وأخرجه ابن السني في كتابه المذكور أنا أبو عبد الرحمن وهو النسائي.
وأخرجه الدارقطني من طريق عيسى بن يونس، عن سعيد بن أبي عروبة.
وقال في آخره: ((مرتين يسر بهما، ويجهر بالثالثة)).
وأخرجه النسائي والدارقطني من وجه آخر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه مرفوعاً، ليس فيه أبي بن كعب.
ووقع لنا بعلو.
أخبرني عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان قال: قرئ على زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم ونحن نسمع عن إبراهيم بن محمود ومحمد بن عبد الكريم قالا: قرئ على تجني بنت عبد الوهاب الوهبانية ونحن نسمع (ح).
وكتب إلينا أبو العباس بن أبي بكر المقدسي، أنا أبو بكر بن أحمد بن عبد الدائم، أنا محمد بن إبراهيم الأربلي، أتنا شهدة الكاتبة قالت: أبنا طراد بن محمد الزينبي، أنا هلال بن محمد بن جعفر، أنا الحسين بن يحيى، ثنا إبراهيم بن مجشر -بضم الميم وفتح الجيم وكسر المعجمة الثقيلة- ثنا هشيم، عن عبد الملك -هو ابن أبي سليمان- عن زبيد -بزاي وموحدة ودال مصغر- هو اليامي بالتحتانية، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر بـ {سبح اسم ربك الأعلى} و{قل يا(3/23)
أيها الكافرون} و{قل هو الله أحدٌ} فإذا سلم قال: ((سبحان الملك القدوس)) ثلاثاً.
أخرجه النسائي عن أحمد بن سليمان وأحمد بن يحيى، فرقهما كلاهما عن محمد بن عبيد، عن عبد الملك.
فوقع لنا عالياً.
وعبد الرحمن مختلف في صحبته، والراجح في هذا السند قول من زاد فيه أبي بن كعب، والله أعلم.
[[وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي عن علي رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) قال الترمذي: حديث حسن.
باب: ما يقول إذا أراد النوم واضطجع على فراشه
وروينا في صحيح البخاري رحمه الله، من رواية حذيفة وأبي ذر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: ((باسمك اللهم أحيا وأموت)) ورويناه في صحيح مسلم، من رواية البراء بن عازب رضي الله عنهما.]](3/24)
(225)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، قاضي القضاة العسقلاني، إمام الحفاظ -أمتع الله بوجوده الأنام- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء خامس عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (وروينا في سنن أبي داود والترمذي [والنسائي] عن علي .. .. إلى آخره).
قرأت على أم الحسن فاطمة بنت محمد بن أحمد بن محمد بن عثمان بن المنجا الدمشقية بها، عن القاضي تقي الدين أبي الفضل سليمان بن حمزة بن أبي عمرو، وهي آخر من حدث عنه قال: أخبرنا إسماعيل بن ظفر، أنا محمد بن أبي زيد، أنا محمود بن إسماعيل، أنا أحمد بن محمد، أنا أبو القاسم الطبراني في كتاب الدعاء، ثنا علي بن عبد العزيز ومحمد بن يحيى بن المنذر، قال الأول: حدثنا حجاج بن منهال، والثاني: حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى أبي عبد الرحمن الشيباني، حدثنا إبراهيم بن الحجاج (ح).
وبالسند الماضي أيضاً إلى عبد بن حميد، أنا يزيد بن هارون، قالوا -وهم أربعة-: حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عمرو الفزاري، عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من(3/25)
عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك)).
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أيضاً عن بهز بن أسد، وأبي كامل مظفر بن مدرك.
وأبو داود عن موسى بن إسماعيل.
ثلاثتهم عن حماد بن سلمة.
وأخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع.
وأبو يعلى عن أبي خيثمة.
كلاهما عن يزيد بن هارون.
وأخرجه النسائي عن إسحاق بن منصور، ومحمد بن عبد الله المخرمي، كلاهما عن أبي الوليد الطيالسي.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجة بالنسبة لأحمد وأبي داود وأبي يعلى، وبدرجتين بالنسبة لرواية الترمذي والنسائي.
وأخرجه النسائي أيضاً من رواية سليمان بن حربٍ عن حماد.
وابن ماجه من رواية بهز بن أسد.(3/26)
والحاكم من رواية عثمان الدارمي عن موسى بن إسماعيل.
قال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد.
وقال أبو داود: بلغني عن يحيى بن معين قال: لن (لم) يرو[ه] عن هشام بن عمر وغير حماد بن سلمة.
قال أبو داود: هشام أقدم شيخ لحماد بن سلمة.
وكذا وقع هذا الكلام في رواية الحاكم، فكأن أبا داود تلقاه عن موسى، وهشام مع كونه لم يرو عنه إلا حماد، وثقه أحمد وأبو حاتم الرازي.
وثبت هذا المتن في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، لكن فيه أنها سمعته يقول وهو ساجد في صلاة الليل.
فيمكن الجمع بينهما بأن المراد بآخر وتره آخر سجدة منه.
وظاهر ترجمة المصنف أنه قال عند السلام من الوتر.
وأما أبو داود فأورده في باب القنوت في الوتر بعد حديث الحسن.
وكذا ترجم له ابن ماجه والطبراني في الدعاء.
وقال الترمذي بعد تخريج حديث الحسن المشار إليه: وفي الباب عن علي. فكأنه أشار إلى هذا.
وكل من الثلاثة محتمل، وأقواها الأوسط للجمع بينه وبين حديث عائشة.
وقد أمليت حديث عائشة في أذكار السجود، وذكرت أن له طرقاً أشرت إلى بعضها. ومما لم أذكره هناك رواية محمد بن إبراهيم التيمي عن عائشة، وهي عند مالك والترمذي والنسائي، وصححها الترمذي.(3/27)
وفي سماع محمد بن إبراهيم من عائشة نظر، بل صرح الدارقطني بأنها منقطعة.
ومنها رواية عمرة عن عائشة، أخرجها الطحاوي والدارقطني.
وفي سندها راو ضعيف.
قوله: (ما يقول إذا أراد النوم واضطجع) ذكر فيه نحواً من أربعين حديثاً.
الأول: حديث حذيفة في قوله: ((باسمك اللهم أحيى وأموت)).
الثاني: حديث أبي ذر في ذلك.
الثالث: حديث البراء بن عازب كذلك.
وقد أمليت الثلاثة في باب: ما يقول إذا استيقظ من منامه، وهو الباب الثاني من كتاب الأذكار، ذكر المصنف منها الأولين هناك، وزدت الثالث، فأغنى عن إعادتها هنا، وبالله التوفيق.
[[وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ولفاطمة رضي الله عنهما: ((إذا أويتما إلى فراشكما، أو إذا أخذتما مضاجعكما فكبراً ثلاثاً وثلاثين، وسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين)).
وفي رواية: ((التسبيح أربعاً وثلاثين)).(3/28)
وفي رواية: ((التكبير أربعاً وثلاثين)). قال علي: فما تركته منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل له: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين.]]
(226)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا سيدنا، ومولانا، شيخ الإسلام، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثاني عشرين جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
الحديث الرابع: قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن علي .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الدمشقي رحمه الله، عن أحمد بن محمد الدشتي، أنا يوسف بن خليل الحافظ، أنا أحمد بن محمد التيمي، أنا الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أحمد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو محمد بن فارس، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي، ثنا شعبة، أخبرني الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى -يعني عبد الرحمن- يقول: ثنا علي رضي الله عنه (ح).
وأخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن علي المصري، أنا أحمد بن أبي طالب، وست الوزراء بنت عمر قالا: أنا أبو عبد الله الزبيدي، أنا أبو الوقت، أنا أبو الحسن الداودي، أنا أبو محمد السرخسي، أنا أبو عبد الله الفربري، أنا أبو عبد الله البخاري، ثنا سليمان بن حرب -واللفظ له- ثنا(3/29)
شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن علي رضي الله عنه، أنا فاطمة رضي الله عنها شكت ما تلقى في يدها من الرحى، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادماً، فلم تجده، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته عائشة رضي الله عنها بمجيء فاطمة، قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فجلس بيننا حتى وجدت برد قدمه على صدري فقال: ((ألا أدلكما على خيرٍ مما سألتما؟ إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما، فكبرا ثلاثاً وثلاثين، وسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين)).
وفي رواية الطيالسي: ((أن تكبرا الله أربعاً وثلاثين، وتحمداه ثلاثاً وثلاثين، وتسبحاه ثلاثاً وثلاثين، فذلك خيرٌ لكما من خادمٍ)).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري هكذا في الدعوات.
وأخرجه في فرض الخمس عن بدل بن المحبر، وفي مناقب علي من رواية غندر، وفي النفقات من رواية يحيى القطان.
وأخرجه مسلم من رواية غندر، ومن رواية وكيع، ومن رواية معاذ بن معاذ، ومن رواية محمد بن عدي.
وأخرجه أبو داود عن حفص بن عمر، ومن رواية يحيى القطان.
سبعتهم عن شعبة.(3/30)
قوله: (وفي رواية التسبيح أربعاً وثلاثين).
قلت: لم يقع ذلك إلا في الرواية التي أخرجها البخاري في الدعوات عقب رواية سليمان بن حرب التي ذكرتها، فقال: وعن شعبة عن خالد -يعني الحذاء- عن محمد بن سيرين قال: التسبيح أربع وثلاثون.
هكذا ذكره مقطوعاً.
وقد أخرجه الترمذي وغيره من وجه آخر عن ابن سيرين، عن عبيدة بن عمرو، عن علي رضي الله عنه، فذكر الحديث، وفيه ((تكبران وتحمدان وتسبحان أربعاً وثلاثين وثلاثاً وثلاثين وثلاثاً وثلاثين)) وهذا ظاهره أن الأربع في التكبير مع احتماله في التسبيح والتحميد، وقد تردد فيه سفيان بن عيينة كما ذكره.
قوله: (وفي رواية التكبير أربعاً وثلاثين).
قلت: هي رواية جميع من ذكرته، وهكذا أخرجه أحمد عن غندر وغيره عن شعبة.
وكذا ساقه مسلم من رواية غندر وعطف على رواية الباقين.
قوله: (قال علي: فما تركتها .. .. إلى آخره).
وبالسند المذكور آنفاً إلى البخاري، ثنا الحميدي، ثنا سفيان بن عيينة، ثنا عبد الله بن أبي يزيد أنه سمع مجاهداً يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يحدث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادماً، فقال: ((ألا أخبركما بما هو خيرٌ لكما من خادمٌ؟ تسبحين الله ثلاثاً وثلاثين عند منامك وتحمدينه ثلاثاً وثلاثين، وتكبرين الله أربعاً وثلاثين)).(3/31)
قال سفيان: إحداهن أربع وثلاثون.
قال علي: فما تركتها منذ سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين.
وهكذا أخرجه مسلم عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه أيضاً من رواية عطاء عن مجاهد، وفيه: قلت له: ((ولا ليلة صفين)).
وظاهره أن قائل ذلك هو عبد الرحمن بن أبي ليلى، فيفسر به المبهم في الرواية الأخرى، وقد جاء تفسير بغيره.
قرأت على أبي العباس أحمد بن بلغاق الكجي، عن إسحاق بن يحيى الآمدي، أنا يوسف بن خليل، أنا خليل بن بدر، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم، أنا أبو بكر بن أبي الهيثم، ثنا أبو بكر بن أبي العوام، ثنا يزيد بن هارون (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى عبد بن حميد، أنا يزيد بن هارون، أنا العوام بن حوشب، ثنا عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع قدمه بيني وبين فاطمة، فعلمنا ما نقول إذا أخذنا مضاجعنا ثلاثاً وثلاثين تسبيحة وثلاثاً وثلاثين تحميدة وأربعاً وثلاثين تكبيرة.
قال علي: فما تركتها بعد، فقال له رجل: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين.
أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون.(3/32)
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه النسائي عن أحمد بن سليمان عن يزيد.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أبو عوانة في صحيحة من رواية يزيد بن أبي أنيسة عن الحكم بطوله، وقال في آخره، فقال له ابن الكوا: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين.
ووقع لنا من هذا الوجه بعلو في ((الخلعيات)).
واسم ابن الكوا: عبد الله.
وأخرج جعفر الفريابي في كتاب ((الذكر)) من وجه آخر أن السائل عن ذلك الأشعث بن قيس.
ويحمل على التعدد.
ووقع في رواية بشر بن موسى في مسند الحميدي، فقال له القوم.
وقد بسطت ذلك في ((فتح الباري)) ولله الحمد.
[[وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت(3/33)
نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)) وفي رواية: ((ينفضه ثلاث مراتٍ)).]]
(227)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام -أمتع الله بوجوده الأنام- أبو الفضل الشهابي العسقلاني، إمام الحفاظ، إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء تاسع عشرين جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع.
الحديث الخامس: قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة .. .. إلى آخره).
وبالسند الماضي إلى البخاري ثنا أحمد بن يونس، ثنا زهير -هو ابن معاوية- ثنا عبيد الله بن عمر، حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري (ح).
وأخبرني أبو الفرج بن حماد، أنا أبو الحسن بن قريش، أنا أبو الفرج بن الصيقل، أنا أبو الحسن الجمال في كتابه، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم الحافظ في المستخرج، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن محمد بن مصقلة، ثنا الزبير بن بكار، ثنا أبو ضمرة -يعني: أنس بن عياض- عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري (ح).
وقرأته عالياً على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، أنا المبارك بن الحسين المطرز في كتابه، أنا يحيى بن يوسف السقلاطوني، وأحمد بن محمد الرحبي قالا: أنا أبو علي بن شاذان، أنا أبو عمرو بن السماك، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا شجاع بن الوليد، ثنا(3/34)
عبيد الله بن عمر حدثني سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، وإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)).
هذا لفظ زهير، ولفظ أبي ضمرة نحوه، وكذا شجاع، لكن زاد بعد لفظة: ((إزاره)): ((ثم ليضطجع على جنبه الأيمن)).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، وأبو داود في كتاب الأدب، جميعاً عن أحمد بن عبد الله بن يونس.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه مسلم عن إسحاق بن موسى عن أبي ضمرة.
وأخرجه أحمد عن يحيى بن سعيد الأموي عن عبيد الله.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن محمد بن معدان، عن الحسن بن محمد بن أمين، عن زهير.
فوقع لنا عالياً بثلاث درجات أو أربع.
قال البخاري بعد تخريجه: تابعه أبو ضمرة وإسماعيل بن زكريا،(3/35)
عن عبيد الله بن عمر.
قلت: قد ذكرت رواية أبي ضمرة.
ورواية إسماعيل بن زكريا وصلها الطبراني في الأوسط.
ووافقهم عبدة بن سليمان عند مسلم.
وإسماعيل بن أمية عند الخرائطي في مكارم الأخلاق.
قال البخاري: وقال يحيى القطان وبشر عن عبيد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة، يعني: لم يقولا فيه: عن أبيه.
فأما رواية القطان فوصلها النسائي وغيره، ووقعت لي بعلو.
قرأت على عبد القادر بن محمد بن علي الفراء بدمشق، عن زينب بنت الكمال سماعاً، أنا عبد الرحمن بن مكي في كتابه، أنا أبو طاهر الحافظ، أنا أبو عبد الله الثقفي، أنا يحيى بن إبراهيم المزكي، أنا عبد الله بن إسحاق الخراساني، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور، ثنا يحيى بن سعيد القطان، ثنا عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء أحدكم إلى فراشه فلينزع داخلة إزاره فلينفض بها فراشه ويتوسد يمينه وليقل رب بك وضعت جنبي وبك أرفعه، اللهم)) فذكر مثله سواء.(3/36)
أخرجه النسائي عن عمرو بن علي الفلاس.
والخرائطي عن عمر بن شبة.
كلاهما عن يحيى القطان.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه البيهقي عن المزكي.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأما رواية بشر -وهو ابن المفضل- فوصلها مسدد في مسنده الكبير.
قال البخاري: ورواه مالك وابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة.
قلت: وكذا عبد الله بن عمر العمري كما سأذكره.
فأما رواية مالك فأخرجها البخاري في كتاب التوحيد عن عبد العزيز بن عبد الله الأوسي عنه، وهو من أحاديث مالك التي ليست في الموطأ.
وقد أخرجه الدارقطني في الغرائب من رواية إسحاق بن الحسن الطحان ومحمد بن العباس الكابلي والحسن بن سلام، ثلاثتهم عن الأويسي عن مالك وعبد الله بن عمر العمري، كلاهما عن سعيد وقال: غريب لم يحدث به عن مالك إلا الأويسي، انتهى.
ووقع لي من رواية العمري بعلو.
قرأت على فاطمة بنت المنجا بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في الدعاء قال: ثنا يحيى بن أيوب العلاف، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا عبد الله(3/37)
العمري، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاء أحدكم إلى فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مراتٍ وليقل)) فذكر مثل رواية زهير سواء، إلا أنه قال: ((فاغفر لها)) بدل ((فارحمها)).
ورواية مالك مثل رواية العمري.
والصنفة -بفتح المهملة وكسر النون بعدها فاء-: طرف الثوب.
وأما رواية ابن عجلان فوصلها أحمد وغيره.
وبه إلى الطبراني ثنا أبو مسلم الكجي ثنا أبو عاصم ثنا محمد بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة، فذكر الحديث بلفظ: ((إذا قام أحدكم عن فراشه ثم رجع إليه)) فذكر نحو رواية زهير، لكن قال: ((ما حدث بعده)) بدل ((خلفه عليه)) وقال ((فاغفر لها)) بدل ((فارحمها)).
أخرجه أحمد عن أبي عاصم.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الترمذي والنسائي من رواية ابن عجلان.
فوقع لنا عالياً بدرجتين أو ثلاث.
قوله: (وفي رواية ينفضه ثلاث مرات).
قلت: هي رواية مالك، وهي من أفراد البخاري كما تقدم، والله أعلم.(3/38)
[[وروينا في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه وقرأ بالمعوذات ومسح بهما جسده.
وفي الصحيحين عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما: {قل هو الله أحدٌ} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات. قال أهل اللغة: النفث: نفخ لطيف بلا ريق.
وروينا في الصحيحين عن أبي مسعود الأنصاري البدري عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلةٍ كفتاه)).
اختلف العلماء في معنى كفتاه؛ فقيل: من الآفات في ليلته، وقيل: كفتاه من قيام ليلته. قلت: ويجوز أن يراد الأمران.]]
(228)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، إمام الحفاظ، قاضي القضاة العسقلاني-أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثامن(3/39)
(سابع) شهر جمادى الآخرة من شهور سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
الحديث السادس: قوله (وروينا في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه، وقرأ بالمعوذات، ومسح بهما جسده.
وفي الصحيحين أيضاً عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة .. .. إلى آخره).
قلت: هذا الحديث مذكور في الصحيحين مطولاً ومختصراً، ومداره على ابن شهاب الزهري عن عروة عنها، فاللفظ الأول رواية الليث عن عقيل عن ابن شهاب، وهي عند البخاري في الدعوات عن عبد الله بن يوسف عنه. ولم يخرجه مسلم.
واللفظ الثاني: رواية المفضل بن فضالة عن عقيل.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن يحيى بن فضل الله سماعاً، أنا أبو العباس، عن المفرج في كتابه، أنا الحافظ ابن القاسم بن عساكر، أنا الحسين بن علي البيهقي وزاهر بن طاهر قالا: أنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف، أنا أبو محمد الصيرفي، ثنا أبو العباس السراج (ح).
وبالسند الماضي إلى البخاري قالا: حدثنا قتيبة، ثنا المفضل بن فضالة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ونفث فيهما وقرأ {قل هو الله أحدٌ} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.
أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي جميعاً عن قتيبة.(3/40)
فوقع لنا موافقة عالية لمن عدا البخاري.
وأما مسلم فأخرجه أتم من هذا من رواية مالك وغيره عن ابن شهاب، وسيأتي لفظه في ((باب أذكار المرض والموت)) إن شاء الله تعالى.
الحديث السابع: قوله: (وفي الصحيحين عن ابن (أبي) مسعود .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو الخير بن أبي المجد الدمشقي فيما قرأت عليه بالقاهرة، عن أبي الربيع بن قدامة قال: أنا جعفر بن علي، أنا الحافظ أبو طاهر السلفي، أنا أبو القاسم بن بيان، أنا طلحة بن علي، أنا أحمد بن عثمان، ثنا عباس بن محمد ثنا قتيبة، ثنا سفيان -هو الثوري- عن منصور -هو ابن المعتمر- عن إبراهيم -هو النخعي- عن عبد الرحمن بن يزيد، حدثني علقمة، عن أبي مسعود، فلقيت أبا مسعود وهو يطوف بالبيت فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلةٍ كفتاه)).
وأخبرني عبد العزيز محمد بن محمد بن الخضري، عن زينب بنت إسماعيل بن إبراهيم سماعاً، أنا أحمد بن عبد الدائم، أنا عبد الله بن المسلم الوكيل، أنا محمد بن عبد الباقي الحاسب، أنا الحسن بن علي الجوهري، أنا أحمد بن جعفر، ثنا بشر بن موسى، ثنا أبو نعيم، ثنا سفيان [(ح)].
وقرأت على أبي العباس بن تميم بدمشق عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، أنا ابن المنجا، أنا أبو الوقت، أنا ابن المظفر، أنا السرخسي، أنا عيسى بن عمر، أنا الدارمي، ثنا سعيد بن عامر، ثنا شعبة، كلاهما عن منصور عن إبراهيم، عن عبد الرحمن، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، فذكره.
أخرجه البخاري ومسلم من طرق عن شعبة، ومن طرق عن سفيان،(3/41)
كلاهما عن منصور، وفي بعض الطرق عن الأعمش مع منصور.
وأخرجه مسلم أيضاً وأصحاب السنن الأربعة من طرق أخرى عن منصور والأعمش.
فوقع لنا عالياً.
وأخرجه أبو عوانة في صحيحه عن عباس بن محمد كالرواية الأولى.
فوقع لنا موافقة عالية.
وعن عثمان بن رجاء عن أبي نعيم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
قوله: (اختلف العلماء في معنى ((كفتاه))، فذكر قولين ثم قال: ويجوز الأمران).
قلت: ذكرت في فتح الباري أربعة أقوال أخرى، ذكر الشيخ منها واحداً في شرح مسلم، ونقل الكرماني عنه قولاً آخر، لكنه غلط عليه كما أوضحته في فتح الباري، وبالله التوفيق.
والمراد بالآيتين: {آمن الرسول} إلى آخر لكن إذا كتبت ليست رأس آية.
وقد ورد التنصيص على هذا الابتداء من وجه آخر عن أبي مسعود، أخرجه العسكري في كتاب ثواب القرآن، وعند أبي عبيد ومن وجه آخر عن(3/42)
جبير بن نفير نحوه مرسلاً، وزاد في آخره: فإنهما قرآن وصلاة ودعاء، والله أعلم.
[[وروينا في الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت. فإن مت مت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تقول)) هذا لفظ إحدى روايات البخاري، وباقي رواياته وروايات مسلم مقاربة لها.
وروينا في صحيح البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام.. وذكر الحديث، وقال في آخره: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال معك من الله تعالى حافظ، ولا يقربك شيطانٌ حتى تصبح. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صدقك وهو كذوبٌ، ذاك شيطانٌ)) أخرجه البخاري في صحيحه فقال: وقال عثمان بن الهيثم: حدثنا عوف عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة وهذا متصل، فإن عثمان بن الهيثم أحد شيوخ البخاري الذين روى عنهم في صحيحه، وأما قول(3/43)
أبي عبد الله الحميدي في الجمع بين الصحيحين: إن البخاري أخرجه تعليقاً، فغير مقبول؛ فإن المذهب الصحيح المختار عند العلماء والذي عليه المحققون أن قول البخاري وغيره: ((وقال فلان)) محمولٌ على سماعه منه واتصاله إذا لم يكن مدلساً وكان قد لقيه، وهذا من ذلك. وإنما المعلق ما أسقط البخاري منه شيخه أو أكثر بأن يقول في كل هذا الحديث: وقال عوف، أو قال محمد بن سيرين، وأبو هريرة، والله أعلم.]]
(229)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا سيدنا، ومولانا، شيخ الإسلام، أبو الفضل الشهابي العسقلاني-أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء رابع عشر جمادى الأولى سنة تاريخه قال وأنا أسمع:
الحديث الثامن: قوله: (وروينا في الصحيحين عن البراء .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب، عن أبي بكر الدشتي، أنا يوسف بن خليل الحافظ، أنا أبو المكارم اللبان، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى الدارمي، ثنا أبو الوليد -هو الطيالسي- قالا: حدثنا شعبة، أخبرني عمرو بن مرة قال: سمعت سعد بن عبيدة يحدث عن البراء (ح).(3/44)
وبالسند الماضي قريباً إلى أبي نعيم في المستخرج، ثنا أبو عمرو بن حمدان، وأبو أحمد -هو ابن الغطريف- قال الأول: ثنا الحسن بن سفيان، والثاني: ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن جرير عن منصور -هو ابن المعتمر- عن سعد بن عبيد قال: حدثني البراء بن عازب رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أخذت مضجعك فتوضأ ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللهم إني أسلمت نفسي -وفي رواية جرير وجهي- إليك -زاد شعبة وفوضت أمري إليك- ثم اتفقا وألجأت ظهري إليك -زاد جرير رغبةً ورهبةً إليك- ثم اتفقا لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك مت على الفطرة، واجعلهن من آخر ما تقول)).
قال: فجعلت أرددهن استذكرهن، فقلت: وبرسولك الذي أرسلت، فقال: ((لا، ونبيك)).
وأخبرني به عالياً أبو محمد عبد الواحد بن ذي النون الحاكم قال: أنا علي بن عمر الصوفي، أنا عبد الرحمن بن مكي سبط السلفي، أنا جدي الحافظ أبو طاهر، أنا أبو الحسن السلاب، أنا أبو بكر الحيري، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا زكريا بن يحيى، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق -هو السبيعي- سمع البراء بن عازب، فذكر نحوه دون ما في آخره، لكن وقع عنده: ((وبنبيك أو برسولك)) على الشك، والأول هو المحفوظ.
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود وغيرهم من رواية شعبة.(3/45)
وأخرجه البخاري أيضاً من رواية معتمر عن منصور.
وأخرجه الشيخان أيضاً من طريق أبي إسحاق.
وأخرجه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو عوانة في صحيحه عن يونس بن حبيب، وعن زكريا بن يحيى بالسندين.
فوافقناه فيهما بعلو.
وأخرجه النسائي عن قتيبة عن سفيان.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
الحديث التاسع: قوله: (وروينا في صحيح البخاري عن أبي هريرة .. .. إلى آخره).
قرأت على أبي بكر بن إبراهيم الصالحي بها، عن أبي عبد الله بن الزراد، أنا الحافظ أبو علي البكري أنا روح البزاز، أنا أبو القاسم المستملي، أنا أبو الفضل الغازي، أنا أبو طاهر بن الفضل، أنا جدي أبو بكر بن إسحاق، ثنا هلال بن بشر البصري، ثنا عثمان بن الهيثم المؤذن، ثنا عوف -هو الأعرابي-، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ في جوف الليل فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعني فإني محتاج، فرحمته فخليت سبيله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما فعل أسيرك الليلة -أو قال- البارحة؟)) فقلت: يا رسول الله! شكا حاجة وزعم أنه(3/46)
لا يعود فخليته، فقال: ((أما أنه قد كذبك وسيعود)) فعلمت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه سيعود)) فجاء فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكا حاجة فخليت عنه، وأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما فعل أسيرك؟)) فذكر مثل الأول، قال: فرصدته، فجاء فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقال: دعني حتى أعلمك كلمات ينصرك الله بهن، وكانوا أحرص شيء على الخير قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} فإنه لن يزال معك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما فعل أسيرك [يا أبا هريرة؟)) فأخبره] فقال: ((صدقك وإنه لكاذب، تدري من تخاطب بعد (منذ) ثلاث (ليالٍ)؟ ذاك الشيطان)).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري تاماً في كتاب الوكالة، ومختصراً في كتاب فضائل القرآن، وفي كتاب الصيام، وقال في المواضع الثلاثة: وقال عثمان بن الهيثم.
وأخرجه النسائي والإسماعيلي من طرق عن عثمان.
وأخرجه النسائي من وجه آخر عن أبي هريرة بمعناه.
وسنده قوي.
والذي ذكره الشيخ عن الحميدي ونازعه فيه لم ينفرد به الحميدي بل تبع فيه الإسماعيلي والدارقطني والحاكم وأبا نعيم وغيرهم، وهو الذي عليه كل المتأخرين من الحفاظ كالضياء المقدسي، وابن القطان، وابن دقيق العيد، والمزي.
وقد قال الخطيب في ((الكفاية)): لفظة قال لا تحمل على السماع إلا(3/47)
ممن عرف من عادته أنه لا يقولها إلا في موضع السماع، والله أعلم.
[[وروينا في سنن أبي داود عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول: ((اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك. ثلاث مراتٍ)) ورواه الترمذي من رواية حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: حديث صحيح حسن. ورواه أيضاً من رواية البراء بن عازب ولم يذكر فيها ثلاث مرات.]]
(230)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخنا، شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، أبو الفضل، قاضي القضاة العسقلاني، من حفظه إملاء كعادته في يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من جمادى الآخرة سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
الحديث العاشر: قوله: (وروينا في سنن أبي داود عن حفصة .. .. إلى آخره).
قرئ على فاطمة بنت محمد الدمشقية بها، عن سليمان بن حمزة، أنا محمود وأسماء وحمير أولاد إبراهيم بن سفيان مكاتبة من أصبهان قالوا: أنا(3/48)
أبو الخير الباغبان قال: أنا أبو إسحاق الطيان وأبو بكر السمسار قالا: أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني، ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، ثنا علي بن مسلم، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا أبي ثنا أبان بن يزيد العطار، ثنا عاصم -هو ابن بهدلة- عن معبد بن خالد، عن سواء -هو الخزاعي- عن حفصة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، ثم قال: ((رب قني عذابك يوم تبعث عبادك)) ثلاث مرات.
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن عبد الصمد.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو داود عن موسى بن إسماعيل، عن أبان بن يزيد.
والنسائي في الكبرى عن محمد بن المثنى عن، عبد الصمد.
فوقع لنا بدلاً عالياً على طريق أبي داود بدرجة، وعلى طريق النسائي بثلاث.
وأخرجه أحمد أيضاً، والنسائي من رواية حماد بن سلمة عن عاصم، لكن لم يذكر سواء في الإسناد.
فرواه الثوري وزائدة وغيرهما عن عاصم باختلاف بينهم في الإسناد، وأرجحها رواية أبان المبدأ بها، والعلم عند الله تعالى.
الحديث الحادي عشر والثاني عشر: قوله (ورواه الترمذي من رواية حذيفة -إلى أن قال- ورواه أيضاً من رواية البراء بن عازب، ولم يذكر فيهما ثلاث مرات).(3/49)
أما حديث حذيفة:
فأخبرني به عبد الله بن عمر بن علي قال: أنا أحمد بن محمد بن عمر أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، أنا عبد الله بن أحمد، أنا هبة الله بن محمد، أنا الحسن بن علي، أنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، حدثني أبي (ح).
وأخبرني الإمام، شيخ الإسلام أبو الفضل بن الحسين الحافظ قال: أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد العطار، أنا علي بن أحمد المقدسي، عن محمد بن معمر قال: أنا سعيد بن أبي الرجاء، أنا أحمد بن محمد بن النعمان، أنا محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم، ثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي، ثنا محمد بن أبي عمر العدني -واللفظ له- قالا: ثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وضع يده تحت رأسه ثم قال: ((اللهم قني عذابك يوم تجمع أو تبعث عبادك)).
هذا حديث حسن، أخرجه الترمذي عن محمد بن أبي عمر.
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو.
وأما حديث البراء:
فقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم، أنا سالم بن الحسن بن صفر، أنا أبو السعادات القزاز، أنا أبو علي بن نبهان، أنا أبو علي بن شاذان، ثنا أبو عمر بن السماك، ثنا محمد بن عيسى بن حيان، ثنا الحسن بن قتيبة، ثنا يونس بن عمرو (ح).
وقرأت على عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك، عن أحمد بن منصور الجوهري سماعاً قال: أنا أبو الحسن بن البخاري، أنا أحمد بن محمد(3/50)
التيمي، أنا الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أحمد بن عبد الله الحافظ، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا سليمان بن داود، ثنا شعبة (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى الطبراني في الدعاء، ثنا بشر بن موسى، ثنا خلاد بن يحيى، ثنا فطر بن خليفة، ثلاثتهم عن أبي إسحاق -هو السبيعي- عن البراء بن عازب رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه وضع يده تحت خده وقال: ((اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك)).
هذا حديث حسن، أخرجه النسائي عن قتيبة، عن سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق.
فوقع لنا عالياً.
وأخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى، عن عقبة بن مكرم، عن يونس بن بكير، عن يونس بن أبي إسحاق -وهو يونس بن عمرو- المذكور في روايتنا.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
واختلف فيه على أبي إسحاق، وقد رواه أبو الأحوص، وزهير بن معاوية، وزكريا بن أبي زائدة، والثوري، ويزيد بن الهاد، وحماد بن سلمة، وعبد العزيز بن المختار، وحمزة الزيات، وعمرو بن ثابت، والأجلح، كلهم عن أبي إسحاق كما قال فطر ومن معه، أخرجها كلها النسائي في اليوم والليلة، والطبراني في الدعاء.(3/51)
وخالفهم غيرهم، فأدخلوا بين أبي إسحاق والبراء واسطة، ثم اختلفوا.
فأخرجه الترمذي والنسائي من رواية إبراهيم بن يوسف، عن أبي إسحاق عن أبيه، عن جده أبي إسحاق، عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن البراء.
قال الترمذي: حسن غريب، وقد رواه الثوري عن أبي إسحاق عن البراء، ورواه شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة ورجل آخر عن البراء، ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن يزيد، عن البراء.
قلت: رواية الثوري وصلها الترمذي والنسائي.
ورواية شعبة وصلها أحمد عن غندر عنه.
وقد رواه الطيالسي عن شعبة بلا واسطة.
ورواية إسرائيل وصلها أحمد والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجه والطبراني في الدعاء.
ورواه أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق، فخالف الجميع.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي أنا عبد الله بن الحسين الأنصاري، أنا إسماعيل بن أحمد العراقي، عن شهدة قالت: أنا طراد بن محمد الزينبي، أنا علي بن إبراهيم العيسوي، ثنا عثمان بن أحمد الدقاق، ثنا(3/52)
محمد بن عيسى، ثنا عاصم بن علي، ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن البراء بن عازب، فذكره.
وتابعه مسلم بن سلام عن أبي بكر بن عياش.
أخرجه أبو نعيم في الحلية، والله أعلم.
[[وروينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: ((اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيءٍ، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شرٍ أنت آخذٌ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيءٌ، وأنت الآخر فليس بعدك شيءٌ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر)) وفي رواية أبي داود: ((اقض عني الدين، وأغنني من الفقر)).
وروينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود والنسائي، عن علي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند مضجعه: ((اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامة، من شر ما أنت آخذٌ بناصيته، اللهم أنت تكشف المغرم والمأثم، اللهم لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك اللهم وبحمدك)).(3/53)
وروينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي عن أنس رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: ((الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي)) قال الترمذي: حديث حسن صحيح.]]
(231)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا سيدنا، ومولانا، شيخ الإسلام، أبو الفضل، إمام الحفاظ الشهابي العسقلاني، قاضي القضاة -حفظه الله تعالى- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثامن عشرين جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قرأت على أم الفضل خديجة بنت إبراهيم الدمشقية بها، عن أبي محمد بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعاً وأبي نصر الفارسي مكاتبة، كلاهما عن أبي الوفاء بن منده قال: أنا محمد بن أحمد بن عمر، أنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أنا أبو إسحاق الأصبهاني، ثنا أبو عبد الله المحاملي، ثنا أبو سعيد أحمد بن محمد، ثنا يحيى بن آدم، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن يزيد، عن البراء رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام وضع يمينه تحت خده وقال: ((رب قني عذابك يوم تبعث عبادك)).
وبه إلى يحيى بن آدم (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى الطبراني في الدعاء، ثنا عثمان بن عمر(3/54)
الضبي، ثنا عبد الله بن رجاء -واللفظ له- قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة يحيى بن عبد الله بن مسعود، عن عبد الله - هو ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه فذكره.
أخرجه أحمد عن يحيى بن آدم بالسندين.
فوقع لنا موافقة عالية.
الحديث الثالث عشر: قوله: (وروينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو بكر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم الحموي الأصل، أنا جدي، أنا مكي بن علان في كتابه عن السلفي، أنا أبو غالب الباقلاني، أنا أبو العلاء الواسطي، أنا أبو نصر أحمد بن محمد، أنا أبو الخير العلقي، أنا أبو عبد الله البخاري، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيب (ح).
وبالسند الماضي إلى الطبراني ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا معلى بن أسد، ثنا عبد العزيز بن المختار (ح).
وبه إلى أبي نعيم في المستخرج ثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا تميم بن المنتصر (ح).
وبه إلى أبي نعيم ثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن علي، ثنا زهير بن حرب، قالا: حدثنا جرير -وهو ابن عبد الحميد- [(ح)].
وبه إلى الحسن وأحمد قالا: ثنا وهب بن بقية، ثنا خالد -هو الواسطي- أربعتهم -واللفظ لجرير- عن سهيل بن أبي صالح قال: كان(3/55)
أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن ثم يقول: ((اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيءٍ، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شر كل ذي شرٍ أنت آخذٌ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيءٌ، وأنت الآخر فليس بعدك شيءٌ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيءٌ، وأنت الباطن فليس دونك شيءٌ، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر)).
وكان يروي ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية الباقين عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة.
ففي رواية وهيب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال:
وفي رواية خالد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا أخذ أحدنا مضجعه أن نقول.
ونحوه في رواية عبد العزيز.
وذكروا الدعاء بنحوه.
وفي رواية وهيب وخالد ((اقض عني)) بالإفراد و((أغنني)) كذلك.
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن زهير بن حرب.
وأبو داود عن موسى بن إسماعيل، ووهب بن بقية.
فوقع لنا موافقة عالية في الثلاثة.
وأخرجه مسلم أيضاً عن عبد الحميد بن بيان، عن خالد الواسطي.
وابن ماجه عن محمد بن عبد الملك، عن عبد العزيز بن المختار.(3/56)
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الترمذي عن الدارمي، عن عمرو بن عون، عن خالد.
وأخرجه النسائي عن محمد بن عبد الله بن المبارك، عن أبي هشام المخزومي، عن وهيب.
فوقع لنا عالياً بدرجتين وبثلاث.
قوله: (في رواية أبي داود: اقض عني).
قلت: وكذا في رواية الترمذي وابن ماجه.
الحديث الرابع عشر: قوله: (وروينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود .. .. إلى آخره).
قلت: تقدم في باب ما يقال عند الصباح والمساء، وهو في أول المجلس الرابع بعد المئتين من تخريج الأذكار.
الحديث الخامس عشر: قوله: (وروينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي عن أنس .. .. إلى آخره).
قرأت على إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بالقاهرة وعلي بن إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، كلاهما عن أحمد بن أبي طالب سماعاً قال: أنا المنجا، أنا أبو الوقت، أنا أبو الحسن بن داود، أنا أبو محمد بن أعين، أنا أبو إسحاق الشاشي، ثنا أبو محمد الكشي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أوى إلى فراشه: ((الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي)).(3/57)
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
وأبو داود عن عثمان بن أبي شيبة.
كلاهما عن يزيد بن هارون.
وأخرجه النسائي عن أبي بكر بن نافع.
وابن خزيمة عن محمد بن عثمان بن أبي صفوان.
كلاهما عن بهز بن أسد.
وأخرجه أحمد عن حسن وعفان وأبي كامل.
وأخرجه الترمذي عن إسحاق بن منصور عن عفان.
كلهم عن حماد بن سلمة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين، وبالله التوفيق.
[[وروينا بالإسناد الحسن في سنن أبي داود، عن أبي الأزهري، ويقال: أبو زهير الأنماري رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: ((باسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر ذنبي. وأخسئ شيطاني، وفك(3/58)
رهاني، واجعلني في الندي الأعلى)) الندي: بفتح النون وكسر الدال وتشديد الياء.
وروينا عن الإمام أبي سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي رحمه الله في تفسير هذا الحديث قال: الندي: القوم المجتمعون في مجلس، ومثله النادي، وجمعه أندية. قال: يريد بالندي الأعلى: الملأ الأعلى من الملائكة.
وروينا في سنن أبي داود والترمذي، عن نوفل الأشجعي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ: قل يا أيها الكافرون، ثم نم على خاتمتها فإنها براءةٌ من الشرك)).
وفي مسند أبي يعلى الموصلي، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أدلكم على كلمةٍ تنجيكم من الإشراك بالله عز وجل، تقرؤون: قل يا أيها الكافرون عند منامكم)).
وروينا في سنن أبي داود والترمذي، عن عرباض بن سارية رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد.
قال الترمذي: حديث حسن.]]
(232)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد على آله وصحبه وسلم
ثم حدثنا قاضي القضاة، أبو الفضل العسقلاني، إمام الحفاظ إملاء من(3/59)
حفظه كعادته في يوم الثلاثاء سادس شهر رجب الفرد من شهور سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
الحديث السادس عشر: قوله: (وروينا بالإسناد الحسن في سنن أبي داود عن أبي الأزهر الأنماري .. .. إلى آخره).
قرأت على أم الفضل البعلبكية بدمشق، عن القاسم بن عساكر وأبي نصر بن الشيرازي، كلاهما عن أبي الوفاء بن منده، أنا أبو الخير الباغبان، أنا أبو عمر بن أبي عبد الله بن منده، أنا أبي أنا جعفر بن محمد بن هشام، ثنا يزيد بن عبد الصمد، ثنا أبو مسهر - هو عبد الأعلى بن مسهر، ثنا يحيى بن حمزة (ح).
وأخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن القدمي، أنا إبراهيم بن علي القطبي، أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، أنا أحمد بن محمد التيمي في كتابه، أن الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أبو نعيم في الحلية، ثنا أبو بكر بن خلاد، ثنا سعيد بن نصر الطبري، ثنا محمد بن أبان البلخي (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى الطبراني في الدعاء، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن أبان، ثنا أبو همام محمد بن الزبرقان الأهوازي -واللفظ له- كلاهما عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان، عن أبي الأزهر الأنماري -وقال أبو همام في روايته عن أبي زهير- رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه قال: ((باسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر ذنبي. وأخسئ شيطاني، وفك رهاني، وثقل ميزاني، واجعلني في الندي الأعلى)).
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود عن جعفر بن مسافر، عن(3/60)
يحيى بن حسان، عن يحيى بن حمزة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وعلقه لأبي همام فقال: رواه أبو همام عن ثور، فقال: أبو زهير.
ورجاله ثقات من الوجهين، لكن يحيى بن حمزة أثبت في ثور من أبي همام.
قوله: (وثقل ميزاني) انفرد بها سعيد بن نصر عن شيخه.
الحديث السابع عشر: قوله (وروينا في سنن أبي داود والترمذي عن نوفل الأشجعي .. .. إلى آخره).
أخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي فيما قرأت عليه بمكة بالسند الماضي قريباً إلى أبي محمد بن أعين، أنا عيسى بن عمر، أنا عبد الله بن عبد الرحمن، ثنا أبو نعيم، ثنا زهير -هو الجعفي-، عن أبي إسحاق -هو السبيعي- عن فروة بن نوفل -هو الأشجعي- عن أبيه رضي الله عنه: أن رسول الله قال له: ((ما جاء بك؟)) قال: جئت لتعلمني شيئاً أقوله عند منامي قال: ((إذا أخذت مضجعك فاقرأ {قل يا أيها الكافرون} ثم نم على خاتمتها، فإنها براءةٌ من الشرك)).
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود عن عبد الله بن محمد النفيلي، عن زهير.
فوقع لنا عالياً بدرجة.
وأخرجه الترمذي والنسائي جميعاً من رواية يحيى بن آدم، عن زهير.(3/61)
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه من رواية علي بن الجعد، عن زهير.
وفي سنده اختلاف كثير على أبي إسحاق؛ ولذلك اقتصرت على تحسينه.
الحديث الثامن عشر: قوله: (وفي مسند أبي يعلى الموصلي عن ابن عباس .. .. إلى آخره).
قرأت على أحمد بن الحسن بالسند المذكور آنفاً إلى أبي نعيم في الحلية، ثنا سليمان بن أحمد، ثنا الحسين بن إسحاق، ثنا جبارة بن المغلس، ثنا الحجاج بن تميم الجزري، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أدلكم على كلمةٍ تنجيكم من الإشراك بالله {قل يا أيها الكافرون} في منامكم)).
هذا حديث غريب، أخرجه أبو يعلى عن جبارة على الموافقة.
وجبارة متروك، اتهمه ابن معين. وقال ابن نمير: كان لا يتعمد.
وقال النسائي: حجاج بن تميم ليس بثقة.
قلت: لكن يشهد للمتن حديث نوفل الذي قبله.
الحديث التاسع عشر: قوله: (وروينا في سنن أبي داود والترمذي عن عرباض بن سارية .. .. إلى آخره).(3/62)
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، أنا عبد الرحمن بن عبد الحليم بن تيمية، أنا يحيى بن أبي منصور، أنا عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، أنا نصر بن سيار القاضي [(ح)].
قال شيخنا: وأخبرنا عالياً القاسم بن المظفر في كتابه، أنا أبو نصر بن محمد بن هبة الله القاضي قراءة عليه، وأنا حاضر، وإجازة عن نصر بن سيار، أنا أبو عامر الأزدي، أنا أبو محمد بن الجراح، أنا أبو العباس بن محبوب، أنا أبو عيسى الترمذي ثنا علي بن حجر، ثنا بقية بن الوليد، عن يحيى بن سعد، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن أبي بلال، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ويقول: ((إن فيهن آيةً خير من ألف آيةٍ)).
هذا حديث حسن، أخرجه النسائي عن علي بن حجر على الموافقة.
وأخرجه أيضاً عن زكريا بن يحيى عن إسحاق بن راهويه، عن بقية.
فوقع لنا عالياً.
وأخرجه أبو داود عن مؤمل بن الفضل.
وأخرجه أحمد عن يزيد بن عبد ربه.
كلاهما عن بقية.(3/63)
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ووقع في روايتهم ((أفضل)) بدل ((خير)) واختلف في وصله وإرساله.
فأخرجه النسائي من وجه آخر عن خالد بن معدان فلم يذكر العرباض.
وروايته أثبت من الذي قبله، والله أعلم.
[[وروينا عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر. قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه: ((الحمد لله الذي كفاني وآواني، وأطعمني وسقاني، والذي من علي فأفضل، والذي أعطاني فأجزل، الحمد لله على كل حالٍ، اللهم رب كل شيءٍ ومليكه، وإله كل شيءٍ، أعوذ بك من النار)).
وروينا في كتاب الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال حين يأوي إلى فراشه: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، ثلاث مراتٍ، غفر الله تعالى له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، وإن كانت عدد النجوم، وإن كانت عدد رملٍ عالجٍ، وإن كانت عدد أيام الدنيا)).]](3/64)
(233)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، قاضي القضاة الشهابي العسقلاني، إمام الحفاظ، إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثالث عشر رجب الفرد من شهور سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
الحديث العشرون: قوله: (وروينا عن عائشة .. .. إلى آخره).
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي عبد الله بن الزراد، أنا الحافظ أبو علي البكري، أنا عبد العزيز بن محمد، أنا زاهر بن طاهر، أنا أبو سعد الأديب، أنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا أبو يعلى الموصلي، ثنا الحسن بن عمر بن شقيق (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى الترمذي، ثنا صالح بن عبد الله قالا: ثنا حماد بن زيد، عن أبي لبالة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل.
وفي رواية الحسن بن عمر: كان يقرأ كل ليلة تنزيل السجدة والزمر.
هذا حديث حسن، أخرجه أحمد عن عفان.
والنسائي عن محمد بن النضر.
وابن خزيمة عن أحمد بن عبدة.(3/65)
والحاكم من رواية سليمان بن حرب.
كلهم عن حماد بن زيد.
قال الترمذي: حسن.
وقال ابن خزيمة: لا نعرف أبا لبابة بعدالة ولا جرح.
قلت: نقل الترمذي عن البخاري قال: أبو لبابة اسمه مروان سمع من عائشة، وذكره ابن حبان في الثقات.
واتفق الرواة عن حماد بن زيد على بني إسرائيل والزمر، وانفرد الحسن بن عمر بذكر تنزيل السجدة.
ويحتمل أن يكون قصد قوله تعالى في آخر بني إسرائيل {ونزلناه تنزيلاً} فتتفق الروايتان.
وقد جاء في حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك كل ليلة.
أخرجه الترمذي والنسائي.
وأغفله الشيخ هنا، وبالله التوفيق.
الحديث الحادي والعشرون: قوله: (وروينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو المعالي الأزهري، أنا أبو العباس الحلبي بالسند المذكور مراراً إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، ثنا عبد الصمد، ثنا أبي -هو عبد الوارث بن سعيد، ثنا الحسين -يعني: المعلم- عن(3/66)
عبد الله بن بريدة، قال: حدثني ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا تبوأ مضجعه: ((الحمد لله الذي أطعمني وسقاني وكفاني وآواني والحمد لله الذي من علي فأفضل، وأعطاني فأجزل، الحمد لله على كل حالٍ، اللهم رب كل شيءٍ ومليك كل شيءٍ أعوذ بك من النار)).
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود والنسائي، كلاهما عن علي بن مسلم زاد النسائي عمرو بن يزيد.
وأخرجه أبو عوانة في صحيحه عن أبي الأزهر النيسابوري وأبي علابة الرقاشي.
أربعتهم عن عبد الصمد.
فوقع لنا بدلاً عالياً لاتصال السماع.
وفي الحكم بصحته نظر لأن أبا معمر عبد الله بن عمرو رواه عن عبد الوارث بهذا السند. أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق، عن يعقوب بن إسحاق، عن أبي معمر، فوقع في روايته حدثني ابن عمران، فقيل له: كنت حدثت به مرة فقلت: ابن عمر، فقال: هذا خطأ، وأنكر ذلك، وقال: اجعله ابن عمران. وأبو معمر من شيوخ البخاري.
وهذا الكلام يتوقف معه في وصل الحديث، فإن ابن عمران لا صحبة له.
الحديث الثاني والعشرون: قوله: (وروينا في كتاب الترمذي عن أبي سعيد .. .. إلى آخره).(3/67)
وبالسند المذكور آنفاً إلى الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي -بفتح الواو والصاد المهملة وتشديدها وبعد الألف فاء- عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يأوي إلى فراشه: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مراتٍ غفر الله له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، وإن كانت مثل رملٍ عالجٍ، وإن كانت مثل ورق الشجر)).
هذا حديث غريب، أخرجه الترمذي عن صالح بن عبد الله، عن أبي معاوية.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
والوصافي وشيخه ضعيفان، لكن رواه عصام بن قدامة عن عطية نحوه.
الحديث الثالث والعشرون: قوله: (وروينا في سنن أبي داود إلى أن قال: وقد تقدم روايتنا له عن مسلم .. .. إلى آخره).
قلت: قد أمليته هناك من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، ومن روايته عن أبيه عن رجل من أسلم، فالاختلاف فيه على سهيل، وهو عند أحمد كما عند أبي داود.
والتحرير فيه أن الرجل الذي من أسلم هو صاحب القصة، وراوي الحديث هو أبو هريرة، والله أعلم.(3/68)
[[وروينا في كتاب ابن السني عن أنس رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى رجلاً إذا أخذ مضجعه أن يقرأ سورة الحشر وقال: ((إن مت مت شهيداً)) أو قال: ((من أهل الجنة)).
وروينا في صحيح مسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنه أمر رجلاً إذا أخذ مضجعه أن يقول: ((اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها، اللهم إني أسألك العافية)) قال ابن عمر: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة، حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي قدمناه في باب: ما يقول عند الصباح والمساء في قصة أبي بكر الصديق رضي الله عنه: ((اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيءٍ ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه. قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا اضطجعت)).
وروينا في كتاب الترمذي، وابن السني، عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلمٍ يأوي إلى فراشه فيقرأ سورةً من كتاب الله تعالى حين يأخذ مضجعه إلا وكل الله عز وجل به ملكاً لا يدع شيئاً يقربه يؤذيه حتى يهب متى هب)) إسناده ضعيف، ومعنى هب: انتبه وقام.]](3/69)
(234)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل العسقلاني، إمام الحفاظ -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء العشرين من رجب سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
الحديث الرابع والعشرون: قوله: (وروينا في كتاب ابن السني عن أنس .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو العباس بن أبي بكر المقدسي في كتابه قال: أنا أبو الربيع بن قدامة إذناً مشافهة، أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، أنا أبو بكر بن أبي القاسم، أنا أبو الخير بن رجاء، أنا أبو بكر بن مردويه، ثنا محمد بن الحسين، ثنا محمد بن أحمد، ثنا عمرو بن عاصم، ثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان، ثنا يزيد بن أبان، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً إذا أوى إلى فراشه أن يقرأ سورة الحشر. الحديث.
هذا حديث غريب، وسنده ضعيف من أجل يزيد.
أخرجه ابن السني من رواية أبي داود سليمان بن سيف، عن عمرو بن عاصم بهذا الإسناد.
الحديث الخامس والعشرون: قوله: (وروينا في صحيح مسلم عن ابن عمر .. .. , إلى آخره).
أخبرني أبو المعالي الأزهري بالسند الماضي قريباً إلى عبد الله بن(3/70)
أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن خالد -هو الحذاء- قال: سمعت عبد الله بن الحارث يحدث عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أمر رجلاً إذا أخذ مضجعه أن يقول: ((اللهم أنت خلقت نفسي وأنت تتوفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها، اللهم إني أسألك العافية)) فقال له رجل: سمعت هذا من عمر؟ فقال: من خير من عمر، من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن عقبة بن مكرم وأبي بكر بن نافع.
وأخرجه النسائي في الكبرى عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن.
ثلاثتهم عن محمد بن جعفر غندر.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي أيضاً عن زياد بن يحيى عن بشر بن المفضل عن خالد، فذكر نحوه، لكن لم يقل في آخره من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ووقع لنا من وجه ثالث عن خالد فذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ظناً.
قرأته عالياً على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي عبد الله بن الزراد بالسند الماضي قبل إلى أبي يعلى الموصلي ثنا زهير -هو ابن حرب- ثنا إسماعيل -هو ابن إبراهيم المعروف بابن علية- ثنا خالد الحذاء، عن عبد الله بن الحارث قال: كان عبد الله بن عمر إذا أوى إلى فراشه قال: فذكر الدعاء مثله، فقال له رجل من ولده: يا أبه كان عمر يقول هذا؟ قال: بل خير(3/71)
من عمر، فظننا أنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم.
وليس لعبد الله بن الحارث -وهو أبو الوليد البصري نسيب ابن سيرين- عن ابن عمر في الصحيح إلا هذا الحديث الواحد.
وله شاهد في بعضه عن أبي هريرة تقدم في الخامس.
الحديث السادس والعشرون: قوله: (وروينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما .. .. إلى آخره).
قلت: قد أمليته في الموضع الذي أشار إليه الشيخ، خرجته من مسند الطيالسي وغيره ولله الحمد.
الحديث السابع والعشرون: قوله: (وروينا في كتابي الترمذي وابن السني عن شداد بن أوس .. .. إلى أن قال: إسناده ضعيف).
قلت: لكنه أقوى من حديث أنس الماضي قبل قليل، فإن تابعيه لم يسم، وتابعي حديث أنس شديد الضعف، فكان التنبيه عليه أولى.
أخبرني العماد أبو بكر بن إبراهيم الفرضي فيما قرأت عليه بصالحية دمشق، عن أحمد ومحمد ابني محمد بن المحب سماعاً عليهما قالا: أنا علي بن أحمد ومحمد بن عبد الرحيم سماعاً عليهما قالا: أنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الحاكم، أنا أبو الحسن بن المسلم الفقيه، أنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عثمان الدمشقي، أنا جدي أبو بكر، ثنا محمد بن جعفر، ثنا عمر بن شبة، ثنا سالم بن نوح (ح).
وبالسند الماضي إلى الإمام أحمد ثنا يزيد بن هارون، كلاهما عن الجريري -بجيم مهملة مصغر واسمه سعيد بن إياس- عن أبي العلاء -هو(3/72)
يزيد بن عبد الله بن الشخير- بمعجمتين مكسورتين والخاء ثقيلة- عن رجل من بني مشاجع.
وفي رواية يزيد عن الحنظلي، عن شداد بن أوس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أخذ أحدكم مضجعه فقرأ بسورةٍ من كتاب الله عز وجل، وكل الله تبارك وتعالى به ملكاً يحفظه من كل شيءٍ يؤذيه حتى يهب متى هب)).
هذا لفظ سالم، وقال يزيد في روايته: ((ما من رجلٍ مسلمٍ يأوي إلى فراشه)) فذكر نحوه بلفظ ((لا يقربه شيءٌ)).
وقال الطبراني في الدعاء: حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سفيان -هو الثوري- عن سعيد الجريري، عن يزيد بن عبد الله -هو أبو العلاء- عن رجل من بني حنظلة عن شداد بن أوس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر)) وفيه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبدٍ مسلمٍ يقرأ سورةً من كتاب الله عند نومه)) فذكر مثل حديث يزيد، والله أعلم.
(235)
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء سابع عشرين رجب الفرد سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:(3/73)
أخبرني بذلك عبد الله وعبد الرحمن ابنا محمد بن إبراهيم بن لاجين قالا: أنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي، أنا عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني، عن عفيفة بنت أحمد، عن فاطمة بنت عبد الله سماعاً عليها قالت: أنا محمد بن عبد الله التاجر، أنا الطبراني فذكره.
وبه إلى الطبراني: ثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا بشر بن المفضل وخالد بن عبد الله فرقهما، قال بشر: عن الجريري، وقال خالد -واللفظ له-: ثنا سعيد الجريري، عن أبي العلاء عن الحنظلي، عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن نقول في صلاتنا: ((اللهم إنا نسألك التثبت في الأمر)) الحديث. وفيه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبدٍ يقرأ سورةً من كتاب الله عند نومه إلا وكل الله به ملكاً لا يقربه شيءٌ حتى يهب متى هب)).
هذا حديث حسن، أخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان، عن أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه النسائي في الكبرى من رواية هلال بن حقٍ عن الجريري فقال: عن أبي العلاء عن رجلين من بني حنظلة، هكذا عنده بالنسبة.
وكذا أخرجه الطبراني من رواية عدي بن الفضل عن الجريري، لكن لفظه عن رجلين سماهما.
وكذا وقع لنا في الجزء الثالث من القطعيات من هذا الوجه.
ورواه حماد بن سلمة عن الجريري فلم يذكر بين أبي العلاء وشداد أحداً.(3/74)
وبه إلى الطبراني قال: ثنا أبو خليفة وأبو مسلم الكشي قال الأول: ثنا موسى بن إسماعيل، والثاني: ثنا أبو عمر الضرير (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، أنا فضل الله الجوزذاني، أنا الحسين بن عبد الملك، أنا إبراهيم بن منصور، أنا أبو بكر بن المقرئ، ثنا أبو يعلى، ثنا كامل بن طلحة قال الثلاثة: ثنا حماد بن سلمة، عن سعيد الجريري، عن أبي العلاء، عن شداد بن أوس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر وعزيمة الرشد، وأسألك حسن عبادتك وشكر نعمتك، وأسألك قلباً سليماً ولساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم)).
وهكذا أخرجه النسائي في الكبرى عن أبي داود عن سليمان بن حرب، عن حماد.
فوقع لنا عالياً بدرجتين أو بثلاث.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى.
فوقع لنا موافقة عالية.
ولم يقع في رواية حماد الحديث المتعلق بالنون ولا الواسطة بين أبي العلاء وشداد، وقد ثبت في رواية الثوري، وهو أثبت من حماد، وإن كان سماع كل منهما من الجريري قبل الاختلاط، ولم أقف في شيء من الطرق على تسمية الحنظلي، ولا رفيقه.
ولا مغايرة بين من عبر عنه بالحنظلي، أو برجل من بني حنظلة أو(3/75)
برجل من بني مجاشع؛ لأن بني مجاشع بطن من بني حنظلة، وهم بطن من بني تميم.
وقد جاء أصل الحديث من طرق أخرى عن شداد.
منها ما:
أخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن الزيني، أنا إبراهيم بن علي القطبي، أنا أبو الفرج الحراني، أنا أحمد بن محمد التيمي في كتابه أنا الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أحمد بن عبد الله الحافظ، ثنا محمد بن معمر، ثنا أبو شعيب الحراني، ثنا يحيى بن عبد الله، ثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا اكتنز الناس الذهب والفضة فاكتنزوا هذه الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد)) فذكر الحديث.
أخرجه أحمد عن روح بن عبادة.
وأبو بكر بن أبي شيبة عن عيسى بن يونس.
كلاهما عن الأوزاعي.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ورجاله من رواة الصحيح، إلا أن في سماع حسان بن عطية من شداد نظر.
وقد رواه سويد بن عبد العزيز عن الأوزاعي، فأدخل بين حسان وشداد رجلاً.(3/76)
أخرجه الطبراني أيضاً.
وأخرجه بسند موصول أيضاً إلى أبي الأشعث الصنعاني عن شداد.
والحاكم من وجه آخر أيضاً عن شداد.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية بسندين آخرين، في كل منهما انقطاع.
وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً يمتنع معها إطلاق القول بضعف الحديث.
وإنما صححه ابن حبان والحاكم؛ لأن طريقتهما عدم التفرقة بين الصحيح والحسن، والله أعلم.
[[وروينا في كتاب ابن السني، عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرجل إذا أوى إلى فراشه ابتدره ملكٌ وشيطانٌ، فقال الملك: اللهم اختم بخيرٍ، فقال الشيطان: اختم بشر، فإن ذكر الله تعالى ثم نام بات الملك يكلؤه)).
وروينا فيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا اضطجع للنوم: ((اللهم! باسمك ربي وضعت جنبي فاغفر لي ذنبي)).]](3/77)
(236)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم كثيراً.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء رابع شعبان سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
الحديث الثامن والعشرون: قوله: (وروينا في كتاب ابن السني عن جابر .. .. إلى آخره).
أخبرني المسند أبو بكر بن محمد بن إبراهيم بن العز الصالحي بها رحمه الله، أنا أبو بكر بن محمد بن عبد الجبار وأبو العباس أحمد بن محمد بن معالي سماعاً عليهما قالا: أنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل المرداوي، أتنا فاطمة بنت أبي الحسن، أنا أبو القاسم الشحامي، أنا أبو سعد الكنجروذي، أنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا أبو يعلى الموصلي، ثنا إبراهيم بن الحجاج السامي -بالمهملة- ثنا حماد بن سلمة عن حجاج الصواف، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أوى الرجل إلى فراشه ابتدره ملكٌ وشيطانٌ، فقال الملك: اللهم اختم بخيرٍ، وقال الشيطان: اختم بشرٍ، فإن ذكر الله ثم نام بات الملك يكلؤه، فإن استيقظ قال الملك افتح بخيرٍ، وقال الشيطان افتح بشرٍ، فإن قال: الحمد لله الذي رد علي روحي ولم يمتها في منامها، الحمد لله الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا -إلى قوله- حليماً غفوراً، الحمد لله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، فإن وقع عن سريره فمات دخل الجنة)).(3/78)
هذا حديث حسن غريب، أخرجه النسائي في الكبرى عن الحسن بن أحمد بن حبيب، عن إبراهيم بن الحجاج.
فوقع لنا بدلاً عالياً بثلاث درجات.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه وابن السني، كلاهما عن أبي يعلى.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الحاكم في المستدرك من رواية موسى بن إسماعيل، ومن رواية الحجاج بن منهال كلاهما عن حماد بن سلمة.
وقال: صحيح على شرط مسلم.
قلت: قد أخرج لرجاله، لكنه لا يخرج لأبي الزبير إلا ما صرح فيه بالسماع عن جابر، أو كان له فيه متابع، أو كان من رواية الليث، وهذا لم أره من حديث أبي الزبير عن جابر إلا بالعنعنة.
وقد تابع حماداً على روايته عن حجاج الصواف محمد بن أبي عدي، أخرجه البخاري في الأدب المفرد عن محمد بن المثنى عنه.
ورواه هشام الدستوائي عن حجاج لكن وقفه على جابر، أخرجه النسائي أيضاً.
وتابع حجاجاً مغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر، فذكر الحديث وقال فيه: ((فإن ذكر الله وحمده بات الملك يكلؤه وطرد الشيطان)) وقال في آخره: ((فإن قام وصلى في فضائل)).
أخرجه النسائي عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام عن شبابة.(3/79)
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الطبراني في الدعاء من رواية أبي عامر الخزاز -بمعجمات- عن أبي الزبير. فهؤلاء ثلاثة رووه عن أبي الزبير، ولم أره إلا من رواية أبي الزبير، وهو مدلس، وقد عنعنه وإن كان ثقة، فهو منحط عن درجة الصحيح.
وعجبت للشيخ في اقتصاره على عزوه لابن السني، وهو في هذه الكتب المشهورة.
الحديث التاسع والعشرون: قوله: (وروينا فيه عن عبد الله بن عمرو .. .. إلى آخره).
قرأت على فاطمة بنت المنجا بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في الدعاء حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف، ثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يحيى بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله كان إذا اضطجع للنوم قال: ((باسمك رب وضعت جنبي فاغفر ذنبي)).
هذا حديث حسن، ورجاله من شيخ الطبراني إلى منتهاه مصريون، وقد دخلها الطبراني، وسكنها الصحابي والحبلي -بضم المهملة والموحدة بعدها لام مخفف- اسمه عبد الله بن يزيد.
وحيي بمهملة ومثناة آخر الحروف مصغر، وهو أكبر شيخ لابن وهب.
أخرجه النسائي عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(3/80)
وأخرجه أحمد عن حسن بن موسى عن عبد الله بن لهيعة عن حيي.
فوقع لنا عالياً بدرجة، ولله الحمد.
[[وروينا فيه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أوى إلى فراشه طاهراً، وذكر الله عز وجل حتى يدركه النعاس لم يتقلب ساعةً من الليل يسأل الله عز وجل فيها خيراً من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه)).]]
(237)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، قاضي القضاة، أبو الفضل، إمام الحفاظ، أحمد العسقلاني، إملاء من لفظه وحفظه كعادته في يوم الثلاثاء أحد عشر شعبان المكرم سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع.
الحديث الثلاثون: قوله: (وروينا فيه عن أبي أمامة .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الموقت، أنا محمد بن إسماعيل بن المعظم، أنا عبد العزيز بن المنعم، عن عفيفة بنت أحمد، عن فاطمة الجوزذانية سماعاً قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة، أنا الطبراني، ثنا عبد الله بن أحمد والحسين بن إسحاق، قال الأول: ثنا داود بن رشيد،(3/81)
والثاني: يحيى بن عبد الحميد، قالا: ثنا إسماعيل بن عياش، عن ابن أبي حسين، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أوى إلى فراشه طاهراً فذكر الله تعالى حتى يدركه النعاس لم ينقلب ساعةً من الليل يسأل الله شيئاً من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه)).
أخرجه ابن السني من رواية إبراهيم بن العلاء، عن إسماعيل بن عياش.
وروايته عن الحجازيين ضعيفة، وهذا منها، واسم شيخه عبد الله بن عبد الرحمن، وهو مكي، وشهر فيه مقال.
واختلف عليه في سنده، فأخرجه النسائي في الكبرى من طريق عاصم بن بهدلة من رواية زيد بن أبي أنيسة عنه، عن شمر بن عطية -بكسر الشين المعجمة وسكون الميم- عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من توضأ فأحسن الوضوء ذهب الإثم من سمعه وبصره ويديه ورجليه)).
فقال أبو ظبية: وأنا سمعت عمرو بن عبسة بهذا، وسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من باب على ذكر الله تعالى لم يتعار ساعةً من الليلة يسأل الله فيها شيئاً من أمر الدنيا والآخرة إلا آتاه إياه)).
فعلم بهذا أن حديث شهر عن أبي أمامة إنما هو في الوضوء، وأما حديثه في الذكر عند النوم فإنما هو عن أبي ظبية -وهو بفتح المعجمة وسكون الموحدة بعدها مثناة من تحت- وقاله بعضهم بالمهملة وتأخير الموحدة، وجزم الإمام أحمد بأنه تصحيف.(3/82)
وقد وافق الأعمش عاصماً على سنده.
أخرجه النسائي.
وخالف زيداً حماد.
أخبرني المسندان أبو إسحاق الإبراهيم بن أحمد القارئ وابن محمد المؤذن قالا: أنا أبو العباس الصالحي، أنا أبو المنجا البغدادي، أنا أبو الوقت، أنا أبو الحسن بن داود، أنا أبو محمد السرخسي، أنا أبو إسحاق الشاشي، ثنا أبو محمد الكشي، ثنا عمرو بن عاصم الكلابي، ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أبي ظبية، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من مسلمٍ يبيت وهو على ذكر الله تعالى طاهراً فيتعار من الليل، فيسأل الله من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه)).
قال حماد: فقال ثابت البناني: قدم علينا أبو ظبية فحدثنا بهذا الحديث.
هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن حسن بن موسى، وروح بن عبادة.
وأبو داود عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل.
ثلاثتهم عن حماد بن سلمة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي عن عمرو بن علي عن أبي داود الطيالسي، وعن(3/83)
إبراهيم بن يعقوب عن عفان.
ثلاثتهم عن حماد.
فوقع لنا عالياً بدرجتين أو بثلاث.
وأخرجه ابن ماجه من رواية زيد بن الحباب عن حماد.
ولعل أبا ظبية حمله عن معاذ، وعن عمرو بن عبسة، فإنه تابعي كبير شهد خطبة عمر بالجابية، وسكن حمص، ولا يعرف اسمه، واتفقوا على توثيقه.
وقد وقعت لي رواية الأعمش بعلو أيضاً.
قرأت على علي بن محمد الدمشقي بالقاهرة عن أبي الفضل بن قدامة قال: أخبرنا جعفر بن علي، أنا السلفي، أنا أبو غالب الباقلاني، أنا طلحة بن علي، أنا أحمد بن عثمان الأدمي، ثنا عباس -هو الدوري- ثنا الحسن بن الربيع، ثنا أبو الأحوص، ثنا الأعمش، عن شمر، عن شهر قال: سمعت عمرو بن عبسة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلمٍ يبيت طاهراً على ذكر الله عز وجل)) فذكر مثل حديث حماد سواء.
أخرجه النسائي في الكبرى عن أحمد بن سعيد، عن العلاء بن عصيم -بمهملتين مصغر- عن أبي الأحوص - واسمه سلام بن سليم.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وكأن الشيخ -رحمه الله- اقتصر على الرواية الأولى لقوله فيها: ((حتى يدركه النعاس)) لأنه المناسب لتبويبه، والله أعلم.(3/84)
[[وروينا فيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: ((اللهم أمتعني بسمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني، وانصرني على عدوي وأرني منه ثأري، اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين ومن الجوع فإنه بئس الضجيع)).
قال العلماء: معنى اجعلهما الوارث مني: أي أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت؛ وقيل المراد بقاؤهما وقوتهما عند الكبر وضعف الأعضاء وباقي الحواس: أي اجعلهما وارثي قوة باقي الأعضاء والباقيين بعدها؛ وقيل المراد بالسمع: وعي ما يسمع والعمل به، وبالبصر: الاعتبار بما يرى، وروي ((واجعله الوارث مني)) فرد الهاء إلى الإمتاع فوحده.
وروينا فيه عن عائشة رضي الله عنها أيضاً، قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم -منذ صحبته- ينام حتى فارق الدنيا حتى يتعوذ من الجبن والكسل، والسآمة والبخل، وسوء الكبر، وسوء المنظر في الأهل والمال، وعذاب القبر، ومن الشيطان وشركه.
وروينا فيه عن عائشة أيضاً، أنها كانت إذا أرادت النوم تقول: اللهم إني أسألك رؤيا صالحةً، صادقة غير كاذبةً، نافعةً غير ضارةٍ. وكانت إذا قالت هذا قد عرفوا أنها غير متكلمة بشيء حتى تصبح أو تستيقظ من الليل.]](3/85)
(238)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم في يوم الثلاثاء ثامن عشر شعبان المكرم سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة: حدثنا شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، قاضي القضاة، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته، قال وأنا أسمع:
الحديث الحادي والثلاثون: قوله: (وروينا فيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: (([اللهم] أمتعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارث مني، وانصرني على عدوي، وأرني منه ثأري، اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وأعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضجيع)).
قلت: أخرجه ابن السني من رواية أبي المقدام هشام بن زياد، عن هشام بن عروة، عن أبيه. عنها.
وأبو المقدام متفق على ضعفه.
وقد وقع لنا من وجه آخر باختصار.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي عبد الله بن الزراد إجازة إن لم يكن سماعاً، أنا الحافظ أبو علي البكري، أنا عبد المعز بن محمد، أنا زاهر بن طاهر، أنا أبو سعد الكنجروذي، ثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا أبو يعلى الموصلي، ثنا أبو كريب، ثنا معاوية بن هشام، ثنا حمزة الزيات، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم عافني في جسدي، وعافني في سمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني)).(3/86)
ووقع لنا هذا المقدار من الحديث، عن جماعة من الصحابة غير مقيد بالنوم.
منها عن جابر عن البزار.
ومنها عن عبد الله بن الشخير عنده، وعند الطبراني.
ومنها عن علي:
قرأت على فاطمة بنت المنجا عن سليمان بن حمزة، أنا محمد بن عبد الواحد، الحافظ، أنا القاسم بن عبد الله بن عمر الصفار، أنا جدي أنا أبو بكر بن خلف، أنا أبو عبد الله الحافظ، أنا علي بن عيسى بن إبراهيم، ثنا أحمد بن نجدة، ثنا سعيد بن منصور، ثنا عبد الله بن وهب، حدثني حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة، عن حسين بن علي بن الحسين، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم أمتعني بسمعي وبصري حتى تجعلهما الوارث مني، وعافني في ديني وجسدي، وانصرني على من ظلمني حتى تريني فيه ثأري)).
هذا حديث حسن، ورواته ثقات، أخرجه الحاكم وصححه.
وفيه نظر لأن علي بن الحسين لم يسمع من جده علي بن أبي طالب، بل قيل: إنه ولد بعده.(3/87)
وفي الباب أيضاً عن أبي هريرة عند الترمذي، وغيره.
وعن عبد الله بن عمر عند الترمذي وغيره أيضاً في حديث أوله: ((اللهم اقسم لنا من خشيتك)) وسيأتي في أول الثلث الثالث من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
والاستعاذة من غلبة الدين تقدمت في حديث مضى في باب ما يقال عند الصباح والمساء.
والاستعاذة من الجوع جاءت في حديث أبي هريرة.
قرأت على فاطمة بنت المنجى بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في الدعاء ثنا محمد بن الفضل السقطي، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا أبو معشر عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة)).
هذا حديث حسن، أخرجه أبو داود والنسائي من رواية محمد بن عجلان عن سعيد المقبري.
وأخرجه ابن ماجه من وجه آخر عن أبي هريرة.
وأخرجه الحاكم من عدة طرق عن أبي هريرة وصححه.
الحديث الثاني والثلاثون: قوله: (وروينا فيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ صحبته ينام حتى فارق الدنيا، (حتى يتعوذ(3/88)
من الجبن والكسل والسآمة والبخل وسوء الكبر وسوء المنظر في الأهل والمال ومن عذاب القبر ومن الشيطان وشركه).
قلت: أخرجه ابن السني من رواية السري بن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عنها.
والسري ضعيف، وقد جاء هذا الحديث مفرقاً، فتقدم أوله من حديث أنس.
وأما الاستعاذة من سوء المنظر في الأهل والمال فسيأتي في آداب السفر إن شاء الله تعالى.
وأما الاستعاذة من عذاب القبر ففي أذكار التشهد من طرق.
وأما الاستعاذة من الشيطان وشركه ففي حديث لعبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد وغيره.
الحديث الثالث والثلاثون: قوله: (وروينا فيه عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا أرادت النوم قالت: اللهم إني أسألك رؤيا صالحة صادقة غير كاذبة نافعة غير ضارة، وكانت إذا قالت هذا عرفوا أنها غير متكلمة حتى تستيقظ من الليل).
قلت: أخرجه ابن السني من طريقين عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب الزهري، عن عروة عنها.
وهو موقوف صحيح الإسناد، والله أعلم.(3/89)
[[وروى الإمام الحافظ أبو بكر بن أبي داود بإسناده، عن علي رضي الله عنه قال: ما كنت أرى أحداً يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة. إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
وروي أيضاً عن علي: ما أرى أحداً يعقل دخل في الإسلام ينام حتى يقرأ آية الكرسي.
وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يعلمونهم إذا أووا إلى فراشهم أن يقرؤوا المعوذتين. وفي رواية: كانوا يستحبون أن يقرؤوا هؤلاء السور في كل ليلة ثلاث مرات: قل هو الله أحد والمعوذتين. إسناده صحيح على شرط مسلم.]]
(239)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم في يوم الثلاثاء خامس عشرين شهر شعبان المكرم سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة: حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، إمام الحفاظ -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه وقراءة من المستملي رضوان عليه كعادته بالبيبرسية، قال وأنا أسمع:
الحديث الرابع والثلاثون: قوله: (وروى الإمام الحافظ أبو بكر بن أبي داود بإسناده عن علي .. .. إلى آخره).
أخبرني الشيخ أبو إسحاق بن كامل، أنا أحمد بن أبي طالب، أنا عبد الله بن عمر بن علي، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا عبد الله بن أحمد، أنا عيسى بن عمر، ثنا أبو محمد الدارمي، ثنا(3/90)
سعيد بن عامر، ثنا شعبة، عن أبي إسحاق -هو عمرو بن عبد الله السبيعي- عمن سمع علياً رضي الله عنه يقول: ما كنت أرى أحداً يعقل ينام حتى يقرأ هؤلاء الآيات الأواخر من سورة البقرة، وإنهن لمن كنز تحت العرش.
أخرجه أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث في كتاب شريعة المغازي من رواية محمد بن جعفر ومن رواية عبد الله بن رجاء، ومن رواية حجاج بن محمد، ثلاثتهم عن شعبة.
وسموا الشيخ أبي إسحاق فقالوا: في روايتهم: عن عمير بن سعد، عن علي.
وأخرجه ابن أبي داود أيضاً من رواية إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عن جده، لكن قال: عن عبيد بن عمرو عن علي، لكن السند الأول صحيح عما قال الشيخ.
وقد أخرج الشيخان ليعمر بن سعد فمن دونه.
وأما عبيد بن عمرو فهو كوفي ذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان في الثقات، ولم يذكروا له راوياً غير أبي إسحاق.
وفي هذا السند علة الاختلاف على أبي إسحاق في شيخه، وهي تحطه عن درجة الصحيح.
الحديث الخامس والثلاثون: قوله: (وروى أيضاً عن علي رضي الله عنه قال: ما كنت أرى أحداً يعقل ثبت في الإسلام أو ولد في الإسلام أو أدرك الإسلام ينام حتى يقرأ آية الكرسي).
قلت: أخرجه ابن أبي داود من طريق الأعمش عن أبي إسحاق، عن عبيد بن عمرو، عن علي.
وسنده حسن.(3/91)
وقد وقع لي من وجه آخر عن علي أتم منه.
قرأت على أم الحسن التنوخية، عن أبي الربيع بن قدامة، أنا إسماعيل بن ظفر، أنا محمد بن زيد، أنا محمود بن إسماعيل، أنا أبو الحسين الأصبهاني، أنا أبو القاسم الطبراني، ثنا جعفر بن محمد الفريابي، ثنا سليمان بن عبد الرحمن، ثنا محمد بن شعيب، عن عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة الباهلي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ما كنت أرى رجلاً نبت في الإسلام، أو ولد في الإسلام، أو أدرك الإسلام ينام حتى يقرأ هذه الآية: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} حتى فرغ من آية الكرسي، أتعلمون ما هي؟ إنما أعطيها نبيكم من كنز تحت العرش لم يعطها أحد قبله، ما أتت علي ليلة إلا وأنا أقرؤها ثلاث مرات في الركعتين بعد صلاة العشاء، وفي وتري، وحين آخذ مضجعي من فراشي.
هذا حسن لانضمامه لما قبله.
ففي عثمان وشيخه وشيخ شيخه اختلاف، وأشد الثلاثة ضعفاً علي بن يزيد.
الحديث السادس والثلاثون: قوله: (وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يعلمونهم إذا أووا إلى فرشهم أن يقرأوا المعوذتين، وفي رواية: كانوا يستحبون أن يقرأوا هؤلاء السور في كل ليلة ثلاث مرات {قل هو الله أحدٌ} والمعوذتين).
قلت: أخرجه ابن أبي داود من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم.(3/92)
وأخرج الرواية الثانية من طريق عيسى بن يونس عن عبد الله بن عون عن إبراهيم.
وكلا السندين صحيح بجميع رواتهما، فعجب من اقتصار الشيخ على شرط مسلم.
وقد تقدم في أوائل هذا الباب حديث عائشة في قراءة المعوذات كل ليلة، وهو في الصحيحين، وفي بعض طرقه ثلاث مرات كما بينته هناك، ولله الحمد.(3/93)
[[باب: كراهة النوم من غير ذكر الله تعالى
روينا في سنن أبي داود بإسناد جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قعد مقعداً لم يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترةٌ، ومن اضطجع مضجعاً لا يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله تعالى ترةٌ)) قلت: الترة بكسر التاء المثناة فوق وتخفيف الراء، ومعناه: نقص، وقيل تبعة.]]
(240)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
حدثنا سيدنا، ومولانا، شيخ الإسلام، أبو الفضل، قاضي القضاة، إمام الحفاظ -أمتع الله بوجوده- في يوم الثلاثاء ثامن شوال سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة: إملاء من حفظه كعادته، قال وأنا أسمع:
قوله رضي الله عنه: (باب: كراهة النوم من غير ذكر الله تعالى، روينا في سنن أبي داود بإسناد جيد .. .. إلى آخره)).
أخبرني المسند الأصيل أبو المعالي عبد الله بن عمر بن علي بن(3/94)
المبارك الهندي رحمه الله أنا أبو العباس -أحمد بن محمد بن عمر، أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، أنا عبد الله بن أحمد بن صاعد، أنا هبة الله بن محمد بن الحصين، أنا الحسن بن علي الواعظ، أنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، حدثني أبي ثنا يحيى -هو ابن سعيد القطان- ثنا ابن أبي ذئب -وهو محمد بن عبد الرحمن- ثنا سعيد بن أبي سعيد -هو المقبري- عن إسحاق مولى عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما جلس قومٌ مجلساً لم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم ترةٌ، وما من رجل مشى طريقاً لم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترةٌ، وما من رجلٍ أوى إلى فراشه فلم يذكر الله فيه إلا كان عليه ترةٌ)).
هذا حديث حسن، أخرجه النسائي في الكبرى وجعفر الفريابي في الذكر جميعاً عن عمرو بن علي الفلاس.
وأخرجه الطبراني في الدعاء من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي.
كلاهما عن يحيى القطان بهذا الإسناد.
فوقع لنا بدلاً عالياً بالنسبة لرواية النسائي بدرجة.
وأخرج النسائي أيضاً القصة الأخيرة، وهي مقصود الباب عن زكريا بن يحيى عن أبي مصعب الزهري، عن محمد بن إبراهيم بن دينار، عن ابن أبي ذئب.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.(3/95)
وأخرجه أبو داود من وجه آخر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بغير واسطة.
أخبرنا أحمد بن أبي بكر بن العز المقدسي في كتابه، أنا يحيى بن محمد بن سعد، عن زهرة بنت محمد بن حاضر، قالت: أنا يحيى بن ثابت بن إبراهيم، أنا أبي، أنا أبو المنصور السواق والحسين بن علي بن قنان -بفتح القاف وتخفيف النون وآخره نون- قالا: أخبرنا أبو بكر القطيعي، ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا أبو عاصم النبيل، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من اضطجع مضجعاً لم يذكر الله فيه كان عليه ترةٌ يوم القيامة)).
أخرجه أبو داود عن حامد بن يحيى عن أبي عاصم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
لكن وقع عنده عن ابن عجلان عن سعيد المقبري بدل ((عن أبيه)) والمحفوظ عن ابن عجلان من رواية أبي عاصم الأول، وبذلك جزم الدارقطني في العلل.
قال: ورواه صفوان بن عيسى وبكر بن صدقة عن ابن عجلان فقالا: عن سعيد.
قلت: وكذلك قال الليث عن ابن عجلان.
أخرجه النسائي وغيره.
قال الدارقطني: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد، عن أبي هريرة.(3/96)
قلت: أخرجه الحاكم وجعفر في الذكر.
وذكر الدارقطني رواية ابن أبي ذئب التي قدمتها، وقال: إنها أشبه بالصواب.
قلت: لأنه حافظ، وزاد في الإسناد رجلاً.
وقد وقع في بعض الروايات أبو إسحاق بلفظ الكنية، وبذلك جزم الحاكم في الكنى، والذي في أكثر الروايات إسحاق بغير أداة الكنية، وهو بكل حال مجهول، لكن جاء حديثه من طريق آخر عن أبي هريرة.
قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، أنا محمد بن عماد الحراني في كتابه، عن أبي القاسم هبة الله بن أبي شريك الحاسب، أنا أبو الحسين بن النقور، أنا أبو القاسم عيسى بن علي بن الجراح إملاء قال: قرئ على أبي القاسم بدل بن الهيثم القاضي وأنا أسمع، قيل له: حدثكم أبو سعيد عبد الله بن سعيد الكندي قال: ثنا أبو خالد -هو سليمان بن حيان الأحمر- عن سفيان هو الثوري -عن صالح مولى التوأمة- بفتح المثناة وسكون الواو وقبل الميم همزة مفتوحة - عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما جلس رجلٌ مجلساً ولا اضطجع مضجعاً ولا مشى ممشىً لا يذكر الله فيه إلا كان عليه ترةً يوم القيامة)).
أخرجه الترمذي عن بندار عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه الحاكم من هذا الوجه، وقال: صالح ليس بالساقط.(3/97)
قلت: لكنه اختلط، وصرحوا بأن سماع سفيان منه كان بعد اختلاطه.
وإنما حسنه الترمذي لمجيئه من وجه آخر.
ووقع في رواية الترمذي والحاكم زيادة في المتن وهي: ((ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم)) كذا عندهما بصيغة الجمع من أصل الحديث، وهذه الزيادة حسنة، والله أعلم.(3/98)
[[باب ما يقول إذا استيقظ في الليل وأراد النوم بعده
ما رويناه في صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قديرٌ، والحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي -أو دعا- استجيب له، فإن توضأ قبلت صلاته)) هكذا ضبطته في أصل سماعنا المحقق، وفي النسخ المعتمدة من البخاري، وسقط قول ((ولا إله إلا الله)) قبل ((والله أكبر)) في كثير من النسخ، ولم يذكره الحميدي أيضاً في الجمع بين الصحيحين، وثبت هذا اللفظ في رواية الترمذي وغيره، وسقط في رواية أبي داود، وقوله: ((اغفر لي أو دعا)) هو شك من الوليد بن مسلم أحد الرواة، وهو شيخ شيوخ البخاري وأبي داود والترمذي وغيرهم في هذا الحديث.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((تعار)) هو بتشديد الراء ومعناه: استيقظ.
وروينا في سنن أبي داود بإسناد لم يضعفه، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال: ((لا إله(3/99)
إلا أنت سبحانك اللهم، أستغفرك لذنبي، وأسألك رحمتك، اللهم زدني علماً ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمةً، إنك أنت الوهاب)).
وروينا في كتاب ابن السني عن عائشة رضي الله عنها قالت كان -تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- إذا تعار من الليل قال: ((لا إله إلا الله الواحد القهار رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار)).]]
(241)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
ثم حدثنا سيدنا، ومولانا، شيخ الإسلام، أبو الفضل، إمام الحفاظ، قاضي القضاة، المشار إليه إملاء من حفظه، وقراءة عليه من المستملي كعادته في يوم الثلاثاء خامس عشر شوال سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (باب: ما يقول إذا استيقظ في الليل وأراد النوم).
قلت: ذكر فيه ستة أحاديث، ليس في شيء، منها التصريح والتقييد بإرادة النوم إلا في الخامس.
الحديث الأول: قوله: (وروينا في صحيح البخاري وغيره عن عبادة .. .. إلى آخره).
أخبرني الإمام المسند أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد بن محمد بن زكريا المقدسي رحمه الله، أخبرنا إبراهيم بن علي بن سنان، أنا أبو(3/100)
الفرج بن الصيقل، أنا أبو المكارم اللبان في كتابه، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا عبد الله بن جعفر وأبو إسحاق بن حمزة، قال الأول: ثنا إسماعيل بن عبد الله، والثاني: أنا أحمد بن الحسين الحذاء قالا: ثنا علي بن المديني (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، ثنا أبي قالا: ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، حدثني عمير بن هانئ، حدثني جنادة بن أبي أمية، ثنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من تعار في الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد -زاد علي بن المديني- يحيي ويميت -ثم اتفقوا- وهو على كل شيءٍ قديرٌ، سبحان الله والحمد لله -زاد علي- ولا إله إلا الله -ثم اتفقوا- والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: رب اغفر لي -أو قال ثم دعا- استجيب له، فإن عزم فتوضأ وصلى قبلت صلاته)).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن صدقة بن الفضل، عن الوليد بن مسلم.
وأخرجه أبو داود وابن ماجه وجعفر الفريابي في الذكر جميعاً، عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي الذي يقال له: دحيم.
وأخرجه الترمذي عن محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة.
والنسائي عن محمد بن المصفى.
ثلاثتهم عن الوليد.(3/101)
فوقع لنا بدلاً عالياً بالنسبة لأبي داود والترمذي.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن محمد بن سليم، عن دحيم.
وقد صرح الوليد في جميع السند بالتحديث فأمن تدليسه وتسويته.
ولم أره من حديث عبادة في شيء من المسندات إلا من رواية الوليد بهذا الإسناد.
وقد خالف صفوان بن صالح جميع من رواه عن الوليد فقال: عنه عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، بدل الأوزاعي.
أخرجه الطبراني في كتاب الدعاء من طريقه، وقرنه برواية دحيم فوهم في ذلك.
وقد أخرجه في المعجم الكبير من رواية دحيم على الصواب.
قوله: (هو شك من الوليد).
قلت: وقع التصريح بذلك في رواية ابن ماجه، ووقع في رواية النسائي ((العلي العظيم)) بعد قوله: ((إلا بالله)).
الحديث الثاني: قوله: (وروينا في سنن أبي داود .. .. إلى آخره).
قلت: تقدم في باب: ما يقول إذا استيقظ في أوائل الكتاب، وقد أمليته أيضاً في المجلس الثالث والخمسين من الأمالي المطلقة.
الحديث الثالث: قوله: (وروينا في كتاب ابن السني عن عائشة .. .. إلى آخره).
قرأت على فاطمة بنت محمد التنوخية عن سليمان بن حمزة، أنا إسماعيل بن ظفر، أنا محمد بن أبي زائدة، أنا محمود بن إسماعيل، أنا أحمد بن محمد الأصبهاني، ثنا أبو القاسم الطبراني، ثنا عمرو بن(3/102)
أبي الطاهر، وأحمد بن رشدين المصريان، قالا: ثنا يوسف بن عدي، ثنا عثام بن علي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تضور من الليل قال: ((لا إله إلا الله الواحد القهار رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار)).
هذا حديث حسن، أخرجه النسائي عن عمر بن عبد العزيز بن مقلاص، عن يوسف بن عدي.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين.
وأخرجه أيضاً عن زكريا بن يحيى، عن علي بن المغيرة عن يوسف.
فوقع لنا عالياً بثلاث درجات.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن الحسن بن سفيان، عن أحمد بن سيار، عن يوسف.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه الحاكم في المستدرك من وجه آخر عن يوسف وقال: صحيح على شرط الشيخين.
قلت: بل أعله أبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان.
قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: رواه أبو زرعة عن يوسف بن عدي، وقال: هذا منكر.(3/103)
قال: وسألت أبي عنه قال: هذا خطأ، إنما رواه هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول. هكذا قال جرير عن هشام.
قلت: وعثام بفتح المهملة وتثقيل المثلثة، حديثه مخرج في الصحيح، لكن جرير أحفظ منه.
ومسألة تعارض الرفع والوقف معروفة والأكثر على تقديم الرفع، والله أعلم.
وأخرجه ابن السني من رواية أبي الأحوص عن يوسف
ويتعجب من اقتصار الشيخ على عزوه له، وبالله التوفيق.
[[وروينا فيه بإسناد ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا رد الله عز وجل إلى العبد المسلم نفسه من الليل فسبحه واستغفره ودعاه تقبل منه)).
وروينا في كتاب الترمذي وابن ماجه وابن السني بإسناد جيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قام أحدكم عن فراشه من الليل ثم عاد إليه فلينفضه بصنفة إزاره ثلاث مراتٍ، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، فإذا اضطجع فليقل: باسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن رددتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين)) قال الترمذي: حديث حسن. قال أهل اللغة: صنفة الإزار:(3/104)
بكسر النون، جانبه الذي لا هدب فيه، وقيل جانبه؛ أي جانب كان.
وروينا في موطأ الإمام مالك رحمه الله في باب الدعاء آخر كتاب الصلاة، عن مالك أنه بلغه عن أبي الدرداء رضي الله عنه؛ أنه كان يقوم من جوف الليل فيقول: نامت العيون وغارت النجوم وأنت حيٌ قيوم. قلت: معنى غارت: غربت.]]
(242)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخنا، سيدنا، ومولانا، قاضي القضاة، أبو الفضل، شيخ الإسلام، الشهابي، إمام الحفاظ، إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثاني عشرين شوال المبارك من شهور سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
أخبرني المسند أبو العباس أحمد بن علي بن رافع الدمشقي في كتابه قال: أنا أحمد بن علي بن الحسن الهكاري، عن فضل الله بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الجيلي، أنا الفتح بن نجا، أنا أبو غالب الباقلاني، أنا أحمد بن عبد الله المحاملي، أنا أبو بكر محمد بن محمد بن مالك، ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم العكبري، ثنا يوسف بن عدي، فذكر الحديث، كما تقدم بلفظ ((من تضور)).(3/105)
أخرجه ابن السني عن علي بن رستم، عن أبي الأحوص.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ووقع في روايته كما نقله الشيخ ((من تعار)) والذي وقع في روايتنا أوفق لترجمة الباب؛ لأن التضور -بالضاد المعجمة وتشديد الواو- هو التقلب من جنب إلى جنب، أو من ظهر إلى بطن.
الحديث الرابع: قوله: (وروينا فيه بإسناد ضعيف عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا رد الله إلى العبد المسلم نفسه من الليل فسبحه واستغفره ودعا تقبل منه)) ).
أخبرني المسند أبو الفرج بن الغزي أنا أحمد بن منصور الجوهري، أنا أبو الحسن المقدسي، أنا أبو المكارم اللبان في كتابه، أنا الحسن بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الله، أنا عبد الله بن جعفر، أنا يونس بن حبيب، ثنا سليمان بن داود، ثنا جسر أبو جعفر، ثنا الحسن -هو البصري- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عبدٍ مسلمٍ يتعار من الليل فيقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، اللهم اغفر لي إلا غفر له، فإن عزم فقام فتوضأ وصلى ودعا الله استجاب له)).
هذا حديث غريب، وأصله صحيح كما تقدم في أول الباب من حديث عبادة.
أخرجه ابن السني باللفظ الأول من طريق سعيد بن زربي -بفتح الزاي وسكون الراء ثم موحدة- اسم بلفظ النسب -عن الحسن البصري، فأدخل(3/106)
بين الحسن وأبي هريرة جبير بن نفير، وكل من سعيد المذكور وجسر -وهو بفتح الجيم وسكون المهملة- ضعيف عندهم.
الحديث الخامس: قوله: (وروينا في كتاب الترمذي وابن ماجه .. .. إلى آخره).
قلت: أمليته في أوائل الكتاب في باب: ما يقول إذا استيقظ مع الكلام عليه، وكنت أمليته في المجالس المطلقة، وهو في الثالث والخمسين منها.
الحديث السادس: قوله: (وروينا في موطأ مالك .. .. إلى آخره).
أخبرني الشيخ أبو عبد الله بن قوام، أنا أبو الحسن بن هلال، أنا أبو إسحاق بن مضر، أنا المؤيد بن محمد، أنا هبة الله بن سهل، أنا سعيد بن محمد، أنا زاهر بن أحمد، أنا إبراهيم بن عبد الصمد، أنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، أنا مالك: أنه بلغه عن أبي الدرداء أنه كان يقوم من جوف الليل فيقول: نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت حي قيوم.
قلت: لم أقف على وصله، ولا أسنده ابن عبد البر مع تتبعه لذلك.
لكن وقع لي من وجه آخر مسنداً من حديث أنس، وسياقه أتم.
قرأت على أبي العباس أحمد بن الحسن بن محمد الزينبي، وزينب بنت أحمد بن عبد الرحيم، عن يوسف بن خليل الحافظ، أنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، ومحمد بن أبي زيد الكراني قالا: أنا محمود بن إسماعيل الصيرفي، أنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن شاذان، أنا أبو بكر عبد الله بن محمد القباب، ثنا أبو بكر بن أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، ثنا رجل عن جرير =هو ابن عبد الحميد- عن محمد بن خالد الراسبي، عن(3/107)
أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في جوف الليل فيقول: ((نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم، لا يواري منك ليلٌ داجٍ، ولا سماءٌ ذات أبراجٌ، ولا أرض ذات مهادٍ، تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور)).
هذا حديث غريب، ولولا الرجل المبهم لكان السند حسناً.
وللمتن شاهد في الباب الذي بعده، وأظن أن هذا المبهم محمد بن حميد الرازي وفيه كلام، وهو معروف بالرواية عن جرير، وكأنه أبهم لضعفه، والله أعلم.(3/108)
[[باب: ما يقول إذا قلق في فراشه فلم ينم
روينا في كتاب ابن السني، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرقاً أصابني فقال: ((قل: اللهم غارت النجوم وهدأت العيون وأنت حيٌ قيومٌ لا تأخذك سنةٌ ولا نومٌ، يا حي يا قيوم أهدئ ليلي، وأنم عيني)) فقلتها، فأذهب الله عز وجل عني ما كنت أجد.
وروينا فيه عن محمد بن يحيى بن حبان -بفتح الحاء والباء الموحدة- أن خالد بن الوليد رضي الله عنه أصابه أرقٌ، فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يتعوذ عند منامه بكلمات الله التامات من غضبه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون. هذا حديث مرسل، محمد بن يحيى تابعي. قال أهل اللغة: الأرق هو السهر.]]
(243)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
حدثنا شيخنا، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء(3/109)
تاسع عشرين شوال سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
قوله: (باب: ما يقول إذا قلق في فراشه فلم ينم، روينا في كتاب ابن السني عن زيد بن ثابت .. .. إلى آخره).
أخبرنا مسند الشام أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن العز المقدسي في كتابه، أنا القاضي تقي الدين أبو الفضل بن أبي طاهر إجازة إن لم يكن سماعاً، عن الحفاظ ضياء الدين المقدسي، أنا زاهر بن أحمد، أنا الحسين بن عبد الملك، أنا إبراهيم بن منصور، أنا محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم، ثنا أبو يعلى الموصلي، ثنا عمرو بن الحصين، ثنا أبو علاثة - بضم المهملة وتخفيف اللام وبالمثلثة، واسمه محمد بن عبد الله، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، قال: سمعت عبد الملك بن مروان-هو الخليفة- يحدث عن أبيه -هو مروان بن الحكم بن أبي العاص- عن زيد بن ثابت رضي الله عه قال: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرقاً أصابني فقال: ((قل: اللهم غارت النجوم، وهدأت العيون، وأنت حيٌ قيومٌ، لا تأخذك سنةٌ ولا نومٌ، يا حي يا قيوم أهدئ ليلي، وأنم عيني)).
قال: فقلتها فأذهب الله عني ما كنت أجد.
هذا حديث غريب، أخرجه ابن السني وأبو أحمد بن عدي في الكامل، جميعاً عن أبي يعلى على الموافقة.
وأخرجه الطبراني في الكبير عن الحجاج بن عمرو السدوسي، عن عمرو بن الحصين.
قال ابن عدي: تفرد به عمرو بن الحصين الحراني، وهو مظلم الحديث، وحدث عن الثقات بمناكير لا يرويها غيره، انتهى.(3/110)
وقال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي، وترك التحديث عنه، ووهاه هو وأبو زرعة.
وقال الدارقطني: متروك الحديث.
قلت: وشيخه مختلف فيه، وقد أفرط فيه الأزدي في كتاب الضعفاء فكذبه.
قال الخطيب: لعله وقعت له أحاديث من رواية عمرو بن الحصين عنه، وكان كذاباً، فظنها الأزدي من ابن علاثة، والعلم عند الله تعالى.
قوله: (وروينا فيه عن محمد بن يحيى بن حبان أن خالد بن الوليد .. .. إلى آخره).
أخبرنا المسند أبو محمد فرج بن عبد الله الشرفي الحافظي في كتابه، أنا مولاي شرف الدين أبو محمد عبد الله بن الحسن بن الحافظ وأبو بكر محمد بن عبد الجبار، كلاهما عن عبد الرحمن بن مكي، أنا جدي لأمي الحافظ أبو طاهر السلفي، أنا أبو الخطاب نصر بن أحمد، أنا عمر بن أحمد بن عثمان، أنا [محمد بن يحيى بن عمر بن علي، ثنا جدي علي بن حرب، ثنا سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، ثنا] محمد بن يحيى بن حبان -بفتح المهملة وتشديد الموحدة وهو الأنصاري- أن خالد بن الوليد كان يأرق من الليل، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأمر أن يتعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون.
هذا مرسل صحيح الإسناد أخرجه ابن السني عن علي بن محمد عن محمد بن أحمد بن النضر، عن مسدد، عن سفيان بن عيينة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأيوب بن موسى ثقة من رجال الصحيحين، لكن خالفه يحيى بن(3/111)
سعيد الأنصاري، فرواه عن محمد بن يحيى، لكن جعل القصة للوليد بن الوليد، وهو أخو خالد بن الوليد.
قرأت على خديجة بنت إبراهيم بن سلطان بدمشق، عن القاسم بن المظفر، وأبي نصر بن العماد، كلاهما عن محمود بن إبراهيم بن سفيان، أنا أبو الخير الباغبان، أنا عبد الوهاب بن الحافظ بن أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده، أنا أبي، أنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل، ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، ثنا يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان: أن الوليد بن الوليد بن المغيرة شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث نفس يجده فقال: ((إذا أويت إلى فراشك فقل: أعوذ بكلمات الله التامة)) فذكره سواء. وزاد في آخره: ((فوالذي نفسي بيده لا يضرك شيءٌ حتى تصبح)).
وهذا مرسل صحيح الإسناد، أخرجه البغوي في معجم الصحابة من رواية أبي شهاب، عن يحيى بن سعيد.
وأخرجه الإمام أحمد في مسنده عن محمد بن جعفر عن شعبة عن يحيى، لكن قال في روايته: عن الوليد بن الوليد.
وهكذا وقع عند البغوي من وجه آخر عن أبي شهاب، ولم يخرج السند بذلك من الانقطاع، فإن محمد بن يحيى من صغار التابعين، وجل روايته عن التابعين، والوليد بن الوليد مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الذكر قد جاء في قصة أخرى لخالد بن الوليد كما سيأتي قريباً، فيحتمل أن يكون وقع لكل من خالد والوليد وإن اتحد الدعاء المذكور، والله أعلم.(3/112)
[[وروينا في كتاب الترمذي بإسناد ضعيف، وضعفه الترمذي عن بريدة رضي الله عنه، قال:
شكا خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما أنام الليل من الأرض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أويت إلى فراشك فقل: اللهم رب السموات السبع وما أظلت، ورب الأرضين وما أقلت، ورب الشياطين وما أضلت، كن لي جاراً من خلقك كلهم جميعاً أن يفرط علي أحدٌ منهم أو أن يبغي علي، عز جارك، وجل ثناؤك ولا إله غيرك، ولا إله إلا أنت)).]]
(244)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخنا، سيدنا، ومولانا، قاضي القضاة، شيخ الإسلام، أبو الفضل الشهابي، إمام الحفاظ العسقلاني -أحياه الله الحياة الطيبة آمين آمين- وذلك في يوم الثلاثاء سابع ذي القعدة من شهور سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (وروينا في كتاب الترمذي بإسناد ضعيف وضعفه الترمذي عن بريدة .. .. إلى آخره).
أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن عبد العزيز إذناً مشافهة، أنا أبو الفضل بن قدامة إذناً مكاتبة، أنا إسماعيل بن ظفر، أنا أبو عبد الله بن أبي زيد، أنا أبو القاسم الأشقر، أنا أبو الحسين الأصبهاني، أنا أبو القاسم(3/113)
اللخمي، ثنا أسلم بن سهل الواسطي، ثنا وهب بن بقية، ثنا الحكم بن ظهير-بمعجمة مصغر- عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه قال: جاء خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما أنام الليل من الأرق فقال: ((إذا أويت إلى فراشك فقل اللهم رب السموات السبع والأرضين السبع كن لي جاراً من شر شياطين الجن والإنس أن يفرط علي أحدٌ منهم أو أن يطغى، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك)).
هذا حديث غريب، أخرجه الترمذي عن محمد بن حاتم، عن الحكم بن ظهير.
وقال: ليس إسناده بالقوي، وقد ترك بعض أهل الحديث الحكم بن ظهير، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، من غير هذا الوجه.
قلت: الحكم المذكور قال البخاري: متروك الحديث.
وكذا قال أبو حاتم وأبو زرعة والنسائي.
وقال ابن معين وابن نمير: ليس بثقة.
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات. انتهى.
وقد روى مسعر -وهو الحفاظ الأثبات- هذا الحديث عن علقمة شيخ الحكم فيه، فخالفه في سنده ووصله.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي بالقاهرة، وعلى الشيخ أبي عبد الله بن قوام بصالحية دمشق، كلاهما عن أبي العباس بن أبي النعم سماعاً عليه مفترقين، أنا أبو المنجا البغدادي بدمشق، أنا مسعود بن محمد بن شنيف -بمعجمة ونون مصغر- أنا أبو عبد الله السراج، وأبو غالب العطار، قالا: أنا أبو علي بن شاذان، ثنا علي بن محمد بن الزبير، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا جعفر بن عون، ثنا مسعر، عن علقمة بن مرثد،(3/114)
عن ابن أسباط قال: أصاب خالد بن الوليد أرق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعلمك كلماتٍ إذا قلتهن نمت؟ قال: قل اللهم رب السموات السبع وما أظلت، ورب الأرضين السبع وما أقلت، ورب الشياطين وما أضلت كن جاري من شر خلقك جميعاً أن يفرط علي أحدٌ منهم)) الحديث.
هذا مرسل صحيح الإسناد، وكأنه الذي أشار إليه الترمذي.
وابن سابط اسمه عبد الرحمن، وقيل: اسم أبيه عبد الله فنسب إلى جده، وسابط هو ابن أبي حميصة صحابي جمحي مكي، وعبد الرحمن تابعي صغير.
ورواه شعيب بن إسحاق، عن مسعر، وزاد في السند.
قرأت على فاطمة بنت المنجا عن سليمان بن حمزة قال: أنا الحافظ ضياء الدين المقدسي، أنا الإمام أبو الفتوح العجلي قال: أتنا أم إبراهيم الأصبهانية، قالت: أنا محمد بن عبد الله الضبي، أنا الطبراني، ثنا أبو عامر محمد بن إبراهيم الصوري النحوي، ثنا سليمان بن عبد الرحمن، ثنا شعيب بن إسحاق، ثنا مسعر، ثنا علقمة بن مرثد، عن عبد الرحمن بن سابط، عن خالد بن الوليد رضي الله عنه: أنه أصابه أرق، فذكر الحديث بتمامة.
قال الطبراني: لم يروه عن مسعر إلا شعيب بن إسحاق، تفرد به سليمان بن عبد الرحمن.
قلت: أما تفرد سليمان عن شعيب فمسلم، وأما الحصر في شعيب فمردود، فقد رواه محمد بن جابر اليمامي عن مسعر كما قال شعيب.
قرأت على فاطمة بنت عبد الهادي عن محمد بن عبد الحميد، أنا إسماعيل بن عبد القوي، أتنا فاطمة بنت سعد الخير قالت: أتنا فاطمة(3/115)
الجوزذانية، قالت: أنا أبو بكر بن ريذة، أنا الطبراني، ثنا الحسين بن إسحاق، ثنا محمد بن زنبور ثنا محمد بن جابر، ثنا مسعر، فذكر مثل سياق شعيب في السند، وفي المتن بمعناه.
هكذا أورده الطبراني في المعجم الكبير في مسند خالد بن الوليد، ولم يخرج السند مع ذلك عن الانقطاع، وأن [لأن] عبد الرحمن لم يدرك خالداً والله أعلم.(3/116)
[[باب: ما يقول إذا كان يفزع في منامه
وروينا في سنن أبي داود والترمذي وابن السني وغيرها، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات: ((أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون)) قال: وكان عبد الله بن عمرو يعلمهن من عقل من بنيه، ومن لم يعقل كتبه فعلقه عليه. قال الترمذي: حديث حسن. وفي رواية ابن السني: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا أنه يفزع في منامه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أويت إلى فراشك فقل: ((أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون)) فقالها، فذهب عنه.]]
(245)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام أبو الفضل، قاضي القضاة الشهابي العسقلاني، إمام الحفاظ، إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء رابع عشر(3/117)
ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (باب: ما يقول إذا فزع من نومه، روينا في سنن أبي داود والترمذي وابن السني وغيرهم عن عمرو بن شعيب .. .. إلى آخره).
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي السعودي رحمه الله قال: أنا أحمد بن أبي أحمد الصيرفي، أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، أنا عبد الوهاب بن علي بن سكينة، أنا هبة الله بن محمد بن عبد الواحد، أنا محمد بن محمد بن غيلان، ثنا أبو بكر الشافعي، ثنا إسحاق بن الحسن الحربي، ثنا يحيى بن عثمان البصري، ثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يزيد -هو ابن هارون- واللفظ له -ثنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع- وفي رواية إسماعيل: ((إذا فزع أحدكم فليقل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون)).
فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من بنيه أن يقولها عند نومه، ومن لم يبلغ كتبها، ثم علقها في عنقه.
هذا حديث حسن، أخرجه الترمذي عن علي بن حجر، عن إسماعيل بن عياش.
وأخرجه النسائي عن عمرو بن علي الفلاس، عن يزيد بن هارون.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الوجهين.
وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عن عبدة بن سليمان، عن محمد بن(3/118)
إسحاق، وزاد في أول الدعاء ((باسم الله)).
وأخرجه أبو داود من رواية حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق باللفظ الذي ذكره الشيخ.
وأما رواية ابن السني فأخرجها من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق.
وهي في مسند أبي يعلى الكبير من هذا الوجه.
وقد جاء تفسير الرجل المبهم فيها من وجه آخر.
قرأت على أم الفضل بنت أبي إسحاق بن سلطان بدمشق، عن أبي محمد بن أبي غالب، وأبي نصر بن مميل، قالا: أنا أبو الوفاء بن منده إجازة، أنا محمد بن أحمد الموقت، أنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق العبدي بدمشق، أنا محمد بن الحسين القطان، ثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا أحمد بن خالد الوهبي، ثنا محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: كان الوليد بن الوليد بن المغيرة يفزع في نومه، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إذا اضطجعت فقل: بسم الله أعوذ بكلمات الله)) فذكر مثله، وفي آخره: فقالها فذهبت عنه.
وأخرجه النسائي من هذا الوجه أنا عمران بن بكار، ثنا أحمد بن خالد.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين، أو ثلاث.
ووقع في روايته: كان خالد بن الوليد بن المغيرة، فذكره.
وقد جاء مثل هذا لخالد بن الوليد في حديث آخر، فيتقوى به رواية عمران.(3/119)
قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن زينب بنت الكمال قالت: أنا يوسف بن خليل الحافظ في كتابه، أنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، أنا الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أبو نعيم، أنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن مسعود المقدسي الخياط، ثنا عمرو بن أبي سلمة، ثنا أبو معيد حفص بن غيلان، ثنا الحكم بن عبد الله، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: حدث خالد بن الوليد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهاويل يراها بالليل حالت بينه وبين صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا خالد ألا أعلمك كلماتٍ تقولهن، لا تقولهن ثلاث مرار حتى يذهب الله ذلك عنك؟)) فقال خالد: بأبي أنت وأمي بلى، وإنما ذكرت لك ذلك رجاء هذا منك قال: ((قل: أعوذ بكلمات الله التامة)) فذكر مثله.
قال خالد: فأذهبه الله عني، فما أبالي لو دخلت على أسد في خيسه بليل.
هذا حديث غريب، وفي سنده الحكم بن عبد الله وهو الأيلي -بفتح الهمزة وسكون الياء المثناة من تحت- وهو ضعيف عندهم.
وأبو معيد بعين مهملة مصغر، وأبوه بغين معجمة مفتوحة.
والخيس بكسر الخاء المعجمة وسكون التحتانية بعدها مهملة، وهو مأوى الأسد، والله أعلم.(3/120)
[[باب: ما يقول إذا رأى في منامه ما يحب أو يكره
روينا في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها، فإنما هي من الله تعالى، فليحمد الله تعالى عليها وليحدث بها)) وفي رواية ((فلا يحدث بها إلا من يحب، وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحدٍ فإنها لا تضره)).
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرؤيا الصالحة)) وفي رواية ((الرؤيا الحسنة من الله، والحلم من الشيطان، فمن رأى شيئاً يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثاً وليتعوذ من الشيطان، فإنها لا تضره)) وفي رواية ((فليبصق)) بدل: فلينفث، والظاهر أن المراد النفث، وهو نفخ لطيف لا ريق معه.]]
(246)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم كثيراً.
ثم في يوم الثلاثاء حادي عشرين ذي قعدة الحرام من شهور سنة اثنتين(3/121)
وأربعين وثمانمئة حدثنا سيدنا، ومولانا، شيخ الإسلام، أبو الفضل، قاضي القضاة، إمام الحفاظ الشهابي، إملاء من حفظه كعادته، قال وأنا أسمع:
قوله: (باب: ما يقول إذا رأى في منامه ما يحب أو يكره روينا في صحيح البخاري عن أبي سعيد .. .. إلى آخره).
أنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عثمان الغازي وفاطمة بنت محمد بن عبد الهادي قراءة عليها وإجازة من الأول، قالا: أنا يحيى بن محمد بن سعد قال الأول: سماعاً والأخرى: إجازة عن الحسن بن يحيى بن الصباح، أنا عبد الله بن رفاعة، أنا علي بن الحسن بن الحسين القاضي، أنا شعيب بن المنهال، ثنا أحمد بن الحسن بن عتبة، ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج القطان، ثنا عمرو بن خالد الحراني، ثنا بكر بن مضر (ح).
وأخبرنا محمد بن محمد بن الجلال، أنا أحمد بن أبي طالب، وست الوزراء بنت عمر قالا: أنا أبو عبد الله الزبيدي، أنا أبو الوقت، أنا أبو الحسن بن المظفر، أنا أبو محمد السرخسي، أنا أبو عبد الله الفربري، أنا أبو عبد الله البخاري، ثنا عبد الله بن يوسف، ثنا الليث، كلاهما عن ابن الهاد - هو يزيد بن عبد الله بن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها، فإنما هي من الله، فليحمد عليها وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان، فليستعذ بالله من شرها، ولا يذكرها لأحدٍ، فإنها لا تضره)).
وقال بكر في روايته: ((لن تضره)) ولم يقل: ((عليها)) والباقي سواء.
وأخرجه البخاري أيضاً من رواية عبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز الدراوردي، كلاهما عن ابن الهاد.(3/122)
وأخرجه أحمد والترمذي والنسائي جميعاً عن قتيبة، عن بكر بن مضر.
فوقع لنا بدلاً عالياً في الرواية الأولى.
وأخرجه الحاكم عن المحبوبي عن الترمذي، ووهم في استدراكه.
قوله: (وفي رواية: ولا يحدث بها إلا من يحب).
قلت: هذه الزيادة ليست في حديث أبي سعيد عند أحدٍ ممن ذكر، وإنما هي في حديث أبي قتادة المذكور بعد.
قوله: (وروينا في صحيح البخاري ومسلم عن أبي قتادة .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو الفرج بن الغزي، أنا أحمد بن منصور الجوهري، أنا علي بن أحمد المقدسي، أنا أحمد بن محمد التيمي في كتابه، أنا الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أحمد بن عبد الله الحافظ، أنا عبد الله بن جعفر، أنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي (ح).
وبالسند المذكور آنفاً إلى البخاري ثنا سعيد بن الربيع (ح).
وأخبرنا الشيخ أبو إسحاق التنوخي، أنا أبو العباس الصالحي [أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا عيسى بن عمر]، أنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ثنا أبو الوليد - هو هشام بن عبد الملك الطيالسي (ح).
وأخبرني أبو الحسن بن أبي المجد، عن سليمان بن حمزة، أنا جعفر بن علي، أنا السلفي، أنا أبو القاسم بن بيان، أنا طلحة بن علي، ثنا أحمد بن عثمان الأدمي، ثنا أبو قلابة، ثنا بشر بن عمر، قال الأربعة: حدثنا(3/123)
شعبة، عن عبد ربه بن سعيد قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني فذكرت ذلك لأبي قتادة فقال: وأنا إن كنت لأرى الرؤيا تمرضني حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الرؤيا الصالحة -وفي رواية سعيد الحسنة- من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب فليحمد الله لا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره- زاد أبو داود الطيالسي فاستيقظ- فليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من شرها، ولا يحدث بها أحداً، فإنها لا تضره وفي رواية أبي داود ((لن تضره)) وفي رواية بشر ((فلينفث عن يساره)) ولم يذكر ما بعده.
أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه مسلم والنسائي من رواية غندر.
وأخرجه أبو عوانة عن يونس بن حبيب.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أيضاً عن أبي أمية الطرسوسي، عن أبي زيد سعيد بن الربيع، وأبي الوليد الطيالسي.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الطريقين.
قوله: (وفي رواية: فليبصق، بدل: فلينفت).
وبالسندين المذكورين إلى البخاري والدارمي قال الدارمي: ثنا أبو المغيرة، وقال البخاري: ثنا عبد القدوس بن الحجاج، هو: أبو المغيرة، ثنا الأوزاعي، عن يحيى -هو ابن أبي كثير- عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الرؤيا الصلاحة من الله، والحلم من(3/124)
الشيطان، فإذا رأى أحدكم حلماً يخافه فليتعوذ بالله من الشيطان، وليبصق عن شماله ثلاثاً فإنها لا تضره)).
أخرجه أحمد عن أبي المغيرة.
فوقع لنا موافقة عالية.
ووقع بلفظ البصق عند مسلم من رواية معمر عن الزهري عن أبي سلمة بنحو ما ذكرته، وهو عند البخاري أيضاً من رواية عقيل عن الزهري بمعناه، والله أعلم.
[[وروى الترمذي من رواية أبي هريرة مرفوعاً: ((إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فلا يحدث بها أحداً وليقم فليصل)).
وروينا في كتاب ابن السني وقال فيه: ((إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فليتفل عن يساره ثلاث مراتٍ، ثم ليقل: اللهم أني أعوذ بك من عمل الشيطان وسيئات الأحلام؛ فإنها لا تكون شيئاً)).]]
(247)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، أبو الفضل، المشار إليه إملاء(3/125)
من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثامن عشرين ذي قعدة سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال عفا الله عنه، وأنا أسمع:
قوله: (وروى الترمذي من رواية أبي هريرة .. .. إلى آخره).
قلت: هو باللفظ المذكور في الصحيحين عن أبي هريرة، فيتعجب من اقتصاره على الترمذي.
أخبرني المسند أبو الفرج بن حماد، أنا أبو الحسن بن قريش، أنا أبو الفرج بن الصيقل، أنا أبو الحسن الحمال إجازة مكاتبة، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا سليمان بن أحمد، أنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الرزاق، عن معمر عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا اقترب الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً، والرؤيا ثلاثٌ، الرؤيا الحسنة بشرى من الله، والرؤيا يحدث بها المرء نفسه، والرؤيا تحزينٌ من الشيطان، فإذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فلا يحدث بها أحداً وليقم فليصل)).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن محمد بن رافع.
والترمذي عن الحسن بن علي الخلال.
كلاهما عن عبد الرزاق.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وبه إلى أبي نعيم، ثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو يعلى، ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب وهشام -هو ابن حسان- عن ابن سيرين، فذكره.(3/126)
أخرجه مسلم عن أبي الربيع.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخبرني به عالياً بدرجة أخرى من رواية هشام الشيخ أبو إسحاق بن كامل، أنا عبد الله بن الحسين الأنصاري، أنا إسماعيل بن أحمد العراقي، عن شهدة قالت: أنا طراد الزينبي، أنا علي بن عبد الله العيسوي، ثنا عثمان بن أحمد، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا علي بن عاصم، أنا خالد، وهشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث.
وفيه ((والرؤيا ثلاثةٌ فرؤيا بشرى من الله، ورؤيا يحدث بها الإنسان نفسه، ورؤيا تحزينٌ من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكرهه فلا يذكرنه لأحد، وليقم فليصل)).
أخرجه أحمد عن يزيد -هو ابن هارون- عن هشام بن حسان.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه مسلم من رواية مخلد بن الحسين عن هشام.
فوقع لنا عالياً على طريقه بدرجتين.
وأخبرنا به عالياً من وجه آخر الشيخ أبو عبد الله بن قوام، أنا محمد بن إبراهيم بن غنام، أخبرنا أحمد بن شيبان، أنا عمر بن محمد بن حسان، أنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البنا، أنا الحسن بن علي الجوهري، أنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا بشر بن موسى، ثنا هوذة بن خليفة، عن عوف -هو الأعرابي- عن محمد -هو ابن سيرين- عن أبي هريرة رضي الله(3/127)
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الرؤيا ثلاثٌ بشرى من الله، وحديث النفس، وتحزينٌ من الشيطان، فإذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فليقصصها إن شاء، وإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلا يقصه على أحدٍ، وليقم فليصل)).
أخرجه أحمد عن هوذة بن خليفة.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه البخاري عن عبد الله بن الصباح، عن معتمر بن سليمان، عن عوف.
فوقع لنا عالياً على طريقه بدرجة.
قوله: (ورويناه في كتاب ابن السني وقال فيه ((إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فليتفل ثلاث مراتٍ، ثم ليقل اللهم إني أعوذ بك من عمل الشيطان وسيئات الأحلام، فإنها لا تكون شيئاً)) ).
قلت: أخرجه ابن السني من طريق إدريس بن يزيد الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة، والراوي له عن إدريس متروك الحديث، وفي السند إليه من ابن السني انقطاع، والله أعلم.
[[وروينا في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه)).(3/128)
باب: ما يقول إذا قصت عليه رؤيا
روينا في كتاب ابن السني؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال له رأيت رؤيا، قال: ((خيراً رأيت وخيراً يكون)) وفي رواية ((خيراً تلقاه، وشراً توقاه، خيراً لنا، وشراً على أعدائنا، والحمد لله رب العالمين)).]]
(248)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم في يوم الثلاثاء خامس ذي حجة سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، حدثنا شيخ الإسلام، حافظ الوقت، أبو الفضل، إملاء من حفظه كعادته، قال وأنا أسمع:
قوله قبل ذلك: (وروينا في صحيح مسلم عن جابر .. .. إلى آخره).
أخبرني الشيخ أبو إسحاق بن كامل، أنا أبو العباس بن أبي طالب، أنا عبد الله بن عمر بن علي، أنا عبد الأول بن عيسى أنا محمد بن عبد العزيز، أنا عبد الرحمن بن أبي شريح، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا العلاء بن موسى، ثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثاً وليتعوذ بالله من الشيطان ثلاثاً وليتحول من جانبه الذي كان عليه)).
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد عن حجين بن المثنى، ويونس بن محمد.(3/129)
ومسلم وأبو داود والترمذي جميعاً عن قتيبة.
ومسلم أيضاً وابن ماجه عن محمد بن رمح.
أربعتهم عن الليث.
فوقع لنا موافقة عالية في شيخ شيوخهم بدرجتين.
قوله: (باب: ما يقول إذا قصت عليه رؤيا، روينا في كتاب ابن السني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن قال له: رأيت رؤيا: ((خيراً رأيت وخيراً يكون)) ).
قلت: هذا مختصر من حديث أخرجه من طريق سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، عن أبي موسى، وهو جده، قال: رأيت في المنام كأني في ظل شجرة ومعي دواة وقرطاس وأنا أكتب أول سورة (ص) حتى بلغت السجدة، فسجدت الدواة والقرطاس والشجرة، فسمعتهن يقلن: اللهم احطط بها وزراً، واحرز بها شكراً، وأعظم بها أجري، ثم عدن كما كن، فلما استيقظت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر، فقال: ((خيراً رأيت وخيراً يكون نمت ونامت عيناك، توبة نبيٍ [ذكرت ترقب] عندها مغفرة، ونحن نترقب ما ترقب)).
والراوي له عن سعيد هو محمد بن عبيد الله -بالتصغير العرزمي بفتح العين المهملة وسكون الراء وفتح الزاي وتخفيف الميم- وهو ضعيف جداً، حتى قال الحاكم أبو أحمد: أجمعوا على تركه.
وأصل القصة في سجود الشجرة عند هذه الآية وبعض هذا الذكر تقدم في المجلس التاسع والثلاثين بعد المئة من تخريج الأذكار في باب أذكار(3/130)
السجود من حديث ابن عباس وغيره.
قوله: (وفي رواية خيراً تلقاه وشراً توقاه، وخير لنا هو شر على أعدائنا، والحمد لله رب العالمين).
قلت: هذا يوهم أنه والذي قبله حديث واحد اختلف رواته، وليس كذلك، بل هما حديثان مختلفان في السند، والمتن، ومحل القص.
أخبرنا المسند أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن عبد الحميد المقدسي في كتابه من صالحية دمشق، أنا محمد بن علي بن ساعد في كتابه من مصر، وهو آخر من حدث عنه، أنا يوسف بن خليل الحافظ سماعاً عليه بحلب، أنا محمد بن أبي زيد الكراني بأصبهان، أنا محمود بن إسماعيل الأشقر، أنا أحمد بن محمد بن فاذشاه، أنا سليمان بن أحمد بن أيوب، ثنا أحمد بن النضر العسكري وجعفر بن محمد الفريابي، قالا: ثنا الوليد بن عبد الملك الحراني، ثنا سليمان بن عطاء، عن مسلمة بن عبد الله الجهني، عن أبي مشجعة الجهني، عن ابن زمل الجهني رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال وهو ثانٍ رجله: ((سبحان الله وبحمده وأستغفر الله إنه كان تواباً)) سبعين مرة ثم يقول: ((سبعين بسبعمئة، ولا خير فيمن كانت ذنوبه في يومٍ أكثر من سبعمئة)) ثم ينفتل للناس بوجهه، وكانت تعجبه الرؤيا فيقول: ((هل رأى منكم شيئاً؟)) قال ابن زمل: فقلت: أنا يا رسول الله، قال: ((خيراً تلقاه وشراً توقاه، وخيرٌ لنا وشرٌ لأعدائنا، والحمد لله رب العالمين، اقصص رؤياك)) فقلت: رأيت كأن جميع الناس في طريق رحب، فذكر الحديث بطوله.
هذا حديث غريب، أخرجه ابن السني مختصراً عن أحمد بن خالد بن(3/131)
عبد الملك الحراني، عن عمه الوليد بن عبد الملك.
وأخرجه أبو علي بن السكن من رواية إسماعيل بن رجاء، عن سليمان بن عطاء، وقال في روايته: عن عبد الله بن زملٍ، فأفاد تسمية الصحابي، واقتصر على بعض الحديث.
وأخرجه أيضاً من وجه آخر عن سليمان ببعضه، وقال: هو حديث طويل في تعبير الرؤيا، وهو منكر.
قال البخاري: سليمان بن عطاء منكر الحديث.
وقال ابن حبان: روى عن مسلمة الجهني أشياء موضوعة، فلا أدري البلاء منه، أو من مسلمة؟
قلت: وأبو مشجعة -بمعجمة وجيم ثم مهملة بوزن مسلمة- ولا يعرف اسمه ولا حاله.
وزمل بكسر الزاي وسكون الميم بعدها لام، والله أعلم.(3/132)
[[باب: الحث على الدعاء والاستغفار في النصف الثاني من كل ليلة
روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل ربنا كل ليلةٍ إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟)) وفي رواية لمسلم: ((ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلةٍ حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول: أنا الملك أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر)). وفي رواية ((إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه)).
وروينا في سنن أبي داود والترمذي عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن)) قال الترمذي: حديث حسن صحيح.]](3/133)
(249)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، المشار إليه، إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء تاسع عشر ذي حجة سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (باب: الحث على الدعاء في النصف الثاني من كل ليلة، روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة .. .. إلى آخره).
أخبرنا الشيخ أبو عبد الله بن قوام البالسي، ثم الصالحي رحمه الله بها قال: أخبرنا الشيخان أبو الحسن محمد بن محمد العسقلاني، وعلي بن هلال الأزدي، قال: أنا أبو إسحاق بن مضر، أنا أبو الحسن الطوسي، أنا أبو محمد السيدي، أنا أبو عثمان البحيري، أنا أبو علي السرخسي، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب الزهري، أنا مالك، عن ابن شهاب، عن الأغر، وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلةٍ إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له)).
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن عيسى.
والبخاري عن عبد الله بن يوسف، وإسماعيل بن أبي أويس،(3/134)
وعبد الله بن مسلمة القعنبي، فرقهم.
ومسلم عن يحيى بن يحيى.
وأبو داود عن القعنبي.
ستتهم عن مالك.
وأخرجه ابن حبان عن عمر بن سعيد عن أبي مصعب.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الترمذي من رواية معن بن عبس.
والنسائي من رواية عبد الرحمن بن القاسم.
كلاهما عن مالك.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
قوله: (وفي رواية لمسلم: ((ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلةٍ .. .. إلى آخره).
قرأت على مريم بنت أحمد بن محمد الأذرعية بمنزلها ظاهر القاهرة، عن علي بن عمر الواني سماعاً عليه، وهي خاتمة من حدث عنه بالسماع، قال: أنا عبد الرحمن بن مكي الطرابلسي، وهو آخر من حدث عنه بالسماع، أنا جدي لأمي الحافظ، أبو طاهر السلفي، وهو آخر من حدث عنه بالسماع، أنا الرئيس أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي، ثنا أبو بكر أحمد بن محمود إملاء ثنا الحسن بن أحمد المعدل، ثنا أبو العباس محمد بن إسحاق(3/135)
السراج، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلةٍ حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر)).
أخرجه مسلم والترمذي جميعاً عن قتيبة.
فوقع لنا موافقة عالية.
قوله: (وفي رواية-يعني لمسلم-: ((إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه)).
أخبرني الشيخ أبو الفرج بن الغزي، أنا أبو الحسن بن قريش، أنا أبو الفرج الحراني، أنا أبو الحسن محمد بن محمد بن أبي منصور في كتابه، أنا الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أبو نعيم في المستخرج، ثنا محمد بن المظفر الحافظ، ثنا محمد بن خريم -بالخاء المعجمة والراء المهملة مصغر- ثنا هشام بن عمار، ثنا عبد الحميد بن أبي العشرين -واللفظ له- ثنا الأوزاعي (ح).
وبه إلى أبي نعيم قال: وأنا عالياً سليمان بن أحمد، ثنا أبو زيد الحوطي، ثنا أبو المغيرة، عن الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة، حدثني أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مضى شطر الليل -أو قال ثلثاه- ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري، من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ حتى ينفجر الصبح)).(3/136)
أخرجه مسلم والنسائي جميعاً عن إسحاق بن منصور.
وأخرجه ابن خزيمة عن محمد بن يحيى.
كلاهما عن أبي المغيرة -واسمه عبد القدوس بن الحجاج-.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود والترمذي عن عمرو بن عبسة.. إلى آخره).
قلت: ذكرنا في أول باب الأذكار بعد الصلاة، وهو في المجلس الحادي والسبعين بعد المئة من تخريج الأذكار أمليته بعد حديث أبي أمامة في المعنى، وبينت فيه أن أكثر الرواة قالوا: عن أبي أمامة عن عمرو بن عبسة، والله أعلم.
[[باب: الدعاء في جميع ساعات الليل كله رجاءً أن يصادف ساعة الإجابة
روينا في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن في الليل لساعةً لا يوافقها رجل مسلمٌ يسأل الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه، وذلك كل ليلةٍ)).(3/137)
باب: أسماء الله الحسنى
قال الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله تعالى تسعةً وتسعين اسماً، مئةً إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة، إنه وترٌ يحب الوتر، هو الله الذي لا إله إلا هو، الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المغيث، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر،(3/138)
الظاهر، الباطن، الوالي، المتعال، البر، التواب، المنتقم، العفو، الرؤوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور)) هذا حديث البخاري ومسلم إلى قوله ((يحب الوتر)) وما بعده حديث حسن، رواه الترمذي وغيره. قوله: ((المغيث)) روي بدله ((المقيت)) بالقاف والمثناة، وروي ((القريب)) بدل ((الرقيب))، وروي ((المبين)) بالموحدة بدل ((المتين)) بالمثناة فوق، والمشهور المثناة، ومعنى أحصاها: حفظها، هكذا فسره البخاري والأكثرون، ويؤيده أن في رواية في الصحيح ((من حفظها دخل الجنة)) وقيل معناه من عرف معانيها وآمن بها، وقيل معناه: من أطاقها بحسن الرعاية لها وتخلق بما يمكنه من العمل بمعانيها، والله أعلم.]]
(250)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، إمام الحفاظ، الشهابي، العسقلاني، قاضي القضاة، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء سادس عشرين ذي حجة ختام سنة اثنتين وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (باب: الدعاء في جميع ساعات الليل كل ليلة رجاء أن يصادف(3/139)
ساعة الإجابة، روينا في صحيح مسلم عن جابر .. .. إلى آخره).
أخبرني المسند أبو بكر بن إبراهيم بن العز فيما قرأت عليه بصالحية دمشق، أنا أبو بكر بن محمد بن الرضي، وأحمد بن محمد الزبداني، قالا: أنا أبو عبد الله بن أبي الفتح قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، أنا زاهر بن طاهر، أنا أبو سعد الكنجروذي، أنا أبو عمرو بن حمدان (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى أبي نعيم في المستخرج، ثنا عبد الله بن محمد، ومحمد بن إبراهيم، قال الثلاثة: ثنا أبو يعلى، ثنا زهير بن حرب، ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن في الليل ساعةً لا يوافقها رجلٌ يسأل الله فيها خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك في كل ليلة)).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى.
فوقع لنا موافقة عالية.
وبه إلى أبي نعيم، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا عبد الله بن محمد بن العباس، ثنا سلمة بن شريك، ثنا الحسن بن أعين، ثنا معقل بن عبيد الله، عن أبي الزبير، عن جابر به.
أخرجه مسلم عن سلمة.(3/140)
فوقع لنا موافقة عالية.
قوله: (باب: الأسماء الحسنى، قال الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} وعن أبي هريرة .. .. فذكر الحديث، وفيه سرد الأسماء، ثم قال: هذا الحديث رواه البخاري ومسلم إلى أن قال: وبقيته رواه الترمذي وغيره).
قلت: قد أمليته من طرق في الأمالي المطلقة من خمسة مجالس منها، أولها الحادي والأربعون بعد المئة مسرودة وغير مسرودة، فالتي بغير سرد من طريق شعيب بن أبي حمزة وغيره عن أبي الزناد، والمسرودة من طريق الوليد بن مسلم عن شعيب، ومن طريق موسى بن عقبة عن الأعرج، ومن طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة، وبينت هناك رجحان قول من قال إن السرد مدرج من بعض رواة الخبر، فأغنى ذلك عن الإعادة.
قوله: (المغيث، روي بدله: المقيت بالقاف والمثناة).
قلت: الذي وقع في رواية الترمذي بالقاف في جميع النسخ منها بخط الحافظ أبي علي الصدفي شيخ القاضي عياض.
ورواه بالغين المعجمة أبو عبد الله بن منده في كتاب التوحيد من الوجه الذي أخرجه منه الترمذي.
قوله: (وروي: القريب، بدل: الرقيب).
قلت: هو في رواية ابن ماجه من طريق محمد بن سيرين.
قوله: (وروي: المبين، بالموحدة بدل المثناة).(3/141)
قلت: أخرجه كذلك أبو نعيم في طرق الأسماء الحسنى من الوجه الذي أخرجه ابن ماجه.
ووقعت لي رواية اجتمعت فيها الأسماء الثلاثة.
أنبئت عن غير واحد عن كريمة بنت عبد الوهاب عن مسعود بن الحسن الثقفي، أنا أبو نضر أحمد بن محمد بن عمر، أنا أبو سعيد محمد بن موسى، ثنا محمد بن عبد الله بن علم، ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، ثنا حميد بن الربيع، ثنا خالد بن مخلد، ثنا عبد العزيز بن الحسين، عن أيوب وهشام، كلاهما عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعاً وتسعين اسماً، من أحصاها كلها دخل الجنة، الله الرحمن الرحيم)) فسرد الأسماء، وفيها المغيث بالمعجمة والمثلثة، والمبين بالموحدة، والقريب بتقديم القاف.
قوله: (من أحصاها معناه: حفظها، إلى أن قال: ويؤيده أن في رواية في الصحيح: من حفظها).
قلت: هي رواية سفيان بن عيينة، أخرجها مسلم من طريقه بهذا اللفظ، وأخرجها البخاري في آخر كتاب الدعوات من طريقه بلفظ: ((لا يحفظها أحدٌ إلا دخل الجنة)) والله أعلم.(3/142)
[[كتاب: تلاوة القرآن
باب: تلاوة القرآن
وقد كانت للسلف رضي الله عنهم عادات مختلفة في القدر الذي يختمون فيه، فكان جماعةٌ منهم يختمون في كل شهرين ختمة، وآخرون في كل شهر ختمة، وآخرون في كل شهر ليال ختمة، وآخرون في كل ثماني ليالٍ ختمة، وآخرون في كل سبع ليالٍ ختمة، وهذا فعل الأكثرين من السلف.]]
(251)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، إمام الحفاظ، الشهابي، العسقلاني، قاضي القضاة -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه، كعادته في يوم الثلاثاء ثالث شهر الله المحرم افتتاح عام ثلاثة وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (كتاب: تلاوة القرآن، إلى أن قال: وقد كانت للسلف عادات(3/143)
مختلفة في القدر الذي يختمون فيه، فكان جماعة منهم يختمون في كل شهرين ختمة، وآخرون في كل شهر ختمة).
