تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرًا» متفق عليه (1) ، وفي لفظ لمسلم (2) «فإن استمعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها» .
4463 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر» رواه أحمد ومسلم (3) .
4464 - وعن عائشة قالت: «كنت ألعب بالبنات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهي اللعب، وكان لي صواحب يلعبن معي، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل يتقمعن منه فيسر بهن إلي فيلعبن معي» متفق عليه (4) .
4465 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم» رواه أحمد والترمذي وصححه
_________
(1) البخاري (5/1987) (4889) ، مسلم (2/1090) (1468) ، أحمد (2/428، 449) ، الترمذي (3/493) (1188) ، الدارمي (2/199) (2222) باللفظ الأول، والبخاري (3/1212، 5/1987) (3153، 4890) ، ومسلم (2/1091) (1468) ، والنسائي في "الكبرى" (5/361) ، وابن أبي شيبة (4/197) باللفظ الثاني.
(2) مسلم (2/1091) (1468) ، وهو عند ابن حبان (9/486) (4179) ، والحميدي (2/492) (1168) ، والبيهقي (7/295) .
(3) أحمد (2/329) ، مسلم (2/1091) (1469) ، وهو عند أبي يعلى (11/303، 304) (6418، 6419) ، والبيهقي (7/295) .
(4) البخاري (5/2270) (5779) ، مسلم (4/1890، 1891) (2440) ، أحمد (6/57، 166، 233، 234) ، وهو عند أبي داود (4/283) (4931) ، والنسائي (6/131) ، وابن ماجه (1/637) (1982) ، وابن حبان (13/173) (5863) .(3/1487)
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1) .
4466 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي» رواه الترمذي وصححه (2) .
4467 - وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة» رواه ابن ماجة والترمذي وصححه الحاكم (3) ، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
4468 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات عليها غضبانًا لعنتها الملائكة حتى تصبح» متفق عليه (4) .
_________
(1) أحمد (2/250، 472) ، الترمذي (3/466) (1162) ، ابن حبان (9/483) (4176) ، وهو مختصر بلفظ "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا" عند أبي داود (4/320) (4682) ، والدارمي (2/415-416) (2792) ، وأحمد (2/527) ، وابن حبان (2/227) (479) ، والحاكم (1/43) .
(2) الترمذي (5/709) (3895) ، وهو عند ابن حبان (9/484) (4177) ، والبيهقي (7/468) ، والدارمي (2/212) (2260) .
(3) ابن ماجه (1/595) (1854) ، الترمذي (3/466) (1161) ، الحاكم (4/191) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/557) ، وأبي يعلى (12/331) (6903) ، وعبد بن حميد (1/445) ، والطبراني في "الكبير" (23/374) .
(4) البخاري (3/1183، 5/1993) (3065، 4897) ، مسلم (2/1060) (1436) ، أحمد (2/439، 480، 519) ، وهو عند أبي داود (2/244) (2141) ، وابن حبان (9/480، 481) (4172، 4173) ، والنسائي في "الكبرى" (5/313) ، وأبي يعلى (11/57-58، 76) (6196، 6213) .(3/1488)
4469 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو كنت آمرًا لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» رواه الترمذي (1) ، وقال: حديث حسن، وفي بعض نسخ الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
4470 - وعن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح البشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفس محمد بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم تستقبله تلحسها ما أدت حقه» رواه أحمد (2) بإسناد جيد، وفيه قصة الجمل الذي سجد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال المنذري: رواته ثقات مشهورون، وأخرجه البزار بنحوه. ورواه النسائي (3) مختصرًا.
4471 - وابن حبان في "صحيحه" (4) من حديث أبي هريرة بنحوه باختصار.
4472 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولو أن رجلًا أمر امرأة أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود، ومن جبل أسود إلى جبل أحمر لكان نولها أن تفعل» رواه أحمد وابن ماجة (5) من رواية علي بن زيد بن جدعان، وبقية رواته محتج بهم في الصحيح.
_________
(1) الترمذي (3/465) (1159) .
(2) أحمد (3/158) .
(3) النسائي في "الكبرى" (5/363) .
(4) ابن حبان (9/470) (4162) .
(5) أحمد (6/76) ، ابن ماجه (1/595) (1852) ، ابن أبي شيبة (3/558) .(3/1489)
4473 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: «لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما هذا يا معاذ؟ قال: أتيت الشام فوافيتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فرددت في نفسي أن أفعل ذلك لك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلا تفعلوا، وإني لو كنت آمر رجلًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه» رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه" وابن ماجة (1) بإسناد صالح.
4474 - وعن قيس بن سعد قال: «أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبان لهم فقلت: رسول الله أحق أن نسجد له. قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إني أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبانهم، فأنت يا رسول الله أحق أن نسجد لك، قال: أرأيت لو مررت بقبري أكنت تسجد له؟ قال: لا. قال: فلا تفعلوا، لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق» رواه أبو داود (2) وفي إسناده شريك بن عبد الله القاضي، قد تكلم فيه غير واحد، وأخرج له مسلم في المتابعات ووثق.
4475 - وعن عبد الله بن زمعة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يجلد
_________
(1) أحمد (4/381) ، ابن حبان (9/479) (4171) ، ابن ماجه (1/595) (1853) ، البيهقي (7/292) .
(2) أبو داود (2/244) (2140) ، وهو عند الحاكم (2/204) ، والبيهقي (7/291) ، ومختصرًا عند الدارمي (1/406) (1463) ، والطبراني في "الكبير" (18/351) (895) .(3/1490)
أحدكم امرأته جلد العبد» رواه البخاري (1) .
4476 - وعن إياس بن عبد الله بن أبي ذئاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تضربوا إماء الله. فجاء عمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيه: فرخص في ضربهن، فطاف بآل رسول الله نساء كثير يشكون أزواجهن فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة (2) ، وصحح إسناده الحاكم وإياس قد أثبت صحبته جماعة من الأئمة.
4477 - وعن عمر بن الخطاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يسأل الرجل فيما ضرب امرأته» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأخرجه الحاكم (3) ، وقال: صحيح، وأقره الذهبي، ورمز السيوطي بصحته.
4478 - وعن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ ثم قال: «استوصوا بالنساء خيرًا فإنما هن عندكم عوان، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن
_________
(1) البخاري (5/1997) (4907) ، وهو عند مسلم (4/2191) (2855) ، وابن حبان (9/500-501) (4190) ، وأحمد (4/17) .
(2) أبو داود (2/245) (2146) ، النسائي في "الكبرى" (5/371) ، ابن ماجه (1/638) (1985) ، وهو عند ابن حبان (9/499) (4189) ، والحاكم (2/205) ، والدارمي (2/198) (2219) ، والبيهقي (7/304) ، والشافعي (1/261) ، والحميدي (2/386) ، والطبراني في "الكبير" (1/270) (784) ، وعبد الرزاق (9/442-443) .
(3) أبو داود (2/246) (2147) ، النسائي في "الكبرى" (5/372) ، ابن ماجه (1/639) (1986) ، الحاكم (4/194) ، وهو عند البيهقي (7/305) ، والطيالسي (1/10) (47) ، وأحمد (1/20) .(3/1491)
فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا، إن لكم من نسائكم حقًا، ولنسائكم عليكم حقًا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن» رواه ابن ماجة والترمذي وصححه (1) .
4479 - وعن معاوية القشيري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله رجل: ما حق المرأة على الزوج؟ قال: تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وسكت عنه أبو داود والمنذري، وصححه الحاكم وابن حبان، وعلق البخاري بعضه (2) .
4480 - وعن معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبًا، وأخفهم في الله» رواه أحمد (3) .
4481 - وأخرج نحوه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" (4) عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ «لا ترفع العصا عن أهلك وأخفهم في الله عز وجل» قال في "مجمع الزوائد": وإسناده جيد.
_________
(1) ابن ماجه (1/594) (1851) ، الترمذي (3/467) (1163، 3087) .
(2) أحمد (4/447، 5/3، 5) ، أبو داود (2/244-245) (2142-2144) ، ابن ماجه (1/593) (1850) ، الحاكم (2/204) ، ابن حبان (9/482) (4175) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/373، 6/323) ، والبيهقي (7/305) ، والطبراني في "الكبير" (19/425) ، وعلق البخاري بعضه (5/1996) .
(3) أحمد (5/238) .
(4) الطبراني في "الصغير" (1/86) (114) ، و"الأوسط" (2/244) (1869) .(3/1492)
4482 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه» متفق عليه، وفي رواية «لا تصوم امرأة وزوجها شاهد يومًا من غير رمضان إلا بإذنه» رواه الخمسة إلا النسائي (1) .
قوله: «لا يفرك» أي: لا يبغض. قوله: «البنات» هن التماثيل الصغار. قوله: «فيسر بهن» بضم حرف المضارعة وفتح السين المهملة وكسر الراء بعدها موحدة والسرب الدخول. قوله: «قرحة» أي: جرحة. قوله: «تنبجس» بالجيم والسين المهملة أن تنشق قيحًا أي: مده لا يخالطها دم. قوله: «نولها» بنون مفتوحة وواو ساكتة أي: حظها. قوله: «قتب القتب» للجمل كالأكاف لغيره، ولا تمنع المرأة نفسها من زوجها، وإن كانت على ظهر قتب معناه: الحث لهن على مطاوعة أزواجهن ولو في هذا الحال فكيف في غيره؟ وقيل: إن نساء العرب كن إذا أردن الولادة جلسن على قتب، ويقلن: إنه أسلس لخروج الولد، فأراد تلك الحالة. قال أبو عبيد: كنا نرى أن المعنى: وهي تسير على ظهر البعير فجاء التفسير بغير ذلك. قوله: «عوان» جمع عانية، والعاني: الأسير.
[29/57] باب ما جاء من النهي أن يطرق المسافر أهله ليلًا
4483 - عن أنس قال «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يطرق أهله ليلًا، وكان يأتيهم غدوة أو عشية» متفق عليه (2) .
4484 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا طال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلًا -أي: بمساء- لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة» متفق عليه (3) .
_________
(1) تقدم الحديث بروايته برقم (2726) .
(2) البخاري (2/638) (1706) ، مسلم (3/1527) (1928) ، أحمد (3/125، 204، 240)
(3) البخاري (5/2008) (4948) ، مسلم (3/1527) (715) ، أحمد (3/355)(3/1493)
4485 - وعنه قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يطرق الرجل أهله ليلًا يتخونهم أو يطلب عثراتهم» رواه مسلم (1) .
قوله: «الشعثة» بفتح الشين المعجمة وكسر العين المهملة بعدها مثلثة هي التي لم تدهن شعرها وتمشطه. قوله: «تستحد» بحاء مهملة أي: تستعمل الحديدة، وهي الموس. قوله: «المغيبة» بضم الميم وكسر المعجمة بعده تحتية ساكنة ثم موحدة، التي غاب عنها زوجها. قوله: «يتخونهم أو يطلب عثراتهم» أي يظن وقوع الخيانة له من أهله، والعثرات جمع عثرة، وهي الزلة، وعند أحمد من حديث جابر «لا تلجوا على المغيبات فإن الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم» .
[29/58] باب القسم للبكر والثيب الجديدتين
4486 - عن أم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تزوجها أقام عندها ثلاثة أيام، وقال: إنه ليس بك هوان على أهلك، فإن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة (2) والدارقطني (3) بلفظ
_________
(1) مسلم (3/1538) (715) ، وهو عند البخاري (2/638) (1707) دون قوله: «يتخونهم أو يطلب عثراتهم» .
(2) أحمد (6/292) ، مسلم (2/1083) (1460) ، أبو داود (2/240) (2122) ، ابن ماجه (1/617) (1917) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/293) ، والدارمي (2/194) (2210) ، وابن أبي شيبة (3/542) ، وأبي يعلى (12/428-429) (6996) ، وابن حبان (10/10) (4210) .
(3) الدارقطني (3/284) (143) .(3/1494)
«أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها حين دخل بها: ليس لك على أهلك هوان، إن شئت أقمت عندك ثلاثًا خالصة لك، وإن شئت سبعت لك وسبعت لنسائي. قالت: تقيم معي ثلاثًا خالصة» وإسناد الدارقطني ضعيف.
4487 - وعن أبي قلابة عن أنس قال: «من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعًا، ثم قسم، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا ثم قسم. قال أبو قلابة: ولو شئت لقلت إن أنسًا رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -» أخرجاه (1) .
4488 - وعن أنس قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «للبكر سبعة أيام، وللثيب ثلاث ثم يعود إلى نسائه» رواه الدارقطني (2) وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3) بلفظ «سبع للبكر وثلاث للثيب»
4489 - وعن أنس أيضًا قال: «لما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - صفية أقام عندها ثلاثًا، وكانت ثيبًا» رواه أحمد وأبو داود (4) ورجاله رجال الصحيح.
_________
(1) البخاري (5/2000) (4915، 4916) ، مسلم (2/1084) (1461) ، وهو عند أبي داود (2/240) (2124) ، والترمذي (3/445) (1139) ، وابن الجارود (1/181) .
(2) الدارقطني (3/283) (140) .
(3) ابن حبان (10/8) (4208) ، وهو بهذا اللفظ عند عبد الرزاق (6/235) (10642) ، وأبو يعلى (5/204-205) (2823) .
(4) أحمد (3/99) ، أبو داود (2/240) (2123) ، البيهقي (7/302) .(3/1495)
[29/59] باب ما جاء في التعديل بين الزوجات.
4490 - عن أنس قال: «كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة وكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلى تسع فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها» رواه مسلم (1) .
4491 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا امرأة امرأة فيدنو ويلمس من غير مسيس حتى يفضي إلى التي هو يومها فيبيت عندها» رواه أحمد والبيهقي والحاكم وصححه (2) وأخرجه أبو داود (3) بنحوه، وفي لفظ له: «كان لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا امرأة امرأة فيدنو ويلمس من غير مسيس حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها» وفي رواية متفق عليها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من صلاة العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن» متفق عليه (4) .
4492 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كانت له امرأتان يميل لأحدهما على الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطًا أو مائلًا» رواه
_________
(1) مسلم (2/1084) (1462) .
(2) أحمد (6/107) ، الدارقطني (3/284) .
(3) أبو داود (2/242) (2135) ، الحاكم (2/203) ، البيهقي (7/74، 300) .
(4) البخاري (5/2000، 2017) (4918، 4967) ، مسلم (2/1101) (1474) ، أحمد (6/59) .(3/1496)
الخمسة وابن حبان والحاكم (1) ، وقال: إسناده على شرط الشيخين، وقال في "بلوغ المرام": سنده صحيح.
4493 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم فيعدل ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» رواه الخمسة إلا أحمد ورواه الدارمي وصححه ابن حبان والحاكم (2) ورجح الترمذي ارساله.
4494 - وعن عمر قال: «قلت: يا رسول الله لو رأيتني ودخلت على حفصة، فقلت لها: لا يغرنك إن كانت جارتك أو ضأ منك وأحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشة فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليه (3) .
4495 - وعن عائشة: «أن رسول الله صلى الله عليه كان يسأل في مرضه الذي مات فيه أين أنا غدًا أين أنا غدًا؟ يريد يوم عائشة فأذن له أزواجه يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها» متفق عليه (4) .
4496 - وعنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان إذا أراد أن يخرج سفرًا قرع بين
_________
(1) أبو داود (2/242) (2133) ، النسائي (7/63) ، الترمذي (3/447) (1141) ، ابن ماجه (1/633) (1969) ، أحمد (2/295، 347، 471) ، ابن حبان (10/7) (4207) ، الدارمي (2/193) (2206) ، الحاكم (2/203) ، البيهقي (7/297) ، الطيالسي (1/322) .
(2) أبو داود (2/242) (2134) ، النسائي (7/63-64) ، الترمذي (3/446) (1140) ، ابن ماجه (1/633) (1971) ، الدارمي (2/193) (2207) ، ابن حبان (10/5) (4205) ، الحاكم (2/204) .
(3) البخاري (2/871-873) (2336) ، مسلم (2/1111-1112) (1479) ، أحمد (1/33) .
(4) البخاري (1/468، 3/1375، 4/1617، 5/2001) (1323، 3563، 4185، 4919) ، مسلم (4/1893) (2443) ..(3/1497)
أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه» متفق عليه (1) .
[29/60] باب ما جاء في المرأة تهب يومها لضرتها
أو تصالح الزوج على إسقاطه.
4497 - عن عائشة: «أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومها ويوم سودة» متفق عليه (2) .
4498 - وعنها «في قوله تعالى: ((وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا)) [النساء:128] قالت: هي المرأة تكون عند زوجها لا يستكثر منها فيريد طلاقها ويتزوج غيرها، فتقول له: أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري وأنت في حل من النفقة عليَّ والقسم لي فذلك قوله تعالى: ((فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)) [النساء: 128] » وفي رواية قالت: «هو الرجل الذي يرى من امرأته ما لا يعجبه كبرًا أو غيره فيريد فراقها فتقول: أمسكني واقسم لي ما شئت، قالت: فلا بأس إذا تراضيا» متفق عليه (3) .
4499 - وعن عطاء عن ابن عباس قال: «كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسع
_________
(1) البخاري (2/916، 942، 3/1055، 4/1774) (2453، 2518، 2723، 4473) ، مسلم (4/2129-2137) (2770) ، أحمد (6/114، 269) ، وهو عند ابن ماجه (1/633) (1970) ، وأبي داود (2/243) (2138) .
(2) البخاري (2/916، 955، 5/1999) (2453، 2542، 4914) ، مسلم (2/1085) ، أحمد (6/86، 117) ، وهو عند أبي داود (2/243) (2138) ، وابن ماجه (1/634) (1972) .
(3) الرواية الأولى البخاري (2/865، 4/1680، 5/1998) (2318، 4325، 4910) ، مسلم (4/2316) (3021) ، والرواية الثانية عند البخاري (2/958) (2548) .(3/1498)
نسوة وكان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة، قال عطاء: بلغنا أن التي لا يقسم لها صفية بنت حيي بن أخطب» رواه أحمد ومسلم (1) ، وقال في "جامع الأصول": أخرجه البخاري ومسلم، وقال رزين قال غير عطاء: «هي سودة، وهو أصح وهبت يومها لعائشة حين أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلاقها، فقالت: أمسكني وقد وهبت يومي لعائشة لعلي أن أكون من نسائك في الجنة» ، وفي رواية: «أنها إنما قالت له بعد أن طلقها واحدة، فقالت له: أرجعني» وأخرج النسائي (2) المسند فقط إلى قوله: لواحدة وله في أخرى مختصرًا قال: «توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده تسع نسوة يصيبهن إلا سودة فإنها وهبت يومها وليلتها لعائشة» انتهى.
[29/61] باب عمل المرأة لزوجها.
4500 - عن علي رضي الله عنه: «أن فاطمة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى، وبلغها أنه جاءه رقيق فلم تصادفه، فذكرت لعائشة، فلما جاء أخبرته عائشة، قال: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم، فقال: على مكانكما فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدمه على بطني، فقال: ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما وآويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثًا وثلاثين واحمدا ثلاثًا وثلاثين وكبرا أربعاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم» رواه البخاري (3) ، وفي لفظ
_________
(1) البخاري (5/1950) (4780) ، مسلم (2/1086) (1465) ، أحمد (1/231) .
(2) النسائي (6/53) .
(3) البخاري (3/1133، 5/2051، 2329) (2945، 5046، 5959) ، وهو عند مسلم (4/2091) (2727) ، أبي داود (4/315) (5062) ، وابن حبان (12/333) (5524) ، وأحمد (1/95-96) ، والترمذي مختصرًا (5/477) (3408) .(3/1499)
للبخاري ومسلم (1) : «أنها جرت الرحى حتى أثر في يديها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها» وساق الحديث وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتقِ الله يا فاطمة وأدي فريضة ربك، واعملي عمل أهلك» .
4501 - وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: «تزوجني الزبير وماله في الأرض من مالٍ ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه وكنت أعلف فرسه وأسق الماء واخرز غربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان تخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأسي وهو مني على ثلاثة فراسخ، فجئت يومًا والنوى على رأسي، فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال: إخ إخ، يحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله أني قد استحييت فمضى فجئت الزبير، فقلت: لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك، فقال: والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه، قالت: حتى أرسل إليّ أبو بكر بعد ذلك بخادم يكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني» رواه البخاري (2) ، وهذان الحديثان أحسن ما استدل به في هذا الباب مع أن حديث فاطمة لم يدل على إيجاب الخدمة عليها؛ لأنه لم يقل لها اعملي ما يجب عليك من الخدمة إنما أرشدها إلى ما هو أحسن لها من حب الرفاهية والميل إلى الدنيا، وإنما
_________
(1) وهو عند أبي داود (3/150، 4/315) (2988، 5063) ، وأحمد (1/153) .
(2) البخاري (3/1149، 5/2002) (2982، 4926) ، مسلم (4/1716) (2182) ، أحمد (6/347) ، وهو عند ابن حبان (10/352) ، والنسائي في "الكبرى" (5/372) .(3/1500)
جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تطلب منه خادمًا ولم تجيء شاكية، وكانت تعمل ذلك العمل باختيارها وحديث أسماء إخبار عن نفسها بأنها كانت تعمل ذلك وهو إحسانٌ منها.(3/1501)
[30] كتاب الطلاق
[30/1] باب جوازه للحاجة وكراهيته مع عدمها وطاعة الوالد فيه
4502 - عن عمر بن الخطاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «طلق حفصة ثم راجعها» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة (1) .
4503 - وهو لأحمد (2) من حديث عاصم بن عمر ورجال أبي داود رجال الصحيح.
4504 - وعن لقيط بن صبرة قال: «قلت: يا رسول الله! إن لي امرأة فذكر من بذاءتها، قال: طلقها قلت: إن لها صحبة وولدًا، قال: مُرها أو قل لها، فإن يكن فيها خير ستفعل ولا تضرب ضعينتك ضربك امرأتك» رواه أحمد وأبو داود (3) وفي إسناده يحيى بن سليم وفيه مقال.
4505 - وعن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة» رواه الخمسة إلا النسائي (4)
_________
(1) أبو داود (2/285) (2283) ، النسائي (6/213) ، ابن ماجه (1/650) (2016) ، وهو عند ابن حبان (10/100) (4275) ، والحاكم (2/215) ، والدارمي (2/214) (2265) ، وأبي يعلى (1/160) .
(2) أحمد (3/478) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (17/176) (466) .
(3) أحمد (4/211) ، أبو داود (1/35) (142) ، وهو عند الشافعي (1/15) ، وعبد الرزاق (1/26-27) ، والطبراني في "الكبير" (19/215) ، وابن حبان (1054) .
(4) أبو داود (2/268) (2226) ، الترمذي (3/493) (1187) ، ابن ماجه (1/662) (2055) ، أحمد (5/277، 283) ، وهو عند الدارمي (2/216) (2270) ، وابن حبان (9/490) (4184) ، والحاكم (2/218) ، والبيهقي (7/316) .(3/1502)
وحسنه الترمذي وذكر أن بعضهم لم يرفعه.
4506 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق» رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الحاكم (1) وصاحب "البدر المنير"، ورجح أبو حاتم إرساله.
4507 - وعنه قال: «كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني أن أطلقها فأبيت، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا عبد الله بن عمر طلَّق امرأتك» رواه الخمسة إلا النسائي (2) وصححه الترمذي.
[30/2] باب ما جاء من النهي عن الطلاق في الحيض وفي الطهر
بعد أن يجامعها ما لم يتبين حملها.
4508 - عن ابن عمر «أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا» رواه الجماعة إلا البخاري (3)
_________
(1) أبو داود (2/255) (2178) ، ابن ماجه (1/650) (2018) ، وهو عند الحاكم (2/214) ، والبيهقي (7/322) .
(2) أبو داود (4/335) (5138) ، الترمذي (3/494) (1189) ، ابن ماجه (1/675) (2088) ، أحمد (2/20، 53) ، وهو عند الحاكم (2/215) ، وابن حبان (2/170) (427) ، والبيهقي (7/322) ، والطيالسي (1/250) (1822) .
(3) مسلم (2/1095) (1471) ، أبو داود (2/255) (2181) ، النسائي (6/141) ، الترمذي (3/479) (1176) ، ابن ماجه (1/653) (2023) ، أحمد (2/26، 58) ، وهو بهذا اللفظ عند ابن الجارود (1/183) (736) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/51) ، والدارقطني (4/6) (11) ، والدارمي (2/213) (2263) ، والبيهقي (7/325) ، وابن أبي شيبة (4/56) ، وأبي يعلى (9/329) (5440) .(3/1503)
وفي رواية عنه (1) : «أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فتغيض فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله تعالى» وفي لفظ: «فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) فإن له منه إلى الأمر بالرجعة، ولمسلم والنسائي (3) نحوه وفي آخره، قال ابن عمر: «وقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - «يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن» وفي رواية متفق عليها (4) :
«وكان عبد الله طلق تطليقة فحسبت من طلاقها» وفي رواية: «وكان ابن عمر إذا سئل عن ذلك، قال لأحدهم: أما إن طلقت امرأتك مرة أو مرتين فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني بهذا، وإن كنت طلقت امرأتك ثلاثًا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجًا غيرك وعصيت الله عز وجل فيما أمرك به من طلاق امرأتك» رواه أحمد ومسلم
_________
(1) البخاري (4/1864) (4625) ، وهو بهذا اللفظ عند البيهقي (7/324) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/53) .
(2) البخاري (5/2011، 5/2041) (4953، 5022) ، مسلم (2/1093، 1094) (1471) ، أبو داود (2/255) (2179) ، النسائي (6/138) ، ابن ماجه (1/651) بلفظ "فإنها العدة التي أمر الله"، أحمد (2/64، 102) ، وللترمذي منه الأمر بالرجعة (3/478) (1175) .
(3) مسلم (2/1098) (1471) ، النسائي (6/139) ، وهذه الرواية عند أبي داود (2/256) (2185) ، وابن الجارود (1/182) (733) ، والشافعي (1/101) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/51) ، وعبد الرزاق (6/304، 309) ، وأحمد (2/61، 80) .
(4) البخاري (5/2011) (4954) ، مسلم (2/1095) (1471) ، أحمد (2/130) ..(3/1504)
والنسائي (1) وفي رواية: «أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة فانطلق عمر فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: مر عبد الله فليراجعها فإذا اغتسلت فليتركها حتى تحيض فإذا اغتسلت من حيضتها الأخرى فلا يمسها حتى يطلقها وإن شاء أن يمسكها فليمسكها فإنها العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» رواه الدارقطني (2) وفيه تنبيه على تحريم الطلاق والوطء قبل الغسل.
4509 - وعن عكرمة قال: قال ابن عباس: «الطلاق على أربعة أوجه وجهان حلال ووجهان حرام؛ فأما اللذان هما حلال فأن يطلق الرجل امرأته طاهرًا من غير جماع أو يطلقها حاملًا مستبينًا حملها، وأما اللذان هما حرام فأن يطلقها حائضًا أو يطلقها عند الجماع لا يدري اشتمل الرحم على ولد أم لا» رواه الدارقطني (3) .
قوله: «فحُسِبَت من طلاقها» قد أخرج الدارقطني (4) من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذؤيب وابن اسحاق جميعًا عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «هي واحدة» قال ابن حجر: وهذا نص في محل الخلاف فيجب المصير إليه.
4510 - وأخرج الدارقطني (5) أيضًا من رواية شعبة عن ابن سيرين عن ابن عمر في القصة، «فقال عمر: يا رسول الله! أفتحتسب بتلك التطليقة؟ قال:
_________
(1) أحمد (2/6، 64، 124) ، مسلم (2/1093) (1471) ، النسائي (6/213) .
(2) الدارقطني (4/7) (15) .
(3) الدارقطني (4/5) (3) .
(4) الدارقطني (4/9) (24) .
(5) الدارقطني (4/5-6) (6) .(3/1505)
نعم» ورجاله إلى شعبة ثقات، وأما رواية «ولم يرها شيئًا» فقد أنكر على أبي الزبير ذلك، قال الخطابي، قال أهل الحديث لم يرو أبو الزبير حديثًا أنكر من هذا.
[30/3] باب ما جاء في الطلاق ألبتة وأن الثلاث بكلمة
أو بكلمات في مجلس واحدٍ واحدة.
4511 - عن ركانة بن عبد الله: «أنه طلق امرأته سهيمة ألبتة فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فقال: والله ما أردت إلا واحدة فردها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلقها الثانية في زمان عمر بن الخطاب والثالثة في زمان عثمان» رواه الشافعي وأبو داود والدارقطني وقال: قال أبو داود هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن حبان والحاكم وقال: صحيح (1) .
4512 - وعن ابن عباس قال: «طلق أبو ركانة أم ركانة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: راجع امرأتك، فقال: إني طلقتها ثلاثًا، قال: قد علمت راجعها» رواه أبو داود (2) وفي لفظ لأحمد (3) : «طلق ركانة امرأته في مجلس واحدٍ ثلاثًا، فحزن عليها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإنها واحدة» وفي سنده ابن اسحاق وفيه مقال، فقال الحافظ: وقد رواه أبو داود من وجه آخر أحسن منه: «أن ركانة طلق امرأته نسيمة
_________
(1) الشافعي (1/153، 268) ، أبو داود (2/263) (2206، 2207) ، الدارقطني (4/33) ، ابن حبان (10/97) (4274) ، الحاكم (2/218) ، البيهقي (7/342) ، والترمذي (3/480) (1177) .
(2) أبو داود (2/259) (2196) .
(3) أحمد (1/265) .(3/1506)
ألبتة، فقال: والله ما أردت بها إلا واحدة فردها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وهو الحديث المتقدم (1) في أول الباب.
4513 - وعن محمود بن لبيد قال: «أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا فقام غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم حتى قام رجل، فقال: يا رسول الله! ألا أقتله» رواه النسائي (2) ورواته موثقون وقال في "الهدي النبوي": إسناده على شرط مسلم.
4514 - وعن ابن عباس قال: «كان الطلاق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم» رواه أحمد ومسلم (3) وفي رواية عن طاووس أن أبا الصهباء قال لابن عباس: «هنات من هناتك ألم يكن طلاق الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر واحدة قال: قد كان ذلك فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم» رواه مسلم (4) وفي رواية: «أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر فلما رأى الناس قد تتابعوا، قال: أجيزوهن عليهم» رواه أبو داود (5) .
4515 - وعن سهل بن سعد قال: «لما لاعن أخو بني عجلان امرأته، قال:
_________
(1) برقم (4517) .
(2) النسائي (6/142) .
(3) أحمد (1/314) ، مسلم (2/1099) (1472) .
(4) مسلم (2/1099) (1472) .
(5) أبو داود (2/261) (2199) .(3/1507)
يا رسول الله! ظلمتها إن أمسكتها هي الطلاق وهي الطلاق وهي الطلاق» رواه أحمد (1) وهو عند الجماعة (2) بلفظ: «فلما فرغ، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانت سنة المتلاعنين» .
4516 - وعن الحسن قال: «حدثنا عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين آخرتين عند القرءين فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا ابن عمر ما هكذا أمر الله تعالى إنك قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء قال: فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراجعتها ثم قال: إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك، فقلت: يا رسول الله! أرأيت لو طلقتها ثلاثًا كان يحل لي أن أراجعها؟ قال: لا كانت تبين منك وتكون معصية» رواه الدارقطني (3) وفي إسناده عطاء الخرساني وهو مختلف فيه وثقه الترمذي وضعفه جماعة من الأئمة، وقال ابن حبان فيه: من خيار عباد الله غير أنه كثير الوهم سيئ الحفظ يخطئ ولا يدري فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به.
4517 - وعن حماد بن زيد قال: «قلت لأيوب: هل علمت أحدًا قال في أمرك بيدك وأنها ثلاث، قال: لا ثم اللهم غفرا إلا ما حدثني قتادة عن كبير مولى ابن سمرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ثلاث، قال أيوب فلقيت كبيرًا مولى ابن سمرة مسألته فلم يعرفه فرجعت إلى قتادة فأخبرته فقال:
_________
(1) أحمد (5/334) .
(2) سيأتي في أبواب اللعان برقم (4595) .
(3) الدارقطني (4/31) (84) .(3/1508)
نسي» رواه أبو داود والترمذي، وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث سليمان بن حرب عن حماد بن زيد ورواه النسائي (1) وحكى الترمذي عن البخاري أنه قال: إنما هو عن أبي هريرة موقوف ولم يعرف حديث أبي هريرة مرفوعًا، وقال النسائي: هذا حديث منكر وقد ساق في "المنتقى" آثارًا عن بعض الصحابة تدل على أن الطلاق يتبع الطلاق ولكن الحجة في المرفوع.
قوله: «أناة» على وزن قناة الحلم والوقار. قوله: «من هناتك» جمع هنّ كأخ. قال في "الدر النثير": وأسمعنا من هناتك أي كلماتك أو من أراجيزك وروي من هنياتك على التصغير ومن هنيهاتك على قلب الياء هاء. قوله: «تتايع» بتائين فوقيتين في "الدر النثير" التتابع الوقوع في الشر من غير فكرة ولا روية والمتايعة عليه ولا تكون في الخير.
[30/4] باب ما جاء في طلاق الهازل وما لا يصح من الطلاق
4518 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد، النكاح والطلاق والرجعة» رواه الخمسة إلا النسائي (2) وقال الترمذي: حديث حسن غريب وصححه الحاكم، وفي رواية لابن عدي (3) من وجه آخر ضعيف: «الطلاق والعتاق والنكاح»
_________
(1) أبو داود (2/262) (2204) ، الترمذي (3/481) (1178) ، النسائي (6/147) .
(2) أبو داود (2/259) (2194) ، الترمذي (3/490) (1184) ، ابن ماجه (1/658) (2039) ، الحاكم (2/216) ، وهو عند ابن الجارود (1/178) (712) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/98) ، والبيهقي (7/340) .
(3) ابن عدي في "الكامل" (6/5) .(3/1509)
4519 - وللحارث بن أبي أسامة (1) من حديث عبادة بن الصامت رفعه: «لا يجوز اللعب في ثلاث الطلاق والنكاح والعتاق فمن قالهن فقد وجب» وسنده ضعيف.
4520 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفوسها ما لم تعمل أو تتكلم» متفق عليه (2) .
4521 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» رواه ابن ماجة والحاكم (3) ، وقال أبو حاتم: لا يثبت، وقال النووي في "الروضة": أنه حديث حسن، وأنكره أحمد وأبو حاتم، وصححه ابن حبان والحاكم على شرط الشيخين، وقال في "التلخيص": هذا الحديث في كتب الفقهاء بلفظ: «رفع عن أمتي» ولم نره في الأحاديث المتقدمة عند جميع من أخرجه.
_________
(1) الحارث بن أبي أسامة (1/555) (503) .
(2) البخاري (5/2020، 6/2454) (4968، 6287) ، مسلم (1/116) (127) ، أحمد (2/255، 393، 425، 474، 481) ، وهو عند أبي داود (2/264) (2209) ، والترمذي (3/489) (1183) ، والنسائي (6/156، 157) ، وابن ماجه (1/658، 659) (2040، 2044) ، وابن حبان (10/178، 179) (4334، 4335) ، وابن خزيمة (2/52) (898) ، وأبي يعلى (11/276) (6389) .
(3) ابن ماجه (1/659) (2045) ، الحاكم (2/216) ، ابن حبان (16/202) (7219) ، الدارقطني (4/170) ، البيهقي (7/356) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/95) ، الطبراني في "الصغير" (2/52) (765) ، ابن عدي في "الكامل" (2/346) .(3/1510)
4522 - ثم ذكر أنه أخرجه ابن عدي (1) من حديث أبي بكرة بلفظ: «إن الله رفع عن هذه الأمة ثلاثًا الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» وضعف هذه الرواية قلت: وقد ذكر ابن حجر لهذا الحديث طرقًا كثيرة في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب، وقال: وبمجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلًا. وذكر الإمام محمد بن إبراهيم الوزير رحمه الله هذا الحديث في كتابه "العواصم والقواصم" وذكر له سبع طرق:
4523 - الأولى عن ابن عباس. رواه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه"، وقال: على شرط الشيخين، ورواه ابن ماجة في "سننه" والدارقطني والبيهقي والطبراني (2) ، قال البيهقي: جود إسناده بشر بن بكر وهو من الثقات بلفظ: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان» الحديث.
4524 - الطريق الثانية عن عبد الله بن عمرو مثله، رواه العقيلي والبيهقي، وقال الحاكم: صحيح غريب (3) .
4525 - الطريق الثالثة عن عقبة بن عامر وفي إسناده ابن لهيعة وهو ممن يستشهد بحديثه (4) .
4526 - الطريق الرابعة عن أبي ذر وليس في إسناده إلا شهر بن حوشب والصحيح توثيقه وهو من رجال السنن الأربع ومسلم متابعة، وقوى أمره
_________
(1) ابن عدي في "الكامل" (2/150) من حديث أبي بكرة.
(2) تقدم قريبًا.
(3) البيهقي (6/84) ، أبو نعيم في الحلية (6/352) ،
(4) البيهقي (7/357) .(3/1511)
البخاري وابن معين ويعقوب بن شيبة وأحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم (1) .
4527 - الطريق الخامس عن أم الدرداء وفيها شهر أيضًا (2) .
4528 - الطريق السادسة عن ثوبان، وراه الطبراني (3) وفيها يزيد بن ربيعة الرحبي الدمشقي مختلف فيه.
4529 - الطريق السابعة عن الحسن البصري مرسلًا ومسندًا فالمرسل صحيح ورواه أحمد بن حنبل وسعيد بن منصور (4) وفيها رفع وصحح لفظ: «إن الله تجاوز» وأطال الكلام عليه وفي هذا كفاية.
4530 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق» رواه الخمسة إلا أحمد والترمذي وصححه الحاكم وأخرجه ابن حبان (5) .
4531 - وأخرجه أبو داود والترمذي (6) من حديث علي، وقال الترمذي: حديث حسن وصححه ابن حبان، وأخرجه البخاري (7) موقوفًا معلقًا بصيغة جزم.
_________
(1) ابن ماجه (1/659) (2043) .
(2) ابن عدي في "الكامل" (3/325) .
(3) الطبراني في "الكبير" (2/97) (1430) .)
(4) أخرجه مرسلًا البيهقي (4/82) ،
(5) تقدم برقم (571) .
(6) تقدم برقم (572) .
(7) تقدم برقم (572) .(3/1512)
4532 - ورواه الحاكم من رواية أبي قتادة وقال: صحيح الإسناد وقواه صاحب الإلمام وتقدم (1) في كتاب الصلاة.
4533 - وعن عائشة قالت: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة بإسناد ضعيف وأبو يعلى والبيهقي والحاكم (2) ، وقال: على شرط مسلم وله متابع فذكره.
4534 - وعن بريدة في قصة ماعز أنه قال: «يا رسول الله! طهرني، قال: مم أطهرك؟ قال: من الزنا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشرب خمرًا؟ فقام رجل فاستنهكه، فلم يجد منه ريح خمر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أزنيت؟ قال: نعم، فأمر به فرجم» رواه مسلم والترمذي (3) وصححه.
4535 - وقال عثمان: «ليس لمجنون ولا لسكران طلاق»
4536 - وقال ابن عباس: «طلاق السكران والمستكره ليس بجائز»
4537 - وقال ابن عباس: «فيمن يكرهه اللصوص فيطلق ليس بشيء»
4538 - وقال علي: «كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه» ذكر ذلك البخاري في "صحيحه" (4) .
_________
(1) تقدم برقم (573) .
(2) أحمد (6/276) ، أبو داود (2/258) (2193) ، ابن ماجه (1/660) (2046) ، أبو يعلى (7/421، 8/52) (4444، 4570) ، البيهقي (7/357، 10/61) ، الحاكم (2/216، 217) ، الدارقطني (4/36) ، ابن أبي شيبة (4/83) ، البخاري في "التاريخ" (1/171) .
(3) مسلم (3/1321-1322) (1695) ، أبو داود (4/149) (4433) ، النسائي في "الكبرى" (4/276) ، أحمد (5/347-348) .
(4) علقها البخاري (5/2018) قبل الحديث (4968) ، فأما قول عثمان فوصله ابن أبي شيبة = = (4/71) ، وأما قول ابن عباس فوصله سعيد بن منصور (1143) ، وابن أبي شيبة (4/82) ، والبيهقي (7/358) من طريق عبد الله بن طلحة الخزاعي عن أبي يزيد المديني عن ابن عباس قال: ليس لمكره ولا لمضطهد طلاق، وأما قول علي رضي الله عنه فوصله سعيد بن منصور في "سننه" (1113) ، والبيهقي (7/359) ، وعبد الرزاق (7/78) ، بلفظ: «كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه» .(3/1513)
4539 - وعن قدامة بن إبراهيم: «أن رجلًا على عهد عمر بن الخطاب تدلى بشتار عسلًا فأقبلت امرأته فجلست على الحبل فقالت: ليطلقها ثلاثًا وإلا قطعت الحبل، فذكرها الله والإسلام فأبت، فطلقها ثلاثًا ثم خرج فذكر له ذلك فقال: ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق» رواه سعيد بن منصور وأبو عبيد القاسم بن سلام (1) .
قوله: «إن الله تجاوز عن أمتي» قال في معالم السنن فيه من الفقه أن حديث النفس وما يوسوس به قلب الإنسان لا حكم له في شيء من أمور الدين وأنه لا يسمى كلام إلا ما جمع ثلاثة أشياء الحروف والصوت والمعنى، وغير ذلك لا يسمى كلامًا ولا يطلق عليه اسمه وفيه أنه إذا طلق امرأته بقلبه ولم يتكلم بلسانه أن الطلاق غير واقع، وساق الكلام إلى أن قال: وفيه فرق بين الكلام والحديث وذكر الاختلاف في الكتابة بالطلاق وأن الكتابة نوع من العمل وهو قول الجماهير. قوله: «إغلاق» بسكر الهمزة وسكون الغين المعجمة وآخره قاف الصحيح أنه الإكراه كما فسره ابن قتيبة والخطابي وابن السيد وغيرهم من الأئمة وقيل: الجنون وقيل: الغضب، ورده ابن لبيد، وقال: لو كان كذلك لم يقع على أحد طلاق؛ لأن أحدا لا يطلق حتى يغضب.
_________
(1) سعيد بن منصور (1128) .(3/1514)
[30/5] باب ما جاء في طلاق العبد
4540 - عن ابن عباس قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله سيدي زوجني أمته وهو يريد أن يفرق بيني وبينها فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر فقال: يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما إنما الطلاق لمن أخذ بالساق» رواه ابن ماجة (1) وفي إسناده ابن لهيعة وأخرجه الطبراني (2) وفي إسناده يحيى الحماني ضعيف وأخرجه ابن عدي والدارقطني (3) وفي إسنادهما عصمة بن مالك وقيل أنه صحابي وقد روي من طرق يقوي بعضها بعضًا.
4541 - وعن عمر بن معيقيب أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره: «أنه استفتى ابن عباس في مملوك تحته مملوكة فطلقها تطليقتين ثم عتقا هل يصلح أن يخطبها؟ قال: نعم قضى بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه الخمسة إلا الترمذي (4) وفي رواية: «بقيت لك واحدة قضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود (5) وحديث عمر بن معتب ضعيف قد تكلم فيه، وقال ابن المبارك ومعمر: لقد تحمل أبو حسن هذا صخرة عظيمة، وقال أحمد بن حنبل في رواية ابن منصور في عبد تحته مملوكة
_________
(1) ابن ماجه (1/672) (2081) .
(2) الطبراني في "الكبير" (11/300) (11800)
(3) ابن عدي (6/14) ، الدارقطني (4/37) (103) .
(4) أبو داود (2/257) (2187) ، النسائي (6/154) ، ابن ماجه (1/673) (2082) ، أحمد (1/229، 334) .
(5) أبو داود (2/257) (2188) .(3/1515)
فطلقها تطليقتين ثم عتقا يتزوجها وتكون على واحدة، على حديث عمر بن معيقيب، وقال في رواية أبي طالب في هذه المسألة: يتزوجها ولا يبالي في العدة عتقا أو بعد العدة. قال وهو قول ابن عباس وجابر بن عبد الله وأبي سلمة وقتادة.
4542 - وعن ابن عمر قال: «طلاق الأمة تطليقتين وعدتها حيضتان» رواه الدارقطني (1) وأخرجه مرفوعًا وضعفه.
4543 - وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة (2) من حديث عائشة وصححه الحاكم وخالفوه واتفقوا على ضعفه.
[30/6] باب من علق الطلاق قبل النكاح
4544 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا نذر لابن آدم في ما لا يملك ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك» رواه أحمد والترمذي (3) وقال: حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب وقال في "بلوغ المرام": صححه الترمذي، ونقل عن البخاري أنه أصح ما ورد، وصححه الحاكم ورواه أبو داود (4) ، قال: «ولا وفاء بنذر إلا فيما يملك» ولابن ماجة (5) منه: «لا طلاق فيما لا يملك»
_________
(1) الدارقطني (4/38) ، ابن ماجه (1/672) (2079)
(2) أبو داود (2/257) (2189) ، الترمذي (3/488) (1182) ، ابن ماجه (1/672) (2080) ، الحاكم (2/223) ، الدارمي (2/224) (2294) .
(3) أحمد (2/190) ، الترمذي (3/486) (1181) .
(4) أبو داود (2/258) (2190) .
(5) ابن ماجه (1/660) (2047) .(3/1516)
4545 - وعن المسور بن مخرمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك» رواه ابن ماجة (1) وحسنه الحافظ في "التلخيص"، وقال في "بلوغ المرام": إسناده حسن لكنه معلول.
4546 - وعن جابر قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك» رواه أبو يعلى وصححه الحاكم (2) وقال: أنا متعجب من الشيخين كيف أهملاه فقد صح على شرطهما من حديث ابن عمر وعائشة وعبد الله بن عباس ومعاذ بن جبل وجابر، وقال الحافظ في "بلوغ المرام": إن الحديث معلول.
[30/7] باب الطلاق بالكنايات إذا نوى بها الطلاق
4547 - عن عائشة قالت: «خير النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه فاخترناه فلم يعدها شيئًا» رواه الجماعة (3) وفي رواية قالت: «لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه قالت: ثم قال: إن الله عز وجل قال: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا)) [الأحزاب:28] الآية، ((وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ)) [الأحزاب:29] قالت: ثم فعل
_________
(1) ابن ماجه (1/660) (2048) .
(2) الحاكم (2/455)
(3) البخاري (5/2015) (4962، 4963) ، مسلم (2/1104) (1477) ، أبو داود (2/262) (2203) ، النسائي (6/161) ، الترمذي (3/483) (1179) ، ابن ماجه (1/661) (2052) ، أحمد (6/239) .(3/1517)
أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما فعلت» رواه الجماعة إلا أبا داود (1) .
4548 - وعن عائشة «أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دنى منها قالت: أعوذ بالله منك، قال لها: لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك» رواه البخاري وابن ماجة والنسائي (2) ، وقال: «الكلابية» بدل «الجون» .
4549 - وعن كعب بن مالك في قصة تخلفه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لما مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي فإذا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيني قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت: أطلقها أم ماذا؟ قال: لا بل اعتزلها فلا تقربنها، قال: فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك» متفق عليه (3) .
[30/8] باب الخلع
4550 - عن ابن عباس قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى
_________
(1) البخاري (4/1796) (4507، 4508) ، مسلم (2/1103) (1475) ، النسائي (6/55، 159، 160) ، الترمذي (5/350) (3204) ، ابن ماجه (1/662) (2053) ، أحمد (6/163، 211، 248) .
(2) البخاري (5/2012) (4955) ، ابن ماجه (1/661) (2050) ، النسائي (6/150) ، وابن الجارود (1/184) (738) ، وابن حبان (10/83) (4266) ، والحاكم (4/38) .
(3) جزء من حديث كعب بن مالك وهو بهذا اللفظ عند البخاري (3/1013، 4/1603-1608، 1718، 6/2462) (2606، 4156، 4399، 6312) ، ومسلم (4/2120-2128) (2769) ، وابن حبان (8/155-164) (3370) ، وابن خزيمة (4/98) (2442) ، وأبو داود (3/240) (3317، 3318) ، والنسائي (7/22، 23) ، والترمذي (5/281) (3102) .(3/1518)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكن أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة واحدة» رواه البخاري والنسائي (1) .
4551 - وعنه «أن جميلة بنت أبي بن سلول أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الإسلام لا أطيقه بغضًا فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد» رواه ابن ماجة (2) ورجاله رجال الصحيح إلا أزهر بن مروان وهو صدوق.
4552 - وعن الربيع بنت معوذ «أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ثابت فقال له: خذ الذي لها عليك وخل سبيلها، قال: نعم، فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تربص حيضة واحدة وتلحق بأهلها» رواه النسائي (3) بإسنادٍ لا بأس به.
4553 - وعن ابن عباس: «أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد بحيضة» رواه أبو داود والترمذي (4)
_________
(1) البخاري (5/2021) (4971) ، النسائي (6/169) .
(2) ابن ماجه (1/663) (2056) .
(3) النسائي (6/186) .
(4) أبو داود (2/269) (2229) ، الترمذي (3/491) (1185) .(3/1519)
وقال: حسن غريب.
4554 - وعن الربيع بنت معوذ «أنها اختلعت من زوجها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أمرت أن تعتد بحيضة» رواه الترمذي (1) ورجاله رجال الصحيح، وقال الترمذي: الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة.
4555 - وعن أبي الزبير «أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده بنت عبد الله بن أُبي بن سلول وكان أصدقها حديقة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم وزيادة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما الزيادة فلا ولكن حديقته قالت: نعم فأخذها له وخلا سبيلها فلما بلغ ثابت بن قيس قال: قد قبلت قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه الدارقطني (2) بإسناد صحيح، وقال: سمعه أبو الزبير من غير واحد.
4556 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن ثابت بن قيس كان ذميمًا وأن امرأته قالت: لولا مخافة الله إذا دخل علي لبصقت في وجهه» رواه ابن ماجة (3) .
4557 - ولأحمد (4) من حديث سهل بن أبي حثمة: «وكان ذلك أول خلع في الإسلام» .
قوله: «ما أعتب» بعين مهملة بعدها فوقانية مضمومة، قال في المغرب العتب:
_________
(1) الترمذي (3/491) (1185) .
(2) الدارقطني (3/255) (39) ، البيهقي (7/314) .
(3) ابن ماجه (1/663) (2057) .
(4) أحمد (4/3) .(3/1520)
هو الموجدة والغضب من باب ضرب ومنه حديث جميلة ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق انتهى. قوله: «ولا خلق» بضم الخاء المعجمة واللام. قوله: «حديقة» الحديقة البستان.
[30/9] باب ما جاء في الرجعة.
4558 - عن ابن عباس في قوله تعالى: « ((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ)) [البقرة:228] الآية، وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثًا فنسخ ذلك ((الطَّلاقُ مَرَّتَانِ)) الآية» رواه أبو داود والنسائي (1) وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال.
4559 - وعن عروة عن عائشة قالت: «كان الناس الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة وإن طلقها مائة مرة أو أكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لا أطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدًا، قالت: فكيف ذاك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها فسكتت عائشة حتى جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل القرآن: ((الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)) [البقرة: 229] قالت عائشة: فاستأنف الناس الطلاق مستقبلًا من كان طلق ومن لم يطلق» رواه الترمذي (2) .
_________
(1) أبو داود (2/259، 285) (2195، 2282) ، النسائي (6/187، 212) .
(2) الترمذي (3/497) (1192) .(3/1521)
4560 - ورواه (1) أيضًا عن عروة مرسلًا وذكر أنه أصح
4561 - وعن عمران بن حصين «أنه سئل عن الرجل يطلق امرأته ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال: طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد» رواه أبو داود وابن ماجة (2) ولم يقل: «ولا تعد» قال في "بلوغ المرام": رواه أبو داود موقوفًا وسنده صحيح.
4562 - وعن ابن عمر «أنه لما طلق امرأته قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: مره فليراجعها» أخرجاه (3) .
4563 - وعن عائشة قالت: «جاءت أم رفاعة القرضي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» رواه الجماعة (4) لكن لأبي داود معناه من غير تسمية الزوجين.
_________
(1) أخرجه بعد الحديث السابق مرسلًا عن عروة.
(2) أبو داود (2/257) (2186) ، ابن ماجه (1/652) (2025) ، الطبراني في "الكبير" (271) .
(3) تقدم برقم (4514) .
(4) البخاري (2/933) (2496) ، وأطرافه (5/2014، 2016، 2037، 2183، 2192، 2258) (4960، 4964، 5011، 5456، 5487، 5734) مسلم (2/1055، 1056) (1433) ، النسائي (6/93، 146، 148) ، الترمذي (3/426) (1118) ، ابن ماجه (1/621) (1932) ، أحمد (6/37، 226) ، ابن الجارود (1/172) (683) ، وأخرجه أبو داود (2/294) (2309) بمعناه من غير تسمية الزوجين.(3/1522)
4564 - وعنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «العسيلة: الجماع» رواه أحمد والنسائي (1) قال في "مجمع الزوائد": في إسناده عبد الملك لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
4565 - وعن ابن عمر قال: «سئل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يطلق امرأته ثلاثًا ويتزوجها آخر فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها هل تحل للأول؟ قال: لا حتى تذوق العسيلة» رواه أحمد والنسائي (2) وقال: «لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر» وفي الباب أحاديث.
قوله: «عبد الرحمن بن الزبير» بفتح الزاي المشددة المفتوحة. قوله: «هدبة الثوب» بفتح الهاء وسكون الدال المهملة بعدها باء موحدة مفتوحة هي طرف الثوب. قوله: «عسيلة» مصغرة وقد تقدم تفسيرها في الحديث.
فائدة: اختلف فيمن طلق امرأته طلقة أو اثنتين ثم تزوجت بزوج آخر ودخل بها ثم طلقها أو مات عنها ثم رجعت لزوجها الأول بنكاح جديد هل يهدم نكاح الزوج الثاني الطلقة أو الثنتين من الزوج الأول أو لا يهدمه إلا الثلاث فذهب إلى الأول ابن عباس وابن عمر والنخعي وأبو حنيفة وأبو يوسف قالوا: نكاحها غيره يهدم أقل من الثلاث بالأولى واختاره جماعة من الأئمة المتأخرين، وقالوا: إذا كان عقد
_________
(1) أحمد (6/62) ، الدارقطني (3/251) ، أبو يعلى (8/290) (4881) ، أبو نعيم في "الحلية" (9/226) .
(2) أحمد (2/25، 62، 85) ، النسائي (6/148) ، وعبد الرزاق (6/348) ، وابن ماجه (1/622) (1933) .(3/1523)
الزوج الثاني ووطؤه قد أبطل حكم الثلاث التطليقات وهدمهن وصير وجودهن كالعدم مع أنهن أكمل الطلاق وأغلظه وأكرهه والمختص باقتضاء التحريم وفرقة الأبد ومنعة الرجعة فبالأولى والأحرى أن يثبت لما هو أقل عددًا وأخف حكمًا وأنقص كراهة وما لا يقتضي تأبيد الفرقة وتحريم الرجعة ومن تتبع المسائل الفقهية والأبواب الفرعية لا يجد أمرًا يزيل الأغلظ ولا يزيل الأخف ويرفع حكم الأقوى ولا يرفع حكم الأضعف ثم إذا قد هدم الثلاث بمجموعها فقد هدم كل واحدة على انفرادها. وذهب جماعة من الصحابة وغيرهم إلى القول الثاني وقالوا: لا يهدم النكاح الثاني إلا الثلاث ورووا في ذلك حديثًا عن رجل من الصحابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قضى في المرأة يطلقها زوجها دون الثلاث ثم يرتجعها بعد زوج أنها على ما بقي من الطلاق» (1) وفي إسناده ضعف ومجهول، قال في "الهدي": ولو ثبت الحديث لكان فصل النزاع في المسألة، وإليه ذهب أحمد والشافعي ومالك. انتهى.
[30/10] باب الإيلاء
4566 - عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: «آلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه وحرم فجعل الحرام حلال وجعل في اليمين الكفارة» ورواه ابن ماجة والترمذي (2) وذكر أنه قد روي عن الشعبي مرسلًا وأنه أصح، وقال في "بلوغ المرام": رجاله ثقات، وقال في "الفتح": رجاله موثقون لكن رجح الترمذي إرساله على وصله.
_________
(1) عبد الرزاق في "المصنف" (6/353) (11159) .
(2) ابن ماجه (1/670) (2072) ، الترمذي (3/504) (1201) ، ابن حبان (10/104) (4278) ، البيهقي (7/352) .(3/1524)
4567 - وعن أنس بن مالك قال: «آلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه شهرًا وكانت انفكت قدمه فجلس في علية له فجاء عمر بن الخطاب فقال: أطلقت نسائك؟ قال: لا ولكني آليت منهن شهرًا فمكث تسعًا وعشرين ثم نزل فدخل على نسائه» ، وفي رواية: «قالوا يا رسول الله آليت شهرًا فقال: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين» رواه البخاري (1) .
4568 - وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حلف لا يدخل على بعض أهله شهرًا فلما مضى تسعًا وعشرين يومًا غدا عليهم وراح فقيل له: يا نبي الله حلفت أن لا تدخل عليهن شهرًا فقال: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين» أخرجاه (2) .
4569 - وعن ابن عمر قال: «إذا مضت أربعة أشهر وقف المولي حتى يطلق ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق» رواه البخاري (3) قال: ويذكر كذلك عن
_________
(1) البخاري (2/874) (2337) .
(2) سيأتي برقم (5882) .
(3) البخاري (5/2026) (4985) وباقي الآثار علقها البخاري بعد هذا الحديث، وأثر عثمان «يوقف المولي فإما أن يفيء وإما أن يطلق» وصله عبد الرزاق (6/458) (11664) عن ابن عيينة عن مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن طاووس عن عثمان به، وأخرجه الشافعي (1/248) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن" (7/377) عن سفيان عن مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن طاووس أن عثمان رضي الله عنه كان يوقف المؤلي، ورواه ابن أبي شيبة (4/128) عن ابن علية ووكيع عن مسعر به، وأثر علي أخرجه الشافعي (1/248) ، ومن طريقه البيهقي (7/377) من طرق عن علي بن أبي طالب به، ورواه ابن أبي شيبة (4/128) من طرق عن علي رضي الله عنه، وعبد الرزاق (6/457) (11656، 11657) وأثر أبي الدرداء وصله عبد الرزاق (6/457) (11658) ، وابن أبي شيبة (4/129) ، والبيهقي (7/378) ، ولفظ ابن أبي شيبة: «الإيلاء معصية، ولا يحرم عليه امرأته» ، وأثر عائشة وصله عبد الرزاق (6/457) (11658) .(3/1525)
عثمان وعلي وأبي الدرداء وعائشة واثني عشر رجلًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال أحمد بن حنبل في رواية أبي طالب، قال عمر وعثمان وعلي وابن عمر: «يوقف المولي بعد الأربعة فإما أن يفي وإما أن يطلق» .
4570 - وعن سليمان بن يسار، قال: «أدركت بضعة عشر رجلًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلهم يقفون المولي» رواه الشافعي والدارقطني (1) .
4571 - وعن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: «سألت اثني عشر رجلًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رجل يولي قالوا: ليس عليه شيء حتى يمضي أربعة أشهرٍ فيوقف فإن فاء وإلا طلق» رواه الدارقطني (2) .
4572 - وعن ابن عباس قال: «كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين فوقت الله تعالى أربعة أشهر فإن كان أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء» أخرجه البيهقي والطبراني (3) .
4573 - وعن عبد الرحمن بن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه» متفق عليه ولمسلم من رواية عدي بن حاتم وأبي هريرة نحوه (4) .
قوله: «يفي» الفيء الرجوع.
_________
(1) الشافعي (1/151، 248) ، الدارقطني (4/61-62) (148) ، البيهقي (7/376) ،
(2) الدارقطني (4/61) (147) .
(3) البيهقي (7/381) ، الطبراني في "الكبير" (11/158) .
(4) ستأتي هذه الأحاديث في باب تعليق اليمين [35/30] .(3/1526)
[30/11] باب الظهار
4580 - عن سلمة بن صخر قال: «كنت امرأً قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري فلما دخل رمضان ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان فرقًا من أن أصيب في ليلتي شيئًا فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزل فبينما هي تخدمني من الليل إذا انكشف لي منها شيء فوثبت عليها فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري وقلت: انطلقوا معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بأمري فقالوا: والله لا نفعل نتخوف أن ينزل فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت واصنع ما بدا لك فخرجت حتى أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته خبري فقال لي: أنت بذاك؟ فقلت: أنا بذاك، فقال: أنت بذاك؟ قلت: أنا بذاك، فقال لي: أنت بذاك؟ قلت: نعم ها أنا فامض في حكم الله عز وجل فأنا صابر له، قال: أعتق رقبة، فضربت صفحة رقبتي بيدي فقلت: لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها، قال: فصم شهرين متتابعين، قلت: يا رسول الله وهل أصابني ما أصابني إلا في الصوم، قال: فتصدق، قلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا وحشًا ما لنا عشاء، قال: اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك فأطعم عنك منها وسقًا من تمر ستين مسكينًا ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك، قال: فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السعة والبركة، وقد أمر لي بصدقتكم فادفعوها إليًَّ، قال: فدفعوها إليَّ» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وأخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط(3/1527)
الشيخين (1) ، قال في "الخلاصة": ومن هذه الطريق: أخرجه الترمذي وقال: حسن، انتهى، وصححه أيضًا ابن حزم وابن الجارود.
4575 - وعن سلمة بن صخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «في المظاهر يواقع قبل أن يكفر قال: كفارة واحدة» رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه (2) .
4576 - وعن أبي سلمة عن سلمة بن صخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعطاه مكتلًا فيه خمسة عشر صاعًا فقال: أطعمه ستين مسكينًا وذلك لكل مسكين مد» رواه الدارقطني وللترمذي معناه (3) .
4577 - وعن ابن عباس: «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ظاهر من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال: ما حملك على ذلك يرحمك الله؟ قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال: فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله» رواه الخمسة إلا أحمد (4) وصححه الترمذي ورجح
_________
(1) أحمد (4/37) ، أبو داود (2/265) (2213) ، الترمذي (5/405) (3299) ، الحاكم (2/221) ، ابن الجارود (1/185) (744) ، البيهقي (7/390) ، ابن خزيمة (4/73) (2378) ، وابن ماجه (1/665) (2062) ، والدارمي (2/217) (2273) .
(2) ابن ماجه (1/666) (2064) ، الترمذي (3/502) (1198) ، الدارقطني (3/318) (266) .
(3) الدارقطني (3/316) (260) ، وللترمذي (3/503) (1200) معناه.
(4) أبو داود (2/268) (2223) ، الترمذي (3/503) (1199) ، النسائي (6/167) ، ابن ماجه (1/666) (2065) ، ابن الجارود (1/187) (747) ، الحاكم (2/222) .(3/1528)
النسائي أرسالها ورواه البزار (1) من وجه آخر عن ابن عباس وزاد فيه: «كفر ولا تعد» والوصل زيادة مقبولة.
4578 - ورواه النسائي (2) عن عكرمة مرسلًا وقال فيه: «فاعتزلها حتى تقضي ما عليك» ورواه أيضًا الحاكم وصححه قال الحافظ: ورجاله ثقات لكن أعله أبو حاتم والنسائي بالإرسال وقال ابن حزم: رواته ثقات ولا يضره إرسال من أرسله.
4579 - وعن خولة بنت مالك بن ثعلبة قالت: «ظاهر مني أوس بن الصامت فجئت رسول الله عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم أشكو إليه ورسول الله يجادلني فيه ويقول: اتقِ الله فإنه ابن عمك فما برح حتى نزل القرآن ((قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا)) [المجادلة:1] الآية فقال: يعتق رقبة، قالت: لا يجد، قال: فيصوم شهرين متتابعين، قالت: يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال: فيطعم ستين مسكينًا، قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، قال: فإني سأعينه بعرق من تمر، قالت: يا رسول الله فإني سأعينه بعرق آخر قال: قد أحسنت اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا وارجعي إلى ابن عمك والعرق ستون صاعًا» رواه أبو داود (3) ولأحمد (4) معناه لكنه لم يذكر قدر العرق وقال فيه: «فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من
_________
(1) عزاه إليه في "التلخيص" (3/445) .
(2) النسائي (6/167) .
(3) أبو داود (2/266) (2214) .
(4) معناه عند أحمد (6/410-411) ، وابن حبان (10/107-108) (4279) ، وابن الجارود (1/186) (746) .(3/1529)
تمر» ولأبي داود (1) في رواية أخرى «والعرق مكتل يسع ثلاثين صاعًا» ، وقال هذا أصح.
4580 - وله (2) عن عطاء عن أوس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعطاه خمسة عشر صاعًا من شعير إطعام ستين مسكينًا» وهذا مرسل قال أبو داود وعطاء لم يدرك أوسًا وحديث خولة في إسناده محمد بن إسحاق.
4581 - وأخرجه ابن ماجة والحاكم (3) من حديث عائشة، وقال: صحيح الإسناد وقال في موضع آخر صحيح على شرط مسلم وفيه قالت: «تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى عليَّ بعضه وهي تشتكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» فذكر الحديث وفي آخره قال: «وزوجها أوس بن الصامت» وأصله في البخاري من هذا الوجه إلا أنه لم يسمها، وقال الحافظ ابن حجر: حديث عائشة المذكور أخرجه النسائي وأورد منه البخاري طرفًا في كتاب التوحيد معلقًا انتهى، قلت: والذي أشار إليه الحافظ في كتاب التوحيد من "صحيح البخاري" (4) ما لفظه، وقال الأعمش عن تميم عن عروة عن عائشة قالت: «الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، فأنزل الله عز وجل على النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا)) [المجادلة: 1] » انتهى، وإنما نبهت على ذلك لأن صاحب "جامع الأصول" وهم فذكر الحديث في تفسير المجادلة
_________
(1) أبو داود (2/266) (2215) .
(2) أبو داود (2/267) (2218) .
(3) ابن ماجه (1/67، 666) (188، 2063) ، الحاكم (2/523) ، أبو يعلى (8/214) (4780) ، عبد بن حميد (1/438) (1514) ، النسائي (6/168) ، أحمد (6/46) .
(4) علقه البخاري (6/2689) كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: ((وكان الله سميعًا عليمًا)) .(3/1530)
وعزاه إلى البخاري والنسائي، وكان الصواب أن يقول: وأخرج البخاري طرفًا منه معلقًا.
قوله: «فرقاً» بفتح الفاء والراء. قوله: «أتتايع» التتايع هو الوقوع في الشر وهو بتائين فوقيتين. قوله: «وحشاً» لفظ أبي داود وحشين يقال رجل وحش بالسكون إذا كان جائعًا لا طعام له. قوله: «بني زريق» بتقديم الزاي على الراء.
[30/12] باب ما جاء في تحريم الزوجة أو الأمة
4582 - عن ابن عباس قال: «إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها» وقال: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» متفق عليه (1) ، وفي لفظ «أنه أتاه رجل فقال: إني جعلت امرأتي عليَّ حرامًا، فقال: كذبت ليست عليك حرام ثم تلا: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)) [التحريم:1] عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة» رواه النسائي (2) .
4583 - وعن ثابت عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كانت له أمة يطأها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه، فأنزل الله عز وجل: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)) [التحريم:1] إلى آخر الآية» رواه النسائي (3) ، قال الحافظ: سنده ضعيف وهو أصح طرق سبب نزول الآية.
_________
(1) البخاري (4/1865) (4627) ، مسلم (2/1100) (1473) ، أحمد (1/225) .
(2) النسائي (6/151) ، الحاكم (2/536) ، الدارقطني (4/43) ، البيهقي (7/350) .
(3) النسائي (7/71) .(3/1531)
4584 - وله شاهد مرسل عند الطبراني (1) بسند صحيح عن زيد بن أسلم التابعي المشهور قال: «أصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم إبراهيم ولده في بيت بعض نسائه، فقالت: يا رسول الله في بيتي وعلى فراشي فجعلها عليه حرامًا، فقالت: يا رسول الله! كيف تحرم عليك الحلال فحلف لها بالله لا يصيبها، فنزلت: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)) [التحريم: 1] الآية» .
4585 - وقد تقدم (2) حديث عائشة في أول باب الإيلاء.
_________
(1) وابن جرير الطبري في "تفسيره" (28/155) .
(2) تقدم برقم (4572) .(3/1532)
أبواب اللعان
4586 - عن نافع عن ابن عمر: «أن رجلًا لاعن امرأته وانتفى من ولدها ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما وألحق الولد بالمرأة» رواه الجماعة (1) .
4587 - وعن سعيد بن جبير أنه قال لعبد الله بن عمر: «يا أبا عبد الرحمن المتلاعنان أيفرق بينهما، قال: سبحان الله نعم إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان، قال: يا رسول الله أرأيت لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع أن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك، قال: فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه، فقال: إن الذي سألتك عنه ابتليت به فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور، ((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ)) [النور: 6] فقرأهن عليه ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال: لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها ثم دعاها فوعظها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقالت: لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنى بالمرأة فشهدت
_________
(1) البخاري (5/2036، 6/2480) (5009، 6367) ، مسلم (2/1132) (1494) ، أبو داود (2/278) (2259) ، النسائي (6/178) ، الترمذي (3/508) (1203) ، ابن ماجه (1/669) (2069) ، أحمد (2/7، 38، 64، 71) ، وابن الجارود (1/189) (754) ، وابن حبان (10/122) (4288) ، والشافعي (1/188) .(3/1533)
أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ثم فرق بينهما» متفق عليه (1) .
4588 - وعن ابن عمر قال: «فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أخوي بني عجلان وقال: الله يعلم أن أحدهما لكاذب فهل منكما تائب ثلاثًا» متفق عليه (2) .
4589 - وعن سهل بن سعد أن عويمر العجلاني أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا رسول الله أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها، قال سهل فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ابن شهاب: فكانت سنة المتلاعنين» رواه الجماعة إلا الترمذي (3) ، وفي رواية متفق عليها (4) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ذلكم التفريق بين كل متلاعنين» وفي لفظ لأحمد
_________
(1) البخاري (5/2035) (5005) ، مسلم (2/1130) (1493) ، أحمد (2/19، 42) ، وابن الجارود (1/188) (752) ، ابن حبان (10/119-110) (4286) ، الترمذي (3/506) (1202) ، أبو يعلى (10/26) (5656) ، النسائي (6/175) .
(2) البخاري (5/2035) (5006) ، مسلم (2/1132) (1493) ، أحمد (2/11) ، وأبو داود (2/278) (2258) ، والنسائي (6/177) ، وابن حبان (4287) .
(3) البخاري (5/2014) (4959) ، وأطرافه (4/1771، 1772، 5/2033، 6/2621، 2663) (4468، 4469، 5002، 5003، 6746، 6874) ، مسلم (2/1129) (1492) ، أبو داود (2/273) (2245) ، النسائي (6/143-144) ، ابن ماجه (1/667) (2066) ، أحمد (5/336-337) ، مالك (2/566-567) .
(4) البخاري (5/2033) (5003) ، مسلم (2/1130) (1492) .(3/1534)
ومسلم (1) : «وكان فراقه إياها سنة في المتلاعنين»
[30/13] باب ما جاء في التفريق بين المتلاعنين
وأنهما لا يجتمعان أبدًا
4590 - عن ابن عمر قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمتلاعنين حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها، قال: يا رسول الله مالي! قال: لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها» متفق عليه (2) .
4591 - وعن سهل بن سعد في خبر المتلاعنين قال: «فطلقها ثلاث تطليقات فانفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان بما صنع عند النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة قال سهل حضرت هذا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضت السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدًا» رواه أبو داود (3) ورجال إسناده رجال الصحيح.
4592 - وعنه في قصة المتلاعنين: «ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وقال: لا يجتمعان أبدًا» رواه الدارقطني (4) ، وفي إسناده عياض بن عبد الله، قال في التقريب فيه لين ولكنه قد أخرج له مسلم.
_________
(1) أحمد (5/334، 337) ، مسلم (2/1130) (1492) .
(2) البخاري (5/2046) (5035) ، مسلم (2/1131) (1493) ، أحمد (2/11) ، وهو عند أبي داود (2/278) (2257) ، والنسائي (6/177) ، وابن حبان (10/121) (4287) ، وابن الجارود (1/189) .
(3) أبو داود (2/274) (2250) ، الدارقطني (3/275) (114) .
(4) الدارقطني (3/275) (115) .(3/1535)
4593 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدًا» رواه الدارقطني (1) وأخرج نحوه أبو داود (2) بإسناد فيه مقال.
4594 - وعن علي قال: «مضت السنة في المتلاعنين أن لا يجتمعان أبدًا»
4595 - وعن ابن مسعود قال: «مضت السنة أن لا يجتمع المتلاعنان» رواهما الدارقطني (3) .
4596 - وعن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلًا أن يضع يده عند الخامسة على فيه وقال: إنها موجبة» رواه أبو داود والنسائي (4) ورجاله ثقات، وقال في "الخلاصة": إسناده حسن.
[30/14] باب ما جاء أن اللعان يسقط الحد عن الزوج لقذف زوجته والذي رماها به وأنه يبدأ بالرجل عند الأيمان
4597 - عن ابن عباس «أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بشريك ابن سحمى فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: البينة أو حد في ظهرك، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلًا ينطلق يلتمس البينة فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: البينة وإلا حد في ظهرك، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما
_________
(1) الدارقطني (3/276) (116) عن سعيد بن جبير عن ابن عمر.
(2) أخرجه بنحوه أبو داود (2/277) (2256) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس..
(3) حديث علي وابن مسعود أخرجهما الدارقطني (3/276) (117) بإسنادين مختلفين، وأخرجه أيضًا (3/276-277) (118) من حديث علي وابن مسعود بإسناد واحد.
(4) أبو داود (2/276) (2255) ، النسائي (6/175) .(3/1536)
يبري ظهري من الحد فنزل جبريل وأنزل عليه: ((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ)) [النور:6] فقرأ حتى بلغ، ((إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)) [النور:9] فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليهما فجاء هلال فشهدوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله يعلم أن أحدهما لكاذب فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت فلما كان عند الخامسة وقفوها وقالوا: إنها موجبة فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سحمى. فجاءت به كذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن» رواه الجماعة إلا مسلمًا والنسائي (1) .
4598 - وعن أنس «أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحمى كان أخا البراء بن مالك لأمه وكان أول رجل لاعن في الإسلام، قال: فلاعنها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انظروا فإن جاءت به أبيضًا سبطًا قضيء العينين فهو لهلال بن أمية وإن جاءت به أكحل جعد أحمش الساقين فهو لشريك بن سحمى قال: فأنبئت أنها جاءت به أكحل جعد أحمش الساقين» رواه أحمد ومسلم والنسائي (2) ، وفي رواية: «أن أول لِعْانٍ كان في الإسلام أن هلال بن أمية قذف شريك بن سحمى بامرأته فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أربعة شهداء وإلا حد في ظهرك يردد عليه ذلك مرارًا فقال له هلال: والله يا رسول الله إن الله عز وجل
_________
(1) البخاري (2/949، 4/1772) (2526، 4470) ، أبو داود (2/276) (2254) ، الترمذي (5/331) (3179) ، ابن ماجه (1/668) (2067) ، أحمد (1/238-239) .
(2) أحمد (2/142) ، مسلم (2/1134) (1496) ، النسائي (6/171-172) ، أبو يعلى (5/209) (2825) .(3/1537)
ليعلم أني صادق، ولينزلن الله عليك ما يبري ظهري من الحد فبينما هم كذلك إذ نزلت عليه آية اللعان: ((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ)) [النور:6] إلى آخر الآية وذكر الحديث» رواه النسائي (1) وهذه الرواية الآخرة رجالها رجال الصحيح.
قوله: «أكحل العينين» الأكحل الذي أجفانه سود. قوله: «سابغ الإليتين» بالسين المهملة وموحدة بينهما ألف وآخره معجمة أي عظيم الإليتين. قوله: «خدلج» بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة وتشديد اللام أي ممتلئ الساقين. قوله: «قضيء العيني» بفتح القاف وكسر الضاد المعجمة وبعدها همزة وهو فاسد العينين كما في "الدر النثير". قوله: «جعد» بفتح الجيم وسكون العين المهملة بعدها دال مهملة في "الدر النثير": الجعد الذي شعره غير سبط. قوله: «أحمش الساقين» حمش وأحمش لغتان وهو بالحاء المهملة ثم معجمة بينهما ميم مهملة هو دقيق الساقين كما في "الدر النثير".
[30/15] باب ما جاء أن الشهادة في اللعان أيمان
4599 - عن ابن عباس قال: «جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا وذكر حديث تلاعنهما إلى أن قال: ففرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما وقال إن جاءت به أصيهب أريسح حمش الساقين فهو لهلال وإن جاءت به أورق جعدًا جماليًا خدلج الساقين سابغ الإليتين فهو الذي رميت به فجاءت به جعدًا جماليًا خدلج الساقين سابغ الإليتين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لولا الإيمان لكان لي ولها شأن» رواه
_________
(1) النسائي (6/172-173) ، وابن حبان (10/302-304) (4451) ، أبو يعلى (5/207-208) (2824) .(3/1538)
أحمد وأبو داود (1) بإسناد ضعيف، ورواه البخاري بلفظ: «لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن» وقد تقدم (2) ، وقد أخرج الحاكم والبيهقي (3) من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهلال بن أمية: «احلف بالله الذي لا إله إلا هو إنك لصادق» وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري.
قوله: «أُصيهب» تصغير أصهب وهو الأشقر من الرجال. قوله: «أريسح» تصغير الأرسح بالسين والحاء المهملتين وهو خفيف لحم الفخذين. قوله: «أورق» هو الأسمر. قوله: «جماليًا» بضم الجيم وتشديد الميم هو عظيم الخلق.
[30/16] باب ما جاء في اللعان على الحمل وعدم صحة النفي
بعد الاعتراف بالحمل
4600 - عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لاعن على الحمل» رواه أحمد (4) وهو في الصحيحين (5) من حديثه بلفظ: «لاعن بين هلال بن أمية وزوجته وكانت حاملًا» .
4601 - وقد تقدم (6) حديث ابن عباس: «انظروها فإن جاءت به أكحل
_________
(1) أحمد (1/238-239) ، أبو داود (2/277) (2256) ، أبو يعلى (5/124-127) (2740) .
(2) تقدم قريبًا برقم (4603) .
(3) الحاكم (2/220) ، البيهقي (7/395) .
(4) أحمد (1/335) .
(5) سيأتي أول الباب الآتي.
(6) تقدم برقم (4603) .(3/1539)
العين» رواه الجماعة.
4602 - وتقدم (1) في حديث أنس نحو ذلك.
4603 - وعن قبيصة بن ذؤيب قال: «قضى عمر بن الخطاب في رجل أنكر ولد امرأته وهو في بطنها ثم اعترف به وهو في بطنها حتى إذا ولد أنكره فأمر به فجلد ثمانين لفريته عليها ثم ألحق به» رواه الدارقطني (2) .
4604 - وعنه قال: «من أقر بولد طرفة عين فليس له أن ينفيه» أخرجه البيهقي (3) قال في "بلوغ المرام": وهو حسن موقوف.
[30/17] باب ما جاء في الملاعنة بعد الوضع لقذف قبله
وإن شهد الشبه لأحدهما
4605 - عن ابن عباس «أنه ذكر التلاعن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عاصم بن عدي في ذلك قولًا ثم انصرف فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع أهله رجلًا فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا لقولي فيه فذهب به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بالذي وجد على امرأته وكان ذلك الرجل مصفر اللون قليل اللحم سبط الشعر وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله خدلًا آدم كثير اللحم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم بيّن، فوضعت شبيهًا بالذي ذكر زوجها أنه وجده عندها، فلاعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما فقال رجل لابن عباس في المجلس أهي التي قال
_________
(1) تقدم برقم (4604) .
(2) الدارقطني (3/164) (243) ، البيهقي (7/411) .
(3) البيهقي (7/411) .(3/1540)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو رجمت أحد بغير بينة رجمت هذه، فقال ابن عباس: لا تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء» متفق عليه (1) .
قوله: «مصفرا» بضم أوله وسكون الصاد المهملة وفتح الفاء وتشديد الراء أي قوي الصفرة. قوله: «خدلا» بالخاء المعجمة والدال المهملة قال في "الدر النثير": الخدل والخدلج الممتلي الساق. قوله: «آدم» بالمد أي لونه قريب من السواد.
[30/18] باب ما جاء في قذف الملاعنة وولدها وأن لا نفقة لها ولا سكنى
4606 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ولد الملاعنة يرث أمه وترثه ومن رماها به جلد ثمانين» رواه أحمد (2) وفي إسناده محمد بن إسحاق وبقية رجاله ثقات.
4607 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لاعن بين هلال بن أمية وامرأته وفرق بينهما وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد» قال عكرمة: فكان بعد ذلك أميرًا على مصر وما يدعى لأب، رواه أحمد وأبو داود (3) وفي إسناده عباد بن منصور قد تكلم فيه غير واحد.
4608 - وعنه في قصة الملاعنة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قضى أن لا قوت لها ولا سكنى من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق ولا متوفى عنها» رواه أحمد (4) وفي
_________
(1) البخاري (5/2034، 2036، 6/2514) (5004، 5010، 6464) ، مسلم (2/1134، 1135) (1497) .
(2) أحمد (2/216) .
(3) تقدم برقم (4605) .
(4) انظر المصدر السابق.(3/1541)
إسناده عباد بن منصور.
[30/19] باب ما جاء من النهي أن يقذف الرجل زوجته
إن ولدت ما يخالف لونهما
4609 - عن أبي هريرة قال: «جاء رجل من بني فزارة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ولدت امرأتي غلامًا أسود، وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل لك من إبل، قال: نعم، قال: فما ألوانها، قال: حمر، قال: فهل فيها من أورق، قال: إن فيها لورقًا، قال: فأنى أتاها ذلك، قال: عسى أن يكون نزعة عرق، قال: فهذا عسى أن يكون نزعة عرق، ولم يرخص له في الانتفاء به» رواه الجماعة (1) ، ولأبي داود (2) في رواية: «إن امرأتي ولدت غلامًا أسود وأنا أنكره» .
[30/20] باب ما جاء من الوعيد للمرأة إذا أدخلت على قوم
من ليس منهم ولمن جحد ولده
4610 - عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين نزلت آية المتلاعنين: «أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء، ولن
_________
(1) البخاري (5/2032، 6/2511، 2667) (4999، 6455، 6884) ، مسلم (2/1137) (1500) ، أبو داود (2/278، 279) (2260، 2261) ، الترمذي (4/439) (2128) ، النسائي (6/178-179) ، ابن ماجه (1/645) (2002) ، أحمد (2/233، 234، 239، 279، 409) ، ابن حبان (9/416-417) (4106، 4107) ، أبو يعلى (10/267، 291) (5869، 5886) .
(2) أبو داود (2/279) (2262) .(3/1542)
يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله عنه وفضحه على رءوس الأولين والآخرين» أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان وأخرجه الحاكم (1) ، وقال: صحيح على شرط مسلم.
[30/21] باب ما جاء في تعظيم الزنا والتشديد فيه
4611 - عن ابن مسعود قال: «قلت يا رسول الله أي ذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندًا وهو خلقك، قال: قلت ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك، قال: ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك، قال: وأنزل الله تصديق قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ)) [الفرقان:68] الآية» رواه الجماعة إلا أحمد وابن ماجة واللفظ لأبي داود (2) .
4612 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» أخرجاه وأبو داود والنسائي (3) ، وزاد النسائي (4) في رواية: «فإذا فعل ذلك فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» .
_________
(1) أبو داود (2/279) (2263) ، النسائي (6/179) ، ابن ماجه (2/916) (2743) ، ابن حبان (9/418) (4108) ، الحاكم (2/220) .
(2) البخاري (4/1626، 1784، 5/2236، 6/2497، 2517، 2734، 2739) (4207، 4483، 5655، 6426، 6468، 7082، 7094) ، مسلم (1/90، 91) (86) ، أبو داود (2/294) (2310) ، النسائي (7/89، 90) ، الترمذي (5/336، 337) (3182، 3183) ، وهو عند أحمد (1/380، 431، 434، 464) ، وابن حبان (10/261-264) (4414-4416) .
(3) سيأتي برقم (5677) .
(4) النسائي (8/65) .(3/1543)
4613 - وعن سمرة بن جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة» الحديث بطوله وفيه: «فانطلقنا على مثل التنور فإذا فيها رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم» الحديث وفي آخره: «وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني» مختصر من البخاري (1) .
4614 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعايل مستكبر» رواه مسلم والنسائي (2) .
4615 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ظهر الربا والزنا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله» رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد (3) .
4616 - وعن المقداد بن الأسود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما تقولون في الزنا؟ قالوا: حرام حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه بأن يزني بامرأة جاره» رواه أحمد (4) ورواته ثقات.
_________
(1) جزء من حديث طويل عند البخاري (1/465-466، 6/2583-2586) (1320، 6640) ، وابن حبان (2/427-431) (655) ، والنسائي في "الكبرى" (4/391-392) (7658) ، وابن أبي شيبة (6/177) ، وأحمد (5/8-9) ، والطبراني في "الكبير" (7/237-238) .
(2) مسلم (1/102) (107) ، النسائي (5/86) .
(3) الحاكم (2/43) .
(4) أحمد (6/8) ، الطبراني في "الكبير" (20/256) ، و"الأوسط" (6/254) .(3/1544)
[30/22] باب ما جاء أن الولد للفراش وللعاهر الحجر
4617 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» رواه الجماعة إلا أبا داود (1) .
4618 - وعن عائشة قالت: «اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غلام فقال سعد: يا رسول الله إن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شبهه فرأى شبهًا بينًا بعتبة فقال: هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة، قال: فلم ير سودة قط» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) ، وفي رواية أبي داود ورواه للبخاري: «هو أخوك يا عبد» .
4619 - وعن ابن عمر أن عمر قال: «ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يعتزلونهن لا تأتني وليدة يعترف سيدها أنه قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها فاعزلوا بعد ذلك أو اتركوا» رواه الشافعي (3) .
_________
(1) البخاري (6/2499) (6432) ، مسلم (2/1081) (1458) ، النسائي (6/180) ، الترمذي (3/463) (1157) ، ابن ماجه (1/647) (2006) ، أحمد (2/239، 280، 386، 475) ، الدارمي (2/203) (2235) .
(2) تقدم برقم (4092) .
(3) أخرجه مالك (2/742) (1422) ، ومن طريقه الشافعي (1/223) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/114) ، والبيهقي (7/413) .(3/1545)
[30/23] باب ما جاء في حكم الشركاء يطئون الأمة في طهر واحدٍ
4620 - عن زيد بن أرقم قال: «أُتي أمير المؤمنين علي وهو باليمن في ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر واحد فسأل اثنين، فقال: أتقران لهذا بالولد؟ فقالا: لا، ثم سأل اثنين فقال: أتقران لهذا بالولد؟ قالا: لا فجعل كلما سأل اثنين أتقران لهذا بالولد؟ قالا: لا فأقرع بينهم وألحق الولد بالذي أصابته القرعة، وجعل عليه ثلثي الدية، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فضحك حتى بدت نواجذه» رواه الخمسة إلا الترمذي (1) ، وفي إسناده يحيى بن عبد الله الكندي وقد تكلم فيه ورواه النسائي وأبو داود (2) موقوفًا على علي بالإسناد المرفوع وكذلك رواه الحميدي في "مسنده" (3) ، وقال فيه: «فأغرمه ثلثي قيمة الجارية لصاحبيه» ، ورواه أبو داود من طريقين طريق عبد الله بن الخليل عن زيد بن أرقم والطريق الثانية من طريق عبد خير عن زيد بن أرقم قال المنذري: أما حديث عبد خير فرجال إسناده ثقات غير أن الصواب فيه الإرسال انتهى.
4621 - وقد ورد العمل بالقرعة في مواضع في الرجل الذي أعتق ستة أعبد فجزأهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم، رواه مسلم وغيره من حديث عمران بن حصين وقد تقدم (4) .
_________
(1) أبو داود (2/281) (2269، 2270) ، النسائي (6/182، 183) ، ابن ماجه (2/786) (2348) ، أحمد (4/374) .
(2) أبو داود (2/281) (2271) ، والنسائي (6/183) .
(3) الحميدي في "مسنده" (2/345) (785) .
(4) تقدم برقم (4088) .(3/1546)
4622 - ومنها في تعيين المرأة التي يريد أن يسافر بها من نسائه أخرجه البخاري عن عائشة وقد تقدم (1) وورد اعتبار القرعة في الشيء الذي وقع فيه التداعي إذا تساوت فيه البينتان، وفي قسمة المواريث مع الالتباس كما تقدم في الصلح عن المعلوم والمجهول.
4623 - وورد اعتبارها في حديث أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف» رواه البخاري، وفي رواية لأحمد وأبي داود والنسائي «أن رجلين تداريا في دابة ليس لواحد منهما بينة فأمرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستهما على اليمين» وفي رواية لأحمد وأبي داود: «إذا كره الاثنان اليمين أو استحباها فليستهما عليها» (2) .
[30/24] باب ما جاء في العمل بالقافة
4624 - عن عائشة قالت: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليَّ مسرورًا تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم تري أن مجززًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض» رواه الجماعة (3) وفي لفظ لأبي داود وابن ماجة ورواية لمسلم والنسائي والترمذي (4) : «ألم تري أن مجززًا المدلجي رأى زيدًا
_________
(1) تقدم برقم (4502)
(2) سيأتي الحديث برواياته برقم (6047) .
(3) البخاري (6/2486) (6388) ، مسلم (2/1081) (1459) ، ابن حبان (9/413) (4103) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/160) ، أحمد (6/38) .
(4) بهذا اللفظ عند مسلم (2/1082) (1459) ، أبو داود (2/280) (2267) ، ابن ماجه (2/787) (2349) ، النسائي (6/184) ، الترمذي (4/440) (2129) ، أبو يعلى = = (7/395-396) (4422) ، الحميدي (1/117) (239) ، عبد الرزاق (7/447) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/160) ، أحمد (6/82) .(3/1547)
وأسامة قد غطيا رءوسهما بقطيفة وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض» وفي لفظ متفق عليه (1) قال: «دخل قايف والنبي - صلى الله عليه وسلم - شاهد وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض فسر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعجبه وأخبر به عائشة» قال أبو داود (2) «وكان أسامة أسود وكان زيد أبيض» .
قوله: «أسارير» هي الإضاءة والبريق في الوجه الحاصلان عن الشيء الذي يسر الإنسان. قوله: «مجزز» بضم الجيم وكسر الزاي الأولى اسم فاعل من الجز؛ لأنه جز نواصي قوم وقيل: محرز بالحاء المهملة بعدها راء ثم زاي، وسر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقول مجزز لموافقته لما قد كان حكم به.
[30/25] باب ما جاء من النهي عن الانتساب إلى غير الأب
وعن استلحاق ولد الزنا
4625 - عن أبي عثمان النهدي قال: «لما ادعى زياد لقيت أبا بكرة فقلت: ما هذا الذي صنعتم إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمعت أذني من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: من ادعى أبًا في الإسلام غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام قال أبو عثمان فذكرته لأبي بكرة، فقال: وأنا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) البخاري (3/1365) (3525) ، مسلم (2/1082) (1459) ، الدارقطني (4/240) (130) ، البيهقي (10/262) ، والطيالسي (1/206) (1461) .
(2) أبو داود (2/280) .(3/1548)
يقوله» أخرجاه (1) .
4626 - وعن أبي ذر أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس من رجل ادعى إلى غير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوء مقعده من النار ومن دعى رجلًا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه» أخرجاه (2) .
4627 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا مساعاة في الإسلام من ساعى في الجاهلية فقد الحق بعصبته، ومن ادعى ولدًا من غير رشده فلا يرث ولا يورث» رواه أبو داود، قال المنذري: وفي إسناده رجل مجهول وقد تقدم (3) هذا الحديث في كتاب الفرائض.
4628 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن كل مستلحق استلحق بعد أبيه الذي يدعو له ادعاء ورثته، فقضى أن كل من كان من أمة يملكها يوم أصابها فقد لحق استلحقه، وليس له مما قسم قبله من الميراث شيء، وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيبه، ولا يلحق إذا كان أبوه الذي يدعى له أنكره، وإن كان من أمة لم يملكها أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحق ولا
_________
(1) البخاري (6/2485) (6385) ، مسلم (1/80) (63) ، ابن ماجه (2/870) ، أحمد (5/46) ، ابن حبان (2/158-159، 160) (415، 416) ، أبو يعلى (2/59، 106) (700، 765) .
(2) البخاري (3/1292، 5/2247) (3317، 5698) ، مسلم (1/79) (61) ، أحمد (5/166، 181) .
(3) تقدم برقم (4127) .(3/1549)
يرث، وإن كان الذي يدعى له هو ادعاه فهو ولد زنية من حرة كانت أو أمة، وذلك مما استلحق في أول الإسلام فما اقتسم من مال قبل الإسلام فقد مضى» رواه أبو داود (1) وفي إسناده محمد بن راشد المكحولي وفيه مقال وقد وثقه أحمد وابن معين.
قوله: «حار» أي رجع. قوله: «لا مساعاة» المساعاة الزنا، يقال ساعت الأمة إذا فجرت وساعاها فلان إذا فجر بها، وحديث ابن عباس قد تقدم في باب ميراث ابن الملاعنة والزانية.
* * *
_________
(1) أبو داود (2/279) (2265) ، أحمد (2/219) .(3/1550)
أبواب العدة
[30/26] باب عدة الحامل بوضع الحمل
4629 - عن سبيعة «أنها كانت تحت سعد بن خولة فتوفى عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال: مالي أراك تجملت للخطاب فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشرًا، قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزويج» رواه البخاري مطولًا وهو للجماعة بنحوه مختصرًا إلا أبا داود وابن ماجة (1) ، وفي لفظ للبخاري (2)
«أنها
_________
(1) بهذا اللفظ عند البخاري (4/1466) (3770) ، ومسلم (2/1122) (1484) ، وأبو داود (2/293) (2306) ، والنسائي (6/194) من طريق ابن شهاب قال حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ثم أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها وعما قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استفتته فكتب عمر بن عبد الله بن الأرقم إلى عبد الله بن عتبة يخبره أن سبيعة بنت الحارث أخبرته أنها.... ثم ذكره، وأما قول "المصنف" رواه الجماعة إلا أبا داود وابن ماجه فهذا التخريج هو لحديث أم سلمة: «أن أمرأة من أسلم يُقال لها سبيعة، كانت تحت زوجها، فتوفي عنها وهي حبلى، فخطبها أبو السنابل بن بعكك، فأبت أن تنكحه، فقال: والله ما يصلح أن تنكحي حتى تعتدي آخر الأجلين، فمكثت قريبًا من عشرِ ليالٍ ثم نفست، ثم جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: انكحي» وحديث أم سلمة عند البخاري (5/2037) (5012) ، مسلم (2/1122) (1485) ، النسائي (6/193) ، الترمذي (3/499) (1194) ، أحمد (6/432) ، مالك (2/590) .
(2) البخاري (4/1864) (4626) ، وابن حبان (10/132) (4295) ..(3/1551)
وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة قال الزهري ولا أرى بأسًا أن تتزوج وهي في دمها غير أن لا يقربها حتى تطهر» ، وفي رواية لمسلم (1) أن أم سلمة قالت: «إن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليالٍ وأنها ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن تتزوج» وفي لفظ للبخاري (2) : «فمكثت قريبًا من عشر ليالٍ ثم نفست»
4630 - وعن ابن مسعود «في المتوفى عنها زوجها وهي حامل قال: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة؟ نزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى ((وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)) [الطلاق: 4] » رواه البخاري والنسائي (3) .
4631 - وعن أُبي بن كعب قال: «قلت يا رسول الله ((وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)) [الطلاق:4] للمطلقة ثلاثًا وللمتوفى عنها، قال: هي للمطلقة ثلاثًا وللمتوفى عنها» رواه أحمد والدارقطني وأبو يعلى والضياء في "المختارة" وابن مردويه (4) ، قال في "مجمع الزوائد": في إسناده المثنى بن الصباح، وثقه ابن معين وضعفه الجمهور.
4632 - وعن الزبير بن العوام «أنها كانت عنده أم كلثوم بنت عقبة
_________
(1) مسلم (2/1122) (1485) ، والنسائي (6/193) ، وأخرجه البخاري (5/2038) (5014) بهذا اللفظ من حديث المسور بن مخرمة.
(2) البخاري (5/2037) (5012) .
(3) البخاري (4/1647، 1864) (4258، 4626) ، النسائي (6/196-197) .
(4) عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/116) ، والدارقطني (4/39) (111) ، والضياء في المختارة (1213، 1214) .(3/1552)
فقالت له: وهي حامل طيب نفسي بتطليقة فطلقها تطليقة ثم خرج إلى الصلاة فرجع وقد وضعت، فقال: ما لها خدعتني خدعها الله ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: سبق الكتاب أجله اخطبها إلى نفسها» رواه ابن ماجة (1) ورجاله رجال الصحيح إلا محمد بن عمرو بن هياج وهو صدوق لا بأس به وفيه انقطاع لأن ميمون بن مهران لم يسمع من الزبير.
قوله: «سبيعة» بضم السين المهملة تصغير سبع وقد ذكرها ابن سعد في المهاجرات وهي بنت أبي برزة الأسلمي. قوله: «أبو السنابل» بمهملة ونون ثم موحدة جمع سنبلة.
[30/27] باب الاعتداد بالحيض للحرة والأمة
4633 - عن الأسود عن عائشة قالت: «أُمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض» رواه ابن ماجة (2) قال في "بلوغ المرام": رجاله ثقات لكنه معلول.
4634 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خير بريرة فاختارت نفسها فأمرها أن تعتد عدة الحرة» رواه أحمد والدارقطني والطبراني في "الأوسط" (3) قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد رجال الصحيح.
4635 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان» رواه الترمذي وأبو داود (4) ، وفي لفظ: «طلاق العبد اثنتان وقرء الأمة
_________
(1) ابن ماجه (1/653) (2026) .
(2) ابن ماجه (1/671) (2077) .
(3) أحمد (1/281) ، الدارقطني (3/294) ، الطبراني في "الأوسط" (4/167) .
(4) الترمذي (3/488) (1182) ، أبو داود (2/257) (2189) .(3/1553)
حيضتان» رواه ابن ماجة والدارقطني (1) وإسنادهما ضعيف.
4636 - قال في "بلوغ المرام": صححه الحاكم وخالفوه واتفقوا على ضعفه انتهى، قال في "المنتقى": والصحيح عن ابن عمر من قوله: «عدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان» (2)
[30/28] باب ما جاء في عدة أم الولد المتوفى عنها
4637 - عن عمرو بن العاص قال: «لا تلبسوا علينا سنة نبينا عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشر» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (3) وصححه الحاكم وأعله الدارقطني بالانقطاع، وقال المنذري في إسناده مطر بن طهمان أبو رحى الوراق وقد ضعفه غير واحدٍ.
[30/29] باب احداد المعتدة وما نهيت عنه وما رخص لها فيه
4638 - عن أم سلمة «أن امرأة توفي زوجها فخشيوا على عينها فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأستأذنوه في الكحل فقال: لا تكتحل كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها أو شر بيتها فإذا كان حول فمر كلب رمت ببعرة فلا حتى تمضي
_________
(1) ابن ماجه (1/672) (2080) ، الدارقطني (4/39) ، وأخرجه بهذا اللفظ أبو داود (2/257) (2189) .
(2) مالك (2/574) ، ابن ماجه (2079) ، الدارقطني (4/38) ، البيهقي (7/369) .
(3) أحمد (4/203) ، أبو داود (2/294) (2308) ، ابن ماجه (1/673) (2083) ، وابن ماجه (1/194) (769) ، وابن حبان (10/136) (4300) ، والدارقطني (3/309) ، وأبو يعلى (13/323، 332) (7338، 7349) .(3/1554)
أربعة أشهر وعشرًا» متفق عليه (1) .
4639 - وعن حميد عن نافع عن زينب بنت أم سلمة «أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة قالت: دخلت عليَّ أم حبيبة حين توفي أبوها أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا قالت زينب: ثم دخلت عليَّ زينب بنت جحش حين توفي أبوها فدعت بطيب فمست منه ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا قالت زينب: وسمعت أمي أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا مرتين أو ثلاثًا كل ذلك يقول: لا إنما هي أربعة أشهر وعشرًا وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول قال حميد: فقلت لزينب وما ترمي بالبعرة على رأس الحول قالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حشًا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبًا ولا شيئًا حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتنتفض به، فقلما تنتفض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع
_________
(1) البخاري (5/2043، 2158) (5025، 5379) ، مسلم (2/1125) (1488) ، أحمد (6/291، 311) ، وابن الجارود (1/193) (768) ، والنسائي (6/188) .(3/1555)
بعد ما شاءت من طيب أو غيره» أخرجاه (1) .
4640 - وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لامرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرًا» أخرجاه (2) .
4641 - وعن أم عطية قالت: «كنا ننهى أن نحدَّ على ميتٍ فوقَ ثلاثٍ، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبًا مصبوغًا. إلا ثوب عصب، وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار» أخرجاه (3) ، وفي رواية قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد فوق ثلاث إلا على زوج، فإنها لا تكتحل ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب ولا تمس طيبًا إلا إذا طهرت بنبذة من قسط أو أظفار» متفق عليه (4) . وقال فيه أحمد ومسلم: «لا تحد على ميت فوق ثلاث إلا المرأة فإنها تحد أربعة أشهرٍ وعشرًا» .
4642 - وعن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتوفى عنها زوجها لا تلبس
_________
(1) البخاري (5/2042) (5024) ، مسلم (2/1123-1126) (1486، 1487، 1488) ، أبو داود (2/290) (2299) ، النسائي (6/201-202) ، الترمذي (3/500، 501) (1195، 1196، 1197) ، عبد الرزاق (7/47-48) .
(2) لم نجده من حديث أم سلمة، وقد جاء من حديث أم حبيبة وأم عطية وعائشة وحفصة.
(3) البخاري (1/119، 5/2043) (307، 5027) ، مسلم (2/1128) (938) .
(4) البخاري (5/2043) (5028) ، مسلم (2/1127) (938) ، أحمد (5/85، 6/408) ، وابن ماجه (1/674) (2087) ، وأبو داود (2/291) (2302) ، والنسائي (6/202) .(3/1556)
المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (1) ، قال في "خلاصة البدر": رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن، وأخطأ ابن حزم حين قال: لا يصح لأجل إبراهيم بن طهمان فإنه ضعيف، وإبراهيم هذا احتج به الشيخان وزكاه المزكون، ولا عبرة بانفراد ابن عمار الموصلي بتضعيفه وقد تابعه معمر عليه كما أخرجاه الطبراني في "الكبير" من معاجمه.
4643 - وعنها قالت: «دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبو سلمة وقد جعلت علي صبرًا قال: ما هذا يا أم سلمة فقلت: إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب، قال: إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء، فإنه خضاب. قلت: فبأي شيء أمتشط يا رسول الله. قال: بالسدر تغلفين به رأسك» رواه أبو داود والنسائي (2) ، قال في "بلوغ المرام": إسناده حسن، وقال في "خلاصة البدر": قال عبد الحق: هذا إسناد لا يعرف، وقال البيهقي: إسناده موصول، وروى مالك بلاغًا.
4644 - وعن أسماء بنت عميس قالت: «لما أصيب جعفر أتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: تسلبي ثلاثًا ثم اصبغي ما شئت» وفي رواية قالت: «دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم الثالث من قتل جعفر فقال: لا تحدي بعد يومك هذا» رواهما أحمد وابن
_________
(1) أحمد (6/302) ، أبو داود (2/292) (2304) ، النسائي (6/203) ، وابن الجارود (1/193) (767) ، وابن حبان (10/144) (4306) ، وأبو يعلى (12/443) (7012) ، والطبراني في "الأوسط" (7/362) .
(2) أبو داود (2/292) (2305) ، النسائي (6/204) .(3/1557)
حبان (1) وصححاه وهذا الحديث لا يقوى على معارضة الأحاديث الصحيحة السابقة وقد قيل: إنه منسوخ وقيل: أنه الإحداد الزايد على المعروف.
4645 - وعن جابر قال: «طلقت خالتي ثلاثًا فخرجت تجد نخلًا لها فلقيها رجل فنهاها فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك، قال: أخرجي فجدي نخلك لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرًا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة والنسائي (2) وهذا الحديث مما استدركه الحاكم على مسلم وهو غلط منه.
قوله: «بعرة» بالموحدة وبعدها عين مهملة ساكنة ويجوز الفتح. قوله: «فتقتض به» بفاء ثم مثناة من فوق ثم قاف ثم فوقية أي تمسح به جلدها أو فرجها. قوله: «ثوب عصب» بمهملتين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة ثم باء موحدة هو ما عصب عزله وصبغ معصوبًا فيخرج موشى لبقاء ما عصب منه. قوله: «كست أضفار» بضم الكاف وسكون المهملة وبعدها مثناة فوقية وفي رواية من قسط بالقاف المضمومة وهو نوعان معروفان من البخور. قوله: «الممشقة» أي المصبوغة بالمشق وهي المغرة. قوله: «يشب الوجه» بفتح أوله وضم الشين المعجمة أي يجمله. قوله: «تغلفين به رأسك» الغلاف في الأصل الغشاوة وتغليف الرأس أن يجعل عليه من الطيب
_________
(1) الرواية الأولى عند أحمد (6/438) ، وابن حبان (7/418) (3148) ، والطبراني في "الكبير" (24/139) (369) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/74) ، والرواية الثانية عند أحمد (6/369) .
(2) أحمد (3/321) ، مسلم (2/1121) (1483) ، أبو داود (2/289) (2297) ، ابن ماجه (1/656) (2034) ، النسائي (6/209) ، والدارمي (2/222) (2288) ، وأبو يعلى (4/137) (2192) .(3/1558)
والسدر ما يشبه الغلاف. قوله: «تسلبي» بفتح أوله وبعده سين مهملة مفتوحة وتشديد اللام أي البسي السلاب وهو ثوب الإحداد قيل وهو ثوب أسود يغطى به رأسها. قوله: «تجد» بفتح أوله وضم الجيم بعدها دال مهملة أي تقطع نخلًا لها.
[30/30] باب اعتداد المتوفى عنها في البيت الذي أتاها فيه خبر موت زوجها، وأنه لا نفقة لها
4646 - عن فريعة بنت مالك قالت: «خرج زوجي في طلب أعلاج له فأدركهم في طرف القدوم فقتلوه فأتى نعيه وأنا في دار شاسعة من دور أهلي فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك فقلت: إن نعي زوجي أتاني وأنا في دار شاسعة من دور أهلي ولم يدع نفقة ولا مالًا ورثته وليس المسكن له فلو تحولت إلى أهلي وأخوالي لكان أرفق بي في بعض شأني، قال: تحولي فلما خرجت إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدعيت فقال: امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله، قالت: فاعتدت فيه أربعة أشهر وعشرًا قالت: وأرسل إلي عثمان فأخبرته فأخذ به» رواه الخمسة (1) وصححه الترمذي ولم يذكر النسائي وابن ماجة إرسال عثمان وصححه أيضًا الذهبي وابن حبان والحاكم وغيرهم.
4647 - وعن عكرمة عن ابن عباس «في قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ)) [البقرة:
_________
(1) أبو داود (2/291) (2300) ، النسائي (6/199، 200) ، الترمذي (3/508) (1204) ، ابن ماجه (1/654) (2031) ، أحمد (6/370، 420، 421) ، الحاكم (2/226) ، ابن حبان (10/128، 129) (4292، 4293) ، ومالك (2/591) .(3/1559)
240] نسخ ذلك بآية المواريث مما فرض الله لها من الربع والثمن ونسخ أجل الحول أن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرًا» رواه النسائي وأبو داود (1) وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال، وقد رواه النسائي (2) موقوفًا من غير طريقه.
4648 - وسيأتي (3) قريبًا حديث فاطمة بنت قيس وفيه: «إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليه الرجعة» وهو حديث معمول به وفي لفظ لأحمد: «وأما إذا لم يكن عليها رجعة فلا نفقة لها ولا سكنى» وقال في "منحة الغفار": المتوفى عنها لا سكنى لها ولا نفقة من القرآن لأنه إنما أوجب النفقة لذات الحمل المطلقات لما عرفت أن السياق فيهن والأصل عدم الوجوب ولم يخرج عنه دليل.
فائدة: في "الهدي النبوي" ما لفظه: وقد ذكر عبد الرزاق (4) عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير قال: قال مجاهد «استشهد رجال يوم أحد فجاء نساءهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلن: إنا نستوحش يا رسول الله بالليل فنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا تبددنا في بيوتنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تحدين عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة إلى بيتها» وقال ابن القيم: وهذا وإن كان مرسلًا فالظاهر أن مجاهدًا إما أن يكون سمعه من تابعي ثقة أو من صحابي والتابعون لم يكن الكذب معروفًا فيهم وهم ثاني القرون المفضلة وقد شاهدوا أصحاب رسول
_________
(1) النسائي (6/206) ، أبو داود (2/289) (2298) .
(2) أخرجه النسائي (6/207) موقوفًا على عكرمة.
(3) سيأتي أول الباب الآتي.
(4) عبد الرزاق في "المصنف" (7/36) ، والبيهقي (7/436) .(3/1560)
الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذوا العلم عنهم وهم خير الأمة بعدهم فلا يظن منهم الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا الرواية عن الكذابين انتهى مختصرًا.
[30/31] باب ما جاء في عدة المبتوتة وأنه لا نفقة لها ولا سكنى، والرخصة لها في الانتقال إلى بيت آخر لعذر.
4649 - عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المطلقة ثلاثًا قال: «ليس لها سكنى ولا نفقة» رواه أحمد ومسلم (1) . وفي رواية عنها قالت: «طلقني زوجي ثلاثًا فلم يجعل لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكنى ولا نفقة» رواه الجماعة إلا البخاري (2) ، وفي رواية عنها قالت: «طلقني زوجي ثلاثًا فأذن لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أعتد في أهلي» رواه مسلم (3) .
4650 - وعن عروة بن الزبير «أنه قال لعائشة ألم تري إلى فلانة بنت الحكم طلقها زوجها ألبتة فخرجت فقالت: بئس ما صنعت، فقال: ألم تسمعي إلى قول فاطمة فقالت: أما أنه لا خير لها في ذلك» متفق عليه (4) ، وفي رواية «أن عائشة
_________
(1) أحمد (6/412) ، مسلم (2/1118) (1480) ، ابن حبان (10/127) (4291) ، والنسائي (6/144) .
(2) مسلم (2/1120) (1480) ، أبو داود (2/285) (2284) ، النسائي (6/75-76) ، الترمذي (3/441، 484) (1135، 1180) ، ابن ماجه (1/656) (2035) ، أحمد (6/411) .
(3) مسلم (2/1118) (1480) .
(4) البخاري (5/2039) (5017) ، مسلم (2/1121) (1481) ، أبو داود (2/288) (2293) .(3/1561)
عابت ذلك أشد العيب وقالت: إن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها، فلذلك أرخص لها النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه البخاري وأبو داود وابن ماجة (1) .
4651 - وعن فاطمة بنت قيس قالت: «قلت يا رسول الله إن زوجي طلقني ثلاثًا وأخاف أن يقتحم عليَّ فأمرها فتحولت» رواه مسلم والنسائي (2) .
4652 - وعن الشعبي أنه حدث بحديث فاطمة بنت قيس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لها سكنى ولا نفقة فأخذ الأسود كفًا من حصى فحصبه به، فقال: ويلك تحدث بمثل هذا، قال عمر: لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت» رواه مسلم (3) .
4653 - عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: «أرسل مروان قبيصة بن ذؤيب إلى فاطمة فسألها فأخبرته أنها كانت عند أبي حفص بن المغيرة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر علي بن أبي طالب عليه السلام على بعض اليمن فخرج معه زوجها فبعث إليها بتطليقة كانت بقيت لها وأمر عياش بن أبي ربيعة والحارث بن هشام أن ينفقا عليها، فقالا: والله ما لها نفقة إلا أن تكون حاملًا فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا نفقة إلا أن تكوني حاملًا واستأذنته في الانتقال فأذن لها، فقالت: أين أنتقل يا رسول الله؟ فقال: عند ابن أم مكتوم وكان أعمى تضع ثيابها عنده ولا يبصرها، فلم تزل هناك حتى مضت عدتها فأنكحها النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة فرجع قبيصة إلى مروان فأخبره
_________
(1) البخاري (5/2039) (5017) ، أبو داود (2/288) (2292) ، ابن ماجه (1/655) (2032) .
(2) مسلم (2/1121) (1482) ، النسائي (6/208) ، ابن ماجه (1/656) (2033) .
(3) مسلم (2/1118) (1480) .(3/1562)
ذلك، فقال مروان: لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة فسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها، فقالت فاطمة حين بلغها ذلك: بيني وبينكم كتاب الله، قال الله: ((فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)) [الطلاق:1] حتى قال: ((لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)) [الطلاق:1] فأي أمر يحدث بعد الثلاث» رواه أحمد وأبو داود والنسائي ومسلم بمعناه (1) .
قوله: «وحش» بفتح الواو وسكون المهملة بعدها شين معجمة هو المكان الذي لا أنيس فيه.
[30/32] باب النفقة والسكنى للمطلقة رجعيًا
4654 - عن فاطمة بنت قيس قالت: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن زوجي فلان أرسل إلي بطلاق وإني سألت أهله النفقة والسكنى فأبوا عليَّ، قالوا: يا رسول الله إنه أرسل إليها بثلاث تطليقات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة» رواه أحمد والنسائي (2) ، وفي لفظ: «إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة، وإن لم يكن عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى» رواه أحمد (3) مرفوعًا من طريق مجالد بن سعيد وهو ضعيف، وقد تابعه بعض الرواة قال الحافظ وهو أضعف من مجالد وهو في أكثر الروايات موقوف عليها والرفع زيادة يتعين قبولها ورواية الضعيف مع الضعيف توجب
_________
(1) أحمد (6/414) ، ومسلم (2/1117) (1480) ، أبو داود (2/287) (2290) ، النسائي (6/62، 210) .
(2) أحمد (6/373) ، النسائي (6/144) .
(3) أحمد (6/417) .(3/1563)
الارتفاع عن درجة السقوط إلى درجة الاعتبار.
[30/33] باب استبراء الأمة إذا ملكت
4655 - عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في سبي أوطاس: «لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير حامل حتى تحيض حيضة» رواه أحمد وأبو داود والحاكم (1) وقال صحيح على شرط مسلم وأعله عبد الحق وابن القطان.
4656 - وعن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه أتى على امرأة مجح على باب فسطاط، فقال: لعله يريد أن يلم بها، فقالوا: نعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه قبره كيف يورثه وهو لا يحل له كيف يستخدمه وهو لا يحل له وكيف يسترقه وهو لا يحل له» رواه أحمد ومسلم وأبو داود ورواه أبو داود الطيالسي (2) ، وقال: «كيف يورثه وهو لا يحل له وكيف يسترقه وهو لا يحل له» والمجح الحامل المقرب وهو بميم مضمومة وجيم مكسورة ثم حاء مهملة.
4657 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقعن رجل على امرأة وحملها لغيره» رواه أحمد والطبراني (3) وإسناده ضعيف، قال في "مجمع الزوائد": في إسناده بقية والحجاج وكلاهما مدلس انتهى، وما قبله وما بعده من الأحاديث يشهد لصحته.
_________
(1) أحمد (3/28، 62، 87) ، أبو داود (2/248) (2157) ، الحاكم (2/212) .
(2) أحمد (5/195، 6/446) ، مسلم (2/1065) (1441) ، أبو داود (2/247) (2156) ، الطيالسي (1/131) (977) ، الحاكم (2/212) ، الدارمي (2/299) (2478) .
(3) أحمد (2/368) .(3/1564)
4658 - وعن رويفع بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه ولد غيره» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (1) وصححه ابن حبان وحسنه البزار، وفي رواية أبي داود والترمذي وحسنه: «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي» الحديث وزاد أبو داود: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقع على امرأة من السبي حتى يستبريها» وفي لفظ: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا ينكحن ثيبًا من السبي حتى تحيض» رواه أحمد (2) قال في "المنتقى": ومفهومه أن البكر لا تستبري.
4659 - وقال عمر: «إذا وهبت الوليدة التي توطأ أو بيعت أو أُعتقت فلتستبري بحيضة ولا تستبري العذراء» ، حكاه البخاري في "صحيحه" (3) .
4660 - وقد جاء في حديث عن علي ما الظاهر حمله على مثل ذلك فروى بريدة قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًا إلى خالد يعني إلى اليمن لقبض الخمس فاصطفى عليَّ منه سبية فأصبح وقد اغتسل فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا وكنت أبغض عليًا، فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت له ذلك فقال: يا بريدة أتبغض عليًا؟ قلت: نعم، فقال: لا تبغضه فإن له في الخمس أكثر من ذلك» رواه أحمد والبخاري (4) ، وفي رواية قال: «أبغضت عليًا بغضًا لم أبغضه أحدًا وأحببت
_________
(1) أحمد (4/108) ، أبو داود (2/248) (2158، 2159) ، الترمذي (3/437) (1131) ، ابن حبان (11/186) (4850) ، ابن الجارود (1/182) (731) .
(2) أحمد (4/109) .
(3) علقه البخاري (2/778) باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها.
(4) أحمد (5/359) ، البخاري (4/1581) (4093) .(3/1565)
رجلًا من قريش لم أحببه إلا على بغضه عليًا، قال: فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته فأصبنا سبايا قال: فكتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابعث لنا من يخمسه فبعث إلينا عليًا، وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي، قال: فخمس، وقسم وخرج ورأسه يقطر فقلنا: يا أبا الحسن ما هذا؟ فقال: ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي فإني قسمت وخمست فطارت في الخمس ثم صارت في أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم صارت في آل علي ووقعت بها قال فكتب الرجل إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ابعثني فبعثني مصدقًا فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق، قال: فأمسك يدي والكتاب وقال: أتبغض عليًا؟ قلت: نعم، قال: فلا تبغضه وإن كنت تحبه فازدد له حبًا فوالذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة، فما كان من الناس أحدًا بعد قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أحب أليَّ من علي» رواه أحمد (1) .
* * *
_________
(1) أحمد (5/350، 358، 361) ، النسائي في "الكبرى" (5/135) .(3/1566)
أبواب الرضاع
[30/34] باب عدد الرضعات المحرمة
4661 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تحرم المصة ولا المصتان» رواه الجماعة إلا البخاري (1) .
4662 - وعن أم الفضل «أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أتحرم المصة؟ فقال: لا تحرم الرضعة والرضعتان والمصة والمصتان» وفي رواية قالت: «دخل أعرابي على نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيتي فقال: يا نبي الله إني كانت لي امرأة فتزوجتُ عليها أخرى فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحدثاء رضعة أو رضعتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحرم الإملاجة ولا الإملاجتان» رواهما أحمد ومسلم (2) .
4663 - وعن عبد الله بن الزبير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تحرم من الرضعات المصة والمصتان» رواه أحمد والنسائي والترمذي (3) وقال الصحيح عن أهل الحديث
_________
(1) مسلم (2/1073) (1450) ، أبو داود (2/224) (2063) ، النسائي (6/101) ، الترمذي (3/455) (1150) ، ابن ماجه (1/624) (1941) ، أحمد (6/31، 95-96، 216، 247) ، وهو عند ابن الجارود (1/173) (689) ، وابن حبان (10/40) (4227) ، والدارمي (2/208) (2251) .
(2) الرواية الأولى عند أحمد (6/340) ، ومسلم (2/1074) (1451) ، وابن ماجه (1/624) (1940) ، وابن أبي شيبة (3/547) ، والرواية الثانية عند أحمد (6/339) ، مسلم (2/1074) (1451) ، والنسائي (6/100-101) ، وأبو يعلى (12/498) (7072) ، وابن حبان (10/42) (4229) .
(3) أحمد (4/4، 5) ، النسائي (6/101) ، وذكره الترمذي (3/455) تعليقًا.(3/1567)
من رواية ابن الزبير عن عائشة كما في الحديث الأول وأعله ابن جرير بالاضطراب انتهى.
4664 - ورواه النسائي (1) من حديث أبي هريرة وقال: لا يصح مرفوعًا.
4665 - وعن عائشة أنها قالت: «كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخ بخمس معلومات فتوفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهن فيما يقرأ من القرآن» رواه مسلم وأبو داود والنسائي (2) ، وفي لفظ قالت: «وهو يذكر الذي يحرم من الرضاعة نزل في القرآن عشر رضعات معلومات، ثم نزل أيضًا خمس معلومات» رواه أحمد، وفي نسخة من "المنتقى" رواه مسلم (3) ، وفي لفظ للترمذي (4) قالت: «أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات فنسخ من ذلك خمس رضعات إلى خمس رضعات معلومات فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمر على ذلك» وفي لفظ لابن ماجة (5) : «كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن ثم سقط لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات» .
4666 - وعنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمر امرأة أبي حذيفة فأرضعت سالمًا خمس رضعات، كان يدخل عليها بتلك الرضعة» وفي رواية: «أن أبا حذيفة تبنى
_________
(1) النسائي في "الكبرى" (3/300) (5460، 5461) .
(2) مسلم (2/1075) (1452) ، أبو داود (2/223) (2062) ، النسائي (6/100) ، وابن حبان (10/36) (4222) ، ومالك (2/608) .
(3) مسلم (2/1075) (1452) ، وابن الجارود (1/173) (688) ، والدارقطني (4/181) ، عبد الرزاق (7/466) .
(4) الترمذي (3/455) (1150) .
(5) ابن ماجه (1/625) (1942) .(3/1568)
سالمًا وهو مولى لامرأة من الأنصار كما تبنى النبي زيدًا، وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس ابنه وورث ميراثه حتى أنزل الله عز وجل: ((ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ)) [الأحزاب:5] فردوا إلى آبائهم، ومن لم يعلم له أبٌ فمولا وأخ في الدين فجاءت سهيلة فقالت: يا رسول الله كنا نرى فيهم ما قد علمت، فقال: أرضعيه خمس رضعات فكان بمنزلة ولده من الرضاعة» رواه مالك في "الموطأ" (1) .
قوله: «فضلى» أي مبتذلة.
[30/35] باب ما جاء في رضاعة الكبير للضرورة
4667 - عن زينب بنت أم سلمة قالت: «قالت أم سلمة لعائشة إنه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل عليَّ وهو رجل، وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرضعيه حتى يدخل عليك» رواه أحمد ومسلم (2) ، وفي رواية عن زينب عن أمها أم سلمة قالت: «أبى سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل عليهن أحد بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها النبي - صلى الله عليه وسلم - لسالم خاصة فما هو بداخل علينا بهذه الرضاعة، ولا رأيناه» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة (3) .
_________
(1) مالك في "الموطأ" (2/605-606) ، والبخاري (4/1469، 5/1957) (3778، 4800) ، ومسلم (2/1076) (1453) ، وأبو داود (2/223) (2061) .
(2) أحمد (6/174) ، مسلم (2/1077) (1453) .
(3) أحمد (6/312) ، مسلم (2/1078) (1454) ، النسائي (6/106) ، وهو بمعناه عند ابن ماجه (1/626) (1947) .(3/1569)
قوله: «الغلام الأيفع» قال في "غريب جامع الأصول": هو الغلام الذي قد شارف الاحتلام ولم يحتلم بعد انتهى، وفي "القاموس": هو من راهق عشرين سنة.
[30/36] باب لا رضاع إلا في الحولين
4668 - عن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام» رواه الترمذي وصححه هو والحاكم (1) .
4669 - وعن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا رضاع إلا ما كان في الحولين» رواه الدارقطني وابن عدي (2) مرفوعًا وموقوفًا ورجحًا الموقوف، وقال الدارقطني لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل وهو ثقة حافظ.
4670 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا رضاع بعد فصال ولا يتم بعد احتلام» رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (3) ، وقد روي هذا الحديث عن علي وأنس بن مالك قال المنذري وليس فيها شيء يثبت.
4671 - وعن عائشة قالت: «دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي رجل،
_________
(1) الترمذي (3/458) (1152) ، وابن حبان (10/37) (4224) ، والنسائي في "الكبرى" (3/301) .
(2) الدراقطني (4/174) (10) ، ابن عدي (7/103) ، البيهقي (7/462) .
(3) أبو داود الطيالسي (1/243) (1767) ، وعبد الرزاق (7/464، 8/465) من حديث جابر، وأخرجه عبد الرزاق (6/416) ، والطبراني في الصغير (1/169، 2/158) من حديث علي.(3/1570)
فقال من هذا؟ فقلت: أخي من الرضاعة، قال: يا عائشة انظرن من إخوانكم فإنما الرضاعة من المجاعة» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) .
4672 - وعن ابن مسعودٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا رضاع إلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم» رواه أبو داود (2) وفي إسناده مجهول.
قوله: «في الثدي» أي في زمن الرضاع.
[30/37] باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب
4673 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُريد على ابنة حمزة فقال: «إنها لا تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة ويحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب» وفي لفظ: «ما يحرم من الرحم» متفق عليه (3) .
4674 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة» رواه الجماعة (4) ، وفي لفظ ابن ماجة: «من النسب» .
_________
(1) البخاري (2/936، 5/1961) (2504، 4814) ، مسلم (2/1078) (1455) ، أبو داود (2/222) (2058) ، النسائي (6/102) ، ابن ماجه (1/626) (1945) ، أحمد (6/94، 138، 174، 214) ، وابن الجارود (1/174) (691) ، والدارمي (2/210) (2256) .
(2) أبو داود (2/222) (2060) .
(3) البخاري (2/935، 5/1960) (2502، 4812) ، مسلم (2/1071) (1447) ، أحمد (1/275) ، ابن ماجه (1/623) (1938) ، والنسائي (6/100) .
(4) البخاري (2/936) (2503) ، مسلم (2/1068) (1444) ، أبو داود (2/221) (2055) ، النسائي (6/99، 102-103) ، الترمذي (3/453) (1147) ، ابن ماجه (1/623) (1937) ، أحمد (6/44، 51، 66) ، وابن حبان (9/420، 10/36) (4109، 4223) ، وأبو يعلى (7/338) (4374) ، مالك (2/607) .(3/1571)
4675 - وعن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة أن أم حبيبة قالت: «يا رسول الله هل لك في أختي؟ قال: فأفعل ماذا قالت فتنكحها، قال: أختك؟ قالت: نعم، قال: أو تحبين ذلك؟ قالت: لست بمخلية لك وأحب من يشركني في خير أختي، قال: فإنها لا تحل لي، قالت: والله لقد أُخبرت أنك تخطب درة بنت أبي سلمة، قال: بنت أم سلمة؟ قالت: نعم، فقال: أما والله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأباها ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن» رواه البخاري ومسلم (1) وغيرهما.
4676 - وعن عائشة «أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب قال: فأبيت أن آذن له فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرته بالذي صنعت، فأمرني أن آذن له، وقال: إنه عمك» رواه الجماعة (2) .
4677 - وعن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب» رواه أحمد والترمذي وصححه (3) .
_________
(1) البخاري (5/1961، 1965، 2054) (4813، 4818، 5057) ، مسلم (2/1072، 1073) (1449) ، وهو عند ابن الجارود (1/171) (680) ، وابن حبان (9/421، 422) (4110، 4111) ، والنسائي (6/94، 96) ، وعبد الرزاق (7/475، 477) ، وابن أبي شيبة (3/549) ، والحميدي (1/147) (307) ، وأبي يعلى (12/433، 13/49) (7001، 7128) .
(2) البخاري (4/1801، 5/1962، 2279) (4518، 4815، 5804) ، مسلم (2/1069) (1445) ، أبو داود (2/222) (2057) ، النسائي (6/103، 104) ، الترمذي (3/453) (1148) ، ابن ماجه (1/627) (1949) ، أحمد (6/33، 36، 38) ، مالك (2/601) .
(3) أحمد (1/131) ، الترمذي (3/452) (1146) .(3/1572)
قوله: «أُريد» الذي أراد من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوجها هو علي كما في صحيح مسلم. قوله: «درة» بالدال المهملة وتشديد الراء. قوله: «أفلح» الفاء والحاء المهملة، والقعيس بضم القاف بعدها عين وسين مهملتين مصغرًا.
[30/38] باب شهادة المرأة الواحدة بالرضاع
4678 - عن عقبة بن الحارث «أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب فجاءته أمة سوداء فقالت: قد أرضعتكما قال: فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأعرض عني، قال: فتنحيت فذكرت ذلك له، فقال: وكيف وقد زعمت أنها قد أرضعتكما فنهاه عنها» رواه أحمد والبخاري (1) ، وفي رواية: «دعها عنك» رواه الجماعة إلا مسلمًا وابن ماجة (2) ، وفي رواية للبخاري (3) : «كيف وقد قيل» ففارقها عقبة ونكحت زوجًا غيره.
[30/39] باب ما يستحب أن تعطى المرضعة عند الفطام
وما جاء من النهي عن استرضاع الحمقاء
4679 - عن حجاج بن حجاج رجل من أسلم قال: «قلت يا رسول الله ما يذهب عني مذمة الرضاعة قال: غرة عبد أو أمة» رواه الخمسة إلا ابن ماجة
_________
(1) أحمد (4/8) ، البخاري (2/941) (2516) .
(2) البخاري (2/941، 5/1962) (2517، 4816) ، أبو داود (3/306) (3603) ، النسائي (6/109) ، الترمذي (2/457) (1151) ، أحمد (4/7، 383) ، ابن حبان (10/30) (4216) .
(3) البخاري (1/45، 2/934) (88، 934) ، ابن حبان (10/32) (4218) .(3/1573)
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح (1) .
4680 - وعن زياد السهمي قال: «نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسترضع الحمقاء» أخرجه أبو داود (2) وقال في "بلوغ المرام": وهو مرسل ليست لزياد صحبة.
* * *
_________
(1) أبو داود (2/224) (2064) ، النسائي (6/108) ، الترمذي (3/459) (1153) ، أحمد (3/450) ، ابن حبان (10/43، 44) (4230، 4231) ، الدارمي (2/209) (2254) ، أبو يعلى (12/221) (6835) .
(2) أبو داود في المراسيل (ص:181-182) (207) ، وعنه البيهقي (7/464) .(3/1574)
أبواب النفقات
[30/40] باب نفقة الزوجة وتقديمها على نفقة الأقارب
4681 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك» رواه أحمد ومسلم (1) .
4682 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (2) .
4683 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تصدقوا قال رجل: عندي دينار قال: تصدق به على نفسك قال عندي دينار آخر قال: تصدق به على زوجتك، قال: عندي دينار آخر قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي دينار آخر، قال: تصدق به على خادمك، قال: عندي دينار آخر قال: أنت أبصر به» رواه أحمد والنسائي ورواه أبو داود، لكنه قدم الولد على الزوجة وأخرج الحديث الشافعي والحاكم وابن حبان (3) ، قال في "خلاصة البدر": وصححه ابن حبان، وقال
_________
(1) أحمد (2/473، 476) ، مسلم (2/692) (995) .
(2) أحمد (3/369) ، مسلم (2/692) (997) ، أبو داود (4/27) (3957) ، النسائي (7/304) .
(3) أحمد (2/251، 471) ، النسائي (5/62) ، أبو داود (2/132) (1691) ، الشافعي (1/266) ، الحاكم (1/575) ، ابن حبان (8/126، 10/46، 47) (3337، 4233 = = 4235) ، الحميدي (2/495) (1176) ، أبو يعلى (11/493) (6616) ، البيهقي (7/466) .(3/1575)
البيهقي: رواته ثقات.
[30/41] باب اعتبار حال الزوج في النفقة
4684 - عن معاوية القشيري قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ما تقول في نسائنا قال: «أطعموهن مما تأكلون، واكسوهن مما تكسون، ولا تضربوهن ولا تقبحوهن» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم وابن حبان وصححاه وعلق البخاري طرفًا منه وصححه الدارقطني في العلل (1) .
4685 - وعن جابر في حديث الحج الطويل قال - صلى الله عليه وسلم - في ذكر النساء: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» أخرجه مسلم (2) .
4686 - وعن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال: «قلت يا رسول الله ما حق زوجة إحدانا عليه، قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم وقد تقدم (3) في عشرة النساء.
[30/42] باب الزوجة تنفق من مال زوجها بغير علمه إذا منعها الكفاية.
4687 - عن عائشة أن هند قالت: «يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال:
_________
(1) تقدم برقم (4485) .
(2) تقدم برقم (3211) .
(3) تقدم برقم (4485) وقد كرره المصنف هنا وهو نفس الحديث المتقدم قريبًا من حديث معاوية القشيري.(3/1576)
خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) .
[30/43] باب حجة من أثبت الفسخ للمرأة بعدم النفقة.
4688 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير الصدقة ما كان منها عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول فقيل: من أعول يا رسول الله؟ قال: امرأتك تقول: أطعمني وإلا فارقني، جاريتك تقول: أطعمني واستعملني، ولدك يقول: إلى من تتركني» رواه أحمد والدارقطني (2) بإسناد صحيح وحسن إسناده الحافظ في "بلوغ المرام" وأخرجه الشيخان في "الصحيحين" وأحمد (3) من طريق أخرى وجعلوا الزيادة المفسرة فيه من قول أبي هريرة.
4689 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته يفرق بينهما» رواه الدارقطني (4) وأعله أبو حاتم بأن إسحاق راويه وهم في اختصاره إنما الحديث: «ابدأ بمن تعول تقول امرأتك أنفق عليَّ أو طلقني» .
_________
(1) البخاري (2/769، 5/2052، 2054، 6/2626) (2097، 5049، 5055، 6758) ، مسلم (3/1338) (1714) ، أبو داود (3/289، 290) (3532، 3533) ، النسائي (8/246) ، ابن ماجه (2/769) (2293) ، أحمد (6/39، 50، 206) ، ابن الجارود (1/256) (1025) ، وابن حبان (10/68، 70) (4255، 4256) ، أبو يعلى (8/98) (4636) .
(2) أحمد (2/527) ، الدارقطني (3/296) ، النسائي في "الكبرى" (5/385) .
(3) البخاري (5/2048) (5040) ، أحمد (2/524) .
(4) الدارقطني (3/297) (194) .(3/1577)
4690 - وعن سعيد بن المسيب «في الرجل لا يجد ما ينفق على أهله، قال: يفرق بينهما» أخرجه سعيد بن منصور عن سفيان عن أبي الزناد عنه، قال: «فقلت: لسعيد سنة قال: سنة» قال في "بلوغ المرام": وهذا مرسل قوي، وقال في "الخلاصة": قال الشافعي: الذي يشبه قول ابن المسيب أنه سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه الشافعي والبيهقي (1) بإسنادٍ صحيح.
4691 - وعن عمر «أنه كتب إلى أمراء الأجناد في رجالٍ غابوا عن نسائهم، أن يأخذوهم بأن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا» أخرجه الشافعي ثم البيهقي (2) ، قال في "بلوغ المرام": بإسنادٍ حسن. وإلى القول بالفسخ ذهب جمهور العلماء، وحكاه صاحب "البحر" عن الإمام علي وعمر وأبي هريرة والحسن البصري وسعيد بن المسيب وحماد وربيعة ومالك وأحمد والشافعي والإمام يحيى واحتجوا بهذه الأحاديث وبقوله تعالى: ((وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا)) [البقرة:231] وقوله تعالى: ((فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)) [البقرة:229] .
[30/44] باب ما جاء في امرأة المفقود
4692 - عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها البيان» أخرجه الدارقطني (3) بإسناد ضعيف.
_________
(1) الدارقطني (3/297) (193) ، والبيهقي (7/469، 470) ، والشافعي (1/266) .
(2) الشافعي (1/267) ، البيهقي (7/469) .
(3) الدارقطني (3/312) ، البيهقي (7/445) .(3/1578)
4693 - وعن عمر «في امرأة المفقود تربص أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا» أخرجه مالك والشافعي (1) .
[30/45] باب النفقة على الأقارب ومن يقدم منهم
4694 - عن أبي هريرة قال: «قال رجل يا رسول الله أي الناس أحق مني بحسن الصحبة؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك» متفق عليه (2) ، وفي رواية لمسلم (3) : «من أبر، قال: أمك»
4695 - وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: «قلت يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك، قال: قلت: ثم من؟ قال: أمك، قال: قلت: يا رسول الله ثم من؟ قال: أمك، قال: قلت: يا رسول الله ثم من؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب» رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم (4) وحسنه أبو داود والترمذي، وقال الحاكم صحيح على شرطهما وفي نسخة صحيحة من الترمذي قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد تكلم شعبة في بهز بن حكيم وهو ثقة عند أهل الحديث روى عنه معمر وسفيان وحماد بن سلمة وغير واحد من الأئمة.
4696 - وعن رفاعة المحاربي قال: «قدمت المدينة فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) مالك (2/575) ، عبد الرزاق (7/88) ، ابن أبي شيبة (3/521) ، البيهقي (7/445) .
(2) البخاري (5/2227) (5626) ، مسلم (4/1974) (2548) ، أحمد (2/327) ، وابن حبان (2/175-176، 177) (433، 434) ، وأبو يعلى (10/468) (6082) .
(3) مسلم (4/1974) (2548) .
(4) أحمد (5/3، 5) ، أبو داود (4/336) (5139) ، الترمذي (4/309) (1897) ، الحاكم (4/166) .(3/1579)
قائم على المنبر يخطب الناس وهو يقول يد المعطي العليا وابدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك» رواه النسائي وصححه ابن حبان والدارقطني (1) .
4697 - وعن كليب بن منفعة عن جده أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك وأباك وأختك وأخاك ومولاك الذي يلي ذلك حق واجب ورحم موصولة» رواه أبو داود (2) ورجال إسناده لا بأس بهم وذكره البخاري في "تاريخه الكبير" (3) تعليقًا.
4698 - ويشهد له حديث للمقدام بن معدي كرب سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم ثم بالأقرب فالأقرب» أخرجه البيهقي (4) بإسناد حسن.
[30/46] باب نفقة الرقيق والرفق بهم والإحسان إليهم
4699 - عن عبد الله بن عمرو «أنه قال لقهرمانه هل أعطيت الرقيق قوتهم قال: لا، قال: فانطلق فأعطهم فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملكه قوته» رواه مسلم (5) .
_________
(1) النسائي (5/61) ، ابن حبان (8/130) (3341) ، الدارقطني (3/44-45) .
(2) أبو داود (4/336) (5140) .
(3) البخاري في "التاريخ" (7/230) .
(4) البيهقي (4/179) ، وابن ماجه (2/1207) (3661) ، وأحمد (4/132) ، والطبراني في "الكبير" (20/270، 271) .
(5) مسلم (2/692) (996) .(3/1580)
4700 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق» رواه أحمد ومسلم (1) .
4701 - وعن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «هم إخوانكم وخولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، ويلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإنكم إن كلفتموهم فأعينوهم عليه» متفق عليه (2) .
4702 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين فإنه ولي حره وعلاجه» رواه الجماعة (3) .
4703 - وعن أنس: «كانت عامة وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حضرته الوفاة وتغرغر بنفسه الصلاة وما ملكت أيمانكم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والنسائي وابن سعد (4) .
