بن علي الخطيب .. .. بدمشق البلداوني الشافعي عنه.
[[في الدعاء في الملتزم، وهو ما بين الكعبة والحجر الأسود.
ومن الدعوات المأثورة: ((اللهم لك الحمد حمداً يوافي نعمك، ويكافئ مزيدك، أحمدك بجميع محامدك ما علمت منها ومالم أعلم على جميع نعمك ما علمت منها وما لم أعلم على جميع نعمك ما علمت منها وما لم أعلم، وعلى كل حالٍ؛ اللهم صل وسلم على محمد وعلى آل محمدٍ، اللهم أعذني من الشيطان الرجيم، وأعذني من كل سوءٍ، وقنعني بما رزقتني وبارك لي فيه؛ اللهم اجعلني من أكرم وفدك عليك، وألزمني سبيل الاستقامة حتى ألقاك يا رب العالمين!)) ثم يدعو بما أحب.]]
(516)
ثم أملى رضي الله عنه من حفظه ولفظه وأنا أسمع فقال:
ووجدت الدعاء المذكور في كتاب المناسك للحربي الذي سمعته على العماد أبي بكر بن محمد بن أبي عمر، عن عبد الله بن أحمد بن المحب سماعاً من لفظه، قال: أخبرتنا ست الأهل بنت علوان، قالت: أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن موسى بن هارون، قال: أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، فذكر ما في الكتاب من أثر مسند، وذكر هذا الدعاء، ولم يسق سنده، وزاد في آخره: ((اللهم إنك ترى مكاني، وتسمع ندائي،(5/289)
ولا يخفى عليك شيءٌ من أمري، هذا مقام العائذ البائس الفقير المستغيث المقر بخطئه المعترف بذنبه التائب إلى ربه فلا تقطع دعائي، ولا تخيب أملي يا أرحم الراحمين)).
ورد في هذا المقام دعاء آخر.
قرأت على أبي العباس أحمد بن الحسن بن محمد القدسي، عن زينب بنت الكمال، عن يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو بكر بن شاذان، قال: أخبرنا أبو بكر القباب، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، قال: حدثنا محمد بن مرزوق، قال: حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا المنهال بن عمرو، عن سليمان بن مسلم، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما أهبط الله آدم عليه السلام إلى الأرض طاف بالبيت وصلى ركعتين، ثم قال: اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤالي، وتعلم ما عندي فاغفر لي ذنبي، اللهم أسألك إيماناً يباشر قلبي، ويقيناً صادقاً حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتبت لي، فأوحى الله تعالى إليه: يا آدم إنك دعوتني بدعاءٍ استجبت لك فيه، ولن يدعوني به أحدٌ من ذريتك من بعدك إلا استجبت له، وغفرت ذنبه، وفرجت همه وغمه ونزعت قلبه من بين جنبيه وتجرت له من وراء كل تاجرٍ، وأتته الدنيا وهي راغبةٌ)).
قلت: هذا حديث غريب فيه سليمان بن مسلم الخشاب ضعيف جداً لكن تابعه حفص بن سليمان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة.
وأخرج أبو الوليد الأزرقي في كتاب مكة من طريق حفص - وهو ضعيف أيضاً، لكنه إمام في القراءة.(5/290)
وأخرجه الأزرقي أيضاً من طريق عبد الله بن أبي سليمان مولى بني مخزوم موقوفاً عليه.
ووقع لنا أيضاً من حديث عائشة.
قرأت على فاطمة بنت محمد المقدسية ونحن نسمع بصالحية دمشق، عن أبي العماد، قال: أخبرنا أبو محمد بن بنيان في كتابه، قال: أخبرنا إسحاق بن أحمد الحافظ، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن علي الأقمر، قال: حدثنا النضر بن طاهر، قال: حدثنا معاذ بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، فذكر الحديث مختصراً.
والنضر أشد ضعفاً من سليمان بن الخشاب، والخشاب أشد ضعفاً من حفص.
وهذه الطرق الأربعة ترقي الحديث إلى مرتبة ما يعمل به في فضائل الأعمال كالدعاء، والله أعلم.
قوله (يقول في الدعاء في الملتزم -إلى أن قال- اللهم لك الحمد حمداً يوافي نعمك .. إلى آخره).
قلت: لم أقف له على أصل، والله المستعان.
آخر المجلس السادس عشر بعد الخمسمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو السادس والتسعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية مما أملاه من لفظه وحفظه وكتبته عنه حالة العرض والإملاء الشيخ الإمام أبو العباس علي بن أحمد بن حجر الشافعي العسقلاني .. .. المستملي الشيخ أبو النعم زين الدين رضوان العقبي، وأجاز المملي المشار إليه أدام الله بقاءه رواية ذلك(5/291)
وجميع ما يجوز له وعنه روايته متلفظاً بذلك المستملي المذكور له في عقبه بتاريخ.
رواية كاتبه محمد بن محمد بن علي الخطيب .. .. عفا الله عنه.(5/292)