قلت: أخرجه أبو بكر بن أبي داود في كتاب الشريعة من طريق الهيثم بن حميد، عن رجل، عن مكحول، قال: كان أقوياء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤون القرآن في سبع، وبعضهم في شهر، وبعضهم في شهرين، وبعضهم في أكثر من ذلك.
وهو أثر ضعيف من أجل الرجل الذي لم يسم، ولأن مكحولاً لم يسمع من الصحابة إلا من عدد يسير.
قال البخاري: سمع من أنس، وواثلة، وأبي هند.
وتبعه الترمذي، وزاد ويقال: إنه لم يسمع من الصحابة إلا من هؤلاء.
قلت: وتوقف أبو مسهر في سماعه من أبي هند.
وقد جاء الأمر بقراءته في شهر في حديث مرفوع.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي سماعاً عليه بالقاهرة، وقرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، كلاهما عن أبي العباس بن أبي طالب سماعاً عليه مفرقين، أنا عبد الله بن عمر بن علي، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا عبد الله بن أحمد، أنا عيسى بن عمر، أنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير -هو ابن عبد الحميد- (ح).
وقرأته عالياً على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن يحيى بن محمد بن سعد، أنا علي بن مختار العامري في كتابه، أنا الحافظ أبو طاهر السلفي، أنا أبو الحسن بن منصور السلاب، أنا أبو بكر بن الحسن القاضي، ثنا حاجب بن أحمد الطوسي، ثنا عبد الرحيم بن منيب، ثنا جرير عن مطرف -هو ابن طريف- عن أبي إسحاق -هو السبيعي- عن أبي بردة -هو ابن أبي موسى الأشعري- عن عبد الله بن عمرو قال: قلت: يا رسول الله! في كم(3/144)
أختم القرآن؟ قال: ((اختمه في شهرٍ)) الحديث.
هذا حديث صحيح، أخرجه الترمذي والنسائي جميعاً من رواية أسباط ابن محمد، عن مطرف.
فوقع لنا عالياً بدرجة من الطريق الأولى وبدرجتين من الطريق الأخرى.
قال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
قلت: وقع في أصل سماعي في الطريق الأولى عن أبي فروة موضع أبي بردة، وهو تصحيف.
وأصل الحديث في الصحيحين من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو، وسأذكره بعد إن شاء الله تعالى.
قوله: (وآخرون في كل شهر ليال ختمة، وآخرون في كل ثمان ليال ختمة، وآخرون في كل سبع ليال ختمة، وهذا فعل أكثر السلف).
قلت: أما العشر فأخرجه ابن أبي داود بسند لين عن الحسن البصري: أنه كان يقرأ القرآن في كل عشر ليال مرة.
وبسند صحيح عن أبي الأشهب -واسمه جعفر بن حيان العطاردي- قال: كان أبو رجاء -يعني العطاردي- واسمه عمران بن ملحان - يختم في شهر رمضان في كل عشر ليال ختمة.
وأما الثمان فأخرجه ابن أبي داود من طريق أبي قلابة عن أبي المهلب عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: اقرأوا القرآن في كل ثمان.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي من طريقه من وجه آخر عن أبي قلابة أن أبي بن كعب كان يختم القرآن في كل ثمان، وكان تميم(3/145)
الداري يختم القرآن في كل سبع.
وأما السبع فأخرجه ابن أبي داود بأسانيد صحيحة عن عثمان بن عفان، وعن عبد الله بن مسعود، وعن تميم الداري رضي الله عنهم.
وأخرج أيضاً عن أبي العالية في أصحابه نحو ذلك، ونقله عن الصحابة.
ومن طريق أبي مجلز عن أئمة الحل.
وقد تقدم عن مكحول عن أقوياء الصحابة.
وأخرج ابن أبي داود أيضاً ذلك عن عبد الرحمن بن يزيد، وعلقمة بن قيس، ومسروق بن الأجدع.
وهؤلاء من كبار التابعين من أصحاب ابن مسعود.
وقد أخرج عن جماعة ممن دونهم نحو ذلك.
وقد جاء الأمر به في حديث مرفوع.
قرأت على الرئيس أبي عبد الله محمد بن محمد بن محمود بن السلعوس الدمشقي بها، عن عبد الله بن الحسين الأنصاري سماعاً عليه، أنا إسماعيل بن أحمد العراقي، عن شهدة الكاتبة قالت: أنا الحسين بن أحمد بن طلحة، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو جعفر البختري، ثنا يحيى بن جعفر، ثنا يزيد بن هارون، ثنا أبو معاوية بن شيبان -يعني: ابن عبد الرحمن- ثنا يحيى بن أبي كثير، ثنا محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: يعني: يحيى: وأحسبني سمعته من أبي سلمة، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ القرآن في شهرٍ)) قلت: إني أجد قوة، قال: ((اقرأه في عشرٍ)) قلت: إني أجد قوة قال: اقرأه في سبعٍ ولا تزد على ذلك)).(3/146)
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن إسحاق بن منصور.
ومسلم عن القاسم بن زكريا.
كلاهما عن عبيد الله بن موسى عن شيبان.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجة أو درجتين، ولله الحمد.
[[وآخرون في كل ست ليال، وآخرون في خمس، وآخرون في أربع.]]
(252)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، المشار إليه إملاء كعادته في تاريخ يوم الثلاثاء سابع عشر المحرم سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
وله شاهد:
قرأت على خديجة بنت إبراهيم بن إسحاق البعلية بدمشق، عن القاسم بن المظفر، وأبي نصر الشيرازي إجازة إن لم يكن سماعاً من الأول، كلاهما عن محمود بن إبراهيم، أنا محمد بن أحمد بن عمر، أنا أبو عمرو بن أبي عبد الله بن منده، أنا أبي، أنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، ثنا أبو حاتم الرازي، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا ابن لهيعة، حدثني حبان بن واسع بن(3/147)
حبان، عن أبيه عن قيس بن أبي صعصعة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله! في كم أقرأ القرآن؟ قال: ((في خمس عشرة)) قال: إني أجدني أقوى من ذلك قال: ((اقرأه في جمعةٍ)).
هذا حديث غريب، أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن عن يحيى بن بكير وغيره، عن ابن لهيعة.
وأخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب: قيام الليل.
وأبو بكر بن أبي داود في كتاب الشريعة.
جميعاً عن محمد بن يحيى عن سعيد بن أبي مريم.
وأخرجه أبو علي بن السكن في كتاب الصحابة عن إبراهيم بن حمدويه عن أبي حاتم الرازي.
فوقع لنا بدلاً عالياً في الطرق الثلاثة.
قال ابن السكن وابن أبي داود: ليس لقيس غيره، زاد ابن أبي داود: وهو أنصاري شهد بدراً. وزاد ابن السكن: لم يروه [غير] ابن لهيعة.
قرأت على أبي محمد إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، أنا عبد اللطيف بن محمد القبيطي في كتابه، أنا أبو زرعة بن أبي الفضل بن طاهر، أنا أبو منصور المقومي، أنا الزبير بن محمد، أنا علي بن محمد بن مهرويه، ثنا علي بن عبد العزيز البغوي، ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام، ثنا حجاج بن محمد، ثنا شعبة، عن محمد بن ذكوان من أهل الكوفة قال: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود يقول: كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقرأ القرآن في شهر رمضان من الجمعة إلى الجمعة.
هذا موقوف حسن، أخرجه ابن أبي داود من رواية أبي عامر العقدي وغيره عن شعبة.(3/148)
ومن رواية يحيى القطان وغيره عن شعبة بلفظ في كل أسبوع.
وأخرج أيضاً من رواية أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول: اقرؤوا القرآن في سبع.
وسنده صحيح.
وبه إلى أبي عبيد، ثنا حجاج، ثنا شعبة عن أيوب قال: سمعت أبا قلابة يحدث عن أبي المهلب قال: كان أبي بن كعب رضي الله عنه يختم القرآن في كل ثمان.
هذا موقوف صحيح.
وبه إلى أبي عبيد ثنا علي بن عاصم، ثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة قال: كان أبي بن كعب يختم في كل ثمان، وكان تميم الداري يختم في كل سبع.
وأخرجه ابن أبي داود من طريق غندر عن شعبة بلفظ: اقرؤوا القرآن في كل ثمان.
ومن طريق الثوري عن أيوب بلفظ: إني لأقرأ القرآن في كل ثمان.
أخبرني إسماعيل بن إبراهيم بن موسى رحمه الله قال: أنا أبو الفتح الخطيب، أنا أبو الفرج الحراني، عن أبي المكارم اللبان قال: أنا أبو علي المقرئ، أنا أبو نعيم، ثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد -يعني: ابن حنبل- في كتاب الزهد، حدثني أبي، ثنا عبد الصمد-هو ابن عبد الوارث- ثنا أبو الأشهب قال: كان أبو رجاء يختم بنا في غير شهر رمضان في كل عشر أيام.(3/149)
أخرجه ابن أبي داود عن محمد بن عبد الله بن الحسن، عن شيبان بن أبي شيبة، عن أبي الأشهب.
قوله: (وآخرون في ست ليال وآخرون في خمس).
وبه إلى أبي عبيد، ثنا جرير عن منصور، عن إبراهيم -هو النخعي- قال: كان الأسود بن يزيد يختم القرآن في ست، وكان علقمة يختمه في خمس.
وبه إلى أبي عبيد ثنا فضيل بن عياض عن منصور، فذكره بلفظ: في كل ست.
وأخرجه ابن أبي داود من طريق الثوري، عن الأعمش ومنصور جميعاً، عن إبراهيم كذلك.
ومن طريق شعبة عن منصور بلفظ: كان علقمة يكره أن يختم في أقل من خمس.
قوله: (وآخرون في أربع).
قلت: أخرجه ابن أبي داود من طريق مغيث بن سمي قال: كان أبو الدرداء يقرأ القرآن في كل أربع.
ومن طريق بلال بن يحيى قال: لقد كنت أقرأ بهم ربع القرآن في ليلة، فإذا أصبحت قال لي بعضهم: لقد خففت بنا الليلة.
[[وكثيرون في كل ثلاث، وكان كثيرون يختمون في كل يوم وليلة ختمة.]](3/150)
(253)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، المشار إليه إملاء على عادته في يوم الثلاثاء رابع عشرين شهر الله المحرم سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (وكثيرون في كل ثلاث).
أخبرني إبراهيم بن محمد بالسند الماضي قريباً إلى أبي عبيد، حدثنا يزيد -هو ابن هارون-، ثنا هشام بن حسان، عن حفصة -يعني: بنت سيرين- عن أبي العالية، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: أنه كان يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث.
رواته ثقات، لكنه منقطع بين ابن أبي العالية ومعاذ.
أخرجه ابن أبي داود من رواية سفيان الثوري، ومن رواية خالد بن عبد الله، كلاهما عن هشام بن حسان.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي داود من طريق أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لا تقرؤوا القرآن في أقل من ثلاث.
وأخرج ابن أبي داود أيضاً من طرق عن ابن مسعود من قوله ومن فعله.
ومن طرق جماعة من التابعين أنهم كانوا يقرأون كذلك، منهم إبراهيم النخعي، وأبو إسحاق السبيعي، والمسيب بن رافع، وطلحة بن مصرف، وحبيب بن أبي ثابت.
وجاء ذلك في حديث مرفوع.(3/151)
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، أنا أحمد بن أبي طالب، أنا عبد الله بن عمر بن علي بالسند الماضي إلى الدارمي، ثنا عبد الله بن سعيد، ثنا عقبة بن خالد، ثنا عبد الرحمن بن زياد، حدثني عبد الرحمن بن رافع، عن عبد الله بن عمرو قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أقرأ القرآن في أقل من ثلاث.
عبد الرحمن بن زياد فيه مقال، لكن له شاهد.
قرأت على أم الفضل بنت سلطان، عن أبي محمود بن أبي غالب، أنا أبو الوفاء العبدي إجازة، أنا أبو الخير الباغبان، أنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق العبدي، أنا أبي، أنا محمد بن عبد الله، ثنا أحمد بن مهدي، ثنا عبد الغفار بن داود، ثنا ابن لهيعة، حدثني حبان بن واسع بن حبان، حدثني أبي، عن سعد بن المنذر: أنه سمعه يقول: قلت: يا رسول الله اقرأ القرآن في ثلاث؟ قال: ((نعم إن استطعت)).
قال: فكان سعد رضي الله عنه يقرؤه كذلك.
أخرجه أحمد عن حسن بن موسى.
وأبو عبيد عن يحيى بن دكين. كلاهما عن ابن لهيعة.
وأخرجه ابن أبي داود عن أحمد بن مهدي بالسند الذي سقته.
فوقع لنا موافقة عالية.
وزاد في آخره: حتى توفي، وقال: ليس لسعد بن المنذر إلا هذا الحديث، تفرد به ابن لهيعة.(3/152)
تنبيه: لم يذكر الشيخ من كان يقرؤه في ليلتين، وقد عقد له ابن أبي داود باباً، وأورد فيه عن الأسود بن يزيد النخعي: أنه كان يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين.
وسنده صحيح.
وبالسند المشار إليه آنفاً إلى الدارمي ثنا يزيد -يعني ابن هارون- ثنا عبد الملك -يعني: ابن أبي سليمان- عن سعيد بن جبير: أنه كان يقرأ القرآن في كل ليلتين.
أخرجه ابن أبي داود عن الدقيقي، عن يزيد بن هارون.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرج من طريق سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه كان يفعل ذلك.
ومن طريق واصل بن سليمان قال: صحبت عطاء بن السائب إلى مكة، فكان يختم القرآن في كل ليلتين.
قوله: (وكان كثيرون يختمون في كل يوم وليلة ختمة).
قلت: أخرج ابن أبي داود من طريق سعيد بن عمرو بن سعيد: أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما كان يختم القرآن في كل ليلة.
ومن طريق علي بن عبد الله الأزدي أنه كان يختم القرآن في كل ليلة من رمضان بين المغرب والعشاء.
ومن طريق مالك أن عمر بن حسين كان يختم القرآن في كل يوم وليلة.
وبالسند المشار إليه آنفاً إلى عبيد حدثنا جرير -هو ابن عبد الحميد- ثنا منصور -هو ابن المعتمر- عن إبراهيم -هو النخعي- عن علقمة -هو ابن قيس- أنه قرأ القرآن في ليلة طاف بالبيت أسبوعاً، ثم أتى المقام فصلى عنده(3/153)
فقرأ بالطوال، ثم طاف أسبوعاً فأتى المقام فصلى عنده فقرأ بالمئين، ثم طاف أسبوعاً فأتى المقام فصلى عنده فقرأ بالمثاني، ثم طاف أسبوعاً فأتى المقام فصلى عنده، فقرأ ببقية القرآن.
أخرجه ابن أبي داود من رواية شعبة ومن رواية سفيان الثوري، كلاهما عن منصور.
وسنده صحيح، والله أعلم.
[[وختم جماعة في كل يوم وليلة ختمتين. وآخرون في كل يوم وليلة ثلاث ختمات، وختم بعضهم في اليوم والليلة ثماني ختمات: أربعاً في الليل، وأربعاً في النهار: وممن ختم أربعاً في الليل وأربعاً في النهار السيد الجليل ابن الكاتب الصوفي رضي الله عنه، وهذا أكثر مما بلغنا في اليوم والليلة.]]
(254)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، إملاء من حفظه في يوم الثلاثاء ثاني صفر سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:(3/154)
قوله: (وختم جماعة في كل يوم ختمتين وآخرون في كل يوم وليلة ثلاث ختمات).
قلت: كأنه يشير إلى الحديث الذي:
أخبرنا أبو العباس بن أبي بكر بن العز، وفاطمة بنت محمد بن المنجا إجازة ومكاتبة من الأول، وقراءة على الأخرى، قالا: أنا أبو الربيع بن قدامة إجازة قال الأول: إن لم يكن سماعاً قال: أنا علي بن الحسين بن المقير، أنا أبو بكر بن النائم، أنا هبة الله بن أحمد الموصلي، أنا أبو القاسم بن بشران، ثنا أحمد بن إسحاق الطيبي، ثنا محمد بن أيوب الرازي، ثنا عبد الأعلى بن حماد، ثنا وهب بن جرير، أي: ابن حازم، ثنا أبي قال: سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن الحارث بن يزيد الحضرمي، عن زياد بن ربيعة بن نعيم الحضرمي، عن مسلم بن مخراق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: إن رجالاً يقرأ أحدهم القرآن في ليلة مرتين أو ثلاثاً، فقالت: قرؤا ولم يقرؤوا، كنت أقوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة التمام، فيقرأ بالبقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا ورغب، ولا بآية فيها تخويف إلا دعا واستعاذ.
هذا حديث حسن، أخرجه ابن أبي داود عن محمد بن بشار، ويزيد بن محمد بن المغيرة، كلاهما عن وهب بن جرير.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرج أحمد المرفوع منه من رواية عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن لهيعة عن الحارث بن يزيد.(3/155)
وللمرفوع شاهد صحيح عند مسلم عن حذيفة في قيامه مع النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وفيه: فقرأ البقرة والنساء وآل عمران، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ.
وبالسند الماضي قبل إلى أبي عبيد القاسم بن سلام ثنا سعيد بن عفير، ثنا بكر بن مضر: أن سليم بن عتر -بكسر العين المهملة وسكون المثناة من فوق بعدها راء- كان يختم القرآن في الليلة ثلاث مرات، ويجامع ثلاث مرات، فلما مات قالت امرأته: رحمك الله إنك كنت لترضي ربك وترضي أهلك، قالوا: وكيف ذلك؟ قالت: كان يقوم من الليل فيختم القرآن، ثم يلم بأهله ثم يغتسل، ثم يعود فيقرأ حتى يختم القرآن، ثم يلم بأهله، ثم يغتسل ويعود فيقرأ حتى يختم القرآن، ثم يلم بأهله، ثم يغتسل فيخرج لصلاة الصبح.
أخرجه ابن أبي داود من رواية ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد قال: كان سليم بن عتر يقرأ القرآن في كل ليلة ثلاث مرات. اختصره.
وسليم المذكور تابعي كبير شهد فتح مصر في عهد عمر، ثم ولاه معاوية القصص، ثم ضم إليه القضاء، ومات بدمياط سنة خمس وسبعين.
وأخرج من طريق معاوية بن إسحاق قال: قال لي سعيد بن جبير: قرأت القرآن في ليلة مرتين فثقل لساني، وفي لفظ: فمكثت أياماً أشتكي حلقي.
ومن طريق أبي شيخ الهنائي -بضم الهاء وتخفيف النون مع المد- قال: قرأت القرآن في ليلة مرتين وثلاثاً، ولو شئت أن أتم الثالثة لفعلت.(3/156)
واسم أبي شيخ هذا خيوان بمعجمة وقيل بمهملة، وهو تابعي كبير مات بعد المئة.
وأخرج محمد بن نصر في كتاب قيام الليل من طريق إبراهيم بن سعد قال: خرجت مع صالح بن كيسان إلى الحج والعمرة، فربما ختم القرآن مرتين في ليلة بين شعبتي رحله.
قوله: (وختم بعضهم في اليوم والليلة ثماني ختمات .. .. إلى آخره).
قلت: اسم ابن الكاتب المذكور حسين بن أحمد يكنى أبا علي، ذكره أبو القاسم القشيري في كتاب ((الرسالة)) وأرخ وفاته بعد الأربعين وثلاثمئة.
وأخرج أثره هذا أبو عبد الرحمن السلمي في ((طبقات الصوفية)) عن أبي عثمان المغربي -واسمه سعيد- قال: كان ابن الكاتب فذكره، والله أعلم.
[[وروى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زاذان بن عباد التابعي رضي الله عنه أنه كان يختم القرآن ما بين الظهر والعصر، ويختمه أيضاً فيما بين المغرب والعشاء، ويختمه فيما بين المغرب والعشاء في رمضان ختمتين وشيئاً، وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل.
وروى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أن مجاهداً رحمه الله كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب والعشاء.
وأما الذين ختموا القرآن في ركعة فلا يحصون لكثرتهم،(3/157)
فمنهم عثمان بن عفان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير.]]
(255)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، قاضي القضاة، الشهابي، العسقلاني، إمام الحفاظ، إملاء من حفظه وقراءة عليه من المستملي كعادته في يوم الثلاثاء سادس عشر صفر عام ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (وروى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زاذان .. .. إلى آخره).
أخبرني الإمام المسند أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد بن محمد بن زكريا القدسي، أنا محمد بن عالي بن نجم الدمياطي، أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني، عن أبي المكارم أحمد بن محمد التيمي، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا أحمد بن الحسين الحذاء، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثني محمد بن عيينة، حدثني مخلد بن الحسين، سمعت هشام بن حسان يقول: كنت أصلي إلى جنب منصور بن زاذان، كان إذا جاء شهر رمضان ختم ما بين المغرب والعشاء ختمتين، ثم قرأ إلى الطواسين قبل أن تقام الصلاة، وكانوا إذ ذاك يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يذهب ربع الليل، وكان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر، ويختمه فيما بين المغرب والعشاء.(3/158)
هذا أثر صحيح، أخرجه محمد بن نصر المروزي، عن الدورقي.
فوقع لنا موافقة عالية.
وبه إلى أبي نعيم ثنا أبو حامد بن جبلة، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا محمد بن زكريا بن إسماعيل قال: سمعت مخلد بن الحسين يحدث عن هشام بن حسان قال: صليت إلى جنب منصور بن زاذان يوم الجمعة في مسجد واسط، فختم القرآن مرتين، وقرأ الثالثة إلى الطواسين، قال مخلد: ولو غير هشام حدثني بهذا لم أصدقه.
وبه إلى أبي نعيم ثنا مخلد بن جعفر، ثنا جعفر بن محمد، ثنا عباس -هو الدوري- ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا شعبة عن هشام بن حسان قال: صليت إلى جنب منصور بن زاذان، فقرأ القرآن فيما بين المغرب والعشاء، وبلغ في الثانية إلى النحل.
أخرجه محمد بن نصر عن الدوري عن يحيى بن أبي بكر.
وسنده صحيح.
قوله: (وروى ابن أبي داود بإسناده الصحيح عن مجاهد .. .. إلى آخره).
قلت: أخرجه من طريق إسرائيل بن يونس، عن منصور، عن مجاهد أنه كان يختم القرآن ما بين المغرب والعشاء، ثم ينتظر.
وأخرجه من طريق قيس بن الربيع، عن منصور عن علي الأودي، فذكر مثله، لكن قال: ثم يطرف أو ينبطح.
وإسرائيل أوثق من قيس.(3/159)
قوله: ((وأما الذين ختموا القرآن في ركعة واحدة فلا يحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان وتميم الداري وسعيد بن جبير).
قلت: لم ينقله أبو عبيد ولا ابن أبي داود في كتابيهما عن غير هؤلاء الثلاثة.
فكأن الشيخ أراد بالكثرة من جاء بعدهم.
فأما عثمان ففيما:
قرأت على الشيخ أبي عبد الله بن قوام، وعلى بنت عمه عائشة بنت أبي بكر، وعلى فاطمة بنت عبد الله الجوزذانية، كلهم عن أبي بكر بن أحمد الغازي سماعاً عليه، أنا علي بن أحمد المقدسي، عن محمد بن معمر، أنا إسماعيل بن الفضل، أنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول، ثنا أبي، ثنا زيد بن الحباب (ح).
وقرأت على عبد الله بن عمر الأزهري، عن أحمد بن منصور الجوهري، أنا أحمد بن شيبان، أنا عمر بن محمد، أنا أحمد بن الحسن بن البناء، أنا الحسن بن علي الجوهري، أنا أبو عمر بن حيويه، ثنا أبو محمد بن صاعد، ثنا الحسين بن الحسن المروزي، ثنا عبد الله بن المبارك-واللفظ له- قالا: ثنا فليح بن سليمان، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي-وهو ابن أخي طلحة- قال: قلت: لأغلبن الليلة على المقام، فسبقت إليه، فبينا أنا قائم أصلي إذ وضع رجل يده على ظهري، فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو يومئذ خليفة، فتنحيت عنه، فقام يصلي، فقرأ حتى فرغ من القرآن في ركعة ما زاد عليها، فقلت: يا أمير المؤمنين! ما صليت إلا ركعة، قال: أجل، وهي وتري.(3/160)
وبالسند الماضي قبل إلى أبي عبيد قال: حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج، أخبرني يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد: أن رجلاً سأل عبد الرحمن بن عثمان عن صلاة طلحة، فقال: إن شئت أخبرتك عن صلاة عثمان، فذكر الحديث بقصته نحوه.
هذا موقوف صحيح من الوجهين.
أخرج الأول الطحاوي من طريق أبي داود الطيالسي.
والبيهقي من طريق يونس بن محمد.
كلاهما عن فليح بن سليمان.
وأخرج الثاني ابن أبي داود من طريق أبي عاصم عن ابن جريج.
وبه إلى أبي عبيد ثنا هشيم ثنا منصور، عن ابن سيرين قال: قالت امرأة عثمان حين دخلوا عليه: إن يقتلوه أو تدعوه فقد كان يحيي الليل في ركعة يجمع فيها القرآن.
[[وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة، ويدل عليه:
ما رويناه بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرها، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاثٍ)).(3/161)
وأما وقت الابتداء والختم فهو إلى خيرة القارئ، فإن كان ممن يختم في الأسبوع مرة، فقد كان عثمان رضي الله عنه يبتدئ ليلة الجمعة ويختم ليلة الخميس.]]
(256)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، أبو الفضل، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثالث عشر[ين] صفر سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
أخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن القدسي بالسند الماضي قريباً إلى أبي نعيم، ثنا سليمان بن أحمد، ثنا أبو يزيد القراطيسي، ثنا أسد بن موسى، ثنا سلام بن مسكين، ثنا محمد بن سيرين قال: قالت امرأة عثمان رضي الله عنه حين أطافوا به يريدون قتله: إن تقتلوه فإنه كان يحيي الليل كله في ركعة يجمع فيها القرآن.
وأما تميم:
فأخبرني أبو المعالي الأزهري بالسند الماضي قبل إلى الحسين بن الحسن المروزي، أنا عبد الله بن المبارك، أنا عاصم بن سليمان، عن محمد بن سيرين، أن تميماً الداري رضي الله عنه كان يقرأ القرآن في ركعة.(3/162)
وهكذا أخرجه ابن أبي داود من غير وجه عن عاصم.
وأما سعيد بن جبير فأخرج ابن أبي داود من طريق سفيان الثوري عن حماد -وهو ابن أبي سليمان- عن سعيد بن جبير [أنه سمعه يقول: قرأت القرآن في ركعة في الكعبة ومن وجه ثان من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير] أنه كان يقرأ القرآن في ركعتين.
ومن وجه ثالث عن سعيد بن جبير: أنه صلى في الكعبة أربعة ركعات قرأ فيهن القرآن.
ويجمع بأنه فعل ذلك في أوقات مختلفة.
قوله: (وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة).
أخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة بالسند الماضي أولاً إلى أبي عبيد، ثنا حجاج -هو ابن محمد- ويزيد -هو ابن هارون – الأول عن شعبة، والثاني عن سفيان الثوري، كلاهما عن علي بن بذيمة- بموحدة ومعجمة وزن عظيمة -عن أبي عبيدة- هو ابن عبد الله بن مسعود قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز.
أخرجه ابن أبي داود من رواية شعبة وسفيان، ومن طرق أخرى عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة.
وتقدم في هذا المعنى أشياء في قوله وكثيرون في ثلاث.
قوله: (ويدل عليه ما رويناه بالأسانيد الصحيحة .. .. إلى آخره).
قرأت على أبي الحسن علي بن محمد الخطيب الدمشقي بالقاهرة عن أبي بكر الدشتي، أنا يوسف بن خليل، أنا خليل بن بدر، أنا الحسن بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الله، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا(3/163)
أبو داود الطيالسي، ثنا همام (ح).
وقرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة عن أحمد بن أبي طالب سماعاً بالسند المذكور مراراً إلى الدارمي، ثنا محمد بن المنهال، ثنا يزيد بن زريع، ثنا سعيد -يعني: ابن أبي عروبة- كلاهما عن قتادة، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاثٍ)).
هذا حديث حسن غريب، أخرجه أحمد عن عفان بن مسلم ويزيد بن هارون كلاهما عن همام بن يحيى.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أبو داود عن محمد بن المنهال.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الترمذي والنسائي من رواية سعيد بن أبي عروبة.
ويتعجب من قول الشيخ بالأسانيد الصحيحة، فإنه ليس له عندهم إلا سند واحد، وهو قتادة عن أبي العلاء عن عبد الله بن عمرو.
وهكذا رواه جماعة عن قتادة.(3/164)
ورواه بعض الضعفاء عن قتادة فقال: عن عبد الرحمن بن آدم عن عبد الله بن عمرو، وهي رواية شاذة. ولم أره من حديث قتادة إلا بالعنعنة.
وكأن الشيخ أراد أن له أسانيد صحيحة إلى قتادة.
قوله: (فإنه كان ممن يختم في الأسبوع مرة، فقد كان عثمان يبتدئ ليلة الجمعة ويختم ليلة الخميس).
قلت: أخرجه ابن أبي داود بسند لين عن القاسم أبي عبد الرحمن: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يفتتح القرآن ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة، وليلة السبت بالأنعام إلى هود، ثم يوسف إلى مريم، ثم بـ(طه) إلى (طسم) موسى وفرعون، ثم بالعنكبوت إلى (ص)، ثم بالزمر إلى الرحمن، ثم يختم ليلة الخميس.
قلت: وقد جاء تقسيم القرآن إلى سبعة في حديث مرفوع.
قرأت على أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك: أن علي بن إسماعيل بن قريش أخبرهم سماعاً عليه بقراءة الحافظ أبي الفتح اليعمري، وهو آخر من حدث عنه بالسماع قال: أنا إسماعيل بن عبد القوي، عن فاطمة بنت سعد الخير سماعاً عن فاطمة الجوزذانية، قالت: أنا أبو بكر الضبي، أنا أبو القاسم الطبراني، ثنا فضيل بن محمد الملطي، ثنا أبو نعيم (ح).
قال الطبراني: وثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا قرار -بضم القاف وتشديد الراء- بن تمام قالا: ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي، عن جده أوس بن حذيفة رضي الله عنه قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف، فأبطأ علينا ذات ليلة فقال: ((إنه طرأ علي حزبي من القرآن، فكرهت أن أخرج حتى أقضيه)).
فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحزب القرآن؟(3/165)
فقالوا: [كان يحزبه] ثلاثاً وخمساً وسبعاً وتسعاً وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل.
هذا حديث حسن، أخرجه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن الطائفي.
فوقع لنا بدلاً عالياً في الرواية الأولى.
وأخرجه أبو داود عن مسدد.
فوقع لنا موافقة عالية في الرواية الثانية، ولله الحمد.
[[وروى ابن أبي داود عن عمرو بن مرة التابعي الجليل رضي الله عنه قال: كانوا يحبون أن يختم القرآن من أول الليل أو من أول النهار. وعن طلحة بن مصرف التابعي الجليل الإمام قال: من ختم القرآن أية ساعة كانت من النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وأية ساعة كانت من الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح. وعن مجاهد نحوه.
وروينا في مسند الإمام المجمع على حفظه وجلالته وإتقانه وبراعته أبي محمد الدارمي رحمه الله، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإن وافق ختمه آخر الليل صلت عليه الملائكة حتى يمسي. قال الدارمي: هذا حسن عن سعد.(3/166)
فصل: في الأوقات المختارة للقراءة
وأما ما حكاه ابن أبي داود رحمه الله عن معان بن رفاعة رحمه الله عن مشيخته أنهم كرهوا القراءة بعد العصر وقالوا: إنها دراسة يهود، فغير مقبول ولا أصل له.]]
(257)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
ثم في يوم الثلاثاء الثلاثين من صفر سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، حافظ العصر، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته، قال وأنا أسمع:
تنبيه: لم يقع في أكثر الروايات في حديث أوس نسبة تحزيب القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم صريحاً، والذي وقع فيها بلفظ: كيف تحزبون القرآن؟ ولم يقع في أكثرها أيضاً تعيين أول المفصل، وقد ذكره عبد الرحمن بن مهدي في روايته فقال: من (ق) إلى أن يختم.
ومقتضاه: أنه ابتدأ في العد بالبقرة وكأنه لم يذكر الفاتحة؛ لأنه يبتدأ بها في أول كل ركعة، وغالب تلاوتهم كان في الصلاة.
قوله: (وروى ابن أبي داود عن عمرو بن مرة التابعي الجليل قال: كانوا يحبون أن يختم القرآن في أول الليل أو في أول النهار).
قلت: أخرجه من رواية أبي مكين عن عمرو، واسم أبي مكين -وهو بوزن عظيم- نوح بن ربيعة وثقه أحمد، ويحيى بن معين.
قوله: (وعن طلحة بن مصرف قال: من ختم القرآن .. .. إلى آخره).(3/167)
قلت: أخرجه ابن أبي داود من رواية حماد بن سلمة عن أبي مكين، عن طلحة.
وقد وقع لنا من وجه آخر عالياً من طلحة، وغيره.
قرئ على الشيخ أبي إسحاق التنوخي ونحن نسمع عن أبي العباس بن الشحنة سماعاً، أنا عبد الله بن عمر، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا عبد الله بن أحمد، أنا عيسى بن عمر، أنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ثنا محمد بن سعيد، ثنا عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن، عن طلحة بن مصرف وعبد الرحمن بن الأسود قالا: من قرأ القرآن ليلاً أو نهاراً صلت عليه الملائكة إلى الليل أو إلى النهار، وقال أحدهما: أو غفر له.
قوله: (وعن مجاهد نحوه).
قلت: أخرجه ابن أبي داود من رواية عبدة بن أبي لبابة عن مجاهد قال: من قرأ القرآن في شهر أو دون ذلك أو أكثر فإن ختمه نهاراً صلت عليه الملائكة حتى يمسي، وإن ختمه ليلاً صلت عليه الملائكة حتى يصبح.
وبه إلى الدارمي ثنا أبو المغيرة - هو عبد القدوس بن الحجاج، ثنا الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، فذكر معناه.
وسيأتي عن مجاهد فيه كلام آخر.
قوله: (وروينا في مسند الإمام المجمع على حفظه .. .. إلى آخره).
وبه إلى الدارمي، ثنا محمد بن حميد، ثنا هارون -هو ابن المغيرة- عن عنبسة -هو ابن سعيد- عن ليث، عن طلحة بن مصرف، عن مصعب بن سعد -أي: ابن أبي وقاص- عن أبيه رضي الله عنه قال: [إذا] من وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإن وافق ختمه آخر الليل(3/168)
صلت عليه الملائكة حتى يمسي، قال: فربما بقي على أحدنا الشيء فيؤخره حتى يمسي أو يصبح.
قال الدارمي: هذا حسن عن سعد.
قلت: ليث المذكور في السند هو ابن أبي سليم ضعيف الحفظ، ومحمد بن حميد مختلف فيه، فكأنه حسنه لشواهده السابقة وغيرها، أو لم يرد الحسن بالاصطلاح.
قوله: (فصل في الأوقات المختارة للقراءة إلى أن قال: وأما ما حكاه ابن أبي داود عن معان بن رفاعة عن مشيخة أنهم كرهوا القراءة بعد العصر، وقالوا: إنها دراسة اليهود فغير مقبول ولا أصل له).
قلت: معان بضم الميم وتخفيف العين وآخره نون شامي، مختلف في توثيقه، وهو من طبقة الأوزاعي، وجل روايته عن صغار التابعين، ولعل محل كراهتهم قصر القراءة على ذلك الوقت، ولولا التعليل الذي ذكره لكان للكراهة وجه؛ لأن غالب التلاوة داخل الصلاة، والنافلة بلا سبب مكروهة في ذلك الوقت، والله أعلم.
[[فصل: في آداب الختم وما يتعلق به
وقد صح عن طلحة بن مصرف والمسيب بن رافع وحبيب بن أبي ثابت التابعيين الكوفيين رحمهم الله أجمعين؛ أنهم كانوا يصبحون صياماً اليوم الذي يختمون فيه.
روينا في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحيض بالخروج يوم العيد فيشهدن الخير ودعوة المسلمين.(3/169)
وروينا في مسند الدارمي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يجعل رجلاً يراقب رجلاً يقرأ القرآن، فإذا أراد أن يختم أعلم ابن عباس رضي الله عنهما، فيشهد ذلك.
وروى ابن أبي داود بإسنادين صحيحين، عن قتادة التابعي الجليل الإمام صاحب أنس رضي الله عنه قال: كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا.]]
(258)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، قاضي القضاة، الشهابي، أحمد العسقلاني، حافظ العصر، -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء سابع شهر ربيع الأول من شهور سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (فصل في آداب الختم: [إلى أن قال] وقد صح عن طلحة بن مصرف والمسيب بن رافع وحبيب بن أبي ثابت التابعيين الكوفيين أنهم كانوا يصبحون صياماً اليوم الذي يختمون فيه).
قلت: أخرجه أبو بكر بن أبي داود -وقد تقدم السند إليه- قال: ثنا زياد بن أيوب، ثنا هشيم، أنا العوام بن حوشب: أن طلحة بن مصرف فذكره إلى آخره، وهذا السند على شرط الصحيح.
قوله: (وروينا في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الحيض .. .. إلى آخره).(3/170)
أخبرني المسند أبو المعالي بن عمر رحمه الله، أنا أحمد بن محمد بن عمر، أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، أنا أبو محمد بن صاعد، أنا أبو القاسم الشيباني، أنا أبو علي الواعظ، أنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا حسين بن محمد، ثنا جرير -يعني ابن حازم- عن محمد-هو ابن سيرين- عن أم عطية رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج العواتق وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين.
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم جميعاً من رواية حماد بن زيد.
ومسلم من رواية سفيان بن عيينة، كلاهما عن أيوب.
والبخاري من رواية عبد الله بن عون، كلاهما عن محمد بن سيرين.
وأخبرني الإمام المسند أبو الفرج بن حماد رحمه الله، أنا يونس بن إبراهيم بن عبد القوي، أنا أبو الحسن بن المقير إجازة ومشافهة، وهو آخر من سمع منه، أنا أبو بكر الزاغوني إجازة مكاتبة، أنا أبو نصر الزينبي، أنا أبو طاهر المخلص، ثنا يحيى بن محمد الحافظ، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد -هو ابن سلمة عن يحيى بن عتيق ويونس- يعني: ابن عبيد -وهشام- يعني: ابن حسان -وحبيب- هو ابن الشهيد- كلهم عن محمد بن سيرين، عن أم عطية، قالت: أمرنا(3/171)
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج ذوات الخدور يوم العيد، قيل: فالحيض؟ قال: ((يشهدن الخير ودعوة المسلمين)).
أخرجه أبو داود عن موسى بن إسماعيل.
فوقع لنا موافقة عالية.
قوله: (وروينا في مسند الدارمي عن ابن عباس .. .. إلى آخره).
قلت: ذكره الشيخ هنا بالمعنى، واللفظ الذي ذكره الدارمي بالسند الماضي إليه قريباً:
ثنا سليمان بن حرب، ثنا صالح المري، عن قتادة قال: كان رجل يقرأ القرآن في مسجد المدينة، فكان ابن عباس رضي الله عنهما قد وضع عليه الرصد إذا كان يوم ختمه قام فتحول إليه.
أخرجه أبو عبيد وابن الضريس، كلاهما في فضائل القرآن، وابن أبي داود في كتاب الشريعة من طرق متعددة لهم إلى صالح المري، وهو بضم الميم وتشديد الراء المهملة، زاهد مشهور من أهل البصرة، وهو ضعيف الحديث عندهم.
وفي السند علة أخرى وهي الانقطاع بين قتادة وابن عباس.
قوله: (وروى ابن أبي داود بإسنادين صحيحين عن قتادة.. إلى آخره).
قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن أبي الربيع بن قدامة، أنا أبو الحسن بن أبي عبد الله العراقي، أنا أبو بكر الناعم، أنا هبة الله الموصلي، أنا عبد الملك بن محمد، أنا أحمد بن إسحاق، ثنا محمد بن أيوب، أنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، ثنا مسعر، عن قتادة، قال: كان أنس بن مالك(3/172)
رضي الله عنه إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا.
أخرجه ابن أبي داود عن علي بن محمد عن وكيع.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أيضاً من رواية ثابت البناني، عن أنس.
وبه إلى الدارمي ثنا عفان بن مسلم (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن محمد بن عبد الحميد، أنا إسماعيل بن هارون، أتنا فاطمة بنت أبي الحسن الأندلسي، عن فاطمة الأصبهانية سماعاً قالت: أنا أبو بكر بن ريذة، أنا الطبراني، ثنا محمد بن علي بن شعيب، ثنا خالد بن خداش، قالا: ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله وولده ودعا لهم.
ولفظ الطبراني: وأهل بيته.
هذا موقوف صحيح، أخرجه سعيد بن منصور في كاب السنن عن جعفر بن سليمان.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه ابن أبي داود من رواية الحكم بن عطية عن أنس وزاد في آخره: والدعاء عند ختم القرآن يستجاب.
والحكم فيه ضعف، ولكن له شاهد عن ابن مسعود أخرجه أبو عبد الله بن الضريس بسند فيه انقطاع عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من ختم القرآن فله دعوة مستجابة، وكان عبد الله رضي الله عنه إذا ختم جمع(3/173)
أهله ثم دعا وأمنوا على دعائه.
وجاء أوله في حديث مرفوع، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير بسند ضعيف عن عرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ختم القرآن فله دعوةٌ مستجابةٌ)).
وسيأتي بقية ما ورد في هذا الفصل الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
[[وروى بأسانيد صحيحة عن الحكم بن عتيبة -بالتاء المثناة فوق والمثناة تحت ثم الباء الموحدة- التابعي الجليل الإمام قال: أرسل إلي مجاهد وعبدة بن أبي لبابة فقالا: إنا أرسلنا إليك لأنا أردنا أن نختم القرآن، والدعاء يستجاب عند ختم القرآن. وفي بعض رواياته الصحيحة: وأنه كان يقال إن الرحمة تنزل عند خاتمة القرآن.
وروى بإسناده الصحيح عن مجاهد قال: كانوا يجتمعون عند ختم القرآن يقولون: تنزل الرحمة.
فصل: ويستحب الدعاء عند الختم استحباباً متأكداً شديداً لما قدمناه.
وروينا في مسند الدارمي عن حميد الأعرج رحمه الله، قال: من قرأ القرآن ثم دعا أمن على دعائه أربعة آلاف ملك.
وينبغي أن يلح في الدعاء، وأن يدعو بالأمور المهمة(3/174)
والكلمات الجامعة، وأن يكون معظم ذلك أو كله، في أمور الآخرة وأمور المسلمين وصلاح سلطانهم وسائر ولاة أمورهم، وفي توفيقهم للطاعات، وعصمتهم من المخالفات، وتعاونهم على البر والتقوى، وقيامهم بالحق واجتماعهم عليه، وظهورهم على أعداء الدين وسائر المخالفين، وقد أشرت إلى أحرف من ذلك في كتاب آداب القراء، وذكرت فيه دعوات وجيزة من أراد نقلها منه. وإذا فرغ من الختمة فالمستحب أن يشرع في أخرى متصلاً بالختم فقد استحبه السلف واحتجوا فيه بحديث:
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خير الأعمال الحل والرحلة)) قيل: وما هما؟ قال: ((افتتاح القرآن وختمه)).]]
(259)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخنا، سيدنا، ومولانا، قاضي القضاة، أبو الفضل، شيخ الإسلام، الشهابي، أحمد، إمام الحفاظ، -فسح الله في مدته- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء رابع عشر ربيع الأول من شهور سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
وقد وجدت لحديث أنس المتقدم ذكره موقوفاً طريقاً أقوى مرفوعة.
أخبرني الإمام، شيخ الإسلام، أبو الفضل بن الحسين الحافظ، فيما قرأت عليه رحمه الله قال: أخبرني عبد الله بن محمد العطار، أنا علي بن(3/175)
أحمد بن عبد الواحد، عن أبي المكارم اللبان، أنا الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أبو نعيم [ثنا الحسين بن محمد، ثنا أحمد بن إبراهيم بن خلاد، ثنا محمد بن موسى الدولابي، ثنا أبو نعيم] هو الفضل بن دكين، ثنا مسعر، ثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا.
قال أبو نعيم الحافظ غريب من حديث مسعر.
قلت: رواته موثقون إلا أن فيما بين أبوي نعيم من يضعف أو يجهل، والصحيح الموقوف على أنس.
قوله: (وروى بأسانيد صحيحة عن الحكم بن عتيبة قال: أرسل إلي مجاهد .. .. إلى آخره).
قرأت على فاطمة بنت المنجا بالسند الماضي قريباً إلى محمد بن أيوب، ثنا أبو غسان -يعني: محمد بن عمرو والرازي- وأبو بكر -يعني: ابن أبي شيبة- قالا: ثنا جرير -هو ابن عبد الحميد- ثنا منصور - هو ابن المعتمر- عن الحكم بن عتيبة -بمثناة ثم موحدة مصغر- قال: كان مجاهد وعبدة بن أبي لبابة وناس يعرضون المصاحف، فلما كان اليوم الذي أرادوا أن يختموا فيه أرسلوا إلي وإلى سلمة بن كهيل وقالوا: إنا كنا نعرض المصاحف، وإنا أردنا أن نختم، فأحببنا أن تشهدوا، وأنه كان يقال: إذا ختم القرآن نزلت الرحمة عند خاتمته، أو قال: حضرت الرحمة [عند خاتمه].
هذا موقوف صحيح الإسناد، أخرجه ابن أبي داود، عن زياد بن أيوب.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وبه إلى محمد بن أيوب ثنا عمرو بن مرزوق (ح).
وبالسند الماضي قبل إلى الدارمي، ثنا سعيد بن الربيع، قالا: ثنا(3/176)
شعبة، عن الحكم قال: أرسل إلي مجاهد وعبدة بن أبي لبابة: إنا نريد أن نختم القرآن، وكان يقال: إن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن.
هذا موقوف صحيح، أخرجه ابن أبي داود من وجه آخر، عن شعبة.
وكأن مجاهداً وعبدة ذكرا الأثرين معاً، فحفظ بعض ما لم يحفظ بعض عن الحكم، وحدث الحكم بهذا مرة وبهذا مرة.
وقد وافق جريراً عن منصور سفيان الثوري.
قوله: (وروى بإسناده الصحيح عن مجاهد قال: كانوا يجتمعون عند ختم القرآن، ويقولون تنزل الرحمة).
قلت: أخرجه من رواية عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن منصور عن الحكم، عن مجاهد بهذا، ومن رواية أبي نعيم، عن الثوري بهذا السند، عن مجاهد، قال: بلغني أن الرحمة تنزل عند ختم القرآن. والسندان كلاهما على شرط الصحيح.
قوله: (فصل: ويستحب الدعاء عند ختم القرآن .. .. إلى آخره).
وبالسند المشار إليه إلى الدارمي، ثنا عمرو بن حماد، ثنا قزعة بن سويد، عن حميد الأعرج قال: من قرأ القرآن ثم دعا أمن على دعائه أربع آلاف ملك.
هذا أثر منقطع، وسنده ضعيف من أجل قزعة وحميد، ويغني عنه أثر مجاهد وعبدة المذكورين في الفصل الذي قبله، وسبق قبل ذلك أثر ابن مسعود، والحديث المرفوع عن العرباض، وغير ذلك.
وقد وجدت مثل حديث العرباض حديثاً لأنس أخرجه أبو نعيم في ترجمة مسعر من الحلية وسنده ضعيف أيضاً.(3/177)
قوله: (وإذا فرغ من الختمة فالمستحب أن يشرع في أخرى متصلاً بالختم، فقد استحبه السلف، واحتجوا فيه بحديث أنس .. .. إلى آخره).
قلت: حديث أنس المذكور أخرجه ابن أبي داود من رواية بشر بن الحسين، عن الزبير بن عدي، عن أنس.
وبشر كذبه أبو داود الطيالسي وأبو حاتم الرازي وغيرهما، وله نسخة عن الزبير بن عدي لا يتابع في أكثرها.
وعجيب للشيخ كيف اقتصر على هذا ونسب إلى السلف الاحتجاج به، ولم يذكر حديث ابن عباس، وهو المعروف في هذا الباب، وقد أخرجه بعض الأئمة الستة وصححه بعض الحفاظ، كما سأبينه إن شاء الله تعالى.
[[فصل: فيمن نام عن حزبه ووظيفته المعتادة
روينا في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه من الليل، أو عن شيءٍ منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل)).]]
(260)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء حادي عشرين ربيع الأول سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:(3/178)
أخبرني المسند أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد القدسي، ثنا إبراهيم بن علي بن سنان، أنا الفرج الحراني، عن أحمد بن محمد التيمي، أنا أبو علي المقرئ، أنا أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الحافظ، ثنا أبي، ثنا أحمد بن محمد بن سعيد المروزي، ثنا زيد بن أيوب، ثنا زيد بن الحباب (ح).
وقرأت على أبي الحسن بن أبي بكر بن سليمان الحافظ: أن عبد الله بن محمد بن إبراهيم القيم أخبرهم، أنا أبو الحسن بن البخاري، أنا أبو اليمن الكندي، وعمر بن محمد البغدادي، قالا: أنا أبو بكر بن محمد بن عبد الباقي، أنا علي بن إبراهيم الباقلاني، أنا أبو بكر بن جعفر بن حمدان، ثنا علي بن الحسن بن سليمان القطيعي، أنا أحمد بن محمد المذاري، ثنا عمرو بن عاصم، قالا: ثنا صالح المري، عن قتادة عن زرارة بن أوفى، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: ((عليك بالحال المرتحل)) قال: وما الحال المرتحل؟ قال: ((صاحب القرآن يضرب من أوله إلى آخره، ثم يضرب من آخره إلى أوله، كلما حل ارتحل)).
وقرأته عالياً على علي بن محمد الدمشقي بالقاهرة، عن إسحاق بن يحيى الآمدي، أنا يوسف بن خليل الحافظ، [أنا] أبو عبد الله الكراني، أنا أبو القاسم الأشقر، أنا أبو الحسين بن فاذشاه، أنا أبو القاسم اللخمي، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا إبراهيم بن أبي سويد الذراع، ثنا صالح المري فذكره، لكن قال: أي الكلام أحب إلى الله، لم يقل في آخر: ((كلما حل ارتحل)).(3/179)
هذا حديث غريب أخرجه الترمذي عن نصر بن علي، عن الهيثم بن الربيع، عن صالح.
وقال: غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه.
ثم أخرجه من رواية مسلم بن إبراهيم عن صالح، ولم يذكر فيه ابن عباس.
ورجح هذه الرواية المرسلة، وتعقبه المزي في الأطراف بأن الهيثم لم ينفرد بوصله، بل تابعه إبراهيم بن أبي سويد.
قلت: قد ذكرته من روايته ومن رواية اثنين غيره، وتابعهم عمرو بن مرزوق.
وأخرجه البزار عن الحسن بن يحيى عن عمرو بن عاصم، وأشار إلى تفرد صالح به عن قتادة.
وأخرج الحاكم من رواية زيد بن الحباب، ومن رواية عمرو بن عاصم، ومن رواية عمرو بن مرزوق، وقال: تفرد به صالح، وكان من زهاد أهل البصرة انتهى.
وهو مما يتعجب منه لإخراجه له في المستدرك، وصالح عندهم ضعيف لسبب سوء حفظه، وكأنه تساهل فيه لكونه من فضائل الأعمال.
وقد وقع لنا بدلاً عالياً بالنسبة لرواية البزار، وعالياً بدرجتين من الطريق الثانية.
قوله: (فصل: فيمن نام عن حزبه ووظيفته المعتادة .. .. إلى آخره).
أنا الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالسند الماضي مراراً قريباً إلى الدارمي، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني يونس -هو ابن يزيد- عن ابن شهاب -هو الزهري- أخبرني السائب بن يزيد، وعبيد الله بن عبد الله بن(3/180)
عتبة، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر (ح).
وقرأت على أبي الفرج بن الغزي بالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، ثنا محمد بن إبراهيم، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا حرملة، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب: أن السائب بن يزيد حدثه، ثنا عبد الرحمن بن عبدٍ قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن حزبه أو عن شيءٍ منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل)).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن حرملة.
وابن حبان في صحيحه عن محمد بن الحسن بن قتيبة.
فوقعت لنا موافقة عالية في الرواية الثالثة لهما جميعاً.
وأخرجه مسلم أيضاً وابن ماجه جميعاً عن أبي الطاهر بن السرح.
ومسلم أيضاً عن هارون بن معروف.
كلاهما عن عبد الله بن وهب.
والترمذي والنسائي أيضاً عن قتيبة عن أبي صفوان عبد الله بن سعيد الأموي.
كلاهما عن يونس بن يزيد.
فوقع لنا عالياً عنهم في الرواية الأولى.(3/181)
وظاهر الحديث أن القراءة بالليل أفضل من القراءة بالنهار، وقد جاء ذلك صريحاً، لكن مقيداً بآخر الليل.
وبه إلى أبي نعيم في المستخرج، ثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو عروبة، ثنا سلمة بن شبيب ومحمد بن معدان، قالا: ثنا الحسن بن محمد بن أعين، ثنا معقل -هو ابن عبيد الله الجزري- عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أيكم خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر ثم ليرقد، ومن وثق بالقيام من الليل فليوتر من آخر الليل، فإن قراءة آخر الليل محضورةٌ)).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن سلمة بن شبيب.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه بمعناه من طريق أبي سفيان عن جابر، والله أعلم.
[[فصل: في الأمر بتعهد القرآن، والتحذير من تعريضه للنسيان
روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمدٍ بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها)).
وروينا في صحيحيهما، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)).]](3/182)
(261)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم أحسن العاقبة بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، قاضي القضاة، شيخ الإسلام، الشهابي، أحمد بن علي العسقلاني، إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثامن عشرين شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (فصل: في الأمر بتعهد القرآن إلى أن قال: روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي موسى .. .. إلى آخره).
أخبرني الشيخ المسند أبو عبد الرحمن عبد الله بن خليل الحرستاني، ثم الصالحي رحمه الله فيما قرأت عليه بها، أنا أبو العباس أحمد بن محمد بن معالي، وأبو بكر بن محمد الرضي، قالا: أنا محمد بن إسماعيل الخطيب قال: قرئ على أم الحسن الأنصارية، ونحن نسمع عن زاهر بن طاهر الشحامي سماعاً، أنا محمد بن عبد الرحمن، أنا محمد بن أحمد بن حمدان، ثنا أحمد بن علي بن المثنى، ثنا أبو كريب (ح).
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم في المستخرج قال: ثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو عامر الأشعري قالا: ثنا أبو أسامة، ثنا يزيد بن عبد الله (ح).
وأخبرني أبو العباس الزينبي، أنا غلبك بن عبد الله، أنا النجيب، أنا الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الفضل وأحمد بن الحسن العاقولي، قال الأول: أنا يحيى بن علي بن الطراح، والثاني: أنا أبو منصور القزاز قالا: أنا أبو الغنائم عبد الصمد بن المأمون، ثنا الحافظ أبو الحسن(3/183)
علي بن عمر الدارقطني، ثنا المحاملي (ح).
وقرأت عالياً على أم الحسن التنوخية عن أبي الفضل بن قدامة، أنا محمود وأسماء وحميرا بنو إبراهيم بن سفيان إجازة مكاتبة، قالوا: أنا محمد بن أحمد بن عمر، أنا محمد بن أحمد السمسار، وإبراهيم بن محمد الطيان قالا: أنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني، ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، ثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، ثنا أبي، ثنا أبو بردة -هو يزيد بن عبد الله- عن أبي بردة -هو ابن أبي موسى الأشعري- عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم - وفي رواية سعيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً -وفي رواية سعيد- فوالذي نفسي بيده للقرآن أشد تفلتاً من الإبل من عقلها)).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم عن أبي كريب.
وأخرجه مسلم عن أبي عامر على الموافقة فيهما.
فوقع لنا عالياً على رواية مسلم بدرجة في الأولى، وبدرجتين في الطريق الأخرى.
قوله: (وروينا في صحيحيهما عن ابن عمر .. .. إلى آخره).
قرئ على الشيخ أبي عبد الله بن قوام، ونحن نسمع، عن أبي الحسن بن هلال وأبي الحسن العسقلاني سماعاً عليهما قالا: أنا أبو إسحاق بن مضر، أنا أبو الحسن الطوسي، أنا أبو محمد السيدي، أنا أبو عثمان البختري، أنا أبو علي السرخسي، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب الزهري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها(3/184)
صاحبها [أمسكها]، وإن أطلقها ذهبت)).
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف.
ومسلم عن يحيى بن يحيى.
والنسائي عن قتيبة.
ثلاثتهم عن مالك.
وأخرجه ابن حبان عن عمرو بن سعيد والحسين بن إدريس فرقهما، كلاهما عن أبي مصعب.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ورواه أيوب السختياني عن نافع، وسياقه أتم.
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم في المستخرج، أنا سليمان بن أحمد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل القرآن إذا عاهد عليه صاحبه آناء الليل وآناء النهار كمثل صاحب الإبل، إن عقلها حفظها، وإن أطلق عنها ذهبت)).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن محمد بن يحيى بن أبي عمر.(3/185)
وابن ماجه عن أحمد بن الأزهر.
كلاهما عن عبد الرزاق.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وبالسند الماضي إلى أبي عبيد، ثنا حجاج -هو ابن محمد- عن صخر بن جويرية، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد صاحبها على عقلها أمسكها عليه، وإن أغفلها ذهبت عنه)).
إسناده صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه، والله أعلم.
[[وروينا في كتاب أبي داود والترمذي، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورةٍ من القرآن أو آيةٍ أوتيها رجلٌ ثم نسيها)) تكلم الترمذي فيه.
وروينا في سنن أبي داود ومسند الدارمي، عن سعد بن عبادة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله تعالى يوم القيامة أجذم)).]](3/186)
(262)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم في يوم الثلاثاء خامس شهر ربيع الآخر من شهور سنة تاريخه حدثنا شيخ الإسلام، المشار إليه من حفظه كعادته، قال وأنا أسمع:
[قوله]: (وروينا في كتاب أبي داود والترمذي عن أنس .. .. إلى آخره).
أخبرني الشيخ المسند أبو بكر بن العز المقدسي رحمه الله، أنا أبو عبد الله بن الزراد إجازة إن لم يكن سماعاً، أنا الحافظ أبو علي البكري، أنا أبو روح الهروي، أنا أبو القاسم المستملي، أنا أبو سعد أحمد بن إبراهيم المقرئ، أنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق، ثنا جدي محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثنا عبد الوهاب بن الحكم الوراق، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، أنا ابن جريج، عن المطلب بن حنطب، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورةٍ من القرآن أو آيةٍ أوتيها رجلٌ ثم نسيها)).
هذا حديث غريب، أخرجه أبو داود والترمذي جميعاً عن عبد الوهاب بن الحكم بهذا الإسناد.
فوقع لنا موافقة عالية.
قال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وذاكرت به محمداً -يعني: البخاري- فلم يعرفه، وقال: لا أعرف للمطلب سماعاً من(3/187)
أحد من الصحابة إلا قوله: أخبرني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: وسألت الدارمي عنه؟ فقال: أنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس، انتهى.
وقد رواه حجاج بن محمد، وهو من أثبت أصحاب ابن جريج عنه فلم يسم المطلب.
وبالسند الماضي إلى أبي عبيد القاسم بن سلام، ثنا حجاج، عن ابن جريج قال: حدثت عن أنس، فذكر الحديث مثله، لكن قال: ((أكبر)) بدل: ((أعظم)).
وبه إلى ابن جريج قال: وحدثت عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أكبر ذنب توافى به أمتي يوم القيامة سورة من كتاب الله كانت مع أحدهم فنسيها)).
وهذا السند منقطع أيضاً.
وقد أخرج أحمد في كتاب الزهد بسند جيد عن أبي العالية -واسمه رفيع بالفاء مصغر- من كبار التابعين قال: كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن، ثم ينام عنه حتى ينساه.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود والدارمي عن سعد بن عبادة .. .. إلى آخره).
أخبرني المسندان أبو إسحاق التنوخي بالقاهرة وأبو إسحاق المؤذن بمكة، كلاهما عن أبي العباس الصالحي، سماعاً عليه، مفترقين، أنا أبو المنجا، أنا أبو الوقت، أنا ابن المظفر، أنا أبو محمد السرخسي، أنا إبراهيم بن خزيم، ثنا عبد بن حميد، ثنا يزيد بن هارون، واللفظ له (ح).(3/188)
وبه إلى السرخسي أنا عيسى بن عمر، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن، ثنا سعيد بن عامر، قالا: ثنا شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عيسى، عن رجل، عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من رجلٍ يتعلم القرآن ثم ينساه إلا لقي الله يوم القيامة وهو أجذم)).
هذا حديث غريب، أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الطبراني من رواية عمرو بن مرزوق عن شعبة، فقال: في السند: عن عيسى بن قرطاس، فوهم في تسمية والد عيسى، والمعروف أن اسمه: فايد -بفاء وياء مهموزة-.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، أنا أبو العباس الحلبي، أنا أبو الفرج الحراني، أنا أبو محمد الحربي، أنا أبو القاسم الشيباني، أنا أبو علي التميمي، أنا أبو بكر الحمداني، ثنا أبو عبد الرحمن الشيباني، ثنا خلف بن الوليد، ثنا خالد بن عبد الله، واللفظ له (ح).
وبالسند الماضي إلى أبي عبيد، ثنا جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن يزيد بن أبي زياد، عن عيسى بن فائد، عمن سمع سعد بن عبادة، فذكره.
وأخرجه أبو داود من رواية عبد الله بن إدريس، عن يزيد كذلك.
لكن لم يذكر بين عيسى وسعد أحداً، والاضطراب فيه من يزيد، فإن في حفظه مقالاً.
وقد رواه أحمد من رواية عبد العزيز بن مسلم.(3/189)
وابنه من رواية أبي عوانة.
كلاهما عن يزيد فقال: عن عبادة بن الصامت بدل سعد بن عبادة، والراجح من هذا كله رواية جرير ومن تابعه، والله أعلم.
[[فصل: ينبغي للقارئ أن يكون شأنه الخشوع والتدبر والخضوع، فهذا هو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، ودلائله أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر. وقد بات جماعة من السلف يتلوا الواحد منهم آية واحدة ليلة كاملة أو معظم ليلة يتدبرها.]]
(263)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم كثيراً.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، قاضي القضاة، الشهابي، العسقلاني، إمام الحفاظ، إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الآخر من شهور سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
وقد رواه بعضهم بلفظ مجذوم.
وبه إلى عبد بن حميد، ثنا حسين بن علي الجعفي، ثنا زائدة -هو ابن قدامة- عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فائد، عن سعد بن عبادة رفعه(3/190)
إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله وهو مجذومٌ)).
هكذا رواه زائدة، وهو من الأثبات، لم يذكر بين عيسى وسعد أحداً، ووافق رواية أبي داود عن محمد بن العلاء، عن ابن إدريس في إسقاط الواسطة.
وأخرجه ابن أبي داود من رواية محمد بن فضيل، عن يزيد بإثباته، فقال في روايته: عن عيسى بن فائد أمير الرقة، حدثني فلان عن سعد بن عبادة أنه حدثه.
وهذا يشعر بأن هذا الراوي الساقط الذي لم يسم من كبار التابعين، فإن سعد بن عبادة مات في سنة سبع عشرة من الهجرة.
وأخرجه ابن أبي داود أيضاً من رواية أبي بكر بن عياش، عن يزيد، فقال: عن عبادة بن الصامت بدل سعد بن عبادة، كما تقدم عن عبد العزيز بن مسلم وغيره.
والراجح قول من قال سعد بن عبادة، ومن أثبت الواسطة.
قوله: (فصل: ينبغي للقارئ أن يكون شأنه الخشوع إلى أن قال: وقد بات جماعة من السلف يقرأ أحدهم آية واحدة ليلة كاملة أو معظم ليلة يتدبرها).
قلت: جاء ذلك عن تميم الداري وعبد الله بن مسعود، وعن أسماء وعائشة ابنتي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم نحوه.
أما تميم ففيما:
قرأت على أم يوسف المقدسية، ثم الصالحية بها رحمها الله، عن محمد بن عبد الحميد، أنا إسماعيل بن عبد القوي، أتنا فاطمة بنت سعد(3/191)
الخير قالت: أتنا أم إبراهيم بنت عبد الله بن عقيل قالت: أنا أبو بكر بن ريذة، أنا الطبراني، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا غندر (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى أبي عبيد، ثنا يزيد بن هارون، قالا: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: قال لي رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الداري رضي الله عنه، لقد رأيته بات ليلة حتى أصبح أو قرب أن يصبح يتلو آية ويركع ويسجد ويبكي {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات} إلى قوله: {وهم لا يظلمون}.
هذا موقوف لولا الرجل المكي الذي لم يسم لكان على شرط الصحيح.
أخرجه محمد بن نصر في كتاب ((قيام الليل)) عن بندار عن غندر.
وأخرجه ابن أبي داود عن سهل بن صالح، عن يزيد بن هارون.
فوقع لنا بدلاً عالياً في الطريقين جميعاً.
ووقع لنا أعلى من هذا بدرجة.
وبه إلى أبي عبيد ثنا هشيم، عن حصين بن عبد الرحمن، عن أبي الضحى، فذكره نحوه.
وأخرجه ابن أبي داود عن إسحاق بن شاهين، عن هشيم.
فوقع لنا بدلاً عالياً أيضاً.
وأما أثر ابن مسعود:(3/192)
فبالسند المذكور إلى أبي عبيد ثنا معاذ -هو ابن معاذ العنبري- عن عبد الله بن عون حدثني رجل من أهل الكوفة قال: صلى عبد الله بن مسعود ليلة، فذكروا ذلك، فقال بعضهم: هذا مقام صاحبكم بات هذه الليلة يردد هذه الآية حتى أصبح، قال ابن عون: بلغني أنها {رب زدني علماً}.
وهذا أيضاً موقوف فيه روايان لم يسميا.
وقد وقع لنا من وجه آخر بغير سياقه أخرجه ابن أبي داود بسند صحيح عن إبراهيم النخعي عن علقمة قال: صليت إلى جنب عبد الله فافتتح سورة (طه): فلما بلغ {رب زدني علماً} قال: رب زدني علماً، رب زدني علماً.
وأما أثر أسماء ففيما:
قرأت على أبي العباس أحمد بن الحسن القدسي رحمه الله عن محمد بن علي الدمياطي سماعاً قال: أنا أبو الفرج بن الصيقل، عن أبي المكارم التيمي، أنا أبو علي المقرئ، أنا أبو نعيم الأصبهاني، ثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، ثنا ابن نمير، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: دخلت على أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما وهي تصلي تقرأ هذه الآية: {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} ثم رجعت وهي بمكانها تكررها وهي في الصلاة.
هذا موقوف رجاله ثقات من رواة الصحيحين، لكن اختلف فيه على هشام، فأخرجه أبو عبيد ومحمد بن نصر وابن أبي داود كلهم من طريق أبي معاوية عن هشام فقال: عن عبد الوهاب بن يحيى بن حمزة عن أبيه عن جده عن أسماء، فذكر نحوه.
ويحتمل أن يكون لهشام فيه طريقان، والله أعلم.(3/193)
(264)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم في يوم الثلاثاء تاسع عشر ربيع الآخر من شهور سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة حدثنا شيخ الإسلام، المشار إليه، إملاء من حفظه كعادته، قال وأنا أسمع:
وأما أثر عائشة رضي الله عنها فأخرجه ابن أبي داود من طريق شيبة بن نصاح -بكسر النون وتخفيف الصاد المهملة وآخره مهملة - عن القاسم بن محمد-أي ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه- قال: غدوت يوماً على عائشة وهي تصلي الضحى، فإذا هي تقرأ هذه الآية: {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم}وهي تبكي وترددها، فقمت حتى مللت، فذهبت إلى السوق، ثم رجعت فإذا هي ترددها وتبكي.
ومما جاء في ذلك عن التابعين.
أخبرني أبو العباس الزينبي، أنا محمد بن غالي، أنا أبو الفرج الحراني، عن أبي المكارم اللبان، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، ثنا زياد بن أيوب، عن علي بن يزيد الصدائي، ثنا عبد الرحمن بن عجلان، ثنا نسير -بنون وسين مهملة مصغر- هو ابن ذعلوق -بمعجمة ثم مهملة وزن عصفور- قال: بات الربيع بن خثيم ذات ليلة يصلي فمر بهذه الآية: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءٌ محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} فجعل يرددها حتى أصبح.
وبالسند الماضي إلى أبي عبيد، ثنا أبو الأسود -وهو النضر بن عبد الجبار- عن ضمام بن إسماعيل، عن العلاء عن رجل قال: كنت بمكة،(3/194)
فلما صليت العشاء فإذا رجل أمامي أحرم بنافلة، فاستفتح {إذا السماء انفطرت} فلم يزل فيها حتى نادى منادي السحر، فسألت عنه فإذا هو سعيد بن جبير.
وبه إلى أبي عبيد ثنا قدامة بن محمد عن امرأة من آل عامر بن عبد قيس بن عامر بن عبد قيس قرأ ليلة سورة المؤمن، فلما انتهى إلى هذه الآية {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} فكظم فلم يزل يرددها حتى أصبح.
وبه إلى أبي عبيد، حدثنا عبد الله بن صالح، عن الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن عاصم بن أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان قال: وفدنا على سليمان بن عبد الملك ومعنا عمر بن عبد العزيز، فنزلت على ابنه عبد الملك بن عمر وهو عزب، فكنت معه في بيت فصلينا العشاء، ثم أوى كل منا إلى فراشه، ثم قام عبد الملك إلى المصباح فأطفأه وأنا أنظر إليه، ثم قام يصلي، فذهب بي النوم، ثم استيقظت فإذا هو في هذه الآية {أفرأيت إن متعناهم سنين. ثم جاءهم ما كانوا يوعدون. ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون} فيبكي، ثم يرجع إليها، فإذا فرغ منها فعل مثل ذلك حتى قلت: سيقتله البكاء، فقلت: لا إله إلا الله والحمد لله كالمستيقظ، فلما سمع ذلك سكت حتى لا أسمع له حساً.
وأخرج محمد بن نصر من طريق هارون بن رئاب -بكسر الراء وياء مهموزة وآخره موحدة- أنه قرأ هذه الآية: {فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا} فجعل يبكي، ويرددها حتى أسحر.(3/195)
وأخرج ابن أبي داود عن جماعة من التابعين أشياء نحو ذلك.
وقد جاء أصل ذلك في حديث مرفوع.
وبه إلى أبي عبيد، ثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن قدامة البكري، أو: قال العامري (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، أنا الحافظ ضياء الدين المقدسي، أنا أبو زرعة اللفتواني، أنا الحسين بن عبد الملك، أنا عبد الرحمن بن الحسن، أنا جعفر بن عبد الله، ثنا محمد بن هارون، ثنا محمد بن بشار وعمرو بن علي قالا: ثنا يحيى بن سعيد (ح).
وأخبرني أبو المعالي الأزهري، أنا أبو العباس الحلبي بالسند الماضي مراراً إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا مروان بن معاوية، ويحيى بن سعيد قالا: ثنا قدامة بن عبد الله، عن جسرة -بفتح الجيم وسكون المهملة- بنت دجاجة العامرية قالت: ثنا أبو ذر رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي يقرآ آية واحدة الليل كله يقوم بها حتى أصبح ويركع ويسجد، فقال القوم لأبي ذر: أية آية؟ فقال: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} لفظ أبي عبيد وساقه الإمام أحمد مختصراً جداً.
وأعاده مطولاً جداً.
وأخرجه أيضاً عن وكيع عن قدامة نحو رواية أبي عبيد.
وأخرجه ابن خزيمة وابن ماجه جميعاً عن يحيى بن حكيم.(3/196)
والنسائي عن نوح بن حبيب عن يحيى بن سعيد نحو أبي عبيد.
وله شاهد أخرجه أحمد من حديث أبي سعيد مختصراً.
وأخرجه سعيد بن منصور من مرسل أبي المتوكل الناجي.
ورواته ثقات، والله أعلم.
(265)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
حدثنا شيخنا، شيخ الإسلام، الحفاظ، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء سادس عشرين ربيع الآخر من شهور سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (وصعق جماعات منهم عند القراءة .. .. إلى آخره).
قلت: أخرج أبو عبيد وأبو بكر بن أبي داود وغيرهما ذلك عن بعض التابعين، وعن كثير ممن بعدهم.
أخبرني أحمد بن الحسن القدسي رحمه الله، أنا أبو عبد الله الدمياطي،(3/197)
أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، عن أبي المكارم الأصبهاني، أنا الحسن بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الله بن إسحاق، ثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا عيسى بن سليم، عن أبي وائل قال: خرجنا مع عبد الله -يعني ابن مسعود- رضي الله عنه ومعنا الربيع بن خيثم، فمررنا على حداد، فقام عبد الله ينظر إلى حديدة في النار، فنظر إليها الربيع فتمايل ليسقط، فمضى عبد الله حتى أتينا على أتون شاطئ الفرات، فلما رآه عبد الله والنار تلتهب فيه قرأ {إذا رأتهم من مكانٍ بعيدٍ سمعوا لها تغيظاً وزفيراً} إلى قوله {ثبوراً} فصعق الربيع فاحتملناه فجئنا به إلى أهله، فرابطه عبد الله إلى الظهر فلم يفق، ثم رابطه إلى العصر فلم يفق، ثم رابطه إلى المغرب فلم يفق، ثم أفاق فتوجه عبد الله إلى أهله.
وأخرج ابن أبي داود عن خليل بن سعد، وكان حسن الصوت بالقرآن، وكان يقرأ عند أم الدرداء، وكان أهل المسجد يجتمعون عندها، وكان أبو أسيد إذا حضر قالت أم الدرداء لخليل: لا تقرأ بآية شديدة تشق على الرجل، وكان يصعق إذا سمع آية شديدة.
قال ابن أبي داود: كان أبو أسيد مستجاب الدعوة، وكان يقال: إنه من الأبدال.
قلت: ذكره ابن عساكر فيمن لم يعرف اسمه، وحكى في همزته الوجهين، والمشهور التصغير، وهو من صغار التابعين، والربيع المذكور قبله من كبارهم.
وأخرج أبو عبيد وابن أبي داود إنكار ذلك عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة وأختها أسماء رضي الله عنهم.(3/198)
ومن التابعين عن جماعات منهم الحسن وابن سيرين.
وبالسند الماضي إلى أبي عبيد، حدثنا كثير، ثنا مخلد بن حسين، عن هشام بن حسان قال: قيل لعائشة رضي الله عنها: إن قوماً يصعقون إذا قرئ القرآن، فقالت: إن القرآن أكرم من أن تنزف عنه عقول الرجال، ولكنه كما قال الله تعالى: {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}.
وقد أشار الشيخ إلى جمع المختلف من ذلك في كتاب ((التبيان)).
وجاء في حديث مرفوع بسند معضل.
وبه إلى أبي عبيد، حدثنا وكيع، حدثنا حمزة الزيات، عن حمران بن أعين قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يقرأ: {لدينا أنكالاً وجحيماً وطعاماً ذا غصةٍ وعذاباً أليماً} فصعق.
وهكذا أخرجه ابن أبي داود عن علي بن محمد بن أبي الخصيب، عن وكيع.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وحمران ضعيف، وقد ذكره ابن عدي في ترجمته من جملة ما أنكر عليه.
وأخرجه من وجه آخر ضعيف عن حمزة، عن حمران، عن أبي حرب بن أبي الأسود.
وزيادة أبي حرب فيه ضعيفة، وهو من ثقات التابعين.
قوله: (ومات جماعات منهم).
قلت: جمع ذلك أبو إسحاق الثعلبي صاحب التفسير المشهور في كتابه ((قتلى القرآن)) فذكر فيه عدداً كثيراً. ومن قديم ذلك:(3/199)
ما أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي رحمه الله قال: أنا الحافظان جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي وعلم الدين القاسم بن محمد البرزالي قالا: أنا المسندان أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر والفخر علي بن أحمد المقدسيان قالا: أنا المسندان أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي وعمر بن محمد بن معمر البغداديان بدمشق قالا: أنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا إبراهيم بن عمر، أنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب، ثنا أبو جعفر أحمد بن علي الخزاز -بمعجمات- ثنا أبو بحر عبد الواحد بن غياث، ثنا أبو جناب القصاب - بفتح الجيم وتخفيف النون وآخره موحدة، واسمه عون بن ذكوان قال: صلى بنا زرارة بن أوفى في صلاة الفجر، فلما بلغ: {فإذا نقر في الناقور} شهق شهقة فمات.
هذا أثر حسن الإسناد، أخرجه الترمذي في أواخر كتاب الصلاة من جامعه من طريق بهز بن حكيم قال: صلى بنا زرارة، فذكر نحوه.
وزاد في آخره: فكنت فيمن حمله.
ومن هذا الوجه ابن أبي داود.
وزرارة من ثقات التابعين متفق عليه، وكان قاضي البصرة رحمه الله تعالى.
[[ويستحب البكاء والتباكي لمن لا يقدر على البكاء، فإن البكاء عند القراءة صفة العارفين .. .. وقد ذكرت آثاراً كثيرة وردت في ذلك في (التبيان في آداب حملة القرآن).]](3/200)
(266)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم في تاريخه أي يوم الثلاثاء رابع جمادى الأولى سنة تاريخه حدثنا شيخ الإسلام، المشار إليه إملاء من حفظه، قال وأنا أسمع:
قوله: (ويستحب البكاء والتباكي لمن لا يقدر على البكاء، فإن البكاء عند القراءة صفة العارفين إلى أن قال: وقد ذكرت آثاراً كثيرة وردت في ذلك في ((التبيان)) ).
قلت: عقد كل من أبي عبيد في كتاب ((فضائل القرآن)) ومحمد بن نصر في كتاب ((قيام الليل)) وأبي بكر بن أبي داود في كتاب ((الشريعة)) لذلك باباً، وذكروا فيه أحاديث مرفوعة وغير مرفوعة، وقد ورد الأمر بذلك في بعض الأحاديث المرفوعة.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي الصالحية بها، عن محمد بن عبد الحميد، أنا إسماعيل بن عبد القوي، أخبرتنا أم الحسن الأندلسية، أخبرتنا أم إبراهيم الأصبهانية، قالت: أخبرنا أبو بكر الضبي، أنا أبو القاسم اللخمي، ثنا عبد الرحمن بن معاوية العتبي، ثنا حبان بن نافع بن صخر، ثنا سعيد بن سالم القداح، ثنا معمر بن الحسن، ثنا بكر بن خنيس، ثنا أبو شيبة، عن عبد الملك بن عمير، عن جرير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني قارئٌ عليكم آياتٍ من آخر سورة الزمر، فمن بكى منكم وجبت له الجنة)) فقرأ من عند قوله: (وما قدروا الله حق قدره) إلى آخر السورة، فمنا من بكى ومنا من لم يبك فقال: الذين لم يبكوا: قد جهدنا يا رسول الله أن نبكي فلم نبك، قال:(3/201)
((فإني سأقرؤها عليكم فمن لم يبك فليتباك)).
هذا حديث غريب، أخرجه الدارقطني في ((الأفراد)) من هذا الوجه.
وقال: تفرد به بكر بن خنيس عن أبي شيبة.
قلت: وهما ضعيفان.
وخنيس بمعجمة ونون مصغر وآخره مهملة.
وأبو شيبة اسمه إبراهيم بن عثمان الواسطي.
ومعمر بالتخفيف.
وحبان بكسر المهملة بغير موحدة.
وقد روى بعض هذا المتن عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الملك بن عمير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني قارئٌ عليكم سورةً فمن بكى فله الجنة)) فقرأها فلم يبكوا حتى أعاد الثانية فقال: ((ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا)).
وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص للمتن دون القصة.
قرأت على أم يوسف المقدسية، عن أبي عبد الله الزراد قال: أنا محمد بن إسماعيل المرداوي، أتنا فاطمة بنت سعد الخير، أنا أبو القاسم الشحامي، أنا أبو سعد الكنجروذي، أنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا أبو يعلى الموصلي، ثنا عمرو الناقد، ثنا الوليد -هو ابن مسلم- حدثنا إسماعيل بن رافع أبو رافع، حدثني ابن أبي مليكة، عن عبد الرحمن بن السائب، قال: قدم علينا سعد بن مالك رضي الله عنه بعد ما كف بصره، فأتيته مسلماً، فانتسبت له، فقال: مرحباً يا ابن أخي بلغني أنك حسن الصوت بالقرآن، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن هذا القرآن نزل بحزنٍ، فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا)).
هذا حديث غريب من هذا الوجه، أخرجه ابن ماجه عن عبد الله بن(3/202)
أحمد بن بشير بن ذكوان، عن الوليد بن مسلم.
وأخرجه محمد بن نصر عن محمد بن يحيى، عن الهيثم بن خارجة، عن الوليد بن مسلم.
فوقع لنا عالياً.
وإسماعيل بن رافع ضعيف.
وقد تابعه عبد الرحمن المليكي -وهو مثله في الضعف- عن ابن أبي مليكة، لكن خالف في اسم ابن السائب.
أخرجه أبو عوانة ومحمد بن نصر وابن أبي داود من طريق المليكي، فقال الأولان: عن عبد الله بن السائب عن سعد. وقال ابن أبي داود في روايته عن عبيد الله بن عبد الله بن السائب بن نهيك.
وقد روى هارون بن دينار والليث بن سعد جميعاً عن ابن أبي مليكة بعض هذا الحديث، وهو قوله: ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)) فقالا في روايتهما عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد.
أخرجه أحمد وأبو داود.
واضطراب فيه في اسم التابعي ونسبه.
واختلف عليه أيضاً في اسم شيخه، فالأكثر على ما قدمناه أنه سعد بن مالك -وهو ابن أبي وقاص- وقيل: عن سعيد بدل سعد، وقيل: عن أبي لبابة، وقيل: عن عائشة، والراجح رواية عمرو والليث.
[[فصل: قراءة القرآن في المصحف أفضل من القراءة من حفظه، هكذا قاله أصحابنا، وهو مشهور عن السلف ]](3/203)
(267)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، حافظ العصر، إمام الحفاظ -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه في يوم الثلاثاء حادي عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
وقد وجدت لقوله: ((إن القرآن نزل بحزنٍ)) شاهداً من حديث بريدة.
أخبرني عبد الله بن عمر الأزهري، عن زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم، عن يوسف بن خليل الحافظ، أنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، أنا أبو علي المقرئ، أنا أحمد بن عبد الله الحافظ، أنا سليمان بن أحمد، ثنا إبراهيم بن هاشم البغوي -واللفظ له- ثنا إسماعيل بن سيف، ثنا عوين بن عمرو القيسي أخو رياح بن عمرو (ح).
وأخبرني أبو بكر بن أبي عمر، أنا عبد الله بن الحسين، أنا إسماعيل بن أحمد، عن عبد الله بن أحمد الخطيب، أنا أبو بكر بن علي، أنا أبو الحسن الحمامي، ثنا أبو بكر الآجري، ثنا جعفر الفريابي، ثنا إسماعيل بن يوسف [سيف] بن عطاء الرياحي، ثنا عون [عوين] بن عون، أنا سعيد الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بالحزن، فإنه نزل بالحزن)).(3/204)
وبه قال سليمان: لم يروه عن الجريري إلا عوين بن عمرو، تفرد به إسماعيل، انتهى.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير عن إسماعيل على الموافقة.
والجريري بالضم مصغر.
وأخرجه ابن أبي داود من طريق أبي جعفر المدني أنه حكى قراءة أبي هريرة {إذا الشمس كورت} يحزنها شبه.
قوله: (فصل: قراءة القرآن في المصحف أفضل من القراءة من حفظه، هكذا قاله أصحابنا، وهو مشهور عن السلف).
قلت: ورد فيه حديثان مرفوعان.
قرأت على فاطمة بنت محمد عن محمد بن عبد الحميد، أنا أبو العز بن عزون، أخبرتنا فاطمة بنت أبي الحسن، أخبرتنا فاطمة الجوزذانية قالت: أنا محمد بن عبد الله بن ريذة، أنا الطبراني، ثنا إبراهيم بن دحيم، ثنا أبي [(ح)].
وبه إلى الطبراني قال: وحدثنا عبدان بن أحمد، ثنا دحيم، عن عبد الرحمن بن إبراهيم الحافظ، ثنا مروان بن معاوية، عن أبي سعيد بن عوذ المكي، عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي، عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجةٍ، وقراءته في المصحف يضاعف ألفي درجةٍ)).
هذا حديث غريب، أخرجه أبو أحمد بن عدي في ترجمة أبي سعيد من الكامل عن عبد الله بن محمد بن سلم عن دحيم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وقال: إنه غير محفوظ.(3/205)
واختلف النقل عن ابن معين في تضعيف أبي سعيد، فنقل ابن عدي أنه قال: لا بأس به.
وذكر الذهبي في الميزان في ترجمة رجاء بن الحارث أنه أبو [سعيد] بن عوذ، وأن ابن معين ضعفه، والذي في الكنى لأبي أحمد الحاكم أنه لا يعرف اسمه، وعلى ذلك جرى ابن عدي.
وبالسند الماضي إلى أبي عبيد في فضائل القرآن قال: حدثنا نعيم بن حماد، ثنا بقية، عن معاوية بن يحيى، عن سليمان بن مسلم، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضل قراءة القرآن نظراً على من يقرؤه ظاهراً كفضل الفريضة على النافلة)).
هذا حديث غريب لم أقف عليه إلا من هذا الوجه، وفي سنده ضعيفان معاوية وسليمان وعنعنة بقية.
وورد في فضل القراءة في المصحف حديث آخر.
قرأت على إمام الحفاظ أبي الفضل بن الحسين رحمه الله عن عبد الله بن محمد العطار فيما قرأ عليه، عن أبي الحسن المقدسي سماعاً، عن أبي المكارم التيمي كتابة، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا محمد بن المظفر، ثنا الحسين بن جبير الواسطي، ثنا إبراهيم بن جابر، ثنا الحر بن مالك، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف)).
وبه قال أبو نعيم: لم يروه عن شعبة إلا الحر، تفرد به إبراهيم بن جابر.(3/206)
قلت: والحر ذكره ابن عدي، وأورد له هذا الحديث وقال: لم يروه عن شعبة إلا الحر وهو قليل الحديث، وهذا عن شعبة منكر.
قلت: وهو موافق لما قاله مسلم في مقدمة صحيحه حيث قال: وعلامة المنكر في حديث المحدث أن يعمد إلى مثل الزهري في كثرة حديثه وكثرة الرواة عنه، فيأتي عنه بما ليس عند أحد منهم.
وورد الأمر بإدامة النظر في المصحف.
قرأت على محمد بن محمد بن محمود الدمشقي بها رحمه الله عن عبد الله بن الحسين الأنصاري سماعاً عليه، أنا إسماعيل بن أحمد عن شهدة، قالت: أنا الحسين بن أحمد بن طلحة، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، ثنا محمد بن عبيد الله بن يزيد، ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، عن سفيان -هو الثوري- عن عاصم -هو ابن أبي النجود-عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أديموا النظر في المصحف.
هذا حديث حسن موقوف على عبد الله، أخرجه أبو عبيد عن زيد بن الحباب، عن إسحاق بن الأزرق.
فوقع لنا بدلاً عالياً، ولله الحمد.(3/207)
[[فصل: جاءت آثار بفضيلة رفع الصوت بالقراءة وآثار بفضيلة الإسرار.
فصل: ويستحب تحسين الصوت بالقراءة. والأحاديث بما ذكرناه في تحسين الصوت كثيرة.]]
(268)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم في يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادى الأولى سنة تاريخه حدثنا شيخ الإسلام، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته، قال وأنا أسمع:
ومما جاء عن السلف في القراءة في المصحف.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، أنا أحمد بن أبي طالب، أنا أبو المنجا بن اللتي، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا أبو الحسن بن داود، أنا أبو محمد بن أعين، أنا عيسى بن عمر، أنا أبو محمد الدارمي، ثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا همام، حدثنا ثابت -هو البناني- قال: كان عبد الرحمن بن أبي ليلى إذا صلى الصبح قرأ في المصحف حتى تطلع الشمس، وكان ثابت يفعله.
هذا أثر صحيح عن هذين التابعيين.
وبالسند الماضي إلى أبي عبيد ثنا حجاج -هو ابن محمد- ثنا حماد -هو ابن سلمة- ثنا علي بن زيد -يعني ابن جدعان- عن يوسف بن مهران،(3/208)
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فيه.
ومما جاء عنهم في فضل القراءة حفظاً:
وبه إلى الدارمي ثنا فروة بن أبي المغراء، ثنا القاسم بن مالك المزني، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن محارب بن دثار، قال: من قرأ القرآن عن ظهر قلب كانت له دعوة في الدنيا، وفي الآخرة، يعني: حجابه.
هذا أثر صحيح، ومحارب ثقة متفق عليه، وهو من خيار التابعين.
وأبوه بكسر المهملة وتخفيف المثلثة.
قوله: (فصل جاءت آثار بفضيلة رفع الصوت بالقراءة، وآثار بفضيلة الإسرار.. إلى آخره).
قلت: أمليت ما ورد في ذلك من الطرفين في باب: القراءة بعد التعوذ بعد قوله: (فصل: أجمع العلماء على الجهر بالقراءة في الصبح إلى أن قال: واختلف أصحابنا في نوافل الليل).
قوله: (فصل: ويستحب تحسين الصوت بالقراءة إلى أن قال: والأحاديث فيما ذكرناه من تحسين الصوت كثيرة).
قرأت على الشيخ أبي الفرج بن حماد رحمه الله، عن أبي الحسن بن قريش سماعاً، أنا أبو الفرج بن الصيقل، عن أبي الحسن الجمال كتابة، أنا أبو علي الحداد، أنا الحافظ أبو نعيم في المستخرج، ثنا أبي -هو عبد الله بن أحمد بن إسحاق- ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا أبو الربيع سليمان بن داود الرشديني، ثنا عبد الله بن وهب، حدثني عمرو بن مالك وحيوة بن شريح، كلاهما عن ابن الهاد -هو يزيد بن عبد الله- (ح).(3/209)
وأخبرني عالياً أبو عبد الله بن منيع، أنا أبو محمد بن أبو التائب، أنا النور البلخي، عن الحافظ أبي طاهر السلفي، أنا أبو غالب الباقلاني، أنا أبو القاسم بن بشران، ثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق، ثنا عبد الله بن أحمد بن زكريا، ثنا يحيى بن محمد، ثنا عبد العزيز بن محمد -يعني: الدراوردي- عن يزيد -يعني: ابن الهاد- عن محمد بن إبراهيم -هو التيمي- عن أبي سلمة -هو ابن عبد الرحمن- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أذن الله لنبيٍ ما أذن لنبيٍ حسن الصوت يتغنى بالقرآن)).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن عمار عن بشر بن الحكم، عن عبد العزيز الدراوردي.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الوجهين.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن ابن الهاد.
وأخرجه أبو داود عن أبي الربيع.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرج الشيخان أصل هذا الحديث من طرق أخرى عن أبي سلمة دون قوله: ((حسن الصوت))، وفي بعضها: ((يجهر به)).
وبه إلى أبي نعيم، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم، ثنا عمي أبو زرعة، ثنا أحمد بن إبراهيم [(ح)].
وبه إلى أبي نعيم قال: وحدثنا به -يعني: عالياً- أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، ثنا يحيى بن سعيد الأموي، ثنا طلحة بن يحيى، عن خاله أبي بردة، عن أبي موسى(3/210)
الأشعري قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم: ((لو رأيتني وأنا أستمع قرآنك البارحة؟ لقد أعطيت مزماراً من مزامير آل داود)).
قلت: يا رسول الله لو علمت أنك تستمع لقراءتي لحبرته لك تحبيراً.
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن داود بن رشيد، عن يحيى بن سعيد.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وبه إلى أبي نعيم حدثنا حبيب بن الحسن، ثنا يوسف القاضي، ثنا عمرو بن مرزوق (ح).
وبالسند الماضي إلى الدارمي، ثنا عثمان بن عمر قالا: حدثنا مالك بن مغول، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد أوتي الأشعري أو أبو موسى مزماراً من مزامير آل داود)).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن مالك بن مغول.
فوقع لنا عالياً بدرجتين، ولله الحمد.
(269)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، المشار إليه إملاء من حفظه(3/211)
كعادته في يوم الثلاثاء خامس عشرين جمادى الأولى من شهور سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
أخبرني الشيخ أبو عبد الرحمن عبد الله بن خليل الحرستاني، ثم الصالحي بها رحمه الله، أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عبد الجبار وأحمد بن محمد بن معالي، قالا: أنا محمد بن إسماعيل خطيب مردا قال: أتنا فاطمة بنت سعد الخير، أنا زاهر بن طاهر، أنا محمد بن عبد الرحمن، أنا محمد بن أحمد النيسابوري، ثنا أحمد بن علي بن المثنى، ثنا سريج بن يونس، ثنا خالد بن نافع، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى: أن النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها مرا بأبي موسى وهو يقرأ في بيته، فقاما يستمعان لقراءته، فلما أصبح أتى أبو موسى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر له، فقال: أما إني يا رسول الله لو علمت لحبرته لك تحبيراً.
هذا حديث حسن من هذا الوجه، وخالد بن نافع مختلف فيه.
أخرجه ابن عدي في ترجمته ونقل الاختلاف فيه.
وهو متابع جيد لرواية طلحة بن يحيى السابقة.
وله شاهد من حديث أنس.
قرأت على شيخ الإسلام أبي الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله:
أنه قرأ على عبد الله بن محمد بن إبراهيم الصالحي بها، عن أبي الحسن بن البخاري سماعاً عليه، أنا محمد بن معمر في كتابه، أنا سعيد بن أبي الرجاء، أنا أحمد بن محمد بن النعمان، أنا محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم، ثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي، ثنا محمد بن أبي عمر العدني بمكة، ثنا بشر -هو ابن السري- ثنا حماد -هو ابن سلمة- عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه: أن أبا موسى كان يقرأ ذات ليلة، فجعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم(3/212)
يستمعن لقراءته، فلما أصبح أخبر بذلك، فقال: لو علمت لحبرته تحبيراً، ولشوقتكن تشويقاً.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم، أخرجه أحمد بن منيع في مسنده، ومحمد بن سعد في الطبقات جميعاً عن يزيد بن هارون، زاد ابن سعد وعفان، كلاهما عن حماد بن سلمة.
فوقع لنا بدلاً عالياً بالنسبة للسماع، وزاد فيه: وكان حلو الصوت.
أخبرني أبو العباس السويداوي رحمه الله، أخبرني أبو عبد الله الدمياطي، أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، عن أبي المكارم اللبان، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم، ثنا أحمد بن محمد بن يوسف، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا عبيد الله بن عمر-يعني: القواريري- ثنا صفوان بن عيسى، ثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، قال: صلى بنا أبو موسى الأشعري صلاة الصبح، فما سمعت صوت صنج ولا بربط كان أحسن صوتاً منه.
هذا موقوف صحيح، أخرجه أبو عبيد في الفضائل، ومحمد بن سعد في الطبقات، كلاهما عن إسماعيل بن إبراهيم قال: أنا سليمان التيمي، أو: نبئت عنه.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
والصنج بفتح الصاد المهملة وسكون النون بعدها جيم من آلات اللهو تشبه المرآة الكبيرة تضرب في مثلها.
وذكر الجوهري أنه يطلق أيضاً على آلة لها أوتار.
والبربط بفتح الموحدتين بينهما راء مهملة ساكنة وآخره طاء مهملة يشبه العود.(3/213)
وكلاهما فارسي معرب.
أخبرني المسند أبو بكر بن أبي عمر الفرضي رحمه الله، أنا عبد الله بن الحسن المقدسي، أنا إسماعيل بن أحمد العراقي، أنا عبد الله بن أحمد الطوسي في كتابه، أنا أحمد بن علي الصوفي، أنا علي بن عمر المقرئ، ثنا أبو بكر بن الحسين، ثنا جعفر بن محمد، ثنا صفوان بن صالح، ثنا محمد بن شبيب، ثنا الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبيد الله: أنه حدثه عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذناً إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته)).
قال الأوزاعي: أذناً، يعني: استماعاً.
هذا حديث حسن، وفي سنده من هذا الوجه انقطاع، أخرجه أبو عبيد عن هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، عن الأوزاعي، ثم قال: وبعضهم يزيد في إسناده رجلاً يقول: إسماعيل عن مولى فضالة، عن فضالة.
قلت: وقع كذلك عند أبي مسلم الكجي في السنن أخرجه عن سليمان بن أحمد، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي.
واسم هذا المولى ميسرة، أخرجه كذلك أحمد عن علي بن بحر.
وابن ماجه عن راشد بن سعيد.
كلاهما عن الوليد بن مسلم.
وكذا أخرجه ابن حبان في صحيحه من رواية دحيم عن الوليد.
وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق سعيد بن هاشم عن الوليد(3/214)
بحذف ميسرة، وقال: صحيح على شرطهما.
قلت: إنما يكون كذلك لو كان موصولاً براوٍ على شرطهما، وميسرة ليس له راوٍ إلا إسماعيل، فليس على شرطهما لو ذكر، فكيف إذا سقط؟!.
والأذن بفتح الهمزة بلا مد وفتح المعجمة بعدها نون.
والقينة بفتح القاف وسكون الياء التحتانية بعدها نون المغنية.
وهذا الحديث يقوي تفسير التغني في الحديث الماضي بحسن الصوت، والله أعلم.
(270)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، المشار إليه -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثالث شهر جمادى الآخرة سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
ومن الأحاديث الواردة في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)).
قرأت على فاطمة بنت المنجا عن سليمان بن حمزة أنا الحافظ ضياء الدين المقدسي أنا عبد الواحد بن القاسم الصيدلاني أنا إسماعيل بن الفضل أنا أبو ظاهر بن عبد الرحيم، أنا عبد الله بن محمد الصائغ، ثنا جعفر بن محمد الفريابي، ثنا أبو بكر بن أبي عتاب، ثنا يحيى بن بكير، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((زينوا القرآن بأصواتكم)).(3/215)
هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، ذكره البخاري في أواخر كتاب التوحيد من صحيحه، قال: باب ((الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة)) وقال: ((زينوا القرآن بأصواتكم)).
وهما حديثان، وقد وصل الأول بمعناه في موضع آخر.
وأخرجه مسلم بلفظه.
وأما الثاني فهو المقصود هنا، وقد ذكره البخاري في كتاب: خلق أفعال العباد، فقال: وروى سهيل بن أبي صالح فذكره.
وأخرجه ابن أبي داود عن البخاري عن يحيى بن بكير.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه، عن عمر بن محمد البجيري، عن البخاري.
وقال جعفر الفريابي بعد تخريجه: دخل على يحيى بن بكير حديث في حديث، يعني: أنه عنده بسند آخر.
وقد ذكر معاوية بن صالح في تاريخه عن يحيى بن معين: أن أحمد بن حنبل سأله عما استفاد بمصر، فذكر له هذا الحديث عن يحيى بن بكير.
وجاء هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عوف، وعن أنس، وكلاهما عند البزار، وبسند كل منهما ضعيف.
وعن ابن عباس عند الطبراني، وفي سنده انقطاع.(3/216)
وعن البراء بن عازب، وهو [أ]صحها.
قرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي بكر الدشتي، أنا يوسف بن خليل الحافظ، أنا أبو المكارم اللبان، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا شعبة، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((زينوا القرآن بأصواتكم)).
هذا حديث حسن صحيح، أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر، ويحيى بن سعيد، كلاهما عن شعبة مطولاً.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه البخاري في كتاب: خلق أفعال العباد، عن محمود بن غيلان، عن أبي داود الطيالسي.
فوقع لنا بدلاً أيضاً بعلو.
وأخرجه أبو داود والنسائي من رواية الأعمش.
وأحمد أيضاً والنسائي من رواية منصور، كلاهما عن طلحة.
وأخرجه النسائي أيضاً وابن ماجه من رواية يحيى بن سعيد.
وله طريق أخرى عن البراء بلفظ آخر.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالسند الماضي قريباً إلى الدارمي، ثنا محمد بن بكير، ثنا صدقة بن أبي عمران، عن علقمة بن مرثد، عن زاذان أبي عمر قال: سمعت البراء بن عازب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(3/217)
((حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً)).
هذا حديث حسن من هذا الوجه، أخرجه ابن أبي داود، عن إسحاق بن إبراهيم بن زيد، عن أبي بكر -وهو محمد بن بكير-.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ولآخره شاهد من حديث ابن مسعود.
أخبرني أبو العباس السويداوي بالسند الماضي قريباً إلى أبي نعيم، ثنا أحمد بن جعفر بن معيد، ثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، ثنا أبو ربيعة -واسمه زيد بن عوف، ولقبه فهد- قال: ثنا سعيد بن زربي، ثنا حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم-يعني: النخعي- عن علقمة -يعني: ابن قيس- قال: كنت رجلاً حسن الصوت، فكان عبد الله بن مسعود يرسل إلي فآتيه فأقرأ، فيقول: رتل فداك أبي وأمي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((حسن الصوت زينة القرآن)).
هذا حديث غريب، أخرجه ابن أبي داود عن أسيد بن عاصم، عن زيد بن عوف.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أيضاً عن أبيه.
وأخرجه البزار عن محمد بن يحيى.
كلاهما عن مسلم بن إبراهيم عن سعيد بن زربي.
قال البزار تفرد به سعيد بن زربي، وليس بقوي.
قلت: وفي أبي ربيعة مقال، لكنه توبع.
وقد أخرجه الطبراني وابن عدي وغيرهما من طرق عن سعيد.(3/218)
ووقع في رواية للطبراني من الزيادة: قال علقمة: فكنت إذا فرغت من قرآني قال: زدنا من هذا، فإني سمعت، فذكره، والله أعلم.
(271)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، إمام الحفاظ العسقلاني، إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء عاشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
أخبرني العماد أبو بكر بن العز المقدسي، أنا عبد الله بن الحسن بن سرور، أنا إسماعيل بن أحمد، عن عبد الله بن أحمد، أنا أحمد بن علي، أنا علي بن عمر، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري، ثنا جعفر بن محمد الصندلي، ثنا صالح بن أحمد بن حنبل: أنه قال لأبيه: ((زينوا القرآن بأصواتكم)): ما معناه؟ قال: تزيينه تحسينه.
قال الآجري: فينبغي لمن رزقه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم أن الله خصه بخير عظيم، فليقرأه لله لا للناس؛ لئلا يكون حسن صوته عليه فتنتة، فليتق الله ويخشاه، ثم ذكر حديث جابر.
أخبرني إبراهيم بن محمد المؤذن، أنا أبو العباس بن أبي طالب، أنا عبد اللطيف بن محمد في كتابه، أنا طاهر بن محمد أنا محمد بن حسين، أنا الزبير بن محمد، أنا علي بن مهرويه، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو عبيد، ثنا قبيصة، ثنا سفيان -هو الثوري- عن ابن جريج، عن ابن طاووس، عن(3/219)
أبيه، وعن الحسن بن مسلم عن طاووس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحسن الناس صوتاً بالقرآن؟ قال: ((الذي إذا سمعته رأيت أنه يخشى الله)).
وبالسند الماضي مراراً إلى الدارمي ثنا جعفر بن عون، ثنا مسعر، عن عبد الكريم، عن طاووس بنحوه.
وهكذا أخرجه محمد بن نصر من رواية وكيع عن مسعر.
وهو مرسل حسن السند.
وجاء من وجه آخر عن طاووس موصولاً.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، أنا أبو العباس بن أبي طالب، أنا عبد الله بن عمر، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا عبد الله بن أحمد، أنا إبراهيم بن خزيم، ثنا عبد بن حميد، ثنا عثمان بن عمر، ثنا مرزوق أبو بكر، عن سليمان الأحول، عن طاووس، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الناس أحسن قراءة؟ قال: ((الذي إذا سمعت قراءته رأيت أنه يخشى الله)).
هذا حديث حسن، أخرجه محمد بن نصر، عن محمد بن يحيى، عن عمر بن أبي عمر عن مرزوق.
وأخرجه ابن أبي داود عن عبد الله بن محمد، عن أبيه عين، عن مرزوق مولى طلحة الباهلي.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
ومرزوق روى عنه جماعة، ووثقه أبو زرعة الرازي.
وفي طبقته شيخ آخر وافقه في اسمه وكنيته، وهو مرزوق أبو بكر(3/220)
التيمي، وهو مجهول، ما روى عنه إلا أبو بكر النهشلي، ولم يخرج لهما من الستة إلا الترمذي، ويتميزان بنسبهما وبمن يروي عنهما.
وللحديث طريق أخرى عن ابن عمر.
قرأت على شيخ الإسلام أبي الفضل بن الحسين الحافظ: أنه قرأ على علي بن أحمد البزار، عن علي بن أحمد المقدسي سماعاً عليه، أنا عبد الصمد بن محمد وبركات بن إبراهيم سماعاً على الأول، وإجازة من الثاني قالا: أنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي، قال الأول: إجازة، والثاني: سماعاً أنا عبد العزيز بن أحمد، ثنا تمام بن محمد، ثنا علي بن يعقوب، ثنا محمد بن حسن، ثنا محمد بن معمر (ح).
وقرأته عالياً على عبد الله بن عمر بن علي، عن زينب بنت أحمد، عن يوسف بن خليل الحافظ، أنا محمد بن إسماعيل، أنا الحسن بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الله، أنا سليمان بن أحمد، ثنا أحمد بن زهير، ثنا محمد بن معمر، ثنا حميد بن حماد، عن مسعر، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: من أحسن الناس صوتاً بالقرآن؟ فذكر مثله.
أخرجه البزار عن محمد بن معمر.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه ابن أبي داود من وجه آخر عن حميد بن حماد.
قال البزار: لم يتابع حميد عليه، وإنما رواه مسعر عن عبد الكريم -يعني: كما تقدم مرسلاً-.
قلت: وحميد فيه ضعف.
وله شاهد من حديث جابر.(3/221)
وبه إلى الآجري، ثنا عمر بن أيوب السقطي، ثنا القواريري، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إبراهيم -هو: ابن مجمع- عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعت قراءته حسبت أنه يخشى الله)).
أخرجه ابن ماجه عن بشر بن معاذ، عن عبد الله بن جعفر.
وأخرجه ابن أبي داود من وجه آخر عن عبد الله بن جعفر - وهو المديني.
وفيه وفي شيخه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ضعف، والله أعلم.
(272)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، قاضي القضاة، إمام الحفاظ -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
ولحديث طاووس شاهد من مرسل الزهري بسند قوي.
وبالسند الماضي إلى الآجري، ثنا جعفر بن محمد الفريابي، ثنا محمد بن الحسن البلخي، ثنا عبد الله بن المبارك، حدثني يونس بن يزيد، عن الزهري قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي(3/222)
إذا سمعته رأيت أنه يخشى الله)).
وبالسند الماضي إلى أبي عبيد، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما تقول في القراءة بالألحان؟ قال: وما بأس بذلك، فذكر قصة عن داود عليه السلام.
وهذا صحيح عن عطاء بن أبي رباح، أحد الفقهاء التابعين من أهل مكة.
أخرجه ابن أبي داود من طريق الوليد بن مسلم عن ابن جريج.
وقد جاء في حديث حذيفة تخصيص ذلك بلحون العرب.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي نصر بن العماد، أنا عبد الحميد بن عبد الرشيد إجازة مكاتبة قال: أخبرنا جدي لأمي الحافظ أبو العلاء العطار، أنا الحسن بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الله، ثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن سعيد بن جابان، ثنا محمد بن مهران الحمال، ثنا بقية بن الوليد، عن حصين بن مالك الفزاري قال: سمعت شيخاً يكنى بأبي محمد، وكان قديماً يحدث عن حذيفة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الكتابين وأهل الفسق، فإنه سيجيء بعدي قومٌ يرجعون بالقرآن ترجيع غناء الرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونةٌ قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم.
هذا حديث غريب، أخرجه أبو عبيد عن نعيم بن حماد، عن بقية.(3/223)
وأخرجه أبو أحمد الحاكم في الكنى عن أحمد بن عبد الرحمن بن خلاد، عن محمد بن مهران.
فوقع لنا بدلاً عالياً في الطريقين.
أخرجه ابن عدي عن الحسين بن عبد الله القطان، عن سعيد بن عمرو، عن بقية.
قال الطبراني: لا يروى عن حذيفة إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية.
قلت: وهو مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين، وما روى عن شيخه حصين أحد غيره، وشيخه أبو محمد لا يعرف اسمه، ولا له إلا هذا الحديث.
وجاء في حسن الصوت بالقراءة حديث ينبغي أن يضم إلى ما تقدم لأبي موسى.
قرأت على أبي الحسن علي بن محمد الدمشقي بالقاهرة، أنا أبو الربيع بن قدامة في كتابه عن الشيخ شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي، أنا أبو زرعة طاهر بن محمد، أنا محمد بن الحسين، أنا أبو طلحة القزويني، أنا أبو الحسن بن سلمة، ثنا أبو عبد الله محمد بن يزيد، ثنا العباس بن محمد الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، حدثني حنظلة بن أبي سفيان: أنه سمع عبد الرحمن بن سابط يحدث عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أبطأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العشاء -يعني في المسجد- ثم جئت فقال: ((أين كنت؟)) قلت: كنت أسمع قراءة سالم رجل من أصحابك لم أسمع مثل قراءته وصوته من أحد، قالت: فقام وقمت معه حتى أستمع له، ثم التفت إلي فقال: ((هذا سالمٌ مولى أبي حذيفة، الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا)).(3/224)
هذا حديث حسن أخرجه محمد بن نصر في قيام الليل عن داود بن رشيد، عن الوليد بن مسلم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وهو من الأحاديث التي انفرد ابن ماجه بإخراجها.
ورجاله رجال الصحيح، لكن عبد الله الرحمن بن سابط كثير الإرسال، وهو تابعي ثقة.
وقد أخرجه عبد الله بن المبارك في كتاب الجهاد عن حنظلة شيخ الوليد فأرسله قال: عن ابن سابط: أن عائشة سمعت سالماً.
وابن المبارك أتقن من الوليد، وقد صححه الحاكم، وخفيت عليه علته.
لكن وجدت له طريقاً أخرى أخرجها البزار من رواية الوليد بن صالح عن أبي أسامة، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، فذكر الحديث دون القصة.
وقال: تفرد به أبو أسامة.
قلت: فإذا انضم إلى السند الذي قبله تقوى به، وعرف أن له أصلاً، فلا يبعد تصحيحه.
وسالم المذكور من المهاجرين الأولين كان مولى امرأة من الأنصار أعتقته سابية قبل الإسلام، فحالف أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة فتبناه، فلما نزلت: {ادعوهم لآبائهم} قيل له: مولى أبي حذيفة، وهو صاحب القصة(3/225)
في رضاع الكبير، وهي في الصحيح.
وهو أحد الأربعة الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عنهم، وهو في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو.
واستشهد سالم وأبو حذيفة معاً باليمامة في خلافة الصديق رضي الله عنهم أجمعين.
[[فصل: ومن البدع المنكرة ما يفعله كثيرون من جهلة المصلين بالناس التراويح من قراءة سورة (الأنعام) بكمالها في الركعة الأخيرة منها في الليلة السابعة، معتقدين أنها مستحبة، زاعمين أنها نزلت جملة واحدة.]]
(273)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، حافظ العصر، قاضي القضاة، مجتهد الزمان، أبو الفضل الشهابي أحمد العسقلاني، إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء رابع عشرين جمادى الآخرة من شهور سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (فصل: ومن البدع المنكرة ما يفعله كثيرون من جهلة المصلين بالناس التراويح من قراءة سورة الأنعام بكمالها في الركعة الآخرة منها في الليلة السابعة معتقدين أنها مستحبة زاعمين أنها نزلت جملة واحدة).(3/226)
قلت: ورد أنها نزلت جملة واحدة في عدة أحاديث، منها:
ما قرأت على أم الحسن بنت محمد بن أحمد الدمشقية بها، عن سليمان بن حمزة، أنا أبو الحسن بن المقير، أنا أبو بكر أحمد بن علي بن الناعم، أنا أبو محمد الموصلي، أنا أبو القاسم بن بشران، ثنا أحمد بن إسحاق، ثنا محمد بن أيوب، ثنا موسى بن إسماعيل وسليمان بن حرب وعلي بن عثمان، قالوا: ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت سورة الأنعام جملة واحدة بمكة وحولها سبعون ألف ملك يحفونها بالتسبيح.
لفظهم سواء إلا سليمان، فلم يقل: بمكة.
هذا حديث حسن، وعلي بن زيد هو ابن جدعان صدوق ضعف من قبل حفظه، لكن لحديثه شاهد، وقد أخرجه أبو عبيد عن حجاج بن محمد، عن حماد بن سلمة.
فوقع لنا موافقة في شيخ شيخه.
وأخرجه ابن المنذر والطبراني من رواية حجاج بن المنهال، عن حماد.
فوقع لنا عالياً.
وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره عن معمر قال: بلغنا فذكره.
قرأت على عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان، عن عبد الله بن الحسين، أنا إبراهيم بن خليل، أنا يحيى بن محمود، أنا محمد بن أبي عدنان، وفاطمة بنت عبد الله، قالا: أنا محمد بن عبد الله الضبي، أنا(3/227)
سليمان بن أحمد بن أيوب، ثنا إبراهيم بن نائلة، ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، عن يوسف بن عطية، عن عبد الله بن عون، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نزلت سورة الأنعام جملة واحدة، الحديث.
أخرجه أبو نعيم في الحلية وابن مردويه في التفسير جميعاً عن سليمان، وذكرا أنه تفرد به يوسف بن عطية، وهو ضعيف جداً.
وله شاهد عن ابن مسعود أخرجه ابن مردويه بسند أضعف منه.
ولأصل الحديث شاهد حسن.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي بالسند الماضي قريباً إلى الطبراني، ثنا محمد بن عبد الله بن عرس، ثنا أبو بكر أحمد بن محمد السالمي، ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، حدثني عمر بن طلحة، حدثني أبو سهيل بن مالك، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نزلت سورة الأنعام على النبي صلى الله عليه وسلم ومعها مركب من الملائكة سد ما بين الخافقين، لهم زجل بالتسبيح والتقديس، والأرض ترتج، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سبحان الله العظيم، سبحان الله العظيم)).
وبه قال الطبراني: لم يروه عن عمر بن طلحة إلا ابن أبي فديك، تفرد به أبو بكر، وكذا قال الدارقطني في الأفراد، وأفاد أنه عمر بن طلحة بن علقمة بن وقاص، وأبو سهيل اسمه نافع، وهو عم الإمام مالك.
وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن أبي بكر أحمد بن محمد بن سالم، فعرفنا أنه نسب إلى جده في رواية الطبراني.
وقرأت على أم يوسف الصالحية بها، عن يحيى بن محمد بن سعد، أنا الحسن بن يحيى المخزومي في كتابه، أنا عبد الله بن رفاعة، أنا أبو(3/228)
الحسن الخلعي، ثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن أحمد بن محمد بن الليث الفقيه الشافعي، ثنا أحمد بن سليمان الجريري -بفتح الجيم- ثنا أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري، ثنا أبو كريب، ثنا مالك بن إسماعيل، ثنا عبد السلام بن حرب، عن ليث -هو ابن أبي سليم- عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت: نزلت سورة الأنعام على النبي صلى الله عليه وسلم ومعها زجل من الملائكة قد ملؤوا ما بين الشرق والغرب، الحديث.
أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده عن جرير، عن ليث بن أبي سليم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الطبراني من رواية سفيان الثوري، عن ليث.
وليث فيه ضعف، وشيخه فيه مقال.
وفي الباب غير هذا من الواهيات ضعفاً وانقطاعاً، وفيما ذكرته كفاية ودلالة على أن [لـ]ـذلك أصلاً، والله أعلم.
[[فصل: يجوز أن يقول: سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة النساء، وسورة العنكبوت، وكذلك الباقي، ولا كراهة في ذلك.]](3/229)
(274)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، الشهابي، العسقلاني، قاضي القضاة،-أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته يوم الثلاثاء مستهل رجب الفرد سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
وقد أخرج الحاكم في فضائل القرآن من المستدرك من حديث جابر رضي الله عنه قال: لما نزلت سورة الأنعام سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق)).
وقال: صحيح على شرط مسلم، ساقه من طريق جعفر بن عون عن إسماعيل بن عبد الرحمن، عن محمد بن المنكدر، عن جابر وقال: إسماعيل هو السدي.
قال الذهب في تلخيصه: لا والله ما هو السدي، فإن جعفراً لم يدركه.
قلت: لعله يريد إدراك السماع منه لا إدراك زمانه، فإنه ولد سنة تسع ومئة، ويقال: سنة تسع عشرة، ومات السدي سنة تسع وعشرين ومئة، فعلى التقديرين كان يمكنه السماع منه، ولا سيما وهما في بلدة واحدة، لكن إنما طلب جعفر العلم بعد الأربعين ومئة.
والذي ظهر لي إن اسم إسماعيل انقلب على بعض رواته، فقد أخرج الحديث المذكور عبد بن حميد في تفسيره، وهو أحد الحفاظ المتقنين عن جعفر بن عون المذكور فقال: عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن المنكدر،(3/230)
فذكره مرسلاً ليس فيه جابر، وهذا أولى.
قال الذهبي في آخر كلامه: أظن الحديث موضوعاً، وليس كما ظن لما قدمته من شواهده، والعلم عند الله عز وجل.
قوله: (فصل: يجوز أن يقول سورة البقرة .. .. إلى آخره).
قلت: أظن مستند من أبى ذلك ورود النهي عن ذلك في الحديث الذي:
قرأت على فاطمة بنت محمد بن قدامة، عن محمد بن محمد بن محمد الفارسي، أنا أبو محمد بن بنيمان، في كتابه، أنا الحسن بن أحمد الحافظ، أنا الحسن بن أحمد المقرئ، أنا أحمد بن عبد الله الأصبهاني، أنا أبو القاسم الطبراني، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا خلف بن هشام البزار، ثنا عيسى بن ميمون، عن موسى بن أنس، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقولوا سورة البقرة، ولا سورة آل عمران، ولا سورة النساء، ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها البقرة، والسورة التي يذكر فيها آل عمران، والسورة التي يذكر فيها النساء، وكذلك القرآن كله)).
قال الطبراني: لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به خلف.
قلت: هو المقرئ من شيوخ مسلم، ولكن شيخه عبيس ضعيف - وهو بمهملتين وموحدة مصغر.
وقد أفرط ابن الجوزي فذكر هذا الحديث في الموضوعات، ولم يذكر له مستنداً إلا تضعيف عبيس، وقول الإمام أحمد: إنه حديث منكر، وهذا لا يقتضي الوضع، وقد قال الفلاس: إنه صدوق يخطئ كثيراً.(3/231)
وقد ترجم البخاري في فضائل القرآن باب: من لم ير بأساً أن يقول سورة البقرة وسورة كذا، ثم ذكر حديث أبي مسعود: ((من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلةٍ كفتاه)) وحديث عمر سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان .. .. الحديث.
وكأنه أشار إلى أن النهي لم يثبت، فيجوز كل من الأمرين.
وقد ثبت اللفظ الآخر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في الحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي من طريق بريد الفارسي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قلت لعثمان رضي الله عنه ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما، فذكر الحديث بطوله، وفيه قول عثمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تنزل عليه الآية فيقول: ((ضعوها في السورة التي يذكر فيها كذا)).
وقد وجدت الحديث أنس في كتاب فضائل القرآن لخلف كما أوردته.
وأخرج فيه عن حزم بن أبي حزم قال: سمعت الحسن يقول: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تدرون أي القرآن أعظم؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم قال: ((السورة التي يذكر فيها البقرة)).
وقد أخرج الشيخان في صحيحهما من طريق الأعمش قال: سمعت الحجاج بن يوسف يقول: لا تقولوا سورة البقرة، ولكن قولوا السورة التي يذكر فيها البقرة، وفيه رد إبراهيم النخعي عليه بحديث ابن مسعود: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة.
قال الشيخ عماد الدين بن كثير: استقر الأمر في المصاحف والتفاسير على استعمال هذا اللفظ مثل سورة البقرة وغيرها.(3/232)
قلت: رأيت في بعض التفاسير استعمال اللفظ الثاني كتفسير الكلبي وعبد الرزاق وأبي محمد بن أبي حاتم، والأكثر على الأول، والله أعلم.
[[وقال بعض السلف: يكره ذلك، وإما يقال السورة التي تذكر فيها البقرة، والتي يذكر فيها النساء، وكذلك الباقي، والصواب الأول، وهو قول جماهير علماء المسلمين من سلف الأمة وخلفها، والأحاديث فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تحصر، وكذلك عن الصحابة فمن بعدهم؛ وكذلك لا يكره أن يقال: هذه قراءة أبي عمرو، وقراءة ابن كثير وغيرهما، هذا هو المذهب الصحيح المختار الذي عليه عمل السلف والخلف من غير إنكار، وجاء عن إبراهيم النخعي رحمه الله أنه قال: كانوا يكرهون سنة فلان، وقراءة فلان.]]
(275)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخنا، شيخ الإسلام، الشهابي، قاضي القضاة، العسقلاني، إمام الحفاظ -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثامن رجب الفرد سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
قوله: (وقال بعض السلف).(3/233)
قلت: عبر في ((التبيان)) بقوله: وقال بعض المتقدمين.
وقد نقل القرطبي في مقدمة تفسيره في باب: تعظيم القرآن وحرمته عن الحكيم الترمذي في ذلك أشياء كثيرة.
منها قوله: ومن حرمته ألا يقال سورة كذا كقوله سورة البقرة وسورة النساء وسورة النحل، ولكن يقال: السورة التي يذكر فيها كذا.
قال القرطبي: وهذا يعارضه حديث الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه، وهو في الصحيحين.
قلت: الجمع ممكن بأن يكون هذا لبيان الجواز وصرف النهي عن التحريم، ولا سيما إذا قلنا بما قال الشيخ: إنه يعمل في الفضائل بالحديث الضعيف.
قوله: (والأحاديث فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تحصر).
قلت: الذي ثبت من ذلك صريحاً ومقدراً لا تبلغ المرفوع منه من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم خمسين حديثاً.
فمن الصريح غير ما تقدم حديث أبي الدرداء ((من حفظ عشر آيات من سورة الكهف -وفي رواية- من أول سورة الكهف)).
وحديث أبي أمامة: ((اقرؤوا الزهراوين)) وفيه تفسيرهما بلفظ سورة البقرة وسورة عمران. وهما في مسلم.
ومن المقدر حديث جابر في قصة الذي أطال الصلاة ((اقرأ بالشمس وضحاها)) وهو في الصحيحين.(3/234)
وحديث عمران ((أيكم قرأ خلفي {سبح اسم ربك الأعلى}؟)).
وهو في مسلم أيضاً.
ومما وقع بحضرته صلى الله عليه وسلم، وأقره حديث عمر في قصته مع هشام بن حكيم قلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان.. الحديث.
وقد تقدم أن البخاري احتج به.
وأما من الصحابة ومن بعدهم فكثير جداً.
قوله: (وكذلك لا يكره أن يقال هذه قراءة أبي عمرو أو قراءة ابن كثير .. .. إلى أن قال: وجاء عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يكرهون [أن يقال] سنة فلان وقراءة فلان).
قلت: أخرجه ابن أبي داود من طريق شعبة، عن مغيرة بن مقسم، عن إبراهيم.
وسنده صحيح إليه، وكأنه أراد ما جاء عن حذيفة.
أخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن المقدسي رحمه الله والإمام العابد أبو محمد إبراهيم بن داود الآمدي قراءة على الأول، ومشافهة من الثاني، قال الأول: أخبرنا أحمد بن كشتغدي، والثاني: أنا محمد بن أحمد بن حمدان، قالا: أنا محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد الحاكم، أنا أبو البركات بن ملاعب، أنا أبو الفضل الأرموي، أنا أبو جعفر بن المسلمة، أنا أحمد بن عثمان بن محمد بن القاسم، ثنا أبو بكر بن أبي داود، ثنا علي بن حرب، ثنا محمد بن فضيل، ثنا حصين -هو ابن عبد الرحمن- عن مرة -هو ابن شراحيل- قال: ذكر لي أن عبد الله -يعني: ابن مسعود وحذيفة وأبا موسى فوق بيت أبي موسى، فأتيتهم فقال عبد الله لحذيفة: أما أنه بلغني(3/235)
أنك صاحب الحديث؟ قال: أجل، كرهت أن يقال قراءة فلان وقراءة فلان، فيختلفون كما اختلف أهل الكتاب.
وهذا إسناد صحيح، وقد بين وجه الكراهية، وكان ذلك قبل أن يجمع عثمان رضي الله عنه الناس على المصحف الذي أمر بكتابته، وأرسل إلى كل مصر نسخة.
والحديث في صحيح البخاري عن أنس عن عثمان وغيره، وفيه أن حذيفة هو الذي أشار على عثمان رضي الله عنهما بذلك.
وبه إلى ابن أبي داود ثنا الحسن بن مدرك، وإسحاق بن إبراهيم بن زيد، قالا: حدثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الشعثاء المحاربي -وهو سليم بن أسود- قال: قال حذيفة: يقول أهل الكوفة: قراءة عبدالله، ويقول أهل البصرة: قراءة أبي موسى، والله لو قدمت على أمير المؤمنين -يعني: عثمان- لأمرته أن يغرقها.
وهذا سند صحيح أيضاً، الأخبار بذلك عن حذيفة كثيرة، وقد استقر الأمر على مصحف عثمان وحصل الأمن مما خشيه حذيفة، فزالت الكراهة بحمد الله تعالى.
[[فصل: يكره أن يقول نسيت آية كذا أو سورة كذا، بل يقول أنسيتها أو أسقطتها.
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن ابن مسعود، رضي الله(3/236)
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقول أحدكم نسيت آية كذا وكذا، بل هو نسي)) وفي رواية الصحيحين أيضاً ((بئسما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)).]]
(276)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا سيدنا، ومولانا، قاضي القضاة، الشهابي العسقلاني، إمام الحفاظ، شيخ الإسلام -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء خامس عشر رجب الفرد سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (فصل: ويكره أن يقول نسيت آية كذا .. .. إلى أن قال: روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقول أحدكم نسيت آية كذا وكذا)) ).
أخبرني المسند أبو المعالي السعودي، أخبرنا أحمد بن محمد، أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، أنا عبد الله بن أحمد، أنا هبة الله بن محمد، أنا الحسن بن علي، أنا أحمد بن جعفر، أنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي (ح).
وقرأت على أبي الفرج بن حماد، عن علي بن إسماعيل سماعاً عليه، أنا أبو الفرج بن الصيقل، أنا أبو الحسن بن أبي منصور في كتابه، أنا أبو علي الحداد، أنا أبو نعيم الأصبهاني، في المستخرج، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو يحيى عبد الرحمن بن محمد الرازي وعبد الله بن محمد بن(3/237)
زكريا، قالا: ثنا سهل بن عثمان، قالا: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق - هو ابن سلمة قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقولن أحدكم نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، وأبي معاوية، وعن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية.
فوقع لنا بدلاً عالياً، ولفظه ((لا يقل)) بغير واو، وكذا وقع لنا من وجه آخر عن الأعمش.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن إسماعيل بن يوسف، وعيسى بن عبد الرحمن، قالا: أنا أبو المنجا البغدادي أنا أبو الوقت، أنا الفضيل بن يحيى، أنا عبد الرحمن بن أحمد بن أبي شريح، ثنا أبو بكر الشافعي، ثنا جعفر بن محمد السمسار، ثنا الحسن بن قزعة، ثنا محمد بن سواء، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن الأعمش، عن أبي وائل -هو شقيق بن سلمة- عن عبد الله -هو ابن مسعود- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يقل أحدكم)) فذكر مثله.
أخرجه ابن حبان في صحيحه عن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل وغيره، عن الحسن بن قزعة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
قال ابن حبان: لم يسند سعيد عن الأعمش غير هذا الحديث.
قلت: وهو من رواية الأقران.
واللفظ الذي ذكره المصنف لم أره في واحد من الصحيحين لا لفظ ((يقول)) ولا لفظ ((آية كذا وكذا)) فينبغي أن يحرر، فإن البخاري لم يخرجه أصلاً، وإنما أخرج الذي بعده.(3/238)
قوله: (وفي رواية في الصحيحين أيضاً ((بئس ما لأحدهم)) ).
أخبرني أبو علي محمد بن محمد بن علي قراءة عليه وأنا أسمع بشاطئ النيل سنة ثلاث وتسعين قال: أخبرتنا ست الوزراء التنوخية وأبو العباس بن الشحنة قالا: أنا الحسين بن أبي بكر، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا عبد الله بن أحمد أنا محمد بن يوسف، أنا محمد بن إسماعيل، ثنا أبو نعيم -هو الكوفي- ثنا سفيان -هو الثوري- (ح).
وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي بكر الدشتي، أنا يوسف بن خليل الحافظ، أنا أبو عبد الله الكراني، أنا الحسن بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الله، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي (ح).
وأخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، أنا أحمد بن أبي طالب، أنا عبد الله بن عمر بن علي بن زيد، أنا أبو الوقت، أنا أبو الحسن بن المظفر، أنا أبو محمد بن أعين، أنا عيسى بن عمر، ثنا أبو محمد الدارمي، ثنا أبو علي الحنفي قالا: ثنا شعبة، كلاهما عن منصور -هو ابن المعتمر- عن أبي وائل، عن عبد الله بن قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت بل هو نسي)).
أخرجه البخاري عن محمد بن عرعرة، عن شعبة، وأشار إلى رواية ابن المبارك.
وأخرجه أحمد عن حجاج بن محمد، ومحمد بن جعفر، وغيرهما.
كلهم عن شعبة.(3/239)
وأخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان، عن أبي داود الطيالسي،
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أبو عوانة في صحيحه عن يونس بن حبيب.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه النسائي عن محمود بن غيلان، عن أبي نعيم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي من رواية جرير عن منصور.
وأخرجه مسلم أيضاً من رواية عبدة بن أبي لبابة عن شقيق، ولفظه: ((بئس ما للرجل أن يقول نسيت سورة كيت وكيت أو آية كيت وكيت، بل هو نسي)).
[[وروينا في صحيحيهما، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقرأ فقال: ((رحمه الله لقد أذكرني آية كنت أسقطتها)) وفي رواية في الصحيح ((كنت أنسيتها)).]]
(277)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل العسقلاني، إمام الحفاظ، قاضي(3/240)
القضاة -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثاني عشرين رجب سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
وقد وقع لي من هذا الوجه عالياً.
وبالسند المذكور آنفاً إلى أبي نعيم في المستخرج، أنا سليمان بن أحمد، أنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، أنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، ثنا عبدة بن أبي لبابة، عن شقيق، قال: سمعت ابن مسعود رضي الله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بئس ما للمرء أن يقول نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسي)).
علقه البخاري لابن جريج.
أخرجه أبو عوانة عن الدبري.
فوقع لي موافقة عالية.
وأخرجه مسلم عن محمد بن حاتم، عن محمد بن بكر، عن ابن جريج.
وكأن الشك المذكور من محمد بن بكر، وعنه أخذ المصنف قوله في الترجمة: سورة كذا.
وقوله: (نسي) ضبط في أكثر الروايات بضم أوله والتشديد، وضبطه بعض الرواة في مسلم بالتخفيف، وكذا رأيته في نسخة معتمدة من مسند أبي يعلى، ومن الشريعة لابن أبي داود، ولا أعرف من ضبطه بالفتح والتخفيف.
قوله: (وروينا في صحيحيهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فقال: ((رحمه الله لقد أذكرني آيةً كنت أسقطتها)) وفي رواية في الصحيح: ((كنت أنسيتها)) ).(3/241)
قلت: هذا اللفظ المختصر عند مسلم خاصة بلفظ ((أنسيتها)) ووقع عنده وعند البخاري بلفظ ((أسقطتها)) أتم من هذا السياق.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن محمد بن أحمد بن الزراد، أنا محمد بن إسماعيل بن أبي الفتح، أنا فاطمة بنت سعد الخير قالت: أنا زاهر بن طاهر، أنا أبو سعد الكنجروذي، أنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا أبو يعلى الموصلي، ثنا إبراهيم -هو ابن الحجاج السامي بالمهملة- ثنا حماد - هو ابن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً قام يقرأ في الليل فرفع صوته، فلما أصبح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله فلاناً كأين من آيةٍ أذكرنيها الليلة كنت قد أسقطتها)).
أخرجه البخاري من رواية علي بن مسهر، ومن رواية عبدة بن سليمان.
وأخرجه مسلم من رواية أبي أسامة.
ثلاثتهم عن هشام بلفظ: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قارئاَ يقرأ من الليل في المسجد قال: ((رحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آيةً أسقطتها من سورة كذا وكذا)).
هذه رواية علي بن مسهر، والآخرين بنحوه.
وأخرجه البخاري أيضاً من رواية عيسى بن يونس عن هشام كذلك، لكن قال: ((أسقطتهن)).(3/242)
وأخبرني عبد الله بن عمر، أنا أحمد بن محمد، أنا أبو الفرج بن الصيقل، أنا أبو محمد بن صاعد، أنا أبو القاسم الكاتب، أنا أبو علي الواعظ، أنا أبو بكر بن مالك، أنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا وكيع، ثنا هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقرأ في المسجد فقال: ((رحمه الله لقد أذكرني آيةً كنت أنسيتها)).
أخرجه مسلم من رواية أبي معاوية وعبدة بن سليمان؛ جميعاً عن هشام هكذا مختصراً.
وأخرجه البخاري من رواية أبي أسامة بنحو رواية علي بن مسهر؛ لكن قال فيه: ((أنسيتها)).
وقال البخاري عقب رواية عيسى بن يونس: وزاد عباد بن عبد الله عن عائشة، فذكر الحديث الذي:
قرأت على فاطمة بالسند المذكور قبل إلى أبي يعلى، ثنا مصعب بن عبد الله، ثنا إبراهيم بن سعد، ثنا محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، وتهجد عباد بن بشر في المسجد، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فقال: ((يا عائشة هذا عباد بن بشر؟)) فقلت: نعم، فقال: ((اللهم ارحم عباداً)).
هذا حديث حسن من هذا الوجه، أخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب ((قيام الليل)) عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، عن عمه(3/243)
يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه.
فوقع لنا عالياً.
وكأن البخاري أشار بهذه الرواية إلى تسمية المبهم في رواية عروة.
وقد قيل إنه غيره، والله أعلم.
(278)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام -أمتع الله بوجوده- المشار إليه إملاء من حفظه في يوم الثلاثاء تاسع عشرين رجب سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الجزري، عن عبد القادر بن يوسف، أنا عبد الوهاب بن ظاهر، أنا الحافظ أبو طاهر السلفي، أنا أبو الحسن الفراء بمصر، عن أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر البخاري، أنا الحافظ عبد الغني بن سعيد بن علي الأزدي المصري، ثنا أبو الطاهر -يعني: محمد بن أحمد بن نصر الذهلي قاضي مصر- ثنا موسى بن هارون، ثنا أبو موسى الأنصاري -هو إسحاق بن موسى- ثنا أبو زرعة الرازي، قال موسى: ثم لقيت أبا زرعة، فحدثني قال: حدثني إبراهيم بن موسى الفراء الرازي، حدثني عبد الله بن سلمة الأفطس، عن أبي جعفر الخطمي -بفتح المعجمة وسكون المهملة واسمه عمير بن يزيد- عن عبد الله بن أبي بكر -يعني: ابن محمد بن عمرو بن حزم- عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها(3/244)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع قارئاً يقرأ فقال: ((صوت من هذا؟)) قالوا: عبد الله بن يزيد، فقال: ((رحمه الله لقد أذكرني آيةً كنت أنسيتها)).
هذا حديث غريب من هذا الوجه، أخرجه عبد الغني في كتاب المبهمات؛ بعد أن أخرج طريق هشام بن عروة التي أسلفت من رواية سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة، ثم قال: الرجل المذكور هو عبد الله بن يزيد الخطمي، ثم ساق هذا الحديث.
وتبعه على ذلك الخطيب في تصنيفه في الأسماء المبهمة، فأخرج الحديث من رواية أخرى عن هشام، ثم أخرج عن يوسف بن رباح بن علي العاصي، عن علي بن بندار، عن أبي الطاهر الحسن بن أحمد، عن إسحاق بن موسى الأنصاري، عن عيسى بن عبد الكريم الرازي -وهو أبو زرعة- بسنده المذكور، وزاد في المتن: ((يقرأ في المسجد)) وقال فيه ((أذكرني آياتٍ أسقطتهن من سورة كذا وكذا)) وقال فيه: ((عبد الله بن يزيد الأنصاري)).
وقد وقع لنا عالياً من وجه آخر.
قرأت على خديجة بنت أبي إسحاق البعلية بدمشق، عن أبي محمد بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعاً، وعن أبي نصر الفارسي كتابة، قالا: أنا أبو الوفاء بن منده في كتابه، أنا أبو الخير الباغبان، أنا أبو عمرو بن أبي عبد الله بن منده، أنا أبي، أنا سهل بن السري قال: ذكر أبو زرعة، عن إبراهيم بن موسى، فذكره.
فوقع لنا عالياً بثلاث درجات في الرواية الأولى.
وفي الرواية الأولى لطيفة، وهي رواية خمسة من الحفاظ في نسق [و] رواية الكبير عن الصغير، وهو إسحاق بن موسى، عن أبي زرعة، ورواية(3/245)
القرين عن قرينه بواسطة، وهو موسى، وأبو زرعة.
وبه إلى الحافظ عبد الغني، ثنا محمد بن علي النقاش من أصله، وكتبه عنه الدارقطني: أن أحمد بن كعب، حدثهم، ثنا أبو حاتم الرازي، ثنا إبراهيم بن موسى، فذكر الحديث بنحو الأول، لكن قال في السند: عن أبي بكر بن حزم.
قال عبد الغني: هكذا اختلف، ففي رواية أبي زرعة عن عبد الله بن أبي بكر، وفي رواية أبي حاتم: عن والده أبي بكر.
قلت: يحتمل أن يكون سقط من الرواية الثانية بين عن وأبي بكر لفظ ((ابن)) فتتفق الروايتان.
وهذا السند لو صح لكان تفسير المبهم المذكور لعبد الله بن يزيد أولى من تفسيره لعباد بن بشر؛ لأنه ليس في قصة عباد بن بشر زيادة على الترحم بخلاف هذه، ففيها زيادة الإذكار وما معه، لكن عبد الله بن سلمة راويها ضعيف جداً، وقد خالفه حماد بن سلمة، وهو أحد الأثبات، فروى عن أبي جعفر الخطمي أنه قال: الرجل المذكور في رواية هشام هو عبد الله بن يزيد الخطمي.
أخرجه علي بن عبد العزيز البغوي في منتخب المسند، هكذا ذكره عن أبي جعفر مقطوعاً، فكأن عبد الله بن سلمة رتب له هذا الإسناد عمداً أو غلطاً، وكأن هذا عمدة من جزم بأنه الخطمي.
وفيه نظر، لأن الخطمي مختلف في صحبته، فنفاها أصلاً مصعب الزبيري، وقال الأثرم: قلت لأحمد: له صحبة صحيحة؟ قال: أما صحيحة فلا، ذلك شيء يرويه أبو بكر بن عياش قال فيه: عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وليس ذلك بشيء.(3/246)
وقال أبو داود: سمعت يحيى بن معين يقول: يقولون: له رؤية.
وقال أبو حاتم: ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فروى عنه.