_________
(1) أحمد (2/342) ، مسلم (3/1284) (1662) ، وابن حبان (10/152) (4313) ، والشافعي (1/305) ، والحميدي (2/489) (1155) ، والبيهقي (8/8) .
(2) البخاري (1/20، 2/899) (30، 2407) ، مسلم (3/1282، 1283) (1661) ، أحمد (5/158) ، وأبو داود (4/340) (5158) ، والترمذي (4/334) (1945) ، وابن ماجه (2/1216) (3690) .
(3) البخاري (2/902، 5/2078) (2418، 5144) ، مسلم (3/1284) (1663) ، أبو داود (3/365) (3846) ، الترمذي (4/286) (1853) ، ابن ماجه (2/1094) (3290) ، أحمد (2/409، 430) .
(4) أحمد (3/117) ، ابن ماجه (2/900) (2697) ، النسائي في "الكبرى" (4/258) ، ابن سعد في الطبقات "الكبرى" (2/195) ، وابن حبان (14/570-571) (6605) ، والحاكم (3/59) ، أبو يعلى (5/309) (2933)(3/1581)
4704 - وله شاهد من حديث علي عند أبي داود وابن ماجة (1) زاد فيه: «الزكاة بعد الصلاة» وله عند النسائي أسانيد منها ما رجاله رجال الصحيح.
4705 - وعن عبد الله بن عمر قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله كم أعفو عن الخادم؟ فصمت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله كم أعفو عن الخادم؟ قال: كل يوم سبعين مرة» أخرجه الترمذي (2) وقال: حديث حسن غريب.
4706 - وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من كن فيه نشر الله عليه كنفه وأدخله جنته رفق بالضعيف وشفقة على الوالدين والإحسان إلى المملوك» رواه الترمذي (3) ، وقال: حديث غريب، وفي نسخة: حديث حسن غريب.
[30/47] باب نفقة البهائم
4707 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض» متفق عليه (4) .
_________
(1) أبو داود (4/339) (5156) ، ابن ماجه (2/901) (2698) ، أحمد (1/87) ، أبو يعلى (1/447) (596)
(2) الترمذي (4/336) (1949) ، وأبو داود (4/341) (5164) ، وأحمد (2/111) .
(3) الترمذي (4/656) (2494) .
(4) البخاري (2/834، 3/1205، 1284) (2236، 3140، 3295) ، مسلم (4/1760) (2242) ، الدارمي (2/426) (2814) ، ابن حبان (2/305) (546) من حديث ابن عمر.(3/1582)
4708 - وروى أبو هريرة مثله (1) .
4709 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرًا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماءً ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، فقالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: في كل كبدٍ رطبةٍ أجرا» متفق عليه (2) .
4710 - وعن سراقة بن مالك قال «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الضالة من الإبل تغشى حياضي قد لطتها للإبل هل لي من أجر في شأن ما أسقيتها؟ قال: نعم، في كل ذات كبد حراء أجرًا» رواه أحمد وابن ماجة وأبو يعلى والبغوي والطبراني في "الكبير" والضياء في "المختارة" (3) .
قوله: «خشاش» بمعجمات ثلاث والأولى مفتوحة ويجوز ضمها وهي هوام الأرض وحشراتها. قوله: «يلهث» أي قد أخرج لسانه من شدة العطش. قوله:
_________
(1) البخاري (3/1205) (3140) ، مسلم (4/1760، 2023، 2110) (2243، 2619) ، ابن ماجه (2/1421) (4256) ، أحمد (2/216، 269، 286، 317، 424، 467) ، ابن حبان (12/438) ، أبو يعلى (10/341، 432) (5935، 6044) من حديث أبي هريرة.
(2) البخاري (2/833، 870، 5/2238) (2234، 2334، 5663) ، مسلم (4/1761) (2244) ، أحمد (2/375، 517) ، أبو داود (3/24) (2550) ، مالك (2/929) (1661) .
(3) أحمد (4/175) ، ابن ماجه (2/1215) (3686) ، الطبراني في "الكبير" (7/128، 132) ، ابن حبان (2/299) (542) .(3/1583)
«الثرى» هو التراب. قوله: «قد لطتها» بضم اللام وبالطاء المهملة أي أصلحتها يقال: لاط حوضة يليط إذا أصلحه.
[30/48] باب الحضانة
4711 - عن البراء بن عازب أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قضى في ابنة حمزة لخالتها، وقال: الخالة بمنزلة الأم» متفق عليه (1) .
4712 - ورواه أحمد (2) من حديث علي وفيه: «والجارية عند خالتها والخالة والدة» .
4713 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن امرأة قالت: «يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه مني فقال: أنت أحق به ما لم تنكحي» رواه أحمد وأبو داود بلفظ «أباه طلقني وزعم أنه ينزعه مني» وأخرجه البيهقي والحاكم وصححه (3) .
4714 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خير غلامًا بين أبيه وأمه» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه (4) ، وفي رواية: «أن امرأة جاءت فقالت: يا
_________
(1) البخاري (2/960، 4/1551) (2552، 4005) ، وابن حبان (11/229) (4873) ، والنسائي في "الكبرى" (5/168) (8578) ، والترمذي (4/313) (1904) ، وأخرجه مسلم (3/1410) (1783) ، وأحمد (4/291) ولم يذكرا موضع الشاهد.
(2) أحمد (1/98-99) .
(3) أحمد (2/182) ، أبو داود (2/283) (2276) ، الحاكم (2/225) ، البيهقي (8/4-5) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(4) أحمد (2/246) ، ابن ماجه (2/787) (2351) ، الترمذي (3/638) (1357) ، الشافعي (1/288) ، أبو يعلى (10/512) (6131) .(3/1584)
رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: استهما عليه، فقال زوجها: من يحاقني في ولدي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به» رواه أبو داود والنسائي (1) ولم يذكر فاستهما عليه، ولأحمد (2) معناه لكنه قال فيه: «جاءت امرأة قد طلقها زوجها» ولم يذكر فيه قولها: «قد سقاني ونفعني» وصحح حديث أبي هريرة أيضًا ابن حبان وابن القطان وقال في "الخلاصة": قال الحاكم: صحيح الإسناد.
4715 - وعن رافع بن سنان «أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم وأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: ابنتي وهي فطيم أو شبهه، وقال رافع: ابنتي فأقعد النبي - صلى الله عليه وسلم - الأم ناحية والأب ناحية وأقعد النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبي بينهما فمال إلى أمه فقال: اللهم اهده فمال إلى أبيه فأخذه» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الحاكم (3) .
قوله: «يحاقني» أي يخاصمني. قوله: في حديث عبد الله بن عمرو المتقدم أنت أحق به ما لم تنكحي.
قال ابن القيم في "الهدي النبوي": هذا حديث احتاج الناس فيه إلى عمرو بن شعيب ولم يجدوا بدًا من الاحتجاج به هنا ومدار الحديث عليه وليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في سقوط الحضانة بالتزويج غير هذا وقد ذهب إليه الأئمة
_________
(1) أبو داود (2/283) (2277) ، النسائي (6/185) ، الحاكم (4/108) ، الدارمي (2/223) (2293) .
(2) أحمد (2/447) .
(3) أحمد (5/446، 447) ، أبو داود (2/273) (2244) ، النسائي (6/185) ، الحاكم (2/225) .(3/1585)
الأربعة وغيرهم وقد صرح بسماع شعيب من جده عبد الله فبطل قول من قال أنه منقطع وقد احتج به البخاري خارج "صحيحه" ونص على صحة حديثه وقال: كان عبد الله بن الزبير الحميدي وأحمد وإسحاق وعلي بن عبد الله يحتجون بحديثه والناس بعدهم. انتهى كلام "الهدي". وذهب الحسن وابن حزم إلى عدم سقوط الحضانة بالنكاح واحتجا بقصة ابنة حمزة فإنه قضى بها لخالتها وهي مزوجة بجعفر وأجابا عن حديث عمرو بن شعيب بضعفه، ثم ذكر في "الهدي" أنه إذا لم يكن للصبي من يحضنه غير أمه المزوجة أنها أحق به من الأجنبي الذي يرفعه إليه القاضي وتربيته في حجر أمه أصلح من تربيته في بيت أجنبي لا قرابة بينهما توجب شفقته ورحمته ومن المحال أن تأتي الشريعة بدفع مفسدة بمفسدة أعظم منها بكثير، انتهى وهو كلام في غاية الحسن.
* * *(3/1586)
[31] كتاب الجنايات
[31/1] باب إيجاب القصاص بالقتل عمدًا وأن الولي يخير بينه وبين الدية
4716 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة» رواه الجماعة (1) .
4717 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا من زنا بعد ما أحصن أو كفر بعد ما أسلم أو قتل نفسًا فقتل بها» رواه أحمد والنسائي ومسلم (2) وبمعناه وفي لفظ: «لا يحل قتل مسلم إلا في إحدى ثلاث خصال: زانٍ محصن فيرجم، ورجل يقتل مسلمًا متعمدًا ورجل يخرج من الإسلام فيحارب الله عز وجل ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض» رواه النسائي وصححه الحاكم (3) .
4718 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفتدي وإما أن يقتل» رواه الجماعة (4) لكن لفظ الترمذي: «إما أن
_________
(1) سيأتي برقم (5074) .
(2) أحمد (6/214) ، النسائي (7/101-102) ، مسلم (3/1303) (1676) ، أبو داود (4/126) (4353) .
(3) النسائي (8/23) ، الحاكم (4/408) .
(4) البخاري (2/857، 6/2522) (2302، 6486) ، مسلم (2/988، 989) (1355) ، = = أبو داود (4/172) (4505) ، النسائي (8/38) ، الترمذي (4/21) (1405) ، ابن ماجه (2/876) (2624) ، أحمد (2/238) ، ابن الجارود (1/134) (508) ، ابن حبان (9/28-29) (3715) .(3/1587)
يعفو وإما أن يقتل» .
4719 - وعن أبي شريح الخزاعي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أصيب بدم أو خبل -والخبل الجراح- فهو بالخيار بين إحدى ثلاث إما أن يقتص أو يأخذ العقل أو يعفو فإن أراد رابعة فخذوا على يديه» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وفي إسناده محمد بن إسحاق وقد عنعن وأخرج الحديث النسائي (1) .
4720 - وعن ابن عباس قال: «كان في بني إسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية فقال الله تعالى لهذه الأمة: ((كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ)) [البقرة: 178] الآية ((فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ)) [البقرة: 178] قال: العفو أن تقبل في العمد الدية والاتباع بالمعروف يتبع الطالب بمعروف ويؤدي إليه المطلوب بإحسان ((ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ)) [البقرة: 178] فيما كتب على من كان قبلكم» رواه البخاري والدارقطني والنسائي (2) .
_________
(1) أحمد (4/31) ، أبو داود (4/169) (4496) ، ابن ماجه (2/876) (2623) ، الدارمي (2/247) (2351) ، البيهقي (8/52) ، ابن الجارود (1/195) (774) ، الدارقطني (3/96) ، الطبراني في "الكبير" (22/189) ، البخاري في "التاريخ" (3/224) .
(2) البخاري (4/1636، 6/2523) (4228، 6487) ، الدارقطني (3/86) (15) ، النسائي (8/36) ، وهو عند ابن الجارود (1/195) (775) ، والبيهقي (8/51) ، والشافعي (1/199) ، وعبد الرزاق (10/85) ، وابن أبي شيبة (5/460) .(3/1588)
[31/2] باب لا يقتل مسلم بكافر، والتشديد في قتل الذمي
وما جاء في الحر بالعبد
4721 - عن أبي جحيفة قال: «قلت لعلي: هل عندكم شيء من الوحي ما ليس في القرآن فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهمًا يعطيه الله رجلًا في القرآن وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر» روه أحمد والبخاري والنسائي وأبو داود والترمذي (1) .
4722 - وعن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم (2) وصححه وسيأتي في أبواب
_________
(1) البخاري (1/53، 3/1110، 6/2531، 2534) (111، 2882، 6507، 6517) ، النسائي (8/23) (4744) ، الترمذي (4/24) (1412) ، الدارمي (2/249) (2356) ، الشافعي (1/190) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/192) ، عبد الرزاق (10/100) ، ابن أبي شيبة (5/409) ، والطيالسي (1/15) (91) ، والحميدي (1/23) (40) ، وأبي يعلى (1/350) (451) ، وأحمد (1/79) ، والطبراني في "الأوسط" (2/339، 3/81) ، وابن ماجه (2/887) (2658) من طريق أبي جحيفة أنه سأل علي رضي الله عنه.
(2) أبو داود (4/180) (4530) ، والنسائي (8/19) (4734) ، وأحمد (1/122) (993) ، والحاكم (2/153) ، وأبو يعلى (1/462) (628) عن قيس بن عباد قال: «انطلقت أنا والأشتر إلى علي عليه السلام، فقلنا: هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس عامة....» .(3/1589)
الأمان -إن شاء الله-.
4723 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قضى أن لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده» رواه أحمد وأبو داود (1) ورجاله إلى عمرو بن شعيب رجال الصحيح.
4724 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد مسيرة أربعين عامًا» رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجة (2) .
4725 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا من قتل نفسًا معاهدة لها ذمة الله وذمة رسوله فقد أخفر ذمة الله ولا يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين خريفًا» رواه ابن ماجة والترمذي (3) وقال: حسن صحيح، وقد روي عن أبي هريرة من غير وجه مرفوعًا.
4726 - وعن عبد الرحمن البيلماني أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قتل مسلمًا بمعاهد وقال: أنا أولى من وفى بذمته» أخرجه عبد الرزاق (4) هكذا مرسلًا ووصله
_________
(1) أحمد (2/180، 191) ، أبو داود (4/181) (4531) ، وأخرجه بالشطر الأول ابن ماجه (2/887) (2659) ، والترمذي (4/25) (1413) ، وأحمد (2/178) .
(2) أحمد (2/186) ، البخاري (3/1155) (2995) ، النسائي (8/25) ، ابن ماجه (2/896) (2686) .
(3) ابن ماجه (2/896) (2687) ، الترمذي (4/20) (1403)
(4) أخرجه مرسلًا عبد الرزاق (10/101) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/195) ، وابن أبي شيبة (5/408) ، ووصله الدارقطني (3/134) (165) ، والبيهقي (8/30) .(3/1590)
الدارقطني بذكر ابن عمر وإسناد الموصول واه، وفي إسناد المرسل عبد الرحمن البيلماني المذكور ضعفه جماعة، فلا يحتج بما انفرد به إذا أوصل، فكيف إذا أُرسل! وقد خالف الأحاديث الصحيحة المذكورة في الباب، وفي إسناد الحديث إبراهيم بن محمد بن أبي ليلي وهو ضعيف.
4727 - وعن الحسن عن سمرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه» رواه الخمسة (1) ، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وفي رواية لأبي داود والنسائي (2) : «ومن خصا عبده خصيناه» وقال البخاري: قال علي بن المديني: سماع الحسن من سمرة صحيح، وأخذ بحديثه «من قتل عبده قتلناه» وزيادة أبي داود والنسائي صححها الحاكم، وأكثر أهل العلم على أنه لا يقتل السيد بعبده، وتأولوا الحديث على أنه أراد من كان عبده لئلا يتوهم أن تقدم الملك نافعًا.
4728 - وقد روى الدارقطني (3) بإسناد عن إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن رجلًا قتل عبده متعمدًا فجلده النبي - صلى الله عليه وسلم - ونفاه سنة ومحى سهمه من المسلمين ولم يقده به وأمره أن يعتق رقبة»
_________
(1) أبو داود (4/176) (4515) ، النسائي (8/21) ، الترمذي (4/26) (1414) ، ابن ماجه (2/888) (2663) ، أحمد (5/10، 11، 12، 18، 19) ، الحاكم (4/408) ، الدارمي (2/250) (2358) .
(2) أبو داود (4/176) (4516) ، النسائي (8/26) ، أحمد (5/18) ، الطيالسي (1/122) (905) ، الطبراني في "الكبير" (7/198) .
(3) الدارقطني (3/143) (187) .(3/1591)
وإسماعيل بن عياش فيه ضعف إلا أن أحمد قال: ما روى عن الشاميين صحيح وما روى عن أهل الحجاز ليس بصحيح وكذا قول البخاري فيه انتهى.
4729 - وقد تقدم (1) في كتاب العتق حديث عمرو بن شعيب في قصة العبد الذي جبَّ سيده مذاكيره وفيه أنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بذلك فطلب الرجل فلم يقدر عليه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للعبد: «اذهب فأنت حر» رواه أبو داود.
[31/3] باب ما جاء أنه لا يقتل الوالد بالولد
4730 - عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يقاد الوالد بالولد» رواه أحمد والترمذي وابن ماجة (2) وصححه ابن الجارود والبيهقي من رواية عمرو بن شعيب، وقال الترمذي: أنه مضطرب والعمل عليه عند أهل العلم.
4731 - وعن سراقة بن مالك قال: «حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقيد الأب من ابنه ولا يقيد الابن من أبيه» أخرجه الترمذي (3) بإسناد ضعيف.
4732 - وعن ابن عباس قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تقام الحدود في المساجد ولا يقتل الوالد بالولد» أخرجه الترمذي (4) وضعفه، وقال في
_________
(1) تقدم برقم (4176) .
(2) أحمد (1/22) ، الترمذي (4/18) (1400) ، ابن ماجه (2/888) (2662) ، ابن أبي شيبة (5/451) ، عبد بن حميد (1/44) (41) .
(3) الترمذي (4/18) (1399) .
(4) سيأتي برقم (4980) .(3/1592)
"الخلاصة": وقد روي موصولًا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقال في "المعرفة": وإسناده صحيح انتهى، وحديث عمر عند الترمذي قد أخرجه أحمد من طريق أخرى، قال البيهقي فيها: إسنادها رجاله ثقات والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، فقد تلقوا هذه الأحاديث بالقبول، وقال الشافعي: حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم: لا يقتل الوالد بالولد.
[31/4] باب قتل الرجل بالمرأة وما جاء في القتل بالمثقل وهل يمثل بالقاتل إذا مثل بالمقتول
4733 - عن أنس: «أن يهوديًا رضَّ رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك هذا فلان أو فلان حتى سمي اليهودي، فأومت برأسها فجيء به فاعترف، فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فرض رأسه بحجرين» رواه الجماعة (1) وفي رواية لمسلم (2) «فقتلها بحجر فجيء بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبها رمق» .
4734 - وعن عمرو بن حزم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب في كتابه إلى أهل اليمن:
_________
(1) البخاري (2/850، 3/1008، 6/2520، 2524) (2282، 2595، 6482، 6490) ، مسلم (3/1300) (1672) ، أبو داود (4/180، 182) (4527، 4535) ، النسائي (8/22) ، الترمذي (4/15) (1394) ، ابن ماجه (2/889) (2665) ، أحمد (3/183، 193) ، ابن الجارود (1/213) (838) ، وابن حبان (13/333-334) (5993) ، وأبو يعلى (5/249) (2866) .
(2) مسلم (3/1299) (1672) ، وهي عند البخاري (5/2029) (4989) ، وابن حبان (13/332) (5992) ، وأبي داود (4/180) (4529) ، والنسائي (8/22) ، والترمذي (4/15) (1394) ، وأحمد (3/171، 203) .(3/1593)
«أن الذكر يقتل بالأنثى» رواه النسائي وصححه ابن حبان والحاكم والبيهقي (1) .
4735 - وعن حمل بن مالك قال: «كنت بين امرأتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها، فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنينها بغرة وأن تقتل بها» رواه الخمسة إلا الترمذي (2) .
4736 - وأصله في الصحيحين (3) من حديث أبي هريرة بدون زيادة قوله: «وأن تقتل بها» قال المنذري: أن هذه الزيادة لم تذكر في غير هذه الرواية.
4737 - وعن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة» رواه النسائي (4) ورجال إسناده ثقات.
4738 - وعن عمران بن حصين قال: «ما خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة» رواه أحمد (5) .
4739 - وله (6) مثله من رواية سمرة، قال في "مجمع الزوائد": رواه
_________
(1) سيأتي الحديث مطولًا برقم (4812) .
(2) أبو داود (4/191) (4572) ، النسائي (8/21) ، ابن ماجه (2/882) (2641) ، أحمد (1/364) ، ابن حبان (13/378) (6021) ، الدارمي (2/258) (2381) .
(3) سيأتي برقم (4827) .
(4) النسائي (7/101) .
(5) أحمد (4/429، 432، 439، 440) ، ابن حبان (10/324، 12/434) (4473، 5616) ، ابن الجارود (1/264) (1056) ، الحاكم (4/340) ، أبو داود (3/53) (2667) ، الدارمي (1/478) (1656) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/182) ، عبد الرزاق (8/436) ، الطبراني في "الكبير" (7/227، 18/151، 159) .
(6) أحمد (5/12، 20) ، الطبراني في "الكبير" (7/227) .(3/1594)
الطبراني في "الكبير" وفيه من لم أعرفهم انتهى.
4740 - وعن شداد بن أوس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة» رواه مسلم (1) ، قال الترمذي: وفي الباب يعني: في النهي عن المثلة عن عبد الله بن مسعود وشداد بن أوس وسمرة والمغيرة ويعلى بن مرة وأبي أيوب انتهى.
4741 - وحديث: «لا قود إلا بالسيف» رواه ابن ماجة (2) من رواية النعمان بن بشير وأبي بكرة بإسناد واه، وقال أبو حاتم: منكر، وقال البيهقي: ليس بالقوي، وقال عبد الحق: الناس يرسلونه عن الحسن.
قوله: «بمسطح» بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح الطاء المهملة بعدها حاء مهملة هو العود الذي يرقق به الخبز.
[31/5] باب ما جاء في شبه العمد.
4742 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ولا يقتل صاحبه وذلك أن ينزوي الشيطان بين الناس فتكون دماء في غير ضغينة ولا حمل سلاح» رواه أحمد وأبو داود (3) وفي إسناده محمد بن أسد الدمشقي المكحولي تكلم فيه غير واحد ووثقه غير واحد وأخرج الحديث الدارقطني وضعفه.
_________
(1) سيأتي برقم (5601) .
(2) ابن ماجه (2/889) (2667، 2667) .
(3) أحمد (2/183) ، أبو داود (4/190) (4565) ، الدارقطني (3/95) .(3/1595)
4743 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد قتيل السوط والعصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها» رواه الخمسة إلا الترمذي (1) وصححه ابن القطان وابن حبان.
4744 - ولهم (2) من حديث عبد الله بن عمر مثله.
4745 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل في عمياء أو دمياء بحجر أو بسوط أو عصا فعقله عقل الخطأ ومن قتل عمدًا فهو قود ومن حال دونه فعليه لعنة الله» أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة (3) بإسناد قوي.
قوله: «عمياء» أي الذي عمى أمره ولا يدري من قاتله.
[31/6] باب ما جاء في قتل الجماعة بواحد إذا أشتركوا في قتله، وكانت جناية كل واحد قاتلة بنفسها، وما جاء فيمن أمسك رجلًا وقتله آخر.
4746 - عن ابن عمر قال: «قتل غلام غيلة فقال عمر: لو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم به» أخرجه البخاري (4) ، وأخرج الشافعي والبيهقي (5) «أن عمر قتل
_________
(1) أبو داود (4/185) (4547) ، النسائي (8/41) ، ابن ماجه (2/877) (2627) ، أحمد (2/164) ، ابن حبان (13/364) (6011) .
(2) أبو داود (4/185) (4549) ، النسائي (8/42) ، ابن ماجه (2/878) (2628) ، أحمد (2/11) .
(3) أبو داود (4/196) (4591) ، النسائي (8/39، 40) ، ابن ماجه (2/880) (2635) .
(4) البخاري (6/2527) .
(5) الشافعي (1/200) ، البيهقي (8/40) ، ابن أبي شيبة (5/429) ، الدارقطني (3/202) ، عبد الرزاق (9/476) .(3/1596)
خمسة أو سبعة برجل قتلوه غيلة، وقال: لو تمالا عليه أهل صنعاء لقتلتهم به جميعًا» .
4747 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك» رواه الدارقطني (1) موصولًا ومرسلًا وصححه ابن القطان موصولًا، قال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات إلا أن البيهقي رجح إرساله انتهى. وقال ابن كثير: هذا الإسناد على شرط مسلم.
4748 - وعن علي «أنه قضى في رجل قتل رجلًا متعمدًا وأمسكه آخر، قال: يقتل القاتل ويحبس الآخر في السجن حتى يموت» رواه الشافعي (2) والحديث دليل على أنه ليس على الممسك سوى حبسه وأن القود والدية على القاتل، وإلى هذا ذهبت الهدوية والحنفية والشافعية والإمساك أعظم من الممالاة فهو دليل على أن الممالة ليست من الأسباب التي يثبت بها القصاص، وذهب جمع من الأئمة أنه لا يقتل الجماعة بالواحد.
[31/7] باب ما جاء في القصاص في كسر السن.
4749 - عن أنس: «أن الربيع عمته كسرت ثنية جارية، فطلبوا إليها العفو فأبوا فعرضوا الأرش، فأبوا فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبوا إلا القصاص، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص، فقال أنس بن النضر: يا رسول الله! أتكسر ثنية الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال رسول الله: يا أنس كتاب الله القصاص فرضي القوم فعفوا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن من عباد الله من لو أقسم
_________
(1) الدارقطني (3/139، 140) ، البيهقي (8/50) .
(2) الشافعي في الأم (7/331) ، ومن طريقه البيهقي (8/50) ، وأخرجه عبد الرزاق (9/480) .(3/1597)
على الله لأبره» رواه البخاري والخمسة إلا الترمذي (1) .
[31/8] باب من عض يد رجل فانتزعها فسقطت ثنيته.
4750 - عن عمران بن حصين «أن رجلًا عض يد رجل فنزع يده من فيه فوقعت ثنيتاه فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يعض أحدكم يد أخيه كما يعض الفحل لا دية لك» رواه الجماعة إلا أبا داود (2) .
4751 - وعن يعلى بن أمية قال: «كان لي أجير فقاتل إنسانًا فعض أحدهما صاحبه فانتزع إصبعه فاندر ثنيته فسقطت فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأهدر ثنيته وقال: أيدع يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل» رواه الجماعة إلا الترمذي (3) .
قوله: «يعض» بفتح الياء المثناة من تحت بعدها عين مهملة مفتوحة وضاد معجمة مشددة والفحل الذكر من الإبل. قوله: «فأندر» بالنون والدال المهملة والراء أي أزال ثنتيه. قوله: «يقضمها» بسكون القاف وفتح الضاد المعجمة هو الإمساك بأطراف الأسنان.
_________
(1) البخاري (2/961، 4/1636، 1685) (2556، 4230، 4335) ، أبو داود (4/197) (4595) ، النسائي (8/26-27) ، ابن ماجه (2/884) (2649) ، أحمد (3/128، 167) .
(2) البخاري (6/2526) (6497) ، مسلم (3/1300، 1301) (1673) ، النسائي (8/29) ، الترمذي (4/27) (1416) ، ابن ماجه (2/887) (2657) ، أحمد (4/427، 430، 435) ، ابن حبان (13/346) (5999) .
(3) البخاري (2/790، 3/1086، 6/2526) (2146، 2812، 6498) ، مسلم (3/1301) (1674) ، أبو داود (4/194) (4584، 4585) ، النسائي (8/30-31) ، ابن ماجه (2/886) (2656) ، أحمد (4/222، 224) .(3/1598)
[31/9] باب من اطلع في بيت قوم مغلق عليهم بغير إذنهم
فوقعت فيه جناية فهي هدر
4752 - عن سهل بن سعد «أن رجلًا اطلع في حجر باب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومع النبي - صلى الله عليه وسلم - مدرى يرجل به رأسه فقال له: لو أعلم أنك تنظر طعنت به في عينك إنما جعل الأذن من أجل البصر» متفق عليه (1) .
4753 - وعن أنس: «أن رجلًا اطلع في بعض حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بمشقص أو مشقاص فكأني أنظر إليه يختل الرجل ليطعنه» متفق عليه (2) .
4754 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو أن رجلًا اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح» متفق عليه (3) .
_________
(1) البخاري (5/2215، 2304) (5580، 5887، 6505) ، مسلم (3/1698) (2156) ، أحمد (5/330، 334) ، وهو عند ابن حبان (13/126، 347) (5809، 6001) ، والنسائي (8/60-61) ، والترمذي (5/64) (2709) ، والشافعي (1/201) ، والحميدي (2/412) (924) ، وأبي يعلى (13/499-500) (7510) .
(2) البخاري (5/2304، 6/2530) (5888، 6504) ، مسلم (3/1699) (2157) ، أحمد (3/125، 239) ، وهو عند أبي داود (4/343) (5171) ، والنسائي (8/60) ، والترمذي (5/64) (2708) .
(3) البخاري (6/2530) (6506) ، مسلم (3/1699) (2158) ، أحمد (2/243) ، أبو داود (4/343) (5172) ، والنسائي (8/61) ، والشافعي (1/201) ، والحميدي (2/462) (1078) .(3/1599)
4755 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤا عينه» رواه أحمد ومسلم (1) ، وفي رواية لأحمد والنسائي (2) : «من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقؤا عينه فلا دية له ولا قصاص» وصححها البيهقي وابن حبان.
قوله: «مدري» المدرى بكسر الميم بعدها دال مهملة ساكنة عود يشبه أحد أسنان المشط، وقد يجعل من حديد. قوله: «يختل» أي يطعنه وهو بفتح الياء التحتية وسكون الخاء المعجمة بعدها مثناة مكسورة. قوله: «فخذفته» الخذف بالخاء المعجمة الرمي بالحصاء وبالحاء المهملة الرمي بالعصا.
[31/10] باب ما جاء من النهي عن الاقتصاص بالجرح قبل الاندمال
4756 - عن جابر: «أن رجلًا جرح فأراد أن يستقيد فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستقاد من الجرح حتى يبرئ المجروح» رواه الدارقطني (3) وقد اختلف في وصله وإرساله.
4757 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن رجلًا طعن رجلًا بقرن في ركبته فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقدني فقال: حتى يبرى، ثم جاء إليه فقال: اقدني فاقاده ثم جاء إليه فقال: يا رسول الله! عرجت، قال: قد نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك، ثم نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقتص من جرح حتى يبرى
_________
(1) أحمد (2/266، 414، 527) ، مسلم (3/1699) (2158) .
(2) أحمد (2/385) ، النسائي (8/61) ، وابن الجارود (1/199) (790) ، وابن حبان (13/351) (6004) ، والبيهقي (8/338) .
(3) الدارقطني (3/88، 89) ، البيهقي (8/67) ، الطبراني في "الأوسط" (4/234-235) .(3/1600)
صاحبه» رواه أحمد والدارقطني (1) قال في "بلوغ المرام": وأعل بالإرسال انتهى، وهو أن شعيبًا لم يدرك جده وقد دفع بأنه ثبت لقاه جده، وفي معنى الحديث أحاديث تزيده قوة، وقد تقدم الكلام على أحاديث عمرو بن شعيب مستوفى في باب الوضوء.
[31/11] باب ما جاء أن الدم حق لجميع الورثة من الرجال والنساء
4758 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن يعقل عن المرأة عصبتها من كانوا ولا يرثوا منها إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها وهم يقتلون قاتلها» رواه الخمسة إلا الترمذي (2) وفي إسناده محمد بن راشد الدمشقي المكحولي وثق وضعف.
4759 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «على المقتتلين أن ينحجزوا الأولى فالأولى وإن كانت امرأة» رواه أبو داود والنسائي (3) وقال: «الأول فالأول» .
قوله: «المقتتلين» أراد بالمقتتلين أولياء المقتول والطالبين القود وينحجزوا أي ينفكوا عن القود بعفو أحدهم ولو كانت امرأة. قوله: «الأول فالأول» أي الأقرب فالأقرب. وفي إسناد الحديث حصن بن عبد الرحمن، ويقال: ابن محصن أبو حذيفة
_________
(1) أحمد (2/217) ، الدارقطني (3/88) (24) .
(2) أبو داود (4/189) (4564) وأطرافه (4506، 4541، 4542، 4563، 4565، 4583) ، النسائي (8/42) و (45، 55) ، ابن ماجه (2/884) (2647) ، وأطرافه (2626، 2630، 2644، 2653، 2655) ، أحمد (2/224) وأطرافه (2/178، 182، 183، 185، 186، 215، 217، 224) والروايات مطولة ومختصرة.
(3) أبو داود (4/183) (4538) ، النسائي (8/38-39) .(3/1601)
الدمشقي، قال أبو حاتم: لا أعلم أحدًا روى عنه غير الأوزاعي، ولا أعلم أحدًا نسبه. قوله: «أن يعقل» العقل الدية والمراد بقوله: أن يعقل أي يدفع عن المرأة ما لزمها من الدية عصبتها، والعصبة محركة الذين يرثون الرجل عن كلالة من غير والد ولا ولد. قوله: «أن ينحجزوا» بحاء مهملة ثم جيم ثم زاي.
[31/12] باب ما جاء فيمن سقى رجلًا سمًا أو أطعمه فمات أيقاد منه
4760 - عن أنس بن مالك: «أن امرأة يهودية أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاةٍ مسمومة فأكل منها فجيء بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألها عن ذلك فقالت: أردت لأقتلك، قال: ما كان الله ليسلطك على ذلك، أو قال: عليِّ قال: فقالوا: ألا نقتلها؟ فقال: لا، فما زلت أعرفها في لهوات النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه البخاري ومسلم وأبو داود (1) .
4761 - وعن ابن شهاب قال: «كان جابر يحدث أن يهودية من أهل خيبر سمت شاة مصلية ثم أهدتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذراع فأكل منها وأكل رهط من أصحابه معه، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ارفعوا أيديكم وأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليهودية فدعاها فقال لها: أسميت هذه الشاة؟ قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال: أخبرني هذه في يدي الذراع، قالت: نعم، قال: فما أردت إلى ذلك؟ قالت: قلت إن كان نبيًا فلن يضره، وإن لم يكن نبيًا استرحنا منه، فعفى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعاقبها وتوفى بعض أصحابه الذين أكلوا من الشاة، واحتجم رسو لالله على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة» رواه أبو داود (2)
_________
(1) البخاري (2/923) (2474) ، مسلم (4/1721) (2190) ، أبو داود (4/173) (4508) .
(2) أبو داود (4/173) (4510) .(3/1602)
بإسناد منقطع لأن الزهري لم يدرك جابرًا.
4762 - وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدت له يهودية بخيبر شاةً مصلية» نحو حديث جابر قال: «فمات بشر بن البراء بن معرور فأرسل إلى اليهودية، فقال: ما حملك على ما صنعت؟» فذكر نحو حديث جابر «وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتلت ولم يذكر أمر الحجامة» رواه أبو داود (1) مرسلًا وقال: رويناه عن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وقال البيهقي: يحتمل أنه لم يقتلها في الابتداء ثم لما مات بشر بن البراء أمر بقتلها.
[31/13] باب فضل العفو عن الاقتصاص والشفاعة في ذلك.
4763 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما عفى رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزًا» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (2) .
4764 - وعن أنس قال: «ما رفع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرٌ فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو» رواه الخمسة إلا الترمذي (3) وإسناده لا بأس به.
4765 - وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من رجل يصاب بشيء في جسده فيتصدق به إلا رفعه الله بها درجة وحط به عنه
_________
(1) أبو داود (4/174) (4511) .
(2) أحمد (2/235، 386، 438) ، مسلم (4/2001) (2588) ، الترمذي (4/376) (2029) ، وهو عند ابن خزيمة (4/97) (2438) ، والدارمي (1/486) (1676) ، وابن حبان (8/40) (3248) ، وأبي يعلى (11/344) (6458) .
(3) أبو داود (4/169) (4497) ، النسائي (8/37) ، ابن ماجه (2/898) (2692) ، أحمد (3/213، 252) ، أبو يعلى (6/336) (3661) .(3/1603)
خطيئة» رواه ابن ماجة والترمذي (1) ، وقال: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
4766 - وعن عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث والذي نفس محمد بيده إن كنت لحالفًا عليهن: لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا، ولا يعفو عبد من مظلمة يبتغي بها وجه الله عز وجل إلا زاده الله بها عزًا يوم القيامة، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر» رواه أحمد وأبو يعلى والبزار (2) وفي إسناده رجل لم يسم وأخرجه البزار (3) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، وقال: إن هذه الرواية أصح، وقال المنذري: له عند البزار طريق لا بأس بها.
4767 - وعن أبي كبشة الأنماري أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثًا فاحفظوه، قال: ما نقص مال من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزًا فاعفوا يعزكم الله، ولا فتح عبد مسألة إلا فتح الله له بها باب فقر أو كلمة نحوها» رواه أحمد والترمذي (4) واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح.
4768 - وعن أبي بن كعب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سره أن يشرف له
_________
(1) ابن ماجه (2/898) (2693) ، الترمذي (4/14) (1393) ، أحمد (6/448) .
(2) أحمد (1/193) ، أبو يعلى (2/159) (849) ، وعبد بن حميد (1/83) (159) ، البزار (3/244) (1033) .
(3) البزار (3/243) (1032) .
(4) أحمد (4/231) ، الترمذي (4/562) (2325) ، الطبراني في "الكبير" (22/341) .(3/1604)
البنيان ويرفع له الدرجات فليعفو عمن ظلمه، ويُعط من حرمه، ويصل من قطعه» رواه الحاكم (1) وصحح إسناده وفيه انقطاع.
4769 - وعن عدي بن ثابت قال: «هشم رجل فم رجل على عهد معاوية فأعطى ديته فأبى أن يقبل حتى أعطي ثلاثًا فقال رجل: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من تصدق بدم أو دية كان كفارة له من يوم ولد إلى يوم تصدق به» رواه أبو يعلى (2) ورواته رواة الصحيح غير عمران بن طليمان.
4770 - وعن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من رجل يجرح في جسده جراحة فيتصدق بها إلا كفر الله تبارك وتعالى عنه مثلما تصدق» رواه أحمد قال المنذري: ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه الضياء في المختارة (3) .
4771 - وعن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وقف العباد للحساب جاء قومٌ واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دمائهم فازدحموا على باب الجنة فقيل: من هؤلاء؟ فقيل الشهداء كانوا أحياء مرزوقين ثم نادى مناد ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة ثم نادى مناد الثانية ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة ومن الذي أجره على الله قال: العافون عن الناس، ثم نادى مناد الثالثة ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة فقام: كذا وكذا ألفًا فدخلوها بغير
_________
(1) الحاكم (2/323) ، الطبراني في "الكبير" (1/199) ، و"الأوسط" (3/88) .
(2) أبو يعلى (12/284) (6869) .
(3) أحمد (5/316) .(3/1605)
حساب» رواه الطبراني (1) بإسناد حسن.
[31/14] باب ثبوت القصاص بالإقرار
4772 - عن وائل بن حجر قال: «أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل قتل رجلًا فأقاد ولي المقتول منه فانطلق به، وفي عنقه نسعة يجرها، فلما أدبر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: القاتل والمقتول في النار فأتى رجلٌ الرجل، فقال له مقالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخلى عنه، قال إسماعيل بن سالم: فذكرت ذلك لحبيب بن ثابت، فقال: حدثني ابن أشوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنما سأله أن يعفو عنه فأبى» رواه مسلم (2) ، وفي رواية: «قال: إني لقاعد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة فقال: يا رسول الله! هذا قتل أخي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقتلته؟ فقال: إنه لو لم يعترف أقمت عليه البينة، قال: نعم قتلته، قال: كيف قتلته؟ قال: كنت أنا وهو نحتطب من شجرة فسبني فأغضبني فضربته بالفأس على قرنه فقتلته، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل من شيء تؤديه عن نفسك؟ قال: ما لي مال إلا كسائي وفأسي، قال: فترى قومك يسترونك؟ قال: أنا أهون على قومي من ذلك، فرمى إليه بنسعته وقال: دونك صاحبك، قال: فانطلق به الرجل فلما ولى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن قتله فهو مثله، فرجع فقال: يا رسول الله! بلغني أنك قلت: إن قتله فهو مثله وأخذته بأمرك، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما تريد أن تبوء بإثمك وإثم صاحبك، فقال: يا نبي الله لعله قال: بلى، قال: فإن ذلك كذلك فرمى بنسعته وخلى سبيله» رواه مسلم والنسائي (3) ،
وفي رواية قال:
_________
(1) الطبراني في (2/285) (1998) .
(2) مسلم (3/1308) (1680) .
(3) مسلم (3/1307) (1680) ، النسائي (8/14، 16، 17) ..(3/1606)
«جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بحبشي فقال: إن هذا قتل أخي، قال: كيف قتلته؟ قال: ضربت رأسه بالفأس، ولم أُرد قتله، قال: هل لك مال تؤدي ديته؟ قال: لا، قال: أفرأيت إن أرسلتك تسأل الناس تجمع ديته؟ قال: لا، قال: فمواليك يعطونك ديته؟ قال: لا، قال للرجل: خذه فخرج به ليقتله، فقال رسول الله: أما إن قتله كان مثله فبلغ ذلك الرجل حيث سمع قوله، فقال: هو ذا فمر بهما شئت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يبوء بإثم صاحبه وإثمه فيكون من أصحاب النار» رواه أبو داود (1) . وفي رواية أخرجها أبو داود والنسائي (2) قال: «كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جيء برجل قاتل في عنقه النسعة قال: فدعي ولي المقتول، فقال: العفو، قال: لا، قال: أفتأخذ الدية؟ قال: لا، قال: أفتقتل؟ قال: نعم، قال: اذهب به فلما كان في الرابع، قال: أما إنك إن عفوت عنه فإنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه قال: فعفى عنه قال: فأنا رأيته يجر النسعة» .
قوله: «نسعة» بكسر النون وسكون السين المهملة بعدها عين مهملة سيرٌ يشد به الرحال. قوله: نحتطب من الاحتطاب ووقع في نسخة نختبط من الاختباط.
[31/15] باب ثبوت القتل بشاهدين.
4773 - عن رافع بن خديج قال: «أصبح رجل من الأنصار بخيبر مقتولًا فانطلق أولياءه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكروا ذلك له فقال: لكم شاهدان يشهدان على قتل صاحبكم فقالوا: يا رسول الله! لم يكن ثمة أحد من المسلمين وإنما هم يهود قد يجترئون على أعظم من هذا، قال: فاختاروا منهم خمسين فاستحلفوهم فوداه النبي
_________
(1) أبو داود (4/170) (4501) .
(2) أبو داود (4/169) (4499) ، النسائي (8/13، 244) .(3/1607)
- صلى الله عليه وسلم - من عنده» رواه أبو داود (1) ورجاله رجال الصحيح إلا الحسن بن علي بن راشد وقد وثق.
4774 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلًا على أبواب خيبر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أثم شاهدان على من قتله أدفعه إليكم برمته؟ قال: يا رسول الله! ومن أين نصيب شاهدين وإنما أصبح قتيلًا على أبوابهم؟ فقال: فتحلف خمسين قسامة، فقال: يا رسول الله! فكيف أحلف على ما لم أعلم؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستحلف منهم خمسين قسامة، فقال: يا رسول الله! كيف نستحلفهم وهم اليهود؟ فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ديته عليهم وأعانهم بنصفها» رواه النسائي (2) وحسن إسناده في "الفتح".
[31/16] باب ما جاء في القسامة.
4775 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية» رواه أحمد ومسلم والنسائي (3) .
4776 - وعن سهل بن أبي حثمة قال: «انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهو يومئذٍ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل
_________
(1) أبو داود (4/179) (4524) ، البيهقي (8/134، 10/148) ، الطبراني في "الكبير" (4/277) .
(2) النسائي (8/12) (4720) .
(3) أحمد (4/62، 5/375، 432) ، مسلم (3/1295) (1670) ، النسائي (8/4، 5) ، وابن الجارود (1/201) (797) .(3/1608)
وهو يتشحط في دمه قتيلًا فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة أبناء مسعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال: كبّر كبّر، وهو أحدث القوم فسكت فتكلما قال: أتحلفون وتستحقون قاتلكم؟ أو صاحبكم، فقالوا: وكيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: فتبركم يهود بخمسين يمينًا فقالوا: كيف نأخذ بأيمان قوم كفار؟ فعقله النبي - صلى الله عليه وسلم - من عنده» رواه الجماعة (1) وفي رواية متفق عليها (2) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته، قالوا: من لم يشهده كيف يحلف؟ قال: فتبرنكم يهود بأيمان خمسين منهم، قالوا: يا رسول الله! قوم كفار وذكر الحديث بنحوه» وهو حجة لمن قال: لا يقسمون على أكثر من واحد وفي لفظ لأحمد (3) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تسمون قاتلكم ثم تحلفون خمسين يمينًا ثم نسلمه» وفي رواية متفق عليها (4) : «فقال لهم: تأتون بالبينة على من قتله، قالوا: ما لنا من بينة، قال: فيحلفون لكم، قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبطل دمه فوداه بمائة من إبل الصدقة» .
4777 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر إلا في القسامة» رواه الدارقطني
_________
(1) البخاري (3/1158) (3002) ، مسلم (3/1291) (1669) ، أبو داود (4/177) (4520) ، النسائي (8/7) ، الترمذي (4/30) (1422) ، ابن ماجه (2/892) (2677) ، أحمد (4/3) .
(2) البخاري (5/2275) (5791) ، مسلم (3/1292) (1669) ، أحمد (4/142) .
(3) أحمد (4/3) ، الدارمي (2/248) (2353) .
(4) البخاري (6/2528) (6502) ، مسلم (3/1294) (1669) ، النسائي (8/11) ، أبو داود (4/178) (4523) .(3/1609)
والبيهقي (1) قال في "الخلاصة": بإسناد مقارب وضعف في "التلخيص" إسناده.
4778 - وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن رجل من الأنصار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لليهود وبدأ بهم: «يحلف منكم خمسون رجلًا فأبوا فقال للأنصار: استحقوا، فقالوا: نحلف على الغيب يا رسول الله؟ فجعلها رسول الله دية على اليهود لأنه وجد بين أظهرهم» رواه أبو داود (2) قال المنذري بعد أن ذكر هذا الحديث: قال بعضهم: وهذا ضعيف لا يلتفت إليه وقد قيل للإمام الشافعي: ما منعك أن تأخذ بحديث ابن شهاب يعني: هذا، قال: مرسل والقتيل أنصاري والأنصاريون بالعناية أولى بهم من غيرهم، إذ كان كلٌ ثقة، وكل عندنا بنعمة الله ثقة، قال البيهقي: وأظنه أراد بحديث الزهري ما روى عنه معمر عن أبي سلمة وسليمان بن يسار عن رجال من الأنصار وذكر هذا الحديث. وقد توقف بعض أئمة أهل العلم عن الحكم بشرعية القسامة وقالوا: لم يحكم النبي صلى الله عيله وسلم فيها بشيء وإنما عرض فيها صلحًا على الأنصار لم يرضوا به فكره أن يبطل دم القتيل فودَّاه من عنده ولو كان ذلك حكمًا لقال لهم ليس لكم إلا ذلك. وحديث أقر القسامة على ما كانت عليه اخبار من الراوي بما فهمه من هذه القصة والله تعالى أعلم.
[31/17] باب هل يستوفى القصاص والحدود في الحرم.
4779 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خطل متعلقًا بأستار الكعبة فقال: اقتلوه» .
_________
(1) الدارقطني (3/111، 4/218) ، البيهقي (8/123) .
(2) أبو داود (4/179) (4526) .(3/1610)
4780 - وعن أبي هريرة قال: «لما فتح الله على رسوله مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنها لم تحل لأحد قبلي وإنما أحلت لي ساعة من نهار وإنها لا تحل لأحد بعدي» .
4781 - وعن أبي شريح الخزاعي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به رسول الله فيها الغد من يوم الفتح سمعته أُذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به حمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا تحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله فيها، فقولوا له: إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب» فقيل لأبي شريح: ماذا قال لك عمرو؟ قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح أن الحرم لا يعيذ عاصيًا ولا فارًا بدم ولا فارًا بخربة.
4782 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرام حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة» متفق على هذه الأحاديث المتقدمة (1) .
_________
(1) حديث أنس تقدم (2913) ، وحديث أبي هريرة تقدم (3032) ، وحديث أبي شريح عند البخاري (1/51، 2/651، 4/1563) (104، 1735، 4044) ، ومسلم (2/987) (1354) ، والترمذي (3/173) (809) ، والنسائي (5/205) ، وأحمد (6/385) ، وحديث ابن عباس تقدم (3033) .(3/1611)
4783 - وعن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أعدى الناس على الله عز وجل من قتل في الحرم أو قتل غير قاتله أو قتل بذحول الجاهلية» رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه" (1) .
4784 - ولأحمد (2) من حديث أبي شريح الخزاعي نحوه،
4785 - وقال ابن عمر: لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هجته.
4786 - وقال ابن عباس في الذي يصيب حدًا، ثم يلجأ إلى الحرم يقام عليه الحد إذا خرج من الحرم حكاهما (3) أحمد في رواية الأثرم.
4787 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة ملحد في الحرم ومبتغ في الإسلام سنة جاهلية ومطلب دم بغير حق ليهريق دمه» رواه البخاري (4) والملحد في الأصل المايل عن الحق.
قوله: «بدحلول الجاهلية» بفتح الدال المهملة والحاء المهملة
_________
(1) أحمد (2/179، 187، 207) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأخرجه ابن حبان (13/340-341) (5996) مطولًا من حديث ابن عمر.
(2) أحمد (4/31) ، الدارقطني (3/96) ، الحاكم (4/389) .
(3) أثر ابن عمر أخرجه ابن جرير الطبري (4/13) من طريق حجاج عن عطاء عن ابن عمر، وأثر ابن عباس أخرجه ابن جرير الطبري (4/13) .
(4) البخاري (6/2523) (6488) .(3/1612)
وهو الثأر وطلب المكافأة والعداوة والمراد هنا طلب من كان له دم في الجاهلية.
[31/18] باب ما جاء في التشديد في القتل وما جاء في توبة القاتل
4788 - عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء» رواه الجماعة إلا أبا داود (1) .
4789 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يرق دمًا حرامًا بغير حله» أخرجه البخاري (2) .
4790 - وعن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا» رواه النسائي (3) .
4791 - وأخرجه النسائي والترمذي (4) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا بلفظ: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم» وعزاه المنذري في الترغيب والترهيب إلى مسلم ولم أجده معزوًا إلى مسلم في غيره.
_________
(1) البخاري (5/2394، 6/2517) (6168، 6471) ، مسلم (3/1304) (1678) ، النسائي (7/83، 84) ، الترمذي (4/17) (1396، 1397) ، ابن ماجه (2/873) (2615، 2617) ، أحمد (1/388، 440، 442) ، ابن حبان (16/338-339) (7344) ، أبو يعلى (9/285) (5414) .
(2) البخاري (6/2517) (6469) ، الحاكم (4/390، 391) ، أحمد (2/94) ، عبد بن حميد (1/270) (856) .
(3) النسائي (7/83) .
(4) النسائي (7/82) ، الترمذي (4/16) (1395) ، الطبراني في "الصغير" (1/355) (594) .(3/1613)
4792 - وأخرجه ابن ماجة (1) بإسناد حسن من حديث البراء بلفظ: «لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق» .
4793 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو أن أهل السماوات والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار» أخرجه الترمذي (2) وقال: هذا حديث غريب وقال المنذري: رواه الترمذي وقال: حسن غريب.
4794 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل» متفق عليه (3) .
4795 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله» رواه أحمد وابن ماجة (4) بإسناد ضعيف.
4796 - وعن معاوية قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرًا أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا» رواه أحمد والنسائي (5) ، وقال: صحيح الإسناد.
_________
(1) ابن ماجه (2/874) (2619) .
(2) الترمذي (4/17) (1398) .
(3) البخاري (3/1213، 6/2518، 2669) (3157، 6473، 6890) ، مسلم (3/1303، 1304) (1677) ، أحمد (1/383، 430، 433) ، والترمذي (5/42) (2673) ، والنسائي (7/81) ، وابن ماجه (2/873) (2616) ، وابن حبان (13/321) (5983) ، وأبو يعلى (9/110) (5179) .
(4) ابن ماجه (2/874) (2620) ، البيهقي (8/22) ، أبو يعلى (10/306) (5900) .
(5) أحمد (4/99) ، النسائي (7/81) ، الحاكم (4/391) ، الطبراني في "الكبير" (19/365) ، و"الأوسط" (5/219) .(3/1614)
4797 - ولأبي داود (1) من حديث أبي الدرداء نحوه والحديث رجال إسناده ثقات وحديث أبي الدرداء ذكره في العواصم، وقال فيه: إسناده صالح ليس فيه من تكلم فيه إلا مؤمل بن الفضل الراوي له أبو داود عنه عن محمد بن شعيب، وقال العقيلي: في حديث مؤمل وهم لا يتابع عليه، وقال أبو حاتم: ثقة رضى ومع هذا فقد شهد له ما رواه النسائي وذكر حديث معاوية.
4798 - وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه، فالقاتل والمقتول في النار، فقيل: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: أراد قتل صاحبه» متفق عليه (2) .
4799 - وعن جندب البجلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان ممن قبلكم رجل به جرح فجزع، فأخذ سكينًا فجز بها يده فما رقا الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة» أخرجاه (3) .
4800 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يوجى بها في بطنه في نار جهنم خالدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو مترد في نار جهنم خالدًا فيها أبدًا»
_________
(1) أبو داود (4/103) (4270) ، ابن حبان (13/318) (5980) .
(2) البخاري (1/20، 6/2520، 2594) (31، 6481، 6672) ، مسلم (4/2213، 2214) (2888) ، أحمد (5/43، 46، 47، 48، 51) ، وهو عند ابن حبان (13/319) (5981) ، والنسائي (7/125) ، وأبي داود (4/103) (4268، 4269) ، وابن ماجه (2/1311) (3965) .
(3) البخاري (1/459، 1275) (1298، 3276) ، مسلم (1/107) (113) ، أحمد (4/312) ، وابن حبان (13/328) (5988) ، وأبو يعلى (3/96) (1527) .(3/1615)
4801 - وعن المقداد بن الأسود قال: «يا رسول الله! أرأيت إن لقيت رجلًا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال: لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول: كلمته التي قالها» متفق عليهما (1) .
4802 - وعن جابر قال: «لما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض فجزع فأخذ مشاقص فقطع بها براجمه فشخبت يده حتى مات فرآه الطفيل بن عمرو في منامه وهيأته حسنة ورآه مغطيًا يديه، فقال له: ما صنع بك ربك؟ قال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما لي أراك مغطيًا يديك، قال: قيل لن يصلح منك ما أفسدت فقصها الطفيل على رسول الله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وليديه فاغفر» رواه أحمد ومسلم (2) .
4803 - وعن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وحوله عصابة من أصحابه: «بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوا في
_________
(1) حديث أبي هريرة أخرجه البخاري (5/2179) (5442) ، ومسلم (1/103) (109) ، وأحمد (2/254، 478، 488) ، والترمذي (4/386) (2043، 2044) ، وابن ماجه (2/1145) (4360) ، وابن حبان (13/325) (5986) ، والدارمي (2/252) (2362) ، وحديث المقداد أخرجه: البخاري (4/1474، 6/2518) (3794، 6472) ، ومسلم (1/95، 96) (95) ، وأحمد (6/3، 4، 5) ، وأبو داود (3/45) (2644) ، وابن حبان (1/381) (164) .
(2) أحمد (3/370) ، مسلم (1/108) (116) ، وهو بمعناه عند ابن حبان (7/287) (3017) ، وأبو يعلى (4/126) (2175) .(3/1616)
معروف فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك» وفي لفظ: «فلا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق» متفق عليه (1) .
4804 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال: إنه قد قتل تسعة وتسعين نفسًا فهل له من توبة؟ فقال: لا فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال له: إنه قد قتل مائة نفس فهل له من توبة، فقال: نعم من يحول بينك وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا أنصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبًا مقبلًا فقبله الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته
_________
(1) البخاري (1/15، 3/1413، 4/1857، 6/2490، 2637، 2716) (18، 3679، 4612، 6402، 6787، 7030) ، مسلم (3/1333) (1709) ، وأحمد (5/313، 314، 320) ، والترمذي (4/45) (1439) ، والنسائي (7/141، 142، 148، 161) ، والدارمي (2/290) (2453) ، واللفظ الثاني أخرجه البخاري (3/1414، 6/2519) (3680، 6479) ، مسلم (3/1333) (1709) ، أحمد (5/321) .(3/1617)
ملائكة الرحمة» متفق عليه (1) .
4805 - وعن واثلة بن الأسقع قال: «أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صاحب لنا أوجب يعني النار بالقتل فقال: اعتقوا عنه يعتق الله بكل عضو منه عضوًا من النار» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم (2) وقال: صحيح على شرطهما، وقال في "العواصم": إسناده قوي، ويشهد له أحاديث فضل العتق.
قوله: «كفل» بكسر الكاف وسكون الفاء هو النصيب. قوله: «يتوجا» أي يضرب بها نفسه. قوله: «وأنت بمنزلته» معناه أن الكافر مباح الدم بحكم الدين قبل أن يسلم فإذا أسلم صار مصان الدم كالمسلم فإن قتله المسلم صار دمه مباحًا بحق القصاص كالكافر بحق الدين وليس المراد إلحاقه به في الكفر كذا قال الخطابي.
* * *
_________
(1) البخاري (3/1280) (3283) ، مسلم (4/2118، 2119) (2766) ، أحمد (3/20، 72) ، وابن ماجه (2/875) (2622) ، وابن حبان (2/376-377، 380) (611، 615) ، وأبو يعلى (2/305، 508) (1033، 1356) .
(2) أحمد (3/490-491، 4/107) ، أبو داود (4/29) (3964) ، النسائي في "الكبرى" (3/171-172) ، ابن حبان (10/145) (4307) ، الحاكم (2/231) .(3/1618)
أبواب الديات
[31/19] باب دية النفس وأعضائها ومنافعها.
4806 - عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن كتابًا وكان في كتابه: «ألا من اعتبط مؤمنًا قتلًا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وإن في النفس الدية مائة من الإبل وإن في الأنف إذا أوعب جدعه الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشر من الإبل وفي كل إصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل وفي السن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس من الإبل وإن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار» ورواه النسائي وقال: وقد روى هذا الحديث يونس عن الزهري مرسلًا انتهى. وأخرجه أيضًا ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم والبيهقي موصولًا وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (1) وقد صححه جماعة من أئمة الحديث منهم أحمد والحاكم وابن حبان والبيهقي، وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في الكتب المنقولة كتابًا أصح من كتاب عمرو بن حزم، فإن
_________
(1) النسائي (8/57-58) ، ابن خزيمة (4/19) (2269) ، ابن حبان (14/501-514) (6559) ، الحاكم (1/552-554) ، البيهقي (1/87-88، 4/89-90) ، أبو داود في "المراسيل" (259) ، مالك في الموطأ (2/849) ، الدارقطني (1/121-122) ، والدارمي (2/253) .(3/1619)
الصحابة والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم، وقال ابن عبد البر: كتاب مشهور عند أهل السير أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول، وقال الشافعي: لم يتلقوا هذا الحديث حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
4807 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الأنف إذا جدع كله بالعقل كاملًا وإذا جدعت أرنبته فنصف العقل وقضى في العين نصف العقل والرجل نصف العقل واليد نصف العقل والمأمومة ثلث العقل والمنقلة خمس عشر من الإبل» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (1) ولم يذكر فيه العين ولا المنقلة وفي إسناد الحديث محمد بن راشد المكحولي مختلف فيه.
4808 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «هذه وهذه سواء يعني الخنصر والإبهام» رواه الجماعة إلا مسلمًا (2) وفي رواية قال: «دية الأصابع اليدين والرجلين سواء عشر من الإبل لكل إصبع» رواه الترمذي وصححه (3) .
4809 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأسنان سواء الثنية والضرس سواء» رواه أبو داود وابن ماجة والبزار وابن حبان (4) ورجاله رجال
_________
(1) أحمد (2/217، 224) ، أبو داود (4/189) (4564) ، وابن ماجه في الأحاديث التالية (2626، 2630، 2647، 2653، 2655) .
(2) البخاري (6/2526) (6500) ، أبو داود (4/188) (4558) ، النسائي (8/56) ، الترمذي (4/14) (1392) ، ابن ماجه (2/885) (2652) ، أحمد (1/227، 339، 345) ، وابن حبان (13/370) (6015) .
(3) الترمذي (4/13) (1391) .
(4) أبو داود (4/188) (4559، 4560) ، ابن ماجه (2/885) (2650) ، ابن حبان (13/369) (6014) ، أحمد (1/289) .(3/1620)
الصحيح وقال في "الخلاصة": إسناده صحيح.
4810 - وعن أبي موسى «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الأصابع بعشر من الإبل» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان وابن ماجة (1) ولا بأس بإسناده.
4811 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «في كل إصبع عشر وفي كل سنٍّ خمس من الإبل والأصابع سواء، والأسنان سواء» رواه الخمسة إلا الترمذي (2) ، ورجال إسناده إلى عمرو بن شعيب ثقات، وصححه ابن حبان والحاكم.
4812 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: في المواضح خمس خمس من الإبل» رواه الخمسة وابن خزيمة وابن الجارود وصححه (3) .
4813 - وعن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في الموضحة خمس من الإبل» رواه البزار وأهل السنن وحسنه الترمذي (4) .
4814 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في
_________
(1) أحمد (4/397، 398، 403، 404، 413) ، أبو داود (4/187، 188) (4556، 4557) ، ابن حبان (13/367) (6013) ، ابن ماجه (2/886) (2654) .
(2) أبو داود (4/189) (4564) ، النسائي (8/55، 57) ، ابن ماجه (2/886) (2653) ، أحمد (2/217) بروايات مختصرة ومطولة.
(3) أبو داود (4/190) (4566) ، النسائي (8/57) ، الترمذي (4/13) (1390) ، ابن ماجه (2/886) (2655) ، أحمد (2/179، 189، 207، 215) ، ابن الجارود (1/198) (785) .
(4) البزار (1/386) (261) ،(3/1621)
العين العوراء السادة لمكانها إذا طمست بثلث ديتها وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها وفي السن السوداء إذا نزعت بثلث ديتها» رواه النسائي (1) ، ولأبي داود (2) منه: «قضى في العين القائمة السادة لمكانها بثلث الدية» والحديث رجال إسناده إلى عمرو بن شعيب ثقات.
4815 - وعن عمر بن الخطاب: «أنه قضى في رجل ضرب رجلًا فذهب سمعه وبصره ونكاحه وعقله بأربع ديات» ذكره أحمد بن حنبل في رواية أبي الحارث وابنه عبد الله (3) .
قوله: «اعتبط» هو بالعين المهملة بعدها مثناة فوقية ثم موحدة آخره مهملة: أي من قتل قتيلًا بلا جناية منه ولا جريرة توجب قتله. قوله: «إذا أوعب جدعه» بضم الهمزة وسكون الواو وكسر العين المهملة فموحدة أي قطع جميعه. قوله: «البيضتين» وفي رواية وفي الانثيين ومعناهما واحد كما في الصحاح. قوله: «الصلب» هو عظم من لدي الكاهل إلى العجب. قوله: «المأمومة» هي الجناية البالغة أُم الدماغ وهو الدماغ أو الجلدة الرقيقة التي عليها. قوله: «الجايفة» هي الطعنة التي تبلغ الجوف أو تنفذه والجوف البطن كما في كتب اللغة. قوله: «المنقلة» قال في "الدر النثير": المنقلة من الشجاج التي تخرج منها صغار العظم وتنتقل من أماكنها. قوله: فنصف العقل أي الدية. قوله: «اليد الشلاء» هي التي لا نفع فيها إلا الجمال.
_________
(1) النسائي (8/55) ، الدراقطني (3/128) (147)
(2) أبو داود (4/190) (4567) .
(3) وأخرجه البيهقي (8/86) ، وعبد الرزاق (10/11) ، وابن أبي شيبة (5/359، 398) .(3/1622)
[31/20] باب دية أهل الذمة
4816 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عقل الكافر نصف دية المسلم» رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه وصححه ابن الجارود (1) ، وفي لفظ: «قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى» رواه أحمد والنسائي وابن ماجة (2) وفي رواية: «كانت قيمة الدية على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمان مائة دينار وثمانية آلاف درهم ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلم، قال: وكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبًا فقال: إن الإبل قد غلت قال: ففرضها على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر ألفًا وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة قال: وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية» رواه أبو داود (3) .
4817 - وعن سعيد بن المسيب قال: «كان عمر يجعل دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف والمجوسي ثمان مائة» رواه الشافعي (4) .
4818 - وأخرج ابن حزم في الإيصال من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي
_________
(1) أحمد (2/178، 182) ، النسائي (8/45) ، الترمذي (4/25) (1413) .
(2) أحمد (2/183) ، النسائي (8/55) ، ابن ماجه (2/883) (2644) ، الدارقطني (3/171) (261) .
(3) أبو داود (4/184) (4542) .
(4) الشافعي في الأم (4/289) ، الدارقطني (3/130، 131) ، البيهقي (8/100) ، وابن أبي شيبة (5/407) ، وذكره الترمذي بعد الحديث (1413) .(3/1623)
حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «دية المجوسي ثمان مائة درهم» وأخرجه أيضًا الطحاوي وابن عدي والبيهقي (1) وفي إسناده ابن لهيعة.
[31/21] باب دية المرأة في النفس وما دونها.
4819 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم: «عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديته» رواه النسائي والدارقطني (2) وهو من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وقد صححه ابن خزيمة.
4820 - وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: «سألت سعيد بن المسيب كم في إصبع المرأة؟ قال: عشر من الإبل، قلت: كم في إصبعين؟ قال: عشرون من الإبل، قلت: كم في ثلاث أصابع؟ قال: ثلاثون، قلت: كم في أربع؟ قال: عشرون، قلت: حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها، قال سعيد: أعراقي أنت؟ قال: بل عالم متثبت أو جاهل متعلم، قال: هو السنة يا ابن أخي؟» رواه مالك في الموطأ والبيهقي (3) وسعيد بن المسيب جعل التنصيف بعد البلوغ الثلث من دية الرجل راجعًا إلى جميع الأرش، والأصوب جعل التنصيف باعتبار المقدار الزايد على الثلث لا باعتبار ما دونه فيكون في الإصبع الرابعة من المرأة خمس من الإبل لأنها هي التي جاوزت الثلث ولا يحكم بالتنصيف في الثلاث الأصابع فإذا قطع من المرأة أربع أصابع كان فيها خمس وثلاثون ناقة.
_________
(1) ابن عدي في "الكامل" (4/207) ، البيهقي (8/101) ، وابن حزم في "الإيصال"، والطحاوي كما في "تلخيص الحبير" (4/66) .
(2) النسائي (8/44) (4805) ، الدارقطني (3/91) (38)
(3) مالك (2/860) ، البيهقي (8/96) ، عبد الرزاق (9/394) ، ابن أبي شيبة (5/412) .(3/1624)
[31/22] باب دية الجنين
4821 - عن أبي هريرة قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتًا بغرة عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن ميراثها لزوجها وبنيها وأن العقل على عصبتها» وفي رواية «اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها» متفق عليهما (1) .
4822 - وعن المغيرة بن شعبة عن عمر: «أنه استشارهم في أملاص المرأة فقال المغيرة: قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالغرة عبد أو أمة فشهد محمد بن سلمة أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى به» متفق عليه (2) .
4823 - وعنه «أن امرأة ضربتها ضرتها بعمود فسطاط فقتلتها وهي
_________
(1) البخاري (6/2478، 2532) (6359، 6511) ، مسلم (3/1309) (1681) ، أحمد (2/539) ، وأبو داود (4/193) (4577) ، والنسائي (8/47) ، والترمذي (4/426) (2111) ، والشافعي (1/202) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/205) باللفظ الأول، والبخاري (6/2532) (6512) ، ومسلم (3/1309) (1681) ، وأحمد (2/236، 274، 535) ، والنسائي (8/48) ، وأبو داود (4/192) (4576) ، وابن الجارود (1/196) (776) ، وابن حبان (13/376-377) (6020) باللفظ الثاني.
(2) البخاري (6/2531، 2668) (6509، 6510، 6887) ، مسلم (3/1311) (1683) ، أحمد (4/244) ، وهو عند ابن ماجه (2/882) (2640) ، وأبي داود (4/191) (4570، 4571) ، وعبد الرزاق (10/61) ، وابن أبي شيبة (5/391) ، والطبراني في "الكبير" (19/226) .(3/1625)
حبلى فأتى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقضى فيها على عصبتها العاقلة بالدية وفي الجنين غرة فقال عصبتها: أندي من لا طعم ولا شرب ولا صاح ولا استهل مثل ذلك يطل فقال: سجع مثل سجع الأعراب» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (1) وكذلك الترمذي ولم يذكر اعتراض العصبة وجوابه.
4824 - وعن ابن عباس في قصة جمل بن مالك قال «فأسقطت غلامًا قد نبت شعره ميتًا وماتت المرأة فقضى على العاقلة بالدية، فقال عمها: أنها قد أسقطت يا نبي الله غلامًا قد نبت شعره، فقال أبو القاتلة: إنه كاذب إنه والله ما استهل ولا شرب فمثله يطل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أسجع الجاهلية وكهانتها أد في الصبي غرة» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححاه (2) .
قوله: «بغرة» بضم الغين المعجمة وتشديد الراء وفد فسرت في الحديث. قوله: «أملاص» هو إسقاط الجنين بجناية. قوله: «فسطاط» هو الخيمة. قوله: «يطل» بضم الياء وفتح الطاء المهملة وتشديد اللام أي يبطل ويهدر.
[31/23] باب ما جاء في دية المكاتب
4825 - عن عكرمة عن ابن عباس قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دية المكاتب يقتل يودى ما أدى من مكاتبته دية الحر وما بقي دية المملوك» رواه أبو
_________
(1) أحمد (4/245، 246، 249) ، مسلم (3/1311) (1682) ، أبو داود (4/190) (4568) ، النسائي (8/51) ، الترمذي (4/24) (1411) .
(2) أبو داود (4/192) (4574) ، النسائي (8/51) ، ابن حبان (13/375) (6019) ، الطبراني في "الكبير" (11/289) ، البيهقي (8/115) .(3/1626)
داود والنسائي (1) مسندًا ومرسلًا وفي لفظ من حديث ابن عباس مرفوعًا «يودي بحصة ما أدى دية الحر، وما بقي دية العبد» رواه الخمسة إلا ابن ماجة (2) ورجال إسناد أبي داود ثقات.
4826 - وعن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يودي المكاتب بقدر ما أدّى» رواه أحمد (3) .
4827 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أصاب المكاتب حدًا أو ورث ميراثًا ويرث على قدر ما عتق منه» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه وقد تقدم (4) في المواريث.
[31/24] باب دية من قتل في المعركة غلطًا.
4828 - عن محمود بن لبيد قال: «اختلفت سيوف المسلمين على اليمان والد حذيفة يوم أُحد ولا يعرفونه فقتلوه فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين» رواه أحمد (5) وفي إسناده محمد بن إسحاق وبقية رجاله رجال الصحيح.
_________
(1) أبو داود (4/193) (4581) ، النسائي (8/46) (4812) .
(2) تقدم برقم (4195) .
(3) تقدم برقم (4196) .
(4) تقدم برقم (4143) .
(5) أحمد (5/429) .(3/1627)
4829 - وأصل الحديث في صحيح البخاري (1) عن عروة عن عائشة قالت: «لما كان يوم أُحد هزم المشركون فصاح إبليس أي عباد الله أخراكم فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال: أي عباد الله أبي أبي، قالت: فوا الله ما احتجروا حتى قتلوه، قال حذيفة غفر الله لكم، قال عروة: فما زلت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله» .
4830 - وأخرج أبو العباس السراج في "تاريخه" (2) من طريق عكرمة «أن والد حذيفة قتل يوم أُحد قتله بعض المسلمين وهو يظن أنه من المشركين فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» قال في "الفتح": ورجاله ثقات مع إرساله.
4831 - وعن عروة بن الزبير قال: «كان أبو حذيفة اليمان شيخًا كبيرًا فوقع في الآطام مع النساء يوم أُحد فخرج يتعرض للشهادة فجاء من ناحية المشركين فابتدره المسلمون فتوسقوه بأسيافهم وحذيفة يقول: أبي أبي فلا يسمعونه من شغل الحرب حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بديته» رواه الشافعي (3) .
قوله: «الآطام» جمع أُطم وهو بناء مرتفع كالحصن. قوله: «توسقوه» بالسين المهملة وبعدها قاف أي قطعوه بأسيافهم.
_________
(1) البخاري (3/1197، 1390، 6/2455، 2525) (3116، 3612، 6291، 6495) .
(2) انظر "فتح الباري" (12/218) .
(3) الشافعي (1/202) ، البيهقي (8/132) .(3/1628)
[31/25] باب ما جاء في مسألة الزبية والقتل بالسبب.
4832 - عن حنش بن المعتمد عن علي قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية للأسد فبينما هو كذلك يتدافعون أن سقط رجل فتعلق بآخر ثم تعلق الرجل بآخر حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الأسد فانتدب له رجل بحربة فقتله، وماتوا من جراحتهم كلهم فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر فأخرجوا السلاح فاقتتلوا فأتاهم علي تفئة ذلك فقال: تريدون أن تقتتلوا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي؟ إني أقضي بينكم قضاءً إن رضيتم به فهو القضاء وإلا حجر بعضكم على بعض حتى تأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكون هو الذي يقضي بينكم فمن اعتدى بعد ذلك فلا حق له: اجمعوا من قبائل الذين حضروا البئر ربع الدية وثلث الدية ونصف الدية والدية كاملة فللأول ربع الدية لأنه أهلك من فوقه ثلاثة وللثاني ثلث الدية وللثالث نصف الدية وللرابع الدية كاملة فأبوا أن يرضوا فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عند مقام إبراهيم فقصوا عليه القصة فأجازه - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والبيهقي والبزار (1) وقال: لا نعلم يروى إلا عن علي ولا نعلم له إلا هذه الطريقة وحنش ضعيف وقد وثقه أبو داود وقال في "مجمع الزوائد": وبقية رجاله رجال الصحيح، ورواه أحمد (2) أيضًا بنحو هذا وفيه وجعل الدية على قبائل الذين ازدحموا.
4833 - وعن علي بن رباح اللخمي «أن أعمى كان ينشد في الموسم في
_________
(1) أحمد (1/77) ، البيهقي (8/111) ، البزار (2/306) (732) .
(2) أحمد (1/152) عن حنش أن عليًا.... وذكره.(3/1629)
خلافة عمر بن الخطاب وهو يقول:
يا أيها الناس لقيت منكرًا ... هل يَعْقِلُ الأعمى الصحيح المبصرا
خَرّا معًا كلاهما تكسرا
وذلك أن أعمى كان يقوده بصير فوقعا في بئر فوقع الأعمى على البصير فمات البصير فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى» رواه الدارقطني والبيهقي (1) وفي إسناده انقطاع ويروى أن رجلًا أتى أهل أبيات فاستقاهم فلم يسقوه حتى مات فأغرمهم عمر الدية حكاه أحمد في رواية ابن منصور.
قوله: «زبية» بضم الزاي وسكون الموحدة بعدها تحتية وهي حفرة الأسد. قوله: «على تفئة» بالتاء الفوقية المفتوحة وكسر الفاء ثم همزة مفتوحة وتفئة الشيء: حينه وزمنه.
[31/26] باب أجناس مال الدية وأسنان إبلها
4834 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن من قتل خطأ فديته مائة من الإبل ثلاثون بنت مخاض وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة وعشرة بني لبون ذكورًا» رواه الخمسة إلا الترمذي (2) ، وفي إسناده عمرو بن شعيب وقد تقدم الكلام عليه ومن دونه ثقات إلا محمد بن راشد المكحولي وقد وثقه أحمد وابن معين وضعفه ابن حبان وأبو زرعة.
_________
(1) الدارقطني (3/98) ، البيهقي (8/112) .
(2) أبو داود (4/184) (4541) ، النسائي (8/42، 43) ، ابن ماجه (2/878) (2630) ، أحمد (2/178، 186) .(3/1630)
4835 - وعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «دية الخطأ أخماسًا عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن مخاض ذكر» رواه ابن ماجة (1) وفي إسناده الحجاج بن أرطاة وهو يدلس عن الضعفاء وأخرجه البزار والبيهقي والدارقطني (2) ، وقال: «عشرون بنو لبون» مكان قوله: «عشرون ابن مخاض» رواه كذلك من طريق أبي عبيدة عن أبيه يعني: عبد الله بن مسعود موقوفًا، وقال: إسناد حسن.
4836 - وأخرجه أبو داود والترمذي (3) عن طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه «الدية ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة في بطونها أولادها» وقال في "الخلاصة" بعد أن ساق حديث ابن مسعود: رواه أحمد والأربعة، قال الدارقطني والبيهقي والخطابي في إسناده مجهول وقال الترمذي والبزار: لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وقال عبد الحق: إسناده ضعيف، وقال الدارقطني: حديث ضعيف غير ثابت وصحح وقفه على ابن مسعود.
4837 - وعن عطاء بن أبي رباح «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى» وفي رواية عن عطاء عن جابر قال: «فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدية على أهل الإبل مائة وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشا ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة»
_________
(1) ابن ماجه (2/879) (2631) ، وهو عند أبي داود (4/184) (4545) ، والترمذي (4/10) (1386) ، والنسائي (8/43) ، أحمد (1/384، 450) .
(2) البزار (5/305) (1922) ، الدارقطني (3/172) ، البيهقي (8/74-75) ، ابن أبي شيبة (5/346) .
(3) الترمذي (4/11) (1387) ، ابن ماجه (2/877) (2626) .(3/1631)
رواه أبو داود (1) مسندًا ومرسلًا، وهو من رواية محمد بن إسحاق وقد عنعن، وفي إسناده أيضًا مجهول.
4838 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن من كان عقله في البقرة على أهل البقر مائتي بقرة، ومن كان عقله في الشا ألفي شاة» رواه الخمسة إلا الترمذي (2) وفي إسناده محمد بن راشد المكحولي مختلف في الاحتجاج به.
4839 - وعن عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب يوم فتح مكة فقال: «ألا وإن قتيل الخطأ العمد بالسوط والعصا والحجر دية مغلظة مائة من الإبل منها أربعون من ثنية إلى بازل عامها كلهن خلفة» رواه الخمسة إلا الترمذي وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (3) وساق اختلاف الرواة فيه.
4840 - ويشهد له ما أخرجه أبو داود (4) من حديث ابن عمر نحوه.
4841 - وحديث عباد عند البيهقي (5) وكلاهما ضعيفان.
_________
(1) أخرجه أبو داود (4/184) (4543) مرسلًا، وأخرجه (4/184) (4544) موصولًا.
(2) تقدم قريبًا برقم (4840) وهو عند أبي داود (4/189) (4564) .
(3) أبو داود (4/185، 195) (4547، 4548، 4588، 4589) ، النسائي (8/41) ، ابن ماجه (2/877) (2627) ، أحمد (3/410، 411) ، البخاري في "التاريخ" (6/464) .
(4) أبو داود (4/185) (4549) ، والنسائي (8/42) ، وابن ماجه (2/878) (2628) ، وأحمد (2/11) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر.
(5) لم نعثرعليه.(3/1632)
4842 - وعن عمرو بن حزم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وعلى أهل الذهب ألف دينار» رواه النسائي وصححه في "الخلاصة"، وقد تقدم (1) الكلام عليه مستوفى في أول أبواب الديات.
4843 - وتقدم (2) في حديث عمرو بن شعيب عند أبي داود وفيه: «كانت قيمة الدية على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمان مائة دينار وثمانية آلاف درهم» .
4844 - وعن ابن عباس «أن رجلًا قتل فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ديته اثني عشر ألفًا» رواه الخمسة إلا أحمد (3) قال النسائي وأبو حاتم وعبد الحق مرسلًا أصح، ومال ابن الجوزي إلى تصحيح رواية الرفع، وأعل ابن حزم طريقه بمحمد بن مسلم الطائفي، وقال: إنه ساقط لا يحتج بحديثه، وقد أخرج له مسلم واستشهد به البخاري ووثق، وقال في طريق الإرسال: إنه المشهور وإن المرسل ليس بحجة.
قوله: «خلفة» بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام بعدها فاء وهي الحامل.
[31/27] باب ماجاء في العاقلة وما تحمله.
4845 - عن أبي هريرة قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتًا بغرة وفيه أن العقل على عصبتها» وفي رواية: «قضى بدية المرأة
_________
(1) تقدم في أول أبواب الديات [31/19] ، حديث رقم (4812) .
(2) تقدم برقم (4822) .
(3) أبو داود (4/185) (4546) ، والنسائي (8/44) ، والترمذي (4/12) (1388) ، وابن ماجه (2/878، 879) (2629، 2632) عن عكرمة موصولًا، وأخرجه الترمذي (4/12) (1389) ، والنسائي (8/44) .(3/1633)
على عاقلتها» متفق عليهما. وقد تقدم (1) الحديث في باب دية الجنين.
4846 - وعن جابر قال: «كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - على كل بطن عقولة ثم كتب أنه لا يحل أن يتوالا مولى رجل مسلم بغير إذنه» رواه أحمد ومسلم والنسائي (2) .
4847 - وعن عبادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قضى في الجنين المقتول بغرة عبد أو أمة قال: فورثها بعلها وبنوها قال: وكان من امرأتيه كليهما ولد، فقال أبو القاتلة المقضي عليه: يا رسول الله! كيف أغرم من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل فمثل ذلك يُطل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا من الكهان» رواه عبد الله بن أحمد في المسند (3) وقد تقدم (4) ما يشهد له.
4848 - وعن جابر: «أن امرأتين من هذيل قتلت إحداهما الأخرى ولكل واحد منهما زوج وولد فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دية المقتولة على عاقلة القاتلة وبرأ زوجها وولدها قال: فقال عاقلة المقتولة ميراثها لنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا ميراثها لزوجها وولدها» رواه أبو داود وأخرجه ابن ماجة (5) وصححه النووي في الروضة وتعقب بأن في إسناده مجالد لا يحتج به.
_________
(1) تقدم برقم (4827) .
(2) أحمد (3/321، 342، 349) ، مسلم (2/1146) (1507) ، النسائي (8/52) ، أبو يعلى (4/160) (2228) ، ابن الجارود (1/197) (779) .
(3) عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/326) ، وأخرجه ابن ماجه (2/883) (2643) مختصرًا.
(4) تقدم برقم (4829) من حديث المغيرة.
(5) أبو داود (4/192) (4575) ، ابن ماجه (2/884) (2648) .(3/1634)
4849 - ولأبي داود وابن ماجة (1) من حديث أبي هريرة نحوه.
4850 - وعن عمران بن حصين «أن غلامًا لأناس فقراء قطع أذن غلام لأناس أغنياء فأتى أهله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله! إنا أناسٌ فقراء فلم يجعل عليه شيئًا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة (2) ، وصحح الحافظ إسناده في "بلوغ المرام".
4851 - وعن عمرو بن الأحوص «أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجني جانٍ إلا عن نفسه ولا يجني والد عن ولده ولا مولود على والده» رواه أحمد والترمذي (3) وصححه ابن ماجة ورجال إسناده ثقات إلا سليمان بن عمرو بن الأحوص وهو مقبول.
4852 - وعن الخشخاش العنبري قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعي ابن لي فقال: ابنك هذا؟ فقلت: نعم، قال: لا يجني عليك ولا تجني عليه» رواه أحمد وابن ماجة (4) وله طرق رجال أسانيدها ثقات.
4853 - وعن أبي رمثة قال: «خرجت مع أبي حتى أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيت برأسه ردع حنا وقال لأبي: هذا ابنك قال: نعم، أما إنه لا يجني
_________
(1) تقدم برقم (4827) .
(2) أحمد (4/438) ، أبو داود (4/196) (4590) ، النسائي (8/25) ، الدارمي (2/254) (2368) .
(3) أحمد (3/498) ، الترمذي (5/273) (3087) ، ابن ماجه (2/890، 1015) (2669، 3055) .
(4) أحمد (4/344، 345، 5/81) ، ابن ماجه (2/890) (2672) .(3/1635)
عليك ولا تجني عليه، وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)) [الإسراء:15] » رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه وصححه ابن خزيمة وابن الجارود والحاكم (1) .
4854 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه» رواه النسائي (2) ورجاله رجال الصحيح.
4855 - وعن رجل من بني يربوع قال: «أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يكلم الناس فقام إليه الناس فقالوا: يا رسول الله! هؤلاء بنو فلان الذين قتلوا فلانًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تجني نفس على نفس» رواه أحمد والنسائي (3) ورجال أحمد رجال الصحيح.
4856 - وعن عمر قال: «العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تعقله العاقلة» رواه الدارقطني (4) بإسناد منقطع.
4857 - وحكى أحمد (5) عن ابن عباس مثله.
4858 - وقال الزهري: «مضت السنة أن العاقلة لا تحمل شيئًا من دية
_________
(1) أحمد (2/226، 227، 4/163) ، أبو داود (4/168) (4495) ، النسائي (8/53) ، الترمذي في "الشمائل" (45) ، ابن الجارود (1/194) (770) ، الحاكم (2/461) ، ابن حبان (13/337) (5995) .
(2) النسائي (7/127) ، البزار (2/202-كشف الأستار) .
(3) أحمد (5/377) ، النسائي (8/54) .
(4) الدارقطني (3/177) ، البيهقي (8/104) .
(5) البيهقي (8/104) .(3/1636)
العمد إلا أن يشاءوا» رواه عنه مالك في الموطأ (1) .قوله: «الخشخاش» بخائين معجمتين مفتوحتين وشينين معجمتين.
... قوله: «أبي رمثة» بكسر الراء المهملة وبعدها ميم ساكنة وتاء مثلثة. قوله: «ردع» بفتح الراء وسكون الدال المهملة بعدها عين مهملة هو لطخ من زعفران أو حنا. قوله: «بجريرة» بجيم فراء فتحتية فراء فهاء تأنيث: وهي الذنب والجناية.
[31/28] باب ما جاء في جناية الطبيب
4859 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يرفعه، قال: «من تطبب ولم يكن بالطب معروفًا فهو ضامنٌ» أخرجه الدارقطني وصححه الحاكم وهو عند أبي داود والنسائي وغيرهم إلا أن من أرسله أقوى ممن وصله، وقال أبو داود: هذا لم يروه إلا الوليد بن مسلم لا ندري هو صحيح أم لا انتهى، وقد تقدم (2) في كتاب الإجارة.
* * *
_________
(1) مالك (2/865) ، ومن طريقه ابن أبي شيبة (5/405) (27434) .
(2) تقدم برقم (3844) .(3/1637)
[32] كتاب الحدود
[32/1] باب ما جاء في رجم الزاني المحصن وجلد البكر وتغريبه
4860 - عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل دم امرءٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» رواه الجماعة (1) .
4861 - وعن أبي هريرة وزيد بن خالد أنهما قالا: «إن رجلًا من الأعراب أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله، وقال الخصم الآخر -وهو أفقه منه-: نعم فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي يا رسول الله، قال: قل، قال: إن ابني كان عسيفًا على هذا فزنا بامرأته وإني أُخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاةٍ ووليدة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وإن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم رد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أُنيس -لرجل من أسلم- إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها، قال: فغدا عليها فاعترفت، فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجمت» رواه الجماعة (2) .
_________
(1) سيأتي برقم (5074) .
(2) البخاري (2/959، 971، 6/2446، 2502، 2508، 2510، 2515، 2631) (2549، 2575، 6258، 6440، 6446، 6451، 6467، 6770) ، مسلم (3/1324-1325، = = 1326) (1697، 1698) ، أبو داود (4/153) (4445) ، النسائي (8/240، 241) ، الترمذي (4/39) (1433) ، ابن ماجه (2/852) (2549) ، أحمد (4/115) ، مالك (2/822) ، الدارمي (2/232) (2317) ، ابن حبان (10/282-283) (4437) .(3/1638)
4862 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيمن زنا ولم يحصن بنفي عام وإقامة الحد عليه» رواه أحمد والبخاري (1) .
4863 - وعن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب وغرّب، وأن أبا بكر ضرب وغرّب» رواه الترمذي (2) ورجاله ثقات.
4864 - وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهنّ سبيلًا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي (3) .
4865 - وعن الشعبي «أن عليًا حين رجم المرأة ضربها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والبخاري (4) ، وعزاه إلى البخاري أيضًا في "جامع الأصول" وغيره، وذكر الحديث في "الخلاصة"، وقال: رواه النسائي والحاكم، وقال: إسناده صحيح،
_________
(1) أحمد (2/453) ، البخاري (6/2508) (6444) .
(2) الترمذي (4/44) (1438) ، والحاكم (4/410) ، والنسائي في "الكبرى" (4/323) .
(3) مسلم (3/1316) (1690) ، أبو داود (4/144) (4415، 4416) ، الترمذي (4/41) (1434) ، ابن ماجه (2/852) (2550) ، أحمد (5/313، 317) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/270، 6/320) ، ابن حبان (10/273) (4427) ، والدارمي (2/236) (2327) ، والشافعي (1/164) ، وابن أبي شيبة (7/285) .
(4) أحمد (1/93، 107، 116، 121، 140، 141، 143، 153) ، والبخاري (6/2498) (6427) ، والحاكم (4/405) ، والدارقطني (3/123، 124) ، البيهقي (8/220) .(3/1639)
وعزاه غير واحد إلى البخاري، وتوقف في ذلك الضياء المقدسي وما أحسنه، انتهى. قلت: والذي في البخاري في كتاب الحدود ما لفظه: «سمعت الشعبي يحدث عن علي حين رجم المرأة يوم الجمعة، وقال: قد رجمتها بسنة رسول الله» انتهى.
4866 - وعن جابر بن عبد الله «أن رجلًا زنى بامرأة فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فجلد الحد، ثم أخبر به أنه مُحصن فأمر به فرجم» رواه أبو داود (1) وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح.
4867 - وعن جابر بن سمرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعز بن مالك، ولم يذكر جلدًا» رواه أحمد والبيهقي والبزار (2) ، وقال في "مجمع الزوائد": في إسناده صفوان بن المغلس لم أعرفه، وبقية إسناده ثقات انتهى.
قوله: «عسيفًا» بفتح العين المهملة وكسر السين المهملة بعدها تحتية وفاء: هو الأجير وزنًا ومعنى، وقد وقع في رواية للنسائي (3) بلفظ: «كان ابني أجيرًا لامرأته» .
[32/2] باب ما جاء في رجم المحصن من أهل الكتاب
وأن الإسلام ليس شرط في الإحصان
4868 - عن ابن عمر «أن اليهود أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل وامرأة منهم قد
_________
(1) أبو داود (4/151) (4438، 4439) ، وهو عند ابن الجارود (1/208) (818) ، والنسائي في "الكبرى" (4/293) ، والدارقطني (3/169) ، والطبراني في "الأوسط" (6/321) .
(2) أحمد (5/92، 95، 96، 108) ، البيهقي (8/212) ، البزار (1556-كشف الأستار) ، ولكنه بغير هذا السياق، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/139) ، وابن أبي شيبة (5/541) ، والطيالسي (1/105) ، والطبراني في "الكبير" (2/232، 235) .
(3) النسائي في "الكبرى" (4/286) .(3/1640)
زنيا، قال: ما تجدون في كتابكم، قالوا: نسخم وجوههما ويخزيان، قال: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فجاؤوا بالتوراة وجاؤوا بقارٍ لهم فقرء حتى إذا انتهى إلى موضع منها وضع يده عليه، فقيل له: إرفع يدك فرفع يده فإذا هي تلوح، فقال أو قالوا: يا محمد إن فيها الرجم ولكنا كنا نتكاتمه بيننا فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجما، قال: فلقد رأيته يحني عليها يقيها الحجارة بنفسه» متفق عليه (1) ، وفي رواية أحمد (2) : «بقارٍ لهم أعور يُقال له: ابن صوريا» .
4869 - وعن جابر بن عبد الله قال: «رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أسلم ورجلًا من اليهود وامرأة» رواه أحمد ومسلم (3) .
4870 - وعن البراء بن عازب قال: «مُرَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بيهودي محمم مجلود فدعاهم، فقال: أهكذا تجدون حدَّ الزنا في كتابكم، قالوا: نعم، فدعى رجلًا من علمائهم، فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حدّ الزنا في كتابكم؟ قال: لا، ولولا أنك أنشدتني بهذا لم أخبرك، نجد الرجم، ولكن كثُر في أشرافنا، وكُنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه
_________
(1) البخاري (6/2742) (7104) وفروعه (1/446، 3/1330، 4/1660، 6/2510، 2672) (1264، 3436، 4280، 6450، 6901) ، مسلم (3/1326) (1699) ، أحمد (2/7، 63، 76، 126) ، وأبو داود (4/153) (4446) ، والترمذي (4/43) (1436) ، ومالك (2/819) ، والدارمي (2/233) (2321) ، وابن حبان (10/279، 280) (4434، 4435) .
(2) أحمد (2/5) .
(3) أحمد (3/321) ، مسلم (3/1328) (1701) ، أبو داود (4/157) (4455) .(3/1641)
الحد، فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم إني أولُ من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأمر به فرُجم، فأنزل الله عز وجل ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا)) إلى قوله: ((إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ)) [المائدة:41] يقولوا: ائتوا محمدًا فإن أمركم بالتحميم والحد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروه، فأنزل الله: ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) [المائدة:44] ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) [المائدة:45] ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) [المائدة:47] قال: في الكفار كلها» ، رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) .
قوله: «نسخم» بسين مهملة ثم خاء معجمة، أي: نسود وجوههما، والأسخم الأسود. قوله: «يجني عليها» بفتح أوله وسكون الجيم، وفتح النون بعدها همزة (2) أي يكب عليها يقيها من الحجارة، وفي "غريب جامع الأصول" نقل عن "معالم السنن" للخطابي أن لفظه يحني بالحاء المهملة، أي: يكب، يُقال حنى الرجل يحنى حنوًا إذا أكب على الشيء واستشهد بقوله كثير عزة:
ولو شهدت عليه غداة تيم ... حنو العائذات على وسادي
_________
(1) أحمد (4/286، 290، 300) ، مسلم (3/1327) (1700) ، أبو داود (4/154) (4447، 4448) ، ابن ماجه (2/780، 855) (2327، 2558) ، والنسائي في "الكبرى" (4/294، 6/334) .
(2) هكذا في الأصل ولعله بالحاء المهملة كما أورده المؤلف بعد هذا.(3/1642)
ثم قال ولعل رواية أبي داود كذلك، وأما رواية الباقين، فإنما هي بالجيم انتهى، وفي الضياء أن الرواية في بيت عزة بالجيم.
قوله: «محمم» بضم الميم الأولى، وفتح الحاء المهملة، أي: مسود الوجه والتحميم التسويد.
[32/3] باب حجة من اشترط تكرار الإقرار أربعًا
وحجة من لم يشترط ذلك
4871 - عن أبي هريرة قال: «أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد فناداه، فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبك جنون؟ قال: لا، قال: فهل أُحصنت؟ قال: نعم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اذهبوا به فارجموه، قال ابن شهاب: فأخبرني من سمع جابر بن عبد الله، قال: كنتُ فيمن رجمه، فرجمناه بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة هرب، فأدركناه بالحرة فرجمناه» متفق عليه (1) ، وهو دليل على أن الإحصان يثبت بالإقرار مرة، وأن الجواب بنعم إقرار.
4872 - وعن جابر بن سمرة قال: «رأيت ماعز بن مالك حين جيء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو رجل قصير أعظل ليس عليه رداء، فشهد على نفسه أربع مرات أنه زنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلعلك، قال: لا والله إنه قد زنا الآخر فرجمه» رواه
_________
(1) البخاري (5/2020، 6/2499، 2500، 2621) (4970، 6430، 6434، 6747) ، مسلم (3/1318) (1691) ، أحمد (2/453) .(3/1643)
مسلم وأبو داود (1) ، ولأحمد (2) «أن ماعزًا جاء فأقر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع مرات فأمر برجمه» .
4873 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لماعز بن مالك: «أحق ما بلغني عنك؟ قال: وما بلغك عني، قال: بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان، قال: نعم، فشهد أربع شهادات فأمر به فرجم» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي (3) وصححه، وفي رواية قال: «جاء ماعز بن مالك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعترف بالزنا مرتين فطرده، ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين، فقال: شهدت على نفسك أربع مرات اذهبوا به فارجموه» رواه أبو داود (4) .
4874 - وعن أبي بكر الصديق قال: «كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء ماعز بن مالك فاعترف عنده مرة فرده، ثم جاء فاعترف عنده الثانية فرده، ثم جاء فاعترف عنده الثالثة فرده، فقلت له: إنك إن اعترفت الرابعة رجمك، قال: فاعترف الرابعة فحبسه، ثم سأل عنه، فقالوا: ما نعلم إلا خيرًا، قال: فأمر برجمه» رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني (5) ، وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف.
_________
(1) مسلم (3/1319) (1692) ، أبو داود (4/146، 147) (4422، 4423) ، ابن حبان (10/281) (4436) .
(2) أحمد (5/86، 87، 102، 103) .
(3) أحمد (1/245، 314، 328) ، مسلم (3/1320) (1693) ، أبو داود (4/147) (4425) ، الترمذي (4/35) (1427) .
(4) أبو داود (4/147) (4426) .
(5) أحمد (1/8) (41) ، أبو يعلى (1/42) (40) ، البزار (1554- كشف الأستار) ، الطبراني في "الأوسط" (3/80) (2553) .(3/1644)
4875 - وعن بريدة قال: «كنا نتحدث أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الغامدية وماعز لو رجعا بعد اعترافهما أو قال: لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما، وإنما رجمهما بعد الرابعة» رواه أبو داود (1) ، وأخرج نحوه النسائي (2) ، وفي إسناده بشير بن مهاجر الكوفي الغنوي، وقد أخرج له مسلم ووثقه يحيى بن معين، وقال أحمد: منكر الحديث يجيء بالعجائب مرجئي متهم.
4876 - وعنه قال: «كنا نتحدث أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ماعز بن مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يرجمه، وإنما رجمه عند الرابعة» رواه أحمد (3) ، ومن لم يشترط تكرار الإقرار أربعًا أجاب عن هذه الأحاديث أن ذلك وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - للاستثبات وأورد الأحاديث الآخرة التي فيها الأمر بالرجم من دون تكرار الإقرار حديث العسيف المتقدم (4) فإن فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» .
4877 - وبما أخرجه مسلم والترمذي من حديث عبادة بن الصامت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم امرأة من جهينة، ولم تقر إلا مرة واحدة» وسيأتي (5) الحديث في باب تأخير الرجم عن الحبلى.
_________
(1) أبو داود (4/149) (4434) .
(2) أخرج نحوه النسائي في "الكبرى" (4/278) (7167) .
(3) أحمد (5/120) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/143) .
(4) المتقدم أول كتاب الحدود برقم: (4867) .
(5) تقدم برقم (2227) ، وسيعيده برقم (4921) ، من حديث عمران بن حصين وليس عبادة بن الصامت.(3/1645)
4878 - وحديث بريدة الذي سيأتي (1) هنالك فإن فيه: «أنه - صلى الله عليه وسلم - رجمها قبل أن تقر أربعًا» .
4879 - وما أخرجه أبو داود والنسائي (2) من حديث خالد بن اللجلاج عن أبيه «أنه كان قاعدًا يعمل في السوق فمرت امرأة تحمل صبيًا وثار الناس معها وثرت فيمن ثار، وانتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: من أبو هذا معك؟ فسكتت، فقال شاب: خذوها أنا أبوه يا رسول الله، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بعض من حوله يسألهم عنه، فقالوا: ما علمنا إلا خيرًا فأمر به فرجم» .
4880 - وقد تقدم (3) حديث الذي أقر بأنه زنا بامرأة وأنكرت وسيأتي (4) في باب ما جاء في حد من أقر بالزنا بامرأة تنكره، ولم يذكر فيه تكرار الإقرار.
4881 - ومن ذلك حديث الرجل الذي ادعت المرأة أنه وقع عليها فأمر برجمه، ثم قام آخر فاعترف أنه الفاعل، ففي رواية أنه رجمه، وفي رواية أنه عفى عنه أخرجه الترمذي والنسائي (5) .
4882 - ومن ذلك حديث اليهوديين (6) فإنه لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كرر
_________
(1) سيأتي برقم (4920) .
(2) سيأتي برقم (4919) .
(3) لم أجده فيما تقدم، وإنما الذي تقدم هو حديث جابر رقم (4872) .
(4) سيأتي هذا الباب [32/9] وفيه حديثين.
(5) الترمذي (4/56) (1454) ، أبو داود (4/134) (4379) ، النسائي في "الكبرى" (4/313-314) (7311) ، أحمد (6/399) من حديث وائل بن حجر.
(6) ينظر الحديث رقم (4874) .(3/1646)
عليهما الإقرار قالوا ولو كان تربيع الإقرار شرطًا لمّا تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذه الواقعات التي يترتب عليها سفك الدماء وهتك الحرم.
[32/4] باب ما جاء في استفسار المقر بالزنا واعتبار تصريحه بما لا تردد فيه
4883 - عن ابن عباس قال: «لما أتى ماعز بن مالك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت، قال: لا يا رسول الله، قال: أفنكتها -لا يُكني- قال: نعم، فعند ذلك أمر برجمه» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (1) .
4884 - وعن أبي هريرة قال: «جاء الأسلمي إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حرامًا أربع مرات كل ذلك يعرض عنه فأقبل عليه في الخامسة فقال: أنكتها، قال: نعم، قال: كما يغيب المرود في المكحلة والرشى في البئر، قال: نعم، قال: فهل تدري ما الزنا، قال: نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالًا، قال: فما تريد بهذا القول، قال: أريد أن تطهرني فأمر به فرجم» رواه الدارقطني والنسائي (2) ، وفي إسناده ابن الهضهاض، ذكره البخاري في "تاريخه"، وحكى الخلاف فيه، وذكر له هذا الحديث، وقال: حديثه في أهل الحجاز ليس يعرف إلا بهذا الواحد، ورواه أبو داود (3) وفيه: «فأمر به فرجم، فسمع النبي
_________
(1) أحمد (1/238، 255، 270، 289، 325) ، البخاري (6/2502) (6438) ، أبو داود (4/147) (4427) .
(2) الدارقطني (3/196) ، النسائي في "الكبرى" (4/276، 277)
(3) أبو دود (4/148) (4428) ، وابن حبان (10/244-245) (4399) ، وابن الجارود (1/206) (814) .(3/1647)
- صلى الله عليه وسلم - رجلين من أصحابه، يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى يرجم رجم الكلب فسكت عنهما ثم سار ساعة حتى مرّ بجيفة حمار شائل برجله، فقال: أين فلان وفلان، فقالا: نحن ذان يا رسول الله، فقال: انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار، فقالا: يا نبي الله من يأكل من هذا، قال: ما نلتما من عرض أخيكما آنفًا أشد من أكل منه والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها» .
قوله: «المرود» بكسر الميم هو الميل و «الرشى» بكسر الراء هو الحبل.
[32/5] باب في الرجل يصيب من المرأة ما دون الجماع
4885 - عن أنس قال: «كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل، فقال: يا رسول الله! إني أصبت حدًا فأقمه علي ولم يسأله، قال: وحضرت الصلاة فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قضى الصلاة قام إليه الرجل، فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًا فأقم فيّ كتاب الله، قال: أليس قد صليت معنا، فقال: نعم، قال: فإن الله عز وجل قد غفر ذنبك أو حدك» أخرجاه (1) .
4886 - ولأحمد ومسلم (2) من حديث أبي أمامة نحوه.
4887 - وعن ابن مسعود: «أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فنزلت: ((وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ))
_________
(1) البخاري (6/2501) (6437) ، مسلم (4/2117) (2764) .
(2) أحمد (5/251، 262، 265) ، مسلم (4/2117) (2765) ، أبو داود (4/135) (4381) ، ابن خزيمة (1/160) (311) ، والنسائي في "الكبرى" (4/315) .(3/1648)
[هود:114] الآية فقال الرجل: يا رسول الله ألي هذا، قال: لمن عمل بها من أمتي» أخرجاه (1) ، وفي رواية: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني عالجت امرأة من أقصى المدينة، فأصبت منها ما دون أن أمسها فأنا ذا ها فأقم علي ما شئت، فقال عمر: لقد ستر الله عليك لو سترت على نفسك، فلم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فانطلق الرجل فأتبعه النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا فدعاه فتلى عليه ((وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)) [هود:114] فقال رجل من القوم: أله خاصة أم للناس عامة، فقال: للناس كافة» رواه مسلم والنسائي والترمذي وأبو داود واللفظ له (2) .
قوله: «حدًا» قال في "النهاية": أي أصبت ذنبا أوجب علي حدا، أي: عقوبة.
[32/6] باب ما يذكر في الرجوع عن الإقرار
4888 - عن أبي هريرة قال: «جاء ماعز الأسلمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه قد زنا فأعرض عنه، ثم جاءه من شقه الآخر، فقال: إنه قد زنا، فأعرض عنه، ثم جاءه من شقه الآخر، فقال: يا رسول الله! إنه قد زنا، فأمر به في
_________
(1) البخاري (1/196، 4/1727) (503، 4410) ، مسلم (4/2115-2116) (2763) ، أحمد (1/385، 430) ، الترمذي (5/291) (3114) ، ابن ماجه (1/447، 2/1421) (1398، 4254) ، ابن حبان (5/18-19) (1729) ، ابن خزيمة (1/161) (312) ، النسائي في "الكبرى" (1/144) ، أبو يعلى (9/156) (5240) .
(2) مسلم (4/2116) (2763) ، النسائي في "الكبرى" (4/316) ، الترمذي (5/289) (3112) ، أبو داود (4/160) (4468) ، ابن خزيمة (1/162) (313) ، ابن حبان (5/20) (1730) ، أحمد (1/445، 449) .(3/1649)
الرابعة فأخرج إلى الحرة فرجم بالحجارة، فلما وجد مس الحجارة فرّ يشتد حتى مرّ برجل معه لحى جمل فضربه وضربه الناس حتى مات، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه فرّ حين وجد مس الحجارة ومس الموت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هلا تركتموه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي (1) ، وقال: حسن.
4889 - وعن جابر في قصة ماعز قال: «كنت فيمن رجم الرجل إنه لما وجد مس الحجارة صرخ بنا ردوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قومي قتلوني وغروني من نفسي وأخبروني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير قاتلي فلم ننزع عنه حتى قتلناه فلما رجعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه، قال: فهلا تركتموه وجئتموني به ليتثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأما ترك حد فلا» رواه أبو داود والنسائي (2) وأشار إليه الترمذي (3) وفي إسناده محمد بن إسحاق ورواه أبو داود (4) من طريق يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه وساق قصة ماعز وفي آخره، فقال يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه» قال عبد الحق: إسناده لا يحتج به.
[32/7] باب ما جاء أن الحد لا يجب بالتهم وأنه يسقط بالشبهات.
4890 - عن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا عن بين العجلاني وامرأته
_________
(1) أحمد (2/286-287، 450) ، ابن ماجه (2/854) (2554) ، الترمذي (4/36) (1428) ، ابن الجارود (1/208) (819) ، ابن حبان (10/287) (4439) ، الحاكم (4/404) ، النسائي في "الكبرى" (4/290) .
(2) أبو داود (4/145) (4420) ، النسائي في "الكبرى" (4/291) ، أحمد (3/381) .
(3) وأشار إليه الترمذي بعد الحديث (1428) .
(4) أبو داود (4/145) (4419) ، النسائي في "الكبرى" (4/290) (7205) .(3/1650)
فقال شداد بن الهاد: هي المرأة التي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمت فلانة فقد ظهر منها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها» رواه ابن ماجة (1) ورجال إسناده رجال الصحيح إلا العباس بن الوليد الدمشقي وهو صدوق، وزيد بن يحيى بن عبيد ثقة وقد تقدم (2) : «لولا الأيمان لكان لي ولها شأن» عند أحمد وللبخاري (3) : «لولا ما مضى من كتاب الله» إلخ كما تقدم.
4891 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعًا» رواه ابن ماجة (4) بإسناد ضعيف.
4892 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ادرءوا الحدود عن
_________
(1) "المصنف" هنا جمع بين حديثين أحدهما الذي عند ابن ماجه (2/855) (2559) وهو الشطر الأخير من هذا الحديث من عند قوله: «لو كنت راجمًا....» ، وأما الشطر الأول وهو «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وامرأته فقال شداد ابن الهاد: هي المرأة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمتها؟ قال: لا، تلك امرأة كانت قد أعلنت في الإسلام» وهو عند البخاري (6/2513، 2644) (6463، 6811) ، ومسلم (2/1135) (1497) ، وأحمد (1/335) .
(2) تقدم بهذا اللفظ برقم (4605) .
(3) تقدم بهذا اللفظ برقم (4603) .
(4) ابن ماجه (2/850) (2545) .(3/1651)
المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطي في العفو خير من أن يخطي في العقوبة» رواه الترمذي (1) وفي إسناده يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف لا سيما، وقد رواه وكيع عنه موقوفًا وقال الترمذي: أنه أصح، قال وقد روي عن غير واحد من الصحابة أنهم قالوا مثل ذلك وأخرجه الحاكم وصححه والبيهقي بإسناد ضعيف.
4893 - وروى البيهقي (2) عن علي من قوله: «ادرءوا الحدود بالشبهات» .
4894 - وقد روي مرفوعًا من حديث ابن عباس في مسند أبي حذيفة (3) .
4895 - وكذا أخرجه ابن عدي (4) عن عمر مرفوعًا وفي سنده من لا يعرف.
4896 - وعن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: «كان فيما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده فأخشى أن طال بالناس الزمان أن يقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساء وقامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف» رواه الجماعة إلا النسائي (5) .
_________
(1) الترمذي (4/33) (1424) ، الحاكم (4/426) ، البيهقي (8/238) ، ابن أبي شيبة (5/512) .
(2) البيهقي (8/238) ، الدارقطني (3/84) .
(3) ذكره الحافظ في التلخيص (4/105) .
(4) لم نجده، وهو عند ابن أبي شيبة (5/511) موقوفا.
(5) البخاري (6/2503-2505) (6442) ، مسلم (3/1317) (1691) ، أبو داود (4/144) (4418) ، الترمذي (4/38) (1432) ، ابن ماجه (2/853) (2553) ، أحمد (1/23، 24، 40، 47، 55) ، ابن حبان (2/145-147) (413) ، والنسائي في "الكبرى" (4/273، 274) .(3/1652)
[32/8] باب العفو عن الحدود ما لم يبلغ السلطان.
4897 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب» رواه أبو داود والنسائي (1) وفي إسناده عمرو بن شعيب والجمهور على الاحتجاج به.
4898 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألم فليستتر بستر الله وليتب إلى الله فإنه من يبدو لنا صفحته نقم عليه كتاب الله عز وجل» رواه الحاكم (2) وهو في "الموطأ" (3) من مرسل زيد بن أسلم، وقال في "الخلاصة": قال ابن عبد البر لا أعلم من أسند هذا اللفظ بوجه من الوجوه، قلت: أسنده الحاكم والبيهقي من رواية ابن عمر بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم انتهى.
[32/9] باب ما جاء في حد من أقر بالزنا بامرأة منكرة
وأن إنكارها لا يكون شبهة في ترك حده
4899 - عن سهل بن سعد «أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه قد زنا بامرأة سماها فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعاها فسألها عما قال، فأنكرت فحده
_________
(1) أبو داود (4/133) (4376) ، النسائي (8/70) ، الحاكم (4/424) ، الدارقطني (3/113) .
(2) الحاكم (4/272، 425) ، البيهقي (8/326) .
(3) مالك في "الموطأ" (2/825) (1508) ، البيهقي (8/326) .(3/1653)
وتركها» رواه أحمد وأبو داود (1) وفي إسناده عبد السلام بن حفص بن مصعب المدني، قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بمعروف.
4900 - وعن ابن عباس «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقر أنه زنا بامرأة أربع مرات فجلده مائة وكان بكرًا ثم سأله البينة على المرأة فقالت: كذب والله يا رسول الله فجلده حد الفرية ثمانين» رواه أبو داود والنسائي (2) وقال: هذا حديث منكر، وقال المنذري: في إسناده القاسم بن فياض الأنباري الصعاوي تكلم فيه غير واحد، وقال ابن حبان: بطل الاحتجاج به.
[32/10] باب الحث على إقامة الحد إذا ثبت
والنهي عن الشفاعة فيه بعد بلوغه الإمام أو الحاكم
4901 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «حد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحًا» رواه ابن ماجة والنسائي (3) ، وقال: «ثلاثين» ، وفي إسناده جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي وهو ضعيف منكر الحديث وأخرج الحديث أحمد بالشك فيهما.
_________
(1) أحمد (5/339) ، أبو داود (4/150، 159) (4437، 4466) ، الحاكم (4/411) .
(2) أبو داود (4/159) (4467) ، النسائي في "الكبرى" (4/324) ، وهو عند الحاكم (4/411) ، وابن الجارود (1/217) (851) .
(3) ابن ماجه (2/848) (2538) ، وابن حبان (10/244) (4398) ، والطبراني في "الصغير" (2/166) ، وأبو يعلى (10/496) (6111) ، والبخاري في "التاريخ" (2/212) بلفظ: «أربعين صباحًا» ، وأخرجه النسائي (8/75) ، وأحمد (2/402) ، وابن الجارود (1/203) (801) بلفظ: «ثلاثين صباحًا» ، وأخرجه أحمد (2/362) بالشك بينهما.(3/1654)
4902 - وأخرج نحوه الطبراني في "الأوسط" (1) من حديث ابن عباس بلفظ: «وحد يقام في الأرض بحقه أزكى من مطر أربعين صباحًا» قال في "مجمع الزوائد": وفي إسناده رزيق بن السحب ولم أعرفه.
4903 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد الله في أمره» رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه والطبراني (2) بإسناد جيد.
4904 - وابن أبي شيبة (3) عنه من وجه آخر صحيح موقوفًا عليه.
4905 - وأخرج نحوه الطبراني في "الأوسط" (4) عن أبي هريرة مرفوعًا وقال: «فقد ضاد الله في ملكه» .
4906 - وعن عائشة قالت: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا أيها الناس إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدَّ» أخرجاه وسيأتي (5) إن شاء الله تعالى حديث عائشة في قصة المخزومية التي سرقت وشفع فيها أسامة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - له: «أتشفع في حد من حدود الله» أخرجاه.
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (5/92) ، وأخرجه الطبراني في "الكبير" (11/337) بلفظ: «أربعين عامًا» .
(2) أحمد (2/70، 82) ، أبو داود (3/305) (3597) ، الحاكم (4/424) ، البيهقي (6/82) ، الطبراني في "الكبير" (12/270) .
(3) ابن أبي شيبة (5/473) (28079) .
(4) الطبراني في "الأوسط" (8/252) (8552) .
(5) سيأتي برقم (4992، 5004) .(3/1655)
4907 - وعن صفوان بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له «لما أراد أن يقطع الذي سرق رداءه فشفع فيه: هلا كان قبل أن تأتيني به» رواه أحمد والأربعة وصححه الحاكم وابن الجارود (1) .
4908 - وقد تقدم (2) حديث: «فما بلغني فقد وجب» .
[32/11] باب مشروعية بداية الشاهد بالرجم
وبداية الإمام به إذا ثبت بالإقرار
4909 - عن عامر الشعبي قال: «كان لشراحة زوج غائب بالشام وأنها حملت فجاء بها مولاها إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال: إن هذه زنت فاعترفت فجلدها يوم الخميس مائة ورجمها يوم الجمعة وحفر لها إلى السُّرة وأنا شاهد ثم قال: إن الرجم سنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو كان شهد على هذا أحد لكان أول من يرمي الشاهد يشهد ثم يتبع شهادته حجرة ولكنها أقرت فأنا أول من رماها فرماها بحجر ثم رمى الناس وأنا فيهم فكنت والله فيمن قتلها» رواه أحمد والنسائي والحاكم وأصله في صحيح البخاري (3) بدون ذكر الحفر وما بعده.
[32/12] باب ما جاء في الحفر للمرجوم
4910 - عن أبي سعيد قال: «لما أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نرجم ماعز بن مالك خرجنا به إلى البقيع فوالله ما حفرنا له ولا أوثقناه ولكن قام لنا فرميناه بالعظام والخزف فاشتكى فخرج يشتد حتى انتصب لنا في عرض الحرة فرميناه
_________
(1) سيأتي برقم (4987) .
(2) تقدم برقم (4903) .
(3) تقدم برقم (4871) .(3/1656)
بجلاميد الجندل حتى سكت» .
4911 - وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: «جاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله! إني قد زنيت فطهرني وإنه ردها، قالت: يا رسول الله لم ترددني لعلك ترددني كما رددت ماعز فوالله إني لحبلى، قال: أما لا فاذهبي حتى تلدي، فلما ولدته أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: يا رسول الله! قد فطمته وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها، فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح الدم على وجه خالد فسبها، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - سبه إياها فقال: مهلًا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له، ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت» رواهما أحمد ومسلم وأبو داود (1) .
4912 - وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه «أن ماعز بن مالك الأسلمي أتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني زنيت وإني أريد أن تطهرني فرده فلما كان الغد أتاه، فقال: يا رسول الله إني زنيت فرده الثانية، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل تعلمون بعقله باسًا تنكرون منه شيئًا قالوا: ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا فيما نرى، فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضًا فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله
_________
(1) حديث أبي سعيد عند أحمد (3/61-62) ، ومسلم (3/1320) (1694) ، وأبي داود (4/149) (4431) ، والدارمي (2/233) ، والنسائي في "الكبرى" (4/288) ، وابن أبي شيبة (5/539) ، والبيهقي (8/220) ، وحديث بريدة عند أحمد (5/347، 348) ، ومسلم (3/1323) (1695) ، وأبي داود (4/152) (4442) ، والنسائي في "الكبرى" (4/287) .(3/1657)
فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم» رواه مسلم وأحمد (1) وقال في آخره: «فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فحفر له حفرة فجعل فيها إلى صدره ثم أمر الناس برجمه» .
4913 - وعن خالد بن اللجلاج أن أباه أخبره فذكر قصة رجل اعترف بالزنا فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحصنت؟ قال: نعم، فأمر برجمه فذهبنا فحفرنا له حتى أمكننا ورميناه بالحجارة حتى هدى» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (2) وفي إسناده محمد بن عبد الله بن علاثة مختلف فيه.
قوله: «الخزف» بالمعجمات هو المدر. قوله: «عرض» بضم العين المهملة وسكون الراء والحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء هو أرض ذات حجارة سود. قوله: «جلاميد» جمع جملد وهو الصخر والجندل كجعفر ما ينقله الرجل من الحجارة. قوله: «إما لا» بكسر الهمزة وتشديد الميم معناه إذا أبيت أن تستري نفسك وتتوبي عن قولك فاذهبي حتى تلدي فترجمين بعد ذلك. قوله: «فنضح الدم» بالخاء المعجمة وبالمهملة. قوله: «صاحب مكس» بفتح الميم وسكون الكاف بعدها سين مهملة هو الجباء قوله: «فصَلى عليها» بفتح الصاد واللام عند الجمهور، رواه مسلم وفي رواية لابن أبي شيبة وأبي داود «فصُلي عليها» بضم الصاد على البناء للمجهول ويؤيد رواية الجمهور حديث عمران الآتي (3) وفيه فقال عمر: «تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت» وقد تقدم في كتاب الجنائز باب مستقل في الصلاة على من قتل بحد. قوله: «ألا وفي العقل» بفتح الواو وكسر الفاء وتشديد الياء صفة مشبهة.
_________
(1) مسلم (3/1323) (1695) ، أحمد (5/347) ، والنسائي في "الكبرى" (4/289) ، والدارمي (2/233) .
(2) أحمد (3/379) ، أبو داود (4/150) (4435، 4436) ، النسائي في "الكبرى" (4/282) .
(3) سيأتي قريبًا برقم (4921) .(3/1658)
[32/13] باب تأخير الرجم على الحبلى حتى تضع
وتأخير الجلد عن ذي المرض المرجو زواله
4914 - عن سليمان بن بريدة عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت: يا رسول الله طهرني فقال: ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه، فقالت: أراك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك، قال: وما ذاك قالت: حبلى من الزنا، قال: أنت؟ قالت: نعم، فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، قال: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد وضعت الغامدية، فقال: إذًا لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه، فقام رجل من الأنصار فقال: إلي رضاعه يا نبي الله قال: فرجمها» رواه مسلم والدارقطني (1) وقال: هذا حديث صحيح.
4915 - وعن عمران بن حصين «أن امرأة من جهينة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي حبلى من الزنا فقالت: يا رسول الله أصبت حدًا فأقمه عليَّ، فدعا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وليها، فقال: أحسن إليها فإذا وضعت فأتني ففعل فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر: تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت؟ قال: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت من أفضل من أن جادت بنفسها لله» رواه الجماعة إلا البخاري (2) .
_________
(1) مسلم (3/1321-1322) (1695) ، الدارقطني (3/92) .
(2) مسلم (3/1324) (1696) ، أبو داود (4/151، 152) (4440، 4441) ، النسائي (4/63-64) ، الترمذي (4/42) (1435) ، ابن ماجه (2/854) (2555) مختصرًا، أحمد (4/429، 430، 435، 436، 437، 440) ، ابن حبان (10/250-251) (4403) .(3/1659)
4916 - وعن علي «أن أمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - زنت فأمرني أن أجلدها فأتيتها فإذا هي حديثة عهد بنفاس فخشيت أن أجلدها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أحسنت اتركها حتى تماثل» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه (1) .
قوله: «غامد» بغين معجمة وآخره دال مهملة بطن من جهينة. قوله: «تماثل» بالمثلثة في رواية لأبي داود (2) «حتى ينقطع عنها الدم» وفي "القاموس" تماثل العليل قارب البرء.
[32/14] باب صفة سوط الجلد وكيف يجلد من به مرض لا يرجى برؤه
4917 - عن زيد بن أسلم «أن رجلًا اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسوط فأتى بسوط مكسور، فقال: فوق هذا فأتى بسوط جديد لم يقطع ثمرته، فقال: بين هذين فأتى بسوط قد لان وركب به فأمر به فجلد» رواه مالك في "الموطأ" مرسلًا (3) .
4918 - وله شاهد مرسل عند عبد الرزاق (4) .
_________
(1) أحمد (1/156) ، مسلم (3/1330) (1705) ، الترمذي (4/47) (1441) ، الحاكم (4/410) ، أبو يعلى (1/274) (326) ، وأخرجه أبو داود (4/161) (4473) من وجه آخر.
(2) أبو داود (4/161) (4473) .
(3) مالك في "الموطأ" (2/825) .
(4) عبد الرزاق (7/369) (13515) .(3/1660)
4919 - وشاهد آخر عند ابن وهب (1) مرسل.
4920 - وعن أبي أمامة بن سهل عن سعيد بن سعد بن عبادة قال: «كان بين أبياتنا رجل ضعيف مخدج فلم يرع الحي إلا وهو على أمة من إمائهم يخبث بها فذكر ذلك سعد بن عبادة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك الرجل مسلمًا فقال: اضربوه حده، قالوا: يا رسول الله إنه أضعف مما يحسب لو ضربناه مائة قتلناه، قال: خذوا له عثكالًا فيه مائة شمراخ ثم اضربوه به ضربة واحدة، قال: ففعلوا» رواه أحمد وابن ماجة (2) ولأبي داود (3) معناه من رواية أبي إمامة بن سهل عن بعض الصحابة من الأنصار وفيه «لو حملناه إليك لتفسخت عظامه ما هو إلا جلد على عظم» قال في "بلوغ المرام": وإسناده حسن لكن اختلف في وصله وإرساله.
قوله: «لم تقطع ثمرته» أي عذبته وهي طرفه. قوله: «وركب به» بضم الراء وكسر الكاف على صيغة المجهول أي ركب به الراكب على الدابة، وضربها حتى لان. قوله: «مخدج» بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة بعدها جيم وهو السقيم الناقص الخلق. قوله: «يخبث بها» بفتح أوله وسكون الخاء المعجمة وضم الموحدة ثم مثلثة أي يزني بها. قوله: «عثكالًا» بكسر المهملة وسكون المثلثة هو العذف والشمراخ من النخل الذي يكون فيه أغصان كثيرة.
_________
(1) ذكره الحافظ في التلخيص (4/109) .
(2) أحمد (5/222) ، ابن ماجه (2/859) (2574) ، والنسائي في "الكبرى" (4/313) ، والبيهقي (8/230) .
(3) أبو داود (4/161) (4472) ، ابن الجارود (1/207) (817) .(3/1661)
[32/15] باب حكم من وقع على ذات محرم أو عَمل عمل قوم لوط
أو أتى بهيمة وما جاء في التشديد في اللواط
4921 - عن البراء بن عازب قال: «لقيت خالي ومعه الراية، فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله» رواه الخمسة (1) ولم يذكر ابن ماجة والترمذي أخذ المال وحسنه الترمذي وللحديث أسانيد كثيرة منها ما رجاله رجال الصحيح وقال المنذري: قد اختلف فيه اختلافًا كثيرًا.
4922 - وعن معاوية بن قرة عن أبيه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى رجل عرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس ماله» ذكره ابن أبي خيثمة في "تاريخه" (2) ، وقال يحيى بن معين: هذا حديث صحيح.
4923 - وعن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» رواه الخمسة إلا النسائي وأخرجه البيهقي والحاكم (3) وقال: صحيح الإسناد وذكر له شاهدًا، وقال في "بلوغ
_________
(1) أبو داود (4/157) (4457) ، النسائي (6/109) ، الترمذي (3/643) (1362) ، ابن ماجه (2/869) (2607) ، أحمد (4/290، 292، 295، 297) ، وابن الجارود (1/171) (681) ، وابن حبان (9/423) (4112) ، الحاكم (2/208، 3/732، 4/397) ، ابن أبي شيبة (5/549) .
(2) أخرجه النسائي في "الكبرى" (4/296) ، والبيهقي (6/295) ، والطبراني في "الكبير" (19/24) .
(3) أبو داود (4/158) (4462) ، الترمذي (4/57) (1455) ، ابن ماجه (2/856) (2561) ، أحمد (1/300) ، البيهقي (8/231-232) ، الحاكم (4/395) ، ابن الجارود (1/208) (820) .(3/1662)
المرام": رجاله موثقون إلا أن فيه اختلافًا، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة» رواه الخمسة (1) وقال في "بلوغ المرام": رجاله موثقون إلا أن فيه اختلافًا وألصقه بالحديث الذي قبله، وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو، وروى الترمذي وأبو داود (2) من حديث عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس أنه قال: «من أتى بهيمة فلا حد عليه» وذكر أنه أصح.
4924 - وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط» رواه ابن ماجة والترمذي وقال: حديث حسن غريب، والحاكم وقال: صحيح الإسناد (3) .
4925 - وعن بريدة قال: «ما نقض قوم العهد إلا كان بينهم القتل، وما ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت وما منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر» رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم (4) .
4926 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط ثلاثًا» رواه ابن حبان في "صحيحه" (5) .
_________
(1) أبو داود (4/159) (4464) ، النسائي في "الكبرى" (4/322) (7340) ، الترمذي (4/56) (1455) ، ابن ماجه (2/856) (2564) ، أحمد (1/269) ، أبو يعلى (5/128) (2743) .
(2) الترمذي (4/56) عقب الحديث (1455) ، أبو داود (4/159) (4465) ، النسائي في "الكبرى" (4/323) .
(3) ابن ماجه (2/856) (2563) ، الترمذي (4/58) (1457) ، الحاكم (4/397) .
(4) الحاكم (2/136) .
(5) ابن حبان (10/265) (4417) ، الحاكم (4/396) ، أبو يعلى (4/414) (2539) ، أحمد (1/309، 317) ، وعبد بن حميد (1/203) (589) ، والطبراني في "الكبير" (11/218) .(3/1663)
4927 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله عز وجل إلى رجل أتى رجلًا أو امرأة في الدبر» رواه الترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان في "صحيحه"، وقد تقدم (1) في كتاب النكاح.
[32/16] باب ما جاء فيمن وطئ جارية امرأته
4928 - عن النعمان بن بشير «أنه رفع إليه رجلٌ غشي جارية امرأته فقال: لأقضين فيها بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة، وإن كانت لم تحلها لك رجمتك» رواه الخمسة (2) ، وفي رواية عن النعمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «في الرجل يأتي جارية امرأته قال: إن كانت أحلتها له جلدته مائة، وإن لم يكن أحلتها له رجمته» رواه أبو داود والنسائي (3) وقد تكلم في إسناد هذا الحديث قال الترمذي في إسناده اضطراب، وقال الخطابي: هذا الحديث غير متصل وليس العمل عليه، ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: أنا أتقي هذا الحديث وزاد أبو داود فوجدوه أحلتها له فجلده مائة.
[32/17] باب ما جاء في المملوك إذا زنا جلد خمسين
4929 - عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أقيموا الحدود على ما ملكت
_________
(1) تقدم برقم (4457) .
(2) أبو داود (4/157) (4458) ، النسائي (6/124) ، الترمذي (4/54) (1451) ، ابن ماجه (2/853) (2551) ، أحمد (4/272، 273، 276، 277) .
(3) أبو داود (4/158) (4459) ، النسائي (6/123) ، أحمد (4/277) .(3/1664)
أيمانكم» رواه أبو داود (1) مرفوعًا ومسلم (2) موقوفًا وفي إسناد أبي داود عبد الأعلى بن عامر التغلبي قال النسائي: ليس بذاك القوي.
4930 - وعن علي قال: «أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أمة سوداء زنت لأجلدها الحد قال: فوجدتها في دمها فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بذلك فقال: إذا تعالت من نفاسها فاجلدها خمسين» رواه عبد الله بن أحمد في المسند (3) .
4931 - وعن عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة المخزومي قال: «أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة خمسين خمسين في الزنا» رواه مالك في "الموطأ" (4) ويشهد لما في الباب قوله تعالى: ((فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ)) [النساء:25] .
قوله: «إذا تعالت» بالعين المهملة أي خرجت.
[32/18] باب السيد يقيم الحد على رقيقه
4932 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر» متفق عليه (5) ، ورواه أحمد في
_________
(1) أبو داود (4/161) (4473) مرفوعًا.
(2) مسلم (3/1330) (1705) .
(3) عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1/135) ، وتقدم نحوه برقم (4922) .
(4) مالك (2/827) (1512) .
(5) البخاري (2/756، 777، 6/2509) (2045، 2119، 6448) ، مسلم (3/1328) (1703) ، أحمد (2/249، 376، 494) ، وهو عند أبي داود (4/160) (4470) ، والترمذي (4/46) (1440) ، والنسائي في "الكبرى" (4/299) .(3/1665)
رواية وأبو داود (1) أنه قال في الرابعة «فإن عادت فليضربها كتاب الله، ثم ليبعها ولو بحبل من شعر» .
4933 - وعنه وزيد بن خالد الجهني قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، قال: إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بصفر، قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة» متفق عليه (2) .
4934 - وعن علي «أن خادمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أحدثت فأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقيم عليها الحد فأتيتها فوجدتها لم تجف من دمها فأخبرته، فقال: إذا جفت من دمها فأقم عليها الحد» رواه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه، وقد تقدم (3) في باب تأخير الرجم عن الحبلى وتأخير الجلد عن ذي المرض المرجو زواله.
قوله: «لا يثرب» التثريب التغيير والتبكيت أي لا يقتصر على أن يبكتها بفعلها أو يسبها ويعطل الحد الواجب عليها.
_________
(1) أبو داود (4/161) (4471) .
(2) البخاري (2/756، 777، 901، 6/2509) (2046، 2119، 2417، 6447) ، مسلم (3/1329) (1704) ، أحمد (4/116، 117) ، وهو عند أبي داود (4/160) (4469) ، والترمذي (4/39) (1433) ، وابن ماجه (2/857) (2565) ، والإمام مالك في "الموطأ" (2/826) (1510) ، والدارمي (2/236) (2326) ، وابن حبان (10/292) (4444) ، والنسائي في "الكبرى" (4/302) .
(3) تقدم برقم (4922) .(3/1666)
[32/19] باب ما جاء في حد المكاتب
4935 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أصاب المكاتب حدًا أو ورث ميراثًا يرث على قدر ما عتق منه» رواه أبو داود والنسائي والترمذي (1) وحسنه وللدارقطني (2) معناه وزاد «وأقيم عليه الحد بحساب ما عتق منه» وفي لفظ «المكاتب يعتق بقدر ما أدى ويقام عليه الحد بقدر ما عتق» ورواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه (3) .
[32/20] باب ما جاء في حد القذف
4936 - عن عائشة قالت: «لما أنزل عذري قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن، فلما نزل أمر برجلين وامرأة فضربوهم حدّهم» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي (4) وقال: لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق.
4937 - وعن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم يقول: «من قذف مملوكه يقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال» متفق عليه (5) .
_________
(1) تقدم برقم (4143) .
(2) تقدم هذا اللفظ هناك أيضًا (4143) .
(3) بهذا اللفظ عند النسائي (8/46) (4811) ، والطبراني في "الكبير" (11/316) ، وليس للترمذي وأبي داود هذا اللفظ.
(4) أبو داود (4/162) (4474) ، الترمذي (5/336) (3181) ، ابن ماجه (2/857) (2567) ، أحمد (6/35) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/325) (7351) .
(5) البخاري (6/2515) (6466) ، مسلم (3/1282) (1660) ، أحمد (2/431، 499-450) ، وهو عند الترمذي (4/335) (1947) ، والنسائي في "الكبرى" (4/325) ، وابن الجارود (1/216) (849) .(3/1667)
4938 - وعن أبي الزناد أنه قال: «جلد عمر بن عبد العزيز عبدًا في فرية ثمانين، قال أبو الزناد فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك، فقال أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا ما رأيت أحدًا جلد عبدًا في فرية أكثر من أربعين» رواه مالك في "الموطأ" عنه والثوري في "جامعه" (1) .
قوله: «أمر برجلين وامرأة» الرجلان هما: حسان بن ثابت ومسطح، والمرأة حمنة بنت جحش.
[32/21] باب ما جاء من التشديد في قذف المحصنات.
4939 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات قيل وما هن يا رسول الله قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم والزنا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات» أخرجاه، وقد تقدم (2) .
4940 - وعن عمير بن عبيد الليثي عن أبيه، قال رجل من الصحابة «كم الكبائر يا رسول الله؟ قال: هنّ سبع أعظمهن الإشراك بالله وقتل المؤمن بغير الحق والفرار من الزحف وقذف المحصنات والسحر وأكل مال اليتيم وأكل الربا وعقوق الوالدين واستحلال البيت الحرام» ، رواه الطبراني (3) بإسناد ضعيف.
_________
(1) الإمام مالك في "الموطأ" (2/828) (1513) ، ومن طريقه البيهقي (8/251) ، وعبد الرزاق (7/438)
(2) تقدم برقم (3648) .
(3) الطبراني في "الكبير" (1/17) (101) ، وهو عند النسائي مختصرًا (7/89) .(3/1668)
قوله: «قذف المحصنات» أي العفايف، قال تعالى: ((مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ)) [النساء:24] والإحصان في اللغة: المنع، قال تعالى: ((لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ)) [الأنبياء:80] وفي الشرع مشترك بين أربعة معان بين الحرية والتزويج والإسلام والعفة، فمن الأول قوله تعالى: ((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ)) [المائدة:5] ، ومن الثاني قوله: ((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ)) [النساء:24] ، ومن الثالث قوله تعالى: ((فَإِذَا أُحْصِنَّ)) [النساء:25] والرابع تقدم.
[32/22] باب ما جاء فيمن أقر بالزنا بامرأة هل يكون قاذفًا لها
4941 - عن نعيم بن هزال قال: «كان ماعز بن مالك يتيمًا في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك فأتاه فقال: يا رسول الله إني زنيت فأقم عليّ كتاب الله فأعرض عنه فعاد، فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم عليَّ كتاب الله فأعرض عنه، ثم أتاه الثالثة، فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم عليَّ كتاب الله، ثم أتاه الرابعة، فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم عليَّ كتاب الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنك قد قلتها أربع مرات فبمن؟ قال بفلانة، قال ضاجعتها؟ قال: نعم، قال: جامعتها؟ قال: نعم، فأمر به أن يرجم فخرج به إلى الحرة، فلما رجم فوجد مس الحجارة جزع فخرج يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس، وقد أعجز أصحابه فنزع له بوصيف بعير فرماه به فقتله، ثم أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك فقال: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه» رواه أحمد وأبو داود (1) وحسنه الحافظ.
_________
(1) أحمد (5/216) ، أبو داود (4/145) (4419) .(3/1669)
4942 - وعن ابن عباس أن رجلًا من بكر بن ليث «أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقر أنه زنا بامرأة أربع مرات فجلده مائة، وكان بكرًا ثم سأله البينة على المرأة فقالت: كذب يا رسول الله فجلده حد الفرية ثمانين» ، رواه أبو داود والنسائي (1) وقال: هذا حديث منكر انتهى، وقال المنذري: في إسناده القاسم بن فياض الأنباري الصنعاني تكلم فيه غير واحدٍ، قال ابن حبان بطل الاحتجاج به.
4943 - وتقدم قريبًا حديث سهل بن سعد «أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه زنا بامرأة سماها، فأرسل - صلى الله عليه وسلم - إلى المرأة فدعاها فسألها فأنكرت فحده وتركها» ، رواه أحمد وأبو داود (2) .
قوله: «بوصيف» قال في "الدر النثير": الوصيف بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل للبعير كالحزام للسرج.
[32/23] باب ما جاء في حد الشارب للمسكر وأن كل مسكر خمر
4944 - عن عمر «أن رجلًا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارًا، وكان يضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا، وكان نبي الله قد حده مرة في الشراب فأتى به يومًا فأمر بجلده فجلد، فقال رجل من القوم اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله» أخرجه البخاري (3) .
_________
(1) أبو داود (4/159) (4467) ، النسائي في "الكبرى" (4/324) ، وهو عند الحاكم (4/411) ، وابن الجارود (1/217) (851) .
(2) تقدم برقم (4905) .
(3) البخاري (6/2489) (6398) .(3/1670)
4945 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي برجل قد شرب الخمر فجلد بجريدتين نحو أربعين، قال وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن أخف الحدود ثمانين فأمر به عمر» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه (1) .
4946 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر أربعين» متفق عليه (2) .
4947 - وعن عقبة بن الحارث قال: «جيء بالنعمان أو ابن النعمان شاربًا فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كان في البيت أن يضربوه فكنت فيمن ضربه فضربناه بالنعال والجريد» رواه أحمد والبخاري (3) .
_________
(1) أحمد (3/176) ، مسلم (3/1330) (1706) ، أبو داود (4/163) (4479) ، الترمذي (4/48) (1443) ، وهو عند ابن الجارود (1/211) (830) ، والنسائي في "الكبرى" (3/249) (5275) ، والدارمي (2/230) (2311) ، وابن حبان (10/298) (4448) .
(2) البخاري (6/2487) (6391) ، مسلم (3/1331) (1706) ، أحمد (3/115) .
(3) أحمد (4/8) ، البخاري (2/814) (2191) ، وهو عند الحاكم (4/415) ، والنسائي في "الكبرى" (3/255) .(3/1671)
4948 - وعن السائب بن يزيد قال: «كنا نؤتى بالشارب في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي إمارة أبي بكر، وصدرًا من إمرة عمر، فنقوم إليه هو فنضربه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا، حتى كان صدراً من إمارة عمر فجلد فيها أربعين حتى إذا عتوا فيها وفسقوا جلد ثمانين» رواه أحمد والبخاري (1) .