قلت: وروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري.
وروايته عن غير واحد من الصحابة في الصحيحين وغيرهما.
وقد فرق ابن منده بين عبد الله بن يزيد الخطمي وعبد الله بن يزيد القارئ من أجل هذا الاختلاف؛ لأن من كان صغيراً في ذلك الزمان يبعد أن تقع له القصة المذكورة، لكن ذكر ابن البرقي أن الخطمي شهد الحديبية.
وقال الدارقطني: له ولأبيه صحبة.
وعلى هذا فلا بعد، والله أعلم.
[[فصل: اعلم أن قراءة القرآن آكد الأذكار كما قدمنا، فينبغي المداومة عليها، فلا يخلي عنها يوماً وليلة، ويحصل له أصل القراءة بقراءة الآيات القليلة.
وقد روينا في كتاب ابن السني عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ في يومٍ وليلةٍ خمسين آيةً لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مئة آيةٍ كتب من القانتين، ومن قرأ مئتي آيةٍ لم يحاجه القرآن يوم القيامة، ومن قرأ خمسمئةٍ كتب له قنطارٌ من الأجر)) وفي رواية ((من قرأ أربعين آية)) بدل ((خمسين)) وفي رواية ((عشرين)).]](3/247)
(279)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا، شيخ الإسلام، الشهابي، حافظ الوقت، أبو الفضل، قاضي القضاة، العسقلاني، إملاء من حفظه كعادته يوم الثلاثاء سابع شهر شعبان سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
قوله: (فصل: اعلم أن تلاوة القرآن أفضل الأذكار إلى أن قال: روينا في كتاب ابن السني عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ في يومٍ وليلةٍ خمسين آيةً لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مئه آيةٍ كتب من القانتين، ومن قرأ مئتي آيةٍ لم يحاجه القرآن يوم القيامة، ومن قرأ خمسمئةٍ كتب له قنطارٌ من الأجر)) ).
قلت: أخرجه من طريق ابن لهيعة عن حميد بن مخراق عن أنس.
وسنده ضعيف.
وقد وقع لنا من وجه أقوى من هذا، وبعضه من وجه آخر بسند صحيح.
أخبرني أبو العباس بن أحمد بن أقبرس بن بلغاق الكنجي، ثم الصالحي بها، أنا إسحاق بن يحيى بن إسحاق الآمدي، وأبو العباس أحمد بن المحب المقدسي، قال الأول: أنا الحافظ يوسف بن خليل، وقال الثاني: أنا أبو عبد الله الخطيب المرداوي، قال: الأول: أنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش أنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وقال الثاني: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أنا القاضي أبو(3/248)
بكر بن عبد الباقي، قالا: أنا الحسن بن علي الجوهري، أنا عبد العزيز بن جعفر الخرقي، ثنا قاسم بن زكريا المطرز، ثنا محمد بن عبد الملك -يعني: ابن زنجويه- وأحمد بن إسحاق وأبو حاتم -يعني: الرازي- قالوا: ثنا أبو توبة الربيع بن نافع (ح).
وبه إلى قاسم، ثنا علي بن سعيد النسائي، ثنا عبد الله بن يوسف -يعني: التنيسي- (ح).
وأخبرني به عالياً أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك، أنا أبو الحسن بن علي بن إسماعيل بن إبراهيم بن قريش بقراءة الحافظ أبي الفتوح اليعمري عليه، وأنا أسمع، أنا إسماعيل بن عبد القوي، أتنا فاطمة بنت أبي الحسن، قالت: أتنا أم إبراهيم الأصبهانية بها، قالت: أنا محمد بن عبد الله الضبي، أنا أبو القاسم اللخمي، ثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الله بن يوسف، قالا: حدثنا الهيثم بن حميد، أخبرني زيد بن واقد، أنا سليمان بن موسى، عن كثير بن مرة، عن تميم الداري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ آيةً في ليلةٍ كتب له قنوت ليلةٍ)).
هذا حديث حسن صحيح، أخرجه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه قال: حدثنا أبي إملاء، قال: كتب إلي الربيع بن نافع به.
فوقع لنا موافقة في الرواية الأولى، وعالياً لاتصال السماع، وبدلاً عالياً في الرواية الأخرى، وبدرجة في الأخيرة.
وأخرجه أبو يعلى عن محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة، عن الربيع بن نافع.
فوقع لنا بدلاً عالياً على التفصيل المذكور.
وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن إبراهيم بن يعقوب، عن أبي(3/249)
توبة، وعبد الله بن يوسف جميعاً.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين أو ثلاث.
وأخرجه سعيد بن منصور في السنن، ومحمد بن نصر في قيام الليل، عن محمد بن يحيى الذهلي، عن سعيد، ثنا إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن فضالة بن عبيد وتميم الداري رضي الله عنهما، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث مطولاً، وزاد في أوله: من قرأ بعشر آياتٍ)) وسيأتي ذكرها بعد، وقال: ((ثلاثمئة)) بدل: ((مئتي)) وقال بدل خمسمئة: ((ألف آية)).
وإسماعيل فيه مقال، لكن روايته عن الشاميين قوية، وهذا منها.
وقد تابعه يحيى بن حمزة أحد رجال الصحيح، عن يحيى بن الحارث، لكن وقفه.
ومثله لا يقال من قبل الرأي فله حكم المرفوع.
أخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، أنا أحمد بن أبي طالب، أنا عبد الله بن عمر، أنا عبد الأول، أنا أبو الحسن بن المظفر، أنا أبو محمد بن حمويه، أنا عيسى بن عمر، أنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ثنا يحيى بن بسطام، ثنا يحيى بن حمزة، ثنا يحيى بن الحارث، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن فضالة بن عبيد، وتميم الداري، قالا: من قرأ في ليلة بعشر آيات كتب من المصلين.
وبه إلى فضالة وتميم قالا: من قرأ في ليلة بخمسين آية كتب من الحافظين، ومن قرأ في ليلة بمئة آية كتب من القانتين، ومن قرأ في ليلة بألف(3/250)
آية كتب له قنطار من الأجر، القيراط من القنطار خير من الدنيا وما فيها.
وله شاهد مرسل بسند صحيح.
وبه إلى الدارمي، ثنا أبو النعمان -هو محمد بن الفضل- ثنا وهيب -هو ابن خالد- عن يونس -هو ابن عبيد- عن الحسن -هو البصري-: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكر الحديث بتمامه نحو رواية أنس، لكن قال في آخره: ((بألف آية إلى خمسمئة)).
وله شواهد أخرى تذكر بعد.
قوله: (وفي رواية: من قرأ أربعين آية بدل خمسين).
قلت: أخرجها ابن السني من رواية يزيد الرقاشي عن أنس.
ويزيد ضعيف. وقد أخرجها محمد بن نصر من وجه آخر عن الرقاشي فقال: خمسين كالأول.
قوله: (وفي رواية عشرين).
قلت: أخرجها ابن السني من وجه ثالث عن الرقاشي فقال: عشرين بدل خمسين، والله أعلم.
[[وفي رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ عشر آياتٍ لم يكتب من الغافلين)). وجاء في الباب أحاديث كثيرة بنحو هذا.]](3/251)
(280)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، إمام الحفاظ، الشهابي، العسقلاني، قاضي القضاة -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء رابع عشر شعبان سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
قوله: (وفي رواية عن أبي هريرة: ((من قرأ عشر آياتٍ)) ).
قلت: لم يذكر الشيخ من أخرجها، وهي عند ابن السني بسند حسن.
وأخرجها أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو.
أخبرني المسند أبو علي محمد بن أحمد بن علي بن عبد العزيز المهدوي، أنا يوسف بن عمر بن حسين الختني -بضم المعجمة وفتح المثناة، ثم نون مخففاً-قال: أنا الحافظ أبو محمد عبدالعظيم بن عبد القوي المنذري، أنا عمر بن محمد بن حسان، أنا أبو البدر إبراهيم بن محمد بن منصور، أنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب (ح).
قال شيخنا: وأخبرنا عالياً يونس بن أبي إسحاق إجازة إن لم يكن سماعاً عن أبي الحسن بن المقير، عن الفضل بن سهل، عن الخطيب، أنا أبو عمر الهاشمي، أنا أبو علي اللؤلؤي، ثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، ثنا أحمد بن صالح (ح).
وأنا عالياً أيضاً أبو العباس بن أبي بكر بن العز الصالحي في كتابه منها غير مرة، عن محمد بن علي بن ساعد، أنا يوسف بن خليل الحافظ، أنا محمد بن أبي زيد، أنا محمود بن إسماعيل، أنا أحمد بن محمد(3/252)
الأصبهاني، ثنا سليمان بن أحمد بن أيوب، ثنا أحمد بن رشدين، ثنا أحمد بن صالح، أنا ابن وهب، أنا عمرو بن الحارث: أن أبا سوية أخبره أنه سمع ابن حجيرة يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قام بعشر آياتٍ لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمئة آيةٍ كتب من القانتين، ومن قام بألف آيةٍ كتب من المقنطرين)).
لفظ أبي داود، وقال بعد تخريجه: اسم ابن حجيرة الأصغر عبد الله بن عبد الرحمن قاضي مصر، انتهى.
وهذا يوهم أن اسم الذي أبهم في هذا السند عبد الله بن عبد الرحمن، وليس كذلك، وإنما هو أبوه عبد الرحمن، وأما ابنه عبد الله فلم يدرك عبد الله بن عمرو.
وإلى ذلك أشار أبو داود بقوله الأصغر، وهي إشارة خفية جداً.
وقد أخرج النسائي من رواية عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة، عن أبيه، عن أبي هريرة حديثاً غير هذا، صرح فيه باسمهما.
وأكثر ما يأتيان في الرواية بالإبهام، ويتميزان بالأصغر والأكبر، وقد يأتي مطلقاً فيتميز بالطبقة.
وحجير بالمهملة ثم الجيم مصغر.
وأبو سوية الراوي عن عبد الرحمن بفتح المهملة وكسر الواو وتشديد المثناة من تحت اسمه حميد [عبيد] بن سوية.
وقد أخرج حديثه هذا ابن خزيمة في صحيحه، عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الطريق الثانية.(3/253)
وقال: لا أعرف أبا سوية بعدالة ولا جرح.
وأخرجه ابن حبان من رواية حرملة عن عبد الله بن وهب، لكن وقع عنده أبو سويد بالدال مصغر، وقال: اسم أبي سويد عبيد بن سويد، قال: ومن قال أبو سوية فقد وهم.
وعكس غيره، وهو المحفوظ، وبه جزم الحاكم أبو أحمد في الكنى.
نعم وقع في بعض النسخ أبو سويد بالدال في أبي داود وفي الطبراني.
والحديث حسن في الجملة لشواهده.
وبالسند الماضي قريباً إلى الدارمي، ثنا أبو النعمان -هو محمد بن الفضل- ثنا حماد بن زيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: من قرأ في ليلة بعشر آيات كتب من الذاكرين، وقرأ في ليلة بمئة آية كتب من القانتين، ومن قرأ بخمسمئة إلى الألف أصبح وله قنطار من الأجر.
هذا موقوف صحيح، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط من وجه آخر عن أبي سعيد مرفوعاً، لكنه من رواية عطية بن سعد العوفي، وهو ضعيف.
قوله: (وجاء في الباب أحاديث كثيرة بنحو هذا).
قلت: ذكرت منها عدة فيما مضى.
ومنها حديث أبي الدرداء.
وبه إلى الدارمي، ثنا محمد بن القاسم، ثنا موسى بن عبيدة، ثنا محمد بن إبراهيم، عن يحنس مولى الزبير، عن سالم، أخي أم الدرداء في الله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(3/254)
((من قرأ بمئة آيةٍ في ليلةٍ لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ بمئتي آيةٍ كتب من العابدين، ومن قرأ بألف آيةٍ إلى خمسمئةٍ كتب له قنطارٌ من الأجر)).
هذا حديث غريب من هذا الوجه، أخرجه الطبراني من رواية موسى بن أعين ومن رواية زيد بن الحباب ومن رواية وكيع ومن رواية قران بن تمام أربعتهم عن موسى بن عبيدة.
فوقع لنا عالياً.
قال بعضهم: راشد، بدل: سالم.
وموسى ضعيف من قبل حفظه.
ويحنس بضم الياء التحتانية وفتح المهملة وكسرها وكسر النون الثقيلة وآخره مهملة: مدني ثقة.
وجاء الحديث أيضاً من رواية أبي أمامة، ومن رواية عبادة بن الصامت وهما عند الطبراني.
ومن حديث ابن عمر ومن حديث ابن مسعود وهما عند الدارمي موقوفين.
وبعضه من حديث سهل بن سعد عند ابن عدي.
ومن حديث جابر عند أبي يعلى.
ومن حديث ابن عباس عند أبي داود، والله أعلم.(3/255)
[[وروينا أحاديث كثيرة في قراءة سورة في اليوم والليلة منها: يس، وتبارك الملك، والواقعة، والدخان.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ يس في يومٍ وليلةٍ ابتغاء وجه الله غفر له)).
وفي رواية له ((من قرأ سورة الدخان في ليلةٍ أصبح مغفوراً له)).]]
(281)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم في يوم الثلاثاء حادي عشرين شعبان سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، إمام الحفاظ، الشهابي، قاضي القضاة، العسقلاني، إملاء من حفظه كعادته، قال وأنا أسمع:
قوله: (وروينا أحاديث كثيرة في قراءة سور في اليوم والليلة .. .. إلى آخره).
أخبرني المسند أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبيد الله المقدسي، ثم الصالحي بها فيما قرأت عليه وكتب إلينا أبو الخير بن الحافظ أبي سعيد من بيت المقدس قالا: أنا عبد الله بن الحسين الأنصاري سماعاً، قال الأول: فإن لم فإجازة، أنا إبراهيم بن خليل، أنا يحيى بن محمود، أنا أبو عدنان بن أبي نزار وفاطمة بنت عبد الله، قالا: أنا محمد بن عبد الله التاجر، أنا أبو القاسم الطبراني في المعجم الصغير، ثنا حميد بن أحمد بن(3/256)
عبد الله الواسطي، ثنا وهب بن بقية، ثنا أغلب بن تميم، عن جسرٍ أبي جعفر، عن غالب القطان، عن الحسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ (يس) في يومٍ وليلةٍ ابتغاء وجه الله غفر له)).
هذا حديث غريب.
وجسر بفتح الجيم وسكون المهملة ضعيف، وكذلك الراوي عنه، لكن لم ينفرداً به.
وبه قال الطبراني: لم يدخل بين جسرٍ وغالب القطان إلا أغلب.
قلت: وقع لنا بحذفه من طريق أعلى من هذه إلى جسرٍ.
أخبرني أبو الفرج بن حماد، أنا أحمد بن منصور الجوهري، أنا الفخر علي المقدسي، أنا أحمد بن محمد القاضي في كتابه، أنا الحسن بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الله، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا سليمان بن داود، ثنا جسر أبو جعفر، عن الحسن، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من قرأ (يس) في ليلةٍ التماس وجه الله غفر له)).
وهكذا رواه محمد بن جحادة -بضم الميم وتخفيف المهملة- أحد الثقات عن الحسن.
وبالسند الماضي قريباً إلى الدارمي، ثنا الوليد بن شجاع، حدثني أبي، ثنا زياد بن خيثمة، عن محمد بن جحادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، فذكر مثله، وزاد في آخره: ((تلك الليلة)).
هذا حديث حسن، أخرجه ابن مردويه في تفسيره من رواية محمد بن نصر الصائغ.(3/257)
وتمام الرازي في فوائده من رواية عباس بن محمد.
كلاهما عن الوليد بن شجاع.
فوقع لنا عالياً.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن محمد بن إسحاق الثقفي عن أبي همام الوليد بن شجاع.
فوقع لنا بدلاً عالياً، لكن خالف في اسم الصحابي فقال: عن جندب، بدل أبي هريرة.
وأخرجه الضياء المقدسي في المختارة من طريق صحيح ابن حبان.
ثم قال: كذا قال عن جندب، وما أظنه إلا وهماً، ثم ذكر رواية محمد بن نصر من تفسير ابن مردويه، وكأنه لم يستحضر طريق الدارمي ولا تمام، فهؤلاء ثلاثة من الحفاظ خالفوا رواية ابن حبان، لكن لا أدري هل الوهم فيه منه، أو من شيخه.
وقد أخرجه ابن السني وابن مردويه من وجه آخر، عن أغلب بن تميم، عن أيوب السختياني، وهشام -هو ابن حسان- ويونس بن عبيد ثلاثتهم، عن الحسن، عن أبي هريرة.
وأخرجه الدارمي أيضاً من رواية سليمان التيمي أنه بلغه عن الحسن وسيأتي بعد هذا من رواية أبي المقدام، عن الحسن.
وأخرجه الدارمي أيضاً عن محمد بن المبارك، عن صدقة بن خالد، عن يحيى بن الحارث، عن أبي رافع، فذكره مقطوعاً، ومثله لا يقال من(3/258)
قبل الرأي، فله حكم المرفوع.
وأخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) من طريق الحارث بن سويد، عن عبد الله بن مسعود مرفوعاً مثل الأول.
وفي سنده أبو مريم، فإن كان الجامع فهو ضعيف جداً.
قوله: (وفي رواية له -يعني: لأبي هريرة- قال: ((من قرأ سورة الدخان في ليلةٍ أصبح مغفوراً له)).
قلت: أخرجه ابن السني من رواية مصعب بن المقدام، عن أبي المقدام، عن الحسن، عن أبي هريرة.
وأبو المقدام اسمه: هشام بن زياد ضعيف.
وقد وقع لنا عالياً عنه.
قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، أنا أبو الحسن بن المقير، أنا أبو بكر بن الناعم، أنا هبة الله بن أحمد، أنا عبد الملك بن محمد، ثنا أحمد بن إسحاق، ثنا محمد بن أيوب بن الضريس، ثنا عمار بن هارون، عن أبي المقدام، عن الحسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ (يس) و (حم) الدخان ليلة الجمعة أصبح مغفوراً له)).
وأخرجه الترمذي من وجه آخر عن أبي المقدام، لكن ليس فيه (يس) وفيه التقييد بالجمعة.
وأخرجه مطلقاً من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة، وقال في آخره: ((يستغفر له سبعون ألف ملك)) واستغربه من الوجهين، ونقل تضعيف أبي(3/259)
المقدام، وقال: سمعت محمداً -يعني: البخاري- يقول: هو منكر الحديث، وكذا قال في راوي الحديث الثاني، وهو عمر بن أبي خثعم.
وبه إلى ابن الضريس، ثنا موسى بن إسماعيل، وعلي بن عثمان، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن أبي سفيان طريف السعدي، عن الحسن، فذكره مرسلاً، أطلقه أحدهما وهو موسى، وقيده الآخر بليلة الجمعة، وقال: ((غفر له ما تقدم من ذنبه)).
وبه إلى الدارمي ثنا يعلى -هو ابن عبيد- ثنا إسماعيل -هو ابن أبي خالد- عن عبد الله بن عيسى قال: أخبرت أنه من قرأ (حم) الدخان ليلة الجمعة إيماناً وتصديقاً أصبح مغفوراً له.
وهذا شاهد جيد لحديث أبي هريرة، والله أعلم.
[[وفي رواية عن ابن مسعود رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قرأ سورة الواقعة في كل ليلةٍ لم تصبه فاقة)).]]
(282)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، أبو الفضل، المشار إليه إملاء من حفظه(3/260)
كعادته في يوم الثلاثاء ثامن عشرين شعبان سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
أخبرني المسند الأصيل ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم بن الحسن الشروطي رحمه الله، قال: أنا أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن عبد الهادي، أنا أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، أنا عمر بن محمد بن طبورد، أنا أبو منصور عبد الرحمن بن عبد الواحد القزاز، أنا الحافظ أبو بكر بن علي بن ثابت، أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حمدان الأصبهاني (ح).
وقرأته عالياً على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي نصر الفارسي، أنا أبو الحسن علي بن محمود بن الصابوني في كتابه، أنا الحافظ أبو طاهر السلفي، أنا أبو مسعود محمد بن عبد الله السوذرجاني، أنا أبو عبد الله بن حمدان، أنا عبد الله بن محمد الفايجاني (ح).
وبه إلى السلفي قال: وأخبرنا الفضل بن علي بن بندار، أنا أبو بكر محمد بن أحمد الذكواني قالا: أنا عبد الله بن محمد بن إبراهيم، أنا عيسى بن إبراهيم بن صالح العقيلي، ثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني، ثنا بكر بن خنيس العابد، ثنا إسماعيل بن رافع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ (آل حم)) ).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ (حم) الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفوراً له)).
هذا حديث غريب، وإسماعيل بن رافع هو أبو رافع المتقدم في رواية الدارمي، وقد صرح عنه بكر برفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وسنده معضل، فإن إسماعيل من أتباع التابعين، وهو مع ذلك ضعيف الحفظ، وكذا الراوي عنه بكر بن خنيس.
وأبوه بخاء معجمة ثم نون مصغر وآخره سين مهملة.
وقد توبع عن أبي رافع كما تقدم، وكذا أبو رافع.(3/261)
ومن شواهده حديث أبي أمامة مثله في (حم) الدخان، ولفظه: ((في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بيتاً في الجنة)).
أخرجه ابن مردويه.
قوله: (وفي رواية عن ابن مسعود .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو محمد إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، أنا أحمد بن أبي طالب، عن عبد اللطيف بن محمد، أنا طاهر بن محمد، أنا محمد بن الحسين، أنا الزبير بن محمد، أنا علي بن محمد، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو عبيد بن سلام، ثنا عمرو بن طارق، ثنا السري بن يحيى، عن شجاع (ح).
وقرأت على أم عيسى مريم ابنة الشهاب الأذرعي، عن علي بن عمر الواني سماعاً، وهي آخر من حدث عنه بالسماع، قالت: أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي سبط السلفي، وهو آخر من حدث عنه بالسماع، أنا جدي لأمي الحافظ أبو طاهر السلفي، وهو آخر من حدث عنه بالسماع، أنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي، أنا عبد الواحد بن أحمد، أنا أبو أحمد الجرجاني، أنا القاسم بن أبي صالح الهمداني، ثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي، ثنا عمرو بن الربيع بن طارق -والسياق لهذه الرواية- قال: ثنا السري بن يحيى، عن أبي شجاع، عن أبي طيبة، قال: مرض عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فعاده عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقال له: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي، قال: أما تشتهي؟ قال: رحمة ربي، قال: ألا أدعو لك الطبيب؟ قال: مرضني الطبيب، قال: ألا آمر لك بعطاء؟ قال: لا حاجة لي فيه، قال: يكون لبناتك، قال: أتخشى على بناتي الفقر وقد أمرت بناتي أن يقرأن في كل ليلة سورة الواقعة، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قرأ سورة الواقعة في كل ليلةٍ لم تصبه فاقةٌ أبداً)).(3/262)
وفي رواية أبي عبيد المذكورة إلى أبي طيبة، عن عبد الله بن مسعود قال: إني قد أمرت بناتي إلى آخره، ولم يذكر ما قبله.
هذا حديث غريب، أخرجه عبد الله بن وهب في جامعه عن السري بن يحيى، عن أبي شجاع.
وأخرجه أبو بكر بن أبي داود وعلي بن سعيد العسكري، كلاهما في كتاب ثواب القرآن. من طريق ابن وهب.
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما، وابن السني في عمل اليوم والليلة، والبيهقي في الشعب، وابن عبد البر في التمهيد، وابن مردويه، والثعلبي في التفسير، كلهم بأسانيد تدور على السري بن يحيى.
واختلفوا على شيخه كما اختلف على عمرو بن الربيع بن طارق، فقال بعضهم: عن شجاع، وبعضهم: عن أبي شجاع، والثاني هو المعتمد.
وجوز أبو الحسن بن القطان في بيان ما في الأحكام أنه سعيد بن يزيد الإسكندراني، وهو الذي رجح عندي بعد البحث الشديد.
واختلفوا في ضبط شيخه، فعند الأكثر بفتح الطاء المهملة وسكون الياء التحتانية بعدها موحدة مفتوحة، وضبطه البيهقي بالمعجمة وتقديم الموحدة، والأول المعتمد، وهو عيسى بن سليمان الجرجاني كما جزم به ابن أبي حاتم.
ونقل ابن الجوزي عن الإمام أحمد أنه سئل عن أبي شجاع، وأبي طيبة في هذا الحديث فقال: لا أعرفهما.(3/263)
ووها ابن الجوزي هذا الحديث كذلك.
وأما البيهقي فقال: أبو ظبيبة شيخ مجهول، فالحديث عنده ضعيف لذلك.
والذي يترجح أن ضعفه بسبب الانقطاع، فإن أبا طيبة الجرجاني لم يدرك ابن مسعود، وأقل ما بينهما راويان، فيكون السند معضلاً.
ولم أجد لهذا المتن شاهداً إلا شيئاً أخرجه أبو عبيد.
وبهذا السند إلى أبي عبيد ثنا حسان بن عبد الله عن سليمان التيمي قال: قالت عائشة رضي الله عنها للنساء: لا يعجز إحداكن أن تقرأ سورة الواقعة.
وهذا مع كونه موقوفاً منقطع السند، والله أعلم.
وأخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب من حديث أنس رفعه ((من قرأ سورة الواقعة وتعلمها لم يكتب من الغافلين)). وسنده ضعيف جداً.
وأخرج أبو بكر بن لال من حديث ابن عباس رفعه ((من قرأ سورة الواقعة كل ليلةٍ لم تصبه فاقةٌ)). وسنده أيضاً ضعيف جداً.
[[وعن جابر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام كل ليلة حتى يقرأ ألم تنزيل الكتاب، وتبارك الملك.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ في ليلة إذا زلزلت الأرض كانت له كعدل نصف القرآن، ومن قرأ قل يا أيها الكافرون كانت له كعدل ربع القرآن، ومن قرأ قل هو الله أحدٌ كانت له كعدل ثلث القرآن)).]](3/264)
(283)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، حافظ العصر، مفتي الأنام، أبو الفضل، الشهابي، أحمد بن علي بن حجر الشافعي، المشار إليه -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء رابع شوال سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (وعن جابر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام كل ليلة حتى يقرأ: {الم تنزيل الكتاب} و{تبارك .. .. الملك}).
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي رحمه الله فيما قرأت عليه بالقاهرة، وإبراهيم بن محمد الدمشقي فيما قرأت عليه بمكة، كلاهما عن أبي العباس بن أبي طالب فيما سمعا عليه مفترقين قال: أنا عبد الله بن عمر، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا أبو محمد بن أعين، أنا إبراهيم بن خزيم، أنا عبد بن حميد، ثنا حسين بن علي -هو الجعفي- ثنا زائدة -هو ابن قدامة- واللفظ له.
وقرأت عليهما بهذا السند إلى ابن أعين، أنا عيسى بن عمر، أنا أبو محمد الدارمي، ثنا أبو نعيم -هو الكوفي- ثنا سفيان -هو الثوري- كلاهما عن ليث -هو ابن أبي سليم- حدثني أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ: {ألم تنزيل} السجدة و{تبارك الذي بيده الملك}.
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، أنا أبو(3/265)
الحسن بن المقير، أنا أبو بكر الناعم، أنا هبة الله الموصلي، أنا أبو القاسم بن بشران، أنا أحمد بن إسحاق، ثنا محمد بن أيوب، ثنا عبد الرحمن بن المبارك، ثنا عبد الوارث -هو ابن سعيد- عن ليث، فذكر نحوه.
وبه إلى عبد الوارث، عن ليث بن أبي سليم قال: قال طاووس: إن هاتين السورتين فضلتا على غيرهما من السور بستين حسنة.
هذا حديث غريب من حديث أبي الزبير، عن جابر، وفي علتان: عنعنة أبي الزبير وضعف ليث.
أخرجه أحمد عن أسود بن عامر عن حسن بن صالح.
وأخرجه الترمذي من رواية فضيل بن عياض.
وأخرجه ابن السني من رواية عبد الواحد بن زياد.
ثلاثتهم عن ليث.
فوقع لنا عالياً من الطريقين.(3/266)
قال الترمذي: غريب رواه غير واحد عن ليث، وتابعه مغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير.
وقال زهير بن معاوية: قلت لأبي الزبير: سمعت جابراً بهذا؟ فقال: إنما أخبرنيه صفوان، أو ابن صفوان عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر أن يكون عن جابر.
قلت: زهير هذا هو أبو خيثمة الجعفي الكوفي، وهو من كبار الحفاظ الأثبات، وكأن ليثاً ومغيرة سلكا الجادة؛ لأن أبا الزبير مكثر عن جابر.
وقد وصل رواية مغيرة النسائي في اليوم والليلة.
ووصل رواية زهير أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، أخرجه في ترجمة صفوان غير منسوب عن علي بن الجعد عن زهير وقال: لا يعرف إلا من هذا الوجه، ويقال: إن صفوان مكي.
وقال غيره: هو شامي، روى عنه أبو الزبير حديثاً غير هذا فقال: عن صفوان بن عبد الله عن أم الدرداء.
وعلى هذا فهو مرسل، أو معضل.
والذي يظهر لي أن راوي هذا الحديث عن (غير) صفوان بن عبد الله لتردد أبي الزبير، حيث قال: صفوان أو ابن صفوان.
وأما أثر طاووس فأخرجه الترمذي وابن السني عقب روايتهما المذكورة.
وأخرجه الدارمي من رواية معتمر بن سليمان، عن ليث.
وله طريق أخرى عن طاووس.
وبه إلى محمد بن أيوب، ثنا علي بن الحسن، ثنا عامر بن يساف، عن(3/267)
يحيى بن أبي كثير، قال: كان طاووس لا ينام حتى يقرأ تنزيل وتبارك الملك، ويقول: إن كل آية منهما تشفع ستين آية، أي: تعدل ستين آية.
قوله: (وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ في ليلةٍ {إذا زلزلت} كانت له بعدل نصف القرآن .. .. )) ) الحديث.
قلت: أخرجه ابن السني من رواية أبي سلمة عن أبي هريرة.
وفي سنده راوٍ شديد الضعف.
وقد وقع لنا من وجه آخر أقوى منه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن أقبرس الكنجي رحمه الله بصالحية دمشق: أن صالح بن يحيى الآمدي أخبرهم، أنا يوسف بن خليل الحافظ، أنا أبو القاسم بن بوش، أنا أبو طالب بن يوسف، أنا الحسن بن علي الجوهري، أنا عبد العزيز بن جعفر الخرقي، ثنا قاسم بن زكريا البغدادي، ثنا محمد بن موسى الحرشي -بفتح المهملتين ثم شين معجمة- ثنا الحسن بن سلم بن صالح العجلي، ثنا ثابت البناني، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ {إذا زلزلت} عدلت له بنصف القرآن، ومن قرأ {قل يا أيها الكافرون} عدلت له بربع القرآن، ومن قرأ {قل هو الله أحدٌ} عدلت له بثلث القرآن)).
أخرجه الترمذي عن محمد بن موسى.
فوقع لنا موافقة عالية.
وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن سلم.
وفي الباب عن ابن عباس. انتهى.
وسلم والد الحسن بفتح المهملة وسكون اللام.(3/268)
وحديث ابن عباس أخرجه الترمذي.
وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن مقتصراً على {إذا زلزلت} ولم يذكر الترمذي حديث أبي هريرة، وهو مما يستدرك عليه والله أعلم.
(284)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، المشار إليه إملاء من حفظه كعادته في يوم الثلاثاء حادي عشر شوال سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
ولبعض الحديث شاهد.
قرأت على عمر بن محمد بن أحمد البالسي، وكتب إلينا أبو الخير بن أبي سعيد المقدسي، كلاهما عن عبد الله بن الحسين الأنصاري، قال الثاني: سماعاً، والأول: إن لم يكن فإجازة، أنا إبراهيم بن خليل، أنا يحيى بن محمود، أنا محمد بن أحمد، وفاطمة بنت عبد الله الأصبهانيان، قالا: أنا أبو بكر الضبي، أنا أبو القاسم الطبراني في المعجم الصغير، ثنا أحمد بن محمد الأصبهاني، ثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا زكريا بن عطية، ثنا سعد بن محمد بن المسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: حدثتني عائشة بنت سعد -يعني: ابن أبي وقاص- أنها سمعت أباها سعد بن مالك رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ {قل هو الله أحدٌ} فكأنما قرأ ثلث القرآن، ومن(3/269)
قرأ {قل يا أيها الكافرون} فكأنما قرأ ربع القرآن)).
قال الطبراني: لا يروى عن سعد إلا بهذا الإسناد، تفرد به زكريا بن عطية.
قلت: ذكره العقيلي في الضعفاء وقال: مجهول، وأخرج حديثه هذا من رواية الحلواني وقال: لا يتابع عليه.
وأخرجه البزار مختصراً عن العباس بن أبي طالب عن زكريا، وأشار إلى تفرده به.
وللحديث شواهد أخرى مرسلة.
ومنها ما أخرجه أبو عبيد من حديث الحسن البصري مرسلاً، ومن حديث بكر بن عبد الله المزني مقطوعاً.
وبالسند الماضي قريباً إلى محمد بن أيوب، ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا حماد -هو ابن زيد- عن عاصم-هو ابن بهدلة- قال: كان يقال: من قرأ .. .. فذكر مثل حديث سعد وزاد: ومن قرأ {إذا زلزلت} فكأنما قرأ نصف القرآن.
وهذا المقطوع رجاله ثقات.
وورد في {إذا زلزلت}.
ما قرأت على فاطمة بنت المنجا عن سليمان بن حمزة، أنا محمد بن عبد الواحد الحافظ سماعاً في الأبدال العوالي، قال: قرأت على أبي جعفر الأصبهاني: أن فاطمة الجوزذانية أخبرتهم، أنا محمد بن عبد الله، أنا سليمان بن أحمد، ثنا بشر بن موسى، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، ثنا(3/270)
سعيد بن أبي أيوب، حدثني عياش بن عباس القتباني، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو، أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أقرئني قال: ((اقرأ من ذوات الراء)) قال: يا رسول الله ثقل لساني وغلظ جسمي قال: (اقرأ من الحواميم) فقال: مثل قوله الأول قال: ((أقرئك من المسبحات)) فقال مثل قوله الأول قال: ((عليك بالسورة الجامعة الفاذة {إذا زلزلت الأرض زلزالها} قال: فقال الأعرابي: حسبي، وذكر بقية الحديث.
هذا حديث صحيح، أخرجه أحمد عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو داود عن هرمز بن عبد الله ويحيى بن موسى.
والنسائي عن عبيد الله بن فضالة.
ثلاثتهم عن عبد الله بن يزيد المقرئ.
وأخرجه النسائي أيضاً في ((اليوم والليلة)) عن محمد بن عبد الله بن يزيد، عن أبيه.
فوقع لنا بدلاً عالياً ولا سيما على الرواية الأخيرة.
وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريقين إلى المقرئ قال في أحدهما: صحيح الإسناد، وقال في الآخر: على شرط مسلم.(3/271)
قال الذهبي في تلخيصه: صحيح فقط.
وكأنه أشار إلى أن مسلماً ما أخرج لعيسى وإن كان أخرج لبقية رواته.
وقد أخرج لعيسى البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن الثلاثة، وحديثه في الرتبة السابعة من الصحيح.
وقد تابع المقرئ عليه عبد الله بن وهب.
صححه ابن حبان من طريقه.
وأخرجه من طريق المقرئ أيضاً.
وعياش بتحتانية وآخره معجمة، وأبوه بموحدة وآخره مهملة.
والقتباني بفتح القاف وسكون المثناة الفوقانية بعدها موحدة، وبعد الألف نون، والله أعلم.
[[وفي رواية ((من قرأ آية الكرسي وأول حم عصم ذلك اليوم من كل سوءٍ)).
والأحاديث بنحو ما ذكرنا كثيرة.]]
(285)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم حدثنا شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، أبو الفضل، قاضي القضاة، الشهابي، العسقلاني، المشار إليه -حفظه الله- إملاء من حفظه كعادته في(3/272)
يوم الثلاثاء سادس (خامس) عشرين شهر شوال المبارك من شهور سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
قوله: (وفي رواية ((من قرأ آية الكرسي وأول (حم) المؤمن عصم ذلك اليوم من كل سوءٍ)) ).
قرأت على أم الحسن بنت محمد الدمشقية، عن أبي الربيع بن قدامة، أنا إسماعيل بن ظفر، أنا أبو عبد الله الكراني، أنا أبو القاسم الأشفر، أنا أبو الحسين بن فاذشاه، أنا أبو القاسم اللخمي، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو حذيفة -هو موسى بن مسعود النهدي- ثنا عبد الرحمن بن أبي بكر -هو المليكي- عن زرارة بن مصعب، عن أبي سلمة -هو ابن عبد الرحمن- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ آية الكرسي وأول (حم) المؤمن عصم ذلك اليوم من كل سوءٍ)).
هذا حديث غريب، أخرجه ابن السني عن أبي العباس بن مخلد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي حذيفة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأبو بكر والد عبد الرحمن هو ابن أبي مليكة أخو عبد الله بن أبي مليكة، وهما ثقتان من رجال الصحيح.
وعبد الرحمن راوي هذا الحديث ضعيف.
وقد أخرجه الترمذي والدارمي من وجه آخر عن عبد الرحمن بهذا الإسناد.
وفي سياق المتن مخالفة تقدم بيانها في باب الدعاء عند الصباح(3/273)
والمساء، وبين فيه انتهاء الأولية المذكورة فقال: إلى قوله: {إليه المصير}.
قوله: (والأحاديث في هذا كثيرة).
قلت: تقدم منها في باب القول عند الصباح والمساء حديث أبي هريرة المذكور، وحديث ابن عباس في آية الروم، وحديث أبي الدرداء في آخر براءة، وحديث معقل بن يسار في آخر الحشر.
وتقدم منها في باب: ما يقول إذا أراد النوم واضطجع حديث عائشة في المعوذتين، وحديث أبي مسعود في الآيتين من آخر البقرة، وحديث العرباض بن سارية في المسبحات، وحديث فروة بن نوفل في الكافرون، وحديث عائشة في بني إسرائيل والزمر، وحديث علي في آية الكرسي، وحديثه في ثلاث من سورة البقرة.
ويناسبه الحديث الذي:
قرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة بالسند الماضي مراراً إلى الدارمي، ثنا جعفر بن عون، ثنا أبو العميس -بمهملتين مصغر- عن الشعبي قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من قرأ عشر آيات من سورة البقرة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة حتى يصبح، أربع آيات من أولها، وآية الكرسي، وآيتين بعدها، وثلاث آيات من آخرها.
هذا موقوف رجاله ثقات، لكن في سنده انقطاع بين الشعبي وابن مسعود.
وقد أخرجه الدارمي أيضاً بسند موصول إلى المغيرة بن سبيع، وكان من أصحاب عبد الله بن مسعود، فذكر نحوه.
ومثله لا يقال من قبل الرأي، فله حكم المرفوع.
ومما لم يتقدم حديث النعمان.(3/274)
وبه إلى الدارمي ثنا عفان (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى محمد بن أيوب، ثنا موسى بن إسماعيل، قالا: ثنا حماد بن سلمة، ثنا أشعث بن عبد الرحمن الجرمي، عن أبي قلابة -هو الجرمي- عن أبي الأشعث الصنعاني، عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عامٍ، فأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، لا تقرآن في بيتٍ ثلاث ليالٍ فيقربه شيطانٌ)).
هذا حديث حسن، أخرجه أحمد عن عفان بهذا الإسناد.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أيضاً عن روح بن عبادة عن حماد.
وأخرجه النسائي عن أحمد بن سليمان عن عفان.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الترمذي عن بندار عن عبد الرحمن بن مهدي.
وأخرج النسائي أيضاً عن عمر بن منصور عن حجاج بن منهال.
كلاهما عن حماد بن سلمة. فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرج ابن حبان من رواية هدبة بن خالد عن حماد.
وأخرجه الحاكم من وجهين في موضعين عن عفان.(3/275)
وفي تصحيحه نظر، لاختلاف وقع فيه على أبي قلابة بينه النسائي.
وسيأتي ذكر سورة الكهف فيما يشرع يوم الجمعة.
وذكر سور أخرى وآيات في كتاب الجنائز وأدب السفر وركوب السفينة والرقية وعند الولادة، والله أعلم.(3/276)
[[كتاب: حمد الله تعالى
وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه، ومسند أبي عوانة الإسفراييني المخرج على صحيح مسلم، رحمهم الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كل أمر ذي بالٍ لا يبدأ فيه بالحمد لله أقطع)) وفي رواية ((بحمد الله)) وفي رواية: ((بالحمد فهو أقطع)) وفي رواية ((كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم)) وفي رواية: ((كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو ((أقطع)) روينا هذه الألفاظ كلها في كتاب الأربعين للحافظ عبد القادر الرهاوي، وهو حديث حسن، وقد روي موصولاً كما ذكرنا، وروي مرسلاً، ورواية الموصول جيدة الإسناد، وإذا روي الحديث موصولاً ومرسلاً فالحكم للاتصال عند جمهور العلماء لأنها زيادة ثقة، وهي مقبولة عند الجماهير.
ومعنى ذي بال: أي له حال يهتم به، ومعنى أقطع: أي ناقص قليل البركة، وأجذم بمعناه، وهو بالذال المعجمة وبالجيم.
قال العلماء: فيستحب البداءة بالحمد لله لكل مصنف، ودارس، ومدرس، وخطيب، وخاطب، وبين يدي سائر الأمور المهمة. قال الشافعي رحمه الله: أحب أن يقدم المرء بين يدي(3/277)
خطبته وكل أمر طلبه: حمد الله تعالى، والثناء عليه سبحانه وتعالى، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فصل: يستحب حمد الله تعالى عند حصول نعمة أو اندفاع مكروه، سواء حصل ذلك لنفسه أو لصاحبه أو للمسلمين.
وروينا في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي ليلة أسري به بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما، فأخذ اللبن، فقال له جبريل صلى الله عليه وسلم: ((الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك)).
فصل: وروينا في كتاب الترمذي وغيره عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد)) قال الترمذي: حديث حسن. والأحاديث في فضل الحمد كثيرة مشهورة.]]
(286)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني شهر ذي القعدة الحرام سنة ثلاث وأربعين المذكورة، فقال أحسن الله إليه:(3/278)
قوله: (كتاب حمد الله تعالى، روينا في سنن أبي داود وابن ماجه وأبي عوانة في مسنده المستخرج على صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه بالحمد لله أقطع)) ).
أخبرني المسند أبو محمد عمر بن محمد بن أحمد البالسي، ثم الصالحي رحمه الله، أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عبد الجبار قراءة عليه وأنا حاضر وإجازة منه، أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الدائم إجازة إن لم يكن سماعاً، عن نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد، أخبرنا أبو سعد بن خشيش -بمعجمات مصغر-، قال أبو بكر: وأخبرنا عبد الرحمن بن مكي الطرابلسي في كتابه، عن الحافظ أبي طاهر السلفي، أخبرنا أبو ياسر محمد بن عبد العزيز الخياط، قالا: أخبرنا أبو علي بن شاذان، أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا الحسن بن سلام، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا الأوزاعي، عن قرة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. فذكر مثله سواء.
هذا حديث حسن.
أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن خلف العسقلاني، ومحمد بن يحيى الذهلي.
وأخرجه أبو عوانة في أول صحيحه في خطبته عن يوسف بن سعيد،(3/279)
وأبي العباس الغزي، وأبي أمية الطرسوسي، وعباس بن محمد، سبعتهم عن عبيد الله بن موسى.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
قوله: (وفي رواية ((بحمد الله)) ).
قرأت على أبي العباس أحمد بن الحسن القدسي رحمه الله، عن أبي نعيم أحمد بن عبيد سماعاً، أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، أخبرنا مسعود بن أبي القاسم، أخبرنا أبو القاسم بن الأشعث، أخبرنا عبد العزيز بن علي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا أبو الفضل داود بن رشيد الخوارزمي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع)).
أخرجه النسائي في اليوم والليلة عن محمود بن خالد، عن الوليد بن مسلم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الدارقطني عن البغوي.
فوقع لنا موافقة عالية لاتصال السماع.
وأخرجه ابن حبان من رواية هشام بن عمار عن شعيب بن إسحاق وعبد الحميد بن حبيب فرقهما عن الأوزاعي.
قوله: (وفي رواية ((بالحمد فهو أقطع)) ).(3/280)
قلت: هو لفظ رواية ابن ماجه.
قوله: (وفي رواية ((كل كلامٍ لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم)) ).
قلت: هو لفظ رواية أبي داود، وأخرجها عن أبي توبة الربيع بن نافع، قال: زعم الوليد بن مسلم، فذكره بالإسناد الذي سقته.
فوقع لنا بدلاً عالياً وإن اختلف اللفظ.
قوله: (وفي رواية ((كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع))).
قلت: أخرجها الخطيب من رواية مبشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي. ومبشر ثقة.
لكن السند إليه ضعيف، وسقط من روايته قرة بن عبد الرحمن والزهري.
وقد وقع لنا الحديث بألفاظ أخرى، أخرجه الإمام أحمد من رواية عبد الله بن المبارك، عن الأوزاعي، عن قرة بسنده المذكور بلفظ ((كل أمرٍ أو كلامٍ لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أبتر أو أقطع)).
وعبد الله بن المبارك أثبت من رواه عن الأوزاعي، وتابعه على قوله ((بذكر الله)) موسى بن أعين.
أخرجه الدارقطني من طريق موسى بن أعين عن الأوزاعي.
وموسى ثقة.
وأخرجه إسماعيل بن أبي زياد الشامي نزيل بغداد من رواية يونس بن يزيد، عن الزهري بلفظ: ((كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه بحمد الله والصلاة علي(3/281)
فهو أقطع أبتر ممحوقٌ من كل بركةٍ)).
وإسماعيل ضعيف جداً، وقد خولف في وصله عن يونس، وإنما رواه يونس عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً أو معضلاً.
قوله: (روي موصولاً كما ذكرنا، وروي مرسلاً .. .. إلى آخره).
قلت: ذكر ذلك أبو داود، فقال بعد تخريج رواية قرة: رواه يونس بن يزيد، وعقيل، وشعيب بن أبي حمزة، وسعيد بن عبد العزيز، كلهم عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
قلت: وكذا أخرج النسائي رواية عقيل، أخرجها عن قتيبة، عن الليث، عنه، وكذا رواية سعيد بن عبد العزيز أخرجها عن محمود، عن الوليد عنه، وتابعهم الحسن بن عمر عن الزهري، أخرجها النسائي عن علي بن حجر، عنه.
قال الدارقطني في العلل بعد أن ذكر الاختلاف فيه على الأوزاعي: الصحيح رواية من أرسله والله أعلم.
آخر المجلس السادس والثمانين بعد المئتين من التخريج، وهو السادس والستون بعد الست مئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية، رواية كاتبه حالة الإملاء أبي الحسن إبراهيم البقاعي الشافعي.
(287)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة من السنة، فقال أحسن الله عاقبته آمين:(3/282)
قوله: (فصل يستحب حمد الله تعالى عند حصول نعمة -إلى أن قال- روينا في صحيح مسلم .. .. إلى آخره).
أخبرني الشيخ المسند أبو الفرج بن حماد، أخبرنا أبو الحسن بن قريش، أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، أخبرنا أبو الحسن الجمال في كتابه، أخبرنا أبو علي المقرئ، أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني، حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا الحسن بن علي بن الوليد، حدثنا أحمد بن جميل، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا يونس -هو ابن يزيد- عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتي ليلة أسري به إلى إيلياء بقدح لبنٍ وقدح خمرٍ، فنظر إليهما، فأخذ اللبن، فقال له جبريل عليه السلام: الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر لغوت أمتك)).
هذا حديث صحيح متفق عليه، وعجبت من اقتصار الشيخ على مسلم.
أخرجه البخاري في أول كتاب الأشربة عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري بتمامه.
وأخرجه أيضاً عن عبدان، لكن باختصار.
وأخرجه النسائي عن سويد بن نصر بتمامه، كلاهما عن عبد الله بن المبارك كما أخرجناه.
وأخرجه مسلم في الأشربة من طريق أبي صفوان عبد الله بن سعيد، عن يونس.
فوقع لنا عالياً بدرجة.(3/283)
قال البخاري: تابعه معمر والزبيدي وابن الهاد وعثمان بن عمر، عن الزهري.
ووصل طريق معمر في ترجمة موسى من أحاديث الأنبياء، وساقه مطولاً.
وكذا أخرجه مسلم في الإيمان من طريق معمر.
وطريق الزبيدي في صحيح ابن حبان.
وطريق ابن الهاد عند النسائي.
وطريق عثمان بن عمر في فوائد تمام من رواية عمر بن عثمان بن عمر، عن أبيه، عن الزهري.
وظن الحاكم وتبعه المزي أن عثمان بن عمر هذا هو ابن فارس، فأشار إلى أن بينه وبين الزهري يونس بن يزيد، وليس كما ظن، فإن هذا راوٍ آخر أقدم من ابن فارس، واسم جده موسى بن عبيد الله بن معمر التيمي.
قوله: (فصل: روينا في كتاب الترمذي وغيره .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو محمد إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة رحمه الله، أخبرنا أحمد بن أبي طالب، أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثنا يحيى بن إسحاق (ح).(3/284)
وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي بكر الدشتي، أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، أخبرنا محمد بن أبي زيد، أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي سنان، قال: دفنت ابناً لي، فإني لفي القبر إذ أخذ بيدي أبو طلحة الخولاني فانتشلني، فقال: ألا أبشرك؟ فقلت: بلى، وفي رواية الطيالسي دفنت ابني سناناً، وأبو طلحة الخولاني جالس عند شفير القبر، فقال: أخبرني الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزم، وفي رواية الطيالسي بن عرزب بموحدة بدل الميم، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: يا ملك الموت قبضت ولد عبدي قبضت قرة عينه وثمرة فؤاده، قال: نعم، قال: فما قال؟ قال: حمدك واسترجع، قال: ابنوا له بيتاً في الجنة، وسموه ببيت الحمد)).
وفي رواية الطيالسي: ((إذا قبض الله ولد العبد قال لملائكته: ما قال عبدي؟)) فذكر مثله.
هذا حديث حسن.
أخرجه أحمد عن يحيى بن إسحاق.
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو.
وأخرجه أحمد أيضاً عن علي بن إسحاق.
والترمذي عن سويد بن نصر، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، عن أبي سنان.(3/285)
فوقع لنا عالياً.
قال الترمذي: حسن غريب.
واسم أبي سنان عيسى بن سنان.
قلت: وهو بكسر المهملة ونونين الأولى خفيفة مختلف في توثيقه وتضعيفه.
وقد اعتمد ابن حبان توثيقه، فأخرج الحديث في صحيحه من رواية هدبة، عن حماد.
وعرزب بمهملتين ثم زاي بوزن جعفر وآخره موحدة، وقد يجيء بالميم كما تقدم. وأبو طلحة الخولاني لا يعرف اسمه، والله أعلم.
آخر المجلس السابع والثمانين بعد المئتين من التخريج، وهو السابع والستون بعد الست مئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي.
[[فصل: قال المتأخرون من أصحابنا الخراسانيين: لو حلف إنسان ليحمدن الله تعالى بمجامع الحمد-ومنهم من قال بأجل التحاميد- فطريقه في بر يمينه أن يقول: الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده. ومعنى يوافي نعمه: أي يلاقيها فتحصل معه، ويكافئ بهمزة في آخره: أي يساوي مزيد نعمه، ومعناه: يقوم بشكر ما زاده من النعم والإحسان. قالوا: ولو حلف ليثنين على الله تعالى أحسن الثناء، فطريق البر أن يقول: لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وزاد بعضهم في آخره: فلك الحمد حتى(3/286)
ترضى. وصور أبو سعد المتولي المسألة فيمن حلف: ليثنين على الله تعالى بأجل الثناء وأعظمه، وزاد بعضهم في أول الذكر: سبحانك. وعن أبي نصر التمار عن محمد بن النضر رحمه الله تعالى قال: قال آدم صلى الله عليه وسلم: يا رب! شغلتني بكسب يدي، فعلمني شيئاً فيه مجامع الحمد والتسبيح، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: يا آدم! إذا أصبحت فقل ثلاثاً، وإذا أمسيت فقل ثلاثاً: الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، فذلك مجامع الحمد والتسبيح. والله أعلم.(3/287)
كتاب: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
روينا في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً)).
وروينا في صحيح مسلم أيضاً، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى علي واحدةً صلى الله عليه عشراً)).]]
(288)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سادس عشر ذي القعدة من السنة، فقال -كان الله له في الدارين-:
قوله: (فصل: قال المتأخرون من أصحابنا الخراسانيين: لو حلف إنسان ليحمدن الله بمجامع الحمد -إلى أن قال- وعن أبي نصر التمار عن محمد بن النضر قال: قال آدم عليه السلام .. .. إلى آخره).
قلت: من الأصحاب المذكورين القاضي الحسين، وتبعه المتولي وإمام الحرمين، وتبعه الغزالي، وذكره الرافعي في الشرح الكبير بلفظ يروى(3/288)
أن جبريل عليه السلام علم آدم هؤلاء الكلمات، وقال: عليك بمجامع الحمد إلى آخره).
وقال ابن الصلاح في مشكل الوسيط: هذا حديث ضعيف منقطع الإسناد، وحدث به في أماليه من طريق أبي نعيم عبد الملك بن الحسن، عن خاله يعقوب بن إسحاق، وهو أبو عوانة الإسفراييني صاحب الصحيح قال:
حدثنا أيوب بن إسحاق بن سافري، حدثنا أبو نصر التمار، عن محمد بن النضر الحارثي، قال: قال آدم عليه الصلاة والسلام: يا رب شغلتني بكسب يدي، فعلمني شيئاً فيه مجامع الحمد والتسبيح، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: يا آدم إذا أصبحت فقل ثلاثاً وإذا أمسيت فقل ثلاثاً: الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، فذلك مجامع الحمد والتسبيح.
ورجاله ثقات، لكن محمد بن النضر لم يكن صاحب حديث، ولم يجىء عنه شيء مسند، وقد روى عنه من كلامه جماعة، منهم عبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنية وأبو أسامة حماد بن أسامة، وقال: كان من أعبد أهل الكوفة.
وأبو نصر التمار راوي هذا الأثر عنه -واسمه عبد الملك بن عبد العزيز- وهم من زعم أنه داود بن صالح، ذاك شيخ قديم مدني.
وقد جاء عن محمد بن النضر في التحميد أثر آخر.
أنبأنا به أبو محمد إبراهيم بن داود العابد إذناً مشافهةً، أخبرنا إبراهيم بن علي بن سنان، أخبرنا أبو الفرج الحراني، أخبرنا أبو المكارم اللبان في كتابه، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني في الحلية، حدثنا أبو محمد بن حبان، حدثنا أحمد بن الحسين، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا محمد بن عيسى، قال: جاء رجل إلى محمد بن النضر، فسأله عن تمجيد الرب؟ فقال: سبحان ربي العظيم وبحمده حمداً(3/289)
خالداً بخلوده، حمداً لا منتهى له دون علمه، حمداً لا أمد له دون مشيئته، حمداً لا جزاء لقائله دون رضاه.
قال أبو نعيم: كان محمد بن النضر أعبد أهل الكوفة، ولم يكن الحديث شأنه، وإنما كانوا يكتبون عنه من كلامه، ثم ساق إليه عدة آثار وحديثين مرفوعين رواهما عن الأوزاعي بغير سند من الأوزاعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ويستفاد من هذا معرفة طبقته، وأن شيوخه من أتباع التابعين.
ولعله بلغه الأثر الأول عن بعض الإسرائيليات، والله أعلم.
قوله: (كتاب: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال: روينا في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما .. .. إلى آخره).
قلت: هو بعض حديث تقدم تخريجه في (باب: ما يقول من سمع المؤذن).
قوله: (وروينا في صحيح مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه .. .. إلى آخره).
أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي البزاعي -بضم الموحدة وتخفيف الزاي وبعين مهملة-، ورقية بنت محمد الصفدية فيما قرأت عليهما بصالحية دمشق، كلاهما عن زينب بنت إسماعيل بن إبراهيم السعدية سماعاً عليها، قالت: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم، حدثنا يحيى بن محمود، أخبرنا عبد الواحد بن محمد، أخبرنا عبيد الله بن المعتز، أخبرنا أبو طاهر بن الفضل، حدثنا جدي أبو بكر محمد بن إسحاق الإمام، حدثنا علي بن حجر السعدي (ح).(3/290)
وقرأت على أبي بكر بن إبراهيم المقدسي، عن عائشة بنت المسلم الحرانية سماعاً، قالت: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الفهم، أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد، أخبرنا أبو طالب بن يوسف، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، أخبرنا الحسن بن جعفر بن الوضاح، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا قتيبة بن سعيد، قالا: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي واحدةً -وفي رواية قتيبة- صلاةً صلى الله عليه عشراً)).
وأخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي بالسند الماضي قريباً إلى عبد الأول بن عيسى، أخبرنا أبو الحسن بن المظفر، أخبرنا أبو محمد السرخسي، أخبرنا عيسى بن عمر، أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، حدثنا يحيى بن حسان، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثني العلاء، فذكر مثل رواية علي بن حجر سواء.
آخر المجلس الثامن والثمانين بعد المئتين، وهو الثامن والستون بعد الستمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه حالة الإملاء أبي الحسن إبراهيم بن الرباط البقاعي.
[[وروينا في كتاب الترمذي، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاةً)) قال الترمذي: حديث حسن.]](3/291)
(289)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثالث عشرين ذي القعدة من السنة، فقال -أحسن الله عاقبته آمين-:
وأخبرنا عالياً عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عثمان الفارقي إجازة، وقرأت على علي بن محمد بن محمد، كلاهما عن القاسم بن مظفر بن محمود، قال الأول: سماعاً، والثاني: إن لم يكن فإجازة، أخبرنا علي بن الحسين بن علي البغدادي قراءة عليه وأنا حاضر في الرابعة وإجازة، أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني، ونصر بن نصر العكبري في كتابيهما، قالا: أخبرنا أبو القاسم بن البسري، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا ابن مطيع -هو عبد الله المروزي- حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى علي واحدةً صلى الله عليه عشراً)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم والترمذي والنسائي جميعاً عن علي بن حجر.
وأخرجه مسلم أيضاً عن قتيبة بن سعيد.
فوقع لنا موافقة عالية بدرجة في علي وقتيبة.
وأخرجه الإمام أحمد عن سليمان بن داود الهاشمي.
ومسلم أيضاً عن يحيى بن أيوب.(3/292)
وأبو داود عن سليمان بن داود الزهراني، ثلاثتهم عن إسماعيل بن جعفر.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجة في الطرق الأولى، وبدرجتين في الطريق الأخيرة.
وأخرجه ابن حبان في النوع الثاني من القسم الأول من صحيحه عن أبي خليفة، عن أبي سلمة، عن إسماعيل بن جعفر.
قال الترمذي: حسن صحيح.
وقال قبل تخريجه: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من صلى علي واحدةً صلى الله عليه بها عشراً، وكتب له عشر حسناتٍ)).
قال شيخنا في شرحه: يحتمل أن يكون أشار إلى حديث آخر عن غير أبي هريرة، وإن كانت هذه الألفاظ رويت عن أبي هريرة، لكن لم تأت عنه مجموعة.
قلت: الرواية التي فيها لفظ ((بها)) جاءت من وجهين آخرين عن العلاء.
وجاء عنه من وجه آخر، (كتب الله) إلى آخره، لكن ليس معطوفاً على الذي قبله.
فأما الرواية التي فيها ((بها)).
فأخبرني أبو بكر بن إبراهيم بن العز بالسند الماضي آنفاً إلى جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قال الأول: حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير -وهو أخو إسماعيل المذكور قبل- وقال الثاني: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن(3/293)
عمرو، حدثنا زهير بن محمد، قالا: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي صلاةً صلى الله عليه بها عشراً)).
وأما الرواية التي فيها ((كتب)):
فأخبرني أبو المعالي الأزهري، أخبرنا أبو العباس الحلبي، أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، أخبرنا أبو محمد بن صاعد، أخبرنا أبو القاسم الشيباني، أخبرنا أبو علي التميمي، أخبرنا أبو بكر القطيعي، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا ربعي بن إبراهيم، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي واحدةً كتب الله بها عشر حسناتٍ)).
وهكذا أخرجه ابن حبان من رواية خالد بن عبد الله عن عبد الرحمن بن إسحاق.
والذي يظهر أن هذا اختلاف على العلاء، فإن أمكن الجمع بأن تجعل الحسنات تفسير الصلوات، وإلا فالرواية التي فيها صلوات أرجح، لاتفاق ثلاثة عليها وهم حفاظ، واقتصار مسلم عليها بخلاف الرواية الأخرى، فانفرد بها عبد الرحمن، وهو صدوق، وليس من أهل الإتقان، وإن ثبتت الرواية بالجمع بينهما معطوفاً حمل على أنه كان تاماً عند العلاء، فحدث ببعضه مرة وبالبعض الآخر أخرى.
وسأذكر ما جاء في ذلك من رواية غير أبي هريرة بعد هذا بقليل.
قوله: (وروينا في كتاب الترمذي عن ابن مسعود .. .. إلى آخره).(3/294)
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، عن زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم، قالت: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ في كتابه -وهي آخر من حدث عنه-، أخبرنا المشايخ الثلاثة محمد بن إسماعيل، ومحمد بن أبي زيد، ومحمد بن أحمد بن نصر، قالوا: أخبرنا محمود بن إسماعيل، أخبرنا محمد بن شاذان، أخبرنا عبد الله بن محمد الأصبهاني، حدثنا أحمد بن عمرو بن الضحاك، حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن خالد بن عثمة -بفتح المهملة وسكون المثلثة- (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن محمد بن أبي الهيجاء، أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، عن فاطمة بنت أبي الحسن سماعاً، قالت: أخبرنا أبو القاسم المستملي، أخبرنا أبو سعد الأديب، أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سمينه -بمهملة ونون ضد هزيلة- حدثنا محمد بن خالد الحنفي -هو ابن عثمة المذكور، حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي، حدثنا عبد الله بن كيسان، أخبرني عبد الله بن شداد، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاةً -لم يقل ابن المثنى- يوم القيامة)).
هذا حديث حسن.
أخرجه البخاري في تاريخ عن محمد بن المثنى على الموافقة.
وأخرجه الترمذي عن محمد بن بشار، عن محمد بن خالد بن عثمة.
وقال: حسن غريب.(3/295)
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وقد خولف فيه محمد بن خالد، فزاد فيه بعضهم بين عبد الله بن شداد وعبد الله بن مسعود رجلاً، والله أعلم.
آخر المجلس التاسع والثمانين بعد المئتين من تخريج أحاديث الأذكار، وهو التاسع والستون بعد الستمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
(290)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء مستهل ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، فقال -أحسن الله إليه-:
أخبرني الإمام أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم الحاكم، وعبد اللطيف بن محمد بن عبد الكريم الحلبي قراءة عليهما مفترقين، فقالا: أخبرنا محمد بن محمد بن أبي القيم (ح).
وقرأت على أبي العباس الزينبي، عن أبي العباس المشتولي سماعاً عليه، قالا: أخبرنا النجيب الحراني، أخبرنا هبة الله بن الحسن، أخبرنا أحمد بن عبيد الله، أخبرنا محمد بن أحمد حسنون، أخبرنا محمد بن بكر، أن أبا محمد بن مخلد حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا محمد بن خالد، فذكر الحديث كما تقدم، لكنه زاد في أوله ((إن)).
وقرأت على أبي المعالي الأزهري، عن غلبك بن عبد الله الخزنداري سماعاً، أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، أخبرنا أبو علي ضياء بن أبي القاسم، أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر، أخبرنا الحافظ أبو بكر بن علي(3/296)
الخطيب، أخبرنا طلحة بن علي، حدثنا أبو بكر الشافعي، حدثنا محمد بن إبراهيم، حدثنا يحيى بن معين (ح).
وبه إلى الخطيب حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله بن يحيى، حدثنا عبيد بن غنام (ح).
وقرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، أن أبا العباس بن الشحنة أخبرهم عن أبي القاسم بن التعاويذي، أخبرنا أبو الحسين بن يوسف، أخبرنا هادي بن إسماعيل، أخبرنا أبو الحسين بن فارس اللغوي، أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الخياط، حدثنا أبو علي بن الصوان، حدثنا عبد الله بن أحمد، قالا: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة (ح).
وأخبرنا أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن عقيل، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد، أخبرنا أحمد بن عبد الدائم، أخبرنا يحيى بن محمود، أخبرنا أبو القاسم التيمي، أخبرنا أبو المحاسن الروياني، أخبرنا أبو محمد الخبازي، حدثنا إبراهيم بن عيسى بن الفضل، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين الغازي، حدثنا محمد بن عمارة بن صبيح، قال هو، ويحيى بن معين، وابن أبي شيبة جميعاً: حدثنا خالد بن مخلد (ح).
وأخبرنا به عالياً عبد الله بن عمر بن علي، عن زينب بنت الكمال كتابة، عن يوسف بن خليل كذلك، أخبرنا أبو جعفر الطرسوسي، أخبرنا أبو القاسم الأشقر، أخبرنا أبو بكر بن محمد الأعرج. أخبرنا أبو بكر القباب، حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم (ح).
وقرأ على فاطمة بنت محمد المقدسية، عن محمد بن أبي الهيجاء، أخبرنا محمد بن إسماعيل الخطيب، أخبرتنا فاطمة بنت أبي الحسن، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، حدثنا أبو يعلى الموصلي، قالا: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة (ح).(3/297)
وقرأت على أم عيسى الأسدية، عن يونس بن أبي إسحاق سماعاً، وهي آخر من حدث عنه بالسماع، أخبرنا حرمي بن عبد الغني إجازة، هو آخر من حدث عنه، أخبرنا أبو القبائل عشير بن علي، أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى، أخبرنا أبو الحسن بن الطفال، حدثنا أبو الطاهر الذهلي، حدثنا موسى بن هارون، حدثنا أبو كريب (ح).
وبالسند المذكور آنفاً إلى الخطيب قال: حدثنا أبو بكر بن أحمد بن الحسن، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا عباس بن محمد، قالوا: حدثنا خالد بن مخلد (ح).
وقرأته عالياً بدرجة أخرى على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، أخبرنا محمد بن عماد في كتابه، عن أبي القاسم بن أبي شريك، أخبرنا أبو الحسين بن النقور، حدثنا عيسى بن علي بن الجراح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا موسى بن يعقوب، حدثنا عبد الله بن كيسان، أخبرني عبد الله بن شداد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاةً)).
لفظهم سواء، لكن في رواية أبي يعلى زيادة ((ألا)) في أوله.(3/298)
أخرجه أبو أحمد بن عدي في الكامل عن أبي يعلى.
والدارقطني في الأفراد عن البغوي، عن أبي بكر بن أبي شيبة.
فوقع موافقة عالية في شيخيهما بدرجة وبدرجتين.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن الحسن بن سفيان، عن أبي بكر بن أبي شيبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين في الرواية الأخيرة.
قال ابن حبان بعد تخريجه: فيه بيان صحيح أن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب الحديث، إذ ليس في الأمة أكثر صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وبالسند المذكور إلى الخطيب، قال: قال لنا أبو نعيم: هذه منقبة شريفة يختص بها رواة الآثار، لأنه لا يعرف لأحد من العلماء من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما لهذه العصابة نسخاً وذكراً.
وبه إلى الخطيب، أخبرنا محمد بن علي بن الفتح، حدثنا عمر بن إبراهيم بن أحمد الصفار، حدثنا أبو جعفر الحلواني، سمعت أحمد بن يونس، يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: لو لم يكن لصاحب الحديث فائدة إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يصلي عليه ما دام في الكتاب.
آخر المجلس الموفى تسعين بعد المئتين من تخريج أحاديث كتاب الأذكار لشيخ الإسلام النووي، وهو المكمل سبعين بعد الستمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي من لفظ ممليه شيخ الإسلام(3/299)
أبي الفضل أحمد بن حجر الكناني العسقلاني.
[[قال الترمذي: وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف، وعامر بن ربيعة، وعمار، وأبي طلحة، وأنس، وأبي بن كعب.]]
(291)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس عشر ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وأربعين وثمانمئة، فقال أحسن الله عاقبته.
قوله: (قال الترمذي: وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وعامر بن ربيعة وعمار وأبي طلحة وأنس وأبي بن كعب).
قلت: إنما ذكر الترمذي هذا عقب حديث أبي هريرة.
فأما حديث عبد الرحمن بن عوف ففيما قرأت على أم الحسن التنوخية، عن أبي الفضل بن أبي عمر، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، أخبرنا زاهر بن أحمد الثقفي، أن سعيد بن أبي الرجاء أخبرهم، أخبرنا أحمد بن محمود الثقفي، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن المقرئ، حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، أن أبا الزبير حدثه، عن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم يوماً في وجهه البشر، فقال: ((إن جبريل عليه السلام جاءني فقال: ألا أبشرك يا محمد بما أعطاك الله من أمتك وبما أعطى أمتك منك؟ من صلى(3/300)
عليك منهم صلاةً صلى الله عليه، ومن سلم عليك منهم سلم الله عليه)).
هذا حديث حسن.
وسهيل بن عبد الرحمن مذكور في أولاد عبد الرحمن، ولم يذكروه في كتب الرجال، وله ولد يقال له عبد المجيد حديثه في الصحيحين.
ورجال هذا السند دونه رجال الصحيح. وفيه عنعنة أبي الزبير.
وقد ذكر الدارقطني في العلل أن إسحاق بن أبي فروة رواه عن أبي الزبير، فقال: عن حميد بن عبد الرحمن بدل سهل، لكن إسحاق ضعيف.
وقد جاء عن إبراهيم بن عبد الرحمن وسياقه أتم.
أخبرني الإمام شيخ الإسلام أبو حفص بن أبي الفتح، أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن أبي بكر، أخبرنا المعين أحمد بن علي بن يوسف، أخبرنا أبو القاسم البوصيري، أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى، أخبرنا إبراهيم بن سعيد الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن النحاس، حدثنا إسماعيل بن يعقوب، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا زيد بن الحباب، حدثني موسى بن عبيدة، عن قيس بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عبد الرحمن بن عوف، قال: كان لا يفارق النبي صلى الله عليه وسلم خمسة من أصحابه أو أربعة لحوائجه، قال: فجئته فوجدته خرج فتبعته، فدخل حائطاً بالأسواف، فصلى فسجد سجدة أطال فيها، فحزنت وبكيت، وقلت: لا أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها، قد قبض الله روحه، فرفع رأسه فتراءيت له، فقال: ((ما لك؟)) فقلت: سجدت سجدة أطلت فيها، فبكيت وحزنت وقلت: قد قبض الله روحه، قال: ((هذه سجدةً سجدتها شكراً فيما آتاني ربي في أمتي، من صلى علي صلاةً صلى الله عليه بها عشراً)).(3/301)
هذا حديث غريب من هذا الوجه.
أخرجه البزار بتمامه عن بشر بن آدم، عن زيد بن الحباب، فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن أبي عاصم من رواية زيد بن الحباب مختصراً، اقتصر على آخره دون القصة.
قال البزار: لا نعلم رواه عن سعد إلا قيس، ولا عن قيس إلا موسى، وقد روي عن عبد الرحمن من وجه آخر غير متصل عنه.
قلت: موسى ضعيف.
وقد وقع لنا من وجهين غير الذي تقدم: أحدهما مختلف في وصله وانقطاعه، والآخر منقطع.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، أخبرنا أبو العباس الصالحي سماعاً، وإسماعيل بن يوسف إجازة مكاتبة، قالا: أخبرنا عبد الله بن عمر، أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا إبراهيم بن خزيم، حدثنا عبد بن حميد، حدثني خالد بن مخلد، حدثني سليمان بن بلال، حدثني عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف، عن جده عبد الرحمن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاني جبريل عليه السلام، فقال: إن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صلاةً صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله شكراً)).(3/302)
أخرجه الإمام أحمد عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن سليمان بن بلال.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
لكن لم يقع في روايته ذكر عاصم بن عمر بن قتادة.
وهكذا رواه إسماعيل بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال.
أخرجه الحاكم من طريقه وصححه.
وفيه نظر سيأتي.
وقد رواه الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو كرواية إسماعيل، وسليمان بن بلال الذي زاد فيه عاصماً أتقن منه.
وقد وقع لنا من رواية محمد بن جبير بن مطعم، عن عبد الرحمن بن عوف، وفي سماعه من عبد الرحمن نظر أيضاً، والله أعلم.
آخر المجلس الحادي والتسعين بعد المئتين من التخريج، وهو الحادي والسبعون بعد الستمئة من الأمالي المصرية بالبيرسية رواية كاتبه البقاعي.
انتهى الجزء الثالث ويليه في الرابع المجلس الثاني والتسعون بعد المئتين.(3/303)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
وأما رواية محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الرحمن بن عوف، فهي عند أحمد (1662 و1663) وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي (245 وأبو يعلى (869) والحاكم (1/222-223) والبيهقي (2/370-371) والضياء في المختارة (929 و930 و931) كلهم من طريق الليث عن يزيد بن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أبي الحويرث، عن محمد بن جبير به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي فوهما، لأن محمد بن جبير بن مطعم لا يصح سماعه من عبد الرحمن بن عوف، وأبو الحويرث عبد الرحمن بن معاوية بن الحويرث فيه ضعف من قبل حفظه، فهو حسن بشواهده.
وأما رواية سليمان بن بلال التي صححها الحاكم فإسنادها ضعيف بسبب جهالة عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف، والاختلاف على عمرو بن أبي عمرو، وقد أوضح ذلك أخونا مشهور بن حسن في تعليقه على جلاء الأفهام (ص144-145) وهذا هو وجه قول الحافظ فيما تقدم: وفيه نظر سيأتي:
وأما حديث عامر بن عبد الله:
فقد قال الإمام أحمد في مسنده (15680) حدثنا محمد بن جعفر، قال: أخبرنا شعبة، وحجاج، قال: حدثني شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة، يحدث عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: ((من صلى علي صلاةً، لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى علي، فليقل عبدٌ من ذلك أو ليكثر)).
ورواه عبد بن حميد (317) وأبو داود الطيالسي (1288) وابن أبي شيبة (2/516 و11/507) وابن المبارك في الزهد (1026) والبغوي في الجعديات (896) وابن أبي عاصم في الصلاة على النبي (36 و37) وابن ماجه(4/7)
.. .. .. .. (1) .. .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(907) وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة (6) وأبو يعلى (7196) والبزار (3161 كشف الأستار) وزاد ((من تلقاء نفسه)) وابن عدي في الكامل (5/226-227) وأبو نعيم في الحلية (1/180) وأبو القاسم التيمي في الترغيب (1652 و1662) والبيهقي في الشعب (1457 و1458) والبغوي في شرح السنة (688) والضياء في المختارة (8/216 و217 و218) كلهم من طريق شعبة به.
وعاصم بن عبيد الله وإن كان فيه ضعف فقد تابعه عبد الله بن عمر العمري عند عبد الرزاق في المصنف (3115) ومن طريقه رواه أبو نعيم في الحلية (1/180) فهو بهذه المتابعة حسن.
وأما حديث عمار بن ياسر فقد رواه ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (51) حدثني حجاج بن يوسف أبو محمد بن الشاعر، حدثنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا نعيم بن ضمضم، أخبرنا عمران بن حميري، قال: قال لي عمار بن ياسر: ألا أحدثك حديثاً حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟: ((إن الله عز وجل أعطى ملكاً من الملائكة أسماء الخلائق، فهو قائمٌ على قبري حتى تقوم الساعة، فليس أحدٌ من أمتي يصلي علي صلاةً إلا قال: يا أحمد فلان بن فلان صلى عليك كذا وكذا، فيصلي الرب تبارك وتعالى، أنه من صلى علي صلاةً صلى الله عليه عشراً، وإن زاد زاد الله عز وجل)).
ورواه البزار (1452) عن أبي كريب، عن سفيان بن عيينة، عن نعيم به، ورواه (1426) عن أحمد بن منصور بن سيار، عن أبي أحمد الزبيري به.
ورواه من طريق نعيم به الطبراني في الكبير كما في جلاء الأفهام (ص190-191) وأبو الشيخ في العظمة (339) والحارث بن أبي أسامة (1069 زوائده) وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (1644) وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/459-460) وابن الأعرابي في المعجم (122) والعقيلي في الضعفاء (13/969) والبخاري في التاريخ الكبير (6/416) وابن الجراح في أماليه (1/187).(4/8)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قال البزار: لا نعلمه يروى عن عمار إلا بهذا الإسناد، وقال البخاري لا يتابع ابن الحميري عليه. وقال ابن حجر: لينه البخاري.
وأما حديث أبي طلحة فقال أحمد في مسنده (16363): حدثنا أبو كامل، قال: حدثنا حماد -يعني ابن سلمة- عن ثابت، عن سليمان مولى الحسن بن علي، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والسرور يرى في وجهه، فقالوا: يا رسول الله إنا لنرى السرور في وجهك، فقال: ((إنه أتاني الملك، فقال: يا محمد أما يرضيك أن ربك عز وجل يقول: إنه لا يصلي عليك أحدٌ من أمتك إلا صليت عليه عشراً، ولا يسلم عليك أحدٌ من أمتك إلا سلمت عليه عشراً؟)) قال: ((بلى)).
ورواه أحمد (16361 و6364) عن عفان، عن حماد بن سلمة نحوه.
ورواه من طريق حماد به ابن أبي شيبة (2/516) والنسائي (3/44 و50) والدارمي (2/317) والشاشي (1073) وابن حبان (915) والطبراني في الكبير (4724) والحاكم (2/420) وصححه ووافقه الذهبي، ورواه البغوي (685).
ورواه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (1) والطبراني في الكبير (4717) والأوسط (4228) من طريق أبي بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن عبيد الله بن عمر، عن ثابت، عن أنس، عن أبي طلحة به.
قال الطبراني في الأوسط: لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر إلا سليمان بن بلال، تفرد به أبو بكر بن أبي أويس.
ورواه البغوي في معجم الصحابة (837) وعنه الطبراني في الكبير (4711) من طريق صالح المري عن ثابت به، وصالح المري ضعيف.
ورواه الطبراني في الكبير (4718) من طريق جسر بن فرقد، عن ثابت، وجسر بن فرقد ضعيف.
وذكر الدارقطني طريق عبيد الله بن عمر وجسر بن فرقد وصالح المري في العلل (6/9-10) ثم قال: والصواب ما رواه حماد بن سلمة عن ثابت، عن سليمان مولى الحسن بن علي، عن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه.(4/9)
294
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثالث عشر محرم الحرام سنة أربع وأربعين وثمانمئة ختمها الله بخير، فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وقد وجدت لحديث أبي طلحة طريقاً أخرى، أخرجه أحمد من رواية إسحاق بن كعب عنه، فذكر نحوه، وقال في آخره: ((كتب الله له بها عشر حسناتٍ ومحا عنه عشر سيئاتٍ ورفع له عشر درجاتٍ، ورد عليه مثلها)).
وفي سنده أبو معشر المدني، وفيه ضعف.
ووجدت له شاهداً من حديث سهل بن سعد، وفيه ذكر أبي طلحة.
أخبرني أبو الحسن بن أبي المجد فيما قرأت عليه، عن أبي محمد بن أبي غالب بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعاً، أخبرنا علي بن الحسين بن علي البغدادي، عن نصر بن نصر العكبري، أخبرنا أبو القاسم بن البسري، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا محمد بن حبيب هو الجارودي، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه -هو سلمة بن دينار- عن سهل بن سعد رضي الله عنهما، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا بأبي طلحة فقام إليه فتلقاه، فقال: بأبي وأمي يا رسول الله إني لأرى السرور في وجهك، قال: ((أجل أتاني جبريل آنفاً، فقال: يا محمد من صلى(4/10)
عليك واحدةٌ كتب الله له بها عشر حسناتٍ، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجاتٍ)).
قال محمد بن حبيب: ولا أعلمه إلا قال: ((وصلت عليه الملائكة)).
هذا حديث حسن.
أخرجه الدارقطني في الأفراد عن البغوي. فوقع لنا موافقة عالية. وأخرجه الضياء في الأحاديث المختارة من وجه آخر عن البغوي.
وقال الدارقطني: تفرد به محمد بن حبيب.
وقال شيخنا في شرح الترمذي: رجاله ثقات.
قلت: عبد العزيز ومن فوقه من رجال الصحيحين.
ومحمد بن حبيب وثقه الخطيب، وتوقف فيه الحاكم.
وقد أخرج إسماعيل القاضي عن أبي ثابت محمد بن عبيد الله المدني -وهو من شيوخ البخاري- عن عبد العزيز بن أبي حازم نحو هذا الحديث دون القصة، فخالف في سنده، قال: عن عبد العزيز، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، فأخشى أن يكون محمد بن حبيب وهم فيه فسلك الجادة، لأن عبد العزيز مكثر عن أبيه، عن سهل، فلذلك اقتصرت على وصفه بالحسن، والعلم عند الله.
وأما حديث أنس ففيما قرأت على عبد الله بن عمر بن علي، عن أحمد بن علي بن أيوب سماعاً، أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا أبو طاهر بن المعطوش، قال: أخبرنا أبو الغنائم بن المهتدي بالله، قال:(4/11)
أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أخبرنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب، حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم - واللفظ له-، حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب (ح).
وقرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم، أخبرنا محمد بن إبراهيم، أخبرنا يحيى بن ثابت، أخبرنا علي بن أحمد بن الخل، أخبرنا أحمد بن عبد الله المحاملي، حدثنا أبو بكر الشافعي، حدثنا معاذ بن المثنى، حدثنا القعنبي، حدثنا سلمة بن وردان، عن أنس رضي الله عنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبرز، ولم يتبعه أحد، ففزع عمر، فأخذ مطهرة فحلقه بها، فوجده ساجداً في شربة، فتنحى عمر، فلما رفع رأسه، قال: ((أحسنت يا عمر، إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: من صلى عليك من أمتك واحدةً صلى الله عليه عشراً، ورفع له عشر درجاتٍ)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أحمد عن أبي نعيم، ومحمد بن فضيل.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد عن أبي نعيم، كلاهما عن سلمة بن وردان.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه إسماعيل القاضي عن القعنبي على الموافقة.(4/12)
ثم أخرجه من رواية أبي ضمرة أنس بن عياض، عن سلمة.
فخالف في شيخه قال: عن مالك بن أوس، عن عمر، فذكر نحوه.
وكنت أظن أن القعنبي شذ فيه عن سلمة، حتى رأيته في الكامل لابن عدي، أخرجه من طريق أبي ضمرة بالسندين معاً، فسلم القعنبي من الوهم.
وقد وافقه خالد بن يزيد العمري عن سلمة، عن أنس.
وبه إلى عبد الله بن إبراهيم، قال: حدثنا موسى بن إسحاق، حدثنا خالد، فذكره. لكن خالد هذا لا يعتبر به.
لكن تابعه أبو نعيم كما تقدم.
وجعفر بن عون عند البزار [3168 كشف الأستار].
والشربة بفتح المعجمة والراء بعدها موحدة: حوض يكون في أصل النخل يملأ ماءً لسقي النخل، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والتسعين بعد المئتين من التخريج، وهو الرابع والسبعون بعد الستمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية، رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر بن الرباط البقاعي الشافعي لطف الله بهم آمين وبجميع المسلمين.
(295)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء العشرين من محرم سنة أربع وأربعين وثمانمئة فقال لطف الله به:
وجاء حديث أنس من وجه آخر أقوى من هذا، لكن بدون القصة.
أخبرني المحب أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن منيع، عن زينب بنت الكمال سماعاً، عن محمد بن عبد الكريم إجازة، أخبرنا وفاء بن(4/13)
أسعد، أخبرنا علي بن أحمد بن بيان، أخبرنا عبد الملك بن محمد، حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق، حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، حدثنا خلاد بن يحيى (ح).
وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي الفضل بن أبي عمر، أخبرنا جعفر بن علي، أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي، أخبرنا الرئيس أبو عبد الله الثقفي، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، حدثنا أحمد بن سلمان، حدثنا الحسن بن مكرم، حدثنا شبابة قالا -واللفظ لشبابة-: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى علي صلاةً صلى الله عليه عشر صلواتٍ، وحط عنه عشر خطيئاتٍ)).
زاد شبابة في روايته: ((ورفع له عشر درجاتٍ)).
أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد جميعاً، عن أبي نعيم -زاد أحمد: وابن فضيل-.
وأخرجه النسائي من رواية حجاج بن محمد، ويحيى بن آدم، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبي نعيم، فرقهم.
وأخرجه ابن حبان من رواية محمد بن بشر.
ستتهم عن يونس بن أبي إسحاق.(4/14)
وخالفهم مخلد بن يزيد فأدخل بين بريدٍ -وهو بالباء الموحدة والراء مصغر- وأنس الحسن البصري.
أخرجه النسائي أيضاً.
وهو من المزيد، فقد صرح شبابة وغيره بسماع بريد له من أنس.
وأخرجه النسائي أيضاً من رواية أبي إسحاق عن أنس.
ووقع لنا بعلو في جزء أبي أحمد الغطريفي.
وأما حديث أبي بن كعب ففيما قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي بالقاهرة، وعلى الشيخ أبي إسحاق الرسام بالمسجد الحرام، كلاهما عن أبي العباس بن أبي طالب سماعاً عليه مفترقين، أخبرنا أبو المنجا بن اللتي سماعاً عليه بالسند الماضي مراراً إلى عبد بن حميد، حدثنا قبيصة بن عقبة، حدثنا سفيان -هو الثوري- عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل قام، فقال: ((يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه)).
فقال أبي بن كعب: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فما أجعل لك من صلاتي؟ قال: ((ما شئت)) قلت: الربع؟ قال: ((ما شئت، وإن زدت فهو خيرٌ)) قلت: النصف؟ قال: ((ما شئت وإن زدت فهو خيرٌ)) قلت: الثلثين؟ قال: ((ما شئت وإن زدت فهو خيرٌ)) قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: ((إذاً تكفى همك ويغفر لك ذنبك)).(4/15)
هذا حديث حسن.
أخرجه الترمذي في الدعوات وحسنه عن هناد بن السري عن قبيصة فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن قبيصة، ومن وجهين آخرين عن سفيان وصححه.
وفيه نظر، لأن الدارقطني ذكر في الأفراد أن ابن عقيل تفرد به، وتفرد به الثوري عن ابن عقيل. وابن عقيل فيه ضعف من قبل حفظه، وأطلق بعضهم توثيقه لصدقه. وجده عقيل هو ابن أبي طالب.
وقد وقع في رواية إسماعيل القاضي عن سعيد بن سلام، عن الثوري بدل قوله: ((إني أكثر الصلاة عليك، إني أصلي من الليل)).
وأخرجه من وجه آخر عبر فيه بالدعاء بدل الصلاة فعين المراد.
وبالسند الماضي إلى إسماعيل، حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان -هو ابن عيينة- عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني آتٍ من ربي فقال: ما من عبدٍ يصلي عليك صلاةً إلا صلى الله عليه بها عشراً، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أجعل لك نصف دعائي؟ قال: ((ما شئت)) قال: الثلثين؟ قال: ((ما شئت)) قال: أجعل دعائي كله لك؟ قال: ((إذن يكفيك الله هم الدنيا وهم الآخرة)) فقال شيخ كان عنده بمكة يقال له ((منيع)): عن من أسنده؟ قال: لا أدري.
قلت: يعقوب المذكور صدوق من صغار التابعين.(4/16)
فسنده هذا مرسل أو معضل، ويستفاد منه مناسبة ذكر حديث أبي للأحاديث المتقدمة، وبالله التوفيق.
وقد جاء لحديث أبي شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه ابن أبي عاصم والبزار.
وآخر من حديث حبان بن منقذ، أخرجه ابن أبي عاصم والطبراني.
وفي سند كل من الحديثين ضعيف، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس التسعين بعد المئتين من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الخامس والسبعون بعد الستمئة من الأمالي بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي.
[[وروينا في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، بالأسانيد الصحيحة، عن أوس بن أوس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضةً علي)) فقالوا: يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ -قال: يقول: بليت- قال: ((إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء)).(4/17)
وروينا في سنن أبي داود، في آخر كتاب الحج، في باب زيارة القبور بالإسناد الصحيح.]]
(296)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله: روينا في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه بالأسانيد الصحيحة عن أوس بن أوس .. .. إلخ).
الحديث رواه ابن أبي شيبة (8697) وعنه ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة على النبي (63) وإسماعيل القاضي (22) وأحمد (16162) وأبو داود (1047 و1531) والنسائي (3/91) وابن ماجه (1085 و1636) والدارمي (1580) وابن خزيمة (1733 و1734) والطبراني في الكبير (583) والحاكم (1/278 و4/560) والبيهقي (3/248) وفي فضائل الأوقات (269) كلهم من طريق حسين بن علي الجعفي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس به. ولفظه عند ابن أبي عاصم: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم عليه السلام، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي فيه من الصلاة، فإن صلاتكم معروضةٌ علي)) فقال رجل: كيف تعرض عليك وقد أرمت)) -يعني بليت- فقال: ((إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)).
وروى أيضاً ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1577) وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي (22) وابن حبان (910) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (976).
ووقع عند ابن ماجه اسم الصحابي شداد بن أوس، وهو وهم نبه عليه المزي في تحفة الأشراف (2/4 و4/143).
والحديث صحيح، وقد أعله بعض الحفاظ بأن حسين الجعفي حدث به عن عبد الرحمن بن يزيد، عن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أوس بن أوس.(4/18)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قال: ومن تأمل هذا الإسناد لم يشكك في صحته، لثقة رواته، وشهرتهم، وقبول الأئمة أحاديثهم.
وعلته: أن حسين بن علي الجعفي لم يسمع من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وإنما سمع من عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم لا يحتج به، فلما حدث به حسين الجعفي غلط في اسم الجد، فقال: ابن جابر، كما بين ذلك البخاري في التاريخ الكبير والخطيب في تاريخ بغداد وموسى بن هارون الحافظ.
وقد رد على هذا التعليل بأن حسين بن علي الجعفي صرح بسماعه له من عبد الرحمن بن يزيد بن جابر كما هو عند إسماعيل القاضي وابن حبان. وصرح بذلك الحافظ المزي في تهذيب الكمال، والحافظ الدارقطني في تعليقاته على كتاب المجروحين (ص157-158). وأما قولهم بأنه غلط في اسم جده فبعيد، فإنه لم يكن يشتبه على حسين هذا بهذا مع نقده وعلمه بهما وسماعه منهما.
وأما قول أبي حاتم: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر لا أعلم أحداً من أهل العراق يحدث عنه، والذي عندي أن الذي يروي عنه أبو أسامة وحسين الجعفي واحد، وهو عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، لأن أبا أسامة روى عن عبد الرحمن بن يزيد، عن القاسم، أبي أمامة خمسة أحاديث أو ستة أحاديث منكرة، لا يحتمل أن يحدث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بمثلها، ولا أعلم أحداً من أهل الشام روى عن ابن جابر من هذه الأحاديث شيئاً.
وأما حسين الجعفي فإنه يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث، عن أوس بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة، إلى أن قال: وهو حديث منكر، لا أعلم أحداً رواه غير حسين الجعفي، وأما عبد الرحمن ابن يزيد بن تميم فهو ضعيف الحديث، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ثقة. انتهى. وقد تقدم رد ذلك.
(قوله بالأسانيد الصحيحة) تعقبه الحافظ بأنه يوهم أن للحديث في السنن(4/19)
.. .. .. (1) .. .. ..
[[وروينا فيه أيضاً بإسناد صحيح، عن أبي هريرة أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحدٍ يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)).]]
(297)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس صفر الخير سنة أربع وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته:
وفي معنى حديث عمار حديث أبي أسامة، أخرجه الطبراني من رواية مكحول
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
الثلاث طرقاً إلى أوس، وليس كذلك كما عرفت، إذ مداره عندهم وعند غيرهم على الجعفي، تفرد به عن شيخه، وكذا من فوقه، وكأن الشيخ قصد بالأسانيد شيوخهم خاصة.
(قوله وروينا في سنن أبي داود في آخر كتاب الحج في باب زيارة القبور بالإسناد الصحيح).
رواه أبو داود (2042) عن أحمد بن صالح، وأحمد (8804) عن سريح بن النعمان، والطبراني في الأوسط (8030) وابن فيل في جزئه من طريق مسلم بن عمرو الحذاء المديني، ثلاثتهم عن عبد الله بن نافع، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: ((لا تجعلوا قبري عيداً، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً، وحيثما كنتم فصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني)) هذا لفظ أحمد.
ولفظ أبي داود: ((لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تجعلوا قبري عيداً، وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) وقال الحافظ بعد تخريجه: حديث حسن.(4/20)
عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي صلى الله عليه ملكٌ حتى يبلغنيها)).
وفي معناه حديث لابن مسعود، أخرجه أحمد والنسائي والدارمي وصححه ابن حبان والحاكم من رواية زاذان عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله ملائكةً سياحين يبلغونني عن أمتي السلام)).
ويجمع بينه وبين حديث عمار بأن الملك الموكل يخبر السياحين.
وفي معنى حديث أبي هريرة ما قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: أخبرنا زاهر بن أبي طاهر، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الملك، قال: أخبرنا إبراهيم بن منصور، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم، قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا جعفر بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين -يعني جعفر بن أبي طالب- عن علي بن عمر بن علي، عن أبيه، عن علي بن الحسين -هو زين العابدين- أنه رأى رجلاً يأتي إلى فرجة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيجلس فيدعو، فقال له: ألا أحدثك حديثاً سمعته من أبي، عن جدي رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تتخذوا قبري عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً، وسلموا علي فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم)).(4/21)
هذا حديث حسن.
أخرجه إسماعيل بن إسحاق القاضي في كتاب فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم السند إليه قريباً، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، عن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عمن أخبره من أهل بيته، عن علي بن الحسين، فذكر الحديث والقصة بمعناه وقال فيه: أخبرني أبي عن جدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، وزاد: ((وصلوا علي وسلموا حيثما كنتم، فإن صلاتكم وسلامكم يبلغني)).
فأفادت رواية إسماعيل سياق نسب جعفر بن إبراهيم، وأفادت رواية زيد تسمية المبهم في رواية إسماعيل، وأن الواسطة بين جعفر بن إبراهيم وعلي بن الحسين أكثر من واحد.
وللحديث شاهد من رواية الحسن بن علي رضي الله عنهما أخرجه إسماعيل بالقصة.
وأخرجه ابن أبي عاصم والطبراني من وجه آخر عنه بدون القصة.
قوله (وروينا فيه أيضاً بإسناد صحيح عن أبي هريرة) إلى آخره.
أخبرني أبو اليسر أحمد بن عبد الله بن محمد بن الصائغ الدمشقي، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسن الجزري حضوراً وإجازة، عن المبارك بن محمد الخواص، قال: أخبرنا أبو الفتح بن شاتيل، قال: أخبرنا الحسين بن علي البسري، قال: أخبرنا عبد الله بن يحيى، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن عباس بن عبد الله، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال:(4/22)
حدثنا حيوة بن شريح، عن أبي صخر حميد بن زياد، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أحدٍ يسلم علي إلا رد الله عليه روحي حتى أرد عليه السلام)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أحمد عن المقرئ، وهو عبد الله بن يزيد.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو داود عن محمد بن عون، عن المقرئ.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ورجاله رجال الصحيح، أخرج الشيخان لهم إلا أبا صخر، فأخرج له مسلم وحده، وقد اختلف فيه قول يحيى بن معين.
وفي ابن قسيط مقال، توقف فيه مالك، فقال في حديث له من روايته خارج الموطأ: ووصله ليس بذاك، انتهى.
وانفراده بهذا عن أبي هريرة يمنع من الجزم بصحته.
وفي المتن إشكال ظاهر، ويمكن أن يؤل رد الروح بحضور الفكر كما قالوا في قوله: ((يغان على قلبي)) والعلم عند الله تعالى.
آخر المجلس السابع والتسعين بعد المئتين من التخريج، وهو السابع والسبعون بعد الستمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية إبراهيم البقاعي.(4/23)
[[باب أمر من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه والتسليم صلى الله عليه وسلم
روينا في كتاب الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رغم أنف رجلٍ ذكرت عنده فلم يصل علي)) قال الترمذي: حديث حسن.]]
(298)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني عشر شهر صفر الخير من سنة أربع وأربعين وثمانمئة، فقال لطف الله به:
قوله (باب أمر من ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه والتسليم) روينا في كتاب الترمذي عن أبي هريرة .. إلى آخره.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أبو العباس الحلبي، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا أبو محمد الحربي، قال: أخبرنا أبو القاسم الشيباني، قال: أخبرنا أبو علي التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر المالكي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا ربعي بن إبراهيم -يعني ابن علية، وكان يفضل على أخيه- عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رغم أنف رجلٍ ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجلٍ دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة)).
هذا حديث حسن صحيح.(4/24)
أخرجه الترمذي عن أحمد بن إبراهيم الدورقي عن ربعي.
وقال: حسن غريب من هذا الوجه.
قلت: ربعي اسم بلفظ النسب وهو بكسر الراء وسكون الموحدة.
وأراد أحمد بتفضيله على أخيه أنه فوقه في أمر الديانة، وإلا فإسماعيل أوثق.
وعبد الرحمن بن إسحاق مدني سكن البصرة، وهو صدوق ربما وهم.
وفي طبقته عبد الرحمن بن إسحاق واسطي يكنى أبا شيبة، وهو ضعيف.
وأراد الترمذي بالغرابة تفرد عبد الرحمن بن سعيد.
وأما ربعي فقد توبع، أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وإسماعيل القاضي وابن حبان والحاكم من رواية بشر بن المفضل.
وأخرجه ابن أبي عاصم من رواية يزيد بن زريع، كلاهما عن عبد الرحمن بن إسحاق.
وتوبع سعيد عن أبي هريرة.
قرأت على العماد أبي بكر بن إبراهيم الصالحي بها، عن أبي عبد الله الزراد، قال: أخبرنا الحافظ أبو علي البكري، قال: أخبرنا أبو روح الهروي، قال: أخبرنا أبو القاسم المستملي، قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي الفضل الغازي، قال: أخبرنا أبو طاهر بن الفضل السلمي، قال: حدثنا جدي أبو بكر محمد بن إسحاق الإمام، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح(4/25)
-بفتح الراء وتخفيف الموحدة- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رقى المنبر، فقال: ((آمين آمين آمين)) فقيل له: يا رسول الله ما كنت تصنع هذا؟ فقال: ((قال لي جبريل عليه السلام: رغم أنف رجلٍ أو بعد دخل عليه رمضان فلم يغفر له، فقلت: آمين، فقال: رغم أنف عبدٍ أو بعد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخل الجنة، فقلت: آمين، فقال: رغم أنف عبدٍ أو بعد ذكرت عنده فلم يصل علي، فقلت: آمين)).
هكذا أخرجه ابن خزيمة في كتاب الصيام من صحيحه.
وكثير بن زيد مختلف، لكنه اعتضد بما سبق وما سيأتي.
وأخرجه إسماعيل وابن أبي عاصم من رواية عبد العزيز بن أبي حازم، عن كثير بن زيد.
وله طريق أخرى عن أبي هريرة أخرجها ابن حبان في صحيحه، والدارقطني في الأفراد من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه.
وقال في روايته: ((من فعل كذا من الأمور الثلاثة فدخل النار فأبعده الله))، وله طريق رابعة أخرجها الحسين بن الحسن المرزوي في زياداته في كتاب البر والصلة من طريق يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة.
ومن وجه آخر مرسل.
قال الترمذي بعد تخريجه: وفي الباب عن أنس وجابر.
أما حديث أنس فقرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن أبي العباس بن أبي طالب سماعاً، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، قال: أخبرنا(4/26)
مسعود بن محمد، قال: أخبرنا أبو غالب العطار، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان، قال: أخبرنا علي بن محمد بن الزبير، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال: حدثنا جعفر بن عون، قال: حدثنا سلمة بن وردان، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم ارتقى درجة المنبر، فقال: ((آمين)) ثم ارتقى الدرجة الثانية فقال: ((آمين)) ثم ارتقى الدرجة الأخرى فقال: ((آمين)) ثم جلس، فسألوه: على ما أمنت؟ فقال: ((أتاني جبريل عليه السلام، فقال: رغم أنف امرئٍ ذكرت عنده فلم يصل عليك، قل: آمين فقلت: آمين)) .. .. فذكر الحديث.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
وأبو بكر بن أبي شيبة عن أبي نعيم، عن سلمة.
وأخرجه البزار عن محمد بن معمر، عن جعفر بن عون.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأما حديث جابر فلم أجده من رواية جابر بن عبد الله إلا بلفظ مختصر سأذكره في آخر الباب.
ووجدته من حديث جابر بن سمرة، ومن حديث عبد الله بن مسعود، ومن حديث عمار بن ياسر، ومن حديث كعب بن عجرة، ومن حديث عبد الله بن عباس، ومن حديث مالك بن الحويرث، ومن حديث عبد الله بن الحارث الزبيدي، وبه كملوا عشرة.(4/27)
أما حديث جابر بن سمرة فأخرجه البزار والدارقطني في الأفراد.
وأما حديث عمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود فأخرجهما البزار، وأحال بلفظ ابن مسعود على حديث عمار، ولفظه كالذي قبله ((رغم أنف رجلٍ)).
وأما حديث كعب بن عجرة فأخرجه البخاري في الأدب المفرد، وإسماعيل القاضي والطبراني، ولفظه: نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احضروا المنبر)) فحضرنا، فلما ارتقى الدرجة قال: ((آمين)) الحديث.
وأما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني من وجهين عنه.
وأما حديث مالك بن الحويرث فأخرجه ابن حبان في صحيحه والطبراني.
وأما حديث عبد الله بن الحارث فأخرجه البزار وابن أبي عاصم.
وفي أحاديث هؤلاء الأربعة فأبعده الله أو بعده، ولم يقولوا رغم أنفه، وساقوا الأمور الثلاثة بألفاظ مختلفة، والله أعلم.
آخر المجلس الثامن والتسعين بعد المئتين من التخريج، وهو الثامن والسبعون(4/28)
بعد الستمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر البقاعي.
(299)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء عاشر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثمانمئة، فقال أحسن الله عاقبته:
ذكر خبر مرفوع يؤيد الخبر المذكور.
أخبرني المسند أبو المعالي عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد الصيرفي، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا عمر بن محمد بن حسان، قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان، قال: حدثنا أبو بكر الشافعي، قال: حدثنا محمد بن مسلمة، قال: حدثنا يزيد بن هارون (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن علي بن علي بن سكينة، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الخطيب، قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن حبابة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا علي بن الجعد، قالا: حدثنا شعبة، عن سليمان -هو الأعمش- عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا يجلس قومٌ مجلساً لا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرةً يوم القيامة وإن دخلوا الجنة)).
هذا حديث صحيح.(4/29)
أخرجه النسائي من رواية أبي عامر العقدي.
وابن أبي عاصم من رواية حجاج بن محمد، كلاهما عن شعبة.
فوقع لنا عالياً.
وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه أحمد والترمذي من رواية صالح مولى التوءمة، عنه، ولفظه: ((ما جلس قومٌ مجلساً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم ترةً يوم القيامة)).
وصالح ضعيف، لكن حسنه الترمذي لشاهده.
وهو ما أخرجه النسائي من رواية يزيد بن إبراهيم، عن أبي الزبير، عن جابر، ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما اجتمع قومٌ فتفرقوا عن غير ذكر الله وصلاةٍ على النبي صلى الله عليه وسلم إلا قاموا عن أنتن من جيفةٍ)).
ورجاله رجال الصحيح.
ووقع لنا هو والذي قبله بعلو في مسند الطيالسي، أخرج الأول عن ابن أبي ذئب.
والثاني عن يزيد بن إبراهيم.
ذكر سياق حديث جابر الذي تقدم ذكره دون سنده.(4/30)
أخبرني المسند الأصيل أبو بكر بن أبي عمر الحموي الأصل المصري، قال: أخبرنا جدي أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد الله، قال: أخبرنا مكي بن علان في كتابه، عن السلفي، قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني، قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الجليل -بالجيم- قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري في كتاب الأدب المفرد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن نافع الصائغ، قال: أخبرني عصام بن زيد -وأثنى عليه ابن شيبة خيراً- عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم رقي المنبر، فلما رقي الدرجة الأولى، قال: ((آمين)) ثم رقي الدرجة الثانية فقال: ((آمين)) ثم رقي الدرجة الثالثة فقال: ((آمين)) قالوا: يا رسول الله سمعناك تقول: آمين ثلاث مرات قال: ((لما رقيت الدرجة الأولى جاءني جبريل عليه السلام، فقال: شقي عبدٌ أدرك رمضان ولم يغفر له، فقلت: آمين، ثم قال: شقي عبدٌ أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخل الجنة، فقلت آمين، ثم قال: شقي عبدٌ ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت آمين)).
هذا حديث حسن أخرجه الطبري في تهذيبه عن محمد بن إسماعيل الضراري -نسبة إلى جده ضرار بكسر المعجمة والتخفيف- عن عبد الله بن نافع.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الدارقطني في الأفراد من هذا الوجه.
وهو الذي أشار إليه الترمذي.(4/31)
وما كنت ظفرت به قبل تاماً موصولاً، فاستدركته ولله الحمد.
آخر المجلس التاسع والتسعين بعد المئتين من تخريج أحاديث الأذكار وهو التاسع والسبعون بعد الستمئة من الأمالي المصرية البيبرسية رواية كاتبه حال الإملاء أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي.
[[وروينا في كتاب ابن السني بإسناد جيد، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ذكرت عنده فليصل علي، فإنه من صلى علي مرةً، صلى الله عز وجل عليه عشراً)).
وروينا فيه بإسناد ضعيف، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقي)).
وروينا في كتاب الترمذي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي)) قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ورويناه في كتاب النسائي من رواية الحسين بن علي رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم.]]
(300)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله: وروينا في كتاب ابن السني بإسناد جيد عن أنس رضي الله عنه .. إلخ).
رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (380).
قال ابن علان في شرح الأذكار (3/321) قال الحافظ: أخرجه النسائي آخر(4/32)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
فضائل القرآن، وكأن المصنف خفي عليه ذلك، لكونه ذكره في غير مظنته، فنقله من جهة ابن السني، ووصف السند بالجودة، كأنه بالنظر إلى رجاله بأنهم موثقون، لكن في السند انقطاع، انتهى.
أقول: بل رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (61) وليس في آخر فضائل القرآن وباللفظ الذي ذكره المصنف.
ورواه أبو يعلى (4002).
وقول الحافظ: في السند انقطاع، يشير إلى قول أبي حاتم: لا يصح لأبي إسحاق عن أنس رؤية ولا سماع، كما في المراسيل (ص146) لابنه.
(قوله: وروينا فيه بإسناد ضعيف عن جابر رضي الله عنه .. إلخ).
رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (318) والطبراني في الأوسط (1641 و6171).
وفي إسناده الفضل بن مبشر، قال الحافظ: فيه لين.
قال في شرح الأذكار (3/322) قال الحافظ: وللحديث طريق أخرى أخرجها الطبراني مختصرة من حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال لي جبريل: من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقي)).
قلت: رواه الطبراني في الأوسط (3871) بلفظ: ((من أدرك رمضان ولم يصمه فقد شقي، ومن أدرك والديه أو أحدهما فلم يبره فقد شقي، ومن ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقي)).
فقد ظهر أن الحديث طويل، وهو أيضاً من طريق الفضل بن مبشر.
ونقل شارح الأذكار عن القسطلاني في المسالك: عند ابن أبي عاصم مرفوعاً أيضاً مختصراً: ((أتاني جبريل فقال شقي امرؤٌ -أو تعس امرؤٌ- ذكرت عنده فلم يصل عليك)).
قلت: رواه ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة على النبي (67) من حديث أبي هريرة، وفي إسناده يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي، وهو وأبوه(4/33)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
ضعيفان، وفيه انقطاع بين يزيد بن رومان وأبي هريرة.
(قوله وفي كتاب الترمذي عن علي .. إلخ).
رواه الترمذي (3546) قال: حدثنا يحيى بن موسى، وزياد بن أيوب، قال: حدثنا أبو عامر العقدي، عن سليمان بن بلال، عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن حسين بن علي، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي)). وقال: حسن صحيح، وفي نسخة زيادة غريب. وسقط من نسختنا من الترمذي [عن علي بن أبي طالب].
(قوله وروينا في كتاب النسائي من رواية الحسين بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم).
رواه ابن أبي شيبة في مسنده (791) وعنه رواه ابن أبي عاصم في كتاب الصلاة على النبي (30) وفي الآحاد والمثاني (432) وأبو يعلى (6776) والدولابي في الذرية الطاهرة (153) ورواه أحمد (1736) والنسائي في عمل اليوم والليلة (55 و56) وفي فضائل القرآن (125) وإسماعيل القاضي (31 و32) والطبراني في الكبير (2885) وابن حبان (909) وابن السني في عمل اليوم والليلة (382) والحاكم (1/541) وابن عدي في الكامل (3/35) والبيهقي في الدعوات الكبير (151) وفي شعب الإيمان (1466 و1467) وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب (518 و666) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1802) من طرق عن سليمان بن بلال به فقالوا: عن عبد الله بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه عن جده. وصححه الحاكم وأقره الذهبي.
قال المصنف في النكت الظراف (3/66) قلت: الذي عندي أن رواية سليمان لا تخالف رواية يحيى بن موسى، لأن يحيى [سليمان] قال: عن أبيه عن جده، ولم يسمه، فاحتمل أن يريد جده الأدنى، وهو الحسين، واحتمل الأعلى، وهو علي، فصرحت رواية يحيى بن موسى بالاحتمال الثاني.
قال الحافظ المصنف كما في شرح الأذكار (2/324-325): هو وحديث علي المذكور قبله حديث واحد بسند واحد عند الترمذي والنسائي وابن السني،(4/34)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
وعند أحمد وابن أبي عاصم وابن حبان والحاكم من رواية عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن جده.
نعم وقع في رواية الترمذي التصريح بذكر علي.
أما الرواية الأولى فقال الحافظ المصنف بعد تخريجها من طرق منها عن الطبراني، ومنها عن الحاكم وغيرهما عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((البخيل من ذكرت عنده لم يصل علي)).
حديث حسن أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن السني وابن حبان، ولم أر في شيء من روايتهم التصريح بتسمية راوي الحديث، ويحتمل أنه الحسين إن كان الضمير لعبد الله، أو علي إن كان الضمير لوالد عبد الله، والعلم عند الله.
وأما الرواية المصرحة بعلي بن أبي طالب في هذا الحديث فأخرجها الحافظ من طريقين عن عمارة بن غزية حدثنا عبد الله بن علي بن الحسين، قال: قال علي بن أبي طالب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن البخيل الذي إذا ذكرت عنده لم يصل علي)).
أخرجه البخاري في التاريخ (5/148) والترمذي والنسائي [في العمل والليلة 57].
وأما الرواية المصرحة بالحسين فأخرجها الحافظ المصنف من طريقين من طريق عمرو بن أبي عمرو، عن علي بن الحسين، عن أبيه، قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((إن البخيل لمن ذكرت عنده فلم يصل علي)) رواه إسماعيل القاضي (31). وابن أبي عاصم (31).
رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، وهو موصول بخلاف الذي قبله، فإن عبد الله بن علي لم يدرك جده لا الأعلى ولا الأدنى.(4/35)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
لكن رجح إسماعيل الماضية أو لا التي هي محتملة، وذكر لراويها متابعات.
وذكر الحافظ المؤلف اختلافاً آخر في سند الحديث، فأخرج من طريق أخرى عن عمارة بن غزية، عن عبد الله بن علي بن الحسين أنه سمع أباه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. [رواه إسماعيل القاضي (34)] وهكذا رواه البخاري في التاريخ (5/148).
قال الدارقطني في العلل (3/102-103) بعد أن ذكر الاختلاف: رواية سليمان عن عمارة أي المذكورة أولاً أشبه بالصواب.
وللحديث شاهد من حديث أبي ذر رواه ابن أبي عاصم (29) وإسناده ضعيف.
ورواه إسماعيل القاضي (37) والحارث بن أبي أسامة (53 و23، و1064 زوائده) بإسناد آخر عن رجل من أهل دمشق عن عوف بن مالك عن أبي ذر.
قال الحافظ المؤلف: حديث غريب، فيه رواية صحابي من صحابي، ورجاله رجال الصحيح غير المبهم فيه.
وله شاهد آخر من مرسل الحسن البصري، أخرجه سعيد بن منصور ورواته ثقات.
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من الجفاء أن أذكر عند رجلٍ فلا يصلي علي)).
هكذا أخرجه مرسلاً ورواته ثقات.
قلت: الذي رواه عبد الرزاق في المصنف (3121) هو من مرسل محمد بن علي وليس من مرسل قتادة.
قال الحافظ المصنف كما في شرح الأذكار (2/324) وهذا الحديث وما بعده استدل به لمن قال بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، والذي نقله الترمذي عن بعض أهل العلم، ونقله عنه المصنف هنا من الاكتفاء بالصلاة(4/36)
عليه مرة في المجلس أقرب؛ فإنه يصدق عليه أنه لم يبخل ولم يجف، والله أعلم.
[[باب صفة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأما ما قاله بعض أصحابنا وابن أبي زيد المالكي من استحباب زيادة على ذلك وهي: ((وارحم محمداً وآل محمدٍ)) فهذا بدعة لا أصل لها. وقد بالغ الإمام أبو بكر بن العربي المالكي في كتابه ((شرح الترمذي)) في إنكار ذلك وتخطئة ابن أبي زيد في ذلك وتجهيل فاعله، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، فالزيادة على ذلك استقصار لقوله، واستدراك عليه صلى الله عليه وسلم.]]
(303)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع عشر شهر ربيع الأول من السنة، فقال أحسن الله عاقبته:
أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن عبد الحميد المقدسي في كتابه.
وقرأت على فاطمة بنت محمد الدمشقية بها، كلاهما عن أبي الفضل بن أبي طاهر، قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله ضياء الدين المقدسي، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا أبو محمد بن فارس، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي. قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري، عن أبي الزبير، عن جابر، فذكر الحديث.(4/37)
أخرجه النسائي عن أحمد بن منجوف، عن أبي داود الطيالسي.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
قال الحافظ ضياء الدين: هذا عندي على شرط مسلم.
قلت: ما أخرج مسلم ليزيد بهذا السند إلا حديثاً واحداً متابعة، وفي السند عنعنة أبي الزبير.
قوله (باب صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن قال: وأما ما قاله بعض أصحابنا وابن أبي زيد المالكي من استحباب زيادة على ذلك، وهي ((وارحم محمداً وآل محمد)) فهذا بدعة لا أصل لها، وذكر إنكار أبي بكر بن العربي) إلى آخره.
قلت: وقد سبق إلى إنكار ذلك من الفقهاء الشافعية الصيدلاني، وحكاه عنه الرافعي، ولم يتعقبه. ومن المحدثين المالكية أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار وليس بجيد منهم، فإنها وردت من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن مسعود، ومن حديث ابن عباس، ومن حديث بريدة.
أما حديث أبي هريرة فأخبرني المسند أبو بكر بن أبي عمر بالسند الماضي قبل إلى البخاري في كتاب الأدب المفرد، قال: حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، عن سعيد بن عبد الرحمن مولى سعيد بن العاص، قال: أخبرنا حنظلة بن علي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال اللهم صل على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم وترحم على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل(4/38)
إبراهيم، شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أبو جعفر الطبري عن أبي كريب محمد بن العلاء.
فوقع لنا موافقة عالية، ورجاله رجال الصحيح إلا سعيد بن عبد الرحمن فلا أعرف للمتقدمين فيه جرحاً ولا تعديلاً، لكن ذكره ابن حبان في كتاب الثقات.
وأما حديث ابن مسعود فأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن يحيى بن السباق، عن رجلٍ من بني الحارث، عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل اللهم صل على محمد وعلى آل محمدٍ، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، وارحم محمداً وآل محمدٍ كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ)).
ورجاله رجال الصحيح إلا يحيى والحارثي.
فأما يحيى فذكره ابن حبان في الثقات.
وأما الحارثي فلم أقف على اسمه ولا على حاله.
وأما حديث ابن عباس فأخرجه أبو جعفر الطبري من طريق يونس بن خباب -وهو بفتح المعجمة وموحدتين الأولى ثقيلة- أنه خطب بفارس، فقرأ {إن الله وملائكته يصلون على النبي} الآية فقال: أنبأني من سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: قالوا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: اللهم صل على محمدٍ وآل محمدٍ كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم(4/39)
إنك حميدٌ مجيدٌ، وارحم محمداً وآل محمدٍ كما رحمت إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ)).
وفي سنده أبو إسرائيل الملائي -بضم الميم وتخفيف اللام والمد- واسمه إسماعيل بن خليفة، وهو كوفي ضعيف.
والتابعي لم يسم.
وأما حديث بريدة فأخرجه أحمد من طريق أبي داود عن بريدة رضي الله عنه، قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: ((قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ)).
وهكذا أخرجه المعمري وإسماعيل القاضي من هذا الوجه.
وأبو داود اسمه نفيع، وهو كوفي ضعيف.
وهذه أحاديث يشد بعضها بعضاً، وأقواها أولها، ويدل مجموعها على أن للزيادة أصلاً.
ويستفاد من حديث ابن مسعود جواب صاحب الشفاء، حيث أنكر أن يكون ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد ورد في حديث ابن مسعود والله أعلم.
آخر المجلس الثالث بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الثالث(4/40)
والثمانين بعد الستمئة من أصل الأمالي المصري بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي.
(304)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رابع عشري شهر ربيع الأول من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
ووجدت لأبي هريرة حديثاً آخر في هذا بصيغة الأمر.
قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن زينب بنت الكمال، أن يوسف بن خليل الحافظ كتب إليهم: أخبرنا أبو جعفر الطرسوسي، قال: أخبرنا أبو منصور الأشقر، قال: أخبرنا أبو بكر الأعرج، قال: أخبرنا أبو بكر القباب، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، قال: حدثنا كهل من أصحاب الحديث، قال: حدثنا سعيد بن هاشم، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن صفوان بن سليم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: أمرنا الله بالصلاة عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: ((قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمدٍ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وارحم محمداً وآل محمدٍ كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم والسلام كما قد علمتم)).
وهذا السند وإن كان ضعيفاً فإنه يرد على من أنكر أنه ورد بهذا اللفظ. ووجدت لحديث بريدة شاهداً.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق، عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن التعاويذي في كتابه، قال: أخبرنا أبو الحسين بن يوسف، قال: أخبرنا هادي بن إسماعيل، قال: أخبرنا علي بن القاسم، قال:(4/41)
أخبرنا أبو الحسين بن فارس، قال: حدثنا علي بن إبراهيم (ح).
وبالسند الماضي مراراً إلى الحافظ أبي إسحاق الحبال، وعالياً إلى أبي الحسن الخلعي، قالا: أخبرنا أبو محمد بن النحاس، قال: أخبرنا أبو القاسم بن الجراب، قالا: حدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا عاصم بن علي، قال: حدثنا المسعودي، عن عون بن عبد الله، عن أبي فاختة، عن الأسود -هو ابن يزيد- عن عبد الله -هو ابن مسعود- رضي الله عنه قال: إذا صليتم على النبي صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه، فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه، قالوا له: فعلمنا، قال: قولوا اللهم اجعل فضائل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون. لفظ ابن فارس.
هذا حديث حسن.
أخرجه عبد بن حميد في التفسير عن أبي نعيم.
وأخرجه ابن ماجه من رواية زياد بن عبد الله.
والمعمري من رواية الأعمش وإسماعيل بن علية.
والدارقطني في الأفراد من رواية وكيع، كلهم عن المسعودي.
واسمه عبد الرحمن بن عبد الله، وهو كوفي صدوق، لكنه اختلط بأخرة، فسماع القدماء منه صحيح، ومنهم الأعمش، فإنه من أقرانه.
وأبو فاختة بفاء وخاء معجمة مكسورة بعدها مثناة، واسمه سعيد بن علاقة(4/42)
بكسر المهملة والتخفيف، وهو ثقة، وكذا سائر رجال الإسناد.
وبه إلى ابن الجراب قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال:حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بلج -بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها جيم واسمه يحيى بن سليم- قال: حدثني ثوير -بمثلثة مصغر- مولى بني هاشم قال: قلت لابن عمر أو ابن عمرو رضي الله عنهم: كيف الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: اللهم اجعل .. .. فذكر الحديث بنحوه، وزاد يوم القيامة بعد قوله وابعثه، وسقط من روايته: ورسول الرحمة.
وهكذا أخرجه أبو القاسم البغوي في فوائده عن جده أحمد بن منيع، عن هشيم، وقال في روايته: قلت لابن عمر: كيف الصلاة؟ ولم يشك في ابن عمر.
وأخرج الحاكم في علوم الحديث في النوع المسلسل حديثاً مسلسلاً يقول كل من رواته: وعدهن في يدي إلى أن انتهى إلى علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام، قال: هكذا أنزلت من عند رب العزة عز وجل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم وبارك .. فذكر مثله: اللهم وترحم فذكر مثله، اللهم وتحنن، فذكر مثله، اللهم وسلم، فذكر مثله.
وفي سنده ثلاثة من الضعفاء على الولاء، أحدهم نسب إلى وضع الحديث، والآخر اتهم بالكذب، والثالث متروك.(4/43)
وقد وقع لي مسلسلاً، ولكني لا أرويه لاعتقادي أنه موضوع.
وقد أخرجه صاحب الشفاء من طريق الحاكم، وحدث به القاضي أبو بكر بن العربي مسلسلاً، أخرجه عنه الحافظ أبو عبد الله النميري في كتاب ((الإعلام بفضل الصلاة والسلام)) فإما أن يكون لم يستحضره لما أنكر الزيادة أو لم يعتد بها، والعلم عند الله تعالى.
آخر المجلس الرابع بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الرابع والثمانون بعد الستمئة من الأمالي رواية إبراهيم بن عمر البقاعي.(4/44)
[[بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد وآله وصبحه
باب استفتاح الدعاء بالحمد لله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
روينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي، عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه، قال: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في صلاته لم يمجد الله تعالى، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ((عجل هذا)) ثم دعاه، فقال له أو لغيره: ((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه سبحانه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء)) قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا في كتاب الترمذي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم.]]
(305)
قوله (باب استفتاح الدعاء بالحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم).
روينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي عن فضالة بن عبيد .. إلى آخر الحديث، قلت: تقدم في أواخر باب الأذكار بعد الصلاة.(4/45)
وذكر المصنف هناك أن ابن السني أخرجه بسند ضعيف، وكأنه لم يستحضره إذ ذاك في أبي داود وغيره.
وقد أخرجته هناك عالياً ونسبته لتخريج هؤلاء وغيرهم، وأن الترمذي وابن خزيمة وغيرهما صححوه.
قوله (وروى الترمذي عن عمر رضي الله عنه أن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم).
قلت: أخرجه موقوفاً، وفي وسنده أبو قرة الأسدي لا يعرف اسمه ولا حاله، وليس له عند الترمذي ولا أصحاب السنن إلا هذا الموقوف، وهو من رواية النضر بن شميل عنه.
وقد رواه معاذ بن الحارث عن أبي قرة مرفوعاً.
أخرجه الواحدي، ومن طريقه عبد القادر الرهاوي في الأربعين.
وفي سنده أيضاً من لا يعرف.
وجاء نحوه موقوفاً ومرفوعاً عن علي رضي الله عنه.
قرأت على فاطمة، وعائشة ابنتي محمد بن قدامة، عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، قال: أخبرنا أبو المنجا بن اللتي إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا الحافظ أبو إسماعيل الأنصاري، قال: أخبرنا محمد بن محمد بن عبد الله الأنصاري، وعبد الواحد بن أحمد، قالا: حدثنا محمد بن عبد الله -يعني الحاكم- قال: حدثنا أحمد بن كوفي المعدل، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الحسن الأصبهاني، قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري، قال: حدثنا نوفل بن سليمان، عن عبد الكريم الجزري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه، قال: قال(4/46)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء محجوبٌ عن الله حتى يصلى على النبي محمدٍ وعلى آل محمدٍ صلى الله عليه وسلم)).
هذا حديث غريب.
وفي سنده ضعيفان: الحارث ونوفل، وأظن نوفلاً وهم في نسبة شيخه حيث قال: الجزري.
أخرجه البيهقي من هذا الوجه.
وإنما هو الخزاز، كذلك رويناه في نسخة عبيد الله بن محمد العيشي قال: حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، قال: حدثنا عبد الكريم الخزاز، عن أبي إسحاق، فذكره.
وأخرجه الواحدي من طريقه غيره مرفوع.
وقد وقع لنا من وجه آخر مرفوعاً.
قرئ على أبي الحسن محمد بن علي بن محمد بن عقيل ونحن نسمع، أن عبد الرحمن بن محمد المقدسي أخبرهم، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم، قال: أخبرنا يحيى بن محمود، قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم التيمي، قال: أخبرنا أبو الفتح الصحاف، قال: حدثنا أبو سعيد النقاش، قال: حدثنا أبو نصر منصور بن جعفر، قال: حدثنا الحسن بن علي الطوسي، قال: حدثنا الحسن بن عرفة (ح).
وقرأته عالياً على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن عيسى بن عبد الرحمن إجازة، وأبي العباس الصالحي سماعاً، كلاهما عن عبد الله بن عمر بن علي، قال الأول: سماعاً، والثاني: إجازة، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرتنا بيبي الهرثمية، قالت: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، قال: حدثنا إسماعيل بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا(4/47)
الوليد بن بكير، عن سلام الخزاز، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من دعاءٍ إلا وبينه وبين السماء حجابٌ حتى يصلى على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، فإذا فعل ذلك انخرق الحجاب، ودخل ذلك الدعاء، وإذا لم يفعل ذلك رجع ذلك الدعاء)).
وفي هذا الإسناد سلام، وأظنه الماضي سمي عبد الكريم ليخفى، لشدة ضعفه. والله أعلم.
آخر المجلس الخامس بعد الثلاثمئة، وهو الخامس والثمانون بعد الستمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[قلت: أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء عليه، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك يختم الدعاء بهما، والآثار في هذا الباب كثيرة معروفة.]]
(306)
يوم الثلاثاء المبارك ثامن ربيع الثاني نفع الله به.
وقد روى عامر بن سيار هذا الحديث عن عبد الكريم، فزاد فيه مع الحارث عاصم بن ضمرة.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، عن زينب المقدسية، قالت: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ في كتابه، قال: أخبرنا أبو جعفر الطرسوسي، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا الطبراني في الأوسط، قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار، قال: حدثنا عامر بن سيار، قال:(4/48)
حدثنا عبد الكريم الخزاز، عن أبي إسحاق، عن الحارث، وعاصم بن ضمرة، كلاهما عن علي رضي الله عنه، قال: كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد وعلى آل محمد.
قال الطبراني: لم يروه عن أبي إسحاق إلا عبد الكريم.
وهكذا أخرجه البيهقي في الشعب من هذا الوجه بزيادة عاصم فيه.
وروى إسماعيل بن إسحاق القاضي -وقد تقدم السند إليه مراراً- عن مسلم بن إبراهيم، عن عمرو بن مسافر، قال: حدثني شيخ من أهلي، قال: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: ما من دعوة لا يصلى على النبي قبلها إلا كانت معلقة بين السماء والأرض.
قوله (أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بحمد الله تعالى والثناء عليه ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك يختم الدعاء بهما.
والآثار في هذا الباب كثيرة معروفة).
قلت: كأنه أراد ما ورد عن السلف في ذلك.
وأما الأحاديث المرفوعة فقليلة جداً، لا أعرف إلا واحداً صحيحاً، وهو حديث فضالة بن عبيد المذكور آنفاً.
وأما ما أخرجه الحاكم من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان له حاجةٌ إلى الله عز وجل فليتوضأ فليحسن وضوءه، ثم ليصل ركعتين، ثم ليحمد الله عز وجل، وليحسن الثناء عليه، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ..)) الحديث.
فهو ضعيف جداً، فيه فائد -وهو بالفاء- أبو الورقاء متفق على ضعفه.(4/49)
ويدخل في هذا الباب الحديث الذي أخبرنا به أبو الحسن البالسي، قال: أخبرنا أبو الفرج بن عبد الهادي. قال: أخبرنا أبو العباس النابلسي، قال: أبو الفرج الثقفي، قال: أخبرنا جدي لأمي إسماعيل بن محمد الحافظ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن علي (ح).
وقرأته عالياً على أم الحسن التنوخية عن أبي الربيع بن قدامة، قال: أخبرنا محمود، وأسماء وحميراء بنو إبراهيم بن سفيان إجازة مكاتبة، قالوا: أخبرنا أبو الخير الباغبان، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، وإبراهيم بن عبد الله الطيان، وأبو بكر محمد بن أحمد بن علي السمسار، قالوا: أخبرنا أبو إسحاق الأصبهاني، قال: حدثنا أبو عبد الله المحاملي، قال: حدثنا سلم بن جنادة، ويوسف بن موسى، قالا: حدثنا وكيع، عن موسى بن عبيدة، قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ح).
وقرأته عالياً مع اتصال إسناده على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر البغدادي -قدم علينا- قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا جعفر بن عون -واللفظ له- قال: أخبرنا موسى بن عبيدة، عن إبراهيم بن محمد، عن أبيه، قال: قال جابر رضي الله عنه: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوني كقدح الراكب، فإن الراكب إذا علق معاليقه أخذ قدحه فملأه من الماء، فإذا كانت له حاجة في الوضوء توضأ، وإن كانت له حاجةٌ في الشرب شرب، وإلا أهراق ما فيه، ولكن اجعلوني في أول الدعاء، وفي وسط الدعاء، وفي آخر الدعاء)).
هذا حديث غريب.(4/50)
أخرجه عبد الرزاق في جامعه عن سفيان الثوري.
وأخرجه البزار في مسنده عن عمرو بن علي، عن أبي عاصم، كلاهما عن موسى بن عبيدة.
فوقع لنا عالياً.
وموسى الذي انفرد به ضعفه جماعة من قبل حفظه.
وشيخه لا يعرف له إلا هذا الحديث، وقد ذكره ابن حبان والعقيلي في الضعفاء من أجل هذا الحديث.
وقال البخاري في ترجمته: لم يثبت حديثه.
وأخرج سفيان بن عيينة في جامعه رواية سعيد بن عبد الرحمن، عنه، عن يعقوب بن زيد بن طلحة، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجعلوني كقدح الراكب، اجعلوني أول دعائكم وأوسطه وآخره)).
وسنده مرسل أو معضل، فإن كان يعقوب أخذه عن غير موسى تقوت به رواية موسى، والله أعلم.
آخر المجلس السادس بعد الثلاثمئة وهو السادس والثمانون بعد الستمئة، ولله الحمد والمنة والفضل.(4/51)
[[أجمع من يعتد به على جوازها، واستحبابها على سائر الأنبياء والملائكة استقلالاً.
وأما غير الأنبياء فالجمهور على أنه لا يصلى عليهم ابتداء، واتفقوا على جواز جعل غير الأنبياء تبعاً لهم.
يستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار، فيقال: رضي الله عنه، أو رحمه الله ونحو ذلك. ودلائله أكثر من أن تحصر.]]
(307)
يوم الثلاثاء المبارك خامس عشر ربيع الثاني.
باب الصلاة على الأنبياء وآلهم تبعاً لهم صلى الله عليهم وسلم
قوله (باب الصلاة على الأنبياء وآلهم تبعاً -إلى أن قال- أجمع من يعتد به على جوازها واستحبابها على سائر الأنبياء والملائكة استقلالاً).
قلت: ورد في ذلك حديث مرفوع.
أخبرني إمام الأئمة أبو الفضل بن الحسين الحافظ، قال: أخبرني أبو محمد بن القيم، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، عن محمد بن معمر، قال: أخبرني سعيد بن أبي الرجاء، قال: أخبرنا محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو بكر بن المقرئ، قال: حدثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العدني، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا موسى بن عبيدة، قال: أخبرني محمد بن ثابت، عن أبي هريرة رضي الله عنه،(4/52)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلوا على أنبياء الله، فإن الله بعثهم كما بعثني)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أحمد بن منيع في مسنده عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن موسى بن عبيدة.
فوقع لنا بدلاً عالياً بالنسبة للسماع.
وسنده ضعيف لضعف موسى بن عبيدة.
وقد وقع لنا من وجه آخر بلفظ آخر، وهو أعلى من هذا بدرجة.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، قال: أخبرنا عبد الله بن الحسين الأنصاري، قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد العراقي، عن شهدة، قالت: أخبرنا طراد بن محمد الزينبي، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم العيسوي، قال: حدثنا عثمان بن أحمد -يعني الدقاق- قال: حدثنا أبو قلابة الرقاشي، قال: حدثنا أبو عاصم -هو النبيل- عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن ثابت، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلوا على الأنبياء كما تصلون علي، فإنهم بعثوا كما بعثت)).
ويستفاد من الرواية الأولى الصلاة على الملائكة لدخولهم في الرسل، ومن الثانية الصلاة على الآل، تبعاً لدخولهم في قوله: ((كما تصلون علي)) وقد علمهم في الصلاة عليه ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد)).
وروينا في تاريخ أصبهان لأبي نعيم وتفسير ابن مردويه من طريق أبي العوام،(4/53)
عن قتادة، عن أنس رفعه: ((إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين، فإنما أنا رسولٌ من المرسلين)).
وسنده حسن.
لكن أخرجه عبد بن حميد في تفسيره من رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلاً، وهو أقوى.
قوله (وأما غير الأنبياء فالجمهور أنه لا يصلى عليهم ابتداءً)).
قلت: ورد في حديث موقوف.
قرأت على شيخ الإسلام أبي حفص بن أبي الفتح، عن إسماعيل بن إبراهيم بن أبي بكر سماعاً عليه، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن يوسف، قال: أخبرنا هبة الله بن علي، قال: أخبرنا مرشد بن يحيى، قال: أخبرنا إبراهيم بن سعيد، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر، قال: أخبرنا إسماعيل بن يعقوب، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: حدثنا عثمان بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لا يصلى على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار)).
هذا موقوف صحيح.
أخرجه الطبراني من طريق سفيان الثوري عن عثمان بن حكيم مختصراً.
ولفظه: لا ينبغي الصلاة على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر ما بعده.
وأخرجه ابن أبي شيبة عن هشيم، عن عثمان بلفظ: ((لا أعلم الصلاة تنبغي(4/54)
من أحد على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم)).
وبه إلى إسماعيل بن إسحاق، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حسين بن علي الجعفي، قال: حدثنا جعفر بن برقان، قال: كتب عمر بن عبد العزيز يعني إلى بعض عماله: أما بعد فإن بعض من قبلك التمس الدنيا بعمل الآخرة، وإن ناساً أحدثوا من الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل ما للنبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، ودعاءهم للمسلمين عامة، ويتركوا ما سوى ذلك.
وسند هذا الأثر صحيح.
قوله (واتفقوا على جواز جعل غير الأنبياء تبعاً لهم) إلى آخره.
قلت: تقدم بيان ما أشار إليه من الأحاديث في باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد سوى قوله (وتباعه) فلم أرها إلا في عموم قوله عز وجل {رضي الله عنهم ورضوا عنه}.
ثم وجدت في الأدب المفرد للبخاري من حديث أبي سعيد الخدري: ((أيما رجل [مسلم] لم يكن عنده صدقةٌ، فليقل [في دعائه] اللهم صل على محمدٍ عبدك ورسولك و[صل] على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، فإنها له زكاةٌ)).
وسنده حسن.
وأخرجه أبو يعلى بنحوه.(4/55)
وأما قول الشيخ في فضل الترضي: (ودلائله أكثر من أن تحصر).
فلعله يريد في العمومات الواردة الترضي عن المؤمنين.
وأما الأحاديث المرفوعة فلا أستحضر فيها شيئاً من ذلك، والعلم عند الله تعالى.
آخر المجلس السابع بعد الثلاثمئة، وهو السابع والثمانون بعد الستمئة، ولله الحمد والمنة والفضل.
[[روينا في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: ((إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام بالغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، قال: ويسمي حاجته)).]]
(308)
يوم الثلاثاء المبارك ثاني عشرين من ربيع الأول.(4/56)
باب دعاء الاستخارة
قوله (باب دعاء الاستخارة.
روينا في صحيح البخاري عن جابر) إلى آخره.
أخبرني العماد أبو بكر بن إبراهيم بن محمد بن العز بن أبي عمر، قال: أخبرنا العماد أبو بكر بن محمد بن عبد الجبار، وأحمد بن محمد بن معالي، قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي الفتح، قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أخبرنا أبو القاسم المستملي، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجرودي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: أخبرنا أبو يعلى الموصلي، قال: أخبرنا منصور بن أبي مزاحم (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا إسماعيل بن ظفر، قال: أخبرنا أبو عبد الله الكراني، قال: أخبرنا أبو القاسم الأشقر، قال: حدثنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، وعمرو بن أبي الطاهر بن السرح، ويحيى بن أيوب العلاف، قال الأول: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، وقال الآخران: حدثنا سعيد بن أبي مريم (ح).
وقرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، قال: أخبرنا أبو المنجا بن اللتي.
وأخبرنا شيخنا المذكور مرة أخرى، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، قال: أخبرنا الحسين بن المبارك، قالا: أخبرنا أبو الوقت سماعاً مفترقين، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن داود، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حمويه - قال في رواية أبي المنجا: أخبرنا أبو إسحاق الشاشي، قال: أخبرنا أبو محمد الكشي، قال: أخبرنا خالد بن مخلد.
وقال في رواية الحسين: أخبرنا محمد بن يوسف، قال: أخبرنا محمد بن(4/57)
إسماعيل، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، ومطرف بن عبد الله فرقهما، قال الستة -واللفظ لخالد-: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي، قال: سمعت محمد بن المنكدر، يحدث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: ((إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم فإن كنت تعلم هذا الأمر -يسمي ما أراد من شيء- خيراً لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال- خيراً لي في عاجل أمري وآجله، فاقدره لي، ويسره لي، وبارك لي فيه، وإن كنت تعلم هذا الأمر شراً لي -يقول كما قال في الأول- فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن إسحاق بن عيسى بن الطباع، وأبي سعيد مولى بني هاشم.
والبخاري والترمذي والنسائي جميعاً عن قتيبة.
وللبخاري أيضاً عن أبي مصعب مطرف بن عبد الله.
وأبو داود عن القعنبي، وعن خال القعنبي، وعن محمد بن عيسى بن الطباع، كلهم عن عبد الرحمن.
فوقع لنا موافقةً وبدلاً وعالياً على بعضهم.(4/58)
وأخرجه البخاري أيضاً عن إبراهيم بن المنذر، عن معن بن عيسى، عن عبد الرحمن.
فوقع لنا عالياً بدرجة.
وإنما نزل فيه البخاري درجة مع كونه أخرجه عالياً بتصريح معنى لسماع عبد الرحمن من ابن المنكدر، وسماع ابن المنكدر من جابر.
وأخرجه ابن ماجه عن أحمد بن يوسف، عن خالد بن مخلد.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ووقع في رواية غيره بالعنعنة.
وقد صرح خالد الذي سقته من روايته بسماع عبد الرحمن.