4949 - وعن أبي هريرة قال: «أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قد شرب فقال: اضربوه فقال أبو هريرة فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه، فلما انصرف، قال بعض القوم أخزاك الله، قال لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (2) .
4950 - وعن حضين بن المنذر قال: «شهدت عثمان بن عفان أُتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين، ثم قال أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر وشهد آخر أنه رآه يتقيأها، فقال عثمان إنه لم يتقيأها حتى شربها، فقال يا علي قم فاجلده، فقال عليّ قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن ولّ حارها من تولى قارّها فكأنه وجد عليه، فقال يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده، فجلده وعليٌ يعد حتى بلغ أربعين، فقال أمسك، ثم قال جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي» رواه مسلم (3) .
قال في "المنتقي": وفيه من الفقه أن للوكيل أن يوكل وأن الشهادتين على شيء إذا آل معناها على شيء واحد جائزة كالشهادة على البيع والإقرار به وعلى القتل والإقرار به.
4951 - وعن علي قال: «ما كنت لأقيم حدًا على أحد فيموت وأجد في نفسي منه شيئًا إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن
_________
(1) أحمد (3/449) ، البخاري (6/2488) (6397) ، وهو عند الحاكم (4/416) ، والنسائي في "الكبرى" (3/250) .
(2) أحمد (2/299-300) ، البخاري (6/2488) (6395) ، أبو داود (4/162) (4477) ، أبو يعلى (10/386) (5984) .
(3) مسلم (3/1331) (1707) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/248) ، وأبي داود (4/163) (4480) ، وأبي يعلى (1/388-389) (504) ، والدارقطني (3/206) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/152) .(3/1672)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسنه» متفق عليه (1) . وهو لأبي داود وابن ماجة (2) وقالا فيه: «لم يسن فيه شيئًا إنما قلناه نحن» .
4952 - وعن أبي سعيد قال: «جلد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر بنعلين أربعين فلما كان زمن عمر جعل به لكل نعل سوطًا» رواه أحمد والترمذي وحسنه (3) .
4953 - وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه قال لعثمان: «قد أكثر الناس في الوليد فقال سنأخذ منه الحق إن شاء الله ثم دعى أمير المؤمنين عليًا فأمره أن يجلده فجلده ثمانين» مختصر من البخاري (4) وفي رواية له (5) «أربعين» .
4954 - وقد جمع بينهما ما رواه أبو جعفر محمد بن علي «أن عليًا جلد الوليد بسوط له طرفان» رواه الشافعي في "مسنده" (6) بإسناد منقطع.
_________
(1) البخاري (6/2488) (6396) ، مسلم (3/1332) (1707) ، أحمد (1/125، 130) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/249) ، وأبي يعلى (1/281) (336) ، والدارقطني (3/165) (244) ، وعبد الرزاق (7/378) ، وابن أبي شيبة (5/427) .
(2) أبو داود (4/165) (4486) ، ابن ماجه (2/858) (2569) ، وهو عند أبي يعلى (1/395) (514) .
(3) أحمد (3/67) ، الترمذي (4/47) (1442) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/157) ، وابن أبي شيبة (5/503) .
(4) مختصر من البخاري (3/1351) (3493) .
(5) البخاري (3/1405) (3659) .
(6) الشافعي (1/286) ، وهو عند البيهقي (8/321) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/154) ، وعبد الرزاق (7/378) ، وأبي يعلى (1/448) (599) .(3/1673)
4955 - وعن أبي سعيد قال: «أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل نشوان، فقال إني لم أشرب خمرًا إنما شربت زبيبًا وتمرًا في دناة قال: فأمر به فنهر بالأيدي وخفق بالنعال ونهي عن الدنا ونهي الزبيب والتمر» يعني أن يخلطا. رواه أحمد وأصله في مسلم (1) .
4956 - وعن السائب بن يزيد «أن عمر خرج عليهم فقال: إني وجدت من فلان ريح شراب فزعم أنه شرب الطلا وإني سائل عما شرب فإن كان مسكرًا جلدته فجلده عمر الحد تامًا» رواه النسائي والدارقطني (2) ورجال إسناده ثقات وأخرجه في "الموطأ" (3) وزاد «فسأل فقيل إنه مسكر» .
4957 - وعن علي في شرب الخمر «أنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة» رواه الدارقطني ومالك بمعناه والشافعي (4) وفي إسناده انقطاع.
4958 - وعن ابن شهاب «أنه سئل عن حد العبد في الخمر فقال: بلغني أن عليه نصف حد الحر في الخمر وأن عمر وعثمان وعبد الله بن عمر جلدوا عبيدهم نصف الحد في الخمر» رواه مالك في "الموطأ" (5) بإسناد منقطع.
_________
(1) أحمد (3/34، 46) ، وأصله في مسلم (3/1574، 1575) (1987) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/254) بلفظ أحمد.
(2) النسائي في "الكبرى" (4/190) ، الدارقطني (4/248) (6) .
(3) مالك في "الموطأ" (2/842) .
(4) الدارقطني (3/157) ، مالك (2/842) (1533) ، الشافعي (1/286) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/153) ، وعبد الرزاق (7/378) .
(5) مالك في "الموطأ" (2/842) (1534) ، وهو عند عبد الرزاق (7/383، 384) .(3/1674)
4959 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام» رواه مسلم (1) .
4960 - وعن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» رواه الخمسة وصححه ابن حبان (2) ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب انتهى.
4961 - ولأحمد والدارقطني نحوه من حديث ابن عمر وسيأتي (3) إن شاء الله تعالى في الأشربة.
[32/24] باب ما جاء في قتل الشارب في الرابعة وبيان نسخه
4962 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه» رواه أحمد (4) من طريق الحسن البصري ولم يسمع من عبد الله بن عمرو، وفيه قال عبد الله «ايتوني برجل قد شرب الخمر في الرابعة فلكم علي أن أقتله» .
4963 - وعن معاوية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في شارب الخمر: «إذا شرب فاجلدوه ثم شرب فاجلدوه ثم إذا شرب الثالثة فاجلدوه ثم إذا شرب الرابعة
_________
(1) سيأتي برقم (5700) .
(2) أبو داود (3/327) (3681) ، الترمذي (4/292) (1865) ، ابن ماجه (2/1125) (3393) ، أحمد (3/343) ، ابن حبان (12/202) (5382) ابن الجارود (1/218) (860) .
(3) سيأتي برقم (5707) .
(4) أحمد (2/191) .(3/1675)
فاضربوا عنقه» رواه الخمسة واللفظ لأحمد (1) ، وقال البخاري: وهو أصح ما في هذا الباب.
4964 - وأخرجه أيضًا الشافعي والدارمي وابن المنذر وابن حبان (2) وصححه من حديث أبي هريرة.
4965 - قال الترمذي: إنما كان هذا في أول الأمر ثم نسخ بعدُ. هكذا روى محمد بن اسحق (3) عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد الرابعة فاقتلوه قال: ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك برجل قد شرب في الرابعة فضربه ولم يقتله» .
4966 - وعن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه فأتي برجل قد شرب فجلده ثم أتى به فجلده ثم أُتي به فجلده ثم أُتي به فجلده ثم أُتي به فجلده ورفع القتل» رواه أبو داود وللترمذي (4) معناه وقبيصة من أولاد الصحابة ولم يذكر له سماع من النبي
_________
(1) أبو داود (4/164) (4482) ، النسائي في "الكبرى" (3/255، 256) ، الترمذي (4/48) (1444) ، ابن ماجه (2/859) (2573) ، أحمد (4/95، 96، 97) ، ابن حبان (10/295-296) (4446) .
(2) سيأتي بعد حديثين من حديث أبي هريرة.
(3) علقه الترمذي (4/48) تحت حديث (1444) ، ووصله النسائي في "الكبرى" (3/257) (5302، 5303) ، والحاكم (4/373) ، والبيهقي (8/314) ، والشافعي (1/285) .
(4) أبو داود (4/165) (4485) ، وعلقه الترمذي (4/48) تحت حديث (1444) ، والشافعي (1/285) .(3/1676)
- صلى الله عليه وسلم - فالحديث مرسل ورجاله مع إرساله ثقات.
4967 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاضربوا عنقه» رواه الخمسة إلا الترمذي (1) ، وزاد أحمد (2) ، قال الزهري: «فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسكران في الرابعة فخلى سبيله» .
4968 - ويشهد لحديث أبي هريرة حديث الشريد بن أوس الثقفي عند أحمد والأربعة والدارمي والطبراني وصححه الحاكم (3) بنحوه.
4969 - وعن شرحبيل الكندي عند أحمد والطبراني وابن منده (4) ورجاله ثقات.
4970 - وعن أبي الرمداء: براء مهملة مفتوحة وميم ساكنة ودال مهملة وبالمد عند الطبراني وابن منده (5) ، وفي إسناده ابن لهيعة وفيه: «أن النبي صلى الله وسلم أمر
_________
(1) أبو داود (4/164) (4484) ، النسائي (8/313) ، ابن ماجه (2/859) (2572) ، أحمد (2/280، 519) ، ابن حبان (10/297) (4447) ، الحاكم (4/413) ، الدارمي (2/156) (2105) .
(2) أحمد (2/291) .
(3) أحمد (4/388-389) ، النسائي في "الكبرى" (3/256) ، الدارمي (2/230) (2313) ، الطبراني في "الكبير" (7/317) ، الحاكم (4/414) .
(4) أحمد (4/234) ، الطبراني في "الكبير" (1/227، 7/306) (620، 7212) ، والحاكم (4/414) ، وعبد بن حميد (1/155) (408) .
(5) الطبراني في "الكبير" (22/355) .(3/1677)
بضرب عنقه وأنه ضرب عنقه» وحكى الخطابي إجماع الأمة على نسخ قتل شارب الخمر في الرابعة وكذا حكى ابن المنذر عن بعض أهل العلم، وقال في "الهدي النبوي": أن قتل شارب الخمر في الثالثة أو الرابعة ليس بحد ولا منسوخ، وإنما هو تعزير يتعلق باجتهاد الإمام انتهى بلفظه.
[32/25] باب من وجد منه سكر أو ريح خمر ولم يعترف
4971 - عن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يئقت في الخمر حدًا، وقال ابن عباس: شرب رجل فسكر فلقى يميل في الفخ فانطلق به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما حاذى دار العباس انفلت فدخل على العباس فالتزمه فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فضحك، وقال: افعلها ولم يأمر فيه بشيء» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (1) وقوى الحافظ إسناده، وقال أبو داود: وهذا مما تفرد به أهل المدينة.
4972 - وعن علقمة قال: «كنت بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف، فقال رجل ما هكذا أنزلت، فقال عبد الله والله لقرأتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أحسنت فبينما هو يكلمه إذ وجد منه ريح الخمر، فقال: أتشرب الخمر وتكذب بكتاب الله فضربه الحد» متفق عليه (2) . وحديث ابن عباس إنما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) أحمد (1/322) ، أبو داود (4/162) (4476) ، النسائي في "الكبرى" (3/254) ، وهو عند الحاكم (4/415) .
(2) البخاري (4/1912) (4715) ، مسلم (1/551) (801) ، أحمد (1/378، 424) ، وهو عند أبي يعلى (8/478، 9/122) (5068، 5193) ، والطبراني في "الكبير" (9/344) ، والحميدي (1/62) (112) .(3/1678)
الحد على الرجل لكونه لم يقر لديه ولا قامت عليه بذلك شهادة عنده.
[32/26] باب ما جاء في توقي الوجه في الحدود
وأنها لا تقام في المساجد
4973 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ضرب أحدكم فليتوقى الوجه» متفق عليه (1) .
4974 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقام الحدود في المساجد» رواه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل المكي وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه انتهى، وقد أخرجه ابن ماجة (2) ، وأخرجه الحاكم (3) من طريق أخرى فرواه من حديث سعيد بن بشير عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس رفعه بلفظ: «لا يقاد والد بولده، ولا تقام الحدود في المساجد» وأما ابن حزم فأعله بإسماعيل وسعيد، وقال: هما ضعيفان.
4975 - وقد تقدم (4) في أبواب المساجد حديث حكيم بن حزام، قال: قال
_________
(1) البخاري (2/902) (2420) ، مسلم (4/2016) (2612) ، أحمد (2/244، 313، 327) ، وهو عند أبي داود (4/167) (4493) ، والنسائي في "الكبرى" (4/325) ، وأبي يعلى (11/157) .
(2) الترمذي (4/19) (1401) ، ابن ماجه (/867) (2599) ، الدارمي (2/250) (2357) من طريق إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس.
(3) الحاكم (4/410) من طريق سعيد بن بشير عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس.
(4) تقدم برقم (952) .(3/1679)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا تقام الحدود في المساجد، ولا يستقاد فيها» رواه أحمد وأبو داود بسند ضعيف، وأخرجه الدارقطني والحاكم وابن السكن والبيهقي، وقال في "التلخيص": لا بأس بإسناده.
* * *(3/1680)
أبواب القطع في السرقة
[13/27] باب ما جاء في كم تقطع يد السارق
4976 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم» رواه الجماعة (1) وفي لفظ بعضهم «قيمته ثلاثة دراهم» .
4977 - وعن عائشة قالت «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا» رواه الجماعة إلا ابن ماجة (2) وفي رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدًا» رواه البخاري والنسائي وأبو داود (3) وفي رواية للبخاري (4) : «تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا» وفي رواية لأحمد (5) ،
_________
(1) البخاري (6/2493) (6411، 6412، 6413) ، مسلم (3/1313، 1314) (1686) ، أبو داود (4/136) (4385) ، النسائي (8/76) ، وفي "الكبرى" (4/335) ، الترمذي (4/50) (1446) ، ابن ماجه (2/862) (2584) ، أحمد (2/6، 54، 64، 80، 82، 143،) والإمام مالك (2/831) (1517) ، وابن حبان (10/314) (4463) ، والشافعي (1/334) ، وأبي يعلى (10/201) (5833) .
(2) مسلم (3/1312) (1684) ، أبو داود (4/136) (4383) ، النسائي (8/78) (4921) ، الترمذي (4/50) (1445) ، أحمد (6/36) ، وهو عند ابن حبان (10/311) (4459) .
(3) النسائي (8/81) ، وفي "الكبرى" (4/338، 340) ، وهو بهذا اللفظ عند مسلم (3/1313) (1684) ، وابن ماجه (2/862) (2585) ، وأحمد (6/104، 249) ، وابن حبان (10/315) (4464) ،
(4) البخاري (6/2492) (6407) ، وهو عند أبي يعلى (7/381) (4411) .
(5) أحمد (6/80) .(3/1681)
قال: «اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك» وكان ربع الدينار يومئذٍ ثلاثة دراهم والدينار اثنا عشر درهمًا، وفي رواية للنسائي (1) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقطع يد السارق فيما دون ثمن المجن قيل لعائشة ما ثمن المجن؟ قالت: ربع دينار» .
4978 - وعن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده» قال الأعمش: كان يرون أنها بيضة الحديد والحبل كانوا يرون أن منها ما يساوي دراهم، متفق عليه (2) . وليس لمسلم زيادة قول الأعمش.
قوله: «مجنّ» بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون وهو الترس
[32/28] باب ما جاء أنه لا قطع فيمن سرق شيئًا من الثمر حتى يحرز واعتبار الحرز في غير ذلك
4979 - عن رافع قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا قطع في ثمر ولا كثر» رواه الخمسة، قال في "بلوغ المرام": صححه الترمذي وابن حبان انتهى. وأخرجه الحاكم والبيهقي وصححه (3) .
_________
(1) النسائي (8/80) .
(2) البخاري (6/2489، 2493) (6401، 6414) ، مسلم (3/1314) (1687) ، أحمد (2/253) ، وهو عند النسائي (8/65) ، وابن ماجه (2/862) (2583) ، وابن حبان (12/58) (5748) .
(3) أبو داود (4/136) (4388) ، النسائي (8/86، 87) ، الترمذي (4/52) (1449) ، ابن ماجه (2/865) (2593) ، أحمد (3/463، 4/140، 142) ، البيهقي (8/266) ، وهو عند = = ابن الجارود (1/210) (826) ، وابن حبان (10/316-317) (4466) ، والإمام مالك (2/839) (1528) .(3/1682)
4980 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الثمر المعلق، قال: من أصاب منه بفيه من ذوي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء فعليه غرامة مثليه والعقوبة ومن سرق منه شيئاً بعد أن يئويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع» رواه النسائي وأبو داود والحاكم وصححه وحسنه الترمذي (1) ، وفي رواية: قال: «سمعت رجلًا من مزينة يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحريسة التي تؤخذ في مرابعها قال: فيها ثمنها مرتين وضرب نكال، وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن، قال: يا رسول الله والثمار وما أخذ منها في أكمامها، قال: من أخذ بفمه ولم يتخذ خبنة فليس عليه شيء ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين وضرب نكال، وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن» رواه أحمد والنسائي (2) ولابن ماجة (3) معناه وزاد النسائي (4) في آخره «وما لم يبلغ ثمن ففيه غرامه مثليه وجلدات نكال» .
قوله: «ولا كثر» بفتح الكاف والثاء المثلثة وهو جمار النخل والجمار بالجيم شحم النخلة، قوله: «خبنة» بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة بعدها نون قال في "الدر
_________
(1) النسائي (8/58) ، أبو داود (2/136، 4/137) (1710، 4390) ، الحاكم (4/423) ، والترمذي مختصرًا (3/584) (1289) .
(2) أحمد (2/180، 203، 207) ، النسائي (8/85) (4959) .
(3) ابن ماجه (2/865) (2596) .
(4) النسائي (8/85) (4959) .(3/1683)
النثير": الخبنة معطف الأزار وطرف الثوب ولا يتخذ خبنة أي لا يخبأ منه في محجرته، وفي "القاموس" الخبنة: ما تحمله في حضنك. قوله: «الجرين» هو موضع تجفيف الثمر كما في "النهاية". قوله: «الحريسة» بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وسكون التحتية بعدها سين مهملة في "الدر النثير": حريسة الجبل أي فيما يحرس به لأنه ليس بحرز، وقيل الحريسة السرقة نفسها، يقال حرس يحرس حرسًا واحترس احتراسًا إذا سرق فهو حارس ويحترس أي ليس فيما سرق من الجبل قطع انتهى. قوله: «في أكمامها» جمع كم بكسر الكاف وهو وعاء الطلع.
[32/29] باب ما جاء فيمن سرق من المسجد رداء رجل نام عليه
4981 - عن صفوان بن أمية، قال: «كنت نائمًا في المسجد على خميصه لي فسرقت فأخذنا السارق فرفعناه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأمر بقطعة فقلت يا رسول الله أفي خميصة ثمن ثلاثين درهمًا أنا أهبها له أو أبيعها له، فقال: فهلا كان قبل أن تأتيني به» رواه الخمسة وصححه ابن الجارود والحاكم (1) .
4982 - وله شاهد (2) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الحافظ: وسنده ضعيف، وفي رواية لأحمد والنسائي (3) : «فقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» .
4983 - وعن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع يد سارق سرق برنسًا
_________
(1) أبو داود (4/138) (4394) ، النسائي (8/69) ، ابن ماجه (2/865) (2595) ، أحمد (6/466) ، ابن الجارود (1/211) (828) ، الحاكم (4/422)
(2) أخرجه الدارقطني (3/204) (363) .
(3) رواية لحديث صفوان وهي عند أحمد (3/401) ، والنسائي (8/68) .(3/1684)
من صفة النساء ثمنه ثلاثة دراهم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي ومسلم (1) بمعناه.
قوله: «خميصة» هي كساء أسود مربع له علامات. قوله: «برنسًا» بضم الموحد وسكون الراء وضم النون وسين مهملة هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به دراعه أو جبة أو غير ذلك، وقال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان النُسَّاك يلبسونها في صدر الإسلام من البرنس بكسر الباء القطن والنون زائدة وقيل غير عربي، وفي "جامع الأصول" و"سنن أبي داود" وغيرهما ترسًا بالمثناة من فوق وسكون الراء بعدها مهملة. قوله: «صفة النساء» بضم الصاد وتشديد الفاء أي الموضع المختص من المسجد وصفة النساء موضع مصلا فيه.
[32/30] باب ما جاء في المختلس، والمنتهب، والخاين
والنباش وجاحد العارية
4984 - عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على خاين ولا منتهب ولا مختلس قطع» رواه الخمسة وصححه الترمذي وأخرجه الحاكم والبيهقي وابن حبان وصححه (2) .
4985 - وعن البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه من نبش قطعناه»
_________
(1) أحمد (2/145) ، أبو داود (4/136) (4386) ، النسائي (8/76) ، والحديث الذي بمعناه عند مسلم (3/1313) (1686) وقد تقدم برقم (4982) .
(2) أبو داود (4/138) (4391، 4392) ، النسائي (8/88-89) ، الترمذي (4/52) (1448) ، ابن ماجه (2/864) (2591) ، أحمد (3/380) ، الحاكم (4/382) ، البيهقي (8/279) ، ابن حبان (10/310) (4457) ، الدارمي (2/229) .(3/1685)
رواه البيهقي في "خلافياته" وكذا في "المعرفة" (1) ، وقال: في إسناده بعض من يجهل. وقال البخاري في "تاريخه" (2) ، قال: هشيم حدثنا سهيل شهدت ابن الزبير قطع نباشًا.
4986 - وعن ابن عمر قال: «كانت مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، فأتاها أهلها أسامة بن زيد فكلموه فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أسامة لا أراك تشفع في حد من حدود الله عز وجل! ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فقال: إنما هلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - لقطعت يدها فقطع يد المخزومية» رواه أحمد ومسلم والنسائي (3) ، وفي رواية لأبي داود والنسائي (4) : «استعارت امرأة يعني حليًا على ألسنة ناس يعرفون ولا تعرف هي فباعت فأخذت، فأتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر بقطع يدها وهي التي شفع فيها أسامة بن زيد، وقال فيها رسول - صلى الله عليه وسلم - ما قال» .
_________
(1) (6/409) .
(2) البخاري في "التاريخ" (4/104) .
(3) بهذا اللفظ عند أحمد (6/162) ، مسلم (3/1316) (1688) ، النسائي (8/72) من حديث عائشة، وسيأتي برقم (5004) ، وأما حديث ابن عمر فهو مختصر بلفظ: «كانت مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها» وهو عند أحمد (2/151) والنسائي (8/70، 71) وأبي داود (4395) .
(4) أبو داود (4/139) (4396) ، النسائي (8/73) .(3/1686)
[32/31] باب ما جاء في مشروعية تلقين السارق الرجوع عن الإقرار والاستثبات في ذلك
4987 - عن أبي أمية المخزومي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بلص فاعترف اعترافًا ولم يؤخذ منه المتاع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أخالك سرقت، قال: بلى مرتين أو ثلاثًا، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقطعوه» وفي رواية: «فأمر به فقطع ثم جيء به فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قل أستغفر الله وأتوب إليه، قال: أستغفر الله وأتوب إليه، فقال: اللهم تب عليه ثلاثًا» رواه أحمد وأبو داود واللفظ له (1) ورواه النسائي (2) ولم يقل مرتين أو ثلاثاً وابن ماجة (3) وذكر مرة ثانية فيه، قال: «ما أخالك سرقت قال: بلى» وقال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات.
4988 - وأخرجه الحاكم (4) من حديث أبي هريرة، وقال: «اذهبوا به فاقطعوه، ثم احسموه» وأخرجه البزاز أيضًا، وقال: لا بأس بإسناده، وقال في "خلاصة البدر": في إسناده مجهول أعله به الخطابي وعبد الحق والمنذري، وأما ابن السكن فذكره في "سننه الصحاح"، وأما الإمام فإنه قال في "نهايته": أنه متفق على صحته.
4989 - وعن القاسم بن عبد الرحمن عن علي قال: «لا تقطع يد السارق
_________
(1) أحمد (5/293) ، أبو داود (4/134) (4380) ، الدارمي (2/228) (2303) .
(2) النسائي (8/67) .
(3) ابن ماجه (2/866) (2597) .
(4) سيأتي أول الباب الآتي.(3/1687)
حتى يشهد على نفسه مرتين» حكاه أحمد (1) في رواية مهنا واحتج به.
قوله: «ما أخالك سرقت» بفتح الهمزة وكسرها أي ما أظنك سرقت.
[32/32] باب حسم يد السارق إذا قطعت واستحباب تعليقها في عنقه
4990 - عن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بسارق قد سرق شملة فقالوا: يا رسول الله إن هذا قد سرق، فقال رسول الله ما أخاله سرق، فقال السارق: بلى يا رسول الله، فقال: اذهبوا به فاقطعوه، ثم احسموه، ثم أتوني به، فقطع ثم أتى به، فقال: تب إلى الله، قال: تبت إلى الله، قال: تاب الله عليك» رواه الدارقطني والحاكم والبيهقي (2) وصححه ابن القطان، وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم، وضعفه الدارقطني بالإرسال وقد تقدم الإشارة إليه في حديث أبي أمية.
4991 - وعن عبد الرحمن بن محيريز، قال: «سألنا فضالة بن عبيد عن تعليق اليد في عنق السارق أمن السنة، قال: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسارق فقطعت يده، ثم أمر بها فعلقت في عنقه» رواه الخمسة إلا أحمد (3) وفي إسناده الحجاج بن أرطأة، قال النسائي: الحجاج ضعيف ولا يحتج بخبره،
_________
(1) أخرجه بنحوه عبد الرزاق (10/191) ، والبيهقي (8/275) كلاهما عن الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه به، ولفظ عبد الرزاق «أن رجلًا أتى إلى علي فقال: إني سرقت فانتهره وسبه، فقال إني سرقت، فقال علي: اقطعوه، قد شهد على نفسه مرتين» .
(2) الحاكم (4/422) ، الدارقطني (3/103) ، البيهقي (8/271) .
(3) أبو داود (4/143) (4411) ، النسائي (8/92) ، الترمذي (4/51) (1447) ، ابن ماجه (2/863) (2587) ، وهو عند أحمد (6/19) .(3/1688)
وقال ابن القطان: فيه مجهول، وأما ابن السكن فذكره في سننه الصحاح.
[32/33] باب ما جاء في قتل السارق في الخامسة وما جاء في نسخه.
4992 - عن جابر قال: «جيء بسارق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوه فقطع، ثم جيء به الثانية، فقال: اقتلوه فذكر مثله، ثم جيء به الثالثة فذكر مثله، ثم جيء به الرابعة كذلك، ثم جيء به الخامسة فقال اقتلوه» أخرجه أبو داود والنسائي (1) واستنكره.
4993 - وأخرج من حديث الحارث بن حاطب نحوه (2) ، وذكر الشافعي أن القتل في الخامسة منسوخ، وقال عبد الحق: لا أعلم في الباب حديثًا صحيحًا، وقال النسائي: ليس بالقوي وهذا الحديث منكر ولا أعلم فيه حديثًا صحيحًا انتهى، وفي حديث الحارث بن حاطب أن أبا بكر، قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم بهذي حين قال اقتلوه» يعني في الأولى ولذا قال الجلال في "ضوء النهار": إن ذلك ظاهر في اختصاص ذلك السارق بالحكم لما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمره فيكون قتله لعلة لم يعلمها غيره فلا قياس ولا عموم انتهى، وهو كلام جيد.
[32/34] باب في السارق تقطع يده ثم يسرق فتقطع رجله
4994 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في السارق: «إذا سرق فاقطعوا يده، ثم إن شرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق
_________
(1) أبو داود (4/142) (4410) ، النسائي (8/90) ، الطبراني في "الأوسط" (2/1989) .
(2) النسائي (8/89) ، الحاكم (4/423) .(3/1689)
فاقطعوا رجله» رواه الدارقطني (1) بإسناد واه.
4995 - وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بسارق فقطع يده، ثم أُتي به ثانيًا فقطع رجله، ثم ثالثًا فقطع يده، ثم رابعًا فقطع رجله، ثم أُتي به خامسًا فقتله» رواه الدارقطني (2) وضعفه، قلت: لأن في إسناده محمد بن يزيد بن سنان، قال الدارقطني: ضعيف.
[32/35] باب ما جاء في السارق توهب السرقة
بعد وجوب القطع والشفع فيه
4996 - عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حدٍ فقد وجب» رواه النسائي وأبو داود والحاكم وصححه (3) ، وهو من حديث عمرو بن شعيب وسنده إلى عمرو بن شعيب صحيح وقد تقدم هذا في باب العفو عن الحدود ما لم يبلغ السلطان.
4997 - وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: «أن الزبير بن العوام لقي رجلًا قد أخذ سارقًا وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله، فقال لا حتى أبلغ به السلطان، فقال الزبير: إنما الشفاعة قبل أن يبلغ به السلطان فإذا بلغ إليه فقد لعن الشافع والمشفع» رواه مالك في "الموطأ" والطبراني (4) بإسناد
_________
(1) الدارقطني (3/181) (292) .
(2) الدارقطني (3/180) (289) .
(3) النسائي (8/70) ، أبو داود (4/133) (4376) ، الحاكم (4/424) ، الدارقطني (3/113) .
(4) مالك (2/835) (1525) ، والطبراني في "الأوسط" (2/380) (2284) ، وابن أبي شيبة (5/473) .(3/1690)
منقطع وهو عند ابن أبي شيبة عن الزبير موقوفًا بسند حسن.
4998 - وعن عائشة: «أن قريشًا أهمهم أمر المخزومية التي سرقت، فقالوا من يكلم رسول الله ومن يجترئ عليه إلا أسامة حبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فخطب، فقال: يا أيها الناس إنما ضلّ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» متفق عليه (1) .
[32/36] باب إقامة الحدود في الحضر والسفر
وما جاء أن السارق إذا أقيم عليه الحد لا يغرم
4999 - عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «جاهدوا الناس في الله القريب والبعيد ولا تبالوا في الله لومة لائم وأقيموا الحدود في الحضر والسفر» رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (2) ، قال في "مجمع الزوائد": إسناد أحمد ثقات ويشهد لصحته عمومات الكتاب والسنة لعدم الفرق بين القريب والبعيد والمقيم والمسافر.
5000 - وأما حديث بسر بن أرطأة «أنه وجد رجلًا سرق في الغزو فجلده ولم يقطع يده وقال: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القطع في الغزو» رواه أحمد وأبو داود
_________
(1) البخاري (3/1282، 6/2491) (3288، 6406) ، مسلم (3/1315) (1688) ، أحمد (6/62) ، وهو عند أبي داود (4/132) (4373) ، والنسائي (7/74) ، وابن ماجه (2/851) (2547) ، وابن حبان (10/248) (4402) ، والترمذي (4/37) (1430) .
(2) عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (5/314، 316، 326) .(3/1691)
والنسائي (1) فهو ضعيف لا يحتج به، وقال الترمذي: غريب وفي إسناده ابن لهيعة، وفي إسناد النسائي بقية بن الوليد ورجال إسناد أبي داود ثقات، ولفظه عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ولا تقطع الأيدي في السفر ولولا ذلك لقطعته» ولم يذكر أبو داود أنه جلده وبسر بن أرطأة بضم الموحدة وسكون السين المهملة، قال المنذري قد اختلف في صحبته وكان يحيى بن معين لا يحسن الثناء عليه ونقل في "الخلاصة" عن ابن معين أنه قال لا صحبة له وأنه رجل سوء ولي اليمن وله فيها آثار قبيحة.
5001 - وعن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يغرم السارق إذا أقيم عليه الحد» رواه النسائي (2) وبين أنه منقطع، وقال أبو حاتم: منكر.
[32/37] باب ما جاء في المجنون أو الصغير يسرق أو يصيب حدًا
5002 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «رفع القلم عن ثلاثة النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق» رواه الخمسة إلا أحمد والترمذي وصححه الحاكم وأخرجه ابن حبان (3) .
_________
(1) أحمد (4/181) ، أبو داود (4/142) (4408) ، النسائي (8/91) ، الترمذي (4/53) (1450) .
(2) النسائي (8/92) ، الدارقطني (3/183) ، الطبراني في "الأوسط" (9/111) .
(3) أبو داود (4/139) (4398) ، النسائي (6/156) ، ابن ماجه (1/658) (2041) ، الحاكم (2/67) ، ابن حبان (1/355) (142) ، وهو عند ابن الجارود (1/46) (148) ، والدارمي (2/225) (2296) ، وابن أبي شيبة (4/194) ، وأبي يعلى (7/366) ، وأحمد (6/100، 101، 144) .(3/1692)
5003 - وعن بريدة في قصة ماعز لما أقر بالزنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال أشرب خمرًا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر» رواه مسلم والترمذي وصححه (1) .
[32/38] باب ما جاء فيمن فعل ما يوجب القطع
أو شيئًا مما يوجب الحد مكرهًا
5004 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» رواه ابن ماجة والحاكم، وقال أبو حاتم: لا يثبت، وقال النووي في "الروضة": أنه حديث حسن وأنكره أحمد بن حنبل وصححه ابن حبان والحاكم على شرط الشيخين وتقدم (2) في الطلاق.
[32/39] باب ما جاء في الستر على أهل الحدود
وعدم إبلاغها إلى الإمام والحاكم
5005 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة» رواه الترمذي والحاكم (3) ، وقال: إسناده صحيح على شرط الشيخين وذكر له شاهدًا.
5006 - وعن يزيد بن نعيم عن أبيه «أن ماعز أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقر عنده
_________
(1) تقدم برقم (4540) .
(2) تقدم برقم (4527) .
(3) سيأتي برقم (6430) .(3/1693)
أربع مرات فأمر برجمه، وقال لهزّال: لو سترته بثوبك كان خيرًا لك» رواه أبو داود والنسائي (1) ونعيم هو ابن هزال الأسلمي وقد قيل لا صحبه له إنما الصحبة لأبيه.
5007 - وعن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أصاب حدًا فعجل عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن يثنى على عبده العقوبة في الآخرة ومن أصاب حدًا فستره وعفى عنه فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفى عنه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب وأخرجه ابن ماجة والحاكم (2) ، وقال: صحيح على شرطهما وأقره الذهبي، وقال في "الهدي": إسناده جيد، وقال في "الفتح": إسناده حسن.
[32/40] باب ما جاء في التعزير والحبس في التهم
5008 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أقيلوا ذوي الهيآت وعثراتهم إلا الحدود» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن عدي والعقيلي (3) ، وقال: له طرق وليس فيها شيء يثبت، وقال ابن عدي: منكر الإسناد، وقال أبو زرعة: ضعيف، وقد صححه ابن حبان (4) بدون الاستثناء ولفظه «زلاتهم» بدل «عثراتهم» وأما ابن السكن فأخرجه في سننه الصحاح بالاستثناء.
_________
(1) أبو داود (4/134) ، النسائي في "الكبرى" (4/305-306) ، الحاكم (4/134) .
(2) الترمذي (5/16) (2626) ، ابن ماجه (2/868) (2604) ، الحاكم (1/48) .
(3) أحمد (6/181) ، أبو داود (4/133) (4375) ، النسائي في "الكبرى" (4/310) (7294) ، ابن عدي في "الكامل" (5/308) ، الدارقطني (3/207) .
(4) ابن حبان (1/296) (94) ، البيهقي (8/334) ، أبو يعلى (8/363) (4953) .(3/1694)
5009 - وعن أبي بردة بن نيار أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله» رواه الجماعة (1) .
5010 - وعن ابن عباس قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم» رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي (2) .
5011 - وعن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما بال هذا؟ فقيل: يا رسول الله إنه يتشبه بالنساء فأمر به فنفي إلى النقيع، فقالوا: يا رسول الله ألا نقتله، قال: إني نهيت عن قتل المصلين» رواه أبو داود (3) ، قال المنذري رواه أبو داود عن أبي يسار القرشي عن أبي هشام عن أبي هريرة وفي متنه نكارة وأبو يسار هذا لا أعرف اسمه وقد قال أبو حاتم الرازي لما سئل عنه: مجهول وليس كذلك فإنه قد روى عنه الأوزاعي والليث فكيف يكون مجهولًا انتهى.
_________
(1) البخاري (6/2512) (6456-6458) ، مسلم (3/1332) (1708) ، أبو داود (4/167) (4491، 4492) ، النسائي في "الكبرى" (4/320) ، الترمذي (4/63) (1463) ، ابن ماجه (2/867) (2601) ، أحمد (3/466، 4/45) ، وهو عند ابن الجارود (1/216) (850) ، وابن حبان (10/306-307) (4453) ، والحاكم (4/410) ، والدارقطني (3/207) ، وابن أبي شيبة (5/550) ، وعبد بن حميد (1/143) (366) ، والطبراني في "الكبير" (22/196، 197) .
(2) تقدم برقم (4435) .
(3) أبو داود (4/282) (4928) .(3/1695)
«والنقيع» بالنون ناحية من المدينة.
5012 - وقد تقدم (1) في كتاب النكاح حديث عائشة وفيه إخراج المخنث إلى البيداء وأنه كان يدخل كل جمعة يستطعم، رواه أبو داود.
5013 - وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حبس رجلًا في تهمة، ثم خلا عنه» رواه الخمسة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد (2) .
5014 - وأخرج (3) له شاهدًا من حديث أبي هريرة وفيه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلًا في تهمة يومًا وليلة» .
[32/41] باب ما جاء في المحاربين وقطاع الطريق
5015 - عن قتادة عن أنس «أن ناسًا من عكل وعرينة قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكلموا بالإسلام فاستوخموا المدينة فأمر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذود وراع وأمرهم أن يخرجوا فليشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا حتى إذا كانوا بناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم وقتلوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم - واستقاوا الذود فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث الطلب في آثارهم فأتي بهم فأمر بهم فسمروا أعينهم وقطعوا أيديهم وتركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا على حالهم» رواه الجماعة (4) وزاد البخاري: «قال قتادة: بلغنا أن
_________
(1) تقدم برقم (4251) .
(2) أبو داود (3/314) (3630) ، النسائي (8/66، 67) ، الترمذي (4/28) (1417) ، أحمد (4/447، 5/2، 4) ، الحاكم (1/214، 4/114) ، وابن الجارود (1/251) (1003) .
(3) الحاكم (4/114) .
(4) البخاري (2/546، 4/1535، 5/2163) (1430، 3956، 5395) ، مسلم (3/1298) (1671) ، أبو داود (4/131) (4368) ، النسائي (7/97) ، الترمذي (1/106، 4/281 = = 385) (72، 1845، 2042) ، ابن ماجه (2/861) (2578) ، أحمد (3/163، 170، 177، 233، 287، 290) ، وهو عند ابن الجارود (1/215) (846) ، وابن حبان (10/323) (4472) ، وابن خزيمة (1/61) (115) ، وزيادة البخاري (4/1535) (3956) .(3/1696)
النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحث على الصدقة وينهانا عن المثلة» وفي رواية لأحمد والبخاري وأبي داود (1) : «قال قتادة: فحدثني ابن سيرين ان ذلك كان قبل أن تنزل الحدود» وللبخاري وأبي داود (2) في هذا الحديث: «فأمر بمسامير فأحميت فكحلهم وقطع أيديهم وأرجلهم وما حسمهم، ثم ألقوا في الحرة فيستقون فما سقوا حتى ماتوا» وفي رواية النسائي (3) «فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وصلبهم» .
5016 - وعن سليمان التيمي عن أنس قال: «إنما سمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الراعي» رواه مسلم والنسائي والترمذي (4) .
5017 - وعن أبي الزناد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قطع الذين سرقوا ألقاحه وسمل أعينهم بالنار عاتبه الله في ذلك فأنزل الله تعالى: ((إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا)) [المائدة:33] الآية» رواه أبو داود والنسائي (5) ورجاله رجال الصحيح إلا أنه مرسل، وقد وصله أبو الزناد
_________
(1) أحمد (3/290) ، البخاري (5/2153) (5362) ، أبو داود (4/132) (4371)
(2) البخاري (3/1099، 6/2495) (2855، 6419) ، أبو داود (4/130) (4365) من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أنس به.
(3) النسائي (7/95-96) .
(4) مسلم (3/1298) (1671) ، النسائي (7/100) ، الترمذي (1/107-108) (73) ، أبو يعلى (7/117) (4068) ، ابن حبان (10/325) (4474) .
(5) أبو داود (4/131) (4370) ، النسائي (7/100) .(3/1697)
من طريق عبد الله بن عبيد الله بن عمر عن عمر كما في سنن أبي داود (1) في الحدود.
5018 - وقد أخرج له شاهدًا أبو داود والنسائي (2) من حديث ابن عباس.
5019 - وعند البخاري وأبي داود (3) عن أبي قلابة أنه قال في العرنيين: «فهؤلاء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله» وهو يشير إلى أنه سبب نزول الآية.
5020 - وعن ابن عباس في قطاع الطرق: «إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالًا نفوا من الأرض» رواه الشافعي في "مسنده" (4) وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وهو ضعيف.
قوله: «بناحية الحرة» قد تقدم أن الحرة أرض ذات حجارة سود. قوله: «فأمر بهم» في رواية البخاري (5) «فلما ارتفع النهار جيء بهم» . قوله: «فسمروا» بالسين المهملة تشديد الميم، وفي رواية للبخاري (6) «وسمرت أعينهم» وفي رواية لمسلم (7) «وسمل
_________
(1) أبو داود (4/131) (4369) .
(2) أبو داود (4/132) (4372) ، النسائي (7/101) .
(3) البخاري (1/92، 6/2496) (231، 6420) ، أبو داود (4/130) (4364) ، ابن حبان (10/320) (4468) .
(4) الشافعي (1/336) ، ومن طريقه البيهقي (8/283) ، وأخرجه عبد الرزاق (10/109) .
(5) البخاري (1/92) (231) .
(6) البخاري (1/92) (231) ، مسلم (3/1296، 1297) (1671) .
(7) مسلم (3/1296) (1671) .(3/1698)
أعينهم» بتخفيف الميم واللام.
[32/42] باب قتل الخوارج وأهل البغي
5021 - عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة» متفق عليه (1) .
5022 - وعن زيد بن وهب «أنه كان في الجيش الذين كانوا مع أمير المؤمنين علي الذين ساروا إلى الخوارج، فقال علي يا أيها الناس إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قرائتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضى لهم على لسان نبيهم - صلى الله عليه وسلم - لا تكلوا عن العمل وآية ذلك أن فيهم رجلًا له عضد ليس له ذراع على عضده مثل حلمة الثدي عليه شعيرات بيض، قال: فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس فسيروا على اسم الله،
_________
(1) البخاري (3/1321، 4/1927، 6/2539) (3415، 4770، 6531) ، مسلم (2/746) (1066) ، أحمد (1/81، 113، 131) ، وهو عند أبي داود (4/244) (4767) ، والنسائي (7/119) ، وابن حبان (15/136) (6739) ، وأبي يعلى (1/225-226، 273) (261، 324) .(3/1699)
قال سلمة بن كهيل فنزلني زيد بن وهب منزلًا منزلًا حتى قال مررنا على قنطرة فلما التقينا، وعلى الخوارج يومئذٍ عبد الله بن وهب الرسي، فقال لهم: ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء فرجعوا فوحشوا رماحهم وسلوا السيوف وشجرهم الناس برماحهم، قال وقتل بعض على بعض وما أصيب من الناس يومئذٍ إلا رجلان، فقال علي رضي الله عنه التمسوا فيهم المخدّج فالتمسوه فلم يجدوه فقام علي بنفسه حتى أتى ناسًا قد قتل بعضهم على بعض فقال أخروهم فوجدوه مما يلي الأرض فكبّر، ثم قال: صدق الله وبلغ رسوله، قال فقام إليه عبيدة السلماني، فقال يا أمير المؤمنين! آلله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال أي والله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثًا وهو يحلف له» رواه أحمد ومسلم (1) .
5023 - وعن أبي سعيد قال: «بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم قسمًا أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم، قال يا رسول الله اعدل، فقال ويلك فمن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل، فقال عمر: يا رسول الله أتأذن لي فيه فأضرب عنقه، قال: دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية تنظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم تنظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم تنظر إلى نضيه وهو قدحه فلا يوجد فيه شيء، ثم تنظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود أحد
_________
(1) أحمد (1/91) ، مسلم (2/478) (1066) ، أبو داود (4/244-245) (4768) .(3/1700)
عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر يخرجون على حين فرقة من الناس قال أبو سعيد فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن عليًا رضي الله عنه قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي نعته» .
5024 - وعنه قال: «بعث علي بن أبي طالب إلى النبي بذهيبة فقسمها بين أربعة: الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي، وعيينة بن بدر الفزاري، وزيد الطائي، ثم أحد بني نبهان، وعلقمة بن علاثة العامري، ثم أحد بني كلاب فغضب قريش والأنصار، وقالوا: يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا، قال: إنما أنا أتألفهم فأقبل رجل غاير العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق، فقال اتق الله يا محمد، فقال: «من يطع الله إذا عصيتُ؟ أيأمنني على أهل الأرض فلا تأمنوني؟ فسأله رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد فمنعه فلما ولى قال: «إن من ضئضئ هذا أو من عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» متفق عليهما (1) .
_________
(1) الحديث الأول أخرجه: البخاري (3/1321، 5/2281، 6/2540) (3414، 5811، 6534) ، ومسلم (2/744) (1064) ، وأحمد (3/56، 65) ، وابن حبان (15/140-141) (6741) ، والنسائي في "الكبرى" (5/159، 6/355) ، وعبد الرزاق (10/146-147) ، والحديث الثاني أخرجه: البخاري (3/1219، 4/1581، 6/2702) (3166، 4094، 6994) ، ومسلم (2/741، 742) (1064) ، وأحمد (3/4، 68، 73) ، وأبو داود (4/243) (4764) ، وأبو يعلى (2/390-391) (1163) ، وابن حبان (1/205-206) (25) ، والنسائي (5/87) .(3/1701)
5025 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تكون أمتي فرقتين فتخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق» وفي لفظ: «تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين تقتلها أولو الطائفتين بالحق» رواهما أحمد ومسلم (1) .
5026 - وعن مروان بن الحكم قال صرخ صارخ لعلي يوم الجمل «لا يقتلن مدبرٌ ولا يذفف على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن» رواه سعيد بن منصور (2) وأخرج نحوه ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي (3) من طريق عبد خير عن علي بلفظ «نادى منادي علي يوم الجمل أن لا يتبع مدبرهم ولا يذفف على جريحهم»
5027 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: «هل تدري يا ابن أم عبد كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة، قال: الله ورسوله أعلم، قال: لا يجهز على جريحها ولا يقتل أسيرها ولا يطلب هاربها ولا يقسم فيها» ، قال في "بلوغ المرام": رواه البزار والحاكم وصححه (4) فوَهم لأن في إسناده كوثر بن حكيم وهو متروك وصح عن علي من طرق نحوه موقوفًا أخرجه ابن أبي شيبة
_________
(1) أحمد (3/25، 32، 45، 48، 64، 79، 97) ، مسلم (2/745، 746) (1064) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/158) ، وأبي يعلى (2/307، 441، 499) (1036، 1246، 1345) ، وابن حبان (15/129) (6735) ، وأبي داود (4/217) (4667) ، وعبد الرزاق (10/151) ، والطيالسي (1/287) .
(2) سعيد بن منصور (2/389-390) .
(3) الحاكم (2/168) ، ابن أبي شيبة (6/498) ، البيهقي (8/181) .
(4) البزار (1849-كشف الأستار) ، الحاكم (2/168) ، البيهقي (8/182) .(3/1702)
والحاكم.
5028 - وعن الزهري قال: «هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون فأجمعوا على أن لا يقاد أحد ولا يؤخذ مال على تأويل القرآن إلا ما وجد بعينه» ذكره أحمد في رواية الأثرم واحتج به (1) .
5029 - وعن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من حمل علينا السلاح فليس منّا» أخرجاه (2) .
5030 - وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تقتل عمار الفئة الباغية» رواه مسلم (3) .
قوله: «حداث الأسنان» بحاء مهملة ودالة مهملة، وبعد الألف مثلثة جمع حدث بفتحتين والحدث هو صغير السن. قوله: «سفهاء الأحلام» جمع حلم بكسر أوله وهو العقل والمعنى أن عقولهم ردية. قوله: «يقولون من قول خير البرية» قيل هو القرآن ويحتمل أن يكون على ظاهره أي القول الحسن في الظاهر والباطن على خلافه كقولهم لا حكم إلا لله. قوله: «حناجرهم» الحناجر بالحاء المهملة والنون ثم
_________
(1) أخرجه سعيد بن منصور (2953) ، وعبد الرزاق (10/121) ، والبيهقي (8/175) ، وابن أبي شيبة (5/459) .
(2) تقدم برقم (3507) ، والحديث ليس للبخاري من حديث أبي هريرة، وإنما هو له من حديث ابن عمر، وقد تقدم حديث ابن عمر برقم (3968) .
(3) مسلم (4/2236) (2916) ، وهو عند ابن حبان (15/130-131، 553) (6736، 7077) ، والنسائي في "الكبرى" (5/75، 155) ، وأبي يعلى (12/424) (6990) ، وأحمد (6/300، 311) .(3/1703)
الجيم جمع حنجرة وهي الحلقوم والبلعوم وكله يطلق على مجرى النفس وهو طرف المري ما يلي الفم، والمراد أن إيمانهم باللسان لا بالقلب. قوله: «يمرقون من الدين» في رواية للنسائي (1) «يمرقون من الإسلام» وفي رواية له (2) : «يمرقون من الحق» . قوله: «كما يمرق السهم من الرمية» بفتح الراء وكسر الميم وتشديد التحتانية أي الشيء الذي يرمى به، وقيل المراد بالرمية الغزالة المرمية. قوله: «لا تكلوا من العمل» أي تركوا الطاعات واكتفوا بثواب قتلهم. قوله: «آية ذلك» أي علامته. قوله: «شعيرات» جمع شعرة، واسم ذي الثدية نافع. قوله: «في سرح الناس» بفتح السين المهملة وسكون الراء بعدها حاء مهملة: وهو المال السالم. قوله: «فنزلني زيد بن وهب منزلًا منزلًا» بفتح النون من نزلني وتشديد الزاي: أي حكى لي سيرهم منزلًا منزلًا. قوله: «يوم حروراء» بالمد والقصر: وهو موضع قريب من الكوفة كان أول اجتماع الخوارج فيه. قوله: «فوحشوا رماحهم» بالحاء المهملة والشين المعجمة أي رموها بعيدًا. قوله: «وشجرهم الناس» بفتح الشين المعجمة والجيم الشجر الأمر المختلف والرماح الشواجر المختلف بعضها في بعض والمراد هنا أن الناس اختلفوهم برماحهم وطعنوهم بها.
قوله: «المخدج» بخاء معجمة وجيم أي الناقص. قوله: «ذو الخويصرة» بضم الخاء المعجمة وسكون الياء التحتية وكسر الصاد المهملة بعدها راء واسمه حرقوض. قوله: «لا يجاوز تراقيهم» بمثناة فوق وقاف جمع ترقوة بفتح أوله وسكون الراء وضم القاف وهو العظم الذي بين ثغرتي النحر والعاتق، والمعنى
_________
(1) هذه اللفظة عند البخاري (6/2702) (6995) ، ومسلم (2/741) (1064) ، والنسائي (5/87) ، من حديث أبي سعيد، ووردت من حديث ابن عباس وابن عمر وعلي وغيرهم.
(2) النسائي في "الكبرى" (5/161) من طريق طارق بن زياد عن علي.(3/1704)
إن قراءتهم لا يرفعها الله ولا يقبلها، وقال النووي: إنه ليس لهم فيه حظ إلا مروره على ألسنتهم لا يصل إلى حلوقهم فضلًا عن قلوبهم؛ لأن المطلوب تعقله وتدبره بوقوعه في القلب. قوله: «نصله» أي نصل السهم وهي الحديدة المركبة فيه والمراد أنه ينظر إلى ذلك ليعرف هل أصاب أم أخطأ فإذا لم يره علق به شيء من الدم ولا غيره ظن أنه لم يصبه، والغرض أنه أصابه، وإلى ذلك أشار بقوله: «قد سبق الفرث والدم» أي جاوزهما ولم يتعلق به منهما بشيء بل خرجا بعده. قوله: رصافة: الرصاف اسم للعقب الذي يلوى فوق الرعظ من السهم، يقال رصف السهم شد على رعظه (1) عقبه. قوله: «إلى نضيه» بفتح النون وكسر الضاد المعجمة وتشديد الياء في "القاموس" النضي كغني السهم بلا نصل ولا ريش، وفي "الدر النثير" النضي نعل السيف، وقيل ما بين الريش والنصل، وقيل هو السهم قبل أن ينحت. قوله: «قذذه» جمع قذة بضم القاف وتشديد الذال المعجمة وهو ريش السهم، والمراد أن الرامي إذا أراد أن يعرف هل أصاب أم لا نظر إلى السهم والنصل هل علق بهما شيء من الدم، فقد أصاب أو لم يعلق عرف أنه لم يصب، وهذا مثل ضربه - صلى الله عليه وسلم - للخوارج أراد به أنهم يخرجون من الإسلام لا يعلق بهم منه شيء كما أنه لم يعلق بالسهم من الدم شيء. قوله: «أو مثل البضعة» بفتح الموحدة وسكون الضاد المعجمة القطعة من اللحم.
قوله: «تدردر» بفتح أوله ودالين مهملتين مفتوحتين بينهما راء ساكنة، وآخره راء ومعناه تتحرك وتذهب وتجيء وأصله حكاية صوت الماء في بطن الوادي إذا تدافع. قوله: «على حين فرقة» في كثير من الروايات على حين فرقة بالحاء المهملة
_________
(1) الرُّعظ: الثقب الذي يدخل فيه أصل النصل، ويقال سهم مرعوظ ذكره الزمخشري في أساس البلاغة.(3/1705)
المكسورة وآخره نون. قوله: «ذهيبة» بضم الذال المعجمة وفتح الهاء تصغير ذهبة. قوله: «علاثة» بضم العين المهملة وبالثاء المثلثة. قوله: «صناديد» جمع صنديد وهو الشجاع أو الحليم أو الجواد أو الشريف على ما في "القاموس". قوله: «غاير العينين» بالغين المعجمة المراد أن عينيه منحدرتان عن الموضع المعتاد ووجنتيه مشرفتان أي مرتفعتان عن المكان المعتاد وجبينه ناتٍ أي بارز. قوله: «محلوق» أي رأسه محلوق جميعه، وقد ورد ما يدل على أن حلق الرأس من علامة الخوارج كما في حديث أبي سعيد عن الطبراني (1) بلفظ: «قيل يا رسول الله ما سيماهم، قال التحليق» وفي رواية «يحلقون رؤوسهم» قوله: «من ضئضئ» بضادين معجمتين مكسورتين بينهما همزة ساكنة وآخره همزة أي من نسله وعقبه. قوله: «ولا يذفف» بالذال المعجمة المفتوحة بعدها فاء مشددة ثم فاء مخففة على صيغة البناء للمجهول أي لا يجهز على جريحهم. قوله: «على أن لا يقاد أحد» أي لا يثبت القصاص على قتل في الفتنة ولا يؤخذ مال على تأويل القرآن إلا ما وجد بعينه المراد أنه لا يغنم منهم إلا ما كان موجودًا عند القتال.
[32/43] باب الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم
والكف عن إقامة السيف
5031 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبراَ فمات فميتته جاهلية» ، وفي لفظ: «من
_________
(1) من الأحاديث التي تدل على أن من سيماهم التحليق البخاري (6/2748) (7123) ، ابن حبان (15/138) ، أبو داود (4/243) (4765) ، النسائي (7/119-120) ، أحمد (3/5) ، أبو يعلى (2/408) (1193) ، الطبراني في "الأوسط" (5/243) .(3/1706)
كره من أميره شيئًا فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرًا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية» .
5032 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي وسيكون خلفاء فيكثرون، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم» متفق عليهن (1) .
5033 - وعن الحارث بن الحارث الأشعري مرفوعًا «من فارق الجماعة شبرًا فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه» رواه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وصححه (2) .
5034 - ولأبي داود (3) من حديث أبي ذر: «من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه» ورواه الحاكم (4) بإبدال لفظة «قدر» «بقيد» ، وقال:
_________
(1) الحديث الأول عند البخاري (6/2588، 2612) (6646، 6724) ، ومسلم (3/1477) (1849) ، وأحمد (1/275) ، بالرواية الأولى، والرواية الثانية عند البخاري (6/2588) (6645) ، ومسلم (3/1478) (1849) ، وأحمد (1/310) ، والحديث الثاني عند البخاري (3/1273) (3268) ، ومسلم (3/1471) (1842) ، وأحمد (2/297) ، وابن حبان (10/418-419) (4555) ، وابن ماجه (2/958) (2871) ، وأبي يعلى (11/75) (6211) .
(2) الترمذي (5/148، 149) (2863، 2864) ، ابن خزيمة (3/195-196) (1895) ، ابن حبان (14/124-127) (6233) ، أحمد (4/130، 202) ، الحاكم (1/204) ، أبو يعلى (3/140-142) (1571) .
(3) أبو داود (4/241) (4758) .
(4) الحاكم (1/203) .(3/1707)
رواه ابن عمر بإسناد صحيح على شرط الشيخين.
5035 - وعن عوف بن مالك الأشجعي، قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنوهم ويلعنوكم، قال: قلت يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا ما أقاموا الصلاة إلا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئًا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدًا من طاعة» .
5036 - وعن حذيفة بن اليمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيكم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس، قال: قلت: كيف أصنع؟ يا رسول الله إن أدركت ذلك، قال: تسمع وتطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع» .
5037 - وعن عرفجة الأشجعي، قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أتاكم وأمركم جمع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرقها عنكم فاقتلوه» رواهن أحمد ومسلم (1) .
_________
(1) الحديث الأول عند أحمد (6/24، 28) ، ومسلم (3/1481، 1482) (1855) ، وابن حبان (10/449) (4589) ، والدارمي (2/417) (2797) ، والبيهقي (8/158) ، والطبراني في "الكبير" (18/62) ، والحديث الثاني عند مسلم (3/1476) (1847) ، وليس هو في مسند أحمد إنما الذي فيه من حديث حذيفة «إنها ستكون أمراء يكذبون ويظلمون، فمن صدقهم بكذبهم ... » الحديث في المسند (5/384) ، والحديث الثالث عند أحمد (4/261، 341، 5/23) ، ومسلم (3/1480) (1852) ، والنسائي (7/92، 93) ، وأبي داود (4/242) (4762) ، وابن حبان (10/437-438) (4577) ، والحاكم (2/169) .(3/1708)
5038 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» أخرجه مسلم (1) .
5039 - وعن عبادة بن الصامت قال: «بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وإثره علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم فيه من الله برهان» متفق عليه (2) .
5040 - وعن أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أبا ذر كيف بك عند ولاة يستأثرون عليك بهذا الفيء، قال: والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي وأضرب حتى ألحقك، قال: أولا أدلك على ما هو خير لك من ذلك تصبر حتى تلحقني» رواه أحمد (3) وفي إسناده خالد بن دهنان مجهول وذكره ابن حبان في الثقات.
5041 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله» رواه البخاري (4) .
_________
(1) مسلم (3/1480) (1853) .
(2) البخاري (6/2588، 2633) (6647، 6774) ، مسلم (3/1470) (1709) ، أحمد (5/314، 316، 318، 319) ، وهو بمعناه عند ابن حبان (10/412-413) (4547) ، وابن ماجه (2/957) (2866) ، والنسائي (7/137، 138، 139) ، والحميدي (1/192) (389) .
(3) أحمد (5/179) ، وعبد الله بن أحمد (5/180) ، وأبو داود (4/241) (4759) .
(4) البخاري (1/246، 6/2612) (661، 6723) ، ابن ماجه (2/955) (2860) ، أبو يعلى (7/191) (4176) ، أحمد (3/114) جميعهم بلفظ: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» .(3/1709)
5042 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني» أخرجاه (1) .
5043 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن من أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة» أخرجاه (2) وفي الباب أحاديث.
قوله: «كفرًا بواحًا» بالباء الموحدة والحاء المهملة أي ظاهرًا باديًا. قوله: «جثمان إنس» بضم الجيم وسكون المثلثة أي لهم قلوب كقلوب الشياطين وأجسام كأجسام الإنس. قوله: «عرفجة» بفتح العين المهملة وسكون الراء وفتح الفاء بعدها جيم هو ابن شريح بضم المعجمة وفتح الراء وسكون التحتية بعدها حاء. قوله: «منشطنا» بفتح الميم والشين المعجمة وسكون النون التي بينهما أي في حال نشاطنا وحال كراهتنا وعجزنا عن العمل بما نؤمر به.
_________
(1) البخاري (3/1080، 6/2611) (2797، 6718) ، مسلم (3/1466) (1835) ، أحمد (2/252، 270، 313، 342، 386، 416، 467، 471، 511) ، وهو عند ابن حبان (10/420) (4556) ، وابن خزيمة (3/46) (1597) ، وابن ماجه (2/954) (2859) ، والنسائي (7/154) ، وأبي يعلى (11/154) (6272) .
(2) البخاري (3/1080، 6/2612) (2796، 6725) ، مسلم (3/1469) (1839) ، وهو عند أحمد (2/17، 142) ، وأبي داود (3/40) (2626) ، والترمذي (4/209) (1707) ، والنسائي (7/160) ، وابن ماجه (2/956) (2864) .(3/1710)
[32/44] باب ما جاء في حد الساحر وذم السحر والكهانة.
5044 - عن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حد الساحر ضربه بالسيف» رواه الترمذي والدارقطني وضعف الترمذي إسناده وصحح وقفه عن جندب وأخرجه الحاكم والبيهقي (1) .
5045 - وعن بجالة بن عبده، قال «كنت كاتب الحر بن معاوية عم الأحنف بن قيس فأتى كتاب عمر قبل موته بشهرين: اقتلوا كل ساحر وساحرة وفرقوا بين كل ذي رحم محرم من المجوس وانهوهم عن الرمومة، فقتلنا ثلاث سواحر وجعلنا نفرق بين الرجل وحريمه في كتاب الله» رواه أحمد وأبو داود (2) بدون لفظ «ساحرة» ، وقال المنذري: أخرجه البخاري والترمذي والنسائي مختصرًا (3) .
5046 - وعن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه: «أن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قتلت جارية لها سحرتها وكانت قد دبرتها فأمرت بها فقتلت» رواه مالك في "الموطأ" عنه (4) .
5047 - وعن ابن شهاب: «أنه سئل أعلى من سحر من أهل العهد قتل؟
_________
(1) الترمذي (4/60) (1460) ، الدارقطني (3/114) ، الحاكم (4/401) ، البيهقي (8/136) ، الطبراني في "الكبير" (2/161) ، وابن عدي في "الكامل" (1/284) .
(2) أحمد (1/190) ، أبو داود (3/168) (3043) .
(3) سيأتي برقم (5406) .
(4) مالك في "الموطأ" (2/871) (1562) ، وأخرجه من طريق آخر عبد الرزاق (10/180) ، والبيهقي (8/136) ، وابن أبي شيبة (5/453) ، والطبراني في "الكبير" (23/187) .(3/1711)
قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد صنع له ذلك فلم يقتل من صنعه وكان من أهل الكتاب» أخرجه البخاري (1) وليس فيه دليل على عدم قتل الساحر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يعاقب بما وقع فيه كما في قصة اليهودية التي سمته.
5048 - ويشهد لما قلناه حديث عائشة عند البخاري (2) قالت: «ما انتقم النبي - صلى الله عليه وسلم - لنفسه في شيء يؤتى إليه حتى ينتهك من حرمات الله فينتقم» .
5049 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» أخرجاه (3) .
5050 - وعن عائشة قالت: «سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أنه ليخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله حق إذا كان ذات يوم وهو عندي دعى الله ودعى، ثم قال: أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني بما أستفتيه، قلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، ثم قال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي من بني زريق، قال: في ماذا؟ قال في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر،
_________
(1) علقه البخاري (3/1159) قبل الحديث (3004) باب هل يعفى عن الذمي إذا سحر، ووصله ابن وهب في "جامعه" كما في "الفتح" (6/277) .
(2) البخاري (3/1306، 5/2269) (3367، 5775) ، وهو عند مسلم بمعناه (4/1814) (2328) .
(3) تقدم برقم (3648) .(3/1712)
قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذروان فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أناس من أصحابه إلى البئر فنظر إليها وعليها نخل ثم رجع إلى عائشة، فقال: والله لكأن ماؤها نقاعة الحناء ولكأن نخلها رؤوس الشياطين، فقلت: يا رسول الله أفأخرجته، قال: لا أما أنا فقد عافاني الله وشفاني وخشيت أن أثير على الناس شرًا فأمر بها فدفنت» متفق عليه (1) ، وفي رواية لمسلم (2) : قال: «فقلت يا رسول الله! أفلا أخرجته؟ قال: لا» وفي رواية للبخاري من حديث عائشة: «فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لهذه البئر التي أريتها كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين وكأن مائها نقاعة الحناء فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخرج قالت عائشة: فقلت يا رسول الله! فهلا تعني تنشرت؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما الله فقد شفاني وأما أنا فأكره أن أثير على الناس شرًا» انتهى. ذكر ذلك في كتاب الأدب في باب إن الله يأمر بالعدل والإحسان (3) ، وفي البخاري أيضًا في باب الشرك والسحر من الموبقات (4)
أخرج حديث عائشة المذكور وفيه «فأتى البئر حتى استخرجه، فقال: هذه البئر التي أريتها، قال: فاستخرج ذلك، قالت: فقلت: أفلا تنشرت؟ فقال: أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من الناس شرًا» انتهى. وقال في "الفتح": النشر بالضم نوع من العلاج انتهى.
_________
(1) البخاري (3/1192، 5/2174، 2176) (3095، 5430، 5433) ، مسلم (4/1719-1720) (2189) ، أحمد (6/57، 96) ، وهو عند ابن حبان (14/545-546) (6583) ، وابن ماجه (2/1173) (3545) ، والنسائي في "الكبرى" (4/380) ، وابن أبي شيبة (5/41) ، والحميدي (1/126) (259) ، وأبي يعلى (8/290-293) (4882) .
(2) مسلم (4/1721) (2189) .
(3) البخاري (5/2252) (5716) .
(4) البخاري (5/2175) (5432) ، أحمد (6/63) ، والشافعي (1/382) ..(3/1713)
5051 - وعن زيد بن أرقم، قال: «سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل من اليهود فاشتكى لذلك أيامًا فأتاه جبريل فقال: إن رجلًا من اليهود سحرك عقد لك عقدًا في بئر كذا وكذا فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستخرجها فحلها فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما نشط من عقال فما ذكر ذلك لذلك اليهودي ولا رآه في وجهه قط» أخرجه النسائي (1) .
5052 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عقد عقدة، ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق بشيء وكل إليه» أخرجه النسائي (2) من رواية الحسن عن أبي هريرة ولم يسمع منه عند الجمهور.
5053 - وعن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر وقاطع رحم ومصدق بالسحر» رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه" (3) .
5054 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى كاهنًا أو عرافًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والحاكم (4) ، وقال: صحيح الإسناد، وقال العراقي في "أمالية": حديث صحيح.
5055 - وللترمذي وأبي داود من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «من أتى
_________
(1) النسائي (7/112) (4080) ، وهو عند ابن أبي شيبة (5/40) ، وأحمد (4/367) ، والطبراني في "الكبير" (5/180) .
(2) النسائي (7/112) (4079) ، الطبراني في "الأوسط" (2/127-128) ، ابن عدي في "الكامل" (4/341) .
(3) أحمد (4/399) ، ابن حبان (13/507) (6137) ، أبو يعلى (13/223-224) (7248) .
(4) أحمد (2/429) ، الحاكم (1/49) .(3/1714)
حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنًا، فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد» وضعف البخاري إسناده، وقد تقدم (1) في كتاب النكاح.
5056 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى كاهنًا فصدقه بما قال، فقد كفر بما أنزل على محمد» رواه البزار (2) بإسناد جيد قوي.
5057 - زاد الطبراني (3) من رواية أنس «من أتاه غير مصدق لم يقبل الله له صلاة أربعين ليلة» .
5058 - وعن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه لم يقبل الله له صلاة أربعين ليلة» رواه أحمد ومسلم (4) ، وقال: «أربعين يومًا» .
5059 - وعن عائشة قالت: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الكهانة فقال: ليس بشيء، فقالوا: يا رسول الله إنهم يحدثون أحيانًا بشيء فيكون حقًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تلك الكلمة من الحق يخطفها الشيطان فيقرها في أُذن وليه يخلطون معها مائة كذبة» متفق عليه (5) ، وفي رواية لمسلم (6) «فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة» .
_________
(1) تقدم برقم (529) .
(2) كما في "كشف الأستار" (3/405) .
(3) الطبراني في "الأوسط" (3/378) (6670) .
(4) أحمد (4/68، 5/380) ، مسلم (4/1751) (2230) .
(5) البخاري (5/2173) (5429) ، مسلم (4/1750) (2228) ، ابن حبان (13/506) (6136) .
(6) مسلم (4/1750) (2228) ، والبخاري (5/2294، 6/2748) (5859، 7122) ، وأحمد (6/87) .(3/1715)
5060 - وعن عائشة قالت: «كان لأبي بكر غلام يأكل من خراجه فجاء بشيء فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ قال: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته فلقيني فأعطاني ذلك فهذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه» أخرجه البخاري (1) .
5061 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من اقتبس علمًا من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (2) ورجال إسناده ثقات.
5062 - وعن معاوية بن الحكم السلمي قال: «قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بالجاهلية وقد جاء الله بالإسلام فإن منا رجالًا يأتون الكهان، قال: فلا تأتهم، قال: ومنا رجال يتطيرون، قال: ذلك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنكم، قال: قلت: ومنا رجال يخطون، قال: كان نبيًا من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك» رواه أحمد ومسلم (3) .
5063 - وعن عمران قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من تطير ولا
_________
(1) البخاري (3/1395) (3629) .
(2) أحمد (1/311) ، أبو داود (4/15) (3905) ، ابن ماجه (2/1228) (3726) ، ابن أبي شيبة (5/239) .
(3) أحمد (5/447، 448) ، مسلم (1/381) (537) ، وهو عند النسائي (3/16-17) ، وأبي داود (1/244) (930) ، وابن حبان (6/22-23) (2247) ، وابن خزيمة (2/35) (859) .(3/1716)
من تطير له أو تكهن أو تكهن له -أظنه قال-: أو سحر أو سحر له» رواه الطبراني في أكبر معاجيمه (1) وفي إسناده أبو حمزة العطار ضعفه الفلاس وابن عدي، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وهو من حديث الحسن عن عمران، وفي سماعه منه اختلاف؛ لكن قال الحاكم: الأكثر على السماع، وقال المنذري بعد أن ساق حديث عمران: رواه البزار (2) بإسناد جيد
5064 - وأخرجه الطبراني (3) من حديث ابن عباس بإسناد حسن.
قوله: «الزمزمة» بزائين معجمتين كلام يصدر منهم عند الطعام. قوله: «مطبوب» بالطاء المهملة وموحدتين اسم مفعول أي مسحور. قوله: «من بني زريق» بتقديم الزاي. قوله: «في مُشط ومشاطة» المشط بضم الميم والشين المعجمة وبضم الميم وسكون الشين وهو الآلة المعروفة التي يسرح بها الشعر، والمشاطة بضم الميم هي اشعر الذي يسقط من الرأس واللحية عند تسريحه بالمشط، ووقع في رواية للبخاري (4) «ومشاقة» بالقاف وهي المشاطة، وقيل مشاقة الكتان. قوله: «جف طلعة» بالجيم والفاء وهو وعاء طلع النخل أي الغشاء الذي يكون عليه ويطلق على الذكر والأنثى. قوله: «في بئر ذروان» هكذا وقع في نسخ من البخاري وفي جميع روايات مسلم أجد وأصح. قوله: «نقاعة الحناء» بضم النون من نقاعة وهو الماء الذي ينقع
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (18/162) (355) .
(2) البزار (9/52) (3578) .
(3) الطبراني في "الأوسط" (4/301-302) .
(4) البخاري (3/1192، 5/2174، 2175) (3095، 5430، 5432) .(3/1717)
فيهه الحناء. قوله: «كاهنًا» قال في "الدر النثير": الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبلة الزمان ويدعي معرفة الأسرار الجمع كهان وكهنة وفي "النهاية": الكاهن يشمل العراف والمنجم. قوله: «أو عرافًا» هو المنجم أو الحاذي الذي يدعي علم الغيب ولقد أجاد بعض بني حمدان حيث قال.
دَعِ النُّجومَ لعرَّافٍ يعيش بها ... وانهض بعزم قوي أيها الملك
إن النبي وأصحاب النبي نُهوا ... عن النجوم وقد أبصرت ما ملكوا
وقول الآخر:
لا تركنن إلى مقال منجمٍ ... وكِلِ الأمورَ إلى القضاءِ وسلِّمِ
واعلم بأنك إن جعلت لكوكبٍ ... تدبير حادثة فلست بمسلمِ
قوله: «يخطفها» بفتح الطاء المهملة على المشهور أي استرقها وأخذها بسرعة. قوله: «فيقرها» بفتح التحتية وضم القاف وتشديد الراء القر ترديد الكلام في أذن المخاطب حتى يفهمه. قوله: «قرّ الدجاجة» الدجاجة بالدال المهملة هي الحيوان المعروف أي صوتها عند مجاذبتها لصواحبها. قوله: «زاد ما زاد» أي زاد من علوم النجوم كمثل ما زاد من السحر. قوله: «يطيرون» بفتح التحتية وتشديد الطاء المهملة وأصله يتطيرون أدغمت التاء في الطاء والطيرة التشاؤم بالشيء المكروه مصدر تطيّر كتحير حيرة ولم يجيء من المصادر هكذا غيرهما. قوله: «يخطون» الخط هو الذي يخطه الحازي بالحاء المهملة والزاي الذي ينظر في المغيبات يظنه فيأتي صاحب الحاجة إلى الحازي فيعطيه شيئًا ثم يأتي الحازي إلى أرض رخوة فيخط فيها خطوطًا كثيرة في أربعة أسطر عجلًا ثم يمحو منها على مهل خطين خطين فإن بقي خطان فهو علامة(3/1718)
النجاح وإن بقي خط واحد فهو علامة الخيبة هكذا في شرح السنن لابن رسلان، قال وهذا علم معروف فيه للناس تصانيف كثيرة وهو معمول به إلى الآن ويستخرجون به الضمير، وقال الحربي: الخط في الحديث هو أن يخط ثلاثة خطوط ثم يضرب عليهن ويقول كذا وكذا وهو ضرب من الكهانة. قوله: «كان نبي من الأنبياء يخط» قيل هو أدريس عليه السلام وفيه إباحة ما كان لمثل خط النبي المذكور ولكن من أين يعرف الموافقة لخطه فلا سبيل إلى ذلك إلا من طريق نبينا - صلى الله عليه وسلم - ولم يرد في ذلك شيء.
[32/45] باب قتل من صرح بسب النبي - صلى الله عليه وسلم - دون من عرّض
5065 - عن علي: «أن يهودية كانت تشتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقع فيه فخنقها رجل حتى ماتت فأبطل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دمها» رواه أبو داود (1) ورجاله ورجال الصحيح.
5066 - وعن ابن عباس «أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر فلما كان ذات ليلة جعلت تقع على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشتمه فأخذ المعول فجعله في بطنها واتكأ عليه فقتلها، فلما أصبح ذكُر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فجمع الناس فقال: أنشد الله رجلًا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام، فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتدلدل حتى قعد بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أنا صاحبها كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت
_________
(1) أبو داود (4/129) (4362) .(3/1719)
تشتمك وتقع فيك فأخذت المعول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألا اشهدوا أن دمها هدر» ، رواه أبو داود والنسائي (1) واحتج به أحمد في رواية ابنه عبد الله، وقال في "بلوغ المرام": رواته ثقات.
5067 - وعن أنس قال: «مرّ يهودي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال السام عليك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليك، قالوا: يا رسول الله ألا نقتله؟ قال: لا إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم» ، رواه أحمد والبخاري (2) ، وقد سبق (3) أن ذو الخويصرة قال: «يا رسول الله اعدل وأنه منع من قتله» .
وقد نقل ابن المنذر الاتفاق أن من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - صريحًا وجب قتله وسب النبي - صلى الله عليه وسلم - كفرٌ صريح.
* * *
_________
(1) أبو داود (4/129) (4361) ، النسائي (7/107) .
(2) أحمد (3/210، 218) ، والبخاري (6/2538) (6527) .
(3) تقدم حديث ذو الخويصرة برقم (5029) .(3/1720)
أبواب أحكام الردة والإسلام
[32/46] باب قتل المرتد
5068 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة» رواه الجماعة (1) .
5069 - وعن عكرمة قال: «أُتي علي رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بدل دينه فاقتلوه» رواه الجماعة إلا مسلمًا (2) وليس لابن ماجة فيه سوى «من بدل دينه فاقتلوه» .
5070 - وأخرج البخاري (3) في الجهاد من حديث أبي هريرة حديثًا
_________
(1) البخاري (6/2521) (6484) ، مسلم (3/1302) (1676) ، أبو داود (4/126) (4352) ، النسائي (7/90، 8/13) ، الترمذي (4/19) (1402) ، ابن ماجه (2/847) (2534) ، أحمد (1/382، 428، 444، 465) ، وهو عند ابن الجارود (1/212) (832) ، وابن حبان (10/256، 13/316) (4407، 5977) ، والدارمي (2/226، 288) (2298، 2447) ، وابن أبي شيبة (5/452) ، والطيالسي (1/65) (119) ، وأبي يعلى (9/128) (5202) .
(2) البخاري (3/1098، 6/2537) (2854، 6524) ، أبو داود (4/126) (4351) ، النسائي (7/104) ، الترمذي (4/59) (1458) ، ابن ماجه (2/848) (2535) ، أحمد (1/217، 219-220، 282-283) ، ابن حبان (12/421) (5606) ، أبو يعلى (4/409) (2532) .
(3) سيأتي برقم (5235) .(3/1721)
وفيه «وأن النار لا يعذب بها إلا الله» .
5071 - ولأبي داود (1) من حديث ابن مسعود بلفظ «وأنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار» .
5072 - وفي حديث أبي موسى: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له اذهب إلى اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل، فلما قدم معاذ عليه ألقى له وسادة وقال: انزل فإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديًا فأسلم، ثم تهود، قال: لا أجلس حتى يقتل قضى الله ورسوله» متفقٌ عليه (2) ، وفي رواية لأحمد (3) : «قضى الله ورسوله أنه من رجع عن دينه فاقتلوه» ولأبي داود (4) في هذه القصة «فأتى أبو موسى برجل قد ارتد عن الإسلام فدعاه عشرين ليلة أو قريبًا منها فجاء معاذ فدعاه فأبى فضرب عنقه» .
5073 - وعن محمد بن عبد الله بن عبدٍ القاري قال: «قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى فسأله عن الناس فأخبره ثم قال هل من مغربه خبر؟ قال: نعم رجل كفر بعد إسلامه، قال: ما فعلتم به؟ قال: قربناه فضربنا عنقه، فقال عمر: هلا حبستموه ثلاثًا وأطعمتموه كل يوم رغيفًا واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله اللهم إني لم أحضر ولم أرض إذ بلغني» رواه الشافعي (5) .
_________
(1) أبو داود (3/55، 4/367) (2675، 5268) .
(2) البخاري (6/2537) (6525) ، مسلم (3/1456) (1733) ، أحمد (4/409) ، أبو داود (4/126) (4354) ، النسائي (7/105) .
(3) أحمد (5/231) من حديث أبي بردة.
(4) أبو داود (4/127) (4356) .
(5) الشافعي (1/321) ، ومالك (2/737) (1414) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/211) ، وعبد الرزاق (10/164-165) .(3/1722)
5074 - وعن معاذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه، فإن تاب فاقبل منه، وإن لم يتب فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن تابت فاقبل منها، وإن أبت فاستتبها» ، رواه الطبراني في "الكبير" (1) ، وفي رواية عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أرسله إلى اليمن قال: «أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه، فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن عادت وإلا فاضرب عنقها» قال الحافظ وسنده حسن.
5075 - وعن جابر «أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يعرض عليها الإسلام، فإن تابت وإلا قتلت» أخرجه الدارقطني والبيهقي (2) من طريقين وزاد في أحدهما: «فأبت أن تسلم فقتلت» . قال الحافظ وإسنادهما ضعيفان، وفي الباب أحاديث يقوي بعضها بعضًا.
قوله: «بزنادقة» بزاي ونون وقاف جمع زنديق بكسر أوله وسكون ثانيه، وقد اختلف في تفسير الزنديق، وقد أطلق جماعة من الشافعية الزندقة على من يخفى الكفر ويظهر الإسلام، وقال النووي في "الروضة": الزنديق الذي لا ينتحل دينًا.
[32/47] باب ما يصير به الكافر مسلمًا
5076 - عن ابن مسعود قال: «إن الله عز وجل ابتعث نبيه لإدخال رجل الجنة فدخل الكنيسة وإذا يهود وإذا يهودي يقرأ عليهم التوراة، فلما أتوا على صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - أمسكوا وفي ناحيتها رجل مريض، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لكم أمسكتم،
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (20/53) (93) .
(2) الدارقطني (3/118، 119) (122، 125) ، البيهقي (8/203) .(3/1723)
فقال المريض إنهم أتوا على صفة نبي فأمسكوا، ثم جاء المريض يحبو حتى أخذ التوراة فقرأ، حتى أتى على صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته، فقال: هذه صفتك وصفة أمتك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لوا أخاكم» ، رواه أحمد والطبراني (1) وقال في "مجمع الزوائد": في إسناده عطاء بن السائب، وقد اختلط.
5077 - وعن أبي صخر العقيلي قال: حدثني رجل من الأعراب، قال: «جلبت جلوبة إلى المدينة في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغت من بيعتي قلت: لألقين هذا الرجل ولأسمعن منه، قال: فتلقى بي بين أبي بكر وعمر يمشون فتبعتهم في أقفالهم حتى أتوا على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرأها يعزي بها نفسه على ابنٍ له في الموت كأحسن الفتيان وأجمله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنشدتك بالذي أنزل التوراة هل تجد في كتابك هذا صفتي ومخرجي؟ فقال برأسه هكذا أي لا، فقال ابنه: أي والله الذي أنزل التوراة بالحق إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال: أقيموا اليهودي عن أخيكم، ثم ولى دفنه وجننه والصلاة عليه» رواه أحمد (2) وقال في "مجمع الزوائد": أبو صخر لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح، وقال ابن حجر في "المنفعة": اسمه عبد الله بن قدامة وهو مختلف في صحبته وجزم البخاري ومسلم وابن حبان وغيرهما بأن له صحبة، ثم ذكر ابن حجر الاضطراب في إسناده.
_________
(1) أحمد (1/416) ، الطبراني في "الكبير" (10/153) .
(2) أحمد (5/411) .(3/1724)
5078 - وعن أنس «أن يهوديًا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أشهد أنك رسول الله ثم مات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صلوا على صاحبكم» ، رواه أحمد (1) من رواية ههنا محتجًا به، قال في "مجمع الزوائد": أخرجه أبو يعلى (2) بإسناد رجاله رجال الصحيح.
5079 - وعن ابن عمر قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد إلى بني حنيفة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيره حتى إذا أصبح أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، فقلت والله لا يقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره حتى قدمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين» رواه البخاري (3) وفيه دليل على أن الكناية مع النية كصريح لفظ الإسلام.
5080 - وعن رجل من الأنصار: «أنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجارية فقال: يا رسول الله، عليَّ رقبة مؤمنة أفأعتق هذه؟ فقال لها رسول الله أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أن محمدًا رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت: نعم، قال: اعتقها» ، رواه في "الموطأ" وأحمد (4) ورجاله
_________
(1) أحمد (3/260) .
(2) أبو يعلى (7/282-283) (4306) .
(3) البخاري (4/1577، 6/2628) (4084، 6766) ، وهو عند أحمد (2/150-151) ، والنسائي (8/236-237) ، وابن حبان (11/53) (4749) ، والبيهقي (9/115) ، وعبد الرزاق (10/174) ، وعبد بن حميد (1/239) (731) .
(4) عبد الرزاق (9/175) ومن طريقه أحمد (3/451-452) ، وابن الجارود (1/234) (631) ، وأخرجه البيهقي (7/388) من طريق مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن رجل من الأنصار ... » .(3/1725)
أئمة وسيأتي.
5081 - وعن الشريد بن سويد الثقفي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال لجارية: من ربك؟ قالت: الله، قال: فمن أنا؟ قالت: رسول الله، قال: اعتقها فإنها مؤمنة» رواه أبو داود والنسائي (1) وسيأتي.
5082 - وعن معاوية بن الحكم السلمي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لجارية أراد معاوية بن الحكم أن يعتقها عن كفارة: «أين الله؟ قالت: في السماء، فقال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، فقال: اعتقها» ، رواه مسلم و"الموطأ" وأبو داود والنسائي (2) .
5083 - وعن عمر بن الخطاب قال: «بينا نحن جلوس عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم إذ طلع رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا» ، رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي (3) وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الجامع مطولًا.
5084 - وهو عند البخاري (4) أيضًا من حديث أبي هريرة.
5085 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بني الإسلام على
_________
(1) أبو داود (3/230) (3283) ، النسائي (6/252) ، أحمد (4/222) .
(2) تقدم برقمي (1247، 5068) .
(3) سيأتي برقم (6361) .
(4) سيأتي برقم (6362) .(3/1726)
خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» أخرجاه (1) .
قوله: «ابتعث الله نبيه» أي بعثه. قوله: «وجننه» الجنن بالجيم ونونين القبر ذكره في "النهاية". قوله: «صبأنا» أي دخلنا في دين الصابية، وكان أهل الجاهلية يسمون من أسلم صابيًا.
[32/48] باب صحة الإسلام مع الشرط الفاسد
5086 - عن نضر بن عاصم الليثي عن رجل منهم: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلم على أن يصلي صلاتين فقبل منه» رواه أحمد (2) ، وفي لفظ آخر: «على أن لا يصلي إلا صلاتين فقبل منه» .
5087 - وعن وهب قال: «سألت جابرًا عن شأن ثقيف إذ بايعت، فقال اشترطت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول بعد ذلك: سيتصدقون ويجاهدون» ، رواه أبو داود (3) ولا بأس بإسناده.
5088 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: «أسلم قال أجدني كارهًا، قال: أسلم وإن كنت كارهًا» رواه أحمد (4) .
_________
(1) تقدم برقم (547) .
(2) أحمد (5/363) باللفظ الأول، وأحمد (5/24) باللفظ الثاني.
(3) أبو داود (3/163) (3025) .
(4) أحمد (3/109، 181) ، أبو يعلى (6/471) (3879) .(3/1727)
[32/49] باب ما جاء في أولاد المشركين
5089 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء، ثم يقول أبو هريرة: ((فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)) [الروم:30] الآية» متفق عليه (1) ، وفي رواية متفق عليها (2) أيضا، قالوا: «يا رسول الله! أفرأيت من يموت منهم وهو صغير؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين» .
5090 - وعن ابن مسعود: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد قتل عقبة بن أبي معيط، فقال: من للصبية؟ قال: النار» ، رواه أبو داود والدارقطني في الأفراد (3) ، وقال فيه: «النار لهم ولأبيهم» وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده ثقات إلا علي بن الحسين الرقي قال في "التقريب": صدوق، وقال ابن الجوزي في "جامع المسانيد": لا يصح في تعذيب الأطفال حديث.
5091 - وعن سمرة بن جندب في حديثه الطويل في تعبير الرؤيا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه: «وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام وأما الولدان الذي حوله فكل مولود مات على الفطرة، فقال بعض المسلمين يا رسول
_________
(1) البخاري (1/456، 465، 4/1792) (1292، 1319، 4497) ، مسلم (4/2047) (2658) ، أحمد (2/275) ، ابن حبان (1/338-339) (130)
(2) البخاري (6/2434) (6226) ، مسلم (4/2048) (2658) ، أحمد (2/346، 481) ، وابن حبان (1/342) (133) ، وأبي داود (4/229) (4714) ، والحميدي (2/473) (1113) ، وأبي يعلى (11/197) (6306) ، والإمام مالك (1/241) .
(3) أبو داود (3/60) (2686) ، والحاكم (2/135) .(3/1728)
الله وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأولاد المشركين» ، رواه البخاري (1) .
5092 - وعن الأسود بن سريع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بال أقوام جاوز بهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية ألا إن خياركم أبناء المشركين ألا لا تقتلوا ذرية ألا لا تقتلوا ذرية ألا لا تقتلوا ذرية كل نسمة تولد على الفطرة، فما تزال عليها حتى تعرب عنها لسانها، فأبواها يهودانها وينصرانها ويمجسانها» ، رواه أحمد والنسائي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" (2) ، وقال ابن عبد البر: حديث صحيح.
5093 - وأخرج الطبراني في "الأوسط" (3) من حديث أنس مرفوعًا «أطفال المشركين خدم أهل الجنة» ، وروى أبو يعلى (4) مثل ذلك مرفوعًا من طرق ورجال أحدها ثقات كما في "مجمع الزوائد"، وفي معنى الحديث أحاديث، وإن كانت ضعيفة فبعضها يقوي بعضًا وهي مع حديث البخاري وظواهر القرآن من نحو قوله تعالى: ((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)) [الإسراء:15] وما في معناها وما تواتر وشهدت به فطرة العقول من سعة رحمة الله تزداد قوة.
_________
(1) البخاري (6/2583-2586) (6640) ، وابن حبان (2/427-431) (655) ، والنسائي في "الكبرى" (4/391-392) (7658) ، وابن أبي شيبة (6/177) ، وأحمد (5/8-9) ، والطبراني في "الكبير" (7/237-238) .
(2) أحمد (3/435، 4/24) ، النسائي في "الكبرى" (5/184) ، ابن حبان (1/341) (132) ، الحاكم (2/133، 134) ، الطبراني في "الكبير" (1/284) (829) ، ابن أبي شيبة (6/484) .
(3) الطبراني في "الأوسط" (3/320) ، وهو بمعناه عند الطيالسي (1/282) (2111) .
(4) أبو يعلى (7/130) (4090) .(3/1729)
وأما ما يروى من الأحاديث بأن أولاد المشركين في النار فقد قال ابن الجوزي في "جامع المسانيد": لا يصح في تعذيب الأطفال حديث، وقال السبكي: كلها ضعيفة، وقال في "شرح مسلم" للنووي: أولاد المشركين في الجنة هذا قول المحققين واختاره لنفسه واحتج عليه بالآية المتقدمة وبحديث سمرة.
قوله: «الفطرة» قال في "مختصر النهاية": كل مولود يولد على الفطرة أي على نوع من الجبلة والطبع المتهيئ لقبول الدين فلو ترك عليها لاستمر على لزومها فلم يفارقها إلى غيرها، وقيل معناه: كل مولود يولد على معرفة الله والإقرار به فلا تجد أحدًا إلا وهو يقرُّ بأن الله صانع، وإن سماه بغير اسمه أو عبد معه غيره، وفطرة محمد دين الإسلام الذي هو منسوب إليه انتهى. قوله: «جمعاء» بفتح الجيم وسكون الميم بعدها عين مهملة، قال في "القاموس": والجمعاء الناقة المهزولة، ومن البهائم التي لم يذهب من بدنها شيء، وقال في "مختصر النهاية": جمعاء أي سليمة من العيوب مجتمعة الأعضاء كاملتها لا جدع بها ولا كيّ انتهى، والمعنى أن البهائم كما أنها تولد سليمة من الجدع كاملة الخلقة، وإنما يحدث لها نقصان الخلقة بعد الولادة بالجدع ونحو ذلك كذلك أولاد الكفار يولدون على الدين الحق، وما يعرض له من التلبيس بالأديان المخالفة له، فإنما هو حادث بعد الولادة بسبب الأبوين ومن يقوم مقامها.
[32/50] باب ما جاء من صحة إسلام المميز
5094 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه، فإذا أعرب عنه لسانه إما شاكرًا وإما كفورًا» رواه أحمد (1) .
_________
(1) أحمد (3/353) .(3/1730)
5095 - وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه عرض الإسلام على ابن صياد صغيرًا فروى ابن عمر «أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رهط من أصحابه قبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة (1) ، وقد قارب ابن صياد يومئذٍ الحلم فلم يشعر حتى ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظهره بيده، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن صياد: أتشهد أني رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين، فقال ابن صياد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتشهد أني رسول الله فرفضه رسول الله، وقال: آمنت بالله وبرسله» متفق عليه وأخرجه أبو داود والترمذي و"الموطأ" (2) .
5096 - وعن عروة قال: «أسلم علي رضي الله عنه وهو ابن ثمان سنين» أخرجه البخاري في "تاريخه" (3) وهو مرسل.
5097 - وأخرج أيضًا (4) عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: «قتل علي وهو ابن ثمان وخمسين سنة» وهو مرسل، قال في "المنتقي": وهذا مبين أن إسلامه كان صغيرًا لا أنه أسلم في أوائل المبعث.
_________
(1) في الأصل: ثعالة.
(2) البخاري (1/454، 3/1112، 5/2284) (1289، 2890، 5821) ، مسلم (4/2244) (2930) ، أحمد (2/148-149) ، أبو داود (4/120) (4329) ، الترمذي (4/519) (2249) ، وهو عند ابن حبان (15/187-188) (6785) .
(3) البخاري في "التاريخ" (6/259) .
(4) البخاري في "التاريخ" (6/259) .(3/1731)
5098 - وروى أحمد (1) عن ابن عباس قال: «كان علي أول من أسلم من الناس بعد خديجة» ، وفي لفظ «أول من صلى علي رضي الله عنه» رواه الترمذي (2) ، وقال: غريب من هذا الوجه.
5099 - وعن عمرو بن مرة عن أبي جمرة عن رجل من الأنصار، قال: سمعت زيد بن أرقم يقول: «أول من أسلم علي، قال: عمرو بن مرة فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي قال: أول من أسلم أبو بكر الصديق» رواه أحمد والترمذي وصححه (3) .
وقال في "المنتقى": وقد صح أن من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى وفاته نحو ثلاث وعشرين سنة، وأن عليًا عاش بعده نحو ثلاثين سنة فيكون قد عمر بعد إسلامه فوق الخمسين وقد مات ولم يبلغ الستين فعلم أنه أسلم صغيرًا. وقد صح أن أول من أسلم من الصبيان علي وأول من أسلم من الرجال أبو بكر وأول من أسلم من النساء خديجة.
قوله: «أطم بني مغالة» أطم بضم الهمزة والطاء المهملة: هو الشيء المرتفع.
[32/51] باب حكم أموال المرتدين وجناياتهم
5100 - عن طارق بن شهاب قال: «جاء وفد بزاخة من أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح فخيرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية، فقالوا: هذه
_________
(1) أحمد (1/330، 373)
(2) الترمذي (5/642) (3734) .
(3) أحمد (4/368، 370، 371) ، الترمذي (5/642) (3735) ، ابن أبي شيبة (4/249) ، النسائي في "الكبرى" (5/43) .(3/1732)
المجلية قد عرفناها فما المخزية، قال ينزع منكم الحلقة والكراع، ويغنم ما أصبنا منكم، وتردون علينا ما أصبتم منا، وتدون قتلانا، ويكون قتلاكم في النار، وتتركون أقوامًا تتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين والأنصار أمرًا يعذرونكم به فعرض أبو بكر ما قال على القوم، فقال عمر بن الخطاب: قد رأيت رأيًا وسنشير عليك أما ما ذكرت من الحرب المجلية والسلم المخزية فنعم ما ذكرت، وأما ما ذكرت أن نغنم ما أصبنا منكم وتردون ما أصبتم منا فنعم ما ذكرت، وأما ما ذكرت يدون قتلانا ويكون قتلاهم في النار فإن قتلانا قاتلت فقتلت على أمر الله أجورها على الله ليس لها فتتابع القوم على ما قال عمر» رواه البرقاني على شرط البخاري (1) .
قوله: «بزاخة» بضم الباء الموحدة ثم زاي وبعدها ألف ثم خاء معجمة، وهو موضع قيل بالبحرين، وقيل ماء لبني أسد. قوله: «المجلية» بضم الميم وسكون الجيم بعدها لام مكسورة ثم تحتانية من الجلاء بفتح الجيم وتخفيف اللام مع المد، ومعناه الخروج عن جميع المال. قوله: «المخزية» بالخاء المعجمة والزاي، أي: المذلة. قوله: «الحلقة» بفتح الحاء المهملة وسكون اللام بعدها قاف: هي السلاح عامًا، وقيل: الدرع. قوله: «تتبعون أذناب الإبل» أي: تمتهنون بخدمة الإبل ورعيها والعمل بها لما في ذلك من الذلة والصغار.
* * *
_________
(1) أخرج البخاري (6/2639) (6795) بعضه، وأخرج الحديث بطوله البيهقي (8/183-184) ، والبرقاني في "مستخرجه" كما في "تلخيص الحبير" (4/88) .(3/1733)
[33] كتاب الجهاد والسير
[33/1] باب الحث على الجهاد وفضل الشهادة والرباط والحرس
5101 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها» متفق عليه (1) .
5102 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق» رواه مسلم وأبو داود والنسائي (2) .
5103 - وعن أبي عبس الحارثي، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار» رواه أحمد والبخاري والنسائي والترمذي (3) .
5104 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لن يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان
_________
(1) البخاري (3/1028) (2639) ، مسلم (3/1499) (1880) ، أحمد (3/132، 141، 153، 157، 207، 263) ، وهو عند الترمذي (4/181) (1651) ، وابن ماجه (2/921) (2757) ، وابن حبان (10/461) (4602) .
(2) مسلم (3/1517) (1910) ، أبو داود (3/10) (2502) ، النسائي (6/8) (3097) ، وابن الجارود (1/259) (1036) ، والحاكم (2/88) .
(3) أحمد (3/479) ، البخاري (1/308، 3/1035) (865، 2656) ، النسائي (6/14) ، الترمذي (4/170) (1632) ، وابن حبان (10/465) (4605) .(4/1734)
جهنم» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد والنسائي والحاكم وصححه (1) ، وفي رواية أحدهم (2) : «لا يجتمع غبار في سبيل الله، ودخان جهنم في منخري مسلم أبدًا» .
5105 - وعن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «غدوة أو روحة في سبيل الله، خيرٌ مما طلعت عليه الشمس وغربت» رواه أحمد ومسلم والنسائي (3) .
5106 - وللبخاري (4) من حديث أبي هريرة مثله.
5107 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة» رواه أحمد والترمذي وحسنه (5) .
5108 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف» رواه أحمد ومسلم والترمذي (6) .
_________
(1) الترمذي (4/171، 555) (1633، 2311) ، النسائي (6/12) (3108) ، ابن أبي شيبة (4/208) .
(2) الحاكم (4/288) ، والنسائي (6/12) (3107) ، وابن أبي شيبة (7/127) ، وأحمد (2/505) .
(3) أحمد (5/422) ، مسلم (3/1500) (1833) ، النسائي (6/15) .
(4) البخاري (3/1029) (2640) ، وأخرجه بمعناه مسلم (1882) ، وأحمد (2/532، 533) ، والترمذي (4/180) (1649) ، وابن ماجه (2/921) (2755) ، وأبو يعلى (4/385) .
(5) أحمد (4/446، 524) ، الترمذي (4/181) (1650) ، الحاكم (2/78) .
(6) أحمد (4/396، 410-411) ، مسلم (3/1511) (1902) ، الترمذي (4/186) (1659) ، وهو عند ابن حبان (10/477) (4617) ، والحاكم (2/80) ، وأبي يعلى (13/308) (7324) .(4/1735)
5109 - وعن ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الجنة تحت ظلال السيوف» رواه أحمد والبخاري (1) .
5110 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة، وكلمه يدمى اللون لون الدم، والريح ريح المسك» وفي رواية «كل كلم يكلمه العبد في سبيل الله، فإنها تأتي يوم القيامة كهيئتها تفجر دمًا، اللون لون الدم والعرف عرف المسك» أخرجاه (2) .
5111 - وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» متفق عليه (3) .
5112 - وعن معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة، ومن جرح جرحًا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها لون الزعفران وريحها المسك» رواه أبو داود
_________
(1) أحمد (4/353-354) ، البخاري (3/1037، 1082، 1101) (2663، 2804، 2861) ، وهو عند مسلم (3/1362) (1742) ، وأبي داود (3/42) (2631) ، والحاكم (2/87) .
(2) الرواية الأولى عند البخاري (3/1032، 5/2104) (2649، 5213) ، ومسلم (3/1496) (1876) ، وأحمد (2/242، 384، 398، 400) ، والترمذي (4/184) ، ومالك (2/461) ، والنسائي (6/28) ، والرواية الثانية عند البخاري (1/93) (235) ، ومسلم (3/1497) (1876) ، وأحمد (2/317) .
(3) البخاري (3/1059) (2735) ، مسلم (3/1500) (1881) ، أحمد (5/339) ، وهو عند الترمذي (4/188) (1664) .(4/1736)
والنسائي والترمذي وصححه وأخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح (1) .
5113 - وعن عثمان بن عفان قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل» رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم (2) ، وقال: صحيح على شرط البخاري، ولابن ماجة (3) معناه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
5114 - وعن سلمان الفارسي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، فإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان» رواه أحمد ومسلم والنسائي (4) .
5115 - وعن عثمان بن عفان قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة بقيام ليلها وصيام نهارها» رواه أحمد والحاكم وقال: صحيح الإسناد (5) .
5116 - وعن ابن عباس قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «عينان لا
_________
(1) أبو داود (3/21) (2541) ، النسائي (6/25) ، الترمذي (4/185) (1657) ، ابن ماجه (2/933) (2792) ، وهو بمعناه عند أحمد (5/230-231، 235، 244) ، وابن حبان (10/478) (4618) ، والحاكم (2/87) ، والدارمي (2/265) .
(2) أحمد (1/62، 65، 75) ، الترمذي (4/189) (1667) ، النسائي (6/39، 40) ، ابن حبان (10/469) (4609) ، الحاكم (2/156) ، الدارمي (2/277) .
(3) ولابن ماجه (2/924) (2766) نحوه.
(4) أحمد (5/440) ، مسلم (3/1520) (1913) ، النسائي (6/39) ، وهو عند الترمذي (4/188) (1665) ، وابن حبان (10/483، 485) (4623، 4626) ، والحاكم (2/90) .
(5) أحمد (1/61، 64) ، الحاكم (2/91) .(4/1737)
تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب (1) .
5117 - وعن أبي أيوب قال: «لما نزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار لما نصر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأظهر الإسلام قلنا: هل نقيم أموالنا ونصلحها فأنزل الله تعالى ((وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)) [البقرة:195] ، قال: ألقى أيدينا إلى التهلكة أن نقيم أموالنا ونصلحها وندع الجهاد» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وصححه الحاكم وابن حبان (2) .
5118 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (3) ورجال إسناده رجال الصحيح وصححه النسائي وهو في "بلوغ المرام" بلفظ: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» وصححه الحاكم.
قوله: «نكب» بضم النون وكسر الكاف، قال في "الفتح": النكبة أن يصيب العضو منه شيء فيدميه. قوله: «رباط يوم في سبيل الله» بكسر الراء وبعدها موحدة ثم طاء مهملة والمرابطة المقام في ثغر العدو. قوله: «الفتان» بفتح الفاء وتشديد التاء
_________
(1) الترمذي (4/175) (1639) .
(2) أبو داود (3/12-13) (2512) ، النسائي في "الكبرى" (6/298-299) ، الترمذي (5/212) (2972) ، الحاكم (2/94) ، ابن حبان (11/9) (4711) .
(3) أحمد (3/124، 153، 251) ، أبو داود (3/10) (2504) ، النسائي (6/7) ، وهو عند الدارمي (2/280) (2431) ، ابن حبان (11/6) (4708) ، الحاكم (2/91) ، والبيهقي (9/20) .(4/1738)
الفوقية وبعد الألف نون هو الشيطان لأنه يفتن الناس عن الدين. قوله: «حرس ليلة» هو مصدر والمراد هنا حراسة الجيش يتولاها واحد منهم فيكون له ذلك الأجر.
[33/2] باب ما جاء أن الجهاد فرض كفاية
وأنه يشرع مع كل برّ وفاجر
5119 - عن عكرمة عن ابن عباس قال: « ((إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)) [التوبة:39] .. ((مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ)) [التوبة:120] إلى قوله: ((يَعْمَلُونَ)) [التوبة:121] نسختها الآية التي تليها ((وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ)) [التوبة:122] » رواه أبو داود (1) وسكت عنه هو والمنذري وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال وهو صدوق وقد حسن الحديث الحافظ في "الفتح".
5120 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الخيل معقود في نواصيها الخير والأجر والمغنم إلى يوم القيامة» متفق عليه (2) .
_________
(1) أبو داود (3/11) (2505) .
(2) بهذا اللفظ عند البخاري (3/1047، 1048، 1135) (2695، 2697، 2951) ، ومسلم (3/1493) (1873) ، وأحمد (4/375، 376) ، والنسائي (6/222) ، والدارمي (2/278) (2426، 2427) ، والترمذي (4/202) (1694) ، وابن ماجه (2/773، 932) (2305، 2786) ، وأبي يعلى (12/208) (2628) ، وابن أبي شيبة (6/520) ، من حديث عروة بن الجعد البارقي، وأما حديث أنس فأخرجه البخاري (3/1048، 1332) (2696، 3445) ، ومسلم (3/1494) (1874) ، وأحمد (3/114، 127، 171) ، والنسائي (6/221) (3571) ، وابن حبان (10/526) (4670) ، وأبي يعلى (7/187-188، 192) (4173، 4177) ، وابن أبي شيبة (6/520) ، وابن الجعد (1/212) ، بلفظ «البركة في نواصي الخيل» = = وهو بمعناه من حديث ابن عمر عند البخاري (3/1047، 1332) (2694، 3444) ، ومسلم (3/1492) (1871) ، وأحمد (2/13، 28، 49، 57، 101، 102، 112، 262) ، وابن الجارود (1/265) (1059) ، وابن حبان (10/524) (4668) ، وابن ماجه (2/932) (2787) ، والنسائي (6/221) (3571) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/273) ، وابن أبي شيبة (6/520) ، والإمام مالك (2/467) (999) ، وأبي يعلى (5/52) (2642) .(4/1739)
5121 - ولأحمد ومسلم والنسائي (1) من حديث جرير البجلي مثله.
5122 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من أصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله لا تكفره بذنب ولا تخرجه عن الإسلام بعمل، والجهاد ماضٍ منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار» رواه أبو داود (2) وحكاه أحمد في رواية ابنه عبد الله وسكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده يزيد بن أبي نسبة وهو مجهول.
[33/3] باب ما جاء من الرخصة في القعود عن الجهاد لعُذر
5123 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقد تركتم بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم فيه، قالوا: يا رسول الله! وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: حبسهم العذر» رواه أبو داود والبخاري تعليقًا (3) .
_________
(1) أحمد (4/361) ، مسلم (3/1493) (1872) ، والنسائي (6/221) (3572) ، وهو عند ابن حبان (10/525) (4669) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/274) ، وابن أبي شيبة (6/520) .
(2) أبو داود (3/18) (2532) ، أبو يعلى (7/287) (4311، 4312) ، البيهقي (9/156) .
(3) البخاري (3/1044، 4/1610) (2684، 4161) ، موصولًا، وأبو داود (3/12) = = (2508) ، وابن حبان (11/33) (4731) ، وابن ماجه (2/923) (2764) ، وعبد الرزاق (5/261) ، وأحمد (3/103، 160، 182، 214) ، وأبو يعلى (6/450-451، 7/213) (3839، 4209) .(4/1740)
5124 - وأخرجه مسلم وابن ماجة (1) من حديث أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله بنحوه.
5125 - وعن زيد بن ثابت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أملى علي ((لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) [النساء:95] فجاءه ابن أم مكتوم وهو يمليها علي، فقال: والله يا رسول الله! لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان أعمى فأنزل الله عز وجل: ((غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ)) [النساء:95] » رواه البخاري والترمذي (2) ، وقال: حديث حسن صحيح، وفي رواية «قال: يا رسول الله! فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين، فنزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ)) [النساء:95] الآية كلها» رواه أبو داود (3) وفي إسناده عبد الرحمن بن أبي الزناد قد تكلم فيه غير واحد ووثقه الإمام مالك واستشهد به البخاري.
5126 - وعن البراء قال: «لما نزلت ((لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ))
_________
(1) مسلم (3/1518) (1911) ، ابن ماجه (2/923) (2765) ، وأحمد (3/300، 341) ، وأبو يعلى (4/193) (2291) .
(2) البخاري (3/1042، 4/1677) (2677، 4316) ، الترمذي (5/242) (3033) ، وهو عند ابن الجارود (1/258) (1034) ، والنسائي (6/9) ، والطبراني في "الكبير" (5/122، 123) .
(3) أبو داود (3/11) (2507) ، الحاكم (2/91) ، أحمد (5/190) .(4/1741)
[النساء:95] دعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيدًا فجاء يكتب فكتبها وشكا ابن أم مكتوم ضررًا به، فنزلت: ((لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ)) [النساء:95] » أخرجاه (1) وأخرج الترمذي نحوه، وقال: حديث حسن صحيح وللنسائي نحوه.
[33/4] باب ما جاء في إخلاص النية في الجهاد
وأخذ الأجرة عليه والإعانة
5127 - عن أبي موسى قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياءً فأي ذلك في سبيل الله فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» رواه الجماعة (2) .
5128 - وعن عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلا تعجلوا بثلثي أجرهم في الآخرة
_________
(1) البخاري (3/1042، 4/1677، 1909) (2676، 4317، 4318، 4704) ، مسلم (3/1508) (1898) ، أحمد (4/282، 284، 290) ، وهو بمعناه عند الترمذي (4/191، 5/240) (1670، 3031) ، والنسائي (6/10) ، وابن حبان (1/228-230) (40-42) ، والدارمي (2/276) (2420) ، وأبي يعلى (3/269) (1725) .
(2) البخاري (1/58، 3/1137، 6/2714) (123، 2958، 7020) ، مسلم (3/1512-1513) (1904) ، أبو داود (3/14) (2517) ، النسائي (6/23) ، الترمذي (4/179) (1646) ، ابن ماجه (2/931) (2783) ، أحمد (4/392، 397، 401، 405، 417) ، وهو عند ابن حبان (10/493) (4636) ، وأبي يعلى (13/234) (7253) ، وعبد الرزاق (5/268) ، والطيالسي (1/66) (486) .(4/1742)
ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (1) .
5129 - وعن أبي أمامة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: أرأيت رجلًا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا شيء له فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا شيء له، ثم قال: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغي به وجهه» رواه أحمد والنسائي (2) وجود في "الفتح" إسناده.
5130 - وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أول الناس يقضي عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت ولكن أن يقال جرى فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى يلقى في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها، قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به
_________
(1) مسلم (3/1514) (1906) ، أبو داود (3/8) (2497) ، النسائي (6/17) ، ابن ماجه (2/931) (2785) ، أحمد (2/169) .
(2) النسائي (6/25) .(4/1743)
فسحب على وجهه فألقي في النار» رواه أحمد ومسلم (1) .
5131 - وعن أبي أيوب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ستفتح عليكم الأمصار وستكونون جنودًا مجندة ويقطع عليكم فيها بعوث فيكره الرجل منكم البعث فيها فيتخلص من قومه ثم يتصفح القبائل يعرض نفسه عليهم يقول من أكفيه بعث كذا؟ من أكفيه بعث كذا؟ ألا وذلك الأجير إلى آخر قطرة من دمه» رواه أحمد وأبو داود (2) بإسناد ضعيف.
5132 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «للغازي أجره وللجاعل أجره وأجر الغازي» رواه أبو داود (3) ورجال إسناده ثقات.
5133 - وعن زيد بن خالد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا ومن خلف في أهله بخير فقد غزا» متفق عليه (4) .
5134 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» رواه
_________
(1) أحمد (2/321) ، مسلم (3/1513) (1905) ، النسائي (6/23) .
(2) أحمد (5/413) ، أبو داود (3/16) (2525) .
(3) أبو داود (3/16) (2526) ، وهو عند أحمد (2/174) ، وابن الجارود (1/260) (1039) ، والبخاري في "التاريخ" (4/266) .
(4) البخاري (3/1045) (2688) ، مسلم (3/1506، 1507) (1895) ، أحمد (4/115، 116، 117، 5/193) ، وهو عند ابن الجارود (1/259) (1037) ، وابن حبان (10/489) (4631) ، وأبي داود (3/12) (2509) ، والنسائي (6/46) ، والترمذي (4/169) (1628) .(4/1744)
مسلم (1) .
5135 - وعن خريم بن فاتك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبع مائة ضعف» رواه النسائي والترمذي، وقال: حديث حسن، وابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال: صحيح الإسناد (2) .
[33/5] باب استئذان الأبوين في الجهاد.
5136 - عن ابن مسعود قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله حدثني بهن ولو استزدته لزاد» متفق عليه (3) .
5137 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذن في الجهاد فقال: أحيٌ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد» رواه البخاري والنسائي وأبو داود والترمذي (4) وصححه وفي رواية لأحمد وأبي داود وابن
_________
(1) مسلم (4/2289) (2985) .
(2) النسائي (6/49) ، الترمذي (4/167) (1625) ، ابن حبان (10/504) (4647) ، الحاكم (2/96) ، أحمد (4/345) .
(3) البخاري (1/197، 3/1025، 5/2227) (504، 2630) ، مسلم (1/89، 90) (85) ، أحمد (1/409، 421، 451) ، وهو عند الترمذي (1/325-326، 4/310) (173، 1898) ، والنسائي (1/292) ، وابن حبان (4/341) (1477) .
(4) البخاري (3/1094، 5/2228) (2842، 5627) ، النسائي (6/10) ، أبو داود (3/17) (2529) ، الترمذي (4/191) (1671) ، وهو بهذا اللفظ عند مسلم (4/1975) (2549) ، وابن حبان (2/21-22، 164) (318، 420) ، وابن أبي شيبة (6/517) ، والطيالسي (1/298) (2254) ، والحميدي (2/267) (585) ،وأحمد (2/165، 188، 193، 197، = = 221) ، وابن الجعد (1/94) (544) .(4/1745)
ماجة (1) : «أُتي برجل، فقال: يا رسول الله! إني جئت أريد الجهاد معك، ولقد أتيت وإن والدي يبكيان، قال: ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما» وأخرجها أيضًا النسائي وابن حبان وصححها في "الخلاصة" وأخرجها أيضًا مسلم (2) من وجه آخر في نحو هذه القصة قال: «ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما» .
5138 - وعن أبي سعيد «أن رجلًا هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمن، فقال: هل لك أحد باليمن؟ فقال: أبواي فقال: أذنا لك؟ فقال: لا، قال: ارجع إليهما واستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما» رواه أبو داود وصححه ابن حبان (3) .
5139 - وعن معاوية بن جاهمة السلمي: «أن جاهمة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: الزمها فإن الجنة عند رجليها» رواه أحمد والنسائي ورجال إسناده ثقات إلا محمد بن طلحة وهو صدوق وأخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد (4) .
_________
(1) أحمد (2/160، 194، 198، 204) ، أبو داود (3/17) (2528) ، ابن ماجه (2/930) (2782) ، النسائي (7/143) ، وفي "الكبرى" (5/213) (8696) ، ابن حبان (2/163، 166) (419، 423) ، الحاكم (4/168) .
(2) مسلم (4/1975) (2549) .
(3) أبو داود (3/17) (2530) ، ابن حبان (3/165) (422) ، وهو عند ابن الجارود (1/259) (1035) ، والحاكم (2/114) ، والبيهقي (9/26) ، وأبي يعلى (2/531) (1402) ، وأحمد (3/75-76) .
(4) أحمد (3/429) ، النسائي (6/11) ، الحاكم (2/114) ، ابن ماجه (2/929) (2781) ، البيهقي (9/26) .(4/1746)
[33/6] باب ما جاء أن الشهادة تكفر الذنوب إلا الدين
5140 - عن أبي قتادة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه: «قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال فقام رجل، فقال: يا رسول الله! أرأيت إن قتلت في سبيل الله يكفر عني خطاياي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف قلت؟ قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك» رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه (1) .
5141 - ولأحمد والنسائي (2) من حديث أبي هريرة مثله ورجال إسناد النسائي ثقات.
5142 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك» رواه أحمد ومسلم (3) .
5143 - وعن أنس قال: قال رسول الله: «القتل في سبيل الله يكفر كل خطيئة فقال جبريل: إلا الدين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إلا الدين» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب (4) .
_________
(1) أحمد (5/297، 303، 308) ، مسلم (3/1501) (1885) ، النسائي (6/34، 35) ، الترمذي (4/212) (1712) ، الإمام مالك (2/461) ، ابن حبان (10/511) (4654) .
(2) أحمد (2/308، 330) ، النسائي (6/33) .
(3) أحمد (2/220) ، مسلم (3/1502) (1886) ، الحاكم (2/129) .
(4) الترمذي (4/175) (1640) .(4/1747)
[33/7] باب ما جاء أن من مات في سبيل الله كتب له أجر الغازي وغفر له
5144 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج حاجًا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة ومن خرج معتمرًا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ومن خرج غازيًا فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة» رواه أبو يعلى (1) من رواية محمد بن إسحاق وبقية إسناده ثقات.
5145 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربه قال: «أيما عبد من عبادي خرج مجاهدًا في سبيل الله ابتغاء مرضاتي ضمنت له إن أرجعته أرجعه بما أصاب من أجر وغنيمة وإن قبضته غفرت له» رواه النسائي (2) .
[33/8] باب ما جاء أن من سأل الله الشهادة بصدق
بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه
5146 - عن سهل بن حنيف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة (3) .
5147 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من طلب الشهادة صادقًا
_________
(1) تقدم برقم (3335) .
(2) النسائي (6/18) ، وفي "الكبرى" (3/13) ، أحمد (2/117) .
(3) مسلم (3/1517) (1909) ، أبو داود (2/85) (1520) ، الترمذي (4/183) (1653) ، النسائي (6/36) ، ابن ماجه (2/935) (2797) ، وهو عند الدارمي (2/270) (2407) ، وابن حبان (7/465) (3192) ، والحاكم (2/87) .(4/1748)
أعطها ولو لم تصبه» رواه مسلم وغيره والحاكم وقال: صحيح على شرطهما (1) .
[33/9] باب ما جاء في الاستعانة بالمشركين
5148 - عن عائشة قالت: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بدر فلما كان بحرّة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جراءة ونجدة ففرح به أصاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأوه فلما أدركه، قال: جئت لأتبعك وأصيب معك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا، قال: فارجع فلن أستعين بمشرك، قالت: ثم مضى حتى إذا كان إذا كان بالشجرة أدركه الرجل، فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال أول مرة، قال: لا، فارجع فلن أستعين بمشرك، فرجع فأدركه في البيداء، فقال له كما قال أول مرة تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، فقال له: انطلق» رواه أحمد ومسلم (2) .
5149 - وعن حبيب بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده، قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد غزوًا أنا ورجل من قومي ولم نسلم فقلنا إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدًا لا نشهده معهم، فقال: أسلمتما؟ فقالا: لا، فقال: إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين فأسلمنا وشهدنا معه» رواه أحمد وسكت عنه في
_________
(1) مسلم (3/1517) (1908) ، الحاكم (2/87) ، أبو يعلى (6/106) (3372) .
(2) أحمد (6/67-68، 148-149) ، مسلم (3/1449-1450) (1817) ، وهو عند الترمذي (4/127-128) (1588) ، والنسائي في "الكبرى" (6/493) ، وأخرجه مختصرًا أبي داود (3/75) (2732) ، وابن ماجه (2/945) (2832) ، والدارمي (2/305) (2496) ، وابن حبان (11/28) (4726) ، والنسائي في "الكبرى" (5/231) .(4/1749)
التخليص. وقال في "مجمع الزوائد": أخرجه أحمد والطبراني (1) ورجالهما ثقات.
5150 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا على خواتيمكم عربيًا» رواه أحمد والنسائي (2) وفي إسناده أزهر بن راشد وهو ضعيف.
5151 - وعن ذي مخبر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «سيصالحون الروم صلحًا يغزون أنتم وهم عدو من ورائكم» رواه أحمد وأبو داود (3) ورجاله رجال الصحيح.
5152 - وعن الزهري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان بناس من اليهود في خيبر في حربه فأسهم لهم» رواه أبو داود في مراسليه (4) وهو مرسل ضعيف.
قوله: «بحرة الوبرة» الحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء والوبرة بفتح الواو والباء الموحدة بعدها راء ساكنة لعله بعدها راء مفتوحة وسكون الموحدة موضع على أربعة أميال من المدينة. قوله: «الشجرة» اسم موضع وكذا البيدا.
_________
(1) أحمد (3/454) ، الطبراني في "الكبير" (4/224) ، الحاكم (2/132) ، ابن أبي شيبة (6/487) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3/209) .
(2) أحمد (3/99) ، النسائي (8/176) .
(3) أحمد (4/91، 5/409) ، أبو داود (3/86، 4/109، 110) (2767، 4292، 4293) ، وهو عند ابن ماجه (2/1369) (4089) ، وابن حبان (15/101، 102) (6708، 6709) ، والحاكم (4/467) ، والطبراني في "الكبير" (4/235، 236) .
(4) أبو داود في "المراسيل" (281، 282) ، والترمذي (4/128) عقب الحديث (1558) ، والبيهقي (9/53) ، وابن أبي شيبة (6/488) ، وعبد الرزاق (5/188) .(4/1750)
[33/10] باب ما جاء في مشاورة الإمام الجيش
ونصحه لهم ورفقه بهم وأخذهم بما عليهم
5153 - عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ثم تكلم عمر فأعرض عنه فقام سعد بن عبادة، فقال: إيانا تريد يا رسول الله، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس فانطلقوا» رواه أحمد ومسلم (1) .
5154 - وعن أبي هريرة قال: «ما رأيت أحدًا قط أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والشافعي (2) .
5155 - وعن معقل بن يسار قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٍ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» متفق عليه (3) ، وفي لفظ «ما من أمير يلي أمور المسلمين، ثم لا يجتهد لهم ولا ينصح لهم إلا لم يدخل الجنة» رواه مسلم (4) .
_________
(1) أحمد (3/220، 257) ، مسلم (3/1403-1404) (1779) ، ابن حبان (11/24-25) (4722) ، ابن أبي شيبة (7/362) .
(2) علقه الترمذي (4/214) تحت حديث (1714) ، ووصله أحمد (4/328) ، وابن حبان (11/217) (4872) ، والشافعي (1/276-277) .
(3) البخاري (6/2614) (6731، 6732) ، مسلم (1/125، 3/1460) (142) ، أحمد (5/25، 27) ، وهو بهذا اللفظ عند ابن حبان (10/346) (4495) ، والدارمي (2/417) (2796) .
(4) مسلم (1/126) (142) .(4/1751)
5156 - وعن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به» رواه أحمد ومسلم (1) .
5157 - وعن جابر قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يتخلف في السير فيزجي الضعيف ويردف ويدعو لهم» رواه أبو داود (2) ورجال إسناده رجال الصحيح إلا الحسن بن شوكر وهو ثقة.
5158 - وعن سهل بن معاذ عن أبيه قال: «غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة كذا وكذا فضيق الناس الطريق فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناديًا فنادى من ضيق منزلًا أو قطع طريقاً فلا جهاد له» رواه أحمد وأبو داود (3) وفي إسناده اسمعيل بن عياش وفيه مقال وسهل بن معاذ ضعيف قاله المنذري.
قوله: «نخيضها» بالخاء المعجمة بعدها مثناة تحتية ثم ضاد معجمة أي نوردها أي الخيل. قوله: «بركة» بالباء الموحدة المكسورة وفتحها مع سكون الراء والغماد بغين معجمة مثلثة موضع في ساحل البحر بينه وبين جدة عشرة أميال، وقيل أنه أقصى معمور الأرض. قوله: «ويزجي الضعيف» بضم التحتية وسكون الزاي بعدها جيم أي يسوق كما في "مختصر النهاية". قوله: «ويردف» الردف بالكسر الراكب
_________
(1) أحمد (6/62، 93، 257، 258، 260) ، مسلم (3/1458) (1828) ، وهو عند ابن حبان (2/313) (553) ، والبيهقي (10/136) ، والنسائي في "الكبرى" (5/275) .
(2) أبو داود (3/44) (2639) .
(3) أحمد (3/440) ، أبو داود (3/41-42) (2629، 2630) ، أبو يعلى (3/59) (1483) ، الطبراني في "الكبير" (20/194) (434) ، البيهقي (9/152) .(4/1752)
خلف الراكب كما في "القاموس".
[33/11] باب وجوب طاعة الجيش لأميرهم ما لم يأمرهم بمعصية
5159 - عن معاذ بن جبل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الغزو غزوان فأما من ابتغى به وجه الله وأطاع الإمام وأنفق الكريمة وياسر الشريك واجتنب الفساد فإن نومه ونبهه أجر كله وأما من غزى فخرًا ورياءً وسمعة وعصى الإمام وأفسد في الأرض فإنه لن يرجع بالكفاف» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (1) وفي إسناده بقية بن الوليد، قال المنذري: وفيه مقال، وقال في "الكاشف": وثقة الجمهور فيما روى عن الثقات، وقال النسائي: إذا قال: حدثنا وأنبأنا فهو ثقة، قلت: وقد صرح بالتحديث في سند هذا الحديث عن بجير وهو ثبت.
5160 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصِ الأمير فقد عصاني» متفق عليه (2) .
5161 - وعن ابن عباس «في قوله تعالى: ((أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)) [النساء:59] ، قال نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية» رواه أحمد والنسائي وأبو داود، وقال في
_________
(1) أحمد (5/234) ، أبو داود (3/13) (2515) ، النسائي (6/49، 7/155) ، وهو عند الدارمي (2/274) (2417) ، والحاكم (2/94) ، والبيهقي (9/168) ، والطبراني في "الكبير" (20/91) .
(2) تقدم برقم (5048) .(4/1753)
"مختصر السنن" للمنذري: أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي (1) .
5162 - وعن علي قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية ثم استعمل عليهم رجلًا من الأنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فعصوه فأغضبوه في شيء، فقال اجمعوا لي حطبًا فجمعوا، ثم قال: أوقدوا نارًا فأوقدوا، ثم قال: ألم يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسمعوا وتطيعوا، قالوا: بلى، قال: فادخلوها فنظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النار فكانوا كذلك حتى سكن غضبه وطفيت النار فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لو دخلوها لم يخرجوا منها أبدًا، وقال: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف» متفق عليه (2) ، ولفظ البخاري (3) «فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» .
قوله: «الكريمة» قال في "الدر النثير": هي العزيزة على صاحبها وكرايم أموالهم أي نفائسها التي تعلق بها نفس مالكها واحدتها كريمة. قوله: «وياسر الشريك» أي سامحه وعامله باليسر ولم يعاسره. قوله: «ونبهه» بفتح النون وسكون الموحدة أي انتباهه في سبيل الله. قوله: «لن يرجع بالكفاف» أي: لم يرجع لا عليه ولا له من ثواب
_________
(1) البخاري (4/1674) (4308) ، مسلم (3/1465) (1834) ، الترمذي (4/192) (1672) ، النسائي (7/154-155) ، أحمد (1/337) ، أبو داود (3/40) (2624) ، وهو عند ابن الجارود (1/260) (1040) ، وأبي يعلى (5/131) (2746) .
(2) البخاري (4/1577-1578، 6/2612، 2649) (4085، 6726، 6830) ، مسلم (3/1469) (1840) ، أحمد (1/82، 94، 124) ، وهو عند النسائي (7/159) ، وأبي داود (3/40) (2625) ، وابن حبان (10/429) (4567) ، وأبي يعلى (1/309) (378) .
(3) هذا ليس لفظ البخاري في حديث الباب، وإنما هو لفظه من حديث ابن عمر المتقدم برقم (5049) .(4/1754)
تلك الغزوة وعقابها بل يرجع وقد لزمه الإثم. قوله: «رجلًا من الأنصار» هو علقمة بن محرز كما رواه أحمد وابن ماجة وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم من حديث أبي سعيد.
[33/12] باب الدعوة قبل القتال
5163 - عن ابن عباس قال: «ما قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا إلا دعاهم» رواه أحمد، قال في "مجمع الزوائد" أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني (1) ورجاله رجال الصحيح.
5164 - وعن سليمان بن بريدة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: اغزوا بسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوا فأقبل منهم وكف عنهم أدعهم إلى الإسلام فأن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين فأخبرهم إن هم فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونوا كأعراب المسلمين يجري عليهم الذي يجري على المسلمين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف
_________
(1) أحمد (1/231، 236) ، أبو يعلى (4/374، 462) (2494، 2591) ، الطبراني في "الكبير" (11/132) ، عبد الرزاق (5/218) ، الدارمي (2/286) (2444) ، الحاكم (1/60) ، البيهقي (9/107) .(4/1755)
عنهم، وإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذمتكم وذمة أصحابكم، أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن وأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري تصيب فيهم حكم الله أم لا» رواه أحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي وصححه (1) ، قال في "المنتقى": وهو حجة في أن قبول الجزية لا تختص بأهل الكتاب وأن ليس كل مجتهد مصيبًا بل الحق عند الله واحد.
5165 - وعن فروة بن مسيك قال: «قلت: يا رسول الله! أُقاتل بمقبل قومي مدبرهم؟ قال: نعم فلما وليت دعاني، قال: لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الإسلام» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه (2) .
5166 - وعن ابن عون قال: «كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال فكتب إليّ إنما كان ذلك في أول الإسلام وقد أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم
_________
(1) أحمد (5/352، 358) ، مسلم (3/1357) (1731) ، ابن ماجه (2/953) (2858) ، الترمذي (4/22، 162) (1408، 1617) ، وهو عند أبي داود (3/37) (2612، 2613) ، وابن حبان (11/42-43) (4739) ، وأبي يعلى (3/6-9) (1413) ، والدارمي (2/285) (2442) .
(2) أحمد (3/451) وليس عنده موضع الشاهد، أبو داود (4/34) (3988) ، الترمذي (5/361) (3222) ، أبو يعلى (12/250-251) (6852) .(4/1756)
وأصاب يومئذٍ جويرية ابنة الحارث» حدثني به عبد الله بن عمر وكان في ذلك الجيش، متفق عليه (1) .
5167 - وعن سهل بن سعد أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر يقول: «أين علي؟ قال: إنه يشتكي عينيه فأمر فدعي به فبصق في عينيه وبرأ حتى كأنه لم يكن به شيء، فقال تقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فوالله لأن يهتدي بك رجل خير لك من حمر النعم» متفق عليه (2) .
5168 - وعن البراء بن عازب قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رهطًا من الأنصار إلى أبي رافع فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلًا فقتله وهو نائم» رواه أحمد والبخاري (3) مطولًا.
قوله: «سرية» هي القطعة من الجيش تنفصل عنه وقيل قطعة من الخيل. قوله:
_________
(1) البخاري (2/898) (2403) ، مسلم (3/1356) (1730) ، أحمد (2/31، 32، 51) ، ابن الجارود (1/262) (1047) ، النسائي في "الكبرى" (5/171) ، أبو داود (3/42) (2633) .
(2) البخاري (3/1077، 1096، 1357، 4/1542) (2783، 2847، 3498، 3973) ، مسلم (4/1872) (2406) ، أحمد (5/333) ، وهو عند ابن حبان (15/377-378) (6932) ، والنسائي في "الكبرى" (5/46، 110، 173) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/207) ، وأبي يعلى (13/522-523) (7527) ، والطبراني في "الكبير" (6/152، 167) .
(3) البخاري (3/1101، 4/1482) (2860، 3812) ، وأخرجه البخاري مطولًا (3/1100، 4/1482-1483، 1484) (2859، 3813، 3814) .(4/1757)
«لا تغلوا» بضم الغين المعجمة وتشديد اللام أي: لا تخونوا إذا غنمتم شيئًا. قوله: «لا تغدروا» بكسر الدال وضمها هو ضد الوفا. قوله: «وليدًا» هو الصبي. قوله: «تخفروا» بضم التاء الفوقية وبعدها خاء معجمة ثم فاء مكسورة وراء يقال أخفرت الرجل إذا نقضت عهده. قوله: «بني المصطلق» بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح الطاء وكسر اللام بعدها قاف وهو بطن من خزاعة. قوله: «وهم غارون» بغين معجمة وتشديد الراء جمع غار بالتشديد، أي: غافلون والمراد بذلك الأخذ على غرة. قوله: «على رسلك» بكسر الراء وسكون السين المهملة، أي: امش إليهم على الرفق والتؤدة. قوله: «بساحتهم» أي: ناحيتهم. قوله: «عتيك» بفتح المهملة وكسر المثناة الفوقية.
[33/13] باب ما يفعله الإمام إذا أراد الغزو من كتمان حاله
والتطلع على حال عدوه
5169 - عن كعب بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها» متفق عليه (1) ، وهو لأبي داود (2) وزاد «الحرب خدعة» .
5170 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحرب خدعة» .
5171 - وعن أبي هريرة قال: «سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الحرب خدعة» .
5172 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من يأتيني بخبر القوم
_________
(1) البخاري (3/1078) (2787، 2788) ، مسلم (4/2128) (2769) ، أحمد (6/387) ، وهو عند الدارمي (2/289) (2450) ، والنسائي في "الكبرى" (5/243)
(2) أبو داود (3/43) (2637) .(4/1758)
يوم الأحزاب؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتيني بخبر القوم، فقال الزبير: أنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لكل نبي حوري وحواري الزبير» متفق عليهن (1) .
5173 - وعن أنس قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبسًا عينًا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان فجاء فحدثه الحديث فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتكلم، فقال: إن لنا طلبه فمن كان ظهره حاضرًا فليركب معنا فجعل رجال يستأذنونه في ظهرهم في علو المدينة، فقال: لا إلا من كان ظهره حاضرًا فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى سبقوا ركب المشركين إلى بدر» رواه أحمد ومسلم (2) .
قوله: «ورّى» أي: ستروكنى وأوهم خلاف قصده كما في "مختصر النهاية". قوله: «خدعة» بفتح الخاء المعجمة وضمها مع سكون الدال المهملة، أي: أن الحرب ينقضي أمرها بخدعة واحدة من الخداع، أي: أن المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم يكن له
_________
(1) حديث جابر أخرجه البخاري (3/1102) (2866) ، ومسلم (3/1361) (1739) ، وأحمد (3/297، 308) ، وأبي داود (3/43) (2636) ، والترمذي (4/193) (1675) ، والنسائي في "الكبرى" (5/193) ، وابن الجارود (1/263) (1051) ، وابن حبان (11/78-79) (4763) ، وأبي يعلى (3/359، 464) (1826، 1968) ، وحديث أبي هريرة أخرجه البخاري (3/1102) (2865) ، ومسلم (3/1362) (1740) ، وأحمد (2/312، 314) ، والحديث الأخير أخرجه البخاري (3/1046، 1047، 1092، 1362، 4/1509، 6/2650) (2691، 2692، 2835، 3514، 3887، 6833) ، ومسلم (4/1879) (2415) ، وأحمد (3/307، 314، 338، 345، 365) ، وابن حبان (15/443-444) (6985) ، وابن ماجه (1/45) (122) ، والنسائي في "الكبرى" (5/264) ، والترمذي (5/646-647) (3745) ، وأبي يعلى (4/19، 63) (2022، 2082) .
(2) أحمد (3/136) ، مسلم (3/1509-1510) (1901) ، وأخرجه أبو داود مختصرًا (3/38) (2618) .(4/1759)
إقالة، وقال الخطابي: هذا الحرف يروى بفتح الخاء وسكون الدال وهو أفصحها وبضم الخاء وسكون الدال، وبضم الخاء وفتح الدال فمعنى الأول المرة الواحدة من الخداع، أي: أن المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم يكن لها إقالة، ومعنى الثانية الاسم من الخداع، ومعنى الثالثة أراد أن الحرب يخدع الرجال ويمنيهم ولا يقي لهم كما يقال فلان رجل لعبة إذا كان يكثر اللعب، وضحكة إذا كان يكثر الضحك. قوله: «بسبسًا» بضم الموحدة الأولى وبعدها سين ساكنة ثم باء موحدة ثم سين مهملة هو ابن عمرو ويقال ابن بسرة.
[33/14] باب ترتيب السرايا والجيوش واتخاذ الرايات وألوانها
5174 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير الصحابة أربعة وخير السرايا أربع مائة وخير الجيوش أربعة آلاف ولا تغلب اثني عشر من قلة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن وذكر أنه في أكثر الروايات عن الزهري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا وأخرجه الحاكم، وقال: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين (1) .
5175 - وعن سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لأعطين الراية رجلًا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فأعطاها عليًا» أخرجاه (2) .
_________
(1) أحمد (1/294، 299) ، أبو داود (3/36) (2611) ، الترمذي (4/125) (1555) ، الحاكم (1/611، 2/110) ، وهو عند ابن حبان (11/17) (4717) ، وابن خزيمة (4/140) (2538) ، وأبي يعلى (4/459) (2587) ، والدارمي (2/284) (2438) ، وعبد بن حميد (1/218) (652) ، والشهاب القضاعي في "مسنده" (2/225) (1237) .
(2) البخاري (3/1086، 1357، 4/1542) (2812، 3499، 3972) ، مسلم (4/1872) (2407) ، أحمد (4/51) ، ابن أبي شيبة (6/370) .(4/1760)
5176 - وعن ابن عباس قال: «كانت راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوداء ولواءه أبيض» رواه الترمذي وابن ماجة (1) بإسناد فيه مقال.
5177 - وعن سماك عن رجل من قومه عن آخر منهم، قال: «رأيت راية النبي - صلى الله عليه وسلم - صفراء» رواه أبو داود (2) وفي إسناده مجهول.
5178 - وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة ولواءه أبيض» رواه الخمسة إلا أحمد وأخرجه الحاكم وابن حبان (3) ، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك.
5179 - وعن الحارث بن حسان البكري قال: «قدمنا المدينة فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وبلال قائم بين يديه متقلد بالسيف وإذا رايات سود فسألت ما هذه الرايات، فقالوا عمرو بن العاص قدم من غزاة» رواه أحمد وابن ماجة (4) ورجاله رجال الصحيح، وفي لفظه نسبة في "المنتقى" للترمذي (5) «قدمت المدينة فدخلت المسجد فإذا هو غاص بالناس وإذا رايات سود وإذا بلال متقلد بالسيف
_________
(1) الترمذي (4/196) (1681) ، ابن ماجه (2/941) (2818) ، وأخرجه الحاكم على أنه شاهد (2/115) ، وهو عند أبي يعلى (4/257) (2370) ، والطبراني في "الكبير" (2/22، 12/207) .
(2) أبو داود (3/32) (2593) .
(3) أبو داود (3/32) (2592) ، النسائي (5/200) ، الترمذي (4/196) (1679) ، ابن ماجه (2/941) (2817) ، الحاكم (2/115) ، ابن حبان (11/47) (4743) .
(4) أحمد (3/481) ، ابن ماجه (2/941) (2816) ، الطبراني في "الكبير" (3/255) .
(5) الترمذي (5/392) (3274) ، أحمد (3/481، 482) .(4/1761)
بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: ما شأن الناس؟ قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهًا» .
5180 - وعن البراء بن عازب «أنه سئل عن راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كانت؟ قال: كانت سوداء مربعة من نمرة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (1) ، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زايدة.
[33/15] باب ما جاء في تشييع الغازي والدعاء له واستقباله
5181 - عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لأن أشيع غازيًا فأكفيه في رحله غدوة أو روحة أحب إلي من الدنيا وما فيها» رواه أحمد وابن ماجة (2) وإسناده ضعيف.
5182 - وعن عبد الله بن يزيد الخطمي قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يستودع الجيش قال: أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم» رواه أبو داود والنسائي وسكت عنه أبو داود والمنذري وأخرجه الحاكم (3) .
5183 - وقد تقدم (4) في كتاب الحج من حديث ابن عمر كان رسول الله
_________
(1) أحمد (4/297) ، أبو داود (3/32) (2591) ، الترمذي (4/196) (1680) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/181) ، وأبي يعلى (3/255) (1702) ، والطبراني في "الأوسط" (5/81) .
(2) أحمد (3/440) ، ابن ماجه (2/943) (2824) ، وهو عند الحاكم (2/107) ، والبيهقي (9/173) ، والطبراني في "الكبير" (20/190) .
(3) أبو داود (3/34) (2601) ، النسائي في "الكبرى" (6/130) ، الحاكم (2/107) .
(4) تقدم برقم (3343) .(4/1762)
- صلى الله عليه وسلم - يودعنا «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
5184 - وعن السائب بن يزيد قال: «لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك، خرج الناس يتلقونه من ثنية الوداع، قال: السائب فخرجت مع الناس وأنا غلام» رواه أبو داود والترمذي وصححه وللبخاري نحوه (1) .
5185 - وعن ابن عباس قال: «مشى معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بقيع الفرقد ثم وجههم ثم قال: انطلقوا على اسم الله، وقال: اللهم أعنهم يعني النفر الذي وجههم إلى كعب بن الأشرف» رواه أحمد وفي إسناده ابن اسحق وهو مدلس وبقية إسناده رجاله رجال الصحيح (2) .
5186 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة استقبله أُغيلمة لبني المطلب فحمل واحدًا بين يديه وآخر خلفه» رواه البخاري (3) .
قوله: «ثنية الوداع» الثنية العقبة وسميت بذلك لأن من سافر إلى مكة كان يودع ثمة ويشيع إليها. قوله: «بقيع الفرقد» قد تقدم ضبطه وتفسيره.
[33/16] باب استصحاب النساء لمصلحة المرضى والجرحى
والخدمة وليس عليهن جهاد
5187 - عن الربيع بنت معوذ قالت: «كنا نغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - نسقي القوم
_________
(1) أبو داود (3/90) (2779) ، الترمذي (4/216) (1718) ، البخاري (3/1121، 4/1610) (2917، 4164) ، وابن حبان (11/113) (4792) ، وأحمد (3/449) .
(2) أحمد (1/266) ، الحاكم (2/107) .
(3) البخاري (2/637، 5/2223) (1704، 5620) ، النسائي (5/212) .(4/1763)
ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة» رواه أحمد والبخاري (1) .
5188 - وعن أم عطية الأنصارية قالت: «غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات أخلفهم في رحالهم وأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على الزمنى» رواه أحمد ومسلم وابن ماجة (2) .
5189 - وعن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بأم سليم ونسوة معها من الأنصار يسقين الماء ويداوين الجرحى» رواه مسلم والترمذي وصححه (3) .
5190 - وعن عائشة أنها قالت: «يا رسول الله! نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور» رواه أحمد والبخاري (4) .
5191 - وعنها قالت: «قلت: يا رسول الله! على النساء جهاد؟ قال: نعم جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة» رواه ابن ماجة (5) .
قوله: «الربيع» بالتشديد ومعوذ آخره ذال معجمة وقبلها واو مشددة.
_________
(1) أحمد (6/358) ، البخاري (3/1056، 5/2151) (2726، 2727، 5355) ، النسائي في "الكبرى" (5/278) .
(2) أحمد (5/84، 6/407) ، مسلم (3/1447) (1812) ، ابن ماجه (2/952) (2856) ، ابن أبي شيبة (6/537) ، الطبراني في "الكبير" (25/55) .
(3) مسلم (3/1443) (1810) ، الترمذي (4/139) (1575) ، وهو عند أبي داود (3/18) (2531) ، والنسائي في "الكبرى" (4/369) ، وأبي يعلى (6/50) (3295) .
(4) تقدم برقم (2932) .
(5) تقدم برقم (2932) .(4/1764)
[33/17] باب الأوقات التي يستحب فيها الخروج إلى الغزو
والنهوض إلى القتال
5192 - عن كعب بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في يوم الخميس في غزوة تبوك، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس» متفق عليه (1) .
5193 - وعن صخر الغامدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم بارك لأمتي في بكورها. قال وكان إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم من أول النهار وكان صخر رجلًا تاجرًا وكان يبعث تجارته من أول النهار فأثرى وكثر ماله» رواه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان (2) ، وقال ابن طاهر: هذا الحديث رواه جماعة من الصحابة ولم يخرج شيئًا منها في الصحيحين وأقربها إلى الصحة والشهرة هذا الحديث.
5194 - وعن النعمان بن مقرن «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر» رواه أحمد وأبو داود (3) وصححه البخاري (4) وقال: «انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر
_________
(1) البخاري (3/1078) (2790) ، أحمد (6/387) ، والحديث عند مسلم (4/2123-2128) (2769) إلا أنه لم يذكر موضع الشاهد.
(2) أبو داود (3/35) (1606) ، النسائي في "الكبرى" (5/258) ، الترمذي (3/517) (1212) ، ابن ماجه (2/752) (2236) ، أحمد (3/417، 431، 432) ، ابن حبان (11/62، 63) (4754، 4755) ، الدارمي (2/283) (2435) .
(3) أحمد (5/444) ، أبو داود (3/49) (2655) ، وهو عند ابن حبان (11/70-71) (4757) ، والحاكم (3/333) ، والنسائي في "الكبرى" (5/191) ، والترمذي (4/160) (1613) .
(4) البخاري (3/1152-1153) (2988) .(4/1765)
الصلاة» .
5195 - وعن ابن أبي أوفى قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن ينهض إلى عدوه عند زوال الشمس» رواه أحمد (1) وضعف إسناده في "مجمع الزوائد".
5196 - وأما حديث: «بورك لأمتي في بكورها يوم الخميس» فهو حديث ضعيف أخرجه الطبراني (2) من حديث نبيط.
[33/18] باب تحريم القتال في الأشهر الحرم.
قال الله تعالى: ((يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِير)) [البقرة:217] وأكد ذلك في سورة المائدة فقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ)) [المائدة:2] .
5197 - وعن عروة بن الزبير قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جحش على سرية في جمادى الآخرة قبل قتال بدر بشهرين ليرصد عيرًا لقريش فيها عبد الله بن عمرو الحضرمي وثلاثة معه فقتلوه وأسروا اثنين واستاقوا العير وما فيها من تجارة الطايف وكان ذلك أول يوم من شهر رجب وهم يظنونه من جمادى الآخرة، فقال قريش قد استحل محمد الشهر الحرام فوقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العير وعظم ذلك على أصحاب السرية، وقالوا: ما نبرح حتى تنزل توبتنا ورد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العير والأسارى» أخرجه ابن إسحاق في "المغازي"، قال: حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير فذكره، ورواه البيهقي من طريقه في
_________
(1) أحمد (4/356) .
(2) الطبراني في "الصغير" (1/60) (65) .(4/1766)
"الدلائل" (1) ، وكذا ذكره ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة، ومن طريقه الواحدي.
5198 - وأخرجه الطبراني (2) من حديث جندب بن عبد الله البجلي موصولًا.
5199 - وعن أبي بكرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض: السنة اثنى عشر شهرًا منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان» أخرجاه والترمذي (3) ، وقال: حسن صحيح، وذكر في "الهدي النبوي" الاثنين، وقال: ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما نسخ حكمها ولا أجمعت الأمة على نسخه، وردّ استدلال من استدل بقوله تعالى: ((وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً)) [التوبة:36] ونحوها من العمومات.
[33/19] باب ترتيب الصفوف وجعل سيما وشعارًا يعرف
وكراهة رفع الصوت
5200 - عن أبي أيوب قال «صففنا يوم بدر فندرت منا نادرة أمام الصف،
_________
(1) والبيهقي في "سننه" (9/12) ، من حديث عروة بن الزبير
(2) الطبراني في "الكبير" (2/162) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/249) ، والبيهقي (9/11) من حديث جندب بن عبد الله البجلي.
(3) البخاري (3/1168، 4/1599، 1712، 5/2110، 6/2710) (3025، 4144، 4385، 5230، 7009) ، مسلم (3/1305، 1306) (1679) ، أحمد (5/37، 72) ، وهو عند ابن حبان (13/312-313، 314) (5974، 5975) ، وأخرجه مختصرًا النسائي في "الكبرى" (2/469) ، وأبي داود (2/195) (1947) .(4/1767)
فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: معي معي» رواه أحمد (1) ، قال في "مجمع الزوائد": في إسناده ابن لهيعة وفيه ضعف، والصحيح أن أبا أيوب لم يشهد بدرًا انتهى.
5201 - وعن عمار بن ياسر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه» رواه أحمد قال في "مجمع الزوائد": إسناده منقطع، وأخرجه أبو يعلى والبزار والطبراني (2) ، وفي إسناده اسحق بن أبي اسحق الشيباني ولم يضعفه أحد، وبقية رجاله ثقات، انتهى.
5202 - وفي حديث مروان والمسور (3) في قصة الفتح عند البخاري «أن على الأنصار سعد بن عبادة ومعه الراية وكانت رايته - صلى الله عليه وسلم - مع الزبير» .
5203 - وعن المهلب بن أبي صفرة عمن سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن بيتكم العدو فقولوا: حم لا ينصرون» رواه أحمد وأبو داود وذكر الترمذي أنه روي عن المهلب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا وأخرجه الحاكم موصولًا وقال: صحيح. قال والرجل الذي لم يسمه المهلب هو البراء ورواه النسائي (4) بلفظ: «حدثني
_________
(1) أحمد (5/420) .
(2) أحمد (4/263) ، أبو يعلى (3/206) (1641) ، البزار (4/256-257) (1429) ، الطبراني كما في "مجمع الزوائد" (5/329) ، الحاكم (2/116) .
(3) سيأتي حديث المسور بن مخرمة ومروان رقم (5397، 5398) ، لكن ليس فيه اللفظ الذي ذكره المصنف، وقد تابع المصنف الإمام الشوكاني في النيل (4/713) ، والشوكاني تابع الحافظ في "التلخيص" (4/185-186) ، أما هذا اللفظ المذكور فسيأتي برقم (5367) من حديث عروة.
(4) أحمد (4/65، 5/377) ، أبو داود (3/33) (2597) ، الترمذي (4/197) (1682) ، الحاكم (2/117) ، النسائي في "الكبرى" (5/270، 6/158) .(4/1768)
رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -» .
5204 - قال في "الخلاصة": حديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم ستلقون العدو غدًا فليكن شعاركم حم لا ينصرون» رواه أحمد والنسائي والحاكم وصححه (1) .
5205 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «غزونا مع أبي بكر زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان شعارنا أمت أمت» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة (2) وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في "التلخيص".
5206 - وعن الحسن عن قيس بن عبادة قال «كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرهون الصوت عند القتال» .
5207 - وعن أبي بردة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك رواهما أبو داود (3) وسكت عنهما هو والمنذري ورجاله رجال الصحيح.
[33/20] باب ما جاء من النهي أن يسافر إلى أرض العدو ومعه مصحف
5208 - عن عبد الله بن عمرو قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسافر
_________
(1) أحمد (4/289) ، النسائي في "الكبرى" (6/158) ، الحاكم (2/118) .
(2) أحمد (4/46) ، أبو داود (3/33) (2596) ، النسائي في "الكبرى" (5/201، 271) ، ابن ماجه (2/947) (2840) ، وهو عند ابن حبان (11/48، 52، 53) (4744، 4747، 4748) ، وابن أبي شيبة (6/529) .
(3) حديث قيس بن عبادة عند أبي داود (3/50) (2656) ، والحاكم (2/126) ، والبيهقي (9/153) ، والحديث الثاني عند أبي داود (3/50) (2657) .(4/1769)
بالقرآن إلى أرض العدو» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي (1) .
[33/21] باب استحباب الخيلاء في الحرب
5209 - عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من الغيرة ما يحب الله ومن الغيرة ما يبغض الله وإن من الخيلاء ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله، فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة وأما الغيرة التي تبغض الله فالغيرة في غير الريبة والخيلاء التي يحب الله فاختيال الرجل بنفسه عند القتال واختياله عند الصدقة والخيلاء التي يبغض الله فاختيال الرجل في الفخر والبغي» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (2) وسكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده عبد الرحمن بن جابر بن عتيك وهو مجهول وقد صحح الحديث الحاكم.
قوله: «الخيلاء» قال في "جامع الأصول": الخيلاء والمخيلة العجب والكبر انتهى، وقد تقدم تفسيره في كتاب اللباس.
_________
(1) البخاري (3/1090) (2828) ، مسلم (3/1490، 1491) (1869) ، أبو داود (3/36) (2610) ، النسائي في "الكبرى" (5/23، 243) ، وهو عند ابن الجارود (1/266) (1064) ، وابن حبان (11/15، 16) ، (4715، 4716) ، وابن ماجه (2/961) (2879، 2880) ، وعبد الرزاق (5/212) ، وابن أبي شيبة (7/278) ، والطيالسي (1/253) (1855) ، والحميدي (2/306) (699) ، وأحمد (2/7، 55، 63، 128) ، والإمام مالك (2/446) (962) .
(2) أحمد (5/445، 446) ، أبو داود (3/50) (2659) ، والنسائي (5/78) ، ابن حبان (1/530) (295) ، وصححه الحاكم (1/578) من حديث عقبة بن عامر.(4/1770)
[33/22] باب ما جاء في الترجل عند اللقاء
5210 - عن البراء بن عازب قال: «لما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين يوم حنين نزل عن بغلته وترجل» رواه البخاري ومسلم في حديث طويل واللفظ لأبي داود (1) .
[33/23] باب الكف عن قتل من عنده شعار الإسلام
5211 - عن أنس قال «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا قومًا لم يغز حتى يصبح فإذا سمع أذانًا أمسك وإذا لم يسمع أذانًا أغار بعد ما يصبح» رواه أحمد والبخاري (2) ، وفي رواية: «كان يغير إذا طلع الفجر وكان يسمع الأذان فإن سمع الأذان أمسك وإلا أغار، وسمع رجلًا يقول: الله أكبر الله أكبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الفطرة، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: خرجت من النار» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (3) .
5212 - وعن عصام المزني قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث السرية يقول: إذا رأيتم مسجدًا أو سمعتم أذانًا فلا تقتلوا أحدًا» رواه الخمسة وقال الترمذي: حسن غريب (4) .
_________
(1) جزء من حديث طويل وقد تقدم جزء منه (3990) ، وهذا اللفظ لأبي داود (3/50) (2658) ، وابن حبان (11/97) (4775) ، والحاكم (2/127) ، وأبي يعلى (3/240) (1678) .
(2) أحمد (3/159، 236) ، البخاري (3/1077) (2784) ، أبو داود (3/43) (2634) .
(3) أحمد (3/132، 229، 253) ، مسلم (1/288) (382) ، الترمذي (4/163) (1618) ، ابن خزيمة (1/208) (400) .
(4) أبو داود (3/43) (2635) ، النسائي في "الكبرى" (5/258، 260) ، الترمذي (4/120) = = (1549) ، أحمد (3/448) ، وهو عند الشافعي (1/208) ، والحميدي (2/359-360) (820) ، والطبراني في "الكبير" (17/177) ، والبخاري في "التاريخ" (7/70) .(4/1771)
5213 - وعن ابن عباس: «لقي ناس من المسلمين رجلًا في غنيمة له فقال السلام عليكم فأخذوه وقتلوه وأخذوا تلك الغنيمات فنزلت: ((وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ)) [النساء:94] إلخ» أخرجاه (1) ، وفي لفظ عن ابن عباس قال: «مرّ رجل من بني سليم على نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه غنم له فسلم عليهم، قالوا: ما سلم عليكم إلا لتعوذ منكم فقاموا فقتلوه وأخذوا غنمه فأتوا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تبارك وتعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا)) [النساء:94] » رواه الترمذي (2) ، وقال: حديث حسن وفي الباب عن أسامة بن زيد.
[33/24] باب جواز تبييت الكفار ورميهم بالمنجنيق
وإن أدى إلى قتل ذراريهم
5214 - عن الصعب بن جثامة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم فقال: هم منهم» رواه الجماعة إلا النسائي (3) وزاد أبو داود، قال الزهري ثم «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء
_________
(1) البخاري (4/1677) (4315) ، مسلم (4/2319) (3025) ، أبو داود (4/32) (3974) ، النسائي في "الكبرى" (5/174، 6/326) .
(2) الترمذي (5/240) (3030) .
(3) البخاري (3/1097) (2850) ، مسلم (3/1364) (1745) ، أبو داود (3/54) (2672) ، الترمذي (4/137) (1570) ، ابن ماجه (2/947) (2839) ، أحمد (4/37، 38، 71، = = 72) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/407، 5/185، 186) ، وابن الجارود (1/261) (1044) ، وابن حبان (1/345، 11/107) (136، 4786) ، والبيهقي (9/78) ، والشافعي (1/238، 314) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/222) ، وابن أبي شيبة (6/485) ، والحميدي (2/343) (781) ، والطبراني في "الكبير" (8/88) .(4/1772)
والصبيان» .
5215 - وعن ثور بن يزيد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نصب المنجنيق على أهل الطايف» أخرجه الترمذي وأبو داود (1) عن مكحول هكذا مرسلًا، قال في "بلوغ المرام" ورجاله ثقات ووصله العقيلي بإسناد ضعيف عن علي وقال في "الخلاصة": أنه رواه الترمذي مرسلًا وضعفه.
5216 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «بيتنا هوازن مع أبي بكر الصديق وكان أمّره علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة (2) وهو طرف من الحديث المتقدم في باب ترتيب الصفوف.
[33/25] باب الكف عن قصد النساء والصبيان
والرهبان والشيخ الفاني بالقتل
5217 - عن ابن عمر قال: «وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهى - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والصبيان» رواه الجماعة إلا النسائي (3) .
_________
(1) الترمذي (5/94) تحت حديث (2762) ، وأبو داود في "المراسيل" (335) .
(2) تقدم برقم (5211) .
(3) البخاري (3/1098) (2851) ، مسلم (3/1364) (1744) ، أبو داود (3/53) (2668) ، الترمذي (4/136) (1569) ، ابن ماجه (2/947) (2841) ، أحمد (2/22، 23، 75، 91 = = 100، 115، 122، 123) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/185) ، وابن الجارود (1/261) (1043) ، وابن حبان (1/344، 11/107) (135، 4785) ، والدارمي (2/293) (2462) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/220) ، وابن أبي شيبة (6/482) ، والإمام مالك (2/447) (964) .(4/1773)
5218 - وعن رباح بن ربيع أنه: «خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها على مقدمته خالد بن الوليد فمرّ رباح وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة فوقفوا ينظرون إليها يعني يتعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول الله على راحلته فأفرجوا عنها فوقف عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما كانت هذه لتقاتل، فقال لأحدهم إلحق خالدًا فقل له: لا تقتلوا ذرية ولا عسيفًا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (1) من رواية رباح بالباء الموحدة على الأصح، وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين، وقال ابن حبان محفوظ، وقال البيهقي لا بأس بإسناده.
5219 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ولا تقتلوا شيخًا فانيًا ولا طفلًا صغيرًا، ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» رواه أبو داود (2) بإسناد ضعيف.
_________
(1) أحمد (3/488) ، أبو داود (3/53) (2669) ، النسائي في "الكبرى" (5/185، 186) ، الحاكم (2/133) ، ابن حبان (11/110) (4789) ، وهو عند ابن ماجه (2/948) (2842) ، وأبو يعلى (3/115-116) (1546) ، وعبد الرزاق (6/132) ، والطبراني في "الكبير" (5/72) .
(2) أبو داود (3/37) (2614) ، البيهقي (9/90) ، ابن أبي شيبة (6/483) .(4/1774)
5220 - وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث جيوشه قال: اخرجوا باسم الله تعالى تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع» رواه أحمد (1) في إسناده إبراهيم بن أبي حبيبة وهو ضعيف ووثقه أحمد.
5221 - ورواه البيهقي (2) من رواية خالد بن يزيد بلفظ: «لا تقتلوا النساء ولا أصحاب الصوامع» وقال منقطع وضعيف.
5222 - وعن كعب بن مالك عن عمه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بعث إلى ابن أبي الحقيق بخيبر نهى عن قتل النساء والصبيان» رواه أحمد (3) قال في "مجمع الزوائد: ورجاله رجال الصحيح.
5223 - وقد تقدم (4) حديث ابن عمر شاهد لصحته.
5224 - وعن الأسود بن سريع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقتلوا الذرية في الحرب، فقالوا: يا رسول الله! أو ليس هم أولاد المشركين؟ قال: أو ليس خياركم أولاد المشركين» رواه أحمد (5) قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد رجال
_________
(1) أحمد (1/300) ، أبو يعلى (4/422) (2549) .
(2) البيهقي (9/91) .
(3) وهو عند الحميدي (2/385) (874) ، وابن أبي شيبة (6/482، 7/396) ، وعبد الرزاق (5/202) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/221) ، والشافعي (1/238، 314) ، والطبراني في "الكبير" (19/74) .
(4) تقدم أول الباب.
(5) تقدم برقم (5098) .(4/1775)
الصحيح.
5225 - وعن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم يعني من لم ينبت منهم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (1) من رواية الحسن عن سمرة، وقال حسن صحيح غريب وخالف عبد الحق فضعفه ولا يعارض هذا حديث أنس «لا تقتلوا شيخًا فانيًا» فقد وقع التقييد فيه بالشيخ الفاني الذي لم يبق فيه نفع للكفار ولا مضرة على المسلمين وحديث سمرة يحمل على الشيخ الذي بقي فيه نفع للكفار ومضرة على المسلمين.
قوله: «شيوخ المشركين» أراد بالشيوخ الرجال ذوي القوة على القتال وبالشرخ الصبيان أهل الجلد في الخدمة كذا في "الدر النثير".
[33/26] باب الكف عن المثلة، والتحريق، وقطع الشجرة
وهدم العمران إلا لحاجة ومصلحة
5226 - وعن صفوان بن عسال قال: «بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية، فقال: سيروا باسم الله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليدًا» رواه أحمد وابن ماجة (2) ورجال إسناده لا بأس بهم.
5227 - ويشهد له حديث ابن عباس المتقدم (3) .
_________
(1) أحمد (5/12، 20) ، أبو داود (3/54) (2670) ، الترمذي (4/145) (1583) ، الطبراني في "الكبير" (7/216، 217) .
(2) أحمد (4/240) ، ابن ماجه (2/953) (2857) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/260)
(3) المتقدم قريبًا برقم (5226) .(4/1776)
5228 - ويشهد لصحتهما حديث سليمان بن بريدة عند أحمد ومسلم وفيه النهي عن المثلة، وقد تقدم (1) في باب الدعوة.
5229 - وعن أبي هريرة قال: «بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعث فقال إن وجدتم فلانًا وفلانًا الرجلين فأحرقوهما بالنار، ثم قال حين أردنا الخروج: إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما» رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي وصححه (2) .
5230 - وتقدم في باب قتل المرتد حديث ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا تعذبوا بعذاب الله» رواه الجماعة إلا مسلمًا (3) .
5231 - ولأبي داود (4) من حديث حمزة الأسلمي نحو حديث أبي هريرة.
5232 - وعن عبد الله بن مسعود قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فمر بقرية نمل قد أحرقت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا ينبغي لبشر أن يُعذب بعذاب الله عز وجل» رواه أحمد (5) قال في "مجمع الزوائد": ورجاله رجال الصحيح.
_________
(1) تقدم برقم (5170) .
(2) أحمد (2/307، 338، 453) ، البخاري (3/1079، 1098) (2795، 2853) ، أبو داود (3/55) (2674) ، الترمذي (4/137) (1571) ، وهو عند الدارمي (2/293) (2461) ، والنسائي في "الكبرى" (5/183) ، وابن الجارود (1/265) (1057) ، وابن أبي شيبة (6/485) .
(3) تقدم برقم (5075) .
(4) أبو داود (3/54) (2673) ، وهو عند أحمد (3/494) ، وأبي يعلى (3/105-106) (1536) ، والطبراني في "الكبير" (3/160) .
(5) أحمد (1/423) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/183) (8614) ، وعبد الرزاق (5/213) ، والطبراني في "الأوسط" (3/359) .(4/1777)
5233 - وعن يحيى بن سعيد «أن أبا بكر بعث جيوشًا إلى الشام فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان يزيد أمير ربع من تلك الأرباع فقال: إني موصيك بعشر خلال: لا تقتل امرأة ولا صبيًا ولا كبيرًا هرمًا ولا تقطع شجرًا مثمرًا ولا تخرب عامرًا ولا تعقرن شاة ولا بعيرًا إلا لمأكله ولا تعقرن نخلًا ولا تحرقه ولا تغلغل ولا تجبن» رواه مالك في "الموطأ" عنه (1) وهو مرسل لأن يحيى بن سعيد لم يدرك أبا بكر.
5234 - وعن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا تريحني من ذي الخليصة، قال: فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل وكان ذو الخليصة بيتًا في اليمن لخثعم وبجيلة فيه نصب تعبد يقال له كعبة اليمانية، قال فأتاها فحرقها بالنار وكسرها ثم بعث رجلًا من أحمس يكنى أبا أرطأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يبشره بذلك فلما أتاه، قال: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق ما جئت حتى تركتها كأنها جمل أجرب، قال: فَبْرك النبي - صلى الله عليه وسلم - على خيل أحمس ورجالها خمس مرات» متفق عليه (2) .
5235 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بني النظير وحرقها ولها يقول حسان:
وهان على سراة بني لؤيٍ ... حريق بالبويرة مستطير
_________
(1) مالك في "الموطأ" (2/447-448) (965) .
(2) البخاري (3/1100، 1119، 4/1583-1584) (2857، 2911، 4098، 4099) ، مسلم (4/1926) (2476) ، أحمد (4/360، 362) ، وهو عند أبي داود (3/88) (2772) مختصرًا، والنسائي في "الكبرى" (5/204) .(4/1778)
وفي ذلك نزلت: ((مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا)) [الحشر:5] الآية..» متفق عليه (1) ولم يذكر أحمد الشعر.
5236 - وعن أُسامة بن زيد قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قرية يقال لها أُبنى فقال: إتها صباحًا ثم حرق» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (2) وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر قال البخاري هو لين، وقال يحيى هو ضعيف، وقال أحمد يعتبر به، وقال العجلي يكتب حديثه وليس بالقوى، وقال في التقريب ضعيف.
قوله: «ولا تعقرن» بالعين المهملة والقاف والراء في كثير من النسخ وفي نسخ ولا تعزقن بالعين المهملة والزاي المكسورة والقاف ونون التأكيد قال في "النهاية": هو القطع. قوله: «ذو الخليصة» بفتح المعجمة واللام المهملة وحكى تسكين اللام. قوله: «أحمس» بمهملتين هم رهط ينسبون إلى أحمس بن الغوث. قوله: «فبرّك» بفتح الموحدة وتشديد الراء، أي: دعى لهم بالبركة. قوله: «كأنها جمل أجرب» بالجيم وآخره موحدة أشار إلى أنها صارت سوداء لما وقع فيها من التحريق. قوله: «سراة» بفتح المهملة وتخفيف الراء جمع سري وهو الرئيس. قوله: «بني لُؤي» بضم اللام وفتح الهمزة وهو أحد أجداد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبنوه هم قريش. قوله: «البويرة» بالباء الموحدة
_________
(1) البخاري (2/819، 4/1479) (2201، 3807، 3808) ، مسلم (3/1365) (1746) ، أحمد (2/80، 86، 123، 140) ، وهو عند أبي داود (3/38) (2615) ، والترمذي (4/122، 5/408) (1552، 3302) ، وابن ماجه (2/948، 949) (2844، 2845) ، والنسائي في "الكبرى" (5/182) ، وأبي يعلى (10/207) (5837) .
(2) أحمد (5/205) ، أبو داود (3/38) (2616) ، ابن ماجه (2/948) (2843) ، ابن أبي شيبة (6/486) .(4/1779)
تصغير بورة مكان معروف قريب من الحديبية. قوله: «أُبنى» بضم الهمزة والقصر.
[33/27] باب ما يدعى به عند اللقاء وما جاء أن الدعاء لا يرد
5237 - عن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا، قال: اللهم أنت عضدي ونصيري بك أجول وبك أصول وبك أقاتل» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن غريب (1) .
5238 - وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ساعتان يفتح فيهما أبواب السماء وَقلّ ما يرد على داعٍ دعوته: عند حضور النداء، والصف في سبيل الله» وفي لفظ: «اثنتان لا يردان أو قلما يردان: الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضًا» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" (2) وفي رواية قال: «وتحت المطر» رواه أبو داود (3) وفي إسناده موسى بن يعقوب الزمعي، قال النسائي ليس بالقوى، وقال يحيى بن معين ثقة. والبأس بالهمزة الشدة في الحرب.
_________
(1) أبو داود (3/42) (2632) ، النسائي في "الكبرى" (5/188، 6/155) ، الترمذي (5/572) (3584) ، وهو عند أحمد (3/184) ، وابن حبان (11/76) (4761) ، وأبي يعلى (5/283) (2904) .
(2) باللفظ الأول عبد الرزاق (1/495) ، وابن أبي شيبة (6/30) ، والإمام مالك في "الموطأ" (1/70) (153) ، وابن حبان (5/5، 60) (1720، 1764) ، والطبراني في "الكبير" (6/140) ، واللفظ الثاني عند أبي داود (3/21) (2540) ، والحاكم (2/124) ، والدارمي (1/293) (1200) ، وابن خزيمة (1/219) (419) .
(3) أبو داود (3/21) (2540) ، الحاكم (2/124) ، والطبراني في "الكبير" (6/135) .(4/1780)
[33/28] باب تحريم الفرار من الزحف إذا لم يزد العدو على ضعف المسلمين إلا المتحيز إلى فئة وإن بعدت
5239 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: ما هنّ يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» متفق عليه (1) .
5240 - وعن ابن عباس: «لما نزلت: ((إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)) [لأنفال:65] فكتب عليهم أن لا يفر عشرون من مائتين، ثم نزلت: ((الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ)) [لأنفال:66] الآية: فكتب أن لا يفر مائة من مائتين» رواه البخاري وأبو داود (2) .
5241 - وعن ابن عمر قال: «كنت في سرية من سرايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحاص الناس حيصة وكنت فيمن حاص، فقلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا من الغضب، ثم قلنا: لو دخلنا المدينة فبتناه، ثم قلنا: لو عرضنا نفوسنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن كانت لنا توبة وإلا ذهبنا، فأتيناه قبل صلاة الغداة، فخرج فقال: من الفرارون؟ فقلنا: نحن الفرارون، قال: بل أنتم العكارون، أنا فيئتكم وفيئة المسلمين، قال: فأتيناه حتى قبلنا يده» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة
_________
(1) تقدم برقم (3648) ، والحديث ليس عند أحمد، ولم يعزه إليه السيوطي في "الدر المنثور" (2/146) ، وكذلك المصنف فيما سبق.
(2) البخاري (4/1706، 1707) (4375، 4376) ، أبو داود (3/46) (2646) .(4/1781)
والترمذي (1) ، وقال حسن لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد.
قوله: «الموبقات» أي: المهلكات. قوله: «فحاص» بالمهملات، قال في "الدر النثير": حاصوا حيصة جالوا جولة والمحيص المحيد وحيصة من حيصات الفتن أي: رويحة منها. قوله: «العكارون» بفتح العين المهملة وتشديد الكاف، قال في "مختصر النهاية": العكارون الكرارون إلى الحرب والعطافون نحوها يقال للرجل تولى عن الحرب ثم يكر راجعًا إليها عكر واعتكر.
[33/29] باب ما جاء في المحصور إن شاء قاتل وإن شاء استأسر
5242 - عن أبي هريرة قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة رهط عينًا، وأمّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة وهو بين عسفان ومكة ذكروا لبني لحيان، فنفروا لهم قريبًا من مائتي رجل كلهم رام فاقتصوا أثرهم، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا وأعطوا ما بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدًا، قال عاصم بن ثابت أمير السرية: أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر اللهم خبر عنا نبيك فرموهم بالنبل، فقتلوا عاصمًا في سبعة فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق منهم خبيب الأنصاري وابن دَثنة ورجل آخر، فلما استمكنوهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي في هؤلاء لأسوة يريد القتلى فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه، وانطلقوا
_________
(1) أحمد (2/70، 86، 100) ، أبو داود (3/46) (2647، 5223) ، ابن ماجه (2/1221) (3704) مختصرًا، الترمذي (4/215) (1716) ، وهو عند ابن الجارود (1/263) (1050) ، وأبي يعلى (9/446) (5596) ، والحميدي (2/302) (687) ، والشافعي (1/207) .(4/1782)
بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما مكة بعد وقعة بدر، وذكر قصة قتل خبيب إلى أن قال: استجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه وخبرهم وما أصيبوا» مختصر لأحمد والبخاري وأبي داود (1) .
قوله: «عينًا» العين الجاسوس كما في "مختصر النهاية" وغيره. قوله: «بالهدأة» بفتح الهاء وسكون الدال المهملة بعدها همزة مفتوحة كذا للأكثر وللكشمريني بفتح الدال وتسهيل الهمزة وهو موضع على سبعة أميال من عسفان. قوله: «لبني لحيان» هم قبيلة معروفة اسم أبيهم لحيان وقيل بكسر اللام. قوله: «فنفَّروا» لهم أي: أمروا جماعة منهم أن ينفروا للرهط المذكورين. قوله: «الفدفد» بفائين ودالين مهملين، قال في "الدر النثير": الفدفد المكان المرتفع. قوله: «خبيب» بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة وسكون التحتية آخره موحدة هو ابن عدي من الأنصار. قوله: «ابن دثنة» بفتح الدال المهملة وكسر المثلثة بعدها نون واسمه زيد. قوله: «ورجل آخر» هو عبد الله بن طارق. قوله: «عالجوه» أي: مارسوه والمراد أنهم خدعوه ليتبعهم فأبى.
[33/30] باب الكذب في الحرب
5243 - عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لكعب ابن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ قال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فأذن لي فأقول قال قد فعلت فأتاه، فقال إن هذا يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عنّانا وسألنا الصدقة، قال وأيضًا والله فإنا قد اتبعناه فنكره أن ندعه حتى ننظر
_________
(1) أحمد (2/294-295، 310-311) ، البخاري (3/1108، 4/1465، 1499) (2880، 3767، 3858) ، أبو داود (3/51) (2660، 2661) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/261-262) ، وابن حبان (15/512-513) (7039) .(4/1783)
إلى ما يصير إليه أمره، قال: فلم يزل يكلمه حتى استمكن منه فقتله» متفق عليه (1) .
5244 - وعن أم كلثوم بنت عقبة قالت: «لم أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يرخص في شيء من الكذب مما يقول الناس إلا في الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (2) .
5245 - وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أيها الناس ما يحملكم أن تتايعوا على الكذب كتتايع الفراش في النار الكذبُ كله على ابن آدم حرام إلا في ثلاث خصال رجل كذب على امرأته ليرضيها ورجل كذب في الحرب فإن الحرب خدعة ورجل كذب بين مسلمين ليصلح بينهما» رواه الترمذي (3) وقال: حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث ابن خثيم.
قوله: «عنّانا» بفتح المهملة وتشديد النون الأولى أي: كلفنا بالأوامر والنواهي. قوله: «تتايع الفراش» التتايع التهافت في الأمر.
[33/31] باب ما جاء في المبارزة.
5246 - عن علي قال: «تقدم عتبة بن ربيعة ومعه ابنه وأخوه فنادى من
_________
(1) البخاري (3/1102، 4/1481) (2867، 3811) ، مسلم (3/1425) (1801) ، وهو عند أبي داود (3/87) (2768) ، والنسائي في "الكبرى" (5/192) ، والحميدي (2/526) (1250) .
(2) أحمد (6/403، 404) ، مسلم (4/2011) (2605) ، أبو داود (4/280، 281) (4920، 4921) ، النسائي في "الكبرى" (5/193) ، وهو مختصر عند البخاري (2/958) (2546) ، والترمذي (4/331) (1938) ، وابن حبان (13/40) (5733) .
(3) الترمذي (4/331) (1939) ، أحمد (6/459، 460) .(4/1784)
يبارز فانتدب له شباب من الأنصار فقال من أنتم فأخبروه، فقال: لا حاجة لنا فيكم إنا أردنا بني عمنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قم يا حمزة قم يا علي قم يا عبيدة بن الحارث، فأقبل حمزة إلى عتبة وأقبلت إلى شيبة واختلفت بين عبيدة والوليد ضربتان فأثخن كل واحد منهما صاحبه ثم ملنا إلى الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة» رواه أحمد وأبو داود (1) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات.
5247 - وعن قيس بن عباد عن علي قال: «أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة قال قيس: فيهم نزلت هذه الآية: ((هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ)) [الحج:19] قال: هم الذين تبارزوا يوم بدر علي والحمزة وعبيدة بن الحارث وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة» وفي رواية أن عليًا قال: «فينا نزلت هذه الآية وفي مبارزتنا يوم بدر ((هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ)) [الحج:19] » رواهما البخاري (2) .
5248 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «بارز عمي يوم خيبر مرحبًا اليهودي» رواه أحمد في قصة طويلة ومعناه لمسلم (3) .
5249 - وعن سلمة أيضًا «أن مرحبًا خرج يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجربُ
_________
(1) أحمد مطولًا (1/117) ، أبو داود (3/52) (2665) ، الحاكم (3/214) .
(2) البخاري (4/1458، 1769) (3747، 4467) بالرواية الأولى، و (4/1459) (3749) باالرواية الثانية.
(3) أحمد (4/51، 52) ، مسلم (1807) .(4/1785)
فخرج إليه علي يقول:
أنا الذي اسمتني أمي حيدرة ... كليث غاباتٍ كريه المنظرة
وضرب رأس مرحب فقتله» مختصر من مسلم (1) .
قوله: «أثخن في العدو» بالغ في الجراحة فيه.
[33/32] باب ما جاء في الإقامة بموضع النصر ثلاثًا
5250 - عن أنس عن أبي طلحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنه كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال» متفق عليه (2) ، وفي لفظ لأحمد والترمذي (3) «بعرصتهم» ، وفي رواية لأحمد (4) «لما فرغ من أهل بدر أقام بالعرصة ثلاثًا» .
قوله: «العرصة» بفتح العين المهملة وسكون الراء بعدها صاد مهملة هي البقعة الواسعة بغير بناء.
[33/33] باب ما جاء أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين
5251 - عن عمرو بن عبسة قال: «صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بعير من
_________
(1) مسلم (1807) .
(2) البخاري (3/1116) (2900) ، مسلم (4/2204) (2875) ، أحمد (4/29) ، أبو داود (3/63) (2695) .
(3) أحمد (4/29) ، الترمذي (4/121) (1551) ، والدارمي (2/292) (2459) ، وابن حبان (11/97، 98) (4776، 4777) ، والنسائي في "الكبرى" (5/199) ، وأبي يعلى (3/10) (1415) ، وأبي داود (3/63) (2695) ، وابن أبي شيبة (6/471) .
(4) أحمد (4/29) .(4/1786)
المغنم فلما سلم أخذ وبرةً من جنب البعير، ثم قال ولا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس والخمس مردود فيكم» رواه أبو داود والنسائي (1) بمعناه وسكت أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات.
5252 - وعن عبادة بن الصامت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى لهم في غزوة إلى بعير من المقسم فلما سلم قام إلى البعير من المقسم فتناول وبرة بين أنملتيه فقال إن هذا من غنائمكم وأنه ليس لي فيها شيء إلا نصيبي إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط وأكثر من ذلك وأصغر» رواه أحمد في المسند والنسائي وابن ماجة (2) وحسن الحافظ في "الفتح" إسناده.
5253 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في قصة هوازن «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دنى من بعير فأخذ وبرة من سنامه، ثم قال: يا أيها الناس إنه ليس لي من هذا الفي شيء ولا في هذه إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (3) ولم يذكر الخيط والمخيط وحسن الحافظ في "الفتح" إسناد هذا الحديث.
قوله: «وبرة» بفتح الواو والموحدة بعدها وبعدها راء هو صوف الإبل ونحوها. قوله: «المخيط» هو ما يخاط به كالإبرة وغيرها.
_________
(1) أبو داود (3/82) (2755) ، والحاكم (3/714) ، والبيهقي (6/339) ،
(2) قطعة من حديث طويل عند أحمد (5/316، 326) ، النسائي (7/131) ، ابن ماجه (2/950) (2850) .
(3) أحمد (2/184، 218) ، أبو داود (3/63) (2694) ، النسائي (6/262-263، 7/131) .(4/1787)
[33/34] باب ما جاء في السلب للقاتل وأنه لا يخمس.
5254 - عن أبي قتادة قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال: فرأيت رجلًا من المشركين قد علا رجلًا من المسلمين فاستدرت إليه حتى أتيته من وراءه فضربته على حبل عاتقه، وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر بن الخطاب فقال: ما للناس؟ فقلت: أمر الله ثم أن الناس رجعوا وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه، قال: فقمت فقلت: من يشهد لي ثم جلست، ثم قال مثل ذلك، قال: فقلت من يشهد لي ثم جلست، ثم قال مثل ذلك الثالثة، فقمت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لك يا أبا قتادة فقصصت عليه القصة، فقال: رجل من القوم صدق يا رسول الله سلب ذلك الرجل عندي فأرضه عن حقه، فقال أبو بكر لا هى الله إذ لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صدق فأعطه إياه فأعطاني، قال: فبعت الدرع فابتعت به مخرفًا من بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام» متفق عليه (1) .
5255 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يوم حنين من قتل رجلًا فله سلبه فقتل أبو طلحة عشرين رجلًا وأخذ أسلابهم» رواه أحمد (2)
_________
(1) البخاري (3/1144-1145، 4/1570) (2973، 4066، 4067) ، مسلم (3/1370-1371) (1751) ، وأحمد (5/296) مختصرًا، وهو عند أبي داود (3/70) (2717) ، والإمام مالك (2/454) .
(2) أحمد (3/114، 123) ، أبو داود (3/71) (2718) ، وهو عند ابن حبان (11/167-168) (4837) مطولًا.(4/1788)
وسكت عنه هو والمنذري ورجاله رجال الصحيح، وفي لفظ لأحمد (1) «من تفرد بدم رجل فقتله فله سلبه، قال: فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلًا» .
5256 - وعن عوف بن مالك أنه قال لخالد بن الوليد: «أما علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل، قال: بلى» رواه مسلم (2) .
5257 - وعن عوف وخالد أيضًا: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخمس السلب» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والطبراني (3) ، قال المنذري: في إسناده اسمعيل بن عياش وقد تقدم الكلام عليه قلت: لكنه من روايته عن الشاميين.
5258 - وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (4) عن عوف «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخمس السلب» .
5259 - وعن عوف بن مالك، قال: «قتل رجل من حمير رجلًا من العدو فأراد سلبه فمنعه خالد بن الوليد وكان واليًا عليهم فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عوف بن مالك فأخبره بذلك، فقال لخالد: ما منعك أن تعطيه سلبه، فقال: استكثرته يا رسول الله؟ قال: ادفعه إليه، فمر خالد بعوف فجر بردائه، ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فسمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستغضب فقال: ألا
_________
(1) أحمد (3/198) ، وابن حبان (11/174) (4841) .
(2) مسلم (3/1373) (1753) ، وهو عند أحمد (6/26، 27) ، وأبو داود (3/71) (2719) .
(3) أحمد (4/90، 6/26) ، أبو داود (3/72) (2721) ، وابن الجارود (1/270) (1077) ، والبيهقي (6/310) من حديث عوف وخالد.
(4) ابن حبان (11/178) ، والطبراني في "الكبير" (18/49) (86) من حديث عوف، وهو عند أبي يعلى من حديث خالد بن الوليد (13/148، 149) (7191، 7192) .(4/1789)
تعطيه يا خالد هل أنتم تاركون لي أمري؟ إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعى إبلًا وغنمًا فوعاها ثم تحين سقيها فأوردها حوضها فشرعت منه فشربت صفوة وتركت كدرة فصفوه لكم وكدره عليهم» رواه أحمد ومسلم (1) ، وفي رواية قال: «خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ورافقني مددي من أهل اليمن ومضيا فلقيا جموع الروم وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب فجعل الرومي يفري في المسلمين فقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه فخرّ وعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه فلما فتح الله عز وجل للمسلمين بعث خالد بن الوليد فأخذ السلب، قال عوف فأتيته، فقلت يا خالد أما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل؟ فقال: بلى ولكن استكثرته، قلت: لتردنه إليه أو لأعرفنكما عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأبى أن يرد عليه، قال عوف فاجتمعنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد وذكر بقية الحديث بمعنى ما تقدم» رواه أحمد وأبو داود (2) .
5260 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هوازن فبينا نحن نتضحى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل على جمل أحمر فأناخه ثم انتزع طلقًا من جعبته فقيد به الجمل ثم تقدم فتغدى مع القوم وجعل ينظر وفينا ضعفة ورقة من الظهر وبعضنا مشاة إذ خرج يشتد فأتى جمله فأطلق قيده ثم أناخه فقعد عليه فأثاره فاشتد به الجمل فاتبعه رجل على ناقة ورقاء، قال سلمة فخرجت أشتد فكنت عند ورك الناقة ثم تقدمت حتى كنت عند ورك الجمل ثم تقدمت
_________
(1) أحمد (6/26) ، مسلم (3/1373) (1753) .
(2) تقدم قريبا برقم (5263) .(4/1790)
حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته فلما وضع ركبته في الأرض اخترطت سيفي فضربت رأس الرجل فندر ثم جئت بالجمل أقوده عليه رحله وسلاحه فاستقبلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس معه فقال: من قتل الرجل؟ فقالوا: سلمة بن الأكوع، فقال: له سلبه أجمع» متفق عليه (1) .
5261 - وعن عبد الرحمن بن عوف قال: «بينا أنا واقف في الصف يوم بدر نظرت عني يميني فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت لو كنت بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال: يا عمّ هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أُخبرت أنه يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيده لأن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، قال: فعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال مثلها فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس، فقلت: ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، قال: فابتدراه بسيفيهما حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما أنا قتلته، فقال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: كلاهما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عفرا» متفق عليه (2) .
5262 - وعن ابن مسعود قال: «نفلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر سيف أبي
_________
(1) البخاري (3/1110) (2886) مختصرًا، مسلم (3/1374) (1754) ، أحمد (4/49-50، 51) ، وهو عند أبي داود (3/49) (2654) ، وابن حبان (11/177) (4843) .
(2) البخاري (3/1144) (2972) ، مسلم (3/1372) (1752) ، أحمد (1/192-193) ، وهو عند ابن حبان (11/171-172) (4840) ، وأبي يعلى (2/170) (866) .(4/1791)
جهل كان قتله» رواه أبو داود (1) ولأحمد (2) معناه والمشهور أن ابن مسعود أدرك أبا جهل وبه رمق فأجهز عليه، روى معنى ذلك أبو داود (3) وغيره وهو من رواية ابنه أبي عبيدة ولم يسمع منه.
5263 - وفي مسند أحمد في رواية أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود «أنه وجد أبا جهل يوم بدر وقد ضربت رجله وهو صريع يذب الناس عنه سيف له فأخذه عبد الله بن مسعود فقتله فنفله رسول الله سلبه» وسيأتي (4) هذا الحديث في باب النهي عن الانتفاع بما يغنمه الغانم والكلام عليه هنالك.
قوله: «جولة» بالجيم وسكون الواو أي: حركة فيها اختلاط وكانت قبل الهزيمة. قوله: «على حبل عاتقه» حبل العاتق عصبه والعاتق موضع الرداء من المنكب. قوله: «سلبه» السلب بفتح المهملة واللام آخره موحدة هو ما يوجد مع المحارب من ملبوس وغيره، وقوله سلبه أي: سلب قتيله فأضافه إليه باعتبار أنه ملكه. قوله: «مخرفًا» بفتح الميم والراء ويجوز كسر الراء أي: بستانًا يخترف منه التمر، وأما بكسر الميم فهو الآلة التي يخترف بها. قوله: «في بني سلمة» بكسر اللام وهم بطن من الأنصار. قوله: «تأثلته» بمثناه ثم مثلثة أي: أصلته وأثلة كل شيء أصله. قوله: «رجل من حمير» هو المددي المذكور في الرواية الثانية. قوله: «لا تعطه يا خالد» فيه دليل أن للإمام يعطي السلب غير القاتل لأمر يعرض فيه مصلحة من تأديب أو
_________
(1) أبو داود (3/72) (2722) ، أبو يعلى (9/149) (5231) .
(2) أحمد (1/444) .
(3) أبو داود (3/72) (2722) .
(4) سيأتي برقم (5323) .(4/1792)
غيره. قوله: «مُوتة» بضم الميم وسكون الواو بغير همزة لأكثر الرواة وبه جزم المبرد ومنهم من همزها وبه جزم ثعلب والجوهري. قوله: «مددي» بفتح الميم ودالين مهملتين، قال في "مختصر النهاية" الإمداد جمع مدد وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد مددي منسوب إليه. قوله: «يفري» بفتح أوله بعده فاء ثم راء والفري شدة النكاية فيهم. قوله: «فعرقب فرسه» أي: قطع عرقوبها. قوله: «يتضحى» أي: يأكل وقت الضحى كما يقال نتغدى. قوله: «جعبته» بالجيم والعين المهملة، قال في "النهاية": الجعبة التي يجعل فيها النشاب والطلق بفتح اللام قيد من الجلود. قوله: «سوادي» السواد بفتح السين المهملة هو الشخص. قوله: «الأعجل» أي: الأقرب أجلًا.
[33/35] باب التسوية بين القوي والضعيف من قاتل ومن لم يقاتل
5264 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: «من فعل كذا وكذا فله من النفل كذا وكذا، قال: فتقدم الفتيان ولزم المشيخة الرايات فلم يبرحوا بها فلما فتح الله عليهم، قال المشيخة كنا ردء لكم لو انهزمتم لفئيتم إلينا فلا تذهبوا بالمغنم ونبقى فأبى الفتيان، وقالوا: جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنا فأنزل الله عز وجل: ((يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ)) [الأنفال:1] إلى قوله: ((كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ)) [الأنفال:5] يقول فكان ذلك خيرًا لهم وكذلك هذا أيضًا فأطيعوني فإني أعلم بعاقبة هذا منكم فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسوى» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري وأخرجه الحاكم (1) وصححه أبو الفتح في "الاقتراح" على شرط البخاري.
_________
(1) أبو داود (3/77) (2737-2739) ، الحاكم (2/143) ، والنسائي في الكبرى (6/349) بمعناه.(4/1793)
5265 - وعن عبادة قال: «خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشهدت معه بدرًا فالتقى الناس فهزم الله العدو فانطلقت طائفة في أثرهم يهزمون ويقتلون وأكبّ طائفة على الغنائم يحوونه ويجمعونه وأحدقت طائفة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض، قال الذين جمعوا الغنائم نحن الذين حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب، قال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق بها منا نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم وقال الذين أحدقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لستم أحق بها منا نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به فنزلت: ((يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ)) [الأنفال:1] فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فواق بين المسلمين» وفي لفظ مختصر: «فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فنزعه الله من بين أيدينا فجعله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقسمه فينا على بواء يقول على السواء» رواه أحمد (1) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد ثقات.
5266 - وعن سعد بن مالك قال: قلت: «يا رسول الله! الرجل يكون حامية القوم أيكون سهمه وسهم غيره سواء؟ قال: ثكلتك أمك ابن أم سعد وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم» رواه أحمد (2) .
5267 - وعن مصعب بن سعد، قال: «رأى سعد أن له فضلًا على من دونه،
_________
(1) أحمد (5/323) مطولًا، وبالرواية المختصرة (5/322) ، وهو عند الحاكم بمعناه (2/147) .
(2) أحمد (1/173) ، وهو عند عبد الرزاق (5/303) ، والطبراني في "الصغير" (1/92) (123) ، و"الأوسط" (2/367) .(4/1794)
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم» رواه البخاري والنسائي (1) .
5268 - وعن أبي الدرداء، قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ابغوني ضعفائكم فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه (2) .
قوله: «النفل» بفتح النون والفاء زيادة يزادها الغازي على نصيبه من القسمة ومنه نفل الصلوة وهو ما عدا الفرض. قوله: «المشيخة» بفتح الميم جمع شيخ. قوله: «ردأ» بكسر الراء وسكون الدال بعدها همزة هو العون والناصر. قوله: «على فواق» أي: قسمها بسرعة قدر ما بين الحلبتين، «على بواء» بفتح الموحدة والواو بعدها همزة مفتوحة ممدودة وهو السواء. قوله: «حامية القوم» بالحاء المهملة هم الجماعة الذين في أخرى القوم يحمونهم.
[33/36] باب جواز تنفيل بعض الجيش إذا كان له من العناية
والمقاتلة ما لم يكن لغيره
5269 - عن سلمة بن الأكوع وفيه قصة إغارة عبد الرحمن الفزاري على سرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستنقاذه منه، قال: فلما أصبحنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
_________
(1) البخاري (3/1061) وهذا لفظه، والنسائي (6/45) (3178) بمعناه.
(2) أحمد (5/198) ، أبو داود (3/32) (2594) ، الترمذي (4/206) (1702) ، الحاكم (2/116، 157) ، وهو عند النسائي (6/45) (3179) ، وابن حبان (11/85) (4767) .(4/1795)
«خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة، ثم قال: أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم الفارس وسهم الراجل فجعلهما لي جميعًا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) .
5270 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: «جئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر بسيف فقلت: يا رسول الله! إن الله قد شفى صدري اليوم من العدو فهب لي هذا السيف فقال: إن هذا السيف ليس لي ولا لك فذهبت وأنا أقول يعطاه اليوم من لم يبل بلائي فبينا أنا إذ جاءني رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: أجب فظننت أنه نزل في شيء بكلامي فجئت فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - إنك سألتني هذا السيف وليس هو لي ولا لك وإن الله قد جعله لي فهو لك ثم قرأ ((يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ)) [لأنفال:1] إلى آخر الآية» رواه أحمد وأبو داود، وقال المنذري في "مختصر السنن" أخرجه مسلم مطولًا نحوه والترمذي والنسائي انتهى، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه (2) .
قوله: «سرح» بفتح السين المهملة وسكون الراء بعدها حاء مهملة، قال في "الدر النثير" السرح والسارح والسارحة الماشية.
[33/37] باب ما جاء في تنفيل سرية الجيش عليه واشتراكهما في الغنائم
5271 - عن حبيب بن سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفل الربع بعد الخمس في
_________
(1) أحمد (4/52-53) ، مسلم (3/1433-1440) (1807) ، أبو داود (3/81) (2752) ، وهو عند ابن حبان (16/133-138) (7173) .
(2) أحمد (1/178) ، أبو داود (3/77) (2740) ، مسلم (3/1367) (1748) ، الترمذي (5/268) (3079) ، النسائي في "الكبرى" (6/348) ، الحاكم (2/144) ، أبو يعلى (2/84) (735) .(4/1796)
بدايته ونفل الثلث بعد الخمس في رجعته» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم (1) .
5272 - وعن عبادة بن الصامت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفل في البداية الربع وفي الرجعة الثلث» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وحسنه (2) ، وفي رواية: «كان إذا غاب في أرض العدو نفل الربع وإذا أقبل راجعًا وكل الناس نفل الثلث وكان يكره الأنفال ويقول ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم» رواه أحمد وصححه ابن حبان (3) .
5273 - وعن معن بن يزيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا نفل إلا بعد الخمس» رواه أحمد وأبو داود (4) وصححه الطحاوي.
5274 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش والخمس في ذلك كله واجب» .
5275 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بعث سرية قبل نجد فخرجت فيها فبلغت سهامنا اثني عشر بعيرًا ونفلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا بعيرًا» متفق عليهما (5) ، وفي
_________
(1) أحمد (4/159، 160) ، أبو داود (3/79، 80) (2748-2750) ، ابن ماجه (2/951) (2851، 2853) ، ابن الجارود (1/271) (1078، 1079) ، ابن حبان (11/165) (4835) ، الحاكم (2/145) .
(2) أحمد (5/319-320) ، ابن ماجه (2/951) (2852) ، الترمذي (4/130) (1561) .
(3) أحمد (5/323-324) ، ابن حبان مطولًا (11/193-194) (4855) ، والحاكم (3/51) .
(4) سيأتي برقم (5326) .
(5) الحديث الأول عند البخاري (3/1141) (2966) ، مسلم (3/1369) (1750) ، أحمد (2/140) ، أبو داود (3/79) (2746) ، والحديث الثاني عند البخاري (3/1141 = = 4/1577) (2965، 4083) ، مسلم (3/1368) (1749) ، أحمد (2/10، 55، 62، 112) ، أبو داود (3/78) (2744) ، ومالك (2/450) (970) ، وابن حبان (11/164) (4833، 4834) .(4/1797)
رواية، قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية قبل نجد فأصبنا نعمًا كثيرًا فنفلنا أميرنا بعيرًا بعيرًا لكل إنسان ثم قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقسم بيننا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنيمتنا فأصاب كل واحد منا اثني عشر بعيرًا بعد الخمس وما حاسبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي أعطانا صاحبنا ولا عاب عليه ما صنع فكان لكل واحد منا ثلاثة عشر بعيرًا بنفله» رواه أبو داود، قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم بنحوه وقد تقدم (1) .
5276 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم يرد مشدهم على مضعفهم ومشرّبهم على قاعدهم» رواه أبو داود (2) ، وقال أحمد في رواية أبي طالب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «السرية ترد على العسكر والعسكر ترد على السرية» وحديث عمرو بن شعيب أخرجه أيضًا ابن ماجة وسكت عنه أبو داود والمنذري.
5277 - وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3) من حديث ابن عمر مطولًا.
قوله: «يرد مشدُّهم على مضعفهم» أي: يرد من كان له فضل قوة على من كان
_________
(1) أبو داود (3/78) (2743) .
(2) أبو داود (3/80، 4/181) (2751، 4531) ، ابن ماجه (2/895) (2685) ، أحمد (2/180) .
(3) ابن حبان (13/340-341) (5996) .(4/1798)
ضعيفًا والمتسري الذي يخرج في السرية.
[33/38] باب ما جاء في الصفي الذي كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وسهمه مع غيبته
5278 - عن يزيد بن عبد الله قال: «كنا بالمربد إذ دخل رجل معه قطعة أديم فقرأناها فإذا فيها من محمد رسول الله إلى بني زهير بن قيس إنكم إن شهدتم أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وسهم الصفي أنتم آمنون بأمان الله ورسوله فقلنا: من كتب لك هذا؟ قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والنسائي (1) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح ويزيد بن عبد الله هو ابن الشخير.
5279 - وعن عامر الشعبي قال: «كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - سهم يدعى الصفي إن شاء عبدًا وإن شاء أمة وإن شاء فرسًا يختاره قبل الخمس» .
5280 - وعن ابن عوف قال: «سألت محمدًا عن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - والصفي قال: كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد والصفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء» رواهما أبو داود (2) مرسلًا ورجالهما ثقات.
5281 - وعن عائشة قالت: «كانت صفية من الصفي» رواه أبو داود
_________
(1) أبو داود (3/153) (2999) ، النسائي (7/134) ، وهو عند أحمد (5/77، 78) ، وابن حبان (14/497-498) (6557) .
(2) الحديث الأول عند أبي داود (3/152) (2991) ، والنسائي (7/133) ، والبيهقي (6/304) ، والحديث الثاني عند أبي داود (3/152) (2992) ، والبيهقي (6/304) .(4/1799)
ورجاله رجال الصحيح وأخرجه ابن حبان والحاكم وصححه (1) .
5282 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تنفل سيفه ذو الفقار يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أُحد» رواه أحمد والترمذي، وقال حديث حسن غريب إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث أبي الزناد وأخرجه ابن ماجة والحاكم وصححه (2) .
قوله: «ذو الفقار» قال في "مختصر النهاية": ذو الفقار بالفتح سيف العاص ابن أمية قتل يوم بدر كافرًا فصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم إلى علي. قوله: «رأى فيه الرؤيا» أي: رأى أن فيه فلولًا فعبره بقتل واحد من أهله فقتل حمزة رضي الله عنه.
[33/29] باب من يرضخ له من الغنيمة
5283 - عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغزو بالنساء فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة وأما بسهم فلم يضرب لهن» .
5284 - وعنه -أيضًا- أنه كتب إلى نجدة الحروري: «سألت عن المرأة والعبد هل كان لهما سهم معلوم إذا حضر الناس، وإنه لم يكن لهما سهم معلوم من غنائم القوم» رواهما أحمد ومسلم (3) .
_________
(1) أبو داود (3/152) (2994) ، ابن حبان (11/151) (4822) ، الحاكم (2/140) ، الطبراني في "الكبير" (24/66) (175) ، البيهقي (6/304) .
(2) أحمد (1/271) ، الترمذي (4/130) (1561) ، ابن ماجه (2/939) (2808) ، الحاكم (2/141) .
(3) أحمد (1/308، 320، 352) ، مسلم (3/1444) (1812) ، وهو عند الترمذي (4/125) (1556) ، وأبي داود (3/74) (2727، 2728) ، والنسائي (7/128، 1289) .(4/1800)
5285 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المرأة والمملوك من الغنائم دون ما يصيب الجيش» رواه أحمد (1) وأخرج نحوه أبو داود والترمذي وصححه (2) .
5286 - وعن عمير مولى آبي اللحم قال: «شهدت خيبر مع سادتي فكلموا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فأمرني فقلدت سيفًا فإذا أنا أجره، فأخبر أني مملوك فأمر لي بشيء من خرثى المتاع» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجة والحاكم وصححه (3) .
5287 - وعن حشرج بن زياد عن جدته أم أمية «أنها خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر سادس ست نسوة فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث إلينا فجئنا فرأينا فيه الغضب، فقال: مع من خرجتن؟ فقلنا: يا رسول الله! خرجنا نغزل الشعر، ونعين في سبيل الله، ومعانا دواء للجرحى، ونناول السهام ونسقي السويق، فقال: قمن فانصرفن. حتى إذا فتح الله عليه بخيبر أسهم لنا كما أسهم للرجال، قال: فقلت لها يا جدة! وما كان ذلك؟ قالت: تمرًا» رواه أحمد وأبو داود (4) في إسناده حشرج وهو مجهول كما في "التلخيص"، قال الخطابي: في إسناده ضعف لا تقوم به حجة.
_________
(1) أحمد (1/319، 352) .
(2) انظر التخريج قبل السابق.
(3) أحمد (5/323) ، أبو داود (3/75) (2730) ، الترمذي (4/127) (1557) ، ابن ماجه (2/952) (2855) ، الحاكم (1/475، 2/143) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/365) .
(4) أحمد (5/271، 6/371) ، أبو داود (3/74) (2729) ، النسائي في "الكبرى" (5/277) .(4/1801)
5288 - وعن الزهري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهم لقوم من اليهود قاتلوا معه» رواه الترمذي مرسلًا وحسنه، وأبو داود في مراسيله (1) .
5289 - وعن الأوزاعي قال: «أسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - للصبيان بخيبر» رواه الترمذي (2) مرسلًا، قال في "المنتقى": ويحمل الإسهام فيه وفيما قبله على الرضخ.
قوله: «نجدة» بفتح النون وسكون الجيم بعدها دال مهملة، والحروري نسبة إلى حروراء، وهي قرية بالكوفة. قوله: «يحذين» بالحاء المهملة والذال المعجمة أي: يعطين. قوله: «آبي اللحم» هو اسم فاعل من أبى يأبى، قال أبو عبيد: كان حرم اللحم على نفسه فسمي آبي اللحم. قوله: «من خرثى المتاع» بالخاء المعجمة المضمومة وسكون الراء المهملة بعدها مثلثة وهو سقطه، قال في "النهاية": هو أثاث البيت. قوله: «حشرج» بفتح الحاء المهملة وسكون الشين المعجمة وبعدها راء مهملة مفتوحة وجيم. قوله: «عن جدته» هي أم زياد الأشجعية، وليس لها سوى هذا الحديث.
[33/40] باب الإسهام للفارس والراجل
5290 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان لفرسه» رواه أحمد وأبو داود (3) ، وفي لفظ متفق عليه (4) «أسهم
_________
(1) الترمذي (4/127) تحت الحديث (1558) ، وأبو داود في "المراسيل" (281، 282) .
(2) الترمذي (4/125) تحت الحديث (1556) .
(3) أحمد (2/2، 41) ، أبو داود (3/75) (2733) ، وهو بهذا اللفظ عند ابن الجارود (1/272) (1084) ، والدارقطني (4/102) (3) .
(4) البخاري (3/1051، 4/1545) (2708، 3988) ، مسلم (3/1383) (1762) ، أحمد (2/62، 72، 143) ، وهو عند الترمذي (4/124) (1554) ، وابن حبان (11/139) (4810) .(4/1802)
للفرس سهمين وللرجل سهمًا» وفي لفظ ابن ماجة (1) «أسهم للفرس سهمان وللرجل سهم» .
5291 - وعن المنذر بن الزبير عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الزبير سهمًا وأمه سهمًا وفرسه سهمين» رواه أحمد (2) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد ثقات. وفي لفظ للنسائي (3) : «ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر للزبير أربعة أسهم: سهم للزبير، وسهم لذي القربى لصفية أم الزبير، وسهمين للفرس» .
5292 - وعن أبي عمرة عن أبيه قال: «أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة نفر، ومعنا فرس فأعطى كل إنسان منا سهمًا، وأعطى الفرس سهمين» رواه أحمد وأبو داود (4) ، واسم هذا الصحابي عمرو بن محصن، وفي إسناده المسعودي عبد الرحمن بن عبد الله، وفيه مقال.
5293 - وعن أبي رهم قال: «غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وأخي ومعنا فرسان، فأعطانا ستة أسهم: أربعة أسهم لفرسينا وسهمين لنا» رواه الدارقطني وأبو يعلى والطبراني (5) ، وفي إسناده إسحاق بن أبي فروة وهو متروك.
_________
(1) ابن ماجه (2/952) (2854) ، وقال: «يوم خيبر» مكان: «يوم حنين» وهو عند الدارمي (2/297) (2472) ، وأحمد (2/2) .
(2) أحمد (1/166) .
(3) النسائي (6/228) من حديث عبد الله بن الزبير.
(4) أحمد (4/138) ، أبو داود (3/76) (2734) ، وهو عند أبي يعلى (2/223) (922) ، والبيهقي (6/326) .
(5) الدارقطني (4/101) (2) ، أبو يعلى (12/296-297) (6876) ، الطبراني في "الكبير" (19/186) (419) ، الطيالسي (1/189) (1329) .(4/1803)
5294 - وعن أبي كبشة الأنماري قال: «لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة كان الزبير على المجنبة اليسرى، وكان المقداد على المجنبة اليمنى، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وهدأ الناس جاء بفرسهما فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح الغبار عنهما، وقال: إني جعلت للفرس سهمين وللفارس سهمًا، فمن نقصها نقصه الله» رواه الدارقطني والطبراني (1) ، وفي إسناده عبد الله بن بسر الحيراني، ضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان.
5295 - وعن مجمع بن حارثة الأنصاري قال: «قسمت خيبر على أهل الحديبية فقسمها رسول الله ثمانية عشر سهمًا، وكان الجيش ألفًا وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين والراجل سهمًا» رواه أبو داود (2) وقال: حديث ابن عمر أصح، قال: وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال: ثلاثمائة فارس، وإنما كانوا مائتي فارس، وقال الحافظ في "الفتح": إن في إسناده ضعف.. انتهى. وقد تأول هذا الحديث وما في معناه بأن المراد أسهم للفارس بسبب فرسه سهمين غير سهمه المختص به.
[33/41] باب الإسهام لمن غيبه الإمام في مصلحة
5296 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام -يعني: يوم بدر- فقال: إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله، وأنا أبايع له فضرب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهم
_________
(1) الدارقطني (4/101) (1) ، الطبراني في "الكبير" (22/342) (856) ، البيهقي (6/327) .
(2) أبو داود (3/76، 160) (2736، 3015) ، وهو عند أحمد (3/420) ، والدارقطني (4/105) ، وابن أبي شيبة (7/384) ، والطبراني في "الكبير" (19/445) .(4/1804)
ولم يضرب لأحد غاب غيره» رواه أبو داود (1) ، وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده ثقات، وفي رواية للبخاري (2) «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار بيده اليمنى وقال: هذه يد عثمان عن بدلها، وضرب بها على يده اليسرى، وقال: هذه البيعة لعثمان» .
5297 - وعنه -أيضًا- قال: «لما تغيب عثمان عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت مريضة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن لك أجر رجل وسهمه» رواه أحمد والبخاري والترمذي وصححه (3) .
[33/42] باب ما جاء من الإسهام لتجار العسكر وأجراهم
5298 - عن خارجة بن يزيد قال: «رأيت رجلًا سأل أبي عن الرجل يغزو ويشتري ويبيع ويتجر في غزوه فقال له: إنا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك نشتري ونبيع، وهو يرانا ولا ينهى» رواه ابن ماجة (4) بإسناد ضعيف.
5299 - ويشهد له ما أخرجه أبو داود (5) ، وسكت عنه هو والمنذري عن عبد الله بن سليمان أن رجلًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثه قال: «لما فتحنا خيبر أخرجوا غنائمها من الأمتاع والسبي، فجعل الناس يبتاعون غنائمهم، فجاء رجل فقال: يا رسول الله! لقد ربحت ربحًا ما ربح اليوم مثله أحد من أهل هذا الوادي فقال: ويحك! ما ربحت؟ فقال: ما زلت أبيع وأبتاع حتى ربحت ثلاثمائة أوقية.
_________
(1) أبو داود (3/74) (2726) .
(2) البخاري (3/1352، 4/1491) (3495، 3839) وكانت هذه في بيعة الرضوان.
(3) أحمد (2/101، 120) ، البخاري (3/1139) (2962) ، الترمذي (5/629) (3706) .
(4) ابن ماجه (2/943) (2823) ، الطبراني في "الكبير" (5/137) .
(5) أبو داود (3/92) (2785) ، البيهقي (6/332) .(4/1805)
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنبئك (1) بخير رجل ربح. قال: وما هو يا رسول الله؟ قال: ركعتين بعد الصلاة» .
5300 - وعن يعلى بن منبه قال: «أذن رسول الله بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لي خادم، فالتمست أجيرًا يكفيني وأجري له سهمه، فوجدت رجلًا فلما دنا الرحيل أتاني، فقال: ما أدري ما السهمان، وما يبلغ سهمي؟ فسم لي شيئًا كان السهم أو لم يكن، فسميت له ثلاثة دنانير، فلما حضرت غنيمته أردت أن أجري له سهمه فذكرت الدنانير، فجئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت أمره فقال: ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى» رواه أبو داود والحاكم وصححه (2) .
5301 - وقد صح أن سلمة بن الأكوع كان أجيرًا لطلحة حين أدرك عبد الرحمن بن عيينة لما أغار على سرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم الفارس والراجل» وهذا المعنى لأحمد ومسلم (3) في حديث طويل، قال في "المنتقى": يحمل هذا على أجير يقصد مع الخدمة الجهاد والذي قبله على من لا يقصده أصلًا جمعًا بينهما، ويعلى هو ابن أمية ومنبه أمه ينسب تارة إلى أبيه وتارة إلى أمه.
[33/43] باب ما جاء أنه يجوز للإمام أن يعطي بعض من لحق
من المدد دون بعض
5302 - عن أبي موسى قال: «بلغنا مخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن باليمن
_________
(1) في الأصل: آتيك.
(2) أبو داود (3/17) (2527) ، الحاكم (2/123) ، البيهقي (6/331) .
(3) تقدم حديث سلمة برقم (5275) .(4/1806)
فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم، إما قال: في بضعة وإما قال: في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلًا من قومي فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثنا ها هنا وأمرنا بالإقامة، قال: فأقمنا معه حتى قدمنا جميعًا فوافينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر فأسهم لنا أو قال: أعطانا منها. وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا إلا لمن شهد معه إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم» متفق عليه (1) .
5303 - وعن أبي هريرة «أنه حدث سعيد بن العاص أن رسول الله بعث إبان ابن سعيد بن العاص على سرية من المدينة قبل نجد، فقدم أبان بن سعيد وأصحابه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر بعد أن فتحها، وإن حزم خيلهم ليف، فقال إبان: اقسم لنا يا رسول الله. قال أبو هريرة: لا تقسم لهم يا رسول الله. قال إبان: أنت بها يا وبر تحدر علينا من رأس ضال. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجلس يا إبان. ولم يقسم لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والبخاري تعليقًا (2) .
قوله: «أبو رهم» بضم الراء وسكون الهاء. قوله: «ليف» بكسر اللام وسكون التحتية بعدها فاء وهو معروف. قوله: «يا وبر» بفتح الواو وسكون الموحدة دابة
_________
(1) البخاري (3/1142) (2967) ، مسلم (4/1946) (2502) ، أحمد (4/394، 412) ولم يذكر موضع الشاهد، وهو عند أبي داود (3/73) (2725) ، وأبي يعلى (13/303) (7316) .
(2) علقه البخاري (4/1548) تحت الحديث (3996) ، ووصله أبو داود (3/73) (2723) ، وأخرجه البخاري بنحوه (3/1040) (2627) .(4/1807)
صغيرة وحشية كالسنور أراد تحقير أبي هريرة، فإنه لم يبلغ قدر من يشير في عطاء ومنع، وأنت بها أي: وأنت بهذا المكان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع كونك لست من أهله ولا من قومه ولا من بلاده، وللبخاري (1) «وأنت بهذا» . قوله: «تحدر» بالحاء المهملة وتشديد الدال المهملة، وفي رواية للبخاري (2) «تدلى» ، وهو بمعناه والضال السدر، وفي رواية «ضان» بالنون وهو رأس الجبل.
[33/44] باب ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم
5304 - عن أنس قال: «لما فتحت مكة قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الغنائم في قريش، فقالت الأنصار: إن هذا هو العجب! إن سيوفنا تقطر من دمائهم وإن غنائمنا ترد عليهم. فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فجمعهم فقال: ما الذي بلغني عنكم؟ قالوا: هو الذي بلغك. وكانوا لا يكذبون، فقال: أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا إلى بيوتهم وترجعون برسول الله إلى بيوتكم؟ فقالوا: بلى. فقال: لو سلك الناس واديًا أو شعبًا وسلكت الأنصار واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار وشعب الأنصار» متفق عليه (3) ، وفي رواية للبخاري (4) : «لولا الهجرة لكنت امرًا من الأنصار، الأنصار شعار والناس دثار» وفي رواية: «قال أناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله ما أفاء من أموال هوازن فطفق يعطي رجالًا المائة من الإبل،
_________
(1) البخاري (4/1548) (3996) .
(2) البخاري (4/1549) (3997) .
(3) البخاري (3/1377) (3567) ، مسلم (2/735) (1059) ، أحمد (3/169، 249) .
(4) البخاري (4/1574) (4075) ، مسلم (2/738) (1061) ، أحمد (4/42) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم.(4/1808)
فقالوا: يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم! فحدث بمقالتهم، فجمعهم وقال: إني أعطي رجالًا حديثي عهد بكفر أتألفهم، أما ترغبون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم؟ فوالله لما تنقلبون به خير من ما ينقلبون به. قالوا: يا رسول الله! قد رضينا» متفق عليه (1) .
5305 - وعن ابن مسعود قال: «لما آثر النبي - صلى الله عليه وسلم - أناسًا في القسمة فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسًا من أشراف العرب وآثرهم في القسمة، قال رجل: والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته. فقال: فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ ثم قال له: رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» متفق عليه (2) .
5306 - وعن عمرو بن تغلب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بمال أو بسبي فقسمه، فأعطى قومًا ومنع آخرين، فكأنهم عتبوا عليه، فقال: إني أعطي أقوامًا أخاف ضلعهم وجزعهم، وأكل أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغناء
_________
(1) البخاري (3/1147) (2978) ، مسلم (2/733) (1059) ، أحمد (3/165) ، وهو عند ابن حبان (16/267) (7278) ، والنسائي في "الكبرى" (6/356) ، وأبي يعلى (6/282) (3594) .
(2) البخاري (3/1148) (2981) ، وأطرافه (3/1249، 4/1576، 5/2251، 2319، 2333) (3224، 4080، 4081، 5712، 5933، 5977) ، مسلم (2/739) (1062) ، أحمد (1/380، 435، 441) ، وهو عند ابن حبان (11/160) (4829) ، وأبي يعلى (9/66) (5133) .(4/1809)
منهم عمرو بن تغلب. فقال عمرو بن تغلب: ما أحب أن لي بكلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمر النعم» رواه أحمد والبخاري (1) . قال في "المنتقى": والظاهر أن إعطاءهم كان من سهم المصالح من الخمس، ويحتمل أن يكون نفلًا من أربعة أخماس الغنيمة عند من يجيز التنفيل منها.
قوله: «واديًا» الوادي المكان المنخفض، والشعب بكسر الشين المعجمة المكان المنفرج بين جبلين. قوله: «إلى رحالكم» بالحاء المهملة أي: بيوتكم. قوله: «ضلعهم» بفتح الضاد المعجمة واللام وهو الاعوجاج.
[33/45] باب حكم أموال المسلمين إذا أخذها الكفار
ثم ظفر بها المسلمون بعد ذلك
5307 - عن عمران بن الحصين قال: «أسرت امرأة من الأنصار وأصيبت العضباء، فكانت المرأة في الوثاق، وكان القوم يريحون نعمهم بين بيوتهم، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق فأتت الإبل فجعلت إذا دنت من البعير رغا فتتركه حتى ينتهي إلى العضباء فلم ترغ، قال: وهي ناقة منوقة -وفي رواية-: مدربة قعدت في عجزها ثم زجرتها فانطلقت ونذروا بها فأعجزتهم، قال: ونذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرها. فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سبحان الله! بئس ما جزتها، نذرت لله إن نجاها الله لتنحرها! لا وفاء لنذر في معصية، ولا في ما لا
_________
(1) أحمد (5/69) ، البخاري (3/1146، 6/2741) (2976، 7097) ، الطيالسي (1/161) ، البيهقي (7/18) .(4/1810)
يملك العبد» رواه أحمد ومسلم (1) .
5308 - وعن ابن عمر «أنه ذهب فرس له فأخذه العدو وظهر عليهم المسلمون، فرد عليه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبق عبد له فلحق بأرض الروم فظهر عليهم المسلمون فرده عليه ابن الوليد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه البخاري وأبو داود وابن ماجة (2) ، وفي رواية «أن غلامًا لابن عمر أبق إلى العدو فظهر عليهم المسلمون فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن عمر ولم يقسم» رواه أبو داود (3) .
قوله: «العضباء» بفتح العين المهملة وسكون الضاد المعجمة بعدها باء موحدة هي ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم -. قوله: «وانفلتت» بالنون والفاء أي: المرأة. قوله: «منوقة» بالنون والقاف: أي: مذللة. قوله: «مدربة» بالدال المهملة والراء المشددة المفتوحة بعدها موحدة، هي المؤدبة المعودة للركوب. قوله: «نذروا بها» بضم الموحدة وكسر الذال المعجمة، وشرح النووي بفتح النون أي: علموا بها.
[33/46] باب ما يجوز أخذه من نحو الطعام والعلف بغير قسمة
5309 - عن ابن عمر قال: «كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه» رواه البخاري (4) .
_________
(1) أحمد (4/430، 433) ، مسلم (3/1262، 1263) (1641) ، وهو عند أبي داود (3/239) (3316) ، وابن حبان (10/237) (4392) ، وابن الجارود (1/234) (933) ، والدارمي (2/308) (2505) ، والشافعي (1/318) .
(2) البخاري (3/1116) (2902) ، أبو داود (3/64) (2699) ، ابن ماجه (2/949) (2847) ، ابن حبان (11/179) (4845) ، وابن الجارود (1/267) .
(3) أبو داود (3/64) (2698) .
(4) البخاري (3/1149) (2985)(4/1811)
5310 - وعنه «أن جيشًا غنموا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا وعسلًا فلم يؤخذ منهم خمس» رواه أبو داود وابن حبان وصححه ابن حبان والبيهقي (1) ، ورجح الدارقطني وقفه.
5311 - وعن عبد الله بن المغفل قال: «أصبت جرابًا من شحم يوم خيبر فالتزمته فقلت: لا أعطي اليوم أحدًا من هذا شيئًا. فالتفت فإذا رسول الله متبسمًا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (2) وزاد الطيالسي في "مسنده" (3) بإسناد صحيح «فقال: هو لك» .
5312 - وعن ابن أبي أوفى قال: «أصبنا يوم خيبر طعامًا وكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينطلق» رواه أبو داود وصححه الحاكم وابن الجارود (4) .
5313 - وعن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كنا نأكل الجزر في الغزو ولا نقسمه، حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا مملوءة منه» رواه أبو داود (5) ، وقال المنذري: تكلم في القسم غير واحد..
_________
(1) أبو داود (3/65) (2701) ، ابن حبان (11/156) (4825) ، البيهقي (9/59) ، والطبراني في "الكبير" (12/369) .
(2) أحمد (4/86) ، مسلم (3/1393) (1772) ، أبو داود (3/65) (2702) ، النسائي (7/236) ، وهو عند البخاري بمعناه (3/1149، 4/1543، 5/2097) (2984، 3977، 5189) ، وأحمد (5/56) .
(3) الطيالسي (1/123) (917) .
(4) أبو داود (3/66) (2704) ، الحاكم (2/137، 145) ، أحمد (4/354) .
(5) أبو داود (3/66) (2706) .(4/1812)
انتهى. وفي إسناده أيضًا ابن حرش مجهول.
قوله: «عبد الله بن المغفل» بالمعجمة والفاء بوزن محمد. قوله: «جرابًا» بالجيم المكسورة. قوله: «فالتزمته» في رواية للبخاري (1) «فنزوت» بالنون والزاي أي: وثبت مسرعًا. قوله: «الجزر» بضم الجيم والزاي جمع جزور، وهو الواحد من الإبل يقع على الذكر والأنثى، ويجمع على جزائر كما في "مختصر النهاية".
[33/47] باب ما جاء في تحريم النهبا وقسمة طائفة من الغنم ونحوه أيام الحرب وترك الباقي في جملة الغنيمة
5314 - عن رجل من الأنصار قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فأصاب الناس حاجة شديدة وجهدوا، وأصابوا غنمًا فانتهبواها وإن قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي على قوسه فأكفًا قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، ثم قال: إن النهبة ليس بأحل من الميتة، أو إن الميتة ليست بأحل من النهبة» رواه أبو داود (2) وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده موثقون.
5315 - وعن معاذ قال: «غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر فأصبنا فيها غنمًا فقسم فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طائفة، وجعل بقيتها في المغنم» رواه أبو داود (3) وفي إسناده مجهول.
_________
(1) انظر تخريج الحديث السابق (5233) .
(2) أبو داود (3/66) (2705) ، ومن طريقه البيهقي (9/61) .
(3) أبو داود (3/67) (2707) ، الطبراني في "الكبير" (20/69) (129) ، البيهقي (9/60) .(4/1813)
[33/48] باب النهي عن الانتفاع بما يغنمه الغانم قبل أن يقسم
5316 - عن رويفع بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم خيبر: «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبتاع مغنمًا حتى يقسم، ولا يلبس ثوبًا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه، ولا أن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه» رواه أحمد وأبو داود في إسناده محمد بن إسحاق وأخرجه الدارمي والطحاوي، وصححه ابنه حبان (1) ، وحسن الحافظ في "الفتح" إسناده، وقال في "بلوغ المرام": رجاله ثقات لا بأس بهم.
5317 - وعن ابن مسعود قال: «انتهيت إلى أبي جهل يوم بدر وهو صريع وهو يذب الناس عنه بسيف فجعلت أتناوله بسيف لي غير طائل، فأصبت يده فندر سيفه، فأخذته فضربته حتى قتلته، ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فنفلني سلبه» رواه أحمد (2) وهو من رواية أبي عبيدة عن أبيه ولم يسمع منه، وقال في "مجمع الزوائد": رجاله رجال الصحيح غير محمد بن وهب بن أبي كريمة، وهو ثقة.. انتهى. وقد أخرج نحوه أبو داود (3) .
[33/49] باب ما يهدى للأمير والعامل أو يؤخذ من مباحات دار الحرب
5318 - عن أبي حميد الساعدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هدايا العمال
_________
(1) أحمد (4/108، 109) ، أبو داود (2/248، 3/67) (2158، 2159، 2708) ، الدارمي (2/302) (2488) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/251) ، ابن حبان (11/186) (4850) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (5/26) ، وابن أبي شيبة (6/421) .
(2) أحمد (1/444)
(3) تقدم برقم (5268) .(4/1814)
غلول» رواه أحمد والطبراني (1) ، وفي إسناده إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز وهو ضعيف فيهم.
5319 - وعنه قال: «استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا على الأزد ويقال له: ابن اللتبية فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد.. فإني أستعمل الرجل منكم على العمل من ما ولاني الله، فيقول: هذا لكم وهذا هدية أهديت إلي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقًا» أخرجاه (2) .
5320 - وعن أبي الجويرة قال: «أصبت جرة حمراء فيها دنانير في إمارة معاوية في أرض الروم، قال: وعلينا رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له: معن بن يزيد، فأتيناه بها فقسمها بين المسلمين وأعطاني مثل ما أعطى رجلًا منهم، ثم قال: لولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا نفل إلا بعد الخمس لأعطيتك ثم أخذ يعرض علي من نصيبه، فأبيت» رواه أحمد وأبو داود (3) ، وفي إسناده عاصم بن كليب، قال علي بن المديني: لا يحتج به إذا انفرد، وقال أحمد: لا بأس بحديثه. وقال أبو حاتم الرازي: صالح. وقال النسائي: ثقة، واحتج به مسلم. وقد أخرجه الطحاوي (4) وصححه من حديث معن بن يزيد المذكور، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا نفل إلا بعد الخمس» .
_________
(1) أحمد (5/424) ، والطبراني كما في "مجمع الزوائد" (4/154) .
(2) تقدم برقم (2604) .
(3) أحمد (3/470) ، أبو داود (3/81، 82) (2753، 2754) ، البيهقي (6/314) .
(4) الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/242) .(4/1815)
قوله: «غلول» بضم الغين واللام أي: خيانة. قوله: «أبي الجويرية» اسمه خطاب بن جفاف، قال في "الخلاصة": وثقه أحمد.
[33/50] باب ما جاء من النهي عن الغلول
والتشديد فيه وتحريق متاع الغال
5321 - عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة» رواه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان (1) .
5322 - وعن أبي هريرة قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر ففتح الله عز وجل علينا فلم نغنم ذهبًا ولا ورقًا، غنمنا المتاع والطعام والثياب ثم انطلقنا إلى الوادي، ومع رسول الله غلام له، وهبه له رجل من جذام يسمى رفاعة بن زيد من بني الضبيب، فلما نزلنا الوادي قام عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحل رحله فرمي بسهم فكان فيه حتفه، فقلنا: هنيئًا له الشهادة يا رسول الله. قال: كلا، والذي نفس محمد بيده إن الشملة لتلتهب عليه نارًا أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم. قال: ففزع الناس، فجاء رجل بشراك أو بشراكين فقال: يا رسول الله! أصبت هذا يوم خيبر. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: شراك من نار أو شراكين من نار» متفق عليه (2) .
_________
(1) انظر حديث رقم (5258) .
(2) البخاري (4/1547، 6/2466) (3993، 6329) ، مسلم (1/108) (115) ، وهو عند أبي داود (3/68) (2711) ، والإمام مالك (2/459) (980) ، وابن حبان (11/187-188) (4851) ، والنسائي (7/420) .(4/1816)
5323 - وعن عمر قال: «لمّا كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: فلان شهيد وفلان شهيد، حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلا، إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة. ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا ابن الخطاب! اذهب فناد في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون. قال: فخرجت فناديت: أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون» رواه أحمد ومسلم (1) .
5324 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «كان على نفل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل يقال له كركرة فمات فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو في النار. فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباة قد غلها» رواه أحمد والبخاري (2) .
5325 - وعن عبد الله بن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصاب غنيمة أمر بلالًا فنادى في الناس فيجيبون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه، فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر فقال: يا رسول الله! هذا في ما كنا أصبناه من الغنيمة. فقال: أسمعت بلالًا نادى ثلاثًا؟ قال: نعم. قال: فما منعك أن تجيء به؟ فاعتذر إليه. فقال: كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله منك» رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه (3) .
5326 - وعن صالح بن محمد زايدة قال: «دخلت مع سلمة أرض
_________
(1) أحمد (1/30، 47) ، مسلم (1/107) (114) ، وهو عند الترمذي (4/139) (1574) ، وابن حبان (11/196) (4857) .
(2) أحمد (2/160) ، البخاري (3/1119) (2909) ، وهو عند ابن ماجه (2/950) (2849) .
(3) أحمد (2/213) ، أبو داود (3/68) (2712) ، الحاكم (2/138، 139) .(4/1817)
الروم فأتي برجل قد غل فسأل سالمًا عنه، فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه. قال: فوجدوا في متاعه مصحفًا فسأل سالم عنه فقال: بعه وتصدق بثمنه» رواه أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي والترمذي (1) ، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: إنما روى هذا صالح بن محمد زايدة تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وقد قيل أنه تفرد به. وقال البخاري (2) : عامة أصحابنا يحتجون بهذا الحديث في الغلول، وهو باطل ليس بشيء، وأنكر الحديث الدارقطني.
5327 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه» رواه أبو داود وزاد في رواية ذكرها تعليقًا «ومنع سهمه» وأخرجه -أيضًا- الحاكم وصححه وضعفه البيهقي (3) .
[33/51] باب ما جاء في المن والفداء في حق الأسارى
5328 - عن أنس «أن ثمانين رجلًا من أهل مكة هبطوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من جبال التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم فأخذهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلمًا فأعتقهم، فأنزل الله عز وجل: ((وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ
_________
(1) أحمد (1/22) ، أبو داود (3/69) (2713) ، الحاكم (2/138، 139) ، البيهقي (9/102-103) ، الترمذي (4/61) (1461) ، أبو يعلى (1/180) (204) .
(2) انظر سنن البيهقي (9/103) ، وفتح الباري (6/187) .
(3) أبو داود (3/69) (2715) ، الحاكم (2/142) ، وهو عند ابن الجارود (1/272) (1082) ، والبيهقي (9/102) .(4/1818)
بِبَطْنِ مَكَّةَ)) [الفتح:24] إلى آخر الآية» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي (1) .
5329 - وعن جبير بن مطعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في أسارى بدر: «لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتناء لتركتهم له» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (2) .
5330 - وعن أبي هريرة قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن آثال سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما عندك يا ثمامة؟ قال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت. فتركه رسول الله حتى كان بعد الغد، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ قال: عندي ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان الغد فقال: ما عندك يا ثمامة؟ قال: ما عندي إلا ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. يا محمد! والله ما كان على
_________
(1) أحمد (3/122، 124-125، 290) ، مسلم (3/1442) (1808) ، أبو داود (3/61) (2688) ، الترمذي (5/386) (3264) ، والنسائي في "الكبرى" (5/202) (8667) .
(2) أحمد (4/80، 83) ، البخاري (3/1143، 4/1475) (2970، 3799) ، أبو داود (3/61) (2689) ، وهو عند أبي يعلى (13/412) (7416) ، والطبراني في "الكبير" (2/117) ، والحميدي (1/254) (558) .(4/1819)
الأرض أبغص إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فقد أصبح دينك أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك،فقد أصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟ قال: لا، ولكني أسلمت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا والله لا يأتيكم من يمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليه (1) .
5331 - وعن ابن عباس قال: «لما أسر الأسارى -يعني: يوم بدر- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر: ما ترون في الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله! هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فيكون لنا قوة على الكفار، وعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما ترى يا ابن الخطاب؟ فقال: لا والله لا أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم فتمكن عليًا من عقيل فيضرب عنقه وتمكني من فلان نسيبًا لعمر فأضرب عنقه، وتمكن فلانًا من فلان قرابته، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر قاعدين يبكيان فقلت: يا رسول الله! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكا تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبك للذي عرض على أصحابك ممن أخذهم الفدى، لقد عرض علي عذابهم أدنى
_________
(1) البخاري (4/1589-1590) (4114) ، وأطرافه (1/176، 179، 2/853) (450، 457، 2290، 2291) ، ومسلم (3/1386) (1764) ، أحمد (2/452) ، وهو عند أبي داود (3/57) (2679) ، والنسائي مختصرًا (2/46) ، وابن حبان (4/42-43) (1239) .(4/1820)
من هذه الشجرة -شجرة قريبة منه- فأنزل الله عز وجل: ((مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ)) [الأنفال:67] إلى قوله: ((فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّبًا)) [الأنفال:69] فأحل الله الغنيمة لهم» رواه أحمد ومسلم (1) .
5332 - وعن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل فدى أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة» رواه أبو داود والنسائي والحاكم (2) ، وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في "التلخيص"، ورجاله ثقات إلا أبا العنبس وهو مقبول.
5333 - وعن عائشة قالت: «لما بعث أهل مكة في فدى أسرائهم بعثت زينب في فدى أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة كانت لها عند خديجة أدخلتها بها على أبي العاص، قالت: فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رق لها رقة شديدة، فقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا لها الذي لها قالوا: نعم» رواه أحمد وأبو داود والحاكم (3) وفي إسناده ابن إسحاق.
5334 - وعن عمران بن حصين «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين من بني عقيل» رواه أحمد والترمذي وصححه (4) ، ولم
_________
(1) أحمد (1/30، 32) ، مسلم (3/1383-1385) (1763) ، وهو عند ابن حبان (11/114-116) (4793) .
(2) أبو داود (3/61) (2691) ، النسائي (5/200) ، الحاكم (2/135) ، البيهقي (6/321) .
(3) أحمد (6/276) ، أبو داود (3/62) (2692) ، الحاكم (3/25، 262) ، وهو عند ابن الجارود (1/274) (1090) ، والبيهقي (6/322) .
(4) أحمد (4/426، 432) ، الترمذي (4/135) (1568) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/260) ، وابن أبي شيبة (6/495) .(4/1821)
يقل فيه «من بني عقيل» وسيأتي (1) لأحمد ومسلم مطولًا.
5335 - وعن ابن عباس قال: «كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فدى، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فداهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة، قال: فجاء يومًا غلام يبكي إلى أبيه. قال: ما شأنك؟ قال: ضربني معلمي. قال الخبيث: يطلب بذحل بدر، والله لا تأتينه أبدًا» رواه أحمد (2) وفي إسناده علي بن عاصم وهو كثير الغلط والخطأ، وقد وثقه أحمد.
قوله: «بذحل» بفتح الذال المعجمة وسكون الحاء المهملة، قال في "مختصر النهاية": الذحل الوتر وطلب المكافأة بجناية جنيت عليه.
[33/52] باب ما جاء أن الأسير إذا أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه
5336 - عن عمران بن حصين قال: «كانت ثقيف حلفًا لبني عقيل فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأسر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من عقيل، وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الوثاق فقال: يا محمد، يا محمد! فأتاه فقال: ما شأنك؟ فقال: بما أخذتني وأخذت سابقة الحاج -يعني العضباء-؟ فقال: أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف. ثم انصرف عنه فناداه: يا محمد، يا محمد؟ فقال: ما شأنك؟ قال: إني مسلم. قال: لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح. ثم انصرف عنه فناداه: يا محمد يا محمد! فأتاه فقال: ما شأنك؟ قال: إني جائع فأطعمني وظمآن فاسقني. قال: هذه حاجتك ففدي
_________
(1) سيأتي أول الباب الآتي.
(2) أحمد (1/247) ، وهو عند الحاكم (2/152) ، والبيهقي (6/124، 322) .(4/1822)
بعد بالرجلين» رواه أحمد ومسلم (1) .
قوله: «لبني عقيل» بالتصغير. قوله: «بجريرة» الجريرة الجناية، قال في "النهاية": وذلك أن ثقيفًا لما نقضوا الموادعة التي بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر عليهم بنو عقيل صاروا مثلهم في نقض العهد. قوله: «هذه حاجتك» أي: حاضرة يؤتى بها إليك الآن.
[33/53] باب الأسير يدعي أنه قد أسلم قبل الأسر وله شاهد
5337 - عن ابن مسعود قال: «لما كان يوم بدر جيء بالأسارى، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا ينفلتن أحد منهم إلا بفدى أو ضرب عنق. قال عبد الله بن مسعود فقلت: يا رسول الله! إلا سهيل بن بيضاء فإني قد سمعته يذكر الإسلام. قال: فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما رأيتني في يوم أخوف أن تقع علي حجارة من السماء مني في ذلك اليوم، حتى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إلا سهيل بين بيضاء. ونزل القرآن ((مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى)) [الأنفال:67] إلى آخر الآيات» رواه أحمد والترمذي (2) ، وقال: حديث حسن، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه فلعل الترمذي حسنه لشواهد له.
[33/54] باب جواز استرقاق العرب
5338 - عن أبي هريرة قال: «لا أزال أحب بني تميم بعد ثلاث سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول فيهم: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: هم أشد أمتي على
_________
(1) تقدم برقم (5313) .
(2) أحمد (1/383، 384) ، الترمذي (4/213، 5/271) (1714، 3084) .(4/1823)
الدجال، قال: وجاءت صدقاتهم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذه صدقات قومنا. وكان نسيبة منهم عند عائشة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل» متفق عليه (1) ، وفي رواية «ثلاث خصال سمعتهن من النبي - صلى الله عليه وسلم - في بني تميم لا أزال أحبهم بعده: كان على عائشة محرر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أعتقي من هؤلاء. وجاءت صدقاتهم فقال: هذه صدقات قومي. قال: وهم أشد الناس قتالًا في الملاحم» رواه مسلم (2) .
5339 - وعن مروان بن الحكم ومسور بن مخرمة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أحب الحديث إلي أصدقه، اختاروا إحدى الطائفيتن: إما السبي أو المال. وقد كنت استأنيت بكم، وقد كان رسول الله انتظرهم بضع عشر ليلة حين قفل من الطائف، فلما تبين لهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: إنا نختار سبينا. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال: أما بعد.. فإن إخوانكم هؤلاء قد جاءونا تائبين، وإني رأيت أن أرد لهم سبيهم، فمن أحب أن يطيب ذلك فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يقر الله علينا فيلفعل. فقال الناس: قد طيبنا ذلك يا رسول الله. فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم. فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم، ثم
_________
(1) البخاري (2/898، 4/1587) (2405، 4108) ، مسلم (4/1957) (2525) ، أحمد (2/390) ، وهو عند ابن حبان (15/219) (6808) ، وابن الجارود (1/245) (974) .
(2) مسلم (4/1957) (2525) .(4/1824)
رجعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا، فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (1) .
5340 - وعن عائشة قالت: «لما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السبي لثابت بن قيس بن شماس أو لابن عم له، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إني جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فجئتك أستعينك على كتابتي. قال: فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي كتابتك وأتزوجك. قالت: نعم يا رسول الله. قال: قد فعلت. قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله تزوج جويرية بنت الحارث. فقال الناس: أصهار رسول الله فأرسلوا ما بأيديهم. قالت: فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها» رواه أحمد واحتج به في رواية محمد بن الحكم قال: لا أذهب إلى قول عمر: (ليس على عربي ملك) قد سبى النبي - صلى الله عليه وسلم - العرب في غير حديث، وأبو بكر وعلي حين سبى بني ناجية وأخرج حديث عائشة الحاكم وأبو داود والبيهقي (2) .
5341 - وأما حديث معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم حنين: «لو كان
_________
(1) أحمد (4/326) ، البخاري (2/810، 897، 920، 3/1140) (2184، 2402، 2466، 2963) ، أبو داود (3/62) (2693) .
(2) أحمد (6/277) ، الحاكم (4/28) ، أبو داود (4/22) (3931) ، البيهقي (9/74) ، وهو عند ابن الجارود (1/176) (705) ، وابن حبان (9/361) (4054) .(4/1825)
الاسترقاق جائز على العرب لكان اليوم إنما هو إسار أو فدى» رواه الشافعي (1) في القديم بإسناد ضعيف، ورواه الطبراني (2) من طريق أخرى ضعيفة جدًا، فلا تقوم به حجة لاتفاق الحفاظ على ضعفه.
قوله: «محرر» بمهملات اسم مفعول. قوله: «قفل» بالقاف والفاء أي: رجع. قوله: «أن يطيب» بفتح الطاء المهملة وتشديد الياء التحتية أي: يعطي ذلك على طيبة من نفسه. قوله: «على حظه» أي: يرد الشيء بشرط أن يعطى عوضه. قوله: «يفيء الله علينا» بضم أوله ثم فاء مكسورة وهمزة بعد التحتانية الساكنة أي: يرجع إلينا من مال الكفار من خراج أو غنيمة أو غير ذلك، ولم يرد الفيء الاصطلاحي. قوله: «عرفاءكم» بضم العين المهملة هو جمع عريف بوزن عظيم، هو القائم بأمر طائفة من الناس. قوله: «جويرية» بالجيم مصغر. قوله: «ملاحة» بضم الميم وتشديد اللام بعدها حاء مهملة أي: مليحة، وقيل بشديدة الملاحة.
[33/55] باب ما جاء في قتل الجاسوس إذا كان مستأمنًا أو ذميًا
5342 - عن سلمة بن الأكوع قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عين وهو في سفر فجلس عند بعض أصحابه يتحدث، ثم انسل فقال - صلى الله عليه وسلم -: اطلبوه فاقتلوه فسبقتهم إليه فقتلته فنفلني سلبه» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (3) .
_________
(1) الشافعي في الأم (4/271) ، والبيهقي (9/73) من طريق الشافعي.
(2) في "الكبير" (25/168) .
(3) أحمد (4/50) ، البخاري (3/1110) (2886) ، أبو داود (3/48) (2653) وانظر حديث رقم (5266) .(4/1826)
5343 - وعن فرات بن حيان «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتله وكان ذميًا، وكان عينًا لأبي سفيان وحليفًا لرجل من الأنصار، فمر بحلقة من الأنصار فقال: إني مسلم. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! إنه يقول: إنه مسلم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن منكم رجالًا نكلهم إلى إيمانهم منهم فرات بن حيان» رواه أحمد وأبو داود (1) وترجمه بحكم الجاسوس الذمي، وفي إسناده أبو همام الدلال محمد بن مجيب، ولا يحتج بحديثه وقد تابعه بشر بن السري المصري احتج به البخاري ومسلم.
5344 - وعن علي قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد بن الأسود قال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ضعينة ومعها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا تتعادى بنا خيلنا حتى أتينا إلى الروضة فإذا نحن بالضعينة فقلنا: أخرجي الكتاب. فقالت: ما معي من كتاب. فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله: يا حاطب ما هذا؟ قال: يا رسول الله! لا تعجل علي إني كنت امرءًا ملصقًا في قريش، ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم، فأحببت إذا فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدًا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرًا ولا ارتدادًا ولا رضى بالكفر بعد
_________
(1) أحمد (4/336) ، أبو داود (3/48) (2652) ، وهو عند الحاكم (2/126) ، والبيهقي (8/197) ، وعبد الرزاق (5/208) ، والطبراني في "الكبير" (18/322) .(4/1827)
الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد صدقكم. فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال: إنه قد شهد بدرًا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» متفق عليه (1) .
قوله: «روضة خاخ» بخائين معجمتين بينهما ألف. قوله: «ضعينة» بالضاد المعجمة بعدها عين مهملة هي المرأة. قوله: «من عقاصها» جمع عقيصة وهي الظفيرة من شعر الرأس ويجمع على عقص. قوله: «حاطب» بالحاء المهملة. قوله: «بلتعة» بفتح الموحدة وسكون اللام وفتح التاء المثناة من فوق بعدها عين مهملة.
[33/56] باب ما جاء أن عبد الكافر إذا خرج إلى المسلمين فهو حر
5345 - عن ابن عباس قال: «أعتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الطائف من خرج إليه من عبيد المشركين» رواه أحمد وابن أبي شيبة (2) ، وابن أبي شيبة (3) من وجه آخر مرسلًا (4) .
_________
(1) البخاري (3/1095، 1130، 4/1463، 1557، 1855، 5/2309، 6/2542-2543) (2845، 2915، 3762، 4025، 4608، 4904، 6540) ، مسلم (4/1941، 1942) (2494) ، أحمد (1/79) ، وهو عند أبي داود (3/47) (2650) ، والترمذي (5/409) (3305) ، والنسائي في "الكبرى" (6/487) ، وابن حبان (14/424-425) (6499) ، وأبي يعلى (1/316) (394) .
(2) أحمد (1/223، 236، 243، 362) ، ابن أبي شيبة (6/532) ، وهو عند أبي يعلى (4/437) (2564) ، والبيهقي (9/229) ، والطبراني في "الكبير" (11/387) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/278) .
(3) في الأصل: ابن سعد.
(4) ابن أبي شيبة (6/532) عن عكرمة مرسلًا.(4/1828)
5346 - وعن الشعبي عن رجل من ثقيف قال: «سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرد علينا أبا بكرة وكان مملوكًا لنا فأسلم قبلنا، فقال: لا هو طليق الله ثم طليق رسوله» عزاه في "المنتقى" إلى أبي داود (1) وقصه أبي بكرة في تدليه من حصن الطائف مذكورة في صحيح البخاري (2) في غزوة الطائف.
5347 - وعن علي قال: «خرج عبد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -يعني: يوم الحديبية قبل الصلح- فكتب إليه مواليهم فقالوا: والله يا محمد ما خرجوا إليك رغبة في دينك وإنما خرجوا هربًا من الرق. فقال ناس: صدقوا يا رسول الله، فردهم إليهم، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله من يضرب رقابكم على هذا. وأبى أن يردهم، وقال: هم عتقاء الله عز وجل» رواه أبو داود والترمذي (3) ، وقال: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
[33/57] باب ما جاء أن الحربي إذا أسلم قبل القدرة عليه أحرز أمواله
وما جاء في الأرض المغنومة
5348 - قد سبق (4) في كتاب الصلاة حديث «فإذا قالوها عصموا مني دماؤهم وأموالهم إلا بحقها» .
_________
(1) وهو عند أحمد (4/168، 310) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/278) .
(2) البخاري (4/1573) (4071) .
(3) أبو داود (3/65) (2700) ، الترمذي (5/634) (3715) ، وهو عند أحمد (1/155) ، والحاكم (2/136) ، وابن الجارود (1/275) (1093) ، والطبراني في "الأوسط" (4/316) .
(4) تقدم برقم (551) .(4/1829)
5349 - وعن صخر بن علية «أن قومًا من بني سليم فروا عن أرضهم حتى إذا جاء الإسلام فأخذتها فأسلموا، فخاصموني فيها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فردها عليهم، وقال: إذا أسلم الرجل فهو أحق بأرضه وماله» رواه أحمد وأبو داود (1) بمعناه، قال في "بلوغ المرام": رجاله موثقون. ولفظ أبي داود: «يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم» .
5350 - وعن أبي هريرة مرفوعًا «من أسلم على شيء فهو له» رواه البيهقي (2) وفي إسناده ياسين بن معاذ الزيات، وهو ضعيف، أخرجه البخاري وغيره وإنما يروي مرسلًا.
5351 - وقد أخرجه سعيد بن منصور (3) عن عروة بن الزبير، قال في "خلاصة البدر": وإسناده صحيح لكنه مرسل يعني حديث عروة، وقال أبو حاتم الرازي: لا أصل له.
5352 - وعن أبي سعيد الأعسم قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العبد إذا جاء فأسلم ثم جاء مولاه فأسلم أنه حر، وإذا جاء المولى ثم جاء العبد بعدما أسلم مولاه فهو أحق به» رواه أحمد (4) مرسلًا في رواية أبي طالب، وقال: اذهب إليه.
5353 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما قرية أتيتموها
_________
(1) أحمد (4/310) ، أبو داود (3/175) (3067) .
(2) البيهقي (9/113) ، وهو عند أبي يعلى (10/226) (5847) .
(3) عزاه إليه في "التلخيص" (4/111) .
(4) ابن أبي شيبة (6/9، 532) (29066، 33596) .(4/1830)
فأقمتم فيها فسهمكم فيها وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ولرسوله ثم هي لكم» رواه أحمد ومسلم (1) .
5354 - وعن أسلم مولى عمر قال: «قال عمر والذي نفسي بيده لولا أن أترك الناس ببابًا ليس لهم من شيء ما فتحت على قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر، ولكن اتركها خزانة لهم يقتسمونها» رواه البخاري (2) ، وفي لفظ قال: «لئن عشت إلى هذا العام المقبل لا تفتح للناس قرية إلا قسمتها بينهم كما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر» رواه أحمد (3) .
5355 - وعن بشير بن يسار عن رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أدركهم يذكرون «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهمًا جمع كل سهم مائة سهم فجعل نصف ذلك نحلة للمسلمين، فكان في ذلك النصف سهام المسلمين، وسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معها وجعل النصف الآخر لما ينزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس» رواه أحمد وأبو داود (4) من طرق رجال بعضها رجال الصحيح.
_________
(1) أحمد (2/317) ، مسلم (3/1376) (1756) ، وهو عند أبي داود (3/166) (3036) ، وعبد الرزاق (6/104) .
(2) البخاري (2/822، 3/1136، 4/1548) (2209، 2957، 3994) ، وهو عند أحمد (1/40) ، وأبي داود (3/161) (3020) ، وأبي يعلى (1/195) (224) .
(3) أحمد (1/31) .
(4) أحمد (4/36) ، أبو داود (3/159) (3011، 3012) ، وهو عند ابن أبي شيبة (6/466) ، والبيهقي (6/317) .(4/1831)
5356 - وعنه عن سهل بن أبي حثمة قال: «قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر نصفين: نصفًا لنوائبه وحوائجه، ونصفًا بين المسلمين، قسمها على ثمانية عشر سهمًا» رواه أبو داود (1) وفي إسناده أسد بن موسى، وثقه النسائي وغيره.
5357 - وعن سعيد بن المسيب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - افتتح بعض خيبر عنوة» رواه أبو داود (2) مرسلًا.
5358 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (3) .
قوله: «عنوة» بفتح العين المهملة وسكون النون القهر. قوله: «وقفيزها» القفيز مكيال معروف ثمانية مكاكيك. قوله: «مديها» المدي مائة مد واثنان وتسعون مدًا، وهو صاع أهل العراق. قوله: «أردبها» بالراء والدال المهملتين بعدهما موحدة مكيال أربعة وعشرون صاعًا. قوله: «وعدتم من حيث بدأتم» أي: رجعتم إلى الكفر بعد الإسلام، وهو من أعلام النبوة لإخباره بما سيكون.
_________
(1) أبو داود (3/159) (3010) ، ومن طريقه البيهقي (6/317) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/251) ، والطبراني في "الكبير" (6/102) .
(2) أبو داود (3/161) (3017) ومن طريقه البيهقي (9/138) .
(3) أحمد (2/262) ، مسلم (4/2220) (2896) ، أبو داود (3/166) (3035) ، وهو عند ابن الجارود (1/279) (1108) ، والبيهقي (9/137) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/120) .(4/1832)
[33/58] باب ما جاء في فتح مكة هل عنوة أو صلحًا
5365 - عن أبي هريرة أنه ذكر فتح مكة فقال: «أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين وبعث خالدًا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر فأخذوا بطن الوادي ورسول الله في كتيبة، قال: وقد وبشت قريش أوباشها، قالوا: نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سألنا. قال أبو هريرة: ففطن. فقال لي: يا أبا هريرة. قلت: لبيك يا رسول الله. قال: اهتف لي بالأنصار ولا يأتيني إلا أنصاري. فهتفت بهم فجاءوا فطافوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم. ثم قال بيده إحداهما على الأخرى: احصدوهم حصدًا حتى توافوني بالصفاء. قال أبو هريرة: فانطلقنا فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء إلا قتله، وما أحد يوجه إلينا شيئًا فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله! أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فأغلق الناس أبوابهم وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحجر فاستلمه، ثم طاف بالبيت وفي يده قوس وهو آخذ بسبة القوس، فأتى في طوافه على صنم إلى جنب البيت يعبدونه فجعل يطعن به في عينه ويقول: جاء الحق وزهق الباطل. ثم أتى الصفا فعلا حيث ينظر إلى البيت فرفع يده يذكر الله بما شاء أن يذكره، ويدعوه والأنصار تحته، قال: يقول بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قرابته ورأفة لعشيرته.(4/1833)
قال أبو هريرة: وجاء الوحي وكان إذا جاء لم يخف علينا، فليس أحد من الناس يرفع طرفه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يقضي. فلما قضى الوحي رفع رأسه، ثم قال: يا معشر الأنصار! أقلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قرابته ورأفة في عشيرته؟ قالوا: قلنا ذلك يا رسول الله. قال: فما اسمي إذن؟ كلا، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم، فالمحيا محياكم والممات مماتكم، فاقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن برسول الله.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم» رواه أحمد ومسلم (1) .
5360 - وعن أم هاني قالت: «ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فوجدته يغتسل، وفاطمة ابنته تستره بثوب فسلمت عليه، فقال: من هذه؟ فقالت: أنا أم هاني بنت أبي طالب. فقال: مرحبًا بأم هاني. فلما فرغ من غسله قام يصلي ثمان ركعات ملتحفًا في ثوب واحد، فلما انصرف قلت: يا رسول الله! زعم ابن أمي علي بن أبي طالب أنه قاتل رجلًا قد أجرته فلان بن هبيرة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أجرنا من أجرت يا أم هاني، قالت: وذلك ضحًا» متفق عليه (2) ، وفي لفظ لأحمد (3) قالت: «لما كان يوم فتح مكة أجرت رجلين من إجرائي فأدخلتهما بيتًا وأغلقت عليهما، فجاء ابن أمي علي بن أبي طالب فنفلت عليهما بالسيف وذكرت حديث أمانهما» .
5361 - وعن هشام بن عروة عن أبيه «لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام
_________
(1) أحمد (2/292، 538) ، مسلم (3/1405-1406) (1780) ، وهو عند ابن حبان (11/73-75) (4760) ، وابن أبي شيبة (7/397) ، والطيالسي (1/320) ، وأبي داود (2/163) (3024) مختصرًا.
(2) البخاري (1/141، 3/1157، 5/2280) (350، 3000، 5806) ، مسلم (1/498) (336) ، أحمد (6/341، 342، 423، 425) ، وهو عند ابن حبان (3/460-461) (1188) ، والإمام مالك (1/152) (356) .
(3) أحمد (6/343) .(4/1834)
الفتح فبلغ ذلك قريشًا خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقا يلتمسون الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتوا مر الظهران فرآهم ناس من حرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذوهم وأتوا بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم أبو سفيان، فلما سار قال للعباس: احبسوا أبا سفيان عند حطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين. فحبسه العباس، فجعلت القبائل تمر على كتيبة كتيبة على أبي سفيان حتى أقبلت كتيبة لم يرى مثلها، قال: يا عباس! من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة ومعه الراية. فقال سعد بن عبادة: يا أبا سفيان! اليوم يوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة. فقال أبو سفيان: يا عباس! حبذا يوم الذمار. ثم جاءه كتيبة وهي أقل الكتائب فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراية النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الزبير بن العوام، فلما مر رسول الله على أبي سفيان، قال: أتعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: ما قال؟ قال: كذا وكذا. فقال: كذب سعد، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة. وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تركز رايته بالحجون، قال عروة: أخبرني رافع بن جبير بن مطعم، قال: سمعت العباس يقول للزبير بن العوام: يا أبا عبد الله! هاهنا أمرك رسول الله أن تركز الراية؟ قال: نعم. قال: وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء، ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كدى، وقتل من خيل خالد يومئذ رجلان» رواه البخاري (1) .
5362 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاء رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: اقتلوه» متفق عليه (2) .
_________
(1) البخاري (4/1559) (4030) .
(2) تقدم برقم (2980) .(4/1835)
5363 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: «لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وسماهم» رواه النسائي وأبو داود (1) وفي إسناده مقال.
5364 - وعن أبي بن كعب قال: «لما كان يوم أحد قتل من الأنصار ستون رجلاً ومن المهاجرين ستة فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لئن كان لنا مثل هذا من المشركين لنربين عليهم، فلما كان يوم الفتح قال رجل لا يعرف: لا قريش بعد اليوم. فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمن الأسود والأبيض إلا فلانًا وفلانًا. ناسًا سماهم فأنزل الله عز وجل ((وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)) [النحل:126] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نصبر ولا نعاقب» رواه عبد الله بن أحمد في المسند والترمذي (2) وقال: حسن غريب.
5365 - قال في "المنتقى": وقد سبق (3) حديث أبي هريرة وأبي شريح اللذين فيهما: «وإنما أحلت لي ساعة من نهار» . وأكثر هذه الأحاديث تدل على أن الفتح عنوة.
5366 - وعن عائشة قالت: «قلنا: يا رسول الله! ألا تبتني بيتًا بمنى
_________
(1) النسائي (7/105-106) ، أبو داود (3/59) (2683) ، وهو عند الحاكم (2/62) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/330) ، وأبي يعلى (2/100) (757) .
(2) عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/135) ، الترمذي (5/299) (3129) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/376) ، وابن حبان (2/239) (487) ، والطبراني في "الكبير" (3/143) ، والحاكم (2/391) .
(3) تقدم حديث أبي هريرة برقمي (3102، 4786) ، وقد تقدم حديث أبي شريح (4787) .(4/1836)
يظلك؟ قال: لا، منى مناخ لمن سبق» رواه الخمسة إلا النسائي (1) ، وقال الترمذي: حديث حسن.
5367 - وعن علقمة بن نصلة قال: «توفي رسول الله وأبو بكر وعمر وما يدعوا رباع مكة إلا السوايب من احتاج سكن ومن استغنى أسكن» رواه ابن ماجة (2) ورجاله ثقات.
قوله: «المجنبتين» بضم الميم وفتح الجيم وكسر النون المشددة، قال في "مختصر النهاية": ومجنبة الجيش بكسر النون التي يكون في الميمنة والميسرة، وهما مجنبتان. قوله: «على الحسر» بضم الحاء المهملة وتشديد السين المهملة ثم راء جمع حاسر، وهو من لا سلاح له، وفي "مختصر النهاية": والحسر جمعه حاسر، وهو الذي لا درع عليه ولا مغفر. قوله: «وبشت قريش أوباشها» الأوباش بموحدة ومعجمة، قال في "مختصر النهاية": وبشت أوباشها أي: جمعت له جموعًا من قبائل شتى، وهم الأوباش والأوشاب، وقال في "القاموس": هم الأخلاط والسفلة. قوله: «أبيدت خضراء قريش» بالخاء المعجمة والضاد المعجمة بعدها راء، قال في "مختصر النهاية": خضراء قريش دهماهم وسوادهم. قوله: «سية القوس» هو ما عطف من طرفيها، وهي
_________
(1) أبو داود (2/212) (2019) ، الترمذي (3/228) (881) ، ابن ماجه (2/1000) (3006، 3007) ، أحمد (6/187، 206) ، وهو عند أبي يعلى (8/16) (4519) ، والدارمي (2/100) (1937) ، والبيهقي (5/139) ، وابن خزيمة (4/284) (2891) .
(2) ابن ماجه (2/1037) (3107) ، وهو عند البيهقي (6/35) ، والطبراني في "الكبير" (18/8) (7) ، والدارقطني (3/58) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/48) ، وابن أبي شيبة (3/331) ، وابن عدي في "الكامل" (7/246) .(4/1837)
بكسر السين المهملة وفتح الياء التحتية مخففة. قوله: «الضن» بكسر الضاد المعجمة مشددة بعدها نون أي: الشح والبخل أن يشاركهم أحد في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قوله: «مر الظهران» بفتح الميم وتشديد الراء مكان معروف. قوله: «حطم» بالحاء المهملة، و «الخيل» بالخاء المعجمة والمثناة التحتية أي: ازدحام الخيل وقيل خطم بفتح الخاء المعجمة وسكون المهملة، و «الجبل» بالجيم والموحدة أي: أنف الجبل. في رواية ابن إسحاق. قوله: «كتيبة» بوزن عظيمة هي القطعة من الجيش. قوله: «الملحمة» بحاء مهملة أي: يوم حرب لا يوجد منه مخلص. وقال في "مختصر النهاية": والملحمة الحرب وموضع القتال. قوله: «الذمار» بكسر الذال المعجمة وتخفيف الميم أي: الهلاك، وقال في "مختصر النهاية": الذمار ما لزمك حفظه من ما يتعلق بك، ويوم الذمار يوم الحرب. قوله: «بالحجون» بفتح المهملة وضم الجيم الخفيفة مكان معروف بالقرب من مقبرة مكة. قوله: «كداء» بالمد مع فتح الكاف، والآخر بضم الكاف والقصر، والأول يسمى المعلا، والثاني الثنية السفلى. قوله: «لنربين» أي: لنزيدن عليهم.
[33/59] باب بقاء الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام
وإنه لا هجرة من دار أسلم أهلها
5368 - عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله» رواه أبو داود (1) ، وقال الذهبي: إسناده مظلم لا يقوم بمثله حجة.
_________
(1) أبو داود (3/93) (2787) ، الطبراني في "الكبير" (7/251) .(4/1838)
5369 - وعن جرير بن عبد الله «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية إلى خثعم فاعتصم ناس بالسجود فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -: فأمر لهم بنصف العقل، وقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. قالوا: يا رسول الله! الله ولم؟ قال: لا تترآى نارهما» رواه أبو داود والترمذي (1) ، قال في "بلوغ المرام": وإسناده صحيح ورجح البخاري إرساله. وقال في "الإلمام": الذي أسنده: ثقة.
5370 - وعن معاوية قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (2) ، وقال الخطابي: في إسناده مقال.
5371 - وعن عبد الله بن السعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو» رواه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان (3) ، ورجال إسناده موثقون.
5372 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا» رواه الجماعة إلا ابن ماجة (4) ، لكن له (5) منه «وإذا
_________
(1) أبو داود (3/45) (2645) ، الترمذي (4/155) (1604) ، وهو عند البيهقي (8/131) ، والطبراني في "الكبير" (2/303) .
(2) أحمد (4/99) ، أبو داود (3/3) (2479) ، النسائي في "الكبرى" (5/217) (8711) ، وهو عند الدارمي (2/312) (2513) ، والبيهقي (9/17) ، وأبي يعلى (13/359) (7371) ، والطبراني في "الكبير" (19/387) .
(3) أحمد (5/270) ، النسائي (7/146، 147) ، ابن حبان (11/207) (4866) .
(4) البخاري (2/651، 3/1025، 1040، 1120، 1164) (1737، 2631، 2670، 2912، 3017) ، مسلم (3/1487) (1353) ، أبو داود (3/3) (2480) ، النسائي (7/146) = = الترمذي (4/148) (1590) ، أحمد (1/226، 266، 355) ، وهو عند ابن حبان (10/452، 11/206) (4592، 4865) ، والدارمي (2/312) (2512) ، وعبد الرزاق (5/309) .
(5) ابن ماجه (2/926) (2773) .(4/1839)
استنفرتم فانفروا» .
5373 - وروت عائشة مثله، متفق عليه (1) .
5374 - وعن عائشة وسئلت عن الهجرة فقالت: «لا هجرة اليوم كان المؤمن يفر بدينه إلى الله ورسوله مخافة أن يفتن، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام والمؤمن يعبد ربه حيث شاء» رواه البخاري (2) .
5375 - وعن مجاشع بن مسعود «أنه جاء بأخيه مجالد بن مسعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هذا مجالد جاء يبايعك على الهجرة فقال: لا هجرة بعد فتح مكة، ولكن أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد» متفق عليه (3) .
* * *
_________
(1) البخاري (3/1120) (2914) بمعناه، مسلم (3/1488) (1864) ، وهو عند ابن أبي شيبة (7/408) ، وأبي يعلى (8/362) (4952) .
(2) البخاري (3/1416، 4/1567) (3687، 4058) .
(3) البخاري (3/1120، 4/1566) (2913، 4054، 4055) ، مسلم (3/1487) (1863) ، أحمد (3/468، 469) .(4/1840)
أبواب الأمان والصلح والمهادنة
[33/60] باب تحريم الدم بالأمان وصحته من المرأة
5376 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به» متفق عليه (1) .
5377 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان» أخرجاه (2) .
5378 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به بقدر غدرته، ولا غادر أعظم غدرة من أمير عامة» رواه أحمد ومسلم (3) .
5379 - وعن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم وصححه، وقد تقدم (4) في كتاب
_________
(1) البخاري (3/1164) (3015) ، مسلم (3/1361) (1737) ، أحمد (3/142، 150، 270) ، وهو عند أبي يعلى (6/231) (3520) .
(2) البخاري (3/1164، 5/2285، 6/2555) (3016، 5823، 5824، 6565) ، مسلم (3/1359، 1360) (1735) ، وهو عند أحمد (2/16، 29، 56، 75، 103، 112، 116) ، والترمذي (4/144) (1581) ، وأبي داود (3/82) (2756) ، والنسائي في "الكبرى" (5/224) ، وابن حبان (16/337، 338) (7342، 7343) .
(3) أحمد (3/46، 70) ، مسلم (3/1361) (1738) ، وهو عند أبي يعلى (2/419) (1213) .
(4) تقدم برقم (4728) .(4/1841)
الجنايات في باب: لا يقتل مسلم بكافر.
5380 - وقد أخرجه أحمد وأبو داود (1) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا بلفظ: «يد المسلمين على من سواهم، تتكافى دماءهم ويجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم» .
5381 - ورواه ابن حبان في "صحيحه" (2) من حديث ابن عمر مطولًا.
5382 - وعن معقل بن يسار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن ذمة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» رواه مسلم (3) .
5383 - وأخرجه هو والبخاري (4) من حديث علي من طريق أخرى بأطول من هذا.
5384 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المرأة لتأخذ للقوم -يعني: تجير على المسلمين-» رواه الترمذي (5) وقال: حسن غريب.
5385 - وقد تقدم (6) في باب ما جاء في فتح مكة حديث أم هاني، متفق عليه وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم - «قد أجرنا من أجرت يا أم هاني» .
قوله: «الغدرة» بالضم والكسر ما أغدر من شيء.
_________
(1) تقدم برقم (5282) .
(2) تقدم برقم (5283) .
(3) مسلم (2/999) (1370) من حديث أبي هريرة.
(4) تقدم برقم (3126) .
(5) الترمذي (4/141) (1579) .
(6) تقدم قريبًا برقم (5366) .(4/1842)
[33/61] باب ثبوت الأمان للكافر إذا كان رسولًا
5386 - عن ابن مسعود قال: «جاء ابن النواحة وابن أثال رسولا مسيلمة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لهما: أتشهدان أني رسول الله؟ قالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله. فقال رسول الله: آمنت بالله ورسوله، لو كنت قاتلًا رسولًا لقتلتكما قال عبد الله: مضت السنة أن الرسل لا تقتل» . رواه أحمد والحاكم (1) ، وقال: صحيح الإسناد وأخرجه أبو داود والنسائي (2) مختصرًا ويشهد لصحته ما بعده.
5387 - وعن نعيم بن مسعود الأشجعي قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قرأ كتاب مسيلمة الكذاب، قال للرسولين: فما تقولان أنتما؟ قالا: نقول كما قال. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما» رواه أحمد وأبو داود (3) وفي إسناده ابن إسحاق معنعنًا.
5388 - وعن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بعثتني قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأيت النبي وقع في قلبي الإسلام فقلت: يا رسول الله! لا أرجع إليهم. قال: إني لا أخيس في العهد ولا أحبس البرد، ولكن ارجع إليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع. قال: فذهبت ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت» رواه
_________
(1) أحمد (1/390، 396، 406) .
(2) أبو داود (3/84) (2762) ، والنسائي في "الكبرى" (5/205) ، وأحمد (1/404) مختصرًا.
(3) أحمد (3/487) ، أبو داود (3/83) (2761) ، وهو عند الحاكم (2/155، 3/54) ، والبيهقي (9/211) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/318) .(4/1843)
أحمد وأبو داود (1) ، وقال: «وإنما كان يردون في أول الزمان فأما الآن فلا يصلح» قيل: معناه والله أعلم أنه كان في المرة التي شرط لهم فيها أن يرد من جاءه مسلمًا منهم، وأخرج حديث أبي رافع -أيضًا- النسائي وصححه ابن حبان.
قوله: «ابن النواحة» بفتح النون وتشديد الواو وبعد الألف مهملة. قوله: «وابن أثال» بضم الهمزة وبعده مثلثة. قوله: «لا أخيس» بالخاء المعجمة والسين المهملة بينهما مثناة تحتية أي: لا أنقض العهد.
[33/62] باب ما يجوز من الشروط مع الكفار ومدة المهادنة وغير ذلك
5389 - عن حذيفة بن اليمان قال: «ما منعني أن أشهد بدرًا إلا أني خرجت أنا وأبي الحسيل، قال: فأخذنا كفار قريش، فقالوا: إنكم تريدون محمدًا؟ فقلنا: ما نريده وما نريد إلا المدينة. قال: فأخذوا عهد الله وميثاقه لننطلق إلى المدينة ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه الخبر فقال: انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم» رواه أحمد ومسلم (2) وتمسك به من رأى أن يمين المكره منعقدة.
5390 - وعن أنس «أن قريشًا صالحوا النبي فاشترطوا عليه أن من
_________
(1) أحمد (6/8) ، أبو داود (3/82) (2758) ، النسائي في "الكبرى" (5/205) ، ابن حبان (11/233) (4877) ، والحاكم (/) ، والبيهقي (9/145) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/318) ، والطبراني في "الكبير" (1/323) (963) .
(2) أحمد (5/395) ، مسلم (3/1414) (1787) ، وهو عند الحاكم (3/427) ، وابن أبي شيبة (7/363) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/97) ، والطبراني في "الكبير" (3/162، 165) .(4/1844)
جاء منكم لا نرده عليكم، ومن جاء منا رددتموه علينا، فقالوا: يا رسول الله! أنكتب هذا؟ قال: نعم، إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاء منهم سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا» روه أحمد ومسلم (1) .
5391 - وعن عروة بن الزبير عن المسور ومروان يصدق كل منهما حديث صاحبه قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية حتى إذا كان ببعض الطريق، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة لقريش, وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به ناقته، فقال الناس: حل، حل فالحت، فقالوا: خلأت القصوى. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما خلأت القصوى وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل. فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل يتربضه الناس تربضاً، فلم يلبث الناس حتى نزحوه وشكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العطش؛ فانتزع سهمًا من كنانته وأمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه. فبينا هم كذلك إذ جاءهم بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة، وكان عيبة نصح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا إعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا لم نجيء لقتال أحد، ولكن جئنا معتمرين، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره. فقال بديل: سأبلغهم ما تقول،
_________
(1) أحمد (3/368) ، مسلم (3/1411) (1784) ، ابن أبي شيبة (7/385) .(4/1845)
فانطلق حتى أتى قريشًا، فقال: إنا قد جئناكم من عند هذا الرجل، وقد سمعناه يقول قولًا فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا. فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء. وقال ذو الرأي منهم: ما سمعته هات. قال: قد سمعته يقول كذا وكذا، فحدثتهم بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عروة بن مسعود: أي قوم! ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: ألست بالولد؟ قالوا: بلى. قال: أتتهموني؟ قالوا: لا. قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى.
قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد اقبلوها وذروني آته. قالوا: ايته. فأتاه فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوًا من قوله لبديل بن ورقاء، فقال عروة عند ذلك: أي محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فأنا والله أرى وجوهًا أو أني أرى أشوابًا من الناس خليقًا أن يفروا ويدعوك. فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات.. أنحن نفر عنه وندعه؟! فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. فقال: أنا والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي ولم أجزك بها لأجبتك، قال: وجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلما كلمه أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب يده بنصل السيف، وقال: أخر يدك عن لحية رسول الله. فرفع عروة رأسه وقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة. فقال: أي غدر لست أسعى في غدرتك. وكان المغيرة صحب قومًا في الجاهلية قتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما الإسلام فأقبل وأما المال فلست منه في شيء. ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينه، قال: فوالله ما تنخم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم بأمر ابتدروه، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوءه، وإذا تكلم خفوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له. فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم! فوالله لقد وفدت على الملوك ووفدت على كسرى وقيصر والنجاشي، والله إن رأيت ملكًا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه(4/1846)
وجلده، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، فإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون النظر إليه تعظيمًا له، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آته. فقالوا: ايته.
فلما أشرف على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له. فبعثوها له واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك، قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت، وأُشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له: مكرز بن حفص. فقال: دعوني آته. فقالوا: ايته. فلما أشرف عليهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذا مكرز بن حفص، وهو رجل فاجر. فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فبينما هو يكلمه جاء سهيل بن عمرو، قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد سهل الله لكم من أمركم قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا وبينك كتابًا. فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الكاتب فقال - صلى الله عليه وسلم -: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب. فقال المسلمون: والله لا يكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اكتب باسمك اللهم. ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمد(4/1847)
رسول الله. فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله. قال الزهري: وذلك: لقوله والله لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به. قال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلكم من العام المقبل فكتب، فقال سهيل: وعلى أن لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، فقال المسلمون: سبحان الله! كيف نرد إلى المشركين من جاء مسلمًا فبينا هم إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رما بنفسه بين أظهر المسلمين. فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنا لم نقض الكتاب بعد. قال: فوالله إذن لا أصالحك على شيء أبدًا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فاجزه لي. قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: بلى فافعل. قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: بلى قد أجزناه لك. قال أبو جندل: أي معشر المسلمين! أرد إلى المشركين وقد جئت مسلمًا ألا ترون ما قد لقيت وقد عذبت عذابًا شديدًا في الله. فقال عمر بن الخطاب: فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ألست نبي الله حقًا؟ قال: بلى. قال: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعط الدنية في ديننا إذًا؟ قال: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري. قلت: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى، فأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك آتيه ومطوف به. قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر! هذا نبي الله حقًا؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعط الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل إنه رسول الله وليس(4/1848)
يعصي ربه، وهو ناصره فاستمسك بغرزه إنه على الحق. قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، فأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك إذًا تأتيه ومطوف به. قال عمر: فعملت لذلك أعمالًا فلما فرغ من قضية الكتاب، قال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا. فوالله ما قام منهم أحد حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله! أتحب ذلك؟ اخرج ولا تكلم أحدًا منهم حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلق لك. فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك، نحر بدنه ودعا حالقه فحلق.
فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضًا حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًا، ثم جاء نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ)) [الممتحنة:10] حتى بلغ ((عِصَمِ الْكَوَافِر)) [الممتحنة:10] فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج أحدهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون تمرًا لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا فاستله الآخر، فقال: أجل والله إنه لجيد. لقد جربت به ثم جربت، قال أبو بصير أرني أنظر إليه، فأمكنه منه فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين رآه: لقد رأى هذا ذعرًا. فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قتل والله صاحبي وإني والله لمقتول. فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله! قد أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ويل(4/1849)
أمه مسعر حرب لو كان له أحد. فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى بسيف البحر.
قال: وتفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمن، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم وأنزل الله عز وجل ((وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ)) [الفتح:24] حتى بلغ ((حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ)) [الفتح:26] وكان في حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينه وبين البيت» رواه أحمد والبخاري (1) ، ورواه أحمد (2) بلفظ آخر وفيه: «كانت خزاعة عيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشركها ومسلمها، وفيه: هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس، وفيه: وإن بيننا عيبة مكفوفة، وأنه لا اغلال ولا اسلال، وكان في شرطهم حين كتبوا الكتاب أن من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه. فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن في عقد رسول الله وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم وفيه. فقال رسول الله: يا أبا جندل! اصبر فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا» . وفيه: «فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في الحرم،
_________
(1) البخاري (2/974-979) (2581) ، أحمد (4/328-330) ، ابن حبان (11/216-227) (4872) .
(2) أحمد (4/325) .(4/1850)
وهو مضطرب في الحل» .
5392 - وعن مروان والمسور قالا: «لما كتب سهيل بن عمرو يومئذ كان فيما اشترط على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يأتيك أحد منا وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، وخليت بيننا وبينه، فكره المسلمون ذلك، وامتعصوا منه، وأبا سهيل إلا ذلك، فكاتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فرد يومئذ أبا جندل إلى أبيه سهيل، ولم يأتيه أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة، وإن كان مسلمًا وجاءت المؤمنات مهاجرات وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجعها إليهم فلم يرجعها إليهم لما أنزل الله فيهن ((إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ)) [الممتحنة:10] إلى قوله: ((وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ)) [الممتحنة:10] » رواه البخاري (1) .
5393 - وعن الزهري قال عروة: «فأخبرتني عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمتحنهن، وبلغنا أنه لما أنزل الله أن يردوا للمشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهم، وحكم على المسلمين ألا يمسكوا بعصم الكوافر أن عمر طلق امرأتين قريبة بنت أبي أمية وابنة جرول الخزاعي، فتزوج قريبة معاوية وتزوج الأخرى أبو جهم، فلما أبى الكفار أن يقروا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم أنزل الله عز وجل: ((وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ)) [الممتحنة:11] والعقاب: ما يؤدي المسلمون إلى من هاجرت امرأته من الكفار، فأمر أن يعطي من ذهب له زوج من المسلمين ما أنفق من صداق نساء الكفار اللاتي
_________
(1) البخاري (2/967، 4/1532) (2564، 3945) .(4/1851)
هاجرن وما نعلم أحد من المهاجرات ارتدت بعد إيمانها» أخرجه البخاري (1) .
قوله: «وأبي الحسيل» بضم الحاء المهملة وفتح السين المهملة وسكون الياء بلفظ التصغير هو والد حذيفة، فيكون الحسيل عطف بيان. قوله: «بالغميم» بفتح المعجمة وحكى عياض التصغير وهو مكان معروف. قوله: «طليعة» هي مقدم الجيش. قوله: «بقترة» بفتح القاف والمثناة من فوق وهو الغبار الأسود، وفي نسخة بغبرة بالغين المعجمة وسكون الباء الموحدة. قوله: «حل» بفتح الحاء المهملة وسكون اللام زجر للناقة. قوله: «فألحت» بتشديد الحاء المهملة أي: تمادت على عدم القيام وهو من الإلحاح. قوله: «خلأت» الخلاء بالمعجمة والمد للإبل كالحران للخيل. قوله: «القصوى» بفتح القاف بعدها معجمة ومد اسم ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم -. قوله: «على ثمد» بفتح المثلثة والميم، أي: حفيرة فيها قليل ماء. قوله: «يتبرضه الناس» بالموحدة وتشديد الراء بعدها ضاد معجمة وهو الأخذ قليلًا قليلًا. قوله: «وشكي» بضم أوله على البناء للمجهول قوله: «كنانته» أي: جعبته، قوله: «تجيش» بفتح أوله وكسر الجيم وآخره معجمة، أي: تفور. قوله: «بالري» بكسر الراء ويجوز فتحها وحتى صدروا عنه، أي: رجعوا بعد ورودهم. قوله: «بديل» بموحدة مصغر ابن ورقاء بالقاف والمد صحابي مشهور. قوله: «عيبة نصح» العيبة بفتح العين المهملة وسكون التحتانية بعدها موحدة ما يوضع فيه الثياب لحفظها، أي أنهم موضع النصح والأمانة على سره، ونصح بضم النون وحكي فتحها. قوله: «من أهل تهامة» بكسر المثناة وهي مكة وما حولها وأصلها من التهم وهو شدة الحر. قوله: «العود المطافيل» العود بضم المهملة وسكون الواو بعدها معجمة جمع عايد وهي الناقة ذات اللبن والمطافيل
_________
(1) البخاري (2/980) (2582) .(4/1852)
الأمهات التي معها أطفالها. قوله: «قد نهكتهم» بفتح أوله وكسر الهاء، أي: بلغت فيهم حتى أضعفتهم. قوله: «ما ددتهم» أي: جعلت بيني وبينهم مدة نترك الحرب بيننا وبينهم. قوله: «جموا» أي: استراحوا وهو بفتح الجيم وتشديد الميم المضمومة.