فصرح أبو عامر العقدي عن عبد الرحمن بسماع ابن المنكدر.
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الدعاء عن أبي خيثمة، عن أبي عامر.
قال الترمذي: صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن، وهو مدني ثقة.
وقال البزار: لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد.
وقال الدارقطني في الأفراد: غريب عن جابر، تفرد به عبد الرحمن، وهو صحيح.
وقال أبو أحمد بن عدي في الكامل بعد أن نقل عن الإمام أحمد أنه سئل عن عبد الرحمن؟ فقال: لا بأس به، روى حديثاً منكراً في الاستخارة. انتهى كلام(4/59)
أحمد. عبد الرحمن مستقيم الحديث، والذي أنكر عليه في الاستخارة رواه غير واحد من الصحابة. انتهى.
وكأنه فهم من قوله أحمد: إنه منكر تضعيفه، وهو المتبادر، لكن اصطلاح أحمد إطلاق هذا اللفظ على المفرد المطلق، ولو كان راويه ثقة، وقد جاء عنه ذلك في حديث ((الأعمال بالنيات)) فقال في راويه محمد بن إبراهيم التيمي: روى حديثاً منكراً، ووصف محمداً مع ذلك بالثقة.
وقد نقل ابن الصلاح مثل هذا عن البرديجي.
وأشار ابن عدي إلى أن لحديث جابر شاهداً أو أكثر، وقد سمى الترمذي من الصحابة الذين رووه اثنين.
قال: وفي الباب عن ابن مسعود وأبي أيوب.
وزاد شيخنا في شرحه: وعن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبي هريرة.
ووقع لنا أيضاً من حديث أبي أيوب، وسأبينها، والله أعلم.
آخر المجلس الثامن بعد الثلاثمئة، وهو الثامن والثمانون بعد الستمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
(309)
يوم الثلاثاء المبارك تاسع عشر ربيع الثاني.
أما حديث ابن مسعود ففيما قرأت على التقي أبي محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبيد الله الصالحي بها رحمه الله، عن أبي عبد الله بن الزراد، وعبد الله بن الحسن بن الحافظ إجازة إن لم يكن سماعاً، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الهادي، زاد الثاني: ومحمد بن سعد، قالا: أخبرنا يحيى بن(4/60)
محمود، قال: أخبرنا أبو عدنان بن أبي نزار، وأم إبراهيم بنت عبد الله بن عقيل، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، قال: أخبرنا الطبراني في المعجم الصغير، قال: حدثنا عثمان بن خالد السلفي، قال: حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن المسعودي، عن الحكم بن عتيبة، وحماد بن أبي سليمان، كلاهما عن إبراهيم -هو النخعي- عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة فذكر نحو حديث جابر، ولكن لم يذكر صلاة الركعتين.
وقال في آخره: ((فإن كان هذا الأمر خيراً لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري فقدره لي، وإن كان غير ذلك خيراً لي فاقدر لي الخير حيث كان، واصرف عني الشر حيث كان، ورضني بقضائك)).
وبه قال الطبراني: لم يروه عن الحكم إلا المسعودي.
قلت: خص الحكم لأنه أخرجه في المعجم الكبير من رواية أبي حنيفة أيضاً عن حماد.
وكلتا الروايتين من طريق إسماعيل بن عياش، وروايته عن غير الشاميين ضعيفة، وهذا منها.
واسم المسعودي عبد الرحمن بن عبد الله، وهو كوفي صدوق، لكنه اختلط.
وعتيبة والد الحكم بمثناة ثم موحدة مصغر.
والزبيدي بزاي وموحدة مصغر.
والسلفي بضم المهملة وفتح اللام بعدها فاء، ولهم السلفي بفتح السين، والسلفي بكسرها، وهو الحافظ المشهور.
وقد جاء الحديث من وجهين آخرين عن إبراهيم النخعي.(4/61)
أحدهما: من رواية صالح بن موسى الطلحي عنه.
أخرجه الطبراني في كتاب الدعاء، وسياقه نحو الأول، لكن زاد في آخره ((ثم يعزم)).
وصالح ضعيف.
والثاني: رويناه أيضاً في الدعاء، وفي الثاني من فوائد أبي علي الصواف، وفي الأول من أمالي المحاملي الأصبهانية بعلو، كلهم من طريق فضيل بن عمرو، عن إبراهيم، لكن خالف في أوله فجعله من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استخار الله تعالى في الأمر يريده يقول: ((اللهم إني أستخيرك .. .. )) فذكر الحديث.
وفي سندهم محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو صدوق، في حفظه ضعف.
وأما حديث أبي أيوب ففيما قرأت على خديجة بنت أبي إسحاق بن سلطان، عن القاسم بن عساكر، إجازة إن لم يكن سماعاً، وعن أبي نصر بن الشيرازي إجازة مكاتبة (ح).
وكتب إلينا مسند الشام أبو العباس بن أبي بكر، قال: أخبرنا أبو الفضل سليمان بن حمزة سماعاً، وهو آخر من حديث عنه بالسماع، ثلاثتهم عن محمود بن إبراهيم بن سفيان، قال: أخبرنا أبو الخير الباغبان، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد بن يونس، قال: حدثنا إبراهيم بن عمرو بن ثور (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى الطبراني في الدعاء قال: حدثنا أحمد بن محمد بن نافع، قالا: حدثنا أحمد بن صالح المقرئ (ح).(4/62)
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الملك، قال: أخبرنا أحمد بن محمود الثقفي، قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني حيوة بن شريح (ح).
وقرأته عالياً على خديجة بهذا السند إلى محمد بن إسحاق الحافظ، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عتبة، قال: حدثنا روح بن الفرج، قال: حدثنا سعيد بن عفير، قال: حدثنا عبد الله بن عقبة، كلاهما عن الوليد بن أبي الوليد، أن أيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري حدثه، عن أبيه، عن جده أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اكتم الخطبة ثم توضأ فأحسن وضوءك، ثم صل ما كتب الله لك، ثم احمد ربك ومجده، ثم قل: اللهم إنك تقدر ولا أقدر .. )) إلى قوله: [علام] الغيوب)) فإن رأيت لي في فلانة -يسميها باسمها- خيراً في دنياي وآخرتي فاقض لي بها)).
هذا حديث حسن من هذا الوجه، صحيح لشواهده.
أخرجه ابن خزيمة عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب.
فوقع لنا عالياً من الطريق الأخيرة.
وأخرجه ابن حبان عن ابن خزيمة.
وأخرجه الحاكم من وجهين عن ابن وهب نازلاً وعالياً، وقال: [هذه سنة(4/63)
صلاة الاستخارة عزيزة انفرد بها أهل مصر].
وأفاد ابن منده عن ابن يونس أن أبا أيوب جد أيوب بن خالد لأمه، والله أعلم.
آخر المجلس التاسع بعد الثلاثمئة، وهو التاسع والثمانون بعد الستمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا في كتاب الترمذي بإسناد ضعيف ضعفه الترمذي وغيره، عن أبي بكر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الأمر قال: ((اللهم خر لي واختر لي)).]]
(310)
يوم الثلاثاء المبارك سابع جمادى الأولى.
وأما حديث ابن عباس فأخرج الطبراني في الكبير وفي الدعاء من طريق إبراهيم بن أبي عبلة عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن العباس جميعاً، ولفظه مثل لفظ جابر إلا الركعتين، وفي آخره: ((اللهم ما قضيت علي من قضاءٍ فاجعل عاقبته إلى خيرٍ)).
والراوي عن إبراهيم ابن أخيه هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلة، وهو ضعيف جداً.(4/64)
وأما حديث ابن عمر فهو مع ابن عباس كما ترى.
وله طريق أخرى أخرجها الطبراني في الأوسط من رواية القاسم بن محمد بن أبي بكر، عن ابن عمر، قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستخارة [فقال]: يقول: [إذا هم] أحدكم .. .. )) فذكره، وفي آخره ((وخيراً لي في الأمور كلها)).
والراوي عن القاسم الحكم بن عبد الله الأيلي بفتح الهمزة وسكون المثناة من تحت بعدها لام، وهو ضعيف جداً.
وأما حديث أبي هريرة فقرأته على أبي العباس أحمد بن الحسن المقدسي، عن أبي العباس أحمد بن علي بن أيوب سماعاً، قال: أخبرنا أبو الفرج بن عبد المنعم، قال: أخبرنا مسعود بن هبة الله الدقاق، قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، قال أخبرنا عبد العزيز بن علي، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، قال: حدثنا عبد الله بن أبي داود (ح).
وبالسند الماضي إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا أحمد بن رشدين، قالا: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا محمد بن أبي فديك، قال: حدثنا شبل بن عبد الرحمن بن العلاء بن يعقوب، عن أبيه، عن جده، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد أحدكم أمراً فليقل: اللهم إني أستخيرك ..)) فذكر الحديث نحو سياق جابر.
هذا حديث حسن.
أخرجه أبو أحمد بن عدي في الكامل في ترجمة شبل عن العباس بن محمد بن العباس، عن أحمد بن صالح.
فوقع لنا بدلاً عالياً لاتصال السماع.(4/65)
وأخرجه ابن حبان في صحيحه من وجه آخر عن ابن أبي فديك، قال: حدثنا أبو الفضل بن العلاء، فذكره.
وقال: اسم أبي الفضل شبل، وهو مستقيم الأمر في الحديث.
وقال ابن عدي: أحاديث شبل مناكير غير محفوظة.
وأما حديث أبي سعيد فقرأته على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الخطيب، قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأديب، قال أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا زهير -هو ابن حرب- (ح).
وبالسند الماضي إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي.
قال: وحدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا علي بن المديني، قالا: حدثنا أبو خيثمة -هو زهير بن حرب- قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن محمد بن عمرو، وابن عطاء، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا أراد أحدكم أمراً فليقل .. .. )) فذكر الحديث.
وفي آخره: ((واقدر لي الخير أينما كان، لا حول ولا قوة إلا بالله)).
هذا حديث حسن.
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الدعاء عن أبي خيثمة.(4/66)
وأخرجه ابن حبان عن أبي خليفة.
فوقع لنا موافقة عالية من الطريقين.
قوله (وروينا في كتاب الترمذي بسند ضعيف ضعفه الترمذي وغيره عن أبي بكر) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي بالسند المذكور آنفاً إلى أبي يعلى قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي وموسى بن محمد (ح).
وقرأت على العماد أبي بكر بن إبراهيم الصالحي بها، عن أبي عبد الله بن الزراد، وأبي العباس بن المحب سماعاً عليهما، قالا: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن علي، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المسلم السلمي، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الواحد، قال: حدثنا جدي أبو بكر أحمد بن عثمان بن أبي الحديد، قال: حدثنا محمد بن جعفر السامري، قال: حدثنا عمر بن شبة، قالوا: حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير (ح).
وبه إلى محمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا حاتم بن سالم، قالا: حدثنا زنفل أبو عبد الله بنزل عرفة عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أمراً قال: ((اللهم خر لي واختر لي)).
هذا حديث غريب.
أخرجه الترمذي عن محمد بن بشار.
والبزار عن محمد بن المثنى، كلاهما عن ابن أبي الوزير.(4/67)
فوقع لنا بدلاً عالياً.
واسم ابن أبي الوزير إبراهيم بن عمر.
قال الترمذي: حديث غريب، وزنفل ضعيف ومنفرد بهذا الحديث.
وقال البزار: لا نعلمه يروى [عن النبي صلى الله عليه وسلم] إلا [من هذا الوجه] بهذا الإسناد، ولم يتابع زنفل عليه.
وقال الدارقطني في الأفراد: تفرد به زنفل.
وقال ابن عدي: لم يروه إلا زنفل، ونقل تضعيفه عن جماعة.
قلت: وهو بزاي ونون وفاء ولام بوزن جعفر، ويقال له العرفي بفتح المهملة والراء بعدها فاء نسبة إلى سكنة.
وقد أخرج ابن أبي الدنيا بسند قوي إلى ابن مسعود أنه كان ينكر على من يدعو مقتصراً على قوله: اللهم خر لي، ويأمر أن يزيد فيها مع عافتيك ورحمتك، والله أعلم.
آخر المجلس العاشر بعد الثلاثمئة، وهو التسعون بعد الستمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أنس: إذا هممت بأمرٍ فاستخر ربك فيه سبع(4/68)
مراتٍ، ثم انظر إلى الذي سبق إلى قلبك، فإن الخير فيه)) إسناده غريب، فيه من لا أعرفهم.
باب دعاء الكرب والدعاء عند الأمور المهمة
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم)).]]
(311)
يوم الثلاثاء المبارك رابع عشر جمادى الأولى
قوله (وروينا في كتاب ابن السني عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أنس إذا هممت بأمرٍ فاستخر ربك [فيه] سبع مراتٍ، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك، فإن الخير فيه)).
إسناده غريب، فيه من لا أعرفهم).
كذا قال المصنف، وسنده عند ابن السني:
حدثنا أبو العباس بن قتيبة، قال: حدثنا عبيد الله بن المؤمل الحميري، قال: حدثنا إبراهيم بن البراء بن النضير بن أنس، عن أبيه، عن جده.
فأما أبو العباس فاسمه محمد بن الحسن، وهو ابن أخي بكار بن قتيبة قاضي مصر، وكان ثقة، أكثر عنه ابن حبان في صحيحه.
وأما النضر فأخرج له الشيخان.
وأما الحميري فلم أقف له على ترجمة، لكن قال شيخنا في شرح الترمذي(4/69)
متعقباً على النووي، هم معروفون، لكن فيهم راو معروف بالضعف الشديد، وهو إبراهيم بن البراء، فقد ذكره في الضعفاء العقيلي وابن عدي وابن حبان وغيرهم، وقالوا: إنه كان يحدث بالأباطيل عن الثقات، زاد ابن حبان: لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه.
قال شيخنا: فعلى هذا فالحديث ساقط، والثابت عن النبي [رسول الله] صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دعا دعا ثلاثاً.
قلت: أخرجه البخاري من حديث أنس.
قال شيخنا: وما ذكره قبل هذا من أنه يمضي لما ينشرح له صدره، كأنه اعتمد فيه على هذا الحديث، وليس بعمدة.
وقد أفتى ابن عبد السلام بخلافه، فقال: لا يتقيد بعد الاستخارة، بل مهما فعله فالخير فيه.
ويؤيده ما وقع في آخر حديث ابن مسعود في بعض طرقه ((ثم يعزم)).
قلت: قد بينتها فيما مضى، وأن راويها ضعيف، لكنه أصلح حالاً من راوي هذا الحديث.
وقال شيخنا: كذلك تعيين السورتين في ركعتي الاستخارة لم أره في شيء من طرق الحديث. لكن سبق إليه الغزالي في الإحياء، وكأن مناسبة كونهما سورتي الإخلاص، فلو قرأ ما وقع فيه ذكر الخيرة كآية القصص وآية الأحزاب لكان حسناً.
قوله (باب دعاء الكرب -إلى أن قال- روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن ابن عباس) إلى آخره.(4/70)
أخبرني أبو الفرج بن عماد رحمه الله، قال: أخبرنا أبو الحسن بن قريش، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، قال: أخبرنا أبو الحسن الجمال في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم في المستخرج، قال: حدثنا أبو حامد النيسابوري، قال: حدثنا أبو بكر بن خزيمة، قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا معاذ بن هشام -هو الدستوائي- قال: حدثنا أبي، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو عند الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم والترمذي جميعاً عن محمد بن بشار.
فوقع لنا موافقة عالية.
ووقع لنا من وجه آخر أعلى بدرجة.
أخبرني الفخر عثمان بن محمد بن عثمان الكركي رحمه الله، عن زينب بنت إسماعيل بن الخباز سماعاً عليها، قالت: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم، قال: أخبرنا محمد بن علي بن صدقة، قال: أخبرنا محمد بن الفضل بن صاعد، قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي بكر، قال: أخبرنا أبو سعيد القرشي، قال: حدثنا محمد بن أيوب، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا هشام .. فذكره.
أخرجه البخاري عن مسلم بن إبراهيم على الموافقة لكن لم يسقه بتمامه.
وأخرجه تاماً عن مسدد، عن يحيى القطان، عن هشام.
ووقع لنا بمثل هذا العلو من وجه آخر عن قتادة، وصرح فيه بالتحديث.(4/71)
قرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، وعلى أبي بكر بن إبراهيم بن العز بصالحية دمشق، وعلى الشيخ أبي إسحاق التنوخي بالقاهرة، جميعاً عن أحمد بن أبي طالب سماعاً عليه، عن أبي المنجا بن اللتي إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا أبو الوقت بالسند الماضي مراراً إلى أبي محمد عبد بن حميد الكشي، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، أن أبا العالية الرياحي حدثهم عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهن أو كان يقول عند الكرب فذكر مثله.
لكن قال: ((رب السموات السبع)).
أخرجه مسلم عن عبد بن حميد.
فوقع لنا موافقة عالية بدرجتين.
وأخرجه البخاري من رواية يزيد بن زريع، عن سعيد.
فوقع لنا عالياً بدرجة، ولله الحمد.
آخر المجلس الحادي عشر بعد الثلاثمئة، وهو الحادي والتسعون بعد الستمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وفي رواية لمسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمرٌ قال ذلك.
وروينا في كتاب الترمذي، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛(4/72)
أنه كان إذا أكربه أمر قال: ((يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث)).]]
(312)
يوم الثلاثاء المبارك حادي عشرين جمادى الأول.
وقد جاء عن سعيد بن أبي عروبة بلفظ آخر.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالسند المشار إليه آنفاً إلى عبد بن حميد قال: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلمات الفرج لا إله إلا الله الحليم العظيم، لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا هو رب السموات السبع والعرش الكريم)).
أخرجه ابن خزيمة عن الحسن بن محمد الزعفراني، عن يزيد بن هارون.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وهو عند أبي نعيم في المستخرج من طريق ابن خزيمة، لكن لم يسق لفظه.
وجاء من وجه آخر عن ابن عباس بزيادة في آخره.
أخبرني أبو بكر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله الكناني، قال: أخبرنا جدي، قال: أخبرنا مكي بن علان في كتابه، عن الحافظ أبي الطاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني، قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي، قال: أخبرنا أبو نصر بن حامد، قال: أخبرنا أبو الخير العبقسي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز، قال: حدثنا عبد الملك بن الخطاب، قال: حدثني راشد أبو محمد، عن عبد الله بن الحارث، قال: سمعت ابن عباس يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب، فذكر مثل الرواية الأولى رواية هشام، وزاد في آخره: ((اللهم اصرف عني شره)).(4/73)
هكذا أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
وسنده حسن.
وللزيادة شاهد من وجه غير مسند، وسياقه أتم.
قرأت على أبي بكر بن إبراهيم الفرضي بالصالحية، عن عائشة بنت محمد الحرانية سماعاً، قالت: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الفهم، قال: أخبرنا أبو القاسم بن أسعد، قال: أخبرنا أبو طالب بن يوسف، قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي، قال: أخبرنا الحسن بن جعفر، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، قال: حدثنا أيوب -هو السختياني- قال: كتب إلي أبو قلابة أن أتعلم هذه الكلمات وأعلمهن ابنه: لا إله إلا الله العظيم الحليم، فذكر مثل رواية هشام، وزاد: سبحانك يا رحمن، ما شئت أن يكون كان، ما لم أشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعوذ بالله الذي يمسك السموات السبع ومن فيهن أن يقعن على الأرض إلا بإذنك [بإذنه]، ومن الشر كله في الدنيا والآخرة.
هذا موقوف صحيح الإسناد على أبي قلابة -واسمه عبد الله بن زيد الجرمي- من فقهاء التابعين، ولعله أخذه عن ابن عباس.
قوله (وفي رواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قال ذلك).
قرأت على فاطمة بنت المنجا بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في الدعاء قال: حدثنا بشر بن موسى (ح).
وقرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن إسماعيل بن يوسف، وعيسى بن عبد الرحمن الدمشقيين، قالا: أخبرنا أبو المنجا بن اللتي بالسند الماضي قريباً إلى عبد بن حميد، قالا: حدثنا الحسن بن موسى، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن يوسف بن عبد الله بن الحارث، عن أبي العالية عن(4/74)
ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال: ((لا إله إلا الله الحليم العظيم ..)) فذكر الحديث مثل الرواية الأولى، لكن قدم الكريم على العظيم، وزاد في آخره ((ثم يدعو)).
أخرجه مسلم عن محمد بن حاتم، عن بهز بن أسد، عن حماد بن سلمة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأحال به مسلم على رواية قتادة، فلم ينبه على الزيادة التي في آخره.
وأخرجه أبو عوانة والنسائي جميعاً عن محمد بن إسحاق الصغاني، عن الحسن بن موسى.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
قوله (وروينا في كتاب الترمذي عن أنس ..) إلى آخره.
قرأت على إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد البعلي، أن عبد الرحمن بن عبد الحليم بن تيمية أخبره، قال: أخبرنا يحيى بن أبي منصور، قال: أخبرنا عبد القادر بن عبد الله، قال: أخبرنا نصر بن سيار، قال: أخبرنا محمود بن القاسم، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد، قال: أخبرنا أبو العباس المروزي، قال: أخبرنا أبو عيسى الترمذي، قال: حدثنا محمد بن حاتم المكتب، قال: حدثنا شجاع بن الوليد، عن الرجيل بن معاوية أخو[ أخي] زهير بن معاوية، عن الرقاشي، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال: ((يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)).
وبإسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام)).(4/75)
وبه قال أبو عيسى: هذا حديث غريب.
قلت: إن كان الرقاشي هو يزيد فهو ضعيف لسوء حفظه، وإن كان أبان فهو متروك متهم بالكذب.
وقد وقع لنا بعضه من رواية يزيد.
قرأت على أبي بكر بن إبراهيم بالسند المذكور قبل إلى جعفر بن محمد، وبالسند الآخر إلى الطبراني في الدعاء قال: حدثنا عبيد بن غنام، قالا: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام)).
وهكذا أخرجه أبو أحمد في الكامل من رواية الهيثم بن جماز، عن يزيد الرقاشي، فقوي أنه يزيد وبه جزم المزني.
والله أعلم.
آخر المجلس الثاني عشر بعد الثلاثمئة، وهو الثاني والتسعون بعد الستمئة ولله الحمد والمن والفضل.
[[قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.]]
(313)
يوم الثلاثاء المبارك ثامن عشرين جمادى الأولى.
وقد وقع لنا من وجه آخر عن أنس أقوى من هذا، لكنه مختصر.(4/76)
أخبرني أبو بكر بن إبراهيم بن محمد بن أبي عمر، عن عائشة بنت محمد بن المسلم سماعاً عليها، قالت: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد اليلداني -بفتح الياء آخر الحروف واللام مخففاً- قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش -بفتح الموحدة وسكون الواو بعدها معجمة- قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد، قال: أخبرنا أبو محمد الأزجي -بفتح الهمزة والزاي بعدها جيم مخففاً- قال: أخبرنا أبو محمد السمسار، قال: حدثنا جعفر بن محمد الفريابي (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن أبي الفضل بن أبي طاهر، قال: أخبرنا الضياء أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو القاسم الأشقر، قال: أخبرنا أبو بكر بن شاذان، قال: أخبرنا أبو بكر القباب، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، قالا: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا معتمر بن سليمان -هو التيمي- عن أبيه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا حي يا قيوم)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه ابن خزيمة عن محمد بن عبد الأعلى على الموافقة.
وله شاهد من حديث علي.
وبه إلى الفريابي قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، قال: حدثنا إسماعيل بن عون بن عبيد الله بن أبي رافع، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه [محمد بن عمر عن ابنة عمر بن علي] عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قاتلت شيئاً من قتال يوم بدر، ثم جئت مسرعاً لأنظر ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدته ساجداً يقول: ((يا حي يا قيوم)) لا يزيد عليها، ثم ذهبت إلى القتال، ثم رجعت فوجدته كذلك، ثم ذهبت إلى القتال ثم رجعت فوجدته كذلك حتى فتح الله عليه.(4/77)
هذا حديث حسن.
أخرجه البزار عن محمد بن المثنى.
فوقع لنا موافقة عالية.
وقال: لا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى والحاكم من رواية الحنفي.
قوله (قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد).
قلت: هذا يوهم أن الحاكم صحح الحديث من رواية الرقاشي عن أنس، وليس كذلك، وإنما قال الحاكم ذلك في حديث لأنس غير هذا، وفي حديث لابن مسعود مثل هذا.
أما حديث أنس فقد تقدم في أواخر باب ما يقال عند الصباح وعند المساء، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم ابنته فاطمة رضي الله عنها أن تقول ذلك وزيادة عليه، ونسبه الشيخ هناك لابن السني، ولم يذكر الحاكم، وقد استوفيت الكلام عليه ثم.
وأما حديث ابن مسعود فأخبرنا أبو هريرة عبد الرحمن بن محمد الفارقي إجازة غير مرة، قال: أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي، قال: أخبرنا أبو القاسم بن العميرة، قال: أخبرتنا شهدة الكاتبة، قالت: أخبرنا طراد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران، قال: أخبرنا أبو يعلى بن صفوان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا النضر بن إسماعيل البجلي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، يعني عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود(4/78)
رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل به هم أو غم يقول: ((يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو علي التنوخي في كتاب ((الفرج بعد الشدة)) عن علي بن أبي الطيب، عن أحمد بن الجراح، عن ابن أبي الدنيا.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه أيضاً من رواية إسحاق بن أبي إسرائيل - وهو إسحاق بن إبراهيم المذكور في روايتنا، وقال في السند عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده.
وأخرجه الحاكم من رواية الوضاح بن يحيى، عن النضر بن إسماعيل كذلك.
وتعقبه الذهبي بأن الوضاح وشيخه وشيخ شيخه ليسوا بعمدة.
قلت: لم ينفرد به الوضاح.
وأما شيخه النضر فضعيف، وكذا شيخ النضر عبد الرحمن بن إسحاق، وهو الواسطي، وليس هو المدني الذي تقدم قريباً في أحاديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه صدوق، وهما في طبقة واحدة، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث عشر بعد الثلاثمئة، وهو الثالث والتسعون بعد الستمئة ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه(4/79)
الأمر رفع رأسه إلى السماء فقال: ((سبحان الله العظيم)) وإذا اجتهد في الدعاء قال: ((يا حي يا قيوم)).
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أنس رضي الله عنه قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار)) زاد مسلم في روايته قال: وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه.]]
(314)
يوم الثلاثاء المبارك خامس جمادى الثاني.
قوله (وروينا فيه -يعني الترمذي- عن أبي هريرة رضي الله عنه) إلى آخره.
أخبرني المسند الخير أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبيد الله الصالحي بها رحمه الله، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الزراد إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، قال: أخبرتنا أم الحسن بنت سعد الخير، قالت: أخبرنا أبو القاسم المستملي، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمر بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا أبو موسى إسحاق بن موسى الأنصاري، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، قال: حدثني إبراهيم بن الفضل مولى بني مخزوم، عن المقبري -يعني سعيد بن كيسان- عن أبي هريرة رضي الله عنه، فذكر أحاديث منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اجتهد في الدعاء قال: ((يا حي يا قيوم)).
وبه إلى أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر نظر إلى السماء وقال: ((سبحان الله العظيم)).(4/80)
وقرأته عالياً على فاطمة بنت محمد الدمشقية، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عباد الحراني في كتابه عن أبي القاسم بن أبي شريك، قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور، وهو آخر من حدث عنه بالسماع، قال: حدثنا أبو القاسم عيسى بن علي بن الجراح إملاء، قال: قرئ على أبي بكر محمد بن إبراهيم الأنماطي وأنا أسمع، قيل له: حدثكم أبو العباس عبد الله بن عبد الحميد بن يحيى الزهري، قال: حدثنا ابن أبي فديك، فذكر الحديثين مثله سواء.
هذا حديث غريب.
أخرجه الترمذي عن أبي المغيرة يحيى بن سلمة عن ابن أبي فديك، جمعهما في سياق واحد، واستغربه.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجة في الطريق الأولى وبدرجتين في الأخرى، ورجاله ثقات إلا إبراهيم بن الفضل، فإنهم اتفقوا على ضعفه.
وقال البخاري: منكر الحديث، وقد قال: من قلت فيه: منكر الحديث لا تحل الرواية عنه.
قوله (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أنس ..) إلى آخره.
أخبرني عبد الله، وعبد الرحمن ابنا عمر بن عبد الحافظ سماعاً على الثاني، وإجازة مكاتبة، من الأول، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد الزبداني، وأبو بكر بن الرضي، قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل الخطيب، عن فاطمة بنت أبي الحسن الأندلسي سماعاً، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأديب، قال: أخبرنا محمد بن أحمد النيسابوري، قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو خيثمة -هو زهير بن حرب- (ح).(4/81)
وبالسند الماضي قريباً إلى الفريابي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وعبيد الله بن عمر القواريري فرقهما، قال الثلاثة: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن علية، زاد القواريري قال: وحدثنا عبد الوارث بن سعيد، كلاهما عن عبد العزيز بن صهيب، قال: سأل قتادة أنس بن مالك رضي الله عنه: أي دعاء كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم أكثر؟ قال: كان أكثر دعوة يدعو بها يقول: ((اللهم آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار)).
زاد أبو خيثمة وإسحاق في روايتهما: وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها.
ولم يذكر القواريري الزيادة في روايته عن شيخيه.
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري من رواية عبد الوارث بدون الزيادة الموقوفة على أنس.
وأخرجه مسلم عن أبي خيثمة.
والنسائي في الكبرى عن إسحاق بن إبراهيم.
فوقع لنا موافقة عالية في شيخيهما.
وقد وقعت لنا الزيادة المذكورة عن أنس بأتم من هذا السياق.
وبه إلى الفريابي قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني أنهم قالوا لأنس بن مالك رضي الله عنه: ادع لنا بدعاء، فقال: ((اللهم آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار)).
فقالوا له: زدنا، فأعادها، فقالوا له: زدنا، فقال: ما تريدون؟ سألت الله(4/82)
لكم خير الدنيا والآخرة، قال أنس: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يدعو بها.
أخرجه أحمد عن عفان بن مسلم عن حماد.
وأخرجه ابن حبان عن أبي يعلى عن إبراهيم بن الحجاج.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الوجهين.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد من رواية شعبة عن ثابت.
ووقع لنا بعلو في مسند أبي داود الطيالسي عن شعبة، وبالله التوفيق.
آخر المجلس الرابع عشر بعد الثلاثمئة، وهو الرابع والتسعون بعد الستمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا في سنن النسائي وكتاب ابن السني، عن عبد الله بن جعفر، عن علي رضي الله عنهم قال: لقنني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات، وأمرني إن نزل بي كرب أو شدة أن أقولها: ((لا إله إلا الله الكريم العظيم، سبحانه تبارك الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين)).]]
(315)
يوم الثلاثاء المبارك ثاني عشر شهر جمادى الثاني.
ووقع لنا عنه متصلاً بالنبي مع العلو.(4/83)
أخبرني إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الدمشقي بمكة، قال: أخبرنا أبو العباس الصالحي، قال: أخبرنا أبو المنجا البغدادي، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا أبو الحسن بن داود، قال: أخبرنا أبو محمد بن حمويه، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا سليمان بن داود -هو الطيالسي- قال: حدثنا شعبة، عن ثابت -هو البناني- عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: ((اللهم آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار)).
قال شعبة، فذكرته لقتادة، فقال: كان أنس يدعو بها.
أخرجه أحمد عن سليمان بن داود.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه النسائي عن عمرو بن علي، عن أبي داود الطيالسي.
وأخرجه أحمد أيضا عن روح بن عبادة، عن شعبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الوجهين.
وأخرجه مسلم من رواية معاذ بن معاذ، عن شعبة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
ولم يذكر أثر قتادة.
قوله (وروينا في سنن النسائي وكتاب ابن السني ..) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن أحمد التنوخية بدمشق، عن أبي الفضل بن أبي طاهر، قال: أخبرنا إسماعيل بن ظفر، ومحمد بن عبد الواحد الحافظ،(4/84)
قال الأول: أخبرنا محمد بن أبي زيد الأصبهاني بها، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال: أخبرنا الطبراني في كتاب الدعاء، قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا شعيب بن يحيى (ح).
وبه إلى الطبراني قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، قال: حدثنا عبد الله بن صالح.
وقال الثاني: أخبرنا أبو الفضل بن أبي نصر بن غانم، قال: أخبرنا جدي غانم بن خالد، قال: أخبرنا عبد الرزاق بن عمر بن موسى، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا عيسى بن حماد، قال الثلاثة: حدثنا الليث بن سعد، قال: حدثنا محمد بن عجلان (ح).
وبه إلى الطبراني قال: حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن محمد بن عجلان، عن محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شداد (ح).
وقرأته عالياً على أم الحسن بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحراني في كتابه، عن هبة الله الحاسب، قال: أخبرنا أحمد بن محمد البزاز، قال: أخبرنا أبو القاسم بن علي بن عيسى إملاءً، قال: قرئ على أبي القاسم بدر بن الهيثم وأنا أسمع، أن عبد الله بن سعيد حدثهم، قال: حدثنا عقبة بن خالد، قال: حدثنا أسامة بن زيد، عن محمد بن كعب -يعني- عن عبد الله بن شداد، عن عبد الله بن جعفر -يعني ابن أبي طالب- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن عند الكرب: ((لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السموات ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين)).
وكان عبد الله بن جعفر إذا زوج بناته خلا بهن في غرفة فعلمهن إياهن،(4/85)
وقال: إذا نزل بكن أمر تكرهنه فقلن هذه الكلمات.
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن روح بن عبادة، عن أسامة بن زيد.
وأخرجه النسائي عن قتيبة، عن يعقوب بن عبد الرحمن.
وأخرجه ابن حبان عن إسماعيل بن داود بن وردان، عن عيسى بن حماد.
فوقع لنا بدلاً عالياً في الطرق الثلاث.
وأخرجه ابن السني عن النسائي.
وللنسائي فيه طرق أخرى لم يذكرها ابن السني.
وبه إلى الطبراني قال: حدثنا عبيد بن غنام، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا مسعر، عن إسحاق بن راشد، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، عن عبد الله بن جعفر، فذكر الحديث بنحوه.
أخرجه النسائي عن زكريا بن يحيى، عن أبي بكر بن أبي شيبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ولمسعر فيه شيخ آخر، وفي روايته في المتن زيادة.
وبه إلى الطبراني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث، قال: حدثنا عبيد بن عبيدة التمار، قال: حدثنا معتمر بن سليمان -هو التيمي- عن أبيه،(4/86)
عن مسعر، عن أبي بكر بن حفص، عن عبد الله بن الحسن، عن عبد الله بن جعفر، قال: علمني عمي هؤلاء الكلمات فذكرها.
وزاد: ((اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم تجاوز عني، اللهم اعف عني)).
قال: وأخبرني عمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه هؤلاء الكلمات.
أخرجه النسائي عن أحمد بن محمد بن جعفر، عن عاصم بن النضر، عن معتمر بن سليمان.
فوقع لنا عالياً بثلاث درجات.
ورواية سليمان عن مسعر من رواية الأكابر عن الأصاغر.
ورواية مسعر عن أبي بكر بن حفص من رواية الأقران، وفي السند الأول ثلاثة من الصحابة في نسق، فإن عبد الله بن شداد له رؤية، فعد لذلك من الصحابة، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس عشر بعد الثلاثمئة، وهو الخامس والتسعون بعد الستمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا في سنن أبي داود، عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت)).
وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه، عن أسماء بنت عميس(4/87)
رضي الله عنها، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ألا أعلمك كلماتٍ تقولينهن عند الكرب -أو في الكرب- الله الله ربي لا أشرك به شيئاً)).
وروينا في كتاب ابن السني، عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة عند الكرب، أغاثه الله عز وجل)).]]
(316)
يوم الثلاثاء المبارك تاسع عشر جمادى الثاني.
تنبيه:
كان الأنسب أن يذكر حديث علي عقب حديث ابن عباس الذي في أول الباب، لأنه يلائمه، لكن الأمر فيه سهل.
قوله (وروينا في سنن أبي داود عن أبي بكرة ..) إلى آخره.
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب الدمشقي بالقاهرة، عن أبي بكر الدمشقي، قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن فارس، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود سليمان بن داود الطيالسي، قال: حدثنا عبد الجليل بن عطية، عن جعفر بن ميمون، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء المضطر: ((اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت)).
هذا حديث حسن.(4/88)
أخرجه أحمد عن أبي عامر عبد الملك بن عمر العقدي، عن عبد الجليل -وهو بالجيم-.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أبو داود عن العباس بن عبد العظيم، ومحمد بن المثنى.
وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن إسحاق بن منصور، ثلاثتهم عن العقدي.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه من وجه آخر عن العقدي.
قوله (وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه عن أسماء بنت عميس) بمهملتين مصغر .. إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن أحمد التنوخية بدمشق بالسند الماضي قريباً إلى الطبراني في الدعاء قال: حدثنا فضيل بن محمد الملطي، قال: حدثنا أبو نعيم -هو الفضل بن دكين- (ح).
وقرأت على خديجة بنت أبي إسحاق بدمشق، عن أبي نصر بن الشيرازي، قال: أخبرنا محمود بن إبراهيم في كتابه، قال: أخبرنا أبو الخير المؤذن، قال: أخبرنا أبو إسحاق الطيان، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي -بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد الراء المكسورة- قال: حدثنا أبو نعيم، ووكيع -فرقهما واللفظ لوكيع- قالا: حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قال: حدثنا هلال مولانا، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن جعفر -هو ابن أبي طالب- عن أسماء بنت عميس -وهي والدة(4/89)
عبد الله بن جعفر رضي الله عنهم- قالت: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن عند الكرب: ((الله الله ربي لا أشرك به شيئاً)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أحمد عن وكيع.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو داود من رواية عبد الله بن داود، عن عبد العزيز.
وأخرجه ابن ماجه عن علي بن محمد، عن وكيع.
وأخرجه النسائي عن إسحاق بن منصور، عن أبي نعيم.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الوجهين.
قوله: (وروينا في كتاب ابن السني عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة عند الكرب أغاثه الله عز وجل)).
قلت: أخرجه من رواية زياد بن علاقة -بكسر المهملة وتخفيف اللام وبالقاف- عن أبي قتادة، وما أظنه سمع منه، وفي السند من لا يعرف.
قوله (وروينا فيه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه) إلى آخره.
أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد المهدوي فيما أجازنا، قال: أنبأنا يونس بن أبي إسحاق العسقلاني مشافهة، عن أبي الحسن بن المقير، قال: أخبرنا أبو الكرم الشهرزوري في كتابه، قال: أخبرنا إسماعيل بن مسعدة، قال:(4/90)
أخبرنا حمزة بن يوسف، قال: حدثنا عبد الله بن عدي، قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا عمرو بن الحصين، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت معمراً يحدث عن الزهري، عن أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني لأعلم كلمةً لا يقولها مكروبٌ إلا فرج الله عنه، كلمة أخي يونس {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}.
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن السني عن أبي يعلى، وهو أحمد بن علي بن المثنى المذكور في روايتنا، ورجاله رجال الصحيح إلا شيخه عمرو بن الحصين، فإنه ضعيف جداً.
قال أبو حاتم الرازي: ذاهب الحديث، كتبت عنه ثم تركته.
وقال أبو زرعة: واهي الحديث.
وقال الدارقطني: متروك.
وقال ابن عدي: مظلم الأمر في الحديث، روى عن الثقات ما ليس من حديثهم. انتهى.
ولم أر هذا الحديث في مسندي أبي يعلى، فكأنه أعرض عنه عمداً، والله أعلم.
آخر المجلس السادس عشر بعد الثلاثمئة، وهو السادس والتسعون بعد الستمئة، ولله الحمد والمن والفضل.(4/91)
[[ورواه الترمذي عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوة ذي النون إذ دعا ربه وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها رجلٌ مسلمٌ في شيء قط إلا استجاب له)).
باب ما يقوله إذا راعه شيءٌ أو فزع
وروينا في كتاب ابن السني، عن ثوبان رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا راعه شيءٌ قال: ((هو الله، الله ربي لا شريك له)).
وروينا في سنن أبي داود والترمذي، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات: ((أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون)) وكان عبد الله بن عمرو يعلمهن من عقل من بنيه، ومن لم يعقل كتبه فعلقه عليه. قال الترمذي: حديث حسن.]]
(317)
يوم الثلاثاء المبارك سادس عشرين جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين.
قوله (ورواه الترمذي عن سعد) إلى آخره.
أخبرني أبو المعالي عبد الله بن عمر بن علي رحمه الله، قال: أخبرنا أبو نعيم بن عبيد، قال: أخبرنا أبو الفرج بن عبد المنعم، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن صاعد، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد بن الحصين، قال: أخبرنا الحسن بن علي الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا(4/92)
عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا إسماعيل بن عمر (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو القاسم الأشقر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن شاذان، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد القباب، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو أحمد -هو محمد بن عبد الله الزبيري، ولفظ الحديث له- كلاهما عن يونس بن أبي إسحاق (ح).
وأخبرنيه عالياً الإمام أبو الفضل بن الحسن الحافظ رحمه الله تعالى، قال: أخبرني عبد الله بن محمد الصالحي، قال: أخبرنا الفخر علي بن البخاري، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن حمد الكراني في كتابه، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي مريم، قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن إبراهيم بن محمد بن سعد، عن أبيه، عن جده -هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه- قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوة، ثم جاء أعرابي فشغله، فاتبعته فالتفت إلي فقال: ((أبو إسحاق؟)) قلت: نعم. قال: ((فمه؟)) قلت: ذكرت دعوة ثم جاءك أعرابي فشغلك، قال: ((نعم دعوة ذي النون عليه السلام إذ نادى وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لا يدعو بها مسلمٌ في شيءٍ قط إلا استجيب له)).
هذا حديث حسن.(4/93)
أخرجه الترمذي عن محمد بن يحيى.
والنسائي عن حميد بن مخلد، كلاهما عن الفريابي.
فوقع لنا بدلاً عالياً ولا سيما من الرواية الأخيرة.
وأخرجه الحاكم من طريق الفريابي وغيره عالياً ونازلاً.
وذكر الترمذي أن بعضهم أرسله.
وقد وجدت له طريقين أخريين عن سعد:
أحدهما: مختصر أخرجه أبو يعلى وابن أبي عاصم من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن مصعب بن سعد، عن أبيه.
والآخر: مطول، أخرجه الحاكم من طريق سعيد بن المسيب، عن سعد.
قوله: (باب ما يقول إذا راعه شيء أو فزع، روينا في كتاب ابن السني عن ثوبان ..) إلى آخره.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي بكر الصالحي في كتابه، وقرأت على أم الحسن بنت محمد بن أحمد الدمشقية بها، كلاهما، عن القاضي تقي بن أبي طاهر الحنبلي، قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله المقدسي، قال: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء، قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي، قال: أخبرنا أبو بكر بن علي بن عاصم، قال: حدثنا سعيد بن هاشم بطبرية (ح).
وبالسند المذكور آنفاً إلى ابن أبي عاصم، قالا: حدثنا أبو سعيد(4/94)
عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي المعروف بدحيم الحافظ (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان حمزة، قال: أخبرنا إسماعيل بن ظفر بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في كتاب الدعاء، قال: حدثنا إبراهيم بن دحيم، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سهل بن هاشم، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن ثوبان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا راعه شيء قال: ((هو الله ربي لا أشرك به شيئاً)).
وفي رواية الطبراني ((لا شريك له)).
هذا حديث حسن.
أخرجه النسائي عن دحيم.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه ابن السني عن النسائي.
وعجبت من اقتصار الشيخ على ابن السني مع كونه إنما رواه عن النسائي.
قوله (وروينا في سنن أبي داود والترمذي عن عمرو بن شعيب ..) إلى آخره: قلت: تقدم بلفظه في باب ما يقول إذا كان يفزع في نومه، وذكر معه طريق أخرى من كتاب ابن السني بلفظ آخر، وفيه التقييد بالنوم.
ويذكر فيه ما قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي بصالحية دمشق، عن محمد بن عبد الحميد فيما كتب إليهم من مصر، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي بن عزون، قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية بأصبهان، قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، قال:(4/95)
أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا الحسن بن علي المعمري، قال: حدثنا المسيب بن واضح، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: حدثنا حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي العالية، عن خالد بن الوليد رضي الله عنه، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أجد فزعاً بالليل، فقال: ((ألا أعلمك كلماتٍ علمنيهن جبريل عليه السلام، وذكر أن عفريتاً من الجن يكيدني، فقال: قل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجرٌ من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها وما ينزل في الأرض وما يخرج منها، ومن شر فتن الليل، ومن شر فتن النهار، ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقٍ يطرق بخيرٍ يا رحمن)).
هذا حديث حسن، رجاله موثقون، لكن في حفظ المسيب مقال.
وأبو العالية اسمه رفيع بالفاء والإهمال مصغر من كبار التابعين، لكنه لم يسمع من خالد، وإنما حسن لشواهده، والله أعلم.
آخر المجلس السابع عشر بعد الثلاثمئة، وهو السابع والتسعون بعد الستمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[باب ما يقول إذا أصابه هم أو حزن
روينا في كتاب ابن السني، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أصابه هم أو حزنٌ فليدع بهذه الكلمات، يقول: أنا عبدك ابن عبدك ابن أمتك في قبضتك، ناصيتي(4/96)
بيدك، ماضٍ في حكمك، عدلٌ في قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيث عندك أن تجعل القرآن نور صدري، وربيع قلبي، وجلاء حزني، وذهاب همي، فقال رجل من القوم: يا رسول الله! إن المغبون لمن غبن هؤلاء الكلمات، فقال: أجل فقولوهن وعلموهن، فإنه من قالهن التماس ما فيهن أذهب الله تعالى حزنه، وأطال فرحه)).]]
(318)
يوم الثلاثاء المبارك رابع شهر رجب.
قوله (باب ما يقول إذا أصابه هم أو حزن، روينا في كتاب ابن السني عن أبي موسى الأشعري ..) إلى آخره.
أخبرنا الإمام مسند الشام أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن عبد الحميد الصالحي منها في كتابه غير مرة، قال: أخبرنا محمد بن علي بن ساعد في كتابه إلينا من مصر، قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ سماعاً عليه بحلب، قال: أخبرنا أبو عبد الله الكراني بأصبهان، قال: أخبرنا أبو القاسم بن إسماعيل القباب، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا أحمد بن علي الجارودي، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا علي بن ثابت الجزري، عن جعفر بن برقان، عن فياض الكوفي. عن عبيد الله بن زبيد، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أصابه هم أو حزنٌ فليدع بهؤلاء الكلمات، يقول: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك في قبضتك، ناصيتي بيديك، ماضٍ في حكمك، عدلٌ في قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب(4/97)
عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي)).
فقال قائل: يا رسول الله إن المغبون لمن غبن هؤلاء الكلمات، قال: ((أجل فقولوهن وعلموهن، فإنه من قالهن وعلمهن التماس ما فيهن أذهب الله حزنه وأطال فرحه)).
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن السني من رواية مخلد بن يزيد الحراني، عن جعفر بن برقان -وهو بضم الموحدة وسكون الراء بعدها قاف- وشيخه مجهول، وكذا شيخ شيخه.
ووقع في روايتنا عبيد الله بالتصغير، وأبوه زبيد بالزاي والموحدة وآخره دال.
وفي النسخة التي وقفت عليها من كتاب ابن السني عبد الله مكبر، وزبير آخره راء.
وقد أخرج ابن السني عقب حديث أبي موسى هذا عن ابن مسعود نحوه، وحديث ابن مسعود أثبت سنداً وأشهر رجالاً، وقد صححه بعض الأئمة، فعجبت من عدول الشيخ عن القوي إلى الضعيف.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن عقيل قراءة عليه ونحن نسمع بمصر، قال: أخبرنا أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن عبد الهادي الصالحي قدم علينا، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم بن نعمة بدمشق، قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي الأصبهاني قدم علينا، قال: أخبرنا جدي لأمي أبو القاسم إسماعيل بن محمد التيمي سماعاً عليه بأصبهان، قال: أخبرنا خاقان بن المطهر بنيسابور، قال: حدثنا محمد بن موسى بن شاذان، قال:(4/98)
حدثنا محمد بن عبد الله الصفار، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد، قال: حدثنا سعيد بن سليمان (ح).
وقرأت على أبي المعالي عبد الله بن عمر بن علي، عن إبراهيم بن محمد بن عبد الصمد سماعاً عليه، قال: أخبرنا عبد الرحيم بن يحيى، وغازي بن أبي الفضل، قالا: أخبرنا أبو علي التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يزيد بن هارون (ح).
وقرأته عالياً على شيخنا الإمام حافظ العصر أبي الفضل بن الحسين رحمه الله، فيما قرأ على أبي محمد بن القيم، عن الفخر البخاري سماعاً، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي زيد في كتابه، قال: أخبرنا أبو القاسم الأشقر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الأصبهاني.
قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: أخبرنا عمر بن حفص، قال: حدثنا عاصم بن علي (ح).
وقرأته عالياً أيضاً على عمر بن محمد النابلسي، عن زينب بنت الكمال حضوراً في الرابعة وإجازة، عن إبراهيم بن محمود، قال: أخبرنا أبو الحسين بن يوسف، قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان، قال: أخبرنا أبو بكر العباداني، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قالوا: حدثنا فضيل بن مرزوق، قال: حدثنا أبو سلمة الجهني، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أصاب مسلماً قط هم أو حزنٌ، فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك ..)) فذكر مثل حديث أبي موسى إلى قوله: وذهاب همي فقال: ((إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحاً)) قالوا: ((يا رسول الله ألا(4/99)
نتعلمهن؟ قال: ((بلى ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن)).
ووقع في رواية سعيد بن سليمان ((القرآن العظيم)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أبو يعلى عن أبي خيثمة، وابن أبي عاصم، عن رزق الله بن موسى، كلاهما عن يزيد بن هارون.
فوقع لنا بدلاً عالياً في الرواية الثانية.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن سعيد بن سليمان، وقال: صحيح الإسناد إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله، فإنه اختلف في سماعه من أبيه.
وتعقبه الذهبي فقال: في السند أبو سلمة الجهني ما روى عنه إلا فضيل بن مرزوق، ولا يعرف اسمه ولا حاله.
قلت: لكنه لم ينفرد به .. ..
وذكره مع ذلك ابن حبان في الثقات.
قرأت على فاطمة بنت محمد الصالحية بها، عن ست الفقهاء بنت أبي إسحاق الواسطي، عن كريمة بنت عبد الوهاب، قالت: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد الحارثي، قال: أخبرنا أبو الفرج بن علان، قال: أخبرنا أبو عبد الله الجعفي، قال: أخبرنا أبو جعفر بن رباح، قال: حدثنا علي بن المنذر، قال: حدثنا محمد بن فضيل، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال(4/100)
النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أصاب أحدكم هم أو حزنٌ فليقل ..)) فذكر مثل حديث أبي سلمة.
وزاد بعد قوله ((وابن أمتك)) ((وفي قبضتك)) وقال في آخره: ((فما قالها عبدٌ إلا أذهب الله همه)).
وقال فيه: ((ينبغي لكل مسلمٍ)) والباقي سواء.
أخرجه أبو يعلى عن محمد بن منهال، عن عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن بن إسحاق. فوقع لنا عالياً.
وعبد الرحمن بن إسحاق هو الواسطي صدوق، تقدم التعريف به قريباً.
وأخرجه ابن السني عن أبي يعلى، والله أعلم.
آخر المجلس الثامن عشر بعد الثلاثمئة، وهو الثامن والتسعون بعد الستمئة.
[[باب ما يقوله إذا وقع في هلكة
روينا في كتاب ابن السني، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا علي! ألا أعلمك كلماتٍ إذا وقعت في ورطةٍ قلتها؟ قلت: بلى، جعلني الله فداءك، قال: إذا وقعت في ورطةٍ فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فإن الله تعالى يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء)).(4/101)
باب ما يقول إذا خاف قوماً
روينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود والنسائي، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوماً قال: ((اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم)).
باب ما يقول إذا خاف سلطاناً
روينا في كتاب ابن السني، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خفت سلطاناً أو غيره، فقل: لا إله إلا الله الحليم الحكيم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت، عز جارك، وجل ثناؤك)).]]
(319)
يوم الثلاثاء المبارك حادي عشر.
قوله (باب ما يقول إذا وقع في هلكة. روينا في كتاب ابن السني عن علي ..)) إلى آخره.
أخبرني الإمام أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله بالسند الماضي قريباً إلى سليمان بن أحمد -وهو الطبراني- قال في كتاب الدعاء:
حدثنا الحسن بن علي بن هاشم الكوفي، قال: حدثنا القاسم بن خليفة، قال: حدثنا أبو يحيى التيمي، عن عمرو بن شمرٍ، عن أبيه، عن يزيد بن مرة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعلمك كلماتٍ إذا وقعت في ورطةٍ قلتها؟)) فقلت: بلى جعلني الله فداك، فرب خير قد علمتنيه، قال: ((إذا وقعت في ورطةٍ فقل بسم الله الرحمن الرحيم،(4/102)
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء)).
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن السني من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن عمر بن شمر.
وعمرو ضعيف جداً، اتفقوا على توهينه.
وأبو مرة -بكسر المعجمة وسكون الميم بعدها راء- لم أر له ذكراً في كتب الجرح ولا التعديل.
وسقط من روايتنا سويد بن غفلة -وهو بفتح المعجمة والفاء معاً- بين يزيد وعلي، وثبت في رواية ابن السني.
[قوله] (باب ما يقول إذا خاف قوماً - إلى أن ذكر حديث أبي موسى).
أخبرني العماد أبو بكر بن العز الفرضي رحمه الله، عن عائشة بنت محمد بن المسلم فيما قرئ عليها وهو يسمع، أن عبد الرحمن بن أبي الفهم أخبرهم، قال: أخبرنا يحيى بن أسعد، قال: أخبرنا عبد القادر بن محمد، قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي، قال: أخبرنا الحسن بن جعفر، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا معاذ بن هشام -هو الدستوائي- (ح).
وقرأته عالياً على أم الحسن التنوخية، عن أبي الفضل بن قدامة، قال: أخبرنا أبو الوفاء العبدي في كتابه، قال: أخبرنا أبو الخير الباغبان، قال: أخبرنا أبو بكر السمسار، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي -بفتح الميم(4/103)
وفتح المعجمة وتشديد الراء- قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثنا أبي، عن قتادة، عن أبي بردة بن عبد الله بن قيس، عن أبيه رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خاف قوماً قال: ((اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم، ونجعلك في نحورهم)).
هذا حديث حسن غريب.
ورجاله رجال الصحيح، لكن قتادة مدلس، ولم أره عنه إلا بالعنعنة، ولا رواه عن أبي موسى إلا ابنه، ولا عن أبي بردة إلا قتادة، وهو عزيز عن قتادة. ظن بعضهم تفرد هشام به عن قتادة.
وقد وجدت له متابعاً، وهو عمران القطان.
أخرجه أحمد عن علي بن عبد الله - هو ابن المديني.
وأخرجه أبو داود والنسائي جميعاً عن أبي موسى محمد بن المثنى.
وأخرجه النسائي أيضاً عن أبي قدامة عبيد الله بن سعيد السرخسي، ثلاثتهم عن معاذ بن هشام.
فوقع لنا بدلاً عالياً في الرواية الأولى بدرجة، وفي الثانية بدرجتين.
وأخرجه ابن حبان من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل.
والحاكم من طريق مسدد، كلاهما عن معاذ.
ووقعت لنا رواية عمران بعلو درجة أخرى.
قرأت على أبي الحسن علي بن محمد الخطيب، عن أبي بكر الدشتي،(4/104)
قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الكراني، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: أخبرنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا عمران القطان، عن قتادة، عن أبي بردة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا على قوم قال: ((اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم)).
أخرجه أحمد عن سليمان بن داود -وهو أبو داود الطيالسي- بهذا الإسناد.
فوقع لنا موافقة عالية.
ووجدت له راوياً ثالثاً عن قتادة.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، قال: أخبرنا أبو العباس الصالحي، قال: أخبرنا أبو المنجا بن اللتي، قال: أخبرنا سعيد بن أحمد، قال: أخبرنا عاصم بن الحسن، قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي، قال: حدثنا محمد بن مخلد، قال: حدثنا طاهر بن خالد، قال: حدثنا أبي خالد بن نزار، قال: أخبرني إبراهيم بن طهمان، قال: حدثني الحجاج بن الحجاج، عن قتادة، عن أبي بردة بن أبي موسى، فذكر مثل اللفظ الأول.
لكن قال: ((وندرأ بك في نحورهم)).
أخرجه أبو بكر الخرائطي في مكارم الأخلاق عن محمد بن مخلد.
فوقع لنا موافقة عالية.(4/105)
وهو غريب عن حجاج، تفرد به طاهر بن خالد، عن أبيه، عن إبراهيم عنه، وكلهم موثقون.
قوله (باب ما يقول إذا خاف سلطاناً.
روينا في كتاب ابن السني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خفت سلطاناً أو غيره فقل لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم، لا إله إلا أنت، عز جارك، وجل ثناؤك)) ).
قلت: أخرجه من رواية محمد بن الحارث أحد الضعفاء، عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني -بفتح الموحدة وسكون التحتانية وفتح اللام وتخفيف الميم وبعد الألف نون- عن أبيه عن ابن عمر.
ومحمد بن عبد الرحمن هذا اتفقوا على تضعيفه، واتهمه بعضهم بالكذب.
وذكر ابن حبان أن محمد بن الحارث روى عنه نسخة موضوعة شبيهة من مئتي حديث.
قلت: وقد وقع لي هذا الحديث بزيادة فيه كثيرة ونقصان يسير من أوله من حديث ابن مسعود، ومن حديث ابن عباس، وسند كل منهما أولى بالذكر من هذا، وبالله التوفيق.
آخر المجلس التاسع عشر بعد الثلاثمئة، وهو التاسع والتسعون بعد الستمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
(320)
يوم الثلاثاء المبارك ثامن عشر شهر رجب الفرد سنة أربع وأربعين.
أما حديث ابن مسعود ففيما قرأت على أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الصالحي بها، عن أحمد بن محمد بن المحب، ومحمد بن أحمد بن أبي الهيجاء سماعاً عليهما، قالا: أخبرنا أبو العباس بن نعمة النابلسي، قال:(4/106)
أخبرنا عبد الرحمن بن علي اللخمي، قال: أخبرنا جمال الإسلام أبو الحسن السلمي، قال: أخبر أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عثمان، قال: أخبرنا جدي قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن سهل، قال: حدثنا علي بن داود القنطري، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، قالا: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح المصري (ح).
وقرأته عالياً على شيخنا الإمام أبي الفضل بن الحسين الحافظ بالسند الماضي آنفاً إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث بن سعد، عن عبد ربه بن سعيد، وإسحاق بن أبي فروة، كلاهما عن يونس بن عبد الله -هو ابن أبي فروة- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا تخوفت من أحدٍ شيئاً فقل اللهم رب السموات السبع وما فيهن ورب العرش العظيم ورب جبريل وميكائيل وإسرافيل كن لي جاراً من عبدك فلانٍ وأشياعه أن يطغوا علي وأن يطرقوا علي، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك)).
هذا حديث حسن، رواته موثقون، وفيهم أئمة، لكن في سنده انقطاع، لأن عبيد الله لم يسمع من عم أبيه عبد الله بن مسعود، ولا أدركه.
لكن للحديث طريق أخرى تعضده.
وإسحاق بن أبي فروة المذكور في السند جاء منضماً إلى عبد ربه، فلا يضر ضعفه.
وبهذا السند إلى الطبراني قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلم، والعباس بن الحسن الرازيان، قالا: حدثنا سهل بن عثمان، قال: حدثنا جنادة بن سلم، عن عبيد الله بن عمر، عن عتبة بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن مسعود، وهو جد أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(4/107)
((إذا تخوف أحدكم السلطان فليقل ..)) فذكر مثله، لكن لم يقل ((وما فيهن)) ولا ((رب جبريل وميكائيل وإسرافيل)) وقال: ((من شر فلانٍ وأتباعه من الجن والإنس)) وفي آخره ((ولا إله غيرك)).
ورجال سنده ثقات إلا جنادة بن سلم فضعفه بعضهم.
وأخرج له ابن خزيمة في صحيحه، وذكره ابن حبان في الثقات -وهو بضم الميم وتخفيف النون- وأبوه -بتخفيف المهملة وسكون اللام-.
وللحديث طريق ثالثة عن ابن مسعود.
أخبرني أبو الحسن محمد بن علي البالسي، قال: أخبرنا أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الدائم، قال: أخبرنا يحيى بن محمود، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد التاجر، قال: حدثنا محمد بن موسى، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الصفار، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم -هو النخعي- قال: قال عبد الله بن مسعود، فذكر نحوه. وفيه: إذا خاف أحدكم السلطان الجائر، ولم يرفعه.
ورجاله ثقات، لكن إبراهيم لم يدرك ابن مسعود.
وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد من وجه آخر عن الأعمش، قال: حدثنا ثمامة بن عقبة، عن الحارث بن سويد، قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: فذكره موقوفاً. وسنده صحيح.
وأما حديث ابن عباس فأخرجه البخاري في الأدب المفرد والطبراني في الدعاء وفي الكبير والأصبهاني في الترغيب، كلهم من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إذا أتيت سلطاناً مهيباً تخاف أن يسطو بك فقل الله أكبر، الله أعز من خلقه جميعاً، الله أعز مما أخاف وأحذر، أعوذ(4/108)
بالله الذي لا إله إلا هو الممسك السموات السبع أن يقعن على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وأتباعه وأشياعه وجنوده من الجن والإنس، كن لي جاراً من شرهم، جل ثناؤك، وعز جارك، وتبارك اسمك ولا إله غيرك)) ثلاث مرات.
أخبرنا به أبو الحسن البالسي بالسند المذكور إلى إسماعيل، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، قال: أخبرنا حمزة بن عبد العزيز المهلبي، قال: حدثنا أبو الفضل عبدوس بن الحسين، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن المنهال بن عمرو، قال: حدثني سعيد بن جبير فذكره.
أخرجه البخاري بنحوه عن أبي نعيم على الموافقة.
وأخرجه الطبراني عن علي بن عبد العزيز، عن أبي نعيم عالياً، لكن لم يقع في سماعنا، وهو موقوف صحيح، والله أعلم.
آخر المجلس العشرين بعد الثلاثمئة وهو المكمل سبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[باب ما يقول إذا نظر إلى عدوه
روينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فلقي العدو، فسمعته يقول: ((يا مالك يوم الدين إياك أعبد وإياك أستعين)) فلقد رأيت الرجال تصرع، تضربها الملائكة من بين أيديها ومن خلفها.(4/109)
باب ما يقول إذا عرض له شيطانٌ أو خافه
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ((قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك، ثم قال: ألعنك بلعنة الله ثلاثاً، وبسط يده كأنه يتناول شيئاً، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله! سمعناك تقول في الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك، قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهابٍ من نارٍ ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مراتٍ، ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة فاستأخر ثلاث مراتٍ، ثم أردت أن آخذه، والله لولا دعوة أخي سليمان لأصبح موثقاً تلعب به ولدان أهل المدينة)).
وروينا في صحيح مسلم، عن سهيل بن أبي صالح أنه قال: أرسلني أبي إلى بني حارثة ومعي غلام لنا أو صاحب لنا، فناداه منادٍ من حائط باسمه، وأشرف الذي معي على الحائط فلم ير شيئاً، فذكرت ذلك لأبي، فقال: لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك، ولكن إذا سمعت صوتاً فناد بالصلاة، فإني سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الشيطان إذا نودي بالصلاة أدبر)).]]
(321)
يوم الثلاثاء المبارك خامس عشر شهر رجب الفرد سنة أربع وأربعين.
قوله (باب ما يقول إذا نظر إلى عدوه ... روينا في كتاب ابن السني عن أنس ... إلى آخره).(4/110)
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي نصر بن الشيرازي، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الهمداني، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني في المعجم الأوسط، قال: حدثنا موسى بن هارون (ح).
وقرأت على شيخنا الإمام أبي الفضل بن الحسين الحافظ بالسند الماضي إلى الطبراني في كتاب الدعاء، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، وموسى بن هارون، قالا: حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: حدثنا عبد السلام بن هاشم البزار، قال: حدثنا حنبل بن عبد الله، عن أنس بن مالك، عن أبي طلحة رضي الله عنهما، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فلقي العدو، فسمعته يقول: ((يا مالك يوم الدين إياك أعبد، وإياك أستعين)) [قال:] فلقد رأيت الملائكة تصرع الرجال، تضربها من بين يديها ومن خلفها.
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن السني عن أبي القاسم البغوي، عن أبي الربيع.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
لكن سقط من روايته ((عن أبي طلحة)) ولابد منه.
وبه إلى الطبراني في الأوسط، قال: لا يروى عن أبي طلحة إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو الربيع.
قال: وسمعت موسى بن هارون يقول: سألت عثمان بن طالوت عن حنبل بن عبد الله؟ فقال: زعموا أنه من بني قريع.
وسألته عن عبد السلام بن هاشم؟ فقال: شيخ بصري، قلت: أكان ثقة؟ فقال: لا أعلم إلا خيراً.(4/111)
قلت: حدث البخاري في التاريخ وفي الكنى والحاكم أبو أحمد من طريقه عن عثمان بن طالوت، عن أبي عثمان عبد السلام بن هاشم بحديث غير هذا عن حنبل المذكور، ولم يذكرا فيه جرحاً.
وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه قال: ليس بقوي عندي.
وعن إبراهيم بن أورمة الأصبهاني، قال: سمعت عمرو بن علي الصيرفي يقول:
لا أقطع الشهادة على أحد بالكذب إلا على عبد السلام بن هاشم. انتهى.
وقد ذكره ابن حبان في الثقات.
وأخرج له ابن خزيمة في صحيحه حديثاً، لكن في المتابعات.
وتبعه الحاكم في المستدرك.
وأما شيخه حنبل فلم يرو عنه غيره.
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: مجهول.
وذكره ابن حبان أيضاً في الثقات.
وقريع بالقاف والعين المهملة مصغر بطن من تميم.
قوله (باب ما يقول إذا عرض له شيطان -إلى أن قال- روينا في صحيح مسلم عن أبي الدرداء .. .. ) إلى آخره.
أخبرني الشيخ أبو الفرج بن حماد رحمه الله، قال: أخبرنا أبو الحسن بن قريش، قال: أخبرنا أبو الفرج بن عبد المنعم، عن أبي الحسن بن أبي منصور، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ قال: أخبرنا أبو نعيم في المستخرج، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فسمعناه يقول:(4/112)
((أعوذ بالله منك)) ثم قال: ((ألعنك [بلعنة الله] ثلاثاً، وبسط يده كأنه يتناول شيئاً، فلما فرغ من صلاته قالوا: يا رسول الله سمعناك تقول في الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك، ورأيناك بسطت يدك؟ فقال: ((إن عدو الله إبليس جاء بشهابٍ من نارٍ ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله منك، فلم يستأخر، فقلت: ألعنك بلعنة الله فلم يستأخر، فأردت أن آخذه، فلولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثوقاً يلعب به ولدان أهل المدينة)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم والنسائي جميعاً عن محمد بن سلمة.
وابن خزيمة عن عيسى بن إبراهيم، كلاهما عن عبد الله بن وهب.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن محمد بن الحسن بن قتيبة بهذا الإسناد.
فوقع لنا موافقة عالية.
قوله (وروينا في صحيح مسلم عن سهيل بن أبي صالح .. .. ) إلى آخره.
وبهذا الإسناد إلى أبي نعيم قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا الحسين بن محمد، قال: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: حدثنا أمية بن بسطام، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن سهيل بن أبي صالح، قال: أرسلني أبي إلى بني حارثة ومعي غلام لنا أو صاحب لنا، فناداه مناد من وراء حائظ باسمه، فأشرف الذي معي فلم ير شيئاً، فذكرت ذلك لأبي، فقال: لو علمت أنك تلقى هذا لما أرسلتك، ولكن إذا سمعت صوتاً فناد بالصلاة، فإني سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن(4/113)
الشيطان إذا نودي بالصلاة ولى وله حصاصٌ)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أمية بن بسطام على الموافقة بلا علو.
وأصله في الصحيحين من حديث أبي هريرة بغير القصة من طرق.
وقد وقع لنا من رواية سهيل بدون القصة عالياً.
وبه إلى أبي نعيم قال: حدثنا محمد بن إبراهيم العاصمي، قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا وهب بن بقية، قال: حدثنا أبو بكر الطلحي، قال: حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا إسحاق بن شاهين، قال: حدثنا خالد بن عبد الله، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله حصاصٌ)).
أخرجه مسلم من طريق خالد بن عبد الله - وهو الطحان.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
والحصاص بمهملات هو الضراط وزنه ومعناه.
وقيل: هو سرعة عدو الهارب، والله أعلم.
آخر المجلس الحادي والعشرين بعد الثلاثمئة، وهو الحادي بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.(4/114)
[[باب ما يقول إذا غلبه أمرٌ
روينا في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، وفي كل خيرٌ، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجزن، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن ((لو)) تفتح عمل الشيطان)).
وروينا في سنن أبي داود، عن عوف بن مالك رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمرٌ فقل حسبي الله ونعم الوكيل)).
باب ما يقول إذا استصعب عليه أمرٌ
روينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً)).]]
(322)
يوم الثلاثاء المبارك الثاني من شعبان.
[قوله] (باب قوله [ما يقوله] إذا غلبه أمر).
روينا في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ....) إلى آخره.(4/115)
أخبرني الإمام المسند أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك، قال: أخبرنا علي بن إسماعيل المخزومي، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، عن مسعود بن محمد الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، ومحمد بن إبراهيم، وأبو بكر الآجري، قال الأولان: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وقال الثاني: حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ربيعة بن عثمان، عن محمد بن يحيى بن حبان -بفتح المهملة وتشديد الموحدة- عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خيرٌ، احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز [ن]، فإن أصابك شيءٌ فلا تقل لو فعلت كذا لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، ولا تقل لو، فإن لو تفتح عمل الشيطان)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير.
والنسائي عن أبي كريب.
وابن ماجه عن علي بن محمد وأبي بكر بن أبي شيبة.
وأبو عوانة عن علي بن حرب، خمستهم عن عبد الله بن إدريس.
فوقع لنا موافقة بلا علو.
وقرأت على المسند الخير أبي محمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبيد الله الصالحي بها، عن أبي عبد الله بن أبي الهيجاء، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، عن فاطمة بنت أبي الحسن سماعاً، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر،(4/116)
قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأديب، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا خالد بن مرداس، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن محمد بن عجلان، عن ربيعة -هو ابن أبي عبد الرحمن- عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، فذكر الحديث.
وقال في روايته ((خيرٌ وأفضل وأحب)) وليس عنده ((واستعن بالله)) وقال في روايته: ((فإن غلبك أمرٌ)) وقال فيها: ((وما شاء صنع)) وقال فيها: ((واللو فإن اللو ..)) والباقي سواء.
أخرجه أحمد عن خلف بن الوليد، ومحمد بن الفضل، كلاهما عن عبد الله بن المبارك.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي في الكبرى عن الحسن بن أحمد بن حبيب، عن عبد الله بن محمد بن أسماء، وعن محمد بن حاتم، عن حبان بن موسى -بكسر الحاء المهملة- كلاهما عن عبد الله بن المبارك.
فوقع لنا عالياً بدرجتين أو ثلاث.
وزاد في رواية حبان: قال ابن المبارك: سمعته من ربيعة وحفظي له عن محمد بن عجلان.
وأخرجه ابن السني عن أبي يعلى بهذا السند الثاني.
قوله (وروينا في سنن أبي داود عن عوف بن مالك ..)) إلى آخره.
كتب إلينا مسند الشام أبو العباس بن أبي بكر بن العز، من صالحية دمشق،(4/117)
عن محمد بن علي بن ساعد في كتابه من مصر، قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ سماعاً عليه بحلب، قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد الأصبهاني بها، قال: أخبرنا أبو القاسم الصيرفي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال: أخبرنا الطبراني في المعجم الكبير، قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، قال: حدثنا حيوة بن شريح، قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن بجير بن سعد -بفتح الموحدة وكسر المهملة- عن خالد بن معدان، عن سيف الشامي، عن عوف بن مالك رضي الله عنه، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين، فقال المقضي عليه: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((علي بالرجل)) يعني فجاء، فقال: ((إن الله تعالى يحمد على الكيس، ويلوم على العجز، فإن غلبك الشيء -أو قال الأمر- فقل حسبي الله ونعم الوكيل)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أبو داود والنسائي جميعاً من رواية بقية.
وأخرجه ابن السني عن النسائي.
وسيف الشامي وثقه العجلي، وما عرفت اسم أبيه، وباقي رجاله من رواة مسلم، وفيه عنعنة بقية، لكنه من روايته عن شامي.
قوله (باب ما يقول إذا استصعب عليه أمر.
روينا في كتاب ابن السني عن أنس .. .. ) إلى آخره.
قرأت على شيخنا الحافظ أبي الفضل، أنه قرأ على أبي محمد بن القيم، عن علي بن أحمد بن عبد الواحد سماعاً عليه، عن محمد بن معمر كتابة من أصبهان، قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو بكر بن المقرئ، قال: حدثنا إسحاق بن أحمد بن(4/118)
نافع، قال: حدثنا محمد بن يحيى العدني، قال: حدثنا بشر بن السري (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن أبي الفضل بن قدامة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن حسان، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن، قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن، قال: أخبرنا العباس بن أحمد، قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو، يقول: ((اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه ابن السني من رواية محمود بن غيلان بهذا السند.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق أبي عتاب الدلال، عن حماد بن سلمة.
ولم أجده فيما وقع لنا من مسند أبي داود الطيالسي.
والحزن بفتح المهملة وسكون الزاي المنقوطة، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني والعشرين بعد الثلاثمئة، وهو الثاني بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[باب ما يقول إذا تعسرت عليه معيشته
روينا في كتاب ابن السني، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن(4/119)
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يمنع أحدكم إذا عسر عليه أمر معيشته أن يقول إذا خرج من بيته: باسم الله على نفسي ومالي وديني، اللهم رضني بقضائك، وبارك لي فيما قدر لي حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت)).
باب ما يقوله لدفع الآفات
روينا في كتاب ابن السني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أنعم الله عز وجل على عبدٍ نعمةً في أهلٍ ومالٍ وولدٍ فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فيرى فيها آفةً دون الموت)).
باب ما يقوله إذا أصابته نكبةٌ قليلةٌ أو كثيرةٌ
وروينا في كتاب ابن السني، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليسترجع أحدكم في كل شيءٍ حتى في شسع نعله، فإنها من المصائب)).]]
(323)
يوم الثلاثاء المبارك تاسع شهر شعبان المكرم سنة أربع وأربعين.
قوله (باب ما يقول إذا تعسرت عليه معيشته.
روينا في باب ابن السني عن ابن عمر .. .. ) إلى آخره.
قرأت على أم الحسن التنوخية، عن أبي الفضل بن أبي طاهر، قال: أخبرنا إسماعيل بن ظفر، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن حمد، قال: أخبرنا أبو القاسم الصيرفي، قال: أخبرنا أبو الحسين الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو القاسم اللخمي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الحمصي، قال: حدثنا محمد بن(4/120)
مصفى، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عيسى بن ميمون، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يمنع أحدكم إذا عسر عليه أمر معيشته أن يقول إذا خرج من بيته: باسم الله على نفسي ومالي وديني، اللهم رضني بقضائك، وبارك لي فيما قدر لي منه حتى لا أحب تأخير ما قدمت ولا تعجيل ما أخرت)).
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن السني وابن عدي في الكامل جميعاً عن أبي عروبة الحراني، عن محمد بن مصفى.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وعيسى بن ميمون ضعيف جداً.
قال الفلاس والنسائي: متروك.
وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه.
قوله (باب ما يقول لدفع الآفات.
روينا في كتاب ابن السني عن أنس رضي الله عنه ..) إلى آخره.
قرأت على أبي محمد عبد القادر بن محمد بن علي بن القمر الدمشقي رحمه الله قال:
أخبرتنا زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم بقراءة جدي لأمي الحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله، عن محمد بن عبد الكريم السيدي، قال: قرئ على أم عبد الله الوهبانية ونحن نسمع، عن الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي إملاء، قال: حدثنا محمد بن عمر بن أبي مذعور، قال:(4/121)
حدثنا عمر بن يونس، [قال: حدثنا عيسى بن عون الحنفي]، عن عبد الملك بن زرارة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أنعم الله على عبدٍ بنعمةٍ في أهلٍ ومالٍ وولدٍ فقال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله فيرى فيه آفةً دون الموت، وكأنه استقبل نعمه)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير عن الجراح بن مخلد، عن عمر بن يونس.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن السني من رواية حماد بن الحسن.
والطبراني في الأوسط والصغير من رواية العباس بن الفرج الرياشي، كلاهما عن عمر بن يونس.
قال الطبراني: لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به عمر.
وأخرجه أبو الفتح الأزدي في كتاب الضعفاء عن أبي يعلى في ترجمة عيسى، وقال: لا يصح حديثه.
وشيخه عبد الملك لم أر له ذكراً عند أحد ممن صنف في الرجال إلا عند الأزدي وضعفه أيضاً.
ولم أر الزيادة التي في آخره في روايتنا عند أحد منهم، بل عند أبي يعلى والطبراني بدلها وقرأ {ولولا إذ دخلت جنتك .. } الآية.
وقد أخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أنس نحو هذا الحديث، لكنه موقوف من قول أنس.(4/122)
وفي سنده أبو بكر الهذلي، وهو ضعيف.
وفي الباب عن عقبة بن عامر.
أخرجه الطبراني في الأوسط.
وسنده ضعيف جداً.
قوله (باب ما يقول إذا أصابته نكبة [قليلة أو كثيرة].
[و] روينا في كتاب ابن السني عن أبي هريرة ..) إلى آخره.
قرأت على أم الفضل بنت الشيخ أبي إسحاق بن سلطان، عن القاسم بن المظفر بن عساكر إجازةً إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا عبد العزيز بن دلف في كتابه، قال: أخبرنا علي بن المبارك بن نغوبا -بفتح النون وضم المعجمة وسكون الواو وبعدها موحدة- قال: أخبرنا أبو نعيم محمد بن إبراهيم الجماري -بضم الجيم وتشديد الميم وبعد الألف راء- قال: أخبرنا أبو المظفر أحمد بن يزدان -بفتح الياء آخر الحروف وسكون الزاي- قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الحافظ، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا يحيى بن عبيد الله، عن أبيه -هو ابن عبد الله بن موهب- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليسترجع أحدكم في كل شيءٍ حتى في شسع نعله، فإنها من المصائب)).
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن السني عن أبي خليفة.
فوقع لنا موافقة عالية.
ويحيى بن عبيد الله ضعفه الجمهور.(4/123)
وقال مسلم والنسائي: متروك.
وقال أحمد: ليس بثقة.
وأبوه وثقوه، وهو بصيغة التصغير.
ووجدت للحديث شاهداً من مرسل أبي إدريس الخولاني، وهو في فوائد هشام بن عمار، ورجال إسناده من رواة الصحيح.
وقد أخرجه ابن السني أيضاً.
وفيه قصة، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث والعشرين بعد الثلاثمئة، وهو الثالث بعد السبعمئة، ولله الحمد.
[[باب ما يقوله إذا كان عليه دينٌ عجز عنه
روينا في كتاب الترمذي عن علي رضي الله عنه أن مكاتباً جاءه فقال:
إني عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلماتٍ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل صيرٍ ديناً أداه عنك؟ قل: ((اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك)) قال الترمذي: حديث حسن.(4/124)
باب ما يقوله من بلي بالوحشة
روينا في كتاب ابن السني، عن الوليد بن الوليد رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله! إني أجد وحشةً، قال: ((إذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنها لا تضرك أو لا تقربك)).
وروينا فيه، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ((أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ يشكو إليه الوحشة، فقال: ((أكثر من أن تقول سبحان الملك القدوس رب الملائكة، والروح، جللت السموات والأرض بالعزة والجبروت))، فقالها الرجل فذهبت عنه الوحشة.]]
(324)
يوم الثلاثاء المبارك سادس عشر شعبان المبارك سنة أربع وأربعين.
ووجدت له شاهداً موصولاً، وآخر موقوفاً.
أما الموصول ففيما أخبرني عبد الله وعبد الرحمن ابنا محمد بن إبراهيم بن لاجين، قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي، قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم، عن عفيفة بنت أحمد، عن فاطمة الجوزذانية سماعاً، قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله التاجر، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا عبدان بن أحمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد، قال: حدثنا أبو نعيم النخعي، قال: حدثنا العلاء بن كثير، عن مكحول، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانقطع شسعه، فقال: ((إنا لله وإنا إليه راجعون)) فقال له رجل: هذا الشسع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنها مصيبةٌ)).(4/125)
هذا حديث غريب.
والعلاء بن كثير ضعيف.
وقد أخرجه الطبراني في رواية القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة بمعناه.
وسنده ضعيف أيضاً.
وأما الموقوف فأخرجه ابن المنذر في التفسير من طريق شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن خليفة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انقطع شسعه، فقال: ((إنا لله وإنا إليه راجعون)) فقيل له في ذلك؟ فقال: ما ساءك فهو مصيبة.
وسند هذا الموقوف صحيح، وهو كلفظ المرسل، لكن في آخر المرسل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل شيءٍ ساء المؤمن فهو مصيبةٌ)).
قوله (باب ما يقول إذا كان عليه دين عجز عنه.
روينا في كتاب الترمذي عن علي .. .. ) إلى آخره.
أخبرني أبو المعالي [عبد الله] بن عمر بن علي، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عبد الصمد، قال: أخبرنا عبد الرحيم بن يحيى المزي، قال: أخبرنا أبو علي الرصافي، قال: أخبرنا أبو القاسم الكاتب، قال: أخبرنا أبو علي الواعظ، قال: أخبرنا أبو جعفر بن حمدان، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الشيباني (ح).
وبالسند الماضي إلى الطبراني في الدعاء قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قالا: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن أبان، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن سيار أبي الحكم، عن شقيق أبي وائل، قال: أتى علياً رضي الله عنه رجل، فقال:(4/126)
يا أمير المؤمنين إني عجزت عن مكاتبتي فأعني، فقال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ديناً لأداه الله عنك قل ((اللهم اكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك)).
هذا حديث حسن غريب.
أخرجه الترمذي عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن يحيى بن حسان، عن أبي معاوية.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه الحاكم من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري عن أبي معاوية.
قوله (باب ما يقوله من بلي بالوحشة.
روينا في كتاب ابن السني عن الوليد بن الوليد .. .. ) إلى آخره.
قلت: تقدم تخريجه في باب ما يقول إذا قلق في فراشه فلم ينم من حديث الوليد بن الوليد.
وفي باب ما يقول إذا فزع في منامه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده.
قوله (وروينا فيه عن البراء بن عازب .. .. ) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي بصالحية دمشق، عن محمد بن عبد الحميد قال: أخبرنا أبو العز بن عزون، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي الحسن، قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الحميد بن صالح، قال:(4/127)
حدثنا محمد بن أبان، قال: حدثنا درمك بن عمرو، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن رجلاً شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحشة، فقال: ((قل سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح، جللت السموات والأرض بالعزة والجبروت)) فقالها الرجل، فذهبت عن الوحشة.
هذا حديث غريب.
وسنده ضعيف.
أخرجه ابن السني من رواية محمد بن عبد الواهب، عن محمد بن أبان كما أخرجناه.
ومحمد بن أبان جعفي ضعفوه.
وشيخه بمهملتين وزن جعفر قال أبو حاتم الرازي: مجهول.
وذكره العقيلي في كتاب الضعفاء، وأورد له هذا الحديث، وقال: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والعشرين بعد الثلاثمئة وهو الرابع بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[باب ما يقوله من بلي بالوسوسة
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق(4/128)
كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته)) وفي رواية في الصحيح: ((لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا: خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل: آمنت بالله ورسله)).
وروينا في كتاب ابن السني، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من وجد من هذا الوسواس فليقل: آمنا بالله وبرسله ثلاثاً، فإن ذلك يذهب عنه)).]]
(325)
يوم الثلاثاء المبارك ثالث عشرين شعبان سنة أربع وأربعين.
قوله (باب ما يقول من بلي بالوسوسة -إلى أن قال- روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة .. .. ) إلى آخره.
أخبرني الشيخ الإمام المسند أبو الفرج بن الغزي، قال: أخبرنا علي بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور إجازة مكاتبة، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم في المستخرج، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، ومحمد بن إبراهيم، قالا: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا زهير بن حرب، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا ابن أخي الزهري، عن عمه، قال: أخبرني عروة بن الزبير، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته)).
هذا حديث صحيح.(4/129)
أخرجه مسلم عن زهير بن حرب.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أيضاً عن عبد بن حميد.
والنسائي عن محمد بن منصور، كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وابن أخي الزهري اسمه محمد بن عبد الله بن مسلم.
وأخرجه البخاري ومسلم أيضاً من طريق عقيل بن خالد، عن الزهري.
قوله (وفي رواية في الصحيح: ((لا يزال الناس يتساءلون ..)) ) إلى آخره.
أخبرني شيخ الحفاظ الإمام أبو الفضل بن الحسين، قال: أخبرني عبد الله بن محمد بن إبراهيم، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا محمد بن معمر في كتابه، قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ؛ قال: حدثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي، قال: حدثنا محمد بن أبي عمر (ح).
وبالسند المذكور آنفاً إلى أبي نعيم، قال: [حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن] حدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا الحميدي -واللفظ له- قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثنا هشام بن عروة (ح).
وقرأت على أبي المعالي الأزهري، عن أبي العباس الحلبي سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو الفرج بن عبد المنعم، قال: أخبرنا أبو محمد بن صاعد، قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، قال: أخبرنا أبو علي بن المزهر، قال:(4/130)
أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو النضر -هو هاشم بن القاسم- قال: حدثنا أبو سعيد المؤدب (ح).
وأخبرنا عالياً أبو العباس بن أبي بكر في كتابه، عن سليمان بن حمزة إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا أبو الطاهر النابلسي، قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد، قال: أخبرنا أبو القاسم بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو الحسين الأصبهاني، قال: حدثنا أبو القاسم اللخمي، قال: حدثنا المنتصر بن محمد بن المنتصر، قال: حدثنا منصور بن أبي مزاحم، قال: حدثنا محمد بن مسلم -هو أبو سعيد المؤدب- عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا هذا الله خلق كل شيءٍ، فمن خلق الله. فإذا رأيتم ذلك فليقل [أحدكم] آمنا بالله)).
زاد أبو سعيد في روايته ((وبرسله)).
أخرجه مسلم وابن ماجه جميعاً عن هارون بن معروف، زاد مسلم: وعن محمد بن عباد.
وأخرجه النسائي عن محمد بن منصور، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه مسلم أيضاً عن محمود بن غيلان عن أبي النضر.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الوجهين، وعالياً بدرجة أخرى من الطريق الأخرى.(4/131)
ولم يخرجه البخاري من رواية هشام بن عروة لاختلاف وقع فيه عليه في صحابيه كما سأبينه.
قوله (وروينا في كتاب ابن السني عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من وجد من هذا الوسواس فليقل آمنا بالله وبرسله ثلاثاً، فإن ذلك يذهب عنه)) ).
قلت: أخرجه من وجهين مطولاً ومختصراً.
فالمختصر هذا اللفظ، وهو من رواية عبيد بن واقد القيسي، عن ليث -وهو ابن أبي سليم- عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وليث ضعيف، والراوي عنه أضعف منه.
والمطول فيما أخبرني أبو المعالي الأزهري بالسند المذكور آنفاً إلى الإمام أحمد، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل -يعني ابن أبي فدك- قال: حدثنا الضحاك بن عثمان (ح).
وقرأته عالياً على فاطمة بنت محمد المقدسية، عن محمد بن أحمد بن الزراد، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل خطيب مردا، قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعيد الخير، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، قال: حدثنا عبد الله بن الأجلح -واللفظ له- كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق السموات؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الله؟ فإذا كان ذلك فليقل آمنت بالله وبرسله)).(4/132)
زاد أحمد في روايته، فإن ذلك يذهب عنه)).
وأخرجه البزار عن حميد بن زنجويه، عن ابن أبي فديك.
فوقع لنا بدلاً عالياً، وعالياً بدرجة أخرى من الطريق الثانية.
قال البزار: رواه غير واحد عن هشام، فقالوا: عن أبي هريرة بدل عائشة.
وكذا قال الدراقطني: الصواب رواية من قال: عن أبي هريرة.
قلت: وصحح ابن حبان الطريقين.
فأخرج من طريق مروان بن معاوية عن هشام موافقاً لرواية الضحاك.
وأخرج ابن السني من طريق سفيان الثوري، عن هشام كذلك.
وكذلك أخرجه الدراقطني في غرائب مالك من طريق مالك، وابن أبي الزناد، عن هشام.
وقيل فيه: عن مالك من حديث عبد الله بن عمرو بدل عائشة وهو في الأوسط للطبراني.
وقيل فيه: عن عروة، عن خزيمة بن ثابت.
وهو عند أحمد من رواية أبي الأسود، عن عروة.
والذي اتفقا عليه في الصحيحين أصح، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس والعشرين بعد الثلاثمئة، وهو الخامس بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.(4/133)
[[وروينا في صحيح مسلم، عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذلك شيطانٌ يقال له خنزبٌ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً)) ففعلت ذلك، فأذهبه الله عنه.
وروينا في سنن أبي داود بإسناد جيد، عن أبي زميل قال: قلت لابن عباس: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله لا أتكلم به، فقال لي: أشيء من شك؟ وضحك وقال: ما نجا منه أحدٌ حتى أنزل الله تعالى: {فإن كنت في شكٍ مما أنزلنا إليك} فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئاً فقل {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليمٌ}.]]
(326)
يوم الثلاثاء المبارك سادس شوال سنة أربع وأربعين.
قوله (وروينا في صحيح مسلم عن عثمان بن أبي العاص .. .. ) إلى آخره.
أخبرني المسند أبو الطاهر محمد بن محمد بن عبد اللطيف بن أبي الفتح رحمه الله، عن أبي الحسن علي بن عبد العزيز بن عبد الحارثي إجازة مكاتبة، وهو آخر من حدث عنه، قال: أخبرنا عمر بن محمد الكرماني، قال: أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر الصفار بنيسابور، وهو آخر من حدث عنه بالسماع، قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن أبي القاسم القشيري، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن إسحاق البكاء، ومحمد بن إسحاق(4/134)
الصغاني، قالا: حدثنا يعلى بن عبيد، قال: حدثنا سفيان -هو الثوري- قال: حدثنا سعيد بن إياس - هو الجريري بجيم مصغر (ح).
وقرأته عالياً على أبي الفرج بن حماد، عن أبي الحسن بن قريش سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، عن أبي الحسن الجمال، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن سفيان، عن الجريري، عن أبي العلاء -وفي رواية يعلى يزيد بن عبد الله بن الشخير بكسر المعجمتين والتشديد- عن عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان حال بيني وبين صلاتي وقراءتي، قال: ((ذاك شيطانٌ يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن عبد الرزاق.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه مسلم عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين.
ورواه غير الثوري بزيادة في آخره.
وبه إلى أبي نعيم قال: حدثنا بن محمد بن أحمد -هو ابن الصواف- قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا عمي أبو بكر، قال: حدثنا أبو أسامة -هو حماد بن أسامة- عن الجريري (ح).
وقرأته عالياً على خديجة بنت إبراهيم بن سلطان الدمشقية بها، عن(4/135)
القاسم بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعاً، وعن أبي نصر بن العماد إجازة مكاتبة، كلاهما عن محمود بن إبراهيم بن سفيان، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر الأصبهاني، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أبي، قال: حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن منصور البراوي، قال: حدثنا سالم بن نوح، عن سعيد الجريري، عن أبي العلاء بن الشخير، عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، فذكر الحديث مثله.
لكن زاد قد حال، وقال من شره، وقال في آخره: فقلته فأذهبه الله عني.
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
وأخرجه أبو يعلى عن عبد الرحمن بن محمد.
فوقع لنا موافقة عالية لهما بدرجة.
وعن أبي موسى محمد بن المثنى، عن سالم بن نوح.
فوقع لنا بدلاً بدرجتين.
قوله (وروينا في سنن أبي داود بإسناد جيد عن أبي زميل ..) إلى آخره.
قرأت على المسند أبي علي محمد بن أحمد المهدوي، عن أبي المحاسن الخشني سماعاً عليه، قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد المنذري، وأبو الفضل محمد بن محمد البكري، قالا: أخبرنا عمر بن محمد البغدادي، قال: أخبرنا أبو البدر إبراهيم بن منصور، قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب.
قال شيخنا: وأخبرنا عالياً يونس بن أبي إسحاق إجازة مشافهة إن لم يكن سماعاً، عن علي بن الحسين، عن الفضل بن سهل، عن الخطيب، قال: أخبرنا أبو عمر الهاشمي، قال: أخبرنا أبو علي اللؤلؤي، قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، قال: حدثنا عباس بن عبد العظيم، قال: حدثنا(4/136)
النضر بن محمد، قال: حدثنا عكرمة -يعني ابن عمار- قال: حدثنا أبو زميل -بالزاي مصغر وآخره لام واسمه سماك بكسر المهملة وتخفيف الميم وآخره كاف ابن الوليد الحنفي- قال: سألت ابن عباس فقلت: شيء أجده في صدري، قال: ما هو؟ قلت: والله لا أتكل به، قال لي: أشيءٌ من شك؟ وضحك، قال: ما نجا من ذلك أحد حتى أنزل الله عز وجل {فإن كنت في شكٍ مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك} الآية.
وقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئاً فقل: {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليمٌ}.
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو داود في أواخر كتاب الأدب، وهو في آخر كتاب السنن.
وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو محمد اليمامي، قال: حدثنا النضر.
ورجاله موثقون، أخرج له مسلم، لكن في عكرمة مقال.
والنضر له غرائب.
وهذا المتن شاذ.
وقد ثبت عن ابن عباس من رواية سعيد بن جبير، ومن رواية مجاهد وغيرهما عنه قال: ما شك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا سأل.
أخرجه عبد بن حميد والطبري وابن أبي حاتم بأسانيد صحيحة.
وجاء من وجه آخر مرفوعاً من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا أشك ولا أسأل)).
أخرجوه من رواية سعيد ومعمر وغيرهما عن قتادة قال: ذكر لنا.
وفي لفظ: بلغنا، فذكره، وسنده صحيح، والله أعلم.(4/137)
آخر المجلس السادس والعشرين بعد الثلاثمئة، وهو السادس بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[باب ما يقرأ على المعتوه والملدوغ
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: انطلق نفرٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيءٌ، فقال بضعهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم بعض شيءٍ، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيءٍ لا ينفعه شيء، فهل عند أحدٍ منكم من شيءٍ؟ قال بعضهم: إني والله لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيعٍ من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ: {الحمد لله رب العالمين}، فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة، فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، وقال بعضهم: اقسموا فقال الذي وفى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر الذي يأمرنا، فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال: ((وما يدريك أنها رقيةٌ؟ ثم قال: قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهماً))، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم، هذا لفظ رواية البخاري وهي أتم الروايات. وفي(4/138)
رواية ((فجعل يقرأ أم الكتاب ويجمع بزاقه ويتفل، فبرئ الرجل)).]]
(327)
يوم الثلاثاء المبارك ثالث عشر شوال سنة أربع وأربعين.
قوله (باب ما يقول أو يقرأ على المعتوه والملدوغ.
روينا في صحيح البخاري ومسلم عن أبي سعيد ..) إلى آخره.
أخبرني المسند أبو علي محمد بن محمد بن الجلال قراءة عليه ونحن نسمع بشاطئ النيل، قال: أخبرنا أحمد بن نعمة، وست الوزراء بنت عمر الدمشقيان، قدما علينا، سماعاً عليهما، قالا: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن بن داود، قال: أخبرنا أبو محمد بن حمويه، قال: أخبرنا أبو عبد الله الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري، قال: حدثنا أبو النعمان -هو محمد بن الفضل- قال: حدثنا أبو عوانة -هو الوضاح- عن أبي بشر -هو جعفر بن إياس- عن أبي المتوكل -هو علي بن دؤاد بضم أوله وواو مهموزة خفيفة- عن أبي سعيد الخدري -هو سعد بن مالك رضي الله عنهما، قال: انطلق نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، فمروا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا هؤلاء إن سيدنا لدغ، فسعينا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فجعل يتفل ويقرأ بفاتحة الكتاب، فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي ما به قلبة، فأوفوهم الذي كان جعل لهم، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر الذي يأمرنا به،(4/139)
فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك، فقال: ((وما يدريك أنها رقيةٌ -ثم قال- قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهماً)) وضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هكذا أخرجه البخاري في كتاب الإجارة.
وأخرجه في كتاب الطب عن موسى بن إسماعيل.
وأخرجه أبو داود عن مسدد، كلاهما عن أبي عوانة بطوله.
وأخرجه مسلم من رواية هشيم، عن أبي بشر أخصر منه.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي بن مبارك الهندي، قال: أخبرنا غلبك الخزنداري، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا عبد الله الحربي، قال: أخبرنا هبة الله الشيباني، قال: أخبرنا أبو علي الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي (ح).
وأخبرني إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، عن عبد اللطيف بن محمد، قال: أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر، قال: أخبرنا محمد بن الحسين، قال: أخبرنا الزبير بن محمد، قال: أخبرنا علي بن محمد بن مهر، قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عبيد، قالا: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، فذكر الحديث مختصراً.
وقال فيه: فقال رجل منهم نعم، فأتى صاحبهم فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ.
ولم يذكر في روايته الاشتراط ولا التفل.
وزاد أبو عبيد في آخره: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أكل برقية باطلٍ، فقد أكلت برقية حق)).(4/140)
أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى.
وأخرجه الترمذي والنسائي عن زياد بن أيوب.
وابن ماجه عن أبي كريب، كلهم عن هشيم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
قوله (وفي رواية فجعل يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ الرجل). وبهذا الإسناد إلى الإمام أحمد، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، فذكر الحديث مختصراً.
وأوله: إن أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب، فلم يقروهم، فبينا هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا: هل فيكم من دواء أو راق، فذكر الحديث نحو الأول.
وفيه: فجعل الرجل يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ الرجل، فأتوهم بالشاء، فقالوا: لا نأخذها حتى نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. الحديث.
أخرجه البخاري ومسلم جميعاً عن بندار.
ومسلم أيضاً عن أبي بكر بن نافع، كلاهما عن محمد بن جعفر.
فاتفق شعبة وهشيم وأبو عوانة على قولهم: عن أبي بشر، عن أبي المتوكل.
ورجح الترمذي وغيره رواية شعبة ومن وافقه.
لكن في رواية الأعمش زيادة مفيدة كما سيأتي قريباً، ليست عندهم، فلعله كان عند أبي بشر عن شيخين. والله أعلم.(4/141)
آخر المجلس السابع والعشرين بعد الثلاثمئة، وهو السابع بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وفي رواية ((فأمر له بثلاثين شاة)).]]
(328)
يوم الثلاثاء المبارك سابع عشر شوال سنة أربع وأربعين.
قوله (وفي رواية فأمر له بثلاثين شاة).
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبر غلبك بالسند الماضي قبل إلى عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا هشام بن حسان (ح).
وأخبرنيه عالياً أبو محمد عمر بن محمد بن أحمد بن سليمان البالسي فيما قرأت علي بصالحية دمشق، عن زينب بنت الكمال سماعاً، عن إبراهيم بن محمود، ومحمد بن عبد الكريم، كلاهما عن أم عبد الله الوهبانية سماعاً (ح).
وكتب إلينا مسند الشام أبو العباس بن أبي بكر المقدامي، قال: أخبرنا أبو بكر بن أحمد بن عبد الدائم، وعيسى بن عبد الرحمن بن معالي، قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الإربلي، عن شهرة الكاتبة سماعاً، قالت: أخبرنا طراد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر، قال: حدثنا الحسين بن يحيى بن عياش، قال: حدثنا أبو الأشعث -هو أحمد بن المقدام العجلي- قال: حدثنا ابن أبي عدي -هو محمد بن إبراهيم، والسياق له قال: حدثنا هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أخيه معبد بن سيرين، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: نزلنا منزلاً(4/142)
فجاءتنا جارية، فقالت: إن سيد الحي سليم فهل في القوم من راق؟ فقام رجل ما كنا نأبنه برقية ولا نراه يحسنها، فقال: نعم، فذهب فرقاه فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة، وحسبت أنه قال: وسقانا لبناً، فلما جاء قلنا له: ما كنا نراك تحسن رقية، قال: ولا أحسنها، إنما رقيته بفاتحة الكتاب، قال: فلما قدمنا المدينة قلنا: لا تحدثوا فيها شيئاً حتى نذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: ((ما كان يدريك أنها رقيةٌ اقسموا واضربوا لي سهماً معكم)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري ومسلم جميعاً عن أبي موسى محمد بن المثنى، عن وهب بن جرير، عن هشام بن حسان.
وأخرجه مسلم أيضاً عن أبي بكر بن أبي شيبة.
وأبو داود عن الحسن بن علي الحلواني، كلاهما عن يزيد بن هارون.
فوقع لنا بدلاً عالياً، وعالياً بدرجتين من الطريق الثانية بالنسبة لمسلم وأبي داود.
وجاء عدد الشياه من وجه آخر، وفيه تسمية الراقي وعدد من كان معه، وتسمية من لدغ وغير ذلك من الفوائد.
وبهذا الإسناد إلى الإمام أحمد قال: حدثنا أبو معاوية -والسياق له- (ح).
وأخبرنيه عالياً الشيخ أبو إسحاق التنوخي، قال: أخبرنا أبو العباس الصالحي، قال: أخبرنا أبو المنجا البغدادي، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد بن أعين، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا يعلى بن عبيد،(4/143)
قالا: حدثنا الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن أبي نضرة -بفتح النون وسكون المعجمة- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ثلاثين راكباً، فنزلنا بقوم من العرب -زاد يعلى- ليلاً، فسألناهم أن يضيفونا، فأبوا، فلدغ سيدهم، فأتونا فقالوا: أفيكم أحد يرقي من العقرب؟ قال: نعم، أنا، ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئاً، فقالوا: انطلق فإنا نعطيكم ثلاثين شاة -وفي رواية يعلى حتى تجعلوا لنا جعلاً، أبيتم أن تضيفونا، فجعلوا لنا ثلاثين شاة- فانطلقت معهم، فجعلت أقرأ عليه فاتحة الكتاب، وأمسح المكان الذي لدغ، حتى برأ -وفي رواية أبي معاوية- فقرأت عليه الحمد سبع مرات فبرأ، فقبضنا الغنم، فعرض في أنفسنا منها، فكففنا حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، فقال: ((أن [أما] علمت أنها رقيةٌ)).
وفي رواية يعلى ((وما يدريك أنها رقيةٌ؟ اقسموها واضربوا لي معكم سهماً)).
أخرجه الترمذي عن هناد بن السري.
والنسائي عن زياد بن أيوب.
وابن ماجه عن محمد بن عبد الله بن نمير، ثلاثتهم عن أبي معاوية.
فوقع لنا بدلاً عالياً في الرواية الأولى بالنسبة لاتصال السماع.
وأخرجه النسائي أيضاً في الكبرى عن زياد بن أيوب أيضاً وعن أحمد بن سليمان فرقهما، كلاهما عن يعلى بن عبيد.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين أو ثلاث.
وروى هذا الحديث أيضاً أحمد والدارقطني من رواية سليمان بن قتة -بفتح(4/144)
القاف وتثقيل المثناة من فوق- عن أبي سعيد، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً وكنت فيهم، فأتينا على قرية، فاستطعمناهم، فأبوا أن يطعمونا، فأتانا رجل فقال: يا معشر العرب أفيكم أحد يرقي؟ قلنا: وما ذاك؟ قال: ملك القوم يموت، فانطلقت معه، فرقيته بفاتحة الكتاب، أرددها عليه مراراً حتى عوفي، فبعث إلينا النزل وبعث إلينا الشاء، فأكلنا الطعام، وأبوا أن يأكلوا الغنم حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فقال: ((وما يدريك أنها رقية؟)) قلت: يا رسول الله ألقي في روعي، قال: ((فكلوا وأطعمونا من الغنم)).
آخر المجلس الثامن والعشرين بعد الثلاثمئة، وهو الثامن بعد السبعمائة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا في كتاب ابن السني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل عن أبيه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي وجع، فقال: ((وما وجع أخيك؟)) قال: به لمم، قال: ((فابعث به إلي))، فجاء فجلس بين يديه، فقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم: فاتحة الكتاب، وأربع آياتٍ من أول سورة البقرة، وآيتين من وسطها: {وإلهاكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. إن في خلق السموات والأرض} حتى فرغ من الآية وآية الكرسي، وثلاث آيات من آخر سورة البقرة، وآية من أول سورة آل عمران، و{شهد الله أنه لا إله إلا هو ..} إلى آخر الآية وآية من سورة الأعراف:(4/145)
{إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض} وآية من سورة المؤمنين: {فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم} وآية من سورة الجن: {وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبةً ولا ولداً} وعشر آيات من سورة الصافات من أولها، وثلاثاً من آخر سورة الحشر: و{قل هو الله أحدٌ} والمعوذتين.]]
(329)
يوم الثلاثاء المبارك خامس شهر ذي قعدة سنة أربع وأربعين.
قوله (وروينا في كتاب ابن السني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل، عن أبيه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أخي وجع، قال: ((وما وجع أخيك؟ ..) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي بصالحية دمشق، عن أبي عبد الله بن الزراد إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبر أبو عبد الله بن أبي الفتح، قال: أخبرتنا فاطمة بن سعد الخير، قالت: أخبرنا أبو القاسم الشحامي، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا زحمويه -بفتح الزاي وسكون المهملة، واسمه زكريا بن يحيى- قال: حدثنا صالح بن عمر، قال: حدثنا أبو جناب الكلبي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل، عن أبيه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخي وجع، قال: ((وما وجع أخيك؟)) قال: به لمم، قال: ((فابعث به إلي)) فجاء فجلس بين يديه، فقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة البقرة وآيتين من وسطها و{إلهاكم(4/146)
إله واحدٌ لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. إن في خلق السموات والأرض} حتى فرغ من الآيتين، وآية الكرسي، وثلاث آياتٍ من آخر سورة البقرة، وآية من أول سورة آل عمران و{شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط} الآية، وآية من سورة الأعراف {إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض} وآية من سورة المؤمنين {فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم} وعشر آيات من سورة الصافات، وثلاث من آخر سورة الحشر، وآية من سورة الجن {وأنه جد ربنا ما اتخذ صاحبةً ولا ولداً} و{قل هو الله أحدٌ} والمعوذتين.
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن السني عن أبي يعلى بهذا الإسناد على الموافقة العالية.
وأبو جناب الكلبي بفتح الجيم والنون الخفيفة وآخره موحدة اسمه يحيى بن أبي حية بفتح المهملة والمثناة من تحت مشددة، وهو ضعيف ومدلس.
وصالح الراوي عنه فيه مقال، وقد خولف عن شيخه في مسنده، فإن ظاهره أن صحابي هذا الحديث لم يذكر اسمه ولا كنيته، وبين غيره خلاف ذلك.
قرأت على العماد أبي بكر بن أبي عمر الفرضي الصالحي بها، عن عائشة الحرانية سماعاً، قالت: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الفهم، قال: أخبرنا أبو القاسم بن أسعد، قال: أخبرنا أبو طالب بن يوسف، قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي، قال: أخبرنا الحسن بن جعفر، قال: حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، قال: حدثنا الحسن بن سهل الخياط، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، قال: حدثنا أبو جناب، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه أبي ليلى رضي الله عنه، قال: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه أعرابي، فقال: إن لي أخاً وجعاً، فذكر الحديث نحوه.(4/147)
وزاد بعد قوله والمعوذتين: فقام الأعرابي وقد برأ ليس به بأس.
ووقع في روايته: وأول آيات من البقرة، وآية من وسطها، و{وإلاهكم إلهٌ واحدٌ}.
وقال فيه آيتين من خاتمتها، وآية من آل عمران، قال: أحسبها {شهد الله} وآية من الأعراف، وآية من المؤمنين {ومن يدع مع الله} والباقي سواء.
وعبدة بن سليمان حافظ متفق على تخريج حديثه في الصحيح، وقد بين أن الصحابي هو أبو ليلى والد عبد الرحمن.
وتابعه محمد بن مرزوق عن أبي جناب.
أخرجه الطبراني في الدعاء.
فعلى هذا فالضمير في قوله في الرواية الأولى يعود لعبد الرحمن لا للرجل الذي لم يسم، فتتفق الروايتان، لكن سقط الرجل الذي لم يسم من الرواية الثانية، وكأنه من تدليس أبي جناب، جوده مرة، وسواه أخرى.
وقد ظهر من الرواية الأخرى أنه دلسه عن عبد الرحمن أيضاً.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر، قال: أخبرنا أبو الفرج بن عبد المنعم، قال: أخبرنا أبو محمد بن صاعد، قال: أخبرنا أبو القاسم بن عبد الواحد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي قال: حدثني عمر بن علي، عن أبي جناب، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه أعرابي فقال: يا نبي الله إن لي أخاً وبه وجع، قال: ((وما وجعه؟)) قال: به لمم، قال: فائتني به، فوضعه بين يديه، فعوذه النبي صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب .. فذكر الحديث كالأول، لكن فيه: وآية من آل عمران(4/148)
{شهد الله أنه لا إله إلا هو} وفيه من أول الصافات، والباقي سواء، وزاد في آخره فقام الرجل كأنه لم يشتك قط.
وعبد الله بن عيسى سمع من جده عبد الرحمن بن أبي ليلى.
وعبد الرحمن سمع من أبيه.
وكأن هذا الحديث سمعه عنه بواسطة.
فلعله كان في هذه الرواية ذكر لي رجل عن أبي، فحرفها بعض الرواة وشدد الياء، فزاد بعضهم فذكر أباه فصار عن أبي بن كعب.
والعلم عند الله تعالى.
آخر المجلس التاسع والعشرين بعد الثلاثمئة، وهو التاسع بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا في سنن أبي داود بإسناد صحيح، عن خارجة بن الصلت، عن عمه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت، ثم رجعت فمررت على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد فقال أهله: إننا حدثنا أن صاحبك هذا قد جاء بخير، فهل عندك شيءٌ تداويه، فرقيته بفاتحة الكتاب فبرئ، فأعطوني مئة شاة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ((هل إلا هذا؟)) وفي رواية: ((هل قلت غير هذا؟ قلت: لا، قال: خذها فلعمري لمن أكل برقية باطلٍ، لقد أكلت برقية حق)).(4/149)
وروينا في كتاب ابن السني بلفظ آخر، وهي رواية أخرى لأبي داود، قال فيها عن خارجة عن عمه قال: أقبلنا من عند النبي فأتينا على حي من العرب، فقالوا: عندكم دواءٌ، فإن عندنا معتوهاً في القيود، فجاؤوا بالمعتوه في القيود، فقرأت عليه فاتحة الكتاب ثلاثة أيامٍ غدوةً وعشيةً أجمع بزاقي ثم أتفل، فكأنما نشط من عقال، فأعطوني جعلاً، فقلت: لا، فقالوا: سل النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته فقال: ((كل فلعمري من أكل برقية باطلٍ، لقد أكلت برقية حق)).]]
(330)
يوم الثلاثاء المبارك ثاني عشر شهر ذي قعدة سنة أربع وأربعين.
قوله (وروينا في سنن أبي داود بإسناد صحيح عن خارجة بن الصلت عن عمه رضي الله عنه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ..) إلى آخره.
قرأت على أم القاسم بنت إبراهيم البعلبكية، عن القاسم بن المظفر إجازة إن لم يكن سماعاً ولا حضوراً، عن عبد العزيز بن دلف، عن شهدة الكاتبة سماعاً، قالت: أخبرنا ثابت بن بندار، قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي، قال: أخبرنا أبو محمد السقاء، قال: حدثنا أبو خليفة الجمحي، قال: حدثنا مسدد (ح).
وبالسند الماضي آنفاً إلى عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قالا: حدثنا يحيى بن سعيد - زاد أحمد ووكيع (ح).
وقرأته عالياً على خديجة بنت أبي إسحاق بن سلطان، عن أبي محمد بن أبي غالب، وأبي نصر بن الشيرازي، قالا: أخبرنا أبو الوفاء بن سفيان في كتابه، قال: أخبرنا أبو الخير الموقت، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرني أبي، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو نعيم -يعني الفضل بن(4/150)
دكين- ثلاثتهم عن زكريا -هو ابن أبي زائدة- عن عامر -هو الشعبي- عن خارجة بن الصلت -زاد مسدد التميمي- عن عمه رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم زاد أبو نعيم فأسلم ثم أقبل راجعاً من عنده، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: إنا حدثنا أن صاحبكم -وفي رواية مسدد ملككم قد جاء بخير، فهل عندكم شيء نداوي به هذا؟ قال: فرقيته بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام في كل يوم مرتين، فبرأ، فأعطوني مئة شاة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر- زاد مسدد قال: ((فهل قلت إلا هذا؟)) فقلت: لا، فقال: ((خذها فلعمري لمن أكل برقية باطلٍ لقد أكلت برقية حق)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أبو داود عن مسدد.
وأخرجه ابن حبان عن أبي خليفة.
فوقع لنا موافقة بعلو درجة فيهما، وبعلو درجتين من الطريق الثالثة.
وأخرجه الحاكم من طريق بشر بن موسى، عن أبي نعيم.
قوله (وروينا في كتاب ابن السني بلفظ آخر، وهي رواية أخرى لأبي داود ..) إلى آخره.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم، عن المبارك بن الحسين المطرز، قال: أخبرنا أحمد بن عمر بن بنيمان، قال: أخبرنا محمد بن عبد السلام، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان، قال: حدثنا(4/151)
أبو عمرو بن السماك، قال: حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، قال: حدثنا وهب بن جرير (ح).
وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي بكر الدشتي، قال: أخبرنا يوسف بن خليل، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا سليمان بن داود، قالا: حدثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، عن خارجة بن الصلت، عن عمه، قال: أقبلنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتينا على حي من العرب، فقالوا: إنكم قد جئتم من عند هذا الرجل -وفي رواية وهب من عند هذا الخير أو الحبر- بخير، فهل عندكم من دواء أو رقية؟ فإن عندنا معتوهاً في القيود، قال: فقلنا: نعم، فجاء بمعتوه في القيود، فقرأت عليه بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية، أجمع بصافي ثم أتفل عليه، فكأنما كان نشط من عقال، فأعطوني جعلاً، فقلت: حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته، فقال: ((كل فلعمري ..)) فذكر مثل ما تقدم.
أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر، عن شعبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أبو داود عن محمد بن بشار.
والنسائي في الكبرى عن عمرو بن علي، كلاهما عن محمد بن جعفر.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه الدارقطني من رواية أحمد بن سنان، عن وهب بن جرير.(4/152)
والحاكم من وجه آخر عن شعبة، والله أعلم.
آخر المجلس الثلاثين بعد الثلاثمئة، وهو العاشر بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
انتهى الجزء الثالث من نتائج الأفكار ويليه الجزء الرابع وأوله المجلس 331.(4/153)
[[وروينا في سنن أبي داود بإسناد صحيح، عن خارجة بن الصلت، عن عمه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت، ثم رجعت فمررت على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد فقال أهله: إننا حدثنا أن صاحبك هذا قد جاء بخير، فهل عندك شيءٌ تداويه، فرقيته بفاتحة الكتاب فبرئ، فأعطوني مئة شاة، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ((هل إلا هذا؟)) وفي رواية: ((هل قلت غير هذا؟ قلت: لا، قال: ((خذها فلعمري لمن أكل برقية باطلٍ، لقد أكلت برقية حق)).
وروينا في كتاب ابن السني بلفظ آخر، وهي رواية أخرى لأبي داود، قال فيها عن خارجة عن عمه قال: أقبلنا من عند النبي فأتينا على حي من العرب، فقالوا: عندكم دواءٌ، فإن عندنا معتوهاً في القيود، فجاؤوا بالمعتوه في القيود، فقرأت عليه فاتحة الكتاب ثلاثة أيامٍ غدوةً وعشيةً أجمع بزاقي ثم أتفل، فكأنما نشط من عقال، فأعطوني جعلاً، فقلت: لا، فقالوا: سل النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته فقال: ((كل فلعمري من أكل برقية باطلٍ، لقد أكلت برقية حق)).]]
(331)
يوم الثلاثاء المبارك تاسع عشر ذي قعدة سنة أربع وأربعين.
قوله: (وروينا في كتاب ابن السني عن عبد الله بن مسعود ..) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، قال: قرئ على أم الحسن بنت سعد(4/154)
الخير ونحن نسمع، عن أبي القاسم الشحامي سماعاً، قال: أخبرنا أبو سعد الأديب، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، عن حنش الصنعاني، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قرأ في أذن مبتلى فأفاق، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما قرأت في أذنه؟)) قال: قرأت {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً} حتى فرغ من السورة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن رجلاً موقناً قرأها على جبلٍ لزال)).
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن السني عن أبي يعلى على الموافقة.
وأخرجه الطبراني في الدعاء عن الحسين بن إسحاق، عن داود بن رشيد.
وحنش بفتح المهملة والنون بعدها معجمة هو والراوي عنه ثقتان والوليد بن مسلم صدوق لكنه مدلس، وقد عنعنه.
لكن رواه عبد الله بن وهب عن عبد الله بن لهيعة، فلم ينفرد به الوليد.
أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير من طريق ابن وهب.
ورواية ابن وهب عن ابن لهيعة من جيد حديث ابن لهيعة، فإن سماعه منه قديم.
قوله (باب ما يعوذ به الصبيان وغيرهم.
روينا في صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس .. .. ) إلى آخره.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عثمان فيما أجاز لنا غير مرة من(4/155)
دمشق، وقرأت على أم يوسف الصالحية بها، كلاهما عن يحيى بن محمد بن سعد، قال الأول: سماعاً، قال أخبرنا الحسن بن يحيى المخزومي في كتابه، قال: أخبرنا أبو محمد بن رفاعة، قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي، قال: أخبرنا أبو محمد البزار، قال: أخبرنا عمر بن محمد بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن برج -بضم الموحدة وسكون الراء- قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا سفيان -هو الثوري- عن منصور -هو ابن المعتمر- عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما يقول: ((أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطانٍ وهامةٍ، ومن كل عينٍ لامةٍ)).
ويقول: ((إن إبراهيم كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق عليهما السلام)).
أخرجه البخاري وأبو داود جميعاً عن عثمان بن أبي شيبة.
والنسائي عن محمد بن قدامة، كلاهما عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور.
وأخرجه الإمام أحمد عن يزيد بن هارون كما أخرجناه.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الترمذي عن الحسن بن علي الحلواني.
والنسائي أيضاً عن محمد بن بشار، كلاهما عن يزيد بن هارون.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(4/156)
وله طرق أخرى عند الترمذي والنسائي وابن ماجه.
قوله (ومنه حديث كعب بن عجرة: ((أيؤذيك هوام رأسك؟)) ).
قلت: هو طرف من حديث مخرج في الصحيحين من روايته في سبب نزول قوله تعالى: {فمن كان منك مريضاً أو به أذىً من رأسه} الآية.
قوله (باب ما يقال على الخراج والبثرة) إلى أن أشار إلى حديث عائشة، وسيأتي الكلام فيه حيث أشار.
قوله (وروينا في كتاب ابن السني عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم) إلى آخره.
أخبرني أبو المعالي الأزهري بالسند المشار إليه قريباً إلى الإمام أحمد قال: حدثنا روح -هو ابن عبادة- (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا محمد بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، قال: حدثنا عقبة بن مكرم، قال: حدثنا أبو عاصم، قالا: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن يحيى بن عمارة، قال: حدثتني مريم بنت إياس بن البكير صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل عليها، فقال: ((هل عندك ذريرةٌ؟)) قالت: نعم، فدعا بها فوضعها على بثرة بين أصابع رجله.
وفي رواية أبي عاصم بين إصبعين من أصابع رجله، ثم قال: ((اللهم مطفئ الكبير ومكبر الصغير)) وفي رواية أبي عاصم: ((مطفئ الصغير ومصغر الكبير أطفئها عني)) فطفئت.(4/157)
هذا حديث صحيح.
أخرجه النسائي في اليوم والليلة عن الحسن بن محمد الزعفراني، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن حجاج بن محمد.
وقال: صحيح الإسناد.
وهو كما قال: فإن رواته من الإمام أحمد إلى منتهاه من رواة الصحيحين، إلا مريم، وقد اختلف في صحبتها.
وأبوها وأعمامها من كبار الصحابة، ولأخيها محمد رؤية.
وأشار الحاكم إلى أن الزوج المبهمة هي زبنب بنت جحش.
وأخرجه ابن السني من طريق عمرو بن علي، عن أبي عاصم بهذا السند، وخالف في سياق المتن مخالفة ظاهرة، وقال في السند مريم بنت أبي كبير.
والراوي له عن عمرو ما عرفت حاله، وقد نزل فيه ابن السني درجة.
واتفاق هؤلاء الأئمة دال على أنه وهم فيه.
وعجب من عدول الشيخ عن التخريج من كتاب النسائي مع تشدده إلى كتاب ابن السني مع تساهله ونزوله، والله المستعان.
آخر المجلس الحادي والثلاثين بعد الثلاثمئة، وهو الحادي عشر بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.(4/158)
[[كتاب أذكار المرض والموت وما يتعلق بهما باب استحباب الإكثار من ذكر الموت
وروينا بالأسانيد الصحيحة في كتاب الترمذي وكتاب النسائي وكتاب ابن ماجه وغيرها، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أكثروا ذكر هاذم اللذات)) يعني الموت، قال الترمذي: حديث حسن.]]
(332)
يوم الثلاثاء المبارك سادس عشر شهر ذي قعدة الحرام سنة أربع وأربعين قوله: (كتاب أذكار المرض والموت) إلى أن قال:
(روينا بالأسانيد الصحيحة في كتاب الترمذي ..) إلى آخره.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، قال: أخبرنا أيوب بن نعمة، قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد، عن عبد الرزاق بن إسماعيل في آخرين، قالوا: أخبرنا عبد الرحمن بن حمد، قال: أخبرنا أحمد بن الحسين، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن شعيب، قال: أخبرنا الحسين بن حريث.
قال: أخبرنا الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو -يعني ابن علقمة- عن أبي سلمة -هو ابن عبد الرحمن- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا ذكر هادم اللذات)).(4/159)
هذا حديث حسن.
أخرجه الترمذي وابن ماجه جميعاً عن محمود بن غيلان، عن الفضل بن موسى.
وأخرجه أحمد بن يزيد بن هارون، عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عمرو.
وقال: حدثنا يزيد، عن محمد بن عمرو بتسعة وتسعين حديثاً -يعني بلا واسطة بين يزيد ومحمد بن عمرو-.
قال: وهذا تمام المائة -يعني بواسطة محمد بن إبراهيم-.
وكذا أخرجه النسائي من طريق يزيد، وقال: محمد بن إبراهيم هذا هو والد أبي بكر بن أبي شيبة.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن يزيد كذلك.
وأخرجه ابن حبان عن محمد بن أحمد بن أبي عون، عن الحسين بن حريث.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أيضاً من رواية محمود بن غيلان ويحيى بن أكثم، ومن رواية محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة، ثلاثتهم عن الفضل بن موسى.
وأخرجه أيضاً من رواية عبد العزيز بن مسلم، عن محمد بن عمرو.(4/160)
وقوله (يعني الموت) وقع في رواية ابن ماجه دون الترمذي والنسائي.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا جدي لأمي الحافظ أبو العلاء الهمداني، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا معاذ -يعني ابن المثنى- (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى الخلعي، قال: أخبرنا أبو العباس بن الحاج، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن الحارث، قال: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، قالا: حدثنا عيسى بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن محمد بن عمرو، فذكر الحديث مثله.
زاد العباس في روايته: قالوا: وما هادم اللذان؟ قال: ((الموت)).
وزاد معاذ: فإنه ما ذكره أحد في ضيق إلا وسعه عليه ولا في سعة إلا ضيقه عليه.
قال سليمان: لم يروه عن عبد العزيز إلا عيسى.
قلت: وهو صدوق، ولم ينفرد به، بل تابعه إبراهيم بن الحجاج السامي -بالمهملة- أحد الثقات.
أخرجه أبو يعلى عنه عن عبد العزيز بن مسلم.
وأخرجه ابن حبان عن أبي يعلى.
ومدار طرقه كلها على محمد بن عمرو، وليس من شرط الصحيح إذا انفرد.
ففي قول الشيخ بالأسانيد الصحيحة عن أبي هريرة نظر من وجهين.(4/161)
أما تصحيح ابن حبان والحاكم فهو على طريقتهما في تسمية ما يصلح للحجة صحيحاً.
وأما على طريقة من يفصل بين الصحيح والحسن كالشيخ فلا.
فقد ذكر هو في مختصريه لابن الصلاح حديث محمد بن عمرو هذا مثالاً للحديث الحسن، وأنه لما توبع جاز وصفه بالصحة، وهنا لم يتابع.
ومن ثم قال الترمذي هنا: حسن فقط.
وقال في المثال الذي ذكره حيث توبع: حسن صحيح.
ولولا قول الشيخ: عن أبي هريرة لاحتمل أنه أشار إلى شواهده، فقد قال الترمذي: وفي الباب عن أبي سعيد.
قلت: وفيه أيضاً عن عمر وأنس وابن عمر.
أما حديث عمر فأخبرني به أبو العباس أحمد بن الحسين الزينبي، قال: أخبرنا إبراهيم بن علي القطبي، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، عن أبي المكارم اللبان، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: حدثنا أبو زيد محمد بن جعفر الكوفي، قال: حدثنا علي بن العباس هو المقانعي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين، قال: حدثنا عبد الملك بن بديل، قال: حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا ذكر هادم اللذات)) قلنا: يا رسول الله فما هادم اللذات؟ قال: ((الموت)).
قال أبو نعيم: غريب من حديث مالك، تفرد به جعفر عن عبد الملك عنه انتهى.
وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك عن عمر بن أحمد القاضي، عن المقانعي.(4/162)
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وقال: تفرد به عبد الملك، وهو ضعيف.
وضعفه الخطيب في الرواة عن مالك.
وقال: هو أبو هشام الجزري، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني والثلاثين بعد الثلاثمئة، وهو الثاني عشر بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
(333)
يوم الثلاثاء المبارك ثالث عشرين شهر ذي قعدة سنة أربع وأربعين.
وأما حديث أنس ففيما قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا الحافظ ضياء الدين المقدسي، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، وعبد السلام بن أبي الخطاب، قال الأول: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار، وقال الثاني: أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة (ح).
وأنبأنا أبو محمد بن إبراهيم بن داود الآمدي مشافهة، قال: أخبرنا إبراهيم بن علي بن سنان، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، عن أحمد بن محمد التيمي، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو أحمد الغطريفي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا محمد بن أسلم الطوسي، قالا: حدثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس بن مالك رضي(4/163)
الله عنه، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم وهم يضحكون ويمرحون، فقال: ((أكثروا ذكر هادم اللذات)).
هذا حديث حسن.
أخرجه البزار عن جعفر بن محمد بن الفضل، عن مؤمل.
وقال: لم يروه عن ثابت إلا حماد، تفرد به مؤمل.
كذا قال الطبراني.
قلت: ومؤمل بوزن محمد صدوق، لكنهم ضعفوه بكثرة الخطأ.
وقد ذكر ابن أبي حاتم في كتاب العلل أنه سأل أباه عن حديث رواه أحمد بن محمد بن أبي بزة، فذكر هذا الحديث؟ فقال: باطل لا أصل له.
وابن أبي بزة صدوق، لكنهم وصفوه بسوء الحفظ في الحديث، وهو أحد الأئمة في القراءات، فلعل أبا حاتم استنكره برواية ضعيف الحفظ عن مثله.
قد توبع كما ترى، فما بقي إلا تفرد مؤمل، وهو معتضد بشواهده.
وأما حديث ابن عمر فأخرجه أبو يعلى من رواية كوثر بن حكيم، عن نافع عن ابن عمر، فذكر نحو حديث أنس.
ولفظه: وقف على قوم يتحدثون أضحكهم حديثهم، فسلم وقال .. .. فذكره.
وكوثر تركوه.
لكن أخرجه الطبراني من وجه آخر عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال(4/164)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا ذكر هادم اللذات الموت، فإنه ما كان في كثيرٍ إلا قلله ولا في قليلٍ إلا كثره)).
قال الطبراني: لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد.
وطريق كوثر ترد على إطلاقه.
ولابن عمر حديث آخر في المعنى.
قرأت على أم الحسن التنوخية، عن أبي الربيع بن قدامة، قال: أخبرنا أبو الوفاء بن منده إجازة مكاتبة، قال: أخبرنا مسعود بن الحسن، قال: أخبرنا أبو بكر السمسار، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن سلم، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثنا أبو ضمرة -هو أنس بن عياض- عن نافع بن عبد الله، عن فروة بن قيس، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة، فذكر حديثاً طويلاً، وفيه: فقال فتى: يا رسول الله أي المؤمنين أفضل؟ قال: ((أحسنهم خلقاً)) قال: فأي المؤمنين أكيس؟ قال: ((أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم له استعداداً.. )) الحديث بطوله.
هذا حديث حسن.
أخرج ابن ماجه طرفاً منه عن الزبير بن بكار.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الضياء في المختارة من الوجه الذي أخرجته.
وأخرج الطبراني في الصغير والحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الزهد أطرافاً منه من طريق عطاء، يزيد بعضهم على بعض.(4/165)
وأما حديث أبي سعيد الذي أشار إليه الترمذي، فإنه هو أخرجه موصولاً في أثناء حديث طويل في صفة القبر.
وفيه: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصلاه، فرأى ناساً كأنهم يكتثرون، فقال: ((أما لو أنكم أكثرتم ذكر الموت لشغلكم عما أرى، فأكثروا ذكر هادم اللذات)).
وهو عنده من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عطية، عن أبي سعيد.
وعطية والراوي عنه ضعيفان، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث والثلاثين بعد الثلاثمئة، وهو الثالث عشر بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[باب استحباب سؤال أهل المريض وأقاربه عنه وجواب المسؤول
روينا في صحيح البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا حسن! كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أصبح بحمد الله بارئاً.
باب ما يقوله المريض ويقال عنده ويقرأ عليه وسؤاله عن حاله
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما،(4/166)
فقرأ فيهما: {قل هو الله أحدٌ} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات، قالت عائشة: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به.
وفي رواية في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي توفي فيه بالمعوذات، قالت عائشة: فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها، وفي رواية: كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث.]]
(334)
يوم الثلاثاء المبارك سابع عشرين شهر ذي قعدة سنة أربع وأربعين.
قوله (باب استحباب سؤال أهل المريض وأقاربه عنه وجواب المسؤول.
روينا في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أصبح بحمد الله بارئاً).
قلت: هو طرف من حديث أخرجه البخاري في الاستئذان وفي أواخر المغازي من وجهين عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، أن عبد الله بن عباس أخبره، فذكره.
وزاد بعد قوله: بارئاً، فقال العباس رضي الله عنه: والله إني لأرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتوفى من وجعه هذا، وإني لأعرف في وجوه بني عبد المطلب الموت .. الحديث.(4/167)
(وفيه إشارة العباس على علي أن يسأل: فيمن الخلافة؟ وامتناع علي.
قوله (باب ما يقول المريض -إلى أن قال- روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه -إلى قوله- يفعل ذلك ثلاث مرات).
قلت: هذا اللفظ أورده المصنف في باب ما يقول إذا أراد النوم ونسبه للصحيحين أيضاً، ولم يقع بهذا اللفظ في صحيح مسلم، ولا عنده في شيء من طرقه ((كان إذا أوى إلى فراشه)) بل ((كان إذا اشتكى)) ولا عنده في شيء من طرقه ((وكان يفعل ذلك ثلاث مرات)).
وقد أسندته فيما مضى من طريق عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، وهو عند البخاري وأصحاب السنن الثلاثة من طريق المفضل بن فضالة، عن عقيل بهذا اللفظ.
وقد وقع لي من وجه آخر عن عقيل.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد النوم جمع يديه، فنفث فيهما، وقرأ: {قل هو الله أحدٌ} و{قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} ويمسح بهما على وجهه ورأسه وسائر جسده.(4/168)
قال عقيل: ورأيت ابن شهاب يفعل ذلك.
أخرجه أحمد عن أبي عبد الرحمن المقرئ، وهو عبد الله بن يزيد.
فوقع لنا موافقة عاليةً.
قوله (قالت عائشة: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به).
قلت: هذه الزيادة ليست في الرواية التي ذكرها التي آخرها ((يفعل ذلك ثلاث مرات))، إنما هي في رواية يونس.
أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن علي، عن ست الوزراء بنت عمر بن أسعد، وأبي العباس الصالحي سماعاً عليهما، قالا: أخبرنا الحسين بن أبي بكر، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، قال: حدثنا سليمان -هو ابن بلال- عن يونس -هو ابن يزيد- عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بـ {قل هو الله أحدٌ} والمعوذتين جميعاً ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده.
قالت عائشة: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به.
قال يونس: كنت أرى ابن شهاب يصنع ذلك إذا أوى إلى فراشه.
هكذا أخرجه البخاري في كتاب الطب.
وأخرج اللفظ الماضي من طريق عقيل في فضائل القرآن.
ولم يخرجه مسلم أيضاً بهذا اللفظ من رواية يونس.(4/169)
قوله (وفي رواية في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي توفي فيه بالمعوذات).
قلت: هذه رواية معمر أخرجه البخاري أيضاً في الطب.
وليست في مسلم.
وفيها زيادة ستذكر بعد.
قوله (وفي رواية كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث).
قلت: هذه الرواية هي التي اتفق البخاري ومسلم على تخريجها.
أخبرنا الشيخ أبو عبد الله بن قوام، قال: أخبرنا أبو الحسن بن هلال، قال: أخبرنا أبو إسحاق بن البرهان، قال: أخبرنا أبو الحسن الطوسي، قال: أخبرنا أبو محمد السيدي، قال: أخبرنا أبو عثمان البحيري، قال: أخبرنا أبو علي السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، قال: أخبرنا أبو مصعب الزهري، قال: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، فذكره.
وزاد: فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها.
أخرجه البخاري في فضائل القرآن عن عبد الله بن يوسف، عن مالك.
وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى النيسابوري، وأحمد عن إسحاق بن عيسى، كلاهما عن مالك.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(4/170)
آخر المجلس الرابع والثلاثين بعد الثلاثمئة، وهو الرابع عشر بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[قيل للزهري أحد رواة هذا الحديث: كيف ينفث؟ فقال: كان ينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود وغيرها، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت قرحة أو جرح قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا.
وفي رواية: ((تربة أرضنا وريقة بعضنا)).]]
(335)
يوم الثلاثاء المبارك رابع عشر شهر ذي الحجة الحرام سنة أربع وأربعين.
قوله (قيل للزهري: كيف ينفث ..) إلى آخره.
قلت: هذا يوهم أن أثر الزهري في الرواية الأخيرة، وهي رواية مالك، وليس كذلك، وإنما هو في الرواية التي قبلها، وهي رواية معمر.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، عن أحمد بن محمد بن عمر سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصقيل، قال: أخبرنا أبو محمد بن صاعد، قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، قال: أخبرنا أبو علي الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى البخاري قال: حدثنا إبراهيم بن موسى، قال: حدثنا هشام -هو ابن يوسف الصنعاني- عن معمر، عن الزهري، عن عروة،(4/171)
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات.
زاد هشام في روايته: فلما ثقل كنت أنفث عنه، وأمسح بيد نفسه لبركتها، فسألت الزهري: كيف ينفث؟ قال: ينفث على يديه ويمسح وجهه بهما.
أخرجه مسلم عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، ولم يسق لفظه.
وقد ظهر من رواية أحمد أنه انتهى إلى قوله بالمعوذات، وأما باقيه وأثر الزهري فهو في رواية هشام، وهي عند البخاري وحده في كتاب الطب.
وذكر أبو عوانة في صحيحه أن قوله: رجاء بركتها لم يقع إلا في رواية مالك، فإن أراد اللفظ بعينه؛ وإلا فرواية هشام عن معمر واردة على حصره.
وقد أخرج مسلم معنى ذلك من وجه آخر عن عروة، فعنده من طريق عباد بن عباد المهلبي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسح بيد نفسه؛ لأنها كانت أعظم بركة.
وهذه الطريق غريبة جداً بهذا اللفظ، ولم تقع لأبي نعيم في مستخرجه.
وأخرجها أبو عوانة من رواية هشام بن عروة بلفظ آخر.
أخبرني محمد بن محمد بن أبي الفتح، عن علي بن عبد العزيز الحارثي، قال: أخبرنا عمر بن محمد الكرماني، قال: أخبرنا القاسم بن عبد الله الصفار، قال: أخبرنا أبو الأسعد بن القشيري، قال: أخبرنا عبد الحميد بن الحسن، قال: أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق الأسفرائني، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي مريم، قال: حدثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن هشام بن عروة، عن(4/172)
أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى جاءه جبريل عليه السلام، فعوذه ونفث عليه ومسح عنه، فلما كان وجعه الذي قبض فيه كنت أعوذه وأمسح عليه.
قال الدارقطني: لم يروه عن هشام بن عروة إلا زهير، تفرد به عمرو بن سلمة.
قوله (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود وغيرها عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء .. ) إلى آخره.
أخبرني أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك، قال: أخبرنا علي بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، عن مسعود الجمال، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني في المستخرج، قال: حدثنا محمد بن أحمد -هو ابن الصواف- قال: حدثنا بشر بن موسى، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال الأول: حدثنا الحميدي -واللفظ له- وقال الثاني: حدثنا أبي، وعمي أبو بكر (ح).
وبه إلى أبي نعيم قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، وإسحاق بن أحمد، قال الأول: حدثنا هارون بن معروف، وقال الثاني: حدثنا محمد بن أبي عمر (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى البخاري قال: حدثنا علي بن عبد الله -يعني ابن المديني- وصدقة بن الفضل فرقهما، قالوا -وهم سبعة-: حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عبد ربه بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيء أو كانت قرحة أو جرح، قال بإصبعه: ((باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا)).
وفي رواية علي كان يقول للمريض: ((باسم الله .. .. )) إلى آخره.(4/173)
وفي رواية صدقة كان يقول في الرقية: ((تربة أرضنا وريقة بعضنا ..)) إلى آخره.
أخرجه الإمام أحمد عن علي بن عبد الله.
فوقع لنا موافقة عالية.
وهو من رواية الأقران، وكأنه مما فات أحمد سماعه من سفيان.
وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وابن أبي عمر، وزهير بن حرب.
وأخرجه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة، وزهير بن حرب.