قوله: «سالفتي» السالفة بالمهملة وكسر اللام بعدها فاء: صفحة العنق وكنى بذلك عن الموت. قوله: «ولينفذن الله أمره» بضم أوله وكسر الفاء أي: يمضين الله أمره. قوله: «استنفرت أهل عكاظ» بضم العين المهملة وتخفيف الكاف وآخره معجمة أي: دعوتهم إلى نصركم. قوله: «فلما بلحوا» بالموحدة وتشديد اللام المفتوحتين ثم مهملة مضمومة أي: امتنعوا. قوله: «خطة رشد» بضم الخاء المعجمة وتشديد المهملة والرشد بضم الراء وسكون المعجمة وبفتحها، أي: خصلة خير وصلاح وإنصاف. قوله: «آته» بالمد والجزم، وقالوا «ايته» بألف وصل بعدها همزة ساكنة ثم مثناة من فوق مكسورة. قوله: «اجتاح» بجيم ثم مهملة آخره أي: أهلك بالكلية وحذف الجزاء من قوله «إن تكن الأخرى» تأدبًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتقدير أن تكن الغلبة لقريش لا آمنهم عليك. قوله: «أشوابًا» وفي رواية «أوباشًا» والأشواب الأخلاط مع أنواع شتى والأوباش الأخلاط من السفلة، فالأوباش أخص من الأشواب. قوله: «امصص» بألف وصل ومهملتين الأولى مفتوحة بصيغة الأمر «والبظر» بفتح الموحدة وسكون المعجمة قطعة تبقى بعد الختان في فرج المرأة واللات اسم أحد الأصنام التي كانت لقريش وثقيف يعبدونها. وكانت عادة العرب الشم بذلك. قوله: «لولا يد» أي: نعمة. قوله: «نصل السيف» هو ما يكون في أسفله من فضة وغيرها. قوله: «أخر يدك» فعل أمر من التأخير. قوله: «أي غدر» بالمعجمة يوزن عمر معدول من غادر مبالغة في الغدر. قوله: «اسعَ في غدرتك» أي: في دفع شر غدرتك. قوله:(4/1853)
«وما يحدون النظر» بضم أوله وكسر الحاء المهملة أي: ما يديمون النظر إليه - صلى الله عليه وسلم -. قوله: «فأخبرني أيوب عن عكرمة» قال في "الفتح": هذا مرسل لم أقف على من وصله بذكر ابن عباس فيه، لكن له شاهد موصول عند ابن شيبة من حديث سلمة بن الأكوع. قوله: «قاض» بوزن فاعل من قضيت الشيء فصلت الحكم فيه.
قوله: «ضغطة» بضم الضاد المعجمة وسكون الغين المعجمة ثم طاء مهملة أي قهرًا، وفي رواية ابن إسحق أنها دخلت علينا عنوة. قوله: «أبو جندل» بالجيم والنون بوزن جعفر. قوله: «يرسف» بفتح أوله وضم المهملة بعدها أي يمشي لطيفًا بسبب القيد. قوله: «إنا لم نقض الكتاب» أي لم نفرغ من كتابته. قوله: «فأجزه لي» بصيغة فعل الأمر من الإجازة أي امض فعلي فيه فلا أرده. قوله: «فاستمسك بغرزه» بفتح الغين المعجمة وسكون الراء بعدها زاي وهو للإبل بمنزلة الركاب للفرس والمراد هنا التمسك بأمره - صلى الله عليه وسلم - وترك المخالفة له كالذي يمسك بركاب الفرس فلا يفارقه. قوله: «فعملت لذلك أعمالًا» أي صالحة مكفرة لكلامي الذي تكلمت به، ولم يك ذلك شكًا من عمر بل طلب كشف ما خفى عليه والوقوف على الحقيقة. قوله: «فجاءه أبو بصير» بفتح الموحدة وكسر المهملة اسمه عتبة بضم أوله وسكون الفوقية. قوله: «حتى برد» بفتح الموحدة والراء أي خمدت حواسه وهو كناية عن الموت. قوله: «ذعرًا» بضم المعجمة وسكون المهملة أي خوفًا. قوله: «ويل أمه» بضم اللام ووصل الهمزة وكسر الميم وهي كلمة ذم تقولها العرب في المدح، و «مسعر حرب» بكسر الميم وسكون السين المهملة وفتح العين المهملة، وبالنصب على التمييز أي يسعرها يصفه بالأقدام في الحرب. قوله: «لو كان له أحد» أي: يناصره ويعاضده. قوله: «عصابة» : أي جماعة ولا واحد لها من لفظها، وهي تطلق على(4/1854)
الأربعين فما دونها. قوله: «ما يسمعون بعير» العير بكسر المهملة أي بخبر عير وهي القافلة. قوله: «عيبة مكفوفة» أي أمرًا مطويًا في صدور سليمة، وهو إشارة إلى ترك المؤاخذة بما تقدم بينهم من أسباب الحرب وغيرها، والمحافظة على العهد الذي وقع بينهم. قوله: «وإنه لا إغلال ولا إسلال» أي لا سرقة ولا خيانة، يقال: أغل الرجل أي خان إما في الغنيمة فيقال: غل بغير ألف.
ولا إسلال من السلة، وهي السرقة، وقيل: من سل السيوف، والإغلال من لبس الدروع، والمراد: أن الناس آمنون هم وأموالهم سرًا وجهرًا. قوله: «وامتعضوا منه» بعين مهملة وضاد معجمة أي أنفوا وشق عليهم. قوله: «امتحنوهن» أي اختبروهن. قوله: «قريبة» بالقاف والموحدة مصغر وهي بنت أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، وهي أخت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -. قوله: «فلما أبى الكفار أن يقروا» إلخ. أي: أبو أن يعملوا بالحكم المذكور في الآية، وهو أن من ذهب من أزواج الكفار إلى المسلمين أعطوا زوجها المشرك ما أنفق عليها من صداق ونحوه، ولم ترد إلى المشركين، ومن ذهب من أزواج المسلمين إلى الكفار كذلك.
[33/63] باب جواز مصالحة المشركين على المال وإن كان مجهولًا
5400 - عن ابن عمر قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر وقاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم وغلبهم على الأرض والزرع والنخل، فصالحوه على أن يجلوا منها ولهم ما حملت ركابهم، ولرسول الله الصفراء والبيضاء والحلقة وهي السلاح، ويخرجون منها واشترط عليهم ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئًا فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكًا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعم حيي واسمه سعية ما فعل(4/1855)
مسك حيي الذي جاء به من النضير؟ فقال: أذهبته النفقات والحروب. فقال العهد قريب والمال أكثر من ذلك. وقد كان حيي قتل قبل ذلك فدفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعية إلى الزبير فمسه بعذاب، فقال: رأيت حيي يطوف في خربة هاهنا فذهبوا فطافوا فوجدوا المسك في الخربة فقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابني أبي الحقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب، وسبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءهم وذراريهم، وقسم أموالهم بالنكث الذي نكثوا وأراد أن يجليهم منها، فقالوا: يا محمد دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون أن يقوموا عليها فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع وسني ما بدا لرسول الله، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شدة خرصه، وأرادوا أن يرشوه فقال عبد الله: تطعموني السحت، والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقًا من تمر كل عام، وعشرين وسقًا من شعير، فلما كان زمن عمر غشوا فألقوا ابن عمر من فوق بيت ففدعوا يده، فقال عمر بن الخطاب: من كان له سهم بخيبر فليحضر حتى نقسمها بينهم فقسمها عمر بينهم.
فقال رئيسهم: لا تخرجنا، دعنا نكن فيها كما أقرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر. فقال عمر لرئيسهم: أتراه سقط علي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يومًا ثم يومًا وقسمها عمر بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية» رواه البخاري، هكذا عزاه إلى البخاري صاحب "المنتقى" وصاحب "جامع الأصول"، ولم أجد في البخاري إلا طرفًا من(4/1856)
هذا الحديث، قال في "فتح الباري": وقع للحميدي نسبة رواية حماد بن سلمة مطولة جدًا إلى البخاري، وكأنه نقل السياق من "مستخرج البرقاني" وذهل عن عزوه إليه، وقد نبه الإسماعيلي على أن حمادًا كان يطوله تارة ويرويه تارة مختصرًا.. انتهى. فما وقع من صاحب "جامع الأصول" وصاحب "المنتقى" من العزو إلى البخاري لعله متابعة للحميدي وأخرج هذا الحديث أبو داود مختصرًا (1) .
5395 - وعن رجل من جهينة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعلكم تقاتلون قومًا فتظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم فتصالحوهم على صلح، فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فإنه لا يصلح» رواه أبو داود وابن ماجة (2) ، وفي إسناده مجهول لأنه من رواية رجل من ثقيف عن رجل من جهينة.
5396 - وقد رواه أبو داود (3) من طريق خالد بن معدان عن جبير بن نفير فذكر نحوه.
قوله: «على أن تجلوا منها» بالجيم أي: ترحلوا عنها. قوله: «الحلقة» بفتح الحاء المهملة وسكون اللام هي السلاح كما فسرت في متن الحديث. قوله: «مسكا» بفتح الميم وسكون السين المهملة، والمسك الجلد. قوله: «لحيي» بضم الحاء المهملة تصغير حي، وأخطب بالخاء المعجمة، وسعية بفتح السين المهملة وسكون العين المهملة
_________
(1) رواه ابن حبان (11/609) (5199) ، والبيهقي (9/137) ، وأبو داود (3/157) (3006) قريبًا من هذا اللفظ، وأخرجه البخاري في حديث معاملة النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر (2/824، 973، 3/1149) (2213، 2580، 2983) مختصرًا.
(2) أبو داود (3/170) (3051) ، ومن طريقه البيهقي (9/204) .
(3) أبو داود (3/86، 4/109) (2767، 4292) ، وابن ماجه (2/1369) (4089) ، وأحمد (4/91) ، وابن حبان (15/101) (6708) ، والحاكم (4/467) .(4/1857)
-أيضًا- بعدها تحتية. قوله: «ابني أبي الحقيق» بمهملة وقافين مصغرًا وهو رأس يهود خيبر. قوله: «ما بدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -» في لفظ للبخاري (1) «نقركم على ذلك ما شئنا» . قوله: «ففدعوا يده» الفدع: بفتح الفاء والدال المهملة بعدها عين مهملة، زوال المفصل، وقيل عوج في المفاصل. قوله: «فقال رئيسهم لا تخرجنا» في رواية للبخاري (2) في الشروط «وقد رأيت إجلاءهم فلما أجمع.. إلخ» ففي الكلام محذوف أي لما أجمع عمر على إجلائهم قال رئيسهم، وليس سبب إجلائهم ما وقع منهم إلى عبد الله بن عمر بل قوله - صلى الله عليه وسلم - «أخرجوا اليهود من جزيرة العرب» ونحوه. قوله: «إذا رقصت بك راحلتك» أي: ذهبت وأسرعت، وهو من إخباره - صلى الله عليه وسلم - بالمغيبات.
[33/64] باب ما جاء في من سار نحو العدو في آخر مدة الصلح بغتة
5397 - عن سليم (3) بن عامر قال: «كان معاوية يسير بأرض الروم، وكان بينه وبينهم أمد، فأراد أن يوفيهم فإذا نقض الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول: الله أكبر، الله أكبر. وفاء لا غدر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقده ولا يشدها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم عهدهم على سواء فبلغ ذلك معاوية فرجع فإذا الشيخ عمرو بن عبسة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وأخرجه النسائي (4) .
_________
(1) البخاري (2/824، 973، 3/1149) (2213، 2580، 2983) .
(2) البخاري (2/973) (2580) .
(3) في الأصل: سليمان.
(4) أحمد (4/111، 113، 385) ، أبو داود (3/83) (2759) ، الترمذي (4/143) (1580) = = النسائي في "الكبرى" (5/223-224) ، ابن حبان (11/215) (4871) .(4/1858)
قوله: «أو ينبذ إليهم عهدهم» النبذ في أصل اللغة الطرح.
[33/65] باب ما جاء في محاصرة الكفار
وإنزالهم على حكم رجل من المسلمين
5398 - عن أبي سعيد «أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد فأتاه على حمار، فلما دنى قريبًا من المسجد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قوموا إلى سيدكم أو خيركم فقعدوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن هؤلاء نزلوا على حكمك. قال: فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم. فقال: قد حكمت بما حكم به الملك» . وفي لفظ: «قضيت بحكم الله عز وجل» متفق عليه (1) ، وفي رواية (2) «لقد حكمت اليوم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات» قال ابن إسحاق: فخندقوا لهم خنادق وضربت أعناقهم فجرى الدم في الخندق، وقسم أموالهم ونساءهم وأبناءهم على المسلمين، وأسهم للخيل.
5399 - وثبت عند الترمذي والنسائي وابن حبان (3) من حديث جابر بإسناد صحيح أنهم كانوا أربعمائة مقاتل.
_________
(1) البخاري (3/1384، 4/1511، 5/2310) (3593، 3895، 5907) ، مسلم (3/1388) (1768) ، أحمد (3/22) ، وهو عند ابن حبان (15/496) (7026) ، والنسائي في "الكبرى" (3/465) .
(2) هو بهذا اللفظ من رواية محمد بن صالح التمار عن سعد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن أبيه ثم ذكره، وهو عند الحاكم (2/134) ، ومن طريقه البيهقي (9/63) ، وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/216) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1/79) (149) .
(3) الترمذي (4/144) (1582) ، النسائي في "الكبرى" (5/206) ، ابن حبان (11/106) (4784) ، وهو عند الدارمي (2/311) (2509) ، وأحمد (3/350) .(4/1859)
قوله: «الملك» بكسر اللام.
[33/66] باب أخذ الجزية وعقد الذمة
5400 - عن عمر «أنه لم يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر» رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي (1) ، وفي رواية أن عمر ذكر المجوس، فقال: «ما أدري كيف أصنع في أمرهم، فقال له عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: سنوا بهم سنة أهل الكتاب» رواه الشافعي و"الموطأ" (2) من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن عمر، ورجاله ثقات إلا أنه منقطع.
5401 - وعن المغيرة بن شعبة أنه قال لعامل كسرى: «أمرنا نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية» رواه أحمد والبخاري (3) .
5402 - وعن ابن عباس قال: «مرض أبو طالب فجاءته قريش وجاءه النبي - صلى الله عليه وسلم - وشكوه إلى أبي طالب، فقال: يا ابن أخي ما تريد من قومك؟ فقال: أريد منهم كلمة تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية. قال: كلمة
_________
(1) أحمد (1/190، 194) ، البخاري (3/1151) (2987) ، أبو داود (3/168) (3043) ، الترمذي (4/147) (1587) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/234) ، وابن الجارود (1/278) (1105) ، والدارمي (2/307) (2501) ، وأبي يعلى (2/166) (860) ، والطيالسي (1/31) (225) ، والحميدي (1/35) (64) .
(2) الشافعي (1/209) ، مالك في "الموطأ" (1/278) ، البيهقي (9/189) ، عبد الرزاق (6/69) ، ابن أبي شيبة (2/435) ، أبو يعلى (2/168) (862) .
(3) جزء من حديث طويل عند البخاري (3/1152) (2989) .(4/1860)
واحدة؟ قال: كلمة واحدة لا إله إلا الله، قالوا: إلهًا واحدًا ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق. قال: فنزل فيهم القرآن ((ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ)) [صّ:1] إلى قوله: ((إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ)) [صّ:7] » رواه أحمد والترمذي (1) ، وقال: حديث حسن.
5403 - وعن عمر بن عبد العزيز «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن: إن على كل إنسان منكم دينارًا كل سنة أو قيمته من المعافر» يعني: أهل الذمة منهم. رواه الشافعي في "مسنده" (2) ، وهو مرسل.
5404 - لكن يشهد له حديث معاذ المتقدم (3) في باب صدقة المواشي من كتاب الزكاة، وأخرجه الخمسة إلا ابن ماجة وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم وغيره، وفيه أنه أمره - صلى الله عليه وسلم - «أن يأخذ من كل (4) حالم دينارًا، أو عدله
_________
(1) أحمد (1/227، 362) ، الترمذي (5/365) (3232) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/235، 6/442) ، وأبي يعلى (4/455-456) (2583) ، وابن حبان (15/79-80) (6686)
(2) الشافعي (1/209) .
(3) تقدم برقم (2475) .
(4) فائدة: أُخذ من قوله في الحديث: «من كل حالم» وجوب الجزية على الذكر دون الأنثى؛ لأنها عوض عن القتل والنساء لا تقتل، وكذلك الصبيان والعبيد، واختلفوا في المجنون والمقعد والشيخ "الكبير" وأهل الصوامع والفقير. ذكر ذلك ابن رشد في نهايته، قال: وكل ذلك مسائل اجتهادية ليس فيها توقيف شرعي. انتهى. وأما ما أخرجه البيهقي (9/193) عن الحكم بن علية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى معاذ باليمن: «على كل حالم أو حالمة دينارًا أو عدله من المعافر = = ذكرًا أو أنثى حرًا أو مملوكًا» ووصله أبو شيبة عن الحكم بن علية عن نعم عن ابن عباس، فهو ضعيف، قال البيهقي (9/193) : وأبو شيبة ضعيف، وأخرج له شاهدًا في كتاب عمرو بن حزم بإسناد منقطع، والأكثر أن الجزية لا تؤخذ من النساء، والله سبحانه أعلم من المؤلف.(4/1861)
معافر» .
5405 - وعن عمرو بن عوف الأنصاري «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو صالح أهل البحرين، وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي» متفق عليه (1) .
5406 - وعن الزهري قال: «قبل رسول الله الجزية من أهل البحرين وكانوا مجوسًا» رواه أبو عبيد في الأموال (2) مرسلًا، وفي الباب ما يشهد له.
5407 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة، فأخذوه فأتوا به فحقن دمه وصالح على الجزية» رواه أبو داود (3) ورجال إسناده ثقات وفيه عنعنة ابن إسحاق، وقال في "الخلاصة": إسناده حسن.. انتهى. وهو دليل على أنها لا تختص بالعجم لأن أكيدر دومة عربي من غسان.
5408 - وعن ابن عباس قال: «صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل نجران على ألفي حلة، النصف في صفر والبقية في رجب، يؤدونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين
_________
(1) البخاري (3/1152، 4/1473، 5/2361) (2988، 3791، 6061) ، مسلم (4/2273) (2961) ، أحمد (4/137، 327) ، وهو عند ابن ماجه (2/1324) (3997) ، والنسائي في "الكبرى" (5/233) .
(2) أبو عبيد في الأموال (85) ، وعبد الرزاق (6/86) (10091)
(3) أبو داود (3/166) (3037) .(4/1862)
درعًا وثلاثين فرسًا، وثلاثين بعيرًا، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها، والمسلمون ضامنون بها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد ذات غدر على أن لا يهدم لهم بيعة ولا يخرج لهم قس ولا يفتنوا عن دينهم ما لم يحدثوا حدثًا أو يأكلون الربا» أخرجه أبو داود (1) من رواية السدى عن ابن عباس، وفي سماعه منه نظر.
5409 - وعن ابن شهاب قال: «أول ما أعطى الجزية من أهل الكتاب أهل نجران وكانوا نصارى» رواه أبو عبيد في الأموال (2) مرسلًا.
5410 - وعن ابن عباس قال: «كانت المرأة تكون مقلاة فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا. فأنزل الله عز وجل: ((لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)) [البقرة:256] » رواه أبو داود من طرق والنسائي (3) ، ولا بأس برجالهما، قال في "المنتقى": وهو دليل على أن الوثني إذا تهود يقر، ويكون كغيره من أهل الكتاب.
5411 - وعن ابن أبي نجيح قال: «قلت لمجاهد: ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال: جعل ذلك من قبيل اليسار» أخرجه البخاري (4) .
5412 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصلح قبلتان في
_________
(1) أبو داود (3/167) (3041) .
(2) أبو عبيد في الأموال (67) .
(3) أبو داود (3/58) (2682) ، النسائي في "الكبرى" (6/304) .
(4) أخرجه البخاري (3/1151) معلقًا في كتاب الجزية الباب الأول.(4/1863)
أرض، وليس على مسلم جزية» رواه أحمد وأبو داود (1) ورجال إسناده ثقات.
5413 - وعن رجل من بني تغلب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس على المسلمين عشور، إنما العشور على اليهود والنصارى» رواه أحمد وأبو داود والبخاري في "تاريخه" (2) ، وبين اضطرابه، وقال: لا يتابع عليه.
5414 - وعن أنس «أن امرأة يهودية أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة مسمومة فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألها عن ذلك فقالت: أردت أن أقتلك. فقال: ما كان الله ليسلطك علي. فقالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا فما زالت أعرفها في لهوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد ومسلم (3) . قال في "المنتقى": وهو دليل على أن العهد لا ينتقض بمثل هذا الفعل.
قوله: «المعافر» بمهملة وفاء اسم قبيلة، وبها سميت الثياب ونسبت إليها. قوله: «أكيدر» بضم الهمزة تصغير أكدر. قوله: «قس» بضم القاف وتشديد المهملة، هو رئيس النصارى كما في القاموس. قوله: «مقلاة» بكسر الميم وسكون القاف، قال في "مختصر النهاية": هي المرأة التي لا يعيش لها ولد. قوله: «عشور» جمع عشر، قال الخطابي: يريد عشور التجارات دون عشور الصدقات.
_________
(1) أحمد (1/223، 285) ، أبو داود (3/165، 171) (3032، 3053) ، وهو عند الترمذي (3/27) (633، 634) ، وابن أبي شيبة (2/416) ، وابن الجارود (1/279) (1107) .
(2) أحمد (3/474، 5/410) ، أبو داود (3/169) (3046، 3049) ، البخاري في "التاريخ" (3/60) .
(3) أحمد (3/218) ، مسلم (4/1721) (2190) ، وهو عند البخاري (2/923) (2474) ، وأبي داود (4/173) (4508) .(4/1864)
[33/67] باب ما جاء من إخراج اليهود من جزيرة العرب
5415 - عن ابن عباس قال: «اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعه يوم الخميس، وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم. ونسيت الثالثة» متفق عليه (1) . والقائل: نسيت الثالثة سليمان الأحول أحد رواته.
5416 - وعن عمر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلمًا» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (2) .
5417 - وعن عائشة قالت: «آخر ما عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قال: لا يترك بجزيرة العرب دينان» رواه أحمد (3) ورجال إسناده ثقات، وقد صرح ابن إسحق بالتحديث فيه فقال: حدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة.
_________
(1) البخاري (3/1111، 1155، 4/1612) (2888، 2997، 4168) ، مسلم (3/1257-1258) (1637) ، أحمد (1/222) ، وهو عند أبي داود (3/165) (3029) ، وعبد الرزاق (6/57) ، والحميدي (1/241) (526) ، وأبي يعلى (4/298) (2409) ، والنسائي في "الكبرى" (3/434) .
(2) أحمد (1/29، 32) ، مسلم (3/1388) (1767) ، الترمذي (4/156) (1606) ، وهو عند ابن الجارود (1/278) (1103) ، وابن حبان (9/69) (3753) ، والنسائي في "الكبرى" (5/210) ، وأبي داود (3/165) (3030) ، والبيهقي (9/207) ، وعبد الرزاق (6/54) .
(3) أحمد (6/274-275) ، والطبراني في "الأوسط" (2/12) .(4/1865)
5418 - وعن أبي عبيدة بن الجراح قال: «آخر ما تكلم به النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب» رواه أحمد والبيهقي (1) .
قوله: «ونسيت الثالثة» قيل هي تجهيز أسامة، وقيل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تتخذوا قبري وثنًا» . قوله: «جزيرة العرب» هي ما بين عدن أبين إلى أطراف الشام طولًا، ومن جدة إلى ريف العراق عرضًا.
[33/68] باب ما جاء في بدايتهم بالتحية واضطرارهم إلى ضيق الطريق وصفة الرد على من سلم منهم
5419 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبدوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقها» متفق عليه (2) .
5420 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم» متفق عليه (3) ، وفي رواية لأحمد (4) «فقولوا: عليكم» بغير واو.
_________
(1) أحمد (1/195، 196) ، البيهقي (9/208) ، وهو عند الدارمي (2/305) (2498) ، وابن أبي شيبة (6/468) ، وأبي يعلى (2/177) (872) .
(2) البخاري في "الأدب المفرد" (ص:378) (1103) ، مسلم (4/1707) (2167) ، أحمد (2/225، 263، 266، 346، 444، 459) ، وهو عند أبي داود (4/352) (5205) ، والترمذي (4/154، 5/60) (1602، 2700) ، وابن حبان (2/253) (500، 501)
(3) البخاري (5/2309) (5903) ، مسلم (4/1705) (2163) ، أحمد (3/99، 212) ، وهو عند أبي داود (4/353) (5207) ، وابن ماجه (2/1219) (3697) ، وأبي يعلى (5/295) (2916) ، والنسائي في "الكبرى" (6/104) (10219)
(4) أحمد (3/212) .(4/1866)
5421 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن اليهود إذا سلم أحدهم إنما يقول: السام عليكم. فقل: عليك» متفق عليه (1) ، وفي رواية لأحمد ومسلم (2) : «وعليك» بالواو.
5422 - وعن عائشة قالت: «دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام عليك. قالت عائشة: ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة. قالت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مهلًا يا عائشة! إن الله يحب الرفق في الأمر كله. فقلت: يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا؟ قال: قد قلت: وعليكم» متفق عليه (3) ، وفي لفظ «عليكم» أخرجاه (4) .
5423 - وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني راكب غدًا إلى
_________
(1) البخاري (6/2539) (6529) ، مسلم (4/1706) (2164) ، أحمد (2/19) ، وهو عند الترمذي (4/155) (1603) ، والإمام مالك (2/960) (1723) ، والدارمي (2/358) (2635) ، والنسائي في "الكبرى" (6/102) .
(2) أحمد (2/9، 58، 113) ، مسلم (4/1706) (2164) ، وهو عند البخاري (5/2309) (5902) ، وأبي داود (4/353) (5206) ، وابن حبان (2/254) (502) ، وعبد الرزاق (6/11) .
(3) البخاري (3/1073، 5/2242، 2308، 2349) (2777، 5678، 5901، 6032) ، مسلم (4/1706) (2165) ، أحمد (6/37، 199، 229) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/103) (10215) ، وأبي يعلى (7/394) (4421) .
(4) البخاري (5/2243، 2350) (5683، 6038) ، مسلم (4/1706) (2165) ، الترمذي (5/60) (2701) ، أحمد (6/116) ، ابن حبان (14/352-353) (6441) ، النسائي في "الكبرى" (6/102، 103) (10213، 10214) .(4/1867)
يهود فلا تبدؤهم بالسلام، وإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم» رواه أحمد (1) ، والسام: الموت.
[33/69] باب قسمة خمس الغنيمة ومصرف الفيء
5424 - عن جبير بن مطعم قال: «مشيت أنا وعثمان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا. فقال: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد. قال جبير: ولم يقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني عبد شمس ولا لبني نوفل شيئًا» رواه أحمد والنسائي وابن ماجة (2) . وفي رواية «لما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - سهم ذوي القربى من خيبر بين بني هاشم وبني المطلب جئت أنا وعثمان بن عفان فقلنا: يا رسول الله! هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله عز وجل فيهم، أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة. قال: إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد. ثم شبك بين أصابعه» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والبرقاني (3) ، وذكر أنه على شرط مسلم.
_________
(1) أحمد (4/143، 233) ، وهو عند ابن ماجه (2/1219) (3699) ، وابن أبي شيبة (5/250) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/341) ، وأبي يعلى (2/235) (936) ، والطبراني في "الكبير" (22/290) .
(2) أحمد (4/85) ، النسائي (7/130) (4136) ، ابن ماجه (2/961) (2881) ، وهو عند البخاري (3/1143، 4/1545) (2971، 3989) ، وأبي داود (3/145) (2978) ، وابن حبان (8/91) (3297) .
(3) أحمد (4/81) ، النسائي (7/130-131) (4137) ، أبو داود (3/146) (2980) ، وهو عند أبي يعلى (13/396) (7399) ، والشافعي (1/324) .(4/1868)
5425 - وعن علي قال: «اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله! أرأيت أن تولينا حقنا من هذا الخمس في كتاب الله فاقسمه في حياتك كيلا ينازعنا أحد بعدك فافعل؟ قال: ففعل ذلك. قال: فقسمته حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم ولاني أبو بكر حتى إذا كان آخر سنة من سني عمر فإنه أتاه مال كثير» رواه أحمد وأبو داود (1) وزاد: «فعزل حقنا، فقلت: بنا عنه العام غنى وبالمسلمين حاجة فاردده عليهم. ثم لم يدعني إليه أحد بعد عمر» وفي إسناده حسين بن ميمون الخندقي، قال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه. وقال ابن المديني: ليس بمعروف. وقال البخاري: لا يتابع عليه.
5426 - وعنه قال: «ولاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس الخمس، فوضعته في مواضعه حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحياة أبي بكر وحياة عمر» رواه أبو داود (2) وفي إسناده أبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان، وقيل عبد الله بن ماهان مختلف فيه، قال في التقريب: صدوق سيئ الحفظ.
5427 - وعن يزيد بن هرمز «أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن الخمس لمن هو فكتب إليه ابن عباس كتبت تسألني عن الخمس لمن هو، فإنا نقول: هو لنا فأبى علينا قومنا ذلك» رواه أحمد ومسلم (3) ، وفي رواية «أن نجدة الحروري حين خرج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذوي
_________
(1) أحمد (1/84) ، أبو داود (3/147) (2984) ، وهو عند ابن أبي شيبة (6/516) ، وأبي يعلى (1/299) (364) .
(2) أبو داود (3/146) (2983) ، وهو عند الحاكم (2/140، 3/42) ، والبيهقي (6/343) .
(3) أحمد (1/308) ، مسلم (3/1444) (1812) .(4/1869)
القربى لمن تراه؟ فقال: هو لنا لقربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم، وقد كان عمر عرض علينا شيئًا منه دون حقنا فرددناه إليه، وأبينا أن نقبله، وكان الذي عرض عليهم أن يعين ناكحهم، وأن يقضي عن غارمهم، وأن يعطي فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك» رواه أحمد والنسائي (1) .
5428 - وعن عمر بن الخطاب قال: «كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ينفق على أهله نفقة سنة، وفي لفظ يحبس لأهله قوت سنتهم ويجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله» متفق عليه (2) .
5429 - وعن عوف بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتى الفيء قسمه في يومه فأعطى الأهل حظين وأعطى العرب حظًا» رواه أبو داود (3) وذكره أحمد في رواية أبي طالب، وقال: حديث حسن.
5430 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أعطيكم ولا أمنعكم إنما
_________
(1) أحمد (1/320) ، النسائي (7/128) (4133) ، وأبو داود (3/146) (2982) ، وابن حبان (11/155) (4824) ، وأبي يعلى (5/123) ، والطبراني في "الكبير" (10/334) .
(2) البخاري (3/1063، 4/1852) (2748، 4603) ، مسلم (3/1376) (1757) ، أحمد (1/25، 48) ، وهو عند أبي داود (3/141) (2965) ، والترمذي (4/216) (1719) ، والنسائي (7/132) ، وابن حبان (14/271) (6357) ، والشافعي (1/322) .
(3) أبو داود (3/136) (2953) ، أحمد (6/25، 29) ، وهو عند ابن الجارود (1/280) (1112) ، وابن حبان (11/145) (4816) ، والحاكم (2/152) ، والبيهقي (6/346) ، وابن أبي شيبة (6/470) ، والطبراني في "الكبير" (18/45) .(4/1870)
أنا قاسم أضع حيث أمرت» رواه البخاري (1) .
5431 - وعن زيد بن أسلم «أن ابن عمر دخل على معاوية فقال: حاجتك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال عطاء المحررين: فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول ما جاء شيء بدأ بالمحررين» رواه أبو داود (2) ، وفي إسناده هشام بن سعد وفيه مقال.
5432 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو قد جاءني مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا، فلم يجيء حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر مناديًا فنادى من كان له عند رسول الله دين أو عدة فليأتنا. فأتيته، فقلت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثية، فقال: عدها فإذا هي خمس مائة،، فقال: خذ مثليها» متفق عليه (3) .
5433 - وعن عمر بن عبد العزيز «أنه كتب أن من سأل عن مواضع الفيء فهو ما حكم فيه عمر بن الخطاب. فرآه المؤمنون عدلًا موافقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: جعل الله الحق على لسان عمر، وقلبه، فرض الأعطية، وعقد لأهل الأديان ذمة ما فرض الله عليهم من الجزية، ولم يضرب فيها بخمس ولا مغنم» رواه أبو داود (4) وفي إسناده مجهول، وفيه انقطاع لأن عمر بن عبد العزيز لم يدرك عمر.
5434 - وقد أخرج أبو داود من حديث أبي ذر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) البخاري (3/1134) (2949) ، أحمد (2/482) .
(2) أبو داود (3/136) (2951) ، ابن الجارود (1/281) (1114) ، البيهقي (6/349) .
(3) البخاري (2/803، 917، 3/1142، 1154) (2174، 2458، 2968، 2993) ، مسلم (4/1806) (2314) ، أحمد (3/310) .
(4) أبو داود (3/138) (2961) .(4/1871)
يقول: «إن الله تعالى وضع الحق على لسان عمر يقول به» وأخرجه ابن ماجة (1) ، وفي إسناده ابن إسحق.
5435 - وعن مالك بن أوس قال: «كان عمر يحلف على أيمان ثلاث: والله ما أحد أحق بهذا المال من أحد، وما أنا أحق به من أحد، ووالله ما من المسلمين أحد إلا وله في هذا المال نصيب إلا عبدًا مملوكًا، ولكنا على منازلنا من كتاب الله وقسمنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالرجل وبلاؤه في الإسلام، والرجل وقدمه في الإسلام، والرجل وعناؤه في الإسلام، والرجل وحاجته، والله لأن بقيت لهم لآتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو يرعى مكانه» رواه أحمد في "مسنده" والبيهقي (2) .
5436 - وعن عمر «أنه قال يوم الجابية وهو يخطب الناس: إن الله عز وجل جعلني خازنًا لهذا المال وقاسمًا له، ثم قال: بل الله قاسمه وأنا بادي بأهل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أشرفهم. ففرض لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرة آلاف إلا جويرية وصفية وميمونة. فقالت عائشة: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعدل بيننا، فعدل بينهن عمر. ثم قال: إني بادي بأصحابي المهاجرين الأولين فإنَّا أخرجنا من ديارنا ظلمًا وعدوانًا، ثم أشرفهم ففرض لأصحاب بدر خمسة آلاف، ولمن كان شهد بدرًا من الأنصار أربعة آلاف، وفرض لمن شهد أحدًا ثلاثة آلاف، قال: ومن أسرع بالهجرة أسرع به في العطاء، ومن أبطأ في الهجرة أبطأ به في العطاء، فلا يلومن رجل إلا مناخ
_________
(1) أبو داود (3/139) (2962) ، ابن ماجه (1/40) (108) ، وهو عند أحمد (5/145، 165، 177) ، والحاكم (3/93) ، وابن أبي شيبة (6/353) .
(2) أحمد (1/42) ، البيهقي (6/346-347) .(4/1872)
راحلته» رواه أحمد (1) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجاله ثقات.
5437 - وعن قيس بن أبي حاتم قال: «كان عطاء البدريين خمسة آلاف، وقال عمر: لأفضلنهم على من بعدهم» .
5438 - وعن نافع مولى ابن عمر «أن عمر كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمس مائة فقيل له: هو من المهاجرين فلم نقصته من أربعة آلاف؟ قال: إنما هاجر به أبوه. يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه» .
5439 - وعن أسلم مولى عمر قال: «خرجت مع عمر بن الخطاب إلى السوق فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين! هلك زوجي وترك صبية صغارًا والله ما ينضجون كراعًا ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن أنماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقف معها عمر ولم يمض، وقال: مرحبًا بنسب قريب. ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطًا في الدار فحمل عليه غرارتين ملاهما طعامًا وجعل بينهما نفقة وثيابًا ثم ناولها خطامه وقال: اقتاديه فلن يفنى هذا حتى يأتيكم الله. فقال رجل: يا أمير المؤمنين.. أكثرت لها! قال: ثكلتك أمك، فوالله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنًا زمانًا فافتتحاه فأصبحنا نستفي سهمًا لها فيه» أخرجهن البخاري (2) .
_________
(1) أحمد (3/475) ، البيهقي (6/349)
(2) الحديث الأول أخرجه: البخاري (4/1475) (3797) ، الحديث الثاني أخرجه: البخاري (3/1424) (3700) ، البيهقي (6/1424) ، والحديث الثالث أخرجه: البخاري (4/1527) (3928) .(4/1873)
5440 - وعن محمد بن علي «أن عمر لما دون الدواوين قال: بمن ترون أبدأ؟ فيقل له: ابدأ بالأقرب فالأقرب لك. قال: بل أبدأ بالأقرب فالأقرب برسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه الشافعي (1) .
قوله: «شيء واحد» بالشين المعجمة المفتوحة. قوله: «المحرورين» جمع محرور وهو الذي صار حرًا بعد أن كان عبدًا. قوله: «ما ينضجون» بضم أوله ثم نون ثم ضاد معجمة ثم جيم أي لم يبلغوا إلى سن من يقدر على الذبخ. قوله: «الضبع» بضم الباء وسكونها معروف. قوله: «خفاف» بضم الخاء المعجمة وفائين خفيفتين بينهما ألف. قوله: «ثكلتك أمك» الثكل بالضم الموت والهلاك. قوله: «نستفي» قال في "النهاية": أي نأخذها لأنفسنا ونقسمها.
* * *
_________
(1) الشافعي (1/326) ، وأبو عبيد في الأموال (549، 550) .(4/1874)
أبواب السبق والرمي
[33/70] باب ما يجوز المسابقة عليه بعوض
5441 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر» رواه الخمسة ولم يذكر فيه ابن ماجة «أو نصل» وأخرجه الشافعي والحاكم (1) من طرق، وصححه ابن القطان وابن حبان وابن دقيق العيد، وحسنه الترمذي، وأعله الدارقطني بالوقف.
5442 - وعن ابن عمر قال: «سابق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الخيل فأرسلت التي ضمرت منها وأمدها الحفيا إلى ثنية الوداع، فالتي لم تضمر أمدها إلى ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق» رواه الجماعة (2) .
5443 - وفي "الصحيحين" (3) عن موسى بن عقبة «أن بين الحفيا إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة، ومن ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق ميل» .
_________
(1) أبو داود (3/29) (2574) ، الترمذي (4/205) (1700) ، النسائي (6/226) ، ابن ماجه (2/960) (2878) ، أحمد (2/474) ، الشافعي (1/349، 350) ، ابن حبان (10/544) (4690) .
(2) البخاري (1/162) (410) ، وأطرافه (3/1052، 1053، 6/2672) (2713، 2714، 6905) ، مسلم (3/1491) (1870) ، أبو داود (3/29) (2575) ، النسائي (6/226) ، الترمذي (4/205) (1699) ، ابن ماجه (2/960) (2877) ، أحمد (2/5، 11، 55-56،) ، والإمام مالك (2/467) .
(3) البخاري (3/1053) (2715) ، واللفظ له، ومسلم (3/1492) ، وقد ذكره البخاري عن سفيان (3/1052) (2713) .(4/1875)
5444 - وعن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبق الخيل وراهن» وفي لفظ «سبق بين الخيل وأعطى السابق» رواهما أحمد وابن أبي عاصم (1) وقوى إسناده الحافظ، وقال في "مجمع الزوائد": رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما ثقات.
5445 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «سبق بين الخيل وفضل القرح في الغابة» رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان (2) .
5446 - وعن أنس وقيل له: «أكنتم تراهنون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يراهن؟ قال: نعم والله، لقد راهن على فرس يقال له سبحه، فسبق الناس؛ فبهش لذلك وأعجبه» رواه أحمد والدارمي والدارقطني والبيهقي (3) ، وقال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات.
5447 - وعنه قال: «كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقة تسمى العضباء، وكانت لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين وقالوا: سبقت العضباء. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حقًا على الله ألا يرفع شيئًا إلا وضعه» رواه أحمد والبخاري (4) .
_________
(1) الرواية الأولى أحمد (2/67) ، والرواية الثانية أحمد (2/91) .
(2) أحمد (2/157) ، أبو داود (3/29) (2577) ، ابن حبان (10/543) (4688) ، الدارقطني (4/299) ، والطبراني في "الكبير" (12/367) .
(3) أحمد (3/160، 256) ، الدارمي (2/279-280) (2430) ، الدارقطني (4/301) ، البيهقي (10/21) .
(4) أحمد (3/103، 253) ، البخاري (3/1053، 5/2384) (2717، 6136) ، وهو عند أبي داود (4/253) (4802) ، والنسائي (6/227، 228) ، وابن حبان (2/477) (703) ، وأبي يعلى (6/386) (3731) .(4/1876)
قوله: «لا سبق» هو بالسين المهملة والباء الموحدة مفتوحتين، وهو الجعل الذي يكون للسابق على سبقه. قوله: «في خف» بالخاء المعجمة كناية عن الإبل، والحافر: بالحاء المهملة كناية عن الخيل والنصل عن السهم أي ذي خف أو ذي حافر أو ذي نصل والنصل حديدة السهم. قوله: «ضمرت» بالضاد المعجمة وتشديد الميم وهي التي تعلف حتى تسمن وتقوى ثم يقلل علفها بقدر القوت وتدخل بيتًا وتغشى بالحلال حتى تحمى فتعرق فإذا جف عرقها خف لحمها وقويت على الجري. قوله: «الحفياء» بالحاء المهملة المفتوحة وسكون الفاء بعدها تحيته ثم همزة ممدودة ويجوز القصر. قوله: «ثنية الوداع» هي قرب المدينة، سميت بذلك لأن المودعين لحجاج المدينة يمشون معهم إليها. قوله: «زريق» بتقديم الزاي. قوله: «سبق الخيل» بفتح السين المهملة وتشديد الموحدة بعدها قاف. قوله: «وفضل القرح» بالقاف المضمومة وتشديد الراء بعدها حاء مهملة جمع قارح وهو ما كملت سنه كالبازل من الإبل. قوله: «سبحه» بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها حاء مهملة هو من قولهم: فرس سباح وهو الذي يحسن مد اليدين في الجري. قوله: «فبهش» بالباء الموحدة والشين المعجمة أي سر وفرح. قوله: «العضباء» بفتح العين المهملة وسكون الضاد المعجمة ومد وقد تقدم ضبطها. قوله: «على قعود» بفتح القاف وهو ما استحق الركوب من الإبل.
[33/71] باب ما جاء في المحلل وآداب السبق
5454 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدخل فرسًا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فلا بأس، ومن داخل فرسًا بين فرسين وهو آمن من السبق(4/1877)
فهو قمار» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والبيهقي والحاكم (1) ، وقال: صحيح الإسناد. وصححه ابن حزم وأعله جماعة بالوقف.
5449 - وعن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل وجعل بينهما سبقًا» رواه ابن حبان في "صحيحه" (2) .
5450 - وعن رجل من الأنصار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الخيل ثلاثة: فرس يربطه الرجل في سبيل الله، فثمنه أجر، وركوبه أجر، وعاريته أجر، وعلفه أجر، وفرس يغالق فيه الرجل ويراهن، فثمنه وزر، وعلفه وزر، وركوبه وزر، وفرس للبطنة فعسى أن يكون سدادًا من الفقر إن شاء الله» رواه أحمد (3) وقال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد رجال الصحيح.
5451 - وعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخيل ثلاثة: فرس للرحمن، وفرس للإنسان، وفرس للشيطان. فأما فرس الرحمن فالذي يرتبط في سبيل الله فعلفه وروثه وبوله وذكر ما شاء الله، وأما فرس الشيطان فالذي يقامر أو يراهن عليه، وأما فرس الإنسان فالفرس يرتبطه الإنسان يلتمس بطنها فهي ستر فقر» رواه أحمد (4) ، قال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات.
_________
(1) أحمد (2/505) ، أبو داود (3/30) (2579، 2580) ، ابن ماجه (2/960) (2876) ، البيهقي (10/20) ، الحاكم (2/125) ، وهو عند الدارقطني (4/111) ، ابن أبي شيبة (6/527) ، والطبراني في "الصغير" (1/285) ، و"الأوسط" (4/62) ، وأبي يعلى (10/259) (5864) .
(2) ابن حبان (10/543) (4689) .
(3) أحمد (4/69، 5/381) ، وابن أبي شيبة (6/521) .
(4) أحمد (1/395) .(4/1878)
5452 - وعن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا جلب ولا جنب يوم الرهان» رواه أبو داود (1) هكذا من حديث الحسن عن عمران، وقال ابن القطان: لا يصح. قلت: قد أخرجه أهل السنن إلا ابن ماجة بسند صحيح كما تقدم (2) في الزكاة بدون لفظ الرهان.
5453 - وعن ابن عباس مرفوعًا: «ليس منا من أجلب على الخيل يوم الرهان» رواه أبو يعلى (3) بإسناد صحيح.
5454 - وعن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا علي! قد جعلت إليك هذه السبقة بين الناس، فخرج علي فدعا سراقة بن مالك فقال: يا سراقة! إني قد جعلت إليك ما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في عنقي من هذه السبقة في عنقك، فإذا أتيت الميطان -قال أبو عبد الرحمن: والميطان مرسلها من الغاية- فصف الخيل ثم نادى: هل من مصلح للجام أو حامل لغلام أو طارح لحد. فإذا لم يجبك أحد فكبر ثلاثًا ثم خلها عند الثالثة يسعد الله بسبقه من يشاء من خلقه. وكان علي يقعد عند منتهى الغاية ويخط خطًا ويقيم رجلين متقابلين عند طرف الخط طرفه بين إبهامي أرجلهما وتمر الخيل بين الرجلين، ويقول: إذا خرج أحد الفرس على صاحبه بطرف أذنيه أو أذن أو عذار فاجعلوا السبق له، فإن شككتما فافعلا سبقهما نصفين، فإذا قرنتم ثنتين فاجعلوا الغاية من غاية أصغر الثنتين ولا جلب ولا جنب ولا شعار في الإسلام»
_________
(1) أبو داود (3/30) (2581) .
(2) تقدم برقم (2487)
(3) أبو يعلى (4/303) (2413) ، الطبراني في "الكبير" (11/222) .(4/1879)
رواه الدارقطني (1) من طريق حميد عن الحسن عنه.
قوله: «يغالق» بالغين المعجمة والقاف من المغالقة وهي المراهنة، ويراهن عطف بيان، وهو محمول على المراهنة المحرمة. قوله: «للبطنة» أي: اتخذها للنتاج، وهي فرس الإنسان التي يرتبطها يلتمس بطنها كما في حديث ابن مسعود الذي يليه، وفي "النهاية" رجل ارتبط فرسًا ليستبطنها أي: يطلب ما في بطنها من النتاج. قوله: «لا جلب» بالجيم والباء الموحدة بينهما لام هو أن يأتي الرجل برجل آخر يصيح على فرسه حتى يسبق، والجنب بالجيم والنون والباء الموحدة أن يجنب فرسًا إلى فرسه حتى إذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب والرهان المسابقة على الخيل، قوله: «السبقة» بضم السين المهملة وسكون الموحدة بعدها قاف هو الشيء الذي يجعله المتسابقان بينهما يأخذه السابق منهما. قوله: «الميطان» بكسر الميم هو الغاية. قوله: «فإذا قرنتم ثنيتن» أي: إذا جعل الرهان بين فرسين من جانب وفرسين من الجانب الآخر فلا يحكم لأحد المتراهنين بالسبق بمجرد سبق أكبر الفرسين إذا كانت إحداهما صغرى والأخرى كبرى بل الاعتبار بالصغرى.
[33/72] باب ما جاء من الحث على الرمي
5455 - عن سلمة بن الأكوع قال: «مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفر من أسلم ينتضلون فقال: ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا، ارموا وأنا مع بني فلان، قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لكم لا ترمون؟ قالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟ فقالوا: ارموا وأنا معكم كلكم» رواه أحمد
_________
(1) الدارقطني (4/305) ، البيهقي (10/22) من طريق عوف عن الحسن أو خلاس عن علي به.(4/1880)
والبخاري (1) .
5456 - وعن عقبة بن عامر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: « ((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)) [الأنفال:60] ألا أن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» .
5457 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من علم الرمي ثم تركه فليس منا» رواهما أحمد ومسلم (2) .
5458 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة: صانعه الذي يحتسب في صنعته الخير، والذي يجهز به في سبيل الله، والذي يرمي به في سبيل الله» وقال: «ارموا واركبوا، فإن ترموا خير لكم من أن تركبوا» وقال: «كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا ثلاثًا: رمية عن قوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله فإنهن من الحق» رواه الخمسة بإسناد فيه خالد بن زيد أو ابن يزيد الجهني، وقد أخرجه الترمذي وابن ماجة من غير طريقه وأخرجه الحاكم، وقال صحيح الإسناد (3) .
_________
(1) أحمد (4/50) ، البخاري (3/1062، 1234، 1292) (2743، 3193، 3316) ، وهو عند ابن حبان (10/547، 548) (4693، 4694) ، والبيهقي (10/17) .
(2) الحديث الأول عند أحمد (4/156-157) ، ومسلم (3/1522) (1917) ، وابن حبان (11/7) (4709) ، وأبي داود (3/13) (2514) ، والترمذي (5/270) (3083) ، وأبي يعلى (3/283) (1743) ، وابن ماجه (2/940) (2813) ، والحديث الثاني عند أحمد (4/144، 146) ، ومسلم (3/1522) (1919) .
(3) أبو داود (3/13) (2513) ، النسائي (6/222) ، الترمذي (4/174) (1637) ، ابن ماجه (2/940) (2811) ، أحمد (4/144، 146، 148) ، ابن الجارود (1/266) (1062) = = الحاكم (2/104) .(4/1881)
5459 - وعن علي قال: «كانت بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوس عربية فرأى رجلًا بيده قوس فارسية فقال: ما هذه ألقها وعليك بهذه وأشباهها ورماح القنى فإنهما يؤيد الله بهما في الدين ويمكن لكم في البلاد» رواه ابن ماجة (1) ، وفي إسناده أشعث بن سعيد السمان وهو متروك.
5460 - وعن عمرو بن عبسة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رمى بسهم في سبيل الله فهو عدل محرر» رواه الخمسة وصححه الترمذي والحاكم (2) ولفظ أبي داود «من بلغ العدو بسهم في سبيل الله فله درجة» وفي لفظ النسائي (3) «من رمى بسهم في سبيل الله بلغ العدو أم لم يبلغ كان له كعتق رقبة» .
5461 - وعنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من شاب شيبةً في الإسلام كانت له نورًا يوم القيامة، ومن رمى بسهم في سبيل الله فبلغ العدو أو لم يبلغ كان له كعتق رقبة، ومن أعتق رقبة مؤمنة كانت فداؤه من النار عضواَ بعضو» رواه النسائي (4) بإسناد صحيح.
5462 - وعن كعب بن مرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من بلغ العدو بسهم رفع الله له درجة، فقال له عبد الرحمن بن النحام: وما الدرجة يا رسول الله؟
_________
(1) ابن ماجه (2/939) (2810) .
(2) أبو داود (4/29) (3965) ، النسائي (6/26) (3143) ، الترمذي (4/174) (1638) ، ابن ماجه (2/940) (2812) ، أحمد (4/384) ، الحاكم (2/104) .
(3) انظر التخريج الآتي.
(4) النسائي (6/26) (3142) .(4/1882)
قال: أما إنها ليست بعتبة أمك، ما بين الدرجة والدرجة مائة عام» رواه النسائي وابن حبان في "صحيحه" (1) .
قوله: «ينتضلون» بالضاد المعجمة أي يترامون. قوله: «كلكم» بكسر اللام تأكيد للضمير.
[33/73] باب ما جاء في المسابقة على الأقدام والمصارعة
واللعب بالحراب وغير ذلك
5463 - عن عائشة قالت: «سابقني النبي - صلى الله عليه وسلم - فسبقته، فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني، فقال: هذه بتلك» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والشافعي وابن ماجة والبيهقي وصححه ابن حبان (2) .
5464 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «بينا نحن نسير وكان رجل من الأنصار لا يسبق شدًا فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟ هل من مسابق؟ فقلت: أما تكرم كريمًا ولا تهاب شريفًا؟ قال: لا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي ذرني فلأسابق الرجل. قال: إن شئت. قال: فسبقته إلى المدينة» مختصرًا من أحمد ومسلم (3) .
_________
(1) النسائي (6/27) ، ابن حبان (10/477) (4616) ، أحمد (4/235) .
(2) أحمد (6/39) ، أبو داود (3/29) (2578) ، النسائي في "الكبرى" (5/303-304) ، ابن ماجه (1/636) (1979) ، البيهقي (10/17، 18) ، ابن حبان (10/545) (4691) ، ابن أبي شيبة (6/531) ، والحميدي (1/128) (261) ، الطبراني في "الكبير" (23/47) .
(3) جزء من حديث طويل تقدم مفرقًا، انظر رقم (5275) .(4/1883)
5465 - وعن محمد بن علي بن ركانة «أن ركانة صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والترمذي (1) ، وقال: غريب وليس إسناده بالقائم، ورواه أبو داود في المراسيل (2) من رواية سعيد بن جبير، قال البيهقي: وهو مرسل جيد، وفيه أنه جعل للغالب شاة من الغنم، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرعه وأخذ الشاة وأنه أسلم، ورد النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أخذ منه، وقال الحافظ: إسناده إلى سعيد بن جبير صحيح إلا أن سعيدًا لم يدرك ركانة، وقد روي موصولًا بإسناد ضعيف.
5466 - وعن أبي هريرة قال: «بينا الحبشة يلعبون عند النبي بحرابهم، دخل عمر فأهوى إلى الحصبى فحصبهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعهم يا عمر» متفق عليه (3) ، وللبخاري (4) في رواية «في المسجد» .
5467 - وعن أنس «لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة لعبت الحبشة لقدومه بحرابهم فرحًا بذلك» متفق عليه (5) .
5468 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يتبع حمامة فقال:
_________
(1) أبو داود (4/55) (4078) ، الترمذي (4/247) (1784) ، والحاكم (3/511) ، والطبراني في "الكبير" (5/71) .
(2) أبو داود في "المراسيل" (308) ، ومن طريقه البيهقي (10/18) .
(3) البخاري (3/1063) (2745) ، مسلم (2/610) (893) ، أحمد (2/308) ، وهو عند ابن حبان (13/176) (5867) ، والبيهقي (10/17) .
(4) البخاري (3/1063) (2745) .
(5) أحمد (3/161) ، أبو داود (4/281) (4923) ، أبو يعلى (6/177) (3459) ، وعبد بن حميد (1/371) (1239) .(4/1884)
شيطان يتبع شيطانة» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (1) ، وقال: «يتبع شيطانًا» وفي إسناده محمد بن عمرو بن علقمة الليثي استشهد به مسلم ووثقه ابن معين والذهلي والنسائي، وقال ابن عدي: لا بأس به. وقال ابن معين: ما زال الناس يتقون حديثه.
قوله: «أرهقني اللحم» أي: كثر لحمي.
[33/74] باب ما جاء من تحريم القمار واللعب بالنرد وما في معنى ذلك
5469 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله. ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك. فليتصدق» متفق عليه (2) .
5470 - وعن بريدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (3) .
5471 - وعن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة ومالك في "الموطأ"، ورجال إسناده
_________
(1) أحمد (2/345) ، أبو داود (4/285) (4940) ، ابن ماجه (2/1238) (3765) ، وهو عند ابن حبان (13/183) (5874) ، والبيهقي (10/19، 213) .
(2) البخاري (4/1841، 5/2264، 2321، 6/2450) (4579، 5756، 5942، 6274) ، مسلم (3/1267) (1647) ، أحمد (2/309) ، وهو عند أبي داود (3/222) (3247) ، والترمذي (4/116) (1545) ، والنسائي (7/7) ، وابن ماجه (1/678) (2096) مختصرًا، وابن حبان (13/11-12) (5705) ، وابن خزيمة (1/28) (45) .
(3) أحمد (5/352، 357، 361) ، مسلم (4/1770) (2260) ، أبو داود (4/285) (4939) ، وهو عند ابن ماجه (2/1238) (3763) ، وابن حبان (13/182) (5873) .(4/1885)
ثقات، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين (1) .
5472 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لعب بالكعاب فقد عصى الله ورسوله» رواه أحمد (2) ، قال في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني، وفي إسناده علي بن زيد، وهو متروك.
5473 - وعن عبد الرحمن الحطمي قال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مثل الذي يلعب بالنرد ثم يقوم فيصلي مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي» رواه أحمد (3) قال في "مجمع الزوائد": في إسناده موسى بن عبد الرحمن الحطمي، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
قوله: «القمار» هو الميسر وكل ما فيه غرم أو غنم من اللعب فهو ميسر. قوله: «النردشير» عجمي معرب معناه: حلو، وهو خشبة قصيرة ذات فصوص يلعب بها. قوله: «الكعاب» هي فصوص النرد، وأما الشطرنج فلم يصح حديث في النهي عنه.
[33/75] باب النهي عن صبر البهائم وإحصابها
والتحريش بينها ووسمها في الوجه
5474 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا»
_________
(1) أحمد (4/394، 397، 400) ، أبو داود (4/285) (4938) ، ابن ماجه (2/1237) (3762) ، مالك في "الموطأ" (2/958) (1718) ، الحاكم (1/114) ، وهو عند ابن حبان (13/181) (5872) ، والبخاري في الأدب المفرد (1269) ، والبيهقي (10/215) ، وأبي يعلى (13/274-275) (7290) .
(2) أحمد (4/392) ، والحاكم (1/115) ، وعبد بن حميد (1/193) (548) .
(3) أحمد (5/370) ، والبيهقي (10/215) ، والطبراني في "الكبير" (22/292) .(4/1886)
متفق عليه (1) .
5475 - وعن أنس أنه دخل دار الحكم بن أيوب فإذا قوم قد نصبوا دجاجة يرمونها، فقال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تصبر البهائم» متفق عليه (2) .
5476 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا» رواه الجماعة إلا البخاري (3) .
5477 - وعن أبي صالح الحنفي عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أراه ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من مثل بذي روح ثم لم يتب مثل الله به يوم القيامة» رواه أحمد (4) ورواته ثقات مشهورون.
5478 - وعن ابن عمر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إخصاء الخيل والبهائم، ثم قال ابن عمر: فيها نماء الخلق» رواه أحمد (5) وفي إسناده عبد الله بن نافع وهو ضعيف.
_________
(1) البخاري (5/2100) (5196) ، مسلم (3/1550) (1958) ، أحمد (2/86، 141) ، النسائي (7/238) ، وأبي يعلى (10/21) (5652) .
(2) البخاري (5/2100) (5194) ، مسلم (3/1549) (1956) ، أحمد (3/117، 171، 191) ، وهو عند أبي داود (3/100) (2816) ، والنسائي (7/238) ، وابن الجارود (1/226) (898) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/183) ، والبيهقي (9/334) ،
(3) مسلم (3/1549) (1957) ، الترمذي (4/72) (1475) ، النسائي (7/238، 239) ، ابن ماجه (2/1063) (3187) ، أحمد (1/280، 285) ، وهو عند ابن حبان (12/422) (5608) .
(4) أحمد (2/92، 115) ، ابن الجعد (1/330) .
(5) أحمد (2/24) ، ابن أبي شيبة (6/423) .(4/1887)
5479 - وقد أخرج البزار (1) بإسناد صحيح من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن صبر ذوي الروح وعن إخصاء البهائم نهيًا شديدًا» .
5480 - وعن ابن عباس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن التحريش بين البهائم» رواه أبو داود والترمذي (2) ، وفي إسناده أبو يحيى القتات وهو ضعيف.
5481 - وعن جابر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ضرب الوجه وعن وسم الوجه» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (3) ، وفي لفظ «مر عليه بحمار قد وسم في وجهه فقال: لعن الله الذي وسمه» رواه أحمد ومسلم (4) ، وفي لفظ «مر عليه بحمار قد وسم في وجهه فقال: أما بلغكم أني لعنت من وسم البهيمة أو ضربها في وجهها؟ ونهى عن ذلك» رواه أبو داود (5) .
5482 - وعن ابن عباس قال: «رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا موسوم الوجه فأنكر ذلك، قال: فوالله لا أسمه إلا في أقصى شيء من الوجه، وأمر بحماره فكوي في جاعرتيه، فهو أول من كوى الجاعرتين» رواه مسلم (6) .
_________
(1) ذكره في "المجمع" (5/268) .
(2) أبو داود (3/26) (2562) ، الترمذي (4/210) (1708) ، وهو عند أبي يعلى (4/389) (2509، 2510) ، والبيهقي (10/22) ، والطبراني في "الكبير" (11/85) .
(3) أحمد (3/318، 378) ، مسلم (3/1673) (2116) ، الترمذي (4/210) (1710) ، وابن خزيمة (4/146) (2551) ، وأبي يعلى (4/166) (2235) .
(4) أحمد (3/323) ، مسلم (3/1673) (2117) واللفظ له، ابن حبان (12/444) (5628) .
(5) أبو داود (3/26) (2564) .
(6) مسلم (3/1673) (2118) ، ابن حبان (12/441، 442) (5624، 5625) .(4/1888)
قوله: «غرضًا» الغرض بفتح الغين المعجمة والراء هو المنصوب للرمي. قوله: «أن تصبر البهائم» بضم أوله أي تحبس لترمى حتى تموت. قوله: «من مثل بذي روح» المثلة بالحيوان أن ينصب فيرمى أو تقطع أطرافه وهو حي. قوله: «إخصاء الخيل» الإخصاء: سل الخصية، والتحريش: هو الإغراء بين القوم أو الدواب. قوله: «وسم الوجه» بفتح الواو وسكون المهملة وهو الكي في الوجه. قوله: «في جاعرتيه» بالجيم، والعين المهملة بعدها راء مهملة، والجاعرتان حرفا الورك المشرفان مما يلي الدبر، والقائل: فوالله لا أسمه هو العباس كما صرح به البخاري في "تاريخه" وأبو داود في "سننه" (1) .
[33/76] باب ما يستحب ويكره من الخيل واختيار تكثير نسلها
5483 - عن أبي قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير الخيل الأدهم الأقرح الأرشم، ثم المحجل طلق اليمين، فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما (2) .
5484 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يمن الخيل في شقرها» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (3) ، وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
5485 - وعن أبي وهب الجشمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عليك بكل
_________
(1) البخاري في "التاريخ" (2/187) ، وأبو يعلى (5/120، 12/59) (2735، 6701) .
(2) أحمد (5/300) ، ابن ماجه (2/933) (2789) ، الترمذي (4/203) (1696) ، الحاكم (2/101) ، الطيالسي (1/84) (604) .
(3) أحمد (1/272) ، أبو داود (3/22) (2545) ، الترمذي (4/203) (1695) .(4/1889)
كميت أغر محجل أو أشقر أغر محجل أو أدهم أغر محجل» رواه أحمد والنسائي وأبو داود (1) وفي إسناده عقيل بن شبيب وقيل ابن سعيد قيل هو مجهول.
5486 - وعن أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره الشكال من الخيل أن يكون في رجله اليمنى بياض وفي يده اليسرى» رواه مسلم وأبو داود والترمذي (2) ، وقال: حسن صحيح.
5487 - وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدًا مأمورًا ما اختصنا بشيء دون الناس إلا بثلاث: أمرنا أن نسبغ الوضوء، وألا نأكل الصدقة، وألا ننزي حمارًا على فرس» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه (3) .
5488 - وعن علي قال: «أهديت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة فقلنا: يا رسول الله! لو أنزينا الحمر على خيلنا فجاءتنا مثل هذه؟ فقال: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون» رواه أحمد وأبو داود (4) ورجاله ثقات.
_________
(1) أحمد (4/345) ، النسائي (6/218) ، أبو داود (3/22) (2543، 2553) ، أبو يعلى (13/115) (7171) ، الطبراني في "الكبير" (22/380) .
(2) مسلم (3/1494، 1495) (1875) ، أبو داود (3/23) (2547) ، الترمذي (4/204) (1698) ، وهو عند ابن ماجه (2/933) (2790) ، والنسائي (6/219) ، وابن حبان (10/532) (4677) ، وابن أبي شيبة (6/422) ، وأحمد (2/250، 436، 457، 460، 476) .
(3) أحمد (1/225، 249) ، النسائي (1/89) (141) ، الترمذي (4/205) (1701) ، وأبو داود (1/214) (808) ، وابن خزيمة (1/89) (175) .
(4) أحمد (1/100، 158) ، أبو داود (3/27) (2565) ، وهو عند النسائي (6/224) ، وابن حبان (10/536) (4682) .(4/1890)
5489 - وعن علي قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا علي! أسبغ الوضوء وإن شق عليك، ولا تأكل الصدقة، ولا تنز الحمر على الخيل، ولا تجالس أصحاب النجوم» رواه عبد الله بن أحمد في المسند (1) وفي إسناده القاسم بن عبد الرحمن وهو ضعيف.
قوله: «الأدهم» هو شديد السواد. قوله: «الأقرح» هو الذي في جبهته فرحة وهو بياض يسير في وسطها. قوله: «الأرشم» هو الذي في شفته العليا بياض. قوله: «طلق اليمين» بضم الطاء واللام أي غير محجلها. قوله: «فكميت» هو الذي لونه أحمر يخالطه سواد يقال للذكر والأنثى. قوله: «على هذه الشية» بكسر الشين المعجمة وتخفيف المثناة التحتية أي: على هذه الصفة. قوله: «شقرها» الأشقر من الخيل: الأحمر. والأغر: ما كان له غرة في جبهته بيضاء فوق الدرهم.
[33/77] باب ما جاء في آلة اللهو
5490 - عن عبد الرحمن بن غنم قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» أخرجه البخاري (2) ، وفي لفظ: «ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، تعزف على رءوسهم المعازف والمغنيات يخسف الله بهم في الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير» رواه ابن ماجة (3) ، وقال: عن أبي
_________
(1) عبد الله بن أحمد (1/78) ، وهو عند أبي يعلى (1/376) (484) .
(2) علقه البخاري (5/2123) (5268) ، ووصله أبو داود (4/46) (4039) ، وابن حبان (15/154) (6754) ، والبيهقي (3/272) ، والطبراني في "الكبير" (3/282) (3417) .
(3) ابن ماجه (2/1333) (4020) ، وأخرجه مختصرًا أبو داود (3/329) (3688) ، وأحمد (5/342) .(4/1891)
مالك الأشعري ولم يشك، وأخرجه أبو داود وصححه ابن حبان وله شواهد، قال الهيثمي: أسانيده لا مطعن فيها، وصححه جماعة آخرون.
5491 - وعن نافع «أن ابن عمر سمع صوت زمارة فوضع إصبعيه على أذنيه وعدل راحلته عن الطريق وهو يقول: يا نافع! أتسمع؟ فأقول: نعم، فيمضي حتى قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلى الطريق. وقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع زمارة راع فصنع مثل هذا» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (1) وقال أبو داود: حديث منكر.
5492 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله حرم الميسر والغبيراء، وكل مسكر حرام» رواه أحمد وأبو داود (2) وفي إسناده الوليد بن عبدة (3) مجهول، وقال المنذري: الحديث معلول.
5493 - ولكنه يشهد له ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن حبان والبيهقي (4) من حديث ابن عباس بنحوه، وسيأتي وفي لفظ لأحمد (5) «إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والمزر والكوبة والقين» .
_________
(1) أحمد (2/8، 38) ، أبو داود (4/281، 282) (4924-4926) ، وابن حبان (2/468) (693) .
(2) أحمد (2/158، 171) ، أبو داود (3/328) (3685) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/217) من حديث عبد الله بن عمرو.
(3) في الأصل: عبيدة.
(4) انظر الحديث الآتي.
(5) أحمد (2/165، 167) .(4/1892)
5494 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة وكل مسكر حرام» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والبيهقي (1) ، وقال في "مختصر البدر": على شرط الصحيح لا أعلم له علة.
5495 - وعن عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف. فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله.. ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهر القيان، والمعازف، وشربت الخمور» رواه الترمذي (2) وقال: هذا حديث غريب. وقال المنذري: رواه الترمذي من رواية عبد الله بن عبد القدوس، وقد وثق وقال: حديث غريب.. انتهى.
5496 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اتخذ الفيء دولًا، والأمانة مغنمًا، والزكاة مغرمًا، وتعلم لغير الدين، وأطاع الرجل امرأته، وعق أمه، وأدنى صديقه، وأقصى أباه، وظهرت الأصوات في المساجد، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وظهرت القيان والمعازف، وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء، وزلزلة وخسفًا ومسخًا وقذفًا، وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع بعضه بعضًا» رواه الترمذي (3) ، وقال: هذا حديث غريب.
_________
(1) أحمد (1/274، 289، 350) ، أبو داود (3/331) (3696) ، ابن حبان (12/187) (5365) ، البيهقي (10/221) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/216) ، وأبي يعلى (5/114) (2729) .
(2) الترمذي (4/495) (2212) .
(3) الترمذي (4/495) (2211) .(4/1893)
5497 - وأخرج (1) نحوه من حديث علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء. قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: إذا كان المغنم دولًا، والأمانة مغنمًا، والزكاة مغرمًا، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه، وبر صديقه، وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور، ولبس الحرير، واتخذت القينات والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء وخسفًا أو مسخًا» وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
5498 - وعن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تبيت طائفة من أمتي على أكل وشرب ولهو يصبحون قردة وخنازير، وتبعث على أحياء من أحيائهم ريح فتنسفهم كما نسف من كان قبلكم باستحلالهم الخمر، وضربهم بالدفوف، واتخاذهم القينات» رواه أحمد (2) وفي إسناده فرقد السبخي، قال أحمد: ليس بالقوي، وقال ابن معين: هو ثقة. وقال الترمذي: تكلم فيه يحيى بن سعيد وقد روى عنه الناس.
5499 - وعن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله بعثني رحمة وهدى للعالمين، وأمرني أن أمحو المزامير والكبارات يعني البراط والمعازف والأوثان التي كانت تعبد في الجاهلية» رواه أحمد (3) بإسناد فيه علي بن أبي زياد، وقال
_________
(1) الترمذي (4/494) (2210) .
(2) أحمد (5/259) ، الحاكم (4/560) .
(3) أحمد (5/257، 268) .(4/1894)
البخاري: ضعيف.
5500 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام في مثل هذا أنزلت هذه الآية ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)) [لقمان:6] إلى آخر الآية» رواه الترمذي (1) ، وقال: غريب، إنما يعرف من هذا الوجه. وقد تكلم بعض أهل العلم في علي بن يزيد وضعفه.. انتهى. وفي إسناده -أيضًا- عبد الله بن زحر لا يحتج به.
5501 - وقد أخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من حديث ابن مسعود «أنه قال في قوله تعالى ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ)) [لقمان:6] قال: هو والله الغناء» وأخرجه الحاكم والبيهقي وصححاه (2) .
قوله: «يستحلون الحر» قال في "الفتح": هو في معظم الروايات من صحيح البخاري بالحاء المهملة، ولم يذكر عياض ومن تبعه غيره وأغرب ابن التين، فقال: أنه عند البخاري بالمعجمتين، وقال ابن العربي: هو بالمعجمتين تصحيف، وإنما رويناه بالمهملتين وهو الفرج والمعنى يستحلون الزنا، وقال ابن الأثير: المشهور في روايات هذا الحديث بالإعجام وهو ضرب من الابريسم. وقال ابن العربي: الخز بالمعجمتين والتشديد مختلف فيه، والأقوى حله وليس فيه وعيد ولا عقوبة بالإجماع. قوله: «المعازف» بالعين المهملة والزاي بعدها فاء جمع معزفة بفتح الزاي وهي آلات الملاهي كالعود والطنبور والعازف اللاعب بها والمغني.
_________
(1) الترمذي (3/579، 5/345) (1282، 3195) ، وأحمد (5/264) مختصرًا.
(2) ابن أبي شيبة (4/368) ، الحاكم (2/445) ، البيهقي (10/223) .(4/1895)
فائدة: قال المزي وابن دقيق العيد: إن حديث أبي عامر هذا من معلقات البخاري ومثلا به. وقال ابن الصلاح وزين الدين والنووي: أن حكمه حكم المتصل، قلت: وهذا هو الصحيح فإن البخاري قال في "صحيحه": قال هشام ابن عمار: حدثنا صدقة وساقه بإسناد المتصل وهشام بن عمار من مشايخ البخاري، وما ذهب إليه ابن دقيق العيد والمزي هو مذهب لبعض المغاربة، عدوا ما قال البخاري فيه: قال فلان قسمًا من التعليق، وليس ذلك على الإطلاق، فإن ما قال فيه قال فلان وهو شيخه فليس من المعلق.
قوله: «زمارة» كجبانة الزمارة ما يزمر به. قوله: «الميسر» هو القمار، وقد تقدم، والمزر بكسر الميم نبيذ الشعير. قوله: «الكوبة» بضم الكاف وسكون الواو ثم باء موحدة قيل هي الطبل كما رواه البيهقي. قوله: «الغبيرا» بضم الغين المعجمة، قال في "التلخيص": واختلف في تفسيرها فقيل: العود وقيل الطنبور، وقيل البريط، وقيل مزر يصنع من الذرة أو من القمح، وبذلك فسره في "النهاية". قوله: «القين» هو لعبة للروم يقامرون بها، وقيل: هو الطنبور بالحبشية كما في "مختصر النهاية". قوله: «الكبارات» جمع كبار، قيل هي الطبل أو العود.
[33/78] باب ما جاء في ضرب الدف لقدوم الغائب
وما جاء في اللهو يوم العيد
5508 - عن بريدة قالت: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض مغازيه فلما انصرف جاءته جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله(4/1896)
صالحًا أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى. قال لها: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا. فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليَّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها ثم قعدت عليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخلت أنت يا عمر ألقت الدف» رواه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان والبيهقي (1) .
5503 - وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند أبي داود (2) .
5504 - وعن عائشة عند الفاكهي (3) في تاريخ مكة (4) بسند صحيح.
5505 - وعن عائشة قالت: «دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار يغنيانني بما تقولت به الأنصار يوم بعاث، وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وذلك في يوم عيد فقال: يا أبا بكر! لكل قوم عيد، وهذا عيدنا» أخرجاه (5) .
_________
(1) أحمد (5/353) ، الترمذي (5/620) (3690) ، وابن حبان (15/315) (6892) مختصر وليس فيه موضع الشاهد، البيهقي (10/77) .
(2) أبو داود (3/237) (3312) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(3) في الأصل: الفاكهاني.
(4) لم نجده في المطبوع.
(5) البخاري (1/323، 324، 3/1064، 1430) (907، 909، 2750، 3716) ، مسلم (2/607، 609) (892) ، وهو عند النسائي (3/195) ، وابن ماجه (1/612) (1898) ، وأحمد (6/33، 84، 99، 127، 134) ، وابن حبان (13/187-188) (5877) .(4/1897)
5506 - وعن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف لها يسترها حتى تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون» متفق عليه، وللبخاري «وكان يوم عيد وكان لعبهم بالدف والحراب» وفي بعض طرق الحديث «أن عمر أنكر عليهم، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: دعهم» وقد تقدم (1) في أبواب المساجد.
5507 - وتقدم (2) قريبًا من حديث أبي هريرة.
قوله: «يوم بعاث» قال في "الدر النثير": بعاث اسم حصن للأوس، وقال النووي: بعاث بضم الموحدة وبالعين المهملة ويجوز صرفه وتركه، وهو الأشهر وهو يوم حرب فيه بين القبيلتين الأنصار الأوس والخزرج في الجاهلية، وكان الظفر فيه للأوس.
* * *
_________
(1) تقدم برقم (970) .
(2) تقدم أول هذا الباب وهو من حديث بريدة، وليس أبي هريرة.(4/1898)
[34] كتاب الأطعمة والصيد والذبائح
[34/1] باب ما جاء أن الأصل في الأعيان الإباحة
حتى يصلح دليل على خلافه
5508 - عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرم على الناس فحرم من أجل مسألته» متفق عليه (1) .
5509 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ذروني ما تركتكم فإنما هلك من قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» متفق عليه (2) .
5510 - وعن سلمان الفارسي قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السمن والجبن والفراء فقال: الحلال ما أحله الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا لكم» رواه ابن ماجة والترمذي والحاكم (3) ، وإسناد ابن
_________
(1) البخاري (6/2658) (6859) ، مسلم (4/1831) (2358) ، أحمد (1/176، 179) ، وهو عند أبي داود (4/201) (4610) ، وأبي يعلى (2/104) (761) ، والحميدي (1/37) (67) ، وابن الجارود (1/223) (882) ، وابن حبان (1/314) (110) ، والشافعي (1/270) .
(2) البخاري (6/2658) (6858) ، مسلم (2/975، 4/1830) (1337) ، أحمد (2/247، 258، 428، 482، 508) ، وهو عند ابن ماجه (1/3) (2) ، ابن حبان (1/200) (21) ، وأبي يعلى (11/195) (6305) ، والشافعي (1/272) .
(3) ابن ماجه (2/1117) (3367) ، الترمذي (4/220) (1726) ، الحاكم (4/129) .(4/1899)
ماجة فيه سيف بن هارون وهو ضعيف متروك.
5511 - وعن علي قال: «لما نزلت ((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)) [آل عمران:97] قالوا: يا رسول الله في كل عام؟ قال: لا، ولو قلت: نعم لوجبت. فأنزل الله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)) [المائدة:101] » رواه أحمد والترمذي، وقال حديث حسن (1) .
قوله: «الفراء» بفتح الفاء مهموزًا حمار الوحش.
[34/2] باب ما جاء أن من حرم على نفسه شيئًا لا يحرم عليه
5512 - عن ابن عباس «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء فأخذتني شهوة فحرمت علي اللحم. فأنزل الله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)) [المائدة:87] ((وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا)) [المائدة:88] » رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب (2) .
[34/3] باب ما جاء من الوعيد لمن أكل حرامًا
5513 - عن كعب بن عجرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا كعب بن عجرة إنه لا يربوا لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به» رواه الترمذي (3) وقال: حسن غريب.
_________
(1) أحمد (1/113) ، الترمذي (3/178، 5/256) (814، 3055) ، وهو عند ابن ماجه (2/963) (2884) ، والحاكم (2/322) .
(2) الترمذي (5/255) (3054) ، الطبراني في "الكبير" (11/350) .
(3) تقدم برقم (3497) .(4/1900)
فسألت البخاري عنه فاستغربه جدًا.
5514 - قلت: وقد أخرجه ابن حبان من رواية جابر مرفوعًا «يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت» وقد تقدم (1) هذا الحديث في كتاب البيع.
5515 - وتقدم (2) -أيضًا- حديث الذي يدعو ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وأنه لا يستجاب له، وتقدم أحاديث في تجنب الحرام والنهي عنه فارجع إليه.
[34/4] باب ما جاء في الخيل والحمر الأهلية
5516 - عن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في الخيل» متفق عليه، وهو للنسائي وأبي داود (3) ، وفي لفظ «أطعمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر» رواه الترمذي وصححه (4) ، وفي لفظ
_________
(1) تقدم برقم (3496) .
(2) تقدم برقم (3493) .
(3) البخاري (4/1544، 5/2101، 2102) (3982، 5201، 5204) ، مسلم (3/1541) (1941) ، أحمد (3/361، 385) ، النسائي (7/201) ، أبو داود (3/351) (3788) ، وهو عند ابن الجارود (1/223) (885) ، وابن حبان (12/78) (5273) ، والدارمي (2/119) (1993) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/204) ، وأبي يعلى (3/475، 4/114) (1998، 2155) .
(4) الترمذي (4/253) (1793) ، وهو بهذا اللفظ عند النسائي (7/201) ، والشافعي (1/380) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/204) ، وابن أبي شيبة (7/288) والحميدي (2/528) (1254) ، وأبي يعلى (3/364) (1832) ، وابن حبان (12/75) = = (5268) ، والدارقطني (4/289) (70) .(4/1901)
«سافرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهانا أن نأكل لحوم الحمر فكنا نأكل لحوم الخيل ونشرب ألبانها» رواه الدارقطني (1) .
5517 - وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: «ذبحنا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا ونحن بالمدينة فأكلناها» متفق عليه (2) ، وفي لفظ للبخاري (3) «نحرنا» ولفظ أحمد (4) «ذبحنا فرسًا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكلناها نحن وأهل بيته» .
5518 - وعن أبي ثعلبة الخشني قال: «حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الحمر الأهلية» متفق عليه (5) .
5519 - وعن البراء بن عازب قال: «نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية نضيجًا ونيًا» متفق عليه (6) .
_________
(1) الدارقطني (4/288) (68) .
(2) البخاري (5/2099) (5192) ، والنسائي (7/231) (4420) .
(3) البخاري (5/2099، 2101) (5191، 5193، 5200) ، وأخرجه بلفظ: «نحرنا» مسلم (3/1541) (1942) ، والنسائي (7/227، 231) (4420، 4406) ، وابن ماجه (2/1064) (3190) ، وأحمد (6/345، 346، 353) ، وابن حبان (12/77) (5271) ، والحميدي (1/153) (322) ، وابن أبي شيبة (5/120) ، وعبد الرزاق (4/526) ، والشافعي (1/380) ، وهذا خلاف ما ذكر المصنف، وكان الصحيحُ أن يقولَ رحمه الله أن لفظ: «نحرنا» متفق عليه، ولفظ: «ذبحنا» رواية للبخاري، وليس العكس، والله أعلم.
(4) الدارقطني (4/290) (77) ، والطبراني في "الكبير" (24/87) .
(5) البخاري (5/2102) (5206) ، مسلم (3/1538) (1936) ، أحمد (4/195) .
(6) البخاري (4/1545) (3986) ، مسلم (3/1539) (1938) ، أحمد (4/297) ، وابن ماجه (2/1065) (3194) ، والنسائي (7/203) .(4/1902)
5520 - وعن ابن عمر قال: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية» متفق عليه (1) .
5521 - وعن ابن أبي أوفى قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر» رواه أحمد والبخاري (2) .
5522 - وعن زاهر الأسلمي وكان ممن شهد الشجرة قال: «إني لأوقد تحت القدور بلحوم الحمر إذا نادى مناد: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهاكم عن لحوم الحمر» .
5523 - وعن عمرو بن دينار قال: «قلت لجابر بن زيد: يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الحمر الأهلية. قال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا بالبصرة، ولكن أبى ذلك البحر ابن عباس وقرأ ((قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا)) [الأنعام:145] » رواهما البخاري (3) (4) .
5524 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع والمجثمة والحمار الإنسي» رواه أحمد والترمذي وصححه (5) .
_________
(1) البخاري (4/1544، 5/2102) (3980، 3981، 5202) ، مسلم (3/1538) (561) ، أحمد (2/102، 144) ، وهو عند ابن الجارود (1/223) (883) ، والنسائي (7/203) ، وأبي يعلى (9/355، 396) (5465، 5526) .
(2) أحمد (4/355) ، والبخاري (5/2102) (5205) .
(3) في الأصل: الطحاوي.
(4) الحديث الأول عند البخاري (4/1530) (3940) ، وعبد الرزاق (4/524) ، والطبراني في "الكبير" (5/274) ، والحديث الثاني عند البخاري (5/2103) (5209) ، وأحمد (4/213) .
(5) أحمد (2/366) ، الترمذي (4/74، 254) (1479، 1795) وأبو يعلى (10/501) (6116) .(4/1903)
5525 - وعن ابن أبي أوفى قال: «أصابنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن اكفئوا القدور لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئًا، فقال ناس: إنما نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنها لم تخمس، وقال آخرون نهى عنها ألبتة»
5526 - وعن أنس قال: «أصبنا من لحوم الحمر يعني يوم خيبر فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر فإنها رجس أو نجس» متفق عليهما (1) .
قوله: «الإنسية» بكسر الهمزة وسكون النون منسوبة إلى الإنس.
[34/5] باب ما جاء في البغال
5527 - عن جابر قال: «حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الحمر الإنسية ولحوم البغال» رواه أحمد والترمذي وحسنه (2) ، ورواه أبو داود (3) بإسناد على شرط مسلم ولفظه «ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البغال والحمير، ولم ينهنا عن الخيل» ورواه -أيضًا- ابن حبان في "صحيحه" (4) كما في
_________
(1) الحديث الأول عند البخاري (3/1150، 4/1544) (2986، 3983) ، ومسلم (3/1538، 1539) (1937) ، وأحمد (4/354) ، وابن ماجه (2/1064) (3192) ، وابن أبي شيبة (5/122) ، والحديث الثاني تقدم برقم (74) .
(2) أحمد (3/323) ، الترمذي (4/73) (1478) .
(3) أبو داود (3/351) (3789) .
(4) ابن حبان (12/77) (5272) ، والدارقطني (4/289) ، وأحمد (3/356) ، والحاكم (4/262) .(4/1904)
"التلخيص"، وقال المنذري بعد أن ذكر حديث جابر وأخرجه مسلم (1) بمعناه.
[34/6] باب ما جاء في الدجاج والحبارى
5528 - عن أبي موسى قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل لحم دجاج» متفق عليه (2) .
5529 - وعن سفينة قال: «أكلت مع رسول الله لحم حبارى» رواه أبو داود والترمذي (3) وقال: غريب لانعرفه إلا من هذا الوجه، وقال البخاري: إسناده مجهول، وقال العقيلي: غير محفوظ.
قوله: «حبارى» هو طائر معروف.
[34/7] باب تحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير
5530 - عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل ذي ناب من السباع فأكله حرام» رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود (4) .
_________
(1) مسلم (3/1541) (1941) .
(2) البخاري (5/2100) (5198) وأخرجه مطولًا (5/2101، 6/2450، 2471، 2746) (5199، 6273، 6342، 7116) ، مسلم (3/1270) (1649) ، أحمد (4/394، 397، 401) ، والترمذي (4/271) (1826، 1827) ، والنسائي (7/206) ، والدارمي (2/140) (2055، 2056) ، وابن حبان (12/60) (5255) .
(3) أبو داود (3/354) (3797) ، الترمذي (4/272) (1828) .
(4) هذا لفظ حديث أبي هريرة وهو عند مسلم (3/1534) (1933) ، والترمذي (4/74) (1479) ، والنسائي (7/200) (4324) ، وابن ماجه (2/1077) (3233) ، وأحمد (2/236) ، وابن حبان (12/83) (5278) ، والشافعي (1/236) ، وأما حديث أبي ثعلبة = = الخشني فلفظه: «نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع» وهو عند البخاري (5/2103، 2179) (5210، 5444) ، ومسلم (3/1533) (1932) ، وأحمد (4/194) ، وابن الجارود (1/224) (889) ، وابن ماجه (2/1077) (3232) ، وأبي داود (3/355) (3802) ، والنسائي (7/200) (4325) ، والترمذي (4/73) (1477) ، والدارمي (2/116) (1980) ، والشافعي (1/236) .(4/1905)
5531 - وعن ابن عباس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (1) .
5532 - وعن عرباض بن سارية «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم يوم خيبر كل ذي مخلب من الطير ولحوم الحمر الأهلية والخلثة والمجثمة» رواه أحمد والترمذي (2) بإسناد لا بأس به، وقال «نهى» بدل لفظ التحريم.
قوله: «ناب من السباع» الناب: السن الذي خلف الرباعية، الجمع: أنياب، قال ابن سيناء: لا يجتمع في حيوان واحد ناب وقرن، وفي النهاية هو ما يفترس به الحيوان ويأكل قسرًا كالأسد والنمر والذئب. قوله: «مخلب» بكسر الميم وفتح اللام، والمخلب للطير بمنزلة الظفر للإنسان وهو الذي يصطاد به الطير. قوله: «الخلثة» بضم الخاء وسكون اللام فريسة الذئب أو السبع يدركه الرجل فيأخذ منه الفريسة فيموت في يده قبل أن يذكيها. قوله: «المجثمة» بضم الميم وفتح الجيم وتشديد المثلثة
_________
(1) مسلم (3/1534) (1934) ، أبو داود (3/355) (3805) ، النسائي (7/206) ، ابن ماجه (2/1077) (3234) ، أحمد (1/289، 302، 327، 332، 373) ، وهو عند ابن حبان (12/84) (5280) ، وابن الجارود (1/224) (892، 893) ، وأبي يعلى (5/87) (2690) .
(2) أحمد (4/127) ، الترمذي (4/71) (1474) ، الطبراني في "الكبير" (18/259) ، و"الأوسط" (3/45) .(4/1906)
كل حيوان ينصب فيرمى.
[34/8] باب ما جاء في الهر والقنفذ
5533 - عن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل الهر وأكل ثمنها» رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي (1) ، وفي إسناده عمرو بن يزيد الصنعاني، قال المنذري وابن حبان: لا يحتج به.
5534 - وعن عيسى بن نميلة الفزاري عن أبيه قال: «كنت عند ابن عمر فسأل عن أكل القنفذ فقرأ هذه الآية: ((قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا)) [الأنعام:145] الآية، فقال: شيخ عنده سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: خبيثة من الخبائث. فقال ابن عمر: إن كان قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كما قال» رواه أحمد وأبو داود (2) وإسناده ضعيف، قاله في "بلوغ المرام"، وقال الخطابي: ليس إسناده بذاك. وقال البيهقي في إسناده: غير قوي. ورواه شيخ مجهول.
قوله: «عيسى بن نميلة» بضم النون وتخفيف الميم مصغراً ذكره ابن حبان في الثقات. قوله: «القنفذ» هو بضم القاف وسكون النون وضم الفاء وبالذال المعجمة هو حيوان يكون بأرض مصر قدر الفأر الكبير، وآخر يكون بأرض الشام في قدر الكلب، وهو مولع بأكل الأفاعي ولا يتألم بها، كذا قال ابن رسلان.
_________
(1) أبو داود (3/278، 356) (3480، 3807) ، ابن ماجه (2/1082) (3250) ، الترمذي (3/578) (1280) ، وهو عند عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (3/297) ، والحاكم (2/40) ، والدارقطني (4/290) ، وعبد الرزاق (4/530) .
(2) أحمد (2/381) ، أبو داود (3/354) (3799) ، البيهقي (9/326) .(4/1907)
[34/9] باب ما جاء في الضب
5535 - عن ابن عباس عن خالد بن الوليد «أنه أخبره أنه دخل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ميمونة وهي خالته وخالة ابن عباس، فوجد عندها ضبًا محنوذًا قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد، فقدمت الضب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهوى بيده إلى الضب، فقالت امرأة من النسوة الحضور: أخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قدمتن له. قلت: هو الضب يا رسول الله فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده. فقال خالد بن الوليد: أحرام الضب يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه. قال خالد: فاجتررته فأكلته، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر فلم ينهاني» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) .
5536 - وعن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الضب فقال: «لا آكله ولا أحرمه» متفق عليه (2) ، وفي رواية عنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان معه ناس فيهم سعد فأتوا بلحم ضب، فنادت امرأة من نسائه: إنه لحم ضب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلوا فإنه حلال، ولكنه ليس من طعامي» رواه أحمد ومسلم (3) .
_________
(1) البخاري (5/2060، 2105) (5076، 5217) ، مسلم (3/1543) (1946) ، أبو داود (3/353) (3794) ، النسائي (7/198) ، ابن ماجه (2/1079) (3241) ، أحمد (4/88، 89) ، والدارمي (2/128) (2017) ، ومالك (2/968) (1738) .
(2) البخاري (5/2104) (5216) ، مسلم (3/1542) (1943) ، أحمد (2/9، 10، 46، 60، 115) ، وهو عند ابن ماجه (2/1080) (3242) ، والنسائي (7/197) ، والترمذي (4/251) (1790) ، والحميدي (2/285) (641) .
(3) أحمد (2/84، 137) ، مسلم (3/1542) (1944) ، وهو عند البخاري (6/2652) (6839) ، وابن حبان (12/71) (5264) .(4/1908)
5537 - وعن جابر «أن عمر بن الخطاب قال في الضب: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحرمه، وأن عمر قال: إن الله لينفع به غير واحد، وإنما طعام عامة الرعاء منه ولو كان عندي طعمته» رواه مسلم وابن ماجة (1) .
5538 - وعن جابر قال: «أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضب فأبى أن يأكل منه، وقال: لا أدري لعله من القرون التي مسخت» .
5539 - وعن أبي سعيد «أن أعرابيًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني في غائط مضبة، وانه عامة طعام أهلي فلم يجبه. فقلنا: عاوده. فعاوده ثلاثًا، ثم ناداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الثالثة فقال: يا أعرابي! إن الله لعن أو غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب يدبون في الأرض ولا أدري لعل هذا منها فلا آكلها ولا أنهى عنها» رواهما أحمد ومسلم (2) .
5540 - وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله لم يجعل لمسيخ نسلًا» فعن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت عنده القردة، قال ابن مسعود وأراه قال: «والخنازير مما مسخ الله، فقال: إن الله لم يجعل لمسيخ نسلًا ولا عقبًا، وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك» وفي رواية «أن رجلًا قال: يا رسول الله القردة والخنازير مما مسخ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله لم يهلك أو يعذب قومًا فيجعل لهم نسلًا» روى ذلك أحمد
_________
(1) مسلم (3/1545) (1950) ، ابن ماجه (2/1079) (3239) ، وهو عند أحمد (1/29) .
(2) الحديث الأول عند أحمد (3/323، 380) ، ومسلم (3/1545) (1949) ، وعبد الرزاق (4/512) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/198) ، والبيهقي (9/324) ، والحديث الثاني عند أحمد (3/62) ، ومسلم (3/1546) (1951) ، وهو بمعناه عند ابن ماجه (2/1079) (3240) ، والبيهقي (9/325) .(4/1909)
ومسلم (1) .
5541 - وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه نهى عن أكل لحم الضب» رواه أبو داود (2) من حديث عبد الرحمن بن شبل وحسن في "الفتح" إسناده ورد على من ضعفه.
5542 - وأخرج أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان والطحاوي (3) وسنده على شرط الشيخين من حديث عبد الرحمن بن حسنة وفيه أنهم طبخوا ضبابًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب فأخشى أن تكون هذه فأكفئوها» .
وقد جمع بين الأحاديث بأن النهي عنها كان قبل علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوحي أن الممسوخ لا نسل له لتجويزه أنها مما مسخ، فلما علم - صلى الله عليه وسلم - أن الممسوخ لا نسل له أباح أكل الضب ولم يأكلها استقذارًا منه.
قوله: «الضب» هو دويبة تشبه الجرذان وهي أكبر منه قليلًا. قوله: «محنوذ» بحاء مهملة ونون مضمومة وآخره ذال معجمة أي مشوي. قوله: «أختها حفيدة» بحاء مهملة مضمومة. قوله: «فاجتررته» بجيم ورائين مهملتين. قوله: «في غائط مضبة» بفتح الميم والضاد المعجمة، وقيل بضم الميم وكسر الضاد لغتان والأولى أشهر، والمراد
_________
(1) مسلم (4/2050) (2663) ، أحمد (1/390، 433) باللفظ الأول، ومسلم (4/2051) (2663) ، وأحمد (1/413، 466) ، وأبي يعلى (9/212-213) (5313) باللفظ الثاني.
(2) أبو داود (3/354) (3796) .
(3) أحمد (4/196) ، ابن حبان (12/73) (5266) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/197) ، أبو يعلى (2/321) (931) ، البيهقي (9/325) .(4/1910)
أنها ذات ضباب كثيرة، والغائط الأرض المطمئنة. قوله: «يدبون» بكسر الدال المهملة.
[34/10] باب ما جاء في الضبع والأرنب
5543 - عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمارة قال: «قلت لجابر: الضبع أصيد هي؟ قال: نعم. قلت: آكلها؟ قال: نعم. قلت: أقاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم» رواه الخمسة وصححه الترمذي والبخاري وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي (1) ، ولفظ أبي داود عن جابر «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضبع فقال: هي صيد. ويجعل فيه كبش إذا اصطاده المحرم» .
5544 - وعن أنس قال: «أنفجنا أرنبًا بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا وأدركتها فأخذتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها وبعث إلى رسول الله بوركها وفخذها فقبله» رواه الجماعة (2) . ولفظ أبي داود: «صدت أرنبًا فشويتها فبعث معي أبو طلحة بعجزها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيته بها» .
5545 - وعن أبي هريرة قال: «جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأرنب قد
_________
(1) أبو داود (3/355) (3801) ، النسائي (5/191، 7/200) ، الترمذي (2/207، 4/252) (851، 1791) ، ابن ماجه (2/1030، 1078) (3085، 3236) ، أحمد (3/297، 318، 322) ، ابن حبان (9/277، 278) (3964، 3965) ، ابن خزيمة (4/182، 183) (2645، 2648) ، وهو عند الدارمي (2/102) (1941، 1942) ، والحاكم (1/622) ، وأبي يعلى (4/96، 116) (2127، 2159) .
(2) البخاري (2/909، 5/2091، 2104) (2433، 5171، 5215) ، مسلم (3/1547) (1953) ، أبو داود (3/352) (3791) ، النسائي (7/197) ، الترمذي (4/251) (1789) ، ابن ماجه (2/1080) (3243) ، أحمد (3/118، 171، 291) ، وهو عند ابن الجارود (1/224) (891) ، والدارمي (2/127) (2013) .(4/1911)
شواها، ومعها صنابها وأدمها فوضعها بين يديه، فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يأكل وأمر أصحابه أن يأكلوا» رواه أحمد والنسائي (1) ورجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على موسى بن طلحة اختلافًا كثيرًا.
5546 - وعن محمد بن صفوان «أنه صاد أرنبتين فذبحهما بمروتين فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمره بأكلهما» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجة والحاكم، وقال: صحيح الإسناد (2) .
5547 - وأخرجه الترمذي وابن حبان والبيهقي (3) من رواية جابر.
5548 - والنسائي وابن حبان (4) من رواية زيد بن ثابت.
قوله: «الضبع» هي الواحد الذكر والأنثى ضبعان، وهي معروفة. قوله: «أنفجنا» بنون ثم فاء مفتوحة وجيم ساكنة أي: أثرنا. قوله: «بمر الظهران» بتشديد الراء المهملة اسم موضع على مرحلة من مكة. قوله: «فلغبوا» بمعجمة وموحدة أي تعبوا وزنًا ومعنى. قوله: «صنابها» بالصاد المهملة بعدها نون، قال في "مختصر النهاية": الصناب الجرول المعمول بالرسب وصباغ يؤتدم به. قوله: «بوركها»
_________
(1) أحمد (2/336) ، النسائي (4/222) .
(2) أحمد (3/471) ، النسائي (7/197، 225) ، أبو داود (3/102) (2822) ، ابن ماجه (2/1080) (3244) ، الحاكم (4/263) ، وهو عند ابن حبان (13/204) (5887) .
(3) الترمذي (4/70) (1472) ، البيهقي (9/321) من حديث جابر.
(4) النسائي (7/225، 227) ، ابن حبان (13/200) (5885) ، ابن ماجه (2/1060) (3176) ، أحمد (5/183) ، الحاكم (4/127) ، من حديث زيد بن ثابت بلفظ: «أن ذئبًا نيب في شاة فذبحوها بالمروة فرخص النبي صلى الله عليه وسلم في أكلها» .(4/1912)
الورك بكسر الراء وهو ما فوق الفخذ.
[66/11] باب ما جاء في الجلّالة
5549 - عن ابن عباس قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شرب لبن الجلالة» رواه الخمسة إلا ابن ماجة وصححه الترمذي (1) ، وفي رواية «نهى عن ركوب الجلالة» وأخرجه ابن حبان والحاكم والبيهقي (2) وصححه ابن دقيق العيد.
5550 - وعن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الجلالة وألبانها» رواه الخمسة إلا النسائي (3) وحسنه الترمذي والدارقطني وزاد «حتى تحبس» والبيهقي (4) بلفظ «تعلف أربعين ليلة» قال الحاكم: صحيح. وقال البيهقي: ليس بقوي.
5551 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية وعن الجلالة عن ركوبها وأكل لحومها» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم والدارقطني (5) ، وقد تقدم الكلام في عمرو بن شعيب
_________
(1) أبو داود (3/351) (3786) ، النسائي (7/240) ، الترمذي (4/270) (1825) ، أحمد (1/226، 241، 293) ، ابن الجارود (1/223) (887) ، ابن حبان (12/220) (5399) ، الحاكم (1/612، 2/40، 112) ، الدارمي (2/122) (2001) .
(2) هذا اللفظ عند أبي داود (3/336) (3719) ، وابن خزيمة (4/146) (2552) .
(3) أبو داود (3/351) (3785) ، الترمذي (4/270) (1824) ، ابن ماجه (2/1064) (3189) .
(4) البيهقي (9/333) ، الحاكم (2/46) ، الدراقطني (4/283) من حديث عبد الله بن عمرو.
(5) أحمد (2/219) ، النسائي (7/239) ، أبو داود (3/357) (3811) ، الحاكم (2/113) ، البيهقي (9/333) .(4/1913)
عن أبيه عن جده غير مرة.
قوله: «الجلالة» بفتح الجيم وتشديد اللام هي التي تأكل العذرة، والجلة: البعرة.
[34/12] باب ما استفيد تحريمه من الأمر بقتله أو النهي عن قتله
5552 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحدية» رواه مسلم والترمذي وابن ماجة (1) .
5553 - وعن سعد بن أبي وقاص «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقًا» رواه أحمد ومسلم (2) وللبخاري (3) منه الأمر بقتله.
5554 - وعن أم شريك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أمر بقتل الوزغ» متفق عليه (4) ، زاد البخاري (5) «وكان ينفخ على إبراهيم عليه السلام» .
_________
(1) تقدم الحديث برقم (3109) ، وانظر حديث رقم (3105) .
(2) أحمد (1/176) ، مسلم (4/1758) (2238) ، أبو داود (4/366) (5262) ، ابن حبان (12/452) (5635) .
(3) أخرجه البخاري (3/1203) (3130) من طريق عروة عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للوزغ: الفويسق، ولم أسمعه أمر بقتله، وزعم سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله.
(4) البخاري (3/1204) (3131) ، مسلم (4/1757) (2237) ، أحمد (6/421، 462) ، وهو عند النسائي (5/209) ، وابن ماجه (2/1076) (3228) ، والدارمي (2/121) (2000) ، وابن حبان (12/451) (5634) .
(5) البخاري (3/1226) (3180) .(4/1914)
5555 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل وزغة في أول ضربة كتب له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك» رواه أحمد ومسلم (1) .
5556 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل حية فله سبع حسنات، ومن قتل وزغة فله حسنة، ومن ترك حية مخافة عاقبتها فليس منا» رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه" (2) ، وقد أعل بالانقطاع فإن الراوي عن ابن مسعود المسيب بن رافع لم يسمع من ابن مسعود، وذكر الحديث في "مجمع الزوائد"، وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن المسيب بن رافع لم يسمع من ابن مسعود.
5557 - وعن ابن عباس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل أربع من الدواب: النحلة، والنملة، والهدهد، والصرد» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة (3) ، وقال الحافظ وصاحب الإلمام: رجاله رجال الصحيح، وقال البيهقي: هو أقوى مما ورد في هذا الباب. وقال في "بلوغ المرام": صححه ابن حبان.
5558 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل
_________
(1) أحمد (2/355) ، مسلم (4/1758) (2240) ، وأخرجه بنحوه أبو داود (4/366) (5263) ، والترمذي (4/76) (1482) ، وابن ماجه (2/1076) (3229) .
(2) أحمد (1/420) ، ابن حبان (12/446) (5630) .
(3) أحمد (1/332، 347) ، أبو داود (4/367) (5267) ، ابن ماجه (2/1074) (3224) ، وعبد الرزاق (4/451) ، والدارمي (2/121) (1999) ، وعبد بن حميد (1/217) ، وابن حبان (12/462) (5646) .(4/1915)
الضفدع، وقال: نقيقها تسبيح» رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" (1) ، قال في "مجمع الزوائد": وفيه المسيب بن واضح وفيه كلام، وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح.
5559 - وعن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التميمي قال: «ذكر طبيب عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دواءً، وذكر الضفدع تجعل فيه فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الضفدع» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي (2) ، قال: وهو أقوى ما ورد في النهي عن قتلها. وصححه الحاكم، قال في "مختصر البدر": وقد صح عن ابن عمرو موقوفًا عليه «لا تقتلوا الضفادع فإن نقيقها تسبيح، ولا تقتلوا الخفاش فإنه لما خرب بيت المقدس قال: يا رب! سلطني على البحر حتى أغرقهم» قال البيهقي: إسناده صحيح (3) .
5560 - وقد روى البيهقي (4) من حديث أبي هريرة «النهي عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد» وفي إسناده إبراهيم بن الفضل (5) متروك.
5561 - وأخرج أبو داود في "المراسيل" (6) النهي عن قتل الخطاطيف من
_________
(1) الطبراني في الصغير (1/315) (521) ، و"الأوسط" (4/104) (3716) .
(2) أحمد (3/453، 499) ، أبو داود (4/7، 368) (3871، 5269) ، النسائي (7/210) ، الحاكم (2/504، 4/455) ، البيهقي (9/258) ، ابن أبي شيبة (5/62) ، عبد بن حميد (1/129) (313) .
(3) البيهقي (9/318) .
(4) ابن ماجه (2/1074) (3223) .
(5) في الأصل: المفضل.
(6) أبو داود في "المراسيل" (384) .(4/1916)
حديث عباد بن إسحق عن أبيه بإسناد منقطع.
5562 - وعن أبي لبابة قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن قتل الجنان التي يكون في البيوت إلا الأبتر وذو الطفيتين فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتبعان ما في بطون النساء» متفق عليه (1) .
5563 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لبيوتكم عمارًا فحرجوا عليهن ثلاثًا فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه» رواه أحمد ومسلم والترمذي (2) ، وفي لفظ لمسلم (3) «ثلاثة أيام» .
5564 - وقد ورد الأمر بقتل العنكبوت عند أبي داود في "مراسيله" (4) .
5565 - وأخرج ابن عدي والبيهقي (5) النهي عن أكل الرخمة، قال في "مختصر البدر": رواه البيهقي من حديث ابن عباس وضعفه ابن عدي.
قوله: «الأبقع» قال في "غريب جامع الأصول": الأبقع الذي فيه سواد وبياض. قوله: «الوزغ» معروف جمعه أوزاغ، وقيل أن سام أبرص كبار الوزغ. قوله: «الصرد»
_________
(1) البخاري (3/1204) (3134) ، مسلم (4/1753، 1754) (2233) ، أحمد (3/452، 453) ، أبو داود (4/364) (5253) .
(2) أحمد (3/27) ، مسلم (4/1756) (2236) ، الترمذي (4/77) (1484) ، أبو داود (4/365) (5259) .
(3) مسلم (4/1756) (2236) .
(4) أبو داود في المراسيل (ص:342، 344) (500، 504) عن يزيد بن مرثد قال: قال رسول الله ×: «العنكبوت شيطان فاقتلوه» .
(5) ابن عدي (3/55) ، البيهقي (9/317) .(4/1917)
هو طائر فوق العصفور وأجاز مالك أكله. قوله: «الجنان» هو بجيم مكسورة ونون مشددة جمع جان وهي الحية الصغيرة. قوله: «الأبتر» هو قصير الذنب، قال النضر بن شميل: هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها، وهو المراد من قوله «يتبعان ما في بطون النساء» أي: يسقطان. قوله: «ذا الطفيتين» بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء، وهما خطان أبيضان على ظهر الحية. قوله: «يخطفان» أي: يطمسان.(4/1918)
أبواب الصيد
[34/13] باب ما يجوز فيه اقتناء الكلب وقتل الأسود البهيم
5566 - عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من اتخذ كلبًا إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية انتقص من أجره كل يوم قيراط» رواه الجماعة (1) .
5567 - وعن سفيان بن أبي زهير قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من اقتنى كلبًا لا يغني عنه زرعًا ولا ضرعًا نقص من عمله كل يوم قيراط» متفق عليه (2) .
5568 - وعن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب ماشية» رواه مسلم والنسائي وابن ماجة والترمذي وصححه (3) .
5569 - وعن عبد الله بن المغفل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهيم» رواه الخمسة وصححه الترمذي (4) .
_________
(1) البخاري (2/817، 3/1207) (2197، 3146) ، مسلم (3/1203) (1575) ، أبو داود (3/108) (2844) ، النسائي (7/189) ، الترمذي (4/80) (1490) ، ابن ماجه (2/1069) (3204) ، أحمد (2/267) .
(2) البخاري (2/818، 3/1207) (2198، 3147) ، مسلم (3/1204) (1576) ، النسائي (7/187) ، ابن ماجه (2/1069) (3206) .
(3) مسلم (3/1200) (1571) ، النسائي (7/184) ، ابن ماجه (2/1068) (3203) ، الترمذي (4/79) (1488) .
(4) أبو داود (3/108) (2845) ، النسائي (7/185) ، الترمذي (4/78) (1486) ، ابن ماجه (2/1069) (3205) ، أحمد (4/85، 5/54) .(4/1919)
5570 - وعن جابر قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل كل الكلاب حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله، ثم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها، وقال: عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان» رواه أحمد ومسلم (1) .
قوله: «الأسود البهيم» أي الخالص السواد، و «ذو النقطتين» : الكائنتان فوق عينيه.
[34/14] باب ما جاء في صيد الكلاب المعلم والبازي
5571 - عن أبي ثعلبة الخشني قال: «قلت: يا رسول الله إنا بأرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي المعلم وبكلبي الذي ليس بمعلم، فما يصح لي؟ فقال: ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل» .
5572 - وعن عدي بن حاتم قال: «قلت: يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن علي وأذكر اسم الله. قال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل ما أمسك عليك، قلت: وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن، ما لم يشاركها كلب ليس معها. قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيد. قال: إذا رميت بالمعراض فخزق فكله، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله» وفي رواية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله فإن أمسك عليك فما أدركته حيًا فاذبحه، وإن أدركته قد قتل ولم يأكل منه فكله فإن أخذ الكلب ذكاة» متفق عليهن (2) .
_________
(1) أحمد (3/333) ، مسلم (3/1200) (1572) ، أبو داود (3/108) (2846) .
(2) الحديث الأول عند البخاري (5/2087، 2090، 2094) (5161، 5170، 5177) ، = = مسلم (3/1532) (1930) ، وأحمد (4/195) ، وأبي داود (3/110) (2855) ، والنسائي (7/181) ، وابن ماجه (2/1069) (3207) ، والحديث الثاني عند البخاري (5/2090) (5168) ، ومسلم (3/1531) (1929) ، أحمد (4/256) وستأتي عدة روايات له.(4/1920)
5573 - وعن عدي بن حاتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما علمت من كلب أو باز ثم أرسلته وذكرت اسم الله عليه فكل ما أمسك عليك، قلت: وإن قتل؟ قال: وإن قتل ولم يأكل منه شيئًا فإنما أمسك عليك» رواه أحمد وأبو داود والبيهقي (1) ، قال في "مختصر البدر": من رواية مجالد عن الشعبي عنه ومجالد ضعيف. قال البيهقي: ذكر الباز في هذه الرواية لم يأت به الحفاظ عن الشعبي وإنما أتى به مجالد.
قوله: «المعراض» بكسر الميم وسكون العين المهملة وآخره معجمة، قال في "مختصر النهاية": هو سهم بلا ريش ولا نصل. قوله: «فخزق» بفتح الخاء المعجمة والزاي بعدها قاف أي: نفذ. قوله: «بعرضه» بفتح العين المهملة أي: بغير طرفه المحدد.
[34/15] باب ما جاء في الصيد يأكل منه الكلب المعلم
5574 - عن عدي بن حاتم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله فكل ما أمسكن عليك إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه» متفق عليه (2) .
_________
(1) أحمد (4/257) ، أبو داود (3/109) (2851) ، البيهقي (9/238) .
(2) البخاري (5/2089، 2090) (5166، 5169) ، مسلم (3/1529) (1929) ، أحمد (4/258) ، ابن ماجه (2/1070) (3208) ، أبو داود (3/109) (2848) من طريق بيان عن عامر الشعبي عن عدي بن حاتم.(4/1921)
5575 - وعن إبراهيم عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أرسلت الكلب فأكل من صيد فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه، فإذا أرسلته فقتل ولم يأكل فكل فإنما أمسك على صاحبه» رواه أحمد (1) وقد تقدم ما يشهد له.
5576 - وعن أبي ثعلبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صيد الكلب: «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فكل، وإن أكل منه وكل ما ردت عليك يدك» رواه أبو داود (2) وقال الحافظ: ولا بأس بإسناده. وفي لفظ لأبي داود (3) : «إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل. قال: وإن قتل؟ قال: وإن قتل. قال: وإن أكل؟ قال: وإن أكل» وفي إسناد الحديث داود بن عمر الأزدي الدمشقي مختلف فيه، قال ابن كثير: قد طعن في حديث أبي ثعلبة وأجيب بأنه صحيح لا شك فيه، وذكر له شواهد.
5577 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن أبا ثعلبة قال: «يا رسول الله! إن لي كلابًا مكلبة فأفتني في صيدها. قال: إن كانت لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكت عليك. فقال: يا رسول الله! ذكي وغير ذكي؟ قال: ذكي وغير ذكي. قال: وإن أكل منه؟ قال: وإن أكل منه. فقال: يا رسول الله! أفتني في قوسي. قال: كل مما أمسك عليك قوسك. قال: ذكي وغير ذكي؟ قال: ذكي وغير ذكي. قال: فإن تغيب عني؟ قال: وإن تغيب عنك ما لم يصل» يعني: يتغير أو تجد فيه أثر غير سهمك، رواه أحمد وأبو
_________
(1) أحمد (1/231) .
(2) أبو داود (3/109) (2852) .
(3) لم نجده بهذا اللفظ.(4/1922)
داود (1) ، وقال في "الخلاصة": رواه أبو داود والنسائي بمعناه بإسناد صحيح، وقد تقدم الكلام عليه في الذي قبله.
قوله: «وكل ما ردت عليك يدك» أي: كل كل ما صدته بيدك لا بشيء من الجوارح، وحديث أبي ثعلبة لا يقوى على معارضة ما في الصحيح من الأحاديث المتقدمة المؤيدة لقوله تعالى: ((فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)) [المائدة:4] .
[34/16] باب وجوب التسمية عند إرسال الكلب
5578 - عن عدي بن حاتم قال: «قلت يا رسول الله! إني أرسل كلبي وأسمي. قال: إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ وقتل فكل، وإن أكل منه فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه قلت: إني أرسل كلبي أجد معه كلبًا آخر لا أدري أيهما أخذه. قال: فلا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره» وفي رواية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه فإن وجدت مع كلبك كلبًا غيره وقد قتل فلا تأكل فإنك لا تدري أيهما قتله» متفق عليهما (2) .
[34/17] باب الصيد بالقوس وحكم الرمية إذا غابت
أو وقعت في ماء أو انتنت
5579 - عن عدي قال: «قلت يا رسول الله! إنا قوم نرمي فما يحل لنا؟
_________
(1) أحمد (2/184) ، أبو داود (3/110) (2857) ، النسائي (7/191) .
(2) البخاري (1/76، 5/2090) (173، 5168) ، مسلم (3/1529) (1929) ، أحمد (4/256) بالرواية الأولى، والبخاري (5/2086، 2089) (5158، 5167) ، ومسلم (9/1531) (1929) ، وأحمد (4/256) بالرواية الثانية.(4/1923)
قال: يحل لكم ما ذكيتم وما ذكرتم اسم الله عليه وخرقتم فكلوا منه» رواه أحمد (1) ، وهذه أحد ألفاظ حديث عدي المتقدم.
5580 - وعن أبي ثعلبة الخشني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رميت بسهمك فغاب ثلاثة أيام فأدركته فكله ما لم ينتن» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (2) .
5581 - وعن عدي بن حاتم قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصيد. قال: إذا رميت بسهم فاذكر اسم الله فإن وجدته قد قتل فكل، إلا أن تجده قد وقع في ماء فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك» متفق عليه (3) .
5582 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر سهمك فكل، وإن وقع في الماء فلا تأكل» رواه أحمد والبخاري (4) ، وفي رواية «إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله فإن غاب عنك يومًا فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت وإن وجدته غريقًا في الماء فلا تأكل» رواه مسلم والنسائي (5) ، وفي رواية قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنا نرمي الصيد فنقتفي أثره
_________
(1) أحمد (4/257) بلفظ: «يا رسول الله إنا قوم نرمي بالمعراض فما يحل لنا؟ قال: لا تأكل ما أصبت بالمعراض إلا ما ذكيت» ، وأخرجه ابن ماجه (2/1071) (3212) بلفظ يا رسول الله إنا قوم نرمي قال: «إذا رميت وخزقت، فكل ما خزقت» .
(2) أحمد (4/194) ، مسلم (3/1532) (1931) ، أبو داود (3/111) (2861) ، النسائي (7/193) .
(3) مسلم (3/1531) (1929) ، أحمد (4/379) ، النسائي (7/192) ، الترمذي (4/67) (1469) .
(4) أحمد (2/379) ، البخاري (5/2089) (5167) .
(5) مسلم (3/1531) (1929) ، النسائي (7/192) .(4/1924)
اليومين والثلاث ثم نجده ميتًا وفيه سهمه قال: يأكل إن شاء» رواه البخاري (1) . وفي رواية قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: إن أرضنا أرض صيد فيرمي أحدنا الصيد فيغيب عنه ليلة أو ليلتين فنجده وفيه سهمه، قال: إذا وجدت سهمك ولم تجد فيه أثر غيره وعلمت أن سهمك قتله فكله» رواه أحمد والنسائي (2) ، وفي رواية قال: «قلت: يا رسول الله! أرمي الصيد فأجد فيه سهمي من الغد. قال: إذا علمت أن سهمك قتله ولم تر فيه أثر سبع فكل» رواه الترمذي (3) وقال: حسن صحيح.
[34/18] باب ما جاء من النهي عن الرمي بالبندق وما في معناه
والنهي عن قتل العصفور عبثًا
5583 - عن عبد الله بن المغفل «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف، وقال: إنها لا تصيد صيدًا ولا تنكأ عدوًا، ولكنها تكسر السن وتفقأ العين» متفق عليه (4) .
5584 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل عصفورًا بغير حقها سأل الله عنه يوم القيامة. قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال: أن تذبحها وتأكل ولا تقطع رأسها وتطرحها» رواه الشافعي والنسائي والحاكم (5) ،
_________
(1) علقه البخاري (5/2089) تحت حديث (5167) ، ووصله أبو داود (3/109) (2853) .
(2) أحمد (4/377) ، النسائي (7/193) (4300) .
(3) الترمذي (4/67) (1468) .
(4) البخاري (5/2088، 2297) (5162، 5866) ، مسلم (3/1548) (1954) ، أحمد (4/86، 54، 55) ، وهو عند أبي داود (4/368) (5270) ، وابن ماجه (2/1075) (3227) ، وابن حبان (13/278) (5949) .
(5) الشافعي (1/315) ، النسائي (7/206) ، الحاكم (4/261) ، والبيهقي (9/86، 279) ، والطيالسي (1/301) (2279) ، وأحمد (2/166، 210) .(4/1925)
وقال: صحيح الإسناد. وأعله ابن القطان بصهيب مولى ابن عباس، فقال: لا يعرف حاله.
5585 - وعن الشريد قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من قتل عصفورًا عبثًا عج إلى الله يوم القيامة فيقول: يا رب إن فلانًا قتلني عبثًا ولم يقتلني منفعة» رواه النسائي وابن حبان في "صحيحه" (1) .
5586 - وعن إبراهيم عن عدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رميت فسميت فخزق فكل، وإن لم يخزق فلا تأكل من المعراض إلا ما ذكيت، ولا تأكل من البندق إلا ما ذكيت» رواه أحمد (2) وهو مرسل، إبراهيم لم يلق عديًا.
قوله: «نهى عن الخذف» بالخاء المعجمة وآخره فاء، وهو الرمي بحصاة أو نواة بين سبابتيه أو بين الإبهام والسبابة. قوله: «البندقة» قال في الصحاح: المراد بالبندقة هو الذي يتخذ من طين ويبس فيرميها بها، قال ابن عمر: والمقتولة بالبندقة تلك الموقوذة. قوله: «لا تنكأ» بفتح الكاف وبهمزة في آخره، والأشهر بكسر الكاف بغير همز.
[34/19] باب الذبح وما يجب له وما يستحب
5587 - عن عائشة «أن قومًا قالوا: يا رسول الله إن قومًا يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا. فقال: سموا عليه أنتم وكلوا. وكانوا حديثي عهد بالكفر» رواه البخاري والنسائي وابن ماجة (3) .
_________
(1) النسائي في "الكبرى" (3/73) (4535) ، ابن حبان (13/214) (5894) ، أحمد (4/389) ، والطبراني في "الكبير" (7/317) .
(2) أحمد (4/380) .
(3) البخاري (2/726، 5/2097، 6/2692) (1952، 5188، 6963) ، النسائي (7/237) = = ابن ماجه (2/1059) (3174) ، وهو عند أبي داود (3/104) (2829) ، وابن الجارود (1/222) (881) ، والدارقطني (4/296) ، والدارمي (2/114) (1976) ، وأبي يعلى (7/425) (4447) .(4/1926)
5588 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلم يكفيه اسمه فإن نسي أن يسمي حين يذبح فليسم ثم ليأكل» رواه الدارقطني (1) ، وفي إسناده محمد بن يزيد بن سنان صدوق ضعيف الحفظ، وأخرجه عبد الرزاق (2) بإسناد صحيح إلى ابن عباس موقوفًا عليه، وله شاهد عند أبي داود في مراسيله (3) بلفظ «ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله عليه أم لا» ورجاله موثقون.
5589 - وعن علي بن أبي طالب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثًا، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من غير تخوم الأرض» رواه أحمد ومسلم والنسائي (4) .
5590 - وعن ابن كعب بن مالك عن أبيه «أنه كانت لهم غنم ترعى بسلع فأبصرت جارية لنا شاة من غنمنا موتا، فكسرت حجرًا فذبحتها بها، فقال لهم: لا تأكلوا حتى أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أرسل إليه من يسأل عن ذلك، وأنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أرسل إليه فأمره فأكلها» رواه أحمد والبخاري (5) قال: وقال
_________
(1) الدارقطني (4/296) (98) ، البيهقي (9/239) .
(2) عبد الرزاق (4/479) (8538) .
(3) أبو داود في "المراسيل" (ص:278) (378) .
(4) أحمد (1/108، 152) ، مسلم (3/1567) (1978) ، النسائي (7/232) ، وفي "الكبرى" (3/67) ، ابن حبان (14/570) (6604) ، أبو يعلى (1/450) (602) .
(5) أحمد (3/454، 6/386) ، البخاري (2/808، 5/2096) (2181، 5182، 5185) ، وهو عند ابن حبان (13/212) (5893) ، وابن ماجه (2/1062) (3182) .(4/1927)
عبد الله: يعجبني أنها أمة وأنها ذبحت بحجر.
5591 - وعن زيد بن ثابت «إن ذئبًا نيب في شاة فذبحوها بمروة فرخص لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكلها» رواه أحمد والنسائي وابن ماجة (1) ورجاله رجال الصحيح، إلا حاضر بن المهاجر فقيل: مجهول، وقيل: مقبول.
5592 - وقد أخرج بمعناه أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط" (2) عن ابن عمر بإسناد صحيح.
5593 - وعن عدي بن حاتم قال: «قلت يا رسول الله! إنا نصيد الصيد فلا نجد سكينًا إلا الظرار وشقة العصا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمر الدم بما شئت واذكر اسم الله عليه» رواه الخمسة إلا الترمذي، قال ابن حزم: خبر ساقط لأنه عن سماك ابن حرب وهو يقبل التلقين عن مري بن فطري وهو مجهول قلت: قد أخرجه ابن حبان والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم (3) .
5594 - وعن رافع بن خديج قال: «قلت: يا رسول الله إنا نلقى العدو غدًا وليس معنا مُدى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا، ما لم يكن سنًا أو ظفرًا، وسأحدثكم عن ذلك، أما السن فعظم وأما الظفر فمدى
_________
(1) النسائي (7/225، 227) ، ابن حبان (13/200) (5885) ، ابن ماجه (2/1060) (3176) ، أحمد (5/183) ، الحاكم (4/127) .
(2) أحمد (2/76، 80) ، البزار (1223- كشف الأستار) .
(3) أبو داود (3/102) (2824) ، النسائي (7/225) ، ابن ماجه (2/1060) (3177) ، أحمد (4/256) ، الحاكم (4/267) .(4/1928)
الحبشة» رواه الجماعة (1) .
5595 - وعن شداد بن أوس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة (2) .
5596 - وعن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أن تحد الشفار وأن توارى عن البهايم، وقال: إذا ذبح أحدكم فليجهز» رواه أحمد وابن ماجة (3) وفي إسناده ابن لهيعة.
5597 - وعن ابن عباس قال: «مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها قال: أفلا كان قبل هذا؟
_________
(1) البخاري (2/881، 886، 3/1119، 5/2095، 2096، 2097، 2098، 2106، 2107) (2356، 2372، 2910، 5179، 5184، 5187، 5190، 5223، 5224) ، مسلم (3/1558) (1968) ، أبو داود (3/102) ، النسائي في "الكبرى" (3/62، 64) ، الترمذي (4/81) (1491) ، ابن ماجه (2/1061) (3178) ، أحمد (3/463، 4/140) ، وهو عند ابن الجارود (1/225) (895) ، وابن حبان (13/201-202) (5886) ، والشافعي (1/340) ، وعبد الرزاق (4/496) .
(2) أحمد (4/123، 124) ، مسلم (3/1548) (1955) ، أبو داود (3/100) (2815) ، النسائي (7/227، 229، 230) ، ابن ماجه (2/1058) (3170) ، وهو عند الترمذي (4/23) (1409) ، والدارمي (2/112) (1970) ، وابن حبان (13/199، 200) (5883، 5884) .
(3) أحمد (2/108) ، ابن ماجه (2/1059) (3172) .(4/1929)
أو تريد أن تميتها موتتين؟» رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" (1) ، ورجاله رجال الصحيح، ورواه الحاكم (2) إلا أنه قال: «أتريد أن تمتها موتات؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها» وقال صحيح على شرط البخاري.
5598 - وعن أبي هريرة قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى ألا إن الذكاة في الحلق واللبة ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق وأيام منى أيام أكل وشرب وبعال» رواه الدارقطني (3) بإسناد لا يحتج به.
5599 - وعن ابن عباس وأبي هريرة قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فيقطع الجلد ولا يفرى الأوداج» رواه أبو داود (4) . وقال المنذري: في إسناده عمرو بن عبد الله الصنعاني، وقد تكلم فيه غير واحد.
5600 - وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: «نحرنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا فأكلناه» متفق عليه (5) .
5601 - وعن أبي العشرى عن أبيه قال: «قلت: يا رسول الله! أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة؟ قال: لو طعنت في فخذها لأجزأك» رواه الخمسة (6) ،
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (11/332) ، و"الأوسط" (4/53-54) .
(2) الحاكم (4/257، 260) .
(3) الدارقطني (4/283) .
(4) أبو داود (3/103) (2826) ، والبيهقي (9/246) ، وأحمد (1/289) ، والحاكم (4/126) .
(5) تقدم برقم (5523) .
(6) أبو داود (3/103) (2825) ، النسائي (7/228) ، الترمذي (4/75) (1481) ، ابن ماجه (2/1063) (3184) ، أحمد (4/334) ، وهو عند ابن الجارود (1/227) (901) ، والدارمي = = (2/113) (1972) ، وأبي يعلى (3/72، 73، 12/372) (6943، 1503، 1504) .(4/1930)
وقال الترمذي: حديث غريب لا نعفره إلا من حديث حماد بن سلمة، ولا نعرف لأبي العشرى عن أبيه غير هذا الحديث. قال الخطابي: وضعفوا هذا الحديث لأن رواته مجهولون، وقال أحمد: غلط ولا يعجبني. وقال البخاري: في سماعه من أبيه نظر. وقال في "الخلاصة" بعد أن ذكر القدح في الحديث المذكور: وأما ابن السكن فأخرجه في "سننه الصحاح المأثورة".. انتهى.
5602 - وعن رافع بن خديج قال: «كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فند بعير من إبل القوم ولم يكن معهم خيل فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما فعل منها هذا فافعلوا به هكذا» رواه الجماعة (1) .
قوله: «محدثا» بكسر الدال وهو الذي يركب ما يوجب الحد أو القصاص. قوله: «تخوم الأرض» بالتاء المثناة من فوق والخاء المعجمة، قال في "مختصر النهاية": تخوم الأرض بالضم أي معالمها وحدودها. قوله: «بمروة» ، أي: بحجر أبيض، وقيل هو الذي يقدح منه النار. قوله: «فلا نجد سكينًا إلا الظرار» الظرار: بالظاء المعجمة بعدها راءان مهملتان بينهما ألف جمع ظرر، قال في "مختصر النهاية": الظرار والأظرة والظرار جمع ظرر، وهو حجر صلد محدد. قوله: «أمر الدم» بفتح الهمزة وكسر الميم، وبالراء مخففة من أمار الشيء ومار إذا جرى، قال ابن الأثير: ويروى أمرر برائين مظهرتين من غير إدغام. قوله: «مدى» بضم الميم مخفف مقصور جمع مدية بسكون الدال بعدها تحتية، وهي السكين. قوله: «ما أنهر الدم» أي: أساله وأنهر بالراء
_________
(1) جزء من الحديث المتقدم قريبًا برقم (5600) .(4/1931)
المهملة. قوله: «القتلة» بكسر القاف وهي الهيئة والحالة. قوله: «وليحد» بضم الياء «وليهجر» بالجيم والزاي أي يسرع الذبح. قوله: «اللبة» هي المنحر من البهائم وهي بفتح اللام وتشديد الموحدة. قوله: «ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق» بالزاي أي لا تسرعوا في شيء من الأعمال المتعلقة بالذبيحة قبل أن تموت. قوله: «عن أبي العشرى» بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة اسم عطارد بن بكرة. قوله: «لو طعنت في فخذها» قال أهل العلم بالحديث هذا: عند الضرورة لا يصح إلا في المتردية والنافرة والمتوحشة، ونحو ذلك. قوله: «نحرنا فرسًا» : أن النحر في الخيل يجزئ كما في الإبل. قوله: «فحبسه» أي: أصابه السهم فوقف. قوله: «أوابد» جمع آبدة بالمد وكسر الموحدة، قال في "مختصر النهاية": هي التي تأبدت أي توحشت ونفرت من الإنس.
[34/20] باب ذكاة الجنين بذكاة أمه
5603 - عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه قال في الجنين: «ذكاته ذكاة أمه» رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة (1) ، وفي رواية لأحمد وأبي داود (2) «قلنا: يا رسول الله! ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة في بطنها الجنين أنلقيه أم نأكله؟ قال: كلوه إن شئتم، فإن ذكاته ذكاة أمه» وأخرجه الدارقطني وابن حبان (3) ، وصححه وضعفه عبد الحق، وقال: لا يحتج بأسانيده كلها، قال في "مختصر البدر": قال الترمذي: حسن وفيه بعض ضعف، لكن رواه ابن حبان في "صحيحه" بدونه
_________
(1) أحمد (3/39، 45) ، الترمذي (4/72) (1476) ، ابن ماجه (2/1067) (3199) ، ابن الجارود (1/227) (900) ، ابن حبان (13/206-207) (5889) .
(2) أحمد (3/31، 53) ، أبو داود (3/103) (2827) ، الدارقطني (4/274) (29) .
(3) ابن ماجه (2/1072) (3216) .(4/1932)
فأسنده.. انتهى. وصححه ابن دقيق العيد، وفي الباب أحاديث عن علي وابن مسعود وأبي أيوب والبراء وابن عمر وابن عباس وكعب بن مالك وجابر وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي هريرة وبعضها يشهد لبعض.
قوله: «ذكاة الجنين ذكاة أمه» مرفوعًا بالابتداء والخبر، والمراد أن الجنين لا يحتاج إلى ذكاة وأن ذكاة أمه كافية، وقد روي بلفظ «ذكاة الجنين في ذكاة أمه» وروي «ذكاة الجنين بذكاة أمه» .
[34/21] باب ما جاء أن ما أبين من الحي فهو ميتة
5604 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما قطع من البهيمة وهي حية فما قطع منها فهو ميتة» رواه ابن ماجة (1) ، وصوب الدارقطني إرساله وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (2) من حديثه بإسناد ضعيف.
5605 - وعن أبي واقد الليثي قال: «قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وبها ناس يعمدون إلى إليات الغنم وأسنمة الإبل يجبونها فقال: ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة» رواه أحمد والترمذي (3) ، ولأبي داود (4) منه الكلام النبوي فقط، قال في "بلوغ المرام": حسنه الترمذي. وقال في "مختصر البدر": رواه الحاكم (5)
_________
(1) ابن ماجه (2/1072) (3216) .
(2) رقم (7932) .
(3) أحمد (5/218) ، الترمذي (4/74) (1480) ، أبو داود (3/111) (2858) ، أبو يعلى (3/36) (1450) ، الحاكم (4/137) .
(4) أبو داود (3/111) (2858) .
(5) الحاكم (4/138) .(4/1933)
من رواية أبي سعيد الخدري، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه هو بنحوه مع أبي داود والترمذي، وقال: حسن. وقال الحاكم: صحيح الإسناد. وقال في "البدر المنير": هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الأحكام، وهو مروي من طرق أربع: عن أبي سعيد، وعن أبي واقد، وعن ابن عمر، وعن تميم الداري.
[34/22] باب ما جاء في السمك والجراد وحيوان البحر
5606 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البحر: «هو الطهور ماؤه والحل ميتته» رواه أهل السنن وصححه البخاري وابن خزيمة والترمذي وابن عبد البر وابن مندة وابن المنذر وغيرهم، وقد تقدم (1) في كتاب الطهارة.
5607 - وعن ابن أبي أوفى قال: «غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات نأكل معه الجراد» رواه الجماعة إلا ابن ماجة (2) .
5608 - وعن جابر قال: «غزونا جيش الخبط وأميرنا أبو عبيدة فجعنا جوعًا شديدًا فألقى البحر حوتًا ميتًا لم ير مثلها يقال له العنبر، فأكلنا منه نصف شهر، فأخذ أبو عبيدة عظمًا من عظامه فمر الراكب تحته، فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كلوا رزق أخرجه الله لكم، أطعمونا إن كان معكم فأتاه
_________
(1) تقدم برقم (1) .
(2) البخاري (5/2093) (5176) ، مسلم (3/1546) (1952) ، أبو داود (3/357) (3812) ، النسائي (7/210) ، الترمذي (4/268) (1821) ، أحمد (4/353، 380) ، وهو عند ابن الجارود (1/222) (880) ، وابن حبان (12/61) (5257) ، والدارمي (2/126) (2010) ، وابن أبي شيبة (5/144) ، والطيالسي (1/110) ، وعبد بن حميد (1/186) .(4/1934)
بعضهم بشيء فأكله» متفق عليه (1) .
5609 - وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال» رواه أحمد وابن ماجة والدارقطني (2) ، وقال في "بلوغ المرام": وفيه ضعف. وقال في "مختصر البدر": هذا حديث منكر، قلت: لأن في إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعفه الجمهور، قال الدارقطني: وروي موقوفًا على عبد الله بن عمر وهو أصح. قال البيهقي: وهو في معنى المسند لأن قول الصحابي: أحل لنا كذا مرفوعًا على المختار. وروي هذا الحديث من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم مرفوعًا وجنح إلى تصحيحه من هذه الطريق الشيخ تقي الدين في الإمام. هذا كله مع قيام الإجماع على طهارة ميتتهما، وعبد الله بن زيد بن أسلم وثقه أحمد بن حنبل.
5610 - وعن أبي شريح (*) من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ذبح ما في البحر لبني آدم» رواه الدارقطني (3) .
5611 - وذكره البخاري (4) عن أبي شريح (*) موقوفًا بلفظ: «كل شيء في البحر مذبوح» .
_________
(1) البخاري (4/1585، 1586، 5/2093) (4102، 4103، 4104، 5174، 5175) ، مسلم (3/1535، 1536، 1537) (1935) ، أحمد (3/308) .
(2) تقدم برقم (72) .
(3) الدارقطني (4/269) .
(4) علقه البخاري (5/2092) باب قول الله تعالى: ((أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ)) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
وقع في المطبوع: "عن أبي شريح" وهو تحريف والصواب: "عن شريح" والتصحيح من المصادر السابقة في التخريج، وقال الحافظ في "الفتح" (11/39) : ووقع في رواية الأصيلي: وقال أبو شريح، وهو وهم نبه على ذلك أبو علي الجياني وتبعه عياض. اهـ. فهذا الحديث عن شريح وليس عن أبي شريح.(4/1935)
5612 - وأخرج الدارقطني (1) من حديث عبد الله بن سرجس مرفوعًا «أن الله قد ذبح كل ما في البحر لبني آدم» وفي سنده ضعف.
5613 - وعن أبي بكر الصديق قال: «الطافي حلال» .
5614 - وعن عمر «في قوله تعالى: ((أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ)) [المائدة:96] قال: صيده ما أصيد وطعامه ما رمي به» .
5615 - وقال ابن عباس: «طعامه ميتة إلا ما قذرت منها» .
5616 - قال ابن عباس: «كل من صيد البحر صيد يهودي أو نصراني أو مجوسي» .
5617 - «وركب الحسن على سرج من جلود كلاب الماء» ذكر ذلك البخاري في "صحيحه" (2) .
5618 - وعن أبي هريرة قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حج أو عمرة فاستقبلنا رجل جراد فجعلنا نضربه بنعالنا وأسواطنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كلوه فإنه
_________
(1) الدارقطني (4/267) .
(2) علق البخاري جميع ما سبق (5/2092) باب قول الله تعالى: ((أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ)) ، فأما قول أبي بكر فوصله ابن أبي شيبة (19756) ، والدارقطني (4/269) ، والبيهقي (8/252) ، وأما قول عمر فوصله سعيد بن منصور (3/1826) (836) ، والطبري في "التفسير" (5/66) (12691) ، والبيهقي (9/254) ، وأما قول ابن عباس الأول فوصله الطبري في "التفسير" (5/67) (12701) بلفظ: «طعامه ميتته» ، وأما قول ابن عباس الآخر، فوصله البيهقي (9/253) ، وأما الأثر «ركب الحسن ... » : فعلقه البخاري في الموضع السابق، ولم يذكر الحافظ من وصله في "الفتح" (9/616) .(4/1936)
من صيد البحر» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة بإسناد ضعيف، وقد تقدم (1) في كتاب الحج وتقدم له شواهد فيه.
[34/23] باب ما جاء في الميتة للمضطر
5619 - عن أبي واقد الليثي قال: «قلت يا رسول الله إنا بأرض نصيب مخمصة فما يحل لنا من الميتة؟ فقال: إذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا ولم تحتفئوا بها بقلًا فشأنكم» رواه أحمد (2) . قال في "مجمع الزوائد": أخرجه الطبراني (3) ورجاله ثقات.
5620 - وعن جابر بن سمرة «أن أهل بيت كانوا بالحرة محتاجين، قال: فماتت عندهم ناقة لهم أو لغيرهم، فرخص لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكلها، قال: فعصمتهم بقية سناتهم أو سنتهم» رواه أحمد (4) ورواه أبو داود (5) بلفظ «أن رجلًا نزل الحرة ومع أهله وولده، فقال رجل: إن ناقة لي ضلت فإن وجدتها فأمسكها فوجدها ولم يجد صاحبها فمرضت، فقالت امرأته: انحرها. فأبى، فنفقت فقالت: اسلخها حتى نقدد شحمها ولحمها ونأكله. فقال: حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه فسأله فقال: هل عندك غنى يغنيك؟ قال: لا. قال: فكلوه. قال: فجاء صاحبها فأخبره الخبر. فقال: هلا كنت نحرتها؟ قال: استحييت منك» ولا بأس بإسناده،
_________
(1) تقدم برقم (3098) .
(2) أحمد (5/218)
(3) الطبراني في "الكبير" (3/251) ، والدارمي (2/120) (1996) ، والحاكم (4/139) ، والبيهقي (9/356) .
(4) أحمد (5/87، 88) .
(5) أبو داود (3/358) (3816) .(4/1937)
وقال ابن كثير: إسناده على شرط مسلم.
قوله: «إذا لم يصطبحوا» الاصطباح أكل الصبوح، وهو الأكل أول النهار، والاغتباق بالغين المعجمة ما يؤكل آخر النهار. قوله: «ولم تحتفئوا بها بقلًا» بفتح المثناتين من فوق بينهما حاء مهملة وبعدها فاء مكسورة ثم همزة مضمومة من الحفاء، وهو البردي نوع من جيد التمر، وضعفه بعضهم بأن البردي ليس من البقول، قال أبو عبيد هو أصل البردي الأبيض الرطب، وقد يؤكل، قال أبو عبيد: ومعنى الحديث أنه ليس لكم أن تصطبحوا أو تغتبقوا وتجمعوها مع الميتة. قال الأزهري: أنكر هذا على أبي عبيد، وفسر أنه أراد إذا لم تجدوا البينة تصطبحوها أو شربًا تغتبقونه ولم تجدوا بعدم الصبوح والغبوق بقلة تأكلوها حلت لكم الميتة. قال: وهذا هو الصحيح، وفي "الدر النثير": ما لم تحتفئوا بقلًا. وروي بالهمز من الحفاء مهموز مقصور، وهو أصل البردي الأبيض الرطب، يقول: ما لم تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه، قوله: «بالحرة» بفتح الحاء والراء المشددة مهملتين أرض بظاهر المدينة ذات حجارة سود. قوله: «فنفقت» بفتح النون والفاء والقاف أي: ماتت. قوله: «حتى نقدد» أي: نجعله قديدًا.
[34/24] باب ما جاء من النهي عن أكل طعام إنسان إلا بإذنه
5621 - عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فينتثل طعامه؟ وإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم، فلا يحلبن أحدكم ماشية أحد إلا بإذنه» متفق عليه (1) .
_________
(1) البخاري (2/858) (2303) ، مسلم (3/1352) (1726) ، أحمد (2/4، 6) ، وهو عند أبي داود (3/40) (2623) ، وابن ماجه (2/772) (2302) ، ومالك (2/971) (1745) ، وابن حبان (11/574) (5171) .(4/1938)
5622 - وعن عمرو بن اليثربي قال: «شهدت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى، وكان فيما خطب أن قال: ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه. قال: فلما سمعت ذلك قلت: يا رسول الله! أرأيت لو لقيت في موضع غنم ابن عمي فأخذت منها شاة فاجتررتها، هل علي في ذلك شيء؟ قال: «إن لقيتها نعجة تحمل شفرة وأزنادًا فلا تمسها» .
5623 - وعن عمير مولى آبي اللحم قال: «أقبلت مع سادتي نريد الهجرة حتى إذا دنونا من المدينة، قال: فدخلوا وخلفوني في ظهرهم فأصابتني مجاعة شديدة، قال: فمر بي بعض من يخرج من المدينة فقالوا: لو دخلت المدينة فأصبت من تمر حائطها. قال: فدخلت حائطًا فقطعت منه قنوين فأتاني صاحب الحائط وأتى بي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبري وعلي ثوبان، فقال: أيهما أفضل فأشرت إلى أحدهما، فقال: خذه وأعط صاحب الحائط الآخر. فخلى سبيلي» رواهما أحمد (1) ، وفي إسناد الأول حاتم بن إسماعيل مختلف فيه، وحديث عمير قال في "مجمع الزوائد": أخرجه أحمد بإسنادين في أحدهما ابن لهيعة، وفي الآخر أبو بكر بن زيد بن المهاجر ذكره ابن حبان ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وبقية رجاله ثقات.
قوله: «مشربة» بضم الراء هي الغرفة التي يخزن فيها الطعام. قوله: «فينتثل» أي: يستخرج. قوله: «فاجتررتها» برائين. قوله: «إن لقيتها نعجة تحمل شفرة» أي: إن لقيتها على حالة مشعرة بأن تلك الماشية معدة للذبح حاملة لما يصلح له من آله
_________
(1) الحديث الأول عند أحمد (3/423، 5/113) ، والدارقطني (3/25-26) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/241) ، والبيهقي (6/79) ، والحديث الثاني عند أحمد (5/223) ، والطبراني في "الكبير" (17/66) (127) ، والبيهقي (10/3) .(4/1939)
الذبح وهي الشفرة وآلة الطبخ وهي الأزناد -جمع زند، وهو العود الذي يقدح به- فلا تأخذها.
[34/25] باب ما جاء في الرخصة في ذلك
لابن السبيل إذا لم يتخذ خبنة
5624 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من دخل حائطًا فليأكل ولا يتخذ خبنة» رواه الترمذي (1) ، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال البيهقي: لا يصح. وقد جاء من أوجه أخر، قال ابن حجر: الحق أن مجموعها لا يقصر عن درجة الصحيح، وقد احتجوا في كثير من الأحكام بما هو دونها.. انتهى. وقد أخرج أحمد (2) نحوه من حديثه (*) .
5625 - وعن الحسن عن سمرة بن جندب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذن له فليحلب وليشرب، وإن لم يكن فيها أحد فليصوت ثلاثًا فإن أجابه أحد فليستأذنه، فإن لم يجبه أحد فليحتلب وليشرب ولا يحمل» رواه أبو داود والترمذي (3) ، وقال: حديث حسن صحيح. وقال علي بن المديني: سماع الحسن من سمرة صحيح.
5626 - وعن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتى أحدكم حائطاً فأراد أن يأكل فلينادي: يا صاحب الحائط. ثلاثًا، فإن إجابه وإلا
_________
(1) الترمذي (3/583) (1287) .
(2) أحمد (2/224) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(3) أبو داود (3/39) (2619) ، الترمذي (3/590) (1296) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: "وأخرج أحمد نحوه من حديثه" أي من حديث ابن عمر، ولم نجده، وإنما هو من حديث عبد الله بن عَمرو بن العاص، وهو خطأ تبع فيه المصنف الشوكاني وهو تبع المجد، والحديث عند أحمد (2/224) من حديث عبد الله بن عمرو.(4/1940)
فليأكل وإذا مر أحدكم بإبل فأراد أن يشرب من ألبانها فلينادي: يا صاحب الإبل أو يا راعي الإبل فإن أجابه وإلا فليشرب» رواه أحمد وابن ماجة وأبو يعلى وابن حبان والحاكم والمقدسي (1) .
5627 - وعن رافع بن عمرو قال: «كنت أرمي نخل الأنصار فأخذوني فذهبوا بي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رافع لم ترم نخلهم؟ قال: قلت: يا رسول الله الجوع. قال: لا ترم وكل ما وقع، أشبعك الله وأرواك» رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب (2) .
5628 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الثمر المعلق فقال: من أصاب منه من ذي الحاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء فعليه غرامة مثليه والعقوبة» رواه النسائي وحسنه الترمذي وصححه الحاكم، وقد تقدم (3) في الحدود.
قوله: «خبنة» بضم الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة بعدها نون، قال في "مختصر النهاية": أي: لا تخبئ منه في حجرتك.
_________
(1) أحمد (3/21) ، ابن ماجه (2/771) (2300) ، وأبو يعلى (2/439، 465) (1244، 1287) ، وابن حبان (12/87) (5281) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/240) ، الحاكم (4/147) .
(2) أبو داود (3/39) (2622) ، ابن ماجه (2/771) (2299) ، الترمذي (3/584) (1288) ، وهو عند الحاكم (3/502) ، وأحمد (5/31) .
(3) تقدم برقم (4986) .(4/1941)
[34/26] باب ما جاء في الضيافة
5629 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» أخرجاه (1) .
5630 - وعن عقبة بن عامر قال: «قلت: يا رسول الله! إنك تبعثني فننزل بقوم لا يقرونا فما ترى؟ قال: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لكم» .
5631 - وعن أبي شريح الخزاعي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته. قالوا: وما جائزته يا رسول الله؟ قال: يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه» متفق عليهما (2) .
_________
(1) البخاري (5/2240، 2273) (5672، 5787) ، مسلم (1/68) (47) ، أحمد (2/174، 267، 433، 463) ، وهو عند أبي داود (4/339) (5154) ، والترمذي (4/659) (2500) .
(2) الحديث الأول عند البخاري (2/868، 5/2273) (2329، 5786) ، ومسلم (3/1353) (1727) ، وأحمد (4/149) ، وأبو داود (3/343) (3752) ، وابن ماجه (2/1212) (3676) ، وابن حبان (12/99) (5288) ، والحديث الثاني عند البخاري (5/2240، 2272) (5673، 5784) ، ومسلم (2/1352) (48) ، وأحمد (4/31، 6/385) ، وابن حبان (12/97) (5287) ، وأبو داود (3/342) (3748) ، والترمذي (4/345) (1967، 1968) .(4/1942)
5632 - وعن المقدام أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليلة الضيف واجبة على كل مسلم، فإن أصبح بفنائه محرومًا كان دينًا عليه إن شاء اقتضاه وإن شاء تركه» وفي لفظ: «من نزل بقوم فعليهم أن يقروه وإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه» رواهما أحمد وأبو داود (1) ، وقال في "التلخيص": إسناده على شرط مسلم، وله (2) من حديثه: «أيما رجل أضاف قومًا فأصبح الضيف محرومًا فإن نصرته حق على كل مسلم حتى يأخذ بقرى ليلة من زرعه وماله» قال الحافظ: وإسناده صحيح.
5633 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محرومًا فله أن يأخذ بقدر قراه ولا حرج عليه» رواه أحمد، قال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات. وأخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد (3) .
5634 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الضيافة ثلاثة أيام فما سوى ذلك فهو صدقة» رواه أبو داود والحاكم (4) بسند صحيح.
_________
(1) أحمد (4/130، 132، 133) ، أبو داود (3/342) (3750) ، ابن ماجه (2/1212) (3677) ، البخاري في الأدب المفرد (744) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/242) ، والطيالسي (1/157) (1151) ، والطبراني في "الكبير" (20/263) ، باللفظ الأول، وأحمد (4/130) ، وأبو داود (3/355، 4/200) (3804، 4604) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/242) باللفظ الثاني.
(2) أبو داود (3/343) (3751) ، وهو عند الدارمي (2/134) (2037) ، والطيالسي (1/156) (1149) ، وأحمد (4/131، 133) .
(3) أحمد (2/380) ، الحاكم (4/147) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/242) .
(4) أبو داود (3/342) (3749) .(4/1943)
قوله: «لا يقرونا» بفتح أوله من القراء. قوله: «أن يثوي» بفتح أوله وسكون المثلثة، أي: يقيم عنده «حتى يحرجه» بضم أوله وسكون الحاء أي يوقعه في الحرج وهو الإثم. قوله: «بفنائه» بكسر الفاء وتخفيف النون والمد هو ما قرب من الدار. قوله: «فله أن يعقبهم» قال أحمد: أي للضيف أن يأخذ من أرضهم وزرعهم بقدر ما يكفيه بغير إذنهم.
[34/27] باب ما جاء في الأدهان التي تقع فيها الميتة
5635 - عن ميمونة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن فأرة وقعت في سمن فماتت، فقال: ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم» رواه أحمد والبخاري والنسائي (1) ، وفي رواية «أنه سئل عن الفأرة تقع في السمن فقال: إن كان جامدًا فألقوها وما حولها، وإن كان مايعًا فلا تقربوه» رواه أبو داود والنسائي (2) .
5636 - وعن أبي هريرة قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فأرة وقعت في سمن فماتت فقال: إن كان جامدًا فخذوها وما حولها، ثم كلوا ما بقي، وإن كان مايعًا فلا تقربوه» رواه أحمد وأبو داود (3) ، قال في "بلوغ المرام": وحكم عليه البخاري وأبو حاتم بالوهم، وقال: الصواب عن ابن عباس عن ميمونة.
_________
(1) أحمد (6/326، 330) ، البخاري (1/93، 5/2105) (233، 234، 5218) ، النسائي (7/178) ، وهو بهذا اللفظ عند أبي داود (3/364) (3841) ، والترمذي (4/256) (1798) ، ومالك (2/971) (1748) ، والدارمي (1/204، 2/149) (738، 2083، 2084) .
(2) أبو داود (3/364) (3842) ، النسائي (7/178) ، ابن حبان (4/234) (1392) .
(3) أحمد (2/232، 265، 490) ، أبو داود (3/364) (3842) ، ابن حبان (4/237) (1393) .(4/1944)
5637 - وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1) من حديث أبي هريرة بلفظ «وكلوه، وإن كان ذائبًا فلا تقربوه» وقال في "الفتح": جزم الذهبي بأن الطريقين صحيحان، يعني: هذا ورواية أبي داود في حديث ميمونة، وقد تقدم (2) هذان الحديثان في كتاب البيع.
[34/28] باب ما جاء في الطعام والشراب يقع فيه الذباب ونحوها
5638 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه، فإن أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء» رواه أحمد والبخاري (3) .
5639 - وعن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء» رواه البيهقي وابن حبان (4) ، وهو لأحمد والنسائي (5) بلفظ «في أحد جناحيه سم وفي الآخر شفاء،
_________
(1) ابن حبان (4/234) (1392) من حديث ميمونة، وحديث أبي هريرة أخرجه ابن حبان (1393، 1394) لكن ليس من حديثه هذا اللفظ، والله أعلم.
(2) انظر رقم: (3468، 3469، 3470) .
(3) أحمد (2/229، 246، 263، 355، 388، 398) ، البخاري (3/1206، 5/2180) (3142، 5445) ، وابن الجارود (1/26) (55) ، وابن حبان (4/53، 12/55) (1246، 5250) ، وابن خزيمة (1/56) (105) ، وابن ماجه (2/1159) (3505) ، والدارمي (2/134، 135) (2038، 2039) ، والبيهقي (1/252) .
(4) ابن حبان (4/55) (1247) ، أبو يعلى (2/273) (986) ، أحمد (2/398) ، وأخرجه البيهقي باللفظ الآتي.
(5) أخرجه بهذا اللفظ أحمد (3/67) وابن ماجه (2/1159) (3504) والبيهقي (1/253) والطيالسي (1/291) ، وأخرجه النسائي (7/178) بلفظ: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله» .(4/1945)
وإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء» وأخرج نحوه ابن خيثمة، قال الحافظ: بإسناد صحيح.
5640 - وعن سلمان مرفوعًا «كل طعام وشراب وقعت فيه دابة فماتت فهو حلال أكله وشربه ووضوءه» رواه البيهقي والدارقطني (1) بإسناد ضعيف، قال الحاكم: أبو أحمد هذا حديث غير محفوظ، وفي إسناده مجهول، وقد تقدم في الطهارة.
قوله: «فامقلوه» في "الدر النثير": المقل: الغمس.
[34/29] باب آداب الأكل
5641 - عن سلمان قال: «قرأت في التوراة أن بركة الطعام الوضوء بعده، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: بركة الطعام الوضوء قبله وبعده» رواه أبو داود والترمذي (2) ، وفي إسناده قيس بن الربيع، قال الترمذي: ضعيف، وقال في "الترغيب والترهيب" للمنذري: قيس بن الربيع صدوق، وفيه كلام لسوء حفظه لا يخرج الحديث عن حد الحسن.. انتهى.
5642 - وعن أنس بن مالك قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أحب أن يكثر الله خير بيته فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع» رواه ابن ماجة والبيهقي (3) ، وفي إسناده جبارة بن المغلس عن كثير بن سليم، وهما ضعيفان، وهذا الحديث
_________
(1) تقدم برقم (26) .
(2) أبو داود (3/345) (3761) ، الترمذي (4/281) (1846) ، الحاكم (4/119) ، والطيالسي (1/91) (655) ، وأحمد (5/441) ، والطبراني في "الكبير" (6/238) .
(3) ابن ماجه (2/1085) (3260) .(4/1946)
ثلاثي فإنه رواه ابن ماجة عن جبارة عن كثير عن أنس، والمراد بالوضوء غسل اليدين.
5643 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أكل أحدكم طعامًا فليقل: باسم الله، فإن نسي في أوله فليقل: باسم الله على أوله وآخره» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي وصححه (1) ، وقال في "الهدي": أحاديث الأمر بالتسمية صحيحة صريحة لا معارض لها.
5644 - وعن جابر سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء» رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة (2) .
5645 - وعن حذيفة بن اليمان قال: «كنا إذا حضرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا لم يضع أحدنا يده في الطعام حتى يبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنا حضرنا معه طعامًا فجاء أعرابي كأنما يدفع فذهب ليضع يده في الطعام فأخذ رسول الله بيده ثم جاءت جارية كأنما تدفع فذهبت لتضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدها، وقال: إن الشيطان يستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه، وإنه جاء بهذا الأعرابي يستحل بيده فأخذت بيده، وجاء بهذه الجارية يستحل بيدها فأخذت
_________
(1) أحمد (6/143، 207، 246، 265) ، أبو داود (3/347) (3767) ، ابن ماجه (2/1086) (3264) ، الترمذي (4/288) (1858) ، والحاكم (4/121) ، والنسائي في "الكبرى" (6/78) ، وابن حبان (12/13) (5214) ، والدارمي (2/129) (2020) .
(2) مسلم (3/1598) (2018) ، أبو داود (3/346) (3765) ، النسائي في "الكبرى" (6/52) ، ابن ماجه (2/1279) (3887) ، وابن حبان (3/100) (819) ، وأحمد (3/346، 383) .(4/1947)
بيدها، والذي نفسي بيده إن يده لفي يدي مع أيديهما» رواه مسلم وأبو داود والنسائي (1) .
5646 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل طعامًا في ستة من الصحابة فجاء أعرابي فأكل بلقمتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إنه لو سمى لكفى لكم» رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وابن حبان في "صحيحه" (2) .
5647 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله، فإن الشيطان يأكله بشماله ويشرب بشماله» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (3) .
5648 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البركة تنزل في وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه وابن حبان في "صحيحه" (4) .
5649 - وعن عمر بن أبي سلمة قال: «كنت غلامًا في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم -،
_________
(1) مسلم (3/1597) (2017) ، أبو داود (3/347) (3766) ، النسائي في "الكبرى" (6/76) ، أحمد (5/382، 397) .
(2) انظر الحديث المتقدم قريبًا برقم (5649) .
(3) أحمد (2/8، 33، 80، 106، 128، 134، 146) ، مسلم (3/1599) (2020) ، الترمذي (4/257، 258) (1799، 1800) ، وهو عند أبي داود (3/349) (3776) ، ومالك (2/922) (1644) ، والدارمي (2/132) (2030) ، وابن حبان (12/30، 34، 148) (5226، 5229، 5331) ، وأبي يعلى (1/183) (207) .
(4) أحمد (1/270، 300، 343، 364) ، ابن ماجه (2/1090) (3277) ، الترمذي (4/260) (1805) ، ابن حبان (12/50) (5245) ، والحاكم (4/129) ، والنسائي في "الكبرى" (4/175) ، والدارمي (2/137) (2046) ، والحميدي (1/243) (529) .(4/1948)
وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي: يا غلام! سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك» متفق عليه (1) .
5650 - وعن أبي جحيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما أنا فلا آكل متكيًا» رواه الجماعة إلا مسلمًا والنسائي (2) .
5651 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طعم طعامًا لعق أصابعه الثلاث، وقال: إذا وقعت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، وأمرنا أن نسلت القصعة، وقال: إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه (3) .
5652 - وعن المغيرة بن شعبة قال: «ضفت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فأمر بجنب مشوي قال: فأخذ الشفرة فجعل يحتز لي بها منه» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة (4) .
_________
(1) البخاري (5/2056) (5061-5063) ، مسلم (3/1599) (2022) ، أحمد (4/26) ، وابن ماجه (2/1087) (3267) ، والنسائي في "الكبرى" (4/175، 6/76) .
(2) البخاري (5/2062) (5083، 5084) ، أبو داود (3/348) (3769) ، الترمذي (4/273) (1830) ، ابن ماجه (2/1086) (3262) ، أحمد (4/308، 309) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/171) (6742) ، الدارمي (2/145) (2071) ، وابن حبان (12/44) (5240) ، وأبي يعلى (2/186، 189) (884، 888، 889) .
(3) أحمد (3/177، 290) ، مسلم (3/1607) (2034) ، أبو داود (3/365) (3845) ، الترمذي (4/259) (1803) ، والنسائي في "الكبرى" (4/176) .
(4) أحمد (4/252، 255) ، أبو داود (1/48) (188) ، الترمذي في "الشمائل" (1/139) (167) .(4/1949)
5653 - وقد تقدم (1) في باب الوضوء مما مسته النار حديث عمرو بن أمية الضمري قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتز من كتف شاة فأكل منها فدعا إلى الصلاة فقام وطرح السكين وصلى ولم يتوضأ» متفق عليه.
5654 - وأما ما رواه أبو داود (2) من حديث عائشة مرفوعًا «لا تقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنع الأعاجم، وانهشوه نهشًا فإنه أهنأ وأمرأ» ففي إسناده أبو معشر السندي المدني، واسمه نجيح، قال المنذري: تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وقال النسائي: له أحاديث مناكير هذا أحدها.
5655 - وعن جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى ببعض حجر نسائه فدخل ثم أذن لي فدخلت فقال: هل من غداء؟ فقالوا: نعم. فأتي بثلاثة أقراص، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرصًا فوضعه بين يديه وأخذ قرصًا آخر فوضعه بين يدي، ثم أخذ الثالث فكسره باثنتين فجعل نصفه بين يديه ونصفه بين يدي، ثم قال: هل من إدام؟ قالوا: لا، إلا شيء من خل. قال: هاتوه فنعم الإدام هو» رواه أحمد ومسلم (3) .
5656 - وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو «أن رجلًا من قومه يقال له أبو شعيب صنع للنبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا فأرسل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: ايتني أنت وخمسة معك. قال: فبعث إليه أن ايذن لي في السادس» متفق عليه (4) .
_________
(1) تقدم برقم (383) .
(2) أبو داود (3/349) (3778) .
(3) أحمد (3/379) ، مسلم (3/1622) (2052) .
(4) البخاري (2/732، 867، 5/2071، 2079) (1975، 2324، 5118، 5145) ، مسلم (3/1608) (2036) ، أحمد (4/121) ، وهو عند الترمذي (3/405) (1099) = = والدارمي (2/143) (2068) ، وابن حبان (12/111، 115) (5300، 5302) ، والنسائي في "الكبرى" (4/141) (6614) ، واللفظ لأحمد.(4/1950)
5657 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أكل أحدكم طعامًا فلا يمسح بيده حتى يلعقها» متفق عليه (1) ، ورواه أبو داود ومسلم (2) وقال فيه: «بالمنديل» .
5658 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة» رواه أحمد ومسلم (3) .
5659 - وعن نبيشة الخير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أكل من قصعة ثم لحسها استغفرت له القصعة» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي (4) ، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث المعلى بن راشد، وقد روى يزيد بن هارون وغير واحد من الأئمة عن المعلى بن راشد هذا الحديث.
5660 - وعن جابر «أنه سئل عن الوضوء مما مسته النار؟ فقال: لا، لقد
_________
(1) البخاري (5/2077) (5140) ، مسلم (3/1605) (2031) ، أحمد (1/221، 370) ، ابن ماجه (2/1088) (3269) ، والنسائي في "الكبرى" (4/179) (6775) ، وأبو يعلى (4/382) (2503) .
(2) أبو داود (3/366) (3847) ، والنسائي في "الكبرى" (4/179) (6776) ، وأحمد (1/346) ، وأخرجه مسلم (3/1606) (2033) بهذا اللفظ من حديث جابر، وليس لابن عباس في حديثه «المناديل» والله أعلم.
(3) أحمد (3/315) ، مسلم (3/1607) (2033) .
(4) أحمد (5/76) ، ابن ماجه (2/1089) (3271، 3272) ، الترمذي (4/259) (1804) ، الدارمي (2/131) (2027) .(4/1951)
كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نجد مثل ذلك من الطعام إلا قليلًا، فإذا نحن وجدناه لم تكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا ثم نصلي ولا نتوضأ» رواه البخاري وابن ماجة (1) .
5661 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من بات وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه» رواه الخمسة إلا النسائي، وقال الترمذي: في أحد الطرق التي أخرجها منه: حديث حسن غريب، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2) وصححه الحافظ.
5662 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من بات وفي يده ريح غمر فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه» رواه الطبراني وحسنه البيهقي (3) ، قال المنذري: إسناده جيد.
5663 - وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعًا عند البزار والطبراني (4) ورجاله ثقات.
5664 - وعن أنس مرفوعًا «إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة
_________
(1) البخاري (5/2078) (5141) ، ابن ماجه (2/1092) (3282) .
(2) أبو داود (3/366) (3852) ، الترمذي (4/289) (1859، 1860) ، ابن ماجه (2/1096) (3297) ، أحمد (2/263، 344، 537) ، ابن حبان (12/329) (5521) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/203) (6905، 6906) ، والحاكم (4/152) ، والدارمي (2/142) (2063) .
(3) الطبراني في "الكبير" (6/35) (5435) .
(4) الطبراني في "الأوسط" (1/159) (598) .(4/1952)
ويشرب الشربة فيحمده عليها» أخرجه أحمد ومسلم والترمذي (1) .
5665 - وعن أبي أمامة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع مائدته قال: «الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا» رواه البخاري وأبو داود وابن ماجة والترمذي وصححه (2) ، وفي لفظ «كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي كفانا وأروانا غير مكفي ولا مكفور» رواه البخاري (3) .
5666 - وعن أبي سعيد قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أكل أو شرب قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وابن ماجة والنسائي والبخاري في "تاريخه" (4) ، وفي إسناده إسماعيل بن رباح وهو مجهول.
5667 - وعن معاذ بن أنس عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أكل طعامًا فليقل: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة. غفر
_________
(1) أحمد (3/100) ، مسلم (4/2095) (2734) ، الترمذي (4/265) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/202) ، وأبي يعلى (7/298، 300) (4332، 4334) .
(2) البخاري (5/2078) (5142) ، أبو داود (3/366) (3849) ، ابن ماجه (2/1092) (3284) ، الترمذي (5/507) (3456) ، وهو عند ابن حبان (12/20) (5217) ، والحاكم (1/710) ، والنسائي في "الكبرى" (4/201) ، والدارمي (2/130) (2023) ، وأحمد (5/252، 256، 261) .
(3) البخاري (5/2078) (5143) ، النسائي في "الكبرى" (6/78) .
(4) أحمد (3/32، 98) ، أبو داود (3/366) (3850) ، الترمذي (5/508) (3457) ، ابن ماجه (2/1092) (3283) ، النسائي في "الكبرى" (6/79، 80) ، البخاري في "التاريخ" (1/353) .(4/1953)
له ما تقدم من ذنبه» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي (1) ، وقال: حديث حسن غريب.
5668 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أطعمه الله طعامًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرًا منه. ومن سقاه الله لبنًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس شيء يجزئ مكان الشراب والطعام غير اللبن» رواه الخمسة وحسنه الترمذي (2) ، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان ضعفه جماعة من الحفاظ.
قوله: «يطيش» بكسر الطاء وبعدها مثناة تحتية ساكنة أي: تمتد إلى نواحي الصحفة ولا تقتصر على موضع واحد. قوله: «هل من إدام» الإدام بكسر الهمزة ما يؤتدم به وجمعه أدم. قوله: «يلعقها» بفتح حرف المضارعة، ويلعقها بالضم أي زوجته أو جاريته أو خادمه. قوله: «غمر» بفتح الغين المعجمة والميم تبعًا هو ريح دسم اللحم وزهومته كالوضر من السمن كما في النهاية. قوله: «وضح» بفتح الواو والضاد المعجمة جميعًا بعدها حاء مهملة هو البرص. قوله: «غير مكفي» بميم مفتوحة وكاف ساكنة وفاء مكسورة وتحتانية مشددة أي: أن الله غير محتاج إلى أحد
_________
(1) أحمد (3/439) ، ابن ماجه (2/1093) (3285) ، الترمذي (5/508) (3458) ، وهو عند أبي داود (4/42) (4023) ، والحاكم (1/687، 4/213) ، وأبي يعلى (3/62) (1488) ، والطبراني في "الكبير" (20/181) ، ومن حديث سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه.
(2) أبو داود (3/339) (3730) ، النسائي في "الكبرى" (6/79) ، الترمذي (5/506) (3455) ، ابن ماجه (2/1103) (3322) ، أحمد (1/225، 284) ، وعبد الرزاق (4/511) ، والحميدي (1/225) (482) ، والطيالسي (1/355) (2723) .(4/1954)
لكونه المطعم الكافي. قوله: «ولا مكفور» أي: مجحود. قوله: «فإنه ليس يجزي» بضم أوله من الطعام أي: بدل الطعام.
[34/30] باب الدعاء للمطعم
5669 - عن كعب بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طعم عند سعد بن عبادة، فلما فرغ قال: أكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة وأفطر عندكم الصائمون» رواه مسلم (1) .
5670 - ورواه أبو داود وأحمد (2) من حديث أنس بإسناد صحيح.
* * *
_________
(1) لم نجده من حديث كعب عند مسلم ولا غيره.
(2) أبو داود (3/367) (3854) ، أحمد (3/118، 201) ، والدارمي (2/40) (1772) ، والنسائي في "الكبرى" (6/81) ، وأبو يعلى (7/291، 292) (4319-4322) من حديث أنس بن مالك، وأخرجه ابن ماجه (1/556) (1747) ، وابن حبان (12/107) (5296) من حديث عبد الله بن الزبير.(4/1955)
[35] كتاب الأشربة
[35/1] باب تحريم الخمر ونسخ إباحتها المتقدمة
5671 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي (1) .
5672 - وعن أنس قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشترى له» رواه ابن ماجة والترمذي واللفظ له (2) ، وقال: حديث حسن غريب، قال الحافظ: ورواته ثقات.
5673 - ولأحمد من حديث ابن عباس نحوه بإسناد صحيح، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم (3) ، وقال: صحيح الإسناد، ولفظه «إن الله لعن
_________
(1) البخاري (2/875، 5/2120، 6/2487، 2497) (2343، 5256، 6390، 6425) ، مسلم (1/76، 77) (57) ، أبو داود (4/221) (4689) ، الترمذي (5/15) (2625) ، النسائي (8/64) ، وهو عند ابن حبان (1/414، 11/575، 576) (186، 5172، 5173) ، وابن ماجه (2/1298) (3936) ، وأبي يعلى (11/327) (6443) ، وأحمد (2/479) .
(2) تقدم برقم (3575) .
(3) تقدم برقم (3576) .(4/1956)
الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومبتاعها، وساقيها، ومسقاها» .
5674 - ولأبي داود (1) نحوه بإسناد جيد من حديث ابن عمر.
5675 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) .
5676 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مدمن الخمر كعابد وثن» رواه ابن ماجة (3) ورجاله ثقات إلا محمد بن سليمان فصدوق يخطئ، وضعفه النسائي، وقال أبو حاتم: لا بأس به وليس بحجة ويشهد له ما بعده.
5677 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن» رواه أحمد (4) ورجاله رجال الصحيح، ورواه ابن حبان في "صحيحه" (5) .
5678 - وعن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا أيها الناس
_________
(1) تقدم برقم (3577) .
(2) البخاري (5/2119) (5253) ، مسلم (3/1587) (2003) ، أبو داود (3/327) (3679) ، النسائي (8/317) ، ابن ماجه (2/1119) (3373) ، أحمد (2/19، 21، 28) ، مالك (2/846) (1542) ، وأخرجه الترمذي (4/290) (1861) بنحوه ولفظه « ... ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يشربها في الآخرة» .
(3) ابن ماجه (2/1120) (3375) ، ابن أبي شيبة (5/97) (24070) .
(4) أحمد (1/272) .
(5) ابن حبان (12/166) (5347) .(4/1957)
إن الله يبغض الخمر، ولعل الله سينزل فيها أمرًا، فمن كان عنده شيء منها فليبعه ولينتفع به، فما لبثنا إلا يسيرًا حتى قال - صلى الله عليه وسلم -: إن الله حرم الخمر، فمن أدركته هذه الآية وعنده شيء منها فلا يشرب ولا ينتفع. قال: فاستقبل الناس بما كان عندهم منها طرق المدينة فسفكوها» رواه مسلم (1) .
5679 - وعن ابن عباس قال: «كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - صديق من ثقيف أو دوس فلقيه يوم الفتح براحلة أو راوية من خمر يهديها إليه فقال: يا فلان! أما علمت أن الله حرمها؟ فأقبل الرجل على غلامه فقال: اذهب فبعها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الذي حرم شربها حرم بيعها، فأمر بها فأفرغت في البطحاء» رواه أحمد ومسلم والنسائي (2) ، وفي رواية لأحمد (3) : «أن رجلًا خرج والخمر حلال فأهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راوية خمر» فذكر نحوه.
5680 - وعن أبي هريرة «أن رجلًا كان يهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - راوية خمر فأهداها إليه عامًا وقد حرمت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنها قد حرمت. فقال الرجل: أبيعها؟ فقال: إن الذي حرم شربها حرم بيعها. قال: أفلا أكارم بها اليهود؟ قال: إن الذي حرمها حرم أن يكارم بها اليهود. قال: فكيف أصنع بها؟ قال: شنها على البطحاء» رواه الحميدي في "مسنده" (4) ، وما قبله يشهد له.
_________
(1) مسلم (3/1205) (1578) .
(2) أحمد (1/244) ، مسلم (3/1206) (1579) ، النسائي (7/307) ، وأبو يعلى (4/353) (2468) ، وابن حبان (4/462) (2590) .
(3) أحمد (1/323) .
(4) الحميدي (2/447) (1034) .(4/1958)
5681 - وعن ابن عمر قال: «نزل في الخمر ثلاث آيات، فأول شيء نزلت ((يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ)) [البقرة:219] الآية، فقيل: حرمت الخمر. فقيل: يا رسول الله أننتفع بها كما قال الله؟ فسكت عنهم، ثم أنزلت هذه الآية ((لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى)) [النساء:43] فقيل: حرمت الخمر بعينها، فقالوا: يا رسول الله إنا لا نشربها قرب الصلاة فسكت عنهم. ثم نزلت: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)) [المائدة:90] الآية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حرمت الخمر» رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (1) .
5682 - وعن علي قال: «صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعامًا فدعانا وسقانا من الخمر، وقد حضرت الصلاة فقدموني وفيه فأنزل الله عز وجل: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)) [النساء:43] » رواه الترمذي (2) وصححه وأخرجه أبو داود (3) عن علي بلفظ: «إن رجلًا من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوف فسقاهما قبل أن تحرم الخمر فأمهم علي المغرب.. إلخ» قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، هذا آخر كلامه، وفي إسناده عطاء بن السائب لا يعرف إلا من حديثه، وقد قال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه، وفرق مرة بين حديثه القديم وحديثه الحديث، ووافقه على التفرقة الإمام أحمد، وقال أبو بكر البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي متصل الإسناد إلا من حديث عطاء بن السائب
_________
(1) أبو داود الطيالسي (1/264) (1957) .
(2) الترمذي (5/238) (3026) .
(3) أبو داود (3/325) (3671) .(4/1959)
عن أبي عبد الرحمن السلمي، وإنما كان ذلك قبل أن تحرم الخمر فحرمت من أجل ذلك.. هذا آخر كلامه. وقد اختلف في إسناده ومتنه، فأما الاختلاف في إسناده فرواه سفيان الثوري وأبو جعفر الرازي عن عطاء بن السائب فأرسلوه، وأما الاختلاف في متنه ففي كتاب أبي داود والترمذي ما قدمناه، وفي كتاب النسائي وأبي جعفر النحاس أن المصلي بهم عبد الرحمن بن عوف، وفي كتاب أبي بكر البزار: أمروا رجلًا فصلى بهم ولم يسمه، وفي حديث غيره فتقدم بعض القوم.. انتهى من المنذري بلفظه.
5683 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر. ومن مات مدمن الخمر سقاه الله عز وجل من نهر الغوطة. قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات يؤذي أهل النار ريح فروجهن» رواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان في "صحيحه" (1) .
5684 - وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة قد حرم الله تعالى عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث» رواه أحمد واللفظ له، والنسائي والبزار والحاكم وقال: صحيح الإسناد (2) .
5685 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر» رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد (3) .
_________
(1) تقدم برقم (5059) .
(2) أحمد (2/69، 128) ، النسائي (5/80) ، الحاكم (1/144) (244) .
(3) الحاكم (4/162) .(4/1960)
5686 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة ولا تصعد لهم إلى السماء حسنة: العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه فيضع يده في أيديهم، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى، والسكران حتى يصحو» رواه الطبراني في "الأوسط" وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (1) .
5687 - وعن أسماء بنت يزيد أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة، فإن مات مات كافرًا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد كان حقًا على الله أن يسقيه من طينة الخبال. قيل: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار» رواه أحمد (2) بإسناد حسن.
5688 - ورواه أحمد -أيضًا- والبزار والطبراني (3) من حديث أبي ذر بإسناد حسن.
قوله: «أفلا أكارم بها اليهود» المكارمة: أن يهدي الإنسان شيئًا ليكافئه عليه، وهي مفاعلة من الكرم. قوله: «المومسات» هن الزانيات.
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (9/95-96) (9231) ، ابن خزيمة (2/69) (940) ، ابن حبان (12/178) (5355) .
(2) أحمد (6/460) ، الطبراني في "الكبير" (24/168) .
(3) أحمد (5/171) ، البزار (9/459-460) (4074) من حديث أبي ذر، وأخرجه بمعناه أحمد (2/35) ، والطبراني في "الكبير" (12/390، 391، 392) ، وأبو يعلى (10/51) (5686) ، والطيالسي (1/258) (1901) ، وعبد الرزاق (9/235) ، والترمذي (4/290) (1862) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأخرجه أحمد (2/189) ، والحاكم (4/162) ، وابن حبان (12/179) (5357) ، وابن ماجه (2/1120) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.(4/1961)
[35/2] باب ما تتخذ منه الخمر وأن كل مسكر حرام
5689 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة» رواه الجماعة إلا البخاري (1) .
5690 - وعن أنس قال: «إن الخمر حرمت، والخمر يومئذ البسر والتمر» متفق عليه (2) ، وفي لفظ قال: «حرمت علينا حين حرمت وما نجد خمرة الأعناب إلا قليلًا، وعامة خمرنا البسر والتمر» رواه البخاري (3) ، وفي لفظ: «لقد أنزل الله هذه الآية التي حرم فيها الخمر وما في المدينة شراب إلا من التمر» رواه مسلم (4) .
5691 - وعن أنس قال: «كنت أسقي أبا عبيدة وأبي بن كعب من فضيخ زهر وتمر فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت. فقال أبو طلحة: قم يا أنس فأهرقها. فأهرقتها» متفق عليه (5) .
5692 - وعن ابن عمر «أن عمر قال على منبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما بعد.. أيها
_________
(1) مسلم (3/1573) (1985) ، أبو داود (3/327) (3678) ، النسائي (8/294) ، الترمذي (4/297) (1875) ، ابن ماجه (2/1121) (3378) ، أحمد (2/279، 408، 409، 474، 496، 517، 518، 526) ، وهو عند الدارمي (2/154) (2096) ، وابن حبان (12/163) (5344) ، وأبي يعلى (10/398) (6002) ، والطيالسي (1/335) (2569) .
(2) البخاري (5/2121) (5262) ، مسلم (3/1571) (1980) ، أحمد (3/183) ، واللفظ للبخاري.
(3) البخاري (5/2120) (5258) .
(4) مسلم (3/1572) (1982) .
(5) البخاري (5/2121) (5260) ، مسلم (3/1572) (1980) ، أحمد (3/181) ، وابن حبان (12/186) (5364) ، وأبو يعلى (6/100) (3361) .(4/1962)
الناس! إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل» متفق عليه (1) .
5693 - وعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من الحنطة خمرًا، وإن من الزبيب خمرًا، وإن من التمر خمرًا، وإن من العسل خمرًا» رواه الخمسة إلا النسائي (2) ، وقال الترمذي: غريب. قال المنذري: في إسناده إبراهيم بن المهاجر، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، وقال أحمد: لا بأس به. وقال النسائي والقطان: ليس بالقوي. وزاد أحمد وأبو داود «وأَنا أنهى عن كل مسكر» .
5694 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسكر خمر، وكل مسكر حرام» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة (3) ، وفي رواية «كل مسكر خمر وكل خمر حرام» رواه مسلم والدارقطني (4) .
_________
(1) البخاري (4/1688، 5/2120، 2122) (4343، 5259، 5266) ، مسلم (4/2322) (3032) ، وأبو داود (3/324) (3669) ، والنسائي (8/295) ، وابن حبان (12/175) (5353) .
(2) أبو داود (3/326) (3676، 3677) ، الترمذي (4/297) (1872، 1873) ، ابن ماجه (2/1121) (3379) ، أحمد (4/273) ، الحاكم (4/164) ، الدارقطني (4/253) .
(3) مسلم (3/1587) (2003) ، أبو داود (3/327) (3679) ، النسائي (8/296، 297) ، الترمذي (4/290) (1861) ، أحمد (2/16، 29، 31، 98) ، وابن حبان (12/188) (5366) .
(4) مسلم (3/1588) (2003) ، الدارقطني (4/249) ، وهو بهذا اللفظ عند ابن ماجه (2/1124) (3390) ، وابن حبان (12/176) (5354) ، وابن الجارود (1/218) (857) ، وأحمد (2/29) .(4/1963)
5695 - وعن عائشة قالت: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البتع وهو نبيذ العسل، وكان أهل اليمن يشربونه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كل شراب أسكر فهو حرام» .
5696 - وعن أبي موسى قال: «قلت: يا رسول الله! أفتنا في شرابين كنا نضنعهما باليمن: البتع وهو من العسل ينبذ حتى يشتد، والمزر وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أعطي جوامع الكلم بخواتمه فقال: كل مسكر حرام» متفق عليهما (1) .
5697 - وعن جابر «أن رجلًا من جيشان -وجيشان من اليمن- سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له: المزر، فقال: أمسكر هو؟ قال: نعم. قال: كل مسكر حرام، إن لله عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار» رواه أحمد ومسلم والنسائي (2) .
5698 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل مخمر خمر وكل مسكر حرام» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وصححه الترمذي (3) .
_________
(1) حديث عائشة عند البخاري (5/2121، 2122) (5263، 5264) ، ومسلم (3/1585، 1586) (2001) ، وأحمد (6/36، 96، 190، 225) ، وأبو داود (3/328) (3682) ، والترمذي (4/291) (1863) ، والنسائي (8/297) ، وابن ماجه (2/1123) (3386) وحديث أبي موسى عند البخاري (4/1579، 5/2269) (4087، 5773) ومسلم (3/1586) (1733) ، وأحمد (4/410، 417) ، وأبي داود (3/328) (3684) ، والنسائي (8/298) .
(2) أحمد (3/360) ، مسلم (3/1587) (2002) ، النسائي (8/327) .
(3) هذا اللفظ أخرجه أبو داود (3/327) (3680) من حديث ابن عباس، وأخرج النسائي (8/297) ، ابن ماجه (2/1127) (3401) ، والترمذي (4/291) (1864) ، وأحمد = = (2/429، 501) من حديث أبي هريرة بلفظ «كل مسكر حرام» .(4/1964)
5699 - ولابن ماجة (1) مثله من حديث ابن مسعود.
5700 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق منه فلملء الكف منه حرام» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (2) ، وقال: حديث حسن. قال في "مختصر البدر": صحيح.
5701 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» رواه أحمد وابن ماجة والدارقطني وصححه (3) .
5702 - ولأبي داود والترمذي وحسنه وابن ماجة (4) من حديث جابر مثله، وصححه ابن حبان.
5703 - ولأحمد والنسائي وابن ماجة (5) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مثله.
_________
(1) ابن ماجه (2/1124، 1128) (3388، 3406) من حديث ابن مسعود بلفظ: «كل مسكر حرام» .
(2) أحمد (6/71، 72، 131) ، أبو داود (3/329) (3687) ، الترمذي (4/293) (1866) ، وهو عند ابن الجارود (1/219) (861) ، وابن حبان (12/203) (5383) ، والدارقطني (4/255) ، والبيهقي (8/296) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/216) ، وأبي يعلى (7/322) (4360) .
(3) أحمد (2/91) ، ابن ماجه (2/1124) (3392) ، الدارقطني (4/262) .
(4) تقدم برقم (4966) .
(5) أحمد (2/167، 179) ، النسائي (8/300) ، ابن ماجه (2/1125) (3394) ، والدارقطني (4/254) .(4/1965)
5704 - وللدارقطني (1) من حديث علي مثله.
5705 - وعن سعد بن أبي وقاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن قليل ما أسكر كثيره» رواه النسائي والدارقطني (2) ، قال المنذري: حديث سعد أجودها إسنادًا.
5706 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه قوم فقالوا: يا رسول الله! إنا ننتبذ النبيذ فنشربه على غدائنا وعشائنا. فقال: اشربوا فكل مسكر حرام. فقالوا: يا رسول الله إنا نكسره بالماء. فقال: حرام قليل ما أسكر كثيره» رواه الدارقطني (3) .
5707 - وعن ميمونة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تنتبذوا في الدبا ولا في المزفت ولا في النقير ولا في الجرار، وقال: كل مسكر حرام» رواه أحمد (4) ، قال في "مجمع الزوائد": في إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل، وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح.
5708 - وعن أبي مالك الأشعري أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليشربن أناس من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها» رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان (5) ، وقد ساق له الحافظ عدة شواهد.
_________
(1) الدارقطني (4/250) .
(2) النسائي (8/301) ، الدارقطني (4/251) ، وهو عند ابن الجارود (1/219) (862) ، وابن حبان (12/192) (5370) ، والدارمي (2/154) (2099) ، وأبي يعلى (2/55) (694) .
(3) الدارقطني (4/257) (60) .
(4) أحمد (6/233) .
(5) تقدم برقم (5496) .(4/1966)
5709 - وعن ابن محيريز عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يشرب ناس من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها» رواه النسائي (1) بإسناد صحيح، وقد أخرجه أحمد وابن ماجة (2) من وجه آخر بسند جيد.
5710 - وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تذهب الليالي والأيام حتى يشرب طائفة من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها» رواه ابن ماجة (3) بإسناد ضعيف.
5711 - وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليستحلن طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها» رواه أحمد وابن ماجة (4) بإسناد فيه مجهول.
قوله: «البتع» بكسر الموحدة وسكون المثناة فوق. قوله: «الفرق» بفتح الراء وسكونها والفتح أشهر، وهو مكيال يسع ستة عشر رطلًا.
[35/3] باب الأوعية المنهي عن الانتباذ فيها ونسخ تحريم ذلك
5712 - عن عائشة «أن وفد عبد القيس قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوا عن النبيذ فنهاهم أن ينتبذوا في الدباء والنقير والمزفت والحنتم» .
_________
(1) النسائي (8/312) ، أحمد (4/237) .
(2) أخرجه أحمد وابن ماجه من طريق محيريز عن ثابت بن السمط عن عبادة بن الصامت، وهو الحديث الذي سيأتي في نهاية الباب.
(3) ابن ماجه (2/1123) (3384) .
(4) أحمد (5/318) ، وابن ماجه (2/1123) (3385) .(4/1967)
5713 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لوفد عبد القيس: «أنهاكم عما ينبذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت» .
5714 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنتبذوا في الدباء ولا في المزفت» .
5715 - وعن ابن أبي أوفى قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نبيد الجر الأخضر» .
5716 - وعن علي قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينبذ في الدباء والمزفت» متفق على خمستهن (1) .
5717 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنتبذوا في الدباء ولا في
_________
(1) حديث عائشة أخرجه: مسلم (3/1579) (1995) ، وأحمد (6/131) ، والنسائي (8/307) ، وأخرجه البخاري (5/2124) (5273) ، ومسلم (3/1578) (1995) بنحوه، وحديث ابن عباس أخرجه: البخاري (1/29، 45، 2/506، 3/1128، 1292، 4/1588، 5/2285، 6/2652) (53، 87، 1334، 2928، 3319، 4110، 4111، 5822، 6838) ، ومسلم (1/47، 48، 3/1579، 1580) (17) ، وأحمد (1/228) ، وابن الجارود (1/101) (374) ، وابن حبان (1/396) (172) ، وابن خزيمة (1/158) (307) ، وأبو داود (3/330) (3692) ، والنسائي (8/120، 322) ، وحديث أنس أخرجه: البخاري (5/2122) (5265) ، ومسلم (3/1577) (1992) ، وأحمد (3/110، 165) ، والنسائي (8/305) ، وحديث ابن أبي أوفى أخرجه: البخاري (5/2125) (5274) ، والنسائي (8/304) ، وأحمد (4/353، 356، 380) ، والحديث لم يخرجه مسلم ولم يعزه له المزي في التحفة (4/283) (5166) ، وحديث علي أخرجه: البخاري (5/2124) (5272) ، ومسلم (3/1578) (1994) ، وأحمد (1/83) ، والنسائي (8/305) .(4/1968)
المزفت» وفي رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن المزفت والحنتم والنقير، قيل لأبي هريرة: ما الحنتم؟ قال: الجرار الخضر» .
5718 - وعن أبي سعيد «أن وفد عبد القيس قالوا: يا رسول الله! ماذا يصلح لنا من الأشربة؟ قال: لا تشربوا في النقير. فقالوا: جعلنا الله فداك أو تدري ما النقير؟ قال: نعم، الجذع ينقر في وسطه ولا في الدباء ولا في الحنتم، وعليكم بالموكى» رواهن أحمد ومسلم (1) .
5719 - وعن ابن عمرو وابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن الدباء والحنتم [والمزفت»
5720 - وعن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لوفد عبد القيس: «أنهاكم عن الدباء والحنتم] والنقير والمُقَيَّر والمزادة المجبوبة، ولكن اشرب في سقائك وأوكه» رواهما مسلم والنسائي وأبو داود (2) .
5721 - وعنهما قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحنتمة -وهي الجرة- ونهى عن الدباء -وهي القرعة- ونهى عن النقير -وهي أصل النخلة تنقر نقرًا وتنسح
_________
(1) حديث أبي هريرة عند أحمد (2/241) ، ومسلم (3/1577) (1993) ، والنسائي (8/305) باللفظ الأول، ومسلم (3/1577) (1993) باللفظ الثاني، وحديث أبي سعيد عند أحمد (3/57) ومسلم (1/50) (18) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/225) ، وعبد الرزاق (9/200) .
(2) حديث أبي هريرة عند مسلم (3/1578) (1993) ، والنسائي (8/309) ، وأبي داود (3/331) (3693) ، وأحمد (2/491) ، وأما حديث ابن عمر وابن عباس فهو عند مسلم (3/1580) (1997) ، والنسائي (8/308) ، وأبي داود (3/330) (3690) ، وأحمد (1/352) ، وما بين المعكوفين سقط من الأصل واستدرك من "المنتقى".(4/1969)
نسحًا- ونهى عن المزفت -وهو المقير- وأمر أن ينبذ في الأسقية» رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه (1) .
5722 - وعن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرًا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (2) ، وفي رواية: «نهيتكم عن الظروف وأن ظرفًا لا يحل شيئًا ولا يحرمه، وكل مسكر حرام» رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود (3) .
5723 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «لما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأوعية قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ليس كل الناس يجد سقاء. فرخص لهم في الجر غير المزفت» متفق عليه (4) .
5724 - وعن أنس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النبيذ في الدبى والنقير والحنتم والمزفت. ثم قال بعد ذلك: ألا كنت نهيتكم عن النبيذ في الأوعية فاشربوا فيما شئتم ولا تشربوا مسكرًا، من شاء أوكى سقاءه على إثم» رواه أحمد وأبو يعلى
_________
(1) هذا لفظ حديث ابن عمر وهو عند أحمد (2/56) ، ومسلم (3/1583) (1997) ، والنسائي (8/308) ، والترمذي (4/294) (1868) ، وأما حديث ابن عمر وابن عباس فلفظه: «حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجرة» وهو عند مسلم (3/1581) (1997) ، والنسائي (8/308) ، وأحمد (2/48، 104، 112) ، وأبي داود (3/330) (3691) .
(2) أحمد (5/350، 355، 356) ، مسلم (3/1558) (977) ، أبو داود (3/332) (3698) ، النسائي (8/310، 311) .
(3) مسلم (3/1585) (977) ، النسائي (8/311) ، الترمذي (4/295) (1869) ، ابن ماجه (2/1127) (3405) ، أحمد (5/356) .
(4) البخاري (5/2124) (5271) ، مسلم (3/1585) (2000) ، أحمد (2/160) ، والنسائي (8/310) .(4/1970)
والبزار (1) ، ورجال إسناده ثقات إلا يحيى بن عبد الله الجابري ضعفه الجمهور وقال أحمد: لا بأس به.
5725 - وعن عبد الله بن مغفل قال: «أنا شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نهى عن نبيذ الخمر وأنا شهدته حين رخص فيه وقال: اجتنبوا كل مسكر» رواه أحمد (2) ، وفي إسناده أبو جعفر الدار، وفيه مقال لا يضر وبقية رجاله ثقات.
قوله: «الدُبّاء» بضم الدال المهملة وتشديد الباء هو القرع. قوله: «المزفت» اسم مفعول هو الإناء المطلي بالزفت وهو القار. قوله: «الحنتم» بفتح الحاء المهملة، هو الجرار الخضر، واتسع في ذلك فقيل للخزف: حنتم. قوله: «الجر» بفتح الجيم، قال ابن عباس: الجر كل شيء يصنع من المدر. قوله: «المقير» بضم الميم وفتح القاف والياء المشددة هو المزفت. قوله: «الموكى» أي الأسقية الموكاة. قوله «المزادة» هي السقاء الكبير و «المجبوبة» بالجيم بعدها موحدتان بينهما واو كذا قال عياض، وقال: روى بعضهم بالخاء المعجمة ثم النون وبعدها ثاء مثلثة، وصوّب الأول رواية الجيم، وهي التي قطع رأسها فصارت كالدن مشتقة من الجب وهو القطع. قوله: «أوكه» بفتح الهمزة أي شد رأسه بالوكاء، يعني: بالخيط لئلا يدخل حيوان أو يسقط فيه شيء. قوله: «نسح نسحًا» بالحاء المهملة عند أكثر الشيوخ، وروي بالجيم وهو تصحيف.
[35/4] باب ما جاء في الخليطين
5726 - عن جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه «نهى أن ننتبذ التمر والزبيب
_________
(1) أحمد (3/237، 250) ، أبو يعلى (6/372، 373) (3705-3707) ، البزار (1211- كشف الأستار) ، والبيهقي (4/77) ، وابن أبي شيبة (5/85، 86) .
(2) أحمد (4/87) ، ابن أبي شيبة (5/68) .(4/1971)
جميعًا، ونهى أن ننتبذ الرطب والبسر جميعًا» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) فإن له منه فصل الرطب والبسر.
5727 - وعن أبي قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنتبذوا الزهو والرطب جميعًا، ولا تنتبذوا الزبيب والرطب جميعًا» وفي لفظ أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن خليط التمر والبسر وعن خليط الزبيب والتمر وعن خليط الزهو والرطب وقال: انبذوا كل واحد منهما على حدته» رواه مسلم وأبو داود (2) .
5728 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن التمر والزبيب أن يخلط بينهما، وعن التمر والبسر أن يخلط بينهما، يعني في الانتباذ» رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي (3) ، وفي لفظ «نهانا أن نخلط بسرًا بتمر وزبيبًا ببسر، وقال: من شربه منكم فليشربه زبيبًا فردًا أو تمرًا فردًا أو بسرًا فردًا» رواه مسلم والنسائي (4) .
_________
(1) البخاري (5/2126) (5279) ، مسلم (3/1574) (1986) ، أبو داود (3/333) (3703) ، النسائي (8/290) ، ابن ماجه (2/1125) (3395) ، أحمد (3/294، 300، 317) ، وهو عند الترمذي (4/298) (1876) بلفظ: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينبذ البسر والرطب جميعًا» .
(2) أخرجه باللفظ الأول البخاري (5/2126) (5280) ، إلا أنه قال: «التمر» بدل «الرطب» ، ومسلم (3/1575) (1988) ، والنسائي (8/289، 291، 292) ، وابن ماجه (2/1125) (3397) ، وأخرجه باللفظ الثاني مسلم (3/1576) (1988) ، وأحمد (5/307) ، وأبو داود (3/333) (3704) ، والنسائي (8/292) .
(3) أحمد (3/3، 9) ، مسلم (3/1574) (1987) ، النسائي في "الكبرى" (4/184) ، الترمذي (4/298) (1877) .
(4) مسلم (3/1575) (1987) ، النسائي (8/293، 294) .(4/1972)
5729 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تنتبذوا التمر والزبيب جميعًا، ولا تنتبذوا التمر والبسر جميعًا، وانبذوا كل واحد منهن وحده» رواه أحمد ومسلم (1) .
5730 - وعن ابن عباس قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخلط الزبيب والتمر جميعًا، وأن يخلط البسر والتمر جميعًا» .
5731 - وعنه قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخلط البلح بالزهو» رواهما مسلم (2) .
5732 - وعن المختار بن فلفل عن أنس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجمع بين شيئين فينبذا يبغي أحدهما على صاحبه. قال: وسألته عن الفضيخ فنهاني عنه، قال: كان يكره المذنب من البسر مخافة أن يكون شيئين فكنا نقطعه» رواه النسائي (3) ورجال إسناده ثقات، وورقاء صدوق.
5733 - وعن عائشة قالت: «كنا ننبذ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سقاء فنأخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فنطرحهما، ثم نصب عليهما الماء فينبذ غدوة فيشرب عشية وينبذ عشية فيشرب غدوة» رواه ابن ماجة (4) ، وفي إسناده تبالة بنت يزيد
_________
(1) أحمد (2/445، 526) ، مسلم (3/1576) (1989) ، وهو عند النسائي (8/293) ، وابن ماجه (2/1125) (3396) .
(2) الحديث الأول عند مسلم (3/1576) (1990) ، والنسائي (8/291) ، والثاني عند مسلم (3/1580) (17) ، والنسائي (8/289) ، وأحمد (1/276، 304) .
(3) النسائي (8/291) .
(4) ابن ماجه (2/1126) (3398) ، وأحمد (6/46) ، ووقع عند أحمد «تبالة بنت يزيد عن = = عائشة» ووقع عند ابن ماجه «بُنانة بنت يزيد» والذي عند ابن ماجه هو الصواب. وانظر ترجمتها في التهذيب (8393) . نقلًا من مخرج "نيل الأوطار" (5/268) .(4/1973)
الراوية عن عائشة وهي مجهولة، وبقية رجاله رجال الصحيح، وقد رواه أبو داود (1) عن صفية بنت عطية عن عائشة بإسناد فيه أبو بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي، قال المنذري: لا يحتج بحديثه.
قوله: «الزهو» بفتح الزاي وضمها لغتان مشهورتان، وهو البسر الملون الذي بدا فيه حمرة أو صفرة، وطاب. قوله: «على حدته» بكسر الحاء المهملة وفتح الدال. قوله: «البلح» بفتح الموحدة واللام، قال في "الدر النثير": البلح أول ما يرطب من البسر، واحدته بلحة. قوله: «المذنب» بذال معجمة فنون مشددة مكسورة، وهو الذي يبدو الطيب فيه من ذنبه أي طرفه. قوله: «نقطعه» أي: نفصل بين البسر وما بدا فيه.
[35/5] باب ما جاء من النهي عن تخليل الخمر
5734 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «سئل عن الخمر يتخذ خلًا فقال: لا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه (2) .
5735 - وعن أنس -أيضًا- «أن أبا طلحة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمرًا، فقال: أهرقها، قال: أفلا نجعلها خلًا؟ قال: لا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (3) ورجاله ثقات والترمذي من طريقين، وقال: الثانية أصح.
_________
(1) أبو داود (3/333) (3708) .
(2) أخرجه مسلم (3/1573) (1983) ، والترمذي (3/589) (1294) ، وأبو يعلى (7/101) (4045) ، والدارقطني (4/265) ، بهذا اللفظ، وأما لفظ أبي داود وأحمد فهو الحديث التالي.
(3) أبو داود (3/326) (3675) ، والدارمي (2/159) (2115) ، وأحمد (3/119، 180 = = 260) ، وأبو يعلى (7/105) (4051) ، والترمذي (3/588) (1293) .(4/1974)
5736 - وعن أبي سعيد قال: «قلنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حرمت الخمر: إن عندنا خمرًا ليتيم لنا فأمرنا فأهرقناها» رواه أحمد وأشار إليه الترمذي (1) .
5737 - وعن أنس «أن يتيمًا كان في حجر أبي طلحة فاشترى له خمرًا فلما حرمت الخمر سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتتخذ خلًا؟ قال: لا» رواه أحمد والدارقطني (2) .
قوله: «أهرقها» بسكون القاف وكسر الراء.
[35/6] باب ما جاء في شرب النبيذ ما لم يسكر أو يمضي عليه ثلاثة أيام
وما جاء من الآثار في العصير إذا ذهب ثلثاه بالطبخ
5738 - عن عائشة قالت: «كنا ننبذ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سقاء يوكى أعلا وله عزلا، ننبذه غدوة فيشربه عشاءً، وننبذه عشاءً فيشربه غدوة» رواه أحمد ومسلم والترمذي وأبو داود (3) .
5739 - وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينبذ له أول الليل فيشربه إذا أصبح يوم ذلك الليلة التي يجيء والغد والليلة الأخرى والغد إلى العصر، فإذا بقي شيء سقاه الخادم وأمر به فصب» رواه أحمد ومسلم (4) ، وفي رواية
_________
(1) أحمد (3/26) ، الترمذي (3/563) (1263) ، أبو يعلى (2/460) (1277) ، ابن الجارود (1/217) (853) .
(2) أحمد (3/260) ، الدراقطني (4/265) (4) .
(3) أحمد (6/124) ، مسلم (3/1590) (2005) ، الترمذي (4/296) (1871) ، أبو داود (3/334) (3711) ، ابن حبان (12/207) (5385) .
(4) أحمد (1/232، 240، 355) ، مسلم (3/1589) (2004) .(4/1975)
«كان ينقع له الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة، ثم يأمر به فيسقى الخادم أو يهرق» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) ، وقال: يعني يسقي الخادم يبادر به الفساد، وفي رواية «كان ينبذ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيشربه يومه ذلك، والغد، واليوم الثالث فإن بقي شيء أهراقه أو أمر به فأهريق» رواه النسائي وابن ماجة (2) .
5740 - وعن أبي هريرة قال: «علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم فتحينت فطرة بنبيذ صنعته في دبا ثم أتيته فإذا هو ينش فقال: اضرب بهذا الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة (3) ، ورجال إسناده ثقات، وهشام بن عمار قد أخرج له البخاري ووثقه ابن معين.
5741 - وعن ابن عمر في العصير «اشربه ما لم يأخذ شيطانه. قيل في كم يأخذه شيطانه؟ قال: في ثلاث» رواه أحمد (4) وغيره.
5742 - وعن أبي موسى «أنه كان يشرب من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه» رواه النسائي (5) .
5743 - وله (6) مثله عن عمر.
_________
(1) أحمد (1/224) ، مسلم (3/1589) (2004) ، أبو داود (3/335) (3713) ، والنسائي (8/333) .
(2) النسائي (8/333) ، ابن ماجه (2/1126) (3399) .
(3) أبو داود (3/336) (3716) ، النسائي (8/301) ، ابن ماجه (2/1128) (3409) .
(4) وصله عبد الرزاق (9/217) ، ابن أبي شيبة (5/78) .
(5) النسائي (8/330) (5721) عن أبي موسى.
(6) النسائي (8/329) (5717) عن عمر.(4/1976)
5744 - وأبي الدرداء (1) .
5745 - وقال البخاري (2) : رأى عمر وأبو عبيدة ومعاذ شرب الطلاء على الثلث وشرب البراء وأبو جحيفة على النصف، وقال أبو داود: سألت أحمد عن شرب الطلاء إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلث فقال: لا بأس به. فقلت: إنهم يقولون: يسكر! قال: لا يسكر لو كان مسكرًا ما أحله عمر.
5746 - وأخرج النسائي (3) -أيضًا- عن ابن عباس بسند صحيح أنه قال: النار لا تحل شيئا ولا تحرمه.
5747 - وأخرج النسائي (4) أيضًا قال: سأل رجل ابن عباس عن العصير فقال: اشربه ما كان طريًا. فقال: إني طبخت شرابًا، وفي نفسي. قال: كنت شاربه قبل أن تطبخه. قال: لا، فإن النار لا تحل شيئًا قد حرم.
قال الحافظ: وهذا يقيد ما أطلق في الآثار الماضية وهو أن الذي يطبخ إنما هو العصير الطري، قبل أن يختمر أما لو صار خمرًا فطبخ، فإن الطبخ لا يحله ولا يطهره على رأي من يجيز تخليل الخمر، والجمهور على خلافه.
قوله: «يوكى» أي: يشد بالوكاء وهو غير مهموز. قوله: «ولا عزلا» بفتح العين المهملة وإسكان الزاي وبالمد، وهو الثقب الذي يكون في أسفل المزادة أو القربة. قوله: «عشاء» بكسر العين وفتح الشين. قوله: «مساء الثالثة» بضم الميم وكسرها لغتان
_________
(1) النسائي (8/329) (5720) عن أبي الدرداء.
(2) علقه البخاري (5/2125) قبل الحديث (5276) .
(3) النسائي (8/331) (5730) .
(4) النسائي (8/331) (5729) .(4/1977)
مشهورتان، قال النووي: والضم أرجح. قوله: «فيسقي الخادم» محمول على أنه لم يكن قد بلغ حد السكر؛ لأن الخادم لا يجوز أن يسقى لمسكر. قوله: «أو يهرق» بضم أوله. قوله: «فتحينت» أي: طلبت حين فطرة. قوله: «ينش» بفتح التحتية وكسر النون، نشت الخمر إذا غلت.
[35/7] باب آداب الشرب
5748 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان يتنفس في الإناء ثلاثًا» متفق عليه (1) ، وفي لفظ «كان يتنفس في الشراب ثلاثًا، ويقول: إنه أروى وأمرى» رواه أحمد ومسلم (2) .
5749 - وعن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء» متفق عليه (3) .
5750 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النفخ في الشراب، فقال رجل: القذاة أراها في الإناء. فقال: أهرقها. فقال: إني لا أرى من نفس واحد. قال: فأبن القدح إذًا عن فيك» رواه أحمد والترمذي وصححه (4) .
_________
(1) البخاري (5/2133) (5308) ، مسلم (3/1602) (2028) ، أحمد (3/114، 119، 128) ، والترمذي (4/203) (1884) ، وابن ماجه (2/1131) (3416) .
(2) أحمد (3/118-119) ، مسلم (3/1602) (2028) ، وأبو داود (3/338) (3727) ، والترمذي (4/302) (1884) .
(3) البخاري (1/69، 5/2133) (152، 153، 5307) ، مسلم (1/225، 3/1602) (267) ، أحمد (4/383، 5/296، 309، 311) ، وهو عند الترمذي (4/304) (1889) ، والنسائي (1/43) .
(4) هذا اللفظ من حديث أبي سعيد الخدري وهو عند أحمد (3/26، 32) ،والترمذي (4/303) = = (1887) ، ومالك في "الموطأ" (2/925) (1650) ، وابن حبان (12/144-145) (5327) ، والحاكم (4/155) ، والدارمي (2/161) (2121) وأما حديث ابن عباس فلفظه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء، أو ينفخ فيه» وهو عند أبي داود (3/338) (3728) ، والترمذي (4/304) (1888) ، وابن ماجه (2/1094، 1134) (3288، 3429) ، وأحمد (1/220) .(4/1978)
5751 - وعن أبي سعيد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب قائمًا. قال قتادة: فقلنا: فالأكل. قال: ذاك أشر وأخبث» رواه أحمد ومسلم والترمذي (1) .
5752 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يشربن أحدكم قائمًا فمن نسي فليستقي» رواه مسلم (2) .
5753 - وعن ابن عباس قال: «شرب النبي - صلى الله عليه وسلم - قائمًا من زمزم» متفق عليه (3) .
_________
(1) هذا اللفظ من حديث قتادة عن أنس وهو عند أحمد (3/131، 182) ، ومسلم (3/1600) (2024) ، والترمذي (4/300) (1879) ، وأبي يعلى (5/451) (3165) ، والدارمي (2/162) (2127) ، وأخرجه مسلم (3/1601) (2024) ، وأحمد (3/118) ، وأبو داود (3/336) (3717) ، وأبو يعلى (5/342) (2973) ، وابن حبان (12/140، 142) (5321، 5323) ، وابن ماجه (2/1132) (3424) من دون قول قتادة، وأما حديث أبي سعيد فلفظه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائمًا» وهو عند مسلم (3/1601) (2025) ، وأحمد (3/32، 45، 54) ، وابن الجارود (1/220) (866) .
(2) مسلم (3/1601) (2026) .
(3) البخاري (2/590، 5/2130) (1556، 5294) ، مسلم (3/1601، 1602) (2027) ، أحمد (1/214، 220، 287) ، وهو عند ابن ماجه (2/1132) (3422) ، والنسائي (5/237) ، والترمذي (4/301) (1882) ، وأبو يعلى (5/45) (2634، 2635) .(4/1979)
5754 - وعن علي «أنه في رحبة الكوفة شرب قائمًا ثم قال: إن ناسًا يكرهون الشرب قائمًا، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع مثل ما صنعت» رواه أحمد والبخاري (1) .
5755 - وعن ابن عمر قال: «كنا نأكل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه (2) .
5756 - وعن أبي سعيد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب من ثلمة القدح وأن ينفخ في الشراب» رواه أبو داود (3) ، وقال المنذري: في إسناده قرة بن عبد الرحمن بن حوبل المصري أخرج له مسلم مقرونًا بعمرو بن الحارث وغيره، وقال أحمد: منكر الحديث جدًا. وقال ابن معين: ضعيف وتكلم فيه غيرهما.
5757 - وعن أبي سعيد قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اختناث الأسقية أن يشرب من أفواهها» متفق عليه (4) ، وفي رواية «واختناثها أن يقلب رأسها ثم
_________
(1) أحمد (1/123) ، البخاري (5/2130) (5292، 5293) ، وأبو داود (3/336) (3718) ، والنسائي (1/84-85) ، وابن حبان (4/171، 12/144) (1341، 5326) .
(2) أحمد (2/24، 29، 108) ، ابن ماجه (2/1098) (3301) ، الترمذي (4/300) (1880) ، وهو عند ابن الجارود (1/220) (867) ، وابن حبان (12/47، 143) (5243، 5325) ، والدارمي (2/162) (2125) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/273) ، والبيهقي (7/283) ، وابن أبي شيبة (5/101، 102) ، وعبد بن حميد (1/251) (785) .
(3) أبو داود (3/337) (3722) ، وابن حبان (12/135) (5315) ، أحمد (3/80) .
(4) البخاري (5/2132) (5303) ، مسلم (3/1600) (2023) ، أحمد (3/6، 67، 69، 93) ، وهو عند ابن حبان (12/137) (5317) ، وابن ماجه (2/1131) (3418) ، والترمذي (4/305) (1890) ، وأبي داود (3/336) (3720) ، والدارمي (2/160) (2119) ، وأبي يعلى (2/365) (1124) .(4/1980)
يشرب منه» أخرجاه (1) .
5758 - وعن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يشرب من فيّ السقاء» رواه البخاري وأحمد (2) وزاد «قال أيوب: فانبيت أن رجلًا شرب من في السقاء فخرجت حية» .
5759 - وعن ابن عباس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب من فيّ السقاء» رواه الجماعة إلا مسلمًا (3) .
5760 - وعن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن جدته كبشة قالت: «دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشرب من فيّ القربة معلقةً قائمًا، فقمت إليها فقطعته» رواه ابن ماجة والترمذي وصححه (4) .
5761 - وعن أم سليم قالت: «دخل علي رسول الله عليه السلام وفي البيت قربة
_________
(1) البخاري (5/2132) (5302) ، مسلم (3/1600) (2023) .
(2) البخاري (5/2132) (5304، 5305) ، أحمد (2/247، 327، 353) ، وابن ماجه (2/1132) (3420) ، والدارمي (2/160) (2118) ، وزيادة أيوب عند أحمد (2/230، 487) .
(3) البخاري (5/2132) (5306) ، أبو داود (3/336) (3719) ، النسائي (7/240) ، الترمذي (4/270) (1825) ، ابن ماجه (2/1132) (3421) ، أحمد (1/226، 293، 321، 339) ، وهو عند ابن الجارود (1/223) (887) ، وابن حبان (12/220) (5399) ، وابن خزيمة (4/146) (2552) ، والدارمي (2/160) (2117) .
(4) ابن ماجه (2/1132) (2423) ، الترمذي (4/306) (1892) ، وهو عند أحمد (6/434) ، والحميدي (1/172) (354) .(4/1981)
معلقة فشرب منها وهو قائم فقطعت فاها وإنه لعندي» رواه أحمد ومسلم والترمذي في "الشمائل" (1) .
5762 - وعن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنًا فمضمض وقال: إن له لدسمًا» رواه أحمد والبخاري (2) .
5763 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال: الأيمن فالأيمن» رواه الجماعة إلا النسائي (3) .
5764 - وعن سهل بن سعد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال
_________
(1) أحمد (6/376، 431) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/274) ، والطبراني في "الكبير" (25/126) (307) من حديث أم سليم. وأخرجه أحمد (3/119) ، والترمذي في "الشمائل" (215) ، وابن أبي شيبة (5/103) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/274) من حديث أنس.
(2) أحمد (1/223، 227، 329، 337، 373) ، البخاري (1/87، 5/2128) (208، 5286) ، وهو عند مسلم (1/274) (358) ، وأبي داود (1/50) (196) ، والنسائي (1/109) ، والترمذي (1/149) (89) ، وابن ماجه (1/167) (498) ، وابن خزيمة (1/29) (46، 47) ، وأبي يعلى (4/307) (2418) ، وابن حبان (3/433، 434) (1158، 1159) .
(3) البخاري (2/830، 5/2129، 2130) (2225، 5289، 5296) ، مسلم (3/1603) (2029) ، أبو داود (3/338) (3726) ، الترمذي (4/306) (1893) ، ابن ماجه (2/1133) (3425) ، أحمد (3/113) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/193) ، وابن حبان (12/150، 151، 152، 153) (5333، 5334، 5336، 5337) ، والدارمي (2/160) (2116) ، وأبي يعلى (6/295) (3613) .(4/1982)
الغلام: والله يا رسول الله لا آثرت بنصيبي منك أحدًا، فتلّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده» متفق عليه (1) .
5765 - وعن أبي قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ساقي القوم آخرهم شربًا» رواه ابن ماجة والترمذي وصححه أبو داود (2) ، قال المنذري: ورجال إسناده ثقات.
قوله: «اختناث الأسقية» بالخاء المعجمة ثم مثناة فوقية بعدها نون وبعد الألف مثلثة وهو ما ذكر وتقدم تفسير الاختناث وهو من كلام الزهري كما جزم به الخطابي. قوله: «فتلّه» بفتح المثناة الفوقية وتشديد اللام، أي: وضعه في يده.
[35/8] باب كراهية الإسراف في الأكل والشرب
5766 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة» رواه أبو داود وأحمد والنسائي وابن ماجة وعلقه البخاري (3) ، قال المنذري: ورواته إلى عمرو بن شعيب
_________
(1) البخاري (2/834، 865، 919، 920، 5/2130) (2237، 2319، 2462، 2464، 5297) ، مسلم (3/1604) (2030) ، أحمد (5/333) ، ومالك (2/926) (1656) ، ابن حبان (12/151) (5335) .
(2) ابن ماجه (2/1135) (3434) ، الترمذي (4/307) (1894) ، والدارمي (2/164) ، وابن أبي شيبة (5/111) ، والنسائي في "الكبرى" (4/194) (6867) ، وأحمد (5/303، 305) ، وأخرجه مسلم مطولًا وفيه موضع الشاهد (1/472-473) (681) .
(3) علقه البخاري (5/2181) قبل الحديث (5446) كتاب اللباس، ووصله أبو داود الطيالسي (1/299) (2261) كما ذكر ذلك الحافظ في الفتح (10/253) والحديث ليس عند أبي داود السجستاني، وقد نبه على هذا المصنف في نهاية الباب، وأحمد (2/181، 182) ، والنسائي (5/79) ، وابن ماجه (2/1192) (3605) ، والحاكم (4/150) ، وأخرجه الترمذي = = (5/123) (2819) مختصرًا.(4/1983)
ثقات محتج بهم في الصحيح، وقال عمرو بن شعيب: الجمهور على توثيقه وعلى الاحتجاج بروايته عن أبيه عن جده.. انتهى، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح، وأقره الذهبي.
5767 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم يأكل في معاء والكافر يأكل في سبعة أمعاء» أخرجاه (1) .
5768 - وعن المقدام بن معدي كرب قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما ملأ آدمي وعاءً شرًا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه» رواه أحمد والترمذي وحسنه، وابن ماجة وابن حبان في "صحيحه" (2) إلا أن ابن ماجة قال: «فإن غلب الآدمي نفسه فثلث للطعام» الحديث.
5769 - وعن أبي جحيفة قال: «أكلت ثريدة من خبز ولحم ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعلت أتجشأ فقال: يا هذا! كف من جشائك فإن أكثر الناس شبعًا في
_________
(1) البخاري (5/2062) (5081) ، مسلم (3/1632) (2062) ، وابن حبان (1/378) (161) ، وابن ماجه (2/1084) (3256) ، والنسائي في "الكبرى" (4/178) (6772) ، والدارمي (2/136) (2043) ، وابن أبي شيبة (5/143) (24548) ، وأحمد (2/257، 318، 415، 435، 455) .
(2) أحمد (4/132) ، الترمذي (4/590) (2380) ، ابن ماجه (2/1111) (3349) ، ابن حبان (2/449) (674) ، والحاكم (4/135) ، والنسائي في "الكبرى" (4/177، 178) .(4/1984)
الدنيا أكثرهم جوعًا يوم القيامة» قال المنذري: رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم، وقال: صحيح الإسناد وتعقبه، ورواه البزار (1) برجال ثقات.. انتهى.
5770 - وأخرج الترمذي (2) معناه من حديث ابن عمر وقال: حديث حسن.
5771 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أهل الشبع في الدنيا هم أهل الجوع غدًا في الآخرة» رواه الطبراني (3) بإسناد حسن.
تنبيه: حديث عمرو بن شعيب «كلوا واشربوا» .. إلخ، عزاه إلى أبي داود في "بلوغ المرام" وفي "الجامع الصغير"، وفي "الترغيب والترهيب"، وعزاه في "الأطراف" إلى ابن ماجة والنسائي، وفي "جامع الأصول" عزاه إلى النسائي، وفي "مقدمة الفتح" عزاه إلى النسائي وأبي داود الطيالسي والله أعلم.
* * *
_________
(1) الحاكم (4/135، 346) ، والطبراني في "الكبير" (22/132) (351) ، والبزار (3669-كشف) ، وهو عند الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر الآتي، وليس لهما من حديث أبي جحيفة وانظر "الترغيب والترهيب" للمنذري (3/99) .
(2) الترمذي (4/649) (2478) ، ابن ماجه (2/1111) (3350) .
(3) الطبراني في "الكبير" (11/267) .(4/1985)
أبواب الطب
[35/9] باب إباحة التداوي وتركه
5772 - عن أسامة بن شريك قال: «جاء أعرابي فقال: يا رسول الله أنتداوى؟ قال: نعم، فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله» رواه أحمد والنسائي والبخاري في الأدب، وصححه ابن خزيمة والحاكم (1) ، وفي رواية لأبي داود وابن ماجة والترمذي وصححه (2) «قالت الأعراب: يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال: نعم، عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاء أو دواء؛ إلا داءً واحدًا. قالوا: يا رسول الله وما هو؟ قال: الهرم» .
5773 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله تعالى» رواه أحمد ومسلم (3) .
5774 - وعن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله» رواه أحمد والنسائي وصححه ابن
_________
(1) بهذا اللفظ عند أحمد (4/278) .
(2) أبو داود (4/3) (3855) ، ابن ماجه (2/1137) (3436) ، الترمذي (4/383) (2038) ، البخاري في الأدب المفرد (291) ، ابن حبان (13/426، 428) (6061، 6064) ، والحاكم (4/220) ، والنسائي في "الكبرى" (4/368) .
(3) أحمد (3/335) ، مسلم (4/1729) (2204) ، وهو عند ابن حبان (13/428) (6063) ، والحاكم (4/222، 445) ، والنسائي في "الكبرى" (4/369) (7556) ، وأبي يعلى (4/32) (2036) .(4/1986)
حبان والحاكم (1) .
5775 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء» رواه أحمد والبخاري وابن ماجة (2) .
5776 - وعن أبي خزامة قال: «قلت يا رسول الله أرأيت رقىً نسترقها ودواء نتداوى به، وتقاة نتقها، هل ترد من قدر الله شيئًا؟ قال: هي من قدر الله» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي (3) ، وقال حديث حسن ولا يعرف لأبي خزامة غير هذا الحديث، وخزامة بالخاء والزاي المعجمتين وكسر أوله.
5777 - وعن ابن عباس «أن امرأة سوداء أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف فادع الله لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك. فقالت: أصبر، وقالت: إني أتكشف فادع الله ألا أنكشف. فدعا لها» متفق عليه (4) .
5778 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يدخلون الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير
_________
(1) أحمد (1/446) ، النسائي بمعناه في "الكبرى" (4/194) ، ابن حبان (13/427) (6062) ، الحاكم (4/218، 441) ، وابن ماجه (2/1138) (3438) .
(2) البخاري (5/2151) (5354) ، ابن ماجه (2/1138) (3439) ، والحاكم (4/222) ، والنسائي في "الكبرى" (4/369) (7555) .
(3) أحمد (3/421) ، ابن ماجه (2/1137) (3437) ، الترمذي (4/399، 453) (2065، 2148) .
(4) البخاري (5/2140) (5328) ، مسلم (4/1994) (2576) ، أحمد (1/346) ، النسائي في "الكبرى" (4/353) (7490) .(4/1987)
حساب هم الذين لا يسترقون ولا يتطايرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون» متفق عليه (1) .
5779 - وعن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفًا بلا حساب عليهم ولا عذاب، مع كل ألف سبعون ألفًا وثلاث حثيات من حثيات ربي» أخرجه أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن حبان (2) ، وقال ابن القيم في حادي الأرواح بعد أن ذكر الحديث: إنه من رواية إسماعيل بن عياش، وإنه قد انتفى عنه تهمة التدليس بتصريحه بالسماع، وإنه من رواية الشاميين، وذكر الحديث بسند آخر قال فيه الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد: لا أعلم لهذا الإسناد علة، وصحح الحديث الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير وقال شعرًا:
ما لي سوى تفويض أمري والرضا ... فإذا مننت به فقد نلت المنى
أعطيته سبعين ألفًا ما دروا ... كيف الحساب ولا العذاب ولا العنا
مع كل ألف منهم سبعون ألفًا ... صح هذا في حديث نبينا
ولمن بقي من بعدهم ما صح من ... حثيات خالقنا وجاه شفيعنا
_________
(1) البخاري (5/2170، 2375، 2396) (5420، 6107، 6175) ، مسلم (1/199) (220) ، أحمد (1/271) ، وابن حبان (14/339-340) (6430) ، والترمذي (4/631) (2446) ، والنسائي في "الكبرى" (4/378) (7604) .
(2) أحمد (5/268) ، الترمذي (4/626) (2437) ، ابن ماجه (2/1433) (4286) ، ابن حبان (16/230) (7246) .(4/1988)
قوله: «الداء والدواء» بفتح الدال المهملة والمد وحكي كسر الدال. قوله: «الهرم» في لفظ إلا السام بمهملة مخففة وهو الموت. قوله: «أتكشف» بمثناة من فوق وتشديد الشين المعجمة من التكشف وبالنون الساكنة المخففة من الانكشاف. قوله: «لا يتطايرون» من الطيرة بكسر الطاء المهملة وفتح المثناة التحتية، وقد تسكن وهي التشاؤم، وكان ذلك عند العرب يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشارع وسيأتي إن شاء الله تفسير الرقية.
[35/10] باب النهي عن التداوي بالمحرمات
5780 - عن وائل بن حجر «أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر فنهاه عنها فقال: أنا أصنعها للدواء. قال: إنه ليس بدواء ولكنه داء» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه (1) .
5781 - وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام» رواه أبو داود (2) وفي إسناده إسماعيل بن عياش، وقد حدث هنا عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي وهو شامي فحديثه محتج به.
_________
(1) أحمد (4/317) ، مسلم (3/1573) (1984) ، أبو داود (4/7) (3873) ، الترمذي (4/387) (2046) ، والدارمي (2/153) (2095) ، وابن حبان (4/232) (1390) ، وأخرجه ابن ماجه (2/1157) (3500) ، وأحمد (4/311) ، وابن حبان (4/231) (1389) ، والطبراني في "الكبير" (8/323) من حديث علقمة بن وائل عن طارق بن سويد به.
(2) أبو داود (4/7) (3874) .(4/1989)
5782 - وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن التداوي بالخمر فقال: «إن الله لم يجعل شفاكم فيما حرم عليكم» رواه البيهقي من رواية أم سلمة وصححه ابن حبان (1) .
5783 - وهي في البخاري من قول ابن مسعود، وكذا رواه أحمد والطبراني وابن أبي شيبة (2) موقوفًا على ابن مسعود وطرقه صحيحة.
5784 - وعن أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدواء الخبيث يعني: السم» رواه أحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي (3) .
5785 - وقال الزهري في أبوال الإبل: «قد كان المسلمون يتداوون بها فلا يرون بها بأسًا» رواه البخاري (4) .
5786 - قلت: قد ثبت في الصحيحين (5) قصة العرنيين وفيها «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالشرب من أبوال الإبل للتداوي» .
_________
(1) البيهقي (10/5) ، وابن حبان (4/233) (1391) ، والطبراني في "الكبير" (23/326) ، وأبو يعلى (12/402) (6966) .
(2) علقه البخاري (5/2129) قبل الحديث (5291) باب شراب الحلوى والعسل، ووصله الطبراني في "الكبير" (9/345) ، وابن أبي شيبة (5/38، 75) ، والحاكم (4/242، 455) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/108) .
(3) أحمد (2/305، 446، 478) ، ابن ماجه (2/1145) (3459) ، الترمذي (4/387) (2045) ، والحاكم (4/455) ، وأبو داود (4/6) (3870) ، وابن أبي شيبة (5/32) .
(4) علقه البخاري (5/2179) بعد الحديث (5444) .
(5) تقدم برقم (5021) .(4/1990)
5787 - وقد تقدم (1) حديث عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الله التميمي قال: «ذكر طبيب عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دواء وذكر الضفدع يجعل فيه، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الضفدع» رواه أبو داود والنسائي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وقواه البيهقي.
[35/11] باب ما جاء في الكي
5788 - عن جابر قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أُبي بن كعب طبيبًا فقطع منه عرقًا ثم كواه» رواه أحمد ومسلم (2) .
5789 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كوى سعد بن معاذ في أكحله مرتين» رواه ابن ماجه (3) ولمسلم معناه (4) .
5790 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كوى أسعد بن زرارة من الشوكة» رواه الترمذي (5) ، وقال: حديث حسن غريب.
5791 - وعن المغيرة بن شعبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من اكتوى أو
_________
(1) تقدم برقم (5565) .
(2) أحمد (3/303، 371) ، مسلم (4/1730) (2207) ، وهو عند أبي داود (4/5) (3864) ، وابن ماجه (2/1156) (3493) ، والحاكم (4/238) ، وأبي يعلى (4/191، 192) (2287، 2288) .
(3) ابن ماجه (2/1156) (3494) ، وأحمد (3/312، 386) .
(4) مسلم (4/1731) (2208) بمعناه.
(5) الترمذي (4/390) (2050) ، وهو عند البيهقي (9/342) ، والحاكم (3/207، 4/462) ، وابن حبان (13/443) (6080) ، وأبي يعلى (6/274) (3582) .(4/1991)
استرقى فقد برئ من التوكل» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه، وصححه ابن حبان والحاكم (1) .
5792 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم، أو شربة من عسل، أو كية يقاد. وأنهي أمتي عن الكي» رواه أحمد والبخاري وابن ماجة (2) .
5793 - وعن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن الكي فاكتوينا فما أفلحن ولا أنجحن» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي (3) ، وقال: «فما أفلحنا ولا أنجحنا» .
قوله: «الشوكة» قال في "الدر النثير": الشوكة هي حمرة تعلو الوجه والجسد، قال في الهدي: أحاديث الكي في هذا الباب قد تضمنت أربعة أشياء أحدها: فعله، ثانيها: عدم محبته، ثالثها: الثناء على من تركه، رابعها: النهي عنه، ولا تعارض بحمد الله فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته لا تدل على المنع منه، والثناء على تاركه يدل على أن تركه أفضل، والنهي عنه إما على سبيل الاختيار من دون علة أو عن النوع
_________
(1) أحمد (4/249، 251، 253) ، ابن ماجه (2/1154) (3489) ، الترمذي (4/393) (2055) ، ابن حبان (13/452) (6087) ، الحاكم (4/461) ، والنسائي في "الكبرى" (4/378) (7605) .
(2) البخاري (5/2151، 2152) (5356، 5357) ، ابن ماجه (2/1155) (3491) مرفوعًا، وأخرجه أحمد (1/245-246) .
(3) أبو داود (4/5) (3865) ، الترمذي (4/389) (2049) ، ابن ماجه (2/1155) (3490) ، أحمد (4/427، 430، 444، 446) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/377) (7602) ، وابن حبان (13/445) (6081) ، والحاكم (4/238) .(4/1992)
الذي لا يحتاج معه إلى كي.. انتهى. قوله: «شرطة محجم» بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الجيم.
[35/12] باب ما جاء في الحجامة وأوقاتها
5794 - عن جابر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة نار يوافق الداء، وما أحب أن أكتوي» متفق عليه (1) .
5795 - وعن قتادة عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتجم في الأخدعين والكاهل، وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وواحد وعشرين» رواه الترمذي (2) وقال: حسن غريب، وقال النووي: رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم.
5796 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء» رواه أبو داود (3) ، وفي إسناده سعيد بن عبد الرحمن بن عوف الجمحي وثقه الأكثر ولينه بعضهم،
_________
(1) البخاري (5/2152، 2157) (5359، 5375، 5377) ، مسلم (4/1729) (2205) ، أحمد (3/343) .
(2) الترمذي (4/390) (2051) ، والحاكم (4/234) بهذا اللفظ، وأخرجه أبو داود (4/4) (3860) ، وابن ماجه (2/1152) (3483) ، وأحمد (3/119، 192) ، وأبو يعلى (5/387) (3048) ، بلفظ: «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في الأخدعين وعلى الكاهل» .
(3) أبو داود (4/4) (3861) ومن طريقه البيهقي (9/340) .(4/1993)
وأخرجه الحاكم (1) بلفظ «من احتجم لسبع عشرة من الشهر كان له شفاء من كل داء» وقال صحيح على شرط مسلم.
5797 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين» رواه الترمذي (2) وقال: حديث حسن غريب. وقال الحافظ: رجاله ثقات لكنه معلول، ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
5798 - وعن أبي بكرة «أنه كان ينهى أهله عن الحجامة يوم الثلاثاء ويزعم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يوم الثلاثاء يوم الدم، فيه ساعة لا يرقأ» رواه أبو داود (3) بإسناد ضعيف.
5799 - وروي عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحجامة يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر دواء لداء السنة» رواه حرب ابن إسماعيل الكرماني (4) صاحب أحمد وليس إسناده بذاك.
5800 - وروى الزهري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من احتجم يوم السبت أو يوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه» ذكره أحمد (5) واحتج به، قال أبو داود:
_________
(1) الحاكم (4/233) .
(2) الترمذي (4/391) (2053) ، الحاكم (4/233) ، وأحمد (1/354) .
(3) أبو داود (4/5) (3862) .
(4) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/346) ، وابن عدي في "الكامل" (1/301) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1732) .
(5) أخرجه عبد الرزاق (11/29) ، ومن طريقه أبو داود في المراسيل (451) عن الزهري مرسلًا = = وأخرجه البزار (3022- كشف الأستار) ، والحاكم (4/54) ، والبيهقي (9/340) من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.(4/1994)
وقد أسنده ولا يصح ذكره إسحاق بن راهويه الحجامة يوم الجمعة والأربعاء والثلاثاء إلا إذا كان يوم الثلاثاء سبع عشرة من الشهر أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين.
قوله: «في الأخدعين» هما عرقان في جانبي العنق والكاهل ما بين اللبتين وهو مقدم الظهر. قوله: «فيه ساعة لا يرقأ» بهمز آخره، أي: لا ينقطع فيها دم من احتجم أو افتصد، و «الوضح» بفتح الواو والضاد المعجمة بعدها حاء مهملة: هو البرص.
[35/13] باب ما جاء في الرقى والتمائم
5801 - عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وأخرجه الحاكم وصححه، وصححه ابن حبان (1) .
5802 - وعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من تعلق بتميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له» رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني، قال في "مجمع الزوائد": ورجالهم ثقات، وقال المنذري: إسناده جيد، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد (2) .
_________
(1) أحمد (1/381) ، أبو داود (4/9) (3883) ، ابن ماجه (2/1166) (3530) ، الحاكم (4/463) ، ابن حبان (13/456) (6090) ، أبو يعلى (9/133) (5208) .
(2) أحمد (4/154) ، أبو يعلى (3/295) (1759) ، الطبراني في "الكبير" (17/297) (820) ، الحاكم (4/240، 463) ، ابن حبان (13/450) (6086) ، والطحاوي في "شرح معاني = = الآثار" (4/325) .(4/1995)
5803 - وعن عقبة بن عامر قال: «جاء ركب عشرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايع تسعة وأمسك عن رجل فقالوا: ما شأنه؟ فقال: إن في عضدة تميمة. فقطع الرجل التميمة فبايعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: من علق فقد أشرك» رواه أحمد والحاكم واللفظ له (1) ، قال المنذري: ورواة أحمد ثقات.
5804 - وعن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله يقول: «ما أبالي ما ركبت أو ما أتيت إذا أنا شربت ترياقًا أو تعلقت بتميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي» رواه أحمد وأبو داود (2) ، وفي إسناده عبد الرحمن بن رافع التنوخي قاضي أفريقية، قال البخاري: في حديثه مناكير، قال أبو داود: هذا كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وقد رخص فيه قوم. يعني الترياق.
5805 - وعن أنس قال: «رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرقية من العين والحمة والنملة» رواه أحمد ومسلم وابن ماجة (3) ، وفي رواية أبي داود (4) قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا رقية إلا من عين حمة أو دم يرقى» ولم يذكر العين في الرواية.
5806 - وعن أنس قال: «أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل بيت من الأنصار أن يرقوا
_________
(1) أحمد (4/156) ، الحاكم (4/243) .
(2) أحمد (2/167، 223) ، أبو داود (4/6) (3869) .
(3) أحمد (3/118، 119، 127) ، مسلم (4/1725) (2196) ، ابن ماجه (2/1162) (3516) ، وهو عند ابن حبان (13/468) (6104) ، والنسائي في "الكبرى" (4/366) (7541) ، والترمذي (4/393) (2056) .
(4) أبو داود (4/11) (3889) .(4/1996)
من الحمة والأذن» أخرجه البخاري (1) .
5807 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «رخص لأهل بيت من الأنصار في الرقية من كل ذي حمة» أخرجاه
5808 - وعن عمران أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا رقية إلا من عين أو حمة» رواه الترمذي وأبو داود (2) ، وسكت عنه [المنذري] ، وحديث أنس المتقدم يشهد له.
5809 - وعن الشفاء بنت عبد الله قالت: «دخل علي النبي وأنا عند حفصة فقال لي: ألا تعلمين؟ هذه رقية النملة كما علمتِها الكتابة» رواه أحمد وأبو داود (3) ، ورجال إسناده رجال الصحيح إلا إبراهيم بن مهدي البغدادي المصيصي وهو ثقة.
5810 - وعن عوف بن مالك قال: «كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله! كيف نرقي في ذلك؟ فقال: أعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقاء ما لم يكن فيه شرك» رواه مسلم وأبو داود (4) .
5811 - وعن جابر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرقى، فجاء آل عمرو
_________
(1) البخاري (5/2162) (5389) .
(2) وهو عند البخاري (5/2167) (5409) ، ومسلم (4/1724) (2193) ، وأحمد (6/30، 61، 190، 208، 254) ، والنسائي في "الكبرى" (4/466) (7539) ، وأبي يعلى (8/355) (4938) ، ولم نجده في الترمذي وأبي داود.
(3) أحمد (6/372) ، أبو داود (4/11) (3887) ، النسائي في "الكبرى" (4/366) (7543) .
(4) مسلم (4/1727) (2200) ، أبو داود (4/10) (3886) ، وابن حبان (13/461) (6094) ، والحاكم (4/236) .(4/1997)
بن حزم فقالوا: يا رسول الله! إنها كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى. قال: فعرضوا عليه فقال: ما أرى بأسًا، فمن استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل» رواه مسلم (1) .
5812 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها أعظم بركة من يدي» متفق عليه (2) .
قوله: «الرقى» بضم الراء وتخفيف القاف مع القصر: جمع رقية. قوله: «التمائم» جمع تميمة، وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يمنعون بها العين في زعمهم فأبطله الإسلام. قوله: «التولة» بالفوقية وواو مفتوحة مخففة، وقيل: بضم الفوقية وهي ضرب من السحر، قال الأصمعي: هي تحبيب المرأة إلى زوجها، قلت: وقد روى هذا التفسير الحاكم وابن حبان وصححاه عن ابن مسعود. قوله: «ودع» ماضي يدع. قوله: «ما أبالي ما ركبت أو ما أتيت» بفتح الهمزة والتاء الأولى أي: لا أكترث من شيء من أمر ديني، ولا أهتم بما فعلته إن أنا فعلت هذه الثلاثة أو شيئًا منها، وهذه مبالغة عظيمة وتهديد شديد في فعل شيء من هذه الثلاثة، أي: من فعل شيئًا منها فهو غير مكترث بما يفعله، ولا يبالي به هل هو حلال أو حرام، هذا وإضافة النبي - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) مسلم (4/1726) (2199) ، أحمد (3/302، 315) ، وابن ماجه (2/1161) (3515) ، وابن حبان (2/290، 13/457) (532، 6091) ، والحاكم (4/460) ، وأبي يعلى (3/424، 4/9) (1914، 2006) .
(2) البخاري (4/1614، 1916، 5/2165، 2170) (4175، 4728، 5403، 5419) ، مسلم (4/1723) (2192) ، أحمد (6/104، 114) ، أبو داود (4/15) (3902) ، ابن ماجه (2/1166) (3529) ، مالك (2/942) .(4/1998)
إلى نفسه فالمراد به إعلام غيره بالحكم. قوله: «ترياق» بالتاء الفوقية أو الدال عوضًا عنها مكسورتان على الأرجح، وفيها لغات وهو المخلوط بلحوم الأفاعي، ويسمى في اصطلاح الأطباء ترياق الفاروق، وهو محرم لأنه نجس. قوله: «والحمة» بضم الحاء المهملة وفتح الميم المخففة، وهي من ذوات السموم. قوله: «ألا تعلمين» بضم أوله وتشديد اللام المكسورة، والنملة بفتح النون وكسر الميم، وهي قروح تخرج من الجنب أو الجنبين. قوله: «نفث عليه بالمعوذات» النفث: نفخ لطيف بلا ريق.
[35/14] باب ما جاء في الرقية من العين والاستغسال منها
5813 - عن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرني أن أسترقي من العين» متفق عليه (1) .
5814 - وعن أسماء بنت عميس أنها قالت: «يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين فنسترقي لهم. قال: نعم، فلو كان شيء سبق القدر لسبقته العين» رواه أحمد والترمذي وصححه (2) .
5815 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العين حق، ولو كان شيء سبق القدر لسبقته العين، فإذا استغسلتم فاغتسلوا» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (3) .
_________
(1) البخاري (5/2166) (5406) ، مسلم (4/1725) (2195) ، أحمد (6/63، 138) ، ابن حبان (13/474) (6109) ، ابن ماجه (2/1161) (3512) ، والنسائي في "الكبرى" (4/365) (7536) .
(2) أحمد (6/438) ، الترمذي (4/395) (2059) ، والنسائي في "الكبرى" (4/365) (7537) ، وابن ماجه (2/1160) (3510) .
(3) مسلم (4/1719) (2188) ، الترمذي (4/397) (2062) ، وابن حبان (13/473) = = (6107) ، وأحمد (1/274، 294) بلفظ: «العين حق، تستنزل الحالق» .(4/1999)
5816 - وعن أم سلمة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لجارية في بيتها رأى في وجهها سفعة -يعني صفرة- فقال: بها نظرة، استرقوا لها» أخرجاه (1) .
5817 - وعن عائشة قالت: «كان يؤمر العاين فيتوضأ ثم يغسل منه المعين» رواه أبو داود (2) ورجال إسناده ثقات.
5818 - وعن سهل بن حنيف «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف، وكان رجلًا أبيض حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة أحد بني عدي بن كعب وهو يغتسل، فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخباة! فلبط سهل، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل: يا رسول الله! هل لك في سهل وإنه ما يرفع رأسه. قال: هل تتهمون فيه من أحد. قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامرًا فتغيظ عليه وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك بركَّت. ثم قال له: اغتسل. فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخل إزاره، ثم صب ذلك الماء عليه فصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه، ثم تكفى القدح وراءه، ففعل به ذلك فراح سهل مع الناس ليس به بأس» رواه أحمد و"الموطأ" والنسائي وصححه ابن حبان (3) .
_________
(1) البخاري (5/2167) (5407) ، مسلم (4/1725) (2197) .
(2) أبو داود (4/9) (3880) .
(3) أخرجه أحمد (4/386) ، وابن أبي شيبة (5/50) ، والنسائي في "الكبرى" (6/60) (10037) ، والطبراني (6/5573، 5578) من طرق عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن = = حنيف عن أبيه سهل بن حنيف به. وأخرجه مالك (2/939) والنسائي في "الكبرى" (4/381) ، وابن ماجه (2/1160) (3509) ، وابن حبان (13/470-471) (6106) من طرق عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل ... فذكره.(4/2000)
قوله: «الخرار» بخاء معجمة ومهملتين موضع قريب الجحفة. قوله: «لبط» بضم اللام وكسر الموحدة لبط الرجل فهو ملبط أي: صرع وسقط إلى الأرض. قوله: «داخل إزاره» قيل: أراد بذلك الفرج، وقيل أراد طرف الإزار الذي يلي جسده من الجانب الأيمن.
[35/15] باب في رقى منسوبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
5819 - عن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهم رقى الحمى، ومن الأوجاع كلها باسم الله الكبير أعوذ بالله العظيم من كل عرف نعار ومن شر حرق النار» أخرجه الترمذي (1) وقال حديث لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وإبراهيم يضعف في الحديث من قبل حفظه.
5820 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتكى الإنسان الشيء منه أو كانت به قرحة أو جرح، قال بإصبعه هكذا ووضع سبابته بالأرض ثم رفعها وقال: باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا» . أخرجاه (2) .
_________
(1) الترمذي (4/405) (2075) ، وهو عند الحاكم (4/459) ، وابن ماجه (2/1165) (3526) ، وأحمد (1/300) ، وعبد بن حميد (1/204) (594) ، والطبراني في "الكبير" (11/224) .
(2) البخاري (5/2168) (5413، 5414) ، مسلم (4/1724) (2194) ، أحمد (6/93) ، أبو داود (4/12) (3895) ، وابن حبان (7/238) (2973) ، والنسائي في "الكبرى" = = (4/368) ، وابن ماجه (2/1163) (3521) ، أبو يعلى (8/22، 40) (4527، 4550) .(4/2001)
5821 - وعن علي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتى مريضًا أو أتي به إليه قال: أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاءك شفاءً لا يغادر سقمًا» رواه الترمذي (1) وقال حسن.
5822 - وعن أنس قال لثابت: «ألا أرقيك رقية النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: بلى، قال: اللهم رب الناس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاء لا يغادر سقمًا» . رواه البخاري والترمذي وأبو داود (2) .
5823 - وعن أبي سعيد الخدري «أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد اشتكيت؟ قال رسول الله: نعم، فقال جبريل: باسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك، ومن شر كل نفس وعين باسم الله أرقيك والله يشفيك» وفي رواية مثله وفيه: «ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك باسم الله أرقيك» رواه مسلم والترمذي (3) إلا أن الترمذي قال: عين حاسده.
5824 - وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من اشتكى شيئًا فليقل: ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك أمرك في السماء
_________
(1) الترمذي (5/561) (3565) ، أحمد (1/76) .
(2) البخاري (5/2167) (5410) ، الترمذي (3/303) (973) ، أبو داود (4/11) (3890) ، أبو يعلى (6/466) ، أحمد (3/151، 267) .
(3) مسلم (4/1718) (2186) ، الترمذي (3/303) (972) ، ابن ماجه (2/1164) (3523) ، والنسائي في "الكبرى" (4/393) ، أبو يعلى (2/327) (1066) ، أحمد (3/28، 56، 58، 75) .(4/2002)
والأرض كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض واغفر لنا حوبنا وخطايانا أنت رب الطيبين فأنزل شفاء من شفائك ورحمة من رحمتك على هذا الوجع فيبرئ أوامره أن يرقيه به فرقاه فبرئ» أخرجه أبو داود والنسائي (1) ، قال المنذري وفي إسناده زياد بن محمد الأنصاري منكر الحديث، وقال ابن حبان منكر الحديث جدًا يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك.
5825 - وعن عثمان بن أبي العاص: «أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعًا يجده في جسده منذ أسلم فقال: ضع يدك على الذي يألم من جسدك، وقل باسم الله ثلاث مرات وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر» أخرجه مسلم (2) ، وعند "الموطأ" (3) «بعزة الله وقدرته من شر ما أجد، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله ما كان بي فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم» .
5826 - وعن أبي سعيد قال: «كنا في منزل لنا فنزلنا منزلًا فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم وإن نفرنا غيب، فهل منكم من راقٍ؟ فقام معها رجل فرقاه فبرئ فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنًا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية؟ قال: لا ما رقيت إلا بأم الكتاب قلنا لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي أو نسأل رسول الله
_________
(1) أبو داود (4/12) (3892) ، النسائي في "الكبرى" (6/257) (10876) .
(2) مسلم (4/1728) (2202) ، وابن حبان (7/230، 233) (2964، 2967) ، والنسائي في "الكبرى" (6/248) (10839) .
(3) الإمام مالك في "الموطأ" (2/942) (1686) ، وابن ماجه (2/1163) (3522) ، وابن حبان (7/231) (2965) ، والنسائي في "الكبرى" (6/248) ، وأبو داود (4/11) (3891) ، وأحمد (4/21) .(4/2003)
- صلى الله عليه وسلم - فلما قدمنا المدينة ذكرنا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك فقال: وما كان يدريك أنها رقية اقسموا واضربوا لي بسهم» أخرجاه (1) .
5827 - وعن خارجة بن الصلت عن عمه «أنه مر على قومٍ عندهم رجل مجنون موثوق بالحديد فرقاه بفاتحة الكتاب فبرئ فأعطوه مائة شاة، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال له - صلى الله عليه وسلم -: هل قلت غير هذا؟ قال: لا، قال: خذها فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري وأخرجه النسائي (2) .
قوله: «نعار» نعر العرق بالدم إذا ارتفع وعلاه. قوله: «يغادر» أي يترك والعامة تستعمله بمعنى المخالطة كذا في غريب الجامع. قوله: «البأس» هو الشدة والألم.
[35/16] باب ما جاء في الطاعون والوباء والفرار منه
5828 - عن ابن عباس «أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد وأبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام، قال ابن عباس: فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين فدعوتهم فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا، فقال بعضهم: خرجت لأمر ولا نرى أن نرجع، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع
_________
(1) البخاري (4/1913) (4721) ، مسلم (4/1727) (2201) ، أحمد (3/2، 83) ، ابن حبان (13/480) (6113) .
(2) أبو داود (3/266، 4/13) (3420، 3896) ، النسائي في "الكبرى" (6/255) ، ابن حبان (13/474) (6110) ، الحاكم (1/747) ، أحمد (5/210) .(4/2004)
الأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلفوا عليه منهم رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفرار من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! -وكان عمر يكره خلافه- نعم. نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كانت لك إبل فنهضت واديًا له عذرتان أحدهما خصبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبًا في بعض حاجاته، فقال: إن عندي من هذا علمًا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه، فحمد الله عمر بن الخطاب ثم انصرف» أخرجاه و"الموطأ" وأخرج أبو داود (1)
المسند منه.
5829 - وعن عائشة قالت: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعون، فقال: كان عذابًا يبعثه الله على من كان قبلكم، فجعله الله رحمةً للمؤمنين، ما من عبد يكون في بلد يكون فيه فيمكث لا يخرج صابرًا محتسبًا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد» رواه البخاري (2) .
_________
(1) البخاري (5/2163-2164) (5397) ، مسلم (4/1740) (2219) ، مالك في "الموطأ" (2/894-895) (1587) ، ابن حبان (7/218-219) (2953) ، وأخرج أبو داود (3/186) (3103) المسند منه..
(2) البخاري (3/1281، 5/2165، 6/2441) (3287، 5402، 6245) ، أحمد (6/64 = = 154، 251) ، النسائي في "الكبرى" (4/363) .(4/2005)
5830 - وعن أسامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرضٍ أنتم بها فلا تخرجوا منها» أخرجاه (1) .
5831 - وعن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الطاعون: «إن هذا الوجع رجز وعذاب أو بقية عذاب عذّب به أناس من قبلكم، فإذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها وإذا بلغكم أنه بأرض فلا تدخلوها» رواه مسلم (2) .
5832 - وعن فروة بن مسيك المرادي: «قلت يا رسول الله عندنا أرض يقال لها أرض أبين وهي أرض ريفنا وميرتنا، وهي وبية أو قال وباها شديد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعها عنك فإن من القرف التلف» رواه أبو داود (3) ، قال المنذري في إسناده رجل مجهول.
5833 - وعن حفصة بنت سيرين قالت: «قال لي أنس لو مات يحيى بن أبي عمرة قلت من الطاعون، قال: فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الطاعون شهادة لكل مسلم» أخرجاه (4) .
_________
(1) البخاري (3/1281، 5/2163، 6/2557) (3286، 5396، 6573) ، مسلم (4/1737، 1738) (2218) ، أحمد (1/177، 5/200) ، وابن حبان (7/216-217) (2952) ، الترمذي (3/378) (1065) .
(2) مسلم (4/1739) (2218) ، أحمد (1/176، 182) .
(3) أبو داود (4/19) (3923) ، أحمد (3/451) .
(4) البخاري (3/1041، 5/2165) (2675، 5400) ، مسلم (3/1522) (1916) ، أحمد = = (3/150، 223، 258) .(4/2006)
قوله: «الطاعون» هو مرض معروف. قوله: «ريفنا» الريف الأرض ذات الزرع والخصب، والميرة الطعام. قوله: «من القرف التلف» القرف بالقاف الدنو من الشيء وكل شيء دانيته فقد قارفته، والتلف الهلاك أي من قرب من المرض ودنا منه تلف وليس هذا من باب العدوى، وإنما هو من باب الطب فإن استصلاح الأهوية من أعوان الأشياء على صحة الأبدان وفساد الهواء من أسرع الأشياء إلى الأسقام عند الأطباء وذلك بإذن الله عز وجل وتقديره.
[35/17] باب ما جاء في الطيرة والفال والشؤم
والعدوى وما يجري مجراها
5834 - عن بريدة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث غلامًا سأل عن اسمه، فإذا أعجبه فرح به ورئي بشرى ذلك في وجهه، وإن كره اسمه رئي كراهية ذلك في وجهه، فإذا دخل قرية سأل عن اسمها فإن أعجبه اسمها فرح بها رئي بشرى ذلك في وجهه» أخرجه أبو داود والنسائي (1) وسكت عنه أبو داود والمنذري.
5835 - وعن عروة بن عامر القرشي، قال: «ذكرت الطيرة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أحسنه الفال ولا ترد مسلمًا فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك»
_________
(1) أبو داود (4/19) (3920) ، النسائي في "الكبرى" (5/254) ، ابن حبان (13/142) (5827) ، أحمد (5/347) .(4/2007)
رواه أبو داود مرسلًا (1) بإسناد صحيح.
5836 - وعن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك وما منا (2) إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل» أخرجه أبو داود (3) ، وفي رواية الترمذي (4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الطيرة من الشرك وما منا إلا (5) ولكن الله يذهبه بالتوكل» وقال الترمذي حسن صحيح وأخرجه ابن ماجة وابن حبان في "صحيحه" (6) بغير تكرار.
5837 - وعن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع كلمة فأعجبته فقال: أخذنا فالك من فيك» أخرجه أبو داود (7) ، وقال المنذري في إسناده رجل مجهول.
_________
(1) أبو داود (4/18) (3919) .
(2) في الرواية للترمذي أن هذا كلام ابن مسعود وسيأتي.
(3) أبو داود (4/17) (3910) .
(4) الترمذي (4/160) (1614) .
(5) الذي في الترمذي ليس فيه لفظة (إلا) الموجودة في رواية المؤلف هنا. قال في الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان سليمان بن حرب يقول في هذا الحديث: وما منا، ولكن الله يذهبه بالتوكل، قال سليمان: هذا عندي قول عبد الله بن مسعود (وما منا) . وقال في شرح الحديث في الترمذي: أي ما منا من أحد إلا ويقترب شيء ما منه في أول الأمر قبل التأمل انتهى. ولفظ (إلا) بعد قوله (وما منا) هي من رواية أبي داود (قلت) وهذا هو الذي ينبغي فهمه، انظر تفسير المؤلف في آخر الكتاب. والله أعلم.
(6) ابن ماجه (2/170) (3538) ، ابن حبان (13/491) (6122) ، الحاكم (1/64، 65) ، ابن أبي شيبة (5/210) ، أبو يعلى (9/140) (5219) ، أحمد (1/389، 440) .
(7) أبو داود (4/18) (3917) ، أحمد (2/388) .(4/2008)
5838 - وعن أنس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشد يا نجيح» رواه الترمذي (1) ، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
5839 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفال، قالوا: وما الفال؟ قال: كلمة طيبة» أخرجاه (2) ، وفي رواية للبخاري (3) : «يعجبني الفال الصالح الكلمة الحسنة» .
5840 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله: «لا عدوى ولا طيرة، وإنما الشؤم في ثلاث: في الفرس والمرأة والدار» وفي رواية: «ذكر الشؤم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن كان الشؤم ففي الدار والمرأة والفرس» أخرجاه (4) .
5841 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يعدي شيء شيئًا، فقال أعرابي: يا رسول الله! البعير الجرب بخشفه ندنيه، فتجرب الإبل كلها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فمن أجرب الأول لا عدوى ولا صفر» رواه الترمذي (5) وصححه الحافظ ابن حجر.
5842 - وعن سهل بن سعد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن كان في شيء
_________
(1) الترمذي (4/161) (1616) .
(2) البخاري (5/2178) (5440) ، مسلم (4/1746) (2224) ، الترمذي (4/161) (1615) ، أحمد (3/130، 154، 173) .
(3) البخاري (5/2171) (5424) ، أبو داود (4/18) (3916) ، أحمد (3/118) .
(4) البخاري (5/2171، 2177) (5421، 5438) ، مسلم (4/1746، 1747) (2225) باللفظ الأول والبخاري (5/1959) (4806) ، ومسلم (4/1748) (2225) باللفظ الثاني.
(5) الترمذي (4/450) (2143) .(4/2009)
ففي المرأة والفرس والمسكن يعني الشؤم» أخرجاه و"الموطأ" (1) .
5843 - وعن جابر مثله وفي رواية: «ففي الربع والخادم والفرس» رواه مسلم والنسائي (2) .
5844 - وعن حكيم بن معاوية قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا شؤم وقد يكون اليمن في الدار والمرأة والفرس» أخرجه الترمذي (3) من طريق إسماعيل بن عياش.
5845 - وعن جابر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا عدوى ولا صفر ولا غول» رواه مسلم (4) .
5846 - وعن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد» رواه أحمد والبخاري (5) ، وفي رواية: «لا عدوة ولا طيرة ولا هامة، قيل: يا رسول الله! أرأيت البعير يكون به الجرب فتجرب الإبل كلها؟ قال: ذلكم القدر فمن أجرب الأول» رواه أحمد وابن ماجة (6) من حديث ابن عمر، وفي رواية من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
_________
(1) البخاري (3/1050، 5/1959) (2704، 4807) ، مسلم (4/1748) (2226) ، أحمد (5/338) ، مالك (2/972) (1749) .
(2) مسلم (4/1748) (2227) ، النسائي (6/220) ولم يقل «الخادم» وقال مكانه «المرأة» .
(3) الترمذي (5/127) (2824) ، ابن ماجه (1/642) (1993) .
(4) مسلم (4/1744) (2222) .
(5) أحمد (2/443) ، البخاري (5/2158) (5380) .
(6) أحمد (2/24) ، ابن ماجه (1/34، 2/1171) (86، 3540) .(4/2010)
«لا عدوى ولا صفر ولا هامة فقال أعرابي: يا رسول الله! فما بال إبل تكون في الرمل كأنها الظبا فيأتي البعير الأجرب فيدخل فيجربها، فقال: فمن أعدى الأول» أخرجاها (1) ، وفي رواية لأبي سلمة أنه سمع أبا هريرة يقول: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يوردن ممرض على مصح» أخرجها البخاري ومسلم (2) .
5847 - وعن قطن بن قبيصة عن أبيه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «العيافة والطيرة والطرق من الجبت» أخرجه أبو داود والنسائي (3) وسكت عنه أبو داود والمنذري.
5848 - وعن أنس قال: «قال رجل: يا رسول الله! إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا وقلت فيها أموالنا فقال: ذروها ذميمة» رواه أبو داود (4) وسكت عنه هو والمنذري وصححه الحاكم.
5849 - وعن يحيى بن سعيد قال: «جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال (5) : دار سكناها والعدد كثير والمال وافر، فقل العدد وذهب المال، فقال: دعوها ذميمة»
_________
(1) البخاري (5/2161، 2177) (5387، 5437، 5439) ، مسلم (4/1742) (2220) ، ابن حبان (13/484-485) (6116) ، أبو داود (4/17) (3911) ، النسائي في "الكبرى" (4/376) ، أحمد (2/267) .
(2) البخاري (5/2177) (5437، 5439) ، مسلم (4/1743) (2221) ، ابن حبان (13/482) (6115) ، أحمد (2/406) ، أبو داود (4/17) (3911) .
(3) أبو داود (4/16) (3907) ، النسائي في "الكبرى" (6/324) ، وهو عند ابن حبان (13/502) (6131) ، وأحمد (3/477، 5/60) ، وابن أبي شيبة (5/311) .
(4) أبو داود (4/20) (3924) .
(5) هكذا في الأصل والظاهر: قالت.(4/2011)
أخرجه "الموطأ" (1) .
5850 - وله شاهد من حديث عبد الله بن شداد أخرجه عبد الرزاق (2) بإسناد صحيح.
5851 - وعن أبي عطية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عدوى ولا هام ولا صفر ولا يحمل الممرض على المصح وليحلل المصح حيث شاء» قالوا: يا رسول الله! وما ذاك؟ قال: إنه أذى» أخرجها "الموطأ" (3) .
5852 - وعن الشريد قال: «كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -: ارجع فقد بايعناك» رواه مسلم والنسائي (4) .
5853 - وعن جابر بن عبد الله «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة، وقال: كل باسم الله ثقة بالله وتوكلًا عليه» رواه أبو داود والترمذي (5) . وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث يونس بن محمد بن المفضل بن فضالة، وقد تكلم في المفضل بن فضالة، وقال يحيى بن معين ليس هو بذاك وقال
_________
(1) مالك في "الموطأ" (2/972) (1751) .
(2) أخرجه من طريق عبد الرزاق البيهقي (8/140) ، ومعمر بن راشد في جامعه (10/411) .
(3) مالك في "الموطأ" (2/946) (1695) .
(4) مسلم (4/1752) (2231) ، النسائي (7/150) ، ابن ماجه (2/1172) (3544) ، أحمد (4/390) .
(5) أبو داود (4/20) (3925) ، الترمذي (4/266) (1817) ، وهو عند الحاكم (4/152) ، وابن حبان (13/488) (6120) ، وابن ماجه (2/1172) (3542) ، وابن أبي شيبة (5/141) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/309) ، وأبي يعلى (3/354) (1822) ، وعبد بن حميد (1/329) (1092) .(4/2012)
النسائي ليس بالقوي وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وذكره ابن حبان في الثقات.
قوله: «الطيرة» هي ما يتشاءم به من الفال الردي وغيره، و «الفال» الكلمة الصالحة يسمعها الرجل. قوله: «وما منا إلا» أي ما منا إلا من يعتريه التطير. وقد ذكر في الترمذي والبخاري أن هذا من كلام ابن مسعود، وليس من الحديث. قوله: «لا عدوى» يقال أعداه المرض إذا أصابه منه بمقاربته ومجاورته أو مؤاكلته ومباشرته، وقد أبطله الإسلام. قوله: «لا صفر» في سنن أبي داود (1) «كانوا يستشئمون بدخول صفر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا صفر» وقال محمد بن راشد: سمعت من يقول: هو وجع يأخذ في البطن يزعمون أنه يُعدي، قال أبو داود: وقال مالك: كان أهل الجاهلية يحلون صفر عامًا ويحرمونه عامًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا صفر. قوله: «ولا غول» هو الحيوان التي كانت العرب تزعم أنه يعرض لها في بعض الأوقات والطرق فيغتال الناس وأنه ضرب من الشيطان، وليس قوله ولا غول نفيًا لعين الغول ووجوده، وإنما فيه إبطال زعم العرب في اغتياله وتلونه في الصور المختلفة يقول: لا تصدقوا بذلك. قوله: «ولا هامة» الهام جمع هامة وهو طائر كانت العرب تزعم أن عظام الميت تصير هامة فتطير وكانوا يقولون إن القتيل يخرج من هامته أي رأسه هامة فلا يزال يقول: اسقوني اسقوني حتى يقتل قاتله.
قوله: «لا يوردن ممرض على مصح» قال في غريب الجامع: الممرض الذي له إبل مرضى، والمصح الذي له إبل صحاح، فنهى أن يورد صاحب الإبل المرضى إبله على إبل ذي الإبل الصحاح لا لأجل العدوى، ولكن الصحاح ربما مرضت بإذن الله وقدره، فوقع في نفس صاحبها أن ذلك إنما كان من قبل العدوى فيفتنه ذلك ويشككه في أمره، فأمر باجتنابه والبعد
_________
(1) أبو داود (4/18) .(4/2013)
عنه لهذا المعنى وقد يحتمل أن ذلك من قبل المرعى والماء فتستقبله الماشية، فإذا شاركها في ذلك غيرها وارد عليها أصابه مثل ذلك الداء والقوم لجهلهم يسمونه عدوى وإنما هو فعل الله، وقال ابن الصلاح: وجه الجمع أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، لكن الله سبحانه جعل مخالطة المريض للصحيح سببًا لاعدائه مرضه، ثم قد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب، وقال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة والأولى في الجمع أن يقال أن نفيه - صلى الله عليه وسلم - للعدوى باق على عمومه، وقد صح قوله: «لا يعدي شيء شيئًا» وقوله - صلى الله عليه وسلم - لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون بين الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب حيث رد عليه بقوله: «فمن أعدى الأول» يعني أن الله سبحانه ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأه في الأول، قال: وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع؛ لئلا يتفق للشخص الذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداءً لا بالعدوى المنفية فيظن أن ذلك بسبب مخالطه فيعتقد صحة العدوى فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسمًا للمادة. انتهى.
قوله: «إن كان الشؤم ففي ثلاث» يعني إن كان ما يكره ويخاف عاقبته، ففي هذه الثلاثة وتخصيصه بالمرأة والفرس والربع والدار؛ لأنه أبطل مذهب العرب في التطير بالروائح والبوارح من الطير والظبا ونحو ذلك، قال: فإن كان لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس لا يعجبه ارتباطها فليفارقها بأن ينقل عن الدار ويبيع الفرس ويطلق الزوجة، وكان محل هذا الكلام محل استثناء والشيء من غير جنسه وسبيله سبيل الخروج من كلام إلى غيره، وقد قيل: إن شؤم الدار ضيقها وسوء جارها، وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها، وشؤم المرأة أن لا تلد. قوله: «العيافة» هي زجر الطير والتفاؤل بها كما كانت العرب تفعله عاف الطير يعيفه إذا زجره. قوله: «الطرق» هو الضرب بالعصا، وقيل هو الخط في الرمل كما يفعله المنجم لاستخراج الضمير(4/2014)
ونحوه وفي كتاب أبي داود الطرق الزجر والعيافة الخط. قوله: «من الجبت» الجبت كل ما عبد من دون الله، وقيل هو الكاهن والشيطان. قوله: «ذروها ذميمة» أي اتركوها مذمومة، وإنما أمرهم بالتحول عنها إبطالًا لما وقع في نفوسهم من أن المكروه إنما أصابهم بسبب الدار، وسكناها فإذا تحولوا عنها انقطعت مادة ذلك الوهم وزال ما خامرهم من الشبهة والوهم الفاسد. والله أعلم.
[35/18] باب ما يقول من رأى مبتلى
5854 - عن عمر وأبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من رأى صاحب بلاء فقال: الحمد الله الذي عافاني وابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلقه تفضيلًا لم يصبه ذلك البلاء» رواه الترمذي (1) ، وقال: حديث حسن غريب.
5855 - وابن ماجة (2) من حديث ابن عمر.
5856 - والبزار والطبراني في "الصغير" (3) من حديث أبي هريرة وقال فيه: «فإنه إذا قال ذلك شكر تلك النعمة» وإسناده حسن.
* * *
_________
(1) الترمذي (5/493) (3431) ، والبزار (1/237) (124) من حديث عمر، والترمذي (5/493) (3432) من حديث أبي هريرة.
(2) ابن ماجه (2/1281) (3892) .
(3) الطبراني في "الصغير" (2/4) (675) ، و"الأوسط" (5/79) ، والبيهقي في "الشعب" (4/107-108، 7/507) (4443، 11148) .(4/2015)
أبواب الأيمان وكفارتها
[35/19] باب الرجوع في الأيمان وغيرها من الكلام إلى النية
5857 - عن سويد بن حنظلة قال: «خرجنا نريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدو له فتحرج القوم أن يحلفوا أو حلفت أنه أخي فخلي عنه فأتينا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك فقال: أنت أبرهم وأصدقهم، صدقت. المسلم أخو المسلم» رواه أحمد وابن ماجة وأبو داود (1) ورجاله ثقات.
5858 - وفي حديث الإسراء المتفق عليه (2) : «مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح» .
5859 - وعن أنس قال «أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وهو مردف أبا بكر وأبو بكر شيخ يعرف، ونبي الله شاب لا يعرف، قال: فيلقى الرجل أبا بكر، فيقول: يا أبا بكر من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل، فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق، وإنما يعني سبيل الخير» رواه أحمد والبخاري (3) .
_________
(1) أحمد (4/79) ، ابن ماجه (1/685) (2119) ، أبو داود (3/224) (3256) ، الحاكم (4/333) ، الطبراني في "الكبير" (7/89) .
(2) البخاري (1/135-136) (342) ، مسلم (1/148) (163) من حديث أنس بن مالك عن أبي ذر.
(3) أحمد (3/211) ، البخاري (3/1423) (3699) .(4/2016)
5860 - وعن أبي هريرة قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يمينك على ما يصدقك به صاحبك» رواه أحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي (1) ، وفي لفظ: «اليمين على نية المستحلف» رواه مسلم وابن ماجة (2) .
[35/20] باب من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث
5861 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث» رواه أحمد والترمذي وابن ماجة (3) ، وقال الترمذي حسن، وقال الحاكم صحيح الإسناد، واللفظ للترمذي، وقال ابن ماجة: «فله ثنياه» ، وأخرجه النسائي (4) وقال: «فقد استثنى» .
5862 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه» رواه الخمسة وصححه ابن حبان (5) ورجاله رجال الصحيح.
_________
(1) أحمد (2/228) ، مسلم (3/1274) (1653) ، ابن ماجه (1/686) (2121) ، الترمذي (3/636) (1354) ، وأبو داود (3/224) (3255) ، الدارقطني (4/157) .
(2) مسلم (3/1274) (1653) ، ابن ماجه (1/685) (2120) .
(3) أحمد (2/309) ، الترمذي (4/108) (1532) ، ابن ماجه (1/680) (2104) .
(4) النسائي (7/30-31) .
(5) أبو داود (3/225) (3261، 3262) ، النسائي (7/12، 25) ، الترمذي (4/108) (1531) ، ابن ماجه (1/680) (2105، 2106) ، أحمد (2/6، 10، 48، 49، 68، 126، 127، 153) ، الدارمي (2/242) (2342) ، ابن حبان (10/182-183) (4339، 4440) ، الحاكم (4/336) .(4/2017)
5863 - وعن عكرمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والله لأغزون قريشًا، ثم قال إن شاء الله، ثم قال: والله لأغزون قريشًا، ثم قال: إن شاء الله، ثم قال: والله لأغزون قريشًا، ثم سكت، ثم قال: إن شاء الله، ثم لم يغزهم» أخرجه أبو داود وابن حبان (1) من رواية عكرمة قالا: وقد أسنده غير واحد عن عكرمة عن ابن عباس، قال أبو حاتم: الأول أشبه، وقال عبد الحق: إنه الصحيح.
[35/21] باب من حلف لا يهدى هدية فتصدق لم يحنث
5864 - عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أُتي بطعام سأل عنه أهدية أم صدقة؟ فإن قيل صدقة، قال لأصحابه: كلوه ولم يأكل، وأن قيل هدية ضرب بيده وأكل معهم» .
5865 - وعن أنس قال: «أهدت بريرة لحمًا تصدق به عليها، فقال: هو لها صدقة، ولنا هدية» متفق عليهما (2) .
[35/22] باب من حلف لا يأكل إدامًا بماذا يحنث
5866 - عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نعم الإدام الخل» رواه الجماعة إلا البخاري (3) .
_________
(1) أبو داود (3/231) (3285، 3286) مرسلًا عن عكرمة، وأخرجه ابن حبان (10/185) (4343) ، وأبو يعلى (5/78) (2674، 2675) عن عكرمة عن ابن عباس.
(2) الحديث الأول عند البخاري (2/910) (2437) ، ومسلم (2/756) (1077) ، وأحمد (2/302، 305، 338، 406، 492) ، وابن حبان (14/294) (6382) ، والحديث الثاني تقدم برقم (2601) .
(3) مسلم (3/1622) (2052) ، أبو داود (3/359) (3820، 3821) ، النسائي (7/14) = = الترمذي (4/278، 279) (1839، 1842) ، ابن ماجه (2/1102) (3317) ، أحمد (3/301، 304، 364، 389، 390، 400) .(4/2018)
5867 - ولأحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي (1) من حديث عائشة مثله.
5868 - وعن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ائتدموا بالزيت وادهنوا به، فإنه من شجرة مباركة» .
5869 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سيد إدامكم الملح» رواهما ابن ماجة (2) وحديث عمر رجاله ثقات، إلا الحسين بن مهدي شيخ ابن ماجة، قال أبو حاتم صدوق وحديث أنس في إسناده مجهول، وقال في المقاصد: أخرجه ابن ماجة وأبو يعلى والطبراني والقضاعي من حديث عيسى بن عيسى البصري عن رجل أراه موسى عن أنس به مرفوعًا وهو ضعيف أثبت بعضهم المبهم وحذفه آخرون.
5870 - وعن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ كسرة من خبز شعير، فوضع عليها تمرة، وقال: هذه إدام هذه» رواه أبو داود والبخاري في تاريخه (3) .
_________
(1) مسلم (3/1621) (2051) ، ابن ماجه (2/1102) (3316) ، الترمذي (4/278) (1840) ، أبو يعلى (7/423) (4445) .
(2) حديث عمر عند ابن ماجه (2/1103) (3319) ، والترمذي (4/285) (1851) ، والحاكم (4/135) ، وعبد بن حميد (1/33) (13) من طريق زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر، وحديث أنس عند ابن ماجه (2/1102) (3315) ، وأبي يعلى (6/377) (3714) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/265) (1327) ، والطبراني في "الأوسط" (8/354) .
(3) أبو داود (3/362) (3830) ، البخاري في التاريخ (8/371) (3367) ، وهو عند أبي يعلى = = (13/481) (7494) ، والبيهقي (10/63) ، والطبراني في "الكبير" (22/286) (732) .(4/2019)
5871 - وعن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيد إدام أهل الدنيا والآخرة اللحم» رواه ابن قتيبة في غريبه (1) .
5872 - وأخرجه أبو نعيم في الطب (2) من حديث علي بسند ضعيف.
5873 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفاها الجبار بيده كما يتكفى أحدكم خبزته في السفر نزلًا لأهل الجنة فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة؟ قال: بلى، قال: تكون الأرض خبزة واحدة. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: بلى، قال: إدامهم بالام ونون، قال: ما هذا؟ قال: ثور ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفًا» متفق عليه (3) .
قوله: «الإدام» قال النووي: الإدام بكسر الهمزة ما يؤتدم به وجمعه أُدم بضم الهمزة. قوله: «خبزة واحدة» بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة بعدها زاي وهي المصنوعة من الطعام. قوله: «بالام» بالموحدة عبرانية معناها ما ذكر في الحديث، و «النون» الحوت ويتكفاها يميلها من يد إلى يد حتى يجتمع ويستوي، و «النزول» بضم النون والزاي ما يعد للضيف عند نزوله مطلقًا.
_________
(1) ابن قتيبة في "غريب الحديث" (1/88) (26) .
(2) ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (41001) من حديث علي، وعزاه لأبي نعيم في الطب.
(3) البخاري (5/2389) (6155) ، مسلم (4/2151) (2792) ، عبد بن حميد (1/298) (962) .(4/2020)
[35/23] باب من حلف أنه لا مال له حنث بوجود المال معه (1)
5874 - عن أبي الأحوص عن أبيه قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليَّ شملة أو شملتان، فقال: هل لك من مالٍ؟ فقلت: نعم، قد آتاني الله من كل ماله من خيله وإبله وغنمه ورقيقه، فقال: فإذا آتاك الله مالًا فلير عليك نعمه فرحت إليه في حلة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي والحاكم في "المستدرك" (2) ورجال إسناده رجال الصحيح.
5875 - وعن سويد بن هبيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير مال امرئٍ له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة» رواه أحمد وابن سعد والبغوي والطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "السنن"، والضياء المقدسي في "المختارة" وصححه (3) .
5876 - وعن ابن عمر أن عمر قال: «يا رسول الله! أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه» .
5877 - وقال أبو طلحة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «أحب أموالي إليَّ بيرحا» متفق عليهما (4) .
_________
(1) أي: باب ما يسمى مالًا.
(2) أحمد (3/364، 4/137) ، أبو داود (4/51) (4063) ، النسائي (8/180، 181، 196) ، الترمذي (4/364) (2006) ، الحاكم (1/76، 4/201) ، وهو عند ابن حبان (12/234) (5416) .
(3) أحمد (3/468) ، الطبراني في "الكبير" (7/91) ، البيهقي (10/64) ، ابن قانع في معجم الصحابة (1/295) ، البخاري في "التاريخ" (1/438) .
(4) حديث عمر تقدم (3977) ، وأما قول أبو طلحة فأخرجه البخاري (2/530) (1392) ، = = ومسلم (9/693) (998) ، وأحمد (3/141) من حديث أنس بن مالك.(4/2021)
قوله: «ولير عليك» بسكون لام الأمر وبالياء المثناة التحتية مضمومة، ويجوز أن يكون بالمثناة من فوق أي النعم. قوله: «مهرة مأمورة» أي: كثيرة النسل والنتاج من أمرُّوا أي كثروا وأُمرَّ أمرُ ابن أبي كبشة أي كثر وارتفع شأنه كذا في "الدر النثير"، وفيه السكة الطريقة المصطفة، ومنه خير المال سكة مأبورة والرقاق والدنانير والدراهم المضروبة.
[35/24] باب من حلف لا يفعل كذا شهرًا ثم فعله
بعد مضي تسعة وعشرين لم يحنث
5878 - عن أم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلف لا يدخل على أهله شهرًا» ، وفي لفظ: «آلى من نسائه شهرًا فلما مضى تسعة وعشرون يومًا غدا عليهم وراح، فقيل له يا رسول الله! حلفت أن لا تدخل عليهن شهرًا، فقال: إن الشهر يكون تسعة وعشرين» متفق عليه (1) .
5879 - وعن ابن عباس قال: «هجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسائه شهرًا، فلما مضى تسعة وعشرون أتى جبريل فقال: قد برت يمينك وقد تم الشهر» رواه أحمد (2) .
_________
(1) البخاري (2/675، 5/1996) (1811، 4906) ، مسلم (2/764) (1085) ، أحمد (6/315) ، ابن ماجه (1/664) (2061) ، النسائي في "الكبرى" (5/368) .
(2) أحمد (1/235) .(4/2022)
[35/25] باب ما جاء في الحلف بأسماء الله وصفاته
والنهي عن الحلف بغير الله تعالى
5880 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة» متفق عليه (1) ، قال في "بلوغ المرام": وساق الترمذي الأسماء والتحقيق أن سردها إدراج من بعض الرواة.
5881 - وعن ابن عمر قال: «كان أكثر ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحلف: لا ومقلب القلوب» رواه الجماعة إلا مسلمًا (2) .
5882 - وفي حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لما خلق الله الجنة أرسل جبريل فقال: انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فنظر إليها فرجع فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها» .
5883 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «يبقى رجل بين الجنة والنار، فيقول: يا رب
_________
(1) البخاري (2/981، 5/2354، 6/2691) (2585، 6047، 6957) ، مسلم (4/2062، 2063) (2677) ، أحمد (2/258، 267، 427، 499) ، وهو عند الترمذي (5/530، 531) (3506، 3508) ، وابن ماجه (2/1269) (3860) ، وابن حبان (3/87) (807) ، والنسائي في "الكبرى" (4/393) .
(2) البخاري (6/2440، 2445، 3691) (6243، 6253، 6956) ، أبو داود (3/225) (3263) ، النسائي (7/2) ، الترمذي (4/113) (1540) ، ابن ماجه (1/677) (2092) ، أحمد (2/25، 67، 68، 127) ، ابن حبان (10/175) (4332) ، أبو يعلى (9/332، 362) (5442، 5472) .(4/2023)
اصرف وجهي عن النار، لا وعزتك لا أسألك غيرها» متفق عليهما (1) .