فوقع لنا موافقة عالية للجميع إلا زهير.
وأخرجه ابن حبان من رواية عثمان بن أبي شيبة.
وأخرجه النسائي عن أبي قدامة، عن سفيان.
وأخرجه أبو عوانة من رواية الحميدي.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الحاكم من رواية بشر بن موسى، فوهم في استداركه.
قوله (وفي رواية تربة أرضنا وريقة بعضنا).
قلت: هي رواية صدقة بن الفضل كما بينته، وبالله التوفيق.(4/174)
آخر المجلس الخامس والثلاثين بعد الثلاثمئة، وهو الخامس عشر بعد السبعمئة.
ولله الحمد والمن والفضل.
[[ووضع سفيان بن عيينة الراوي سبابته بالأرض ثم رفعها، وقال: ((باسم الله تربة أرضنا برقية بعضنا يشفى به سقيمنا بإذن ربنا)).
وروينا في صحيحيهما، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: ((اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً)) وفي رواية: كان يرقي، يقول: ((اسمح الباس رب الناس، بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت)).
وروينا في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه قال لثابت رحمه الله: ألا أرقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال: ((اللهم رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت شفاءً لا يغادر سقماً)).]]
(336)
يوم الثلاثاء ثاني شهر الله المحرم والحرام عام خمس وأربعين.
تنبيه:
قوله الشيخ (ووضع سفيان الراوي) إلى آخره.
هذا وقع عند مسلم فقط من رواية ابن أبي عمر فقط، ولفظه: ووضع(4/175)
سفيان سبابته بالأرض، وقد ذكرت سنده.
وأخرجه ابن حبان عن عمران بن موسى، عن عثمان بن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، فقال فيه: يقول ببزاقه بإصبعه .. الحديث.
قوله (وروينا في صحيحيهما عن عائشة .. .. ) إلى آخره.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الحربي، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن علي الواعظ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى -هو ابن سعيد القطان- قال: حدثنا سفيان -هو الثوري- قال: حدثني سليمان -هو الأعمش- عن مسلم بن صبيح -بالتصغير هو أبو الضحى- عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيمينه يقول: ((أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً)).
وبالسند المذكور قريباً إلى أبي نعيم، قال: حدثنا أبو بكر الطلحي، قال: حدثنا عبيد بن غنام، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، فذكر نحوه.
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري عن عبد الله بن أبي شيبة -وهو أبو بكر-.
وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي بكر بن خلاد، كلاهما عن يحيى بن سعيد.(4/176)
فوقع لنا موافقة وبدلاً مع العلو.
وبه إلى أبي نعيم قال: حدثنا محمد بن عبد الله، ومحمد بن إبراهيم، قالا: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا زهير بن حرب (ح).
وبالسند المذكور آنفاً إلى أبي بن شيبة قالا: حدثنا جرير -هو ابن عبد الحميد- عن منصور -هو ابن المعتمر- عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بالمريض يدعو له.
وفي رواية أبي بكر فدعا له قال: ((أذهب البأس ..)) فذكره.
لكن في رواية أبي بكر ((وأنت الشافي)) بزيادة واو.
وأخرجه مسلم عن أبي بكر وزهير جميعاً.
فوقع لنا موافقة عالية، وهو أعلى لأبي بكر من السند الأول.
قوله (وفي رواية كان يرقى .. .. ) إلى آخره.
أخبرني أبو الطاهر الربعي، عن أبي الحسن بن عبد، قال: أخبرنا عمر بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر بن عمر، قال: أخبرنا هبة الرحمن بن عبد الكريم، عن فاطمة بنت أبي علي سماعاً، قالت: أخبرنا أبو نعيم الأسوائي، قال: حدثنا أبو عوانة الأسفرائيني، قال: حدثنا عيسى بن أحمد البلخي، قال: حدثنا النضر بن شميل، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقي يقول: ((امسح البأس رب الناس، بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كريب.(4/177)
وأخرجه ابن حبان من رواية عيسى بن يونس، كلاهما عن هشام بن عروة.
ووقع لنا من وجه آخر عن هشام، وفيه زيادة.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، عن عبد الله بن أحمد بن تمام، قال: أخبرنا يحيى بن القميرة، عن شهدة الكاتبة سماعاً، قالت: أخبرنا الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، قال: حدثنا عمرو بن حكام، قال: حدثنا سلام بن أبي مطيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أرقيك برقية جاءني بها جبريل عليه السلام؟ باسم الله لا بأس لا بأس، اشف رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك)).
قوله (وروينا في صحيح البخاري عن أنس أنه قال لثابت ..) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي عبد الله بن أبي الهيجاء، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، عن فاطمة بنت سعد الخير سماعاً، قالت: أخبرنا أبو القاسم المستملي، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا جعفر بن مهران (ح).
وبالسند الماضي إلى البخاري قال: حدثنا مسدد، قالا: حدثنا عبد الوارث -هو ابن سعيد- عن عبد العزيز -وهو ابن صهيب- قال: دخلت أنا وثابت البناني على أنس بن مالك رضي الله عنه، فقال له ثابت: يا أبا حمزة اشتكيت، قال: ألا أرقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال: ((أذهب البأس رب الناس، أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شفاءً لا يغادر سقماً)).(4/178)
لفظ جعفر.
هذا حديث صحيح غريب، لا نعرفه إلا من رواية عبد الوارث عن عبد العزيز، والله أعلم.
آخر المجلس السادس والثلاثين بعد الثلاثمئة، وهو السادس عشر بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا في صحيح مسلم رحمه الله، عن عثمان بن أبي العاصي رضي الله عنه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ضع يدك على الذي يألم من جسدك، وقل: باسم الله ثلاثاً، وقل سبع مراتٍ أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر)).
وروينا في صحيح مسلم، عن سعد بن أبي قاص رضي الله عنه قال: عادني النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً)).]]
(337)
يوم الثلاثاء المبارك تاسع شهر الله المحرم سنة خمس وأربعين.
قوله (وروينا في صحيح مسلم عن عثمان بن أبي العاص أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. ) إلى آخره.
أخبرني الشيخ المبارك عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك، عن علي بن إسماعيل بن إبراهيم المخزومي سماعاً، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال:(4/179)
أخبرنا مسعود بن أبي منصور الأصبهاني في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا حرملة بن يحيى (ح).
وبه إلى أبي نعيم قال: حدثنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن الزهري، أن نافع بن جبير بن مطعم أخبره، قال: حدثنا عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم، فقال لي: ((ضع يدك على الذي يألمك من جسدك وقل باسم الله ثلاثاً، وقل سبع مراتٍ أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم والنسائي في الكبرى جميعاً عن أبي الطاهر بن السرح، عن ابن وهب.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه مسلم أيضاً عن حرملة.
فوافقناه فيه بعلو.
وأخرجه ابن حبان من طريق محمد بن يحيى، عن عثمان بن صالح، عن ابن وهب.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرج مالك في الموطأ عن يزيد بن خصيف، عن عمرو بن عبد الله بن كعب، عن نافع بن جبير بنحوه.(4/180)
وقال فيه: ((امسح بيمينك)) ولم يذكر التسمية ولا ((وأحاذر)).
وزاد في آخره: ففعلت فأذهب الله عني ما كان بي، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم.
أخبرناه أبو عبد الله بن قوام بالسند الماضي قريباً إلى أبي مصعب، قال: أخبرنا مالك، فذكره.
أخرجه أحمد عن إسحاق بن عيسى وغيره.
أبو داود عن القعنبي كلاهما عن مالك.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الترمذي والنسائي أيضاً من طريق مالك.
وأخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن العز مكاتبة من صالحية دمشق عن أبي الفضل بن قدامة، وقرأت على خديجة بنت الشيخ أبي إسحاق بن سلطان البعلي بدمشق، عن القاسم بن عساكر، وأبي نصر بن الشيرازي إجازة إن لم يكن سماعاً، ثلاثتهم عن أبي الوفاء بن منده، قال: أخبرنا أبو الخير الباغبان، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان، وعلي بن محمد بن نصر، قال الأول: حدثنا إبراهيم بن الحارث، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا زهير بن محمد، وقال الثاني: حدثنا هشام بن علي، قال: حدثنا عبد الله بن رجاء، قال: حدثنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، كلاهما عن يزيد بن خصيفة، عن عمرو بن عبد الله، عن نافع بن جبير، عن(4/181)
عثمان بن أبي العاص، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع، وقد كاد يبطلني، فذكر نحو رواية مالك.
وقال في آخره: فشفاني الله عز وجل.
أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يحيى بن أبي بكير.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
قوله (وروينا في صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص ..) إلى آخره.
قلت: هو طرف من حديث أخبرنيه الشيخ الإمام أبو الفضل بن الحسين الحافظ، قال: أخبرني عبد الله بن محمد العطار، قال: أخبرنا علي بن أحمد السعدي، قال: أخبرنا محمد بن معمر في كتابه، قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان (ح).
وبالسند الماضي آنفاً إلى أبي نعيم قالا: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي، قال: حدثنا محمد بن أبي عمر (ح).
وبه إلى أبي نعيم قال: حدثنا حبيب بن الحسن، قال: حدثنا يوسف القاضي، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، قال هو وابن أبي عمر: حدثنا عبد الوهاب الثقفي (ح).
وبه قال أبو نعيم: وحدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا ابن رسته -هو محمد بن عبد الله- قال: حدثنا ابن حسام -هو محمد بن عبيد- قال: حدثنا حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب -هو السختياني- عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن، عن ثلاثة من ولد سعد، يحدثونه عن أبيهم -هو سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه، قال: دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده وهو بمكة، فبكى، فقال: ((ما يبكيك؟)) قال: خشيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها كما مات سعد بن خولة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم اشف سعداً،(4/182)
اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً)) ثلاث مرات، قال: يا رسول الله إن لي مالاً، فذكر الحديث في الوصية بالثلث.
أخرجه مسلم بطوله عن ابن أبي عمر.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أيضاً عن أبي الربيع الزهراني، عن حماد بن زيد.
فوقع لنا بدلاً عالياً فيه وفي طريق المقدمي.
وأخرجه أحمد عن عفان، عن وهيب، عن أيوب بطوله.
وزاد: فادع الله أن يشفيني.
فوقع لنا عالياً بدرجة.
واتفق الشيخان على إخراج حديث سعد في الوصية من رواية عامر بن سعد، عن أبيه بدون هذه الزيادة، وسيأتي قريباً.
وأخرجه البخاري من رواية عائشة بنت سعد، عن أبيها.
وفيه هذه الزيادة مختصرة، قال فيها: ((اللهم اشف سعداً)) ولم يكرر، والله أعلم.
آخر المجلس السابع والثلاثين بعد الثلاثمئة، وهو السابع عشر بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.(4/183)
[[وروينا في سنن أبي داود والترمذي بالإسناد الصحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مراتٍ: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله سبحانه وتعالى من ذلك المرض)) قال الترمذي: حديث حسن. وقال الحاكم أبو عبد الله في كتابه المستدرك على الصحيحين: هذا حديث صحيح على شرط البخاري.
وروينا في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء الرجل يعود مريضاً فليقل: اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً، أو يمشي لك إلى صلاةٍ)).]]
(338)
يوم الثلاثاء المبارك سادس عشر المحرم سنة خمس وأربعين.
قوله (وروينا في سنن أبي داود والترمذي بالإسناد الصحيح عن ابن عباس ..) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن فارس، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا الربيع بن يحيى، قال: حدثنا شعبة، عن يزيد أبي خالد، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مراتٍ: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض)).(4/184)
هذا حديث حسن.
أخرجه أبو داود عن الربيع بن يحيى.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أحمد عن غندر، وأبي النضر، كلاهما عن شعبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الترمذي عن بندار.
والنسائي في الكبرى عن محمد بن المثنى، وعمرو بن علي، ثلاثتهم عن غندر.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
قال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث المنهال بن عمرو.
قلت: فيه مقال، والأكثر على توثيقه.
والراوي عنه يزيد أبي خالد هو الدالاني مختلف فيه، وثقه أحمد وابن معين وجماعة، وضعفه ابن سعد الحربي وابن حبان، وأفرط فيه، وتوسط ابن عدي فقال: لين الحديث، ومع لينه يكتب حديثه.
قلت: ولم ينفرد به، فقد رواه الحجاج بن أرطاة عن المنهال.
أخرجه النسائي.
والحجاج فيه مقال، لكن يكتب حديثه في المتابعة.(4/185)
وقد رواه الأشجعي -وهو ثقة- عن شعبة، عن شيخ آخر، فإن كان محفوظاً فلشعبة فيه شيخان.
وبهذا السند إلى الصيدلاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت إبراهيم، قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله التاجر، قال: أخبرنا أبو القاسم اللخمي، قال: حدثنا عبيد العجل -يعني الحسين بن محمد، وعبيد والعجل لقبان له- قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا أحمد بن حميد ختن عبيد الله بن موسى (ح).
وقرأته عالياً على أم يوسف الصالحية بها، عن عيسى بن عبد الرحمن، قال: قرئ [على] كريمة بنت عبد الوهاب ونحن نسمع، عن محمد بن أحمد بن عمر، قال: أخبرنا أبو عمرو بن أبي عبد الله بن منده، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، وأحمد بن محمد بن زياد، قالا: حدثنا محمد بن صالح البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن حميد، قال: حدثنا عبيد الله الأشجعي، قال: حدثنا شعبة، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، فذكر الحديث.
وقال في أوله: ((من دخل على مريضٍ .. .. )) وفي آخره ((إلا شفاه الله)).
أخرجه النسائي عن زكريا بن يحيى، عن أبي بكر الأدمي، عن أحمد بن حميد.
فوقع لنا عالياً بثلاث درجات.
وقد رواه عبد ربه بن سعيد الأنصاري أحد الثقات، عن المنهال، فزاد في السند رجلاً أو رجلين، وخالف في سياق المتن.(4/186)
أخبرني أبو عبد الرحمن عبد الله بن خليل الحرستاني، قال: أحمد بن محمد الزبداني، وأبو بكر بن الرضي، قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل المرداوي، قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أخبرنا أبو القاسم الشحامي، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا هارون بن معروف (ح).
وبالسند المذكور آنفاً إلى الضياء قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن محمود، قالوا: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، قال: حدثنا المنهال بن عمرو، ومرة عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عاد المريض جلس عند رأسه ثم قال: ((أسأل الله العظيم ..)) فذكره، لكن قال في آخره: ((إن كان في أجله تأخيرٌ برأ من وجعه ذلك)).
أخرجه النسائي في الكبرى عن وهب بن بيان، عن ابن وهب.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن محمد بن سلم، عن حرملة.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الوجهين.
فأما النسائي فوقع في روايته: حدثنا المنهال ومرة سعيد بن جبير هذا في النسخ المعتمدة، وفي بعضها عن سعيد كما في روايتنا، وكذا في رواية هارون.(4/187)
وأما رواية ابن حبان فيه بغير زيادة قال المنهال بن عمرو: أخبرني سعيد بن جبير، ومع هذا الاضطراب يتوقف في تصحيحه، وقد سبق إلى ذلك ابن حبان كما ذكرت والحاكم.
قوله (وروينا في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو ..) إلى آخره.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، قال: أخبرنا أحمد، نا أحمد بن أبي طالب، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا يعمر بن بشر قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا رشدين بن سعد، قال: حدثنا حيي بن عبد الله (ح).
وأنبأنا به عالياً أبو الحسن بن أبي بكر الحافظ إذناً مشافهة، قال: أخبرنا أبو محمد البزوري، قال: أخبرنا أبو الحسن السعدي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الكراني في كتابه، قال: أخبرنا أبو القاسم الأشقر، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا إسماعيل بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الجبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا عاد أحدكم مريضاً فليقل اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً أو يمشي لك إلى الصلاة)).
هذا لفظ رشدين.(4/188)
وفي رواية ابن وهب: ((إذا جاء الرجل يعود مريضاً ..)) وفي آخره ((أو يمشي إلى صلاةٍ)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أبو داود عن يزيد بن خالد بن موهب، عن عبد الله بن وهب.
وهي بمهملة ومثناتين تحتانيتين بصيغة التصغير، مختلف فيه، ولم يترك، وقد تفرد بهذا الحديث، والله أعلم.
آخر المجلس الثامن والثلاثين بعد الثلاثمئة، وهو الثامن عشر بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا في كتاب الترمذي، عن علي رضي الله عنه قال: كنت شاكياً فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول: اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني، وإن كان متأخراً فارفعني، وإن كان بلاءً فصبرني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كيف قلت؟)) فأعاد عليه ما قاله، فضربه برجله وقال: ((اللهم عافه -أو اشفه-)) شك شعبة- قال: فما اشتكيت وجعي بعد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروينا في كتاب الترمذي وابن ماجه، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قال: لا إله إلا الله والله أكبر، صدقه ربه، فقال: لا إله إلا أنا(4/189)
وأنا أكبر؛ وإذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال: يقول: لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي؛ وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال: لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد؛ وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: لا إله أنا ولا حول ولا قوة إلا بي)) وكان يقول: ((من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار)) قال الترمذي: حديث حسن.]]
(339)
يوم الثلاثاء المبارك سلخ شهر الله المحرم سنة خمس وأربعين.
قوله (وروينا في كتاب الترمذي عن علي رضي الله عنه ..) إلى آخره.
أخبرني المسند أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب رحمه الله، عن أبي بكر الدشتي، قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ (ح).
وأخبرني أبو الفرج بن الغزي، قال: أخبرنا أحمد بن منصور الجوهري، قال: أخبرنا أبو الحسن السعدي، قالا: أخبرنا أبو المكارم اللبان، قال الأول سماعاً، والثاني إجازة مكاتبة، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عمرو بن مرة، قال: سمعت عبد الله بن سلمة -بكسر اللام- قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شاكٍ، وأنا أقول (ح).
وأخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالسند الماضي آنفاً إلى عبد بن حميد، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، أنا علياً اشتكى، فقال: اللهم إن كان أجلي حضر فأرحني، وإن كان بلاء فصبرني، وإن كان لي أجلاً فعافني، قال: فمر النبي صلى الله عليه وسلم علي(4/190)
وأنا أقول ذلك، فقال: ((كيف قلت؟)) قال: فأعدت عليه الكلام، فقال: ((اللهم اشفه وعافه)) قال: فشفيت، فما شكيت ذلك الوجع بعد.
لفظ يزيد.
وزاد سليمان: فضربني برجله، وقال: ((كيف قلت؟)) والباقي سواء.
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر، ويحيى بن سعيد، وعفان، ثلاثتهم عن شعبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الترمذي عن محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر.
وأخرجه النسائي في الكبرى عن إسماعيل بن مسعود، عن خالد بن الحارث.
وأخرجه الحاكم من رواية وهب بن جرير، كلاهما عن شعبة.
وأخرجه ابن حبان من رواية يحيى بن سعيد.
قال الترمذي: حسن صحيح، لا نعرفه إلا من رواية عبد الله بن سلمة.
قلت: وهو صدوق، ذكره البخاري في الضعفاء، وقال: لا يتابع على حديثه.
ونقل عن شعبة عن عمرو بن مرة أنه قال في حقه: تعرف وتنكر، كان قد كبر.(4/191)
فكأن اعتماد من صححه على تحديث شعبة به، فهو من قبيل ما يعرف لا ما ينكر، والعلم عند الله تعالى.
قوله (وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..) إلى آخره.
قرأت على أم الحسن التنوخية، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا الحافظ ضياء الدين المقدسي، قال: أخبرنا أبو المجد بن أبي طاهر، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الملك، قال: أخبرنا إبراهيم بن منصور، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا زهير هو ابن حرب، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا إسرائيل (ح).
وقرأته عالياً على الشيخ أبي إسحاق التنوخي بالسند المذكور إلى عبد بن حميد قال: حدثنا مصعب بن المقدام، قال: حدثنا إسرائيل (ح).
وبه إلى عبد قال: حدثنا حسين بن علي الجعفي، عن حمزة الزيات، كلاهما عن أبي إسحاق، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة، وأبي سعيد، أنه شهد عليهما، أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قال العبد: لا إله إلا الله والله أكبر، قال الله: صدق عبدي، لا إله إلا أنا وأنا أكبر، وإذا قال العبد: لا إله إلا الله وحده، قال الله: صدق عبدي، لا إله إلا أنا وحدي، وإذا قال العبد: لا شريك له، قال الله: صدق عبدي، لا إله إلا أنا ولا شريك لي، وإذا قال العبد: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال الله: صدق عبدي، لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد، وإذا قال العبد: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله: صدق عبدي، لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي)).
هذا لفظ حمزة، ورواية إسرائيل أخصر منه، وزاد في رواية حمزة عن(4/192)
الأغر مثل رواية أبي إسحاق، وزاد ((من قاله في مرضه ثم مات لم يدخل النار)).
وفي رواية إسرائيل: ثم قال للأغر شيئاً لم أفهمه، فقلت لأبي جعفر: ماذا قال؟ قال: قال: ((من رزقهن عند موته لم تمسه النار)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه النسائي في الكبرى عن القاسم بن زكريا.
وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن الحسين بن علي الجعفي.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ورواه الترمذي من رواية عبد الجبار بن عباس عن أبي إسحاق، والنسائي أيضاً والحاكم من رواية إسرائيل.
ورواه الترمذي والنسائي أيضاً من رواية شعبة عن أبي إسحاق، ولم يذكر النسائي أبا سعيد، ولم يصرح برفعه.
وذكر فيه الزيادة عن جعفر نحو رواية إسرائيل.
وأخرجه ابن حبان عن أبي يعلى.
فوقع لنا موافقة عالية بدرجة وبعلو درجتين من الطريق الأخرى، والله أعلم.
آخر المجلس التاسع والثلاثين بعد الثلاثمئة، وهو التاسع عشر بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.(4/193)
[[وروينا في صحيح مسلم وكتب الترمذي والنسائي وابن ماجه بالأسانيد الصحيحة، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا محمد! اشتكيت؟ قال: نعم، قال: باسم الله أرقيك، من كل شيءٍ يؤذيك، من شر كل نفسٍ أو عين حاسدٍ، الله يشفيك، باسم الله أرقيك)) قال الترمذي: حديث حسن صحيح.]]
(340)
يوم الثلاثاء المبارك سابع صفر الميمون سنة خمس وأربعين.
قوله (وروينا في صحيح مسلم وكتاب الترمذي والنسائي وابن ماجه بالأسانيد الصحيحة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .. .. ) إلى آخره.
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الدمشقي فيما قرأت عليه بالقاهرة، عن أبي الفضل بن قدامة، قال: أخبرنا جعفر بن علي، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران، قال: حدثنا أحمد بن سلمان النجاد إملاء، قال: حدثنا محمد بن غالب، قال: حدثنا عفان بن مسلم والسياق له- (ح).
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم في المستخرج قال: حدثنا أحمد بن بندار، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، قال: حدثنا بشر بن هلال الصواف، قالا: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب، قال: حدثنا أبو نضرة -هو المنذر بن مالك- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ فقال: ((نعم)) فقال:(4/194)
((باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفسٍ وعين حاسدٍ، والله يشفيك)).
زاد عفان في روايته هنا ((باسم الله أرقيك)) وليس عنده الواو في: والله.
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه كلهم عن بشر بن هلال بهذا الإسناد.
فوقع لنا موافقة عالية.
وعجب قول الشيخ: بالأسانيد الصحيحة، مع أنه ليس له عندهم إلا سند واحد.
نعم أخرجه النسائي في الكبرى عن عمران بن موسى، عن عبد الوارث.
وأخرجه أحمد بن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه.
وأخرجه أبو عوانة في صحيحه عن محمد بن يحيى العسكري، عن بشر بن هلال.
فوقع لنا بدلاً عالياً لجميعهم.
وأخرجه الطبراني في الدعاء عن معاذ بن المثنى، عن مسدد، عن عبد الوارث.
فمداره على عبد الوارث.
وقد تابع شيخه عبد العزيز، داود بن أبي هند، عن أبي نضرة.(4/195)
أخبرني به الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالسند المتقدم آنفاً إلى عبد بن حميد قال: حدثني أحمد بن يونس، قال: حدثنا أبو شهاب -هو عبد ربه بن نافع- عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقاه جبريل، فذكره، لكن لفظه في آخره ((من شر كل حاسدٍ، والله يشفيك)).
أخرجه البزار من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، عن داود.
وقال: تابعه أبو شهاب.
ورواه غير واحد عن داود، عن أبي نضرة، عن جابر.
وقال الترمذي بعد تخريجه: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن أنس وعائشة.
وزاد شيخنا في شرحه: وفيه عن أبي هريرة وعبادة بن الصامت.
قلت: وفيه أيضاً عن عمر وعمار وميمونة أم المؤمنين وجابر رضي الله عنهم أجمعين. أما حديث أنس فأخرجه الطبراني في الدعاء من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أنس رضي الله عنه، قال: صنعت يهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً [تريد شراً] فأصابه وجع شديد، فأتاه جبريل عليه السلام بالمعوذتين، فعوذه بهما، وقال: باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من كل عين ونفس حاسد الله يشفيك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه.
وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم.
أخبرنيه الشيخ الإمام شيخ الحفاظ أبو الفضل بن الحسين رحمه الله، قال: أخبرني أبو محمد بن القيم، قال: أخبرنا أبو الحسن المقدسي، عن محمد بن(4/196)
معمر، قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان، قال: حدثنا أبو بكر بن المقرئ، قال: حدثنا إسحاق بن أحمد بن نافع، قال: حدثنا محمد بن أبي عمر (ح).
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن حيان، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، قال: حدثنا محرز بن سلمة، قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل عليه السلام، فقال: باسم الله أرقيك.
وفي رواية ابن أبي عمر ((يبريك)) وفي آخر الحديث ((من شر حاسدٍ إذا حسد ومن كل ذي عين)).
أخرجه مسلم عن ابن أبي عمر.
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو.
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم في المستدرك من طريق زياد بن ثويب -بمثلثة ثم موحدة مصغر- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، فقال: ((ألا أرقيك برقية جاءني بها جبريل عليه السلام؟)) فقلت: بلى، فذكر الحديث.
وفي آخره: ((من كل داءٍ فيك [يؤذيك] ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسدٍ إذا حسد)) ثلاث مرات.(4/197)
وفي سنده عاصم بن عبيد الله، وهو صدوق ضعفوه من قبل حفظه، وهذا مما تساهل فيه الحاكم، والله أعلم.
آخر المجلس الأربعين بعد الثلاثمائة، وهو العشرون بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
(341)
يوم الثلاثاء المبارك رابع عشر صفر الميمون سنة خمس وأربعين.
وأما حديث عبادة فأخبرني أبو بكر بن العز الصالحي فيما قرأت عليه بها، قال: أخبرنا القاضي شمس الدين محمد بن المسلم المالكي، قال: أخبرنا شمس الدين محمد بن الكمال عبد الرحيم، وشمس الدين عبد الرحمن بن الزين أحمد بن عبد الملك، قالا: أخبرنا القاضي أبو القاسم الحرستاني، قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا جدي أبو بكر بن أحمد بن أبي الحديد، قال: حدثنا أبو بكر الخرائطي، قال: حدثنا إبراهيم بن الهيثم -واللفظ له- قال: حدثنا علي بن عياش، قال: حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان (ح).
وقرأته عالياً على أم الحسن التنوخية، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: قرأت على أبي جعفر الصيدلاني، أن الحسن بن أحمد، وفاطمة بنت عبد الله أخبراهم، قالا: أخبرنا أبو بكر الضبي، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، قال: حدثنا علي بن عياش، قال: حدثنا ابن ثوبان، قال: حدثني عمير بن هانئ، قال: سمعت جنادة بن أبي أمية، يقول: سمعت عبادة بن الصامت رضي الله عنه، يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن جبريل عليه السلام أتاه وهو موعوكٌ، فقال: باسم الله أرقيك من كل أذى يؤذيك، ومن كل حاسدٍ إذا حسد، ومن كل عينٍ والله يشفيك)).(4/198)
هذا حديث حسن.
أخرجه أحمد عن علي بن عياش، وعن زيد بن الحباب فرقهما، كلاهما عن ابن ثوبان وهو عبد الرحمن بن ثابت.
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو.
وأخرجه ابن ماجه من وجه آخر عن ابن ثوبان.
وأخرجه أحمد أيضاً من طريق عاصم بن سليمان، عن سلمان رجل من أهل الشام، عن جنادة، عن عبادة، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه من الوجع ما يعلم الله شدته، ثم دخلت عليه من العشي وقد برأ أحسن برءٍ، فسألته؟ فقال: ((إن جبريل عليه السلام رقاني ..)) فذكر الحديث نحوه.
وهي متابعة جيدة لابن ثوبان.
وأما حديث عمر فأخرجه الطبراني في الدعاء من طريق عبد الله بن أبي حسين عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه ملكان، فقال أحدهما للآخر: ما به؟ قال: به حمى شديدة، فقال: باسم الله أرقيك .. فذكر الحديث نحوه.
وفي سنده ضعف.
وأما حديث عمار ففيما قرأت على الإمام أبي بكر بن الحسين بطيبة المكرمة، عن أحمد بن كشتغدي سماعاً، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا حماد بن هبة الله، قال: أخبرنا سعيد بن أحمد بن البنا (ح).(4/199)
قال شيخنا: وأنبأنا عالياً أحمد بن أبي طالب -وهو آخر من حدث عنه بالإجازة- عن أبي المنجا البغدادي، عن سعيد، قال: أخبرنا أبو نصر الزينبي، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، قال: حدثنا يحيى بن محمد، قال: حدثنا الربيع بن سليمان (ح).
وقرأته عالياً أيضاً على فاطمة بنت المنجا، عن القاسم بن المظفر، قال: أخبرنا محمود بن إبراهيم إجازة، قال: أخبرنا أبو الخير الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو بكر السمسار، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو بكر بن زنجويه، قالا: حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن محمد بن علي بن الحنفية، عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما، أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أعلمك رقيةً علمنيها جبريل عليه السلام؟)) قال: بلى يا رسول الله، قال: فعلمه: ((باسم الله أرقيك، والله يشفيك من كل داءٍ يعنيك، خذها فلتهنيك)).
هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
أخرجه الطبراني في الدعاء من رواية أسد بن موسى.
وكذلك الدارقطني في الأفراد، وقال: غريب من حديث محمد بن الحنفية عنه، تفرد به ميسرة، عن المنهال، وما رواه عنه إلا فضيل.
قلت: وهو صدوق، أخرج له مسلم وفيه مقال.
وأما حديث ميمونة فأخرجه أحمد والنسائي في الكبرى وابن حبان في صحيحه كلهم من رواية عبد الرحمن بن السائب بن أخي ميمونة، قال: قالت لي ميمونة رضي الله عنها: يا بن أخي ألا أعلمك رقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت:(4/200)
بلى، قالت: ((باسم الله أرقيك، والله يشفيك من كل داءٍ فيك .. .. )) وفي الحديث قصة أخرى.
وأما حديث جابر فذكره البزار في الكلام على حديث أبي سعيد كما تقدم، والله أعلم.
آخر المجلس الحادي والأربعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الحادي والعشرون بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا في صحيح البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن النبي دخل على أعرابي يعوده قال: وكان النبي إذا دخل على من يعدوه قال: ((لا بأس طهورٌ إن شاء الله)).
وروينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده وهو محموم فقال: ((كفارةٌ وطهورٌ)).]]
(342)
يوم الثلاثاء المبارك حادي عشر.
(قوله: وروينا في صحيح البخاري عن ابن عباس) إلى آخره.
قلت: المذكور هنا طرف من الحديث.
أخبرنا المسند أبو علي محمد بن محمد بن علي المصري فيما قرئ عليه(4/201)
ونحن نسمع بشاطئ النيل سنة ثلاث وتسعين، عن ست الوزراء بنت عمر التنوخية، وأبي العباس بن أبي طالب الدمشقيين سماعاً عليهما بمصر، قالا: أخبرنا الحسين بن أبي بكر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا محمد بن يوسف، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا معلى بن أسد، قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار، قال: حدثنا خالد -هو الحذاء- عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال: ((لا بأس طهورٌ إن شاء الله)) قال: قلت: طهور؟ [كلا] بل حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره القبور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فنعم إذاً)).
هكذا أخرجه البخاري في علامات النبوة، وأعاده في مقدمة الطب بهذا السند ومن طريق خالد بن عبد الله الطحان، عن خالد الحذاء مختصراً، ولفظه: دخل على رجل يعوده فقال: ((لا بأس ..)) إلى آخره، ولم يذكر ما قبله.
وأخرجه في التوحيد من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء كذلك، لكن فيه: دخل على أعرابي، وفيه: فقال للأعرابي، وزاد فيه ((عليك)) بعد قوله ((لا بأس)).
وهو عند النسائي من هذا الوجه.
وزاد فيه الإسماعيلي: على عظم شيخ كبير.
وقد استكمل إيراد البخاري له في علامات النبوة.
وجوابه أن أشار إلى زيادة وقعت في بعض طرقه.(4/202)
قرأت على عبد الله وعبد الرحمن ابني محمد بن إبراهيم بن لاجين، عن محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي سماعاً، قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم، عن عفيفة بنت أحمد، عن أم إبراهيم الجوزذانية سماعاً عليها، قالت: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، قال: حدثنا أبو عون الزيادي، قال: حدثنا حماد بن يزيد المنقري، قال: حدثنا مخلد بن عقبة بن شرحبيل، عن جده شرحبيل الجعفي رضي الله عنه، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه أعرابي طويل ينتفض، فقال: يا رسول الله شيخ كبير به حمى تفور تزيره القبور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((شيخٌ كبيرٌ به حمى تفور، وهي له كفارةٌ وطهورٌ)) فأعادها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما إذا أبيت فهو كما تقول، وما قضى الله فهو كائنٌ)) فما أمسى من الغد إلا ميتاً.
هذا حديث حسن غريب، أخرجه أبو نعيم في الصحابة عن الطبراني.
وأخرجه أيضاً من رواية الجراح بن مخلد.
وأخرجه ابن منده من رواية إبراهيم بن فهد، كلاهما عن أبي عون محمد بن عون الزيادي بهذا السند.
وخالفهم يونس بن محمد المؤدب، وهو أحفظ منهم، فزاد في نسب مخلد وسنده رجلاً، قال: عن حماد، عن مخلد بن عقبة بن عبد الرحمن بن شرحبيل، عن جده عبد الرحمن، عن أبيه شرحبيل.
أخرجه أبو نعيم أيضاً وأبو علي بن السكن من طريق يونس، وفي هذه الرواية فأعادها ثلاث مرات.(4/203)
وله شاهد من مرسل زيد بن أسلم، أخرجه عبد الرزاق.
(قوله: وروينا في كتاب ابن السني عن أنس .. .. ) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل المرداوي، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي الحسن، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو سعد الأديب، قال: أخبرنا أبو عمرو النيسابوري، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن سنان بن أبي ربيعة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي وهو محموم، فقال: ((كفارةٌ وطهورٌ)) فقال الأعرابي: بل حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وتركه.
هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
أخرجه أحمد عن عفان عن حماد.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن السني عن أبي يعلى على الموافقة، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني والأربعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الثاني والعشرون بعد السبعمئة، ولله الحمد والمن والفضل.
[[وروينا في كتاب الترمذي وابن السني، عن أبي أمامة رضي الله(4/204)
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته أو على يده فيسأله كيف هو)) هذا لفظ الترمذي، وفي رواية ابن السني ((من تمام العيادة أن تضع يدك على المريض فتقول: كيف أصبحت أو كيف أمسيت)) قال الترمذي: ليس إسناده بذاك.
وروينا في كتاب ابن السني، عن سلمان رضي الله عنه قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض، فقال: ((يا سلمان! شفى الله سقمك، وغفر ذنبك، وعافاك في دينك وجسمك إلى مدة أجلك)).]]
(343)
يوم الثلاثاء المبارك سادس .. ..
(قوله: وروينا في كتاب الترمذي وابن السني عن أبي أمامة ..) إلى آخره.
أخبرنا الإمام شيخ الإسلام أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله إذناً مشافهة، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز بالسند الماضي قريباً إلى الطبراني، قال: حدثنا أحمد بن رشدين، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثنا عبيد الله بن زحرٍ -بفتح الزاي وسكون الحاء المهملة بعدها راء- عن علي بن يزيد، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عائد المريض يخوض في الرحمة، ومن تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على وجهه أو على يديه، فيسأله كيف هو؟ وتمام تحيتكم المصافحة)).
هذا حديث غريب من هذا الوجه.
أخرجه الترمذي عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن أيوب أخصر منه.(4/205)
وقال: هذا إسناد ليس بذاك، وعبيد الله بن زحرٍ ثقة، وعلي بن يزيد هو الألهاني -بفتح الهمزة وسكون اللام- ضعيف، والقاسم هو ابن عبد الرحمن يكنى أبا عبد الرحمن، وهو شامي ثقة.
قلت: اختلف في توثيقه، وكذا في توثيق ابن زحر، وأفرط ابن حبان فقال: إذا اجتمع في الإسناد ابن زحر وعلي بن يزيد والقاسم فذاك مما عملت أيديهم.
(قوله: وفي رواية ابن السني .. .. ) إلى آخره.
قلت: ليس فيها زيادة سوى قوله ((كيف أصبحت؟ كيف أمسيت؟ وهي عنده من طريق يحيى بن سعيد المدني وليس -هو الأنصاري- بل هو راو ضعيف، وليس في روايته أول الحديث ولا آخره.
وقد وجدت له شاهداً من حديث أبي هريرة.
قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن زينب بنت الكمال، عن يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، قال: حدثنا أبو المغيرة -هو عبد القدوس بن الحجاج- قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أبي صالح الأشعري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من أصحابه، به وجع وأنا معه، فقبض يده فوضعها على جبهته، وكان يرى ذلك من تمام عيادة المريض، وقال: ((إن الله عز وجل قال: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار في الآخرة)).
هذا حديث غريب.(4/206)
أخرج ابن ماجه بعضه من طريق أبي أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد.
وأخرجه ابن السني بتمامه من رواية أبي أسامة.
ورجاله ثقات إلا عبد الرحمن، فإنه ضعيف، وقد تفرد بوصله ورفعه، وخالفه سعيد بن عبد العزيز فرواه عن إسماعيل من قول كعب الأحبار.
ولأصل وضع يد العائد على المريض شاهدان من حديث عائشة في الصحيحين، ومن حديث سعد بن أبي وقاص في البخاري، ويأتي له طريق في حديث جابر في باب طلب العواد الدعاء للمريض.
(قوله: وروينا في كتاب ابن السني عن سلمان ..) إلى آخره.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي بكر بن سليمان الحافظ رحمه الله إذناً مشافهة، قال: أخبرنا إسماعيل بن علي بن سنجر، قال: أخبرنا أبو الفضل بن عساكر، عن القاسم بن عبد الله، قال: أخبرنا جدي عمر بن أحمد بن منصور الصفار (ح).
وأخبرنا عالياً أحمد بن أبي بكر بن العز إجازة مكاتبة، قال: أخبرنا أبو الفضل بن أبي طاهر القاضي إجازة إن لم يكن سماعاً، عن عمر بن كرم، عن عمر بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر بن بالويه، قال: حدثنا أحمد بن علي الخزاز -بمعجمات- قال: حدثنا جندل -بفتح الجيم وسكون النون- بن والق -بكسر اللام- قال: حدثنا شعيب بن بلند بياع الأنماط، قال: حدثنا أبو هاشم الرماني بضم الراء المهملة وتشديد الميم- عن زاذان، عن سلمان رضي الله عنه، قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عليل، فقال: ((يا سلمان شفى الله سقمك وغفر ذنبك وعافاك في دينك وجسمك إلى آخر مدةٍ من أجلك)).
هذا حديث غريب أخرجه الحاكم في كتاب الدعاء من المستدرك وصححه.(4/207)
وقال الذهبي في مختصره: سنده جيد، وليس كما قال، وقد تم الوهم فيه عليه وعلى الحاكم قبله، فإنه سقط من السند بين شعيب وأبي هاشم رجل.
وقد أخرجه ابن السني عن أحمد بن محمود الواسطي، عن محمد بن الحسين الكوفي، عن جندل، عن شعيب، عن أبي خالد، قال: حدثنا أبو هاشم.
وأبو خالد هذا هو عمرو بن خالد الواسطي، وهو ضعيف جداً، كذبه أحمد وابن معين وغيرهما.
وقد أخرجه الطبراني في الكبير من وجه آخر عن عمرو بن خالد المذكور.
وأبو هاشم اسمه يحيى، واختلفوا في اسم أبيه، وهو ثقة، وكذا باقي رجال الإسناد إلا عمرو بن خالد، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث والأربعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الثالث والعشرون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي حالة الإملاء من لفظ ممليه شيخنا شيخ الإسلام أبي الفضل شهاب الدين قاضي القضاة أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المصري الشافعي.
[[وروينا فيه، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: مرضت فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذني، فعوذني يوماً، فقال: ((بسم الله الرحمن الرحيم، أعيذك بالله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحدٌ من شر ما تجد. فلما استقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً قال:(4/208)
يا عثمان تعوذ بها فما تعوذتم بمثلها)).
باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره
وكذلك الوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاصٍ أو غيرهما.
روينا في صحيح مسلم، عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما، أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى، فقالت: يا رسول الله! أصبت حداً فأقمه علي، فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال: ((أحسن إليها فإذا وضعت فائتني بها)) ففعل، فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها.]]
(344)
ثم أملى يوم الثلاثاء ثالث عشر صفر سنة خمس وأربعين وثمانمئة فسمعت من لفظه من قوله وبه إلى الطبراني حدثنا عبدان، الباقي سمعته عليه حالة المقابلة بقراءة المستملي.
(قوله: وروينا عن عثمان بن عفان .. .. ) إلى آخره.
أخبرنا الشيخ الإمام حافظ الزمان أبو الفضل بن الحسين رحمه الله إذناً مشافهة، قال: أخبرنا أبو محمد بن القيم، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، قال: أخبرنا أبو عبد الله الكراني في كتابه، قال: أخبرنا أبو القاسم الصيرفي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا إبراهيم بن أسباط بن السكن، قال: حدثنا صالح بن مالك الخوارزمي، قال: حدثنا حفص بن سليمان، عن علقمة بن مرشد، عن أبي عبد الرحمن -هو عبد الله بن حبيب السلمي- عن عثمان رضي الله عنه،(4/209)
قال: مرضت فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذني، فعوذني يوماً، فقال: ((باسم الله أعيذك بالله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحدٌ من شر ما تجد)) قال: فشفاني الله عز وجل.
وبه إلى الطبراني، قال: حدثنا عبدان، قال: حدثنا دحيم، قال: حدثنا خالد بن عبد الرحمن المخزومي، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: مرضت فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث إلى قوله: ((من شر ما تجد)) فلما أراد أن يقوم قال: ((يا عثمان تعوذ بها فما تعوذتم بخيرٍ منها)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير من رواية أبي عتاب الدلال عن حفص بن سليمان. وهو إمام في القراءة ضعيف في الحديث، وخالد بن عبد الرحمن المذكور في روايتنا الثاني أشد ضعفاً منه.
وأخرجه ابن السني عن أبي يعلى.
(قوله: باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه - إلى أن قال: روينا في صحيح مسلم عن عمران .. .. ) إلى آخره.
أخبرنا الشيخ أبو إسحاق التنوخي سماعاً عليه بالقاهرة، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي، قال: أخبرنا عيسى بن عمر، قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي، قال: حدثنا وهب بن جرير (ح).
وقرأت على الشيخ أبو الفرج بن حماد، عن أبي الحسن بن قريش سماعاً،(4/210)
قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، عن أبي الحسن الجمال، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم في المستخرج، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، وفاروق بن عبد الكريم الكبير، قال الأول: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، وقال الثاني: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن مسلم، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال الثلاثة: حدثنا هشام -هو الدستوائي- عن يحيى بن أبي كثير، أن أبا قلابة حدثه، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، أن امرأة من جهينة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى، فقالت: يا رسول الله إني أصبت حداً فأقمه علي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها، فقال: ((اذهب فأحسن إليها، فإذا وضعت حملها فائتني بها)) ففعل، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها، فقال له عمر: أتصلي عليها يا رسول الله وقد زنت؟ فقال: ((لقد تابت توبةً لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت شيئاً أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل)) السياق للدارمي.
وبه إلى أبي نعيم قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، فذكر الحديث.
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن عبد الرزاق.
وأبو داود عن مسلم بن إبراهيم.
فوقع لنا موافقة عالية من الطريقين.(4/211)
وأخرجه مسلم عن أبي غسان المسمعي، عن معاذ بن هشام، عن أبيه. فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه الترمذي والنسائي من رواية عبد الرزاق.
وهو عندهم من أوجه أخرى عن يحيى بن أبي كثير والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والأربعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الرابع والعشرون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
[[باب ما يقوله من به صداعٌ أو حمى أو غيرهما من الأوجاع
روينا في كتاب ابن السني، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الأوجاع كلها ومن الحمى أن يقول: ((باسم الله الكبير، نعوذ بالله العظيم من شر عرقٍ نعارٍِ، ومن شر حر النار)).
باب جواز قول المريض: أنا شديد الوجع، أو موعوكٌ، أو وارأساه ونحو ذلك، وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن شيءٌ من ذلك على سبيل التسخط وإظهار الجزع
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: دخلت على النبي وهو يوعك، فمسسته فقلت:(4/212)
إنك لتوعك وعكاً شديداً، قال: ((أجل كما يوعك رجلان منكم)).
وروينا في صحيحيهما، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي، فقلت: بلغ بي ما ترى وأنا ذو مالٍ ولا يرثني إلا ابنتي .. .. وذكر الحديث.]]
(345)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء العشرين من صفر من السنة فقال أحسن الله عاقبته:
(قوله: باب ما يقول من به صداع -إلى أن قال- روينا في كتاب ابن السني عن ابن عباس .. .. ) إلى آخره.
أخبرني أبو محمد إبراهيم بن محمد الدمشقي بالمسجد الحرام، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي بن زيد إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا من الأوجاع كلها ومن الحمى أن نقول: ((باسم الله الكبير أعوذ بالله العظيم من شر عرقٍ نعارٍ ومن شر حر النار)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أحمد عن أبي القاسم بن أبي الزناد، عن إبراهيم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(4/213)
وأخرجه الترمذي وابن ماجه جميعاً عن محمد بن بشار، عن أبي عامر العقدي، وابن ماجه أيضاً عن عبد الرحمن بن إبراهيم، عن ابن أبي فديك، كلاهما عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة.
قال الترمذي: لا نعرفه إلا من روايته وهو يضعف في الحديث. انتهى.
وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق إبراهيم المذكور، فكأنه اعتمد على أن أحمد وثقه، لكن ضعفه الجمهور.
قال البخاري: منكر الحديث.
وقال النسائي: ضعيف.
وقال الدارقطني: متروك.
وقال أبو حاتم الرازي وابن عدي: يكتب حديث ولا يحتج به.
وهذا أعدل الأقوال فيه.
ويتعجب من الشيخ من اقتصاره في نسبته إلى ابن السني.
(قوله: باب جواز قول المريض: أنا شديد الوجع -إلى أن قال- روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود ..) إلى آخره.
قرأت على مريم بنت أحمد بن أحمد الأذرعي بمنزلها ظاهر القاهرة، عن علي بن عمر الخلاطي سماعاً -وهي آخر من حدث عنه- قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي سبط السلفي -وهو آخر من حدث عنه بالسماع- قال: أخبرنا جدي الحافظ أبو طاهر -وهو آخر من حدث عنه بالسماع- قال: أخبرنا القاسم بن الفضل الثقفي، قال: أخبرنا محمد بن موسى الصيرفي، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال:(4/214)
حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك، فجسسته فقلت: يا رسول الله إنك لتوعك وعكاً شديداً، فقال: ((أجل كما يوعك رجلان منكم)) قلت: ذاك أن لك أجرين، قال: ((نعم، والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلمٌ يصيبه أذىً من مرضٍ ولا سقمٍ إلا حط الله خطاياه عنه كما تحط الشجرة ورقها)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن أبي معاوية.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه البخاري ومسلم من طريق سفيان الثوري ومن طريق جرير بن عبد الحميد.
وأخرجه البخاري أيضاً من رواية أبي حمزة السكري ومن رواية عبد العزيز بن مسلم.
ومسلم أيضاً من رواية عيسى بن يونس ومن رواية يحيى بن عبد الملك، ستتهم عن الأعمش.
(قوله: وروينا في صحيحيهما عن سعد بن أبي وقاص ..) إلى آخره.
أخبرنا أبو عبد الله بن قوام، قال: أخبرنا أبو الحسن بن هلال، قال: أخبرنا أبو إسحاق بن مضر، قال: أخبرنا أبو الحسن الطوسي، قال: أخبرنا أبو محمد السيدي، قال: أخبرنا أبو عثمان البحيري، قال: أخبرنا أبو علي السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، قال: أخبرنا أبو مصعب الزهري، قال: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب هو الزهري (ح).(4/215)
وأخبرنيه عالياً أبو علي محمد بن أحمد الفاضلي، قال: أخبرنا علي بن عمر الخلاطي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي، قال: أخبرنا السلفي، قال: أخبرنا أبو الحسن الكرجي -بفتح الكاف والراء بعدها جيم- قال: أخبرنا أبو بكر الحيري، قال: حدثنا أبو العباس الأصم، قال: حدثنا زكريا بن يحيى، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري -وهو ابن شهاب- عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه رضي الله عنه، قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني في حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: ((لا)) قلت: فبشطره؟ قال: ((لا)) .. الحديث.
أخرجه أحمد عن سفيان.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجه أيضاً عن الحميدي، ومسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وقتيبة، وأبو داود عن عثمان بن أبي شيبة، والترمذي عن ابن أبي عمر، والنسائي عن عمرو بن عثمان، وابن ماجه عن هشام بن عمار، كلهم عن سفيان بن عيينة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وله في الصحيحين طرق أخرى بألفاظ مختلفة، يزيد بعض الرواة على بعض، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس والأربعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الخامس(4/216)
والعشرون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه حالة الإملاء أبي الحسن إبراهيم بن عمر بن الرباط البقاعي.
[[وروينا في صحيح البخاري، عن القاسم بن محمد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: وا رأساه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بل أنا وا رأساه)) وذكر الحديث.]]
(346)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الأول من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين.
(قوله: وروينا في صحيح البخاري عن القاسم بن محمد، قال: قالت عائشة: وارأساه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بل أنا وا رأساه ..)) ) وذكر الحديث.
قلت: حذف الشيخ منه من بين قولها: وا رأساه وقولها: فقال النبي قصة.
أخبرنا المسند أبو علي محمد بن محمد بن علي المصري بها سماعاً عليه على شاطئ النيل، قال: أخبرنا أبو العباس بن الشحنة، وست الوزراء التنوخية بالسند المتقدم قريباً إلى البخاري، قال: حدثنا يحيى بن يحيى -هو النيسابوري- قال: حدثنا سليمان بن بلال (ح).
وقرأت على شيخ الإسلام أبي الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله، أن عبد الله بن محمد العطار أخبره، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم بن عبد الواحد، قال: أخبرنا عمي محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد (ح).
قال ابن عبد الرحيم: وأخبرناه عالياً أبو روح إجازة، قال: أخبرنا تميم بن(4/217)
أبي سعيد، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا محمد بن زنجويه القشيري، قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن عبد الله بن أوس المدني، قال: حدثني سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: قالت عائشة: وارأساه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذاك لو كان وأنا حي فاستغفر لك وأدعو لك)) فقالت عائشة: واثكلياه والله إني لأظنك تحب موتي، ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرساً ببعض أزواجك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بل أنا وا رأساه .. .. )) الحديث.
وقول الشيخ: وهذا الحديث بهذا اللفظ مرسل يريد أن القاسم ساق قصة ما أدركها، ولا قال: إن عائشة أخبرته بها، لكن اعتمد البخاري على شهرة القاسم بصحبة عمته وكثرة روايته عنها، وهي التي تولت تربيته بعد أبيه حتى ماتت، وقد قال ابن عبد البر: العبرة باللقاء والمجالسة وعدم التدليس، لا بالألفاظ -يعني في الاتصال- وهذا الحديث مشهور عن عائشة من طرق أخرى.
أخبرني أبو الفرج بن حماد، قال: أخبرنا أبو الحسن بن قريش بالسند الماضي قريباً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن إسحاق السراج، قال: حدثنا عبيد الله بن سعيد، وزياد بن أيوب، قالا: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه -يعني بالوجع- فقلت: وا رأساه، فقال: ((وددت لو كان ذاك وأنا حي فهيأتك ودفنتك)) فقلت غيرى: كأني بك في ذلك اليوم عروساً ببعض نسائك، فقال: ((أنا وا رأساه، ادعي لي أباك وأخاك .. .. )) الحديث.
أخرجه مسلم مقتصراً منه على قوله: ((ادعي لي أباك وأخاك)) إلى آخر الحديث، ولم يذكر ما قبله.(4/218)
رواه عن عبيد الله بن سعيد.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أحمد بتمامه عن يزيد بن هارون.
وأخرجه النسائي في الكبرى عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام، عن يزيد بن هارون بتمامه.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وكذا أخرجه أبو يعلى عن أبي خيثمة، عن يزيد.
وأخرجه أحمد والنسائي أيضاً وابن ماجه من وجه آخر عن الزهري، فقال: عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: رجع إلي النبي صلى الله عليه وسلم من البقيع وأنا أجد صداعاً في رأسي وأنا أقول: وا رأساه، فقال: ((بل أنا وا رأساه، ثم قال: ((ما ضرك لو مت قبلي)) فذكر الحديث نحوه.
وللحديث طريق أخرى عند أحمد وابن سعد من رواية يزيد بن بابنوس -بموحدتين بينهما ألف وبعد الثانية المفتوحة نون مضمومة وآخره مهملة- قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها فذكر قصة فيها قالت عائشة: فجلست على طريقه وعصبت رأسي فمر، فقال: ((ما شأنك؟)) فقلت: أشتكي رأسي، فقال: ((بل أنا وا رأساه ..)) فذكر الحديث.
وله شاهد آخر من رواية عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة، والله أعلم.(4/219)
آخر المجلس السادس والأربعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو السادس والعشرون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
[[باب كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان، وجوازه إذا خاف فتنةً في دينه
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)).]]
(347)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رابع ربيع الآخر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين.
(قوله: باب كارهة تمني الموت -إلى أن قال- روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أنس ..) إلى آخره.
قرأت على الشيخ أبي الفرج بن حماد رحمه الله بالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن العباس من لفظه، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، قال: حدثنا عاصم بن علي (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى البخاري قال: حدثنا آدم (ح).
وقرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي بالقاهرة، وعلى الشيخ أبي إسحاق المؤذن بمكة، كلاهما عن أبي العباس بن أبي طالب سماعاً عليه مفترقين،(4/220)
قال: أخبرنا أبو المنجا بن اللتي، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن بن داود، قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الشاشي، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قالوا: حدثنا شعبة، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري هكذا.
وأخرجه مسلم عن محمد بن أحمد بن خلف، عن روح بن عبادة، عن شعبة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه أحمد عن روح، عن شعبة، عن ثابت، وعبد العزيز بن صهيب وعلي بن زيد، ثلاثتهم عن أنس.
وأخرجه أحمد أيضاً عن أبي النضر هاشم بن القاسم.
فوقع لنا موافقة عالية.
ووقعت لنا رواية شعبة عن عبد العزيز بعلو.
أخبرني أبو الحسن بن أبي المجد، عن أبي بكر الدشتي، قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا عبد الله بن(4/221)
جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، فذكر مثله.
أخرجه أبو عوانة في صحيحه عن يونس بن حبيب.
فوقع لنا موافقة عالية.
وبه إلى أبي نعيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد، ومحمد بن إبراهيم، قالا: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب، فذكره.
لكن قال: ((متمنياً)) بدل قوله ((فاعلاً)).
أخرجه مسلم عن أبي خيثمة.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن عبد العزيز بلفظ ((لا يدعون أحدكم بالموت لضر نزل به)).
وأخرجه ابن حبان في صحيحه من طرق زاد في بعضها: ((لضر نزل به في الدنيا)).
وأصل النهي عن تمني الموت مطلقاً ثبت في عدة أحاديث:
منها في الصحيحين عن خباب بمعجمة وموحدتين الأولى ثقيلة، قال: لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به.(4/222)
وفي بعض طرقه: إنه كان ابتلي في جسده.
وفي البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يتمنين أحدٌ الموت أما محسناً فلعله يزداد وأما مسيئاً فلعله يستعتب)).
وعند مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات انقطع عمله، ولا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً)).
وعند البزار من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تمنون الموت، فإن هول المطلع شديدٌ، وإن من السعادة أن يطول عمر العبد حتى يرزقه الله الإنابة)).
وورد الدعاء المذكور مجرداً عن التمني في حديث عمار.
أخرجه النسائي من رواية قيس بن عبادٍ -بضم المهملة وتخفيف الموحدة- قال: صلى بنا عمار بن ياسر رضي الله عنهما، ثم قال: لقد دعوت فيها بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به: ((اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي)).
وأما ما ذكره الشيخ من الاستثناء فقد ورد عن عمر فيما أخرجه مالك في الموطأ أن عمر رضي الله عنه لما قفل من الحج قال: اللهم ضعفت قوتي وكبرت سني وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مقصر، فما انسلخ الشهر حتى قبض.(4/223)
فهذا أصل في جواز تمني الموت لمن خشي على نقص في دينه، والله أعلم.
آخر المجلس السابع والأربعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو السابع والعشرون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر البقاعي لطف الله به.
[[باب استحباب دعاء الإنسان بأن يكون موته في البلد الشريف
روينا في صحيح البخاري، عن أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما قالت: قال عمر رضي الله عنه: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم، فقلت: أنى يكون هذا؟ قال: يأتيني الله به إذا شاء.
باب استحباب تطييب نفس المريض
روينا في كتاب الترمذي وابن ماجه بإسناد ضعيف، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخلتم على مريضٍ فنفسوا له في أجله، فإن ذلك لا يرد شيئاً ويطيب نفسه)).
باب الثناء على المريض بمحاسن أعماله ونحوها إذا رأى منه خوفاً ليذهب خوفه ويحسن ظنه بربه سبحانه وتعالى
روينا في صحيح البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن وكان يجزعه: يا أمير(4/224)
المؤمنين! ولا كل ذلك، قد صحبت رسول الله فأحسنت صحبته، ثم فارقك وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقك وهو عنك راضٍ، ثم صحبت المسلمين فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون .. وذكر تمام الحديث. وقال عمر رضي الله عنه: ذلك من منّ الله تعالى.]]
(348)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء حادي عشر الشهر من السنة فقال أحسن الله إليه:
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الدمشقي بالقاهرة، قال: أخبرنا سليمان بن حمزة في كتابه، قال: أخبرنا جعفر بن علي، قال: أخبرنا السلفي، قال: أخبرنا عبد الله الثقفي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران، قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: حدثنا أبو خيثمة -هو زهير بن حرب- واللفظ له (ح).
وأخبرني عالياً أبو العباس بن أبي محمد الزينبي، قال: أخبرنا محمد بن غالي، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا أحمد بن محمد التيمي في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ في الحلية، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، قالا: حدثنا يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، أن عمر رضي الله عنه لما نفر من منى أناخ بالبطحاء، ثم كوم كومة فألقى عليها طرف ردائه، ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء، فقال: اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مفرط ولا مضيع، فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن.
أخرجه محمد بن سعد في الطبقات عن يزيد بن هارون.(4/225)
فوقع لنا موافقة عالية.
(قوله: باب استحباب دعاء الإنسان بأن يكون موته في البلد الشريف، روينا في صحيح البخاري عن أم المؤمنين حفصة ..) إلى آخره.
أخبرني أبو العباس الزينبي بالسند المذكور آنفاً إلى أبي نعيم، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، قال: حدثنا أمية بن بسطام، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: اللهم ارزقني قتلاً في سبيلك ووفاة في بلد رسولك، قلت: وأنى يكون هذا؟ قال: يأتي به الله إذا شاء.
أخرجه البخاري تعليقاً، قال: قال يزيد بن زريع فذكره.
ووصله من وجه آخر عن زيد بن أسلم.
(قوله: باب استحباب تطييب نفس المريض، روينا في كتابي الترمذي وابن ماجه بإسناد ضعيف عن أبي سعيد ..) إلى آخره.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن عيسى بن عبد الرحمن بن معالي، قال: أخبرنا جعفر بن علي، قال: أخبرنا السلفي، قال: أخبرنا أبو طالب البصري، قال: حدثنا أبو القاسم بن بشران، قال: حدثنا دعلج بن أحمد، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، قال: حدثنا إسحاق بن راهويه، قال: حدثنا عقبة بن خالد السكوني، عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في أجله، فإن ذلك لا يرد شيئاً، وهو يطيب نفس المريض)).
أخرجه الترمذي في كتاب الطب عن أبي سعيد الأشج.(4/226)
وابن ماجه في الجنائز عن أبي بكر بن أبي شيبة.
كلاهما عن عقبة بن خالد، قال الترمذي: غريب.
وأخرجه ابن عدي في الكامل عن أحمد بن الحسن الكرخي، عن محمد بن حاتم، عن نعيم بن حماد، عن عقبة.
وقال: روى عقبة بن خالد عن موسى بن محمد عدة أحاديث مناكير هذا منها، كذا قال.
وقد قال أبو حاتم الرازي: الجناية فيها من موسى بن محمد، ولا ذنب لعقبة فيها.
قلت: وعقبة من رجال الصحيح، وموسى ضعفوه، ولم أجد لأحد فيه توثيقاً.
وله شاهد أشد ضعفاً منه من حديث جابر يأتي في باب طلب الدعاء من المريض.
(قوله: باب الثناء على المريض -إلى أن قال- روينا في صحيح البخاري، عن ابن عباس .. .. ) إلى آخره.
قرأت على أبي بكر بن إبراهيم بن أبي عمر الصالحي بها، عن أبي نصر الفارسي، قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي الفرج بن الجوزي في كتابه، قال: أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندار، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر محمد بن غالب، قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر بن إبراهيم الجرجاني، قال: أخبرني إبراهيم بن شريك، والهيثم بن خلف، قال الأول: حدثنا شهاب بن عباد،(4/227)
والثاني: حدثنا القواريري، قالا: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما طعن عمر رضي الله عنه كنت قريباً منه، فمسست بعض جسده -وفي رواية شهاب: مسست جلد عمر، ثم اتفقا- فقلت: جسد لا تمسه النار أبداً، فنظر إلي نظرة كنت أرثي له منها -زاد القواريري فقال: وما علمك بذلك؟ ثم اتفقا- فقلت: يا أمير المؤمنين صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته وفارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، وفارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت المسلمين فأحسنت صحبتهم وتفارقهم وهم عنك راضون، قال: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك منَّ من الله علي به، وكذا قال في أبي بكر، وأما ما ذكرت من صحبتكم فلو أن لي ما في الأرض لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه.
أخرجه البخاري تعليقاً، قال: قال حماد بن زيد، فذكره.
ووصله من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب بمعناه.
وأخرج ابن سعد من وجه آخر صحيح عن ابن عباس، قال: لما طعن عمر أثنيت عليه، فقال: بأي شيء تثني علي بالإمرة أو بغيرها؟ قلت: بكل، قال: ليتني أخرج منها كفافاً لا أجر ولا وزر.
ولهذا الكلام الأخير شاهد من حديث ابن عمر عن عمر، أخرجه البخاري أيضاً، والله أعلم.
آخر المجلس الثامن والأربعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الثماني والعشرون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية إبراهيم البقاعي.(4/228)
[[وروينا في صحيح مسلم، عن ابن شماسة -بضم الشين وفتحها- قال: حضرنا عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهو في سياقة الموت يبكي طويلاً، وحول وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول: يا أبتاه، أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم ذكر تمام الحديث.]]
(349)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن عشر الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: وروينا في صحيح مسلم عن ابن شماسة -بضم الشين يعني المعجمة وفتحها إلى آخره قال: حضرنا عمرو بن العاص ..) إلى آخره.
أخبرني الشيخ أبو الفرج بن أبي العباس البزار، قال: أخبرنا علي بن إسماعيل المخزومي، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، عن مسعود بن أبي منصور، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا أبو عاصم، عن حيوة.
قال أحمد: وحدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: أخبرنا حيوة بن شريح، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة -بتخفيف الميم وبعد الألف مهملة- قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت، فبكى طويلاً ووجهه إلى الحائط، فجعل ابنه يقول له: ما يبكيك يا أبتاه؟ أما(4/229)
بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، لقد رأيتني على أطباق ثلاثة لقد رأيتني وما أحد أشد بغضاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أحد أحب أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على هذا لكنت في النار، فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أعطني يمينك لأبايعك، فأعطاني يده فقبضت يدي، فقال: ((ما لك يا عمرو؟)) قلت: أردت أن أشترط عليك، قال: ((فتشترط ماذا؟)) قلت: أن يغفر لي، قال: ((أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها)) زاد يعقوب في روايته وأحسبه قال: ((وأن الجهاد يهدم ما كان قبله)) قال: فبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كان أحد أحب إلي من النبي صلى الله عليه وسلم ولا أعظم في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إعظاماً له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أنظر إليه إعظاماً له، فلو مت على هذا لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم ولينا أشياء لا أدري مالي فيها، فإذا أنا مت فلا تتبعني نائحةً ولا ناراً، وإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سناً وأقيموا عندي قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها آنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي عز وجل.
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن إسحاق بن منصور.
وابن سعد في الطبقات عن أبي عاصم.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه مسلم أيضاً عن محمد بن المثنى وأبي معن الرقاشي.(4/230)
وأخرجه ابن خزيمة عن علي بن مسلم.
وأبو عوانة عن إبراهيم بن مرزوق وسليمان بن سيف ويزيد بن سنان.
ستتهم عن أبي عاصم -وهو الضحاك بن مخلد الشيباني المعروف بالنبيل-.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ورويناه في كتاب الزهد لعبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب بهذا السند، وسمى ابن شماسة عبد الرحمن، وسمى ابن عمر وعبد الله، وساق المتن بنحوه وقال فيه: فقال له عبد الله: لم تبكي؟ أجزع من الموت؟ قال: لا ولكن ما بعده. وقال فيه: ثم تلبست بعد ذلك أشياء فلا أدري علي أم لي. وزاد بعد قوله التراب سناً فإن جنبي الأيمن ليس بأولى بالتراب من جنبي الأيسر.
وقال فيه: ولا تجعل في قبري خشبة ولا حجراً.
وليزيد بن أبي حبيب في أصل قصة إسلام عمرو سند آخر، أخرجه أحمد والحاكم من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد، عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس، عن حبيب، عن عمرو، فذكر سبب إسلامه، وقال فيه: فقلت: يا رسول الله أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ولم أذكر وما تأخر، وقال فيه ((فإن الإسلام يجب ما قبله)).
وأخرجه ابن سعد من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه عن عمرو بنحوه وقال فيه: فو الله ما هو إلا أن جلست بين يديه فما استطعت أن أرفع رأسي حياء منه، وقال فيه: ولم يحضرني وما تأخر.(4/231)
وذكر الزبير بن بكار أن عمراً لما أسلم جاء هو وخالد بن الوليد وعثمان بن أبي طلحة قال عمرو: وكنت أسن منهما فقدمتهما قبلي، فبايعا على أن يغفر لهما ما تقدم من ذنبهما، وأضمرت في نفسي أن أبايع على ما تقدم وما تأخر، فلما بايعت أنسيت أن أذكر وما تأخر.
وأخرج ابن سعد بسند قوي من رواية أبي حرب بن أبي الأسود أن عبد الله بن عمرو حدثه أن أباه أوصاه فذكر قصة فيها: فإذا أنت حملتني على السرير فامش بي مشياً بين المشيين، وإذا أنت وضعتني في القبر فسن علي التراب سناً، ثم قال: اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا، اللهم لا بريئاً فأعتذر ولا عزيزاً فأنتصر ولكن لا إله إلا أنت، فما زال يقولها حتى مات رحمه الله تعالى.
آخر المجلس التاسع والأربعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو التاسع والعشرون بعد السبعمئة من أصل الأمالي بالبيبرسية رواية إبراهيم البقاعي.
[[وروينا في صحيح البخاري، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه؛ أن عائشة رضي الله عنها اشتكت، فجاء ابن عباس رضي الله عنهما فقال: يا أم المؤمنين! تقدمين على فرط صدق: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر رضي الله عنه. ورواه البخاري أيضاً من رواية ابن أبي مليكة أن ابن عباس استأذن على عائشة قبل موتها وهي مغلوبة، قالت: أخشى أن يثني علي، فقيل: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا له، قال: كيف تجدينك؟ قالت: بخير إن اتقيت، قال: فأنت بخير إن شاء الله: زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم،(4/232)
ولم ينكح بكراً غيرك، ونزل عذرك من السماء.]]
(350)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس عشر من الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: روينا في صحيح البخاري عن القاسم بن محمد بن أبي بكر أن عائشة رضي الله عنها اشتكت فجاء ابن عباس .. .. ) إلى آخره.
أخبرنا المسند أبو بكر بن أبي عمر الصالحي بها إذناً مشافهة، قال: أخبرنا محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله في كتابه عن علي بن عبد الرحمن بن علي البكري، قال: أخبرنا يحيى بن ثابت البقال، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني، قال: أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، قال: حدثنا يحيى بن محمد البختري، قال: حدثنا أبو الربيع -هو الزهراني- قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: أخبرنا ابن عون -هو عبد الله- عن القاسم بن محمد، أن ابن عباس رضي الله عنهما استأذن على عائشة رضي الله عنها وهي مريضة، فألقت له وسادة، فجلس عليها، فقال لها: أبشري يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه، قالت: أعوذ بالله أن تزكيني.
أخرجه البخاري في المناقب عن محمد بن بشار عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن عبد الله بن عون.
ورواية حماد التي سقتها أتم.
(قوله: ورواه البخاري أيضاً من رواية ابن أبي مليكة أن ابن عباس استأذن على عائشة .. .. ) إلى آخره.
قلت: أخرجه في تفسير سورة النور عن محمد بن المثنى عن يحيى القطان(4/233)
عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عنه.
وحذف الشيخ منه ودخل ابن الزبير .. .. إلى آخره.
وأخرجه محمد بن سعد في الطبقات عن أبي أحمد الزبيري عن عمر بن سعيد وزاد في آخره، فأثنى علي ولم أكن أحب أن أسمع اليوم أحداً يثني علي.
ورواه عبد الله بن عثمان بن خثيم -بمعجمة مثلثة مصغر- عن ابن أبي مليكة فزاد في السند رجلاً وفي المتن أشياء.
قرأته على أبي المعالي عبد الله بن عمر الهندي، عن أبي العباس أحمد بن محمد الحلبي سماعاً، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا أبو محمد الحربي، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن خثيم، عن ابن أبي مليكة، عن ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها، أنه استأذن لابن عباس على عائشة وهي تموت وعندها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن، فقال: هذا ابن عباس يستأذن عليك وهو من خير بنيك، فقالت: دعني من ابن عباس ومن تزكيته، فقال لها: إنه قارئ لكتاب الله فقيه في دين الله فائذني له فليسلم عليك وليودعك، قالت: ائذن له إن شئت، فأذن له فدخل ثم سلم وجلس، فقال: أبشري يا أم المؤمنين فو الله ما بينك وبين أن يذهب عنك كل أذى ونصب ووصب أن تلقي الأحبة محمداً وحزبه أو قال: وصحبه إلا أن تفارق روحك جسدك، فقالت: وأيضاً، فقال ابن عباس: كنت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن ليحب إلا طيباً، وأنزل الله عز وجل براءتك من فوق سبع سموات، فليس في الأرض مسجد إلا وهو يتلى فيه، وسقطت قلادتك بالأبواء(4/234)
فاحتبس النبي صلى الله عليه وسلم على ابتغائها أو قال: على طلبها حتى أصبح القوم على غير ماء، فأنزل الله عز وجل {فتيمموا صعيداً طيباً} الآية، فكان ذلك رخصة للناس عامة في سبيلك، والله إنك لمباركة، فقالت: دعني يا ابن عباس من هذا فو الله لوددت أني كنت نسياً منسياً.
وأخرجه أحمد أيضاً عن معاوية بن عمرو عن زائدة.
وأخرجه ابن سعد من طريق زهير بن معاوية كلاهما عن ابن خثيم.
وابن خثيم صدوق، في حفظه شيء، وعمر بن سعيد أثبت منه.
ولعل ابن أبي مليكة حضر القصة وثبته فيها ذكوان فحدث بما حفظ منها بغير واسطة فحمله عنه عمر بن سعيد، والله أعلم.
آخر المجلس الخمسين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الثلاثون بعد السبعمئة من أصل الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
[[باب ما جاء في تشهية المريض
روينا في كتابي ابن ماجه وابن السني بإسناد ضعيف، عن أنس رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على رجلٍ يعوده فقال: ((هل تشتهي شيئاً؟ تشتهي كعكاً؟)) قال: نعم، فطلبه له.
وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تكرهوا مرضاكم على الطعام(4/235)
والشراب، فإن الله يطعمهم ويسقيهم)) قال الترمذي: حديث حسن.]]
(351)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثالث جمادى الأولى من السنة أحسن الله عاقبته آمين.
(قوله: باب ما جاء في تشهية المريض، روينا في كتابي ابن ماجه وابن السني بإسناد ضعيف عن أنس ..) إلى آخره.
قرأت على أم يوسف الصالحية بها، عن أبي عبد الله بن الهيجاء، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، قال: أخبرتنا أم الحسن بنت سعد الخير، قالت: أخبرنا أبو القاسم المستملي، قال: أخبرنا أبو سعد الأديب، قال: أخبرنا أبو عمرو النيسابوري، قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا الحسن بن حماد، قال: حدثنا أبو يحيى الحماني - بكسر المهملة والتشديد، واسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن، قال: سمعت الأعمش يحدث عن رجل، عن أنس رضي الله عنه، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على رجل يعوده فقال: ((تشتهي شيئاً؟ هل تشتهي كعكاً؟)) قال: نعم، فطلبه له.
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن السني عن أبي يعلى على الموافقة.
وأخرجه ابن ماجه عن سفيان بن وكيع عن أبي يحيى، وسمى شيخ الأعمش فيه فقال: عن يزيد الرقاشي.
وهو ضعيف وكذا الذي سماه وهو شيخ ابن ماجه.(4/236)
وذكر ابن ماجه قبل حديث أنس حديثاً لابن عباس في المعنى، وسنده أصلح من هذا.
وعجبت للشيخ كيف أغفله، وترجمته تقتضي ذكره.
أخبرني الإمام شيخ الإسلام أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله، قال: أخبرني علي بن محمد البزاز، قال: أخبرنا علي بن أحمد السعدي، قال: أخبرنا أبو القاسم الحرستاني سماعاً، وأبو طاهر الخشوعي كتابة، قالا: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة، قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الحافظ، قال: حدثنا أبو القاسم بن أبي الحسين الرازي، قال: حدثنا خيثمة -وهو ابن سليمان- قال: حدثنا أبو قلابة -هو عبد الملك بن محمد- قال: حدثنا صفوان بن هبيرة، قال: حدثنا أبو مكين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلاً من الأنصار، فقال: ((ما تشتهي؟)) قال: أشتهي خبز بر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من عنده خبز بر؟)) فانطلق رجل فجاء بكسرة من خبز بر، فأطعمها النبي صلى الله عليه وسلم إياه، وقال: ((إذا اشتهى مريض أحدكم شيئاً فليطعمه)).
وبه قال الرازي: اسم أبي مكين نوح بن ربيعة.
قلت: وهو بفتح أوله وكسر ثانيه وآخره نون، وثقه جماعة.
وأما الراوي عنه فذكره العقيلي وقال: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به. انتهى.
أخرجه ابن ماجه عن الحسن بن علي الخلال عن صفوان بن هبيرة.
وللحديث شاهد عن عمر، أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات، لكنه موقوف، ولفظه: إذا اشتهى مريضكم الشيء فلا تحموه، فلعل الله إنما شهاه ذلك ليجعل شفاءه فيه.(4/237)
(قوله: وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه .. .. ) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن إسماعيل بن يوسف القيسي، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر البغدادي، قال: أخبرنا أبو المعالي بن اللحاس، عن علي بن أحمد البندار، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص إجازة مشافهة، قال: حدثنا ابن منيع -يعني عبد الله بن محمد البغوي- قال: حدثنا أبو عمرو بن حازم، قال: حدثنا بكر بن يونس بن بكير، قال: حدثنا موسى بن علي، عن أبيه -هو علي بالتصغير- ابن رباح -بفتح الراء وتخفيف الموحدة- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تكرهوا موتاكم على الطعام، فإن الله يطعمهم ويسقيهم)).
هذا حديث غريب من هذا الوجه، وهو حسن بشواهده.
أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده عن بكر بن يونس.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الترمذي عن أبي كريب محمد بن العلاء.
وابن ماجه عن محمد بن عبد الله بن نمير.
كلاهما عن بكر بن يونس.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وزاد ابن نمير وابن أبي شيبة ((والشراب)).(4/238)
وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق أبي كريب، وقال: صحيح على شرط مسلم.
وليس كما قال، فإن بكر بن يونس ليس من رجال مسلم لا عيناً ولا مثلاً، بل الأكثر على تضعيفه، ضعفه البخاري وأبو زرعة الرازي وأبو داود، وقال ابن عدي: تفرد به وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال العجلي: لا بأس به وبعضهم يضعفه. انتهى.
وللمتن شواهد أذكر ما تيسر منها إن شاء الله تعالى.
آخر المجلس الحادي والخمسين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الحادي والثلاثون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
(352)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين آمين:
أخبرني أبو العباس أحمد بن عبد القادر وابن عمه عبد الرحمن بن عبد الله ابني محمد بن عبد الرحمن بن يوسف البعلي، قالا: أخبرنا الحافظ جمال الدين يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي، قال: أخبرنا الفخر عبد الرحمن بن يوسف، قال: أخبرنا البهاء عبد الرحمن بن إبراهيم (ح).
قال شيخنا: وأخبرنا عالياً المسند أبو العباس أحمد بن علي بن الحسن الهكاري، عن المبارك بن محمد الخواص، قالا: أخبرنا أبو الفتح بن شاتيل، قال: أخبرنا أبو بكر بن المظفر، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان، قال: أخبرنا(4/239)
أبو العباس بن نجيح، قال: حدثنا قاسم بن المغيرة، قال: حدثنا محمد بن الطفيل الكوفي (ح).
وقرأته عالياً أيضاً على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي نصر الفارسي، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمي، قال: حدثنا مسعدة بن سعد، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قالا: حدثنا محمد بن العلاء -قال ابن الطفيل في روايته: المدني، وقال ابن المنذر في روايته: النبقي بفتح النون والموحدة ثم قاف- قال: ثم اتفقا على الوليد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب، فإن الله يطعمهم ويسقيهم)).
هذا حديث غريب من هذا الوجه.
أخرجه البزار عن أحمد بن الوليد البزاز ويحيى بن معلى بن منصور، كلاهما عن محمد بن العلاء.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
قال البزار: لا يروى عن عبد الرحمن إلا بهذا الإسناد.
وقال الطبراني: تفرد به محمد بن العلاء، انتهى.
وأخرجه الحاكم في الطب من المستدرك من وجه آخر عن إبراهيم بن المنذر بهذا السند.
وقال: صحيح الإسناد، ورواته مدنيون، وعندنا فيه حديث محمد بن(4/240)
الوليد اليشكري الذي تفرد به عن مالك عن نافع. انتهى.
فأما قوله: رواته مدنيون، فيريد من إبراهيم بن المنذر فصاعداً.
وأما تصحيحه ففيه نظر، فإن الوليد لم يترجم له البخاري ولا ابن أبي حاتم ولا غيرهما ممن صنف في الثقات ولا الضعفاء، ولم نجد عنه راوياً إلا محمد بن العلاء، وهو شيخ مستور، روى عنه جماعة من المدنيين والغرباء، ولم أر من أفرد له ترجمة إلا الدارقطني في ذيله على تاريخ البخاري، ولم يزد في ترجمته على ما في هذا الحديث، لكنه قال: محمد بن العلاء بن أبي نبقة، ووقع في المعجم الكبير للطبراني في حديث آخر بهذا السند محمد بن العلاء بن الحسني النبقي المطلبي، وكذا ذكر أبو الوليد الفرضي الأندلسي في المشتبه وأفاد أنه منسوب إلى أبي نبقة -بكسر الموحدة وسكونها- قال: واسمه عبد الله بن علقمة بن المطلب بن عبد مناف.
وأما رواية محمد بن الوليد التي أشار إليها الحاكم فنسبه إلى جده، وهو محمد بن عمر بن الوليد اليشكري -بفتح التحتانية بنقطتين وسكون المعجمة وضم الكاف- أخرج حديثه الدارقطني في غرائب مالك والخطيب في الرواة عن مالك، وقال: تفرد به، وكأنه تبع في ذلك الحاكم.
وقد ذكر البيهقي في الشعب عقب حديث عقبة بن عامر الذي ذكرته أولاً أن اليشكري وعلي بن قتيبة رواه عن مالك، ورواية علي بن قتيبة أخرجه الدارقطني أيضاً وابن عدي في الكامل.
قرأت على أبي الحسن بن أبي بكر الحافظ، عن أبي الحسن العرضي سماعاً، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، قال: أخبرنا أبو القاسم الحرستاني، قال: أخبرنا أبو الحسن السلمي، قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: حدثنا أبو الحسين بن جميع، قال: حدثنا عمر بن الربيع، قال: حدثنا(4/241)
أحمد بن داود، قال: حدثنا علي بن قتيبة الرفاعي، قال: حدثنا مالك، فذكر مثل رواية ابن عون سواء.
أخرجه الدارقطني عن علي بن محمد المصري، وابن عدي عن يوسف بن الحجاج، كلاهما عن أحمد بن داود.
ولم ينفردا به عن مالك، فقد أخرجه الدراقطني أيضاً والعقيلي في الضعفاء من رواية عبد الوهاب بن نافع عن مالك.
وأخرجه الدارقطني أيضاً من رواية عبد الملك بن بديل [و]من رواية عبد الملك بن مهران ومن رواية خداش بن الدخداخ -بشين معجمة وخاءات معجمات ودالات مهملات- ثلاثتهم عن مالك.
قال الدارقطني: كل هؤلاء الذين رووه عن مالك ضعفاء.
وقال ابن عدي: هذا باطل عن مالك.
وكذا أشار إليه الدارقطني في موضع آخر.
وفي الباب أيضاً عن جابر أخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة أبي تراب الزاهد.
وفي سنده مقال، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني والخمسين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الثاني والثلاثون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه حالة الإملاء إبراهيم بن عمر بن الرباط البقاعي من لفظ ممليه شيخ الإسلام والحفاظ أبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر الكناني العسقلاني قاضي الديار المصرية باستملاء رضوان كما قبله على العادة أحسن الله العاقبة.(4/242)
[[باب طلب العواد الدعاء من المريض
روينا في سنن ابن ماجه وكتاب ابن السني بإسناد صحيح أو حسن، عن ميمون بن مهران، عن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخلت على مريضٍ فمره فليدع لك، فإن دعاءه كدعاء الملائكة)).]]
(353)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى سنة خمس وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته:
(قوله: باب طلب العواد الدعاء من المريض، روينا في سنن ابن ماجه وكتاب ابن السني بإسناد صحيح أو حسن عن ميمون بن مهران، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخلتم على مريضٍ فمروه فليدع لكم، فإن دعاءه كدعاء الملائكة)).
لكن ميمون لم يدرك عمر.
قلت: فلا يكون صحيحاً، ولو اعتضد لكان حسناً، [لكن] لم نجد له شاهداً يصلح للاعتبار، فقد جاء من حديث أنس ومن حديث أبي أمامة ومن حديث جابر، وفي سند كل منهما من نسب إلى الكذب، ثم وجدت في سند ميمون علة خفية تمنع من الحكم بصحته وبحسنه، وذلك أن ابن ماجه أخرجه عن جعفر بن مسافر -وهو شيخ وسط قال فيه أبو حاتم: شيخ، وقال النسائي: صالح، وقال ابن حبان في الثقات: يخطئ -رواه عن كثير بن هشام- وهو ثقة من رجال مسلم -عن جعفر بن برقان بضم الموحدة وسكون الراء بعدها قاف(4/243)
وهو من رجال مسلم أيضاً لكنه مختلف فيه، والراجح أنه ضعيف في الزهري خاصة، وهذا من حديثه عن غير الزهري، وهو ميمون بن مهران.
وأخرجه ابن السني من طريق الحسن بن عرفة -وهو أقوى من جعفر بن مسافر- عن كثير بن هشام، فأدخل بين كثير وجعفر بن برقان عيسى بن إبراهيم الهاشمي، وهو ضعيف جداً نسبوه إلى الوضع، فهذه علة قادحة تمنع من الحكم بصحته لو كان متصلاً وكذا بحسنه.
فأما حديث أنس ففيما قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي بالسند الماضي آنفاً إلى أحمد بن عبد الله الحافظ (ح).
وأخبرنا الإمام أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله إجازة مشافهة، قال: أخبرنا أبو محمد البزوري، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، قال: أخبرنا أبو عبد الله الكراني في كتابه، قال: أخبرنا أبو القاسم الصيرفي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قالا: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن البصري السامي -وهو بالمهملة- قال: حدثنا هاشم بن القاسم الحراني، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن قيس، عن هلال بن عبد الرحمن، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((عودوا المرضى ومروهم فليدعوا لكم، فإن دعوة المريض مستجابةٌ وذنبه مغفورٌ)).
قال الطبراني في الرواية الأولى: لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الرحمن بن قيس.
قلت: وهو الزعفراني الضبي، تركه الجمهور، وكذبه عبد الرحمن بن مهدي وأبو زرعة الرازي وغيرهما.
وأما حديث أبي أمامة فأخرجه ابن عدي في ترجمة الحسين بن علوان(4/244)
ولفظه: ((عودوا مرضاكم، ومروهم أن يدعو لكم، فإن دعائهم يعدل عند الله دعاء ملائكته)).
والحسين بن علوان كذبه يحيى بن معين، وقال ابن حبان: يضع الحديث.
وأما حديث جابر فأخرجه البيهقي في الشعب من طريق أبي الزبير عنه في أثناء حديث يشتمل على آداب في العبادة تقدم بعضها، ولفظه: ((إذا دخل أحدكم على مريض فليصافحه وليضع يده على جبهته وليسأله كيف هو؟ ولينفس له في أجله وليسأله أن يدعو له، فإن دعاء المريض كدعاء الملائكة)).
وفي سنده عمر بن موسى الوجيهي نسبه أبو حاتم الرازي إلى وضع الحديث.
وفي سنده أيضاً ضعيف ومتروك.
فليس في الباب ما يعول عليه إلا حديث عمر على ما فيه، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث والخمسين بعد الثلاثمة من التخريج، وهو الثالث والثلاثون بعد السبعمئة من الأمالي رواية إبراهيم البقاعي.
[[باب وعظ المريض بعد عافيته وتذكيره الوفاء بما عاهد الله تعالى عليه من التوبة وغيرها
وروينا في كتاب ابن السني، عن خوات بن جبير رضي الله عنه، قال: مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((صح الجسم يا خوات، قلت: وجسمك يا رسول الله! قال: فف الله بما وعدته،(4/245)
فقلت: ما وعدت الله عز وجل شيئاً، قال: بلى إنه ما من عبدٍ يمرض إلا أحدث الله عز وجل خيراً، فف الله بما وعدته)).]]
(354)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رابع عشري جمادى الأولى من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
أخبرني الشيخ الإمام أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله، قال: قرأت على أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن البزاز الدمشقي بالقاهرة، عن علي بن أحمد بن عبد الواحد سماعاً عليه، قال: أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي، قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة السلمي، قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الحافظ، قال: أخبرنا تمام بن محمد الرازي، قال: حدثنا خيثمة بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن عوف، قال: حدثنا أحمد بن يونس -هو الحمصي- قال: حدثنا الحسين بن علوان، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة رضي الله عنه، فذكر الحديث.
أخرجه ابن عدي عن أحمد بن عمير بن جوصا -بفتح الجيم وسكون الواو بعدها صاد مهملة- عن محمد بن عوف.
فوقع لنا بدلاً عالياً لاتصال السماع.
(قوله: باب وعظ المريض بعد عافيته -إلى أن قال- روينا في كتاب ابن السني عن خوات بن جبير .. .. ) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد الصالحية بها، عن محمد بن عبد الحميد إجازة مكاتبة من مصر، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي بن أبي العز، قال: قرئ على فاطمة بنت أبي الحسن بن محمد الأندلسي ونحن نسمع، قالت: قرئ على أم إبراهيم بنت عبد الله بن عقيل ونحن نسمع بأصبهان، عن(4/246)
محمد بن عبد الله التاجر سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا الحكم بن أبي زياد، قال: حدثنا محمد بن الحجاج المصفر، قال: حدثنا أبو صالح خوات بن صالح بن خوات بن جبير، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، قال: مرضت فعادني النبي صلى الله عليه وسلم، فلما برأت قال لي: ((صح جسمك يا خوات ف لله بما وعدته)) قلت: ما وعدت الله شيئاً، قال: ((إنه ما من أحدٍ يصيبه مرضٌ إلا نذر لله أو نوى شيئاً من الخير فف لله بما وعدته)).
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات عن إبراهيم بن راشد، عن محمد بن الحجاج.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن شاهين في كتاب الصحابة عن أبي بكر بن أبي داود، عن إبراهيم بن راشد، وأخرجه ابن قانع من رواية عبدان بن عمر، وابن عدي من رواية علي بن جميل، وابن السني من رواية محمد بن حاتم، ثلاثتهم عن محمد بن الحجاج.
ونقل ابن عدي في ترجمته عن أحمد والنسائي والعجلي أنهم قالوا فيه: متروك.
وعن البخاري قال: سكتوا عنه، وهي عبارة عنده عن الترك.
قال ابن عدي: والضعف على حديثه بين.
وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه.
قلت: وقد وجدت له متابعاً في هذا الحديث عن شيخه، وشيخه وأبوه ذكرهما ابن حبان في الثقات.(4/247)
قرأت على أم الحسن بنت محمد بن أحمد بن عثمان الدمشقية بها، عن أبي الفضل بن أبي طاهر بن أبي عمر بن قدامة، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر، قال: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت: أخبرنا أبو بكر بن رندة، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا موسى بن زكريا التستري، قال: حدثنا شباب -بفتح المعجمة وتخفيف الموحدة وبعد الألف موحدة العصفري واسمه خليفة بن خياط- قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق الهاشمي، قال: حدثنا خوات بن صالح بن خوات، عن أبيه، عن جده، فذكره.
وموسى بن زكريا شيخ الطبراني فيه مقال، لكن لم ينفرد به، فقد أخرجه ابن قانع من رواية محمد بن يحيى القطعي عن عبد الله بن إسحاق.
وأخرج أبو العباس محمد بن إسحاق السراج في تاريخه عن شباب حديثاً آخر بهذا الإسناد، ونسب عبد الله شيخ العصفري فقال: ابن إسحاق بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
وهكذا نسبه ابن قانع وكذا ابن شاهين في روايته لهذا الحديث الثاني.
وذكره العقيلي في كتاب الضعفاء ونسبه كذلك، وأورد له الحديث المذكور، وقال: لا يتابع عليه، وكأنه لم يعتد برواية محمد بن الحجاج لشدة ضعفه، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والخمسين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الرابع والثلاثون بعد السبعمئة. من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.(4/248)
[[باب ما يقوله من أيس من حياته
روينا في كتاب الترمذي وسنن ابن ماجه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموت، وعنده قدحٌ فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: ((اللهم أعني على غمرات الموت وسكرات الموت)).]]
(355)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء غرة جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وثمانمئة فقال: أحسن الله عاقبته:
(قوله: باب ما يقوله من أيس من حياته، روينا في كتاب الترمذي وسنن ابن ماجه عن عائشة .. .. ) إلى آخره.
أخبرني أبو المعالي عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عمر، قال: أخبرنا أبو الفرج عبد اللطيف بن عمر المنعم، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أبي المجد، قال: أخبرنا أبو القاسم بن محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا الحسن بن علي الواعظ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد، عن موسى بن سرجس -بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم بعدها سين مهملة- عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء، فيدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: ((اللهم أعني على سكرات الموت)).(4/249)
هذا حديث غريب من هذا الوجه بهذا اللفظ.
وموسى شيخ مدني مقل ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقد خالفه في لفظه عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، عن أبيه، وهو شيخ موسى فيه فذكره بلفظ: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حاقنتي وذاقنتي فلا أكره شدة الموت لأحد أبداً بعدما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان موسى حفظه استفيد من روايته بيان الشدة المذكورة في حديث عبد الرحمن، وعبد الرحمن متفق على ثقته ودينه وفقهه.
أخرج حديثه المذكور البخاري من رواية الليث أيضاً عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عنه.
وهو يزيد المذكور في روايتنا، فقد أخرجها أحمد أيضاً عن منصور بن سلمة عن الليث، عن يزيد بن الهاد.
وعن هاشم بن القاسم عن الليث عن يزيد بن عبد الله بن أسامة -وأسامة هو الهاد- فيما قيل، وقيل: الهاد لقب شداد، وهو والد عبد الله له صحبة ولابنه عبد الله رؤية، فنسب عبد الله لجده كما نسب يزيد لجد أبيه في رواية منصور.
وأخرجه الترمذي عن قتيبة بن سعيد عن الليث فقال: عن ابن الهاد ولم يسمه.
وخالف الجميع ابن ماجه فأخرجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يونس بن محمد كما أخرجناه، لكن قال: عن يزيد بن أبي حبيب، وكأنه نسبه من قبل نفسه، لكونه مصرياً والليث مصري.(4/250)
وقد أخرجه شيخه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده وفي مصنفه كما أخرجه أحمد لم ينسب يزيد.
وكذا أخرجه محمد بن سعد في الطبقات عن يونس بن محمد.
وأخرجه الحاكم في تفسير سورة (ق) من وجه آخر عن قتيبة عن الليث عن يزيد بن عبد الله بن الهاد.
ووقع لنا من رواية رشدين وهو مصري أيضاً عن يزيد بن الهاد.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده وأبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب الأمراض والكفارات من طريق رشدين -وهو بكسر الراء والدال المهملة بينهما شين معجمة.
ووجدت لرواية موسى شاهداً مرسلاً، أخرجه ابن سعد من طريق جعفر الصادق عن أبيه أبي جعفر الباقر، قال: لما نزلت برسول الله صلى الله عليه وسلم الموت دعا بقدح فيه ماء، فجعل يمسح وجهه بيده، فذكر مثله.
وفي رواية أخرى: ((اللهم أعني على الموت وهونه علي)).
ووقع ذكر سكرات الموت في حديث آخر لعائشة.
أخرجه البخاري من طريق أبي عمرو ذكوان مولى عائشة عن عائشة رضي الله عنها، قالت: من نعمة الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي نوبتي وبين سحري ونحري .. الحديث.(4/251)
وفيه: وبين يديه ركوة أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يده فيمسح وجهه ويقول: ((لا إله إلا الله، إن للموت سكراتٍ)).
هذا آخر الحديث في البخاري، فإن كانت رواية موسى محفوظة احتمل أنه قال ذلك بعد هذا، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس والخمسين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الخامس والثلاثون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
[[وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو مستندٌ إلي يقول: ((اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى)).]]
(356)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن الشهر من السنة، فقال أحسن الله إليه آمين.
ثم وجدت الحديث عند النسائي، أخرجه من طريق ابن وهب عن الليث عن ابن الهاد. أورده في موضعين من السنن الكبرى.
وابن وهب أعلم بالليث من غيره، واللفظ الذي ذكره الشيخ للترمذي، ولم أره بلفظ غمرات في غيره.
وقد أخرجه الحاكم من طريق محمد بن نعيم عن قتيبة شيخ الترمذي فيه فلم يذكرها.
(قوله: وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن عائشة ..) إلى آخره.(4/252)
أخبرنا الشيخ أبو عبد الله بن قوام، قال: أخبرنا أبو الحسن بن هلال، وأبو عبد الله العسقلاني، قالا: أخبرنا أبو إسحاق بن البرهان، قال: أخبرنا أبو الحسن الطوسي، قال: أخبرنا أبو محمد السيدي، قال: أخبرنا أبو عثمان البحيري، قال: أخبرنا أبو علي السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، قال: أخبرنا أبو مصعب الزهري، قال: أخبرنا مالك (ح).
وأخبرني أبو الفرج بن حماد، قال: أخبرنا أبو الحسن بن قريش، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، قال: أخبرنا أبو الحسن بن منصور في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ في المستخرج، قال: حدثنا أبو بكر الطلحي، وأبو عمرو بن حمدان، قال الأول: حدثنا عبيد بن غنام، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، وقال الثاني: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبدة بن سليمان (ح).
وبه إلى الحسن قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا أبي (ح).
وبه إلى الحسن قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، أربعتهم عن هشام بن عروة، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت، وهو مستند إلى صدرها فأصغت إليه وهو يقول: ((اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن قتيبة، وعن أبي بكر بن أبي شيبة، وعن عبد الله بن محمد بن نمير.(4/253)
فوقع لنا موافقة عالية في الثلاثة.
وأخرجه البخاري من رواية عبد العزيز بن المختار.
والإسماعيلي من رواية وهيب بن خالد.
وابن حبان من رواية المفضل بن فضالة.
ثلاثتهم عن هشام.
وأخرجه البخاري أيضاً من رواية أبي أسامة.
ومسلم والترمذي من رواية عبدة بن سليمان.
ولم أره في شيء من الموطآت ولا في هذه الكتب التي ذكرتها بلفظ ((الأعلى)) في آخره، ولا ذكرها، ابن عبد البر في التمهيد ولا التقصي ولا الحميدي في الجمع بين الصحيحين.
لكن ذكرها عبد الحق في الجمع بين الصحيحين، فلعلها وقعت في بعض النسخ من مسلم، ثم رأيتها في رواية القلانسي عن مسلم، ورأيتها في رواية النسفي عن البخاري، لكن ضرب عليها في النسخة المعتمدة.
وقد ثبتت هذه اللفظة في طرق أخرى عن عائشة.
فأخرج البخاري عن مسلم -وهو ابن إبراهيم- عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم المرض الذي مات فيه، جعل يقول: ((في الرفيق الأعلى)).(4/254)
وللبخاري ومسلم من طريق الزهري عن عروة، عن عائشة في حديث طويل في الوفاة: فلما اشتكى وحضره القبض ورأسه في حجري غشي عليه، فلما أفاق شخص بصره نحو سقف البيت، ثم قال: ((الرفيق الأعلى)) ثلاثاً ثم قضى.
وللبخاري من رواية يزيد بن الهاد الماضية قبيل هذا الباب بعد قوله: ((إن للموت لسكراتٍ)) ثم نصب يده فجعل يقول: ((في الرفيق الأعلى)).
زاد في رواية سعيد بن المسيب: فكانت آخر كلمة تكلم بها.
ورواه أبو بردة بن أبي موسى الأشعري عنها بزيادة أخرى.
قرأت على المحب محمد بن محمد بن محمد بن منيع السبلي بالصالحية، عن محمد بن أبي التائب سماعاً عليه، قال: أخبرنا محمد بن أبي بكر البلخي، عن السلفي، قال: أخبرنا أبو ياسر الخياط في آخرين، قالوا: أخبرنا أبو القاسم بن بشران، قال: أخبرنا أبو محمد الفاكهي، قال: حدثنا أبو يحيى بن أبي مسرة، قال: حدثنا خلاد بن يحيى، قال: حدثنا سفيان -هو الثوري- عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي بردة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه في حجري، فجعلت أمسح وجهه وأدعو له بالشفاء، فقال: ((لا بل أسأل الله الرفيق الأعلى مع جبريل وميكائيل وإسرافيل)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه النسائي عن محمد بن علي بن ميمون، عن الفريابي، عن الثوري.
فوقع لنا عالياً بثلاث درجات.(4/255)
وأخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق أبي زرعة الرازي، عن قبيصة، عن الثوري.
فوقع لنا عالياً بدرجتين ولله الحمد.
آخر المجلس السادس والخمسين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو السادس والثلاثون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر البقاعي.
[[ويقول لهم: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الميت يعذب ببكاء أهله عليه)).]]
(357)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس عشر الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين: وقد روى سعد بن إبراهيم هذا الحديث بلفظ آخر.
قرئ على أبي المعالي محمد بن إبراهيم بن إسحاق الحاكم وأنا أسمع، عن أبي الفتح بن أبي محمد بن أبي القاسم الخطيب سماعاً (ح).
وقرأت على أبي العباس الزينبي، عن فاطمة بنت محمد الفيومي سماعاً، قالا: أخبرنا عبد الله بن علاق -بفتح المهملة والتشديد وآخره قاف- قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري، قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى، قال: أخبرنا علي بن ربيعة البزاز، قال: أخبرنا محمد بن عبد السلام السراج، قال: حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث، قال: حدثني إبراهيم بن سعد، عن أبيه -هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن عروة، عن عائشة رضي الله(4/256)
عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة)) فلما كان مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قبض فيه أخذته فيه بحة شديدة، فسمعته يقول: {مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين}.
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري عن محمد بن عبد الله بن حوشب، عن إبراهيم بن سعد.
واتفق الشيخان عليه من رواية شعبة عن سعد بن إبراهيم.
قرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي بكر الدشتي، قال: أخبرنا يوسف بن خليل، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا شعبة، عن سعد، قال: سمعت عروة، يحدث عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كنا نتحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يخير .. فذكر الحديث بنحوه.
أخرجه البخاري ومسلم جميعاً عن محمد بن بشار، وزاد مسلم عن محمد بن المثنى، كلاهما عن محمد بن جعفر.
وأخرجه مسلم أيضاً من رواية وكيع، ومن رواية معاذ بن معاذ، ثلاثتهم عن شعبة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين بالنسبة لرواية مسلم.(4/257)
وأفادت رواية إبراهيم بن سعد التصريح برفع القصة الأولى، وأن اللام في النبي للعموم.
(قوله: ويقول لهم: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الميت يعذب ببكاء أهله عليه)).
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، قال: أخبرنا أيوب بن نعمة، قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد، وعثمان بن عبد الرحمن، كلاهما عن السلفي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن حمدٍ، قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسين، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن شعيب، قال: أخبرنا سليمان بن سيف، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي -هو ابن سعد- عن صالح -هو ابن كيسان- عن ابن شهاب، قال: قال سالم -هو ابن عبد الله بن عمر-: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعذب الميت ببكاء أهله عليه)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه الترمذي عن عبيد الله بن أبي زياد، عن يعقوب بن إبراهيم.
وقد أخرجه مسلم من رواية عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن عم أبيه سالم، عن أبيه، ولفظه: ((إن الميت يعذب ببكاء الحي)) لم يذكر عمر.
وأخرجه البخاري ومسلم من رواية عروة عن ابن عمر، ومن رواية عبد الله بن أبي مليكة عن ابن عمر عن عمر، ولفظهما كرواية ابن شهاب.(4/258)
وأخرجه مسلم من رواية نافع عن ابن عمر، أن حفصة بنت عمر بكت على عمر رضي الله عنهما، فقال: ألم تعلمي يا بنية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)).
وأخرجه الشيخان من رواية أبي موسى الأشعري عن عمر بلفظ: ((إن الميت ليعذب ببكاء الحي عليه)).
ومن رواية ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر بلفظ: ((إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه)).
وفي هذا إشارة إلى أن بعض البكاء لا وعيد فيه، وقد فسر ما فيه الوعيد بما اقترنت فيه نياحة ونحو ذلك، وفيه أحاديث صحيحة، والعلم عند الله تعالى.
آخر المجلس السابع والخمسين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو السابع والثلاثين بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
(358)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني عشرين الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وقد تقدم في المجلس السابع بعد التسعين والمئة من الأمالي في أثناء تخريج المختصر إنكار عائشة على عمر وعلى ابن عمر رضي الله عنهم هذا الحديث.
وجاء عن عمر التعبير بالبكاء، وجاء عنه التعبير بالنوح، وجاء عنه تقييد النهي بما إذا اقترن بالبكاء نوح أو نحو، وهو المعتمد.(4/259)
قرأت على فاطمة بنت محمد بن قدامة بصالحية دمشق عن أبي العباس بن أبي طالب سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر البغدادي في كتابه، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز، قال: أخبرنا الحسن بن عبد الرحمن الشافعي، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم العبقسي، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم الديبلي -بفتح المهملة وسكون المثناة التحتانية وضم الموحدة وتخفيف اللام- قال: حدثنا محمد بن أبي الأزهر، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: قال عمر بن الخطاب: لا تبكوا على موتاكم، فإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه.
هذا موقوف صحيح وقع لنا عالياً جداً.
وأخبرني أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك رحمه الله، قال: أخبرنا علي بن إسماعيل، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي منصور في كتابه، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو محمد بن فارس، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الميت يعذب في قبره بالنياحة)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(4/260)
وأخرجه البخاري عن عبدان بن عثمان عن أبيه عن شعبة.
فوقع لنا عالياً بدرجة.
وأخرجه مسلم عن محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، كلاهما عن محمد بن جعفر، عن شعبة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وفي رواية بعضهم: ((بما نيح عليه)).
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح الخطيب، قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو سعد الأديب، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، قال: حدثنا قتادة، فذكر الحديث بمثله، لكن في آخره ((بما نيح عليه)).
أخرجه البخاري بعد حديث شعبة، فقال: تابعه عبد الأعلى.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن سعيد بن أبي عروبة.
وأخبرني أبو الحسن علي بن أبي بكر الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الحموي، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر الصفار في كتابه، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسين الحافظ، قال: أخبرنا عبد الله بن يوسف، قال:(4/261)
حدثنا أبو سعيد بن الأعرابي، قال: حدثنا سعدان بن نصر، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق -هو ابن سلمة- قال: لما مات خالد بن الوليد رضي الله عنه اجتمع نسوة بني المغيرة يبكين عليه، فقيل لعمر: أرسل إليهن فانههن، فقال: ما عليهن أن يهرقن دموعهن على أبي سليمان مالم يكن نقعٌ أو لقلقة.
هذا موقوف صحيح.
أخرجه ابن سعد في الطبقات عن أبي معاوية على الموافقة.
وعن وكيع عن الأعمش وزاد وكيع: النقع: الشق، واللقلقة: رفع الصوت.
ومن طريق عاصم بن بهدلة عن أبي وائل -وهو شقيق بن سلمة- فذكر الحديث نحوه، والتفسير مثله.
وأخرجه أبو عبيد في غريب الحديث عن جرير بن عبد الحميد عن الأعمش، وحكى في تفسير النقع مثل ما تقدم.
وقيل: هو وضع التراب على الرأس، وقيل: رفع الصوت، وعن الكسائي قال: هو صنع الطعام لأجل الميت، ورجح الثاني أبو عبيد وغيره.
ولم يحكوا في تفسير اللقلقة خلافاً، وسيأتي الكلام على النياحة بعد خمسة أبواب، والله أعلم.
آخر المجلس الثامن والخمسين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الثامن(4/262)
والثلاثون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي.
[[ويعلمهم أنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن من أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه)).]]
(359)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء تاسع عشرين الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين: وجاء عن عمر بلفظ آخر من وجه آخر.
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الخطيب، عن القاسم بن أبي غالب إجازة إن لم يكن سماعاً (ح).
وأجاز لنا أبو هريرة ابن الحافظ شمس الدين الذهبي غير مرة، عن القاسم سماعاً، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المقير حضوراً وإجازةً، عن أبي بكر بن الزاغوني، قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، قال: حدثنا يحيى بن صاعد، قال: أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني، قال: حدثنا عفان (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى أبي داود الطيالسي، قالا: حدثنا حماد -هو ابن سلمة- عن ثابت -هو البناني- عن أنس رضي الله عنه، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعن عولت عليه حفصة رضي الله عنها، فقال: يا حفصة أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((المعول عليه يعذب)).
أخرجه مسلم عن عمرو بن محمد الناقد، عن عفان.(4/263)
فوقع لنا موافقة عالية في شيخ شيخه بدرجتين.
قال أهل اللغة: عول إذا بكى بصوت، وأعول لغة فيه، وهي أشهر.
(قوله: ويعلمهم أنه صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أبر البر ..)) ) إلى آخره.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد، عن إسماعيل بن يوسف بن مكتوم، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى بن شعيب، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد بن أعين، قال: أخبرنا أبو إسحاق الشاشي، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا حيوة بن شريح، قال: أخبرني الوليد بن أبي الوليد، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد جميعاً عن عبد الله بن يزيد المقرئ.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الترمذي من رواية عبد الله بن المبارك عن حيوة.
وأخرجه مسلم من رواية عبد الله بن وهب، وفيه قصة.
أخبرني أبو الفرج بن الغزي بالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا أبو محمد بن حيان، قالا: حدثنا إبراهيم بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال:(4/264)
أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن الوليد، عن عبد الله بن دينار، قال: لقي ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً من الأعراب بطريق مكة، فسلم عليه، وأعطاه حماراً كان يركبه وعمامة كانت على رأسه، فقلت له: رحمك الله إنهم الأعراب، وإنهم يرضون باليسير، فقال: إن أبا هذا كان وداً لعمر، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه)).
أخرجه مسلم عن أبي الطاهر بن السرح عن ابن وهب.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجة.
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا حبيب بن الحسن، قال: حدثنا عمر بن حفص، قال: حدثنا عاصم بن علي، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن عبد الله بن دينار، فذكر مثله والقصة نحوه، وزاد في آخر المتن ((بعد أن يولي)).
أخرجه أحمد عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن الليث.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين.
ولليث فيه شيخ آخر بلفظ آخر سيأتي ذكره بعد إن شاء الله تعالى.
آخر المجلس التاسع والخمسين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو التاسع والثلاثون بعد السبعمئة من الأمالي رواية البقاعي.
(360)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع شهر رجب سنة خمس وأربعين وثمانمئة، فقال أحسن الله عاقبته: قال الترمذي بعد تخريج حديث ابن عمر: وفي الباب عن أبي أسيد.(4/265)
قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني في كتاب العشرة، قال: حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، قال: حدثني أسيد بن علي بن عبيد الساعدي، عن أبيه، عن أبي أسيد الساعدي -وكان بدرياً- قال: بينما أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله هل من بر والدي شيء بعد موتهما؟ قال: نعم، خصالٌ أربعٌ: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما)) قال: هذا الذي بقي علي؟ قال: ((نعم)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أحمد عن يونس بن محمد عن عبد الرحمن بن الغسيل.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أبو داود وابن ماجه من طريق عبد الله بن إدريس الأودي.
وابن حبان والحاكم في صحيحيهما من رواية عبد الله بن المبارك، كلاهما عن ابن الغسيل.
وابن الغسيل المذكور هو ابن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاري.(4/266)
والغسيل -وهو جد أبيه- حنظلة، كان يقال له: غسيل الملائكة، وقصته مشهورة.
وأسيد شيخ عبد الرحمن بفتح أوله وكسر المهملة وزن كبير، وجده عبيد بالتصغير.
وأبو أسيد بالتصغير أيضاً، واسمه مالك بن ربيعة.
وبهذا الإسناد إلى الصيدلاني، قال: أخبرنا الحداد (ح).
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي نصر بن أبي الفضل الفارسي، قال: أخبرنا أبو محمد بن بنيمان في كتابه، قال: أخبرنا أبو العلاء الحافظ في المعجم الأوسط -واللفظ له- قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا مطلب بن شعيب، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، عن خالد بن يزيد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((احفظ ود أبيك لا تقطعه، فيطفئ الله نورك)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد عن عبد الله بن صالح.
فوقع لنا موافقة عالية.
وذكر فيه خبر ابن عمر مع الأعرابي بمعناه.
قال الطبراني: لم يروه عن عبد الله بن دينار إلا خالد بن يزيد.
قلت: وهو من رجال الصحيح.(4/267)
وأخرجه البيهقي في الشعب من طريق البخاري ومن طريق محمد بن إسحاق الصنعاني عن عبد الله بن صالح.
وأخرج له شاهداً مرسلاً من رواية ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرج الطبراني في الأوسط أيضاً من حديث أنس رفعه: ((إن من البر أن تصل صديق أبيك)).
وسنده ضعيف.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد من حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه قصة قال فيها: ((فوالذي بعث محمداً بالحق إنه لفي كتاب الله تعالى لا تقطع من كان يصل أبوك فيطفأ بذلك نورك)).
ووجدت لأصل حديث ابن عمر متابعة جيدة من وجه آخر عنه.
أخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير من طريق ثابت البناني عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، قال: أتيت المدينة فجاءني عبد الله بن عمر، فقال: أتدري لم جئتك؟ قلت: لا، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده)) وإنه كان بين عمر أبي وبين أبيك إخاء وود، فأحببت أن أصل ذلك.(4/268)
وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن الحسن بن سفيان عن هدبة شيخ أبي يعلى فيه، والله أعلم.
آخر المجلس الستين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الأربعون بعد السبعئمة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي لطف الله به.
(361)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رابع عشر شهر رجب من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
ويدخل في المعنى ما أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي بكر المقدسي في كتابه، قال: أخبرنا محمد بن علي بن ساعد الحلبي في كتابه إلينا من مصر، وهو آخر من حدث عنه، قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال أخبرنا أبو عبد الله بن أبي زيد، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير، قال: حدثنا فضيل بن محمد (ح).
وقرأت على خديجة بنت إبراهيم بن سلطان، عن القاسم بن المظفر بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعاً، وهي آخر من حدث عنه بالسماع، وعن ابن نصر بن الفضل الفارسي، كلاهما عن محمود بن إبراهيم، قال: أخبرنا أبو الخير بن الباغبان، قال: أخبرنا أبو عمرو بن أبي عبد الله بن منده، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا علي بن محمد بن عقبة، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن برد، قالا: حدثنا موسى بن داود الضبي، عن عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، عن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن، عن أبيه، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لرجل من العرب يقال له: عفير: كيف سمعت(4/269)
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الود؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الود يتوارث والعداوة تتوارث)).
وفي رواية الطبراني ((الود والعداوة يتوارثان)).
هذا حديث غريب.
أخرجه البغوي في معجم الصحابة عن علي بن شعيب وزهير بن محمد، كلاهما عن موسى بن داود.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه البخاري في التاريخ والبغوي أيضاً من طريق أبي عامر العقدي وابن أبي عاصم في الوحدان من طريق يزيد بن هارون.
والحاكم من طريق أحمد بن عبيد.
كلهم عن المليكي، وهو منسوب إلى جده الأعلى أبي مليكة، وهو ضعيف، لم أر فيه توثيقاً لأحد.
قال الذهبي في مختصره للمستدرك: المليكي واهٍ، وفي السند انقطاع -يعني بين طلحة وأبي بكر.
وأخرجه الحاكم أيضاً من طريق يوسف بن عطية عن المليكي.
وهو أضعف من المليكي، وزاد في روايته بعد قوله عن أبيه: عن عبد الرحمن بن أبي بكر.
فكأنه أراد أن يوصل السند، لكن الزيادة من مثله لا تفيد.(4/270)
قال الذهبي: يوسف بن عطية هالك.
قلت: وقد رواه المسيب بن شريك، وهو مثل يوسف بن عطية، لكن خالفه فجعله من مسند الصديق.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أبو العباس بن أبي أحمد الصيرفي، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا أبو علي بن سكينة، قال: أخبرنا أبو القاسم الشيباني، قال: أخبرنا أبو طالب الغيلاني، قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي، قال: حدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الآجري، قال: حدثنا المسيب بن شريك، عن عبد الرحمن المليكي، أنه أخبره عن محمد بن طلحة، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الود والعداوة يتوارثان)).
والطريق الأولى هي الراجحة مع ضعفها.
وأرجح منها ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد من طريق أبي بكر بن حزم -أظن أنه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري نسب إلى جد أبيه- عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الود يتوارث)).
وأخرج الطبراني من حديث رافع بن خديج الأنصاري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الود الذي يتوارث في أهل الإسلام)).
وفي سنده الواقدي، والله المستعان.
آخر المجلس الحادي والستين [بعد الثلاثمئة] من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الحادي والأربعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.(4/271)
[[وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكرم صواحبات خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها.]]
(362)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن عشرين الشهر من السنة، فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكرم صواحبات خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها).
قرأت على المسند الأصيل أبي بكر بن أبي عمر بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله الكناني، عن جده سماعاً، قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد العراقي، ومكي بن علان القيسي إجازة مكاتبة منهما، عن الحافظ أبي طاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني، قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي، قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد، قال: أخبرنا أبو الخير العبقسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري، قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا مبارك -هو ابن فضالة- عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بالشيء قال: ((اذهبوا به إلى فلانة، فإنها كانت صديقةً لخديجةً، اذهبوا به إلى بيت فلانة، فإنها كانت تحب خديجة)).
هذا حديث حسن.
أخرجه البزار عن سعيد بن بحر القرطيسي عن سعيد بن سليمان.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(4/272)
وأخرجه ابن حبان والحاكم معاً من طريق أسد بن موسى، عن مبارك.
ورجال السند الأول من رجال البخاري في الصحيح، لكن لم يخرج لمبارك إلا متابعة، وهو صدوق كان يوصف بالتدليس، وقد رواه بالعنعنة.
وذكر البزار أنه تفرد به، لكن يعتضد بحديث عائشة.
قرأت على محمد بن محمد بن أبي الفتح، عن علي بن عبد المؤمن الحارثي، قال: أخبرنا عمر بن محمد الكرماني، قال: أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر الصفار، قال: أخبرنا أبو الأسعد بن القشيري، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عبد الملك بن الحسن، قال: حدثنا أبو عوانة الأسفرائيني، قال: حدثنا علي بن حرب (ح).
وبالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، ومحمد بن إبراهيم، قالا: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا زهير بن حرب، قالا: حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة رضي الله عنها، وما بي أن أكون أدركتها، وما ذاك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، وإن كان ليذبح الشاة فيتتبع بها صدائق خديجة يهديها لهن.
هذا حديث صحيح متفق عليه.
أخرجه مسلم عن أبي كريب وأبي خيثمة -واسمه زهير بن حرب- كلاهما عن أبي معاوية.
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو.
ولم يسق مسلم لفظ أبي معاوية، بل أحال به إلى رواية أبي أسامة.(4/273)
قرأت على أبي المعالي الأزهري بالسند الماضي مراراً إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، فذكر نحو حديث أبي معاوية وأتم منه، قال في روايته: لما كنت أسمعه يذكرها، ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين.
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو يحيى الرازي -هو عبد الرحمن بن محمد- قال: حدثنا سهل بن عثمان، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، فذكر نحو حديث أبي معاوية، وقال في روايته: ما غرت على امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم وقال: وإني لم أدركها، وكان إذا ذبح الشاة قال: ((اذهبوا بها إلى أصدقاء خديجة)).
أخرجه مسلم عن سهل بن عثمان.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو عوانة عن مسلم.
وأخرجه الترمذي عن أبي هشام الرفاعي، عن حفص.
وأخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان وسهل بن مردويه، كلاهما عن سهل بن عثمان. فوقع لنا بدلاً عالياً.
وقال في رواية الإسماعيلي: وربما ذبح الشاة فيقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة.
وقد أخرجه البخاري عن عمر بن محمد بن الحسن عن أبيه، عن حفص بن غياث، فنزل فيه درجة بالنسبة لحديث حفص، فقد أخرجه الكثير عن عمر بن حفص عن أبيه، ونزل فيه درجتين بالنسبة لحديث هشام.(4/274)
فقد أخرج في العتق حديثاً عن عبيد الله بن موسى عن هشام بن عروة.
وسبب ذلك ما وقع في روايته هذه من الزيادة، وهو قوله فيها: وربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة، فيقول: ((إنها كانت وكانت، وكان منها ولدٌ)).
وقد أخرجه أبو عوانة من رواية الدراوردي عن هشام بلفظ: فيتتبع بأعضائها صدائق خديجة.
وأخرجه البخاري من طريق الليث عن هشام بلفظ: فيهدي في خلائلها، يشبعهن.
ولبعض الرواة عن الفربري: ما يسعهن، وهي رواية ابن وهب عن الليث عند أبي عوانة والإسماعيلي، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني والستين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الثاني والأربعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
[[روينا في الحديث المشهور في سنن أبي داود وغيره، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)) قال الحاكم أبو عبد الله في كتابه المستدرك على الصحيحين: هذا حديث صحيح الإسناد.
وروينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي(4/275)
وغيرهما، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورويناه في صحيح مسلم أيضاً من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.]]
(363)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس شعبان سنة خمس وأربعين وثمانمئة، فقال أحسن الله عاقبته:
(قوله: روينا في الحديث المشهور في سنن أبي داود وغيره عن معاذ ..) إلى آخره.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن عبد الحميد الصالحي إجازة مكاتبة منها، عن يحيى بن محمد بن سعد سماعاً، عن زهرة بنت محمد بن حاضر، أن يحيى بن ثابت بن بندار أخبرهم، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا علي بن الحسين بن قنان -بفتح القاف ونونين مخفف- قال: أخبرنا أبو بكر بن حمدان (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا الدمشقية بها، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في عوالي أبي عاصم له، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، عن فاطمة الجوزذانية سماعاً، قالت: أخبرنا أبو بكر الضبي، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قالا: حدثنا أبو مسلم الكجي، قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب -بالمهملة والموحدة وزن عظيم- عن كثير بن مرة، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)).(4/276)
هذا حديث حسن غريب.
أخرجه أحمد عن أبي عاصم.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو داود عن مالك بن عبد الواحد عن أبي عاصم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ورواته من رجال الصحيح إلا صالح بن أبي عريب، فإنه روى عنه جماعة، ولم أر للمتقدمين فيه جرحاً ولا تعديلاً، إلا أن ابن حبان ذكره في الثقات على قاعدته فيمن لم يجرح ولم يرو ما ينكر.
وما نقله الشيخ عن الحاكم من تصحيح سنده هو كما قال: أخرجه من وجهين عن أبي عاصم، وهو على قاعدته في تصحيح الحسن.
وقد ورد لحديث معاذ متابع وشاهد.
فأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق مكحول عن معاذ نحو هذا الحديث، ولفظه: ((من كان آخر كلامه عند الموت لا إله إلا الله وحده لا شريك له هدمت ما كان قبلها من الذنوب والخطايا ..)) الحديث.
وسأذكر بقيته في الكلام على الحديث الذي بعده إن شاء الله تعالى.
وفي سنده ضعيف، وانقطاع بين مكحول ومعاذ.
وأخرج أحمد من حديث حذيفة مثل الرواية، لكن زاد: ((ختم له بها)).(4/277)
ورجال رجال الصحيح إلا عثمان البتي فهو صدوق مختلف في الاحتجاج به.
وله شاهد آخر عن أبي هريرة أخرجه ابن حبان، ولفظه مثل معاذ في الأولى سواء، وزاد ((أصابه قبل ذلك ما أصابه)).
وسأذكر الكلام عليه في الذي بعده.
وفي الباب عن جابر وابن عباس يأتيان أيضاً.
(قوله: وروينا في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرهما عن أبي سعيد الخدري ..) إلى آخره.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي بالقاهرة، وعلى أبي محمد الدمشقي بمكة، كلاهما عن أبي العباس بن الشحنة فيما سمعا عليه مفترقين، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا عبد الله بن خزيم، قال: أخبرنا عبد بن حميد، قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو، قال: حدثنا سليمان بن بلال (ح).
وقرأت على أبي المعالي الأزهري بالسند الماضي إلى الإمام أحمد، حدثنا بشر بن المفضل (ح).
وبالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: أخبرنا محمد بن أحمد، وإبراهيم بن محمد، قال الأول: حدثنا بشر بن موسى، قال: حدثنا الحميدي. وقال الثاني: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد، قال هو وبشر وسليمان: حدثنا عمارة بن غزية -بمعجمتين وزن عطية- عن يحيى بن عمارة، عن أبي سعيد(4/278)
الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه أبو عوانة عن عمار بن رجاء عن أبي عامر العقدي -وهو عبد الملك بن عمرو فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه مسلم أيضاً عن قتيبة فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو.
وأخرجه مسلم أيضاً عن أبي كامل الجحدري وعثمان بن أبي شيبة.
وأبو داود عن مسدد.
والترمذي عن يحيى بن خلف.
والنسائي عن عمرو بن علي.
خمستهم عن بشر بن المفضل.
(قوله: ورويناه في صحيح مسلم أيضاً من رواية أبي هريرة).
وبه إلى أبي نعيم قال: حدثنا أبومحمد بن حيان، ومحمد بن إبراهيم، قال الأول: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: وحدثنا أبو يحيى الرازي، قال: حدثنا سهل بن عثمان، وقال الثاني:(4/279)
حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قالوا: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)).
أخرجه مسلم وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة ومسلم أيضاً عن عثمان بن أبي شيبة.
فوقع لنا موافقة عالية.
ومسلم أيضاً عن عمرو بن محمد الناقد عن أبي خالد الأحمر، واسمه سليمان بن حبان.
فوقع لنا بدلاً عالياً، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث والستين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الثالث والأربعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
(364)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني عشر شعبان من السنة، وكنت المستملي، فقال أحسن الله عاقبته آمين:
ولحديث أبي هريرة طرق أخرى تشتمل على زيادات.
الطريق الأولى:
أخبرني الشيخ أبو الفرج بن الغزي رحمه الله، قال: أخبرنا محمد بن أبي عمرو التوزري، قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم، عن عبد المعز بن محمد، قال: أخبرنا تميم بن أبي سعيد، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد، قال: أخبرنا علي بن محمد البحاثي -بفتح الموحدة وتشديد المهملة وبعد الألف مثلثة- قال: أخبرنا أبو حاتم البستي، قال: أخبرنا أحمد بن(4/280)
محمد بن الشرقي، قال: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي (ح).
وأخبرنا عالياً الإمام أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله إذناً مشافهة، أنه قرأ على عبد الله بن محمد العطار، عن أبي الحسن بن البخاري سماعاً، عن محمد بن أبي زيد، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: أخبرنا الطبراني في كتاب الدعاء، قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن سنان، قال: حدثنا علي بن مسلم الطوسي، قال: أخبرنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن منصور -هو ابن المعتمر- عن هلال بن يساف -بالمثناة التحتانية وتخفيف المهملة وآخره فاء- عن الأغر، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)).
زاد الذهلي في روايته: ((فإنه من كان آخر كلامه عند الموت لا إله إلا الله دخل الجنة يوماً من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه)).
وأخبرني بهذه الزيادة شيخنا الحافظ فيما قرأت عليه، عن عبد الله بن محمد فيما قرأ عليه، عن أبي الحسن بن البخاري سماعاً، قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم في كتاب الحلية، قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد، قال: حدثنا أحمد بن مهدي، قال: حدثنا عمرو بن خالد، قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن شعبان، فذكر مثله، لكن لفظه: ((من قال لا إله إلا الله أنجته يوماً من دهره أصابه قبل ذلك ما أصابه)).
قال أبو نعيم: غريب، تفرد به عمرو بن خالد بن عيسى.(4/281)
كذا قال في ترجمة الثوري، وقال في ترجمة منصور بعد أن أورده من وجه آخر عن عمرو بن خالد: غريب من حديث الثوري، لم نكتبه إلا من هذا الوجه.
قلت: لم ينفرد به عيسى كما ترى، وقد توبع الثوري.
أخرجه البزار من رواية أبي عوانة عن منصور، وقال: رواه الثوري أيضاً عن منصور.
قلت: لكن لم أر في رواية البزار ذكر الأغر.
وكذا رواه عبد الرزاق عن الثوري عن منصور وحصين جميعاً عن هلال بن يساف عن أبي هريرة.
وقد توبع منصور.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي نصر بن العماد، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الهمداني، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الأصبهاني، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني في المعجم الأوسط، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن خالد، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حديج -بمهملة ثم جيم مصغر- بن معاوية، قال: حدثنا حصين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يساف، فذكر مثله، لكن قال: ((نفعته)) بدل ((أنجته)).
وتوبع الأغر.
قرأت على العماد أبي بكر بن العز، وكتب إلينا أحمد بن خليل، كلاهما عن عبد الله بن الحسين بن أبي التائب، قال الأول: إجازة إن لم يكن سماعاً،(4/282)
وقال الثاني: قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا إبراهيم بن خليل، قال: أخبرنا يحيى بن محمود، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر، وفاطمة بنت عبد الله، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله التاجر، قال: أخبرنا الطبراني في المعجم الصغير، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن حاتم، قال: حدثنا الحسين بن علي بن يزيد الصدائي -بضم الصاد وتخفيف الدال المهملتين- قال: حدثني أبي، قال: حدثنا حفص الغاضري -بمعجمتين- عن موسى الصغير، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال لا إله إلا الله أنجته يوماً من دهره ولو بعد ما يصيبه العذاب)).
قال الطبراني: لم يروه عن موسى إلا حفص، تفرد به الحسين عن أبيه.
قلت: الحسين من شيوخ الترمذي والنسائي وثقوه.
وأبوه أخرج له النسائي، وقال أحمد: لا بأس به، ولينه أبو حاتم.
وحفص هو ابن سليمان الكوفي القارئ صاحب عاصم إمام في القراءات، لكن ضعفوه في الحديث من قبل حفظه.
وموسى الصغير هو ابن مسلم الكوفي يكنى أبا عيسى ثقة عندهم، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والستين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الرابع والأربعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي وهو استملاه.
(365)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء تاسع عشر شعبان من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:(4/283)
الطريقة الثانية:
أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن عمر، وأبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد، قالا: أخبرنا إبراهيم بن علي الخيمي، قال: أخبرنا الحافظ رشيد الدين يحيى بن علي العطار، قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري، قال: أخبرنا أبو صادق المديني، قال: أخبرنا أبو الحسن الحراني، قال: حدثنا الحافظ أبو القاسم حمزة الكناني إملاءً، قال: حدثنا محمد بن داود بن عثمان، قال: حدثنا أبو شريك يحيى بن يزيد -يعني المرادي- قال: حدثنا ضمام بن إسماعيل، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قبل أن يحال بينكم وبينها، ولقنوها موتاكم)).
هذا حديث حسن غريب، ورجال سنده مصريون إلى التابعي.
أخرجه الطبراني في كتاب الدعاء من طريق أبي الأسود النضر بن عبد الجبار، عن ضمام -بكسر المعجمة والتخفيف-.
وأخرجه أبو بكر بن المقرئ من طريق يحيى بن بكير عن ضمام.
وزاد: ((فإنها تهدم الخطايا كما يهدم السيل البنيان))، قالوا: فكيف هي للأحياء؟ قال: ((أهدم وأهدم)).
الطريق الثالثة:
رويناها في فوائد أبي عمرو بن حمدان بسند واهٍ عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنها خفيفةٌ على اللسان ثقيلةٌ على الميزان)).
وله طريق أخرى تأتي في تلقين الميت إن شاء الله تعالى.
الطريق الرابعة:(4/284)
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم، قال: أخبرنا الحسين بن المبارك المطرز في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي الرجي، قال: أخبرنا أبو سعد بن خشيش -بمعجمات مصغر- قال: أخبرنا أبوعلي بن شاذان، قال: أخبرنا أبو عمرو بن السباك، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن حبان، قال: حدثنا محمد بن الفضل بن عطية، عن سليمان التيمي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ولا تملوهم)).
هذا حديث غريب.
أخرجه تمام الرازي في فوائده عن خيثمة بن سليمان عن محمد بن عيسى.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ومحمد بن عيسى وشيخه ضعيفان.
وأخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب من وجه آخر عن محمد بن سيرين.
وزاد بعد ((ولا تملوهم فإنهم في سكرات الموت)).
وسنده أضعف من الذي قبله.
الطريق الخامسة:
أخرجها ابن عدي في ترجمة عكرمة بن إبراهيم من روايته عن أبي رزين الأسدي عن أبي هريرة.
وضعف عكرمة، ولفظه كالأول، وزاد: ((فإنه من كانت آخر كلامه في الدنيا دخل الجنة)).
قال الترمذي بعد تخريج حديث أبي سعيد: وفي الباب عن أبي هريرة وأم سلمة وعائشة وجابر وسعدى المرية، انتهى.(4/285)
وقد ذكرت حديث أبي هريرة.
وأما حديث أم سلمة فأخرجه الترمذي في الباب، لكن ليس فيه التلقين صريحاً، وإنما فيه الأمر بأن لا يقال عند الميت إلا الخير.
وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عن أم الحسن البصري، قالت: كنت عند أم سلمة رضي الله عنها، فجاء إنسان فقال: إن فلاناً بالموت، فقالت: انطلق فإذا رأيته احتضر فقل السلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
أورده في باب تلقين الميت.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها، فأخرجه النسائي من طريق وهيب بن خالد عن منصور بن صفية عن أمه عن عائشة رضي الله عنها مثل حديث أبي سعيد.
ورواته رواة الصحيح، لكن أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عن سفيان بن عيينة عن منصور فلم يرفعه.
وأما حديث جابر ففيما أخبرنا الشيخ الإمام أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله إذناً مشافهة، قال: قرأت على أبي محمد البزوري، عن أبي الحسن المقدسي سماعاً، عن أبي عبد الله الكراني، قال: أخبرنا أبو القاسم الصيرفي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن فاذشاه، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا إبراهيم بن صالح الشيرازي، قال: حدثنا عثمان بن الهيثم، قال: حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)).(4/286)
هذا حديث غريب من هذا الوجه.
أخرجه البزار عن يوسف بن موسى، عن وكيع، عن عبد الوهاب.
فوقع لنا عالياً.
وعبد الوهاب ضعفوه، لكن يكتب حديثه في المتابعات، والله المستعان.
آخر المجلس الخامس والستين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الخامس والأربعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر بن الرباط البقاعي الشافعي من لفظ ممليه باستملاء رضوان.
(366)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سادس عشرين الشهر من السنة، فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وأما حديث سعدى فظاهر إيراده أنه من مسندها، وليس كذلك، وإنما هو من روايتها عن زوجها طلحة وعن عمر.
أخرجه أحمد في مسند طلحة.
وأبو يعلى في مسند عمر.
قرأت على فاطمة بن المنجا، عن التقي سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا الحافظ ضياء الدين المقدسي، قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، قال: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا هارون بن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب القناد، قال: أخبرنا مسعر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن يحيى بن طلحة، عن أمه سعدى المرية، قالت: مر عمر بطلحة رضي الله عنهما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((مالي أراك كئيباً؟(4/287)
أتسوءك امرأة ابن عمك؟)) قال: لا، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني لأعلم كلمةً لا يقولها عبدٌ عند الموت إلا كانت نوراً لصحيفته وإن جسده وروحه ليجدان لها روحاً عند الموت)) فقال: أنا أعلمها هي التي أراد عليها عمه عند الموت، ولو علم كلمة أنجى له منها لأمره بها.
هذا حديث حسن رواته موثقون، لكن اختلف فيه على الشعبي، فرواه شعبة عن إسماعيل فأبهم يحيى بن طلحة.
أخرجه أبو يعلى أيضاً.
ورواه مجالد عن الشعبي فقال: عن جابر بن عمر.
أخرجه أبو يعلى أيضاً.
ورواه مطرف عن الشعبي كمسعر، لكن أسقط سعدى.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن عبد الرحمن بن مخلوف، قال: أخبرنا علي بن مختار إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي، قال: أخبرنا مكي بن منصور، قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسن، قال: حدثنا حاجب بن أحمد، قال: حدثنا عبد الرحيم بن شبيب، عن جرير -هو ابن عبد الحميد- عن مطرف، عن الشعبي، عن ابن طلحة، قال: رأى عمر رضي الله عنه طلحة حزيناً فقال: مالك؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بنحوه.
وفيه: ((إلا نفس الله كربته وأشرق لونه ورأى ما يسره)) وما منعني أن أسأله عنها إلا القدرة عليها حتى مات، فقال عمر: إني لأعلمها .. فذكره.
أخرجه أحمد عن عبد الوهاب بن عطاء عن أسباط بن نصر عن مطرف.(4/288)
وأخرجه أبو يعلى عن أبي خيثمة عن معلى بن منصور عن أبي زبيد -بمعجمة وموحدة مصغر- عن مطرف.
فوقع لنا عالياً بدرجة.
وفي السند الأول ثلاثة من التابعين في نسق، أولهم إسماعيل، وإن لم يكن لسعدى صحبة فهي رابعة.
قال شيخنا رحمه الله في شرحه: وفي الباب مما لم يذكره الترمذي عن أنس وحذيفة وواثلة بن الأسقع وشداد بن أوس.
أما حديث أنس فأخرجه البزار وأبو يعلى من رواية زياد النميري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن أبا بكر رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو كئيب، فقال: ((مالي أراك كئيباً؟ قال: كنت عند ابن عم لي البارحة وهو يكيد بنفسه، قال: ((فهلا لقنته لا إله إلا الله؟)) فقال: قد فعلت، قال: ((فقالها؟)) قال: نعم، قال: ((وجبت له الجنة)) فقال أبو بكر: هي للأحياء؟ قال: ((هي أهدم لذنوبهم، هي أهدم لذنوبهم)).
وفي سنده ضعيف.
قلت: وللقصة طريق أخرى أخرجها عبد الرزاق من مرسل القاسم بن محمد بن أبي بكر بغير هذا السياق، وفيها أن السائل عن ذلك عمر رضي الله عنه.
وأما حديث حذيفة فأخرجه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين، ولفظه عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله،(4/289)
فإنها تهدم كل ما كان قبلها من الخطايا)).
وفي سنده مقال.
قلت: ولحذيفة حديث آخر.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن عيسى بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا جعفر بن علي، قال: أخبرنا السلفي، قال: أخبرنا أبو طالب البصري، قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران، قال: حدثنا عبد الباقي بن قانع، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا حفص بن عمر الحوضي، قال: حدثنا الحسن بن أبي جعفر، قال: حدثنا محمد بن جحادة، عن نعيم بن أبي هند، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة رضي الله عنه، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه، فقال: ((يا حذيفة من ختم له عند الموت بشهادة أن لا إله إلا الله صادقاً دخل الجنة)).
هذا حديث غريب.
أخرجه الخرائطي والطبراني كل منها في مسند محمد بن جحادة، وسياقهما أتم، ورواته موثقون إلا الحسن بن أبي جعفر.
وأما حديث واثلة فأخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق مكحول عنه ولفظه ((احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله وبشروهم)).(4/290)
وأما حديث شداد بن أوس فأخرجه ابن ماجه.
وهو نحو حديث أم سلمة لا تصريح فيه بالتلقين.
قلت: وفي الباب مما لم يذكراه جميعاً عن عمر وطلحة كما أسلفته.
وعن عمر حديث آخر.
أخرجه سعيد بن منصور من مرسل مكحول أن عمر كتب إلى أهل الشام: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله واعقلوا ما تسمعون من المطيعين منهم، فإنهم تتجلى لهم أمور صادقة.
ومن مرسل الحسن عن عمر نحوه.