5884 - وفي حديث اغتسال أيوب: «بلى وعزتك ولكن لا غنى بي عن بركتك» رواه أحمد والبخاري (2) .
5885 - وعن قتيلة بنت صيفي «أن يهوديًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم تنددون وإنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت، وتقولون والكعبة فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا ورب الكعبة، ويقول أحدهم: ما شاء الله ثم شئت» رواه أحمد والنسائي وصححه وابن ماجة (3) .
5886 - وعن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع عمر وهو يحلف بأبيه فقال: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت» متفق عليه (4) . وفي لفظ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا إلا وأنتم
_________
(1) الحديث الأول جزء من حديث طويل أخرجه مطولًا أحمد (2/332، 373، 354) ، وأبو داود 4/236) (4744) ، والترمذي (4/693) (2560) ، والنسائي (7/3) ، وابن حبان (16/406) (7394) ، والحاكم (1/79) ، وليس للبخاري ومسلم هذا اللفظ، وإنما أخرجاه مختصرًا البخاري (5/2279) (6122) ، ومسلم (4/2174) ، وأحمد (2/260) ، وابن حبان (2/494) (719) ، من حديث أبي هريرة بلفظ: «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات» ، والحديث الثاني عند البخاري (1/277-278) (773) ، ومسلم (1/163-167) (182) ، وأحمد (2/275) .
(2) تقدم برقم (487) .
(3) أحمد (6/371) ، النسائي (7/6) .
(4) البخاري (5/2265، 6/2449) (5757، 6270) ، مسلم (3/1266، 1267) (1646) ، أحمد (2/8، 11، 17، 124) ، وهو عند ابن الجارود (1/232) (922) ، وابن حبان = = (10/201، 204) (4359، 4361) ، والترمذي (4/109، 110) (1533، 1534) ، والنسائي (7/4) ، ومالك (2/480) (1020) .(4/2024)
صادقون» رواه النسائي وأبو داود وابن حبان وصححه (1) ، وفي رواية لأبي داود (2) «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون» .
5887 - وعن ابن عمر مرفوعًا «من كان حالفًا فلا يحلف إلا بالله» أخرجاه (3) .
5888 - وعن ابن عمر مرفوعًا «من حلف بغير الله فقد كفر» رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وأخرجه الحاكم (4) ، وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم وليس له علة وله شاهد على شرط مسلم، ولأحمد وابن حبان في "صحيحه" (5) بلفظ: «فقد أشرك» ورواه الحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين.
_________
(1) انظر الرواية الآتية.
(2) هذا اللفظ من حديث أبي هريرة، وليس من حديث ابن عمر، وهو عند أبي داود (3/222) (3248) ، وابن حبان (10/199) (4357) ، والنسائي (7/5) ، وأبو يعلى (10/434) (6048) ، والطبراني في "الأوسط" (5/25) جميعهم من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلحفوا بآباءكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون» .
(3) البخاري (3/1394) (3624) ، مسلم (3/1267) (1646) ، وهو عند ابن حبان (10/204) (4362) ، والنسائي (7/4) .
(4) أخرجه بهذا اللفظ الحاكم (1/65، 117) ، وهو عند الترمذي (4/110) (1535) ، والبيهقي (10/29) ، وأحمد (2/125) بلفظ "فقد كفر أو أشرك"، وأخرجه أبو داود باللفظ الثاني.
(5) أحمد (2/69، 86) ، ابن حبان (10/199-200) (4358) ، أبو داود (3/223) (3251) ، والطيالسي (1/257) (1896) .(4/2025)
[35/26] باب ما جاء في وايم الله ولعمر الله وأقسم بالله وغير ذلك
5889 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قال سليمان بن داود: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلها تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل: إن شاء الله تعالى فطاف عليهن جميعًا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة فجاءت بشق رجل وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال: إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون» متفق عليه (1) .
5890 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في زيد بن حارثة: «وايم الله إن كان لخليقًا بالإمارة» متفق عليه (2) .
5891 - وفي حديث متفق عليه (3) لما وضع عمر على سريره جاء علي رضي الله عنه فترحم وقال: «وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك» .
5892 - وقد سبق (4) في حديث المخزومية في كتاب الحدود قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وايم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها» متفق عليه.
_________
(1) البخاري (6/2447) (6263) ، وأطرافه (3/1038، 1260، 5/2007) (2664، 3242، 4944) ، مسلم (3/1276) (1654) ، أحمد (2/229، 275) ، النسائي (7/25) .
(2) البخاري (3/1365، 4/1620، 6/2444، 2628) (3524، 4199، 6252، 6764) ، مسلم (4/1884) (2426) ، أحمد (2/20، 89) ، والترمذي (5/676) (3816) ، والنسائي في "الكبرى" (5/52، 53) .
(3) البخاري (3/1348) (3482) ، مسلم (4/1858) (2389) ، أحمد (1/112) من حديث ابن عباس.
(4) تقدم برقم (5004) .(4/2026)
5893 - وقول عمر لغيلان بن مسلمة: «وايم الله لتراجعن نساءك» أخرجه النسائي برجال ثقات، وقد تقدم (1) في باب من أسلم وتحته أختان أو أكثر من أربع.
5894 - وتقدم (2) في حديث الإفك المتفق عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «قام فاستعذر من عبد الله بن أُبي، فقام أُسيد بن حضير فقال لسعد بن عبادة: لعمر الله لنقتلنه» .
5895 - وعن عبد الرحمن بن صفوان وكان صديقًا للعباس: «أنه لما كان يوم الفتح جاء بأبيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! بايعه على الهجرة، فأبى وقال: لا هجرة فانطلق إلى العباس، فقام العباس معه فقال: يا رسول الله! قد عرفت ما بيني وبين فلان وأتاك بأبيه لتبايعه على الهجرة فأبيت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا هجرة فقال العباس: أقسمت عليك لتبايعه، قال: فبسط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده فقال: هات أبررت عمي ولا هجرة» رواه أحمد وابن ماجة (3) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد بن عبد الرحمن بن صفوان.
5896 - وعن عائشة «أن امرأة أهدت إليها تمرًا في طبق فأكلت بعضه وبقي بعضه فقالت: أقسمت عليك ألا أكلتِ بقيته، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبريها فإن الإثم على المحنث» رواه أحمد (4) ، قال في "مجمع الزوائد": رجاله رجال الصحيح.
_________
(1) تقدم برقم (4363) .
(2) تقدم جزء منه برقم (4502) .
(3) أحمد (3/430) ، ابن ماجه (1/683) (2116) .
(4) أحمد (6/114) .(4/2027)
5897 - وعن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من حلف بالأمانة» رواه أبو داود (1) ورجال إسناده ثقات.
قوله: «وايم الله» بكسر الهمزة وفتحها، وضم الميم قيل أصله يمين الله. قوله: «لعمر الله» بفتح العين المهملة، وسكون الميم هو العمر بضم العين، قال في النهاية ولا يقال في القسم إلا بالفتح.
[35/27] باب ما جاء من الأمر بإبرار القسم والرخصة في تركه للعذر
5898 - عن البراء بن عازب قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، وإبرار القسم أو المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام» متفق عليه (2) .
5899 - وعن ابن عباس في حديث رؤيا قصها أبو بكر أن أبا بكر قال: «أخبرني يا رسول الله! بأبي أنت وأمي أصبت أم أخطأت؟ فقال: أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا، قال والله لتحدثني بالذي أخطأت، قال: لا تقسم» متفق عليه (3) من حديث طويل.
_________
(1) أبو داود (3/223) (3253) ، وأحمد (5/352) ، والحاكم (4/331) .
(2) البخاري (5/1984، 2134، 2202، 2297، 2302) (4880، 5312، 5525، 5868، 5881) ، مسلم (3/1635) (2066) ، أحمد (4/299) ، النسائي (4/54) .
(3) البخاري (6/2582) (6639) ، مسلم (4/1777) (2269) ، أحمد (1/219، 236) ، أبو داود (3/226) (3267، 3269، 4633) ، ابن ماجه (2/1289-1290) (3918) ، النسائي في "الكبرى" (4/387) (7640) .(4/2028)
[35/28] باب ما جاء فيمن قال هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا
5900 - عن ثابت بن الضحاك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال: «من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبًا فهو كما قال» رواه الجماعة إلا أبا داود (1) ، وفي رواية للبخاري ومسلم (2) «متعمدًا» .
5901 - وعن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال إني بريء من الإسلام فإن كان كاذبًا فهو كما قال، وإن كان صادقًا لم يعد إلى الإسلام سالمًا» رواه أحمد والنسائي وابن ماجة وصححه النسائي، وهو من طريق الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه وأخرجه الحاكم (3) ، وقال صحيح على شرطهما.
[35/29] باب ما جاء في اليمين الغموس واللغو
5902 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وبهت مؤمن، والفرار يوم الزحف، ويمين صابرة يقتطع بها مالًا بغير حق» رواه أحمد (4) .
_________
(1) البخاري (5/2247، 2264، 6/2451) (5700، 5754، 6276) ، مسلم (1/104) (110) ، النسائي (7/5، 6، 19) ، الترمذي (4/115) (1543) ، ابن ماجه (1/678) (2098) ، أحمد (4/33، 34) ، وهو عند أبي داود (3/224) (3257) ، وابن الجارود (1/232) (924) ، وابن حبان (10/209) (4367) ، وعبد الرزاق (8/482) ، والطيالسي (1/166) (1197) ، وأبي يعلى (3/104) (1535) .
(2) البخاري (1/459) (1297) ، مسلم (1/105) (110) ، وابن حبان (10/208) (4366) .
(3) أحمد (5/355) ، النسائي (7/6) ، ابن ماجه (1/679) (2100) ، الحاكم (4/331) ، أبو داود (3/224) (3258) .
(4) أحمد (2/361) .(4/2029)
5903 - وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقطع بها مال امرئٍ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي (1) .
5904 - وفي حديث علقمة بن وائل بن حجر عن أبيه مرفوعًا: «أما لئن حلف على مالٍ ليأكله ظالمًا ليلقين الله وهو عنه معرض» رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي (2) .
5905 - وعن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اقتطع حق امرئٍ مسلم فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، فقال له رجل: وإن كان يسيرًا؟ قال: وإن كان قضيبًا من أراك» رواه أحمد ومسلم (3) .
5906 - وعن عبد الله بن أنيس الجهني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من
_________
(1) البخاري (2/831، 851، 889، 948، 950، 951، 4/1656، 6/2452، 2458، 2627، 2710) (2229، 2285، 2380، 2523، 2528، 2531، 4275، 6283، 6299، 6761، 7007) ، مسلم (1/122، 123) (138) ، أبو داود (3/220) (3243) ، الترمذي (3/569، 5/224) (1269، 2996) ، وهو عند ابن الجارود (1/233) (926) ، وابن حبان (11/481، 482) (5085، 5086) ، وابن ماجه (2/778) (2323) ، وأبي يعلى (9/125) (5197) ، وأحمد (1/377، 379، 416، 426، 442) .
(2) مسلم (1/123) (139) ، أبو داود (3/221) (3245) ، النسائي في "الكبرى" (3/484) (5989) ، الترمذي (3/625) (1340) ، وهو عند ابن حبان (11/463-464) (5074) ، والدارقطني (4/211) .
(3) أحمد (5/260) ، مسلم (1/122) (137) ، وهو عند ابن حبان (11/483) (5087) ، والنسائي (8/246) ، والدارمي (2/345) (2603) .(4/2030)
الكبائر الشرك بالله، وعقوق الوالدين واليمين الغموس، وما حلف حالف بالله يمين صبر فأدخل فيها مثل جناح بعوضة إلا جعله الله نكتة في قلبه إلى يوم القيامة» رواه أحمد والترمذي وحسن الحافظ إسناده، وأخرجه الطبراني في "الأوسط" وابن حبان في "صحيحه" (1) . وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وسمعت محمدًا يقول: هو عندي حديث مرسل، محمد بن زيد لم يدرك أبا أمامة الأنصاري.
5907 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقتطع بها مال امرئٍ مسلم هو فيها كاذب» أخرجاه (2) .
5908 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: «فعلت كذا وكذا، قال: لا والذي لا إله إلا هو ما فعلت، فقال له جبريل: قد فعل، ولكن الله عز وجل غفر له بقوله لا والذي لا إله إلا هو» رواه أحمد (3) .
5909 - وعن ابن عباس قال: «اختصم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلان فرفعت اليمين على أحدهما فحلف بالله أنه لا إله إلا هو ما له عنده شيء، قال: فنزل جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه كاذب إنه له عنده حق فأمره أن يعطيه حقه
_________
(1) أحمد (3/495) ، الترمذي (5/236) (3020) ، الطبراني في "الأوسط" (3/305) ، ابن حبان (12/374) (5563) ، والحاكم (4/329) .
(2) البخاري (6/2535) (6522) ، ابن حبان (12/373) (5562) .
(3) أحمد (2/68، 70، 118، 127) ، وعبد بن حميد (1/270) (857) ، وأبو يعلى (10/55) (5690) .(4/2031)
وكفارة يمينه معرفة أن لا إله إلا الله أو شهادته» رواه أحمد ولأبي داود نحوه وأخرجه النسائي (1) ، وفي إسناده عطاء بن السائب قد تكلم فيه غير واحد، وأخرج له البخاري حديثًا مقرونًا بابن بشر.
5910 - وعن عائشة قالت: «أنزلت هذه الآية: ((لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ)) [المائدة:89] ، في قول الرجل: لا والله، وبلى والله» أخرجه البخاري (2) ، قال في "خلاصة البدر": حديث عائشة مرفوعًا وموقوفًا: «لغو اليمين لا والله، وبلى والله» رواه أبو داود والبيهقي (3) مرفوعًا، وصححه ابن حبان والبخاري موقوفًا، قال الدارقطني هو الصحيح.
[35/30] باب تعليق اليمين بالمستقبل والتكفير قبل الحنث وبعده
5911 - عن عبد الرحمن بن سمرة قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها، فأتِ الذي هو خير وكفر عن يمينك» وفي لفظ: «فكفر عن يمينك، وأت الذي هو خير» متفق عليهما (4) ، وفي لفظ للنسائي وأبي داود
_________
(1) أخرجه بهذا اللفظ أحمد (1/296) ، وهو بنحوه عند أحمد (2/70) (5379) ، وأبي داود (3/228) (3275) ، والنسائي في "الكبرى" (3/489) .
(2) البخاري (4/1686) (4337) .
(3) أبو داود (3/223) ، البيهقي (10/49) مرفوعًا.
(4) البخاري (6/2472، 2613) (6343، 6728) ، وأحمد (5/61، 62) ، وابن الجارود (1/223) (929) ، وابن حبان (10/189) (4348) ، والنسائي (7/11) ، وأبو داود (3/229) (3277) ، باللفظ الأول، والبخاري (6/2443، 2613) (6248، 6727) ، ومسلم (3/1273) (1652) ، وأحمد (5/62، 63) باللفظ الثاني.(4/2032)
(1) : «إذا حلفت على يمين فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير» .
5912 - وعن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا حلف أحدكم على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفرها، وليأتِ الذي هو خير» رواه مسلم (2) . وفي لفظ: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأتِ الذي هو خير وليكفر عن يمينه» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة (3) .
5913 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (4) ، وفي لفظ مسلم (5) «فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه» .
5914 - وعن أبي موسى عن النبي قال: «لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها، إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها» وفي لفظ «إلا كفرت عن يميني وفعلت الذي هو خير» وفي لفظ: «إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني» متفق عليهن (6) .
_________
(1) أبو داود (3/229) (3278) ، النسائي (7/10) .
(2) مسلم (3/1273) (1651) .
(3) أحمد (4/256، 257) ، مسلم (3/1273) (1651) ، النسائي (7/10، 11) ، ابن ماجه (1/681) (2108) .
(4) أحمد (2/361) ، مسلم (3/1272) (1650) ، الترمذي (4/107) (1530) ، وهو عند ابن حبان (10/190) (4349) ، والنسائي في "الكبرى" (3/126) (4722) .
(5) مسلم (3/1272) (1650) .
(6) البخاري (3/1140، 4/1593، 5/2101، 6/2450، 2459، 2471، 2746) (2964، 4124، 5199، 6273، 6302، 6342، 7116) ، مسلم (3/1270) (1649) ، أحمد (4/401) باللفظ الأول، والبخاري (6/2444، 2470) (6249، 6340) ، ومسلم = = (3/1271) (1649) ، وأحمد (4/398) ، وابن ماجه (1/681) (2107) ، وأبو داود (3/229) (3276) باللفظ الثاني والثالث.(4/2033)
5915 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نذر ولا يمين فيما لا تملك ولا في معصية ولا في قطيعة رحم، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليدعها وليأت الذي هو خير، فإن تركها كفارتها» رواه النسائي وأبو دواد (1) ، وقال البيهقي لا يثبت، وقال في الفتح رواته لا بأس بهم لكن اختلفوا في سنده على عمرو، وقال المنذري قد تقدم الكلام على اختلاف الأئمة في الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب، وقال أبو داود: الأحاديث كلها وليكفر عن يمينه إلا ما لا يعبأ به.
5916 - وعن ابن عباس قال: «كان الرجل يقوت أهله قوتًا في سعة، وكان الرجل يقوت أهله قوتًا في شدة فنزلت: ((مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ)) [المائدة:89] » رواه ابن ماجة (2) ورجاله رجال الصحيح إلا سليمان بن أبي المغيرة العبسي، وقد وثقه ابن معين.
5917 - وعن أُبي بن كعب وابن مسعود أنهما قرأا: «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» حكاه أحمد ورواه الأثرم بإسناده وأخرجه الدارقطني وصححه (3) .
* * *
_________
(1) النسائي (7/10، 12) ، أبو داود (3/228) (3274) ، أحمد (2/212) .
(2) ابن ماجه (1/682) (2113) .
(3) أخرجه الحاكم (2/303) ، والبيهقي (10/60) ، وابن أبي شيبة (3/88) ، عن أبي بن كعب وأخرجه عبد الرزاق (8/514) ، والبيهقي (10/60) ، وابن أبي شيبة (3/87) ، عن ابن مسعود.(4/2034)
[36] كتاب النذر
[36/1] باب نذر الطاعة مطلقًا، ومعلقًا بشرط
5918 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» رواه الجماعة إلا مسلمًا (1) .
5919 - وعن ابن عمر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) .
5920 - وللجماعة إلا أبا داود (3) معناه من رواية أبي هريرة، قال ابن الأثير
_________
(1) البخاري (6/2463، 2464) (6318، 6322) ، أبو داود (3/232) (3289) ، النسائي (7/17) ، الترمذي (4/104) (1526) ، ابن ماجه (1/687) (2126) ، أحمد (6/208، 224) ، وهو عند ابن الجارود (1/235) (934) ، وابن حبان (10/233، 234، 235) (4387، 4388، 4389) ، والشافعي (1/339) ، وأبي يعلى (8/277) (4863) ، وابن أبي شيبة (3/66) .
(2) البخاري (6/2437، 2463) (6234، 6314، 6315) ، مسلم (3/1261) (1639) ، أبو داود (3/231) (3287) ، النسائي (7/15) ، ابن ماجه (1/686) (2122) ، أحمد (2/61، 86، 118) ، وابن حبان (10/221) (4377) .
(3) البخاري (6/2437، 2463) (6235، 6316) ، مسلم (3/1261) (1640) ، الترمذي (4/112) (1538) ، النسائي (7/16) ، ابن ماجه (1/686) (2123) ، أحمد (2/235، 301، 314، 412، 463) ، وهو عند أبي داود (3/232) (3288) ، وابن حبان (10/220) (4376) من حديث أبي هريرة.(4/2035)
في النهاية: تكرر النهي عن النذر في الحديث وهو تأكيد لأمره وتحذير عن التهاون به بعد إيجابه ولو كان معناه الزجر عنه حتى لا يفعل لكان في ذلك إبطال حكمه وإسقاط لزوم الوفاء به إذ يصير بالنهي عنه معصية فلا يلزم، وإنما وجه الحديث أنه قد أعلمهم أن ذلك الأمر لا يجر إليهم في العاجل نفعًا ولا يصرف عنهم ضررًا ولا يضير قضاءً، فقال: لا تنذروا على أنكم تدركون بالنذر شيئًا لم يقدره الله تصرفوا به عنكم ما قدره الله عليكم، فإذا نذرتم فأخرجوا بالوفاء، فإن الذي نذرتموه لازم لكم انتهى.
[36/2] باب ما جاء في نذر المباح والمعصية وما أخرج مخرج اليمين
5921 - عن ابن عباس قال: «بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذ هو برجل قائم فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد، ولا يستظل ولا يتكلم وأن يصوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه» رواه البخاري وابن ماجة وأبو داود (1) .
5922 - وعن ثابت بن الضحاك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على الرجل نذر فيما لا يملك» متفق عليه (2) .
5923 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا
_________
(1) البخاري (6/2465) (6326) ، ابن ماجه (1/690) (2136) ، أبو داود (3/235) (3300) ، وهو عند ابن الجارود (1/236) (938) ، وابن حبان (10/230) (4385) ، والدارقطني (4/161-162) ، والبيهقي (10/75) .
(2) البخاري (5/2247) (5700) ، مسلم (1/104) (110) ، أحمد (4/33) ، أبو داود (3/224) (3257) ، الترمذي (4/105، 5/22) (1527، 2636) .(4/2036)
نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله» رواه أحمد وأبو داود (1) ، وعمرو بن شعيب قد مضى الكلام عليه، وفي لفظ لأحمد (2) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظر أعرابيًا قائمًا في الشمس وهو يخطب، فقال: ما شأنك؟ فقال: نذرت يا رسول الله أن لا أزال في الشمس حتى تفرغ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس هذا نذرًا، إنما النذر ما ابتغي به وجه الله» وأخرجه الطبراني (3) بإسناد فيه عبد الله بن نافع المدني وهو ضعيف.
5924 - وعن سعيد بن المسيب «أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحبه القسمة، فقال: إن عدت تسألني القسمة فكل مالي في رتاج الكعبة، فقال له عمر: إن الكعبة غنية عن مالك، كفر عن يمينك وكلم أخاك سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب، ولا في قطيعة رحم ولا فيما لا تملك» رواه أبو دواد (4) ، وقال المنذري: سعيد بن المسيب لم يصح سماعه من عمر فهو منقطع.
5925 - وعن ثابت بن الضحاك: «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني نذرت أن أنحر إبلًا ببوانة، فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، قال: أوف بنذرك فإنه لا وفى بنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم» رواه أبو داود والطبراني (5) ، وصحح
_________
(1) أحمد (2/185) ، أبو داود (3/228) (3273) .
(2) أحمد (2/211) .
(3) الطبراني في "الأوسط" (2/109) .
(4) أبو داود (3/227) (3272) ، وهو عند ابن حبان (10/197) (4355) ، والحاكم (4/333) ، والبيهقي (10/65) .
(5) أبو داود (3/238) (3313) ، الطبراني في "الكبير" (2/75) (1341) .(4/2037)
الحافظ إسناده، وقال في "الخلاصة": إسناده صحيح على شرط الشيخين.
5926 - ورواه ابن ماجة (1) من رواية ابن عباس وغيره بإسناد حسن.
5927 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف، قال: أوفي بنذرك، قالت: إني نذرت أن أذبح كذا وكذا بمكان كذا وكذا تذبح فيه الجاهلية، قال لصنم؟ قالت: لا، قال: لوثن؟ قالت: لا، قال: أوفي بنذرك» رواه أبو داود (2) ، قال المنذري: وقد تقدم الكلام على حديث عمرو بن شعيب.
5928 - وعن عمران بن حصين في حديث طويل وفيه «قصة المرأة التي أخذت العضباء من الكفار ونذرت إن نجاها الله عليها لتنحرها، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: سبحان الله! بئس ما جزيتيها لا وفاء لنذر في معصية ولا نذر فيما لا يملك العبد» رواه أحمد ومسلم مطولًا، وقد تقدم (3) في كتاب الجهاد.
5929 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لانذر في معصية وكفارته كفارة يمين» رواه الخمسة (4) ، وفي إسناده مقال، وقد روي من حديث أبي هريرة قال الحافظ: وإسناده صحيح إلا أنه منقطع، وقال النووي: ضعيف باتفاق المحدثين، وتعقبه الحافظ بأنه قد صححه الطحاوي وابن السكن.
_________
(1) ابن ماجه (1/688) (2130) .
(2) أبو داود (3/237) (3312) .
(3) تقدم برقم (5313) .
(4) أبو داود (3/232، 233) (3290، 3291، 3292) ، النسائي (7/26، 27) ، الترمذي (4/103) (1524، 1525) ، ابن ماجه (1/686) (2125) ، أحمد (6/247) .(4/2038)
5930 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نذر نذرًا في معصية الله فكفارته كفارة يمين» رواه أحمد ومسلم (1) .
قوله: «في رتاج الكعبة» بالراء المهملة بعدها مثناة فوقية، فألف فجيم، قال في "الدر النثير": الرتاج الباب وجعل ماله في رتاج الكعبة، أي: لها وكنى عنها بالرتاج؛ لأنه يدخل إليها منه. قوله: «ببوانة» بضم الموحدة وبعد الألف نون موضع بين الشام وديار بكر.
[36/3] باب من نذر نذرًا لم يتمه أولا يطيقه
5931 - عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كفارة النذر كفارة يمين» رواه مسلم وزاد الترمذي (2) «إذا لم يسمه» وصححه.
5932 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نذر نذرًا لم يسمه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرًا في معصية فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرًا لم يطقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا طاقه فليف به» رواه أبو داود (3) قال في "بلوغ المرام": وإسناده صحيح إلا أن الحفاظ رجحوا وقفه، ورواه ابن ماجة، وليس له نذر المعصية، وفي إسناد حديث ابن ماجة من لا يعتمد عليه.
5933 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى شيخًا يتهادى بين ابنيه فقال: ما
_________
(1) أخرجه أبو داود (3/241) (3322) ، وابن ماجه (1/687) (2128) ، والحديث ليس عند مسلم ولا أحمد، وسيعيده المصنف بعد الحديث الآتي.
(2) أحمد (4/144، 146، 147، 148، 156) ، ومسلم (3/1265) (1645) ، وأبو داود (3/241، 242) (3323، 3324) ، والترمذي (4/106) (1528) ، والنسائي (7/26) .
(3) تقدم قريبًا نهاية الباب السابق.(4/2039)
هذا؟ فقالوا: نذر أن يمشي، قال: إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني وأمره أن يركب» رواه الجماعة إلا ابن ماجة (1) ، وللنسائي (2) في رواية: «أن يمشي إلى بيت الله» .
5934 - وعن عقبة بن عامر قال: «نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتيته، فقال: لتمش ولتركب» متفق عليه (3) . ولمسلم (4) فيه: «حافية غير مختمرة» وفي رواية لأحمد (5) «نذرت أختي أن تمشي إلى الكعبة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله لغني عن مشيها لتركب ولتهد بدنة» وفي رواية للخمسة (6) «أن أخته نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الله لا يصنع بشقى أختك شيئًا مرها فلتختمر، ولتركب ولتصم ثلاثة أيام» وحسنها الترمذي، وأعلها غيره بأن في إسنادها عبد الله بن زحر
_________
(1) البخاري (2/659) (1766) ، مسلم (3/1263) (1642) ، أبو داود (3/235) (3301) ، النسائي (7/30) ، الترمذي (4/111) (1537) ، أحمد (3/106، 114، 183) ، وابن خزيمة (4/347) (3044) ، وابن حبان (10/228) (4383) ، وأبو يعلى (6/238) (3532) .
(2) النسائي (7/30) .
(3) البخاري (2/660) (1767) ، مسلم (3/1264) (1644) ، أحمد (4/152) ، أبو داود (3/234) (3299) ، النسائي (7/19) .
(4) مسلم (3/1264) (1644) .
(5) أحمد (4/201) ، وابن الجارود (1/236) (936) ، وابن خزيمة (4/347) (3045) ، وسيأتي قريبًا بمثل هذا اللفظ من حديث ابن عباس.
(6) أبو داود (3/233) (3293، 3294) ، النسائي (7/20) ، الترمذي (4/116) (1544) ، ابن ماجه (1/689) (2134) ، أحمد (4/143، 145، 149، 151) ، الدارمي (2/239) (2334) .(4/2040)
قد تكلم فيه.
5935 - وعن كريب عن ابن عباس قال: «جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إن أختي نذرت أن تحج ماشية، فقال: إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا لتخرج راكبة، ولتكفر عن يمينها» رواه أحمد وأبو داود (1) ورجاله رجال الصحيح.
5936 - وعن عكرمة عن ابن عباس أن عقبة بن عامر «سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: فقال: إن أخته نذرت أن تمشي إلى البيت وتشكي ضعفها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله غني عن نذر أختك فلتركب ولتهد بدنة» رواه أحمد (2) وفي لفظ لأبي داود (3) «أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت وأنها لا تطيق ذلك فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تركب وتهدي هدايا» وقال الحافظ في "التلخيص": إسناده صحيح، والرواية الأخرى لأبي داود رجالها رجال الصحيح، وقال البخاري: لا يصح في حديث عقبة الأمر بالإهداء.
[36/4] باب من نذر وهو مشرك ثم أسلم أو نذر ذبحًا في موضع معين
5937 - عن عمر قال: «نذرت نذرًا في الجاهلية، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدما أسلمت، فأمرني أن أوفي بنذري» رواه ابن ماجة (4) ، ورجاله رجال الصحيح، وفي لفظ قال: «قلت يا رسول الله! إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال: أوف بنذرك» متفق عليه (5) ، وفي رواية لمسلم (6) «يومًا وليلة» وزاد البخاري: «فاعتكفتُ» .
5938 - وعن كردم بن سفيان: «أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نذر نذره في الجاهلية، فقال له: ألوثن أو لنصب؟ قال: لا، ولكن لله قال: أوف لله ما جعلت له انحر على بُوانة، وأوف بنذرك» رواه أحمد (7) .
5939 - وعن ميمونة بنت كردم قالت: «كنت ردف أبي فسمعته يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني نذرت أن أنحر ببوانة، قال: أبها وثن أو طاغية؟ قال: لا، قال: أوف بنذرك» رواه أحمد وابن ماجة (8) ، ورجاله رجال الصحيح، وفي
_________
(1) أحمد (1/310) ، أبو داود (3/234) (3295) ، ابن خزيمة (4/348) (3046، 3047) .
(2) أحمد (1/239) أبو داود (3/235) (3303) .
(3) أبو داود (3/234) (3296، 3297) .
(4) ابن ماجه (1/687) (2129) ، ابن أبي شيبة (7/284) (36115) ، عبد بن حميد (1/44) (40) .
(5) تقدم برقم (2903) .
(6) مسلم (3/1277) (1656) .
(7) أحمد (3/419) ، وأبو داود (3/239) (3315) .
(8) أحمد (6/366) ، ابن ماجه (1/688) (2131) .(4/2041)
لفظ لأحمد (1) : «إني نذرت أن أنحر عددًا من الغنم» وذكر نحوه.
5940 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن امرأة قالت: يا رسول الله! إني نذرت أن أنحر بمكان كذا وكذا، مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية فقال: أصنم؟ قالت: لا، قال: لوثن؟ قالت: لا، قال: أوف بنذرك» رواه أبو داود، وقد تقدم (2) الكلام عليه في باب ما جاء في نذر المباح.
_________
(1) أحمد (6/366) .
(2) تقدم قريبًا برقم (5931) .(4/2042)
قوله: «كردم» بفتح الكاف والدال.
[36/5] باب ما جاء فيمن نذر أن يتصدق بجميع ماله
5941 - عن كعب بن مالك أنه قال: «يا رسول الله! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك، قال: قلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر» متفق عليه (1) ، وفي لفظ لأبي داود (2) ، قال: «قلت: يا رسول الله! إن من توبتي إلى الله أن أخرج من مالي كله إلى الله ورسوله صدقة، قال: لا، قلت: فنصفه، قال: لا، قلت: فثلثه، قال: نعم، قلت فإني أمسك سهمي من خيبر» وفي إسنادها محمد بن إسحاق وفيه مقال معروف.
5942 - وعن الحسين بن السائب بن أبي لبابة «أن أبا لبابة بن عبد المنذر لما تاب الله عليه قال: يا رسول الله! إن من توبتي أن أهجر دار قومي وأساكنك وأن أنخلع من مالي صدقة لله عز وجل ولرسوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يجزئ عنك الثلث» رواه أحمد وعزاه في "الفتح" لأحمد وأبي داود (3) .
_________
(1) جزء من حديث كعب بن مالك الطويل وقد تقدم جزء منه برقم (5091) ، وهو بهذا اللفظ عند البخاري (3/1013، 4/1603-1608، 1718، 6/2462) (2606، 4156، 4399، 6312) ، ومسلم (4/2120-2128) (2769) ، وابن حبان (8/155-164) (3370) ، وابن خزيمة (4/98) (2442) ، وأبو داود (3/240) (3317، 3318) ، والنسائي (7/22، 23) ، والترمذي (5/281) (3102) .
(2) أبو داود (3/241) (3321) .
(3) أحمد (3/502) ، أبو داود (3/240) (3320) .(4/2043)
[36/6] باب ما يجزئ عليه عتق رقبة مؤمنة بنذر أو غيره
5943 - عن عبيد بن عبد الله عن رجل من الأنصار «أنه جاء بأَمَة سوداء، فقال: يا رسول الله! إن عليَّ عتق رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت: نعم، قال: فأعتقها» رواه أحمد (1) عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن رجل من الأنصار، وهذا إسناد رجاله أئمة وجهالة الصحابي لا تضر.
5944 - وعن أبي هريرة «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجارية سوداء أعجمية، فقال: يا رسول الله! إن عليَّ عتق رقبة مؤمنة، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بإصبعها السبابة، فقال لها: من أنا؟ فأشارت بإصبعها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى السماء أي أنت رسول الله قال: أعتقها» رواه أحمد (2) .
5945 - وعن معاوية بن الحكم السلمي قال: «قلت: يا رسول الله! جارية لي صككتها صكة، فعظم ذلك عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: أفلا أعتقها؟ فقال: ائتني بها، قال: فجئت بها، قال: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة» رواه أبو داود وهو لمسلم والنسائي وقد تقدم (3) في الحدود في باب ما يصير به الكافر مسلمًا.
_________
(1) تقدم برقم (5086) .
(2) أحمد (2/291) ، أبو داود (3/230) (3284) .
(3) تقدم برقم (1247، 5068، 5088) .(4/2044)
5946 - وعن الشريد بن سويد الثقفي «أن أمه أوصته أن يعتق رقبة مؤمنة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إن أمي أوصت أن أعتق عنها رقبة مؤمنة، وعندي جارية سوداء نوبية ... » فذكر نحوه رواه أبو داود والنسائي (1) ، وقال أبو داود: خالد بن عبد الله أرسله لم يذكر الشريد.
[36/7] باب ما جاء فيمن نذر أن يصلي في المسجد الأقصى
أن يجزئه أن يصلي في مسجد مكة والمدينة
5947 - عن جابر أن رجلًا قال يوم الفتح: «يا رسول الله! إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال: صل هاهنا، فسأله فقال: صلِّ هاهنا، فسأله، فقال: شأنك إذن» رواه أحمد وأبو دواد والبيهقي والحاكم (2) ، وقال: على شرط مسلم وصححه ابن دقيق العيد في الاقتراح.
5948 - ولأحمد وأبي داود (3) عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الخبر وزاد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والذي بعث محمدًا بالحق لو صليت هاهنا لقضى عنك ذلك كل صلاة في بيت المقدس» وله طرق رجال بعضها ثقات.
5949 - وعن ابن عباس: «أن امرأة شكت شكوًا فقالت: إن شفاني الله
_________
(1) تقدم برقم (5087) .
(2) أحمد (3/363) ، أبو داود (3/236) (3305) ، البيهقي (10/82) ، الحاكم (4/338) ، الدارمي (2/241) (2339) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/125) ، وعبد بن حميد (1/310) (1009) ، أبو يعلى (4/88) (2116) .
(3) أحمد (5/373) ، أبو داود (3/236) (3306) .(4/2045)
فلأخرجن فلأصلين في بيت المقدس، فبرئت ثم تجهزت تريد الخروج، فجاءت ميمونة تسلم عليها فأخبرتها بذلك، فقالت: اجلسي فكلي ما صنعتِ، وصلي في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة» رواه أحمد ومسلم (1) .
5950 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة في مسجدي خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» رواه الجماعة إلا أبا داود (2) .
5951 - ولأحمد وأبي داود (3) من حديث جابر مثله وزاد: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» قال الحافظ: إسناده صحيح إلا أنه اختلف فيه على عطاء.
5952 - ولأحمد من حديث عبد الله بن الزبير مثل حديث أبي هريرة، وزاد: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا» وأخرجه البيهقي وصححه ابن حبان (4) .
_________
(1) أحمد (6/333) ، مسلم (2/1014) (1396) .
(2) البخاري (1/398) (1133) ، مسلم (2/1012، 1013) (1394) ، النسائي (2/35، 5/214) ، الترمذي (2/147) (325) ، ابن ماجه (1/450) (1404) ، أحمد (2/239، 251، 256، 277، 386، 466، 468، 473، 485) ، مالك (1/196) (462) ، والدارمي (1/388) (1418، 1420) ، وابن حبان (4/505) (1625) ، وأبو يعلى (10/278) (5875) .
(3) أحمد (3/343، 397) ، ابن ماجه (1/451) (1406) .
(4) أحمد (4/5) ، وابن حبان (4/499) (1620) ، البيهقي (5/246) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/127) .(4/2046)
5953 - وعن ميمونة مرفوعًا «صلاة في مسجد إيلياء تعدل ألف صلاة في غيره» رواه ابن ماجة (1) ، قال في "مختصر البدر": بإسناد حسن.
5954 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا في ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» متفق عليه (2) ، ولمسلم (3) في رواية: «إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد» .
قوله: «إيلياء» بالمد والتخفيف اسم مدينة بيت المقدس.
[36/8] باب قضاء المنذر عن الميت
5955 - عن ابن عباس «أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر ولم تقضه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقضه عنها» رواه أبو داود والنسائي وهو على شرط الصحيح، قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة (4) .
_________
(1) ابن ماجه (1/451) (1407) ، أبو يعلى (12/523) (7088) قريبًا من هذا اللفظ.
(2) البخاري (1/398) (1132) ، مسلم (2/1014) (1397) ، أحمد (2/234، 278، 501) ، وهو عند ابن الجارود (1/135) (512) ، وابن حبان (4/498) (1619) ، وابن ماجه (1/452) (1409) ، وأبي داود (2/216) (2033) ، والنسائي (2/37) ،
(3) مسلم (2/1015) (1397) .
(4) البخاري (3/1015، 6/2464، 2552) (2610، 6320، 6558) ، مسلم (3/1260) (1638) ، الترمذي (4/117) ، النسائي (6/253، 254) ، ابن ماجه (1/689) (2132) ، أبو داود (3/236) (3307) ، مالك (2/472) ، أحمد (1/219، 329، 370) ، ابن حبان (10/238، 239) (4393، 4394) .(4/2047)
5956 - وعن ابن عباس «أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن نجاها الله أن تصوم شهرًا فنجاها الله، فلم تصم حتى ماتت فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن تصوم عنها» رواه أبو داود والنسائي (1) ، وقد تقدم في كتاب الصيام أحاديث من ذلك (2) .
5957 - وقال البخاري (3) : «أمر ابن عمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء يعني ثم ماتت، فقال: صلي عنها» .
5958 - قال: وقال ابن عباس نحوه، وأخرج ابن أبي شيبة (4) أثر ابن عباس بسند صحيح.
* * *
_________
(1) تقدم برقم (2799) .
(2) انظر الباب رقم [7/26] .
(3) ذكره البخاري تعليقًا (6/2464) باب من مات وعليه نذر.
(4) ابن أبي شيبة (3/113) (12597) .(4/2048)
[37] كتاب الأقضية والأحكام
[37/1] باب ما جاء في وجوب نصب القاضي والأمير وغيرهما
5959 - عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم» رواه أحمد (1) .
5960 - وعن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا عليهم أحدهم» رواه أبو داود (2) ورجاله رجال الصحيح إلا علي بن بحر وهو ثقة.
5961 - وقد أخرج نحوهما البزار (3) بإسناد صحيح من حديث عمر بن الخطاب بلفظ: «إذا كنتم في سفر فأمروا أحدكم» .
5962 - وأخرج البزار (4) بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمر مرفوعًا بلفظ: «إذا كانوا ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» .
5963 - وأخرجه بهذا اللفظ الطبراني (5) بإسناد صحيح من حديث ابن
_________
(1) أحمد (2/176-177) .
(2) أبو داود (3/36) (2608) ، الطبراني في "الأوسط" (8/100) (8094) ، أبو يعلى (2/319، 511) (1054، 1359) من حديث أبي سعيد الخدري، وأخرجه أبو داود أيضًا من طريق أبي هريرة (3/36) (2609) وهو الذي فيه علي بن بحر.
(3) البزار (2/266-267) (1672- كشف) .
(4) البزار (2/267) (1673- كشف) .
(5) الطبراني في "الكبير" (9/185) (8915) .(4/2049)
مسعود.
5964 - وعن جابر مرفوعًا «إن الله لا يقدّس أُمة ليس منهم من يأخذ للضعيف حقه» رواه ابن ماجة (1) قال في "خلاصة البدر": بإسناد على شرط مسلم لا جرم صححه ابن حبان.
5965 - ورواه الحاكم والبيهقي (2) أيضًا من رواية أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.
5966 - والبيهقي (3) من رواية بريدة.
[37/2] باب كراهة الحرص على الولاية وطلبها
5967 - عن أبي موسى قال: «دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحدهما: يا رسول الله! أمّرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل، وقال الآخر مثل ذلك فقال: إنا والله لا نولي هذا العمل أحدًا يسأله أو أحدًا أحرص عليه» .
5968 - وعن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله: «يا عبد الرحمن بن سمرة! لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أُعنت عليها، وإن أُعطيتها عن مسألة وكلت إليها» متفق عليهما (4) .
_________
(1) ابن ماجه (2/1329) (4010) ، ابن حبان (11/443-444) (5058) .
(2) الحاكم (3/387) ، البيهقي (10/93) .
(3) البيهقي (10/94) .
(4) الحديث الأول عند البخاري (6/2614) (6730) ، ومسلم (3/1456) (1733) ، وأحمد (4/409) ، وابن الجارود (1/92) (337) ، وابن حبان (10/333) (4481) ، وأبي يعلى = = (13/306) (7320) ، والحديث الثاني تقدم جزء منه برقم (5915) .(4/2050)
5969 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سأل القضاء وكل إلى نفسه ومن جبر عليه نزل عليه ملك يُسدده» رواه الخمسة إلا النسائي، وقال الترمذي: حسن غريب وصححه الحاكم (1) .
5970 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة» رواه أحمد والبخاري والنسائي (2) .
5971 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره، فله الجنة، ومن غلب جوره عدله فله النار» رواه أبو داود (3) بإسناد حسن وحسَّن إسناده أيضًا الحافظ ابن كثير كما في العواصم.
قوله: «حرص عليه» بفتح المهملة. قوله: «وكلت إليها» بضم الواو وكسر الكاف مخففًا ومشددًا، وسكون اللام، أي: من طلب الإمارة فأعطيها تركت إعانته عليها من أجل حرصه. قوله: «فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة» قال الداودي: نعمت المرضعة أي في الدنيا، وبئست الفاطمة أي بعد الموت؛ لأنه يصير إلى المحاسبة على ذلك، فهو كالذي يفطم قبل أن يستغني فيكون في ذلك هلاكه.
_________
(1) أبو داود (3/300) (3578) ، الترمذي (3/613، 614) (1323، 1324) ، ابن ماجه (2/774) (2309) ، أحمد (3/118، 220) ، الحاكم (4/103) .
(2) أحمد (2/448، 476) ، البخاري (6/2613) ، النسائي (7/162، 8/225) ، ابن حبان (10/334) (4482) .
(3) أبو داود (3/299) (3575) .(4/2051)
[37/3] باب ما جاء من التشديد في الولايات
5972 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جعل قاضيًا بين الناس فقد ذُبح بغير سكين» رواه الخمسة إلا النسائي، وحسنه ابن خزيمة وابن حبان وحسنه الترمذي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد (1) .
5973 - وعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من حاكم يحكم بين الناس إلا حبس يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يقفه على جهنم ثم يرفع رأسه إلى الله عز وجل، فإن قال: ألقه ألقاه في مهوى فهوى أربعين خريفًا» رواه أحمد وابن ماجة بمعناه والبيهقي في "شعب الإيمان" والبزار (2) وفي إسناده مجالد بن سعيد وثقه النسائي وضعفه جماعة.
5974 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ويلٌ للأمراء، ويلٌ للعرفاء، ويلٌ للأمناء ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا يتذبذبون بين السماء والأرض، ولم يكونوا عُمِّلوا على شيء» رواه أحمد وحسنه السيوطي، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم وقال: صحيح الإسناد (3) .
5975 - وعن عائشة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليأتين على القاضي
_________
(1) أبو داود (3/298) (3571، 3572) ، الترمذي (3/614) (1325) ، ابن ماجه (2/774) (2308) ، أحمد (2/230، 365) ، الحاكم (4/103) ، والنسائي في "الكبرى" (3/462) ، وأبي يعلى (10/261، 11/491) (5866، 6613) ، والدارقطني (4/204) .
(2) أحمد (1/430) ، ابن ماجه (2/775) (2311) ، الدارقطني (4/205) ، البيهقي (10/89) .
(3) أحمد (2/352) ، ابن حبان (10/335) (4483) ، الحاكم (4/102) ، البيهقي (10/97) ، أبو يعلى (11/84) (6217) .(4/2052)
العدل يوم القيامة ساعة يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط» رواه أحمد والعقيلي والبيهقي (1) من رواية عمران بن حطان، قال العقيلي: لا يتابع عليه، ولا يتبين لي سماعه من عائشة، وقال ابن الجوزي: لا يصح، ووقع في رواية أحمد من طريقه قال: «دخلت على عائشة فذاكرتها حتى ذكرنا القاضي فذكره» قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن، ورواه ابن حبان في "صحيحه" (2) بلفظ «لم يقض بين اثنين في عمره» بالعين المهملة في أوله.
5976 - وعن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوبقه إثمه أولها ملامة وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة» رواه أحمد (3) وحسنه السيوطي وله شواهد، وقال المنذري: رواته ثقات إلا سويد بن أبي مالك.
5977 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار وكله الله إلى نفسه» رواه ابن ماجة والحاكم في "المستدرك" والبيهقي وابن حبان (4) ، وأخرجه الترمذي (5) وحسنه بلفظ: «الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلى عنه ولزمه الشيطان» .
_________
(1) أحمد (6/75) ، البيهقي (10/96) ، الطيالسي (1/217) ، الطبراني في "الأوسط" (3/102) ، البخاري في "التاريخ" (4/282) .
(2) ابن حبان (11/439) (5055) .
(3) أحمد (5/267) ، الطبراني في "الكبير" (8/172) .
(4) ابن ماجه (2/775) (2312) ، والبيهقي (10/88) ، وابن عدي في "الكامل" (6/133) .
(5) الترمذي (3/618) (1330) ، وابن حبان (11/448-449) (5062) ، والحاكم (4/105) ، والبيهقي (10/88) .(4/2053)
5978 - وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» رواه أحمد ومسلم والنسائي (1) .
قوله: «ذبح بغير سكين» بضم الذال المعجمة مبني للمجهول، يعني أن الذبح بسكين يحصل به راحة الذبيحة بتعجيل إزهاق روحها فإذا ذبحت بغير سكين كان فيه تعذيب لها. قوله: «أربعين خريفًا» أي سنة. قوله: «ويل للعرفاء» بضم العين المهملة، وفتح الراء، جمع عريف في "النهاية": هو القيم بأمر القبيلة والجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم، وسبب الوعيد لهذه الطوائف الثلاث أنهم يقبلون ويطاعون فيما يأتون به، فإذا وقع منهم جور على الرعية والحال أنهم قادرون كان ذلك سببًا لتشديد العقوبة عليهم. قوله: «أوبقه إثمه» بالموحدة والقاف إذا هلك.
[37/4] باب ما جاء من المنع من ولاية الصبي والمرأة ومن لا يحسن القضاء أو يضعف عن القيام بحقه
5979 - عن أبي بكرة قال: «لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال: لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» رواه أحمد والبخاري والنسائي والترمذي وصححه (2) .
_________
(1) أحمد (2/160) ، مسلم (3/1458) (1827) ، النسائي (8/221) ، وهو عند ابن حبان (10/336) (4484) ، والبيهقي (10/87) ، وابن أبي شيبة (7/39) ، والحميدي (2/268) (588) .
(2) أحمد (5/47، 51) ، البخاري (4/1610، 6/2600) (4163، 6686) ، النسائي (8/227) ، الترمذي (4/527) (2262) .(4/2054)
5980 - وعن أبي هريرة قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تعوذ بالله من رأس السبعين وإمارة الصبيان» رواه أحمد (1) .
5981 - ويشهد له ما أخرجه أحمد (2) من حديث قيس الغفاري مرفوعًا، وفيه التحذير من إمارة السفهاء ورجاله رجال الصحيح.
5982 - وعن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس عن جهل فهو في النار» رواه أهل السنن والبيهقي والحاكم (3) وقال صحيح على شرط مسلم.
5983 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا أعدّ الناس رؤساء جهالًا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» أخرجاه (4) .
5984 - وعن أبي هريرة قال: «من أفتى بفتيا غير ثبت فإنما إثمه على الذي
_________
(1) أحمد (2/326، 355، 448) ، ابن أبي شيبة (7/461) ، ابن عدي في "الكامل" (6/81) .
(2) أحمد (3/494) .
(3) أبو داود (3/299) (3573) ، النسائي في "الكبرى" (3/461) ، الترمذي (3/613) (1322) ، ابن ماجه (2/776) (2315) ، البيهقي (10/117) ، الحاكم (4/101، 102) ، الطبراني في "الكبير" (2/20) .
(4) البخاري (1/50، 6/2665) (100، 6877) ، مسلم (4/2058) (2673) ، وهو عند الترمذي (5/31) (2652) ، وابن ماجه (1/20) (52) ، والدارمي (1/89) (239) ، وأحمد (2/162، 203) ، وابن حبان (15/114، 118) (6719، 6723) ، والنسائي في "الكبرى" (3/455، 456) ، والطيالسي (1/302) (2292) .(4/2055)
أفتاه» رواه أحمد وابن ماجة (1) ، وفي لفظ: «من أُفتي بفتيا بغير علم كان إثمه على الذي أفتاه» رواه أحمد وأبو داود (2) ، ورجال إسناده أئمة ثقات.
5985 - وعن أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أبا ذر! إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرنّ على اثنين ولا تولين مال يتيم» .
5986 - وعنه قال: «قلت: يا رسول الله! ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: يا أبا ذر! إنك ضعيف، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الأمانة عليه فيها» رواهما أحمد ومسلم (3) .
5987 - وعن أم الحصين الأحمسية أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اسمعوا وأطيعوا وإن أُمر عليكم عبد حبشي ما أقام فيكم كتاب الله عز وجل» رواه الجماعة إلا البخاري وأبو داود (4) .
5988 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسمعوا وأطيعوا، وإن
_________
(1) أحمد (2/321) ، ابن ماجه (1/20) (53) ، وهو بهذا اللفظ عند الحاكم (1/183) ، والدارقطني (1/69) (159) ، والبيهقي (10/112) ، والدارمي (1/69) (159) ،
(2) أحمد (2/365) ، أبو داود (3/321) (3657) ، الحاكم (1/184، 215) ، البيهقي (10/116) .
(3) الحديث الأول عند أحمد (5/180) ، ومسلم (3/1457) (1826) ، وابن حبان (12/375) (5564) ، والحاكم (4/103) ، وأبي داود (3/114) (2868) ، والنسائي (6/255) ، والحديث الثاني عند أحمد (5/173) ، ومسلم (3/1457) (1825) ، وابن أبي شيبة (6/419) (32540) ، والطيالسي (1/66) (485) .
(4) مسلم (3/1468) (1838) ، النسائي (7/154) ، الترمذي (4/209) (1706) ، ابن ماجه (2/955) (2861) ، أحمد (4/69، 70، 6/402، 403) .(4/2056)
استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» رواه البخاري (1) .
قوله: «من أُفتي» بضم الهمزة وكسر المثناة مبني لما لم يسم فاعله.
[37/5] باب وجوب الحكم بما أنزل الله في كتابه وسنة نبيه فإن لم يوجد فيهما فباجتهاد الحاكم، فإن أخطأ فهو معذور
قال الله تعالى: ((وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) [المائدة:44] و ((الظَّالِمُونَ)) [المائدة:45] و ((الْفَاسِقُونَ)) [المائدة:47] .
5989 - وفي حديث معاذ لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قال: «كيف تقضي إذا عرض عليك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي، فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضي رسول الله» رواه أبو داود والترمذي (2) ، وليس إسناده بمتصل، وقال البخاري: مرسل، وقال ابن حزم: لا يصح، وأطال الكلام في تضعيفه في رسالته التي أبطل فيها الرأي والقياس، وقال عبد الحق: لا يسند ولا يوجد من وجه صحيح، وقواه ابن العربي وقال: إنه رواه جماعة من أصحاب معاذ من أهل حمص، كما قاله الترمذي، وقال الحافظ ابن كثير: هو حديث حسن مشهور اعتمد عليه أئمة الإسلام في إثبات أصل القياس، وقد ذكرت له طرقًا وشواهد في جزء مفرد فلله الحمد. انتهى. والآيات وإن كان نزولها في اليهود، فالعام لا يقصر على سببه كما تقرر في الأصول.
_________
(1) تقدم برقم (5047) .
(2) أبو داود (3/303) (3592) ، الترمذي (3/616) (1327) ، وهو عند ابن أبي شيبة (4/543) ، والطيالسي (1/76) (559) ، وعبد بن حميد (1/72) (124) .(4/2057)
5990 - وعن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإن حكم فأخطأ فله أجر» أخرجاه (1) ، وفي رواية للدارقطني (2) : «والحاكم إذا اجتهد الحكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله عشرة أجور» قال الحاكم: صحيح الإسناد.
[37/6] باب لا يقضي الحاكم للمدعي حتى يسمع كلام خصمه
5991 - عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي، قال علي: فما زلت قاضيًا بعد» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (3) وحسنه وقواه ابن المديني وصححه ابن حبان.
5992 - وله شاهد عند الحاكم (4) من حديث ابن عباس.
[37/7] باب تعليق الولاية بالشرط
5993 - عن ابن عمر قال: «أمّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة زيد بن حارثة،
_________
(1) البخاري (6/2676) (6919) ، مسلم (3/1342) (1716) ، وهو عند ابن حبان (11/447) (5061) ، وابن ماجه (2/776) (2314) ، والنسائي في "الكبرى" (3/461) ، والشافعي (1/244) ، وأحمد (4/198، 204) .
(2) الدارقطني (4/203) ، أحمد (2/187) .
(3) أحمد (1/90، 96، 111، 143، 149، 150) ، أبو داود (3/301) (3582) ، الترمذي (3/618) (1331) ، ابن حبان (11/451) (5065) ، الحاكم (4/105) ، والنسائي في "الكبرى" (5/117) ، وأبو يعلى (1/305) (371) .
(4) لم نجده في "المستدرك".(4/2058)
وقال: إن قتل زيد فجعفر وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة» رواه البخاري (1) .
5994 - ولأحمد (2) نحوه من حديث أبي قتادة وعبد الله بن جعفر.
[37/8] باب نهي الحاكم عن الرشوة واتخاذ حاجب لبابه في مجلس حكمه
5995 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعنة الله على الراشي والمرتشي في الحكم» رواه أحمد والترمذي وحسنه وصححه ابن حبان (3) .
5996 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعنة الله على الراشي والمرتشي» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال صحيح الإسناد (4) .
5997 - وعن ابن مسعود قال: «الرشوة في الحكم كفر وهي بين الناس سحت» رواه الطبراني (5) مرفوعًا بإسناد صحيح.
_________
(1) البخاري (4/1554) (4013) ، وابن حبان (11/45) (4741) .
(2) أحمد (5/299، 300) ، وابن حبان (15/522) (7048) ، والنسائي في "الكبرى" (5/69) (8249) ، من حديث أبي قتادة، وأخرجه أحمد (1/204) ، والنسائي في "الكبرى" (5/180) (8604) من حديث عبد الله بن جعفر.
(3) أحمد (2/387) ، الترمذي (3/622) (1336) ، ابن حبان (11/467) (5076) ، وهو عند ابن الجارود (1/150) (585) ، والحاكم (4/115) على أنه شاهد.
(4) أبو داود (3/300) (3580) ، الترمذي (3/623) (1337) ، ابن ماجه (2/775) (2313) ، ابن حبان (11/468) (5077) ، الحاكم (4/115) ، وهو عند ابن الجارود (1/150) (586) ، والبيهقي (10/138) ، وعبد الرزاق (8/148) ، وأحمد (2/164، 190، 194، 212) .
(5) الطبراني في "الكبير" (9/226) موقوفًا على ابن مسعود.(4/2059)
5998 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الراشي والمرتشي في النار» أخرجه الطبراني (1) في معجم شيوخه وإسناده حسن.
5999 - وعن ثوبان قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي والرايش، يعني الذي يمشي بينهما» رواه أحمد والحاكم (2) ، وقال في "مجمع الزوائد": أخرجه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفي إسناده أبو الخطاب وهو مجهول.
6000 - وعن عمرو بن مرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من إمام أو والٍ يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا غلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته» رواه أحمد والترمذي والحاكم (3) .
6001 - وأخرجه (4) من رواية أبي مريم الأزدي بنحوه، وقال: صحيح الإسناد، وقال الحافظ في "الفتح": سنده جيد.
قوله: «الخلة» قال في "النهاية": الخلة بالفتح الحاجة والفقر، وقد تقدم في كتاب الزكاة الأحاديث في هدايا العمال، ورزقهم والقاضي داخل تحتها فتنبه.
[37/9] باب ما يلزم اعتماده في أمانة الوكلاء والأعوان
6002 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من خاصم في باطل وهو يعلم لم
_________
(1) الطبراني في الصغير (1/57) ، و"الأوسط" (2/295-296) .
(2) أحمد (5/279) ، الحاكم (4/115) .
(3) أحمد (4/231) ، الترمذي (3/619) (1332) ، الحاكم (4/106) ، وأبو يعلى (3/134، 135) (1565، 1566) من حديث عمرو بن مرة.
(4) وهو أيضًا من حديث أبي مريم الأزدي بنحوه عند الترمذي (3/620) (1333) ، والحاكم (4/105) ، وأبو داود (3/135) (2948) .(4/2060)
يزل في سخط الله حتى ينزع» وفي لفظ: «من أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضبٍ من الله» رواهما أبو داود (1) ولا بأس بإسناده.
6003 - وعن أنس قال: «إن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير» رواه البخاري (2) .
[37/10] باب النهي عن الحكم في حال الغضب
6004 - عن أبي بكرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان» رواه الجماعة (3) .
6005 - وعن عبد الله بن الزبير عن أبيه «أن رجلًا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر فأبى عليه فاختصما عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للزبير: اسق يا زبير! ثم أرسل إلى جارك، فغضب الأنصاري، ثم قال: يا رسول الله! أن كان ابن عمتك فتلوّن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال للزبير: اسق يا زبير! ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجذر، فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: ((فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ)) [النساء:65] الآية» رواه الجماعة (4) وهو للخمسة إلا النسائي من رواية عبد الله بن الزبير لم يذكر فيه عن أبيه، وللبخاري (5) في رواية، قال: «خاصم الزبير رجلًا، وذكر نحوه وزاد فيه فاستوعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ للزبير حقه، وكان قبل ذلك قد أشار على الزبير برأي فيه سعة له وللأنصاري، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استوعى للزبير حقه في صريح الحكم» وفي رواية لأبي داود (6) «حتى يبلغ الماء إلى الكعبين» ، وفي رواية للبخاري (7) : «قال ابن شهاب: فقدرت الأنصار والناس قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى
_________
(1) أبو داود (3/305) (3597) ، أحمد (2/70) باللفظ الأول، وأبو داود (3/305) (3598) ، وابن ماجه (2/778) (2320) ، والحاكم (4/111) ، باللفظ الثاني.
(2) البخاري (6/2616) (6736) ، وهو عند الترمذي (5/690) (3850) ، وابن حبان (10/366) (4508) ، والطبراني في "الكبير" (18/346) .
(3) البخاري (6/2616) (6739) ، مسلم (3/1342) (1717) ، أبو داود (3/302) (3589) ، النسائي (8/237، 247) ، الترمذي (3/620) (1334) ، ابن ماجه (2/776) (2316) ، أحمد (5/36، 37، 38، 46، 52) ، وهو عند ابن الجارود (1/250) (997) ، وابن حبان (11/449، 450) (5063، 5064) ، والدارقطني (4/205) ، والشافعي (1/276، 378) ، وابن أبي شيبة (4/541) ، والطبراني في الصغير (2/33) ، والحميدي (2/348) (792) .
(4) البخاري (2/964) (2561) ، والنسائي (8/238) ، وأحمد (1/165) ، والحاكم (3/410) من حديث عبد الله بن الزبير عن أبيه، وأخرجه البخاري (2/832) (2231) ، ومسلم (4/1829) ، وابن حبان (1/203) (24) ، وابن ماجه (1/7، 2/829) (15، 2480) ، والترمذي (3/644) (1363) ، والنسائي (8/245) ، وأبو داود (3/315) (3637) ، وأحمد (4/4) ، وأبو يعلى (12/189) (6814) من حديث عروة عن عبد الله بن الزبير.
(5) البخاري (2/964، 4/1674) (2561، 4309) ، النسائي (8/238) ، أحمد (1/165) .
(6) أبو داود (3/316) (3639) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(7) البخاري (2/832) (2233) .(4/2061)
يرجع إلى الجذر، فكان ذلك إلى الكعبين» .
قوله: «شراج الحرة» بكسر الشين المعجمة وراء مهملة بعد الألف جيم وهي مسائل النخل والشجر، و «الحرة» بفتح الحاء المهملة أرض ذات حجارة سوداء. قوله: «أن كان ابن عمتك» بفتح الهمزة؛ لأنه استفهام استنكاري. قوله: «الجذر» بفتح(4/2062)
الجيم وسكون الذال، وهو الجدار. قوله: «فلما أحفظ الأنصاري» بالحاء المهملة والظاء المشالة أي أثار حفيظته. قوله: «استوعى» أي استوفى.
[37/11] باب جلوس الخصمين بين يدي الحاكم
والتسوية بينهما إذا كانا مسلمين
6006 - عن عبد الله بن الزبير قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم» رواه أحمد وأبو داود، قال المنذري في إسناده مصعب بن ثابت أبو عبد الله المدني، ولا يحتج بحديثه. انتهى. ورواه البيهقي والحاكم وقال: صحيح الإسناد (1) وفيه وقفه. انتهى.
6007 - وقد جلس علي رضي الله عنه جنب شريح في خصومة له مع يهودي، وقال: «لو كان خصمي مسلمًا جلست معه بين يديك، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تساووهم في المجالس» رواه الحاكم أبو أحمد في كتابه (2) ، وقال: حديث منكر.
6008 - وروي عن علي أنه قال: «لا يضيف أحدكم أحد الخصمين إلا أن يكون خصمه معه» رواه البيهقي (3) وضعفه وذكر له متابعًا.
[37/12] باب ما جاء في حبس من ثبت عليه الحق
وأن من ادعى الإعسار فلا تقبل دعواه إلا ببينة
6009 - عن هرماس بن حبيب رجل من أهل البادية عن أبيه عن جده،
_________
(1) أحمد (4/4) ، أبو داود (3/302) (3588) ، البيهقي (10/135) ، الحاكم (4/106) .
(2) أي: "الكنى"، انظر "التلخيص" (4/355) .
(3) البيهقي (10/137) .(4/2063)
قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بغريم لي، فقال لي: الزمه ثم قال لي: يا أخا بني تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك» رواه أبو داود وابن ماجة والبخاري في "تاريخه الكبير" (1) عن الهرماس عن أبيه عن جده، وسئل أحمد ويحيى بن معين عن الهرماس بن حبيب، فقالا: لا نعرفه، وقال ابن أبي حاتم: هرماس بن حبيب العنبري روى عن أبيه عن جده، ولجده صحبة.
6010 - وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حبس رجلًا في تهمة» رواه أبو داود والنسائي والترمذي (2) ، وقال: حسن، وقال الحاكم صحيح الإسناد.
6011 - ومما يدل على جواز الحبس حديث: «لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته» رواه الخمسة من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعًا، وأخرجه الحاكم وابن حبان وصححه وعلقه البخاري، وقال في "الفتح": إسناده حسن، وقال وكيع: عرضه شكايته وعقوبته حبسه، وقد تقدم (3) هذا الحديث في كتاب التفليس.
6012 - وعن أبي حدرد الأسلمي «أنه كان ليهودي عليه أربعة دراهم فاستعدى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد! إن لي على هذا أربعة دراهم، وقد غلبني عليها، فقال: أعطه حقه، فقال: والذي بعثك بالحق ما أقدر عليها، قال: أعطه حقه،
_________
(1) أبو داود (3/314) (3629) ، ابن ماجه (2/811) (2428) ، البخاري في "التاريخ" (8/247) ، البيهقي (6/52) .
(2) تقدم برقم (5019) .
(3) تقدم برقم (3746، 3748) .(4/2064)
قال: والذي بعثك بالحق ما أقدر عليها، قد أخبرته أنك تبعثنا إلى خيبر فأرجو أن يغنمنا شيئًا فأرجع فأقضه، قال: أعطه حقه، قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال: ثلاثًا لم يراجع فخرج به ابن أبي حدرد إلى السوق وعلى رأسه عصابة وهو متزر ببردة فنزع العمامة عن رأسه فاتزر بها، ونزع البردة ثم قال: اشتر مني هذه البردة فباعها منه بأربعة دراهم. فمرت عجوز فقالت: مالك يا صاحب رسول الله؟ فأخبرها، فقالت: ها دونك هذا البرد عليها طرحته عليه» رواه أحمد (1) ، قال في "مجمع الزوائد": رواه أحمد والطبراني في "الصغير" و"الأوسط" ورجاله ثقات إلا أن محمد بن أبي يحيى لم أجد له رواية عن الصحابة فيكون مرسلًا صحيحًا.
قوله: «الزمه» بفتح الزاي.
[37/13] باب الحاكم يشفع للخصم ويستوضح له
6013 - عن كعب بن مالك «أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينًا كان عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيته: فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته فنادى: يا كعب! فقال: لبيك يا رسول الله، قال: ضع من دينك هذا وأومأ إليه أي الشطر، قال: قد فعلت يا رسول الله، قال: قم فاقضه» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) ، وفيه من الفقه جواز الحكم في المسجد.
_________
(1) أحمد (3/423) ، الطبراني في الصغير (1/390) (655) ، و"الأوسط" (5/5) .
(2) البخاري (1/174، 179، 2/851، 965) (445، 459، 2286، 2563) ، مسلم (3/1192) (1558) ، أبو داود (3/304) (3595) ، النسائي (8/239، 244) ، ابن ماجه (2/811) (2429) ، أحمد (3/460، 6/390) ، وابن حبان (11/427-428) (5048) ، والدارمي (2/339) (2587) .(4/2065)
قوله: «سجف حجرته» بكسر السين المهملة وفتحها وسكون الجيم وهو الستر، وقيل: الرقيق منه يكون في مقدم البيت ولا يسمى سجفًا إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين.
[37/14] باب ما جاء أن حكم الحاكم ينفذ ظاهرًا لا باطنًا
6014 - عن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليَّ ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي بينكم بنحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار» رواه الجماعة (1) .
[37/15] باب ما جاء في ترجمة الواحد
6015 - في حديث زيد بن ثابت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بتعلم كتاب اليهود وقال: حتى كتبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - كتبه وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه» رواه أحمد والبخاري تعليقًا ووصله أبو داود والترمذي وصححه (2) ، قال البخاري: قال عمر بن الخطاب وعنده علي وعثمان وعبد الرحمن: ماذا تقول هذه؟ فقال عبد الرحمن بن
_________
(1) البخاري (2/952، 6/2555، 2622) (2534، 6566، 6748) ، مسلم (3/1337) (1713) ، أبو داود (3/301) (3583) ، النسائي (8/233، 247) ، الترمذي (3/624) (1339) ، ابن ماجه (2/777) (2317) ، أحمد (6/290، 307) ، وهو عند ابن حبان (11/459-460) (5070) ، والشافعي (1/265) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/154) ، وابن أبي شيبة (4/541) ، والحميدي (1/142) (296) ، وأبي يعلى (12/305، 308) (6880، 6881) .
(2) علقه البخاري (6/2631) باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد، ووصله الترمذي (5/67) (2715) ، وأبو داود (3/318) (3645) ، والحاكم (1/147) .(4/2066)
حاطب: يخبرك بالذي صنع بها قال: وقال أبو جمرة: كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس.
[37/16] باب ما جاء في الحكم بالشاهد واليمين
6016 - عن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بيمين وشاهد» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة (1) ، وفي رواية لأحمد (2) : «إنما كان ذلك في الأموال» وقال الشافعي: هذا حديث ثابت لا يرده أحد من أهل العلم لو لم يكن فيه غيره، مع أنه معه غيره يشده، وقال النسائي: إسناده جيد، وقال البزار في الباب أحاديث حسان أصحها حديث ابن عباس.
6017 - وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي مرسلًا (3) ، وقال: إنه أصح وصحح الدارقطني رواية الوصل وقال: رواتها ثقات وهي مقبولة منهم، وصححه أبو عوانة وابن خزيمة.
6018 - ولأحمد (4) من حديث عمارة بن حزم وحديث سعد بن عبادة
_________
(1) أحمد (1/248، 315، 323) ، مسلم (3/1337) (1712) ، أبو داود (3/308) (3608) ، ابن ماجه (2/793) (2370) ، وابن أبي شيبة (6/8) ، وأبي يعلى (4/390) (2511) .
(2) أحمد (1/323) من قول عمرو بن دينار.
(3) أحمد (3/305) ، ابن ماجه (2/793) (2369) ، الترمذي (3/628) (1344) ، ابن الجارود (1/252) (1008) ، الدارقطني (4/212) ، والشافعي (1/321) ، من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، وأخرجه الترمذي (3/628) (1345) مرسلًا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(4) حديث سعد بن عبادة عند أحمد (5/285) .(4/2067)
مثله، وقال في "مجمع الزوائد": رجال حديث عمارة ثقات.
6019 - وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بشهادة شاهد واحد ويمين صاحب الحق، وقضى به علي بالعراق» رواه أحمد والدارقطني (1) ، قال الترمذي: عن جعفر عن أبيه مرسلًا، وهو أصح، وقيل عن أبيه عن علي.
6020 - وعن أبي هريرة قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باليمين مع الشاهد الواحد» رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي (2) ، وقال: حسن غريب، وصححه ابن حبان وقال ابن معين والحاكم: محفوظ، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: صحيح، وقال: أحمد ليس في الباب أصح منه.
6021 - وعن سرق: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز شهادة الرجل ويمين الطالب» رواه ابن ماجة (3) بإسناد مجهول، وفي الباب عدة أحاديث عن جماعة من الصحابة يشهد بعضها لبعض، وهذه الأحاديث مخصصة لما في التنزيل العظيم، وهذه الأحاديث الدالة على مشروعية الحكم بالشاهد ويمين المدعي إنما هي في الأموال خاصة كما قال أحمد، وقال: لا تقع في حد ولا نكاح، ولا طلاق، ولا عتاق، ولا سرقة، ولا قتل، قال في الهدي النبوي: ذكر ابن أبي وضاح عن أبي مريم عن عمرو
_________
(1) الدارقطني (4/212) ، وذكره الترمذي (3/619) بعد الحديث (1345) .
(2) أبو داود (3/309) (3610) ، ابن ماجه (2/793) (2368) ، الترمذي (3/627) (1343) ، وهو عند ابن حبان (11/462) (5073) ، وابن الجارود (1/252) (1007) ، والنسائي في "الكبرى" (3/491) ، والدارقطني (4/213) ، والشافعي (1/150) ، وأبي يعلى (12/36) (6683) .
(3) ابن ماجه (2/793) (2371) .(4/2068)
بن أبي سلمة عن زهير بن محمد عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ادعت المرأة طلاق زوجها فجاءت على ذلك بشاهد واحد عدل استحلف زوجها، فإن حلف بطلت عنه شهادة الشاهد، وإن نكل فنكوله بمنزلة شاهد آخر، وجاز طلاقها» (1) وقال في الهدي زهير بن محمد ثقة يحتج به في الصحيحين وعمرو بن أبي سلمة هو أبو حفص محتج به في الصحيحين، فمن يحتج بحديث عمرو بن شعيب فهذا من أصح حديثه.
[37/17] باب من لا يجوز الحكم بشهادته
6022 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت، والقانع الذي ينفق عليه أهل البيت» رواه أحمد وأبو داود (2) ، وقال: «شهادة الخائن والخائنة» ولم يذكر تفسير القانع وقال في "التلخيص": وسنده قوي وقد تقدم الكلام على أحاديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأنها من قسم الحسن ولأبي داود (3) في رواية: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زانٍ ولا زانية ولا ذي غمر على أخيه» .
6023 - وعن أبي هريرة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تجوز شهادة بدوي
_________
(1) ابن ماجه (1/657) (2038) ، الدارقطني (4/64) .
(2) أحمد (2/181، 204، 208، 225) ، أبو داود (3/306) (3600) ، الدارقطني (4/243) ، عبد الرزاق (8/320) .
(3) أبو داود (3/306) (3601) .(4/2069)
على صاحب قرية» رواه أبو داود وابن ماجة (1) ، وقال المنذري: رجال إسناده احتج بهم مسلم في "صحيحه"، وقال البيهقي تفرد به محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار.
6024 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجوز شهادة ذي الظنة ولا ذي الحنة» أخرجه الحاكم (2) وقال: صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الحافظ ابن حجر: في إسناده نظر.
6025 - وعن عائشة مرفوعًا «لا يقبل شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه ولا ظنين في قرابة» رواه الترمذي والبيهقي (3) وضعفاه، وقال أبو زرعة: منكر، وضعفه عبد الحق وابن حزم وابن الجوزي، وقال البيهقي: لا يصح من هذا شيء، قال الإمام في "النهاية": واعتمد الشافعي خبرًا صحيحًا، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقبل شهادة خصم على خصم» قال الحافظ: ليس له إسناد صحيح لكن له طرق يتقوى بعضها ببعض.
قوله: «ذي الظنة» هو بتشديد النون، أي المتهم في دينه و «الحنة» بالتخفيف الحقد والعداوة. قوله: «خائن» صرح أبو عبيد بأن الخيانة تكون في حقوق الله كما تكون في حقوق الناس. قوله: «ولا ذي غمر» قال ابن رسلان بكسر الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء مهملة، قال أبو داود: الغمر الحنة بكسر الحاء المهملة
_________
(1) أبو داود (3/306) (3602) ، ابن ماجه (2/793) (2367) ، ابن الجارود (1/252) (1009) ، الحاكم (4/111) ، والدارقطني (4/219) ، والبيهقي (10/250) .
(2) الحاكم (4/111) .
(3) الترمذي (4/545) (2298) ، البيهقي (10/155) ، الدارقطني (4/244) .(4/2070)
والشحناء. قوله: «القانع» هو الخادم الذي ينفقه أهل البيت. قوله: «بدوي» هو الذي يسكن البادية في المضارب والخيام، ولا يقيم في موضع خاص بل يرتحل من مكان إلى مكان، قال في "النهاية": إنما كره شهادة البدوي لما فيه من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرع.
[37/18] باب اعتبار العدالة في الشهود وأنها لا تقبل شهادة المجهول
قال الله تعالى: ((وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ)) [الطلاق:2] و «مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ» [البقرة:282] .
6026 - وعن عبد الله بن عتبة قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: «إن أناسًا كانوا يأخذون بالوحي في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم فمن ظهر لنا خيرًا أمنَّاه وقربناه، وليس لنا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة» رواه البخاري (1) ، وأخرج ابن كثير في الإرشاد (2) «أنه شهد عند عمر رجل، فقال: بأي شيء تعرفه؟ قال: بالعدالة والفضل، فقال: هو جارك الأولى الذي تعرف ليله ونهاره، ومدخله ومخرجه، قال: لا، قال: فمعاملك بالدينار والدرهم الذي يستدل به على الورع، قال: لا، قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق، قال: لا، قال: لست تعرفه، ثم قال للرجل: ائت بمن يعرفك» قال ابن كثير: رواه البغوي بإسناد حسن.
_________
(1) البخاري (2/934) (2498) .
(2) البيهقي (10/125) .(4/2071)
6027 - وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان، فإن الله عز وجل يقول: ((إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)) [التوبة:18] الآية» أخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب، قلت: ما أحسن موقع هذا الحديث في هذا الباب، وقد أخرجه أحمد وابن ماجة وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقد تقدم (1) في كتاب الصلاة.
[37/19] باب ما جاء في شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر
6028 - عن الشعبي «أن رجلًا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقى هذه ولم يجد أحد من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة فأتيا الأشعري -يعني أبا موسى- فأخبراه وقدما بتركته ووصيته، قال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحلفهما بعد العصر ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيَّرا، وأنها لوصية الرجل وتركته فأمضى شهادتهما» رواه أبو داود والدارقطني (2) بمعناه، وقال في "الفتح": رجال إسناده ثقات.
6029 - وعن جبير بن نفير قال: «دخلت على عائشة فقالت: هل تقرأ سورة المائدة؟ قلت: نعم، ثم قالت: إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه» رواه أحمد والحاكم (3) ورجاله رجال الصحيح.
6030 - وعن ابن عباس قال: «خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بدَّا فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم، فلما قدموا بتركته فقدوا جامًا
_________
(1) تقدم برقم (1640) .
(2) أبو داود (3/307) (3605) ، والدارقطني (4/166) .
(3) أحمد (6/188) ، الحاكم (2/340) ، النسائي في "الكبرى" (6/333) .(4/2072)
من فضة مخوصًا بذهب فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم وجد الجام بمكة، فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي بن بدا، فقام رجلان من أوليائه فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما، وأن الجام لصاحبهم، قال: وفيهم نزلت هذه الآية: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ)) [المائدة:106] » رواه البخاري (1) .
6031 - وحديث: «لا تقبل شهادة أهل دين على غير أهل دين أهلهم إلا المسلمون، فإنهم عدول على أنفسهم وعلى غيرهم» رواه البيهقي (2) من رواية أبي هريرة بنحوه وضعفه.
قوله: «بدقوقى» بفتح الدال المهملة وضم القاف، وسكون الواو بعدها قاف مقصورة وهي بلدة قريبة من بغداد. قوله: «ولا بد لا» بالتشديد. قوله: «عدي بن بدَّا» بفتح الموحدة وتشديد المهملة. قوله «جامًا» بالجيم وتخفيف الميم أي إناء. قوله: «مخوصًا» بخاء معجمة وواوٍ مثقلة بعدها مهملة، أي منقوشًا فيه صفة الخوص.
[37/20] باب ما جاء من الثناء على من أعلم صاحب الحق بشهادة عنده
وذم من أداء شهادته من غير مسألة
6032 - عن زيد بن خالد الجهني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة (3) ، وفي لفظ: «الذين يبدأون بشهادتهم من غير أن يسألوا عنها» رواه أحمد (4) .
_________
(1) البخاري (3/1022) (2628) ، وهو عند أبي داود (3/307) (3606) ، والترمذي (5/259) (3060) ، والطبراني في "الكبير" (17/109) ، والبيهقي (10/165) .
(2) عزاه له في "التلخيص" (4/198) .
(3) أحمد (4/115، 5/193) ، مسلم (3/1344) (1719) ، أبو داود (3/304) (3596) ، ابن ماجه (2/792) (2364) ، وهو عند ابن حبان (11/470) (5079) ، والنسائي في = = "الكبرى" (3/494) ، والترمذي (4/544، 545) (2295، 2296، 2297) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/152) ، ومالك في "الموطأ" (2/720) (1401) .
(4) أحمد (4/116) .(4/2073)
6033 - وعن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم -قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة- ثم إن من بعدهم قومًا يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن» متفق عليه (1) .
6034 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» والله أعلم أذكر الثالث أم لا «ثم يخلف قوم يشهدون قبل أن يستشهدوا» رواه أحمد ومسلم (2) ، قال في "النهاية": القرن أهل كل زمان وهو مقدار المتوسط في أعمار أهل كل زمان مأخوذ من الاقتران فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم.
قوله: «يخونون» بالخاء المعجمة من الخيانة. قوله: «السمن» بكسر المهملة، وفتح الميم بعدها نون، أي يحبون التوسع في المأكل والمشرب، وهي أسباب السمن. وقد ورد في لفظ للترمذي (3) من حديث عمران بلفظ: «ثم يجيء قوم يتسمنون ويحبون
_________
(1) البخاري (2/938، 3/1335، 5/2362، 6/2463) (2508، 3450، 6064، 6317) ، مسلم (4/1964، 1965) (2535) ، أحمد (4/426، 427) ، وهو عند أبي داود (4/214) (4657) ، والترمذي (4/500، 548) (2221، 2222، 2302) ، والنسائي (7/17-18) ، وابن حبان (15/123، 16/212-213) (6729، 7229) .
(2) أحمد (2/228، 410، 479) ، مسلم (4/1963، 1964) (2534) .
(3) الترمذي (4/500، 548) (2221، 2302) ، أحمد (4/426) .(4/2074)
السمن» . وأحاديث الباب متعارضة، وقد جمع بينها بأن المراد بحديث زيد بن خالد من عنده شهادة للإنسان بحق لا يعلم بها صاحبها، فيأتي إليه فيخبره بها أو يموت صاحبها فيأتي إلى ورثته فيعلمهم بذلك، وحديث عمران محمول على شهادة الزور، أي: يشهدون شهادة لم يسبق لهم تحملها.
[37/21] باب التشديد في شهادة الزور وأن الشاهد
لا يشهد إلا على ما تيقنه
6035 - عن أنس قال: «ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبائر أو سئل عن الكبائر فقال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قول الزور أو قال شهادة الزور» .
6036 - وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، وقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت» متفق عليهما (1) .
6037 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لن تزول قدم شاهد الزور حتى يوجب الله له النار» رواه ابن ماجة بإسناد لا يصح، وأخرجه الحاكم
_________
(1) حديث أنس عند البخاري (2/939، 5/2230) (2510، 5632) ، ومسلم (1/92) (88) ، وأحمد (3/131، 134) ، والترمذي (3/513، 5/235) (1207، 3018) ، والنسائي (7/88، 8/63) ، وحديث أبي بكرة عند البخاري (2/939، 5/2229، 2314، 6/2535) (2511، 5631، 5918، 6521) ، ومسلم (1/91) (87) ، وأحمد (5/36، 38) ، والترمذي (4/312، 548، 5/235) (1901، 2301، 3019) .(4/2075)
وقال: صحيح الإسناد (1) .
6038 - وعن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من شهد على مسلم شهادة ليس لها بأهل فليتبوأ مقعده من النار» رواه أحمد (2) ورواته ثقات إلا أن تابعيه لم يُسم.
6039 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع» أخرجه ابن عدي (3) بإسناد ضعيف، وصححه الحاكم فأخطأ وضعفه البيهقي.
[37/22] باب الحكم بشهادة الرجل وامرأتين إذا كانوا عدولًا
قال الله تعالى: ((فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ)) [البقرة:282] .
6040 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلنا: بلى، قال: فذاك من نقصان عقلها» رواه البخاري (4) .
[37/23] باب ما جاء في تعارض البينتين والدعوائين
6041 - عن أبي موسى «أن رجلين ادعيا بعيرًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث كل واحد منهما بشاهدين فقسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما نصفين» رواه أبو داود
_________
(1) ابن ماجه (2/794) (2373) ، والحاكم (4/109) ، والبيهقي (10/122) ، وأبو يعلى (10/39) (5672) ، والطبراني في "الأوسط" (8/191) .
(2) أحمد (2/509) .
(3) وأبو نعيم في الحلية (4 /18) من حديث ابن عباس.
(4) البخاري (2/941) (2515) .(4/2076)
والنسائي وابن ماجة والبيهقي والحاكم (1) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، وأعله البيهقي وصحح الدارقطني إرساله، وفي لفظ لأبي داود والنسائي (2) : «أن رجلين ادعيا بعيرًا أو دابة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس لأحدهما بينة، فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما» قال المنذري: إسناده كلهم ثقات، وقال النسائي: إسناده جيد.
6042 - وعن جابر مرفوعًا «أن رجلين تداعيا دابة، وأقام كل واحد منهما بينة أنها دابته فقضى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي هي في يده» رواه الشافعي والدارقطني والبيهقي (3) ، وإسناده ضعيف.
6043 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف» رواه البخاري (4) ، وفي رواية: «أن رجلين تداريا في دابة ليس لواحد منهما بينة، فأمرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستهما على اليمين أحبا أو كرها» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (5) ، وفي رواية: «تداريا في بيع» (6) وفي رواية:
_________
(1) أبو داود (3/310) (3615) ، النسائي في "الكبرى" (3/487) ، البيهقي (10/257) ، الحاكم (4/107) ، أبو يعلى (13/268) (7280) ، وليس لابن حبان من حديث أبي موسى، وإنما من حديث أبي هريرة (5068) .
(2) أبو داود (3/310) (3613) ، النسائي (8/248) ، ابن ماجه (2/780) (2330) ، أحمد (4/402) ، الحاكم (4/106) .
(3) الشافعي (1/330) ، الدارقطني (4/209) (21) ، البيهقي (10/256) .
(4) البخاري (2/950) (2529) ، وابن الجارود (1/253) (1012) ، والنسائي في "الكبرى" (3/487) ، وعبد الرزاق (8/279) .
(5) أحمد (2/489، 524) ، أبو داود (3/311) (3618) ، النسائي في "الكبرى" (3/487) = = (5999) ، وابن ماجه (2/780) (2329) .
(6) ابن ماجه (2/786) (2346) ، والنسائي في "الكبرى" (3/487) (6000) .(4/2077)
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كره الاثنان اليمين أو استحياها فليستهما عليها» رواه أحمد وأبو داود (1) ، ويشهد له ما تقدم.
[37/24] باب استحلاف المنكر إذا لم يكن بينة
وأنه ليس للمدعي الجمع بينهما
6044 - عن الأشعث بن قيس قال: «كان بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: شاهداك أو يمينه، فقلتُ: إنه إذن يحلف ولا يبالي، فقال: من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئٍ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان» متفق عليه (2) ، وفي لفظ لأحمد (3) : «خاصمت ابن عمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بئر كانت لي فجحدني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بينتك أنها بئرك وإلا فيمينه، قلت: ما لي بينة، وإن تجعلها بيمينه تذهب بئري، إن خصمي امرؤ فاجر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من اقتطع مال امرئٍ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان» .
6045 - وعن وائل بن حجر قال: «جاء رجل من حضرموت ورجل من كنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الحضرمي: يا رسول الله! إن هذا قد غلبني على أرض كانت لأبي، فقال الكندي: هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حق، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) أحمد (2/317) ، أبو داود (3/311) (3617) .
(2) البخاري (2/889، 949، 6/2458) (2380، 2525، 6299) ، مسلم (1/122) (138) ، أحمد (5/211) ، والنسائي في "الكبرى" (6/308) .
(3) أحمد (5/212) .(4/2078)
للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا، قال: فلك يمينه؟ فقال: يا رسول الله! الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورع في شيء، قال: ليس لك منه إلا ذلك فانطلق ليحلفه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أدبر الرجل: أما إن حلف على ماله ليأكله ظلمًا ليلقين الله وهو عنه معرض» رواه مسلم والترمذي وصححه (1) .
[37/25] باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والدماء
وغيرها ولو كان ذميًا
6046 - عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين على المدعى عليه» متفق عليه (2) ، وفي رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه» رواه أحمد ومسلم (3) ، وللبيهقي (4) بإسناد صحيح: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» .
6047 - وعن الأشعث بن قيس قال: «كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني، فقدمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألك بينة؟ قلت: لا،
_________
(1) مسلم (1/123، 124) (139) ، الترمذي (3/625) (1340) ، وأبو داود (3/221، 312) (3245، 3623) ، وأحمد (4/317) ، وابن حبان (11/463-464) (5074) ، والنسائي في "الكبرى" (3/484) .
(2) البخاري (2/888، 949) (2379، 2524) ، مسلم (3/1336) (1711) ، أبو داود (3/311) (3619) ، والترمذي (3/626) (1342) .
(3) أحمد (1/342، 351، 363) ، مسلم (3/1336) (1711) ، وابن حبان (11/477) (5083) ، والنسائي في "الكبرى" (3/485) ، والدارقطني (4/157) ، وأبو يعلى (4/464) (2595) ، وابن ماجه (2/778) (2321) .
(4) تقدم برقم (4783) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.(4/2079)
قال لليهودي: احلف؟ قلت: يا رسول الله إذن يحلف ويذهب بمالي، فأنزل الله: ((إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ)) [آل عمران:77] ... إلخ» رواه البخاري والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة (1) .
6048 - وفي حديث سهل بن أبي حثمة في القسامة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فتبر بكم يهود بخمسين يمينًا، قالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار» رواه الجماعة وقد تقدم (2) في القسامة.
[37/26] باب الاكتفاء في اليمين بالحلف بالله
وجواز تغليظها باللفظ والمكان والزمان
6049 - عن ابن عمر قال: «من حلف بالله تعالى فليصدق، ومن حُلِف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله» رواه ابن ماجة (3) ورجاله رجال الصحيح إلا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، وقد قال في الكاشف: ثقة.
6050 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل حلَّفه: احلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عندي شيء يعني المدعي» رواه أبو داود والنسائي (4) ، وفي إسناده عطاء بن السائب، وفيه مقال، وقد أخرج له البخاري مقرونًا بآخر، وفي
_________
(1) البخاري (2/851، 889، 948، 949) (2285، 2380، 2523، 2525) ، الترمذي (3/569، 224) (1269، 2996) ، النسائي في "الكبرى" (3/484) ، أبو داود (3/220، 311) (3242، 3621) ، ابن ماجه (2/778) (2322) ، أحمد (5/211) .
(2) تقدم برقم (4782) .
(3) ابن ماجه (1/679) (2101) .
(4) أبو داود (3/311) (3620) ، النسائي في "الكبرى" (3/489) (6007) .(4/2080)
رواية لأحمد (1) من حديثه: «اختصم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلان فوقعت اليمين على أحدهما فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عنده شيء» .
6051 - وعند أحمد من حديث ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: فعلت كذا؟ قال: لا والذي لا إله إلا هو ما فعلت» وقد تقدمت (2) الروايتان لأحمد.
6052 - وعن عكرمة مرسلًا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له -يعني ابن صوريا-: أذكركم بالله الذي نجاكم من آل فرعون، وأقطعكم البحر وظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوى، وأنزل التوراة على موسى أتجدن في كتابكم الرجم؟ قال: ذكرتني بعظيم ولا يسعني أن أكذبك..» وساق الحديث رواه أبو داود (3) ورجاله رجال الصحيح.
6053 - وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي داود (4) بإسناد ضعيف.
6054 - والشاهد العدل حديث البراء بن عازب المتقدم (5) في باب رجم المحصن، رواه أحمد ومسلم وأبو داود مطولًا وفيه: «أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى» الحديث.
6055 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحلف عند منبري هذا عبد ولا أمة على يمين آثمة، ولو على سواك رطب إلا أوجب الله له النار» رواه أحمد
_________
(1) تقدمت هذه الرواية برقم (5913) من حديث ابن عباس.
(2) تقدمت هذه الرواية برقم (5912) حديث ابن عمر.
(3) أبو داود (3/313) (3626) .
(4) أبو داود (3/312) (3624) .
(5) تقدم برقم (4876) .(4/2081)
وابن ماجة والحاكم في "المستدرك" (1) ، ورجال ابن ماجة ثقات.
6056 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحلف أحد على منبري كاذبًا إلا تبوء مقعده من النار» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان وصححه ابن خزيمة والحاكم (2) .
6057 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع الإمام لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه منها وفى له، وإن لم يعط لم يف له، ورجل باع سلعته بعد العصر فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا، فصدقه وهو على غير ذلك» رواه الجماعة إلا الترمذي (3) ، وفي رواية لأحمد والبخاري (4) : «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم رجل حلف على سلعةٍ لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقطع بها مال امرئٍ مسلم، ورجل منع فضل ماء فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك» .
_________
(1) أحمد (2/329، 518) ، ابن ماجه (2/779) (2326) ، الحاكم (4/330) .
(2) أحمد (3/344، 375) ، أبو داود (3/221) (3246) ، النسائي في "الكبرى" (3/491) ، ابن حبان (10/210) (4368) ، الحاكم (4/329، 330) ، وهو عند ابن ماجه (2/779) (2325) ، ومالك (2/727) (1408) ، وأبي يعلى (3/317) (1782) .
(3) البخاري (2/950، 6/2636) (2527، 6786) ، مسلم (1/103) (108) ، أبو داود (3/277) (3474) ، النسائي (7/246) ، ابن ماجه (2/744، 958) (2207، 2870) ، أحمد (2/253، 480) .
(4) البخاري (2/834، 6/2710) (2240، 7008) ، وابن حبان (11/273-274) (4908) ، والبيهقي (6/152) .(4/2082)
قوله: «أكذبك» بفتح الهمزة وكسر الذال المعجمة.
[37/27] باب ذم من حلف قبل أن يستحلف
6058 - عن ابن عمر قال: «خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيها الناس! إني قد قمت فيكم، كقيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا قال: أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشوا الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فيلزم الجماعة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن» رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. انتهى. وأخرجه أيضًا ابن حبان وصححه (1) .
قوله: «الجابية» بالجيم هي القرية. قوله: «بحبوحة» بمهملتين وموحدتين، قال في "الدر النثير": بحبوحة الدار والجنة وسطها وخيارها وبحبح تمكن في المنزل والمقام.
[37/28] باب ما جاء في اليمين المردودة
6059 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد اليمين على طالب الحق» رواه الدارقطني بإسناد ضعيف، وقال ابن الجوزي: في إسناده مجاهيل، ولم يبينهم وبينهم ابن القطان وخالف الحاكم فأخرجه وقال: صحيح الإسناد (2) .
_________
(1) أحمد (1/18) ، الترمذي (4/465) (2165) ، ابن حبان (16/239) (7254) ، وهو عند الحاكم (1/197) ، والنسائي في "الكبرى" (5/388) .
(2) الدارقطني (4/213) (34) ، الحاكم (4/113) ، والبيهقي (10/184) .(4/2083)
[37/29] باب ما جاء من الأمر للمحكوم عليه برفع يده
6060 - عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلًا بعد ما حلف بالخروج عن حق صاحبه» رواه أبو داود والنسائي والحاكم (1) ، وقال: صحيح الإسناد في "الخلاصة"، وقد أعلَّه ابن الجوزي بما ليس بعلة، وفي رواية لأحمد (2) في هذا الحديث «فنزل جبريل فقال: إنه كاذب إن له عنده حقًا فأمره أن يعطيه» .
* * *
_________
(1) أبو داود (3275) ، النسائي "الكبرى" (5963) ، "المستدرك " (4/107) لكن بلفظٍ آخر.
(2) أحمد (1/296، 322) .(4/2084)
[38] كتاب الجامع
[38/1] باب ما جاء في تحريم قول الرجل لأخيه هو كافر
6061 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه» رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي (1) .
6062 - وعن أبي ذر أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه» رواه البخاري ومسلم (2) .
6063 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أكفر رجل رجلًا إلا باء بها أحدهما إن كان كافرًا وإلا كفر بتكفيره» رواه ابن حبان في "صحيحه" (3) .
[38/2] باب تحريم السب واللعن
6064 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتسابان ما قالا، فعلى
_________
(1) مالك (2/984) (1777) ، البخاري (5/2264) (5753) ، مسلم (1/79) (60) ، أبو داود (4/221) (4687) ، الترمذي (5/22) (2637) ، وهو عند أحمد (2/18، 23، 44، 47، 60، 105، 112، 113، 142) ، وابن حبان (1/483-484) (249، 250) .
(2) البخاري (5/2247) (5698) ، مسلم (1/79) (61) ، أحمد (5/166، 181) .
(3) ابن حبان (1/483) (248) .(4/2085)
البادي منهما حتى يعتدي المظلوم» رواه مسلم والترمذي وأبو داود (1) .
6065 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي (2) .
6066 - وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سباب المسلم كالمشرف على الهلكة» رواه البزار بإسناد جيد.
6067 - وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يستقيم إيمان عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى تستقيم لسانه، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار قال: الفم والفرج» رواه الترمذي وصححه (3) .
6068 - وعن معاذ «أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العمل الذي يدخله الجنة، ويباعده من النار فقال: ألا أخبرك بملاك ذلك؟ قال: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: كف عليك هذا، قال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال:
_________
(1) مسلم (4/2000) (2587) ، الترمذي (4/352) (1981) ، أبو داود (4/274) (4894) ، وهو عند أحمد (2/235، 488، 517) ، وأبي يعلى (11/366، 398) (6481، 6518) ، وابن حبان (13/36) (5728، 5729) .
(2) البخاري (1/27، 5/2247، 6/2592) (48، 5697، 6665) ، مسلم (1/81) (64) ، الترمذي (4/353، 5/21) (1983، 2635) ، النسائي (7/121، 122) ، وهو عند ابن حبان (13/265) (5939) ، وابن ماجه (1/27، 2/1299) (69، 3939) ، والحميدي (1/58) (104) ، وأبي يعلى (8/408، 9/55، 183) (4991، 5119، 5276) ، وأحمد (1/385، 411، 433، 446، 454) .
(3) وهو عند أحمد (3/198) بنحوه، والشهاب القضاعي (2/62) (887) .(4/2086)
ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح (1) .
6069 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينبغي لصديق أن يكون لعانًا» رواه مسلم وغيره، والحاكم وصححه (2) .
6070 - وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يكون اللعانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة» رواه مسلم وأبو داود (3) ولم يقل: «يوم القيامة» .
6071 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يكون المؤمن لعانًا» رواه الترمذي (4) ، وقال: حديث حسن غريب، وفي رواية للترمذي (5) وحسنها «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» وصححه الحاكم ورجح الدارقطني وقفه.
_________
(1) الترمذي (5/11) (2616) ، وهو عند ابن ماجه (2/1314) (3973) ، والحاكم (2/447) ، والنسائي في "الكبرى" (6/428) ، والطيالسي (1/76) (560) ، وأحمد (5/231) ، وعبد بن حميد (1/68) (112) .
(2) مسلم (4/2005) (2597) ، أحمد (2/337، 365) ، البيهقي (10/193) ، وأخرجه الحاكم (1/110، 111) بلفظ: «لا يجتمع أن يكون لعانين صديقين» .
(3) مسلم (4/2006) (2598) ، أبو داود (4/277) (4907) ، والحاكم (1/111) .
(4) الترمذي (4/371) (2019) ، أبو يعلى (9/414) (5562) من حديث ابن عمر.
(5) الترمذي (4/350) (1977) ، وهو عند ابن حبان (1/421) (192) ، والحاكم (1/57) ، وأبي يعلى (9/20، 250) (5088، 5369) ، وأحمد (1/404) من حديث عبد الله بن مسعود.(4/2087)
6072 - وللترمذي (1) من حديث أبي الدرداء: «أن الله يبغض الفاحش البذيء» وصححه.
6073 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل: يا رسول الله! وكيف يلعن والديه؟ قال: يسب أبا الرجل، فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه» رواه البخاري وغيره (2) .
6074 - وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « «لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح والحاكم، وقال: صحيح الإسناد (3) .
6075 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أنه قد أتى بابًا من أبواب الكبائر» رواه الطبراني (4) بإسناد جيد.
6076 - وعن عبد الله بن مسعود قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن اللعنة إذا وجهت إلى من وجهت إليه فإن أصابت إليه سبيلًا أو وجدت فيه مسلكًا وإلا قالت: يا رب! وجهت إلى فلان فلم أجد فيه مسلكًا، ولم أجد عليه سبيلًا فيقال
_________
(1) الترمذي (4/362) (2002) ، وهو عند ابن حبان (12/506، 507) (5693، 5695) ، والحميدي (1/194) (394) .
(2) البخاري (5/2228) (5628) ، مسلم (1/92) (90) ، أبو داود (4/336) (5141) ، الترمذي (4/312) (1902) ، أحمد (2/195، 214، 216) ، ابن حبان (2/144) (412) .
(3) أبو داود (4/277) (4906) ، الترمذي (4/350) (1976) ، الحاكم (1/111) ، أحمد (5/15) ، الطبراني في "الكبير" (7/207) .
(4) الطبراني في "الأوسط" (6/380) .(4/2088)
لها: ارجعي من حيث جئتِ» رواه أحمد (1) بإسناد جيد.
6077 - وعن عمران بن حصين قال: «بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فلعنتها، فسمع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يتعرض لها أحد» رواه مسلم وغيره (2) .
6078 - وعن أنس قال: «سار رجل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلعن بعيره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عبد الله! لا تسر معنا على بعير ملعون» رواه أبو يعلى وابن أبي الدنيا (3) بإسناد جيد قاله المنذري.
6079 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تلعنوا الريح فإنها مأمورة، وأنه من لعن شيئًا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه» رواه أبو داود والترمذي (4) ، وقال حديث غريب لا نعرف أحدًا أسنده غير بشر بن عمر، والأحاديث في سب الأموات قد قدمناها في كتاب الجنائز في باب النهي عن سب الأموات والكف عن مساويهم.
_________
(1) أحمد (1/408، 425) .
(2) مسلم (4/2004) (2595) ، وهو عند ابن حبان (13/50، 51) (5740، 5741) ، والنسائي في "الكبرى" (5/252) ، وأبي داود (3/26) (2561) ، والدارمي (2/374) (2677) ، وابن أبي شيبة (5/265) ، وأحمد (4/431) .
(3) أبو يعلى (6/305) (3622) .
(4) أبو داود (4/278) (4908) ، الترمذي (4/350) (1978) .(4/2089)
[38/3] باب تحريم سب الدهر
6080 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يسب ابن آدم الدهر، وأنا الدهر بيدي الليل والنهار» أخرجاه (1) ، وفي رواية لمسلم (2) : «لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر» وفي رواية للبخاري (3) : «لا تسموا العنب الكرم ولا تقولوا خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر» .
6081 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله عز وجل يؤذيني ابن آدم يقول: يا خيبة الدهر، فلا يقل أحدكم يا خيبة الدهر، فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره» رواه أبو داود والحاكم (4) ، وقال: صحيح على شرط مسلم، وفي رواية للحاكم (5) من حديثه: «يقول الله شتمني عبدي وهو لا يدري، يقول: وادهراه وادهراه وأنا الدهر» وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.
_________
(1) البخاري (4/1825، 5/2286، 6/2722) (4549، 5827، 7053) ، مسلم (4/1762) (2246) ، النسائي في "الكبرى" (6/457) ، أبو داود (4/369) (5274) ، أحمد (2/238) (7244) .
(2) مسلم (4/1762) (2247) .
(3) البخاري (5/2286) (5828) ، أحمد (2/259) ، وأخرج مسلم شطره الأخير (4/1763) (2246) .
(4) الحاكم (2/492) ، وهو عند مسلم (4/1762) (2246) ، وأحمد (2/273، 7702) .
(5) الحاكم (1/579، 2/492، 533) ، وهو عند ابن خزيمة (4/113) (2479) ، وأبي يعلى (11/353) (6466) ، وأحمد (2/300، 506) .(4/2090)
[38/4] باب النهي عن ترويع المسلم وعن التحريش
6082 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا» رواه أبو داود (1) وسكت عنه هو والمنذري.
6083 - وعن النعمان بن بشير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لرجل أن يروع مسلمًا» رواه الطبراني في "الكبير" (2) ، قال المنذري: ورواته ثقات.
6084 - وعن عبد الله بن السائب عن أبيه عن جده أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبًا ولا جادًا، فمن أخذ عصا أخيه فليردها إليه» رواه الترمذي (3) ، وقال: حديث حسن غريب.
6085 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان أن ينزع في يده فيقع في حفرة من النار» أخرجاه (4) .
6086 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه وإن كان أخاه لأبيه وأمه» رواه مسلم (5) .
_________
(1) أبو داود (4/301) (5004) ، أحمد (5/362) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (2/187-188) (1673) .
(3) الترمذي (4/462) (2160) ، وهو عند الحاكم (3/739) ، والبيهقي (6/92، 100) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/243) ، الطبراني في "الكبير" (7/145) .
(4) البخاري (6/2592) (6661) ، مسلم (4/2020) (2617) .
(5) مسلم (4/2020) (2616) ، وهو عند الترمذي (4/463) (2162) ، وأحمد (2/256، 505) ، وابن حبان (13/272، 276) (5944، 5947) .(4/2091)
6087 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون، ولكن في التحريش بينهم» رواه أحمد ومسلم والترمذي (1) وقال: حديث حسن.
[38/5] باب ما جاء من النهي عن استماع حديث قوم بغير إذنهم
6088 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ» رواه البخاري (2) وغيره.
قوله: «الآنك» هو الرصاص المذاب.
[38/6] باب ما جاء في النميمة
6089 - عن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنة نمام» وفي رواية «قتات» أخرجاه وأبو داود والترمذي (3) .
_________
(1) أحمد (3/313، 354، 366، 384) ، مسلم (4/2166) (2812) ، الترمذي (4/330) (1937) ، ابن حبان (13/269-270) (5941) ، وأبو يعلى (4/73) (2095) .
(2) البخاري (6/2581) (6635) .
(3) مسلم (1/101) (105) ، وأحمد (5/391، 396، 399، 406) بلفظ «نمام» ، وأخرجه البخاري (5/2250) (5709) ، ومسلم (1/101) (105) ، أبو داود (4/268) (4871) ، الترمذي (4/375) (2026) ، والنسائي في "الكبرى" (6/496) (11614) ، وابن أبي شيبة (5/329) ، والطيالسي (1/56) (421) ، والحميدي (1/210) (443) ، وأحمد (5/382، 389، 392، 397، 402، 404) ، وابن حبان (13/78) (5765) ، والطبراني في "الكبير" (3/168) ، و"الأوسط" (4/278) ، و"الصغير" (1/338) بلفظ «قتات» .(4/2092)
6090 - وعن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين يُعذبان، فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، بلى إنه لكبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله» أخرجاه واللفظ للبخاري وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة في "صحيحه" (1) .
6091 - وعن أبي هريرة قال: «مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبرين فقال: هذان رجلان يعذبان في قبريهما عذابًا شديدًا في ذنب هين، قلنا فيم ذلك قال: كان أحدهما لا يستنزه من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه ويمشي بينهم بالنميمة، فدعا بجريدتين من جرائد النخل، فجعل في كل قبر واحدة فقلنا: وهل ينفعهم ذلك قال: نعم، يخفف عنهما ما دامتا رطبتين» رواه ابن حبان في "صحيحه" (2) .
قوله: «القتات» هو النمام، وقيل هو الذي يتسمع حديث القوم، ولا يعلمون، والنمام الذي يكون معهم فينم عليهم، والنميمة: نقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد والشر. قوله: «في ذنب هين» أي هين عندهما لا أنه هين في نفس الأمر، فقد تقدم بلى إنه لكبير.
[38/7] باب ما جاء في تحريم الغيبة
6092 - عن أبي بكرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته في حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟» أخرجاه مطولًا وقد تقدم (3) .
_________
(1) تقدم برقم (144) .
(2) ابن حبان (3/106) (824) ، وتقدم برقم (145) .
(3) تقدم برقم (2035) .(4/2093)
6093 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكراك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فقد بهته» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي (1) ، قال المنذري: وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة عن جماعة من الصحابة.
6094 - وعن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الربا ثلاثة وسبعون بابًا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم» رواه ابن ماجة مختصرًا والحاكم (2) بتمامه وصححه.
6095 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه» رواه البزار (3) بإسنادين، قال المنذري: أحدهما قوي.
6096 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «تدرون ما أربا الربا عند الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أربا الربا عند الله استحلال عرض امرئٍ مسلم، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
_________
(1) مسلم (4/2001) (2589) ، أبو داود (4/269) (4874) ، الترمذي (4/329) (1934) ، النسائي في "الكبرى" (6/467) (11518) ، وهو عند الدارمي (2/387) (2714) ، وأحمد (2/230، 384، 386، 458) ، وابن حبان (13/71، 72) (5758، 5759) ، وأبي يعلى (11/378، 406) (6493، 6532) .
(2) تقدم برقم (3651) .
(3) والبيهقي في الشعب (4/395) (5522) ، وابن عدي في "الكامل" (6/259) ، وأبو حاتم في العلل (2/250) (2243) .(4/2094)
بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)) [الأحزاب:58] » رواه أبو يعلى (1) ، قال المنذري: ورواته رواة الصحيح.
6097 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له، ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم وطرحت عليه، ثم طرح في النار» رواه مسلم والترمذي وغيرهما (2) .
6098 - وعن أبي صرمة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ضار مسلمًا ضاره الله، ومن شاق مسلمًا شق الله عليه» رواه أبو داود والترمذي (3) ، وحسنه هكذا لفظ الحديث في "بلوغ المرام"، ولفظ الترمذي وأبي داود «من ضار ضار الله به، ومن شاق شاق الله عليه» .
6099 - وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ذب عن
_________
(1) أبو يعلى (8/145) (4689) ولفظه: «أزنى الزنى» مكان «أربى الربا» .
(2) مسلم (4/1997) (2581) ، الترمذي (4/613) (2418) ، وهو عند ابن حبان (10/259، 16/359) (4411، 7359) ، والبيهقي (6/93) ، وأبي يعلى (11/385) (4699) ، وأحمد (2/303، 334، 371) ، والطبراني في "الأوسط" (3/156) .
(3) أبو داود (3/315) (3635) ، الترمذي (4/332) (1940) ، وهو عند ابن ماجه (2/785) (2342) ، والطبراني في "الكبير" (22/330) ، والبيهقي (6/70) ، وأحمد (3/453) .(4/2095)
عرض أخيه بالغيبة كان حقًا على الله أن يعتقه من النار» رواه أحمد (1) بإسناد حسن.
6100 - وعن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» رواه الترمذي (2) وقال حديث حسن.
[38/8] باب ما جاء في التجسس وتتبع العورات
6101 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي (3) .
6102 - وعن معاوية قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسده» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (4) .
6103 - وعن زيد بن وهب أنه أتى ابن مسعود فقيل: «هذا فلان تقطر
_________
(1) أحمد (6/461) ، وهو عند الطيالسي (1/227) (1632) ، وعبد بن حميد (1/456) ، والطبراني في "الكبير" (24/176) (443) ، وابن عدي في "الكامل" (4/327) .
(2) الترمذي (4/327) (1931) ، وأحمد (6/450) .
(3) البخاري (5/1976، 2253، 6/2474) (4849، 5717، 5719، 6345) ، مسلم (4/1985) (2563) ، أبو داود (4/280) (4917) ، الترمذي (4/356) (1988) ، ومالك (2/907) ، وأحمد (2/287، 312، 465، 517) ، وابن حبان (12/499-500) (5687) .
(4) أبو داود (4/272) (4888) ، ابن حبان (13/72) (5760) ، البيهقي (8/333) ، الطبراني في "الكبير" (19/365) .(4/2096)
لحيته خمرًا، فقال عبد الله: إنا نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به» رواه أبو داود (1) وسكت عنه هو والمنذري.
6104 - وعن أبي برزة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تتبعوا عورات المسلمين، فإن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه في بيته» رواه أبو داود (2) وفي إسناده سعيد بن عبد الله بن جريج، قال أبو حاتم: مجهول.
6105 - وأخرجه أبو يعلى (3) عن البراء بإسناد حسن.
[38/9] باب ما جاء في حسن الصمت
6106 - عن أبي موسى قال: «قلت: يا رسول الله! أي المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده» رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي (4) .
6107 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» أخرجاه (5) .
6108 - وعن عبد الله بن مسعود قال: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال
_________
(1) أبو داود (4/272) (4890) ، والبيهقي (8/334) ، وابن أبي شيبة (5/327) .
(2) أبو داود (4/270) (4880) ، وأحمد (4/420، 424) ، وأبو يعلى (13/419) (7423) .
(3) أبو يعلى (3/237) (1675) .
(4) البخاري (1/13) (11) ، مسلم (1/66) (42) ، الترمذي (4/661، 5/17) (2504، 2628) ، النسائي (8/106) .
(5) البخاري (1/13، 5/2379) (10، 6119) ، مسلم (1/65) (40) ، وهو عند ابن حبان (1/467) (230) ، والنسائي (8/105) ، وأبي داود (3/4) (2481) ، وأحمد (2/163، 192، 212، 224) وليس لمسلم الشطر الأخير من الحديث.(4/2097)
أفضل؟ قال: الصلاة على ميقاتها، قلت: ثم ماذا يا رسول الله؟ قال: أن يسلم الناس من لسانك» رواه الطبراني (1) ، قال المنذري بإسناد صحيح.
6109 - وعن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته» رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير" (2) وحسن إسناده، وهو للترمذي (3) من حديث عقبة بن عامر بنحوه، وقال: حديث حسن.
6110 - وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة» رواه البخاري والترمذي وصححه (4) .
6111 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» رواه الترمذي (5) ، وقال: غريب، وقال في "بلوغ المرام": قال الترمذي: حسن. انتهى. وقال المنذري: رواته ثقات إلا قرة بين حيويل، ففيه
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (10/19) وذكر بر الوالدين بعد الصلاة على ميقاتها.
(2) الطبراني في "الأوسط" (3/21) (2340) ، والصغير (1/140) (212) .
(3) الترمذي (4/605) (2406) ، وأحمد (4/148) .
(4) البخاري (5/2376، 6/2497) (6109، 6422) ، الترمذي (4/606) (2408) ، وأحمد (5/333) ، وابن حبان (13/8) (5701) ، وأبو يعلى (13/548-549) (7555) .
(5) الترمذي (4/558) (2317) ، وابن حبان (1/466) (229) ، وابن ماجه (2/1315) (3976) ، والطبراني في "الأوسط" (1/115) ، وأخرجه مالك في "الموطأ" (2/903) ، والترمذي (4/558) (2318) عن علي بن الحسين مرسلًا، وقال: وهكذا روى غير واحد من أصحاب الزهري عن الزهري عن علي بن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث مالك مرسلًا. وهذا عندنا أصح من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة، وعلي بن الحسين لم يدرك علي بن أبي طالب. أهـ.(4/2098)
خلاف، وقال ابن عبد البر النمري: هو محفوظ عن الزهري بهذا الإسناد من رواته الثقات، فعلى هذا يكون الحديث حسنًا، لكن قال جماعة من الأئمة: الصواب أنه عن علي بن الحسين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، انتهى. ورواه الترمذي من حديث الزهري عن علي بن الحسين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وقال: هذا عندنا أصح من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة. انتهى. وقال في شرح "الجامع الصغير" هو حديث حسن.
6112 - وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: «قلت: يا رسول الله! قل في الإسلام قولًا لا أسأل أحدًا غيرك، قال: قل آمنت بالله ثم استقم، قال: قلت: يا رسول الله! ما أخوف ما تخاف عليَّ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: هذه» رواه الترمذي (1) بإسناد صحيح، وقال: حديث حسن صحيح.
6113 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الصمت حكمة وقليل فاعله» قال في "بلوغ المرام": أخرجه البيهقي في "الشعب" (2) بسندٍ ضعيف، وصحح أنه من قول لقمان الحكيم.
6114 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل بني آدم خطاءون، وخير الخطائين
_________
(1) الترمذي (4/607) (2410) ، وهو عند ابن حبان (13/6، 7) (5699، 5700) ، والحاكم (4/349) ، وابن ماجه (2/1314) (3972) ، والنسائي في "الكبرى" (6/458) ، والدارمي (2/386) (2710) ، والطيالسي (1/171) (1231) ، وأحمد (3/413، 4/384) ، والطبراني في "الكبير" (7/69) .
(2) البيهقي في الشعب (5027) ، وهو عند الحاكم (2/458) ، والقضاعي في مسند الشهاب (1/168) (240) ، وابن عدي في "الكامل" (5/169) .(4/2099)
التوابون» أخرجه الترمذي وابن ماجة (1) ، قال في "بلوغ المرام": وسنده قوي.
6115 - وعن بلال بن الحارث المزني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن يبلغ ما بلغت فيكتب الله تبارك وتعالى بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن يبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح أخرجه أحمد ومالك والنسائي وابن حبان والحاكم (2) .
[38/10] باب ما جاء في الشعر
6116 - عن أُبي بن كعب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من الشعر حكمة» رواه البخاري وأبو داود (3) .
6117 - وأخرجه الترمذي (4) من حديث ابن مسعود.
6118 - ومن حديث ابن عباس بلفظ: «إن من الشعر حكمًا» وقال
_________
(1) الترمذي (4/659) (2499) ، ابن ماجه (2/1420) (4251) ، وهو عند الحاكم (4/272) ، وابن أبي شيبة (7/62) ، وأبي يعلى (5/301) (2922) ، وأحمد (3/198) ، وعبد بن حميد (1/360) (1197) .
(2) الترمذي (4/559) (2319) ، مالك (2/985) ، ابن حبان (1/514-515، 516) (280، 281) ، الحاكم (1/106، 107) ، وابن ماجه (2/1312) (3969) ، وعبد بن حميد (1/140) (358) ، والحميدي (2/405) (911) ، والطبراني في الصغير (1/392) ، و"الكبير" (1/368) .
(3) البخاري (5/2276) (5793) ، أبو داود (4/303) (5010) ، وابن ماجه (2/1235) (3755) ، والدارمي (2/383) (2704) ، وأحمد (3/456، 5/125) .
(4) الترمذي (5/137) (2844) ، وابن ماجه (2/1236) (3756) ، وأبو يعلى (9/41) (5104) .(4/2100)
حديث حسن صحيح (1) ، ولأبي داود (2) من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من البيان سحرًا، وإن من الشعر حكمًا» .
6119 - وأخرج البخاري (3) من حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من البيان لسحرًا» .
6120 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرًا» أخرجاه (4) .
6121 - وعن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: «ردفت النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقال: هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت؟ قلت: نعم، قال: هيه فأنشدته بيتًا، فقال: هيه، فأنشدته بيتًا، فقال: هيه، فأنشدته بيتًا، فقال: هيه حتى أنشدته مائة بيت» أخرجه مسلم (5) .
6122 - وعن جابر بن سمرة قال: «جالست النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من مائة
_________
(1) الترمذي (5/138) (2845) ، وابن حبان (13/94) (5778) .
(2) أبو داود (4/303) (5011) ، أحمد (1/269، 303، 309، 313، 327) ، وابن حبان (13/96) (5780) ، وأبو يعلى (4/220، 454) (2332، 2581) .
(3) البخاري (5/2176) (5434) ، الترمذي (4/376) (2028) ، أبو يعلى (10/13، 14) (5639، 5640) ، وأحمد (2/59، 62) .
(4) البخاري (5/2279) (5803) ، ومسلم (4/1769) (2257) ، وهو عند أبي داود (4/302) (5009) ، والترمذي (5/140) (2851) ، وابن ماجه (2/1236) (3759) ، وأحمد (2/355، 391، 478، 480) ، وابن حبان (13/93، 95) (5777، 5779) .
(5) مسلم (4/1767) (2255) ، والنسائي في "الكبرى" (6/248) ، وابن أبي شيبة (5/272) ، والحميدي (2/353) (809) ، وأحمد (4/389، 390) .(4/2101)
مرة، فكان أصحابه يتناشدون الشعر ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية وهو ساكت وربما تبسم معهم» رواه الترمذي وقال: حديث صحيح غريب، وقد تقدم (1) في أبواب المساجد.
6123 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه، كما تتخلل البقرة» رواه الترمذي وحسنه وأخرجه أبو داود (2) .
[38/11] باب النهي عن الحسد
6124 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» رواه أبو داود (3) .
6125 - وابن ماجه والبيهقي (4) من حديث أنس.
6126 - وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا، ويشير إلى صدره،
_________
(1) تقدم برقم (956) .
(2) الترمذي (5/141) (2853) ، أبو داود (4/301) (5005) ، أحمد (2/165، 187) ، ابن أبي شيبة (5/300) ، الطبراني في "الأوسط" (5/205) .
(3) أبو داود (4/276) (4903) ، عبد بن حميد (1/418) (1430)
(4) ابن ماجه (2/1408) (4210) ، البيهقي في "الشعب" (5/267) (6610) ، أبو يعلى (6/330) (3656) .(4/2102)
ثلاث مرات بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» رواه مسلم وللبخاري نحوه (1) .
6127 - وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد» رواه ابن حبان في "صحيحه" (2) .
6128 - وعن ضمرة بن ثعلبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا» رواه الطبراني (3) ورواته ثقات.
قوله: «الحسد» هو تمني زوال نعمة المحسود وانتقالها إلى الحاسد.
[38/12] باب لا حسد إلا في اثنتين
6129 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس» أخرجاه (4) .
_________
(1) بهذا اللفظ عند مسلم (4/1986) (2564) ، وأخرج البخاري نحوه وقد تقدم قريبًا برقم (6017) .
(2) ابن حبان (10/466) (4606) ، والنسائي (6/12) ، والطبراني في الصغير (1/251) .
(3) الطبراني في "الكبير" (8/309) (8157) .
(4) البخاري (1/39، 2/510، 6/2612، 2668) (73، 1343، 6722، 6886) ، مسلم (1/559) (816) ، وهو عند ابن ماجه (2/1407) (4208) ، وأحمد (1/385، 432) ، وابن حبان (1/292) (90) ، والنسائي في "الكبرى" (3/426) (5840) ، وأبي يعلى (9/11، 115، 147) (5078، 5186، 5227) ، والحميدي (1/55) (99) ، والطيالسي (1/49) (369) .(4/2103)
6130 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب، فقام به آناء الليل والنهار، ورجل أعطاه الله مالًا فتصدق به آناء الليل والنهار» أخرجاه (1) .
6131 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل والنهار فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثلما يعمل، ورجل آتاه الله مالًا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثلما عمل» رواه البخاري (2) ، وقد حمل الحسد هنا على الغبطة وهي تمني مثلما للمحسود كما هو الظاهر من قوله: «ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان» .
[38/13] باب تحريم الرياء والكبر
6132 - عن محمود بن لبيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء» رواه أحمد بسندٍ حسن، وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (3) ، وقال المنذري أخرجه أحمد بإسناد جيد.
_________
(1) البخاري (4/1919، 6/2737) (4737، 7091) ، مسلم (1/558، 559) (815) ، وهو عند الترمذي (4/330) (1936) ، وابن ماجه (2/1408) (4209) ، وأحمد (2/8، 36، 88، 152) ، وابن حبان (1/332-333، 334) (125، 126) ، والنسائي في "الكبرى" (5/27) (8072) ، وأبي يعلى (9/291، 401) (5417، 5543) ، والحميدي (2/278) (617) .
(2) البخاري (4/1919، 6/2643، 2737) (4738، 6805، 7090) ، وأحمد (2/479) .
(3) أحمد (5/428، 429) ، وأخرجه ابن خزيمة (2/67) (937) بلفظ: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أيها الناس إياكم! وشرك السرائر، قالوا: يا رسول الله وما شرك السرائر، = = قال: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهدا لما يرى من نظر الناس إليه، فذلك شرك السرائر» .(4/2104)
6133 - وعن معاذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اليسير من الريا شرك» رواه ابن ماجه والحاكم (1) وصححه وهو كما قال.
6134 - وعن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قال الله أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك فيه غيري تركته وشركه» رواه مسلم (2) ، ولابن ماجة (3) : «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك فيه فأنا بريء منه وهو للذي أشرك» وإسناده صحيح وصححه ابن خزيمة
6135 - وعن أبي أمامة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أرأيت رجلًا غزى يلتمس الأجر والذكر، ما له؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا شيء له إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغي به وجه الله» رواه أبو داود والنسائي (4) بإسناد جيد.
6136 - وعن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أول الناس يوم القيامة رجل يقضى عليه: رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها؟ فقال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال فلان
_________
(1) ابن ماجه (2/1320) (3989) ، الحاكم (4/364) .
(2) مسلم (4/2289) (2985) .
(3) ابن ماجه (2/1405) (4202) ، وهو بهذا اللفظ عند ابن حبان (2/120) (395) ، وابن خزيمة (2/67) (938) ، وأحمد (2/301، 435) إلا أن ابن حبان وأحمد قالا «أنا خير الشركاء» .
(4) تقدم برقم (5135) .(4/2105)
جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار» رواه مسلم، وفيه مثل ذلك في العالم والمتصدق وقارئ القرآن، وقد تقدم (1) في كتاب الجهاد.
6137 - وعن عياض بن حمار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد» رواه مسلم وأبو داود (2) .
6138 - وعن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات وهو بريء من الكبر والغلول والدَّين دخل الجنة» رواه الترمذي واللفظ له، وأخرجه النسائي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم وقال: صحيح على شرطهما (3) .
6139 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله عز وجل: العز إزاري والكبرياء ردائي، فمن نازعني من واحد منهما عذبته» رواه مسلم (4) .
6140 - وابن حبان في "صحيحه" (5) من حديث أبي هريرة وحده.
_________
(1) تقدم برقم (5136) .
(2) مسلم (4/2198) (2865) ، أبو داود (4/274) (4895) ، ابن ماجه (2/1399) (4179) .
(3) تقدم برقم (2158) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/232) .
(4) أخرجه مسلم (4/2023) (2620) ، وأبو داود (4/59) (4090) ، من طريق الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد.
(5) ابن حبان (2/35-36، 12/486) (328، 5671) ، وابن ماجه (2/1397) (4174) ، وأحمد (2/248، 376، 414، 427، 442) ، والطيالسي (1/314) ، والحميدي (2/486) = = من طريق عطاء بن السائب عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة.(4/2106)
6141 - وعن جارية بن وهب قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر» أخرجاه (1) .
6142 - وعن عبد الله بن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، قال: إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر حق، وغمط الناس» رواه مسلم والترمذي (2) ، وفي رواية لمسلم والترمذي (3) : «لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ولا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من كبر» وأخرج هذه الرواية أبو داود، وقال الترمذي: قال بعض أهل العلم في تفسير هذا الحديث لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان: إنما معناه لا يخلد في النار، وهكذا روي عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان» وقد فسر غير واحد هذه الآية: ((رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ)) [آل عمران:192] قالوا: من تخلده في النار فقد أخزيته. انتهى بلفظه.
6143 - وعن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال «يقولون لي: فيَّ التيه،
_________
(1) البخاري (4/1870، 5/2255) (4634، 5723) ، مسلم (4/2190) (2853) ، وهو عند ابن ابن ماجه (2/1378) (4116) ، والترمذي (4/717) (2605) ، وأحمد (4/306) ،
(2) مسلم (1/93) (91) ، الترمذي (4/361) (1999) ، ابن حبان (12/280) (5466) .
(3) مسلم (1/93) (91) ، الترمذي (4/360) (1998) ، وابن ماجه (1/22، 2/1397) (59، 4173) ، وأبو داود (4/59) (4091) ، وابن حبان (12/493) (5680) ، وأبو يعلى (8/477) (5066) .(4/2107)
ولقد ركبت الحمار، ولبست الشملة، وقد حلبت الشاة، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من فعل هذا فليس فيه من الكبر شيء» رواه الترمذي (1) وقال: حديث حسن غريب.
قوله: «جريء» بفتح الجيم، أي: شجاع. قوله: «عتل» العتل بضم العين، والتاء وتشديد اللام هو الغليظ الجافي و «الجواظ» بفتح الجيم، وتشديد الواو المعجمة هو الجموح المنوع، وقيل الضخم المختال في مشيته. قوله: «بطر» بفتح الباء الموحدة والطاء االمهملة هو دفعه ورده «وغمط الناس» بالغين المعجمة وسكون الميم والطاء المهملة هو احتقارهم، وازدراؤهم، وفي الترمذي «غمص الناس» آخره صاد مهملة.
[38/14] باب النهي عن الافتخار بالأنساب
6144 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم في جهنم أو ليكونوا أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخرا بأنفه، إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي وفاجر شقي، الناس بنو آدم وآدم خلق من تراب» رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، وقال: حديث حسن (2) .
6145 - وعن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أنسابكم هذه
_________
(1) الترمذي (4/362) (2001) ، الحاكم (4/204) .
(2) أبو داود (4/331) (5116) ، الترمذي (5/734، 735) (3955، 3956) ، أحمد (2/361، 523) .(4/2108)
ليست بسباب على أحد، وإنما أنتم ولد آدم ليس لأحد فضل على أحد إلا بالدين، أو عمل صالح» رواه أحمد والبيهقي (1) كلاهما من رواية ابن لهيعة.
6146 - وعن أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «انظر فإنك لست بخير من أحمر، وأسود إلا أن تفضله بتقوى» رواه أحمد (2) ، قال المنذري: ورواته ثقات، وقد أعل بالانقطاع.
قوله: «الجعل» بالجيم دويبة أرضية «تدهده» أي تدحرج وزنًا ومعنًا، و «العبية» بضم العين المهملة، وكسرها، وتشديد الباء الموحدة وكسرها بعدها مثناة تحتية مشددة هو الكبر والفخر والنخوة.
[38/15] باب ما جاء من التشديد في الكذب وخلف الوعد
6147 - عن الحسن بن علي قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح (3) .
6148 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى
_________
(1) أحمد (4/145، 158) ، البيهقي في الشعب (4/292) (5146) ، الطبراني في "الكبير" (17/295) (814) .
(2) أحمد (5/158) .
(3) الترمذي (4/668) (2518) ، وهو عند ابن حبان (2/498) (722) ، وابن خزيمة (4/59) (2348) ، والحاكم (2/15، 16) ، والنسائي (8/327) ، والدارمي (2/319) (2532) ، وعبد الرزاق (3/117) ، وأبو يعلى (12/132) (6762) ، وأحمد (1/200) .(4/2109)
الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا» أخرجاه ورواه أبو داود والترمذي وصححه واللفظ له (1) .
6149 - وعن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنا زعيم ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحًا» رواه البيهقي، قال المنذري: بإسناد حسن، وأخرجه الترمذي وحسنه (2) .
6150 - وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم، ويلٌ له ثم ويلٌ له» قال في "بلوغ المرام": أخرجه الثلاثة (3) وإسناده قوي. انتهى. وقال الترمذي حديث حسن.
6151 - وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رأيت الليلة رجلين أتياني فقالا الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب الكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة» رواه البخاري هكذا مختصرًا في كتاب الأدب من "صحيحه" (4) ، وقدمه بطوله في ترك الصلاة.
_________
(1) البخاري (5/2261) (5743) ، مسلم (4/2012، 2013) (2607) ، أبو داود (4/297) (4989) ، الترمذي (4/347) (1971) ، وهو عند أحمد (1/384، 432) ، وابن حبان (1/508) (273، 274) ، وأبي يعلى (9/71) (5138) .
(2) البيهقي (10/249) ، أبو داود (4/253) .
(3) أبو داود (4/297) (4990) ، النسائي (6/329، 509) ، الترمذي (4/557) (2315) ، الدارمي (2/382) (2702) ، أحمد (5/2، 5، 7) ، الحاكم (1/108) .
(4) تقدم بطوله برقم (4619) ، وأخرجه البخاري في كتاب الأدب (5/2262) (5745) مختصرًا بهذا اللفظ.(4/2110)
6152 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان» أخرجاه (1) وزاد مسلم (2) في رواية: «وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم» .
6153 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منها كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» أخرجاه (3) .
6154 - وعن سعد بن أبي وقاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب» رواه البزار وأبو يعلى (4) ورواته رواة الصحيح، وذكر الدارقطني في العلل مرفوعًا، وقال: الموقوف أشبه بالصواب.
_________
(1) البخاري (1/21، 2/952، 3/1010، 5/2262) (33، 2536، 2598، 5744) ، مسلم (1/78) (59) ، الترمذي (5/19) (2631) ، وهو عند النسائي (8/116) ، وأحمد (2/357) .
(2) مسلم (1/79) (95) ، وهو عند ابن حبان (1/490) (257) ، وأحمد (2/397، 536) ، وأبي يعلى (11/406) (6533) .
(3) البخاري (1/21، 2/868، 3/1160) (34، 2327، 3007) ، مسلم (1/78) (58) ، وهو عند ابن حبان (1/488، 489) (254، 255) ، وأبي داود (4/221) (4688) ، والترمذي (5/19) (2632) ، والنسائي (8/116) ، وأحمد (2/189، 198، 200) .
(4) البزار (3/340-341) (1139) ، أبو يعلى (3/67) (711) ، وهو عند البيهقي (10/197) ، وابن أبي شيبة (5/236، 6/162) والشهاب القضاعي (1/344) (589) ، والبيهقي في "الشعب" (4/207) (4810) ، والضياء في "المختارة" (3/258) (1062) .(4/2111)
6155 - وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1) من حديث ابن عمر بلفظ «يطبع المؤمن على كل خلق ليس الخيانة والكذب» .
6156 - وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أيها الناس ما حملكم أن تتايعوا على الكذب كتتايع الفراش في النار الكذب كله على ابن آدم حرام إلا في ثلاث خصال: رجل كذب على امرأته ليرضيها، ورجل كذب في الحرب فإن الحرب خدعة، ورجل كذب بين المسلمين ليصلح بينهم» رواه الترمذي وقال: حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث (2) ابن خثيم. انتهى، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وفيما ذكر كفاية لمن له من الله بعض هداية، وحديث أسماء قد تقدم (3) في جواز الكذب في الحرب في كتاب الجهاد.
6157 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تماري أحدًا ولا تمازحه، ولا تعده موعدًا فتخلفه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب (4) .
[38/16] باب ما جاء في ذي الوجهين
6158 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تجدون الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهة، وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه
_________
(1) البيهقي في "الشعب" (4/207) (4811) ، وابن عدي في "الكامل" (4/323) ، والشهاب القضاعي (1/344) (590) .
(2) هو عبد الله بن عثمان بن خثيم، رواه عن شهر بن حوشب عن أسماء تمت مؤلف.
(3) تقدم برقم (5251) .
(4) الترمذي (4/359) (1995) .(4/2112)
وهؤلاء بوجه» أخرجاه (1) .
6159 - وعن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" (2) .
6160 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من شر الناس عند الله يوم القيامة ذا الوجهين» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح (3) .
6161 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبركم بخيركم من شركم؟ فقال رجل: بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا، قال: خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح وأخرجه أحمد وابن حبان في "صحيحه" (4) .
[38/17] باب النهي عن التهاجر
6162 - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقاطعوا ولا
_________
(1) البخاري (3/1288) (3304) ، مسلم (4/1958) (2526) ، وهو عند ابن حبان (13/69) (5757) ، وأحمد (2/524) .
(2) أبو داود (4/268) (4873) ، ابن حبان (13/68) (5756) ، وهو عند الدارمي (2/405) (2764) ، والبيهقي (10/246) ، وابن أبي شيبة (5/223) ، وأبي يعلى (3/193، 204) (1620، 1637) ، وابن الجعد (1/338) (2322) .
(3) الترمذي (4/374) (2025) .
(4) الترمذي (4/528) (2263) ، أحمد (2/368، 378) ، ابن حبان (2/285، 286) (527، 528) .(4/2113)
تدابروا، ولا تباغضوا ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث» رواه مالك والبخاري وأبو داود ومسلم مختصرًا (1) ، ورواه الطبراني (2) وزاد فيه: «وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» .
6163 - وعن أبي أيوب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» أخرجاه (3) .
6164 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، من هجر فوق ثلاثٍ فمات دخل النار» رواه أبو داود والنسائي (4) ، قال المنذري: على شرط البخاري ومسلم.
6165 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعرض الأعمال في كل إثنين، وخميس فيغفر الله لكل امرئٍ لا يشرك بالله شيئًا إلا امرئٍ كانت بينه وبين أخيه
_________
(1) مالك (2/907) ، البخاري (5/2253، 2256) (5718، 5726) ، أبو داود (4/278) (4910) ، مسلم (4/1983) (2559) ، وهو عند الترمذي (4/329) (1935) ، وأبي يعلى (6/251، 252) (3549، 3550) ، وأحمد (3/110، 165، 199، 209، 225) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (8/33) وزاد: «يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا والذي يبدأ بالسلام يسبق إلى الجنة» .
(3) البخاري (5/2256، 2302) (5727، 5883) ، مسلم (4/1984) (2560) ، وهو عند أبي داود (4/278) (4911) ، والترمذي (4/327) (1932) ، ومالك (2/906) ، وابن حبان (12/484، 485) (5669، 5670) ، وأحمد (5/416، 421، 422) .
(4) أبو داود (4/279) (4914) ، النسائي في "الكبرى" (5/369) (9161) .(4/2114)
شحناء فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحاء» رواه مسلم (1) .
[38/18] باب ما جاء في المدح
6166 - عن أبي بكرة قال: «أثنى رجل على رجل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ويلك قطعت عنق صاحبك ثلاثًا، ثم قال: من كان منكم مادحًا أخاه لا محالة، فليقل: أحسب فلانًا ولا يزكي على الله أحدًا أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه» أخرجاه وأبو داود وأحمد (2) .
6167 - وعن أبي موسى «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلًا يثني على رجلٍ ويطريه في المدحة فقال: أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل» أخرجاه (3) .
6168 - وعن عبد الله بن سخبرة، قال: «قام رجل يثني على بعض الخلفاء فجعل المقداد يحثي عليه التراب، فقال له: ما شأنك؟ فقال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نحثو في وجوه المداحين التراب» وفي رواية من حديث المقداد قال: قال رسول الله
_________
(1) مسلم (4/1987، 1988) (2565) ، وهو عند ابن حبان (12/483، 484) (5667، 5668) ، وأبي يعلى (12/38) (6684) ، وأحمد (2/400، 465) ، ومالك (2/908، 909) .
(2) البخاري (2/946، 5/2252، 2281) (2519، 5714، 5810) ، مسلم (4/2296) (3000) ، أبو داود (4/254) (4805) ، أحمد (5/41، 45، 46، 47، 51) ، وهو عند ابن ماجه (2/1232) (3744) ، وابن حبان (13/80، 81) (5766، 5767) ، والطيالسي (1/116) (862) ، والنسائي في "الكبرى" (6/68) (10068) .
(3) البخاري (2/947، 5/2251) (2520، 5713) ، مسلم (4/2297) (3001) ، وأحمد (4/412) .(4/2115)
- صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب» رواه مسلم (1) ، وأخرج الترمذي (2) الرواية الأولى، وقال: حسن صحيح ولأبي داود (3) نحوه.
6169 - وعن أبي هريرة قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نحثو في أفواه المداحين التراب» رواه الترمذي (4) ، وقال حديث غريب (5) .
[38/19] باب ما جاء في الغضب
6170 - عن أبي هريرة قال: «يا رسول الله! أوصني، قال: لا تغضب، فردّد مرارًا قال: لا تغضب» رواه البخاري (6) .
6171 - وعن حميد بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال رجل: يا رسول الله! أوصني، قال: لا تغضب، قال: ففكرت حين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله» رواه أحمد (7) برجالٍ محتج بهم في الصحيح.
6172 - وعن ابن عمرو «أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يباعدني من غضب الله؟
_________
(1) مسلم (4/2297) (3002) ، وابن ماجه (2/1232) (3742) .
(2) الترمذي (4/599) (2393) .
(3) أبو داود (4/254) (4804) ، وأحمد (6/5) .
(4) الترمذي (4/600) (2394) .
(5) ومن ظاهر الأحاديث تحريم القطع بالمدح في حضور الممدوح، أو غيبته، ومن ذلك الكتب إليه والثناء بالباطل تمت مؤلف رحمه الله.
(6) البخاري (5/2267) (5765) .
(7) أحمد (5/373) ، ومعمر بن راشد في جامعه (11/187) ، والبيهقي (10/105) .(4/2116)
قال: لا تغضب» رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه" (1) إلا أنه قال: «ما يمنعني» .
6173 - وعن أبي الدرداء قال: «قال رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دلني على عملٍ يدخلني الجنة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تغضب ولك الجنة» رواه الطبراني (2) بإسنادين أحدهما صحيح.
6174 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» أخرجاه (3) .
6175 - وعن سليمان بن صرد قال: «استب رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه، فنظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» أخرجاه (4) .
6176 - وعن ابن عباس «في قوله تعالى: ((ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [المؤمنون:96] قال: الصبر عند الغضب، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا عصمهم الله وخضع لهم عدوهم» رواه البخاري تعليقًا (5) .
_________
(1) أحمد (2/175) ، ابن حبان (1/531) (296) من حديث عبد الله بن عمرو.
(2) الطبراني في "الأوسط" (3/25) (2353) .
(3) البخاري (5/2267) (5763) ، مسلم (4/2014) (2609) ، وهو عند مالك (2/906) ، وأحمد (2/236، 268، 517) ، والنسائي في "الكبرى" (6/105) .
(4) البخاري (3/1195، 5/2248، 2267) (3108، 5701، 5764) ، مسلم (4/2015) (2610) ، وهو عند أبو داود (4/249) (4781) ، وأحمد (6/394) ، وابن حبان (12/505) (5692) ، والنسائي في "الكبرى" (6/104) .
(5) علقه البخاري (4/1817) تحت الحديث (4537) ، ووصله البيهقي (7/45) ، والطبري في التفسير (24/119) .(4/2117)
6177 - وعن أنس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كفّ غضبه كفّ الله عذابه» أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1) .
6178 - وله شاهد من حديث ابن عمر عند ابن أبي الدنيا (2) ، قاله في "بلوغ المرام".
[38/20] باب ما جاء في الظلم والتشديد فيه
6179 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الظلم ظلمات يوم القيامة» أخرجاه (3) .
6180 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإنه كان أهلك من كان قبلكم» رواه مسلم (4) .
6181 - وعن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا» رواه مسلم من حديث طويل وسيأتي (5) قريبًا بطوله.
6182 - وعن معقل بن يسار يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (2/82) (1320) ، وهو عند أبي يعلى (7/302) (4338) .
(2) . . . [[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع (بياض بالهامش) ]]
(3) البخاري (2/864) (2315) ، مسلم (4/1996) (2579) ، وهو عند الترمذي (4/377) (2030) ، وأحمد (2/137، 156) .
(4) مسلم (4/1996) (2578) .
(5) سيأتي برقم (6459) .(4/2118)
عبدٍ يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» أخرجاه (1) .
6183 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه» رواه مسلم (2) .
6184 - وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جرّد ظهر مسلم بغير حق لقي الله، وهو عليه غضبان» رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" (3) بإسناد جيد.
6185 - وعن هشام بن حكيم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا» رواه مسلم (4) .
6186 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته» أخرجاه والترمذي (5) .
_________
(1) البخاري (6/2614) (6731، 6732) ، مسلم (1/125، 3/1460) (142) ، وهو عند الدارمي (2/417) (2796) ، وأحمد (5/27) ، وابن حبان (10/346) (4495) .
(2) مسلم (3/1458) (1828) ، وهو عند ابن حبان (2/313) (553) ، وأحمد (6/93) .
(3) الطبراني في "الكبير" (8/116) (7536) ، و"الأوسط" (3/20) (2339) .
(4) مسلم (4/2018) (2613) ، وهو عند ابن حبان (12/426) (5612) ، والنسائي في "الكبرى" (5/236) ، وأبي داود (3/169) (3045) ، وأحمد (3/403، 404، 468) .
(5) البخاري (4/1726) (4409) ، مسلم (4/1997) (2583) ، الترمذي (5/288) (3110) ، وهو عند ابن ماجه (2/1332) (4018) ، وابن حبان (11/578) (5175) ، والنسائي في "الكبرى" (6/365) (11245) ، والبيهقي (6/94) ، وأبي يعلى (13/273) (7287) .(4/2119)
[38/21] باب تجنب مواقف الظلم
6187 - عن خرشة بن الحارث وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يشهد أحدكم قتيلًا لعله أن يكون مظلومًا فيصيبه السخط» رواه أحمد واللفظ له (1) ، والطبراني (2) وقال: «فعسى أن يقتل مظلومًا فينزل السخط عليه فيصيبه معهم» ورجالهما رجال الصحيح إلا ابن لهيعة.
6188 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقفن أحدكم موقفًا يقتل فيه رجل ظلمًا، فإن اللعنة تنزل على من حضر حين لم يدفعوا عنه ولا يقفن أحدكم موقفًا يضرب فيه رجل ظلمًا، فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه» رواه الطبراني والبيهقي (3) بإسناد حسن.
[38/22] باب في قبول دعوة المظلوم
6189 - عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا إلى اليمن وقال له: اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» أخرجاه (4) .
6190 - وعن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويقول الرب تعالى: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين» رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن
_________
(1) أحمد (4/167) .
(2) الطبراني في "الكبير" (4/218) (4181) .
(3) الطبراني في "الكبير" (11/260) ، البيهقي في "الشعب" (6/93) (7580) .
(4) تقدم برقم (2467) .(4/2120)
خزيمة وابن حبان في صحيحيهما (1) .
6191 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه» رواه أحمد (2) ، قال المنذري: بإسناد حسن.
[38/23] باب ما جاء في البخل والشح والحرص على المال
6192 - عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خصلتان لا يجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلق» أخرجه الترمذي (3) بإسناد ضعيف.
6193 - عن أبي بكر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنة خب ولا بخيل ولا منان» أخرجه الترمذي (4) ، وقال: حسن غريب، وفي إسناده ضعف قاله الذهبي.
6194 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، والكسل، وأرذل العمر، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات» رواه مسلم وغيره (5) .
_________
(1) أحمد (2/304، 445) ، الترمذي (5/578) (3598) ، ابن خزيمة (3/199) (1901) ، ابن حبان (16/396-397) (7387) ، وابن ماجه (1/557) (1752) ، والطيالسي (1/337) (2584) ، وعبد بن حميد (1/415) (1420) .
(2) أحمد (2/367) ، وابن أبي شيبة (6/48) ، والطيالسي (1/306) (2330) .
(3) الترمذي (4/343) (1962) ، وهو عند أبي يعلى (2/490) (1328) ، والطيالسي (1/293) (2208) ، والقضاعي في مسند الشهاب (1/211) (319) .
(4) الترمذي (4/343) (1963) ، وهو عند أبي يعلى (1/95) (95) ، وأحمد (1/7) .
(5) مسلم (4/2080) (2706) ، وهو عند البخاري (4/1741) (4430) .(4/2121)
6195 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والفحش والتفحش، فإن الله لا يحب المتفحش، وإياكم والظلم فإنه هو الظلمات يوم القيامة، وإياكم والشح فإنه دعا من كان قبلكم فاستحلوا حرماتهم» رواه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد (1) .
6196 - وعن عبد الله بن عمر قال: «خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش والتفحش وإياكم والشح، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح» رواه أبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم (2) .
6197 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" (3) .
6198 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدًا، ولا يجتمع شح وإيمان في قلب عبدٍ أبدًا» رواه النسائي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم بإسناد على شرط مسلم (4) .
6199 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «السخي قريب من الله،
_________
(1) ابن حبان (11/580، 14/141) (5177، 6248) ، الحاكم (1/56) ، والحميدي (2/490) (1159) ، وأحمد (2/431) .
(2) أبو داود (2/133) (1698) ، الحاكم (1/55، 576) .
(3) أبو داود (3/12) (2511) ، ابن حبان (8/42) (3250) ، وابن أبي شيبة (5/332) ، وأحمد (2/302، 320) ، وعبد بن حميد (1/417) (1428) .
(4) النسائي (6/13) ، ابن حبان (8/43) (3251) ، الحاكم (2/82) .(4/2122)
قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار، ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب (1) .
6200 - وعن كعب بن عياض قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (2) .
6201 - وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب» أخرجاه (3) ، وأخرجه الترمذي (4) بلفظ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو كان لابن آدم وادٍ من ذهب لأحب أن يكون له ثانيًا، ولا يملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب» وقال: حديث حسن صحيح.
6202 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قلب الشيخ شاب على حب اثنتين طول الحياة، وكثرة المال» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح والحاكم وقال صحيح على شرطهما (5) ، وأقره الذهبي.
_________
(1) الترمذي (4/342) (1961) .
(2) الترمذي (4/569) (2336) .
(3) البخاري (5/2365) (6075) ، مسلم (2/725) (1048) .
(4) الترمذي (4/569) (2337) ، ولكنه قال: «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لأحب أن يكون له ثالث ... » ، ورواية البخاري قريبة من هذه الرواية.
(5) الترمذي (4/570) (2338) ، الحاكم (4/363) ، وهو عند مسلم (2/724) (1046) ، وأحمد (2/317، 338، 339، 358، 379، 380، 394) ، وابن ماجه (2/1415) (4233) ، وابن حبان (8/25) (3230) ، وأخرج نحوه البخاري (5/2360) (6057) .(4/2123)
6203 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يهرم ابن آدم وتشب معه اثنتان: الحرص على العمر والحرص على المال» رواه البخاري ومسلم والترمذي (1) ، وقال: حديث حسن صحيح، وفي رواية لهما (2) : «يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنتان: حب المال وطول العمر» .
قوله: «خب» بفتح الخاء المعجمة، وبكسره الخداع الخبيث. قوله: «الشح» مثلث الشين المعجمة هو البخل والحرص، وقيل: الشح الحرص على ما ليس عندك والبخل بما عندك. قوله: «هالع» أي: محزن والهلع أشد من الجزع. قوله: «جبن» خالع الجبن شدة الخوف، وعدم الإقدام ومعناه أنه يخلع قلبه من شدة تمكنه منه.
[38/24] باب ما جاء في عقوق الوالدين وبرهما
6204 - عن عبد الله بن مسعود قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله» أخرجاه (3) .
6205 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي (4) .
_________
(1) أخرجه بهذا اللفظ مسلم (2/724) (1047) ، والترمذي (4/570، 4/636) (2339، 2455) ، وابن ماجه (2/1415) (4234) ، وأحمد (3/192، 256) ، وابن حبان (8/25) (3229) ، وأبو يعلى (5/242) (2857) ، وليس للبخاري هذا اللفظ، وإنما له اللفظ الثاني.
(2) بهذا اللفظ عند البخاري (5/2360) (6058) ، وليس لمسلم هذا اللفظ.
(3) تقدم برقم (5142) .
(4) تقدم برقم (4172) .(4/2124)
6206 - وعن المغيرة بن شعبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله حرم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات وكره لكم قيل وقال: وكثرة السؤال وإضاعة المال» أخرجاه (1) .
6207 - وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين» أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم (2) .
6208 - وعن أنس بن مالك قال: «ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبائر فقال: الشرك بالله وعقوق الوالدين» أخرجاه (3) .
6209 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديوث، والرجلة من النساء» رواه النسائي والبزار بإسنادين جيدين، والحاكم وقال: صحيح الإسناد (4) . انتهى
6210 - وعن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اُحضروا المنبر فحضروه، فلما ارتقى درجة، قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثانية قال: آمين، فلما ارتقى الدرجة الثالثة قال: آمين، فلما نزل قلنا: يا رسول الله! لقد سمعنا منك اليوم شيئًا ما كنا نسمعه، قال: إن جبريل عرض لي فقال: بعد من أدركه رمضان فلم يغفر له، قلت: آمين، فلما ارتقيت الثانية قال: بعد من ذكرت عنده فلم يصلِّ عليك
_________
(1) البخاري (2/848) (2277) ، وأطرافه (2/537، 5/2229، 2375، 6/2659) (1407، 5630، 6108، 6862) ، ومسلم (3/1341) (593) .
(2) الترمذي (4/310) (1899) ، ابن حبان (2/172) (429) ، الحاكم (4/168) .
(3) تقدم برقم (6039) .
(4) تقدم برقم (4436، 5690) .(4/2125)
فقلت: آمين، فلما ارتقيت الثالثة قال: بعد من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قلت: آمين» رواه الحاكم (1) ، وقال: صحيح الإسناد، وقد روي هذا الحديث عن جماعة من الصحابة.
6211 - وقد تقدم (2) من حديث أبي هريرة في قيام رمضان.
6212 - وسيأتي (3) في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده.
6213 - وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه» رواه مسلم والترمذي وصححه (4) والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وقد تقدم (5) بعض مما ذكرنا في كتاب الجهاد، وبعض (6) في شهادة الزور، واليمين الغموس، وتقدم (7) في كتاب الطلاق حديث ابن عمر في الأمر له بطلاق امرأته طاعة لأبيه.
قوله: «وأد البنات» بالواو وبعدها همزة، ثم دال مهملة، وهو القتل. قوله: «منع وهات» قال في "الدر النثير": نهى عن منع وهات، أي منع ما عليه إعطاؤه وطلب
_________
(1) الحاكم (4/170) .
(2) تقدم برقم (2905) .
(3) سيأتي برقم (6470) .
(4) مسلم (4/1979) (2552) ، الترمذي (4/313) (1903) ، وابن حبان (2/173، 174) (430، 431) ، وأبو داود (4/337) (5143) ، وأحمد (2/88، 91، 97، 111) .
(5) تقدم في كتاب الجهاد في باب استئذان الأبوين في الجهاد [33/5] .
(6) تقدم باب التشديد في شهادة الزور [37/22] .
(7) تقدم حديث ابن عمر في كتاب الطلاق باب جوازه للحاجة [30/1] .(4/2126)
ما ليس له.
[38/25] باب كراهية الجلوس بين الظل والشمس
6214 - عن ابن عباس عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يجلس الرجل بين الضح والظل، وقال مجلس الشيطان» رواه أحمد (1) بإسناد جيد.
6215 - والبزار (2) بنحوه من حديث جابر.
6216 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان أحدكم في الفي -وفي رواية في الشمس- فقلص عنه الظل فصار بعضه في الشمس، وبعضه في الظل فليقم» رواه أبو داود (3) وتابعيه مجهول، والحاكم (4) ، وقال: صحيح الإسناد ولفظه: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجلس الرجل بين الظل والشمس» .
قوله: «الضح» بالضاد المعجمة، والحاء المهملة هو ضوء الشمس إذا استمكن من الأرض.
[38/26] باب كراهية النوم على سطح لا جدر له
وكراهة أن ينام الإنسان على وجهه
6217 - عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه قال: قال رسول الله
_________
(1) أحمد (3/413-414) .
(2) وابن عدي في "الكامل" (4/218) .
(3) أبو داود (4/257) (4821) ، أحمد (2/383) .
(4) الحاكم (4/303) من حديث بريدة، وليس من حديث أبي هريرة، وهو عند ابن ماجه (2/1227) (3722) .(4/2127)
- صلى الله عليه وسلم -: «من بات على ظهر بيت ليس له حجاب فقد برأت من الذمة» رواه أبو داود (1) وفي رواية: «حجاز» بالزاي عوض الباء الموحدة، وفي رواية «حجا» وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورمز السيوطي لحسنه، وقال الذهبي: في إسناده أبو عمران الجوني، لا يعرف وفيه عبد الرحمن بن علي قال ابن القطان: مجهول وأخرجه البخاري في "تاريخه" (2) .
6218 - وعن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينام الرجل على سطح ليس بمحجوز عليه» رواه الترمذي (3) ، وقال: حديث غريب، وفي إسناده عبد الجبار بن عمر الأيلي ضعيف.
6219 - وعن أبي هريرة قال: «مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على رجل مضطجع على بطنه فغمزه برجله، وقال: إن هذه ضجعة لا يحبها الله عز وجل» رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له (4) وقد تكلم البخاري في هذا الحديث.
6220 - وأخرجه أبو داود (5) من حديث يعيش بن طحفة بن قيس الغفاري، وفيه: «بينا أنا مضطجع على بطني في المسجد من السحر إذا رجل يحركني
_________
(1) أبو داود (4/310) (5041) .
(2) وأخرجه البخاري في التاريخ (3/426) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
(3) الترمذي (5/141) (2854) .
(4) أحمد (2/304) ، ابن حبان (12/357) (5549) ، والحاكم (4/302) ، والترمذي (5/97) (2768) .
(5) أبو داود (4/309) (5040) ، ابن حبان (12/358-359) (5550) ، وابن ماجه (2/1227) (3724) ، وأحمد (5/426) ، وذكره الترمذي (5/97) تحت الحديث (2768) .(4/2128)
برجله، فقال: إن هذه ضجعة يبغضها الله، قال: فنظرت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وسكت عنه أبو داود وأخرجه الترمذي وسكت عنه وأخرجه ابن حبان في "صحيحه".
[38/27] باب ما جاء في صلة الرحم
6221 - عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنة قاطع رحم» أخرجاه (1) .
6222 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ في أثره فليصل رحمه» أخرجه البخاري (2) .
6223 - وعن رجل من خثعم قال: «قلت: يا رسول الله! أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الإيمان بالله، قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: ثم صلة الرحم، قلت: يا رسول الله! أي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال: الإشراك بالله، قال: قلت: يا رسول الله ثم مه؟ قال: قطيعة الرحم، قال: قلت: ثم مه؟ قال: الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف» رواه أبو يعلى (3) بإسناد جيد.
6224 - وعن أبي أيوب «أن أعرابيًا عرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في سفر فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها، ثم قال: يا رسول الله! أخبرني بما يقربني من الجنة،
_________
(1) البخاري (5/2231) (5638) ، مسلم (4/1981) (2556) ، وهو عند أبي داود (2/133) (1696) ، والترمذي (4/316) (1909) ، وأحمد (4/83) ، وابن حبان (2/199) (454) ، وأبي يعلى (13/385، 386، 388) (7391، 7392، 7394) .
(2) البخاري (5/2232) (5639) .
(3) أبو يعلى (12/229) (6839) .(4/2129)
ويباعدني من النار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تعبد الله ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم دع الناقة» أخرجاه (1) .
6225 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله» أخرجاه (2) .
6226 - وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله تبارك وتعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يذخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد والبخاري في الأدب وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم (3) وقال: صحيح وأقره الذهبي.
6227 - وعن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قال الله عز وجل: أنا الله، وأنا الرحمن خلقت الرحم، وشققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وقد اعترض على الترمذي في تصحيحه بأن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه شيئًا، قال يحيى بن معين، وقد رواه ابن حبان في "صحيحه" (4) .
_________
(1) البخاري (2/505، 5/2231) (1332، 5637) ، مسلم (1/42) (13) ، وابن حبان (2/179) (437) ، والنسائي (1/234) ، وأحمد (5/417، 418) .
(2) البخاري (5/2232) (5643) ، مسلم (4/1981) (2555) .
(3) الترمذي (4/664) (2511) ، أحمد (5/36، 38) ، أبو داود (4/276) (4902) ، ابن ماجه (2/1408) (4211) ، ابن حبان (2/200) (455) ، الحاكم (2/388، 4/179) .
(4) أبو داود (2/133) (1694) ، الترمذي (4/315) (1907) ، ابن حبان (2/186-187) (443) ، والحاكم (4/174) ، وأبو يعلى (2/153-154) (840) .(4/2130)
6228 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قال: فذاك لك ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن شئتم فاقرءوا: ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)) [محمد:22-23] » أخرجاه (1) .
6229 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابًا من النار» رواه الترمذي (2) ، وقال: حديث حسن، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
قوله: «ينسأ» بضم الياء التحتية، وتشديد السين المهملة، أي: يؤخر في أجله.
[38/28] باب ما جاء في كفالة اليتيم والسعي على الأرملة والمسكين
6230 - عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسباب والوسطى وفرج بينهما» رواه البخاري وأبو داود والترمذي (3) .
_________
(1) البخاري (4/1828، 5/2232، 6/2725) (4552، 5641، 7063) ، مسلم (4/1980) (2554) .
(2) الترمذي (4/319) (1913) ، وهو بنحوه وأطول منه عند البخاري (2/514، 5/2234) (1352، 5649) ، ومسلم (4/2027) (2629) .
(3) البخاري (5/2032، 2237) (4998، 5659) ، أبو داود (4/338) (5150) ، الترمذي (4/321) (1918) ، وابن حبان (2/207) (460) ، وأحمد (5/333) ، وأبو يعلى (13/546) (7553) .(4/2131)
6231 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة، وأشار مالك بالسبابة والوسطى» رواه مسلم (1) .
6232 - وعن ابن عباس أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قبض يتيمًا من بين مسلمين إلى طعامه وشرابه أدخله الله تعالى الجنة ألبتة إلا أن يعمل ذنبًا لا يغفر» رواه الترمذي (2) ، وقال المنذري: قال الترمذي: حسن صحيح، ولم أجد ذلك في نسختي والذي فيها بعد ذكر الحديث من طريق المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس الحديث، قال الترمذي: وحنش هو حسين بن قيس، وهو أبو علي الرحبي، وسليمان التيمي يقول حميس: وهو ضعيف عند أهل الحديث. انتهى.
6233 - وعن عمرو بن مالك القشيري قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من ضم يتيمًا بين المسلمين إلى طعامه وشرابه وجبت له الجنة» رواه أحمد والطبراني (3) ، قال المنذري: ورواة أحمد محتج بهم إلا علي بن زايد. انتهى.
6234 - ويشهد له حديث زرارة بن أوفا عن رجل من قومه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من ضم يتيمًا من بين المسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغنى عنه وجبت له الجنة ألبتة، ومن أدرك والديه أو أحدهما ثم لم يبرهما دخل النار، فأبعده الله
_________
(1) مسلم (4/2287) (2983) ، وأحمد (2/375) .
(2) الترمذي (4/320) (1917) ، وأخرجه مطولًا أبو يعلى (4/342) (2457) ، وعبد بن حميد (1/209) (615) .
(3) أحمد (4/344) ، الطبراني في "الكبير" (19/300) .(4/2132)
تعالى وأيما مسلم أعتق رقبة مسلمة كانت فكاكه من النار» رواه أبو يعلى وأحمد (1) مختصرًا بإسناد حسن.
6235 - وعن أبي هريرة «أن رجلًا شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسوة قلبه، فقال: امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين» رواه أحمد (2) ورجاله رجال الصحيح.
6236 - وعن صفوان بن سليم رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالذي يصوم النهار، ويقوم الليل» رواه البخاري ومسلم والترمذي (3) .
6237 - وأخرجه أيضًا من حديث أبي هريرة، وقال: حسن صحيح وحديث أبي هريرة أخرجه البخاري ومسلم (4) مرفوعًا بلفظ: «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله -وأحسبه قال-: وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر» .
[38/29] باب الوصية بالجار والإحسان إليه
6238 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، ومن كان
_________
(1) أبو يعلى (2/227) (926) ، أحمد (5/29) .
(2) أحمد (2/387) .
(3) البخاري (5/2237) (5660) ، الترمذي (4/346) (1969)
(4) البخاري (5/2047، 2237) (5038، 5661) ، مسلم (4/2286) (2982) ، الترمذي (4/346) تحت الحديث (1969) ، والنسائي (5/86) ، وابن ماجه (2/724) (2140) ، وأحمد (2/361) ، وابن حبان (10/55) (4245) .(4/2133)
يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليسكت» أخرجاه (1) ، ولمسلم (2) : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره» .
6239 - وعن المقداد بن الأسود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما تقولون في الزنا، قالوا: حرام حرمه الله إلى يوم القيامة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لئن يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر عليه من أن يزني الرجل بامرأة جاره، قال: ما تقولون في السرقة؟ قالوا: حرام حرمها الله ورسوله فهي حرام، قال: لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق جاره» رواه أحمد واللفظ له، قال المنذري: ورواته ثقات وأخرجه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" (3) .
6240 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والله لا يؤمن بالله واليوم الآخر، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه» رواه أحمد والبخاري ومسلم (4) ، وزاد أحمد «قالوا: يا رسول الله وما بوائقه؟ قال: شره» وفي رواية لمسلم (5) : «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه» .
6241 - وعن أبي شريح الكعبي قال: قال رسول الله: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: يا رسول الله خاب وخسر من هو؟ قال:
_________
(1) تقدم برقم (5635) .
(2) مسلم (1/69) (47) .
(3) أحمد (6/8) ، الطبراني في "الكبير" (20/256) ، و"الأوسط" (6/254) .
(4) أحمد (2/288، 336) ، البخاري (5/2240) تحت الحديث (5670) ، وليس لمسلم هذا اللفظ، وله اللفظ الآتي.
(5) مسلم (1/68) (46) .(4/2134)
من لا يأمن جاره بوائقه، قالوا: وما بوائقه؟ قال: شره» رواه البخاري (1) .
6242 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره أو لأخيه ما يحب لنفسه» رواه مسلم (2) .
6243 - وعن أبي جحيفة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشكو جاره، قال: اطرح متاعك على الطريق، فطرحه فجعل الناس يمرون عليه ويلعنونه فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما لقيت من الناس، قال: ما لقيت منهم؟ قال: يلعنوني، قال: قد لعنك الله قبل الناس، قال: إني لا أعود في الذي شكاه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: ارفع متاعك فقد كفيت» رواه الطبراني، والبزار بإسناد حسن بنحوه (3) .
6244 - ولأبي داود من حديث أبي هريرة بنحوه، وقال فيه: «فجاء إليه جاره، وقال: ارجع فإنك لا ترى مني شيئًا تكرهه» ورواه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم (4) .
6245 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا طبخت مرقةً فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك» رواه مسلم (5) .
_________
(1) البخاري (5/2240) (5670) .
(2) مسلم (1/68) (45) ، أبو يعلى (5/339) (2967) .
(3) الطبراني في "الكبير" (22/134) (356) ، والبيهقي في "الشعب" (7/79-80) (9548) ، البخاري في "الأدب" (1/57) (125) .
(4) أبو داود (4/339) (5153) ، ابن حبان (2/278) (520) ، الحاكم (4/183) ، البخاري في "الأدب" (1/56) (124) .
(5) مسلم (4/2025) (2625) ، والحميدي (1/76) (139) ، وأحمد (5/149) .(4/2135)
6246 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع» رواه الطبراني وأبو يعلى (1) ورواته ثقات.
6247 - وعن ابن عمر وعائشة قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» أخرجاه (2) .
6248 - ورواه الترمذي وأبو داود (3) عن عائشة.
6249 - وابن حبان في "صحيحه" (4) من حديث أبي هريرة.
6250 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره» رواه الترمذي، وقال: حسن غريب (5) .
6251 - وعن نافع بن الحارث قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سعادة المرء الجار الصالح والمركب الهني والمسكن الواسع» رواه أحمد ورواته رواة الصحيح (6) .
_________
(1) أبو يعلى (5/92) (2699) ، الطبراني في "الكبير" (12/154) ، والبيهقي (10/3) ، عبد بن حميد (1/231) .
(2) البخاري (5/2239) (5668، 5669) ، مسلم (4/2025) (2624، 2625) .
(3) الترمذي (4/332) (1942) ، أبو داود (4/338) (5151) ، وابن ماجه (2/1211) (3673) ، وابن حبان (2/265) (511) .
(4) ابن حبان (2/266) (512) ، وابن ماجه (2/1211) (3674) .
(5) الترمذي (4/333) (1944) ، وابن حبان (2/276) (518) ، وابن خزيمة (4/140) (2539) ، والحاكم (1/610) ، والدارمي (2/284) (2437) ، وأحمد (2/167) ، وعبد بن حميد (1/136) (342) .
(6) أحمد (3/407) .(4/2136)
6252 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهني، وأربع من الشقاء: الجار السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق» رواه ابن حبان في "صحيحه" (1) .
[38/30] باب ما جاء في زيارة الإخوان الصالحين والمحبة لله
6253 - عن أبي هريرة «أن رجلًا زار أخًا له في قرية فأرصد الله له على مدرجته ملكًا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا في هذه القرية، قال: هل له عليك من نعمة تربها، قال: لا غير أني أحببته في الله، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك فيه» رواه مسلم (2) .
6254 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله ناداه مناديان: طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلًا» رواه ابن ماجة والترمذي واللفظ له، وقال المنذري: قال الترمذي: حديث حسن وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3) .
6255 - وعن معاذ بن جبل قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، وللمتجالسين فيَّ، وللمتزاورين فيَّ» رواه
_________
(1) ابن حبان (9/340) (4032) .
(2) مسلم (4/1988) (2567) .
(3) ابن ماجه (1/464) (1443) ، الترمذي (4/365) (2008) ، ابن حبان (7/228) (2961) .(4/2137)
مالك (1) بإسناد صحيح.
6256 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «زر غبًا تزدد حبًا» رواه الطبراني (2) .
6257 - ورواه البزار (3) من حديث أبي هريرة، ثم قال: لا نعلم فيه حديث صحيح، قال الحافظ المنذري: وهذا الحديث قد روي عن جماعة من الصحابة واعتنى غير واحد من الحفاظ بجمع طرقه، والكلام عليها ولم أقف على طريق صحيح، كما قال البزار: بل له أسانيد حسان عند الطبراني، وقال في "المقاصد": بعد أن ذكر طريق الحديث وبمجموعها يتقوى الحديث، وقول البزار: لا ينافي ما قلناه. انتهى.
6258 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله تعالى يوم القيامة: أين المتحابون لجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي» رواه مسلم و"الموطأ" (4) .
6259 - وفي رواية للترمذي (5) يقول الله: «المتحابون بجلالي لهم منابر من
_________
(1) مالك (2/953) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (3/248) ، و"الكبير" (4/21) ، والصغير (1/187) من حديث حبيب بن مسلمة
(3) والطبراني في "الأوسط" (2/210، 6/9) ، والقضاعي (1/366) (629) ، والطيالسي (1/330) (2535) ، والبيهقي في "الشعب" (6/328) (8371) .
(4) مسلم (4/1988) (2566) ، مالك (2/952) (1708) .
(5) الترمذي (4/597) (2390) .(4/2138)
نور يغبطهم النبيون والشهداء» أخرجها الترمذي من حديث معاذ، وقال: حديث حسن صحيح.
قوله: «تربها» أي تقوم بها وتسعى في صلاحها.
[38/31] باب الاستئذان وصفته
6260 - عن أنس في حديثه المشهور في الإسراء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثم صعد بي جبريل إلى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، ثم صعد إلى السماء الثانية والثالثة وسائرهن كذلك يقال في باب كل سماءٍ من هذا فيقول جبريل» الحديث أخرجاه (1) .
6261 - وعن أبي ذر قال: «خرجت ليلة من الليالي، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي وحده فجعلت أمشي في ظل القمر فالتفت فرآني، فقال: من هذا؟ فقلت: أبو ذرٍ» أخرجاه (2) .
6262 - وعن أم هاني قالت: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يغتسل، وفاطمة تستره، فقال: من هذه؟ فقلت: أنا أم هاني» أخرجاه (3) .
6263 - وعن جابر قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فدققت الباب، فقال: من ذا؟ فقلت: أنا، فقال: أنا أنا، كأنه كرهها» أخرجاه (4) .
_________
(1) جزء من حديث الإسراء وهو عند البخاري (7079) ، ومسلم (162) .
(2) البخاري (5/2366) (6078) ، مسلم (2/688) (94) .
(3) تقدم مطولًا برقم (5366) .
(4) البخاري (5/2306) (5896) ، مسلم (3/1697) (2155) ، وأبو داود (4/348) (5187) ، والترمذي (5/65) (2711) ، وابن ماجه (2/1222) (3709) ، وأحمد (3/298) .(4/2139)
6264 - وعن أبي سعيد وأبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الاستئذان ثلاث: فإن أذن لك وإلا فارجع» رواه البخاري ومسلم والترمذي (1) ، وقال حديث حسن صحيح، وفيه قصة استئذان أبي موسى على عمر ثلاثًا ورجوعه، وفي الباب أحاديث.
[38/32] باب ما جاء في إعانة المسلم على قضاء حوائجه والستر عليه
6265 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من نفس على مسلم كربةً من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان في عون أخيه» رواه مسلم وأبو داود واللفظ له، وأخرجه الترمذي وحسنه، وسيأتي (2) في فضل العلم.
6266 - وعن عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربةً فرَّج عنه بها كربةً من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة» رواه أبو داود واللفظ له، وأخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب (3) .
6267 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يستر عبد عبدًا إلا ستره
_________
(1) البخاري (2/727، 5/2305) (1956، 5891) ، مسلم (3/1694) (2153) ، الترمذي (5/53) (2690) .
(2) سيأتي برقم (6430) .
(3) أبو داود (4/273) (4893) ، الترمذي (4/34) (1426) .(4/2140)
الله يوم القيامة» رواه مسلم (1) .
6268 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من ستر عورة أخيه ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته» رواه ابن ماجة (2) بإسناد حسن.
6269 - وعن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه في بيته» رواه أبو داود، وفي إسناده مجهول، وقد تقدم (3) .
6270 - ورواه أبو يعلى (4) عن البراء بإسناد حسن.
[38/33] باب ما جاء في الدخول على السلاطين
6271 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من بدا فقد جفا، ومن تتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد عبد من السلطان قربًا إلا ازداد من الله بعدًا» رواه أحمد (5) بإسنادين رواة أحدهما رواة الصحيح.
6272 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من بدا جفا ومن
_________
(1) مسلم (4/2002) (2590) .
(2) ابن ماجه (2/850) (2546) .
(3) تقدم برقم (6108) .
(4) تقدم برقم (6109) .
(5) أحمد (2/371، 440) ، وهو بنحوه عند أبي داود (3/111) (2860) .(4/2141)
اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن» رواه أبو داود والترمذي (1) ، وقال: حديث حسن غريب. وأخرجه النسائي (2) ، حديث ابن عباس: «من بدا فقد جفا» أخرجه الترمذي بلفظ: «من سكن البادية فقد جفا» وقال حديث غريب، وذكره في "مختصر السنن"، وقال: قال الترمذي: حديث حسن غريب وذكره في "الجامع الصغير" وقال شارحه: قال الترمذي: حسن غريب وذكره المنذري في الترغيب والترهيب، وقال: قال الترمذي حديث حسن، وذكره الإمام محمد بن إبراهيم الوزير في كتابه في العزلة، وقال رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الثوري. قلت: وكفى بالثوري في الثقة والحفظ والأمانة والإتقان، ورجاله من فوق رجال الصحيح، فإنه رواه الثوري عن إسرائيل بن موسى عن وهب بن منبه عن ابن عباس. انتهى.
6273 - وعن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لكعب بن عجرة: «أعاذك الله من إمارة السفهاء، قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: أمراء يكونون بعدي لا يهتدون بهدي ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا مني، ولست منهم ولا يردون عليَّ حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني، وأنا منهم وسيردون عليَّ حوضي، يا كعب بن عجرة! الصيام جنة، والصدقة تطفي الخطية والصلاة قربان، وقال: برهان يا كعب بن عجرة الناس غاديان، فمبتاع نفسه فمعتقها، وبايع نفسه فموبقها» رواه أحمد واللفظ
_________
(1) أبو داود (3/111) (2859) ، والترمذي (4/523) (2256) ، وأحمد (1/357) .
(2) النسائي (7/195) .(4/2142)
له، والبزار ورواتهما محتج بهم في الصحيح، ورواه ابن حبان في "صحيحه" (1) .
6274 - ورواه الترمذي والنسائي (2) من حديث كعب بن عجرة بمعناه، وقال: حديث صحيح غريب.
[38/34] باب من ولي شيئًا من أمور المسلمين
فلا يولي عليهم رجلًا وفيهم خير منه
6275 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من استعمل رجلًا من (3) عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين» رواه الحاكم (4) ، وقال صحيح الإسناد، وأخرجه البيهقي (5) بلفظ: «من استعمل عاملًا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين» .
6276 - وعن يزيد بن أبي سفيان عن أبي بكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ولي من أمر المسلمين شيئًا فأمر عليهم أحدًا محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا حتى يدخله جهنم» رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد (6) .
_________
(1) أحمد (3/321، 399) ، ابن حبان (5/9) (1723) ، الحاكم (1/52، 4/141، 468) ، والبيهقي في "الشعب" (5/56) (5761) .
(2) الترمذي (2/512، 4/525) (614، 2259) ، والنسائي (7/160) .
(3) هكذا في الأصل بلفظ من. والذي في الجامع الصغير مثله.
(4) الحاكم (4/104) .
(5) البيهقي (10/118) .
(6) الحاكم (4/104) ، وأحمد (1/6) .(4/2143)
[38/35] باب ما جاء في الجليس الصالح والسوء
6277 - عن أبي موسى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل الجليس الصالح، والجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة» أخرجاه (1) .
6278 - وللنسائي (2) نحوه من حديث أنس.
6279 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره، وإن ذكر إعانه، وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" (3) مختصر بمعناه.
6280 - وعن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما بعث الله من نبي ولا كان بعده من خليفة إلا له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا يألوه خبالًا فمن وقي شرها فقد وقى» رواه البخاري (4) .
_________
(1) البخاري (2/741، 5/2104) (1995، 5214) ، مسلم (4/2026) (2628) ، وابن حبان (2/320-321) (561) .
(2) وأبو يعلى (7/274) (4295) ، وأبو داود (4/259) .
(3) أبو داود (3/131) (2932) ، ابن حبان (10/345) (4494) .
(4) البخاري (6/2632) تحت الحديث (6773) .(4/2144)
[38/36] باب ما جاء في العطاس والتثاؤب
6281 - عن علي وأبي هريرة وأبي أيوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم» رواه البخاري والترمذي (1) .
6282 - وعن أنس قال: «عطس رجلان عند النبي فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقيل له: فقال هذا حمد الله، وهذا لم يحمد الله» أخرجاه وأبو داود والترمذي (2) .
6283 - وعن سلمة بن الأكوع «أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعطس عنده رجل فقال له: يرحمك الله ثم عطس أخرى، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الرجل مزكوم» أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود (3) وفي رواية للترمذي (4) : «أنه قال في الثالثة: إنه مزكوم» قال: وهو أصح من الأول.
6284 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تثاءب أحدكم
_________
(1) البخاري (5/2298) (5870) من حديث أبي هريرة، والترمذي (5/83، 84) (2741) من حديث علي وأبي أيوب.
(2) البخاري (5/2297، 2298) (5867، 5871) ، مسلم (4/2292) (2991) ، أبو داود (4/309) (5039) ، الترمذي (5/84) (2742) ، ابن حبان (2/364) (601) ، وابن ماجه (2/1223) (3713) ، وأحمد (3/100، 117، 176) .
(3) مسلم (4/2292) (2993) ، الترمذي (5/84) (2743) ، أبو داود (4/308) (5037) ، وابن حبان (2/365-366) (603) ، وأحمد (4/46) .
(4) الترمذي (5/84) تحت الحديث (2743) .(4/2145)
فليمسك بيده على فيه، فإن الشيطان يدخل» وفي رواية: «فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل» أخرجه مسلم وأبو داود (1) .
6285 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا عطس غطى وجهه بيديه أو بثوبه وغض بها صوته» رواه الترمذي (2) وقال: حديث حسن صحيح وأحاديث العطاس والتثاؤب في الصلاة قد تقدمت (3) في كتاب الصلاة.
[38/37] باب ما جاء في إماطة الأذى عن الطريق والإصلاح بين الناس
6286 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمان بضع وستون أو سبعون شعبة: أدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأرفعها قول: لا إله إلا الله» أخرجاه (4) .
6287 - وعن أبي هريرة مرفوعًا «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخّره فشكر الله له فغفر له» أخرجاه (5) .
_________
(1) مسلم (4/2293) (2995) ، أبو داود (4/306) (5026) ، وابن حبان (6/124) (2360) ، وابن خزيمة (2/60) (919) .
(2) الترمذي (5/86) (2745) .
(3) تقدم باب حمد الله في العطاس وباب التثاؤب في الصلاة [4/102] .
(4) البخاري (1/12) (9) ولم يذكر موضع الشاهد، مسلم (1/63) (35) ، وأبو داود (4/219) (4676) ، والترمذي (5/10) (2614) ، والنسائي (8/110) ، وابن ماجه (1/22) (57) ، وأحمد (2/414، 445) .
(5) البخاري (1/233، 2/874) (624، 2340) ، مسلم (3/1521، 4/2021) (1914) ، وابن حبان (2/294، 295-296) (536، 537) ، والترمذي (4/341) (1958) ، وأحمد (2/521) .(4/2146)
6288 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «عرضت عليَّ أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها إماطة الأذى عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالهم النخامة تكون في المسجد لا تذفف» رواه مسلم وابن ماجة (1) .
6289 - وعن أبي برزة الأسلمي قال: «يا نبي الله! علمني شيئًا انتفع به فقال: أعدل الأذى عن الطريق للمسلمين» رواه مسلم (2) .
6290 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمل عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة» أخرجاه وأحمد (3) .
6291 - وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى، قال: إصلاح ذات البين، فإن إفساد ذات البين هي الحالقة» رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في "صحيحه" (4) ، وقال
_________
(1) مسلم (1/390) (553) ، ابن ماجه (2/1214) (3683) ، وابن حبان (4/519) (1641) ، وابن خزيمة (2/276) (1308) ، وأحمد (5/178، 180) .
(2) مسلم (4/2021-2022) (2618) ، ابن ماجه (2/1214) (3681) ، أحمد (4/420، 423) ، ابن حبان (2/298) (541) ، أبو يعلى (13/422) (7427) .
(3) البخاري (3/1090) (2827) ، مسلم (2/699) (1009) ، أحمد (2/350) .
(4) أبو داود (4/280) (4919) ، الترمذي (4/663) (2509) ، ابن حبان (11/489) (5092) .(4/2147)
الترمذي: حديث حسن صحيح، قال: ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين» .
قوله: «الأذى» هو كل ما يوضع في الطريق مما يؤذي المار. قوله: «على كل سلامي» السلامي واحد السلاميات، وهي مفاصل الأنامل، كذا في "غريب جامع الأصول" وتقدم أيضًا تفسير ذلك في صلاة الضحى.
[38/38] باب ما جاء من النهي عن الجلوس وسط الحلقة وفي الطرقات
6292 - عن حذيفة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن من جلس وسط الحلقة» رواه أبو داود (1) ، وقال حذيفة: «ملعون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - من جلس وسط الحلقة» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وللحاكم نحوه وقال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه، وأخرجه أحمد وأبو يعلى والضياء في المختارة (2) .
6293 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والجلوس بالطرقات، قالوا: يا رسول الله! مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، قال: فأما إذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» أخرجاه (3) .
[38/39] باب ما جاء في إفشاء السلام والمصافحة وتقبيل اليد
6294 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حق المسلم على المسلم
_________
(1) أبو داود (4/258) (4826) .
(2) الترمذي (5/90) (2753) ، الحاكم (4/314) ، أحمد (5/384، 398، 401) .
(3) تقدم برقم (3915) .(4/2148)
ست: إذا لقيه فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصحه، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه» رواه مسلم (1) .
6295 - وعن عبد الله بن عمرو «أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرئ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف» أخرجاه (2) .
6296 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء، إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم وأبو داود والترمذي (3) .
6297 - وعن عبد الله بن سلام قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلون الجنة بسلام» رواه الترمذي (4) ، وقال: حديث حسن صحيح.
6298 - وعن عمران بن حصين «أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليكم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عشر، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة
_________
(1) تقدم برقم (2295) .
(2) البخاري (1/13، 19، 5/2302) (12، 28، 5882) ، مسلم (1/65) (39) ، وهو عند ابن حبان (2/258) (505) ، وابن ماجه (2/1083) (3253) ، وأبي داود (4/350) (5194) ، والنسائي (8/107) ، وأحمد (2/169) .
(3) مسلم (1/74) (54) ، أبو داود (4/350) (5193) ، الترمذي (5/52) (2688) ، ابن حبان (1/471-472) (236) ، وابن ماجه (1/26، 2/1217) (68، 3692) ، وأحمد (2/391، 442، 477) .
(4) الترمذي (4/652) (2485) ، وابن ماجه (2/1083) (3251) ، وأحمد (5/451) .(4/2149)
الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ثلاثون» رواه الترمذي (1) وقال: حديث حسن صحيح غريب وأخرجه أبو داود (2) وزاد «ورد النبي - صلى الله عليه وسلم - السلام على كل واحد» .
6299 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل» رواه البزار وابن حبان في "صحيحه" (3) .
6300 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يسلم الصغير على الكبير والمار على القاعد، والقليل على الكثير» متفق عليه (4) ، وفي رواية لمسلم (5) : «والراكب على الماشي» .
6301 - وعن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تجزى الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزى عن الجماعة أن يرد أحدهم» رواه أحمد والبيهقي (6) .
6302 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «إن جبريل يقرأ عليكِ
_________
(1) الترمذي (5/52) (2689) .
(2) أبو داود (4/350) (5195) ، والنسائي في "الكبرى" (6/91) ، وأحمد (4/439) .
(3) ابن حبان (2/251) (498) .
(4) البخاري (5/2301، 2302) (5877، 5880) ، وأبو داود (4/351) (5198) ، والترمذي (5/62) (2704) ، وأحمد (2/314) .
(5) مسلم (4/1703) ، وهي عند البخاري (5/2301، 2302) (5878، 5879) ، وأبو داود (4/351) (5199) ، والترمذي (5/61) (2703) ، وأحمد (2/325) .
(6) البيهقي (9/48) ، وأبو داود (4/353) (5210) ، وأبو يعلى (1/345) (441) .(4/2150)
السلام، فقالت: وعليه السلام ورحمة الله» أخرجاه وأبو داود والترمذي (1) .
6303 - وعن البراء بن عازب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا» رواه أبو داود والترمذي (2) ، وقال: حسن غريب.
6304 - وعن أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده منه حتى يكون الرجل الذي ينزعها ولا يصرف وجه عن وجهه حتى يكون هو الذي يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له» رواه الترمذي (3) ، وقال: حديث حسن غريب، وفي نسخة حديث غريب.
_________
(1) البخاري (3/1374، 5/2291، 2307) (3557، 5848، 5898) ، مسلم (4/1895) (2447) ، أبو داود (4/359) (5232) ، الترمذي (5/55، 705) (2693، 3881) .
(2) أبو داود (4/354) (5212) ، الترمذي (5/74) (2727) .
(3) الترمذي (4/654) (2490) .(4/2151)
6305 - وعن سلمان الفارسي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المسلم إذا لقي المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما، كما تحات الورق عن الشجرة اليابسة في يوم عاصف إلا غفر لهما، ولو كانت ذنوبهما مثل زبد البحر» قال المنذري رواه الطبراني (1) بإسناد حسن.
6306 - وعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تمام التحية الأخذ باليد» رواه الترمذي (2) عن رجل لم يسمه عنه، وقال: حديث غريب.
6307 - وعن قتادة قال: قلت لأنس بن مالك: «أكانت المصافحة في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: نعم» رواه البخاري والترمذي (3) .
6308 - وفي الطبراني (4) عن أنس ورواته محتج بهم في الصحيح: «كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا» .
6309 - وعن عبد الله بن عمر وذكر قصة وفيها: «فدنونا من النبي - صلى الله عليه وسلم - فقبلنا يده» رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وقد تقدم (5) الحديث بقصته في باب ما جاء في تحريم الفرار من الزحف أول كتاب الجهاد.
6310 - وعن صفوان بن عسال: «أن يهوديين قبَّلا يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجليه» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه (6) .
6311 - وعن أنس قال: قال رجل: «يا رسول الله! الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه ينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم» رواه ابن ماجة والترمذي (7) ، وقال: حديث حسن.
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (6/256) (6150) .
(2) الترمذي (5/75) (2730) .
(3) البخاري (5/2311) (5908) ، الترمذي (5/75) (2729) ، وابن حبان (2/245) (492) ، وأبو يعلى (5/252) (2871) .
(4) الطبراني في "الأوسط" (1/37) (97) .
(5) تقدم برقم (5247) .
(6) النسائي (7/111) ، الترمذي (5/77، 305) (2733، 3144) ، وابن ماجه (2/1221) (3705) ، وأبو داود الطيالسي (1/160) (1164) .
(7) الترمذي (5/75) (2728) ، ابن ماجه (2/1220) (3702) ، أحمد (3/198) ، أبو يعلى (7/269) (4287) .(4/2152)
6312 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يسلم الرجل بإصبع واحدة يشير بها فعل اليهود» رواه أبو يعلى، قال المنذري: ورواته رواة الصحيح، وأخرجه الطبراني واللفظ له (1) .
6313 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالإصبع وإن تسليم النصارى بالأكف» رواه الترمذي وضعفه والطبراني (2) وقد تقدم أحاديث في كيفيه الرد على اليهود بالسلام والنهي عن بدايتهم في باب ما جاء في بدايتهم بالتحية وعيادتهم فلا نكرره.
6314 - وعن شهر بن حوشب أخبرته أسماء بنت يزيد قالت: «مر علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - في نسوة فسلم علينا» رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي (3) ، وقال: حسن وقال أحمد بن حنبل: لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب يعني هذا الحديث، وقال: محمد بن إسماعيل شهر حسن الحديث وقوى أمره.
6315 - وعن أنس قال: «مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على صبيان يلعبون فسلم عليهم، وقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله» أخرجاه والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح (4) .
_________
(1) أبو يعلى (3/397) (1875) ، الطبراني في "الأوسط" (4/361) .
(2) الترمذي (5/56) (2695) ، الطبراني في "الأوسط" (7/238) .
(3) أبو داود (4/352) (5204) ، ابن ماجه (2/1220) (3701) ، الترمذي (5/58) (2697) .
(4) البخاري (5/2306) (5893) ، مسلم (4/1708) (2168) ، الترمذي (5/57) (2696) .(4/2153)
6316 - وعن جابر بن سليم قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: عليك السلام، فقال: لا تقل: عليك السلام، ولكن قل: السلام عليكم» رواه أبو داود والنسائي والترمذي (1) ، وقال: حديث حسن صحيح.
6317 - وأخرجه الترمذي (2) عن رجل من الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن عليك السلام تحية الميت» .
[38/40] باب ما جاء في مرحبا
6318 - عن أم هاني قالت: «ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، فوجدته يغتسل وفاطمة تستره قالت: فسلمت فقال: من هذا؟ قلت: أم هاني، فقال: مرحبًا بأم هاني» أخرجاه (3) ، وقال الترمذي بعد إخراجه حديث صحيح.
6319 - وعن عكرمة بن أبي جهل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم جئته: «مرحبًا بالراكب المهاجر» رواه الترمذي (4) وضعف إسناده، وقال: وفي الباب عن بريدة وابن عباس وأبي جحيفة.
6320 - وعن ابن عباس قال: «لما قدم وفد عبد القيس على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مرحبًا بالوفد الذين جاءوا» أخرجه البخاري (5) .
_________
(1) انظر التخريج السابق.
(2) الترمذي (5/71) (2721) ، أحمد (3/482) .
(3) تقدم برقم (5366) .
(4) الترمذي (5/78) (2735) .
(5) بهذا اللفظ عند البخاري (5/2285، 6/2652) (5822، 6838) ، وقد تقدم الحديث برقم (5719) .(4/2154)
[38/41] باب ما جاء في الرفق والتأني والحلم وطلاقة الوجه
6321 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله» أخرجاه (1) ، ولمسلم (2) في رواية «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على سواه» .
6322 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه» رواه مسلم (3) .
6323 - وعن جرير بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من يحرم الرفق يحرم الخير» رواه مسلم وأبو داود (4) .
6324 - وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التأني من الله والعجلة من الشيطان» رواه أبو يعلى (5) ، قال المنذري: ورواته رواة الصحيح.
6325 - وعن ابن عباس قال: قال - صلى الله عليه وسلم - للأشج: «إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة» رواه مسلم (6) .
6326 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا حليم إلا
_________
(1) تقدم برقم (5428) .
(2) مسلم (4/2003) (2593) .
(3) مسلم (4/2004) (2594) .
(4) مسلم (4/2003) (2592) ، أبو داود (4/255) (4809) ، وابن حبان (2/308) (548) ، وابن ماجه (2/1216) (3687) ، وأحمد (4/362، 366) .
(5) أبو يعلى (7/247) (4256) .
(6) مسلم (1/48) (17) .(4/2155)
ذو عثرة، ولا حكيم إلا ذو تجربة» رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث غريب حسن وأخرجه الحاكم، وقال: صحيح ولم يخرجاه (1) .
6327 - وعن أنس قال: «كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجذبه بردائه جذبة شديدة، فنظرت إلى صفحة عنق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أثرتها حاشية الرداء من شدة جذبة، ثم قال: يا محمد! مُر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحك، ثم أمر له بعطاء» أخرجاه (2) .
6328 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحقرن من المعروف شيئًا ولا أن تلقى أخاك بوجه طلق» رواه أحمد ومسلم (3) .
6329 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تبسمك في وجه أخيك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة، وبصرك الرجل الردي البصر صدقة، وإماطة الحجر والشوك والعظم عن الطريق صدقة» رواه الترمذي وحسنه ابن حبان في "صحيحه" (4) .
6330 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الكلمة الطيبة صدقة»
_________
(1) أحمد (3/8، 69) ، الترمذي (4/379) (2033) ، الحاكم (4/326) ، وابن حبان (1/421) (193) .
(2) البخاري (3/1148، 5/2188، 2260) (2980، 5472، 5738) ، مسلم (2/730) (1057) .
(3) أحمد (5/173) ، مسلم (4/2026) (2626) .
(4) الترمذي (4/339) (1956) ، ابن حبان (2/221) (474) .(4/2156)
أخرجاه (1) .
[38/42] باب ما جاء في الحياء وحسن الخلق
6331 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحياء من الإيمان» أخرجاه والترمذي والنسائي (2) .
6332 - وعن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحياء لا يأتي إلا بخير» أخرجاه (3) ، وفي رواية لمسلم (4) : «الحياء خير كله» .
6333 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحياء شعبة من الإيمان» أخرجاه (5) .
6334 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحياء والإيمان قرناء جميعًا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر» رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين (6) .
6335 - وعن أبي مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت» رواه البخاري، وأبو داود (7) .
_________
(1) تقدم قريبًا برقم (6294) .
(2) البخاري (1/17، 5/2268) (24، 5767) ، مسلم (1/63) (36) ، والترمذي (5/11) (2615) ، والنسائي (8/121) ، وأبو داود (4/252) (4795) .
(3) البخاري (5/2267) (5766) ، مسلم (1/64) (37) .
(4) مسلم (1/64) (37) .
(5) تقدم برقم (6290) .
(6) الحاكم (1/73) .
(7) البخاري (3/1284، 5/2268) (3296، 5769) ، أبو داود (4/252) (4797) ، وابن حبان (2/371) (607) ، وابن ماجه (2/1400) (4183) .(4/2157)
6336 - وعن النواس بن سمعان قال: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البر والإثم فقال: البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس» رواه مسلم والترمذي (1) .
6337 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشًا، ولا متفحشًا، وكان يقول: إن خياركم أحسنكم أخلاقًا» أخرجاه والترمذي (2) .
6338 - وعن قطبة بن مالك قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء والأدواء» أخرجه الترمذي وصححه الحاكم واللفظ له (3) .
6339 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده فتخلفه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وقد تقدم (4) قريبًا وقال الحافظ: رواه الترمذي بسند ضعيف.
6340 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خصلتان لا يجتمعان في مؤمن: البخل وسوء الخلق» رواه الترمذي (5) وفي إسناده ضعف.
6341 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الشؤم سوء الخلق»
_________
(1) مسلم (4/1980) (2553) ، الترمذي (4/597) (2389) ، وأحمد (4/182) ، وابن حبان (2/123) (397) .
(2) البخاري (3/1305، 1372) (3366، 3549) ، مسلم (4/1810) (2321) ، الترمذي (4/349) (1975) .
(3) الترمذي (5/575) (3591) ، الحاكم (1/714) ، ابن حبان (3/240) (960) .
(4) تقدم برقم (6161) .
(5) تقدم برقم (6196) .(4/2158)
رواه أحمد (1) وفي إسناده ضعف.
6342 - وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق» رواه أبو داود والترمذي وصححه (2) .
6343 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» رواه الترمذي (3) ، وقال: حديث حسن صحيح.
6344 - وأخرج (4) نحوه من حديث معاذ بن جبل.
6345 - وعن أبي هريرة قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: تقوى الله وحسن الخلق» رواه الترمذي وقال: حديث صحيح غريب وصححه الحاكم (5) .
6346 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم لا تسعون الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق» رواه أبو يعلى وصححه الحاكم (6) .
_________
(1) أحمد (6/85) .
(2) أبو داود (4/253) (4799) ، الترمذي (4/362، 363) (2002، 2003) ، وأحمد (6/442) ، وابن حبان (2/230) (481) .
(3) الترمذي (4/355) (1987) ، والحاكم (1/121) ، والدارمي (2/415) (2791) ، وأحمد (5/153، 158، 177) .
(4) الترمذي (4/355) تحت الحديث (1987) ، وأحمد (5/228) .
(5) الترمذي (4/363) (2004) ، الحاكم (4/360) ، ابن حبان (2/224) (476) .
(6) أبو يعلى (11/428) (6550) ، الحاكم (1/212) .(4/2159)
6347 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا وألطفهم بأهله» رواه الترمذي، وقال: حسن والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما (1) .
6348 - وعنها قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" والحاكم وقال: صحيح على شرطهما (2) .
[38/43] باب النهي عن إقامة الرجل من مجلسه والقعود فيه إلا بإذنه
6349 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا» أخرجاه (3) ، وفي رواية لأبي داود (4) «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام له رجل عن مجلسه فذهب ليجلس فيه فنهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» .
6350 - وعن جابر قال: «كنا إذا أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس أحدنا حيث ينتهي» رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في "صحيحه" (5) .
_________
(1) الترمذي (5/9) (2612) ، الحاكم (1/119) ، والنسائي في "الكبرى" (5/364) ، وأحمد (6/99) .
(2) أبو داود (4/252) (4798) ، ابن حبان (2/228-229) (480) ، الحاكم (1/128) .
(3) البخاري (5/2313) (5914، 5915) ، مسلم (4/1714) (2177) .
(4) أبو داود (4/258) (4828) .
(5) أبو داود (4/258) (4825) ، الترمذي (5/73) (2725) ، ابن حبان (14/345) (6433) عن جابر بن سمرة.(4/2160)
6351 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما» رواه أبو داود والترمذي (1) ، وقال: حديث حسن وفي نسخة صحيح، وفي رواية لأبي داود (2) : «ولا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما» .
6352 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به» رواه مسلم وأبو داود (3) .
6353 - وعن وهب بن حذيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرجل أحق بمجلسه فإذا خرج لحاجته ثم رجع فهو أحق بمجلسه» رواه الترمذي وصححه، وابن حبان في "صحيحه" (4) . وحديث حذيفة وحديث أبي هريرة قد تقدمت (5) في باب ما جاء أن الرجل أحق بمجلسه والنهي عن تخطي رقاب الناس من أبواب الجمعة.
[38/44] باب ما جاء من النهي عن القيام للداخل
6354 - عن أنس قال: «لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك» أخرجه الترمذي وقال:
_________
(1) أبو داود (4/262) (4845) ، الترمذي (5/89) (2752) .
(2) أبو داود (4/262) (4844) .
(3) مسلم (4/1715) (2179) ، أبو داود (4/264) (4853) .
(4) الترمذي (5/89) (2751) .
(5) تقدم هذا الباب [4/236] .(4/2161)
حديث حسن صحيح غريب (1) .
6355 - وعن أبي أمامة قال: «خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوكيًا على عصا فقمنا إليه فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا» أخرجه أبو داود وابن ماجة (2) ، وفي إسناده أبو غالب واسمه حزوّر وفيه مقال، وقال في "ذيل الجامع الصغير" أخرجه أحمد وأبو داود ورمز لصحته، وقال المنذري: إسناده حسن وأبو غالب فيه كلام والغالب عليه التوثيق، وقد صحح له الترمذي وغيره.
6356 - وعن معاوية قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أحب أن يمثل له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار» رواه أحمد وأبو داود (3) ، قال المنذري: بإسناد صحيح، وأخرجه الترمذي (4) بلفظ: «من سره أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعده من النار» وقال هذا حديث حسن.
[38/45] باب ما جاء في التطاول في البنيان
6357 - عن عمر بن الخطاب قال: «بينا نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام؟ فقال رسول الله
_________
(1) الترمذي (5/90) (2754) .
(2) أبو داود (4/358) (5230) ، ابن ماجه (2/1261) (3836) .
(3) أحمد (4/91) ، أبو داود (4/358) (5226) .
(4) الترمذي (5/90) (2755) ، وأحمد (4/100) .(4/2162)
- صلى الله عليه وسلم -: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا، قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمر بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن إماراتها؟ قال: أن تلد الأَمَة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعي الشاء يتطاولون في البنيان، ثم انطلق فلبث مليًا، ثم قال: يا عمر! أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» أخرجه مسلم (1) .
6358 - وللبخاري (2) نحوه من حديث أبي هريرة، ولأبي داود والترمذي (3) نحوه من حديث عمر أيضًا.
6359 - وعن أنس مرفوعًا قال: «من بنى فوق عشرة أذرع ناداه منادٍ من السماء يا عدو الله إلى أين تريد» رواه الطبراني في "الكبير" (4) ، وفي إسناده الربيع بن سليمان الجيزي، أورده الذهبي في ذيل الضعفاء، وقال: قال أبو عمر الكندي كان فقيهًا ديَّنًا رأى عبد الله بن وهب، ولم يتيقن السماع منه ووثقه غيره وعزاه في
_________
(1) مسلم (1/36-38) (8) .
(2) البخاري (1/27، 4/1793) (50، 4499) ، ومسلم (1/39، 40) (9، 10) من حديث أبي هريرة.
(3) ومعناه لأبي داود (4/223) (4695) ، والترمذي (5/6) (2610) من حديث ابن عمر.
(4) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3/75) من طريق الطبراني، وانظر "الضعيفة" للألباني (174) .(4/2163)
تمييز الطيب من الخبيث إلى أبي داود، ولم أجده في سنن أبي داود.
6360 - وعن أنس قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا ونحن معه فرأى قبة مشرقة فقال: ما هذه؟ قال أصحابه: هذه لفلان رجل من الأنصار، فسكت وحملها في نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلم عليه في الناس فأعرض عنه صنع ذلك مرارًا حتى عرف الرجل الغضب فيه والإعراض عنه فشكا ذلك إلى أصحابه فقال: والله إني لأنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: خرج فرأى قبتك، فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فلم يرها، فقال: ما فعلت القبة، قالوا: شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها، فقال: أما إن كل بناء وبال على صحابه إلا مالًا إلا مالًا» رواه أبو داود واللفظ له وابن ماجة مختصرًا ورواه الطبراني مختصرًا (1) بإسناد جيد.
قوله: «إلا مالًا» أي: إلا ما لا بد للإنسان منه مما يستره من الحر والبرد والسباع ونحو ذلك.
6361 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «النفقة كلها في سبيل الله إلا البناء فلا خير فيه» أخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب (2) .
6362 - وعن وائلة بن الأسقع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل بناء وبال على صاحبه إلا ما كان هكذا، وأشار بكفيه وكل علم وبال على صاحبه إلا ما عمل
_________
(1) أبو داود (4/360) (5237) ، وأخرجه مختصرًا ابن ماجه (2/1393) (4161) ، والطبراني في "الأوسط" (3/259) ، وأبو يعلى (7/308-309) (4347) .
(2) الترمذي (4/651) (2482) ، وابن عدي في "الكامل" (3/233) .(4/2164)
به» رواه الطبراني (1) وله شوهد.
6363 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد الله بعبد شرًا خضر له في اللبن والطين حتى يبني» رواه الطبراني (2) ، قال المنذري: بإسناد جيد.
6364 - وعن أبي العالية «أن العباس بن عبد المطلب بنى غرفة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اهدمها أو تصدق بثمنها، قال: أهدمها» رواه أبو داود في "المراسيل" والطبراني في "الكبير" (3) ، واللفظ له، قال المنذري: وهو مرسل جيد الإسناد.
6365 - وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل معروف صدقة، وما أنفق الرجل على أهله كتب له صدقة، وما وقى المرء به عرضه كتب له صدقة، وما أنفق المؤمن من نفقة فإن خلفها على الله، والله ضامن إلا ما كان في بنيان أو معصية» رواه الدارقطني والحاكم وقال: صحيح الإسناد (4) .
6366 - وعن حارثة بن مضرب عن خباب مرفوعًا: «يؤجر الرجل في نفقته كلها إلا في التراب أو قال في البناء» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح (5) .
6367 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أطين حائطًا لي برحض فقال: ما هذا يا عبد الله؟ قلت: حائطًا أصلحه يا رسول
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (22/55) (131) .
(2) الطبراني في "الصغير" (2/258) ، و"الكبير" (2/185) ، و"الأوسط" (9/145) .
(3) أبو داود في "المراسيل" (ص: 340-341) (495) .
(4) الدارقطني (3/28) ، الحاكم (2/57) ، البيهقي (10/242) ، أبو يعلى (4/36) (2040) ،
(5) الترمذي (4/651) (2483) .(4/2165)
الله، قال: الأمر أسرع من ذلك» أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح (1) .
قوله: «ربتها» قال في "غريب الجامع" ربتها، وربها الرب السيد المالك، والصاحب والمدبر، والمربي والمولى، والمراد في الحديث السيد والمولى، وهي الأَمَة تلد الرجل فيكون ابنها مولى لها، وكذلك ابنتها؛ لأنهما في الحسب كأبيهما والمراد أن السبي يكثر والنعمة تفشو في الناس. قوله: «العالة» هم الفقراء جمع عايل. قوله: «رعا الشاء» جمع راع، والشاء جمع شاة. قوله: «خضر له» أي زين له وهو بالخاء والضاد المعجمتين.
[38/46] باب ما جاء في قطع السدر
6368 - عن عبد الله بن حبشي (2) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قطع سدرة صوّب الله رأسه في النار» رواه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري، ولا بأس بإسناده، وأخرجه الطبراني (4) ، وقال: يعني من سدر الحرم، وقال في "مجمع الزوائد" رجاله ثقات.
6369 - وعن معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قاطع السدر يضرب رأسه في النار» رواه الدارقطني (5) ، قال المناوي: إسناده حسن.
_________
(1) الترمذي (4/568) (2335) ، وهو عند أبي داود (4/360) (5235، 5236) ، وابن ماجه (2/1393) (4160) ، وابن حبان (7/262) (2996) .
(2) عبد الله بن حبشي بضم المهملة وسكون الموحدة بعده شين معجمة، ثم ياء ثقيلة هو ابن قتيلة الخثعمي صحابي نزيل مكة له هذا الحديث رحمه الله.
(3) أبو داود (4/361) (5239) ، والنسائي في "الكبرى" (5/182) ، البيهقي (6/139) .
(4) الطبراني في "الأوسط" (3/50) .
(5) لم نجده، وهو عند البيهقي (6/141) من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.(4/2166)
6370 - وعن عروة بن الزبير مرفوعًا نحوه رواه أبو داود (1) مرسلًا.
و «السدر» شجر النبق الواحدة سدرة، وقيل هو السمر، قيل: أراد سدر مكة؛ لأنه حرم، وقيل: سدر المدينة وقيل: أراد السدر الذي يستظل تحته ابن السبيل والبهائم.
[38/47] باب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
6371 - عن أبي سعيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم والترمذي (2) والنسائي (3) بلفظ: «من رأى منكم منكرًا فغيره فقد برئ ومن لم يستطع أن يغيره بيده فغيره بلسانه فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بلسانه فغيره بقلبه فقد برئ وذلك أضعف الإيمان» .
6372 - وعن عبادة بن الصامت قال: «بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان وعلى أن نقول الحق أينما كان لا نخاف في الله لومة لائم» رواه البخاري ومسلم (4) .
_________
(1) أبو داود (4/361) (5241) .
(2) تقدم برقم (2025) .
(3) بهذا اللفظ عند النسائي (8/112) .
(4) تقدم الحديث برقم (4809) ، لكنه بهذا اللفظ عند البخاري (6/2633) (6774) ، مسلم (3/1470) (1709) .(4/2167)
6373 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر أو أمير خائن» رواه أبو داود واللفظ له والترمذي، وقال: حديث حسن غريب (1) .
6374 - وعن أبي ذر «أن ناسًا قالوا: يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: أليس قد جعل الله لكم ما تتصدقون به إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بمعروف ونهي عن المنكر صدقة» رواه مسلم وغيره (2) .
6375 - وعن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» رواه مسلم (3) .
6376 - وعن زينب بنت جحش أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ويلٌ للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بين إصبعيه الإبهام والتي تليها، فقلت: يا رسول الله! نهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر
_________
(1) أبو داود (4/124) (4344) ، الترمذي (4/471) (2174) .
(2) مسلم (2/697) (1006) ، وابن حبان (3/119) (838) ، وأبو داود (2/81) (1504) .
(3) مسلم (1/69) (50) ، وابن حبان (14/71) (6193) .(4/2168)
الخبث» أخرجاه (1) .
6377 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله إذا انزل سطوته بأهل نقمته وفيهم الصالحون فيصيبون معهم ثم يبعثونهم على نياتهم» رواه ابن حبان في "صحيحه" (2) .
6378 - وعن حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن (3) .
6379 - وعن جرير بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على أن يغيروا عليه ولا يغيرون إلا أصابهم الله منه بعقاب قبل أن يموتوا» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" (4) .
6380 - وعن سهل بن حنيف عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أذل عنده مؤمن فلم ينصره، وهو قادر على نصره أذله الله على رءوس الخلائق يوم القيامة» رواه أحمد والطبراني (5) ، ورجاله ثقات إلا ابن لهيعة، وفيه مقال وأحاديث الباب تشهد له.
_________
(1) البخاري (3/1221، 1317، 6/2589، 2609) (3168، 3403، 6650، 6716) ، مسلم (4/2207، 2208) (2880) .
(2) ابن حبان (16/305) (7314) .
(3) الترمذي (4/468) (2169) .
(4) أبو داود (4/122) (4339) ، ابن حبان (1/536، 537) (300، 302) .
(5) أحمد (3/487) ، الطبراني في "الكبير" (6/73) .(4/2169)
6381 - وعن أبي بكر الصديق قال: «أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ)) [المائدة:105] وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أُوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده» رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح والنسائي وابن حبان في "صحيحه" (1) .
6382 - وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منهم» رواه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد (2) .
6383 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر» رواه الترمذي، وابن حبان في "صحيحه" (3) .
6384 - وعن عائشة قالت: «خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فحمد الله وأنثى عليه، وقال: يا أيها الناس إن الله يقول لكم مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أُجيب لكم وتسألوني فلا أُعطيكم وتستنصروني فلا أنصركم، فما زاد عليهن حتى نزل» رواه ابن ماجة وابن حبان في "صحيحه" (4) .
_________
(1) أبو داود (4/122) (4338) ، ابن ماجه (2/1327) (4005) ، الترمذي (4/467، 5/256) (2168، 3057) ، النسائي في "الكبرى" (6/338) (11157) ، ابن حبان (1/540) (305) ، وأحمد في أول حديث من "مسنده" (1/2، 5، 7) ، وأبو يعلى (1/118) (128) .
(2) الحاكم (4/108) ، أحمد (2/163، 189، 190) .
(3) الترمذي (4/322) (1921) ، ابن حبان (2/203، 211) (458، 464) .
(4) ابن ماجه (2/1327) (4004) ، ابن حبان (1/526) (290) ، أحمد (6/159) .(4/2170)
6385 - وعن أسامة بن زيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلفي في النار فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان! ما لك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فيقول: بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه» أخرجاه (1) .
6386 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مررت ليلة أسري بي بقوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، فقلتُ: يا جبريل من هؤلاء، قال: هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يعملون» رواه الترمذي (2) ، وقال: حديث حسن غريب، وذكر هذا الحديث صاحب "جامع الأصول" في كتاب الرياء من حديث أسامة بن زيد مرفوعًا، وقال: أخرجه مسلم وأخرج البخاري نحوه، وقال: يقولون ما لا يفعلون وعزاه أيضًا إليهما المنذري في "ترغيبه وترهيبه".
[38/48] باب ما جاء من الوعيد على فعل المحرمات
6387 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله تعالى يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه» أخرجاه (3) .
6388 - وعن ثوبان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لأعلمنَّ أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباءً منثورًا، قال
_________
(1) البخاري (6/2600) (6685) ، مسلم (4/2290) (2989) .
(2) وأبو يعلى (7/69) (3992) ، وأحمد (3/180) ، وأبو نعيم في "الحلية" (2/386، 6/249) ، والبيهقي في "الشعب" (2/283) (1773) ، وعبد بن حميد (1/367) (1222) ، والطبراني في "الأوسط" (1/121) .
(3) البخاري (5/2002) (4925) ، مسلم (4/2114) (2761) .(4/2171)
ثوبان: يا رسول الله! صفهم لنا؟ قال: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها» رواه ابن ماجة (1) ، قال المنذري: وإسناده ثقات، وفي الباب أحاديث واسعة.
[38/49] باب جامع في أحاديث متفرقة
6389 - عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله» أخرجه الترمذي (2) وحسنه، قال في "بلوغ المرام": وسنده منقطع.
6390 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله» أخرجه مسلم وأحمد والترمذي وصححه (3) ، وعزاه في "بلوغ المرام" إلى البخاري ومسلم.
6391 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه» أخرجه مسلم (4) وللبخاري (5) معناه.
_________
(1) ابن ماجه (2/1418) (4245) .
(2) الترمذي (4/661) (2505) .
(3) مسلم (4/2275) (2963) ، أحمد (2/254، 481) ، الترمذي (4/665) (2513) ، وابن ماجه (2/1387) (4142) ، وابن حبان (2/490) (713) .
(4) مسلم (4/1718) (2184) .
(5) وللبخاري نحوه (5/2319) (5932) .(4/2172)
6392 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والظن (1) فإن الظن أكذب الحديث» أخرجاه (2) .
6393 - وعن جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهو أمانة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن وأخرجه الضياء في المختارة (3) .
6394 - وعن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه قالوا: كيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب (4) .
6395 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس» رواه البزار بإسناد حسن.
6396 - وعن أبي (5) مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من دل على خيرٍ، فله مثل أجر فاعله» رواه مسلم (6) .
_________
(1) قوله: (إياكم والظن) أي: الظن السوء، تمت مؤلف رحمه الله.
(2) تقدم برقم (6105) .
(3) أحمد (3/324، 379، 394) ، أبو داود (4/267) (4868) ، الترمذي (4/341) (1959) ، أبو يعلى (4/148) (2212) .
(4) الترمذي (4/522) (2254) ، وابن ماجه (2/1332) (4016) ، وأحمد (5/405) .
(5) أبو مسعود البدري اسمه عقبة بن عامر، وأخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، تمت مؤلف رحمه الله.
(6) مسلم (3/1506) (1893) ، وابن حبان (1/525، 4/554) (289، 1668) ، وأبو داود = = (4/333) (5129) ، والترمذي (5/41) (2671) ، وأحمد (4/120، 5/272، 273) .(4/2173)
6397 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من استعاذكم بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له» رواه البيهقي، وسكت عنه في "بلوغ المرام"، وقد أخرجه أبو داود وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه (1) وفيه زيادة: «ومن استجار بالله فأجيروه» .
6398 - وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قيل: يا رسول الله! نصرته مظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: تكفه عن الظلم فذلك نصرك إياه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرج البخاري (2) بمعناه.
6399 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المستشار مؤتمن» رواه الترمذي، وقال: حديث صحيح، وفي نسخة: حديث حسن، وأخرجه أحمد وبقية أهل السنن (3) .
[38/50] باب في ثواب من ذهب بصره فصبر
6400 - عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ثم صبر عوضته بهما الجنة يريد عينيه» رواه البخاري (4) ، وفي رواية
_________
(1) تقدم برقم (2581) .
(2) البخاري (2/863، 6/2550) (2311، 2312، 6552) ، الترمذي (4/523) (2255) .
(3) الترمذي (5/125) (2822) ، أبو داود (4/333) (5128) ، ابن ماجه (2/1233) (3745) .
(4) البخاري (5/2140) (5329) .(4/2174)
الترمذي (1) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يقول: إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة» وقال الترمذي: حسن غريب.
6401 - وعن أبي هريرة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله عز وجل من أذهبت حبيبتيه، فصبر واحتسب لم أرض له ثوابًا دون الجنة» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح (2) .
[38/51] باب الزهد
6402 - عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «وأهوى النعمان بإصبعه إلى أُذنيه: إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه، وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحماء يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» أخرجاه (3) .
6403 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تعس عبد الدينار والدرهم، والقطيعة إن أُعطي رضي، وإن لم يُعط لم يرض» رواه البخاري (4) .
_________
(1) الترمذي (4/602) (2400) .
(2) الترمذي (4/603) (2401) .
(3) البخاري (1/28، 2/823) (52، 1946) ، مسلم (3/1219) (1599) ، وهو بمعناه عند أبي داود (3/243) (3329، 3330) ، والترمذي (3/511) (1205) ، والنسائي (7/241-242) ، وابن ماجه (2/1318) (3984) ، وأحمد (4/269) .
(4) البخاري (3/1057، 5/2364) (2730، 6071) ، وابن حبان (8/12) (3218) ، وابن ماجه (2/1385) (4135) .(4/2175)
6404 - وعن ابن عمر قال: «أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لسقمك ومن حياتك لموتك» رواه البخاري (1) .
6405 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تشبه بقوم فهو منهم» أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان (2) .
6406 - وعن ابن عباس قال: «كنت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقال: يا غلام! احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله» رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح (3) .
6407 - وعن سهل بن سعد قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! دلني على عمل إذا عملته أحبني الله، وأحبني الناس، قال: ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس» رواه ابن ماجة والحاكم (4) ، وقال: صحيح الإسناد، وحسن إسناده النووي والعراقي، وقال في "بلوغ المرام": سنده حسن.
6408 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله
_________
(1) البخاري (5/2358) (6053) ، وابن حبان (2/471) (698) .
(2) أبو داود (4/44) (4031) .
(3) الترمذي (4/667) (2516) ، والحاكم (3/624) ، وأبو يعلى (4/430) (2556) ، وأحمد (1/293، 303، 307) .
(4) ابن ماجه (2/1373) (4102) ، الحاكم (4/348) .(4/2176)
يحب العبد التقي الغني الحفي» رواه مسلم (1) .
6409 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» رواه الترمذي (2) ، وقال: غريب، وقد تقدم الكلام عليه في حسن الصمت.
6410 - وعن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًا من بطن» رواه الترمذي وحسنه (3) .
6411 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل بني آدم خطاءون، وخير الخطائين التوابون» رواه الترمذي وابن ماجة (4) ، وقال في "بلوغ المرام": سنده قوي.
[38/52] باب ما جاء في التواضع والاستعانة بالله وكراهة التمني بلو
وما جاء في النصيحة والصبر على الأذى
6412 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تعاظم في نفسه واختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان» أخرجه الحاكم (5) ورجاله ثقات.
6413 - وعن عياض بن حمار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله أوحى إليَّ
_________
(1) مسلم (4/2277) (2965) .
(2) تقدم برقم (6115) .
(3) تقدم برقم (5773) .
(4) تقدم برقم (6118) .
(5) الحاكم (1/128) ، أحمد (2/118) .(4/2177)
أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد» رواه مسلم (1) .
6414 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما نقص مالٌ من صدقة وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» أخرجه مسلم (2) .
6415 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان» رواه مسلم (3) .
6416 - وعن تميم الداري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة ثلاثًا قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم (4) .
6417 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن مرآة أخيه
_________
(1) تقدم برقم (6141) .
(2) تقدم برقم (4769) .
(3) مسلم (4/2052) (2664) ، وابن حبان (13/29) (5722) ، وابن ماجه (1/31، 2/1395) (79، 4168) ، والنسائي في "الكبرى" (6/159، 160) ، وأبو يعلى (11/124) (6251) .
(4) مسلم (1/74) (55) ، وهو عند أبي داود (4/286) (4944) ، والنسائي (7/156) ، وأحمد (4/102) ، وابن حبان (10/435) (4576) ، وأبي يعلى (13/100) (7164) ، والشافعي (1/233) .(4/2178)
المؤمن» رواه أبو داود (1) ، قال في "بلوغ المرام": بإسناد حسن.
6418 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خيرٌ من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم» رواه ابن ماجة (2) ، قال الحافظ: بإسناد حسن وهو عند الترمذي (3) إلا أنه لم يسم الصحابي.
6419 - وعن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كظم غيظًا وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره في أي الحور شاء» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه أبو داود وابن ماجة (4) ، وسهل بن معاذ فيه مقال.
[38/53] باب ما جاء في فضل العلم وحملته
6420 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» أخرجه ابن ماجة وابن عبد البر في العلم له (5) ، وإسناده ضعيف جدًا، ولكن له شواهد قوية، وروي عن عشرين تابعيًا عن أنس وأطال الكلام فيه العراقي في تخريجه الكبير للإحياء، وقال البيهقي: متنه مشهور وإسناده ضعيف، وقال
_________
(1) أبو داود (4/280) (4918) .
(2) ابن ماجه (2/1338) (4032) .
(3) الترمذي (4/662) (2507) .
(4) الترمذي (4/372، 2493) (2021، 2493) ، أبو داود (4/248) (4777) ، ابن ماجه (2/1400) (4186) ، وهو عند أبي يعلى (3/66) (1497) ، وأحمد (3/440) .
(5) ابن ماجه (1/81) (224) ، وهو عند أبي يعلى (5/223) (2837) .(4/2179)
العراقي: قد صحح بعض الأئمة بعض طرقه، وقال المزي: إن طرقه تبلغ به رتبة الحسن، وقال ابن القطان: إنه غريب حسن الإسناد، وقيل في معناه: إنه صحيح في الوضوء والصلاة والزكاة لمن كان له مال، وكذا في الحج وغيره، وقال البيهقي في المدخل: أراد -والله اعلم- العلم العام الذي لا يسع البالغ العاقل جهله أو علم ما يطرأ له خاصة أو أراد أنه فريضة على كل مسلم حتى يقوم به من الكفاية وسأل عنه ابن المبارك، فقال: ليس هو الذي يظنون إنما طلب العلم أن يقع الرجل في شيء من أمر دينه فيسأل عنه حتى يعلمه.
6421 - وعن معاوية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين» أخرجاه (1) .
6422 - وأخرجه الترمذي (2) من حديث ابن عباس بهذا اللفظ، وقال: حديث حسن صحيح.
6423 - وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا فقهه في الدين وألهمه رشده» قال المنذري: رواه البزار، والطبراني في "الكبير" (3) بإسناد لا بأس به.
6424 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل العبادة الفقه
_________
(1) البخاري (1/39، 3/1134، 6/2667) (71، 2948، 6882) ، مسلم (2/718، 719، 3/1524) (1037) ، وهو عند أحمد (4/92) ، وأبي يعلى (13/371) (7381) ، والدارمي (1/85) (224) ، وابن أبي شيبة (6/240) .
(2) الترمذي (5/28) (2645) ، وهو عند أحمد (1/306) ، والدارمي (2/385) (2706) .
(3) البزار (5/117) (1700) .(4/2180)
وأفضل الدين الورع» رواه الطبراني في معاجيمه الثلاثة (1) ، وفي إسناده محمد بن أبي ليلى.
6425 - وعن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فضل العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع» رواه الطبراني في "الأوسط" والبزار (2) بإسناد حسن.
6426 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من نفس عن مؤمنٍ كربةً من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومن سلك طريقًا يلتمس فيها علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيوت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا حفتهم الملائكة، ونزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكر الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم، وقال: على شرطهما (3) .
6427 - وعن أبي الدرداء قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من سلك
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (9/107) (9264) ، و"الصغير" (2/251) (1114) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (4/197) ، البزار (7/371) (2969) ، وهو عند الحاكم (1/171) ، وابن عدي في "الكامل" (4/197) .
(3) مسلم (4/2074) (2699) ، أبو داود (4/287) (4946) ، الترمذي (4/34، 326) (1425، 1930) ، النسائي في "الكبرى" (4/308، 309) ، الحاكم (4/425) ، وهو عند ابن ماجه (1/82) (225) ، وأحمد (2/252، 500، 514) .(4/2181)
طريقًا يلتمس فيها علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا لما يصنع، وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العبد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذه بحظ وافر» رواه أبو داود والترمذي، وابن ماجة وابن حبان في "صحيحه" (1) ، وقال الترمذي: ليس إسناده عندي بمتصل.
6428 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٌ صالح يدعو له» رواه مسلم وغيره (2) .
6429 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علمًا علمه ونشره وولدًا صالحًا تركه أو مصحفًا ورثه أو مسجدًا بناه أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته تلحقه من بعد موته» رواه ابن ماجة بإسناد حسن والبيهقي ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" بنحوه (3) .
6430 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من دعا إلى هدى كان
_________
(1) أبو داود (3/317) (3641) ، الترمذي (5/48) (2682) ، ابن ماجه (1/81) (223) ، ابن حبان (1/289-290) (88) ، وهو عند الدارمي (1/110) (342) ، وأحمد (5/196) .
(2) تقدم برقم (2381، 4053) .
(3) ابن ماجه (1/88) (242) ، البيهقي في "الشعب" (3/247-248) (3448) ، وهو عند ابن خزيمة بمعناه (4/121) (2490) .(4/2182)
له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئًا» رواه مسلم والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود (1) .
6431 - وعن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سنّ سنة خير فاتبع عليها فله أجره، ومثل أجور من تبعه غير منقوص من أجورهم شيئًا ومن سن سنة شر فاتبع عليها كان عليه وزرها، ومثل أوزار من تبعه غير منقوص من أوزارهم شيئًا» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه مسلم بنحوه (2) .
6432 - وعن أبي أمامة قال: «ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان أحدهما عابد والآخر عالم، فقال عليه أفضل الصلاة والسلام: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس للخير» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح (3) .
_________
(1) مسلم (4/2060) (2674) ، الترمذي (5/43) (2674) ، أبو داود (4/201) (4609) ، وهو عند ابن ماجه (1/75) (206) ، والدارمي (1/141) (513) ، وأحمد (2/397) ، وابن حبان (1/318) (112) ، وأبي يعلى (11/373) (6489) .
(2) الترمذي (5/43) (2675) ، وهو عند مسلم بمعناه (4/2059) (1017) ، وابن خزيمة (4/112) (2477) ، وابن ماجه (1/74) (203) ، والدارمي (1/140، 141) (512، 514) ، وابن أبي شيبة (2/350) ، والحميدي (2/352) (805) ، وأحمد (4/360، 361) .
(3) الترمذي (5/50) (2685) .(4/2183)
6433 - وعن زر بن حبيش قال: أتيت صفوان بن عسال المرادي قلت: أطلب العلم، قال: أبشر فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من خارج يخرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضًا بما يصنع» رواه الترمذي وصححه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم (1) ، وقال: صحيح الإسناد.
6434 - وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن (2) .
6435 - وعن ابن مسعود قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: نضر الله امرأً سمع منا شيئًا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع» رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في "صحيحه" (3) إلا أنه قال: «رحم الله امرأً» وقال الترمذي: حسن صحيح.
6436 - وعن زيد بن ثابت قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «نصر الله امرأً سمع منا حديثًا فبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه» رواه ابن حبان في "صحيحه"، ورواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة (4) .
_________
(1) الترمذي (5/546) (3536) ، ابن حبان (1/285، 4/155) (85، 1325) ، الحاكم (1/181) ، وهو عند ابن ماجه (1/82) (226) ، وابن خزيمة (1/97) ، والدارقطني (1/196) ، والبيهقي (1/281) ، والنسائي (1/98) بألفاظ مختلفة وللحديث قصة.
(2) الترمذي (5/29) (2647) ، وهو عند الطبراني في الصغير (1/234) (380) .
(3) الترمذي (5/34) (2657) ، ابن حبان (1/268، 271) (66، 68، 69) ، وهو عند أحمد (1/436) (4157) ، وأبي يعلى (9/198) (5296) ، وابن ماجه (1/85) (232) .
(4) ابن حبان (1/270) (67) ، أبو داود (3/322) (3660) ، الترمذي (5/33) (2656) ، النسائي في "الكبرى" (3/431) ، ابن ماجه (1/84) (230) ، وهو عند أحمد (5/183) .(4/2184)
6437 - وعن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين» رواه ابن عدي والبيهقي وأبو نعيم وابن عبد البر (1) ، قال القسطلاني في شرح البخاري هذا الحديث رواه من الصحابة علي وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وجابر ابن سمرة ومعاذ وأبو أمامة وأبو هريرة، وأورده ابن عدي بطرقه كثيرة كلها ضعيفة كما صرح به البيهقي، لكن ممكن أن يتقوى بتعدد طرق ويكون حسنًا كما جزم به العلائي. انتهى. ونقل الجلال عن أحمد أنه سئل عنه فقال: صحيح، وقال في تنقيح الأنظار للحديث شواهد تقويه.
قوله: «نضر الله» بفتح النون، وتشديد الضاد المعجمة، وتخفيفها ومعناه الدعاء له بالنضارة وهي النعمة والبهجة والحسن أي جمله الله وزينه.
[38/54] باب ما جاء في الكلام في كتاب الله بغير علم
6438 - عن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال في كتاب الله عز وجل برأيه فأصاب فقد أخطأ» رواه الترمذي وأبو داود (2) ، وقال الترمذي حديث غريب، وفي إسناده سهل بن أبي حزم قد تكلم فيه من قبل حفظه.
6439 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال في القرآن
_________
(1) ابن عدي (2/79) ، البيهقي (10/209) ، ابن عبد البر في التمهيد (1/59) .
(2) الترمذي (5/200) (2952) ، أبو داود (3/320) (3652) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/31) ، وأبي يعلى (3/90) (1520) ، والطبراني في "الكبير" (2/163) (1672) ، و"الأوسط" (5/208) .(4/2185)
بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح (1) ، وفي رواية له (2) : «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» وقال حديث حسن.
[38/55] باب ما جاء في الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -
6440 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» أخرجاه (3) ، وقد روي عن غير واحد من الصحابة في الصحاح والسنن والمسانيد حتى بلغ مبلغ التواتر.
6441 - وعن سمرة بن جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» رواه مسلم وغيره (4) .
6442 - وعن المغيرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن كذب عليَّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» رواه مسلم وغيره (5) .
_________
(1) الترمذي (5/199) (2950) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/30) ، وأحمد (1/233، 269) .
(2) الترمذي (5/199) (1951) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/31) .
(3) البخاري (1/52، 5/2290) (110، 5844) ، مسلم (1/10) (3) .
(4) مسلم (1/8) ، وهو عند ابن حبان (1/211) (29) ، وابن ماجه (1/15) (39) ، وابن أبي شيبة (5/237) ، وأحمد (5/14، 19، 20) .
(5) مسلم (1/10) (4) ، وهو عند البخاري (1/434) (1229) ، وأحمد (4/245) .(4/2186)
[38/56] باب ما جاء من الوعيد لمن تعلم العلم
لغرض من أغراض الدنيا
6443 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب غرضًا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة يعني ريحها» رواه أبو داود وابن ماجة وابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم (1) .
6444 - وقد تقدم (2) حديث أبي هريرة في باب الرياء وفيه: «ورجلًا تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال هو عالم، وقرأت ليقال هو قارئ، فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار» الحديث رواه مسلم وغيره.
6445 - وعن عمران بن حصين «أنه مر على قارئ يقرأ ثم سأل ثم استرجع ثم قال: سمعت رسول الله يقول: «من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يقرأون القرآن يسألون الناس به» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن (3) .
_________
(1) أبو داود (3/323) (3664) ، ابن ماجه (1/92) (252) ، ابن حبان (1/279) (78) ، الحاكم (1/160) ، وهو عند ابن أبي شيبة (5/285) ، وأبي يعلى (11/260) .
(2) تقدم برقم (5136) .
(3) الترمذي (5/179) (2917) ، وهو عند ابن أبي شيبة (6/124) (30002) ، وأحمد (4/432، 436، 439، 445) ، والطبراني في "الكبير" (18/166، 167) .(4/2187)
6446 - وعن كعب بن مالك قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار» رواه الترمذي، وقال: غريب وأخرجه الحاكم شاهدًا وأخرجه أيضًا البيهقي (1) .
6447 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء، ولا تحبروا به المجالس فمن فعل ذلك فالنار» رواه ابن ماجة وابن حبان في "صحيحه" (2) .
[38/57] باب ما جاء في كتم العلم
6448 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار» رواه أبو داود والترمذي، وحسنه ورواه ابن ماجة وابن حبان في "صحيحه"، ورواه الحاكم بنحوه، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه (3) ، وفي رواية لابن ماجة (4) قال: «ما من رجل يحفظ علمًا فكتمه إلا يأتي يوم القيامة ملجومًا بلجام من نار» .
6449 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كتم علمًا
_________
(1) الترمذي (5/32) (2654) ، وأخرجه الحاكم (1/161) شاهدًا.
(2) ابن ماجه (1/93) (254) ، ابن حبان (1/278) (77) ، وهو عند الحاكم (1/161) .
(3) أبو داود (3/321) (3658) ، الترمذي (5/29) (2649) ، ابن ماجه (1/98) (266) ، ابن حبان (1/297) (95) ، الحاكم (1/181) ، وهو عند ابن أبي شيبة (5/315) ، والطبراني في "الصغير" (1/112) ، وأحمد (2/263، 296، 305، 344، 353، 495، 499، 508) .
(4) ابن ماجه (1/96) (261) ، وهو عند الطيالسي (1/330) ، وأبي يعلى (11/268) (6383) .(4/2188)
ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» رواه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم (1) ، وقال: صحيح لا غبار عليه.
6450 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سئل عن علم فكتمه جاء يوم القيامة ملجمًا بلجام من نار، ومن قال في القرآن بغير ما يعلم جاء يوم القيامة ملجمًا بلجام من نار» رواه أبو يعلى (2) ، قال المنذري: ورواته ثقات محتج بهم في الصحيح ورواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" (3) بسند جيد بالشطر الأول فقط.
[38/58] باب ما جاء في ترك المراء والجدال
6451 - عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك المراء وهو مبطل بني له بيت في ربض الجنة، ومن تركه وهو محق بُني له بيت في وسطها، ومن حسن خلقه بُني له في أعلاها» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن (4) .
6452 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» أخرجاه (5) .
_________
(1) ابن حبان (1/298) (96) ، الحاكم (1/182) .
(2) أبو يعلى (4/458) (2585) .
(3) وأخرج الطبراني منه الشطر الأول في "الكبير" (11/5، 145) .
(4) أبو داود (4/253) (4800) ، وأخرجه الترمذي (4/358) (1993) ، وابن ماجه (1/19) (51) من حديث أنس.
(5) البخاري (2/867، 4/1644، 6/2628) (2325، 4251، 6765) ، مسلم (4/2054) (2668) ، وهو عند النسائي (8/247) ، والترمذي (5/214) (2976) ، والحميدي (1/132) (273) ، وأحمد (6/205) .(4/2189)
6453 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المراء في القرآن كفر» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" (1) .
6454 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن عيسى قال: إنما الأمور ثلاثة أمر تبين لك رشده، فاتبعه، وأمرٌ تبيَّن لك غيه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فرده إلى عالمه» رواه الطبراني في "الكبير" (2) بإسناد لا بأس به قاله المنذري.
قوله: «ربض» بفتح الراء والباء الموحدة، والضاد المعجمة هو ما حولها. قوله «الألد» بتشديد الدال المهملة هو الشديد الخصومة، والخصم بكسر الصاد المهملة هو الذي يحج من يخاصمه.
[38/59] باب ما جاء من الدعاء والصلاة والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -
6455 - عن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل: أنه قال: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد
_________
(1) أبو داود (4/199) (4603) ، ابن حبان (4/324-325) (1464) ، وأخرجه أحمد (2/300) ، والنسائي في "الكبرى" (5/33) بزيادة: «نزل القرآن على سبعة أحرف المراء في القرآن كفر» .
(2) الطبراني في "الكبير" (10/318) .(4/2190)
منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» رواه مسلم (1) ، ورواه الترمذي وابن ماجة (2) بلفظ آخر.
قوله: «المخيط» بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة ما يخاط به الثوب كالإبرة ونحوه.
6456 - وعن النعمان بن بشير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الدعاء هو العبادة» رواه أهل السنن (3) ، وصححه الترمذي.
6457 - وله (4) من حديث أنس: «الدعاء مخ العبادة» وقال: حديث غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة.
_________
(1) مسلم (4/1994) (2577) ، وأحمد (5/160) .
(2) الترمذي (4/656) (2495) ، ابن ماجه (2/1422) (4257) ، أحمد (5/154، 177) من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر به.
(3) أبو داود (2/76) (1479) ، الترمذي (5/211، 374، 456) (2969، 3247، 3372) ، النسائي في "الكبرى" (6/450) ، ابن ماجه (2/1258) (3828) ، وهو عند ابن حبان (3/172) (890) ، والحاكم (1/667) ، والطيالسي (1/108) (801) ، وأحمد (4/267، 271، 276) ، والطبراني في "الصغير" (2/208) .
(4) الترمذي (5/456) (3371) .(4/2191)
6458 - وعن سلمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر» رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وأخرجه الحاكم (1) وصححه السيوطي.
6459 - وله وحسنه من حديث أبي هريرة رفعه: «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء» وصححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي (2) .
6460 - وعن سلمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يده إليه أن يردهما صفرًا» أخرجه أبو داود والترمذي وزاد «خائبتين» وقال: حديث حسن غريب. انتهى. وصححه الحاكم (3) .
6461 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول: قد دعوت ربي فلم يستجب لي» أخرجه الجماعة إلا النسائي (4) .
6462 - وعن أُبي بن كعب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذكر أحدًا فدعا له
_________
(1) الترمذي (4/448) (2139) .
(2) الترمذي (5/455) (3370) ، ابن حبان (3/151) (870) ، الحاكم (1/666) ، وهو عند أحمد (2/362) ، والطبراني في "الأوسط" (3/73) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/214) (1213) .
(3) أبو داود (2/78) (1488) ، الترمذي (5/556) (3556) ، وهو عند ابن ماجه (2/1271) (3865) ، وابن حبان (3/160) (876) ، والحاكم (1/675) .
(4) البخاري (5/2335) (5981) ، مسلم (4/2095) (2735) ، أبو داود (2/78) (1484) ، الترمذي (5/464) (3387) ، ابن ماجه (2/1266) (3853) ، أحمد (2/487) ، والإمام مالك (1/213) (497) ، وابن حبان (3/256) (975) .(4/2192)
بدأ بنفسه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح (1) .
6463 - وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن (2) .
6464 - وعن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه» أخرجه الترمذي (3) ، وقال: حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد وقد تفرد به.
6465 - وقال في "بلوغ المرام": وله شواهد منها حديث ابن عباس عند أبي داود وغيره ومجموعها يقضي أنه حديث حسن. انتهى. وحديث ابن عباس الذي أشار إليه لفظه «إذا دعوت فادع ببطون كفيك، وإذا فرغت فامسح راحتك على وجهك» رواه أبو داود وابن ماجة (4) ، وقال: أبو حاتم حديث منكر، وقال: أبو داود من أوجه كلها واهية، وقال أحمد: لا يعرف أنه كان يمسح وجهه بعد الدعاء إلا عن الحسن.
6466 - وعن مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده قال: «صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر فلما رقى عتبة، قال: آمين، ثم رقى أخرى فقال:
_________
(1) الترمذي (5/463) (3385) ، وهو عند أبي داود (4/33) (3984) ، وأحمد (5/121) ، وابن حبان (3/267) (988) ، والنسائي في "الكبرى" (6/391) بزيادة فيها ذكر موسى.
(2) الترمذي (5/566) (3573) ، وهو عند أحمد (5/329) ، والطبراني في "الأوسط" (1/53) (147) .
(3) الترمذي (5/463) (3386) ، وهو عند الحاكم (1/719) .
(4) أبو داود (2/78) (1485) ، ابن ماجه (1/373، 2/1272) (1181، 3866) .(4/2193)
آمين، ثم رقى عتبة ثالثة فقال: آمين، ثم قال: أتاني جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله، فقلت: آمين، قال: ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله فقلت: آمين، قال: ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين» رواه ابن حبان في "صحيحه" (1) ، وقد روى هذا الحديث جماعة من الصحابة.
6467 - وتقدم (2) في قيام رمضان من حديث أبي هريرة عند ابن خزيمة وابن حبان.
6468 - وتقدم (3) في بر الوالدين من حديث كعب بن عجرة، أخرجه الحاكم.
6469 - وقد أخرجه الطبراني (4) من حديث ابن عباس بإسناد لين.
6470 - وأخرجه البزار (5) من حديث عبد الله بن الحارث بن جرير.
6471 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة» رواه الترمذي وصححه، وصححه ابن حبان (6) .
_________
(1) ابن حبان (2/140) (409) .
(2) تقدم برقم (2905) .
(3) تقدم برقم (6214) .
(4) الطبراني في "الكبير" (12/83) .
(5) البزار (9/247) (3790) .
(6) الترمذي (2/354) (484) ، ابن حبان (3/192) (911) ، وهو عند أبي يعلى (8/427-428) (5011) .(4/2194)
6472 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما قعد قوم مقعدًا لم يذكروا الله تعالى، ولم يصلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة» رواه الترمذي، وقال: حسن ورواه ابن حبان بإسناد على شرط البخاري ومسلم وأخرجه الحاكم في "مستدركه" (1) ، وقال: على شرط البخاري (2) .
6473 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه عشرًا» رواه مسلم والترمذي، وأبو داود والنسائي وابن حبان في "صحيحه" (3) .
6474 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صلى عليَّ صلاةً واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر خطيئات، ورفعت له عشر درجات» رواه أحمد والنسائي واللفظ له وابن حبان في "صحيحه" (4) ، وقال: الحاكم صحيح، وأقره الذهبي، وقال ابن حجر رواته ثقات.
6475 - وعن أبي طلحة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء ذات يوم والبشر في وجهه، فقلنا: إنا لنرى البشر في وجهك قال: إنه أتاني الملك فقال: يا محمد! إن ربك
_________
(1) في الأصل: صحيحه.
(2) الترمذي (5/461) (3380) ، ابن حبان (2/351، 352) (590، 591) ، الحاكم (1/668) ، أحمد (2/463) .
(3) مسلم (1/306) (408) ، الترمذي (2/355) (485) ، أبو داود (2/88) (1530) ، النسائي (3/50) ، وفي "الكبرى" (1/384) ، ابن حبان (3/187) (906) ، وهو عند الدارمي (2/408) (2772) ، وأبي يعلى (11/380) (4695) ، وأحمد (2/375، 485) .
(4) أحمد (3/102) ، النسائي (3/50) ، ابن حبان (3/185) (904) ، الحاكم (1/735)(4/2195)
يقول: أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرًا، ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرًا» أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان في "صحيحه" بنحوه (1) .
6476 - وعن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البخيل الذي ذكرت عنده فلم يصل عليَّ» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب (2) .
6477 - وأخرجه النسائي وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم (3) وصححه من حديث حسين بن علي.
6478 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله تعالى، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم» رواه الترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي حديث حسن، وفي نسخة من الترمذي حسن صحيح، وأخرجه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" (4) .
6479 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما قعد قوم مقعدًا لم يذكر الله فيه ولم يصلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة، وإن دخلوا الجنة
_________
(1) أحمد (4/30) ، النسائي (3/44، 50) ، ابن حبان (3/196) (915) ، وهو عند ابن أبي شيبة (2/252، 6/326) .
(2) الترمذي (5/551) (3546) من حديث الحسين بن علي.
(3) النسائي في "الكبرى" (5/34) ، ابن حبان (3/189) (909) ، الحاكم (1/734) ، وهو عند أبي يعلى (12/147) (6776) ، وأحمد (1/201) ، والطبراني في "الكبير" (3/127) .
(4) الترمذي (5/461) (3380) ، واللفظ له، وأبو داود (4/264) ، ولم يذكر الصلاة على النبي، وابن حبان (2/351، 352) (590، 591) ، أحمد (2/453، 481، 484) .(4/2196)
للثواب» رواه أحمد بإسناد صحيح وابن حبان في "صحيحه"، وقال: صحيح على شرط البخاري (1) .
6480 - وعن كعب بن عجرة قال: «خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد» أخرجاه، وأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي (2) وفيه: «كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد» وقال الترمذي: حسن صحيح.
6481 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت، فليقل اللهم صلِّ على محمد النبي الأمي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» رواه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري.
6482 - وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «حيثما كنتم فصلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني» رواه الطبراني في "الكبير" (4) بإسناد حسن.
_________
(1) أحمد (2/463) ، ابن حبان (2/352) (591) .
(2) تقدم برقم (1196) .
(3) أبو داود (1/258) (982) .
(4) الطبراني في "الكبير" (3/82) (2729) ، و"الأوسط" (1/117) (365) ، وهو عند ابن أبي شيبة (2/150، 3/30) ، وعبد الرزاق (3/71) ، بزيادة بسيطة.(4/2197)
6483 - وعن أبي مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام» رواه النسائي وابن حبان في "صحيحه" (1) ، وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال البيهقي رجاله رجال الصحيح، وقال العراقي: متفق عليهما دون «سياحين» .
6484 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من أحدٍ يسلم عليَّ إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام» أخرجه أبو داود وأحمد (2) ، قال في المقاصد: وهو صحيح، وقال المنذري في إسناده أبو صخر حميد بن زياد، وقد أخرج له مسلم في "صحيحه"، وقد أنكر عليه شيء من حديثه وضعفه يحيى بن معين مرة ووثقه أخرى، وقال في التقريب: حميد بن زياد أبو صخر صدوق يهم من السادسة، وقال في الكاشف: مختلف فيه، وقال أحمد: ليس به بأس، والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدًا، وتقدمت أحاديث من ذلك في الجمعة.
قوله: «ترة» بكسر المثناة الفوقية، وتخفيف الراء هي النقص، وقيل التبعة.
[38/60] باب في الدعاء عند القيام من المجلس
6485 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جلس مجلسًا كثر
_________
(1) النسائي (3/43) ، ابن حبان (3/195) (914) ، الحاكم (2/456) ، وهو عند الدارمي (2/409) (2774) ، وعبد الرزاق (2/215) ، وابن أبي شيبة (2/253، 6/316) ، وأبي يعلى (9/137) (5213) ، وأحمد (1/387، 441، 452) ، والطبراني في "الكبير" (10/219) .
(2) أبو داود (2/218) (2041) ، أحمد (2/527) ، وهو عند البيهقي (5/245) ، والطبراني في "الأوسط" (3/262، 9/130) .(4/2198)
فيه لغطه، فقال: قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم (1) .
6486 - وعن ابن عمرو بن العاص قال: «كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلسه عند قيامه ثلاث مرات إلا كفر بهن عنه، ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر الإختم له بهن عليه كما يختم بالخاتم على الصحيفة: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك» رواه أبو داود (2) .
6487 - وهو له (3) مرفوعًا من حديث أبي هريرة.
6488 - وعن عائشة قالت: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جلس مجلسًا أو صلى تكلم بكلمات فسألته عائشة عن الكلمات، فقال: إن تكلم بخير كان طابعًا عليهن، وإن تكلم بشر كان كفارة له: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك» رواه النسائي (4) .
6489 - وعن أبي برزة الأسلمي قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بآخره
_________
(1) الترمذي (5/494) (3433) ، النسائي في "الكبرى" (6/105) ، ابن حبان (2/354-355) (594) ، الحاكم (1/720) ، أحمد (2/494-495) ، وأخرجه أبو داود من حديث أبي بزرة الأسلمي (4/265) (4859) .
(2) أبو داود (4/264) (4857) ، وهو عند ابن حبان (2/353) (593) .
(3) أبو داود (4/465) (4858) .
(4) النسائي (3/71) .(4/2199)
إذا أراد أن يقوم من المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، فقال رجل: يا رسول الله! إنك لتقولن قولًا ما كنت تقوله قال: كفارة لما يكون في المجلس» رواه أبو داود (1) ، وسكت عنه هو والمنذري.
6490 - وعن رافع بن خديج قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بآخره إذا اجتمع إليه أصحابه فأراد أن ينهض قال: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال: قلنا يا رسول الله! إن هذه كلمات أحدثتهن، فقال: أجل جاءني جبريل فقال: يا محمد! هن كفارات المجلس» رواه النسائي والحاكم وصححه، ورواه الطبراني في معاجيمه الثلاثة (2) باختصار بإسناد جيد.
6491 - وعن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال سبحان الله وبحمده سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلس ذكر كان كالطابع يطبع عليه، ومن قالها في مجلس لغو كان كفارة له» رواه النسائي والطبراني ورجالهما رجال الصحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم (3) .
_________
(1) أبو داود (4/265) (4859) ، وهو عند الدارمي (2/367) (2658) ، وأحمد (4/420، 425) ، والحاكم (1/721) ، والنسائي في "الكبرى" (6/112-113) ، وأبي يعلى (13/421) (7426) .
(2) النسائي في "الكبرى" (6/113) ، الحاكم (1/721) ، الطبراني في الصغير (1/370) (620) ، و"الأوسط" (4/372) ، و"الكبير" (4/287) .
(3) النسائي في "الكبرى" (6/112) ، الطبراني في "الكبير" (2/138) ، الحاكم (1/720) .(4/2200)
[38/61] باب ما جاء في ذكر الله في الأسواق ومواطن الغفلة
6492 - عن عمر بن الخطاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة» رواه الترمذي (1) ، وقال: حديث غريب، وقال المنذري: إسناده متصل حسن ورواته ثقات أثبات، وفي أزهر بن سنان خلاف، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقال الترمذي في رواية له مكان «ورفع له ألف ألف درجة» ، «وبنى له بيتًا في الجنة» ورواه بهذا اللفظ ابن ماجة وابن أبي الدنيا، والحاكم وصححه (2) .
6493 - ورواه أيضًا الحاكم (3) من حديث عبد الله بن عمر أيضًا، وقال: صحيح الإسناد.
6494 - وعن ابن مسعود قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين» رواه البزار والطبراني في "الأوسط" (4) بإسناد لا بأس به.
[38/62] باب ما جاء في فضل الذكر
6495 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله أنا مع عبدي
_________
(1) الترمذي (5/491) (3428) ، وهو عند الدارمي (2/379) (2692) .
(2) الترمذي (5/491) (3429) ، ابن ماجه (2/752) (2235) ، الحاكم (1/722) ، أحمد (1/47) ، الطيالسي (1/4) (12) .
(3) الحاكم (1/723) .
(4) البزار (5/166) (1759) ، الطبراني في "الأوسط" (1/90) (271) ، و"الكبير" (10/16) .(4/2201)
ما ذكرني وتحركت شفتاه» أخرجه ابن ماجة وصححه ابن حبان، وذكره البخاري تعليقًا (1) .
6496 - وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما عمل ابن آدم عملًا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله» رواه ابن أبي شيبة (2) ، قال في "بلوغ المرام": بإسناد حسن.
6497 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما جلس قوم مجلسًا يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده» رواه مسلم والترمذي وابن حبان في "صحيحه" (3) .
6498 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله ملائكة يطوفون في الطرق، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم فيحفون بأجنحتهم إلى السماء الدنيا فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم ما تقول عبادي، قال يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك، قال: فيقول: كيف لو رأوني؟ قال:
_________
(1) ابن ماجه (2/1246) (3792) ، ابن حبان (3/97) (815) ، أحمد (2/540) ، الطبراني في "الأوسط" (6/363) ، وعلقه البخاري (6/2736) باب قول الله تعالى: ((لا تحرك به لسانك)) .
(2) ابن أبي شيبة (6/57، 7/169) ، وهو عند أحمد (5/239) ، وعبد بن حميد (1/73) (127) ، والطبراني في "الكبير" (20/166) .
(3) مسلم (4/2074) (2700) ، الترمذي (5/459) (3378) ، ابن حبان (3/136) (855) ، وهو عند الطيالسي (1/296، 314) (2233، 2386) ، وأبي يعلى (11/20) (6159) ، وأحمد (3/92) من طريق الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما.(4/2202)
يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدًا وأكثر لك تسبيحًا، قال: قال: فيقول: فيسألون؟ قال: يقولون يسألونك الجنة، قال: فيقول: وهل رأوها فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها، يقول: كيف لو رأوها؟ قال: يقولون: إنهم لو رأوها كانوا أشد عليها حرصًا وأشد لها طلبًا، وأعظم فيها رغبةً، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يتعوذون من النار، قال: فيقول: وهل رأوها؟ قالوا: لا والله ما رأوها، قال فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا، وأشد لها مخالفةً، قال: فيقول: أشهدكم إني قد غفرت له، قال: يقول: ملك من الملائكة فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجةٍ، قال: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم» رواه البخاري (1) وأخرجه مسلم (2)
بلفظ: «إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيارة فضلًا يتبعون مجالس الذكر فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضًا بأجنحتهم حتى يملوا ما بينهم وما بين السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم من أين جئتم، فيقولون: جئنا من عند عبادك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك، قال: فماذا يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك؟ قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا أي رب، قال: وكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك، قال: ومم يستجيروني؟ قالوا: من نارك يا رب، قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: فيقول: قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما
_________
(1) البخاري (5/2353) (6045) .
(2) مسلم (4/2069) (2689) ..(4/2203)
استجاروا، قال: فيقولون: رب إن فيهم فلان عبد خطي إنما مر فجلس معهم قال: فيقول: وله غفرت هم القوم لا يشقى جليسهم» وأخرجه الترمذي (1) بنحو رواية مسلم، وأخرجه الحاكم (2) مع اختلاف في بعض الألفاظ.
6499 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من قومٍ يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا على مثل جيفة حمار، وكان عليهم حسرة يوم القيامة» رواه أبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم (3) .
6500 - وعن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من قومٍ اجتمعوا في مجلس فتفرقوا، ولم يذكروا الله إلا كان ذلك المجلس عليهم حسرة إلى يوم القيامة» رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" والبيهقي (4) ، ورواة الطبراني محتج بهم في الصحيح.
6501 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة (5) .
_________
(1) الترمذي (5/579) (3600) .
(2) الحاكم (1/672) .
(3) أبو داود (4/264) (4855) ، الحاكم (1/668، 669) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/108) ، وأحمد (2/389، 515، 527) .
(4) الطبراني في "الأوسط" (4/112) ، البيهقي في "الشعب" (1/400-401) (533) .
(5) البخاري (5/2352، 6/2459، 2749) (6043، 6304، 7124) ، مسلم (4/2072) (2694) ، أحمد (2/232) ، الترمذي (5/512) (3467) ، النسائي في "الكبرى" (6/207) ، ابن ماجه (2/1251) (3806) ، وهو عند ابن حبان (3/112) (831) ، وأبي يعلى (10/483) (6096) ، وابن أبي شيبة (6/53) .(4/2204)
[38/63] باب ما جاء من النهي أن يدعو الإنسان على نفسه وولده
وخدمه وماله وما جاء في دعاء الغافل
6502 - عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم» رواه أبو داود، قال المنذري في "مختصر السنن"، وأخرجه مسلم في أثناء حديث جابر الطويل، وليس فيه ذكر الخدم وابن خزيمة في "صحيحه" (1) .
6503 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل» رواه أحمد (2) بإسناد حسن.
6504 - وللترمذي (3) نحوه من حديث أبي هريرة، وقال الحاكم مستقيم الإسناد.
_________
(1) أبو داود (2/88) (1532) ، وأخرجه مسلم في حديث جابر الطويل (4/2301-2304) (3006) ، وابن حبان (13/51-52) (5742) .
(2) أحمد (2/177) .
(3) الترمذي (5/517) (3479) ، الحاكم (1/670) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (5/211) ، وابن عدي في "الكامل" (4/62) .(4/2205)
[38/64] باب في نبذةٍ من الأذكار التي أرشد إليها النبي - صلى الله عليه وسلم -
6505 - عن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل» متفق عليه (1) .
6506 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر» متفق عليه (2) .
6507 - وعن جويرة بنت الحارث قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلت اليوم لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته» رواه مسلم (3) .
6508 - وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عبد بن قيس: ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة: لا حول ولا قوة إلا بالله» أخرجاه (4)
_________
(1) البخاري (5/2351) (6041) ، مسلم (4/2071) (2693) ، أحمد (5/422) .
(2) البخاري (5/2352) (6042) ، مسلم (4/2071) (2691) ، أحمد (2/302، 375، 515-516) ، وهو عند ابن حبان (3/111) (829) ، وابن ماجه (2/1253) (3812) ، والترمذي (5/511) (3466) ، وابن أبي شيبة (6/54) .
(3) مسلم (4/2090) (2726) ، وهو عند ابن حبان (3/110) (828) ، وابن خزيمة (1/370) (753) ، وابن ماجه (2/1251) (3808) ، والنسائي في "الكبرى" (1/402، 6/48) ، والترمذي (5/556) (3555) ، وابن أبي شيبة (6/51) ، والحميدي (1/232) (496) ، وأبي يعلى (12/491) (7068) ، وأحمد (6/324، 429) .
(4) بهذا اللفظ عند البخاري (5/2346، 6/2690) (6021، 6952) ، مسلم (4/2076) (2704) ، وأبو داود (2/87) (1526) ، وأحمد (4/417-418) ، والنسائي (6/97) (10188)(4/2206)
والنسائي (1) وزاد: «ولا منجا من الله إلا إليه» .
6509 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الباقيات الصالحات: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والله أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله» أخرجه النسائي وصححه ابن حبان والحاكم (2) .
6510 - وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحب الكلام إلى الله أربع لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر» رواه مسلم والنسائي وابن ماجة (3) .
6511 - وابن حبان في "صحيحه" (4) من حديث أبي هريرة.
[38/65] باب في نبذةٍ من الأدعية المأثورة
6512 - عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك، وأبوء بذنبي
_________
(1) هذه الزيادة من حديث أبي هريرة، وهي عند النسائي (6/97) (10190) .
(2) ابن حبان (2/121) (840) ، الحاكم (1/694) ، أبو يعلى (2/524) (1384) ، أحمد (3/75) .
(3) مسلم (3/1685) (2137) ، النسائي في "الكبرى" (6/212) ، ابن ماجه (2/1253) (3811) ، وهو عند ابن أبي شيبة (6/109) ، والطيالسي (1/122) (899) ، وأحمد (5/10، 11، 20، 21) .
(4) ابن حبان (3/117، 5/118) (836، 1812) .(4/2207)
فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» رواه البخاري (1) .
6513 - وعن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو بهؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح: «اللهم إني أسألك العافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي، وآمن روعتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي» رواه النسائي وابن ماجة وصححه الحاكم (2) .
6514 - وعن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك وجميع سخطك» رواه مسلم (3) .
6515 - وعن ابن عمرو قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدَّين وغلبة العدو وشماتة الأعداء» رواه النسائي وصححه الحاكم (4) .
_________
(1) البخاري (5/2323) (5947) ، وهو عند ابن حبان (3/212، 213) (932، 933) ، والحاكم (2/497) ، والنسائي (8/279) ، والترمذي (5/467) (3393) ، وابن أبي شيبة (6/56) ، وأحمد (4/122، 124) .
(2) النسائي في "الكبرى" (6/145) ، ابن ماجه (2/1273) (3871) ، الحاكم (1/698) ، وهو عند أبي داود (4/318) (5074) ، وابن حبان (3/241) (961) ، وأحمد (2/25) ، وابن أبي شيبة (6/35) .
(3) مسلم (4/2097) (2739) ، وهو عند الحاكم (1/713) ، والنسائي في "الكبرى" (4/463) ، وأبي داود (2/91) (1545)
(4) النسائي (8/265، 268) ، الحاكم (1/713) ، وهو عند ابن حبان (3/303) (1027) ، وأحمد (2/173) .(4/2208)
6516 - وعن بريدة قال: «سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد. فقال: لقد سألت الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب» رواه أبو داود والترمذي وحسنه, وابن ماجة وابن حبان في "صحيحه" والحاكم إلا أنه قال فيه: «لقد سألت الله باسمه الأعظم» وقال صحيح على شرطهما (1) .
6517 - وعن أبي هريرة قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصبح يقول: «اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور، وإذا أمسى قال: مثل ذلك إلا أنه قال: وإليك المصير» رواه الخمسة إلا أحمد (2) ، وقال الترمذي: حديث حسن، وقال: أبو داود: النشور في الموضعين.
6518 - وعن أنس قال: «كان أكثر دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» أخرجاه (3) .
6519 - وعن أبي موسى قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو: «اللهم اغفر لي
_________
(1) أبو داود (2/79) (1493، 1494) ، الترمذي (5/515) (3475) ، ابن ماجه (2/1267) (3857) ، ابن حبان (3/173، 174) (891، 892) ، الحاكم (1/683) ، وهو عند أحمد (5/350، 360) ، والنسائي في "الكبرى" (4/394) (7666) .
(2) أبو داود (4/317) (5068) ، النسائي في "الكبرى" (6/145) ، الترمذي (5/466) (3391) ، ابن ماجه (2/1272) ، وهو عند أحمد (2/354، 522) ، ابن حبان (3/244، 245) (964، 965) ، وابن أبي شيبة (6/37) ولم يذكروا الشطر الأخير «وإذا أمسى قال ... » .
(3) البخاري (5/2347) (6026) ، مسلم (4/2070) (2690) ، وهو عند أبي داود (2/85) (1519) ، وأحمد (3/101، 208، 209، 247، 277) ، وابن حبان (3/219، 220) (939، 940) ، وأبي يعلى (7/7) (3893) .(4/2209)
خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطاياي وعمدي، وكل ذلك عندي اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير» أخرجاه (1) .
6520 - وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي واجعل الحياة زيادةً لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر» رواه مسلم (2) .
6521 - وعن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وارزقني علمًا ينفعني» رواه النسائي والحاكم (3) .
6522 - وللترمذي (4) من حديث أبي هريرة نحوه، وقال في آخره: «وزدني علمًا الحمد لله على كل حال، وأعوذ بالله من حال أهل النار» قال في "بلوغ المرام": وإسناده حسن.
6523 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمها هذا الدعاء: «اللهم إني أسألك
_________
(1) البخاري (5/2350) (6035) ، مسلم (4/2087) (2719) ، وهو عند ابن حبان (3/237) (957) ، وأحمد (4/417) .
(2) مسلم (4/2087) (2720) .
(3) النسائي في "الكبرى" (4/444) ، الحاكم (1/690) ، والطبراني في "الأوسط" (2/208) .
(4) الترمذي (5/578) ، وهو عند ابن ماجه (2/1260) (3833) ، وابن أبي شيبة (6/50) ، وعبد بن حميد (1/415) (1419) .(4/2210)
من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك به عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما استعاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قولٍ أو عمل، وأعوذ بك من النار، وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرًا» رواه ابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم (1) .
6524 - وأخرج الشيخان (2) نحوه من حديث أبي هريرة.
[38/66] ولنختم هذا الكتاب العظيم بما جاء في لا إله إلا الله
6525 - عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ ردفه على الرحل قال: «يا معاذ بن جبل! قال: لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثًا، قال: ما من أحدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صدقًا من قلبه إلا حرّمه الله على النار، قال: يا رسول الله! أفلا أخبر به الناس، فيستبشروا؟ قال: إذًا يتكلوا وأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا» أخرجاه (2) .
قوله: «تأثما» أي: تحرجًا من الإثم خوفًا منه أن يلحقه.
6526 - وعن أبي هريرة قال: «قلت: يا رسول الله! من أسعد الناس
_________
(1) ابن ماجه (2/1264) (3846) ، ابن حبان (3/150) (869) ، الحاكم (1/702) ، وهو عند ابن أبي شيبة (6/44) ، والطيالسي (1/219) (1569) ، وأبي يعلى (7/446) (4473) ، وأحمد (6/133، 146) .
(2) البخاري (1/59) (128) ، مسلم (1/61) (32) .(4/2211)
لشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس لشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصًا من قلبه أو نفسه» رواه البخاري (1) .
6527 - وعن رفاعة الجهني قال: «أقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كنا بكديد أو قديد: فحمد الله وقال خيرًا، وقال: أشهد عند الله لا يكون عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وإني رسول الله صدقًا من قلبه، ثم يسدد إلا سلك في الجنة» رواه أحمد (2) بإسنادٍ لا بأس به.
6528 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصًا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنبت الكبائر» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب (3) .
6529 - وعنه قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: «من قال: لا إله إلا الله نفعته يومًا من دهره يصيبه قبل ذلك ما أصابه» رواه البزار والطبراني (4) ، ورواته رواة الصحيح.
6530 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله» رواه ابن ماجة والنسائي وابن حبان في "صحيحه" (5) .
_________
(1) البخاري (1/49، 5/2402) (99، 6201) ، أحمد (2/373) .
(2) جزء من حديث طويل عند أحمد (4/16) ، والطبراني في "الكبير" (5/51) ، والطيالسي (1/182) (1291) .
(3) الترمذي (5/575) (3590) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/208) .
(4) الطبراني في "الأوسط" (6/274) ، البيهقي في "الشعب" (1/109) (97) .
(5) ابن ماجه (2/1249) (3800) ، النسائي في "الكبرى" (6/208) ، ابن حبان (3/126) (846) ، وهو عند الترمذي (5/462) (3383) ، الحاكم (1/676، 681) .(4/2212)
6531 - وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان في "صحيحه" والحاكم وصححه (1) ، وحسنه الترمذي أيضًا، وفي نسخة صحيحة من الترمذي، قال: حديث حسن صحيح عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يصاح برجل من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعين سجلًا كل سجل منها مد البصر، فيقول: أتنكر من هذا شيئًا؟ أظلمك كتبتك الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب، فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات، فيقال: إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفةٍ والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء» .
اللهم اجعلنا ممن ثقلت له موازين الحسنات وخففت عنه موازين السيئات، واجعل اللهم سجلات ذنوبنا طائشة إذا وضعت في كفة الميزان ووفقنا بجعل كلمة التوحيد آخر ما ينطق به اللسان آمين، اللهم آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم في كل آنٍ.
* * *
قال المؤلف رحمه الله ونوَّر ضريحه: وكان الفراغ من تأليفه في نهار الأحد ثاني عشر شهر رمضان الكريم أحد شهور سنة أربعين ومائتين وألف، وكان الفراغ من نقله من المسودة في يوم الثلاثاء ثاني عشر شهر ذي الحجة الحرام سنة إحدى
_________
(1) أحمد (2/213) ، الترمذي (5/24) (2639) ، ابن ماجه (2/1437) (4300) ، ابن حبان (1/461) (225) ، الحاكم (1/46، 710) .(4/2213)
وأربعين ومائتين وألف.
بقلم مؤلفه الحقير: حسن بن أحمد الرباعي سامحه الله ولاطفه وتجاوز عنه بحوله وقوته.
تمت وبالخير عمت وختمت بخير، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
قال في النسخة التي نقلت منها هذه النسخة: وكان الفراغ من رقم هذه النسخة المباركة نهار الثلاثاء لعله سادس وعشرون شهر جماد الأول من سنة أحد عشر وثلاثمائة وألف بقلم الحقير/ خادم العلم الشريف أحمد بن علي الطير وفقه الله لما يرضي وجنبه كل سوء وضير آمين، قال: ونقلت هذه النسخة على نسخة المصنف التي بخطه رحمه الله، وفي الهامش من الأم بخط المصنف ما لفظه: بلغ بحمد الله الغرض من قراءة هذا الكتاب مع حضور بعض الطلبة، ومراجعة أصوله وتصحيحه، وكان الفراغ من ذلك في صبح يوم الخميس لعله عشرين شهر ذي الحجة الحرام سنة (1241هـ) بقلم مؤلفه سامحه الله وعفا عنه، انتهى المراد وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الأمجاد والحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وفي هامش النسخة التي بخط سيدنا أحمد الطير رحمه الله قال: وقع الفراغ من قصاصة هذه النسخة ومقابلتها على الأم المنقولة منها نسخة المصنف رحمه الله التي بخطه نهار الثلاثاء ثامن شهر شعبان من سنة (1311هـ) بقلم خادم العلم الشريف أحمد بن علي الطير، وفقه الله تعالى. ورحم الله مثواه.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، كان الفراغ من رقم هذه النسخة المباركة صباح الأحد الموافق سادس شعبان الكريم أحد شهور سنة (1390هـ) على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم بقلم الراجي عفو ربه الحقير المفتقر إلى رحمة الله العلي القدير محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي الطير دفع الله عنه كل ضير ولقاه كل خير آمين اللهم آمين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد الأمين وعلى آله الطاهرين آمين.
وهذه النسخة بعناية السيد العلام الفاضل الجمالي/ علي بن علي بن عبد الرحمن الهادي جزاهم الله عن العلم وإحيائه خيرًا، آمين..
الحمد لله وقع الفراغ من قصاصة هذه النسخة ومقابلتها على النسخة التي بخط الوالد العلامة/ أحمد بن علي الطير رحمه الله وهي منقولة على نسخة المؤلف القاضي/ الحسن بن أحمد حسن الرباعي رحمهم الله جميعًا، وكان الفراغ في صباح الأربعاء 22 المحرم سنة 1392هـ بقلم خادم العلم الشريف محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الطير، وفقه الله لما يرضاه، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، آمين.
الحمد لله كان الفراغ من قصاصة هذه النسخة مرة ثانية على الأم التي نقلت منها عن نسخة المؤلف رحمه الله، وذلك صبح الجمعة الموافق 12 شوال سنة 1392هـ.
كتبه: أحمد بن علي بن أحمد زبارة عفا الله عنه.(4/2214)
ملحق بأسانيد المؤلف
ولتمام الفائدة ألحقنا به ما وجدناه في هوامش الأصل ملحقًا به والجميع بخط القاضي محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الطير نقلًا عن خط القاضي أحمد الطير نقلًا عن خط المؤلف.
منها في سند المؤلف للأمهات الست ويعني بها رحمه الله: البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة قال: ما لفظه
الأمهات الست: أرويها بأسانيد عديدة متصلة عن جماعة من مشايخي منقولة بأقلام مشايخي رحمهم الله تعالى منهم والدي رحمه الله عن مشايخه، ومنهم شيخي العلامة حسن بن يحيى الكبسي بالسماع، ومنهم شيخي العلامة عبد الله بن محمد الأمير، ومنهم شيخ الإسلام الشوكاني، ومنهم القاضي حسين بن محمد العنسي والقاضي محمد بن أحمد النوري وسيدي العلامة إبراهيم بن عبد القادر وغيرهم، كتبه حسن بن أحمد الرباعي سامحه الله.
ومن خط القاضي حسن بن أحمد الرباعي رحمه الله في سنده
لمؤلفات ابن تيمية وترجمته ما لفظه
ترجمة مؤلف المنتقى:
هو الشيخ الإمام علامة عصره المجتهد أبو البركات شيخ الحنابلة مجد الدين عبد السلام بن عبد الله أبي القاسم بن محمد بن الخضر بن محمد بن علي بن عبد الله الحراني المعروف بابن تيمية، قال الذهبي في(4/2215)
النبلاء (1) : ولد سنة تسعين وخمس مائة تقريبًا وتفقه على عمه الخطيب وقدم بغداد وهو مراهق مع السيد ابن عمه وسمع من أحمد بن مسكينة، وابن طبرزد ويوسف بن كامل وعدة، وسمع بحران بن حنبل وعبد القادر الحافظ، وصنف التصانيف وانتهت إليه الإمامة في الفقه، وكان عجيبًا في سرد المتون وحفظ المذهب بلا كلفة وأقام ببغداد ستة أعوام وتوفي بحران يوم الفطر سنة اثنتين وخمسين وستمائة، وإنما قيل لجده تيمية؛ لأنه حج على درب تيما فرأى هناك طفلة فلما رجع وجد امرأته قد ولدت له بنتًا، فقال: يا تيمية فلقب بذلك، وقيل: أن أم جده كانت تسمى تيمية، وأما شيخ الإسلام ابن تيمية شيخ ابن القيم فهو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام فهو حفيد المترجم له، وأما عم المترجم له المذكور فهو محمد بن القاسم بن محمد بن الخضر، انتهى على جهة الاختصار.
أروي مؤلفاته عن والدي عن شيخ أحمد قاطن عن السيد يحيى بن عمر ابن مقبول الأهدل عن شيخه الحافظ عبد الله بن سالم البصري عن شيخه الحافظ محمد بن علاء الدين البابلي عن شيخه الحافظ محمد حجازي الواعظ عن شيخه الحافظ محمد اركماس عن شيخه الحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني عن
_________
(1) (23 / 291) بتصرف واختصار(4/2216)
شيخه الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي عن شيخه أحمد بن يوسف الحلاطي عن الحافظ عبد المؤمن بن خلف الدمياطي عن المؤلف مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد بن علي الحراني بن تيمية.
وأرويها عن مشايخي بأسانيد غير هذا والله أعلم. انتهى.(4/2217)
ومن خطه رحمه الله تعالى في سنده لمؤلفات ابن القيم وترجمته ما لفظه:
ابن القيم هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن جرير الزرعي الدمشقي شمس الدين ابن قيم الجوزية الحنبلي، ولد سنة إحدى وتسعين وستمائة وسمع على التقي سليمان وأبي بكر بن عبد الدايم وغيرهم ولازم ابن تيمية وانتصر لأقواله.
أروي مؤلفاته عن والدي عن شيخه أحمد قاطن عن شيخه يحيى بن عمر بن مقبول الأهدل عن شيخه الحسن بن علي العجمي عن شيخه أحمد بن محمد العجل عن شيخه يحيى بن مكرم الطبري عن عبد العزيز بن عمر بن فهد أخبرنا به ناظر المسجد الحرام إبراهيم بن علي بن ظهير القرشي المكي عن الشيخ زين الدين داود بن سليمان بن عبد الله الموصلي الدمشقي وقاضي المسلمين التاج عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن أبي بكر الطرابلسي، قال أخبرنا الحافظ عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي عن المؤلف أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الحنبلي رحمه الله، وكانت وفاة ابن القيم في شهر رجب سنة إحدى وخمسين وسبعمائة. انتهى
ومنها في سند القاضي أحمد قاطن رحمه الله في صحيح البخاري نظمًا وسند القاضي حسن الرباعي رحمه الله، ومن خطه نقلت ما لفظه: للقاضي العلامة المسند أحمد بن محمد قاطن رحمه الله: مولده في سنة (118) ووفاته سنة (1199هـ) .
ح: وأرويه (1) بأعلى سند ... عن سيدي يحيى الإمام المسند
أبي سليمان التقي الأفضل ... الحافظ الثبت الإمام الأنبل
ح: وأرويه عن ابن الطيب ... الفاضل الثبت الإمام المغربي
كلاهما عن حسن بن العجمي ... أسمع به من عالم ذي كرم
_________
(1) يعني: صحيح البخاري، كذا في الأصل.(4/2218)
عن الإمام أحمد بن العجلي ... محمد ما إن له من مثل
ح: وأروي عن بني المزجاجي ... أهل التقى والفضل في الدياجي
محمد (1) والشيخ عبد الخالق ... ذوو الجمال والكمال الفائقي
كلاهما عن مسند المدينة ... من كان فيها عمدة وزينة
الشيخ إبراهيم ذي التأليف ... وفائق التحرير والترصيف
عن شيخه المدعو عبد الله ... بن الإمام الثبت سعد الله
كلاهما عن الإمام القطب ... محمد بن أحمد ذي اللب
النهروالي (2) عن أبيه أحمد ... عن شيخه أبي الفتوح أحمد
الطاوسي عن يوسف المعمر ... بابا عن الشيخ الإمام الأكبر
_________
(1) هو محمد بن علاء الدين المزجاجي كما في الأصل.
(2) منسوب إلى نهروالة بالنون والهاء والراء والواو والألف واللام والهاء قرية ببلاد الهند ومحمد بن أحمد المذكور هو صاحب أعلام الأنام بأحكام المسجد الحرام، قال الشيخ عبد الخالق المزجاجي أنه قد صح أن القطب النهروالي يروي عن النور أبي الفتوح بغير واسطة أبيه، فعلى هذا يكون سند القاضي أحمد قاطن تساعي، وكاتب الأحرف يروي عن والده عن القاضي أحمد فبيني أنا والبخاري إحدى عشر رجلًا كتبه حسن بن أحمد الرباعي، وأروي صحيح البخاري عن شيخي العلامة السيد حسين بن عبد الرحمن بن عبد الواحد البغدادي الواصل إلى مدينة صنعاء سنة 1246هـ عن شيخه مفتي الجزائر محمد بن محمود الحنفي عن شيخه أبي الحسن علي بن عبد القادر عن الشيخ العلامة أحمد الجهوري عن أحمد بن البنا عن يحيى بن المكرم الطبري عن إبراهيم بن صدقة الدمشقي عن الشيخ عبد الرحمن بن عبد الأول الفرعاني بسماعه لجميعه عن الشيخ أبي اليمان يحيى بن عمار بن مقبل بن شاهان الجيلاني لسماعه لجميعه عن النويري عن البخاري، فبيني وبين البخاري في هذه الطريق عشرة والحمد لله. انتهى ما رقمه القاضي حسن الرباعي رحمه الله.(4/2219)
محمد من ساد كل فرعان ... عن ابن عمار حفيد شاهان
عن النويري عن البخاري ... إليه إسنادي أتى عشاري
ثم قال:
وقد أجزت سادتي والفقها ... أهل الكمال والجلال والنهى
ومن حواه العصر من إخواني ... وسائر الأولاد في زماني
بشرطه المعلوم عن أهل الأثر ... في كل عصر والدعاء المعتبر (1)
ومنها حكاية: رؤيا منامية للقاضي حسن بن أحمد الرباعي رحمه الله تعالى من خطه نقلته ما لفظه.. وأروي حديث تحليف المدعي اليمين المكملة لشاهدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأيته في المنام فقلت: يا رسول الله! امرأة ادعت على آخر متاعًا وأتت بشاهد واحد، فقال: تحلف المرأة يعني المكملة للشاهد.
وأروي عنه - صلى الله عليه وسلم - في المنام قلت: يا رسول الله! ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا أيجلد ويكون قذفه لعدم كمال النصاب؟ فقال لي: ما تقول أنت، قلت: لا يضار كاتب ولا شهيد، فقال: هكذا فلله الحمد على السماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا واسطة. كتبه حسن بن أحمد الرباعي رحمه الله. انتهى ما رقمه بيده رحمه الله وألحقنا به صالحين. آمين.
ومنها في رواية القاضي حسن بن أحمد الرباعي لصحيح ابن خزيمة ما لفظه:
أروي صحيح ابن خزيمة عن والدي عن شيخه القاضي أحمد قاطن عن شيخه السيد الجليل يحيى بن عمر بن مقبول الأهدل عن شيخه الفاضل أحمد بن محمد النحلي عن شيخه زين العابدين بن عبد القادر الطبري عن أبيه عن جده يحيى
_________
(1) ويلاحظ أن كلمات كانت غير مستقيمة في الخط والإعراب والوزن، قد أصلحنا ما أمكن إصلاحه عند الطبع ووضعت الأبيات بعد الإصلاح إلا شطر البيت الرابع عشر فقد بقي كما وجد، لعدم العلم باسم الراوي.(4/2220)