وفيه: فإنهم يرون ويقال لهم.
وفيه عن أبي بكرة ومعاذ بن جبل وابن عباس وأبي أمامة وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن جعفر، وفيه أيضاً عن علي وابن عمر وجد عطاء بن السائب، واسمه زيد وقيل مالك وصحابي غير مسمى.
ومن مرسل قتادة وغيره، ومن الموقوف على جماعة من التابعين رضي الله عنهم أجمعين.
آخر المجلس السادس والستين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو السادس والأربعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط البقاعي الشافعي لطف الله بهم آمين آمين آمين.(4/291)
(367)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء من شوال من السنة فسمعت منه من قوله وأما حديث علي إلى آخره حالة العرض فقال:
أما حديث أبي بكرة فهو نحو حديث أم سلمة المشار إليه أولاً.
أخرجه الطبراني.
وفي سنده ضعف.
وأما حديث معاذ فأخرجه سعيد بن منصور وأبو يعلى في الكبير وأبو نعيم في الحلية كلهم من طريق مكحول عنه متصلاً بالحديث المذكور في الباب الذي قبله بعد قوله: ((هدمت ما كان قبلها من الخطايا ولقنوها موتاكم)) قيل: يا رسول الله كيف هي للأحياء؟ قال: ((أهدم وأهدم)).
وتقدم الكلام على سنده.
وأما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني من رواية علي بن أبي طلحة عنه بلفظ ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فمن قالها عند موته وجبت له الجنة)) قالوا: يا رسول الله فمن قالها في صحته؟ قال: ((تلك أوجب وأوجب)).
ورواته ثقات، لكن فيه انقطاع بين علي وابن عباس.
ولابن عباس حديث آخر أخرجه الحاكم من رواية إبراهيم بن مهاجر عن عكرمة عنه ولفظه ((افتحوا على صبيانكم أول كلمةٍ بلا إله إلا الله ولقنوهم عند الموت لا إله إلا الله)).(4/292)
وإبراهيم فيه لين، وقد أخرج له مسلم في المتابعات.
وأما حديث أبي أمامة فسيأتي في (باب ما يقول بعد الدفن).
وأما حديث ابن مسعود فأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وابن شاهين في الجنائز والطبراني في الكبير مثل حديث أبي سعيد، لكن لم يصرح برفعه.
وزاد بعضهم ((فإنهم لا تكون آخر كلمةٍ يقولها العبد إلا أدخله الله بها الجنة)).
وفي أخرى ((فإنها تهدم ..)) فذكر مثل حديث معاذ.
وأما حديث عبد الله بن جعفر ففيما قرأت على أم الحسن التنوخية، عن أبي الفضل بن أبي طاهر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر، قال: أخبرتنا فاطمة الأصبهانية، قالت: أخبرنا أبو بكر التاجر، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو عامر -هو العقدي بفتح المهملة والقاف- قال: حدثنا كثير بن زيد، عن إسحاق بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين)).(4/293)
هذا حديث حسن.
أخرجه ابن ماجه عن محمد بن بشار عن عبد الملك بن عمرو -وهو أبو عامر- به.
ولم أره في مسند أحمد، والزيادة محفوظة من حديث عبد الله بن جعفر في دعاء الكرب، فإن كان الراوي ضبطها هنا وإلا فقد دخل له حديث في حديث.
وقد أخرج ابن أبي شيبة في المصنف من طريق النضر بن قيس عن رجل من أهل المدينة أن رجلاً اشتكى فقال عبد الله بن جعفر: لقنوه لا إله إلا الله، فإنها من كانت آخر كلامه دخل الجنة.
وأما حديث علي وثلاثة بعده ففيما قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، وأجاز لنا أبو هريرة بن الحافظ الذهبي، كلاهما عن يحيى بن محمد بن سعد، قال أبو هريرة سماعاً، عن الحسن بن يحيى المخزومي، قال: أخبرنا عبد الله بن رفاعة، قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي، قال: أخبرنا أبو العباس الإشبيلي، قال: حدثنا عثمان بن محمد السمرقندي، قال: حدثنا أبو أمية الطرسوس (ح).
وبه إلى الطبراني قال: حدثنا روح بن الفرج، قالا: حدثنا يوسف بن عدي، قال: حدثنا أبو الأحوص -هو سلام بن سليم- قال: حدثنا(4/294)
عطاء بن السائب، عن زاذان، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لقي عند موته لا إله إلا الله دخل الجنة)).
وفي رواية السمرقندي ((لقن)) بالنون.
ورجال هذا السند من أهل الصدق، لكن عطاء بن السائب ممن اختلط، وسماع أبي الأحوص منه بعد اختلاطه.
وقد أخرجه ابن شاهين من طريق حفص بن سليمان عن عاصم بن بهدلة، وعطاء بن السائب، كلاهما عن زاذان.
لكن حفص ضعيف، وقد اختلف فيه عن عطاء بن السائب، فأخرجه الطبراني في الأوسط من رواية أبي بلال الأشعري عن عطاء عن أبي البختري -بفتح الموحدة والمثناة بينهما معجمة ساكنة، واسمه سعيد بن فيروز- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأبو بلال ضعيف، وأبو البختري عن علي منقطع.
وأخرجه الطبراني في الكبير من طريق عبيد الله بن تمام عن عطاء بن السائب عن أبيه عن جده.
وابن تمام ضعيف.
وخالف الجميع حماد بن سلمة فرواه عن عطاء بن السائب عن زاذان أبي عمر حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من لقن عند الموت لا إله إلا الله دخل الجنة)).
وهذا أقوى طرق هذا الحديث، لأن حماداً سمع من عطاء قبل اختلاطه.(4/295)
وكأن من قال فيه: عن ابن عمر صحفها من أبي عمر كنية زاذان، وهذا من العلل الخفية، فلله الحمد على ما ألهم وعلم.
آخر المجلس السابع والستين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو السابع والأربعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن البقاعي لبعضه عرضاً ولبعضه إملاء.
(368)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سادس عشر شوال من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وأما مرسل قتادة فأخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه يرفعه قال: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)).
وأما غيره فأخرج الطبراني في الكبير من رواية عمرو بن شمر عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن الحارث بن الخزرج عن أبيه رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول .. .. فذكر حديثاً فيه أن ملك الموت عليه السلام قال: ما من أهل بيت إلا وأنا أتصفحهم كل يوم .. .. الحديث.
قال جعفر: بلغني أنه يتصفحهم عند مواقيت الصلاة، فإذا نظر إلى عبد مريض عند الموت كان محافظاً على الصلاة دنا منه وطرد عنه الشيطان ولقنه الملك لا إله إلا الله محمد رسول الله.
ومثل هذا لا يقال بالرأي فله حكم المرفوع.
وعمرو بن شمر متروك.(4/296)
وأبوه بكسر المعجمة وسكون الميم بعدها مهملة.
وأما الموقوفات فأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة من طرق عن إبراهيم النخعي.
ففي رواية حصين بن عبد الرحمن عنه، قال: لما احتضر علقمة -يعني ابن قيس- قال: أقعدوا عندي من يذكرني لا إله إلا الله، وفي لفظ: لقنوني عند الموت.
وفي رواية عبد الله بن عون عنه: أوصى الأسود لقني لا إله إلا الله، وإن استطعت تكون آخر ما أقول.
وفي رواية مغيرة عن إبراهيم: كانوا يحبون إذا مرض الرجل فثقل أن لا يخلوه ويعتقبوه إذا قام ناس جاء آخرون يلقنونه لا إله إلا الله.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أكان يؤمر بتلقين المرء إذا حضره الموت لا إله إلا الله، قال: إني لأحبه له.
وأخرجه ابن أبي شيبة عن عبد الله بن نمير عن ابن جريج بلفظ: أكان يستحب؟ وفيه قال: نعم حسن.
وأخرج ابن شاهين في كتاب الجنائز من طريق صالح الدهان، قال: بلغ الحسن أن جابر بن زيد بالموت، فأتاه فقال: يا أبا الشعثاء، قل لا إله إلا الله.
وظفرت بعد هذا بأحاديث منها حديث عثمان.
قرأت على عبد القادر بن محمد بن علي بن القمر، عن زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم سماعاً عليها، عن محمد بن عبد الكريم، عن أم عبد الله الوهبانية سماعاً عليها قالت: أخبرنا الحسين بن طلحة، قال: أخبرنا عمر بن مهدي،(4/297)
قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن خالد الحذاء، عن أبي بشر، عن حمران، عن عثمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات وهو يعلم لا إله إلا الله دخل الجنة)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم من رواية محمد بن أبي عدي عن شعبة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه أحمد عن محمد بن جعفر.
وابن خزيمة عن محمد بن الوليد.
فوقع لنا موافقة في شيخ كل منهما بعلو.
وأخرجه النسائي من رواية محمد بن جعفر.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(4/298)
وأورده ابن أبي شيبة في (باب تلقين الميت).
وكذلك ابن شاهين.
ووجهه أن التلقين يذكر بذلك.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين من وجه آخر عن عثمان، قال: إذا احتضر الميت فلقنوه لا إله إلا الله، فإنه ما من عبد يختم له بها عند موته إلا كانت زاده إلى الآخرة.
وهو موقوف رجاله ثقات.
وعند ابن شاهين من وجه آخر عن عثمان شيء من هذا.
وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق حسن إلى الحسن قال: احتضر رجل من الأنصار، فقال لابنه: اقعد عند رأسي فلقنني لا إله إلا الله، فنعمت الزاد إلى الآخرة.
ومن وجه صحيح إلى الحسن رفعه قال: ((من قال لا إله إلا الله عند الموت هدمت ما قبلها من الخطايا)).
ومنها حديث عروة.
قرئ على أم الفضل بنت سلطان ونحن نسمع، عن القاسم بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعاً، عن محمود بن إبراهيم، عن محمد بن أحمد بن عمر سماعاً عليه، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا محمد بن محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن سابور قال: حدثنا محمد بن أبي معشر، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عاصم، عن أبيه، عن حذيفة، عن عروة بن مسعود الثقفي رضي الله(4/299)
عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنها تهدم الخطايا كما يهدم السيل البنيان ..)) فذكر نحو حديث ابن عباس الماضي.
هذا حديث غريب.
وأبو معشر اسمه نجيح وهو ضعيف.
وشيخه لا يعرف.
ويدخل في هذا حديث صفوان بن عسال.
أخبرنا عبد الله، وعبد الرحمن ولدا محمد بن إبراهيم، قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أيوب، قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم، عن عفيفة، قالت: أخبرتنا فاطمة، قالت: أخبرنا ابن ريذة، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، قال: حدثنا المسيب بن واضح، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن محمد بن عجلان، عن عاصم، عن زر، عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على غلام من اليهود يعوده، فقال: ((أتشهد أن لا إله إلا الله؟)) قال: نعم، قال: ((أتشهد أن محمداً عبده ورسوله؟)) قال: نعم، ثم قبض، فوليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، فغسلوه ودفنوه.
هذا حديث حسن بشواهده، وشاهده في صحيح البخاري من حديث أنس، لكن في هذا زيادة ليست كما في الآخر.
ولأنس حديث آخر أخرجه البزار بسند قوي إلى أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد(4/300)
رجلاً من الأنصار، فقال: ((يا خال قل لا إله إلا الله، قال: أو خير لي أن أقولها؟ قال: ((نعم)).
وتدخل فيه قصة أبي طالب، وهي في الصحيحين.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين من طريق أنس بن سيرين، قال: إنه شهد أنس بن مالك لما حضره الموت، فجعل يقول: لقنوني لا إله إلا الله.
ومن طريق أبي عمران، قال: أوصاني أبو الجلد أن ألقنه لا إله إلا الله والله أعلم.
آخر المجلس الثامن والستين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الثامن والأربعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
[[باب ما يقوله بعد تغميض الميت
روينا في صحيح مسلم، عن أم سلمة، واسمها هند رضي الله عنها، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه ثم قال: ((إن الروح إذا قبض تبعه(4/301)
البصر، فضج ناسٌ من أهله، فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخيرٍ، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره ونور له فيه)).
وروينا في سنن البيهقي بإسناد صحيح، عن بكر بن عبد الله التابعي الجليل قال: إذا أغمضت الميت فقل: بسم الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وإذا حملته فقل: بسم الله، ثم سبح ما دمت تحمله.
باب ما يقال عند الميت
روينا في صحيح مسلم، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون)) قالت: فلما مات أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إن أبا سلمة قد مات، قال: قولي: ((اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنةً)). فقلت: فأعقبني الله من هو خيرٌ لي منه: محمداً صلى الله عليه وسلم. قلت: هكذا وقع في صحيح مسلم، وفي الترمذي. ((إذا حضرتم المريض أو ((الميت)) على الشك. وروينا في سنن أبي داود وغيره ((الميت)) من غير شك.]]
(369)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثالث عشري الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:(4/302)
(قوله: باب ما يقول بعد تغميض الميت، روينا في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها .. .. إلى آخره).
قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن أحمد بن محمد بن عمر سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، قال: أخبرنا أبو محمد الحربي، قال: أخبرنا أبو القاسم الكاتب، قال: أخبرنا أبو علي الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي (ح).
وقرأت على أبي محمد عبد الله بن محمد بن أحمد الصالحي بها، عن أبي عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا أبو عبد الله الخطيب المرداوي، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي الحسن، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو سعد الأديب، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا أبو خيثمة، قالا: حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري (ح).
وقرأته عالياً على أبي الفرج بن حماد، عن أبي الحسن بن قريش سماعاً عليه، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، عن أبي الحسن الجمال، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني، قال: حدثنا محمد بن أبي إسحاق، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن حماد، قال: حدثنا المسيب بن واضح، قال: حدثنا أبو إسحاق الفزاري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن قبيصة بن ذؤيب، عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة -تعني زوجها- رضي الله عنه وقد شق بصره، فأغمضه، ثم قال: ((إن الروح إذا قبض يتبعه البصر)) فضج ناس من أهله، فقال: ((لا تدعوا على أنفسكم إلا بخيرٍ، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون. ثم قال: ((اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين،(4/303)
وأخلف في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، اللهم افسح له في قبره ونور له فيه)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي خيثمة.
فوقع لنا موافقة عالية، وعالياً بدرجتين من الطريق الأخيرة.
وأخرجه أبو داود والنسائي من رواية أبي إسحاق الفزاري، واسمه إبراهيم بن محمد بن الحارث.
وأخرجه ابن ماجه من رواية معاوية بن عمرو.
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن السكن، قال: حدثنا المثنى بن معاذ بن معاذ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبيد الله بن الحسن، قال: حدثنا خالد الحذاء، فذكر نحوه.
أخرجه مسلم عن محمد بن موسى القطان، عن المثنى بن معاذ.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين.
(قوله: وروينا في سنن البيهقي بإسناد صحيح عن بكر .. .. ) إلى آخره.
قرأت على خديجة بنت إبراهيم بن سلطان، عن القاسم بن المظفر إجازة إن لم يكن سماعاً، عن أبي الحسن بن المقير كذلك، قال: أخبرنا سعيد بن أحمد(4/304)
في كتابه، قال: أخبرنا عاصم بن الحسن، قال: أخبرنا الحسين بن بشران، قال: حدثنا إسماعيل الصفار، قال: حدثنا سعدان بن نصر، قال: حدثنا معاذ بن معاذ، قال: حدثنا سليمان التيمي، عن بكر بن عبد الله المزني، قال: إذا أغمضت الميت فقل باسم الله وعلى ملة رسول الله، فإذا حملته فقل باسم الله، ثم سبح ما دمت تحمله.
هذا حديث موقوف على بكر بن عبد الله.
أخرجه عبد الرزاق عن الثوري، عن سليمان.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه البيهقي عن أبي الحسين بن بشران - واسمه علي بن محمد، وبشران جده.
فوقع لنا موافقة عالية.
(قوله: باب ما يقال عند الميت، روينا في صحيح مسلم عن أم سلمة .. .. ) إلى آخره.
وبالسند المذكور آنفاً إلى الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية، وعبد الله بن نمير، ويحيى بن سعيد -هو القطان- فرقهم، قالوا: حدثنا الأعمش.
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا عبد الله بن يحيى، قال: حدثنا عبيد بن غنام، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً، فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون)) فلما مات أبو سلمة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبا سلمة مات فما أقول؟ قال: ((قولي اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنةً))(4/305)
فقلت: فأعقبني الله من هو خير منه محمداً صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الترمذي والنسائي من رواية أبي معاوية أيضاً.
(قوله: هكذا وقع في صحيح مسلم ((إذا حضرتم المريض أو الميت)) على الشك، ورويناه في سنن أبي داود وغيره بغير شك)).
قلت: هي رواية سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي داود والطبراني.
ويحتمل أن يكون أو للتنويع، فقد رواه أبو حذيفة عن الثوري بلفظ: ((إذا حضرتم المريض)).
رويناه في الغيلانيات هكذا مقتصراً على المريض.
ورواه عبيد الله بن موسى عن الأعمش مقتصراً أيضاً على الميت.
ووقع لنا بعلو من طريقه.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن الأعمش، فذكره.(4/306)
وهكذا أخرجه البيهقي من وجهين عن عبيد الله بن موسى.
فوقع لنا عالياً بدرجتين بالنسبة لرواية مسلم، والله أعلم.
آخر المجلس التاسع والستين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو التاسع والأربعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
[[وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه، عن معقل بن يسار الصحابي رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا يس على موتاكم)).
وروى ابن أبي داود، عن مجالد، عن الشعبي قال: كانت الأنصار إذا حضروا قرؤوا عند الميت سورة البقرة.]]
(370)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء، الثلاثين من شوال سنة خمس وأربعين وثمانمئة، فقال أحسن الله إليه:
(قوله: وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه عن معقل بن يسار الصحابي ..) إلى آخره.
أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الدمشقي بالقاهرة، عن إسحاق بن يحيى الأمدي، وأحمد بن محمد الدشتي، قالا: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا أبو المكارم التيمي، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو محمد بن فارس، قال: حدثنا يونس العجلي، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا ابن المبارك، عن(4/307)
سليمان التيمي، عن رجل، عن أبيه، عن معقل بن يسار رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا على موتاكم يس)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو داود عن محمد بن العلاء ومحمد بن مكي.
وأخرجه أحمد بن علي بن إسحاق وعتاب بن زياد.
أربعتهم عن عبد الله بن المبارك.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي عن محمود بن غيلان عن الوليد بن مسلم.
وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن علي بن الحسن بن شقيق.
كلاهما عن ابن المبارك، واتفقوا كلهم على قولهم عن أبي عثمان بدل قول الطيالسي: عن رجل، وزاد الأربعة الأولون بعد قولهم عن أبي عثمان: وليس بالنهدي، وسقط من رواية الوليد قوله: عن أبيه.
وأخرجه الحاكم من طريق عارم -وهو محمد بن الفضل- عن ابن المبارك، وقال: صحيح، وقد وقفه يحيى القطان عن سليمان. انتهى.
وقد أخرجه ابن حبان من طريق يحيى القطان مرفوعاً، وسقط من روايته عن أبيه.
وقول الشيخ: فيه مجهولان يريد أبا عثمان وأباه.(4/308)
فأما أبو عثمان فذكره ابن حبان في الثقات وصحح حديثه هو والحاكم، لكن تساهلا فيه.
أما ابن حبان فوثق أبا عثمان على قاعدته فيمن روى عنه ثقة وروى هو عن ثقة ولم يأت بمنكر، سواء انفرد بالرواية عنه واحد أم لا، وليس على هذا العمل عند غيره، ومع ذلك فعليه فيه درك آخر، وهو سقوط الواسطة بين أبي عثمان ومعقل من روايته، إذ ظهر من رواية غيره أن بينهما رجلاً مجهولاً لم يسم ولم ينسب ولم يوثق، فهو على خلاف قاعدته في توثيق أبي عثمان وفي تصحيح الحديث.
وأما الحاكم فتساهل فيه لكونه من فضائل الأعمال، وعلى ذلك يحمل سكوت أبي داود، والعلم عند الله.
(قوله: وروى ابن أبي داود عن مجالد ..) إلى آخره.
قلت: اسم ابن أبي داود عبد الله، وكنيته أبو بكر، وهو بها أشهر، وكان من كبار الحفاظ، وأبوه صاحب السنن، اعتنى به، وسمعه وهو صغير من كثير من مشايخه، وهذا الأثر أخرجه في كتاب شريعة المقارئ بسند تردد في سماعه له من شيخه بسنده إلى مجالد -وهو بضم الميم وتخفيف الجيم- وهو ضعيف كما قال الشيخ، لكن لم يترك، بل وصفه مسلم بالصدق، وأخرج له في المتابعات.
والأنصار الذين أشار إليهم الشعبي يحتمل أن يكونوا من الصحابة ومن التابعين.
وقد قرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، عن عبد اللطيف بن القبيطي في كتابه، قال: أخبرنا طاهر بن محمد، قال: أخبرنا محمد بن الحسين، قال: أخبرنا الزبير بن محمد، قال: أخبرنا علي بن محمد، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا(4/309)
أبو عبيد القاسم بن سلام، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الله بن المبارك، عن عيسى بن عمر، عن طلحة بن مصرف، قال: دخلت على خيثمة -يعني ابن عبد الرحمن- وهو مريض، فقلت: إني أراك اليوم صالحاً، قال: نعم، قرئ عندي القرآن وكان يقال: إذا قرئ عند مريض القرآن وجد لذلك خفة.
هذا أثر صحيح.
وخيثمة تابعي كبير، وطلحة تابعي صغير.
أخرجه ابن أبي داود عن هارون بن سليمان، عن عبد الرحمن بن مهدي. فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرج ابن أبي داود أيضاً من طريق خالد بن معدان، وهو من ثقات التابعين أنه كان يقرأ عند الميت إذا كان في النزع آخر الصافات.
وقد تقدم عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم شيء من هذا، وبالله التوفيق.
آخر المجلس السبعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الخمسون بعد السبعمئة من الأمالي رواية إبراهيم البقاعي.
[[باب ما يقوله من مات له ميت
روينا في صحيح مسلم، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبدٍ تصيبه مصيبةٌ فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها))، قالت: فلما توفي(4/310)
أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخلف الله تعالى لي خيراً منه: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروينا في سنن أبي داود، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أصاب أحدكم مصيبةٌ فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي فاؤجرني فيها وأبدلني بها خيراً منها)).]]
(371)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء، سابع ذي القعدة من السنة، فقال أحسن الله عاقبته آمين:
ووجدت لحديث معقل شاهداً.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو المغيرة -هو عبد القدوس بن الحجاج- قال: حدثنا صفوان بن عمرو، عن المشيخة أنهم حضروا عفيف بن الحارث حين اشتد سوقه، فقال: هل فيكم أحد يقرأ يس؟ قال: فقرأها صالح بن شريح السكوني، فلما بلغ أربعين آية منها قبض، فكان المشيخة يقولون: إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها.
هذا موقوف حسن الإسناد.
وغضيف بمعجمتين وفاء مصغر صحابي عند الجمهور، وصفوان بن عمرو(4/311)
ثقة من صغار التابعين، والمشيخة الذين نقل عنهم لم يسمعوا، ولكنهم ما بين صحابي وتابعي كبير، ومثله لا يقال بالرأي، فله حكم الرفع.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي الشعثاء جابر بن زيد، وهو من ثقات التابعين أنه كان يقرأ عند الميت سورة الرعد.
وسنده صحيح.
(قوله: باب ما يقول من مات له ميت، روينا في صحيح مسلم عن أم سلمة .. .. ) إلى آخره.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي بهذا السند إلى عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا ابن نمير -هو عبد الله- (ح).
وأخبرني أبو الفرج بن الغزي بالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد، وأبو محمد بن حيان، قال الأول: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثنا علي بن حجر، وقال الثاني: حدثنا القاسم بن فورك، قال: حدثنا أبو عمر الدوري، قالا: حدثنا إسماعيل بن جعفر.
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا أبو بكر الطلحي، قال: حدثنا عبيد بن غنام، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أسامة، قال الثلاثة: حدثنا سعد بن سعيد -هو الأنصاري- عن عمر بن كثير، وفي رواية ابن نمير عن سعد قال: أخبرني عمر بن كثير بن أفلح، عن ابن سفينة زاد ابن نمير مولى أم سلمة وفي رواية أبي أسامة سمعت ابن سفينة، عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبدٍ تصيبه مصيبةٌ فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها)).
قالت: فلما مات أبو سلمة -تعني زوجها واسمه عبد الله بن عبد الأسد(4/312)
وهو ابن عمتها- قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ ثم إني قلتها، فأخلفني الله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن علي بن حجر وعن أبي بكر بن أبي شيبة.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أيضاً عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، وعن يحيى بن أيوب وقتيبة، كلاهما عن إسماعيل بن جعفر.
أخرجه أبو عوانة في صحيحه عن أبيه عن علي بن حجر.
فوقع لنا بدلاً عالياً في الجميع.
وابن سفينة لم يسمه أكثر المصنفين، وقال المزي في التهذيب: كان لسفينة من الولد: عبد الرحمن وإبراهيم وعمر.
قلت: جزم ابن منده بأن راوي هذا الحديث عمر، ذكره عنه أبو نصر الكلاباذي.
(قوله: وروينا في سنن أبي داود وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها ..) إلى آخره.
أخبرني التقي أبو محمد بن أحمد بن عبيد الله، عن أبي عبد الله الزراد بالسند الماضي قريباً إلى أبي يعلى، قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج (ح).
وقرأت على خديجة البعلبكية بدمشق، عن القاسم بن أبي غالب، قال: أخبرنا محمود بن إبراهيم في كتابه، قال: أخبرنا محمد بن أحمد، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا(4/313)
محمد بن سعد، قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أم سلمة، وهي أمه رضي الله عنهما، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أصابت أحدكم مصيبةٌ فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي فاؤجرني فيها وأبدلني بها خيراً منها)).
فلما مات أبو سلمة قلتها، فلما أردت أن أقول وأبدلني قلت: ومن خير من أبي سلمة؟ فلم أزل حتى قلتها، فلما انقضت عدتها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها .. .. الحديث في قصة تزويجها.
أخرجه أحمد عن روح بن عبادة عن حماد.
وأبو داود عن موسى بن إسماعيل.
وابن حبان عن أبي يعلى.
فوقع لنا بدلاً عالياً وموافقة عالية لأبي داود وابن حبان.
وأخرجه النسائي وابن خزيمة والطحاوي والحاكم من طرق عن يزيد بن هارون عن حماد.
وأخرجه ابن حبان عن ابن خزيمة.
واستدراك الحاكم له عجيب فقد أخرجه مسلم كما ترى، والقصة واحدة واختلاف اللفظ يسير، وإنما لم يخرج مسلم هذه الطريق لاختلاف وقع فيها(4/314)
على ثابت وعلى حماد كما سأبينه إن شاء الله تعالى.
آخر المجلس الحادي والسبعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الحادي والخمسون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن الرباط البقاعي.
(372)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء، رابع عشر ذي القعدة من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي رحمه الله عن القاسم بن المظفر بن عساكر، قال: أخبرنا أبو الوفاء بن منده فيما كتب إلينا، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله قراءة عليه وأنا حاضر عن نصر بن سيار، قال: أخبرنا محمود بن القاسم، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد بن محبوب، قال: حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا عمرو بن عاصم (ح).
وقرأت على عبد الله بن عمر بن علي بالسند الماضي إلى عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا روح -هو ابن عبادة- واللفظ له، قالا: حدثنا حماد بن سلمة (ح).
وقرأته عالياً على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، وفاطمة بنت أبي الحسن، قالا: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا محمد بن معاذ الحلبي، قال: حدثنا محمد بن كثير العبدي، قال: حدثنا حماد، عن ثابت البناني، قال: حدثني عمر بن أبي سلمة، عن أمه -هي أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم- عن أبي سلمة -هو ابن عبد الأسد، وهو والد عمر- رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أصابت أحدكم مصيبةٌ فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم(4/315)
اؤجرني في مصيبتي وأبدلني بها خيراً منها)) قالت: فلما قبض أبو سلمة أخلفني الله في أهلي خيراً منه.
أخرجه النسائي عن عمرو بن منصور عن محمد بن كثير.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الطريق الأخير.
فهذا السياق يخالف الأول مع اتحاد المخرج، ففي الأول بين ثابت وعمر بن أبي سلمة واسطة، والمتن من رواية أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة، وفي الثاني حذف الواسطة بين ثابت وعمر مع التصريح بالتحديث، والمتن من رواية أم سلمة عن أبي سلمة.
ويمكن الجمع بأن يكون ثابت سمعه من ابن عمر عن أبيه، ثم لقي عمر فحدثه، وأن تكون أم سلمة سمعته عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم لما مات أبو سلمة وأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تقوله لما سألته، فتذكرت ما كان أبو سلمة حدثها، فكانت تحدث به عن الوجهين.
ويؤيد هذا الحمل اختلاف السياقين لفظاً وزيادة ونقصاً.
وقد ورد ما يؤيد ذلك.
قرأت على خديجة بالسند الماضي قريباً إلى عبد الوهاب بن محمد، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، قال: أخبرنا أبو مسعود -هو أحمد بن الفرات الرازي- قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، وسليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، عن عمر بن أبي سلمة .. .. فذكره.
وقرأت على أبي محمد بن عبيد الله بالسند الماضي قريباً إلى أبي يعلى، قال: حدثنا هدبة بن خالد، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، قال:(4/316)
حدثني ابن أبي سلمة، أن أبا سلمة جاء إلى أم سلمة، فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً هو أحب إلي من كذا وكذا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنه لا يصيب أحداً مصيبةٌ فيسترجع ثم يقول .. .. )) فذكر الحديث.
أخرجه ابن منده في المعرفة من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت، قال: لقيت عمر بن أبي سلمة، فقال: قالت أم سلمة: جاء أبو سلمة فقال، فذكر الحديث بنحوه، وقال فيه: أحب إلي من الدنيا جميعاً.
وجاء من غير رواية ثابت بذكر أبي سلمة فيه.
أخرجه أحمد من طريق المطلب بن عبد الله بن حنطب -بمهملتين ونون موحدة وزن جعفر- عن أم سلمة عن أبي سلمة، فذكره مختصراً.
وللحديث شاهد عن ابن عباس.
قرأت على مريم بنت أحمد الأسدية، عن علي بن عمر الواني -وهي آخر من حدث عنه بالسماع- قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي سبط السلفي -وهو آخر من حدث عنه بالسماع- قال: أخبرنا جدي لأمي الحافظ أبو طاهر -وهو آخر من حدث عنه بالسماع- قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن أبي نصر، قال: أخبرنا أبي أبو الفرج محمد بن إدريس، قال: أخبرنا أبو بكر بن علي، قال: أخبرنا علي بن داود القنطري، قال: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث (ح).
وقرأته عالياً على أبي العباس أحمد بن أبي أحمد الخوارزمي، عن إسحاق بن يحيى الآمدي قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من استرجع عند(4/317)
المصيبة جبر الله مصيبته وأحسن معونته، وجعل له خلفاً صالحاً يرضاه))
هذا حديث حسن.
أخرجه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي صالح.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ورجاله موثقون، لكن علي بن أبي طلحة لم يلق ابن عباس، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني والسبعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الثاني والخمسون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر البقاعي.
[[وروينا في كتاب الترمذي وغيره، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد)) قال الترمذي: حديث حسن.
باب ما يقوله من بلغه موت صاحبه
روينا في كتاب ابن السني، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الموت فزعٌ، فإذا بلغ أحدكم وفاة أخيه فليقل: (إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا إلى ربنا لمنقلبون) اللهم اكتبه(4/318)
عندك في المحسنين، واجعل كتابه في عليين، واخلفه في أهله في الغابرين، ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده)).
باب ما يقوله إذا بلغه موت عدو الإسلام
روينا في كتاب ابن السني، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! قد قتل الله عز وجل أبا جهل، فقال: ((الحمد لله الذي نصر عبده وأعز دينه)).
باب تحريم النياحة على الميت والدعاء بدعوى الجاهلية
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)).]]
(373)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني عشري ذي القعدة من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: وروينا في كتاب الترمذي وغيره عن أبي موسى ..) إلى آخره.
قلت: تقدم بلفظه وعزوه وتخريجه في (كتاب حمد الله تعالى) ولله الحمد.
(قوله: وفي معنى هذا ما رويناه في صحيح البخاري عن أبي هريرة ..) إلى آخره.
قلت: يريد الاحتساب المذكور في حديث أبي هريرة بمعنى الاسترجاع والحمد في حديث أبي موسى، والجامع بينهما التسليم لأمر الله سبحانه وتعالى.(4/319)
والحديث المذكور من غرائب الصحيح أخرجه في كتاب الرقاق من طريق عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(قوله: باب ما يقوله من بلغه صوت صاحبه، روينا في كتاب ابن السني عن ابن عباس .. .. ) إلى آخره.
أخبرنا أبو الفضل بن الحسين الحافظ إذناً مشافهة، قال: أخبرني عبد الله بن محمد العطار، قال: أخبرنا علي بن أحمد الحنبلي، عن أبي عبد الله الكراني، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا فضيل بن محمد الملطي، قال: حدثنا موسى بن داود [(ح)].
وبه إلى الطبراني، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، قالا: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قالا: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي هاشم الرماني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن للموت فزعاً فإذا بلغت أحدكم وفاة أخيه فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم اجعل كتابه في عليين وأخلف عقبه في الآخرين واكتبه عندك في المحسنين، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده)).
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن السني عن سلم بن معاذ عن أحمد بن يحيى الأودي عن مالك بن إسماعيل عن قيس بن الربيع.
فوقع لنا عالياً.(4/320)
وقيس صدوق لكنه تغير في الآخر ولم يتميز، فما انفرد به يكون ضعيفاً.
(قوله: باب ما يقوله إذا بلغه موت عدو الإسلام، روينا في كتاب ابن السني عن ابن مسعود .. .. ) إلى آخره.
قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن إبراهيم بن محمد بن عبد الصمد سماعاً عليه، قال: أخبرنا عبد الرحيم بن يحيى الخطيب، قال: أخبرنا أبو علي الرصافي، قال: أخبرنا أبو القاسم الكاتب، قال: أخبرنا أبو علي الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن حمدان، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أمية بن خالد، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله إن الله قد قتل أبا جهل، قال: ((الحمد لله الذي أعز دينه ونصر عبده)) قال: وقال مرة: ((وصدق وعده)).
هذا حديث غريب.
أخرجه النسائي عن إسحاق بن منصور عن أمية بن خالد.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وهو في كتاب السير من النسائي، وليس في رواية ابن السني عن النسائي.
وإنما أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق علي بن المديني عن أمية بن خالد.
ورجاله رجال الصحيح، لكن أبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
وقد أخرجه أحمد أيضاً من طريق سفيان الثوري عن أبي إسحاق.(4/321)
وسياقه أتم ولفظه قال: ((الله أكبر الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ..)) الحديث.
وفي آخره قال: ((هذا فرعون هذه الأمة)).
(قوله: باب تحريم النياحة -إلى أن قال- روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود .. .. ) إلى آخره.
قرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، أن أحمد بن أبي طالب سماعاً، قال: أخبرنا إبراهيم بن عثمان في كتابه، قال: أخبرنا محمد بن عبد الباقي، وعلي بن عبد الرحمن، قالا: أخبرنا مالك بن أحمد، قال: أخبرنا أبو الحسن بن الصلت، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد، قال: حدثنا أبو عبيد الله المخزومي -هو سعيد بن عبد الرحمن-، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد -هو العوني- (ح).
وقرئ على علي بن محمد الدمشقي بالقاهرة ونحن نسمع، عن ست الوزراء بنت عمر سماعاً، قالت: أخبرنا الحسين بن أبي بكر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا محمد بن يوسف، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا ثابت بن محمد، قالا: حدثنا سفيان -هو الثوري- عن زبيد، عن إبراهيم -هو النخعي- عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية)).
آخر المجلس الثالث والسبعين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الثالث والخمسون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن البقاعي.(4/322)
[[وفي رواية لمسلم ((أو دعا أو شق)) بأو.
وروينا في صحيحيهما، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة.
وروينا في صحيحيهما، عن أم عطية رضي الله عنها قالت: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيعة أن لا ننوح.]]
(374)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن عشري ذي القعدة من السنة فقال أحسن الله إليه آمين:
وأخبرني أبو الفرج بن حماد، قال: أخبرنا أبو العباس بن منصور، قال: أخبرنا أبو الحسن بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن زيد في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا أبو محمد بن فارس، قال: أخبرنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال الأعمش: أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس منا ..)) فذكر مثله.
قال الطيالسي: وقال زائدة عن الأعمش بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم - يعني بدون قوله: أراه.
قلت: هكذا أخرجه أحمد والأئمة الستة سوى أبي داود من رواية الأعمش.(4/323)
فأما الطريق الأولى، وهي رواية زبيد -وهو بزاي منقوطة وموحدة مصغر وآخره دال مهملة- فأخرجها البخاري كما تقدم.
وأخرجها الترمذي والنسائي جميعاً عن إسحاق بن منصور عن عبد الرحمن بن مهدي.
والترمذي وابن ماجه جميعاً عن بندار عن يحيى القطان.
كلاهما عن سفيان الثوري.
فوقع لنا عالياً.
وأما رواية الأعمش فأخرجها أحمد عن محمد بن جعفر عن شعبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجها الشيخان من طرق أخرى أذكرها في الذي بعده.
(قوله: وفي رواية لمسلم ((أو دعا أو شق)) ).
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد بالسند الماضي قريباً إلى عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو معاوية ووكيع، عن الأعمش (ح).
وقرأته عالياً على أم يوسف الصالحية بها، عن يحيى بن محمد بن سعد، وعبد الرحمن بن مخلوف، قالا: أخبرنا علي بن مختار، قال الأول: إجازة مكاتبة، والثاني: إذناً إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا السلفي، قال: أخبرنا مكي بن منصور، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي، قال: أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن(4/324)
عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من لطم الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوة أهل الجاهلية).
أخرجه البخاري من طريق سفيان الثوري عالياً ونازلاً.
ومن طريق حفص بن غياث.
أخرجه مسلم من رواية أبي معاوية ووكيع وعيسى بن يونس وجرير بن عبد الحميد وعبد الله بن نمير.
وأخرجه النسائي من رواية عبد الله بن إدريس.
وابن ماجه من رواية وكيع.
ثمانيتهم عن الأعمش، وقالوا كلهم بالواو إلا يحيى بن يحيى قال مسلم في روايته إياه عن يحيى بن يحيى وغيره، قال يحيى: ((أو شق أو دعا)) وقال أبو بكر وابن نمير: ((ودعا وشق)).
وأبو بكر هو ابن أبي شيبة رواه عن أبي معاوية ووكيع.
وابن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير رواه عن أبيه.
ثم أخرجه مسلم من رواية عيسى وجرير بالواو أيضاً.
(قوله: وروينا في صحيحيهما عن أبي موسى ..) إلى آخره.
أخبرني أبو الفرج بن الغزي بالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا أبو عمرو بن حمدان، وأبو محمد بن حيان،(4/325)
ومحمد بن إبراهيم، قال الأول: حدثنا الحسن بن سفيان، والثاني: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار واللفظ له، والثالث: حدثنا أبو يعلى، قالوا: حدثنا الحكم بن موسى، قال: حدثنا يحيى بن حمزة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، أن القاسم بن مخيمرة حدثه، قال: حدثني أبو بردة بن أبي موسى، قال: وجع أبو موسى رضي الله عنه وجعاً فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الشاقة والحالقة والصالقة.
أخرجه البخاري ومسلم جميعاً عن الحكم بن موسى ومسلم.
فوقع لنا موافقة عالية على طريق مسلم.
ووقع عند معظم الرواة: عن البخاري وقال الحكم، وعند بعضهم: حدثنا الحكم وفي ثبوت ذلك نظر.
(قوله: (وروينا في صحيحيهما عن أم عطية ..) إلى آخره.
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، وموسى بن هارون، قالا: حدثنا أبو الربيع -هو الزهراني- [(ح]).
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا أبو محمد بن حيان واللفظ له، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن رسته، -بضم الراء وسكون المهملة بعد تاء مثناة من فوق مفتوحة- قال: حدثنا محمد بن عبيد، قالا: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها، قالت: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيعة أن لا ننوح.(4/326)
أخرجه مسلم عن أبي الربيع.
فوقع لنا موافقة عالية، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والسبعين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الرابع والخمسون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر بن الرباط البقاعي الشافعي.
[[وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اثنتان في الناس هما بهم كفرٌ: الطعن في النسب والنياحة على الميت)).]]
(375)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سادس ذي الحجة الحرام سنة خمس وأربعين وثمانمئة فقال كان الله له:
وأخبرنا أبو علي بن الجلال، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، وست الوزراء بنت المنجا، قالا: أخبرنا الحسين بن أبي بكر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: حدثنا حماد -يعني ابن زيد- قال: حدثنا أيوب، عن محمد -هو ابن سيرين- فذكر الحديث بتمامه.(4/327)
وأخرجه النسائي مختصراً عن الحسن بن حبيب، عن أبي الربيع.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ورواه عبد الوارث بن سعيد عن أيوب عن حفصة عن أم عطية.
أخرجه البخاري وأبو داود جميعاً عن مسدد عن عبد الوارث.
والطريقان صحيحان.
وقد أخرجاه أيضاً من طريق هشام بن حسان عن حفصة.
وله شاهد عن أنس.
قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو روح الهروي، قال: أخبرنا أبو القاسم المستملي، قال: أخبرنا أبو الحسن الإسماعيلي، قال: أخبرنا زكريا بن يحيى، قال: أخبرنا مكي بن عبدان، قال: حدثنا أبو الأزهر النيسابوري، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء حين بايعهم أن لا ينحن .. الحديث.
هذا حديث حسن.
أخرجه البزار من طريق عبد الرزاق.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
(قوله: وروينا في صحيح مسلم عن أبي هريرة .. .. ) إلى آخره.
أخبرنا الإمام المسند أبو الفرج بن الغزي، قال: أخبرنا أبو الحسن بن(4/328)
قريش بالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا محمد بن علي بن حبيش -بمهملة وموحدة مصغر وآخره معجمة- وأحمد بن يعقوب المهرجاني، وأبو عمرو بن حمدان، قال الأول: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، وقال الثاني: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، قال الأول: حدثنا أبو معاوية، والثاني: حدثنا أبي، ومحمد بن عبيد، قالوا: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اثنتان في الناس هما بهم كفرٌ النياحة والطعن في النسب)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه ابن حبان والبزار من طريق سفيان الثوري عن الأعمش بهذا السند بلفظ: ((أربعٌ في الناس من أمر الجاهلية .. .. )) فذكرها وزاد: ((ومطرنا بنوء كذا والعدوى)).
ووقع لنا من وجه آخر عن أبي هريرة.
قرأت على عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك، أن أحمد بن منصور أخبرهم، قال: أخبرنا علي بن أحمد المقدسي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد التيمي في كتابه، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا شعبة(4/329)
والمسعودي، عن علقمة بن مرشد، عن أبي الربيع -هو المدني- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربعٌ من أمر الجاهلية لن يدعهن الناس: الطعن في النسب، والنياحة على الميت والأنواء مطرنا بنوء كذا والأعداء، جرب بعيرٌ فأجرب مئة بعيرٍ، فمن أجرب الأول؟)).
وأخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق كريمة عن أبي هريرة بلفظ: ((ثلاثٌ هن من الكفر بالله: النياحة وشق الجيوب والطعن في النسب)).
وأخرجه أيضاً من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة بنحو هذا.
وأخرج مسلم حديث أبي مالك الأشعري، وهو بلفظ: أربع.
وبهذا السند إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الحسن بن بندار، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الصايغ، قال: حدثنا عفان، عن يحيى بن أبي كثير، أن زيد بن سلام حدثه، أن أبا سلام حدثه، أن أبا مالك الأشعري حدثه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربعٌ في أمتي من أمر الجاهلية لا دعوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه مسلم أيضاً من وجه آخر عن أبان.(4/330)
وخالفه معمر فقال: عن يحيى بن أبي كثير عن أبي معانق عن أبي هريرة أخرجه ابن ماجه.
ويجتمع من هذه الأحاديث ست أو سبع خصال، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس والسبعين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الخامس والخمسون بعد السبعئمة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي من لفظ ممليه سيدنا شيخ الإسلام حافظ العصر أبي الفضل بن حجر حالة الإملاء.
[[وروينا في سنن أبي داود، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن عبادة ومعه عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا، فقال: ((ألا تسمعون إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم، وأشار إلى لسانه صلى الله عليه وسلم)).
وروينا في صحيحيهما، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما؛ أن(4/331)
رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع إليه ابن ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟! قال: ((هذه رحمةٌ جعلها الله تعالي في قلوب عباده، وإنما يرحم الله تعالى من عباده الرحماء)).]]
(376)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء العشرين من ذي الحجة الحرام سنة خمس وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته:
(قوله: وروينا في سنن أبي داود عن أبي سعيد ..) إلى آخره.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أبو الحرم بن أبي الفتح، قال: أخبرنا أبو الفضل بن الخطيب، قال: أخبرنا أبو علي المكبر، قال: أخبرنا أبو القاسم الكاتب، قال: أخبرنا أبو علي الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن حمدان، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن ربيعة، عن محمد بن الحسن بن عطية، عن أبيه، عن جده، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة.
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو داود عن إبراهيم بن موسى عن محمد بن ربيعة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وعطية والحسن ضعيفان.(4/332)
وقد أخرجه البزار والطبراني من حديث ابن عباس.
وفي سنده ضعيفان أيضاً.
(قوله: وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن ابن عمر ..) إلى آخره.
أخبرنا أبو علي محمد بن محمد الجيزي قراءة عليه ونحن نسمع، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، وأم محمد بنت المنجا، قالا: أخبرنا أبو عبد الله الزبيدي، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن البوشنجي، قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري، قال: حدثنا أصبغ -هو ابن الفرج- عن ابن وهب (ح).
وبالسند الماضي قريباً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا حرملة بن يحيى.
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن علي، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، قال: حدثنا عمرو بن سواد، قالا: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن الحارث الأنصاري، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: اشتكى سعد بن عبادة رضي الله عنه شكوى، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ومعه عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، فوجده النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل عليه في عشيته، فقال: ((قد قضى)) قالوا: لا، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا، فقال: ((ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه -أو يرحم-)).(4/333)
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن عمرو بن سواد ويونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب.
وأخرجه أبو عوانة عن محمد بن إسحاق الصغاني عن أصبغ.
فوقع لنا موافقة في عمرو وبدلاً في الباقين بعلو.
(قوله: وروينا في صحيحيهما عن أسامة بن زيد ..) إلى آخره.
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا فاروق بن عبد الكبير، قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن مسلم، قال: حدثنا أبو عمر حفص بن عمر -هو الحوضي-.
وبه إلى البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، قالا: حدثنا حماد بن زيد واللفظ له.
وأخبرني عالياً أبو الفرج بن حماد، قال: أخبرنا يونس بن إبراهيم الدبوسي، وهو آخر من حدث عنه بالسماع من الرجال، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المقير إجازة إن لم يكن سماعاً، وهو آخر من حدث عنه مطلقاً، وأبو الحسن علي بن هبة الله الفقيه إجازة مكاتبة، كلاهما عن شهدة سماعاً عليها، زاد الأول: وأخبرنا أبو هاشم عيسى بن أحمد سماعاً عليه، قالا: أخبرنا الحسين بن علي البسري، قال: أخبرنا عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا سعدان بن نصر، قال: حدثنا أبو معاوية، كلاهما عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: أرسلت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضر صبياً لها بالموت، فقال: ((قل لها لله ما أخذ ولله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب)) فأعاد عليها فعاد، فقال في الثالثة: هي تقسم عليك إلا جئت أو كما قال: فقام النبي صلى الله عليه وسلم ومعه رهط من(4/334)
المهاجرين والأنصار حتى دخل عليها فأخذ الصبي ولنفسه قعقعة كقعقعة الشنة، فلما رأى ذلك بكى، فقال له سعد: يا رسول الله تبكي وتنهى عن البكاء؟ فقال: ((إنما هذه رحمةٌ وإن الله لا يرحم من عباده إلا الرحماء)).
ورواية أبي معاوية مختصرة ليس فيها أول الحديث، وفيها أتبكي وقد نهيت عن البكاء؟ فقال: ((إنما هي رحمةٌ جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن أبي معاوية.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الشيخان وغيرهما من طرق شتى إلى أبي عثمان، والله أعلم.
آخر المجلس السادس والسبعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو السادس والخمسون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي.
[[وروينا في صحيح البخاري، عن أنس رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال: ((يا ابن عوف! إنها رحمةٌ)) ثم أتبعها بأخرى فقال: ((إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا(4/335)
ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)) والأحاديث بنحو ما ذكرته كثيرة مشهورة.]]
(377)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع عشري ذي الحجة من السنة، لكن لم أسمع من لفظه إلا من قوله: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي إلى آخره، وفاتني ما قبل ذلك من لفظه.
(قوله: وروينا في صحيح البخاري عن أنس ..) إلى آخره.
أخبرني أبو محمد عبد الرحمن، وأخوه عبد الله ابنا عمر بن عبد الحافظ بقراءتي على الأول، وإجازة من الثاني، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد بن معالي، وأبو بكر بن محمد بن عبد الجبار، سماعاً عليهما، قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل المرداوي، عن فاطمة بنت أبي الحسن سماعاً عليها بمصر، قالت: أخبرنا أبو القاسم الشحامي بنيسابور، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، قال: حدثنا شيبان -هو ابن فروخ- وهدبة -هو ابن خالد- (ح).
وقرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي بن زيد، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا أبو النضر -هو هاشم بن القاسم- (ح).
وقرأت على مريم بنت الشيخ شهاب الدين الأذرعي، عن علي بن عمر الواني سماعاً، وهي آخر من حدث عنه بالسماع، قال: حدثنا أبو القاسم بن مكي سبط السلفي، وهو آخر من حدث عنه بالسماع، قال: أخبرنا جدي الحافظ أبو طاهر السلفي، وهو آخر من حدث عنه بالسماع، قال: أخبرنا(4/336)
أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي، وهو آخر من حدث عنه بالسماع، قال: حدثنا الحسين بن الحسن الغضائري، قال: حدثنا جعفر بن محمد الخلدي (ح).
وبالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا حبيب بن الحسن، قالا: حدثنا عمر بن حفص السدوسي، قال: حدثنا عاصم بن علي، قال الأربعة: حدثنا سليمان بن المغيرة، قال: حدثنا ثابت، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولد لي في الليلة غلامٌ فسميته باسم أبي إبراهيم عليه السلام)) ودفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم سيف -امرأة قين يقال له أبو سيف- لترضعه، فانطلق يأتيه .. فذكر الحديث.
وفيه: فاستدعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبي فضمه إليه، وقال ما شاء الله أن يقول، قال: فلقد رأيته بعد وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن هاشم بن القاسم.
ومسلم عن هدبة وشيبان.
وأبو داود عن شيبان.
فوقع لنا موافقة عالية في الجميع.
وأخرجه أحمد أيضاً عن بهز بن أسد وعفان بن مسلم كلاهما عن سليمان بن المغيرة.(4/337)
وأبو عوانة عن محمد بن إسحاق الصغاني عن أبي النضر.
وابن حبان عن عمران بن موسى عن هدبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً فيها، وفي رواية عاصم.
وأخرجه البخاري من رواية قريش بن حيان عن ثابت باللفظ الذي ذكره الشيخ، وأشار إلى رواية سليمان بن المغيرة، فقال بعد رواية قريش: رواه موسى عن سليمان بن المغيرة.
وموسى هو ابن إسماعيل التبوذكي، وهو من شيوخ البخاري.
(قوله: والأحاديث بنحو ما ذكرته كثيرة).
قلت:
منها: حديث جابر رضي الله عنه، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف فانطلق به إلى ابنه إبراهيم فوجده يجود بنفسه فوضعه في حجره وبكى، فقال عبد الرحمن: أتبكي وقد نهيت عن البكاء؟ فقال: ((لا، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوتٍ عند مصيبةٍ خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان وصوتٍ عند نعمةٍ لولا أنه وعد حق وموعود صدقٍ لحزنا عليك حزناً هو أشد من هذا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون)).
أخرجه الترمذي مختصراً والبيهقي بتمامه.
ومنها: حديث أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنها، قالت: لما نزل بإبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له؟ فقال: ((تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب)).(4/338)
أخرجه الطبراني.
وسنده حسن، وكذا حديث جابر.
ومنها: حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ونعيق الشيطان، فإنه مهما يكن من العين والقلب فمن الرحمة، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان)).
أخرجه أبو داود الطيالسي.
ومنها: حديث أبي مسعود وقرظة بن كعب وثابت بن يزيد رضي الله عنهم قالوا: رخص لنا في البكاء على الميت من غير نياحة .. .. الحديث.
وفيه قصته أخرجه ابن أبي شيبة بسند قوي.
وأصله في النسائي والله أعلم.
آخر المجلس السابع والسبعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو السابع والخمسون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي من لفظ ممليه حال الإملاء إلا المستثنى وهو ثلاثة أسطر وشيء فسمعته عليه في العرض بقراءة المستملي شيخنا الشيخ زين الدين رضوان.
[[للحديث الصحيح، ((فإذا وجبت فلا تبكين باكيةٌ)).(4/339)
باب التعزية
روينا في كتاب الترمذي والسنن الكبرى للبيهقي، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من عزى مصاباً فله مثل أجره)).]]
(378)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رابع محرم سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: للحديث الصحيح ((فإذا وجب فلا تبكين باكيةٌ)) ).
قلت: هذا طرف من حديث طويل.
أخبرنا به الشيخ أبو عبد الله بن قوام، قال: أخبرنا أبو الحسن بن هلال، وأبو عبد الله العسقلاني، قالا: أخبرنا أبو إسحاق بن مضر، قال: أخبرنا أبو الحسن الطوسي، قال: أخبرنا أبو محمد السيدي، قال: أخبرنا أبو عثمان البحيري، قال: أخبرنا أبو علي السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، قال: أخبرنا أبو مصعب الزهري، قال: أخبرنا مالك (ح).
وأخبرني الشيخ أبو الفرج بن حماد، قال: أخبرنا أبو الحسن بن قريش بقراءة الحافظ أبي الفتح اليعمري عليه، أن إسماعيل بن عبد القوي أخبرهم، قال: قرئ على فاطمة بنت سعد الخير ونحن نسمع، عن فاطمة الجوزذانية سماعاً، قالت: أخبرنا أبو بكر الضبي، قال: أخبرنا أبو القاسم اللخمي، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا القعنبي -واللفظ له- عن مالك، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن عتيك بن الحارث بن عتيك -وهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه- أنه أخبره، أن جابر بن عتيك رضي الله عنه أخبره، قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غلب، فصاح به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((غلبنا عليك(4/340)
يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين، فجعل ابن عتيك يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكيةٌ)) قالوا: يا رسول الله وما الوجوب؟ قال: ((الموت)) فذكر باقي الحديث في الشهداء.
هذا حديث صحيح.
أخرجه أبو داود عن القعنبي.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه النسائي عن عتبة بن عبد الله عن مالك.
وأخرجه ابن حبان في موضعين من صحيحه عن الحسين بن إدريس عن أبي مصعب أحمد بن أبي بكر.
فوقع لنا بدلاً عالياً من طريق أبي مصعب.
وأخرجه النسائي أيضاً عن الحارث بن مسكين عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك.
وأخرجه الحاكم من طريق القعنبي به.
ومن طريق عبد الله بن وهب عن مالك.
ورواه أبو العميس -بمهملتين مصغر- واسمه عتبة بن عبد الله المسعودي، عن عبد الله بن عبد الله شيخ مالك، فخالفه في سنده واسم الصحابي.
وبه إلى أبي القاسم اللخمي، قال: حدثنا عبيد بن غنام، وعبد الرحمن بن سلم، قال الأول: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، والثاني: حدثنا سهل بن(4/341)
عثمان، قالا: حدثنا وكيع، عن أبي العميس عن عبد الله بن عبد الله بن جبر بن عتيك، عن أبيه، عن جده.. فذكر الحديث مختصراً.
أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة.
وقرأته عالياً على أم الفضل البعلبكية بدمشق، عن القاسم بن المظفر إجازة إن لم يكن سماعاً، وعن محمد بن العماد كتابة، قالا: أخبرنا محمود بن إبراهيم إجازة من أصبهان، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا محمد بن يعقوب الشيباني، قال: حدثنا محمد بن الوهاب، قال: حدثنا جعفر بن عون، عن أبي العميس .. .. فذكر نحوه.
أخرجه النسائي في الكبرى عن أحمد بن سليمان عن جعفر بن عون.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ورجح الدارقطني قول من سمى الصحابي جبراً.
ورجح ابن عبد البر قول مالك في السند.
(قوله: باب التعزية روينا في كتاب الترمذي والسنن الكبير للبيهقي عن عبد الله بن مسعود .. .. ) إلى آخره.
أخبرني إمام الحفاظ أبو الفضل بن الحسين، قال: أخبرنا أبو الحسن العرضي، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، قال: أخبرنا القاسم الحرستاني، قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة، قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الحافظ، قال: حدثنا تمام بن محمد الرازي، قال: حدثنا خيثمة بن سليمان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي طالب (ح).(4/342)
وقرئ على أبي المعالي بن عمر السعودي ونحن نسمع، عن عائشة بنت علي الصنهاجي سماعاً، قالت: أخبرنا إسماعيل بن عزون، وأحمد بن علي بن يوسف، قالا: أخبرنا أبو القاسم البوصيري، عن محمد بن بركات، قال: أخبرنا القاضي أبو عبد الله القضاعي، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الصفار، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن زياد، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عيسى (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن عيسى بن عبد الرحمن، وأبي بكر بن نعمة، قالا: أخبرنا محمد بن إبراهيم، قال: أخبرنا يحيى بن ثابت، قال: أخبرنا طراد بن علي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران، قال: حدثنا أبو جعفر الرزاز، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران، قال: حدثنا إبراهيم بن مسلم الوكيعي، قال الثلاثة: حدثنا علي بن عاصم (ح).
وقرأته عالياً على عبد الله بن خليل الحرستاني، عن زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم سماعاً، عن .. .. تجني الوهبانية ونحن نسمع، أن الحسين بن أحمد بن طلحة أخبرهم، قال: أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه، قال: أخبرنا إسماعيل الصفار، قال: حدثنا عبد الله بن أيوب، قال: حدثنا علي بن عاصم، قال: حدثنا محمد بن سوقة -بضم المهملة وسكون الواو بعدها قاف- عن إبراهيم -هو النخعي- عن الأسود - هو ابن يزيد، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من عزى مصاباً فله مثل أجره)).
هذا حديث غريب.
أخرجه الترمذي عن يوسف بن عيسى.
وابن ماجه عن عمرو بن رافع.(4/343)
والبزار عن محمد بن المثنى.
ثلاثتهم عن علي بن عاصم.
فوقع لنا بدلاً عالياً، وبالله التوفيق.
آخر المجس الثامن والسبعين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الثامن والخمسون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم البقاعي.
[[وروينا في كتاب الترمذي أيضاً، عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من عزى ثكلى كسي برداً في الجنة)) قال الترمذي: ليس إسناده بالقوي.
وروينا في سنن ابن ماجه والبيهقي، بإسناد حسن، عن عمرو بن حزم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من مؤمنٍ يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة)).]]
(379)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء حادي عشر محرم سنة خمس [ست] وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن عاصم، وهو أكبر ما أنكر عليه، وروى بعضهم عن محمد بن سوقة فلم يرفعه.(4/344)
وقال البيهقي بعد تخريجه من وجه آخر عن علي بن عاصم نحو ما قال الترمذي: وزاد: وقد روي عن غيره.
وقال ابن عدي: رواه عن محمد بن سوقة أيضاً محمد بن الفضل بن عطية، وعبد الرحمن بن مالك، وروي عن الثوري وإسرائيل بن يونس وقيس بن الربيع وغيرهم.
وذكر الخطيب نحو ما قال: وزاد: ورواه عن محمد بن سوقة عبد الحكيم بن منصور، وروي عن شعبة.
قلت: رواية محمد بن الفضل أخرجها ابن عدي.
ورواية عبد الرحمن أخرجها أبو نعيم في الحلية.
ورواية الثوري أخرجها الدارقطني في الأفراد وتمام في فوائده وأبو نعيم وابن حبان في الضعفاء، كلهم من طريق حماد بن الوليد عن الثوري.
قال الدارقطني: غريب من حديث الثوري، تفرد به حماد عنه.
وقال ابن حبان: سرقه من علي بن عاصم فألزقه بالثوري.
ورواية إسرائيل وقيس أخرجهما الخطيب.(4/345)
وكذا رواية عبد الحكيم بن منصور.
ورواية شعبة أخرجها ابن منده في غرائبه من طريق نصر بن حماد عنه.
وهؤلاء كلهم متهمون بسرقة الحديث.
ولم يذكر الترمذي في الباب غيره كعادته.
وقد روي من حديث جابر بلفظه، ومن حديث غيره بمعناه.
فحديث جابر أخرجه ابن عدي في ترجمة العرزمي.
وحديث غيره يذكر بعد هذا.
(قوله: وروينا في كتاب الترمذي أيضاً عن أبي برزة ..) إلى آخره.
قرأت على أبي عبد الرحمن عبد الله بن خليل الحرستاني رحمه الله بالصالحية، عن أبي بكر بن محمد بن الرضي، وأحمد بن محمد بن معالي فيما سمع عليهما، أن محمد بن إسماعيل الخطيب أخبرهم عن فاطمة بنت سعد الخير سماعاً، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي، قال حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: حدثتنا أم الأسود بنت يزيد مولى أبي برزة، قالت: حدثتني منية بنت عتبة بن أبي برزة، عن جدها أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من عزى ثكلى كسي برداً من الجنة)).
أخرجه الترمذي عن إبراهيم بن سعيد الجوهري.(4/346)
فوقع لنا موافقة عالية لاتصال السماع.
قال الترمذي: غريب، وليس إسناده بقوي.
(قوله: وروينا في سنن ابن ماجه والبيهقي بإسناد حسن عن عمرو بن حزم ..) إلى آخره.
أخبرني أبو محمد إبراهيم بن محمد الدمشقي المؤذن، قال: أخبرنا أبو العباس الصالحي، قال: أخبرنا أبو المنجا بن اللتي، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا أبو الحسن البوشنجي، قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الشاشي، قال: حدثنا أبو محمد الكشي، قال: حدثنا خالد بن مخلد، قال: حدثني قيس أبو عمارة، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، أنه سمعه يحدث عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلمٍ يعزي أخاه بمصيبةٍ إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة)).
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وقيس لم يسم أبوه مختلف فيه، ضعفه البخاري والعقيلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وسنده مع ذلك منقطع، فإن عبد الله بن أبي بكر نسب أبوه في هذه الرواية إلى جد أبيه، فإنه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وكذا وقع في سياق ابن ماجه، والصحابي هو عمرو بن حزم، وأبو بكر لم يدركه.
وأما محمد فلم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وعده بعضهم في الصحابة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رآه، وإنما أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم نحو سنة، والله أعلم.(4/347)
آخر المجلس التاسع والسبعين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو التاسع والخمسون بعد السبعمئة من الأمالي رواية البقاعي.
[[وروينا في سنن أبي داود والنسائي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما حديثاً طويلاً فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها: ((ما أخرجك يا فاطمة من بيتك؟)) قالت: أتيت أهل هذا الميت فترحمت إليهم ميتهم أو عزيتهم به.]]
(380)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن عشر محرم سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
ووجدت لحديث عمرو بن حزم شاهداً من حديث أنس.
أخبرني الشيخ الإمام العلامة أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله إجازة مشافهة غير مرة، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد العطار، قال: أخبرنا علي بن أحمد، قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد في كتابه، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا زكريا بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن هارون، قال: حدثنا قدامة بن محمد، قال: حدثني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن الزهري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من عزى أخاه المؤمن عن(4/348)
مصيبته كساه الله يوم القيامة حلةً يحبر بها)) قيل: يا رسول الله وما يحبر بها؟ قال: ((يغبط بها)).
هذا حديث غريب.
أخرجه الحاكم من وجه آخر عن قدامة، وهو مدني مختلف فيه.
والمحفوظ في هذا ما أخرجه ابن أبي عمر من طريق طلحة بن عبد الله بن كريز مرسلاً.
وأخرجه ابن أبي شيبة من وجه آخر عن طلحة.
وقال عبد الرزاق في مصنفه: أخبرنا رجل عن طلحة بن عبد الله بن كريز، عن أبي عبد الله السلمي، عن علمائهم فذكره.
(قوله: وروينا في سنن أبي داود والنسائي عن عبد الله بن عمرو .. .. ) إلى آخره.
وبهذا السند إلى علي بن أحمد، قال: أخبرنا محمد بن معمر في كتابه، قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم، قال: حدثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي، قال: حدثنا محمد بن يحيى العدني، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن ربيعة بن سيف.
وبه إلى المقرئ، قال: حدثنا حيوة بن شريح، قال: أخبرني ربيعة بن سيف، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قبرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً، فلما رجعنا وحاذينا بابه إذ أقبلت امرأة لا نظن أنه عرفها، فقال: ((يا فاطمة من أين جئت؟)) قالت: من أهل هذا(4/349)
الميت، ترحمت إليهم ميتهم وعزيتهم فيه، قال: ((لعلك بلغت معهم الكدى؟)) قالت: معاذ الله أن أبلغ معهم الكدى وقد سمعتك تقول فيها ما قلت .. الحديث.
وفي آخره: الكدى: المقابر.
وقرأته عالياً على أم الحسن التنوخية، عن أبي الربيع بن قدامة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر، قال: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت: أخبرنا أبو بكر التاجر، قال: أخبرنا أبو القاسم اللخمي، قال: حدثنا هارون بن ملول -بفتح الميم ولامين الأول مضمومة ثقيلة والواو ساكنة- قال: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، قال: حدثنا حيوة بن شريح .. فذكره.
هذا حديث حسن.
أخرجه أحمد عن المقرئ.
فوقع لنا موافقة عالية من الرواية الثانية في حيوة.
وأخرجه النسائي عن عبيد الله بن فضالة عن المقرئ.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن المقرئ، ومن طريق نافع بن يزيد عن ربيعة بن سيف.
وأخرجه أبو داود من طريق المفضل بن فضالة عن ربيعة.
وربيعة مختلف فيه لينه البخاري، وقال النسائي: لا بأس به، وقال بعد(4/350)
تخريج حديثه: ربيعة صدوق، وفي نسخة: ضعيف، كذا ذكر المزي في الأطراف، وليس له في النسائي إلا هذا الحديث.
(تنبيه) وقع هذا الحديث في أكثر نسخ الأذكار سابقاً على حديث عمرو بن حزم، وتأخيره أنسب لمناسبة حديث عمرو بن حزم للحديثين الماضيين في الباب لاشتمالهما على الترغيب في التعزية، وإنما يستفاد من حديث عبد الله بن عمرو مشروعيتها للنساء، والله أعلم.
آخر المجلس الثمانين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الستون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه حالة الإملاء أبي الحسن إبراهيم البقاعي باستملاء رضوان.
[[وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)).
وثبت في الحديث الصحيح: ((إن كل محدثٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة)).
فصل: وأما لفظة التعزية فلا حجر فيه، فبأبي لفظ عزاه حصلت. واستحب أصحابنا أن يقول في تعزية المسلم بالمسلم، أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وغفر لميتك. وفي المسلم بالكافر: أعظم الله أجرك، وأحسن عزاءك، وفي الكافر بالمسلم: أحسن الله عزاءك، وغفر لميتك. وفي الكافر بالكافر: أخلف الله عليك.]](4/351)
(381)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس عشري محرم من السنة، فقال أحسن الله عاقبته آمين آمين:
(قوله: وثبت في الحديث الصحيح ((والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)).
قلت: هو طرف من حديث أخرجه مسلم مطولاً.
وهو في السنن واقتصر بعضهم على بعضه.
قرأت على العماد أبي بكر بن العز الفرضي رحمه الله بصالحية دمشق، عن حبيبة بنت عبد الرحمن، وزينب بنت الكمال سماعاً عليهما، قالتا: أخبرنا علي بن عبد اللطيف بن الخيمي، وإبراهيم بن أبي بكر الزعبي في كتابيهما، قالا: أخبرنا أبو الفتح بن نجا، قال: أخبرنا علي محمد العلاف، قال: أخبرنا علي بن أحمد المقرئ، قال: حدثنا أبو بكر الشافعي، قال: حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، قال: حدثنا عارم -هو أبو النعمان محمد بن الفضل- قال: حدثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقال مرة: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نفس عن مسلمٍ كربةً من كرب الدنيا نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)).
وقرأته عالياً على مريم الأسدية، عن علي بن عمر الواني سماعاً، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن رواج -بفتح الواو وآخره جيم- قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، قال: أخبرنا علي بن محمد الإيادي، قال: حدثنا عبد الله بن إسماعيل الهاشمي إملاء، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من(4/352)
فرج عن مؤمنٍ كربةً من كرب الدنيا فرج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مؤمنٍ ستر الله عورته، ولا يزال الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)).
أخرجه مسلم من رواية أبي معاوية وأبي أسامة وعبد الله بن نمير.
وأخرجه أبو داود وابن ماجه من رواية أبي معاوية.
والترمذي من رواية أبي أسامة.
ثلاثتهم عن الأعمش مثل رواية أبي بكر جزموا بأبي هريرة.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه النسائي في الكبرى عن إبراهيم بن يعقوب عن أبي النعمان -وهو عارم- بعين مهملة وراء غير منقوطة مكسورة-.
فوقع لنا بدلاً عالياً بثلاث درجات.
وأخرجه الترمذي من رواية أسباط بن محمد عن الأعمش قال: حدثت عن أبي صالح وحاول تعليل الحديث بذلك، وفيه نظر لانفراد أسباط بهذه الزيادة.
(قوله: وثبت في الحديث الصحيح أن ((كل محدثةٍ بدعةٌ وكل بدعةٍ ضلالةٌ)).
قلت: هو طرف من حديث أخرجه أبو داود من طريق العرباض بن سارية(4/353)
رضي الله عنه، وأوله: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة .. الحديث وفيه هذا اللفظ.
وأخرجه الترمذي وغيره مقتصرين على بعضه.
وقد أمليته في المجلس الرابع والثمانين بعد المئة وهو الرابع والثلاثون من تخريج ابن الحاجب.
وله شاهد من حديث ابن مسعود.
أخرجه ابن ماجه في أثناء حديث.
وأخرج مسلم بعضه في أثناء حديث لجابر ((وكل بدعةٍ ضلالةٌ)).
(قوله: فصل وأما لفظ التعزية -إلى أن قال- واستحب أصحابنا ..) فذكره.
قلت: لم يذكر له دليلاً من الأثر.
وقد قرأت على عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان البالسي رحمه الله عن زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم سماعاً عليها، عن إبراهيم بن محمود، قال: قرئ على تجني -بفتح المثناة والجيم وتشديد النون وكسرها- بنت عبد الله الوهبانية ونحن نسمع.
وكتب إلينا أبو العباس بن أبي بكر، عن أبي بكر بن أبي العباس سماعاً، قال: أخبرنا إبراهيم، عن شهدة، قالتا: أخبرنا طراد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا هلال بن محمد بن جعفر، قال: حدثنا الحسين بن يحيى بن عياش، قال: حدثنا إبراهيم بن مجشر -بضم الميم وفتح الجيم وكسر المعجمة الثقيلة بعدها راء- قال: حدثنا وكيع، عن عمران بن زائدة، عن(4/354)
حسين بن أبي عائشة، عن أبي خالد الوالبي -بكسر اللام وتخفيف الموحدة- أن النبي صلى الله عليه وسلم عزى رجلاً فقال: ((يرحمه الله ويأجرك)).
هذا مرسل حسن الإسناد.
أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع.
والبيهقي عن هلال.
فوافقناهما فيهما مع العلو.
وأبو خالد تابعي شهير واسمه هرم، وقيل: هرمز.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم أنهما كانا يقولان في التعزية: أعقبك الله منه عقبى صالحة كما أعقب عباده الصالحين.
وسنده حسن، والله أعلم.
آخر المجلس الحادي والثمانين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الحادي والستون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر بن الرباط البقاعي.
[[وروينا في كتاب النسائي بإسناد حسن، عن معاوية بن قرة بن إياس، عن أبيه رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم فقد بعض أصحابه فسأل عنه، فقالوا: يا رسول الله! بنيه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم،(4/355)
فسأله عن بنيه فأخبره بأنه هلك، فعزاه عليه ثم قال: ((يا فلان! أيما كان أحب إليك: أن تمتع به عمرك، أو لا تأتي غداً باباً من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك، قال: يا نبي الله! بل يسبقني إلى الجنة فيفتحها لي لهو أحب إلي، قال: فذلك لك)).]]
(382)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثالث صفر الخير من سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(تكملة) أغفل الشيخ من ألفاظ التعزية ما أخرجه الشافعي وهو ما أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن محمد الخطيب الدمشقي سماعاً عليه بالقاهرة، عن ست الوزراء بنت عمر بن أسعد إجازة إن لم يكن سماعاً، عن الحسين بن أبي بكر سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو زرعة بن أبي الفضل بن طاهر فقال: أخبرنا مكي بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر العمري، عن جعفر بن محمد -هو الصادق- عن أبيه، عن جده، قال: لما توفي رسول صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية سمعوا قائلاً يقول: إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفاً من كل هالك ودركاً من كل ما فات، فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب.
أخرجه البيهقي عن يحيى بن إبراهيم المزكى في آخرين كلهم عن محمد بن يعقوب.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
والقاسم ضعيف وقد خولف في سنده كما سأذكره.(4/356)
قال البيهقي: روي من وجه آخر عن جابر ومن وجه آخر عن أنس، وأوردهما في أواخر الدلائل.
فأما حديث أنس فوقع لنا بعلو في المعجم الأوسط
وأما حديث جابر فهو من رواية أبي الوليد المخزومي عن أبي ضمرة أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، فخالف القاسم في قوله عن جابر، فإن الجد في الرواية الأولى يحتمل أن يكون علي بن الحسين بن علي أو والده بناءً على من يعود إليه الضمير.
وقد خالفهما عبد الله بن ميمون عن جعفر بن محمد، فقال: عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، قال: سمعت أبي يقول فذكر نحوه.
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير.
فلو كان محفوظاً لتبين أنه سقط من رواية القاسم واحد، لكن القاسم وابن ميمون في شدة الضعف سواء.
وأما أبو الوليد الذي جعله عن جابر فهو مثلهما أو أشد، واسمه خالد بن إسماعيل.
وأما حديث أنس فهو من رواية كامل بن طلحة عن عباد بن عبد الصمد عن أنس.
وعباد متروك.(4/357)
وللحديث طرق أخرى جمعتها في ترجمة الخضر عليه السلام من كتابي في الصحابة وهي واهية كلها.
(قوله: وروينا في كتاب النسائي بإسناد حسن عن معاوية بن قرة بن إياس .. .. ) إلى آخره.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، عن أبي الفتح محمد بن عبد الرحيم المخزومي، قال: أخبرنا يوسف بن أحمد الساوي -بالمهملة- قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو الخطاب القارئ، قال: أخبرنا أبو محمد بن البيع، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم -هو الدورقي- قال: حدثنا سعيد بن عامر (ح).
وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي بكر الدشتي، وإسحاق بن يحيى الآمدي، قالا: حدثنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرة، عن أبيه رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يختلف إليه رجل من الأنصار ومعه ابن له، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: ((يا فلان أتحبه؟)) فقال: نعم يا رسول الله فأحبك الله كما أحبه، قال: ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه؟ فقالوا: يا رسول الله مات ابنه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما ترضى أن لا تأتي يوم القيامة باباً من أبواب الجنة إلا جاء يسعى حتى يفتحه لك؟)) فقال رجل: يا رسول الله أله وحده أو لكلنا؟ قال: ((بل لكلكم)).
هذا حديث صحيح.(4/358)
أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون ووكيع فرقهما عن شعبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي عن عمرو بن علي الفلاس عن يحيى بن سعيد القطان من شعبة.
وهؤلاء متفق على التخريج لهم في الصحيحين وكذا معاوية بن قرة ولم يبق إلا الصحابي، فعجب من اقتصار الشيخ على تحسين سنده، وقد صححه ابن حبان والحاكم.
أخرجه ابن حبان من رواية وكيع.
والحاكم من رواية آدم بن أبي إياس عن شعبة.
وله شاهد عند أحمد من رواية حسان بن كريب عن حوشب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه.
وفيه أن الصبي كان كما دب، وفيه أنه فقده ستة أيام، وفي آخره ((أتحب أن يكون كهلاً كأفضل الكهول أو يقال لك ادخل الجنة جزاء ما أخذ منك؟)).
وآخر عند الطبراني من حديث ابن عمر
وزاد فيه قوله: أحبك الله كما أحبه، فقال: ((إن الله أشد حباً لي منك له وفي أخذه، أما ترضى أن يكون ابنك مع ابني إبراهيم يلاعبه تحت ظل العرش؟)) قال: بلى.(4/359)
آخر المجلس الثاني والثمانين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الثاني والستون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية إبراهيم البقاعي.
[[وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي رحمهما الله؛ أن الشافعي بلغه أن عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله مات له ابن فجزع عليه عبد الرحمن جزعاً شديداً، فبعث إليه الشافعي رحمه الله: يا أخي عز نفسك بما تعزى به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل غيرك. واعلم أن أمض المصائب فقد سرورٍ وحرمان أجر، فكيف إذا اجتمعا مع اكتساب وزر؟ فتناول حظك يا أخي إذا قرب منك قبل أن تطلبه وقد نأى عنك، ألهمك الله عند المصائب صبراً، وأحرز لنا ولك بالصبر أجراً، وكتب إليه:
إني معزيك لا أني على ثقةٍ ... من الخلود ولكن سنة الدين
فما المعزى بباقٍ بعد ميته ... ولا المعزي ولو عاشا إلى حين
وكتب رجلٌ إلى بعض إخوانه يعزيه بابنه: أما بعد، فإن الولد على والده ما عاش حزنٌ وفتنة، فإذا قدمه فصلاة ورحمة، فلا تجزع على ما فاتك من حزنه وفتنته، ولا تضيع ما عوضك الله عز وجل من صلاته ورحمته.
وقال موسى بن المهدي لإبراهيم بن سالم وعزاه بابنه: أسرك وهو بلية وفتنة، وأحزنك وهو صلوات ورحمة؟!(4/360)
وعزى رجلاً فقال: عليك بتقوى الله والصبر، فبه يأخذ المحتسب، وإليه يرجع الجازع، وعزى رجلٌ رجلاً فقال: إن من كان لك في الآخرة أجراً؛ خير ممن كان لك في الدنيا سروراً. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه دفن ابناً له وضحك عند قبره، فقيل له: أتضحك عند القبر؟ قال: أردت أن أرغم أنف الشيطان.
وعن ابن جريج رحمه الله قال: من لم يتعز عند مصيبته بالأجر والاحتساب، سلا كما تسلو البهائم.
وعن حميد الأعرج قال: رأيت سعيد بن جبير رحمه الله يقول في ابنه ونظر إليه، إني لأعلم خير خلة فيه، قيل: ما هي؟ قال: يموت فأحتسبه.
وعن الحسن البصري رحمه الله أن رجلاً جزع على ولده وشكا ذلك إليه، فقال الحسن: كان ابنك يغيب عنك؟ قال: نعم كانت غيبته أكثر من حضوره، قال: فاتركه غائباً فإنه لم يغب عنك غيبة الأجر لك فيها أعظم من هذه، فقال: يا أبا سعيد! هونت عني وجدي على ابني.
وعن ميمون بن مهران قال: عزى رجل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه على ابنه عبد الملك رضي الله عنه، فقال عمر: الأمر الذي نزل بعبد الملك أمرٌ كنا نعرفه، فلما وقع لم ننكره، وعن بشر بن عبد الله قال: قام عمر بن عبد العزيز على قبر ابنه عبد الملك فقال: رحمك الله يا بني! فقد كنت ساراً مولوداً، وباراً ناشئاً، وما أحب(4/361)
أني دعوتك فأجبتني. وعن مسلمة قال: لما مات عبد الملك بن عمر كشف أبوه عن وجهه وقال: رحمك الله يا بني! فقد سررت بك يوم بشرت بك، ولقد عمرت مسروراً بك، وما أنت علي ساعة أنا فيها أسر من ساعتي هذه، أما والله إن كنت لتدعو أباك إلى الجنة. قال أبو الحسن المدائني: دخل عمر بن عبد العزيز على ابنه في وجعه فقال: يا بني! كيف تجدك؟ قال: أجدني في الحق، قال: يا بني! لأن تكون في ميزاني أحب إلي من أن أكون في ميزانك، فقال: يا أبت! لأن يكون ما تحب أحب إلي من أن يكون ما أحب.
وعن جويرية بن أسماء، عن عمه، أن إخوة ثلاثة شهدوا يوم تستر فاستشهدوا، فخرجت أمهم يوماً إلى السوق لبعض شأنها، فتلقاها رجلٌ حضر تستر، فعرفته، فسألته عن أمور بنيها، فقال: استشهدوا، فقالت: مقبلين أو مدبرين؟ قال: مقبلين، قالت: الحمد لله نالوا الفوز وحاطوا الذمار، بنفسي هم وأبي وأمي. قلت: الذمار بكسر الذال المعجمة، وهم أهل الرجل وغيرهم مما يحق عليه أن يحميه، وقولها حاطوا: أي حفظوا ورعوا.
ومات ابن الإمام الشافعي رضي الله عنه فأنشد:
وما الدهر إلا هكذا فاصطبر له ... رزية مالٍ أو فراق حبيب
قال أبو الحسن المدائني: مات الحسن والد عبيد الله بن الحسن، وعبيد الله يومئذ قاضي البصرة وأميرها، فكثر من يعزيه، فذكروا(4/362)
ما يتبين به جزع الرجل من صبره، فأجمعوا على أنه إذا ترك شيئاً كان يصنعه فقد جزع.
باب جواز إعلام أصحاب الميت وقرابته بموته وكراهة النعي
روينا في كتاب الترمذي وابن ماجه، عن حذيفة رضي الله عنه قال: إذا مت فلا تؤذنوا بي أحداً، إني أخاف أن يكون نعياً، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي. قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في كتاب الترمذي، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والنعي، فإن النعي من عمل الجاهلية)) وفي رواية عن عبد الله ولم يرفعه. قال الترمذي: هذا أصح من المرفوع، وضعف الترمذي الروايتين.]]
(383)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء عاشر صفر الخير من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي .. .. ) إلى آخره.
قلت: وهو كما قال، وقد ذكر الشيخ بعد ذلك آثاراً عن بعض الصحابة وعن بعض التابعين وغيرهم بغير سند ولا نسبه لمخرج، وبعضها في كتاب التعازي لأبي الحسن المدائني بغير سند، وبعضها في كتاب العزاء لأبي بكر بن أبي الدنيا بأسانيده فلم أر الإطالة بسوقها.
(قوله: باب جواز إعلام أصحاب الميت وقرابته بموته -إلى أن قال- روينا في كتابي الترمذي وابن ماجه عن حذيفة .. .. ) إلى آخره.(4/363)
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن صاعد، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا حبيب بن سليم العبسي، عن بلال بن يحيى العبسي، عن حذيفة رضي الله عنه، أنه كان إذا مات له ميت قال: لا تؤذنوا به أحداً، إني أخاف أن يكون نعياً، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي. وبه إلى أحمد قال: حدثنا وكيع، عن حبيب بهذا السند عن حذيفة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النعي.
هذا حديث حسن.
أخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع عن عبد القدوس بن بكر.
وابن ماجه عن عمرو بن رافع عن عبد الله بن المبارك.
كلاهما عن حبيب.
قال الترمذي: حديث حسن، وفي بعض النسخ: حسن صحيح.
(قوله: وروينا في كتاب الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والنعي؛ فإن النعي من عمل الجاهلية)).
وفي رواية عن عبد الله ولم يرفعه.
قال الترمذي: هذا أصح من المرفوع، وضعف الترمذي الروايتين.
قلت: مخرجهما واحد، فإن مدارهما على أبي حمزة الأعور واسمه ميمون عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود.(4/364)
وأبو حمزة ضعيف عندهم، والرواية المرفوعة عند الترمذي عن محمد بن حميد الرازي، وهو من الحفاظ لكنهم ضعفوه.
والرواية الموقوفة من طريق سفيان الثوري عن أبي حمزة.
وقد رواه عبد الرزاق عن الثوري فوقفه على علقمة.
وكذا أخرجه مسدد في مسنده عن هشيم عن حصين بن عبد الرحمن عن إبراهيم.
وحصين من رجال الصحيحين.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق من طريق حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم، قال: لا بأس إذا مات الرجل أن يؤذن به صديقه وأصحابه، إنما يكره أن يطاف في المجالس فيقال أنعى فلاناً.
ومن طريق عبد الله بن عون، قال: قلت لإبراهيم: أكانوا يكرهون النعي؟ قال: نعم، قال ابن عون: كان النعي إذا مات الرجل ركب رجل دابة فصاح في الناس: أنعى فلاناً.
قلت: وفي صحيح البخاري في قصة قتل أبي رافع اليهودي، قال الذي قتله وهو عبد الله بن عتيك، لا أبرح حتى أعلم أني قتلته، قال: فلما صاح الديك قام الناعي على السور فقال: أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز.
ذكره قبل غزوة أحد، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث والثمانين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الثالث والستون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي.(4/365)
[[وروينا في الصحيحين؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي إلى أصحابه.]]
(384)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع عشر صفر سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
ومن أحاديث التعزية حديث معاذ.
أخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن الزينبي، قال: أخبرنا محمد بن غالي، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، عن أبي المكارم اللبان (ح).
وقرأت على عبد الله بن عمر بن علي، عن زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم، قالت: أخبرنا يوسف بن خليل في كتابه، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قالا: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد الرقي، قال: حدثنا عمرو بن بكر، قال: حدثنا مجاشع بن عمرو، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه مات ابن له، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزيه: ((من محمد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى معاذ بن جبلٍ سلام عليك فإني أحمد إليك الله لا إله إلا هو. أما بعد فأعظم الله لك الأجر وألهمك الصبر ورزقنا وإياك الشكر، فإن أنفسنا وأهلنا وأولادنا من مواهب الله الهنيئة وعواريه المستودعة، وإن ابنك متعك الله به في غبطةٍ وسرورٍ، وقبضه منك إلى أجرٍ كثير الصلاة والرحمة والهدى، إن احتسبت فاصبر، ولا يحبط أجرك جزعك فتندم، واعلم أن الجزع لا يرد ميتاً، ولا يدفع حزناً، وما يأتك فكأن قد والسلام)).(4/366)
قال سليمان في رواية خليل: لا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد، كذا قال:
وأخرجه الحاكم في ترجمة معاذ بن جبل من المستدرك من طريق عمرو بن بكر، وقال: حديث غريب حسن. ومجاشع بن عمرو ليس من شرط هذا الكتاب.
قلت: ذكره العقيلي في الضعفاء، وقال: خبره منكر.
وجاء عن يحيى بن معين أنه كذبه.
وأورد له ابن عدي عدة أحاديث استنكرها.
ووقعت لنا هذه القصة من وجه آخر:
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، وأخبرنا أبو هريرة بن الذهبي إجازة، كلاهما عن محمد بن أبي بكر الصفار، قال أبو هريرة: سماعاً، عن صفية بنت عبد الوهاب سماعاً، عن الحسن بن العباس، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الزيادي، قال: أخبرنا أبو جعفر بن المرزبان، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم المكي، قال: حدثنا أبو عمر حفص بن عمر الدوري، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن سعيد، عن عبادة بن نسي -بضم النون وفتح المهملة وتشديد الباء- عن عبد الرحمن بن غنم -بفتح المعجمة وسكون النون- قال: أصيب معاذ بولده، فاشتد عليه جزعه، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث بنحوه.
وقال بعد قوله ((المستودعة)) ((نتمتع بها إلى أجلٍ معدودٍ وتقبض لوقتٍ معلومٍ)).
وفيه ((افترض السكر إذا أعطى والصبر إذا ابتلى)).
وفيه بعد قوله ((ولا يدفع حزناً)) ((فأحسن العزاء أو أنجز الموعود، وليذهب أسفك على ما هو نازلٌ بك فكأن قد والسلام)).(4/367)
أخرجه أبو نعيم في ترجمة معاذ من الحلية من وجه آخر عن الدوري.
فوقع لنا عالياً جداً.
قلت: محمد سعيد شامي يشهر بالمصلوب، لأنه قتل على الزندقة وصلب، وقد أخرج له الترمذي وابن ماجه، لكن صرح جماعة من الأئمة بتكذيبه، والعلم عند الله.
(قوله: وروينا في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي إلى أصحابه). قلت: هو طرف من حديث.
أخبرنا الشيخ أبو عبد الله بن قوام، قال: أخبرنا أبو الحسن بن هلال، قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر بن مضر، قال: أخبرنا أبو الحسن الطوسي، قال: أخبرنا هبة الله بن سهل، قال: أخبرنا سعيد بن محمد، قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد، قال: أخبرنا أبو مصعب، قال: أخبرنا مالك (ح).
وقرأت على أبي الفرج بن الغزي، عن أبي الحسن بن قريش بالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد، قال: حدثنا محمد بن غالب، قال: حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعاً.
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس وعبد الله بن يوسف.(4/368)
ومسلم عن يحيى بن يحيى ثلاثتهم عن مالك.
وأخرجه ابن حبان عن الحسين بن إدريس وعمر بن سعيد كلاهما عن أبي مصعب.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أبو داود عن القعنبي.
فوافقناه بعلو.
في رواية عقيل عن ابن شهاب عند مسلم: نعى لنا.
وعند البخاري من طريق معمر عن ابن شهاب: نعى النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي لأصحابه، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والثمانين بعد الثلاثمئة من التخريج، وهو الرابع والستون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية وراية كاتبه أبي الحسن البقاعي.
[[وروينا في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ميت دفنوه بالليل ولم يعلم به: ((أفلا كنتم آذنتموني به؟)).
باب ما يقال في حال غسل الميت وتكفينه
رويناه في سنن أبي داود والترمذي، عن ابن عمر رضي الله عنهما(4/369)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم)).
وروينا في ((السنن الكبرى)) للبيهقي، عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من غسل ميتاً فكتم عليه غفر الله له أربعين مرةً)). ورواه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك على الصحيحين، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم.]]
(385)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء عشري الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: وروينا في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في ميت دفنوه بالليل ..) إلى آخره.
أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله الصالحي بها، عن أبي عبد الله بن الزراد إجازة، إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، عن أم الحسن بنت سعد الخير سماعاً، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأديب، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا هدبة بن خالد، قال: حدثنا حماد بن سلمة (ح).
وقرأت على أبي الفرج بن حماد بالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: حدثنا لوين -هو محمد بن سليمان- قال: حدثنا حماد بن زيد، كلاهما عن ثابت البناني، عن أبي رافع -هو الصايغ واسمه نفيع- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن أسود أو سوداء كان يقم المسجد فمات فدفن ليلاً، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال: ((ما فعل ذلك الإنسان))؟ قالوا: يا رسول الله مات فدفناه(4/370)
ليلاً. قال: ((أفلا آذنتموني به؟)) فدلوه على قبره، فصلى عليه ثم قال: ((إن القبور مظلمةٌ على أهلها، وإن الله ينورها بصلاتي عليهم)).
لفظ حماد بن زيد.
وفي رواية حماد بن سلمة بعد قوله ((به فدلوني على قبره)) فذهب فصلى عليه، ثم قال: ((إن هذه القبور مملوءةٌ ظلمةً ..)) إلى آخره.
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري وأبو داود جميعاً عن سليمان بن حرب، زاد البخاري عن محمد بن الفضل وأبو داود عن مسدد.
وأخرجه مسلم عن أبي الربيع الزهراني وأبي كامل الجحدري.
كلهم عن حماد بن زيد.
وأخرجه ابن حبان عن أحمد بن علي بن المثنى.
فوقع لنا موافقة عالية.
(قوله في باب ما يقال في حال غسل الميت وتكفينه: روينا في سنن أبي داود والترمذي عن ابن عمر ..) إلى آخره.
قرأت على أبي بكر بن إبراهيم بن أبي عمر بصالحية دمشق.
وكتب إلينا أبو الخير بن أبي سعيد من بيت المقدس، قالا: أخبرنا عبد الله بن الحسين الأنصاري، قال الثاني: سماعاً، والأول: إن لم يكن فإجازة، قال: أخبرنا إبراهيم بن خليل، قال: أخبرنا يحيى بن محمود، قال: أخبرنا أبو عدنان(4/371)
الأصبهاني، وفاطمة الجوزذانية، قالا: أخبرنا محمد بن عبد الله التاجر، قال: أخبرنا الطبراني في المعجم الصغير، قال: حدثنا زكريا بن يحيى بن سليمان، قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن عمران بن أنس المكي، عن عطاء، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو داود والترمذي جميعاً عن أبي كريب بهذا الإسناد.
فوقع لنا موافقة عالية.
قال الطبراني بعد تخريجه: لم يروه عن عطاء إلا عمران بن أنس ولا عن عمران إلا معاوية بن هشام، تفرد به أبو كريب.
قلت: معاوية من رجال مسلم وفيه لين، وشيخه ضعفه البخاري.
وغفل الحاكم فأخرجه من رواية أبي كريب وقال: صحيح الإسناد.
قلت: وله شاهد عند النسائي من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تذكروا هلكاكم إلا بخيرٍ)).
وسنده قوي.
وفي النهي عن سب الأموات أحاديث غير هذا.
(قوله: وروينا في السنن الكبير للبيهقي عن أبي رافع .. .. ) إلى آخره.(4/372)
أخبرني أبو اليسر أحمد بن عبد الله بن الصايغ الدمشقي بها، قال: أخبرنا أحمد بن علي الهكاري قراءة عليه وأنا في الرابعة وإجازة منه، عن أبي الحسن الخواص، قال: أخبرنا أبو الفتح بن نجا، قال: أخبرنا الحسين بن علي البسري، قال: أخبرنا عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا عباس بن عبد الله، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني شرحبيل بن شريك، عن علي بن رباح اللخمي، قال: سمعت أبا رافع هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه، يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من غسل ميتاً فكتم عليه غفر الله له أربعين مرةً، ومن حفر له فأجنه أجري عليه كأجر مسكنٍ أسكنه إياه إلى يوم القيامة، ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سندس وإستبرق الجنة)).
هذا حديث حسن غريب.
أخرجه البيهقي عن عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الحاكم من وجهين عن المقرئ بهذا الإسناد، وبالله التوفيق.
آخر المجلس الخامس والثمانين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الخامس والستون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه حالة الإملاء إبراهيم البقاعي باستملائه.(4/373)
[[باب أذكار الصلاة على الميت
روينا في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنه صلى على جنازة فقرأ فاتحة الكتاب وقال: لتعلموا أنها سنة.]]
(386)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء مستهل شهر ربيع الأول سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله في باب أذكار الصلاة على الميت: روينا في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب، ثم قال: لتعلموا أنها سنة.
قال الشيخ: وكذا جاء في سنن أبي داود قال: إنها من السنة.
قلت: أخرجه البخاري عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة عن سعد عن طلحة عن ابن عباس ولم يسق لفظه، ثم قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة .. فذكره كما قال الشيخ.
وقد أخرجه أبو داود عن محمد بن كثير شيخ البخاري فيه فقال في آخره: إنها من السنة.
وهكذا أخرجه البيهقي عن طريق إسماعيل بن إسحاق عن محمد بن كثير.
فوافق أبا داود في لفظه.(4/374)
وأما لفظ محمد بن بشار الذي طواه البخاري فساقه النسائي عن محمد بن بشار بالسند المذكور فقال: عن طلحة بن عبد الله بن عوف، صليت خلف ابن عباس على جنازة فسمعته يقرأ بفاتحة الكتاب، فلما انصرف أخذت بيده فسألته فقلت: تقرأ؟ قال: نعم إنه حق وسنة.
وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان -وهو الثوري- بلفظ آخر.
أخبرني الزين عمر بن محمد البالسي، قال: أخبرنا أبو بكر بن محمد، قال: أخبرنا علي بن أحمد، عن محمد بن معمر، قال: أخبرنا إسماعيل بن الفضل، قال: أخبرنا أبو طاهر بن عبد الرحيم، قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ، قال: حدثنا ابن مبشر -هو علي بن عبد الله- قال: حدثنا أحمد بن سنان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن طلحة بن عبد الله، قال: صلى ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب، فقلت له؟ فقال: إنه من السنة أو من تمام السنة.
أخرجه الترمذي عن بندار عن عبد الرحمن بن مهدي.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وقال: حسن صحيح.
وقد روي مرفوعاً صريحاً.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن أيوب، قال: أخبرنا أبو الفرج بن عبد المنعم، قال: أخبرنا أبو طاهر بن المعطوش، قال: أخبرنا أبو الغنائم بن المهتدي، قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أخبرنا أبو محمد بن ماس، قال: حدثنا أبو مسلم الكجي، قال: حدثنا أبو عمر الضرير، قال: حدثنا أبو شيبة، قال: حدثنا الحكم بن عتيبة، عن مقسم،(4/375)
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب.
هذا حديث غريب.
أخرجه الترمذي وابن ماجه جميعاً عن أحمد بن منيع عن زيد بن الحباب عن إبراهيم بن عثمان.
فوقع لنا عالياً بدرجتين بالنسبة للسماع المتصل.
قال الترمذي: ليس إسناده بذاك، إبراهيم بن عثمان هو أبو شيبة الواسطي منكر الحديث، والصحيح عن ابن عباس قوله: من السنة.
قلت: وللمرفوع شاهد أخرجه ابن ماجه من حديث أم شريك رضي الله عنها، قالت: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب.
وفي سنده حماد بن جعفر العبدي وفيه لين عن شهر بن حوشب وفيه مقال.
وجاء عن ابن عباس فيه زيادة.
أخبرني أبو المعالي محمد بن إبراهيم بن إسحاق الحاكم، قال: أخبرنا أبو الفتح بن محمد بن إبراهيم الخطيب، قال: أخبرنا أبو محمد بن علاق -بفتح المهملة وتشديد اللام ثم قاف- قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري، قال: أخبرنا أبو صادق المديني، قال: أخبرنا علي بن ربيعة، قال: أخبرنا الحسن بن رشيق، قال: أخبرنا محمد بن عبد السلام، قال: حدثنا أبو صالح كاتب الليث (ح).
وقرأت على التقي عبد الله بن محمد الصالحي بها، عن محمد بن أحمد بن أبي الهيجاء، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الخطيب، قال: قرئ على(4/376)
فاطمة بنت أبي الحسن الأندلسي ونحن نسمع، عن أبي القاسم المستملي سماعاً، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو النيسابوري، قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا محرز -بضم الميم وسكون المهملة وكسر الراء بعدها زاي منقوطة- ابن عون، قالا: حدثنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن طلحة بن عبد الله، قال: صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، وجهر حتى أسمعنا، فأخذت بيده فسألته؟ فقال: سنة وحق.
أخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى.
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلوٍ.
وذكره البيهقي من رواية إبراهيم بن حمزة -وهو من شيوخ البخاري- عن إبراهيم بن سعد، وقال: ذكر السورة غير محفوظ، ثم أخرجه من طريق الشافعي وغيره عن إبراهيم بن سعد بدونها.
قلت: وكذا قال منصور بن أبي مزاحم عن إبراهيم بن سعد، أخرجه ابن حبان من طريقه وسليمان بن داود الهاشمي عنه.
أخرجه ابن الجارود في المنتقى.
وأخرجه أيضاً من رواية إبراهيم بن زياد عن إبراهيم بن سعد فذكرها.
ولأصل الحديث في قراءة فاتحة الكتاب طريق أخرى صحيحة تأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
آخر المجلس السادس والثمانين بعد الثلاثمئة من تخريج أحاديث الأذكار(4/377)
وهو السادس والستون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
[[وجاءت أحاديث بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم رويناها في سنن البيهقي.]]
(387)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: وجاءت أحاديث في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رويناها في سنن البيهقي).
قلت: هي ثلاثة ليس فيها شيء مصرح برفعه، وترجع في التحقيق إلى اثنين، ثم قال: وقد أوضحتها في شرح المهذب.
قلت: ذكر المهذب من حديث ابن عباس أنه صلى على جنازة فكبر ثم قرأ بأم القرآن فجهر بها ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم .. .. الحديث.
قال الشيخ في شرحه: وأما الرواية التي ذكرها عن ابن عباس بزيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقد رواها البيهقي من غير ابن عباس، فرواها بإسناده عن عبادة وعن جماعة من الصحابة، وعن أبي أمامة بن سهل.
قلت: كأنه ما رآه من حديث ابن عباس وإلا لكان ذكره.
وقد وقع لي عن ابن عباس موقوفاً ومرفوعاً وسأذكره بعد.
فأما حديث عبادة فأخرجه البيهقي من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة، أنه سأل عبادة بن الصامت عن الصلاة على الميت؟ فقال: أنا والله أخبرك، تبدأ(4/378)
فتكبر ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تقول: اللهم إن عبدك .. فذكر الحديث موقوفاً.
وأما الرواية عن جماعة من الصحابة ففيما قرأت على الحافظ أبي الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان، أن محمد بن إسماعيل بن عمر أخبرهم، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، عن منصور بن عبد المنعم، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسين الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد التاجر، قال: حدثنا محمد بن الحسن العسقلاني، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف -وكان من أكابر الأنصار وعلمائهم ومن أبناء الذين شهدوا بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه أخبره رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يخلص الدعاء للميت في التكبيرات الثلاث، ثم يسلم تسليماً خفياً حين ينصرف، والسنة أن يفعل من وراء الإمام مثل ما فعل، أخبرني بذلك وسعيد بن المسيب يسمع فلم ينكر ذلك، فذكرت الذي أخبرني لمحمد بن سويد الفهري فحدثني عن الضحاك بن قيس الفهري، عن حبيب بن مسلمة الفهري في صلاة صلاها على ميت مثل الذي أخبر أبو أمامة.
هذا حديث صحيح، لكنه موقوف.
وقد أخرجه الطبراني في مسند الشاميين من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري، فذكر مثل حديث يونس سنداً ومتناً، إلا ما يتعلق بسعيد بن المسيب، وزاد في أوله: إن السنة في الصلاة على الجنازة، والباقي سواء.(4/379)
وأما حديث أبي أمامة بن سهل فهو الحديث الذي قبله قصر بعض الرواة فيه كما سأبينه.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي، قال: أخبرنا أيوب بن نعمة، قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد، عن محمد بن عبد الخالق، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن حمدٍ، قال: أخبرنا أبو نصر بن الحسين، قال: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الحافظ، قال: أخبرنا قتيبة، قال: أخبرنا الليث، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة -هو ابن سهل- قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن شهاب: وأخبرني محمد بن سويد عن الضحاك بن قيس بنحو ذلك.
هكذا أخرجه النسائي.
وقال الشيخ في شرح المهذب: إسناده على شرط الشيخين، يعني الطريق الأولى.
قال: وأبو أمامة هذا صحابي، وقوله السنة كذا في حكم المرفوع.
وتعقبه شيخنا في شرح الترمذي بأن أبا أمامة له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تتحقق رؤيته النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: وقد صرح البخاري والبغوي وابن السكن بأنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فحكم مرسله حكم مرسل كبار التابعين، وقد قالوا: إنه أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم عامين فقط.
ظهر من رواية يونس وشعيب -وهما من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري- أن أبا أمامة حمله عن رجال من الصحابة، فبقيت رواية الليث عن(4/380)
الزهري ذكر شيوخ أبي أمامة كما سقط عليه ذكر شيخ الضحاك، وزيادة الثقة مقبولة، ولا سيما إذا كان حافظاً وتابعه مثله، وهما في الزهري أتقن من غيرهما، والله أعلم.
آخر [المجلس] السابع والثمانين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو السابع والستون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي.
(388)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس عشر شهر ربيع الأول من السنة فقال أحسن الله عاقبته:
وأما حديث ابن عباس فذكر الشيخ في موضع آخر من شرح المهذب أن ذكر الصلاة فيه غريب، كذا قال.
وقد وقع لي في مسند أحمد بن منيع قال:
حدثنا أبو أحمد الزبيري -هو محمد بن عبد الله- قال: حدثنا كثير بن زيد، عن المطلب -هو ابن عبد الله بن حنطب- قال: قام ابن عباس رضي الله عنهما يصلي على جنازة فكبر وافتتح بأم القرآن رافعاً بها صوته، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم كبر فأخلص الدعاء للميت، ثم كبر ودعا للمؤمنين والمؤمنات، ثم أقبل على الناس فقال: إني والله ما رفعت صوتي إلا لتعلموا أنه سنة.
ورجال هذا الإسناد موثقون إلا أن في سماع المطلب من ابن عباس خلافاً.
وله طريق أخرى عن ابن عباس.(4/381)
قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن زينب بنت أحمد الصالحية، عن يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن نافع، حدثنا محمد بن داود بن ناجية، قال: حدثنا زياد بن يونس، قال حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن يعقوب بن زيد، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، أنه كان إذا صلى على جنازة وهو إمام يكبر، ثم يقرأ بأم القرآن، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ثم يكبر ثم ينصرف.
وبه قال الطبراني: لم يروه عن ابن شهاب إلا يعقوب ولا عنه إلا محمد بن جعفر، تفرد به زياد.
قلت: قد رواه عن ابن شهاب غير يعقوب وزاد فصرح برفعه.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن أبي نصر الفارسي، قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا أبو العلاء الحافظ، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلم الرازي، قال: حدثنا سليم بن منصور بن عمار، قال: حدثنا يحيى بن عبد الملك، قال: حدثنا أبو عبادة الزرقي، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس. قال: جيء بجنازة جابر بن عتيك أو سهل بن عتيك، وكان أول من صلى عليه في موضع الجنائز، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر فقرأ بأم القرآن يجهر بها، ثم كبر الثانية فصلى على نفسه وعلى المرسلين، ثم كبر الثالثة فدعا للميت: اللهم اغفر له وارحمه وارفع درجته، ثم كبر الرابعة فدعا للمؤمنين والمؤمنات ثم سلم.(4/382)
وبه قال الطبراني: لم يروه عن الزهري إلا أبو عبادة ولا عنه إلا يحيى بن يزيد، تفرد به سليم بن منصور.
قلت: إن أراد أن أبا عبادة تفرد برفعه وإلا فرواية يعقوب ترد عليه.
وأبو عبادة اسمه عبد الله بن عيسى، وهو والراوي عنه مدنيان ضعيفان ولم ينفرد به سليم بن منصور كما قال، بل رواه عن يحيى بن يزيد غيره.
قرأت على خديجة بنت أبي إسحاق بن سلطان، عن القاسم بن أبي غالب إجازة إن لم يكن سماعاً، عن محمود بن إبراهيم بن سفيان، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الفارسي، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان الفسوي، قال: حدثنا عبد الله بن الزبيري الحميدي، قال: حدثنا يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي فذكره بسنده مختصراً وأوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بجنازة سهل بن عتيك ولم يتردد في اسمه.
ومع هذه الطرق لا يطلق في حديث ابن عباس الغرابة.
ثم قال الشيخ: وروى الشافعي عن مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري حديثاً فيه ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو ضعيف أيضاً، قال ابن معين: مطرف كذاب. انتهى.
قلت: في هذا الكلام نظر من أوجه:
أحدها: أن الشافعي احتج بمطرف، فهو وإن ضعفه غيره حجة عند من يقلد الشافعي.
الثاني: أنه لم ينفرد به كما سأذكره.
الثالث: أن الحديث هذا هو الذي أوردته في أوائل الكلام على هذا الفصل من رواية يونس وشعيب عن الزهري، ولو ساق الشيخ سند الزهري فيه لزال(4/383)
الإشكال، فإنه صرح قبل هذا بأنه صحيح على شرط الشيخين.
الرابع: قوله: أيضاً يشير إلى ضعف حديث ابن عباس لأنه عطفه عليه، وليس بضعيف على الإطلاق، والعلم عند الله تعالى.
آخر المجلس الثامن والثمانين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الثامن والستون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن البقاعي.
(389)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني عشري الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته.
قرئ على المسند أبي علي بن الجلال وأنا أسمع، وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، كلاهما عن ست الوزراء بنت المنجا إجازة إن لم يكن سماعاً، عن الحسين بن أبي بكر سماعاً، قال: أخبرنا أبو زرعة بن أبي الفضل، قال: أخبرنا أبو الحسن السلار، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو العباس الأصم، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشافعي، قال: أخبرنا مطرف بن مازن، عن معمر، عن الزهري، قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل، أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ فاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفسه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء في التكبيرات للجنازة، ولا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سراً في نفسه.(4/384)
قال الزهري: وحدثني محمد الفهري عن الضحاك بن قيس مثل ما حدثني أبو أمامة.
وهكذا أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وقرأت على شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني رحمه الله، عن إسماعيل بن إبراهيم التفليسي سماعاً، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي بن أبي العز، وأحمد بن علي بن يوسف، قالا: أخبرنا أبو القاسم البوصيري، قال: أخبرنا أبو صادق المديني، قال: أخبرنا الحافظ أبو إسحاق الحبال، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن النحاس (ح).
وقرأته عالياً على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن يحيى بن محمد بن سعد، عن أبي صادق بن الصباح، قال: أخبرنا عبد الله بن رفاعة إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي، قال: أخبرنا ابن النحاس، قال: أخبرنا إسماعيل بن يعقوب البغدادي، قال: أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، قال: سمعت أبا أمامة بن سهل يحدث سعيد بن المسيب أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ بفاتحة الكتاب ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يخلص الدعاء للميت حتى يفرغ، ولا يقرأ إلا مرة واحدة، ثم يسلم في نفسه.
وهكذا أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى.
فوقع لنا موافقة عالية.(4/385)
وجاء ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عن جماعة من الصحابة سوى من ذكرهم البيهقي، وأحال الشيخ عليه يمكن تفسير من أبهم في حديث أبي أمامة ببعضهم.
وبهذا السند الأول والثاني إلى إسماعيل القاضي، قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة -هو القعنبي- قال: حدثنا نافع بن عبد الرحمن القارئ، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا صلى على جنازة يكبر ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم اغفر له وبارك فيه وصل عليه وأورده حوض نبيك صلى الله عليه وسلم.
هذا موقوف رجاله رجال الصحيح إلا نافعاً، وهو صدوق.
وقرأت على الشيخ أبي عبد الله بن قوام بالسند الماضي مراراً إلى أبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سئل كيف تصلي على الجنازة؟ فقال: أنا لعمر الله أخبرك، أتبعها من أهلها فإذا وضعت كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم قلت: اللهم هذا عبدك وابن عبدك .. الحديث.
أخرجه مالك في الموطأ هكذا..
ووافقه عبدة بن سليمان فيما أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عنه عن يحيى بن سعيد عن المقبري.
وتقدم أن البيهقي أخرجه من وجه آخر عن يحيى بن سعيد فزاد فيه بعد(4/386)
أبي هريرة عبادة بن الصامت وهي زيادة شاذة، ومالك أحفظ لا سيما في حديث المدنيين.
وأخرج سعيد بن منصور في السنن بسند فيه ضعف وانقطاع عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان إذا أتي بجنازة قال: اللهم عبدك وابن عبدك .. الحديث.
يرددها في كل تكبيرة ويقول في الرابعة قبل التكبير: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد فساق مثل ما في التشهد، ثم يكبر ثم ينصرف.
وأخرج ابن أبي شيبة بسند حسن عن علي رضي الله عنه أنه كان إذا صلى على ميت يبدأ بحمد الله تعالى ثم يصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا .. الحديث.
وفي الباب عن جماعة من التابعين رحمة الله عليهم أجمعين.
آخر المجلس التاسع والثمانين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو التاسع والستون بعد السبعمة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر البقاعي.
[[فأما الأحاديث فأصحها:
ما رويناه في صحيح مسلم، عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال:
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول:(4/387)
((اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر أو من عذاب النار)) حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت. وفي رواية لمسلم ((وقه فتنة القبر وعذاب النار)).
وروينا في سنن أبي داود والترمذي والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على جنازة فقال: ((اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرها وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا؛ اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان؛ اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده)).]]
(390)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء تاسع عشري شهر ربيع الأول من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: وأما الأحاديث فأصحها ما رويناه في صحيح مسلم عن عوف بن مالك .. .. ) إلى آخره.
أخبرني أبو الفرج بن الغزي رحمه الله، قال: أخبرنا علي بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا مسعود بن محمد في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: حدثني معاوية بن صالح، عن حبيب بن عبيد، عن جبير بن نفير، أنه سمعه يقول: سمعت عوف بن مالك رضي الله عنه يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو(4/388)
يقول: ((اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب النار ومن عذاب القبر)) حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت.
وبه قال معاوية بن صالح: وحدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه بنحوه.
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم -هو ابن راهويه- قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن حبيب بن عبيد بنحوه.
وأنبأنا به عالياً شيخنا الإمام أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله، قال: أخبرني عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي زيد، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا بكر بن سهل، ومطلب بن شعيب، قالا: حدثنا عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن شيخيه فرقهما فذكره.
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي على الموافقة.
وهو مما سقط من سماع المسند قديماً.(4/389)
وأخرجه مسلم عن هارون بن سعيد.
والنسائي عن أبي الطاهر بن السرح.
كلاهما عن ابن وهب.
فوقع لنا بدلاً عالياً، وعالياً بدرجة أخرى في الرواية الأخيرة.
وأخرجه الترمذي عن محمد بن بشار.
وابن ماجه عن نصر بن علي.
كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي.
وأخرجه النسائي أيضاً عن هارون بن عبد الله عن معن بن عيسى عن معاوية بن صالح.
(قوله: وفي رواية لمسلمٍ: ((وقه فتنة القبر وعذاب النار)) ).
وبالسند الأول إلى ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي حمزة بن سليم.
وبه إلى إسحاق قال: أخبرنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا أبو حمزة الحمصي -هو ابن سليم- عن عبد الرحمن بن جبير، فذكر الحديث إلى قوله ((وأدخله الجنة وقه فتنة القبر وعذاب النار)).
أخرجه مسلم عن إسحاق.
فوقع لنا موافقة عالية.(4/390)
وأخرجه أيضاً عن هارون بن سعيد وأبي الطاهر بن السرح، كلاهما عن ابن وهب.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
(قوله: وروينا في سنن أبي داود والترمذي والبيهقي عن أبي هريرة ..) إلى آخره.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أبو العباس الحلبي بالسند الماضي مراراً إلى الإمام أحمد، قال: حدثنا خلف بن الوليد، قال: حدثنا أيوب بن عتبة، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة (ح).
وقرأت على عبد الله بن عمر بن علي، عن أحمد بن علي بن أيوب سماعاً، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا المبارك بن المبارك، قال: أخبرنا أبو الغنائم بن المهتدي، قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أخبرنا أبو محمد بن ماسي، قال: أخبرنا أبو مسلم الكجي، قال: حدثنا أبو عمر الضرير، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في الصلاة على الجنائز: ((اللهم اغفر لحينا وميتنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام)).
أخرجه النسائي من رواية محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق.
فوقع لنا عالياً بدرجتين، والله أعلم.
آخر المجلس التسعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو السبعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي حالة الإملاء كما قبله.(4/391)
[[ورويناه في كتاب الترمذي من رواية أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه، وأبوه صحابي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الترمذي: قال محمد بن إسماعيل، يعني البخاري: أصح الروايات في حديث ((اللهم اغفر لحينا وميتنا)) رواية أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه.
ورويناه في سنن البيهقي وغيره من رواية أبي قتادة.]]
(391)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع شهر ربيع الآخر سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وأنبأنا عبد الله وعبد الرحمن ابنا عمر بن عبد الحافظ إذناً مشافهة من الثاني ومكاتبة من الأول، قالا: أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عبد الجبار، وأحمد بن محمد بن معالي، قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل المرداوي، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي الحسن، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وسعيد بن يوسف، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. فذكر مثله إلا قوله ((وذكرنا وأنثانا)) وقال: ((فأحيه على الإسلام)) وقال: ((فتوفه على الإيمان)) وزاد: ((اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده)).
وأنبأنا به عالياً شيخنا الإمام أبو الفضل بالسند الماضي آنفاً إلى سليمان بن(4/392)
أحمد الطبراني في كتاب الدعاء، قال: حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني، وأحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، قال: الأول: حدثنا عبد الله بن يحيى، والثاني: حدثنا أبو المغيرة، قالا: حدثنا الأوزاعي فذكره دون قوله: ((اللهم من أحييته)) إلى آخره.
وأخرجه أبو داود عن موسى بن مروان، عن شعيب بن إسحاق.
والترمذي عن علي بن حجر، عن هقل بن زياد.
كلاهما عن الأوزاعي.
وأخرجه النسائي عن شعيب بن شعيب، عن أبي المغيرة -وهو عبد القدوس ابن الحجاج-.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن حبان من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي.
وأخرجه الحاكم من طريق هقل بن زياد به.
وقال: صحيح على شرط الشيخين، وليس كما قال: فقد نفى البخاري صحته كما سأذكره.
(قوله: وروينا في كتاب الترمذي من رواية أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه .. .. ) إلى آخره.
أخبرني أبو المعالي الأزهري بالسند المشار إليه قبل إلى الإمام أحمد قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثنا(4/393)
شيخ من الأنصار يقال له أبو إبراهيم، عن أبيه رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة على الميت .. .. فذكر مثل رواية أبي المغيرة المذكورة قبل.
وزاد: قال يحيى: وحدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بهذا الحديث، وزاد: ((اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام -إلى قوله- فلا تضلنا بعده)).
وأنبأنا به عالياً شيخنا الحافظ أبو الفضل بالسند المذكور إلى الطبراني، قال: حدثنا أبو مسلم الكشي، ومحمد بن يحيى بن المنذر، قال الأول: حدثنا حجاج بن نصير، والثاني: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قالا: حدثنا هشام -هو الدستوائي- عن يحيى بن أبي كثير .. فذكره.
أخرجه الترمذي عن علي بن حجر عن هقل عن الأوزاعي عن يحيى بالتفصيل المذكور.
وأخرجه النسائي من رواية يزيد بن زريع عن هشام.
(قوله: وروينا في سنن البيهقي وغيره من رواية أبي قتادة).
وبهذا السند إلى الإمام أحمد قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام بن يحيى (ح).
وقرأته عالياً على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الملك، قال: أخبرنا إبراهيم بن منصور، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عاصم، قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا هدبة بن خالد، قال: حدثنا همام، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثنا(4/394)
عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت فسمعته يقول: ((اللهم اغفر لحينا .. .. )) الحديث.
قال يحيى: وحدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بهذا، وزاد: ((اللهم من أحييته .. .. )) إلى آخره.
أخرجه النسائي في الكبرى عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن أبيه، عن همام.
فوقع لنا عالياً بدرجتين أو ثلاث.
قال الترمذي: سألت محمداً -يعني البخاري- عن هذا الحديث؟ فقال: أبو إبراهيم لا يعرف اسمه وأبوه له صحبة.
قلت: فالذي يقال إنه عبد الله بن أبي قتادة، فأنكر ذلك، وقال: أبو قتادة سلمي وهذا أشهلي.
قلت: فأي الروايات في هذا أصح ((اللهم اغفر لحينا وميتنا))؟ فقال: رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأشهلي في هذا أصح، ورواية أبي سلمة عن أبي هريرة وعن أبي قتادة وعن عائشة في هذا ليست صحيحة، قال: وأصح شيء في هذا الباب حديث عوف بن مالك.
قلت: ومع ذلك فلم يخرجه في صحيحه، لأن سنده على غير شرطه.
وإنما ضعف روايات يحيى للاضطراب، فقد اختلف فيه على أبي سلمة هل هو عن أبي هريرة أو عائشة أو عبد الله بن سلام أو عبد الرحمن بن عوف، وقد ذكرت الأول.(4/395)
وحديث عائشة أخرجه النسائي والحاكم.
وحديث عبد الله بن سلام أخرجه النسائي.
وحديث عبد الرحمن بن عوف أخرجه البزار.
واختلف فيه على يحيى بن أبي كثير فقيل عن أبي سلمة، وقيل عن أبي إبراهيم، وقيل عن عبد الله بن أبي قتادة، وقد ذكرت أسانيدها ولله الحمد.
آخر المجلس الحادي والتسعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الحادي والسبعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن الرباط البقاعي الشافعي.
[[وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء)).]]
(392)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رابع عشر الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين آمين:
قال الترمذي: وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف وعائشة وأبي قتادة وجابر وعوف بن مالك.(4/396)
قلت: قد ذكرت الثلاثة الأول، وأنها من الاختلاف على أبي سلمة في صحابي الحديث، وزدت عبد الله بن سلام.
وفي الباب أيضاً عن عبد الله بن عباس وعلي والحارث بن نوفل، وهي من غير رواية أبي سلمة وكلها في خصوص ((اللهم اغفر لحينا وميتنا)).
وأما حديث جابر وعوف ففي أعم من ذلك، ويدخل معهما عدة أحاديث تأتي الإشارة إليها إن شاء الله تعالى.
وقد وقع لي حديث عبد الرحمن بن عوف من غير رواية أبي سلمة.
قرأت على أبي اليمن محمد بن محمد الثقفي، عن علي بن محمد الهمذاني فيما سمعه من لفظه.
قال: أخبرنا محمد بن الحسين الفوي، قال: أخبرنا محمد بن عماد الحراني، قال: أخبرنا عبد الله بن رفاعة (ح).
وقرأته عالياً على أم يوسف الصالحية.
وأنبأنا أبو هريرة الفارقي إجازة، كلاهما عن يحيى بن محمد، قال أبو هريرة: سماعاً، عن الحسن بن يحيى المخزومي، قال: أخبرنا ابن رفاعة، قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي، قال: أخبرنا أبو العباس بن الحاج، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا العباس بن الفضل، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، قال: حدثنا ثابت الثمالي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة قال: ((اللهم اغفر لحينا وميتنا .. .. )) فذكر الحديث مثل رواية أبي المغيرة.
أخرجه الطبراني في كتاب الدعاء من طريق محمد بن سعيد الأصبهاني عن أبي بكر بن عياش.(4/397)
وقال البزار بعد تخريجه من رواية محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي نجيح أو ابن أبي نجيح عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه: لا نعلمه يروى عن أبي سلمة إلا من هذا الوجه، وقد رواه أبو حمزة الثمالي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن عوف.
قلت: وأبو حمزة هو ثابت الذي أخرجته من طريقه، وهو ضعيف عندهم.
قال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به. انتهى.
وسائر رجاله رجال الصحيح.
وأما حديث ابن عباس فأخرجه الطبراني بسند ضعيف.
ولفظه مثل هذه الرواية، لكن قدم الإيمان على الإسلام كما ذكر الشيخ أنه وقع في رواية أبي هريرة.
ومعظم الروايات على خلافه، وقد وقع في رواية عبد الله بن سلام كذلك.
وفي رواية أبي الدرداء عند ابن أبي شيبة.
وأما حديث علي فأخرجه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق والطبراني من طريقه من رواية عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول في الصلاة على الجنازة: اللهم اغفر لأحيائنا وأمواتنا، وألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم أرجعه إلى خير مما كان فيه.
وهذا موقوف صحيح.
وأما حديث الحارث فقرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن(4/398)
محمد بن عبد الحميد، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي، قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن المنذر، ومعاذ بن المثنى، قالا: حدثنا أبو عمر الحوضي، قال: حدثنا همام، عن ليث بن أبي سليم، عن علقمة بن مرثد، عن عبد الله بن الحارث، عن أبيه رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في الصلاة على الميت .. فذكر الحديث كالذي تقدم عن علي.
ورجال هذا رجال الصحيح سوى ليث بن أبي سليم ففيه ضعف.
(قوله: وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه عن أبي هريرة .. .. ) إلى آخره.
أنبأنا الشيخ الإمام أبو الفضل بن الحسين بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في الدعاء.
قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق بن الزبير الحلبي، قال: حدثنا أبو جعفر النفيلي، قال: حدثنا محمد بن سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صليتم على الميت فأخلصوا له في الدعاء)).
أخرجه أبو داود عن عبد العزيز بن يحيى.
وابن ماجه عن محمد بن عبيد بن ميمون.
كلاهما عن محمد بن سلمة.
فوقع لنا بدلاً عالياً ولله الحمد.(4/399)
آخر المجلس الثاني والتسعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الثاني والسبعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم البقاعي.
[[وروينا في سنن أبي داود، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة ((اللهم أنت ربها وأنت خلقتها وأنت هديتها للإسلام وأنت قبضت روحها وأنت أعلم بسرها وعلانيتها، جئنا شفعاء فاغفر له)).
وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه، عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من المسلمين فسمعته يقول: ((اللهم إن فلان ابن فلانة في ذمتك وحبل جوارك، فقه فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحمد؛ اللهم فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم)).
واختار الإمام الشافعي رحمه الله دعاء التقطه من مجموع هذه الأحاديث وغيرها فقال: يقول: اللهم هذا عبدك ابن عبدك، خرج من روح الدنيا وسعتها، ومحبوبه وأحباؤه فيها، إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزولٍ به، وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له؛ اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه ولقه(4/400)
برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه، وافسح له في قبره، وجاف الأرض عن جنبيه، ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين!]]
(393)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء حادي عشرين الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين آمين:
(قوله: وروينا في سنن أبي داود عن أبي هريرة ..) إلى آخره.
قرأت على أبي العباس أحمد بن عبد القادر بن الفخر، أن أحمد بن علي العابد أخبرهم، عن المبارك بن محمد الخواص، قال: أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن نجا، قال: أخبرنا أحمد بن المظفر، قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن نجيح، قال: حدثنا أحمد بن حرب أبو جعفر، قال: حدثنا الوليد، قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا جلاس، قال: سمعت عثمان بن شماس يقول: بعثني سعيد بن العاص إلى المدينة فلقيت مروان بن الحكم، فأرسلني إلى أبي هريرة رضي الله عنه، فذكر كلاماً فيه: فكيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -يعني في الصلاة على الميت-؟ فقال: ((اللهم أنت خلقتها ..)) فذكر الحديث.
وبالسند الماضي قريباً إلى الطبراني في الدعاء قال: حدثنا معاذ بن المثنى، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا عبد الوارث، عن أبي الجلاس عقبة بن سيار، عن علي بن شماح، قال: شهدت مروان بن الحكم سأل أبا هريرة: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على الجنازة؟ قال: سمعته يقول: ((اللهم أنت ربها وأنت خلقتها وأنت هديتها إلى الإسلام، وأنت تعلم سرها وعلانيتها، جئنا شفعاء فاغفر لها)).
هذا حديث حسن.(4/401)
أخرجه أبو داود عن أبي معمر عن عبد الوارث.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي في الكبرى عن بندار عن غندر عن شعبة.
فوقع لنا عالياً بثلاث درجات أو أربع.
اختلف شعبة وعبد الوارث في اسمي الراويين، ورجح البيهقي رواية عبد الوارث.
(قوله: وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه عن واثلة ..) إلى آخره.
أخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن الزينبي، قال: أخبرنا محمد بن غالي، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، عن أبي المكارم اللبان، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا علي بن أحمد المقدسي، قال: حدثنا الحسن بن الفرج الغزي، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا مروان بن جناح، عن يونس بن ميسرة، عن واثلة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة على الميت: ((اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك فقه فتنة القبر وعذاب النار، إنك أنت أهل الوفاء والحمد، فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن إبراهيم عن الوليد بن مسلم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(4/402)
وأخرجه ابن ماجه عن هشام بن عمار على الموافقة.
(قوله: واختار الإمام الشافعي دعاء التقطه من مجموع هذه الأحاديث وغيرها فذكره .. .. ) إلى آخره.
قلت: أكثره من غيرها وبعضه موقوف على صحابي أو تابعي وبعضه ما رأيته منقولاً.
فقوله: اللهم هذا عبدك وابن عبدك وقع في أثر عن إبراهيم النخعي عند سعيد بن منصور.
وفي حديث يزيد بن ركانة عند الطبراني: اللهم عبدك وابن أمتك.
وفي حديث الحارث عنده: اللهم عبدك فلان.
(وقوله: خرج من روح الدنيا) إلى قوله (لاقيه) لم أره منقولاً.
وفي أثر عن عمر عند ابن أبي شيبة: تخلى من الدنيا وتركها لأهلها.
(وقوله: كان يشهد إلى قوله: أعلم به) وقع في حديث أبي هريرة موقوفاً عند مالك، ومرفوعاً عند أبي يعلى وابن حبان في صحيحه.
(قوله: اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به) لم أره منقولاً في دعاء الجنازة، وسيأتي في القول عند التدلية.
(وقوله: أصبح فقيراً إلى قوله عذابه) وقع في حديث يزيد بن ركانة نحوه احتاج إلى رحمتك والباقي سواء.
وفي أثر عمر: افتقر إليك وأنت مستغن عنه.(4/403)
(وقوله: وقد جئنا راغبين إليك شفعاء له) بعضه في حديث واثلة المذكور آنفاً.
وفي حديث أبي هريرة عند أبي داود.
(وقوله: اللهم إن كان محسناً إلى قوله فتجاوز عنه) وقع في حديث أبي هريرة مرفوعاً وموقوفاً، وفي حديث يزيد بن ركانة.
(وقوله: لقه برحمتك رضاك) لم أره منقولاً في دعاء في الجنازة، وسيأتي نحوه في القول عند التدلية أيضاً.
(وقوله: وقه فتنة القبر وعذابه) وقع في حديث عوف بن مالك عند مسلم، ونحوه في حديث واثلة.
(وقوله: وافتح له في قبره إلى قوله جنبيه) لم أره منقولاً بهذا اللفظ، وفي أثر مجاهد عند عبد الرزاق: ووسع عن جسده الأرض.
ثم وجدت عن أنس أنه دفن ابنه فقال: اللهم جاف الأرض عن جسده وافتح أبواب السماء لروحه.
أخرجه الطبراني.
وفي مسند الحارث من وجه آخر عن أنس: اللهم جاف الأرض عن جنبيه ووسع عليه حفرته.
(وقوله: ولقه برحمتك الأرض .. .. ) إلى آخره.
لم أره منقولاً، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث والتسعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الثالث(4/404)
والسبعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي.
[[فإن كان الميت طفلاً دعا لأبويه فقال: اللهم اجعله لهما فرطاً واجعله لهما سلفاً، واجعله لهما ذخراً، وثقل به موازينهما، وأفرغ الصبر على قلوبهما، ولا تفتنهما بعده ولا تحرمهما أجره. هذا لفظ ما ذكره أبو عبد الله الزبيري من أصحابنا في كتابه الكافي، وقاله الباقون بمعناه، وبنحوه قالوا: ويقول معه: اللهم اغفر لحينا وميتنا، إلى آخره. قال الزبيري: فإن كانت امرأةً قال: اللهم هذه أمتك، ثم ينسق الكلام.
وأما التكبيرة الرابعة فلا يجب بعدها ذكرٌ بالاتفاق، ولكن يستحب أن يقول ما نص عليه الشافعي رحمه الله في كتاب البويطي قال: يقول في الرابعة: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده. قال أبو علي بن أبي هريرة من أصحابنا: كان المتقدمون يقولون في الرابعة: {ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار}. قال: وليس ذلك بمحكي عن الشافعي فإن فعله كان حسناً، قلت: يكفي في حسنه ما قد قدمناه في حديث أنس في باب دعاء الكرب.
قلت: ويحتج للدعاء في الرابعة.
بما رويناه في السنن الكبرى للبيهقي، عن عبد الله بن أبي أوفى(4/405)
رضي الله عنهما؛ أنه كبر على جنازة ابنه أربع تكبيرات، فقام بعد الرابعة كقدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها ويدعو، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا.]]
(394)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء تاسع عشري الشهر من السنة فقال: أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: فإن كان الميت طفلاً دعا لأبويه ..) إلى آخره.
قلت: لم يذكر له سلفاً، ولم يذكر الدعاء له.
وقد ورد في كل منهما أثر.
أخبرني شيخ الإسلام والحفاظ أبو الفضل بن الحسين رحمه الله، قال: أخبرني عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا علي بن أحمد، قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد إجازة مكاتبة، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، قال: كان الحسن -يعني البصري- إذا صلى على الطفل يقول: اللهم اجعله فرطاً وسلفاً وأجراً.
وسنده صحيح، ذكره البخاري تعليقاً.
ورويناه في كتاب الجنائز لعبد الوهاب الخفاف من طريق قتادة عن الحسن به وأتم منه، وقد وصلته في تغليق التعليق.
وبه إلى سليمان قال: حدثنا يوسف القاضي، قال: حدثنا عمرو بن مرزوق، قال: حدثنا شعبة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، أن(4/406)
أبا هريرة رضي الله عنه: كان إذا صلى على المنفوس قال: اللهم أعذه من عذاب القبر.
هذا موقوف صحيح مخرج لرجاله في الصحيح.
(قوله: وأما التكبيرة الرابعة ..) إلى آخره.
قلت: ورد الذكر المذكور في عدة أحاديث ليس فيها شيء يصرح بكونه في الرابعة، لكن في أكثرها وروده في آخر الدعاء.
منها: عن أبي هريرة عند أبي داود.
ومنها: حديثه عند أبي يعلى وابن حبان مرفوعاً.
وحديثه الآخر عند مالك موقوفاً، وقد ذكرتها فيما مضى.
ومنها: حديث ابن عباس في بعض طرقه عند البيهقي.
ومنها: حديث أبي سعيد الخدري عند البزار.
(قوله: ويكفي في حسنه ..) إلى آخره.
قلت: ينبغي تقييده بأن لا يقصد التلاوة لقوله في حديث أبي أمامة بن سهل: ولا يقرأ إلا في التكبيرة الأولى.
(قوله: ويحتج للدعاء في الرابعة بما رويناه في سنن البيهقي ..) إلى آخره.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أبو العباس بن أبي الفرج، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، قال: أخبرنا أبو محمد بن صاعد، قال: أخبرنا أبو القاسم بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو علي الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال:(4/407)
حدثنا حسين بن محمد -والسياق له- (ح).
وقرأته عالياً على عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك، عن أحمد بن منصور الجوهري سماعاً، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، عن أبي المكارم القاضي، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو محمد بن فارس، قال: أخبرنا يونس بن حبيب، قال: أخبرنا أبو داود الطيالسي، قالا: حدثنا شعبة، عن إبراهيم الهجري، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، وكان من أصحاب الشجرة، فماتت ابنته، فخرج إلى جنازتها على بغلة له، فجعل النساء يبكين، فقال: لا ترثين، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المراثي، لتفض إحداكن من عبرتها ما شاءت، ثم تقدم فكبر أربعاً عليها، ثم قام في الرابعة يدعو، ثم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع مثل هذا.
وقرأته عالياً أيضاً على أبي المعالي بهذا السند إلى الإمام أحمد، قال: حدثنا علي بن عاصم، قال: حدثنا الهجري، قال: خرجنا في جنازة بنت عبد الله بن أبي أوفى، فذكر الحديث نحوه، وقال فيه: فكبر عليها أربع تكبيرات، ثم قام هنيئةً فسبح به بعض القوم، فلما انفتل قال: أكنتم ترون أني أكبر الخامسة؟ قالوا: نعم، قال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر الرابعة قام هنيئة.
هذا حديث غريب.
أخرجه ابن المنذر والطحاوي والحاكم والبيهقي من طريق وهب بن جرير عن شعبة مطولاً ومختصراً.(4/408)
وأخرجه الحاكم أيضاً من طريق آدم بن أبي إياس وغيره عن شعبة.
وأخرجه أيضاً عن أبي بكر بن مالك موافقة.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح.
قلت: وليس كما قال: فإن مداره على إبراهيم بن مسلم الهجري -بفتح الهاء والجيم- وهو ضعيف عند جميع الأئمة من قبل ضعفه لم نجد فيه توثيقاً لأحد إلا قول الأزدي: صدوق، والأزدي ضعيف.
واعتذر الحاكم بعد تخريجه بقوله: لم ينقم عليه بحجة، وهذا لا يكفي في التصحيح، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والتسعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الرابع والسبعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن الرباط البقاعي.
[[وفي رواية: كبر أربعاً فمكث ساعةً حتى ظننا أنه سيكبر خمساً، ثم سلم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ فقال: إني لا أزيدكم على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، أو هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحاكم أبو عبد الله: هذا حديث صحيح.
باب ما يقوله الماشي مع الجنازة
الصواب المختار ما كان عليه السلف رضي الله عنهم السكوت.(4/409)
وروينا في سنن البيهقي ما يقتضي ما قلته.
باب ما يقوله من يدخل الميت قبره
روينا في سنن أبي داود والترمذي والبيهقي وغيرها، عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال: ((باسم الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم)) قال الترمذي: حديث حسن.]]
(395)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثالث عشر جمادى الأولى من سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: وفي رواية كبر أربعاً فمكث ساعة ..) إلى آخره.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن كشتغدي، قال: أخبرنا أبو الفرج بن عبد المنعم، قال: أخبرنا أبو أحمد بن سكينة، قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان، قال: حدثنا أبو بكر الشافعي، قال: حدثنا محمد بن مسلمة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا شريك -هو القاضي- عن إبراهيم الهجري، قال: أمنا عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما على جنازة ابنته، فكبر أربعاً فمكث ساعة حتى ظننا أنه سيكبر خمساً، ثم سلم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ فقال: إني ما أزيد على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع.
أخرجه البيهقي عن أبي العباس بن أبي حامد، عن أبي بكر الشافعي.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(4/410)
(قوله: باب ما يقول الماشي -إلى أن قال- الصواب والمختار ما كان عليه السلف من السكوت -إلى أن قال- وروينا في سنن البيهقي ..).
أخبرني الشيخ أبو الحسن بن أبي بكر الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن الحموي، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، عن عبد الله بن عمر الصفار، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسين الحافظ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن أبي معشر، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا هشام الدستوائي، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عبادٍ -بضم المهملة وتخفيف الموحدة-، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون الصوت عند الجنائز وعند القتال وعند الذكر.
هذا موقوف صحيح.
أخرجه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن هشام بقصة القتال فقط.
وكذا أخرجه الحاكم من وجه آخر عن هشام.
وأخرج البيهقي بسند قوي عن الأسود بن شيبان، قال: كان الحسن -يعني البصري- في جنازة النضر بن أنس، فقال الأشعث بن سليم العجلي: إني ليعجبني أن لا أسمع في الجنازة صوتاً، فقال الحسن: إن للخير لأهلين.
(قوله: باب ما يقوله من يدخل الميت قبره.
روينا في سنن أبي داود والترمذي والبيهقي وغيرها عن ابن عمر ..) إلى آخره.
أخبرني أحمد بن الحسن بن محمد القدسي، قال: أخبرنا إبراهيم بن علي(4/411)
القطبي، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، عن أبي المكارم التيمي، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا فاروق الخطابي، قال: حدثنا أبو مسلم -هو الكجي- قال: حدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا همام، قال: حدثنا قتادة، عن أبي الصديق الناجي -بنون وجيم هو بكر بن عمرو- عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -قال همام: كذا عندي- ((إذا وضعتم موتاكم في قبورهم فقولوا باسم الله وعلى سنة رسول الله)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن وكيع ويزيد بن هارون وعبد الواحد بن واصل وغيرهم.
وأخرجه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم ومحمد بن كثير.
وأخرجه النسائي من رواية سعيد بن عامر.
كلهم عن همام.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وفي رواية وكيع بدل قوله: ((كذا عندي)) ((كذا في كتابي)) وفي روايته: وعلى ملة رسول الله، ولم يذكر الباقون كلام همام.
قال الدارقطني وغيره: تفرد برفعه همام، ورواه هشام وشعبة عن قتادة موقوفاً، والله أعلم.(4/412)
آخر المجلس الخامس والتسعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الخامس والسبعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه حالة الإملاء أبي الحسن إبراهيم بن الرباط البقاعي.
(396)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء العشرين من جمادى الأولى من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وقد وقعت لي رواية شعبة الموقوفة بعلو وكذا رواية هشام.
أخبرنا الحافظ أبو الحسن بن أبي بكر بن سليمان إذناً مشافهة، قال: أخبرنا أبو محمد العطار، قال: أخبرنا أبو الحسن المقدسي، عن أبي عبد الله الكراني، قال: أخبرنا أبو القاسم الصيرفي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا محمد بن يحيى القزاز، وعلي بن عبد العزيز البغوي، قال الأول: حدثنا حفص بن عمر الحوضي، قال: حدثنا شعبة، وقال الثاني: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا هشام الدستوائي، قالا: حدثنا قتادة، عن أبي الصديق، عن ابن عمر، أنه كان إذا وضع الميت في قبره قال: باسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا لفظ هشام.
وفي رواية شعبة: ((إذا وضعتم الميت في القبر ..)) نحو رواية همام.
وهكذا أخرجه ابن أبي شيبة عن وكيع عن شعبة موقوفاً.(4/413)
وأخرجه ابن حبان في القسم الأخير من صحيحه من رواية أبي داود عن شعبة به مرفوعاً.
وما أظنه إلا وهماً، وأبو داود ما عرفت هل هو الطيالسي أو الحفري، والأول أقرب، لكن ما وجدته في مسنده.
وقد وقع لنا اللفظ الذي اقتصر الشيخ عليه من وجه آخر عن ابن عمر.
كتب إلينا أبو الخير بن الحافظ أبي سعيد من بيت المقدس.
وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد بقلعة الجبل، كلاهما عن أحمد بن أبي طالب، قال الأول: سماعاً، عن أنحب بن أبي السعادات إجازة مكاتبة من بغداد، قال: أخبرنا طاهر بن محمد الهمذاني، قال: أخبرنا محمد بن الحسين القزويني، قال: أخبرنا الخطيب أبو محمد بن أبي المنذر، قال: أخبرنا أبو الحسن بن سلمة، قال: أخبرنا أبو عبد الله القزويني، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا ليث بن أبي سليم.
وبه إلى أبي عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، قال: حدثنا حجاج -هو ابن أرطأة- كلاهما عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أدخل الميت القبر قال: ((باسم الله وعلى ملة رسول الله)).
وقال أبو خالد مرة: ((وعلى سنة رسول الله)).
وفي رواية ليث بن أبي سليم كالأول، وزاد ((وفي سبيل الله)).
أخرجه الترمذي عن عبد الله بن سعيد، وهو أبو سعيد الأشج على الموافقة.(4/414)
ورواية ليث عند ابن ماجه وحده.
وليث وحجاج ضعيفان من جهة سوء الحفظ، ووصفا بالتدليس.
قال الترمذي: روي عن ابن عمر من غير وجه، ورواه أبو الصديق عنه مرفوعاً وموقوفاً.
يشير إلى قدمته وإلى ما روي عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر.
وبهذا السند إلى الطبراني قال: حدثنا محمد بن أبي زرعة الدمشقي (ح).
وبالسند الآخر إلى أبي عبد الله القزويني، قالا: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا حماد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا إدريس الأودي، عن سعيد بن المسيب، قال: حضرت ابن عمر صلى على جنازة، فلما وضعها في اللحد قال: باسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، فلما أخذ في تسوية اللبن قال: اللهم أجرها من الشيطان ومن عذاب القبر، اللهم جاف الأرض عن جنبها وصعد روحها ولقها منك رضواناً، قلت: أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو شيء قلته برأيك؟
قال: إني إذاً لجريء على القول، بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لفظ القزويني.
وزاد الطبراني بعد قوله: ((ومن عذاب القبر)) فلما سوى اللبن عليهما قام إلى جانب القبر ثم قال: ((اللهم جاف الأرض ..)) إلى آخره.
وحماد بن عبد الرحمن ضعيف جداً، وقد تفرد به.
ولم يذكر الترمذي في الباب غير حديث ابن عمر.
وفيه عن علي بن أبي طالب مرفوعاً عند البزار.(4/415)
وموقوفاً عند ابن أبي شيبة.
وعن أبي أمامة عند أحمد.
وعن سمرة بن جندب عند الحارث بن أبي أسامة.
وعن واثلة بن الأسقع عند الطبراني.
وعن البياضي صحابي لم يسم عند الحاكم في المستدرك.
وأخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن خيثمة أحد كبار التابعين قال: كانوا يستحبون .. فذكره، والله أعلم.
آخر المجلس السادس والتسعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو السادس والسبعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي كاتبه حالة الاستملاء.
[[باب ما يقوله بعد الدفن
السنة لمن كان على القبر أن يحثي في القبر ثلاث حثيات بيديه جميعاً من قبل رأسه.]]
(397)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع عشري جمادى الأولى من السنة فقال أحسن الله عاقبته:(4/416)
(قوله في باب ما يقوله بعد الدفن: يستحب لمن كان على القبر أن يحثو .. .. ) إلى آخره.
قلت: لم يذكر دليله، وقد وردت فيه عدة أحاديث.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن محمد بن محمد بن محمد بن هبة الله، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا جدي لأمي الحافظ أبو العلاء الهمذاني، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو، قال: حدثنا يحيى بن صالح، قال: حدثنا سلمة بن كلثوم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فكبر عليها أربعاً، ثم أتى القبر فحثى عليه من رأسه ثلاثاً.
وبه قال الطبراني: لم يروه عن الأوزاعي إلا سلمة بن كلثوم، تفرد به يحيى بن صالح.
قلت: وهما ثقتان، وكذا بقية رجاله.
وقد ذكر ابن أبي حاتم أن أباه أعله، ولم يذكر موضع العلة فيه، ولا أعرف فيه إلا عنعنة يحيى بن أبي كثير والراوي عنه.
أخرجه ابن ماجه عن العباس بن الوليد الدمشقي عن يحيى بن صالح.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
كتب إلينا أبو العباس بن العز مسند الشام منها غير مرة، عن محمد بن علي بن ساعد وهو آخر من حدث عنه، قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا أبو نهشل الأصبهاني، قال: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت:(4/417)
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله التاجر، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب، قال: حدثنا عمرو بن أبي الطاهر بن السرح، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الله بن نافع، عن هشام بن سعد، عن يزيد بن تغلب، عن أبي المنذر، أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن فلاناً هلك فصل عليه، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله إنه رجل فاجر فلا تصل عليه، فقال الرجل: يا رسول الله ألم تر الليلة التي صحبت فيها في الحرس فإنه كان فيهم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صلى عليه، ثم تبعه حتى إذا جاء قبره قعد حتى إذا فرغ من دفنه حثى عليه ثلاث حثيات .. الحديث.
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو داود في المراسيل خارج السنن من رواية حماد بن خالد عن هشام بن سعد مختصراً.
وأخرجه .. .. من وجه آخر عن حماد بن خالد مطولاً نحو رواية عبد الله بن نافع.
وأبو المنذر لا يعرف اسمه ولا نسبه، ذكره في الصحابة مطين والطبراني وأبو نعيم.
وأخرج حديثه أحمد بن منيع في مسنده.
وإيراد أبي داود له في المراسيل يقتضي أنه لا صحبة له عنده.
وقد أغفله أبو أحمد الحاكم في الكنى ومن تبعه كابن عبد البر.
والراوي عنه لا أعرف حاله، وقد اختلف في اسمه فوقع عند أبي داود زياد وعند الباقين يزيد.(4/418)
قرأت على أبي الحسن بن أبي بكر الحافظ، عن محمد بن إسماعيل بن عمر سماعاً، قال: أخبرنا علي بن أحمد، عن منصور بن عبد المنعم، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر بن الحسين، قالا: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثنا نعيم بن حماد، قال: حدثنا محمد بن حمير، عن محمد بن زياد، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: توفي رجل فلم تصب له حسنة إلا ثلاث حثيات حثاها في قبر فغفر له.
أخرجه ابن المنذر في الكتاب الأوسط.
والبيهقي في الكبير، وقال: هذا موقوف حسن الإسناد، والله أعلم.
آخر المجلس السابع والتسعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو السابع والسبعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
[[قال جماعة من أصحابنا: يستحب أن يقول في الحثية الأولى: {منها خلقناكم} وفي الثانية: {وفيها نعيدكم} وفي الثالثة: {ومنها نخرجكم تارةً أخرى}. ويستحب أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعة قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها، ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت، والوعظ، وحكايات أهل الخير، وأحوال الصالحين.
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن علي رضي الله عنه قال:(4/419)
كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة، فنكس وجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ((ما منكم من أحدٍ إلا قد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة، فقالوا: يا رسول الله! أفلا نتكل على كتابنا؟ فقال: اعملوا فكل ميسرٌ لما خلق له)).]]
(398)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رابع جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله إليه:
وفي الباب عن عامر بن ربيعة أخرجه البيهقي من رواية عاصم بن عبيد الله بن عبد الله بن عامر عن أبيه رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دفن عثمان بن مظعون رضي الله عنه وصلى عليه فكبر أربعاً وحثى في القبر ثلاث حثيات من تراب وهو قائم على القبر .. .. الحديث.
قال البيهقي: إسناده ضعيف.
وله شاهد من مرسل جعفر بن محمد عن أبيه.
قلت: أخرجه الشافعي من روايته في شأن إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: وحثى بيديه جميعاً.
وعند أبي داود في المراسيل من طريق عبد الله بن محمد بن عمر عن أبيه نحوه، لكن قال: حثى بيده.
(قوله: قال جماعة من أصحابنا يستحب أن يقول في الحثية الأولى {منها خلقناكم} .. .. ) إلى آخره.(4/420)
قلت: لم يذكر لذلك مستنداً، وقد ورد في حديث مرفوع أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية عند الدفن لكن بلا قيد الحثيات.
وفي أثر موقوف أن ابن عمر كان يقول عند الحثيات غير ذلك.
أما المرفوع ففيما قرأت على أم الفضل بنت أبي إسحاق بن سلطان، عن القاسم بن المظفر إجازة إن لم يكن سماعاً، وعن كتاب أبي نصر الفارسي جميعاً عن أبي الوفاء العبدي، قال: أخبرنا أبو الخير المؤقت، قال: أخبرنا أبو عمرو بن أبي عبد الله بن إسحاق، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا سهل بن السدي، قال: حدثنا عبد الله بن عبيد الله، قال: حدثنا عبدان بن عثمان، عن عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر -بفتح الزاي وسكون الحاء المهملة بعدها راء- عن علي بن يزيد، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها في القبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى} ثم قال: ((باسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله .. .. )) الحديث.
هذا حديث غريب.
أخرجه أحمد عن علي بن إسحاق عن عبد الله بن المبارك.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه البيهقي من طريق عثمان بن صالح عن يحيى بن أيوب، وقال: سنده ضعيف.
وأما الموقوف فأخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يحثي في القبر ثلاث حثيات يقول في الأولى: باسم الله، وفي الثانية: الله أكبر، وفي الثالثة: الحمد لله رب العالمين.(4/421)
(قوله: وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن علي ..) إلى آخره.
أخبرني عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك، قال: أخبرنا أحمد بن منصور، قال: أخبرنا علي بن أحمد، عن أحمد بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن أحمد، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا سلام -هو ابن سليم- واللفظ له (ح).
وقرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام، عن معمر، كلاهما عن منصور، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة حتى انتهينا إلى بقيع الغرقد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عوداً، فنكت به في الأرض، ثم رفع رأسه فقال: ((ما من نفسٍ منفوسةٍ إلا كتب مكانها من الجنة أو النار وإلا وقد كتبت شقيةً أو سعيدةً)) فقال رجل: ألا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال: ((لا، ولكن اعملوا فكل ميسرٌ، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة)) ثم قرأ {فأما من أعطى واتقى. وصدق بالحسنى. فسنيسره لليسرى. وأما من بخل واستغنى. وكذب بالحسنى. فسنيسره للعسرى}.
هذا حديث صحيح.(4/422)
أخرجه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة بن قدامة عن منصور -وهو ابن المعتمر-.
وأخرجه الأئمة الخمسة من طرق عن منصور.
وأخرجوه أيضاً وأحمد وابن ماجه من طرق عن الأعمش عن سعد بن عبيدة.
يزيد بعضهم على بعض.
فوقع لنا عالياً، ولله الحمد.
آخر المجلس الثامن والتسعين بعد الثلاثمئة من التخريج وهو الثامن والسبعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية باستملاء رضوان رواية كاتبه حالة الإملاء أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي وكتبه.
[[وروينا في صحيح مسلم، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي.
وروينا في سنن أبي داود والبيهقي، بإسناد حسن، عن عثمان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه(4/423)
فقال: ((استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل)).]]
(399)
.. .. .. (1) .. .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قوله: (وروينا في صحيح مسلم عن عمرو بن العاص ..) إلى آخره.
رواه أحمد (17870) ومسلم (121) وأبو عوانة (1/70 رقم 200) وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (315) وابن سعد في الطبقات (4/258-259) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (801) وابن خزيمة (2515) وابن مندة في الإيمان (270) والبيهقي (9/98).
قوله: (وروينا في سنن أبي داود والبيهقي بإسناد حسن .. .. ) إلى آخره.
رواه أبو داود (3221) والبيهقي (4/56) والحاكم (1/370 و4/330-331) والبزار (444 و445) والترمذي (2308) وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند (455) وزيادات فضائل الصحابة (773) وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
وقال النووي في المجموع (5/257) بإسناد جيد.
قال الحافظ المصنف كما في الفتوحات الربانية (4/193):
هذا حديث حسن، فرقه الرواة ثلاثة أحاديث.
وأخرج أبو داود الأول منه، أي الحديث المذكور في الكتاب واقتصر عليه الشيخ.
وأخرجه البيهقي (4/56) بتمامه.
وأخرج الترمذي الحديثين الآخرين.
وأخرجهما الحاكم (1/370 و4/330-331) وتكلم على ما يتعلق بهما. انتهى.(4/424)
[[وروينا في سنن البيهقي بإسناد حسن؛ أن ابن عمر استحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها.
وسئل الشيخ الإمام أبو عمر بن الصلاح رحمه الله عن هذا التلقين فقال في فتاويه: التلقين هو الذي نختاره ونعمل به، وذكره جماعة من أصحابنا الخراسانيين قال: وقد روينا فيه حديثاً من حديث أبي أمامة ليس بالقائم إسناده، ولكن اعتضد بشواهد، وبعمل أهل الشام به قديماً، قال: وأما تلقين الطفل الرضيع فما له مستند يعتمد ولا نراه.]]
(400)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادى الآخرة من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
أخبرني الحافظ أبو الحسن بن أبي بكر بن سليمان، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، عن أبي الفتح بن عبد المنعم، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر بن الحسين البيهقي، قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: أخبرنا عبدان بن عثمان، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: سمعت ابن أبي مليكة، قال: رأيت ابن عباس رضي الله عنهما لما فرغ من دفن عبد الله بن السائب وقام الناس، قام فوقف عند القبر فدعا له ثم انصرف.(4/425)
هذا موقوف صحيح.
(قوله: وروينا في سنن البيهقي بإسناد حسن أن ابن عمر استحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن .. .. ) إلى آخره.
وبهذا الإسناد إلى البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس بن يعقوب، قال: حدثنا العباس بن محمد، قال: سألت يحيى بن معين عن القراءة عند القبر؟ فقال: حدثني مبشر بن إسماعيل الحلبي، عن عبد الرحمن بن اللجلاج، عن أبيه، أنه قال لبنيه: إذا أنا مت فضعوني في قبري، وقولوا: باسم الله وعلى سنة رسول الله، وسنوا علي التراب سناً، ثم اقرؤوا عند رأسي أول سورة البقرة وخاتمتها، فإني رأيت ابن عمر رضي الله عنهما يستحب ذلك.
هذا موقوف حسن.
أخرجه أبو بكر الخلال عن العباس بن محمد الدوري.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أيضاً من رواية أبي موسى الحداد، قال: وكان صدوقاً، قال: صلينا مع أحمد على جنازة فلما فرغ من دفنه جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر، فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة، فلما خرجنا قال له محمد بن قدامة: يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر بن إسماعيل؟ قال: ثقة، قال: كتبت عنه شيئاً؟ قال: نعم، قال: فإنه حدثني عن عبد الرحمن بن اللجلاج، عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ على قبره فاتحة البقرة وخاتمتها، وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك، قال: فقال أحمد: قل للرجل فليقرأ.(4/426)
(قوله: حكاية عن ابن الصلاح في التلقين بعد الموت: روينا فيه حديثاً عن أبي أمامة ..) إلى آخره.
قرأت على مريم بنت أحمد بن محمد الأذرعي، عن محمد بن علي بن سمعون سماعاً من لفظ الإمام أبي الحسن الهمذاني، قالا: أخبرنا محمد بن الحسين، قال: أخبرنا محمد بن عماد، قال: أخبرنا عبد الله بن رفاعة، قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي (ح).
وقرأته عالياً على مريم المذكورة، عن يونس بن إبراهيم الدبوسي سماعاً عليه وهي آخر من حدث عنه، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المقير إجازة إن لم يكن سماعاً، عن الحافظ أبي الفضل بن ناصر، عن الخلعي، قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد العسقلاني، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الخندري -بفتح الحاء والدال المهملتين بينهما نون ساكنة- قال: حدثنا عبد الله بن أبان بن شداد، قال: حدثنا أبو الدرداء هاشم بن محمد الأنصاري (ح).
وقرأته عالياً بدرجة أخرى على مريم، عن علي بن عمر الواني سماعاً، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مكي، قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الثقفي، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عبد الكريم التاجر بنيسابور، قال: حدثنا أبو العباس الأصم، قال: حدثنا هاشم، قال: حدثنا عتبة بن السكن، قال: حدثنا أبو زكريا، عن جابر بن يزيد، عن سعيد بن عبد الله الأودي، قال: دخلت على أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه وهو في النزع، فقال لي: يا سعيد إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا، قال: ((إذا مات الرجل منكم فدفنتموه فليقم أحدكم عند رأسه(4/427)
فليقل يا فلان بن فلانة فإنه سيسمع، فليقل يا فلان بن فلانة فإنه سيستوي قاعداً، فليقل يا فلان بن فلانة فإنه يقول: أرشدني يرحمك الله، فليقل أذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده رسول الله وأن الساعة آتيةٌ لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، قال: فإن منكراً ونكيراً عند ذلك يأخذ كل منهما بيد صاحبه ويقول: قم ما نصنع عند رجلٍ قد لقن حجته، فيكون الله تعالى حجيجهما دونه)).
هذا حديث غريب.
أخرجه الطبراني في الكبير وفي الدعاء من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن محمد القرشي، عن يحيى بن كثير بنحوه، وزاد في آخره: فقال رجل: يا رسول الله فإن لم يعرف اسم أمه، قال: ((فلينسبه إلى حواء)).
وسند الحديث من الطريقين ضعيف جداً، والله أعلم.
آخر المجلس المهمل للأربعمئة من التخريج وهو الثمانون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي لطف الله به.
[[باب وصية الميت أن يصلي عليه إنسانٌ بعينه، أو أن يدفن على صفةٍ مخصوصةٍ وفي موضعٍ مخصوصٍ، وكذلك الكفن وغيره من أموره التي تفعل والتي لا تفعل
روينا في صحيح البخاري، عن عائشة رضي الله عنها قالت:(4/428)
دخلت على أبي بكر رضي الله عنه: يعني وهو مريض، فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: في ثلاثة أثواب، قال: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الاثنين، قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيها. قلت: إن هذا خلق، قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة، فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح.
وروينا في صحيح البخاري؛ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما جرح: إذا أنا قبضت فاحملوني، ثم سلم وقل يستأذن عمر، فإن أذنت لي -يعني عائشة- فأدخلوني، وإن ردتني فردوني إلى مقابر المسلمين.
وروينا في صحيح مسلم، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: قال سعد: الحدوا لي لحداً، وانصبوا علي اللبن نصباً كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم.]]
(401)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس عشري الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله في باب وصية الميت أن يصلي عليه إنسان بعينه: روينا في صحيح البخاري عن عائشة أنها قالت: دخلت على أبي بكر .. .. ) إلى آخره.
أخبرني الشيخ المسند أبو علي محمد بن محمد بن الجلال قراءة عليه ونحن(4/429)
نسمع بشاطئ النيل سنة ثلاث وتسعين، قال: أخبرنا أبو العباس الصالحي، وأم محمد التنوخية، قالا: أخبرنا الحسين بن أبي بكر، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد بن أعين، قال: أخبرنا أبو عبد الله الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله البخاري، قال: حدثنا معلى بن أسد، قال: حدثنا وهيب بن خالد، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: دخلت على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قلت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، قال: في أي يوم توفي؟ قالت: في يوم الاثنين، قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، ثم نظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران، فقال: ((اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا ثوبين وكفنوني فيها)) فقلت: إن هذا خلق، فقال: ((إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة)) قالت: ثم لم يمس حتى توفي ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح.
هكذا أخرجه البخاري في أواخر الجنائز.
وأصل المرفوع متفق عليه عن عائشة.
وأخرجه أبو يعلى عن عبد الأعلى بن حماد عن وهيب بتمامه.
فوقع لنا بدلاً عالياً لاتصال السماع.
وأخرجه محمد بن سعد عن عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة عن هشام،(4/430)
وزاد فيه بعد قوله سحولية ((يمانية)) وزاد في آخره: ودفنت عائشة ليلاً.
وأخرجه أيضاً عالياً عن أبي معاوية عن هشام باختصار، وقال في روايته: فقلت: ألا نجعلها جدداً؟ فقال: لا.
(قوله: وروينا في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب قال لما جرح ..) إلى آخره.
وبهذا السند إلى البخاري قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو عوانة، عن حصين -هو ابن عبد الرحمن الواسطي- عن عمرو بن ميمون، قال: رأيت عمر رضي الله عنه قبل أن يصاب بأيام، فذكر قصته، ثم صفة قتله، وفيه قال: يا عبد الله بن عمر انظر ما علي من الدين فذكره، وفيه: انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل لها يقرأ عليك السلام عمر، وقل يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه، فذكروه، وفيه: فإذا أنا قضيت فاحملوني فأدخلوني وإن ردتني فردوني إلى مقابر المسلمين.
وأخرجه البخاري من طرق أخرى عن حصين مطولاً ومختصراً، وفي بعضها قالت: كنت أريده لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي.
(قوله: وروينا في صحيح مسلم عن عامر بن سعد ..) إلى آخره.
قرأت على أبي الفرج بن حماد، عن علي بن إسماعيل سماعاً، قال: أخبرنا عبد اللطيف الحراني، عن مسعود الجمال، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم في المستخرج، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد، قال: أوصى سعد رضي الله عنه -وهو ابن أبي وقاص- قال: إذا أنا مت(4/431)
فألحدوا لي لحداً ولا تشقوا، وانصبوا علي اللبن نصباً، واحثوا علي التراب حثواً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لحد له.
أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن عبد الله بن جعفر -وهو المخرمي بفتح الميم وسكون المعجمة وفتح الراء- وهو ثقة.
وفي طبقته عبد الله بن جعفر بن نجيح، وهو ضعيف، وهما معاً من أهل المدينة.
وأخرجه أحمد عن أبي سعيد مولى بني هاشم وغيره عن عبد الله بن جعفر.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي وابن ماجه من رواية أبي عامر عن عبد الله بن جعفر.
وخالف الجميع عبد الرحمن بن مهدي فرواه عن عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، فقال: عن أبيه، عن جده؛ فتعارضت هنا الأكثرية والأحفظية، فإن عبد الرحمن بن مهدي أحفظ الجميع، وكأن مسلماً رجح الأكثرية، ولا يبعد أن يكون إسماعيل سمعه من أبيه وعمه.
وقد أخرجه أحمد عن عبد الرحمن أيضاً، والله أعلم.
آخر المجلس الأول بعد الأربعمئة من التخريج وهو الحادي والثمانون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر البقاعي حالة الإملاء.(4/432)
[[وروينا في صحيح مسلم، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه؛ أنه قال وهو في سياقة الموت: إذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شناً، ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أنس رضي الله عنه قال مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((وجبت)) ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً، فقال: ((وجبت)) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟ قال: ((هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض)).
وروينا في صحيح البخاري، عن أبي الأسود قال: قدمت المدينة فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمرت بهم جنازة، فأثني على صاحبها خيرٌ، فقال عمر: وجبت، ثم مر بأخرى فأثني على صاحبها خيرٌ، فقال عمر: وجبت، ثم مر بالثالثة فأثني على صاحبها شر فقال عمر: وجبت؛ قال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟! قال: قلت: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إيما مسلم شهد له أربعةٌ بخيرٍ أدخله الله الجنة)) فقلنا: وثلاثة؟ قال: ((وثلاثةٌ)) فقلنا: واثنان، قال: ((واثنان))، ثم لم نسأله عن الواحد.]](4/433)
(402)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني شهر رجب الفرد سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله إليه:
(قوله: وروينا في صحيح مسلم عن عمرو بن العاص أنه قال وهو في سياق الموت ..) إلى آخره.
قلت: هو طرف من حديث نبهت عليه قريباً، وإني سقته بتمامه في باب الثناء على الميت.
(قوله في باب ما ينفع الميت كقوله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)) وكقوله: ((اللهم اغفر لحينا وميتنا)).
قلت: الأول طرف آخر من حديث سيأتي عن عائشة في أول باب زيارة القبور، والثاني طرف من حديث لأبي هريرة وغيره تقدم في باب أذكار الصلاة على الميت مستوعب الطرق مرفوعة وموقوفة.
(قوله: وروينا في صحيح البخاري ومسلم عن أنس .. .. ) إلى آخره.
أخبرنا أبو هريرة بن الحافظ شمس الدين الذهبي، وعلي بن محمد الخطيب قراءة عليه وإجازة من الأول، قالا: أخبرنا القاسم بن المظفر بن عساكر سماعاً للأول وإجازة إن لم يكن سماعاً للثاني، وهما آخر من حدث عنه بالسماع من الرجال، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن المقير، عن أبي بكر بن الزاغوني، قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، قال: حدثنا يحيى -يعني ابن صاعد- قال: حدثنا أبو الأشعث -هو أحمد بن المقدام- قال: حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، قال: مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثني عليها خير، فقال: ((وجبت)) ثم مر عليه بجنازة فأثني عليها شر، فقال: ((وجبت)) فقالوا: يا رسول الله قلت لهذه: وجبت؟ فقال: ((شهادة القوم، والمؤمنون شهداء الله في الأرض)).(4/434)
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن يونس بن محمد.
والبخاري عن سليمان بن حرب.
ومسلم عن أبي الربيع الزهراني.
وابن ماجه عن أحمد بن عبدة.
أربعتهم عن حماد بن زيد.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الشيخان أيضاً من رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس، وفيه فقال عمر: فداك أبي وأمي، وقال فيه: ((من أثنيتم عليه خيراً وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شراً وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض)) قالها ثلاثاً لفظ مسلم من رواية إسماعيل بن علية عن عبد العزيز، وفيها ((وجبت وجبت)) في الموضعين.
ورواية البخاري أخصر منها من طريق شعبة عن عبد العزيز وليس فيها التكرار.
(قوله: وروينا في صحيح البخاري عن أبي الأسود ..) إلى آخره.
قلت: أخرجه في موضعين، قال في الجنائز: قال عفان بن مسلم وفي بعض الطرق عن الفربري عن البخاري حدثنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا داود بن أبي الفرات فذكره.(4/435)
ولم يقع في البخاري عن عفان بلا واسطة إلا هذا الموضع على ما فيه.
وأخرجه في الشهادات كما أخبرنا المسند أبو علي بالسند الماضي قريباً إلى البخاري قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا داود بن أبي الفرات، عن عبد الله بن بريدة، عن أبي الأسود الديلي، قال: قدمت المدينة وبها مرض، وهم يموتون موتاً ذريعاً، فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمرت به جنازة فأثني عليها خيراً فقال عمر: وجبت، ثم مر بأخرى فأثني عليها خيراً، فقال عمر: وجبت، ثم مر بالثالثة فأثني عليها شراً، فقال عمر: وجبت، قال أبو الأسود: فقلت: يا أمير المؤمنين وما وجبت؟ قال: قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أيما مسلم شهد له أربعةٌ بخيرٍ أدخله الله الجنة)) قلنا: وثلاثة قال: ((وثلاثةٌ)) قلنا: واثنان: قال: ((واثنان)) ثم لم نسأله عن الواحد.
أخرجه الترمذي والنسائي وأبو يعلى وابن حبان من طرق عن داود بن أبي الفرات، ومنهم من اقتصر على المرفوع.
قرأت على أبي الفرج بن حماد، عن أحمد بن منصور الحلبي سماعاً، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، قال: أخبرنا أحمد بن محمد التيمي في كتابه، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن المقرئ، قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الله بن أحمد الحافظ، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا داود بن أبي الفرات، عن عبد الله بن بريدة، عن أبي الأسود، قال: جلست إلى عمر، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من رجلٍ يشهد له ثلاثةٌ بخيرٍ إلا وجبت له الجنة)) قالوا: يا رسول الله واثنان؟ قال: ((واثنان)) ولم نسأله عن الواحد.(4/436)
أخرجه الترمذي عن هارون بن عبد الله الجمال عن أبي داود الطيالسي أتم منه.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وقال: حسن صحيح.
وقد عينت هذه الرواية نفي كون رواية البخاري موقوفة، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني بعد الأربعمئة من التخريج وهو الثاني والثمانون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن البقاعي.
[[والأحاديث بنحو ما ذكرنا كثيرة.]]
(403)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء تاسع شهر رجب من السنة فقال أحسن الله عاقبته:
ولآخر حديث عمر شاهد من حديث أنس وفيه زيادة قيد.
أخبرني أبو محمد بن عمر، قال: أخبرنا أحمد بن طيء، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا أبو محمد الحربي، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله الضياء المقدسي، قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الملك، قال: أخبرنا إبراهيم بن منصور، قال: أخبرنا أبو بكر بن عاصم (ح).(4/437)
وأنبأنا عبد الله وعبد الرحمن ابنا عمر بن عبد الحافظ الأول مكاتبة والثاني مشافهة، قالا: أخبرنا أبو بكر بن عبد الجبار، وأبو العباس بن معالي، قالا: أخبرنا أبو عبد الله الخطيب، قال: قرئ على فاطمة بنت أبي الحسن ونحن نسمع، عن أبي القاسم الشحامي سماعاً، قال: أخبرنا أبو سعد الأديب، قال: أخبرنا أبو عمرو النيسابوري، قالا: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا أحمد بن عمر الوكيعي واللفظ له [(ح)].
وبه إلى الضياء قال: أخبرنا عبد السلام بن أبي الخطاب، قال: أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، قال: حدثنا أبو محمد بن صاعد، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي القاسم، قال الأحمدون الثلاثة: حدثنا مؤمل -هو ابن إسماعيل- قال: حدثنا حماد -هو ابن مسلمة- عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أهل أبياتٍ من جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون إلا خيراً إلا قال الله تعالى: قد قبلت علمكم وعفوت عما لا تعلمون)).
هذا حديث حسن غريب.
أخرجه الحاكم من طريق محمد بن أسلم الطوسي عن مؤمل.
فوقع لنا عالياً.
وقال: صحيح على شرط مسلم، كذا قال: ومؤمل لم يخرج له مسلم، واختلفوا فيه، وأنسب ما قيل فيه قول أبي حاتم صدوق يخطئ كثيراً.
ووجدت له شاهداً من حديث أبي هريرة لكن قال: ((ثلاثةٌ)).
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أبو العباس بن أبي الفرج،(4/438)
قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني بالسند المذكور آنفاً إلى عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عن عبد الحميد صاحب الزيادي، عن شيخ من أهل البصرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((عن ربه عز وجل قال: ما من عبدٍ مسلمٍ يموت فيشهد له ثلاث أبيات من جيرانه الأدنين بخيرٍ إلا قال الله: قد قبلت شهادة عبادي على ما علموا وغفرت له ما أعلم)).
ورجاله ثقات إلا الشيخ الذي لم يسم.
وقد أخرج بعضه سعيد بن منصور من وجه آخر عن أبي هريرة بسند ضعيف.
وللحديث طرق أخرى عن جماعة من الصحابة سأذكرها بعد إن شاء الله تعالى.
(قوله: والأحاديث بنحو ما ذكرنا كثيرة).
قلت: قال الترمذي بعد تخريج حديث أنس المذكور أول الباب: وفي الباب عن عمر وكعب بن عجرة وأبي هريرة.
وقال شيخنا في شرحه: وفي الباب أيضاً عن سلمة بن الأكوع وابن عمر.
قلت: وفيه أيضاً عن عامر بن ربيعة وأبي قتادة وأبي بكر بن أبي زهير عن أبيه.
وساق الترمذي حديث عمر مختصراً كما تقدم.
ووقع لي حديث أنس من وجه آخر فيه فائدة زائدة.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي، عن عيسى بن عبد الرحمن، وأخبرني به الشيخ مرة أخرى، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب سماعاً عليه، قالا: أخبرنا عبد الله بن عمر بن اللتي قال الأول: سماعاً، والثاني: إن لم يكن سماعاً فإجازة، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: قرئ على بيبي الهرثمية ونحن(4/439)
نسمع عن عبد الرحمن بن أبي شريح سماعاً، قال: حدثنا جعفر بن عيسى الحلواني، قال: حدثنا أبو جعفر -هو ابن المنادي- قال: حدثنا يونس بن محمد- قال: حدثنا حرب بن ميمون، عن النضر بن أنس، عن أنس، قال: كنت قاعداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت به جنازة فقال: ((ما هذه الجنازة؟)) فقالوا: جنازة فلان الفلاني، كان يحب الله ورسوله، ويعمل بطاعة الله ويسعى فيها، فقال: ((وجبت وجبت وجبت)) ثم مر بجنازة أخرى، فقال: ((ما هذه الجنازة؟)) قالوا: جنازة فلان الفلاني، كان يبغض الله ورسوله، ويعمل بمعصية الله ويسعى فيها، فقال: ((وجبت وجبت وجبت)) فقالوا: يا رسول الله أثني على الأول خير وأثني على الآخر شر فما قولك فيهما: وجبت؟ فقال: ((نعم يا أبا بكرٍ إن لله ملائكةً ينطقون على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر)).
هذا حديث حسن.
أخرجه الحاكم عن أبي بكر النجاد عن الحسن بن سلام عن يونس بن محمد.
وقال: صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه البزار مختصراً واستغربه.
ورجاله ثقات، لكن في حرب مقال، وإنما أخرج له مسلم في المتابعات، والله أعلم.
آخر [المجلس] الثالث بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الثالث والثمانون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي.(4/440)
(404)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثالث عشري رجب من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وأما حديث كعب بن عجرة فأخرجه الطبراني من طريق المسور بن رفاعة عن كعب بن عجرة رضي الله عنه، قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسين:
أما أحدهما: فأتي بجنازة فقالوا: هذا فلان بئس الرجل، وأثنوا عليه شراً. فقال: ((تعلمون ذلك؟)) قالوا: نعم، فقال: ((وجبت)).
وأما الآخر: فأتي بجنازة فقيل: هذا فلان وأثنوا عليه خيراً، فذكر باقيه مثله.
وسنده ضعيف.
ولكعب حديث آخر.
أخبرنا به مسند الشام أبو العباس بن أبي بكر بن العز الصالحي في كتابه إلينا منها، عن محمد بن علي بن ساعد، وهو آخر من حدث عنه، قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الكراني، قال: أخبرنا أبو القاسم الأشقر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال: حدثنا بشر بن عبيس -بالعين المهملة ثم الموحدة وآخره سين مهملة مصغر- قال: حدثنا جدي مرحوم بن عبد العزيز العطار، عن إسحاق بن إبراهيم.
وبه إلى سليمان، حدثنا جعفر بن سليمان، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس -بكسر النون وسكون السين المهملة بعدها طاء مهملة وآخره سين مهملة- عن سعد بن(4/441)
إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: ((ما تقولون في رجلٍ قتل في سبيل الله؟)) قالوا: الجنة، قال: ((الجنة إن شاء الله)) قال: ((فما تقولون في رجلٍ مات فقام رجلان ذوا عدلٍ فقالا: لا نعلم إلا خيراً؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((الجنة إن شاء الله)) قال: ((فما تقولون في رجلٍ مات فقام رجلان ذوا عدلٍِ فقالا: لا نعلم خيراً؟)) قالوا: النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مذنبٌ والله غفورٌ رحيمٌ)).
وأما حديث أبي هريرة ففيما أخبرني الشيخ المسند أبو الفرج بن الغزي، قال: أخبرنا أحمد بن منصور الجوهري، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا القاضي أبو المكارم التيمي في كتابه، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن العجلي، قال: أخبرنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا إبراهيم بن عامر، عن عامر بن سعد، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال: ((وجبت)) ثم مروا بجنازة فأثنوا عليها شراً فقال: ((وجبت)) وقال: ((إن بعضكم على بعضٍ شهداء)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أبو داود عن حفص بن عمر عن شعبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي من رواية أبي الوليد الطيالسي عن شعبة.
وأخرجه أحمد من رواية الثوري ومسعر، كلاهما عن إبراهيم بن عامر.(4/442)
وله طريق أخرى عند ابن ماجه وابن حبان من طريق محمد بن عمر وعن أبي سلمة عن أبي هريرة.
قال فيها: خيراً من مناقب الخير وقال أيضاً: شراً من مناقب الشر، وقال في آخره: ((أنتم شهداء الله في الأرض)).
وأخرجه الطبراني في الأوسط من وجهين آخرين بنحوه وأتم منه.
ولأبي هريرة حديث آخر قدمته قريباً.
وأما حديث سلمة بن الأكوع فأخرجه الطبراني ولفظه نحو رواية عامر بن سعد عن أبي هريرة، وزاد أن الميت كان من الأنصار، وفي آخره ((والملائكة شهود الله في السماء)).
وفي سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
وأخرجه من وجه آخر عن سلمة أضعف منه، وقال في آخره: ((فإذا شهدتم وجبت)).
وأما حديث ابن عمر فذكر شيخنا في شرح الترمذي أن ابن عدي أخرج من رواية ميمون بن مهران عن ابن عمر رفعه ((إن العبد ليرزق من الثناء من الناس حتى تقول الحفظة: يا ربنا إنك تعلم ونعلم غير ما يقولون، فيقول: أشهدكم أني قد غفرت له ما لا يعلمون وقبلت شهادتهم على ما يقولون)).(4/443)
وفي سنده فرات بن السائب وهو واه.
وأما حديث عامر بن ربيعة فأخرجه البزار ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات العبد والله يعلم منه شراً والناس يقولون خيراً قال الله للملائكة: قبلت شهادة عبادي وغفرت لعبدي علمي [فيه])).
وفي سنده محمد بن عبد الرحمن القشيري وهو واه أيضاً، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الرابع والثمانون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
(405)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء الثلاثين من شهر رجب من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وأما حديث أبي قتادة فقرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي رحمه الله، عن إسماعيل بن يوسف بن مكتوم، وعيسى بن عبد الرحمن بن معالي، وأبي العباس بن أبي النعم سماعاً عليه وإجازة من الأولين، قالوا: أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي بن زيد، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: أخبرنا عبد بن حميد، قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم الزهري، قال: حدثني أبي، عن أبيه -هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف- قال: حدثنا عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعي لجنازة سأل عنها، فإن أثني عليها خيراً قام فصلى عليها، وإن أثني عليها غير ذلك قال: ((شأنكم بها)) ولم يصل عليها.(4/444)
هذا حديث صحيح غريب.
أخرجه أحمد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو يعلى عن أبي خيثمة عن يعقوب.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أحمد أيضاً عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن إبراهيم بن سعد.
وأما حديث أبي بكر بن أبي زهير فقرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، عن أبي المنجا بن اللتي إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا عبد الأول بالسند المذكور آنفاً إلى عبد بن حميد، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا نافع بن عمر الجمحي، عن أمية بن صفوان، عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي، عن أبيه رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنباوة أو بالنباءة -بفتح النون وتخفيف الموحدة- وهي من الطائف، فقال: ((توشكون أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار)) قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: ((بالثناء الحسن أو الثناء السيء أنتم شهداء بعضكم على بعضٍ)).
هذا حديث حسن غريب.
أخرجه أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة جميعاً عن يزيد بن هارون.
فوقع لنا موافقة عالية.(4/445)
وأخرجه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن حبان عن أبي يعلى الموصلي والدارقطني في الأفراد عن أبي القاسم البغوي، كلاهما عن داود بن عمرو، عن نافع بن عمر.
قال الدارقطني: لم يروه عن أبي بكر بن أبي زهير إلا أمية بن صفوان، تفرد به نافع بن عمر.
قلت: رجاله رجال الصحيح إلا أمية وأبا بكر وهما صدوقان.
وابن حبان على عادته في تسمية الحسن صحيحاً.
وهذا الحديث مطلق لم يقيد بما بعد الموت.
وقد جاء في معناه أحاديث أخرى.
قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن علي بن العز عمر، قال: أخبرنا يحيى بن أبي الخير، عن مسعود بن محمد، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن منصور، عن أبي وائل، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أني قد أحسنت، وإذا أسأت أني قد أسأت؟ قال: ((إذا سمعت جيرانك يقولون: قد أحسنت فقد أحسنت، وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت)).
هذا حديث صحيح.(4/446)
أخرجه أحمد عن عبد الرزاق.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه ابن ماجه عن محمد بن يحيى بن عبد الرزاق.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه ابن حبان من رواية عبيد الله بن فضالة عن عبد الرزاق، ومن وجه آخر عن معمر.
وذكره أبو عوانة في صحيحه فقال: روى محمد بن يحيى عن عبد الرزاق، فذكر هذا الحديث، ثم قال: في صحته نظر. انتهى.
ولم أعرف وجه النظر إلا من جهة رواية معمر عن الكوفيين.
وقد وجدت له شاهداً من رواية الكوفيين أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية عن الأعمش عن جامع بن شداد عن كلثوم الخزاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
ورجاله رجال الصحيح سوى كلثوم وهو مختلف في صحبته.
واختلف في سنده على الأعمش فأخرجه الحاكم من طريق حسين بن واقد عن الأعمش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، فإن كان محفوظاً فللأعمش فيه شيخان بسندين، وإلا فرواية أبي معاوية أرجح، لأنه أثبت الناس في الأعمش، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الخامس والثمانون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه(4/447)
أبي الحسن إبراهيم بن عمر بن الرباط البقاعي من لفظ ممليه حالة الإملاء مولانا شيخ الإسلام قاضي القضاة أبو الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر الكتاني العسقلاني الشافعي باستملاء الشيخ زين الدين رضوان كالذي قبله إلا ما استثني.
[[روينا في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)).
وروينا في سنن أبي داود والترمذي، بإسناد ضعيف ضعفه الترمذي، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم)).]]
(406)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قوله: (وروينا في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها .. .. ) إلى آخره.
رواه البخاري (1393 و6516) وأحمد (6/180) وابن حبان (3021). والنسائي (4/53) والبيهقي (4/75) والبغوي (1509) والقضاعي في مسند الشهاب (923 و924).
قال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/210-211) قال الحافظ: وقد وقعت لي هذه القصة من وجه آخر عنها، ثم أخرج ذلك عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة، أنها ذكر عندها رجل، فنالت منه، فقيل لها: إنه قد مات، فترحمت عليه، فسئلت عن ذلك فقالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تذكروا موتاكم إلا بخيرٍ)).
قلت: رواه ابن أبي الدنيا.(4/448)
.. .. .. (1) .. .. ..
وأخرجه الحاكم بنحو هذا السياق من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وزاد في آخره ((ونصب الأوثان)).
وللطبراني من حديث ابن عباس رفعه: ((أول من غير دين إبراهيم عمرو بن لحي بن خندفٍ أبو خزاعة)).
وعند الفاكهي من مرسل عكرمة، فقال المقداد: يا رسول الله ومن هو عمرو بن لحي؟ قال: ((أبو خزاعة)).
وروى الحديث جابر مطولاً:
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قال الحافظ: وسند هذا الطريق حسن.
وقد أخرجه النسائي (4/52) من رواية منصور بن صفية بنت شيبة عن أمه قالت: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالك بسوءٍ، فقال: ((لا تذكروا هلكاكم إلا بخيرٍ)).
وسنده صحيح. انتهى.
قوله: (وروينا في سنن أبي داود والترمذي بإسناد ضعيف -ضعفه الترمذي- عن ابن عمر ..) إلى آخره.
رواه أبو داود (4900) والترمذي (1019).
قوله: ((ضعفه الترمذي)) نقل ابن علان في الفتوحات الربانية (4/11) عن الحافظ أنه قال: لم أر في شيء من نسخ الترمذي تصريح الترمذي بتضعيفه، وإنما استغربه، ونقل عن البخاري أن بعض رواته منكر الحديث، وقد سكت عليه أبو داود، وصححه ابن حبان (3020) وغيره، فهو من شرط الحسن انتهى.
قلت: ورواه الطبراني في الكبير (13599) والصغير (462) والحاكم (1/385) والبيهقي (4/75) وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وهو وهم منهما، فإن إسناده ضعيف. وإنما حسنه الحافظ لشاهده.(4/449)
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي بالقاهرة، وعلى إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، كلاهما عن أحمد بن أبي طالب فيما سمعا عليه مفترقين، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثني زكريا بن عدي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر رضي الله عنه، قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر أو العصر ونحن في صفوفنا، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة أن يتناول شيئاً، ثم تأخر فتأخر الناس، فلما انصرف قال له أبي بن كعب رضي الله عنه: يا رسول الله لقد صنعت في صلاتك شيئاً لم تكن تصنعه، قال: ((عرضت علي الجنة بما فيها من الزهرة، فتناولت منها عنقوداً من عنب لآتيكم به، فحيل بيني وبينه، ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض، ثم لا ينقصونه، ثم عرضت علي النار، فلما وجدت سفعها تأخرت، وأكثر من رأيت فيها النساء اللاتي إن ائتمن أفشين، وإن سئلن بخلن، ورأيت فيها عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، وأشبه من رأيت به معبد بن أكثم الكعبي)) فقال معبد: يا رسول الله أتخشى علي من شبهه وهو والدي؟ قال: ((لا، أنت مؤمنٌ وهو كافرٌ، وكان لحي أول من حمل العرب على عبادة الأوثان)).
أخرجه أحمد عن زكريا بن عدي.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أيضاً عن حسين بن محمد وأحمد بن عبد الملك كلاهما عن عبيد الله بن عمرو.(4/450)
وزاد ابن عبد الملك عنه عن ابن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه، وبالله التوفيق.
آخر المجلس السابع بعد الأربعمئة من التخريج وهو السابع والثمانون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
(407)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني عشري شهر شعبان سنة ست وأربعين فقال كان الله له:
وقد تابع زكريا على الاقتصار على طريق جابر عبد الله بن جعفر عند أبي يعلى، وسليمان بن عبيد الله عند الهيثم الشاشي، والعلاء بن هلال عند الحاكم ثلاثتهم عن عبيد الله -بالتصغير- ابن عمرو -بفتح العين- الرقي -وثلاثتهم رقيون- وابن عقيل بفتح العين صدوق في حفظه شيء.
[[وجاء في الترخيص في سب الأشرار أشياء كثيرة، ومنها أحاديث كثيرة في الصحيح، كالحديث الذي ذكر فيه صلى الله عليه وسلم عمرو بن لحي.]]
(408)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس عشر شعبان سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله إليه:
(قوله: وجاء في الترخيص في ست الأشرار أشياء -إلى أن قال- ومنها أحاديث كثيرة في الصحيح كالحديث الذي ذكر فيه صلى الله عليه وسلم عمرو بن لحي).(4/451)
أخبرني عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك، قال: أخبرنا علي بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، عن أبي مسعود الجمال، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، ومحمد بن إبراهيم، قالا: حدثنا أحمد بن علي، قال: حدثنا أبو خيثمة -هو زهير بن حرب- قال: حدثنا جرير -هو ابن عبد الحميد- عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبا كعبٍ وهو يجر قصبه في النار)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي خيثمة.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه البخاري من طريق أبي حصين عن أبي صالح مختصراً، وقال: ((خزاعة)) بدل ((كعب)). والمعنى واحد، لأن كعب بن عمرو تنتهي إليه أنساب خزاعة.
وأخرجه البخاري من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وزاد ((وهو أول من سيب السوائب)).
ووقع لي من وجه آخر عن أبي صالح مطولاً.
قرأت على خديجة بنت أبي إسحاق بن سلطان، عن القاسم بن عساكر إجازة إن لم يكن سماعاً، وعن أبي نضر بن الشيرازي مكاتبة، كلاهما عن أبي الوفاء بن منده، قال: أخبرنا أبو الخير الباغبان، قال: أخبرنا أبو عمرو بن أبي عبد الله بن منده، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن(4/452)
زياد، ومحمد بن يعقوب، قالا: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم بن الجون الخزاعي: ((يا أكثم رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندفٍ يجر قصبه في النار، فما رأيت رجلاً أشبه برجلٍ منك به ولا منه بك)) فقال أكثم: يا رسول الله تخشى أن يضرني شبهه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا، إنك مؤمنٌ وهو كافرٌ، وهو أول من سيب السوائب وبحر البحيرة وحمى الحامي وغير دين إسماعيل عليه السلام)).
هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
أخرجه الدارقطني في الأفراد من طريق يونس بن بكير.
وقال: تفرد به محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم -يعني بهذا السياق وإلا فأصله في الصحيح كما سبق-.
وقد خالفه أبو الزبير وهو من الحفاظ عن جابر في بعض سياقه.
أخبرني الشيخ أبو الفرج بن حماد، قال: أخبرنا أحمد بن منصور الجوهري، قال: أخبرنا علي بن أحمد المقدسي، عن محمد بن أحمد بن نصر، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا أبو محمد بن فارس، قال: حدثني يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا هشام -هو الدستوائي- عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فأطال القيام .. فذكر الحديث.
وفيه: فجعل يتقدم ويتأخر في صلاته، ثم أقبل على أصحابه فقال: ((عرضت علي الجنة والنار، فقربت مني الجنة حتى لو تناولت قطفاً من قطافها(4/453)
لنلته، فقصرت يدي عنه، وعرضت علي النار فجعلت أتأخر رهبة أن تصيبكم، ورأيت فيها امرأةً سوداء طويلةً حميريةً تعذب في هرة لها ربطتها فلم تطعمها ولم تسقها، ورأيت فيها أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبه في النار .. .. )) الحديث.
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم وأبو داود من طريق إسماعيل بن علية، ومسلم أيضاً من طريق عبد الملك الصباح، كلاهما عن هشام.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجه أبو عوانة عن يونس بن حبيب.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه البيهقي عن أبي بكر بن فورك عن أبي محمد بن فارس.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ولعل مالكاً جد أعلى لعمرو بن لحي، فتتفق الروايات.
ويمكن الجمع بين قوله في الرواية الماضية الظهر أو العصر وبين التنصيص على أنها صلاة الكسوف بأن المراد بالظهر أو العصر الوقت، وهو كذلك، ففي الرواية الأخرى أنه كان بعد صلاة العصر، ويحتمل التعدد في الرواية، ففي حديث عقبة ما يرشد إليه.
أخبرني إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد، عن محمد بن أحمد بن أبي الهيجاء، قال: أخبرنا الحافظ أبو علي البكري، قال: أخبرنا عبد المعز بن(4/454)
محمد، قال: أخبرنا تميم بن أبي سعيد، قال: أخبرنا أبو الحسن البحاثي، قال: أخبرنا أبو الحسن الزوزني -بزايين منقوطتين الأولى مضمومة وبعد الثانية نون- قال: حدثنا أبو حاتم البستي، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني عمرو بن الحارث وذكر آخر معه، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب (ح).
وقرأته عالياً على أبي المعالي الأزهري، عن زهرة بنت الحسين، قالت: أخبرنا الكمال علي بن شجاع الضرير، قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري، قال: أخبرنا أبو صادق المديني، قال: أخبرنا علي بن منير في كتابه، قال: أخبرنا أبو بكر بن أحمد بن القماح، قال: حدثنا علي بن الحسن بن خلف، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: حدثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة، أنه سمع عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فأطال القيام، وكان إذا صلى بنا خفف ولا نسمع في قيامه ذلك إلا أنه يقول: ((رب وأنا فيهم)) ثم ركع ثم أسرع بعد ذلك، فلما سلم جلس وجلسنا حوله، ثم قال: ((لقد علمت أنه رابكم طول صلاتي وقيامي)) فقلنا: أجل يا رسول الله، وسمعناك تقول: ((رب وأنا فيهم)) فقال: ((والذي نفسي بيده ما من شيءٍ وعدتموه في الآخرة إلا وقد عرض علي في مقامي هذا، حتى لقد عرضت على النار، وأقبل إلي شيءٌ منها فخشيت أن تصيبكم، فقلت: رب وأنا فيهم، فصرفها عنكم فأدبرت قطعاً قطعاً كأنها الزرابي، ورأيت فيها عمرو بن حرثان أخا بني غفار متكئاً على قوسه، وإذا فيها الحميرية صاحبة القط الذي ربطته فلا هي أطعمته ولا هي أرسلته يبتغي ما يأكله حتى مات على ذلك)).
هذا حديث صحيح.(4/455)
أخرجه ابن خزيمة عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث وحده، وكأن ابن لهيعة هو الذي كنى عنه في رواية حرملة، فحذف في رواية يونس، وليس الحديث في القطعة المسموعة من صحيح ابن خزيمة.
والسند الثاني الذي سقته مسلسل بالمصريين من ابتدائه إلى عقبه، وقد سكن مصر وولي إمرتها، واختلف هل مات بها أو لا.
وأما ما وقع في المتن من قوله: أخا بني غفار فإن كان محفوظاً قويت دعوى التعدد، والعلم عند الله تعالى.
آخر المجلس الثامن بعد الأربعمئة من التخريج وهو الثامن والثمانون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي.
[[وقصة أبي رغال، والذي كان يسرق الحاج بمحجنه.]]
(409)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء حادي عشر شوال سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال كان الله له آمين:
(قوله: وقصة أبي رغال الذي كان يسرق الحاج بمحجنه).
كذا وقع في عدة نسخ من الأذكار، ولم أر في شيء من الروايات وصف أبي رغال بذلك، ولعلها كانت ((والذي)) فسقطت واو العطف.
فأما قصة أبي رغال وهو -بكسر الراء وتخفيف الغين المعجمة وآخره لام-.
ففيما قرأت على الحافظ أبي الحسن بن أبي بكر، عن محمد بن إسماعيل(4/456)
النساج سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو محمد بن علان، قال: أخبرنا أبو علي المكبر، قال: أخبرنا أبو القاسم الكاتب، قال: أخبرنا أبو علي الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم -بمعجمة ومثلثة مصغر- عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: ((لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالحٍ، فكانت -يعني الناقة- ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فعتوا عن أمر ربهم فعقروها فأخذتهم صيحةٌ أهلك الله بها من كان تحت أديم السماء منهم إلا رجلاً واحداً كان بالحرم، فلما خرج منه أصابه ما أصاب قومه)) قالوا: من هو يا رسول الله؟ قال: ((أبو رغالٍ)) (ح).
وقرأته عالياً وأتم سياقاً على فاطمة بنت المنجا عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد، عن عائشة بنت معمر، والمؤيد بن عبد الرحيم قراءة عليهما، كلاهما [عن] سعيد بن أبي الرجاء سماعاً عليه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن المقرئ، قال: حدثنا إسحاق بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن أبي عمر، قال: حدثنا يحيى بن سليم، قال: سمعت عبد الله بن عثمان بن خثيم يحدث عن أبي الزبير فذكره.
وقال في روايته: لما نزل الحجر في غزوة تبوك فقال: ((لا تسألوا نبيكم)) وقال: ((سألوا نبيهم أن يبعث لهم آيةً فبعث الله لهم الناقة ..)) الحديث (ح).
وقرئ عالياً أيضاً وأنا أسمع على [أم] يوسف الصالحية بها، عن أبي نصر الفارسي، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء العطار، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا الطبراني، قال: حدثنا المقدام بن داود، قال: حدثنا(4/457)
عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي الزبير فذكره بتمامه.
وفيه من الزيادة ((فكانت ترد من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يصيبون من غيرها .. .. )) الحديث.
هذا حديث حسن غريب.
أخرجه الحاكم من طريق عبد الرزاق.
وأخرجه هو وابن حبان من طريق مسلم بن خالد، عن ابن خثيم.
قال الحافظ عماد الدين بن كثير في تاريخه بعد ذكره له من عند أحمد: ليس هذا الحديث في الكتب الستة وهو على شرط مسلم كذا قال.
وفيه علة خفيت عليه، وهي عنعنة أبي الزبير، ومسلم إنما يخرج له ما صرح فيه أو توبع عليه، وقد فقدا هنا.
وابن خثيم اختلف فيه قول ابن معين والنسائي.
ومتابعة ابن لهيعة له فيها نظر، لأنه مدلس وقد عنعنه.
نعم لأصل الحديث شاهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
قرأت على أبي العباس الزينبي، عن أبي العباس المشتولي سماعاً، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني (ح).
وأخبرنا أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم بن موسى الحاكم، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن صبح -بضم المهملة وسكون الموحدة بعدها حاء مهملة- قال: أخبرنا أبو العز الحراني، قالا: أخبرنا يوسف بن المبارك، قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الباقي، قال: أخبرنا أبو يعلى بن الفراء، قال: أخبرنا علي بن(4/458)
عمر الحربي، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم، قال: أخبرني أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق، يحدث عن إسماعيل بن أمية، عن بجير بن أبي بجير -بموحدة وجيم وراء مصغر- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر فقال: ((هذا قبر أبي رغالٍ، وكان من ثمود، وكان بهذا الحرم يدفع عنه، فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصنٌ من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه)) فابتدره الناس فأخرجوا منه ذلك الغصن.
هذا حديث حسن غريب.
أخرجه أبو داود عن يحيى بن معين.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه ابن حبان عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار.
فوقع لنا موافقة عالية أيضاً، وبالله التوفيق.
آخر المجلس التاسع بعد الأربعمئة من التخريج وهو التاسع والثمانون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر البقاعي لطف الله به.(4/459)
(410)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس عشري شوال سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال كان الله [له]:
وقد ورد ذكر أبي رغال في حديث آخر أخرجه البزار والدارقطني من طريق ابن أبي الأخضر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، أن عمر رضي الله عنهم قال لرجل طلق نساءه: لترجعن نساءك وإلا فإن مت لأرجمن قبرك كما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أبي رغال.
قال البزار: لم يسنده إلا صالح وليس هو بالقوي، والحفاظ يروونه موقوفاً.
وقال الدارقطني: تفرد به وكيع عن صالح بن أبي الأخضر، وهو وهم، ورواه معمر وغيره عن الزهري لم يرفعوه.
قلت: أشرت إلى رواية معمر في أوائل تخريج المختصر في الكلام على قصة غيلان بن سلمة وهو الرجل المبهم هنا.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن أبي بكر، وإبراهيم بن محمد بن عبد الصمد، قالا: أخبرنا عبد الرحيم بن يوسف المزي، قال: أخبرنا أبو علي الرصافي، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا إسماعيل -هو ابن علية- ومحمد بن جعفر -هو غندر- قالا: حدثنا معمر، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه أن غيلان بن سلمة الثقفي رضي الله عنه أسلم وتحته عشر نسوة .. .. فذكر الحديث.
قال: فلما كان زمن عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر، فقال: إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في قلبك،(4/460)
ولعلك لا تمكث إلا قليلاً وأيم الله لتراجعن نساءك ولترجعن مالك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال.
هذا موقوف صحيح.
أخرجه إسحاق بن راهويه عن عيسى بن يونس عن معمر.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الفاكهي في كتاب مكة من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، أن عمر بن الخطاب قال لرجل طلق نساءه وقسم ماله: لئن مت وأنا حي لا أصلي عليك ولأرجمن قبرك حتى يكون أعظم من قبر أبي رغال، فقال: تبت إلى الله وارتجعت نسائي ومالي.
هذا منقطع ورجاله ثقات.
وأبو رغال هذا غير أبي رغال السابق، ووهم من وحدهما، فإن السابق بقية ثمود كما تقدم، وهذا كان دليل أصحاب الفيل من الطائف إلى مكة.
أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك مشافهة، وأبو العباس بن أبي بكر مكاتبة، قال الأول: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق سماعاً عليه، والثاني: أخبرنا عمر بن عبد العزيز بن رشيق في كتابه، قالا: أخبرنا أبو الحسن بن المقير قال عمر: سماعاً، ويونس: إن لم [يكن سماعاً] فإجازة، عن الحافظ أبي الفضل بن ناصر، عن الحافظ أبي إسحاق الحبال، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم، قال: أخبرنا عبد الملك بن هشام، قال: حدثنا زياد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن إسحاق في قصة أصحاب الفيل، قال: فلما مروا بالطائف خرج إليهم مسعود وناس من ثقيف، فقالوا: إن البيت الذي تريدون هدمه ليس عندنا، ولكن نبعث معكم رجلاً يدلكم على الطريق، فبعثوا(4/461)
أبا رغال، فسار حتى أنزلهم بالمغمس فمات أبو رغال هناك، فهو الذي يرجم قبره اليوم، وفيه يقول الشاعر:
إذا مات الفرزدق فارجموه ... كما ترمون قبر أبي رغال
انتهى.
والمغمس -بضم الميم وفتح الغين المعجمة وتشديد الميم الثانية مفتوحة وقيل مكسورة بعدها مهملة- مكان في طريق الذاهب إلى الطائف من مكة خارج الحرم، وفيه يقول أبو الصلت الثقفي في الرائية من أبيات وقيل هي لامية:
برك الفيل بالمغمس حتى ... صار يحبو كأنه مغفور
وأما أبو رغال الأول فجاء ما يدل على أنه بالطائف، فعند الفاكهي من طريق عقيل عن الزهري، قال: لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف وأغلقوا عليهم وارتقوا على الحصن وهم يقولون:
والله لا نسلم ما حيينا ... هذا وقبر أبي رغال فينا
فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم قال لعلي: ((تدري ما هذا؟)) قال: لا، قال: ((هذا قبر أبي رغالٍ وهو من بقية ثمود)).
وتقدم في حديث عبد الله بن عمرو ما يرشد إلى ذلك، والله أعلم.
آخر المجلس العاشر بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو التسعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر بن الرباط البقاعي الشافعي حالة الإملاء من لفظ ممليه كان الله له.(4/462)
(411)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني ذي القعدة سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته:
وأما قصة الذي كان يسرق بمحجنه فجاءت من حديث جابر وعبد الله بن عمرو في أثناء حديث الكسوف، وهي مغايرة لقصة أبي رغال من كل وجه.
أخبرني المسند أبو الفرج بن حماد، قال: أخبرنا أبو الحسن بن قريش، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، قال: أخبرنا أبو الحسن الجمال في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم في المستخرج، قال: حدثنا أبو بكر الطلحي، وأبو عمرو بن حمدان، قال الأول: حدثنا عبيد بن غنام، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن نمير -هو عبد الله- وقال الثاني: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا حبان بن موسى -بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحدة- قال: حدثنا عبد الله بن المبارك (ح).
وقرأت على أبي المعالي الأزهري، أن أبا العباس بن أبي الفرج أخبرهم، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا أبو محمد الحربي بالسند الماضي مراراً إلى الإمام أحمد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد -هو القطان-، ثلاثتهم عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء -هو ابن أبي رباح- عن جابر رضي الله عنه، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فذكر الحديث في صلاة الكسوف.
وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيءٍ توعدونه إلا أريته في مقامي هذا)).
وفيه: ((حتى رأيت النار)) وفيه ((حتى رأيت فيها صاحبة الهرة)) وفيه ((حتى رأيت فيها صاحب المحجن كان يسرق الحاج بمحجنه، فإذا فطن له قال: إنما تعلق بمحجني، وإذا غفل عنه دهن به)).(5/5)
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو داود والنسائي وابن خزيمة من طريق يحيى بن سعيد القطان.
وبه إلى الإمام أحمد قال: حدثنا ابن فضيل -هو محمد- (ح).
وقرأت على أبي الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله، قال: إن عبد الله بن محمد البزوري أخبره، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، عن محمد بن معمر، قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم العاصمي، قال: حدثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي، قال: حدثنا محمد بن أبي عمر العدني، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي -واللفظ له- كلاهما عن عطاء بن السائب، قال: حدثني أبي أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما حدثه أن الشمس انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. فذكر الحديث في صلاة الكسوف، وسياقه أتم.
وفيه: ((حتى رأيت فيها امرأةً حميرية تعذب في هر)).
وفيه: ((حتى رأيت فيها أخا بني دعدع -بضم الدال وسكون العين المهملتين مرتين- صاحب السبأتين يدفع بعصا ذات شعبتين في النار، ورأيت فيها صاحب المحجن، كان يسرق الحاج بمحجنه، ويقول: إنما يسرق المحجن)).
وفي رواية ابن فضل: ((فإذا علم به قال: إنما تعلق بمحجني)).
هذا حديث حسن صحيح.(5/6)
أخرجه النسائي عن هلال بن بشر عن عبد العزيز بن عبد الصمد. فوافقناه في شيخ شيخه.
وأخرجه أبو داود من رواية حماد بن سلمة.
وأخرجه الترمذي في الشمائل وابن خزيمة من رواية جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن عطاء بن السائب.
وأخرجه أحمد والنسائي أيضاً من رواية شعبة عن عطاء مختصراً.
وقال في روايته: ((ورأيت فيها أخا بني دعدعٍ سارق الحجيج)) فوحد بينهما، وفرق بينهما الأكثر، وهو الراجح.
وقد أخرجه ابن حبان من طريق زيد بن أبي أنيسة عن عطاء بن السائب، فقال في روايته: ((ورأيت فيها ثلاثة يعذبون صاحب السائبتين -بدنتين لرسول الله صلى الله عليه وسلم سرقهما- وصاحب المحجن كان يسرق متاع الحاج ..)) الحديث.
وفيه ذكر صاحبة الهرة.
وعطاء بن السائب كان ممن اختلط، لكنه حدث بهذا الحديث قبل اختلاطه، فقد ذكروا أن سماع شعبة وحماد بن سلمة منه كان قبل أن يختلط، والله أعلم.
آخر المجلس الحادي عشر بعد الأربعمئة من التخريج وهو الحادي والتسعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي.(5/7)
[[قصة ابن جدعان. وغيرهم.]]
(412)
[ثم أملى علينا يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين]:
(قوله: وقصة ابن جدعان).
قرأت على عبد الله بن عمر بن علي، عن أحمد بن محمد بن عمر سماعاً، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن صاعد، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا الحسن بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: سمعته من عبد الله بن محمد -يعني أبا بكر بن أبي شيبة- قال: حدثنا حفص بن غياث، عن داود -هو ابن أبي هند- عن عامر -هو الشعبي- عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المساكين فهل ذاك نافعه؟ قال: ((لا، إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
فوقع لنا موافقة عالية.
ابن جدعان اسمه عبد الله سمي في طريق أخرى عن عائشة عند أحمد أيضاً، قالت: قلت يا رسول الله إن عبد الله بن جدعان، فذكره، وزاد: يقري الضيف(5/8)
ويفك العاني ويحسن الجوار. وزاد فيه أبو يعلى من هذا الوجه. انتهى. وهو ابن عم أبي قحافة والد الصديق.
وأبوه بضم الجيم وسكون المعجمة بعدها مهملة.
قال الزبير بن بكار: كان جواداً ممدحاً من رؤساء قريش.
وقال ابن إسحاق في السيرة النبوية بالسند الماضي إليه قريباً: حدثني محمد بن زيد -يعني ابن المهاجر- عن طلحة بن عبد الله بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لقد شهدت في دار ابن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى إليه في الإسلام لأجبت)).
وهذا مرسل، وقد وصله الواقدي من وجه آخر فقال: عن طلحة، عن عبد الرحمن بن أزهر، عن جبير بن مطعم.
ووصله الزبير بن بكار من حديث عائشة.
وسند كل منهما ضعيف، لكن يتقوى بهما المرسل.
وذكر الزبير سبب هذا الحلف من طريق الزهري، وفيه أن الزبير بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم كان القائم في ذلك، فتعاقدوا على نصر المظلوم حتى يصل إلى حقه.
والقصة مشهورة في السيرة.
(قوله: وغيرهم).
قلت: في الصحيح من ذلك قصة صاحبة الهرة كما تقدم.
وقصة الذي كان يتبختر في المشي فخسف به، وهو من حديث أبي هريرة.
وتقدمت قصة سارق البدنتين.(5/9)
وأخرج الترمذي من حديث جابر، قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل ليصلي عليه، فلم يصل عليه، فقيل له: يا رسول الله ما رأيناك تركت الصلاة على أحد قبل هذا، فقال: ((إنه كان يبغض عثمان فأبغضه الله)).
وسنده ضعيف، ولعله إن ثبت كان قبل أن يترك الصلاة على من عليه دين ولم يترك وفاء، وهو ثابت في الصحيحين.
من ذلك الحدث الذي قرأت على أم يوسف الصالحية، عن محمد بن عبد الحميد، قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي الحسن، قالت: أخبرتنا فاطمة الأصبهانية بها، قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله التاجر، قال: أخبرنا أبو القاسم اللخمي، قال: حدثنا محمد بن النضر الأزدي، قال: حدثنا معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن ابن جريج، عن منبوذ رجل من آل أبي رافع، عن الفضل بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبي رافع رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ربما ذهب إلى بني عبد الأشهل، فذكر حديثاً فيه فمررنا بالبقيع فقال: ((أف أف)) فظننت أنه يريدني، فقلت: يا رسول الله أحدثت شيئاً؟ قال: ((وما ذاك؟)) قلت: أففت بي، قال: ((لا، ولكن صاحب هذا القبر فلانٌ بعثته ساعياً على بني فلانٍ فغل درعاً فدرع الآن مثلها في النار)).
هذا حديث حسن.
أخرجه النسائي من طريق معاوية بن عمرو.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(5/10)
وأخرجه أيضاً ابن خزيمة من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن جريج بنحوه.
وأخرج الطبراني من وجهٍ آخر عن أبي رافع نحو هذه القصة دون ما في أولها، لكن قال في آخره: ((إن صاحب هذا القبر سئل عني فشك في)).
ومن تتبع الأحاديث وجد أشباهاً لذلك غير هذه، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني عشر بعد الأربعمئة من التخريج وهو الثاني والتسعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي.
[[باب ما يقوله زائر القبور
روينا في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: ((السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون؛ اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)).
وروينا في صحيح مسلم، عن عائشة أيضاً أنها قالت: كيف أقول يا رسول الله؟! -تعني في زيارة القبور- قال: ((قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين(5/11)
منكم ومنا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)).]]
(413)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سادس عشر ذي القعدة من السنة فقال كان الله له وأحسن عاقبته:
(قوله: (باب ما يقوله زائر القبور. روينا في صحيح مسلم عن عائشة .. .. ) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي، عن محمد بن أحمد بن أبي الهيجاء، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح الخطيب، قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى (ح).
وبالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أحمد بن علي -هو أبو يعلى- قال: حدثنا يحيى بن أيوب [(ح)].
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد (ح).
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا أبو محمد بن حيان، وإبراهيم بن عبد الله، قال الأول: حدثنا أبو بكر بن خزيمة، قال: حدثنا علي بن حجر، وقال الثاني: حدثنا إسحاق بن أحمد، قال: حدثنا إسماعيل بن توبة، قال الأربعة: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر -بفتح النون وكسر الميم- عن عطاء بن يسار، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كانت ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في آخر الليل إلى البقيع فيقول: ((السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين أتاكم ما توعدون غداً مؤجلون إنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)).(5/12)
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن قتيبة ويحيى بن أيوب.
والنسائي وابن خزيمة عن علي بن حجر.
فوقع لنا موافقة وعالية لمسلم في شيخيه.
وأخرجه أيضاً عن يحيى بن يحيى عن إسماعيل بن جعفر.
وأبو عوانة عن أبيه عن علي بن حجر.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
ووقع في رواية علي بن حجر ((قلما كانت)) بدل ((كلما كانت)) وهي أشبه.
(قوله: وروينا في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أيضاً أنها قالت: كيف أقول يا رسول الله -تعني في زيارة القبور- ..) إلى آخره.
قلت: اختصره من حديث طويل فيه فوائد.
قرأته على عبد الله بن عمر بن علي بالسند الماضي قريباً إلى عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا حجاج -هو ابن محمد المصيصي الذي يقال له الأعور- عن ابن جريج، قال: حدثني عبد الله رجل من قريش، أنه سمع محمد بن قيس بن مخرمة يقول: ألا أحدثكم عني وعن أمي؟ فظننا أنه يعني أمه التي ولدته فقال: قالت عائشة رضي الله عنها: ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، قالت: لما كانت ليلتي التي يكون فيها النبي صلى الله عليه وسلم عندي، انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وسط طرف إزاره على فراشه، ثم اضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظن أني قد رقدت، فأخذ رداءه رويداً وانتعل رويداً، وفتح الباب فخرج، ثم أجافه(5/13)
رويداً، فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت بإزاري ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع، فقام فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، ثم أسرع فأسرعت، ثم هرول فهرولت، ثم أحضر فأحضرت، فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت، فدخل فقال: ((مالك يا عائشة حشيا رابيةً؟)) قلت: لا شيء، قال: ((لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير)) قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي فأخبرته الخبر، فقال: ((أنت السواد الذي رأيت أمامي؟)) قلت: نعم، فلهزني في صدري لهزة أوجعتني، فقال: ((أظننت أن يحيف عليك الله ورسوله؟)) قلت: مهما يكتمه الناس يعلمه الله، قال: ((نعم، فإن جبريل عليه السلام أتاني، فقال: إن ربك عز وجل يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم)) قالت: كيف أقول يا رسول الله؟ قال: ((قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم قال: حدثنا من سمع حجاجاً الأعور فذكره بتمامه، ولم يسم شيخه.
فوقع لنا بدلاً وموافقة بعلو.
وأخرجه النسائي وأبو عوانة جميعاً عن يوسف بن سعيد بن مسلم -بتشديد اللام- عن حجاج فقال في روايته: عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن أبي مليكة.
أخرجه مسلم أيضاً والنسائي وأبو عوانة من رواية ابن وهب، عن ابن جريج فقال: عن عبد الله بن كثير، عن المطلب -بدل ابن أبي مليكة-.(5/14)
قال النسائي: حجاج في ابن جريج أثبت عندنا من ابن وهب.
ونقل أبو عوانة عن أحمد قال: في ابن وهب عن ابن جريج شيء، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث عشر بعد الأربعمئة من التخريج وهو الثالث والتسعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي لطف الله به.
[[وروينا بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج إلى المقبرة فقال: ((السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)).]]
(414)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثالث عشري الشهر من السنة فقال أحسن الله إليه آمين:
(قوله: وروينا بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة ..) إلى آخره.
أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن قوام، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن هلال، قال: أخبرنا أبو إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا أبو الحسن المؤيد بن محمد، قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن سهل، قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد، قال: أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد، قال: أخبرنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر، قال: أخبرنا مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن (ح).
وقرأت على محمد بن محمد البزاعي -بضم الموحدة وتخفيف المنقوطة ثم مهملة- عن زينب بنت إسماعيل بن إبراهيم سماعاً، قالت: أخبرنا أحمد بن(5/15)
عبد الدائم، قال: أخبرنا يحيى بن محمود، قال: أخبرنا عبد الواحد بن محمد، قال: أخبرنا عبيد الله بن المعتز -بضم الميم وسكون المهملة وفتح المثناة هي فوق وتشديد المنقوطة- قال: أخبرنا محمد بن الفضل بن أبي بكر بن خزيمة، قال: حدثنا جدي (ح).
وبالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: حدثنا أبو بكر بن خزيمة، قال: حدثنا علي بن حجر -بضم المهملة وسكون الجيم-.
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد [(ح)].
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال الثلاثة: حدثنا إسماعيل بن جعفر -واللفظ له- قال: حدثنا العلاء، عن أبيه -هو عبد الرحمن بن يعقوب- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة -وفي رواية مالك خرج إلى المقبرة- فقال: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا بكم إن شاء الله)) وفي رواية مالك: ((إن شاء الله بكم - للاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا)) قالوا: يا رسول الله ألسنا بإخوانك؟ قال: ((بل أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون بعد)) وفي رواية مالك ((من يأتي بعدي)) وزاد ((وأنا فرطكم على الحوض)) قالوا: كيف تعرف؟ وفي رواية مالك قالوا: يا رسول الله كيف تعرف من لم يأت بعد؟ قال: ((أرأيتم لو أن رجلاً له خيلٌ غر محجلةٌ بين ظهري خيلٍ دهمٍ بهمٍ ألا يعرف خيله؟)) قالوا: بلى، قال: ((فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن)) وفي رواية مالك ((وليذادن رجالٌ من أمتي عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم)) وفي رواية مالك ((ألا هلموا، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك فأقول: فسحقاً فسحقاً)).(5/16)
هذا حديث صحيح.
اشتمل على ثلاث قضايا فرقه بعض المصنفين ثلاثة أحاديث.
أخرجه مسلم بتمامه.
أما رواية إسماعيل بن جعفر فأخرجها عن علي بن حجر وقتيبة بن سعيد ويحيى بن أيوب.
فوقع لنا موافقة عالية في الثلاثة.
وأما رواية مالك فأخرجه عن إسحاق بن موسى عن معن بن عيسى عنه.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وأخرجها أحمد عن إسحاق بن سليمان.
وأبو داود عن القعنبي.
والنسائي عن قتيبة، ثلاثتهم عن مالك.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
واقتصر أبو داود على الحديث الأول.
والنسائي على الأولين.
وأخرجه أحمد أيضاً عن محمد بن جعفر عن شعبة عن العلاء بتمامه.
وكذا ابن ماجه من هذا الوجه.(5/17)
وعجب للشيخ كيف أغفل نسبته لمسلم، وأظن السبب أنه لم يخرجه في الجنائز كأبي داود، بل أخرجه في الطهارة، لكن النسائي أخرجه أيضاً في الطهارة، وأخرجه ابن ماجه في باب الحوض من كتاب الزهد.
وفي قوله بالأسانيد ما يوهم أن له طرفاً إلى أبي هريرة، وليس كذلك، إنما هو من أفراد العلاء عن أبيه عن أبي هريرة.
فقد أخرجه من تقدم من رواية مالك وإسماعيل بن جعفر وشعبة.
وأخرجه مسلم أيضاً من رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي.
وأحمد من رواية عبد الرحمن بن إبراهيم.
والطبراني في الدعاء من رواية محمد بن جعفر وروح بن القاسم وشبل بن العلاء. كلهم عن العلاء بن عبد الرحمن.
واقتصر أكثرهم على الحديث الأول.
ورأيت له طريقاً أخرى من رواية الأعرج عن أبي هريرة عند ابن السني، ولفظه: كان إذا مر بالمقابر قال: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات والصالحين والصالحات وإنا بكم إن شاء الله للاحقون)).
وسنده ضعيف، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع عشر بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الرابع والتسعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي.(5/18)
[[وروينا في كتاب الترمذي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور أهل المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور! يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر)) قال الترمذي: حديث حسن.
وروينا في صحيح مسلم، عن بريدة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية)). وروينا في كتاب النسائي وابن ماجه هكذا، وزاد بعد قوله: للاحقون: ((أنتم لنا فرطٌ، ونحن لكم تبعٌ)).
وروينا في كتاب ابن السني، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى البقيع فقال: ((السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، أنتم لنا فرطٌ، وإنا بكم لاحقون؛ اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تضلنا بعدهم)).]]
(415)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء مستهل ذي الحجة سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: وروينا في كتاب الترمذي عن ابن عباس .. .. ) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا الحافظ ضياء الدين المقدسي، قال: قرأت على أبي جعفر الصيدلاني، أن فاطمة الجوزذانية أخبرتهم، قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة، قال: أخبرنا(5/19)
أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور، قال: حدثنا عبدان، قال: حدثنا أبو كدينة، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر على القبور بالمدينة، فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور من المؤمنين والمسلمين، أستغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن على الأثر)).
هذا حديث حسن.
أخرجه الترمذي عن أبي كريب عن محمد بن الصلت -بفتح المهملة وسكون اللام بعدها مثناة- عن أبي كدينة، وهو بكاف ونون مصغر.
فوقع لنا عالياً بدرجتين.
وقال: حسن غريب.
واسم أبي كدينة يحيى بن المهلب.
قلت: واسم أبي ظبيان -وهو بفتح المعجمة المشالة وقد تكسر وسكون الموحدة بعدها تحتانية مثناة- حصين بن جندب.
ورجاله رجال الصحيح غير قابوس فمختلف فيه.
(قوله: وروينا في صحيح مسلم عن بريدة .. .. ) إلى آخره.
أخبرني أبو الفرج بن حماد، قال: أخبرنا أبو الحسن بن قريش بالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة واللفظ له (ح).
وقرأت على أبي المعالي الأزهري، عن أبي العباس بن أبي الفرج الحلبي سماعاً بالسند الماضي مراراً إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني(5/20)
أبي، قالا: حدثنا أبو أحمد الزبيري، ومعاوية بن هشام، قالا: حدثنا سفيان -هو الثوري- عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر، فكان قائلهم يقول: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم لنا فرطٌ ونحن لكم تبعٌ نسأل الله لنا ولكم العافية)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
وأبو داود عن أحمد بن حنبل عن معاوية بن هشام وحده.
فوقع لنا موافقة عالية.
وهو في رواية أبي الحسن بن العبد عن أبي داود.
وأخرجه مسلم أيضاً عن أبي خيثمة زهير بن حرب.
وابن ماجه عن محمد بن عباد بن آدم.
وأبو عوانة عن أحمد بن عصام.
ثلاثتهم عن أبي أحمد الزبيري، واسمه محمد بن عبد الله بن الزبير.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
(قوله: ورويناه في كتاب النسائي وابن ماجه هكذا وزاد بعد قوله فذكره). قلت: قد سقت هذه الزيادة من رواية أبي بكر بن أبي شيبة شيخ مسلم عن(5/21)
معاوية بن هشام، ولكن مسلم ما ذكر إلا لفظ أبي أحمد، فإنها ليست فيه، وكذا لم يذكرها ابن ماجه.
ولا يرد على الشيخ لأنه قال: ((وزاد بالإفراد، فكأنه عنى النسائي، والنسائي أخرج الحديث من طريق شعبة عن علقمة، وفيه الزيادة، وأوله عنده: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى على المقابر قال .. فذكره.
(قوله: وروينا في كتاب ابن السني عن عائشة .. .. ) إلى آخره.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن قدامة الصالحية بها، عن أبي عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الخطيب، قال: أخبرتنا أم الحسن بنت أبي الحسن بن سهل، عن زاهر بن طاهر سماعاً، قال: أخبرنا أبو سعد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا شريك -هو ابن عبد الله النخعي- عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فاتبعته، فأتى البقيع فقال: ((السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، أنتم لنا فرطٌ وإنا بكم لاحقون، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم)).
هذا حديث حسن.
أخرجه ابن السني عن أبي يعلى.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أحمد عن إبراهيم بن أبي العباس، عن شريك.
فوقع لنا بدلاً عالياً.(5/22)
وهو طرف من الحديث المتقدم.
وقد أخرجه ابن ماجه من هذا الوجه فكان عزوه إليه أولى، وبالله التوفيق.
آخر المجلس الخامس عشر بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الخامس والتسعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي الشافعي.
(416)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن ذي الحجة الحرام سنة ست وأربعين، وثمانمئة، فقال كان الله له آمين:
قال ابن ماجه: حدثنا إسماعيل بن موسى، قال: حدثنا شريك فذكره، لكن قال في آخره: ((نسأل الله لنا ولكم العافية)) بدل قوله ((اللهم لا تحرمنا ..) إلى آخره.
ورواه بشر بن الوليد فخالف في اسم شيخ عاصم.
قرأت على أبي المعالي الأزهري، أن أحمد بن أبي أحمد الصيرفي أخبرهم، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، فقال: أخبرنا أبو علي بن سكينة، قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان، قال: حدثنا أبو بكر الشافعي، قال: حدثنا حامد بن محمد بن شعيب، قال: حدثنا بشر بن الوليد، قال: حدثنا شريك بن عبد الله، عن عاصم بن عبيد الله، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من فراشه في بعض الليل، فظننت أنه يريد بعض نسائه، فاتبعته فأتى المقابر،(5/23)
فقام عليها فقال: ((السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين وإنا لكم تبعٌ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم)).
ووافقه علي بن حكيم عن شريك في القاسم، وزاد مع عاصم يحيى بن سعيد. أخرجه الطبراني في الدعاء، وساق المتن مختصراً.
وقال الترمذي بعد تخريج حديث ابن عباس: وفي الباب عن بريدة وعائشة زاد شيخنا في شرحه: وفيه عن أبي هريرة وأبي مويهبة.
قلت: وفيه أيضاً عن أبي رافع ومجمع بن جارية وعبد الله بن عمر وبشير بن الخصاصية. وقد تقدمت أحاديث عائشة وبريدة وابن عباس وأبي هريرة.
وأما حديث مجمع بن جارية -وهو بالجيم وبعد الراء مثناة من تحت- فأخرجه الطبراني في الأوسط من رواية عبد العزيز بن عبيد الله، عن يعقوب بن مجمع بن جارية عن أبيه رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في جنازة رجل من بني عمرو بن عوف حتى انتهى إلى المقبرة فقال: ((السلام على أهل الديار من كل مؤمنٍ ومسلمٍ، أنتم لنا فرطٌ، ونحن لكم تبعٌ، عافانا الله وإياكم)).
ثم قال: لا يروى عن مجمع إلا بهذا الإسناد.
قلت: وعبد العزيز ضعيف.
وأما حديث ابن عمر فأخرجه البزار في مسنده.
ووقع لنا بعلو في الغيلانيات من طريق غالب بن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البقيع فقال: ((السلام(5/24)
عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنا بكم لاحقون)).
وغالب ضعيف.
وأما حديث بشير -واسم أبيه معبد والخصاصية أمه وهي بفتح المعجمة وصادين مهملتين الثانية مكسورة بينهما ألف وقبل الهاء مثناة من تحت خفيفة- فأخرجه أبو نعيم في ترجمته من الحلية ولفظه: أتى النبي صلى الله عليه وسلم البقيع كحديث ابن عمر، وزاد ((إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد أصبتم خيراً بجيلاً وسبقتم شراً طويلاً ..)) الحديث.
وقوله بجيلاً بفتح الموحدة وكسر الجيم، وزن عظيم، ومعناه.
وله طريق أخرى عند الطبراني في الكبير من رواية أبي إسحاق الشيباني عن بشير، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فلحقته بالبقيع فسمعته يقول: ((السلام على أهل الديار من المؤمنين)).
وأما حديث أبي مويهبة -وهو بفتح الموحدة مصغر ويقال فيه أبو موهبة بلا تصغير لا يعرف اسمه- ففيما قرأت على أبي العباس الوكيل بدمشق، وعلى أبي إسحاق القارئ بالقاهرة، كلاهما عن أبي العباس سماعاً عليه، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا عيسى بن عمر، قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا خليفة بن خياط، قال: حدثنا بكر بن سليمان -واللفظ له- قال: حدثنا محمد بن إسحاق (ح).
وقرأته عالياً على أم الفضل بنت أبي إسحاق بن سلطان، عن أبي محمد بن أبي غالب، وأبي نصر بن العماد، قالا: أخبرنا أبو الوفاء بن سفيان في كتابه، قال: أخبرنا أبو الخير الباغبان، قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن(5/25)
إسحاق، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن زياد، ومحمد بن يعقوب، قالا: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن عمر بن علي العبلي -بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها لام- عن عبيد بن جبير مولى الحكم بن أبي العاص، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي)) فانطلقت معه، فلما وقف عليهم قال: ((السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنكم ما أصبحتم فيه ..)) الحديث، وفيه أنه لما رجع بدأ به وجعه الذي مات فيه صلى الله عليه وسلم.
هذا حديث حسن.
أخرجه أحمد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق.
فوقع لنا عالياً.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن إبراهيم بن سعد، لكن وقع فيه وهم في نسب شيخ ابن إسحاق.
وأخرجه أحمد أيضاً من رواية يعلى بن عطاء عن عبيد بن جبير عن أبي مويهبة بنحوه لم يذكر عبد الله بن عمرو.
وأخرجه سيف بن عمر من وجه آخر عن عبيد بن جبير فذكره.(5/26)
وأخرجه ابن سعد من طريق إسحاق بن يحيى بن طلحة عن أبيه عن جده عن أبي مويهبة.
وأما حديث أبي رافع فأخرجه ابن سعد من طريق عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أستغفر لأهل البقيع)) فخرج ومعه أبو رافع مولاه، فكان أبو رافع يحدث فذكر نحو حديث أبي مويهبة.
وسنده ضعيف.
ويجمع بالتعدد، فإن في رواية يعلى بن عطاء عند أحمد ما يدل عليه، والله أعلم.
آخر المجلس السادس عشر بعد الأربعمئة من التخريج وهو السادس والتسعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي.
[[باب نهي الزائر من رآه يبكي جزعاً عند قبر، وأمره إياه بالصبر ونهيه أيضاً عن غير ذلك مما نهى الشرع عنه
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أنس رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال: ((اتقي الله واصبري)).]]
(417)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس عشر ذي الحجة الحرام سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله إليه:(5/27)
(قوله: باب نهي الزائر -إلى أن قال- روينا في صحيحي البخاري ومسلم عن أنس .. .. ) إلى آخره.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي بالقاهرة، وأبو محمد بن أبي بكر المؤذن بالمسجد الحرام، كلاهما عن أبي العباس بن أبي طالب سماعاً عليه، زاد الأول: وإسماعيل بن يوسف، وعيسى بن عبد الرحمن إجازة، قالوا: أخبرنا أبو المنجا البغدادي، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد بن أعين، قال: أخبرنا أبو إسحاق الشاشي، قال: أخبرنا عبد بن حميد، قال: أخبرنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا شعبة، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة تبكي على صبي لها، فقال لها: ((اتقي الله واصبري)) فقالت: وما تبالي أنت بمصيبتي، فلما ذهب قيل لها: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها مثل الموت، فأتت بابه فلم تجد عليه بوابين، فقالت: لم أعرفك يا رسول الله، قال: ((إنما الصبر عند أول صدمةٍ -أو قال- عند الصدمة الأولى)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه مسلم وأبو داود عن أبي موسى محمد بن المثنى، عن عثمان بن عمر.
فوقع لنا بدلاً عالياً بدرجتين.
وأخرجه البخاري ومسلم أيضاً والترمذي من طريق محمد بن جعفر غندر عن شعبة.
وأخرجه الشيخان أيضاً وأحمد والنسائي من طرق أخرى عن شعبة.(5/28)
(قوله: وروينا في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه بإسناد حسن عن بشير بن معبد .. .. ) إلى آخره.
قرئ على أبي الحسن بن أبي المجد ونحن نسمع، عن أبي بكر الدشتي، وإسحاق بن يحيى، قالا: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي (ح).
وقرئ على أبي الفرج بن حماد، عن علي بن إسماعيل سماعاً، وعلى فاطمة بنت محمد الصالحية بها، عن محمد بن عبد الحميد، قالا: أخبرنا إسماعيل بن عبد القوي، قال: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير، عن فاطمة الأصبهانية سماعاً، قالت: أخبرنا أبو بكر الضبي، قال: أخبرنا أبو القاسم اللخمي، قال: حدثنا محمد بن محمد التمار، وعلي بن عبد العزيز، وأبو مسلم الكشي، قال الأول: حدثنا سهل بن بكار، وقال الثاني والثالث: حدثنا حجاج بن المنهال، زاد الثالث ومسلم بن إبراهيم -واللفظ له- قال الأربعة: حدثنا الأسود بن شيبان، قال: حدثنا خالد بن سمير -بمهملة مصغر- قال: حدثنا بشير بن نهيك، عن بشير بن الخصاصية- وكان اسمه في الجاهلية زحماً، فهاجر، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيراً رضي الله عنه، قال: بينما أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا بن الخصاصية ما أصبحت تنقم على الله عز وجل؟)) قلت: ما أصبحت أنقم على الله من شيء، كل خير صنع الله بي، ثم أتى على قبور المسلمين، فقال: ((لقد أدرك هؤلاء خيراً كثيراً)) قالها ثلاث مرات، ثم أتى على قبور المشركين، فقال: ((لقد فات هؤلاء خيرٌ كثيرٌ)) ثم حانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرة فإذا رجل يمشي على القبور عليه نعلان، فناداه(5/29)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا صاحب السبتيتين اخلع نعليك)) فنظر الرجل فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلع نعليه فرمى بهما.
هذا حديث حسن فرقه الطيالسي، أفرد قصة التسمية عن بقية الحديث، ووقع في روايته: حدثني بشير رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بشير بن الخصاصية، وكان اسمه .. إلى آخره.
وقال فيها: بينا أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذاً بيده أو قال: آخذاً بيدي، والباقي بنحوه.
أخرجه أحمد عن يزيد بن هارون.
والبخاري في الأدب المفرد عن سليمان بن حرب.
كلاهما عن الأسود بن شيبان.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أبو داود والبخاري أيضاً فيه عن سهل بن بكار.
فوافقناهما فيه بعلو.
وأخرجه النسائي وابن ماجه من رواية وكيع.
وصححه ابن حبان من رواية عبد الرحمن بن مهدي وأبي داود الطيالسي.(5/30)
وكذلك الحاكم من رواية أبي عاصم النبيل.
كلهم عن الأسود بن شيبان، يزيد بعض على بعض، وجرياً على عادتهما في تصحيح ما يكون حسناً، وبالله التوفيق.
آخر المجلس السابع عشر بعد الأربعمئة من التخريج وهو السابع والتسعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية إبراهيم البقاعي.
[[باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين وبمصارعهم وإظهار الافتقار إلى الله تعالى والتحذير من الغفلة عن ذلك
روينا في صحيح البخاري، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه -يعني لما وصلوا الحجر ديار ثمود-: ((لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكنوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم)).]]
(418)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله الخصاصية) قال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/225) قال الحافظ في التخريج: مخففة، وخطأ القاموس تشديدها، لكونه ليس في كلامهم فعالية بالتشديد، لكن رد بأن الذي لم يوجد مشدداً الخصاصية مصدراً، أما لو كان الخصاصية الفقر والياء للنسبة فلا مانع، لأن التعويل في ذلك على النقل لا على العقل. انتهى.
قوله (في باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين؛ وروينا في(5/31)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
صحيح البخاري عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه -يعني لما وصلوا الحجر ديار ثمود-: ((لا تدخلوا على هؤلاء) الخ.
قال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/236) قال الحافظ: أخرجه البخاري في أربعة مواضع من صحيحه، ليس فيها هذا اللفظ.
قال الحافظ: وحديث مالك أخرجه الدارقطني، وذكر أن القعنبي أخرجه في زيادات الموطأ، ولم يخرجه أكثر من روى الموطأ فيه، ولم ينفرد بالحديث مالك فقد أخرجه مسلم من غير طريقه، ويتعجب من إغفال الشيخ له، وأخرجه النسائي في الكبرى. انتهى.
أقول: الحديث أخرجه أحمد (5931) والبخاري في ثلاثة مواضع (433 و4420 و4702) عن طريق مالك لا أربعة مواضع. وهو في موطأ مالك رواية أبي مصعب (2119).
ورواه أحمد (4561 و5225 و5342 و5404 و5441 و5645 و5705 و5984 و6211) والبخاري (3380 و3381 و4419) ومسلم (2980 و2981) والنسائي في التفسير (294) والحميدي (653) وابن حبان (6199 و6200 و6201 و6202 و6203) وغيرهم من طريق نافع وسالم عن ابن عمر ومن طرق أخرى عن عبد الله بن دينار.
ثم قال الحافظ: وله شاهد من حديث أبي هريرة في آخر فوائد تمام بلفظه، وفيه راوٍ واهٍ. انتهى.
قلت: رواه تمام في الفوائد (1756) وفي إسناده عباد بن جويرية وهو كذاب.
ثم قال: وآخر عن أبي كبشة عند أحمد، ولفظه: لما كان في غزوة تبوك تسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون [عليهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم] فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة، فأتيته وهو يقول: ((ما تدخلون على قومٍ غضب الله عليهم)). الحديث وسنده حسن.(5/32)
قلت: رواه أحمد (18029 و18030) وإسناده ضعيف من أجل إسماعيل بن أوسط ومحمد بن أبي كبشة، وانظر التعليق على المسند.
[[كتاب الأذكار في صلوات مخصوصة
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: ((فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ وهو قائمٌ يصلي يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه)) وأشار بيده يقللها.
وقد جمعت الأقوال المذكورة فيها كلها في شرح المهذب، وأصح ما جاء فيها:
ما رويناه في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن يقضي الصلاة)).]]
(419)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء تاسع عشري ذي الحجة الحرام سنة ست وأربعين وثمانمئة فقال كان الله له:
(قوله: كتاب الأذكار في صلوات مخصوصة -إلى أن قال- روينا في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة ..) إلى آخره.
أخبرنا أبو علي محمد بن محمد الزفتاوي، عن وزيرة بنت عمر إجازة إن لم يكن سماعاً، قالت: أخبرنا أبو عبد الله الزبيدي، قال: أخبرنا أبو زرعة بن(5/33)
أبي الفضل، قال: أخبرنا أبو الحسن مكي بن علان، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر بن الحسن، قال: أخبرنا محمد بن يعقوب النيسابوري، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان (ح).
وقرأت على أبي الحسن بن أبي المجد، عن أبي الربيع بن قدامة، قال: أخبرنا محمد بن عماد في كتابه، قال: أخبرنا أبو محمد بن رفاعة، قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي، قال: أخبرنا أبو العباس بن الحاج، قال: حدثنا أبو الفوارس الصابوني، قال: حدثنا الربيع، قال: أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي (ح).
وأخبرنا أبو عبد الله بن قوام بالسند الماضي قريباً إلى أبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، قالا: أخبرنا مالك (ح).
وقرأت على أبي الفرج بن العزي بالسند الماضي مراراً إلى أبي نعيم في المستخرج، قال: حدثنا محمد بن بدر، قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا مالك (ح).
وأخبرنا الشيخ أبو إسحاق التنوخي، قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب، قال: أخبرنا الحسين بن أبي بكر بالسند الماضي قريباً إلى البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة -هو القعنبي واللفظ له- عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: ((فيه ساعةٌ لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ وهو قائمٌ يصلي يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إياه)) وأشار بيده يقللها.
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري هكذا.(5/34)
أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى التميمي.
وأخرجه أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي.
أخرجه مسلم أيضاً والنسائي جميعاً عن قتيبة.
ثلاثتهم عن مالك.
وأخرجه أبو عوانة عن محمد بن إسماعيل الترمذي عن القعنبي.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وسقط من رواية بعضهم قوله ((وهو قائمٌ)) وهم أبو مصعب ويحيى بن يحيى وعبد الله بن يوسف فيما نقله ابن عبد البر، لكنها ثبتت عند أبي نعيم في الرواية التي سقتها من طريقه.
وقد ثبتت أيضاً في رواية محمد بن سيرين عن أبي هريرة.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، قال: أخبرنا أبو العباس بن أبي الفرج بالسند الماضي مراراً إلى الإمام أحمد (ح).
وبه إلى أبي نعيم، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب، قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:(5/35)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((في الجمعة ساعةٌ ..)) فذكر بمعناه، وفيه ((وهو قائمٌ يصلي)).
أخرجه مسلم عن أبي خيثمة.
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو.
أخبرنا به عالياً بدرجة أخرى أبو العباس بن أبي بكر الصالحي في كتابه منها، قال: أخبرنا القاضي التقي سليمان بن حمزة سماعاً عليه، وهو آخر من حدث عنه بالسماع، قال: أخبرنا عمر بن كرم الدينوري في كتابه من بغداد، وهو آخر من حدث عنه، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا محمد بن عبد العزيز، قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي شريح، قال: حدثنا أبو محمد بن صاعد، قال: وحدثنا بحر بن نصر قال: حدثنا بشر بن بكر، قال: حدثنا الأوزاعي، عن محمد بن سيرين .. فذكر الحديث.
(قوله: وقد جمعت الأقوال المذكورة كلها في شرح المهذب).
قلت: ذكر فيها أحد عشر قولاً، وقد تتبعها جماعة بعده فزادت أضعافاً، وانتهت في فتح الباري إلى أكثر من أربعين كليلة القدر في العدد، والاختلاف هل يختص أو ينتقل؟
(قوله: وأصح ما فيها ما رويناه في صحيح مسلم ..) إلى آخره.
قلت: تقدم الكلام عليه بعد تخريجه في (باب ما يقال بعد صبحة الجمعة) وهو بعد باب طويل فيما يقال عند الصباح والمساء.
وذكر الشيخ هناك أنه الصواب.
وكذا قال في الروضة، وزاد الذي لا يجوز غيره، وهو خلاف أول(5/36)
الكلام، حيث قال: يستحب أن يكثر الدعاء يومها رجاء ساعة الإجابة، ولعله رجع عن هذا إلى التعيين اختياراً، والله أعلم.
آخر المجلس التاسع عشر بعد الأربعمئة من التخريج وهو التاسع والتسعون بعد السبعمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية إبراهيم البقاعي.
[[أما قراءة سورة الكهف، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت فيهما أحاديث مشهورة تركت نقلها لطول الكتاب؛ لكونها مشهورة، وقد سبق جملة منها في بابها.]]
(420)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع المحرم الحرام سنة سبع وأربعين وثمانمئة فقال كان الله له:
(قوله: وأما قراءة سورة الكهف والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت فيه أحاديث مشهورة تركت نقلها لطول الكتاب ولكونها مشهورة، وقد سبق جملة منها في بابها).
قلت: لم يسبق لقراءة سورة الكهف ذكر، وسبق للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم باب معقود لذلك ليس فيه تقييد بيوم الجمعة سوى حديث أوس بن أوس.
فأما قراءة سورة الكهف فأقوى ما ورد فيها حديث أبي سعيد.
أخبرنا أبو محمد عمر بن محمد بن سلمان، وأبو الحسن علي بن محمد بن محمود الصالحيان بها، كلاهما عن عائشة بنت المسلم الحرانية، حضوراً للأول في الثالثة، والثاني في الرابعة، وإجازة منها، قالت: أخبرنا إبراهيم بن(5/37)
خليل، قال: أخبرنا منصور بن علي، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد، قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر بن الحسين، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا عبد الباقي بن قانع، قال: حدثنا أحمد بن سهل، قال: حدثنا يزيد بن مخلد (ح).
وقرأت على الحافظ أبي الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان، عن محمد بن إسماعيل الحموي سماعاً، قال: أخبرنا علي بن أحمد السعدي، عن منصور بن عبد المنعم، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر بن مؤمل، قال: حدثنا الفضل بن محمد، قال: حدثنا نعيم بن حماد، قالا: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو هاشم -هو الرماني بضم المهملة وتشديد الميم واسمه يحيى- عن أبي مجلز -بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها معجمة واسمه لاحق بن حميد- عن قيس بن عباد -بضم المهملة وتخفيف الموحدة وليس بعد الدال شيء- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له ما بينه وبين البيت العتيق)).
هذا لفظ يزيد، وفي رواية نعيم ((أضاء له من النور ما بين الجمعتين)).
وقرأته عالياً على إبراهيم بن محمد الدمشقي بالمسجد الحرام، أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم، عن عبد اللطيف بن محمد، قال: أخبرنا أبو زرعة بن أبي الفضل بن طاهر، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين، قال: أخبرنا الزبير بن محمد، قال: أخبرنا علي بن محمد بن مهرويه، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام، قال: حدثنا هشيم .. فذكره مثل رواية نعيم، لكنه لم يرفعه.(5/38)
وهذا حديث حسن.
أخرجه سعيد بن منصور في السنن عن هشيم.
فوقع لنا موافقة عالية.
أخرجه ابن الضريس عن أحمد بن خلف عن هشيم كذلك.
واختلف على هشيم في رفعه ووقفه، والذين وقفوه عنه أكثر وأحفظ، لكن له مع ذلك حكم المرفوع، إذ لا مجال للرأي فيه.
وقد اختلف على شعبة أيضاً في وقفه ورفعه.
قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم، عن يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن السكن -بفتح المهملة والكاف بعدها نون- قال: حدثنا يحيى بن كثير العنبري، قال: حدثنا شعبة، عن أبي هاشم، أنه حدثه، فذكر الحديث مرفوعاً.
ولفظه: ((كان له نورٌ من مقامه إلى مكة)) ولم يقل يوم الجمعة.
أخرجه النسائي في الكبرى عن يحيى بن محمد بن السكن.
فوقع لنا موافقة عالية.
ثم أخرجه من طريق محمد بن جعفر عن شعبة موقوفاً.
وكذا أخرجه الحاكم في المستدرك مرفوعاً وموقوفاً، من طريقي هشيم وشعبة.(5/39)
وذكر الطبراني أن يحيى بن كثير تفرد به عن شعبة.
وفيه نظر فقد أخرجه ابن مردويه في التفسير من طريق عبد الصمد عن شعبة مرفوعاً أيضاً، وما عرفت عبد الصمد أهو ابن عبد الوارث أو غيره؟
وأخرجه الحاكم أيضاً من طريق سفيان الثوري عن أبي هاشم مرفوعاً وموقوفاً.
ورجال الموقوف في هذه الطرق كلها أتقن من رجال المرفوع.
وفي الباب عن علي بن أبي طالب وزيد بن خالد أخرجهما ابن مردويه بسند ضعيف.
وعن عائشة أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب بسند ضعيف.
وعن ابن عباس وابن عمر ومعاذ بن أنس الجهني.
وأما نقل الشيخ عن الشافعي أنه قال: وأستحب قراءتها في ليلة الجمعة أيضاً، فقد وقع في بعض طرق هشيم مقيداً بالليلة دون اليوم.
ووقع في حديث ابن عباس الجمع بينهما كما سأذكره إن شاء الله تعالى.
آخر المجلس العشرين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الموفي للثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
(421)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رافع عشر شهر الله المحرم سنة سبع وأربعين وثمانمئة، فقال كان الله له:(5/40)
أخبرنا الشيخ أبو إسحاق التنوخي الأزهري، قال: أخبرنا أبو العباس بن نعمة، قال: أخبرنا أبو المنجا العتابي، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا عيسى بن عمر، قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال: حدثنا أبو النعمان -هو محمد بن الفضل- قال: أخبرنا هشيم، قال: أخبرنا أبو هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عبادٍ، عن أبي سعيد الخدري، قال: ((من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق)).
هكذا وقع في رواية أبي النعمان ((ليلة الجمعة)) وفي سائر الروايات عن هشيم ((يوم الجمعة)).
ويمكن الجمع بأن المراد اليوم بليلته والليلة بيومها.
وأما حديث ابن عباس الذي جمع بينهما فأخرجه أبو الشيخ عبد الله محمد الأصبهاني في كتاب الثواب من طريق سوار بن مصعب عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب، فذكر حديثاً في قراءة بعض سورة الكهف، ثم قال:
عن سوار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأها في ليلة الجمعة كان له نورٌ كما بين صنعاء وبصرى، ومن قرأها في يوم الجمعة قدم أو أخر حفظ إلى الجمعة الأخرى، فإن خرج الدجال فيما بينهما لم يضره)).
وسوار ضعيف جداً.
وأما حديث ابن عمر فقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن أبي الفضل بن قدامة، قال: أخبرنا الحافظ ضياء الدين المقدسي، قال: أخبرنا محمد بن محمد بن أبي القاسم، قال: أخبرنا أبو الخير بن رجاء، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، قال: أخبرنا أبو بكر بن موسى الحافظ، قال: حدثنا(5/41)
محمد بن علي بن يزيد بن سنان، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، قال: حدثنا محمد بن خالد البصري، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد المقدسي، قال: حدثنا خالد بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ يوم الجمعة سورة الكهف سطع له نورٌ من تحت قدميه إلى عنان السماء يضيء له ليوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين)).
هكذا أخرجه الضياء في المختارة.
ومقتضاه أنه عنده حسن، وفيه نظر.
وكذا ذكر المنذري في التغريب أنه لا بأس بإسناده.
فإما خفي عليهما حال خالد بن محمد فقد تكلم فيه ابن منده.
وإما مشياه لشواهده.
وأما حديث معاذ بن أنس فأخرجه أحمد والطبراني.
وسنده ضعيف، وليس مقيداً بيوم الجمعة.
قرأت على أم الحسن التنوخية، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المقير، قال: أخبرنا أبو بكر بن الناعم، قال: أخبرنا هبة الله الموصلي، قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن أيوب، قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمد، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن رافع، قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أخبركم عن سورةٍ ملأ عظمها ما بين السماء والأرض، من قرأها يوم الجمعة غفر له إلى الجمعة الأخرى وأعطي نوراً إلى السماء ووقي فتنة الدجال)).(5/42)
هذا سند معضل، لأن إسماعيل بن رافع من أتباع التابعين، وخبره هذا شاهد لحديث عائشة، لأنه يوافقه في أكثر ألفاظه، فلعل راويه هو الذي بلغ إسماعيل.
وله شاهد آخر مرسل من رواية الجريري -الجيم مصغر- عن بعض التابعين عند ابن الضريس.
وذكر أبو عبيد أنه وقع في رواية شعبة ((من قراها كما أنزلت وأوله)) على أن المراد أن يقرأها بجميع وجوه القراءات.
وفي تأويله نظر، والذي يتبادر أن المراد أن يقرأها كلها من غير نقص حساً ولا معنى.
وقد يشكل عليه ما ورد من زيادات أخرى ليست في المشهور مثل: سفينة صالحة، ومثل: وأما الغلام فكان كافراً.
ويجاب بأن المراد المتعبد بتلاوته.
ورواية شعبة التي أشار إليها وقعت كذلك في رواية محمد بن سنان عن يحيى بن كثير عنه، وفيها من الزيادة أيضاً ((ومن قرأ من آخرها عشراً وخرج الدجال لم يسلط عليه)).
وهذا يؤيد ما تأولته، لأنه قابل قوله: ((كما أنزلت)) بقوله: ((ومن قرأ عشراً)) فقابل الكل بالبعض، والله أعلم.
آخر المجلس الحادي والعشرين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الأول بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.(5/43)
(422)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن عشري محرم من السنة فقال أحسن الله إليه:
وللحديث شاهد آخر فيه زيادة.
أخرجه إسماعيل بن أبي زياد في تفسيره عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أعطي نوراً من حيث مقامه إلى مكة، وصلت عليه الملائكة حتى يصبح، وعوفي من الداء والدبيلة وذات الجنب والبرص والجنون والجذام وفتنة الدجال)).
وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس من هذا الوجه.
وإسماعيل متروك، وقد كذبه جماعة منهم الدارقطني.
وجاءت أحاديث أخرى في قراءة غير سورة الكهف في يوم الجمعة أو ليلتها.
منها ما أخرجه أبو القاسم التيمي في كتاب الترغيب من مرسل عبد الواحد بن أيمن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ سورة البقرة وآل عمران في ليلة الجمعة كان له من الأجر كما بين لبيداء وعروباء)) ولبيداء اسم الأرض السابعة وعروباء اسم السماء السابعة.
هذا حديث غريب جداً ورواته ما بين ضعيف ومجهول.
ولبيداء بفتح اللام وكسر الموحدة بعدها مثناة من تحت ساكنة ثم مهملة.(5/44)
وعروباء بفتح المهملة وضم الراء وسكون الواو بعدها موحدة ويمدان ويقصران.
ومنها: ما أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن عقيل، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم، قال: أخبرنا يحيى بن محمود، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد، قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن نصر، قال: أخبرنا أبو بكر بن موسى، قال: أخبرنا عبدان بن أحمد، قال: حدثنا زيد بن الحريش -بفتح المهملة ثم راء ثم مثناة من تحت ثم معجمة- قال: حدثنا الأغلب بن تميم، قال: حدثنا أيوب ويونس، عن الحسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ سورة يس في ليلة الجمعة غفر له)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو أحمد بن عدي في ترجمة أغلب من الكامل عن عبدان على الموافقة.
وقال: لم يروه عن هؤلاء -يعني أيوب ويونس وزاد معهما في روايته هشام بن حسان- إلا أغلب، وهو منكر الحديث.
قلت: وبذلك وصفه البخاري وابن حبان، وزاد: يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم.
قلت: وسيأتي من وجه آخر ضعيف عن الحسن.
أخرج أبو بكر بن أبي داود من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ سورة يس والصافات ليلة الجمعة أعطاه الله سؤله)).(5/45)
ونهشل متروك، والضحاك عن ابن عباس منقطع.
ومنها: ما أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو العباس ابن أبي طالب، قال: أخبرنا أبو المنجا البغدادي، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي، قال: أخبرنا أبو العباس السمرقندي، قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا همام، قال: حدثنا أبو عمران الجوني، عن عبد الله بن رباح، عن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا سورة هودٍ يوم الجمعة)).
هذا حديث مرسل وسنده صحيح.
أخرجه ابن مردويه في التفسير المسند من وجه آخر عن مسلم بن إبراهيم، وكأنه ظن أن كعباً صحابي، وليس كذلك، بل هو كعب الأحبار، وهو من كبار التابعين، وكان إسلامه في عهد عمر على الصحيح، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني والعشرين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الثاني بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم البقاعي.
(423)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني عشر صفر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وقرأت على أبي الحسن علي بن محمد الدمشقي بالقاهرة، عن أبي بكر الدشتي، قال: أخبرنا يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن(5/46)
أبي زيد التاجر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن حنيفة، قال: حدثنا عمي أحمد بن محمد بن ماهان، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا طلحة بن زيد، عن يزيد بن سنان، عن يزيد بن جابر، عن طاووس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته حتى تجب الشمس)).
هذا حديث غريب.
أخرجه الطبراني أيضاً في المعجم الأوسط بهذا السند.
وقال: لم يروه عن يزيد بن جابر إلا ابن سنان ولا عنه إلا طلحة، تفرد به محمد بن ماهان.
قلت: وطلحة ضعيف جداً، ونسبه أحمد وأبو داود إلى الوضع.
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن أبي الفضل بن قدامة، قال: أخبرنا علي بن الحسين، قال: أخبرنا أبو بكر بن علي، قال: أخبرنا هبة الله بن أحمد، قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن أيوب، قال: أخبرنا عمار بن هارون، قال: حدثنا أبو المقدام، قال: حدثنا الحسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ ليلة الجمعة سورة يس وحم الدخان أصبح مغفوراً له)).
هذا حديث غريب.
أخرجه الترمذي عن نصر بن عبد الرحمن عن زيد بن الحباب عن هشام بن زياد -وهو أبو المقدام-.(5/47)
فوقع لنا عالياً.
واقتصر في روايته على الدخان.
وقال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وهشام بن زياد يضعف في الحديث انتهى.
وأخرجه أبو يعلى عن إسحاق بن أبي إسرائيل، عن حجاج بن محمد عن أبي المقدام بذكر السورتين، لكن لم يقيد يس بالجمعة.
وقد تقدم من وجه آخر عن الحسن بالتقييد.
وبه إلى محمد بن أيوب قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، وعلي بن عبد الحميد، قالا: حدثنا حماد -هو ابن سلمة- عن أبي سفيان السعدي -وفي رواية علي عن طريق أبي سفيان- وهو بطاء مهملة وزن شريك، وهو ضعيف -عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ سورة الدخان غفر له ما تقدم من ذنبه- زاد علي - ليلة الجمعة)).
هكذا رواه مرسلاً، ورواه غير حماد عن أبي سفيان موصولاً بذكر أبي هريرة، لكن الحسن لم يسمع من أبي هريرة على الصحيح.
قال النقاد: كل سند جاء فيه التصريح بسماعه منه وهم ممن روى عنه.
ووقع لنا من وجه آخر عن الحسن.
قرأت على الشيخ أبي الفرج بن أبي العباس البزاز، عن أحمد بن منصور الجوزي سماعاً عليه، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أحمد بن محمد التيمي في كتابه، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: أخبرنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا أبو جعفر جسر -بفتح(5/48)
الجيم وسكون المهملة بعدها راء عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ يس في ليلة التماس وجه الله غفر له)).
جسر ضعيف أيضاً، وله شاهد مرسل.
قرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقي بمكة، عن أبي العباس بن أبي طالب سماعاً عليه، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي بن زيد، قال: أخبرنا عبد الأول، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد بن أعين، قال: أخبرنا أبو العباس السمرقندي، قال: حدثنا أبو محمد الدارمي، قال: حدثنا يعلى -هو ابن عبيد- قال: حدثنا إسماعيل -هو ابن أبي خالد، قال: حدثنا عبد الله بن عيسى، قال: أخبرت أنه من قرأ حم الدخان في ليلة الجمعة إيماناً وتصديقاً بها أصبح مغفوراً له.
هذا إسناد مقطوع، وله حكم المرفوع المرسل؛ إذ لا مجال للاجتهاد فيه.
ولأصل المتن شواهد أخرى كلها ضعيفة ومنقطعة.
وأخرجه الطبراني بسند موصول إلى أبي أمامة مرفوعاً.
وسنده ضعيف أيضاً، لكن كثرة الطرق يقوي بعضها بعضاً، وبالله التوفيق.
آخر المجلس الثالث والعشرين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الثالث بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
(424)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء تاسع عشر صفر من السنة فقال كان الله له آمين:(5/49)
(تنبيه) تقدم في أواخر كتاب تلاوة القرآن في قوله: فصل تلاوة القرآن أفضل الأذكار عدة أحاديث في سور تقرأ في اليوم والليلة وفي آيات مخصوصة يدخل كثير منها في هذا الباب.
منها: في يس والدخان، وتكرر بعض ذلك منها سهواً.
ومما لم يتقدم ما قرئ على أبي الحسن البالسي ونحن نسمع، عن عبد الرحمن بن محمد الصالحي سماعاً، قال: أخبرنا أبو العباس النابلسي، قال: أخبرنا أبو الفرج الثقفي، قال: أخبرنا أبو القاسم الطلحي، قال: أخبرنا أبو بكر بن علي الأسواري في كتابه، عن علي بن شجاع، قال: أخبرنا محمد بن علي بن شبويه، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: أخبرنا الحسين بن أبي يعقوب، قال: حدثنا المفضل بن محمد الجندي، قال: حدثنا محمد بن يوسف الكوفي، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن طاووس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى بعد المغرب في ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل منهما بفاتحة الكتاب مرةً واحدةً وإذا زلزلت خمس عشرة مرةً هون الله عليه سكرات الموت، وأعاذه من عذاب القبر، ويسر له الجواز على الصراط)).
هذا حديث غريب وسنده ضعيف، فيه من لا يعرف، وليث بن أبي سليم وإن كان مضعفاً لكنه لا يحتمل هذا. قال المملي: أي لا يحتمل أن ينسب إليه مثل هذا المنكر.
وقرئ على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي ونحن نسمع، عن أبي نصر بن العماد، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الهمذاني، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الأصبهاني، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن علي الصائغ، قال: حدثنا محرز بن سلمة، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهل بن أبي صالح، عن عرفجة بن عبد الواحد، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود(5/50)
رضي الله عنه، قال: كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة، وإنها لفي كتاب الله من قرأها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب (يعني تبارك الذي بيده الملك).
هذا حديث حسن.
أخرجه النسائي في الكبرى عن أبي زرعة الرازي عن أبي ثابت المدني، عن عبد العزيز بن أبي حازم.
فوقع لنا عالياً بدرجتين أو ثلاث.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن عاصم بلفظ آخر.
قرأت على فاطمة بنت محمد بن المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة، قال: أخبرنا الطبراني (ح).
وقرئ على الشيخ أبي إسحاق التنوخي ونحن نسمع، عن أحمد بن نعمة سماعاً عليه، عن نصر بن عبد الرزاق، عن شهدة الكاتبة سماعاً عليها، قالت: أخبرنا أبو الفتح عبد الواحد بن علوان الشيباني، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنون، قال: حدثنا عبد الباقي بن قانع -واللفظ له- قالا: حدثنا سليمان بن داود بن يحيى مولى بني هاشم، قال: حدثنا شيبان بن فروخ، قال: حدثنا سلام بن مسكين، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سورةٌ في القرآن ما هي إلا ثلاثون آيةً خاصمت عن صاحبها يوم القيامة حتى أدخلته الجنة وهي سورة تبارك)).(5/51)
هذا حديث صحيح.
فقد أخرج مسلم عن شيبان بن فروخ بهذا الإسناد حديثاً غير هذا.
وأخرج البخاري من رواية سلام بهذا السند حديثين غير هذا.
وله شاهد من حديث ابن عباس.
قرأت على أحمد بن الحسين الزينبي، عن محمد بن عالي سماعاً، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، عن أبي المكارم التيمي، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم في الحلية، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: حدثنا يحيى بن عمرو بن مالك النكري -بضم النون وسكون الكاف- عن أبيه، عن أبي الجوزاء -بجيم وزاي- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ضرب بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خباء على قبر وهو لا يعلم أنه قبر، فإذا إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال: ((هي المنجية هي المانعة تنجيه من عذاب القبر)).
هذا حديث غريب.
أخرجه الترمذي عن محمد بن عبد الملك.
فوقع لنا موافقة عالية.
ويحيى بن عمرو ضعيف، لكن يكتب حديث في المتابعات، وهذا منها، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والعشرين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الرابع بعد(5/52)
الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي.
(425)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سادس عشري الشهر من السنة فقال أحسن الله دائماً إليه آمين:
ووجدت لأصل حديث ابن عباس متابعاً في بعضه.
قرأت على الشيخ الإمام أبي إسحاق التنوخي، عن إسماعيل بن يوسف القيسي، وأبي العباس بن أبي طالب سماعاً عليه وإجازة من الأول، قالا: أخبرنا عبد الله بن عمر البغدادي، قال الأول: سماعاً والثاني: إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا أبو الوقت الهروي، قال: أخبرنا أبو الحسن البوشنجي، قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، قال: حدثني أبي، عن عكرمة، أن ابن عباس رضي الله عنهما قال لرجل: ألا أطرفك بحديث تفرح به؟ قال: بلى يا أبا عباس رحمك الله، قال: اقرأ: {تبارك الذي بيده الملك} واحفظها وعلمها أهلك وولدك وصبيان بيتك وجيرانك، فإنها المنجية والمجادلة تجادل وتخاصم يوم القيامة عند ربها لقارئها، وتطلب إلى ربها أن ينجيه من النار إذا كانت في جوفه، وينجي الله بها صاحبها من عذاب القبر.
قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وددت أنها في قلب كل إنسانٍ من أمتي)).
هذا حديث حسن غريب.(5/53)
وظاهر سياقه أنه موقوف، لكن آخره يشعر بأنه مرفوع.
والحكم بن أبان صدوق، وابنه فيه لين، لكن تابعه مثله.
أخرجه ابن مردويه من طريق حفص بن عمر عن الحكم.
وأخرج البزار المرفوع منه عن أحمد بن سيار عن إبراهيم بن الحكم.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
لكن وقع في روايته (يس) بدل (تبارك) فلعلهما كانتا جميعاً فحفظ كل منهما إحداهما.
وأما أحاديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلتها، فمنها ما:
أخبرني أبو المعالي الأزهري، عن أم عبد الله الكمالية، عن يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا أبو سعيد بن أبي الرجاء، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: أخبرنا الطبراني في الأوسط، قال: حدثنا أحمد بن رشدين، قال: حدثنا عبد المنعم بن بشير، قال: حدثنا أبو مودود عبد العزيز بن أبي سليمان، عن محمد بن كعب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا علي من الصلاة في الليلة الزهراء واليوم الأزهر -يعني يوم الجمعة- فإن صلاتكم تعرض علي)).
وبه قال الطبراني: لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو مودود:
قلت: وهو ثقة، لكن الراوي عنه متفق على ضعفه.
قرأت على علي بن أحمد بن محمود، عن عائشة بنت المسلم حضوراً وإجازة، عن إبراهيم بن خليل سماعاً، قال: أخبرنا منصور بن علي، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن الحسين الحافظ، قال:(5/54)
أخبرنا أبو سهل المهراني، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا عبد الرحمن بن سلام، قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا علي الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن صلى علي صلاةً صلى الله عليه بها عشراً)).
هذا حديث غريب وآخره مشهور، وقد تقدم في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من هذا التخريج قبيل المجلس الثلاثمئة منه من عدة طرق.
منها: بهذا الإسناد من رواية ثلاثة من الحفاظ عن أبي خليفة بهذا الإسناد دون الزيادة التي في أول هذه الرواية.
وراويها محمد بن جعفر ما عرفته.
وفي السند علة أخرى بينتها هناك، وهي الانقطاع بين أبي إسحاق وأنس، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس والعشرين بعد الأربعمة من تخريج أحاديث الأذكار للإمام شيخ الإسلام أبي زكريا النواوي، وهو الخامس بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر بن الرباط البقاعي الشافعي لطف الله بهم.
(426)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رابع شهر ربيع الأول من السنة فقال كان الله له:
أخبرني الحافظ شيخ الإسلام أبو الفضل بن الحسين، وأبو الحسن بن أبي بكر، قالا: أخبرنا عبد الله بن محمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن علي،(5/55)
قال: أخبرنا داود بن أحمد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا عبد الصمد بن علي، قال: أخبرنا الحافظ أبو الحسن الدارقطني، قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل، ومحمد بن موسى بن سهل، قالا: حدثنا سعيد بن محمد بن ثواب، قال: حدثنا عون بن عمارة، قال: حدثنا السكن بن أبي السكن، قال: حدثنا الحجاج بن سنان، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصلاة علي نورٌ على الصراط، فمن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرةً غفرت له ذنوب ثمانين عاماً)).
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو نعيم من وجه آخر عن سعيد بن محمد.
فوقع لنا عالياً لاتصال السماع.
قال الدارقطني: تفرد به حجاج بن سنان عن علي بن زيد، ولم يروه عن الحجاج إلا السكن، تفرد به عون.
قلت: والأربعة ضعفاء.
وبالسند الماضي آنفاً إلى أحمد بن الحسين الحافظ، قال: أخبرنا علي بن محمد بن علي الأسفرائيني، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا أسامة بن علي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال: أخبرتني حكامة بنت عثمان بن دينار، قالت: حدثني أبي، عن عمي مالك بن دينار، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أكثركم علي صلاةً، ومن صلى علي يوم الجمعة وليلة الجمعة قضى الله له منه حاجةٍ)).
هذا حديث غريب.(5/56)
أخرجه البيهقي هكذا في فضائل الأوقات ولم يضعفه.
ولم أر في رواته إلا عثمان بن دينار، فإن الذهبي ذكره في الميزان ولم ينسب جرحه لأحد.
ولأول الحديث شاهد من حديث ابن مسعود حسنه الترمذي وصححه ابن حبان.
وقرأت على أبي المعالي الأزهري، عن زينب بنت الكمال، عن يوسف بن خليل، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الطرسوسي، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو بكر بن شاذان، قال: أخبرنا أبو بكر القباب، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، قال: حدثنا عمرو بن عثمان، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن أبي رافع، عن سعيد المقبري، عن أبي مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة، فإنه ليس يصلي علي أحدٌ إلا عرضت علي صلاته)).
هذا حديث غريب.
وأبو رافع اسمه إسماعيل بن رافع فيه ضعف.
وللحديث شاهد أخرجه الطبراني من رواية أبي ظلال عن أنس.
وشاهد مرسل أخرجه إسماعيل القاضي في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من رواية أبي حرة عن الحسن البصري ولفظه: ((فإن صلاتكم تعرض علي)).
ومن وجهين آخرين بدون هذه الجملة.
أخبرني الحافظ أبو الفضل، قال: أخبرني أبو الحسن البزاز، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، قال: أخبرنا عبد الصمد بن محمد، قال: أخبرنا(5/57)
عبد الكريم بن حمزة، قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد، قال: حدثنا تمام الرازي، قال: حدثنا خيثمة بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب العسقلاني، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا عمرو بن جرير، قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان يوم الخميس بعث الله ملائكةً معهم صحفٌ من فضةٍ وأقلامٌ من ذهبٍ يكتبون أكثر الناس صلاةً على محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة)).
هذا حديث غريب، فيه عمرو بن جرير، قال الدارقطني: متروك.
قلت: لكنه ينجبر بما تقدم، والله أعلم.
آخر المجلس السادس والعشرين بعد الأربعمئة من التخريج وهو السادس بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
[[وروينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال صبيحة يوم الجمعة قبل صلاة الغداة: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مراتٍ، غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر)).
وروينا فيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يوم الجمعة أخذ بعضادتي الباب ثم قال: ((اللهم(5/58)
اجعلني أوجه من توجه إليك، وأقرب من تقرب إليك، وأفضل من سألك ورغب إليك)).
وروينا في كتاب ابن السني، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ بعد صلاة الجمعة: قل هو الله أحدٌ، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، سبع مراتٍ أعاذه الله عز وجل بها من السوء إلى الجمعة الأخرى)).]]
(427)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء حادي عشر شهر ربيع الأول من السنة فقال كان الله له:
(قوله: وروينا في كتاب ابن السني عن أنس، فذكر الحديث في الاستغفار قبل صلاة الصبح يوم الجمعة).
قلت: تقدم ذكره وتخريجه في (باب ما يقال في صبح يوم الجمعة) بعد الباب الطويل فيما يقال عند الصباح والمساء.
وورد في الاستغفار يوم الجمعة حديث آخر عن أنس.
أخبرني به المسند العماد بن العز الفرضي، قال: أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عبد الجبار، وزينب بنت يحيى بن الإمام عز الدين بن عبد السلام سماعاً عليهما، كلاهما عن عبد الرحمن بن مكي، قال: أخبرنا جدي لأمي الحافظ أبو الطاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو البقاء المعمر بن محمد الحبال، قال: أخبرنا جناح بن نذير بن جناح، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الحنيني، قال: حدثنا عامر بن مفضل، قال: حدثنا جعفر الأحمر، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال هذه الكلمات سبع مراتٍ يوم الجمعة فمات في ذلك اليوم دخل الجنة، ومن قالها في ليلة الجمعة فمات في تلك الليلة(5/59)
دخل الجنة: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وابن وأمتك وفي قبضتك، وناصيتي بيدك، أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بنعمتك وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)).
هذا حديث حسن.
أخرجه البيهقي عن أبي جعفر بن دحيم.
فوقع لنا موافقة عالية.
وله شاهد عن شداد بن أوس في صحيح البخاري تقدم ذكره في الباب المذكور.
(قوله: وروينا فيه -يعني كتاب ابن السني- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يوم الجمعة أخذ بعضادتي الباب، ثم قال: ((اللهم اجعلني أوجه من توجه إليك .. .. )) الحديث.
قلت: أخرجه أبو نعيم في كتاب الذكر من رواية أبي القاسم البغوي شيخ ابن السني فيه.
وفي سنده راويان مجهولان.
وقد جاء من حديث أم سلمة لكن بغير قيد.
قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن أبي الربيع الحاكم، قال: أخبرنا إسماعيل بن ظفر، قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد، قال: أخبرنا أبو القاسم بن منصور، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا قحطبة -بفتح القاف وسكون المهملة وفتح الطاء المهملة بعدها موحدة- بن غدانة -بضم المعجمة بعدها مهملة وبعد الألف نون- قال: حدثنا أبو أمية بن يعلى، عن سعيد بن أبي الحسن -هو(5/60)
البصري أخو الحسن- عن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى الصلاة قال: ((اللهم اجعلني أقرب من تقرب إليك، وأوجه من توجه إليك، وأنجح من سألك ورغب إليك يا الله)).
وسنده ضعيف أيضاً.
(قوله: وروينا في كتاب ابن السني عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ بعد صلاة الجمعة {قل هو الله أحدٌ} و {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} سبع مراتٍ أعاذه الله بها من السوء إلى الجمعة الأخرى)).
قلت: وسنده ضعيف.
وينبغي أن يقيد بما بعد الذكر المأثور في الصحيح.
وله شاهد من مرسل مكحول أخرجه سعيد بن منصور في السنن عن فرج بن فضالة.
وفرج ضعيف أيضاً، والله أعلم.
آخر المجلس السابع والعشرين بعد الأربعمئة من التخريج لأحاديث الأذكار وهو السابع بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية، رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر بن الرباط البقاعي الشافعي.
[[((من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)).
والسنة أن يكبر في صلاة العيد قبل القراءة تكبيراتٍ زوائد، فيكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الافتتاح، وفي(5/61)
الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة الرفع من السجود، ويكون التكبير في الأولى بعد دعاء الاستفتاح وقبل التعوذ، وفي الثانية قبل التعوذ. ويتسحب أن يقول بين كل تكبيرتين: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، هكذا قاله جمهور أصحابنا. وقال بعض أصحابنا: يقول: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيءٍ قديرٌ)).
روينا في صحيح البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما العمل في أيامٍ أفضل منها في هذه قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد، إلا رجلٌ خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيءٍ)) هذا لفظ رواية البخاري وهو صحيح. وفي رواية الترمذي: ((ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام العشر)) وفي رواية أبي داود مثل هذه، إلا أنه قال: ((من هذه الأيام)) يعني الشعر.
وروينا في كتاب الترمذي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قديرٌ)).
ورويناه في موطأ الإمام مالك، بإسناده مرسل وبنقصان في لفظه، ولفظه: ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)).(5/62)
وبلغنا عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم؛ أنه رأى سائلاً يسأل الناس يوم عرفة، فقال: يا عاجز! في هذا اليوم يسأل غير الله عز وجل؟
وقال البخاري في صحيحه: كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. قال البخاري: وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله تعالى وكبروا وتصدقوا)) وفي بعض الروايات في صحيحيهما ((فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله تعالى)).
وروياه في صحيحيهما من رواية أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم ((فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره)). وروياه في صحيحيهما من رواية المغيرة بن شعبة ((فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا)). وكذلك رواه البخاري من رواية أبي بكرة أيضاً.
وفي صحيح مسلم، من رواية عبد الرحمن بن سمرة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد كسفت الشمس وهو قائمٌ في الصلاة رافعٌ يديه،(5/63)
فجعل يسبح ويهلل ويكبر ويحمد ويدعو حتى حسر عنها، فلما حسر عنها قرأ سورتين وصلى ركعتين.
ويسبح في الركوع الأول. قال أصحابنا: ولا يطول الجلوس بين السجدتين، وقد ثبت ذلك في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويستحب أن يقول في كل رفع من الركوع: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، فقد روينا ذلك في الصحيح.]]
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله من أحيا ليلتي العيد لم يمت قلبه يوم تموت القلوب).
نسبه الهيثمي في مجمع الزوائد (2/198) إلى الطبراني في الكبير والأوسط.
مسند عبادة بن الصامت من المعجم الكبير مفقود. ولم أجده في المطبوع من الأوسط ولا في مجمع البحرين.
ورواه الديلمي في مسند الفردوس (6352) فردوس الأخبار، والدراقطني في الأفراد (4119) أطراف الأفراد والغرائب، وقال: تفرد به حامد بن يحيى، عن جرير، عن عمر بن هارون، عن ثور بن خالد.
في الفتوحات الربانية (4/235) قال الحافظ بعد تخريجه عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)).
هذا حديث غريب مضطرب الإسناد، وعمر بن هارون ضعيف.
وقد خولف في صحابيه، وفي رفعه.(5/64)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
أما الأول: فأخرجه ابن ماجه (1782) من طريق أخرى، وقال: عن أبي أمامة، بدل عباده، ورفعه وقال: ((من أحيا ليلة العيد محتسباً)) والباقي مثله.
وبقية الراوي صدوق لكنه كثير التدليس، وقد رواه بالعنعنة.
وأما الثاني فأخرجه الحافظ من طريق أخرى عن أبي الدرداء فذكر مثل حديثه لكن موقوفاً.
خالد يعني ابن معدان الراوي للحديث عن عبادة وعن غيره ممن ذكر، لم يسمع من أبي الدرداء ولا من عبادة، وسمع من أبي أمامة.
وأخرجه ابن شاهين من وجه آخر عن أبي أمامة مرفوعاً، وفي سنده ضعف ومجهول.
له طرق أخرى عن صحابي آخر أخرجه الحسن بن سفيان، عن مروان بن سالم، عن كردوس، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)).
ومروان متروك وشيخه لا يعرف، ولا له ولا لأبيه ذكر إلا من جهة مروان.
وله طريق آخر عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة: ليلة التروية، وليلة عرفة، وليلة النحر، وليلة الفطر)).
قال الحافظ بعد تخريجه: هذا حديث غريب، في سنده راوٍ متروك.(5/65)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله: والسنة أن يكبر في صلاة العيد قبل القراءة تكبيرات زوائد فيكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات) إلى آخره.
روى ذلك الإمام أحمد (6688) وأبو داود (1151 و1152) والنسائي في الكبرى (1804) وابن ماجه (1278) وعبد الرزاق (5677) وابن الجارود (262) والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/343) والدارقطني (2/47-48 و49) والبيهقي (3/285) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، ونقل الترمذي في العلل الكبير (1/288) عن البخاري أنه قال: هو صحيح.
وقال المصنف في التلخيص (2/171) صححه أحمد وعلي -يعني ابن المديني-.
وقال المصنف: حسن صحيح كما في الفتوحات الربانية (4/241).
ورواه أحمد (6/65) وأبو داود (1150) وابن ماجه (1280) والفريابي في أحكام العيدين (104) والدارقطني (2/47). من حديث عائشة، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة، لكن من الرواة عنه عبد الله بن وهب.
قال في الفتوحات الربانية (4/241) قال الحافظ: إلا أن ابن لهيعة مع ضعفه اضطرب فيه. انتهى.
وقال الحافظ في التلخيص (2/171) وفيه اضطراب عن ابن لهيعة مع ضعفه، قال مرة: عن عقيل، ومرة عن خالد بن يزيد، وهو عند الحاكم (1/298) ومرة عن يونس، وهو في الأوسط (3115) فيحتمل أن يكون سمع من الثلاثة عن الزهري. وقيل: عنه عن أبي الأسود عن عروة [رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/343) والطبراني في الكبير (3298)].
وقيل: عنه عن الأعرج عن أبي هريرة، وهو عند أحمد (8679) وصحح الدارقطني في العلل أنه موقوف. انتهى.
وقال في الفتوحات: ثم أخرج الحافظ عن الزهري قال: إن السنة مضت في صلاة العيد أن يكون في الأولى سبعاً ثم يقرأ ويكبر في الثانية خمساً. انتهى.(5/66)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قلت: رواه أبو جعفر الفريابي في أحكام العيدين (106 و107 و108).
قال في الفتوحات: ومن حديث ابن عمر رواه الدارقطني (2/48) والترمذي في العلل وقال: وهو منكر، وفي السند فرج بن فضالة وهو ضعيف، والمحفوظ فيه عن نافع عن أبي هريرة. أخرج الحافظ عن الربيع بن سليمان، حدثنا الشافعي، حدثنا مالك [في الأم 1/209] قال: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة ثم كبر في الثانية خمساً قبل القراءة.
قال الحافظ: هذا موقوف صحيح أخرجه البيهقي (3/288) وجعفر الفريابي (110) وغيرهم عن نافع عن أبي هريرة، والله أعلم.
ومن حديث عوف المزني أخرجه الترمذي (536) وابن ماجه (1277) وابن خزيمة (1438 و1439) وغيرهم [مثل الطبراني في الكبير (17/15) والدارقطني (2/48) والبيهقي (3/286)].
ومن حديث سعد القرظ رواه ابن ماجه (1277) بسند حسن.
قال الحافظ: وأخرجه الدراقطني (4/47) والبيهقي (3/88)].
ومن حديث عبد الرحمن بن عوف أخرجه البزار (1023) من رواية [حميد بن] عبد الرحمن عن أبيه -وسنده مقارب- ولفظه: كان يكبر في صلاة العيد ثلاثة عشرة تكبيرة.
وزاد: وكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك.
ومن حديث جابر رواه البيهقي (292) بسند ضعيف.
ومن حديث ابن عباس مرفوعاً بسند فيه ابن لهيعة، وموقوفاً بسند صحيح.
وقال الحافظ: حديث ابن عباس أخرجه الطبراني و(10708) من رواية سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيد اثنتي عشرة تكبيرة سبعاً في الأولى وخمساً في(5/67)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
الثانية، وسليمان ضعيف. وقد جاء عنه موقوفاً بسند صحيح، أخرجه مسدد في مسنده (790 المطالب العالية).
ثم ذكر الحافظ روايات أخرى بعضها مخالف في العدد المذكور.
(قوله: وروينا في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما العمل في أيامٍ أفضل .. .. )) ) الحديث.
رواه أحمد (3139 و3228) والبخاري (969) وأبو داود الطيالسي (2631) والدارمي (1780) وابن خزيمة (2865) والطبراني في الكبير (12327) والبيهقي (4/284) من طريق شعبة، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وليس عند البخاري كلمة: في سبيل الله.
ورواه ابن أبي شيبة (5/348) وأحمد (1968) والترمذي (757) وابن ماجه (1727) وابن حبان (324) والبيهقي في فضائل الأوقات (171) والبغوي (1125) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به.
ورواه عبد الرزاق (8121) والطبراني في الكبير (12326 و12328) والبيهقي في الشعب (3749) من طريق سفيان عن الأعمش به.
ورواه أبو داود (2438) من طريق وكيع عن الأعمش به، وعنده ((إليها)) بدل ((إليهن)).
ورواه الدارمي (1781) والبيهقي في فضائل الأوقات (172) وفي الشعب (3752) والطبراني في الكبير (12436) من طريق أخرى عن سعيد بن جبير به.
(قوله: وروينا في كتاب الترمذي عن عمرو بن شعيب) إلى آخره.
رواه الترمذي (3585) وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وحماد بن أبي حميد هو محمد بن أبي حميد، وهو أبو إبراهيم الأنصاري المدني، وليس بالقوي عند أهل الحديث.(5/68)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
ورواه أحمد (6961) عن روح بن محمد بن أبي حميد به ولفظه: كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيءٍ قديرٌ)).
في الفتوحات الربانية (4/248) بعد نقل كلام الترمذي عن المؤلف: وهذا مراد الشيخ، ضعف الترمذي إسناده، وقد أخرجه أحمد عن روح عن محمد بن أبي حميد.
واسم أبي حميد إبراهيم، واسم الراوي محمد كما في رواية روح، وكنيته أبو إبراهيم كما في رواية النضر [عند المحاملي في الدعاء (60)] ولقبه حماد كما في رواية الترمذي، وقد أشار الترمذي إلى ذلك.
وزعم أحمد بن صالح أن حماد بن أبي حميد ضعيف، غير محمد بن أبي حميد، وقوى محمداً، وقد خولف في الأمرين. انتهى.
قلت: يراجع ترجمته في تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب.
(قوله ورويناه في موطأ الإمام مالك بإسناد مرسل) إلى آخره.
رواه مالك (621 و1462) رواية أبي مصعب، و(1/167-168 و292) رواية يحيى بن يحيى، عن زياد بن أبي زياد عن طلحة بن عبد الله بن كريز.
في الفتوحات الربانية (4/248-249) وفضائل الأوقات (191) قال الحافظ: هكذا أخرجه مالك واتفق عليه، هكذا رواه الموطأ.
قال البيهقي [بعد أن رواه في السنن (5/117)]: [وقد] روى مالك موصولاً بإسناد آخر [ووصله] ضعيف.
قال ابن عبد البر: لم نجده موصولاً من هذا الوجه.
قلت: أخرج بعضه ابن خزيمة (2841) عن علي، وفي سنده قيس بن الربيع ضعفوه. واعتذر عنه ابن خزيمة بكونه في محض الدعاء.(5/69)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
وأخرجه البيهقي من طريقه [أي علي] في فضائل الأوقات (195) مطولاً.
وأخرجه المحاملي في الدعاء (59) من وجه آخر منقطع عن علي، وفي سنده أيضاً راوٍ ضعيف، ولفظه: كان أكثر دعائه عشية عرفة ((لا إله إلا الله .. .. )) مثل حديث الترمذي من رواية النضر التي زاد فيها بعد قوله ((وله الحمد)) قوله: ((بيده الخير)).
وزاد المحاملي قبل قوله: ((بيده الخير)) قوله: ((يحيي ويميت)).
وأخرج الحافظ عن علي، قال: ((كان أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قديرٌ، اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً، اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، وأعوذ بك من وسواس الصدر وشتات الأمر وفتنة القبر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح ومن شر بوائق الدهر)).
قال الحافظ: هذا حديث غريب من هذا الوجه، أخرجه البيهقي في السنن الكبير (5/117) وفي سنده موسى بن عبيدة، وهو ضعيف، وأخوه عبد الله بن عبيدة، وهو شيخه في هذا الحديث لم يسمع من علي، وقد رواه عنه، أي: ففيه انقطاع.
قال الحافظ: لكن وقع لنا من وجه آخر عن علي منقطاً، فأورده ثم قال بعد إيراده: وله عن علي طرق أخرى، وفي بعضها زيادة في ألفاظ الذكر، والله أعلم. انتهى.(5/70)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله: وبلغنا عن سالم بن عبد الله بن عمر .. .. ) إلى آخره.
روى أبو نعيم في الحلية (2/194) عن سالم أنه قال: لا تسأل أحداً غير الله.
(قوله: وقال البخاري في صحيحه: كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبة .. .. ) إلى آخره.
رواه ابن المنذر في الأوسط (21971) والبيهقي (3/312) وعلقه البخاري قبل الحديث (970).
قال الحافظ: وكذا ورد عن ابن الزبير.
(قوله قال البخاري: وكان ابن عمر وأبو هريرة .. .. ) إلى آخره.
هو في البخاري بعد أثر عمر المذكور آنفاً.
رواه ابن المنذر في الأوسط (2199) والفاكهي في أخبار مكة عن ابن عمر.
قال الحافظ: ولم أقف على أثر أبي هريرة موصولاً، وقد ذكره البيهقي في السنن الكبير والبغوي في شرح السنة فلم يزيدا على عزوه للبخاري معلقاً.
(قوله: وروينا في صحيحي البخاري ومسلم).
روى الإمام مالك في الموطأ (1/149-150) رواية يحيى و(605) رواية أبي مصعب، ومن طريق مالك رواه البخاري (1044) ومسلم (901) وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (2027) وأبو عوانة (2446) وابن حبان (2845) وأبو داود (1191) والنسائي (3/132-133) وعند أبي نعيم ((فاذكروا الله)).
وهو في الصحيحين من غير رواية مالك.
(قوله: وفي بعض الروايات في صحيحيهما: فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله تعالى رويناه من رواية ابن عباس).
رواه مالك (1/150-151) ومن طريقه الدارمي (1536) والبخاري (29(5/71)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
و431 و748 و1052 و3202 و5197) ومسلم (907) والنسائي (3/146-148).
(قوله: وروياه في صحيحيهما من رواية أبي موسى الأشعري .. .. إلخ). رواه البخاري (1059) ومسلم (912) والنسائي (3/153-154).
(قوله: وروياه في صحيحيهما من رواية المغيرة بن شعبة .. .. إلخ).
رواه البخاري (1043 و1060 و6199) ومسلم (912) وابن حبان (2836 و2847) وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (2047 و205) وأبو عوانة (2432 و2469) والنسائي (3/153-154)، وابن خزيمة (1371).
(قوله: وكذا رواه البخاري من رواية أبي بكرة .. .. إلخ).
رواه أحمد (2090 و2091) والبخاري (1040 و1048 و1062 و1063 و5785) والنسائي (3/124 و126-127 و146 و152) وابن خزيمة (1374) وابن حبان (2835 و2537).
ورواه أحمد (6483 و6517 و6611 و6631 و6763 و6868 و7046 و7080) والبخاري (1051) وأبو داود (1194) والنسائي (3/149) وابن خزيمة (1369 و1389 و1392) وابن حبان (2838) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(قوله: وفي صحيح مسلم من رواية عبد الرحمن بن سمرة .. إلخ).
رواه مسلم (913) وأحمد (20617) وأبو داود (1195) والنسائي (3/124 و125) وابن أبي شيبة (2/469) وابن خزيمة (1373) وابن حبان (2848) والحاكم (1/329) والبيهقي (3/332) وأبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم (2048) وأبو عوانة (2462).(5/72)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله: فيقرأ في القومة الأولى).
قال في الفتوحات الربانية (4/254-255) قال الحافظ: سبقه إليه الشيخ -يعني أبا إسحاق- في المهذب، واستدل بحديث ابن عباس، وليس فيه إلا تقدير القيام الأول بنحو سورة البقرة [رواه البخاري (1052)]، وحديث ابن عباس قال: خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى والناس معه، فقام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة، ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع فقام قياماً طويلاً، وهو دون القيام الأول، ثم سجد .. الحديث.
أخرجه أبو داود [(1181) وقال: مثل حديث عائشة] وابن حبان (2853) ووقع في بعض نسخ أبي داود عن أبي هريرة بدل ابن عباس، هو غلط.
وأما تقدير القومة الثانية فأخرجه البيهقي من رواية الزهري عن عروة عن عائشة، فقال في الحديث: فقرأ بآل عمران، وسنده قوي.
وأصله عند أبي داود (1187) وآل عمران مئتا آية بالاتفاق.
وأما تقدير القومة في قيام الركعة الثانية، فأخرج البيهقي (3/336) من وجه آخر أنه قرأ فيهما بالعنكبوت والروم.
وسائر الأحاديث ليس فيها تقدير، بل فيها إما التسوية أو كل قومة أدنى من التي قبلها، وقد نقل الترمذي (2/450) عن الشافعي أنه قدر الأولى بالبقرة، والثانية بآل عمران، والثالثة بالنساء، والرابعة بالمائدة.
وهذا نص الشافعي في البويطي، وقد ذكر الترمذي (5/737) أنه حمل بعضه عن الشافعي عن محمد بن إسماعيل الترمذي، عن البويطي، فكأن هذا منه.(5/73)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله ويسبح في الركوع الأول).
قال في الفتوحات الربانية (4/255) وقال الحافظ: هذا التقدير ذكره الشيخ في المهذب أيضاً، والأحاديث الواردة في الصحيحين وغيرهما بخلاف ذلك، وفي أكثرها أن كل ركوع دون القيام الذي قبله، وفي بعضها إطلاق التطويل في كل قيام وركوع، ووقع عند النسائي (3/150-151) عن عروة عن عائشة فركع ركوعاً طويلاً مثل قيامه أو أطول، وأعاد ذلك في الأربع، وسنده على شرط الشيخين، وقد أخرجا بعضه من هذا الوجه. انتهى.
(قوله بل الصواب تطويله وقد ثبت في الصحيحين .. إلخ).
قال في الفتوحات الربانية (4/265) ذكر المصنف في شرح المهذب حديث أبي موسى السابق عزو تخريجه للشيخين، وحديث عائشة هو الحديث الأول من الباب، وفيه بعد الركوع الثاني: ثم سجد سجوداً طويلاً.
أخرجه البخاري من رواية مالك عن هشام بن عروة، عن أبيه، ولم يقع ذلك عند غيره ممن أخرجه عن مالك.
وعندهما أيضاً عن عائشة طريق أخرى بلفظ: ثم سجد فأطال السجود.
ووقع عند مسلم (904) من حديث جابر في بعض طرقه: ((وركوعه نحواً من سجوده)).
عندهما من رواية أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو [البخاري (1051) ومسلم (910)] في قصة الكسوف قال في آخره: قالت عائشة: ما سجدت سجوداً قط أطول منه.
وفي حديث أسماء بنت أبي بكر عند البخاري (745): ثم سجد فأطال(5/74)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
السجود، هذا جميع ما ذكره في الصحيحين.
وذكر عن أبي داود (1194) عن عبد الله بن عمرو: فقام لم يكد يركع ثم ركع فلم يكد يرفع -إلى أن قال- ثم سجد فلم يكد يرفع.
وذكر عن أبي داود أيضاً (1184) عن سمرة بن جندب نحو رواية أبي سلمة عن عائشة المذكورة آنفاً.
وسائر الأحاديث التي في الكسوف ليس فيها ذلك تطويل السجود، ورواتها نحو العشرين، لكن من حفظ حجة على من لم يحفظ، وقد أغفل من أطلق أن تطويل السجود لم ينقل، قاله الحافظ.
(قوله قال أصحابنا: ولا يطول الجلوس بين السجدتين).
قال في الفتوحات الربانية (4/256) قال الحافظ: أما تطويل الجلوس بين السجدتين فنقل الغزالي والرافعي وغيرهما على أنه لا يطول.
قال المصنف في شرح المهذب (5/57) وحديث عبد الله بن عمرو يقتضي استحباب إطالته.
(قوله وقد ثبت ذلك في الصحيحين عن رسول الله).
روى أحمد (6483) وأبو داود (1194) والترمذي في الشمائل (331) والنسائي (3/137-139 و149-150) وابن أبي شيبة (5/467) وابن خزيمة (901 و1389 و1392 و1393) وابن حبان (2829 و2838) كلهم من طريق عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عليه الصلاة والسلام، فلم يكد يركع، ثم ركع فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع رأسه، وفعل في الأخرى مثل ذلك.
ورواه أحمد (6868) وعبد الرزاق (4938) والحاكم (1/329) من طريق سفيان عن عطاء به، وسفيان روى عن عطاء قبل اختلاطه، قال الحافظ كما في(5/75)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
الفتوحات الإلهية (4/257) أي: بخلاف تلك الروايات السابقة فإن رواتها عن عطاء سمعوا منه بعد الاختلاط.
قال الشيخ في شرحه (5/56) أخرجه أبو داود، وفي إسناده عطاء بن السائب. وهو مختلف فيه، وقد رواه ابن خزيمة في صحيحه (1393) والحاكم في المستدرك (1/329) من طريق آخر صحيح، وقال: هو صحيح.
وظاهره أنهما لم يخرجا الطريق الأول، وليس الأمر كذلك، بل كل منهما أخرجها أيضاً.
وأخرج الطريق الثانية عن مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان، عن عطاء.
وروياه عن سفيان، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو مثله.
ومؤمل صدوق، لكن ضعفوه من قبل حفظه، ويعلى عن عطاء من رجال مسلم، لكن أبوه عطاء يقال له: العامري، لم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وهو غير عطاء بن السائب، فلما كان مؤمل متقناً سمي الأمر في المتابعات، وكان السائب والد عطاء ليس من رجال الصحيح.
وأخرج أحمد (6763) والنسائي (3/149) من رواية شعبة عن عطاء بن السائب وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط، لكن قال في روايته: وأحسبه قال في السجود، فإذا كان المتقن تردد، والذي لم يتردد غير متقن، فكيف يحكم لهذه الزيادة بالصحة، لكن عادة ابن خزيمة والحاكم وابن حبان إطلاق الصحيح على الحسن، وهذا الحديث ليس قاصراً عن درجة الحسن.
وإذا تقرر ذلك فلا يحسن أنه صحيح تقليداً لمن لا يرى التفرقة.
قال الحافظ: وقد وجدت لرواية يعلى بن عطاء علة، لكنها غير قادحة، وهي أنه جاء في رواية واسطة بينه وبين أبيه.(5/76)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
قال: ويمكن الجمع بأن يكون ليعلى فيه إسنادان. انتهى.
(قوله: ولا يطول الاعتدال في الركوع الثاني ولا التشهد وجلوسه).
في الفتوحات الربانية (4/258) عن الحافظ: قلت: ذكر نحوه في شرح المهذب (5/57) وزاد نفي الخلاف، وفيه نظر، أما الاعتدال المذكور فقال به أحمد في رواية، وأثبت في صحيح مسلم (904) من حديث جابر قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس [بأصحابه] فقام فأطال القيام، حتى جعلوا يخرون، ثم ركع فأطال، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين .. فذكر الحديث.
أخرجه أبو عوانة (2443) والنسائي (3/135-136) وإطلاق القوم على حديث جابر الصحة، وما ترتب عليها أولى من إطلاق ذلك على حديث عبد الله بن عمرو من تطويل الجلوس بين السجدتين، والقياس يقتضي استواءهما.
وأما تطويل الجلوس بين السجدتين آخر الصلاة فيؤخذ من حديث أبي بن كعب، فإن آخر الحديث: وجلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى ذهب كسوفهما.
قال الحافظ: حديث حسن أخرجه أبو داود (1182) والبيهقي (3/329) والله أعلم.
(قوله: ويستحب أن يقول في كل رفع من الركوع سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد روينا ذلك في الصحيح).
في الفتوحات الربانية (4/258) قال الحافظ: كذا في عدة نسخ، والذي في الصحيحين بإثبات الواو.(5/77)
[[ويسن الجهر بالقراءة في خسوف القمر، ويستحب الإسرار في كسوف الشمس.]]
(447)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثالث شعبان المكرم سنة سبع وأربعين وثمانمئة فقال كان الله له:
وبالسند المذكور إلى أبي نعيم، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، قال: حدثنا أبو العباس القلانسي (ح).
وبالسند الماضي مراراً إلى أبي عبد الله البخاري رحمه الله، قالا -واللفظ للبخاري- حدثنا محمد بن مهران، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن نمر -بفتح النون وكسر الميم- أنه سمع ابن شهاب، يخبر عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جهر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته، فإذا فرغ من قراءته كبر فركع، فإذا رفع من الركوع قال: ((سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد)) ثم يعاود القراءة فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات.
أخرجه مسلم عن محمد بن مهران.
فوقع لنا موافقة عالية.
لكنه لم يسقه بتمامه.
(قوله: ويسن الجهر بالقراءة في كسوف القمر ويستحب الإسرار في كسوف الشمس).(5/78)
قلت: استدل الشيخ في المهذب للإسرار في كسوف الشمس بحديث ابن عباس، قال: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فصلى، فقمت إلى جنبه فلم أسمع له قراءة.
فقال المصنف في شرحه: رواه البيهقي وإسناده ضعيف.
قلت: أخرجه في السنن الكبير من رواية ابن لهيعة.
وليس وافياً بالمقصود، فإن لفظه: صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف فلم أسمع له صوتاً.
وهذا يطرقه احتمال بعده عنه بخلاف قوله: إلى جنبه.
وقد وقع لي بهذا اللفظ.
قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت: أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمي، قال: حدثنا علي بن المبارك الصنعاني، قال: حدثنا زيد بن المبارك، قال: حدثنا موسى بن عبد العزيز، قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كنت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس، فلم أسمع له قراءة.
هذا حديث حسن.
أخرجه الحافظ الضياء في الأحاديث المختارة.
وذكره البيهقي تعليقاً عن الحكم بن أبان ولم يسق لفظه.(5/79)
وذكر في المعرفة عن الشافعي أنه ذكره بلفظه تعليقاً ولم يسق سنده.
ثم ذكر المصنف حديث سمرة مثل حديث ابن عباس فلم أسمع له صوتاً، وهو في السنن الأربعة وصححه الترمذي وابن خزيمة وغيرهما.
وذكر حديث عائشة في الجهر وجمع بينهما بما ذكره هنا من اختصاص الجهر بالقمر. وفيه نظر.
قال البخاري بعد ذكر حديث عائشة الذي أوردته آنفاً: تابعه سفيان بن حسين وسليمان بن كثير في الجهر.
وحديث سفيان بن حسين قرأته على المسند العماد أبي بكر بن العز رحمه الله بالصالحية، عن أبي عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا الحافظ أبو علي البكري، قال: أخبرنا أبو روح الهروي قال: أخبرنا أبو القاسم المستملي، قال: أخبرنا أبو سعد المقرئ، قال: أخبرنا أبو طاهر بن الفضل، قال: حدثنا جدي أبو بكر بن إسحاق، قال: حدثنا الفضل بن يعقوب، قال: حدثنا إبراهيم بن صدقة، قال: حدثنا سفيان بن حسين، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ قراءة يجهر فيها .. فذكر الحديث.
أخرجه الترمذي عن محمد بن أبان عن إبراهيم بن صدقة.
فوافقناه في شيخ شيخه.(5/80)
قال: ورواه أبو إسحاق الفزاري عن سفيان بن حسين.
قلت: وهذه الرواية وصلها البيهقي من طريق الحسن بن الربيع عن أبي إسحاق.
وسفيان بن حسين محتج به في الصحيح إلا في روايته من الزهري، فإن فيها مقالاً، لكنه لم ينفرد بذكر الشمس، فقد أخرجه البيهقي من رواية الأوزاعي عن الزهري.
وهكذا أخرجه الإسماعيلي من رواية عبد الرحمن بن نمر التي أخرجها الشيخان من طريقه، وقدمتها آنفاً فقال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الوليد، فذكره مطولاً، وأوله كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً ينادي أن الصلاة جامعة، فاجتمعوا وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ قراءة طويلة يجهر فيها .. الحديث.
وهذا من فوائد المستخرجات.
وفيه فائدة أخرى، وهي النداء للاجتماع، وهي مما أغفله المصنف في هذا الكتاب.
وقد أخرجهما الشيخان، وأخرجها مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
وحديث سليمان بن كثير أخرجه أحمد عن عبد الصمد بن عبد الوارث عنه، فذكر الجهر ولم يعين الشمس.
ووقع لنا بعلو في مسند الطيالسي، أخرجه عنه، والله أعلم.
آخر المجلس السابع والأربعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار(5/81)
وهو السابع والعشرون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي سماعاً من لفظ ممليه مولانا شيخ الإسلام حافظ العصر قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر الكناني العسقلاني الأصل المصري الشافعي باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي.
[[ثم بعد الصلاة يخطب خطبتين يخوفهم فيهما بالله تعالى ويحثهم على طاعة الله تعالى، وعلى الصدقة والإعتاق، فقد صح ذلك في الأحاديث المشهورة، ويحثهم أيضاً على شكر نعم الله تعالى، ويحذرهم الغفلة والاغترار.]]
(448)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء عاشر شهر شعبان من السنة فقال أحسن الله عاقبته:
قد ورد الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس عن علي رضي الله عنه.
أخبرني الحافظ أبو الحسن بن أبي بكر رحمه الله، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن إسماعيل، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، عن منصور بن عبد المنعم، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي، قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسين الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله بن المنادي، قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا عبد الواحد -هو ابن زياد- قال: حدثنا سليمان الشيباني، قال: حدثنا الحكم بن عتيبة، عن حنش بن ربيعة، قال: انكسفت الشمس على عهد علي رضي الله عنه، فخرج فصلى بمن عنده، فقرأ سورة الحج ويس، لا أدري بأيتهما بدأ، وجهر(5/82)
بالقراءة، ثم ركع نحواً من قيامه .. فذكر الحديث، وفي آخره: ثم قعد فدعا ثم انصرف، فوافق انصرافه وقد انجلى عن الشمس.
هذا حديث حسن أخرجه أحمد وابن خزيمة والبيهقي أيضاً من طريق الحسن بن الحر، عن الحكم بنحوه، وقال في آخره: ثم حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك فعل.
(قوله: ثم بعد الصلاة يخطب خطبتين يخوفهم فيهما بالله تعالى، ويحثهم على طاعة الله تعالى وعلى الصدقة والإعتاق، فقد صح ذلك في الأحاديث المشهورة، ويحثهم أيضاً على شكر نعم الله تعالى، ويحذرهم الغفلة والاغترار).
وزاد في شرح المهذب: ويحثهم على التوبة عن المعاصي وعلى فعل الخير، ويأمرهم بإكثار الذكر والدعاء والاستغفار، ففي الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في خطبته.
قلت: أما الخطبة فخالف في مشروعيتها بعض الأئمة من المذاهب الثلاثة، وقد وقع التصريح بذلك في الصحيحين كما سأذكره لكن بمطلق خطبة، ولم يذكر التعدد، ولم يحتج بعضهم للخطبتين إلا بالقياس على العيد، فقد ثبت أنه خطب فيه خطبتين.
وأما تأخيرها عن الصلاة فدلت عليه الأحاديث التي ذكرت فيها الخطبة إلا حديث ابن مسعود.
أخبرني الشيخ المسند أبو بكر بن إبراهيم بن أبي عمر، عن محمد بن أحمد بن أبي الهيجاء، قال: أخبرنا الحسن بن محمد، قال: أخبرنا عبد المعز بن محمد، قال: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو سعد(5/83)
المقرئ، قال: أخبرنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق، قال: حدثنا جدي أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع -بفتح الموحدة وكسر الزاي وآخره مهملة بوزن عظيم- قال: حدثنا أبو بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال: ((إن الشمس والقمر آيتان ..)) فذكر الحديث وفي آخره: ثم نزل فصلى ركعتين.
هذا حديث حسن.
أخرجه البزار عن محمد بن عبد الله بن بزيع.
فوقع لنا موافقة عالية.
قال ابن خزيمة في هذا الحديث: إن خطبة الكسوف قبل صلاتها، فيجوز ذلك من قبل ومن بعد.
قلت: وهو مبني على أن الكسوف تعدد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ذلك يحمل الاختلاف في عدد الركوع في الركعة الواحدة من واحد إلى خمسة وفي الجهر والإسرار.
وأما ما ورد من ألفاظ الخطبة ففي حديث عائشة الذي ذكرت سنده في أول أذكار الكسوف ذكر الصدقة والدعاء والذكر والتكبير بعد قوله: فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه.
أخرجاه في الصحيحين.
وفي رواية لهما عن عائشة فأثنى على الله بما هو أهله.
وفي حديث جابر عن مسلم فقال: ((يا أيها الناس)).(5/84)
وفي حديث أبي موسى الأمر بالاستغفار.
وفي حديث عبد الرحمن بن سمرة: فجعل يسبح ويحمد ويهلل ويكبر.
وفي حديث سمرة بن جندب في السنن فحمد الله وأثنى عليه وشهد أنه عبده ورسوله.
آخر المجلس الثامن والأربعين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الثامن والعشرون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
(449)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع عشر الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وأخبرني العماد أبو بكر بالسند الماضي قريباً إلى أبي بكر بن خزيمة، قال: حدثنا أبو الأشعث. قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس فقام يجر رداءه من العجلة فصلى ركعتين كما تصلون، فلما كشف عنها قام خطيباً .. .. الحديث.
وقد تقدم في أول باب الكسوف أن البخاري أخرجه لكن لم يقع عنده قوله: خطيباً.
ووقع في رواية عمرة عن عائشة عند النسائي: فلما انصرف قعد على المنبر.
وقرأت على فاطمة بنت محمد بن أحمد بن محمد بن عثمان الدمشقية بها، أن عبد الله بن الحسين الأنصاري أخبرهم، قال: أخبرنا محمد بن أبي بكر البلخي، عن الحافظ أبي طاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو بكر بن علي بن(5/85)
الحسين، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الدورقي، قال: حدثنا أبو سلمة -هو موسى بن إسماعيل- قال: حدثنا حماد بن سلمة (ح).
وقرأته عالياً على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا عمر بن كرم في كتابه، قال: أخبرنا نصر بن نصر، قال: أخبرنا رزق الله بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي، قال: حدثنا محمد بن مخلد، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة، قال: حدثنا أبو أسامة، كلاهما عن هشام بن عروة، قال: حدثتني فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: دخلت على عائشة رضي الله عنها والناس يصلون، فقلت لها: ما شأن الناس؟ فأشارت برأسها .. .. الحديث في صلاة الكسوف، وفيه: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد ..)).
أخرجه البخاري تعليقاً عن أبي أسامة باختصار.
وأخرجه مسلم مطولاً من رواية أبي أسامة وأبي معاوية وعبد الله بن نمير، ونبه على أن قوله: ((أما بعد)) في رواية أبي معاوية وحده.
وقال أبو نعيم في مستخرجه على البخاري: ((أما بعد)) في هذا الحديث عزيزة.
قلت: ثبتت في خطب النبي صلى الله عليه وسلم وكتبه إلى الملوك وغيرهم من حديث نحو العشرين من الصحابة جمع أكثرهم أبو محمد الخراساني نزيل بغداد فيما رويناه في الجزء الثالث عشر من فوائده.
وجمع طرقه الحافظ عبد القادر الرهاوي في مقدمة الأربعين المتباينة فساقه(5/86)
عن ثلاثين من الصحابة، توارد فيها مع الخراساني في خمسة عشر، وزاد عليه الخراساني خمسة.
وقد وهم من قال: إن عبد القادر أخرجه عن الأربعين من الصحابة.
ووقع لفظ الخطبة أيضاً في حديث سمرة الآتي.
وأما التخويف وكذا التحذير من الغفلة والاغترار، فيؤخذ من الأحاديث الماضية من قوله: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده)).
وهو في الصحيحين من حديث عائشة وابن عباس وابن عمر وأبي مسعود وأبي موسى والمغيرة.
في البخاري من حديث أبي بكرة.
وفي مسلم من حديث جابر.
وعند أحمد من حديث محمود بن لبيد.
وعند أبي داود والنسائي من حديث قبيصة الهلالي.
وفي النسائي أيضاً من حديث أبي هريرة.
وفي البزار والطبراني من حديث عبد الله بن مسعود.
وفي البزار أيضاً من حديث بلال.
وفي الطبراني أيضاً من حديث عقبة بن عامر.
رضي الله عنهم أجمعين.(5/87)
منهم من أفرده، ومنهم من ضمه إلى غيره. وهو في حديث سمرة أيضاً، وتقدم في حديث أبي موسى فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، وفي آخره ((فافزعوا إلى ذكر الله)).
وبالسندين السابقين أولاً إلى مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، قالت: خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. الحديث، إلى قوله: ((وتصدقوا يا أمة محمدٍ، ما من أحدٍ أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمدٍ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)).
متفق عليه.
ولهما من رواية الزهري عن عروة في آخره فقال: ((لقد رأيت في مقامي هذا كل شيءٍ وعدتم به)) وفيه ذكر عمرو بن لحي وغيره، وقد تقدم بطرقه وشواهده في (باب النهي عن سب الأموات) من كتاب الجنائز، وبالله التوفيق.
آخر المجلس التاسع والأربعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو التاسع والعشرون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
[[روينا في صحيح البخاري وغيره عن أسماء رضي الله عنها قالت: لقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتاقة في كسوف الشمس.]]
(450)
ثم أملى علينا [يوم الثلاثاء] رابع عشري الشهر من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
أخبرنا الشيخ أبو عبد الله بن قوام البالسي ثم الصالحي بها رحمه الله بالسند(5/88)
الماضي مراراً إلى أبي مصعب الزهري، قال: أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. .. فذكر الحديث.
وفيه: ((ورأيت النار فلم أر منظراً كاليوم قط، ورأيت أكثر أهلها النساء)) قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: ((بكفرهن)) قيل: يكفرن بالله؟ قال: ((يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط)).
متفق عليه.
وبه إلى مالك عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر زوجته، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما -هي جدتها- .. فذكر الحديث في الكسوف.
وفي آخره: ((إنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريباً من فتنة المسيح الدجال .. .. )) الحديث.
متفق عليه.
ورواه الزهري عن عروة عن أسماء مختصراً.
قرأت على علي بن محمد بن محمد بن الصائغ، وكتب إلينا أحمد بن أبي بكر مسند الشام من صالحية دمشق، كلاهما عن أبي الفضل بن قدامة، وعيسى بن عبد الرحمن بن معالي، قال الثاني: سماعاً، قالا: أخبرنا عبد الله بن عمر البغدادي، قال: أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء، قال: أخبرنا أبو نصر الزينبي، قال: أخبرنا أبو بكر بن زنبور، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود، قال: أخبرنا العباس بن الوليد البيروتي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني الأوزاعي، قال: حدثني يونس بن يزيد، قال: حدثني الزهري، قال: حدثني عروة، أنه سمع أسماء بنت أبي بكر تقول: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً، فذكر الفتنة التي يفتن المرء في قبره فضج الناس ضجة حالت بيني وبين(5/89)
أن أفهم آخر الحديث، فقلت لرجل قريب مني: أي بارك الله فيك ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قال: ((إنكم تفتنون في قبوركم قريباً من فتنة الدجال)).
أخرجه البخاري إلى قوله: ضجة.
وأخرجه النسائي بتمامه.
كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد.
ورواية الأوزاعي عن يونس تدخل من حيث الطبقة في رواية الأقران، ومن حيث الجلالة في رواية الأكابر عن الأصاغر، وإن كان يونس أثبت في الزهري.
وأما الأمر بفعل الخير والحث على الطاعة فيدخل فيما ذكر من الأمر بالصدقة والإعتاق وغير ذلك.
وأما التوبة فقرأت على أبي المعالي عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا أبو العباس بن أبي الفرج، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا أبو محمد الحربي، قال: أخبرنا أبو القاسم الشيباني، قال: أخبرنا أبو علي التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الواحد بن غياث، وخلف بن هشام (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا زاهر بن أبي طاهر، قال: أخبرنا الحسين بن عبد الملك، قال: أخبرنا إبراهيم بن منصور، قال: أخبرنا أبو بكر بن عاصم، قال: حدثنا أحمد بن علي الموصلي -واللفظ له- قال: حدثنا خلف بن هشام (ح).
وأخبرني عبد الله وعبد الرحمن ابنا محمد بن إبراهيم، قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل، قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد المنعم، عن عفيفة، عن فاطمة الجوزذانية سماعاً عليها، قالت: أخبرنا أبو بكر التاجر، قال: حدثنا(5/90)
أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا حجاج بن منهال، قالوا: حدثنا أبو عوانة (ح).
وبه إلى علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا مالك بن إسماعيل، قال: حدثنا زهير بن معاوية، قالا: حدثنا الأسود بن قيس، عن ثعلبة بن عبادٍ -بكسر المهملة وتخفيف الموحدة- عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، فذكر الحديث في صلاة الكسوف إلى أن ذكر خطبة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن قال: ثم قال: ((أما بعد فإن رجالاً يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النجوم عن مطالعها بموت رجالٍ عظماء من أهل الأرض، وإنهم كذبوا، ولكنها آيات الله يختبر بها عباده لينظر من يحدث منهم له توبةً .. .. )) الحديث بطوله.
وفي ذكر الدجال وهلاكه وغير ذلك.
أخرجه أحمد عن عفان عن أبي عوانة به.
وعن أبي كامل.
وأخرجه أبو داود عن أحمد بن يونس.
كلاهما عن زهير بن معاوية.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الطريقين.
وأخرجه ابن حبان عن أبي يعلى.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه النسائي بطوله من وجه آخر عن زهير.(5/91)
وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
(قوله: وروينا في صحيح البخاري وغيره عن أسماء .. .. ) إلى آخره.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي بالقاهرة، وعلى أحمد بن علي بن يحيى بن تميم بدمشق، كلاهما عن أحمد بن أبي طالب سماعاً، قال: أخبرنا ابن اللتي، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا ابن المظفر، قال: أخبرنا ابن أعين، قال: أخبرنا السمرقندي، قال: أخبرنا الدارمي، قال: حدثنا موسى بن مسعود، والحكم بن المبارك، قال الأول: حدثنا زائدة، والثاني: حدثنا عبد العزيز بن محمد، كلاهما عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر حين كسفت الشمس بالعتاقة.
أخرجه أحمد عن معاوية بن عمرو عن زائدة.
وأخرجه أبو داود من رواية معاوية بن عمرو.
وأخرجه ابن خزيمة عن محمد بن معمر عن موسى بن مسعود.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الطريقين.
وأخرجه البخاري من رواية زائدة وغيره موصولاً.
ومن رواية الدراوردي -وهو عبد العزيز بن محمد- تعليقاً، والله أعلم.(5/92)
آخر المجلس الخمسين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الثلاثون بعد الثمانمئة من الأمالي رواية البقاعي.
[[باب الأذكار في الاستسقاء
يستحب الإكثار فيه من الدعاء والذكر والاستغفار بخضوع وتذلل، والدعوات المذكورة فيه مشهورة: منها ((اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً غدقاً مجللاً سحاً عاماً طبقاً دائماً؛ اللهم على الظراب ومنابت الشجر، وبطون الأودية؛ اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً؛ اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض؛ اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك)). ويستحب إذا كان فيهم رجلٌ مشهورٌ بالصلاح أن يستسقوا به فيقولوا: ((اللهم إنا نستسقي ونتشفع إليك بعبدك فلانٍ)).]]
(451)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سابع شوال من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
(قوله: (باب الأذكار في الاستسقاء) يستحب الإكثار فيه من الدعاء .. .. ) إلى آخره.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا أبو العباس بن أبي الفرج،(5/93)
قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الحربي، قال: أخبرنا أبو القاسم الشيباني، قال: أخبرنا أبو علي التميمي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا وكيع (ح).
وقرأته عالياً على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن نضر، قال: أخبرتنا فاطمة الجوزذانية، قالت: أخبرنا أبو بكر الضبي، قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو نعيم -هو الكوفي- قالا: حدثنا سفيان -هو الثوري- عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة، عن أبيه، قال: أرسلني أمير من الأمراء إلى ابن عباس رضي الله عنهما، أسأله عن الاستسقاء؟ فقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعاً متبذلاً متضرعاً ثم خطب فصلى ركعتين.
وبه إلى أحمد، قال: حدثنا أبو سعيد -هو مولى بني هاشم- (ح).
وبه إلى الطبراني، قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قالا: حدثنا إسماعيل بن ربيعة بن هشام بن إسحاق، أنه سمع جده، يقول: حدثنا أبي إسحاق بن عبد الله بن كنانة -من بني عامر بن لؤي- أن الوليد بن عتبة أرسله إلى ابن عباس يسأله؟ فقال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه.
وقال في روايته متخشعاً بدل متواضعاً، وزاد: فصنع كما يصنع في العيدين.
هذا حديث حسن.(5/94)
أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من رواية حاتم بن إسماعيل عن هشام بن إسحاق.
وأخرجه الترمذي أيضاً وابن ماجه وابن خزيمة، كلهم من رواية وكيع.
فوقع لنا بدلاً من هذا الوجه وعالياً بدرجة أو درجتين من رواية أبي نعيم.
وأخرجه ابن خزيمة أيضاً عن زكريا بن يحيى بن أبان عن عبد الله بن يوسف.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي من وجه آخر عن سفيان.
وزاد حاتم في روايته: فلم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير.
(قوله: والدعوات المذكورة فيه مشهورة).
قلت: كأنه يريد الشهرة اللغوية لا العرفية عند أهل الحديث.
والأدعية التي ذكرها هنا ستة.
ذكر البيهقي في المعرفة أن الشافعي رحمه الله تعالى ذكر عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قال: فذكره بهذه الألفاظ إلا الثاني، وهو قوله: ((على الظراب ومنابت الشجر وبطون الأودية)) وزاد شيئاً سأذكره بعد.
وقد ذكر الشيخ أبو إسحاق وغيره في المهذب وغيره هذا الدعاء كما ذكره الشافعي، ولم يوصل الشافعي إسناده به إلى سالم، ولا ساق البيهقي له إسناداً(5/95)
في تصانيفه كعادته خصوصاً في المعرفة، لكن ذكر لأكثره شواهد تارة باللفظ وتارة بالمعنى.
فالدعاء الأول جاء عن جابر وليس بتمامه، وقد ذكره المصنف بعد هذا.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي فيما قرأت عليه بالقاهرة، والشيخ أبو إسحاق المؤذن فيما قرأت عليه بمكة كلاهما عن أحمد بن أبي طالب فيما سمعا عليه مفترقين، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر البغدادي بدمشق، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن الداودي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد السرخسي، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم الشاشي، قال: أخبرنا عبد بن حميد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا مسعر، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً عاجلاً غير رائثٍ نافعاً غير ضار)) قال: فأطبقت عليهم.
هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
أخرجه أبو داود عن محمد بن أحمد بن أبي خلف.
وأخرجه ابن خزيمة عن علي بن الحسين بن إشكاب.
كلاهما عن محمد بن عبيد.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن محمد بن عبيد.
ورجاله رجال الصحيح إلا أن أحمد تكلم فيه.
وأخرجه البيهقي عن الحاكم بسنده ومن طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل(5/96)
عن مجاهد بن موسى عن محمد بن عبيد.
قال عبد الله: فحدثت به أبي، فقال: ليس هذا بشيء، قد أعطانا محمد بن عبيد كتابه وليس هذا فيه، وقد حدثنا به أخوه يعلى بن عبيد عن مسعر عن يزيد مرسلاً.
قلت: فحاصله أنه رجح الإرسال على الوصل.
وقال الدارقطني في العلل: تابعه جعفر بن عون عن مسعر وأرسله غيرهما وهو أشبه.
وقد وجدت له شاهداً من وجه آخر عن جابر مقروناً بأنس.
وآخر عن ابن عباس وثالثاً عن كعب بن مرة، والله أعلم.
آخر المجلس الحادي والخمسين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الحادي والثلاثون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي.
(452)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رابع عشر الشهر من السنة فقال كان الله له:
(تنبيه) قوله (بواكي) هكذا في أكثر الروايات جمع باكية من البكاء، وقيل: إن في رواية بالدال بدل الكاف، ووقع في رواية الحاكم هوازن بالزاي والنون بلفظ القبيلة المشهورة، كذا وقع عند الدارقطني.
وأغرب الخطابي فقال في شرح أبي داود: لفظ الحديث رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يواكئ -بضم المثناة التحتانية وآخره مهموز- وقال: معناه يحامل يعني يتحامل على يديه عند رفعهما في الدعاء.(5/97)
وهذا مع تكلفه لا تساعده الرواية لأن الراء مفقودة من أوله في جميع المرويات، والعلم عند الله تعالى.
ذكر حديث جابر المقرون بأنس.
قرئ على فاطمة بنت محمد بن عبد الهادي ونحن نسمع، عن أبي نصر بن الشيرازي، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا جدي لأمي أبو العلاء الحافظ، قال: أخبرنا أبو علي المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا الطبراني في الأوسط، قال: حدثنا معاذ بن المثنى، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة -بضم المهملة وتخفيف اللام وبالمثلثة- عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك رضي الله عنهم، قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال: ((اللهم سقيا وادعة نافعة غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً طبقاً مجللاً يتسع به بادينا وحاضرنا، تنزل به من بركات السماء، وتخرج به من بركات الأرض، وتجعلنا عنده من الشاكرين.
هذا حديث غريب ورواته ثقات إلا موسى ففيه مقال.
وقد أخرجه عبد الرزاق مختصراً من وجه آخر عن محمد بن إبراهيم مرسلاً.
وجاء عن أنس من طريق أخرى رويناه في الأوسط أيضاً، وفيه ((غيثاً مغيثاً مريعاً مرتعاً وابلاً شاملاً دائماً)).
قال الطبراني: لم يروه عن الزهري إلا عقيل، ولا عنه إلا ابن لهيعة ولا عنه إلا مجاشع، تفرد به إسحاق بن شاذان.
قلت: مجامع متروك -وهو بضم الميم وتخفيف الجيم وكسر المعجمة بعدها مهملة- وشيخه والراوي عنه ضعيفان.(5/98)
ذكر حديث ابن عباس وكعب.
قرأت على الإمام أبي الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله تعالى، أن عبد الله بن محمد الصالحي أخبره بها عن أبي الحسن بن البخاري سماعاً، قال: أخبرنا أبو عبد الله الكراني في كتابه، قال: أخبرنا أبو القاسم الأشقر، قال: أخبرنا أبو الحسين الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو القاسم اللخمي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي (ح).
وقرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي رحمه الله، عن عبد الله بن أحمد بن تمام، قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي السعود، عن شهدة الكاتبة سماعاً، قالت: أخبرنا الحسين بن أحمد، قال: أخبرنا علي بن محمد، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد، قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، قالا: حدثنا مصرف بن عمرو، قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس، عن حصين -هو ابن عبد الرحمن- عن حبيب بن ثابت، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: جئتك من عند قوم لا يتزود لهم راع ولا يخطر لهم فحل، فصعد المنبر فقال: ((اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً .. .. )) فذكر مثل حديث جابر.
وفي آخره: فلم يجئ أحد من أفق من الآفاق إلا قال: قد أحيينا.
هذا حديث حسن رجاله ثقات، ولولا عنعنة حبيب لقلت: صحيح.
أخرجه ابن ماجه وأبو عوانة جميعاً عن أبي الأحوص بن أبي الهيثم.
زاد أبو عوانة وعن محمد بن يحيى، كلاهما عن الحسن بن الربيع، عن عبد الله بن إدريس.
فوقع لنا عالياً.(5/99)
وأخرج ابن ماجه أيضاً حديث كعب بن مرة من طريق شرحبيل بن السمط أنه قال لكعب بن مرة: حدثنا يا كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر، فقال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله استسق الله تعالى، فرفع يديه فقال: ((اللهم اسقنا ..)) فذكر مثل حديث ابن عباس سواء، لكن قال في آخره: فما جمعوا حتى أحيوا.
وسنده حسن.
وقد أخرجه أحمد أيضاً من هذا الوجه، لكن قال: عن كعب بن مرة أو مرة بن كعب بالشك، وقال في أوله: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر، فأتيته فقلت: يا رسول الله إن الله قد أعطاك أو استجاب لك، وإن قومك قد هلكوا فادع الله أن يسقينا، والباقي بنحوه.
وأفادت هذه الرواية أن المبهم في حديث ابن عباس هو الراوي، ولا يبعد أن يفسر به المبهم الذي في حديث أنس في الصحيحين، وسيأتي قريباً إن شاء الله تعالى.
آخر المجلس الثاني والخمسين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الثاني والثلاثون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
(453)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن عشري شوال من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
الثاني من الأدعية (قوله: ((اللهم على الظراب)) ..) إلى آخره.(5/100)
قلت: سيأتي في (باب ما يقول إذا كثر المطر من حديث أنس، لكنه في دعاء الاستصحاء).
وورد من وجه آخر.
أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن علي الجيزي قراءة عليه ونحن نسمع بشاطئ النيل سنة ثلاث وتسعين، عن وزيرة بنت عمر إجازة إن لم يكن سماعاً، عن الحسين بن أبي بكر سماعاً عليه، قال: أخبرنا طاهر بن محمد، قال: أخبرنا مكي بن علان، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر بن الحسن، قال: حدثنا أبو العباس الأصم، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشافعي، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد، قال: حدثني خالد بن رباح، عن المطلب بن حنطب، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند المطر: ((اللهم سقنا سقيا رحمةٍ لا سقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ، اللهم على الظراب ومنابت الشجر، اللهم حوالينا ولا علينا)).
هذا سند مرسل، والمطلب من صغار التابعين، لكن لم يثبت له سماع عن كثير ممن روى عنه من الصحابة، وهو ابن عبد الله بن حنطب، نسب لجده -وهو بمهملة ثم نون ثم مهملة ثم موحدة بوزن جعفر-.
الثالث من الأدعية (قوله: ((اللهم إنا نستغفرك .. .. )) ) إلى آخره.
سيأتي في آخر الباب موقوفاً.
ووقع في حديث عمرو بن حريث في صحيح أبي عوانة مرفوعاً في دعاء الاستسقاء: اللهم إنا نستغفرك لذنوبنا ونتوب إليك من خطايانا أنت المستغفر الغفار فأرسل السماء علينا مدراراً.
الرابع منها (قوله: ((اللهم اسقنا الغيث ..)) ) إلى آخره.
لم أجد له بتمامه سنداً.(5/101)
ووقع أوله في حديث عائشة في الباب الذي يليه، ومثله في حديث عمرو بن حريث الذي ذكرته قبل ولفظه: ((اللهم أنزل علينا الغيث واكفاً)).
الخامس منها قوله: ((اللهم أنبت لنا الزرع ..)) إلى آخره.
قلت: يجتمع من حديثين:
أحدهما: فيما قرأت على الشيخ أبي إسحاق الآمدي، عن محمد بن عبد الوهاب سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا أبو طاهر بن المعطوش، قال: أخبرنا أبو الغنائم بن المهتدي، قال: أخبرنا أبو طالب العشاري، قال: حدثنا أبو حفص بن شاهين قال: حدثنا أحمد بن عيسى العسكري، قال: حدثنا هاشم بن القاسم الحراني، قال: حدثنا يعلى بن الأشدق، عن عبد الله بن جراد رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال: ((اللهم غيثاً مغيثاً مريئاً توسع به لعبادك وتدر به الضرع وتحيي به الزرع)).
هذا حديث غريب.
أخرجه البيهقي من طريق هاشم بن القاسم.
فوقع لنا عالياً.
وسنده واه جداً، تفرد به يعلى بن الأشدق وهو متروك ونسب إلى الوضع.
وسيأتي في الكلام على استسقاء عمر بالعباس من دعاء العباس نحوه.
الثاني: يؤخذ من حديث الزهري عن أنس قال: فيه: ((تنزل به من بركات السماء وتخرج به من بركات الأرض)).
وقد أشرت إليه في المجلس الماضي.
السادس منها (قوله: ((اللهم ارفع عنا الجهد ..)) ) إلى آخره.(5/102)
لم أجد له سنداً.
وكذا السابع وهو قوله: ((اللهم إن بالبلاد والعباد والبهائم والخلق من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكو إلا إليك)).
وسيأتي في حديث عمرو بن شعيب شيء منه بمعناه، والله المستعان.
آخر المجلس الثالث والخمسين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الثالث والثلاثون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي.
[[روينا في صحيح البخاري، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا صلى الله عليه وسلم فاسقنا، فيسقون.
وجاء الاستسقاء بأهل الصلاح عن معاوية وغيره.
روينا في سنن أبي داود، بإسناد صحيح على شرط مسلم، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتت النبي بواكٍ فقال: ((اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مرياً سريعاً نافعاً غير ضار، عاجلاً غير آجلٍ))، فأطبقت عليهم السماء.]]
(454)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس ذي القعدة الحرام من السنة فقال كان الله له آمين:(5/103)
(قوله: وروينا في صحيح البخاري أن عمر رضي الله عنه .. .. ) إلى آخره.
قرئ على خديجة بنت إبراهيم بن سلطان ونحن نسمع بدمشق، عن أبي عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا الحافظ أبو علي البكري، قال: أخبرنا أبو روح الهروي، قال: أخبرنا تميم بن أبي سعيد، قال: أخبرنا علي بن محمد، قال: أخبرنا أبو الحسن الزوزني، قال: حدثنا أبو حاتم البستي، قال: أخبرنا عمر بن محمد، قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا الأنصاري (ح).
وأنبئت به عالياً عمن أجيز من علي بن عبد الرحمن البكري، أن يحيى بن ثابت أخبرهم، قال: أخبرنا أبي ثابت بن بندار، قال: أخبرنا أبو بكر بن غالب، قال: حدثنا أبو بكر الجرجاني، قال: أخبرني أحمد بن فرج بن جبريل، قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا أبي هو عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس، عن عمه ثمامة. عن أنس رضي الله عنه، قال: كانوا إذا قحطوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فيستقي لهم فيسقون، فلما كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في إمارة عمر بن الخطاب رضي الله [عنه] قحطوا فخرج عمر بالعباس رضي الله عنهما يستسقي، به، فقال: اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك صلى الله عليه وسلم استسقينا به فتسقينا، اللهم إنا نتوسل إليك اليوم بعم نبيك فاسقنا فسقوا.
وبه إلى الجرجاني، قال: حدثنا موسى بن العباس، قال: حدثنا علي بن حرب، وأبو حاتم -هو الرازي- قالا: حدثنا الأنصاري، قال: حدثنا أبي، عن عمه، عن أنس، أن عمر كان إذا قحطوا فذكره.
وقال في آخره: فيسقون.
وقرأته أعلى من هذا بدرجة ومن الذي قبله بدرجتين على الشيخ أبي إسحاق(5/104)
التنوخي، أن الشيخ محمد بن أحمد بن تمام أخبرهم، قال: أخبرنا أبو العباس بن نعمة، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الجوزي، قال: أخبرنا أبو بكر الأنصاري، قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، قال: أخبرنا أبو محمد بن ماسي، قال: حدثنا أبو مسلم الكجي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني أبي، عن عمه، عن أنس، أن عمر خرج يستسقي وخرج معه بالعباس رضي الله عنهم يستسقي به، ويقول: اللهم إنا إذا كنا قحطنا على عهد نبيك توسلنا إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم، اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك.
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري عن الحسن بن محمد الزعفراني.
وابن خزيمة عن محمد بن يحيى الذهلي.
كلاهما عن محمد بن عبد الله الأنصاري.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الطريق الأخيرة.
والأنصاري المذكور من شيوخ البخاري القدماء، أخرج عنه بلا واسطة عدة أحاديث، وربما أخرج عنه بواسطة كهذا.
وأخرج محمد بن سعد في الطبقات بسند فيه ضعف عن عبد الرحمن بن حاطب، قال: رأيت عمر رضي الله عنه -يعني لما استسقى- أخذ بيد العباس فقال: اللهم إنا نستشفع إليك بعم رسولك صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف بسند فيه ضعف عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن عمر رضي الله عنه قال للعباس رضي الله [عنه]: استسق الله، فقام العباس فقال: اللهم أنزل علينا ماء تحيي به الأصل وتدر به الضرع وتطيل به(5/105)
الزرع، اللهم سقيا نافعة وادعة .. الحديث.
(قوله: وجاء الاستسقاء بأهل الصلاح عن معاوية وغيره).
قلت: أخرج ابن عساكر في ترجمة يزيد بن الأسود -وهو من كبار التابعين- بسند صحيح عن سليم بن عامر -وهو من ثقات التابعين- أن الناس قحطوا، فخرج معاوية بيزيد بن الأسود.
ومن طريق سعيد بن عبد العزيز أن الضحاك بن قيس استسقى بيزيد بن الأسود أيضاً، وذكر له معه قصة.
(قوله: وروينا في سنن أبي داود بإسناد صحيح على شرط مسلم عن جابر .. .. ) إلى آخره.
قلت: تقدم أول الباب مع بيان حاله، ولله الحمد.
آخر المجلس الرابع والخمسين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الرابع والثلاثون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
[[وروينا فيه بإسناد صحيح، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال: ((اللهم اسق عبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت)).
وروينا فيه بإسناد صحيح، قال أبو داود في آخره: هذا إسناد جيد عن عائشة رضي الله عنها قال: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناس يوما(5/106)
يخرجون فيه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر فكبر وحمد الله عز وجل، ثم قال: ((إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله سبحانه أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حين)) ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره وقلب، أو حول رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله عز وجل سحابة، فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله تعالى، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، فقال: ((أشهد أن الله على كل شيءٍ قديرٌ، وأني عبد الله ورسوله)).]]
(455)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني عشر ذي القعدة المذكور فقال كان الله له آمين:
(قوله: وروينا فيه -أي في سنن أبي داود- بإسناد صحيح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ..) إلى آخره.
أخبرنا الإمام أبو الفضل حافظ العصر بن الحسين رحمه الله، قال: أخبرني علي بن أحمد البزاز، قال: أخبرنا علي بن أحمد الحنبلي، قال: أخبرنا عمر بن محمد، قال: أخبرنا مفلح بن أحمد، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت(5/107)
الخطيب، قال: أخبرنا القاسم بن جعفر، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ح).
وبه إلى أبي داود، قال: حدثنا سهل بن صالح، قال: حدثنا علي بن قادم، قال: حدثنا سفيان -وهو الثوري- عن يحيى بن سعيد -هو الأنصاري- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال: ((اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت)).
وبه قال أبو داود: هذا لفظ مالك: انتهى.
وقد وقع لنا من حديث مالك أعلى من هذا.
قرأت على الشيخ أبي عبد الله بن قوام، عن أبي الحسن بن هلال سماعاً، قال: أخبرنا أبو إسحاق بن مضر، قال: أخبرنا أبو الحسن الطوسي، قال: أخبرنا أبو محمد السيدي، قال: أخبرنا أبو عثمان البحيري، قال: أخبرنا أبو علي السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، قال: أخبرنا أبو مصعب الزهري، قال: أخبرنا مالك .. .. فذكره.
قال ابن عبد البر: لا يروى عن مالك إلا هكذا، وتابعه معتمر بن سليمان وعبد العزيز بن مسلم كلاهما عن يحيى بن سعيد عن عمرو، وليس فيه عن أبيه عن جده.
قلت: رواية معتمر أخرجها عبد الرزاق في مصنفه عنه، ورواية علي بن قادم الموصولة تفرد بها عن الثوري، وابن قادم مختلف فيه.(5/108)
وقد أخرجه العقيلي من وجه آخر عن حفص بن غياث عن يحيى بن سعيد موصولاً وهي متابعة جيدة، لكن لا يرتفع مع ذلك عن درجة الحسن، والعلم عند الله.
(قوله: وروينا فيه بإسناد صحيح -قال أبو داود في آخره: هذا إسناد جيد- عن عائشة) إلى آخره.
قرأت على خديجة بالسند الماضي قريباً إلى أبي حاتم البستي، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير، قال: حدثنا طاهر بن مخلد بن نزار، قال: حدثنا أبي (ح).
وبالسند المذكور آنفاً إلى أبي داود، قال: حدثنا هارون بن سعيد، قال: حدثنا خالد بن نزار، قال: حدثنا القاسم بن مبرور، عن يونس بن يزيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، فكبر وحمد الله، ثم قال: ((إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم -ثم قال- الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين -وفي رواية أبي حاتم- مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوةً وبلاغاً إلى حينٍ)) وفي نسخة ((إلى خيرٍ)) ورواية أبي حاتم، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه، ثم اقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله عز وجل سحابة فرعدت وبرقت، وفي رواية أبي حاتم: فأرعدت وأبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت(5/109)
السيول، وفي رواية أبي حاتم: فلم يلبث في مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن، وفي رواية أبي حاتم فلما رأى لثق الثياب على الناس ضحك حتى بدت نواجذه فقال: ((أشهد أن الله على كل شيءٍ قديرٌ، وأني عبد الله ورسوله)).
وبه إلى أبي داود قال: هذا حديث غريب وإسناده جيد. انتهى.
وقرأته والذي قبله عالياً على أبي علي الفاضل، عن يونس بن أبي إسحاق، عن علي بن الحسين، عن الفضل بن سهل، عن الخطيب بالحديثين.
وأخرج الثاني أبو عوانة في صحيحه عن أبي داود.
فوافقنا بعلو.
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن هارون بن سعيد، والله أعلم.
آخر المجلس الخامس والخمسين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الخامس والثلاثون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية إبراهيم البقاعي.
[[في هذا الحديث التصريح بأن الخطبة قبل الصلاة، وكذلك هو مصرح به في صحيحي البخاري ومسلم.(5/110)
يستحب تقديم الصلاة على الخطبة لأحاديث أخر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم الصلاة على الخطبة.]]
(456)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء تاسع عشر ذي القعدة من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
وقد وجدت لحديث عائشة شاهداً لبعضه.
أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن علي الجيزي فيما قرئ عليه بمصر سنة ثلاث وتسعين ونحن نسمع، عن وزيرة بنت عمر بن أسعد، قالت: أخبرنا أبو عبد الله الزبيري، قال: أخبرنا أبو زرعة بن أبي الفضل، قال: أخبرنا أبو الحسن بن علان النيسابوري، قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسن القاضي، قال: حدثنا أبو العباس الأصم، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا أبو عبد الله الشافعي، قال: أخبرني من لا أتهم، عن سليمان بن عبد الله بن عويمر الأسلمي، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أصاب الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة شديدة، فمر بهم يهودي فقال: لو شاء صاحبكم لسقيتم ما شئتم، لكنه لا يحب ذلك، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أوقد قالها؟)) قالوا: نعم، قال: ((إني لأستنصر بالسنة على أهل نجدٍ موعدكم غداً أستسقي لكم)) فلما كان ذلك اليوم غدوا فما تفرقوا حتى مطروا ما شاؤوا، فما أقلعت السماء جمعة.
هذا حديث غريب من هذا الوجه.
وسليمان مدني موثق، وشيخ الشافعي كأنه إبراهيم بن أبي يحيى وهو صدوق عند الشافعي مضعف عن الجمهور.
ووجدت لحديث عمرو بن شعيب شاهداً مقطوعاً.(5/111)
قرأت على شيخ الإسلام أبي الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله، أنه قرأ على عبد الله بن محمد البزوري، عن أبي الحسن بن البخاري سماعاً، قال: أخبرنا أبو عبد الله الكراني في كتابه، قال: أخبرنا أبو القاسم الأشقر، قال: أخبرنا أبو الحسين بن محمد الأصبهاني، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب، قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور؛ قال: حدثنا سعيد بن سليمان، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن -يعني البصري- أنه كان إذا استسقى قال: اللهم إنا نستسقيك ونستغفرك، اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً أرسل السماء علينا مدراراً، اللهم اسق عبادك وبلادك وأحي بهائمك وانشر رحمتك .. الحديث.
وسنده حسن عن الحسن.
(قوله: في هذا الحديث -يعني حديث عائشة- التصريح بأن الخطبة قبل الصلاة).
قلت: أخذه من قوله: ثم أقبل على الناس ونزل فصلى.
(قوله: وكذلك هو مصرح به في صحيحي البخاري ومسلم).
قلت: هذا يوهم أنه عندهما من حديث عائشة وليس كذلك، وإنما يؤخذ مما أخرجاه من حديث عبد الله بن زيد، فإنه عندهما من طريق في بعضها أنه صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة وحول رداءه ثم صلى ركعتين، هذه رواية الزهري عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد.
أخرجها البخاري من طريق ابن أبي ذئب.
ومسلم من طريق يونس بن يزيد أتم منه.
كلاهما عن الزهري.(5/112)
ففي رواية البخاري فقام فدعا الله قائماً ثم توجه قبل القبلة، وفي رواية مسلم نحوه بلفظ: يدعو.
(قوله: يستحب تقديم الصلاة على الخطبة لأحاديث أخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم الصلاة على الخطبة).
قلت: ذكره بالمعنى الذي دل عليه ثم، كما في الذي قبله.
فمن الأحاديث في ذلك ما قرأت على فاطمة بنت المنجا، عن أبي الفضل بن أبي طاهر الحاكم، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: أخبرنا القاسم بن عبد الله الصفار، قال: أخبرنا أبو الأسعد بن أبي القاسم، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق، قال: حدثنا عمرو بن عثمان بن العباس بن الوليد الهجيمي بقيسارية، قال: حدثنا عبد الله بن راشد، قال: حدثنا موسى بن عيسى المدني، قال: حدثنا المسيب بن شريك، عن جعفر بن عمرو بن حريث، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهما، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نستسقي فصلى بنا ركعتين، ثم قلب رداءه ورفع يديه فقال: ((اللهم يا معطي الخيرات من أماكنها ومنزل الرحمة من معادنها ومجري البركات على أهلها أنت المغيث الغفار، أرسل السماء علينا مدراراً .. .. )) الحديث بطوله.
هذا حديث غريب.
أخرجه أبو عوانة في صحيحه المستخرج على مسلم، وهو من زياداته.
وسنده ضعيف: فيه من لا يعرف عيناً ولا حالاً، وفيه المسيب بن شريك ضعفه يحيى بن معين وغيره، وقال أحمد: ترك الناس حديثه.(5/113)
وعجبت للضياء إذ أخرجه في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين، والله المستعان.
آخر المجلس السادس والخمسين بعد الأربعمئة من التخريج وهو المجلس السادس والثلاثون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي.
(457)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سادي عشري الشهر.
فقال: ولم أسمع من لفظه إلا من قوله ستتهم عن وهب بن جرير، فوقع لنا بدلاً عالياً، والباقي سمعته عليه في المعارضة.
ومنها حديث أبي هريرة.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم بن علي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن صاعد، قال: أخبرنا هبة الله بن محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت النعمان بن راشد يحدث، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فاستسقى، فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطب وحول رداءه ودعا الله واستقبل القبلة رافعاً يديه، ثم جعل الأيسر على الأيمن والأيمن على الأيسر.
هذا حديث غريب.(5/114)
أخرجه ابن ماجه عن أحمد بن أبي الأزهر، والحسن بن أبي الربيع.
وأخرجه ابن خزيمة والطحاوي جميعاً عن إبراهيم بن مرزوق، وزاد ابن خزيمة وعن زيد بن أخزم.
وأخرجه أبو عوانة عن عمار بن رجاء.
وأخرجه الحاكم من طريق محمد بن سنان.
ستتهم عن وهب بن جرير.
فوقع لنا بدلاً عالياً لاتصال السماع.
وأخرجه البيهقي عن الحاكم.
وقال: تفرد به النعمان بن راشد.
وقال ابن خزيمة بعد تخريجه: في القلب من النعمان فإن في حديثه عن الزهري خطأً كثيراً.
قلت: كشف الدارقطني عنه في العلل فقال: أخطأ فيه النعمان، وخالفه أصحاب الزهري كلهم فقالوا: عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه.
قلت: أخرجه الشيخان من رواية ابن أبي ذئب عن الزهري.
ومسلم أيضاً من رواية يونس.
وسياق النعمان للمتن أصرح من سياقتهم، لكن خالف في تقديم الخطبة.
وقد رواه معمر عن الزهري أخصر منه في التصريح.
وبهذا الإسناد إلى أحمد قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عباد، عن عمه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي للناس(5/115)
فصلى بهم ركعتين وجهر بالقراءة، وقلب رداءه ورفع يديه ودعا واستسقى واستقبل القبلة.
وهذا نحو رواية النعمان في تقديم الصلاة.
وأخرج أحمد أيضاً من طريق محمد بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عباد، فذكر الحديث مطولاً وفيه: وبدأ بالصلاة قبل الخطبة.
وقد جاءت الرواية عن عباد بن تميم في تقديم الصلاة على الخطبة مختلفة كما تقدم.
ووقع لنا من وجه آخر عن عباد صريحاً أيضاً.
وبه إلى أحمد قال: حدثنا إسحاق بن عيسى، قال: حدثني مالك، عن عبد الله بن أبي بكر -يعني ابن محمد بن عمرو بن حزم، قال: سمعت عباد بن تميم، يقول: سمعت عبد الله بن زيد يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى وحول رداءه، وبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم استقبل القبلة فدعا.
هذا حديث غريب.
أخرجه النسائي في مسند مالك عن زكريا بن يحيى، عن هارون بن عبد الله بن إسحاق بن عيسى. فوقع لنا عالياً.
وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك من رواية محمد بن عبد الله المخرمي عن إسحاق بن عيسى، وقال: تفرد به إسحاق عن مالك بقوله: وبدأ بالصلاة قبل الخطبة، والحديث في الموطأ بدون هذه الزيادة.
قلت: أكثر الطرق عن عباد ليس فيها ذكر تقديم إحداهما على الأخرى.(5/116)
وقد أخرج البخاري من طريق أبي إسحاق السبيعي، قال: خرج عبد الله بن يزيد -هو الخطمي- يستسقي ومعه البراء بن عازب وزيد بن أرقم، فاستسقى وقام على رجليه على غير منبر فاستغفر ثم صلى ركعتين ولم يؤذن ولم يقم، ورفع الحديث.
وقد جمع المحب الطبري من هذا الاختلاف باحتمال أنه صلى الله عليه وسلم استسقى مرتين قبل الصلاة وبعدها، وكانت الخطبة على المنبر بعد فراغ الصلاة.
قلت: وكثير من الأخبار الواردة في هذا الباب تساعد هذا الجمع، والله أعلم.
آخر المجلس السابع والخمسين بعد الأربعمئة من التخريج وهو السابع والثلاثون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي.
[[ثم روي عن عمر رضي الله عنه أنه استسقى وكان أكثر دعائه الاستغفار.
باب ما يقوله إذا هاجت الريح
روينا في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت:كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أُرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أُرسلت به)).(5/117)
وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه، بإسناد حسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الربح من روح الله تعالى، تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها)).
وروينا في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، عن عائشة رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئاً في أفق السماء، ترك العمل وإن كان في الصلاة ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك من شرها)) فإن مطر قال: ((اللهم صيباً هنيئاً)).]]
(458)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء رابع ذي الحجة الحرام سنة سبع وأربعين وثمانمئة فقال أحسن الله إليه:
(قوله: ثم روى -يعني الشافعي- عن عمر رضي الله عنه أنه استسقى .. .. ) إلى آخره.
قرأت على أبي الحسن بن أبي بكر الحافظ رحمه الله، عن محمد بن إسماعيل بن الحموي سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر الصفار في كتابه، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد، قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسين الحافظ، قال: أخبرنا أبو نصر بن قتادة، قال: أخبرنا أبو منصور النضر -بفتح النون وسكون المعجمة- قال: حدثنا أحمد بن نجدة، قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا سفيان، وهشيم، كلاهما عن مطرف، عن الشعبي، قال: خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فقيل له: ما رأيناك استسقيت، قال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء يستنزل بها القطر، ثم قرأ {استغفروا ربكم إنه(5/118)
كان غفاراً. يرسل السماء عليكم مدراراً} ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً.
وقرأته عالياً على الإمام أبي الفضل بن الحسين الحافظ، أنه قرأ على أبي محمد البزوري، عن علي بن أحمد بن عبد الواحد سماعاً، عن محمد بن أبي زيد إجازة، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: أخبرنا الطبراني في كتاب الدعاء، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي مريم، قال: حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان -هو الثوري- عن منصور، عن الشعبي، فذكره بمعناه مختصراً.
ورجاله ثقات، لكن السند منقطع بين الشعبي وعمر.
وقد أخرجه البيهقي من وجه آخر عن عمر بنحوه، وسنده متصل.
(قوله: (باب ما يقول إذا هاجت الريح. روينا في صحيح مسلم عن عائشة ..) إلى آخره.
أخبرني المسند المبارك أبو الفرج بن أحمد بن مبارك رحمه الله، عن علي بن إسماعيل المخزومي سماعاً، قال: أخبرنا أبو الفرج بن الصيقل، قال: حدثنا أبو الحسن الجمال في كتابه، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم في المستخرج، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا محمد بن بركة، قال: حدثنا يوسف بن سعيد، قال: حدثنا حجاج - وهو المصيصي، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ريحاً سأل الله تعالى من خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، ويعوذ بالله من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به.(5/119)
أخرجه مسلم عن أبي الطاهر، عن ابن وهب عن ابن جريح.
فوقع لنا عالياً بدرجة.
(قوله: وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه بإسناد حسن عن أبي هريرة ..) إلى آخره.
وبالسند المذكور آنفاً إلى الطبراني، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: أخبرني ثابت بن قيس، أن أبا هريرة رضي الله عنه حاج، فقلت له: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، وسلوا الله تعالى خيرها واستعيذوا به من شرها)).
هذا حديث حسن صحيح.
أخرجه أحمد عن عبد الرزاق.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو داود عن أحمد بن محمد المروزي وسلمة بن شبيب، كلاهما عن عبد الرزاق.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه أحمد أيضاً والنسائي وابن ماجه وأبو عوانة في صحيحه والحاكم في مستدركه من عدة أوجه عن الزهري.
ورجاله رجال الصحيح إلا ثابت بن قيس وهو صدوق، وشاهده حديث(5/120)
عائشة الذي قبله، (قوله: وروينا في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه من عائشة ..) إلى آخره.
أخبرني أبو المعالي الأزهري بالسند الماضي مراراً إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرحمن -هو ابن مهدي- قال: حدثنا سفيان -هو الثوري- عن المقدام (ح).
وقرأته عالياً على عبد القادر بن محمد بن الفخر عبد الرحمن بن الفخر البعلي، وعلى ابن عمه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن، كلاهما عن أحمد بن علي بن الحسن الهكاري سماعاً عليه، عن المبارك بن محمد الخواص، قال: أخبرنا أبو الفتح بن نجا، قال: أخبرنا أحمد بن المظفر، قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال: حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف، قال: حدثنا القاسم بن الحكم، قال: حدثنا مسعر، عن المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئاً في أفق السماء ترك العمل وإن كان في صلاة، ويقول: ((اللهم إني أعوذ بك من شرها)).
هذا لفظ سفيان، وفي رواية مسعر كان إذا رأى ريحاً أو غيماً فزع، ثم اتفقا: فإذا أمطرت قال: ((اللهم صيباً هنيئاً)) وفي رواية مسعر ((صيباً نافعاً)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أبو داود عن محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي.
فوافقناه في شيخ شيخه بعلو.
وأخرجه النسائي من رواية يحيى القطان عن الثوري.
وأخرجه ابن ماجه والنسائي أيضاً من رواية يزيد بن المقدام عن أبيه،(5/121)
وأحمد أيضاً وابن حبان في صحيحه من رواية شريك بن المقدام.
وأخرجه أبو عوانة في صحيحه من رواية إسرائيل عن المقدام.
وأخرجه أيضاً النسائي وابن حبان من وجه آخر عن مسعر ببعضه.
فوقع لنا عالياً، ولله الحمد.
آخر المجلس الثامن والخمسين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الثامن والثلاثون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية أبي الحسن البقاعي.
[[وروينا في كتاب الترمذي وغيره، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الريح، فإن رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خيرٍ هذه الريح وخير ما فيها، وخيرٍ ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به)) قال الترمذي: حديث حسن صحيح.]]
(459)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثامن عشر ذي الحجة الحرام من السنة فقال كان الله له آمين:
(قوله: وروينا في كتاب الترمذي وغيره عن أبي بن كعب ..) إلى آخره.(5/122)
قرأت على الشيخ المسند أبي محمد إبراهيم بن محمد الدمشقي بالمسجد الحرام، أن أحمد بن أبي طالب أخبرهم، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ذر -هو ابن عبد الله المرهبي، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب رضي الله عنه، أن الريح هبت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسبها رجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبها فإنها مأمورةٌ، ولكن قل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أمرت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، وشر ما أمرت به)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه النسائي في الكبرى عن إبراهيم بن يعقوب عن سهل بن حماد عن شعبة.
فوقع لنا عالياً بثلاث درجات مع اتصال السماع.
وأخرجه البخاري في الأدب عن ابن أبي شيبة.
وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند عن محمد بن المثنى.
كلاهما عن أسباط بن محمد.
وعبد الله بن أحمد أيضاً عن محمد بن يزيد.(5/123)
والترمذي والنسائي أيضاً جميعاً عن إسحاق بن إبراهيم بن حبيب.
كلاهما عن محمد بن فضيل، كلاهما عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت بنحوه.
وأخرجه أحمد من رواية سفيان الثوري عن حبيب.
وخالفهم فطر بن خليفة عن حبيب في مسنده.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق البعلي بالقاهرة، عن أبي العباس بن الشحنة سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو المنجا، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الشاشي، قال: أخبرنا أبو محمد الكشي، قال: حدثنا محمد بن القاسم الأسدي، قال: حدثنا فطر بن خليفة، عن يحيى بن جعدة، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الريح من نفس الرحمن، فإذا رأيتموها فسلوا الله من خيرها وتعوذوا بالله من شرها)).
هذا سند منكر، ومحمد بن القاسم متروك عند الجمهور، والطريق الأول هو المعروف في هذا الحديث سنداً ومتناً.
قال الترمذي بعد تخريجه: هذا حديث حسن صحيح.
وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وعثمان بن أبي العاص وأنس وابن عباس وجابر.
قلت: وفيه عن سلمة بن الأكوع وأبي الدرداء وعقبة بن عامر.
وقد تقدم حديث عائشة وأبي هريرة وأبي الدرداء مع حديث أبي.(5/124)
وأما أحاديث سلمة وأنس وجابر وابن عباس فقد ذكرها المصنف في هذا الباب.
وأما حديث عثمان بن أبي العاص فقرأت على المسند العماد أبي بكر بن العز بصالحية دمشق، عن أبي عبد الله بن الزراد سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو العباس بن نعمة، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن علي، قال: أخبرنا جمال الإسلام أبو الحسن السلمي، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا جدي أبو بكر بن أبي الحديد، قال: حدثنا أبو بكر الخرائطي، قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد، قال: حدثنا عامر بن سعيد، قال: حدثنا القاسم بن مالك المزني (ح).
وقرأته عالياً على الإمام أبي الفضل بن الحسين الحافظ بالسند الماضي قريباً إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا فروة بن أبي المغراء، قال: حدثنا القاسم بن مالك، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن يزيد بن الحكم بن أبي العاص، عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، قال: كانت الريح إذا اشتدت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أعوذ بك من شر ما أرسلت به -وفي رواية الخرائطي- من شر ما أرسلت فيها)).
هذا حديث غريب.
أخرجه البزار عن إبراهيم بن الجنيد عن فروة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وقال: لا نعرفه عن عثمان إلا بهذا الإسناد.(5/125)
وأخرجه ابن السني عن أحمد بن محمد بن عثمان، عن أبي زرعة الرازي، عن فروة.
وفي سنده: عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الواسطي ضعيف، لكنه يتقوى بشواهده، والله أعلم.
آخر المجلس التاسع والخمسين بعد الأربعمئة من التخريج وهو التاسع والثلاثون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي.
[[وروينا بالإسناد الصحيح في كتاب ابن السني، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح يقول: ((اللهم لقحاً لا عقيماً)).
وروينا فيه، عن أنس بن مالك وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا وقعت كبيرةٌ أو هاجت ريحٌ عظيمةٌ، فعليكم بالتكبير، فإنه يجلو العجاج الأسود)).]]
(460)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء خامس عشري الشهر من السنة، وإنما سمعت من لفظه من قوله: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد والباقي في العرض.
(قوله: وروينا بالإسناد الصحيح في كتاب ابن السني عن سلمة بن الأكوع .. .. ) إلى آخره.
أخبرني المسند الأصيل أبو بكر بن عبد العزيز الحموي ثم المصري بشاطئ(5/126)
النيل، قال: أخبرنا جدي الإمام أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الكناني، قال: أخبرنا مكي بن علان في كتابه، عن الحافظ أبي طاهر السلفي، قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني، قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي، قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسن، قال: حدثنا أبو الخير أحمد بن محمد العبقسي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا أحمد بن أبي بكر -هو أبو مصعب الزهري- (ح).
وقرأته عالياً على شيخنا الإمام أبي الفضل بن الحسين الحافظ بالسند الماضي قريباً إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا عبدان بن أحمد، قال: حدثنا أحمد بن عبدة، قالا: حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن -هو المخزومي- عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدت الريح يقول: ((اللهم لقحاً لا عقماً)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد هكذا.
وأخرجه ابن حبان في صحيحه وابن السني معاً عن أبي يعلى الموصلي، عن أحمد بن عبدة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الطبراني أيضاً في المعجم الأوسط.
وقال: لم يروه عن يزيد إلا مغيرة، تفرد به أحمد بن عبدة.
قلت: ورواية أبي مصعب واردة عليه.(5/127)
وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن المغيرة.
وهي ورادة أيضاً على دعوى التفرد المذكورة.
(قوله: وروينا فيه -أي ابن السني- عن أنس وجابر ..) إلى آخره.
قلت: هذا يوهم أنهما قرنا في الرواية، وليس كذلك، وإنما وقع عنده اختلاف على بعض رواته في الصحابي كما سأبينه.
قرأت على العماد أبي بكر الفرضي، عن أبي بكر بن الرضي، وأبي العباس بن معالي سماعاً عليهما، عن محمد بن إسماعيل الخطيب، عن فاطمة بنت سعد الخير سماعاً، قالت: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن عنبسة بن عبد الرحمن، عن محمد بن زاذان، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا وقعت كبيرةٌ أو هاجت ريحٌ مظلمةٌ فعليكم بالتكبير، فإنه يجلي العجاج الأسود)).
هذا حديث غريب، وسنده ضعيف جداً.
محمد بن زاذان ضعيف، وعنبسة متروك.
أخرجه ابن السني عن أبي يعلى هكذا.
فوقع لنا موافقة عالية لاتصال السماع.
وأخرجه ابن السني أيضاً من طريق عمرو بن عثمان عن الوليد بهذا السند، لكن قال عن أنس بدل جابر.(5/128)
وهكذا أخرجه ابن عدي في ترجمة عنبسة من طريق محمد بن عبد الله بن ميمون عن الوليد، فقال أيضاً عن أنس.
وجاء عن أنس حديث آخر يدخل في هذا الباب.
قرأت على عبد الرحمن بن عمر بن عبد الحافظ، عن أبي بكر بن الرضي، وأبي العباس بن معالي بالسند الماضي آنفاً إلى أبي يعلى، قال: حدثنا موسى بن محمد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي (ح).
وبالسند الماضي إلى الطبراني، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي [(ح)]. وبه قال الطبراني: وحدثنا معاذ بن المثنى، قال: حدثنا علي بن المديني، قالا: حدثنا ابن مهدي، قال: حدثنا المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هبت الريح شديدة، قال: ((اللهم إنا نسألك من خير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر ما أمرت به)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد عن خليفة بن خياط عن عبد الرحمن بن مهدي.
ولم أره في مسند أحمد من هذا الوجه.
وقرأت على فاطمة بنت عبد الهادي، عن أبي عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الخطيب، بالسند المذكور إلى أبي يعلى، قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: حدثنا محمد بن فضيل، قال: حدثنا الأعمش عن أنس فذكر نحوه، وأوله: كان إذا أبصر الريح فزع وقال: ((اللهم .. .. )) إلى آخره.(5/129)
ورجاله رجال الصحيح إلا أن فيه انقطاعاً بين الأعمش وأنس، والله أعلم.
آخر المجلس الستين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الأربعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه إبراهيم البقاعي على ما بين قبل.
[[وروى الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه ((الأم)) بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ما هبت الريح إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، وقال: ((اللهم اجعلها رحمةً ولا تجعلها عذاباً، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً)).
وذكر الشافعي رحمه الله حديثاً منقطعاً، عن رجل؛ أنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الفقر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعلك تسب الريح)).
فقال الشافعي رحمه الله: لا ينبغي لأحدٍ أن يسب الرياح، فإنها خلقٌ لله تعالى مطيع، وجندٌ من أجناده، يجعلها رحمةً ونقمةً إذا شاء.]]
(461)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء ثاني محرم سنة ثمان وأربعين وثمانمئة فقال كان الله له:
(قوله: وروى الإمام الشافعي في كتاب الأم بإسناده عن ابن عباس .. .. ) إلى آخره.
قرئ على الشيخ أبي الحسن بن أبي المجد ونحن نسمع، عن وزيرة بنت عمر إجازة إن لم يكن سماعاً، قالت: أخبرنا الحسين بن أبي بكر، قال:(5/130)
أخبرنا طاهر بن أبي الفضل، قال: أخبرنا أبو الحسن بن علان، قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسن، قال: حدثنا أبو العباس المعقلي، قال: أخبرنا أبو محمد المرادي، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرني من لا أتهم، قال: أخبرنا العلاء بن راشد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ما هبت قط إلا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، وقال: ((اللهم اجعلها رحمةً ولا تجعلها عذاباً، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً)).
وبه قال ابن عباس قال: قال الله عز وجل {وأرسلنا الرياح لواقح} {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشراتٍ} وقال تعالى: {إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً} و{أرسلنا عليهم الريح العقيم}.
هذا حديث حسن.
أخرجه البيهقي في المعرفة عن أبي بكر بن أبي الحسن.
فوقع لنا موافقة عالية.
وشيخ الشافعي ما عرفته، وكنت أظنه ابن أبي يحيى، لكن لم يذكروه في الرواة عن العلاء، والعلاء موثق.
ولابن عباس حديث آخر.
وبالسند الماضي إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي -بفتح النون وسكون الراء وكسر المهملة- قال: حدثنا زيد بن أخزم -بمعجمتين- قال: حدثنا بشر بن عمر -هو الزهراني- قال: حدثنا أبان بن يزيد، قال: حدثنا قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الريح، ولكن سلوا الله من خيرها وتعوذوا بالله من شرها)).(5/131)
هذا حديث صحيح.
أخرجه البيهقي وابن حبان في صحيحه من طريق أبي قدامة السرخسي عن بشر بن عمر.
فوقع لنا عالياً.
ورجاله رجال الصحيح لكن له علة.
أخرجه أبو داود في المراسيل عن مسلم بن إبراهيم عن أبان فلم يذكر ابن عباس في مسنده.
وذكر في موضع آخر أن سماع قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس أربعة أحاديث وزاد غيره آخر، وليس هذا منها، وقد عنعنه قتادة وهو مدلس.
وإنما صححته لشواهده، وقد سبقت وتأتي.
ووجدت لحديث ابن عباس الذي قبله متابعاً.
وبه إلى الطبراني، قال: حدثنا عمر بن حفص السدوسي، وأحمد بن محمد الخزاعي، قال الأول: حدثنا عاصم بن علي، والثاني: محمد بن بكير الحضرمي، قالا: حدثنا خالد بن عبد الله، قال: حدثنا حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هاجت ريح استقبلها وجثا على ركبتيه وقال: ((اللهم اجعلها .. .. )) فذكر مثله إلى قوله ((ريحاً)).
وزاد: ((اللهم إني أسألك من خير هذه الريح وخير ما ترسل به، وأعوذ بك من شرها وشر ما ترسل به)).(5/132)
أخرجه مسدد في مسنده الكبير عن خالد بن عبد الله الطحان على الموافقة.
وحسين بن عبد الله ضعيف.
وجده هو عبيد الله -بالتصغير- ابن العباس.
وقد اعتضد بالمتابعة.
(وقوله: وذكر الشافعي حديثاً منقطعاً عن رجل ..) إلى آخره.
أنبئت عن غير واحد، عمن سمع علي بن الحسن الحافظ، يحدث عن عبد الجبار بن محمد الفقيه قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسين الحافظ، قال: حدثنا أبو سعيد بن أبي عمرو، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبر عمي محمد بن العباس، قال: شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم الفقر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعلك تسب الريح)).
وبه قال الشافعي: لا ينبغي لأحد أن يسب الريح، فإنها خلق لله تعالى مطيع، وجند من أجناده يجعلها رحمة ونقمة إذا شاءه.
قلت: سند الحديث المذكور معضل، لأنه سقط منه اثنان فصاعداً.
وقول الشيخ عن رجل يوهم أن محمداً رواه عنه، وليس كذلك، بل أرسل القصة.
ولم أجد لهذا المتن شاهداً ولا متابعاً، والعلم عند الله تعالى.
آخر المجل الحادي والستين بعد الأربعمئة من التخريج وهو الحادي والأربعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية كاتبه البقاعي.(5/133)
(462)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء يوم تاسوعاء من السنة فقال أحسن الله عاقبته آمين:
أخبرني الشيخ المسند أبو عبد الرحمن عبد الله بن خليل الحرستاني ثم الصالحي بها، قال: أخبرنا العباس بن أحمد بن محمد الزبداني، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، عن فاطمة بنت أبي الحسن الأندلسي سماعاً، قال: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي، قال: حدثنا وهب بن بقية، قال: حدثنا خالد بن عبد الله -هو الطحان- قال: حدثنا حسين بن عبد الله .. .. فذكر الحديث كما تقدم آنفاً.
لكن قال: ثارت بد لهاجت، ولم يقل: اللهم إنا نسألك .. إلى آخره.
وبه إلى أبي يعلى، قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن رشدين بن كريم، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إنا نعوذ بك من شر ما تجيء به الريح)).
هذا حديث غريب من هذا الوجه.
ورشدين بكسر الراء والدال المهملتين بينهما شين معجمة، بوزن عشرين، ضعيف، يقوى بشواهده.
أخبرنا المسند أبو بكر بن إبراهيم بن أبي عمر، قال: أخبرنا محمد بن الفخر علي بن أحمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبي، والإمام أبو الفرج بن أبي عمر، وعبد الرحمن بن الزين بن عبد الملك، قالوا: أخبرنا القاضي أبو القاسم الحرستاني، قال: أخبرنا جمال الإسلام أبو الحسن السلمي، قال: أخبرنا أبو الحسن بن عبد الواحد، قال: أخبرنا جدي أبو بكر بن(5/134)
أحمد بن عثمان، قال: حدثنا أبو بكر بن جعفر، قال: حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا زياد بن عبد الله، كتبنا عنه في حياة هشيم (ح).
وبه إلى ابن جعفر، قال: حدثنا العباس بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن يوسف، قال: حدثنا سفيان -هو الثوري- قالا: حدثنا منصور، عن مجاهد، قال: جاءت ريح على عهد ابن عباس فسبوها، فقال ابن عباس: لا تسبوها فإنها مأمورة وإنها تجيء بالرحمة وتجيء بالعذاب، ولكن قولوا اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً.
هذا لفظ زياد، وقال الثوري في روايته: اللهم اجعلها ريح رحمة ولا تجعلها ريح عذاب.
هذا موقوف صحيح الإسناد.
وقرأته بالسند الأول عالياً على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا سليمان بن ظفر بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا زياد .. .. فذكره.
وبه إلى الطبراني، قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو (ح).
وقرأت على أم يوسف الصالحية بها، عن أبي نصر بن العماد، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه، قال: أخبرنا أبو العلاء العطار، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم، عن الطبراني، قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، قال: حدثنا محمد بن بكار، قال: حدثنا سعيد بن بشير [قال: أخبرنا] أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا الليل ولا النهار ولا الشمس ولا القمر ولا الريح، فإنها رحمةٌ لقومٍ وعذابٌ لآخرين)).(5/135)
هذا لفظ رواية أبي نعيم، وقطعه الطبراني في الدعاء.
وقال في رواية أبي نعيم: لم يروه عن أبي الزبير إلا سعيد، تفرد به محمد بن بكار.
قلت: وسعيد مختلف فيه، وفي السند عنعنة أبي الزبير، والله المستعان.
آخر المجلس الثاني والستين بعد الأربعمئة من التخريج، وهو الثاني والأربعون بعد الثمانمئة من الأمالي بالبيبرسية رواية البقاعي.
(463)
ثم أملى علينا يوم الثلاثاء سادس عشر الشهر من السنة فقال كان الله له في الدارين:
ذكر حديث عقبة.
أخبرني العماد أبو بكر بن العز رحمه الله، قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الزراد، قال: أخبرنا أبو العباس بن نعمة قال: أخبرنا عبد الرحمن بن علي، قال: أخبرنا علي بن المسلم، قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد، قال: أخبرنا جدي أبو بكر، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا نصر بن داود، قال: حدثنا محمد بن بكار، قال: حدثنا محمد بن سلمة الحراني (ح).
وقرأته عالياً على أبي الفرح بن الغزي، عن يونس بن أبي إسحاق العسقلاني سماعاً، قال: أخبرنا أبو الحسن بن المقير إجازة إن لم يكن سماعاً، عن نصر بن نصر، قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، قال: حدثنا أبو القاسم البغوي، قال: حدثنا عبد الجبار بن عاصم، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمشي(5/136)
بين الجحفة والأبواء إذا غشيتنا ريح وظلمة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ بأعوذ برب الفلق وبأعوذ برب الناس، ثم قال عقبة: تعوذوا بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما، ثم سمعته يؤمنا بهما في الصلاة.
هذا حديث حسن.
أخرجه أبو داود عن عبد الله بن محمد النفيلي، عن محمد بن سلمة.
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه الطبراني من رواية عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن سلمة.
وروى بعضه الليث بن سعد عن سعيد المقبري فلم يقل في السند عن أبيه.
أخبرنا الشيخ أبو إسحاق قراءة عليه ونحن نسمع، عن أبي العباس بن أبي طالب سماعاً عليه، قال: أخبرنا أبو المنجا بن اللتي، قال: أخبرنا أبو الوقت، قال: أخبرنا الداودي، قال: أخبرنا السرخسي، قال: أخبرنا عيسى بن عمر، قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن سعيد، أن عقبة قال: مشيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: ((يا عقبة قل)) فقلت: أي شيء أقول؟ قال: {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس} حتى أتيت على آخرها فقال: ((ما سأل سائلٌ ولا استعاذ مستعيذٌ بمثلها)).
أخرجه النسائي عن قتيبة عن الليث.
وأخرجه من عدة طرق مطولاً ومختصراً.
وله شاهد.
قرأت على أبي المعالي بن عمر، عن أبي العباس بن أبي الفرج سماعاً،(5/137)
قال: أخبرنا أبو الفرج الحراني، قال: أخبرنا أبو محمد الحربي، قال: أخبرنا أبو القاسم الكاتب، قال: أخبرنا أبو علي الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا الضحاك بن مخلد، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذنب (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن أبي الفضل بن أبي قدامة، قال: أخبرنا إسماعيل بن ظفر قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد، قال: أخبرنا محمود بن إسماعيل، قال: أخبرنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا إسماعيل بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك (ح).
وقرأته على الشيخ أبي إسحاق التنوخي عالياً، عن إسماعيل بن يوسف بن مكتوم، قال: أخبرنا أبو المنجا بالسند المذكور قبل إلى السرخسي، قال: أخبرنا أبو إسحاق الشاشي، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا ابن أبي فديك، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن أبي سعيد البراد، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب -بمعجمة وموحدتين مصغر- الجهني، عن أبيه رضي الله عنه، قال: خرجنا في ليلة مظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي بنا، فأدركته فقال لي: ((قل فلم أقل شيئاً، فذكر ذلك ثلاثاً، قلت: ما أقول يا رسول الله؟ قال: ((قل هو الله أحدٌ والمعوذتين حين تصبح وحين تمسي ثلاث مرات يكفك من كل شيءٍ)).
هذا حديث حسن صحيح.
أخرجه الترمذي عن عبد بن حميد بهذا السند.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أبو داود عن محمد بن المصفى عن ابن أبي فديك.(5/138)
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي عن عمرو بن علي عن أبي عاصم - وهو الضحاك بن مخلد.
ووقع في روايته عن أسيد بن أبي أسيد - وهو أبو سعيد المذكور في رواية الترمذي، وقد نبه على ذلك الترمذي.
ووقع في رواية محمد بن المصفى عن أبي أسيد، وكأنه سقط من روايته أسيد بن.
وقد ذكر النسائي في هذا السند اختلافاً على معاذ بن عبد الله، وهذا أرجح طرقه، والله أعلم.
آخر المجلس الثالث والستين بعد الأربعمئة وهو الثالث والأربعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية رواية البقاعي.
[[باب ما يقول إذا انقض الكوكب
روينا في كتاب ابن السني، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أمرنا أن لا نتبع أبصارنا الكوكب إذا انقض؛ وأن نقول عند ذلك: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.]]
(464)
[قوله: باب ما يقول إذا انقض كوبك. روينا في كتاب ابن السني .. .. ) إلى آخره.(5/139)
.. .. .. (1) .. .. ..
[[باب ترك الإشارة والنظر إلى الكوكب والبرق
وروى الشافعي رحمه الله في ((الأم)) بإسناده عمن لا يتهم عن عروة ابن الزبير رضي الله عنهما قال: إذا رأى أحدكم البرق أو الودق فلا يشر إليه، وليصف ولينعت. قال الشافعي: ولم تزل العرب تكرهه.]]
.. .. .. (2) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
في الفتوحات الربانية (4/281) قال الحافظ بعد أن أورده بإسناده إلى الطبراني [في الأوسط (7719)]: حديث غريب، أخرجه ابن السني (653) قال الطبراني: لم يروه عن حماد -يعني ابن أبي سليمان- إلا عبد الأعلى، تفرد به موسى.
قلت: عبد الأعلى هذا ابن أبي المساور -بضم الميم وتخفيف المهملة- ضعيف جداً، وفي الراوي عنه ضعف أيضاً.
(2) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله: باب ترك الإشارة والنظر إلى الكواكب والبرق. قوله: وروى الشافعي). في الفتوحات الربانية (4/282) قال الحافظ بعد تخريجه من طريق البيهقي (3/362) عن الشافعي (358) قال: أخبرني من لا أتهم، عن سليمان بن عبد الله بن عويمر الأسلمي، عن عروة بن الزبير، قال: إذا رأى أحدكم البرق .. .. الحديث.
قال الحافظ: وبالسند المذكور، قال: إبراهيم، ولم أزل أسمع عدداً من العرب يكره الإشارة إليه.
قلت: هكذا أشار البيهقي في كتاب المعرفة (2034) موقوفاً على عروة، وفيه زيادة على ما ذكره الشيخ المصنف.
وإبراهيم هو ابن أبي يحيى، وهو الذي لم يسمه الشافعي.(5/140)
.. .. .. (1) .. .. ..
[[باب ما يقول إذا سمع الرعد
روينا في كتاب الترمذي: بإسناد ضعيف، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال: ((اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك)).
وروينا بالإسناد الصحيح في الموطأ، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته.
وذكروا، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كنا مع عمر رضي الله عنه في سفر، فأصابنا رعدٌ وبرقٌ وبردٌ، فقال لنا كعب: من قال حين يسمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثاً، عوفي من ذلك الرعد، فقلنا، فعوفينا.]]
(465)
.. .. .. (2) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
وقد أخرجه أبو داود في المراسيل (529) من طريق ابن إسحاق عن سليمان المذكور مرفوعاً مرسلاً، ومن طريق ابن أبي حسين (530) ومن طريقه البيهقي (3/362) كذلك معضلاً.
وجاء مرفوعاً موصولاً بذكر عطاء، عن ابن عباس (3/363) ذكرها البيهقي (3/363) وضعفها. وقوله عمن لا يتهم فيه تقديم وتأخير، فإن الإسناد للمبهم لا من المصنف إليه.
(2) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله: باب ما يقول إذا سمع الرعد روينا في كتاب الترمذي).
قال في الفتوحات الربانية (4/284) ثم رأيت الحافظ تعقب الشيخ المصنف(5/141)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
بعد أن نقل قول الترمذي. لا نعرفه إلا من هذا الوجه، فقال: وأخرجه أحمد (5763) والبخاري في الأدب المفرد (721) والترمذي (3450) والنسائي في عمل اليوم والليلة (928).
وأخرجه الحاكم (4/286) من طرق متعددة [أي: عن عبد الواحد] بينها الحافظ.
ثم قال: فالعجب من الشيخ يطلق الضعف على هذا وهو متماسك، ويسكت عن حديث ابن مسعود -أي السابق- فيما يقول إذا انقض الكوكب، وقد تفرد به من اتهم بالكذب، وهو عبد الأعلى.
(قوله وروينا بالإسناد الصحيح في الموطأ).
في الفتوحات الربانية (4/285) قال الحافظ: هو حديث موقوف، أخرجه البخاري في الأدب المفرد (723) عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك، وهو في رواية أبي مصعب من الموطأ (2094) و (2/255-256) رواية يحيى بن يحيى، وابن أبي شيبة (10/215-216) (قوله ترك الحديث) زاد الحافظ في روايته بعد قوله جثا وترك الحديث.
قوله وما كان فيه فإن كان في صلاة أتم الصلاة، قال: إن هذا الوعد شديد لأهل الأرض سبحان الذي يسبح الرعد الخ.
(قوله: روى الإمام الشافعي رحمه الله في الأم (1/153) بإسناده الصحيح).
في الفتوحات الربانية (4/286) قال الحافظ: ورواه الطبراني (289) وأورد مثله عن الأسود بن يزيد أحد كبار التابعين.
أخرجه الحافظ عنه وزاد قوله: يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وقال الحافظ: هذا موقوف صحيح.
(قوله وذكروا عن ابن عباس).
في الفتوحات الربانية (4/286) قال الحافظ: ((لم يذكر من خرجه، وهو(5/142)
.. .. .. (1) .. .. ..
[[باب ما يقول إذا نزل المطر
روينا في صحيح البخاري، عن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: ((اللهم صيباً نافعاً))، وروينا في سنن ابن ماجه، وفيه: ((اللهم صيباً نافعاً)) مرتين أو ثلاثاً.
وروى الشافعي رحمه الله في ((الأم)) بإسناده حديثاً مرسلاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث)) قال الشافعي: وقد حفظت عن غير واحدٍ
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
عندنا بالإسناد إلى الطبراني بإسناده إليه قال: كنا .. .. )) فذكره.
قال الحافظ: هذا موقوف حسن الإسناد، وهو وإن كان عن كعب فقد أقره ابن عباس وعمر، فدل على أن له أصلاً، وقد وجدت بعضه بمعناه من وجه آخر عن ابن عباس، أخرجه الطبراني أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله، فإنه لا يصيب ذاكراً)).
وفي سنده ضعف.
وقد جاء عن ابن عباس أيضاً قال: ومن قال هذا الذكر فأصابته صاعقة فعلى ديته.(5/143)
طلب الإجابة عند نزول الغيث وإقامة الصلاة.]]
(466)
.. .. .. (1) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله باب ما يقول إذا نزل المطر وروينا في صحيح البخاري عن عائشة).
رواه البخاري (1032) وأحمد (6/19 و129) والنسائي في عمل اليوم والليلة (921) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن القاسم بن محمد عنها.
قال في الفتوحات الربانية (4/287) قال الحافظ بعد تخريجه: وذكر له النسائي طرقاً [في عمل اليوم والليلة (917-920 و922)].
(قوله ورويناه في سنن ابن ماجه).
رواه ابن ماجه (3889) وابن أبي شيبة (10/218) وأحمد (6/41 و137-138 و190 و222-223) وأبو داود (5099) والنسائي (3/164) وفي عمل اليوم والليلة (914 و915 و916).
(قوله وروى الشافعي في الأم).
رواه الشافعي في الأم (1/223-224) وانظر نتائج الأفكار (1/282-283).
قال في الفتوحات الإلهية (4/288) قال الحافظ: وكذا وقع من حديث أبي أمامة موصولاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تفتح أبواب السماء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف، وعند نزول الغيث، وعند إقامة الصلاة، وعند رؤية الكعبة)).
قال الحافظ: هذا حديث غريب، فتساهل الحاكم فأخرجه في المستدرك، وقال: صحيح الإسناد.(5/144)
.. .. .. (1) .. .. ..
[[باب ما يقوله بعد نزول المطر
روينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: ((هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب؛ وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب)).]]
(467)
.. .. .. (2) .. .. ..
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
ورده الذهبي في تلخيصه، فقال: فيه عفير -أي بالعين المهملة والفاء مصغر- وهو واه جداً وقد تفرد به.
قال الحافظ: فلعل مكحولاً أخذ حديثه هذا عن أبي أمامة، فإنه معروف بالرواية عنه.
(2) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
(قوله: باب ما يقوله بعد نزول المطر، روينا في صحيح البخاري ومسلم).
قال في الفتوحات الإلهية (4/288) قال الحافظ بعد تخريجه: وأخرجه(5/145)
.. .. .. (1) .. .. ..
[[باب أذكار صلاة الحاجة
روينا في كتاب الترمذي وابن ماجه، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له حاجةٌ إلى الله تعالى أو إلى أحدٍ من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله عز وجل وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثمٍ، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا حاجةً هي لك رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين)) قال الترمذي: في إسناده مقال.]]
(468)
أخبرني الحافظ أبو الحسن بن أبي بكر رحمه الله، قال: أخبرنا أبو الفضل بن الحموي، قال: أخبرنا أبو الحسن بن البخاري، عن عبد الله بن
__________
(1) [هذا من كلام المحقق وليس من أصل الكتاب]
أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان.
وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس أخرجهما مسلم.(5/146)
عمر الصفار، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد، قال: أخبرنا البيهقي، قال: أخبرنا عبد الخالق المؤذن، قال: حدثنا أبو بكر بن حنب -بفتح المعجمة وسكون النون بعدها موحدة- قال: حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي (ح).
وقرأته عالياً على أم موسى الأسدية، عن يونس بن أبي إسحاق، قال: أنبأنا علي بن الحسين البغدادي شفاهاً، عن أبي القاسم بن القفرجل، قال: أخبرنا عاصم بن الحسن، قال: أخبرنا أبو عمرو بن مهدي، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، قال: حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال، قال: حدثني أبو بكر بن أبي أويس، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد. قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: أتى رجل أعرابي من البدو النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال: يا رسول الله هلكت الماشية .. .. فذكر الحديث.
وقال فيه: فما زلنا نمطر حتى كانت الجمعة الأخرى، فأتى الرجل فقال: يا رسول الله .. .. الحديث.
أخرجه البخاري، قال: قال أيوب بن سليمان .. فذكره.
وأخرجه الإسماعيلي عن موسى بن العباس، عن أبي إسماعيل.
فوقع لنا بدلاً عالياً من الطريق الثانية.
وأخرجه أبو عوانة في صحيحه عن أبي إسماعيل به.
وعن عباس بن محمد الدوري عن أيوب.(5/147)
فوقع لنا موافقة وبدلاً بعلو.
وأفادت هذه الرواية أن السائل في الاستسقاء هو السائل في الاستصحاء، فكأن أنساً ذكره بعد أن نسبه أو نسبه بعد أن ذكره.
وقد وقع في رواية قتادة عن أنس في الصحيح أيضاً: فقام ذلك الرجل أو غيره، وهي تشبه رواية شريك.
(قوله: (باب أذكار صلاة الحاجة) روينا في كتاب الترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن أبي أوفى .. .. ) إلى آخره.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي رحمه الله، وأجازه أبو هريرة بن الحافظ شمس الدين الذهبي، كلاهما عن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم، قال أبو هريرة: وقرئ عليه وأنا حاضر، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم الإربلي، قال: أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندار، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن الخل، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله المحاملي، قال: حدثنا أبو علي الشافعي، قال: حدثنا موسى بن سهل، قال: حدثنا عبد الله بن بكر، قال: حدثنا أبو الورقاء، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له حاجةٌ إلى الله أو إلى أحدٍ من بني آدم فليتوضأ فليحسن وضوءه ثم يصلي ركعتين ثم يثني على الله ويصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا حاجةً هي لك رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين)). هذا حديث غريب.
أخرجه الترمذي عن علي بن عيسى البغدادي وعبد الله بن بكر السهمي.
كلاهما عن عبد الله بن بكر السهمي.(5/148)
فوقع لنا بدلاً عالياً.
وقال: في إسناده مقال، وأبو الورقاء يضعف في الحديث، واسمه فايد بن عبد الرحمن.
وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق مسلم بن إبراهيم، عن أبي الورقاء.
وقال: أبو الورقاء كوفي رأيت جماعة من أعقابه، وهو مستقيم الحديث.
قال الذهبي في تلخيص المستدرك: بل هو واهي الحديث جداً.
وأخرجه ابن ماجه من وجه آخر عن أبي عاصم العباداني عن أبي الورقاء.
ووجدت له شاهداً من حديث أنس وسنده ضعيف أيضاً، وبالله التوفيق.
آخر المجلس الثامن والستين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الثامن والأربعون بعد الثمانمئة، وهو أول مجلس حضرته من الأمالي المصرية بالبيبرسية سماع كاتبه أحمد بن محمد بن شهبة لطف الله به آمين.
[[وروينا في كتاب الترمذي وابن ماجه، عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه، أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله تعالى أن يعافيني، قال: ((إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خيرٌ لك، قال: فادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسالك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم،(5/149)
يا محمد، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي، اللهم فشفعه في)). قال الترمذي: حديث حسن صحيح.]]
(469)
ثم أملى علينا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب إمام عصره وفريد دهره قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي نفعنا الله به آمين إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء تاسع عشرين صفر سنة ثمان وأربعين وثمانمئة باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي قال:
وجاء عن أبي الدرداء مختصراً.
أخبرني عبد الله بن عمر بن علي الهندي، قال: أخبرنا أبو العباس بن أبي الفرج، قال: أخبرنا أبو الفرج بن عبد المنعم، قال: أخبرنا أبو محمد بن صاعد، قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، قال: أخبرنا أبو علي التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: حدثنا أبو محمد التميمي، [قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير] عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: صحبت أبا الدرداء رضي الله عنه، أتعلم منه، فلما حضره الموت قال: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من توضأ فأسبغ وضوءه ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجلاً أو مؤخراً)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أحمد أيضاً والبخاري في التاريخ من وجه آخر عن يوسف بنحوه.
وأخرجه الطبراني من وجه ثالث عنه أتم منه.
لكن سنده أضعف.(5/150)
وأما حديث أنس:
فقرأت على أبي المعالي الأزهري، عن زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم، أن يوسف بن خليل الحافظ كتب إليهم، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله، قال: أخبرنا سليمان بن أحمد (ح).
وقرأته على شيخنا إمام الحفاظ أبي الفضل بن الحسين رحمه الله بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا جبرون بن عيسى، قال: حدثنا يحيى بن سليمان المغربي، قال: حدثنا أبو معمر عباد بن عبد الصمد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا طلبت حاجةً فأردت أن تنجح فقل لا إله إلا الله .. .. )) فذكر نحو حديث عبد الله بن أبي أوفى بطوله، وأتم منه.
لكن لم يذكر الركعتين.
قال الطبراني في الرواية الأولى: لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد به يحيى بن سليمان المغربي.
قلت: وأبو معمر ضعيف جداً.
وشيخ الطبراني بفتح الجيم وسكون الموحدة وضم الراء غير منقوطة.
وللحديث طريق آخر عن أنس في مسند الفردوس من رواية شقيق بن إبراهيم البلخي العابد المشهور عن أبي هاشم عن أنس بمعناه وأتم منه.
لكن أبو هاشم واسمه كثير بن عبد الله كأبي معمر في الضعف وأشد.
(قوله: وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه) إلى آخره.
قرأت على الشيخ أبي إسحاق التنوخي رحمه الله، عن إسماعيل بن(5/151)
يوسف بن مكتوم كتابة، وعن أحمد بن أبي طالب سماعاً، كلاهما عن عبد الله بن عمر بن علي بن زيد، قال الأول: سماعاً والثاني: إجازة، قال: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: أخبرنا أبو الحسن الشاشي، قال: أخبرنا أبو محمد الكشي، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي جعفر الخطمي، عن عمارة بن خزيمة، عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه، أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني، قال: ((إن شئت أخرت ذلك فهو أعظم لأجرك، وإن شئت دعوت)) قال: ادع الله. فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسالك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي لتقضى، اللهم فشفعه في)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه أحمد عن عثمان بن عمر.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه الترمذي والنسائي جميعاً عن محمود بن غيلان.
وأخرجه ابن ماجه عن أحمد بن منصور.
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه عن أبي موسى ومحمد بن بشار.
أربعتهم عن عثمان بن عمر.
فوافقناهم في شيخ شيوخهم مع العلو بالنسبة على الترمذي.(5/152)
وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن عثمان بن عمر.
ورجاله رجال الصحيح، لكن اختلف على أبي جعفر في شيخه، فوافق شعبة حماد بن سلمة، وخالفهما هشام الدستوائي فقال: عن أبي جعفر عن أبي أمامة بن سهل عن عمه عثمان.
أخرجهما النسائي.
ووافق هشاماً روح بن القاسم عن أبي جعفر.
ويتجه أن يجمع بأن لأبي جعفر فيه شيخين، ويتأد أن في رواية أبي أمامة زيادات ليست في رواية عمارة، والله أعلم.
آخر المجلس التاسع والستين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو التاسع والأربعون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية سماع لكاتبه أحمد بن محمد بن شهبة لطف الله به آمين.
(470)
ثم أملى علينا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب إمام عصره وفريد دهره قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي نفعنا الله به آمين إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء سادس ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وثمانمئة باستملاء زين الدين رضوان العقبي لطف الله به آمين قال:
قرأت على الإمام شيخ الإسلام أبي محمد بن أبي الفتح البلقيني رحمه الله تعالى، عن الحافظ جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي، قال: أخبرنا الرشيد محمد بن أبي بكر العاملي، قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الحرستاني، قال: أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن(5/153)
الفضل الفراوي في كتابه، قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر بن الحسين البيهقي، قال: أخبرنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، قال: أخبرنا الإمام أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال، قال: حدثنا أبو عروبة -هو الحسين بن محمد الحافظ الحراني- قال: حدثنا العباس بن الفرج، قال: حدثنا إسماعيل بن شبيب قال: حدثني أبي (ح).
وبه إلى البيهقي قال: وأخبرنا عالياً أبو عبد الله الحافظ، وأبو علي بن شاذان، قال الأول: أخبرنا عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سهل، قال: حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ، وقال الثاني: حدثنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: حدثنا أحمد بن شبيب، قال: حدثنا أبي (ح).
وقرأت على الإمام حافظ العصر أبي الفضل بن الحسين العراقي رحمه الله عالياً أيضاً، بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في الدعاء، قال: حدثنا طاهر بن عيسى، قال: حدثنا أصبغ بن الفرج، قال: حدثنا ابن وهب، عن أبي سعيد شبيب بن سعيد، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر الخطمي، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه، أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له، فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف، فشكا إليه ذلك، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورح إلي حتى أتوجه معك، فانطلق الرجل ففعل ما أمره به، ثم أتى عثمان، فجاءه البواب فأخذ بيده حتى أدخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفسة، فقال له: اذكر حاجتك فذكرها فقضاها له، وقال: ما ذكرت حاجتك حتى الساعة، وما كان لك من حاجة فاذكرها، ثم خرج الرجل فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيراً ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في، فقال له: والله ما كلمته فيك، ولكني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير(5/154)
فشكا إليه ذهاب بصره، فقال: ((أو تصبر؟)) فقال: يا رسول الله ليس قائد وقد شق علي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع الله بهذه الدعوات)) قال عثمان: فوالله ما تفرقنا حتى دخل الرجل كأن لم يكن به ضرر قط.
هذا لفظ ابن وهب بطوله.
ورواية أحمد بن شبيب الثانية مختصراً لم يذكر القصة الأولى، وروايته الأولى أحيلت على رواية إسماعيل، وساق إسماعيل الحديث بطوله، وقال فيه: ((بنبيك نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيجلي لي عن بصري اللهم شفعه في وشفعني في نفسي)).
وبه إلى الطبراني: روى عون بن عمارة عن روح بن القاسم فخالف شبيباً في السند، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق، قال: حدثنا عباس بن محمد، قال: حدثنا عون بن عمارة، عن روح بن القاسم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رجلاً كان له حاجة إلى عثمان .. .. فذكر الحديث بطوله.
قال: فوهم عون في ذلك وهماً فاحشاً.
قلت: وهو ضعيف عندهم، والله أعلم.
آخر المجلس السبعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار للنواوي، وهو الخمسون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية سماع لكاتبه أحمد بن محمد بن علي بن شهبة لطف الله به آمين.(5/155)
[[باب أذكار صلاة التسبيح
روينا في كتاب الترمذي عنه قال: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديث في صلاة التسبيح ومنه شيء كبير لا يصح. قال: وقد رأى ابن المبارك وغير واحد من أهل العلم صلاة التسبيح، وذكروا الفضل فيه.
قال الترمذي: حدثنا أحمد بن عبدة، قال: حدثنا أبو وهب، قال: سألت عبد الله بن المبارك عن الصلاة التي يسبح فيها قال: يكبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول خمس عشرة مرة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم يتعوذ ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وفاتحة الكتاب، وسورة، ثم يقول عشر مرات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم يركع فيقولها عشراً، ثم يرفع رأسه فيقولها عشراً، ثم يسجد فيقولها عشراً، ثم يرفع رأسه فيقولها عشراً، ثم يسجد الثانية فيقولها عشراً، يصلي أربع ركعات على هذا، فذلك خمس وسبعون تسبيحة في كل ركعة يبدأ بخمس عشرة تسبيحة، ثم يقرأ، ثم يسبح عشراً؛ فإن صلى ليلاً فأحب إلي أن يسلم في ركعتين؛ وإن صلى نهاراً، فإن شاء سلم، وإن شاء لم يسلم.(5/156)
وفي رواية عن عبد الله بن المبارك أنه قال: يبدأ في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً، ثم يسبح التسبيحات. وقيل لابن المبارك: إن سها في هذه الصلاة هل يسبح في سجدتي السهو عشراً عشراً؟ قال: لا، إنما هي ثلاثمئة تسبيحة.
وروينا في كتاب الترمذي وابن ماجه، عن أبي رافع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: ((يا عم! ألا أصلك؟ ألا أحبوك؟ ألا أنفعك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: ((يا عم، صل أربع ركعاتٍ تقرأ في كل ركعةٍ بفاتحة القرآن وسورةٍ، فإذا انقضت القراءة فقل الله أكبر والحمد لله وسبحان الله خمس عشرة مرةً قبل أن تركع، ثم اركع فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشراً، ثم اسجد فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشراً ثم اسجد الثانية، فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشراً قبل أن تقوم، فتلك خمسٌ وسبعون في كل ركعةٍ، وهي ثلاثمئةٍ في أربع ركعاتٍ، فلو كانت ذنوبك مثل رمل عالجٍ غفرها الله تعالى لك، قال: يا رسول الله! من يستطيع أن يقولها في يوم؟ قال: إن لم تستطع أن تقولها في يومٍ فقلها في جمعةٍ، فإن لم تستطع أن تقولها في جمعةٍ فقلها في شهرٍ، فلم يزل يقول له حتى قال: قلها في سنةٍ)) قال الترمذي: هذا حديث غريب.]]
(471)
ثم أملى علينا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب إمام عصره وفريد دهره قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني(5/157)
الشافعي نفعنا الله به آمين إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء ثالث عشر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وثمانمئة باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي لطف الله به آمين قال:
(قوله: (باب أذكار صلاة التسبيح) روينا في كتاب الترمذي .. .. ) إلى آخره.
أخبرني الشيخ أبو إسحاق التنوخي رحمه الله، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الحليم الحراني، قال: أخبرنا يحيى بن أبي منصور، قال: أخبرنا عبد القادر بن عبد الله، قال: أخبرنا نصر بن سيار، قال: أخبرنا محمود بن القاسم، قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد، قال: أخبرنا أبو العباس بن محبوب، قال: حدثنا أبو عيسى الترمذي، قال: قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديث في صلاة التسبيح، ولا يصح منها كثير شيء، وقد رأى ابن المبارك وغير واحد من أهل العلم صلاة التسبيح وذكروا الفضل فيه.
حدثنا أحمد بن عبدة، قال: حدثنا أبو وهب -هو محمد بن مزاحم المروزي- قال: سألت عبد الله بن المبارك عن الصلاة التي يسبح فيها، فقال: يكبر ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول خمس عشرة مرة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وفاتحة الكتاب وسورة .. إلى آخره.
(قوله: وفي رواية عن عبد الله بن المبارك أنه يبدأ في الركوع سبحان ربي العظيم ..) إلى آخره.
وبه إلى الترمذي قال: حدثنا أحمد بن عبدة، قال: حدثنا أبو وهب، عن أبي عبد العزيز بن أبي رزمة -بكسر الراء وسكون الزاي المنقوطة- عن عبد الله بن المبارك، قال: يبدأ في الركوع بسبحان ربي العظيم، وفي السجود(5/158)
بسبحان ربي الأعلى ثلاثاً ثلاثاً ثم يسبح التسبيحات).
قلت: مراده أن التسبيحات المذكورة لا يستغنى بها عن ذكر الافتتاح ولا ذكر الركوع والسجود، بل تكون زائدة على ذلك.
(قوله: وقيل لابن المبارك .. .. ) إلى آخره.
وبه إلى أحمد بن عبدة، قال: حدثنا وهب بن زمعة، قال: أخبرني عبد العزيز بن أبي رزمة، قال: سألت عبد الله بن المبارك: إن سها في صلاة التسبيح يسبح في سجدتي السهو عشراً عشراً؟ قال: لا، إنما هي ثلاثمئة تسبيحة.
(قوله: وروينا في كتابي الترمذي وابن ماجه عن أبي رافع ..) إلى آخره.
قرأت على أبي المعالي الأزهري، عن زينب بنت الكمال، عن يوسف بن خليل الحافظ، قال: أخبرنا أبو الحسن الجمال، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم في كتابه (قربان المتقين) قال: حدثنا أبو بكر الطلحي، قال: حدثنا عبيد بن غنام، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا زيد بن الحباب، عن موسى بن عبيدة، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد مولى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبي رافع رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس رضي الله عنه: ((يا عماه ألا أحبوك؟ ألا أصلك؟)) قال: بلى يا رسول الله، قال: ((يا عم صل أربع ركعاتٍ تقرأ في كل ركعةٍ بفاتحة الكتاب وسورةٍ، فإذا انقضت القراءة فقل الله أكبر والحمد لله وسبحان الله خمس عشرة مرة قبل أن تركع، ثم اركع فقلها عشراً، ثم ارفع فقلها عشراً، ثم اسجد فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشراً، ثم اسجد فقلها عشراً، ثم ارفع رأسك فقلها عشراً قبل أن تقوم، فذلك خمسٌ وسبعون في كل ركعةٍ، وهي ثلاثمئةٍ في أربع ركعاتٍ، فلو كانت ذنوبك مثل رمل عالجٍ غفرها الله لك))(5/159)
قال: يا رسول الله ومن يستطيع أن يقولها -يعني في كل يوم؟- قال: ((فإن لم تستطع فقلها في جمعةٍ فقلها في شهرٍ فقلها في سنةٍ)).
هذا حديث غريب.
أخرجه الترمذي وابن ماجة عن موسى بن عبد الرحمن المسروقي وأبي كريب، كلاهما عن زيد بن الحباب.
فوقع لنا موافقة شيخيهما.
وموسى بن عبيدة هو الربذي -بفتح الراء والموحدة والذال المعجمة- ضعيف جداً تركه أحمد وغيره.
لكن للحديث طرق أخرى يأتي بيانها إن شاء الله تعالى.
ذكر الأسنوي في المهمات أن الشيخ ذكر الكيفية في الأذكار لكنه لم يذكر القول بعد السجدة الثانية، بل ذكر عوضاً عنها عشراً قبل القراءة.
قلت: وهو عجيب فقد ذكر الشيخ الكيفيتين، والله أعلم.
آخر المجلس الحادي والسبعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الحادي والخمسون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية سماع لكاتبه أحمد بن شهبة لطف الله به آمين.
(472)
ثم أملى علينا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب إمام عصره وفريد دهره قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني الشافعي نفعنا الله به آمين، إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء عشرين ربيع الأول سنة ثمان(5/160)
وأربعين وثمانمئة باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي لطف الله به آمين قال:
قال الترمذي بعد أن أخرج حديث أنس الآتي ذكره: وفي الباب عن ابن عباس وعبد الله بن عمرو والفضل بن العباس وأبي رافع.
وزاد شيخنا في شرحه: وعن ابن عمر.
قلت: وفيه أيضاً عن العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر وأم سلمة والأنصاري غير مسمى، وقد قيل: إنه جابر.
أما حديث أنس:
فقرأت على العماد أبي بكر بن إبراهيم بن محمد الصالحي بها، عن أبي عبد الله بن الزراد قال: أخبرنا الحافظ أبو علي البكري، قال: أخبرنا عبد المعز بن محمد، قال: أخبرنا زاهر بن طاهر، قال: أخبرنا سعيد بن منصور، قال: أخبرنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدثنا جدي، قال: حدثنا محمد بن أبان، وعبد الله بن هاشم، قالا: حدثنا وكيع (ح).
وقرأت على فاطمة بنت المنجا، عن سليمان بن حمزة، قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد الحافظ، قال: حدثنا أبو جعفر الصيدلاني، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، ومحمود بن إسماعيل، قال الأول: أخبرنا أبو نعيم، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن مقاتل، وقال الثاني: أخبرنا أبو بكر بن شاذان، قال: أخبرنا أبو بكر القباب، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، قالا: حدثنا عبد الله بن المبارك، كلاهما عن عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاءت أم سليم رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله علمني كلمات أدعو بهن في صلاتي، فقال: ((سبحي الله عشراً واحمدي الله عشراً وكبريه(5/161)
عشراً، ثم سلي حاجتك يقول نعمٍ نعم)).
هذا حديث صحيح.
أخرجه الترمذي عن أحمد بن محمد المروزي عن ابن المبارك.
وأخرجه النسائي عن عبيد بن وكيع عن أبيه.
فوقع لنا موافقة في شيخي شيخيهما.
وأخرجه الحاكم من طريق ابن المبارك.
قال شيخنا: في إيراد الترمذي حديث أنس هذا في باب صلاة التسبيح نظر، لما في حديث صلاة التسبيح من الزيادات التي ليست فيه.
قلت: فكأنه نظر إلى أصل المشروعية في عدد الذكر، وقد وافقه الحاكم فأورد حديث أنس هذا قبل ابن عباس.
وعلى هذا فيزاد في الباب عن أم رافع، فإنه بمعنى حديث أنس هذا، وقد أمليته في أوائل المئة الثانية من تخريج الأذكار.
وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها عند النسائي.
وأما حديث ابن عباس.
فأخبرني المسند الخير أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد القدسي السويداي فيما قرأت عليه، عن أبي العباس أحمد بن علي بن أيوب سماعاً،(5/162)
قال: أخبرنا النجيب الحراني، قال: أخبرنا أبو بكر بن مشق -بفتح الميم وتشديد المعجمة المكسورة بعدها قاف- قال: أخبرنا أبو بكر بن علي بن عبد الواحد، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الخطيب، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس إملاء، قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن زياد إملاء (ح).
وقرأت على العماد في السند المذكور آنفاً إلى زاهر، قال: أخبرنا أبو محمد الكنجروذي، قال: أخبرنا أبو طاهر بن الفضل، قال: حدثنا جدي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، قال: حدثنا موسى بن عبد العزيز، قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس رضي الله عنه: ((يا عماه ألا أعطيك ألا أحبوك ألا أمنحك عشر خصالٍ إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره قديمه وحديثه خطأه وعمده صغيره وكبيره سره وعلانيته؟ تصلي أربع ركعاتٍ، ثم تقرأ في كل ركعةٍ بفاتحة الكتاب وسورةٍ، فإذا فرغت من القراءة تقول وأنت قائمٌ: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرةً، ثم تركع فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً، ثم تسجد فتقولها عشراً، ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً، فذلك خمسٌ وسبعون في كل ركعةٍ، تفعل ذلك في أربع ركعاتٍ، فإن استطعت أن تصليها في كل يوم مرةً، فإن لم تفعل ففي كل جمعةٍ، فإن لم تفعل ففي كل شهرٍ، فإن لم تفعل ففي كل سنةٍ مرةً، فإن لم تفعل ففي عمرك مرةً)).
هذا حديث حسن.
أخرجه أبو داود وابن ماجه والحسن بن علي المعمري في كتاب اليوم والليلة عن عبد الرحمن بن بشر.(5/163)
فوقع لنا موافقة عالية.
وزاد الحاكم أن النسائي أخرجه في كتابه الصحيح عن عبد الرحمن.
ولم نر ذلك في نسخ السنن لا الصغرى ولا الكبرى.
وكذا قول ابن الصلاح: أخرجه الأربعة.
فإن الترمذي اقتصر على الإشارة إليه دون التخريج.
وأخرجه الحاكم والمعمري أيضاً من طريق بشر بن الحكم والد عبد الرحمن عن موسى بالسند المذكور، والله أعلم.
آخر المجلس الثاني والسبعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الثاني والخمسون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالبيبرسية، سماع لكاتبه أحمد بن محمد بن شهبة لطف الله به آمين.
(473)
ثم أملى علينا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب إمام عصره وفريد دهره قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي نفعنا الله به آمين إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء سابع عشرين ربيع الأول سنة ثمانية وأربعين وثمانمئة باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي لطف الله به آمين قال: وأخرجه أيضاً ابن شاهين في كتاب الترغيب من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل عن موسى.
وأخرجه ابن شاهين عن أبي القاسم البغوي وغيره عن عبد الرحمن بن بشر.(5/164)
وقال: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: سمعت أبي يقول: أصح حديث في صلاة التسبيح حديث ابن عباس هذا.
وقال الحاكم: ومما يستدل به على صحته استعمال الأئمة له كابن المبارك.
ثم ساق بسنده إليه ما تقدم تخريجه من رواية الترمذي.
وقال في موضع آخر: أصح طرقه ما صححه ابن خزيمة.
قلت: وكذا أطلق جماعة أن ابن خزيمة صححه منهم ابن الصلاح والمصنف في شرح المهذب، ومن المتأخرين السبكي وشيخنا البلقيني في التدريب.
لكن ابن خزيمة قال لما أخرجه: إن ثبت الخبر، فإن في القلب من هذا الإسناد [شيئاً].
وبالسند الماضي قريباً إلى ابن خزيمة قال:
حدثنا محمد بن رافع، قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم، قال: حدثني أبي، عن عكرمة فذكره مرسلاً.
وأخرجه الحاكم من طريقه.
وقال: هذا لا يقدح في الموصول مع أن إمام عصره إسحاق بن راهويه أخرجه عن إبراهيم بن الحكم موصولاً بذكر ابن عباس فيه، ثم ساقه بسنده إليه.
قلت: السبب في التوقف من جهة موسى بن عبد العزيز، فإنهم اتفقوا على أنه كان من العباد الصلحاء واختلفوا فيه، فقال ابن معين والنسائي: لا بأس به، وقال علي بن المديني: ضعيف منكر الحديث، وقال العقيلي: مجهول.
قلت: وقد جاء المتن من طرق أخرى عن ابن عباس.(5/165)
منها: رواية عطاء وزاد في أولها بيان السبب.
أخبرنا الإمام المسند أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن أبي الحسن بن عقيل، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم، قال: أخبرنا يحيى بن محمود، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الحافظ، قال: أخبرنا سليمان بن إبراهيم الحافظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن مردويه الحافظ، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث ومحمد بن إسحاق عن عمران (ح).
وأخبرني به عالياً أبو المعالي الأزهري، عن زينب الصالحية، عن يوسف بن خليل، قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ، قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ومحمد بن إسحاق، قالا: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث، قال: حدثنا شيبان بن فروخ، قال: حدثنا نافع أبو هرمز، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء العباس رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ساعة لم يكن يأتيه فيها، فقالوا: يا رسول الله هذا عمك على الباب، فقال: ((ائذنوا له، فقد جاء لأمر)) فلما دخل عليه قال: ((ما جاء بك يا عماه في هذه الساعة وليست ساعتك التي كنت تجيء فيها؟)) قال: يا بن أخي ذكرت الجاهلية وجهلها فضاقت علي الدنيا بما رحبت، فقلت: من يفرج عني؟ فعرفت أنه لا يفرج عني إلا الله ثم أنت، قال: ((الحمد لله الذي أوقع هذا في قلبك، ووددت أن أبا طالب أخذ بنصيبه، ولكن الله يفعل ما يشاء)) ثم قال: ((ألا أخبرك [ألا أجيزك] ألا أحبوك؟)) قال: بلى، قال: ((إذا كان وقت ساعة يصلي فيها ليس قبل طلوع الشمس ولا بعد العصر، لكن بين ذلك فأسبغ طهورك ثم قم إلى الله فاقرأ بفاتحة الكتاب وسورةٍ، وإن شئت جعلتها من أول المفصل، فإذا فرغت فقل سبحان الله .. .. )) فذكر نحو الحديث المتقدم إلى أن قال: ((فإذا رفعت رأسك -يعني من السجود الثانية- وجلست فقلها عشراً، فهذه خمسةٌ وسبعون، ثم قم فاركع ركعةً أخرى فاصنع فيها ما صنعت في الأولى، ثم قل(5/166)
قبل التشهد عشر مرارٍ، فهذه مئةٌ وخمسون، ثم اركع ركعتين أخريين مثل ذلك فهذه ثلاثمئةٍ، فإذا فرغت فلو كانت ذنوبك مثل عدد نجوم السماء محاها الله، وإن كانت مثل رمل عالجٍ، وإن كانت مثل زبد البحر، فإن استطعت فصلها كل يومٍ مرةً، فإن لم تستطع ففي كل جمعةٍ، فإن لم تستطع ففي كل شهرٍ، فإن لم تستطع ففي كل سنةٍ ما دمت حياً)) فقال: فرج الله عنك كما فرجت عني، يا بن أخي فقد سويت ظهري.
هذا حديث غريب.
أخرجه الطبراني في الكبير عن إبراهيم بن نائلة عن شيبان.
ورواته ثقات إلا الراوي عن عطاء، فإنه متروك وكذبه بعضهم.
والله ولي التوفيق.
آخر المجلس الثالث والسبعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار وهو الثالث والخمسون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية سماع لكاتبه أحمد بن محمد بن شهبة لطف الله به آمين.
(474)
ثم أملى علينا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب إمام عصره وفريد دهره، قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي نفعنا الله به آمين إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء، خامس شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وثمانمئة باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي لطف الله به آمين قال:
وله طريق أخرى عن ابن عباس.
أخبرني عبد الله بن عمر فيما قرأت عليه في المعجم الأوسط، عن أم(5/167)
عبد الله بنت أحمد بن عبد الرحيم، قالت: أخبرنا يوسف بن خليل، قال: أخبرنا خليل بن بدر، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا إبراهيم -هو ابن هاشم البغوي- قال: حدثنا محرز بن عون، قال: حدثنا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار، عن محمد بن جحادة، عن أبي الجوزاء، قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: يا أبا الجوزاء ألا أخبرك؟ ألا أعطيك؟ قلت: بلى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أربع ركعاتٍ يقرأ في كل ركعةٍ بفاتحة الكتاب وسورةٍ، فإذا فرغ من القراءة قال: سبحان الله .. .. )) فذكر نحو ما تقدم، وفي آخره: ((حتى يفرغ من أربع ركعاتٍ)).
قال الطبراني: لم يروه عن محمد بن جحادة إلا يحيى، تفرد به محرز.
قلت: كلهم ثقات إلا يحيى بن عقبة، فإنه متروك.
وقد ذكر أبو داود في الكلام على حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أن روح بن المسيب وجعفر بن سليمان روياه عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء موقوفاً على ابن عباس.
قلت: رواية روح بن المسيب وصلها الدارقطني في ((كتاب صلاة التسبيح)) من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري عنه، ولفظه عن ابن عباس قال: ((أربع ركعاتٍ تصليهن من الليل أو النهار تكبر ثم تقرأ ..)) فذكره وقال في آخره وخرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك)).
وجاء من رواية مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً، وفيه زيادة دعاء في آخر هذه الصلاة.
أخبرني المسند الخير أبو الفرج بن حماد، قال: أخبرنا موسى بن علي القطبي، قال: أخبرنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، عن أبي المكارم اللبان، قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم الأصبهاني في مقدمة كتاب(5/168)
(الحلية)، قال: حدثنا سليمان بن أحمد إملاء وقراءة، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الصنعاني، قال: حدثنا أبو الوليد هشام بن إبراهيم المخزومي، قال: حدثنا موسى بن جعفر بن أبي كثير، عن عبد القدوس بن حبيب، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا غلام ألا أحبوك؟ ألا أنحلك؟ ألا أجيزك؟ ألا أعطيك؟)) قلت: بلى بأبي أنت يا رسول الله، قال: وظننت أنه سيقطع لي قطعة من مال، فقال: ((أربع ركعات تصليهن في كل يومٍ، فإن لم تستطع ففي كل جمعةٍ، فإن لم تستطع ففي كل شهرٍ، فإن لم تستطع ففي دهرك مرةً تقرأ أم القرآن وسورة، ثم تقول: سبحان الله .. .. )) فذكر نحو ما تقدم، ثم قال: ((فإذا فرغت قلت بعد التشهد وقبل التسليم: اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى وأعمال أهل اليقين وعزم أول الصبر وجد أهل الخشية ومناصحة أهل التقوى وطلب أهل الرغبة وتعبد أهل الورع وعرفان أهل العلم حتى أخاف مخافة تحجزني عن معاصيك، وحتى أعمل بطاعتك عملاً أستحق به رضاك، وحتى أناصحك في التوبة خوفاً منك، وحتى أخلص لك في النصيحة حباً لك، وحتى أتوكل عليك في الأمور حسن الظن بك، سبحانك خالق النور، فإذا فعلت ذلك يا ابن عباس غفر الله لك ذنوبك صغيرها وكبيرها قديمها وحديثها وسرها وعلانيتها وعمدها وخطأها)).
وبالسند المذكور آنفاً إلى يوسف، قال: أخبرنا مسعود بن الجمال، قال: أخبرنا أبو علي الحداد بهذا السند الثاني إلى أبي الوليد المخزومي، قال: سألت عبد الله بن نافع رواية مالك عن التسبيح في الركعة الأولى والثالثة في هذه الصلاة، فقال: تقعد فيهما كما تقعد للتشهد وتسبح في الثانية والرابعة قبل التشهد ثم تدعو بعد التشهد الأخير.
قال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن مجاهد إلا عبد القدوس ولا عنه إلا موسى، تفرد به أبو الوليد هشام.(5/169)
قلت: عبد القدوس شديد الضعف، وكذبه بعض الأئمة، والله أعلم.
آخر المجلس الرابع والسبعين بعد الأربعمئة من تخريج أحاديث الأذكار، وهو الرابع والخمسون بعد الثمانمئة من الأمالي المصرية بالمدرسة البيبرسية سماع لكاتبه أحمد بن محمد بن شهبة، لطف الله به آمين.
(475)
ثم أملى علينا شيخنا شيخ الإسلام حافظ المشرق والمغرب إمام عصره وفريد دهره، قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي نفعنا الله به آمين إملاء من حفظه ولفظه في يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وثمانمئة باستملاء الشيخ زين الدين رضوان العقبي لطف الله به آمين قال:
أما حديث عبد الله بن عمرو.
فأخبرنا أبو علي محمد بن أحمد الهروي مشافهة، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي الحسن بن المقير، قال: أخبرنا أبو الكرم الشهرزوري، عن أبي الفضل بن ناصر، عن أبي الحسين بن المهتدي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، قال: حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حدثنا محمود بن خالد، عن الثقة، عن عمرو بن عبد الواحد، عن ابن ثوبان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: ((ألا أهب لك؟ ألا أحبوك .. .. )) فذكر نحو ما تقدم وقال فيه: ((تصلي كل يومٍ أو كل ليلةٍ أو كل جمعةٍ أو كل شهرٍ أو كل سنةٍ .. .. )) الحديث وقال فيه: ((تكبر وتحمد وتسبح وتهلل ..)) إلى آخره.
هذا حديث غريب من هذا الوجه.(5/170)